العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية

ابن عابدين

مقدمة

[مُقَدِّمَة] (تَرْجَمَةُ مُنَقِّحِ الْفَتَاوَى الْحَامِدِيَّةِ) هُوَ الْعَالِمُ الْعَلَّامَةُ الْقُدْوَةُ الْفَهَّامَةُ الْحَسِيبُ النَّسِيبُ الْجَامِعُ بَيْنَ شَرَفَيْ الْعِلْمِ وَالنَّسَبِ: السَّيِّدُ مُحَمَّد أَمِين بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْمُتَّصِلُ نَسَبُهُ الشَّرِيفُ إلَى سَيِّدِنَا الْحُسَيْنِ سِبْطِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

وَشَرَّفَ وَكَرَّمَ وَعَظَّمَ. وُلِدَ بِدِمَشْقِ الشَّامِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ وَأَلْفٍ وَنَشَأَ فِي حِجْرِ وَالِدِهِ وَحَفِظَ الْقُرْآنَ الْمَجِيدَ، وَهُوَ صَغِيرٌ جِدًّا ثُمَّ اشْتَغَلَ بِطَلَبِ الْعِلْمِ مَعَ الِاجْتِهَادِ فِي التَّحْصِيلِ حَتَّى تَفَنَّنَ وَأَفْتَى وَدَرَسَ وَأَلَّفَ التَّآلِيفَ الْعَدِيدَةَ وَصَنَّفَ الْكُتُبَ الْمُفِيدَةَ فَشَرَحَ مَتْنَ الْكَافِي وَأَلَّفَ حَاشِيَةً عَلَى شَرْحِ نُبْذَةِ الْإِعْرَابِ وَهُوَ ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَعَمِلَ دِيوَانَ شِعْرٍ فِي مَدْحِ شَيْخِهِ السَّيِّدِ مُحَمَّد شَاكِرِ بْنِ سَالِمٍ الْعُمَرِيِّ الشَّهِيرُ وَالِدُهُ بِالْعَقَّادِ وَبِابْنِ الْمُقَدِّمِ سَعْدٍ الْحَنَفِيِّ الدِّمَشْقِيِّ الْخَلْوَتِيِّ وَمِنْ مُؤَلَّفَاتِهِ أَيْضًا هَذَا الْكِتَابُ الْمُسَمَّى بِالْعُقُودِ الدُّرِّيَّةِ فِي تَنْقِيحِ الْفَتَاوَى الْحَامِدِيَّةِ وَحَاشِيَتُهُ عَلَى الدُّرِّ الْمُسَمَّاةِ رَدُّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَحَاشِيَةٌ عَلَى الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَحَاشِيَةٌ عَلَى شَرْحِ الْمَنَارِ لِلْعَلَائِيِّ وَحَاشِيَتَانِ عَلَى النَّهْرِ وَشَرْحِ الْمُلْتَقَى إلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يُجَرَّدَا مِنْ الْهَامِشِ. وَلَهُ كِتَابَاتٌ عَلَى الْمُطَوَّلِ وَمَجْمُوعٌ كَبِيرٌ جَمَعَ فِيهِ مِنْ نَفَائِسِ الْفَوَائِدِ النَّثْرِيَّةِ وَالشِّعْرِيَّةِ وَعَرَائِسِ النِّكَاتِ وَالْمُلَحِ الْأَدَبِيَّةِ مَا يَرُوقُ النَّاظِرَ وَيَسُرُّ الْخَاطِرَ وَلَهُ أَيْضًا كِتَابُ الرَّحِيقِ الْمَخْتُومِ شَرْحِ قَلَائِدِ الْمَنْظُومِ وَشَرْحِ عُقُودِ رَسْمِ الْمُفْتِي وَتَنْبِيهِ الْوُلَاةِ وَالْحُكَّامِ وَبِحَارِ الْفَيْضِ وَلَهُ رَسَائِلُ عَدِيدَةٌ نَاهَزَتْ الثَّلَاثِينَ مِنْ كُلِّ فَنٍّ. وَأَمَّا تَعَالِيقُهُ عَلَى هَوَامِشِ الْكُتُبِ وَحَوَاشِيهَا وَكِتَابَتِهِ عَلَى أَسْئِلَةِ الْمُسْتَفْتِينَ وَالْأَوْرَاقِ الَّتِي سَوَّدَهَا بِالْمَبَاحِثِ الرَّائِقَةِ وَالدَّقَائِقِ الْفَائِقَةِ فَلَا تَكَادُ تُحْصَى وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تُسْتَقْصَى وَبِالْجُمْلَةِ فَكَانَ شَغْلُهُ مِنْ الدُّنْيَا التَّعَلُّمَ وَالتَّعْلِيمَ وَالتَّفَهُّمَ وَالتَّفْهِيمَ، وَالْإِقْبَالَ عَلَى مَوْلَاهُ وَالسَّعْيَ فِي اكْتِسَابِ رِضَاهُ مُقَسِّمًا زَمَنَهُ عَلَى أَنْوَاعِ الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ مِنْ صِيَامٍ وَقِيَامٍ وَتَدْرِيسٍ وَإِفْتَاءٍ وَتَأْلِيفٍ وَإِفَادَةٍ وَكَانَتْ تَرِدُ إلَيْهِ الْأَسْئِلَةُ مِنْ غَالِبِ الْبِلَادِ وَانْتَفَعَ بِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ حَاضِرٍ وَبَادٍ. تُوُفِّيَ ضَحْوَةَ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الثَّانِي سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ بَعْدَ الْأَلْفِ مِنْ هِجْرَةِ مَنْ خَلَقَهُ اللَّهُ عَلَى أَكْمَلِ وَصْفٍ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَالنَّاسِجِينَ عَلَى مِنْوَالِهِ وَدُفِنَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِمَقْبَرَةِ دِمَشْقَ فِي بَابِ الصَّغِيرِ بِالتُّرْبَةِ الْفَوْقَانِيَّةِ لَا زَالَتْ سَحَائِبُ الرَّحْمَةِ تَبُلُّ ثَرَاهُ فِي الْبُكْرَةِ وَالْعَشِيَّةِ آمِينَ. (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) أَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى آلَائِهِ وَأَشْكُرُهُ عَلَى تَوَاتُرِ نَعْمَائِهِ وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى خَاتَمِ أَنْبِيَائِهِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيْرِ أَصْفِيَائِهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَأَخِصَّائِهِ (أَمَّا بَعْدُ) فَيَقُولُ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ إلَى مَوْلَاهُ الْقَدِيرِ مُحَمَّدِ أَمِينٍ الشَّهِيرِ بِابْنِ عَابِدِينَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ وَمَلَأَ مِنْ زُلَالِ الْعَفْوِ ذُنُوبَهُ إنَّ كِتَابَ مُغْنِي الْمُسْتَفْتِي عَنْ سُؤَالِ الْمُفْتِي لِلْإِمَامِ الْعَلَّامَةِ وَالْحَبْرِ الْفَهَّامَةِ حَامِدٍ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ مُفْتِي دِمَشْقَ الشَّامِ عَلَيْهِ رَحْمَةُ الْمَلِكِ السَّلَامِ كِتَابٌ جَمَعَ جُلَّ الْحَوَادِثِ الَّتِي تَدْعُو إلَيْهَا الْبَوَاعِثُ مَعَ التَّحَرِّي لِلْقَوْلِ الْأَقْوَى وَمَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَالْفَتْوَى لَمْ أَرَ لِلْمُبْتَلَى بِالْفَتْوَى أَنْفَعُ مِنْهُ حَيْثُ جَمَعَ مَا لَا غِنًى عَنْهُ غَيْرَ أَنَّ فِيهِ نَوْعَ إطْنَابٍ بِتَكْرَارِ بَعْضِ الْأَسْئِلَةِ وَتَعْدَادِ النُّقُولِ فِي الْجَوَابِ فَأَرَدْت صَرْفَ الْهِمَّةِ نَحْوَ اخْتِصَارِ أَسْئِلَتِهِ وَأَجْوِبَتِهِ وَحَذْفِ مَا اشْتَهَرَ مِنْهَا وَمُكَرَّرَاتِهِ وَتَلْخِيصُ أَدِلَّتِهِ. وَرُبَّمَا قَدَّمْت مَا أَخَّرَ وَأَخَّرْت مَا قَدَّمَ وَجَمَعْت مَا تَفَرَّقَ عَلَى وَضْعٍ مُحْكَمٍ وَزِدْت مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ نَحْوِ اسْتِدْرَاكٍ أَوْ تَقْيِيدٍ أَوْ مَا فِيهِ تَقْوِيَةٌ وَتَأْيِيدٌ ضَامًّا إلَى ذَلِكَ أَيْضًا بَعْضَ تَحْرِيرَاتٍ نَقَّحْتهَا فِي حَاشِيَتِي عَلَى الْبَحْرِ الْمُسَمَّاةِ مِنْحَةُ الْخَالِقِ عَلَى الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَحَاشِيَتِي الَّتِي عَلَّقْتهَا عَلَى شَرْحِ التَّنْوِيرِ الْمُسَمَّاةُ رَدُّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَمَا حَرَّرْتُهُ مِنْ الرَّسَائِلِ الْفَائِقَةِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ الْمُغْلَقَةِ مَعَ مَا يَفْتَحُ بِهِ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ فِي حَالِ الْكِتَابَةِ مِنْ تَحْرِيرِ بَعْضِ الْمَسَائِلِ الْمُشْكِلَةِ وَالْوَقَائِعِ الْمُعْضِلَةِ فَدُونَك كِتَابًا حَاوِيًا لِدُرَرِ الْفَوَائِدِ خَاوِيًا عَنْ مُسْتَنْكَرَاتِ الزَّوَائِدِ هُوَ الْعُمْدَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْحَرِيُّ بِأَنْ يُكْتَبَ بِمَاءِ الذَّهَبِ حَمَلَنِي عَلَى جَمْعِهِ مَنْ لَا يَسَعُنِي إلَّا امْتِثَالَ أَمْرِهِ أَفَاضَ اللَّهُ عَلَيَّ وَعَلَيْهِ مِنْ وَابِلِ خَيْرِهِ وَبِرِّهِ (وَقَدْ سَمَّيْت ذَلِكَ بِالْعُقُودِ الدُّرِّيَّةِ فِي تَنْقِيحِ الْفَتَاوَى الْحَامِدِيَّةِ) وَحَيْثُ قُلْت قَالَ الْمُؤَلِّفُ فَمُرَادِي بِهِ صَاحِبُ الْأَصْلِ وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ زِيَادَاتِي أُصَدِّرُهُ بِلَفْظِ أَقُولُ وَاَللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمَسْئُولُ فِي بُلُوغِ ذَلِكَ الْمَأْمُولِ وَالتَّوْفِيقِ وَالسَّدَادِ وَإِتْمَامُ هَذَا الْمُرَادِ وَفِي أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ وَالْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ أَكْرَمُ الْأَكْرَمِينَ

فوائد تتعلق بآداب المفتي

وَأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. (سُئِلَ) فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْتَدِئَ فِي أَمْرٍ ذِي بَالٍ يَهْتَمُّ بِهِ شَرْعًا وَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ وَلَا مَكْرُوهٍ وَلَا جَعَلَ الشَّارِعُ لَهُ مَبْدَأً بِغَيْرِ الْبَسْمَلَةِ فَبِمَاذَا يَبْتَدِئُ بَدْءًا حَقِيقِيًّا؟ (الْجَوَابُ) : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَمَعْنَا بَيْنَ الْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ السَّلَامِ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَمْ يَبْدَأْ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّهِ فَهُوَ أَبْتَرُ» وَفِي رِوَايَةٍ «أَجْذَمُ» وَفِي رِوَايَةٍ «بِالْحَمْدِ لِلَّهِ» وَخَتَمْنَا بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَيَمُّنًا وَلِمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ. [فَوَائِدُ تَتَعَلَّقُ بِآدَابِ الْمُفْتِي] أَدَبُ الْمُفْتِي أَنْ لَا يَقُولَ يُصَدَّقُ دِيَانَةً لِأَنَّهُ تَعْلِيمٌ بَلْ أَدَبُهُ أَنْ يَقُولَ لَا يُصَدَّقُ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ ثَانِي الْأَيْمَانِ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُفْتِي فِي هَذَا الزَّمَانِ الْمُبَالَغَةُ فِي إيضَاحِ الْجَوَابِ لِغَلَبَةِ الْجَهْلِ فَتَاوَى ابْنِ الشَّلَبِيِّ مِنْ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرِ. وَفِي الْقُنْيَةِ: لَيْسَ لِلْمُفْتِي وَلَا لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَيَتْرُكَا الْعُرْفَ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي خِزَانَةِ الرِّوَايَاتِ بِيرِيٌّ عَلَى الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ ثُمَّ قَالَ وَأَصْلُهَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ» اهـ. (أَقُولُ) لَكِنْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْعُرْفَ الْمُخَالِفَ لِلنَّصِّ لَا يُعْتَبَرُ وَبِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الشُّرْبِ مَقْصُودًا وَإِنْ تُعُورِفَ وَلَعَلَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى بَعْضِ مَسَائِلَ كَمَسَائِلِ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ الَّتِي ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ عَدَمُ جَوَازِهَا وَالْفَتْوَى عَلَى الْجَوَازِ لِلتَّعَامُلِ وَكَوَقْفِ الْمَنْقُولِ وَكَبَعْضِ أَلْفَاظِ الْأَيْمَانِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى عُرْفِ الْمُتَقَدِّمِينَ فَإِنَّهُ لَا يَلْتَزِمُ فِيهَا عُرْفُهُمْ بَلْ تَجْرِي عَلَى كُلِّ عُرْفٍ حَادِثٍ تَأَمَّلْ. قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ كُلُّ مَا فِي الْقُنْيَةِ مُخَالِفًا لِلْقَوَاعِدِ لَا الْتِفَاتَ إلَيْهِ وَلَا عَمَلَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُعَضِّدْهُ نَقْلٌ مِنْ غَيْرِهِ وَفِي حُسَامِ الْحُكَّامِ الْمُحَقِّقِينَ لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ وَقَدْ أَفَادَنِي أُسْتَاذِي وَنَبَّهَنِي بِقَوْلِهِ: إنَّ فَتْوَى مِثْلِ هَؤُلَاءِ الْأَكَابِرِ وَأَضْرَابِهِمْ شَأْنُهَا النَّظَرُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ تَقْلِيدٍ وَإِفْتَاءٍ بِمَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ إحَاطَةٍ بِحُكْمِهَا مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ الْمُعْتَمَدَةِ فَإِنَّ مَقَامَ الْإِفْتَاءِ خَطَرٌ وَقَدْ يَظُنُّ الْإِنْسَانُ أَنَّهُ فَهِمَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ أَوْ يُشْتَبَهُ عَلَيْهِ حِفْظُهُ فَيُخْطِئُ وَلِذَلِكَ إذَا حَقَقْت كَثِيرًا مِنْ الْفَتَاوَى الْمَجْمُوعَةِ مِنْ أَصْحَابِنَا فَضْلًا عَنْ الَّتِي جَمَعَهَا غَيْرُهُمْ عَنْهُمْ تَجِدُ النَّصَّ فِي الْمَذْهَبِ بِخِلَافِهَا. وَكَانَ أُسْتَاذِي الثَّانِي إذَا جَاءَتْهُ فَتْوَى يَأْمُرُنِي بِالنَّظَرِ فِيهَا وَيَقُولُ لِطَالِبِهَا إمَّا أَنْ تَصْبِرَ حَتَّى نُرَاجِعَ النَّقْلَ أَوْ خُذْهَا ثُمَّ يَقُولُ لِي أَنَا أَعْرِفُ الْحُكْمَ فِي هَذَا كَمَا أَعْرِفُك وَأَعْرِفُ الشَّمْسَ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ مُرَاجَعَةِ النَّقْلِ لِاحْتِمَالِ الْخِلَافِ وَنَحْوِهِ مَا الَّذِي يَسَعُنِي مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ أَقُولَ هَذَا يَسْتَحِقُّ وَهَذَا لَا يَسْتَحِقُّ وَهَذَا يَجُوزُ وَهَذَا لَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ النَّظَرِ وَالْحُكْمِ لِقَائِلِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى اهـ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِمْ يُدَيَّنُ دَيَّانَةً لَا قَضَاءً أَنَّهُ إذَا اسْتَفْتَى فَقِيهًا يُجِيبُهُ عَلَى وَفْقِ مَا نَوَى وَلَكِنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِوَفْقِ كَلَامِهِ وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى نِيَّتِهِ إذَا كَانَ فِيمَا نَوَى تَخْفِيفٌ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ لِفُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقَدْ قَضَيْته هَلْ بَرِئْت مِنْ دَيْنِهِ يُفْتِيهِ بِالْبَرَاءَةِ وَإِذَا سَمِعَ الْقَاضِي ذَلِكَ مِنْهُ يَقْضِي عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى الْإِيفَاءِ شَرْحُ مُخْتَصَرِ الْأَخْسِيكَثِيِّ لِلشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ الْبُخَارِيِّ مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنْ بَحْثِ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْجَاهِلَ لَا يُمْكِنُهُ الْقَضَاءُ بِالْفَتْوَى أَيْضًا فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْقَاضِي عَالِمًا دَيِّنًا أَيْنَ الْكَبِيرَاتُ وَأَيْنَ الْعِلْمُ بَزَّازِيَّةٌ فِي الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ الْأَيْمَانِ. (أَقُولُ) وَلِذَا جَرَى الْعُرْفُ فِي زَمَانِنَا أَنَّ الْمُفْتِيَ لَا يَكْتُبُ لِلْمُسْتَفْتِي مَا يَدِينُ بِهِ بَلْ يُجِيبُهُ عَنْهُ بِاللِّسَانِ فَقَطْ لِئَلَّا يَحْكُمَ لَهُ الْقَاضِي لِغَلَبَةِ الْجَهْلِ عَلَى قُضَاةِ زَمَانِنَا مِنْ أَدَبِ الْمُفْتِي أَنْ لَا يَكْتُبَ فِي الْوَاقِعَةِ عَلَى مَا يَعْلَمُهُ بَلْ عَلَى مَا فِي السُّؤَالِ إلَّا أَنْ يَقُولَ إنْ كَانَ كَذَا فَحُكْمُهُ كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي كِتَابِ الْمُسْتَعْذَبِ وَهَذَا فِي زَمَانِنَا مُشْكِلٌ لِكَثْرَةِ الْحِيَلِ الَّتِي تَقَعُ فِي كِتَابَةِ الْأَسْئِلَةِ وَلِكَثْرَةِ الْجَهْلِ وَالْبَغْيِ بِحَيْثُ إنَّ بَعْضَ الْمُبْطِلِينَ إذَا صَارَ بِيَدِهِ فَتْوَى صَالَ بِهَا عَلَى

كتاب الطهارة

خَصْمِهِ وَقَالَ الْمُفْتِي أَفْتِي لِي عَلَيْك بِكَذَا وَالْجَاهِلُ أَوْ ضَعِيفُ الْحَالِ لَا يُمْكِنُهُ مُنَازَعَتُهُ فِي كَوْنِ نَصِّهِ مُطَابِقًا أَوْ لَا اهـ مِنْ خَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا الشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ الصَّفُّورِيُّ الشَّافِعِيُّ. (أَقُولُ) إذَا عَلِمَ الْمُفْتِي حَقِيقَةَ الْأَمْرِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَكْتُبَ لِلسَّائِلِ لِئَلَّا يَكُونَ مُعِينًا لَهُ عَلَى الْبَاطِلِ لَفْظُ الْفَتْوَى آكَدُ مِنْ لَفْظِ الصَّحِيحِ وَالْأَصَحُّ وَالْأَشْبَهُ وَغَيْرُهَا خَيْرِيَّةٌ مِنْ مَسَائِلَ شَتَّى وَفِيهَا مِنْ الْكَفَالَةِ وَالصَّحِيحُ لَا يُدْفَعُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمُحِيطِ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ مَعْنَى الْأَشْبَهِ أَنَّهُ أَشْبَهُ بِالْمَنْصُوصِ رِوَايَةً وَالرَّاجِحِ دِرَايَةً فَيَكُونُ عَلَيْهِ الْفَتْوَى بَزَّازِيَّةٌ مَتَى اخْتَلَفَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَالْعِبْرَةُ بِمَا قَالَهُ الْأَكْثَرُ بِيرِيٌّ مِنْ قَاعِدَةِ الْأَصْلِ الْحَقِيقَةِ. [كِتَابُ الطَّهَارَةِ] (كِتَابُ الطَّهَارَةِ) (سُئِلَ) فِي فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ مَائِعٍ وَمَاتَتْ فِيهِ فَإِذَا وُضِعَ فِي إنَاءٍ مَخْرُوقِ السُّفْلِ وَصُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ ثُمَّ أُخِذَ عَنْهُ الْمَاءُ مِنْ أَسْفَلِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ؟ أَوْ صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ فَطَفَا فَرُفِعَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَهَلْ يَطْهُرُ بِكُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ الصَّنِيعَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَطْهُرُ كَمَا فِي طَهَارَةِ الْخَيْرِيَّةِ وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْمَجْمَعِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَخِزَانَةِ الْمُفْتِي وَغَيْرِهَا وَبِهِ جَزَمَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَعَتْ فَأْرَةٌ مَيِّتَةٌ فِي رَغْوَةِ دِبْسٍ جَامِدَةٍ بِحَيْثُ لَوْ شُقَّتْ لَا تَتَلَاءَمُ وَرُمِيَتْ وَقُوِّرَ مَا حَوْلَهَا فَهَلْ يَكُونُ الْبَاقِي طَاهِرًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَطْهُرُ وَيُؤْكَلُ الْبَاقِي وَالْجَامِدُ هُوَ الَّذِي لَا يُضَمُّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ إذَا قُوِّرَ مَا حَوْلَهُ فَأُلْقِيَ أَوْ اُسْتُصْبِحَ بِهِ يُؤْكَلُ مَا سِوَاهُ. بِيرِيٌّ. أَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْمُتَوَضِّئِ أَنَّهُ يَضُرُّهُ مَسْحُ رَأْسِهِ سَقَطَ عَنْهُ الْمَسْحُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ. . وَأَفْتَى بِوُجُوبِ إيصَالِ الْمَاءِ فِي الْغُسْلِ إلَى دَاخِلِ ثَقْبِ الْأُذُنِ الْمَثْقُوبَةِ. (وَسُئِلَ) قَارِئُ الْهِدَايَةِ أَيْضًا عَنْ الْفَسْقِيَّةِ الصَّغِيرَةِ يَتَوَضَّأُ فِيهَا النَّاسُ وَيَنْزِلُ فِيهَا مَاءٌ جَدِيدٌ هَلْ يَجُوزُ الْوُضُوءُ مِنْهَا؟ (فَأَجَابَ) إذَا لَمْ يَقَعْ فِيهَا غَيْرُ الْمَاءِ الْمَذْكُورِ لَا يَضُرُّ. (أَقُولُ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُلْقَى وَالْمُلَاقِي وَفِيهِ مُعْتَرَكٌ عَظِيمٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ حَرَّرْته فِي حَاشِيَتِي الْمُسَمَّاةِ رَدُّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فَرَاجِعْهَا فَفِيهَا مَا لَا تَجِدُهُ فِي غَيْرِهَا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. (وَسُئِلَ) أَيْضًا عَنْ الدَّابَّةِ إذَا رُكِبَتْ وَعَلَى بَدَنِهَا مِنْ رَوْثِهَا وَعَرِقَتْ وَأَصَابَ بَدَنُ الرَّاكِبِ أَوْ ثَوْبُهُ مِنْ عَرَقِهَا الْمُلَوَّثِ. (فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَتَنَجَّسُ وَلَا يَطْهُرُ بَدَنُ الْحَيَوَانِ إذَا أَصَابَهُ بَوْلٌ أَوْ رَوْثٌ إلَّا بِالْغَسْلِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَعَ ضِفْدَعُ مَاءٍ فِي عَصِيرِ عِنَبٍ وَمَاتَ فِيهِ فَهَلْ يُنْجِسُهُ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : حُكْمُ سَائِرِ الْمَائِعَاتِ حُكْمُ الْمَاءِ فِي الْأَصَحِّ كَمَا فِي النَّهْرِ وَالدُّرِّ وَمَوْتُ الضِّفْدَعِ فِيهِ لَا يُنَجِّسُهُ كَمَا فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَنْجَسُ الْعَصِيرُ وَفِي الْهِدَايَةِ وَالضِّفْدَعُ الْبَرِّيُّ وَالْبَحْرِيُّ سَوَاءٌ وَقِيلَ الْبَرِّيُّ يُفْسِدُ لِوُجُودِ الدَّمِ وَعَدَمِ الْمَعْدِنِ وَقِيلَ لَا قَالَ الشَّارِحُونَ الْبَحْرِيُّ مَا يَكُونُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ سُتْرَةٌ وَصَحَّحَ فِي السِّرَاجِ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا لَكِنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْبَرِّيِّ دَمٌ سَائِلٌ فَإِنْ كَانَ يُفْسِدُ عَلَى الصَّحِيحِ بَحْرٌ عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَتَمَامُ الْفَوَائِدِ فِيهِ. (سُئِلَ) فِي دِبْسٍ مَائِعٍ مَرَّ عَلَيْهِ رَجُلٌ بِنَعْلٍ يُسَمَّى زَرْبُولًا وَوَطِئَهُ فَابْتَلَّ النَّعْلُ مِنْهُ وَلَيْسَ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَلَا أَثَرُهَا فَهَلْ تَنَجَّسَ الدِّبْسُ بِهِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ النَّعْلُ طَاهِرًا لَا يَتَنَجَّسُ الدِّبْسُ الْمَزْبُورُ. (سُئِلَ) فِي خَابِيَةٍ خَلٍّ مَطْمُورٍ أَكْثَرُهَا فِي الْأَرْضِ وَلَغَ فِيهَا كَلْبٌ فَنَزَحُوا مَا فِيهَا وَغَلُّوهَا بِالْمَاءِ الطَّاهِرِ ثَلَاثًا وَيُنَشِّفُونَهَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ بِخِرْقَةٍ طَاهِرَةٍ ثُمَّ مَلَئُوهَا مَاءً طَاهِرًا ثُمَّ صَبُّوا عَلَيْهِ مَاءً فِي دَلْوٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ يَخْرُجُ الْمَاءُ مِنْ جَانِبِهَا لِلْخَارِجِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهِيَ مِنْ حَرْفٍ قَدِيمٍ فَهَلْ تَطْهُرُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَطْهُرُ (أَقُولُ) قَوْلُهُ ثُمَّ مَلَئُوهَا إلَخْ مُبَالَغَةٌ فِي التَّطْهِيرِ وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ عِنْدَنَا. (سُئِلَ) فِي الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ هَلْ

كتاب الصلاة

هُمَا طَاهِرَانِ قَبْلَ الْغُسْلِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَتَّى لَوْ طَلَى بِهِمَا وَجْهَ الْخُفِّ وَصَلَّى بِهِ تَجُوزُ صَلَاتُهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَهُمَا حَلَالَانِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ وَدَمَانِ الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ» وَهُوَ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَالْمَكْرُوهُ تَحْرِيمًا مِنْ الشَّاةِ سَبْعٌ الْفَرْجُ وَالْخُصْيَةُ وَالْغُدَّةُ وَالدَّمُ الْمَسْفُوحُ وَالْمَرَارَةُ وَالْمَثَانَةُ وَالذَّكَرُ وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ إذَا مَا ذُكِّيَتْ شَاةٌ فَكُلْهَا ... سِوَى سَبْعٍ فَفِيهِنَّ الْوَبَالُ فَفَاءٌ ثُمَّ خَاءٌ ثُمَّ غَيْنٌ ... وَدَالٌ ثُمَّ مِيمَانِ وَذَالٌ (أَقُولُ) وَكُنْت جَمَعْتهَا فِي حُرُوفِ كَلِمَتَيْنِ وَنَظَمَتْهَا بِقَوْلِي إنَّ الَّذِي مِنْ الْمُذَكَّاةِ رُمِيَ ... يَجْمَعُهُ حُرُوفُ فَخِذٍ مُدْغَمِ. [كِتَابُ الصَّلَاةِ] (كِتَابُ الصَّلَاةِ) (سُئِلَ) فِي الْمُقْتَدِي إذَا كَانَ الْإِمَامُ حِذَاءَهُ هَلْ يَنْوِيهِ فِي التَّسْلِيمَتَيْنِ أَمْ فِي الْيَمِينِ فَقَطْ وَهَلْ قَالَ بِهِ أَحَدٌ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَنْوِيهِ فِيهِمَا وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَنْوِيهِ فِي الْيَمِينِ فَقَطْ عَلَى مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِيهَا زِيَادَةٌ لَا بَأْسَ بِهَا وَهِيَ أَنَّ مُحَمَّدًا أَقْدَمَ هَاهُنَا بَنِي آدَمَ عَلَى الْحَفَظَةِ فِي الذِّكْرِ وَفِي كِتَابِ الصَّلَاةِ أَخَّرَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ اخْتَلَفَ فِيهَا أَهْلُ الْقِبْلَةِ قَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ جُمْلَةُ الْمَلَائِكَةِ أَفْضَلُ مِنْ جُمْلَةِ بَنِي آدَمَ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ جُمْلَةُ بَنِي آدَمَ أَفْضَلُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَلَائِكَةِ. وَالْمَذْهَبُ الْمُرْتَضَى أَنَّ خَوَاصَّ بَنِي آدَمَ وَهُمْ الْمُرْسَلُونَ أَفْضَلُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَلَائِكَةِ وَعَوَامِّ بَنِي آدَمَ وَهُمْ الْأَتْقِيَاءُ أَفْضَلُ مِنْ عَوَامِّ الْمَلَائِكَةِ وَخَوَاصُّ الْمَلَائِكَةِ أَفْضَلُ مِنْ عَوَامِّ بَنِي آدَمَ وَمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ لَا يَدُلُّ عَلَى التَّفْضِيلِ لِأَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ الْمُطْلَقِ دُونَ التَّرْتِيبِ. اهـ. (سُئِلَ) هَلْ السُّنَّةُ بَعْدَ فَرْضِ الْعِشَاءِ عَلَى مَذْهَبِنَا رَكْعَتَانِ أَمْ أَرْبَعُ وَقَبْلَ الْفَرْضِ هَلْ هِيَ عِنْدَنَا مُؤَكَّدَةٌ أَمْ مَنْدُوبَةٌ؟ (الْجَوَابُ) : الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الْعِشَاءِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَالْأَرْبَعُ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا مَنْدُوبَةٌ وَشُرِعَتْ النَّوَافِلُ قَبْلَ الْفَرْضِ لِجَبْرِ النُّقْصَانِ وَبَعْدَهُ لِقَطْعِ طَمَعِ الشَّيْطَانِ (أَقُولُ) الصَّوَابُ الْعَكْسُ فِي الدُّرِّ. (سُئِلَ) فِي اقْتِدَاءِ الْحَنَفِيِّ بِشَافِعِيٍّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي تَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : رَأَيْت فِي مَجْمُوعَةِ الشَّيْخِ عَفِيفِ الدِّينِ ابْنِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُرْشِدِيِّ مُفْتِي مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ رِسَالَةً لِلشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْعُودٍ الْقُونَوِيِّ الْحَنَفِيِّ فِي عَدَمِ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِذَلِكَ وَأَنَّهُ لَمْ يَرْوِ الْبُطْلَانَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إلَّا مَكْحُولٌ النَّسَفِيُّ فَقَطْ. (سُئِلَ) عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فَكَتَبَ مَا صُورَتُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: 56] يَعْتَنُونَ بِإِظْهَارِ شَرَفِهِ وَتَعْظِيمِ شَأْنِهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ} [الأحزاب: 56] اعْتَنُوا أَنْتُمْ أَيْضًا فَإِنَّكُمْ أَوْلَى بِذَلِكَ فَقُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ {وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] قُولُوا السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ فَإِنْ قُلْت لِمَاذَا أَكَّدَ السَّلَامَ بِالْمَصْدَرِ وَلَمْ يُؤَكِّدْ الصَّلَاةَ بِهِ قُلْت لَمَّا أَكَّدَ الصَّلَاةَ بِمُؤَكِّدَاتٍ سَبْعَةٍ: إنَّ وَالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ وَصَلَاةِ اللَّهِ وَصَلَاةِ الْمَلَائِكَةِ وَالْإِخْبَارِ وَالنِّدَاءِ وَالْأَمْرِ رُبَّمَا يُظَنُّ أَنَّ السَّلَامَ لَيْسَ كَذَلِكَ فَأَكَّدَهُ بِالْمَصْدَرِ، وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فِي الْجُمْلَةِ قَالَهُ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا وَقَالَ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] قَائِلِينَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَسَلِّمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قِيلَ الْمُرَادُ بِالتَّسْلِيمِ الِانْقِيَادُ لِأَمْرِهِ بِالتَّسْلِيمِ وَالْآيَةُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِوُجُوبِ التَّكْرَارِ وَعَدَمِهِ وَقِيلَ يَجِبُ ذَلِكَ كُلَّمَا جَرَى ذِكْرُهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْت عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ» وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ تَجِبُ

فوائد

فِي كُلِّ مَجْلِسٍ وَإِنْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ مَرَّةً فِي الْعُمْرِ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الِاحْتِيَاطُ وَتَسْتَدْعِيهِ مَعْرِفَةُ عُلُوِّ شَأْنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ كُلَّمَا جَرَى ذِكْرُهُ الرَّفِيعُ اهـ. مُلَخَّصًا وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ قَالَ «ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَعْدَ مَا عَلَّمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّشَهُّدَ إذَا قُلْت هَذَا أَوْ فَعَلْت هَذَا فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُك» فَقَدْ عَلَّقَ التَّمَامَ بِأَحَدِهِمَا فَمَنْ عَلَّقَ التَّمَامَ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ خَالَفَ النَّصَّ. وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ الْآيَةِ بِأَنَّهُ أَمَرَ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّهُ لِلْإِيجَابِ وَلَكِنْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ الْإِيجَابَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا فَيُحْمَلُ عَلَى خَارِجِهَا وَعِنْدَنَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَارِجَ الصَّلَاةِ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً وَاجِبَةٌ هَكَذَا قَالَ الْكَرْخِيُّ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْفِعْلِ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ اهـ. وَفِي الْمُحِيطِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ وَاجِبَةٌ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً إنْ شَاءَ فَعَلَهَا فِي الصَّلَاةِ أَوْ فِي غَيْرِهَا وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ لَا بَلْ كُلَّمَا سَمِعَ ذِكْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَارِجَ الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ. اهـ. فَإِنْ قِيلَ قَدْ ذَكَرْتُمْ الصَّلَاةَ وَلَمْ تَذْكُرُوا السَّلَامَ مَعَ أَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْآيَةِ الشَّرِيفَةِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى وُجُوبِهِ وَعَدَمِ نَسْخِهِ فَيُقَالُ نَحْنُ مَا أَنْكَرْنَا فَرْضِيَّتَهُ وَأَنَّهُ يَجِبُ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً امْتِثَالًا لِلْأَمْرِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ التَّكْرَارَ وَإِنَّمَا لَمْ نَذْكُرْهُ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي التَّحِيَّاتِ وَهِيَ وَاجِبَةٌ فِي الصَّلَاةِ فَلَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ أَوْ يُقَالُ إنَّ الْمُرَادَ بِالسَّلَامِ التَّسْلِيمُ لِقَضَائِهِ قَالَ تَعَالَى {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] كَذَا فِي بَعْضِ حَوَاشِي الْهِدَايَةِ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ أَوْ يُقَالُ إنَّ الْإِنْسَانَ إذَا صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ سَلَّمَ لِأَنَّهُ جَوَّزَ الْحَلِيمِيُّ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ بِمَعْنَى السَّلَامِ عَلَيْهِ. [فَوَائِد] (فَوَائِدُ) ق ع ح م قَرَأَ وَتَعَالَ جَدُّك بِغَيْرِ يَاءٍ لَا تَفْسُدُ وَعَنْ جَارِ اللَّهِ مِثْلُهُ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَكْتَفِي بِالْفَتْحَةِ عَنْ الْأَلْفِ اكْتِفَاءَهُمْ بِالْكِسْرَةِ عَنْ الْيَاءِ وَلَوْ قَرَأَ أَعُذُ بِاَللَّهِ لَا تَفْسُدُ أَيْضًا لِاكْتِفَائِهِمْ بِالضَّمَّةِ عَنْ الْوَاوِ قُنْيَةٌ مِنْ بَابِ حَذْفِ الْحَرْفِ وَالزِّيَادَةِ. عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَعَنْ أَبَوَيْهَا «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا صَلَّى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ» وَفِيهِ اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى سِتَّةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: سُنَّةٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ. الثَّانِي: مُسْتَحَبٌّ رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَمِنْ التَّابِعِينَ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَعُرْوَةَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ الثَّالِثُ: وَاجِبٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ فَلَا تُجْزِئُهُ صَلَاةُ الصُّبْحِ بِدُونِهِ. الرَّابِعُ: بِدْعَةٌ وَبِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ فَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مَا بَالُ الرَّجُلِ إذَا صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ يَتَمَعَّكُ كَمَا تَتَمَعَّكُ الدَّابَّةُ وَالْحِمَارُ إذَا سَلَّمَ فَقَدْ فَصَلَ وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا صَحِبْت ابْنَ عُمَرَ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ فَمَا رَأَيْته اضْطَجَعَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ نَهَى ابْنُ عُمَرَ وَأَخْبَرَ أَنَّهَا بِدْعَةٌ وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ مِنْ التَّابِعِينَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيْدٍ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَقَالَ هِيَ ضُجَعَةُ الشَّيْطَانِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمِنْ الْأَئِمَّةِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَحَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْهُ وَعَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ الْخَامِسُ خِلَافُ الْأُولَى وَعَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ لَا يُعْجِبُهُ الِاضْطِجَاعُ السَّادِسُ أَنَّهُ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْفَصْلُ بَيْنَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالْفَرِيضَةِ إمَّا بِاضْطِجَاعٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ الشَّافِعِيِّ عَيْنِيٌّ عَلَى الْبُخَارِيِّ مُخْتَصَرًا. (أَقُولُ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلنَّقْلِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا وَقَدْ رَأَيْت فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ فِي بَابِ صَلَاةِ الْفَجْرِ فِي الْجَمَاعَةِ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ أَخْبَرَنَا نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا رَكَعَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ثُمَّ اضْطَجَعَ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ مَا شَأْنُهُ فَقَالَ نَافِعٌ قُلْت يَفْصِلُ بَيْنَ صَلَاتِهِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ أَيُّ فَصْلٍ

باب الجمعة

أَفْضَلُ مِنْ السَّلَامِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَبِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ نَأْخُذُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ. [بَابُ الْجُمُعَةِ] (بَابُ الْجُمُعَةِ) (سُئِلَ) فِي تَعْظِيمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ هَلْ هُوَ مَخْصُوصٌ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْيَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ» يَدُلُّ عَلَى تَخْصِيصِهِ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلًا وَهَلْ وَرَدَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْكُتُبِ الصَّحِيحَةِ وَمَا مَعْنَاهُ وَمَا الَّذِي اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَدِيعِ؟ (الْجَوَابُ) : هَذَا تَتِمَّةُ حَدِيثٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا ثُمَّ هَذَا يَوْمُهُمْ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَهَدَانَا اللَّهُ لَهُ وَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ الْيَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ» دَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ الشَّرِيفُ عَلَى أَنَّهُ فُرِضَ عَلَى الْأُمَمِ السَّابِقَةِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَإِنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هَذَا يَوْمُهُمْ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِمْ ظَاهِرٌ فِي التَّعْيِينِ. وَأَمَّا مَعْنَاهُ فَقَوْلُهُ نَحْنُ الْآخِرُونَ أَيْ زَمَانًا فِي الدُّنْيَا السَّابِقُونَ أَهْلُ الْكِتَابِ وَغَيْرُهُمْ فِي الْمَنْزِلَةِ وَالْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالْحَشْرِ وَالْحِسَابِ وَالْقَضَاءِ قَبْلَ الْخَلَائِقِ وَدُخُولِ الْجَنَّةِ وَبَيْدَ أَنَّهُمْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ تَكُونُ بِمَعْنَى غَيْرِ وَعَلَى وَمِنْ أَجْلِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِغَيْرِ الِاسْتِثْنَاءِ أَيْ غَيْرَ أَنَّهُمْ فَفِيهِ تَأْكِيدًا لِمَدْحٍ بِمَا يُشْبِهُ الذَّمَّ لِإِدْمَاجِ مَعْنَى النَّسْخِ أَوْ عَلَى أَنَّهُمْ فَتَكُونُ تَعْلِيلَةً لِسَبْقِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا فَنَكُونُ آخَرِينَ لَهُمْ ثُمَّ هُدِينَا إلَى الْجُمُعَةِ وَهُوَ قَبْلَ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ فَنَكُونُ سَابِقِينَ وَالْمُرَادُ مِنْ الْكِتَابِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ أَوْ الْجِنْسُ أَيْ جِنْسُ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ لِيَصِحَّ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَيْهِ فِي وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ الِاسْتِخْدَامِ فَهَدَانَا اللَّهُ لَهُ بِأَنْ نَصَّهُ اللَّهُ لَنَا وَلَمْ يَكِلْنَا إلَى الِاجْتِهَادِ فِيهِ وَفُرِضَ عَلَيْهِمْ أَيْضًا تَعْظِيمُهُ بِعَيْنِهِ وَالِاجْتِمَاعُ فِيهِ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ هَلْ يَلْزَمُ بِعَيْنِهِ أَمْ يَسُوغُ لَهُمْ إبْدَالُهُ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَيَّامِ فَاجْتَهَدُوا فِي ذَلِكَ فَأَخْطَئُوا رَوَى أَبُو حَاتِمٍ عَنْ الرَّشِيدِيِّ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَى الْيَهُودِ الْجُمُعَةَ فَقَالُوا يَا مُوسَى إنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ يَوْمَ السَّبْتِ شَيْئًا فَاجْعَلْهُ لَنَا فَجَعَلَهُ عَلَيْهِمْ فَالْيَهُودُ يَوْمُ السَّبْتِ وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ يَوْمُ الْأَحَدِ فَاخْتَارُوا السَّبْتَ لِزَعْمِهِمْ أَنَّهُ يَوْمَ فَرَغَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ خَلْقِ الْخَلْقِ فَظَنُّوا ذَلِكَ فَضِيلَةً تُوجِبُ عِظَمِ الْيَوْمِ فَقَالُوا نَحْنُ نُعَظِّمُهُ وَنَسْتَرِيحُ فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ وَنَشْتَغِلُ فِيهِ بِالْعِبَادَةِ وَالشُّكْرِ وَالنَّصَارَى اخْتَارُوا الْأَحَدَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ يَوْمٍ بَدَأَ اللَّهُ فِيهِ بِخَلْقِ الْخَلْقِ فَاسْتَحَقَّ التَّعْظِيمَ فَخَالَفُوا النَّصَّ فَضَلُّوا. وَأَمَّا مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَدِيعِ فَفِيهِ الِاحْتِبَاكُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ شَيْئَانِ لَهُمَا مُتَعَلِّقَانِ فَيُذْكَرُ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ وَيُحْذَفُ مُتَعَلِّقُهُ وَيُحْذَفُ الْآخَرُ وَيُذْكَرُ مُتَعَلِّقُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: 22] قِيلَ أَصْلُهُ وَمَالِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ أَرْجِعُ وَمَالَكُمْ لَا تَعْبُدُونَ الَّذِي فَطَرَكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَفِيهِ أَيْضًا اللَّفُّ وَالنَّشْرُ الْمُرَتَّبُ فِي قَوْلِهِ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا رَاجِعٌ إلَى الْآخِرُونَ وَقَوْلُهُ ثُمَّ هَذَا يَوْمُهُمْ إلَخْ رَاجِعٌ إلَى السَّابِقُونَ وَفِيهِ الْإِدْمَاجُ وَهُوَ أَنَّهُ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا فَيَكُونُ كِتَابُهُمْ مَنْسُوخًا بِكِتَابِنَا فَيَكُونُ مُدْمَجًا وَفِيهِ تَأْكِيدُ الْمَدْحِ بِمَا يُشْبِهُ الذَّمَّ وَفِيهِ الِاسْتِخْدَامُ فِي رِوَايَةِ وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى الْكِتَابِ بِمَعْنَى الْقُرْآنِ وَفِيهِ الطِّبَاقُ فِي الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ وَفِيهِ الْجَمْعُ وَالتَّفْرِيقُ فِي قَوْلِهِ فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ جَمْعٌ وَمَا بَعْدَهُ تَفْرِيقٌ فَفِيهِ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ بَدِيعِيَّةٍ هَذَا مَا تَيَسَّرَ لَنَا فِي هَذَا الْمَقَامِ وَعَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ السَّلَامِ. (سُئِلَ) فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ هَلْ تُؤَدَّى فِي مِصْرٍ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّنْوِيرِ وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِهِ نَأْخُذُ وَقَالَ

فائدة أذان الجوق

الزَّيْلَعِيُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ فِي عَدَمِ جَوَازِ التَّعَدُّدِ حَرَجًا وَهُوَ مَدْفُوعٌ وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمِثْلُهُ فِي إمَامَةِ فَتْحِ الْقَدِيرِ. [فَائِدَة أَذَان الْجَوْق] (فَائِدَةٌ) قَالَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَحْرِ مِنْ بَابِ الْأَذَانِ لَمْ أَرَ لِأَئِمَّتِنَا نَصًّا صَرِيحًا فِي أَذَانِ الْجَوْقِ هَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَمْ لَا؟ وَاَلَّذِي تَحَرَّرَ أَنَّ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ فِيهِ لِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلَانِ الِاسْتِحْبَابُ وَالْكَرَاهَةُ وَأَمَّا الْأَذَانُ الْأَوَّلُ فَقَدْ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ بِأَنَّ الْمُتَوَارَثَ فِيهِ اجْتِمَاعُ الْمُؤَذِّنَيْنِ لِتَبْلُغَ أَصْوَاتُهُمْ إلَى أَطْرَافِ الْمِصْرِ الْجَامِعِ اهـ. فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ لِأَنَّ الْمُتَوَارَثَ لَا يَكُونُ مَكْرُوهًا وَكَذَلِكَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ الْمُتَوَارَثُ كَوْنُهُ بِجَمَاعَةٍ فَهُوَ مِثْلُهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ فَيَكُونُ بِدْعَةً حَسَنَةً إذْ مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ وَقَالَ السُّيُوطِيّ فِي الْأَوَائِلِ أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ أَذَانَ اثْنَيْنِ مَعًا بَنُو أُمَيَّةَ اهـ. [تَتِمَّة فِيمَا يُسْتَحَبّ فَعَلَهُ يَوْم الْجُمُعَةَ وَلَيْلَته وَمَا يَكْرَه] (تَتِمَّةٌ) : فِيمَا يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتَهُ وَمَا يُكْرَهُ مَعَ ذِكْر مَا اطَّلَعَ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ فَمِنْ الْمُسْتَحَبِّ فِيهِ الِاسْتِيَاكُ وَالِاغْتِسَالُ لِلصَّلَاةِ وَإِزَالَةُ الشَّعْرِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي التتارخانية مِنْ الْحَجِّ يُكْرَهُ تَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَقَصُّ الشَّارِبِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْحَجِّ وَقَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْحَجِّ قَضَاءُ التَّفَثِ وَحَلْقُ الشَّعْرِ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَجَاءَ فِي الْأَخْبَارِ «مَنْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ السُّوءِ إلَى الْجُمُعَةِ الْقَابِلَةِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» وَرَأَيْت فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ مَنْ يُقَلِّمُ أَوْ يَقُصُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَمَلًا بِالْأَخْبَارِ فَكَأَنَّهُ حَجَّ وَاعْتَمَرَ ثُمَّ حَلَقَ وَقَصَّرَ وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ إذَا وَقَّتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِقَلْمِ الْأَظْفَارِ إنْ رَأَى أَنَّهُ جَاوَزَ الْحَدَّ قَبْلَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَمَعَ هَذَا يُؤَخِّرُ إلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ يُكْرَهُ لَهُ لِأَنَّ مَنْ كَانَ ظُفْرُهُ طَوِيلًا كَانَ رِزْقُهُ ضَيِّقًا وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْحَدَّ وَوَقَّتَهُ تَبَرُّكًا بِالْأَخْبَارِ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - رَوَتْ «مَنْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ الْبَلَاءِ إلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى وَزِيَادَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» . وَمِنْهَا الِادِّهَانُ وَمَسُّ الطِّيبِ وَلُبْسِ الثِّيَابِ الْفَاخِرَةِ وَالتَّقَرُّبِ مِنْ الْخَطِيبِ وَتَبْخِيرِ الْمَسْجِدِ وَالتَّبْكِيرِ إلَيْهِ وَالْمَشْيِ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ الدُّخُولِ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَوْجَهِ مَنْ تَوَجَّهَ إلَيْك وَأَقْرَبِ مَنْ تَقَرَّبَ إلَيْك وَأَفْضَلِ مَنْ سَأَلَك وَرَغِبَ إلَيْك. وَتَأْخِيرُ الْغَدَاءِ وَالْقَيْلُولَةِ عَنْ الصَّلَاةِ وَأَنْ يَقْرَأَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ الْجُمُعَةَ وَالْمُنَافِقِينَ أَحْيَانًا تَبَرُّكًا وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَالْإِخْلَاصِ بَعْدَهَا سَبْعًا سَبْعًا فَمَنْ فَعَلَهَا حَفِظَهُ اللَّهُ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ إلَى مِثْلِهِ وَقِرَاءَةُ سُورَةِ هُودٍ وَالْكَهْفِ وَالدُّخَانِ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَزِيَارَةُ الْإِخْوَانِ فِي اللَّهِ تَعَالَى وَزِيَارَةُ الْقُبُورِ وَصَلَاةُ التَّسْبِيحِ وَشُهُودُ النِّكَاحِ وَالْعِتْقُ وَالْإِكْثَارُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي لَيْلَتِهَا قِرَاءَةُ الزَّهْرَاوَيْنِ وَسُورَةِ الْكَهْفِ وَيَس وَالدُّخَانُ وَيُصَلِّي فِيهَا صَلَاةَ حِفْظِ الْقُرْآنِ وَصَلَاةَ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَقْرَأُ فِي مَغْرِبِهَا الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصَ مِنْ نُورِ الشَّمْعَةِ فِي بَيَانِ ظُهْرِ الْجُمُعَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيِّ. [بَاب الْجِنَازَة] (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَوَرَثَةٍ غَيْرِهِ وَأَمَرَ الزَّوْجُ بِشَيْءٍ زَائِدٍ عَلَى الْكَفَنِ وَالتَّجْهِيزِ الشَّرْعِيِّ عَلَى أَنْ يُحْسَبَ الزَّائِدَ عَلَيْهِمْ فَهَلْ يُحْسَبُ الزَّائِدُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ زَوْجِهَا وَأُمِّهَا وَوَلَدَيْنِ صَغِيرَيْنِ مِنْهُ فَدَفَنَتْ الْأُمُّ مَعَهَا أَمْتِعَةً مِنْ التَّرِكَةِ تَعَدِّيًا وَتَلِفَتْ الْأَمْتِعَةُ بِذَلِكَ فَهَلْ تَضْمَنُ الْأُمُّ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَضْمَنُ الْأُمُّ حِصَّةَ الزَّوْجِ وَوَلَدَيْهِ حَيْثُ تَلِفَتْ الْأَمْتِعَةُ وَإِلَّا يُنْبَشُ عَلَيْهَا بِطَلَبِهِ لِحَقِّهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي الْمَرْأَةِ إذَا مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَوَرَثَةٍ غَيْرِهِ وَخَلَفَتْ تَرِكَةً فَهَلْ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهَا وَتَكْفِينِهَا عَلَى

باب الزكاة والعشر

الزَّوْجِ؟ (الْجَوَابُ) : الْمُفْتَى بِهِ وُجُوبُ كَفَنِهَا عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ تَرَكَتْ مَالًا كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَالْخَانِيَّةِ وَرَجَّحَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُ كَكِسْوَتِهَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ دَفَنَ مَيْتَةً فِي قَبْرٍ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى دَفْنِ مَوْتَى الْمُسْلِمِينَ فَأَثْبَتَ رَجُلٌ آخَرُ أَنَّ الْقَبْرَ الْمَرْقُومَ لَهُ وَيُرِيدُ إخْرَاجَ الْمَيِّتِ مِنْهُ فَمَا الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مَوْقُوفَةً يَضْمَنُ مَا أَنْفَقَ فِيهِ وَلَا يُحَوَّلُ الْمَيِّتُ مِنْ مَكَانِهِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ كَذَا أَفْتَى الْمِهْمَنْدَارِي ر ح وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةُ مِنْ الْجَنَائِزِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَرَّرَ الْقَاضِي زَيْدُ الْمِعْمَارِيِّ فِي حَفْرِ قُبُورِ الْمَوْتَى وَتَعْمِيرِهَا وَإِصْلَاحِهَا لِلِاحْتِيَاجِ لِذَلِكَ لِأَهْلِيَّتِهِ وَإِتْقَانِهِ وَيُرِيدُ بَعْضُ الْحَفَّارِينَ مَنْعَهُ مِنْ ذَلِكَ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَمْنَعُ الْمُعَارِضُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُمْنَعُ. [بَاب الزَّكَاة وَالْعَشْر] (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةُ مَالِهِ الَّذِي مَعَهُ بِدِمَشْقَ فَهَلْ الْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ فُقَرَاءُ مَكَانِ الْمَالِ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الْمُعْتَبَرُ فِي الزَّكَاةِ مَكَانُ الْمَالِ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَعَلَّلَهُ ابْنُ مَالِكٍ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ بِأَنَّهُ مَحَلُّ الزَّكَاةِ وَلِهَذَا تَسْقُطُ بِهَلَاكِهِ. رَجُلٌ لَهُ مَالٌ فِي يَدِ شَرِيكِهِ فِي غَيْرِ الْمِصْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَصْرِفُ الزَّكَاةَ إلَى فُقَرَاءِ الْمِصْرِ الَّذِي فِيهِ الْمَالُ دُونَ الْمِصْرِ الَّذِي هُوَ فِيهِ خُلَاصَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الثَّامِنِ وَفِيهَا لَوْ دَفَعَهَا إلَى فُقَرَاءِ بَلَدٍ آخَرَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ يَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ خَرَجَ مِنْ بَلْدَتِهِ يُرِيدُ الْحَجَّ وَاصْطَحَبَ مَعَهُ مِنْ الْمَالِ نُصُبًا كَثِيرَةً لَمْ يُخْرِجْ زَكَاتَهَا وَيَزْعُمُ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ زَكَاتُهَا إذَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ لِكَوْنِهِ يُرِيدُ الْحَجَّ فَهَلْ تَلْزَمُهُ زَكَاتُهَا؟ . (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْفَاضِلِ مَعَهُ حَيْثُ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَلَمْ يُخْرِجْ زَكَاتَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ مَا لَيْسَ لَهُ مُطَالَبٌ مِنْ جِهَةِ الْعِبَادِ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ كَدَيْنِ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ وَوُجُوبِ الْحَجِّ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ وَهَدْيِ مُتْعَةٍ وَأُضْحِيَّةٍ وَلُقَطَةٍ بَعْدَ التَّعْرِيفِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى لِلْبَاقَانِيِّ وَكَذَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَغَيْرِهِمَا. وَإِفْرَازُ الْمَالِ الْمَذْكُورِ لِأَجْلِ الْحَجِّ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ مِلْكِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِرَجُلَيْنِ أَشْجَارٌ مُثْمِرَةٌ قَائِمَةٌ فِي أَرْضٍ عُشْرِيَّةٍ فَقَطَعَاهَا وَانْتَفَعَا بِحَطَبِهَا فَقَامَ الْمُتَكَلِّمُ عَلَى الْعُشْرِ يَطْلُبُ عُشْرَهَا مِنْهُمَا فَهَلْ لَا عُشْرَ فِيهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا عُشْرَ فِي الْأَشْجَارِ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ جُزْءِ الْأَرْضِ وَلِهَذَا تَتْبَعُهَا فِي الْبَيْعِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ بَابِ الْعُشْرِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ كَمَا فِي فَتَاوَاهُ فِي بَابِ الْبُغَاةِ. (أَقُولُ) قَوْلُهُ لَا عُشْرَ فِي الْأَشْجَارِ يَعْنِي الْمُثْمِرَةِ الَّتِي لَمْ تُعَدَّ لِلْقَطْعِ بِخِلَافِ مَا أُعِدَّ لِلْقَطْعِ فِي كُلِّ سَنَةٍ فَفِيهَا الْعُشْرُ كَمَا يَأْتِي عَنْ الْخَانِيَّةِ وَبِخِلَافِ نَفْسِ الثَّمَرِ فَإِنَّ فِيهِ الْعُشْرَ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي. (سُئِلَ) فِي مَزْرَعَةٍ جَارِيَةٍ فِي أَوْقَافٍ أَهْلِيَّةٍ وَعَلَيْهَا عُشْرٌ فَوَّضَهُ السُّلْطَانُ عَزَّ نَصْرُهُ لِزَيْدٍ التَّيْمَارِيِّ وَيُرِيدُ أَخْذَ الْعُشْرِ مِنْ زُرَّاعِ الْمَزْرَعَةِ وَمَنَعَ نُظَّارَ الْوَقْفِ مِنْ ضَبْطِ مَحْصُولِ الْأَوْقَافِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَكُونُ ضَبْطُ مَحْصُولِ الْأَوْقَافِ لِنُظَّارِهَا؟ وَالْعُشْرُ عَلَى جِهَةِ الْأَوْقَافِ يَأْخُذُهُ التَّيْمَارِيُّ مِنْ النُّظَّارِ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ ضَبْطُ مَحْصُولِ الْأَوْقَافِ لِنُظَّارِهَا وَالْعُشْرُ عَلَى جِهَةِ الْأَوْقَافِ يَأْخُذُهُ التَّيْمَارِيُّ مِنْ نُظَّارِ الْأَوْقَافِ. (سُئِلَ) فِي قَرْيَةٍ جَارِيَةٍ بِتَمَامِهَا فِي وَقْفِ مَدْرَسَةٍ يَزْرَعُهَا زُرَّاعُهَا مُزَارَعَةً وَيَدْفَعُونَ مَا شُرِطَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ عَلَيْهِمْ وَهُوَ الرُّبُعُ وَعَلَيْهَا عُشْرٌ لِزَيْدٍ فَهَلْ لِمُتَوَلِّي الْمَدْرَسَةِ أَخْذُ رُبُعِ الْخَارِجِ الْمَشْرُوطِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَعَلَيْهِ دَفْعُ الْعُشْرِ مِنْ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِزَيْدٍ طَلَبُ عُشْرِ ذَلِكَ مِنْ الزُّرَّاعِ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمَرْحُومُ الْعَلَّامَةُ الْعَمُّ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ إذَا دَفَعَهَا أَيْ مُتَوَلِّي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ مُزَارَعَةً فَالْخَرَاجُ وَالْعُشْرُ مِنْ حِصَّةِ أَهْلِ الْوَقْفِ لِأَنَّهَا إجَارَةُ مَعْنًى وَفِي مَنْظُومَةِ النَّسَفِيِّ

وَالْأَرْضُ تُسْتَأْجَرُ وَهِيَ تُعْشَرُ ... يُعَشِّرُهَا الْآجِرُ لَا الْمُسْتَأْجِرُ كَذَاك مَنْ يَدْفَعُهَا مُزَارَعَهْ ... يَدْفَعُ ذُو الْأَرْضِ بِلَا مُدَافَعَهْ لَكِنْ فِي الدُّرِّ مِنْ آخِرِ بَابِ الْعُشْرِ وَالْعُشْرُ عَلَى الْمُؤَجَّرُ كَخَرَاجِ مُوَظَّفٍ وَقَالَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَمُسْتَعِيرٍ مُسْلِمٍ وَفِي الْحَاوِي وَبِقَوْلِهِمَا نَأْخُذُ اهـ. لَكِنْ فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ مِنْ أَوَّلِ بَابِ الْعُشْرِ الْعُشْرُ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ فَفِي الْأَشْبَاهِ وَتَفْسُدُ الْإِجَارَةُ بِاشْتِرَاطِ خَرَاجِهَا أَوْ عُشْرِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَفِي الْخَيْرِيَّةُ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْعُشْرَ يَجِبُ عَلَى الْمُؤَجِّرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْإِمَامُ فَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِينَ وَلَا عَلَى الْمُسْتَحْكِرِينَ شَيْءٌ قُلْت عِبَارَةُ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ لَا تُعَارِضُ عِبَارَةَ غَيْرِهِ فَإِنَّ قَاضِيَ خَانْ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ وَمِنْ عَادَتِهِ أَنْ يُقَدِّمَ الْأَظْهَرَ وَالْأَشْهَرَ وَقَدْ قَدَّمَ قَوْلَ الْإِمَامِ فَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدَ وَأَفْتَى بِذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ جُمْلَتِهِمْ زَكَرِيَّا أَفَنْدِي شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَعَطَاءُ اللَّهِ أَفَنْدِي شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَيْهُ فِي الْإِسْعَافِ وَالْخَصَّافِ (أَقُولُ) فَمَا أَجَابَ بِهِ الْمُؤَلِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْمُفْتَى بِهِ وَتَوْضِيحُ الْجَوَابِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْخَارِجُ مِنْ الْقَرْيَةِ مَثَلًا مِائَةَ قَفِيزٍ مِنْ الْحِنْطَةِ يَأْخُذُ الْمُتَوَلِّي أُجْرَةَ الْأَرْضِ وَهِيَ هُنَا الرُّبُعُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ قَفِيزًا ثُمَّ يَدْفَعُ الْمُتَوَلِّي مِنْ هَذَا الرُّبْعِ إلَى التَّيْمَارِيِّ عُشْرَ جَمِيعِ الْخَارِجِ مِنْ الْقَرْيَةِ عَشْرَةَ أَقْفِزَةٍ لَا عُشْرَ مَا يَأْخُذُهُ الْمُتَوَلِّي فَقَطْ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعُشْرِ مُطَالَبَةُ الْفَلَّاحِينَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُمْ مُسْتَأْجِرُونَ خِلَافًا لِلصَّاحِبَيْنِ فَتَنَبَّهْ. هَذَا وَقَدْ كَتَبْت فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ مَا نَصُّهُ قُلْت لَكِنْ فِي زَمَانِنَا عَامَّةُ الْأَوْقَافِ مِنْ الْقُرَى وَالْمَزَارِعِ لِرِضَا الْمُسْتَأْجِرِ بِتَحَمُّلِ غَرَامَاتِهَا وَمُؤَنِهَا يَسْتَأْجِرُهَا بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ بِحَيْثُ لَا تَفِي الْأُجْرَةُ وَلَا أَضْعَافُهَا بِالْعُشْرِ أَوْ خَرَاجُ الْمُقَاسَمَةِ فَلَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْ الْإِفْتَاءِ بِقَوْلِهِمَا فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ فِي زَمَانِنَا يُقَدِّرُونَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأُجْرَةَ سَالِمَةٌ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ عُشْرٍ وَغَيْرِهِ أَمَّا لَوْ اُعْتُبِرَ دَفْعُ الْعُشْرِ مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ وَأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَيْسَ عَلَيْهِ سِوَى الْأُجْرَةِ فَإِنَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ تَزِيدُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً كَمَا لَا يَخْفَى فَإِنْ أَمْكَنَ أَخَذَ الْأُجْرَةَ كَامِلَةً يُفْتِي بِقَوْلِ الْإِمَامِ وَإِلَّا فَبِقَوْلِهِمَا لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الضَّرَرِ الْوَاضِحِ الَّذِي لَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ عُشْرُ قَرْيَةٍ مَوْقُوفَةٍ مَقْطُوعًا عَلَى أَهْلِ الْوَقْفِ بِمُوجِبِ الدَّفْتَرِ السُّلْطَانِيِّ فَاتَّخَذَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ بَعْضَ الْأَرْضِ الَّتِي بِيَدِهِ مِنْهَا مُشَجَّرَةً لِلْقَطْعِ فَهَلْ يَجِبُ فِي ذَلِكَ الْعُشْرُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَتَبَهُ عِمَادُ الدِّينِ عَفَا عَنْهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى الْجَوَابُ كَمَا بِهِ عَمُّ الْوَالِدِ أَجَابَ وَلَوْ جَعَلَ أَرْضَهُ مُشَجَّرَةً أَوْ مُقَصَّبَةً يَقْطَعُهَا وَيَبِيعُهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ كَانَ فِيهِ الْعُشْرُ وَكَذَا لَوْ جُعِلَ فِيهَا الْقَثُّ لِلدَّوَابِّ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ الْعُشْرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ فِي دَارِهِ شَجَرَةٌ مُثْمِرَةٌ أَوْ نَخْلَةٌ هَلْ فِيهَا عُشْرٌ؟ (الْجَوَابُ) : لَا عُشْرَ فِيهَا لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلدَّارِ وَلَا عُشْرَ فِي الدَّارِ سِرَاجٌ مِنْ زَكَاةِ الزَّرْعِ. (سُئِلَ) أَرْضُ قَرْيَةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ عَلَيْهَا قِسْمٌ مِنْ الرُّبُعِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَفِيهَا عُشْرٌ لِتَيْمَارِيٍّ وَلَهَا زُرَّاعٌ يَزْرَعُونَهَا وَيَدْفَعُونَ مَا عَلَى زُرُوعِهِمْ مِنْ الْقَسْمِ الْمَزْبُورِ وَيَأْخُذُ التَّيْمَارِيُّ عَشْرَةً فِي كُلِّ سَنَةٍ وَالْآنَ زَرَعُوا أَرَاضِيهَا وَزَرَعَ فِيهَا جَمَاعَةٌ غَيْرُهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أُخْرَى بِإِذْنِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَالتَّيْمَارِيِّ ثُمَّ حَصَدُوا الزَّرْعَ وَيُرِيدُونَ نَقْلَهُ إلَى أَرَاضِيِ قَرْيَتِهِمْ بِدُونِ إذْنِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَالتَّيْمَارِيِّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ. (الْجَوَابُ) : لَيْسَ لَهُمْ التَّصَرُّفُ فِيهِ حَتَّى يَدْفَعُوا حِصَّةَ الْوَقْفِ وَالتَّيْمَارِيِّ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الْمُشْتَرَكِ إلَّا بِإِذْنِ الشَّرِيكِ لِمَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَيَجِبُ الْعُشْرُ فِي جَمِيعِ الْخَارِجِ وَلَا يُحْتَسَبُ لِصَاحِبِهَا مَا أَنْفَقَ مِنْ سَقْيٍ أَوْ عِمَارَةٍ أَوْ إجَارَةِ حَافِظٍ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ بِاسْمِ الْعُشْرِ وَأَنَّهُ يَقْتَضِي الشَّرِكَةَ فِي جَمِيعِهِ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْكُلَ جَمِيعَ الْخَارِجِ قَبْلَ أَدَاءِ الْعُشْرِ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ

فَيَكُونُ آكِلًا حَقَّ الْغَيْرِ فَلَا يَحِلُّ وَإِنْ أَفْرَزَ الْعُشْرَ يَحِلُّ لَهُ أَكْلُ الْبَاقِي كَمَا فِي الْمُشْتَرَكِ إذَا أَفْرَزَ نَصِيبَ صَاحِبِهِ يَحِلُّ أَكْلُهُ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْكُلَ جَمِيعَ الْخَارِجِ قَبْلَ أَدَاءِ الْخَرَاجِ قِيلَ هَذَا فِي خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ لِأَنَّهُ يَجِبُ فِي الْخَارِجِ فَكَانَ الْخَارِجُ مُشْتَرَكًا وَأَمَّا خَرَاجُ الْوَظِيفَةِ يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ فَيَحِلُّ لَهُ وَقِيلَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَكْلُ الطَّعَامِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ لِغَيْرِ الْبَائِعِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَا أُكِلَ مِنْ الثَّمَرَةِ أَوْ أَطْعَمَ غَيْرَهُ ضَمِنَ عُشْرَهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِقَدْرِ مَا يَكْفِيهِ وَعِيَالَهُ لَكِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي تَكْمِيلِ الْأَوْسُقِ وَمَا تَلِفَ أَوْ ذَهَبَ مِنْهُ بِغَيْرِ صُنْعِهِ سَقَطَ عَنْهُ بِقَدْرِهِ إلَّا إذَا أَخَذَ مِنْ مُتْلِفِهِ ضَمَانُ الْمُتْلِفِ لِأَنَّهُ بَدَلُ مَالٍ مُشْتَرَكٍ اهـ. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ عُشْرِيَّةٍ تُسْقَى بِمَاءِ الْعُشْرِ بِدَالِيَةٍ لَيْسَ لَهَا شُرْبٌ غَيْرُ ذَلِكَ فَهَلْ يَجِبُ نِصْفُ الْعُشْرِ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْمُلْتَقَى وَيَجِبُ فِيمَا سُقِيَ بِغَرْبٍ أَوْ دَالِيَةٍ أَوْ سَانِيَةٍ نِصْفُ الْعُشْرِ قَبْلَ دَفْعِ مُؤَنِ الزَّرْعِ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ وَالْغَرْبُ الدَّلْوُ الْكَبِيرُ وَالدَّالِيَةُ جِذْعٌ طَوِيلٌ فِي رَأْسِهِ دَلْوٌ وَيَرْكَبُ الرَّجُلُ الطَّرَفَ الْأَخِيرِ فَيَرْتَفِعُ الدَّلْوُ بِالْمَاءِ وَقِيلَ هِيَ دُولَابٌ، السَّانِيَةُ النَّاقَةُ الَّتِي يُسْقَى عَلَيْهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ غِرَاسُ حَوْرٍ عَلَى حَافَّاتِ نَهْرٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ عُشْرِيَّةٍ فَقَطَعَ زَيْدٌ الْحَوْرَ وَيُطَالِبُهُ صَاحِبُ الْعُشْرِ بِعُشْرِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ (الْجَوَابُ) : لَا عُشْرَ فِي ذَلِكَ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْجَوَابُ كَمَا بِهِ الْعَمُّ الْمَرْحُومُ أَجَابَ قَالَ الْحَدَّادِي الْأَشْجَارُ الَّتِي عَلَى الْمُسْنَاةِ لَا شَيْءَ فِيهَا. اهـ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي قَرْيَةٍ بَعْضُهَا وَقْفٌ وَبَعْضُهَا مِيرِي وَبَعْضُهَا تَيْمَارِيٌّ وَمَذْكُورٌ فِي الدَّفْتَرِ السُّلْطَانِيِّ أَنَّهَا فِي الْأَصْلِ قَسْمٌ وَجُعِلَ بَدَلَ الْقَسْمِ شَيْءٌ مَعْلُومٌ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالدَّرَاهِمِ وَيُرِيدُ الْآنَ نَاظِرُ الْوَقْفِ وَالْمُتَكَلِّمُ عَلَى الْمِيرِيّ وَالتَّيْمَارِيِّ أَخَذَ الْقَسْمِ الْمُعَيَّنِ فِي الدَّفْتَرِ الْمَرْقُومِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ؟ إنْ كَانَ فِي الْقَسْمِ حَظٌّ وَمَصْلَحَةٌ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَالْمِيرِيّ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لِلنَّاظِرِ ذَلِكَ مَا دَامَتْ الْغَلَّةُ قَائِمَةً وَإِلَّا فَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَلِيٌّ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْجَوَابُ كَمَا بِهِ الْوَالِدُ الْمَرْحُومُ أَجَابَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ أَشْجَارٌ مُثْمِرَةٌ قَائِمَةٌ فِي أَرْضِ قَرْيَةٍ عُشْرِيَّةٍ جَارِيَةٍ فِي تَيْمَارِ رَجُلٍ يُرِيدُ طَلَبَ الْعُشْرِ مِنْ ثِمَارِ الْأَشْجَارِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَفِي الثِّمَارِ إذَا كَانَتْ فِي الْأَرْضِ الْعُشْرِيَّةِ الْعُشْرُ وَلَيْسَ فِي ثِمَارِ الْأَشْجَارِ النَّابِتَةِ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ شَيْءٌ. اهـ. وَفِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ كُلُّ شَيْءٍ يَتْبَعُ الْأَرْضَ فِي الْبَيْعِ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَلَا عُشْرَ فِيهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَتْبَعُ الْأَرْضَ إلَّا بِشَرْطٍ فَفِيهِ الْعُشْرُ كَالْحُبُوبِ وَالثَّمَرِ ثُمَّ الْبُزُورُ الَّتِي لَا تَصْلُحُ إلَّا لِلزِّرَاعَةِ كَبِزْرِ الْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا عُشْرَ فِيهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ فِي نَفْسِهَا وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ ثِمَارُهَا اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ وُجُوبَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ إذَا ظَهَرَتْ الثَّمَرَةُ وَأَمِنَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ لَا وَقْتُ الْإِدْرَاكِ كَمَا قَالَ الثَّانِي وَلَا حُصُولِهِ فِي الْحَظِيرَةِ كَمَا قَالَ الثَّالِثُ وَأَثَرُ الْخِلَافِ يَظْهَرُ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ بِالْإِتْلَافِ نَهْرٌ مِنْ الْعُشْرِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ. (سُئِلَ) فِي أَرْضِ وَقْفٍ آجَرَهَا النَّاظِرُ مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً طَوِيلَةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ يَرَاهَا وَيُرِيدُ النَّاظِرُ أَنْ يُقَسِّمَ زَرْعَ الْأَرْضِ الْمَزْبُورَةِ قَبْلَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ إجَارَتِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ أَجَّرَهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَمْ تَنْتَهِ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. (سُئِلَ) فِي تَيْمَارِيٍّ قَرْيَةٌ لَهُ عَثَامِنَةٌ مَعْلُومَةٌ عَلَى وَجْهِ الْمَقْطُوعِ عَلَى الْقَرْيَةِ بِمُوجِبِ الدَّفْتَرِ الْخَاقَانِيِّ وَالْبَرَاءَةُ السُّلْطَانِيَّةُ الَّتِي بِيَدِهِ قَامَ يُكَلِّفُ زُرَّاعَ الْقَرْيَةِ بِدَفْعِ شَيْءٍ زَائِدٍ عَنْ الْمَقْطُوعِ الَّذِي عَيَّنَهُ السُّلْطَانُ عَزَّ نَصْرُهُ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُمْنَعُ. (سُئِلَ) فِي الْمُزَارِعِ إذَا بَاعَ الْغَلَّةَ الْمَعْشُورَةَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَتَصَرَّفَ بِهَا الْمُشْتَرِي بِدُونِ إذْنِ التَّيْمَارِيِّ وَيُرِيدُ التَّيْمَارِيُّ أَخْذَ حِصَّةِ الْعُشْرِ مِنْ ثَمَنِهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِذَا بَاعَ الطَّعَامَ الْمَعْشُورَ فَلِلْمُصَدِّقِ أَنْ يَأْخُذَ عُشْرَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ تَفَرَّقَا لِأَنَّ الْحَبَّ نَبَتَ مُشْتَرَكًا تِسْعَةُ أَعْشَارِهِ لِلْمَالِكِ وَعُشْرُهُ لِلْفُقَرَاءِ وَلِهَذَا صَارَ الْمَالِكُ مَمْنُوعًا مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ فَلَمْ يَنْفُذْ بَيْعُهُ فِي مِقْدَارِ الْعُشْرِ بِخِلَافِ بَيْعِ مَالِ الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ نَقْلَ الْحَقِّ مِنْ النِّصَابِ إلَى مَالٍ آخَرَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الْبَائِعِ لِإِتْلَافِهِ مَحَلُّ حَقِّ الْفُقَرَاءِ وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى وَإِنْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَغَيَّبَهُ أَخَذَ الْعُشْرَ مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ بَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي فَلِلْمُصَدِّقِ أَنْ يَأْخُذَ عُشْرَ الطَّعَامِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ عُشْرَ الثَّمَنِ وَيَكُونُ بِهَذَا إجَازَةٌ لِلْبَيْعِ مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ الْمَعْشُورِ وَلَوْ بَاعَ الْعِنَبَ أَوْ الزَّبِيبَ أَوْ الْعَصِيرَ يَأْخُذُ عُشْرَ ثَمَنِهِ. أَمَّا لَوْ بَاعَ بَعْدَمَا جَعَلَهُ نَاطِفًا يَأْخُذُ عُشْرَ قِيمَةِ الْعِنَبِ مِنْ زَكَاةِ خِزَانَةٌ الْأَكْمَلِ. (سُئِلَ) فِي قَرْيَةٍ جَارِيَةٍ فِي تَيْمَارِ ثَلَاثَةٌ عَلَيْهَا مَقْطُوعٌ مَعْلُومٌ يَدْفَعُهُ زُرَّاعُهَا لَهُمْ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَلَمْ يَسْبِقْ لِلثَّلَاثَةِ وَلَا لِمَنْ قَبْلَهُمْ أَخْذَ قَسْمٌ قَامَ الْآنَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ يَطْلُبُ مِنْ الزُّرَّاعِ الْقَسْمَ فَهَلْ يُمْنَعُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَتْ الْقَرْيَةُ مَقْطُوعَةً يُمْنَعُ مِنْ طَلَبِ الْقَسْمِ مِنْ الزُّرَّاعِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ كَتَبَهُ فَقِيرُ رَبِّهِ إسْمَاعِيلُ الْمُفْتِي بِقَضَاءِ الشَّامِ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَذَلِكَ الْجَوَابُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَذَلِكَ الْجَوَابُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَحْمَدُ الْعَامِرِيُّ الْمُفْتِي الشَّافِعِيُّ بِقَضَاءِ الشَّامِ الْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى جَوَابِي كَذَلِكَ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَبُو الْمَوَاهِبِ الْحَنْبَلِيُّ الْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى كَذَلِكَ الْجَوَابُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ حَامِدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِالشَّامِ. (سُئِلَ) فِي قَرْيَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ وَقْفَيْنِ وَعُشْرُهَا لِتَيْمَارِيٍّ عَلَيْهَا مَالٌ مَقْطُوعٌ يَدْفَعُهُ زُرَّاعُهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ لِلْمُتَكَلِّمِ وَالْآنَ قَامَ الْمُتَكَلِّمُ عَلَيْهَا يَطْلُبُ أَخْذَ الْقَسْمِ مِنْ زُرَّاعِهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا قَسْمٌ مُتَعَارَفٌ وَلَمْ يَسْبِقْ أَخْذُ الْقَسْمِ مِنْ زُرَّاعِهَا لَكِنَّهُ يَتَعَلَّلُ بِأَنَّهُ فِي الدَّفْتَرِ عَلَيْهَا قَسْمٌ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْقَسْمِ؟ (الْجَوَابُ) : لَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْقَسْمِ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَى مَعَ الزُّرَّاعِ عَلَيْهِ وَكَتَبَهُ فِي الدَّفْتَرِ السُّلْطَانِيِّ لَا يَكُونُ حُجَّةً فِي أَخْذِ الْقَسْمِ مِنْهُمْ حَيْثُ لَمْ يَتَعَارَفْ فِيهِمْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَتَاوَى إسْمَاعِيلِيَّةٌ وَفِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْوَقْفِ مِنْ الْخَيْرِيَّةِ لَا يُعْمَلُ بِمُجَرَّدِ الدَّفْتَرِ السُّلْطَانِيِّ فِي ثُبُوتِ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِي الْعُشْرِ إذَا تَدَاخَلَ هَلْ يَسْقُطُ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَسْقُطُ الْعُشْرُ بِالتَّدَاخُلِ لِأَنَّهُ مُؤْنَةُ الْأَرْضِ كَمَا فِي الْمِنَحِ وَغَيْرِهِ مِنْ فَصْلِ الْخَرَاجِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ أَشْجَارٌ مُثْمِرَةٌ فِي أَرْضٍ عُشْرِيَّةٍ فَقَطَعَهَا وَيُرِيدُ الْعَشْرِيُّ أَخْذَ عُشْرِهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ (الْجَوَابُ) : لَا عُشْرَ فِي نَفْسِ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا (أَقُولُ) وَإِنَّمَا الْعُشْرُ فِي نَفْسِ الثَّمَرِ وَفِي الْأَشْجَارِ الْمُعَدَّةِ لِلْقَطْعِ كَمَا مَرَّ. (سُئِلَ) فِي أَوْرَاقِ التُّوتِ هَلْ يَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي صُوَرِ الْمَسَائِلِ نَقْلًا عَنْ الزَّاهِدِيِّ مَا صُورَتُهُ قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ أَغْصَانُ التُّوتِ عِنْدَنَا وَأَوْرَاقُهَا لِأَنَّهُ يَقْصِدُ بِهَا الِاسْتِغْلَالَ بِخُوَارِزْمَ وَخُرَاسَانَ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي دُرَرِ الْفِقْهِ فَقَالَ يَجِبُ الْعُشْرُ فِي أَوْرَاقِ التُّوت وَأَغْصَانِ الْخِلَافِ الَّتِي تُقْطَعُ فِي أَوَانِ تَقْلِيمِ الْكُرُومِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. اهـ. (سُئِلَ) فِي شَجَرَةِ حَوْرٍ بِالْمُهْمَلَةِ نَابِتَةٍ فِي أَرْضٍ عُشْرِيَّةٍ تَيْمَارِيَّةٍ قَدْ بَلَغَتْ أَوَانَ قَطْعِهَا فَهَلْ لِلتَّيْمَارِيِّ أَخْذُ عُشْرِهِ مِنْهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ فَقِيرٍ شَرِيفٍ مِنْ الْأُمِّ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ؟ (الْجَوَابُ) : قَدْ كَثُرَ الْكَلَامُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ فِي حُكْمِ الشَّرَفِ مِنْ الْأُمَّهَاتِ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ وَأَلَّفُوا فِي ذَلِكَ رَسَائِلَ وَأَكْثَرُوا فِيهَا الْمَسَائِلَ مِنْهُمْ عَالِمُ فِلَسْطِينَ الْمَرْحُومُ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ وَرِسَالَتُهُ مِنْ أَشْرَفِهَا وَأَسْمَاهَا وَقَدْ سَمَّاهَا الْفَوْزَ وَالْغُنْمَ فِي الشَّرَفِ مِنْ الْأُمِّ وَجَزَمَ بِعَدَمِ حُصُولِهِ عَلَى أَحْكَامِ الْقُرَشِيِّينَ لِتَصْرِيحِ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أَبَاهُ بِيَقِينٍ مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ} [البقرة: 233] فَالزَّوْجَةُ تَلِدُ الْوَلَدَ لِلزَّوْجِ وَلَا يُنْسَبُ إلَيْهَا وَإِنَّمَا يُنْسَبُ إلَيْهِ وَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ وَحِكْمَةُ النِّسْبَةِ

كتاب الصوم

أَنَّ تَخَلُّقَ الْعَظْمِ وَالْعَصَبِ وَالْعُرُوقِ مِنْ مَائِهِ وَالْحُسْنُ وَالْجَمَالُ وَالسِّمَنُ وَالْهُزَالُ مِمَّا يَزُولُ وَلَا يَبْقَى كَالْأُصُولِ مِنْ مَائِهَا وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَهُ نِسْبَةٌ إلَى الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَهُ شَرَفٌ مَا بِلَا خَفَاءٍ حَيْثُ هُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الشُّرَفَا وَكَفَاهُ ذَلِكَ شَرَفًا وَلَمَّا لَمْ تَحْصُلْ لَهُ الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْقُرَشِيِّينَ بِلَا اشْتِبَاهٍ جَازَ لَهُ الزَّكَاةُ لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الْآثَارِ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي زَمَانِنَا إعْطَاءُ الزَّكَاةِ لِبَنِي هَاشِمٍ الْأَخْيَارِ لِعَدَمِ وُصُولِ خُمُسِ الْخُمُسِ إلَيْهِمْ بِسَبَبِ إهْمَالِ النَّاسِ أَمْرَ الْغَنَائِمِ وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ الْمُعَوَّضُ عَادُوا إلَى الْعِوَضِ وَبِهِ أَخَذَ مِنْ الْآثَارِ حَاوِي الْإِمَامِ الْجَلِيلِ الطَّحَاوِيِّ وَهَذَا فِي الْهَاشِمِيِّ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ فَمَا ظَنُّك فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ وَقَدْ حَصَلَ بِمَا ذَكَرْنَا الْجَوَابَ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ. (سُئِلَ) فِي أَرَاضِيِ قَرْيَةٍ جَارِيَةٍ زَعَامَتُهَا بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو مُنَاصَفَةً وَعَلَى الْأَرْضِ عُشْرٌ بِمُوجِبِ بَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ فَزَرْعُ زَيْدٍ حِصَّتُهُ مِنْ أَرَاضِيِ الْقَرْيَةِ وَيُرِيدُ شَرِيكُهُ عَمْرٌو مُطَالَبَتَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ عُشْرِ الْخَارِجِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي قَرْيَةٍ وَقْفٍ عَلَيْهَا عُشْرٌ لِتَيْمَارِيٍّ وَقَسْمٌ مُتَعَارَفٌ يُؤْخَذُ مِنْ زُرَّاعِهَا وَيُرِيدُ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ أَخْذَ الْقَسْمِ مِنْهُمْ وَدَفْعَ حِصَّةِ التَّيْمَارِيِّ مِنْهُ وَالْبَاقِي يَصْرِفُهُ فِي مَصَارِفِ الْوَقْفِ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ الْإِسْعَافِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ تَيْمَارِيَّةٍ عَلَيْهَا قَسْمٌ مُتَعَارَفٌ يُؤْخَذُ مِنْ زُرَّاعِهَا بِمُوجِبِ الدَّفْتَرِ الْقَدِيمِ السُّلْطَانِيِّ وَالْآنَ امْتَنَعَ رَجُلٌ مِنْ الزُّرَّاعِ مِنْ دَفْعِ قَسْمِ غَلَّتِهِ لِلتَّيْمَارِيِّ وَيُكَلِّفُهُ أَنْ يَأْخُذَ بَدَلَ الْقَسْمِ دَرَاهِمَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. (سُئِلَ) فِي زَعِيمٍ مَاتَ فِي آخِرِ السَّنَةِ بَعْدَ إدْرَاكِ الْغَلَّةِ وَحَصَادِهَا وَبَعْدَ أَدَاءِ بَدَلِ زَعَامَتِهِ وَإِيفَاءِ مَشَقَّتِهِ وَأَخَذَ الْوَارِثُ بَعْضَ الْغَلَّةِ وَوُجِّهَتْ الزَّعَامَةُ لِرَجُلٍ آخَرَ أَخَذَ بَقِيَّةَ الْغَلَّةِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَتَكُونُ لِلْوَارِثِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي أَيْتَامٍ صِغَارٍ لَهُمْ وَصِيٌّ وَزَعَامَةُ أَرَاضٍ يُؤْخَذُ قَسْمُهَا مِنْ الزُّرُوعِ الشَّتْوِيَّةِ بَعْدَ حَصَادِهَا ثُمَّ مَاتُوا وَفِي بَعْضِ الْأَرَاضِيِ زُرُوعٌ صَيْفِيَّةٌ لَمْ تُسْتَحْصَدْ وَوُجِّهَتْ الزَّعَامَةُ لِزَيْدٍ ثُمَّ اسْتُحْصِدَتْ الزُّرُوعُ الْمَزْبُورَةُ وَتَنَاوَلَ الْوَصِيُّ قَسْمَهَا وَيُرِيدُ زَيْدٌ مُطَالَبَةَ الْوَصِيِّ بِذَلِكَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِزَيْدٍ ذَلِكَ. [كِتَاب الصَّوْم] (سُئِلَ) فِي إسْقَاطِ الصَّلَاةِ هَلْ يَجُوزُ دَفْعُهُ بَعْدَ الدَّفْنِ؟ وَالْوَصِيَّةُ بِهِ صَحِيحَةٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْوَصِيَّةُ بِهِ صَحِيحَةٌ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ مِنْ آخِرِ الصَّوْمِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ مِنْ الصَّوْمِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. [كِتَاب الْحَجّ] (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ وَلَمْ يُفَسِّرْ مَالًا وَلَا مَكَانًا وَمَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ ثُلُثُهَا لَا يَفِي بِالْحَجِّ عَنْهُ مِنْ بَلَدِهِ وَالْوَرَثَةُ لَا يُجِيزُونَ الزِّيَادَةَ عَلَى الثُّلُثِ فَهَلْ يُحَجُّ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ؟ (الْجَوَابُ) : يُحَجُّ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ ثُلُثَ تَرِكَتِهِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ قَصْدَهُ إسْقَاطُ الْفَرْضِ عَنْهُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْكَمَالِ فَبِقَدْرِ الْإِمْكَانِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَالْبَحْرِ وَالْمُخْتَارِ وَوَصَايَا الْهِدَايَةِ وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي الْحَاجِّ إذَا اتَّجَرَ فِي الطَّرِيقِ هَلْ يَنْقُصُ أَجْرُهُ؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَنْقُصُ أَجْرُهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ الْغَنَائِمِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ بِمَبْلَغٍ سَمَّاهُ مِنْ مَالِهِ وَمَاتَ عَنْ وَارِثٍ لَمْ يُجِزْ الْوَصِيَّةَ وَظَهَرَ أَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ هُوَ جَمِيعُ مَالِهِ فَهَلْ يُحَجُّ عَنْهُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ؟

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِلْمُسَمَّى فِي الْحَجِّ لِأَنَّ الْمُوصَى بِهِ لَا يَخْتَلِفُ فَصَارَ كَأَنَّهُ أَوْصَى بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ بِثُلُثِ مَالِهِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ لِلسَّرَخْسِيِّ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ ثُلُثُهَا يَفِي بِالْحَجِّ عَنْهُ مِنْ بَلَدِهِ وَأَوْصَى بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فُلَانٌ الرَّجُلُ الْمُعَيَّنُ فَأَبَى الرَّجُلُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فَهَلْ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَدْفَعَ لِغَيْرِهِ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فُلَانٌ فَأَبَى فُلَانٌ أَوْ لَمْ يَأْبَ وَدَفَعَ الْوَصِيُّ إلَى غَيْرِهِ جَازَ وَالتَّعْيِينُ لَا يُعْتَبَرُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ سُقُوطُ الْفَرْضِ وَلِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمَانِ وَالْأَشْخَاصِ فَرُبَّمَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي الدَّفْعِ إلَى غَيْرِهِ لِزِيَادَةِ تَحْصِيلِ مَنْفَعَةٍ لِلْمَيِّتِ لَكِنْ إنْ قَالَ يَحُجُّ عَنِّي فُلَانٌ لَا غَيْرُهُ لَمْ يَجُزْ حَجُّ غَيْرِهِ وَكَذَا إذَا قَالَ أَحِجُّوا عَنٍّ فُلَانًا وَلَا يَحُجُّ عَنٍّ إلَّا هُوَ فَمَاتَ ذَلِكَ الرَّجُلُ يَرْجِعُ إلَى وَرَثَتِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى غَيْرِهِ بَعْدَهُ. اهـ. مُلَخَّصًا مِنْ التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ وَمَنَاسِكِ الْكَرْمَانِيِّ وَجَوَاهِرُ الْفَتَاوَى وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِأَنْ يُحَجَّ عَنْهُ بِمَبْلَغٍ سَمَّاهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَدَفَعَهُ الْوَصِيُّ لِرَجُلٍ لَمْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ فَهَلْ يَجُوزُ حَجُّهُ عَنْ الْمَيِّتِ (الْجَوَابُ) : يَجُوزُ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ حَجَّ عَنْ نَفْسِهِ أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَفْضَلِ وَيُسَمَّى حَجُّ الصَّرُورَةِ مِنْ الصِّرِّ وَهُوَ الشَّدُّ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ أَصَرَّ عَلَى نَفَقَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهَا فِي الْحَجِّ وَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْكُثَ بِمَكَّةَ حَتَّى يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ أَرَهُ إلَّا فِي فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ الْمُفَسِّرُ وَصُورَتُهُ (مَسْأَلَةٌ) كَعْبَةٌ شَرِيفَةٌ بِهِ وارمين زير فَقِير عُمْرك حَجّ شريف أيجون تعيين ايتديكي اقجة أَوْ لوب عمرو نيته حَجّ إيله شرعا جَائِزًا وَلَوْ رَمَى (الْجَوَابُ) : أكرجه جَائِز دُرًّا مَا بِرّ دُفَعه حَجّ أيده نه ايتدرمك كر كدرزيرا وندن واروب حَجّ أيتمك لَازِم أَوْ لَوْ رانده مُجَاوَرًا وليجق عُمْرك حَجَّنِي إتْمَام أتمش أَوْ لور. اهـ. قُلْت وَفِي هَذَا الْكَلَامِ بَحْثٌ إنْ لَمْ يُوجَدْ نَقْلٌ صَرِيحٌ لِأَنَّهُ حَجٌّ بِقُدْرَةِ الْغَيْرِ لَا بِقُدْرَةِ نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَإِذَا تَمَّ الْحَجُّ تَمْضِي أَشْهُرُ الْحَجِّ فَإِنَّهَا شَوَّالُ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ فَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُكْثُ حَتَّى تَأْتِيَ أَشْهُرُهُ فَإِذَا كَانَ فَقِيرًا وَلَهُ عَائِلَةٌ فِي بَلَدِهِ فَوُجُوبُ الْمُكْثِ عَلَيْهِ إلَى السَّنَةِ الْآتِيَةِ بِلَا نَفَقَةٍ مَعَ تَرْكِ عِيَالِهِ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ فِي ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ نَاقِلًا عَنْ مَجْمَعِ الْأَنْهُرِ عَلَى مُلْتَقَى الْأَبْحُرِ مَا صُورَتُهُ. وَيَجُوزُ إحْجَاجُ الصَّرُورَةِ وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ الْحَجُّ لِنَفْسِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَقَّفَ إلَى عَامٍ قَابِلٍ وَيَحُجُّ لِنَفْسِهِ أَوْ أَنْ يَحُجَّ بَعْدَ عَوْدَةِ أَهْلِهِ بِمَالِهِ وَإِنْ فَقِيرًا فَلْيُحْفَظْ وَالنَّاسُ عَنْهَا غَافِلُونَ وَصَرَّحَ عَلِيٌّ الْقَارِي فِي شَرْحِ مَنْسَكِهِ الْكَبِيرِ بِأَنَّهُ بِوُصُولِهِ لِمَكَّةَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ. اهـ. وَفِي نَهْجِ النَّجَاةِ لِابْنِ حَمْزَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ كَلَامٍ حَسَنٍ فَلْتُرَاجَعْ. (أَقُولُ) وَقَدْ أَلَّفَ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ النَّابُلُسِيُّ رِسَالَةً فِي ذَلِكَ جَنَحَ فِيهَا إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ وَنَقَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ السَّيِّدَ أَحْمَدَ بَادْشَاهْ أَلَّفَ رِسَالَةً فِي الْوُجُوبِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَفِي فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ فَفِي رَجُلٍ انْقَطَعَ عَنْ صِلَةِ وَالِدِيهِ مُنْذُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْحَجِّ فَأَيُّ هَذَيْنِ الْفَرْضَيْنِ مِنْ الْحَجِّ وَصِلَةُ الْوَالِدَيْنِ أَهَمُّ وَأَقْدَمُ وَبِتَأْخِيرِهِ يَأْثَمُ فَأَرْشِدْنَا إلَى مَا هُوَ الْأَوْلَى وَالْأَحْتَمُ وَالْأَحْسَنُ وَالْأَحْكَمُ (الْجَوَابُ) : إنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ وَافِيَةً لِكِلْتَا الْخَصْلَتَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ إحْرَازِهِمَا خَلَا أَنَّهُ إنْ خَافَ فَوْتَ الصِّلَةِ بِمَوْتِ أَحَدِ الْوَالِدَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ الصِّلَةَ وَإِلَّا يُقَدِّمُ الْحَجَّ وَاَللَّهُ الْمُعِينُ. اهـ. (سُئِلَ) فِي الْمَأْمُورِ بِالْحَجِّ الْفَرْضِ إذَا قِيلَ لَهُ وَقْتَ الدَّفْعِ اصْنَعْ مَا شِئْت ثُمَّ دَفَعَ الْمَالَ إلَى غَيْرِهِ لِيَحُجَّ عَنْ الْآمِرِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّهُ صَارَ وَكِيلًا مُطْلَقًا وَالْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ وَالدُّرَرِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَجَبَ عَلَيْهَا الْحَجُّ وَلَهَا مَحْرَمٌ فَهَلْ لِزَوْجِهَا مَنْعُهَا مِنْ الْحَجِّ (الْجَوَابُ) : لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إذَا وَجَدْت مُحَرَّمًا لِأَنَّ حَقَّهُ لَا يَظْهَرُ فِي الْفَرَائِضِ كَمَا فِي الْبَحْرِ. (سُئِلَ) فِي مَرِيضَةٍ أَوْصَتْ بِدَرَاهِمَ مِنْ

مَالِهَا لِرَجُلٍ مِنْ وَرَثَتِهَا لِيَحُجَّ بِهَا عَنْهَا حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَأَوْصَتْ بِدَرَاهِمَ أُخْرَى لِمَبَرَّاتٍ مَعْلُومَةٍ وَالْكُلُّ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَمَاتَتْ عَنْ الْوَارِثِ الْمَذْكُورِ وَعَنْ وَرَثَةٍ غَيْرِهِ لَمْ يُجِيزُوا الْوَصِيَّةَ بِالْحَجِّ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : تَصِحُّ وَصِيَّتُهَا فِيمَا عَدَا الْحَجَّ مَا لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ وَهُمْ كِبَارٌ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْبَحْرِ مِنْ الْفَتْحِ. أَوْصَى بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بَعْضُ وَرَثَتِهِ فَأَجَازَتْ وَرَثَتُهُ وَهُمْ كِبَارٌ جَازَ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا أَوْ غُيَّبًا أَوْ كَانُوا صِغَارًا وَكِبَارًا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ هَذَا يُشْبِهُ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ بِالنَّفَقَةِ فَلَا تَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ مَنَاسِكُ الْكَرْمَانِيِّ. وَلَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ وَلَمْ يَزِدْ كَانَ لِلْوَارِثِ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ الْوَصِيُّ وَارِثَ الْمَيِّتِ أَوْ دَفَعَ الْمَالَ إلَى وَارِثِ الْمَيِّتِ لِيَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ فَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ وَهُمْ كِبَارٌ جَازَ وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا فَلَا لِأَنَّ هَذِهِ بِمَنْزِلَةِ التَّبَرُّعِ بِالْمَالِ خَانِيَّةٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَرِضَ الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ وَعَجَزَ عَنْ الذَّهَابِ لِلْحَجِّ وَقَدْ قِيلَ لَهُ حِينَ دَفَعَ الْمَالَ إلَيْهِ اصْنَعْ مَا شِئْت وَيُرِيدُ أَنْ يَدْفَعَ الْمَالَ إلَى غَيْرِهِ لِيَحُجَّ عَنْ الْآمِرِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فَفِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ وَإِذَا مَرِضَ الْمَأْمُورُ بِالْحَجِّ فِي الطَّرِيقِ لَيْسَ لَهُ دَفْعُ الْمَالِ إلَى غَيْرِهِ لِيَحُجَّ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَنْ الْمَيِّتِ إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ بِذَلِكَ بِأَنْ قِيلَ لَهُ وَقْتَ الدَّفْعِ اصْنَعْ مَا شِئْت فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ مَرِضَ أَوْ لَا لِأَنَّهُ صَارَ وَكِيلًا مُطْلَقًا. اهـ. (سُئِلَ) فِي الْمَأْمُورِ بِالْحَجِّ إذَا لَمْ يَكْفِهِ مَالُ الْمَيِّتِ وَكَانَ أَكْثَرُ نَفَقَتِهِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ كَالْكِرَاءِ وَعَامَّةِ النَّفَقَةِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ جَائِزًا (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْصَى بِمَبْلَغٍ مِنْ مَالِهِ لِيَحُجَّ بِهِ عَنْهُ أَخُوهُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَمَاتَ عَنْ أَخِيهِ الْمَزْبُورِ ثُمَّ أَوْصَى أَخُوهُ بِأَنْ يَحُجَّ عَمْرٌو عَنْ أَخِيهِ زَيْدٍ بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ وَمَاتَ الْأَخُ عَنْ ابْنِ عَمٍّ وَلَمْ يَحُجَّ عَمْرٌو عَنْ زَيْدٍ وَيُرِيدُ ابْنُ الْعَمِّ اسْتِرْدَادَ الْمَبْلَغِ مِنْ عَمْرٍو فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ أَوْ وَارِثِهِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَالَ مِنْ الْمَأْمُورِ مَا لَمْ يُحْرِمْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ كَانَتْ تَسْتَطِيعُ الْحَجَّ ثُمَّ عَمِيَتْ فَهَلْ يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنْهَا بِإِحْجَاجِ الْغَيْرِ عَنْهَا (الْجَوَابُ) : إذَا طَرَأَ الْعَمَى عَلَى الِاسْتِطَاعَةِ يَجِبُ عَلَيْهَا الْإِحْجَاجُ فِي الْحَالِ أَوْ الْإِيصَاءِ فِي الْمَالِ مِنْ مَنَاسِكِ مُنْلَا عَلِيٍّ الْقَارِي. (سُئِلَ) فِي الْحَاجِّ عَنْ الْغَيْرِ هَلْ الْأَفْضَلُ فِي حَقِّهِ أَنْ يَعُودَ إلَى بَلَدِ آمِرِهِ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ عَلَى الْأَظْهَرِ فَيَكُونُ أَدَاؤُهُ عَلَى طِبْقِ أَدَاءِ الْمَيِّتِ لَوْ فُرِضَ أَدَاؤُهُ فَإِنَّ الْغَالِبَ مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَعُودُ إلَى بَلَدِهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي مَنَاسِكِ الْقَارِي. (سُئِلَ) إذَا تَبَرَّعَ الِابْنُ بِالْإِحْجَاجِ عَنْ أَبِيهِ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ فَهَلْ يَسْقُطُ عَنْ الْأَبِ الْفَرْضُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُجْزِئُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ مُفَصَّلًا فِي النَّهْرِ وَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَنَاسِكِ لِلْقَارِي وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي الْمَعْذُورِ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ إذَا أَمَرَ بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ غَيْرُهُ وَحَجَّ عَنْهُ فَهَلْ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُ اسْتَمَرَّ ذَلِكَ الْعُذْرُ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : إذَا كَانَ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنْهُ اسْتَمَرَّ الْعُذْرُ أَوْ لَا وَإِنْ كَانَ يُرْجَى بُرْؤُهُ يُشْتَرَطُ عَجْزُهُ إلَى مَوْتِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ اشْتِرَاطِ دَوَامِ الْعَجْزِ إلَى الْمَوْتِ بِلَا تَفْصِيلٍ. (سُئِلَ) إذَا أَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ عَنْ الْمَيِّتِ هَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إنْ أَوْصَى الْمَيِّتُ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ وَلَمْ يَزِدْ أَمَّا لَوْ قَالَ لِلْوَصِيِّ ادْفَعْ الْمَالَ لِمَنْ يَحُجُّ عَنِّي لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ تُرِيدُ الْحَجَّ مَعَ زَوْجِهَا فَهَلْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْحَضَرِ خَاصَّةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَوْصَى أَوْلَادَهُ أَنْ يَحُجُّوا عَنْهُ نَافِلَةً بِمَبْلَغٍ سَمَّاهُ وَمَاتَ فَأَذِنُوا لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ رَجُلٌ بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ فَفَعَلَ فَهَلْ يَكُونُونَ مُؤَدِّينَ وَصِيَّتَهُ وَلَهُ ثَوَابُ النَّفَقَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي حَجِّ النَّفْلِ يَقَعُ عَنْ الْمَأْمُورِ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي الْفَرْضِ دُونَ النَّفْلِ وَلِلْآمِرِ الثَّوَابُ أَيْ ثَوَابُ النَّفَقَةِ شَرْحُ الْمَنَاسِكِ لِلْقَارِي فَعَلَى هَذَا يُلَبِّي عَنْ نَفْسِهِ وَيَنْوِي عَنْ نَفْسِهِ أَيْضًا كَمَا لَا يَخْفَى. (سُئِلَ) فِي الْمَرْأَةِ إذَا حَاضَتْ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ بِيَوْمَيْنِ وَعَادَتُهَا فِي

كتاب النكاح

الْحَيْضِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ وَقَفْت بِعَرَفَةَ وَطَهُرَتْ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ فَهَلْ يَصِحُّ طَوَافُهَا وَوُقُوفُهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا بِالتَّأْخِيرِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْضُهَا لَا يَمْنَعُ شَيْئًا مِنْ نُسُكِهَا إلَّا الطَّوَافُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا بِتَأْخِيرِهِ إذَا لَمْ تَطْهُرْ إلَّا بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ فَلَوْ طَهُرَتْ فِيهَا بِقَدْرِ أَكْثَرِ الطَّوَافِ لَزِمَهَا الدَّمُ بِتَأْخِيرِهَا وَإِلَّا لَا وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ وَشَرْحِ الْبُرْجَنْدِيِّ. (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ إخْرَاجُ أَحْجَارِ الْحَرَمِ وَتُرَابُهُ إلَى الْحِلِّ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا بَأْسَ بِذَلِكَ قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَلَا بَأْسَ بِإِخْرَاجِ تُرَابِ الْحَرَمِ وَأَحْجَارِهِ إلَى الْحِلِّ لِأَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْحَرَمِ فَفِي الْحِلِّ أَوْلَى. اهـ. كَازَرُونِيٌّ عَنْ فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ مُحَمَّدِ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الطُّورِيِّ. [كِتَاب النِّكَاح] (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ الْجَمْعُ نِكَاحًا بَيْنَ بِنْتِ الْخَالِ وَبِنْتِ الْعَمَّةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّهُ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ لَوْ فُرِضَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأُخْرَى وَهُنَا لَوْ فُرِضَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَر لَا تَحْرُمَ الْأُخْرَى فَيَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ حَيْثُ لَا مَانِعَ شَرْعًا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ عَقَدَ نِكَاحَهُ عَلَى قَاصِرَةٍ تُطِيقُ الْوَطْءَ بِمَهْرٍ مَعْلُومٍ بَعْضُهُ حَالٌّ وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ وَفَرَضَ لَهَا عَلَيْهِ لِكِسْوَتِهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَمَضَى سَنَتَانِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَمْ يَدْفَعْ لَهَا الْمُعَجَّلَ وَلَا دَرَاهِمَ الْكِسْوَةِ وَلَا مَانِعَ مِنْ جِهَتِهَا وَيُرِيدُ أَبُوهَا مُطَالَبَتَهُ بِذَلِكَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ مُطَالَبَةُ زَوْجِهَا بِمَهْرِهَا الْمُعَجَّلِ وَبِمَبْلَغِ الْكِسْوَةِ حَيْثُ اصْطَلَحَا عَلَى الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مُسْلِمٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمُسْلِمَةَ ثُمَّ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً نَصْرَانِيَّةً فَهَلْ يَصِحُّ نِكَاحُهُ الْمَذْكُورُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِنْ كُرِهَ تَنْزِيهًا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ زَوَّجَ بِنْتَه الصَّغِيرَةَ مِنْ رَجُلٍ كُفْءٍ بِأَلْفَاظٍ تُرْكِيَّةٍ قَائِلًا لِلزَّوْجِ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ بوقاصرة قزيمي اللَّه أمري أَوْ زره ويردم وَقَالَ الزَّوْجُ الدَّم قَبُول ايتدام يَعْنِي الْأَبَ بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ هَذِهِ الْقَاصِرَةُ بِنْتِي عَلَى أَمْرِ اللَّهِ أَعْطَيْتُك إيَّاهَا وَيَعْنِي الزَّوْجَ بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ أَخَذْت وَقَبِلْت وَسَمَّيَا مَهْرًا وَقَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ تَدُلُّ عَلَى النِّكَاحِ فَهَلْ صَحَّ الْعَقْدُ الْمَزْبُورُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى لَفْظُ الْأَتْرَاكِ الدَّم ويردم لَيْسَ بِصَرِيحِ مَوْضُوعٍ لِلنِّكَاحِ وَالْعَقْدُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ وَهِيَ إمَّا الْخُطْبَةُ أَوْ تَسْمِيَةُ الْمَهْرِ وَإِمَّا بِدُونِ أَحَدِهِمَا إنْ جَرَى بَيْنَهُمْ أَنْ يَعْقِدُوا عَقْدَ النِّكَاحِ بِذَلِكَ جَازَ كَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْقُدُورِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا زَوَّجَ صَغِيرَتَهُ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ فَهَلْ يَصِحُّ وَيَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ أَوْ مَوْتُ أَحَدِهِمَا، إذَا لَمْ يَقَعْ التَّرَاضِي مَعَ الزَّوْجِ عَلَى شَيْءٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِيمَنْ عَقَدَ نِكَاحَهُ عَلَى بِكْرٍ بَالِغَةٍ وَكَانَ مُتَزَوِّجًا حِينَ الْعَقْدِ بِأَرْبَعَةٍ وَحَكَمَ عَلَيْهِ حَاكِمٌ بِبُطْلَانِ الْعَقْدِ وَلَمْ يَطَأْهَا فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ مَهْرِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْمُلْتَقَى وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ بِلَا وَطْءٍ فِي عَقَدٍ فَاسِدٍ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ زَوَّجَ بِنْتَه مِنْ آخَرَ وَلَمْ يُسَمِّهَا وَلَمْ يَذْكُرْهَا بِمَا تَتَمَيَّزُ بِهِ عَنْ غَيْرِهَا وَلَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ ثُمَّ زَوَّجَهُ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ بِعَيْنِهَا وَذَكَرَ اسْمَهَا وَوَصَفَهَا بِمَا تَتَمَيَّزُ بِهِ عَنْ أُخْتَيْهَا فَهَلْ صَحَّ الْعَقْدُ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَمِنْهَا أَنْ لَا تَكُونَ الْمَنْكُوحَةُ مَجْهُولَةً فَلَوْ زَوَّجَهُ بِنْتَه وَلَمْ يُسَمِّهَا وَلَهُ بِنْتَانِ لَمْ يَصِحَّ بَحْرٌ. (سُئِلَ) مِنْ قَاضِي دِمَشْقَ الشَّامِ سَنَةَ 1148 عَنْ التَّوْكِيلِ بِالنِّكَاحِ بِالْإِكْرَاهِ هَلْ يَصِحُّ؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ السَّيِّدُ أَحْمَدُ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ بَعْدَ قَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْبَيْعِ وَلَكِنْ يُوجِبُ فَسَادَهُ فَكَذَا التَّوْكِيلُ يَنْعَقِدُ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَالشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ لَا تُؤَثِّرُ فِي الْوَكَالَةِ لِكَوْنِهَا مِنْ الْإِسْقَاطَاتِ فَإِذَا لَمْ يَبْطُلْ نَفَذَ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ اهـ. قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ

عَلَى التَّوْكِيلِ بِالتَّزْوِيجِ وَزَوَّجَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَنْعَقِدُ وَلَكِنْ لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا. اهـ. وَأَرَادَ بِبَعْضِ الْفُضَلَاءِ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَحْرِ أَوْ الْمِنَحِ. (أَقُولُ) وَقَدْ ذَكَرْت هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ كِتَابِ الْإِكْرَاهِ فَرَاجِعْهَا وَكَتَبَ عَلَى صُورَةِ دَعْوَى مُرْسَلَةٍ مِنْ قَاضِي الشَّامِ سَنَةَ 1149 تَعْلَمُ مِنْ الْجَوَابِ يَصِحُّ النِّكَاحُ بِلَفْظِ الْعَطِيَّةِ إذَا نَوَاهُ أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَفَهِمَ الشُّهُودُ الْمَقْصُودَ وَكُلٌّ صُلْحٌ بَعْدَ صُلْحٍ، فَالثَّانِي بَاطِلٌ وَكَذَا النِّكَاحُ بَعْدَ النِّكَاحِ وَالْحَوَالَةُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ بَابِ الْوَلِيِّ وَلَوْ أَقَرَّ وَلِيُّ صَغِيرٌ أَوْ صَغِيرَةٌ أَوْ أَقَرَّ وَكِيلُ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ مُوَلِّي عَبْدٍ بِالنِّكَاحِ لَمْ يَنْفُذْ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى النِّكَاحِ. اهـ. فَإِذَا كَانَتْ الْبِنْتُ الْبَالِغَةُ غَائِبَةً كَمَا ذَكَرْتُمْ فَلَا يَنْفُذُ تَصْدِيقُ الْأَبِ عَلَيْهَا وَلَا عَلَى الزَّوْجِ الثَّانِي لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ. (سُئِلَ) فِي ذِمِّيَّةٍ زَوَّجَتْ بِنْتَهَا الْبَالِغَةَ الذِّمِّيَّةَ بِلَا إذْنِهَا وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : ذَكَرَ فِي الْخَيْرِيَّةِ أَنَّهُ صَرَّحَ عُلَمَاؤُنَا بِأَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لِأَهْلِ الذَّمَّةِ إذْ تَنَاكَحُوا فَاسِدًا وَلَا يُفَرِّقُ الْقَاضِي بَيْنَهُمْ إذَا عُلِمَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّا أُمِرْنَا بِتَرْكِهِمْ وَمَا يَدِينُونَ فَلَا يُفْسَخُ النِّكَاحُ وَلَا يُعَزَّرَانِ حَيْثُ كَانَا رَاضِيَيْنِ وَلَمْ يَتَرَافَعَا بِالْخُصُومَةِ لَدَى قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ الْإِسْلَامِ فَإِذَا تَحَاكَمَا إلَيْنَا نَحْكُمُ بَيْنَهُمَا عَلَى حُكْمِنَا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ مِنْ الْفَرَائِضِ وَنُقِلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْهِدَايَةِ فِي نِكَاحِهِمْ الْمَحَارِمَ أَنَّهُ لَوْ تَرَافَعَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ مُرَافَعَتَهُمَا كَتَحْكِيمِهِمَا اهـ وَحُكْمُ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَنَا أَنَّ وِلَايَةَ تَزَوُّجِ الْبَالِغَةِ لَهَا لَا لِغَيْرِهَا وَلَوْ زَوَّجَتْهَا أُمُّهَا أَوْ غَيْرُهَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَاهَا وَلَا يَنْفُذُ عَقْدُ الْوَلِيِّ عَلَى الْبَالِغَةِ بِغَيْرِ رِضَاهَا كَذَا فِي الْبَحْرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ جَارِيَةٌ أَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ ثُمَّ نَجَّزَ عِتْقَهَا فَتَزَوَّجْت بِأَجْنَبِيٍّ وَأَتَتْ مِنْهُ بِبِنْتٍ وَلِلرَّجُلِ ابْنٌ مِنْ غَيْرِهَا يُرِيدُ التَّزَوُّجَ بِبِنْتِ جَارِيَةِ أَبِيهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ التَّزَوُّجُ بِبِنْتٍ مَوْطُوءَةِ أَبِيهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ وَلَا رَضَاعٌ وَفِي تَجْنِيسِ خواهر زاده لَا يَحْرُمُ عَلَى وَلَدِ الْوَاطِئِ وَلَا عَلَى أَبِيهِ وَلَدُ الْمَوْطُوءَةِ وَلَا أُمَّهَاتُهَا فَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ فِي الْمُحْرِمَات وَجَازَ لِلِابْنِ التَّزَوُّج بِأُمِّ زَوْجَة الْأَب وَبِنْتِهَا ابْنُ الْهُمَامِ وَنَظِيرُهُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي صَغِيرَةٍ يَتِيمَةٍ زَوَّجَهَا أَخُوهَا لِأَبِيهَا مِنْ زَيْدٍ الْكُفْءِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ثُمَّ لَمَّا بَلَغَتْ بِالْحَيْضِ اخْتَارَتْ الْفَسْخَ فَوْرًا عِنْدَ الْبُلُوغِ وَأَشْهَدَتْ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ ثَبَتَ لَهَا خِيَارُ الْفَسْخِ بِشَرْطِ الْقَضَاءِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فَفِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ لَهَا خِيَارُ الْفَسْخِ بِالْبُلُوغِ فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ بِشَرْطِ الْقَضَاءِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ نُجَيْمٍ وَفِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ فُصُولِ الْعِمَادِيِّ مَا نَصُّهُ ذَكَرَ الْبَزْدَوِيُّ فِي الْمَبْسُوطِ وَالنِّكَاحُ الْفَاسِدُ لَا يُثْبِتُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّهَا وَبِنْتِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَكَذَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِآخَرَ قَبْلَ التَّفْرِيقِ وَهَذَا كُلُّهُ قَبْلَ الْمَسِيسِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَخْرَسَ عَقَدَ نِكَاحَ بِنْتِهِ الْبَالِغَةِ بِإِشَارَتِهِ الْمَعْهُودَةِ وَرَضِيَتْ الْبِنْتُ بِذَلِكَ فَهَلْ نَفَذَ النِّكَاحُ وَتَكُونُ إشَارَتُهُ قَائِمَةً مَقَامَ عِبَارَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْأَشْبَاهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ تَدْخُلُ فِي عَقْدِ نِكَاحِي فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَزَوَّجَهُ رَجُلٌ فُضُولِيٌّ امْرَأَةً وَأَجَازَ بِالْفِعْلِ دُونَ الْقَوْلِ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ حَلَفَ بِالْحَرَامِ نَاوِيًا الطَّلَاقَ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ عِنْدَ أَبِيهَا فَدَخَلَتْ وَيُرِيدُ عَقْدَ نِكَاحِهِ عَلَيْهَا فَإِذَا قَبِلَ نِكَاحَهَا لِنَفْسِهِ هَلْ تَطْلُقُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ فُضُولِيٍّ وَإِجَازَةٍ بِالْفِعْلِ؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ سُئِلَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ عَمَّنْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ كَذَا فَزَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ امْرَأَةً وَأَجَازَ بِالْفِعْلِ ثُمَّ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا

ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بِنَفْسِهِ هَلْ تَطْلُقُ قَالَ قِيلَ تَطْلُقُ وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَنْحَلُّ بِنِكَاحِ الْفُضُولِيِّ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَزَوِّجًا لَهَا فِي الْحُكْمِ اهـ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ أَيْضًا وَحَكَى صَاحِبُ الْمُحِيطِ وَالْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ وَالْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّ كُلَّ جَوَابٍ عَرَفْته فِي قَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهُوَ الْجَوَابُ فِي قَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ تَدْخُلُ فِي نِكَاحِي اهـ وَقَدْ عَلَّلَ الْقَوْلَ الثَّانِيَ وَالتَّعْلِيلُ دَلِيلُ التَّرْجِيحِ. وَسُئِلَ الْعَلَّامَةُ التُّمُرْتَاشِيُّ عَنْهَا فَأَجَابَ بِعِبَارَةِ الْعِمَادِيَّةِ ثُمَّ مَالَ إلَى تَرْجِيحِ عَدَمِ الطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ وَلَمْ نَرَ مَنْ رَجَّحَ الطَّلَاقَ. اهـ. وَالِاحْتِيَاطُ تَزَوُّجُهَا بِفُضُولِيٍّ وَالْإِجَازَةُ بِالْفِعْلِ عَمَلًا بِالْقَوْلَيْنِ وَإِنْ كَانَ عَدَمُ الطَّلَاقِ هُوَ الْمُرَجِّحُ إذْ هُوَ الْمَحَلِّيُّ بِالتَّعْلِيلِ وَإِلَيْهِ أَمِيلُ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَطَلُقَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا تَطْلُقُ وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أُخْرَى تَطْلُقُ بِاعْتِبَارِ عُمُومِ الِاسْمِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (أَقُولُ) وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ عَنْ جَدِّ الْمُؤَلِّفِ سُؤَالٌ فِيمَنْ قَالَ كُلَّمَا تَزَوَّجَتْ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَإِنْ عَقَدَ لِي النِّكَاحَ فُضُولِيٌّ وَأَجَزْت بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فَتَكُونُ طَالِقًا ثَلَاثًا أَيْضًا وَسَتَأْتِي الْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ بَائِنًا وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مِنْ زَوْجَةٍ أُخْرَى لَهُ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ الْمُطَلَّقَةَ فَهَلْ إذَا زَوَّجَهَا مِنْهُ فُضُولِيٌّ وَأَجَازَهُ الْحَالِفُ بِالْفِعْلِ لَا بِالْقَوْلِ لَا يَحْنَثُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمُخْتَارُ فِي نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ وَفِي الطَّلَاقِ الْمُضَافِ أَنَّهُ إذَا أَجَازَ الْحَالِفُ بِالْفِعْلِ لَا يَحْنَثُ وَبِالْقَوْلِ يَحْنَثُ وَتَمَامُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ فِي تَصَرُّفَاتِ الْفُضُولِيِّ. وَسُئِلَ مُفْتِي دِمَشْقَ الْمَرْحُومُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلَ الشَّهِيرُ بِالْحَائِكِ عَنْ رَجُلٍ عَزَبٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَقَالَ بِالتُّرْكِيَّةِ آلوب الأجغم بندن بوش أَوْ لسون أكر بوشيئي أيشلسم يَعْنِي كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا وَسَأَتَزَوَّجُهَا تَكُونُ طَالِقًا إنْ فَعَلْت هَذَا الشَّيْءَ ثُمَّ فَعَلَهُ فَهَلْ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً تُبَيِّنُ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَإِذَا جَدَّدَ الْعَقْدَ عَلَيْهَا ثَانِيًا لَا تَطْلُقُ فَأَجَابَ نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي صَغِيرَةٍ لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ هَرَبَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا لِتَضَرُّرِهَا مِنْهُ وَتَرَكَتْ جِهَازَهَا عِنْدَهُ فَهَلْ لَا تُسَلَّمُ لِلزَّوْجِ حَتَّى تُطِيقَ الْوَطْءَ وَلِأَبِيهَا طَلَبُ جِهَازِهَا مِنْهُ لِحِفْظِهِ لَهَا عِنْدَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْخَيْرِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَتْ زَوْجَتُهُ الْمَدْخُولُ بِهَا وَلَهَا أُخْتٌ فَهَلْ لَهُ تَزَوُّجُ أُخْتِهَا بَعْدَ مَوْتِهَا بِيَوْمٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْأَصْلِ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَكَمَا فِي مَبْسُوطِ صَدْرِ الْإِسْلَامِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْقُهُسْتَانِيُّ وَالْمُحِيطُ لِلْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ وَالْبَحْرِ التَّتَارْخَانِيَّةِ عَنْ السِّرَاجِيَّةِ وَفَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ وَقَدْرِي أَفَنْدِي وَمُؤَيِّدٍ زَادَهْ وَمَجْمَعِ الْفَتَاوَى وَصُرَّةِ الْفَتَاوَى وَمَجْمَعِ الْمُنْتَخَبَاتِ وَنَهْجِ النَّجَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ وَأَمَّا مَا عَزَى إلَى النُّتَف مِنْ وُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهِ فَلَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَكَتَبَ تَحْتَ الْجَوَابِ مَا صُورَتُهُ قُلْت لَعَمْرُك مَا كُلُّ النُّقُولِ صَحَائِحُ ... وَلَا كُلُّ خِلٍّ فِي الْمَوَدَّةِ نَاصِحُ عَلَيْك بِأَقْوَاهَا دَلِيلًا وَمَأْخَذًا ... وَمَا هُوَ فِي الْكُتُبِ الشَّهِيرَةِ رَاجِحُ وَلَا تَعْتَمِدْ إلَّا صَدِيقًا مُجَرِّبَا ... وَكُنْ حَامِدًا لِلَّهِ فَالْأَمْرُ وَاضِحْ وَقَالَ وَلَنَا فِي ذَلِكَ رِسَالَةٌ سَمَّيْنَاهَا بِنُقُولِ الْقَوْمِ فِي جَوَازِ نِكَاحِ الْأُخْتِ بَعْدَ مَوْتِ أُخْتِهَا بِيَوْمٍ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ خَطَبَ بِنْتَ عَمِّهِ الصَّغِيرَةَ فَقَالَ لَهُ أَبُوهَا هِيَ لَك عَطِيَّةٌ فَقَبِلَ الرَّجُلُ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَلَمْ يُسَمِّيَا مَهْرًا فَهَلْ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِمَا ذُكِرَ وَيَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ أَوْ الْمَوْتِ إذَا لَمْ يَقَعْ التَّرَاضِي عَلَى شَيْءٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ نَوَى الْأَبُ بِذَلِكَ النِّكَاحَ أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَفَهِمَ الشُّهُودُ الْمَقْصُودَ وَيَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ أَوْ مَوْتِ أَحَدِهِمَا إذَا لَمْ يَقَعْ تَرَاضٍ عَلَى شَيْءٍ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ زَوَّجَ عَبْدَهُ امْرَأَةً حُرَّةً ثُمَّ بَاعَهُ مِنْهَا فَهَلْ بَطَلَ عَقْدُ النِّكَاحِ بِمِلْكِهَا الْعَبْدَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ بَالِغَةٍ عَاقِلَةٍ رَشِيدَةٍ خَطَبَهَا رَجُلٌ

باب الولي

فَقَالَتْ لَهُ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ زَوَّجْتُك نَفْسِي عَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ لَهَا قَبِلْتُك عَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ نَاوِيًا بِذَلِكَ قَبُولَ نِكَاحِهَا وَلَمْ يَذْكُرَا مَهْرًا فَهَلْ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِمَا ذُكِرَ وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِزَيْدٍ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ بَعْدَ جَرَيَانِ مُقَدِّمَاتِ النِّكَاحِ أَعْطَيْتُك ابْنَتِي الصَّغِيرَةَ لِابْنِك فَقَالَ زَيْدٌ قَبِلْت ذَلِكَ مِنْك لِابْنِي فَهَلْ يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِذَلِكَ وَلِلْبِنْتِ مَهْرُ الْمِثْلِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. [بَاب الْوَلِيّ] (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ زَوَّجَ ابْنَتَهُ الْقَاصِرَةَ مِنْ زَيْدٍ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ ثُمَّ بَلَغَتْ الْبِنْتُ وَتُرِيدُ هِيَ وَأَبُوهَا فَسْخَ النِّكَاحِ بِمُقْتَضَى أَنَّ وَالِدَ الرَّجُلِ شَرِيفٌ مِنْ أُمِّهِ وَالزَّوْجُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِمَا الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الشَّرِيفَ مِنْ الْأُمِّ لَيْسَ بِشَرِيفٍ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَأَلَّفَ فِيهِ رِسَالَةً سَمَّاهَا الْفَوْزَ وَالْغُنْمَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّرِيفِ مِنْ الْأُمِّ مُحَصِّلُهَا أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرِيفٍ وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَنَّ لَهُ شَرَفًا أَرَادَ بِهِ شَرَفًا مَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ أُمٌّ كَذَلِكَ أَيْ عُلُوًّا وَرِفْعَةً وَهَذَا مِمَّا لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَلَا يُنْكِرُهُ أَحَدٌ وَكَذَلِكَ لَهُ نِسْبَةٌ مَا. اهـ. إلَى آخِرِ مَا حَرَّرَهُ. (سُئِلَ) فِي مَعْتُوهَةٍ لَهَا أَخٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ أَهْلٌ لِلْوِلَايَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ يُرِيدُ تَزْوِيجَهَا مِنْ كُفْءٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَعْتُوهَةُ إذَا زَوَّجَهَا الْأَخُ أَوْ الْعَمُّ ثُمَّ عَقَلَتْ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ كَالصَّغِيرَةِ إذَا بَلَغَتْ وَإِنْ زَوَّجَهَا الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ لَا خِيَارَ لَهَا وَإِنْ زَوَّجَهَا ابْنُهَا لَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالُوا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا الْخِيَارُ كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا الْأَبُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ. اهـ. عِمَادِيَّةٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ. (سُئِلَ) عَنْ الْوَصِيِّ هَلْ يَمْلِكُ تَزْوِيجَ أَمَةِ الْيَتِيمِ الْمَشْمُولِ بِوِصَايَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ عَقَدَ نِكَاحَهُ عَلَى بِكْرٍ بَالِغَةٍ بِمَهْرٍ مَعْلُومٍ دَفَعَ بَعْضَهُ وَبَاعَهَا بِالْبَاقِي طَبَقَةً مَعْلُومَةً بَيْعَ وَفَاءً عَلَى أَنَّهُ إنْ رَدَّ لَهَا الثَّمَنَ رَدَّتْ لَهُ الْمَبِيعَ ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا وَعَنْ وَرَثَةِ غَيْرِهَا طَلَبُوا اسْتِرْدَادَ الْمَبِيعِ وَدَفْعَ بَقِيَّةِ الْمَهْرِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : بَيْعُ الْوَفَاءِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الرَّهْنِ فَلِلْوَرَثَةِ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ وَدَفْعُ بَقِيَّةِ الْمَهْرِ لِلزَّوْجَةِ. (سُئِلَ) فِي بِكْرٍ بَالِغَةٍ عَقَدَ عَمُّهَا الْعَصَبَةُ نِكَاحَهَا بِالْوَكَالَةِ عَنْهَا عَلَى ابْنِهِ الْقَاصِرِ بِالْوِلَايَةِ عَلَى مَهْرٍ مَعْلُومٍ ضَمِنَهُ الْعَمُّ فِي مَالِهِ وَلَمْ يَضْمَنْ النَّفَقَةَ وَلَا مَالَ لِلْقَاصِرِ فَهَلْ لَيْسَ لَهَا مُطَالَبَةُ عَمِّهَا بِالنَّفَقَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ فَتَجِبُ لِلزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا وَلَوْ صَغِيرًا جِدًّا فِي مَالِهِ لَا عَلَى أَبِيهِ إلَّا إذَا كَانَ ضَمِنَهَا اهـ. (سُئِلَ) فِي صَغِيرَةٍ لَهَا عَمٌّ عَصَبِيٌّ غَائِبٌ مُدَّةَ سَفَرٍ زَوَّجَتْهَا أُمُّهَا لِابْنِ أُخْتِهَا الْقَاصِرِ وَقَبِلَ وَالِدُ الزَّوْجِ بِالْوِلَايَةِ عَلَيْهِ فَهَلْ صَحَّ النِّكَاحُ؟ (الْجَوَابُ) : الْوَلِيُّ فِي النِّكَاحِ الْعَصَبَةُ فِي نَفْسِهِ بِلَا تَوَسُّطٍ أُنْثَى عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ وَالْحَجْبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةً فَالْوِلَايَةُ لِلْأُمِّ وَلِلْوَلِيِّ إلَّا بَعْدَ التَّزْوِيجِ بِغَيْبَةِ الْأَقْرَبِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَالْكَنْزِ وَغَيْرِهِمَا وَاخْتَارَ فِي الْمُلْتَقَى مَا لَمْ يَنْتَظِرْ الْكُفْءُ الْخَاطِبُ جَوَابَهُ وَلَوْ زَوَّجَ إلَّا بَعْدَ حَالِ قِيَامِ الْأَقْرَبِ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِ كَمَا فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا كَانَ الْأَقْرَبُ لَا يَدْرِي أَيْنَ هُوَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ فِي الْمِصْرِ يَجُوزُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَدْرِ أَيْنَ هُوَ لَا يَنْتَظِرُ الْكُفْءُ فَيَكُونُ كَالْغَيْبَةِ الْمُنْقَطِعَةِ بَزَّازِيَّةٌ. (سُئِلَ) فِي صَغِيرَةٍ يَتِيمَةٍ لَهَا ابْنُ عَمٍّ عَصَبِيٌّ لَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ أَقْرَبُ مِنْهُ يُرِيدُ تَزْوِيجَهَا مِنْ ابْنِهِ الْقَاصِرِ الْكُفْءِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرَرِ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ النِّكَاحِ يَعْنِي الْإِيجَابَ وَالْقَبُولِ وَاحِدٌ لَيْسَ

بِفُضُولِيٍّ مِنْ جَانِبٍ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِمَا بَلْ الْوَاحِدُ إذَا كَانَ وَكِيلًا عَنْهُمَا فَقَالَ زَوَّجْتهَا إيَّاهُ كَانَ كَافِيًا وَلَهُ أَقْسَامٌ إمَّا أَصِيلٌ وَوَلِيٌّ كَابْنِ الْعَمِّ تَزَوَّجَ بِنْتَ عَمِّهِ الصَّغِيرَةَ أَوْ أَصِيلٌ وَوَكِيلٌ كَمَا إذَا وَكَّلَتْ رَجُلًا أَنْ يُزَوِّجَهَا نَفْسَهُ أَوْ وَلِيًّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ وَكِيلًا مِنْهُمَا أَوْ وَكِيلًا مِنْ جَانِبٍ وَفُضُولِيًّا مِنْ جَانِبٍ آخَرَ أَوْ فُضُولِيًّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ. اهـ (سُئِلَ) فِي يَتِيمَةٍ قَاصِرَةٍ لَيْسَ لَهَا سِوَى أُمٍّ وَابْنَيْ عَمٍّ عَصَبَةٍ وَابْنِ عَمٍّ آخَرَ عَصَبَةٍ وَالْكُلُّ فِي الدَّرَجَةِ وَالْقُوَّةِ سَوَاءٌ وَلِابْنِ الْعَمِّ الْآخَرِ الْمَذْكُورِ ابْنٌ صَغِيرٌ كُفْءٌ يُرِيدُ عَقْدَ نِكَاحِهِ عَلَى الْيَتِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مُتَبَرِّعًا لَهَا بِهِ مِنْ مَالِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالدُّرَرِ ثُمَّ إذَا اجْتَمَعَ فِي الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ وَلِيَّانِ فِي الدَّرَجَةِ عَلَى السَّوَاءِ فَزَوَّجَ أَحَدَهُمَا جَازَ أَجَازَ الْآخَرُ أَوْ فَسَخَ بِخِلَافِ الْجَارِيَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَزَوَّجَهَا أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْآخَرِ فَإِنْ زَوَّجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَلِيَّيْنِ رَجُلًا عَلَى حِدَةٍ فَالْأَوَّلُ يَجُوزُ وَالْآخَرُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ وَقَعَا مَعًا لَا يَجُوزُ كِلَاهُمَا وَلَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ وَلَا يُدْرَى السَّابِقُ مِنْ اللَّاحِقِ فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ جَازَ بِالتَّحَرِّي وَالتَّحَرِّي بِالْفُرُوجِ حَرَامٌ هَذَا إذَا كَانَا فِي الدَّرَجَةِ سَوَاءٌ وَأَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ مِنْ الْآخَرِ فَلَا وِلَايَةَ لِلْأَبْعَدِ مَعَ الْأَقْرَبِ إلَّا إذَا غَابَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً فَنِكَاحُ الْأَبْعَدِ يَجُوزُ إذَا وَقَعَ قَبْلَ عَقْدِ الْأَقْرَبِ كَذَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ بَحْرٌ. (سُئِلَ) فِي يَتِيمَةٍ قَاصِرَةٍ لَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ سِوَى ابْنِ عَمٍّ عَصَبَةٍ بَالِغٍ يُرِيدُ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ نَفْسِهِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَقَدَّمَ نَقْلُهَا قَرِيبًا عَنْ الدُّرَرِ. (سُئِلَ) فِي يَتِيمَةٍ لَيْسَ لَهَا مِنْ الْأَوْلِيَاءِ سِوَى أُمِّ أَبٍ وَأُمِّ أُمٍّ تُرِيدَانِ تَزْوِيجَهَا مِنْ رَجُلٍ كُفْءٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَهَلْ لَهُمَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي رِسَالَةِ الشَّيْخِ حَسَنٍ الشُّرُنْبُلَالِيِّ (أَقُولُ) وَاَلَّذِي حَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ فِي تِلْكَ الرِّسَالَةِ تَقْدِيمُ أُمِّ الْأَبِ عَلَى أُمِّ الْأُمِّ وَفِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ أَنَّ الْجَدَّةَ لِأَبٍ أَوْلَى مِنْ الْجَدَّةِ لِأُمٍّ قَوْلًا وَاحِدًا فَتَحْصُلُ بَعْدَ الْأُمِّ أُمُّ الْأَبِ ثُمَّ أُمُّ الْأُمِّ ثُمَّ الْجَدُّ الْفَاسِدُ اهـ. (سُئِلَ) فِي يَتِيمَةٍ لَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ سِوَى أُمٍّ فَزَوَّجَ الْيَتِيمَةَ وَكِيلٌ شَرْعِيٌّ عَنْ أُمِّهَا تَزْوِيجًا شَرْعِيًّا فَهَلْ صَحَّ الْعَقْدُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي يَتِيمَةٍ لَيْسَ لَهَا سِوَى أُمٍّ وَابْنٍ عَصَبَةٍ خَطَبَهَا زَيْدٌ الْكُفْءُ لَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَامْتَنَعَ الْعَصَبَةُ الْمَذْكُورُ مِنْ تَزْوِيجِهَا مِنْهُ بَعْدَمَا طَلَبَ مِنْهُ ذَلِكَ فَهَلْ لِلْأُمِّ تَزْوِيجُهَا لِلْكُفْءِ الْمَذْكُورِ؟ (الْجَوَابُ) : يَثْبُتُ لِلْأَبْعَدِ التَّزْوِيجُ بِعَضْلِ الْأَقْرَبِ وَعَضْلُهُ امْتِنَاعُهُ عَنْ التَّزْوِيجِ فَيَسُوغُ لِلْأُمِّ ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا عَضَلَ الْأَبُ عَنْ تَزْوِيجِ صَغِيرَتِهِ مِنْ كُفْءٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ هَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يُزَوِّجَهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذْ عَضَلَ الْأَبُ فَلِلْقَاضِي تَزْوِيجُهَا حَيْثُ لَا وَلِيَّ لَهَا غَيْرُهُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَ الْأَبَ بِتَزْوِيجِهَا فَإِنْ امْتَنَعَ نَابَ مَنَابَهُ فِيهِ وَلِلشَّيْخِ حَسَنٍ الشُّرُنْبُلَالِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رِسَالَةٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سَمَّاهَا كَشْفَ الْمُعْضَلِ فِيمَنْ عُضِلَ مُلَخَّصُهَا أَنَّهُ وَرَدَ سُؤَالٌ فِيمَا إذَا عَضَلَ أَبُو الصَّغِيرَةِ هَلْ يُزَوِّجُهَا جَدُّهَا أَوْ عَمُّهَا أَوْ الْقَاضِي وَلَوْ نَائِبًا فَأَجَبْت بِأَنَّ الْقَاضِيَ أَوْ نَائِبَهُ هُوَ الَّذِي يُزَوِّجُهَا دُونَ مَنْ سِوَاهُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَ الْأَبَ قَبْلَ تَزْوِيجِهِ بِفَيْئِهِ فَإِنْ فَعَلَ وَإِلَّا نَابَ مَنَابَهُ فِيهِ قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ عَنْ الْغَايَةِ عَنْ رَوْضَةِ النَّاطِفِيِّ إذَا كَانَ لِلصَّغِيرَةِ أَبٌ امْتَنَعَ مِنْ تَزْوِيجِهَا لَا تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَى الْجَدِّ. اهـ. وَنَقَلَهُ أَيْضًا ابْنُ الشِّحْنَةِ عَنْ أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَنْ الْمُنْتَقَى وَنَصُّهُ إذَا كَانَ لِلصَّغِيرَةِ أَبٌ امْتَنَعَ مِنْ تَزْوِيجِهَا لَا تُنْقَلُ الْوِلَايَةُ إلَى الْجَدِّ بَلْ يُزَوِّجُهَا الْقَاضِي. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْفَيْضِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَلِلْأَبْعَدِ التَّزْوِيجُ بِغَيْبَةِ الْأَقْرَبِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ اعْتِبَارًا بِعَضْلِهِ اهـ مَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَهُوَ يُفِيدُ الِاتِّفَاقُ عِنْدَنَا عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُ مَنْ عَضَلَهَا

وَلِيُّهَا الْأَقْرَبُ لِكَوْنِهِ مِنْ رَدِّ الْمُخْتَلَفِ لِلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بِالْأَصَالَةِ وَلَا تَكُونُ الْوِلَايَةُ لِغَيْرِ الْقَاضِي مِمَّنْ دُونَهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لِكَوْنِهِ فِي مَقَامِ الِاسْتِشْهَادِ بِهِ وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ الشَّلَبِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا عَضَلَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ فِي تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ هَلْ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَى الْوَلِيِّ الْأَبْعَدِ أَوْ الْقَاضِي؟ (الْجَوَابُ) : لَا تَنْتَقِلُ لِلْأَبْعَدِ بَلْ يُزَوِّجُهَا الْقَاضِي. اهـ. فَإِنْ قُلْت يُخَالِفُهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ الْأَقْرَبَ إذَا عَضَلَ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَى الْأَبْعَدِ قُلْت لَا مُخَالَفَةَ لِأَنَّ الْأَبْعَدَ فِي كَلَامِ الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ هُوَ الْقَاضِي لِأَنَّهُ آخِرُ الْأَوْلِيَاءِ فَأَفْعَلُ التَّفْضِيلُ عَلَى بَابِهِ وَلِذَا قَالَ فِي الْفَيْضِ بَعْدَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ لَوْ عَضَلَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ الصَّغِيرَ وَالصَّغِيرَةَ عَنْ تَزْوِيجِهِمَا يُزَوِّجُهُمَا الْقَاضِي لَكِنَّ تَزْوِيجَهُ هُنَا نِيَابَةٌ عَنْ الْعَاضِلِ بِإِذْنِ الشَّرْعِ لَا بِغَيْرِهِ لِأَنَّ الْعَاضِلَ ظَالِمٌ بِالْمَنْعِ وَلِلْقَاضِي كَفُّ يَدِ الظُّلْمَةِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْوَلِيَّ الْأَقْرَبَ إذَا عَضَلَ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَى الْأَبْعَدِ فَلِذَا قُلْنَا أَنَّهُ ثَابِتٌ بِإِذْنِ الشَّرْعِ اهـ كَلَامُ الْفَيْضِ فَهُوَ نَصٌّ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَبْعَدِ فِي كَلَامِ الْخُلَاصَةِ الْقَاضِي لِإِتْيَانِهِ بِهِ فِي مَقَامِ الِاسْتِشْهَادِ عَلَى إثْبَاتِ الْوِلَايَةِ لِلْقَاضِي فَإِنْ قُلْت قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَبِهِ أَيْ بِمَا فِي الْخُلَاصَةِ انْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ السُّرُوجِيُّ مِنْ أَنَّهَا تَثْبُتُ لِلْقَاضِي قُلْت لَوْ نَظَرَ صَاحِبُ الْبَحْرِ إلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ لَمَا وَسِعَهُ أَنْ يَقُولَ هَذَا بَلْ صَارَ كَالْمُتَنَاقِضِ لِأَنَّهُ قَالَ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ بِنَحْوِ سَطْرٍ قَالُوا وَإِذَا خَطَبَهَا كُفْءٌ وَعَضَلَهَا الْوَلِيُّ تَثْبُتُ لِلْقَاضِي نِيَابَةً عَنْ الْعَاضِلِ فَلَهُ التَّزْوِيجُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَنْشُورِهِ اهـ. فَهَذَا رُجُوعٌ إلَى مَا لَا مُخَالِفَ لَهُ عَلَى التَّحْقِيقِ عِنْدَنَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. اهـ. مَا فِي الرِّسَالَةِ مُخْتَصَرًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ كَلِمَةَ قَالُوا إنَّمَا يُؤْتَى بِهَا لِلتَّبَرِّي فَكَأَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ وَأَيَّدَ مَا قَدَّمَهُ فَهُوَ غَيْرُ مُتَنَاقِضٍ وَحُمِلَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ عَلَى الْوَلِيِّ الْأَبْعَدِ وَهُوَ الْقَاضِي غَيْرُ ظَاهِرٍ. (أَقُولُ) هُوَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ظَاهِرٍ لَكِنَّهُ مُتَعَيَّنٌ لِدَفْعِ التَّنَاقُضِ بَيْنَ عِبَارَاتِهِمْ قَالَ الشَّاعِرُ إذَا لَمْ تَكُنْ إلَّا الْأَسِنَّةُ مَرْكَبًا ... فَمَا حِيلَةُ الْمُضْطَرِّ إلَّا رُكُوبُهَا عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ هُوَ الْأَبْعَدُ حَقِيقَةً كَمَا مَرَّ نَعَمْ غَالِبُ عِبَارَاتِهِمْ إطْلَاقُ الْأَبْعَدِ عَلَى غَيْرِ الْقَاضِي. (وَأَقُولُ) أَيْضًا يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْخُلَاصَةِ عَلَى هَذَا حَيْثُ لَا قَاضِيَ هُنَاكَ تَأَمَّلْ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الْأَوْلَى عِنْدَ عَضْلِ الْأَبِ أَنْ يُزَوِّجَهَا الْجَدُّ مَثَلًا بِأَمْرِ الْقَاضِي لِيَكُونَ مُوَافِقًا لِظَاهِرِ مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا وَاعْلَمْ أَنَّ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ مَا دَامَ لِلصَّغِيرِ قَرِيبٌ فَالْقَاضِي لَيْسَ بِوَلِيٍّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ مَا دَامَ عَصَبَةً. اهـ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ إنَّمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي تَعْدَادِ الْأَوْلِيَاءِ لَا فِي مَسْأَلَةِ الْعَضْلِ فَفِي نَقْلِ الْمِنَحِ عِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ تَسَامُحٌ هَذَا وَنَقَلَ ابْنُ وَهْبَانَ عَنْ الْمُجَرَّدِ أَنَّ تَزْوِيجَ الْقَاضِي الصَّغِيرَةَ عِنْدَ الْعَضْلِ يَنْفِي ثُبُوتَ الْخِيَارِ لَهَا وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ وَالْأَوَّلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَزْوِيجَهُ عِنْدَ الْعَضْلِ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ وَالثَّانِي عَلَى أَنَّهُ بِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ أَقُولُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ الْبَحْرِ مِنْ قَوْلِهِ فَلَهُ التَّزْوِيجُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَنْشُورِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ وَإِلَّا فَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْقَاضِي فِي التَّزْوِيجِ مَا لَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَيْهِ فِي مَنْشُورِهِ. (سُئِلَ) فِي الصَّغِيرِ إذَا زَوَّجَ نَفْسَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ فَمَا الْحُكْمُ فِيهِ؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الصَّغِيرَ وَالصَّغِيرَةَ إذَا زَوَّجَا أَنْفُسَهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ تَوَقَّفَ ذَلِكَ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ فَإِنْ أَجَازَ جَازَ وَلَهُمَا الْخِيَارُ إذَا بَلَغَا إذَا كَانَ الْمُجِيرُ غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ.

باب الكفء

[بَاب الْكُفْء] (بَابُ الْكُفْءِ) (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ عَرَبِيَّةٍ أَبُوهَا وَأَجْدَادُهَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالصَّلَاحِ وَلِزَوْجِهَا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا مُعْتَقٌ يُرِيدُ التَّزَوُّجَ بِهَا بِلَا رِضَا أَبِيهَا وَهُوَ غَيْرُ كُفْءٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَيْفَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : الْمُعْتَقُ لَا يَكُونُ كُفْئًا لِلْحُرَّةِ الْأَصْلِيَّةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ فَإِذَا نَكَحَتْهُ بِلَا رِضَا وَلِيِّهَا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بِطَلَبِ الْوَلِيِّ كَمَا فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فَتَبْقَى أَحْكَامُ النِّكَاحِ مِنْ الرِّدَّةِ وَالطَّلَاقِ لَكِنَّ الْمَرْوِيَّ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بُطْلَانُ النِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ الْكُفْءِ وَبِهِ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ فَلَيْسَ كُلُّ وَلِيٍّ يُحْسِنُ الْمُرَافَعَةَ إلَى الْقَاضِي وَلَا كُلُّ قَاضٍ يَعْدِلُ وَالْأَحْوَطُ سَدُّ بَابِ التَّزَوُّجِ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْحَسَنِ فِي زَمَانِنَا قَالَ فِي الْبَحْرِ الْمُفْتَيْ بِهِ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ عَدَمِ انْعِقَادِهِ أَصْلًا إذَا كَانَ لَهَا وَلِيٌّ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ قَبْلُ فَلَا يُفِيدُ الرِّضَا بَعْدَهُ وَأَمَّا تَمْكِينُهَا مِنْ الْوَطْءِ فَعَلَى الْمُفْتَيْ بِهِ هُوَ حَرَامٌ كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوَطْءُ لِعَدَمِ انْعِقَادِهِ وَأَمَّا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ أَنَّ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا وَلَا تُمْكِنُهُ مِنْ الْوَطْءِ حَتَّى يَرْضَى الْوَلِيُّ. اهـ. وَفِي الْبَحْرِ أَيْضًا قَالَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ لَوْ زَوَّجَتْ الْمُطَلَّقَةُ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ ثُمَّ طَلَّقَهَا لَا تَحِلُّ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَفِي الْحَقَائِقِ هَذَا مِمَّا يَجِبُ حِفْظُهُ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْمُحَلِّلِ كَوْنُهُ غَيْرَ كُفْءٍ وَأَمَّا لَوْ بَاشَرَ الْوَلِيُّ عَقْدَ الْمُحَلِّلِ فَإِنَّهَا تَحِلُّ اهـ وَكَذَا لَوْ لَمْ يُبَاشِرْهُ لَكِنَّهُ رَضِيَ بِهِ نَهْرٌ أَقُولُ أَيْ رَضِيَ بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ إذْ لَا يُفِيدُ الرِّضَا بَعْدَهُ كَمَا مَرَّ. (سُئِلَ) فِي هَاشِمِيٍّ زَوَّجَ صَغِيرَتَهُ لِغَيْرِ هَاشِمِيٍّ عَالِمًا بِذَلِكَ رَاضِيًا بِهِ فَهَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. (سُئِلَ) فِي صَغِيرَةٍ لَهَا أَبٌ مِنْ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالصَّلَاحِ وَكَّلَ رَجُلًا فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ كُفْءٍ فَزَوَّجَهَا مِنْ جَاهِلٍ فَاسِقٍ فَهَلْ يَكُونُ النِّكَاحُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. [بَاب الْمَهْر] (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِمَهْرٍ عَلَى أَنَّ مِنْهُ كَذَا سُمْعَةً بَعْدَمَا اتَّفَقَا عَلَى مَهْرٍ فِي السِّرِّ وَمَا عَدَاهُ سُمْعَةٌ فَهَلْ يَجِبُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْمَهْرُ وَلَا يَجِبُ مَا جُعِلَ لِلسُّمْعَةِ؟ (الْجَوَابُ) : إنْ أَشْهَدَ عَلَى السُّمْعَةِ لَمْ تَجِبْ الزِّيَادَةُ بِالْإِجْمَاعِ وَيَجِبُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي السِّرِّ وَلَا يَجِبُ مَا جُعِلَ لِلسُّمْعَةِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَشَرْحِ الْمُلْتَقَى وَالْخَيْرِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ تُرِيدُ الدَّعْوَى عَلَى زَوْجِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا وَتَسْلِيمِهَا نَفْسَهَا بِأَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْ مِنْهُ مَهْرَهَا الْمَشْرُوطَ تَعْجِيلُهُ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا بِذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ سَلَّمْت نَفْسَهَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا فِيمَا شُرِطَ تَعْجِيلُهُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ لِأَنَّهَا لَا تُسَلِّمُ نَفْسَهَا عَادَةً إلَّا بَعْدَ دَفْعِ الْمُعَجِّلِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَائِنَا الْأَعْلَامِ ادَّعَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ بِجَمِيعِ مَهْرِهَا الْمُقَدَّمِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا بِخِلَافِ الدَّعْوَى بِبَعْضِهِ فُصُولَيْنِ كَذَا وُجِدَ بِخَطِّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ أَقُولُ فَالْمُرَادُ هُنَا الدَّعْوَى بِكُلِّهِ وَسَيَأْتِي سُؤَالٌ فِي دَعْوَى بَعْضِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا ثَلَاثًا وَلَهَا عَلَيْهِ كِسْوَةٌ مَفْرُوضَةٌ غَيْرُ مُسْتَدَانَةٍ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَهَلْ تَسْقُطُ بِالطَّلَاقِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ مِنْ النَّفَقَةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنْ يُعَلِّمَهَا الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ فَهَلْ يَصِحُّ النِّكَاحُ وَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَذَلِكَ وَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ لِأَنَّهُ خِدْمَةٌ لَهَا وَقَدْ صَرَّحُوا بِوُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي خِدْمَةِ زَوْجٍ حُرٍّ سَنَةً لِلْإِمْهَارِ فَلَا يَصِحُّ تَسْمِيَةُ التَّعْلِيمِ أَقُولُ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ

يَنْبَغِي عَلَى الْمُفْتَى بِهِ أَنْ يَصِحَّ لِأَنَّ مَا جَازَ أَخْذَ الْأَجْرِ بِمُقَابَلَتِهِ مِنْ الْمَنَافِعِ جَازَ تَسْمِيَتُهُ صَدَاقًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَدَائِعِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ. اهـ. وَاعْتَرَضَهُ فِي الشرنبلالية بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ خِدْمَةٌ لَهَا وَأَجَبْت عَنْهُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الْبَحْرِ بِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ اسْتِئْجَارٍ اسْتِخْدَامًا بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ جَوَّزُوا اسْتِئْجَارَ الِابْنِ أَبَاهُ لِرَعْيِ الْغَنَمِ وَالزِّرَاعَةِ وَلَمْ يَجْعَلُوهُ خِدْمَةً فَتَعْلِيمُ الْقُرْآنِ بِالْأَوْلَى تَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي ذِمِّيٍّ أَسْلَمَ فِي بَلْدَةِ حِمْصَ وَلَهُ أَوْلَادٌ صِغَارٌ مِنْ زَوْجَتِهِ الذِّمِّيَّةِ وَيُرِيدُ نَقْلَهَا مَعَ الْأَوْلَادِ لِدِمَشْقَ الشَّامِ بَعْدَ إيفَاءِ مُعَجَّلِهَا وَمُؤَجَّلِهَا وَهُوَ مَأْمُونٌ عَلَيْهَا وَالطَّرِيقُ آمِنٌ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيَتْبَعُهُ أَوْلَادُهُ فِي الْإِسْلَامِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّ لَهُ السَّفَرَ إذَا أَوْفَاهَا الْمُعَجَّلَ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ أَفْتَى الْفَقِيهُ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ وَالْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ بِأَنَّهُ لَا يُسَافِرُ بِهَا مُطْلَقًا بِلَا رِضَاهَا لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَفِي الْمُخْتَارِ أَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَفِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ أَنَّ قَوْلَ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَانَ فِي زَمَانِهِمْ أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا قَالَ صَاحِبُ الْمَجْمَعِ فِي شَرْحِهِ وَبِهِ يُفْتَى ثُمَّ قَالَ فِي الْبَحْرِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ الْإِفْتَاءُ وَالْأَحْسَنُ الْإِفْتَاءُ بِقَوْلِ الْفَقِيهَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَاخْتَارَهُ كَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ فِي زَمَانِنَا كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ قَبْلَ وَطْئِهَا وَالْخَلْوَةِ بِهَا وَقَدْ دَفَعَ لَهَا الْمَهْرَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ نِصْفُهُ وَيَعُودُ النِّصْفُ لِمِلْكِهِ بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ. (سُئِلَ) فِي قَرَوِيٍّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِدِمَشْقَ وَأَوْفَاهَا الْمُعَجَّلَ وَيُرِيدُ نَقْلَهَا إلَى قَرْيَتِهِ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ دِمَشْقَ دُونَ رُبْعِ يَوْمٍ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرَرِ وَيَنْقُلُهَا دُونَ مُدَّتِهِ اتِّفَاقًا إذْ فِي قُرَى الْمِصْرِ الْقَرِيبَةِ لَا تَتَحَقَّقُ الْغُرْبَةُ. اهـ. وَفِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ وَيَنْقُلُهَا فِيمَا دُونَ مُدَّتِهِ أَيْ السَّفَرِ مِنْ الْمِصْرِ إلَى الْقَرْيَةِ وَبِالْعَكْسِ وَمِنْ قَرْيَةٍ لِقَرْيَةٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغُرْبَةٍ وَقَيَّدَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ بِقَرْيَةٍ يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ اللَّيْلِ إلَى وَطَنِهِ وَأَطْلَقَهُ فِي الْكَافِي قَائِلًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي دَارِ أَبِيهَا وَأَوْفَاهَا الْمُعَجَّلَ وَالْآنَ يُرِيدُ نَقَلَهَا إلَى مَسْكَنٍ شَرْعِيٍّ خَالٍ عَنْ أَهْلِيهِمَا بَيْنَ جِيرَانٍ صَالِحِينَ تَأْمَنُ فِيهَا عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ مُؤْنِسَةٌ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ هَيَّأَ لَهَا مَسْكَنًا شَرْعِيًّا خَالِيًا عَنْ أَهْلِيهِمَا بَيْنَ جِيرَانٍ صَالِحِينَ لَا تَسْتَوْحِشُ لَا يَلْزَمُهُ إتْيَانُهَا بِمُؤْنِسَةٍ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ أَقُولُ قَالَ فِي النَّهْرِ وَلَمْ نَجِدْ فِي كَلَامِهِمْ ذِكْرَ الْمُؤْنِسَةِ إلَّا أَنَّهُ فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ قَالَ إنَّهَا لَا تَجِبُ وَيُسْكِنُهَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ بِحَيْثُ لَا تَسْتَوْحِشُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي وُجُوبِهَا فِيمَا إذَا كَانَ الْبَيْتُ خَالِيًا عَنْ الْجِيرَانِ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ تَخْشَى عَلَى عَقْلِهَا مِنْ سَعَتِهِ. اهـ. وَنَظَرَ فِيهِ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة بِأَنَّ الْبَيْتَ الَّذِي لَا جِيرَانَ لَهُ غَيْرُ مَسْكَنٍ شَرْعِيٍّ وَقَالَ السَّيِّدُ مُحَمَّدُ أَبُو السُّعُودِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى شَرْحِ مِسْكِينٍ أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ قَارِئُ الْهِدَايَةِ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَسْكَنُ صَغِيرًا كَالْمَسَاكِنِ الَّتِي فِي الرُّبُوعِ يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا تَسْتَوْحِشُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْمَسْكَنِ بَيْنَ جِيرَانٍ عَدَمُ لُزُومِ الْمُؤْنِسَةِ إذَا اسْتَوْحَشَتْ بِأَنْ كَانَ الْمَسْكَنُ مُتَّسَعًا كَالدَّارِ وَإِنْ كَانَ لَهَا جِيرَانٌ فَعَدَمُ الْإِتْيَانِ بِالْمُؤْنِسَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ الْمُضَارَّةِ لَا سِيَّمَا إذَا خَشِيَتْ عَلَى عَقْلِهَا فَتَحْصُلُ أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ بِاخْتِلَافِ الْمَسَاكِنِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْجِيرَانِ فَإِنْ كَانَ الْمَسْكَنُ بِحَالٍ لَوْ اسْتَغَاثَتْ بِجِيرَانِهَا أَغَاثُوهَا سَرِيعًا لِمَا بَيْنَهُمْ مِنْ الْقُرْبِ لَا تَلْزَمُهُ الْمُؤْنِسَةُ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ اهـ. وَأَقُولُ وَهُوَ كَلَامُ حَسَنٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُخْتَلِفًا أَيْضًا بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ حَتَّى مِنْ الرِّجَالِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيتَ وَحْدَهُ فِي بَيْتٍ خَالٍ وَلَوْ صَغِيرًا بَيْنَ جِيرَانٍ فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا يَبِيتُ فِي بَيْتِ ضَرَّتِهَا مَثَلًا وَكَانَتْ تَخْشَى عَلَى عَقْلِهَا مِنْ الْبَيْتُوتَةِ وَحْدَهَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْمَرَ بِالْمُؤْنِسَةِ فِي لَيْلَةِ ضَرَّتِهَا وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ

صَغِيرَةً نَفْيًا لِلْمُضَارَّةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا بِنَصِّ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْمُلَخَّصَ مِمَّا عَلَّقْته عَلَى الْبَحْرِ فِي بَابِ النَّفَقَاتِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ أَمْتِعَةً غَيْرَ مَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ جِهَةً عِنْدَ الدَّفْعِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَتْ هُوَ هَدِيَّةٌ وَقَالَ هُوَ مِنْ الْمَهْرِ فَهَلْ الْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ زَوْجَتِهِ وَوَرَثَةٍ غَيْرِهَا اخْتَلَفُوا مَعَهَا فِي قَدْرِ مُؤَخَّرِ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَلَا بَيِّنَةَ لَهَا فَهَلْ الْقَوْلُ لَهَا فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالْفُصُولَيْنِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ الزَّوْجُ وَفِي ذِمَّتِهِ مُؤَخَّرُ صَدَاقِ الزَّوْجَةِ ثُمَّ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ وَيُرِيدُ وَرَثَتُهَا أَنْ يَأْخُذُوا مُؤَخَّرَ صَدَاقِهَا مِنْ تَرِكَةِ الزَّوْجِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ فِي قَدْرِ مَهْرِ مِثْلِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ خَطَبَ بِكْرًا بَالِغَةً ثُمَّ بَعَثَ إلَيْهَا أَشْيَاءَ هَدِيَّةً وَاسْتُهْلِكَتْ وَلَمْ يُزَوِّجْهَا أَبُوهَا وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ بِمَا بَعَثَهُ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : مَا بُعِثَ لِلْمَهْرِ يُسْتَرَدُّ عَيْنُهُ قَائِمًا أَوْ قِيمَتُهُ هَالِكًا وَكَذَا مَا بُعِثَ هَدِيَّةً وَهُوَ قَائِمٌ دُونَ الْهَالِكِ وَالْمُسْتَهْلَكِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْمَهْرِ وَالْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ. أَقُولُ وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ سُئِلَ فِي رَجُلٍ خَطَبَ مِنْ آخَرَ أُخْتَهُ وَدَفَعَ لَهَا شَيْئًا يُسَمَّى مُلَّاكًا وَدَرَاهِمَ أَيْضًا مِنْ عَادَةِ أَهْلِ الزَّوْجَةِ اتِّخَاذُ طَعَامٍ بِهَا وَلَمْ يَتِمَّ أَمْرُ النِّكَاحِ هَلْ لِلْخَاطِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ أَمْ لَا؟ (أَجَابَ) : نَعَمْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ بِشَرْطِ عَدَمِ الْإِذْنِ مِنْهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُمْ بِاِتِّخَاذِهِ وَإِطْعَامِهِ لِلنَّاسِ صَارَ كَأَنَّهُ أَطْعَمَ النَّاسَ بِنَفْسِهِ طَعَامًا لَهُ وَفِيهِ لَا يَرْجِعُ. اهـ. وَفِيهَا أَيْضًا مِنْ كِتَابِ النَّفَقَةِ: (سُئِلَ) : فِي رَجُلٍ خَطَبَ امْرَأَةً وَصَارَ يُنْفِقُ عَلَيْهَا لِتَتَزَوَّجَ بِهِ وَتَحَقَّقَتْ أَنَّهُ إنَّمَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا لِيَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ امْتَنَعَتْ عَنْ التَّزَوُّجِ بِهِ وَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ هَلْ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ أَمْ لَا؟ (أَجَابَ) : نَعَمْ يَرْجِعُ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا لَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا لَفْظًا قَالَ فِي التَّتِمَّةِ. (سُئِلَ) وَالِدِي عَمَّنْ بَعَثَ إلَى أَبِي الْخَطِيبَةِ سُكَّرًا وَلَوْزًا وَجَوْزًا وَتَمْرًا ثُمَّ تَرَكَ الْأَبُ الْمُعَاقَدَةَ هَلْ لِهَذَا الْخَاطِبِ أَنْ يَرْجِعَ بِاسْتِرْدَادِ مَا دَفَعَ؟ فَقَالَ إنْ فَرَّقَ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ بِإِذْنِ الدَّافِعِ فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ. اهـ. وَهُوَ مُرَجَّحٌ لِمَا عَلَّلَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْوَجْهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْدِلَ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ. مَا فِي الْخَيْرِيَّةُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي الْأَبِ إذَا زَوَّجَ ابْنَهُ امْرَأَةً بِالْوِلَايَةِ لَوْ صَغِيرًا أَوْ الْوَكَالَةِ لَوْ كَبِيرًا وَلَمْ يَضْمَنْ الْمَهْرَ فَهَلْ لَا يُطَالَبُ الْأَبُ بِهِ مِنْ مَالِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْكَنْزِ وَصَحَّ ضَمَانُ الْوَلِيِّ الْمَهْرَ قَالَ فِي الْبَحْرِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ وَلِيَّ الْمَرْأَةِ وَوَلِيَّ الزَّوْجِ وَالصَّغِيرَيْنِ وَالْكَبِيرَيْنِ. اهـ. وَفِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ يَحْيَى أَفَنْدِي جَمَعَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَطَاءُ اللَّهِ أَفَنْدِي تَحْتَ سُؤَالِ وَلَوْ زَوَّجَ الْأَبُ طِفْلَهُ الصَّغِيرَ امْرَأَةً بِمَهْرٍ مَعْلُومٍ لَا يَلْزَمُ الْمَهْرُ أَبَاهُ إلَّا إذَا ضَمِنَهُ. وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ الْمَهْرُ عَلَى الْأَبِ لِأَنَّهُ ضَمِنَ دَلَالَةً بِإِقْدَامِهِ عَلَى النِّكَاحِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَلَا نِكَاحَ بِدُونِ الْمَهْرِ وَقُلْنَا الصَّدَاقُ عَلَى مَنْ أَخَذَ السَّاقَ بِالْأَثَرِ قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالنِّكَاحُ لَمْ يَدُلَّ عَلَى إيفَاءِ الْمَهْرِ فِي الْحَالِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ ضَرُورَتِهِ ضَمَانُ الْمَهْرِ وَلِأَنَّ تَسْلِيمَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إلَى الزَّوْجِ يُوجِبُ تَسْلِيمَ الْبَدَلِ عَلَيْهِ أَيْضًا وَالْعَاقِدُ سَفِيرٌ كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَلَا يَخْدِشُ بَالَك مَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ مِنْ أَنَّ الْأَبَ إذَا زَوَّجَ الصَّغِيرَ امْرَأَةً فَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَطْلُبَ الْمَهْرَ مِنْ أَبِي الزَّوْجِ فَيُؤَدِّي الْأَبُ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ الْأَبُ صَرِيحًا. اهـ. لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّلَبِ بِالْأَدَاءِ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ لِكَوْنِهِ فِي يَدِهِ كَمَا يُنْبِئُ عَنْهُ كَلَامُهُ لَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى النِّكَاحِ ضَمَانُ دَلَالَةٍ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ. اهـ. أَقُولُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ الْمَهْرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَرَادَ زَيْدٌ أَنْ يُعَاشِرَ زَوْجَتَهُ مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ وَهِيَ تَمْنَعُهُ حَتَّى يَدْفَعَ إلَيْهَا مُعَجَّلَ مَهْرِهَا فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهَا مَنْعُهُ مِنْ الْوَطْءِ وَدَوَاعِيهِ لِأَخْذِ الْمُعَجَّلِ إنْ لَمْ يُؤَجِّلْ كُلَّ الْمَهْرِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ زُوِّجَتْ بِلَا مَهْرٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْوَطْءِ وَالْخَلْوَةِ طَلْقَةً وَاحِدَةً فَهَلْ تَجِبُ لَهَا مُتْعَةٌ وَمَا هِيَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْ مَهْرًا وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْخَلْوَةِ تَجِبُ مُتْعَةٌ وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ بِحَالِهِمَا كَالنَّفَقَةِ بِهِ يُفْتَى لَا تَنْقُصُ عَنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ لَوْ فَقِيرًا وَلَا تُزَادُ عَلَى نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ لَوْ غَنِيًّا وَهِيَ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَمِلْحَفَةٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اجْتَمَعَ الزَّوْجَانِ فِي بَيْتٍ بَابُهُ مَفْتُوحٌ وَالْحَالُ أَنَّهُ يُدْخَلُ عَلَيْهِمَا بِلَا إذْنٍ فَهَلْ تَكُونُ الْخَلْوَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فَإِذَا طَلَّقَهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ يَلْزَمُهُ نِصْفُ مَهْرِهَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ إذَا اجْتَمَعَا فِي بَيْتٍ بَابُهُ مَفْتُوحٌ وَالْبَيْتُ فِي دَارٍ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِمَا أَحَدٌ إلَّا بِإِذْنٍ فَالْخَلْوَةُ صَحِيحَةٌ وَإِلَّا فَلَا (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْحَامِلَ طَلْقَةً وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً وَلَهَا بِذِمَّتِهِ مُؤَخَّرُ صَدَاقِهَا تُرِيدُ أَخْذُهُ مِنْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَيَتَعَجَّلُ الْمُؤَجَّلُ بِالرَّجْعِيِّ وَلَا يَتَأَجَّلُ بِرَجْعَتِهَا خُلَاصَةٌ وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ لَا يَكُونُ حَالًّا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ شَرْحُ التَّنْوِيرِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَقَالَ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَلَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا لَا يَصِيرُ الْمَهْرُ حَالًّا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ زَيْدٌ عَمْرًا فِي أَنْ يُزَوِّجَهُ فُلَانَةَ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَزَوَّجَهَا الْوَكِيلُ إيَّاهُ بِسِتَّةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَهَلْ يَكُونُ لِلزَّوْجِ الْخِيَارُ إنْ أَجَازَ جَازَ وَإِنْ رَدَّ بَطَلَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ الْوَكِيلَ صَارَ فُضُولِيًّا فِي عَقْدِهِ ذَلِكَ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ وَأَفْتَى بِهَا الْمَرْحُومُ عَلِيٌّ أَفَنْدِي مُفْتِي الْمَمَالِكِ الْعُثْمَانِيَّةِ إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يُزَوِّجَهُ فُلَانَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَزَوَّجَهَا إيَّاهُ بِأَلْفَيْنِ إنْ أَجَازَ النِّكَاحَ جَازَ وَإِنْ رُدَّ بَطَلَ النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الزَّوْجُ بِذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ بِهَا فَالْخِيَارُ بَاقٍ إنْ أَجَازَ كَانَ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى لَا غَيْرُ وَإِنْ رُدَّ بَطَلَ النِّكَاحُ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى وَإِلَّا يَجِبُ الْمُسَمَّى خَانِيَّةٌ وَبَحْرٌ مِنْ مَسَائِلِ الْوَكِيلِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ (أَقُولُ) وَالْمُرَادُ بِالْمُسَمَّى الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ تُرِيدُ الدَّعْوَى عَلَى وَرَثَةِ زَوْجِهَا بِبَعْضِ الْمَهْرِ الْمَشْرُوطِ تَعْجِيلُهُ لَهَا بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا وَتَسْلِيمَهَا نَفْسَهَا فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهَا بِذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا ادَّعَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ بِجَمِيعِ مَهْرِهَا الْمُقَدَّمِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا بِخِلَافِ الدَّعْوَى بِبَعْضِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ وَلَمْ يُخَلِّفْ تَرِكَةً وَتُرِيدُ زَوْجَتُهُ أَنْ تَأْخُذَ مُؤَخَّرَهَا مِنْ مَالِ أَبَوَيْهِ بِلَا كَفَالَةٍ مِنْهُمَا لِذَلِكَ فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ دَفَعَ لِزَوْجَتِهِ الْمَرِيضَةِ مُؤَخَّرَ صَدَاقِهَا لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ مَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَيُرِيدُ أَبُوهَا مُطَالَبَةَ الزَّوْجِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا ثَبَتَ مَا ذُكِرَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ لَيْسَ لِلْأَبِ مُطَالَبَتُهُ (سُئِلَ) فِي ذِمِّيٍّ خَطَبَ ذِمِّيَّةً وَبَعَثَ إلَيْهَا دَرَاهِمَ وَأَمْتِعَةً لِأَجْلِ الْمَهْرِ وَلَمْ يَتَزَوَّجْهَا فَهَلْ مَا بُعِثَ لِلْمَهْرِ تُسْتَرَدُّ عَيْنُهُ قَائِمًا أَوْ قِيمَتُهُ هَالِكًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ خَطَبَ بِنْتَ رَجُلٍ وَبَعَثَ إلَيْهَا أَشْيَاءَ وَلَمْ يُزَوِّجْهَا أَبُوهَا فَمَا بُعِثَ لِلْمَهْرِ يُسْتَرَدُّ عَيْنُهُ قَائِمًا وَإِنْ تَغَيَّرَ بِالِاسْتِعْمَالِ لِأَنَّهُ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ الْمَالِكِ فَلَا يَلْزَمُهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا نَقَصَ بِاسْتِعْمَالِهِ شَيْءٌ أَوْ قِيمَتُهُ هَالِكًا لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ وَلَمْ تَتِمَّ فَجَازَ الِاسْتِرْدَادُ وَكَذَا يُسْتَرَدُّ مَا بَعَثَهُ هَدِيَّةً وَهُوَ قَائِمٌ دُونَ الْهَالِكِ وَالْمُسْتَهْلَكِ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْهِبَةِ صَرَّحَ بِهِ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ مِنَحٌ مِنْ الْمَهْرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ عَقَدَ نِكَاحَهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ عَلَى بِكْرٍ بَالِغَةٍ بِمَهْرٍ مَعْلُومٍ دَفَعَهُ لَهَا وَدَخَلَ بِهَا وَحَبِلَتْ مِنْهُ ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ وَجَدَ بِهَا قَرَنًا وَأَنَّ لَهُ اسْتِرْدَادَ الْمَهْرِ مِنْهَا وَفَسْخَ النِّكَاحِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ خَطَبَ امْرَأَةً بَالِغَةً وَدَفَعَ لَهَا مَعَ وَكِيلِهِ مَبْلَغًا مَعْلُومًا لِيُحَاسِبَهَا بِهِ مِنْ الْمَهْرِ فَأَخَذَهُ أَبُوهَا لِنَفْسِهِ وَعَقَدَتْ نِكَاحَهَا عَلَى الرَّجُلِ بِنَفْسِهَا وَدَخَلَ بِهَا وَطَالَبَتْهُ بِنَظِيرِ مَا أَخَذَهُ أَبُوهَا وَيُرِيدُ الرُّجُوعُ عَلَى أَبِيهَا بِذَلِكَ

فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (سُئِلَ) فِي بِكْرٍ بَالِغَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَالْخَلْوَةِ وَلَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مُسَلَّمًا فَهَلْ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَيَتَنَصَّفُ الْمُسَمَّى وَعَادَ نِصْفُ الْمَهْرِ إلَى مِلْكِ الزَّوْجِ بِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ زَوْجَتِهِ الْغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَعَنْ أَبٍ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لِجَمَاعَةٍ اسْتَدَانَهَا فِي صِحَّتِهِ فَهَلْ تَأَكَّدَ جَمِيعُ الْمَهْرِ بِالْمَوْتِ فِي تَرِكَتِهِ وَتَكُونُ هِيَ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَطِئَ صَغِيرَةً وَأَزَالَ بَكَارَتَهَا كَرْهًا بِلَا عَقْدٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا كَانَتْ الصَّغِيرَةُ غَيْرَ مُشْتَهَاةٍ أَوْ لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا لِأَنَّهُ إذَا سَقَطَ الْحَدُّ تَعَيَّنَ الْمَهْرُ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَخْلُو عَنْ الْحَدِّ أَوْ الْمَهْرِ قَالَ فِي الْمُلْتَقَى وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ بَابِ الْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ وَمَا لَا يُوجِبُهُ وَإِنْ زَنَى مُكَلَّفٌ بِمَجْنُونَةٍ أَوْ صَغِيرَةٍ يُجَامَعُ مِثْلُهَا حُدَّ هُوَ لَا هِيَ وَفِي عَكْسِهِ لَا حَدَّ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ لَمْ يَحُدَّ فَكَذَا التَّبَعُ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَبِهِ قَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ. اهـ. فَانْظُرْ إلَى قَوْلِهِ صَغِيرَةً يُجَامَعُ مِثْلُهَا بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِمْ فِي تَعْرِيفِ الزِّنَا أَنَّهُ الْوَطْءُ فِي قُبُلِ مُشْتَهَاةٍ حَالًا أَوْ مَاضِيًا وَفِي الْمِنَحِ وَلَا حَدَّ بِوَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ زُفَّتْ إلَيْهِ وَقِيلَ هِيَ عُرْسُك وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا قَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَبِالْعِدَّةِ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَخْلُو عَنْ الْحَدِّ أَوْ الْمَهْرِ وَقَدْ سَقَطَ الْحَدُّ فَتَعَيَّنَ الْمَهْرُ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلِهَذَا قُلْنَا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ سَقَطَ فِيهِ الْحَدُّ مِمَّا ذُكِرَ يَجِبُ فِيهِ الْمَهْرُ لِمَا ذَكَرْنَا إلَّا فِي وَطْءِ جَارِيَةِ الِابْنِ وَقَدْ عَلِقَتْ مِنْهُ. اهـ. فَفِي مَسْأَلَتِنَا سَقَطَ الْحَدُّ عَنْ الْوَاطِئِ بِوَطْءِ الصَّغِيرَةِ الْمَزْبُورَةِ فَتَعَيَّنَ الْمَهْرُ. (أَقُولُ) وَلِلَّهِ دَرُّ الْمُؤَلِّفِ عَلَى هَذَا الِاسْتِنْبَاطِ الْحَسَنِ وَقَدْ سَبَقَهُ إلَى نَظِيرِهِ الْإِمَامُ الْأُسْرُوشَنِيُّ فِي كِتَابِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ حَيْثُ قَالَ فِي مَسَائِلِ الْحُدُودِ وَلَوْ زَنَى بِصَبِيَّةٍ يُجَامَعُ مِثْلُهَا وَلَمْ يَفُضَّهَا يَجِبُ الْحَدُّ، وَهَلْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ لِأَنَّ الْحَدَّ قَدْ وَجَبَ وَأَنَّهُ يُنَافِي وُجُوبَ الضَّمَانِ وَكَانَتْ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى. اهـ. ثُمَّ قَالَ وَلَوْ وَطِئَ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى لَا يَكُونُ هَذَا الْوَطْءُ زِنًا وَلِهَذَا لَمْ يُوجِبْ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ بِهِ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ وَلَكِنْ أَوْجَبَا عُقْرًا لِأَنَّ أَرْشَ تِلْكَ الْجِنَايَةِ إذَا لَمْ يَفُضَّهَا ثُمَّ قَالَ وَفِي نِكَاحِ فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ الْحَدُّ وَالضَّمَانُ لَا يَجْتَمِعَانِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ إذَا زَنَى بِجَارِيَةٍ بِكْرٍ لِإِنْسَانٍ يَجِبُ الْحَدُّ وَنُقْصَانُ الْبَكَارَةِ وَالثَّانِيَةُ إذَا شَرِبَ خَمْرَ الذِّمِّيِّ يَجِبُ الْحَدُّ وَقِيمَةُ الْخَمْرِ. اهـ. وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ إذَا لَمْ يَفُضَّهَا لِمَا ذَكَرَهُ قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ وَإِذَا زَنَى بِصَغِيرَةٍ لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا وَأَفْضَاهَا فَإِنْ كَانَ إفْضَاءً يَسْتَمْسِكُ الْبَوْلَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الِاغْتِسَالُ بِنَفْسِ الْإِيلَاجِ وَعَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ وَإِنْ كَانَ إفْضَاءً لَا يَسْتَمْسِكُ الْبَوْلَ لَا يَجِبُ الْحَدُّ أَيْضًا وَيَجِبُ كُلُّ الدِّيَةِ، وَهَلْ يَجِبُ الْمَهْرُ؟ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ لَا يَجِبُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجِبُ. اهـ. فَكَانَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ أَنْ يُقَيِّدَ بِكَوْنِهِ لَمْ يَفُضَّهَا (سُئِلَ) فِي بِكْرٍ بَالِغَةٍ زُوِّجَتْ بِلَا مَهْرٍ فَدَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا فَرَآهَا رَتْقَاءَ وَيُرِيدُ الزَّوْجُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَهَلْ إذَا طَلَّقَهَا تَجِبُ عَلَيْهِ مُتْعَةٌ وَهِيَ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَمِلْحَفَةٌ لَا تَزِيدُ عَلَى نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ لَوْ الزَّوْجُ غَنِيًّا وَلَا تَنْقُصُ عَنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ لَوْ فَقِيرًا وَتُعْتَبَرُ بِحَالِهِمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَالدُّرَرِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَزَوَّجَ قَاصِرَةً بِكْرًا مِنْ أَبِيهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْخَلْوَةِ وَأَقَرَّ أَبُوهَا فِي صِحَّتِهِ بِقَبْضِ نِصْفِ الْمَهْرِ وَتَزْعُمُ الْآنَ أَنَّهَا كَانَتْ بَالِغَةً حِينَ قَبْضِ أَبِيهَا مَهْرَهَا وَأَنَّ أَبَاهَا لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ فَهَلْ يَمْلِكُ الْأَبُ قَبْضَ صَدَاقِ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْأَبُ إذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ الْمَهْرِ فَإِنْ كَانَتْ الْبِنْتُ بِكْرًا صُدِّقَ وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا لَا يُصَدَّقُ خُلَاصَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الثَّامِنِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَدْ حَرَّرَهَا الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوَاهُ تَحْرِيرًا حَسَنًا فَارْجِعْ إلَيْهِ وَقَالَ إنَّ لَهُ قَبْضَ مَهْرِ بِنْتِهِ الصَّغِيرَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا. اهـ. وَلَيْسَ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ قَبْضُ الْمَهْرِ

مسائل الجهاز

إلَّا أَنْ يَكُونُوا أَوْصِيَاءَ مِنْ أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ. [مَسَائِل الْجَهَاز] ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ مُفَرَّقَةً فِي الْأَبْوَابِ وَجَمَعْتهَا هُنَا لِتَسْهُلَ مُرَاجَعَتُهَا. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ جَهَّزَتْ ابْنَتَهَا الْبَالِغَةَ بِجِهَازٍ مَعْلُومٍ سَلَّمَتْهُ لَهَا ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّ بَعْضًا مِنْهُ عَارِيَّةٌ وَالْعُرْفُ فِي بَلْدَتِهِمَا مُشْتَرَكٌ كَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الْعُرْفُ فِي بَلْدَتِهِمَا مُشْتَرَكًا فَالْقَوْلُ لِلْأُمِّ مَعَ يَمِينِهَا قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ جَهَّزَ ابْنَتَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ مَا دَفَعَهُ لَهَا عَارِيَّةً وَقَالَتْ هُوَ تَمْلِيكٌ أَوْ قَالَ الزَّوْجُ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهَا لِيَرِثَ مِنْهُ وَقَالَ الْأَبُ أَوْ وَرَثَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَارِيَّةً فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقَوْلَ لِلزَّوْجِ وَلَهَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ مُسْتَمِرًّا أَنَّ الْأَبَ يَدْفَعُ مِثْلَهُ جِهَازًا لَا عَارِيَّةً وَأَمَّا إذَا كَانَ مُشْتَرَكًا كَمِصْرِ وَالشَّامِ فَالْقَوْلُ لِلْأَبِ كَمَا لَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا يُجَهَّزُ بِهِ مِثْلُهَا وَالْأُمُّ كَالْأَبِ فِي تَجْهِيزِهَا وَكَذَا وَلِيُّ الصَّغِيرَةِ وَاسْتَحْسَنَ فِي النَّهْرِ تَبَعًا لِقَاضِي خَانْ أَنَّ الْأَبَ إنْ كَانَ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إنَّهُ عَارِيَّةً. اهـ. وَذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ أَيْضًا وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ إلَّا فِي مَسَائِلَ أَوْصَلَهَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ إلَى نَيِّفٍ وَسِتِّينَ مَسْأَلَةً لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا وَأَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ وَالْأُمِّ أَنَّهُمَا لَمْ يَمْلِكَاهَا وَإِنَّمَا هُوَ عَارِيَّةٌ عِنْدَكُمْ مَعَ الْيَمِينِ إلَّا أَنْ تَقُومَ دَلَالَةٌ أَنَّ الْأَبَ وَالْأُمَّ يَمْلِكَانِ مِثْل هَذَا الْجِهَازِ لِلَابِنِهِ. وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَمَّا إذَا تَنَازَعَا مَعَ الزَّوْجِ بَعْدَمَا زُفَّتْ إلَيْهِ بِالْجِهَازِ وَمَاتَتْ؟ فَأَجَابَ إذَا زُفَّتْ إلَى الزَّوْجِ وَسُلِّمَتْ إلَيْهِ مَعَ الْجِهَازِ لَا يُسْمَعُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا زَوَّجَا بِنْتَهمَا الْبَالِغَةَ وَجَهَّزَاهَا بِجِهَازٍ سَلَّمَاهُ مِنْهَا فِي صِحَّتِهِمَا ثُمَّ مَاتَا عَنْهَا وَعَنْ وَرَثَةٍ وَغَيْرِهَا يُرِيدُونَ قِسْمَةَ الْجِهَازِ بَيْنَهُمْ مَعَ الْبِنْتِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمِنَحِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى فِي حَالِ صِحَّتِهِ لِبِنْتِهِ الصَّغِيرَةِ أَوَانِيَ لِيُجَهِّزَهَا بِهَا ثُمَّ مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ لِلْبِنْتِ خَاصَّةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ إذَا جَهَّزَ الْأَبُ ابْنَتَهُ ثُمَّ مَاتَ وَبَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ يَطْلُبُونَ الْقَسْمَ مِنْهَا فَإِذَا كَانَ الْأَبُ اشْتَرَى لَهَا فِي صِغَرِهَا أَوْ بَعْدَمَا كَبُرَتْ وَسَلَّمَ إلَيْهَا ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ فَلَا سَبِيلَ لِوَرَثَتِهِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ لِلِابْنَةِ خَاصَّةً. اهـ. كَذَا فِي الْمِنَحِ فِي أَوَاخِرِ الْمَهْرِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ جَهَّزَتْ بِنْتَهَا الْبَالِغَةَ بِمَا يُجَهَّزُ بِهِ مِثْلُهَا وَأَعَارَتْهَا أَمْتِعَةً أُخْرَى ثُمَّ مَاتَتْ الْبِنْتُ عَنْ أُمِّهَا وَوَرَثَةٍ غَيْرِهَا فَهَلْ الْقَوْلُ لِلْأُمِّ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَتْ الْأَمْتِعَةُ زَائِدَةً عَنْ جِهَازِ مِثْلِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأُمِّ مَعَ يَمِينِهَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ زَوَّجَ بِنْتَه الصَّغِيرَةَ وَقَبَضَ مَهْرَهَا وَجَهَّزَهَا بِهِ وَالْآنَ بَلَغَتْ الْبِنْتُ وَتُطَالِبُ أَبَاهَا بِمَهْرِهَا فَهَلْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْقَبْضِ وَالشِّرَاءِ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلِلْأَبِ مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ بِمَهْرِ بِنْتِهِ حَيْثُ كَانَتْ صَغِيرَةً سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْمَهْرِ وَلَهُ الشِّرَاءُ لَكِنْ إذَا كَانَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ يَنْفُذُ عَلَيْهِ أَدَبُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْبَيْعِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ جَهَّزَتْ بِنْتَهَا الْبَالِغَةَ بِجِهَازٍ مَعْلُومٍ سَلَّمَتْهُ لَهَا وَتَصَرَّفَتْ فِيهِ الْبِنْتُ فِي حَيَاةِ أُمِّهَا ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ عَنْ وَرَثَةِ يَدَّعُونَ عَلَى الْبِنْتِ بِبَعْضِ أَمْتِعَةٍ مِنْ الْجِهَازِ وَيُرِيدُونَ اسْتِرْدَادَهَا مِنْهَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ زَوَّجَ بِنْتَه وَدَفَعَ لَهَا أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ لَا الْجِهَازِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ عِنْدَ التَّسْلِيمِ بَيِّنَةً شَرْعِيَّةً وَأَقَرَّتْ هِيَ بِذَلِكَ لَدَى الْبَيِّنَةِ ثُمَّ مَاتَتْ وَيَزْعُمُ زَوْجُهَا أَنَّ الْأَمْتِعَةَ جِهَازٌ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْأَبِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِ الزَّوْجِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ فَقِيرٍ جَهَّزَ بِنْتَه الْبَالِغَةَ بِجِهَازٍ مَعْلُومٍ سَلَّمَهُ لَهَا ثُمَّ مَاتَتْ وَالْأَبُ يَدَّعِي أَنَّ الْجِهَازَ الْمَذْكُورَ عَارِيَّةٌ وَالزَّوْجُ يَدَّعِي التَّمْلِيكَ وَالْعُرْفُ فِي بَلْدَتِهِمَا مُشْتَرَكٌ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ بِيَمِينِهِ

مسائل منثورة من أبواب النكاح

وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَقَدَّمَ نَقْلُهَا عَنْ التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِي الْمَرْأَةِ إذَا زُفَّتْ إلَى زَوْجِهَا بِجِهَازٍ قَلِيلٍ لَا يَلِيقُ بِالْمَهْرِ الَّذِي دَفَعَهُ وَيُرِيدُ الزَّوْجُ مُطَالَبَةَ الْأَبِ بِالْمَهْرِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لَوْ زُفَّتْ إلَيْهِ بِلَا جِهَازٍ يَلِيقُ بِهِ فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْأَبِ بِالنَّقْدِ قُنْيَةٌ زَادَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُبْتَغَى إلَّا إذَا سَكَتَ طَوِيلًا لَكِنْ فِي النَّهْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْمَالَ فِي النِّكَاحِ غَيْرُ مَقْصُودٍ عَلَاءِ الدِّينِ عَلَى التَّنْوِيرِ أَوَاخِرُ بَابِ الْمَهْرِ. (أَقُولُ) فَمَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ مِنْ أَنَّ الْأَبَ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُجَهِّزَهَا بِمَا يَلِيقُ بِالْمَهْرِ الْمَبْعُوثِ إلَيْهَا وَعَزَاهُ إلَى الْبَحْرِ وَالصَّيْرَفِيَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ الصَّحِيحِ نَعَمْ لِلْبِنْتِ مُطَالَبَةُ أَبِيهَا بِمَا بَقِيَ مَعَهُ مِنْ الْمَهْرِ فَاضِلًا عَمَّا جَهَّزَهَا بِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ جَهَّزَ بِنْتَه بِمَهْرِهَا وَتُكَلِّفُهُ أُمُّهَا بِتَجْهِيزِهَا بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ جَهَّزَتْ ابْنَتَهَا الْبَالِغَةَ بِجِهَازٍ يَزِيدُ عَلَى مَهْرِهَا بِأَضْعَافِهِ وَأَدْخَلَتْهُ مَعَهَا إلَى مَسْكَنِ الزَّوْجِ وَتُرِيدُ الْآنَ أَخْذَ نَحْوِ ثُلُثِهِ بِإِذْنِ الْبِنْتِ وَرِضَاهَا فَهَلْ لَيْسَ لِلزَّوْجِ مُعَارَضَتُهَا فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ جَهَّزَ بِنْتَه الْبَالِغَةَ بِجِهَازٍ أَدْخَلَتْهُ مَعَهَا لِبَيْتِ زَوْجِهَا وَمَضَى لِذَلِكَ مُدَّةٌ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِ عَشْرَةَ سَنَةً وَالْآنَ يُرِيدُ أَبُوهَا اسْتِرْدَادَهُ مِنْهَا بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ جَهَّزَتْ بِنْتَهَا بِأَمْتِعَةٍ مَعْلُومَةٍ وَبِحُلِيٍّ مَعْلُومٍ وَتَصَرَّفَتْ الْبِنْتُ بِذَلِكَ فِي حَيَاةِ أُمِّهَا فِي مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ وَتُرِيدُ الْوَرَثَةُ قِسْمَةَ الْحُلِيِّ مَعَ التَّرِكَةِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْحُلِيُّ مِنْ جُمْلَةِ الْجِهَازِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ مِنْ أَبْوَابِ النِّكَاحِ] (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِعَقْدٍ صَحِيحٍ ثُمَّ عَقَدَ نِكَاحَهُ عَلَى بِنْتِ أُخْتِهَا فَهَلْ يَكُونُ الْعَقْدُ الثَّانِي بَاطِلًا وَلَا تَطْلُقُ الْأُولَى بِذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهُ إيَّاهَا وَهِيَ قَاصِرَةٌ بِالْوِلَايَةِ عَلَيْهَا فَأَجَابَتْ بِأَنَّهَا وَقْتَ الْعَقْدِ كَانَتْ بَالِغَةً وَأَنَّهَا لَمْ تَعْلَمْ بِالْعَقْدِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : الْقَوْلُ لَهَا إنْ ثَبَتَ أَنَّ سِنَّهَا وَقْتَ النِّكَاحِ يَحْتَمِلُ الْبُلُوغَ وَلَوْ بَرْهَنَا عَلَى الْبُلُوغِ وَعَدَمِهِ فَبَيِّنَةُ الْبُلُوغِ أَوْلَى قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ مِنْ بَابِ الْوَلِيِّ لَوْ زَوَّجَهَا أَبُوهَا مَثَلًا زَاعِمًا عَدَمَ بُلُوغِهَا فَقَالَتْ أَنَا بَالِغَةٌ وَالنِّكَاحُ لَمْ يَصِحَّ وَهِيَ مُرَاهِقَةٌ وَقَالَ الْأَبُ وَالزَّوْجُ بَلْ هِيَ صَغِيرَةٌ فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهَا إنْ ثَبَتَ أَنَّ سِنَّهَا تِسْعٌ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الْمُرَاهِقُ بُلُوغَهُ وَلَوْ بَرْهَنَا فَبَيِّنَةُ الْبُلُوغِ أَوْلَى عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَرَادَ الزَّوْجُ الدُّخُولَ بِزَوْجَتِهِ الصَّغِيرَةِ قَائِلًا أَنَّهَا تُطِيقُ الْوَطْءَ وَالْأَبُ يَقُولُ لَا تُطِيقُ فَمَا الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ؟ (الْجَوَابُ) : قَدْ أَجَابَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَتْ ضَخْمَةً سَمِينَةً تُطِيقُ الرِّجَالَ وَسَلَّمَ الْمَهْرَ الْمَشْرُوطَ تَعْجِيلُهُ يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَى تَسْلِيمِهَا لِلزَّوْجِ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ الْأَقْوَالِ فَيَنْظُرُ الْقَاضِي إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَخْرُجُ أَخْرَجَهَا وَنَظَرَ إلَيْهَا إنْ صَلَحَتْ لِلرِّجَالِ أَمَرَ أَبَاهَا بِدَفْعِهَا لِلزَّوْجِ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَخْرُجُ أَمَرَ بِمَنْ يَثِقُ بِهِنَّ مِنْ النِّسَاءِ فَإِنْ قُلْنَ إنَّهَا تُطِيقُ الرِّجَالَ وَتَتَحَمَّلُ الْجِمَاعَ أَمَرَ الْأَبُ بِدَفْعِهَا إلَى الزَّوْجِ وَإِنْ قُلْنَ لَا تَتَحَمَّلُ لَا يَأْمُرُ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ. وَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَا يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَى دَفْعِ الصَّغِيرَةِ إلَى الزَّوْجِ وَلَكِنْ يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى إيفَاءِ الْمُعَجَّلِ فَإِنْ زَعَمَ الزَّوْجُ أَنَّهَا تَحْتَمِلُ الرِّجَالَ وَأَنْكَرَ الْأَبُ فَالْقَاضِي يُرِيهَا النِّسَاءَ وَلَا يُعْتَبَرُ السِّنُّ. اهـ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَرَأَيْت عَلَى هَامِشِ الْبَزَّازِيَّةِ عِنْدَ هَذَا الْمَحِلِّ بِخَطِّ الْجَدِّ الْعَلَّامَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيِّ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ تِسْعُ سَنَوَاتٍ وَثَمَانٍ إنْ كَانَتْ سَمِينَةً وَقِيلَ إنْ طَلَبَهَا الزَّوْجُ لِلْمُؤَانِسَةِ دُونَ

الْمُلَامَسَةِ يُجَابُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْقُنْيَةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى بِمَالِهِ حُلِيًّا وَأَوَانِيَ ثُمَّ مَاتَ وَتَقُولُ زَوْجَتُهُ إنَّهُ اشْتَرَى ذَلِكَ لِي فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ أَقَرَّتْ بِمَا ذُكِرَ سَقَطَ قَوْلُهَا وَلَا يَثْبُتُ الِانْتِقَالُ إلَيْهَا إلَّا بِدَلِيلٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ زَوَّجَ ابْنَهُ الْبَالِغَ بِلَا وَكَالَةٍ عَنْهُ ثُمَّ عَلِمَ الِابْنُ فَأَجَازَهُ وَأَرَادَ الدُّخُولَ بِهَا بَعْدَ دَفْعِ الْمَهْرِ لَهَا فَامْتَنَعَ أَبُوهَا مِنْ تَسْلِيمِهَا لَهُ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهَا بَعْدَ قَبْضِ الْمَهْرِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَبَى أَنْ يُزَوِّجَ زَيْدٌ ابْنَتَهُ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ لَهُ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَدَفَعَهَا لَهُ وَلَمْ يُزَوِّجْهَا مِنْهُ وَيُرِيدُ زَيْدٌ أَخْذَ مَا دَفَعَهُ لَهُ قَائِمًا أَوْ هَالِكًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةُ وَالْبَزَّازِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَخَذَ أَهْلُ الْمَرْأَةِ شَيْئًا عِنْدَ التَّسْلِيمِ فَهَلْ لِلزَّوْجِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ عَلَى طَمَعِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ وَكَانَ دَفَعَ لَهَا النَّفَقَةَ وَيُرِيدُ الرَّجُلُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا بِمَا دَفَعَ لَهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْمَهْرِ وَالْبَحْرِ وَالْمِنَحِ وَغَيْرِهَا أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ بِشَرْطِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا إنْ تَزَوَّجَتْهُ لَا رُجُوعَ مُطْلَقًا وَإِنْ أَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ إنْ كَانَ دَفَعَ لَهَا وَإِنْ أَكَلَتْ مَعَهُ فَلَا مُطْلَقًا وَبِهِ أَفْتَى مَوْلَانَا صَاحِبُ الْبَحْرِ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ عَلَى طَمَعِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَمَّا انْقَضَتْ أَبَتْ ذَلِكَ إنْ شَرَطَ فِي الْإِنْفَاقِ التَّزَوُّجَ كَأَنْ يَقُولَ أُنْفِقُ بِشَرْطِ أَنْ تَتَزَوَّجِينِي يَرْجِعُ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا أَوْ لَا وَكَذَا إنْ لَمْ يَشْرِطْ عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا وَقَدْ كَانَ شَرَطَهُ وَصُحِّحَ أَيْضًا أَوْ إنْ أَبَتْ وَلَمْ يَكُنْ شَرَطَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ أَنَّهَا إنْ تَزَوَّجَتْهُ لَا رُجُوعَ مُطْلَقًا وَإِنْ أَبَتْ فَلَهُ الرُّجُوعُ إنْ كَانَ دَفَعَ لَهَا وَإِنْ أَكَلَتْ مَعَهُ فَلَا مُطْلَقًا. اهـ. مِنَحٌ مِنْ الْمَهْرِ. (أَقُولُ) حَاصِلُ مَا فِي الْبَحْرِ حِكَايَةُ قَوْلَيْنِ مُصَحَّحَيْنِ الْأَوَّلُ الرُّجُوعُ مُطْلَقًا شَرَطَ التَّزَوُّجَ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ تَزَوَّجَتْهُ أَوْ لَا وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ رِشْوَةٌ وَالثَّانِي الرُّجُوعُ إذَا أَبَتْ وَكَانَ شَرْطُ التَّزَوُّجِ أَمَّا إذَا لَمْ يَشْرِطْهُ أَوْ تَزَوَّجَتْهُ مُطْلَقًا فَلَا رُجُوعَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا وَقَدْ كَانَ شَرْطُهُ يُفْهَمُ مِنْهُ عَدَمُ الرُّجُوعِ إذَا لَمْ يَشْرِطْهُ بِالْأَوْلَى وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَبَتْ إلَخْ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ شَرَطَهُ يَرْجِعُ لَكِنْ نُقِلَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَفَتَاوَى الْخَاصِّ أَقْوَالًا حَاصِلُهَا صَرِيحًا وَمَفْهُومًا أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِيمَا إذَا تَزَوَّجَتْهُ مُطْلَقًا أَيْ شَرْطُ الرُّجُوعِ أَوْ لَا وَيَرْجِعُ فِيمَا إذَا أَبَتْ مُطْلَقًا وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ الْحَاصِلِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْبَحْرِ كَمَا أَوْضَحْته فِي حَاشِيَتِي عَلَيْهِ فَتَدَبَّرْ وَأَقُولُ أَيْضًا بَقِيَ مَا إذَا مَاتَتْ فَهَلْ يَلْحَقُ بِالْآبَاءِ أَوْ لَا لَمْ أَرَهُ فَلْيُحَرَّرْ وَكَذَا لَوْ أَبَى هُوَ أَوْ مَاتَ وَقَدْ صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِمَّا فِي الْبَحْرِ لَا إشْكَالَ فِي الرُّجُوعِ فِي الْجَمِيعِ فَيَنْبَغِي الْإِفْتَاءُ بِهِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ حَتَّى يَرَى تَصْحِيحَ خِلَافِهِ فِيهَا وَبَقِيَ أَيْضًا مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي الْقُرَى مِنْ أَنَّ الشَّخْصَ مِنْهُمْ يَخْطُبُ امْرَأَةً وَيَصِيرُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا أَوْ يُعْطِيهَا دَرَاهِمَ لِلنَّفَقَةِ سِنِينَ إلَى أَنْ يَعْقِدَ عَقْدَهُ عَلَيْهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْمُعْتَدَّةِ بَلْ هُوَ مِنْ الْهَدِيَّةِ إلَى مَخْطُوبَتِهِ فَيَسْتَرِدُّهُ لَوْ قَائِمًا لَا هَالِكًا لَكِنْ فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْمَهْرِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ سَافَرَ زَوْجُهَا إلَى بَلْدَةٍ بَعِيدَةٍ وَغَابَ عِدَّةَ سِنِينَ ثُمَّ أَخْبَرَهَا جَمَاعَةٌ ثِقَاتٌ أَنَّهُ مَاتَ وَشَاهَدُوا مَوْتَهُ وَدَفْنَهُ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهَا صِدْقُهُمْ وَأَكْبَرُ رَأْيِهَا أَنَّهُ حَقٌّ فَهَلْ لَهَا أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ ثِقَةً وَكَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهَا أَنَّهُ حَقٌّ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ أَخْبَرَهَا ثِقَةٌ أَنَّ زَوْجَهَا الْغَائِبَ مَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ أَتَاهَا مِنْهُ كِتَابٌ عَلَى يَدِ ثِقَةٍ بِالطَّلَاقِ إنْ أَكْبَرُ رَأْيِهَا أَنَّهُ حَقٌّ فَلَا بَأْسَ

من فروع الزيادة على المهر

بِأَنْ تَعْتَدَّ وَتَتَزَوَّجَ عَلَائِيٌّ مِنْ بَابِ الْعِدَّةِ وَفِي الصُّغْرَى إذَا شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ لَا تُقْبَلُ فَإِنْ شَهِدَا عِنْدَ الْمَرْأَةِ حَلَّ لَهَا أَنْ تَقْبَلَ وَتَتَزَوَّجَ آخَرَ وَكَذَا إذَا شَهِدَ عِنْدَهَا رَجُلٌ عَدْلٌ. اهـ. مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ نِكَاحِ الْعِمَادِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا خَطَبَ زَيْدٌ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ بِنْتَ عَمْرٍو الصَّغِيرَةَ وَقَرَآ الْفَاتِحَةَ وَلَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ شَرْعِيٌّ فَهَلْ لَا يَكُونُ مُجَرَّدُ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ نِكَاحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَعَثَ رَجُلٌ لِامْرَأَةٍ شَيْئًا مِنْ الْمَطْعُومِ هَدِيَّةً لِيَتَزَوَّجَهَا فَأَكَلَتْهَا وَلَمْ يَتَزَوَّجْهَا وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَيْهَا بِقِيمَتِهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ خَلَعَهَا زَوْجُهَا مِنْ عِصْمَتِهِ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا عَلَى مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا خُلْعًا شَرْعِيًّا ثُمَّ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عَقَدَ عَمْرٌو نِكَاحَهُ عَلَيْهَا فَهَلْ يَكُونُ الْعَقْدُ الْمَزْبُورُ فَاسِدًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّهَا فِي عِدَّةِ الْغَيْرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ عَقَدَ نِكَاحَهُ عَقْدًا صَحِيحًا عَلَى امْرَأَةٍ ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْخَلْوَةِ بِهَا فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَيَصِيرُ مَحْرَمًا لَهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي بِكْرٍ بَالِغَةٍ زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا الشَّرْعِيُّ بِلَا إذْنِهَا مِنْ رَجُلٍ كُفْءٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ثُمَّ أَخْبَرَهَا الْوَلِيُّ بِالنِّكَاحِ وَالزَّوْجِ وَالْمَهْرِ جَمِيعًا فَسَكَتَتْ مُخْتَارَةً وَلَمْ تَرُدَّ النِّكَاحَ فَهَلْ يَكُونُ سُكُوتُهَا رِضًا مِنْهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِنْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بِغَيْرِ اسْتِئْمَارٍ ثُمَّ أَخْبَرَهَا بَعْدَ النِّكَاحِ فَسَكَتَتْ إنْ أَخْبَرَهَا بِالنِّكَاحِ وَلَمْ يَذْكُرْ الزَّوْجَ وَالْمَهْرَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ صَحِيحًا كَمَا لَوْ اسْتَأْمَرَهَا قَبْلَ النِّكَاحِ وَلَمْ يَذْكُرْ الزَّوْجَ وَالْمَهْرَ وَإِنْ ذَكَرَ الزَّوْجَ وَالْمَهْرَ جَمِيعًا فَسَكَتَتْ كَانَ رِضًا خَانِيَّةٌ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ زَوْجَةٌ لَهَا ابْنٌ مِنْ غَيْرِهِ مُتَزَوِّجٌ بِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ عَنْهَا وَعَنْهُ فَمَاتَ الِابْنُ وَيُرِيدُ الرَّجُلُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَيَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فَجَازَ الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَبِنْتِ زَوْجِهَا أَوْ امْرَأَةِ ابْنِهَا عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ لِأَنَّهُ لَوْ فُرِضَتْ بِنْتُ الزَّوْجِ ذَكَرًا بِأَنْ كَانَ ابْنُ الزَّوْجِ لَمْ يُجِزْ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا لِأَنَّهَا مَوْطُوءَةُ أَبِيهِ وَلَوْ فُرِضَتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرًا لَجَازَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَ الزَّوْجِ لِأَنَّهَا بِنْتُ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَامْرَأَةُ ابْنِهَا فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ فُرِضَتْ ذَكَرًا يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّزَوُّجُ بِامْرَأَةِ ابْنِهِ وَلَوْ فُرِضَتْ امْرَأَةُ الِابْنِ ذَكَرًا لَجَازَ لَهُ التَّزَوُّجُ بِالْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهَا مِنَحٌ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَشَرْحَيْ الْمُلْتَقَى وَالتَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَجَدَتْ زَوْجَهَا مَجْذُومًا وَتُرِيدُ الْفَسْخَ وَالْفُرْقَةَ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِنْتَ زَيْدٍ الصَّغِيرَةَ الرَّضِيعَ بِمَهْرٍ قَدْرُهُ مِصْرِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ نِصْفُ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ رَاجَعَ مُطَلَّقَتَهُ رَجْعِيًّا عَلَى مَبْلَغِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ مُؤَجَّلًا إلَى الْفِرَاقِ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ وَقَبِلَتْ ذَلِكَ ثُمَّ أَبَانَهَا فَهَلْ لَهَا مُطَالَبَتُهُ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. [مِنْ فروع الزِّيَادَة عَلَى الْمَهْر] وَمِنْ فُرُوعِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمَهْرِ لَوْ رَاجَعَ الْمُطَلَّقَةَ رَجْعِيًّا عَلَى أَلْفٍ فَإِنْ قَبِلَتْ لَزِمَتْ وَإِلَّا فَلَا بَحْرٌ مِنْ الْمَهْرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ دَعَا زَوْجَتَهُ الْبِكْرَ الْبَالِغَ بَعْدَ إيفَاءِ مُعَجَّلِهَا إلَى مَسْكَنٍ شَرْعِيٍّ خَالٍ عَنْ أَهْلِيهِمَا بَيْنَ جِيرَانٍ صَالِحِينَ تَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِهَا لِيَدْخُلَ بِهَا فِيهِ فَامْتَنَعَتْ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ تَكُونُ نَاشِزَةً بِذَلِكَ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا مَا دَامَتْ كَذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ زَوْجَةٌ عُمْرُهَا دُونَ ثَلَاثِ سِنِينَ لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ يُرِيدُ وَصِيُّهَا أَنْ يُكَلِّفَهُ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهَا فَهَلْ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ امْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِ بِنْتِهِ الْمُطِيقَةِ لِلْوَطْءِ إلَى مَسْكَنِ زَوْجِهَا الشَّرْعِيِّ بَعْدَ إيفَاءِ مُعَجَّلِهَا وَيُكَلِّفُهُ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فِي دَارِ أَبِيهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ تَمْتَنِعُ مِنْ السُّكْنَى فِي مَسْكَنِ زَوْجِهَا الشَّرْعِيِّ إلَّا أَنْ يَأْتِيَهَا بِمُؤْنِسَةٍ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ هَيَّأَ لَهَا مَسْكَنًا شَرْعِيًّا خَالِيًا عَنْ أَهَالِيِهِمَا بَيْنَ جِيرَانٍ صَالِحِينَ بِحَيْثُ لَا تَسْتَوْحِشُ لَا يَلْزَمُهُ إتْيَانُهَا بِمُؤْنِسَةٍ (أَقُولُ) وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ

مُسْتَوْفَى عَلَى الْمُؤْنِسَةِ فِي بَابِ الْمَهْرِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ تَعَوَّضَتْ مِنْ زَوْجِهَا بَدَلَ مَهْرِهَا عَلَى أَمْتِعَةٍ مَعْلُومَةٍ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ شَرْعِيَّيْنِ وَتُرِيدُ الْآنَ رَدَّ الْأَمْتِعَةِ عَلَيْهِ وَطَلَبَ أَصْلَ الْمَهْرِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي بِكْرٍ بَالِغَةٍ عَاقِلَةٍ رَشِيدَةٍ زَوَّجَهَا أَبُوهَا رَجُلًا بِلَا إذْنِهَا وَلَا وَكَالَةَ عَنْهَا فَرَدَّتْ النِّكَاحَ حِينَ بَلَغَهَا فَوْرًا فَهَلْ يَرْتَدُّ بِرَدِّهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ نَابُلُسِيٍّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِدِمَشْقَ وَدَخَلَ بِهَا بَعْدَمَا أَوْفَاهَا مُعَجَّلهَا وَالْآنَ يُرِيدُ نَقْلَهَا إلَى مَنْزِلِهِ بِنَابُلُسَ بِلَا رِضَاهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُوفِيَهَا مُؤَجَّلَهَا أَيْضًا وَيَكُونُ مَأْمُونًا عَلَيْهَا وَالطَّرِيقُ أَمْنًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ وَأَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَابْنُ الشَّلَبِيِّ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ. (أَقُولُ) قَدَّمْنَا فِي بَابِ الْمَهْرِ عَنْ الْبَحْرِ أَنَّ فِيهِ اخْتِلَافَ الْإِفْتَاءِ وَأَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ نَقْلِهَا فِي زَمَانِنَا أَحْسَنُ وَقَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ لَكِنْ فِي النَّهْرِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي دِيَارِنَا أَنَّهُ لَا يُسَافِرُ بِهَا جَبْرًا عَلَيْهَا وَجَزَمَ بِهِ الْبَزَّازِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِي الْمُخْتَارِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي الْفُصُولَيْنِ يُفْتِي بِمَا يَقَعُ عِنْدَهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ اهـ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَ زَوْجُهَا عَنْهَا فَعَقَدَ زَيْدٌ نِكَاحَهُ عَلَيْهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَدَفَعَ لَهَا الْمَهْرَ وَلَمْ يُصِبْهَا فَهَلْ يَكُونُ النِّكَاحُ فَاسِدًا وَلَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَهْرِ مِنْهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَسُئِلَ مَوْلَانَا الْمُحَقِّقُ الْمَرْحُومُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ فِيمَا إذَا دَخَلَ الزَّوْجُ بِالزَّوْجَةِ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَهَلْ تَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا قَبْلَ تَمَامِهَا فَأَجَابَ تَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ وَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا لِغَيْرِ الْأَوَّلِ قَبْلَ تَمَامِ عِدَّتِهَا. (سُئِلَ) فِي بِكْرٍ بَالِغَةٍ رَشِيدَةٍ تُرِيدُ أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا مِنْ رَجُلٍ كُفْءٍ لَهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ وَلَيْسَ لِعَمِّهَا أَوْ أَبِيهَا مُعَارَضَتُهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ الْفَقِيرَ وَضَمِنَ لِلزَّوْجَةِ مَهْرَهَا ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ فَهَلْ لِلْمَرْأَةِ مُطَالَبَةُ أَبِيهِ بِجَمِيعِ مَهْرِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَ زَوْجُهَا الْمُسَافِرُ وَلَمْ يَبْلُغْهَا خَبَرُ مَوْتِهِ إلَّا بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَتُرِيدُ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِغَيْرِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ وَمَبْدَأُ الْعِدَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ عَلَى الْفَوْرِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ فَقِيرٍ زَوَّجَ بِنْتَه الصَّغِيرَةَ مِنْ آخَرَ عَلَى مَهْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ قَبَضَ بَدَلَهُ أَمْتِعَةً مِنْ الزَّوْجِ وَتَصَرَّفَ بِهَا ثُمَّ دَخَلَ الزَّوْجُ بِالصَّغِيرَةِ وَطَالَبَ الْأَبَ بِالْأَمْتِعَةِ وَيُرِيدُ الدَّعْوَى بِهَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي بِكْرٍ بَالِغَةٍ عَاقِلَةٍ رَشِيدَةٍ زَوَّجَهَا أَبُوهَا مِنْ رَجُلٍ عَلَى مَهْرٍ مَعْلُومٍ قَبَضَهُ مِنْهُ بِلَا وَكَالَةٍ عَنْهَا فِي ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَتْ الْبِكْرُ قَبْلَ إجَازَتِهَا النِّكَاحَ فَهَلْ يَكُونُ النِّكَاحُ غَيْرَ صَحِيحٍ وَيُرَدُّ الْمَهْرُ إلَى مَنْ هُوَ لَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثَلَاثًا بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا وَمَضَى بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ حَاضَتْ فِيهَا ثَلَاثَ حِيَضٍ كَوَامِلَ وَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ بِعَقْدٍ شَرْعِيٍّ بَعْدَ حَلِفِهَا عَلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كَمَا ذُكِرَ قَامَ الْمُطَلِّقُ يُعَارِضُهَا فِي ذَلِكَ وَيُكَذِّبُهَا فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهَا مَعَ حَلِفِهَا وَيُمْنَعُ الْمُعَارِضُ وَالْعَقْدُ الْمَزْبُورُ صَحِيحٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ دَخَلَ بِزَوْجَتِهِ الْبِكْرِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهَا ثَيِّبًا وَيُرِيدُ اسْتِرْدَادَ الْمَهْرِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِ وَجَدْتهَا ثَيِّبًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ زَوَّجَ بِنْتَه الْقَاصِرَةَ مِنْ زَيْدٍ بِأَلْفَاظٍ شَرْعِيَّةٍ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَلَمْ يُسَمِّيَا مَهْرًا بَلْ قَالَ الْأَبُ لِوَكِيلِ الزَّوْجِ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَنِي الْمُوَكِّلُ بِنْتَ عَمِّهِ فُلَانَةَ الْوَلِيُّ هُوَ عَلَيْهَا لِيَكُونَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ عِوَضًا عَنْ الْآخَرِ وَامْتَنَعَ الْأَبُ الْمَذْكُورُ مِنْ تَسْلِيمِ بِنْتِهِ لِزَيْدٍ زَاعِمًا أَنَّ النِّكَاحَ غَيْرُ صَحِيحٍ فَهَلْ يَكُونُ صَحِيحًا وَلِلْبِنْتِ مَهْرُ الْمِثْلِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا خَطَبَ وَكِيلُ زَيْدٍ ابْنَةَ عَمْرٍو الْبَالِغَةَ لِزَيْدٍ بِمَحْضَرٍ مِنْ النَّاسِ فَأَجَابَهُ الْأَبُ إلَى ذَلِكَ قَائِلًا أَنَّ مَهْرَ ابْنَتِي كَذَا إنْ رَضِيتَ فَبِهَا وَإِلَّا فَلَا فَرَضِيَ الْخَاطِبُ وَدَفَعَ لِلْأَبِ شَيْئًا مِنْ الْحُلِيِّ وَأَلْبَسَهُ لِابْنَتِهِ فَلَمْ تَرْضَ الْبِنْتُ بِالْخُطْبَةِ وَرَدَّتْهَا فَهَلْ

فوائد

يَسُوغُ لَهَا ذَلِكَ وَلَا تَكُونُ الْخُطْبَةُ وَاقِعَةً مَوْقِعَ عَقْدِ النِّكَاحِ أَصْلًا؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا عَقْدُ نِكَاحٍ شَرْعِيٍّ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ شَرْعِيَّيْنِ لَا تَكُونُ الْخُطْبَةُ وَاقِعَةً مَوْقِعَ عَقْدِ النِّكَاحِ أَصْلًا. (سُئِلَ) فِي صَغِيرَةٍ يَتِيمَةٍ زَوَّجَهَا عَمُّهَا الْعَصَبَةُ مِنْ ابْنِهِ عَلَى مَهْرٍ دُونَ مَهْرِ مِثْلِهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَهَلْ يَكُونُ النِّكَاحُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الْمُزَوِّجُ غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَكَانَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَالنِّكَاحُ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَرَوِيٍّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لَهَا أَوْلَادٌ صِغَارٌ مِنْ غَيْرِهِ وَلَهَا أُمٌّ مُتَزَوِّجَةٌ بِجَدِّ الْأَوْلَادِ وَيُرِيدُ نَقْلَهَا إلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى، مَسَافَةُ مَا بَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَتَنْتَقِلُ حَضَانَةُ الْأَوْلَادِ لِجَدَّتِهِمْ الْمَزْبُورَةِ حَيْثُ كَانَتْ أَهْلًا لِلْحَضَانَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ زَوَّجَتْ بِنْتَهَا الْيَتِيمَةَ بِالْوِلَايَةِ عَلَيْهَا مِنْ رَجُلٍ كُفْءٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ لَمَّا بَلَغَتْ اخْتَارَتْ الْفَسْخَ فَوْرًا بِالْبُلُوغِ وَأَشْهَدَتْ عَلَى ذَلِكَ بِالْمَجْلِسِ وَتَقَدَّمَتْ إلَى الْقَاضِي وَطَلَبَتْ الْفَسْخَ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ وَقَضَى الْقَاضِي بِذَلِكَ وَفَسَخَ بَيْنَهُمَا فَهَلْ يَنْفَسِخُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ اسْتَوْفَتْ الدَّعْوَى شَرَائِطَهَا الشَّرْعِيَّةَ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ الْمَذْكُورُ بِالْفَسْخِ الْمَزْبُورِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَلَهَا أُمٌّ تُرِيدُ الدَّعْوَى عَلَى الزَّوْجِ بِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ لِزَوْجَتِهِ جَمِيعَ مُعَجَّلِ صَدَاقِهَا وَطَالَبَتْهُ بِنَصِيبِهَا مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ يَدَّعِي الْإِيصَالَ فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ وَهُوَ يَدَّعِي الْإِيصَالَ إلَيْهَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَى أُمِّهَا بِمَا تُعُورِفَ تَعْجِيلُهُ لِأَنَّهَا لَا تُسَلِّمُ نَفْسَهَا إلَّا بَعْدَ تَعْجِيلِ شَيْءٍ عَادَةً وَالْأُمُّ قَائِمَةٌ مَقَامَهَا فَمَا يَمْنَعُ صِحَّةَ دَعْوَاهَا يَمْنَعُ صِحَّةَ دَعْوَى الْوَارِثِ وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْمَهْرِ وَالثَّانِيَةُ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ الدَّعْوَى. [فَوَائِد] (فَوَائِدُ ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ مُفَرَّقَةً فَجَمَعْتهَا) تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا مُسْلِمَةً فَظَهَرَتْ كِتَابِيَّةً لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ. إذَا قَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ إصْدَارِ الْعَاقِدِ صِيغَةَ التَّزْوِيجِ نَعَمْ يَا سَيِّدِي قَبِلْت هَذَا النِّكَاحَ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ نَعَمْ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَغِلَ بِكَلَامٍ آخَرَ صَحَّ النِّكَاحُ. لِلْقَاضِي تَزْوِيجُ الصِّغَارِ إنْ كَتَبَ فِي مَنْشُورِهِ أَنَّ لَهُ تَزْوِيجَ الصِّغَارِ وَإِلَّا فَلَا. يَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَ ابْنِ زَوْجَتِهِ لِأَنَّهَا وَلَدُ رَبِيبِهِ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ وَإِنْ سَفَلَتْ. الْكُلُّ مِنْ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ. وَفِيهَا سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا نَحْوَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَجَاءَتْ لِحَاكِمٍ يَرَى فَسْخَ نِكَاحِهَا وَأَقَامَتْ عِنْدَهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ غَابَ عَنْهَا وَلَمْ يَتْرُكْ لَهَا نَفَقَةً فَفَسَخَ نِكَاحَهَا وَحَكَمَ بِصِحَّةِ الْفَسْخِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ رَجُلًا وَحَكَمَ حَاكِمُ الْفَسْخِ بِصِحَّةِ التَّزْوِيجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَحَضَرَتْ إلَى قَاضٍ حَنَفِيٍّ لِيُزَوِّجَهَا بِزَوْجٍ آخَرَ فَهَلْ يَسُوغُ لِلْحَنَفِيِّ ذَلِكَ وَإِذَا حَضَرَ زَوْجُهَا الْغَائِبُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا مُوَاصَلَةٌ بِنَفَقَتِهَا فَهَلْ يَبْطُلُ هَذَا النِّكَاحُ الثَّانِي أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : إذَا فَسَخَ النِّكَاحَ حَاكِمٌ يَرَى ذَلِكَ، وَنَفَّذَ فَسْخَهُ قَاضٍ آخَرُ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ صَحَّ الْفَسْخُ وَالتَّنْفِيذُ وَالتَّزْوِيجُ بِالْغَيْرِ فَلَا يَرْتَفِعُ ذَلِكَ بِحُضُورِ الزَّوْجِ وَادِّعَائِهِ أَنَّهُ تَرَكَ عِنْدَهَا نَفَقَةً فِي مُدَّةِ غَيْبَتِهِ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْمَرْأَةِ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ عِنْدَهَا نَفَقَةً اتَّصَلَ بِهَا الْقَضَاءُ فَلَا تُنْقَضُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ. النِّكَاحُ بَيْنَ الْعِيدَيْنِ جَائِزٌ وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ الزِّفَافَ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تَزَوَّجَ بِالصَّدِيقَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَعَنْ أَبَوَيْهَا فِي شَوَّالَ وَبَنَى بِهَا فِيهِ وَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا نِكَاحَ بَيْنَ الْعِيدَيْنِ» إنْ صَحَّ بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ رَجَعَ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَقْصَرِ أَيَّامِ الشِّتَاءِ فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِنْكَاحَ فَقَالَهُ حَتَّى لَا يَفُوتَهُ الرَّوَاحُ فِي الْوَقْتِ الْأَفْضَلِ إلَى الْعِيدِ الثَّانِي وَهُوَ الْجُمُعَةُ. هَلْ لِلزَّوْجِ أَنْ يَقْفِلَ عَلَيْهَا الْبَابَ لَهُ أَنْ يَقْفِلَ الْبَابَ فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ مِنْ

باب نكاح الرقيق والكافر

النَّفَقَةِ وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي لَهُ أَنْ يَغْلِقَ عَلَيْهَا الْبَابَ مِنْ غَيْرِ الْأَبَوَيْنِ فَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ مِنْ الْمَهْرِ. [بَابُ نِكَاحِ الرَّقِيقِ وَالْكَافِرِ] (سُئِلَ) فِي ذِمِّيَّةِ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا الذِّمِّيُّ ثَلَاثًا لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَطَلَبَتْ التَّفْرِيقَ بَيْنَهُمَا فَهَلْ تُجَاب إلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَاب) نَعَمْ لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الطَّلَاقَ مُزِيلٌ لِلْمِلْكِ وَإِنْ كَانُوا لَا يَعْتَقِدُونَهُ مَحْصُورَ الْعَدَدِ فَإِمْسَاكُهُ إيَّاهَا بَعْدَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ ظُلْمٌ مِنْهُ وَمَا أَعْطَيْنَاهُمْ الذِّمَّةَ لِنُقِرَّهُمْ عَلَى الظُّلْمِ مِنْ مَبْسُوطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ نِكَاحِ الْكَافِرِ مَجْمُوعَةٌ عَطَاءِ اللَّهِ أَفَنْدِي. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ خَطَبَ قَاصِرَةً مِنْ أَبِيهَا الذِّمِّيِّ وَدَفَعَ لَهَا مَا يُسَمُّونَهُ نِيشَانًا أَيْ عَلَامَةً أَنَّهَا صَارَتْ مَخْطُوبَتَهُ وَلَمْ يَجِبْ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ أَصْلًا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ حَتَّى بَلَغَتْ رَشِيدَةً وَطَلَبَ الْخَاطِبُ تَزَوُّجِهَا مُتَعَلِّلًا بِذَلِكَ وَهِيَ تَمْتَنِعُ وَتُرِيدُ التَّزَوُّجَ بِغَيْرِهِ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ وَلَا تُجْبَرُ عَلَى نِكَاحِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي أُمِّ وَلَدٍ تُرِيدُ التَّزَوُّجَ بِآخَرَ بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهَا فَهَلْ إذَا تَزَوَّجَتْ وَرَدَّهُ السَّيِّدُ يَبْطُلُ النِّكَاحُ بِرَدِّهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَوَقَّفَ نِكَاحٌ قِنٍّ وَأَمَةٍ وَمُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى فَإِنْ أَجَازَ نَفَذَ وَإِنْ رَدَّ بَطَلَ تَنْوِيرٌ مِنْ نِكَاحِ الرَّقِيقِ. [بَاب العنين] (سُئِلَ) فِي بِكْرٍ صَغِيرَةٍ زَوَّجَهَا أَبُوهَا مِنْ رَجُلٍ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ بَلَغَتْ رَشِيدَةً وَادَّعَتْ بِهِ عُنَّةً وَطَلَبَتْ التَّفْرِيقَ فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهَا أَنَّهُ عِنِّينٌ مَا لَمْ تَثْبُتْ عُنَّتُهُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِقَوْلِ النِّسَاءِ إنَّهَا بِكْرٌ فَيُؤَجَّلُ مِنْ وَقْتِ الْمُرَافَعَةِ سَنَةً كَامِلَةً وَلَا يُحْسَبُ مِنْهَا أَيَّامُ مَرَضِهِ وَلَا مَرَضِهَا وَلَا أَيَّامُ غَيْبَتِهَا عَنْهُ وَلَوْ لِحَجِّهَا أَوْ هُرُوبِهَا مِنْهُ فَإِنْ وَطِئَ وَإِلَّا بَانَتْ بِالتَّفْرِيقِ إنْ طَلَبَتْ وَتَأْجِيلُ الْعِنِّينِ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ قَاضِي مِصْرٍ أَوْ مَدِينَةٍ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. [بَاب الرَّضَاع] (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّ أَخِيهِ رَضَاعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُتُونِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ رَجُلٌ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ أُخْتُهُ رَضَاعًا وَلَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَقُلْ بَعْدَهُ هُوَ حَقٌّ كَمَا قُلْت وَنَحْوُهُ وَيُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَقَالَ أَخْطَأْت وَصَدَّقَتْهُ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا؟ (الْجَوَابُ) : إذْ أَقَرَّ بِأَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ وَلَمْ يُصِرَّ عَلَى إقْرَارِهِ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَإِنْ أَصَرَّ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا كَذَا فِي رَضَاعِ الْخَانِيَّةِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَقَالَ أَخْطَأْت أَوْ وَهِمْت أَوْ نَسِيت وَصَدَّقَتْهُ فَهُمَا مُصَدَّقَانِ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمِنَحِ وَالْبَحْرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِكْرًا بَالِغَةً ثُمَّ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ بِهَا قَالَ إنَّهَا بِنْتُ ابْنِي رَضَاعًا وَأَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ إنَّهُ حَقٌّ كَمَا قُلْت وَالزَّوْجَةُ تُكَذِّبُهُ فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ حَيْثُ كَذَّبَتْهُ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِنْ صَدَّقَتْهُ فَلَا مَهْرٌ لَهَا وَإِنْ دَخَلَ وَكَذَّبَتْهُ فَلَهَا جَمِيعُ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى وَإِنْ صَدَّقَتْهُ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَهْرُ الْمِثْلِ وَلَا شَيْءَ مِنْ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى كَذَا فِي فَتَاوَى قَدْرِي أَفَنْدِي عَنْ الْمُضْمَرَاتِ. (سُئِلَ) فِي صَغِيرٍ رَضَعَ مِنْ زَوْجَةِ عَمِّهِ مَعَ بِنْتٍ لَهَا مِنْهُ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَالْآنَ بَلَغَ الصَّغِيرُ وَيُرِيدُ التَّزَوُّجَ بِشَقِيقَةِ الْبِنْتِ الْمَذْكُورَةِ الرَّاضِعَةِ مِنْ أُمِّهَا فِي مُدَّتِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْكَافِي إذَا أَرْضَعَتْ الْمَرْأَةُ صَبِيًّا حَرُمَ عَلَيْهِ أَوْلَادُهَا مَنْ تَقَدَّمَ وَمَنْ تَأَخَّرَ لِأَنَّهُنَّ أَخَوَاتُهُ وَكَذَا وَلَدُ وَلَدِهَا اعْتِبَارًا بِالنَّسَبِ لِأَنَّهُ وَلَدُ أَخِيهِ. (أَقُولُ) وَقَوْلُهُ الرَّاضِعَةُ مِنْ أُمِّهَا إلَخْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ مَنْ رَضَعَ مِنْ امْرَأَةٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَوْلَادُهَا مِنْ النَّسَبِ وَإِنْ لَمْ تُرْضِعْهُمْ

أُمُّهُمْ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْكَنْزِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي النَّهْرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ عَقَدَ نِكَاحَهُ عَلَى امْرَأَةٍ وَقَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَخْبَرَتْهُ أُمُّهُ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهَا مَعَهُ وَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ مُصِرًّا عَلَى ذَلِكَ وَكَذَّبَتْهَا الزَّوْجَةُ فَهَلْ يَرْتَفِعُ النِّكَاحُ وَيَلْزَمُ نِصْفُ الْمَهْرِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ خِزَانَةِ الْفِقْهِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ أَنَا أَرْضَعَتْهُمَا فَهِيَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ صَدَّقَهَا الزَّوْجَانِ أَوْ كَذَّبَاهَا أَوْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ وَصَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ أَوْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ وَكَذَّبَتْهَا الْمَرْأَةُ أَمَّا إذَا صَدَّقَاهَا ارْتَفَعَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا وَلَا مَهْرَ لَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَإِنْ كَذَّبَاهَا لَا يَرْتَفِعُ النِّكَاحُ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهَا صَادِقَةٌ فِي إخْبَارِهَا يُفَارِقُهَا احْتِيَاطًا وَإِنْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ يُمْسِكُهَا وَإِنْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ وَصَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ يَبْقَى النِّكَاحُ وَلَكِنْ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتَحْلِفَ الزَّوْجَ بِاَللَّهِ مَا تَعْلَمُ أَنِّي أُخْتُك مِنْ الرَّضَاعِ فَإِنْ نَكَلَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ حَلَفَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ وَكَذَّبَتْهَا الْمَرْأَةُ يَرْتَفِعُ النِّكَاحُ وَلَكِنْ لَا يَصْدُقُ الزَّوْجُ فِي حَقِّ الْمَهْرِ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَيَلْزَمُهُ مَهْرٌ كَامِلٌ وَإِلَّا نِصْفُ مَهْرٍ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْأَنْقِرْوِيِّ نَقْلًا عَنْهُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ ثَبَتَ بِالشُّهُودِ الْعُدُولِ أَنَّ بَيْنَهُمَا رَضَاعًا فِي مُدَّتِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ وَلَمْ يَخْتَلِ بِهَا أَصْلًا فَهَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا مَهْرَ لَهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِذَا ثَبَتَ الرَّضَاعُ بِالشُّهُودِ الْعُدُولِ إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الزَّوْجَيْنِ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى مَجْمُوعَةٌ قَدْرِي أَفَنْدِي عَنْ الْمُضْمَرَاتِ. (أَقُولُ) وَفِي قَوْلِهِ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ إلَّا بِتَفْرِيقِ الْقَاضِي كَمَا عَزَاهُ فِي الْبَحْرِ فِي آخِرِ كِتَابِ الرَّضَاعِ إلَى الْمُحِيطِ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ شَهِدَ عِنْدَهَا عَدْلَانِ عَلَى الرَّضَاعِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ يَجْحَدُ ثُمَّ مَاتَا أَوْ عَابَا أَيْ الشَّاهِدَانِ قَبْلَ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي لَا يَسَعُهَا الْمَقَامُ مَعَهُ كَمَا لَوْ شَهِدَا بِطَلَاقِهَا الثَّلَاثَ كَذَلِكَ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ. اهـ. أَيْ الْمَنْظُومَةُ الْوَهْبَانِيَّةُ وَعَلَّلَهُ فِي الْخَانِيَّةِ بِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ لَوْ قَامَتْ عِنْدَ الْقَاضِي يَثْبُتُ الرَّضَاعُ فَكَذَا لَوْ قَامَتْ عِنْدَهَا. (سُئِلَ) فِي امْرَأَتَيْنِ أَجْنَبِيَّتَيْنِ أَرْضَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَوْلَادًا مَعْلُومِينَ لِلْأُخْرَى ثُمَّ وَلَدَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا وَالْأُخْرَى أُنْثَى وَلَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى ثَدْيٍ وَاحِدٍ بِأَنْ لَمْ يَرْضِعْ الذَّكَرُ مِنْ أُمِّ الْأُنْثَى وَلَا الْأُنْثَى مِنْ أُمِّ الذَّكَرِ أَصْلًا فَهَلْ يَسُوغُ لِلذَّكَرِ التَّزَوُّجُ بِالْأُنْثَى؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ وَتَحِلُّ أُخْتُ أَخِيهِ رَضَاعًا كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ أُخْتٌ نَسَبِيَّةٌ رَضَعَتْ مِنْ امْرَأَةٍ لَهَا بِنْتٌ نِسْبِيَّةٌ فَهَلْ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ تِلْكَ الْبِنْتَ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ التَّزَوُّجُ بِأُخْتِ أُخْتِهِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ لِزَيْدٍ أَرْضَعَتْ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَلَدَيْنِ لِعَمْرٍو وَيُرِيدُ أَخُو زَيْدٍ التَّزَوُّجَ بِبِنْتٍ لِعَمْرٍو لَمْ تَرْضَعْ مِنْ زَوْجَةِ زَيْدٍ أَصْلًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) أَيْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِنْتَ أَخِيهِ بَلْ هِيَ أُخْتُ أَوْلَادِ أَخِيهِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَلَا يَحِلُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِبِنْتِ أَخِيهِ رَضَاعًا كَمَا هُوَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ الْمُتُونِ وَلَمْ يَذْكُرُوهَا فِي الْمُسْتَثْنَيَاتِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ أَخْبَرَتْ رَجُلًا بِأَنَّهَا أَرْضَعَتْ زَوْجَتَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهَا الرَّجُلُ وَلَا بَيِّنَةَ هُنَاكَ ثُمَّ مَاتَتْ زَوْجَتُهُ ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا وَقَالَتْ أَخْطَأْت وَيُرِيدُ الرَّجُلُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي صَبِيٍّ مَاتَتْ أُمُّهُ فَرَضَعَ مِنْ خَالَتِهِ مَعَ بِنْتٍ لَهَا فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَيُرِيدُ أَبُوهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتَ خَالَةٍ ابْنِهِ الَّتِي هِيَ أُخْتُ أُخْتُ ابْنِهِ رَضَاعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ أُخْتَ ابْنِهِ رَضَاعًا تَحِلُّ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فَبِالْأَوْلَى أُخْتُ أُخْتُ ابْنِهِ رَضَاعًا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُخْتِ خَالِهِ رَضَاعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ أُمَّ خَالِهِ وَخَالَتَهُ مِنْ الرَّضَاعِ حَلَالٌ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَالْبَحْرِ فَأُخْتُ خَالِهِ بِالْأَوْلَى. (أَقُولُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْخَالِ وَأُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ كَانَ الْخَالُ مِنْ الرَّضَاعِ وَأُمُّهُ مِنْ النَّسَبِ

كتاب الطلاق

أَوْ بِالْعَكْسِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَكَذَا يُقَالُ فِي أُخْتِ الْخَالِ فِي مَسْأَلَتِنَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ زَوْجَةٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا خَالَتَهَا مِنْ الرَّضَاعِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ فَكَأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ خَطَبَ امْرَأَةً وَكَانَا رَضَعَا مِنْ جَدَّتِهَا لِأُمِّهَا فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ قَالَتْ أَرْضَعْت زَيْدًا ثُمَّ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا وَحَلَفَتْ بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ أَنَّهَا لَمْ تُرْضِعْهُ أَصْلًا وَصَدَّقَهَا زَيْدٌ عَلَى ذَلِكَ وَيُرِيدُ التَّزَوُّجَ بِابْنَتِهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا وَفِي الْقُنْيَةِ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُعْطِي ثَدْيَهَا صَبِيَّةً وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ تَقُولُ لَمْ يَكُنْ فِي ثَدْيِي لَبَنٌ حِينَ أَلْقَمْتهَا ثَدْيِي وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا جَازَ لِابْنِهَا أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَذِهِ الصَّبِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي صَغِيرٍ وَصَغِيرَةٍ رَضَعَا مِنْ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَيُرِيدُ أَبُو الصَّغِيرِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الصَّغِيرَةَ الْمَزْبُورَةَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَحِلُّ لَهُ أُخْتُ وَلَدِهِ رَضَاعًا كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِي شَهَادَةِ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ عَلَى الرَّضَاعِ هَلْ تُقْبَلُ؟ (الْجَوَابُ) : حُجَّةُ الرَّضَاعِ حُجَّةُ الْمَالِ وَهُوَ شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلٍ وَعَدْلَتَيْنِ وَلَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ وَحْدَهُنَّ لَكِنْ إنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُ الْمُخْبِرِ تُرِكَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (أَقُولُ) : أَيْ تُرِكَ احْتِيَاطًا وَذُكِرَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْكَافِي وَالنِّهَايَةِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَلَوْ رَجُلًا قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ مُحَرَّمَاتِ الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ عَدْلٌ ثِقَةٌ يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ النِّكَاحُ وَإِنْ أَخْبَرَ بَعْدَ النِّكَاحِ فَالْأَحْوَطُ أَنْ يُفَارِقَهَا ثُمَّ وَفَّقَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ كُلٍّ عَلَى رِوَايَةٍ أَوْ حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى غَيْرِ الْعَدْلِ أَوْ كَتَبْت فِي حَاشِيَتِي عَلَيْهِ عَنْ الْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيِّ أَنَّ قَوْلَ الْخَانِيَّةِ يُؤْخَذُ بِقَوْلِهِ مَعْنَاهُ يُفْتِي لَهُمْ بِذَلِكَ احْتِيَاطًا فَأَمَّا الثُّبُوتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى نِصَابِ الشَّهَادَةِ التَّامِّ وَقَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ نَحْوُ ذَلِكَ مُعَلَّلًا بِأَنْ تَرَكَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ تَحِلُّ لَهُ أَوْلَى مِنْ نِكَاحِ مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ وَبَقِيَ مَا لَوْ أَخْبَرَ الْوَاحِدُ بِرَضَاعٍ طَارِئٍ عَلَى الْعَقْدِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ صَغِيرَةً فَأَخْبَرَ بِأَنَّ أُمَّهُ مَثَلًا أَرْضَعَتْهَا بَعْدَ الْعَقْدِ فَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ فِيهِ مَقْبُولٌ وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ فَرَاجِعْهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ زَوْجَةٌ وَابْنٌ مِنْهَا ثُمَّ جَاءَتْ لَهُ بِثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ ثُمَّ أَرْضَعَتْ بِنْتَ عَمْرٍو وَيُرِيدُ زَيْدٌ تَزْوِيجَ ابْنِهِ الْمَذْكُورِ بِبِنْتِ عَمْرٍو الْمَذْكُورَةِ زَاعِمًا أَنَّهَا تَحِلُّ لِكَوْنِهَا لَمْ تَرْضَعْ مِنْ زَوْجَتِهِ مَعَ ابْنِهِ الْمَذْكُورِ بَلْ بَعْدَهُ فَهَلْ حَيْثُ رَضَعَتْ مِنْ زَوْجَتِهِ صَارَتْ أُخْتَ ابْنِهِ فَلَا تَحِلُّ لِابْنِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ الْمَذْكُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي صَبِيٍّ رَضَعَ مِنْ امْرَأَةٍ وَعُمْرُهُ ثَلَاثُ سِنِينَ ثُمَّ أَرْضَعَتْ الْمَرْأَةُ بِنْتًا عُمْرُهَا سَنَةٌ فَهَلْ يَحِلُّ لِلصَّبِيِّ التَّزَوُّجُ بِالْبِنْتِ الْمَذْكُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ الرَّضَاعَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّتِهِ وَهِيَ سَنَتَانِ وَنِصْفٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَكُونُ مُحَرِّمًا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ وَنِصْفٍ وَإِنْ لَمْ يُفْطَمْ وَبِهِ يُفْتِي الْقَاضِي الْإِمَامُ. اهـ. . [كِتَاب الطَّلَاق] (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَنَفِيٍّ حَلَفَ بِالْحَرَامِ لَيُحَجِّجَنَّ زَوْجَتَهُ فِي هَذَا الْعَامِ فَلَمْ يَفْعَلْ وَخَرَجَ الْحَاجُّ مِنْ بَلْدَتِهِمَا ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ رَاجَعَهَا بِالْقَوْلِ ظَانًّا جَوَازَ ذَلِكَ وَحَجَّ النَّاسُ وَرَجَعُوا فِي الْعَامِ الْمَذْكُورِ وَمَضَى مِنْ حِينِ الْمُرَاجَعَةِ الْمَذْكُورَةِ ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ وَهُوَ مُقِيمٌ مَعَهَا مُقِرٌّ بِطَلَاقِهَا الْمَذْكُورِ وَاشْتُهِرَ طَلَاقُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَصَارَ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ مَعْلُومًا بَيْنَهُمْ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَيُرِيدُ الْآنَ مُرَاجَعَتَهَا لِعِصْمَتِهِ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ بِرِضَاهَا بَعْدَ ثُبُوتِ حَلِفِهِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا، وَاشْتِهَارُهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ وَالْمُرَاجَعَةُ الْأُولَى غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ لَمْ يَفْعَلْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ

بَائِنَةٌ مَلَكَتْ بِهَا نَفْسَهَا وَالْمُرَاجَعَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ لِأَنَّهَا بِدُونِ تَجْدِيدِ نِكَاحٍ وَقَبْلَ الْحِنْثِ وَحَيْثُ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً وَإِذَا كَانَ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ مَعْلُومًا عِنْدَ النَّاسِ يُصَدَّقَانِ وَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا لِعِصْمَتِهِ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ بِرِضَاهَا كَمَا نَقَلَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ الْقُنْيَةِ وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى أَبَانَهَا وَأَقَامَ مَعَهَا فَإِنْ اُشْتُهِرَ طَلَاقُهَا بَيْنَ النَّاسِ تَنْقَضِي وَإِلَّا لَا هُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الْخَانِيَّةِ أَبَانَهَا ثُمَّ أَقَامَ مَعَهَا زَمَانًا إنْ مُقِرًّا بِطَلَاقِهَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا لَا إنْ مُنْكِرًا اهـ. (سُئِلَ) فِي قَوْلِهِ رُوحِي طَالِقٌ هَلْ هُوَ رَجْعِيٌّ وَهَلْ يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى الِاسْتِثْنَاءِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ هُوَ رَجْعِيٌّ كَمَا أَفْتَى بِهِ التُّمُرْتَاشِيُّ وَالْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فَرَاجِعْ فَتَاوِيهُمَا وَفِي فَوَائِدِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيِّ لَوْ عَرَفَ الطَّلَاقَ بِإِقْرَارِهِ يُسْمَعُ دَعْوَى الِاسْتِثْنَاءِ مِنْهُ وَلَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ لَا يُسْمَعُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ وَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (أَقُولُ) وَسَيَأْتِي أَنَّهُ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الِاسْتِثْنَاءَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مُنَازِعٌ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا فَشَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ أَنَّك اسْتَثْنَيْت مَوْصُولًا وَهُوَ لَا يَذْكُرُ ذَلِكَ هَلْ يَعْتَمِدُ عَلَى قَوْلِهِمَا؟ (الْجَوَابُ) : إنْ كَانَ الرَّجُلُ فِي الْغَضَبِ يَصِيرُ بِحَالٍ يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ مَا لَا يُرِيدُ وَلَا يُحْفَظُ مَا يَجْرِي جَازَ لَهُ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى قَوْلِهِمَا وَإِلَّا فَلَا قَاضِي خَانْ مِنْ كِتَابِ التَّعْلِيقِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مِنْ زَوْجَتِهِ أَنَّهَا فَرِحَتْ بِمَوْتِ أَخِيهَا كَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : يُسْأَلُ مِنْهَا عَنْ فَرَحِهَا فَإِنْ أَخْبَرَتْ بِهِ لَا يَقَعُ وَإِنْ أَخْبَرَتْ أَنَّهَا لَمْ تَفْرَحْ بِذَلِكَ يَقَعُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ إنْ حِضْت حَيْضَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَكَثَتْ عَشْرَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ قَالَتْ حِضْت وَاطَّهَرَتْ وَاغْتَسَلَتْ وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ فِي ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَخْبَرَتْ عَمَّا هُوَ شَرْطُ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ بِطَلَاقِهَا وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ فِي ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّرْطُ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا بِحُجَّةٍ لِأَنَّهَا تَدَّعِي طَلَاقًا عَلَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجُ يُنْكِرُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّرْطُ مِمَّا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهَا كَالطُّهْرِ وَالْحَيْضِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي حَقِّ طَلَاقِهَا إنْ كَانَ مَا ادَّعَتْ مِنْ الشَّرْطِ قَائِمًا وَقْتَ الْإِخْبَارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا وَقْتَ الْإِخْبَارِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ فِي نَوْعِ إخْبَارِ الْمَرْأَةِ عَمَّا هُوَ شَرْطُ الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ هِيَ قَوْلُهُمْ وَمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا فَرَاجِعْهَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَةَ بَائِنًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَهُوَ صَاحِبُ فِرَاشٍ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ مِنْهَا لِذَلِكَ وَمَاتَ فِي عِدَّتِهَا فَهَلْ تَرِثُ مِنْهُ؟ (الْجَوَابُ) : تَرِثُ مِنْهُ إنْ كَانَتْ وَقْتَ الطَّلَاقِ مِمَّنْ يَرِثُ كَذَا فِي التَّنْوِيرِ وَالْفُصُولَيْنِ وَقَاضِي خَانْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا فِي صِحَّتِهِ فَمَاتَ فِي الْعِدَّةِ تَرِثُهُ وَكَذَا لَوْ مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ يَرِثُهَا الزَّوْجُ لَا لَوْ أَبَانَهَا فِي صِحَّتِهِ فَمَاتَ فِي الْعِدَّةِ وَكَذَا لَوْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ بِأَمْرِهَا لَا تَرِثُهُ فَلَوْ أَبَانَهَا بِلَا أَمْرِهَا فَمَاتَ فِي الْعِدَّةِ تَرِثُهُ عِنْدَنَا لَا لَوْ مَاتَ بَعْدَ مُضِيِّهَا فُصُولَيْنِ مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ آخِرَ الْكِتَابِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَشَاجَرَ مَعَ رَفِيقٍ لَهُ بَيْنَهُمَا مُعَامَلَاتٌ صَدَرَتْ الْمُشَاجَرَةُ لِأَجْلِهَا فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ أَيْ الرَّفِيقُ لَوْ تَرَاءَى لِي فِي الْمَاءِ لَا أَشْرَبُهُ قَاصِدًا فِي ذَلِكَ عَدَمَ الْمُعَامَلَةِ مَعَهُ مِنْ بَعْدُ فَهَلْ إذَا رَافَقَهُ وَلَمْ يُعَامِلْهُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ زَيْدًا أَخَذَ مِنْهُ سَفَرْجَلَةً فَأَنْكَرَ زَيْدٌ ذَلِكَ ثُمَّ أَقَرَّ فَهَلْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُقِرِّ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيُسَافِرَنَّ مِنْ بَلْدَتِهِ وَسَكَتَ فَقَالَ عَمْرٌو وَتَعُودُ سَرِيعًا فَقَالَ وَلَا أَعُودُ مَا لَمْ تَمْضِ سَنَتَانِ وَسَافَرَ إلَى بَلْدَةٍ بَعِيدَةٍ وَمَكَثَ بِهَا نَحْوُ شَهْرٍ ثُمَّ عَادَ إلَى بَلْدَتِهِ فَهَلْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ وَلَا يَلْحَقُ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ بِحَلِفِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ إذَا أَلْحَقَ بِالْيَمِينِ الْمَعْقُودِ بَعْدَ سُكُوتِهِ شَرْطًا إنْ كَانَ الشَّرْطُ لَهُ لَا يُلْتَحَقُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ عَلَيْهِ يُلْتَحَقُ

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ لَا يُلْتَحَقُ وَبِهِ أَخَذَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ. اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْمُخْتَارُ قَوْلُ ابْنِ سَلَمَةَ وَهُوَ عَدَمُ الِالْتِحَاقِ بَعْدَ الْفَرَاغِ فِي الْحَالَيْنِ وَبِهِ يُفْتِي. اهـ. وَأَفْتَى بِذَلِكَ التُّمُرْتَاشِيُّ وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ ثَلَاثًا إنْ كَانَ سُكُوتُهُ لِانْقِطَاعِ النَّفْسِ تَطْلُقُ ثَلَاثًا وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ لِأَنَّ السُّكُوتَ لِانْقِطَاعِ النَّفَسِ لَا يَفْصِلُ. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً ثُمَّ بَعْدَ سَاعَةٍ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَهَلْ بَانَتْ بِالْأُولَى لَا إلَى عِدَّةٍ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الثَّانِي؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ كُلَّ لَفْظٍ إيقَاعٌ عَلَى حِدَةٍ فَتَبَيَّنَ بِالْأَوْلَى بِلَا عِدَّةٍ فَتُصَادِفُهَا الثَّانِيَةُ وَهِيَ بَائِنَةٌ فَلَا يَقَعُ كَذَا فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ فَلَهُ عَقْدُ نِكَاحِهِ عَلَيْهَا بِرِضَاهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بِذِمَّتِهِ لِزَوْجَتِهِ دَيْنٌ مُقَسَّطٌ عَلَيْهِ كُلُّ يَوْمٍ مِصْرِيَّتَيْنِ فَحَلَفَ لَهَا بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ يَدْفَعُ لَهَا كُلُّ يَوْمٍ مِصْرِيَّتَيْنِ وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ كَسَرَ لَهَا مِنْ الْقِسْطِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِصْرِيَّةً لِإِعْسَارِهِ فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : بِمُقْتَضَى مَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ لِأَنَّ شَرْطَ الْعَجْزِ أَنْ لَا يُمْكِنُ الْبِرُّ أَصْلًا فَحَيْثُ أَمْكَنَهُ الْبِرُّ بِنَحْوِ اسْتِقْرَاضٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَلَمْ يَبَرَّ وَقَعَ عَلَيْهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يُسَافِرَ حَتَّى يُعْطِيَ زَوْجَتَهُ خَرْجِيَّةً فَسَافَرَ وَلَمْ يُعْطِهَا خَرْجِيَّةً وَادَّعَى أَنَّهُ نَسِيَ ذَلِكَ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَقَعُ طَلَاقُ السَّاهِي قَضَاءً فَقَطْ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ السَّهْوَ وَالنِّسْيَانَ مُتَرَادِفَانِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ رُوحِي طَالِقٌ وَكَرَّرَهَا ثَلَاثًا نَاوِيًا بِذَلِكَ جَمِيعِهِ وَاحِدَةً وَتَأْكِيدًا لِلْأُولَى وَزَجَرَهَا وَتَخْوِيفَهَا وَهُوَ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ الْعَظِيم أَنَّهُ قَصَدَ ذَلِكَ لَا غَيْرَهُ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ دِيَانَةً حَيْثُ نَوَاهَا فَقَطْ وَلَهُ مُرَاجَعَةُ زَوْجَتِهِ فِي الْعِدَّةِ بِدُونِ إذْنِهَا حَيْثُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ عَلَيْهَا طَلْقَتَانِ؟ (الْجَوَابُ) : لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ قَضَاءً لِأَنَّ الْقَاضِيَ مَأْمُورٌ بِاتِّبَاعِ الظَّاهِرِ وَاَللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ وَإِذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ التَّأْسِيسِ وَالتَّأْكِيدِ تَعَيَّنَ الْحَمْلُ عَلَى التَّأْسِيسِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَيُصَدَّقُ دِيَانَةً أَنَّهُ قَصَدَ التَّأْكِيدَ وَيَقَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ دِيَانَةً حَيْثُ نَوَاهَا فَقَطْ وَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا فِي الْعِدَّةِ بِدُونِ إذْنِهَا حَيْثُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ عَلَيْهَا طَلْقَتَانِ لِأَنَّ رُوحِي طَالِقٌ رَجْعِيٌّ كَمَا فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ وَالتُّمُرْتَاشِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَأَمَّا رُوحِي فَقَطْ فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ إذْ هُوَ كَاذْهَبِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ لَكِنْ لَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ قَصْدًا لِتَأْكِيدٍ إلَّا بِيَمِينِهِ لِأَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ كَانَ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَهُ إنَّمَا يُصَدَّقُ مَعَ الْيَمِينِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي الْإِخْبَارِ عَمَّا فِي ضَمِيرِهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَأَفْتَى بِذَلِكَ التُّمُرْتَاشِيُّ. وَقَالَ فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت بِهِ التَّكْرَارَ صُدِّقَ دِيَانَةً وَفِي الْقَضَاءِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا. اهـ. وَمِثْله فِي الْأَشْبَاهِ وَالْحَدَّادِيِّ وَزَادَ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالْقَاضِي فَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَهُ إذَا سَمِعْت مِنْهُ ذَلِكَ أَوْ عَلِمْت بِهِ لِأَنَّهَا لَا تَعْلَمُ إلَّا الظَّاهِرَ. اهـ. (سُئِلَ) فِي الرَّجُلِ إذَا شَكَّ أَنَّهُ طَلَّقَ أَمْ لَا فَهَلْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يَقَعُ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ أَيْ فِي قَاعِدَةِ الْأَصْلِ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ. (سُئِلَ) فِي قَرَوِيٍّ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَسْكُنُ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ مَا دَامَ فُلَانٌ شَيْخًا فِيهَا وَرَحَلَ مِنْهَا فَوْرًا بِزَوْجَتِهِ، وَجَمِيعُ مَالِهِ فِيهَا ثُمَّ عُزِلَ الشَّيْخُ الْمَذْكُورُ عَنْ الْمَشْيَخَةِ وَنُصِّبَ غَيْرُهُ شَيْخًا مَكَانَهُ ثُمَّ رَجَعَ الْحَالِفُ إلَى الْقَرْيَةِ وَسَكَنَ فِيهَا وَعَادَ الشَّيْخُ الْمَعْزُولُ إلَى الْمَشْيَخَةِ فَهَلْ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ بِذَلِكَ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ بِعَزْلِ الشَّيْخِ الْمَزْبُورِ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ وَلَوْ عَادَ الشَّيْخُ الْأَوَّلُ لِلْمَشْيَخَةِ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ: كَلِمَةُ مَا زَالَ وَمَا دَامَ وَمَا كَانَ غَايَةٌ تَنْتَهِي الْيَمِينُ بِهَا. وَقَالَ الْعَلَائِيُّ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا مَا دَامَ بِبُخَارَى فَخَرَجَ مِنْهَا ثُمَّ رَجَعَ فَفَعَلَ لَا يَحْنَثُ لِانْتِهَاءِ الْيَمِينِ وَكَذَا لَا يَأْكُلُ هَذَا الطَّعَامَ مَا دَامَ فِي مِلْكِ فُلَانٍ فَبَاعَ فُلَانٌ بَعْضَهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ بَاقِيهِ لِانْتِهَاءِ الْيَمِينِ بِبَيْعِ الْبَعْضِ. اهـ. وَأَفْتَى بِذَلِكَ الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ وَالشَّيْخُ الْحَائِكُ وَصُورَةُ مَا أَجَابَ بِهِ الرَّمْلِيُّ الْأَصْلُ

أَنَّ الْحَلِفَ إذَا جُعِلَ غَايَةً وَفَاتَتْ تَبْطُلُ الْيَمِينُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَخَرَّجُوا عَلَى ذَلِكَ فُرُوعًا فَقَوْلُ الْحَالِفِ مَا دَامَ أَوْ كَانَ أَوْ اسْتَمَرَّ أَوْ اسْتَقَرَّ أَوْ طُولُ مَا الْأَمْرُ كَذَا وَمَا زَالَ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا يُوجِبُ التَّوْقِيتَ يَقْتَضِي الدَّوَامَ وَعَدَمَ الِانْقِطَاعِ لِبَقَاءِ الْيَمِينِ فَإِذَا زَالَتْ الدَّيْمُومِيَّةُ وَفَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ فَقَدْ فَعَلَهُ وَالْيَمِينُ مُنْتَهِيَةٌ فَلَا يَحْنَثُ صَرَّحَ بِهِ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَجَامِعِ الْفَتَاوَى وَفَتَاوَى الْفَضْلِيِّ وَفَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ وَالْعُيُونِ وَالْبَحْرِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّقْلَ مُسْتَفِيضٌ فِي الْمَسْأَلَةِ اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ادَّعَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُسَافِرُ حَتَّى يَدْفَعَ لَهَا خَمْسَةَ قُرُوشٍ وَأَنَّهُ سَافَرَ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهَا وَقَالَ دَفَعْت وَلَمْ تُصَدِّقْهُ وَلَا بَيِّنَةَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ (أَقُولُ) وَسَيَأْتِي أَوَاخِرَ الْبَابِ نَقْلُ الْمَسْأَلَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا حَلَفَ زَيْدٌ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يُسَاكِنُ صِهْرَهُ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَهَلْ إذَا سَاكَنَهُ فِيهَا وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي دَارٍ عَلَى حِدَةٍ لَا يَحْنَثُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا بِالْكُوفَةِ فَهُوَ عَلَى الْمُسَاكَنَةِ فِي دَارٍ بِالْكُوفَةِ حَتَّى لَوْ سَكَنَ الْحَالِفُ فِي دَارٍ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِي دَارٍ أُخْرَى لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْمُسَاكَنَةَ هِيَ الْمُخَالَطَةُ وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ إذَا سَكَنَا فِي دَارَيْنِ وَتَخْصِيصُ الْكُوفَةِ بِالذِّكْرِ لِتَخْصِيصِ الْيَمِينِ بِهَا حَتَّى لَا يَحْنَثُ بِالْمُسَاكَنَةِ فِي غَيْرِهَا إلَّا إذَا نَوَى أَنْ لَا يَسْكُنَ هُوَ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِالْكُوفَةِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ عَلَى مَا نَوَى لِأَنَّهُ شَدَّدَ الْأَمْرَ عَلَى نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يُسَاكِنَ فُلَانًا فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَهُوَ عَلَى أَنْ يُسَاكِنَهُ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يُسَاكِنَهُ فِي الدُّنْيَا ذَخِيرَةٌ مِنْ الْأَيْمَانِ فِي نَوْعٍ آخَرَ فِي السُّكْنَى. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ زَوْجَةٌ مُوَافِقَةٌ لِأُمِّهَا مُطِيعَةٌ لَهَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِي مَسْكَنٍ عَلَى حِدَةٍ فَقَالَ لِزَوْجَتِهِ مَا دُمْت مَعَ أُمِّك تَكُونِي طَالِقَةً فَانْقَطَعَتْ عَنْ مُوَافَقَتِهَا وَإِطَاعَتِهَا مُدَّةً وَلَفْظُ تَكُونِي مُغَلَّبٌ فِي الْحَالِ وَنِيَّتُهُ فِي الْمَعِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُوَافَقَةِ وَالْإِطَاعَةِ لَهَا فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : صِيغَةُ الْمُضَارِعِ لَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ إلَّا إذَا غَلَبَ فِي الْحَالِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْكَمَالُ بْنُ الْهُمَامِ وَحَيْثُ تَرَكَتْ ذَلِكَ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ فَإِذَا عَادَتْ لِمُوَافَقَتِهَا وَإِطَاعَتِهَا لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّ كَلِمَةَ مَا دَامَ غَايَةٌ يَنْتَهِي الْيَمِينُ بِهَا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ. (سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ خَادِمِينَ فِي بَابِ حَاكِمٍ حَلَفُوا بِالطَّلَاقِ إنْ عَادَ زَيْدٌ لِخِدْمَتِهِ لَيَخْرُجُونَ مِنْ بَابِهِ فَإِذَا عَادَ زَيْدٌ لِخِدْمَتِهِ كَمَا كَانَ وَخَرَجَ الْجَمَاعَةُ مِنْ الْبَابِ وَتَرَكُوا الْخِدْمَةَ مُدَّةً فَهَلْ بَرُّوا بِيَمِينِهِمْ وَإِذَا عَادُوا بَعْدَ ذَلِكَ إلَى بَابِهِ وَخَدَمُوا لَا يَقَعُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنْ لَا تَدْخُلَ دَارَ أَبِيهَا إلَى سَنَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ فِي السَّنَتَيْنِ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ غَيْرُ مُسْتَغْرِقٍ لِتَرِكَتِهِ فَهَلْ إذَا دَخَلَتْ الدَّارَ الْآنَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ فَمَاتَ صَاحِبُ الدَّارِ ثُمَّ دَخَلَ الْحَالِفُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهَا انْتَقَلَتْ لِلْوَرَثَةِ بِالْمَوْتِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ يَحْنَثُ لِأَنَّهَا بَقِيَتْ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ لَا يَحْنَثُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّهَا لَمْ تَبْقَ مِلْكًا لِلْمَيِّتِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. اهـ مِنْ الْبَحْرِ مِنْ بَابِ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَصَلَ لَهُ دَهَشٌ زَالَ بِهِ عَقْلُهُ وَصَارَ لَا شُعُورَ لَهُ لِأَمْرٍ عَرَضَ لَهُ مِنْ ذَهَابِ مَالِهِ وَقَتْلِ ابْنِ خَالِهِ فَقَالَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَا رَبِّ أَنْتَ تَشْهَدُ عَلَى أَنِّي طَلَّقْت فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ يَعْنِي زَوْجَتَهُ الْمَخْصُوصَةَ بِالثَّلَاثِ عَلَى أَرْبَعِ مَذَاهِبِ الْمُسْلِمِينَ كُلَّمَا حَلَّتْ تَحْرُمُ فَهَلْ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ؟ (الْجَوَابُ) : الدَّهَشُ هُوَ ذَهَابُ الْعَقْلِ مِنْ ذَهْلٍ أَوْ وَلَهٍ وَقَدْ صَرَّحَ فِي التَّنْوِيرِ والتتارخانية وَغَيْرِهِمَا بِعَدَمِ وُقُوعِ طَلَاقِ الْمَدْهُوشِ فَعَلَى هَذَا حَيْثُ حَصَلَ لِلرَّجُلِ دَهَشٌ زَالَ بِهِ عَقْلُهُ وَصَارَ لَا شُعُورَ لَهُ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ إنْ عُرِفَ

مِنْهُ الدَّهَشُ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ قَضَاءً إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ عُلَمَاءُ الْحَنَفِيَّةِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مِنْ زَوْجَتِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنَّهَا تَرُوحُ طَالِقَةً وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ أَصْلًا وَقَدْ غَلَبَ الْمُضَارِعُ فِي الْحَالِ فَهَلْ وَقَعَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا فِي الْعِدَّةِ بِلَا إذْنِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عَلَى أُخْتِهِ الْبَالِغَةِ السَّاكِنَةِ فِي دَارِ أَبِي زَوْجِهَا قَائِلًا لَا أُخَلِّيك تَسْكُنِينَ مَعَ حَمَاتِك فِي الدَّارِ الْمَزْبُورَةِ وَالرَّجُلُ لَا يَمْلِكُ مَنْعَ مُسَاكَنَتِهَا بِالْفِعْلِ فَهَلْ إذَا مَنَعَهَا بِالْقَوْلِ يَصِيرُ بَارًّا وَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الدَّارُ لِلْحَالِفِ فَمَنَعَهَا بِالْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْأَيْمَانِ فِي الْيَمِينِ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ وَرَسَائِلِ الْعَلَّامَةِ الشُّرُنْبُلَالِيِّ رَجُلٌ حَلَفَ لَا يَدَعُ فُلَانًا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ إنْ كَانَتْ الدَّارُ لِلْحَالِفِ فَمَنَعَهُ بِالْقَوْلِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ بِالْفِعْلِ حَتَّى دَخَلَ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَيَكُونُ شَرْطُ بِرِّهِ الْمَنْعَ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلَ بِقَدْرِ مَا يُطِيقُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الدَّارُ لِلْحَالِفِ فَمَنَعَهُ بِالْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ لَا يَكُونُ حَانِثًا. اهـ. خَانِيَّةٌ مِنْ الْأَيْمَانِ مِنْ فَصْلِ التَّزْوِيجِ. (أَقُولُ) وَسَيَأْتِي زِيَادَةُ نَقْلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ لَا يَدْخُلَ دَارَ أَهْلِ زَوْجَتِهِ فَوَقَفَ عِنْدَ بَابِهَا فَتَلَّتْهُ حَمَاتُهُ وَدَفَعَهُ ابْنُهَا حَتَّى أُدْخِلَ مُكْرَهًا غَيْرَ رَاضٍ بِالدُّخُولِ فَهَلْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ مُكْرَهًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ أُدْخِلَ بِسَبَبِ التَّلِّ وَالدَّفْعِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ عَدَمُهُ حَتَّى لَمْ يُسْنَدْ إلَيْهِ الدُّخُولُ كَمَا لَوْ سَقَطَ مِنْ عُلُوٍّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ أُكْرِهَ عَلَى الدُّخُولِ بِالْإِكْرَاهِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي يَكُونُ بِالتَّوَعُّدِ وَخَوْفِ التَّلَفِ لِمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِهِ لَمَّا عُرِفَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَعْدَمُ الْفِعْلَ عِنْدَنَا وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الطَّعَامَ فَأُكْرِهَ عَلَيْهِ حَتَّى أَكَلَهُ حَنِثَ وَلَوْ أُوجِرَهُ فِي حَلْقِهِ لَا يَحْنَثُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْمُجْتَبَى لَوْ هَبَّتْ بِهِ الرِّيحُ وَأَدْخَلَتْهُ لَمْ يَحْنَثْ. اهـ. فَإِذَا لَمْ يَحْنَثْ بِفِعْلِ الرِّيحِ لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ فَاعِلٍ مُخْتَارٍ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى فَافْهَمْ فَقَدْ خَفَى كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى بَعْضِ النَّاظِرِينَ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ لَهُ زَيْدٌ دَخَلَ عَمْرٌو عِنْدَ زَوْجَتِك يَفْعَلُ شَيْئًا فَاحِشًا فَقَالَ الرَّجُلُ إنْ كَانَ الْأَمْرُ هَكَذَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَمْ يَصْدُرْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أَصْلًا فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ مَا ذُكِرَ لَا تَطْلُقُ إلَّا إذَا تَحَقَّقَ وُقُوعُ ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ مَسَائِلِ الْمُجَازَاةِ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ غَيْرُهَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَقَالَتْ لَهُ يَا عَرِصُ فَقَالَ لَهَا إنْ كُنْت عَرِصًا تَكُونِي طَالِقَةً ثَلَاثًا فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي حَالِ الْغَضَبِ تَطْلُقُ لِأَنَّ كَلَامَهُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُجَازَاةِ وَإِنْ قَالَ نَوَيْت التَّعْلِيقَ صُدِّقَ دِيَانَةً لَا قَضَاءً وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْغَضَبِ وَنَوَى بِهِ التَّعْلِيقَ وَلَمْ يَكُنْ مُتَّصِفًا بِالشَّرْطِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ. امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا يَا سَفَلَةُ أَوْ يَا قَرْطَبَانُ أَوْ يَا كشخان أَوْ شَيْئًا مِنْ الشَّتْمِ فَقَالَ الزَّوْجُ إنْ كُنْت كَمَا قُلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ تَطْلُقُ الْمَرْأَةُ كَمَا قَالَ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ كَمَا قَالَتْ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّ كَلَامَهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُجَازَاةِ ظَاهِرًا جَزَاءً لِإِيذَاءِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ نَوَيْت بِهِ التَّعْلِيقَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ دُيِّنَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُدَيَّنُ فِي الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُجَازَاةِ ظَاهِرًا وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ فَهُوَ عَلَى الْمُجَازَاةِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي نِيَّةِ التَّعْلِيقِ قَضَاءً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ يَنْوِي فِي ذَلِكَ فَإِنْ قَالَ نَوَيْت بِهِ التَّعْلِيقَ إنْ كَانَ الزَّوْجُ كَمَا قَالَتْ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَإِلَّا فَلَا خَانِيَّةٌ مِنْ كِتَابِ التَّعْلِيقِ وَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بَعْد ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي مَسَائِلِ الْمُجَازَاةِ وَقَالَ آخَرُ إنَّ فِي حَالَةِ الْغَضَبِ فَعَلَى الْمُجَازَاةِ فَيَقَعُ فِي الْحَالِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ عَلَيَّ الْحَرَامُ لَتَذْهَبِينَ فِي غَدٍ إلَى بَيْتِ أَهْلِك وَأُعْطِيَنَّك

حَقَّك يَعْنِي مُؤَخَّرَ صَدَاقِهَا فَذَهَبَتْ فِي الْغَدِ لِبَيْتِ أَهْلِهَا وَدَفَعَ لَهَا مُؤَخَّرَهَا وَوَضَعَهُ بِحَيْثُ تَنَالُهُ يَدُهَا فَامْتَنَعَتْ مِنْ أَخْذِهِ فَهَلْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ بَرَّ بِحَلِفِهِ لَأَقْضِيَنَّ مَالَك الْيَوْمَ لَوْ وَجَدَهُ فَأَعْطَاهُ فَلَمْ يُقْبَلْ فَوَضَعَهُ بِحَيْثُ تَنَالُهُ يَدُهُ لَوْ أَرَادَ قَبَضَهُ وَإِلَّا لَا تَنْوِيرٌ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالْحَرَامِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَكَانَ فُلَانٍ هَذِهِ الْأَيَّامِ وَكَانَ حَلِفُهُ فِي جُمُعَةِ عِيدِ الْأَضْحَى فَلَمْ يَدْخُلْهُ حَتَّى مَضَتْ عَشْرَةُ أَيَّامٍ مِنْ حِينِ الْحَلِفِ فَهَلْ إذَا دَخَلَهُ الْآنَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الْحَرَامُ؟ (الْجَوَابُ) : الْأَيَّامُ مَعْرِفَةٌ تَنْصَرِفُ إلَى عَشْرَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَ صَاحِبَاهُ تَقَعُ عَلَى جُمُعَةٍ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى فَحَيْثُ مَضَى مِنْ حَلِفِهِ عَشْرَةُ أَيَّامٍ لَا يَحْنَثُ إذَا دَخَلَ الْمَكَانَ الْمَزْبُورُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَبَ مِنْهُ أَخُو زَوْجَتِهِ طَلَاقَهَا فَقَالَ الرَّجُلُ فُلَانٌ وَكِيلِي إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَطَلَّقَهَا فُلَانٌ ثَلَاثًا وَلَمْ يَنْوِ الْمُوَكِّلُ الثَّلَاثَ فَهَلْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ؟ (الْجَوَابُ) : الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ ثَلَاثًا إنْ نَوَى الزَّوْجُ الثَّلَاثَ وَقَعْنَ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَقَعُ وَاحِدَةً كَازَرُونِيٌّ عَنْ الْحَانُوتِيِّ وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الطَّلَاقِ الَّذِي يَكُونُ مِنْ الْوَكِيلِ وَفِيهَا وَكَّلَهُ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ ثِنْتَيْنِ لَا يَقَعُ شَيْءٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَقَعُ وَاحِدَةً. اهـ. لَكِنْ فِي مَسْأَلَتِنَا لَا يَقَعُ شَيْءٌ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا حَيْثُ أَنْشَأَ قَالَ فِي الْمُلْتَقَى مِنْ شَتَّى الْقَضَاءِ وَذَكَرَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي آخِرِ صَكٍّ يَبْطُلُ كُلُّهُ وَعِنْدَهُمَا آخِرُهُ فَقَطْ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ وَهُنَا أُضِيفَ الْإِنْشَاءُ الْمَذْكُورُ إلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ فَقَطْ وَهُوَ الْوَكَالَةُ الْمَذْكُورَةُ فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَتَزَوَّجَنَّ قَبْلَ مَجِيءِ الْحَاجِّ فَعَقَدَ عَقْدَهُ عَلَى امْرَأَةٍ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى جَاءَ الْحَاجُّ فَهَلْ بَرَّ بِيَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَفْتَى بِهِ الْمَرْحُومُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مَنْ فَصْلِ تَعَارُضِ الْعُرْفِ مَعَ الشَّرْعِ لَوْ حَلَفَ لَا يَنْكِحُ فُلَانَةَ حَنِثَ بِالْعَقْدِ لِأَنَّهُ النِّكَاحُ شَرْعًا لَا بِالْوَطْءِ كَمَا فِي كَشْفِ الْأَسْرَارِ بِخِلَافِ لَا يَنْكِحُ زَوْجَتَهُ فَإِنَّهُ لِلْوَطْءِ. اهـ. وَهَذَا فِي النِّكَاحِ فَفِي التَّزَوُّجِ بِالْأَوْلَى قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الصِّحَاحِ النِّكَاحُ الْوَطْءُ وَقَدْ يَكُونُ الْعَقْدُ تَقُولُ نَكَحْتهَا وَنَكَحَتْ هِيَ أَيْ تَزَوَّجْت وَهِيَ نَاكِحٌ مِنْ بَنِي فُلَانٍ أَيْ ذَاتُ زَوْجٍ. اهـ. فَفَسَّرَ النِّكَاحَ الَّذِي هُوَ الْعَقْدُ بِالتَّزَوُّجِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سُئِلَ عَنْ زَوْجَتِهِ فَقَالَ أَنَا طَلَّقَتْهَا وَعَدَّيْت عَنْهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا بَلْ أَخْبَرَ كَاذِبًا فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً وَيُدَيَّنُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي الْعَلَائِيِّ عَنْ شَرْحِ نَظْمِ الْوَهْبَانِيَّةِ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ وَعَنَى بِهِ الْإِخْبَارَ كَذِبًا وَقَعَ قَضَاءً إلَّا إذَا أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ. اهـ. وَفِي الْبَحْرِ الْإِقْرَارُ بِالطَّلَاقِ كَاذِبًا يَقَعُ قَضَاءً لَا دِيَانَةً. اهـ. وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَالْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُ فُلَانًا فَشَارَكَهُ بِمَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ شَارَكَهُ بِمَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لَا يَحْنَثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ. . (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ عَزَبٍ قَالَ بِالتُّرْكِيَّةِ مَا مَعْنَاهُ بِالْعَرَبِيَّةِ الَّذِي أَخَذْته وَاَلَّذِي آخُذُهُ يَعْنِي النِّكَاحَ يَكُونَانِ طَالِقَتَيْنِ وَيُرِيدُ التَّزَوُّجَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا عَقَدَ نِكَاحَهُ فُضُولِيٌّ وَأَجَازَ هُوَ بِالْفِعْلِ لَا بِالْقَوْلِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَطَاءُ اللَّهِ أَفَنْدِي وَالْمَسْأَلَةُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي الثَّانِي مِنْ الطَّلَاقِ قَالَ لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَعْقِدَ فُضُولِيٌّ بَيْنَهُمَا عَقْدَ النِّكَاحِ فَيُجِيزُ بِالْفِعْلِ وَلَا يَحْنَثُ اهـ. وَكَتَبَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا سُؤَالًا وَجَدَهُ بِخَطِّ جَدِّهِ الْمَرْحُومِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ وَهُوَ سُئِلَ فِي رَجُلٍ قَالَ كُلَّمَا تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَإِنْ عَقَدَ لِي النِّكَاحَ فُضُولِيٌّ أَوْ أَجَزْت بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فَتَكُونُ طَالِقًا ثَلَاثًا أَيْضًا وَأَرَادَ التَّزَوُّجَ فَكَيْفَ الْحِيلَةُ الْجَوَابُ لَهُ

فِي التَّزَوُّجِ حِيلَتَانِ الْأُولَى أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا فَيَحْنَثُ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ فِي حَقِّهَا فَيَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ فِي رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الثَّانِيَةِ أَنْ يُزَوِّجَهُ بِامْرَأَةِ فُضُولِيٍّ بِغَيْرِ أَمْرِهِمَا فَيُجِيزُهُ هُوَ فَيَحْنَثُ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ قَبْلَ إجَازَةِ الْمَرْأَةِ لَا إلَى جَزَاءٍ لِعَدَمِ الْمِلْكِ ثُمَّ تُجِيزُهُ الْمَرْأَةُ فَإِجَازَتُهَا لَا تَعْمَلُ أَيْ لَا تُثْبِتُ الْعَقْدَ فَيُجَدِّدَانِ النِّكَاحَ بِمُبَاشَرَةِ فُضُولِيٍّ وَإِجَازَتُهُمَا لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِيمَا إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا أَوْ يَتَزَوَّجُهَا غَيْرِي لِأَجْلِي وَأُجِيزُهُ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَا سِيَّمَا أَنَّهُ ذَكَرَ فِي هَذَا السُّؤَالِ الشَّرْطَ فِي جَانِبِ الْفُضُولِيِّ بِكَلِمَةِ إنْ وَهِيَ لَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ اتِّفَاقًا فَكَانَ مَسَاغُ هَذِهِ الْحِيلَةِ هُنَا أَوْلَى كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عُفِيَ عَنْهُ. اهـ. مُخْتَصَرًا. (أَقُولُ) وَارْجِعْ إلَى مَا مَرَّ أَوَائِلِ كِتَابِ النِّكَاحِ وَارْجِعْ أَيْضًا إلَى مَا كَتَبْته فِي حَاشِيَتِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مِنْ امْرَأَتِهِ وَلَهُ امْرَأَتَانِ مَدْخُولٌ بِهِمَا ثُمَّ قَالَ أَرَدْت وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهَلْ لَهُ أَنْ يُوقِعَ الطَّلَاقَ عَلَى إحْدَاهُمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الذَّخِيرَةِ رَجُلٌ لَهُ امْرَأَتَانِ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَقَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ امْرَأَتِي طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت وَاحِدَةً مِنْهُمَا لَا أُصَدِّقُهُ وَأُبِينُهُمَا مِنْهُ وَلَوْ كَانَ دَخَلَ بِهِمَا فَلَهُ أَنْ يُوقِعَ الطَّلَاقَ عَلَى إحْدَاهُمَا اهـ وَوَجْهُهُ أَنَّ تَفْرِيقَ الطَّلَاقِ عَلَى غَيْرِ الْمَدْخُولَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَعَلَى الْمَدْخُولَةِ صَحِيحٌ بَحْرٌ مِنْ الطَّلَاقِ الصَّرِيحِ. (أَقُولُ) أَيْ إذَا كَرَّرَ قَوْلَهُ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَلَهُ امْرَأَتَانِ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهِمَا وَصَرَفَ اللَّفْظَيْنِ إلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَا يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَفْرِيقُ الطَّلَاقِ عَلَى غَيْرِ الْمَدْخُولَةِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ فَيَلْزَمُ إبْطَالُ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَدْخُولَةِ لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ عَلَى طَلَاقٍ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِالْأَوْلَى لَا إلَى عِدَّةٍ فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ اللَّفْظَيْنِ إلَى امْرَأَةٍ حَتَّى لَا يَلْزَمَ إبْطَالُ أَحَدِ اللَّفْظَيْنِ أَمَّا لَوْ كَانَتَا مَدْخُولًا بِهِمَا يُمْكِنُ صَرْفُ كُلٍّ مِنْ اللَّفْظَيْنِ إلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فَتَطْلُقُ بِهِمَا طَلْقَتَيْنِ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ مَا فِي السُّؤَالِ إذْ لَيْسَ فِيهِ تَكْرِيرُ التَّطْلِيقِ بَلْ هُوَ حَلِفٌ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمَدْخُولَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا فَالْمُنَاسِبُ الِاسْتِشْهَادُ بِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْأَيْمَانِ إنْ فَعَلْتُ كَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَلَهُ امْرَأَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ طَلُقَتْ وَاحِدَةٌ وَالْبَيَانُ إلَيْهِ وَإِنْ طَلُقَتْ إحْدَاهُمَا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَمَضَتْ عِدَّتُهَا وُجِدَ الشَّرْطُ تَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى لِلطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَ لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ فَالْبَيَانُ إلَيْهِ. اهـ. . (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِآخَرَ قُلْ لِامْرَأَتِي تَكُونُ طَالِقَةً بِالثَّلَاثِ وَلَمْ يَقُلْ لَهَا الْآخَرُ شَيْئًا فَهَلْ لَا تَطْلُقُ مَا لَمْ يَقُلْ لَهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي نَوْعٍ فِي أَلْفَاظِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَخَذَتْ زَوْجَتُهُ خَاتَمَهُ وَامْتَنَعَتْ مِنْ رَدِّهِ لَهُ فَقَالَ لَهَا إنْ لَمْ تُعْطِنِي إيَّاهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ تَكُونِي مِثْلَ أُمِّي وَأُخْتِي فَلَمْ تُعْطِهِ لَهُ فِي الْيَوْمِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يَنْوِ بِذَلِكَ شَيْئًا أَصْلًا فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ لَغْوًا وَلَا يَلْزَمُهُ بِهِ شَيْءٌ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ لَغْوٌ وَإِنْ نَوَى بِأَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ أُمِّيِّ بِرًّا أَوْ ظِهَارًا أَوْ طَلَاقًا صَحَّتْ نِيَّتُهُ وَإِلَّا يَنْوِ شَيْئًا لَغَا وَيَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ أَيْ الْبَرُّ يَعْنِي الْكَرَامَةَ عَلَائِيٌّ مِنْ الظِّهَارِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَقَالَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالتَّنْجِيزِ فَإِنَّ الظِّهَارَ مِمَّا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ. اهـ. . (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ شَكَّ أَنَّهُ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ فَهَلْ يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ قَاعِدَةِ الْيَقِينِ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ شَكَّ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ بَنِي عَلَى الْأَقَلِّ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الدُّرِّ لِلْعَلَائِيِّ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُخَلِّي يَعْنِي لَا يَدَعُ زَوْجَتَهُ تَرُوحُ إلَى بَيْتِ أَخِيهَا فَهَلْ إذَا رَاحَتْ فِي غَيْبَتِهِ بِلَا إذْنِهِ وَرِضَاهُ وَلَا تَخْلِيَتِهِ لَا يَقَعُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ لَمْ تَذْهَبْ بِتَخْلِيَتِهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ تَكُونُ زَوْجَتُهُ طَالِقًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا مَسْمُوعًا فَهَلْ تَقْبَلُ دَعْوَاهُ الِاسْتِثْنَاءَ

حَيْثُ لَا مُنَازِعَ لَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي تَعْلِيقِ الْمِنَحِ نَقْلًا عَنْ الْحَاوِي لِلْإِمَامِ الْجَلِيلِ مَحْمُودٍ الْبُخَارِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا حَلَفَ زَيْدٌ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَشْتَغِلُ عِنْدَ عَمْرٍو الْأَتُّونِيِّ طُولَ مَا هُوَ مُعَلِّمٌ فِي هَذَا الْأَتُّونِ وَتَرَكَ عَمْرٌو الشُّغْلَ فِيهِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ الشُّغْلَ فِيهِ عِنْدَ عَمْرٍو فَهَلْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ جَعَلَ الْحَلِفَ غَايَةً وَهِيَ طُولُ مَا هُوَ مُعَلِّمٌ فِي هَذَا الْأَتُونِ وَفَاتَتْ بِخُرُوجِ عَمْرٍو مِنْهُ كَمَا ذُكِرَ فَقَدْ بَطَلَتْ يَمِينُهُ فَإِذَا اشْتَغَلَ الْآنَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ وَتَقَدَّمَ نَقْلُ الْمَسْأَلَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ زَوْجَتَانِ قَدِيمَةٌ وَحَدِيثَةٌ فَقَالَ لِلْقَدِيمَةِ إنْ طَلَّقْت الْحَدِيثَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهَا ثَلَاثًا فَإِذَا طَلَّقَ الْقَدِيمَةَ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا طَلَّقَ الْحَدِيثَةَ وَأَرَادَ مُرَاجَعَةَ الْقَدِيمَةِ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ بِرِضَاهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا عَلَى الْقَدِيمَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ طَلَّقَ الثَّانِيَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْأُولَى وَقَدْ انْحَلَّ الْيَمِينُ وَوُجِدَ الشَّرْطُ لَا فِي الْمِلْكِ فَبَطَلَ الْيَمِينُ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّيَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْمِنَحِ وَالدُّرَرِ وَغَيْرِهِمَا وَكَذَا فِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَسْكُنُ صِهْرُهُ فِي دَارِهِ ثُمَّ آجَرَهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَالْمُسْتَأْجِرُ أَسْكَنَ الصِّهْرَ الْمَذْكُورَ فِي تِلْكَ الدَّارِ بِدُونِ إذْنِهِ وَلَا رِضَاهُ وَأَمَرَهُ صَاحِبُ الدَّارِ بِالْخُرُوجِ فَمَا امْتَثَلَ أَمْرَهُ فَهَلْ لَا يَحْنَثُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَأَفْتَى الْعَلَّامَةُ ابْنُ نَجِيمٍ عَلَى سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيْهِ مَا صُورَتُهُ فِي رَجُلٍ حَلَفَ لَا يُسْكِنُ فُلَانًا دَاره فَسَكَنَ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ هَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) : إنْ سَكَتَ بَعْدَ سُكْنَاهُ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْخُرُوجِ يَحْنَثُ وَإِنْ أَمَرَهُ وَلَمْ يَخْرُجْ لَمْ يَحْنَثْ. (أَقُولُ) تَقَدَّمَ عَنْ الْخَانِيَّةِ إنْ كَانَتْ الدَّارُ لِلْحَالِفِ فَشَرْطُ الْبِرِّ الْمَنْعُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ بِقَدْرِ مَا يُطِيقُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلْحَالِفِ وَمَنْعُهُ بِالْقَوْلِ دُونَ الْفِعْلِ لَا يَكُونُ حَانِثًا فَتَنَبَّهْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالْحَرَامِ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ مَكَانًا مَعْلُومًا لَهُ وَهُوَ مِمَّنْ يُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ وَيُرِيدُ تَوْكِيلَ غَيْرِهِ بِالْإِيجَارِ فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَحْنَثُ إذَا أَمَرَ بِالْإِيجَارِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُبَاشِرُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُتُونِ فِي الْأَيْمَانِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَرِضَ مَرَضًا وَصَلَ فِيهِ إلَى اخْتِلَالِ الْعَقْلِ بِحَيْثُ اخْتَلَّ كَلَامُهُ الْمَنْظُومُ وَبَاحَ بِسِرِّهِ الْمَكْتُومِ وَصَدَرَ مِنْهُ مَا يَصْدُرُ عَنْ الْمَجَانِينِ فَطَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا ثَبَتَ زَوَالُ عَقْلِهِ وَعَدَمُ وَعْيِهِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ وَلَا يُطَالَبُ بِصَدَاقٍ إذَا كَانَ الْحَالُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ مَجْنُونٌ وَالْجُنُونُ فُنُونٌ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَشَاجَرَ مَعَ أَبِي زَوْجَتِهِ فَقَالَ لَهُ إنْ فُتّ حَقَّ ابْنَتِك وَهُوَ الْمَهْرُ الْمُؤَجَّلُ تَكُنْ طَالِقًا ثَلَاثًا فَقَالَ لَا أَفُوتُ مِنْ حَقِّهَا وَلَا فَلْسًا فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : الْمُشَاجَرَةُ هُنَا تَدُلُّ عَلَى حَطِّ الْمَهْرِ عَنْهُ فَوْرًا فَحَيْثُ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى فَوَاتِهِ مَهْرِهَا بِمَعْنَى حَطِّهِ عَنْهُ وَجَوَابُهُ فِي الْحَالِ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ مِنْهُ شَيْئًا فَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ الْمَذْكُورُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَوْرًا. (أَقُولُ) يَعْنِي لَا يَقَعُ إذَا فَاتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حَيْثُ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى الْفَوْرِ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرَطَ لِلْحِنْثِ فِي إنْ خَرَجَتْ مَثَلًا لِمُرِيدِ الْخُرُوجِ فِعْلُهُ فَوْرًا. اهـ. . (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ عَلَى امْرَأَتِهِ فُلَانَةَ فَهَلْ إذَا زَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ وَأَجَازَهُ بِالْفِعْلِ لَا بِالْقَوْلِ لَا يَحْنَثُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يَحْنَثُ وَبِهِ يُفْتِي كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ عَنْ الْخَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا طَلَاقًا بَائِنًا بِسُؤَالِهَا ثُمَّ مَاتَ فِي عِدَّتِهَا فَهَلْ لَا تَرِثُ مِنْهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ أَبَانَهَا بِسُؤَالِهَا لَا تَرِثُهُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سَاكِنٍ مَعَ عَمِّهِ فِي دَارٍ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُسَاكِنُ عَمَّهُ فِي دَارٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهَا بَلْ نَكَّرَهَا وَيُرِيدَانِ الْآنَ قِسْمَتَهَا وَإِقَامَةَ حَائِطٍ بَيْنَهُمَا وَفَتَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَابًا لِنَفْسِهِ ثُمَّ يَسْكُنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي طَائِفَةٍ فَهَلْ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِذَلِكَ

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا فِي دَارِهِ وَسَمَّى دَارًا بِعَيْنِهَا وَقَسَمَاهَا وَضَرَبَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيْنَهُمَا حَائِطًا وَفَتَحَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَابًا لِنَفْسِهِ ثُمَّ سَكَنَ الْحَالِفُ فِي طَائِفَةٍ وَالْآخَرُ فِي طَائِفَةٍ حَنِثَ الْحَالِفُ وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الدَّارَ فِي يَمِينِهِ وَلَكِنْ ذَكَرَ دَارًا عَلَى التَّنْكِيرِ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا لَمْ يَحْنَثْ. اهـ. . (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ فُقِدَ لَهُ كُرْسِيٌّ فَاتَّهَمَ زَيْدًا بِأَخْذِهِ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَمْ يَأْخُذْ زَيْدٌ الْكُرْسِيَّ الْمَرْقُومَ تَكُنْ زَوْجَتُهُ طَالِقًا فَظَهَرَ الْكُرْسِيُّ عِنْدَ الْغَيْرِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : مُقْتَضَى السُّؤَالِ أَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى الشَّرْطِ الْمَنْفِيِّ وَوُجُودُ الْكُرْسِيِّ عِنْدَ الْغَيْرِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَعْدَ أَخْذِهِ دَفَعَهُ لِلْغَيْرِ فَحَصَلَ الشَّكُّ وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ بِيَقِينٍ فَلَا يَزُولُ بِالشَّكِّ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ عَدَمُ أَخْذِهِ وَلَوْ بِالْبَيِّنَةِ وَإِنْ كَانَ نَفْيًا قَالَ فِي الْمِنَحِ وَالْعَلَائِيِّ عَلَى التَّنْوِيرِ الْبَيِّنَةُ تُقْبَلُ عَلَى الشَّرْطِ وَإِنْ كَانَ نَفْيًا كَأَنْ لَمْ تَجِئْ صِهْرَتِي اللَّيْلَةَ فَامْرَأَتِي كَذَا فَشَهِدَا أَنَّهَا لَمْ تَجِئْهُ قُبِلَتْ وَطَلُقَتْ. اهـ. هَذَا مَا ظَهَرَ لَنَا الْآنَ (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَرِيضَةَ الْمَدْخُولَ بِهَا فِي صِحَّتِهِ طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ فَهَلْ لَا يَرِثُهَا الزَّوْجُ الْمَزْبُورُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْكَنْزِ مِنْ بَابِ طَلَاقِ الْمَرِيضِ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا فِي مَرَضِهِ وَمَاتَ فِي عِدَّتِهَا وَرِثَتْ اهـ قُيِّدَ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ هِيَ وَهِيَ مَرِيضَةٌ فِي الْعِدَّةِ لَمْ يَرِثْهَا الزَّوْجُ لِأَنَّهُ بِطَلَاقِهِ إيَّاهَا رَضِيَ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ نَهْرٌ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ تَكُونُ طَالِقَةً عَلَى أَلْفِ مَذْهَبٍ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَهَلْ وَقَعَ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا فِي الْعِدَّةِ بِلَا إذْنِهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَسْبُوقًا مِنْهَا بِطَلْقَتَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِ ذَلِكَ الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مِنْ زَوْجَتِهِ أَنَّهُ مَا يَرُوحُ مَعَ جَمَاعَةٍ لِلْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ فَهَلْ إذَا اجْتَمَعَ بِهِمْ فِيهِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَهُوَ الرَّوَاحُ مَعَ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورَةِ لِلْمَوْضِعِ الْمَذْكُورِ فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ مِنْ الطَّلَاقِ. (سُئِلَ) فِي شَخْصٍ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ خَارِجَةٌ عَنْ طَاعَتِي فَسَبَقَ لِسَانُهُ وَقَالَ خَارِجَةٌ عَنْ عِصْمَتِي فَهَلْ يَكُونُ صَرِيحًا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ أَوْ كِنَايَةً فَيَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ دِيَانَةً وَيَقَعُ قَضَاءً قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَطَلَاقُ الْهَازِلِ وَطَلَاقُ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فَسَبَقَ لِسَانُهُ بِالطَّلَاقِ وَاقِعٌ وَقَالَ الْكَمَالُ وَقَوْلُهُ: فِيمَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ وَاقِعٌ أَيْ فِي الْقَضَاءِ ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ وَسَيَذْكُرُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ مِنْ الْوَثَاقِ يُدَيَّنُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ أَنَّهُ أَصَرْحُ صَرِيحٍ فِي الْبَابِ. اهـ. هَذَا كُلُّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: خَارِجَةٌ عَنْ عِصْمَتِي. مُلْحَقًا بِالصَّرِيحِ أَمَّا عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْكِنَايَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْقَضَاءِ أَيْضًا إلَّا بِالنِّيَّةِ فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْوَجِيزِ لِبُرْهَانِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فَسَخْت النِّكَاحَ بَيْنِي وَبَيْنَك وَلَمْ يَبْقَ بَيْنِي وَبَيْنَك لَا يَقَعُ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ خَارِجَةٌ عَنْ عِصْمَتِي مِثْلُهُ فِي الْمَعْنَى مِنْ الْفَتَاوَى الْمَزْبُورَةِ وَأَفَادَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَنَّ الْمُخْطِئَ هُوَ الَّذِي أَرَادَ التَّكَلُّمَ فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ الطَّلَاقُ أَوْ تَلَفَّظَ بِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِمَعْنَاهُ أَوْ غَافِلًا أَوْ سَاهِيًا أَوْ بِأَلْفَاظٍ مُصَحَّفَةٍ يَقَعُ قَضَاءً فَقَطْ. اهـ. . (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا بِالتُّرْكِيَّةِ واربندن بوش أَوَّل يَعْنِي رُوحِي مِنِّي طَالِقَةً وَيُرِيدُ مُرَاجَعَتَهَا فِي الْعِدَّةِ بِدُونِ إذْنِهَا وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ أَصْلًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالطَّلَاقُ بِقَوْلِهِ بوش أَوَّل رَجْعِيٌّ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو السُّعُودِ رَحِيمِيَّةٌ مِنْ الطَّلَاقِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَيَتَزَوَّجَنَّ وَلَا نِيَّةَ لَهُ سِوَى الزَّوَاجِ وَلَا عَيَّنَ مُدَّةً وَلَا نَوَاهَا وَلَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْفَوْرِ فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إلَّا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهِمَا إذَا لَمْ يَتَزَوَّجْ وَفِي هَذِهِ

الصُّورَةِ إذَا عَقَدَ نِكَاحَهُ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا يَبَرُّ بِالْعَقْدِ كَمَا مَرَّ نَقْلُهُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ خَلَعَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ سُئِلَ كَيْفَ طَلَّقْتهَا بِالْوَاحِدَةِ أَوْ بِالثَّلَاثِ فَقَالَ إنْ كَانَ بِالْوَاحِدَةِ أَوْ بِالثَّلَاثِ رَاحَتْ لِسَبِيلِهَا وَلَمْ يَرُدَّ عَلَى ذَلِكَ وَلَا سَبَقَ لَهُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ غَيْرُ هَذَا أَصْلًا وَيُرِيدُ رَدَّهَا لِعِصْمَتِهِ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ بِرِضَاهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِجَوَابِهِ الْمَذْكُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ فَهَلْ يَرِثُهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا فِي صِحَّتِهِ فَمَاتَ فِي الْعِدَّةِ تَرِثُهُ وَكَذَا لَوْ مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ يَرِثُهَا الزَّوْجُ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْإِحْكَامَاتِ فِي الطَّلَاقِ وَمِثْلُهُ فِي الْعَلَائِيِّ مِنْ طَلَاقِ الْمَرِيضِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْحَامِلَ مِنْهُ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَلَهَا بِذِمَّتِهِ مُؤَخَّرُ صَدَاقِهَا تُرِيدُ أَخْذَهُ مِنْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَقَدَّمَ نَقْلُهَا فِي بَابِ الْمَهْرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَقَالَ لَهَا إنْ كَانَ لَك غَرَضٌ بِالطَّلَاقِ تَرُوحِي طَالِقَةً بِالثَّلَاثِ وَسُئِلَتْ فَقَالَتْ لَيْسَ لِي غَرَضٌ فِي الطَّلَاقِ فَهَلْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى تَقُولَ لِي غَرَضٌ فِي الطَّلَاقِ بَعْدَ تَعْلِيقِهِ بِغَرَضِهَا؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ عُلِّقَ عَلَى غَرَضِهَا وَلَا غَرَضَ لَهَا فِي ذَلِكَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجِ أُخْتِهِ طَلِّقْ أُخْتِي فَقَالَ إنْ كَانَ ذَلِكَ خَاطِرٌ تَكُونُ طَالِقَةً فَقَالَ الْأَخُ لَيْسَ لِي خَاطِرٌ فَهَلْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الْحَالُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مِنْ زَوْجَتَيْهِ لَيَتَزَوَّجَنَّ عَلَيْهِمَا ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهِمَا فَهَلْ تَرِثَانِ مِنْهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَمِنْ مِثْلِ وُجُودِ الشَّرْطِ مَا فِي الْبَدَائِعِ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك أَوْ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى مَاتَ وَرِثَتْهُ وَلَوْ مَاتَتْ هِيَ لَمْ يَرِثْهَا شَرْحُ الْمُلْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ مِنْ طَلَاقِ الْمَرِيضِ. (أَقُولُ) وَالْفَرْقُ أَنَّهُ بِمَوْتِهِ تَبْقَى أَحْكَامُ الزَّوْجِيَّةِ لِوُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَوْتِهَا وَلِذَا لَوْ مَاتَ هُوَ كَانَ لَهَا أَنْ تَغْسِلَهُ وَلَوْ مَاتَتْ هِيَ لَا يَغْسِلُهَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ زَوْجَتَانِ إحْدَاهُمَا حَاضِرَةٌ مَعَهُ وَالْأُخْرَى غَائِبَةٌ فَتَشَاجَرَ مَعَ الْحَاضِرَةِ وَقَالَ مُخَاطِبًا لَهَا وَمُشِيرًا إلَيْهَا رُوحِي طَالِقَةً بِالثَّلَاثِ فَهَلْ تَطْلُقُ مِنْهُ بِالثَّلَاثِ وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ عَلَى الْأُخْرَى الْغَائِبَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْخَانِيَّةِ آخِرَ كِتَابِ الطَّلَاقِ قُبَيْلَ فَصْلِ الْكِنَايَاتِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ لَا تَخْرُجِي مِنْ الدَّارِ بِغَيْرِ إذْنِي فَإِنِّي حَلَفْت بِالطَّلَاقِ فَخَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِهِ، لَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا فَلَعَلَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِ غَيْرِهَا فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ. اهـ (أَقُولُ) وَكَتَبْت عَلَى مَسْأَلَةِ الْخَانِيَّةِ هَذِهِ فِي حَاشِيَتِي عَلَى الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي أَوَّلِ بَابِ الصَّرِيحِ قَيَّدَ بِخِطَابِهَا إلَخْ كَلَامًا حَسَنًا وَوَفَّقْت بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الْقُنْيَةِ عَنْ الْمُحِيطِ رَجُلٌ دَعَتْهُ جَمَاعَةٌ إلَى شُرْبِ الْخَمْرِ فَقَالَ إنِّي حَلَفْت بِالطَّلَاقِ أَنِّي لَا أَشْرَبُ وَكَانَ كَاذِبًا فِيهِ ثُمَّ شَرِبَ طَلُقَتْ وَقَالَ صَاحِبُ التُّحْفَةِ لَا تَطْلُقُ دِيَانَةً. اهـ. (سُئِلَ) فِي قَرَوِيٍّ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مِنْ زَوْجَتِهِ لَيَرْحَلَنَّ مِنْ الْقَرْيَةِ فَرَحَلَ مِنْهَا وَتَجَاوَزَ عُمْرَانَهَا بِزَوْجَتِهِ وَعِيَالِهِ وَأَكْثَرِ أَمْتِعَتِهِ وَدَوَابِّهِ وَلَوَازِمِ مَسْكَنِهِ وَسَكَنَ فِي قَرْيَةٍ غَيْرِهَا مُدَّةً ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى قَرْيَتِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي فَتَاوَى الرَّحِيمِيِّ مِنْ الْأَيْمَانِ أَجَابَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حَيْثُ بَرَّ بِيَمِينِهِ وَرَحَلَ مُجَاوِزَ الْعُمْرَانِ بِالْأَهْلِ وَالْأَثَاثِ وَلَمْ يَبْقَ لَوَازِمُ السَّكَنِ لِأَنَّ الرَّحِيلَ الِانْتِقَالُ عَنْ الْمَكَانِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي عُرْفِ أَهَالِيِ الْقُرَى وَفِي اللُّغَةِ الِانْتِقَالُ عَنْ الْمَكَانِ فَقَطْ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ مِنْ الْأَيْمَانِ فَرَاجِعْهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو أَمَانَةً لِيُوَصِّلَهَا لِبَكْرٍ فَلَمَّا طَالَبَهُ بَكْرٌ بِهَا أَنْكَرَهَا وَحَلَفَ سَاهِيًا بِالْحَرَامِ أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْهَا زَيْدٌ لَهُ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ دَفَعَهَا لَهُ فَهَلْ تَقَع عَلَيْهِ طَلْقَةٌ بَائِنَةً؟ (الْجَوَابُ) : يَقَعُ طَلَاقُ السَّاهِي وَالْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِي الْعَلَائِيِّ عَلَى التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى عَنْ الْفَتْحِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا

ثَلَاثًا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ زَوَّجَهَا مِنْ رَقِيقِهِ الْمُرَاهِقِ تَزْوِيجًا شَرْعِيًّا وَدَخَلَ بِهَا الرَّقِيقُ وَأَصَابَهَا الرَّقِيقُ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ مَعَ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ ثُمَّ وَهَبَهُ مِنْهَا وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَهَلْ تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ مُفَصَّلَةٌ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ مِنْ بَابِ الرَّجْعَةِ وَفِي الْأَشْبَاهِ فِي فَنِّ الْحِيَلِ (أَقُولُ) وَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ إذْنِ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ إنْ كَانَ الرَّقِيقُ غَيْرَ كُفْءٍ لَهَا كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْكُفْءِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا حَلَفَ زَيْدٌ بِالْحَرَامِ أَنَّهُ لَا يَحْصُدُ أَرْضَ عَمْرٍو فَحَصَدَهَا وَبَانَتْ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَهَلْ لَا يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ وَالثَّلَاثُ الْمَزْبُورُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالطَّلَاقُ الصَّرِيحُ وَهُوَ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ بَائِنًا كَانَ الْوَاقِعُ بِهِ أَوْ رَجْعِيًّا كَذَا فِي الْفَتْحِ يَلْحَقُ الطَّلَاقُ الصَّرِيحُ وَيَلْحَقُ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ مَا دَامَتْ الْمُطَلَّقَةُ فِي الْعِدَّةِ فَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا عَلَى مَالٍ أَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ خَالَعَهَا عَلَى مَالٍ ثُمَّ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ طَالِقٌ بَائِنٌ وَقَعَ الثَّانِي وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بَعْدَمَا أَبَانَهَا كَذَا فِي النَّهْرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا عَلَى مَالِ دَفَعْته لَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَهَلْ يَلْحَقُ الثَّانِي وَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ قَبْلَ فِعْلِهِ الْمَزْبُورِ خَلَعَهَا ثُمَّ بَعْدَ يَوْمٍ رَاجَعَهَا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ إذَا فَعَلَ الْفِعْلَ الْمَزْبُورَ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْكَنْزِ وَزَوَالُ الْمِلْكِ بَعْدَ الْيَمِينِ لَا يُبْطِلُهَا أَيْ زَوَالُهُ بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ وُجِدَ الشَّرْطُ طَلُقَتْ بَحْرٌ وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ مِنْ آخَرَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَحَلَفَ أَخُوهَا بِالطَّلَاقِ مِنْ امْرَأَتِهِ أَنْ لَا يَصِيرَ هَذَا الشَّيْءُ وَلَا تَذُوقُهُ أُخْتُهُ فَصَارَ ذَلِكَ الشَّيْءُ يَعْنِي الزَّوَاجَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَهَلْ طَلُقَتْ امْرَأَتُهُ وَاحِدَةً فَإِذَا رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ وَلَمْ يَسْتَوْفِ الثَّلَاثَ تَعُودُ إلَى عِصْمَتِهِ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ طَلُقَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْمُحِيطِ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَذُوقُ طَعَامًا وَلَا شَرَابًا فَذَاقَ أَحَدَهُمَا حَنِثَ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا وَلَا فُلَانًا أَمَّا إذَا حَلَفَ لَا يَذُوقُ طَعَامًا وَشَرَابًا فَذَاقَ أَحَدَهُمَا لَا يَحْنَثُ. اهـ. يَعْنِي أَنْ لَا النَّافِيَةَ إذَا أَعَادَهَا فِي الْعَطْفِ يَحْنَثُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعْطُوفَيْنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا اسْمَيْنِ أَوْ فِعْلَيْنِ كَمَا هُنَا وَإِذَا رَاجَعَهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ تَعُودُ إلَى عِصْمَتِهِ فَتَاوَى الرَّحِيمِيِّ. (أَقُولُ) مُقْتَضَى حِنْثِهِ بِكُلٍّ مِنْ الْمَعْطُوفِينَ فِيمَا إذَا كَرَّرَ لَا النَّافِيَةَ أَنَّهُ لَوْ ذَاقَ طَعَامًا وَذَاقَ شَرَابًا أَيْضًا يَحْنَثُ مَرَّتَيْنِ لِأَنَّهُ صَارَ يَمِينَيْنِ وَكَذَا فِي الصُّورَة الْمَسْئُولِ عَنْهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ فِيهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ قَوْلَ الْحَالِفِ وَلَا تَذُوقُهُ بِمَعْنَى قَوْلِهِ لَا يَصِيرُ هَذَا الشَّيْءُ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْهُ فَصَارَ كَأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ فَتَأَمَّلْ وَلَا تَعْجَلْ فَالْمَحَلُّ قَدْ أَشْكَلَ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالْحَرَامِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَيْتَ نَفْسِهِ وَلَا يَدْخُلُ بَيْتَ زَيْدٍ فَدَخَلَ الْبَيْتَيْنِ وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ أَصْلًا وَيُرِيدُ الْآنَ مُرَاجَعَتَهَا فِي الْعِدَّةِ بِرِضَاهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنْ لَا تَخْرُجَ إلَّا بِإِذْنِهِ ثُمَّ قَالَ لَهَا أَذِنْت لَك بِالْخُرُوجِ كُلَّمَا أَرَدْت فَهَلْ إذَا خَرَجْت مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى لَا يَحْنَثُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا تَخْرُجِي بِغَيْرِ إذْنِي أَوْ إلَّا بِإِذْنِي أَوْ بِأَمْرِي أَوْ بِعِلْمِي أَوْ بِرِضَايَ شَرْطٌ لِلْبِرِّ لِكُلِّ خُرُوجٍ إذْنٌ إلَّا لِغَرَقٍ أَوْ حَرْقٍ أَوْ فِرْقَةٍ وَلَوْ نَوَى الْإِذْنَ مَرَّةً دُيِّنَ وَتَنْحَلُّ يَمِينُهُ بِخُرُوجِهَا مَرَّةً بِلَا إذْنٍ وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا خَرَجْت فَقَدْ أَذِنْت لَك سَقَطَ إذْنُهُ وَلَوْ نَهَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ صَحَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى والولوالجية. اهـ. عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ مِنْ بَابِ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بِهِ دَاءُ الصَّرْعِ يُصْرَعُ فِي أَوْقَاتٍ ثُمَّ يُفِيقُ وَتَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ فَطَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي حَالِ صَرْعِهِ وَذَهَابِ عَقْلِهِ لَدَى بَيِّنَةٍ أَخْبَرُوا بِذَلِكَ

فَهَلْ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ حَالَ صَرْعِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَصْرُوعُ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي حَالَةِ الصَّرْعِ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ كَذَا أَجَابَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْإِحْكَامَاتِ مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ اتَّهَمَتْ زَوْجَهَا بِأَنَّهُ أَخَذَ لَهَا أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً فَأَنْكَرَ ذَلِكَ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مِنْهَا عَلَى عَدَمِ أَخْذِهِ ذَلِكَ فَتَرَافَعَا لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ وَادَّعَتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَبِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِأَخْذِ ذَلِكَ وَأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ وَأَثْبَتَتْ ذَلِكَ كُلَّهُ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَهَلْ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ ثَبَتَ إقْرَارُهُ بِالْأَخْذِ بَعْدَ حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِهِ فَقَدْ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ بِنْتِهِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَمَضَتْ السَّنَةُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ إلَّا فِي غُرَّةِ مُحَرَّمِ السَّنَةِ الَّتِي تَلِيهَا فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَزْبُورُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ قَاضِي خَانْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ مِنْ الْأَيْمَانِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَيُطَلِّقَنَّ زَوْجَتَهُ بَعْدَ الْعِيدِ يَعْنِي عِيدَ رَمَضَانَ سَنَةَ كَذَا وَلَمْ يَنْوِ الْفَوْرَ وَلَا قَرِينَةَ تَدُلُّ عَلَيْهِ وَيُرِيدُ الْآنَ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ الْعِيدِ بِطَلْقَةٍ رَجْعِيَّةٍ وَيُرَاجِعُهَا فِي الْعِدَّةِ بِلَا إذْنِهَا وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ أَصْلًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، قَالَ لَهَا إنْ لَمْ أُوَصِّلْ إلَيْك خَمْسَةَ دَنَانِيرَ بَعْدَ عَشْرَةِ أَيَّامٍ فَأَمْرُك بِيَدِك فِي طَلَاقِك مَتَى شِئْت فَمَضَتْ الْأَيَّامُ وَلَمْ يُرْسِلْ إلَيْهَا النَّفَقَةَ إنْ كَانَ الزَّوْجُ أَرَادَ بِهِ الْفَوْرَ لَهَا الْإِيقَاعُ، وَإِلَّا فَلَا حَتَّى يَمُوتَ أَحَدُهُمَا إنْ لَمْ أَبْعَثْ إلَيْك النَّفَقَةَ مِنْ بُخَارَى إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَأَنْتِ كَذَا فَأَرْسَلَ إلَيْهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعَشَرَةِ مِنْ كَرْمِينَةَ طَلُقَتْ لِعَدَمِ حُصُولِ الشَّرْطِ بَزَّازِيَّةٌ قُبَيْلَ النَّوْعِ الثَّالِثِ فِي الضَّرْبِ بَعْدَ إنْجَازِ الْخُلْعِ (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ تَكُونِي طَالِقَةً ثَلَاثًا بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ وَغَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْحَالِ عُرْفًا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَأَطَالَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَحْرِ فَرَاجِعْهَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِالطَّلَاقِ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ السَّاكِنِينَ بِهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ ثُمَّ بَعْدَ زَمَانٍ قَالَ لِأُمِّهِ اذْهَبِي بِهَا إلَى دَارِ أُمِّهَا فَذَهَبَتْ بِهَا فَهَلْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إذَا لَمْ تَدْخُلْهَا فِي السَّنَةِ الْمَزْبُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي الْمُلْتَقَى مِنْ بَابِ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَفِي لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ وَهُوَ فِيهَا لَا حِنْثَ مَا لَمْ يَخْرُجْ ثُمَّ يَدْخُلُ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو هَدِيَّةً فَقَالَ عَمْرٌو لَا أَقْبَلُهَا وَأَدْفَعُ ثَمَنَهَا لَك فَحَلَفَ زَيْدٌ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ ثَمَنَهَا مِنْهُ فَدَفَعَ عَمْرٌو ثَمَنَهَا لِابْنِ زَيْدٍ الْبَالِغِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْهُ وَلَمْ يَأْخُذْ ثَمَنَهَا مِنْهُ وَلَا رَضِيَ بِذَلِكَ وَلَا أَجَازَهُ فَهَلْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يَقَعُ بِقَبْضِ ابْنِهِ الْبَالِغِ كَمَا ذُكِرَ وَلَا يُنْسَبُ قَبْضُهُ لِأَبِيهِ لِانْقِطَاعِ وِلَايَتِهِ عَنْهُ بِالْبُلُوغِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَمْرُك بِيَدِك يَنْوِي بِهِ تَفْوِيضَ الطَّلَاقِ، فَهَلْ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا فِي مَجْلِسِ عِلْمِهَا بِهِ مَا لَمْ تَقُمْ أَوْ تَعْمَلْ مَا يَقْطَعُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ اخْتَارِي أَوْ أَمْرُك بِيَدِك يَنْوِي بِهِ الطَّلَاقَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ فِي مَجْلِسِ عِلْمِهَا بِهِ وَإِنْ طَالَ مَا لَمْ تَقُمْ أَوْ تَعْمَلْ مَا يَقْطَعُهُ تَنْوِيرٌ مِنْ بَابِ تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا طَلْقَتَيْنِ لَا غَيْرُ ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ كَوَامِلَ تَزَوَّجَتْ بِزَيْدٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا زَيْدٌ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْهُ تَزَوَّجَتْ بِالزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَطَلَّقَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً وَيُرِيدُ الزَّوْجُ مُرَاجَعَتَهَا إلَى عِصْمَتِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَنِكَاحُ الزَّوْجِ الثَّانِي يَهْدِمُ أَيْ يُبْطِلُ مَا دُونَ الثَّلَاثِ مِنْ الطَّلْقَاتِ أَيْضًا أَيْ كَمَا يَهْدِمُ حُكْمَ الثَّلَاثِ إجْمَاعًا لِأَنَّهُ إذَا هَدَمَ الثَّلَاثَ فِي حَقِّ الْحُرَّةِ وَالثِّنْتَيْنِ فِي حَقِّ الْأَمَةِ فَمَا دُونَهَا أَوْلَى خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَبَاقِي الْأَئِمَّةِ فَعِنْدَهُمْ لَا يَهْدِمُ فَمَنْ طَلُقَتْ دُونَهَا أَيْ الثَّلَاثِ وَعَادَتْ إلَيْهِ أَيْ الْأَوَّلِ بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ عَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ بِثَلَاثٍ عِنْدَ هُمَا وَعِنْدَهُ أَيْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ بِمَا بَقِيَ مِنْ الثَّلَاثِ وَالْخِلَافُ

مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا دَخَلَ بِهَا فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ لَا يَهْدِمُ اتِّفَاقًا وَانْتَصَرَ الْكَمَالُ لِمُحَمَّدٍ بِمَا يَطُولُ ثُمَّ قَالَ فَظَهَرَ أَنَّ الْقَوْلَ مَا قَالَهُ وَهُوَ الْحَقُّ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ شَرْحُ الْمُلْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ وَفِي الْكَنْزِ وَيَهْدِمُ الزَّوْجُ الثَّانِي مَا دُونَ الثَّلَاثِ وَمِثْلُهُ فِي الْوِقَايَةِ وَسَائِرِ الْمُتُونِ وَقَدْ أَطَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي دَلِيلِ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَمَلَ بِمَا فِي الْمُتُونِ وَالْمَسْأَلَةُ شَهِيرَةٌ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ. (سُئِلَ) فِي قَرَوِيٍّ كَلَّفَهُ أُسْتَاذُ قَرْيَتِهِ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنْ لَا يُسَافِرَ إلَى إسْلَامْبُول فَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يُعَدِّي إلَيْهَا يَعْنِي لَا يَدْخُلُهَا ثُمَّ سَافَرَ مَعَ الرَّكْبِ الْمُتَوَجِّهِينَ إلَيْهَا وَلَمْ يَدْخُلْهَا أَصْلًا وَلَمْ يَحْلِفْ كَمَا حَلَّفَهُ الْأُسْتَاذُ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا رُوحِي طَالِقٌ وَكَرَّرَهَا خَمْسًا مُفَرَّقًا فَهَلْ بَانَتْ بِالْأُولَى لَا إلَى عِدَّةٍ وَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ غَيْرُهَا وَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ بِرِضَاهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ أَمْلَاكَهُ مِنْ أَوْلَادِهِ وَبَاعَهَا مِنْهُمْ بَعْدَ الْحَلِفِ الْمَذْكُورِ بَيْعًا صَحِيحًا فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ نَحْوِ شَهْرَيْنِ وَخَلَفَ تَرِكَةً فَهَلْ إذَا ثَبَتَ بَيْعُهُ بَعْدَ حَلِفِهِ الْمَذْكُورِ تَبَيَّنَ وُقُوعُ الثَّلَاثِ فَلَا تَرِثُ الزَّوْجَةُ مِنْ تَرِكَتِهِ شَيْئًا وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ الْبَالِغَةَ إلَّا مِنْ ابْنِ أَخِيهِ فُلَانٍ فَهَلْ إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ كُفْءٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ بِمُبَاشَرَةِ وَكِيلٍ عَنْهَا لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ وَيَصِحُّ النِّكَاحُ الْمَزْبُورُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ وَهُمَا سَاكِنَانِ فِي دَارِهِ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ وَأَشَارَ إلَى دَارِهِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا بِإِذْنِهِ إلَّا لِلْحَمَّامِ ثُمَّ نَقَلَهَا إلَى دَارِ أُمِّهِ ثُمَّ غَابَ فَخَرَجَتْ مِنْ دَارِ أُمِّهِ إلَى دَارِ أَبِيهَا بِلَا إذْنِ زَوْجِهَا فَهَلْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ حَيْثُ عَيَّنَ حَلِفَهُ مِنْ دَارِهِ الْمَذْكُورَةِ. (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ سَاكِنًا مَعَ زَوْجِ أُخْتِهِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ عَلَيَّ الطَّلَاقُ إنْ انْتَقَلَتْ أَنْتِ مَا أَنْتَقِلُ أَنَا وَيُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ الدَّارِ وَحْدَهُ دُونَ زَوْجِ أُخْتِهِ فَهَلْ إذَا انْتَقَلَ زَيْدٌ مِنْ الدَّارِ وَحْدَهُ دُونَ زَوْجِ أُخْتِهِ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ انْتَقَلَ زَوْجُ أُخْتِهِ لَا يَقَعُ عَلَى زَيْدٍ الطَّلَاقُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) وَإِنَّمَا لَمْ يَقَعْ وَإِنْ وُجِدَ مِنْ الْحَالِفِ الِانْتِقَالُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ عَلَى انْتِقَالِ الْحَالِفِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى انْتِقَالِ زَوْجِ أُخْتِهِ فَإِذَا انْتَقَلَ قَبْلَهُ لَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي تَعْلِيقِ الْبَحْرِ الْمَوَاضِعَ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا اقْتِرَانُ جَوَابِ الشَّرْطِ بِالْفَاءِ وَعُدَّ مِنْهَا الْفِعْلُ الْمُضَارِعُ الْمَنْفِيُّ بِمَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ فَإِذَا عُرِفَ ذَلِكَ تَفَرَّعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِالْفَاءِ فِي مَوْضِعِ وُجُوبِهَا فَإِنَّهُ يُتَنَجَّزُ كَأَنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنْ نَوَى تَعْلِيقَهُ دُيِّنَ وَكَذَا إنْ نَوَى تَقْدِيمَهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ حَمْلًا لِكَلَامِهِ عَلَى الْفَائِدَةِ فَتُضْمَرُ الْفَاءُ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ حَذْفِهَا اخْتِيَارًا فَأَجَازَهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَعَلَيْهِ فَرَّعَ أَبُو يُوسُفَ وَمَنَعَهُ أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَعَلَيْهِ تَفَرَّعَ الْمَذْهَبُ. اهـ. فَقَوْلُ الْحَالِفِ فِي السُّؤَالِ الْمَارِّ مَا أَنْتَقِلُ أَنَا وَقَعَ جَوَابًا لِأَنَّ الشَّرْطِيَّةَ وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِالْفَاءِ مَعَ وُجُوبِ اقْتِرَانِهِ. وَمُقْتَضَى مَا فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ وَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى قَوْلِهِ إنْ انْتَقَلْت أَنْتَ بَلْ هُوَ مُنَجَّزٌ فَصَارَ كَأَنَّ الْحَالِفَ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ مَا أَنْتَقِلُ فَإِذَا وُجِدَ مِنْهُ الِانْتِقَالُ وَقَعَ الطَّلَاقُ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ انْتِقَالِ زَوْجِ أُخْتِهِ أَوْ بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ التَّعْلِيقَ فَيُدَيَّنُ أَيْ يُقْبَلُ مِنْهُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً أَوْ يُبْنَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ كَمَا عَلِمْت فَتَدَبَّرْ هَذَا وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا أَوَّلَ بَابِ الْكِنَايَاتِ عِنْدَ قَوْلِهِ فَتَطْلُقُ وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً فِي اعْتَدِّي وَاسْتَبْرِئِي رَحِمَك وَأَنْتِ وَاحِدَةٌ فَقَالَ مَا نَصُّهُ وَأَطْلَقَ فِي وَاحِدَةٍ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا مُعْتَبَرَ بِإِعْرَابِهَا وَهُوَ قَوْلُ الْعَامَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْعَوَامَّ لَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ وُجُوهِ الْإِعْرَابِ، وَالْخَوَاصُّ لَا نَلْتَزِمُهُ فِي كَلَامِهِمْ عُرْفًا بَلْ تِلْكَ صِنَاعَتُهُمْ وَالْعُرْفُ

لُغَتُهُمْ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي شَرْحِنَا عَلَى الْمَنَارِ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَبِرُوهُ هُنَا. وَاعْتَبَرُوهُ فِي الْإِقْرَارِ فِيمَا لَوْ قَالَ دِرْهَمٌ غَيْرُ دَانَقٍ رَفْعًا وَنَصْبًا فَيَحْتَاجُونَ إلَى الْفَرْقِ. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْإِعْرَابِ هُنَا أَيْضًا إلَّا أَنْ يُقَالَ ذِكْرُ الْفَاءِ لَا يُسَمَّى إعْرَابًا لِأَنَّ الْإِعْرَابَ مَا يَعْتَرِي أَوَاخِرَ الْكَلِمِ مِنْ التَّغْيِيرِ أَوْ الْأَثَرِ الظَّاهِرُ وَالْفَاءُ كَلِمَةٌ يَرْتَبِطُ بِهَا الْجَوَابُ فَلَا يُسَمَّى ذِكْرُهَا إعْرَابًا وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ قَاعِدَةِ أَعْمَالِ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ مَا نَصُّهُ وَلَيْسَ مِنْهَا مَا لَوْ أَتَى بِالشَّرْطِ وَالْجَوَابِ بِلَا فَاءٍ فَإِنَّا لَا نَقُولُ بِالتَّعْلِيقِ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ فَيُتَنَجَّزُ وَلَا يَنْوِي خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ. اهـ. هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي هَذِهِ الْمَحَلِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَتَلَاءَمُ مَعَ أَبِيهِ أَكْثَرُ مِمَّا تَلَاءَمَا يَعْنِي فِي السَّابِقِ قَاصِدًا بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ فِي مُعَاشَرَةِ أَبِيهِ أَكْثَرُ مِمَّا مَضَى مِنْ عُمْرِهِ بَلْ إذَا مَضَى مِنْ عُمْرِهِ أَكْثَرُ مِمَّا تَقَدَّمَ يَنْعَزِلُ عَنْهُ فَهَلْ إذَا عَاشَرَ أَبَاهُ بَعْدَ الْحَلِفِ الْمَزْبُورِ أَقَلَّ مِمَّا تَقَدَّمَ أَوْ مُسَاوِيهِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَذْكُورُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا حَلَفَ زَيْدٌ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ لِعَمْرٍو جَارِهِ هَذَا الْكَلَامَ الْمُعَيَّنَ وَلَا أَعْرِفُ اسْمَهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرٍو الْكَلَامَ الْمُعَيَّنَ بِإِقْرَارِهِ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَعْرِفُ اسْمَهُ وَنَادَاهُ بِهِ مِرَارًا وَأَجَابَهُ بِهِ لَدَى بَيِّنَةٍ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ يَقَعُ طَلَاقُهُ الْمَزْبُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي مَدْيُونٍ حَلَفَ لِدَائِنِهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَيُؤَدِّيَنَّ لَهُ دَيْنَهُ يَوْمَ دُخُولِ الْحَاجِّ دِمَشْقَ أَوْ فِي ثَانِي يَوْمَ دُخُولِهِ وَلَمْ يُؤَدِّ الدَّيْنَ فِي الْيَوْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامٌ بَعْدَهُمَا بِلَا مَانِعٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقُهُ الْمَذْكُورُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَضَعَ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فِي زُبْدِيَّةٍ عَلَى رَفٍّ فِي بَيْتِهِ بِحُضُورِ زَوْجَتِهِ ثُمَّ طَلَبَهُ مِنْهَا فَلَمْ تَجِدْ شَيْئًا فَقَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَتُفَتِّشَنَّ عَلَيْهِ وَتَأْتِينَ بِهِ وَلَمْ يَنْوِ فَوْرًا وَلَا وُجِدَ دَلِيلُهُ فَهَلْ إذَا فَتَّشَتْ وَلَمْ تَجِدْ شَيْئًا وَلَمْ تَأْتِ بِشَيْءٍ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاةِ أَحَدِهِمَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) لَا يُقَالُ إذَا لَمْ تَجِدْ شَيْئًا صَارَتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ فُرُوعِ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمُتُونِ وَفِيهَا التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمُقَيَّدَةِ بِالْوَقْتِ وَالْمُطْلَقَةِ وَمَا هُنَا مِنْ الْمُطْلَقَةِ وَقَدْ قَالَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ الْمُطْلَقَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ مَاءٌ أَصْلًا فَلَا يَحْنَثُ لِعَدَمِ انْعِقَادِ الْيَمِينِ أَوْ كَانَ فِيهِ وَصَبٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِانْعِقَادِهَا لِإِمْكَانِ الْبَرِّ ثُمَّ يَحْنَثُ بِالصَّبِّ إلَخْ لِأَنَّا نَقُولُ إمْكَانُ الْإِتْيَانِ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي وَضَعَهُ بِحُضُورِهَا مُمْكِنٌ فَلَا يَحْنَثُ بِفَقْدِهِ بِخِلَافِ الْمَاءِ الَّذِي كَانَ فِي الْكُوزِ ثُمَّ صَبَّ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ شُرْبُهُ بَعْدَ صَبِّهِ فَيَحْنَثُ عِنْدَ الصَّبِّ لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ حِينَئِذٍ وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْعَجْزُ عِنْدَ فَقْدِهِ بَلْ فِي آخِرِ حَيَاتِهِمَا عَلَى أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الَّتِي أَخَذَتْهُ تَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ حَلَفَ بِالْحَرَامِ أَنَّ وَلَدَهَا فُلَانًا لَا يَدْخُلُ الدَّارَ وَأَنَّهُ دَخَلَهَا وَوَقَعَ عَلَيْهِ الْحَرَامُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ حَلَفَ أَنَّ وَلَدَهَا الْمَزْبُورَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَكَانَ الْوَقْتُ قُبَيْلَ الظُّهْرِ وَدَخَلَهَا الْوَلَدُ وَقْتَ الْعَصْرِ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ الْمُدَّعِيَةُ عَلَى تَقْيِيدِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : ادَّعَى تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالشَّرْطِ وَادَّعَتْ الْإِرْسَالَ فَالْقَوْلُ لَهُ كَمَا فِي كِتَابِ الْقَوْلِ لِمَنْ وَفِيهِ أَيْضًا لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ وَلِأَنَّهُ يُنْكِرُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَالْمَرْأَةُ تَدَّعِيهِ وَالْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ إلَّا أَنْ تُقِيمَ الْمَرْأَةُ بَيِّنَةً. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ضَرَبَ زَوْجَةَ أَخِيهِ فَحَلَفَ أَخُوهُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ إنْ عُدْتَ ضَرْبَتهَا لِأُعَامِلَنَّ عَلَى قَتْلِك وَلَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ فَوْرِيَّةً وَلَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَيْهَا ثُمَّ ضَرَبَهَا الْأَخُ ثَانِيًا وَلَمْ يُعَامِلْ الْأَخُ عَلَى قَتْلِ أَخِيهِ الضَّارِبِ فَهَلْ إذَا لَمْ يُعَامِلْ الْحَالِفُ كَمَا ذُكِرَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ إلَّا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَأَخَذَهَا لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ وَدَفَعَ لَهَا مُؤَخَّرَ صَدَاقِهَا لَمْ يُطَلِّقْهَا صَرِيحًا فَهَلْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ دَفْعِ الْمُؤَخَّرِ طَلَاقٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ يَجْمَعُونَ

الشَّوْكَ فِي الْبَادِيَةِ جَمَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ قَدْرًا مِنْهُ وَغَابَ ثُمَّ رَجَعَ فَوَجَدَهُ نَاقِصًا فَحَلَفَ بِالْحَرَامِ أَنَّ فُلَانًا الْمُعَيَّنَ مِنْهُمْ أَخَذَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ وَفُلَانٌ يُنْكِرُ الْأَخْذَ فَهَلْ لَا يَسْرِي إنْكَارُ فُلَانٍ عَلَيْهِ وَلَا يَقَعْ عَلَيْهِ الْحَرَامُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. (سُئِلَ) فِي شَرِيكَيْنِ حَلَفَ أَحَدُهُمَا بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَفُكُّ الشَّرِكَةَ يَعْنِي لَا يَفْسَخُهَا وَيُرِيدُ شَرِيكُهُ الْآخَرُ فَسْخَهَا بِعِلْمِ الْحَالِفِ لَا بِرِضَاهُ وَمُبَاشَرَتِهِ لِلْفَسْخِ هَلْ لَا يَقَعُ طَلَاقُ الْحَالِفِ بِذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ لَيَشْتَكِيَنَّ عَلَى فُلَانٍ لِزَيْدٍ الْحَاكِمِ وَلَمْ يَشْتَكِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَعَنْ تَرِكَةٍ فَهَلْ لَا تَرِثُهُ الزَّوْجَةُ وَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ مِنْ تَرِكَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَأْكُلُ مِنْ حَلِيبِ مَوَاشِي إخْوَتِهِ وَلَا مِنْ لَبَنِهَا فَهَلْ إذَا جَعَلَ الْحَلِيبَ جُبْنًا أَوْ سَمْنًا أَوْ طُبِخَ بِهِ أُرْزٌ أَوْ نَحْوُهُ وَأَكَلَ مِنْهُ الْحَالِفُ لَا يَحْنَثُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ هَذِهِ صِفَاتٌ دَاعِيَةٌ إلَى الْيَمِينِ فَتَتَقَيَّدُ بِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أُكْرِهَ زَيْدٌ عَلَى طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَطَلَّقَهَا فَهَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ يَدْفَعُهُ لَهُ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ فَفَاتَ الْوَقْتُ وَلَمْ يَدْفَعْهُ لَهُ فَادَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ بِالْمُقْتَضَى الْمَزْبُورِ فَادَّعَى عَلَيْهِ دَفْعَ الدَّيْنِ إلَى رَبِّهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : يَصْدُقُ فِي الدَّفْعِ بِيَمِينِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ بِذَلِكَ وَيَحْلِفُ الدَّائِنُ عَلَى عَدَمِ الْقَبْضِ وَيَسْتَحِقُّهُ قَالَ الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْغَزِّيُّ قُلْت وَفِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ قَالَ الزَّوْجُ بَعَثْت النَّفَقَةَ إلَيْهَا وَوَصَلْت إلَيْهَا وَأَنْكَرْت هِيَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ لِأَنَّهُ مُدَّعِي الشَّرْطِ وَمُنْكِرُ الْحُكْمِ قَالَ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ هَكَذَا سَمِعْت الْقَاضِيَ الْإِمَامَ الْأُسْتَاذَ ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ مُدَّةٍ وَقَالَ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي الْخُلَاصَةِ لَكِنَّهُ لَمْ يَقُلْ وَهُوَ الْأَصَحُّ لَكِنْ مَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا أَطْبَقَتْ عَلَيْهِ الْمُتُونُ وَعَامَّةُ الشُّرُوحِ مِنْ أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الشَّرْطِ فَالْقَوْلُ لَهُ إلَّا فِيمَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهَا فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهَا فِي حَقِّ نَفْسِهَا فَلْيَكُنْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُتُونَ وَالشُّرُوحَ مَوْضُوعَةٌ لِنَقْلِ الْمَذْهَبِ كَذَا فِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيّ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ. (أَقُولُ) مُرَادُ الْعَلَّامَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْغَزِّيِّ صَاحِبِ التَّنْوِيرِ بِقَوْلِهِ شَيْخُنَا هُوَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ نَجِيمٍ صَاحِبُ الْبَحْرِ لَكِنَّهُ فِي كِتَابِهِ الْبَحْرِ خَالَفَ مَا أَفْتَى بِهِ فَإِنَّهُ بَعْدَمَا ذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ مُقْتَضَى الْمُتُونِ اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ صَحَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَدَّعِي إيفَاءَ حَقٍّ وَهِيَ تُنْكِرُ كَمَا قُبِلَ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ وُصُولِ الْمَالِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْمُتُونِ وَكَأَنَّهُ ثَبَتَ فِي ضِمْنِ قَبُولِ قَوْلِهَا فِي عَدَمِ وُصُولِ الْمَالِ وَهَذَا التَّقْرِيرُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مِنْ خَوَاصِّ هَذَا الشَّرْح. اهـ. وَكَتَبَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا مَرَّ عَنْ الْغَزِّيِّ مَا نَصُّهُ أَقُولُ قَالَ فِي الْفَيْضِ لِلْكَرْكِيِّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ قَوْلُهُ. اهـ. وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ بِأَنَّ الْمُطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ فَيُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمُتُونِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ دَعْوَى إيصَالِ مَالٍ فَتَأَمَّلْ وَفِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجَعَلَ الثَّالِثَ رَامِزًا لِلذَّخِيرَةِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِي عَدَمِ الْوُصُولِ إلَيْهَا وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ وَأَقُولُ هَذَا الْقَوْلُ عِنْدِي وَسَطٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ كَلَامًا كَثِيرًا فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ كَلَامُ الرَّمْلِيِّ وَهَذَا الْقَوْلُ الْوَسَطُ قَالَ صَاحِبُ نُورِ الْعَيْنِ إنَّهُ الصَّوَابُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ بِالْقَوْلَيْنِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَذَلِكَ أَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى. اهـ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى زَوْجَتِهِ بِأَنَّهَا ضَرَبَتْهُ وَأَنْكَرَتْ فَحَلَفَ بِالْحَرَامِ قَائِلًا عَلَيَّ الْحَرَامُ إنَّك ضَرَبْتِينِي فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الضَّرْبُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى زَيْدٍ لِعَدَمِ ظُهُورِ مَا يُكَذِّبُهُ وَلَا يَسْرِي إنْكَارُهَا عَلَيْهِ

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَالْوَالِدُ وَالْعَمُّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ خَادِمًا عِنْدَ عَمْرٍو وَقَالَ بِالتُّرْكِيَّةِ أَلْفَاظًا مَعْنَاهَا بِالْعَرَبِيَّةِ: لَا أَمْكُثُ فِي هَذَا الْبَابِ يَعْنِي بِذَلِكَ عَدَمَ خِدْمَةِ عَمْرٍو فَقِيلَ لَهُ إنَّ لَك فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ زَوْجَةً وَأَوْلَادًا فَقَالَ عَدَّيْت عَنْهَا وَعَنْ الْأَوْلَادِ وَلَمْ يَنْوِ بِذَلِكَ طَلَاقًا أَصْلًا وَلَمْ يَكُنْ فِي حَالِ مُذَاكَرَتِهِ وَلَا فِي حَالِ غَضَبٍ مِنْ جِهَتِهَا بَلْ نِيَّتُهُ الْخَلَاصُ مِنْ خِدْمَةِ عَمْرٍو فَقَطْ فَهَلْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يَقَعُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْأَيْمَانِ عَقِبَ سُؤَالٍ وَجَوَابٍ مُفَصَّلَيْنِ إلَى أَنْ قَالَ فَتَحَصَّلَ أَنَّ اللَّفْظَ إذَا احْتَمَلَ الطَّلَاقَ وَغَيْرَهُ وَخَلَا عَنْ النِّيَّةِ وَعَنْ مُذَاكَرَتِهِ عَرَبِيًّا كَانَ اللَّفْظُ أَوْ غَيْرُهُ لَا يَقَعُ. اهـ. وَتَمَامُ التَّحْقِيقِ فِيهَا فَارْجِعْ إلَيْهَا إنْ رُمْت. (أَقُولُ) وَهَذِهِ مَسَائِلُ ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَذَكَرْتُهَا هُنَا لِتَعَلُّقِهَا بِالطَّلَاقِ مِنْ جِهَةِ الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ وَإِنْ كَانَ مَحَلُّهَا الْأَيْمَانَ كَأَكْثَرِ الْمَسَائِلِ الْمَارَّةِ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى جَمْعُهَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ لِتَسْهُلَ الْمُرَاجَعَةُ. (سُئِلَ) فِي قَرَوِيٍّ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَخَرَجَ مِنْهَا فَوْرًا بِنَفْسِهِ إلَى قَرْيَةٍ غَيْرِهَا ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا لِنَقْلِ أَهْلِهِ وَأَمْتَعْته وَلَمْ يَسْكُنْ فِيهَا وَنَقَلَهُمْ فَهَلْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْمَزْبُورُ بِعَوْدِهِ كَمَا ذُكِرَ وَيَبَرُّ بِخُرُوجِهِ مِنْهَا بِنَفْسِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُ هَذِهِ الدَّارَ أَوْ الْبَيْتَ وَالْمَحَلَّةُ فَخَرَجَ وَبَقِيَ مَتَاعُهُ وَأَهْلُهُ حَنِثَ بِخِلَافِ الْمِصْرِ وَالْقَرْيَةِ تَنْوِيرٌ فَإِنَّهُ يَبَرُّ بِنَفْسِهِ فَقَطْ عَلَائِيٌّ مِنْ الْيَمِينِ فِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَسْكُنُ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَخَرَجَ مِنْ سَاعَتِهِ لِطَلَبِ مَنْزِلٍ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الِانْتِقَالُ مِنْ سَاعَتِهِ لِعَدَمِ تَيَسُّرِهِ حَتَّى بَقِيَ فِيهَا زَوْجَتُهُ وَمَتَاعُهُ عَشْرَةَ أَيَّامٍ فَهَلْ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ فِي فَصْلِ الْمُسَاكَنَةِ رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَسْكُنَ هَذِهِ الدَّارَ فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ وَاشْتَغَلَ بِطَلَبِ دَارٍ أُخْرَى لِيَنْقُلَ إلَيْهَا الْأَهْلَ وَالْمَتَاعَ فَلَمْ يَجِدْ دَار أَيَّامًا وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَضَعَ الْمَتَاعَ خَارِجَ الدَّارِ لَا يَكُونُ حَانِثًا. اهـ. قَالَ فِي النَّهْرِ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ مَنْ عَمَلِ النَّقْلِ فَصَارَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ مُسْتَثْنَاةً إذَا لَمْ يُفَرِّطْ فِي الطَّلَبِ وَهَذَا إذَا خَرَجَ مِنْ سَاعَتِهِ لِطَلَبِ الْمَنْزِلِ وَلَوْ أَخَذَ فِي النَّقْلَةِ شَيْئًا فَشَيْئًا فَإِنْ لَمْ تَفُتْهُ النَّقَلَاتُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَمْ يَلْزَمْهُ النَّقْلُ بِأَسْرَعِ الْوُجُوهِ بَلْ بِقَدْرِ مَا يَصِيرُ نَاقِلًا فِي الْعُرْفِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِي الْعَلَائِيِّ عَلَى التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ ابْنٌ كَبِيرٌ حَائِكٌ يَحِيكُ عِنْدَ خَالِهِ بِالْأُجْرَةِ فَحَلَفَ زَيْدٌ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يُخَلِّيهِ أَيْ لَا يَدَعُهُ يَشْتَغِلُ عِنْدَ خَالِهِ ثُمَّ بَعْدَ سَنَتَيْنِ زَارَ الِابْنُ خَالَهُ وَطَلَبَ مِنْهُ خَالُهُ أَنْ يَشْتَغِلَ لَهُ وَيُسَاعِدَهُ فِي الْحِيَاكَةِ فَاشْتَغَلَ لَهُ شَيْئًا قَلِيلًا بِغَيْبَةِ أَبِيهِ وَبِدُونِ عِلْمِهِ وَرِضَاهُ وَتَخْلِيَتِهِ فَهَلْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى زَيْدٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ قَالَتْ إنْ تَرَكْت هَذَا الصَّبِيَّ يَخْرُجُ مِنْ الدَّارِ فَكَذَا فَشَرَعَتْ فِي الصَّلَاةِ أَوْ غَابَتْ عَنْهُ فَخَرَجَ لَا تَحْنَثُ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ نَوْعٍ فِي الْفَوْرِ وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ لِابْنِهِ الْكَبِيرِ إنْ تَرَكْتُك تَعْمَلُ مَعَ فُلَانٍ فَكَذَا فَهُوَ عَلَى الْمَنْعِ بِالْقَوْلِ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا فَعَلَى الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ بَزَّازِيَّةٌ أَجَّرَ دَارِهِ سَنَةً ثُمَّ حَلَفَ وَقَالَ لِلْمُسْتَأْجِرِ لَا أَتْرُكُك فِي دَارِي فَإِذَا قَالَ لَهُ اُخْرُجْ مِنْ دَارِي فَقَدْ بَرَّ فِي يَمِينِهِ فَتَاوَى الصُّغْرَى حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ سَاكِنٌ دَارِهِ الْيَوْمَ وَالسَّاكِنُ ظَالِمٌ غَالِبٌ يَتَكَلَّفُ فِي إخْرَاجِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فَالْيَمِينُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِاللِّسَانِ قُنْيَةٌ حَلَفَ لَا يَدَعُ فُلَانًا يَمُرُّ عَلَى هَذِهِ الْقَنْطَرَةِ فَمَنَعَهُ بِالْقَوْلِ يَكُونُ بَارًّا لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْمَنْعَ بِالْفِعْلِ قَاضِي خَانْ وَتَمَامُهُ فِي رِسَالَةِ الشُّرُنْبُلَالِيِّ الْمُسَمَّاةِ أَحْسَنُ الْأَقْوَالِ لِلتَّخَلُّصِ عَنْ مَحْظُورِ الْفِعَالِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ لِدَارِ أَبِيهَا وَهِيَ جَارِيَةٌ فِي تَوَاجِرِهِ وَسَاكِنٌ فِيهَا ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ ثُمَّ دَخَلَتْهَا فَهَلْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَقُولُ وَتَقَدَّمَ مَا لَوْ كَانَتْ الدَّارُ مِلْكًا لَهُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَبْعَثُهَا إلَّا

باب الخلع والطلاق على مال

إلَى الْحَمَّامِ وَاقْتَضَى لَهَا الْخُرُوجُ لِأَمْرٍ آخَرَ وَخَرَجَتْ لِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبْعَثَهَا هُوَ وَلَا نِيَّةَ لَهُ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهَا فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا لَمْ يَبْعَثْهَا لِذَلِكَ وَفَعَلَتْهُ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهَا لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ الْمَذْكُورُ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا فُلَانٍ بِأَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهُ لَا يُعَدِّي إلَى مَحَلَّةِ أَبِيهَا وَلَا إلَى دَارِهِ وَأَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ دَخَلَ إلَى مَحَلَّةِ أَبِيهَا وَبَاتَ فِي دَارِهِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا وَأَنَّهَا بِمُقْتَضَى ذَلِكَ بَانَتْ مِنْهُ وَطَالَبَتْهُ بِمُؤَخَّرِهَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ دَارَ أَبِيهَا الْمَزْبُورَةِ مَعَ زَوْجَتِهِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى سَبِيلِ السُّكْنَى وَأَنَّهُ دَخَلَهَا زَائِرًا وَلَمْ يَدْخُلْهَا عَلَى سَبِيلِ السُّكْنَى وَأَنْكَرَ كَوْنَهُ حَلَفَ كَمَا ادَّعَتْ فَطَلَبَ مِنْ الْمُدَّعِيَةِ بَيِّنَةً فَأَثْبَتَتْ مُدَّعَاهَا بِشَاهِدَيْنِ فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ اتَّفَقَا عَلَى أَصْلِ الْيَمِينِ وَاخْتَلَفَا فِي الْقَيْدِ فَبِالنَّظَرِ إلَى الْقَيْدِ صَارَ الرَّجُلُ مُدَّعِيًا وَالْمَرْأَةُ مُدَّعَى عَلَيْهَا لِأَنَّهَا تُنْكِرُ الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ فَمُقْتَضَاهُ يَطْلُبُ مِنْهُ بَيِّنَةً فِي إثْبَاتِ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ عَلَى سَبِيلِ السُّكْنَى دَفْعٌ مِنْهُ لِدَعْوَاهَا وَدَعْوَى الدَّفْعِ مَسْمُوعَةٌ قَبْلَ الْحُكْمِ وَبَعْدَهُ وَدَفْعُ الدَّفْعِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ جَعَلَ قَوْلَهُ عَلَى سَبِيلِ السُّكْنَى شَرْطًا وَاخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الشَّرْطِ فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ الْيَمِينِ إلَّا إذَا بَرْهَنَتْ فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ عَلَى الشَّرْطِ وَإِنْ كَانَ نَفْيًا كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ. (أَقُولُ) أَيْ فَإِذَا ادَّعَتْ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى سَبِيلِ السُّكْنَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَأَنْكَرَ هُوَ فَالْقَوْلُ لَهُ إلَّا إذَا بَرْهَنَتْ عَلَى مُدَّعَاهَا الْمَذْكُورِ فَتُسْمَعُ لِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ عَلَى الشَّرْطِ الْمُثْبِتِ وَأَقُولُ أَيْضًا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ صَارَ مُدَّعِيًا وَأَنَّ الْبَيِّنَةَ تُطْلَبُ مِنْهُ لَا مِنْهَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتُ فِي الطَّلَاقِ رَامِزًا لِلْبُرْهَانِ صَاحِبُ الْمُحِيطِ بِمَا نَصُّهُ بِمَ ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَالزَّوْجُ يَقُولُ طَلَّقْتهَا بِالشَّرْطِ وَلَمْ يُوجَدْ فَالْبَيِّنَةُ فِيهِ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ وَلَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَلَفَ لَا يَضْرِبُهَا وَادَّعَى هُوَ أَنَّهُ لَا يَضْرِبُهَا مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ كِلَا الْأَمْرَيْنِ وَتَطْلُقُ بِأَيِّهِمَا كَانَ. اهـ. لَكِنْ رَأَيْت فِي هَامِشِ نُسْخَةِ الْقُنْيَةِ مَكْتُوبًا عِنْدَ آخِرِ الْعِبَارَةِ مَا نَصُّهُ هَذَا خِلَافُ رِوَايَةِ الْفُصُولِ فَإِنَّهُ قَالَ لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ فِي هَذَا وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ الْيَمِينِ تَأَمَّلْ جِدًّا اهـ مَا رَأَيْته وَقَدْ نَقَلَ فِي الْبَحْرِ عِبَارَةَ الْقُنْيَةِ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ وَأَقَرَّهَا ثُمَّ نَقَلَ عَنْهَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ شَرِبْت مُسْكِرًا بِغَيْرِ إذْنِك فَأَمْرُك بِيَدِك فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى وُجُودِ الشَّرْطِ وَأَقَامَ الزَّوْجُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ بِإِذْنِهَا فَبَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَوْلَى. اهـ. وَنَقَلَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ لِلشَّيْخِ غَانِمٍ الْبَغْدَادِيِّ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْقَوْلِ لِمَنْ قَالَ نَحْوَ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ وَإِنْ ادَّعَى تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالشَّرْطِ وَادَّعَتْ الْإِرْسَالَ فَالْقَوْلُ لَهُ اهـ ثُمَّ قَالَ حَلَفَ لَا يَضْرِبُهَا مِنْ غَيْرِ جُرْمٍ فَقَالَ ضَرَبْتهَا بِالْجُرْمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ الْيَمِينِ مِنْ الْخِزَانَةِ لِصَاحِبِ الْجَامِعِ. اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْقَوْلُ لَهُ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ فِي طَرَفِهَا. فَأَمْعِنْ النَّظَرَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَتَمَهَّلْ وَلَا تَعْجَلْ. [بَابُ الْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ] (بَابُ الْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ) (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ بَعْلِهَا عَلَى مَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ دَفَعَتْهُ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ ثُمَّ دَفَعَهُ لَهَا لِتُنْفِقَهُ عَلَى ابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ مِنْهَا فِي مُدَّةِ كَذَا وَقَامَتْ تُطَالِبُهُ بِمُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهَا وَسَقَطَ بِالْخُلْعِ الْمَذْكُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَيَسْقُطُ بِالْخُلْعِ وَالْمُبَارَأَةِ كُلُّ حَقٍّ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الْآخِرِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ كَنْزٌ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتُونِ قَوْلُهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ كَالْمَهْرِ مَقْبُوضًا أَوْ غَيْرَ مَقْبُوضٍ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ وَالنَّفَقَةُ الْمَاضِيَةُ إلَّا نَفَقَةَ الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ لِعَدَمِ دُخُولِهَا تَحْتَ الْعُمُومِ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً قَبْلَ الْخَلْعِ لِتَسْقُطَ بِهِ إلَّا إذَا نَصَّ عَلَيْهَا فَحِينَئِذٍ تَسْقُطُ وَأَمَّا السُّكْنَى فَلَا يَصِحُّ إسْقَاطُهَا بِحَالٍ لِمَا أَنَّهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ الطَّلَاقِ مَعْصِيَةٌ إلَّا إذَا أَبْرَأَتْهُ عَنْ مُؤْنَةِ السُّكْنَى فَإِنْ

كَانَتْ سَاكِنَةً فِي بَيْتِ نَفْسِهَا أَوْ تُعْطِي الْأُجْرَةَ مِنْ مَالِهَا فَيَصِحُّ الْتِزَامُهَا بِذَلِكَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إلَى أَنْ قَالَ وَمَقْصُودُهُمْ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ هُنَا مَا عَدَا النَّفَقَةَ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالطَّلَاقِ مُطْلَقًا كَمَا نَذْكُرُهُ فِي بَابِهِ مِنَحُ الْغَفَّارِ بِبَعْضِ اخْتِصَارٍ (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ خَالَعَتْ زَوْجَهَا عَلَى نَفَقَةٍ وَلَدَيْهِ الصَّغِيرَيْنِ مِنْهَا فِي مُدَّةٍ وَهِيَ مُعْسِرَةٌ ثُمَّ طَالَبَتْهُ بِالنَّفَقَةِ هَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَلَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى نَفَقَةِ وَلَدِهِ شَهْرًا وَهِيَ مُعْسِرَةٌ فَطَالَبَتْهُ بِالنَّفَقَةِ يُجْبَرُ عَلَيْهَا اهـ. (أَقُولُ) وَفِي حَاشِيَةِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ لِلْحَلَبِيِّ أَنَّ مَا شَرْطُهُ يَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهَا أَيْ فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْهَا إذَا أَيْسَرَتْ وَنَظِيرُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ لَوْ تَرَكَتْ الْوَلَدَ عَلَى الزَّوْجِ وَهَرَبَتْ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ النَّفَقَةِ مِنْهَا وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ تَمَامِ الْوَقْتِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِحِصَّتِهِ ثُمَّ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَالْحِيلَةُ فِي بَرَاءَتِهَا أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ خَالَعْتُكِ عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ إلَى سَنَتَيْنِ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَهَا فَلَا رُجُوعَ لِي عَلَيْك كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَتَمَامُ الْفَوَائِدِ فِيهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ بِنْتٌ صَغِيرَةٌ مِنْ زَوْجِهَا زَيْدٍ فَخَالَعَهَا عَلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْ مُؤَخَّرِهَا عَلَيْهِ وَعَلَى أَمْتِعَةٍ مَعْلُومَةٍ وَبَعْدَ تَمَامِ ذَلِكَ تَكَفَّلَ أَبُو هِنْدٍ بِالْوَكَالَةِ عَنْهَا بِنْتَهَا الْمَذْكُورَةَ بِجَمِيعِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ إلَى سَبْعِ سِنِينَ بِلَا رُجُوعٍ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَالْحَالُ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّكَفُّلِ لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ خَالَعَهَا عَلَيْهِ وَلَا وَقَعَ بَدَلًا عَنْ الْخُلْعِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ غَيْرَ لَازِمٍ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَكُونُ التَّكَفُّلُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ لَازِمٍ ثُمَّ الْعِلْمُ بِالْمُؤَخَّرِ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ خَلَعَ زَوْجَتَهُ عَلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْ مُؤَخَّرِهَا وَعَلَى نَفَقَةِ عِدَّتِهَا ثُمَّ قَبَضَتْ مِنْهُ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ نَظِيرَ نَفَقَةِ وَلَدَيْهَا مِنْهُ فِي مُدَّةِ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ لِتَقُومَ بِجَمِيعِ مَا يَحْتَاجَانِ إلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ فَهَلْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْخُلْعِ وَالْقَبْضِ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَيَسْقُطُ بِالْخُلْعِ وَالْمُبَارَأَةِ كُلُّ حَقٍّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ إلَّا نَفَقَةَ الْعِدَّةِ إلَّا إذَا نَصَّ عَلَيْهَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ خَلَعَ زَوْجَتَهُ مِنْ عِصْمَتِهِ بِلَفْظِ الْخُلْعِ مِنْ غَيْرِ مَالٍ وَيُرِيدُ بَعْدَ ذَلِكَ رَدَّهَا لِعِصْمَتِهِ بِدُونِ رِضَاهَا وَلَا عَقْدٍ جَدِيدٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : الْخُلْعُ طَلَاقٌ بَائِنٌ فَلَيْسَ لَهُ مُرَاجَعَتُهَا إلَّا بِرِضَاهَا وَعَقْدٌ جَدِيدٌ وَالْوَاقِعُ بِهِ وَلَوْ بِلَا مَالٍ وَبِالطَّلَاقِ الصَّرِيحِ عَلَى مَالٍ طَلَاقٌ بَائِنٌ وَالْخُلْعُ مِنْ الْكِنَايَاتِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهَا تَنْوِيرٌ وَشَرْحُهُ لِلْعَلَائِيِّ (أَقُولُ) ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ النِّيَّةِ وَلَكِنْ قَالَ فِي الْبَحْرِ نِيَّةُ الطَّلَاقِ فِي الْخُلْعِ وَالْمُبَارَأَةِ شَرْطُ الصِّحَّةِ إلَّا أَنَّ الْمَشَايِخَ لَمْ يَشْتَرِطُوهَا فِي الْخُلْعِ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ كَوْنُ الْخَلْعِ بَعْدَ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ فَلَوْ كَانَتْ الْمُبَارَأَةُ أَيْضًا كَذَلِكَ لَا حَاجَةَ إلَى النِّيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْكِنَايَاتِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ بَقِيَتْ مَشْرُوطَةً فِي الْمُبَارَأَةِ وَسَائِرِ الْكِنَايَاتِ عَلَى الْأَصْلِ اهـ وَذَكَرَ قَبْلَهُ عَنْ شَرْحِ الْوِقَايَةِ أَنَّ الْمُبَارَأَةَ بِالْهَمْزِ وَتَرْكُهُ خَطَأٌ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ بَرِئْت مِنْ نِكَاحِك بِكَذَا قَالَ وَلَا يَخْفَى وُقُوعُ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَصَوَّرَهَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنْ يَقُولَ بَارَأْتُك عَلَى أَلْفٍ وَتَقْبَلَ وَقَدْ صَرَّحَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا حَلَفَ زَيْدٌ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَى عَمْرٍو أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ الْمَعْلُومَةَ ثُمَّ خَلَعَ زَيْدٌ زَوْجَتَهُ مِنْ عِصْمَتِهِ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ وَدَخَلَ عَمْرٌو الدَّارَ وَحَكَمَ قَاضٍ شَافِعِيٌّ بِانْحِلَالِ الْيَمِينِ وَإِعَادَةِ زَوْجَتِهِ إلَيْهِ بِعَقْدٍ شَرْعِيٍّ وَبِعَدَمِ وُقُوعِ الثَّلَاثِ عَلَى زَيْدٍ وَلَوْ كَانَ الدُّخُولُ فِي الْعِدَّةِ حُكْمًا شَرْعِيًّا مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ وَأَنْفَذَ حُكْمَهُ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَكَتَبَ غِبَّ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةَ بِكُلٍّ مِنْ الْحُكْمَيْنِ حُجَّةٍ صَحِيحَةٍ شَرْعِيَّةٍ مُسْتَوْفِيَةٍ لِلشَّرَائِطِ الشَّرْعِيَّةِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِهِمَا بَعْدَ ثُبُوتِ مَضْمُونِهِمَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُعْمَلُ بِالْحُجَّتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَضْمُونِهِمَا وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ نَافِذٌ صَحِيحٌ

ارْتَفَعَ بِهِ الْخِلَافُ الْوَاقِعُ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا طَلَّقَ زَيْدٌ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً وَاحِدَةً عَلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْ مُؤَخَّرِهَا مَقْبُولًا مِنْهَا وَتُرِيدُ الْآنَ مُطَالَبَتَهُ بِمُؤَخَّرِهَا فَهَلْ وَقَعَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ وَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَتُهُ بِذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْوَاقِعُ بِهِ أَيْ الْخُلْعِ وَبِالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ طَلَّقْتُك أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى كَذَا مِنْ الْمَالِ أَوْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ طَلِّقْنِي عَلَى كَذَا وَيَقُولَ الزَّوْجُ طَلَّقْتُك عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الطَّلَاقَ عَلَى مَا فِيهِ مَالٌ بِمَنْزِلَةِ الْخُلْعِ فِي الْأَحْكَامِ إلَّا أَنَّ بَدَلَ الْخُلْعِ إذَا بَطَلَ يَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَعِوَضُ الطَّلَاقِ إذَا بَطَلَ يَقَعُ رَجْعِيًّا كَذَا فِي شَرْحِ الدُّرَرِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ طَلَاقٌ بَائِنٌ لِأَنَّهَا لَا تُسَلِّمُ الْمَالَ إلَّا بِتَسْلِيمِ نَفْسِهَا وَذَلِكَ بِالْبَيْنُونَةِ مِنَحٌ مِنْ الْخُلْعِ قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَبْرَأْتُك مِنْ الْمَهْرِ بِشَرْطِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فَقَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا رَجْعِيًّا يَقَعُ بَائِنًا لِلْمُقَابَلَةِ بِالْمَالِ وَكَذَا لَوْ قَالَتْ أَبْرَأْتُك عَمَّا لِي عَلَيْك عَلَى طَلَاقِي فَفَعَلَ جَازَتْ الْبَرَاءَةُ وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا بَحْرٌ مِنْ الْخُلْعِ. (سُئِلَ) فِي مَرِيضَةٍ مَرَضَ الْمَوْتِ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِمَهْرِهَا الَّذِي عَلَيْهِ بِسُؤَالِهَا ثُمَّ مَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا عَنْهُ وَعَنْ وَرَثَةٍ غَيْرِهِ فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : يُنْظَرُ إلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ إلَى مِيرَاثِهِ مِنْهَا وَإِلَى بَدَلِ الْخُلْعِ وَإِلَى ثُلُثِ مَالِهَا فَأَيُّ ذَلِكَ أَقَلُّ يَجِبُ لَهُ وَلَا تَجِبُ الزِّيَادَةُ هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْعِمَادِيَّةِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَتَفْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى حَيْثُ قَالَ وَذَكَرَ نَجْمُ الدِّينِ فِي الْخَصَائِلِ الْمَرْأَةُ إذَا اخْتَلَعَتْ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا عَلَى مَهْرِهَا الَّذِي لَهَا عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَقَدْ سَقَطَ نِصْفُ الْمَهْرِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ وَصِيَّةٌ وَهُوَ لِغَيْرِ الْوَارِثِ وَيَصِحُّ مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ دَخَلَ بِهَا وَمَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَكُلُّ الْمَهْرِ وَصِيَّةٌ وَيَصِحُّ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ الِاخْتِلَاعَ تَبَرُّعٌ وَإِنْ مَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ فَكَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَبْقَ وَارِثًا لِرِضَاهُ بِالْفُرْقَةِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُنْظَرُ إلَى الْأَقَلِّ مِنْ مِيرَاثِهِ وَمِنْ الْمُسَمَّى وَمِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُمَا مُتَّهَمَانِ فِي حَقِّ سَائِرِ الْوَرَثَةِ وَلَا يُتَّهَمَانِ فِي الْأَقَلِّ وَهُوَ نَظِيرُ مَا قُلْنَا جَمِيعًا فِي طَلَاقهَا بِسُؤَالِهَا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَحَاصِلُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ تَنْقَضِ أَنَّ فِيمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَا يُنْظَرُ إلَى قَدْرِ حَقِّ الزَّوْجِ فِي الْمِيرَاثِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى الثُّلُثِ فَيُسَلَّمُ لِلزَّوْجِ قَدْرُ الثُّلُثِ مِنْ بَدَلِ الْخُلْعِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ فِي الْمِيرَاثِ وَقَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَا يُنْظَرُ إلَى الثُّلُثِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى قَدْرِ حَقِّهِ مِنْ الْمِيرَاثِ فَيُسَلَّمُ لَهُ قَدْرُ حَقِّهِ مِنْ الْمِيرَاثِ مِنْ بَدَلِ الْخُلْعِ دُونَ ثُلُثِ الْمَالِ إذَا كَانَ الثُّلُثُ أَكْثَرَ نَقَلَهُ فِي الْمُحِيطِ اهـ. (سُئِلَ) فِي صَغِيرَةٍ مُمَيِّزَةٍ عَاقِلَةٍ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا مِنْ زَوْجِهَا عَلَى جَمِيعِ مَهْرِهَا وَخَلَعَهَا عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَتْ صَغِيرَةً فَقَدْ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَا تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْ الْمَهْرِ فَلِوَلِيِّهَا أَخْذُ نِصْفِ صَدَاقِهَا الْمُقَدَّمِ وَالْمُؤَخَّرِ مِنْ التَّرِكَةِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَإِنْ قَبِلَتْ وَهِيَ عَاقِلَةٌ تَعْقِلُ أَنَّ النِّكَاحَ جَلْبٌ وَالْخُلْعُ سَالِبٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِالِاتِّفَاقِ وَلَا يَلْزَمُهَا أَطْلَقَ فِي مَالِهَا فَشَمَلَ مَهْرَهَا الَّذِي عَلَى الزَّوْجِ وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلْعُ عَلَى مَهْرِهَا أَوْ مَالٍ آخَرَ سَوَاءٌ فِي الصَّحِيحِ اهـ. بَحْرٌ وَفِيهِ عَنْ جَوَامِعِ الْفِقْهِ طَلَّقَهَا بِمَهْرِهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ عَاقِلَةٌ فَقَبِلَتْ وَقَعَتْ تَطْلِيقَةً وَلَا يَبْرَأُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحَيْ التَّنْوِيرِ لِلْمُصَنِّفِ وَالْعَلَائِيِّ. (أَقُولُ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ فِي كُلٍّ مِنْ الْخُلْعِ وَالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ لَكِنْ فِي الْخَلْعِ يَقَعُ الْبَائِنُ وَفِي الطَّلَاقِ يَقَعُ الرَّجْعِيُّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمَنْظُومَةِ أَنَّ خُلْعَ الصَّغِيرَةِ بِمَالٍ مَعَ الزَّوْجِ إنْ كَانَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ يَقَعُ الْبَائِنُ وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ يَقَعُ الرَّجْعِيُّ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا الْمَرِيضِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ مِنْ مَرَضِهِ

بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامِ فَهَلْ يَكُونُ الْخُلْعُ الْمَزْبُورُ جَائِزًا وَلَا مِيرَاثَ لَهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فَلَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا وَهِيَ صَحِيحَةٌ وَالزَّوْجُ مَرِيضٌ فَالْخُلْعُ جَائِزٌ بِالْمُسَمَّى قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ مَاتَ فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْإِحْكَامَاتِ مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ خَالَعْتُكِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَالًا فَقَبِلَتْ الزَّوْجَةُ الْخُلْعَ فَهَلْ تَطْلُقُ وَبَرِئَ مِنْ الْمَهْرِ الْمُؤَجَّلِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ الزَّوْجُ خَالَعْتُكِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَالًا فَقَبِلَتْ الْمَرْأَةُ طَلَقَتْ لِوُجُودِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَبَرِئَ مِنْ الْمَهْرِ الْمُؤَجَّلِ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مِنْ الْمُؤَجَّلِ شَيْءٌ رَدَدْت عَلَى الزَّوْجِ مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ الْمُعَجَّلِ فَإِنَّهَا إذَا قَبِلَتْ الْخُلْعَ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ فِي حَقِّهَا فَقَدْ الْتَزَمَتْ الْعِوَضَ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ دُرَرٌ مِنْ الْخُلْعِ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِي وَكِيلٍ شَرْعِيٍّ عَنْ امْرَأَةٍ خَالَعَهَا مَعَ زَوْجِهَا عَلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْ شَطْرِ مُقَدَّمِهَا وَمُؤَخَّرِهَا وَمِنْ سَائِرِ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالزَّوْجِيَّةِ وَعَلَى تِسْعَةِ قُرُوشٍ فِي الذِّمَّةِ فَهَلْ يَكُونُ الْخُلْعُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ سُئِلَ هَلْ الْخُلْعُ مِنْ وَكِيلِ الْمَرْأَةِ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ يَكُونُ مُسْقِطًا لِحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ أَمْ لَا؟ (أَجَابَ) : إذَا وَقَعَ الْخُلْعُ بِلَفْظِ الْمُخَالَعَةِ كَخَالَعْتُكِ لَا بِلَفْظِ خَلَعْتُك فَإِنَّهُ يَكُونُ مُسْقِطًا لِحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ بِدُونِ تَنْصِيصٍ وَالْوَكِيلُ فِي خُصُوصِ ذَلِكَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ ثُمَّ. أَقُولُ لِأَنَّهُ إذَا وَكَّلَتْ فِي الْخَلْعِ بِلَفْظِ الْمُخَالَعَةِ يَكُونُ قَائِمًا مَقَامَهَا وَقَالُوا إنَّهُ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِكُلِّ مَا يَمْلِكُهُ الْمُوَكِّلُ وَأَيْضًا الْوَكَالَةُ وَقَعَتْ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ مَعْنًى مَا وَكَّلَ فِيهِ وَمَعْنَى الْمُخَالَعَةِ عَلَى مَا صَرَّحُوا بِهِ أَنَّهَا كَالْبَرَاءَةِ تَقْتَضِي الْبَرَاءَةَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لِأَنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ الْخَلْعِ وَهُوَ الْفَصْلُ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا إذَا لَمْ يَبْقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِبَلَ صَاحِبِهِ حَقٌّ وَإِلَّا تَقَعُ الْمُنَازَعَةُ فَكَأَنَّهَا قَالَتْ وَكَّلْتُك فِي أَنْ تُخَلِّصَنِي مِنْ زَوْجِي عَلَى وَجْهٍ تَقَعُ الْبَرَاءَةُ بَيْنَنَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَالتَّوْكِيلُ بِالْبَرَاءَةِ جَائِزٌ اهـ. وَقَدْ أَوْضَحَ فِي الْبَحْرِ الْفَرْقَ بَيْنَ خَلَعْتُك وَخَالَعْتُك مِنْ وَجْهَيْنِ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَنَّ خَلَعْتُك لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ بِخِلَافِ خَالَعْتُكِ الثَّانِي لَا بَرَاءَةَ فِي الْأُولَى وَيَبْرَأُ فِي الثَّانِي اهـ. بَحْرٌ وَكَتَبْت فِي حَاشِيَتِي عَلَيْهِ أَنَّ قَوْلَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ بِمُقَابَلَةِ مَالٍ لِمَا قَدَّمَهُ فِي الْبَحْرِ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ مِنْهَا حَيْثُ كَانَ عَلَى مَالٍ أَوْ كَانَ بِلَفْظِ خَالَعْتُكِ أَوْ اخْتَلِعِي. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ أَبْرَأْتِينِي مِمَّا لَك عَلَيَّ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ فِي مَجْلِسِهَا أَبْرَأَك اللَّهُ فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَتَصِحُّ هَذِهِ الْبَرَاءَةُ؟ (الْجَوَابُ) : قَدْ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ السَّرَّاجُ الْهِنْدِيُّ قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَتْ لَهُ فِي مَجْلِسِهَا أَبْرَأْتُك أَوْ أَبْرَأَك اللَّهُ صَحَّتْ الْبَرَاءَةُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ سَوَاءٌ عَلِمَا أَوْ أَحَدُهُمَا مِقْدَارَ الْحُقُوقِ أَوْ لَمْ يَعْلَمَا لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ عَنْ الْمَجْهُولَاتِ صَحِيحَةٌ عِنْدَنَا اهـ. وَنَظَمَهُ فِي الْمَنْظُومَةِ الْمُحِبِّيَّةِ أَوَّلَ بَابِ الطَّلَاقِ. مَدْخُولَةٌ سَأَلَتْ طَلَاقَهَا فَقَالَ الزَّوْجُ أَبْرِئِينِي عَنْ كُلِّ حَقٍّ لَك عَلَيَّ حَتَّى أُطَلِّقَك فَقَالَتْ أَبْرَأْتُك عَنْ كُلِّ حَقٍّ يَكُونُ لِلنِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ فَقَالَ الزَّوْجُ فِي فَوْرِهِ ذَلِكَ طَلَّقْتُك وَاحِدَةً قَالُوا يَقَعُ وَاحِدَةً بَائِنَةً لِأَنَّهُ طَلَّقَهَا عِوَضًا عَنْ الْإِبْرَاءِ ظَاهِرًا قَاضِي خَانْ. (أَقُولُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ بِقَوْلِهَا أَبْرَأَك اللَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى لِلْبَهْنَسِيِّ وَتَبِعَهُ تِلْمِيذُهُ الْبَاقَانِيُّ وَكَذَا الْعَلَائِيُّ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهَا وَأَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ لَكِنْ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشَّلَبِيِّ بِمِثْلِ مَا هُنَا مُعَلِّلًا بِأَنَّ الْعُرْفَ جَارٍ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ إبْرَاءٌ فَكَأَنَّهَا قَالَتْ أَبْرَأَك اللَّهُ لِأَنِّي أَبْرَأْتُك وَذَكَرَ أَنَّهُ أَفْتَى بِمِثْلِهِ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ الْحَنْبَلِيُّ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ خَالَعَهَا زَوْجُهَا عَلَى أَمْتِعَةٍ مَعْلُومَةٍ وَعَلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْ مُؤَخَّرِهَا خُلْعًا شَرْعِيًّا ثُمَّ سَلَّمَتْ لَهُ بَعْضَ الْأَمْتِعَةِ وَامْتَنَعَتْ عَنْ تَسْلِيمِ الْبَاقِي بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ عَلَيْهَا تَسْلِيمُ بَقِيَّةِ الْأَمْتِعَةِ الْمُخَالَعِ عَلَيْهَا مَوْجُودَةً وَقِيمَتَهَا إنْ عَجَزَتْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ

باب العدة

خَالَعَتْ عَلَى عَبْدٍ آبِقٍ لَهَا عَلَى بَرَاءَتِهَا مِنْ ضَمَانِهِ لَمْ تَبْرَأْ بَلْ عَلَيْهَا تَسْلِيمُ عَيْنِهِ إنْ قَدَرَتْ وَتَسْلِيمُ قِيمَتِهِ إنْ عَجَزَتْ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَيَقْتَضِي سَلَامَةَ الْعِوَضِ إلَخْ مِنَحٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اعْتَرَفَ زَيْدٌ بِالْبُلُوغِ وَبِأَنَّ عُمْرَهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَهُوَ مِمَّنْ يَحْتَلِمُ مِثْلُهُ فَخَلَعَ زَوْجَتَهُ الْبِكْرَ الْبَالِغَةَ بَعْدَ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ بِهَا عَلَى مُؤَخَّرِهَا الْمَعْلُومِ لَهُ عَلَيْهِ فَهَلْ يَصِحُّ خُلْعُهُ وَلَا يُقْبَلُ جُحُودُهُ الْبُلُوغَ بَعْدَ إقْرَارِهِ مَعَ احْتِمَالِ حَالِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [بَابُ الْعِدَّةِ] (بَابُ الْعِدَّةِ) (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ أَنْكَرَ وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَقَضَى الْقَاضِي بِالْفُرْقَةِ فَهَلْ تَكُونُ الْعِدَّةُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ لَا مِنْ الْقَضَاءِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ رَجُلٍ أَقَرَّ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا مِنْ مُدَّةِ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَصَدَّقَتْهُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّهَا حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ هَلْ يُسْمَعُ قَوْلُهَا. أَجَابَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ عُلَمَائِنَا أَنَّهَا تَعْتَدُّ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا تَصَادَقَا عَلَيْهِ وَمَذْهَبُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُمَا يُصَدَّقَانِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ سَافَرَ زَوْجُهَا وَغَابَ عِدَّةَ سِنِينَ ثُمَّ أَخْبَرَهَا ثِقَتَانِ يَعْرِفَانِهِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً وَوَقَعَ فِي قَلْبِهَا صِدْقُهُمَا فَهَلْ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِآخَرَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ قَالَ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ وَذَكَرَ فِي الْعُيُونِ إذَا أُخْبِرَتْ الْمَرْأَةُ بِمَوْتِ زَوْجِهَا أَوْ رِدَّتِهِ أَوْ بِتَطْلِيقِهِ إيَّاهَا حَلَّ لَهَا التَّزَوُّجُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْجَوْهَرَةِ وَالْبَحْرِ وَفِي الْخَانِيَّةِ فِي فَصْلِ انْتِقَالِ الْعِدَّةِ: الْمَرْأَةُ إذَا بَلَغَهَا طَلَاقُ زَوْجِهَا الْغَائِبِ أَوْ مَوْتُهُ تُعْتَبَرُ عِدَّتُهَا مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقَ عِنْدَنَا لَا مِنْ وَقْتِ الْخَبَرِ اهـ وَفِي الْمُلْتَقَى وَالتَّنْوِيرِ وَابْتِدَاءُ الْعِدَّةِ فِي الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ عَقِيبَهُمَا وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ الْمَرْأَةُ بِهِمَا وَفِي الْمَوْتِ مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعَايِنْ الْمَوْتَ إلَّا وَاحِدٌ وَلَوْ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهِ وَحْدَهُ مَاذَا يَصْنَعُ؟ قَالُوا يُخْبِرُ بِذَلِكَ عَدْلًا مِثْلَهُ فَإِذَا سَمِعَ مِنْهُ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى مَوْتِهِ فَيَشْهَدَ هُوَ مَعَ ذَلِكَ الشَّاهِدِ فَيَقْضِي بِشَهَادَتِهِ خُلَاصَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الشَّهَادَاتِ. وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ امْرَأَةٌ بَلَغَهَا وَفَاةُ زَوْجِهَا فَاعْتَدَّتْ وَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ وَوَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ جَاءَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ حَيًّا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ أَوَّلًا الْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ الْوَلَدُ لِلثَّانِي خَانِيَّةٌ قَبِيلَ مَسَائِلِ الْمَهْرِ. (سُئِلَ) فِي ذِمِّيَّةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا الْمُسْلِمُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ كَوَامِلَ وَتُرِيدُ التَّزَوُّجَ بِذِمِّيٍّ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي عِدَّةِ التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي قَاضِي دِمَشْقَ أَنَّهُ زَوَّجَ قَاصِرَةً عُمْرُهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً وَطَلَقَتْ فَهَلْ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ أَوْ بِالْحَيْضِ؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ لَمْ تَحِضْ وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ هَذَا هُوَ جَوَابُ الْكِتَابِ وَحَكَى عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْبُخَارِيِّ إذَا كَانَتْ الصَّغِيرَةُ مُرَاهِقَةً يُجَامَعُ مِثْلُهَا وَقَدْ كَانَ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ فَعِدَّتُهَا لَا تَنْقَضِي بِالْأَشْهُرِ بَلْ يُوقَفُ أَمْرُهَا إلَى أَنْ يَظْهَرَ أَنَّهَا هَلْ حَبِلَتْ بِذَلِكَ الْوَطْءِ أَمْ لَا فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهَا حَبِلَتْ كَانَ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهَا لَمْ تَحْبَلْ كَانَ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي التتارخانية وَالْبَحْرِ الرَّائِقِ وَفِيهِ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُعْذَرُ مِنْ التَّوَقُّفِ مِنْ عِدَّتِهَا لِأَنَّهُ كَانَ لِيَظْهَرَ حَبَلُهَا فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ كَانَ مِنْ عِدَّتِهَا اهـ وَفِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ وَفِيمَنْ لَمْ تَحِضْ لِصِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ بِالْأَشْهُرِ اهـ. وَسُئِلَ عَنْهَا ثَانِيًا بِأَنَّ هَذِهِ طَلُقَتْ مِنْ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ فَهَلْ تَكْفِي هَذِهِ الْمُدَّةُ لِظُهُورِ الْحَمْلِ. (الْجَوَابُ) : مُقْتَضَى مَا ذَكَرُوهُ فِي تَعْلِيلِ عِدَّةِ الْمَوْتِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ

أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ يَظْهَرُ فِيهَا الْحَبَلُ أَلْبَتَّةَ لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْبَيْعِ مَا نَصُّهُ وَفِي دَعْوَى الْحَبَلِ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِي رِوَايَةٍ إذَا كَانَ مِنْ حِينِ شِرَاهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَإِنْ أَقَلَّ فَلَا وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَى الْحَبَلِ بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ اهـ فَبِمُقْتَضَى عَمَلِ النَّاسِ أَنَّهُ تَكْفِي الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي صَدْرِ السُّؤَالِ وَالْأَوْلَى إمْهَالُ خَمْسَةِ أَيَّامٍ أَيْضًا لِتَكُونَ اتِّفَاقِيَّةً وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (أَقُولُ) لَوْ كَانَ مَا عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ يَكْفِي هُنَا لَمَا احْتَاجُوا إلَى قَوْلِهِمْ هُنَا فَعِدَّتُهَا لَا تَنْقَضِي بِالْأَشْهُرِ فَحَيْثُ لَمْ يَكْتَفُوا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ الَّتِي هِيَ عِدَّةُ الصَّغِيرَةِ عُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَيْهَا فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ لِظُهُورِ الْحَبَلِ إذْ لَوْ كَانَ يَظْهَرُ الْحَبَلُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ لَظَهَرَ بِأَشْهُرِ الْعِدَّةِ بِالْأَوْلَى فَظَهَرَ أَنَّهُمْ هُنَا لَمْ يَخْتَارُوا هَذِهِ الرِّوَايَةَ فَيَكُونُ الْعَمَلُ هُنَا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَلْبَتَّةَ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْقُرْآنِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ التَّرَبُّصَ زِيَادَةٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ لَيْسَ عَلَى أَنَّهُ هُوَ عِدَّتُهَا أَلْبَتَّةَ بَلْ هَذَا لِلتَّرَبُّصِ لِلِاحْتِيَاطِ لِاحْتِمَالِ حَبَلِهَا فَإِنْ ظَهَرَ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْحَبَلُ فَعِدَّتُهَا وَضْعُهُ وَإِلَّا فَعِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ قَدْ مَضَتْ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْإِمَامِ ابْنِ الْفَضْلِ الْمَذْكُورِ فَهَذَا الِاحْتِيَاطُ مُوَافِقٌ لِلْعَمَلِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ عَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ فَافْهَمْ وَقَدْ كُنْت أَفْتَيْت بِهَذَا فَتَعَصَّبَ عَلَيَّ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ وَقَالُوا قَدْ خَالَفَ نَصَّ الْقُرْآنِ حَيْثُ جَعَلَ عِدَّةَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا عِدَّةً لِلصَّغِيرَةِ الْمُطَلَّقَةِ إلَى أَنْ أَظْهَرْت لَهُمْ النَّقْلَ وَأَرَيْتُهُمْ مُوَافَقَةَ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ لِمَا أَفْتَيْت بِهِ فَعِنْدَ ذَلِكَ سَكَتُوا وَخَجِلُوا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. ثُمَّ رَأَيْت فِي نَفَقَاتِ فَتْحِ الْقَدِيرِ قَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَاسْتَحْسَنَهَا حَيْثُ قَالَ فَرَّعَ فِي الْخُلَاصَةِ عِدَّةَ الصَّغِيرَةِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ إلَّا إذَا كَانَتْ مُرَاهِقَةً فَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مَا لَمْ يَظْهَرْ فَرَاغُ رَحِمِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ اهـ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ وَهُوَ حَسَنٌ اهـ كَلَامُ فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ حَيْثُ قَيَّدَ الصَّغِيرَةَ بِأَنْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعًا فَأَفَادَ أَنَّهَا لَوْ بَلَغَتْ تِسْعًا وَهِيَ الْمُرَاهِقَةُ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ بَلْ لَا بُدَّ مِمَّا ذَكَرْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي ذِمِّيَّةٍ هَلَكَ زَوْجُهَا الذِّمِّيُّ عَنْهَا وَهِيَ غَيْرُ حَامِلَةٍ مِنْهُ وَمَضَى لِهَلَاكِهِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ الْعِدَّةَ فَهَلْ لَا تَعْتَدُّ إذَا اعْتَقَدُوا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا تَعْتَدُّ إذَا اعْتَقَدُوا ذَلِكَ كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ لِأَمْرِنَا بِتَرْكِهِمْ وَمَا يَعْتَقِدُونَ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ جَمَالُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُ وَاعْتَمَدَهُ الْمَحْبُوبِيُّ وَالنَّسَفِيُّ وَغَيْرُهُمَا. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا بَعْدَمَا خَلَا بِهَا خَلْوَةً صَحِيحَةً وَلَمْ يَطَأْهَا فَهَلْ يَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَجِبُ الْعِدَّةُ فِي الْكُلِّ أَيْ كُلِّ أَنْوَاعِ الْخَلْوَةِ وَلَوْ فَاسِدَةً احْتِيَاطًا وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ الْمَهْرِ. (سُئِلَ) فِي ذِمِّيَّةٍ تَحْتَ ذِمِّيٍّ قَدْ دَخَلَ بِهَا وَأَسْلَمَتْ وَعَرَضَ الْإِسْلَامَ عَلَى زَوْجِهَا فَلَمْ يَقْبَلْ هَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا لِلْحَالِ وَإِذَا فَرَّقَ هَلْ يَلْزَمُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَإِذَا لَزِمَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فَلَوْ تَزَوَّجَتْ فِيهَا وَلَمْ يَطَأْهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ إنْ صَرَّحَ بِالْإِبَاءِ فَالْقَاضِي لَا يَعْرِضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ مَرَّةً أُخْرَى وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ سَكَتَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَالْقَاضِي يَعْرِضُ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى يَتِمَّ الثَّلَاثُ احْتِيَاطًا اهـ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْكَنْزُ وَالتَّنْوِيرُ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ إبَاءَهُ طَلَاقٌ. قَالَ فِي الْبَحْرِ وَأَشَارَ بِالطَّلَاقِ إلَى وُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً فَقَدْ الْتَزَمَتْ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ وَمِنْ حُكْمِهِ وُجُوبُ الْعِدَّةِ وَأَشَارَ أَيْضًا إلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ إنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ جَاءَ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْقِطٍ اهـ. وَقَدْ عَدَّ الْأَنْقِرَوِيُّ عَنْ خِزَانَةِ الْفِقْهِ مَنْ يَجُوزُ نِكَاحُهُنَّ

فِي الْعِدَّةِ وَلَمْ يَعُدَّ مِنْهَا الْكِتَابِيَّةَ إذَا أَسْلَمَتْ وَحَيْثُ كَانَ إبَاؤُهُ طَلَاقًا فَنِكَاحُ مُعْتَدَّةِ طَلَاقِ الْغَيْرِ الْمُسْلِمَةِ لَا يَجُوزُ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَ زَوْجُهَا وَهُمَا سَاكِنَانِ فِي دَارِ أَبِيهِ فَلَمْ تَعْتَدَّ فِيهِ بَلْ خَرَجَتْ إلَى غَيْرِهِ بِلَا ضَرُورَةٍ وَأَمَرَهَا الْأَبُ بِالِاعْتِدَادِ فِيهِ فَهَلْ تَعْتَدُّ فِيهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَعْتَدَّانِ أَيْ مُعْتَدَّةُ طَلَاقٍ وَمَوْتٍ فِي بَيْتٍ وَجَبَتْ فِيهِ وَلَا يَخْرُجَانِ مِنْهُ إلَّا أَنْ تَخْرُجَ أَوْ يَنْهَدِمَ الْمَنْزِلُ أَوْ تَخَافَ انْهِدَامَهُ أَوْ تَلَفَ مَالِهَا أَوْ لَا تَجِدُ كِرَاءَ الْبَيْتِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الضَّرُورَاتِ فَتَخْرُجُ لِأَقْرَبَ مَوْضِعٍ إلَيْهِ وَفِي الطَّلَاقِ إلَى حَيْثُ شَاءَ الزَّوْجُ إلَخْ شَرْحُ التَّنْوِيرِ مِنْ الْحِدَادِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْحَامِلَ مِنْهُ وَيُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ الْمَسْكَنِ الْجَارِي فِي تَوَاجِرِهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَمُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَتَعْتَدُّ فِي بَيْتٍ وَجَبَتْ الْعِدَّةُ فِيهِ وَيَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا فِي الْعِدَّةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثَلَاثًا وَلَهَا مِنْهُ ابْنَانِ صَغِيرَانِ فِي حَضَانَتِهَا فَهَلْ تَعْتَدُّ فِي الْبَيْتِ الَّذِي طَلَقَتْ فِيهِ وَيَلْزَمُهُ نَفَقَةُ ابْنَيْهِ بِقَدْرِ مَا يَكْفِيهِمَا بِالْمَعْرُوفِ مَعَ نَفَقَةِ عِدَّتِهَا إلَى انْقِضَائِهَا وَمَسْكَنٍ لَهُمْ بَعْدَهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْحَامِلَ مِنْهُ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً ثُمَّ أَسْقَطَتْ سِقْطًا اسْتَبَانَ خَلْقُهُ فَهَلْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ مِنْ الرَّجْعَةِ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ زَوْجَةٍ فَاعْتَدَّتْ بَعْدَ مَوْتِهِ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَزَادَتْ عَلَيْهَا شَهْرَيْنِ وَلَمْ يَظْهَرْ بِهَا حَمْلٌ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِرَجُلٍ وَمَكَثَتْ مَعَهُ شَهْرًا وَنِصْفَ شَهْرٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا حَامِلٌ مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ فَهَلْ يَكُونُ التَّزَوُّجُ بِالرَّجُلِ الْمَزْبُورِ بَاطِلًا أَوْ لَا وَإِذَا كَانَ بَاطِلًا وَحَصَلَ مِنْهُ وَطْءٌ هَلْ يَسُوغُ الرُّجُوعُ بِالصَّدَاقِ الَّذِي دَفَعَهُ لِلزَّوْجَةِ وَبِمَا صَرَفَهُ عَلَيْهَا مِنْ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا وَهَلْ يَلْزَمُ الزَّوْجَةَ شَيْءٌ بِذَلِكَ أَوْ لَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ عَالِمَةً بِالْحَمْلِ؟ (الْجَوَابُ) : يَكُونُ النِّكَاحُ بَاطِلًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَسُوغُ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهَا وَلَا بِمَا صَرَفَهُ عَلَيْهَا وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ لَا الزَّوْجَةَ شَيْءٌ إذَا حَلَفَتْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ عَالِمَةً بِالْحَمْلِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عُفِيَ عَنْهُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ هَكَذَا رَأَيْته بِخَطِّ الْمَوْلَى الْهُمَامِ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَن أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ مُفْتِي دِمَشْقَ وَذَلِكَ بِخَطِّهِ الْمَعْهُودِ وَالْمَشْهُورِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مِنْهُ بِالْحَيْضِ وَأَخْبَرَتْ بِذَلِكَ رَجُلًا وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا وَهِيَ ثِقَةٌ فَهَلْ لَا بَأْسَ أَنْ يَنْكِحَهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ لِرَجُلٍ طَلَّقَنِي زَوْجِي وَانْقَضَتْ عِدَّتِي لَا بَأْسَ أَنْ يَنْكِحَهَا شَرْحُ التَّنْوِيرِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَقَبْلَ الْخَلْوَةِ بِهَا فَهَلْ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الْمَسْأَلَةُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَهِيَ مُرْضِعَةٌ فَقَالَتْ حِضْت ثَلَاثَ حِيَضٍ كَوَامِلَ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا؟ (الْجَوَابُ) : يُقْبَلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ تَحْتَمِلُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ مُرْضِعَةً لِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ رُؤْيَةُ الدَّمِ مَعَ الْإِرْضَاعِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْأَنْقِرَوِيُّ نَقْلًا عَنْ عِدَّةِ الْفَتَاوَى. وَفِي نَهْجِ النَّجَاةِ عَنْ السِّرَاجِ سُئِلَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ عَنْ الْمُرْضِعَةِ إذَا لَمْ تَرَ حَيْضًا فَعَالَجْته حَتَّى رَأَتْ صُفْرَةً فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ قَالَ هُوَ حَيْضٌ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ. (سُئِلَ) فِي مُطَلَّقَةٍ حَامِلٍ مِنْ مُطَلَّقِهَا أُخْرِجَتْ مِنْ مَنْزِلٍ وَجَبَتْ فِيهِ الْعِدَّةُ وَطَلَبَتْ مِنْ مُطَلَّقِهَا مَنْزِلًا حَيْثُ شَاءَ تَعْتَدُّ فِيهِ فَهَلْ تُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَيَلْزَمُهُ نَفَقَةُ عِدَّتِهَا إلَى انْقِضَائِهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَنَقْلُهَا مَا مَرَّ قَرِيبًا. (سُئِلَ) عَنْ الْمُطَلَّقَةِ إذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا حَامِلٌ مِنْ الْمُطَلِّقِ وَأَنْكَرَ الْمُطَلِّقُ الْحَمْلَ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهَا وَلَهَا النَّفَقَةُ أَمْ تَحْتَاجُ إلَى قَابِلَةٍ أَوْ مُضِيِّ مُدَّةٍ يَظْهَرُ فِيهَا الْحَمْلُ؟ (الْجَوَابُ) : الْقَوْلُ لَهَا وَتَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ وَلَا تَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إلَى قَابِلَةٍ وَلَا لِمُدَّةٍ يَظْهَرُ فِيهَا الْحَمْلُ

باب الحضانة

وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ مِنْ الطَّلَاقِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ خَطَبَ مُعْتَدَّةَ الْغَيْرَ وَيَزْعُمُ أَنَّ لَهُ الِاخْتِلَاءَ بِهَا بِمُجَرَّدِ خِطْبَتِهَا فَهَلْ تَحْرُمُ خِطْبَةُ الْمُعْتَدَّةِ أَيَّ مُعْتَدَّةٍ كَانَتْ وَكَذَا الْخَلْوَةُ بِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي أُمِّ وَلَدٍ أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ فَهَلْ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ كَوَامِلَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَذَا أُمُّ وَلَدٍ مَاتَ مَوْلَاهَا أَوْ أَعْتَقَهَا فَإِنَّ عِدَّتَهَا أَيْضًا إذَا كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ ثَلَاثَ حِيَضٍ كَوَامِلَ دُرَرٌ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَعْتَقَ رَجُلٌ قِنَّتَهُ الْبَالِغَةَ الْعَاقِلَةَ وَحَاضَتْ بَعْدَ ذَلِكَ حَيْضَةً فَهَلْ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا بِالْإِجْمَاعِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَأَفْتَى بِهِ الْمِهْمَنْدَارِي. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ بَعْدَ عِشْرِينَ يَوْمًا مِنْ الطَّلَاقِ مَاتَ الزَّوْجُ عَنْهَا فَهَلْ تَكُونُ عِدَّتُهَا عِدَّةَ الْمَوْتِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَزَوَّجَ زَيْدٌ حُبْلَى مِنْ زِنًا فَوَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْخَلْوَةِ وَتُرِيدُ التَّزَوُّجَ بِغَيْرِهِ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ إذْ لَا عِدَّةَ لَهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [بَابٌ الْحَضَانَةُ] (بَابٌ الْحَضَانَةُ) (سُئِلَ) فِي حَاضِنَةٍ لِصِغَارٍ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ وَتُرِيدُ الْآنَ أَخْذَ الصِّغَارِ وَتَرْبِيَتَهُمْ وَهِيَ أَهْلٌ لِذَلِكَ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَلَا تَقْدِرُ الْحَاضِنَةُ عَلَى إبْطَالِ حَقِّ الصَّغِيرِ فِيهَا أَيْ فِي الْحَضَانَةِ لَهَا وَفِي شَرْحِهِ وَهَذَا الْحُكْمُ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي عَامَّةِ الشُّرُوحِ وَالْفَتَاوَى. . (سُئِلَ) فِي صَغِيرٍ يَتِيمٍ فِي حَضَانَةِ جَدَّتِهِ لِأُمِّهِ سِنُّهُ لَمْ يَبْلُغْ سَبْعًا وَلَهُ جَدَّةُ أُمِّ أَبٍ قَادِرَةٍ عَلَى الْحَضَانَةِ أَهْلٌ لَهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَأُمُّ الْأُمِّ مُسِنَّةٌ عَاجِزَةٌ عَمْيَاءُ غَيْرُ أَهْلٍ لِلْحَضَّانَةِ فَهَلْ يُدْفَعُ لِأُمِّ الْأَبِ الْقَادِرَةِ الْأَهْلِ لِلْحَضَانَةِ لَا لِأُمِّ الْأُمِّ الْعَاجِزَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَلَهَا مِنْهُ ابْنٌ صَغِيرٌ فِي حَضَانَتِهَا وَطَلَبَتْ مِنْ أَبِيهِ مَسْكَنًا لَهُمَا هَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : عَلَى الْأَبِ سُكْنَاهُمَا جَمِيعًا كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ عَنْ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ وَتَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْحَضَانَةِ مِنْ غَيْرِ إرْضَاعٍ لَهُ وَكَذَا إذَا احْتَاجَ الصَّغِيرُ إلَى خَادِمٍ يُلْزَمُ الْأَبُ بِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ. وَفِي الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ سُئِلَ عَنْ صَغِيرَةٍ مَحْضُونَةٍ لَا مَالَ لَهَا هَلْ تَجِبُ أُجْرَةُ الْمَسْكَنِ الَّذِي تُحْضَنُ فِيهِ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا أَوْ لَا؟ (أَجَابَ) : قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ نَجِيمٍ فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَفِي الْخَانِيَّةِ عَنْ التَّفَارِيقِ لَا تَجِبُ فِي الْحَضَانَةِ أُجْرَةُ الْمَسْكَنِ الَّذِي يُحْضَنُ فِيهِ الصَّبِيُّ وَقَالَ آخَرُونَ تَجِبُ إنْ كَانَ لِلصَّبِيِّ مَالٌ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ اهـ كَلَامُهُ وَحَيْثُ قَدَّمَ قَاضِي خَانْ رِوَايَةَ التَّفَارِيقِ فَيَكُونُ الْأَظْهَرُ وَالْمُفْتَى بِهِ عِنْدَهُ تِلْكَ الرِّوَايَةُ كَمَا نَقَلَهُ اهـ مَا فِي الرَّحِيمِيَّةِ وَقَالَ فِي النَّهْرِ وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ إذْ وُجُوبُ الْأَجْرِ لَا يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ الْمَسْكَنِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ اهـ. (أَقُولُ) قَدْ كُنْت جَمَعْت رِسَالَةً سَمَّيْتهَا الْإِبَانَةَ عَنْ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْحَضَانَةِ وَاسْتَدْرَكْت فِيهَا عَلَى مَا فِي النَّهْرِ بِقَوْلِي وَقَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَحْرِ وَأَمَّا لُزُومُ سَكَنِ الْحَاضِنَةِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَالْأَظْهَرُ لُزُومُ ذَلِكَ كَمَا فِي بَعْضِ الْمُعْتَبَرَاتِ وَهَذَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ إذَا احْتَاجَ الصَّغِيرُ إلَى خَادِمٍ يُلْزَمُ الْأَبُ بِهِ فَإِنَّ احْتِيَاجَهُ إلَى الْمَسْكَنِ مُقَرَّرٌ اهـ. قُلْت وَيُعْلَمُ أَيْضًا مِنْ وُجُوبِ نَفَقَتِهِ وَقَدْ قَالُوا إنَّ النَّفَقَةَ الطَّعَامُ وَالْكِسْوَةُ وَالْمَسْكَنُ وَفِي حَاشِيَةِ الْوَانِيِّ عَلَى الدُّرَرِ مِنْ النَّفَقَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى تَوْأَمَانِ لَا يَنْفَكُّ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ اهـ وَقَالَ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى وَالصَّغِيرُ إذَا كَانَ فِي حَضَانَةِ الْأُمِّ وَهُوَ مِنْ أَوْلَادِ الْأَشْرَافِ تَسْتَحِقُّ عَلَى الْأَبِ خَادِمًا يَخْدُمُهُ فَيَشْتَرِيهِ أَوْ يَسْتَأْجِرُهُ وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْبَاقَانِيِّ عَنْ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ عَنْ

مُخْتَارَاتِ أَبِي حَفْصٍ سُئِلَ عَمَّنْ لَهَا إمْسَاكُ الْوَلَدِ وَلَيْسَ لَهَا مَسْكَنٌ مَعَ الْوَلَدِ هَلْ عَلَى الْأَبِ سُكْنَاهَا وَسُكْنَى وَلَدِهَا قَالَ نَعَمْ عَلَيْهِ سُكْنَاهُمَا جَمِيعًا وَسُئِلَ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ عَنْ الْمُخْتَارِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ الْمُخْتَارُ أَنَّ عَلَيْهِ السُّكْنَى فِي الْحَضَانَةِ اهـ. وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ خِلَافًا لِمَا اخْتَارَهُ ابْنُ وَهْبَانَ وَشَيْخُهُ الطَّرَسُوسِيُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَجْهَ الْوَجِيهَ لُزُومُ أُجْرَةِ الْمَسْكَنِ وَإِلَّا لَزِمَ ضَيَاعُ الْوَلَدِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْحَاضِنَةِ مَسْكَنٌ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهَا مَسْكَنٌ فَيَنْبَغِي الْإِفْتَاءُ بِمَا رَجَّحَهُ فِي النَّهْرِ تَبَعًا لِابْنِ وَهْبَانَ وَالطَّرَسُوسِيِّ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ قَدَّمَهُ قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ اهـ مَا ذَكَرْته فِي الْإِبَانَةِ. (سُئِلَ) فِي صَغِيرَيْنِ يَتِيمَيْنِ بَلَغَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْعُمْرِ عَشْرَ سِنِينَ وَالْآخَرُ إحْدَى عَشْرَةَ وَهُمَا عِنْدَ أُمِّهِمَا وَلَهُمَا حِرْفَةٌ يَكْتَسِبَانِ مِنْهَا قَدْرَ مَا يَكْفِيهِمَا وَلَهُمَا عَمٌّ فَقِيرٌ وَإِخْوَةٌ أَشِقَّاءٌ مُوسِرُونَ وَأُمُّهُمْ تُكَلِّفُ عَمَّهُمْ الْمَزْبُورَ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِمَا بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا يَلْزَمُ الْعَمَّ ذَلِكَ؟ وَيُجْبَرُ الْإِخْوَةُ عَلَى أَخْذِ الصَّغِيرَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّهُمْ أَقْدَرُ عَلَى تَأْدِيبِهِمَا وَتَعْلِيمِهِمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ (وَإِذَا اسْتَغْنَى الْغُلَامُ) أَيْ الصَّبِيُّ (عَنْ الْخِدْمَةِ) أَيْ خِدْمَةِ مَنْ لَهَا الْحَضَانَةُ بِأَنْ يَأْكُلَ وَيَسْتَنْجِيَ وَحْدَهُ قِيلَ (بِسَبْعٍ) يَعْنِي اسْتِغْنَاؤُهُ مُقَدَّرٌ بِسَبْعِ سِنِينَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (أَوْ تِسْعٍ) أَيْ تِسْعِ سِنِينَ (أُجْبِرَ الْأَبُ) أَوْ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَلِيُّ (عَلَى أَخْذِهِ) لِأَنَّهُ أَقْدَرُ عَلَى تَأْدِيبِهِ وَتَعْلِيمِهِ. (سُئِلَ) فِي صَغِيرَيْنِ لَا مَالَ لَهُمَا وَهُمَا فِي حَضَانَةِ أُمِّهِمَا الْمُطَلَّقَةِ مِنْ أَبِيهِمَا الْمُعْسِرِ وَلَهُمَا جَدَّةٌ لِأَبٍ تُرِيدُ أَنْ تُرَبِّيَهُمَا بِغَيْرِ شَيْءٍ وَالْأُمُّ تَأْبَى ذَلِكَ وَتُطَالِبُ الْأَبَ بِالْأُجْرَةِ وَنَفَقَةِ الْوَلَدَيْنِ فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا يُقَالُ لِلْأُمِّ إمَّا أَنْ تُمْسِكِي الصَّغِيرَيْنِ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَإِمَّا أَنْ تَدْفَعِيهِمَا لِلْجَدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا تُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَى ذَلِكَ وَسُئِلَ أَيْضًا عَمَّا إذَا كَانَ مَكَانَ الْجَدَّةِ عَمَّةٌ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَقَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ قَالَ الْعَلَائِيُّ وَالْعَمَّةُ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ وَفِي الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ وَالْعَمَّةُ لَيْسَتْ قَيْدًا بَلْ كُلُّ حَاضِنَةٍ فِي الْجُمْلَةِ كَذَلِكَ وَالْأَبُ لَيْسَ قَيْدًا أَيْضًا وَالنَّفَقَةُ غَيْرُ الْأُجْرَةِ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِمَا اهـ. (أَقُولُ) وَهَذَا فِي أُجْرَةِ الْحَضَانَةِ وَأَمَّا أُجْرَةُ الْإِرْضَاعِ فَالْأُمُّ أَحَقُّ مَا لَمْ تَطْلُبْ عَلَى مَا تَأْخُذُهُ الْأَجْنَبِيَّةُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي سُؤَالٍ وَجَوَابِهِ وَقَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَوَاشِي الْبَحْرِ ظَاهِرُ تَقْيِيدِهِمْ بِكَوْنِ الْأَبِ مُعْسِرًا تَخَلُّفُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ مَعَ يَسَارِهِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ فِي التَّصَانِيفِ حُجَّةٌ يُعْمَلُ بِهِ تَأَمَّلْ اهـ أَيْ فَإِذَا كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الْأُجْرَةِ لِلْأُمِّ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ كَمَا فِي الشرنبلالية بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا أَوْ مَيِّتًا لَكِنْ لِلصَّغِيرِ مَالٌ فَهَلْ يَدْفَعُ لَهَا الْأُجْرَةَ مِنْ مَالِهِ أَوْ لَا الظَّاهِرُ الثَّانِي لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَظَرٌ لَهُ فِي إبْقَائِهِ عِنْدَ أُمِّهِ لَكِنْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ أَبُوهُ مُوسِرًا فَإِنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الصَّغِيرِ فِي دَفْعِ الْأُجْرَةِ مِنْ مَالِ أَبِيهِ وَسَنَذْكُرُ تَمَامَهُ فِي بَابِ النَّفَقَةِ وَقَدْ أَوْضَحْت ذَلِكَ أَيْضًا فِي رِسَالَتِي الْمَذْكُورَةِ سَابِقًا. هَذَا وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ كَالْعَمَّةِ فِي أَنَّ الصَّغِيرَ يَدْفَعُ إلَيْهَا إذَا كَانَتْ مُتَبَرِّعَةً وَالْأُمُّ تُرِيدُ الْأَجْرَ عَلَى الْحَضَانَةِ وَلَا تُقَاسُ عَلَى الْعَمَّةِ لِأَنَّهَا حَاضِنَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَقَدْ كَثُرَ السُّؤَالُ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي زَمَانِنَا وَهُوَ أَنَّ الْأَبَ يَأْتِي بِأَجْنَبِيَّةٍ مُتَبَرِّعَةٍ بِالْحَضَانَةِ فَهَلْ يُقَالُ لِلْأُمِّ كَمَا يُقَالُ لَوْ تَبَرَّعَتْ الْعَمَّةُ وَظَاهِرُ الْمُتُونِ أَنَّ الْأُمَّ تَأْخُذُهُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَلَا تَكُونُ الْأَجْنَبِيَّةُ أَوْلَى بِخِلَافِ الْعَمَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْأَجْنَبِيَّةَ كَالْعَمَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَمَّةَ لَيْسَتْ قَيْدًا بَلْ كُلُّ حَاضِنَةٍ كَذَلِكَ بَلْ الْخَالَةُ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهَا مِنْ قَرَابَةِ الْأُمِّ اهـ. وَأَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَقَالَ وَهُوَ تَفَقُّهٌ حَسَنٌ لِأَنَّ فِي دَفْعِ الصَّغِيرِ لِلْمُتَبَرِّعَةِ ضَرَرًا بِهِ لِقُصُورِ شَفَقَتِهَا عَلَيْهِ فَلَا يُعْتَبَرُ مَعَهُ الضَّرَرُ فِي الْمَالِ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ دُونَ حُرْمَتِهِ وَلِذَلِكَ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ فِي نَحْوِ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ مَعَ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ

فَإِذَا كَانَ مُوسِرًا لَا يَدْفَعُ إلَيْهِمَا كَمَا يُفِيدُهُ تَقْيِيدُ أَكْثَرِ الْكُتُبِ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُوسِرِ فِي دَفْعِ الْأُجْرَةِ وَبِهِ تَتَحَرَّرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَافْهَمْ هَذَا التَّحْرِيرَ وَاغْتَنِمْهُ فَقَدْ قَلَّ مَنْ تَفَطَّنَ لَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ اهـ. وَتَمَامُ الْفَوَائِدِ فِي رِسَالَتِنَا السَّابِقَةِ. (سُئِلَ) فِي صَغِيرٍ يَتِيمٍ لَا مَالَ لَهُ وَلَهُ أُمٌّ مُزَوَّجَةٌ بِأَجْنَبِيٍّ وَجَدَّةٌ لِأُمٍّ مُزَوَّجَةٌ بِجَدِّهِ وَجَدَّةٌ لِأَبٍ مُزَوَّجَةٌ بِجَدِّهِ الْمُعْسِرِ أَهْلٌ لِحَضَانَتِهِ تُرِيدُ أَنْ تُرَبِّيَهُ وَتُمْسِكَهُ تَبَرُّعًا وَأُمُّ الْأُمِّ تَأْبَى ذَلِكَ وَتُطَالِبُ الْجَدَّ بِأُجْرَةِ الْحَضَانَةِ وَنَفَقَةَ الصَّغِيرِ فَهَلْ يُقَالُ لِأُمِّ الْأُمِّ إمَّا أَنْ تُمْسِكِي الصَّغِيرَ بِغَيْرِ أَجْرٍ أَوْ تَدْفَعِيهِ لِأُمِّ الْأَبِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ تَزَوَّجَتْ أُمُّهُ بِأَجْنَبِيٍّ فَقَدْ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا وَصَارَتْ الْحَضَانَةُ لِأُمِّ الْأُمِّ دُونَ أُمِّ الْأَبِ لِأَنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ فِي بَابِ الْحَضَانَةِ عَنْهَا لَكِنْ حَيْثُ كَانَ الْجَدُّ الْمَذْكُورُ مُعْسِرًا وَأَرَادَتْ أُمُّ الْأَبِ أَنْ تُرَبِّيَهُ مَجَّانًا يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ قَالَ قَاضِي خَانْ صَغِيرَةٌ لَهَا أَبٌ مُعْسِرٌ وَعَمَّةٌ مُوسِرَةٌ أَرَادَتْ الْعَمَّةُ أَنْ تُرَبِّيَ الْوَلَدَ بِمَالِهَا مَجَّانًا وَلَا تَمْنَعُ الْوَلَدَ عَنْ الْأُمِّ وَالْأُمُّ تَأْبَى ذَلِكَ وَتُطَالِبُ الْأَبَ بِالْأُجْرَةِ وَنَفَقَةِ الْوَلَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنْ يُقَالَ لِلْأُمِّ إمَّا أَنْ تُمْسِكِي الْوَلَدَ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَإِمَّا أَنْ تَدْفَعِيهِ إلَى الْعَمَّةِ اهـ. (سُئِلَ) فِي قَاصِرٍ رَضِيعٍ مَاتَتْ أُمُّهُ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ وَلَهُ أَبٌ مُوسِرٌ وَلَهُ جَدَّةٌ أُمُّ أُمٍّ أَهْلٌ لِلْحَضَانَةِ فَهَلْ يَلْزَمُ أَبَاهُ أُجْرَةُ الرَّضَاعِ وَأُجْرَةُ الْحَضَانَةِ وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ؟ (الْجَوَابُ) : تَكُونُ الْحَضَانَةُ لِأُمِّ الْأُمِّ وَيَلْزَمُ أَبَاهُ أُجْرَةُ الرَّضَاعِ وَأُجْرَةُ الْحَضَانَةِ وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ بِأَنْوَاعِهَا قَالَ فِي الْبَحْرِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْوَلْوَالِجِيَّةِ أَنَّ أُجْرَةَ الرَّضَاعِ غَيْرُ نَفَقَةِ الْوَلَدِ لِلْعَطْفِ وَهُوَ لِلْمُقَابَلَةِ فَإِذَا اسْتَأْجَرَ الْأُمَّ لِلْإِرْضَاعِ لَا يَكْفِي فِي نَفَقَةِ الْوَلَدِ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَكْفِيهِ اللَّبَنُ بَلْ يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى شَيْءٍ آخَرَ كَمَا هُوَ الْمُشَاهَدُ خُصُوصًا الْكِسْوَةَ فَيُقَرِّرُ لَهُ الْقَاضِي نَفَقَةً غَيْرَ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ وَغَيْرَ أُجْرَةِ الْحَضَانَةِ فَعَلَى هَذَا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ ثَلَاثَةٌ أُجْرَةُ الرَّضَاعِ وَأُجْرَةُ الْحَضَانَةِ وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ إلَخْ وَتَمَامُهُ فِيهِ. (أَقُولُ) وَالْمَسْكَنُ دَاخِلٌ فِي النَّفَقَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. (سُئِلَ) فِي رَضِيعَةٍ لَهَا أَخٌ عُمْرُهُ أَرْبَعُ سَنَوَاتٍ وَهُمَا فِي حَضَانَةِ أُمِّهِمَا الْمُطَلَّقَةِ مِنْ أَبِيهِمَا فَتَزَوَّجَتْ بِأَجْنَبِيٍّ وَلَهَا أُمٌّ مُزَوَّجَةٌ بِأَبِيهَا جَدِّ الْقَاصِرَيْنِ تُرِيدُ أَخْذَهُمَا وَحَضَانَتَهُمَا وَهِيَ أَهْلٌ لِلْحَضَانَةِ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَمَنْ نَكَحَتْ غَيْرَ مَحْرَمٍ سَقَطَ حَقُّهَا قَالَ فِي الْبَحْرِ قَيَّدَ بِغَيْرِ الْمَحْرَمِ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَوْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الصَّغِيرِ كَالْجَدَّةِ إذَا كَانَ زَوْجُهَا الْجَدَّ وَالْأُمِّ إذَا كَانَ زَوْجُهَا عَمَّ الصَّغِيرِ وَالْخَالَةِ إذَا كَانَ زَوْجُهَا عَمَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّهَا لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ عَنْ الصَّغِيرِ اهـ. . (سُئِلَ) فِي يَتِيمَةٍ بَلَغَتْ ثَمَانِ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي التَّاسِعَةِ وَلَيْسَ لَهَا مَنْ لَهُ حَقُّ الْحَضَانَةِ مِنْ النِّسَاءِ وَلَهَا إخْوَةٌ أَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ يُرِيدُ الْأَخُ الْأَكْبَرُ الشَّقِيقُ ضَمَّهَا إلَيْهِ لِكَوْنِهِ أَكْبَرَهُمْ وَأَصْلَحَهُمْ وَأَوْرَعَهُمْ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ وَهُوَ وَصِيٌّ عَلَيْهَا مِنْ قِبَلِ أَبِيهَا وَيُعَارِضُهُ أَخُوهُ الشَّقِيقُ الْأَصْغَرُ مِنْهُ سِنًّا زَاعِمًا أَنَّهُ أَحَقُّ مِنْهُ لِكَوْنِهِ وَصِيًّا عَلَيْهَا مِنْ قِبَلِ أُمِّهَا فَهَلْ لِأَخِيهَا الْأَكْبَرِ الْوَصِيِّ الْمُخْتَارُ ضَمُّهَا إلَيْهِ وَيُمْنَعُ أَخُوهُ الْمَذْكُورُ مِنْ مُعَارَضَتِهِ فِي ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَخِيهَا الشَّقِيقِ الْأَوْرَعِ الْأَسَنِّ ضَمُّهَا إلَيْهِ دُونَ أَخِيهِ الْأَصْغَرِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ ثُمَّ الْعَصَبَاتُ بِتَرْتِيبِهِمْ يَعْنِي إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ أَحَدٌ مِنْ مَحَارِمِهِ مِنْ النِّسَاءِ وَاخْتَصَمَ فِيهِ الرِّجَالُ فَأَوْلَاهُمْ بِهِ أَقْرَبُهُمْ تَعْصِيبًا لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لِلْأَقْرَبِ فَيُقَدَّمُ الْأَبُ وَإِنْ عَلَا ثُمَّ الْأَخُ الشَّقِيقُ ثُمَّ الْأَخُ لِأَبٍ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ لِأَبٍ وَكَذَا كُلُّ مَنْ سَفَلَ مِنْ أَوْلَادِهِمْ إلَخْ بَحْرٌ وَإِذَا اجْتَمَعُوا فَالْأَوْرَعُ ثُمَّ الْأَسَنُّ اخْتِيَارُ عَلَائِيٍّ عَلَى التَّنْوِيرِ وَكَذَا فِي غَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي صَغِيرَةٍ عُمْرُهَا سَنَتَانِ وَلَيْسَ لَهَا سِوَى أَبٍ وَجَدَّةٍ لِأُمٍّ مُزَوَّجَةٍ بِأَجْنَبِيٍّ وَعَمَّةٍ وَخَالَةٍ بِكْرٍ بَالِغَةٍ أَهْلٍ لِلْحَضَانَةِ عَازِبَةٍ فَهَلْ تَكُونُ حَضَانَةُ الصَّغِيرَةِ لِخَالَتِهَا الْعَازِبَةِ الْمَذْكُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي يَتِيمٍ عُمْرُهُ دُونَ سَنَتَيْنِ لَهُ أُمٌّ تَزَوَّجَتْ بِأَجْنَبِيٍّ وَجَدَّةٌ لِأَبٍ مُزَوَّجَةٌ بِجَدِّهِ لِأَبِيهِ وَجَدَّةٌ لِأُمٍّ مُزَوَّجَةٌ بِجَدِّهِ لِأُمِّهِ وَهِيَ أَهْلٌ لِلْحَضَانَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَهَلْ تَكُونُ حَضَانَتُهُ

لِجَدَّتِهِ لِأُمِّهِ دُونَ جَدَّتِهِ لِأَبِيهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ هَذِهِ الْوِلَايَةَ تُسْتَفَادُ مِنْ قِبَلِ الْأُمَّهَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَتَنْتَقِلُ إلَى أُمِّ الْجَدَّةِ وَإِنْ عَلَتْ كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ. (سُئِلَ) فِي حَاضِنَةٍ لِابْنِهَا الصَّغِيرِ تَزَوَّجَتْ بِأَجْنَبِيٍّ وَلَيْسَ لِلصَّغِيرِ غَيْرَهَا سِوَى عَمَّةٍ مُزَوَّجَةٍ بِأَجْنَبِيٍّ أَيْضًا فَكَيْفَ يُفْعَلُ بِهِ؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ إذَا اجْتَمَعَ النِّسَاءُ السَّاقِطَاتُ الْحَقِّ يَضَعُ الْقَاضِي الصَّغِيرَ حَيْثُ شَاءَ مِنْهُنَّ اهـ. وَأَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ تَبَعًا لِلْعَلَّامَةِ الشِّهَابِ الشَّلَبِيِّ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ بِأَنَّ إبْقَاءَ الصَّغِيرِ عِنْدَ أُمِّهِ أَوْلَى لِكَمَالِ شَفَقَتِهَا. (سُئِلَ) فِي صَغِيرٍ مَاتَتْ أُمُّهُ وَعُمْرُهُ سَنَةٌ وَلَهُ أَبٌ وَخَالَتَانِ مُزَوَّجَتَانِ بِأَجْنَبِيَّيْنِ وَهُوَ عِنْدَ إحْدَاهُمَا وَلَهُ أَخْوَالٌ وَجَدٌّ لِأُمٍّ يُرِيدُ إبْقَاءَهُ عِنْدَ خَالَتِهِ فَهَلْ لِأَبِيهِ أَخْذُهُ مِنْ خَالَتِهِ وَضَمُّهُ إلَيْهِ وَيُمْنَعُ جَدُّهُ مِنْ مُعَارَضَتِهِ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَتْ مُزَوَّجَةً بِأَجْنَبِيٍّ فَلِأَبِيهِ أَخْذُهُ مِنْهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ (سُئِلَ) فِي صَغِيرَةٍ عُمْرُهَا ثَلَاثُ سَنَوَاتٍ لَهَا أَبٌ وَأُمٌّ مُزَوَّجَةٌ بِأَجْنَبِيٍّ وَعَمَّةٌ شَقِيقَةٌ عَازِبَةٌ أَهْلٌ لِلْحَضَانَةِ وَخَالَةٍ أُمٍّ عَازِبَةٌ فَهَلْ تَكُونُ حَضَانَتُهَا لِعَمَّتِهَا الْمَزْبُورَةِ دُونَ خَالَةِ أُمِّهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَالْمَذْكُورُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ بَعْدَ الْعَمَّاتِ خَالَةُ الْأُمِّ لِأَبٍ وَأُمٍّ ثُمَّ لِأُمٍّ ثُمَّ لِأَبٍ إلَخْ وَمِثْلُهُ فِي الْمِنَحِ وَالْعَلَائِيِّ. (سُئِلَ) فِي بِكْرٍ بَلَغَتْ مَبْلَغَ النِّسَاءِ وَهِيَ سَاكِنَةٌ عِنْدَ جَدَّتِهَا لِأُمِّهَا مَعَ صِهْرِهَا الْأَجْنَبِيِّ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ وَلَيْسَ لَهَا أَبٌ وَلَا جَدٌّ وَلَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْعَصَبَاتِ فَهَلْ يَكُونُ النَّظَرُ فِيهَا لِلْحَاكِمِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ أَوَاخِرَ بَابِ الْحَضَانَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَسْلَمَ يَهُودِيٌّ ثُمَّ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ يَهُودِيَّةٍ وَبِنْتَيْنِ مِنْهَا عُمْرُ أَكْبَرِهِمَا سِتُّ سِنِينَ وَعَنْ أَبٍ يَهُودِيٍّ مُوسِرٍ وَلَمْ يَتْرُكْ الْمَيِّتُ شَيْئًا وَالزَّوْجَةُ فَقِيرَةٌ أَهْلٌ لِلْحَضَانَةِ فَهَلْ تَكُونُ حَضَانَةُ بِنْتَيْهَا لَهَا حَيْثُ لَمْ يَعْقِلَا دِينًا وَلَا يُخَافُ أَنْ يَأْلَفَا الْكُفْرَ وَتَكُونُ نَفَقَتُهُمَا عَلَى جَدِّهِمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ وَالْحَاضِنَةُ الذِّمِّيَّةُ وَلَوْ مَجُوسِيَّةً كَمُسْلِمَةٍ مَا لَمْ يَعْقِلْ دِينًا فَيَنْبَغِي تَقْدِيرُهُ بِسَبْعِ سِنِينَ لِصِحَّةِ إسْلَامِهِ حِينَئِذٍ نَهْرٌ أَوْ إلَى أَنْ يَخَافَ أَنْ يَأْلَفَ الْكُفْرَ فَيُنْزَعُ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَعْقِلْ دِينًا بَحْرٌ اهـ. عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ وَلَا نَفَقَةَ وَاجِبَةٌ مَعَ الِاخْتِلَافِ دِينًا إلَّا لِلزَّوْجَةِ وَالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ عَلَوْا أَوْ سَفَلُوا الذِّمِّيِّينَ لَا الْحَرْبِيِّينَ وَلَوْ مُسْتَأْمِنِينَ لِانْقِطَاعِ الْإِرْثِ عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ مِنْ النَّفَقَةِ. (سُئِلَ) فِي ابْنِ أُمِّ وَلَدٍ عُمْرُهُ خَمْسُ سِنِينَ لَهُ عَمٌّ عَصَبَةٌ يُرِيدُ أَخْذَهُ مِنْ أُمِّهِ وَضَمَّهُ إلَيْهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَلَا حَضَانَةَ لِأُمِّ الْوَلَدِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي مُطَلَّقَةٍ حَاضِنَةٍ لِوَلَدَيْهَا الصَّغِيرَيْنِ غَيْرِ مَأْمُونَةٍ عَلَيْهِمَا تَخْرُجُ كُلَّ وَقْتٍ وَتَتْرُكُهُمَا ضَائِعَيْنِ وَيُرِيدُ أَبُوهُمَا أَخْذُهُمَا مِنْهَا حَيْثُ لَا حَاضِنَةَ لَهُمَا غَيْرُهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَوْ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ ذَكَرَهُ فِي الْمُجْتَبَى بِأَنْ تَخْرُجَ كُلَّ وَقْتٍ وَتَتْرُكَ الْوَلَدَ ضَائِعًا اهـ. عَلَائِيٌّ. (سُئِلَ) فِي يَتِيمٍ لَهُ أُمٌّ مُزَوَّجَةٌ بِابْنِ خَالِهِ الْوَصِيِّ الْمُخْتَارِ عَلَيْهِ وَعَمَّةٌ مُزَوَّجَةٌ بِأَجْنَبِيٍّ وَجَدٌّ لِأُمٍّ فَهَلْ يُدْفَعُ الْيَتِيمُ لِجَدِّهِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ مِمَّنْ لَهُ حَقُّ الْحَضَانَةِ غَيْرُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي حَاضِنَةِ لِبِنْتِهَا تَزَوَّجَتْ بِأَجْنَبِيٍّ وَلِلْبِنْتِ أُخْتٌ لِأَبٍ مُرَاهِقَةٌ عَازِبَةٌ أَهْلٌ لِلْحَضَانَةِ وَلَهَا خَالَةٌ أَيْضًا فَهَلْ تَكُونُ الْحَضَانَةُ لِلْأُخْتِ الْمَزْبُورَةِ دُونَ الْخَالَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ قَائِلًا إذْ الْمُرَاهِقَةُ حُكْمُهَا حُكْمُ الْبَالِغَةِ فِي ذَلِكَ اهـ وَفِي الْكَنْزِ مِنْ الْحَجْرِ (وَأَحْكَامُهُمَا) أَيْ أَحْكَامُ الْمُرَاهِقِينَ (أَحْكَامُ الْبَالِغِينَ) فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ شَرْحُ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ. (أَقُولُ) عِبَارَةُ الْكَنْزِ فِي فَصْلِ بُلُوغِ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ مِنْ كِتَابِ الْحَجْرِ هَكَذَا فَإِنْ رَاهَقَا وَقَالَا بَلَغْنَا صُدِّقَا وَأَحْكَامُهُمَا أَحْكَامُ الْبَالِغِينَ اهـ وَالْمَعْنَى أَنَّهُمَا كَالْبَالِغِينَ بَعْدَ قَوْلِهِمَا بَلَغْنَا يُوَضِّحُهُ عِبَارَةُ الْمُلْتَقَى وَنَصُّهَا وَإِذَا رَاهَقَا وَقَالَا بَلَغْنَا صُدِّقَا وَكَانَا كَالْبَالِغِ حُكْمًا اهـ وَأَمَّا كَوْنُهُمَا كَالْبَالِغِ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّا بِالْبُلُوغِ فَلَا يَقُولُ بِهِ

عَاقِلٌ فَضْلًا عَنْ فَاضِلٍ وَإِلَّا لَزِمَ صِحَّةُ إقْرَارِهِ أَيْ الْمُرَاهِقِ وَعِتْقِهِ وَقَتْلِهِ بِرِدَّتِهِ وَهِبَتِهِ وَبَيْعِهِ بِدُونِ دَعْوَى الْبُلُوغِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ قَطْعًا فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي مَسْأَلَتِنَا مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوَاهُ وَقَالَ بَعْدَهُ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِدَعْوَى الْبُلُوغِ لِأَنَّ الصَّغِيرَ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْحَضَانَةِ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَالِكٍ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ اهـ. وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ أَيْضًا فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَحْرِ اعْلَمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ فِي حَقِّ مَنْ يَحْضُنُ الْوَلَدَ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ وَالصَّغِيرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَقَدْ سُئِلْت عَنْ مُرَاهِقٍ طَلَبَ الْحَضَانَةَ فَأَجَبْت لَهُ ذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْبُلُوغَ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْهُ اهـ فَاغْتَنَمَ هَذَا التَّحْرِيرَ الْفَرِيدَ. (سُئِلَ) فِي يَتِيمَةٍ عُمْرُهَا عَشْرُ سَنَوَاتٍ لَهَا عَمٌّ عَصَبَةٌ بَالِغٌ أَمِينٌ يُرِيدُ أَخْذَهَا مِنْ عِنْدِ أُمِّهَا وَتَرْبِيَتَهَا عِنْدَهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَلَا خِيَارَ لَهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَا خِيَارَ لِلْوَلَدِ عِنْدَنَا مُطْلَقًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ قُلْت وَهَذَا قَبْلَ الْبُلُوغِ أَمَّا بَعْدَهُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَبَوَيْهِ وَإِنْ أَرَادَ الِانْفِرَادَ فَلَهُ ذَلِكَ مُؤَيَّدًا زَادَهُ، مَعْزِيًّا لِلْمُنْيَةِ اهـ. شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ وَفِي حَاشِيَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ عَلَى الْمِنَحِ قَوْلُهُ وَيَأْخُذُهُ الْأَبُ وَلَا خِيَارَ لِلصَّغِيرِ أَقُولُ وَكَذَا غَيْرُ الْأَبِ عِنْدَ عَدَمِهِ مِمَّنْ لَهُ حَقُّ الْحَضَانَةِ قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ لِجَلَالِ الدِّينِ أَبِي حَفْصٍ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْأَنْصَارِيِّ الْعُقَيْلِيِّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ أَبٌ وَانْقَضَتْ الْحَضَانَةُ فَمَنْ سِوَاهُ مِنْ الْعَصَبَةِ أَوْلَى الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ غَيْرَ أَنَّ الْأُنْثَى لَا تُدْفَعُ إلَّا إلَى مَحْرَمٍ وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالتَّتَارْخَانِيَّة اهـ وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَحْرِ. (سُئِلَ) فِي الْحَاضِنَةِ إذَا أَبْطَلَتْ حَقَّ بِنْتِهَا الْمَحْضُونَةِ ثُمَّ أَرَادَتْ الرُّجُوعَ فِي حَضَانَتِهَا وَهِيَ عَزَبَةٌ أَهْلٌ لَهَا فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا تَقْدِرُ الْحَاضِنَةُ عَلَى إبْطَالِ حَقِّ الصَّغِيرِ فِيهَا أَيْ فِي الْحَضَانَةِ مِنَحٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ ابْنٌ صَغِيرٌ مِنْ زَوْجَةٍ لَهُ حُرَّةِ الْأَصْلِ وَأَرَادَ السَّفَرَ فَوَضَعَهُ عِنْدَ عَمْرٍو ثُمَّ سَافَرَ وَمَاتَ وَبَلَغَ الِابْنُ ثَمَانِ سَنَوَاتٍ قَامَ الْآنَ بَكْرٌ يُرِيدُ أَخْذَ الِابْنِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ زَاعِمًا أَنَّ أَبَاهُ كَانَ عَبْدًا لِبَكْرٍ الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَيْسَ لِبَكْرٍ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي مَتْنِ الدُّرَرِ مِنْ كِتَابِ الْوَلَاءِ لِلْأُمِّ إنْ كَانَتْ حُرَّةَ الْأَصْلِ بِمَعْنَى عَدَمِ الرِّقِّ فِي أَصْلِهَا فَلَا وَلَاءَ عَلَى وَلَدِهَا وَالْأَبُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَوْ كَانَ عَرَبِيًّا لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَلَوْ عَجَمِيًّا لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِقَوْمِ الْأَبِ وَيَرِثُهُ مُعْتِقُ الْأُمِّ وَعَصَبَتُهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ اهـ وَتَمَامُ التَّحْقِيقِ فِي شَرْحِهَا. (سُئِلَ) فِي بِنْتٍ بَلَغَتْ مِنْ السِّنِّ إحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً وَهِيَ عِنْدَ أُمِّهَا الْمُطَلَّقَةِ مِنْ أَبِيهَا يُرِيدُ أَبُوهَا أَخْذَهَا مِنْ الْأُمِّ وَالسَّفَرَ بِهَا إلَى بَلْدَتِهِ الَّتِي هِيَ فَوْقَ مُدَّةِ السَّفَرِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ حَيْثُ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْمَجْمَعِ وَلَا يَخْرُجُ الْأَبُ بِوَلَدِهِ قَبْلَ الِاسْتِغْنَاءِ اهـ وَعَلَّلَهُ فِي الشَّرْحِ بِقَوْلِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْأُمِّ بِإِبْطَالِ حَقِّهَا فِي الْحَضَانَةِ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَضَانَتَهَا إذَا سَقَطَتْ جَازَ لَهُ السَّفَرُ بِهِ. وَفِي الْفَتَاوَى السِّرَاجِيَّةِ سُئِلَ إذَا أَخَذَ الْمُطَلِّقُ وَلَدَهُ مِنْ حَاضِنَتِهِ لِزَوَاجِهَا هَلْ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ إلَى أَنْ يَعُودَ حَقُّ أُمِّهِ اهـ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ وَهِيَ حَادِثَةُ الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا بَحْرٌ مِنْ آخِرِ بَابِ الْحَضَانَةِ قَالَ فِي الْمِنَحِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ غَيْرُهَا مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ أَمَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْلِكَ الْأَبُ السَّفَرَ بِهِ بَلْ يَنْتَقِلُ الْحَقُّ إلَى الْحَاضِنَةِ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. وَرَأَيْت فِي هَامِشِ فَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ حَاشِيَةً مَعْزُوَّةً إلَى الْمَوْلَى يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا أَنَّهُ إذَا سَقَطَتْ الْحَضَانَةُ بِالتَّزَوُّجِ لِلْأَجْنَبِيِّ أَوْ بِالِاسْتِغْنَاءِ فَلِلْعَمِّ أَنْ يُسَافِرَ بِالْوَلَدِ اهـ (وَلَا يَخْرُجُ الْأَبُ بِوَلَدِهِ قَبْلَ الِاسْتِغْنَاءِ) أَيْ اسْتِغْنَاءِ وَلَدِهِ عَنْ الْحَضَانَةِ لِئَلَّا يَبْطُلَ حَقُّ الْأُمِّ فِي حَضَانَتِهِ (وَلَا الْأُمُّ) أَيْ لَا تَخْرُجُ الْأُمُّ عَنْ الْمِصْرِ بِوَلَدٍ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ الْأَبُ (إلَّا إلَى وَطَنِهَا الَّذِي تَزَوَّجَهَا فِيهِ) الْمَفْهُومُ مِنْهُ أَنَّ إخْرَاجَهَا لِوَلَدِهِ إنَّمَا يَجُوزُ بِأَمْرَيْنِ جَمِيعًا كَوْنِ الْمَقْصِدِ وَطَنَهَا وَكَوْنِ تَزَوُّجِهَا فِيهِ كَمَا إذَا تَزَوَّجَ

امْرَأَةً بِالشَّامِ فَقَدِمَ بِهَا إلَى الْكُوفَةِ فَوَلَدَتْ مِنْهُ ثُمَّ طَلَقَتْ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَهَا أَنْ تَخْرُجَ بِوَلَدِهَا إلَى الشَّامِ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْأَبِ حَتَّى لَوْ كَانَ وَطَنُهَا بِالشَّامِ وَلَمْ يَكُنْ تَزَوَّجَهَا فِيهِ أَوْ كَانَ تَزَوَّجَهَا فِيهِ وَلَمْ تَكُنْ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ إلَى الشَّامِ إلَخْ شَرْحُ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَالِكٍ. (سُئِلَ) فِي مُبَانَةٍ مِنْ زَوْجِهَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَلَهَا مِنْهُ ابْنٌ صَغِيرٌ فِي حَضَانَتِهَا تُرِيدُ أَنْ تَنْقُلَهُ مِنْ دِمَشْقَ إلَى حَلَبَ وَلَمْ يَكُنْ مَا تَنْتَقِلُ إلَيْهِ وَطَنَهَا وَلَمْ يَنْكِحْهَا ثَمَّةَ فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَنَقْلُهَا مَا مَرَّ قَرِيبًا (لَيْسَ لِلْمُطَلَّقَةِ الْخُرُوجُ بِالْوَلَدِ مِنْ بَلْدَةٍ إلَى أُخْرَى بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ إلَّا إذَا انْتَقَلَتْ مِنْ الْقَرْيَةِ إلَى الْمِصْرِ وَفِي عَكْسِهِ لَا) وَهُوَ انْتِقَالُهَا بِهِ مِنْ الْمِصْرِ إلَى الْقَرْيَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ بِالصَّغِيرِ لِتَخَلُّقِهِ بِأَخْلَاقِ أَهْلِ السَّوَادِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْقُلَهُ إلَيْهَا (إلَّا إذَا كَانَ مَا انْتَقَلَتْ إلَيْهِ وَطَنَهَا وَنَكَحَهَا) أَيْ عَقَدَ عَلَيْهَا (ثَمَّةَ) أَيْ هُنَاكَ يَعْنِي فِي مَكَان هُوَ وَطَنُهَا وَأَرَادَ بِالْمُطَلَّقَةِ الْمُبَانَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ رَجْعِيًّا حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَنْكُوحَةِ (وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ لِلْمُطَلَّقَةِ الْخُرُوجَ إلَخْ (فِي الْأُمِّ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَلَا تَقْدِرُ عَلَى نَقْلِهِ إلَّا بِإِذْنِ أَبِيهِ) مِنَحِ الْغَفَّارِ. (سُئِلَ) فِي الْجَدَّةِ أُمِّ الْأُمِّ الْحَاضِنَةِ لِلصَّغِيرَةِ إذَا أَرَادَتْ أَنْ تَنْقُلَ الصَّغِيرَةَ مِنْ الْمِصْرِ إلَى الْقَرْيَةِ بِدُونِ إذْنِ أَبِيهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَنَقْلُهَا مَا مَرَّ قَرِيبًا (وَهَذَا) الْحُكْمُ (فِي الْأُمِّ) الْمُطَلَّقَةِ فَقَطْ (أَمَّا غَيْرُهَا) كَجَدَّةٍ وَأُمِّ وَلَدٍ أُعْتِقَتْ (فَلَا تَقْدِرُ عَلَى نَقْلِهِ) لِعَدَمِ الْعَقْدِ بَيْنَهُمَا (إلَّا بِإِذْنِهِ) شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالْمِنَحِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي يَتِيمَةٍ عُمْرُهَا سَبْعُ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي الثَّامِنَةِ وَهِيَ فِي حَضَانَةِ جَدَّتِهَا لِأُمِّهَا الْأَهْلِ لِلْحَضَانَةِ وَلَهَا إخْوَةٌ لِأَبٍ يُرِيدُونَ أَخْذَهَا مِنْ جَدَّتِهَا وَضَمَّهَا إلَيْهِمْ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَتْ الْجَدَّةُ الْمَرْقُومَةُ أَهْلًا لِلْحَضَانَةِ تَبْقَى الْقَاصِرَةُ الْمَزْبُورَةُ فِي حَضَانَتِهَا إلَى أَنْ يَكْمُلَ لَهَا تِسْعُ سِنِينَ وَلَيْسَ لِإِخْوَتِهَا أَخْذُهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ. (سُئِلَ) فِي صَبِيٍّ كَمُلَ لَهُ مِنْ السِّنِّ سَبْعُ سَنَوَاتٍ وَهُوَ فِي حَضَانَةِ أُمِّهِ الْمُطَلَّقَةِ مِنْ أَبِيهِ وَيُرِيدُ أَبُوهُ أَخْذَهُ مِنْهَا وَضَمَّهُ إلَيْهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَإِذَا اسْتَغْنَى الْغُلَامُ عَنْ الْخِدْمَةِ أَيْ خِدْمَةِ مَنْ لَهَا الْحَضَانَةُ بِأَنْ يَأْكُلَ وَيَسْتَنْجِيَ وَحْدَهُ قِيلَ بِسَبْعٍ يَعْنِي اسْتِغْنَاؤُهُ مُقَدَّرٌ بِسَبْعِ سِنِينَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى أَوْ تِسْعٍ أُجْبِرَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَلِيُّ عَلَى أَخْذِهِ لِأَنَّهُ أَقْدَرُ عَلَى تَأْدِيبِهِ وَتَعْلِيمِهِ شَرْحُ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَالِكٍ. (سُئِلَ) فِي صَغِيرَةٍ غَيْرِ مُشْتَهَاةٍ لَا تَصْلُحُ لِلرِّجَالِ بَلَغَتْ مِنْ الْعُمْرِ سِتَّ سَنَوَاتٍ فِي حَضَانَةِ جَدَّتِهَا لِأُمِّهَا الْأَهْلِ لِلْحَضَانَةِ زَوَّجَهَا أَبُوهَا فَهَلْ لَا تَسْقُطُ حَضَانَةُ الْجَدَّةِ بِزَوَاجِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْقُنْيَةِ فِي حَقِّ الْأُمِّ وَمَنْ لَهَا حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ مِثْلُ الْأُمِّ فِي ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (سُئِلَ) فِي يَتِيمٍ بَلَغَ إحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً وَلَهُ أُخْتٌ يَتِيمَةٌ بَلَغَتْ عَشْرَ سِنِينَ وَهُمَا عِنْدَ جَدَّتِهِمَا لِأُمِّهِمَا وَلَهُمَا أُخْتٌ شَقِيقَةٌ وَصِيٌّ عَلَيْهِمَا ثِقَةٌ أَمِينَةٌ قَادِرَةٌ عَلَى الْحِفْظِ تُرِيدُ أَنْ تَضَعَهُمَا عِنْدَهَا بِإِذْنِ الْقَاضِي فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ اللُّطْفِيِّ مِنْ جَوَابِ سُؤَالٍ مَا نَصُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْبِنْتِ الْمَذْكُورَةِ عَصَبَةٌ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ تُوضَعُ الْبِنْتُ عِنْدَ امْرَأَةٍ أَمِينَةٍ مُسْلِمَةٍ قَادِرَةٍ عَلَى الْحِفْظِ اهـ. (أَقُولُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا انْتَهَتْ مُدَّةُ الْحَضَانَةِ وَلَيْسَ لِلصَّغِيرِ عَصَبَةٌ فَالرَّأْيُ فِيهِ لِلْقَاضِي يَضَعُهُ أَيْنَ شَاءَ كَمَا إذَا كَانَتْ الْحَاضِنَاتُ سَاقِطَاتٍ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا وَأَنَّ الْأُخْتَ الشَّقِيقَةَ وَإِنْ كَانَتْ وَصِيًّا لَيْسَتْ بِأَوْلَى مِنْ الْجَدَّةِ فِي مَسْأَلَتِنَا وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ مِنْ أَنَّ الْغُلَامَ إذَا اسْتَغْنَى عَنْ الْحَضَانَةِ بِأَنْ بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ أُجْبِرَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَلِيُّ عَلَى أَخْذِهِ لِأَنَّهُ أَقْدَرُ عَلَى تَأْدِيبِهِ وَتَعْلِيمِهِ فَهُوَ خَاصٌّ بِالْوَصِيِّ مِنْ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. (سُئِلَ) فِي صَغِيرَتَيْنِ عُمْرُ أَكْبَرِهِمَا خَمْسُ سَنَوَاتٍ وَلَهُمَا أُمٌّ مُتَزَوِّجَةٌ بِأَجْنَبِيٍّ وَلَمْ يَكُنْ عَصَبَةً وَلَا مَنْ لَهُ حَقُّ الْحَضَانَةِ وَيُخْشَى عَلَيْهِمَا مِنْ الْأُمِّ وَزَوْجِهَا أَنْ يَغِيبَا بِهِمَا لِكَوْنِهِمَا

غَرِيبَيْنِ وَهِيَ لَيْسَتْ بِأَمِينَةٍ فَهَلْ يَضَعُهُمَا الْقَاضِي حَيْثُ شَاءَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التتارخانية عَنْ الْمُحِيطِ وَغَيْرِهَا وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةُ فِي مَوَاضِعَ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْحَامِلَ مِنْهُ ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا فِي حَضَانَتِهَا فَطَلَبَتْ مِنْ أَبِيهِ أُجْرَةَ إرْضَاعِهِ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهَا وَلِلْوَلَدِ عَمَّةٌ تُرِيدُ إرْضَاعَهُ عِنْدَ الْأُمِّ مُتَبَرِّعَةٌ بِغَيْرِ أَجْرٍ فَهَلْ تَكُونُ الْعَمَّةُ الْمَزْبُورَةُ أَوْلَى مِنْ الْأُمِّ فِي إرْضَاعِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ (وَيَسْتَأْجِرُ الْأَبُ مَنْ تُرْضِعُهُ عِنْدَهَا) لِأَنَّ الْحَضَانَةَ لَهَا وَالنَّفَقَةَ عَلَيْهِ (لَا) يَسْتَأْجِرُ الْأَبُ أُمَّهُ (لَوْ مَنْكُوحَةً أَوْ مُعْتَدَّةَ رَجْعِيٍّ وَهِيَ أَحَقُّ) بِإِرْضَاعِ وَلَدِهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ (إذَا لَمْ تَطْلُبْ زِيَادَةً عَلَى مَا تَأْخُذُهُ الْأَجْنَبِيَّةُ) وَلَوْ دُونَ أَجْرِ الْمِثْلِ بَلْ الْأَجْنَبِيَّةُ الْمُتَبَرِّعَةُ أَحَقُّ مِنْهَا زَيْلَعِيٌّ أَيْ فِي الْإِرْضَاعِ أَمَّا أُجْرَةُ الْحَضَانَةِ فَلِلْأُمِّ كَمَا مَرَّ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ النَّفَقَةِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَإِنْ رَضِيَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ أَنْ تُرْضِعَهُ بِغَيْرِ أَجْرٍ أَوْ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ فَالْأَجْنَبِيَّةُ أَوْلَى اهـ. يَعْنِي فَتُرْضِعُهُ عِنْدَ أُمِّهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ وَيَسْتَأْجِرُ مَنْ تُرْضِعُهُ عِنْدَهَا أَيْ عِنْدَ الْأُمِّ إلَخْ كَشْفُ الْقِنَاعِ لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي يَتِيمٍ فِي حَضَانَةِ جَدَّتِهِ لِأُمِّهِ كَمُلَ لَهُ مِنْ الْعُمْرِ سَبْعُ سَنَوَاتٍ وَلَهُ ابْنُ عَمٍّ عَصَبَةٌ أَمِينٌ هُوَ وَصِيٌّ شَرْعِيٌّ عَلَيْهِ يُرِيدُ أَخْذَهُ مِنْهَا وَتَرْبِيَتَهُ عِنْدَهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِهِ وَاخْتَصَمَ فِيهِ الرِّجَالُ فَأَوْلَاهُمْ بِهِ أَقْرَبُهُمْ تَعْصِيبًا وَكَذَا إذَا اسْتَغْنَى الصَّبِيُّ بِنَفْسِهِ أَوْ بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ فَالْعَصَبَاتُ أَوْلَى بِهِمَا عَلَى التَّرْتِيبِ فِي الْقَرَابَةِ وَالْأَقْرَبُ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ ثُمَّ الْأَخُ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ الْأَخُ لِأَبٍ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ. وَإِذَا اجْتَمَعَ مُسْتَحِقُّو الْحَضَانَةِ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَوْرَعُهُمْ أَوْلَى ثُمَّ أَكْبَرُهُمْ سِنًّا وَلَا حَقَّ لِابْنِ الْعَمِّ وَابْنِ الْخَالِ فِي كَفَالَةِ الْجَارِيَةِ وَلَهُمَا حَقٌّ فِي كَفَالَةِ الْغُلَامِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِمَحْرَمٍ لَهَا فَلَا يُؤْمَنَانِ عَلَيْهَا جَوْهَرَةُ شَرْحِ الْقُدُورِيِّ مِنْ النَّفَقَةِ وَتَقَدَّمَتْ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ لِلْعُقَيْلِيِّ وَفِي مَسْأَلَتِنَا ابْنُ الْعَمِّ الْمَزْبُورِ وَصِيٌّ وَعَصَبَةٌ فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ النُّقُولِ. (سُئِلَ) فِي يَتِيمٍ عُمْرُهُ خَمْسُ سِنِينَ وَلَهُ عَمَّةٌ مُزَوَّجَةٌ بِأَجْنَبِيٍّ وَخَالٍ وَعَمٌّ أَخُو أَبِيهِ لِأُمِّهِ وَصِيٌّ عَلَيْهِ يُرِيدُ عَمُّهُ أَخْذَهُ مِنْ خَالِهِ وَضَمَّهُ إلَيْهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) وَنَقْلُهَا مَا فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ حَيْثُ قَالَ ثُمَّ إذَا لَمْ يَكُنْ عَصَبَةٌ فَلِذَوِي الْأَرْحَامِ بَحْرٌ فَتُدْفَعُ لِأَخٍ لِأُمٍّ ثُمَّ لِابْنِهِ ثُمَّ لِلْعَمِّ لِأُمٍّ ثُمَّ لِلْخَالِ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأُمٍّ بُرْهَانٌ وَعَيْنِيٌّ اهـ ثُمَّ قَالَ وَلَا حَقَّ لِوَلَدِ عَمٍّ وَعَمَّةٍ وَخَالٍ وَخَالَةٍ لِعَدَمِ الْمَحْرَمِيَّةِ اهـ وَرَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ شُيُوخِ مَشَايِخِنَا عَنْ الْهِنْدِيَّةِ أَنَّ أَبَا الْأُمِّ أَوْلَى مِنْ الْأَخِ لِأُمٍّ وَالْخَالِ اهـ وَبِهِ يَظْهَرُ الْجَوَابُ عَنْ حَادِثَةِ الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا وَهِيَ طِفْلٌ لَهُ جَدٌّ لِأُمٍّ وَبِنْتُ عَمَّةٍ فَالْحَضَانَةُ لِلْجَدِّ لِأُمٍّ لِأَنَّهُ رَحِمٌ مَحْرَمٌ وَبِنْتُ الْعَمَّةِ غَيْرُ مَحْرَمٍ وَإِذَا قُدِّمَ الْجَدُّ الْمَذْكُورُ عَلَى الْأَخِ لِأُمٍّ وَالْخَالِ الْمَحْرَمَيْنِ فَعَلَى بِنْتِ الْعَمَّةِ بِالْأَوْلَى لَكِنْ ذَكَرَ الْقُهُسْتَانِيُّ بِنْتُ الْخَالَةِ بَعْدَ الْخَالَةِ وَبِنْتُ الْعَمَّةِ بَعْدَ الْعَمَّةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْخَالَةَ أَوْ الْعَمَّةَ تُقَدَّمُ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ الذُّكُورِ بَلْ عَلَى الْعَصَبَاتِ لِأَنَّ النِّسَاءَ أَقْدَرُ عَلَى تَرْبِيَةِ الْأَطْفَالِ مِنْ الرِّجَالِ إلَى أَنْ يَسْتَغْنُوا عَنْهُنَّ فَيَنْتَقِلَ الْحَقُّ إلَى الرِّجَالِ لِيُؤَدِّبُوهُمْ وَيُعَلِّمُوهُمْ لِأَنَّ الرِّجَالَ أَقْدَرُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ النِّسَاءِ فَعُلِمَ أَنَّ النِّسَاءَ مُقَدَّمَاتٌ عَلَى الرِّجَالِ فِي الْحَضَانَةِ وَلِذَا قُدِّمَتْ الْأُمُّ وَأُمُّهَا وَأُخْتُهَا وَخَالَتُهَا وَعَمَّتُهَا عَلَى الْأَبِ وَالْأَخِ الشَّقِيقِ وَكَذَا قُدِّمَ أُخْتُ الصَّغِيرِ وَلَوْ لِأُمٍّ وَكَذَا بَنَاتُهَا وَبَنَاتُ الْأَخِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ تَقْدِيمُ بِنْتِ الْعَمَّةِ فِي حَادِثَةِ الْفَتْوَى عَلَى الْجَدِّ لِأُمٍّ. لَكِنْ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ أَيْضًا وَفِي الْمُحِيطِ لَا حَضَانَةَ لِبِنْتِ الْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ كَبِنْتِ الْخَالِ وَالْعَمِّ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْبَدَائِعِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ وَمُوَافِقٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ شَرْحِ التَّنْوِيرِ وَقَدْ يُوَفَّقُ بَيْنَ كَلَامَيْهِ بِحَمْلِ مَا فِي الْمُحِيطِ عَلَى أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمَذْكُورَاتِ فِي حَضَانَةِ الْغُلَامِ لَا الْجَارِيَةِ بِقَرِينَةِ تَعْلِيلِهِ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ بِعَدَمِ الْمَحْرَمِيَّةِ كَمَا مَرَّ وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ عَنْ الْجَوْهَرَةِ مِنْ أَنَّهُ

باب النفقة

لَا حَقَّ لِابْنِ الْعَمِّ وَابْنِ الْخَالَةِ فِي كَفَالَةِ الْجَارِيَةِ وَلَهُمَا حَقٌّ فِي كَفَالَةِ الْغُلَامِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِمَحْرَمٍ لَهَا فَلَا يُؤْمَنَانِ عَلَيْهَا وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ أَوْلَادَ الْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ وَالْخَالِ وَالْعَمِّ إنْ كَانُوا ذُكُورًا فَحَقُّهُمْ فِي حَضَانَةِ الْغُلَامِ فَقَطْ وَإِنْ كُنَّ إنَاثًا فَحَقُّهُنَّ فِي حَضَانَةِ الْجَارِيَةِ فَقَطْ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّعْلِيلِ وَمِنْ عِبَارَةِ الْجَوْهَرَةِ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى هَذَا التَّحْرِيرِ الْفَرِيدِ وَأَسْأَلُهُ مِنْ فَضْلِهِ الْمَزِيدَ. (سُئِلَ) فِي بِكْرٍ حَدِيثَةِ السِّنِّ بَلَغَتْ مَبْلَغَ النِّسَاءِ وَهِيَ عِنْدَ الْأَجَانِبِ لَا أُمَّ لَهَا وَلَا أَبَ وَلَا جَدَّ وَلَهَا عَمٌّ عَصَبَةٌ أَمِينٌ غَيْرُ مُفْسِدٍ يُرِيدُ ضَمَّهَا إلَيْهِ خَوْفَ الْعَارِ وَيَتَخَوَّفُ عَلَيْهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَمَتَى كَانَتْ الْجَارِيَةُ بِكْرًا يَضُمُّهَا إلَى نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ عَلَيْهَا الْفَسَادَ إذَا كَانَتْ حَدِيثَةَ السِّنِّ أَمَّا إذَا دَخَلَتْ فِي السِّنِّ وَاجْتَمَعَ لَهَا رَأْيٌ وَعَقَلَتْ فَلَيْسَ لِلْأَوْلِيَاءِ حَقُّ الضَّمِّ وَلَهَا أَنْ تَنْزِلَ حَيْثُ أَحَبَّتْ حَيْثُ لَا يُتَخَوَّفُ عَلَيْهَا إلَخْ بَحْرٌ. (سُئِلَ) فِي حَاضِنَةٍ لِوَلَدَيْهَا تَزَوَّجَتْ بِأَجْنَبِيٍّ وَلَهَا أُمٌّ تُرِيدُ أُمُّهَا تَرْبِيَةَ الْوَلَدَيْنِ فِي بَيْتِ الرَّابِّ زَوْجِ أُمِّ الْوَلَدَيْنِ وَأَبُوهُمَا لَا يَرْضَى بِذَلِكَ فَهَلْ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ الرَّابَّ وَهُوَ زَوْجُ أُمِّهِمَا أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا يَنْظُرُ إلَيْهِمَا شَزْرًا وَيُعْطِيهِمَا نَزْرًا فَتَسْقُطُ الْحَضَانَةُ بِتَزَوُّجِ الْغَيْرِ الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ وَبِالسُّكْنَى عِنْدَ الْمُبْغِضِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي الْغُلَامِ إذَا عَقَلَ وَاسْتَغْنَى بِرَأْيِهِ وَكَانَ مَأْمُونًا عَلَى نَفْسِهِ فَهَلْ لِلْأَبِ ضَمُّهُ إلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْأَبِ ضَمُّهُ إلَيْهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ آخِرَ الْحَضَانَةِ. (سُئِلَ) فِي غُلَامٍ صَبِيحٍ بَالِغٍ غَيْرِ مَأْمُونٍ عَلَى نَفْسِهِ يُرِيدُ أَبُوهُ أَنْ يَضُمَّهُ إلَيْهِ وَيُؤَدِّبَهُ إذَا وَقَعَ مِنْهُ شَيْءٌ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَنَقَلَهَا فِي الْخَيْرِيَّةُ مُفَصَّلَةً بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ. (سُئِلَ) فِي بِكْرٍ بَلَغَتْ مَبْلَغَ النِّسَاءِ وَهِيَ فِي حِجْرِ أُمِّهَا الْمُتَزَوِّجَةِ بِأَجْنَبِيٍّ وَلَيْسَ لَهَا عَصَبَةٌ مَحْرَمٌ وَلَيْسَتْ مَأْمُونَةً عَلَى نَفْسِهَا وَلَهَا عَمَّةٌ أَمِينَةٌ قَادِرَةٌ عَلَى الْحِفْظِ فَهَلْ لِلْقَاضِي وَضْعُهَا عِنْدَ عَمَّتِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبٌ وَلَا جَدٌّ وَلَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْعَصَبَاتِ أَوْ كَانَ لَهَا عَصَبَةٌ مُفْسِدٌ فَالنَّظَرُ فِيهَا إلَى الْحَاكِمِ فَإِنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً خَلَّاهَا تَنْفَرِدُ بِالسُّكْنَى وَإِلَّا وَضَعَهَا عِنْدَ امْرَأَةٍ أَمِينَةٍ قَادِرَةٍ عَلَى الْحِفْظِ بِلَا فَرْقٍ فِي ذَلِكَ بَيْنَ بِكْرٍ وَثَيِّبٍ تَنْوِيرٌ. (سُئِلَ) فِي بِكْرٍ بَالِغَةٍ رَشِيدَةٍ عَاقِلَةٍ دَخَلَتْ فِي السِّنِّ وَاجْتَمَعَ لَهَا رَأْيٌ سَاكِنَةٌ فِي مَحَلَّةٍ أَمِينَةٍ عِنْدَ أُمِّهَا وَجَدَّتِهَا الْأَمِينَتَيْنِ عَلَيْهَا وَلَا يُتَخَوَّفُ عَلَيْهَا وَلَهَا أَخٌ يُرِيدُ أَخْذَهَا مِنْ عِنْدِهِمَا وَإِسْكَانَهَا عِنْدَهُ بِلَا رِضَاهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَالْبَحْرِ وَأَفْتَى بِمِثْلِ ذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ كَمَا فِي فَتَاوَاهُ مِنْ الْحَضَانَةِ. [بَابٌ النَّفَقَةُ] (بَابٌ النَّفَقَةُ) (سُئِلَ) فِي صَغِيرَتَيْنِ لَا مَالَ لَهُمَا وَلَهُمَا أُمٌّ مُعْسِرَةٌ وَأَبٍ مُعْسِرٌ زَمِنٌ وَجَدٌّ لِأَبٍ مُوسِرٌ هَلْ يُؤْمَرُ الْجَدُّ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَإِنْ كَانَ الْأَبُ زَمِنًا قُضِيَ بِنَفَقَةِ الصِّغَارِ عَلَى الْجَدِّ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ بِالْإِنْفَاقِ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْأَبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الْجَدِّ فَكَذَا نَفَقَةُ الصِّغَارِ ذَخِيرَةٌ مِنْ النَّوْعِ الرَّابِعِ وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ تَجِبُ عَلَى الْجَدِّ النَّفَقَةُ إذَا مَاتَ الْأَبُ وَإِنْ غَابَ يُؤْمَرُ الْجَدُّ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ وَالرُّجُوعِ عَلَى الْأَبِ إذَا حَضَرَ وَأَيْسَرَ اهـ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ عَاجِزَةٍ فَقِيرَةٍ عَمْيَاءَ لَهَا ابْنٌ فَقِيرٌ لَا مَالَ لَهُ وَلَهُ كَسْبٌ لَا يَفِي بِنَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ عِيَالِهِ وَلَهَا ابْنُ ابْنٍ مُوسِرٍ فَهَلْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ قَالَ فِي الْبَحْرِ تَحْتَ قَوْلِ الْمَاتِنِ (وَلِأَبَوَيْهِ وَأَجْدَادِهِ) وَأَطْلَقَ فِي الِابْنِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْغِنَى مَعَ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِهِ لِمَا فِي الشَّرْحِ وَلَا يُجْبَرُ الِابْنُ عَلَى نَفَقَةِ أَبَوَيْهِ الْمُعْسِرَيْنِ إذَا كَانَ مُعْسِرًا إلَّا إذَا كَانَ بِهِمَا زَمَانَةٌ أَوْ بِهِمَا فَقْرٌ فَقَطْ فَإِنَّهُمَا يَدْخُلَانِ مَعَ الِابْنِ وَيَأْكُلَانِ مَعَهُ

وَلَا يُفْرَضُ لَهُمَا نَفَقَةٌ عَلَى حِدَةٍ اهـ قَالَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ فَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ مُعْسِرًا وَالْأَبْعَدُ مُوسِرًا فَاعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْحَابِ اخْتَلَفَتْ هُنَا فَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ لَوْ كَانَ لَهُ ابْنٌ وَابْنُ ابْنٍ وَالِابْنُ مُعْسِرٌ وَابْنُ الِابْنِ مُوسِرٌ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الِابْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ زَمِنًا لِأَنَّهُ هُوَ الْأَقْرَبُ وَلَا سَبِيلَ إلَى إيجَابِ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبْعَدِ مَعَ قِيَامِ الْأَقْرَبِ إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُ ابْنَ الِابْنِ يُؤَدِّي عَنْهُ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ فَيَصِيرُ الْأَبْعَدُ نَائِبًا عَنْ الْأَقْرَبِ وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ كُلَّ مَنْ يَحُوزُ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ وَهُوَ مُعْسِرٌ جُعِلَ كَأَنَّهُ كَالْمَيِّتِ وَإِذَا جُعِلَ كَالْمَيِّتِ كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الْبَاقِينَ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ وَكُلَّ مَنْ كَانَ يَحُوزُ بَعْضَ الْمِيرَاثِ لَا يُجْعَلُ كَالْمَيِّتِ فَكَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَى مَوَارِيثِ مَنْ يَرِثُ مَعَهُ اهـ ثُمَّ أَطَالَ فِي بَيَانِهَا كَمَا هُوَ دَأْبُهُ. (سُئِلَ) فِي يَتِيمَةٍ فَقِيرَةٍ لَهَا أُمٌّ وَأَخٌ مُعْسِرَانِ وَعَمَّانِ لِأَبَوَيْنِ مُوسِرَانِ فَهَلْ يَلْزَمُ عَمَّيْهَا نَفَقَتُهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ لِمَنْ تَجِبُ لَهُ النَّفَقَةُ فِي قَرَابَتِهِ مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ يَنْظُرُ إلَى الْمُعْسِرِ إنْ كَانَ يُحْرِزُ كُلَّ الْمِيرَاثِ يُجْعَلُ كَالْمَعْدُومِ ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى مَنْ يَرِثُ مَنْ تَجِبُ لَهُ النَّفَقَةُ فَتُجْعَلُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ وَإِنْ كَانَ الْمُعْسِرُ لَا يُحْرِزُ كُلَّ الْمِيرَاثِ تُقْسَمُ النَّفَقَةُ عَلَى هَذَا الْوَارِثِ الَّذِي هُوَ فَقِيرٌ وَعَلَى مَنْ يَرِثُ مَعَهُ فَيُعْتَبَرُ الْمُعْسِرُ لِإِظْهَارِ قَدْرِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُوسِرِ ثُمَّ تَجِبُ كُلُّ النَّفَقَةِ عَلَى الْمُوسِرِينَ عَلَى اعْتِبَارِ ذَلِكَ بَيَانُ هَذَا الْأَصْلِ صَغِيرٌ لَهُ أُمٌّ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُمٌّ مُوسِرَتَانِ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُخْتٌ لِأُمٍّ مُعْسِرَتَانِ كَانَ نَفَقَةُ الصَّغِيرِ عَلَى الْأُمِّ وَالْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَلَا شَيْءَ عَلَى غَيْرِهِمَا. اهـ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ نَفَقَةِ الْوَالِدَيْنِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ. (سُئِلَ) فِي أَيْتَامٍ لَا مَالَ لَهُمْ وَلَا كَسْبَ فِي حَضَانَةِ أُمِّهِمْ الْفَقِيرَةِ الْعَاجِزَةِ وَلَهُمْ عَمٌّ شَقِيقٌ وَعَمٌّ لِأُمٍّ مُوسِرَانِ فَهَلْ تَكُونُ نَفَقَتُهُمْ عَلَى عَمِّهِمْ الشَّقِيقِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَلِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ صَغِيرٍ أَوْ أُنْثَى بَالِغَةٍ أَوْ ذَكَرٍ عَاجِزٍ بِقَدْرِ الْإِرْثِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْإِرْثِ لَا حَقِيقَتُهُ فَنَفَقَةُ مَنْ لَهُ خَالٌ وَابْنُ عَمٍّ مُوسِرٌ أَنَّ عَلَى الْخَالِ كَذَا فِي الدُّرَر وَتَفْصِيلُهُ فِيهَا قَالَ الْعَلَّامَةُ عَزْمِيٌّ فِي حَاشِيَتِهَا ثُمَّ قَالَ فِي الْكَافِي وَإِذَا اسْتَوَيَا فِي الْمَحْرَمِيَّةِ وَأَهْلِيَّةِ الْإِرْثِ يُرَجَّحُ مَنْ كَانَ وَارِثًا فِي الْحَالِ فَلَوْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَعَمَّةٌ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْعَمِّ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَحْرَمِيَّةِ وَيُرَجَّحُ الْعَمُّ بِكَوْنِهِ وَارِثًا فِي الْحَالِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ وَغَيْرِهِ فَفِي مَسْأَلَتِنَا الْعَمَّانِ مُسْتَوِيَانِ فِي الْمَحْرَمِيَّةِ لَكِنْ الشَّقِيقُ وَارِثٌ فِي الْحَالِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ فَقِيرَةٍ لَهَا أَخٌ لِأَبٍ وَأَخٌ لِأُمٍّ مُوسِرَانِ فَهَلْ يَلْزَمُهُمَا نَفَقَتُهَا أَسْدَاسًا سُدُسُهَا عَلَى الْأَخِ لِأُمٍّ وَالْبَاقِي عَلَى الْأَخِ لِأَبٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَنَقْلُهُ مَا مَرَّ. (سُئِلَ) فِي فَقِيرَةٍ مُسِنَّةٍ لَهَا بِنْتَانِ وَابْنُ أَخٍ شَقِيقٍ مُوسِرُونَ فَهَلْ تَلْزَمُ نَفَقَتُهَا بِنْتَيْهَا خَاصَّةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فَفِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ الْمِنَحِ وَيَجِبُ عَلَى مُوسِرٍ يَسَارَ الْفِطْرَةِ النَّفَقَةُ لِأُصُولِهِ الْفُقَرَاءِ بِالسَّوِيَّةِ وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْقُرْبُ وَالْجُزْئِيَّةُ لَا الْإِرْثُ فَفِي مَنْ لَهُ بِنْتٌ وَابْنُ ابْنٍ النَّفَقَةُ عَلَى الْبِنْتِ مَعَ أَنَّ الْإِرْثَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ إلَخْ. (سُئِلَ) فِي يَتِيمٍ لَا مَالَ لَهُ وَلَا كَسْبَ وَهُوَ فِي حَضَانَةِ أُمِّهِ الْمُوسِرَةِ وَلَهُ جَدَّةٌ لِأَبٍ مُوسِرَةٍ وَعَمَّانِ عَصَبَةٌ وَعَمَّةٌ فُقَرَاءُ فَعَلَى مَنْ تَكُونُ نَفَقَتُهُ مِنْهُمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَفَقَتُهُ عَلَى أُمِّهِ الْمُوسِرَةِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْإِرْثِ لَا حَقِيقَتُهُ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فَنَفَقَةُ مَنْ لَهُ خَالٌ وَابْنُ عَمٍّ عَلَى الْخَالِ لِأَنَّهُ مَحْرَمٌ وَلَوْ اسْتَوَيَا فِي الْمَحْرَمِيَّةِ كَعَمٍّ وَخَالٍ رُجِّحَ الْوَارِثُ لِلْحَالِ مَا لَمْ يَكُنْ مُعْسِرًا فَيُجْعَلُ كَالْمَيِّتِ عَلَائِيٌّ. (سُئِلَ) فِي صَغِيرٍ لَا مَالَ لَهُ وَلَا كَسْبَ وَلَهُ جَدَّةٌ لِأُمٍّ مُوسِرَةٍ وَخَالَانِ مُوسِرَانِ وَعَمَّانِ مُعْسِرَانِ فَهَلْ تَكُونُ نَفَقَتُهُ عَلَى جَدَّتِهِ الْمَذْكُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْقُرْبُ وَالْجُزْئِيَّةُ لَا الْإِرْثُ ثُمَّ قَالَ وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الْإِرْثِ لَا حَقِيقَتُهُ إذْ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ إلَخْ وَنَحْوُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ النَّفَقَةُ عَلَى الْجَدَّةِ لِأَنَّ

الصَّغِيرَ الْمَذْكُورَ جُزْؤُهَا وَإِنْ قُلْنَا بِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَحْرَمِيَّةِ فَهِيَ تَرِثُهُ فَرْضًا وَرَدًّا وَأَمَّا الْعَمَّانِ فَإِنَّهُمَا يُعَدَّانِ كَأَنَّهُمَا مَعْدُومَانِ لِعُسْرِهِمَا كَمَا بُسِطَ فِي مَحَلِّهِ هَذَا مَا ظَهَرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَقُولُ) مَسَائِلُ النَّفَقَاتِ مِنْ أَشْكَلِ الْمُشْكِلَاتِ إذْ لَمْ يَذْكُرُوا لَهَا ضَابِطًا يَجْمَعُهَا بَلْ تَرَاهُمْ تَارَةً اعْتَبَرُوا فِيهَا الْقُرْبَ وَالْجُزْئِيَّةَ دُونَ الْإِرْثِ وَتَارَةً اعْتَبَرُوا الْإِرْثَ وَتَارَةً اعْتَبَرُوا التَّرْجِيحَ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْفَقِيرِ ابْنٌ وَبِنْتٌ كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا سَوِيَّةً لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْقُرْبِ وَالْجُزْئِيَّةِ دُونَ الْإِرْثِ وَكَذَا فِي بِنْتٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ عَلَى الْبِنْتِ فَقَطْ وَإِنْ وَرِثَتَا. وَفِي ابْنٍ وَأَبٍ عَلَى الِابْنِ فَقَطْ لِتَرَجُّحِهِ بِ «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيك» وَفِي جَدٍّ وَابْنِ ابْنٍ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ الْإِرْثِ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ مَعَ أَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ وَالْجُزْئِيَّةِ فَإِنَّ الْفَقِيرَ جُزْءٌ لِلْجَدِّ وَابْنُ ابْنِهِ جُزْءٌ مِنْهُ وَدَرَجَتُهُمَا وَاحِدَةٌ وَفِي أُمٍّ وَعَصَبَةٍ كَأَخٍ شَقِيقٍ أَوْ ابْنِهِ أَوْ عَمٍّ أَوْ جَدٍّ لِأَبٍ تَجِبُ عَلَى الْأُمِّ وَعَلَى الْعَصَبَةِ أَثْلَاثًا اعْتِبَارًا بِالْإِرْثِ مَعَ أَنَّ الْأُمَّ اخْتَصَّتْ بِالْقُرْبِ وَالْجُزْئِيَّةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْهُمْ وَكَذَا فِي أُمٍّ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ تَجِبُ كَالْإِرْثِ وَفِي عَمٍّ وَجَدٍّ لِأُمٍّ عَلَى الْجَدِّ مَعَ أَنَّ الْعَمَّ هُوَ الْوَارِثُ وَفِي أُمٍّ وَجَدٍّ لِأُمٍّ عَلَى الْأُمِّ فَقَدَّمُوا فِيهِ الْأُمَّ عَلَى الْجَدِّ لِأُمٍّ لِقُرْبِهَا وَلَمْ يُقَدِّمُوهَا عَلَى الْعَمِّ وَالْأَخِ وَابْنِهِ لِلْقُرْبِ وَالْجُزْئِيَّةِ فِيهَا دُونَهُمْ مَعَ أَنَّ الْجَدَّ لِأُمٍّ أَرْجَحُ مِنْهُمْ بِالْجُزْئِيَّةِ فَلَمَّا رَأَيْت الْأَمْرَ كَذَلِكَ حِينَ وُصُولِي فِي الْكِتَابَةِ إلَى هَذَا الْبَابِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ 1235 أَلْف وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسٍ وَثَلَاثِينَ بِذَلِكَ الْجُهْدِ فِي تَحْرِيرِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي رِسَالَةٍ سَمَّيْتهَا تَحْرِيرَ النُّقُولِ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ وَرَتَّبْتهَا عَلَى ثَلَاثَةِ فُصُولٍ. (الْفَصْلُ الْأَوَّلُ) : فِي نَقْلِ عِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ. (وَالثَّانِي) : فِيمَا يَرِدُ عَلَيْهَا وَالْجَوَابُ عَنْهَا وَبَيَانِ الْمُرَادِ مِنْهَا (وَالثَّالِثُ) : فِي بَيَانِ زُبْدَةِ مَا تَحَصَّلَ مِنْ الْفَصْلَيْنِ وَاخْتِرَاعِ ضَابِطٍ جَامِعٍ لِلْفُرُوعِ الَّتِي ذَكَرُوهَا وَالْقَوَاعِدِ الَّتِي قَرَّرُوهَا مُشْتَمِلٍ عَلَى سَبْعَةِ أَقْسَامٍ مِنْ أَنْوَاعِ قَرَابَةِ الْوِلَادَةِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ مَعَ عَزْوِ كُلِّ فَرْعٍ إلَى مَحَلِّهِ وَإِرْجَاعِ كُلِّ شَيْءٍ إلَى أَصْلِهِ بِحَيْثُ إذَا وَقَعَتْ وَاقِعَةٌ تَكُونُ سَهْلَةَ الْمُرَاجَعَةِ وَحَاصِلُ ذَلِكَ الضَّابِطِ الْجَامِعِ أَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَوْجُودُ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ فَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ وَهُوَ وُجُوبُهَا عَلَيْهِ إذَا اسْتَوْفَى شُرُوطَ الْوُجُوبِ وَالثَّانِي لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونُوا فُرُوعًا فَقَطْ أَوْ فُرُوعًا وَحَوَاشِيَ أَوْ فُرُوعًا وَأُصُولًا أَوْ فُرُوعًا وَأُصُولًا وَحَوَاشِي أَوْ أُصُولًا فَقَطْ أَوْ أُصُولًا وَحَوَاشِي أَوْ حَوَاشِي فَقَطْ فَالْأَقْسَامُ سَبْعَةٌ (الْقِسْمُ الْأَوَّلُ) : إذَا كَانُوا فُرُوعًا فَقَطْ اُعْتُبِرَ فِيهِمْ الْقُرْبُ وَالْجُزْئِيَّةُ أَيْ اُعْتُبِرَ الْأَقْرَبُ جُزْئِيَّةً إنْ تَفَاوَتُوا قُرْبًا فِيهَا وَلَا عِبْرَةَ فِيهِ لِلْإِرْثِ أَصْلًا فَفِي وَلَدَيْنِ وَلَوْ أَحَدُهُمَا نَصْرَانِيًّا أَوْ أُنْثَى تَجِبُ عَلَيْهِمَا سَوِيَّةً ذَخِيرَةٌ وَفِي ابْنٍ وَابْنِ ابْنٍ عَلَى الِابْنِ فَقَطْ لِقُرْبِهِ بَدَائِعُ وَكَذَا تَجِبُ فِي بِنْتٍ وَابْنِ ابْنٍ عَلَى الْبِنْتِ فَقَطْ لِقُرْبِهَا ذَخِيرَةٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ لِابْنِ ابْنٍ عَلَى بِنْتِ بِنْتٍ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْوَارِثَ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ عَلَى الْبَحْرِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقُرْبِ وَالْجُزْئِيَّةِ وَلِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ لِلْإِرْثِ فِي الْأَوْلَادِ وَإِلَّا لَوَجَبَتْ أَثْلَاثًا فِي ابْنٍ وَبِنْتٍ وَلِمَا لَزِمَ الِابْنَ النَّصْرَانِيَّ شَيْءٌ لِأَبِيهِ الْمُسْلِمِ (الْقِسْمُ الثَّانِي) إذَا كَانُوا فُرُوعًا وَحَوَاشِيَ فَكَذَلِكَ يُعْتَبَرُ الْقُرْبُ وَالْجُزْئِيَّةُ أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا دُونَ الْإِرْثِ وَتَسْقُطُ الْحَوَاشِي بِالْجُزْئِيَّةِ فَفِي بِنْتٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ عَلَى الْبِنْتِ فَقَطْ وَإِنْ وَرِثَتَا بَدَائِعُ وَذَخِيرَةٌ فَتَسْقُطُ الْأُخْتُ لِعَدَمِ الْجُزْئِيَّةِ وَلِكَوْنِ الْبِنْتِ أَقْرَبَ وَفِي ابْنٍ نَصْرَانِيٍّ وَأَخٍ مُسْلِمٍ عَلَى الِابْنِ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ هُوَ الْأَخَ ذَخِيرَةٌ أَيْ لِاخْتِصَاصِ الِابْنِ بِالْقُرْبِ وَالْجُزْئِيَّةِ وَفِي وَلَدِ بِنْتٍ وَأَخٍ شَقِيقٍ عَلَى وَلَدِ الْبِنْتِ وَإِنْ لَمْ يَرِثْ ذَخِيرَةٌ أَيْ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْجُزْئِيَّةِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ لِإِدْلَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِوَاسِطَةٍ وَمُرَادُنَا بِالْحَوَاشِي مَنْ لَيْسَ أَصْلًا وَلَا فَرْعًا فَيَشْمَلُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ لَوْ لَهُ بِنْتٌ وَمَوْلَى عَتَاقَةٍ فَعَلَى الْبِنْتِ فَقَطْ وَإِنْ وَرِثَا أَيْ لِاخْتِصَاصِهَا بِالْقُرْبِ وَالْجُزْئِيَّةِ. (الْقَسَمُ الثَّالِثُ) : إذَا

كَانُوا فُرُوعًا وَأُصُولًا فَيُعْتَبَرُ فِيهِ قُرْبُ الْجُزْئِيَّةِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ اُعْتُبِرَ التَّرْجِيحُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ اُعْتُبِرَ الْإِرْثُ فَفِي أَبٍ وَابْنٍ عَلَى الِابْنِ فَقَطْ لِتَرَجُّحِهِ «بِأَنْتَ وَمَالِكُ لِأَبِيك» ذَخِيرَةٌ وَبَدَائِعُ وَمِثْلُهُ أُمٌّ وَابْنٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَفِي جَدٍّ وَابْنِ ابْنٍ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ أَسْدَاسًا لِلتَّسَاوِي فِي الْقُرْبِ وَكَذَا فِي الْإِرْثِ وَعَدَمِ الْمُرَجِّحِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بَدَائِعُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَهُ أَبٌ وَوَلَدُ بِنْتٍ فَعَلَى الْأَبِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ فِي الْجُزْئِيَّةِ فَانْتَفَى التَّسَاوِي وَوُجِدَ الْمُرَجِّحُ وَهُوَ الْقُرْبُ وَلِقَوْلِ الْمُتُونِ وَلَا يُشَارِكُ الْأَبُ فِي نَفَقَةِ وَلَدِهِ أَحَدٌ. (الْقِسْمُ الرَّابِعُ) : إذَا كَانُوا فُرُوعًا وَأُصُولًا وَحَوَاشِي وَحُكْمُهُ كَالثَّالِثِ لِمَا عَلِمْت مِنْ سُقُوطِ الْحَوَاشِي بِالْفُرُوعِ لِتَرَجُّحِهِمْ بِالْقُرْبِ وَالْجُزْئِيَّةِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ سِوَى الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ بِعَيْنِهِ. (الْقَسَمُ الْخَامِسُ) : إذَا كَانُوا أُصُولًا فَقَطْ فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ أَبٌ فَلَا كَلَامَ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ فَقَطْ لِمَا فِي الْمُتُونِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُ الْأَبَ فِي نَفَقَةِ وَلَدِهِ أَحَدٌ وَإِلَّا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْأُصُولِ وَارِثًا وَبَعْضُهُمْ غَيْرَ وَارِثٍ أَوْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ وَارِثِينَ فَفِي الْأَوَّلِ يُعْتَبَرُ الْأَقْرَبُ جُزْئِيَّةً لِمَا فِي الْقُنْيَةِ لَهُ أُمٌّ وَجَدٌّ لِأُمٍّ فَعَلَى الْأُمِّ أَيْ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ. وَفِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ إذَا اجْتَمَعَ أَجْدَادٌ وَجَدَّاتٌ فَعَلَى الْأَقْرَبِ وَلَوْ لَمْ يُدْلِ بِهِ الْآخَرُ اهـ فَإِنْ تَسَاوَى الْوَارِثُ وَغَيْرُهُ فِي الْقُرْبِ فَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ تَرَجُّحُ الْوَارِثِ بَلْ هُوَ صَرِيحُ قَوْلِ الْبَدَائِعِ فِي قَرَابَةِ الْوِلَادَةِ إذَا لَمْ يُوجَدْ التَّرْجِيحُ اُعْتُبِرَ الْإِرْثُ اهـ وَعَلَيْهِ فَفِي جَدٍّ لِأُمٍّ وَجَدٍّ لِأَبٍ تَجِبُ عَلَى الْجَدِّ لِأَبٍ فَقَطْ اعْتِبَارًا لِلْإِرْثِ وَفِي الثَّانِي أَعْنِي لَوْ كُلُّ الْأُصُولِ وَارِثِينَ فَكَالْإِرْثِ فَفِي أُمٍّ وَجَدٍّ لِأَبٍ تَجِبُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ خَانِيَّةٌ وَغَيْرُهَا. (الْقِسْمُ السَّادِسُ) : إذَا كَانُوا أُصُولًا وَحَوَاشِي فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ غَيْرَ وَارِثٍ اُعْتُبِرَ الْأُصُولُ وَحْدَهُمْ تَرْجِيحًا لِلْجُزْئِيَّةِ وَلَا مُشَارَكَةَ فِي الْإِرْثِ حَتَّى تُعْتَبَرَ بِقَدْرِ الْمِيرَاثِ فَيُقَدَّمُ الْأَصْلُ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْوَارِثَ أَوْ كَانَ الْوَارِثُ هُوَ الصِّنْفَ الْآخَرَ الَّذِي مَعَهُ مِثَالُ الْأَوَّلِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ لَهُ جَدٌّ لِأَبٍ وَأَخٌ شَقِيقٌ فَعَلَى الْجَدِّ. وَمِثَالُ الثَّانِي مَا فِي الْقُنْيَةِ لَوْ لَهُ جَدٌّ لِأُمٍّ وَعَمٍّ فَعَلَى الْجَدِّ أَيْ لِتَرَجُّحِهِ فِيهِمَا بِالْجُزْئِيَّةِ مَعَ عَدَمِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْإِرْثِ لِأَنَّهُ هُوَ الْوَارِثُ فِي الْأَوَّلِ وَالْوَارِثُ هُوَ الْعَمُّ فِي الثَّانِي وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الصِّنْفَيْنِ أَعْنِي الْأُصُولَ وَالْحَوَاشِيَ وَارِثًا اُعْتُبِرَ الْإِرْثُ فَفِي أُمٍّ وَأَخٍ عَصَبِيٍّ أَوْ ابْنِ أَخٍ كَذَلِكَ أَوْ عَمٍّ كَذَلِكَ عَلَى الْأُمِّ الثُّلُثُ وَعَلَى الْعَصَبَةِ الثُّلُثَانِ بَدَائِعُ ثُمَّ إذَا تَعَدَّدَتْ الْأُصُولُ فِي هَذَا الْقِسْمِ بِنَوْعَيْهِ نَنْظُرُ إلَيْهِمْ وَنَعْتَبِرُ فِيهِمْ مَا اُعْتُبِرَ فِي الْقِسْمِ الْخَامِسِ مَثَلًا لَوْ وُجِدَ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ جَدٌّ لِأُمٍّ مَعَ الْجَدِّ لِأَبٍ نُقَدِّمُ عَلَيْهِ الْجَدَّ لِأَبٍ لِتَرَجُّحِهِ بِالْإِرْثِ وَلَوْ وُجِدَ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي أُمٌّ مَعَ الْجَدِّ لِأُمٍّ نُقَدِّمُهَا عَلَيْهِ لِتَرَجُّحِهَا بِالْإِرْثِ وَبِالْقُرْبِ وَكَذَلِكَ لَوْ وُجِدَ فِي الْأَمْثِلَةِ الْأَخِيرَةِ جَدٌّ لِأُمٍّ مَعَ الْأُمِّ نُقَدِّمُهَا عَلَيْهِ لِمَا قُلْنَا وَلَوْ وُجِدَ مَعَهَا جَدٌّ لِأَبٍ كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ لِأَنَّهُ يَحْجُبُ الْأَخَ وَابْنَهُ وَالْعَمَّ مِنْ الْإِرْثِ لِتَنْزِيلِهِ حِينَئِذٍ مَنْزِلَةَ الْأَبِ وَحَيْثُ تَحَقَّقَ تَنْزِيلُهُ مَنْزِلَةَ الْأَبِ لَمْ تُشَارِكْهُ الْأُمُّ فِي النَّفَقَةِ وَإِنْ شَارَكَتْهُ فِي الْإِرْثِ كَمَا لَوْ كَانَ الْأَبُ مَوْجُودًا حَقِيقَةً كَمَا قَرَّرْنَاهُ قَبِيلَ هَذَا الْفَصْلِ. (الْقِسْمُ السَّابِعُ) : إذَا كَانُوا حَوَاشِي فَقَطْ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِرْثُ أَيْ أَهْلِيَّتُهُ لَا حَقِيقَتُهُ وَعِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْمَحْرَمِيَّةِ وَأَهْلِيَّةِ الْإِرْثِ يَتَرَجَّحُ الْوَارِثُ حَقِيقَةً فَفِي خَالٍ وَابْنِ عَمٍّ عَلَى الْخَالِ لِأَنَّهُ رَحِمٌ مَحْرَمٌ أَهْلٌ لِلْإِرْثِ عِنْدَ عَدَمِ ابْنِ الْعَمِّ وَلَا شَيْءَ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ كُلُّهُ لَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْرَمٍ وَلَا تَجِبُ نَفَقَةٌ عَلَى غَيْرِ مَحْرَمٍ أَصْلًا وَفِي خَالٍ وَعَمٍّ عَلَى الْعَمِّ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الرَّحِمِ وَالْمَحْرَمِيَّةُ وَتَرَجَّحَ الْعَمُّ بِأَنَّهُ وَارِثٌ حَقِيقَةً وَفِي عَمٍّ وَعَمَّةٍ وَخَالَةٍ عَلَى الْعَمِّ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ الْعَمُّ مُعْسِرًا فَعَلَى الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ أَثْلَاثًا كَإِرْثِهِمَا وَيُجْعَلُ الْعَمُّ كَالْعَدَمِ لِأَنَّهُ يُحْرِزُ كُلَّ الْمِيرَاثِ هَذَا زُبْدَةُ مَا حَرَّرْته فِي تِلْكَ الرِّسَالَةِ بِمَا لَمْ أُسْبَقْ إلَيْهِ، وَلَمْ يَقِفْ أَحَدٌ قَبْلِي عَلَيْهِ وَذَلِكَ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ لَا بِحَوْلِيِّ وَقُوَّتِي، فَدُونَك هَذَا الضَّابِطَ الْجَامِعَ، سَهْلَ الْمَآخِذِ وَعَضَّ عَلَيْهِ بِالنَّوَاجِذِ وَإِنْ

أَرَدْت زِيَادَةَ تَحْقِيقِ هَذَا الْمَقَامِ فَعَلَيْك بِتِلْكَ الرِّسَالَةِ وَالسَّلَامُ. ثُمَّ نَعُودُ إلَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فَنَقُولُ (سُئِلَ) فِي النَّفَقَةِ الْمُسْتَدَانَةِ بِأَمْرِ قَاضٍ إذَا أَرَادَ الدَّائِنُ أَخْذَ دَيْنِهِ مِنْ الزَّوْجِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَخْذُ دَيْنِهِ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ الْمَرْأَةِ وَبِدُونِ الْأَمْرِ بِهَا لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَّا عَلَى الْمَرْأَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي النَّهْرِ وَالْبَحْرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سَافَرَ مِنْ دِمَشْقَ إلَى مِصْرَ وَتَرَكَ زَوْجَتَهُ بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ وَلَهُ مَالٌ بِذِمَّةِ جَمَاعَةٍ مُقِرِّينَ بِهِ وَبِالزَّوْجِيَّةِ مِنْ جِنْسِ حَقِّهَا فَهَلْ يَفْرِضُ لَهَا الْقَاضِي نَفَقَةً مِنْ مَالِهِ الْمَزْبُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَيُحَلِّفُهَا الْقَاضِي أَنَّهُ لَمْ يُعْطِهَا النَّفَقَةَ وَيَأْخُذُ مِنْهَا كَفِيلًا كَذَا فِي الْمُلْتَقَى وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ بِنْتٌ قَاصِرَةٌ فِي حَضَانَةِ أُمِّهَا الْمُطَلَّقَةِ أَذِنَ لِجَدِّ الْقَاصِرَةِ لِأُمِّهَا بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ كَذَا لِيَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْأَبِ فَأَنْفَقَ الْجَدُّ الْقَدْرَ الْمَذْكُورَ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى الْأَبِ بِنَظِيرِ مَا أَنْفَقَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْإِذْنِ وَالْإِنْفَاقِ وَقَدْرِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَوْ أَنْفَقَ الْجَدُّ عَلَيْهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْأَبِ: إنَّ إذْنِي كَانَ مَقْصُورًا عَلَى مُدَّةِ الْحَضَانَةِ؟ فَالْجَوَابُ نَعَمْ لَهُ الرُّجُوعُ لِإِطْلَاقِ الْإِذْنِ إذْ الْإِذْنُ تَوْكِيلٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا غَابَ زَيْدٌ وَتَرَكَ أَوْلَادَهُ الصِّغَارَ الْفُقَرَاءَ بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ وَلَهُ أَخٌ حَاضِرٌ مُوسِرٌ فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ أَخُو الْغَائِبِ مُوسِرًا فَلِلْقَاضِي أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى نَفَقَةِ الصِّغَارِ يَرْجِعُ عَلَى أَبِيهِمْ إذَا حَضَرَ كَمَا فِي الْعَلَائِيِّ عَنْ وَاقِعَاتِ الْمُفْتِينَ وَهِيَ أَيْضًا فِي الْقُنْيَةِ وَالْحَاوِي. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ فَقِيرَةٍ لَهَا ابْنٌ صَغِيرٌ لَا مَالَ لَهُ وَلَا كَسْبَ مِنْ زَوْجٍ لَهَا مُعْسِرٍ مَدْيُونٍ مَسْجُونٍ بِدَيْنِهِ لَا يَقْدِرُ عَلَى النَّفَقَةِ لِذَلِكَ وَلَا تَجِدُ أَجْنَبِيًّا يَبِيعُهَا بِالنَّسِيئَةِ أَوْ يُقْرِضُهَا وَلَهَا أَبٌ مُوسِرٌ، فَهَلْ يُؤْمَرُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَعَلَى ابْنِهَا الْمَزْبُورِ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الزَّوْجِ إذَا أَيْسَرَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُعْسِرَةَ إذَا كَانَ زَوْجُهَا مُعْسِرًا وَلَهَا ابْنٌ مُوسِرٌ أَوْ أَخٌ مُوسِرٌ فَنَفَقَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا وَيُؤْمَرُ الِابْنُ أَوْ الْأَخُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الزَّوْجِ إذَا أَيْسَرَ وَيُحْبَسُ الِابْنُ أَوْ الْأَخُ إذَا امْتَنَعَ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْمَعْرُوفِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ الْإِدَانَةَ لِنَفَقَتِهَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا وَهِيَ مُعْسِرَةٌ تَجِبُ عَلَى مَنْ كَانَتْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا لَوْلَا الزَّوْجُ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ لِلْمُعْسِرِ أَوْلَادٌ صِغَارٌ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إنْفَاقِهِمْ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ لَوْلَا الْأَبُ كَالْأُمِّ وَالْأَخِ وَالْعَمِّ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَبِ إذَا أَيْسَرَ بِخِلَافِ نَفَقَةِ أَوْلَادِهِ الْكِبَارِ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْيَسَارِ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ مَعَ الْإِعْسَارِ فَصَارَ كَالْمَيِّتِ اهـ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَجِدْ أَجْنَبِيًّا يَبِيعُهَا بِالنَّسِيئَةِ أَوْ يُقْرِضُهَا فَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ عَلَى وَالِدِهَا وَنَحْوِهِ أَمَّا إذَا وُجِدَتْ فَلَا بَحْرٌ مِنْ النَّفَقَةِ تَحْتَ قَوْلِهِ وَلَا يُفَرَّقُ بِعَجْزِهِ عَنْ النَّفَقَةِ. (أَقُولُ) كَتَبْت فِي حَاشِيَتِي عَلَى الْبَحْرِ أَنَّ قَوْلَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ أَيْ مَا فِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَأَنَّهُ قَالَ فِي النَّهْرِ أَنَّ مَا بَحَثَهُ مَدْفُوعٌ بِالتَّعْلِيلِ بِالْمَعْرُوفِ إذْ لَيْسَ مِنْهُ أَنْ تَقْتَرِضَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِنَفَقَتِهَا مَعَ وُجُودِ مَنْ هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهَا مِنْ أَقَارِبِهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَذِنَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو بِأَنْ يُنْفِقَ لَهُ عَلَى زَوْجَتِهِ وَخَدَمِهِ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا مِصَارِي لِيَرْجِعَ بِنَظِيرِهِ عَلَى زَيْدٍ فَأَنْفَقَ كَذَلِكَ مُدَّةً ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ تَرِكَةٍ وَيُرِيدُ عَمْرٌو أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الزَّوْجَةِ وَالْخَدَمِ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِمْ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ الْإِذْنَ تَوْكِيلٌ وَالْمَأْذُونُ لَهُ كَالْآذِنِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ فَلِعَمْرٍو الرُّجُوعُ عَلَى زَيْدٍ فَقَطْ لَا عَلَى الزَّوْجَةِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كُلَّ مَا يُطَالِبُ بِهِ الْإِنْسَانُ بِالْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ يَكُونُ الْأَمْرُ بِأَدَائِهِ مُثْبِتًا لِلرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ وَمَا لَا فَلَا إلَّا بِشَرْطِ الضَّمَانِ كَمَا فِي هِبَةِ التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِي فَقِيرٍ تَجَمَّدَ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ فَهَلْ

لَا يُحْبَسُ عَلَيْهَا إذَا ادَّعَى الْفَقْرَ. (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي أَيْتَامٍ فُقَرَاءَ فِي حَضَانَةِ أُمِّهِمْ الْفَقِيرَةِ وَلَهُمْ عَمٌّ غَائِبٌ لَهُ مَالٌ تَحْتَ يَدِ رَجُلٍ تُرِيدُ الْأُمُّ فَرْضَ نَفَقَتِهِمْ فِي مَالِ عَمِّهِمْ الْمَذْكُورِ فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَأَفْتَى بِهِ الرَّمْلِيِّ. (سُئِلَ) فِي ذِمِّيٍّ مُعْسِرٍ فَقِيرٍ مَرِيضٍ عَاجِزٍ عَنْ الْكَسْبِ لَهُ أُخْتٌ شَقِيقَةٌ ذِمِّيَّةٌ مُوسِرَةٌ وَأَوْلَادٌ صِغَارٌ لَا كَسْبَ لَهُمْ وَلَا مَالَ فَهَلْ تَكُونُ نَفَقَتُهُ وَنَفَقَةُ أَوْلَادِهِ عَلَى أُخْتِهِ الْمَذْكُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَنَقْلُهَا مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ زَوْجَتَانِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ فَتَضَرَّرَتْ إحْدَاهُمَا بِالسُّكْنَى مَعَ الْأُخْرَى وَطَلَبَتْ مَسْكَنًا شَرْعِيًّا فَهَيَّأَ لَهَا دَارًا مُلَاصِقَةً لِتِلْكَ الدَّارِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا حَائِطٌ وَلَهَا غَلَقٌ مُسْتَقِلٌّ وَمَطْبَخٌ وَبَيْتُ خَلَاءٍ وَمَرَافِقُ عَلَى حِدَةٍ وَلَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ وَلَهَا جِيرَانٌ صَالِحُونَ فَامْتَنَعَتْ عَنْ السُّكْنَى فِيهَا مُتَعَلِّلَةً بِكَوْنِهَا مُلَاصِقَةً لِسَكَنِ ضَرَّتِهَا فَهَلْ تُؤْمَرُ بِإِطَاعَتِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ إذَا كَانَتْ الدَّارُ كَبِيرَةً وَفِيهَا مَنَازِلُ أَوْ بُيُوتٌ وَلِكُلِّ بَيْتٍ بَابٌ وَغَلَقٌ لَهُ أَنْ يُسْكِنَهَا فِي بَيْتٍ مِنْهَا لِحُصُولِ كِفَايَتِهَا بِهِ إذَا اسْتَغْنَتْ بِهِ وَبِمَرَافِقِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ إحْضَارُ مَنْ يُؤْنِسُهَا إلَّا إذَا كَانَ لَهَا خَادِمُ مِلْكٍ فَعَلَيْهِ نَفَقَةُ خَادِمِهَا إذَا كَانَ مُوسِرًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا خَادِمٌ فَقَضَاءُ حَوَائِجِهَا عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّ عَلَيْهِ كِفَايَتَهَا وَسُكْنَاهَا بَيْنَ أَقْوَامٍ صَالِحِينَ بِحَيْثُ لَا تَسْتَوْحِشُ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَتْحِ وَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْخَانِيَّةِ وَنَصُّ عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ فَإِنْ كَانَتْ دَارٌ فِيهَا بُيُوتٌ وَأَعْطَى لَهَا بَيْتًا يُغْلَقُ وَيُفْتَحُ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ بَيْتًا آخَرَ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ أَحَدٌ مِنْ أَحْمَاءِ الزَّوْجِ يُؤْذِيهَا اهـ قَالَ فِي الْمِنَحِ فَفَهِمَ شَيْخُنَا يَعْنِي صَاحِبَ الْبَحْرِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ ثَمَّةَ الْإِشَارَةُ إلَى الدَّارِ لَا الْبَيْتِ الَّذِي أَعْطَاهُ لَهَا لَكِنْ كَلَامُ الْبَزَّازِيِّ يُفْهِمُ أَنَّ الْمُرَادَ خُلُوُّ الْبَيْتِ الَّذِي لَهَا مِنْ الْإِحْمَاءِ لَا الدَّارِ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ أَبَتْ أَنْ تَسْكُنَ مَعَ أَحْمَاءِ الزَّوْجِ وَفِي الدَّارِ بُيُوتٌ إنْ فَرَّغَ لَهَا بَيْتًا لَهُ غَلَقٌ عَلَى حِدَةٍ وَلَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ لَا تُمَكَّنُ مِنْ مُطَالَبَتِهِ بِبَيْتٍ آخَرَ اهـ فَإِنَّ الضَّمِيرَ فِيهِ رَاجِعٌ إلَى الْبَيْتِ الْمُفَرَّغِ لَهَا لَا إلَى الدَّارِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الدَّارِ مِنْ الْأَحْمَاءِ مَنْ يُؤْذِيهَا وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْبَزَّازِيِّ وَفَرَّقَ فِي الْمُلْتَقَطِ لِصَدْرِ الْإِسْلَامِ بَيْنَ مَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ فِي دَارٍ وَأَسْكَنَ كُلًّا فِي بَيْتٍ لَهُ غَلَقٌ عَلَى حِدَةٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِبَيْتٍ فِي دَارٍ عَلَى حِدَةٍ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَفَّرُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا حَقُّهَا إلَّا إذَا كَانَ لَهَا دَارٌ عَلَى حِدَةٍ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ مَعَ الْأَحْمَاءِ فَإِنَّ الْمُنَافَرَةَ فِي الضَّرَائِرِ أَوْفَرُ اهـ. قَالَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ أَقُولُ كَلَامُ الْبَزَّازِيَّةِ فِي شَيْءٍ وَالْخَانِيَّةُ فِي غَيْرِهِ فَهُمَا فَرْعَانِ فَفَرْعُ الْخَانِيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الدَّارِ أَحَدٌ مِنْ أَحْمَاءِ الزَّوْجِ يُؤْذِيهَا وَفَرْعُ الْبَزَّازِيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ مِنْهُمْ مُطْلَقًا إذْ الْمُرَادُ بِالْأَذِيَّةِ الْأَذِيَّةُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَإِذَا أَخْلَى لَهَا بَيْتًا لَهُ غَلَقٌ مِنْ دَارٍ فِيهَا أَحْمَاؤُهَا وَلَا يَضُرُّونَهَا بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فَلَيْسَ لَهَا طَلَبُ غَيْرِهِ وَإِنْ آذَوْهَا لَهَا طَلَبُ غَيْرِهِ وَهَذَا مَعْنَى مَا قَالَهُ فِي الْخَانِيَّةِ بِخِلَافِ الْبَيْتِ إذَا كَانَ فِيهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَإِنَّ لَهَا طَلَبَ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يُؤْذُوهَا بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فَمَا فَهِمَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ صَحِيحٌ فِي مَحَلِّهِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ لَكِنْ يَنْبَغِي فَتَأَمَّلْ. اهـ (أَقُولُ) وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الدَّارِ ضَرَّةٌ أَوْ أَحَدٌ مِنْ أَقَارِبِ الزَّوْجِ يُؤْذِيهَا لَمْ يَكْفِ بَيْتٌ مِنْهَا لَهُ غَلَقٌ وَمَرَافِقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُؤْذِيهَا كَفَى وَلَوْ كَانَ فِي نَفْسِ الْبَيْتِ أَحَدٌ لَمْ يَكْفِ مُطْلَقًا هَذَا وَفِي الْبَحْرِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْكَنَ أَيْضًا لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِقَدْرِ حَالِهِمَا كَمَا فِي الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ فَلَيْسَ مَسْكَنُ الْأَغْنِيَاءِ كَمَسْكَنِ الْفُقَرَاءِ فَقَوْلُهُمْ يُعْتَبَرُ فِي النَّفَقَةِ حَالُهُمَا يَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ النَّفَقَةَ إذَا أُطْلِقَتْ تَنْصَرِفُ إلَى الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَالسُّكْنَى اهـ مُلَخَّصًا وَنَحْوُهُ فِي النَّهْرِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَسْكَنَ زَوْجَتَهُ فِي مَسْكَنٍ شَرْعِيٍّ

لَيْسَ فِيهِ بِئْرُ مَاءٍ وَلَا حَوْضُ مَاءٍ لَكِنَّهُ يَأْتِيهَا بِجَمِيعِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ مَسْكَنًا شَرْعِيًّا بِمُرَافَقَةِ الشَّرْعِيَّةِ بَيْنَ جِيرَانٍ صَالِحِينَ تَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِهَا وَيَأْتِيهَا بِمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْبَحْرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ زَوْجَةٌ وَدَارٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى سُفْلٍ سَكَنِ أُمِّهِ وَعُلْوٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى مَرَافِقَ وَمَطْبَخٍ وَبَيْتِ خَلَاءٍ سَكَنُهُ وَسَكَنُ زَوْجَتِهِ لَهُ غَلَقٌ عَلَى حِدَةٍ وَالْأُمُّ لَا تُؤْذِيهَا بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الزَّوْجَةِ وَلَا تَسْمَعُ الصَّوْتَ فِيهِ مِنْ الْأَسْفَلِ فَهَلْ يَكْفِي ذَلِكَ مَسْكَنًا لِلزَّوْجَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَنَقْلُهَا مَا مَرَّ عَنْ الْمِنَحِ وَحَاشِيَتِهَا لِلرَّمْلِيِّ وَفِي فَتَاوِيهِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَسْكَنَ زَوْجَتَهُ فِي مَسْكَنٍ شَرْعِيٍّ خَالٍ عَنْ أَهْلِيهِمَا بَيْنَ جِيرَانٍ صَالِحِينَ تَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِهَا وَتُكَلِّفُهُ إلَى مُؤْنَةٍ وَإِلَى خَادِمٍ يَخْدُمُهَا؟ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَقُومُ لَهَا بِجَمِيعِ لَوَازِمِهَا وَنَفَقَتِهَا وَمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ السُّوقِ فَهَلْ لَيْسَ لَهَا تَكْلِيفُهُ بِذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى الْمُؤْنَةِ فِي بَابِ الْمَهْرِ فَرَاجِعْهُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يُسْكِنَ زَوْجَتَهُ فِي مَسْكَنٍ شَرْعِيٍّ خَالٍ عَنْ أَهْلِيهِمَا بَيْنَ جِيرَانٍ صَالِحِينَ تَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِهَا وَتُكَلِّفُهُ أُمُّهَا أَنْ يَأْتِيَهَا بِمُؤْنِسَةٍ وَأَنْ يُسْكِنَهَا فِي دَارٍ ذَاتِ مَاءٍ جَارٍ وَمَسَاكِنَ مُتَعَدِّدَةٍ أَوْ تَسْكُنُ هِيَ مَعَهَا وَهُوَ يَتَضَرَّرُ مِنْ مُلَازَمَتِهَا لَهَا فِي السُّكْنَى فَهَلْ لَهُ إسْكَانُهَا فِي الْمَسْكَنِ الشَّرْعِيِّ الْمَزْبُورِ وَلَيْسَ لِأُمِّهَا تَكْلِيفُهُ بِمَا ذُكِرَ وَلَهُ مَنْعُ أُمِّهَا مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي كُلِّ جُمُعَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَقْفِلَ عَلَى زَوْجَتِهِ بَابَ الدَّارِ مِنْ غَيْرِ الْأَبَوَيْنِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ وَالْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ التتارخانية وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ لِلزَّوْجِ أَنْ يُغْلِقَ الْبَابَ عَلَيْهَا عَنْ الزُّوَّارِ غَيْرِ الْأَبَوَيْنِ شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ فَتَاوَى عَطَاءِ اللَّهِ أَفَنْدِي وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ الْبِيرِيِّ عَلَى الْأَشْبَاهِ آخِرَ كِتَابِ النِّكَاحِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ يَكْثُرُ السُّؤَالُ عَنْهَا. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةِ رَجُلٍ سَاكِنَةٍ مَعَهُ فِي دَارِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ مِنْ غَيْرِهَا الَّذِينَ لَا يَفْهَمُونَ الْجِمَاعَ ثُمَّ امْتَنَعَتْ مِنْ السُّكْنَى مَعَهُمْ وَطَلَبَتْ مَسْكَنًا عَلَى حِدَةٍ فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ وَكَذَا تَجِبُ لَهَا السُّكْنَى فِي بَيْتٍ خَالٍ عَنْ أَهْلِهِ سِوَى طِفْلِهِ الَّذِي لَا يَفْهَمُ الْجِمَاعَ وَأَمَتِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سَكَنَ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي دَارِ أَهْلِهَا ثُمَّ أَوْفَاهَا مُعَجَّلَهَا وَدَعَاهَا لِمَسْكَنٍ شَرْعِيٍّ لَهُ خَالٍ عَنْ أَهْلِهَا فَأَبَتْ فَهَلْ تَكُونُ نَاشِزَةً لَا نَفَقَةَ لَهَا مَا دَامَتْ كَذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا تَكُونُ نَاشِزَةً بِمَنْعِ الزَّوْجِ مِنْ الْوَطْءِ وَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَلَا كِسْوَتُهَا بِذَلِكَ وَالنَّاشِزَةُ هِيَ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِ الزَّوْجِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَهَذِهِ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَكِسْوَتُهَا كَذَا أَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ وَأَفْتَى أَيْضًا بِأَنَّ لَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْ النُّقْلَةِ مَعَهُ لِبَيْتِهِ لِصَدَاقِهَا الْحَالِّ أَمَّا الْمُنَجَّمُ أَوْ الْكِسْوَةُ فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ بِسَبَبِهَا فَإِنْ امْتَنَعَتْ بِسَبَبِهَا فَهِيَ نَاشِزَةٌ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كِسْوَةَ مَا دَامَتْ عَلَى ذَلِكَ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَالْمُرَادُ بِالْخُرُوجِ كَوْنُهَا فِي غَيْرِ مَنْزِلِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَيَشْمَلُ مَا إذَا امْتَنَعَتْ عَنْ الْمَجِيءِ إلَى مَنْزِلِهِ ابْتِدَاءً بَعْدَ إيفَاءِ مُعَجَّلِ مَهْرِهَا. اهـ وَمِثْلُهُ فِي النَّهْرِ. (سُئِلَ) فِي صَغِيرَيْنِ لَا مَالَ لَهُمَا وَلَا كَسْبَ وَلَهُمَا أَبٌ مُعْسِرٌ وَأَخٌ لِأَبٍ مُوسِرٌ فَهَلْ تَكُونُ نَفَقَتُهُمَا عَلَى أَخِيهِمَا الْمُوسِرِ الْمَذْكُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ وَكَذَا تَجِبُ لِطِفْلِهِ الْفَقِيرِ وَلِوَلَدِهِ الْعَاجِزِ عَنْ الْكَسْبِ لَا يُشَارِكُهُ أَيْ الْأَبَ أَحَدٌ فِي ذَلِكَ كَنَفَقَةِ أَبَوَيْهِ وَعِرْسِهِ بِهِ يُفْتَى مَا لَمْ يَكُنْ مُعْسِرًا فَيَلْحَقُ بِالْمَيِّتِ فَتَجِبُ عَلَى غَيْرِهِ بِلَا رُجُوعٍ عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ إلَّا الْأُمَّ مُوسِرَةً بَحْرٌ اهـ وَفِي الْخَانِيَّةِ الْمُحْتَاجُ فِي حُكْمِ النَّفَقَةِ كَالْعَدُوِّ اهـ وَالْمَسْأَلَةُ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ الْخَانِيَّةِ مِنْ الْأَصْلِ الَّذِي نَقَلْنَاهُ عَنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي الْبَحْرِ وَالْأَبُ الْفَقِيرُ يَلْحَقُ بِالْمَيِّتِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ الشَّرِيفِ لَا مَالَ لَهُ وَلَا يُحْسِنُ الْكَسْبَ لِكَوْنِهِ مِنْ ذَوِي الْبُيُوتِ

وَهُوَ مُدَرِّسٌ وَلَهُ أَبٌ مُوسِرٌ فَهَلْ تَكُونُ نَفَقَتُهُ عَلَى أَبِيهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَلْوَانِيُّ وَإِذَا كَانَ الِابْنُ مِنْ أَبْنَاءِ الْكِرَامِ وَلَا يَسْتَأْجِرُهُ النَّاسُ فَهُوَ عَاجِزٌ وَكَذَا طَلَبَةُ الْعِلْمِ إذَا كَانُوا عَاجِزِينَ عَنْ الْكَسْبِ لَا يَهْتَدُونَ إلَيْهِ لَا تَسْقُطُ نَفَقَاتُهُمْ عَنْ آبَائِهِمْ إذَا كَانُوا مُشْتَغِلِينَ بِالْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ لَا الْعَقْلِيَّةِ وَالْخِلَافَاتِ الرَّكِيكَةِ وَهَذَيَانَاتِ الْفَلَاسِفَةِ وَبِهِمْ رُشْدٌ وَإِلَّا لَا تَجِبُ لِسَانُ الْحُكَّامِ. وَفِي الْحَاوِي لِلزَّاهِدِيِّ رَامِزٌ لِلْأَسْرَارِ لِنَجْمِ الدِّينِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ لَزِمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كِفَايَةُ طَالِبِ الْعِلْمِ إذَا خَرَجَ لِلطَّلَبِ حَتَّى لَوْ امْتَنَعُوا عَنْ كِفَايَتِهِ يُجْبَرُونَ كَمَا يُجْبَرُونَ فِي دَيْنِ الزَّكَاةِ إذَا امْتَنَعُوا عَنْ أَدَائِهَا وَالتَّصَدُّقُ عَلَى الْعَالِمِ الْفَقِيرِ أَفْضَلُ مِنْهُ عَلَى الْجَاهِلِ وَعَنْ أَبِي حَفْصٍ الدَّفْعُ إلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الدَّفْعِ إلَى فَقِيرٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا فَرَضَ الْقَاضِي لِصَغِيرٍ عَلَى أَبِيهِ الْحَاضِرِ بِمَجْلِسِهِ كُلَّ يَوْمٍ مِصْرِيَّتَيْنِ لِنَفَقَتِهِ وَأَذِنَ لِجَدَّتِهِ الْحَاضِنَةِ لَهُ فِي تَنَاوُلِ ذَلِكَ مِنْ أَبِيهِ وَفِي الِاسْتِدَانَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْأَخْذِ مِنْهُ وَالرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ثُمَّ تَعَذَّرَ الْأَخْذُ مِنْ أَبِيهِ لِغَيْبَتِهِ فَاسْتَدَانَتْ الْجَدَّةُ وَأَنْفَقَتْ عَلَى الصَّغِيرِ ثُمَّ حَضَرَ الْأَبُ وَتُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِمَا اسْتَدَانَتْهُ وَأَنْفَقَتْهُ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَوْ فَرَضَ الْقَاضِي عَلَى الْأَبِ نَفَقَةً لِوَلَدِهِ وَتَرَكَهُ الْأَبُ بِلَا نَفَقَةٍ فَاسْتَدَانَتْ الْأُمُّ وَأَنْفَقَتْ بِأَمْرِ الْقَاضِي كَانَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْأَبِ وَيُحْبَسُ الْأَبُ بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ وَإِنْ كَانَ لَا يُحْبَسُ بِسَائِرِ الدُّيُونِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ نَفَقَةِ الْأَوْلَادِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْأَبَ لَا يُحْبَسُ بِنَفَقَةِ وَلَدِهِ إذَا ادَّعَى الْفَقْرَ فَلَا يُنَافِي مَا هُنَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا فَرَضَ الْقَاضِي لِيَتِيمَيْنِ قَدْرًا مِنْ الدَّرَاهِمِ لِنَفَقَتِهِمَا عَلَى عَمِّهِمَا وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ وَلَمْ تَسْتَدِنْ أُمُّهُمَا الْمَأْذُونُ لَهَا بِذَلِكَ بِأَمْرِ قَاضٍ فَهَلْ تَسْقُطُ؟ (الْجَوَابُ) : سَقَطَتْ فِيمَا مَضَى لِحُصُولِ الِاسْتِغْنَاءِ (قُضِيَ بِنَفَقَةِ غَيْرِ الزَّوْجَةِ) زَادَ الزَّيْلَعِيُّ وَالصَّغِيرُ (وَمَضَتْ مُدَّةٌ) أَيْ شَهْرٌ فَأَكْثَرُ (سَقَطَتْ) لِحُصُولِ الِاسْتِغْنَاءِ فِيمَا مَضَى وَأَمَّا مَا دُونَ الشَّهْرِ وَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالصَّغِيرِ فَتَصِيرُ دَيْنًا بِالْقَضَاءِ (إلَّا أَنْ يَسْتَدِينَ) غَيْرُ الزَّوْجَةِ (بِأَمْرِ قَاضٍ) فَلَوْ لَمْ يَسْتَدِنْ بِالْفِعْلِ فَلَا رُجُوعَ بَلْ فِي الذَّخِيرَة لَوْ أَكَلَ أَطْفَالُهُ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ فَلَا رُجُوعَ لِأُمِّهِمْ وَلَوْ أَعْطَى شَيْئًا وَاسْتَدَانَتْ شَيْئًا أَوْ أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا رَجَعَتْ بِمَا زَادَتْ خَانِيَّةٌ إلَخْ اهـ. شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ. (أَقُولُ) قَوْلُهُ أَوْ أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا يُوهِمُ أَنَّهَا إذَا أُمِرَتْ بِالِاسْتِدَانَةِ وَأَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا تَرْجِعُ بِمَا فُرِضَ لِلْأَطْفَالِ مَعَ أَنَّ شَرْطَ الرُّجُوعِ الِاسْتِدَانَةُ بِالْفِعْلِ فِي غَيْرِ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ كَمَا قَالَهُ أَوْ لَا عَلَى أَنِّي لَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي الْخَانِيَّةِ وَإِنَّمَا رَأَيْت فِيهَا أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا فُرِضَتْ لَهَا النَّفَقَةُ فَأَكَلَتْ مِنْ مَالِهَا أَوْ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ لَهَا الرُّجُوعُ بِالْمَفْرُوضِ عَلَى الزَّوْجِ اهـ نَعَمْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ غَابَ وَلَمْ يَتْرُكْ لِأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ نَفَقَةً وَلِأُمِّهِمْ مَالٌ تُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَى الْإِنْفَاقِ ثُمَّ تَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الزَّوْجِ اهـ وَفَهِمَ مِنْهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ أَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ إذَا أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا بِلَا اشْتِرَاطِ اسْتِدَانَةِ وَلَا أَذِنَ بِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَكَلُوا مِنْ الْمَسْأَلَةِ وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ فَإِنَّ قَوْلَهُ تُجْبَرُ الْأُمُّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُهَا بِالْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِهَا فَإِذَا فَعَلَتْ تَرْجِعُ كَمَا لَوْ أَمَرَهَا بِالِاسْتِدَانَةِ فَاسْتَدَانَتْ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا أَمَرَهَا بِالِاسْتِدَانَةِ أَوْ بِالْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِهَا فَفَعَلَتْ بِخِلَافِ مَا إذَا أَنْفَقَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِهَا أَوْ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرٍ فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهَا كَمَا لَوْ أَطْعَمَتْهُمْ مِنْ الْمَسْأَلَةِ وَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَهَا بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَى أَبِي الصَّغِيرِ فَأَنْفَقَتْ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهَا أَوْ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّاسِ لَا تَرْجِعُ لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ لِأَنَّ مَا مَرَّ عَنْ الْخَانِيَّةِ فِيمَا إذَا أَمَرَهَا بِالْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِهَا فَفَعَلَتْ تَرْجِعُ وَهَذَا فِيمَا إذَا أَمَرَهَا بِالِاسْتِدَانَةِ فَأَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا فَلَا تَرْجِعُ لِمُخَالَفَتِهَا أَمْرَ الْقَاضِي كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَلَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ هَذَا كُلَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ

الزَّيْلَعِيِّ مِنْ اسْتِثْنَائِهِ الصَّغِيرَ أَيْضًا حَيْثُ جَعَلَهُ كَالزَّوْجَةِ وَيُخَالِفُهُ أَيْضًا إطْلَاقُ الْمُتُونِ وَلِذَا لَمْ يَعْتَبِرْهُ الْمُؤَلِّفُ وَأَفْتَى بِخِلَافِهِ فَتَنَبَّهْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَجَمَّدَ عَلَيْهِ لِزَوْجَتِهِ كِسْوَةٌ مَفْرُوضَةٌ مَاضِيَةٌ فِي سِتِّ سَنَوَاتٍ غَيْرِ مُسْتَدَانَةٍ بِأَمْرِ قَاضٍ وَمَاتَ قَبْلَ أَدَائِهَا فَهَلْ تَسْقُطُ بِمَوْتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالنَّفَقَةُ لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا وَبِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَطَلَاقُهَا يُسْقِطُ الْمَفْرُوضَ إلَّا إذَا اسْتَدَانَتْ بِأَمْرِ قَاضٍ فَلَا تَسْقُطُ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ فِي الصَّحِيحِ تَنْوِيرٌ وَشَرْحُهُ لِلْعَلَائِيِّ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِالْحَرَامِ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنْ لَا تَخْرُجَ إلَّا بِإِذْنِهِ وَخَرَجَتْ بِدُونِ إذْنِهِ وَلَهَا عَلَيْهِ كِسْوَةٌ مَفْرُوضَةٌ غَيْرِ مُسْتَدَانَةٍ بِأَمْرِ قَاضٍ فَهَلْ تَسْقُطُ بِذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التَّنْوِيرِ وَالْخَانِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَأَفْتَى بِهِ الشَّيْخَانِ الْإِمَامُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ صَاحِبُ الظَّهِيرِيَّةِ وَالْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ قِيَاسًا عَلَى الْمَوْتِ لَكِنْ فَرَّقَ فِي الْمِنَحِ نَقْلًا عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى بَيْنَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَالطَّلَاقِ الْبَائِنِ قَالَ وَالْفَتْوَى فِي الرَّجْعِيِّ أَنْ لَا تَسْقُطَ كَيْ لَا يَتَّخِذَ النَّاسُ ذَلِكَ حِيلَةً وَالْمَسْئُولُ عَنْهُ هُنَا طَلَاقٌ بَائِنٌ لِأَنَّ الْحَلِفَ بِالْحَرَامِ بَائِنٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. (أَقُولُ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا كَلَامٌ طَوِيلٌ فَقَدْ ضَعَّفَ فِي الْبَحْرِ الْقَوْلَ بِسُقُوطِ النَّفَقَةِ بِالطَّلَاقِ وَلَوْ بَائِنًا وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِأُمُورٍ وَأَطَالَ وَنَازَعَهُ الْمَقْدِسِيُّ فِي شَرْحِ نَظْمِ الْكَنْزِ وَأَطَالَ أَيْضًا ثُمَّ قَالَ الَّذِي يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ التَّأَمُّلُ عِنْدَ الْفَتْوَى أَيْ فِي أَنَّهُ هَلْ جَعَلَ طَلَاقَهَا حِيلَةً لِلسُّقُوطِ أَوْ لَا وَكَذَا نَازَعَهُ أَخُوهُ صَاحِبُ النَّهْرِ وَالْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ لَكِنْ انْتَصَرَ لَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ وَقَالَ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَرَدَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ وَيُشْعِرُ كَلَامُ الشَّيْخِ عَلَاءِ الدِّينِ بِالْمَيْلِ إلَيْهِ وَقَدْ بَسَطْت ذَلِكَ فِي حَاشِيَتِي عَلَى الْبَحْرِ فَيَنْبَغِي التَّأَمُّلُ عِنْدَ الْفَتْوَى كَمَا قَالَ الْمَقْدِسِيُّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ قَالَ الرَّمْلِيِّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ وَقَيَّدَ السُّقُوطَ بِالطَّلَاقِ شَيْخُنَا الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ سِرَاجِ الدِّينِ الْحَانُوتِيُّ بِمَا إذَا مَضَى شَهْرٌ يَعْنِي فَأَزْيَدُ وَهُوَ قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ تَأَمَّلْ اهـ. (أَقُولُ) بَلْ صَرَّحَ بِالْمَسْأَلَةِ فِي الْبَحْرِ والشرنبلالية وَكَتَبَتْ فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالنَّفَقَةُ لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا وَنَصُّهُ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فَشَمَلَ الْمُدَّةَ الْقَلِيلَةَ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْغَايَةِ أَنَّ نَفَقَةَ مَا دُونَ شَهْرٍ لَا تَسْقُطُ وَعَزَاهُ إلَى الذَّخِيرَةِ فَكَأَنَّهُ جَعَلَ الْقَلِيلَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ إذْ لَوْ سَقَطَتْ بِمُضِيِّ الْيَسِيرِ مِنْ الْمُدَّةِ لَمَّا تَمَكَّنَتْ مِنْ الْأَخْذِ أَصْلًا اهـ. بَحْرٌ وَنَحْوُهُ فِي الشرنبلالية عَنْ الْبُرْهَانِ اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْحَامِلَ مِنْهُ وَمَضَى بَعْضُ مُدَّةِ الْعِدَّةِ وَتُرِيدُ مُطَالَبَتَهُ الْآنَ بِالنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ مِنْ غَيْرِ فَرْضِ قَاضٍ وَلَا تَرَاضٍ فَهَلْ سَقَطَتْ الْمُدَّةُ الْمَاضِيَةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْمُجْتَبَى وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ كَنَفَقَةِ النِّكَاحِ وَتَسْقُطُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ إلَّا بِفَرْضٍ أَوْ صُلْحٍ إلَخْ وَفِي الْخُلَاصَةِ الْمُعْتَدَّةُ إذَا لَمْ تَأْخُذْ النَّفَقَةَ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَفْرُوضَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ مَفْرُوضَةً فَقَدْ ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي الْفَتَاوَى عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ الْمُخْتَارُ عِنْدِي أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ اهـ. بَحْرٌ قَالَ فِي النَّهْرِ وَإِطْلَاقُ الْمُتُونِ يَشْهَدُ لِهَذَا اهـ وَإِذَا فَرَضَ الْقَاضِي نَفَقَةَ الْعِدَّةِ وَقَدْ اسْتَدَانَتْ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ لَمْ تَسْتَدِنْ ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَ شَيْئًا مِنْ الزَّوْجِ فَإِنْ اسْتَدَانَتْ بِأَمْرِ الْقَاضِي كَانَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَى الزَّوْجِ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَسْتَدِنْ أَصْلًا فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ أَنْفَعُ الْوَسَائِلِ وَفِي رُكْنِ الْأَئِمَّةِ الصَّبَّاغِيِّ الِاسْتِدَانَةُ الِاسْتِقْرَاضُ فَإِنْ اسْتَدَانَتْ هَلْ تُصَرِّحُ أَنِّي أَسْتَدِينُ عَلَى زَوْجِي أَوْ تَنْوِي أَمَّا إذَا صَرَّحَتْ فَظَاهِرٌ وَكَذَلِكَ إذَا نَوَتْ وَإِذَا لَمْ تُصَرِّحْ وَلَمْ تَنْوِ لَمْ يَكُنْ اسْتِدَانَةً عَلَيْهِ وَلَوْ ادَّعَتْ أَنَّهَا نَوَتْ الِاسْتِدَانَةَ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ فَالْقَوْلُ لَهُ كَذَا فِي الْمُجْتَبَى اهـ. مِنَحُ الْغَفَّارِ. (سُئِلَ) فِي أَيْتَامٍ لَا مَالَ لَهُمْ وَلَا كَسْبٌ وَلَهُمْ أُمٌّ مُعْسِرَةٌ وَجَدَّةٌ لِأَبٍ مُوسِرَةٌ لَا غَيْرُ فَهَلْ

نَفَقَتُهُمْ عَلَى جَدَّتِهِمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَنَقْلُهَا مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سَافَرَ وَتَرَكَ زَوْجَتَهُ بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ وَلَهُ قَدْرُ اسْتِحْقَاقِ مَعْلُومٍ مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ تَحْتَ يَدِ أَخِيهِ النَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ وَهُوَ مُقِرٌّ بِذَلِكَ وَبِالزَّوْجِيَّةِ فَهَلْ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا النَّفَقَةَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ الْمَذْكُورِ وَيُحَلِّفُهَا أَنَّ الْغَائِبَ لَمْ يُعْطِهَا النَّفَقَةَ وَيَأْخُذُ مِنْهَا كَفِيلًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ فَرَضَ عَلَى نَفْسِهِ بِرِضَاهُ لِزَوْجَتِهِ وَابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ كَذَا لِنَفَقَتِهِمَا وَمَضَى لِذَلِكَ عِدَّةُ أَشْهُرٍ دَفَعَ مِنْهَا بَعْضَهَا وَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ الْبَاقِي بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْبَاقِي؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا كَمَا فِي التَّنْوِيرِ (أَقُولُ) هَذَا مُسَلَّمٌ بِالنَّظَرِ إلَى نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ بَعْدَ فَرْضِهَا وَأَمَّا بِالنَّظَرِ إلَى نَفَقَةِ الصَّغِيرِ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا مَرَّ قَبْلَ صَفْحَةٍ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ مِنْ أَنَّهُ كَالزَّوْجَةِ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ. . (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حُبِسَ بِدَيْنٍ شَرْعِيٍّ عَلَيْهِ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِنْفَاقُ عَلَى زَوْجَتِهِ لِكَوْنِهِ مَحْبُوسًا فَهَلْ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ مُفَصَّلَةٌ وَفِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَدَخَلَ بِهَا فِي دَارِ أَبِيهَا وَفَرَضَ لَهَا نَفَقَةً مَعْلُومَةً فِي كُلِّ سَنَةٍ بِتَوَافُقِهِمَا ثُمَّ نَقَلَهَا لِدَارِهِ وَاتَّفَقَا عَلَى الْأَكْلِ تَمْوِينًا مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ فَهَلْ يَبْطُلُ الْفَرْضُ السَّابِقُ لِرِضَاهَا بِذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْعَلَائِيِّ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ إذَا طَلَبَتْ تَقْدِيرَ النَّفَقَةِ لَهَا وَلِأَوْلَادِهَا دَرَاهِمَ هَلْ لَهَا ذَلِكَ أَجَابَ لَا يَجِبُ بَلْ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ طَعَامٌ وَإِدَامٌ عَلَى الْغَنِيِّ خُبْزُ حِنْطَةٍ وَلَحْمُ غَدَاءٍ وَعَشَاءٍ بِقَدْرِ كِفَايَتِهَا وَالْمُتَوَسِّطِ خُبْزٌ وَدُهْنٌ وَعَلَى الْفَقِيرِ خُبْزٌ وَجُبْنٌ وَخَلٌّ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْقَاضِي أَنَّهُ يُضَارُّهَا فِي ذَلِكَ فَيَفْرِضُ عَلَيْهِ شَيْئًا وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ أَنْ يَفْرِضَ شَيْئًا حُبِسَ حَتَّى يَفْرِضَ. وَسُئِلَ أَيْضًا فِيمَا لَوْ قَرَّرَ لَهَا مَبْلَغًا مِنْ النُّقُودِ فِي نَظِيرِ كِسْوَتِهَا عَلَيْهِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهِ فَرَجَعَتْ وَطَلَبَتْ كِسْوَتَهَا قُمَاشًا فَأَجَابَ: لَهَا ذَلِكَ وَتَطْلُبُ كِفَايَتَهَا وَإِنْ حَكَمَ بِهَا الْحَاكِمُ لَكِنْ لِلْمُسْتَقْبَلِ وَتَسْتَحِقُّ قُمَاشًا يُنَاسِبُهَا. وَسُئِلَ أَيْضًا: إذَا ادَّعَتْ عَلَيْهِ بِكَسَاوَى مَاضِيَةٍ فَاعْتَرَفَ الزَّوْجُ بِهَا وَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّتِهِ فَهَلْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَهَلْ يَلْزَمُ الْقَاضِيَ أَنْ يَسْتَفْهِمَ مِنْهُ هَلْ لَزِمَك ذَلِكَ بِقَضَاءٍ أَوْ تَرَاضٍ مِنْكُمَا فَأَجَابَ الْكِسْوَةُ الْمَاضِيَةُ إنَّمَا تُقَرَّرُ فِي الذِّمَّةِ بِقَضَاءٍ أَوْ تَرَاضٍ فَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهَا فِي ذِمَّتِهِ أُلْزِمَ بِهَا وَلَا يَسْتَفْسِرُهُ الْقَاضِي لَكِنْ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ لَا يَسْأَلَ الزَّوْجَ عَنْ الدَّعْوَى حَتَّى تَدَّعِيَ الزَّوْجَةُ أَنَّ لَهَا فِي ذِمَّتِهِ كِسْوَةً مَاضِيَةً بِقَضَاءٍ أَوْ تَرَاضٍ. وَسُئِلَ أَيْضًا فِيمَنْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ بِكِسْوَتِهَا الْمَاضِيَةِ فَذَكَرَ أَنَّهُ قَرَّرَ لَهَا كُلَّ سَنَةٍ كَذَا وَكَذَا فَأَنْكَرَتْ الرِّضَا بِهَذَا فَهَلْ يَلْزَمُ الزَّوْجَ مَا اعْتَرَفَ بِهِ فَأَجَابَ: إنَّمَا يَقْضِي بِالْكِسْوَةِ وَالنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ إذَا سَبَقَ قَضَاءٌ بِهِمَا أَوْ تَرَاضٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فَإِذَا قَالَتْ لَمْ أَرْضَ بِمَا قَرَّرْته فَقَدْ رَدَّتْ إقْرَارَهُ لِأَنَّهَا قَدْ لَا تَرْضَى بِالْقَلِيلِ وَتَرْضَى بِالتَّرْكِ. وَسُئِلَ أَيْضًا إذَا قَالَتْ الْمُطَلَّقَةُ إنَّهَا حَامِلٌ وَأَنْكَرَ الْمُطَلِّقُ فَشَهِدَتْ الْقَوَابِلُ بِالْحَمْلِ أَوْ أَنَّهَا فِي شَهْرٍ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَهَلْ يَثْبُتُ الْحَمْلُ بِهَذِهِ الْمُدَّةِ فَأَجَابَ: إذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا حَامِلٌ فَالْقَوْلُ لَهَا فِي ذَلِكَ وَلَهَا النَّفَقَةُ فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ وَهِيَ سَنَتَانِ فَقَالَتْ كُنْت أَظُنُّ أَنِّي حَامِلٌ وَتَبَيَّنَ خِلَافُ ذَلِكَ وَلَمْ أَحِضْ فَلَهَا النَّفَقَةُ إلَى أَنْ تَحِيضَ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّة اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى زَيْدٍ دُيُونٌ لِجَمَاعَةٍ وَلَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَلَهُ قَدْرُ اسْتِحْقَاقٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فَهَلْ يُوَزَّعُ مَا يَفْضُلُ مِنْ قَدْرِ الِاسْتِحْقَاقِ الْمَزْبُورِ عَنْ نَفَقَتِهِ بَيْنَ أَرْبَابِ الدُّيُونِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عِمَادُ الدِّينِ الْجَوَابُ كَمَا بِهِ عَمُّ الْوَالِدِ أَجَابَ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَدْيُونٍ لَهُ تَيْمَارٌ تَفِي غَلَّاتُهُ بِنَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ عِيَالِهِ وَيَفْضُلُ مِنْهَا فَهَلْ يَصْرِفُ الْفَضْلَ الْمَذْكُورَ لِدَيْنِهِ؟ (الْجَوَابُ) : لِصَاحِبِ الدَّيْنِ مُطَالَبَتُهُ بِذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ كَسُوبٍ يَفْضُلُ شَيْءٌ مِنْ كَسْبِهِ عَنْ قُوتِهِ وَلَهُ بِنْتٌ بَالِغَةٌ فَقِيرَةٌ طَلَبَتْ

مِنْهُ مَسْكَنًا لَهَا فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْبِنْتِ الْبَالِغَةِ الْمُعْسِرَةِ عَلَى الْأَبِ كَالصَّغِيرَةِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ يُرِيدُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يَكْفِيهِ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ مَأْكَلٍ وَمَلْبَسٍ وَتَأْبَى حَاضِنَتُهُ إلَّا الدَّرَاهِمَ فَهَلْ لَا تُقَدَّرُ النَّفَقَةُ بِالدَّرَاهِمِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا تُقَدَّرُ النَّفَقَةُ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ ثُمَّ الْمُجْتَبَى إنْ شَاءَ الْقَاضِي فَرَضَهَا أَصْنَافًا أَوْ قَوَّمَهَا بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ يُقَدِّرُ بِالدَّرَاهِمِ كَذَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ غَابَ وَتَرَكَ زَوْجَتَهُ وَأَوْلَادَهُ الصِّغَارَ مِنْهَا بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ وَلَيْسَ لِلصِّغَارِ مَالٌ وَتُرِيدُ الزَّوْجَةُ أَنْ يَفْرِضَ الْقَاضِي نَفَقَةً لَهَا وَلَهُمْ وَيَأْمُرَهَا بِالِاسْتِدَانَةِ لِتَرْجِعَ عَلَى الزَّوْجِ إذَا حَضَرَ بَعْدَ تَحْلِيفِهَا أَنَّ الْغَائِبَ لَمْ يُعْطِهَا النَّفَقَةَ وَلَا كَانَتْ نَاشِزَةً وَلَا مُطَلَّقَةً مَضَتْ عِدَّتُهَا وَبَعْدَ تَحْلِيفِهَا وَإِقَامَتِهَا بِنِيَّةٍ عَلَى النِّكَاحِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي عَالِمًا بِالنِّكَاحِ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ رَجُلٌ ذَهَبَ إلَى الْقَرْيَةِ وَتَرَكَهَا فِي الْبَلَدِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ النَّفَقَةَ مَعَ غَيْبَتِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ غَيْبَةُ سَفَرٍ اهـ. قُنْيَةٌ. (أَقُولُ) وَمِثْلُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَفِيهِ أَيْضًا وَيَنْبَغِي أَنْ تُفْرَضَ نَفَقَةُ عِرْسِ الْمُتَوَارَى فِي الْبَلَدِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَفْقُودُ اهـ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ عَنْ الصَّيْرَفِيَّةِ تَقْيِيدُ الْغَيْبَةِ بِكَوْنِهَا مُدَّةَ سَفَرٍ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ قَيْدٌ حَسَنٌ يَجِبُ حِفْظُهُ فَإِنَّهُ فِيمَا دُونَهُ يَسْهُلُ إحْضَارُهُ وَمُرَاجَعَتُهُ اهـ وَكَذَا نَقَلَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَنْ التتارخانية وَكَتَبَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمِنَحِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَقَالَ زُفَرُ يَقْضِي بِهَا أَيْ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْغَائِبِ وَعَمَلُ الْقُضَاةِ الْيَوْمَ عَلَى هَذَا فَيُفْتَى بِهِ مَا نَصُّهُ. (أَقُولُ) سُئِلْت عَنْ رَجُلٍ تَقَدَّمَ إلَى الْقَاضِي وَقَالَ لَهُ إنَّ زَيْدًا الْحَاضِرَ بِالْبَلَدِ زَوْجَتُهُ ابْنَتِي وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهَا فَافْرِضْ عَلَيْهِ نَفَقَةً فَفَرَضَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُحْضِرْهُ لِيَنْظُرَ مَا جَوَابُهُ هَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ الْفَرْضُ وَيُطَالِبُ بِمَا فُرِضَ أَمْ لَا؟ فَأَجَبْت بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ جَوَابَ زُفَرَ إنَّمَا هُوَ فِي الْغَائِبِ وَإِنَّمَا اسْتَحْسَنَهُ الْمَشَايِخُ وَأَفْتَوْا بِهِ لِلْحَاجَةِ أَمَّا الَّذِي يُمْكِنُ إحْضَارُهُ لِعَدَمِ غَيْبَتِهِ فَلَا قَائِلَ مِنْ عُلَمَائِنَا بِجَوَازِ الْفَرْضِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حُضُورِهِ وَهُوَ مُقِيمٌ بِبَلَدِهِ حَاضِرٌ فِي مَحَلِّهِ فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ اهـ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ فَقِيرَةٍ لَهَا أَخٌ لِأَبٍ غَائِبٌ فِي بَلْدَةٍ بَعِيدَةٍ طَلَبَتْ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةً فَهَلْ يَكُونُ الْفَرْضُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْخَيْرِيَّةُ شَرْطُ وُجُوبِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ غَيْرِ ذِي الْوِلَادِ الطَّلَبُ وَالْخُصُومَةُ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي فَلَا تَصِحُّ عَلَى غَائِبٍ وَلَوْ مُعَيَّنًا فَكَيْفَ مَعَ عَدَمِ تَعْيِينِهِ وَبِهِ يُعْلَمُ عَدَمُ صِحَّةِ مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ النُّوَّابِ فِي فَرْضِ النَّفَقَةِ لِمِثْلِ هَؤُلَاءِ اهـ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ لَهَا جَارِيَةٌ مَمْلُوكَةٌ تَخْدُمُهَا وَتُكَلِّفُ زَوْجَهَا الْفَقِيرَ الْإِنْفَاقَ عَلَى الْجَارِيَةِ فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَجِبُ لِخَادِمِهَا الْمَمْلُوكِ لَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا يَعْنِي إذَا كَانَ خَادِمٌ يَتَفَرَّغُ لِخِدْمَتِهَا لَيْسَ لَهُ شُغْلٌ غَيْرُ خِدْمَتِهَا وَهُوَ مَمْلُوكٌ لَهَا هَكَذَا قَيَّدَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَمْلُوكٍ لَهَا لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ لِلْخَادِمِ كَالْقَاضِي إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ خَادِمٌ لَا يَسْتَحِقُّ نَفَقَةَ الْخَادِمِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ كُلُّ مَنْ يَخْدُمُهَا إذَا عَلِمْت هَذَا عَلِمْت أَنَّ إطْلَاقَ الْكَنْزِ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ حُرَّةً وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً لَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةَ الْخَادِمِ. (سُئِلَ) فِي الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ إذَا كَانَتْ مِنْ بَنَاتِ الْأَشْرَافِ وَلَمْ يَأْتِهَا زَوْجُهَا بِطَعَامٍ مُهَيَّأٍ وَهُوَ مُوسِرٌ وَطَلَبَتْ مِنْهُ نَفَقَةَ خَادِمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ غَيْرِ مَمْلُوكِينَ لَهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهَا مُطَالَبَتُهُ إلَّا بِنَفَقَةِ خَادِمٍ وَاحِدٍ مَمْلُوكٍ لَهَا إنْ كَانَ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى الْمَنْكُوحَةُ إذَا كَانَتْ أَمَةً لَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةَ الْخَادِمِ وَنَفَقَةُ الْخَادِمِ لِبَنَاتِ الْأَشْرَافِ وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ لِلزَّوْجِ أَنْ يَسْتَخْدِمَ خَادِمَهَا فَإِذَا أَبَتْ الْخِدْمَةَ فَلَا نَفَقَةَ خِزَانَةُ الرِّوَايَاتِ (أَقُولُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ وَقَيَّدَ بِالْخَادِمِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ أَكْثَرِ مِنْ خَادِمٍ وَاحِدٍ لَهَا

وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَفْرِضُ لِخَادِمَيْنِ ثُمَّ قَالَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدٍ مُطْلَقًا وَالْمَأْخُوذُ بِهِ عِنْدَ الْمَشَايِخِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالذَّخِيرَةِ لَوْ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ لَا يَكْفِيهِمْ خَادِمٌ وَاحِدٌ فَرَضَ عَلَيْهِ لِخَادِمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِقْدَارَ مَا يَكْفِيهِمْ اتِّفَاقًا اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا امْتَنَعَتْ مِنْ السُّكْنَى مَعَ جَارِيَةِ زَوْجِهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ عَلَى الْمُخْتَارِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الِاسْتِخْدَامِ فَلَا يَسْتَغْنِي عَنْهَا. (سُئِلَ) فِي ذِمِّيٍّ لَهُ أَوْلَادُ أَخٍ أَيْتَامٌ لَا مَالَ لَهُمْ وَلَهُمْ أُمٌّ مُسْلِمَةٌ تُكَلِّفُ عَمَّهُمْ الْمَذْكُورَ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِمْ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ مَعَ الِاخْتِلَافِ دِينًا إلَّا لِلزَّوْجَةِ وَالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ الذِّمِّيِّينَ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَتَزْعُمُ أَنَّ لَهَا نَفَقَةَ الْعِدَّةِ فِي تَرِكَتِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ بِأَنْوَاعِهَا لِمُعْتَدَّةِ مَوْتٍ مُطْلَقًا وَلَوْ حَامِلًا إلَّا إذَا كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ مَوْلَاهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ مِنْ كُلِّ الْمَالِ جَوْهَرَةٌ اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ أُمِّ وَلَدِهِ الْحَامِلِ مِنْهُ وَخَلَّفَ تَرِكَةً هَلْ تُفْرَضُ لَهَا النَّفَقَةُ فِي تَرِكَتِهِ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهَا النَّفَقَةُ فِي مَالِهِ حَتَّى تَضَعَ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ ابْنُ نُجَيْمٍ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ كَبِيرَةً وَالزَّوْجُ صَغِيرًا فَقِيرًا وَلَهُ أَبٌ فَهَلْ يَسْتَدِينُ الْأَبُ لِنَفَقَتِهَا ثُمَّ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الِابْنِ إذَا أَيْسَرَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَإِذَا كَانَتْ كَبِيرَةً وَلَيْسَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ لَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ نَفَقَةُ امْرَأَةِ وَلَدِهِ وَيَسْتَدِينُ الْأَبُ لِنَفَقَتِهَا ثُمَّ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الِابْنِ إذَا أَيْسَرَ اهـ. (أَقُولُ) قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ وَكَذَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ غَابَ عَنْ زَوْجَتِهِ هَلْ تَجِبُ عَلَى أَبِيهِ نَفَقَتُهَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا تَجِبُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَتُؤْمَرُ بِالِاسْتِدَانَةِ وَالرُّجُوعِ عَلَيْهِ إذَا حَضَرَ (أَقُولُ) هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا فِي مَتْنِ الْمُلْتَقَى وَمَتْنِ الْمُخْتَارِ مِنْ أَنَّ نَفَقَةَ زَوْجَةِ الِابْنِ عَلَى أَبِيهِ إنْ كَانَ صَغِيرًا فَقِيرًا أَوْ زَمِنًا اهـ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ صَغِيرًا غَنِيًّا أَوْ كَبِيرًا غَيْرَ زَمِنٍ لَا تَجِبُ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ عَلَى أَبِيهِ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ لَا تَجِبُ حِينَئِذٍ عَلَى أَبِيهِ فَنَفَقَةُ زَوْجَتِهِ بِالْأَوْلَى وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ يَشْمَلُ الْكَبِيرَ الْغَائِبَ إذَا كَانَ غَيْرَ زَمِنٍ أَوْ كَانَ غَنِيًّا فَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى أَبِيهِ فَكَذَلِكَ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ عَلَى أَنَّهُ فِي بَابِ الْمَهْرِ صَرَّحَ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ بِأَنَّ الصَّغِيرَ الْفَقِيرَ إذَا زَوَّجَهُ أَبُوهُ امْرَأَةً لَا يُطَالَبُ بِمَهْرِهَا إلَّا إذَا ضَمِنَهُ كَمَا فِي النَّفَقَةِ قَالَ شَارِحُهُ الْعَلَائِيُّ فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهَا إلَّا إذَا ضَمِنَ اهـ وَهَذَا قَوْلٌ آخَرُ مُقَابِلٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْمُلْتَقَى وَالْمُخْتَارِ وَعَزَاهُ فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ إلَى الْمَبْسُوطِ فَهَذَا فِي الْفَقِيرِ الصَّغِيرِ الْوَاجِبَةِ نَفَقَتُهُ عَلَى أَبِيهِ فَكَيْفَ الْغَنِيُّ الْكَبِيرُ الْحَاضِرُ أَوْ الْغَائِبُ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَيْسَ عَلَى الْأَبِ نَفَقَةُ زَوْجَةِ الِابْنِ وَفِي الْخُلَاصَةِ يُجْبَرُ الِابْنُ عَلَى نَفَقَةِ زَوْجَةِ أَبِيهِ وَلَا يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَى نَفَقَةِ زَوْجَةِ ابْنِهِ وَفِي رِوَايَةٍ إنَّمَا تَجِبُ نَفَقَةُ زَوْجَةِ الْأَبِ إذَا كَانَ الْأَبُ مَرِيضًا أَوْ بِهِ زَمَانَةٌ يَحْتَاجُ إلَى الْخِدْمَةِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَبِ وَالِابْنِ فَإِنَّ الِابْنَ إذَا كَانَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَى نَفَقَةِ خَادِمِهِ اهـ. قَالَ فِي الْبَحْرِ وَظَاهِرُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ وُجُوبِ نَفَقَةِ امْرَأَةِ الْأَبِ أَوْ جَارِيَتِهِ أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِالْأَبِ عِلَّةٌ وَأَنَّ الْقَوْلَ بِالْوُجُوبِ مُطْلَقًا هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ اهـ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَذْهَبُ ذَلِكَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَذْهَبُ أَيْضًا عَدَمَ وُجُوبِ نَفَقَةِ امْرَأَةِ الِابْنِ عَلَى أَبِيهِ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ خِدْمَةَ الْأَبِ وَاجِبَةٌ عَلَى الِابْنِ دُونَ الْعَكْسِ فَإِذَا لَمْ تَجِبْ نَفَقَةُ خَادِمَةِ الْأَبِ عَلَى الِابْنِ لَا تَجِبُ نَفَقَةُ خَادِمَةِ الِابْنِ عَلَى أَبِيهِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَك ضَعْفُ مَا فِي الْمُجْتَبَى وَعَزَاهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ إلَى وَاقِعَاتِ قَدْرِي أَفَنْدِي مِنْ أَنَّهُ يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَى نَفَقَةِ امْرَأَةِ ابْنِهِ الْغَائِبِ إلَخْ إذْ لَا شُبْهَةَ أَنَّهُ لَا يُعَارِضُ مَا فِي الْكُتُبِ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا مُتُونًا وَشُرُوحًا وَفَتَاوَى وَلِذَا لَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ هُنَا بَلْ أَفْتَى بِمَا فِي عَامَّةِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ الْمُعْتَمَدَةِ تَبَعًا لِعُمْدَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ الشَّيْخِ خَيْرِ الدِّينِ

وَالشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ الْحَائِكِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْنَى مَا فِي الْمُجْتَبَى أَنَّ الْأَبَ يُجْبِرُهُ الْقَاضِي عَلَى دَفْعِ النَّفَقَةِ لِتَكُونَ دَيْنًا عَلَى ابْنِهِ الْغَائِبِ يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ إذَا حَضَرَ فَلَمْ تَكُنْ النَّفَقَةُ وَاجِبَةً عَلَى الْأَبِ بَلْ هِيَ عَلَى الِابْنِ وَرُبَّمَا يُؤَيِّدُ هَذَا التَّوْفِيقَ مَا تَقَدَّمَ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ السَّابِقِ عَنْ الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْأَبَ يَسْتَدِينُ لِنَفَقَةِ زَوْجَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ الْفَقِيرِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ فَقِيرَةٍ عَاجِزَةٍ عَنْ الْكَسْبِ لَهَا ابْنٌ بَالِغٌ فَقِيرٌ كَسُوبٌ فَهَلْ عَلَى الِابْنِ أَنْ يُدْخِلَ أُمَّهُ فِي نَفَقَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْخُلَاصَةِ الْمُخْتَارُ فِي الْفَقِيرِ الْكَسُوبِ أَنْ يُدْخِلَ الْأَبَوَيْنِ فِي نَفَقَتِهِ بَحْرٌ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَجْنُونَةٍ مَانِعَةٍ نَفْسَهَا مِنْ الزَّوْجِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَهَلْ لَا نَفَقَةَ لَهَا مَا دَامَتْ كَذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التتارخانية إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ رَتْقَاءَ أَوْ قَرْنَاءَ أَوْ صَارَتْ مَجْنُونَةً أَوْ أَصَابَهَا بَلَاءٌ يَمْنَعُ الْجِمَاعَ أَوْ كَبِرَتْ حَتَّى لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا بِحُكْمِ كِبَرِهَا كَانَ لَهَا النَّفَقَةُ سَوَاءٌ أَصَابَتْهَا هَذِهِ الْعَوَارِضُ بَعْدَمَا انْتَقَلَتْ إلَى بَيْتِ الزَّوْجِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ إذَا لَمْ تَكُنْ مَانِعَةً نَفْسَهَا مِنْ الزَّوْجِ بِغَيْرِ حَقٍّ. اهـ أَنْقِرْوِيٌّ. (سُئِلَ) فِي حُرَّةٍ مَرِيضَةٍ لَهَا زَوْجٌ مُوسِرٌ وَهِيَ لَا تَمْنَعُ نَفْسَهَا مِنْهُ وَلَهَا خَادِمَةٌ مَمْلُوكَةٌ لَهَا لَا شُغْلَ لَهَا غَيْرُ خِدْمَتِهَا بِالْفِعْلِ فَهَلْ يُفْرَضُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا وَنَفَقَةُ الْخَادِمَةِ الْمَذْكُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ بِشَرْطِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ أَبَتْ التَّزَوُّجَ بِهِ وَقَدْ كَانَ دَفَعَ ذَلِكَ لَهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ بِشَرْطِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَإِنْ تَزَوَّجَتْهُ لَا يَرْجِعُ مُطْلَقًا وَإِنْ أَبَتْ فَلَهُ الرُّجُوعُ إنْ كَانَ دَفَعَ لَهَا وَإِنْ أَكَلَتْ مَعَهُ فَلَا رُجُوعَ مُطْلَقًا اهـ. بَحْرٌ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِهِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. (سُئِلَ) فِي أَيْتَامٍ فُقَرَاءَ لَهُمْ ابْنُ عَمٍّ عَصَبَةٌ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ وَإِنْ كَانَ وَارِثًا وَشَرْطُ النَّفَقَةِ أَنْ يَكُونَ مَحْرَمًا كَمَا مَرَّ. (سُئِلَ) فِي مَرِيضَةٍ انْتَقَلَتْ إلَى دَارِ أَبَوَيْهَا وَطَلَبَ زَوْجُهَا نَقْلَهَا إلَى مَسْكَنِهِ الشَّرْعِيِّ فَامْتَنَعَتْ مَعَ إمْكَانِ ذَلِكَ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ مَرِضَتْ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَانْتَقَلَتْ إلَى بَيْتِ أَبِيهَا قَالُوا إنْ كَانَتْ بِحَالٍ يُمْكِنُ النَّقْلُ إلَى مَنْزِلِ الزَّوْجِ بِمِحَفَّةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَلَمْ تَنْتَقِلْ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ نَقْلُهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ بَحْرٌ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ فَرَضَ عَلَى نَفْسِهِ لِطِفْلِهِ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا وَأَذِنَ لِأُمِّ الطِّفْلِ الْمُطَلَّقَةِ فِي صَرْفِ ذَلِكَ لِتَرْجِعَ عَلَيْهِ فَصَرَفَتْ عَلَى ابْنِهَا فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَمَاتَ الْأَبُ عَنْ تَرِكَةٍ وَتُرِيدُ الْأُمُّ الرُّجُوعَ بِذَلِكَ فِي التَّرِكَةِ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ قَائِلًا وَقَدْ أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي حَاشِيَتِي عَلَى الْبَحْرِ وَمَرَّ نَظِيرُهُ. (سُئِلَ) فِي أَيْتَامٍ لَا مَالَ لَهُمْ وَلَا كَسْبَ لَهُمْ جَدَّةٌ لِأُمٍّ مُوسِرَةٍ وَخَالَاتٌ مُوسِرَاتٌ فَهَلْ تَكُونُ نَفَقَتُهُمْ عَلَى جَدَّتِهِمْ الْمَزْبُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ اسْتَوَيَا فِي الْمَحْرَمِيَّةِ كَعَمٍّ وَخَالٍ رُجِّحَ الْوَارِثُ لِلْحَالِ مَا لَمْ يَكُنْ مُعْسِرًا فَيُجْعَلُ كَالْمَيِّتِ شَرْحُ التَّنْوِيرِ وَالْجَدَّةُ هُنَا وَارِثَةٌ لِلْحَالِ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهَا. (سُئِلَ) فِي مُعْسِرٍ ذِي عِيَالٍ عَاجِزٍ عَنْ الْكَسْبِ لَهُ ابْنَا بِنْتٍ مُوسِرَانِ هَلْ تَلْزَمُهُمَا نَفَقَتُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَجِبُ عَلَى مُوسِرٍ يَسَارَ الْفِطْرَةِ النَّفَقَةُ لِأُصُولِهِ وَلَوْ آبَاءَ أُمِّهِ ذَخِيرَةٌ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ وَالْبَحْرِ. (سُئِلَ) فِي يَتِيمَةٍ لَهَا مَالٌ مُخَلَّفٌ عَنْ أَبِيهَا تَحْتَ يَدِ وَصِيِّهَا أَبَتْ أُمُّهَا الْإِنْفَاقَ عَلَيْهَا إلَّا مِنْ مَالِهَا الْمَذْكُورِ وَالْتَزَمَتْ جَدَّتُهَا لِأَبِيهَا الْإِنْفَاقَ عَلَيْهَا مِنْ مَالِ نَفْسِهَا مُتَبَرِّعَةً وَإِبْقَاءُ مَالِ الصَّغِيرَةِ لَهَا وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ ظَاهِرَةٌ لِلصَّغِيرَةِ فَهَلْ تُجَابُ الْجَدَّةُ إلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْمُنْيَةِ تَزَوَّجَتْ أُمُّ صَغِيرٍ تُوُفِّيَ أَبُوهُ وَأَرَادَتْ تَرْبِيَتَهُ بِلَا نَفَقَةٍ مُقَدَّرَةٍ وَأَرَادَ وَصِيُّهُ تَرْبِيَتَهُ بِهَا دَفَعَ إلَيْهَا لَا إلَيْهِ إبْقَاءً لِمَالِهِ وَفِي الْحَاوِي تَزَوَّجَتْ بِأَجْنَبِيٍّ وَأَرَادَتْ تَرْبِيَتَهُ بِنَفَقَةٍ وَالْتَزَمَهُ ابْنُ الْعَمِّ مَجَّانًا وَلَا حَاضِنَةَ لَهُ فَلَهُ ذَلِكَ اهـ. شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ الْحَضَانَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْمِنَحِ. (أَقُولُ) ظَاهِرُ اسْتِدْلَالِ

الْمُؤَلِّفُ بِذَلِكَ أَنَّ الْيَتِيمَةَ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ تُدْفَعُ لِلْجَدَّةِ الْمُتَبَرِّعَةِ مَعَ أَنَّ الْحَضَانَةَ لِلْأُمِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي السُّؤَالِ أَنَّهَا سَاقِطَةُ الْحَضَانَةِ بِتَزَوُّجٍ وَنَحْوِهِ وَفِي دَفْعِهَا لِلْجَدَّةِ إبْطَالٌ لِحَقِّ الْأُمِّ فِي الْحَضَانَةِ وَقَدْ يُقَالُ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ الْمُنْيَةِ دَلِيلٌ عَلَى دَفْعِهِ لِلْجَدَّةِ الْمُتَبَرِّعَةِ إبْقَاءً لِمَالِهِ وَبَيَانُهُ أَنَّ الْأُمَّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُنْيَةِ لَمَّا تَزَوَّجَتْ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا فَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ فَإِذَا تَبَرَّعَتْ بِالنَّفَقَةِ تُقَدَّمُ عَلَى الْوَصِيِّ الطَّالِبِ لِلنَّفَقَةِ إبْقَاءً لِمَالِ الصَّغِيرِ وَإِنْ كَانَتْ تُرَبِّيهِ فِي حِجْرِ زَوْجِهَا الْأَجْنَبِيِّ عَنْهُ وَلَا يُقَالُ إنَّمَا قُدِّمَتْ عَلَى الْوَصِيِّ لِإِبْقَاءِ مَالِهِ وَلِكَوْنِهَا أَشْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ الْوَصِيِّ لِأَنَّا نَقُولُ الْعِلَّةُ إبْقَاءُ مَالِهِ فَقَطْ بِدَلِيلِ مَسْأَلَةِ الْحَاوِي فَإِنَّهُ مُصَرِّحٌ بِدَفْعِهِ لِابْنِ الْعَمِّ الْمُتَبَرِّعِ إبْقَاءً لِمَالِهِ وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ الطَّالِبَةَ لِلنَّفَقَةِ أَشْفَقَ فَعُلِمَ أَنَّ مَصْلَحَةَ إبْقَاءِ مَالِهِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَصْلَحَةِ كَوْنِهِ عِنْدَ أُمِّهِ السَّاقِطَةِ الْحَضَانَةِ وَإِذَا تَبَرَّعَتْ الْأُمُّ السَّاقِطَةُ الْحَضَانَةِ وَدَفَعَ إلَيْهَا إبْقَاءً لِمَالِهِ مَعَ كَوْنِهَا تُرَبِّيهِ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي يَنْظُرُ إلَيْهِ شَزْرًا وَيُطْعِمُهُ نَزْرًا فَدَفَعَهُ إلَى جَدَّتِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا أَوْلَى لِأَنَّ لَهَا حَقَّ الْحَضَانَةِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَهَا شَفَقَةٌ عَلَيْهِ وَفِي دَفْعِهِ إلَيْهَا إبْقَاءُ مَالِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّبَرُّعَ بِأُجْرَةِ الْحَضَانَةِ كَالتَّبَرُّعِ بِالنَّفَقَةِ لِأَنَّهَا مِنْهَا فَإِنْ قُلْت يَرِدُ عَلَيْك مَا مَرَّ فِي بَابِ الْحَضَانَةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ صَغِيرَةٌ لَهَا أَبٌ مُعْسِرٌ وَعَمَّةٌ مُوسِرَةٌ أَرَادَتْ الْعَمَّةُ أَنْ تُرَبِّيَ الْوَلَدَ بِمَالِهَا مَجَّانًا وَلَا تَمْنَعَهُ عَنْ الْأُمِّ وَالْأُمُّ تَأْبَى ذَلِكَ وَتُطَالِبُ الْأَبَ بِالْأُجْرَةِ وَنَفَقَةِ الْوَلَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُقَالُ لِلْأُمِّ إمَّا أَنْ تُمْسِكِي الْوَلَدَ بِغَيْرِ أَجْرٍ وَإِمَّا أَنْ تَدْفَعِيهِ إلَى الْعَمَّةِ اهـ فَقَدْ جَعَلَ الْعَمَّةَ الْمُتَبَرِّعَةَ أَوْلَى مِنْ الْأُمِّ عِنْدَ إعْسَارِ الْأَبِ وَمَفْهُومُهُ كَمَا قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَالْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الْأُجْرَةِ لِلْأُمِّ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ اهـ. وَهُنَا فِي مَسْأَلَتِنَا لِلصَّغِيرَةِ مَالٌ فَيَدْفَعُ مِنْهُ الْأُجْرَةَ لِلْأُمِّ نَظَرًا لَهَا فِي إبْقَائِهَا عِنْدَ أُمِّهَا قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ كَانَ أَبُوهَا مُوسِرًا قُلْت قَدْ عَلِمْت مِمَّا مَرَّ أَنَّ النَّظَرَ لَهَا فِي إبْقَاءِ مَالِهَا الْمُحْتَاجَةِ إلَيْهِ فِي صِغَرِهَا وَكِبَرِهَا أَوْلَى مِنْ النَّظَرِ لَهَا فِي إبْقَائِهَا عِنْدَ أُمِّهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ أَبُوهَا مُوسِرًا فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا لَهَا بِلَا ضَرَرٍ عَلَيْهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ فَإِنَّ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ لَا ضَرَرَ فِيهِ لِلصَّغِيرَةِ أَصْلًا بِخِلَافِ الْمَقِيسِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَفْعٌ مِنْ جِهَةٍ لَكِنْ فِيهِ ضَرَرٌ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَبِهَذَا ظَهَرَ الْجَوَابُ عَنْ حَادِثَةِ الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا وَهِيَ صَغِيرٌ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَتَرَكَتْ لَهُ مَالًا وَلَهُ أَبٌ مُعْسِرٌ وَجَدَّةٌ لِأُمٍّ وَجَدَّةٌ لِأَبٍ مُتَزَوِّجَةٌ بِجَدِّ الصَّغِيرِ وَأَرَادَتْ أُمُّ أُمِّهِ تَرْبِيَتَهُ بِأَجْرٍ مِنْ مَالِهِ وَأُمُّ أَبِيهِ تَرْضَى بِتَرْبِيَتِهِ مَجَّانًا وَقَدْ كُنْت كَتَبْت عِنْدَ وُقُوعِ الْحَادِثَةِ رِسَالَةً سَمَّيْتهَا الْإِبَانَةَ عَنْ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْحَضَانَةِ وَمِلْت فِيهَا إلَى الْجَوَابِ بِدَفْعِهِ لِجَدَّتِهِ الْمُتَبَرِّعَةِ لِمَا ذَكَرْته آنِفًا وَهُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ كَمَا عَلِمْت هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. . (سُئِلَ) فِي الزَّوْجِ إذَا أَرَادَ السَّفَرَ وَتَخْشَى زَوْجَتُهُ أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا وَتُرِيدُ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ كَفِيلًا بِنَفَقَةِ شَهْرٍ فَهَلْ يُجِيبُهَا الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ (أَقُولُ) وَأَطْلَقَهُ فَشَمَلَ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ بِهَا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مَفْرُوضَةً وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَيَأْتِي تَمَامُهُ قَرِيبًا. (سُئِلَ) فِي حَاضِنَةٍ لِابْنِهَا تُرِيدُ الدَّعْوَى عَلَى جَدِّ الِابْنِ بِنَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ مَفْرُوضَةٍ عَلَيْهِ لِلِابْنِ وَحَبَسَهُ بِذَلِكَ وَهُوَ فَقِيرٌ فَهَلْ لَا يُحْبَسُ بِذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي الزَّوْجِ إذَا أَرَادَ السَّفَرَ شَهْرًا وَدَفَعَ لِزَوْجَتِهِ نَفَقَةَ شَهْرٍ وَتُكَلِّفُهُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ لَهَا بِكَفِيلٍ يَكْفُلُهُ إلَى إيَابِهِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي كَفَالَةِ النَّفَقَةِ لِلزَّوْجَةِ بَعْدَ فَرْضِهَا هَلْ تَكُونُ صَحِيحَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفَقَةِ قَبْلَ الْفَرْضِ أَوْ التَّرَاضِي عَلَى مُعَيَّنٍ لَا تَصِحُّ وَبَعْدَ أَحَدِهِمَا تَصِحُّ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ بَحْرٌ تَحْتَ قَوْلِهِ وَلَا تَجِبُ نَفَقَةٌ مَضَتْ إلَّا بِالرِّضَا أَوْ الْقَضَاءِ. (أَقُول)

هَذَا فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الْكَفَالَةِ لِمُرِيدِ السَّفَرِ أَمَّا فِيهَا فَتَصِحُّ مُطْلَقًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الذَّخِيرَةِ وَلَعَلَّ وَجْهُهُ أَنَّ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ مَبْنَاهَا عَلَى الِاسْتِحْسَانِ رِفْقًا بِالزَّوْجَةِ كَمَا قَالُوهُ فَلِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي صِحَّتِهَا الْفَرْضُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ لَكِنْ نَقَلَ عَنْ التتارخانية عَنْ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ رَجُلٌ ضَمِنَ لِامْرَأَةٍ النَّفَقَةَ وَالْمَهْرَ فَإِنَّ ضَمَانَ النَّفَقَةِ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ لِكُلِّ شَهْرٍ شَيْئًا وَمَعْنَاهُ أَنَّ الزَّوْجَ مَعَ الْمَرْأَةِ يَصْطَلِحَانِ عَلَى شَيْءٍ مُقَدَّرٍ لِنَفَقَةِ كُلِّ شَهْرٍ ثُمَّ يَضْمَنُهُ رَجُلٌ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ الضَّمَانُ وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ اهـ ثُمَّ قَالَ الرَّمْلِيُّ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ كَفَلَ بِالنَّفَقَةِ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ لَزِمَهُ شَهْرٌ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَقَعُ عَلَى الْأَبَدِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ الْأَبَ لَا يُطَالِبُ بِمَهْرِ زَوْجَةِ ابْنِهِ وَنَفَقَتِهَا إلَّا أَنْ يَضْمَنَ وَأَطْلَقَ فَظَاهِرُهُ جَوَازُ الضَّمَانِ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَحَمْلُهُ عَلَيْهِ مُتَعَيِّنٌ تَوْفِيقًا بَيْنَ كَلَامِهِمْ اهـ أَيْ فَيُحْمَلُ كَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ صِحَّةَ الْكَفَالَةِ بِهَا عَلَى مَا إذَا كَانَتْ بَعْدَ الْفَرْضِ أَوْ التَّرَاضِي وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مَسْأَلَةَ مُرِيدِ السَّفَرِ كَذَلِكَ وَقَوْلُ الذَّخِيرَةِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مَفْرُوضَةً لَا يُنَافِي اشْتِرَاطَ التَّرَاضِي وَالِاصْطِلَاحِ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ تَوْفِيقًا بَيْنَ كَلَامِهِمْ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي الزَّوْجَةِ إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً مُطِيقَةً لِلْوَطْءِ فَهَلْ تَجِبُ نَفَقَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَا نَفَقَةَ لِصَغِيرَةٍ لَا تَصْلُحُ لِلْجِمَاعِ وَإِنْ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ، وَإِنْ كَانَتْ تَصْلُحُ لِلْمُؤَانِسَةِ لَا غَيْرُ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنْ ظَنَّ هَذَا الزَّوْجُ لُزُومَ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ فَالْتَزَمَ لَا يَلْزَمُ وَالِالْتِزَامُ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا أَوْ مَرِيضًا لَا يُطِيقُ يَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ وَالْأَبُ لَا يُؤَاخَذُ بِهَا بِلَا ضَمَانٍ اهـ. . (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ فَرَضَ عَلَيْهِ الْقَاضِي لِوَلَدَيْهِ الصَّغِيرَيْنِ نَفَقَةً فَوْقَ الْقَدْرِ الْمَعْرُوفِ وَفَوْقَ مَا يَكْفِيهِمَا بِكَثِيرٍ ثُمَّ ظَهَرَ أَمْرُهُ لِلْقَاضِي وَأَخْبَرَهُ جَمَاعَةٌ بِفَقْرِهِ فَحَطَّ عَنْهُ جَانِبًا وَأَبْقَى قَدْرَ مَا يَكْفِيهِمَا بِالْمَعْرُوفِ فَهَلْ يَكُونُ الْحَطُّ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ ثُمَّ يَنْظُرُ إنْ كَانَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ أَكْثَرَ مِنْ نَفَقَتِهِمْ بِزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ فَهِيَ عَفْوٌ وَهِيَ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْدِيرِ الْمُقَدَّرِينَ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَدْخُلُ طُرِحَتْ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ أَقَلَّ بِأَنْ كَانَ لَا يَكْفِيهِمْ يُزَادُ إلَى مِقْدَارِ كِفَايَتِهِمْ بَحْرٌ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ فَقِيرَةٍ عَاجِزَةٍ لَهَا ابْنُ أَخٍ يَتِيمٍ غَنِيٍّ فَهَلْ يُؤْمَرُ الْوَصِيُّ بِدَفْعِ نَفَقَتِهَا مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ تَحْتَ قَوْلِهِ وَلِقَرِيبٍ مَحْرَمٍ فَقِيرٍ عَاجِزٍ عَنْ الْكَسْبِ بِقَدْرِ الْإِرْثِ. . (سُئِلَ) فِي مُطَلَّقَةٍ مَضَتْ عِدَّتُهَا وَلَهَا ابْنٌ رَضِيعٌ تَطْلُبُ مِنْ أَبِيهِ عَلَى إرْضَاعِهِ أُجْرَةً زَائِدَةً وَالْأَجْنَبِيَّةُ تُرْضِعُهُ مَجَّانًا فَهَلْ تَكُونُ الْأَجْنَبِيَّةُ أَوْلَى فَتُرْضِعُهُ عِنْدَ أُمِّهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ امْتَنَعَتْ مِنْ الْخَبْزِ وَالطَّحْنِ وَهِيَ مِمَّنْ لَا يُخْدَمُ لِعِلَّةٍ بِهَا فَهَلْ عَلَى زَوْجِهَا أَنْ يَأْتِيَهَا بِطَعَامٍ مُهَيَّأٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ أَبَتْ إرْضَاعَ وَلَدِهَا فَهَلْ لَا تُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَيَسْتَأْجِرُ الْأَبُ مَنْ تُرْضِعُهُ عِنْدَهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا تُجْبَرُ الْأُمُّ لِتُرْضِعَ وَلَدَهَا يُعَيَّنُ قَضَاءً وَإِنْ لَزِمَهَا دِيَانَةً لِأَنَّهُ كَالنَّفَقَةِ وَهِيَ عَلَى الْأَبِ وَإِطْلَاقُهُ يَعُمُّ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ وَلَا لِلصَّغِيرِ مَالٌ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تُجْبَرُ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الْخَانِيَّةِ تُجْبَرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عِنْدَ الْكُلِّ وَمَا إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ تُرْضِعُهُ أَوْ وَجَدَ إلَّا أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَأْخُذُ ثَدْيَ غَيْرِهَا لِأَنَّهُ يَتَغَذَّى بِالدُّهْنِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَائِعَاتِ لَكِنْ الْأَصَحُّ أَنَّهَا تُجْبَرُ أَيْضًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَقَالَ فِي الْفَتْحِ إنَّهُ الْأَصْوَبُ لِأَنَّ قَصْرَ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَسْتَأْنِسْ الطَّعَامَ عَلَى الدُّهْنِ وَالشَّرَابِ سَبَبٌ لِمَرَضِهِ وَمَوْتِهِ. وَيَسْتَأْجِرُ الْأَبُ مَنْ تُرْضِعُهُ عِنْدَهَا لِأَنَّ الْحَضَانَةَ وَالنَّفَقَةَ عَلَيْهِ نَهْرٌ. وَفِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ وَلَا تُجْبَرُ مَنْ لَهَا الْحَضَانَةُ عَلَيْهَا إلَّا إذَا تَعَيَّنَتْ لَهَا بِأَنْ لَمْ يَأْخُذْ ثَدْيَ غَيْرِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ وَلَا لِلصَّغِيرِ مَالٌ. (سُئِلَ) فِي حَاضِنَةٍ لِابْنِهَا تَكَفَّلَتْ بِنَفَقَتِهِ مُدَّةً ثُمَّ عَجَزَتْ عَنْ ذَلِكَ وَلَهُ مَالٌ تَحْتَ يَدِ إخْوَتِهِ فَهَلْ تَكُونُ نَفَقَتُهُ فِي مَالِهِ

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الشَّلَبِيِّ فِي امْرَأَةٍ فَقِيرَةٍ لَهَا زَوْجٌ غَنِيٌّ طَلَّقَهَا وَبَانَتْ مِنْهُ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَلَهَا مِنْهُ بِنْتٌ صَغِيرَةٌ فَأَرَادَتْ السَّفَرَ بِهَا فَمَنَعَهَا حَتَّى تَتَكَفَّلَ بِبِنْتِهَا مَا دَامَتْ مُسَافِرَةً فَتَكَفَّلَتْهَا فَهَلْ تَكُونُ هَذِهِ الْكَفَالَةُ صَحِيحَةً أَمْ لَا وَإِذَا عَجَزَتْ عَنْهَا كَيْفَ التَّخَلُّصُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ. أَجَابَ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا التَّكَفُّلَ غَيْرُ لَازِمٍ إذْ هُوَ الْتِزَامُ مَا لَا يَلْزَمُ وَإِنَّمَا صَحَّحَهُ مَشَايِخُنَا فِيمَا إذَا خَالَعَهَا أَوْ طَلَّقَهَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ وَقَعَ بَدَلًا عَنْ تَخْلِيصِهَا نَفْسَهَا وَلَهَا أَنْ تَرْفَعَ أَمْرَهَا لِلْحَاكِمِ فَيَأْمُرَهَا بِالِاسْتِدَانَةِ لِنَفَقَةِ الصَّغِيرَةِ الْمَذْكُورَةِ لِتَرْجِعَ بِنَظِيرِ ذَلِكَ عَلَى أَبِيهَا اهـ مُلَخَّصًا وَمَرَّ قَرِيبًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ قَوْلُهُ وَلَوْ ظَنَّ هَذَا الزَّوْجُ لُزُومَ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ فَالْتَزَمَ لَا يَلْزَمُ وَالِالْتِزَامُ بَاطِلٌ وَمِثْلُهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ النَّفَقَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَعَهَّدَ زَيْدٌ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَى وَلَدَيْ بِنْتِهِ الصَّغِيرَيْنِ وَلَهُمَا أَبٌ حَاضِرٌ مُوسِرٌ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ الرُّجُوعَ عَنْ تَعَهُّدِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِمَا مَرَّ آنِفًا. (سُئِلَ) فِي صِغَارٍ لَا مَالَ لَهُمْ وَلَا كَسْبَ وَلَهُمْ أَبٌ مُعْسِرٌ غَابَ وَتَرَكَهُمْ بِلَا نَفَقَةٍ وَلَا مُنْفِقٍ وَلَهُ أَخَوَانِ مُوسِرَانِ حَاضِرَانِ هَلْ يُؤْمَرَانِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الصِّغَارِ لِيَرْجِعَا عَلَى أَبِيهِمْ إذَا أَيْسَرَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي الذَّخِيرَةِ إذَا كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا وَالْأُمُّ مُوسِرَةً تُؤْمَرُ أَنْ تُنْفِقَ مِنْ مَالِهَا عَلَى الْوَلَدِ فَيَكُونُ دَيْنًا تَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ لِأَنَّ نَفَقَةَ الصَّغِيرِ عَلَى الْأَبِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا كَنَفَقَةِ نَفْسِهِ فَكَانَتْ الْأُمُّ قَاضِيَةً حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَتَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ ثُمَّ جَعَلَ الْأُمَّ أَوْلَى بِالتَّحَمُّلِ مِنْ سَائِرِ الْأَقَارِبِ بَحْرٌ وَنَقَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ خَطِّ جَدِّهِ الْعَلَّامَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيِّ قَالَ وَيُفْهَمُ مِمَّا فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ فَقِيرَةً تَسْتَدِينُ مِنْ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ أَهْلِ الْأَبِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَمِنْ قَرَابَتِهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ دَيْنًا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَبِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَيُقَاسُ عَلَيْهِ الْغَائِبُ اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ وَلَا لِأُمِّهِ مَالٌ فَأَمَرَ الْحَاكِمُ الْأُمَّ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَى الصَّغِيرِ لِتَرْجِعَ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَا يَصِحُّ وَلَا تَرْجِعُ اهـ. (أَقُولُ) مَرَّ أَوَّلَ بَابِ النَّفَقَةِ أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ لِمَنْ تَجِبُ لَهُ النَّفَقَةُ فِي قَرَابَتِهِ مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ يَنْظُرُ إلَى الْمُعْسِرِ إنْ كَانَ يُحْرِزُ كُلَّ الْمِيرَاثِ يُجْعَلُ كَالْمَعْدُومِ إلَخْ وَمُقْتَضَى هَذَا الْأَصْلِ أَنْ تَجِبَ النَّفَقَةُ عَلَى الْأُمِّ الْمُوسِرَةِ بِلَا رُجُوعٍ وَكَذَا تَجِبُ عَلَى الْأَخَوَيْنِ الْمُوسِرَيْنِ فِي مَسْأَلَتِنَا وَلِذَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ فِي الْكِتَابِ الْجَدُّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِي اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْأَبُ مَيِّتًا أَوْ كَانَ الْأَبُ حَيًّا إلَّا أَنَّهُ فَقِيرٌ لِأَنَّ الْفَقِيرَ يَلْحَقُ بِالْمَيِّتِ فِي اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ عَلَى الْمُوسِرِ. اهـ وَصَرَّحَ بَعْدَهُ بِأَنَّ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا تُفْرَضُ النَّفَقَةُ عَلَى الْجَدِّ وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِالْإِنْفَاقِ وَيَكُونُ دَيْنًا عَلَى الْأَبِ الْفَقِيرِ ثُمَّ قَالَ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ زَمِنًا قُضِيَ بِنَفَقَةِ الصِّغَارِ عَلَى الْجَدِّ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ بِالْإِنْفَاقِ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْأَبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الْجَدِّ فَكَذَا نَفَقَةُ الصِّغَارِ اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَبَ إذَا كَانَ فَقِيرًا غَيْرَ زَمِنٍ تَجِبُ نَفَقَةُ الْأَوْلَادِ عَلَى الْجَدِّ الْمُوسِرِ خِلَافًا لِلْقُدُورِيِّ وَإِنْ كَانَ الْأَبُ فَقِيرًا زَمِنًا فَهِيَ عَلَى الْجَدِّ اتِّفَاقًا وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْ الْكِتَابِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ خَاصًّا بِالْجَدِّ وَلَا بِكَوْنِ الْأَبِ زَمِنًا بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ فَقْرِهِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ وَلِإِطْلَاقِ الْمُتُونِ قَوْلَهُمْ لَا يُشَارِكُ الْأَبَ فِي نَفَقَةِ وَلَدِهِ أَحَدٌ وَلِقَوْلِ الْخَانِيَّةِ نَفَقَةُ الْأَوْلَادِ الصِّغَارِ وَالْإِنَاثِ الْمُعْسِرَاتِ عَلَى الْأَبِ لَا يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ وَلَا تَسْقُطُ بِفَقْرِهِ اهـ وَهَذَا الْإِشْكَالُ قَوِيٌّ جِدًّا يَعْسُرُ فِيهِ التَّوْفِيقُ بَيْنَ كَلَامِهِمْ ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ الْبَحْرِ تَعَرَّضَ لِإِشْكَالِهِ حَيْثُ نَقَلَ كَلَامًا طَوِيلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ مِنْ جُمْلَتِهِ مَا مَرَّ نَقْلُهُ عَنْهَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْأَبِ الْمُعْسِرِ إنَّمَا هُوَ إذَا أَنْفَقَتْ الْأُمُّ الْمُوسِرَةُ وَإِلَّا فَالْأَبُ كَالْمَيِّتِ وَالْوُجُوبُ عَلَى غَيْرِهِ لَوْ كَانَ مَيِّتًا لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ فِي الصَّحِيحِ وَعَلَى هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ إصْلَاحِ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ

كَلَامُ الْبَحْرِ يَعْنِي أَنَّ قَوْلَ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ لَا يُشَارِكُ الْأَبَ فِي نَفَقَةِ وَلَدِهِ أَحَدٌ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا أَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَكَانَ لِلْأَوْلَادِ أُمٌّ مُوسِرَةٌ فَإِنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الْأَبِ وَإِنَّمَا تُؤْمَرُ الْأُمُّ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ دَيْنًا عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا وَلَمْ تُوجَدْ فِي الْمَسْأَلَةِ أُمٌّ مُوسِرَةٌ بِأَنْ وُجِدَ فِيهَا الْجَدُّ الْمُوسِرُ مَثَلًا فَإِنَّ النَّفَقَةَ حِينَئِذٍ تَجِبُ عَلَى الْجَدِّ بِلَا رُجُوعٍ عَلَى الْأَبِ بِنَاءً عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ إلْحَاقِ الْأَبِ الْفَقِيرِ بِالْمَيِّتِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَدْ وَجَبَتْ النَّفَقَةُ عَلَى غَيْرِ الْأَبِ مَعَ وُجُودِهِ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى إطْلَاقِ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ فَلَا بُدَّ مِنْ إصْلَاحِهَا وَذَلِكَ بِتَقْيِيدِهَا بِغَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَأَجَابَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ بِحَمْلِ مَا فِي الْمُتُونِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا لَكِنْ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ صَرِيحٌ فِي التَّعْمِيمِ وَأَجَابَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِقَوْلِهِ لَا حَاجَةَ لِإِصْلَاحِهَا لِأَنَّهَا وَارِدَةٌ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَقَدْ اخْتَارَهَا أَهْلُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ فَأَثْبَتُوهَا فِي كُتُبِهِمْ مُقْتَصَرِينَ عَلَيْهَا اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْقُدُورِيِّ مِنْ أَنَّهَا لَا تُفْرَضُ عَلَى الْجَدِّ وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِهَا لِيَرْجِعَ بِهَا عَلَى الْأَبِ إذَا أَيْسَرَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأُمِّ الْمُوسِرَةِ وَغَيْرِهَا كَالْجَدِّ مَثَلًا فِي أَنَّ النَّفَقَةَ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ الْفَقِيرِ وَلَكِنْ تُؤْمَرُ الْأُمُّ أَوْ غَيْرُهَا بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْأَوْلَادِ لِتَكُونَ دَيْنًا عَلَى الْأَبِ فَكَلَامُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ مَاشٍ عَلَى رِوَايَةِ الْقُدُورِيِّ بِعَدَمِ جَعْلِ الْأَبِ الْفَقِيرِ كَالْمَيِّتِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُمْ اخْتِيَارًا وَتَرْجِيحًا لِتِلْكَ الرِّوَايَةِ عَلَى خِلَافِ مَا صَحَّحَهُ فِي الذَّخِيرَةِ. وَهَذَا جَوَابٌ حَسَنٌ يَحُلُّ عُقْدَةَ الْإِشْكَالِ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الْأَبِ غَيْرِ زَمِنٍ إذْ لَوْ كَانَ زَمِنًا تَجِبُ نَفَقَةُ الْأَوْلَادِ عَلَى الْجَدِّ اتِّفَاقًا لِأَنَّ نَفَقَةَ الْأَبِ نَفْسِهِ وَاجِبَةٌ حِينَئِذٍ عَلَى الْجَدِّ كَمَا مَرَّ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ خَارِجَةٌ عَنْ اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ وَإِذَا عَلِمْت مَا قَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ لَك أَنَّ قَوْلَهُمْ فِي الْأَصْلِ الْمَارِّ إذَا كَانَ الْمُعْسِرُ يُحْرِزُ كُلَّ الْمِيرَاثِ يُجْعَلُ كَالْمَعْدُومِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ أَيْضًا بَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا سِوَى الْأَبِ الْغَيْرِ الزَّمِنِ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْأَبَ إذَا كَانَ غَيْرَ زَمِنٍ لَا يُجْعَلُ كَالْمَيِّتِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْفَرِيدَ الَّذِي يَفُوقُ الدُّرَّ النَّضِيدَ. (سُئِلَ) فِي مَجْنُونٍ مُطْبِقٍ فَقِيرٍ عَاجِزٍ لَهُ أَوْلَادٌ قَاصِرُونَ لَا مَالَ لَهُمْ وَلَا كَسْبَ وَلَهُمْ أُمٌّ فَقِيرَةٌ عَاجِزَةٌ وَعَمَّانِ عَصَبِيَّانِ مُوسِرَانِ فَهَلْ تَكُونُ نَفَقَتُهُمْ عَلَى الْعَمَّيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) أَيْ بِلَا رُجُوعٍ عَلَى الْأَبِ إذَا أَيْسَرَ لِأَنَّهُ هُنَا فَقِيرٌ زَمِنٌ فَيُجْعَلُ كَالْمَيِّتِ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا عَلِمْته مِمَّا حَرَّرْنَاهُ آنِفًا. (سُئِلَ) فِي يَتِيمٍ ذِي مَالٍ وَيَسَارٍ وَلَهُ أُمٌّ مُعْسِرَةٌ لَا مَالَ لَهَا وَلَا كَسْبَ فَهَلْ تَكُونُ نَفَقَةُ أُمِّهِ فِي مَالِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَاتَّفَقُوا عَلَى وُجُوبِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ فِي أَرْضِهِ وَعَلَى نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ وَعِيَالِهِ وَقَرَابَتِهِ كَالْبَالِغِ أَشْبَاهٌ مِنْ أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ. (سُئِلَ) فِي ذِمِّيَّةٍ أَسْلَمَتْ وَلَهَا ابْنٌ صَغِيرٌ مِنْ زَوْجِهَا الذِّمِّيِّ عُمْرُهُ ثَلَاثُ سِنِينَ وَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ فَهَلْ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الْوَلَدِ تَبَعًا لِأُمِّهِ وَعَلَى الْأَبِ نَفَقَتُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا تَجِبُ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ إلَّا بِالزَّوْجِيَّةِ وَالْوِلَادِ فَشَمَلَ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَجْدَادَ وَالْجَدَّاتِ وَالْوَلَدَ وَوَلَدَ الْوَلَدِ بَحْرٌ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ فَقِيرَةٍ عَاجِزَةٍ لَهَا أَوْلَادٌ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ مُوسِرُونَ فَهَلْ تَكُونُ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِمْ بِالسَّوِيَّةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَشْمَلُهُمَا وَفِي الْخُلَاصَةِ وَبِهِ يُفْتَى وَفِي الْفَتْحِ وَهُوَ الْحَقُّ بَحْرٌ. (سُئِلَ) فِي يَتِيمَةٍ فِي حِجْرِ أُمِّهَا لَهَا دَرَاهِمُ فَاشْتَرَتْ الْأُمُّ لِلْيَتِيمَةِ مَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الْأُمُّ وَالْأَخُ وَسَائِرُ الْمَحَارِمِ لَا يَمْلِكُونَ الْإِنْفَاقَ عَلَى الصِّغَارِ مِنْ مَالِهِمْ إلَّا بِأَمْرِ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ وَإِنْ أَنْفَقُوا ضَمِنُوا فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ الْوِلَايَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ اسْتَحْسَنَ فِي مَا لَا بُدَّ لِلصَّغِيرِ مِنْهُ دَفْعًا لِلْفَسَادِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ يَمْلِكُ فِي حِجْرِهِ أَمْ لَا؟ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَعَامًا إنْ دَرَاهِمَ يَمْلِكُ إنْ كَانَ فِي حِجْرِهِ وَإِلَّا لَا وَإِنْ

كَانَ يَحْتَاجُ إلَى بَيْعِهِ لَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ وَالْإِنْفَاقَ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ الْحَاكِمُ وَصِيًّا بَزَّازِيَّةٌ. (سُئِلَ) فِي أَيْتَامٍ لَهُمْ دَارٌ لَيْسَ لَهُمْ مَالٌ سِوَاهَا وَلَهُمْ أَخٌ لِأَبٍ مُوسِرٌ وَأُمٌّ وَصِيٌّ عَلَيْهِمْ تُكَلِّفُ الْأَخَ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِمْ فَهَلْ تُبَاعُ الدَّارُ فِي نَفَقَتِهِمْ وَتُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْ ثَمَنِهَا وَتُمْنَعُ الْأُمُّ مِنْ تَكْلِيفِ الْأَخِ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ وَحَاشِيَتِهِ لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ (أَقُولُ) وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَلِطِفْلِهِ الْفَقِيرِ وَإِنْ كَانَ لِلصَّغِيرِ عَقَارٌ أَوْ أَرْدِيَةٌ أَوْ ثِيَابٌ وَاحْتِيجَ إلَى النَّفَقَةِ كَانَ لِلْأَبِ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ اهـ وَعِبَارَةُ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَمِثْلُ الْأَبِ فِي ذَلِكَ الْأُمُّ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى إذَا أَمَرَ الْقَاضِي أُمَّهُمْ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ وَلَيْسَ لَهُمْ سِوَى حِصَّةٍ مِنْ دَارٍ يَسْكُنُونَهَا هَلْ تُبَاعُ فِي نَفَقَتِهِمْ أَوْ لَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا تُبَاعُ فِي ذَلِكَ وَتُنْفِقُ عَلَيْهِمْ مِنْ ثَمَنِهَا وَالسُّكْنَى مِنْ النَّفَقَةِ وَإِذَا فَرَغَ وَجَبَتْ عَلَيْهَا اهـ وَكَتَبْت فِي حَاشِيَتِي عَلَى الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِ عِبَارَةِ الرَّمْلِيِّ الْمَذْكُورَةِ (أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ صَاحِبِ الْبَحْرِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ عَقَارٌ إلَخْ إذَا كَانَ الصَّغِيرُ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ أَمَّا إذَا كَانَ مُحْتَاجًا لِسُكْنَى عَقَارِهِ وَلُبْسِ ثِيَابِهِ وَأَرْدِيَتِهِ لَا فَائِدَةَ فِي بَيْعِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا الْأَبُ احْتَاجَ إلَى شِرَاءِ غَيْرِهَا وَانْظُرْ مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَلِفَقِيرٍ مَحْرَمٍ حَيْثُ قَالَ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْمُعْسِرِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ هَذِهِ النَّفَقَةَ فَقِيلَ هُوَ الَّذِي تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ وَقِيلَ هُوَ الْمُحْتَاجُ وَاَلَّذِي لَهُ مَنْزِلٌ وَخَادِمٌ هَلْ يَسْتَحِقُّ عَلَى قَرِيبِهِ الْمُوسِرِ فِيهِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ فِي رِوَايَةٍ لَا يَسْتَحِقُّ حَتَّى لَوْ كَانَتْ أُخْتًا لَا يُؤْمَرُ الْأَخُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَكَذَا لَوْ كَانَتْ بِنْتًا أَوْ أُمًّا وَفِي رِوَايَةٍ يَسْتَحِقُّ وَهُوَ الصَّوَابُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ اهـ. وَكَذَا قَالَ الْعَلَائِيُّ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ بِحَيْثُ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ وَلَوْ لَهُ مَنْزِلٌ وَخَادِمٌ عَلَى الصَّوَابِ بَدَائِعُ اهـ وَفِي الْخَانِيَّةِ مُعْسِرَةٌ لَهَا مَسْكَنٌ تَسْكُنُهُ وَلَهَا أَخٌ مُوسِرٌ قَالُوا لَا يُجْبَرُ الْأَخُ عَلَى نَفَقَتِهَا وَقَالَ الْخَصَّافُ يُجْبَرُ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ الصَّحِيحُ قَوْلُ الْخَصَّافِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ قَوْلُ شَرِيكٍ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا كَانَ لِلْإِنْسَانِ دَارٌ يَسْكُنُهَا أَوْ خَادِمٌ يَخْدُمُهُ أَوْ دَابَّةٌ يَرْكَبُهَا لَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى ذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ وَفِي الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ النَّفَقَةِ وَعِنْدَنَا الْكُلُّ سَوَاءٌ وَمِلْكُ الدَّارِ لَا يَمْنَعُ النَّفَقَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا فَضْلٌ بِأَنْ يَكُونَ يَكْفِيهِ أَنْ يَسْكُنَ فِي نَاحِيَةٍ وَيَبِيعَ النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى وَكَذَا الْخَادِمُ وَالدَّابَّةُ إذَا كَانَتْ نَفِيسَةً يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَيَشْتَرِيَ مِنْ ثَمَنِهَا خَسِيسَةً وَيُنْفِقَ الْفَضْلَ عَلَى نَفْسِهِ اهـ وَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ وَيَسْتَوِي فِي هَذَا الْوَالِدَانِ وَالْمَوْلُودُونَ وَسَائِرُ الْمَحَارِمِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ اهـ عَلَى أَنَّهُ فِي الْبَدَائِعِ عَلَّلَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ الَّتِي قَالَ إنَّهَا الصَّوَابُ بِأَنَّ بَيْعَ الْمَنْزِلِ لَا يَقَعُ إلَّا نَادِرًا وَكَذَا لَا يُمْكِنُ كُلَّ أَحَدٍ السُّكْنَى بِالْكِرَاءِ وَبِالْمَنْزِلِ الْمُشْتَرَكِ اهـ وَمُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهَا لَا تُبَاعُ وَإِنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ فَكَيْفَ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهَا فَاغْتَنِمْ هَذَا الْكَلَامَ وَالسَّلَامُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَسْكَنَ زَوْجَتَهُ فِي مَسْكَنِهِ الشَّرْعِيِّ وَلَهَا أَبْنَاءٌ كِبَارٌ مِنْ غَيْرِهِ سَاكِنُونَ مَعَهَا فِي مَسْكَنِهِ بِلَا إذْنِهِ وَيُرِيدُ مَنْعَهُمْ مِنْ السُّكْنَى فِي مَسْكَنِهِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَكَذَا تَجِبُ لَهَا السُّكْنَى فِي بَيْتٍ خَالٍ عَنْ أَهْلِهِ سِوَى طِفْلِهِ الَّذِي لَا يَفْهَمُ الْجِمَاعَ وَأَمَتِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَأَهْلِهَا وَلَوْ وَلَدَهَا مِنْ غَيْرِهِ عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِي بِكْرٍ بَالِغَةٍ لَا مَالَ لَهَا وَلَا كَسْبَ وَلَهَا أَبٌ مُوسِرٌ فَهَلْ تَكُونُ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ خَاصَّةً دُونَ أُمِّهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَنَفَقَةُ الْبِنْتِ بَالِغَةً وَالِابْنُ بَالِغًا زَمِنًا أَوْ أَعْمَى عَلَى الْأَبِ خَاصَّةً بِهِ يُفْتَى وَقِيلَ: عَلَى الْأَبِ ثُلُثَاهَا وَعَلَى الْأُمِّ ثُلُثُهَا كَإِرْثِهِ مُلْتَقَى. (سُئِلَ) فِي الْمَرْأَةِ إذَا لَمْ تُمَكِّنْ زَوْجَهَا مِنْ الدُّخُولِ فِي مَنْزِلِهَا الَّذِي يَسْكُنَانِ فِيهِ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُ النُّقْلَةَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ تَكُونُ نَاشِزَةً لَا نَفَقَةَ لَهَا مَا دَامَتْ كَذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ فَقِيرٍ زَمِنٍ لَهُ أَخٌ مُوسِرٌ فَهَلْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى أَخِيهِ الْمُوسِرِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ عَقَدَ نِكَاحَهُ عَلَى بِكْرٍ بِمَهْرٍ

باب ثبوت النسب

مَعْلُومٍ دَفَعَهُ لَهَا ثُمَّ امْتَنَعَ مِنْ الدُّخُولِ بِهَا وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَهِيَ فِي بَيْتِ أَهْلِهَا وَلَمْ يُطَالِبْهَا بِالنُّقْلَةِ وَإِذَا طَلَبَهَا لَا تَمْتَنِعُ وَلَا مَانِعَ مِنْ جِهَتِهَا أَصْلًا ثُمَّ طَالَبَتْهُ بِالنَّفَقَةِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهَا طَلَبُ النَّفَقَةِ مِنْ الزَّوْجِ قَبْلَ الزِّفَافِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى إذَا لَمْ يُطَالِبْ الزَّوْجُ بِالزِّفَافِ لِعَدَمِ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ قَبْلَ الطَّلَبِ وَكَذَا لَوْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا بِحَقٍّ بَزَّازِيَّةٌ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ فَقِيرَةٍ عَاجِزَةٍ عَمْيَاءَ لَهَا ابْنٌ فَقِيرٌ لَا مَالَ لَهُ وَلَهُ كَسْبٌ لَا يَفِي بِنَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ عِيَالِهِ وَلَهَا ابْنُ ابْنٍ مُوسِرٌ فَهَلْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ دَفَعَ لِمُطَلَّقَتِهِ دَرَاهِمَ لِتُنْفِقَهَا عَلَى بِنْتِهَا مِنْهُ الصَّغِيرَةِ فَتَزَوَّجَتْ بِأَجْنَبِيٍّ بَعْدَمَا أَنْفَقَتْ الْبَعْضَ وَانْتَقَلَتْ حَضَانَةُ الصَّغِيرَةِ إلَى أُمِّ أَبِيهَا وَيُرِيدُ مُطَالَبَةَ أُمِّهَا بِمَا بَقِيَ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سَافَرَ وَلَهُ أَبٌ فَقِيرٌ عَاجِزٌ وَلِلْغَائِبِ قَدْرُ اسْتِحْقَاقٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ تَحْتَ يَدِ نَاظِرِ الْوَقْفِ الْمُقِرِّ بِهِ وَبِالْأُبُوَّةِ وَطَلَبَ الْأَبُ فَرْضَ نَفَقَتِهِ مِنْ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَأَجَابَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَكَذَا فِي نَفَقَةِ الْأَوْلَادِ. (سُئِلَ) فِي حَاضِنَةِ لِبِنْتِهَا الْيَتِيمَةِ طَلَبَتْ مِنْ جَدِّ الْبِنْتِ لِأَبِيهَا نَفَقَةً لِلْبِنْتِ وَأُجْرَةً لِحَضَانَتِهَا مِنْ مَالِ الْبِنْتِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ فَهَلْ تُجَابُ إلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَصِيٍّ عَلَى أَيْتَامِهَا أَذِنَتْ لِزَوْجِهَا بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِمْ وَيَرْجِعَ بِنَظِيرِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فِي مَالِهِمْ عِنْدَ حُصُولِهِ فَأَنْفَقَ مَبْلَغًا مَعْلُومًا وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ بِنَظِيرِهِ كَمَا ذُكِرَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [بَابٌ ثُبُوتُ النَّسَبِ] (بَابٌ ثُبُوتُ النَّسَبِ) (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ حُبْلَى مِنْ زِنًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى وَلَدَتْ وَلَدًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ تَزَوَّجَهَا وَادَّعَتْ أَنَّهَا حُبْلَى مِنْهُ وَأَنَّ الْوَلَدَ لَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهَا عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ لَا تُصَدَّقُ فِي حَقِّهِ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ بِذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَصَحَّ نِكَاحُ حُبْلَى مِنْ زِنًا لَا حُبْلَى مِنْ غَيْرِهِ اهـ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ مِنْ بَابِ التَّعْزِيرِ إنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ يَثْبُتُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ وَلَمْ يُقِرَّ أَنَّهُ مِنْ الزِّنَا وَفِي التَّنْوِيرِ قَالَ إنْ نَكَحْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَنَكَحَهَا فَوَلَدَتْ لِنِصْفِ حَوْلٍ مُنْذُ نَكَحَهَا لَزِمَهُ نَسَبُهُ احْتِيَاطًا اهـ. (سُئِلَ) فِي الزَّانِي إذَا أَرَادَ أَنْ يَنْكِحَ مَزْنِيَّتَهُ الْحُبْلَى مِنْهُ هَلْ يَصِحُّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَيَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَالْوَلَدُ لَهُ وَتَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ. (أَقُولُ) لَيْسَ هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ هُوَ فِيمَا إذَا وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهُ وَفِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ نِكَاحِ الْوَلْوَالِجِيَّةِ رَجُلٌ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَلَمَّا اسْتَبَانَ حَمْلُهَا تَزَوَّجَهَا الَّذِي زَنَى بِهَا فَالنِّكَاحُ جَائِزٌ فَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ النِّكَاحِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ لِأَنَّهُ جَاءَتْ بِهِ فِي مُدَّةِ حَمْلٍ تَامٍّ عَقِبَ نِكَاحٍ صَحِيحٍ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ فَلَا اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا ابْنُهُ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَحَبِلَتْ مِنْهُ وَوَلَدَتْ وَيُرِيدُ الرَّجُلُ بَيْعَهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ جَدِّهِ أَوْ امْرَأَتِهِ وَقَالَ ظَنَنْت حِلَّهَا لِي فَلَا حَدَّ لِلشُّبْهَةِ وَلَا نَسَبَ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ فِيهِمَا وَإِنْ مَلَكَهُ يَوْمًا عَتَقَ عَلَيْهِ مِنْ شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ آخِرِ بَابِ الِاسْتِيلَادِ وَأَجَابَ الْمُؤَلِّفُ بِمِثْلِ ذَلِكَ أَيْضًا فِيمَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ وَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا لِمُدَّةِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَتِسْعَةِ أَيَّامٍ فَهَلْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ وَتَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَنْ وَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا وَادَّعَتْ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ لِكَوْنِهِ كَانَ يَطَؤُهَا وَالْحَالُ أَنَّ السَّيِّدَ لَمْ يَدَّعِ الْوَلَدَ وَلَا أَقَرَّ بِهِ فَهَلْ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي الْمُعْتَدَّةِ عَنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ إذَا تَزَوَّجَتْ بِآخَرَ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا تَامًّا بَعْدَ ذَلِكَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ نِكَاحِ الثَّانِي فَهَلْ

كتاب العتق والاستيلاد والتدبير والولاء والآبق

يَكُونُ الْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ لِفَسَادِ النِّكَاحِ الثَّانِي، وَلِلزَّوْجِ الثَّانِي أَنْ يُجَدِّدَ الْعَقْدَ عَلَيْهَا بِرِضَاهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ إذَا تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ فِي الْعِدَّةِ وَوَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ طَلَاقِ الْأَوَّلِ وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ نِكَاحِ الثَّانِي كَانَ الْوَلَدُ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ طَلَاقِ الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُ الْأَوَّلَ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ نِكَاحِ الثَّانِي فَالْوَلَدُ لِلثَّانِي وَإِلَّا فَلَا خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ النَّسَبِ. . (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَطِئَ جَارِيَةَ أُمِّهِ فَحَبِلَتْ مِنْهُ وَأَقَرَّ بِأَنَّ الْحَمْلَ مِنْهُ وَادَّعَاهُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَصَدَّقَتْهُ الْأُمُّ فِي الْإِحْلَالِ وَكَوْنِ الْوَلَدِ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ عَنْ الِابْنِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَنَقْلُهَا مَا مَرَّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [كِتَابُ الْعِتْقِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْوَلَاءِ وَالْآبِقِ] (كِتَابُ الْعِتْقِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْوَلَاءِ وَالْآبِقِ) (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِمَمْلُوكِهِ الْأَصْغَرِ مِنْهُ سِنًّا هَذَا ابْنِي فَهَلْ يَعْتِقُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ عَتَقَ عَلَيْهِ بِلَا نِيَّةٍ بِالْإِجْمَاعِ حَيْثُ كَانَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ ابْنًا لَهُ قَالَ فِي الْمُلْتَقَى وَلَوْ قَالَ هَذَا ابْنِي أَوْ أَبِي عَتَقَ بِلَا نِيَّةٍ وَكَذَا هَذِهِ أُمِّي. وَعِنْدَهُمَا لَا يَعْتِقُ إنْ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يَكُونَ ابْنًا لَهُ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا. اهـ (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِرَقِيقِهِ أَنْتَ مُدَبَّرٌ فَكَيْفَ حُكْمُهُ؟ (الْجَوَابُ) : الْمُدَبَّرُ يَعْتِقُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْهِ إنْ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُ وَلَهُ وَارِثٌ لَمْ يَجُزْ التَّدْبِيرُ وَإِنْ أَجَازَهُ عَتَقَ كُلُّهُ وَيَسْعَى فِي كُلِّهِ لَوْ مَدْيُونًا وَيَسْتَخْدِمُ الْمُدَبَّرُ وَيُسْتَأْجَرُ وَالْمَوْلَى أَحَقُّ بِكَسْبِهِ وَإِرْثِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ دَبَّرَ جَارِيَتَهُ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ عَنْ تَرِكَةٍ تَخْرُجُ الْجَارِيَةُ مِنْ ثُلُثِهَا وَيُرِيدُ بَعْضُ وَرَثَتِهِ بَيْعَهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : عَتَقَتْ الْجَارِيَةُ الْمَذْكُورَةُ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ لِكَوْنِهِ تَبَرُّعًا مُضَافًا إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَيَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ جَارِيَةٌ لَهَا ابْنٌ مِنْ غَيْرِهِ فَتَزَوَّجَ الِابْنُ الْمَذْكُورُ حُرَّةً بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَجَاءَتْ مِنْهُ بِأَوْلَادٍ فَهَلْ هُمْ أَحْرَارٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي السِّرَاجِ وَوَلَدُ الْحُرَّةِ مِنْ الْعَبْدِ حُرٌّ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهَا. (سُئِلَ) فِي عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ صَبِيٍّ وَكَبِيرٍ أَعْتَقَ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ فَكَيْفَ حُكْمُ حِصَّةِ الصَّغِيرِ؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْبَحْرِ وَإِنْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُحَرِّرَ أَوْ يُسْتَسْعَى وَالْوَلَاءُ لَهُمَا أَوْ يَضْمَنُ لَوْ مُوسِرًا وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْعَبْدِ وَالْوَلَاءُ لَهُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ وَرَقَتَيْنِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الشَّرِيكِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْإِعْتَاقُ فَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ صَبِيًّا يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ أَوْ وَصِيٌّ فَإِنْ كَانَ لَهُ أَحَدُهُمَا فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمِنَ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى أَوْ كَاتِبٌ لِأَنَّهُ ضَمَانُ نَقْلِ الْمِلْكِ فَصَارَ كَالْبَيْعِ وَاخْتِيَارُ السِّعَايَةِ كَالْكِتَابَةِ وَلِلْوَلِيِّ وِلَايَةُ بَيْعِ مَالِ الصَّبِيِّ وَكِتَابَةُ عَبْدِهِ وَلِلْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ وَصِيًّا لِيَخْتَارَ أَحَدَهُمَا وَلَيْسَ لَهُمَا اخْتِيَارُ الْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ اهـ. (سُئِلَ) فِي أُمِّ وَلَدٍ مَاتَ مَوْلَاهَا هَلْ تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ مِنْ كُلِّ مَالِهِ وَلَا تَسْعَى لِدَيْنِهِ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَالدُّرَرِ وَالْأَشْبَاهِ. (سُئِلَ) فِي الْأَمَةِ إذَا وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا سِقْطًا ظَهَرَ بَعْضُ خَلْقِهِ فَهَلْ تَصِيرُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَنَقَلَ الْأُولَى مِنْ التَّنْوِيرِ فِي الْحَيْضِ وَالثَّانِيَةَ مِنْهُ فِي الِاسْتِيلَادِ. (سُئِلَ) فِي مُعْتَقَةٍ مَاتَ سَيِّدُهَا عَنْ بِنْتِهِ وَأُخْتِهِ الشَّقِيقَةِ وَابْنِ عَمِّهِ الْعَصَبِيِّ فَهَلْ يَنْتَقِلُ وَلَاؤُهَا لِابْنِ الْعَمِّ الْعَصَبَةِ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْوَلَاءِ مِنْ الْمُتُونِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَبَقَ عَبْدُ زَيْدٍ فَأَخَذَهُ عَمْرٌو وَأَشْهَدَ أَنَّهُ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ لِمَوْلَاهُ ثُمَّ أَبَقَ مِنْ يَدِهِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ لَا يَضْمَنُهُ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَرِضَتْ جَارِيَتُهَا فَقَالَتْ لِجِيرَانِهَا إنْ مَاتَتْ هَذِهِ الْجَارِيَةُ مِنْ مَرَضِهَا الْمَزْبُورِ فَهِيَ حُرَّةٌ ثُمَّ بَرِئَتْ مِنْ مَرَضِهَا الْمَزْبُورِ وَتَزْعُمُ أَنَّهَا عَتَقَتْ بِذَلِكَ فَهَلْ لَا تَعْتِقُ

كتاب الأيمان والنذور

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى مِلْكٍ أَوْ شَرْطٍ صَحَّ أَيْ إنْ أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى مِلْكٍ بِأَنْ قَالَ إنْ مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ إلَى شَرْطٍ كَقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَقَعُ الْعِتْقُ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ بَحْرٌ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ الْجَارِيَيْنِ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ وُلِدَ لَهُمَا ابْنٌ فَهَلْ يَكُونُ الِابْنُ رَقِيقًا (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي الْأَبِ هَلْ يَمْلِكُ إعْتَاقَ جَارِيَةِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ لَا (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ لَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ إعْتَاقَ عَبْدِ الصَّبِيِّ وَلَوْ عَلَى مَالٍ وَلَا بَيْعَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَكَذَا الْأَبُ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ إضْرَارٌ مَحْضٌ لِلصَّغِيرِ. (قُلْت) وَكَوْنُهُ عَلَى مَالٍ لَيْسَ إلَّا جُعْلٌ مِنْهُ لِلْعَبْدِ مَدْيُونًا بَعْدَ الْعِتْقِ وَبَيْعُهُ مِنْ نَفْسِهِ إعْتَاقٌ عَلَى مَالٍ وَلَا يَجُوزُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَدَبُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْإِعْتَاقِ. (سُئِلَ) فِي مَمْلُوكٍ اشْتَرَاهُ زَيْدٌ مِنْ سَيِّدِهِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَبَضَهُ وَتَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي الْمَمْلُوكَ وَذَهَبَ بِهِ مُنْقَادًا لِلرِّقِّ وَاسْتَخْدَمَهُ الْمُشْتَرِي سِنِينَ ثُمَّ ادَّعَى الْمَمْلُوكُ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَادِلَةً تَشْهَدُ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيُقْضَى بِمُوجَبِهَا (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ انْقَادَ لِلرِّقِّ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبُرْهَانٍ شَرْعِيٍّ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي صِحَّتِهِ مُنَجِّزًا لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ زَاعِمِينَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عِتْقُهُ لِكَوْنِ سَيِّدِهِ لَمْ يَكْتُبْ لَهُ صَكَّا بِالْعِتْقِ فَهَلْ يَكُونُ الْإِعْتَاقُ صَحِيحًا وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَعْتَقَ عَبْدَهُ مُنَجِّزًا لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَالْآنَ يُرِيدُ بَيْعَهُ زَاعِمًا أَنَّهُ كَانَ مَدْيُونًا عِنْدَ عِتْقِهِ فَهَلْ الْعِتْقُ صَحِيحٌ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. [كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ] (كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ) قَدَّمْنَا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ مَسَائِلِ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ فَلْتُرَاجَعْ هُنَاكَ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَغْفَرَ زَيْدٌ مِنْ ذَنْبِهِ وَحَلَفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَنْ لَا يَفْعَلَهُ وَإِنْ فَعَلَهُ يَكُونُ دِينُهُ لِلْكَافِرِ ثُمَّ فَعَلَهُ فَهَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ لَا وَهَلْ يَكْفُرُ بِذَلِكَ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : أَمَّا الْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَفِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَأَمَّا تَعْلِيقُ الْكُفْرِ بِالشَّرْطِ فَيَمِينٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَأَمَّا الْكُفْرُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ إنْ كَانَ عِنْدَهُ فِي اعْتِقَادِهِ أَنَّهُ يَمِينٌ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا وَعِنْدَهُ أَنَّهُ يَكْفُرُ بِمُبَاشَرَةِ الشَّرْطِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ يَكْفُرُ لِرِضَاهُ بِالْكُفْرِ وَعَلَيْهِ تَجْدِيدُ الْإِسْلَامِ وَالنِّكَاحِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ وَالدُّرَرِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَفِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَا اخْتَارَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنْ يَنْظُرَ إنْ كَانَ الْحَالِفُ يَعْتَقِدُ أَنَّ بِمِثْلِ هَذَا الْيَمِينِ كَاذِبًا كُفْرًا يَكْفُرُ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَيْهَا يَكُونُ رِضًا بِالْكُفْرِ اهـ وَفِي الْمُجْتَبَى وَالذَّخِيرَةِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ إنْ اعْتَقَدَ الْكُفْرَ بِهِ يَكْفُرُ وَإِلَّا فَلَا اهـ. وَأَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَشْهَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ أَخَذَ بِنْتَه مِنْ جَدِّهَا يَكُنْ فِي ذِمَّتِهِ لِمَطْبَخِ وَالِي الْبَلْدَةِ كَذَا مِنْ الْقُرُوشِ فَهَلْ إذَا أَخَذَهَا مِنْ جَدِّهَا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ النَّذْرَ لَا يَكُونُ لِمَخْلُوقٍ وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَلَا يَقْضِي الْقَاضِي بِالنَّذْرِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةُ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي ذِمِّيٍّ صَبَّاغٍ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ إنْ صَبَغَ صُوفًا صَبْغًا أَصْفَرَ يَكُنْ عَلَيْهِ نَذْرٌ لِلْمَجْذُومِينَ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَهَلْ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِعَدَمِ صِحَّةِ النَّذْرِ لِمَخْلُوقٍ وَشَرْطُ النَّذْرِ أَنْ يَكُونَ مِنْ مُسْلِمٍ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ النَّذْرُ مِنْ كَافِرٍ وَلَا مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ وَلَا مِنْ سَفِيهٍ بِمَالٍ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْحَجْرِ وَأَمَّا الْحُرِّيَّةُ فَلَيْسَتْ شَرْطًا فَيَصِحُّ نَذْرُ الْمَمْلُوكِ إلَخْ مِنْ رِسَالَةِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ نُجَيْمٍ فِي النَّذْرِ بِالتَّصَدُّقِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ لِجِهَةِ

كتاب الشركة

كَذَا مَبْلَغٌ قَدْرُهُ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى سَبِيلِ النَّذْرِ وَالْحَالُ أَنَّهُ حِينَ قَالَ ذَلِكَ لَا يُرِيدُ الْفِعْلَ الْمَذْكُورَ فَهَلْ إذَا فَعَلَهُ وَكَانَ النَّذْرُ مُسْتَوْفِيًا لِلشَّرَائِطِ الشَّرْعِيَّةِ يَكُونُ مُخَيَّرًا بَيْنَ وَفَاءِ الْمَنْذُورِ أَوْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنَّذْرِ وَلَوْ كَانَ النَّذْرُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا كَانَ النَّذْرُ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ لَا يُرِيدُهُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِالْمَنْذُورِ أَوْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَفِي الدُّرَرِ وَبِهِ يُفْتَى وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِكَثْرَةِ الْبَلْوَى وَفِي الْهِدَايَةِ لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْيَمِينِ وَهُوَ الْمَنْعُ وَهُوَ بِظَاهِرِهِ نَذْرٌ فَيُخَيَّرُ وَيَمِيلُ إلَى أَيِّ الْجِهَتَيْنِ شَاءَ أَيْ مِنْ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ أَوْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الصَّحِيحُ اهـ وَلَا يُجْبَرُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [كِتَاب الشَّرِكَة] [شَرِكَة الْعِنَانِ] (كِتَابُ الشَّرِكَةِ) (سُئِلَ) فِي شَرِيكَيْ عِنَانٍ شَرَطَا الرِّبْحَ وَالْخُسْرَانَ بَيْنَهُمَا بِقَدْرِ الْمَالِ وَأَذِنَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بِأَنْ يَدْفَعَ لِعِيَالِ الْآذِنِ مِنْ مَالِهِ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا وَيَعْمَلَ فِي الشَّرِكَةِ فَعَمِلَ وَدَفَعَ مَا أَذِنَ لَهُ بِدَفْعِهِ لِلْعِيَالِ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَحَصَلَ خُسْرَانٌ فِي أَصْلِ الْمَالِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَهَلْ يَكُونُ الْخُسْرَانُ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ وَيُقْبَلُ قَبُولُ الْمَأْذُونِ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ وَلَهُ احْتِسَابُ مَا أَذِنَ لَهُ بِدَفْعِهِ لِلْعِيَالِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ الشَّرِيكِ وَالْمُضَارِبِ فِي مِقْدَارِ الرِّبْحِ وَالْخُسْرَانِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَذْكُرَ الْأَمْرَ مُفَصَّلًا وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الضَّيَاعِ وَالرَّدِّ إلَى الشَّرِيكِ وَالْإِفْرَازِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلَيْنِ زَرَعَا فِي أَرْضِ وَقْفٍ ذَرَّةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِبَقَرِهِمَا وَعَمَلِهِمَا حَتَّى اسْتَحْصَدَ وَيُرِيدُ أَحَدُهُمَا الِاخْتِصَاصَ بِجَمِيعِهِ مُتَعَلِّلًا بِكَوْنِهِ سَاكِنًا فِي الْقَرْيَةِ وَيُطْعِمُ الضُّيُوفَ الْوَارِدِينَ إلَيْهَا دُونَ شَرِيكِهِ الْآخَرِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي فَرَسٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو لِزَيْدٍ رُبْعُهَا وَهِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَلِعَمْرٍو بَاقِيهَا طَلَبَهَا عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ مِرَارًا لِتَكُونَ عِنْدَهُ فِي نَوْبَتِهِ فَامْتَنَعَ ثُمَّ كَوَاهَا بِنَارٍ بِسَبَبِ عِلَّةٍ بِهَا بِغَيْرِ إذْنِ عَمْرٍو فَحَصَلَ بِهَا عَيْبٌ نَقَصَ قِيمَتَهَا بِسَبَبِ ذَلِكَ وَيُرِيدُ عَمْرٌو أَنْ يُضَمِّنَهُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ حِصَّتِهِ مِنْهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. قَالَ فِي الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ: سُئِلَ فِي فَرَسٍ مُشْتَرَكَةٍ كَوَاهَا أَحَدُ الشُّرَكَاءِ لِعِلَّةٍ بِنَارٍ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْبَاقِينَ وَبِغَيْرِ مَعْرِفَةٍ فَأَدَّى ذَلِكَ إلَى هَلَاكِهَا هَلْ يَضْمَنُ مَا يَخُصُّهُمْ؟ (أَجَابَ) الشَّرِيكُ أَجْنَبِيٌّ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعَالِجَ إلَّا بِإِذْنِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً فَحَيْثُ انْتَفَى الْإِذْنُ مُطْلَقًا لِكَوْنِ الْمُعَالَجَةِ عَمَلًا تَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ، يَضْمَنُ الشَّرِيكُ مَا يَخُصُّ بَقِيَّةَ الشُّرَكَاءِ يَوْمَ التَّعَدِّي ضَمَانَ السِّرَايَةِ بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ اهـ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ دَابَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ قَالَ الْبَيْطَارُونَ لَا بُدَّ مِنْ كَيِّهَا فَكَوَاهَا الْحَاضِرُ لَا يَضْمَنُ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ لِأَنَّ هُنَا اعْتَمَدَ عَلَى قَوْلِ الْبَيْطَارِينَ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ وَانْظُرْ إلَى قَوْلِهِ بِغَيْرِ مَعْرِفَةٍ وَإِلَى قَوْلِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً يَظْهَرْ لَك وَجْهُ عَدَمِ الْمُخَالَفَةِ ظُهُورًا شَافِيًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَشَارَكَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو عِنَانًا فِي مَبْلَغٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ تَسَلَّمَهُ زَيْدٌ بِإِذْنِ عَمْرٍو لِيَتَّجِرَ بِهِ وَالرِّبْحُ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ وَاتَّجَرَ بِهِ مُدَّةً وَدَفَعَ لِعَمْرٍو مِنْهُ مِقْدَارًا مَعْلُومًا لِيُحَاسِبَهُ بِهِ إذَا تَفَاسَخَا الشَّرِكَةَ ثُمَّ جَحَدَ عَمْرٌو مَا أَخَذَهُ مِنْ زَيْدٍ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ زَيْدٍ بِيَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَنَقْلُهَا مَا مَرَّ آنِفًا. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو غَيْرِ قَابِلَةٍ لِلْقِسْمَةِ سَكَنَهَا زَيْدٌ وَحْدَهُ وَلَا يَرْضَى عَمْرٌو بِالسُّكْنَى مَعَهُ فِيهَا وَقَالَ إمَّا أَنْ تُؤَجِّرَنِي حِصَّتَك أَوْ تَسْتَأْجِرَ مِنِّي حِصَّتِي أَوْ يَسْكُنُهَا كُلٌّ مِنَّا بِمُفْرَدِهِ بِحَسَبِ حِصَّتِهِ مُدَّةً فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَيَأْمُرُ الْقَاضِي زَيْدًا

بِاخْتِيَارِ وَجْهٍ مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ أَوْ يَخْرُجَ مِنْهَا زَيْدٌ وَتُؤَجَّرَ لِأَجْنَبِيٍّ وَيَقْتَسِمَانِ الْأُجْرَةَ بِحَسَبِ حِصَصِهِمَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْمَرْحُومُ الْجَدُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ. (سُئِلَ) فِي مُهْرَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو نِصْفَيْنِ وَهِيَ تَحْتَ يَدِ زَيْدٍ فَدَفَعَهَا الْبُسْتَانِيُّ لِتَرْعَى فِي أَرْضِ الْبُسْتَانِ وَفَارَقَهُ بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ ثُمَّ فُقِدَتْ بِلَا تَعَدٍّ مِنْ الْبُسْتَانِيِّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي حِفْظِهِمَا وَتَعَذَّرَ إحْضَارُهَا فَهَلْ يَضْمَنُ زَيْدٌ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالسِّرُّ فِي ذَلِكَ أَنَّ الشَّرِيكَ حُكْمُهُ فِي حِصَّتِهِ شَرِيكِهِ حُكْمُ الْمُودَعِ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةُ مِنْ الشَّرِكَةِ فَيَكُونُ الْبُسْتَانِيُّ مُودَعَ الْمُودَعِ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَلَا يَضْمَنُ مُودَعُ الْمُودَعِ فَيَضْمَنُ الْأَوَّلُ فَقَطْ إنْ هَلَكَ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ وَإِنْ قَبْلَهَا لَا ضَمَانَ بِخِلَافِ مُودَعِ الْغَاصِبِ فَيَضْمَنُ أَيًّا شَاءَ وَإِذَا ضَمِنَ الْمُودَعُ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ اهـ. (أَقُولُ) يُشْكِلُ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ وَمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ أَجْنَبِيٌّ فِي حِصَّةِ صَاحِبِهِ بِخِلَافِ شَرِكَةِ الْعَقْدِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي فَرَسٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ لِزَيْدٍ نِصْفُهَا وَلِعَمْرٍو وَبَكْرٍ النِّصْفُ الْآخَرُ فَبَاعَ زَيْدٌ نِصْفَهَا الْمُخْتَصَّ بِهِ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهَا مِنْهُ بِإِذْنِ عَمْرٍو فَقَطْ وَلَمْ يَأْذَنْ بَكْرٌ بِذَلِكَ ثُمَّ بَاعَ الرَّجُلُ النِّصْفَ الْمَزْبُورَ مِنْ شَخْصٍ وَسَلَّمَهَا مِنْهُ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ بَكْرٍ أَيْضًا وَأَرْكَبَهَا الشَّخْصُ لِآخَرَ فَرَكِبَهَا فَوَقَعَتْ تَحْتَهُ وَأَسْقَطَتْ مُهْرَةً وَمَاتَتْ وَصَدَرَ الْإِرْكَابُ الْمَذْكُورُ بِدُونِ إذْنِ بَكْرٍ أَيْضًا وَيُرِيدُ تَضْمِينَ الشَّخْصِ الْمَرْقُومِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مِنْ الْفَرَسِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْمُحِبِّيَّةِ ثُمَّ الشَّرِيكُ هَاهُنَا لَوْ بَاعَا ... حِصَّتَهُ مِنْ فَرَسٍ وَابْتَاعَا ذَلِكَ مِنْهُ الْأَجْنَبِيُّ وَهَلَكَا ... وَكَانَ ذَا بِغَيْرِ إذْنِ الشُّرَكَا فَإِنْ يَشَاءُوا ضَمَّنُوا الشَّرِيكَ أَوْ ... مَنْ اشْتَرَى مِنْهُ عَلَى مَا قَدَرُوا اهـ لَهُمَا دَابَّةٌ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَهَلَكَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَالشَّرِيكُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَ شَرِيكَهُ أَوْ الْمُشْتَرِيَ فَإِنْ ضَمِنَ الشَّرِيكُ جَازَ بَيْعُهُ فَنِصْفُ الثَّمَنِ لَهُ وَإِنْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ وَالْبَائِعُ لَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى أَحَدِكُمَا هُوَ حُكْمُ الْغَاصِبِ مِنْ شَرِكَةٍ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَالْمِنَحِ صُرَّةُ الْفَتَاوَى. وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ مُشْتَرَكِينَ فِي فَرَسٍ بَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَسَلَّمَ الْفَرَسَ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِ بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ فَهَلَكَتْ (فَأَجَابَ) الشُّرَكَاءُ مُخَيَّرُونَ إنْ شَاءُوا وَضَمَّنُوا الشَّرِيكَ أَوْ ضَمَّنُوا الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ اهـ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِوُجُودِ التَّسْلِيمِ مِنْ الْبَائِعِ فِي مَسْأَلَتِنَا خَيْرِيَّةٌ. (سُئِلَ) عَنْ مَوَاشٍ لَهُمَا غَابَ أَحَدُهُمَا فَدَفَعَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ كُلَّهَا إلَى الرَّاعِي هَلْ يَضْمَنُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ؟ (الْجَوَابُ) : أَنَّهُ يَضْمَنُ إذْ يُمْكِنُهُ حِفْظُهَا بِيَدِ أَجِيرِهِ فَلَا يَصِيرُ مُودَعًا وَلَوْ تَرَكَهَا الشَّرِيكُ الْغَائِبُ فِي الصَّحْرَاءِ وَلَمْ يَتْرُكْهَا بِيَدِهِ يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيَنْصِبَهُ قَيِّمًا لِيَحْفَظَ اهـ فُصُولَيْنِ. (سُئِلَ) فِي فَرَسٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَهِيَ بِيَدِ زَيْدٍ انْتَفَعَ بِهَا مُدَّةً ثُمَّ طَلَبَهَا عَمْرٌو مِنْهُ مِرَارًا لِتَكُونَ فِي مُدَّتِهِ وَنَوْبَتِهِ فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى ضَلَّتْ عِنْدَهُ فَهَلْ يَضْمَنُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنْهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذْ الشَّرِيكُ حُكْمُهُ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ حُكْمُ الْمُودَعِ وَالْمُودَعُ بِالْمَنْعِ ضَامِنٌ لِمَا هَلَكَ عِنْدَهُ بَعْدَ الْمَنْعِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. (سُئِلَ) فِي حِمَارَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو نِصْفَيْنِ وَهِيَ تَحْتَ يَدِ زَيْدٍ فَدَفَعَهَا إلَى بَكْرٍ لِيَحْمِلَهَا وَسَلَّمَهَا وَفَارَقَهُ فَحَمَلَهَا وَكُلُّ ذَلِكَ بِلَا إذْنِ عَمْرٍو ثُمَّ سَلَّمَهَا بَكْرٌ إلَى زَيْدٍ ضَعِيفَةً بِسَبَبِ التَّحْمِيلِ وَمَاتَتْ عِنْدَهُ وَيُرِيدُ عَمْرٌو أَنْ يُطَالِبَهُ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ مِنْهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَحَدُ رَبَّيْ الدَّابَّةِ اسْتَعْمَلَهَا فِي الرُّكُوبِ أَوْ حَمْلِ الْمَتَاعِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ ضَمِنَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ مُنْيَةُ الْمُفْتِي وَاعْلَمْ أَنَّ

مُحَصَّلَ كَلَامِ الْإِمَامِ الزَّيْلَعِيِّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ شَرِكَةُ مِلْكٍ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ كَغَيْرِ الشَّرِيكِ مِنْ الْأَجَانِبِ إلَّا بِإِذْنِهِ لِعَدَمِ تَضَمُّنِهَا الْوَكَالَةَ فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ حِصَانَهُ لِعَمْرٍو لِيَعْلِفَهُ وَيُرَبِّيَهُ بِنِصْفِهِ فَرَبَّاهُ وَعَلَفَهُ مُدَّةً فَهَلْ لَيْسَ لَهُ سِوَى أَجْرِ مِثْلِهِ وَتَرْبِيَتِهِ وَمِثْلُ عَلَفِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِهِ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ وَالشَّيْخُ الرَّحِيمِيُّ فِي الْإِجَارَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَالَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ إنِّي اسْتَقْرَضْت مِنْ فُلَانٍ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ لِلتِّجَارَةِ هَلْ يَلْزَمُهُ خَاصَّةً دُونَ صَاحِبِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ إنِّي اسْتَقْرَضْت مِنْ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِلتِّجَارَةِ لَزِمَهُ خَاصَّةً دُونَ صَاحِبِهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يَكُونُ حُجَّةً لِإِلْزَامِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ وَإِنْ أَمَرَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ بِالِاسْتِدَانَةِ لَا يَصِحُّ الْأَمْرُ وَلَا يَمْلِكُ الِاسْتِدَانَةَ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَرْجِعُ الْمُقْرِضُ عَلَيْهِ لَا عَلَى صَاحِبِهِ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالِاسْتِدَانَةِ تَوْكِيلٌ بِالِاسْتِقْرَاضِ وَالتَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ بِالتَّكَدِّي إلَّا أَنْ يَقُولَ الْوَكِيلُ لِلْمُقْرِضِ إنَّ فُلَانًا يَسْتَقْرِضُ مِنْك أَلْفَ دِرْهَمٍ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَالُ عَلَى الْمُوَكِّلِ لَا عَلَى الْوَكِيلِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ شَرِكَةِ الْعِنَانِ (أَقُولُ) وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ عَقِيبَ هَذَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَقْرَضَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ لِأَجْلِ الشَّرِكَةِ وَيُرِيدُ الشَّرِيكُ الْمُسْتَقْرِضُ أَخْذَ مِثْلِ الْقَرْضِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ اسْتَقْرَضَ أَحَدُهُمَا مَالًا لَزِمَهُمَا لِأَنَّ الِاسْتِقْرَاضَ تِجَارَةٌ وَمُبَادَلَةٌ مَعْنًى لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْمُسْتَقْرَضَ وَيَلْزَمُهُ رَدُّ مِثْلِهِ فَشَابَهُ الْمُصَارَفَةَ أَوْ الِاسْتِعَارَةَ وَأَيُّهُمَا كَانَ نَفَذَ عَلَى صَاحِبِهِ مُحِيطٌ السَّرَخْسِيِّ مِنْ فَصْلِ مَا يَجُوزُ لِأَحَدِ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْمَالِ. وَلَوْ اسْتَقْرَضَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ مَالًا لِلتِّجَارَةِ لَزِمَهُمَا لِأَنَّهُ تَمْلِيكُ مَالٍ بِمَالٍ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الصَّرْفِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ شَرِكَةِ الْعِنَانِ (أَقُولُ) وَمِثْلُهُ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ الَّذِي قَبْلَهُ أَنَّ الِاسْتِقْرَاضَ هُنَا ثَابِتٌ بِاعْتِرَافِ الشَّرِيكَيْنِ وَفِيمَا مَرَّ إنَّمَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمُسْتَقْرِضِ فَقَطْ فَلَا يَلْزَمُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ الْمَارُّ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يَكُونُ حُجَّةً لِإِلْزَامِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ لَكِنْ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِيمَا إذَا قَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْمَالُ كُنْت اسْتَدَنْت مِنْ فُلَانٍ كَذَا لِلشَّرِكَةِ وَدَفَعْت لَهُ دَيْنَهُ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ قَالَ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الشَّرِيكَ إذَا قَالَ قَدْ اسْتَقْرَضْت مِائَةَ دِينَارٍ وَآخُذُ عِوَضَهَا إنْ كَانَ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُقِرِّ فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمِائَةَ دِينَارٍ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْمِنَحِ نَقْلًا عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى اهـ وَقَالَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمِنَحِ مَا نَصُّهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَالُ فِي يَدِهِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ أَمِينٌ فَقَدْ ادَّعَى أَنَّ مِائَةَ دِينَارٍ مِنْهَا حَقُّ الْغَيْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي دَيْنًا عَلَيْهِ، وَأَقُولُ لَوْ قَالَ لِي فِي هَذَا الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِي كَذَا يُقْبَلُ أَيْضًا لِأَنَّهُ ذُو الْيَدِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ ذِي الْيَدِ فِيمَا بِيَدِهِ أَنَّهُ لَهُ كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ لِلْغَيْرِ تَأَمَّلْ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى وَبِهِ أَفْتَيْت اهـ كَلَامُهُ فَأَفَادَ أَنَّ قَوْلَ الْخَانِيَّةِ فِيمَا مَرَّ لَزِمَهُ خَاصَّةً دُونَ صَاحِبِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ فِي يَدِهِ بِدَلِيلِ مَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ. وَنَصُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ مَالٌ نَاضٌّ وَصَارَ مَالُ الشَّرِكَةِ أَعْيَانًا أَوْ أَمْتِعَةً فَاشْتَرَى بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ نَسِيئَةً فَالشِّرَاءُ لَهُ خَاصَّةً دُونَ شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ عَلَى الشَّرِكَةِ صَارَ مُسْتَدِينًا عَلَى مَالِ الشَّرِكَةِ وَأَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ لَا يَمْلِكُ الِاسْتِدَانَةَ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي ذَلِكَ اهـ ثُمَّ نُقِلَ فِي الْبَحْرِ مِثْلُ ذَلِكَ بَعْدَ وَرَقَتَيْنِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَمِثْلُهُ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ مُعَلَّلًا بِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ مُشْتَرَكًا تَضَمَّنَ إيجَابَ مَالِ الزَّائِدِ عَلَى الشَّرِكَةِ وَهُوَ لَمْ يَرْضَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ اهـ وَفِيهَا أَيْضًا وَإِنْ أَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ لَزِمَهُ خَاصَّةً فَكَانَ لِلْمُقْرِضِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى شَرِيكِهِ وَهُوَ

الصَّحِيحُ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالِاسْتِقْرَاضِ بَاطِلٌ فَصَارَ الْإِذْنُ وَعَدَمُهُ سَوَاءً اهـ وَلَعَلَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ وَكَذَا فِي كَوْنِهِ يَمْلِكُ الِاسْتِدَانَةَ بِالْإِذْنِ أَوْ لَا فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَدْ يُوَفَّقُ بَيْنَ مَا فِي الْبَحْرِ وَبَيْنَ مَا مَرَّ قَبْلَهُ بِحَمْلِ مَا فِي الْبَحْرِ الْوَلْوَالِجِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا اسْتَدَانَهُ أَيْ لَوْ هَلَكَ يَلْزَمُهُ وَحْدَهُ وَلَا يُطَالَبُ الشَّرِيكُ الْآخَرُ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ قَائِمًا يُطَالَبُ بِهِ الْمُسْتَدِينُ وَحْدَهُ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي أَنَّ الْمُسْتَدِينَ لَهُ أَخْذُهُ أَوْ أَخْذُ مِثْلِهِ لَوْ خَلَطَهُ بِمَالِ الشَّرِكَةِ وَأَنَّهُ يَصْدُقُ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَالُ بِيَدِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. هَذَا وَمَسْأَلَةُ الِاسْتِدَانَةِ بِالْإِذْنِ تَقَعُ كَثِيرًا حَيْثُ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فِي بَلْدَةٍ فَيَشْتَرِي كُلٌّ مِنْهُمَا بِالنَّسِيئَةِ وَيُرْسِلُ إلَى الْآخَرِ بِإِذْنِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا قَالَ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ مَا اشْتَرَيْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَك أَوْ اشْتَرَكْنَا عَلَى أَنَّ مَا اشْتَرَيْنَا مِنْ تِجَارَةٍ فَهُوَ بَيْنَنَا يَجُوزُ وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى بَيَانِ الصِّفَةِ وَالْقَدْرِ وَالْوَقْتِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَارَ وَكِيلًا عَنْ الْآخَرِ فِي نِصْفِ مَا يَشْتَرِيهِ وَغَرَضُهُ بِذَلِكَ تَكْثِيرُ الرِّبْحِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِعُمُومِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ شَرِكَةُ مِلْكٍ لَا شَرِكَةُ عَقْدٍ وَلِذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حِصَّةَ صَاحِبِهِ مِمَّا اشْتَرَى إلَّا بِإِذْنِهِ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ بِجَمِيعِ مَالِ الشَّرِكَةِ بَضَائِعَ لَهَا وَلَمْ يَبْقَ بِيَدِهِ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ لَهَا ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ اشْتَرَى بَعْدَ ذَلِكَ بَضَائِعَ لَهَا بِدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ وَتَلِفَتْ الْبَضَائِعُ فَهَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لَهُ دُونَ شَرِيكِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَكُونُ لَهُ خَاصَّةً حَيْثُ لَمْ يَبْقَ فِي يَدِهِ دَرَاهِمُ وَلَا دَنَانِيرُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ. (سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ مُتَشَارِكِينَ عِنَانًا فِي نَوْعٍ خَاصٍّ مِنْ التِّجَارَةِ وَهُوَ الْبُنُّ وَمَالُ الشَّرِكَةِ تَحْتَ يَدِ زَيْدٍ مِنْهُمْ بِإِذْنِهِمْ فَسَافَرَ زَيْدٌ وَاشْتَرَى بِبَعْضِ مَالِ الشَّرِكَةِ بُنًّا وَبِبَعْضِهِ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً لِعِيَالِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ تِجَارَتِهِمَا ثُمَّ فُقِدَتْ الْأَمْتِعَةُ الْمَزْبُورَةَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ وَيَزْعُمُ زَيْدٌ أَنَّهَا هَلَكَتْ عَلَى الشَّرِكَةِ فَهَلْ يَكُونُ مَا اشْتَرَاهُ لَهُ خَاصَّةً وَيَهْلِكُ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ جِنْسِ تِجَارَتِهِمَا وَأَشْهَدَ عِنْدَ الشِّرَاءِ أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ لِنَفْسِهِ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ فِي النِّصْفِ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَلَوْ اشْتَرَى مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ تِجَارَتِهِمَا فَهُوَ لَهُ خَاصَّةً لِأَنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنْ التِّجَارَةِ لَمْ يَنْطَبِقْ عَلَيْهِ عَقْدُ الشَّرِكَةِ مِنْ مُحِيطِ الْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ لِأَحَدِ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ أَيْضًا مَجْمُوعَةٌ الْأَنْقِرْوِيِّ. وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ سُئِلَ إذَا اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَيْنًا وَنَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ ثُمَّ ادَّعَى شِرَاءَهُ لِنَفْسِهِ خَاصَّةً هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَمْ لَا أَجَابَ إنْ كَانَتْ شَرِكَةَ عِنَانٍ وَلَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ عِنْدَ الْعَقْدِ صَرَّحَ بِالشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ خُصُوصًا فَالْمُشْتَرَى لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنْ نَقَدَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ فَالْمُشْتَرَى عَلَى الشَّرِكَةِ اهـ. (أَقُولُ) لَعَلَّ قَوْلَهُ فَالْمُشْتَرَى لَهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ تِجَارَتِهِمَا وَقَوْلُهُ فَالْمُشْتَرَى عَلَى الشَّرِكَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا كَانَ مِنْ جِنْسِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ مَعْزِيًّا لِلْمُؤَلِّفِ مَا نَصُّهُ أَقُولُ لَمْ يَسْتَنِدْ فِي ذَلِكَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ إلَى نَقْلٍ فَلَا يُعْدَلُ عَنْ عِبَارَةِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ بِهَذَا النَّقْلِ أَوْ يُحْمَلُ كَلَامُ قَارِئِ الْهِدَايَةِ عَلَى مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ تِجَارَتِهِمَا لِيُوَافِقَ عِبَارَةَ الْمُحِيطِ وَالْحَالُ أَنَّ صَاحِبَ الْبَحْرِ نَقَلَ عِبَارَةَ الْمُحِيطِ وَسَكَتَ عَنْ كَلَامِ قَارِئِ الْهِدَايَةِ مَعَ اطِّلَاعِهِ فَتَنَبَّهْ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ الشَّرِيكُ مُجَهِّلًا مَالَ الشَّرِكَةِ وَلَمْ يُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ فَهَلْ يَضْمَنُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ بِذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَيَضْمَنُ الشَّرِيكُ بِمَوْتِهِ مُجَهِّلًا نَصِيبَ صَاحِبِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ اهـ. وَمِثْلُهُ إذَا مَاتَ الْمُضَارِبُ عَادَ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ عَنْ شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ

أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ مِنْ زَيْدٍ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ ثُمَّ دَفَعَ زَيْدٌ الْمُشْتَرِي ثَمَنَ ذَلِكَ إلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ الَّذِي لَمْ يُبَاشِرْ عَقْدَ الْبَيْعِ فَهَلْ لَا يَبْرَأُ زَيْدٌ مِنْ حِصَّةِ الْبَائِعِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمِنَحِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا سَكَنَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُمَا بِطَرِيقِ الْمِلْكِ مُدَّةً بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ لِحِصَّةِ شَرِيكِهِ وَالْآنَ يُكَلِّفُهُ شَرِيكُهُ الَّذِي لَمْ يَسْكُنْ إلَى دَفْعِ أُجْرَةِ حِصَّتِهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ أَوْ يَسْكُنُ فِي الدَّارِ بِقَدْرِ مَا سَكَنَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْمَنْظُومَةِ الْمُحِبِّيَّةِ لَوْ أَحَدٌ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ سَكَنَ ... فِي الدَّارِ مُدَّةً مَضَتْ مِنْ الزَّمَنِ فَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يُطَالِبَهُ ... بِأُجْرَةِ السُّكْنَى وَلَا الْمُطَالَبَةُ بِأَنَّهُ يَسْكُنُ مِثْلَ الْأَوَّلِ ... لَكِنَّهُ إنْ كَانَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ يَطْلُبُ أَنْ يُهَايِئَ الشَّرِيكَا ... يُجَاب فَافْهَمْ وَدَعِ التَّشْكِيكَا وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَالدُّرَرِ وَصُوَرِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي دَارٍ غَيْرِ مَقْسُومَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا وَيُرِيدُ الْحَاضِرُ أَنْ يَسْكُنَ فِيهَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ دَارٌ بَيْنَهُمَا غَابَ أَحَدُهُمَا وَسِعَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَسْكُنَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَيَسْكُنُ الدَّارَ كُلَّهَا وَكَذَا خَادِمٌ بَيْنَهُمَا غَابَ أَحَدُهُمَا فَلِلْحَاضِرِ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ بِحِصَّتِهِ وَفِي الدَّوَابِّ لَا يَرْكَبُهَا الْحَاضِرُ لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي الرُّكُوبِ لَا السُّكْنَى وَالِاسْتِخْدَامِ فَيَتَضَرَّرُ الْغَائِبُ بِرُكُوبِهَا لَا بِهِمَا نُورُ الْعَيْنِ فِي الْخَامِسِ وَالثَّلَاثِينَ صَوَّرَ الْمَسَائِلَ مِنْ الشَّرِكَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْفُصُولَيْنِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ آخِرَ الْكِتَابِ وَفِيهِ ذَكَرَ م فِي ص ل غَابَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الدَّارِ فَأَرَادَ الْحَاضِرُ أَنْ يُسْكِنَهَا رَجُلًا وَيُؤَجِّرَهَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ دِيَانَةً إذْ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ حَرَامٌ وَلَا يَمْنَعُ قَضَاءً إذْ الْإِنْسَانُ لَا يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيمَا بِيَدِهِ لَوْ لَمْ يُنَازِعْهُ أَحَدٌ فَلَوْ آجَرَ وَأَخَذَ الْأَجْرَ يَرُدُّ عَلَى شَرِيكِهِ قَدْرَ نَصِيبِهِ لَوْ قُدِّرَ وَإِلَّا يَتَصَدَّقُ لِتَمَكُّنِ الْخَبَثِ فِي حَقِّ شَرِيكِهِ فَكَانَ كَغَاصِبٍ آجَرَ يَتَصَدَّقُ بِالْأَجْرِ أَوْ يَرُدُّهُ عَلَى الْمَالِكِ وَأَمَّا نَصِيبُهُ فَيَطِيبُ لَهُ هَذَا، لَوْ أَسْكَنَ غَيْرَهُ أَمَّا لَوْ سَكَنَ بِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ دِيَانَةً قِيَاسًا وَلَهُ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا إذْ لَهُ أَنْ يَسْكُنَهَا بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ حَالَ حُضُورِهِ إذْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ الِاسْتِئْذَانُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَسْكُنَ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ بِخِلَافِ إسْكَانِ غَيْرِهِ إذْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَالَ حَضْرَتِهِ بِلَا إذْنٍ فَكَذَا فِي غَيْبَتِهِ وَفِي الْقُنْيَةِ عَنْ وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ أَرْضٌ بَيْنَهُمَا فَغَابَ أَحَدُهُمَا فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَزْرَعَ نِصْفَهَا وَلَوْ أَرَادَ ذَلِكَ فِي الْعَامِ الثَّانِي يَزْرَعُ مَا كَانَ زَرَعَ وَقَدْ كَتَبَ فِي الْقِسْمَةِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَأْذَنُ لِلْحَاضِرِ فِي زِرَاعَةِ كُلِّهَا كَيْ لَا يَضِيعَ الْخَرَاجُ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو عَقَارٌ جَارٍ فِي مِلْكِهِ بِمُفْرَدِهِ فَتَوَافَقَا عَلَى أَنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْ رِيعِ الْعَقَارَيْنِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَاسْتَمَرَّا عَلَى ذَلِكَ تِسْعَ سَنَوَاتٍ وَالْحَالُ أَنَّ رِيعَ عَقَارِ زَيْدٍ أَكْثَرُ وَيُرِيدُ زَيْدٌ مُطَالَبَةَ عَمْرٍو بِالْقَدْرِ الزَّائِدِ الَّذِي دَفَعَهُ لِعَمْرٍو بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ يَسُوغُ لِزَيْدٍ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : الشَّرِكَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ فَحَيْثُ كَانَ رِيعُ عَقَارِ زَيْدٍ أَكْثَرَ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا دَفَعَهُ لِعَمْرٍو مِنْ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَمَنْ دَفَعَ شَيْئًا لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إلَّا إذَا دَفَعَهُ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَاسْتَهْلَكَهُ الْقَابِضُ كَمَا فِي شَرْحِ النَّظْمِ الْوَهْبَانِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو حَوْشٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلِزَيْدٍ فِيهِ مَعْزٌ خَاصَّةٌ بِهِ فَاجْتَمَعَ مِنْ بَعْرِهَا قَدْرٌ فِي الْحَوْشِ وَيَزْعُمُ عَمْرٌو أَنَّ لَهُ نِصْفَ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الشَّرِكَةِ فِي الْحَوْشِ وَلَمْ يَكُنْ الْحَوْشُ مُعَدًّا لِذَلِكَ فَهَلْ يُمْنَعُ عَمْرٌو مِنْ مُعَارَضَةِ زَيْدٍ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ آجَرَ دَارِهِ فَأَنَاخَ

الْمُسْتَأْجِرُ جِمَالَهُ وَبَعَرَتْ فِيهِ فَالْمُجْتَمِعُ لِمَنْ سَبَقَتْ يَدُهُ إلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ الْمُؤَجِّرُ أَرَادَ أَنْ يَجْتَمِعَ فِيهِ الدَّوَابُّ وَالْبَعْرُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ بَيْنَ زَيْدٍ وَجَمَاعَةٍ وَكُلُّهُمْ سَاكِنُونَ فِيهَا غَيْرَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ يُدْخِلُونَ فِيهَا الْأَجَانِبَ بِلَا إذْنِ زَيْدٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِقَوْلِهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا وَهُوَ حَرَامٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. دَارٌ بَيْنَ أَخَوَيْنِ وَأُخْتَيْنِ وَلَهُمَا زَوْجَتَانِ وَلِلْأُخْتَيْنِ زَوْجَانِ فَلِلْإِخْوَةِ أَنْ يَمْنَعُوا زَوْجَيْ الْأُخْتَيْنِ مِنْ الدُّخُولِ فِيهَا إذَا لَمْ يَكُونَا مَحْرَمَيْنِ لِزَوْجَاتِهِمَا قُنْيَةٌ مِنْ بَابِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو شَرِيكَيْ عِنَانٍ بِمَالٍ تَحْتَ يَدِ زَيْدٍ فَدَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ بَعْضُهُ مِنْ ثَمَنِ بَضَائِعَ مُخْتَصَّةٍ بِعَمْرٍو وَبَعْضُهُ مِنْ أَصْلِ مَالِ الشَّرِكَةِ وَبَقِيَ تَحْتَ يَدِهِ جَانِبٌ مِنْ الْمَالَيْنِ وَيَزْعُمُ عَمْرٌو أَنَّ الْمَبْلَغَ الَّذِي قَبَضَهُ هُوَ ثَمَنُ الْبَضَائِعِ فَقَطْ وَزَيْدٌ يَقُولُ إنَّهُ مِنْ الْمَالَيْنِ فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الدَّافِعِ بِيَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِجِهَةِ الدَّفْعِ وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ دَفَعْت إلَيْك مَا دَفَعْت مِنْ الدَّيْنِ وَقَالَ الْأَجِيرُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِجِهَةِ الدَّفْعِ مِنْ أَوَاخِرِ الثَّانِي مِنْ إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ أَنْقِرْوِيٌّ مِنْ " الْقَوْلُ لِمَنْ " لَهُ عَلَيْهِ دَيْنَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَادَّعَى الْمَدْيُونُ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ صُدِّقَ أَنَّهُ دَفَعَ بِأَيِّ جِهَةٍ فَيَسْقُطُ ذَلِكَ مِنْ ذِمَّتِهِ الْقَوْلُ لِمَنْ وَفِيهِ أَيْضًا شَرَى مِنْ الدَّلَّالِ شَيْئًا فَدَفَعَ إلَيْهِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَيَقُولُ هِيَ مِنْ الثَّمَنِ وَقَالَ الدَّلَّالُ دَفَعْت الدَّلَالَةَ لِي صُدِّقَ الدَّافِعُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُمَلَّكٌ اهـ وَمِثْلُهُ فِي لِسَانِ الْحُكَّامِ وَالْعِمَادِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقْرَضَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ الْآخَرِ وَتَلِفَ الْقَرْضُ فَهَلْ يَضْمَنُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ شَرِيكُهُ فِي ذَلِكَ إذْنًا صَرِيحًا يَضْمَنُ وَلَا يَجُوزُ لَهُمَا فِي عِنَانٍ وَمُفَاوَضَةٍ تَزْوِيجُ الْعَبْدِ وَلَا الْإِعْتَاقُ وَلَوْ عَلَى مَالٍ وَلَا الْهِبَةُ وَلَا الْقَرْضُ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ إذْنًا صَرِيحًا فِيهِ سِرَاجٌ وَفِيهِ وَإِذَا قَالَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك فَلَهُ كُلُّ تِجَارَةٍ إلَّا الْقَرْضَ وَالْهِبَةَ عَلَائِيٌّ وَأَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ الشَّرِيكِ إذَا خَلَطَ مَالَ الشَّرِكَةِ وَكَذَا الْمُضَارِبُ بِغَيْرِهِ فَهَلَكَ بِقَوْلِهِ الشَّرِيكُ أَوْ رَبُّ الْمَالِ إذَا قَالَ لِشَرِيكِهِ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك فَخَلَطَ مَالَ الشَّرِكَةِ أَوْ الْمُضَارَبَةِ بِمَالٍ أَوْ بِمَالِ غَيْرِهِ لَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا وَإِذَا هَلَكَ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ ذَلِكَ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا بِالْخَلْطِ فَيَضْمَنُهُ مُطْلَقًا هَلَكَ أَمْ لَا وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الْإِذْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْآخَرُ بَيِّنَةً عَلَى الْإِذْنِ وَأَجَابَ عَمَّا إذَا وَضَعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ يَدَهُ عَلَى بَعْضِ الثَّمَرَةِ فَأَخَذَهَا مُدَّعِيًا أَنَّهُ الْقَدْرُ الَّذِي يَخُصُّهُ أَوْ دُونَهُ بِقَوْلِهِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي مِقْدَارِ مَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَمَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ فَيَتَحَاصَصُونَهُ ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ أَوْ يُجِيزُونَ فِعْلَهُ وَأَجَابَ عَمَّا إذَا بَاعَ الشُّرَكَاءُ حِصَّتَهُمْ مِنْ الثَّمَرَةِ إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ عِنَادًا وَالْمُشْتَرِي لَا يَرْضَى إلَّا بِشِرَاءِ الْجَمِيعِ وَكَذَا إذَا آجَرُوا إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ بِقَوْلِهِ لَا يُجْبَرُ أَنْ يَبِيعَ مَعَ الشُّرَكَاءِ بَلْ يَبِيعُونَ حِصَّتَهُمْ فَقَطْ إذْ تُجَذُّ الثَّمَرَةُ وَتُقْسَمُ وَكَذَلِكَ فِي الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِجَارَةِ بَلْ يُؤَجِّرُ شُرَكَاؤُهُ حِصَصَهُمْ الْمُسْتَأْجِرُونَ يُهَايِئُونَ الْمُمْتَنِعَ فِي السُّكْنَى بِقَدْرِ أَنْصِبَائِهِمْ وَأَجَابَ عَمَّا إذَا أَذِنَ لِشَرِيكِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ فِي صَرْفٍ عَلَى عِمَارَةٍ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُمَا وَهَلْ لَهُمَا الرُّجُوعُ بِقَوْلِهِ الْقَوْلُ قَوْلُهُمَا فِي الصَّرْفِ مَعَ يَمِينِهِمَا إنْ وَافَقَ الظَّاهِرَ وَالشَّرِيكُ يَرْجِعُ بِمَا صَرَفَ وَالْأَجْنَبِيُّ لَا يَرْجِعُ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ اصْرِفْ عَلَيَّ أَوْ اصْرِفْ لِتَرْجِعَ عَلَيَّ وَأَجَابَ عَنْ الشَّرِيكِ هَلْ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ عَقْدَ الشَّرِكَةِ فِي غَيْبَةِ شَرِيكِهِ بِقَوْلِهِ لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَفْسَخَ الشَّرِكَةَ فِي غَيْبَةِ شَرِيكِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْآخَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا سَافَرَ أَحَدُ شُرَكَاءِ الْعِنَانِ بِمَالِ الشَّرِكَةِ

بِإِذْنِ الْبَقِيَّةِ فَهَلْ تَكُونُ نَفَقَتُهُ وَطَعَامُهُ وَرُكُوبُهُ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي مُضَارَبَةِ الْمِنَحِ الشَّرِيكُ إذَا سَافَرَ بِمَالِ الشَّرِكَةِ لَا نَفَقَةَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ التَّعَارُفُ بِهِ ذَكَرَهُ النَّسَفِيُّ فِي كَافِيهِ وَصَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ بِوُجُوبِهَا فِي مَالِ الشَّرِكَةِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْعَلَائِيِّ وَذَكَرَ فِي التتارخانية عَنْ الْخَانِيَّةِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا اسْتِحْسَانٌ اهـ أَيْ وُجُوبُ النَّفَقَةِ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ وَحَيْثُ عَلِمْت أَنَّهُ الِاسْتِحْسَانُ فَالْعَمَلُ عَلَيْهِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا خَيْرُ الدِّينِ عَلَى الْمِنَحِ وَفِي الْمِنَحِ مِنْ الشَّرِكَةِ وَمُؤْنَةُ السَّفَرِ وَالْكِرَاءُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ فَإِنْ رَبِحَ حَسِبَ النَّفَقَةَ مِنْ الرِّبْحِ وَإِنْ لَمْ يَرْبَحْ كَانَتْ النَّفَقَةُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَهَذَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْمُضَارِبِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ التَّنْوِير لِلْعَلَائِيِّ نَقْلًا عَنْ الْخُلَاصَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ أَحَدُ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ وَعَمِلَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ وَرَبِحَ فَهَلْ تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ بِمَوْتِهِ وَيَتَصَدَّقُ بِرِبْحِ حِصَّةِ مَالِ الْمَيِّتِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ بِمَوْتِهِ وَالْعَامِلُ بَعْدَهُ كَالْغَاصِبِ فَمَا رَبِحَ مِنْ حِصَّةِ نَفْسِهِ يَطِيبُ لَهُ وَمَا رَبِحَ مِنْ حِصَّةِ الْمَيِّتِ يَتَصَدَّقُ بِهِ كَمَا فِي الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ النَّوَازِلِ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ التتارخانية سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ شَرِيكَيْنِ جُنَّ أَحَدُهُمَا وَعَمِلَ الْآخَرُ بِالْمَالِ حَتَّى رَبِحَ أَوْ وَضَعَ قَالَ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا قَائِمَةٌ إلَى أَنْ يَتِمَّ إطْبَاقُ الْجُنُونِ عَلَيْهِ فَإِذَا مَضَى ذَلِكَ الْوَقْتُ تَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا فَإِذَا عَمِلَ بِالْمَالِ بَعْدَ ذَلِكَ فَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ وَهُوَ كَالْغَصْبِ لِمَالِ الْمَجْنُونِ فَيَطِيبُ لِلرَّابِحِ مَالُهُ وَلَا يَطِيبُ مَا رَبِحَ مِنْ مَالِ الْمَجْنُونِ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ اهـ وَتَنْفَسِخُ الشَّرِكَةُ بِقَوْلِهِ لَا أَعْمَلُ مَعَك كَمَا نَقَلَهُ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ عَنْ الْفَتْحِ. وَفِي التتارخانية سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ عَنْ رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فَاشْتَرَيَا أَمْتِعَةً ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لَلشَّرِيك لَا أَعْمَلُ مَعَك بِالشَّرِكَةِ وَلَمْ يَقْسِمْ شَيْئًا وَغَابَ وَعَمِلَ الْحَاضِرُ وَرَبِحَ قَالَ مَا رَبِحَ فَهُوَ لَهُ وَضَمِنَ لِصَاحِبِهِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ اهـ. (سُئِلَ) فِي إخْوَةٍ خَمْسَةٍ تَلَقَّوْا تَرِكَةً عَنْ أَبِيهِمْ فَأَخَذُوا فِي الِاكْتِسَابِ وَالْعَمَلِ فِيهَا جُمْلَةً كُلٌّ عَلَى قَدْرِ اسْتِطَاعَتِهِ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَحَصَلَ رِبْحٌ فِي الْمُدَّةِ وَوَرَدَ عَلَى الشَّرِكَةِ غَرَامَةٌ دَفَعُوهَا مِنْ الْمَالِ فَهَلْ تَكُونُ الشَّرِكَةُ وَمَا حَصَّلُوا بِالِاكْتِسَابِ بَيْنَهُمْ سَوِيَّةً وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي الْعَمَلِ وَالرَّأْيِ كَثْرَةً وَصَوَابًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَعْمَلُ لِنَفْسِهِ وَإِخْوَتِهِ عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ وَأَجَابَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِقَوْلِهِ هُوَ بَيْنَهُمَا سَوِيَّةً حَيْثُ لَا يُمَيِّزُ كَسْبَ هَذَا مِنْ كَسْبِ هَذَا وَلَا يَخْتَصُّ أَحَدُهُمَا بِهِ وَلَا بِزِيَادَةٍ عَلَى الْآخَرِ إذْ التَّفَاوُتُ سَاقِطٌ كَمُلْتَقَطِي السَّنَابِلِ إذَا خَلَطَا مَا الْتَقَطَا وَحَيْثُ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَ يَدٍ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ حِصَّةِ الْآخَرِ فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَ يَدٍ وَالْآخَرُ خَارِجًا وَاخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لِذِي الْيَدِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ اهـ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ فِي الشَّرِكَةِ أَنَّهَا بَيْنَهُمْ سَوِيَّةً حَيْثُ لَمْ يَشْرِطُوا شَيْئًا. وَأَمَّا إذَا شَرَطُوا زِيَادَةً لِأَحَدِهِمْ فَقَدْ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْمُصَنِّفُ لِاسْتِحْقَاقِ الرِّبْحِ اجْتِمَاعَهُمَا عَلَى الْعَمَلِ لِأَنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ لِتَضَمُّنِهَا الْوَكَالَةَ. وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ اشْتَرَكَا وَعَمِلَ أَحَدُهُمَا فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ فَلَمَّا حَضَرَ أَعْطَاهُ حِصَّتَهُ ثُمَّ غَابَ الْعَامِلُ وَعَمِلَ الْآخَرُ فَلَمَّا حَضَرَ الْغَائِبُ أَبَى أَنْ يُعْطِيَهُ حِصَّةً مِنْ الرِّبْحِ أَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَعْمَلَا جَمِيعًا وَشَتَّى فَمَا كَانَ مِنْ تِجَارَتِهِمَا مِنْ الرِّبْحِ فَبَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ عَمِلَا أَوْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا فَإِنْ مَرِضَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَعْمَلْ وَعَمِلَ الْآخَرُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَفِي الْمُحِيطِ ثُمَّ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَشْتَرِطَا الْعَمَلَ عَلَيْهِمَا وَالرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَالْوَضِيعَةُ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنْ عَمِلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا وَإِنْ شَرَطَا الْعَمَلَ عَلَى أَحَدِهِمَا يُنْظَرُ إنْ شَرَطَا الْعَمَلَ عَلَى أَكْثَرِهِمَا رِبْحًا جَازَ وَإِنْ شَرَطَاهُ عَلَى أَقَلِّهِمَا رِبْحًا خَاصَّةً لَا يَجُوزُ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالِهِمَا اهـ. (أَقُولُ) هَذَا إنَّمَا يَجْرِي فِي شَرِكَةِ

الْعَقْدِ، وَالْوَاقِعُ فِي السُّؤَالِ شَرِكَةُ مِلْكٍ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّهُمْ عَقَدُوا شَرِكَةً فِيمَا بَيْنَهُمْ وَلَا أَنَّ التَّرِكَةَ نُقُودٌ أَوْ عُرُوضٌ بِيعَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا شَرِكَةُ مِلْكٍ لَا يَجْرِي فِيهَا تَفَاوُتٌ فِي الرِّبْحِ بَلْ يَكُونُ مَا فِي أَيْدِيهمْ بَيْنَهُمْ سَوِيَّةً كَمَا مَرَّ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَقَعُ كَثِيرًا خُصُوصًا فِي أَهْلِ الْقُرَى حَيْثُ يَمُوتُ الْمَيِّتُ مِنْهُمْ وَتَبْقَى تَرِكَتُهُ بَيْنَ أَيْدِي وَرَثَتِهِ بِلَا قِسْمَةٍ يَعْمَلُونَ فِيهَا وَرُبَّمَا تَعَدَّدَتْ الْأَمْوَاتُ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهَا شَرِكَةُ مُفَاوَضَةٍ وَذَلِكَ بَاطِلٌ لِأَنَّ شَرِكَةَ الْمُفَاوَضَةِ لَهَا شُرُوطٌ مِنْهَا الْعَقْدُ بِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ فَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ لَفْظُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ تَمَامُ مَعْنَاهَا بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ وَهُمَا حُرَّانِ بَالِغَانِ مُسْلِمَانِ أَوْ ذِمِّيَّانِ شَارَكْتُك فِي جَمِيعِ مَا أَمْلِكُ مِنْ نَقْدٍ وَقَدْرِ مَا تَمْلِكُ عَلَى وَجْهِ التَّفْوِيضِ الْعَامِّ مِنْ كُلٍّ مِنَّا لِلْآخَرِ فِي التِّجَارَاتِ وَالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ وَعَلَى أَنَّ كُلًّا ضَامِنٌ عَنْ الْآخَرِ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ أَمْرِ كُلِّ بَيْعٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَمِنْهَا أَنَّهَا لَا تَكُونُ بَيْنَ صَبِيٍّ وَبَالِغٍ وَأَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِالْعُرُوضِ وَأَنَّهَا تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْوَاقِعَ فِي زَمَانِنَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِأَنَّهَا مُفَاوَضَةٌ وَيُلْزِمَهُمْ بِأَحْكَامِهَا بِأَنْ يُلْزِمَهُمْ مَثَلًا بِأَنَّ مَا لَزِمَ أَحَدَهُمْ مِنْ دَيْنٍ يَلْزَمُ الْآخَرَ نَعَمْ إنْ صَرَّحُوا لَهُ بِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ مُفَاوَضَةٍ يُفْتِيهِمْ بِأَحْكَامِهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَهُمْ عَنْ اسْتِيفَاءِ شَرَائِطِ الْعَقْدِ كَمَا لَوْ سُئِلَ عَنْ غَيْرِهَا مِنْ الْعُقُودِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَمِمَّا يُنَاسِبُ هَذَا الْمَقَامَ مَا كَتَبْته فِي حَاشِيَتِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ نَقْلًا عَنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَكِبَارًا وَامْرَأَةً وَالْكِبَارُ مِنْهَا أَوْ مِنْ امْرَأَةٍ غَيْرِهَا فَحَرَثَ الْكِبَارُ وَزَرَعُوا فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ أَوْ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ وَالْأَوْلَادُ كُلُّهُمْ فِي عِيَالِ الْمَرْأَةِ تَتَعَاهَدُهُمْ وَهُمْ يَزْرَعُونَ وَيَجْمَعُونَ الْغَلَّاتِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَيُنْفِقُونَ مِنْ ذَلِكَ جُمْلَةً قَالَ صَارَتْ هَذِهِ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى وَاتَّفَقَتْ الْأَجْوِبَةُ أَنَّهُمْ إنْ زَرَعُوا مِنْ بَذْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ لَوْ كِبَارًا أَوْ أَذِنَ الْوَصِيُّ لَوْ صِغَارًا فَالْغَلَّةُ مُشْتَرَكَةٌ وَإِنْ مِنْ بَذْرِ أَنْفُسِهِمْ أَوْ بَذْرٍ مُشْتَرَكٍ بِلَا إذْنٍ فَالْغَلَّةُ لِلزَّرَّاعَيْنِ اهـ فَاغْتَنِمْ هَذِهِ الْفَائِدَةَ. هَذَا وَنَقَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ سُئِلَ عَنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ أَيْتَامٍ وَأُمِّهِمْ اسْتَرْبَحَهُ الْوَصِيُّ لِلْأَيْتَامِ هَلْ تَسْتَحِقُّ الْأُمُّ رِبْحَ نَصِيبِهَا أَوْ لَا أَجَابَ لَا تَسْتَحِقُّ الْأُمُّ شَيْئًا مِمَّا اسْتَرْبَحَهُ الْوَصِيُّ بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ لِغَيْرِهَا كَأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إذَا اسْتَرْبَحَ مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ لِنَفْسِهِ فَقَطْ وَيَكُونُ رِبْحُ نَصِيبِهَا كَسْبًا خَبِيثًا وَمِثْلُهُ سَبِيلُهُ التَّصَدُّقُ عَلَى الْفُقَرَاءِ اهـ (أَقُولُ) أَيْضًا وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا وَمِمَّا قَبْلَهُ حُكْمُ مَا لَوْ كَانَ الْمُبَاشِرُ لِلْعَمَلِ وَالسَّعْيِ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِلَا وِصَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ مِنْ الْبَاقِينَ. (سُئِلَ) فِي إخْوَةٍ أَرْبَعَةٍ مُتَفَاوِضِينَ تَزَوَّجَ اثْنَانِ مِنْهُمْ كُلَّ زَوْجَةٍ بِمَهْرٍ مَعْلُومٍ قَضَاهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَطَالَبَهُمَا الْبَاقِيَانِ بِنَصِيبِهِمَا مِنْ ذَلِكَ وَلَزِمَ أَحَدَهُمَا دَيْنٌ بِتِجَارَةٍ وَاسْتِقْرَاضٍ فَهَلْ لَهُمَا مُطَالَبَتُهُمَا بِهِ وَمَا لَزِمَ أَحَدَهُمْ مِنْ الدَّيْنِ يَلْزَمُ الْبَاقِي؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانُوا مُتَشَارِكِينَ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ فَمَا لَزِمَ أَحَدَهُمْ مِنْ الدَّيْنِ يَلْزَمُ الْبَاقِي وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَلِلْبَاقِينَ مُطَالَبَةُ الْمُتَزَوِّجِينَ بِنَصِيبِهِمَا مِنْ الْمَهْرِ الَّذِي دَفَعَاهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ أَمَّا مُفَاوَضَةٌ تَضَمَّنَتْ وَكَالَةً وَكَفَالَةً وَتَسَاوَيَا مَالًا وَتَصَرُّفًا وَدَيْنًا إلَى أَنْ قَالَ فَمَا اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا يَقَعُ مُشْتَرَكًا إلَّا طَعَامَ أَهْلِهِ وَكِسْوَتَهُمْ وَلِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ أَيِّهِمَا شَاءَ بِثَمَنِهِمَا وَيَرْجِعُ الْآخَرُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَكُلُّ دَيْنٍ لَزِمَ عَلَى أَحَدِهِمَا بِتِجَارَةٍ وَاسْتِقْرَاضٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ اسْتِهْلَاكٍ أَوْ كَفَالَةٍ بِمَالٍ بِأَمْرٍ لَزِمَ الْآخَرَ وَلَوْ بِإِقْرَارِهِ وَإِذَا ادَّعَى عَلَى أَحَدِهِمَا فَلَهُ تَحْلِيفُ الْآخَرِ اهـ. (أَقُولُ) اُنْظُرْ كَيْفَ قَيَّدَ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْجَوَابَ بِقَوْلِهِ حَيْثُ كَانُوا مُتَشَارِكِينَ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ إلَخْ فَإِنَّهُ يُشِيرُ إلَى مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا مِنْ أَنَّ كَوْنَ الْمَالِ بِأَيْدِيهِمْ يَعْمَلُونَ فِيهِ عَلَى السَّوِيَّةِ لَا يَكُونُ مُفَاوَضَةً بِدُونِ عَقْدِهَا الشَّرْعِيِّ وَشُرُوطِهَا الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي صَرَّحَ بِهَا الْفُقَهَاءُ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت مَا ذَكَرْته مُصَرَّحًا بِهِ فِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ وَلِلَّهِ

الْحَمْدُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو الْأَخَوَانِ شَرِيكَيْنِ شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ فَاشْتَرَى زَيْدٌ وَحْدَهُ بِمَالِ الشَّرِكَةِ الْمَزْبُورَةِ دَارًا وَكَرْمًا فَهَلْ يَقَعُ ذَلِكَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ كَانَتْ الشَّرِكَةُ مُفَاوَضَةً فَمَا اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا يَقَعُ مُشْتَرَكًا إلَّا طَعَامَ أَهْلِهِ وَكِسْوَتَهُمْ كَمَا فِي الْمُتُونِ وَفِي الْخَيْرِيَّةُ مِنْ الدَّعْوَى ضِمْنَ سُؤَالٍ إذَا ادَّعَى الْحِصَّةَ بِشَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا مِنْ الشَّرِكَةِ تُقْبَلُ وَيُحْكَمُ لَهُ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ كَتَبَ فِي صَكِّ التَّبَايُعِ أَنَّهُ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ إذْ تَقَرَّرَ أَنَّ أَحَدَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ لَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ خَاصَّةً فِي غَيْرِ طَعَامِ أَهْلِهِ وَكِسْوَتِهِمْ إلَخْ اهـ. (سُئِلَ) فِي إخْوَةٍ خَمْسَةٍ سَعْيُهُمْ وَكَسْبُهُمْ وَاحِدٌ وَعَائِلَتُهُمْ وَاحِدَةٌ حَصَّلُوا بِسَعْيِهِمْ وَكَسْبِهِمْ أَمْوَالًا فَهَلْ تَكُونُ الْأَمْوَالُ الْمَذْكُورَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمْ أَخْمَاسًا؟ (الْجَوَابُ) : مَا حَصَّلَهُ الْإِخْوَةُ الْخَمْسَةُ بِسَعْيِهِمْ وَكَسْبِهِمْ يَكُونُ بَيْنَهُمْ أَخْمَاسًا (أَقُولُ) هَذَا فِي غَيْرِ الْأَبِ مَعَ ابْنِهِ وَالزَّوْجِ مَعَ زَوْجَتِهِ لِمَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ عَنْ دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ وَنَصُّهُ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ جَلَالُ الدِّينِ فِي أَبٍ وَابْنٍ اكْتَسَبَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَالٌ فَاجْتَمَعَ لَهُمَا مِنْ الْكَسْبِ أَمْوَالٌ الْكُلُّ لِلْأَبِ لِأَنَّ الِابْنَ إذَا كَانَ فِي عِيَالِهِ فَهُوَ مُعِينٌ لَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ غَرَسَ شَجَرَةً فَهِيَ لِلْأَبِ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الزَّوْجَيْنِ اهـ. وَانْظُرْ إلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى عَنْ الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ لِنَفْسِهِ بَضَائِعَ مَعْلُومَةً مِنْ عَمْرٍو بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَبَضَهَا زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو ثُمَّ قَالَ لَهُ بَكْرٌ أَشْرِكْنِي بِنِصْفِهَا فَأَشْرَكَهُ زَيْدٌ فِيهَا وَبَكْرٌ يَعْلَمُ ثَمَنَهَا فَهَلْ تَكُونُ الشَّرِكَةُ الْمَزْبُورَةُ صَحِيحَةً وَيَلْزَمُهُ نِصْفُ ثَمَنِهَا؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ كَمَا ذَكَرَ تَكُونُ الشَّرِكَةُ الْمَذْكُورَةُ صَحِيحَةً وَيَلْزَمُهُ نِصْفُ ثَمَنِهَا وَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَقَالَ لَهُ آخَرُ أَشْرِكْنِي فِيهِ فَقَالَ فَعَلْت إنْ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ بَعْدَهُ صَحَّ وَلَزِمَهُ نِصْفُ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالثَّمَنِ خُيِّرَ عِنْدَ الْعِلْمِ بِهِ تَنْوِيرٌ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ شَخْصَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا وَأَجَّرَ الْحَاضِرُ جَانِبًا مِنْهَا بِأُجْرَةٍ قَبَضَهَا ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ وَيُرِيدُ مُطَالَبَةَ الْحَاضِرِ بِأُجْرَةِ نَصِيبِهِ الَّتِي قَبَضَهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَقَدَّمَ نَقْلُهَا. (سُئِلَ) فِي أَحَدِ شَرِيكَيْ عِنَانٍ بَاعَ زَيْدًا عِدَّةَ جُلُودٍ مَعْلُومَةٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَغَابَ الْبَائِعُ قَامَ شَرِيكُهُ الْآخَرُ يُطَالِبُ زَيْدًا الْمُشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ فَهَلْ لَا يَكُونُ لَلشَّرِيك قَبْضُ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا لَا يَكُونُ لِلْآخَرِ أَنْ يَقْبِضَ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يُخَاصِمُ فِيمَا بَاعَ صَاحِبُهُ فَالْخُصُومَةُ فِي ذَلِكَ إلَى الَّذِي وَلِيَ الْعَقْدَ فَإِنْ قَبَضَ الَّذِي بَاعَ أَوْ وَكَّلَ وَكِيلًا جَازَ عَلَيْهِ وَعَلَى شَرِيكِهِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ شَرِكَةِ الْعِنَانِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْعَلَائِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى أَحَدُ شَرِيكَيْ الْمُفَاوَضَةِ بِضَاعَةً لِلشَّرِكَةِ وَغَابَ وَيُرِيدُ الْبَائِعُ مُطَالَبَةَ شَرِيكِهِ الْآخَرَ الَّذِي لَمْ يَتَعَاطَ الشِّرَاءَ فَهَلْ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ أَيِّهِمَا شَاءَ بِثَمَنِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا مَرَّ عَنْ التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو شَرِيكَيْنِ عِنَانًا فَهَلْ مَا شَرَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا يُطَالِبُ بِثَمَنِهِ فَقَطْ دُونَ الْآخَرِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (وَمَا اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا طُولِبَ بِثَمَنِهِ هُوَ فَقَطْ) لِعَدَمِ تَضَمُّنِهَا الْكَفَالَةَ (وَرَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْهُ إنْ أَدَّاهُ مِنْ مَالِهِ) أَيْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ مَعَ بَقَاءِ مَالِ الشَّرِكَةِ وَإِلَّا فَالشِّرَاءُ لَهُ خَاصَّةً لِئَلَّا يَصِيرَ مُسْتَدِينًا عَلَى مَالِ الشَّرِكَةِ بِلَا إذْنٍ وَذَا فِي الْعِنَانِ لَا يَجُوزُ كَمَا فِي الْبَحْرِ شَرْحِ الْمُلْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ. (سُئِلَ) فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ هَلْ يَكُونُ الرِّبْحُ فِيهَا عَلَى قَدْرِ الْمَالِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِنْ شَرَطَ الْفَضْلَ كَمَا فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلَيْنِ اشْتَرَكَا فِي عُرُوضٍ وَلَمْ يَبِعْ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصْفَ عَرْضِهِ بِنِصْفِ عَرْضِ الْآخَرِ فَهَلْ تَكُونُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً لِيَبِيعَهَا لَهُ وَمَهْمَا رِبْحٌ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً فَبَاعَ عَمْرٌو الْأَمْتِعَةَ وَخَسِرَ فِيهَا فَهَلْ يَكُونُ الْخُسْرَانُ عَلَى زَيْدٍ وَلِعَمْرٍو أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ دَفَعَ دَابَّةً إلَى رَجُلٍ لِيَبِيعَ عَلَيْهَا الْبُرَّ وَالطَّعَامَ عَلَى

أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا كَانَتْ فَاسِدَةً بِمَنْزِلَةِ الشَّرِكَةِ فِي الْعُرُوضِ لِأَنَّ رَأْسَ مَالِ أَحَدِهِمَا عَرْضٌ وَرَأْسَ مَالِ الْآخَرِ مَنْفَعَةٌ فَإِذَا فَسَدَتْ الشَّرِكَةُ كَانَ الرِّبْحُ لِصَاحِبِ الْبُرِّ وَالطَّعَامِ لِأَنَّهُ بَدَلُ مِلْكِهِ وَلِصَاحِبِ الدَّابَّةِ أَجْرُ مِثْلِهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِمَنْفَعَةِ الدَّابَّةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَالْبَيْتُ وَالسَّفِينَةُ فِي هَذَا كَالدَّابَّةِ لِمَا قُلْنَا خَانِيَّةٌ مِنْ آخِرِ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ وَمِثْلُهُ فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا كَوْنُ الْخُسْرَانِ عَلَيْهِ فَلِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ وَأَمَّا الشَّرِكَةُ الْفَاسِدَةُ فَلَهَا صُوَرٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَهَا فِي صَدْرِ الْكِتَابِ وَمِنْهَا الشَّرِكَةُ فِي أَخْذِ الْمُبَاحِ كَالْحَطَبِ وَالْحَشِيشِ وَالصَّيْدِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا أَخَذَ وَثَمَنُهُ وَرِبْحُهُ لَهُ وَوَضِيعَتُهُ عَلَيْهِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْمُحِيطِ. (أَقُولُ) وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا مَرَّ قَرِيبًا مِنْ أَنَّ الرِّبْحَ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ وَإِنْ شَرَطَ الْفَضْلَ لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا كَانَ فِيهَا مَالٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ أَفَادَ بِقَوْلِهِ بِقَدْرِ الْمَالِ أَنَّهَا شَرِكَةٌ فِي الْأَمْوَالِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَالٌ وَكَانَتْ فَاسِدَةً فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَلِذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ دَفَعَ دَابَّتَهُ إلَى رَجُلٍ يُؤَاجِرُهَا عَلَى أَنَّ الْأَجْرَ بَيْنَهُمَا فَالشَّرِكَةُ فَاسِدَةٌ وَالْأَجْرُ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ وَلِلْآخِرِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَكَذَا السَّفِينَةُ وَالْبَيْتُ إلَخْ اهـ وَتَمَامُ الْفُرُوعِ فِيهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِصَبَّاغٍ حَانُوتٌ لَهُ فِيهَا نَيْلٌ وَغَيْرُهُ مِنْ آلَاتِ الصِّبَاغَةِ فَاسْتَعَانَ بِرَجُلٍ يَعْمَلُ مَعَهُ فِيهَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ نَظِيرُ ذَلِكَ نِصْفُ الرِّبْحِ الْمَجْهُولِ الْحَاصِلِ مِنْ ذَلِكَ فَعَمِلَ مَعَهُ مُدَّةً وَيُرِيدُ أَخْذَ نِصْفِ الرِّبْحِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي الشَّرِيكِ إذَا بَاعَ وَاشْتَرَى وَتَحَاسَبَ مَعَ شَرِيكِهِ زَيْدٍ إجْمَالًا ثُمَّ قَامَ زَيْدٌ يُكَلِّفُهُ إلَى الْيَمِينِ عَلَى قَدْرِ مَا بَاعَ وَمَا اشْتَرَى عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ تَفْصِيلَهُ فَهَلْ يَكْتَفِي بِالْيَمِينِ عَلَى الْإِجْمَالِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى التَّفْصِيلِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ وَالتُّمُرْتَاشِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ يُكْتَفَى مِنْهُ بِالْيَمِينِ عَلَى الْإِجْمَالِ بِأَنَّ جَمِيعَ مَا بَاعَهُ صَرَفَ ثَمَنَهُ فِي تَعَلُّقَاتِ الشَّرِكَةِ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ خِيَانَةٌ فِي ذَلِكَ. (أَقُولُ) وَفِي الْخَيْرِيَّةُ سُئِلَ فِي شَرِيكٍ اتَّهَمَ شَرِيكَهُ بِالْخِيَانَةِ هَلْ يُقْبَلُ كَلَامُ شَرِيكِهِ فِي حَقِّهِ أَمْ لَا يُقْبَلُ وَلَا يَلْزَمُ الْمُتَّهَمَ يَمِينٌ أَجَابَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ شَرِيكِهِ فِي حَقِّهِ وَلَوْ أَرَادَ تَحْلِيفَهُ عَلَى الْخِيَانَةِ الْمُبْهَمَةِ لَمْ يَحْلِفْ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ لَكِنْ فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ مَا يُخَالِفُهُ اهـ أَيْ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّهُ يَحْلِفُ لَكِنْ إذَا نَكِلَ لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ مِقْدَارَ مَا نَكِلَ فِيهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إلَخْ وَقَالَ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ قَارِئَ الْهِدَايَةِ لَمْ يَسْتَنِدْ إلَى نَقْلٍ فَلَا يُعَارِضُ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْ صَاحِبُ الْأَشْبَاهِ عَنْ الْخَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي أَحَدِ شُرَكَاءِ الْعِنَانِ بِمَالٍ تَحْتَ يَدِهِ صَرَفَ مِنْهُ مَبْلَغًا فِي مَصَارِفَ لَازِمَةٍ ضَرُورِيَّةٍ لَا بُدَّ مِنْهَا لِلشَّرِكَةِ بِإِذْنِ الشُّرَكَاءِ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ وَالظَّاهِرُ يُصَدِّقُهُ فِيهَا فَهَلْ تُحْسَبُ لَهُ وَيُصَدَّقُ فِيهَا مَعَ يَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي أَحَدِ شُرَكَاءِ الْعِنَانِ إذَا ادَّعَى الْخُسْرَانَ وَكَانَ الظَّاهِرُ يُكَذِّبُهُ فَهَلْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي جِمَالٍ مَعْلُومَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو أَذِنَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو بِأَنْ يُسَافِرَ بِهَا وَيُؤَجِّرَهَا وَيُنْفِقَ عَلَيْهَا مِنْ أُجْرَتِهَا فَسَافَرَ بِهَا وَآجَرَهَا بِمَبْلَغٍ أَقَرَّ بِهِ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَفِ بِنَفَقَتِهَا وَأَنَّهُ اسْتَدَانَ مَبْلَغًا صَرَفَهُ فِي تَكْمِلَةِ نَفَقَتِهَا وَالْحَالُ أَنَّ الظَّاهِرَ يُكَذِّبُهُ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُصَدِّقُهُ الظَّاهِرُ فِي صَرْفِ ثُلُثَيْ الْأُجْرَةِ فَهَلْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى زَيْدٍ بِمَا يَزْعُمُ أَنَّهُ اسْتَدَانَهُ وَأَنْفَقَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي أَحَدِ شُرَكَاءِ الْعِنَانِ إذَا فُقِدَ شَيْءٌ مِمَّا تَحْتَ يَدِهِ مِنْ عُرُوضِ الشَّرِكَةِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَمَا فَقَدَ يَكُونُ عَلَى الشَّرِكَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي فَرَسٍ جَيِّدَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَهِيَ عِنْدَ زَيْدٍ فِي نَوْبَتِهِ بِإِذْنِ عَمْرٍو فَرَبَطَهَا زَيْدٌ فِي إصْطَبْلِ دَارِهِ لَيْلًا وَلَمْ يَقْفِلْ بَابَ الْإِصْطَبْلِ حَتَّى سُرِقَتْ مِنْهُ وَالْعُرْفُ بَيْنَهُمْ أَنَّهُمْ يَقْفِلُونَ بَابَ

إصْطَبْلِهِمْ لَيْلًا فَهَلْ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ فَرَّطَ فِي الْحِفْظِ يَضْمَنُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو وَبَكْرٌ شُرَكَاءَ عِنَانًا فِي بِضَاعَةٍ هِيَ تَحْتَ يَدِ زَيْدٍ فَدَفَعَ زَيْدٌ الْبِضَاعَةَ لِعَمْرٍو فِي غَيْبَةِ بَكْرٍ يَبِيعُهَا لِلشَّرِكَةِ ثُمَّ مَاتَ عَمْرٌو مُجَهِّلًا فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ زَيْدٍ فِي الدَّفْعِ بِيَمِينِهِ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ عَمْرٍو وَيَضْمَنُ عَمْرٌو حِصَّتَهُمَا مِنْهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) أَمَّا ضَمَانُ الشَّرِيكِ بِمَوْتِهِ مُجَهِّلًا فَلَا كَلَامَ فِيهِ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ وَأَمَّا ضَمَانُهُ هُنَا بِمُجَرَّدِ قَوْلِ شَرِيكِهِ فَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ (وَهُوَ) أَيْ الشَّرِيكُ (أَمِينٌ فِي الْمَالِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ) فِي مِقْدَارِ الرِّبْحِ وَالْخُسْرَانِ وَالضَّيَاعِ (وَالدَّفْعِ لِشَرِيكِهِ وَلَوْ) ادَّعَاهُ (بَعْدَ مَوْتِهِ) كَمَا فِي الْبَحْرِ مُسْتَدِلًّا بِمَا فِي وَكَالَةِ الْوَلْوَالِجِيَّةِ كُلُّ مَنْ حَكَى أَمْرًا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ أَنَّ فِيهِ إيجَابَ الضَّمَانِ عَلَى الْغَيْرِ لَا يُصَدَّقُ وَإِنْ فِيهِ نَفْيَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ صُدِّقَ اهـ. وَنَصُّ عِبَارَةِ الْوَلْوَالِجِيَّةِ هَكَذَا وَلَوْ وُكِّلَ بِقَبْضِ وَدِيعَةٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُوَكِّلُ فَقَالَ الْوَكِيلُ قَبَضْت فِي حَيَاتِهِ وَهَلَكَ وَأَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ أَوْ قَالَ دَفَعْت إلَيْهِ صُدِّقَ وَلَوْ كَانَ دَيْنًا لَمْ يُصَدَّقْ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ حَكَى أَمْرًا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ لَكِنْ مَنْ حَكَى أَمْرًا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ إنْ كَانَ فِيهِ إيجَابُ الضَّمَانِ عَلَى الْغَيْرِ لَا يُصَدَّقُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَفْيُ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ صُدِّقَ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فِيمَا يَحْكِي يَنْفِي الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ فَصُدِّقَ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ فِيمَا يَحْكِي يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الْمَيِّتِ وَهُوَ ضَمَانُ مِثْلِ الْمَقْبُوضِ فَلَا يُصَدَّقُ. اهـ أَيْ لِأَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ ثَبَتَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ الْمُطَالَبَةُ فَإِذَا أَوْفَاهُ الْمَدْيُونُ دَيْنَهُ فَقَدْ ثَبَتَ لِلْمَدْيُونِ فِي ذِمَّةِ الدَّائِنِ مِثْلُ مَالِهِ فِي ذِمَّتِهِ فَالْتَقَيَا قِصَاصًا وَلِذَا قَالُوا الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا فَفِي قَوْلِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إنِّي قَبَضْته مِنْ الْمَدْيُونِ وَدَفَعْته إيجَابُ الضَّمَانِ فِي ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا بِالْأَوْلَى عَدَمُ قَبُولِ قَوْلِ الشَّرِيكِ فِي مَسْأَلَتِنَا لِأَنَّهُ يُوجِبُ الضَّمَانَ لِنَفْسِهِ وَلِلشَّرِيكِ الثَّالِثِ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ بِوَاسِطَةِ مَوْتِهِ مُجَهِّلًا إذْ لَا شَكَّ أَنَّ مَا فِي مَسْأَلَتِنَا مِثْلُ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إلْزَامِ الضَّمَانِ عَلَى الْغَيْرِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْوَدِيعَةِ إذْ قَوْلُ الْوَكِيلِ قَبَضْت الْوَدِيعَةَ وَدَفَعْتهَا لِلْمُوَكِّلِ لَيْسَ فِيهِ سِوَى نَفْيِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ أَمَّا مَسْأَلَتُنَا فَفِيهَا نَفْيُ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ وَإِيجَابُهُ عَلَى الْمَيِّتِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. . (سُئِلَ) فِي تِبْنٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو مُنَاصَفَةً بَاعَ زَيْدٌ نَصِيبَهُ مِنْهُ مِنْ بَكْرٍ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ شَرِيكِهِ عَمْرٍو فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ جَائِزًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) هَذَا بِخِلَافِ بَيْعِ الشَّرِيكِ لِأَجْنَبِيٍّ الْحِصَّةَ الْمُشَاعَةَ مِنْ شَجَرٍ أَوْ زَرْعٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِ الشَّرِيكِ كَمَا سَيَأْتِي تَحْرِيرُهُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَكِتَابِ الْبُيُوعِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (سُئِلَ) فِي أَحَدِ شَرِيكَيْ عِنَانٍ وُضِعَ مِنْهُ عُشْرُ مَالِ الشَّرِكَةِ وَتَوَافَقَ مَعَ شَرِيكِهِ عَلَى أَنَّ لَهُ رُبْعَ الرِّبْحِ لِكَوْنِهِ أَكْثَرَ عَمَلًا وَالْبَاقِي لِلْآخَرِ فَهَلْ تَكُونُ الشَّرِكَةُ صَحِيحَةً وَالرِّبْحُ عَلَى مَا شَرَطَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْمُلْتَقَى وَمَعَ التَّفَاضُلِ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ وَمَعَ التَّسَاوِي فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ عِنْدَ عَمَلِهِمَا مَعًا وَمَعَ زِيَادَةِ الرِّبْحِ لِلْعَامِلِ عِنْدَ عَمَلِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ. اهـ (أَقُولُ) وَأَمَّا الْخُسْرَانُ فَهُوَ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ وَإِنْ شَرَطَا غَيْرَ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى أَيْضًا فَتَنَبَّهْ. (سُئِلَ) فِي شُرَكَاءِ الْعِنَانِ إذَا شَرَطُوا أَنْ يَعْمَلُوا جَمِيعًا أَوْ شَتَّى وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ فَمَرِضَ أَحَدُهُمْ وَلَمْ يَعْمَلْ وَعَمِلَ الْبَقِيَّةُ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَحَصَلَ رِبْحٌ فَهَلْ يَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمْ عَلَى الشَّرْطِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (أَقُولُ) وَتَقَدَّمَتْ عِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَوْرَاقٍ وَمَعَهَا عِبَارَةُ الْمُحِيطِ وَلَيْسَ فِي عِبَارَةِ الْمُحِيطِ قَوْلُهُ أَوْ شَتَّى أَيْ مُتَفَرِّقِينَ فَتُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الشَّرْطُ أَنْ يَعْلَمُوا جَمِيعًا فَلِلْمَرِيضِ الرِّبْحُ الْمَشْرُوطُ هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ عِبَارَةَ الْمُحِيطِ السَّابِقَةَ ثُمَّ قَالَ بَيَانُ مَا ذَكَرْنَا فِيمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ إذَا جَاءَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ

وَالْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ وَاشْتَرَكَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِمَا فَهُوَ جَائِزٌ وَيَصِيرُ صَاحِبُ الْأَلْفِ فِي مَعْنَى الْمُضَارِبِ إلَّا أَنَّ مَعْنَى الْمُضَارَبَةِ تَبَعٌ لِمَعْنَى الشَّرِكَةِ وَالْعِبْرَةُ لِلْأَصْلِ دُونَ التَّبَعِ فَلَا يَضُرُّهُمَا اشْتِرَاطُ الْعَمَلِ عَلَيْهِمَا وَإِنْ اشْتَرَطَا الْعَمَلَ عَلَى صَاحِبِ الْأَلْفِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ اشْتَرَطَا الْعَمَلَ عَلَى صَاحِبِ الْأَلْفَيْنِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ اشْتَرَطَا الرِّبْحَ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالِهِمَا أَثْلَاثًا وَالْعَمَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا كَانَ جَائِزًا وَإِنْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ وَالْوَضِيعَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَشَرْطُ الْوَضِيعَةِ نِصْفَيْنِ فَاسِدٌ وَلَكِنْ بِهَذَا لَا تَبْطُلُ الشَّرِكَةُ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ اهـ. وَقَدْ كَتَبْت فِي حَاشِيَتِي عَلَى الْبَحْرِ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ اشْتَرَطَا الرِّبْحَ عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالِهِمَا إلَخْ يُفِيدُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَأْسُ مَالِ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ وَالْآخَرُ أَقَلَّ كَمَا لَوْ كَانَ مِنْ أَحَدِهِمَا تِسْعَةُ آلَافٍ مَثَلًا وَمِنْ الْآخَرِ أَلْفٌ وَاشْتَرَطَا الرِّبْحَ ثُلُثَيْهِ لِلْأَوَّلِ وَثُلُثَهُ لِلثَّانِي وَالْعَمَلُ عَلَى الثَّانِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَالْعَمَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ الْعَامِلُ صَاحِبَ الْأَقَلِّ مَالًا وَرِبْحًا وَلَكِنْ يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُحِيطِ أَنَّ الرِّبْحَ حِينَئِذٍ يَكُونُ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ فَرَاجِعْهَا مُتَأَمِّلًا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ نَصِيبَهُ مِنْ الْفَرَسِ الْمُشْتَرَكَةِ وَسَلَّمَهَا لِلْمُشْتَرِي وَطَلَبَ الشَّرِيكُ مِنْ الْبَائِعِ أَنْ يُحْضِرَ لَهُ الْفَرَسَ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي نَصِيبِهِ مِنْهَا أَوْ يَدْفَعَ لَهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ فَهَلْ يُكَلِّفُ الشَّرِيكُ الْبَائِعَ بِإِحْضَارِهَا فَإِنْ لَمْ يُحْضِرْهَا يُلْزَمُ بِقِيمَتِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُكَلِّفُ الشَّرِيكُ الْبَائِعَ بِإِحْضَارِهَا فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ يُلْزَمُ بِقِيمَتِهَا كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ عُفِيَ عَنْهُ. (سُئِلَ) فِي أَحَدِ شَرِيكِي الْعِنَانِ شَارَكَ آخَرَ بِمَالِ الشَّرِكَةِ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يَمْلِكُ الشَّرِيكُ الشَّرِكَةَ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ تَنْوِيرٌ وَشَرْحُهُ لِلْعَلَائِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عِنَانًا شَيْئًا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ بِالنَّسِيئَةِ وَهَلَكَ الثَّمَنُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَهَلْ يَهْلِكُ عَلَيْهِمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلِكُلٍّ مِنْ شَرِيكَيْ الْعِنَانِ وَالْمُفَاوَضَةِ أَنْ يَبِيعَ بِنَقْدٍ وَنَسِيئَةٍ تَنْوِيرٌ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الشَّرِكَةِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْمَكَانِ صَحِيحٌ حَتَّى لَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ اُخْرُجْ إلَى خُوَارِزْمَ وَلَا تَتَجَاوَزْهُ صَحَّ فَلَوْ جَاوَزَ عَنْهُ ضَمِنَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ وَالتَّقْيِيدُ بِالنَّقْدِ صَحِيحٌ حَتَّى لَوْ قَالَ لَا تَبِعْ بِالنَّقْدِ صَحَّ وَلَوْ اشْتَرَكَا عِنَانًا عَلَى أَنْ يَبِيعَا نَقْدًا وَنَسِيئَةً صَحَّ ثُمَّ إذَا نَهَى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ الْبَيْعِ نَسِيئَةً صَحَّ اهـ. (سُئِلَ) فِي شَرِيكِ عِنَانٍ سَافَرَ بِمَالِ الشَّرِكَةِ قَاصِدًا بَلْدَةَ كَذَا فَأُخْبِرَ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهَا بِأَنَّ جَمَاعَةً كَثِيرِينَ ذَوِي مَنْعَةٍ قَاصِدِينَ الْإِغَارَةَ عَلَى أَهْلِهَا فَنَزَلَ فِي قَرْيَةٍ أَمِينَةٍ وَأَخْبَرَ شُرَكَاءَهُ بِذَلِكَ فَنَهَوْهُ عَنْ مُجَاوَزَةِ الْقَرْيَةِ وَعَنْ الذَّهَابِ بِالْمَالِ لِتِلْكَ الْبَلْدَةِ فَخَالَفَهُمْ وَدَخَلَ الْبَلْدَةَ فَأَغَارَ الْجَمَاعَةُ عَلَى الْبَلْدَةِ وَنَهَبُوهَا مَعَ مَالِ الشَّرِكَةِ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ يَضْمَنُ الشَّرِيكُ الْمَزْبُورُ نَصِيبَ شُرَكَائِهِ لِتَعَدِّيهِ بِذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي شَرِيكَيْنِ فِي صَنْعَةٍ عَمِلَ أَحَدُهُمَا فِيهَا لِآخَرَ فِي غَيْبَةِ شَرِيكِهِ وَمَاتَ شَرِيكُهُ وَيُرِيدُ الْعَامِلُ الِاخْتِصَاصَ بِجَمِيعِ أُجْرَةِ مَا عَمِلَهُ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَتَكُونُ الْأُجْرَةُ مُشْتَرَكَةً نِصْفَيْنِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَوَفَّى تُورَثُ عَنْهُ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي فَرَسٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو مُنَاصَفَةً امْتَنَعَ زَيْدٌ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَتَضَرَّرَ شَرِيكُهُ عَمْرٌو فَهَلْ يُجْبَرُ زَيْدٌ عَلَى الْإِنْفَاقِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي بِئْرٍ مُرْتَفَقٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو يَتَقَاطَرُ مِنْهَا الْمَاءُ النَّجَسُ لِبِئْرِ مَاءٍ لِشَرِيكِهِ عَمْرٍو وَيُنَجِّسُهَا فَطَلَبَ عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ مَرَمَّتَهَا وَعِمَارَتَهَا مَعَهُ لِمَنْعِ الضَّرَرِ فَهَلْ يُجْبَرُ زَيْدٌ عَلَى عِمَارَتِهَا مَعَهُ؟ (الْجَوَابُ) : الْبِئْرُ الْمُشْتَرَكَةُ وَالدُّولَابُ وَنَحْوُهُ يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى الْعِمَارَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي شَتَّى الْقَضَاءِ مِنْ الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ وَفِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ عَنْ عِدَّةِ كُتُبٍ. (سُئِلَ) فِي حَمَّامٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ وَقْفِ بِرٍّ وَوَقْفٍ أَهْلِيٍّ احْتَاجَ إلَى مَرَمَّةٍ ضَرُورِيَّةٍ لَا بُدَّ مِنْهَا فَأَبَى

نَاظِرُ الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ أَنْ يَرُمَّهُ مَعَ نَاظِرِ وَقْفِ الْبِرِّ فَهَلْ يَأْمُرُهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى الْعِمَارَةِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ وَصِيٍّ وَنَاظِرٍ وَضَرُورَةِ تَعَذُّرِ قِسْمَةٍ إلَخْ عَلَائِيٌّ مِنْ الشَّرِكَةِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ كَمَا فِي فَتَاوِيه مِنْ الْقِسْمَةِ وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْإِبَاءَاتِ مَعْزِيًّا إلَى الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَلَوْ عَمَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْحَمَّامَ بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ اهـ. وَأَفْتَى التُّمُرْتَاشِيُّ مُؤَيِّدًا ذَلِكَ بِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إذْ لَا يُمْكِنُ قِسْمَةُ بَعْضِهِ إلَخْ وَالْمَسْأَلَةُ وَقَعَ فِيهَا اضْطِرَابٌ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّمْلِيُّ فِي الْقِسْمَةِ وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ بِأَنَّ هَذَا فِي الْمِلْكِ وَأَمَّا الْوَقْفُ فَيُعَمَّرُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ مِنْ غَيْرِ اشْتِبَاهٍ سَوَاءٌ تَعَذَّرَ قِسْمَةُ ذَلِكَ أَوْ لَا وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ امْتِنَاعَ الْمُتَوَلِّي مِنْ الْعِمَارَةِ الضَّرُورِيَّةِ خِيَانَةٌ وَفِي الْبَحْرِ مِنْ شَتَّى الْقَضَاءِ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامٍ إذَا أَرَادَ أَحَدُ النَّاظِرَيْنِ الْمَرَمَّةَ وَأَبَى الْآخَرُ يُجْبَرُ الْآبِي عَلَى التَّعْمِيرِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ اهـ. (أَقُولُ) وَفِي الْخَانِيَّةِ حَمَّامٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ غَابَ قِدْرُهُ أَوْ حَوْضُهُ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ وَاحْتَاجَ إلَى الْمَرَمَّةِ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا الْمَرَمَّةَ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيُؤَجِّرُهَا الْقَاضِي وَيَرُمُّهَا بِالْأُجْرَةِ أَوْ يَأْذَنُ لِأَحَدِهِمَا فِي الْإِجَارَةِ، وَالْمَرَمَّةُ مِنْ الْأُجْرَةِ قِيلَ هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا يَجُوزُ الْحَجْرُ عَلَى الْحُرِّ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي الْحَجْرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْقَاضِي يَأْذَنُ لِغَيْرِهِ أَيْ الْمُمْتَنِعِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ ثُمَّ يَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ حِصَّتَهُ وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ وَنَقَلَهُ فِي الْخَيْرِيَّةُ مِنْ الشَّرِكَةِ وَأَفْتَى بِهِ وَلَكِنْ أَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةُ مِنْ كِتَابِ الْقِسْمَةِ بِأَنَّهُ إذَا أَنْفَقَ أَحَدُهُمَا مِنْ مَالِهِ عَلَى مَا لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا قَالَ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ كَمَا حَقَّقَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَجَعَلَ الْفَتْوَى عَلَيْهِ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ اهـ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ أَمْرِ الْقَاضِي فَهُوَ قَوْلٌ آخَرُ مُفْتًى بِهِ فَيَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ مُصَحَّحَانِ وَإِنْ قَيَّدَ بِالْأَمْرِ ارْتَفَعَ الْخِلَافُ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ لَا تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو احْتَاجَتْ إلَى الْعِمَارَةِ الضَّرُورِيَّةِ فَأَرَادَ زَيْدٌ أَنْ يُعَمِّرَهَا فَأَبَى عَمْرٌو أَنْ يُعَمِّرَهَا مَعَهُ فَعَمَّرَهَا زَيْدٌ مِنْ مَالِهِ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى عَمْرٍو بِقِيمَةِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْعِمَارَةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَأَفْتَى بِمِثْلِ ذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ كَمَا فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْقِسْمَةِ. (ثُمَّ سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَرَادَ أَنْ يُؤَجِّرَ الدَّارَ الْمَزْبُورَةَ وَيَأْخُذَ نِصْفَ مَا أَنْفَقَ عَلَى الْبِنَاءِ مِنْ أُجْرَتِهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ دَارٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ انْهَدَمَتْ فَقَالَ أَحَدُهُمَا نَبْنِيهَا وَأَبَى الْآخَرُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْسِمُ الدَّارَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الدَّارِ رَحًى أَوْ حَمَّامٌ أَوْ شَيْءٌ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَانَ لِطَالِبِ الْبِنَاءِ أَنْ يَبْنِيَ ثُمَّ يُؤَاجِرَ ثُمَّ يَأْخُذَ نِصْفَ مَا أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ مِنْ الْغَلَّةِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ قِسْمَةِ الْوَصِيِّ وَالْأَبِ الْمُشْتَرَكِ إذَا انْهَدَمَ فَأَبَى أَحَدُهُمَا الْعِمَارَةَ فَإِنْ احْتَمَلَ الْقِسْمَةَ أُجْبِرَ وَقَسَمَ وَإِلَّا بَنَى ثُمَّ آجَرَهُ لِيَرْجِعَ أَشْبَاهٌ مِنْ الْقِسْمَةِ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو طَيَّنَهَا زَيْدٌ وَرَمَّمَهَا بِلَا إذْنٍ مِنْ شَرِيكِهِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى عَمْرٍو بِمَا خَصَّهُ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ انْهَدَمَتْ فَبَنَى أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِشَيْءٍ عِمَادِيَّةٌ فِي الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ (أَقُولُ) أَيْ عَمَّرَهَا قَبْلَ الِاسْتِئْذَانِ وَالِامْتِنَاعِ مِنْ عِمَارَتِهَا مَعَهُ فَلَا يُخَالِفُ شَيْئًا مِمَّا مَرَّ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ مُطْلَقًا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَنَى زَيْدٌ قَصْرًا بِمَالِهِ لِنَفْسِهِ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إخْوَتِهِ بِدُونِ إذْنِهِمْ فَهَلْ يَكُونُ الْبِنَاءُ مِلْكًا لَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِذَا بَنَى فِي الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الشَّرِيكِ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ بِنَاءَهُ ذَكَرَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ مِنْ مُتَفَرِّقَاتِ الْقِسْمَةِ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ بَنَى فِيهَا بَعْضُهُمْ بِنَاءً لِأَنْفُسِهِمْ بِآلَاتٍ هِيَ لَهُمْ بِدُونِ إذْنِ الْبَاقِينَ وَيُرِيدُ بَقِيَّةُ الشُّرَكَاءِ قِسْمَةَ نَصِيبِهِمْ مِنْ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ قَابِلَةٌ لِلْقِسْمَةِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ وَمَا حُكْمُ الْبِنَاءِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَتْ

باب الردة والتعزير

قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ وَيَنْتَفِعُ كُلٌّ بِنَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَلِبَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ ذَلِكَ ثُمَّ الْبِنَاءُ حَيْثُ كَانَ بِدُونِ إذْنِهِمْ إنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْبَانِينَ بَعْدَ قِسْمَةِ الدَّارِ فَبِهَا وَنِعْمَت وَإِلَّا هُدِمَ الْبِنَاءُ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي فِلَاحَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَجَمَاعَةٍ آخَرِينَ صَرَفَ زَيْدٌ فِي لَوَازِمِهَا مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ بِلَا إذْنٍ وَلَا وَكَالَةٍ مِنْهُمْ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِمْ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَحْدَثَ زَيْدٌ سَرَابًا فِي دَارِهِ وَيُرِيدُ تَسْيِيلَ أَوْسَاخِهِ إلَى سَرَابٍ قَدِيمٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَمَاعَةٍ وَكَسَرَ حَافَّتَيْ السَّرَابِ الْقَدِيمِ بِلَا إذْنٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَاهُمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي طَالِعِ مَاءٍ قَدِيمٍ فِي مَكَانٍ مَعْلُومٍ فِيهِ فُرُوضٌ مَعْلُومَةٌ يَجْرِي مِنْهُ الْمَاءُ لِأَرْبَابِهَا بِحَقٍّ مَعْلُومٍ أَرَادَ أَحَدُ الْمُسْتَحَقِّينَ فِيهِ أَنْ يَنْقُلَ الطَّالِعَ إلَى مَكَانٍ آخَرَ بِدُونِ إذْنِ بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. (الْجَوَابُ) : نَعَمْ [بَاب الرِّدَّة وَالتَّعْزِير] (بَابُ الرِّدَّةِ وَالتَّعْزِيرِ) (سُئِلَ) هَلْ تَقَعُ الْفُرْقَةُ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَمْ لَا بُدَّ مِنْ قَضَاءِ الْقَاضِي (الْجَوَابُ) : تَقَعُ الْفُرْقَةُ بِنَفْسِ الرِّدَّةِ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَالْكَنْزِ وَارْتِدَادُ أَحَدِهِمَا فَسْخٌ فِي الْحَالِ وَقَالَ قَاضِي خَانْ فِي بَابِ الرِّدَّةِ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ الرِّدَّةَ تُبْطِلُ عِصْمَةَ النِّكَاحِ وَتَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِنَفْسِ الرِّدَّةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَرِدَّةُ الرَّجُلِ تُبْطِلُ عِصْمَةَ نَفْسِهِ حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ الْقَاتِلُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ أَوْ أَتْلَفَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ وَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى تَحْرُمُ امْرَأَتُهُ وَيُجَدِّدُ النِّكَاحَ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَيُعِيدُ الْحَجَّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْمَوْلُودُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ بِالْوَطْءِ بَعْدَ التَّكَلُّمِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ وَلَدُ زِنًا اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ بِلَفْظٍ تُرْكِيٍّ ديني أغزني سكديكم فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ آخَرُ بِلَفْظٍ تُرْكِيٍّ آدَم بوسوزي ديمه كاور وَلَوْ رَسَن. فَقَالَ لِلرَّجُلِ عَقِبَ النَّهْيِ بِلَفْظٍ تُرْكِيٍّ بْن كاور مُسْلِمَانِ أَوْ لِمَام وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ وَثَبَتَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ الْمُزَكَّاةِ تَلَفُّظُهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ فَمَا يَلْزَمُهُ بِذَلِكَ وَهَلْ بَانَتْ امْرَأَتُهُ بِذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى مَنْ شَتَمَ فَمَ الْمُؤْمِنِ يَكْفُرُ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّ فَمَ الْمُؤْمِنِ مَوْضِعُ الْإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ وَفِيهِ أَيْضًا الرِّضَا بِكُفْرِ نَفْسِهِ كَفَرَ بِالِاتِّفَاقِ اهـ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ مُسْلِمٌ قَالَ أَنَا مُلْحِدٌ يَكْفُرُ لِأَنَّ الْمُلْحِدَ كَافِرٌ اهـ وَفِي الْخَانِيَّةِ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ الرِّدَّةَ تُبْطِلُ عِصْمَةَ النِّكَاحِ وَتَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِنَفْسِ الرِّدَّةِ اهـ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى تَحْرُمُ امْرَأَتُهُ وَيُجَدِّدُ النِّكَاحَ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَيُعِيدُ الْحَجَّ اهـ. وَفِيهَا وَارْتِدَادُ أَحَدِهِمَا فَسْخٌ فِي الْحَالِ اهـ. فَظَهَرَ بِمَا نَقَلْنَاهُ الْجَوَابُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَفِي فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ مَا نَصُّهُ: سَمَاع لَفْظِيّه زَوْجه سي هِنْدك اغزنه ودينته شتم أيلسه شرعا زيده نه لَازِم أولور؟ اهـ. الْجَوَابُ: تَعْزِيرٌ شَدِيدٌ وَتَجْدِيدُ إيمَانٍ لازمدر وهند بلدوكي كمسنه يه وارر. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ الْأَشْرَافِ بِزُونِك دينسز كاور فَمَاذَا يَلْزَمُهُ؟ (الْجَوَابُ) : قَوْلُهُ بِزُونِك مَعْنَاهُ بِالْعَرَبِيَّةِ الْمُعَرَّسُ بِالسِّينِ وَتَقُولُهُ الْعَوَامُّ بِالصَّادِ وَفِيهِ التَّعْزِيرُ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ دينسز مَعْنَاهُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ دَيْنٌ يَتَدَيَّنُ بِهِ وَهُوَ مُرَادِفٌ لِزِنْدِيقٍ فَفِي الْفَتْحِ الزِّنْدِيقُ الَّذِي لَا يَتَدَيَّنُ بِدِينٍ وَفِيهِ التَّعْزِيرُ أَيْضًا كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ كاور بِمَعْنَى كَافِرٍ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَعُزِّرَ الشَّاتِمُ بِيَا كَافِرُ وَهَلْ يَكْفُرُ إنْ اعْتَقَدَ الْمُسْلِمَ كَافِرًا نَعَمْ وَإِلَّا لَا. بِهِ يُفْتَى فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ هَذَا الْمُتَعَدِّي الْمَذْكُورَ التَّعْزِيرُ الشَّدِيدُ اللَّائِقُ بِحَالِهِ الرَّادِعُ لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ إلَّا إذَا اعْتَقَدَ الْمُسْلِمَ كَافِرًا فَإِنَّهُ يَكْفُرُ وَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ

الْمُرْتَدِّينَ مِنْ تَجْدِيدِ الْإِسْلَامِ وَالنِّكَاحِ. (سُئِلَ) فِي ذِمِّيٍّ قَالَ إنْ دَخَلْت مَكَانَ كَذَا أَكُنْ مُسْلِمًا فَهَلْ إذَا دَخَلَ ذَلِكَ الْمَكَانَ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذْ لَا بُدَّ مِنْ التَّبَرِّي كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ وَلِأَنَّ الْإِيمَانَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِسْلَامَ تَصْدِيقٌ بِالْجَنَانِ وَإِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَكِلَاهُمَا مِمَّا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْكَافِرَ الَّذِي يُعَلِّقُ إسْلَامَهُ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ لَا يُرِيدُ كَوْنَهُ غَالِبًا فَلَا يَقْصِدُ تَحْصِيلَ مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ فَكَيْفَ نَجْعَلُهُ مُسْلِمًا مَعَ تَبَاعُدِهِ عَنْ الْإِسْلَامِ بِتَعْلِيقِهِ عَلَى مَا لَا يُرِيدُ كَوْنَهُ وَالْإِسْلَامُ عَمَلٌ بِخِلَافِ الْكُفْرِ فَإِنَّهُ تَرْكٌ فَلَا يَصِيرُ الْكَافِرُ مُسْلِمًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ التُّمُرْتَاشِيُّ وَالشَّيْخُ نُورُ الدِّينِ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ وَفِي الزَّيْلَعِيِّ أَنَّ الْإِسْلَامَ عَمَلٌ بِخِلَافِ الْكُفْرِ فَإِنَّهُ تَرْكٌ وَنَظِيرُهُ الْإِقَامَةُ وَالصِّيَامُ فَلَا يَصِيرُ الْمُقِيمُ مُسَافِرًا وَلَا الصَّائِمُ مُفْطِرًا وَلَا الْكَافِرُ مُسْلِمًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَيَصِيرُ أَيْ الْمُسْلِمُ كَافِرًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ لِأَنَّهُ تَرْكٌ فَإِذَا عَلَّقَهُ الْمُسْلِمُ عَلَى فِعْلٍ وَفَعَلَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُخْتَارٌ فِي فِعْلِهِ فَيَكُونُ قَاصِدًا الْكُفْرَ فَيَكْفُرُ بِخِلَافِ الْإِسْلَامِ صُورَةُ دَعْوَى يُعْلَمُ مَضْمُونُهَا مِنْ جَوَابِهَا بِقَوْلِهِ لَا يَثْبُتُ إسْلَامُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ بِمَا ذُكِرَ أَيْ بِمُجَرَّدِ الْإِتْيَانِ بِالشَّهَادَتَيْنِ لِعَدَمِ التَّبَرِّي وَهُوَ شَرْطٌ فِي كُلِّ يَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ كَمَا عَمَّمَ فِي ذَلِكَ فِي الدُّرَرِ وَفَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ وَالتُّمُرْتَاشِيِّ وَغَيْرِهِمَا كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَأَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ إذَا تَلَفَّظَ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَتَبَرَّأْ وَلَمْ يُتَابِعْ. (سُئِلَ) فِي صَبِيٍّ عَاقِلٍ مُمَيِّزٍ مِنْ أَوْلَادِ الذِّمِّيِّينَ أَسْلَمَ وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ فَهَلْ يَصِحُّ إسْلَامُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَصِحُّ إسْلَامُهُ إذَا كَانَ عَاقِلًا الْإِسْلَامَ مُمَيِّزًا حَتَّى أَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ فِي ذِمِّيٍّ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ أَسْلَمَ وَهُوَ سَكْرَانُ بِصِحَّةِ إسْلَامِهِ كَالْبَالِغِ السَّكْرَانِ لَكِنْ إذَا زَالَ سُكْرُهُمَا إنْ عَادَ إلَى دِينِهِمَا يُجْبَرَانِ عَلَى الْعَوْدِ إلَى الْإِسْلَامِ بِالْحَبْسِ وَالضَّرْبِ وَلَا يُقْتَلَانِ اهـ وَاَلَّذِي يَعْقِلُ الْإِسْلَامَ يَعْنِي صِفَةَ الْإِسْلَامِ وَهُوَ مَا ذُكِرَ فِي «حَدِيثِ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنْ تُؤْمِنَ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى» كَذَا فِي فَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ وَوَصَفَهُ الطَّرَسُوسِيُّ بِقَوْلِهِ الَّذِي يَعْقِلُ أَنَّ الْإِسْلَامَ سَبَبُ النَّجَاةِ وَيُمَيِّزُ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ وَالْحُلْوَ مِنْ الْمُرِّ كَذَا فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ وَقَدَّرَهُ فِي الْمُجْتَبَى وَالسِّرَاجِيَّةِ بِسَبْعِ سِنِينَ وَيُؤَيِّدُهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَضَ الْإِسْلَامَ عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَسِنُّهُ سَبْعٌ» وَكَانَ يَفْتَخِرُ بِهِ حَتَّى قَالَ سَبَقْتُكُمْ إلَى الْإِسْلَامِ طُرًّا ... غُلَامًا مَا بَلَغْت أَوَانِ حِلْمِي وَسُقْتُكُمْ إلَى الْإِسْلَامِ قَهْرًا ... بِصَارِمِ هِمَّتِي وَسِنَانِ عَزْمِي اهـ وَإِذَا ادَّعَى أَبُوهُ النَّصْرَانِيُّ أَنَّ عُمُرَهُ خَمْسُ سِنِينَ وَادَّعَتْ أُمُّهُ الْمُسْلِمَةُ أَنَّ عُمْرَهُ سَبْعُ سِنِينَ فَالْقَوْلُ لِمَنْ أَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ يُعْرَضُ عَلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَيَرْجِعُ إلَيْهِمْ فِيهِ. (سُئِلَ) فِي النَّصْرَانِيِّ إذَا حَصَلَ لَهُ جُنُونٌ فِي عَقْلِهِ بِسَبَبِ عِشْقِهِ لَكِنَّهُ يَسْتَحْضِرُ الْجَوَابَ وَيَفْهَمُ الْخِطَابَ فَأَسْلَمَ وَمَدَحَ الْإِسْلَامَ وَذَمَّ الْكُفْرَ وَانْسَرَّ بِذَلِكَ فَهَلْ صَحَّ إسْلَامُهُ؟ (الْجَوَابُ) : أَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ مُمَيِّزٌ فَيَصِحُّ إسْلَامُهُ وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ وَيُجْبَرُ عَلَى الْعَوْدِ إلَى الْإِسْلَامِ. (سُئِلَ) فِي الْمُرْتَدَّةِ إذَا مَاتَتْ أَيْنَ تُدْفَنُ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا ثَبَتَ ارْتِدَادُهَا بَعْدَ إسْلَامِهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ ثُمَّ مَاتَتْ وَهِيَ كَذَلِكَ فَفِي سِيَرِ الْأَشْبَاهِ وَإِذَا مَاتَ أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ لَمْ يُدْفَنْ فِي مَقَابِرِ أَهْلِ مِلَّةٍ وَإِنَّمَا يُلْقَى فِي حُفَيْرَةٍ كَالْكَلْبِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مُسْلِمٍ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَهَلْ يَلْزَمُهُ تَجْدِيدُ إسْلَامِهِ وَنِكَاحُهُ وَلَا يَقْضِي مِنْ الْعِبَادَاتِ إلَّا الْحَجَّ؟ (الْجَوَابُ) : لَوْ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى تَحْرُمُ امْرَأَتُهُ وَيُجَدِّدُ النِّكَاحَ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَهُوَ فَسْخٌ عَاجِلٌ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَضَاءٍ وَلَا يُنْقَصُ عَدَدُ

الطَّلَقَاتُ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَيُعِيدُ الْحَجَّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْمَوْلُودُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ بِالْوَطْءِ بَعْدَ التَّكَلُّمِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ وَلَدُ زِنًا ثُمَّ إنْ أَتَى بِكَلِمَةِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْعَادَةِ لَا يَجْزِيهِ مَا لَمْ يَرْجِعْ عَمَّا قَالَهُ لِأَنَّ بِإِتْيَانِهَا عَلَى الْعَادَةِ لَا يَرْتَفِعُ الْكُفْرُ وَيُؤْمَرُ بِالتَّوْبَةِ وَالرُّجُوعِ عَنْ ذَلِكَ ثُمَّ يُجَدِّدُ النِّكَاحَ وَزَالَ عَنْهُ مُوجِبُ الْكُفْرِ وَالِارْتِدَادِ وَهُوَ الْقَتْلُ كَمَا فِي الثَّالِثِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الرِّدَّةِ هَذَا إذَا كَانَ عَالِمًا أَنَّ مَا قَالَهُ كُفْرٌ. وَأَمَّا الْجَاهِلُ إذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهَا كُفْرٌ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَكُونُ كُفْرًا وَيُعْذَرُ بِالْجَهْلِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَصِيرُ كَافِرًا بِذَلِكَ وَمَنْ أَتَى بِلَفْظَةِ الْكُفْرِ وَهُوَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا كُفْرٌ إلَّا أَنَّهُ أَتَى بِهَا عَنْ اخْتِيَارٍ يَكْفُرُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ خِلَافًا لِلْبَعْضِ وَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ أَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّمَ فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ كَلِمَةُ الْكُفْرِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَا يَكْفُرُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْخُلَاصَةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ عَوَانِي مُفْسِدٍ غَمَّازٍ يَسْعَى فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ وَيُوقِعُ الشَّرَّ بَيْنَ الْعِبَادِ وَيُغْرِي عَلَى أَخْذِ الْأَمْوَالِ بِالْبَاطِلِ وَذَبْحِ الْعِبَادِ وَيُؤْذِي الْمُسْلِمِينَ بِيَدِهِ وَلِسَانِهِ وَلَا يَرْتَدِعُ عَنْ تِلْكَ الْأَفْعَالِ إلَّا بِالْقَتْلِ فَمَا حُكْمُهُ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا كَانَ كَذَلِكَ وَأَخْبَرَ جَمٌّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ يُقْتَلُ وَيُثَابُ قَاتِلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ دَفْعِ شَرِّهِ عَنْ عِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى. . (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ عَامِّيٍّ شَتَمَ رَجُلَيْنِ مِنْ عُلَمَاءِ دَيْنِ الْإِسْلَامِ وَآلِ بَيْتِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ السَّلَامِ وَحَقَّرَهُمَا وَاسْتَخَفَّ بِهِمَا وَبِالدِّينِ مَعَ كَوْنِهِ شِرِّيرًا سَاعِيًا بِالْفَسَادِ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ يُقْتَلُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَوْ صَغَّرَ الْفَقِيهَ أَوْ الْعَلَوِيَّ قَاصِدًا الِاسْتِخْفَافَ بِالدَّيْنِ كَفَرَ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ السَّاعِي فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ يُقْتَلُ بِمَا يَرَاهُ الْإِمَامُ اهـ وَقَالَ ابْنُ الضِّيَاءِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ قَالَ أَصْحَابُنَا لَوْ نَظَرَ إنْسَانٌ إلَى عَالِمٍ نَظْرَةَ إهَانَةٍ أَوْ ذَكَرَهُ بِمَا يُوجِبُ الْإِهَانَةَ يَكْفُرُ كَمَا فِي عُمْدَةِ الْإِسْلَامِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ» وَرَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِهِمْ عَنْ رَوْضَةِ الْعُلَمَاءِ لَا يَجُوزُ لِلْجَاهِلِ أَنْ يَجْلِسَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَالْمُتَعَلِّمِينَ وَإِنْ جَلَسَ فَوَاجِبٌ عَلَى السُّلْطَانِ أَوْ الْقَاضِي أَنْ يَمْنَعَهُ لِأَنَّ هَذَا اسْتِخْفَافٌ أَوْ إهَانَةٌ أَوْ حَقَارَةٌ وَلَوْ جَلَسَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ أَعْلَى مِنْ الْعَالِمِ أَوْ الْمُتَعَلِّمِ فِي الْمَجْلِسِ لَوْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِخْفَافِ طَلَقَتْ امْرَأَتُهُ وَلَوْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمِزَاحِ يُعَزَّرُ بِإِجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ الْعَلَّامَةِ إبْرَاهِيمَ الْبِيرِيِّ عَلَى الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ السِّيَرِ وَالرِّدَّةِ. (سُئِلَ) فِي ذِمِّيٍّ شَتَمَ ذِمِّيًّا مِثْلَهُ بِأَلْفَاظٍ قَبِيحَةٍ وَآذَاهُ بِذَلِكَ فَهَلْ يُؤَدَّبُ وَيُعَاقَبُ عَلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) عَنْ يَهُودِيٍّ قَذَفَ يَهُودِيًّا بِالزِّنَا هَلْ يَلْزَمُهُ حَدُّ الْقَذْفِ؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَلْزَمُهُ حَدُّ الْقَذْفِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ التَّعْزِيرُ كَازَرُونِيٌّ عَنْ ابْنِ نُجَيْمٍ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَلَفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَا يَفْعَلُ كَذَا وَإِنْ فَعَلَهُ يَكُنْ دِينُهُ لِلنَّصَارَى ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ فَهَلْ يَكْفُرُ أَوْ لَا وَهَلْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَوْ يَمِينَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : إنْ كَانَ الْحَالِفُ جَاهِلًا وَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَكْفُرُ بِمُبَاشَرَةِ الشَّرْطِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ يَكْفُرُ وَعَلَيْهِ تَجْدِيدُ الْإِسْلَامِ وَالنِّكَاحُ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ فِي اعْتِقَادِهِ أَنَّهُ يَمِينٌ فَقَطْ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِذَلِكَ وَفِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى كَفَّارَةُ يَمِينٍ آخَرَ وَهَذَا مَا تَحَرَّرَ بَعْدَ النَّظَرِ فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا أَئِمَّةِ الْهُدَى رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سُئِلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَقَالَ لَوْ شَفَعَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي خُلِقَ الْكَوْنُ لِأَجْلِهِ مَا أَقْبَلُ رَجَاءَهُ فَهَلْ يَكْفُرُ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَكْفُرُ بِذَلِكَ لِأَنَّ قَصْدَهُ التَّعْظِيمُ وَلِأَنَّهُ مُنْتَفٍ بِلَوْ، كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ نَاقِلًا عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ السُّبْكِيّ وَالرَّمْلِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ فَاجْتَمَعَ الْمَذْهَبَانِ عَلَى عَدَمِ كُفْرِهِ وَأَظُنُّ أَنَّهَا إجْمَاعِيَّةٌ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَرَأَيْت فِي مَجْمُوعَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَبْدِ اللَّهِ أَفَنْدِي حَفِظَهُ اللَّهُ الْمَلِكُ السَّلَامُ حِينَ زَارَنِي فِي الْجُنَيْنَةِ وَقْتَ قُدُومِهِ مِنْ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَلَى مُنَوِّرِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ السَّلَامِ

سَنَةَ 1146 مَا صُورَتُهُ مَا قَوْلُكُمْ - دَامَ فَضْلُكُمْ وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَنَفَعَ الْمُسْلِمِينَ بِعُلُومِكُمْ - فِي سَبَبِ وُجُوبِ مُقَاتَلَةِ الرَّوَافِضِ وَجَوَازِ قَتْلِهِمْ هُوَ الْبَغْيُ عَلَى السُّلْطَانِ أَوْ الْكُفْرِ، إذَا قُلْتُمْ بِالثَّانِي فَمَا سَبَبُ كُفْرِهِمْ وَإِذَا أَثْبَتُّمْ سَبَبَ كُفْرِهِمْ فَهَلْ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُمْ وَإِسْلَامُهُمْ كَالْمُرْتَدِّ أَوْ لَا تُقْبَلُ كَسَابِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِمْ. وَإِذَا قُلْتُمْ بِالثَّانِي فَهَلْ يُقْتَلُونَ حَدًّا أَوْ كُفْرًا وَهَلْ يَجُوزُ تَرْكُهُمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ بِإِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ أَوْ بِالْأَمَانِ الْمُؤَقَّتِ أَوْ بِالْأَمَانِ الْمُؤَبَّدِ أَمْ لَا وَهَلْ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِهِمْ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ أَثَابَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى الْجَنَّةَ. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اعْلَمْ أَسْعَدَك اللَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْكَفَرَةَ وَالْبُغَاةَ الْفَجَرَةَ جَمَعُوا بَيْنَ أَصْنَافِ الْكُفْرِ وَالْبَغْيِ وَالْعِنَادِ وَأَنْوَاعِ الْفِسْقِ وَالزَّنْدَقَةِ وَالْإِلْحَادِ وَمَنْ تَوَقَّفَ فِي كُفْرِهِمْ وَإِلْحَادِهِمْ وَوُجُوبِ قِتَالِهِمْ وَجَوَازِ قَتْلِهِمْ فَهُوَ كَافِرٌ مِثْلُهُمْ وَسَبَبُ وُجُوبِ مُقَاتَلَتِهِمْ وَجَوَازِ قَتْلِهِمْ الْبَغْيُ وَالْكُفْرُ مَعًا أَمَّا الْبَغْيُ فَإِنَّهُمْ خَرَجُوا عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ خَلَّدَ اللَّهُ تَعَالَى مُلْكَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِينَ إذَا دَعَاهُمْ الْإِمَامُ إلَى قِتَالِ هَؤُلَاءِ الْبَاغِينَ الْمَلْعُونِينَ عَلَى لِسَانِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ أَنْ لَا يَتَأَخَّرُوا عَنْهُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُعِينُوهُ وَيُقَاتِلُوهُمْ مَعَهُ وَأَمَّا الْكُفْرُ فَمِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّهُمْ يَسْتَخِفُّونَ بِالدِّينِ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِالشَّرْعِ الْمُبِينِ وَمِنْهَا أَنَّهُمْ يُهِينُونَ الْعِلْمَ وَالْعُلَمَاءَ مَعَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] وَمِنْهَا أَنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ الْمُحَرَّمَاتِ وَيَهْتِكُونَ الْحُرُمَاتِ وَمِنْهَا أَنَّهُمْ يُنْكِرُونَ خِلَافَةَ الشَّيْخَيْنِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُوقِعُوا فِي الدِّينِ الشَّيْنَ وَمِنْهَا أَنَّهُمْ يُطَوِّلُونَ أَلْسِنَتَهُمْ عَلَى عَائِشَةَ الصِّدِّيقَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَيَتَكَلَّمُونَ فِي حَقِّهَا مَا لَا يَلِيقُ بِشَأْنِهَا مَعَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ عِدَّةَ آيَاتٍ فِي بَرَاءَتِهَا وَنَزَاهَتِهَا فَهُمْ كَافِرُونَ بِتَكْذِيبِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَسَابُّونَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضِمْنًا بِنِسْبَتِهِمْ إلَى أَهْلِ بَيْتِهِ هَذَا الْأَمْرَ الْعَظِيمَ وَمِنْهَا أَنَّهُمْ يَسُبُّونَ الشَّيْخَيْنِ سَوَّدَ اللَّهُ وُجُوهَهُمْ فِي الدَّارَيْنِ. وَقَالَ السُّيُوطِيّ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ مَنْ كَفَّرَ الصَّحَابَةَ أَوْ قَالَ إنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ كَفَرَ وَنَقَلُوا وَجْهَيْنِ عَنْ تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ فِيمَنْ سَبَّ الشَّيْخَيْنِ هَلْ يَفْسُقُ أَوْ يَكْفُرُ وَالْأَصَحُّ عِنْدِي التَّكْفِيرُ وَبِهِ جَزَمَ الْمَحَامِلِيُّ فِي اللُّبَابِ اهـ وَثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ قَطْعًا عِنْدَ الْخَوَاصِّ وَالْعَوَامِّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ هَذِهِ الْقَبَائِحَ مُجْتَمِعَةٌ فِي هَؤُلَاءِ الضَّالِّينَ الْمُضِلِّينَ فَمَنْ اتَّصَفَ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ فَهُوَ كَافِرٌ يَجِبُ قَتْلُهُ بِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَإِسْلَامُهُ فِي إسْقَاطِ الْقَتْلِ سَوَاءٌ تَابَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ جَاءَ تَائِبًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ حَدٌّ وَجَبَ وَلَا تُسْقِطُهُ التَّوْبَةُ كَسَائِرِ الْحُدُودِ وَلَيْسَ سَبُّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالِارْتِدَادِ الْمَقْبُولِ فِيهِ التَّوْبَةُ لِأَنَّ الِارْتِدَادَ مَعْنًى يَنْفَرِدُ بِهِ الْمُرْتَدُّ لَا حَقَّ فِيهِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ فَقُبِلَتْ تَوْبَتُهُ وَمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَلَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ كَسَائِرِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ فَمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ أَحَدًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَامُهُ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ وَيَجِبُ قَتْلُهُ ثُمَّ إنْ ثَبَتَ عَلَى كُفْرِهِ وَلَمْ يَتُبْ وَلَمْ يُسْلِمْ يُقْتَلُ كُفْرًا بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ تَابَ وَأَسْلَمَ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْقَتْلُ حَدًّا وَقِيلَ يُقْتَلُ كُفْرًا فِي الصُّورَتَيْنِ. وَأَمَّا سَبُّ الشَّيْخَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فَإِنَّهُ كَسَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ مَنْ سَبَّ الشَّيْخَيْنِ أَوْ لَعَنَهُمَا يَكْفُرُ وَيَجِبُ قَتْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَإِسْلَامُهُ أَيْ فِي إسْقَاطِ الْقَتْلِ وَقَالَ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي الْبَحْرِ حَيْثُ لَمْ تُقْبَلْ تَوْبَتُهُ عُلِمَ أَنَّ سَبَّ الشَّيْخَيْنِ كَسَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يُفِيدُ الْإِنْكَارُ مَعَ الْبَيِّنَةِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ مَنْ سَبَّ الشَّيْخَيْنِ أَوْ لَعَنَهُمَا يَكْفُرُ وَيَجِبُ قَتْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَإِسْلَامُهُ فِي إسْقَاطِ الْقَتْلِ لِأَنَّا نَجْعَلُ إنْكَارَ الرِّدَّةِ تَوْبَةً إنْ كَانَتْ مَقْبُولَةً كَمَا لَا يَخْفَى وَقَالَ فِي

الْأَشْبَاهِ كُلُّ كَافِرٍ تَابَ فَتَوْبَتُهُ مَقْبُولَةٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إلَّا الْكَافِرَ بِسَبِّ نَبِيٍّ أَوْ بِسَبِّ الشَّيْخَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ بِالسِّحْرِ وَلَوْ امْرَأَةً وَبِالزَّنْدَقَةِ إذَا أُخِذَ قَبْلَ تَوْبَتِهِ اهـ فَيَجِبُ قَتْلُ هَؤُلَاءِ الْأَشْرَارِ الْكُفَّارِ تَابُوا أَوْ لَمْ يَتُوبُوا لِأَنَّهُمْ إنْ تَابُوا وَأَسْلَمُوا قُتِلُوا حَدًّا عَلَى الْمَشْهُورِ وَأُجْرِيَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ الْقَتْلِ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ بَقُوا عَلَى كُفْرِهِمْ وَعِنَادِهِمْ قُتِلُوا كُفْرًا وَأُجْرِيَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ الْقَتْلِ أَحْكَامُ الْمُشْرِكِينَ وَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُمْ عَلَيْهِ بِإِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ وَلَا بِأَمَانٍ مُؤَقَّتٍ وَلَا بِأَمَانٍ مُؤَبَّدٍ نَصَّ عَلَيْهِ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ وَيَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ نِسَائِهِمْ لِأَنَّ اسْتِرْقَاقَ الْمُرْتَدَّةِ بَعْدَمَا لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ جَائِزٌ وَكُلُّ مَوْضِعٍ خَرَجَ عَنْ وِلَايَةِ الْإِمَامِ الْحَقِّ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ دَارِ الْحَرْبِ وَيَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ ذَرَارِيِّهِمْ تَبَعًا لِأُمَّهَاتِهِمْ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الِاسْتِرْقَاقِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. كَتَبَهُ أَحْقَرُ الْوَرَى نُوحٌ الْحَنَفِيُّ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَالْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ اهـ مَا فِي الْمَجْمُوعَة الْمَذْكُورَةِ بِحُرُوفِهِ. (أَقُولُ) وَقَدْ أَكْثَرَ مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ مِنْ عُلَمَاءِ الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ لَا زَالَتْ مُؤَيَّدَةً بِالنُّصْرَةِ الْعَلِيَّةِ فِي الْإِفْتَاءِ فِي شَأْنِ الشِّيعَةِ الْمَذْكُورِينَ وَقَدْ أَشْبَعَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَأَلَّفُوا فِيهِ الرَّسَائِلَ وَمِمَّنْ أَفْتَى بِنَحْوِ ذَلِكَ فِيهِمْ الْمُحَقِّقُ الْمُفَسِّرُ أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ وَنَقَلَ عِبَارَتَهُ الْعَلَّامَةُ الْكَوَاكِبِيُّ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مَنْظُومَتِهِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُسَمَّاةِ الْفَرَائِدُ السَّنِيَّةُ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا نَقَلَهُ عَنْ أَبِي السُّعُودِ بَعْدَ ذِكْرِ قَبَائِحِهِمْ عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ فَلِذَا أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأَعْصَارِ عَلَى إبَاحَةِ قَتْلِهِمْ وَأَنَّ مَنْ شَكَّ فِي كُفْرِهِمْ كَانَ كَافِرًا فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُمْ إذَا تَابُوا وَرَجَعُوا عَنْ كُفْرِهِمْ إلَى الْإِسْلَامِ نَجَوْا مِنْ الْقَتْلِ وَيُرْجَى لَهُمْ الْعَفْوُ كَسَائِرِ الْكُفَّارِ إذَا تَابُوا وَأَمَّا عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَلَيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ الْعِظَامِ فَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُمْ وَلَا يُعْتَبَرُ إسْلَامُهُمْ وَيَقْتُلُونَ حَدًّا إلَخْ فَقَدْ جَزَمَ بِقَبُولِ تَوْبَتِهِمْ عِنْدَ إمَامِنَا الْأَعْظَمِ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُهِمَّةٌ يَنْبَغِي تَحْرِيرُهَا وَالِاعْتِنَاءُ بِهَا زِيَادَةً عَلَى غَيْرِهَا فَقَدْ وَقَعَ فِيهَا خَبْطٌ عَظِيمٌ وَكَانَ يَخْطِرُ لِي أَنْ أَجْمَعَ فِيهَا رِسَالَةً أَذْكُرُ فِيهَا مَا حَرَّرْته فِي حَاشِيَتِي عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَغَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ أَنْ أَذْكُرَ فِي هَذَا الْمَقَامِ مَا يُوَضِّحُ الْمَرَامَ إسْعَافًا لِأَهْلِ الْإِسْلَام مِنْ الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ وَإِنْ اسْتَدْعَى بَعْضَ طُولٍ فِي الْكَلَامِ فَنَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. اعْلَمْ أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ مِنْ أَنَّ سَابَّ الشَّيْخَيْنِ فِي الدَّارَيْنِ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ قَدْ عَزَاهُ فِي الْبَحْرِ إلَى الْجَوْهَرَةِ شَرْحِ الْقُدُورِيِّ وَقَدْ قَالَ فِي النَّهْرِ هَذَا لَا وُجُودَ لَهُ فِي أَصْلِ الْجَوْهَرَةِ وَإِنَّمَا وُجِدَ فِي هَامِشِ بَعْضِ النُّسَخِ فَأُلْحِقَ بِالْأَصْلِ مَعَ أَنَّهُ لَا ارْتِبَاطَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ اهـ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ النَّهْرِ. (أَقُولُ) د عَلَى فَرْضِ ثُبُوتِ ذَلِكَ فِي عَامَّةِ نُسَخِ الْجَوْهَرَةِ لَا وَجْهَ لَهُ يَظْهَرُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ قَبُولِ تَوْبَةِ مَنْ سَبَّ الْأَنْبِيَاءِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ قَبُولِ تَوْبَةِ مَنْ سَبَّ الشَّيْخَيْنِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى بَلْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ فِيمَا أَعْلَمُ اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ عَدَمِ قَبُولِ تَوْبَةِ سَابِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلُ مَنْ ذَكَرَهَا عِنْدَنَا صَاحِبُ الْبَزَّازِيَّةِ وَتَبِعَهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْكَمَالِ الْهُمَامُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَتَبِعَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ وَكَذَا ابْنُ نُجَيْمٍ فِي الْبَحْرِ وَالْأَشْبَاهِ وَأَفْتَى بِهِ فِي الْخَيْرِيَّةُ. لَكِنَّ الْعَلَّامَةَ التُّمُرْتَاشِيَّ بَعْدَمَا عَزَا مَا فِي مَتْنِهِ إلَى الْبَزَّازِيِّ قَالَ فِي شَرْحِهِ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى مِنَحِ الْغَفَّارِ لَكِنْ سَمِعْت مِنْ مَوْلَانَا شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَمِينِ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ الْعَالِ مُفْتِي الْحَنَفِيَّةِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ أَنَّ صَاحِبَ الْفَتْحِ تَبِعَ الْبَزَّازِيَّ فِي ذَلِكَ وَأَنَّ الْبَزَّازِيَّ تَبِعَ صَاحِبَ الصَّارِمِ الْمَسْلُولِ فَإِنَّهُ عَزَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا نَقَلَهُ مِنْ ذَلِكَ إلَيْهِ وَلَمْ يَعْزُهُ إلَى أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ اهـ وَفِي مُعِينِ الْحُكَّامِ مَعْزِيًّا إلَى شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ مَا صُورَتُهُ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

أَوْ بَغَضَهُ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ رِدَّةً وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُرْتَدِّينَ اهـ. وَفِي النُّتَفِ مَنْ سَبَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ مُرْتَدٌّ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ وَيُفْعَلُ بِهِ مَا يُفْعَلُ بِالْمُرْتَدِّ اهـ فَقَوْلُهُ وَيُفْعَلُ بِهِ مَا يُفْعَلُ بِالْمُرْتَدِّ ظَاهِرٌ فِي قَبُولِ تَوْبَتِهِ كَمَا لَا يَخْفَى وَمِمَّنْ نَقَلَ أَنَّهَا رِدَّةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الشِّفَاءِ اهـ مَا فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ مُلَخَّصًا ثُمَّ اعْلَمْ أَيْضًا أَنَّ الْبَزَّازِيَّ قَالَ إنَّهُ كَالزِّنْدِيقِ لِأَنَّهُ حَدٌّ وَجَبَ فَلَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ خِلَافٌ لِأَحَدِ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْعَبْدِ فَلَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ كَسَائِرِ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ إلَى أَنْ قَالَ وَدَلَائِلُ الْمَسْأَلَةِ تُعْرَفُ فِي الصَّارِمِ الْمَسْلُولِ عَلَى شَاتِمِ الرَّسُولِ اهـ. وَقَدْ رَاجَعْت كِتَابَ الصَّارِمِ الْمَسْلُولِ لِعُمْدَةِ الشَّافِعِيَّةِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ السُّبْكِيّ فَرَأَيْته ذَكَرَ مَا يَرُدُّ عَلَى الْبَزَّازِيِّ حَيْثُ ذَكَرَ السُّبْكِيّ أَوَّلًا عَنْ الشِّفَاءِ لِلْقَاضِي عِيَاضٍ الْمَالِكِيِّ أَنَّ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ مُوَافِقٌ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ فِي رِدَّتِهِ وَعَدَمِ قَبُولِ تَوْبَتِهِ وَأَنَّ بِمِثْلِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ وَالْأَوْزَاعِيُّ لَكِنَّهُمْ قَالُوا هِيَ رِدَّةٌ ثُمَّ قَالَ السُّبْكِيّ بَعْدَ ذَلِكَ مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يَقْبَلُ تَوْبَتَهُ وَلَمْ أَرَ مِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ صَرَّحَ عَنْهُ بِذَلِكَ إلَى أَنْ قَالَ هَذَا مَا وَجَدْته لِلشَّافِعِيَّةِ وَلِلْحَنَفِيَّةِ فِي قَبُولِ تَوْبَتِهِ كَلَامٌ قَرِيبٌ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَلَا يُوجَدُ لِلْحَنَفِيَّةِ غَيْرُ قَبُولِ التَّوْبَةِ وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَكَلَامُهُمْ قَرِيبٌ مِنْ كَلَامِ الْمَالِكِيَّةِ هَذَا تَحْرِيرُ الْمَنْقُولِ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا الدَّلِيلُ فَمُعْتَمَدُنَا فِي قَبُولِ التَّوْبَةِ قَوْله تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] وقَوْله تَعَالَى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا} [الزمر: 53] الْآيَةَ وقَوْله تَعَالَى {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا} [آل عمران: 86] الْآيَةَ. وَهَذِهِ الْآيَاتُ نَصٌّ فِي قَبُولِ تَوْبَةِ الْمُرْتَدِّ وَعُمُومُهَا يَدْخُلُ فِيهِ السَّابُّ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ وَالتَّوْبَةُ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا» وَلِأَنَّا لَا نَحْفَظُ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَتَلَ أَحَدًا بَعْدَ إسْلَامِهِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ فَلَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ صَحِيحٌ لَكِنَّا عَلِمْنَا مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَأْفَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَشَفَقَتِهِ أَنَّهُ مَا انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ قَطُّ فَكَيْفَ يُنْتَقَمُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ اهـ. كَلَامُ السُّبْكِيّ مُلَخَّصًا وَتَمَامُ الْأَجْوِبَةِ مَبْسُوطٌ فِيهِ وَقَدْ أَطَالَ فِي ذَلِكَ إطَالَةً حَسَنَةً يَنْبَغِي مُرَاجَعَتُهَا وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ كِفَايَةٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّقِيَّ السُّبْكِيّ وَالْقَاضِيَ عِيَاضًا ثِقَتَانِ ثَبْتَانِ عَدْلَانِ يَكْتَفِي بِشَهَادَتِهِمَا وَنَقْلِهِمَا عَنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ مَذْهَبَهُمْ قَبُولُ التَّوْبَةِ وَلَا سِيَّمَا مَعَ مَا سَمِعْته مِنْ النَّقْلِ عَنْ شَيْخِ الْمَذْهَبِ الْإِمَامِ الطَّحَاوِيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ هُوَ أَعْرَفُ بِالْمَذْهَبِ مِنْ الْبَزَّازِيِّ بِيَقِينٍ وَقَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي النُّتَفِ وَمُعِينِ الْحُكَّامِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَحَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ حُكْمَهُ كَالْمُرْتَدِّ اهـ. وَلِلْعَلَّامَةِ النَّحْرِيرُ الشَّهِيرُ بِحُسَامٍ حَلَبِيٍّ مِنْ عُظَمَاءِ عُلَمَاءِ دَوْلَةِ السُّلْطَانِ سَلِيمْ خان بْنِ بايزيد خان الْعُثْمَانِيِّ رِسَالَةٌ لَطِيفَةٌ أَلَّفَهَا فِي الرَّدِّ عَلَى الْبَزَّازِيِّ وَقَالَ فِيهَا إنَّهُ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَلَا يُقْتَلُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ خِلَافًا لِلْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي السَّيْفِ الْمَسْلُولِ وَذَكَرَ فِي الْحَاوِي مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْفُرُ وَلَا تَوْبَةَ لَهُ سِوَى تَجْدِيدِ الْإِيمَانِ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا تَوْبَةَ لَهُ أَصْلًا فَيُقْتَلُ حَدًّا لَكِنْ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بَعْدَ تَجْدِيدِ الْإِيمَانِ ثُمَّ قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ قَدْ تَتَبَّعْنَا كُتُبَ الْحَنَفِيَّةِ فَلَمْ نَجِدْ الْقَوْلَ بِعَدَمِ قَبُولِ تَوْبَتِهِ سِوَى مَا ذَكَرَهُ الْبَزَّازِيُّ وَقَدْ عَرَفْت بُطْلَانَهُ وَمَنْشَأَ غَلَطِهِ فِي أَوَّلِ الرِّسَالَةِ اهـ. وَقَدْ ذَكَرَ نُبْذَةً مِنْ هَذِهِ الرِّسَالَةِ فِي آخِرِ كِتَابِ نُورِ الْعَيْنِ فِي إصْلَاحِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَمِنْهُ لَخَّصْت مَا نَقَلْته عَنْهَا ثُمَّ قَالَ فِيهِ يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَخْطِئَةِ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا ذُكِرَ فِي بَعْضِ الْفَتَاوَى نَقْلًا عَنْ كِتَابِ الْخَرَاجِ لِلْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَكْفُرُ فَإِنْ تَابَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَلَا يُقْتَلُ عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ثُمَّ قَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ وَقَدْ أَجَابَ الْعَلَّامَةُ الْفَهَّامَةُ أَبُو السُّعُودِ الْمُفْتِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ خِلَافِيَّةٌ فَقَدْ

كتاب المفقود

عُرِضَ عَلَى السُّلْطَانِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ الرَّحْمَنِ سُلَيْمَانْ خَانْ بْنِ سَلِيمْ خَانْ فِي أَمْرِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَالرِّعَايَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُنْظَرَ إلَى حَالِ الشَّخْصِ التَّائِبِ عَنْ سَبِّ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ فُهِمَ مِنْهُ صِحَّةُ التَّوْبَةِ وَحُسْنُ الْإِسْلَامِ وَصَلَاحُ الْحَالِ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ فِي قَبُولِ تَوْبَتِهِ وَيَكْتَفِي بِالتَّعْزِيرِ وَالْحَبْسِ تَأْدِيبًا وَإِنْ لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ الْخَيْرُ يُعْمَلُ بِمَذْهَبِ الْغَيْرِ فَلَا يُعْتَمَدُ عَلَى تَوْبَتِهِ وَإِسْلَامِهِ وَيُقْتَلُ حَدًّا فَأَمَرَ السُّلْطَانُ جَمِيعَ قُضَاةِ مَمَالِكِهِ أَنْ يَعْمَلُوا بَعْدَ الْيَوْمِ بِهَذَا الْجَمْعِ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّفْعِ وَالْقَمْعِ هَذَا خُلَاصَةُ ذَلِكَ الْجَوَابِ شَكَرَ اللَّهُ سَعْيَهُ يَوْمَ الْحِسَابِ اهـ. وَاَلَّذِي حَطَّ عَلَيْهِ كَلَامَ الشَّيْخِ عَلَاءِ الدِّينِ فِي شَرْحِهِ عَلَى التَّنْوِيرِ هُوَ الْعَمَلُ بِهَذَا الْجَمْعِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُ أَبُو السُّعُودِ وَلَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ أَمْرَ الْمَرْحُومِ السُّلْطَانِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ وَالرِّضْوَانُ لِجَمِيعِ قُضَاةِ مَمَالِكِهِ لَا يَبْقَى إلَى الْيَوْمِ لِأَنَّهُمْ مَاتُوا وَانْقَرَضُوا فَلَا بُدَّ لِقُضَاةِ زَمَانِنَا مِنْ أَمْرٍ جَدِيدٍ لِكُلِّ قَاضٍ حَتَّى يَنْفُذَ حُكْمُهُ بِمَذْهَبِ الْغَيْرِ لِيَكُونَ نَائِبًا عَنْ السُّلْطَانِ بِذَلِكَ الْحُكْمِ وَمَا اُشْتُهِرَ مِنْ أَنَّ كُلَّ سُلْطَانٍ مِنْ سَلَاطِينِ الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ وَفَّقَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى يُؤْخَذُ عَلَيْهِ عَهْدُ السُّلْطَانِ الَّذِي قَبْلَهُ وَيُبَايِعُ عَلَيْهِ حِينَ تَوْلِيَتِهِ لَا يَكْفِي ذَلِكَ لِأَنَّ أَخْذَ الْعَهْدِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ تَكُونَ قُضَاتُهُ مَأْمُورِينَ بِهِ بَلْ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ أَمْرٍ جَدِيدٍ حِينَ يُوَلِّيهِمْ فَإِذَا وَلَّى قَاضِيًا فِي زَمَانِنَا وَكَتَبَ لَهُ فِي مَنْشُورِهِ أَنْ يَحْكُمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ أَوْ الْحَنَابِلَةِ يَصِحُّ حُكْمُهُ وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ عَزَلَهُ وَنَصَبَ غَيْرَهُ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَمْرٍ جَدِيدٍ لِلثَّانِي كَمَا لَوْ وَكَّلَ أَحَدٌ وَكِيلًا بِبَيْعٍ شَيْءٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ عَزَلَهُ وَوَكَّلَ غَيْرَهُ أَوْ وَكَّلَهُ نَفْسَهُ ثَانِيًا وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالثَّمَنِ تَكُونُ وَكَالَتُهُ مُطْلَقَةً حَتَّى يَأْتِيَ بِالتَّقْيِيدِ. وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْقَاضِيَ وَكِيلٌ عَنْ السُّلْطَانِ فِي الْحُكْمِ وَنَائِبٌ عَنْهُ فَإِذَا خَصَّصَ قَضَاءَهُ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان أَوْ شَخْصٍ أَوْ حَادِثَةٍ أَوْ مَذْهَبٍ تَخَصَّصَ وَإِلَّا فَلَا وَالْقُضَاةُ فِي زَمَانِنَا يُؤْمَرُونَ بِالْحُكْمِ بِمَا صَحَّ مِنْ مَذْهَبِ سَيِّدِنَا أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَدْ ذَكَرُوا فِي رَسْمِ الْمُفْتِي أَنَّ الْمُقَلِّدَ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ أَصْلًا فَلَا بُدَّ حِينَئِذٍ مِنْ تَوْلِيَةِ قَاضٍ حَنْبَلِيٍّ أَوْ مَالِكِيٍّ لِيَحْكُمَ بِذَلِكَ فَيُنَفِّذُهُ الْحَنَفِيُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الْمَقَامَ مِنْ مَدَاحِضِ الْأَقْدَامِ قَدْ وَقَعَ فِيهِ فُضَلَاءُ عِظَامٌ وَبَعْدَ ظُهُورِ النَّقْلِ الصَّرِيحِ عَنْ الْأَعْلَامِ كَيْفَ يَصِحُّ الْعُدُولُ عَنْهُ بِلَا سَنَدٍ تَامٍّ وَسَاحَتُهُ الشَّرِيفَةُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مُبَرَّأَةٌ عَنْ الظُّنُونِ وَالْأَوْهَامِ لَا يُدَنِّسُهَا سَبُّ سَابٍّ مِنْ اللِّئَامِ فَعَلَى الْمُفْتِي أَنْ يَحْتَاطَ فِي خَلَاصِ نَفْسِهِ فِي سَاعَةِ الْقِيَامِ فَإِنَّ قَتْلَ الْمُسْلِمِ مِنْ أَعْظَمِ الْآثَامِ وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّ قَتْلَهُ مَنْقُولٌ عَنْ الْإِمَامِ فَمَعَ نَقْلِ خِلَافِهِ يَجِبُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ وَالْإِحْجَامُ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ دَرْءِ الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ وَالتَّبَاعُدِ عَنْ قَتْلِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ السَّلَامِ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنْ وَجَدْتُمْ لِلْمُسْلِمِ مَخْرَجًا فَخَلُّوا سَبِيلَهُ فَإِنَّ الْإِمَامَ لَأَنْ يُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ» رَوَاهُ السُّيُوطِيّ عَنْ عِدَّةِ كُتُبٍ فِخَامٍ وَالِانْتِصَارُ لِلرَّسُولِ مَقْبُولٌ فِيمَا بِهِ أَمَرَ لَا فِيمَا عَنْهُ نَهَى وَزَجَرَ فَهَذَا مَا تَحَرَّرَ مِمَّا تَقَرَّرَ فَاحْفَظْهُ وَالسَّلَامُ. [كِتَابُ الْمَفْقُودِ] (كِتَابُ الْمَفْقُودِ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا غَابَ رَجُلٌ عَنْ بَلْدَتِهِ وَمَضَى لِذَلِكَ نَحْوَ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَمْ يُعْلَمْ مَكَانُهُ وَلَا مَوْتُهُ وَلَا حَيَاتُهُ وَلَا حُقُوقٌ عِنْدَ مَنْ يُقِرُّ بِهَا فَهَلْ يَنْصِبُ لَهُ الْقَاضِي مَنْ يَحْفَظُ مَالَهُ وَيَسْتَوْفِي حُقُوقَهُ مِمَّا لَا وَكِيلَ لَهُ فِيهِ. (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُلْتَقَى. (سُئِلَ) فِي الرَّجُلِ الْمَفْقُودِ إذَا كَانَ لَهُ جَارِيَةٌ هَلْ يَمْلِكُ الْقَاضِي بَيْعَهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي بُيُوعِ فَتَاوَى الدِّينَارِيِّ إذَا

فُقِدَ الرَّجُلُ وَلَهُ جَارِيَةٌ أَوْ غُلَامٌ يَمْلِكُ الْقَاضِي بَيْعَهَا وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ غَائِبًا غَيْرَ مَفْقُودٍ لَا يَمْلِكُ بَيْعَهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا نَصَبَ الْقَاضِي زَيْدًا قَيِّمًا عَنْ عَمْرٍو الْمَفْقُودِ لِتَعَاطِي مَصَالِحِهِ وَهُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ وَلِلْمَفْقُودِ ابْنٌ بَالِغٌ يُعَارِضُ الْقَيِّمَ فِي مَصَالِحِ أَبِيهِ وَيُرِيدُ مُبَاشَرَتَهَا فَهَلْ لَيْسَ لِلِابْنِ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ. (سُئِلَ) فِي صَغِيرَةٍ مَاتَتْ عَنْ أَبٍ مَفْقُودٍ لَا تَدْرِي حَيَاتَهُ وَلَا مَوْتَهُ وَلَهَا ابْنُ عَمٍّ عَصَبِيٌّ يُرِيدُ أَنْ يَرِثَهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَتَبْقَى تَرِكَتُهَا حَتَّى يَظْهَرَ أَمْرُ أَبِيهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَمَدَارُ مَسَائِلِ الْمَفْقُودِ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ حَيًّا فِي مَالِهِ مَيِّتًا فِي مَالِ غَيْرِهِ إلَى أَنْ قَالَ وَيُوقَفُ نَصِيبُ الْمَفْقُودِ إلَى أَنْ يَظْهَرَ حَالُهُ اهـ بِاخْتِصَارٍ. (سُئِلَ) فِي مَفْقُودٍ مَاتَ أَقْرَانُهُ فِي بَلْدَتِهِ فَهَلْ يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ بِمَوْتِ أَقْرَانِهِ فِي بَلَدِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ تَنْوِيرٌ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ تِسْعُونَ سَنَةً قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُحْتَمَلٌ وَيُوَزَّعُ مَالُهُ عَلَى مَنْ يَرِثُهُ. (سُئِلَ) فِي الْقَيِّمِ الْمَنْصُوبِ عَنْ الْمَفْقُودِ لِحِفْظِ مَالِهِ فَهَلْ لَا يَكُونُ خَصْمًا فِيمَا يَدَّعِي عَلَى الْمَفْقُودِ مِنْ دَيْنٍ أَوْ شَرِكَةٍ أَوْ عَقَارٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَيَنْصِبُ الْقَاضِي مَنْ يَأْخُذُ حَقَّهُ وَيَحْفَظُ مَالَهُ وَيَقُومُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِخَصْمٍ فِيمَا يَدَّعِي عَلَى الْمَفْقُودِ مِنْ دَيْنٍ الْوَدِيعَةٍ وَشَرِكَةٍ فِي عَقَارٍ أَوْ رَقِيقٍ وَنَحْوِهِ اهـ. . (سُئِلَ) فِي مَفْقُودٍ لَهُ مَبْلَغٌ قَرْضٌ مَعْلُومٌ فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ الْمُقِرِّ بِالْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ وَلَيْسَ لِلْمَفْقُودِ وَكِيلٌ وَلَهُ أُمٌّ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ فَإِذَا نَصَبَ الْقَاضِي أَمَةً قَيِّمَةً عَنْهُ وَكَانَتْ أَهْلًا لِذَلِكَ فَهَلْ لَهَا قَبْضُ الْمَبْلَغِ مِنْ زَيْدٍ وَحِفْظُهُ إلَى أَنْ يَظْهَرَ أَمْرُ الْمَفْقُودِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَنَقْلُهَا مَا مَرَّ آنِفًا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ ابْنِ بَالِغٍ غَائِبٍ وَبِنْتٍ حَاضِرَةٍ وَلِلْمُتَوَفَّى ابْنُ ابْنٍ آخَرَ بَالِغٌ نَصَبَهُ الْقَاضِي قَيِّمًا عَنْ عَمِّهِ الْغَائِبِ لِيَضْبِطَ لِلْغَائِبِ قَدْرَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ مُخَلَّفَاتِ أَبِيهِ الْمُتَوَفَّى فَضَبَطَ لَهُ ذَلِكَ وَصَدَرَ ذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ حَكَمَ بِأَنَّ قَبْضَ الْقَيِّمِ الْمَذْكُورِ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ لَيْسَتْ بِمُنْقَطِعَةٍ وَإِنْ كَانَ النَّاصِبُ حَنَفِيًّا بِحَادِثَةٍ ذَلِكَ كُلُّهُ غِبُّ الدَّعْوَى الشَّرْعِيَّةِ وَكَتَبَ حُجَّةً أَفْتَى مُفْتِي مَذْهَبِهِ بِصِحَّتِهَا وَأَنْفَذَ حُكْمَهُ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أُخْرَى فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي أَسِيرٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يُدْرَى حَيَاتُهُ وَلَا مَوْتُهُ وَلَهُ عَقَارٌ وَمَالٌ فِي بَلْدَتِهِ فَهَلْ إذَا نَصَبَ الْقَاضِي ابْنَتَهُ الْأَمِينَةَ وَكِيلًا لِتَأْخُذَ غَلَّتَهُ مِنْ عَقَارِهِ وَتَحْفَظَ مَالَهُ وَتَقُومُ عَلَيْهِ فَهَلْ يَكُونُ النَّصْبُ الْمَذْكُورُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ هُوَ غَائِبٌ لَمْ يُدْرَ مَوْضِعُهُ إذْ الْعِلْمُ بِالْمَكَانِ وَلَوْ بَعُدَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ بِهِمَا أَيْ بِالْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ غَالِبًا فَدَخَلَ مَنْ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ وَلَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ وَلَا مَوْتُهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ نَهْرٌ وَأَوْضَحَهُ فِي الْبَحْرِ غَايَةَ الْإِيضَاحِ. (سُئِلَ) فِي مَفْقُودٍ لَهُ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ مِنْ دَارٍ وَلَهُ قَيِّمٌ خَافَ خَرَابَهَا وَانْهِدَامَهَا وَلَيْسَ لِلْغَائِبِ مَالٌ تُعَمَّرُ بِهِ وَيُرِيدُ بَيْعَهَا بِإِذْنِ الْقَاضِي بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَيُحْفَظُ عِنْدَهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَيَبِيعُ الْقَاضِي مَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ مِنْ مَالِ الْمَفْقُودِ اهـ. بِدَايَةٌ لِلْقَاضِي بَيْعُ مَالِ الْمَفْقُودِ وَالْأَسِيرِ مِنْ الْمَتَاعِ وَالرَّقِيقِ وَالْعَقَارِ إذَا خِيفَ عَلَيْهِ الْفَسَادُ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا لِنَفَقَةِ عِيَالِهِمَا وَإِنْ بَاعَهَا لِخَوْفِ الضَّيَاعِ فَصَارَتْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ يُعْطِي النَّفَقَةَ مِنْهَا بِطَرِيقِهِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفِيهِ وَلَهُ بَيْعُهَا لِلنَّفَقَةِ وَلَوْ فَعَلَ نَفَذَ وَلَوْ بَاعَ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ جَازَ وَلِلْقَاضِي بَيْعُ عَبْدِ الْمَفْقُودِ وَأَرْضِهِ إذَا كَانَ يَنْقُصُ بِمُضِيِّ الْأَيَّامِ وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ بَاعَهَا لِقَضَاءِ دَيْنِهِ جَازَ وَكَذَا لَوْ عَلِمَ حَيَاتَهُ لَكِنْ لَا يَرْجِعُ مُنْذُ سِنِينَ قُنْيَةٌ مُؤَيَّدْ زَادَهْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ أُخْتٍ لِأُمٍّ وَعَنْ أَخٍ لِأُمٍّ مَفْقُودٍ وَعَنْ أَخٍ لِأَبٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً فَكَيْفَ يُفْعَلُ؟ (الْجَوَابُ) : تُقْسَمُ التَّرِكَةُ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ شَرْعًا مِنْ سِتَّةِ أَسْهُمٍ لِلْأُخْتِ لِأُمٍّ السُّدُسُ سَهْمٌ وَاحِدٌ وَلِلْأَخِ الْمَفْقُودِ سَهْمٌ وَاحِدٌ يُوقَفُ لَهُ إلَى أَنْ

كتاب اللقيط واللقطة

يَتَبَيَّنَ حَالُهُ وَالْبَاقِي لِلْأَخِ لِأَبٍ. [كِتَابُ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَة] (سُئِلَ) فِي صَغِيرِ لَقِيطٍ عُمْرُهُ سَنَةٌ الْتَقَطَهُ رَجُلٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَيُرَبِّيهِ وَيُرِيدُ رَجُلٌ آخَرُ أَجْنَبِيٌّ أَخْذَهُ مِنْهُ قَهْرًا بِغَيْرِ رِضَاهُ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا الْتَقَطَ رَجُلٌ عَبَاءَةً وَوَجَدَهَا فِي يَدِ غَيْرِهِ هَلْ يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ وَيَدُهُ أَحَقُّ؟ (الْجَوَابُ) : الصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ الْخُصُومَةَ لِأَنَّ يَدَهُ أَحَقُّ كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ السِّرَاجِ. [فَرْعٌ فِي الْحَاجِّ وَنَحْوِهِ إذَا أَعْيَا بَعِيرَهُ فَتَرَكَهُ فَقَامَ بِهِ غَيْرُهُ حَتَّى عَادَ لِحَالِهِ] (فَرْعٌ) قَدْ كَثُرَ السُّؤَالُ عَنْهُ وَهُوَ مَا الْحُكْمُ فِي الْحَاجِّ وَنَحْوِهِ إذَا أَعْيَا بَعِيرَهُ فَتَرَكَهُ فَقَامَ بِهِ غَيْرُهُ حَتَّى عَادَ لِحَالِهِ وَقَدْ رَأَيْت لِابْنِ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيِّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فِي كِتَابِ اللُّقَطَةِ عِنْدَ أَحْمَدَ وَاللَّيْثِ يَمْلِكُهُ وَيَرْجِعُ بِمَا صَرَفَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَعِنْدَنَا يَعْنِي الشَّافِعِيَّةَ لَا يَمْلِكُهُ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ إلَّا إذَا اسْتَأْذَنَ الْحَاكِمَ فِي الْإِنْفَاقِ أَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ فَقْدِهِ أَنَّهُ يُنْفِقُ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ أَوْ نَوَاهُ فَقَطْ عِنْدَ فَقْدِ الشُّهُودِ لِأَنَّ فَقْدَهُمْ هُنَا غَيْرُ نَادِرٍ وَمَنْ أَخْرَجَ مَتَاعًا غَرِقَ مِلْكُهُ عِنْدَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَرُدَّ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى خِلَافِهِ اهـ وَلَا شَكَّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْقَاضِي أَنْ يُنْفِقَ وَيَرْجِعَ وَقَدْ ذَكَرَ الْبَزَّازِيُّ وَصَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَغَيْرُهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الْهِبَةِ مَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْ كَذَا فِي حَاشِيَةِ خَيْرِ الدِّينِ مِنْ آخِرِ كِتَابِ اللُّقَطَةِ. [كِتَاب الْوَقْف] رُتْبَتُهُ عَلَى ثَلَاثِ أَبْوَابٍ: (الْبَابُ الْأَوَّلُ) فِي أَحْكَامِهِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ مِنْ صِحَّةٍ وَبُطْلَانٍ وَاسْتِبْدَالٍ وَشُرُوطٍ وَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْهُ وَمَا لَا يَصِحُّ ثُمَّ بَيَانُ أَحْكَامِهِ اللَّفْظِيَّةِ فِي كُتُبِهِ وَصُكُوكِهِ وَمَا يُكْتَبُ فِيهَا مِنْ الشُّرُوطِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (الْبَابُ الثَّانِي) فِي أَحْكَامِ اسْتِحْقَاقِ أَهْلِهِ مِنْ رِيعِهِ وَاسْتِحْقَاقِ أَصْحَابِ الْوَظَائِفِ وَأَحْكَامِ بَيْعِ أَنْقَاضِهِ وَأَشْجَارِهِ وَقِسْمَتِهِ وَغَصْبِهِ وَإِجَارَتِهِ وَأُجْرَتِهِ وَمُسَاقَاةِ أَشْجَارِهِ وَعِمَارَتِهِ وَسُكْنَاهُ وَأَرْبَابِ الشَّعَائِرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (الْبَابُ الثَّالِثُ) فِي أَحْكَامِ النُّظَّارِ وَأَصْحَابِ الْوَظَائِفِ مِنْ نَصْبٍ وَعَزْلٍ وَتَوْكِيلٍ وَفَرَاغٍ وَإِيجَارٍ وَتَعْمِيرٍ وَاسْتِدَانَةٍ وَإِقْرَارٍ وَقَبْضٍ وَصَرْفٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. [الْبَاب الْأَوَّل فِي وَقَفَ الْمَرِيضُ أَرْضَهُ أَوْ دَارِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ] (الْبَابُ الْأَوَّلُ) (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَقَفَتْ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا وَقْفًا عَلَى شَخْصٍ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ وَمَاتَتْ مِنْهُ عَنْ وَرَثَةٍ لَمْ يُجِيزُوا الْوَقْفَ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً يَخْرُجُ الْوَقْفُ مِنْ ثُلُثِهَا فَهَلْ يَصِحُّ الْوَقْفُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ إذَا وَقَفَ الْمَرِيضُ أَرْضَهُ أَوْ دَارِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ صَحَّ فِي كُلِّهَا إنْ خَرَجَتْ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ وَأَجَازَتْهُ الْوَرَثَةُ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا يَبْطُلُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فُقِدَ كِتَابُ وَقْفِهِ وَلَمْ يُوقَفْ عَلَى شَرْطِ وَاقِفِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ كَيْفَ تَصَرُّفُ نُظَّارُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِهِ وَلَيْسَ لَهُ رَسْمٌ فِي دَوَاوِينِ الْقُضَاةِ وَعُلِمَ أَصْلُ مَصْرِفِهِ عَلَى ذُرِّيَّةِ وَاقِفِهِ وَبِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الذُّرِّيَّةِ قَدْرٌ مَعْلُومٌ مِنْ غَلَّتِهِ يَتَنَاوَلُهُ مِنْ نِظَارَةٍ ثُمَّ مَاتَ شَخْصٌ مِنْ الذُّرِّيَّةِ لَا عَنْ وَلَدٍ فَهَلْ يُصْرَفُ نَصِيبُهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِبَقِيَّةِ مُسْتَحِقِّيهِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ يُصْرَفُ نَصِيبُهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِبَقِيَّةِ مُسْتَحَقِّيهِ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزِ ذَكَرٍ عَلَى أُنْثَى وَلَا تَقْدِيمِ بَطْنٍ عَلَى بَطْنٍ حَيْثُ عُلِمَ أَصْلُ مَصْرِفِهِ عَلَى ذُرِّيَّةِ وَاقِفِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ تَصَرُّفُ الْقِوَامِ السَّابِقِينَ وَلَا شَرْطُ وَاقِفِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْخَامِسِ وَالْخَيْرِيَّةِ وَكَذَا فِيمَنْ لَمْ يَذْكُرْ وَاقِفُهُ سَهْمَ مَنْ يَمُوتُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَخْ كَذَا فِي الْإِسْعَافِ فِي بَابِ الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ تَقَادَمَ أَمْرُهُ وَمَاتَ شُهُودُهُ وَلَهُ رُسُومٌ فِي دَوَاوِينِ الْقُضَاةِ وَقَدْ عُرِفَ مِنْ قِوَامِهِ صَرْفُ غَلَّتِهِ إلَى جَمَاعَةٍ مَخْصُوصِينَ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ وَأَنَّهُ إذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ مُسْتَحِقِّي رِيعِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ يَصْرِفُونَ نَصِيبَهُ إلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ

إلَى الْمَيِّتِ هَلْ يَجِبُ إجْرَاؤُهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الرُّسُومِ وَلَا يُكَلَّفُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَى بَيِّنَةٍ فِي نَسَبِهِ إلَى الْوَاقِفِ حَيْثُ كَانَ فِي أَيْدِيهمْ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَجِبُ إجْرَاؤُهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الرُّسُومِ فِي دَوَاوِينِ الْقُضَاةِ وَيُعْتَبَرُ تَصَرُّفُ الْقِوَامِ السَّابِقِينَ وَلَا يُكَلَّفُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَى بَيِّنَةٍ فِي اتِّصَالِ نَسَبِهِ إلَى الْوَاقِفِ. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ قَدِيمٍ يَتَصَرَّفُ نُظَّارُهُ فِي رِيعِهِ يَصْرِفُونَهُ لِلذُّكُورِ مِنْ ذُرِّيَّةِ وَاقِفِهِ دُونَ الْإِنَاثِ جِيلًا بَعْدَ جِيلٍ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ حَتَّى انْحَصَرَ فِي رَجُلٍ مِنْ الذُّرِّيَّةِ مِنْ طَرِيقِ التَّلَقِّي مِنْ أَبِيهِ الْمُتَصَرِّفِ فِي ذَلِكَ قَبْلَهُ كُلُّ ذَلِكَ بِلَا مُعَارِضٍ وَلَا مُنَازِعٍ وَالْآنَ قَامَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الذُّرِّيَّةِ تَطْلُبُ اسْتِحْقَاقًا فِي الْوَقْفِ وَمُشَارَكَةَ الرَّجُلِ فِي ذَلِكَ مُسْتَنِدَةً إلَى كِتَابِ وَقْفٍ بِيَدِهَا مُنْقَطِعِ الثُّبُوتِ وَلَمْ يَسْبِقْ تَصَرُّفٌ فِي رِيعِ الْوَقْفِ لِلْإِنَاثِ مِنْ الذُّرِّيَّةِ أَصْلًا بَلْ التَّصَرُّفُ لِلذُّكُورِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِالتَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ كِتَابِ الْوَقْفِ الْمُنْقَطِعِ الثُّبُوتِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ فِي يَدِهِ ضَيْعَةٌ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ وَأَحْضَرَ صَكًّا فِيهِ خُطُوطُ الْعُدُولِ وَالْقُضَاةِ الْمَاضِيَةِ وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي الْقَضَاءَ بِذَلِكَ الصَّكِّ قَالُوا لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ الصَّكِّ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يَقْضِي بِالْحُجَّةِ وَالْحُجَّةُ هِيَ الْبَيِّنَةُ أَوْ الْإِقْرَارُ وَأَمَّا الصَّكُّ فَلَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِأَنَّ الْخَطَّ يُشْبِهُ الْخَطَّ وَكَذَا لَوْ كَانَ عَلَى بَابِ الدَّارِ لَوْحٌ مَضْرُوبٌ يَتَعَلَّقُ بِالْوَقْفِ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِالْوَقْفِ مَا لَمْ يَشْهَدْ الشُّهُودُ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَأُخْتُهُ هِنْدٌ نِصْفَ دَارٍ لَهُمَا شَائِعًا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ وَلَمْ يَفْرِزَاهُ وَأَنْشَآهُ عَلَى أَنْفُسِهِمَا ثُمَّ مِنْ بَعْدِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ وَثُمَّ وَلَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ فِي حَادِثَةِ الشُّيُوعِ فَهَلْ لِلْقَاضِي إبْطَالُ الْوَقْفِ حَيْثُ لَمْ يَقَعْ فِيهِ حُكْمُ قَاضٍ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ فِي حَادِثَةِ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ صَحَّ وَقْفٌ مُشَاعٌ قُضِيَ بِجَوَازِهِ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَلِلْحَنَفِيِّ الْمُقَلِّدِ أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّةِ وَقْفِ الْمَشَاعِ وَبُطْلَانِهِ لِاخْتِلَافِ التَّرْجِيحِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ حِصَّةٌ شَائِعَةٌ مَعْلُومَةٌ مِنْ دَارٍ مَعْلُومَةٍ فَوَقَفَهَا عَلَى نَفْسِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى بِنْتِهِ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِصِحَّتِهِ وَإِنْ كَانَ مَشَاعًا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَإِنْ كَانَ عَلَى النَّفْسِ فَهَلْ صَحَّ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ اتَّفَقَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ عَلَى جَوَازِ وَقْفٍ مَشَاعٍ لَا تُمْكِنُ قِسْمَتُهُ كَالْحَمَّامِ وَالْبِئْرِ وَالرَّحَى وَاخْتُلِفَ فِي الْمُمْكِنِ فَأَجَازَهُ أَبُو يُوسُفَ وَبِهِ أَخَذَ مَشَايِخُ بَلْخِي وَأَبْطَلَهُ مُحَمَّدٌ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمَا الْمُتَقَدِّمِ فَنَقُولُ تَفْرِيعًا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَإِذَا وَقَفَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ أَرْضٍ جَازَ إسْعَافٌ مِنْ فَصْلِ وَقْفِ الْمَشَاعِ وَصَحَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ جَعْلُ غَلَّةِ الْوَقْفِ أَوْ الْوِلَايَةِ لِنَفْسِهِ مُلْتَقِي مِنْ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَتْ هِنْدٌ حِصَّةً شَائِعَةً لَهَا فِي غِرَاسٍ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ قَائِمٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ آخَرَ عَلَى نَفْسِهَا ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهَا ثُمَّ وَثُمَّ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ بِمُوجِبِ كِتَابِ وَقْفٍ فَكَيْفَ حُكْمُ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ؟ (الْجَوَابُ) : وَقْفُ الْمُشَاعِ الَّذِي يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ صَحِيحٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَصِحُّ وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ الْمَنْقُولِ إلَّا فِي أَشْيَاءَ مَخْصُوصَةٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَيَصِحُّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَالشَّجَرُ مِنْ قَبِيلِ الْمَنْقُولِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَالْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَبْطَلَ وَقْفَ الْمَنْقُولِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا يَرَى مُحَمَّدٌ الْوَقْفَ عَلَى النَّفْسِ فَلَا يَصِحُّ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْمُفْتِي بِدِمَشْقَ سَابِقًا وَهُوَ مَسْطُورٌ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْوَقْفِ وَفِي فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ وَقْفُ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ صَحِيحٌ وَالْحُكْمُ بِهِ صَحِيحٌ لَكِنْ فِي وَقْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ إشْكَالٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى النَّفْسِ أَجَازَهُ أَبُو يُوسُفَ وَمَنَعَهُ مُحَمَّدٌ وَوَقْفُ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ مِنْ قَبِيلِ وَقْفِ الْمَنْقُولِ وَلَا يَقُولُ بِهِ وَأَبُو يُوسُفَ بَلْ مُحَمَّدٌ فَيَكُونُ الْحُكْمُ بِهِ مُرَكَّبًا مِنْ مَذْهَبَيْنِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ لَكِنَّ الطَّرَسُوسِيَّ ذَكَرَ أَنَّ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي مَا يُفِيدُ جَوَازَ الْحُكْمِ الْمُرَكَّبِ

مِنْ مَذْهَبَيْنِ وَعَلَى هَذَا يَتَخَرَّجُ الْحُكْمُ بِوَقْفِ الْبِنَاءِ عَلَى نَفْسِهِ فِي مِصْرٍ فِي أَوْقَاتٍ كَثِيرَةٍ عَلَى هَذَا النَّمَطِ حَكَمَ بِهَا الْقُضَاةُ السَّابِقُونَ وَلَعَلَّهُمْ بَنَوْهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ جَوَازِ الْحُكْمِ الْمُرَكَّبِ مِنْ مَذْهَبَيْنِ أَوْ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَمَّا كَانَتْ مُتَقَرِّرَةً لِلِاحْتِكَارِ نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ مَا لَوْ وَقَفَ الْبِنَاءَ مَعَ الْأَرْضِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْأَرْضَ بِيَدِ أَرْبَابِ الْبِنَاءِ يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا بِمَا شَاءُوا مِنْ هَدْمٍ وَبِنَاءٍ وَتَغْيِيرٍ لَا يَتَعَرَّضُ أَحَدٌ لَهُمْ فِيهَا وَلَا يُزْعِجُهُمْ عَنْهَا وَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ غَلَّةٌ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ كَمَا أَفَادَهُ الْخَصَّافُ هَذَا مَا تَحَرَّرَ لِي مِنْ الْجَوَابِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. اهـ. وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْوَقْفِ مِنْ فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ الْمَذْكُورِ مَا نَصُّهُ فَإِذَا كَانَ وَقْفُ الدَّرَاهِمِ لَمْ يُرْوَ إلَّا عَنْ زُفَرَ وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ فِي وَقْفِ النَّفْسِ شَيْءٌ فَلَا يَتَأَتَّى وَقْفُهَا عَلَى النَّفْسِ حِينَئِذٍ عَلَى قَوْلِهِ لَكِنْ لَوْ فَرَضْنَا أَنَّ حَاكِمًا حَنَفِيًّا حَكَمَ بِصِحَّةِ وَقْفِ الدَّرَاهِمِ عَلَى النَّفْسِ هَلْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ فَنَقُولُ النَّفَاذُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْحُكْمِ الْمُلَفَّقِ وَبَيَانُ التَّلْفِيقِ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى النَّفْسِ لَا يَقُولُ بِهِ إلَّا أَبُو يُوسُفَ وَهُوَ لَا يَرَى وَقْفَ الدَّرَاهِمِ وَوَقْفُ الدَّرَاهِمِ لَا يَقُولُ بِهِ إلَّا زُفَرُ وَهُوَ لَا يَرَى الْوَقْفَ عَلَى النَّفْسِ فَكَانَ الْحُكْمُ بِجَوَازِ وَقْفِ الدَّرَاهِمِ عَلَى النَّفْسِ حُكْمًا مُلَفَّقًا مِنْ قَوْلَيْنِ كَمَا تَرَى وَقَدْ مَشَى شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ زَيْنُ الدِّينِ قَاسِمٌ فِي دِيبَاجَةِ تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ عَلَى عَدَمِ نَفَاذِهِ وَنَقَلَ فِيهَا عَنْ كِتَابِ تَوْفِيقِ الْحُكَّامِ فِي غَوَامِضِ الْأَحْكَامِ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُلَفَّقَ بَاطِلٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَمَشَى الطَّرَسُوسِيُّ فِي كِتَابِهِ أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَلَى النَّفَاذِ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ لِمَا رَآهُ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي فَلْيَنْظُرْهُ مَنْ أَرَادَهُ اهـ. (أَقُولُ) وَرَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيِّ فِي مَجْمُوعَتِهِ الْكَبِيرَةِ نَاقِلًا عَنْ خَطِّ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ السُّؤَالَاتِيّ بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ مَا نَصُّهُ أَقُولُ وَبِالْجَوَازِ أَفْتَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو السُّعُودِ فِي فَتَاوَاهُ وَأَنَّ الْحُكْمَ يَنْفُذُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ اهـ مَا رَأَيْته بِخَطِّهِ عَنْ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورِ. (وَأَقُولُ أَيْضًا) قَدْ يُوَجَّهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحُكْمِ الْمُلَفَّقِ الَّذِي نَقَلَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ أَنَّهُ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا جَزَمَ بِبُطْلَانِهِ مَا إذَا كَانَ مِنْ مَذَاهِبَ مُتَبَايِنَةٍ كَمَا إذَا حُكِمَ بِصِحَّةِ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِلَا شُهُودٍ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُلَفَّقًا مِنْ أَقْوَالِ أَصْحَابِ الْمَذْهَبِ الْوَاحِدِ فَإِنَّهَا لَا تَخْرُجُ عَنْ الْمَذْهَبِ فَإِنَّ أَقْوَالَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِمَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى قَوَاعِدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ هِيَ أَقْوَالٌ مَرْوِيَّةٌ عَنْهُ وَإِنَّمَا نُسِبَتْ إلَيْهِمْ لَا إلَيْهِ لِاسْتِنْبَاطِهِمْ لَهَا مِنْ قَوَاعِدِهِ أَوْ لِاخْتِيَارِهِمْ إيَّاهَا كَمَا أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي صَدْرِ حَاشِيَتِي عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ بِمَا لَا مَزِيد عَلَيْهِ فَارْجِعْ إلَيْهِ وَيُؤَيِّدُ مَا مَرَّ عَنْ الشَّلَبِيِّ مِنْ حُكْمِ الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ بِذَلِكَ وَكَذَا مَا فِي الدُّرَرِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ الْقَضَاءُ فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ بِخِلَافِ رَأْيِهِ نَاسِيًا مَذْهَبَهُ، نَافِذٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ عَامِدًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ حَيْثُ قَالَ مَا نَصُّهُ وَالْمُرَادُ بِخِلَافِ الرَّأْيِ خِلَافُ أَصْلِ الْمَذْهَبِ كَالْحَنَفِيِّ إذَا حَكَمَ عَلَى مَذْهَب الشَّافِعِيّ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ. وَأَمَّا إذَا حَكَمَ الْحَنَفِيّ بِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ أَوْ مُحَمَّدٌ أَوْ نَحْوُهُمَا مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ فَلَيْسَ حُكْمًا بِخِلَافِ رَأْيِهِ اهـ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت فِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ أَمِينِ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ الْعَالِ مَا نَصُّهُ وَمَتَى أَخَذَ الْمُفْتِي بِقَوْلِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ يَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّ الْقَوْلَ الَّذِي أَخَذَ بِهِ هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ جَمِيعِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْكِبَارِ كَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالْحَسَنِ أَنَّهُمْ قَالُوا مَا قُلْنَا فِي مَسْأَلَةٍ قَوْلًا إلَّا وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَقْسَمُوا عَلَيْهِ أَيْمَانًا غِلَاظًا فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَمْ يَتَحَقَّقْ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْفِقْهِ جَوَابٌ وَلَا مَذْهَبٌ إلَّا لَهُ كَيْفَمَا كَانَ وَمَا نُسِبَ إلَى غَيْرِهِ إلَّا مَجَازًا وَهُوَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ قَوْلِي قَوْلُهُ وَمَذْهَبِي مَذْهَبُهُ. اهـ (سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ وَقَفَ فِيهِ عَقَارَهُ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الْمَذْكُورِ

عَنْهُمْ وَلَمْ يُجِيزُوا الْوَقْفَ الْمَزْبُورَ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ يَرَى صِحَّتَهُ فَهَلْ يَكُونُ الْوَقْفُ الْمَذْبُورُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : هَذَا الْوَقْفُ وَصِيَّةٌ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ بَاطِلَةٌ فَلَا يَجُوزُ الْوَقْفُ الْمَذْكُورُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَكَتَبَ فِي الصَّكِّ وَقَفَ فُلَانٌ عَلَى أَوْلَادِهِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ كَذَا وَقَفَهُ عَلَيْهِمْ وَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِمْ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ قَالَ هَذَا يُوجِبُ الْفَسَادَ لِأَنَّ هَذَا وَصِيَّةٌ لِلْوَارِثِ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ بَاطِلَةٌ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْتَاطَ فِي ذَلِكَ فَلْيَكْتُبْ فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ قَالَ وَكَذَا سَمِعْت مِنْ السَّيِّدِ الْإِمَامِ أَبِي شُجَاعٍ وَهَذَا الْجَوَابُ صَحِيحٌ فِيمَا إذَا كَانَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ سِوَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَقَفَ عَلَيْهِمْ غَيْرُ صَحِيحٍ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ مِنْ أَوَّلِ التَّاسِعِ عَشَرَ مِنْ وَقْفِ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَلَوْ قَالَ أَرْضِيّ هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ بَعْدَ وَفَاتِي عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَنَسْلِهِمْ فَالْوَقْفُ عَلَى مَنْ لِصُلْبِهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ لَا تَجُوزُ وَعَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ تَجُوزُ لَكِنْ لَا يَكُونُ الْكُلُّ لَهُمْ مَا دَامَ وَلَدُ الصُّلْبِ حَيًّا فَتُقْسَمُ الْغَلَّةُ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ فَمَا أَصَابَ وَلَدَ الْوَلَدِ فَهُوَ لَهُمْ وَقْفٌ وَمَا أَصَابَ وَلَدَ الصُّلْبِ فَهُوَ مِيرَاثٌ بَيْنَ جَمِيعِ وَرَثَتِهِ حَتَّى يُشَارِكَهُمْ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَغَيْرُهُمَا فَإِنْ مَاتَ بَعْضُ وَلَدِ الصُّلْبِ فَالْغَلَّةُ تُقْسَمُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ وَلَدِ الْوَلَدِ وَعَلَى الْبَاقِي مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ فَمَا أَصَابَ الْبَاقِيَ مِنْ وَلَدِ الصُّلْبِ يَكُونُ بَيْنَ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ كُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا عِنْدَ مَوْتِ الْوَاقِفِ اهـ مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ وَقْفِ الْخُلَاصَةِ فَفِي مَسْأَلَتِنَا الْوَقْفُ عَلَى الْأَوْلَادِ يَكُونُ وَصِيَّةً وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ لَا تَجُوزُ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ وَلَا تَصِحُّ لِوَارِثٍ إلَّا بِإِجَازَةِ وَرَثَتِهِ اهـ. قَالَ الْعَلَائِيُّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَرَثَةُ» يَعْنِي عِنْدَ وُجُودِ وَارِثٍ آخَرَ كَمَا يُفِيدُهُ آخِرُ الْحَدِيثِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَارِثٌ آخَرُ غَيْرُهُمْ فِي مَسْأَلَتِنَا وَالْحَالُ أَنَّهُمْ لَمْ يُجِيزُوهُ فَلَا يَجُوزُ الْوَقْفُ الْمَذْكُورُ وَفِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْوَصِيَّةِ مِنْ بَابِ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ إعْتَاقُهُ وَمُحَابَاتُهُ وَوَقْفُهُ وَضَمَانُهُ وَصِيَّةٌ فَتُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ اهـ. وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ لِقَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ لَا تَصِحُّ لِوَارِثٍ إلَخْ وَلِصَرِيحِ قَوْلِ الْخُلَاصَةِ فَالْوَقْفُ عَلَى مَنْ لِصُلْبِهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ لَا تَجُوزُ اهـ وَلِصَرِيحِ كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَيْضًا فَتَحَرَّرَ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْأَوْلَادِ وَصِيَّةٌ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ لَا تَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَإِذَا لَمْ يُجِيزُوهُ لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ فَكَذَا الْوَقْفُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُوَفِّقُ (أَقُولُ) فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ وَقَفَ دَارًا لَهُ فِي مَرَضِهِ عَلَى ثَلَاثِ بَنَاتٍ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُنَّ قَالَ الثُّلُثُ مِنْ الدَّارِ وَقْفٌ وَالثُّلُثَانِ مُطْلَقٌ يَصْنَعْنَ بِهِمَا مَا شِئْنَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هَذَا إذَا لَمْ يُجِزْنَ أَمَّا إذَا أَجَزْنَ صَارَ الْكُلُّ وَقْفًا عَلَيْهِنَّ اهـ فَعُلِمَ أَنَّ الثُّلُثَ صَارَ وَقْفًا فِي مَسْأَلَتِنَا وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْأَوْلَادُ لِأَنَّ نَفَاذَ الْوَصِيَّةِ مِنْ الثُّلُثِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ فَتَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ كَانَتْ لِلْوَارِثِ لِعَدَمِ الْمُنَازِعِ وَعَدَمِ جَوَازِهَا لِلْوَارِثِ عِنْدَ وُجُودِ وَارِثٍ آخَرَ مُنَازِعٍ. وَأَمَّا الثُّلُثَانِ فَلَا تَجُوزُ فِيهِمَا الْوَصِيَّةُ وَإِنْ كَانَتْ لِلْوَارِثِ وَلَا مُنَازِعَ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَجْعَلْ لِلْمُوصِي حَقًّا فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَلَمْ تَجُزْ بِلَا إجَازَةِ الْوَارِثِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي تَوْجِيهِ كَلَامِ الظَّهِيرِيَّةِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ إطْلَاقَ الْمُؤَلِّفِ عَدَمَ جَوَازِ الْوَقْفِ فِيهِ نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ، وَأَمَّا كَوْنُ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَقَفَتْ دَارَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهَا عَلَى بَعْلِهَا الْمُسْتَقِرَّةِ فِي عِصْمَتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ وَمَاتَتْ عَنْ وَرَثَةٍ لَمْ يُجِيزُوا الْوَقْفَ وَلَمْ تُخَلِّفْ غَيْرَ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ يَنْفُذُ الْوَقْفُ مِنْ الثُّلُثِ وَيَبْطُلُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : الْوَقْفُ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ

يُنْجِزَهُ الْمَرِيضُ بِأَنْ يَقُولَ وَقَفْت عَلَى كَذَا أَوْ يُوصِي بِهِ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ لَا تَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَلَوْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ وَلِغَيْرِ الْوَارِثِ تَجُوزُ مِنْ الثُّلُثِ وَقَدْ جَمَعَتْ الْوَاقِفَةُ الْمَذْكُورَةُ بَيْنَ الْوَارِثِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ وَقَفَتْ عَلَى زَوْجِهَا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ فَحَيْثُ لَمْ تَتْرُكْ غَيْرَ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ فَيَجُوزُ الْوَقْفُ فِي ثُلُثِهَا وَيَبْطُلُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ حَيْثُ لَمْ تُجِزْهُ الْوَرَثَةُ وَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْوَرَثَةِ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ وَمَا خَرَجَ مِنْ غَلَّةِ الثُّلُثِ يُقْسَمُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ جَمِيعًا عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى مَا عَاشَ بَعْلُهَا الْمَذْكُورُ فَإِذَا مَاتَ صُرِفَتْ غَلَّةُ الثُّلُثِ كُلُّهَا لِجِهَةِ الْبِرِّ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ وَثُمَّ عَلَى مَا شَرَطَتْ الْوَاقِفَةُ الْمَذْكُورَةُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ وَالْخَصَّافِ وَالْخَانِيَّةِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهَا (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى بَنَاتِهِ الثَّلَاثِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِنَّ عَلَى أَوْلَادِهِنَّ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ مِنْ مَرَضِهِ الْمَزْبُورِ عَنْهُنَّ وَعَنْ زَوْجَةٍ وَأَوْلَادِ عَمٍّ عَصَبَةٍ لَمْ يُجِيزُوا الْوَقْفَ وَلَا صَدَّقُوا عَلَيْهِ وَالْوَقْفُ الْمَزْبُورُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : يَجُوزُ الْوَقْفُ وَمَا خَرَجَ مِنْ غَلَّتِهِ يُقْسَمُ بَيْنَ وَرَثَةِ الرَّجُلِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْبَنَاتِ الثَّلَاثِ الثُّلُثَانِ وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ وَالْبَاقِي لِأَوْلَادِ الْعَمِّ الْعَصَبَةِ الذُّكُورِ تُقْسَمُ غَلَّتُهُ كَذَلِكَ مَا عَاشَتْ الْبَنَاتُ الْمَذْكُورَاتُ، فَإِذَا مُتْنَ صُرِفَتْ غَلَّتُهُ لِأَوْلَادِهِنَّ عَلَى مَا شَرَطَهُ الرَّجُلُ (أَقُولُ) وَهَاهُنَا فَائِدَةٌ ذَكَرَهَا فِي الْبَحْرِ بِقَوْلِهِ ثُمَّ اعْلَمْ لَوْ وَقَفَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ إلَّا زَوْجَتُهُ وَلَمْ تُجِزْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا السُّدُسُ وَالْخَمْسَةُ الْأَسْدَاسِ تَكُونُ وَقْفًا لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا مَاتَ وَلَمْ يَدَّعِ إلَّا امْرَأَةً وَاحِدَةً وَأَوْصَى بِكُلِّ مَالِهِ لِرَجُلٍ إنْ أَجَازَتْ فَكُلُّ الْمَالِ لَهُ وَإِلَّا فَالسُّدُسُ لَهَا وَالْخَمْسَةُ الْأَسْدَاسِ لَهُ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ الثُّلُثَ أَوَّلًا بَقِيَ أَرْبَعَةٌ تَأْخُذُ الْمَرْأَةُ الرُّبُعَ وَالثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ لِلْمُوصَى لَهُ فَحَصَلَ لَهُ خَمْسَةٌ مِنْ سِتَّةٍ اهـ. وَلَا شَكَّ أَنَّ الْوَقْفَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَصِيَّةٌ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا حَيْثُ لَمْ يُخَلِّفْ غَيْرَ الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ. (2 سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَتْ هِنْدٌ مِنْ زَيْدٍ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَرَهَنَتْ عِنْدَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمِيعَ دَارِهَا الْمَعْلُومَةِ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا ثُمَّ وَقَفَتْ الدَّارَ وَهِيَ مُعْسِرَةٌ ثُمَّ بَاعَتْهَا مِنْ زَيْدٍ لِوَفَاءِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ الْوَقْفُ بَاطِلٌ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَبَطَلَ وَقْفُ رَاهِنٍ مُعْسِرٍ عَلَائِيٌّ مِنْ الْوَقْفِ وَأَمَّا وَقْفُ الْمَرْهُونِ فَإِنْ افْتَكَّهُ أَوْ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ عَادَ إلَى جِهَةِ الْوَقْفِ وَإِنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَفَاءٍ بِيعَ وَبَطَلَ الْوَقْفُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِهِ حَالَ الْحَيَاةِ لَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَفِي الْإِسْعَافِ لَوْ وَقَفَ الْمَرْهُونُ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ أَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى دَفْعِ مَا عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَبْطَلَ الْوَقْفَ وَبَاعَهُ فِيمَا عَلَيْهِ اهـ وَهَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ بَحْرٌ مِنْ أَوَائِلِ كِتَابِ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ عَلَيْهِ دَيْنَانِ رَهَنَ بِأَحَدِهِمَا دَارًا لَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا ثُمَّ وَقَفَهَا قَصْدًا لِلْمُمَاطَلَةِ وَقِيمَتُهَا تَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنَيْنِ فَهَلْ لَيْسَ لِلْقَاضِي تَنْفِيذُ هَذَا الْوَقْفِ بِمِقْدَارِ مَا شَغَلَ بِالدَّيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ سُئِلَ فِي رَجُلٍ صَحِيحٍ مَدْيُونٍ دَيْنًا مُسْتَغْرِقًا إذَا وَقَفَ وَقْفًا عَلَى جِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ وَسَجَّلَهُ الْقَاضِي تَسْجِيلًا شَرْعِيًّا ثُمَّ مَاتَ فَهَلْ يُنْقَضُ وَقْفُهُ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ أَوْ لَا؟ أَجَابَ حَيْثُ صَارَ الْوَقْفُ مُسَجَّلًا شَرْعًا لَا يُنْقَضُ لِذَلِكَ لِأَنَّ الْوَقْفَ تَبَرُّعٌ وَلَمْ يُشْتَرَطْ لِصِحَّتِهِ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُسْتَغْرِقِ بِالْإِجْمَاعِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ بِدَيْنٍ عَلَى رَأْيِ مَنْ يَرَاهُ وَلَا يَثْبُتُ الْحَجْرُ إلَّا بِالْقَضَاءِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ يَعْنِي الْمَدْيُونَ يَصِحُّ وَقْفُهُ وَإِنْ قُصِدَ بِهِ ضَرَرُ غُرَمَائِهِ. اهـ. وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ فَقَدْ خَالَفَ وَقْفَ الْمَرِيضِ مَرَضُ الْمَوْتِ الْمُحِيطِ دَيْنُهُ بِمَالِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ حِينَئِذٍ بِالْعَيْنِ وَهُنَا بِالذِّمَّةِ مَحْضًا وَبَنَى عُلَمَاؤُنَا الْأَحْكَامَ عَلَى ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَأَطْلَقَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقَالَ ابْنُ الْهُمَامِ

يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَعِنْدَ الْكُلِّ إذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ. اهـ. (أَقُولُ) قَالَ الْعَلَائِيُّ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَبَطَلَ وَقْفُ رَاهِنٍ مُعْسِرٍ وَمَرِيضٍ مَدْيُونٍ بِمُحِيطٍ بِخِلَافِ صَحِيحٍ لَوْ قَبْلَ الْحَجْرِ ثُمَّ قَالَ قُلْت لَكِنْ فِي مَعْرُوضَاتِ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ سُئِلَ عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَهَرَبَ مِنْ الدُّيُونِ هَلْ يَصِحُّ فَأَجَابَ لَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ وَالْقُضَاةُ مَمْنُوعُونَ مِنْ الْحُكْمِ وَتَسْجِيلِ الْوَقْفِ بِمِقْدَارِ مَا شُغِلَ بِالدَّيْنِ اهـ فَلْيُحْفَظْ فَقَدْ اسْتَدْرَكَ الْعَلَائِيُّ بِمَا فِي الْمَعْرُوضَاتِ وَأَقَرَّهُ وَقَدْ تَبِعَهُ تِلْمِيذُهُ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْحَائِكُ فَفِي فَتَاوِيهِ سُئِلَ فِي رَجُلٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِزَيْدٍ وَلَهُ دَارٌ مِلْكٌ فَقَطْ لَا يَفِي ثَمَنُهَا بِقَدْرِ دَيْنِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَا يُوفِي بِهِ دَيْنَهُ فَوَقَفَ الدَّارَ لِمَنْعِ صَاحِبِ الدَّيْنِ أَجَابَ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُنْفِذَ هَذَا الْوَقْفَ وَيُجْبَرُ الرَّجُلُ الْمَزْبُورُ عَلَى بَيْعِهِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ وَالْقُضَاةُ مَمْنُوعُونَ عَنْ تَنْفِيذِ مِثْلِ هَذَا الْوَقْفِ كَمَا أَفَادَهُ الْمَرْحُومُ الْمُفْتِي الْأَعْظَمُ أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي غَمَرَهُ اللَّهُ بِغُفْرَانِهِ. اهـ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْصَى رَجُلٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِيُعَمِّرَ بِهِ سَبِيلَ مَاءٍ فِي مَكَان مُهَيَّأٍ لِبِنَائِهِ فِي طَرِيقٍ لِيَشْرَبَ مِنْهُ الْمَارَّةُ وَوَقَفَ كَرْمَهُ عَلَى ذَلِكَ تُصْرَفُ غَلَّتُهُ فِي مَصَالِحِهِ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الْمَذْكُورِ عَنْ تَرِكَةٍ يَخْرُجُ الْمَبْلَغُ وَالْكَرْمُ مِنْ ثُلُثِهَا فَهَلْ يَصِحُّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَقَفَ عَقَارًا عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ هَيَّأَ مَكَانًا لِبِنَائِهَا قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَهَا اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ وَتُصْرَفُ غَلَّتُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ إلَى أَنْ تُبْنَى وَإِذَا بُنِيَتْ رُدَّتْ إلَيْهَا الْغَلَّةُ ابْنُ الْهُمَامِ عَلَى الْهِدَايَةِ مِنْ الْوَقْفِ. وَنَقَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ جَدِّهِ مَا صُورَتُهُ سُئِلَ فِيمَا إذَا أَنْشَأَ رَجُلٌ وَقْفَهُ عَلَى مَسْجِدٍ سَيُعَمِّرُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ الصَّرْفُ عَلَيْهِ فَعَلَى جِهَةِ بِرٍّ أُخْرَى مُتَّصِلَةٍ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ وَلَمْ يُعَمِّرْ الْمَسْجِدَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ وَلَا أَعَدَّ مَكَانًا لِتَعْمِيرِهِ فَهَلْ يَكُونُ الْوَقْفُ الْمَزْبُورُ بَاطِلًا وَتُقْسَمُ الْأَمَاكِنُ الْمَوْقُوفَةُ بَيْنَ وَرَثَةِ الْوَاقِفِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : الْحَمْدُ لِلَّهِ ذُكِرَ فِي كُتُبِ الْفَتَاوَى رَجُلٌ هَيَّأَ مَوْضِعًا لِبِنَاءِ مَدْرَسَةٍ وَقَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ وَقَفَ عَلَى هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ قُرًى بِشَرَائِطِهِ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ وَحَكَمَ قَاضٍ بِصِحَّتِهِ أَفْتَى الْقَاضِي الْإِمَامُ صَدْرُ الدِّينِ أَنَّ هَذَا الْوَقْفَ غَيْرُ صَحِيحٍ مُعَلِّلًا بِأَنَّ هَذَا الْوَقْفَ قَبْلَ وُجُودِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَأَفْتَى غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ بِصِحَّتِهِ وَرُجِّحَ بِأَنَّ بَعْضًا مِنْ الْمَسْجِدِ بَلْ هُوَ الْأَصْلُ فِيهَا قَدْ كَانَ مَوْجُودًا زَمَانَ الْوَقْفِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُهَيَّأُ لِبِنَاءِ الْمَدْرَسَةِ وَأَمَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حَيْثُ لَمْ يُهَيِّئْ مَوْضِعًا لِبِنَاءِ الْمَدْرَسَةِ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ وَقَفَ عَلَى مَعْدُومٍ حَقِيقَةً وَهُوَ أَحْرَى بِمَا عَلَّلَ بِهِ الْإِمَامُ الْقَاضِي صَدْرُ الدِّينِ مِنْ الْبَطَلَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ عُفِيَ عَنْهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَتْ هِنْدٌ دَارَهَا مُنْجِزًا عَلَى أَوْلَادِهَا الْمَوْجُودِينَ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ، ثُمَّ، وَثُمَّ، ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ وَلَمْ يَحْكُمْ بِمُوجِبِ الْوَقْفِ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ حُكْمًا شَرْعِيًّا عَلَى وَجْهِهِ فِي حَادِثَةِ ذَلِكَ وَمَاتَتْ عَنْ أَوْلَادِهَا الْمَزْبُورِينَ ثُمَّ افْتَقَرَ أَوْلَادُهَا فَبَاعُوا الدَّارَ بَعْدَمَا أَطْلَقَ لَهُمْ قَاضِي الْقُضَاةِ بَيْعَهَا فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ؟ وَيَكُونُ حُكْمًا بِبُطْلَانِ الْوَقْفِ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَكُونُ حُكْمًا بِبُطْلَانِ الْوَقْفِ حَيْثُ لَمْ يَحْكُمْ بِلُزُومِهِ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ بِوَجْهِهِ الصَّحِيحِ الشَّرْعِيِّ وَأَطْلَقَ الْقَاضِي لِلْوَارِثِ الْبَيْعَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ التُّمُرْتَاشِيُّ وَالْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ وَالْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ نَقْلًا عَنْ الْمُعْتَبَرَاتِ وَفِي الْإِسْمَاعِيلِيَّة فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ غِرَاسًا عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ وَثُمَّ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ حَنْبَلِيٌّ فِي غَيْرِ وَجْهِ خَصْمٍ ثُمَّ بَاعَ الْوَاقِفُ الْغِرَاسَ أَجَابَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ مُسَجَّلًا مَحْكُومًا بِهِ فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ عَلَى الدَّعْوَى الشَّرْعِيَّةِ مَانِعًا مِنْ ذَلِكَ اهـ. وَأَفْتَى بِذَلِكَ عَلَى هَذَا السُّؤَالِ الْمَرْحُومُ الْمَوْلَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ مُفْتِي دِمَشْقَ (أَقُولُ) وَبِصِحَّةِ بَيْعِ غَيْرِ الْمُسَجَّلِ أَفْتَى ابْنُ نُجَيْمٍ صَاحِبُ الْبَحْرِ فِي فَتَاوَاهُ وَقَالَ وَبِهَذَا أَفْتَى سِرَاجُ الدِّينِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ إلَخْ

لَكِنَّهُ قَالَ فِي بَحْرِهِ إنَّ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْمَرْجُوحِ أَيْ مِنْ أَنَّ الْوَقْفَ إنَّمَا يَتِمُّ بِالْقَضَاءِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا الرَّاجِحِ الْمُفْتَى بِهِ فَإِنْ كَانَ حَنَفِيًّا مُقَلِّدًا فَحُكْمُهُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالصَّحِيحِ الْمُفْتَى بِهِ فَهُوَ مَعْزُولٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ وَلِذَا قَالَ فِي الْقُنْيَةِ تَفْرِيعًا عَلَى الصَّحِيحِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِصِحَّتِهِ وَقَدْ أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ وَأَمَّا مَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ سِرَاجُ الدِّينِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ مِنْ صِحَّةِ الْحُكْمِ بِبَيْعِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِوَقْفِهِ فَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ مُجْتَهِدٌ أَوْ سَهْوٌ مِنْهُ. اهـ كَلَامُ الْبَحْرِ وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ وَالدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْعَلَّامَةَ قَارِئَ الْهِدَايَةِ ذَكَرَ فِي فَتَاوَاهُ ثَانِيًا خِلَافَ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا كَمَا نَقَلْته فِي حَاشِيَتِي عَلَى الْبَحْرِ فَرَاجِعْهَا وَأَمَّا مَا فِي الْإِسْمَاعِيلِيَّة فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ بِلَا حُكْمٍ لِكَوْنِهِ غِرَاسًا وَهُوَ مِنْ الْمَنْقُولِ وَلِكَوْنِهِ وَقْفًا عَلَى النَّفْسِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ حُكْمِ حَاكِمٍ يَرَاهُ. (سُئِلَ) فِي قَاعَةٍ قَدِيمَةٍ عَامِرَةٍ مُحْكَمَةِ الْبِنَاءِ فِي مَحَلَّةٍ أَمِينَةٍ مَرْغُوبٍ فِي السُّكْنَى فِيهَا وَتُؤَجَّرُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَأَرْضُهَا مَفْرُوشَةٌ بِبَلَاطٍ قَدِيمٍ مِنْ عَهْدِ وَاقِفِهَا وَالْآنَ يُرِيدُ بَعْضُ مُسْتَحَقِّي الْوَقْفِ بَيْعَ الْبَلَاطِ الْمَزْبُورِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَفِي ذَلِكَ تَغْيِيرُ صِيغَةِ الْوَاقِفِ وَبَيْعُ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ فَهَلْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ فِي عُمْدَةِ الْفَتَاوَى لَا يَجُوزُ بَيْعُ بِنَاءِ الْوَقْفِ قَبْلَ هَدْمِهِ وَلَا الْأَشْجَارِ الْمَوْقُوفَةِ الْمُثْمِرَةِ قَبْلَ قَلْعِهَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُثْمِرَةِ اهـ بَحْرٌ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ تَحْتَ قَوْلِ الْمَاتِنِ وَعُلُوٍّ سَقَطَ وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الْعَاشِرِ وَلَا يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ تَغْيِيرُ صِيغَةِ الْوَاقِفِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَالْحَانُوتِيُّ وَغَيْرُهُمَا فَكَيْفَ تُبَاعُ الْعَيْنُ بِلَا مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ. (سُئِلَ) فِي أَشْجَارِ الْوَقْفِ الْغَيْرِ الْمُثْمِرَةِ إذَا ثَبَتَ يُبْسُهَا وَشِلْوُهَا وَعَدَمُ الِانْتِفَاعِ بِهَا إلَّا حَطَبًا وَفِي بَيْعِهَا وَقَلْعِهَا الْحَظُّ وَالْمَصْلَحَةُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ ثُبُوتًا شَرْعِيًّا بَعْدَ دَعْوَى شَرْعِيَّةٍ فَهَلْ يَجُوزُ قَلْعُهَا وَبَيْعُهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَسُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ عَنْ شَجَرَةٍ وَقْفٍ يَبِسَ بَعْضُهَا وَبَقِيَ بَعْضُهَا فَقَالَ مَا يَبِسَ مِنْهَا فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ غَلَّتِهَا وَمَا بَقِيَ فَمَتْرُوكٌ عَلَى حَالِهَا. اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَالَ الْفَضْلِيُّ وَبَيْعُ الْأَشْجَارِ الْمَوْقُوفَةِ مَعَ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ قَبْلَ الْقَلْعِ كَبَيْعِ الْأَرْضِ وَقَالَ أَيْضًا إذَا لَمْ تَكُنْ مُثْمِرَةً يَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ الْقَلْعِ أَيْضًا لِأَنَّهُ غَلَّتُهَا وَالْمُثْمِرَةُ لَا تُبَاعُ إلَّا بَعْدَ الْقَلْعِ كَبِنَاءِ الْوَقْفِ بَحْرٌ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ تَحْتَ قَوْلِهِ وَلَا يَمْلِكُ الْوَقْفَ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ تُوتٌ عَلَى أَرْبَابٍ مُسَمِّينَ فِي يَدِ مُتَوَلٍّ بَاعَ وَرَقَ أَشْجَارِ التُّوتِ جَازَ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْغَلَّةِ فَلَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي قَلْعَ قَوَائِمِ الشَّجَرِ يُمْنَعُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَبِيعَةٍ وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُتَوَلِّي مِنْ مَنْعِ الْمُشْتَرِي عَنْ قَلْعِ الْقَوَائِمِ كَانَ خِيَانَةً مِنْهُ اهـ مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ، وَفِيهَا قُبَيْلَ الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ: الْأَشْجَارُ الْمَوْقُوفَةُ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُثْمِرَةٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا قَبْلَ الْقَلْعِ لِأَنَّهَا هِيَ الْغَلَّةُ بِعَيْنِهَا وَالْمُثْمِرَةُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا إلَّا بَعْدَ الْقَلْعِ كَبِنَاءِ الْوَقْفِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي شَجَرَةٍ وَقْفٍ غَيْرِ مُثْمِرَةٍ يُرِيدُ الْمُتَوَلِّي بَيْعَهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ قَبْلَ الْقَلْعِ لِمَا رَأَى فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لِلْوَقْفِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَأَجَابَ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ بِأَنَّهُ لَا تُنْقَضُ الْبَيِّنَةُ الْمَذْكُورَةُ بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ أُخْرَى أَنَّ الْغِرَاسَ حِينَ الْبَيْعِ كَانَ مُثْمِرًا قَدْ تُرَجَّحُ الْبَيِّنَةُ بِكَوْنِهَا لِمَنْ يَدَّعِي صِحَّةَ الْعَقْدِ الَّذِي وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْآخَرِ فِيهِ مَثَلًا لَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ دَارَ الصَّغِيرِ مِنْ رَجُلٍ قَائِلًا إنَّهَا مُتَوَجِّهَةٌ إلَى الْخَرَابِ وَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِيهَا زَمَانًا وَعَمَّرَهَا فَلَمَّا كَبُرَ الصَّغِيرُ وَصَارَ بَالِغًا ادَّعَى عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَنَّ بَيْعَ الْوَصِيِّ إيَّاهَا بَاطِلٌ لِأَنَّ الدَّارَ كَانَتْ مَعْمُورَةً حِينَ بَاعَهَا الْوَصِيُّ مِنْهُ كَانَ الْقَوْلُ لِلصَّغِيرِ أَعْنِي قَوْلَهُ إنَّ الدَّارَ كَانَتْ مَعْمُورَةً حِينَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَا يُنْكِرُ الْعَقْدَ وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّهَا أَيْ الدَّارَ كَانَتْ خَرِبَةً وَقْتَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَبَيِّنَةُ الصَّغِيرِ تَنْفِيهَا وَتُثْبِتُ بُطْلَانَ بَيْعِ الْوَصِيِّ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَصِيِّ حَالَ كَوْنِ الدَّارِ مَعْمُورَةً بَاطِلٌ لَا مُجِيزَ لَهُ فَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الصَّغِيرِ كَذَا فِي فَتَاوَى الْبَزَّازِيَّةِ

وَالْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَغَيْرِهِمَا اهـ. وَكَذَا لَوْ بَاع الْمُتَوَلِّي أَشْجَارَ الْوَقْفِ وَقُلِعَتْ وَادَّعَى أَهْلُ الْوَقْفِ أَنَّهَا كَانَتْ مُثْمِرَةً وَقَالَ يَابِسَةٌ وَاجِبَةُ الْقَلْعِ فَبَعْدَ الْهَلَاكِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ مِنْ الضَّمَانِ وَكَذَا بَيِّنَتُهُ عِنْدَ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ كَذَا فِي هَامِشِ الْقَوْلِ لِمَنْ فِي الْبُيُوعِ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ الْمُصَرَّحُ بِهِ عَدَمُ جَوَازِ اسْتِئْنَافِ الدَّعْوَى بَعْدَ انْفِصَالِهَا عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَفِيهَا نَقْلًا عَنْ الْكَافِي مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ إذَا تَضَمَّنَتْ الشَّهَادَةُ نَقْضَ قَضَاءٍ تُرَدُّ اهـ فَفِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ ثُبُوتِ الشِّلْوِ وَعَدَمِ الِانْتِفَاعِ وَالْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ كَيْفَ تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُسْتَحِقِّ وَيُنْقَضُ الْقَضَاءُ وَتُسْتَأْنَفُ الدَّعْوَى تَأَمَّلْ وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الدَّعَاوَى أَيُّ بَيِّنَةٍ سَبَقَتْ وَقُضِيَ بِهَا لَمْ تُقْبَلْ الْأُخْرَى. . (سُئِلَ) فِي دَارٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى الذُّرِّيَّةِ سَكَنَتْ بِهَا امْرَأَةٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ مَعَ زَوْجِهَا وَقَدْ غَيَّرَ زَوْجُهَا بَعْضَ مَعَالِمِ الْوَقْفِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ إعَادَةُ مَا غَيَّرَهُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الشَّلَبِيِّ يُرْفَعُ أَمْرُ الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ فَيَأْمُرُهُ بِهَدْمِ بِنَائِهِ وَإِعَادَةِ الْوَقْفِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَيُؤَدِّبُهُ عَلَى ذَلِكَ التَّأْدِيبَ الزَّاجِرَ لَهُ اللَّائِقَ بِهِ وَيُثَابُ وَلِيُّ الْأَمْرِ أَيَّدَ اللَّهُ بِهِ الدِّينَ وَقَمَعَ الطُّغَاةَ وَالْمُعْتَدِينَ عَلَى ذَلِكَ الثَّوَابَ الْجَزِيلَ اهـ وَفِيهَا جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ نُورِ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيِّ جَمِيعُ مَا غَيَّرَهُ يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَهَدْمُ الْبِئْرِ وَقَلْعُ الْأَشْجَارِ وَتَغْيِيرُ النَّوْلِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ مُلْزَمٌ بِهِ وَكَذَا يَلْزَمُهُ عِمَارَةُ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ الْبِئْرِ وَالسَّقْيِ وَأُجْرَةُ مَا انْتَفَعَ بِهِ اهـ. وَقَالَ سِرَاجُ الدِّينِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ فِي فَتَاوِيهِ يَنْظُرُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ مَا غَيَّرَهُ إلَيْهِ أَنْفَعَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَأَكْثَرَ رِيعًا أُخِذَ مِنْهُ الْأَجْرُ وَبَقِيَ مَا عَمَّرَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِمَا أَنْفَقَهُ فِي الْعِمَارَةِ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَنْفَعَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَلَا أَكْثَرَ رِيعًا أُلْزِمَ بِهَدْمِ مَا صَنَعَ وَإِعَادَةِ الْوَقْفِ إلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا بَعْدَ تَعْزِيرِهِ بِمَا يَلِيقُ بِحَالِهِ اهـ. وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَاتِ وَفِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيُّ نَقْلًا عَنْ الْحَانُوتِيِّ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ مَا نَصُّهُ وَيُطَالَبُ بِهَدْمِ مَا غَيَّرَ بِهِ صِفَةَ عَيْنِ الْوَقْفِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لِلْوَقْفِ فِيهِ مَصْلَحَةٌ إلَى آخِرِ مَا حَرَّرَهُ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ بَاعَ حَمَّامًا وَقْفًا لِاحْتِيَاجِهِ إلَى التَّرْمِيمِ مَعَ مُسَاعَدَةِ الْوَقْفِ مِنْ رَجُلٍ ذِي قُدْرَةٍ وَشَوْكَةٍ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ وَقَلَعَ الْحَمَّامَ وَبَنَى مَكَانَهُ دَارًا هَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ أَوْ لَا وَبَعْدَ ذَلِكَ فَمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِمَا؟ (الْجَوَابُ) : أَمَّا النَّاظِرُ فَلَزِمَهُ الْعَزْلُ وَأَمَّا ذُو الْقُدْرَةِ فَيَلْزَمُهُ قَلْعُ مَا بَنَاهُ وَضَمَانُ قِيمَةِ مَا قَلَعَهُ وَدَفْعُهُ إلَى مُتَوَلِّي مَعَ سَاحَةِ الْحَمَّامِ فَإِنَّهُ لَا قُدْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ مِنْ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِي أَنْقَاضِ الْوَقْفِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى أَحْجَارٍ وَأَخْشَابٍ مُكَسَّرَةٍ مُلْقَاةٍ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ إذَا تَعَذَّرَ عَوْدُهَا لِمَحَلِّهَا وَعُدِمَ الِانْتِفَاعُ بِهَا لِلْوَقْفِ وَبَاعَهَا الْمُتَوَلِّي بِسَبَبِ ذَلِكَ مِنْ رَجُلٍ بِثَمَنٍ هُوَ ضِعْفُ ثَمَنِ الْمِثْلِ الثَّابِتِ ذَلِكَ مَعَ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ لِلْوَقْفِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ جَائِزًا أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : مَسْأَلَةُ بَيْعِ أَنْقَاضِ الْوَقْفِ صُرِّحَ بِهَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فَإِنَّهُ قَالَ مَا انْهَدَمَ مِنْ بِنَاءِ الْوَقْفِ وَآلَتِهِ صَرَفَهُ الْحَاكِمُ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ إنْ احْتَاجَ وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ أَمْسَكَهُ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلْعِمَارَةِ فَيَصْرِفُهُ فِيهَا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعِمَارَةِ لِيَبْقَى عَلَى التَّأْبِيدِ فَيَحْصُلُ مَقْصُودُ الْوَاقِفِ فَإِنْ مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ صَرَفَهَا فِيهَا وَإِلَّا أَمْسَكَهَا حَتَّى لَا يَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوَانَ الْحَاجَةِ فَيَبْطُلُ الْمَقْصُودُ وَإِنْ تَعَذَّرَ إعَادَةُ عَيْنِهِ إلَى مَوْضِعِهِ بِيعَ وَصُرِفَ ثَمَنُهُ إلَى الْمَرَمَّةِ صَرْفًا لِلْبَدَلِ إلَى مُصَرِّفِ الْمُبْدَلِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْسِمَهُ يَعْنِي النَّقْضَ بَيْنَ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْعَيْنِ وَلَا حَقَّ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِيهِ وَإِنَّمَا حَقُّهُمْ فِي الْمَنَافِعِ وَالْعَيْنُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُصْرَفُ إلَيْهِمْ غَيْرُ حَقِّهِمْ اهـ وَقَدْ حَصَلَ بِمَا ذُكِرَ الْجَوَابُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

وَأَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ وَقْفٍ انْهَدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ يُعَمَّرُ بِهِ وَلَا أَمْكَنَ إجَارَتُهُ وَتَعْمِيرُهُ هَلْ تُبَاعُ أَنْقَاضُهُ بِقَوْلِهِ إذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ صَحَّ بَيْعُهُ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ وَقْفٌ مَكَانَهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُ إلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ إنْ وُجِدُوا وَإِلَّا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ. (سُئِلَ) فِي خَرَابَةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ تَعَطَّلَ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَضَعُفَتْ عَنْ الْغَلَّةِ وَلَيْسَ فِي الْوَقْفِ غَيْرُهَا حَتَّى يُعَمَّرَ بِهَا وَأَدَّتْ الضَّرُورَةُ إلَى الِاسْتِبْدَالِ بِهَا بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ بِمَا فِيهِ مِنْ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ لِلْوَقْفِ وَلَوْ بِالدَّرَاهِمِ لِيَشْتَرِيَ بِهَا دَارًا أُخْرَى أَكْثَرَ نَفْعًا وَأَدَرَّ رِيعًا وَأَحْسَنَ صَقْعًا فَهَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ سُئِلَ عَنْ اسْتِبْدَالِ الْوَقْفِ مَا صُورَتُهُ هَلْ هُوَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ أَصْحَابِهِ أَجَابَ الِاسْتِبْدَالُ إذَا تَعَيَّنَ بِأَنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَثَمَّةَ مَنْ يَرْغَبُ فِيهِ وَيُعْطِي بَدَلَهُ أَرْضًا أَوْ دَارًا لَهَا رِيعٌ يَعُودُ نَفْعُهُ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ فَالِاسْتِبْدَالُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ لِلْوَقْفِ رِيعٌ وَلَكِنْ يَرْغَبُ شَخْصٌ فِي اسْتِبْدَالِهِ إنْ أَعْطَى بَدَلَهُ أَكْثَرَ رِيعًا مِنْهُ فِي صُقْعٍ أَحْسَنَ مِنْ صُقْعِ الْوَقْفِ جَازَ عِنْدَ الْقَاضِي أَبِي يُوسُفَ وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ اهـ. قَالَ الْعَلَّامَةُ صَاحِبُ النَّهْرِ فِي ذَيْلِ الْفَتْوَى الْمَذْكُورَةِ مَا نَصُّهُ وَرَأَيْت بَعْضَ الْمَوَالِي يَمِيلُ إلَى هَذَا وَيَعْتَمِدُهُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُسْتَبْدِلَ إذَا كَانَ قَاضِيَ الْجِهَةِ فَالنَّفْسُ بِهِ مُطْمَئِنَّةٌ فَلَا يُخْشَى الضَّيَاعُ مَعَهُ وَلَوْ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. اهـ. وَقَدْ أَفْتَى بِجَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ بِالنُّقُودِ إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ مِنْهُمْ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَتِلْمِيذُهُ الْفَهَّامَةُ السَّيِّدُ عَبْدُ الرَّحِيمِ اللُّطْفِيُّ وَالْمُحَقِّقُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْحَائِكُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ رَوَّحَ اللَّهُ تَعَالَى رُوحَهُمْ بِدَارِ السَّلَامِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (أَقُولُ) قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَفِيهَا أَيْ فِي الْأَشْبَاهِ لَا يَجُوزُ اسْتِبْدَالُ الْعَامِرِ إلَّا فِي أَرْبَعٍ قُلْت لَكِنْ فِي مَعْرُوضَاتِ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ أَنَّهُ فِي سَنَةِ 951 وَرَدَ الْأَمْرُ الشَّرِيفُ بِمَنْعِ اسْتِبْدَالِهِ وَأُمِرَ بِأَنْ يَصِيرَ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ تَبَعًا لِتَرْجِيحِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ اهـ فَلْيُحْفَظْ اهـ. (سُئِلَ) فِي دُورٍ مُتَعَدِّدَةٍ مَعْلُومَاتٍ مِنْ قِبَلِ وَاقِفِيهَا الْمُتَعَدِّدِينَ الْمُخْتَلِفِينَ بِيعَتْ دَارٌ مِنْهَا بَيْعًا حُكْمِيًّا بَعْدَ ثُبُوتِ مُسَوِّغَاتِ الْبَيْعِ لَدَى الْحَاكِمِ يَرَى ذَلِكَ وَحُكِمَ بِصِحَّتِهِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَبَضَهُ نُظَّارُ الْوَقْفِ لِيَشْتَرُوا بِهِ عَقَارًا بَدَلَهُ وَالْآنَ احْتَاجَتْ بَقِيَّةُ الدُّورِ لِلتَّعْمِيرِ الضَّرُورِيِّ وَلَا مَالَ فِي الْأَوْقَافِ حَاصِلٌ وَلَا مَنْ يَرْغَبُ فِي اسْتِئْجَارِ الدُّورِ مُدَّةً مُسْتَقْبَلَةً بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ تُصْرَفُ فِي التَّعْمِيرِ وَيُرِيدُ النُّظَّارُ وَالِاسْتِدَانَةَ عَلَى الدُّورِ بِإِذْنِ الْقَاضِي الْعَامِّ لِأَجَلِ التَّعْمِيرِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ يُسَوَّغُ لَهُمْ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُمْ الصَّرْفُ عَلَى التَّعْمِيرِ مِنْ ثَمَنِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ ثَمَنَهَا صَارَ وَقْفًا بِمَنْزِلَةِ عَيْنِهَا وَلَا سِيَّمَا مَعَ تَعَدُّدِ الْوَاقِفِينَ الْمَذْكُورِينَ وَلَكِنْ فِي فَتَاوَى اللُّطْفِيِّ مِنْ الْوَقْفِ سُئِلَ عَنْ وَقْفٍ اسْتَبْدَلَهُ مُتَوَلِّيهِ بِإِذْنِ الْقَاضِي بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ اسْتِبْدَالًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا وَقَبَضَهَا فَهَلْ تَكُونُ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ بَدَلَ الْمَوْقُوفِ الْمُسْتَبْدَلِ أَوْ يَسْتَحِقُّهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ وَوَرَثَتُهُمْ مِنْ بَعْدِهِمْ الْجَوَابُ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ بَدَلُ الْمَوْقُوفِ الْمُسْتَبْدَلِ يَشْتَرِي بِهَا مَا يَكُونُ وَقْفًا مَكَانَهُ وَقَدْ تَصَرَّفَ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ الضَّرُورِيَّةِ بِإِذْنِ قَاضٍ يَمْلِكُ ذَلِكَ وَيُسْتَوْفَى مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ بَعْدَ الْعِمَارَةِ لِيَشْتَرِيَ بِهَا مَا يَكُونُ وَقْفًا كَالْأَوَّلِ وَلَا تَكُونُ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَلَا إرْثًا وَمَسْأَلَةُ الِاسْتِبْدَالِ بِالدَّرَاهِمِ مَعْلُومَةٌ وَتَحْتَاجُ إلَى دِيَانَةٍ وَلَا يَتَوَلَّى قَبْضَ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ إلَّا مُتَوَلِّي الْوَقْفِ لَا النَّاظِرُ بِمَعْنَى الْمُشَارِفِ وَلَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْفَقِيهِ النَّبِيهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ فَمُقْتَضَاهُ جَوَازُ صَرْفِ الْبَدَلِ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ فَتَأَمَّلْ وَالِاسْتِبْدَالُ وَالْبَيْعُ وَاحِدٌ مِنْ حَيْثُ الْمَآلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَقُولُ) وَكَذَا أَجَابَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ فِي فَتَاوَاهُ بِأَنَّهُ يَعْمُرُ مِنْ مَالِ الِاسْتِبْدَالِ وَلَا يَسْتَدِينُ حَيْثُ

كَانَ فِي الْوَقْفِ مَالٌ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ اهـ وَلَكِنْ مَا فِي سُؤَالِنَا الْوَاقِفُونَ مُتَعَدِّدُونَ وَلَا يُصْرَفُ رِيعُ وَقْفٍ عَلَى وَقْفٍ آخَرَ فَضْلًا عَنْ صَرْفِ بَدَلِهِ مِنْ حَوَادِثِ الْوَقْف وَلَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِمُسَوِّغَاتِ الِاسْتِبْدَالِ يُكَذِّبُهَا الْحِسُّ كَمَا لَوْ شَهِدُوا مَثَلًا بِأَنَّ الدَّارَ سَائِغَةٌ لِلِاسْتِبْدَالِ لِانْهِدَامِهَا وَحَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ وَبِيعَتْ كَمَا ذُكِرَ شَهِدَتْ أُخْرَى لَدَى حَاكِمٍ بِأَنَّهَا عَامِرَةٌ آنَ الِاسْتِبْدَالِ إلَى هَذَا الزَّمَانِ وَكَانَ الْحِسُّ يَقْضِي بِأَنَّ عِمَارَتَهَا آنَ الِاسْتِبْدَالِ هِيَ الْعِمَارَةُ الْقَائِمَةُ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَالْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الِاسْتِبْدَالِ حِينَئِذٍ بَاطِلٌ إذْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى بَيِّنَةٍ يُكَذِّبُهَا الْحِسُّ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ جَاءَ حَيًّا بَعْدَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْوَقْفِ وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ وَالشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرَتَيْنِ عَلَى وَقْفٍ أَهْلِيٍّ اُسْتُبْدِلَتَا بَسَاتِينَ مَعْلُومَةً جَارِيَةً فِي الْوَقْفِ الْمَرْقُومِ مِنْ رَجُلٍ اسْتِبْدَالًا شَرْعِيًّا مُسْتَوْفِيًا لِلشَّرَائِطِ الشَّرْعِيَّةِ مَعَ ثُبُوتِ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ لِلْوَقْفِ مَحْكُومًا بِصِحَّةِ ذَلِكَ مِنْ قَاضِي الْقُضَاةِ بَعْدَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ الشَّرْعِيَّتَيْنِ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ الْبَسَاتِينُ فِي غَيْرِ وِلَايَةِ الْقَاضِي الْمُسْتَبْدَلِ لَدَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْقَضَاءِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُتَدَاعِيَانِ فِي بَلَدِ الْقَاضِي إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْمَنْقُولِ وَالدَّيْنِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي عَقَارٍ لَا فِي وِلَايَتِهِ فَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَإِيَّاكَ أَنْ تَفْهَمَ خِلَافَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ غَلَطٌ اهـ وَاقْتَصَرَ عَلَى الصِّحَّةِ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوَاهُ الْمَشْهُورَةِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الدَّعْوَى وَالصَّحِيحُ أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي فِي الْمَحْدُودِ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي وِلَايَتِهِ وَالْمَسْأَلَةُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فِي أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِنَصْرَانِيٍّ دَارٌ مَعْلُومَةٌ فَوَقَفَهَا فِي صِحَّةٍ مُنْجِزًا عَلَى قَسَاقِسِ النَّصَارَى الْمَوْجُودِينَ يَوْمئِذٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْقَسَاقِسِ وَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَعَلَى فُقَرَاءِ النَّصَارَى وَكُتِبَ بِذَلِكَ صَكٌّ فَهَلْ يَجُوزُ الْوَقْفُ وَيَكُونُ لِفُقَرَاءِ النَّصَارَى؟ (الْجَوَابُ) : يَجُوزُ الْوَقْفُ الْمَذْكُورُ قَالَ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِ أَهْلِ الذِّمَّةِ قُلْت فَمَا تَقُولُ إنْ قَالَ جَعَلْت دَارِي هَذِهِ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً تَجْرِي غَلَّتُهَا عَلَى فُقَرَاءِ بَيْعَةِ كَذَا وَكَذَا قَالَ هَذَا جَائِزٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إنَّمَا يُصْرَفُ فِي هَذَا إلَى الصَّدَقَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى فُقَرَاءِ النَّصَارَى أَنِّي أُجِيزَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ عَمَّمَ وَلَمْ يَخُصَّ فَقَالَ تَجْرِي غَلَّةُ صَدَقَتِي هَذِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ قَالَ هَذَا جَائِزٌ قُلْت فَمَا تَقُولُ لَوْ جَعَلَ الذِّمِّيُّ أَرْضًا لَهُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً فَقَالَ تُنْفَقُ غَلَّتُهَا عَلَى بَيْعَةِ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ خَرِبَتْ هَذِهِ الْبَيْعَةُ كَانَتْ غَلَّةُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ بَعْدَ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا فِي الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ قَالَ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ وَيَكُونُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلَا يُنْفَقُ عَلَى الْبَيْعَةِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ قُلْت وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ تَجْرِي غَلَّةُ هَذِهِ الصِّيغَةِ عَلَى الرُّهْبَانِ وَالْقِسِّيسِينَ قَالَ هَذَا بَاطِلٌ قُلْت فَإِنْ خَصَّ الرُّهْبَانَ وَالْقِسِّيسِينَ الَّذِينَ فِي بَيْعَةِ كَذَا وَكَذَا قَالَ هَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ اهـ. وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ إذَا وَقَفَ الذِّمِّيُّ عَلَى الْكَنِيسَةِ أَوْ الْبَيْعَةِ فَهَلْ يَجُوزُ أَجَابَ الْوَقْفُ بَاطِلٌ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ وَكَذَا إذَا وَقَفَ عَلَى الرُّهْبَانِ وَالْقِسِّيسِينَ وَإِنْ وَقَفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ النَّصَارَى جَازَ. اهـ. (سُئِلَ) فِي ذِمِّيٍّ مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى بِنْتَيْهِ الذِّمِّيَّتَيْنِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمَا عَلَى كَنِيسَةِ كَذَا ثُمَّ هَلَكَ مِنْ مَرَضِهِ الْمَزْبُورِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَنْهُمَا وَعَنْ زَوْجَةٍ وَأَخَوَيْنِ شَقِيقَيْنِ لَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ الْوَقْفُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قُلْت وَكُلُّ وَقْفٍ وَقَفَهُ الذِّمِّيُّ فَجَعَلَ غَلَّةَ ذَلِكَ فِيمَا لَا يَجُوزُ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي عِمَارَةِ الْبَيْعِ وَالْكَنَائِسِ وَبُيُوتِ النِّيرَانِ وَالْإِسْرَاجُ فِيهَا وَمَرَمَّتُهَا أَلَيْسَ ذَلِكَ بَاطِلًا قَالَ بَلَى. اهـ. خَصَّافٌ مِنْ بَابِ وَقْفِ الذِّمِّيِّ وَمِثْلُهُ فِي الْإِسْعَافِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا وَالْوَقْفُ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَلِلْوَارِثِ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَلَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا. (سُئِلَ) فِي ذِمِّيٍّ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى نَفْسِهِ

وَعَلَى ذُرِّيَّتِهِ فَإِذَا انْقَرَضُوا فَعَلَى الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَشَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ إلَّا عَقْدًا بِعَقْدٍ وَلَا لِمُتَجَاهِي وَلَا يُعَجِّلُ بِمَالِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ ثُمَّ إنَّ الْوَاقِفَ آجَرَ مِنْ آخَرَ وَتَعَجَّلَ لِسِتِّ سِنِينَ كُلَّ سَنَتَيْنِ عَقْدٌ وَحَكَمَ بِهِ حَنْبَلِيٌّ ثُمَّ فَرَغَ عَنْ الْوَقْفِ فَهَلْ بِالْفَرَاغِ لِأَوْلَادِهِ يَفْسَخُ الْإِيجَارَ وَيُضِيعُ مَالَ الْمُسْتَأْجِرِ وَهَلْ لَهُ حَبْسُ الْوَقْفِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَالَهُ؟ (أَجَابَ) وَقْفُ الذِّمِّيِّ عَلَى نَفْسِهِ صَحِيحٌ وَأَمَّا عَلَى أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ فَمَدْلُولُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ وَقْفَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ قُرْبَةً عِنْدَنَا وَعِنْدَ هُمْ حَتَّى لَوْ جَعَلَ دَارِهِ مَسْجِدًا لِلْمُسْلِمِينَ لَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا جَازَ وَقْفُهُمْ عَلَى مَسْجِدِ الْقُدْسِ لِأَنَّ ذَلِكَ قُرْبَةٌ عِنْدَ هُمْ إلَّا أَنْ يُقَالَ يَصِحُّ عَلَى مَنْ ذُكِرَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَيُلْغَى قَوْلُهُ عَلَى أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ وَيَكُونُ آخِرُهُ لِلْفُقَرَاءِ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَكُونُ مُؤَبَّدًا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ التَّأْبِيدَ وَأَمَّا الْإِجَارَةُ الْمَذْكُورَةُ فَإِنْ حَكَمَ فِيهَا حَاكِمٌ يَرَاهَا بَعْدَ تَقَدُّمِ دَعْوَى ارْتَفَعَ الْخِلَافُ وَهَذَا الْجَوَابُ لَمْ أَنْقُلْهُ مِنْ تَحْتِ يَدَيَّ عَلَى وَرَقَةِ السَّائِلِ لِعَدَمِ جَزْمِي بِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَتَاوَى الْكَازَرُونِيُّ مِنْ الْوَقْفِ عَنْ الْحَانُوتِيِّ وَلَوْ وَقَفَهَا عَلَى مَصَالِحِ بَيْعَةِ كَذَا مِنْ عِمَارَةٍ وَمَرَمَّةٍ وَسِرَاجٍ وَإِذَا خَرِبَتْ وَاسْتَغْنَى عَنْهَا تَكُونُ الْغَلَّةُ لِإِسْرَاجِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوْ قَالَ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ يَجُوزُ الْوَقْفُ وَتَكُونُ الْغَلَّةُ لِلْإِسْرَاجِ أَوْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلَا يُنْفَقُ عَلَى الْبَيْعَةِ مِنْهَا شَيْءٌ اهـ إسْعَافٌ مِنْ بَابِ أَوْقَافِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَتَأَمَّلْ فَلَعَلَّهُ يُفِيدُ مَا قَالَهُ الْحَانُوتِيُّ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ وَفِي الْخَصَّافِ مِنْ الْبَابِ الْمَزْبُورِ أَفْصَحُ مِنْ هَذَا وَأَصْرَحُ فَرَاجِعْهُ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ ذِمِّيَّةٍ لَهَا حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي دَارٍ وَقَفَتْ الْحِصَّةَ الْمَزْبُورَةَ فِي صِحَّتِهَا مُنَجَّزًا عَلَى فُقَرَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَفُقَرَاءِ بَيْعَةِ كَذَا وَحَكَمَ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ وَلُزُومِهِ حُكْمًا شَرْعِيًّا فَهَلْ يَكُونُ الْوَقْفُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ صَحَّ وَقْفُ الذِّمِّيِّ بِشَرْطِ كَوْنِهِ قُرْبَةً عِنْدَنَا وَعِنْدَ هُمْ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ أَوْ عَلَى فُقَرَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنْ عَمَّمَ جَازَ الصَّرْفُ إلَى كُلِّ فَقِيرٍ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ وَإِنْ خَصَّصَ فُقَرَاءَ أَهْلِ الذِّمَّةِ اُعْتُبِرَ شَرْطُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْخَصَّافُ بَحْرٌ مِنْ الْوَقْفِ وَقَفَهَا عَلَى فُقَرَاءِ بَيْعَةِ كَذَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِكَوْنِهِ قَصَدَ الصَّدَقَةَ إسْعَافٌ مِنْ بَابِ أَوْقَافِ أَهْلِ الذِّمَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَنْشَأَ ذِمِّيٌّ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ إلَخْ وَهَلَكَ وَانْحَصَرَ رِيعُهُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ نَصِيبُهُ فِي رِيعِ الْوَقْفِ مُسْتَحَقًّا لَهُ وَلَا يُحْرَمُهُ وَشَرْطُ الْوَاقِفِ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ صَحِيحٌ يَتَوَلَّاهُ أَرْشَدُهُمْ مِنْ الذُّرِّيَّةِ دُونَ غَيْرِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقَ الشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ ثُمَّ إنِّي سُئِلْت عَنْ هَذَا الْوَقْفِ بِمَا إذَا شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَهَلَكَ وَانْحَصَرَ رِيعُ وَقْفِهِ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَمَاتَ عَنْ بِنْتٍ بَالِغَةٍ مُسْلِمَةٍ هِيَ أَرْشَدُ الْمَوْجُودِينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ فَهَلْ إذَا ثَبَتَتْ أَرْشَدِيَّتُهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ تُوَلَّى النَّظَرَ عَلَى الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ الْجَوَابُ نَعَمْ عَلَى مُقْتَضَى مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ الْمَذْكُورُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ حِصَّتَهُ وَهِيَ النِّصْفُ مِنْ جَوَامِيسَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَلَمْ يَحْكُمْ بِالْوَقْفِ حَاكِمٌ يَرَاهُ ثُمَّ بَاعَ الْحِصَّةَ مِنْ آخَرَ فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ دُونَ الْوَقْفِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَالْوَقْفُ غَيْرُ صَحِيحٍ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ غِرَاسٌ قَائِمٌ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ فَأَقَرَّ أَنَّهُ وَقَفَهُ عَلَى ابْنَيْ أَخِيهِ وَلَمْ يُسْلِمْهُ إلَى الْمُتَوَلِّي وَلَا لَهُمَا وَلَا جَعَلَ آخِرَهُ لِجِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ وَلَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ أَصْلًا فَهَلْ يَكُونُ الْوَقْفُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ الْغِرَاسَ مِنْ الْمَنْقُولِ كَمَا فِي الْبَحْرِ. . (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَقَفَ جَامُوسًا فِي بَلَدٍ لَمْ يَتَعَارَفُوا وَقْفَهُ وَلَا تَعَامَلُوا بِهِ فَإِذَا صَدَرَ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ هَلْ يُعَدُّ ذَلِكَ تَعَامُلًا أَوْ لَا وَإِذْ لَمْ يُعَدَّ تَعَامُلًا هَلْ الْوَقْفُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ جَائِزٍ حَيْثُ لَمْ يُتَعَارَفْ أَمْ كَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا كَانَ فِي بَلَدٍ تُعُورِفَ ذَلِكَ

يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ سُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ عَمَّنْ وَقَفَ بَقَرَةً عَلَى الرِّبَاطِ لِيَشْرَبَ مِنْ لَبَنِهَا أَبْنَاءُ السَّبِيلِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يُتَعَارَفُ ذَلِكَ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا اهـ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَقَفَ بَقَرَةً حَتَّى يُعْطِيَ مَا يَخْرُجُ مِنْ لَبَنِهَا وَسَمْنِهَا لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ قَالَ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ غَلَبَ ذَلِكَ فِي أَوْقَافِهِمْ رَجَوْت أَنْ يَكُونَ جَائِزًا اهـ زَادَ فِي الذَّخِيرَةِ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ جَرَى التَّعَارُفُ فِي دِيَارِ الْمُسْلِمِينَ بِذَلِكَ اهـ فَاعْتَبَرَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ التَّعَامُلَ مُطْلَقًا فِي دِيَارِ الْمُسْلِمِينَ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ غَالِبُ الْمَشَايِخِ أَنَّ التَّعَامُلَ يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ فَإِذَا كَانَ فِي بَلَدٍ يَتَعَامَلُ بِهِ يَجُوزُ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ لَا يَتَعَامَلُ بِهِ لَا يَجُوزُ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ كَمَا ذَكَرْنَا وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ غَلَبَ ذَلِكَ فِي أَوْقَافِهِمْ أَنَّهُ لَا يَكْفِي صُدُورُهُ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَالِبٍ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي التَّحْرِيرِ فِي بَحْثِ الْحَقِيقَةِ إنَّ التَّعَامُلَ هُوَ الْأَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا اهـ وَبِمَا ذَكَرْنَا حَصَلَ الْجَوَابُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وُجِدَ شَرْطٌ فِي كِتَابِ وَقْفٍ مُنْقَطِعِ الثُّبُوتِ وَلَمْ يَسْبِقْ لِلْقُوَّامِ السَّابِقِينَ تَصَرُّفٌ بِهِ أَصْلًا فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الذُّرِّيَّةِ يُكَلِّفُ النَّاظِرَ التَّصَرُّفَ بِهِ بِمُجَرَّدِ ذِكْرِهِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : لَا يُعْمَلُ بِهِ بِمُجَرَّدِ ذِكْرِهِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ وَيُكَلَّفُ الرَّجُلُ إثْبَاتَهُ عَلَى تَلَفُّظِ الْوَاقِفِ بِهِ. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى شَرَائِطِ الْوَقْفِ وَجِهَاتِهِ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّرَائِطِ وَالْجِهَاتِ بِالتَّسَامُعِ وَهَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الْأُسْتَاذُ ظَهِيرُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْعَمُّ وَغَيْرُهُ. (أَقُولُ) فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ سُئِلَ فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَظَائِفُ فِي وَقْفٍ وَمَشْرُوطٌ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ فَهَلْ إذَا اعْتَرَفَ النَّاظِرُ أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ الْمَشْرُوطَ فِيهِ ذَلِكَ هُوَ كِتَابُ الْوَقْفِ يُؤْمَرُ بِإِعْطَاءِ مَعْلُومِ الْوَظَائِفِ عَلَى مُقْتَضَى شَرْطِ الْوَاقِفِ الْجَوَابُ نَعَمْ اهـ وَنَقَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الشَّلَبِيِّ قُبَيْلَ الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ مَسَائِلِ الْوَقْفِ مِنْ الْفَتَاوَى الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ يُلْزَمُ النَّاظِرُ بِإِحْضَارِ كِتَابِ الْوَقْفِ لِيَعْمَلَ بِمَا فِيهِ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُلْزَمُ بِذَلِكَ إذَا كَانَ مُتَّصِلَ الثُّبُوتِ أَوْ اعْتَرَفَ بِهِ النَّاظِرُ عَلَى مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ مَا فِي مَسْأَلَتِنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ أَنَّهُ كِتَابُ الْوَقْفِ فَتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ عَقَارٌ فَقَالَ إذَا مِتّ فَقَدْ وَقَفْت عَقَارِي عَلَى جِهَةِ كَذَا ثُمَّ بَاعَهُ فَهَلْ يَصِحُّ بَيْعُهُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ عَلَّقَهُ بِمَوْتِهِ فَلَا يَزُولُ بِهِ مِلْكُهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي النَّهْرِ فَيَلْزَمُ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ لَا قَبْلَهُ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَغَيْرِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ إذْ حَكَمَهُ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَقَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَلَا يَجُوزُ تَعَلُّقُ الْوَقْفِ بِالْإِضَافَةِ إلَى وَقْتٍ إلَّا إذَا أَضَافَهُ إلَى الْمَوْتِ الْمُطْلَقِ فَهُوَ وَصِيَّةٌ فَيَصِحُّ وَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ صَحَّ رُجُوعُهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ زَيْدٍ أَرْضٌ مَعْلُومَةٌ مُتَصَرَّفٌ فِيهَا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ بِلَا مُعَارِضٍ لَهُ وَلِمُوَرِّثِهِ قَبَلَهُ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى سِتِّينَ سَنَةً وَالْآنَ قَامَ نَاظِرُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ يُعَارِضُهُ فِيهَا مُدَّعِيًا جَرَيَانَهَا فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ ذِكْرِهَا فِي كِتَابِ وَقْفٍ بِيَدِهِ مُنْقَطِعِ الثُّبُوتِ وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ وَلَا لِمَنْ قَبْلَهُ مِنْ نُظَّارِ الْوَقْفِ وَضْعُ يَدٍ عَلَيْهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ يُمْنَعُ النَّاظِرُ مِنْ مُعَارَضَةِ زَيْدٍ فِيهَا وَيُعْمَلُ بِوَضْعِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ الْمَزْبُورَيْنِ وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ ذِكْرِ الْأَرْضِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ بِدُونِ سَبْقِ تَصَرُّفٍ شَرْعِيٍّ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ حُجَجَ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ ثَلَاثَةٌ الْبَيِّنَةُ وَالْإِقْرَارُ وَالنُّكُولُ وَكِتَابُ الْوَقْفِ إنَّمَا هُوَ كَاغِدٌ بِهِ خَطٌّ وَهُوَ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَائِنَا وَلَا يُنْزَعُ شَيْءُ مِنْ يَدِ أَحَدٍ إلَّا بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَقَفَتْ وَقْفًا وَشَرَطَتْ

لِنَفْسِهَا فَقَطْ بَيْعَهُ إذَا ضَعُفَ حَالُهَا وَاحْتَاجَتْ لِثَمَنِهِ ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ أَوْلَادٍ يُرِيدُونَ بَيْعَهُ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ بَاطِلًا أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ الْوَقْفِ وَإِنْ شَرَطَ فِي الْوَقْفِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الِاسْتِبْدَالَ بِثَمَنِهِ مَا يَكُونُ وَقْفًا مَكَانَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ الْوَقْفُ بَاطِلٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ الْوَقْفُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ اهـ وَقَالَ فِي الْإِسْعَافِ مِنْ بَابِ الْوَقْف الْبَاطِلِ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ لِي إبْطَالَهُ أَوْ رَدَّهُ مِنْ سَبِيلِ الْوَقْفِ أَوْ بَيْعَهُ أَوْ رَهْنَهُ أَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ لِفُلَانٍ أَوْ لِوَرَثَتِي أَنْ يُبْطِلُوهُ أَوْ يَبِيعُوهُ وَمَا أَشْبَهَهُ كَانَ الْوَقْفُ بَاطِلًا عَلَى قَوْلِ الْخَصَّافِ وَهِلَالٍ وَجَائِزًا عَلَى قَوْلِ يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ السَّمْتِيِّ لِإِبْطَالِهِ الشَّرْطَ بِإِلْحَاقِهِ إيَّاهُ بِالْعِتْقِ اهـ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَنْ يَبِيعهَا وَيَصْرِف ثَمَنهَا إلَى حَاجَتِهِ فَالْوَقْفُ بَاطِلٌ هُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ فَتَلَخَّصَ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ الْبُطْلَانُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ زَيْدٍ دَارٌ مَعْلُومَةٌ مُتَصَرَّفٌ فِيهَا بِطَرِيقِ الْمِلْكِ مُدَّةً حَتَّى مَاتَ وَتَصَرَّفَ فِيهَا وَرَثَتُهُ بَعْدَهُ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَالْآنَ ظَهَرَ رَجُلٌ يَدَّعِي أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ جَدِّهِ فُلَانٍ وَيُرِيدُ إقَامَةَ بَيِّنَةٍ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ إذَا أَقَامَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لَا يَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ شَيْئًا؟ (الْجَوَابُ) : لَا يُحْكَمُ لَهُ بِمُجَرَّدِ مَا ذُكِرَ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى آخَرَ أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ الَّتِي فِي يَدِهِ وَقْفُهَا عَلَى زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو وَذُو الْيَدِ يَجْحَدُ الْوَقْفَ وَيَقُولُ هِيَ مِلْكِي وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّ زَيْدًا وَقَفَهَا عَلَيْهِ لَا يَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ شَيْئًا وَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِهِ يَوْمَ وَقْفِهَا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُوقِفُ مَا لَا يَمْلِكُهُ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي يَدِهِ بِعَقْدِ إجَارَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ اهـ وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِهِ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْمُفْتِي بِدِمَشْقَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي فَتَاوِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ وَقَفَهَا فُلَانٌ وَهُوَ يَمْلِكُهَا فَإِنَّهَا تُقْبَلُ. (أَقُولُ) قَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَيْضًا فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ عَنْ الْخَصَّافِ لَكِنَّ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِنَحْوِ ثَلَاثِ كَرَارِيسَ مِنْ الْوَقْفِ أَيْضًا مَا نَصُّهُ وَقَدْ ذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ رَامِزًا لِلْعِدَّةِ يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ يَعْنِي الشَّهَادَةَ بِالسَّمَاعِ لَوْ كَانَ قَدِيمًا وَقْفٌ مَشْهُورٌ قَدِيمٌ لَا يُعْرَفُ وَاقِفُهُ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ ظَالِمٌ فَادَّعَى الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى كَذَا مَشْهُورٌ وَشَهِدَا كَذَلِكَ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ اهـ فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا مَرَّ عَلَى خِلَافِ الْمُخْتَارِ أَوْ يُحْمَلَ مَا نَقَلَهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَلَى مَا إذَا كَانَ غَصْبُ الظَّالِمِ ثَابِتًا بِإِحْدَى الْحُجَجِ الثَّلَاثِ أَوْ يُحْمَلُ مَا مَرَّ عَنْ الْإِسْعَافِ وَالْخَصَّافِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ غَيْرَ قَدِيمٍ وَهَذَا التَّوْفِيقُ أَحْسَنُ لِإِمْكَانِ عِلْمِ الشُّهُودِ بِمِلْكِ الْوَاقِفِ لَهُ بِخِلَافِ الْقَدِيمِ فَلَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ وَقَفَهَا وَهُوَ يَمْلِكُهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي الشَّهَادَةِ بِالسَّمَاعِ عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ هَلْ تَكُونُ غَيْرَ مَقْبُولَةِ؟ (الْجَوَابُ) : لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالشُّهْرَةِ لِإِثْبَاتِ شَرَائِطِ الْوَقْفِ فِي الْأَصَحِّ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الدُّرَرِ وَالتَّنْوِيرِ وَأَفْتَى عَلِيٌّ أَفَنْدِي أَيْضًا بِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالتَّسَامُعِ عَلَى شُرُوطِ الْوَقْفِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ زَيْدٍ عَقَارٌ مَعْلُومٌ يَتَصَرَّفُ فِيهِ هُوَ وَأَبُوهُ مِنْ قَبْلِهِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ ثُمَّ مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ قَامَ عَمْرٌو الْآنَ يَدَّعِي عَلَيْهِمْ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُصَدِّقُوهُ عَلَى ذَلِكَ وَمَضَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَدَّعِ عَمْرٌو بِذَلِكَ وَلَا مَنَعَهُ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ وَالْكُلُّ فِي بَلْدَةٍ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمَزْبُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ تَرَكَ الدَّعْوَى ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَانِعٌ مِنْ الدَّعْوَى ثُمَّ ادَّعَى لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِأَنَّ تَرْكَ الدَّعْوَى مَعَ التَّمَكُّنِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ ظَاهِرًا اهـ وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِ ذَلِكَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَبْدُ اللَّهِ أَفَنْدِي الْمُفْتِي بِالْمَمَالِكِ الْعُثْمَانِيَّةِ وَسُئِلَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَمَّا إذَا سَمِعَ الْقَاضِي تِلْكَ الشَّهَادَةَ وَحَكَمَ بِنَزْعِ الْعَقَارِ لِلْوَقْفِ مِنْ يَدِ الْوَرَثَةِ وَكَتَبَ بِهِ حُجَّةً فَهَلْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ أَمْ لَا وَمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْقَاضِي؟ فَأَجَابَ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَا تُعْتَبَرُ حُجَّتُهُ

وَيُعْزَلُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَتْ هِنْدٌ حِصَّةً مُشَاعَةً مَنْقُولَةً غَيْرَ مُتَعَارَفٍ وَقْفُهَا قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ عَلَى نَفْسِهَا ثُمَّ وَثُمَّ وَذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ حَنَفِيٍّ وَلَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ يَرَاهَا بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَقَفَتْ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى وَلَدَيْ بِنْتِهَا فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَقْفًا صَحِيحًا مُنَجَّزًا مُسَلَّمًا لِلْمُتَوَلَّى مُسَجَّلًا مَحْكُومًا بِصِحَّتِهِ وَجَعَلَتْ آخِرَهُ لِجِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ فَهَلْ يَكُونُ الْوَقْفُ الْمَزْبُورُ جَائِزًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَأَفْتَى بِذَلِكَ مُفْتِي الدَّوْلَةِ الْعَلِيَّةِ الْمَرْحُومُ عَلِيٌّ أَفَنْدِي وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ وَقْفِ الْمَنْقُولِ عَنْ زُفَرَ رَجُلٌ وَقَفَ الدَّرَاهِمَ أَوْ الطَّعَامَ أَوْ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ قَالَ يَجُوزُ قِيلَ لَهُ كَيْفَ يَكُونُ قَالَ يَدْفَعُ الدَّرَاهِمَ مُضَارَبَةً ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِفَضْلِهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَقَفَ عَلَيْهِ وَمَا يُكَالُ وَيُوزَنُ يُبَاعُ وَيُدْفَعُ ثَمَنُهُ مُضَارَبَةً أَوْ بِضَاعَةً كَالدَّرَاهِمِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ عَنْ الْأَنْصَارِيِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ زُفَرَ. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفَهُ عَلَى مَصَالِحِ جَامِعِ كَذَا هَلْ يَدْخُلُ الْمُؤَذِّنُ فِي الْوَقْفِ الْمَرْقُومِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْأَكْمَلُ فِي خِزَانَتِهِ وَقَالَ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَيَدْخُلُ فِي وَقْفِ الْمَصَالِحِ قَيِّمٌ ... إمَامٌ خَطِيبٌ وَالْمُؤَذِّنُ يُعَبِّرُ. (سُئِلَ) فِي مَدْرَسَةٍ مَعْلُومَةٍ جَعَلَ وَاقِفُهَا لَهَا إمَامًا وَجَعَلَ لَهُ مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فِي كُلِّ شَهْرٍ وَرَتَّبَ مِقْدَارًا مِنْ الشَّمْعِ يُوقَدُ فِيهَا وَقْتَ صَلَاةِ التَّرَاوِيحِ وَصَرَفَ الْإِمَامُ فِي الْمَعْلُومِ الْمَذْكُورِ وَفِي فَاضِلِ الشَّمْعِ الْمَرْقُومِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ وَمَاتَ الْوَاقِفُ وَتَصَرَّفَ الْإِمَامُ فِي الْمَعْلُومِ وَفِي الْفَاضِلِ بَعْدَهُ مُدَّةً وَالْآنَ قَامَ بَعْضُ خَدَمَةِ الْمَدْرَسَةِ يُعَارِضُ الْإِمَامَ فِي أَخْذِهِ فَاضِلَ الشَّمْعِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّ الْوَاقِفَ شَرَطَ لِنَفْسِهِ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ وَالْعُرْفُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَنَّ الْإِمَامَ يَأْخُذُهُ فَهَلْ لِلْإِمَامِ أَخْذُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ بَعَثَ شَمْعًا إلَى مَسْجِدٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَاحْتَرَقَ وَبَقِيَ مِنْهُ ثُلُثُهُ أَوْ دُونَهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ وَلَا لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الدَّافِعِ وَلَوْ كَانَ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْمُؤَذِّنَ يَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِ صَرِيحِ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ. اهـ. قُنْيَةٌ مِنْ مُتَفَرِّقَاتِ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِي بِنَاءِ دَارٍ مَوْقُوفٍ عَلَى النَّفْسِ مُسْلِمٌ أَرَادَ وَاقِفُهُ الرُّجُوعَ مُتَمَسِّكًا بِقَوْلِ الْإِمَامِ الْهُمَامِ فَعَارَضَهُ الْمُتَوَلِّي فِي ذَلِكَ وَتَمَسَّكَ بِلُزُومِ الْوَقْفِ عَلَى قَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِصِحَّتِهِ عَلَى قَوْلِهِمَا هَلْ صَحَّ حُكْمُهُ؟ (الْجَوَابُ) : حُكْمُ الْقَاضِي لَمْ يُصَادِفْ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ حَيْثُ لَا يَرَى الْوَقْفَ عَلَى النَّفْسِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَيْ وَلَا قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مِنْ جِهَةِ وَقْفِ الْمَنْقُولِ لِأَنَّ أَبَا يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ وَقَفَ الْمَنْقُولَ مِنْ السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ كَالْخَيْلِ وَالْإِبِلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَطْ لَا فِي غَيْرِهَا فَالْحُكْمُ مُلَفَّقٌ وَأَنَّهُ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ وَعِبَارَةُ الْمُلْتَقَيْ تُرْشِدُك إلَى هَذَا (أَقُولُ) وَمَرَّ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَصَرَّفَ فِي غِرَاسِ وَقْفٍ لِنَفْسِهِ نَحْوُ عِشْرِينَ سَنَةً مُدَّعِيًا مِلْكَهُ وَيُرِيدُ نَاظِرُ الْوَقْفِ الْآنَ الدَّعْوَى عَلَى الرَّجُلِ بِجَرَيَانِ الْغِرَاسِ فِي الْوَقْفِ وَبِتَصَرُّفِ النُّظَّارِ قَبْلَهُ فِيهِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَإِقَامَةَ بَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ وَتُرْفَعُ يَدُ الرَّجُلِ عَنْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِأَخَوَيْنِ عَقَارٌ وَقَفَاهُ عَلَى نَفْسِهِمَا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمَا عَلَى أَوْلَادِهِمَا ثُمَّ وَثُمَّ وَشَرَطَا أَنَّهُ مَا دَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا حَيًّا لَهُ أَنْ يُدْخِلَ فِي الْوَقْفِ وَيُخْرِجَ مَنْ شَاءَ وَمَاتَ أَحَدُ الْأَخَوَيْنِ عَنْ بَنَاتٍ ثَلَاثٍ وَمَاتَتْ إحْدَاهُنَّ عَنْ أَوْلَادٍ فَأَخْرَجَ الْوَاقِفُ الْحَيُّ أَوْلَادَهَا مِنْ الْوَقْفِ ثُمَّ جَعَلَ لَهُمْ حِصَّةً مُفْرَزَةً مَعْلُومَةً مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ وَيُرِيدُ الْأَوْلَادُ الْمُخْرَجُونَ أَنْ يَضُمُّوا مَا أَفْرَزَهُ الْوَاقِفُ الْمَزْبُورُ إلَى مَا شُرِطَ لَهُمْ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ وَالْإِخْرَاجُ صَحِيحٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ مُعَيَّنٍ بِاسْمِ مُؤَذِّنِي جَامِعِ كَذَا مِنْ قِبَلِ وَاقِفِهِ وَكَانَ مُؤَذِّنُوهُ حِينَ

الْوَقْفَ سِتَّةً ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ فَرَّغَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لِبَنِيهِ الثَّلَاثَةِ مَا يَخُصُّهُ وَقَرَّرَهُمْ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ وَصَارُوا شُرَكَاءَ فِي الْمُبَاشَرَةِ لِلْأَذَانِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْوَاقِفُ جَمَاعَةً مَعْلُومِينَ وَلَا عَدَدًا مَخْصُوصًا بَلْ أَطْلَقَ وَقَالَ عَلَى مُؤَذِّنِي الْجَامِعِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَدْخُلُ الْبَنُونَ الْمَذْكُورُونَ فِي الْوَقْفِ لِاتِّصَافِهِمْ بِهَذَا الْوَصْفِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ مَسْطُورَةٌ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِي أَنْقَاضِ الْوَقْفِ إذَا تَعَذَّرَ عَوْدُهَا لِمَحَلِّهَا وَخِيفَ ضَيَاعُهَا وَعَدَمُ الِانْتِفَاعِ بِهَا إذَا بَاعَهَا نَاظِرُهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ الثَّابِتِ شَرْعًا وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى مِنْ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْوَقْفِ أَهْلُ مَسْجِدٍ افْتَرَقُوا وَتَدَاعَى الْمَسْجِدُ إلَى الْخَرَابِ وَبَعْضُ الْمُتَغَلِّبَةِ يَسْتَوْلُونَ عَلَى خَشَبِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ الْخَشَبُ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَيُمْسِكَ الثَّمَنُ وَيَصْرِفَهُ إلَى بَعْضِ الْمَسَاجِدِ أَوْ إلَى هَذَا الْمَسْجِدِ قَالَ قَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي زَمَنِ السَّيِّدِ الْإِمَامِ أَبِي شُجَاعٍ فِي رِبَاطٍ خَرِبٍ وَهُوَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ وَلَا تَنْتَفِعُ بِهِ الْمَارَّةُ وَلَهُ أَوْقَافٌ قَالَ يَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى رِبَاطٍ آخَرَ يَنْتَفِعُ بِهِ الْمَارَّةُ لِأَنَّ الْوَاقِفَ غَرَضُهُ مِنْ ذَلِكَ انْتِفَاعُ الْمَارَّةِ وَيَحْصُلُ ذَلِكَ فِي الثَّانِي. اهـ. وَفِي الْفَتَاوَى الْكُبْرَى لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي بِئْرٌ بُنِيَتْ بِالْآجُرِّ فِي قَرْيَةٍ فَخَرِبَتْ الْقَرْيَةُ وَانْقَرَضَ أَهْلُهَا وَعِنْدَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ قَرْيَةٌ أُخْرَى فِيهَا حَوْضٌ يَحْتَاجُ إلَى الْآجُرِّ مِنْ تِلْكَ الْبِئْرِ أَيَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ الْآجُرُّ مِنْ تِلْكَ الْبِئْرِ وَيُنْفَقَ فِي الْحَوْضِ إنْ كَانَ عَرَفَ الْبَانِي لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِذْنِهِ لِأَنَّهُ رَجَعَ إلَى مِلْكِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْبَانِي فَالطَّرِيقُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى فَقِيرٍ ثُمَّ الْفَقِيرُ يُنْفِقُ فِي الْحَوْضِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ وَلَوْ أَرَادَ الْقَاضِي أَنْ يُنْفِقَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الطَّرِيقِ لَا بَأْسَ بِهِ. اهـ وَكَتَبَ عَلَى صُورَتِهِ دَعْوَى مَا صُورَتُهُ أَنَّا تَأَمَّلْنَا شَرْطَ الْوَاقِفِ فَوَجَدْنَاهُ مَكْتُوبًا فِيهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ أَوْلَادِهِ الْمَوْجُودِينَ فَهَذَا يَعُمُّ سَائِرَ أَوْلَادِهِ الْمَوْجُودِينَ. وَقَوْلُهُ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَذِكْرُ الشَّيْءِ لَا يَنْفِي مَا عَدَاهُ فَهَذَا شَائِعٌ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [الأنعام: 151] الْآيَةَ مَعَ أَنَّهُ تَعَالَى قَدْ حَرَّمَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَصْحَابِهِ «أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ» مَعَ أَنَّهُ وَرَدَ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ أَنَّهَا مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ هَذِهِ مُفَسِّرَةُ مَعْرِفَةِ الطَّرَفَيْنِ فَتُفِيدُ الْحُصْرَ فَيَكُونُ مَعْنَاهَا أَنَّ أَوْلَادَهُ الْمَوْجُودِينَ هُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ لَا غَيْرُهُمْ أَيْ لَا مَوْجُودَ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ غَيْرُهُمْ فَعَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمَذْكُورُ لَا يُنْكِرُ بَقِيَّةُ أَهْلِ الْوَقْفِ أَنَّهُ ابْنُ ابْنِ ابْنِ الْوَاقِفِ فَيَكُونُ بِمُقْتَضَى مَا ذَكَرْنَا حَدَثَ جَدُّهُ بَعْدَ الْوَقْفِ صَوْنًا لِكَلَامِ الْوَاقِفِ عَنْ اللَّغْوِ وَقَدْ شَرَطَ الْوَاقِفُ فِي كِتَابٍ وَقَفَهُ وَعَلَى مَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ وَأَمَّا عَجْزُهُ عَنْ إثْبَاتِ كَوْنِ جَدِّهِ حَدَثَ بَعْدَ الْوَاقِفِ فَهَذَا شَيْءٌ لَا يَنْفِي اسْتِحْقَاقَهُ إذَا كَانَ وَاضِعُ الْيَدِ مُتَصَرِّفًا بِحِصَّةِ مِنْ الْوَقْفِ فَإِنَّ وَضْعَ الْيَدِ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ وَضْعُ يَدِهِ كَانَ بِطَرِيقِ الْمُصَادَقَةِ وَقَدْ مَاتَ الْمُصَادِقُونَ فَبَطَلَتْ الْمُصَادَقَةُ وَإِبْرَازُهُمْ لِحُجَجِ الْمُصَادَقَاتِ فَبِهَذَا الْكَلَامِ يَحْتَاجُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إلَى إثْبَاتِ كَوْنِهِ كَانَ وَاضِعَ الْيَدِ وَمُتَصَرِّفًا قَبْلَ الْمُصَادَقَةِ (أَقُولُ) أَوَّلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يُوهِمُ أَنَّ تَعْيِينَ الْأَوْلَادِ بِالْعَدِّ لَا يَنْفِي مَنْ عَدَاهُمْ وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ فَفِي أَوْقَافِ

الْخَصَّافِ مِنْ بَابِ الْوَقْفِ عَلَى وَرَثَةِ فُلَانٍ مَا نَصُّهُ وَلَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِ زَيْدٍ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَعَدَّ خَمْسَةَ أَنْفُسٍ وَمِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْفُقَرَاءِ كَانَتْ الْغَلَّةُ لِهَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ سَائِرُ وَلَدِ زَيْدٍ وَلَا مَنْ يَحْدُثُ لِزَيْدٍ مِنْ الْوَلَدِ فَمَنْ مَاتَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْخَمْسَةِ كَانَ سَهْمُهُ مِنْ غَلَّةِ هَذِهِ الصَّدَقَةِ لِلْمَسَاكِينِ وَكَذَا الْحَالُ فِي كُلِّ مَنْ يَمُوتُ مِنْهُمْ كَانَ سَهْمُهُ لِلْمَسَاكِينِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْإِسْعَافِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي عَقَارٍ وَقْفٍ بِيَدِ أَخَوَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ أَوْلَادٍ اخْتَلَفُوا مَعَ عَمِّهِمْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ الْعَمُّ يَدَّعِي أَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ فِي حَيَاةِ الْعَمِّ الْمَذْكُورِ حِصَّةً وَأَوْلَادُ الْمَيِّتِ يَدَّعُونَ أَنَّهُ وَقَفَ مُطْلَقًا وَأَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ حِصَّةَ أَبِيهِمْ وَكُلٌّ بَرْهَنَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ فَأَيُّ الْبَيِّنَتَيْنِ أَوْلَى؟ (الْجَوَابُ) : بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْوَقْفِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ أَوْلَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الدُّرَرِ وَالْقُنْيَةِ وَغَيْرِهِمَا وَالْوَقْفُ بَيْنَ أَخَوَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَبَقِيَ فِي يَدِ الْحَيِّ وَأَوْلَادِ الْمَيِّتِ ثُمَّ الْحَيُّ بَرْهَنَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ أَوْلَادِ الْأَخِ أَنَّ الْوَقْفَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَالْبَاقِي غَيْبٌ وَالْوَاقِفُ وَاحِدٌ تُقْبَلُ وَيَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِينَ وَلَوْ بَرْهَنَ أَوْلَادُ الْأَخِ أَنَّ الْوَقْفَ مُطْلَقٌ عَلَيْك وَعَلَيْنَا فَبَيِّنَةُ مُدَّعِي الْوَقْفِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ أَوْلَى كَذَا فِي الْقُنْيَةِ دُرَرٌ مِنْ آخِرِ الْوَقْفِ. (أَقُولُ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ مَا قَالُوا إنَّ الْبَيِّنَةَ تُثْبِتُ خِلَافَ الظَّاهِرِ وَالظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ وَلِذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ شَرْطَ الْوَاقِفِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الذُّرِّيَّةِ يُصْرَفُ إلَى الْجَمِيعِ بِالسَّوِيَّةِ كَمَا مَرَّ فَاَلَّتِي تُثْبِتُ التَّقْيِيدَ تُثْبِتُ خِلَافَ الظَّاهِرِ فَتُرَجَّحُ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ فَمَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ وَهَذَا كُلُّهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِإِحْدَاهُمَا وَإِلَّا فَلَوْ سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا وَقَضَى بِهَا تُلْغَى الْأُخْرَى لِمَا قَالُوا إذَا تَعَارَضَتْ الْبَيِّنَتَانِ وَسَبَقَ الْقَضَاءُ بِإِحْدَاهُمَا لَغَتْ الْأُخْرَى فَتَنَبَّهْ. . (سُئِلَ) فِي دَارٍ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي مِلْكِ زَيْدٍ وَزَوْجَتِهِ لِكُلِّ مِنْهُمَا حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِيهَا فَوَقَفَاهَا عَلَى نَفْسِهِمَا ثُمَّ مَنْ بَعْدِهِمَا عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ وَسَلَّمَاهَا لِمُتَوَلٍّ وَصَدَرَ ذَلِكَ مِنْهُمَا فِي صِحَّتِهِمَا فَهَلْ يَكُونُ الْوَقْفُ جَائِزًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَتَصَدَّقَا بِهَا جُمْلَةً صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسَاكِينِ وَدَفَعَاهَا مَعًا إلَى قَيِّمٍ وَاحِدٍ جَازَ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْجَوَازِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ هُوَ الشُّيُوعُ وَقْت الْقَبْضِ لَا وَقْتَ الْعَقْدِ وَلَمْ يُوجَدْ هَاهُنَا لِوُجُودِهِمَا مَعًا مِنْهُمَا وَلَوْ وَقَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ عَلَى جِهَةٍ وَجَعَلَا الْقَيِّمَ وَاحِدًا وَسَلَّمَاهُ مَعًا جَازَ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ الشُّيُوعِ وَقْتَ الْقَبْضِ إسْعَافٌ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَقَفَ كِتَابًا مِنْ كُتُبِ التَّفْسِيرِ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ وَسَلَّمَ الْكِتَابَ لِزَيْدٍ وَالْآنَ يُرِيدُ الرُّجُوعَ عَنْهُ وَأَخْذَ الْكِتَابِ مِنْ زَيْدٍ فَهَلْ صَحَّ الْوَقْفُ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ نُقِلَ فِي الْبَحْرِ تَحْتَ قَوْلِ الْمَاتِنِ وَمَنْقُولٌ فِيهِ تَعَامُلٌ وَجَوَّزَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَقْفَ الْكُتُبِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي النِّهَايَةِ اهـ. (سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ جَارٍ فِي وَقْفَيْنِ لَهُ حَائِطٌ مُحِيطٌ بِجَوَانِبِهِ الْأَرْبَعِ انْهَدَمَ بَعْضُ الْحِيطَانِ وَحَصَلَ لَلِبْسَتَانِ ضَرَرٌ بِذَلِكَ وَامْتَنَعَ النَّاظِرَانِ مِنْ عِمَارَتِهِ وَلِلْوَقْفَيْنِ غَلَّةٌ فَهَلْ يُجْبَرَانِ عَلَيْهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْخَصَّافِ إذَا امْتَنَعَ يَعْنِي النَّاظِرَ مِنْ الْعِمَارَةِ وَلَهُ أَيْ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ أُجْبِرَ عَلَيْهَا فَإِنْ فَعَلَ فَبِهَا وَإِلَّا أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ خَيْرِيَّةٌ أَوَائِلِ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِي وَاقِفٍ جَعَلَ غَلَّةَ وَقْفِهِ الْوِلَايَةَ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ جَائِزًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَيُجِيزُ شَرْطَ الْمَنْفَعَةِ وَالْوِلَايَةِ لِنَفْسِهِ يَعْنِي جَازَ لِلْوَاقِفِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَنْ يُشْتَرَطَ انْتِفَاعُهُ مِنْ وَقْفِهِ وَتَوْلِيَتِهِ لِنَفْسِهِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَأْكُلُ مِنْ صَدَقَتِهِ» أَيْ مِنْ وَقْفِهِ وَلَا يَحِلُّ ذَلِكَ إلَّا بِالشَّرْطِ فَعُلِمَ أَنَّهُ مَشْرُوعٌ إلَّا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا فَلِلْقَاضِي عَزْلُهُ وَلَوْ كَانَ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يَعْزِلَهُ أَحَدٌ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْفُقَرَاءِ وَلَوْ صَارَ عَدْلًا بَعْدَهُ لَا تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَالِكٍ. (سُئِلَ) فِي قُدُورٍ نُحَاسٍ

مَوْقُوفَةٍ وَقَفَهَا زَيْدٌ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ قَامَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ يُكَلِّفُ النَّاظِرَ بَيْعَهَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) مِنْ قَاضِي الشَّامِ سَنَةَ (1146) فِي رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفَهُ عَلَى جِهَاتِ بِرٍّ مُعَيَّنَةٍ وَجَعَلَ فَاضِلَ الْوَقْفِ لِذُرِّيَّتِهِ وَأَنْ يَكُونَ تَوْجِيهُ جِهَاتِ الْبِرِّ الْمَذْكُورَةَ لِمُتَوَلِّي الْوَقْفِ فَقَامَ جَمَاعَةٌ مِنْ مُسْتَحَقِّي الْوَقْفِ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ فُقَرَاءُ وَأَنَّهُمْ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْ غَيْرِهِمْ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْإِسْعَافِ يَجِبُ صَرْفُ الْغَلَّةِ عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ وَفِي غَيْرِهِ شَرْطُ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ أَيْ فِي الْمَفْهُومِ وَالدَّلَالَةِ وَاَلَّذِي رَأَيْنَاهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ جِهَةِ الصَّرْفِ إلَيْهِمْ فِي مُنْقَطِعِ الْوَسَطِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى مَبَرَّاتٍ عَيَّنَهَا وَسَمَّاهَا الْوَاقِفُ أَنَّهُ لَا يُصْرَفُ إلَيْهَا وَيُصْرَفُ إلَى الذُّرِّيَّةِ فَلَمْ نَرَهُ الْآنَ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُسْتَعَانُ وَأَمَّا إذَا وَقَفَهُ عَلَى أَبْوَابِ الْبِرِّ وَالْمَسَاكِينِ فَاحْتَاجَ وَلَدُهُ فَهُوَ مُقَدَّمٌ كَمَا يَأْتِي عَنْ الْإِسْعَافِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفٌ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ إلَيْهِ فَالْأَقْرَبُ فَمَاتَ وَاحِدٌ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَفِي دَرَجَتِهِ شَقِيقُهُ وَأَخٌ لِأَبٍ فَلِمَنْ تَئُولُ حِصَّتُهُ؟ (الْجَوَابُ) : لِلْأَخِ الشَّقِيقِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَيْهِ دُونَ الْأَخِ لِأَبٍ قَالَ الْخَصَّافُ فِي بَابِ الرَّجُلِ يَقِفُ الْأَرْضَ عَلَى أَقْرَبِ النَّاسِ مِنْهُ فَإِنْ قَالَ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَيَّ أَوْ مِنِّي وَذَكَرَ بَعْدَ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ قُلْت فَإِنْ كَانَ لِلْوَاقِفِ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ مُتَفَرِّقِينَ قَالَ فَالْغَلَّةُ لِأَخِيهِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ قُلْت فَإِنْ كَانَ لَهُ أَخٌ لِأَبٍ وَأَخٌ لِأُمٍّ، قَالَ الْغَلَّةُ لَهُمَا جَمِيعًا لِأَنَّ الْأَخَ مِنْ الْأَبِ قَرَابَتُهُ مِنْهُ بِأَبِيهِ وَالْأَخُ مِنْ الْأُمِّ قَرَابَتُهُ مِنْهُ بِأُمِّهِ وَلَيْسَ يَكُونُ الْوَقْفُ عَلَى قَدْرِ حَالِ الْمَوَارِيثِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَخَ مِنْ الْأُمِّ قَدْ ارْتَكَضَ مَعَ الْوَاقِفِ فِي رَحِمٍ وَالْأَخُ مِنْ الْأَبِ قَدْ ارْتَكَضَ مَعَ الْوَاقِفِ فِي صُلْبِ الْأَبِ فَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِأَقْرَبَ إلَيْهِ مِنْ صَاحِبِهِ. اهـ ثُمَّ إذَا لَمْ يُقَيِّدْ الْوَاقِفُ الْأَقْرَبِيَّةَ لَا إلَى الْوَاقِفِ وَلَا إلَى الْمُتَوَفَّى يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَوَفَّى كَمَا فِي فَتَاوَى الْمَوْلَى الْهُمَامِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ. (أَقُولُ) وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ مَنْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى كُلُّهُمْ فِي الْقُرْبِ إلَى الْوَاقِفِ سَوَاءٌ بِخِلَافِ قُرْبِهِمْ إلَى الْمُتَوَفَّى فَإِنَّ قَرَابَةَ أَهْلِ دَرَجَتِهِ مِنْهُ تَتَفَاوَتُ كَالْإِخْوَةِ وَأَوْلَادِ الْعَمِّ وَنَحْوِهِمْ وَالْأَصْلُ اسْتِعْمَالُ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ فِيمَا يَتَفَاوَتُ فَكَانَ انْصِرَافُ الْأَقْرَبِ إلَى الْمُتَوَفَّى أَوْلَى تَأَمَّلْ وَقَدْ أَفَادَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ تَقْدِيمَ ذِي الْجِهَتَيْنِ عَلَى ذِي الْجِهَةِ وَإِنْ كَانَتْ إحْدَى الْجِهَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْوَقْفِ حَيْثُ سُئِلَ فِي وَقْفٍ شُرِطَتْ فِيهِ الْأَقْرَبِيَّةُ إلَى الْمُتَوَفَّى فَوُجِدَ أَوْلَادُ عَمَّةٍ وَابْنُ عَمَّةٍ ثَانِيَةٍ هُوَ ابْنُ عَمِّ الْمُتَوَفَّى وَالْعَمُّ الْمَزْبُورُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَأَفْتَى بِتَقْدِيمِ ابْنِ عَمَّةِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَ الْعَمُّ الْمَذْكُورُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْوَقْفِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي تَقْدِيمِ ذِي الْجِهَتَيْنِ حَيْثُ شُرِطَتْ الْأَقْرَبِيَّةُ إلَى الْوَاقِفِ لَا إلَى الْمُتَوَفَّى ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ مِنْ اسْتِوَاءِ الْأَخِ لِأَبٍ مَعَ الْأَخِ لِأُمٍّ هُوَ قَوْلُهُمَا وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِالْأَخِ لِأَبٍ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ وَذَكَرَهُ الْخَصَّافُ أَيْضًا وَظَاهِرُ الْخَصَّافِ تَرْجِيحُ قَوْلِهِمَا. (سُئِلَ) مِنْ طَرَابُلُسَ الشَّامِ فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ عَقَارَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ يَكُونُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ ذَلِكَ عَلَى وَلَدِهِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ وَثُمَّ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ عَادَ نَصِيبُهُ إلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ إلَى الْوَاقِفِ إلَى أَنْ قَالَ وَالرُّبْعُ الرَّابِعُ يَكُونُ وَقْفًا عَلَى مَنْ يَحْدُثُ لِلْوَاقِفِ مِنْ الْأَوْلَادِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ وَثُمَّ وَالْحُكْمُ فِي هَذَا كَالْحُكْمِ فِيمَا وَقَفَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ الْمَذْكُورِ وَكُلُّ مِنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ ذُرِّيَّةٍ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ عَادَ نَصِيبُهُ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ فَإِذَا انْقَرَضَتْ ذُرِّيَّةُ الْوَاقِفِ فَعَلَى جِهَةِ بِرٍّ عَيَّنَهَا هَذَا نَصُّ كِتَابِ الْوَقْفِ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ عَنْ أُمِّهِ وَأُخْتِهِ

وَخَالِهِ الَّذِينَ هُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ فَهَلْ يَكُونُ شَرْطُهُ فِي الرُّبْعِ مِنْ عَوْدِ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْمَيِّتِ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ نَاسِخًا لِلشَّرْطِ الْأَوَّلِ فِي الثَّلَاثَةِ أَرْبَاعَ مِنْ عَوْدِ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ إلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ إلَى الْوَاقِفِ فَيَعُودُ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ إلَى أُمِّهِ فَقَطْ دُونَ أُخْتِهِ وَخَالِهِ؟ (الْجَوَابُ) : مَتَى ذَكَرَ الْوَاقِفُ شَرْطَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ يُعْمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا عِنْدَنَا لِأَنَّهُ نَاسِخٌ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ آخِرَ الْوَقْفِ وَذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ فِي قَاعِدَةِ إعْمَالِ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ وَنَقَلَهُ الْكَازَرُونِيُّ عَنْ الْخَصَّافِ فَيَعُودُ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ إلَى أُمِّهِ فَقَطْ دُونَ أُخْتِهِ وَخَالِهِ لِكَوْنِهَا أَقْرَبَ إلَيْهِ مِنْهُمَا قَالَ فِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ قَالَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ مِنِّي أَوْ قَالَ إلَيَّ وَمِنْ بَعْدِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ إلَى أَنْ قَالَ وَلَوْ كَانَ لَهُ أُمٌّ وَإِخْوَةٌ تَكُونُ الْغَلَّةُ لِأُمِّهِ دُونَ إخْوَتِهِ لِكَوْنِهَا أَقْرَبَ إلَيْهِ مِنْهُمْ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْخَصَّافِ وَالذَّخِيرَةِ الْبُرْهَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ ثَبَتَ مِنْ شَرْطِ وَاقِفِهِ بِتَصَرُّفِ نُظَّارِهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ فَمَاتَتْ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ لَا عَنْ وَلَدٍ لِبَطْنِهَا بَلْ لَهَا ابْنَا ابْنٍ مَاتَ فِي حَيَاتِهَا فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهَا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِابْنَيْ ابْنِهَا الْمَزْبُورِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ لِبَطْنِهَا؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهَا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِابْنَيْ ابْنِهَا الْمَزْبُورَيْنِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ لِبَطْنِهَا وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ حَقِيقَةٌ فِي وَلَدِ الصُّلْبِ أَوْ الْبَطْنِ لِلْأُنْثَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدُ الصُّلْبِ أَوْ الْبَطْنِ يَسْتَحِقُّهُ وَلَدُ الِابْنِ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَالْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهِمَا وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَأَوْصَى لِوَلَدِ زَيْدٍ لَا يَدْخُلُ وَلَدُ وَلَدِهِ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ اسْتَحَقَّهُ وَلَدُ الِابْنِ وَاخْتُلِفَ فِي وَلَدِ الْبِنْتِ فَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَدَمُ الدُّخُولِ وَصُحِّحَ فَإِذَا وُلِدَ لِلْوَاقِفِ وَلَدٌ رَجَعَ مِنْ وَلَدِ الِابْنِ إلَيْهِ لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ حَقِيقَةٌ فِي وَلَدِ الصُّلْبِ وَهَذَا فِي الْمُفْرَدِ أَمَّا إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ دَخَلَ النَّسْلُ كَذِكْرِ الطَّبَقَاتِ الثَّلَاثِ بِلَفْظِ الْوَلَدِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَكَأَنَّهُ لِلْعُرْفِ فِيهِ وَإِلَّا فَالْوَلَدُ مُفْرَدًا وَجَمْعًا حَقِيقَةٌ فِي وَلَدِ الصُّلْبِ أَشْبَاهٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (أَقُولُ) فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ كَلَامٌ سَيَأْتِي قَرِيبًا. (سُئِلَ) فِي وَاقِفَةٍ وَقَفَتْ وَقْفًا عَلَى جِهَاتِ مَبَرَّاتٍ وَمَهْمَا فَضَلَ مِنْ الْمُبِرَّاتِ الْمَذْكُورَةِ يُصْرَفُ لِأَوْلَادِ أَخِيهَا خَلِيلٍ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ فَمَاتَ أَخُوهَا خَلِيلٌ عَنْ أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ وَهُمْ عِيسَى وَعُثْمَانُ وَخَدِيجَةُ ثُمَّ مَاتَ عِيسَى عَنْ ابْنٍ هُوَ حَسَنٌ ثُمَّ مَاتَ حَسَنٌ عَنْ ابْنٍ هُوَ مُحَمَّدٌ ثُمَّ مَاتَتْ خَدِيجَةُ عَنْ أَوْلَادٍ وَأَوْلَادِ أَوْلَادٍ مَاتَ آبَاؤُهُمْ فِي حَيَاتِهَا ثُمَّ مَاتَ أَوْلَادُ أَوْلَادِهَا عَنْ أَوْلَادٍ وَالْمَوْجُودُونَ الْآنَ عُثْمَانُ بْنُ خَلِيلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَسَنٍ بْنِ عِيسَى وَأَوْلَادُ أَوْلَادِ أَوْلَادِ خَدِيجَةَ فَهَلْ يَخْتَصُّ بِالْفَاضِلِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ بَعْدَ الْمُبِرَّاتِ الْمَذْكُورَةِ عُثْمَانُ بْنُ خَلِيلٍ بِمُفْرَدِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي يَدْخُلُ فِيهِ الْبُطُونُ لِعُمُومِ اسْمِ الْأَوْلَادِ لَكِنْ يُقَدَّمُ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ فَإِذَا انْقَرَضَ فَالثَّانِي ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ يَشْتَرِكُ جَمِيعُ الْبُطُونِ عَلَى السَّوَاءِ قَرِيبُهُمْ وَبَعِيدُهُمْ. اهـ. وَأَمَّا إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ دَخَلَ النَّسْلُ كُلُّهُ كَذِكْرِ الطَّبَقَاتِ الثَّلَاثِ بِلَفْظِ الْوَلَدِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَكَأَنَّهُ لِلْعُرْفِ فِيهِ وَإِلَّا فَالْوَلَدُ مُفْرَدًا وَجَمْعًا حَقِيقَةٌ فِي الصُّلْبِيِّ أَشْبَاهٌ مِنْ قَاعِدَةِ الْأَصْلِ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةِ وَفِي حَاشِيَتِهَا لِلْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيِّ لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيرٍ فَإِنَّ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ ظَاهِرًا فَإِنَّهُ قَالَ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ يُصْرَفُ إلَى الْبَاقِي وَإِذَا مَاتُوا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَلَا يُصْرَفُ إلَى وَلَدِ وَلَدِهِ اهـ وَأَجَابَ الْمُؤَلِّفُ بِأَنَّ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَرْقًا فَإِنَّ الَّذِي فِي الْأَشْبَاهِ وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِهِ فَقَطْ وَأَمَّا مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فَإِنَّهُ

جَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَيُحْمَلُ عَلَى وَلَدِ الصُّلْبِ وَبَعْدَهُ لِلْفُقَرَاءِ وَأَمَّا مَا فِي الْأَشْبَاهِ فَإِنَّهُ يُصْرَفُ إلَى مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْوَلَدِ وَهُمْ النَّسْلُ كُلُّهُ فَيَكُونُ جَوَابُ كُلٍّ مِنْهُمَا صَحِيحًا لِعَدَمِ التَّنَافِي. (أَقُولُ) وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ ذِكْرَ الْفُقَرَاءِ حَذْفٌ مِنْ كَلَامِ الْأَشْبَاهِ اخْتِصَارًا لِأَنَّ كُلَّ وَقْفٍ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُؤَبَّدًا وَيَكُونُ مَآلُهُ لِلْفُقَرَاءِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِلَفْظِ التَّأْبِيدِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْمُعْتَمَدِ وَعِنْدَهُمَا لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِ وَيَأْتِي عَقِبَ هَذَا تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى مَا فِي الِاخْتِيَارِ وَالْأَشْبَاهِ. (سُئِلَ) مِنْ قَاضِي الشَّامِ فِي مُحَرَّمٍ سَنَةَ 1149 فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِ أَخِيهِ رَمَضَانَ هُمَا عَلِيٌّ وَشَعْبَانُ وَعَلَى خِضْرٍ أَغَا سَوِيَّةً بَيْنَهُمْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ عَلِيٍّ وَشَعْبَانَ الْمَذْكُورَيْنِ عَلَى أَوْلَادِهِمَا الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ وَمِنْ بَعْدِ خِضْرٍ أَغَا عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمُعَيَّنِ أَعْلَاهُ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَمِنْ أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ أَوْ نَسْلٍ أَوْ عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ أَوْ الْأَسْفَلِ مِنْ ذَلِكَ. وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَأَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِ هَذَا الْوَقْفِ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْمَتْرُوكُ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ الْمُتَوَفَّى وَقَامَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مَقَامَهُ فَإِنْ انْقَرَضُوا بِأَجْمَعِهِمْ وَأَبَادَهُمْ الْمَوْتُ عَنْ آخِرِهِمْ وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ نَسْلٌ وَلَا عَقِبٌ عَادَ ذَلِكَ وَقْفًا شَرْعِيًّا عَلَى مَصَارِفِ وَمَصَالِحِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ هُمَا مَكَّةُ الْمُشَرَّفَةُ وَالْمَدِينَةُ الْمُنَوَّرَةُ عَلَى مُنَوِّرِهَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَعَيْنُ مَبَرَّاتٍ وَمَاتَ الْوَاقِفُ الْمَرْقُومُ، وَآلَ الْوَقْفُ لِشَعْبَانَ وَعَلِيٍّ وَخِضْرٍ أَغَا الْمَذْكُورِينَ أَعْلَاهُ ثُمَّ مَاتَ خِضْرٌ أَغَا الْمَرْقُومُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ شَعْبَانُ عَنْ غَيْرِ وَلَدِ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ وَتَصَرَّفَ عَلِيٌّ بِنَصِيبِهِمَا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِكَوْنِهِ فِي دَرَجَتِهِمَا وَأَقْرَبَ إلَيْهِمَا مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً هُوَ وَأَوْلَادُهُ وَذُرِّيَّتُهُ لِانْتِقَالِ ذَلِكَ إلَيْهِمْ عَمَّنْ ذُكِرَ حَتَّى انْحَصَرَ فِي الْإِنَاثِ مِنْ ذُرِّيَّةِ عَلِيٍّ الْمَذْكُورِ وَهُنَّ فُقَرَاءُ قَامَ الْآنَ مُتَوَلِّي وَقْفِ الْحَرَمَيْنِ يُرِيدُ نَزْعَ الْوَقْفِ مِنْ أَيْدِيهِنَّ بِمُقْتَضَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي ذَلِكَ وَلَا يَئُولُ الْوَقْفُ لِلْحَرَمَيْنِ مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ النَّسْلِ وَالْعَقِبِ عَلَى مُقْتَضَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ؟ (الْجَوَابُ) : الْحَمْدُ لِلَّهِ الْهَادِي إلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ نَعَمْ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي ذَلِكَ وَلَا يَئُولُ الْوَقْفُ لِلْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ نَسْلِ أَهْلِ الْوَقْفِ عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ الْمَذْكُورُ بِمُقْتَضَى مَا ظَهَرَ لِأَنَّ مَنْ ذُكِرَ مِنْ نَسْلِ عَلِيٍّ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ فِي بَابِ الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ النَّسْلُ الْوَلَدُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا اهـ وَقَدْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الْمَذْكُورُ انْتِقَالَهُ لِلْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ إذَا لَمْ يَبْقَ لَهُمْ نَسْلٌ فَمَعَ وُجُودِ النَّسْلِ لَا يَنْتَقِلُ عَمَلًا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِمَا قَالَ الْعَلَّامَةُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ فِي تَوْضِيحِ الْأُصُولِ فِي بَحْثِ الْحُرُوفِ إنَّ (عَلَى) تُسْتَعْمَلُ لِلشَّرْطِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} [الممتحنة: 12] وَذَكَرَ بَعْدَهُ أَنَّ عَلَى لِلشَّرْطِ حَقِيقَةً وَفِي شَرْحِ الْمَنَارِ لِابْنِ مَالِكٍ كَلِمَةٌ (عَلَى) تَدُلُّ عَلَى الشَّرْطِ حَقِيقَةً إلَى أَنْ قَالَ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ إذَا أَمْكَنَ اهـ وَالشَّرْطُ إذَا تَعَقَّبْ جُمَلًا مُتَعَاطِفَةً مُتَّصِلًا بِهَا فَإِنَّهُ لِلْكُلِّ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي بَحْرِهِ مِنْ شَتَّى الْقَضَاءِ وَمِثْلُهُ فِي الْمِنَحِ وَذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُ الْعَلَّامَةُ الْعَضُدُ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْمُنْتَهَيْ أُصُولِ جَمَالِ الْعَرَبِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَقَالَ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ أَيْ الشَّرْطَ لِلْجَمِيعِ وَذَكَرَهُ أَيْضًا الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ الْعَبَّادِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ الْمُسَمَّاةِ بِالْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ

وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ مُوَافَقَتَنَا عَلَى عَوْدِ الشَّرْطِ إلَى الْكُلِّ إلَى أَنْ قَالَ لِأَنَّ الشَّرْطَ وَإِنْ تَأَخَّرَ لَفْظًا فَهُوَ مُتَقَدِّمٌ تَقْدِيرًا وَقَالَ أَيْضًا قَبْلَهُ إنْ تَوَسَّطَ الْحَرْفُ الْمَوْضُوعُ لِلتَّشْرِيكِ وَالْجَمْعِ يُجْعَلُ الْكُلُّ بِمَنْزِلَةِ جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ اهـ فَيَكُونُ قَوْلُ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ وَلَا عَارِضَ يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ بِأَوْلَادِ خِضْرٍ وَيُسَاعِدُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَذْكُرْ التَّفْصِيلَ وَالْمَآلُ فِي أَوْلَادِ عَلِيٍّ وَشَعْبَانَ كَمَا هُوَ دَأْبُ الْوَاقِفِينَ إذَا أَرْجَعْنَاهُ لِأَوْلَادِ خِضْرٍ فَقَطْ وَيُؤَكِّدُ إرْجَاعَهُ لِكُلِّ أَهْلِ الْوَقْفِ قَوْلُهُ أَجْمَعِينَ وَبِأَجْمَعِهِمْ وَعَنْ آخِرِهِمْ وَيُعَضِّدُهُ تَصَرُّفُ النُّظَّارِ السَّابِقِينَ مِنْ عَلِيٍّ وَذُرِّيَّتِهِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ بِحِصَّةِ خَضْرَةَ فَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ لَا يُحْمَلُ فِعْلُ النُّظَّارُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ أَيْ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ لِأَنَّهُ فِسْقٌ يَبْعُدُ عَنْ الْمُؤْمِنِ. اهـ. وَهُوَ أَيْضًا أَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِينَ الَّذِي يَصْلُحُ مُخَصِّصًا كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْعَلَّامَةِ إبْرَاهِيم بِيرِيٌّ زَادَهْ نَاقِلًا ذَلِكَ عَنْ التَّقْوِيمِ وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ قَاعِدَةِ إعْمَالِ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ إذَا تَعَارَضَ الْأَمْرُ بَيْنَ إعْطَاءِ بَعْضِ الذُّرِّيَّةِ وَحِرْمَانِهِمْ تَعَارَضَا لَا تَرْجِيحَ فِيهِ فَالْإِعْطَاءُ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ. اهـ. وَقَوْلُهُ الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ خَاصٌّ بِأَوْلَادِ عَلِيٍّ وَشَعْبَانَ الصُّلْبِيَّيْنِ فَقَطْ لِأَنَّهُ وَصَفَ الْأَوْلَادَ بِهِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ فَقَطْ يُحْمَلُ عَلَى أَوْلَادِ الصُّلْبِ. وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَعِبَارَتُهَا رَجُلٌ وَقَفَ أَرْضًا عَلَى أَوْلَادِهِ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ قَالَ هِلَالٌ يُصْرَفُ الْوَقْفُ إلَى الْبَاقِي فَإِنْ مَاتُوا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ لَا إلَى وَلَدِ الْوَلَدِ اهـ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَخِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَالنُّتَفِ فَقَيْدُ الذُّكُورِيَّةِ مُخْتَصٌّ بِأَوْلَادِ عَلِيٍّ وَشَعْبَانَ الصُّلْبِيَّيْنِ فَقَطْ وَأَمَّا أَوْلَادُ أَوْلَادِهِمْ فَأَدْخَلَهُمْ بِقَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ أَوْ يُقَالُ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ مُتَأَخِّرٌ نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ لِمَا ذَكَرَ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ الْخَصَّافُ فِي كِتَابِهِ أَحْكَامِ الْأَوْقَافِ إذَا تَعَارَضَ شَرْطَانِ فَالْعَمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا لِأَنَّ الشَّرْطَ الْأَخِيرَ يُفَسَّرُ عَنْ مُرَادِهِ فَلِذَلِكَ أَعْمَلْنَاهُ اهـ وَفِي حَاشِيَةِ بِيرِيٌّ زَادَهْ الشُّرُوطُ إذَا تَعَارَضَتْ وَأَمْكَنَ الْعَمَلُ بِهَا وَجَبَ وَإِلَّا عُمِلَ بِالْأَخِيرِ مِنْهَا وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْوَاوُ وَثُمَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَرْخَيْنَا الْعَنَانَ وَقُلْنَا إنَّ الْأَوْلَادَ يَدْخُلُ فِيهِ النَّسْلُ كُلُّهُ لِعُمُومِ اسْمِ الْأَوْلَادِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالِاخْتِيَارِ وَإِنْ كَانَ قَوْلًا مُخَالِفًا لِمَا فِي الْمَشَاهِيرِ الْمُعْتَبَرَةِ مِنْ عَدَمِ شُمُولِ النَّسْلِ كُلِّهِ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَيْ مَعَ مُلَاحَظَةِ صِفَةِ الذُّكُورِيَّةِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ وَصَفَهُمْ الْوَاقِفُ بِهَا وَقَدْ انْقَرَضُوا فَنَقُولُ لَا يَئُولُ أَيْضًا لِلْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ النَّاشِئِ عَنْ غَيْرِ دَلِيلٍ لِأَنَّهُ شَرْطُ عَوْدِهِ إلَيْهِمَا بَعْدَ انْقِطَاعِ النَّسْلِ وَلَا شَكَّ أَنَّ النِّسَاءَ الْمَوْجُودَاتِ مِنْ نَسْلِ أَهْلِ الْوَقْفِ فَالنَّسْلُ بَاقٍ فَلَا يَعُودُ إلَيْهِمَا وَيَكُونُ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لِلْفُقَرَاءِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَنَا وَالْمُتَظَاهِرُ عَلَى أَلْسِنَةِ عُلَمَائِنَا وَمَعَ ذَلِكَ حَيْثُ إنَّهُنَّ بِصِفَةِ الْفَقْرِ يَجُوزُ الصَّرْفُ إلَيْهِنَّ بَلْ هُوَ الْأَفْضَلُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ صَدَقَةً وَصِلَةً وَمَقْصُودُ الْوَاقِفِ الثَّوَابُ وَالتَّصَدُّقُ عَلَى الْقَرَابَةِ أَكْثَرُ ثَوَابًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «بِقَوْلِهِ لِامْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ حِينَ سَأَلَتْهُ التَّصَدُّقَ عَلَى زَوْجِهَا لَك أَجْرَانِ أَجْرُ الصَّدَقَةِ وَأَجْرُ الصِّلَةِ» . اهـ. وَلَا يُنْزَعُ شَيْءٌ مِنْ يَدِ أَحَدٍ إلَّا بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ وَشَيْءٌ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَتَعُمُّ الْأَمْوَالَ وَالْحُقُوقَ وَالِاسْتِحْقَاقَ فَلَا يُنْزَعُ الْوَقْفُ مِنْ أَيْدِيهنَّ وَيَبْقَى مَعَهُنَّ إلَى انْقِرَاضِ النَّسْلِ فَيَعُودُ لِلْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ. هَذَا مَا ظَهَرَ لَنَا بَعْدَ التَّأَمُّلِ التَّامِّ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَاَللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيقِ وَالْإِنْعَامِ وَهُوَ الْهَادِي وَعَلَيْهِ اعْتِمَادِي إيضَاحٌ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْجَوَابُ مَعَ تَتِمَّاتٍ فِي رِسَالَةِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخْرِجَ شَيْئًا مِنْ يَدِ أَحَدٍ إلَّا بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ

وَشَيْئًا نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَتَعُمُّ الْأَمْوَالَ وَالْحُقُوقَ فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ وَوَافَقْنَا فِي عَوْدِ الشَّرْطِ إلَى الْكُلِّ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَفِي فَتَاوَى ابْنِ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَجَابَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ فِي ضِمْنِ فَتْوَى رُفِعَتْ إلَيْهِ فِي عَوْدِ الْوَصْفِ بِالذُّكُورَةِ إلَى جَمِيعِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ الْمُتَعَاطِفَاتِ أَمْ مُخْتَصٌّ بِالْأَخِيرِ بِقَوْلِهِ يَعُودُ إلَى الْجَمِيعِ عَمَلًا بِقَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي عَوْدِ الْمُتَعَلِّقَاتِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ جُمَلٍ أَوْ مُفْرَدَاتٍ مِنْ شَرْطٍ أَوْ اسْتِثْنَاءٍ أَوْ وَصْفٍ أَوْ غَيْرِهَا إلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ غَيْرِ اخْتِصَاصٍ بِالْأَخِيرَةِ ثُمَّ رَدَّ عَلَى مَنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ وَأَطَالَ فِيهِ بِمَا يُؤَيِّدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاوِ وَثُمَّ اهـ. وَكَذَلِكَ وَافَقَنَا الْحَنْبَلِيُّ فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ فَلَوْ تَعَقَّبَ الشَّرْطُ وَنَحْوُهُ جُمَلًا عَادَ إلَى الْكُلِّ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ رَجَبٍ مَا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا أَيْ فِي عَوْدِ الشَّرْطِ وَنَحْوِهِ لِلْكُلِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ أَوْ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ عَلَى عُمُومِ كَلَامِهِمْ اهـ مُلَخَّصًا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ هَلْ يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ الْجَوَابُ فِيهِ خِلَافٌ فِي عِبَارَاتِ الْكُتُبِ وَالصَّحِيحُ لَا يَدْخُلُ وَأَفْتَى بِهِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي. قَوْلُهُ أَيْ صَاحِبُ الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ أَوْ قَالَ ابْتِدَاءً عَلَى أَوْلَادِي يَسْتَوِي فِيهِ الْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ صَرِيحًا وَالْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَخِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَالنُّتَفِ نَعَمْ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ لَوْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي يَدْخُلُ فِيهِ الْبُطُونُ كُلُّهَا لِعُمُومِ اسْمِ الْأَوْلَادِ وَلَكِنْ يُقَدَّمُ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ فَإِذَا انْقَرَضَ فَالثَّانِي ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ يَشْتَرِكُ جَمِيعُ الْبُطُونِ فِيهِ عَلَى السَّوَاءِ قَرِيبُهُمْ وَبَعِيدُهُمْ وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَيْضًا مَا يُوَافِقُهُ وَقَدْ اسْتَفْتَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ مَوْلَانَا أَبِي السُّعُودِ وَأَدْرَجَ فِي سُؤَالِهِ عِبَارَةً وَاقِعَةً فِي بَعْضِ الْكُتُبِ مُوَافِقَةً لِمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الِاخْتِيَارِ ثُمَّ قَالَ هَلْ يُعْمَلُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَمْ لَا فَأَجَابَ عَنْهُ الْمَوْلَى الْمَزْبُورُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَخْطَأَ فِيهَا رَضِيُّ الدِّينِ السَّرَخْسِيُّ فِي مُحِيطِهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الدُّرَرِ اهـ كَلَامُهُ وَمَا قَالَهُ حَقٌّ يُطَابِقُ الْكُتُبَ الْمُعْتَبَرَةَ كَمَا تَحَقَّقْتُ وَمَا يُخَالِفُهُ مِنْ شَوَاذِّ الْأَقْوَالِ لَا مَحَالَةَ وَلَقَدْ أَصَابَ الْمَوْلَى الْمَزْبُورُ فِي التَّنْبِيهِ الْمَذْكُورِ جَعَلَ اللَّهُ سَعْيَهُ مَشْكُورًا وَعَمَلَهُ مَبْرُورًا ثُمَّ إنَّ مَا فِي الدُّرَرِ غَيْرُ مُوَافِقٍ لِذَلِكَ الْقَوْلِ الشَّاذِّ أَيْضًا كَمَا ظَنَّهُ لِأَنَّ مُؤَدَّى كَلَامِهِمْ تَقْدِيمُ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ ثُمَّ الْبَطْنُ الثَّانِي ثُمَّ الِاشْتِرَاكُ بَيْنَ الْأَقْرَبِ وَالْأَبْعَدِ بِخِلَافِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ صَاحِبِ الدُّرَرِ فِي اسْتِوَاءِ الْأَقْرَبِ وَالْأَبْعَدِ بَعْدَ أَوَّلًا وَآخِرًا. اهـ. عَزْمِي زَادَهْ عَلَى الدُّرَرِ. (أَقُولُ) وَيُخَالِفُ مَا فِي الِاخْتِيَارِ وَالْمُحِيطِ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ فِي الْبَابِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِ زَيْدٍ وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ فَهِيَ لِوَلَدِ زَيْدٍ لِصُلْبِهِ وَلِأَوْلَادِهِمْ فَإِذَا انْقَرَضُوا فَلِلْمَسَاكِينِ وَإِنْ قَالَ عَلَى وَلَدِ زَيْدٍ وَعَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ وَأَوْلَادِهِمْ فَلَهُمْ جَمِيعًا وَلِمَنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ سَمَّى ثَلَاثَةَ أَبْطُنٍ فَصَارُوا بِمَنْزِلَةِ الْفَخِذِ إلَخْ لَكِنَّ مِثْلَ مَا فِي الِاخْتِيَارِ وَالْمُحِيطِ مَا مَرَّ عَنْ الْأَشْبَاهِ مُعَزِّيًا إلَى فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا فِي الْإِسْعَافِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي يُصْرَفُ إلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَلَا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ مَا دَامَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بَاقِيًا وَإِنْ سَفَلَ لِأَنَّ اسْمَ الْأَوْلَادِ يَتَنَاوَلُ الْكُلَّ بِخِلَافِ اسْمِ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرُ ثَلَاثَةِ بُطُونٍ حَتَّى يُصْرَفَ إلَى النَّوَافِلِ مَا تَنَاسَلُوا اهـ وَيَبْعُدُ كُلَّ الْبَعْدِ أَنْ يَكُونَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ كُلُّهُمْ تَوَارَدُوا عَلَى الْخَطَأِ فَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِأَنَّهُ خِلَافُ الصَّحِيحِ كَمَا مَرَّ أَنَّهُ حَيْثُ نُقِلَ كُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي عِدَّةِ كُتُبٍ مُعْتَمَدَةٍ يَتَوَقَّفُ الْقَوْلُ بِتَصْحِيحِ أَحَدِهِمَا وَتَرْجِيحِهِ عَلَى النَّقْلِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَرْبَابِ التَّصْحِيحِ وَالتَّرْجِيحِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي وَاقِفٍ شَرَطَ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ شُرُوطًا مِنْهَا الْإِدْخَالُ وَالْإِخْرَاجُ وَالتَّغْيِيرُ وَالتَّبْدِيلُ وَالزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ لِلْوَاقِفِ نَفْسِهِ فِي مُدَّةِ حَيَاتِهِ لَا لِغَيْرِهِ وَأَنَّهُ بِالْمُقْتَضِي الْمَزْبُورِ أَدْخَلَ وَأَخْرَجَ فِي حَيَاتِهِ بَعْضَ أَوْلَادِهِ بِمُوجِبِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ وَمَاتَ الْوَاقِفُ الْمَزْبُورُ فَهَلْ يَكُونُ فِعْلُهُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ

لِزَيْدٍ أَمْلَاكٌ مَعْلُومَةٌ وَقَفَهَا فِي صِحَّتِهِ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ الْمَوْجُودِينَ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ وَقْفًا صَحِيحًا فَمَاتَ أَحَدُ الْأَوْلَادِ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ الْوَاقِف عَنْ أَوْلَادٍ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ فِي الْوَقْفِ حِصَّةَ أَبِيهِمْ مَعَ وُجُودِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ الْمَزْبُورِينَ بِدُونِ شَرْطٍ مِنْ الْوَاقِفِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا يَسْتَحِقُّونَ شَيْئًا مَعَ أَعْمَامِهِمْ الْمَرْقُومِينَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفٌ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ الثَّابِتِ الْمَضْمُونِ نَقْضَ الْقِسْمَةِ بِانْقِرَاضِ الطَّبَقَةِ وَانْقَرَضَتْ فَهَلْ يُعْمَلُ بِشَرْطِهِ وَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ بِانْقِرَاضِ الطَّبَقَةِ فِي الْوَقْفِ الْمُرَتَّبِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْوَقْفُ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ. (سُئِلَ) فِي وَاقِفٍ شَرَطَ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ شُرُوطًا مِنْهَا أَنَّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْمَتْرُوكُ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ الْمُتَوَفَّى أَنْ لَوْ كَانَ حَيًّا وَقَامَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مَقَامَهُ فَمَاتَتْ ابْنَةُ الْوَاقِفِ فِي حَيَاةِ أَبِيهَا عَنْ ابْنَيْنِ قَاصِرَيْنِ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ عَنْ أَوْلَادٍ وَعَنْ ابْنِي بِنْتِهِ الْمُتَوَفَّاةِ فِي حَيَاتِهِ وَيُرِيدُ أَبُو الْقَاصِرِينَ مُطَالَبَةَ النَّاظِرِ بِمَا خَصَّ ابْنَيْهِ مِنْ حِينِ مَوْتِ الْوَاقِفِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : يَسْتَحِقَّانِ مَا كَانَتْ وَالِدَتُهُمَا تَسْتَحِقُّهُ أَنْ لَوْ كَانَتْ حَيَّةً وَلِوَالِدِهِمَا مُطَالَبَةُ النَّاظِرِ بِذَلِكَ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ. (أَقُولُ) قَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ الشِّهَابُ ابْنُ الشَّلَبِيِّ فِي فَتَاوَاهُ الْمَشْهُورَةِ وَرَدَّ عَلَى مَنْ أَفْتَى بِخِلَافِ ذَلِكَ زَعْمًا مِنْهُ أَنَّ بِنْتَ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورَةِ لَا تَسْتَحِقُّ شَيْئًا فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ حَتَّى يَسْتَحِقَّ وَلَدَاهَا وَغَفَلَ عَنْ كَوْنِ الْمُرَادِ مَا تَسْتَحِقُّهُ عَلَى فَرْضِ حَيَاتِهَا عِنْدَ مَوْتِ أَبِيهَا وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى مَسْأَلَةِ الدَّرَجَةِ الْجَعْلِيَّةِ هَذَا وَقَدْ وَقَعَتْ فِي زَمَانِنَا حَادِثَةُ الْفَتْوَى فِي رَجُلٍ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى أُخْتِهِ فُلَانَةَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهَا ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ وَتَرَكَ وَلَدًا قَامَ مَقَامَهُ إلَخْ فَمَاتَ الْوَاقِفُ ثُمَّ أُخْتُهُ الْمَذْكُورَةُ عَنْ أَوْلَادِ وَعَنْ أَوْلَادِ ابْنٍ مَاتَ فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ قَبْلَ صُدُورِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ أَوْلَادُ الِابْنِ الْمَذْكُورِ شَيْئًا أَمْ لَا أَجَابَ بَعْضُ أَهْلِ عَصْرِنَا بِنَعَمْ وَأَجَبْت بِلَا لِكَوْنِ الِابْنِ الْمُتَوَفَّى قَبْلَ الْوَقْفِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ وَلَا بِعَرْضِيَّةِ أَنْ يَصِيرَ مُسْتَحِقًّا لِكَوْنِهِ مَيِّتًا حِينَ الْوَقْفِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِيهِ أَصْلًا لِأَنَّ أَهْلَ الْوَقْفِ مَنْ كَانَ حَيًّا عِنْدَ الْوَقْفِ وَمَنْ سَيُوجَدُ بَعْدَهُ وَالْمَيِّتُ عِنْدَ الْوَقْفِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ فَلَا يَقُومُ أَوْلَادُهُ مَقَامَهُ فِي اسْتِحْقَاقِهِ إذْ لَا اسْتِحْقَاقَ لَهُ بَلْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَصْلًا كَأَبِيهِمْ. وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي الْإِسْعَافِ فِي بَابِ الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَلَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَكَانَ لَهُ أَوْلَادٌ وَقَدْ مَاتَ بَعْضُهُمْ عَنْ أَوْلَادٍ قَبْلَ الْوَقْفِ يَكُونُ عَلَى الْأَحْيَاءِ وَأَوْلَادِهِمْ فَقَطْ وَلَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَوْلَادُ مَنْ مَاتَ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا عَلَى الْأَحْيَاءِ وَمَنْ سَيَحْدُثُ دُونَ الْأَمْوَاتِ وَقَدْ نَسَبَهُ إلَى أَوْلَادِ الْأَحْيَاءِ يَوْمَ الْوَقْفِ بِقَوْلِهِ وَأَوْلَادُهُمْ بِعَوْدِ الضَّمِيرِ إلَيْهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ وَلَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ إلَخْ يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ مَنْ مَاتَ قَبْلَهُ لِقَوْلِهِ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَوَلَدِ مَنْ مَاتَ قَبْلَهُ وَلَدُ وَلَدِهِ اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ بِالْإِضَافَةِ إلَى ضَمِيرِ الْغَيْبَةِ يَخْتَصُّ بِأَوْلَادِ الْأَحْيَاءِ الْمَذْكُورِينَ أَوَّلًا لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَصِحُّ عَلَى الْمَيِّتِ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ أَوْلَادُ الْمَيِّتِ قَبْلَ صُدُورِ الْوَقْفِ وَإِذَا قَالَ أَوْلَادُ أَوْلَادِي بِالْإِضَافَةِ إلَى ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْمَيِّتِ مِنْ أَوْلَادِهِ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِ لِكَوْنِهِ نَسَبَهُمْ إلَى نَفْسِهِ فَفِي حَادِثَةِ الْفَتْوَى لَمَّا قَالَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أُخْتِي اخْتَصَّ بِالْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ دُونَ مَنْ كَانَ قَدْ مَاتَ قَبْلَ الْوَقْفِ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَصِحُّ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَمَّا قَالَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ عَادَ الضَّمِيرُ إلَى الْمَذْكُورِينَ أَوَّلًا وَهُمْ الْأَحْيَاءُ لِمَا قُلْنَا فَأَوْلَادُ ابْنِ أُخْتِهِ الْمَيِّتِ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَصْلًا نَعَمْ لَوْ قَالَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ

أَوْلَادِ أُخْتِي دَخَلُوا كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَهِنْدٍ أُمِّ امْرَأَتِهِ دَارٌ مَعْلُومَةٌ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهِمَا فَوَقَفَاهَا عَلَى نَفْسِهِمَا أَيَّامَ حَيَاتِهِمَا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمَا فَعَلَى زَوْجَةِ زَيْدٍ بِنْتِ هِنْدٍ الْمَذْكُورَةِ وَعَلَى أُخْتِهَا لِأُمِّهَا وَعَلَى ابْنِ أَخِيهِمَا فُلَانٍ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا وَثُمَّ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ فَمَاتَ زَيْدٌ فَهَلْ يُصْرَفُ نَصِيبُ زَيْدٍ إلَى الْفُقَرَاءِ إلَى أَنْ تَمُوتَ هِنْدٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فَإِذَا مَاتَتْ هِنْدٌ يُصْرَفُ إلَى مَا شَرَطَا. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فَقَدَ كِتَابَ وَقْفِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ شُرُوطَ وَاقِفِهِ غَيْرَ أَنَّ نُظَّارَهُ تَصَرَّفُوا بِنَصِيبِ مَنْ مَاتَ مِنْ مُسْتَحَقِّيهِ عَنْ وَلَدٍ لِوَلَدِهِ أَوْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِجَمِيعِ مُسْتَحَقِّيهِ فِيمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ فَمَاتَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَهَا ابْنُ أُخْتٍ مِنْ الْمُسْتَحَقِّينَ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ تَصَرُّفُ نُظَّارِهِ كَمَا ذُكِرَ يُصْرَفُ نَصِيبُ الْمَرْأَةِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِجَمِيعِ مُسْتَحَقِّيهِ لَا لِابْنِ الْأُخْتِ وَحْدَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مَوْقُوفٍ عَلَى أَوْلَادِ الذُّكُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ حَسْبَمَا جَرَى تَصَرُّفُ نُظَّارِهِ جَمِيعِهِمْ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى صَرْفِ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ مِنْ الْإِنَاثِ لِأَخِيهَا أَوْ أُخْتِهَا مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهَا أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِغَيْرِهِمْ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْمُتَوَفَّاةِ وَدُونَ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ وَمَاتَتْ امْرَأَةٌ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ عَنْ أَوْلَادِ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ وَلَهَا قَدْرُ اسْتِحْقَاقٍ مَعْلُومٍ فِي الْوَقْفِ وَلَهَا أُخْتٌ لِأَبٍ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ الْمُتَنَاوِلِينَ وَمِنْ أَهْلِ جَمَاعَةٍ غَيْرِهَا مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِتَصَرُّفِ النُّظَّارِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَيُصْرَفُ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّاةِ الْمَذْكُورَةِ لِأُخْتِهَا الْمَذْكُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ ثَبَتَ مِنْ شَرْطِ وَاقِفِهِ بِتَصَرُّفِ نُظَّارِهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ فَمَاتَتْ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ لَا عَنْ وَلَدٍ لِبَطْنِهَا بَلْ لَهَا ابْنَا ابْنٍ مَاتَ فِي حَيَاتِهَا فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهَا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِابْنَيْ الْمَزْبُورِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ لِبَطْنِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ لِبَطْنِهَا وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ حَقِيقَةٌ فِي وَلَدِ الصُّلْبِ أَوْ الْبَطْنِ لِلْأُنْثَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدُ الصُّلْبِ أَوْ الْبَطْنِ اسْتَحَقَّهُ وَلَدُ الِابْنِ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَالْأَشْبَاهِ وَغَيْرُهُمَا (أَقُولُ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا قَالَ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ أَنَّ الْمُرَادَ عَوْدُ النَّصِيبِ لِوَلَدِ الْوَلَدِ حَيْثُ لَا وَلَدَ فَلَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ وَلَدُ وَلَدٍ أَيْضًا لَا شَيْءَ لِوَلَدِ الْوَلَدِ وَبِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الشَّلَبِيُّ وَوَافَقَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي فَتَاوَاهُ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَثْبَتَ نَاظِرَا وَقْفٍ أَهْلِيٍّ أَنَّهُمَا وَمَنْ قَبْلَهُمَا يَصْرِفُونَ غَلَّةَ الْوَقْفِ لِأَوْلَادِ الذُّكُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي وَجْهِ أَخَوَيْنِ يَدَّعِيَانِ حِصَّةً آلَتْ إلَيْهِمَا عَنْ أُمِّهِمَا الْمُتَلَقِّيَةِ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهَا وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً ثُمَّ أَثْبَتَ الْأَخَوَانِ بِوَجْهِ أَحَدِ النَّاظِرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَنَّ النَّاظِرَيْنِ السَّابِقَيْنِ قَبْلَهُمَا كَانَا يَصْرِفَانِ غَلَّةَ الْوَقْفِ لِأَوْلَادِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَأَوْلَادِهِمْ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً فَبِأَيِّ الثُّبُوتَيْنِ يُعْمَلُ؟ (الْجَوَابُ) : أَنَّ الثُّبُوتَ الثَّانِيَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِوُجُوهٍ الْأَوَّلُ كَوْنُ الدَّعْوَى بِوَجْهِ أَحَدِ النَّاظِرَيْنِ بِدُونِ حَضْرَةِ الْآخَرِ وَلَا رَأْيِهِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْجَوْهَرَةِ بِاشْتِرَاطِ رَأْيِ الْآخَرِ وَلَمْ يُوجَدْ الثَّانِي أَنَّ الْبَيِّنَةَ إذَا تَضَمَّنَتْ نَقْضَ قَضَاءٍ تُرَدُّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ الثَّالِثُ أَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ مِنْ الْعِشْرِينَ فِي الدَّعْوَى مُتَوَلٍّ ذُو يَدٍ بَرْهَنَ عَلَى الْوَقْفِ فَبَرْهَنَ الْخَارِجُ عَلَى الْمِلْكِ يُحْكَمُ بِالْمِلْكِ لِلْخَارِجِ فَلَوْ بَرْهَنَ الْمُتَوَلِّي بَعْدَهُ عَلَى الْوَقْفِ لَا تُسْمَعُ وَبِهِ يُفْتَى اهـ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الثَّالِثَ عَشَرَ لِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ مَعَ مَنْ يَدَّعِي تَلَقِّي الْوَقْفِ مِنْ جِهَتِهِ اهـ الرَّابِعُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُطْلَبُ مِنْ طَرَفِ مُدَّعِي التَّخْصِيصِ بِأَوْلَادِ الذُّكُورِ وَهُمَا النَّاظِرَانِ وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي التَّعْمِيمِ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَهُمَا الْمُدَّعِيَانِ لِأَنَّهُمَا مُتَمَسِّكَانِ بِالْأَصْلِ وَهُوَ الْإِطْلَاقُ

وَالتَّعْمِيمُ وَقَدْ صَرَّحَ فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ أَنَّ بَيِّنَةَ مُدَّعِي التَّخْصِيصِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ عَدَمِهِ وَصَرَّحَ فِي الدُّرَرِ أَنَّ بَيِّنَةَ مُدَّعِي الْوَقْفِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ أَوْلَى كَمَا مَرَّ نَقْلُ عِبَارَتِهِ وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ وَفِي يَدِ أَحَدِهِمَا ضَيْعَةٌ يَدَّعِي أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ وَالِابْنُ الْآخَرُ يَقُولُ إنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْنَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْقَوْلُ قَوْلُ الثَّانِي وَقَالَ غَيْرُهُ الْقَوْلُ قَوْلُ ذِي الْيَدِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ اهـ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِ أَبِيهِمَا فَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِاسْتِحْقَاقِهِ إلَّا بِحُجَّةٍ اهـ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ أَمْلَاكَهُ عَلَى نَفْسِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ بَيْنَهُمْ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ فَنَصِيبُهُ إلَى مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْوَاقِفِ ثُمَّ صَارَ نَصِيبُ وَلَدِ الْوَاقِفِ الشِّهَابِيِّ أَحْمَدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا فَمَاتَ الشِّهَابِيُّ أَحْمَدُ عَنْ ابْنٍ يُدْعَى عُمَرَ وَبِنْتَيْنِ إحْدَاهُمَا تُدْعَى بزيخان وَالْأُخْرَى بيزدان ثُمَّ مَاتَ عُمَرُ عَنْ ابْنَيْنِ أَحَدُهُمَا يُدْعَى عَلِيًّا وَالْآخَرُ عَبْدَ الْقَادِرِ ثُمَّ مَاتَتْ بيزادن عَنْ ابْنٍ يُدْعَى مُحَمَّدًا وَبِنْتٍ تُدْعَى سُتَيْتَةَ ثُمَّ مَاتَتْ بِزَيْخَانَ عَنْ بِنْتٍ تُدْعَى فَاطِمَةَ ثُمَّ مَاتَتْ فَاطِمَةُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَالْمَوْجُودُ إذْ ذَاكَ وَلَدَا خَالَتِهَا وَهُمَا مُحَمَّدٌ وَسُتَيْتَةُ وَابْنَا خَالِهَا وَهُمَا عَلِيٌّ وَعَبْدُ الْقَادِرِ ثُمَّ مَاتَ مُحَمَّدٌ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَالْمَوْجُودُ إذْ ذَاكَ شَقِيقَتُهُ سُتَيْتَةَ وَابْنَا خَالِهِ وَهُمَا عَلِيٌّ وَعَبْدُ الْقَادِرِ ثُمَّ مَاتَ عَلِيٌّ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَالْمَوْجُودُ إذْ ذَاكَ أَخُوهُ عَبْدُ الْقَادِرِ وَبِنْتُ عَمَّتِهِ سُتَيْتَةَ وَالْحَالُ أَنَّ بَعْضَ مَنْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى يَنْتَسِبُ إلَى الْوَاقِفِ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَهُوَ مُحَمَّدٌ وَأُخْتُهُ سُتَيْتَةَ وَالْبَعْضُ الْآخَرُ يَنْتَسِبُ بِأَبِيهِ فَقَطْ فَهَلْ يَكُونُ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَى الْوَاقِفِ مِمَّنْ هُوَ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ أَقْرَبَ إلَى الْوَاقِفِ مِمَّنْ يَنْتَسِبُ إلَيْهِ بِجِهَةِ أَبِيهِ فَقَطْ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْوَاقِفِ فَتَسْتَحِقُّ سُتَيْتَةَ بِمُفْرَدِهَا نَصِيبَ فَاطِمَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ الْمَذْكُورِينَ مُضَافًا إلَى نَصِيبِهَا فِي الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : الْحَمْدُ لِلَّهِ يَكُونُ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَى الْوَاقِفِ مِمَّنْ هُوَ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ بِجِهَةِ أَبِيهِ وَجِهَةِ أُمِّهِ مَعًا أَقْرَبَ إلَى الْوَاقِفِ مِمَّنْ يَنْتَسِبُ إلَيْهِ بِجِهَةِ أَبِيهِ فَقَطْ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْوَاقِفِ وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْأَقْرَبِيَّةِ الْأَقْرَبِيَّةُ فِي الْقَرَابَةِ لَا فِي الطَّبَقَاتِ لِئَلَّا يَلْغُوَ شَرْطُهُ الْأَقْرَبِيَّةَ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ مَنْ فِي الدَّرَجَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَاقِفِ فِي الطَّبَقَةِ سَوَاءٌ فَتَسْتَحِقُّ سُتَيْتَةُ بِمُفْرَدِهَا نَصِيبَ فَاطِمَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ الْمَذْكُورِينَ مُضَافًا إلَى نَصِيبِهَا فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ كَتَبَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عُفِيَ عَنْهُ أَعْنِي بِهِ الْمَرْحُومَ الْعَلَّامَةَ الْجَدَّ الْكَبِيرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيَّ وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْته. (أَقُولُ) قَدْ سُئِلَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ نَظِيرِ هَذَا السُّؤَالِ مِمَّا شُرِطَتْ فِيهِ الْأَقْرَبِيَّةُ إلَى الْوَاقِفِ لَا إلَى الْمُتَوَفَّى فَحَكَى فِي تَقْدِيمِ ذِي جِهَتَيْنِ عَلَى ذِي جِهَةٍ أَقْوَالًا ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ الْقَرَابَةُ إلَى الْوَاقِفِ قَرَابَةَ الْوِلَادَةِ لَا قَرَابَةَ الْإِخْوَةِ الْمُتَفَرِّقِينَ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَرْجَحِيَّتُهُ هُوَ مُسَاوَاةُ الْجَمِيعِ مِمَّنْ يُدْلِي مِنْ قِبَلِ أَبَوَيْهِ أَوْ أَبِيهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ اعْتِبَارِ أَرْجَحِيَّةِ ذِي الْجِهَتَيْنِ عَلَى ذِي جِهَةٍ فِي ابْنٍ هُوَ ابْنُ ابْنِ عَمٍّ وَآخَرَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ كَامْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ بِابْنِ عَمِّهَا وَلَهَا مِنْهُ ابْنٌ وَمِنْ أَجْنَبِيٍّ ابْنٌ آخَرُ وَوَقَفَتْ عَلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ إلَيْهَا مِنْ أَوْلَادِهَا وَنَسْلِهَا وَذُرِّيَّتِهَا تَرْجِيحُ أَحَدِ ابْنَيْهَا وَهُوَ الَّذِي مِنْ جِهَةِ ابْنِ عَمِّهَا عَلَى الْآخَرِ وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا عَنْ أَغْرَاضِ الْوَاقِفِينَ وَأَمَّا مَنْ أَدْلَى بِالْأُمِّ فَقَطْ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِهِ عَنْ اجْتِهَادٍ نَفَذَ قَضَاؤُهُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ وَمَوْضِعُ نَظَرٍ كَمَا قَدْ قَدَّرْته لَك اهـ ثُمَّ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ كَذَلِكَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ قَائِلًا لِكَوْنِهِمْ فِي الْقُرْبِ إلَى الْوَاقِفِ سَوَاءً وَلَا يُنْظَرُ إلَى قُوَّةِ الْقَرَابَةِ وَضَعْفِهَا إذْ لَا نَظَرَ لَهَا

فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْوَاقِفِ وَلَمْ يَقُلْ إلَى الْمَيِّتِ فَقَدْ اعْتَبَرَ الْوَاقِفُ الْأَقْرَبِيَّةَ إلَيْهِ لَا الْقُوَّةُ وَهَذَا مِمَّا لَا يُشَكُّ فِيهِ إلَخْ اهـ. لَكِنْ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْوَاقِفُ الدَّرَجَةَ إذْ مَعَ ذِكْرِهَا يَلْزَمُ إلْغَاءُ هَذَا الشَّرْطِ بِالْكُلِّيَّةِ إذْ كُلُّ مَنْ فِي الدَّرَجَةِ مُسْتَوُونَ فِي الْقُرْبِ إلَيْهِ فَيَتَرَجَّحُ مَا قَالَهُ جَدُّ الْمُؤَلِّفِ مِنْ الْمَصِيرِ إلَى أَنْ يُرَادَ بِالْأَقْرَبِيَّةِ زِيَادَةُ الْقُوَّةِ فِي قَرَابَةِ الْوِلَادَةِ أَيْضًا كَمَا فِي قَرَابَةِ الْإِخْوَةِ لِأَنَّ إعْمَالَ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إلْغَائِهِ لَكِنْ يَنْبَغِي تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِمَا عَدَا الطَّبَقَةَ الْأُولَى مِنْ قَرَابَةِ الْوِلَادَةِ بِقَرِينَةِ غَرَضِ الْوَاقِفِ وَإِنْ كَانَ وُقُوعُ ذَلِكَ فِي غَايَةِ النُّدْرَةِ وَبِهِ انْدَفَعَ الْإِلْزَامُ الْمَذْكُورُ بِابْنٍ ذِي جِهَتَيْنِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي الْقَاصِرِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ الثَّابِتِ الْمَضْمُونِ شُرُوطًا مِنْهَا أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ عَادَ نَصِيبُهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إلَى مَنْ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ لِلْمُتَوَفَّى فَمَاتَ رَجُلٌ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ اسْمُهُ إبْرَاهِيمُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَهُ اسْتِحْقَاقٌ فِي الْوَقْفِ آلَ إلَيْهِ عَنْ أُمِّهِ زَيْنٍ الْمُتَوَفَّاةِ الْمُسْتَحِقَّةِ مِنْ الْوَقْفِ وَفِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مِنْ جُمْلَتِهِمْ أَبُوهُ أَحْمَدُ بْن كَاتِبَةِ الْمُسْتَحِقَّةِ الْمُتَوَفَّاةِ عَنْهُ ثُمَّ مَاتَ أَحْمَدُ الْمَذْكُورُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ وَفِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ الْجَمَاعَةُ الْمَذْكُورُونَ الْبَعْضُ مِنْهُمْ أَوْلَادُ أَوْلَادِ خَالِ وَخَالَةِ كَاتِبَةَ أُمِّ أَحْمَدَ الْمَزْبُورِ وَالْبَعْضُ أَوْلَادُ أَوْلَادِ أَوْلَادِ عَمِّ جَدِّهِ أَحْمَدَ الْمَزْبُورِ وَلِأَحْمَدَ الْمَزْبُورِ أَوْلَادُ أُخْتٍ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَنْزَلُ دَرَجَةً مِنْهُ مَاتَتْ أُمُّهُمْ عَنْهُمْ فِي حَيَاةِ أَحْمَدَ يَزْعُمُونَ أَنَّ نَصِيبَ أَحْمَدَ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ يَعُودُ إلَيْهِمْ لأقربيتهم لِأَحْمَدَ وَإِنْ كَانُوا أَنْزَلَ دَرَجَةً مِنْهُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ الْوَاقِفِ الْقَاضِي فَتْحِ الدِّينِ الْمَالِكِيِّ فَهَلْ يَعُودُ نَصِيبُ إبْرَاهِيمَ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ لِأَبِيهِ أَحْمَدَ ثُمَّ تَعُودُ حِصَّةُ أَحْمَدَ مَعَ مَا آلَ إلَيْهِ مِنْ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورِ لِلْأَقْرَبِ مِنْ أَهْلِ دَرَجَتِهِ وَهُمْ أَوْلَادُ أَوْلَادِ خَالِ وَخَالَةِ كَاتِبَةَ أُمِّهِ دُونَ أَوْلَادِ أُخْتِهِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ الْمَذْكُورِينَ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ

غَيْرِ وَلَدٍ عَادَ نَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى فَقَدْ شَرَطَ الْأَقْرَبِيَّةَ بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الدَّرَجَةِ وَهُوَ تَمَامُ الشَّرْطِ الْمُقَيَّدِ بِالدَّرَجَةِ. (أَقُولُ) وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ حَيْثُ شَرَطَ الْأَقْرَبِيَّةَ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ وَوَجَدَ فِيهَا جَمَاعَةً بَعْضُهُمْ أَقْرَبُ لِلْمُتَوَفَّى مِنْ بَعْضٍ وَوَجَدَ أَيْضًا فِي أَنْزَلَ مِنْهَا مَنْ هُوَ أَقْرَبُ نَسَبًا لِلْمُتَوَفَّى مِنْ الْجَمِيعِ قُدِّمَ الْأَقْرَبُ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ وَإِنْ كَانَ الْأَنْزَلُ مِنْهُ أَقْرَبَ نَسَبًا لِئَلَّا يَلْغُو اشْتِرَاطُ الدَّرَجَةِ وَالْوَاقِفُ قَدْ اعْتَبَرَ الْأَقْرَبِيَّةَ فِي أَهْلِ الدَّرَجَةِ لَا مُطْلَقًا وَسَيَأْتِي سُؤَالٌ فِي ذَلِكَ أَيْضًا قَالَ الْمُؤَلِّفُ ثُمَّ رَأَيْت بَعْدَ عِدَّةِ سِنِينَ جَوَابًا لِلشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْبَهْنَسِيِّ شَارِحِ الْمُلْتَقَى مُوَافِقًا لِمَا ذَكَرْنَا صُورَتَهُ فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفٌ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَمَاتَ مُسْتَحِقٌّ يُدْعَى بَدْرَ الدِّينِ وَبِيَدِهِ ثُلُثٌ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَهُ بِنْتُ خَالٍ وَخَالَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ثُلُثٌ فَهَلْ تَنْتَقِلُ حِصَّتُهُ لِبِنْتِ الْخَالِ أَوْ لِلْخَالَةِ أَوْ لَهُمَا فَأَجَابَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَقَّهَ مَنْ أَرَادَ بِهِ خَيْرًا فِي دِينِهِ وَوَفَّقَهُ لِتَحْرِيرِ مَسَائِلِهِ وَبَرَاهِينِهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مُظْهِرِ الْحَقِّ بِلَا خِلَافٍ فِي حِينِهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ مَيَّزُوا مِنْ غَثِّ الشَّيْءِ سَمِينَهُ صَلَاةً دَائِمَةً إلَى يَوْمِ {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: 38] وَبَعْدُ فَقَدْ اخْتَلَقَ جَوَابًا مَنْ نَسَبَ إلَى الْعِلْمِ نَفْسَهُ وَلَمْ يَخْشَ التَّجَرِّيَ عَلَى النَّارِ حِينَ يَحِلُّ رَمْسَهُ فَكَتَبَ أَوَّلًا أَنَّهُ يَنْتَقِلُ مَا بِيَدِهِ لِخَالَتِهِ لِكَوْنِهَا أَقْرَبَ وَغَفَلَ عَنْ اعْتِبَارِ الدَّرَجَةِ وَالطَّبَقَةِ قَبْلَ الْأَقْرَبِيَّةِ وَهَذَا خَطَأٌ بَيِّنٌ لَا يَصْدُرُ مِثْلُهُ عَمَّنْ لَهُ أَدْنَى أَنَانِيَّةٍ وَلَوْ عَلِمَ شَرْعًا مَعْنَاهَا وَاشْتِقَاقَهَا لُغَةً وَمَبْنَاهَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ هَذَا الْغَلَطُ الْوَاضِحُ ثُمَّ نَادَى عَلَى نَفْسِهِ حَيْثُ إنَّهُ كَتَبَ عَلَى سُؤَالٍ آخَرَ بِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ لِبِنْتِ الْخَالِ بِنِدَاءٍ فَاضِحٍ ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّهُ أَرَادَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْجَوَابَيْنِ وَالتَّوْفِيقَ فَذَكَرَ أَشْيَاءَ يُنْكِرُهَا مَنْ شَمَّ رَائِحَةَ التَّحْقِيقِ وَبَسْطُ الْكَلَامِ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ مِمَّا لَا يَلِيقُ فَأَقُولُ الْحَقُّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ إنْ أُرِيدَ بِالدَّرَجَةِ وَالطَّبَقَةِ الْمُسَاوَاةُ فِي النَّسَبِ إلَى الْوَاقِفِ وَهُوَ الرَّاجِحُ فَالْحِصَّةُ تَنْتَقِلُ لِبِنْتِ الْخَالِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ قَالَهُ فَقِيرُ ذِي اللُّطْفِ الْخَفِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَهْنَسِيُّ الْحَنَفِيُّ حَامِدًا مُصَلِّيًا مُسَلِّمًا. (أَقُولُ) وَوَجْهُ مُوَافَقَتِهِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَعْطَى الْحِصَّةَ لِبِنْتِ الْخَالِ لِكَوْنِهَا فِي الدَّرَجَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ فِي دَرَجَتِهَا وَلَمْ يُعْطِ الْخَالَةَ مَعَ أَنَّهَا أَقْرَبُ نَسَبًا لِلْمُتَوَفَّى لِأَنَّ الْوَاقِفَ اعْتَبَرَ الدَّرَجَةَ أَوَّلًا ثُمَّ الْأَقْرَبِيَّةَ فِيهَا وَالْخَالَةُ أَعْلَى دَرَجَةً فَلَا تُعْطَى وَإِنْ كَانَتْ أَقْرَبَ حَيْثُ وُجِدَ فِي الدَّرَجَةِ أَحَدٌ وَإِنْ انْفَرَدَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ شَرَطَ الْوَاقِفُ الِانْتِقَالَ لِلْأَقْرَبِ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ يُعْطَى لِمَنْ هُوَ أَقْرَبُ نَسَبًا فِيهَا سَوَاءٌ وُجِدَ مَعَهُ فِيهَا غَيْرَهُ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ وُجِدَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْهُ فِي غَيْرِهَا أَعْلَى مِنْهُ دَرَجَةً أَوْ أَنْزَلَ أَوْ لَا ثُمَّ تَفْسِيرُ الدَّرَجَةِ بِمَا ذُكِرَ لَا يُنَافِي مَا مَرَّ عَنْ فَتَاوَى جَدِّ الْمُؤَلِّفِ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُقَيِّدْ الْأَقْرَبِيَّةَ تَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَوَفَّى لَا إلَى الْوَاقِفِ لِأَنَّ هَذَا فِي بَيَانِ مَعْنَى الدَّرَجَةِ وَالطَّبَقَةِ بِأَنَّهَا مُسَاوَاةُ الْمُتَوَفَّى فِي النَّسَبِ إلَى الْوَاقِفِ وَذَلِكَ فِي بَيَانِ الْمُرَادِ بِالْأَقْرَبِيَّةِ بَعْدَ تَحَقُّقِ الدَّرَجَةِ الْمَذْكُورَةِ فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى جَمَاعَةٌ يُسَاوُونَهُ فِي النَّسَبِ إلَى الْوَاقِفِ وَقَدْ أَطْلَقَ الْوَاقِفُ الْأَقْرَبِيَّةَ يُقَدَّمُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ الْمُسَاوِينَ لَهُ فِي الدَّرَجَةِ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ نَسَبًا وَرَحِمًا إلَيْهِ لَا إلَى الْوَاقِفِ. (سُئِلَ) أَيْضًا عَنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَسَمَّاهُمْ وَعَلَى مَنْ سَيُحْدِثُهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ وَثُمَّ مِثْلٍ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ وَإِنْ سَفَلُوا بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ تَحْجُبُ السُّفْلَى عَلَى أَنَّهُ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ

أَوْ نَسْلٍ أَوْ عَقِبٍ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ وَثُمَّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَى الْمُتَوَفَّى إلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ إلَيْهِ فَالْأَقْرَبُ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْأَخُ الشَّقِيقُ وَالْأَخُ لِأَبٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى مَنْ يُسَاوِيهِ فَعَلَى أَقْرَبِ الْمَوْجُودِينَ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ ثُمَّ عَلَى وَلَدِ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ ذَلِكَ ثُمَّ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورَيْنِ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ بِمُوجِبِ كِتَابِ وَقْفِهِ الشَّرْعِيِّ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ وَأَوْلَادُهُ وَأَوْلَادُهُمْ وَانْحَصَرَ الْوَقْفُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِي طَبَقَةٍ وَدَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ هِيَ الطَّبَقَةُ السَّادِسَةُ وَمَاتَ مِنْهُمْ مُسْتَحِقٌّ هُوَ إبْرَاهِيمُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَهُ نَصِيبٌ فِي رِيعِ الْوَقْفِ آلَ إلَيْهِ عَنْ أُمِّهِ زَيْنٍ الْمَزْبُورَةِ وَأَقْرَبُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ الْمَزْبُورَةِ أَبُوهُ أَحْمَدُ بْنُ كَاتِبَةَ الْمُسْتَحِقَّةِ الْمُتَوَفَّاةِ عَنْهُ وَفِي الطَّبَقَةِ السَّابِعَةِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ هُوَ أَوْلَادُ عَمَّتِهِ مُسَاوُونَ لَهُ فِي الطَّبَقَةِ السَّابِعَةِ الَّتِي مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ فَلِمَنْ يَعُودُ نَصِيبُهُ فِي الْوَقْفِ الْآيِلِ إلَيْهِ عَنْ أُمِّهِ زَيْنٍ الْمَزْبُورَةِ؟ . (الْجَوَابُ) : يَعُودُ نَصِيبُهُ مِنْ الْوَقْفِ الْآيِلِ إلَيْهِ عَنْ أُمِّهِ زَيْنٍ الْمَزْبُورَةِ لِأَبِيهِ الْمَزْبُورِ لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ إلَيْهِ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ وَلَا يَعُودُ لِأَوْلَادِ عَمَّتِهِ الْمَذْكُورِينَ لِكَوْنِهِمْ فِي الدَّرَجَةِ السُّفْلَى عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ تَحْجُبُ السُّفْلَى وَبِقَوْلِهِ فِي ذَيْلِ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورَيْنِ وَقَدْ أَفْتَى الْمَرْحُومُ الْعَلَّامَةُ الْعَمُّ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ عَلَى سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيْهِ فِي رَجُلٍ لَهُ دَرَجَتَانِ دَرَجَةٌ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ وَدَرَجَةٌ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ بِمَا مُلَخَّصُهُ أَنَّ مَا آلَ إلَيْهِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ يَعُودُ لِمَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ وَمَا آلَ إلَيْهِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ فَلِمَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ وَقَدْ بَحَثَ فِي ذَلِكَ بَحْثًا مُفِيدًا فَقَالَ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ النَّصِيبَيْنِ آلَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةٍ وَلِكُلٍّ مِنْ الْجِهَتَيْنِ دَرَجَةٌ وَقَدْ شَرَطَ الْوَاقِفُ عَوْدَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِمَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَيَصْدُقُ عَلَى أَهْلِ كُلِّ دَرَجَةٍ مِنْ الدَّرَجَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ أَنَّهُمْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى لِاخْتِلَافِ جِهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي الْأَصْلِ فَلَوْ أَعْطَيْنَا جَمِيعَ مَا آلَ إلَيْهِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ لِأَهْلِ الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا دُونَ مَنْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ السُّفْلَى لَزِمَ تَخْصِيصُ إحْدَى الدَّرَجَتَيْنِ عَلَى أَهْلِ الدَّرَجَةِ الْأُخْرَى مِنْ غَيْرِ مُخَصِّصٍ يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْوَاقِفِ. وَإِهْمَالُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ صَرِيحُ كَلَامِهِ مَعَ إمْكَانِ الْعَمَلِ بِهِ وَإِعْمَالُ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ خَصَّصْنَا النَّصِيبَ بِأَهْلِ الدَّرَجَةِ السُّفْلَى وَيَلْزَمُ أَيْضًا حِرْمَانُ إحْدَى الدَّرَجَتَيْنِ مِنْ الْإِعْطَاءِ مَعَ صَرِيحِ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى الْإِعْطَاءِ وَمَتَى احْتَمَلَ اللَّفْظُ الْإِعْطَاءَ وَالْحِرْمَانَ يُقَدَّمُ الْإِعْطَاءُ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ إلَى كَلَامِ الْوَاقِفِينَ فَكَيْفَ مَعَ عَدَمِ احْتِمَالِ اللَّفْظِ لِلْحِرْمَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَوْ قُلْنَا بِاسْتِحْقَاقِ جَمِيعِ أَهْلِ الدَّرَجَتَيْنِ لِلنَّصِيبِ الْمَذْكُورِ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اشْتِرَاكُ إحْدَى الدَّرَجَتَيْنِ بِنَصِيبِ الْأُخْرَى مِنْ غَيْرِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ صَرِيحُ كَلَامِ الْوَاقِفِ مَعَ إمْكَانِ إعْمَالِهِ فِي عَوْدِ نَصِيبِ أَهْلِ الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا لِمَنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلْمُتَوَفَّى فِيهَا وَكَذَلِكَ فِي أَهْلِ السُّفْلَى وَالْإِعْمَالُ أَوْلَى مِنْ الْإِهْمَالِ فَمَا آلَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا يَعُودُ لِمَنْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ فِيهَا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَمَا آلَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الدَّرَجَةِ السُّفْلَى يَعُودُ أَيْضًا لِمَنْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ فِيهَا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ أَقُولُ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ نَخْتَارُ الشِّقَّ الثَّانِيَ وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ جَمِيعِ أَهْلِ الدَّرَجَتَيْنِ لِأَنَّ لَفْظَ الدَّرَجَةِ جِنْسٌ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى حَقِيقَةً وَلِأَنَّ الْمُضَافَ يَعُمُّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: 63] أَيْ كُلِّ

أَمْرٍ لِلَّهِ تَعَالَى. وَفَرَّعُوا عَلَيْهِ مَا لَوْ أَوْصَى لِوَلَدِ زَيْدٍ أَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِ زَيْدٍ وَلَهُ أَوْلَادٌ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ كَانَ لِلْكُلِّ وَتَمَامُهُ فِي أَوَاخِرِ الْأَشْبَاهِ قُبَيْلَ الدُّعَاءِ بِرَفْعِ الطَّاعُونِ فَكَذَا يَعُمُّ فِي مَسْأَلَتِنَا وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ مَا يَخُصُّ إحْدَاهُمَا حَيْثُ وُجِدَتَا وَلَا مَا يَمْنَعُ إرَادَتَهُمَا مَعًا لَا لُغَةً وَلَا اصْطِلَاحًا وَلَا مَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِبَعْضِ مَا فِي يَدِ الْمُتَوَفَّى وَلَفْظُ مَا مِنْ أَدَوَاتِ الْعُمُومِ فَقَوْلُ الْوَاقِفِ وَمَا كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ أَوْ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ يَنْتَقِلُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ يَشْمَلُ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ فَيَعُودُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّرَجَةُ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ وَتَخْصِيصُ بَعْضِهَا بِبَعْضِهِ تَخْصِيصٌ بِلَا مُخَصِّصٍ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الَّذِي آلَ إلَى الْمُتَوَفَّى مِنْ جِهَةِ دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ وَقُلْنَا إنَّ ذَلِكَ الَّذِي آلَ إلَيْهِ يَنْتَقِلُ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى أَهْلِ تِلْكَ الدَّرَجَةِ فَقَطْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَرْجِيحُ تِلْكَ الدَّرَجَةِ عَلَى الْأُخْرَى بِلَا مُرَجِّحٍ، وَحِرْمَانُ بَعْضِ الدَّرَجَاتِ وَإِهْمَالُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْوَاقِفِ مِنْ إطْلَاقِ الدَّرَجَةِ وَعَدَمُ حِرْمَانِ أَهْلِهَا وَالْإِعْمَالُ أَوْلَى مِنْ الْإِهْمَالِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ اشْتِرَاكُ إحْدَى الدَّرَجَتَيْنِ بِنَصِيبِ الْأُخْرَى، فَإِنَّمَا يَرِدُ لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ مَا انْتَقَلَ إلَيْهِ مِنْ إحْدَى الدَّرَجَتَيْنِ هُوَ نَصِيبُهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ بَعْدَ انْتِقَالِهِ صَارَ نَصِيبُهُ لَا نَصِيبُهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِقَالِهِ إلَيْهِ مِنْ تِلْكَ الدَّرَجَةِ عَوْدُهُ إلَيْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ نَصِيبَهَا بَعْدَ صَيْرُورَتِهِ نَصِيبَهُ وَلَوْ بَقِيَ نَصِيبُهَا بَعْدَ انْتِقَالِهِ إلَيْهِ لَزِمَ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الدَّرَجَةِ أَحَدٌ أَنْ لَا يُعْطَى لِأَهْلِ دَرَجَتِهِ الْأُخْرَى فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ إهْمَالُ كَلَامِ الْوَاقِفِ بِالْكُلِّيَّةِ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَشْيَاءُ أُخَرُ تَظْهَرُ لِمَنْ تَدَبَّرَ نَعَمْ إذَا رَتَّبَ الْوَاقِفُ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ وَشَرَطَ حَجْبَ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا لِلطَّبَقَةِ السُّفْلَى فَحِينَئِذٍ يُقَالُ بِاخْتِصَاصِ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا مِنْ طَبَقَتَيْ الْمُتَوَفَّى بِمَا فِي يَدِهِ كُلِّهِ مِنْ أَيِّ طَبَقَةٍ كَانَ ذَلِكَ مُنْتَقِلًا إلَيْهِ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِشَرْطِهِ تَرْتِيبَ الطَّبَقَاتِ وَبِشَرْطِهِ انْتِقَالَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ الثَّانِي نَاسِخًا لِعُمُومِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا إذَا كَانَ لِلْمُتَوَفَّى دَرَجَةٌ وَاحِدَةٌ وَفَوْقَهُ دَرَجَةٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ لَهُ دَرَجَتَانِ مُتَفَاوِتَتَانِ وَمَاتَ لَا عَنْ وَلَدٍ مَعَ شَرْطِ الْوَاقِفِ عَوْدَ نَصِيبِهِ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ أَنَّهُ يَعُودُ إلَى كُلِّ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ نَصِيبُهُ أَصْلِيًّا أَوْ آئِلًا إلَيْهِ مِنْ إحْدَى الدَّرَجَتَيْنِ أَوْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِعَدَمِ التَّرْجِيحِ إلَّا إذَا كَانَ الْوَقْفُ مُرَتَّبًا بِثُمَّ مَشْرُوطًا فِيهِ حَجْبُ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا لِلسُّفْلَى فَحِينَئِذٍ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ لِلْعُلْيَا مِنْ دَرَجَتَيْهِ كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا فَيُدْفَعُ نَصِيبُ إبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ أَحْمَدَ لِكَوْنِهِ فِي الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ يَعُودُ نِصْفُهُ عَلَى ابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ وَالنِّصْفُ الثَّانِي عَلَى فُقَرَاءِ النَّقْشَبَنْدِيَّةِ الْمُقِيمِينَ بِدِمَشْقَ الْمَنْسُوبِينَ بِالتَّلْمَذَةِ لَهُ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ وَعَدَدُهُمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَمَاتَ ثُمَّ غَابَ وَاحِدٌ مِنْ الْفُقَرَاءِ الْمَذْكُورِينَ عَنْ دِمَشْقَ وَأَعْمَالِهَا إلَى بَلْدَةٍ بَعِيدَةٍ وَلَيْسَ لَهُ بِدِمَشْقَ زَوْجَةٌ وَلَا بَيْتٌ وَلَا تَعَلُّقُ أَصْلًا وَلَهُ بِنْتٌ تُطَالِبُ الْمُتَوَلِّي بِنَصِيبِ أَبِيهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَقْفًا عَلَى تَلَامِذَتِهِ وَنَصَّ عَلَيْهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَهُمْ مَعْلُومُونَ وَمَاتَ فَادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهَا مِنْ تَلَامِذَةِ زَيْدٍ وَطَلَبَتْ حِصَّةً مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لَكِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِمْ فَهَلْ لَا تَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِ زَيْدٍ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَعَدَّ خَمْسَةً لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ سَائِرُ أَوْلَادِهِ وَمَنْ يَحْدُثُ لَهُ فَهُوَ كَمَا تَرَى قَدْ نَفَى الدُّخُولَ بِالتَّعْيِينِ وَالْعَدِّ كَذَا فِي أَوَاخِرِ وَقْفِ الْخَيْرِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ الْمَوْجُودِينَ وَسَمَّاهُمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ عَلَى

الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمُعَيَّنَيْنِ أَعْلَاهُ وَمَاتَ وَتَصَرَّفَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ بَعْدَهُ عَلَى وَفْقِ شَرْطِهِ مِنْ حَجْبِ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا لِلسُّفْلَى مِنْ مُدَّةٍ مَدِيدَةٍ فَهَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ فَلَا يُعْطَى لِأَهْلِ الطَّبَقَةِ السُّفْلَى شَيْءٌ مَا دَامَ وَاحِدٌ مِنْ الْعُلْيَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مُرَتَّبٍ بِثُمَّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَمِنْ شُرُوطِهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا عَقِبٍ فَنَصِيبُهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَيْهِ ثُمَّ مَاتَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَيْسَ فِي طَبَقَتِهَا وَلَا فِي الطَّبَقَةِ الَّتِي فَوْقَهَا أَحَدٌ وَفِي الطَّبَقَةِ الَّتِي تَلِي طَبَقَتَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ لَيْسَ مِنْهُمْ أَقْرَبُ إلَيْهَا مِنْ ابْنِ أَخِيهَا وَبِنْتِ أُخْتِهَا لِأَبِيهَا فَهَلْ يَعُودُ نَصِيبُ الْمَرْأَةِ إلَيْهِمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَنْشَأَهُ وَاقِفُهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى بَنَاتِهِ لِصُلْبِهِ الْأَرْبَعِ وَعَلَى أَوْلَادِ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ جَمِيعًا عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَعَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ كَذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ وَثُمَّ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ رَجَعَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ رَجَعَ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ عَنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ الْمَذْكُورِينَ ثُمَّ مَاتُوا عَنْ أَوْلَادٍ ثُمَّ مَاتَتْ الْآنَ امْرَأَةٌ مِنْ الذُّرِّيَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَمْ يَبْقَ حِينَ مَوْتِهَا فِي دَرَجَتِهَا أَحَدٌ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ سِوَى جَمَاعَةٍ فِي الدَّرَجَةِ الَّتِي تَلِي دَرَجَتَهَا النَّازِلَةِ مِنْهَا الَّتِي هِيَ أَعْلَى الدَّرَجَاتِ وَهُمْ أَوْلَادُ أُخْتِهَا وَأَوْلَادُ أَوْلَادِ بِنْتَيْ عَمَّةِ أَبِيهَا فَلِمَنْ يَرْجِعُ نَصِيبُهَا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ جَعَلَ الْوَاقِفُ الْمَذْكُورُ أَوْلَادَ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ فِي دَرَجَةِ أَوْلَادِهِ وَطَبَقَتِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ كَذَلِكَ وَرَتَّبَ الطَّبَقَاتِ بِثُمَّ وَجَعَلَ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي طَبَقَةِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ أَحَدٌ فَيَرْجِعُ نَصِيبُهَا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ لِلدَّرَجَةِ الَّتِي تَلِي دَرَجَتَهَا النَّازِلَةَ مِنْهَا الَّتِي هِيَ أَعْلَى الدَّرَجَاتِ وَهُمْ أَوْلَادُ أُخْتِهَا وَأَوْلَادُ أَوْلَادِ بِنْتِي عَمَّةِ أَبِيهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (أَقُولُ) فِي كَوْنِهِ يَعُودُ إلَى أَعْلَى الدَّرَجَاتِ فَقَطْ كَلَامٌ سَتَعْرِفُهُ وَقَدْ نَبَّهَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ حَيْثُ جَعَلَ الْوَاقِفُ إلَخْ عَلَى أَنَّ أَوْلَادَ أَوْلَادِ بِنْتَيْ عَمَّةِ أَبِيهَا فِي دَرَجَةِ أَوْلَادِ أُخْتِهَا وَإِنْ كَانُوا مِنْ ذُرِّيَّةِ إبْرَاهِيمَ ابْنِ الْوَاقِفِ وَفِي ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى دَفْعِ مَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ النَّاسِ فِي زَمَانِنَا مِنْ مُدَّةِ سِنِينَ حَيْثُ زَعَمَ فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْحَادِثَةِ أَنَّ أَوْلَادَ ابْنِ الْوَاقِفِ أَنْزَلُ دَرَجَةً مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَكَذَا أَوْلَادُ أَوْلَادِ الِابْنِ أَنْزَلُ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَهَكَذَا حَتَّى إنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ أَوْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْهُمْ وَلَا شَيْءَ لِأَوْلَادِ ابْنِ الْوَاقِفِ أَوْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ لِزَعْمِهِ أَنَّهُمْ أَنْزَلُ طَبَقَةً بِاعْتِبَارِ أَبِيهِمْ وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ زَعْمٌ فَاسِدٌ مَنْشَؤُهُ اشْتِبَاهُ الطَّبَقَةِ النِّسْبِيَّةِ بِالطَّبَقَةِ الِاسْتِحْقَاقِيَّةِ فَإِنَّ أَوْلَادَ ابْنِهِ مِنْ حَيْثُ النَّسَبُ أَنْزَلُ طَبَقَةً مِنْ أَوْلَادِهِ وَلَكِنَّ الْوَاقِفَ قَدْ جَعَلَهُمْ فِي طَبَقَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِحْقَاقُ ثُمَّ رَتَّبَ كَذَلِكَ فِي أَوْلَادِهِمْ أَوْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ ابْنِ الشَّلَبِيِّ عَنْ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْغَرْسِ صَاحِبِ الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ الْمُعْتَبَرُ طَبَقَاتُ الِاسْتِحْقَاقِ الْجَعْلِيَّةِ لَا طَبَقَاتُ الْإِرْثِ النَّسَبِيَّةِ وَرُبَّمَا كَانَ الْأَقْرَبُ طَبَقَةً أَبْعَدُ نَسَبًا. وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ بَيْنَ قَوْلِنَا هَذَا أَقْرَبُ طَبَقَةً وَهَذَا أَقْرَبُ نَسَبًا وَإِذَا وَقَعَ تَطْبِيقُ الْوَاقِفِ وَتَرْتِيبُهُ فِي أَهْلِ نَسَبٍ وَاحِدٍ لَا يَكُونُ مَنَاطُ الِاسْتِحْقَاقِ إلَّا ذَلِكَ التَّرْتِيبُ وَالتَّطْبِيقُ دُونَ الْأَنْسَابِ وَطَبَقَاتِهَا اهـ فَرَحِمَهُ اللَّهُ مَا أَجْزَلَ عِبَارَتَهُ اهـ مَا فِي فَتَاوَى الشِّهَابِ ابْنِ الشَّلَبِيِّ ثُمَّ لَيْتَ شَعْرِي مَا يَقُولُ هَذَا الزَّاعِمُ فِيمَا لَوْ وَقَفَ الْوَاقِفُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَعَلَى رَجُلٍ آخَرَ أَجْنَبِيٍّ أَدْخَلَهُ مَعَهُمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ أَمَا يُضْطَرُّ إلَى أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ

الْأَجْنَبِيَّ فِي دَرَجَةِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَأَوْلَادَ الْأَجْنَبِيِّ فِي دَرَجَةِ أَوْلَادِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ نَظَرًا إلَى الطَّبَقَاتِ الِاسْتِحْقَاقِيَّةِ الْجَعْلِيَّةِ الَّتِي جَعَلَهَا الْوَاقِفُ وَلَوْ كَانَ لِمُعْتَبَرِ الطَّبَقَاتِ النَّسَبِيَّةِ لَزِمَ إخْرَاجُ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ وَأَوْلَادِهِ مِنْ الْوَقْفِ أَصْلًا فَهَلْ هَذَا الْإِعْنَادُ ظَاهِرٌ وَقَدْ عُقِدَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَجْلِسٌ حَافِلٌ مِنْ أَعْيَانِ الْأَفَاضِلِ وَاجْتَمَعَ رَأْيُ الْجَمِيعِ عَلَى خِلَافِ مَا زَعَمَهُ ذَلِكَ الزَّاعِمُ وَبَقِيَ هُوَ مُنْفَرِدًا فِي غَلَطِهِ وَلَمْ يَزَلْ إلَى الْآنِ زَائِدًا فِي شَطَطِهِ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَقْفَهُ مُنَجِّزًا عَلَى وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ وَعَلَى بِنْتِهِ رِضَا مَا دَامَتْ حَيَّةً بِلَا زَوْجٍ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِذَا تَزَوَّجَتْ سَقَطَ حَقُّهَا وَإِذَا تَأَيَّمَتْ عَادَ حَقُّهَا وَلَيْسَ لِأَوْلَادِهَا فِي الْوَقْفِ حَقٌّ مُطْلَقًا ثُمَّ مِنْ بَعْدِ وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ الْمَذْكُورِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَطَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ كَانَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ كَانَ نَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ فَإِذَا انْقَرَضَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ نَسْلٌ وَلَا عَقِبٌ كَانَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى أَقْرَبِ عَصَبَاتِ الْوَاقِفِ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمَشْرُوحِ فَإِذَا انْقَرَضَتْ عَصَبَاتُ الْوَاقِفِ وَخَلَتْ الْأَرْضُ مِنْهُمْ كَانَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى مَصَالِحِ الْحَرَمِ الشَّرِيف فَمَاتَ إبْرَاهِيمُ عَنْ ابْنِهِ أَحْمَدَ ثُمَّ مَاتَ أَحْمَدُ عَنْ ابْنِهِ إبْرَاهِيمَ ثُمَّ مَاتَ إبْرَاهِيمُ وَلَمْ يُعْقِبْ فَهَلْ يَئُولُ الْوَقْفُ إلَى عَصَبَاتِ الْوَاقِفِ؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَئُولُ الْوَقْفُ الْمَذْكُورُ لِعَصَبَاتِ الْوَاقِفِ لِأَنَّ الْوَاقِفَ شَرَطَ عَوْدَهُ لِعَصَبَاتِهِ بَعْدَ انْقِرَاضٍ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَنْقَرِضُوا مَعَ وُجُودِ رِضَا الْمَذْكُورَةِ وَشَرَطَ فِي نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ عَوْدَهُ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ وَلَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى فَيَكُونُ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ فَلَا يَئُولُ لِلْعَصَبَاتِ لِعَدَمِ انْقِرَاضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَلَا لِرِضَا لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى بَلْ يَئُولُ لِلْفُقَرَاءِ فَتَأْخُذُ رِضَا حِصَّتَهَا وَهِيَ الثُّلُثُ مُدَّةَ حَيَاتِهَا وَمِنْ بَعْدِهَا لِأَوْلَادِهَا لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ إلَخْ شَرْطٌ مُتَأَخِّرٌ نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ وَالثُّلُثَانِ لِلْفُقَرَاءِ كَمَا ذَكَرَ إلَى انْقِرَاضِ رِضَا وَذُرِّيَّتِهَا فَيَئُولُ الْوَقْفُ جَمِيعًا إلَى عَصَبَاتِ الْوَاقِفِ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي هَذَيْنِ فَإِذَا انْقَرَضَتْ فَعَلَى أَوْلَادِهِمَا أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا إذَا انْقَرَضَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ وَخَلَفَ وَلَدًا يُصْرَفُ نِصْفُ الْغَلَّةِ إلَى الْبَاقِي، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ إلَى الْفُقَرَاءِ بَحْرٌ وَنَحْوُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالتَّتَارْخَانِيَّة وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْحَانُوتِيُّ وَالْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا إذَا كَانَ رِضَا غَيْرَ فَقِيرَةٍ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فَقِيرَةً فَيُصْرَفُ إلَيْهَا حِصَّةُ الْمُتَوَفَّى أَيْضًا مَعَ حِصَّتِهَا لِأَنَّهَا بِنْتُ الْوَاقِفِ وَذُرِّيَّةُ الْوَاقِفِ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِمْ مِنْ حَيْثُ الْفَقْرُ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ لَا مِنْ حَيْثُ الِاسْتِحْقَاقُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. (أَقُولُ) وَقَوْلُهُ وَمِنْ بَعْدِهَا لِأَوْلَادِهَا إلَخْ أَفْتَى بِمِثْلِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ حَيْثُ أَعْطَى أَوْلَادَ بِنْتٍ فِي وَقْفٍ مَشْرُوطٍ فِيهِ إعْطَاءَ أَوْلَادِ الظُّهُورِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قُلْت مَا تَفْعَلُ فِي قَوْلِهِ أَوْلَادُ الظُّهُورِ مِنْهُمْ دُونَ أَوْلَادِ الْبُطُونِ قُلْت قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ شَرْطَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ يُعْمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ إلَخْ مُتَأَخِّرٌ فَتَأَمَّلْ هَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي الْقَاصِرِ وَمَنْ ظَهَرَ لَهُ خِلَافُ ذَلِكَ فَلْيُفِدْهُ وَلَهُ الْأَجْرُ الْوَافِرُ وَمَا أَبْرَزْت هَذَا الْجَوَابَ إلَّا بَعْدَ النَّظَرِ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَالْأَخْذِ الْمَذْكُورِ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ يُفْهَمُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ كَلَامُهُ وَأَقُولُ أَيْضًا الْعَمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْ الشَّرْطَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ الْعَمَلُ بِهِمَا مَعًا وَهُوَ مَسْأَلَتُنَا مُمْكِنٌ بِأَنْ يُصْرَفَ الشَّرْطُ الْمُتَأَخِّرُ وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ إلَخْ إلَى إبْرَاهِيمَ وَأَوْلَادِهِ وَنَسْلِهِ دُونَ بِنْتِ الْوَاقِفِ وَهُوَ رِضَا الْمَذْكُورَةِ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ صَرِيحُ كَلَامِ الْوَاقِفِ مِنْ أَنَّهُ

لَيْسَ لِأَوْلَادِهَا فِي الْوَقْفِ حَقٌّ مُطْلَقًا فَهَذَا قَرِينَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى تَخْصِيصِ شَرْطِهِ الْعَامِّ الْمُتَأَخِّرِ بِعَوْدِهِ إلَى إبْرَاهِيمَ وَنَسْلِهِ دُونَهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا تَعَارُضَ بَلْ فِيهِ الْعَمَلُ بِغَرَضِ الْوَاقِفِ الَّذِي هُوَ صَرِيحٌ فِي كَلَامِهِ وَقَدْ قَالَ فِي الْخَيْرِيَّةِ قَدْ صَرَّحُوا بِوُجُوبِ مُرَاعَاةِ غَرَضِهِ حَتَّى نَصَّ الْأُصُولِيُّونَ أَنَّ الْغَرَضَ يَصْلُحُ مُخَصِّصًا اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ وَانْظُرْ أَيْضًا مَا يَأْتِي فِي الصَّفْحَةِ الثَّانِيَةِ. (سُئِلَ) فِي وَاقِفَةٍ أَنْشَأَتْ وَقْفَهَا عَلَى نَفْسِهَا أَيَّامَ حَيَاتِهَا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهَا عَلَى زَوْجِهَا فُلَانٍ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَدَائِمًا مَا بَقُوا عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَمَاتَتْ الْوَاقِفَةُ وَآلَ الْوَقْفُ إلَى زَوْجِهَا ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا عَنْ ابْنَيْنِ وَبِنْتٍ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَتْ الْبِنْتُ عَنْ الِابْنِ الثَّانِي وَعَنْ أَوْلَادٍ فَهَلْ يَعُودُ نَصِيبُهَا إلَى شَقِيقِهَا أَمْ إلَى أَوْلَادِهَا؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ رَتَّبَ الْوَاقِفُ بِثُمَّ فَيَعُودُ نَصِيبُهَا إلَى شَقِيقِهَا وَلَا يَعُودُ لِأَوْلَادِهَا مَا دَامَ شَقِيقُهَا مَوْجُودًا قَالَ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ فِي بَابِ الرَّجُلُ يَجْعَلُ أَرْضَهُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى ذُرِّيَّةِ زَيْدٍ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ قَالَ الْوَقْفُ جَائِزٌ وَيَكُونُ لِذُرِّيَّةِ زَيْدٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَإِذَا انْقَرَضُوا كَانَتْ لِلْمَسَاكِينِ اهـ وَنُقِلَ فِي الْإِسْعَافِ فِي بَابِ الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَلَوْ ذَكَرَ الْبُطُونَ الثَّلَاثَةَ ثُمَّ قَالَ عَلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ أَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي ثُمَّ عَلَى وَلَدِ وَلَدِي ثُمَّ وَثُمَّ أَوْ قَالَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ يَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْوَاقِفُ وَلَا يَكُونُ لِلْبَطْنِ الْأَسْفَلِ شَيْءٌ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَعْلَى أَحَدٌ اهـ. وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ (أَقُولُ) وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَجْعَلْ الْوَاقِفُ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ لِوَلَدِهِ فَإِنْ شَرَطَ ذَلِكَ أَخَذَ الْوَلَدُ نَصِيبَ أَبِيهِ مَعَ أَهْلِ طَبَقَةِ أَبِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (سُئِلَ) مِنْ قَاضِي الشَّامِ سَنَةَ 1149 عَمَّنْ وَقَفَ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى وَلَدِهِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِمُفْرَدِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ كَذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ نَظِيرُ ذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِ وَأَعْقَابِهِ شِبْهُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَمِنْ أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ أَوْ نَسْلٍ أَوْ عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ أَوْ الْأَسْفَلِ مِنْهُ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَمِنْ أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى إلَخْ وَبَعْدَ انْقِرَاضِ ذُرِّيَّةِ وَلَدِهِ الْمَزْبُورِ يَعُودُ ذَلِكَ وَقْفًا شَرْعِيًّا عَلَى مَنْ يُوجَدُ مِنْ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ الذُّكُورِ أَيْضًا دُونَ الْإِنَاثِ وَالْحُكْمُ فِيهِمْ كَالْحُكْمِ فِي أَوْلَادِ وَلَدِ الْوَاقِفِ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمُعَيَّنَيْنِ أَعْلَاهُ فَإِذَا انْقَرَضُوا بِأَجْمَعِهِمْ فَعَلَى جِهَةِ بِرٍّ عَيَّنَهَا ثُمَّ مَاتَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ثَلَاثٍ بَنَاتٍ لَهُنَّ أَوْلَادٌ ذُكُورٍ فَلِمَنْ يَعُودُ رِيعُ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ. (الْجَوَابُ) : الَّذِي ظَهَرَ لَنَا فِي هَذَا الشَّرْطِ أَنَّهُ يَعُودُ لِأَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَأَمَّا قَوْلُ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ إلَخْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِأَوْلَادِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ الذُّكُورِ وَأَمَّا الْبَنَاتُ فَإِنَّهُنَّ خَرَجْنَ بِصَرِيحِ كَلَامِهِ كَمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ بِإِمْعَانِ النَّظَرِ وَبِاَللَّهِ سُبْحَانَهُ التَّوْفِيقُ (أَقُولُ) يَعْنِي أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى أَنَّ إلَخْ لَوْ عَادَ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَأَوْلَادِهِ لَكَانَ رِيعُ الْوَقْفِ لِبَنَاتِهِ الْمَذْكُورَاتِ دُونَ أَوْلَادِهِنَّ الذُّكُورِ مَعَ أَنَّ الْبَنَاتِ خَارِجَاتٌ فِي صَدْرِ كَلَامِ الْوَاقِفِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ نَفْسُهُ فِي مَسْأَلَةِ رِضَى الْمُتَقَدِّمَةِ قَبْلَ وَرَقَةٍ حَيْثُ جَعَلَ الْمُتَأَخِّرَ نَاسِخًا لِلْأَوَّلِ مَعَ تَصْرِيحِ الْوَاقِفِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَوْلَادِهَا فِي الْوَقْفِ حَقٌّ مُطْلَقًا لَكِنَّهُ مُؤَيِّدٌ لِمَا قُلْنَاهُ هُنَاكَ وَالظَّاهِرُ انْتِقَالُ الرِّيعِ إلَى أَوْلَادِ الْبَنَاتِ الْمَذْكُورِينَ دُونَهُنَّ كَمَا ذُكِرَ وَإِنْ عَادَ قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ إلَخْ إلَى عَبْدِ الرَّزَّاقِ أَيْضًا لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَجْعَلْ لِلْإِنَاثِ فِي وَقْفِهِ حَظًّا مُطْلَقًا فِي جَمِيعِ

الطَّبَقَاتِ حَيْثُ قَيَّدَ بِالذُّكُورِ فِي الطَّبَقَةِ الْأُولَى ثُمَّ قَيَّدَ أَيْضًا بِهِ فِيمَا بَعْدَهَا بِقَوْلِهِ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ نَظِيرُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ شِبْهُ ذَلِكَ ثُمَّ قَيَّدَ بِهِ بَعْدَهُ أَيْضًا فِي الشُّرُوطِ فَلَا شَيْءَ لِبَنَاتِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بَعْدَ مَوْتِهِ نَعَمْ يَنْتَقِلُ لِأَوْلَادِهِنَّ الذُّكُورِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْوَاقِفِ وَبَعْدَ انْقِرَاضِ ذُرِّيَّةِ وَلَدِهِ عَلَى مَنْ يُوجَدُ مِنْ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ الذُّكُورِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ عَلَى الذُّرِّيَّةِ مِنْ شُرُوطِهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ عَادَ نَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ الْمُتَنَاوِلِينَ لِرِيعِهِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ مِنْهُمْ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى فَمَاتَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَيْسَ فِي دَرَجَتِهَا سِوَى أَوْلَادِ ابْنِ خَالَةِ أُمِّهَا الْمُتَنَاوِلِينَ وَلَهَا أَوْلَادُ أُخْتٍ مُتَنَاوِلُونَ أَنْزَلُ مِنْهَا بِدَرَجَةٍ فَلِمَنْ يَعُودُ نَصِيبُ الْمَرْأَةِ الْمُتَوَفَّاةِ الْمَذْكُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : يَعُودُ نَصِيبُهَا إلَى أَوْلَادِ ابْنِ خَالَةِ أُمِّهَا الْمُتَنَاوِلِينَ الْمَرْقُومِينَ لِكَوْنِهِمْ فِي دَرَجَتهَا وَمِنْ ذَوِي طَبَقَتِهَا وَلَيْسَ فِي الدَّرَجَةِ غَيْرُهُمْ دُونَ أَوْلَادِ أُخْتِهَا الْمُتَنَاوِلِينَ وَإِنْ كَانُوا أَقْرَبَ إلَيْهَا عَمَلًا بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْوَاقِفِ فَإِنَّهُ اعْتَبَرَ الْأَقْرَبِيَّةَ الْمُقَيَّدَةَ بِالدَّرَجَةِ وَالطَّبَقَةِ لَا مُطْلَقَ الْقَرَابَةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. كَتَبَهُ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقَ وَالشَّامِ الْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى حَيْثُ شَرْطَ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ مَعَ قَيْدِ الْأَقْرَبِيَّةِ وَقَدْ عُلِمَ تَسَاوِي أَوْلَادِ ابْنِ خَالَةِ أُمِّهَا فِي الْقُرْبِ وَالدَّرَجَةِ يَعُودُ نُصِيبُهَا إلَيْهِمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ حَامِدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقَ الشَّامِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفُو وَقْفٍ فِي كِتَابِ وَقْفِهِمْ شُرُوطًا مِنْهَا أَنَّ الْوَقْفَ مُتَّصِلُ الِابْتِدَاءِ وَالْوَسَطِ وَالِانْتِهَاءِ فَابْتِدَاؤُهُ عَلَى الْوَاقِفِينَ مُدَّةَ حَيَاتِهِمْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ كُلٍّ مِنْهُمْ يَعُودُ نَصِيبُهُ وَقَفَا عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِ وَأَعْقَابِهِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ نَسْلًا أَوْ عَقِبًا عَادَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ عَلَى نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ وَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ مَاتَ الْوَاقِفُونَ ثُمَّ مَاتَ جَمَاعَةٌ مِنْ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ ذُكُورًا وَإِنَاثًا عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ فَتَرَافَعَ بَعْضُ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ مَعَ بَعْضِهِمْ لَدَى قَاضِي الْقُضَاةِ بِحُضُورِ نَاظِرِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ فِي خُصُوصِ حِصَّةِ مَنْ مَاتَ عَقِيمًا عَلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِمْ وَذَوِي طَبَقَتِهِمْ فَطَلَبَ بَعْضُهُمْ تَوْزِيعَهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَطَلَبَ بَعْضُهُمْ تَوْزِيعَهَا بِالسَّوِيَّةِ فَسَأَلَهُمْ الْحَاكِمُ الْمُتَدَاعِي لَدَيْهِ أَهَكَذَا شَرَطَ الْوَاقِفُونَ وَهَلْ وَقَعَ مِثْلُ هَذِهِ الْحَادِثَةِ فِي هَذَا الْوَقْفِ وَكَيْفَ تَصَرَّفَ الْقُوَّامُ السَّابِقُونَ فِي ذَلِكَ فَأَجَابُوا بِأَنَّهُ هَكَذَا شَرَطَ الْوَاقِفُونَ وَإِنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ مِثْلُ هَذِهِ الْحَادِثَةِ فِي هَذَا الْوَقْفِ وَلَا تَصَرَّفَ الْقُوَّامُ السَّابِقُونَ بِشَيْءٍ مِمَّا وَقَعَ النِّزَاعُ فِيهِ الْآنَ. وَأَبْرَزُوا كِتَابَ الْوَقْفِ فَوَجَدَهُ مُطَابِقًا لِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْهُ وَعَرَفَهُمْ إنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِأَوَّلٍ الْكَلَامِ لَا يُمْكِنُ فِيهِ التَّوْفِيقُ حَتَّى يُجْعَلَ نَاسِخًا لِلْأَوَّلِ أَوْ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ لَيْسَ بِتَابِعٍ لِلْأَوَّلِ بَلْ هُوَ نَاظِرٌ لِلْأَوَّلِ وَهُوَ تَفْصِيلٌ بَعْدَ إجْمَالٍ فَإِنَّ الْوَاقِفِينَ وَقَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ وَثُمَّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ فَصَّلُوا وَبَيَّنُوا كَيْف يُوَزِّع فَقَالُوا إنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ وَمِنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَقَدْ أَجْمَلُوا أَوَّلًا ثُمَّ فَصَّلُوا وَبَيَّنُوا بَعْدَهُ فَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ لِأَنَّ الشَّرْطَ وَإِنْ تَأَخَّرَ لَفْظًا فَهُوَ مُقَدَّمٌ تَقْدِيرًا وَلَيْسَ بِشَرْطٍ مُنَاقِضٍ لِلْأَوَّلِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ حَتَّى يُجْعَلَ نَاسِخًا بَلْ شَرْطٌ مُتَمِّمٌ لِلْأَوَّلِ وَمُبَيِّنٌ لِطَرِيقَةِ تَوْزِيعِهِ مَعَ مُلَاحَظَةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ تَوَسَّطَ الْحَرْفُ الْمَوْضُوعُ لِلتَّشْرِيكِ وَالْجَمْعِ فَيُجْعَلُ الْكُلُّ بِمَنْزِلَةِ جُمْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ بِمَعْنَى مَعَ فَيَسْتَمِرُّ الْوَصْفُ الْمَذْكُورُ مُلَاحَظًا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ

فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِأَنَّهُ يُوَزَّعُ نَصِيبُ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَلَى أَهْلِ دَرَجَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَأَمَرَ النَّاظِرُ الْمَرْقُومُ بِالتَّوْزِيعِ كَذَلِكَ حُكْمًا وَأَمْرًا شَرْعِيَّيْنِ بِالْتِمَاسٍ شَرْعِيٍّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. (أَقُولُ) وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ وَثُمَّ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ شَرَطَ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَقِيمًا فَنَصِيبُهُ لِأَهْلِ دَرَجَتِهِ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ عَقِيمًا وَفِي دَرَجَتِهِ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ يُوَزَّعُ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِنْ تَرَكَ الْوَاقِفُ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ وَلَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى السَّوِيَّةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْسَمُ بِالسَّوِيَّةِ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُفَاضَلَةَ وَهُوَ قَدْ اشْتَرَطَهَا أَوَّلًا فِي قِسْمَةِ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِهِمْ وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ قِسْمَةُ نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى عَقِيمًا عَلَى أَهْلِ دَرَجَتِهِ فَيَنْسَحِبُ الشَّرْطُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ فِيهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى أَنَّ إلَخْ تَفْصِيلٌ لِمَا أَجْمَلَهُ أَوَّلًا مِنْ قَوْلِهِ عَلَى أَوْلَادِي إلَخْ وَهُوَ كَلَامٌ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي فَتَاوَى الْمُحَقِّقِ ابْنِ حَجَرٍ عَنْ شَيْخِهِ الْعَلَّامَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْقَاضِي زَكَرِيَّا مِمَّا حَاصِلُهُ أَنَّ زَيْدًا مَلَّكَ عَمْرًا الْأَجْنَبِيَّ أَرْضًا لِيَقِفَهَا عَلَيْهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ فَلَمَّا مَلَكَهَا عَمْرٌو وَقَفَهَا عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ الْخَمْسَةِ وَعَدَّهُمْ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَيْهِ وَمَنْ مَاتَ عَقِيمًا فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَمَاتَ زَيْدٌ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ أَوْلَادِهِ الْخَمْسَةِ عَنْ بِنْتٍ ثُمَّ مَاتَتْ الْبِنْتُ عَقِيمًا وَفِي دَرَجَتِهَا أَوْلَادُ أَعْمَامِهَا فَأَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَذْكُورُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَنْتَقِلَ نَصِيبُهَا لِلْأَقْرَبِ إلَى الْوَاقِفِ وَهُوَ الرَّجُلُ الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي جُعِلَ وَاسِطَةً لِانْقِطَاعِ الْوَقْفِ فِي حِصَّتِهَا عَمَلًا بِقَضِيَّةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي الْأَوْلَادِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْتَقِلَ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهَا وَهُمْ أَوْلَادُ أَعْمَامِهَا تَسْوِيَةً بَيْنَ الْمُتَعَاطِفِينَ فِي الْمُتَعَلِّقِ وَإِنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ لَا لِاطِّرَادِهِ بَلْ لِلْقَرِينَةِ وَهِيَ الْغَالِبُ وَغَرَضُ الْوَاقِفِ إذْ الْغَالِبُ اتِّصَالُ الْوَقْفِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ مَنَافِعُ الْمَوْقُوفِ لَهُ وَلِذُرِّيَّتِهِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ ظَاهِرٌ. اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ اشْتِرَاطَ انْتِقَالِ نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى عَقِيمًا إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ إنَّمَا ذُكِرَ فِي أَوْلَادِ زَيْدٍ الْخَمْسَةِ فَقَطْ وَلَمْ يُصَرَّحْ بِهِ فِي أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ لَكِنْ لَمَّا عَطَفَ أَوْلَادَهُمْ عَلَيْهِمْ اشْتَرَكُوا فِي الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فَصَارَ مُنْسَحِبًا عَلَى الْجَمِيعِ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ لِلْقَرِينَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ كَوْنُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا هِيَ الْغَالِبَ وَكَوْنُ غَرَضِ الْوَاقِفِ الِاتِّصَالُ وَعَدَمُ الِانْقِطَاعِ إذْ لَوْ لَمْ يُصْرَفْ نَصِيبُ الْبِنْتِ إلَى أَوْلَادِ عَمِّهَا صَارَ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ فَيُصْرَفُ نَصِيبُهَا إلَى الْأَقْرَبِ إلَى الْوَاقِفِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَفِي ذَلِكَ تَأْيِيدٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ مِنْ صِحَّةِ الْحُكْمِ بِمَا مَرَّ لَا يُقَالُ يُخَالِفُ ذَلِكَ مَا فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْوَقْفِ مِنْ الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ مِمَّا حَاصِلُهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ شَمْسِ الدِّينِ وَرَجَبٍ وَرَهْجَةَ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ الذُّكُورِ الْمَذْكُورِينَ دُونَ الْأُنْثَى ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ فَمَاتَ الْوَاقِفُ وَمَاتَتْ بِنْتُهُ رَهْجَةُ عَقِيمًا وَمَاتَ وَلَدَاهُ شَمْسُ الدِّينِ وَرَجَبٌ عَنْ أَوْلَادٍ فَكَيْفَ يُقَسَّمُ الْوَقْفُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُقَسَّمُ عَلَى أَوْلَادِ الْمَذْكُورِينَ الْمُسْتَوِينَ فِي الدَّرَجَةِ وَلَا يَفْضُلُ الذَّكَرُ الْأُنْثَى فِيهِمْ إذْ شَرْطُ التَّفَاضُلِ فِي أَوْلَادِ الْوَاقِفِ لَا غَيْرُ وَلَمْ يَشْرِطْهُ فِي غَيْرِهِمْ فَبَقِيَ مُطْلَقًا وَفِيهِ يَسْتَوِي الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى اهـ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ اشْتِرَاطَ التَّفَاضُلِ فِي مَسْأَلَتِنَا الْمَارَّةِ مَذْكُورٌ فِي أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَأَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ فَيَنْسَحِبُ ذَلِكَ الشَّرْطُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَأَخِّرِ فِي بَيَانِ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَقِيمًا إذْ هُوَ مِمَّنْ شَمَلَهُمْ الشَّرْطُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ بِخِلَافِ مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ فَإِنَّ الشَّرْطَ لَمْ يُذْكَرْ إلَّا فِي أَوْلَادِ الْوَاقِفِ فَقَطْ ثُمَّ أُطْلِقَ فِي أَوْلَادِهِمْ وَالْأَصْلُ فِي بَابِ الْوَقْفِ الْقِسْمَةُ بِالسَّوِيَّةِ إلَّا إذَا اشْتَرَطَ التَّفَاضُلَ، وَإِلَّمْ يَشْتَرِطْهُ فَلَا

يُعْدَلُ عَنْ الْأَصْلِ وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ حَتَّى يُسَوِّيَ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ فَتَأَمَّلْ. وَقَدْ أَفْتَى بِنَظِيرِ مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ الْغَزِّيُّ السَّائِحَانِيُّ وَاسْتَشْهَدَ بِمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الْخَيْرِيَّةِ تَنْبِيهًا عَلَى فَائِدَةٍ سَنِيَّةٍ وَهِيَ أَنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِينَ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ مَعْنَاهُ الْمُفَاضَلَةُ لَا الْقِسْمَةُ بِالسَّوِيَّةِ وَبِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَيْضًا وَأَفْتَى بِهِ أَيْضًا الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ كَمَا هُوَ مَسْطُورٌ فِي فَتَاوَاهُ وَكَذَا شَيْخُ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيُّ وَكَذَا جَدُّ الْمُؤَلِّفِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي كَمَا سَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّهِ وَكَذَا أَفْتَى بِهِ غَيْرُهُمْ مِنْ أَئِمَّةٍ مُعْتَبَرِينَ مِنْهُمْ الْعَلَّامَةُ الشِّهَابُ أَحْمَدُ الشَّلَبِيُّ الْحَنَفِيُّ وَالْعَلَّامَةُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَالْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ الشَّافِعِيُّ وَالشِّهَابُ أَحْمَدُ الرَّمْلِيُّ الْكَبِيرُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ بَيْنَ النَّاسِ الَّذِي لَا يَكَادُونَ يَفْهَمُونَ غَيْرَهُ وَلِذَا يُرْدِفُونَ هَذَا اللَّفْظَ فِي أَكْثَرِ الْمَوَاضِعِ بِقَوْلِهِمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ تَصْرِيحًا بِمَعْنَاهُ الْمُرَادِ وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ الْقِسْمَةَ بِالسَّوِيَّةِ لَكَانَ تَنَاقُضًا وَلَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يُرْدِفُوهُ بِقَوْلِهِمْ سَوِيَّةً بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُتَعَارَفْ وَلَمْ يُسْمَعْ أَصْلًا بَلْ الْمُتَعَارَفُ أَنَّ الْقِسْمَةَ الشَّرْعِيَّةَ مَعْنَاهَا الْمُفَاضَلَةُ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ صَرَّحَ بَعْدَهَا بِأَنَّهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَوْ لَا وَمَنْ جَهِلَ ذَلِكَ فَلْيَسْأَلْ الْعَوَامَّ فَضْلًا عَنْ الْخَوَاصِّ. وَقَدْ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فِي قَاعِدَةِ الْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ نَقْلًا عَنْ وَقْفِ فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ أَلْفَاظَ الْوَاقِفِينَ تُبْنَى عَلَى عُرْفِهِمْ اهـ فَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الْمِنْقَارِ وَأَلَّفَ فِيهِ رِسَالَةً مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ الْقِسْمَةُ بِالسَّوِيَّةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَإِنْ تَبِعَهُ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ بَعْضُ الْأَخْيَارِ وَأَقَرَّهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَقَدْ أَوْضَحْت ذَلِكَ فِي رِسَالَةٍ مُهِمَّةٍ تَلْزَمُ مُطَالَعَتُهَا لِكُلِّ ذِي هِمَّةٍ فَإِنَّ فِيهَا مِنْ الْكَشْفِ عَنْ هَذِهِ الْمُدْلَهِمَّةِ مَا يُزِيحُ عَنْ الْفُؤَادِ غَمَّهُ وَهَمَّهُ وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَنْشَأَ وَاقِفٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ مُحَمَّدٍ وَمَحْمُودٍ وَمَحْفُوظٍ وَعَلَى مَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ سَوِيَّةً بَيْنَهُمْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ كُلٍّ مِنْهُمْ يَعُودُ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ عَلَى أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ بَيْنَهُمْ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ مُدَّةَ حَيَاةِ الْإِنَاثِ وَمَنْ مَاتَ مِنْ الْإِنَاثِ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ عَلَى إخْوَتِهَا وَأَخَوَاتِهَا دُونَ أَوْلَادِهَا ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ كَذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِ وَأَعْقَابِهِ وَذُرِّيَّاتِهِ نَظِيرُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ عَنْ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ يَعُودُ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى وَلَدِهِ أَوْ الْأَسْفَلِ مِنْهُ وَعَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ يَعُودُ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْهُمْ إلَى الْمُتَوَفَّى إلَخْ فَمَاتَ الْوَاقِفُ ثُمَّ مَاتَ أَوْلَادُهُ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورُونَ عَنْ أَوْلَادٍ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ ثُمَّ مَاتَ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ عَنْ أَوْلَادٍ وَذُرِّيَّةٍ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ فَهَلْ يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْإِنَاثِ مَعَ أَوْلَادِ الذُّكُورِ فِي هَذَا الْوَقْفِ بِمُقْتَضَى قَوْلِهِ آخِرًا عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ إلَخْ أَوْ لَا يَدْخُلُونَ بَيِّنُوا لَنَا الْجَوَابَ بِمَا يَظْهَرُ لَكُمْ مِنْ الصَّوَابِ؟ (الْجَوَابُ) : الْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى مُقْتَضَى مَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ هَذَا الشَّرْطِ أَنَّ أَوْلَادَ الْإِنَاثِ يَدْخُلُونَ لِأَنَّ الْوَاقِفَ عَمَّمَ آخِرًا فَقَالَ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ لِمَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ إذَا ذَكِرَ الْوَاقِفُ عِبَارَتَيْنِ مُتَنَافِيَتَيْنِ فَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُحْمَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حَالٍ وَجَبَ الْمَصِير إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ يُعْمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا وَيَكُونُ نَاسِخًا لِلْأَوَّلِ وَقَالُوا أَيْضًا إذَا تَعَارَضَ عِبَارَتَانِ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ إحْدَاهُمَا تَقْتَضِي حِرْمَانَ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَالْأُخْرَى تَقْتَضِي عَدَمَهُ فَالْأَقْرَبُ إلَى مَقَاصِدِ الْوَاقِفِينَ أَنَّهُمْ لَا يَقْصِدُونَ حِرْمَانَ أَحَدٍ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ فَيَتَرَجَّحُ الْكَلَامُ الثَّانِي لِأَنَّ الْحِرْمَانَ لَيْسَ مِنْ مَقَاصِدِ الْوَاقِفِينَ غَالِبًا فَكَأَنَّ الْوَاقِفَ رَجَعَ عَنْ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ لِمَا لَزِمَ مِنْهُ حِرْمَانُ بَعْضِ ذُرِّيَّتِهِ فَعَمَّمَ بِقَوْلِهِ

عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ فَقَدْ نَصَّ أَوَّلًا فِي كَلَامِهِ عَلَى أَوْلَادِ الظُّهُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْبُطُونِ ثُمَّ عَمَّمَ بِقَوْلِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ أَجْمَعِينَ فَيُعْمَلُ بِهِ لِأَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ وَالْعَمَلُ يَكُونُ بِالْمُتَأَخِّرِ كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ فِي بَحْثِ الْعَامِّ. وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ مِنْهُمْ رَاجِعٌ إلَى مَا تَقَدَّمَ الْمُؤَكَّدِ بِقَوْلِهِ أَجْمَعِينَ وَالْمُتَقَدِّمُ الذُّكُورُ وَبَنَاتُ الذُّكُورِ فَيَرْجِعُ الْأَمْرُ إلَيْهِنَّ أَيْضًا فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَوْلَادُهُنَّ وَإِنْ أَرْجَعْنَا الضَّمِيرَ إلَى الذُّكُورِ فَقَطْ تَصْحِيحًا لِلْكَلَامَيْنِ فَيَحْتَاجُ إلَى شَيْءٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَيْسَ هُنَا شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ فَبَقِيَ شَرْطَانِ مُتَنَاقِضَانِ فَيُعْمَلُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا وَهُوَ إدْخَالُ أَوْلَادِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ جَمِيعًا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَجْمَعِينَ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَا مَا أَجَابَ بِهِ الشَّيْخُ الْحَانُوتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي بَعْضِ فَتَاوِيهِ بِقَوْلِهِ وَأَمَّا إنْ نَصَّ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ عَلَى أَوْلَادِ الظُّهُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْبُطُونِ ثُمَّ عَمَّمَهُمْ بِالذُّرِّيَّةِ فَيُعْمَلُ بِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ وَالْعَمَلُ عَلَى الْمُتَأَخِّرِ وَلِأَنَّ الْعَامَّ قَطْعِيٌّ يُعَارِض الْخَاصَّ عِنْدَنَا اهـ وَيَشْهَدُ لِمَا ذَكَرْنَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْإِسْعَافِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى وَلَدِي لِصُلْبِي مَا دَامُوا أَحْيَاءً يَجْرِي ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَلَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ شَيْءٌ مِنْهَا إلَى غَيْرِهِمْ حَتَّى يَنْقَرِضُوا فَإِذَا انْقَرَضُوا تَكُونُ الْغَلَّةُ لِوَلَدِ وَلَدِي وَأَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَكُلَّمَا حَدَثَ الْمَوْتُ عَلَى وَلَدِي لِصُلُبِي كَانَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِوَلَدِهِ ثُمَّ لِوَلَدِ وَلَدِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَكُلُّ مَنْ مَاتَ مِنْ وَلَدِي أَوْ وَلَدِ وَلَدِي عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ كَانَ نَصِيبُهُ رَاجِعًا إلَى أَصْلِ الْوَقْفِ وَجَارِيًا مَجْرَاهُ كَانَ الْوَقْفُ جَائِزًا وَتُصْرَفُ غَلَّتُهُ لِمَا شَرَطَهُ ثُمَّ إذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ الصُّلْبِ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ عَلَى مَا شَرَطَهُ ثَانِيًا مِنْ انْتِقَالِهِ إلَى وَلَدِ وَلَدِهِ وَانْتَسَخَ بِهِ قَوْلُهُ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ شَيْءٌ مِنْهَا إلَخْ لِكَوْنِهِ مُتَأَخِّرًا مُفَسِّرًا اهـ مَا ذَكَرَهُ فِي الْإِسْعَافِ فِي بَابِ الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَهَذَا مَا ظَهَرَ لَنَا الْآنَ عَمَّا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ مِنْ الْجَوَابِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفٌ وَقْفَ أَهْلِيٍّ شُرُوطًا مِنْهَا أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى ثُمَّ مَاتَ مِنْهُمْ رَجُلٌ عَقِيمًا وَالْمَوْجُودُ بِنْتُ خَالَتِهِ وَأَوْلَادُ ابْنِ خَالَتِهِ وَعَادَ نَصِيبُهُ لِبِنْتِ خَالَتِهِ ثُمَّ مَاتَتْ بِنْتُ خَالَتِهِ عَنْ بِنْتَيْنِ وَآلَ نَصِيبُهَا الْأَصْلِيُّ وَالْآيِلُ إلَيْهِمَا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَقَامَ أَوْلَادُ ابْنِ الْخَالَةِ يُعَارِضُونَ الْبِنْتَيْنِ فِي نَصِيبِ الرَّجُلِ الْمُتَوَفَّى الْمَزْبُورِ الْآيِلِ لِأُمِّهِمَا زَاعِمِينَ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ بِمَوْتِهِ فَهَلْ لَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَقُولُ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ شَيْءٌ أَصْلًا مِنْ النَّصِيبِ الْآيِلِ عَنْ الرَّجُلِ إلَى بِنْتِ خَالَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهَا وَإِنْ كَانَ أَوْلَادُ ابْنِ الْخَالَةِ مُسَاوِينَ لِهَاتَيْنِ الْبِنْتَيْنِ فِي الدَّرَجَةِ وَفِي الْأَقْرَبِيَّةِ إلَى الرَّجُلِ الْمُنْتَقِلِ عَنْهُ ذَلِكَ النَّصِيبُ لِأَنَّ مَا آلَ عَنْهُ إلَى بِنْتِ خَالَتِهِ صَارَ يُسَمَّى نَصِيبَهَا فَيُنْقَلُ مَعَ نَصِيبِهَا الْأَصْلِيِّ إلَى بِنْتَيْهَا وَيُشْكَلُ انْتِقَالُ مَا آلَ إلَيْهَا إلَى بِنْتَيْهَا بِمَا فِي شَرْحِ الْأَشْبَاهِ لِلْبِيرِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ مَا نَصُّهُ وَهَاهُنَا دَقِيقَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ النَّصِيبَ الْمُنْتَقِلَ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ الْمُنْتَقِلُ عَنْهُ اسْتَحَقَّهُ بِنَفْسِهِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ الْأَوَّلِ حَتَّى لَوْ مَاتَ الِابْنُ الْمُنْتَقِلُ إلَيْهِ نَصِيبُ أَبِيهِ لَا يَنْتَقِلُ هَذَا النَّصِيبُ إلَى ابْنِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَصِيبِ أَبِيهِ بَلْ نَصِيبُ جَدِّهِ وَنَصِيبُ أَبِيهِ هُوَ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ أَبُوهُ مِنْ الْوَقْفِ بِنَفْسِهِ فَتَأَمَّلْهُ فَقَدْ جَهِلَهُ الْكَثِيرُ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ اهـ. لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ غَالِبَ الْأَنْصِبَاءِ فِي الْأَوْقَافِ الْمَشْرُوطِ فِيهَا انْتِقَالُ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ إلَى وَلَدِهِ ثُمَّ إلَى وَلَدِ وَلَدِهِ إنَّمَا تَكُونُ بِطَرِيقِ الِانْتِقَالِ مِنْ الْأَبِ إلَى ابْنِهِ ثُمَّ مِنْهُ إلَى ابْنِ ابْنِهِ وَهَكَذَا مَا لَمْ تُنْقَضْ الْقِسْمَةُ بِانْقِرَاضِ

كُلِّ طَبَقَةٍ عُلْيَا عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ وَمِثْلُهُ الِانْتِقَالُ إلَى أَهْلِ الدَّرَجَةِ وَلَمْ أَرَ مَنْ قَيَّدَ كَذَلِكَ بِالنَّصِيبِ الْأَصْلِيِّ إلَّا مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ مُفْتِي طَرَابُلُسَ بِقَوْلِهِ سُئِلَ فِي وَقْفٍ ثَابِتِ الْمَضْمُونِ شَرَطَ وَاقِفُهُ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ شُرُوطًا مِنْهَا أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمُسْتَحَقِّينَ فِيهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَى الْمُتَوَفَّى مِنْ ذَلِكَ إلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَمَاتَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْتَحَقِّينَ فِيهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ فَانْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى زَيْدٍ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ مَنْ يُسَاوِيهِ فِي دَرَجَتِهِ وَضَمَّ زَيْدٌ ذَلِكَ إلَى نَصِيبِهِ الَّذِي كَانَ تَلَقَّاهُ عَنْ أُصُولِهِ فَهَلْ إذَا مَاتَ زَيْدٌ أَيْضًا عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ يَكُونُ هَذَا النَّصِيبُ الَّذِي تَلَقَّاهُ بِكَوْنِهِ أَقْرَبَ دَرَجَةً لِمَنْ يَلِي زَيْدًا فِي أَقْرَبِيَّةِ الدَّرَجَةِ مِنْ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ إلَيْهِ فَالْأَقْرَبُ وَيَكُونُ نَصِيبُهُ الَّذِي تَلَقَّاهُ عَنْ أُصُولِهِ لِأَقْرَبِ مَنْ يُسَاوِيهِ فِي دَرَجَتِهِ أَوْ يَكُونُ نَصِيبَاهُ مَعًا لِأَقْرَبِ مَنْ يُسَاوِيهِ فِي دَرَجَتِهِ أَفْتَوْنَا مَأْجُورِينَ الْجَوَابُ لَا يَكُونُ لِأَقْرَبِ مَنْ يُسَاوِي زَيْدًا فِي دَرَجَتِهِ إلَّا نَصِيبُهُ الَّذِي تَلَقَّاهُ عَنْ أُصُولِهِ. وَأَمَّا النَّصِيبُ الَّذِي تَلَقَّاهُ بِكَوْنِهِ أَقْرَبَ دَرَجَةً مِنْ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ لِمَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَيْهِ دَرَجَةً بَعْدَ زَيْدٍ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ إلَيْهِ فَالْأَقْرَبُ فَحَيْثُ مَاتَ زَيْدٌ انْتَقَلَ ذَلِكَ النَّصِيبُ لِمَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ بَعْدَهُ لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَاهُ لِأَقْرَبِ مَنْ يُسَاوِي زَيْدًا فِي دَرَجَتِهِ لَزِمَ إلْغَاءُ قَوْلِ الْوَاقِفِ فَالْأَقْرَبُ وَنَصُّ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَصَّافُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي بَابِ يَقِفُ الرَّجُلُ أَرْضَهُ عَلَى قَرَابَتِهِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جَعَلَ أَرْضًا لَهُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَبَدًا عَلَى قَرَابَتِهِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَمِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَالْوَقْفُ جَائِزٌ وَتَكُونُ غَلَّةُ هَذَا الْوَقْفِ كُلُّهَا لِأَقْرَبِ قَرَابَةٍ مِنْهُ وَاحِدًا كَانَ أَقْرَبُهُمْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ قُلْت فَإِنْ مَاتَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَانُوا أَقْرَبَ إلَيْهِ قَالَ تَكُونُ الْغَلَّةُ لِمَنْ يَلِيهِمْ اهـ وَقَالَ أَيْضًا فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ فَإِنْ قَالَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَبَدًا عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِي وَأَهْلِ بَيْتِي الْأَقْرَبِ مِنْهُمْ فَالْأَقْرَبِ قَالَ الْوَقْفُ جَائِزٌ فَإِذَا جَاءَتْ الْغَلَّةُ أُعْطِيَ أَقْرَبُهُمْ إلَى الْوَاقِفِ فَإِنْ مَاتَ أَقْرَبُهُمْ وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُ الْغَلَّةَ كَانَتْ الْغَلَّةُ لِلَّذِي يَلِي هَذَا فِي الْقُرْبِ وَأَعْطَى الْغَلَّةَ لِأَقْرَبِهِمْ بَعْدَ الْأَوَّلِ اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْعَلِيمُ وَكَتَبَهُ مُحَمَّدٌ الْمُفْتِي فِي طَرَابُلُس الشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ. (وَأَقُولُ) وَفِي هَذَا نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ الْخَصَّافِ لَا يُفِيدُ مُدَّعَاهُ بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ صَارَ ذَلِكَ الشَّيْءُ نَصِيبَهُ سَوَاءٌ اسْتَحَقَّهُ مِنْ جِهَةِ أُصُولِهِ أَوْ آلَ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِ دَرَجَتِهِ فَجَمِيعُ مَا اسْتَحَقَّهُ زَيْدٌ الْمَذْكُورُ وَمَا آلَ إلَيْهِ يُسَمَّى نَصِيبَهُ وَجَارِيًا عَلَيْهِ فَإِذَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ عَادَ نَصِيبُهُ الْمَذْكُورُ إلَى الْأَقْرَبِ إلَيْهِ لَا إلَى الْأَقْرَبِ إلَى الْمُتَوَفَّى الْأَوَّلِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ إلَخْ فَكُلُّ مَنْ تُوُفِّيَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ شَمِلَهُ قَوْلُ الْوَاقِفِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِأَنَّ كَلِمَةَ مِنْ عَامَّةٌ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ إلَيْهِ فَالْأَقْرَبُ عَائِدٌ عَلَى كَلِمَةِ مِنْ الْعَامَّةِ فَيَعُودُ نَصِيبُ كُلِّ مَنْ تُوُفِّيَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَى الْأَقْرَبِ إلَيْهِ لَا إلَى الْأَقْرَبِ إلَى أَوَّلِ مُتَوَفَّى وَإِلَّا لَزِمَ إعْمَالُ كَلَامِ الْوَاقِفِ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي ذَلِكَ الْمُتَوَفَّى الْأَوَّلِ بِأَنْ يُنْظَرَ إلَى الْأَقْرَبِ إلَيْهِ وَحْدَهُ ثُمَّ الْأَقْرَبِ إلَى آخِرِ الدَّهْرِ وَيُلْغَى فِيمَنْ سِوَاهُ وَأَيْضًا يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ ذَلِكَ الْمُتَوَفَّى الْأَوَّلُ وَانْتَقَلَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ إلَى زَيْدٍ لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَلَدٍ أَنَّهُ لَا يُعْطَى وَلَدُهُ نَصِيبَهُ الْمَذْكُورَ بَلْ يُنْظَرُ إلَى مَنْ يَلِي زَيْدًا فِي الْقُرْبِ إلَى الْمُتَوَفَّى الْأَوَّلِ وَفِي ذَلِكَ إلْغَاءُ قَوْلِ الْوَاقِفِ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ وَكَوْنُ ذَلِكَ لَيْسَ نَصِيبَهُ بَلْ نَصِيبَ الْمُتَوَفَّى الْأَوَّلِ مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ لَمَّا مَاتَ لَمْ يَبْقَ لَهُ نَصِيبٌ فِي الْوَقْفِ وَإِنَّمَا صَارَ ذَلِكَ نَصِيبَ زَيْدٍ فَيَئُولُ إلَى وَلَدِهِ عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَلْحُوظَ إلَيْهِ فِي مَسْأَلَتِنَا إلَى الْأَقْرَبِيَّةِ لَيْسَ شَخْصًا وَاحِدًا بَلْ مُتَعَدِّدٌ وَهُوَ كُلُّ مَنْ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَمَعْنَى التَّدْرِيجِ فِي قَوْلِهِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ أَنَّهُ يُنْظَرُ أَوَّلًا إلَى الْأَقْرَبِ إلَيْهِ كَالْأَخِ الشَّقِيقِ مَثَلًا فَإِنْ وُجِدَ نَقَلْنَا نَصِيبَهُ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَإِلَى الْأَخِ لِأَبٍ وَهَكَذَا وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ عَنْ الْإِمَامِ الْخَصَّافِ فَالْمَلْحُوظُ فِيهِ الْأَقْرَبِيَّةُ إلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْوَاقِفُ فَكُلَّمَا مَاتَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْوَاقِفِ تُنْقَلُ حِصَّتُهُ إلَى مَنْ يَلِيهِ فِي الْقُرْبِ إلَى الْوَاقِفِ وَهَكَذَا كَمَا لَوْ كَانَ لِلْوَاقِفِ أَخٌ وَعَمٌّ وَابْنُ عَمٍّ نَحْكُمُ بِرِيعِ الْوَقْفِ أَوَّلًا لِلْأَخِ ثُمَّ لِلْعَمِّ ثُمَّ لِابْنِ الْعَمِّ وَلَا نَنْظُرُ إلَى الْأَقْرَبِ لِلْأَخِ الْمُتَوَفَّى لِأَنَّ الْوَاقِفَ شَرَطَ الْأَقْرَبِيَّةَ إلَيْهِ لَا إلَى الْمُتَوَفَّى كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا حَتَّى نَنْظُرَ كُلَّمَا مَاتَ أَحَدٌ إلَى الْأَقْرَبِ إلَيْهِ فَظَهَرَ أَنَّ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بَوْنًا بَعِيدًا وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ أَيْضًا انْدَفَعَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبِيرِيِّ وَلَمْ نَرَ مَنْ عَوَّلَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِ الْإِفْتَاءِ وَلَا رَأَيْنَا لَهُ شَيْئًا يَعْضُدُهُ أَصْلًا بَلْ نَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إلَى مَا فِي يَدِ الْمُتَوَفَّى مِمَّا انْتَقَلَ إلَيْهِ عَنْ أُصُولِهِ أَوْ آلَ إلَيْهِ عَنْ أَهْلِ دَرَجَتِهِ فَيُعْطُونَهُ لِوَلَدِهِ أَوْ لِأَهْلِ دَرَجَتِهِ عَلَى مَا شَرَطَ الْوَاقِفُ وَهُوَ الَّذِي يَتَبَادَرُ إلَى الْأَذْهَانِ وَيَقْصِدُهُ الْوَاقِفُونَ فَمَنْ اطَّلَعَ عَلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ مُخَالِفٍ لِذَلِكَ فَلْيُثْبِتْهُ هُنَا وَلَهُ الْأَجْرُ وَالثَّوَابُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَنْشَأَ رَجُلٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ وَهُمْ عَائِشَةُ وَأَسْمَاءُ وَالشِّهَابِيُّ أَحْمَدُ الرَّضِيعُ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ بِالسَّوِيَّةِ، الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِ الذُّكُورِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ كَذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مِثْلُ ذَلِكَ يُقَدَّمُ أَوْلَادُ الذُّكُورِ عَلَى أَوْلَادِ الْإِنَاثِ فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُ الذُّكُورِ بِأَجْمَعِهِمْ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يُوجَدُ مِنْ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ مِنْ الذُّكُورِ مِنْهُمْ وَالْإِنَاثِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَمِنْ أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَلَدِهِ ثُمَّ وَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ نَسْلِهِ ثُمَّ عَقِبِهِ بَيْنَهُمْ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَنْ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ مِنْهُمْ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ وَمَاتَ الْوَاقِفُ عَنْ أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ ثُمَّ مَاتَتْ أَسْمَاءُ وَلَمْ تُعْقِبْ ثُمَّ مَاتَ أَحْمَدُ عَنْ ابْنِهِ أَبِي بَكْرٍ وَمَاتَتْ عَائِشَةُ عَنْ ابْنِهَا عِزِّ الدِّينِ وَانْحَصَرَ الْوَقْفُ فِيهِمَا بِالسَّوِيَّةِ ثُمَّ مَاتَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ بِنْتَيْهِ بَدِيعَةَ وَفَاطِمَةَ وَمَاتَ عِزُّ الدِّينِ عَنْ ابْنِهِ شَرَفِ الدِّينِ ثُمَّ مَاتَتْ فَاطِمَةُ عَنْ بِنْتَيْنِ زُلَيْخَا وَنَبَوِيَّةَ وَمَاتَتْ بَدِيعَةُ عَنْ بِنْتٍ مَاتَتْ وَلَمْ تُعْقِبْ وَمَاتَ شَرَفُ الدِّينِ عَنْ أَحْمَدَ وَمَاتَتْ زُلَيْخَا عَنْ بِنْتِهَا زَاهِدَةَ وَمَاتَتْ نَبَوِيَّةُ عَنْ ابْنِهَا عَلِيٍّ فَهَلْ يَخْتَصُّ أَحْمَدُ بْنُ شَرَفِ الدِّينِ بِالْوَقْفِ لِكَوْنِهِ ذَكَرًا مِنْ ذَكَرٍ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ فِي أَوْلَادِ الذُّكُورِ وَلَا يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ وَلَدَيْ زُلَيْخَا وَنَبَوِيَّةَ لِكَوْنِهِمَا وَلَدَيْ إنَاثٍ مِنْ إنَاثٍ وَهَلْ يَكُونُ الضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ الْمُتَّصِلُ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ فِي الشَّرْطِ الْأَخِيرِ الْمُتَعَلِّقِ بِأَوْلَادِ الْإِنَاثِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ رَاجِعًا إلَى أَوْلَادِ الْإِنَاثِ لِكَوْنِهِمْ أَقْرَبَ مَذْكُورٍ وَيَسْتَلْزِمُ إرْجَاعُهُ إلَيْهِمْ إعْمَالُ جَمِيعِ كَلَامِ الْوَاقِفِ فِي شَرْطَيْهِ الَّذِي هُوَ أَوْلَى مِنْ الْإِهْمَالِ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : الْحَمْدُ اللَّه اللَّهُمَّ يَا حَقُّ إلْهَامًا لِلْحَقِّ، مُحَصَّلُ مَا شَرَطَهُ هَذَا الْوَاقِفُ أَنَّهُ جَعَلَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِمْ مِنْ بَعْدِهِ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ الصِّنْفُ الْأَوَّلُ يَكُونُ الْوَقْفُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى مِنْ غَيْرِ مَزِيَّةٍ وَهُمْ أَوْلَادُهُ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورُونَ ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ وَهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعِزُّ الدِّينِ. الصِّنْفُ الثَّانِي يَكُونُ الْوَقْفُ لِأَوْلَادِ الذُّكُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ وَهُمْ أَوْلَادُ أَبِي بَكْرٍ وَعِزِّ الدِّينِ ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمْ يَكُونُ عَلَى أَوْلَادِهِمْ كَذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ كَذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مِثْلُ ذَلِكَ يُقَدَّمُ

فِي الْجَمِيعِ أَوْلَادُ الذُّكُورِ عَلَى أَوْلَادِ الْإِنَاثِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْهُمْ إلَّا مَنْ كَانَ أَبُوهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ وَلَا يَسْتَحِقُّ مَعَهُ مَنْ كَانَ أَبُوهُ أَجْنَبِيًّا وَأُمُّهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ. الصِّنْفُ الثَّالِثُ يَكُونُ الْوَقْفُ بَيْنَ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَهُمْ مَنْ يُوجَدُ مِنْ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ بَعْدَ انْقِرَاضِ أَوْلَادِ الذُّكُورِ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ شُرُوطِ الصِّنْفِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ إلَخْ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ شَرَفِ الدِّينِ يَخْتَصُّ بِالْوَقْفِ دُونَ وَلَدَيْ زُلَيْخَا وَنَبَوِيَّةَ لِأَنَّ الْجَمِيعَ الْآنَ مِنْ الصِّنْفِ الثَّانِي بِلَا شُبْهَةٍ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ فِي هَذَا الصِّنْفِ مَنْ كَانَ أَبُوهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ وَهَذَا صَادِقٌ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ شَرَفِ الدِّينِ فَقَطْ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مَعَهُ مَنْ كَانَتْ أُمُّهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ وَأَبُوهُ أَجْنَبِيًّا وَذَلِكَ صَادِقٌ عَلَى وَلَدَيْ زُلَيْخَا وَنَبَوِيَّةَ ثُمَّ لَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا ذُكِرَ بَعْدَ انْقِضَاءِ شَرْطِ هَذَا الصِّنْفِ الثَّانِي وَالشُّرُوعُ فِي شُرُوطِ الصِّنْفِ الثَّالِثِ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ إلَخْ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الثَّالِثِ كَمَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا وَهُمْ مَنْ يُوجَدُ مِنْ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ بَعْدَ انْقِرَاضِ أَوْلَادِ الذُّكُورِ لِأَنَّهُمْ الْمُتَحَدَّثُ عَنْهُمْ وَهُوَ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ وَلِتَنْتَظِمَ جَمِيعُ الشُّرُوطِ فِي سِلْكِ الصِّحَّةِ وَالسَّدَادِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ تَكُونَ الشُّرُوطُ السَّابِقَةُ لَغْوًا خَالِيًا عَنْ الْمُرَادِ وَلَا شَكَّ أَنَّ إعْمَالَ الْكَلَامِ مَهْمَا أَمْكَنَ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ شَائِعٌ وَلَا سِيَّمَا شَرْطُ الْوَاقِفِ الْمُشَبَّهُ بِنَصِّ الشَّارِعِ قَالَ ذَلِكَ وَكَتَبَهُ الْفَقِيرُ إلَى لُطْفِ رَبِّهِ الْخَفِيِّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عِمَادِ الدِّينِ الْحَنَفِيُّ. (أَقُولُ) قَدْ جَعَلَ الصِّنْفَ الثَّالِثَ مُقَابِلًا لِلصِّنْفِ الْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ الْقِسْمَةُ فَذَكَرَ فِي الْأَوَّلِ أَنَّهَا بِالسَّوِيَّةِ وَفِي الثَّالِثِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَوْ كَانَ قَوْلُ الْوَاقِفِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ مَعْنَاهُ الْقِسْمَةُ بِالسَّوِيَّةِ لِمَا كَانَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَكَانَ الظَّاهِرِ أَنْ يَقُولَ بَدَلَهُ بِالسَّوِيَّةِ فَدَلَّ عَلَى تَغَايُرِهِمَا وَعَلَى أَنَّ الْفَرِيضَةَ الشَّرْعِيَّةَ مَعْنَاهَا الْمُفَاضَلَةُ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ عَقَارَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ مُرَتَّبًا بَيْنَ الطَّبَقَاتِ بِثُمَّ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ عَادَ مَا كَانَ جَارِيًا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَنْ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورَيْنِ وَمَاتَ الْوَاقِفُ ثُمَّ مَاتَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَيْسَ فِي دَرَجَتِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَلَهُ فِي الدَّرَجَةِ السُّفْلَى أَوْلَادُ أُخْتٍ ثَلَاثَةٌ ذُكُورٌ وَثَلَاثٌ إنَاثٌ وَابْنَا أَخٍ اثْنَانِ وَالْكُلُّ لِأَبَوَيْنِ لَيْسَ لَهُ أَقْرَبُ مِنْهُمْ فَهَلْ يَعُودُ نَصِيبُهُ إلَيْهِمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَعُودُ نَصِيبُهُ إلَيْهِمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلرَّمْلِيِّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَإِنَّ مُصَرِّفَهُ أَقْرَبُ النَّاسِ رَحِمًا لَا إرْثًا فَيُقَدَّمُ وُجُوبًا ابْنُ بِنْتٍ عَلَى ابْنِ عَمٍّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ مَا أَفْتَى بِهِ الْعِرَاقِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ ثُمَّ الْأَقْرَبُ إلَى الْوَاقِفِ أَوْ الْمُتَوَفَّى قُرْبُ الدَّرَجَةِ وَالرَّحِمِ لَا قُرْبُ الْإِرْثِ وَالْعُصُوبَةِ فَلَا تَرْجِيحَ بِهِمَا فِي مُسْتَوِيَيْنِ فِي الْقُرْبِ مِنْ حَيْثُ الرَّحِمُ وَالدَّرَجَةُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ لَا يُرَجَّحُ عَمٌّ عَلَى خَالٍ بَلْ هُمَا مُسْتَوِيَانِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِابْنِ حَجَرٍ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْوَقْفِ وَلَوْ كَانَ لَهُ بِنْتُ بِنْتٍ وَابْنُ ابْنِ ابْنٍ تَكُونُ الْغَلَّةُ لِبِنْتِ الْبِنْتِ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْهُ لِإِدْلَائِهَا بِوَاسِطَةٍ وَإِدْلَائِهِ بِوَاسِطَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ لَهُ دُونَهَا لِأَنَّ الْوَقْفَ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْمِيرَاثِ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَقْرَبِ قَرَابَةٍ مِنِّي وَكَانَ لَهُ أَبَوَانِ وَوَلَدٌ لَا يَدْخُلُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي الْوَقْفِ إذْ لَا يُقَالُ لَهُمْ قَرَابَةٌ إسْعَافٌ مِنْ فَصْلِ الْوَقْفِ عَلَى قَرَابَتِهِ وَأَقْرَبِ النَّاسِ فَفِي مَسْأَلَتِنَا أَوْلَادُ أُخْتٍ وَابْنَا أَخٍ وَالْكُلُّ لِأَبَوَيْنِ لَيْسَ لَهُ أَقْرَبُ مِنْهُمْ فَيَعُودُ إلَيْهِمْ بِالسَّوِيَّةِ لِأَنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ قُرْبُ الدَّرَجَةِ وَالرَّحِمِ لَا الْإِرْثِ وَالْعُصُوبَةِ فَفِي الدَّرَجَةِ وَالرَّحِمِ هُمْ سَوَاءٌ مَعَ أَنَّ الْإِرْثَ لِابْنَيْ الْأَخِ لِأَنَّ الْوَقْفَ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْمِيرَاثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَقُولُ) لَكِنْ إذَا فَقَدَ الدَّرَجَةَ

فَفِي بَقَاء اعْتِبَارِ شَرْطِ الْأَقْرَبِيَّةِ كَلَامٌ سَتَعْرِفُهُ بَعْدَ أَوْرَاقٍ. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ مُرَتَّبٍ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ بِثُمَّ مِنْ شُرُوطِهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى وَمَاتَتْ الْآنَ امْرَأَةٌ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ عَقِيمًا وَفِي دَرَجَتِهَا جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ رَجُلٌ يُدْعَى مُصْطَفَى بْن سُلَيْمَان وَابْنُ صَالِحَةَ وَلَهُ اتِّصَالٌ مِنْ جِهَتِهَا إلَى الْوَاقِفِ وَهُوَ ابْنُ خَالَةِ الْمَرْأَةِ الْمَزْبُورَةِ وَابْنُ ابْنِ عَمِّ أُمِّهَا وَلِلرَّجُلِ أَخَوَانِ هُمَا حَمْزَةُ وَفَاطِمَةُ مَعَ بَقِيَّةِ أَهْلِ الدَّرَجَةِ هُمْ أَوْلَادُ أَوْلَادِ عَمِّ أُمِّهَا فَلِمَنْ يَعُودُ نَصِيبُ الْمَرْأَةِ الْمَزْبُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : يَعُودُ نَصِيبُ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى ابْنِ خَالَتِهَا مُصْطَفَى لِكَوْنِهِ فِي دَرَجَتِهَا وَأَقْرَبُ الْمَوْجُودِينَ إلَيْهَا كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقَ الشَّامِ الْجَوَابُ كَمَا بِهِ الْعَمُّ الْمَرْحُومُ أَجَابَ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ حَامِدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقَ الشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ فَلَوْ كَانَ لَهُ أَخَوَانِ أَوْ أُخْتَانِ أَحَدُهُمَا لِأَبَوَيْهِ وَالْآخَرُ لِأَبِيهِ يَبْدَأُ بِمَنْ لِأَبَوَيْهِ ثُمَّ بِمَنْ لِأَبِيهِ وَحُكْمُ أَوْلَادِهِمَا كَحُكْمِهِمَا إسْعَافٌ مِنْ فَصْلٍ فِي بَيَانِ الْأَقْرَبِ مِنْ قَرَابَتِهِ وَتَمَامُهُ فِيهِ. (أَقُولُ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ مِنْ تَرْجِيحِ الْأَقْرَبِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ حَيْثُ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ كَمَا هُنَا وَبِذَلِكَ أَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةِ وَعَلَيْهِ فَمَا وَقَعَ فِي الْخَيْرِيَّةِ أَيْضًا فِي مَحَلٍّ آخَرَ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ حَيْثُ شَرَّكَ بَيْنَ جَمِيعِ أَهْلِ الدَّرَجَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ ذُهُولٌ مِنْهُ عَنْ اشْتِرَاطِ الْأَقْرَبِيَّةِ الْوَاقِعِ فِي سُؤَالِهِ وَإِلَّا لَزِمَ إلْغَاءُ شَرْطِ الْوَاقِفِ فَتَنَبَّهْ ثُمَّ رَأَيْت فِي أَنْفَعْ الْوَسَائِلِ لِلْإِمَامِ الطَّرَسُوسِيِّ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ لَمْ يَعْتَبِرْ لَفْظَ أَقْرَبَ فِي التَّقْدِيمِ بَلْ سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبْعَدِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ الْقُضَاةِ حَكَمَ بِذَلِكَ فَسَوَّى بَيْنَ الْأَخِ الشَّقِيقِ وَالْأَخِ لِأَبٍ فِي وَقْفٍ اُشْتُرِطَ فِيهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ ثُمَّ قَالَ وَكَانَ قَاضِي الْقُضَاة تَقِيُّ الدِّينِ الشَّافِعِيِّ السُّبْكِيّ قَدْ تَحَدَّثَ مَعِي وَقَالَ هَذَا الْحُكْمُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَطَلَبَ نَقْضَهُ فَمَا وَافَقْته عَلَيْهِ وَقُلْت لَهُ هَذَا مَوْضِعُ اجْتِهَادٍ وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَك فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَفِي الْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ إلْغَاءُ صِيغَةِ أَفْعَلَ بِلَا دَلِيلٍ وَإِلْغَاءُ مَقْصُودِ الْوَاقِفِ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَقْرَبِ وَهُوَ مُشْكِلٌ اهـ مُلَخَّصًا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ رَجُلٌ وَقْفًا عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى بِنْتِهِ فَاطِمَةَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهَا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهَا الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ ثُمَّ وَثُمَّ إلَخْ فَمَاتَ الْوَاقِفُ وَبِنْتُهُ فَاطِمَةُ وَانْقَرَضَتْ أَوْلَادُهَا وَلَهَا أَوْلَادُ أَوْلَادٍ فَهَلْ يَكُونُ لَفْظُ الذُّكُورَ قَيْدًا لِأَوْلَادِ أَوْلَادِ فَاطِمَةَ فَيَدْخُلُ الذَّكَرُ مِنْهُمْ سَوَاءٌ أَدْلَى بِذَكَرٍ أَوْ بِأُنْثَى أَوْ يَكُونُ قَيْدًا لِأَوْلَادِ فَاطِمَةَ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهَا فَلَا يَدْخُلُ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهَا مَنْ يُدْلِي بِأُنْثَى؟ (الْجَوَابُ) : اعْلَمْ أَنَّ الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ أَعْنِي بِهِ لَفْظَ الذُّكُورِ قَيْدٌ لِلْمُضَافِ فَيَدْخُلُ جَمِيعُ الذُّكُورِ سَوَاءٌ أَدْلَى بِذَكَرٍ أَوْ بِأُنْثَى كَتَبَهُ الْفَقِيرُ إبْرَاهِيمُ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الْمَحْرُوسَةِ عُفِيَ عَنْهُ طَابَ الْجَوَابُ وَطَابَقَ الصَّوَابَ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحِبُّ الدِّينِ عُفِيَ عَنْهُ مَا أَفَادَهُ الْعَلَّامَةُ أَعْلَاهُ هُوَ الْحَقُّ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ كَتَبَهُ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ الْفِيشَاوِيُّ الشَّافِعِيُّ (أَقُولُ) أَفْتَى الْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ بِخِلَافِ هَذَا حَيْثُ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ مِنْ الْوَقْفِ وَقَعَتْ حَادِثَةُ وَقْفٍ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِ الْأَمِيرِ فُلَانٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى ذُرِّيَّتِهِمْ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ مِنْ الذُّكُورِ خَاصَّةً دُونَ الْإِنَاثِ فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُ الذُّكُورِ صُرِفَ إلَى كَذَا فَهَلْ قَوْلُهُ مِنْ الذُّكُورِ قَيْدٌ لِلْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ حَتَّى لَا تَسْتَحِقَّ أُنْثَى وَلَا وَلَدُ أُنْثَى أَمْ هُوَ قَيْدٌ فِي الْأَبْنَاءِ دُونَ الْآبَاءِ حَتَّى يَسْتَحِقَّ الذَّكَرُ وَلَوْ مِنْ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ أَمْ هُوَ قَيْدٌ فِي الْآبَاءِ دُونَ الْأَبْنَاءِ حَتَّى يَسْتَحِقَّ وَلَدُ الذَّكَرِ وَلَوْ كَانَ أُنْثَى فَأَجَبْت بِأَنَّهُ قَيْدٌ فِي الْآبَاءِ دُونَ الْأَبْنَاءِ لِأَنَّ الْأَصْلَ كَوْنُ الْوَصْفِ بَعْدَ مُتَعَاطِفَيْنِ لِلْأَخِيرِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي قَوْله تَعَالَى {مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] بَعْدَ قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ} [النساء: 23] وَلِأَنَّ

الظَّاهِرَ أَنَّ مَقْصُودَهُ حِرْمَانُ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ لِكَوْنِهِمْ يُنْسَبُونَ إلَى آبَائِهِمْ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا وَتَخْصِيصُ أَوْلَادِ الْأَبْنَاءِ وَلَوْ كَانُوا إنَاثًا لِكَوْنِهِمْ يُنْسَبُونَ إلَيْهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُ الذُّكُورِ وَلَمْ يَقُلْ أَبْنَاءُ الذُّكُورِ وَلَا أَبْنَاءُ الْأَوْلَادِ ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الشَّافِعِيَّةِ جَعَلَهُ قَيْدًا فِي الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَوَافَقَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فَرَأَيْت الْإِمَامَ الْإِسْنَوِيَّ فِي التَّمْهِيدِ نَقَلَ أَنَّ الْوَصْفَ بَعْدَ الْجُمَلِ يَرْجِعُ إلَى الْجَمِيعِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَإِلَى الْأَخِيرِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَأَنَّ مَحَلَّ كَلَامِ الشَّافِعِيَّةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ وَأَمَّا بِثُمَّ فَيَعُودُ إلَى الْأَخِيرِ اتِّفَاقًا اهـ مَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ جَعَلَ الْوَصْفَ الْمَذْكُورَ قَيْدًا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِمْ فَيَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَوْدِ الْوَصْفِ إلَى الْأَخِيرِ قَالَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي التَّحْرِيرِ إنَّهُ الْأَوْجَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَفْظَ الذُّكُورِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَيْدًا لِلْمُضَافِ فَقَطْ أَوْ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ فَقَطْ أَوْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَعًا وَالْمَعَانِي مُخْتَلِفَةُ الْأَحْكَامِ كَمَا عُلِمَ مِنْ صَدْرِ عِبَارَةِ الْأَشْبَاهِ وَالْأَوَّلُ أَفْتَى بِهِ الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ نَقَلَ عَنْهُمْ الْمُؤَلِّفُ فِي السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ وَالثَّانِي أَفْتَى بِهِ صَاحِبُ الْإِشَارَةِ وَلَمْ يُعَوِّلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى كَوْنِهِ قَيْدًا لِلْكُلِّ مِنْ الْمُتَضَايِفَيْنِ وَقَدْ مَشَى عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتَاوِيهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْوَلِيِّ أَبِي زُرْعَةَ عَمَلًا بِقَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ فِي عَوْدِ الْمُتَعَلِّقَاتِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ جُمَلٍ أَوْ مُفْرَدَاتٍ مِنْ شَرْطٍ أَوْ اسْتِثْنَاءٍ أَوْ وَصْفٍ أَوْ غَيْرِهَا إلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ غَيْرِ اخْتِصَاصٍ بِالْأَخِيرِ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَثُمَّ وَتَقَدَّمَ نَقْلُ الْمُؤَلِّفِ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ عَنْ الْحَنَابِلَةِ أَيْضًا لَكِنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ إنَّمَا يَظْهَرُ جَرَيَانُهَا فِي الْمُتَعَاطِفَيْنِ دُونَ الْمُتَضَايِفَيْنِ وَقَدْ اخْتَلَفَ كَلَامُ عُلَمَائِنَا فِي مَسْأَلَةِ الْوَصْفِ بِالذُّكُورَةِ هَلْ هُوَ قَيْدٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَوْ لِلْمَعْطُوفِ فَقَطْ لِتَأَخُّرِهِ وَأَمَّا جَعْلُهُ قَيْدًا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ فَقَطْ فَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْأَشْبَاهِ فَفِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَنْ وَقْفِ هِلَالٍ الْبَصْرِيِّ مَا نَصُّهُ قَالَ قُلْت أَرَأَيْت إنْ قَالَ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي الذُّكُورِ قَالَ فَهِيَ لِمَنْ كَانَ ذَكَرًا مِنْ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ قُلْت وَالذُّكُورُ مِنْ وَلَدِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ سَوَاءٌ قَالَ نَعَمْ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي الْفُقَرَاءِ أَنِّي أُعْطِي مَنْ كَانَ فَقِيرًا مِنْ وَلَدِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ الذُّكُورُ وَقَوْلُهُ الذُّكُورُ وَالْفُقَرَاءُ وَاحِدٌ اهـ. فَقَدْ جَعَلَهُ قَيْدًا لِلْمُضَافِ الْمَعْطُوفِ وَكَذَا جَعَلَهُ قَيْدًا لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ حَيْثُ خَصَّهُ بِذُكُورِ أَوْلَادِهِ لِصُلْبِهِ وَبِذُكُورِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَلَوْ كَانُوا أَوْلَادَ بَنَاتٍ وَلَوْ جَعَلَهُ قَيْدًا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ لَكَانَ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ وَمَا قِيلَ أَنْ هَذَا لَا يُنَافِي مَا فِي الْأَشْبَاهِ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى رِوَايَةِ دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ فِي لَفْظُ الْأَوْلَادِ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَهُوَ وَهْمٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّ قَوْلَ هِلَالٍ فَهِيَ لِمَنْ كَانَ ذَكَرًا مِنْ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ صَرِيحٌ فِي كَوْنِهِ جَعَلَهُ قَيْدًا لِلْمُضَافِ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَالْمُخَالَفَةُ لِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَقَعَتْ فِي قَوْلِهِ بَعْدَهُ وَالذُّكُورُ مِنْ وَلَدِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ سَوَاءٌ فَعَدَمُ دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يُنَافِي كَوْنَ لَفْظِ الذُّكُورِ يَبْقَى قَيْدًا لِلْمُضَافِ فِي عِبَارَةِ هِلَالٍ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى ذَوِي الْكَمَالِ وَفِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي الْإِنَاثِ يَكُونُ لِلْإِنَاثِ مِنْ وَلَدِهِ دُونَ ذُكُورِهِمْ وَالْإِنَاثُ مِنْ وَلَدِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَهُنَّ فِيهِ سَوَاءٌ اهـ فَهُوَ صَرِيحٌ أَيْضًا فِي أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْمُضَافِ الْمَعْطُوفِ دُونَ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ صَرِيحٌ أَيْضًا فِي أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَيْضًا. وَنَقَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى رَجُلٌ وَقَفَ عَقَارًا وَجَعَلَ وِلَايَتَهُ إلَى نَفْسِهِ مَا دَامَ حَيًّا ثُمَّ إلَى وَلَدِ وَلَدِهِ فُلَانٍ مَا عَاشَ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ إلَى الْأَعَزِّ الْأَرْشَدِ مِنْ أَوْلَادِهِ فَإِنَّهَا مُنْصَرِفَةٌ إلَى الِابْنِ دُونَ الْوَاقِفِ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ تَنْصَرِفُ إلَى أَقْرَبِ الْمَكْنِيَّاتِ بِمُقْتَضَى الْوَضْعِ وَلِذَلِكَ مَسَائِلُ ثَلَاثٌ إحْدَاهَا إذَا وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَنَسْلِهِ أَنَّ الْهَاءَ

تَنْصَرِفُ إلَى عَمْرٍو فَحَسْبُ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ وَقَفْت عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي الذُّكُورِ أَنَّ الذُّكُورِيَّةَ رَاجِعَةٌ إلَى وَلَدِ الْوَلَدِ دُونَ وَلَدِ الصُّلْبِ وَالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ عَلَى عَكْسِهِ إذَا قَالَ وَقَفْت عَلَى بَنِي زَيْدٍ وَعَمْرٍو أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَنُو عَمْرٍو فِي الْوَقْفِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى زَيْدٍ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْقَاضِي كَامِلُ الدِّينِ مُفْتِي الْأُمَّةِ الْخَطِيبُ بِأَصْفَهَانَ وَقَالَ الْهَاءُ تَنْصَرِفُ إلَى الْوَاقِفِ دُونَ ابْنِهِ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ اهـ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْمَعْطُوفِ لِتَأَخُّرِهِ دُونَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَدُونَ الْمُضَافِ إلَيْهِ فَتَحَرَّرَ أَنَّهُ فِي جَعْلِ الْوَصْفِ قَيْدًا لِلْمُتَعَاطِفَيْنِ مَعًا أَوْ لِلْمَعْطُوفِ فَقَطْ خِلَافٌ مَشَى عَلَى الْأَوَّلِ هِلَالٌ وَصَاحِبُ الْإِسْعَافِ وَعَلَى الثَّانِي صَاحِبُ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَاسْتَوْجَهَهُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي التَّحْرِيرِ كَمَا مَرَّ. وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الْأَوْجَهَ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْوَصْفَ الْمَذْكُورَ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إلَّا إذَا كَانُوا ذُكُورًا وَقَدْ صَرَّحَ أَئِمَّتُنَا فِي كُتُبِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ بِأَنَّ الشَّرْطَ إذَا تَعَقَّبَ جُمَلًا مُتَعَاطِفَةً مُتَّصِلًا بِهَا فَهُوَ لِلْكُلِّ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ فَهُوَ لِلْأَخِيرِ وَكَذَا الضَّمِيرُ فِي الصَّحِيحِ كَمَا عَلِمْت فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَنَسْلِهِ وَبِهَا صَرَّحَ الْخَصَّافُ أَيْضًا وَأَمَّا جَعْلُ الْوَصْفِ قَيْدًا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ كَمَا عَوَّلَ صَاحِبُ الْأَشْبَاهِ فَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْوَصْفَ لِلْأَخِيرِ مِنْ الْمُتَعَاطِفَاتِ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ هُوَ الْمُضَافُ دُونَ الْمُضَافِ إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُضَافَ إلَيْهِ الْحَقِيقِيَّ إنَّمَا يُؤْتَى بِهِ لِلتَّعْرِيفِ أَوْ التَّخْصِيصِ لَا لِذَاتِهِ بِخِلَافِ الْمَعْطُوفِ فَإِنَّهُ مَقْصُودٌ بِذَاتِهِ كَالْمُضَافِ نَعَمْ قَوْلُ الْأَشْبَاهِ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ إلَخْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ فِي التَّعْلِيلِ فَإِنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ كُلَّهُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْخُلُوِّ عَنْ الْقَرِينَةِ اللَّفْظِيَّةِ أَوْ الْحَالِيَّةِ فَحَيْثُ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى كَوْنِ الْوَصْفِ أَوْ الضَّمِيرِ أَوْ الِاسْتِثْنَاءِ أَوْ نَحْوِهِ لِلْمُتَعَاطِفَيْنِ أَوْ الْمُتَضَايِفَيْنِ أَوْ لِوَاحِدٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا اتَّبَعَتْ كَمَا لَا يَخْفَى فَاغْتَنِمْ تَحْرِيرَ هَذَا الْمَحَلِّ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَلَمْ أَرَ مَنْ اعْتَنَى بِتَحْرِيرِهِ مِنْ عُلَمَائِنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَبِالْعَمَلِ بِالْقَرِينَةِ صَرَّحَ فِي التَّحْرِيرِ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ حَيْثُ ذُكِرَ أَنَّهُ لِلْأَخِيرِ إلَّا لِدَلِيلٍ وَمِنْ ذَلِكَ مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ حَيْثُ سُئِلَ عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ الطِّفْلِ الْمَدْعُوِّ حَسَنًا وَعَلَى مَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ الذُّكُورِ إلَى أَنْ قَالَ فَإِذَا انْقَرَضَ الذُّكُورُ فَعَلَى أَوْلَادِهِ الْإِنَاثِ وَأَوْلَادِهِنَّ إلَخْ ثُمَّ حَدَثَ لِلْوَاقِفِ وَلَدٌ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ ثُمَّ مَاتَ حَسَنٌ الْمَذْكُورُ فَهَلْ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَعَلَى مَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ رَاجِعٌ إلَى حَسَنٍ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ فَلَا يَدْخُلُ مُحَمَّدٌ فِي الْوَقْفِ أَمْ هُوَ رَاجِعٌ إلَى الْوَاقِفِ فَيَدْخُلُ مُحَمَّدٌ فَأَجَابَ مُفْتِي الْحَنَفِيَّةِ بِمِصْرَ مَوْلَانَا الشَّيْخُ حَسَنٌ الشُّرُنْبُلَالِيُّ بِأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الْوَاقِفِ وَلَا يَتَوَهَّمُ رُجُوعَهُ إلَى وَلَدِهِ حَسَنٍ مَنْ لَهُ نَوْعُ إلْمَامٍ بِمَسَائِلِ الْفِقْهِ. ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ إنَّ إرْجَاعَهُ إلَى الْوَاقِفِ مِمَّا لَا يَشُكُّ ذُو فَهْمٍ فِيهِ إذْ هُوَ الْأَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ مَعَ صَلَاحِيَّةِ اللَّفْظِ لَهُ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلَّفْظِ مُحْتَمَلَانِ يَجِبُ تَعْيِينُ أَحَدِ مُحْتَمَلَيْهِ بِالْغَرَضِ وَإِذَا أَرْجَعْنَا الضَّمِيرَ إلَى حَسَنٍ لَزِمَ حِرْمَانُ وَلَدِ الْوَاقِفِ لِصُلْبِهِ وَاسْتِحْقَاقُ أَوْلَادِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَفِيهِ غَايَةُ الْبُعْدِ وَلَا تَمَسُّكَ بِكَوْنِهِ أَقْرَبَ مَذْكُورٍ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَحْظُورِ وَهَذَا لِغَايَةِ ظُهُورِهِ غَنِيٌّ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ لَهُ اهـ. فَقَدْ أَرْجَعَ الضَّمِيرَ إلَى غَيْرِ الْأَقْرَبِ عَمَلًا بِالْقَرِينَةِ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ خَضِرٍ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالطَّبَقَةُ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى فَإِذَا انْقَرَضُوا فَعَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ فَمَاتَ خَضِرٌ عَنْ بِنْتِهِ مُؤْمِنَةَ ثُمَّ مَاتَتْ مُؤْمِنَةُ عَنْ ابْنِهَا مُحَمَّدٍ ثُمَّ مَاتَ مُحَمَّدٌ عَنْ أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ سُلَيْمَانَ وَمُؤْمِنَةَ وَعَائِشَةَ ثُمَّ مَاتَتْ مُؤْمِنَةُ عَنْ وَلَدَيْهَا أَحْمَدَ وَبَكْرِيٍّ ثُمَّ مَاتَ أَحْمَدُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَ بَكْرِيٌّ عَنْ بِنْتِهِ فُلَانَةَ ثُمَّ مَاتَتْ عَائِشَةُ عَنْ بِنْتِهَا فَخْرَى فَهَلْ لِفَخْرَى بِنْتِ عَائِشَةَ

وَفُلَانَةَ بِنْتِ بَكْرِيٍّ شَيْءٌ مَعَ سُلَيْمَانَ أَمْ لَا أَجَابَ يَكُونُ الْوَقْفُ وَقْفَ تَرْتِيبٍ مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِ خَضِرٍ مَوْجُودًا وَسُلَيْمَانُ الْمَرْقُومُ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِ خَضِرٍ فَيَخْتَصُّ بِغَلَّةِ الْوَقْفِ عَمَلًا بِثُمَّ وَلَا اسْتِحْقَاقَ لِفَخْرَى بِنْتِ عَائِشَةَ وَلَا لِفُلَانَةَ بِنْتِ بَكْرِيٍّ لِكَوْنِهِمَا فِي طَبَقَةِ النَّسْلِ وَالْعَقِبِ وَقَوْلُ الْوَاقِفِ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالطَّبَقَةُ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى قَيْدٌ لِلْأَخِيرِ الَّذِي هُوَ دَرَجَةُ النَّسْلِ وَالْعَقِبِ وَالْقَيْدُ وَصْفًا كَانَ أَوْ حَالًا أَوْ غَيْرَهُمَا إذَا وَقَعَ فِي حَيِّزِ الْعَطْفِ بِثُمَّ الْمُفِيدَةِ لِتَرْتِيبِ الطَّبَقَاتِ كَانَ لِلْأَخِيرِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي الْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ التَّعَارُضُ بَيْنَ أَوَّلِ كَلَامِ الْوَاقِفِ وَآخِرِهِ وَالتَّوْفِيقُ بَيْنَ الْمُتَعَارِضَيْنِ وَاجِبٌ مَهْمَا أَمْكَنَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. وَقَدْ أَجَابَ بِعَيْنِ هَذَا الْجَوَابِ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ التَّاجِيُّ الْبَعْلِيُّ كَمَا رَأَيْته فِي فَتَاوَاهُ فَهَذَا أَيْضًا فِيهِ بَيَانُ الْمُرَادِ بِالْقَرِينَةِ وَهِيَ عَدَمُ التَّعَارُضِ فِي كَلَامِ الْعَاقِلِ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَجْعَلُوا قَوْلَهُ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالطَّبَقَةُ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى نَاسِخًا لِلتَّرْتِيبِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ ثُمَّ بِجَعْلِهَا لِلتَّرْتِيبِ فِي الذِّكْرِ فَقَطْ دُونَ التَّرْتِيبِ فِي الرُّتْبَةِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمُتَأَخِّرُ رَاجِعًا إلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَهُ فَيَكُونُ رِيعُ الْوَقْفِ بَيْنَ سُلَيْمَانَ وَفَخْرَى بِنْتِ عَائِشَةَ وَفُلَانَةَ بِنْتِ بَكْرِيٍّ وَيُرَشِّحُهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ مَا يَقْتَضِي حِرْمَانَ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَمَا يَقْتَضِي إعْطَاءَهُ تَرَجَّحَ الثَّانِي لِأَنَّ الْحِرْمَانَ لَيْسَ مِنْ مَقَاصِدِ الْوَاقِفِينَ وَقَالَ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ فِي ذَيْلِ مَسْأَلَةِ قُلْت فُقِدَ شَرْطُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا فَلِمَ أَعْلَمْت الْأَخِيرَ قَالَ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْأَخِيرَ يُفَسِّرُ عَنْ مُرَادِهِ فَلِذَلِكَ أَعْمَلْنَاهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ تَجْرِي غَلَّةُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ عَلَى وَلَدِي لِصُلْبِي فَإِذَا انْقَرَضُوا كَانَتْ لِلْمَسَاكِينِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ الْوَقْفِ وَكُلَّمَا حَدَثَ الْمَوْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ وَلَدِي لِصُلْبِي رُدَّ نَصِيبُهُ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ أَبَدًا إنِّي أَرَادَ نَصِيبَ كُلِّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ عَلَيْهِمْ وَلَا أَجْعَلُهُ لِلْمَسَاكِينِ إلَّا بَعْدَ انْقِرَاضِ آخِرِهِمْ اهـ. وَكَذَا يُقَالُ هُنَا إنَّ الشَّرْطَ الْأَخِيرَ فَسَّرَ عَنْ مُرَادِهِ بِثُمَّ أَنَّهَا لَيْسَتْ لِتَرْتِيبِ الطَّبَقَاتِ وَكَوْنُ الْقَيْدِ لِلْأَخِيرِ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ مِنْ الْكَلَامِ لَا يُقَالُ إنَّ هَذَا الْقَيْدَ يَتَعَيَّنُ إرْجَاعُهُ لِلنَّسْلِ لِأَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ فِي بُطُونِهِ وَإِنَّمَا التَّرْتِيبُ فِي الْبُطُونِ الَّتِي قَبْلَهُ فَيَكُونُ الْقَيْدُ لِتَأْكِيدِ الْمُرَادِ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ الْوَاقِفَ إذَا عَطَفَ النَّسْلَ وَالْعَقِبَ بَعْدَ ذِكْرِهِ ثَلَاثَةَ بُطُونٍ مُثُلًا مُتَعَاطِفَةً بِثُمَّ الْمُفِيدَةِ لِلتَّرْتِيبِ تَكُونُ بُطُونُ النَّسْلِ مَرْتَبَةً فَيَكُونُ الْبَطْنُ الرَّابِعُ الَّذِي هُوَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ الْمُصَرَّحِ فِيهَا بِثُمَّ مُقَدَّمًا عَلَى الْخَامِسِ وَالْخَامِسُ عَلَى السَّادِسِ وَهَكَذَا إلَى انْقِرَاضِ النَّسْلِ وَالْعَقِبِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ الْوَاقِفُ بَعْدَ ذِكْرِ النَّسْلِ وَالْعَقِبِ بِقَوْلِهِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَنَصُّهُ ذَكَرَ هِلَالٌ فِي وَقْفِهِ إذَا ذَكَرَ الْوَاقِفُ ثَلَاثَ بُطُونٍ يَكُونُ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ الْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ فِيهِ سَوَاءٌ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ الْوَاقِفُ فِي وَقْفِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ أَوْ يَقُولُ عَلَى وَلَدِي ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى وَلَدِ وَلَدِي أَوْ يَقُولُ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَحِينَئِذٍ يَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْوَقْفُ اهـ زَادَ فِي الْإِسْعَافِ وَلَا يَكُونُ لِلْبَطْنِ الْأَسْفَلِ شَيْءٌ مَا بَقِيَ مِنْ الْبَطْنِ إلَّا عَلَى أَحَدٍ وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ بَطْنٍ حَتَّى تَنْتَهِيَ الْبُطُونُ مَوْتًا اهـ. فَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْمَطْلُوبِ فَإِنَّ حَاصِلَهُ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ الْبُطُونَ الثَّلَاثَةَ دَخَلَ مَنْ بَعْدَهُمْ أَيْضًا وَيَشْتَرِكُ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا وَمَنْ دُونَهَا إلَّا إذَا قَالَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ أَوْ عَطَفَ بَيْنَ الْبُطُونِ الثَّلَاثَةِ بِثُمَّ أَوْ قَالَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ يَصِيرُ الْوَقْفُ مُرَتَّبًا فَيُقَدَّمُ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ عَلَى مَنْ يَلِيهِ وَالثَّانِي عَلَى مَنْ يَلِيهِ وَهَكَذَا إلَى انْقِرَاضِ الْبُطُونِ كُلِّهَا وَلَا يَخْتَصُّ التَّرْتِيبُ بِالْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ فَقَطْ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى هَذَا الْعَمَلِ وَقَدْ كُنْت مُتَوَقِّفًا فِي الْجَزْمِ بِذَلِكَ وَأَطْلُبُ نَقْلَهُ إلَى أَنْ ظَفِرْت بِعِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِهِ فِي صُورَةِ فَتْوَى

مَنْقُولَةٍ عَنْ خَطِّ شَيْخِ الْإِسْلَامِ مُحَمَّدٍ أَفَنْدِي الْكَوَاكِبِيِّ مُفْتِي حَلَبِ الشَّهْبَاءِ حَيْثُ قَالَ وَالنَّسْلُ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ مَعْطُوفٌ بِكَلِمَةِ ثُمَّ التَّرْتِيبِيَّةِ فَكَانَ التَّرْتِيبُ ثَابِتًا إلَى آخِرِ الْبُطُونِ اهـ فَاغْتَنِمْ هَذِهِ الْفَائِدَةَ ثُمَّ بَعْدَ كِتَابَتِي لِهَذَا الْمَحَلِّ رَأَيْت بِهَامِشِ الْخَيْرِيَّةِ بِخَطِّ الْمَرْحُومِ الشَّيْخِ يَحْيَى التَّاجِيِّ صُورَةُ فَتْوَى مِثْلُ الْفَتْوَى السَّابِقَةِ وَفِيهَا التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْبُطُونِ الثَّلَاثَةِ بِثُمَّ وَعَطْفُ النَّسْلِ بِثُمَّ أَيْضًا مَعَ اشْتِرَاطِ اسْتِوَاءِ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا وَالسُّفْلَى وَجَوَابُهَا لِلشَّيْخِ خَيْرِ الدِّينِ بِأَنَّهُ رَجَعَ الْوَاقِفُ عَنْ التَّرْتِيبِ بِقَوْلِهِ يَسْتَوِي إلَخْ فَهَذَا عَيْنُ مَا قُلْنَاهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ السِّتَّةِ وَهُمْ حُسَيْنٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَمُصْطَفَى وَإِسْمَاعِيلُ وَفَاطِمَةُ وَعَائِشَةُ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ وَبَعْدَ الِانْقِرَاضِ فَعَلَى الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَتَيْنِ وَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ الْمُقِيمِينَ بِدِمَشْقَ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ ثُمَّ مَاتَ إسْمَاعِيلُ عَنْ أَوْلَادٍ ثُمَّ مَاتَتْ عَائِشَةُ عَنْ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَ حُسَيْنٌ عَنْ بِنْتٍ وَالْكُلُّ فُقَرَاءُ فَهَلْ يُصْرَفُ نَصِيبُ الْمُتَوَفِّينَ إلَيْهِمْ جَمِيعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ كَانُوا فُقَرَاءَ وَإِذَا انْقَرَضَ جَمِيعُ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ يَنْتَقِلُ نُصِيبُهُمْ إلَى أَوْلَادِهِمْ (أَقُولُ) هَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ مُنْقَطِعِ الْوَسَطِ فَيُصْرَفُ نَصِيبُ مَنْ مَاتَ إلَى الْفُقَرَاءِ مَا دَامَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ وَلَا يُصْرَفُ نَصِيبُهُ إلَى الْبَاقِي مِنْهُمْ وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَمَاتَ بَعْضُهُمْ قَالَ هِلَالٌ يُصْرَفُ الْوَقْفُ إلَى الْبَاقِي فَإِنْ مَاتُوا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ لَا إلَى وَلَدِ الْوَلَدِ وَلَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَسَمَّاهُمْ فَقَالَ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يُصْرَفُ نَصِيبُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَبَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمْ بَقِيَ أَوْلَادُهُ وَهَاهُنَا وَقَفَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ فَإِذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ كَانَ نَصِيبُهُ لِلْفُقَرَاءِ. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ مُرَتَّبٍ بِثُمَّ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ أَوْ الْأَسْفَلِ مِنْهُ وَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى زِيَادَةٌ عَمَّا بِيَدِهِ ثُمَّ عَلَى وَلَدِ مَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ ذَلِكَ ثُمَّ عَلَى نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ إلَخْ فَمَاتَ صَغِيرٌ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَلَهُ اسْتِحْقَاقٌ آلَ إلَيْهِ مِنْ أُمِّهِ وَالْمَوْجُودُ حِينَ مَوْتِهِ جَدُّهُ لِأَبِيهِ ابْنُ الْوَاقِفِ وَبِنْتُ الْوَاقِفِ وَخَالُهُ ابْنُ ابْنِ الْوَاقِفِ وَكُلُّهُمْ مُتَنَاوِلُونَ وَمَاتَتْ صَغِيرَةٌ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَلَهَا اسْتِحْقَاقٌ فِي الْوَقْفِ آلَ إلَيْهَا مِنْ أَبِيهَا وَالْمَوْجُودُ حِينَ مَوْتِهَا ابْنُ الْوَاقِفِ وَبِنْتُ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورَانِ وَعَمُّهَا وَعَمَّتُهَا وَلَدَا ابْنٍ آخَرَ لِلْوَاقِفِ فَهَلْ يَنْتَقِلُ اسْتِحْقَاقُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ الْمَزْبُورَيْنِ إلَى ابْنِ الْوَاقِفِ وَبِنْتِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورَيْنِ لِكَوْنِهِمَا أَعْلَى طَبَقَةً مِنْ بَقِيَّةِ أَهْلِ الْوَقْفِ عَمَلًا بِالتَّرْتِيبِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ لَفْظَةِ ثُمَّ حَيْثُ لَمْ يَنُصَّ الْوَاقِفُ عَلَى مَا يُبْطِلُ حُكْمَهُ فِي نَصِيبِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي دَرَجَتِهِمَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ دُونَ خَالِ الصَّغِيرِ وَدُونَ عَمِّ الصَّغِيرَةِ وَعَمَّتِهَا الْمَزْبُورَيْنِ الَّذِينَ هُمْ أَسْفَلُ دَرَجَةً أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : الْحَمْدُ لِلَّهِ نَعَمْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ الْمَزْبُورَيْنِ إلَى ابْنِ الْوَاقِفِ وَبِنْتِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورَيْنِ لِكَوْنِهِمَا أَعْلَى طَبَقَةً مِنْ بَقِيَّةِ أَهْلِ الْوَقْفِ عَمَلًا بِالتَّرْتِيبِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ لَفْظَةِ ثُمَّ دُونَ خَالِ الصَّغِيرِ وَدُونَ عَمِّ الصَّغِيرَةِ وَعَمَّتِهَا الْمَزْبُورَيْنِ لِكَوْنِهِمْ أَدْنَى دَرَجَةً مِنْ ابْنِ وَبِنْتِ الْوَاقِفُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عِمَادُ الدِّينِ عُفِيَ عَنْهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ مِنْ مُمِدِّ الْكَوْنِ أَسْتَمِدُّ التَّوْفِيقَ وَالْعَوْنَ جَوَابِي كَمَا أَجَابَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْعِمَادُ نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ الْعِبَادَ إذْ لَا وَجْهَ لِانْتِقَالِ مَا كَانَ لَهُمَا لِلْخَالِ وَالْعَمِّ وَالْعَمَّةِ مَعَ وُجُودِ ابْنِ الْوَاقِفِ وَبِنْتِهِ وَبِمَوْتِهِمَا لَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ طَبَقَتِهِمَا رَجَعَ اسْتِحْقَاقُهُمَا لِمَا أَصَّلَهُ الْوَاقِفُ وَرَتَّبَهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ

خَيْرُ الدِّينِ بْنُ أَحْمَدَ الْحَنَفِيُّ الْأَزْهَرِيُّ حَامِدًا مُصَلِّيًا مُسْلِمًا. (أَقُولُ) هَذِهِ الْحَادِثَةُ بِعَيْنِهَا أَلَّفَ فِيهَا الْعَلَّامَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ رِسَالَتَهُ الْمُسَمَّاةَ بِالِابْتِسَامِ بِأَحْكَامِ الْإِفْحَامِ وَنَشْقِ نَسِيمِ الشَّامِ وَرَدَّ فِيهَا عَلَى مُفْتِي الشَّامِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عِمَادُ الدِّينِ الْمَذْكُورُ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ بِثُمَّ قَدْ بَطَلَ حُكْمُهُ فِي نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ بِاشْتِرَاطِ صَرْفِهِ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ أَهْلِ دَرَجَتِهِ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ وَفَاتِهِ عَلَى أَوْلَادِ ابْنِهِ فَلِأَنَّ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاتِهِ وَهُمْ عَبْدُ النَّبِيِّ وَعَلِيٌّ وَنُورُ الدِّينِ وَمَنْصُورٌ سَوِيَّةً بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ الذُّكُور دُونَ الْإِنَاثِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ كَذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ مِثْلُ ذَلِكَ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ شِبْهُ ذَلِكَ الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَمِنْ أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَإِنْ سَفَلَ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ لِوَلَدِهِ ثُمَّ لِلْأَسْفَلِ مِنْهُ الذُّكُورُ دُونَ الْإِنَاثِ وَعَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَمِنْ أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَإِنْ سَفَلَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى كُلُّ ذَلِكَ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمُعَيَّنَيْنِ أَعْلَاهُ فَإِذَا انْقَرَضَتْ أَوْلَادُ الذُّكُورِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ نَسْلٌ وَلَا عَقِبٌ عَادَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى مَنْ يُوجَدُ مِنْ الْإِنَاثِ وَأَوْلَادِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْحُكْمُ فِيهِمْ كَالْحُكْمِ فِي أَوْلَادِ الذُّكُورِ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ فَانْقَرَضَ الْآنَ أَوْلَادُ الذُّكُورِ وَالْمَوْجُودُ الْآنَ مِنْ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَهَلْ يَعُودُ الْوَقْفُ لِلذُّكُورِ سَوِيَّةً بَيْنَهُمْ أَمْ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ شُرِطَ فِي أَوْلَادِ الذُّكُورِ أَنْ يُعْطَى لِلذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ وَجَعَلَ الْحُكْمَ فِي أَوْلَادِ الْإِنَاثِ كَالْحُكْمِ فِي أَوْلَادِ الذُّكُورِ يَعُودُ الْوَقْفُ الْمَذْكُورُ لِلذُّكُورِ سَوِيَّةً بَيْنَهُمْ دُونَ الْإِنَاثِ عَمَلًا بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (أَقُولُ) رَأَيْت فِي هَذَا الْمَحَلِّ عَلَى الْهَامِشِ بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْغَزِّيِّ السَّائِحَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ دُونَ الْإِنَاثِ هَذَا لَا يَظْهَرُ بَعْدَ قَوْلِ الْوَاقِفِ عَادَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى مَنْ يُوجَدُ مِنْ الْإِنَاثِ وَأَوْلَادِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَأَيْضًا كَيْفَ يُعْطِي الْفَرْعَ وَيَمْنَعُ الْأَصْلَ أَوْ أَخَوَاتِهِ مَعَ عُمُومِ لَفْظِهِ فَضْلًا عَنْ صَرِيحِهِ نَعَمْ يُحْمَلُ قَوْلُهُ وَالْحُكْمُ فِيهِمْ كَالْحُكْمِ فِي أَوْلَادِ الذُّكُورِ عَلَى قَوْلِهِ سَوِيَّةً وَعَلَى التَّرْتِيبِ وَعَلَى رَدِّ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ وَقَدْ صَرَّحَ هُوَ وَغَيْرُهُ أَنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ يَصْلُحُ مُخَصِّصًا انْتَهَى وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ وَالْحُكْمُ فِيهِمْ إلَخْ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ وَقَدْ وَقَعَ فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اضْطِرَابٌ فَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ سُئِلَ فِيمَا إذَا وَقَفَ رَجُلٌ طَاحُونَةً عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ الْبُرْهَانِيِّ إبْرَاهِيمَ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ إبْرَاهِيمَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِ وَأَعْقَابِهِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يَسْتَقِلُّ بِهِ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ إذَا انْفَرَدَ وَيَشْتَرِكُ فِيهِ الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا. فَإِنْ مَاتَ إبْرَاهِيمُ وَلَمْ يُعْقِبْ أَوْ أَعْقَبَ وَانْقَرَضُوا عَادَ ذَلِكَ وَقْفًا شَرْعِيًّا عَلَى مَنْ يُوجَدُ مِنْ إخْوَتِهِ لِأَبِيهِ ذُكُورًا كَانُوا وَإِنَاثًا بَيْنَهُمْ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْحُكْمِ الْمُعَيَّنِ أَعْلَاهُ فَإِذَا انْقَرَضُوا بِأَجْمَعِهِمْ عَادَ ذَلِكَ وَقْفًا عَلَى الزَّاوِيَةِ الْفُلَانِيَّةِ إلَى أَنْ قَالَ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ وَمَاتَ ابْنُهُ إبْرَاهِيمُ بَعْدَهُ وَلَمْ يُعْقِبْ وَوُجِدَ لِإِبْرَاهِيمَ إخْوَةٌ لِأَبٍ فَتَنَاوَلُوا الْوَقْفَ ثُمَّ انْقَرَضُوا عَنْ آخِرِهِمْ وَلَهُمْ أَوْلَادٌ وَأَوْلَادُ أَوْلَادٍ فَهَلْ يَنْتَقِلُ الْوَقْفُ إلَى الزَّاوِيَةِ الْمَزْبُورَةِ بِانْقِرَاضِ إخْوَةِ إبْرَاهِيمَ بَعْدَهُ وَلَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ أَوْ لَا أَجَابَ الْأَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ انْتِقَالُهُ إلَى أَوْلَادِ إخْوَةِ إبْرَاهِيمَ لِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ الْأَقْرَبِيَّةُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَالثَّانِي قَوْلُهُ عَلَى الْحُكْمِ الْمُعَيَّنِ أَعْلَاهُ فَإِنَّهُ عَرَفَهُ بِاللَّامِ وَذَلِكَ لِلْعُمُومِ وَالِاعْتِبَارُ لِعُمُومِ اللَّفْظِ وَالْعَامُّ يَبْقَى عَلَى عُمُومِهِ حَتَّى لَا يُعْتَبَرَ مَعَهُ خُصُوصُ السَّبَبِ. وَقَدْ ذَكَرَ الْأَكْمَلُ ذَلِكَ

فِي الْعِنَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالصُّلْحُ صَحِيحٌ مَعَ إقْرَارٍ أَوْ سُكُوتٍ أَوْ إنْكَارٍ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] فَإِنَّهُ بِإِطْلَاقِهِ يَتَنَاوَلُهَا يَعْنِي الثَّلَاثَةَ وَإِنْ كَانَ فِي صُلْحِ الزَّوْجَيْنِ قَالَ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ فَهُوَ مُنَادٍ فِي مَسْأَلَتِنَا بِاسْتِحْقَاقِ أَوْلَادِ إخْوَةِ إبْرَاهِيمَ لِهَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا غَرَضُ الْوَاقِفِ وَإِفَادَةُ اللَّفْظِ لَهُ وَالْحَقُّ أَحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ وَرَأَيْت بِهَامِشِهَا بِخَطِّ الْمَرْحُومِ الشَّيْخِ يَحْيَى التَّاجِيِّ الْبَلْعَمِيِّ نَاقِلًا عَنْ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ يَاسِينَ الْبِقَاعِيِّ الْحَنَفِيِّ مَا حَاصِلُهُ قَوْلُهُ الْأَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ إلَخْ يُخَالِفُهُ مَا أَفْتَى بِهِ الْمَرْحُومُ يَحْيَى أَفَنْدِي مُفْتِي الدِّيَارِ الرُّومِيَّةِ وَالْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ حَسَنٌ الشُّرُنْبُلَالِيُّ مُفْتِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ عُلَمَاءِ مِصْرَ وَالشَّامِ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ فِي عَصْرِهِمَا وَعَصْرِ مَنْ قَبْلَهُمَا وَرَدُّوا الْوَقْفَ بَعْدَ مَوْتِ الْإِخْوَةِ لِلزَّاوِيَةِ لَا لِأَوْلَادِ الْإِخْوَةِ وَرَدُّوا الْحُكْمَ الْمُعَيَّنَ أَعْلَاهُ إلَى قَوْلِهِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ يَسْتَقِلُّ بِهِ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ إذَا انْفَرَدَ وَيَشْتَرِكُ فِيهِ الِاثْنَانِ فَمَا فَوْقَهَا وَجَعَلُوهُ بَيَانًا لِذَلِكَ وَقَيْدًا لَهُ وَرُجُوعًا بِهِ إلَى مُسْتَحِقٍّ مَوْجُودٍ دُونَ غَيْرِهِ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ فِي شَرْطِهِ فَهُوَ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِقَوْلِهِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَإِنَّهُ مَا مِنْ عَامٍّ إلَّا وَقَدْ خُصَّ وَرُجُوعُهُ إلَى هَذَا مُتَيَقَّنٌ لِوُجُودِهِ فِي لَفْظِهِ وَإِلَى أَوْلَادِ الْإِخْوَةِ مَشْكُوكٌ فِيهِ لِعَدَمِهِ فِي لَفْظِهِ فَيُقَدَّمُ الْمُتَيَقَّنُ عَلَى الْمَشْكُوكِ فِيهِ لِأَنَّ الْيَقِينَ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ وَغَرَضُ الْوَاقِفِ إذَا خَالَفَ صَرِيحَ لَفْظِهِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ اهـ. وَلَا يَخْفَى عَلَى مَنْ أَمْعَنَ النَّظَرَ فِي هَذَا الْمَقَامِ اتِّجَاهُ كُلٍّ مِنْ الْكَلَامَيْنِ وَالتَّرْجِيحُ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ صَعْبٌ وَلَكِنْ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ فِي شَرْحِ الْأَشْبَاهِ أَنَّهُ مَتَى اُخْتُلِفَ فِي مَسْأَلَةٍ فَالْعِبْرَةُ بِمَا قَالَهُ الْأَكْثَرُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَنْشَأَ وَاقِفٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ فَعَلَى زَوْجَتِهِ خَاتُونَ وَعَلَى الْمَدْعُوَّةِ نَفِيسَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَلَى عُتَقَاءِ الْوَاقِفِ وَهُمْ عَلِيٌّ وَزَوْجَتُهُ قَرَنْفُلَةُ وَعَائِشَةُ سَوِيَّةً بَيْنَهُمْ مُدَّةَ حَيَاتِهِمْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ كُلٍّ مِنْهُمْ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَأَنْسَالِهِ وَأَعْقَابِهِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِذَا انْقَرَضُوا بِأَجْمَعِهِمْ عَادَ ذَلِكَ وَقْفًا شَرْعِيًّا عَلَى أَوْلَادِ أَخِي الْوَاقِفِ الْمَرْقُومِ حَسَنٍ أَغَا وَهُمْ كَاتِبَةُ وَصَفِيَّةُ وَمَرْوَةُ وَرَحْمَةُ سَوِيَّةً بَيْنَهُمْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِ وَفَاةِ كُلٍّ مِنْهُنَّ عَلَى أَوْلَادِهَا وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهَا وَأَنْسَالِهَا وَأَعْقَابِهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ وَمَاتَ بَعْدَهُ عَلِيٌّ وَقَرَنْفُلَةُ وَعَائِشَةُ وَخَاتُونُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا عَقِبٍ وَبَقِيَتْ نَفِيسَةُ لَا غَيْرُ فَهَلْ تُقْسَمُ غَلَّةُ الْوَقْفِ مِنْ خَمْسَةِ أَخْمَاسٍ لِنَفِيسَةَ خُمُسٌ وَاحِدٌ وَالْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ تُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ وَإِذَا كَانَتْ بَنَاتُ أَخِي الْوَاقِفِ فُقَرَاءَ أَوْ إحْدَاهُنَّ فَهُنَّ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ الْفُقَرَاءِ الْأَجَانِبِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) قَوْلُهُ تُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ يَعْنِي مَا دَامَتْ نَفِيسَةُ مَوْجُودَةً فَإِذَا مَاتَتْ يُصْرَفُ الْكُلُّ إلَى بَنَاتِ أَخِي الْوَاقِفِ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُنَّ مِنْ الْوَقْفِ مَشْرُوطٌ بِمَوْتِ خَاتُونَ وَنَفِيسَةَ وَعُتَقَاءِ الْوَاقِفِ وَأَوْلَادِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ فَمَا دَامَ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَوْجُودًا لَا تَسْتَحِقُّ بَنَاتُ أَخِي الْوَاقِفِ شَيْئًا وَيَكُونُ الْوَقْفُ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ وَفِيهِ يُصْرَفُ نَصِيبُ مَنْ مَاتَ إلَى الْفُقَرَاءِ وَإِذَا كَانَتْ بَنَاتُ أَخِي الْوَاقِفِ فُقَرَاءَ يُصْرَفُ إلَيْهِنَّ لِصِفَةِ الْفَقْرِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ لَا الِاسْتِحْقَاقِ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ فِي بَابِ الْوَقْفِ فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ لَوْ قَالَ هِيَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ فَاحْتَاجَ وَلَدُهُ أَوْ وَلَدُ وَلَدِهِ أَوْ قَرَابَتُهُ يُصْرَفُ إلَيْهِ مِنْ الْغَلَّةِ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَبْوَابِ الْبِرِّ وَكَذَلِكَ لَوْ جَعَلَهَا صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسَاكِينِ فَاحْتَاجَ وَلَدُهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ مِنْ الْغَلَّةِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَسَاكِينِ وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَدَقَةً وَرَحِمٌ مُحْتَاجَةٌ» فَيَكُونُ وَلَدُهُ وَقَرَابَتُهُ أَحَقَّ وَلَكِنْ لَا يَتَعَيَّنُ بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ بِجَعْلِ قَاضٍ بَلْ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْسَانِ وَالْأَفْضَلِيَّةِ وَلَوْ عُزِلَ الْقَاضِي أَوْ مَاتَ يَجُوزُ لِمَنْ يَلِي بَعْدَهُ أَنْ يُجْرِيَهُ

عَلَيْهِ وَأَنْ يُبْطِلَهُ لِعَدَمِ كَوْنِ فِعْلِ الْأَوَّلِ قَضَاءً. وَمَنْ مَاتَ أَوْ اسْتَغْنَى سَقَطَ حَقُّهُ وَحُكْمُ وَرَثَتِهِ كَحُكْمِهِ إنْ كَانُوا أَقَارِبَ الْوَاقِفِ وَكَذَا جِيرَانُ الْوَاقِفِ إنْ كَانُوا فُقَرَاءَ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَوْ الْقَيِّمِ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنْ الْغَلَّةِ مَا يَرَى اهـ لَكِنْ قَيَّدَ ذَلِكَ فِي الْخَانِيَّةِ بِأَحَدِ شَرْطَيْنِ حَيْثُ قَالَ رَجُلٌ وَقَفَ فِي صِحَّتِهِ أَرْضًا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَاحْتَاجَ بَعْضُ وَرَثَةِ الْوَاقِفِ قَالُوا يَجُوزُ صَرْفُ الْوَقْفِ إلَيْهِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ سَائِرِ الْفُقَرَاءِ بِأَحَدِ شَرْطَيْنِ أَنْ يُصْرَفَ الْبَعْضُ إلَيْهِمْ وَالْبَعْضُ إلَى الْأَجَانِبِ أَوْ الْكُلُّ إلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَافِ لِأَنَّهُ لَوْ صَرَفَ الْكُلَّ إلَيْهِمْ عَلَى الدَّوَامِ يَظُنُّ النَّاسُ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَيْهِمْ فَرُبَّمَا يَتَّخِذُونَهُ مِلْكًا اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفٌ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ الْمُرَتَّبِ بِثُمَّ شُرُوطًا مِنْهَا أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ يَعُودُ نَصِيبُهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إلَى مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَمَاتَ رَجُلٌ مِنْ الذُّرِّيَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَفِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَخَوَاهُ وَجَمَاعَةٌ آخَرُونَ الْبَعْضُ مِنْهُمْ مُتَنَاوَلٌ وَالْبَعْضُ غَيْرُ مُتَنَاوَلٍ لِحَجْبِهِ بِأَصْلِهِ فَهَلْ يَعُودُ نَصِيبُ الرَّجُلِ الْمُتَوَفَّى الْمَزْبُورِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِجَمِيعِ أَهْلِ دَرَجَتِهِ الْمَزْبُورِينَ وَلَا يَخْتَصُّ بِذَلِكَ أَخَوَاهُ الْمَذْكُورَانِ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَعُودُ نَصِيبُ الرَّجُلِ الْمُتَوَفَّى عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِجَمِيعِ أَهْلِ دَرَجَتِهِ وَلَا يَخْتَصُّ بِذَلِكَ أَخَوَاهُ الْمَذْكُورَانِ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ مَنْ لَهُ حَقٌّ إمَّا حَالًا أَوْ مَآلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِالشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ الْجَوَابُ كَمَا بِهِ الْعَمُّ الْمَرْحُومُ أَجَابَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ. وَفِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيُّ عَنْ الْحَانُوتِيِّ ضِمْنَ سُؤَالٍ أَجَابَ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَخٍ وَلَا أُخْتٍ انْتَقَلَ مَا كَانَ لَهُ إلَى كُلِّ مَنْ هُوَ فِي طَبَقَتِهِ وَذَوِي دَرَجَتِهِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَخْ لِأَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ عَنْ قَوْلِهِ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا تَحْجُبُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى وَالْعَمَلُ عَلَى مَا تَأَخَّرَ مِنْ الشُّرُوطِ كَمَا هُوَ الْمُصَرَّحُ بِهِ وَيَسْتَحِقُّ ذَلِكَ جَمِيعُ مَنْ فِي طَبَقَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ سَابِقٌ فِي الْوَقْفِ أَمْ كَانَ مَحْجُوبًا بِأَصْلِهِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ انْتَقَلَ إلَى مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ لَفْظِ مِنْ وَمِنْ قَوْلِهِ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُضَافٌ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يَعُمَّ وَأَمَّا قَوْلُ الْوَاقِفِ مُضَافًا إلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ فَلَيْسَ قَيْدًا لِدَفْعِ اسْتِحْقَاقِ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ سَابِقٌ فِي الْوَقْفِ وَإِنَّمَا هُوَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ مَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ سَابِقٌ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ ذَلِكَ الْمَيِّتِ شَيْئًا اكْتِفَاءً بِمَا لَهُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ السَّابِقِ فَدَفَعَ ذَلِكَ بِمَا يُفِيدُ أَنَّ مَنْ فُرِضَ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ سَابِقٌ لَا يَكُونُ ذَلِكَ مَانِعًا لَهُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ ذَلِكَ الْمَيِّتِ الَّذِي مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَخْ بَلْ يَسْتَحِقُّ مِنْهُ مُضَافًا لِمَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ سَابِقًا. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّ جَمِيعَ مَنْ فِي الطَّبَقَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ سَابِقٌ كَانَ الظَّاهِرُ أَنْ تَنْتَقِلَ حِصَّةُ ذَلِكَ الْمَيِّتِ لَهُمْ عَدَمُ تَحَقُّقِ قَوْلِ الْوَاقِفِ مُضَافًا إلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا بَلْ لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ كَمَا بَيَّنَّاهُ اهـ مُلَخَّصًا. (أَقُولُ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ مُضَافًا إلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ عِنْدَ إمْكَانِهَا أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ لَهُ اسْتِحْقَاقًا وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْإِسْعَافِ مِمَّا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلَمْ يُوجَدْ إلَّا ذُكُورٌ فَقَطْ أَوْ إنَاثٌ فَقَطْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ أَوْ بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّفَاضُلُ عَلَى تَقْدِيرِ الِاخْتِلَاطِ اهـ وَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يُفِيدُ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ يَشْمَلُ النَّصِيبَ الْمُقَدَّرَ. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ مِنْ شُرُوطِهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ عَادَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى وَمَاتَ الْوَاقِفُ ثُمَّ مَاتَ شَخْصٌ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ

مِنْهُ هُوَ صَالِحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَلَيْسَ فِي دَرَجَتِهِ سِوَى ابْنِ عَمِّهِ مُحَمَّدٍ هُوَ عُمَرُ لَكِنَّهُ مَحْجُوبٌ بِأَبِيهِ مُحَمَّدٍ الْمُسْتَحِقِّ فِي الْوَقْفِ بِالْفِعْلِ فَهَلْ يَعُودُ نَصِيبُ صَالِحٍ الْمَذْكُورِ لِعُمَرَ الْمَرْقُومِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (أَقُولُ) رَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةِ الْفَقِيهِ مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيِّ أَمِينِ فَتْوَى الْمُؤَلِّفِ قَالَ فِي مَجْمُوعَتِهِ الْفِقْهِيَّةِ الْكَبِيرَةِ مَا حَاصِلُهُ إذَا كَانَ فِي الدَّرَجَةِ جَمَاعَةٌ غَيْرُ مُتَنَاوِلِينَ فَقَطْ مَحْجُوبُونَ بِأُصُولِهِمْ فَالْحُكْمُ فِيهِمْ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ حِصَّةُ الْمُتَوَفَّى إلَيْهِمْ لِأَنَّ إعْمَالَ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ وَالْمَحْجُوبُ بِصَدَدِ الِاسْتِحْقَاقِ فَتَسْمِيَتُهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ جَائِزَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ السُّيُوطِيّ وَاخْتَارَهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي دَرَجَتِهِ غَيْرُهُمْ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي دَرَجَتِهِ مُتَنَاوِلٌ وَمَحْجُوبٌ فَاخْتَلَفَ الْإِفْتَاءُ فِيهِ فَبَعْضُهُمْ أَفْتَى بِعَدَمِ مُشَارَكَةِ الْمَحْجُوبِ لِلْمُتَنَاوِلِ مِنْهُمْ الْمَوْلَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ وَمُحَمَّدٌ أَفَنْدِي الْمُعِيدُ الْمُفْتِيَانِ بِدِمَشْقَ لِأَنَّ الْمُتَنَاوَلَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ حَقِيقَةً وَالْمَحْجُوبُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ مَجَازًا وَإِعْمَالُ الْحَقِيقَةِ أَوْلَى وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا غَيْرُ جَائِزٍ وَلَا يُصَارُ إلَى الْمَجَازِ إلَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْعَمَلُ بِالْحَقِيقَةِ أَوْ لَمْ تَكُنْ الْحَقِيقَةُ مَوْجُودَةً أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الطَّبَقَةِ إلَّا الْمَحْجُوبُ وَأَفْتَى الْبَعْضُ بِمُشَارَكَةِ الْمَحْجُوبِ لِلْمُتَنَاوِلِ مِنْهُمْ الْعَلَّامَةُ الْكَوَاكِبِيُّ وَتَاجُ الدِّينِ الْحَنَفِيُّ الْأَزْهَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ شَاهِينَ الْحَنَفِيُّ لِعُمُومِ مَنْ وَالدَّرَجَةِ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ لِأَنَّ الْمُضَافَ يَعُمُّ. وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يَعُمَّ الْمُتَنَاوَلَ وَالْمَحْجُوبَ وَالْعُمُومُ فِي الْأَوْقَافِ حُجَّةٌ بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الدَّلَالَاتِ وَالْعَامُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ قَطْعِيٌّ كَالْخَاصِّ اهـ وَأَقُولُ أَيْضًا قَدْ يَقَعُ فِي بَعْضِ (م) عِبَارَاتِ الْوَافِقِينَ تَقْيِيدُ أَهْلِ الدَّرَجَةِ بِالْمُسْتَحَقِّينَ أَوْ الْمُتَنَاوِلِينَ مِنْ رِيعِهِ وَلَا خَفَاءَ حِينَئِذٍ فِي عَدَمِ دُخُولِ الْمَحْجُوبِ وَرَأَيْت بِخَطِّ مُنْلَا عَلِيٍّ الْمَذْكُورِ أَيْضًا نَقْلًا عَنْ التُّحْفَةِ لِابْنِ حَجَرٍ الْمَكِّيِّ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَصْلِ أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ مَا نَصُّهُ فَائِدَةٌ يَقَعُ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ وَمَنْ مَاتَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ تَأْسِيسٌ لَا تَأْكِيدٌ فَيُحْمَلُ عَلَى وَضْعِهِ الْمَعْرُوفِ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْ الِاتِّصَافِ حَقِيقَةً بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ الْوَقْفِ حَالَ مَوْتِ مَنْ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ نَصِيبُهُ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى الْمَجَازِ أَيْضًا بِأَنْ يُرَادَ الِاسْتِحْقَاقُ وَلَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّ قَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ كَافٍ فِي إرَادَةِ هَذَا فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ إلْغَاءُ قَوْلِهِ الْمُسْتَحَقِّينَ وَأَنَّهُ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ وَالتَّأْسِيسُ خَيْرٌ مِنْهُ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ وَيَقَعُ فِيهَا لَفْظُ النَّصِيبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمُتَقَدِّمُونَ وَالْمُتَأَخِّرُونَ فِي أَنَّهُ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى مَا يَعُمُّ النَّصِيبَ الْمُقَدَّرَ مَجَازًا لِقَرِينَةٍ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ وَكَادَ السُّبْكِيّ أَنْ يَنْقُلَ إجْمَاعَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ عَلَيْهِ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْحَقِيقِيِّ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْقَرَائِنُ فِي ذَلِكَ ضَعِيفَةٌ وَهُوَ الْمَنْقُولُ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ أَيْضًا وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ قَوْلُ السُّبْكِيّ الْأَقْرَبُ إلَى قَوَاعِدِ الْفِقْهِ وَاللُّغَةِ أَنَّ ذَا الدَّرَجَةِ الثَّانِيَةِ مَثَلًا الْمَحْجُوبَ بِغَيْرِهِ يُسَمَّى مَوْقُوفًا عَلَيْهِ لِشُمُولِ لَفْظِ الْوَاقِفِ لَهُ قَالَ وَإِذَا كَانَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ كَانَ لَهُ نَصِيبٌ بِالْقُوَّةِ بَلْ بِالْفِعْلِ إذْ الْمُتَوَقِّفُ عَلَى انْقِرَاضِ غَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ أَخْذُهُ لَا دُخُولُهُ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَعَلَى هَذَا أَفْتَيْت فِي مَوْقُوفٍ عَلَى مُحَمَّدٍ ثُمَّ عَلَى بِنْتَيْهِ وَعَتِيقِهِ فُلَانٍ عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَتْ مِنْهُمَا تَكُونُ حِصَّتُهَا لِلْأُخْرَى فَتُوُفِّيَتْ إحْدَاهُمَا فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ بَعْدَ الْوَقْفِ ثُمَّ مُحَمَّدٌ عَنْ الْأُخْرَى وَفُلَانٌ بِأَنَّ لَهَا الثُّلُثَيْنِ وَلِلْعَتِيقِ الثُّلُثُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْوَاقِفَ لَمَّا جَعَلَ الْعَتِيقَ فِي مَرْتَبَتِهِمَا خَشِيَ أَنَّهُ رُبَّمَا انْفَرَدَ مَعَ إحْدَاهُمَا فَيُنَاصِفُهَا فَأَخْرَجَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ إلَخْ وَبَيَّنَ أَنَّ إحْدَاهُمَا مَتَى انْفَرَدَتْ مَعَ الْعَتِيقِ لَمْ تُنَاصِفْهُ بَلْ تَأْخُذُ ضِعْفَهُ. وَبَيَّنْت فِي الْفَتَاوَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْ الْوَاقِفِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ النَّصِيبُ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ كَمَا هُنَا ثُمَّ رَأَيْتنِي ذَكَرْت فِي بَعْضِ الْفَتَاوَى مَا حَاصِلُهُ الِاسْتِحْقَاقُ وَالْمُشَارَكَةُ هَلْ يُحْمَلَانِ عَلَى مَا بِالْقُوَّةِ نَظَرًا لِقَصْدِ الْوَاقِفِ أَنَّهُ لَا يَحْرِمُ

أَحَدًا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ أَوْ عَلَى مَا بِالْفِعْلِ لِأَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ مِنْ لَفْظِهِ فَيَكُونُ حَقِيقَةً فِيهِ وَالْحَقِيقَةُ لَا تَنْصَرِفُ عَنْ مَدْلُولِهَا بِمُجَرَّدِ غَرَضٍ لَمْ يُسَاعِدْهُ اللَّفْظُ فِيهِ اضْطِرَابٌ طَوِيلٌ وَاَلَّذِي حَرَّرْته فِي كِتَابِ سَوَابِغِ الْمُدَدِ أَنَّ الرَّاجِحَ الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ شَيْخُنَا يَعْنِي الْقَاضِيَ زَكَرِيَّا بَعْدَ إفْتَائِهِ بِالْأَوَّلِ وَرَدَ عَلَى السُّبْكِيّ وَآخَرِينَ وَمِنْهُمْ الْبُلْقِينِيُّ اعْتِمَادَهُمْ الْأَوَّلَ. اهـ. وَأَقُولُ أَيْضًا حَاصِلُ مَا قَرَّرَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ مُوَافِقًا لِمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْإِفْتَاءِ مِنْ عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ إذَا قَيَّدَ الْوَاقِفُ بِالْمُسْتَحَقِّينَ لَا يَدْخُلُ الْمَحْجُوبُ بِأَصْلِهِ وَأَنَّ لَفْظَ النَّصِيبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ يَخْتَصُّ بِالْحَقِيقِيِّ لَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا بِالْقُوَّةِ إلَّا إذَا دَلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ الْوَاقِفُ فِي شُرُوطِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ أَوْ انْتَقَلَ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ إلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ إلَخْ خَاصٌّ بِمَنْ مَاتَ عَنْ اسْتِحْقَاقٍ بِالْفِعْلِ. أَمَّا مَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يَقُومُ وَلَدُهُ مَقَامَهُ فِيمَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ هُوَ بِالْقُوَّةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ فِي الْخَيْرِيَّةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَنَقَلَهُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْوَقْفِ عَنْ فَتَاوَى الشَّيْخِ أَمِينِ الدِّينِ وَفَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ وَقَالَ وَفِي الْمَسْأَلَةِ مُعْتَرَكٌ عَظِيمٌ وَاضْطِرَابٌ طَوِيلٌ إلَخْ نَعَمْ لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ قِيَامَ وَلَدِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ مَقَامَ أَبِيهِ فَحِينَئِذٍ يَقُومُ مَقَامَهُ فِيمَا كَانَ يَنْتَقِلُ إلَى أَبِيهِ لَوْ كَانَ أَبُوهُ حَيًّا عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْكَلَامِ الْآتِي فِي الدَّرَجَةِ الْجَعْلِيَّةِ وَقَدْ وَقَعَ اضْطِرَابٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَابِ مَسْأَلَةِ الْحَاجَّةِ أَكَابِرَ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفَتَاوَى التَّاجِيَّةِ لِلْعَلَّامَةِ مُحَمَّدٍ التَّاجِيِّ الْبَعْلِيِّ وَفِي الْفَتَاوَى الْإِسْمَاعِيلِيَّة فَلْنَذْكُرْهَا تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ قَالَ فِي الْفَتَاوَى التَّاجِيَّةِ سُئِلْت مِنْ مَدِينَةِ طَرَابُلُسَ الشَّامِ سَنَةَ 1110 عَمَّا إذَا أَنْشَأَتْ الْوَاقِفَةُ وَقْفَهَا عَلَى نَفْسِهَا مُدَّةَ حَيَاتِهَا لَا يُشَارِكُهَا فِيهِ مُشَارِكٌ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهَا يَكُونُ الثُّلُثُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى بِنْتِهَا الْحَاجَّةِ أَكَابِرَ وَالثُّلُثَانِ عَلَى أَوْلَادِ ابْنِهَا عَلِيٍّ جَلَبِيٌّ، وَهُمْ مُحَمَّدٌ وَمُصْطَفَى وَحُسْنِي ثُمَّ مِنْ بَعْدِ وَفَاةِ بِنْتِهَا الْحَاجَّةِ أَكَابِرَ يَكُونُ الثُّلُثُ عَلَى أَوْلَادِهَا ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهَا ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهَا وَأَعْقَابِهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَيَكُونُ الثُّلُثَانِ مِنْ بَعْدِ وَفَاةِ أَوْلَادِ ابْنِهَا الْمَذْكُورِينَ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَمِمَّنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ عَادَ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ عَادَ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مَاتَتْ بِنْتُ الْوَاقِفَةِ الْحَاجَّةُ أَكَابِرُ قَبْلَ مَوْتِ أُمِّهَا الْوَاقِفَةِ وَخَلَّفَتْ الْحَاجَّةُ أَكَابِرُ ابْنًا وَبِنْتًا ثُمَّ مَاتَتْ الْوَاقِفَةُ فَهَلْ يَرْجِعُ نَصِيبُ الْحَاجَّةِ أَكَابِرَ إلَى وَلَدَيْهَا الْمَذْكُورَيْنِ أَوْ لَا فَأَجَبْت لَا شَكَّ فِي انْتِقَالِ الثُّلُثِ الْمَوْقُوفِ إلَى وَلَدَيْ أَكَابِرَ الْمَذْكُورَيْنِ لَكِنْ لَا بِطَرِيقِ التَّلَقِّي عَنْهَا إذْ هِيَ حِينَ الْمَوْتِ لَمْ يَكُنْ لَهَا نَصِيبٌ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الرَّاجِحُ فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ كَوْنِ النَّصِيبِ الْمَشْرُوطِ انْتِقَالُهُ عَمَّنْ مَاتَ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفَةِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهَا عَنْ وَلَدٍ إلَى وَلَدِهِ خَاصًّا بِالْمُتَنَاوَلِ بِالْفِعْلِ غَيْرُ شَامِلٍ لِمَا هُوَ بِالْقُوَّةِ وَقَدْ وَقَعَ فِي ذَلِكَ مُعْتَرَكٌ عَظِيمٌ وَاضْطِرَابٌ طَوِيلٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ بَلْ بِاعْتِبَارِ دُخُولِ أَوْلَادِ أَكَابِرَ فِي أَعْدَادِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَشُمُولِ قَوْلِ الْوَاقِفَةِ ثُمَّ بَعْدَ وَفَاةِ بِنْتِهَا الْحَاجَّةِ أَكَابِرَ يَكُونُ الثُّلُثُ عَلَى أَوْلَادِهَا إلَخْ لَهُمْ فَيَلْزَمُ دُخُولُ أَوْلَادِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ فِي الْوَقْفِ عَمَلًا بِهَذَا الشَّرْطِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَبِمَا قَرَرْنَاهُ عُلِمَ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ أَوْلَادِ أَكَابِرَ الثُّلُثَ الْمَوْقُوفَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ مِمَّنْ يَقُولُ بِاخْتِصَاصِ النَّصِيبِ بِمَا هُوَ بِالْفِعْلِ وَمَنْ يَقُولُ بِشُمُولِهِ لِمَا هُوَ بِالْقُوَّةِ أَيْضًا وَغَيْرُ خَافٍ أَنَّهُ لَا دَخْلَ مَعَ مُسْتَحِقِّي الثُّلُثِ الْمَوْقُوفِ لِمُسْتَحِقِّي الثُّلُثَيْنِ الْمَوْقُوفَيْنِ فِي ذَلِكَ أَصْلًا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَقْفٌ مُسْتَقِلٌّ لَا دَخْلَ لِأَحَدِهِمَا مَعَ الْآخَرِ فَافْهَمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ مَا فِي الْفَتَاوَى التَّاجِيَّةِ وَرَأَيْت بِخَطِّ أَخِي مُؤَلِّفِهَا الشَّيْخِ يَحْيَى التَّاجِيِّ عَلَى الْهَامِشِ أَنَّ أَخَاهُ وَضَعَ فِي مَسْأَلَةِ أَكَابِرَ رِسَالَةً سَمَّاهَا رَفْعَ الْجِدَالِ وَالشِّقَاقِ عَنْ وَلَدِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ وَرَأَيْت بِخَطِّهِ أَيْضًا أَجْوِبَةً لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ فَمِنْهَا مَا أَجَابَ بِهِ مُفْتِي مِصْرَ الْقَاهِرَةِ الْعَلَّامَةُ

عَلِيٌّ الْعَقَدِيُّ الْحَنَفِيُّ الْأَزْهَرِيُّ بِمِثْلِ مَا مَرَّ وَكَذَا أَجَابَ الْعَلَّامَةُ أَحْمَدُ أَفَنْدِي الْكَوَاكِبِيُّ مُفْتِي حَلَبِ الشَّهْبَاءِ وَذَكَرَ صُورَةَ جَوَابِهِ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ شَيْخِهِ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ الْحَائِكِ أَنَّهُ حَيْثُ مَاتَتْ أَكَابِرُ فِي حَيَاةِ وَالِدَتِهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَبِمَوْتِ أُمِّهَا بَعْدَهَا لَا يَكُونُ لِوَلَدَيْهَا شَيْءٌ بَلْ يُصْرَفُ الثُّلُثُ إلَى الْفُقَرَاءِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ رَفَعَ هَذَا السُّؤَالَ إلَى الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْغَنِيِّ النَّابُلُسِيِّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقَ الشَّامِ وَإِلَى الشَّيْخِ عَبْدِ الْفَتَّاحِ السِّبَاعِيِّ الْمُفْتِي بِمَدِينَةِ حِمْصَ فَكَتَبَا بِالْمُوَافَقَةِ لِلشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مُرَتَّبٍ بِثُمَّ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ وَلَدِهِ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ فَإِلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى فَانْحَصَرَ رِيعُهُ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ الذُّرِّيَّةِ وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَهُوَ السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ لَا عَنْ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَيْسَ فِي دَرَجَتِهِ وَطَبَقَتِهِ أَحَدٌ وَلَا فِي الطَّبَقَاتِ الَّتِي فَوْقَهُ أَحَدٌ وَفِي الطَّبَقَةِ الَّتِي تَلِي طَبَقَتَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ وَلَيْسَ أَقْرَبَ مِنْ رَجُلٍ اسْمُهُ السَّيِّدُ خَلِيلٌ فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ لِلسَّيِّدِ خَلِيلٍ فَقَطْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ كَانَ الْوَقْفُ مُرَتَّبًا بِثُمَّ وَلَمْ يُوجَدْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى وَلَا فِي الَّتِي فَوْقَهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَيَنْتَقِلُ نَصِيبُ السَّيِّدِ مُحَمَّدٍ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ وَلَا عَلَى الدَّرَجَاتِ وَهِيَ الدَّرَجَةُ الَّتِي تَلِي دَرَجَتَهُ فَقَدْ قَامَتْ الدَّرَجَةُ الَّتِي تَلِي دَرَجَتَهُ مَقَامَ دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى وَقَدْ شَرَطَ الْوَاقِفُ مَعَ قَيْدِ الدَّرَجَةِ الْأَقْرَبِيَّةَ وَلَيْسَ فِي أَهْلِ الدَّرَجَةِ الْمَذْكُورَةِ أَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى مِنْ السَّيِّدِ خَلِيلٍ الْمَذْكُورِ فَيَخْتَصُّ بِهِ وَحْدَهُ دُونَ بَقِيَّةِ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ الَّتِي تَلِي دَرَجَةَ الْمُتَوَفَّى عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى وَلِأَنَّ مُرَادَ الْوَاقِفِ بِقَوْلِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ قُرْبُ الدَّرَجَةِ وَالرَّحِمِ فِي كُلِّ دَرَجَةٍ لَا قُرْبُ الْإِرْثِ وَالْعُصُوبَةِ فَإِنَّ قُرْبَ الْقَرَابَةِ أَدْعَى إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِينَ بِالصَّرْفِ بِسَبَبِهِ وَمَفْهُومٌ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ الْوَاقِفِينَ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَفِي التَّعْوِيلِ عَلَى غَيْرِهِ إلْغَاءُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَذَلِكَ حِرْمَانُ اعْتِبَارِ الْأَقْرَبِيَّةِ الَّتِي هِيَ الدَّاعِيَةُ إلَى الشَّفَقَةِ وَمَزِيدِ الرَّحْمَةِ وَإِلَى بَذْلِ الْمَالِ بِلَا إشْكَالٍ فَاعْتِبَارُ الْأَقْرَبِيَّةِ أَوْفَقُ لِغَرَضِهِمْ الْمُعْتَبَرِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ حَتَّى صَرَّحُوا بِأَنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ يَصْلُحُ مُخَصِّصًا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي بَعْدَ التَّأَمُّلِ فِي كَلَامِ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ عُلَمَائِنَا الْمُحَقِّقِينَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَبِهِ أَسْتَعِينُ. (أَقُولُ) إنَّمَا سَمَّى دَرَجَةَ السَّيِّدِ خَلِيلٍ أَعْلَى الدَّرَجَاتِ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ دَرَجَةَ الْمُتَوَفَّى وَهُوَ السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ وَلَا فَوْقَهَا أَحَدٌ فَصَارَتْ الدَّرَجَةُ الَّتِي تَلِي النَّازِلَةَ عَنْهَا وَهِيَ دَرَجَةُ السَّيِّدِ خَلِيلٍ أَعْلَى الدَّرَجَاتِ وَمَا أَفْتَى بِهِ هُنَا فِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي قَرِيبًا. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ أَنْشَأَهُ الْوَاقِفُ عَلَى نَفْسِهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ مُرَتَّبًا بَيْنَ الْبُطُونِ بِثُمَّ عَلَى أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ الْأَسْفَلِ وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ مِنْ مَنَافِعِ الْوَقْفِ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْمَتْرُوكُ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ الْمُتَوَفَّى أَنْ لَوْ كَانَ حَيًّا وَقَامَ مَقَامَهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى ذَلِكَ الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورَيْنِ فَمَاتَ مُسْتَحِقٌّ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ هُوَ عَبْدُ النَّبِيِّ ابْنُ كَمَالِ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْوَاقِفِ وَالْمَوْجُودُ حِينَ مَوْتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ رَجُلٌ وَاحِدٌ مِمَّنْ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ هُوَ مُحَمَّدٌ بْنُ زُلَيْخَا بِنْتِ سَلَمَةَ ابْنَةِ الْوَاقِفِ وَرَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الطَّبَقَةِ التَّالِيَةِ لِطَبَقَةِ الْمَيِّتِ أَنْزَلَ مِنْهُ دَرَجَةً وَاحِدَةً مَاتَتْ أُمُّهُمَا قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ فِي حَيَاةِ أَبِيهَا الْمُسْتَحِقِّ وَانْتَقَلَ إلَيْهِمَا بِمَوْتِهِ نَصِيبُهَا الْمَفْرُوضُ لَهَا مِنْ اسْتِحْقَاقِ أَبِيهَا أَنْ لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً وَيُرِيدَانِ أَنْ يُشَارِكَا مُحَمَّدًا فِي نَصِيبِ عَبْدِ النَّبِيِّ الْمَذْكُورِ فَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى مَا قَالَهُ السُّبْكِيّ مِنْ أَنَّهُمَا يُشَارِكَانِ مُحَمَّدًا فِي نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ مِنْ أَهْلِ

طَبَقَتِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى مَا قَالَهُ السُّيُوطِيّ وَحَقَّقَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ. وَأَشَارَ إلَيْهِ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ أَنَّ مُحَمَّدًا يَخْتَصُّ بِذَلِكَ دُونَهُمَا وَأَنَّ لَفْظَ الطَّبَقَةِ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ دُونَ الْمَجَازِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمُتَضَادَّيْنِ وَإِعْطَاءُ الشَّخْصِ فِي مَوْضِعٍ دَلَّ صَرِيحُ كَلَامِ الْوَاقِفِ عَلَى حِرْمَانِهِ فِيهِ وَحِرْمَانُهُ فِي مَوْضِعٍ دَلَّ صَرِيحُ الْكَلَامِ أَيْضًا عَلَى إعْطَائِهِ فِيهِ كَمَا إذَا مَاتَ الْمُتَوَفَّى أَبُوهُ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَإِنْ أَعْطَيْنَا نَصِيبَهُ أَهْلَ طَبَقَتِهِ وَأَهْلَ طَبَقَةِ أَبِيهِ مَعًا جَمَعْنَا بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَإِنْ أَعْطَيْنَا أَهْلَ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ طَبَقَتُهُ نَكُونُ أَهْمَلْنَا الْمَجَازِيَّةَ وَقَدْ كُنَّا فَرَضْنَاهُ مِنْ أَهْلِهَا وَإِنْ كَانَتْ طَبَقَةُ أَبِيهِ نَكُونُ أَهْمَلْنَا الْحَقِيقَةَ بَعْدَ أَنْ حَكَمْنَا لَهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ فِيهَا بِصَرِيحِ شَرْطِ الْوَاقِفِ فَأَبْقَيْنَا الطَّبَقَةَ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَأَعْمَلْنَا الْكَلَامَيْنِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَقُلْنَا إنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ أَنَّ وَلَدَ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يَكُونُ مَحْرُومًا بَلْ يَسْتَحِقُّ الْقَدْرَ الَّذِي لَوْ فُرِضَ أَبُوهُ حَيًّا لَتَلَقَّاهُ عَنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ تَشْبِيهًا لِوَلَدِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ بِوَلَدِ مَنْ مَاتَ بَعْدَهُ فِي الْإِعْطَاءِ وَلَوْ قُلْنَا بِخِلَافِ ذَلِكَ لَزِمَ أَنْ نُثْبِتَ لِلْمُشَبَّهِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ إذْ وَلَدُ مَنْ مَاتَ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ لَيْسَ لَهُ هَذَا الْمَعْنَى اهـ فَأَيُّ الْقَوْلَيْنِ عَلَيْهِ يُعَوَّلُ وَهَلْ يُعْتَمَدُ الثَّانِي أَمْ الْأَوَّلُ أَفْتَوْنَا مَأْجُورِينَ أَثَابَكُمْ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ آمِينَ أَقُولُ لَمْ أَرَ لِلْمُؤَلِّفِ هُنَا جَوَابًا عَنْ هَذَا السُّؤَالِ وَلَكِنَّ تَرْتِيبَ السُّؤَالِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ يُشِيرُ إلَى اخْتِيَارِ الْقَوْلِ الثَّانِي وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ عَنْ شَرْحِ الْإِقْنَاعِ الْحَنْبَلِيِّ مَا نَصُّهُ فَائِدَةٌ لَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الْوَقْفِ عَنْ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ وَآلَ الْحَالُ فِي الْوَقْفِ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى مَوْجُودًا لَدَخَلَ قَامَ وَلَدُهُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ سَفَلَ وَاسْتَحَقَّ مَا كَانَ أَصْلُهُ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فَانْحَصَرَ الْوَقْفُ فِي رَجُلٍ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَرُزِقَ خَمْسَةَ أَوْلَادٍ مَاتَ أَحَدُهُمْ فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ وَتَرَكَ وَلَدًا ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ عَنْ أَوْلَادِهِ الْأَرْبَعَةِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ ثَلَاثَةٌ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَبَقِيَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ مَعَ وَلَدِ أَخِيهِ اسْتَحَقَّ الْوَلَدُ الْبَاقِي أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ رِيعِ الْوَقْفِ وَوَلَدُ أَخِيهِ الْخُمُسَ الْبَاقِيَ أَفْتَى بِهِ الْبَدْرُ مُحَمَّدُ الشَّهَاوِيُّ الْحَنَفِيُّ وَتَابَعَهُ النَّاصِرُ الطَّبَلَاوِيُّ الشَّافِعِيُّ وَالشِّهَابُ أَحْمَدُ الْبُهُوتِيُّ الْحَنْبَلِيُّ. وَوَجْهُهُ أَنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي هَذَا الْوَاقِفِ إلَخْ مَقْصُورٌ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْوَلَدِ لِنَصِيبِ وَالِدِهِ الْمُسْتَحِقِّ لَهُ فِي حَيَاتِهِ لَا يَتَعَدَّاهُ إلَى مَنْ مَاتَ مِنْ إخْوَةِ وَالِدِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ بَلْ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ لِلْإِخْوَةِ الْأَحْيَاءِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَخْ إذْ لَا يُمْكِنُ إقَامَةُ الْوَلَدِ مُقَامَ أَبِيهِ فِي الْوَصْفِ الَّذِي هُوَ الْإِخْوَةُ حَقِيقَةً بَلْ مَجَازًا وَالْأَصْلُ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَفِي ذَلِكَ جَمْعٌ بَيْنَ الشَّرْطَيْنِ وَعَمَلٌ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَحَلِّهِ وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ إلْغَاءِ أَحَدِهِمَا. اهـ. شَرْحُ الْإِقْنَاعِ الْحَنْبَلِيُّ مِنْ الْوَقْفِ قُبَيْلَ فَصْلٍ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَسَّمَ الْوَقْفُ عَلَى أَوْلَادِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَقُولُ وَلِلْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ حَسَنٍ الشُّرُنْبُلَالِيِّ رِسَالَةٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَذَكَرَ الْإِفْتَاءَ بِذَلِكَ عَنْ الْجَمَاعَةِ الْمَارِّينَ فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الْإِقْنَاعِ وَعَنْ الشَّيْخِ نَاصِرِ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ الْمَالِكِيِّ وَالشَّيْخِ شِهَابِ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ الشَّافِعِيِّ وَالشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْمَسِيرِيِّ الْحَنَفِيِّ وَالشِّهَابِ أَحْمَدَ بْنِ شَعْبَانَ الْحَنَفِيِّ وَالشَّيْخِ زَيْنِ بْنِ نُجَيْمٍ الْحَنَفِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَنَقَلَ نُصُوصَ عِبَارَاتِهِمْ وَكَرَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِالنَّقْضِ وَالرَّدِّ وَالرَّفْضِ وَنَقَلَ عَنْ الْمُحَقِّقِ الشَّيْخِ عَلِيٍّ الْمَقْدِسِيِّ أَنَّهُ خَالَفَهُمْ وَأَفْتَى بِأَنَّ الْوَلَدَ يَقُومُ مَقَامَ أَبِيهِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فَيَأْخُذُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ أَبُوهُ مِنْ أُصُولِهِ وَمِنْ فُرُوعِ أُصُولِهِ فَيَأْخُذُ وَلَدُ الْوَلَدِ فِي صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الْإِقْنَاعِ نِصْفَ الْوَقْفِ مِثْلُ عَمِّهِ لَا خُمْسَهُ. قَالَ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ أَعْيَانِ الْفُقَهَاءِ وَفُقَهَاءِ الْأَعْيَانِ

وَقَالُوا إنَّهُمَا فِي الْقِسْمَةِ مُسْتَوِيَانِ لِأَنَّ لَفْظَ مَقَامٍ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ قَامَ مَقَامَهُ مُضَافٌ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمُضَافَ يَعُمَّ وَكَذَا لَفْظُ مَا فِي قَوْلِهِ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ أَدَوَاتِ الْعُمُومِ فَيَقُومُ الْوَلَدُ مَقَامَ أَصْلِهِ وَيَسْتَحِقُّ مَا يَسْتَحِقُّهُ ابْتِدَاءً وَمَا يَسْتَحِقُّهُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَإِنَّ ذَلِكَ الْوَلَدَ لَوْ كَانَ أَبُوهُ حَيًّا شَارَكَ أَبُوهُ إخْوَتَهُ فِي حِصَّةِ أَبِيهِمْ وَكَذَا فِي حِصَّةِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَقِيمًا فَيَقُومُ ذَلِكَ الْوَلَدُ مَقَامَهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ لَا فِي حِصَّتِهِ الَّتِي اسْتَحَقَّهَا أَبُوهُ وَلَوْ كَانَ حَيًّا مِنْ أَبِيهِ فَقَطْ وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ الَّذِي أَذْعَنَ لِفَضْلِهِ أَهْلُ الْوِفَاقِ وَالْخِلَافِ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْأَخِيرِ مِنْ كَلَامِ الْوَاقِفِ وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ إلَخْ مُتَأَخِّرٌ اهـ وَبِذَلِكَ أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ أَيْضًا وَنَقَلَهُ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ السُّيُوطِيّ خِلَافًا لِمَا زَعَمَهُ السَّائِلُ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ السُّيُوطِيّ قَائِلٌ بِالْأَوَّلِ كَمَا مَرَّ فِي السُّؤَالِ لَكِنْ لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ مَشَوْا عَلَى مَا فِي شَرْحِ الْإِقْنَاعِ كَمَا سَمِعْت عَلَى أَنَّ الْمُحَقِّقَ الشَّيْخَ عَلِيًّا الْمَقْدِسِيَّ قَدْ وَافَقَهُمْ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْأَشْبَاهِ وَرَدَّ عَلَى السُّيُوطِيّ بِمَا مَرَّ فِي السُّؤَالِ مِنْ قَوْلِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمُتَضَادَّيْنِ إلَخْ فَالْأَوْلَى الْإِفْتَاءُ بِمَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْإِفْتَاءِ وَإِنْ كَانَ مَا عَلَّلَ بِهِ الْمَقْدِسِيُّ لِلْمَقَالِ فِيهِ مَجَالٌ أَعْرَضْت عَنْهُ خَشْيَةَ التَّطْوِيلِ وَالْإِمْلَالِ. بَقِيَ هُنَا شَيْءٌ لَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ وَقَدْ صَارَ حَادِثَةَ الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا وَهُوَ أَنَّهُ شَرَطَ الْوَاقِفِ انْتِقَالَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ إلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ ثُمَّ شَرَطَ قِيَامَ وَلَدِ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ مَقَامَ أَصْلِهِ كَمَا فِي صُورَةِ السُّؤَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ ثُمَّ وُجِدَ مُسْتَحَقٌّ اسْمُهُ زَيْدٌ لَهُ ابْنٌ وَبِنْتٌ مَاتَا فِي حَيَاتِهِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِمَا لِشَيْءٍ وَخَلَّفَ الِابْنُ خَمْسَةَ أَوْلَادٍ وَالْبِنْتُ ثَلَاثَةً ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ الْمَذْكُورُ عَنْ أَوْلَادِ ابْنِهِ وَبِنْتِهِ الثَّمَانِيَةِ الْمَذْكُورِينَ فَهَلْ يُقْسَمُ نَصِيبُهُ بَيْنَ جَمِيعِ أَوْلَادِ ابْنِهِ وَبِنْتِهِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ عَمَلًا بِالشَّرْطِ الْأَوَّلِ وَهُوَ انْتِقَالُ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ إلَى وَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ أَثْمَانًا لِأَنَّ لَفْظَ الْوَلَدِ يَشْمَلُ الْوَاحِدَ وَالْمُتَعَدِّدَ أَوْ يُقْسَمُ نَصِيبُهُ عَلَى ابْنِهِ وَبِنْتِهِ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِمَا حَيَّيْنِ ثُمَّ يُعْطِي مَا أَصَابَ ابْنَهُ إلَى أَوْلَادِهِ وَمَا أَصَابَ بِنْتَه إلَى أَوْلَادِهَا لِقِيَامِ أَوْلَادِ كُلٍّ مَقَامَ أَصْلِهِ عَمَلًا بِالشَّرْطِ الثَّانِي فَيُقْسَمُ نَصِيبُ زَيْدٍ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ ثَلَاثِينَ لِلِانْكِسَارِ عَلَى مَخْرَجِ النِّصْفِ وَتَبَايُنِ عَدَدِ الرُّءُوسِ فَيَخْرُجُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَوْلَادِ الِابْنِ ثَلَاثَةٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَوْلَادِ الْبِنْتِ خَمْسَةٌ حَيْثُ لَمْ يُشْرَطْ تَفْضِيلُ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى وَقَعَتْ هَذِهِ الْحَادِثَةُ وَلَمْ نَجِدْ مَنْ تَعَرَّضَ لَهَا وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي الْأَوَّلُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّرْطَيْنِ مُتَعَارِضَانِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُلْغَى وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِجَعْلِ الثَّانِي مُخَصِّصًا لِعُمُومِ الْأَوَّلِ بِمَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدِ وَلَدٍ فَقَطْ تَرْجِيحًا لِلْمُتَأَخِّرِ مِنْ الشُّرُوطِ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَنَا فَيَكُونُ مُرَادُ الْوَاقِفِ بِالشَّرْطِ الثَّانِي إدْخَالَ مَا خَرَجَ بِالْأَوَّلِ. وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الشَّرْطِ الْأَوَّلِ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى وَلَدِهِ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ وَإِلَى وَلَدِ وَلَدِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِوَلَدِ وَلَدِهِ الَّذِي مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ مَعَ وُجُودِ الْوَلَدِ الصُّلْبِيِّ فَشَرَطَ الشَّرْطَ الثَّانِيَ وَهُوَ أَنَّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ قَامَ مَقَامَ أَبِيهِ يُشَارِكُهُ عَمُّهُ فِي نَصِيبِ جَدِّهِ بِأَنْ يُقْسَمَ عَلَى الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَيُفْرَضُ الْمَيِّتُ مِنْهَا حَيًّا وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ فَمَا أَصَابَهُ يُعْطَى لِوَلَدِهِ وَاحِدًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ وَلَدٌ صُلْبِيٌّ أَصْلًا بَلْ وُجِدَ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِ فَقَطْ مَاتَ أُصُولُهُمْ فِي حَيَاةِ جَدِّهِمْ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ كَمَا فِي الْحَادِثَةِ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الْفُرُوعِ عَمَلًا بِالشَّرْطِ الْأَوَّلِ إذْ لَا حَاجَةَ إلَى اعْتِبَارِ الشَّرْطِ الثَّانِي لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِإِدْخَالِ مَنْ لَوْلَاهُ لَخَرَجُوا وَهُنَا لَمْ يَخْرُجُوا بَلْ اسْتَحَقُّوا بِأَنْفُسِهِمْ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَ الْأَشْبَاهِ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَتَكَلَّمَ عَلَيْهَا مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ وَالثَّانِي

الْقَوْلُ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ بَعْدَ انْقِرَاضِ كُلِّ بَطْنٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُؤَلِّفُ فَلْنَتَعَرَّضْ لَهُ تَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ فَنَقُولُ حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا رَتَّبَ بَيْنَ الْبُطُونِ بِثُمَّ أَوْ بِالْفَاءِ لَكِنْ قَالَ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ ثُمَّ إنَّهُ شَرَطَ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدِ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ عَنْ عَشْرَةِ أَوْلَادٍ مَثَلًا فَيُقَسَّمُ الْوَقْفُ بَيْنَهُمْ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ أَوْلَادٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَيْهِمْ عَمَلًا بِالشَّرْطِ الْمُتَأَخِّرِ وَهَكَذَا إذَا مَاتَ أَوْلَادُهُ عَنْ أَوْلَادٍ. وَكَذَا إذَا مَاتَ الثَّانِي مِنْ الْعَشَرَةِ ثُمَّ الثَّالِثُ ثُمَّ الرَّابِعُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْهُمْ وَاحِدٌ فَإِذَا مَاتَ هَذَا الْوَاحِدُ وَهُوَ الْعَاشِرُ آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ الطَّبَقَةِ الْأُولَى لَمْ يَنْتَقِلْ نَصِيبُهُ إلَى أَوْلَادِهِ لَوْ كَانَ لَهُ أَوْلَادٌ وَإِنَّمَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَتُقَسَّمُ غَلَّةُ الْوَقْفِ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى حَسَبِ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ مِنْ تَسْوِيَةٍ أَوْ مُفَاضَلَةٍ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَيَحْرُمُ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ وَلَا يَخْتَصُّ أَحَدٌ بِنَصِيبِ أَبِيهِ لِأَنَّ أَهْلَ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ صَارُوا الْآنَ مُسْتَحِقِّينَ بِأَنْفُسِهِمْ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَشَرْطُهُ انْتِقَالُ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ إلَى وَلَدِهِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ وُجُودِ مَنْ يُسَاوِي الْمَيِّتَ ثُمَّ إذَا قُسِمَتْ الْغَلَّةُ عَلَى أَهْلِ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ انْتَقَلَ نَصِيبُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ إلَى وَلَدِهِ إلَى أَنْ تَنْقَرِضَ الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ فَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ أَيْضًا وَتُقْسَمُ الْغَلَّةُ عَلَى أَهْلِ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ وَهَكَذَا يُفْعَلُ فِي الرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ وَقَدْ أَفْتَى بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ السَّرَّاجُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ مُحَقِّقِي الشَّافِعِيَّةِ كَمَا رَأَيْته فِي فَتَاوَاهُ وَقَالَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ وَقَعَتْ قَدِيمًا فَأَتَيْت بِهَذَا فِيهَا وَوَافَقَ عَلَيْهَا أَكَابِرُ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِهَا فِي أَوْقَافِ الْخَصَّافِ وَفِيهِ الْجَزْمُ بِمَا أَفْتَيْت بِهِ اهـ كَلَامُ الْبُلْقِينِيُّ وَأَفْتَى الْمُحَقِّقُ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتَاوِيهِ وَأَوْضَحَهُ وَقَالَ قَدْ تَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ وَنَقَلَ عِبَارَةَ السَّيِّدِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ نُقِلَ فِي الْأَشْبَاهِ الْقَوْلُ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ عَنْ الْإِمَامِ السُّبْكِيّ وَالْجَلَالِ السُّيُوطِيّ وَقَالَ أَفْتَى بِهِ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْعَصْرِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ الْخَصَّافِ ثُمَّ اعْتَرَضَهُمْ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَأَمَّلُوا كَلَامَ الْخَصَّافِ ثُمَّ فَصَّلَ فِي الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْعَطْفُ بَيْنَ الْبُطُونِ بِثُمَّ وَبَيْن مَا إذَا كَانَ بِالْوَاوِ وَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَأَطَالَ فِي تَقْرِيرِ ذَلِكَ وَرَدَّ عَلَيْهِ جَمِيعُ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهَا كَالْمَقْدِسِيِّ وَالْبِيرِيِّ وَالْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَالْحَمَوِيِّ. وَقَدْ بَسَطَ الْمَسْأَلَةَ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ وَكَذَا صَاحِبُ الْإِسْعَافِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ أَيْضًا الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ لَكِنَّهُ غَفَلَ عَنْ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ وَكَذَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الشِّهَابُ أَحْمَدُ الشَّلَبِيُّ الْحَنَفِيُّ فِي فَتَاوِيهِ فَنَقَضَ الْقِسْمَةَ بِانْقِرَاضِ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ وَقَسَّمَ عَلَى أَهْلِ الثَّالِثَةِ قِسْمَةً مُسْتَأْنَفَةً وَحَرَمَ مَنْ كَانَ يَسْتَحِقُّ مِنْ أَهْلِ الرَّابِعَةِ وَرَدَّ عَلَى بَعْضِ مَشَايِخِهِ حَيْثُ أَفْتَوْا بِخِلَافِ ذَلِكَ وَقَالَ إنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالصَّوَابُ نَقْضُ الْقِسْمَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْخَصَّافِ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ مَشَايِخِنَا خَالَفَ فِي ذَلِكَ بَلْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ اهـ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ مَا فِي الْأَشْبَاهِ غَيْرُ صَحِيحٍ حَتَّى أَلَّفَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ رِسَالَةً فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ ذَكَرَهَا الْعَلَّامَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي مَجْمُوعِ رَسَائِلِهِ فَلْنَذْكُرْ حَاصِلَهَا مِمَّا يُوَضِّحُ الْمَسْأَلَةَ مَعَ تَرْكِ التَّعَرُّضِ لِرَدِّ كَلَامِ الْأَشْبَاهِ فَإِنَّهُ مَبْسُوطٌ فِي الْحَوَاشِي وَذَلِكَ أَنَّ الْعَلَّامَةَ الْمَقْدِسِيَّ سُئِلَ فِي شَخْصٍ وَقَفَ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ وَمَا فَضَلَ فَعَلَى مَنْ يُوجَدُ مِنْ أَوْلَادِهِ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ وَنَسْلِهِمْ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ وَنَسْلًا بَعْدَ نَسْلٍ تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ أَبَدًا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ وَتَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَيْهِ وَمَنْ مَاتَ لَا عَنْ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى إخْوَتِهِ الْمُشَارِكِينَ لَهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إخْوَةٌ وَلَا أَخَوَاتٌ فَإِلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي دَرَجَتِهِ غَيْرُهُ فَإِلَى أَقْرَبِ الطَّبَقَاتِ إلَى الْمُتَوَفَّى وَعَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ وَتَرَكَ

وَلَدًا أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ وَآلَ الْوَقْفُ إلَى حَالٍ لَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى حَيًّا بَاقِيًا لَاسْتَحَقَّ قَامَ وَلَدُهُ أَوْ وَلَدُ وَلَدِهِ مَقَامَهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَاسْتَحَقَّ لَوْ كَانَ أَصْلُهُ يَسْتَحِقُّهُ لَوْ كَانَ الْمُتَوَفَّى حَيًّا بَاقِيًا ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ فَمَاتَ الْوَاقِفُ عَنْ سِتَّةِ أَوْلَادٍ هُمْ شَرَفُ الدِّينِ وَزَيْنُ الدِّينِ وَأَحْمَدُ وَزَيْنَبُ وَعَائِشَةُ وَفَاخِتَةُ ثُمَّ مَاتَ شَرَفُ الدِّينِ عَنْ وَلَدَيْنِ عَلِيٍّ وَحَيَاةِ النُّفُوسِ، ثُمَّ مَاتَتْ زَيْنَبُ عَنْ بِنْتِهَا سَيِّدَةِ الْأَنَا ثُمَّ مَاتَتْ سَيِّدَةُ الْأَنَا عَقِيمًا ثُمَّ مَاتَ عَلِيٌّ عَنْ ابْنِهِ شَرَفِ الدِّينِ ثُمَّ مَاتَتْ حَيَاةُ النُّفُوسِ عَقِيمًا أَيْضًا ثُمَّ مَاتَتْ عَائِشَةُ عَقِيمًا أَيْضًا ثُمَّ مَاتَ زَيْنُ الدِّينِ عَقِيمًا أَيْضًا ثُمَّ مَاتَتْ فَاخِتَةُ عَنْ بِنْتِهَا نَسَبٍ ثُمَّ مَاتَ أَحْمَدُ عَنْ أَوْلَادٍ ثُمَّ مَاتَتْ نَسَبٌ عَنْ ابْنِهَا صَلَاحِ الدِّينِ فَهَلْ تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ بِمَوْتِ أَحْمَدَ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ آخِرُ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ السِّتَّةِ وَيُقْسَمُ رِيعُ الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِ أَحْمَدَ الْمَذْكُورِينَ وَشَرَفِ الدِّينِ وَصَلَاحِ الدِّينِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ بِلَا تَفَاوُتٍ بَيْنَهُمْ أَمْ لَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى شَرَفِ الدِّينِ وَصَلَاحِ الدِّينِ وَيَخْتَصُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا تَلَقَّاهُ عَنْ وَالِدِهِ قَلَّ أَوْ كَثَّرَ؟ (الْجَوَاب) تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ بِمَوْتِ أَحْمَدَ الْمَذْكُورِ لِكَوْنِهِ آخِرَ أَوْلَادِ الْوَقْفِ مَوْتًا وَيُقْسَمُ رِيعُ الْوَقْفِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ فَمَنْ كَانَ مَوْجُودًا أَخَذَ نَصِيبَهُ وَمَنْ كَانَ مَيِّتَا وَلَهُ وَلَدٌ قَامَ وَلَدُهُ مَقَامَهُ وَأَخَذَ نَصِيبَهُ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ. وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْوَاقِعَةُ وَأَفْتَى فِيهَا مَشَايِخُ مَشَايِخِنَا وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ مِنْهُمْ الشَّيْخُ الْمُحَقِّقُ الْحَافِظُ الزَّيْنِيُّ قَاسِمٌ وَذُكِرَ أَنَّ بَعْضَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ كَالسُّبْكِيِّ وَالْبُلْقِينِيِّ قَدْ تَبِعَا الْإِمَامَ الْخَصَّافَ فِي ذَلِكَ وَأَلَّفَ فِي ذَلِكَ رِسَالَةً سَمَّاهَا الْعِصْمَةَ فِي نَقْضِ الْقِسْمَة وَمَنْ طَالَعَهَا اطَّلَعَ عَلَى مَا يَشْفِي الْعَلِيلَ وَمِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ الْحَنَفِيُّ وَتَبِعَهُ الشَّيْخُ الْمُحَقِّقُ نُورُ الدِّينِ الْمَحَلِّيُّ الشَّافِعِيُّ وَالشَّيْخُ الْعَالِمُ الصَّالِحُ بُرْهَانُ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيّ الْحَنَفِيُّ وَقَاضِي الْقُضَاةِ شَيْخُنَا نُورُ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيُّ وَشَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ شِهَابُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ الشَّافِعِيُّ وَقَاضِي الْقُضَاةِ الْبُرْهَانُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ الشَّافِعِيِّ وَتَبِعَهُ الْعَلَامَةُ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِخْمِيمِيُّ وَغَيْرُهُمْ. وَإِنَّمَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ بِمَوْتِ آخِرِ كُلِّ طَبَقَةٍ وَلَا يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ لِأَوْلَادِهِ وَتَرَكْنَا قَوْلَ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ إلَخْ لِأَنَّا وَجَدْنَا بَعْضَهُمْ أَيْ بَعْضَ أَهْلِ الطَّبَقَةِ الَّتِي تَلِيهِ يَسْتَحِقُّ بِنَفْسِهِ لَا بِأَبِيهِ فَعَمِلْنَا بِذَلِكَ وَقَسَّمْنَا الْغَلَّةَ عَلَى عَدَدِهِمْ كَذَا قَالَهُ الْخَصَّافُ وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ الْوَاقِفَ قَدْ رَتَّبَ فِي وَقْفِهِ تَرْتِيبًا يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَ الْبَطْنِ الْأَعْلَى مُقَدَّمًا عَلَى غَيْرِهِ مَعَ قَصْدِهِ صِلَةَ بَعْضِ الْبَطْنِ الْأَسْفَلِ مَعَ وُجُودِ الْبَطْنِ الْأَعْلَى فَجَعَلَ نَصِيبَ الْمَيِّتِ مِنْ الْأَعْلَى مَرْدُودًا لِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ قَصْدًا لِعَدَمِ حِرْمَانِهِ مِنْ الْوُصُولِ إلَى شَيْءٍ مِنْ وَقْفِهِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ الَّذِي صِلَتُهُ صِلَةُ أَبِيهِ غَالِبًا فَكَانَ كَلَامُهُ مُشْتَمِلًا عَلَى تَرْتِيبَيْنِ تَرْتِيبُ أَفْرَادٍ وَهُوَ تَرْتِيبُ الْفَرْعِ عَلَى أَصْلِهِ وَتَرْتِيبُ جُمْلَةٍ وَهُوَ تَرْتِيبُ اسْتِحْقَاقِ جُمْلَةِ الْبَطْنِ الثَّانِي عَلَى انْقِرَاضِ جُمْلَةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَهُوَ تَرْتِيبُ جُمْلَةٍ فَيَكُونُ الْوَقْفُ مُنْحَصِرًا فِي الْبَطْنِ الَّذِي يَلِيهِ وَيَبْطُلُ حُكْمُ مَا انْتَقَلَ عَنْ الْمَيِّتِ فِي الْبَطْنِ الْأَعْلَى إلَى وَلَدِهِ مِنْ الْأَسْفَلِ وَيَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْوَقْفِ جَمِيعُ الْبَطْنِ الثَّانِي لِأَنَّهُ فِي الْبَطْنِ الثَّانِي يَسْتَحِقُّ بِعُمُومِ قَوْلِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَلَمْ يَبْقَ حِينَئِذٍ صُورَةٌ يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى انْتِقَالِ نَصِيبِ أَحَدٍ إلَى وَلَدِهِ لِاسْتِوَاءِ أَهْلِ الْبَطْنِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ مِنْ الْخَصَّافِ، يَقْتَضِي أَنَّ كَلَامَيْ الْوَاقِفِ مُتَعَارِضَانِ وَرُجِّحَ الثَّانِي لِاسْتِحْقَاقِهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَاسْتِحْقَاقِهِمْ فِي الْأَوَّلِ بِأَبِيهِمْ وَالِاسْتِحْقَاقُ بِالنَّفْسِ مُقَدَّمٌ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ بِالْأَبِ لِأَنَّ ذَلِكَ بِلَا وَاسِطَةٍ وَهَذَا بِوَاسِطَةٍ وَمَا لَيْسَ بِوَاسِطَةٍ أَرْجَحُ اهـ مَا فِي الرِّسَالَةِ مُلَخَّصًا وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ الْمُرَتَّبِ فِيهِ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ بِثُمَّ شُرُوطًا مِنْهَا أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ عَادَ نَصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ

وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى فَمَاتَ رَجُلٌ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ وَلَيْسَ فِي طَبَقَتِهِ أَحَدٌ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَفِي الدَّرَجَةِ الَّتِي هِيَ أَعْلَى مِنْ دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى عَمُّهُ شَقِيقُ وَالِدِهِ وَعَمُّهُ لِأُمِّهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الْمُسْتَحَقِّينَ الْمُتَنَاوِلِينَ لِرِيعِهِ فَلِمَنْ تَنْتَقِلُ حِصَّةُ الْمُتَوَفَّى؟ (الْجَوَابُ) : تَنْتَقِلُ لِعَمِّ الْمُتَوَفَّى الشَّقِيقِ لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَيْهِ (مَا قَوْلُ الْعُلَمَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -) فِيمَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الذُّرِّيَّةِ مُرَتَّبًا بَيْنَ الطَّبَقَاتِ بِثُمَّ وَلَمْ يُنَصَّ فِي الشَّرْطِ عَلَى حُكْمِ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِاخْتِصَاصِ أَهْلِ الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا بِالْغَلَّةِ وَمَنْعِ أَهْلِ السُّفْلَى عَمَلًا بِالتَّرْتِيبِ الَّذِي شَرَطَهُ الْوَاقِفُ ثُمَّ مَاتَ بَعْضُ أَهْلِ الْوَقْفِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَهَلْ يَعُودُ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ فِي الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا دُونَ غَيْرِهِمْ؟ (الْجَوَابُ) : يَعُودُ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ فِي الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا دُونَ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ عُفِيَ عَنْهُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ نَعَمْ يَخْتَصُّ مَنْ فِي الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا بِغَلَّةِ الْوَقْفِ كَتَبَهُ نَجْمُ الدِّينِ الْغَزِّيُّ الشَّافِعِيُّ عُفِيَ عَنْهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَبِهِ ثِقَتِي الْجَوَابُ كَذَلِكَ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا هُنَا لَك وَكَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَبُو الْقَاسِمُ الْمَالِكِيُّ عُفِيَ عَنْهُ. (أَقُولُ) الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْإِسْعَافِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ إذَا سَكَتَ عَنْ حُكْمِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ يُصْرَفُ نَصِيبُهُ مَصْرِفَ الْغَلَّةِ أَيْ فَيُقَسَّمُ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ الْغَلَّةِ كَمَا نَذْكُرُ تَحْقِيقَهُ قَرِيبًا ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ فِي هَذَا السُّؤَالِ وَقَبْلَهُ مِنْ بَقَاءِ اعْتِبَارِ الْأَقْرَبِيَّةِ حَيْثُ فُقِدَتْ الدَّرَجَةُ مُوَافِقٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ نَفْسُهُ فِي مَوَاضِعَ مِمَّا حَذَفْنَاهُ اخْتِصَارًا وَنَقَلَ الْمُؤَلِّفُ مِثْلَهُ عَنْ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْخَلِيلِيِّ الشَّافِعِيِّ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ طَوِيلٍ حَاصِلُ السُّؤَالِ فِي وَقْفٍ مُرَتَّبٍ بِثُمَّ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ عَنْ وَلَدٍ وَأَسْفَلَ مِنْهُ عَادَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ عَادَ نَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى فَمَاتَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُمْ اسْمُهَا مَرْيَمُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَيْسَ فِي دَرَجَتِهَا أَحَدٌ وَلَا فِي الَّتِي أَنْزَلُ مِنْهَا أَحَدٌ وَفِي الطَّبَقَةِ الَّتِي هِيَ فَوْقَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ أَقْرَبُهُمْ إلَيْهَا خَالَتُهَا آمِنَةُ وَفِي الطَّبَقَةِ الَّتِي هِيَ أَعْلَى مِنْ آمِنَةَ جَمَاعَةٌ أَيْضًا خَالَتُهَا أَقْرَبُ مِنْهُمْ فَلِمَنْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهَا. الْجَوَابُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهَا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لِخَالَتِهَا فَقَطْ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ دُونَ مَنْ فِي دَرَجَةِ خَالَتِهَا وَمَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهَا وَذَلِكَ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ الْأَقْرَبِيَّةَ فِي الدَّرَجَةِ وَحَيْثُ تَعَذَّرَتْ الدَّرَجَةُ لِفَقْدِهَا أُلْغِيَ قَوْلُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَبَقِيَ قَوْلُهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَيَجِبُ إعْمَالُهُ صَوْنًا لَهُ عَنْ الْإِلْغَاءِ إعْمَالًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ مَا أَمْكَنَ إذْ شُرُوطُ الْوَاقِفِ كَنُصُوصِ الشَّارِعِ فِي الْإِعْمَالِ كَذَلِكَ وَلَوْ أَعْطَى نَصِيبَ الْمُتَوَفَّاةِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِخَالَتِهَا الَّتِي لَيْسَتْ فِي دَرَجَتِهَا وَلِمَنْ شَارَكَ خَالَتَهَا فِي دَرَجَتِهَا مَعَ عَدَمِ الْأَقْرَبِيَّةِ فِيهِمْ لَأَلْغَيْنَا قَوْلَهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ أَيْضًا مَعَ إمْكَانِ إعْمَالِهِ بِتَقْدِيمِ الْخَالَةِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ دُونَ بَقِيَّةِ مَنْ فِي دَرَجَةِ خَالَتِهَا وَدُونَ مَنْ هُوَ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ خَالَتِهَا الْمَذْكُورَةِ وَالتَّرْتِيبُ بِثُمَّ لَا يُشْعِرُ بِإِعْطَاءِ مَنْ هُوَ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ الْمُتَوَفَّى نَصِيبَ الْمُتَوَفَّى فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ يَقْتَضِيهِ إذْ عُلُوُّ الدَّرَجَةِ وَنُزُولُهَا لَا دَخْلَ لَهُ فِي التَّرْتِيبِ بِثُمَّ مَعَ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ إلَخْ أَلَا تَرَى أَنَّهُ فِي صُورَةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَالِ لَوْ مَاتَ أَحَدُ أَخَوَيْنِ عَنْ ابْنٍ ثُمَّ الِابْنُ عَنْ ابْنٍ فَإِنَّ ابْنَ الِابْنِ يَرِثُ نَصِيبَ أَبِيهِ الْمُنْتَقِلِ إلَى أَبِيهِ مِنْ أَبِيهِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ إلَخْ مَعَ وُجُودِ عَمِّ أَبِيهِ الَّذِي هُوَ أَعْلَى مِنْهُ فِي الدَّرَجَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا دَخْلَ فِي الدَّرَجَةِ مَعَ التَّرْتِيبِ بِثُمَّ بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ إلَخْ. وَهَذَا مَا تَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ حَجَرٍ فِي الْفَتَاوَى وَغَيْرِهَا فَإِنَّهُ أَطَالَ فِي ذَلِكَ وَاعْتَمَدَ مَا ذَكَرْنَاهُ كَتَبَهُ مُحَمَّدٌ الْخَلِيلِيُّ. (أَقُولُ) نَقَلَ الْمُؤَلِّفُ عَقِبَ ذَلِكَ سُؤَالًا آخَرَ فِي وَقْفٍ مُرَتَّبٍ بِثُمَّ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا أَسْفَلَ مِنْهُ عَادَ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ

أَهْلِ الْوَقْفِ الْمُتَنَاوِلِينَ لَهُ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فِي ذَلِكَ إلَى الْمُتَوَفَّى فَالْأَقْرَبُ فَمَاتَ مِنْهُمْ شَخْصٌ عَقِيمًا وَلَيْسَ فِي دَرَجَتِهِ مِنْ الْمُتَنَاوِلِينَ أَحَدٌ وَفِي أَعْلَى الدَّرَجَاتِ مِنْ الْمُتَنَاوِلِينَ رَجُلٌ اسْمُهُ زَيْنُ الدِّينِ بْنُ أَحْمَدَ فَهَلْ يَعُودُ نَصِيبُ الشَّخْصِ الْمُتَوَفَّى إلَى زَيْنِ الدِّينِ الْمَذْكُورِ وَيَخْتَصُّ بِهِ زِيَادَةً عَلَى مَالِهِ مِنْ أَصْلِ الْوَقْفِ لِكَوْنِهِ وَحْدَهُ أَعْلَى الطَّبَقَاتِ الْجَوَابُ نَعَمْ يَعُودُ نَصِيبُهُ إلَى زَيْنِ الدِّينِ الْمَزْبُورِ وَيَخْتَصُّ بِهِ لِكَوْنِهِ وَحْدَهُ أَعْلَى الطَّبَقَاتِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقَ الشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى أَحْمَدُ أَفَنْدِي الْمِهْمَنْدَارِي وَالْإِمَامُ الْمُحَدِّثُ الشَّيْخُ أَبُو الْمَوَاهِبِ الْحَنْبَلِيُّ وَالْعَلَّامَةُ الْفَقِيهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْغَنِيِّ النَّابْلُسِيُّ مُعَلِّلِينَ بِمَا عَلَّلَ بِهِ كَمَا رَأَيْته بِخُطُوطِهِمْ الْمَعْهُودَةِ وَهُوَ كَمَا تَرَى مُخَالِفٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ الْخَلِيلِيُّ. وَوَجْهُ مَا هُنَا أَنَّ قَوْلَهُ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فِي ذَلِكَ إلَى الْمُتَوَفَّى فَالْأَقْرَبُ قَيْدٌ لِأَهْلِ الدَّرَجَةِ لَا شَرْطٌ مُسْتَقِلٌّ حَتَّى يُقَالَ إنَّهُ يَجِبُ إعْمَالُ شَرْطِ الْوَاقِفِ مَا أَمْكَنَ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُقَيَّدَ إذَا انْتَفَى انْتَفَى الْقَيْدُ وَيُؤَكِّدُ كَوْنَهُ قَيْدًا قَوْلُهُ الْأَقْرَبُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ اسْمَ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى الدَّرَجَةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَيْدٌ لِلشَّرْطِ لَا شَرْطٌ مُسْتَقِلٌّ تَأَمَّلْ (أَقُولُ) وَوَجْهُ الْمُخَالَفَةِ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا أَنَّ زَيْنَ الدِّينِ الْمَذْكُورَ أَقْرَبُ مِنْ غَيْرِهِ بَلْ أَعْطَوْهُ لِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ مِنْ أَعْلَى الدَّرَجَاتِ فَدَلَّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِمْ الْأَقْرَبِيَّةَ حَيْثُ فُقِدَتْ الدَّرَجَةُ فَيَعُودُ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى لِمَنْ فِي أَعْلَى الدَّرَجَاتِ وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى مِنْهُ وَهَذَا مَيْلٌ مِنْ الْمُؤَلِّفِ إلَى إلْغَاءِ الْأَقْرَبِيَّةِ حَيْثُ فُقِدَتْ الدَّرَجَةُ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ أَيْضًا وَقَالَ وَأَفْتَى بِمِثْلِهِ شِهَابُ الدِّينِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ وَالْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ شِهَابُ الدِّينِ أَفَنْدِي فِي وَقْفٍ مُرَتَّبٍ بِثُمَّ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَيْهِ فَمَاتَ شَخْصٌ مِنْهُمْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَيْسَ فِي دَرَجَتِهِ أَحَدٌ وَالْمَوْجُودُ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ عَمَّةُ أَبِي الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ وَهِيَ خَاسِكِيَّةُ بِنْتُ بَدْرِ الدِّينِ ابْنِ الْوَاقِفِ وَعَمَّتَا الْمُتَوَفَّى وَهُمَا آمِنَةُ وَصَائِمَةُ بِنْتَا مُحَمَّدِ بْنِ بَدْرِ الدِّينِ الْمَذْكُورِ وَابْنُ بِنْتِ عَمِّ جَدِّ الْمُتَوَفَّى وَهُوَ عَبْدُ الْقَادِرِ ابْنُ بَرَكَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ابْنِ الْوَاقِفِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى خَاسِكِيَّةَ خَاصَّةً حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى أَحَدٌ يَعُودُ إلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَاقِفُ حُكْمَ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَمْ يَكُنْ فِي دَرَجَتِهِ أَحَدٌ فَكَانَ الشَّرْطُ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ فَرَجَعَ الْحُكْمُ إلَى أَصْلِ الْوَقْفِ الْمُرَتَّبِ الْمُقْتَضِي لَأَنْ يُقَدَّمَ أَهْلُ الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا عَلَى أَهْلِ السُّفْلَى وَلَا شَكَّ أَنَّ خَاسِكِيَّةَ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ الْمَذْكُورِينَ فَلَا جَرَمَ أَنَّهَا اخْتَصَّتْ بِنَصِيبِ مُحَمَّدٍ الْمَذْكُورِ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ شِهَابُ الدِّينِ الْعِمَادِيُّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ أَوَّلًا كَالْعَلَّامَةِ الْخَلِيلِيِّ فَقَدْ نَاقَضَ الْمُؤَلِّفُ نَفْسَهُ حَيْثُ أَفْتَى بِاعْتِبَارِ الْأَقْرَبِيَّةِ الْمَشْرُوطَةِ ثُمَّ أَفْتَى بِإِلْغَائِهَا وَقَدَّمْنَا قَبْلَ أَوْرَاقٍ مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْعَلَّامَةِ عِمَادِ الدِّينِ حَيْثُ أَفْتَى بِإِلْغَائِهَا أَيْضًا وَأَعْطَى نَصِيبَ الْمُتَوَفَّى لِمَنْ فِي أَعْلَى الطَّبَقَاتِ. وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْعَلَّامَةَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ رَدَّ عَلَى مُفْتِي الشَّامِ عِمَادِ الدِّينِ أَفَنْدِي بْنِ الْعَلَّامَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ الْمَذْكُورِ فِي رِسَالَةٍ سَمَّاهَا الِابْتِسَامَ بِأَحْكَامِ الْإِفْحَامِ وَنَشْقِ نَسِيمِ الشَّامِ فَلْنَذْكُرْ حَاصِلَهَا ثُمَّ نَذْكُرْ مَا يَتَلَخَّصُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَنَقُولُ ذَكَرَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ جَوَابَ الشَّيْخِ عِمَادِ الدِّينِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ قَبْلَ أَوْرَاقٍ وَهُوَ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ الْمَزْبُورِينَ فِي الْوَقْفِ إلَى ابْنِ الْوَاقِفِ وَبِنْتِ الْوَاقِفِ لِكَوْنِهِمَا أَعْلَى طَبَقَةً مِنْ بَقِيَّةِ أَهْلِ الْوَقْفِ عَمَلًا بِالتَّرْتِيبِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ لَفْظَةِ ثُمَّ دُونَ خَالِ الصَّغِيرِ وَدُونَ عَمِّ الصَّغِيرَةِ وَعَمَّتِهَا الْمَزْبُورَيْنِ لِكَوْنِهِمْ أَدْنَى دَرَجَةً مِنْ ابْنِ الْوَاقِفِ وَبِنْتِ الْوَاقِفِ ثُمَّ قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ قُلْت هَذَا الْجَوَابُ خَطَأٌ نَقْلًا وَعَقْلًا أَمَّا نَقْلًا فَبِمَا قَالَهُ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ إنْ كَانَ الْوَاقِفُ ذَكَرَ حَالَ مَنْ يَمُوتُ مِنْهُمْ وَعَلَى مَنْ يَرْجِعُ سَهْمُهُمْ أَمْضَيْنَا عَلَى مَا شَرَطَ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا نَظَرْنَا إلَى مَنْ كَانَ مَوْجُودًا

يَوْمَ تَقَعُ الْقِسْمَةُ فَقَسَّمْنَا الْغَلَّةَ بَيْنَهُمْ وَأَسْقَطْنَا مِنْهُمْ الْمَيِّتَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ مَاتَ مِنْهُمْ بَعْدَ مَا طَلَعَتْ الْغَلَّةُ قَبْلَ وَقْتِ الْقِسْمَةِ فَيَكُونُ سَهْمُهُ ذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ اهـ. كَلَامُ الْخَصَّافِ فَقَدْ صَرَّحَ بِخَطَأِ ذَلِكَ الْمُجِيبِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُعْتَمِدًا عَلَى عَدَمِ بَيَانِ نَصِيبِ الْمَيِّتِ لِمَنْ يُصْرَفُ فِي نَصِّ الْوَاقِفِ فَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِهِ بِنَصِيبِ الْمَيِّتِ أَحَدًا مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ وَإِنْ كَانَ مُعْتَمِدًا عَلَى بَيَانِ نَقْلٍ فَلَا وُجُودَ لَهُ وَأَمَّا خَطَؤُهُ عَقْلًا فَإِنَّهُ لَا يَتَوَهَّمُ أَحَدٌ أَنَّ الْعَمَلَ بِالتَّرْتِيبِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ لَفْظَةِ ثُمَّ لَا يُوجِبُ اخْتِصَاصَ الْأَعْلَى مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ الْمُتَفَاوِتِينَ دَرَجَةً عُلْوِيَّةً وَسُفْلِيَّةً بِنَصِيبِ الْمَيِّتِ الَّذِي لَا فَرْعَ لَهُ دُونَ الْأَدْنَى دَرَجَةً لِأَنَّ التَّرْتِيبَ الْحَاصِلَ فِي نَصِّ هَذَا الْوَاقِفِ هُوَ مَنْعُ الْفَرْعِ الْمَحْجُوبِ بِأَصْلِهِ لَا غَيْرِهِ وَلَا قَائِلَ بِحِرْمَانِ مُسْتَحِقٍّ هُوَ أَسْفَلُ دَرَجَةً بِوُجُودِ مُسْتَحِقٍّ هُوَ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ نَصِيبِ مَيِّتٍ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ حَالَ نَصِيبِهِ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَصْلِ الْغَلَّةِ وَالْأَسْفَلُ وَالْأَعْلَى فِيهَا سَوَاءٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَإِنْ تَفَاوَتَتْ الْأَنْصِبَاءُ وَقَدْ نَصَّ الْوَاقِفُ عَلَى إبْطَالِ التَّرْتِيبِ بِنَصِّهِ عَلَى صَرْفِ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ إلَى الْمُتَوَفَّى وَلَعَلَّك تَقُولُ إنَّ الْأَقْرَبَ إلَى الْمُتَوَفَّى مَشْرُوطُ انْتِقَالِ نَصِيبِهِ إلَيْهِ بِوُجُودِ مُسَاوٍ لَهُ فِي طَبَقَتِهِ كَأَخٍ وَابْنِ عَمٍّ فَيَنْتَفِي الْمَشْرُوطُ بِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ وَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الِانْقِطَاعِ فَرَجَعْت إلَى الْعَمَلِ بِثُمَّ وَأَجْرَيْت التَّرْتِيبَ الَّذِي ذَكَرْته فَنَقُولُ فِي رَدِّهِ الطَّبَقَةَ تَكُونُ طَبَقَةَ اسْتِحْقَاقٍ جَعْلِيَّةً لَا طَبَقَةَ إرْثٍ نِسْبِيَّةً وَهُنَا كَذَلِكَ قَدْ اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ إلَى الْمُتَوَفَّى وَالْأَقْرَبُ الْخَالُ لِابْنِ أُخْتِهِ وَالْعَمُّ وَالْعَمَّةُ لِابْنِ الْأَخِ هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَمُلَخَّصُهُ أَنَّ الْوَاقِفَ حَيْثُ رَتَّبَ وَقْفَهُ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ بِثُمَّ وَشَرَطَ عَوْدَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَقِيمًا إلَى مَنْ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ دَرَجَتِهِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْهُمْ وَلَمْ يُوجَدْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى أَحَدٌ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى الْأَقْرَبِ إلَيْهِ مِنْ أَيِّ دَرَجَةٍ كَانَتْ وَلَا يُلْغَى اشْتِرَاطُهُ الْأَقْرَبِيَّةَ وَإِنْ فُقِدَتْ الدَّرَجَةُ. وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ عَنْ الْخَلِيلِيِّ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ وَمُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ مِنْ أَهْلِ الْإِفْتَاءِ بِدِمَشْقَ الشَّامِ وَأَقُولُ أَيْضًا التَّحْقِيقُ خِلَافُ مَا أَطْلَقَهُ كُلٌّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ فَأَلْقِ نَحْوَ مَا أَقُولُ السَّمْعَا ... وَاجْمَعْ حَوَاشِيَ الْكَلِمَاتِ جَمْعَا. وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا رَتَّبَ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ الِاسْتِحْقَاقِيَّةِ وَجَعَلَ كُلَّ طَبَقَةٍ حَاجِبَةً لِلَّتِي تَلِيهَا ثُمَّ شَرَطَ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ وَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فِي ذَلِكَ فَقَدْ نَسَخَ بِهَذَا الشَّرْطِ عُمُومَ تَرْتِيبِهِ السَّابِقَ وَكَانَ هَذَا الشَّرْطُ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنَّ الْوَقْفَ مُخْتَصٌّ بِالطَّبَقَةِ الْعُلْيَا ثُمَّ بِاَلَّتِي تَلِيهَا وَهَكَذَا إلَّا إذَا مَاتَ أَحَدٌ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَقَدْ أَدْخَلَ وَلَدَ الْمُتَوَفَّى أَوْ أَهْلَ دَرَجَتِهِ مَعَ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ نَاسِخًا عُمُومَ تَرْتِيبِهِ السَّابِقَ بِاسْتِثْنَائِهِ اللَّاحِقِ وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11] إذْ الْمَعْنَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ إخْوَةٌ فَإِذَا انْتَفَى أَنْ يَكُونَ لَهُ إخْوَةٌ كَانَ لَهَا الثُّلُثُ الْمَفْرُوضُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِ فَرْعِ الْمَيِّتِ. فَفِي مَسْأَلَتِنَا إذَا مَاتَ مَيِّتٌ لَا عَنْ وَلَدٍ وَلَيْسَ فِي دَرَجَتِهِ أَحَدٌ لَمْ يَكُنْ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ مَا يُخَالِفُ شَرْطَهُ السَّابِقَ فَيَبْقَى مَا شَرَطَهُ عَلَى حَالِهِ وَيُدْفَعُ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ لِأَهْلِ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا وَمَنْ دَخَلَ مَعَهُمْ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَيُقَسَّمُ كَبَاقِي غَلَّةِ الْوَقْفِ وَلَا يَخْتَصُّ بِذَلِكَ النَّصِيبِ الْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى مِنْ الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا أَوْ غَيْرِهَا حَيْثُ قُيِّدَ الْوَاقِفُ الْأَقْرَبُ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يُعْطِ نَصِيبَ الْمُتَوَفَّى لِمُطْلَقِ الْأَقْرَبِ بَلْ لِأَقْرَبَ خَاصٍّ فَإِعْطَاؤُهُ لِلْأَقْرَبِ مِنْ غَيْرِ دَرَجَتِهِ تَخْصِيصٌ لِكَلَامِ الْوَاقِفِ بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَتَعَيَّنَ إلْغَاءُ الْأَقْرَبِيَّةِ حَيْثُ فُقِدَتْ الدَّرَجَةُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ ثُمَّ حَيْثُ لَغَتْ

الْأَقْرَبِيَّةُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ إلَى جَمِيعِ الْمُتَنَاوِلِينَ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ كَمَا قُلْنَا وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ أَهْلُ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا فَقَطْ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الْجَمَاعَةُ الْمَذْكُورُونَ لِمَا نَقَلَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ عَنْ الْإِمَامِ الْخَصَّافِ فِيمَا مَرَّ آنِفًا مِنْ أَنَّهُ يَسْقُطُ سَهْمُ الْمَيِّتِ وَتُقَسَّمُ الْغَلَّةُ عَلَى جَمِيعِ الْمَوْجُودِينَ. وَلِمَا قَالَهُ الْخَصَّافُ أَيْضًا فِي بَابِ الرَّجُلُ يَجْعَلُ أَرْضَهُ مَوْقُوفَةً عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَنَسْلِهِ إذَا قَالَ أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَنَسْلِي وَعَقِبِي مَا تَنَاسَلُوا عَلَى أَنْ يَبْدَأَ بِالْبَطْنِ الْأَعْلَى مِنْهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ ذَلِكَ إلَى آخِرِ الْبُطُونِ مِنْهُمْ وَكُلَّمَا حَدَثَ الْمَوْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَأَوْلَادِهِمْ فَنَصِيبُهُ مَرْدُودٌ إلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَكُلَّمَا حَدَثَ الْمَوْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ وَلَدٍ وَلَا نَسْلًا وَلَا عَقِبًا كَانَ نَصِيبُهُ رَاجِعًا إلَى الْبَطْنِ الَّذِي فَوْقَهُمْ قَالَ هُوَ عَلَى هَذَا الَّذِي شَرْطُ الْوَاقِفِ. قُلْت فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ قَالَ يَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى أَصْلِ الْغَلَّةِ وَيَكُونُ لِمَنْ يَسْتَحِقُّهَا اهـ كَلَامُ الْخَصَّافِ وَاخْتَصَرَهُ فِي الْإِسْعَافِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ وَكُلَّمَا حَدَثَ الْمَوْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَلَا نَسْلًا كَانَ نَصِيبُهُ مِنْهَا رَاجِعًا إلَى الْبَطْنِ الَّذِي فَوْقَهُ وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَمْ يَكُنْ فَوْقَهُ أَحَدٌ أَوْ لَمْ يُذْكَرْ فِي سَهْمِ مَنْ يَمُوتُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ شَيْئًا يَكُونُ نَصِيبُهُ رَاجِعًا إلَى أَصْلِ الْغَلَّةِ وَجَارِيًا مَجْرَاهَا وَيَكُونُ لِمَنْ يَسْتَحِقُّهَا وَلَا يَكُونُ لِلْمَسَاكِينِ مِنْهَا شَيْءٌ إلَّا بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ لِقَوْلِهِ عَلَى وَلَدِي وَنَسْلِهِمْ أَبَدًا اهـ وَاخْتَصَرَهُ الْعَلَائِيُّ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ قَالَ وَكُلُّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ نَسْلٍ كَانَ نَصِيبُهُ لِمَنْ فَوْقَهُ وَلَمْ يَكُنْ فَوْقَهُ أَحَدٌ أَوْ سَكَتَ عَنْهُ يَكُونُ رَاجِعًا لِأَصْلِ الْغَلَّةِ لَا الْفُقَرَاءِ مَا دَامَ نَسْلُهُ بَاقِيًا اهـ فَهَذِهِ النُّقُولُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ فِي نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى يَرْجِعُ نَصِيبُهُ إلَى أَصْلِ الْغَلَّةِ كَمَا لَوْ سَكَتَ وَلَوْ يُبَيِّنُ حَالَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَتَوْضِيحُهُ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ جَمَاعَةٌ مُتَنَاوِلُونَ فِي خَمْسِ طَبَقَاتٍ مَثَلًا وَقَدْ شَرَطَ الْوَاقِفُ انْتِقَالَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَقِيمًا إلَى أَهْلِ الطَّبَقَةِ الَّتِي فَوْقَهُ فَمَاتَ مِنْ أَهْلِ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ رَجُلٌ عَقِيمًا فَنَصِيبُهُ لِأَهْلِ الْأُولَى فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا أَحَدٌ فَنَصِيبُهُ لِأَهْلِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ. وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ أَهْلُ الثَّالِثَةِ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْأَعْلَى الْآنَ وَهُوَ نَصٌّ فِي مَسْأَلَتِنَا وَهِيَ مَا إذَا شَرَطَ انْتِقَالَ نَصِيبِهِ لِأَهْلِ دَرَجَتِهِ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهَا أَحَدٌ لَا يَخْتَصُّ بِنَصِيبِهِ أَحَدٌ دُونَ أَحَدٍ بَلْ يَسْقُطُ سَهْمُهُ وَتُقَسَّمُ الْغَلَّةُ بِتَمَامِهَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ بِقَدْرِ أَنْصِبَائِهِمْ كَأَنَّ هَذَا الْمُتَوَفَّى لَمْ يُوجَدْ فِيهِمْ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ إلْغَاءُ لِلتَّرْتِيبِ بَيْن الطَّبَقَاتِ الْمُسْتَفَادِ بِثُمَّ أَوْ بِقَوْلِهِ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ لِأَنَّ مَعْنَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الطَّبَقَةَ الْعُلْيَا تَحْجُبُ الَّتِي تَلِيهَا سِوَى أَوْلَادِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْعُلْيَا فَيُشَارِكُونَ أَعْمَامَهُمْ وَمَنْ فِي دَرَجَةِ أَعْمَامِهِمْ وَكَذَا لَوْ مَاتَ هَؤُلَاءِ الْأَوْلَادُ عَنْ أَوْلَادٍ فِي الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ يُشَارِكُونَ أَهْلَ الطَّبَقَةِ الْأُولَى فِي غَلَّةٍ الْوَقْفِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَغَلَّةُ الْوَقْفِ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْجَمِيعِ فَكُلُّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ حَيًّا يُؤْخَذُ نَصِيبُهُ مِنْهَا وَيُدْفَعُ إلَيْهِ فَإِنْ خَرَجَتْ غَلَّةُ سَنَةٍ وَكَانَ بَعْضُهُمْ مَيِّتًا سَقَطَ نَصِيبُهُ مِنْهَا وَقُسِّمَتْ بِتَمَامِهَا عَلَى بَاقِي الْأَحْيَاءِ الْمُسْتَحِقِّينَ إلَّا إذَا كَانَ الْوَاقِفُ شَرْطَ انْتِقَالِ نَصِيبِ ذَلِكَ الْمَيِّتِ إلَى أَحَدٍ فَحِينَئِذٍ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْأَحَدُ مَوْجُودًا دُفِعَ إلَيْهِ نَصِيبُ الْمَيِّتِ مِنْ الْغَلَّةِ وَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَإِلَّا بَقِيَتْ الْغَلَّةُ عَلَى حَالِهَا وَقُسِّمَتْ بِتَمَامِهَا عَلَى أَهْلِهَا الْأَحْيَاءِ وَلَا يَقْتَضِي التَّرْتِيبُ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ دَفْعَ نَصِيبِ ذَلِكَ الْمَيِّتِ إلَى أَعْلَى الطَّبَقَاتِ حِينَ عَدَمِ مَنْ يَخْلُفُهُ فِي نَصِيبِهِ إذْ لَا وَجْهَ لِتَرْجِيحِهِمْ عَلَى بَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ الَّذِينَ جَعَلَهُمْ الْوَاقِفُ شُرَكَاءَ مَعَهُمْ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ وَإِنْ كَانُوا مِنْ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ وَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ أَوْلَادُ الْمُتَوَفَّى أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَأْخُذُهُ أَبُوهُمْ وَالْوَاقِفُ إنَّمَا شَرَطَ دَفْعَ نَصِيبِ أَبِيهِمْ إلَيْهِمْ فَلَوْ شَارَكُوا أَهْل الطَّبَقَة الْعُلْيَا لَزِمَ زِيَادَتُهُمْ

عَلَى أَبِيهِمْ لِأَنَّا نَقُولُ مَا خَصَّهُمْ مِنْ نَصِيبِ ذَلِكَ الْمُتَوَفَّى الَّذِي لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَدْفَعُ نَصِيبَهُ إلَيْهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ الزِّيَادَةِ فِي الْغَلَّةِ فَزَادَ سَهْمُهُمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ غَلَّةَ الْوَقْفِ قَدْ تَزِيدُ فِي سَنَةٍ وَقَدْ تَنْقُصُ فِي أُخْرَى فَإِذَا كَانَ أَبُوهُمْ فِي حَيَاتِهِ بَلَغَ سَهْمُهُ مِنْ الْغَلَّةِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ لَمَّا مَاتَ كَثُرَتْ غَلَّةُ الْوَقْفِ حَتَّى صَارَ سَهْمُهُ يَبْلُغُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَمَا كُنْت تَدْفَعُهَا لِأَوْلَادِهِ فَكَذَا إذَا قَلَّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْغَلَّةَ. وَهَذَا كُلُّهُ تَوْجِيهٌ لِلْمَنْقُولِ وَلَيْسَ ذَلِكَ يَلْزَمُنَا بَلْ مَنْ ادَّعَى خِلَافَ ذَلِكَ وَأَرْجَعَ نَصِيبَ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ إلَى أَعْلَى الطَّبَقَاتِ فَقَطْ فَإِنْ كَانَ بِمُجَرَّدِ فَهْمِهِ أَوْضَحَنَا لَك مَا يُخَالِفُهُ وَإِنْ كَانَ بِالنَّقْلِ عَنْ أَحَدٍ فَلْيَذْكُرْهُ لَنَا حَتَّى نُقَابِلَهُ مَعَ مَنْ نَقَلْنَا عَنْهُ وَقَدْ قَالُوا الْخَصَّافُ كَبِيرٌ فِي الْعِلْمِ يُقْتَدَى بِهِ وَنَحْنُ نَقَلْنَا مَا قُلْنَا عَنْ الْخَصَّافِ الَّذِي أَذْعَنَ بِفَضْلِهِ أَهْلُ الْوِفَاقِ وَالْخِلَافِ وَصَارَ عُمْدَةُ أَهْلِ الْمَذَاهِبِ فِي مَسَائِلِ الْأَوْقَافِ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْإِسْعَافِ شِعْرٌ أُولَئِكَ آبَائِي فَجِئْنِي بِمِثْلِهِمْ ... إذَا جَمَعَتْنَا يَا جَرِيرُ الْمَجَامِعُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَقْفَ إذَا كَانَ مُرَتَّبًا بِثُمَّ أَوْ غَيْرِ مُرَتَّبٌ وَقَدْ سَكَتَ الْوَاقِفُ عَنْ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ أَوْ شَرَطَ صَرْفَهُ لِأَهْلِ دَرَجَتِهِ أَوْ لِغَيْرِهِمْ وَلَمْ يُوجَدْ الْمَشْرُوطُ يُصْرَفُ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ إلَى مَصَارِفِ الْغَلَّةِ وَلَا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ لِوُجُودِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْأَوْلَادِ وَالذُّرِّيَّةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْإِسْعَافِ لَكِنْ بَقِيَ هُنَا تَحْقِيقٌ يَحْصُلُ بِهِ نَوْعُ تَوْفِيقٍ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي الدَّرَجَةِ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ فَتَارَةً يَقُولُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْهُمْ فَهَذَا لَا شَكَّ أَنَّهُ جَعَلَ الْأَقْرَبَ قَيْدًا فِي أَهْلِ الدَّرَجَةِ فَحَيْثُ فُقِدَتْ الدَّرَجَةُ لَغَتْ الْأَقْرَبِيَّةُ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ الْأَقْرَبِيَّةَ فِي نَوْعٍ خَاصٍّ وَهُوَ أَهْلُ دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى فَلَا يَجُوزُ لَنَا تَعْمِيمُهُ وَمِثْلُهُ لَوْ حُذِفَ قَوْلُهُ مِنْهُمْ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ لِأَنَّهُ يَكُون بَدَلَا مِمَّا قَبْلَهُ وَتَارَةً يَقُولُ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ. وَالْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّ مُرَادَهُ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ أَيْضًا لَا مُطْلَقًا وَلَكِنْ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ مُطْلَقًا بِقَرِينَةِ قَطْعِهِ عَمَّا قَبْلَهُ بِقَوْلِهِ يُقَدَّمُ وَكَأَنَّ الْخَلِيلِيَّ لَحَظَ هَذَا الْمَعْنَى فَاعْتُبِرَ الْأَقْرَبِيَّةَ عِنْدَ فَقْدِ الدَّرَجَةِ وَلَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ صِلَةَ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ أَعَنَى لَفْظَ الْأَقْرَبِ مَحْذُوفَةٌ تَقْدِيرُهَا مِنْهُمْ وَالضَّمِيرُ فِيهَا عَائِدٌ إلَى أَهْلِ الدَّرَجَةِ وَتَارَةً يَقُولُ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَقَوْلُهُ فِي ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى أَهْلِ الدَّرَجَةِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ مِنْهُمْ وَيُحْتَمَلُ كَوْنُهُ إشَارَةً إلَى النَّصِيبِ أَيْ يُقَدَّمُ فِي نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَكَأَنَّ الشُّرُنْبُلَالِيَّ لَحَظَ هَذَا الْمَعْنَى فَاعْتَبَرَ الْأَقْرَبِيَّةَ حَيْثُ فُقِدَتْ الدَّرَجَةُ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَقْرَبُ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ بِدَلِيلِ الصِّلَةِ الْمُقَدَّرَةِ فَإِنَّ تَقْدِيرَهَا مِنْهُمْ أَيْ مِنْ أَهْلِ الدَّرَجَةِ كَمَا قُلْنَا وَلَوْ قَدَّرْتهَا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَحَدٌ وَفِي دَرَجَتِهِ جَمَاعَةٌ وَفِي غَيْرِهَا رَجُلٌ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِ دَرَجَتِهِ اسْتَحَقَّ نَصِيبَهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْأَقْرَبُ إلَيْهِ دُونَ أَهْلِ دَرَجَتِهِ وَلَمْ نَرَ أَحَدًا قَالَ بِذَلِكَ أَصْلًا فَتَعَيَّنَ إلْغَاءُ اعْتِبَارِ الْأَقْرَبِيَّةِ حَيْثُ فُقِدَتْ الدَّرَجَةُ وَمَصْرِفُ نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى إلَى مَصَارِفِ غَلَّةِ الْوَقْفِ كَمَا سَمِعْت التَّصْرِيحَ بِهِ. وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ أَهْلُ الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا خِلَافًا لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجَمَاعَةُ الْمَذْكُورُونَ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ فَإِنْ قُلْت قَدْ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ لِلِانْقِطَاعِ الَّذِي صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى الْأَقْرَبِ لِلْوَاقِفِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِغَرَضِهِ عَلَى الْأَصَحِّ اهـ فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَا نَقَلْته عَنْ الْخَصَّافِ وَغَيْرِهِ خِلَافُ الْأَصَحِّ فَلَمْ يَبْقَ لَك مُسْتَنَدٌ عَلَى دَعْوَاك قُلْت لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ مَذْهَبِنَا قَالَ إنَّ الْمُنْقَطِعَ يُصْرَفُ إلَى الْأَقْرَبِ لِلْوَاقِفِ وَإِنَّمَا قَالُوا يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وَكَأَنَّهُ سَبَقَ قَلَمُهُ فِي ذَلِكَ أَوْ اُشْتُبِهَ عَلَيْهِ مَذْهَبُهُ بِمَذْهَبِ غَيْرِهِ يُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ نَفْسُهُ فِي فَتَاوَاهُ الْخَيْرِيَّةِ حَيْثُ قَالَ وَالْمُنْقَطِعُ

الْوَسَطِ فِيهِ خِلَافٌ قِيلَ يُصْرَفُ إلَى الْمَسَاكِينِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَنَا وَالْمُتَظَافِرُ عَلَى أَلْسِنَةِ عُلَمَائِنَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَسْطُرٍ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ آخَرَ وَفِي مُنْقَطِعِ الْوَسَطِ الْأَصَحُّ صَرْفُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَأَمَّا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ اهـ. وَلَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ مَسْأَلَتَنَا هَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ قِسْمِ الْمُنْقَطِعِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ لِوُجُودِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ بِنَصِّ الْوَاقِفِ وَلِذَا قَالَ فِي الْإِسْعَافِ يَكُونُ نَصِيبُهُ رَاجِعًا إلَى أَصْلِ الْغَلَّةِ وَلَا يَكُونُ لِلْمَسَاكِينِ شَيْءٌ إلَّا بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ أَيْ الْمُسْتَحِقِّينَ لِقَوْلِ الْوَاقِفِ عَلَى وَلَدِي وَنَسْلِهِمْ أَبَدًا اهـ وَالْمُنْقَطِعُ إنَّمَا يَكُونُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْعَمَلُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَقَدْ يَكُونُ مُنْقَطِعَ الْأَوَّلِ وَصُورَتُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى مَنْ يَحْدُثُ لِي مِنْ الْوَلَدِ وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ يَصِحُّ هَذَا الْوَقْفُ وَتُقَسَّمُ الْغَلَّةُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَإِنْ حَدَثَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ الْقِسْمَةِ تُصْرَفُ الْغَلَّةُ الَّتِي تُوجَدُ بَعْدَهُ إلَى هَذَا الْوَلَدِ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ قَالَ أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى بَنِيَّ وَلَهُ ابْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ فَالْغَلَّةُ لَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا ابْنٌ وَاحِدٌ وَقْتَ وُجُودِ الْغَلَّةِ فَنِصْفُهَا لَهُ وَالنِّصْفُ لِلْفُقَرَاءِ إلَخْ فَالْمِثَالُ الْأَوَّلُ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ فِي جَمِيعِ الْغَلَّةِ وَالثَّانِي فِي نِصْفِهَا وَأَمَّا مُنْقَطِعُ الْوَسَطِ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ غَيْرَ مَرَّةٍ وَأَمَّا مُنْقَطِعُ الْآخِرِ فَهُوَ حَيْثُ تَنْقَرِضُ الذُّرِّيَّةُ أَوْ الْجَمَاعَةُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ بِأَعْيَانِهِمْ وَيَئُولُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَقَدْ أَخَذَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ حَقَّهَا مِنْ الْبَيَانِ فَلْنَكُفَّ عَنَانَ الْقَلَمِ فِيهَا عَنْ الْجَرَيَانِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمُعَيَّنَيْنِ أَعْلَاهُ وَمَاتَ وَتَصَرَّفَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ بَعْدَهُ عَلَى وَفْقِ شَرْطِهِ مِنْ حَجْبِ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا لِلسُّفْلَى مِنْ مُدَّةٍ مَدِيدَةٍ فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَا ذُكِرَ فَلَا يُعْطَى لِأَهْلِ الطَّبَقَة السُّفْلَى شَيْءٌ مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ الْعُلْيَا؟ (الْجَوَابُ) : يَعْمَلُ بِمَا ذُكِرَ. (سُئِلَ) فِي وَاقِفَةٍ أَنْشَأَتْ وَقْفَهَا عَلَى نَفْسِهَا أَيَّامَ حَيَاتِهَا ثُمَّ مِنْ بَعْدِهَا عَلَى زَوْجِهَا فُلَانٍ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَمَاتَتْ الْوَاقِفَةُ ثُمَّ مَاتَ زَوْجُهَا عَنْ ابْنَيْنِ وَبِنْتٍ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَتْ الْبِنْتُ عَنْ الِابْنِ الثَّانِي وَعَنْ أَوْلَادٍ فَهَلْ يَعُودُ نَصِيبُهَا إلَى شَقِيقِهَا أَمْ إلَى أَوْلَادِهَا؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ رَتَّبَ الْوَقْفَ بِثُمَّ فَيَعُودُ نَصِيبُهَا إلَى شَقِيقِهَا وَلَا يَعُودُ إلَى أَوْلَادِهَا مَا دَامَ شَقِيقُهَا مَوْجُودًا قَالَ فِي الْإِسْعَافِ مِنْ بَابِ الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَلَوْ ذَكَرَ الْبُطُونَ الثَّلَاثَةَ ثُمَّ قَالَ عَلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ أَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي ثُمَّ عَلَى وَلَدِ وَلَدِي ثُمَّ وَثُمَّ أَوْ قَالَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ يَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْوَاقِفُ وَلَا يَكُونُ لِلْبَطْنِ الْأَسْفَلِ شَيْءٌ مَا بَقِيَ مِنْ الْبَطْنِ الْأَعْلَى أَحَدٌ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ بَابِ الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ وَالْأَقْرِبَاءِ وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَقَدْ أَجَابَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ مِثْلِ هَذَا بِقَوْلِهِ لَا شَيْءَ لِأَوْلَادِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِتَرْتِيبِ الِاسْتِحْقَاقِ بِثُمَّ مُؤَكَّدًا لَهُ بِقَوْلِهِ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا تَحْجُبُ السُّفْلَى إلَخْ وَالْمَسْأَلَةُ أَيْضًا فِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ فِي مَوْضِعَيْنِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ شَخْصٌ وَقْفًا مِنْ مَضْمُونِهِ مَا لَفْظُهُ أَنَّ الْوَقْفَ الْمَذْكُورَ تَجْرِي أُجُورُهُ وَمَنَافِعُهُ عَلَى السَّادَةِ الْأَشْرَافِ بَنِي أَبِي الْجِنِّ الْحُسَيْنِيِّ وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ وَذُرِّيَّتِهِمْ مِنْ أَوْلَادِ الظُّهُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْبُطُونِ وَالْآنَ مَاتَ شَخْصٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَهُ أُخْتٌ شَقِيقَةٌ وَبَقِيَّةُ مُسْتَحَقِّي مَنَافِعِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ مِنْ الذُّرِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ حِصَّةُ الْمَيِّتِ الْمَذْكُورِ تَعُودُ عَلَى أُخْتِهِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ عَلَيْهَا وَعَلَى بَقِيَّةِ الذُّرِّيَّةِ الْمَوْجُودِينَ يَوْمَئِذٍ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ حَيْثُ أَطْلَقَ الْوَاقِفَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَمَا حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى فِي ذَلِكَ أَفْتُونَا؟ (الْجَوَابُ) : الْحَمْدُ لِلَّهِ تُقَسَّمُ غَلَّةُ هَذَا الْوَقْفِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ جَمِيعِ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ

مِنْ أَوْلَادِ الظُّهُورِ بِالسَّوِيَّةِ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا أَحَدٌ دُونَ أَحَدٍ وَأُخْتُ الْمَيِّتِ تَأْخُذُ أُسْوَةَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ يَحْيَى الْبَهْنَسِيُّ الْحَنَفِيُّ عُفِيَ عَنْهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا أَجَابَ بِهِ مَوْلَانَا هُوَ الْجَوَابُ كَتَبَهُ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ الْفِيشَاوِيُّ الشَّافِعِيُّ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْجَوَابُ كَمَا مَوْلَانَا أَجَابَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَفَائِيُّ الْحَنْبَلِيُّ عُفِيَ عَنْهُ فِي وَاقِفٍ وَقَفَ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ فَهَلْ كُلُّ مَنْ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ وَدُخُولٌ فِي الْوَقْفِ يَسْتَحِقُّ فِي غَلَّتِهِ مَعَ مَنْ يُدْلِي بِهِ حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ التَّرْتِيبَ أَجَابَ نَعَمْ يَسْتَحِقُّ الْجَمِيعُ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِحَسَبِ قِلَّتِهِمْ وَكَثْرَتِهِمْ فَيَسْتَحِقُّ الِابْنُ مَعَ وُجُودِ وَالِدِهِ مِنْ فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ خَيْرِ الدِّينِ الرَّمْلِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ عَادَ نَصِيبُهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إلَى مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ يُقَدَّمُ فِي ذَلِكَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَى الْمُتَوَفَّى ثُمَّ مَاتَ الْآنَ شَخْصٌ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَتَرَكَ إمَّا حَامِلًا مِنْ عَمِّهِ الْعَصَبَةِ الَّذِي هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ ثُمَّ وَضَعَتْ الْحَامِلُ بِنْتًا بَعْدَ شَهْرٍ مِنْ مَوْتِ الشَّخْصِ الْمَزْبُورِ وَمِنْ طُلُوعِ الْغَلَّةِ وَلَيْسَ فِي دَرَجَةِ الشَّخْصِ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ أُخْتِهِ الْمَزْبُورَةِ الَّتِي كَانَتْ حَمْلًا حِينَ مَوْتِهِ فَهَلْ يَعُودُ نَصِيبُهُ لِأُخْتِهِ الْمَزْبُورَة دُونَ غَيْرِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ آخَرَ مَشْرُوطٍ فِيهِ كَمَا ذُكِرَ قَبْلَهُ فَمَاتَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ امْرَأَةٌ وَلَيْسَ فِي دَرَجَتِهَا وَذَوِي طَبَقَتِهَا سِوَى جَمَاعَةٍ مِنْ الذُّرِّيَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ غَيْرَ مُتَنَاوِلِينَ لِحَجْبِهِمْ بِأُصُولِهِمْ وَالْكُلُّ فِي الْقُرْبِ إلَيْهَا سَوَاءٌ فَبَعْضُهُمْ أَوْلَادُ بِنْتِ عَمِّ أُمِّهَا وَالْبَعْضُ أَوْلَادُ ابْنِ عَمَّةِ أُمِّهَا وَالْبَعْضُ أَوْلَادُ بِنْتِ عَمَّةِ أُمِّهَا وَالْبَعْضُ بِنْتُ ابْنِ عَمِّ أُمِّهَا وَلَهَا خَالٌ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الْمُتَنَاوِلِينَ مِنْ أَهْلِ طَبَقَةٍ أَعْلَى مِنْ طَبَقَتِهَا يَزْعُمُ أَنَّ نَصِيبَهَا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ دُونَ أَهْلِ طَبَقَتِهَا الْمَذْكُورِينَ فَلِمَنْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُهَا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ؟ (الْجَوَابُ) : يَنْتَقِلُ مَنْ هُوَ فِي دَرَجَتِهَا وَذَوِي طَبَقَتِهَا لَا يُقَدَّمُ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَيْثُ كَانُوا فِي الْقُرْبِ سَوَاءً عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَلَا شَيْءَ لِلْخَالِ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَقْفَهُ مُنْجَزًا عَلَى ابْنِهِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى ابْنَتِهِ حَامِدَةَ وَعَلَى مَنْ سَيَحْدُثُ لِمُحَمَّدٍ مِنْ الْأَوْلَادِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ وَثُمَّ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ فَإِذَا انْقَرَضُوا بِأَجْمَعِهِمْ عَادَ وَقْفًا عَلَى مَنْ يُوجَدُ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَأَنْسَالهمْ وَالْحُكْمُ فِيهِمْ كَالْحُكْمِ فِي أَوْلَادِ مُحَمَّدٍ وَمَاتَ الْوَاقِفُ وَابْنُهُ مُحَمَّدٌ وَانْقَرَضَتْ ذُرِّيَّةُ مُحَمَّدٍ وَالْمَوْجُودُ الْآنَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ وَلَدَا ابْنِهِ هُمَا أَحْمَدُ وَأَبُو الصَّفَاءِ وَابْنَا بِنْتِ ابْنِ الْوَاقِفِ هُمَا دَرْوِيشُ وَسُلَيْمَانُ فَهَلْ تَنْتَقِلُ غَلَّةُ الْوَقْفِ لِوَلَدَيْ ابْنِ الْوَاقِفِ أَحْمَدَ وَأَبِي الصَّفَاءَ دُونَ دَرْوِيشِ وَسُلَيْمَانَ؟ (الْجَوَابُ) : يَنْتَقِلُ لِأَحْمَدَ وَأَبِي الصَّفَاءِ دُونَ دَرْوِيشِ وَسَلِيمَانِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ الْحُكْمُ فِيهِمْ كَالْحُكْمِ فِي أَوْلَادِ مُحَمَّدٍ وَأَوْلَادِ مُحَمَّدٍ الْوَقْفُ فِيهِمْ مُرَتَّبٌ فَيَنْتَقِلُ حُكْمُ التَّرْتِيبِ الَّذِي فِيهِمْ إلَى أَوْلَادِ الْوَاقِفِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَقُولُ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ بِانْتِقَالِ الْغَلَّةِ إلَى جَمِيعِ الْأَرْبَعَةِ الْمَوْجُودِينَ مِنْ ابْنَيْ ابْنِهِ وَابْنَيْ بِنْتِ ابْنِهِ الْمَذْكُورِينَ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ عَادَ وَقْفًا عَلَى مَنْ يُوجَدُ إلَخْ فَإِنَّ لَفْظَةَ مَنْ عَامَّةٌ تَشْمَلُ الْجَمِيعَ وَالتَّرْتِيبَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ الدُّخُولِ فِي الْوَقْفِ لِأَنَّ الْمُرَتَّبَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُرَتَّبٍ عَلَيْهِ وَالْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورُونَ هُمْ الَّذِينَ وُجِدُوا عِنْدَ انْقِرَاضِ أَوْلَادِ مُحَمَّدٍ فَيَعُودُ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَيُعْتَبَرُ فِيهِمْ التَّرْتِيبُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلِمَةِ ثُمَّ الْعَاطِفَةِ وَالْعَطْفُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَيَدْخُلُ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورُونَ فِي الْوَقْفِ ثُمَّ أَوْلَادُهُمْ مِنْ بَعْدِهِمْ ثُمَّ وَثُمَّ

فَيَتَحَقَّقُ التَّرْتِيبُ بَعْدَ دُخُولِهِمْ أَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَتَحَقَّقُ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ لَحَظَ الْمَعْنَى الْحَاصِلَ مِنْ الْعَطْفِ بِثُمَّ وَهُوَ تَقْدِيمُ كُلِّ طَبَقَةٍ عُلْيَا عَلَى الَّتِي تَلِيهَا فَإِنَّهُ حُكْمُ الْعَطْفِ بِثُمَّ فَقَوْلُ الْوَاقِفِ وَالْحُكْمُ فِيهِمْ إلَخْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِمْ ذَلِكَ التَّقْدِيمُ وَرَأَيْت فِي فَتَاوَى الشِّهَابِ أَحْمَدَ الرَّمْلِيِّ الْكَبِيرِ الشَّافِعِيِّ سُؤَالًا حَاصِلُهُ فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِ الظُّهُورِ مُرَتَّبًا بِثُمَّ وَعِنْدَ انْقِرَاضِهِمْ فَعَلَى أَوْلَادِ الْبَنَاتِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ وَثُمَّ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ فَمَاتَ أَوْلَادُ الظُّهُورِ وَوُجِدَ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ جَمَاعَةٌ مُخْتَلِفُو الدَّرَجَاتِ فَأَجَابَ بِانْتِقَالِ الْوَقْفِ إلَى أَقْرَبِ الدَّرَجَاتِ إلَى الْوَاقِفِ وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا أَجَابَ بِهِ الْمُؤَلِّفُ فَتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ رَجُلٌ وَقْفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ عَلَى الشَّرْطِ وَالتَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ يَرْجِعُ نَصِيبُهُ إلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِي دَرَجَتِهِ وَذَوِي طَبَقَتِهِ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ فَمَاتَ الْوَاقِفُ وَأَوْلَادُهُ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادُ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَانْحَصَرَ رِيعُ الْوَقْفِ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ النَّسْلِ وَالْعَقِبِ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ وَمَاتَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ النَّسْلِ فِي حَيَاةِ أَخِيهِمَا عَنْ أَوْلَادٍ فَهَلْ يَدْخُلُ أَوْلَادُهُمَا فِي النَّسْلِ وَيَسْتَحِقُّونَ فِي رِيعِ الْوَقْفِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ النَّسْلُ الْوَلَدُ وَوَلَدُ الْوَلَدِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا. اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَقُولُ) هَذَا الْجَوَابُ يَحْتَاجُ إلَى بَيَانٍ زَائِدٍ فَلَا بَأْسَ بِإِيرَادِهِ عَلَى عَادَتِنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ الْإِتْحَافِ بِفَرَائِدِ الْفَوَائِدِ وَهُوَ أَنَّ دُخُولَ أَوْلَادِ الْمَرْأَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ قَدْ طَالَ فِيهِمَا الْجِدَالُ وَكَثُرَ الْقِيلُ وَالْقَالُ أَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَهِيَ مَا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ فِي الْوَقْفِ الْمُرَتَّبِ انْتِقَالَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَسَكَتَ عَنْ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي هَذَا السُّؤَالِ فَهَلْ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ الْمُتَوَفَّى عَنْ وَلَدٍ إلَى وَلَدِهِ أَمْ لَا وَقَعَ نَظِيرُهُ فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ لَا شَيْءَ لِأَوْلَادِ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ مَا دَامَ وَاحِدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِتَرْتِيبِ الِاسْتِحْقَاقِ بِثُمَّ مُؤَكَّدًا لَهُ بِقَوْلِهِ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ تَحْجُبُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَخْ كَمَا لَا يَخْفَى وَكَتَبَ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ وَالشَّيْخُ صَالِحٌ وَالشَّيْخُ مَحْفُوظٌ الْمَفْتُونَ بِغَزَّةَ جَوَابِي كَذَلِكَ هَذَا وَقَدْ أَفْتَى بُرْهَانُ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيُّ الْحَنَفِيُّ فِي مِثْلِهِ بِاسْتِحْقَاقِ أَوْلَادِ الْمَيِّتِ مَعَ وُجُودِ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ قَالَ لِمَفْهُومِ الْقَيْدِ الْمَسْكُوتِ عَنْ تَتْمِيمِهِ بِمَعْلُومِيَّتِهِ أَوْ لِغَفْلَةِ الْكَاتِبِ عَنْهُ وَلِضَرُورَةِ انْحِصَارِ غَلَّةِ الْوَقْفِ فِي ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ اهـ وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ لِمَا عُلِمَ أَنَّ الْمَفَاهِيمَ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهَا عِنْدَنَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ أَوْلَادِ الْمَيِّتِ هُوَ الْمَفْهُومُ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الْمَفْهُومَ إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ عِنْدَ الْأَوْلَادِ لَا يَكُونُ لِمَنْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ لِأَوْلَادِهِ. وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْغَفْلَةِ وَضَرُورَةُ انْحِصَارِ غَلَّةِ الْوَقْفِ فِي ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ لَا يَلْزَمُ مِنْهَا اسْتِحْقَاقُ أَوْلَادُ وَلَدِ الْوَاقِفِ مَعَ أَوْلَادِهِ لِصُلْبِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا الشَّافِعِيَّ الْأَنْصَارِيَّ أَفْتَى بِمَا أَفْتَيْت فِي وَاقِعَتَيْنِ وَأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ اسْتِحْقَاقُ الْمَيِّتِ إلَى أَوْلَادِهِ مَعَ مَا ذُكِرَ قَالَ وَإِنْ أَفْتَى بِهِ أَيْ بِرُجُوعِ الِاسْتِحْقَاقِ لِأَوْلَادِ الْمَيِّتِ الشَّيْخِ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَلًا بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ عِنْدَ وُجُودِ الْأَوْلَادِ لَا يَكُونُ لِمَنْ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ لِأَوْلَادِهِ بَلْ يَرْجِعُ اسْتِحْقَاقُ الْمَيِّتِ لِأَخِيهِ لَا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ بَلْ لِكَوْنِ الْوَقْفِ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ وَأَخُوهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ اهـ وَقَدْ أَفْتَى مَوْلَانَا الشَّيْخُ أَحْمَدُ شِهَابُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ الْأَنْصَارِيُّ الشَّافِعِيُّ بِمِثْلِ مَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ مَا فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ وَلَا يَخْفَى عَلَيْك مَا فِي ذَلِكَ أَمَّا أَوَّلًا فَقَوْلُهُ

إنَّ الْمَفَاهِيمَ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهَا عِنْدَنَا فَإِنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِهَا فِي النُّصُوصِ لَا فِي كَلَامِ النَّاسِ كَيْفَ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مَفَاهِيمَ الْكُتُبِ حُجَّةٌ وَهُوَ نَفْسُهُ قَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَقَوْلُهُمْ شَرْطُ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ فَيُعْمَلُ بِمَفْهُومِهِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي الذُّكُورِ مَثَلًا أَنْ يُلْغِيَ مَفْهُومَ تَقَيُّدِهِ بِالذُّكُورِ وَيَحْكُمَ بِمُشَارَكَةِ الْإِنَاثِ مَعَهُمْ لِدُخُولِهِنَّ فِي لَفْظِ الْأَوْلَادِ وَكَذَا يَلْزَمُ أَنْ يُلْغِيَ تَقْيِيدَهُ انْتِقَالَ نَصِيبِ الْعَقِيمِ إلَى أَهْلِ دَرَجَتِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْمَحْذُورَاتِ الَّتِي لَمْ يَقُلْ بِهَا أَحَدٌ. وَأَمَّا ثَانِيًا فَقَوْلُهُ إذْ مَفْهُومُهُ إلَخْ نَقُولُ هُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ يَصْلُحُ مُخَصِّصًا وَهُنَا لَمَّا شَرَطَ انْتِقَالَ نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَى أَهْلِ دَرَجَتِهِ عُلِمَ أَنَّ غَرَضَهُ انْتِقَالُ نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى عَنْ وَلَدٍ إلَى وَلَدِهِ لِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِأَغْرَاضِ الْوَاقِفِينَ وَلِذَا تَرَى عَامَّتَهُمْ يُصَرِّحُ بِهِ فَيُحْمَلُ الْمَفْهُومُ عَلَيْهِ وَإِنْ احْتَمَلَ غَيْرَهُ احْتِمَالًا بَعِيدًا لِأَنَّ الْحَمْلَ عَلَى أَقْرَبِ الْمُحْتَمَلَاتِ أَوْلَى فَعُلِمَ أَنَّ مَا أَفْتَى بِهِ صَاحِبُ الْإِسْعَافِ الْبُرْهَانُ الطَّرَابُلُسِيُّ وَالشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ وَالشِّهَابُ أَحْمَدُ الرَّمْلِيُّ الشَّافِعِيُّ هُوَ الْأَظْهَرُ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى التُّمُرْتَاشِيُّ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ وَقَدْ رَأَيْت تَأْلِيفًا مُسْتَقِلًّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ حَجَرٍ الْمَكِّيِّ الشَّافِعِيِّ سَمَّاهُ بِسَوَابِغِ الْمَدَدِ فِي الْعَمَلِ بِمَفْهُومِ قَوْلِ الْوَاقِفِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ أَفْتَى فِيهِ بِمَا قَالَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ وَقَالَ وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ فِي بَحْرِهِ وَوَالِدُهُ وَأَقَرَّهُمَا الْأَذْرَعِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْإِمَامُ السُّبْكِيّ وَالْوَلِيُّ أَبُو زَرْعَةَ وَالْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَرَدَّ عَلَى شَيْخِهِ الْقَاضِي زَكَرِيَّا وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ وَأَطَابَ فَرَاجِعْهُ. فَاتِّفَاقُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ مُؤَيِّدٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ الْبُرْهَانُ الطَّرَابُلُسِيُّ نَعَمْ رَأَيْت فِي كِتَابِ الْإِمَامِ الْخَصَّافِ فِي بَابِ الرَّجُلُ يَجْعَلُ أَرْضَهُ وَقْفًا عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ مَسْأَلَةٌ تُؤَيِّدُ مَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَهِيَ إذَا وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَمِنْ بَعْدِهِمَا عَلَى الْمَسَاكِينِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا كَانَ نَصِيبُهُ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا وَتَرَكَ وَلَدًا يَرْجِعُ نَصِيبُهُ لِلْفُقَرَاءِ لَا لِلْبَاقِي مِنْهُمَا لِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ لَا يَتْرُكَ وَلَدًا وَلَا لِوَلَدِ الْمَيِّتِ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ لِوَلَدِ الْمَيِّتِ اهـ مُلَخَّصًا فَلَمْ يُعْتَبَرْ مَفْهُومُ قَوْلِ الْوَاقِفِ فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا إلَخْ إذْ لَوْ اعْتَبَرَهُ لَأَعْطَى نَصِيبَ الْمَيِّتِ لِوَلَدِهِ لَكِنْ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنَّ الْأَوْلَادَ فِي مَسْأَلَةِ الْخَصَّافِ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ أَصْلًا لِأَنَّ الْوَقْفَ بَعْدَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ الْمَذْكُورَيْنِ يَسْتَحِقُّهُ الْمَسَاكِينُ فَلِذَا أَلْغَى الْمَفْهُومَ إذْ يَلْزَمُ مِنْ اعْتِبَارِهِ إلْغَاءُ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَإِدْخَالُ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فِي الْوَقْفِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّ الْأَوْلَادَ فِيهَا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ بِنَصِّ الْوَاقِفِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ اعْتِبَارِ مَفْهُومِ كَلَامِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَحْذُورَيْنِ بَلْ فِي اعْتِبَارِهِ إعْمَالُ غَرَضِهِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ. وَلَوْ كَانَ غَرَضُهُ انْتِقَالَ نَصِيبِ الْمَيِّتِ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ فِي الْخَيْرِيَّةِ لَمْ يُقَيَّدْ بِقَوْلِهِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ بَلْ كَانَ يَقُولُ مَنْ مَاتَ هَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي السَّقِيمِ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَهِيَ أَنَّهُ هَلْ يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ فِي النَّسْلِ وَالْعَقِبِ وَكَذَا هَلْ يَدْخُلُونَ فِي نَحْوِ الْأَوْلَادِ وَالذُّرِّيَّةِ وَقَدْ كُنْت عَزَمْت عَلَى أَنْ أَضَعَ فِيهَا رِسَالَةً لِمَا وَقَعَ فِيهَا مِنْ الِاضْطِرَابِ فَاسْتَغْنَيْت عَنْ ذَلِكَ بِمَا أُحَرِّرُهُ هُنَا فَأَقُولُ قَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ الْإِمَامُ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَمَا أَطَالَ فِي النُّقُولِ مَا حَاصِلُهُ إنَّ فِي دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ فِي لَفْظِ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ فَفِي رِوَايَةِ الْخَصَّافِ وَهِلَالٍ يَدْخُلُونَ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَدْخُلُونَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَكَذَا فِي دُخُولِهِمْ فِي لَفْظِ الذُّرِّيَّةِ وَالنَّسْلِ وَالْعَقِبِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ وَفِي التَّجْرِيدِ لِلْكَرْمَانِيِّ وَكَذَا لَفْظُ الْآلِ وَالْجِنْسِ وَأَهْلِ الْبَيْتِ الْحُكْمُ فِيهِمْ وَاحِدٌ وَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ قَالَ وَنَظَمْت ذَلِكَ فِي بَيْتَيْنِ وَهُمَا

آلٌ وَأَهْلٌ وَأَوْلَادٌ كَذَا عَقِبٌ ... نَسْلٌ وَجِنْسٌ كَذَا ذُرِّيَّةٌ حُصِرُوا فَلَا دُخُولَ لِأَوْلَادِ الْبَنَاتِ فَقُلْ ... فِيمَا ذَكَرْت فَقَدْ تَمَّ الَّذِي ذَكَرُوا قَالَ وَرَأَيْت بَعْضَ النَّاسِ يَقُولُ إنَّهُ إذَا قَالَ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِي إنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ يَدْخُلُونَ حِينَئِذٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ. وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَإِنَّ تَعْلِيلَ الْأَصْحَابِ يَرِدُ ذَلِكَ وَلَوْ ذَكَرَ عَشْرَةَ بُطُونٍ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْمَانِعَ مِنْ دُخُولِهِمْ كَوْنَهُمْ مَنْسُوبِينَ إلَى آبَائِهِمْ دُونَ أُمَّهَاتِهِمْ اهـ مُلَخَّصًا وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ فِي قَاعِدَةِ الْأَصْلِ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ غَالِبُ الْمَشَايِخِ أَنَّ الذُّرِّيَّةَ وَالنَّسْلَ خَاصٌّ بِأَوْلَادِ الْأَبْنَاءِ دُونَ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَأَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ يَدْخُلُ وَلَدُ الْبِنْتِ فِي قَوْلِهِ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي قَالَ فِي الْمُحِيطِ لَا يَدْخُلُونَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّهُمْ يُنْسَبُونَ إلَى الْأَبِ لَا إلَى الْأُمِّ وَاعْتَمَدَهُ فِي التَّجْنِيسِ وَكَذَا اعْتَمَدَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْهُمْ الشَّيْخُ قَاسِمٌ الْحَنَفِيُّ وَقَالَ وَهُوَ الَّذِي يُفْتَى بِهِ وَأَمَّا مَا قَالَهُ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا وَالشَّيْخُ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ فَهُوَ بَحْثٌ مِنْهُمَا وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ لِمَا قَالَهُ نَقَلَةُ الْمَذْهَبِ بَلْ وَلَا يَسُوغُ لِأَحَدٍ الْأَخْذُ بِهِ لِأَنَّ الْمُقَرَّرَ عِنْدَ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ مَتَى اُخْتُلِفَ فِي مَسْأَلَةٍ فَالْعِبْرَةُ لِمَا قَالَهُ الْأَكْثَرُ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى عَدَمِ الدُّخُولِ وَمَا قَالَهُ الْخَصَّافُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إلَّا أَنْ عِنْد انْقِرَاض أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ يُفْتِي بِدُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَوَقَفَ هِلَالٌ اهـ مُلَخَّصًا. لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ مَا مُلَخَّصَةُ لَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي فَالْغَلَّةُ لِوَلَدِ الصُّلْبِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْوِلَادَةِ وَالْوِلَادَةِ مَوْجُودَةٌ فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَقْتَ الْوَقْفِ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ وَلَهُ وَلَدُ ابْنٍ فَالْغَلَّةُ لَهُ دُونَ مَنْ دُونَهُ مِنْ الْبُطُونِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبِنْتِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَبِهِ أَخَذَ هِلَالٌ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَدْخُلُ أَيْضًا وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ يُنْسَبُونَ إلَى آبَائِهِمْ لَا إلَى آبَاءِ أُمَّهَاتِهِمْ بِخِلَافِ وَلَدِ الِابْنِ وَذَكَرَ فِي السِّيَرِ مَا يُوَافِقُ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ فِيمَا لَوْ قَالَ أَهْلُ الْحَرْبِ أَمِّنُونَا عَلَى أَوْلَادِنَا أَنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ لَيْسُوا بِأَوْلَادِهِمْ وَلَوْ قَالَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي يَدْخُلُ وَلَدُهُ لِصُلْبِهِ وَأَوْلَادُ بَنِيهِ وَلَا يُقَدَّمُ وَلَدُ الصُّلْبِ لِأَنَّهُ سَوَّى بَيْنَهُمْ وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبِنْتِ قَالَ هِلَالٌ نَعَمْ وَقَالَ عَلِيٌّ الرَّازِيّ إذَا وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ لَا يَدْخُلُ وَلَدُ الْبِنْتِ وَلَوْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ يَدْخُلُ وَلَدُ الْبِنْتِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ هِلَالٍ لِأَنَّ اسْمَ وَلَدِ الْوَلَدِ كَمَا يَتَنَاوَلُ أَوْلَادَ الْبَنِينَ يَتَنَاوَلُ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي السِّيَرِ إذَا قَالَ أَهْلُ الْحَرْبِ أَمِّنُونَا عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِنَا يَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُ الْبَنِينَ وَأَوْلَادُ الْبَنَاتِ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ لِأَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ اسْمٌ لِمَنْ وُلِدَ وَلَدُهُ وَابْنَتُهُ وَلَدُهُ فَمَنْ وَلَدَتْهُ ابْنَتُهُ يَكُونُ وَلَدَ وَلَدِهِ حَقِيقَةً بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ عَلَى وَلَدِي فَإِنَّ وَلَدَ الْبِنْتِ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ يَتَنَاوَلُ وَلَدَ الِابْنِ لِأَنَّهُ يُنْسَبُ إلَيْهِ عُرْفًا وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ يَتَنَاوَلُ وَلَدَ الْبِنْتِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا اهـ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مُلَخَّصًا وَمِثْلُهُ فِي الْإِسْعَافِ وَمُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِالْبَطْنِ الثَّانِي كَقَوْلِهِ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي لَا خِلَافَ فِي دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَإِنَّمَا خِلَافُ فِيمَا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْبَطْن الْأَوَّل وَبِهِ صَرَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ حَيْثُ قَالَ وَالْجَوَابُ فِي الْوَقْفِ عَلَى قَوْلِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ فُلَانٍ دَخَلَ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ رِوَايَةً وَاحِدَةً اهـ لَكِنْ ذَكَرَ الطَّرَسُوسِيُّ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ عَدَمُ الدُّخُولِ فِي ذَلِكَ وَعِبَارَةُ ابْنِ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ هَكَذَا قُلْت نَقَلَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِ فُلَانٍ يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَقْفِ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ رِوَايَةً وَاحِدَةً ثُمَّ نُقِلَ عَنْ السُّغْدِيِّ وَالشَّيْخِ الْإِمَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَكَذَا

ذَكَرَ الْخَصَّافُ رِوَايَةَ الدُّخُولِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَالْمُرَادُ بِهِمْ فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَقَدْ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ فِي هَذَا الزَّمَانِ لَا يَفْهَمُونَ سِوَى ذَلِكَ وَلَا يَقْصِدُونَ غَيْرَهُ وَعَلَيْهِ عَمَلُهُمْ وَعُرْفُهُمْ مَعَ كَوْنِهِ حَقِيقَةَ اللَّفْظِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ اهـ كَلَامُ ابْنِ الشِّحْنَةِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْوَهْبَانِيَّةِ وَكَذَا ابْنُ نُجَيْمٍ فِي رِسَالَةٍ أَلَّفَهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ فِي فَتَاوِيهِ عَقِبَ فَتْوَى أُخْرَى بِخِلَافِهَا قَالَ فِيهَا فَفِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافُ تَصْحِيحٍ وَتَرَجَّحَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الدُّخُولِ بِكَوْنِهِ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ وَهُوَ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ لِكَوْنِهِ أَصْلَ الْمَذْهَبِ خُصُوصًا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ عَدَمُ الدُّخُولِ اهـ وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ أَحْمَدَ الشَّلَبِيِّ إمَّا نَصُّهُ وَرَدَ عَلَيَّ سُؤَالٌ فِي أَوْلَادِ الْبَنَاتِ هَلْ يَدْخُلُونَ فِي لَفْظِ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَنَسْلِهِمْ وَعَقِبِهِمْ أَمْ لَا يَدْخُلُونَ فَذَكَرْت ذَلِكَ لِقَاضِي الْقُضَاةِ نُورِ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيِّ فَجَنَحَ إلَى مَا اخْتَارَهُ الْخَصَّافُ مِنْ الدُّخُولِ فَقُلْت لَهُ إنَّ الْفَتْوَى بِخِلَافِ مَا اخْتَارَهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَغَيْرِهِ. وَتَقَدَّمَتْ الْمُحَاوَرَةُ بَيْنَنَا فِيهِ فِي الدُّرُوسِ فَقَالَ لِي إنْ عَمِلَ النَّاسُ فِي جَمِيعِ مَكَاتِيبِهِمْ الْقَدِيمَةِ وَالْحَدِيثَةِ عَلَى دُخُولِهِمْ كَمَا اخْتَارَهُ الْخَصَّافُ فَيَنْبَغِي الْإِفْتَاءُ بِمَا اخْتَارَهُ مَعَ التَّنْصِيصِ عَلَى اخْتِيَارِهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ اهـ وَالْحَاصِلُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ فِي دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَدَمُ الدُّخُولِ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ كَأَوْلَادِي أَوْ بِاللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْمُفْرَدِ وَالْجَمْعِ كَوَلَدِي وَسَوَاءٌ اقْتَصَرَ عَلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ كَمَا مَثَّلْنَا أَوْ ذَكَرَ الْبَطْنَ الثَّانِيَ مُضَافًا إلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ الْمُضَافِ إلَى الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الْوَاقِفِ كَأَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي أَوْ الْعَائِدِ عَلَى الْأَوْلَادِ كَأَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ عَلَى مَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ وَأَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ الْخَصَّافُ فَإِنَّهُمْ يَدْخُلُونَ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ وَعَلَى مَا قَالَهُ عَلَيَّ الرَّازِيّ إنَّ ذِكْرَ الْبَطْنِ الثَّانِي بِاللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ الْمُضَافِ إلَى ضَمِيرِ الْوَاقِفِ كَوَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي لَا يَدْخُلُونَ وَإِنْ ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ الْمُضَافِ إلَى ضَمِيرِ الْأَوْلَادِ كَأَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ دَخَلُوا وَعَلَى مَا قَالَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ لَا يَدْخُلُونَ فِي الْبَطْنِ الْأَوَّلِ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْبَطْنِ الثَّانِي مُطْلَقًا. وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الدُّخُولُ وَهُوَ اخْتِيَارٌ لِقَوْلِ هِلَالِ بْنِ يَحْيَى تِلْمِيذِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ وَصَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ مُسْتَدِلًّا بِمَا فِي السِّيَرِ وَقَدْ قَالُوا إنَّ الْإِمَامَ قَاضِيَ خَانْ مِنْ أَجَلِّ مَنْ يُعْتَمَدُ عَلَى تَصْحِيحِهِ لِأَنَّهُ فَقِيهُ النَّفْسِ وَقَالُوا أَيْضًا إنَّ السِّيَرَ الْكَبِيرَ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدٍ هُوَ أَحَدُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ الَّتِي هِيَ كُتُبُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الَّتِي صَنَّفَهَا الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ وَالسِّيَرُ الْكَبِيرُ آخِرُهَا تَصْنِيفًا فَمَا فِيهِ هُوَ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْحَالُ لَا يُقَالُ إنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي السِّيَرِ مِنْ دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ فِي أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ إنَّمَا هُوَ فِي الْأَمَانِ فَدَخَلُوا لِلِاحْتِيَاطِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَتْ هَذِهِ هِيَ الْعِلَّةَ بَلْ الْعِلَّةُ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ مِنْ تَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ حَقِيقَةً وَلَوْ كَانَتْ الْعِلَّةُ الِاحْتِيَاطَ لَدَخَلُوا أَيْضًا فِي أَوْلَادِي أَعْنِي الْبَطْنَ الْأَوَّلَ مَعَ أَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ فِيهِ كَمَا مَرَّ فَعُلِمَ أَنَّ دُخُولَهُمْ لِتَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُمْ حَقِيقَةً وَإِنِّي لَأَعْجَبُ مِنْ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الدُّخُولِ فَإِنَّ الْوَلَدَ أَصْلُهُ مِنْ الْوِلَادَةِ وَيَتَّصِفُ بِهَا كُلٌّ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَلِذَلِكَ سِيَّمَا وَالدَّيْنُ وَلَكِنَّ حَقِيقَةَ الْوِلَادَةِ إنَّمَا هِيَ مِنْ الْأُمِّ فَكَمَا يَكُونُ الْوَلَدُ وَلَدًا لِأَبِيهِ كَذَلِكَ يَكُونُ وَلَدًا لِأُمِّهِ بَلْ هِيَ أَحَقُّ بِذَلِكَ لِمَا قُلْنَا فَأَوْلَادُ الشَّخْصِ كُلُّ مَنْ وَلَدِهِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَيَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ ابْنِهِ لِكَوْنِهِ يُنْسَبُ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْلُودًا لَهُ بِخِلَافِ وَلَدِ بِنْتِهِ لِانْتِفَاءِ الْوِلَادَةِ وَالنِّسْبَةُ دَلِيلُهُ قَوْله تَعَالَى {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] فَإِنَّهُ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِ الصُّلْبِ وَأَوْلَادِ الِابْنِ دُونَ أَوْلَادِ الْبِنْتِ فَإِذَا كَانَ كُلُّ مَنْ وُلِدَ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ يُسَمَّى وَلَدَهُ حَقِيقَةً ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فَكَذَا كُلُّ مَنْ وُلِدَ لِهَذَا الْوَلَدِ يُسَمَّى وَلَدًا لَهُ كَذَلِكَ فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ أَوْلَادُ أَوْلَادِي كُلٌّ مِنْ أَوْلَادِ الْأَبْنَاءِ وَأَوْلَادِ الْبَنَاتِ

الباب الثاني في أحكام استحقاق أهل الوقف وأصحاب الوظائف

حَقِيقَةً إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الْبِنْتَ مِنْ أَوْلَادِهِ فَوَلَدُهَا وَلَدُ وَلَدِهِ حَقِيقَةً. وَكَوْنُ وَلَدِهَا يُنْسَبُ لِأَبِيهِ لَا لَهَا وَلَا لِأَبِيهَا لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ يُسَمَّى وَلَدًا لَهَا وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا يَدْخُلَ فِي الْوَقْفِ عَلَى أَوْلَادِهَا فَعُلِمَ أَنَّ الْوَجْهَ الْوَجِيهَ دُخُولُهُمْ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ هِلَالٌ وَالْخَصَّافُ اللَّذَانِ عَلَيْهِمَا الْمُعَوَّلُ فِي مَسَائِلِ الْأَوْقَافِ وَتَبِعَهُمَا صَاحِبُ الْإِسْعَافِ وَصَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ فِي السِّيَرِ الَّذِي هُوَ آخِرُ كُتُبِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَصْنِيفًا وَمَشَى عَلَيْهِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ الَّذِي أَمْلَى الْمَبْسُوطَ مِنْ صَدْرِهِ فِي عِدَّةِ مُجَلَّدَاتٍ وَهُوَ مَحْبُوسٌ فِي الْبِئْرِ وَنَاهِيك بِهِ مِنْ إمَامٍ وَقَدْ صَحَّحَهُ فَقِيهُ النَّفْسِ قَاضِي خَانْ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ عُرْفُ النَّاسِ وَعَمَلُهُمْ عَلَيْهِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا حَتَّى لَوْ فَرَضْنَا أَنَّهُ لَا رِوَايَةَ فِي الدُّخُولِ أَصْلًا يَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِالدُّخُولِ لِمَا فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ كَلَامَ الْوَاقِفِينَ يُحْمَلُ عَلَى مُتَعَارَفِهِمْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعُرْفَ وَاخْتِلَافَ الزَّمَانِ مُعْتَبَرٌ فِي تَغَيُّرِ بَعْضِ الْأَحْكَامِ وَلِهَذَا كَثِيرًا مَا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ فِي بَعْضِ خِلَافِيَّاتِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ لَهُ إنَّ هَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ لَا دَلِيلٍ وَبُرْهَانٍ وَنَظِيرُهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَتَغَدَّى فَالْغَدَاءُ فِي عُرْفِهِمْ مِنْ الضَّحْوَةِ وَفِي عُرْفِنَا مِنْ الزَّوَالِ فَلَيْسَ فِي حَمْلِ الْيَمِينِ عَلَى عُرْفِنَا مُخَالَفَةٌ لِأَصْلِ الْمَذْهَبِ وَكَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ. وَتَقَدَّمَ فِي صَدْرِ الْكِتَابِ عَنْ الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُفْتِي وَلَا لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَيَتْرُكَا الْعُرْفَ أَيْ فِيمَا لَا يُخَالِفُ النَّصَّ كَمَا ذَكَرْنَا هُنَاكَ وَالْعُرْفُ فِي مَسْأَلَتِنَا مُوَافِقٌ لَنَصَّ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ كَمَا تَلَوْنَا وَلِوَضْعِ اللُّغَةِ كَمَا قَرَّرْنَا وَلِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا نَقَلْنَا وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ عُرْفَ النَّاسِ كَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَوْ أَرَادُوا إخْرَاجَ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ مِنْ الْوَقْفِ يَقُولُونَ عَلَى أَوْلَادِ الصُّلْبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا جَرَمَ أَنَّ قَاضِيَ الْقُضَاةِ نُورَ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيَّ جَنَحَ إلَى رِوَايَةِ الدُّخُولِ وَوَافَقَهُ الْعَلَّامَةُ الشَّلَبِيُّ وَابْنُ الشِّحْنَةِ وَابْنُ نُجَيْمٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَمَّا قَصَرَ الْعَلَّامَةُ الطَّرَسُوسِيُّ وَالْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ نَظَرَهُمَا عَلَى مُجَرَّدِ الرِّوَايَةِ قَالَا مَا قَالَا وَلَوْ لُحِظَا مَا قُلْنَاهُ لَمَا خَالَفَاهُ لِأَنَّ مَا اسْتَنَدَا إلَيْهِ مِنْ النُّقُولِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُتَعَارَفْ خِلَافُهُ لِمَا قُلْنَاهُ وَلِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَنَّ مُطْلَقَ الْكَلَامِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ اهـ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مُخَالِفًا لِأَصْلِ اللُّغَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّا لَوْ حَمَلْنَا كَلَامَهُ عَلَى اللُّغَةِ وَخَالَفْنَا عُرْفَهُ لَكِنَّا أَلْزَمْنَاهُ بِمَا لَمْ يَقْصِدْهُ. كَمَا لَوْ أَوْصَى لِصِهْرِهِ مَثَلًا وَفِي عُرْفِهِ أَنَّ الصِّهْرَ اسْمٌ لِزَوْجِ الْبِنْتِ وَنَحْوِهَا مِنْ مَحَارِمِهِ مَعَ أَنَّ الصِّهْرَ فِي عُرْفِ اللُّغَوِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ عِرْسِهِ فَلَوْ حَمَلْنَا الصِّهْرَ عَلَيْهِ لَزِمَ دَفْعُ الْمَالِ إلَى غَيْرِ مَنْ أَرَادَهُ الْمُوصِي وَمِثْلُهُ الْوَقْفُ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى وَلَدِي وَنَسْلِي وَلَهُ وَلَدٌ وَوَلَدُ وَلَدٍ دَخَلُوا فِي الْوَقْفِ لِأَنَّ النَّسْلَ يَتَضَمَّنُ الْقَرِيبَ وَالْبَعِيدَ الْقَرِيبَ بِحَقِيقَتِهِ وَالْبَعِيدَ بِحُكْمِ الْعُرْفِ إلَخْ فَانْظُرْ كَيْفَ أُدْخِلَ بِالْعُرْفِ مَا لَمْ يَدْخُلْ فِي حَقِيقَةِ اللَّفْظِ فَعُلِمَ أَنَّ مَا قَالُوا إنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْمُفْتَى بِهِ لَا يُخَالِفُ مَا قُلْنَا وَاَلَّذِي يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي أَنَّ هَذَا هُوَ الْحَقُّ وَلَا نِزَاعَ لِأَحَدٍ فِيهِ بَلْ يَقْبَلُهُ وَيَرْتَضِيهِ كُلُّ فَقِيهٍ نَبِيهٍ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الَّذِي لَا تَكَادُ تَجِدُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَحَيْثُ أَتَيْنَا بِخُلَاصَةِ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَزِدْنَا عَلَيْهِ مَا هُوَ أَنْفَعُ الْوَسَائِلِ مِنْ دُرَرِ الْقَلَائِدِ وَفَرَائِدِ الْفَوَائِدِ وَأَتَيْنَا مِنْهَا بِأُمَّهَاتِهَا وَحَرَّرْنَا مِنْهَا أَجَلَّ مُهِمَّاتِهَا فَلْيَكُنْ فِي هَذَا الْقَدْرِ كِفَايَةٌ لِذَوِي الدِّرَايَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ اسْتِحْقَاقِ أَهْلِ الْوَقْفِ وَأَصْحَابِ الْوَظَائِفِ] (الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ اسْتِحْقَاقِ أَهْلِ الْوَقْفِ وَأَصْحَابِ الْوَظَائِفِ وَأَحْكَامِ بَيْعِ الْوَقْفِ وَبَيْعِ أَنْقَاضِهِ وَأَشْجَارِهِ وَقِسْمَتِهِ وَغَصْبِهِ وَإِجَارَتِهِ وَأُجْرَتِهِ وَمُسَاقَاةِ أَشْجَارِهِ وَعِمَارَتِهِ وَسُكْنَاهُ وَأَرْبَابِ الشَّعَائِرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ)

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَظِيفَةٌ فِي وَقْفٍ مُتَصَرِّفٍ فِيهَا بِمَالِهَا مِنْ الْمَعْلُومِ الْمُعَيَّنِ بِمُوجَبِ مُسْتَنَدَاتٍ بِيَدِهِ بِطَرِيقِ التَّلَقِّي عَنْ أَبِيهِ وَجَدِّهِ الْمُتَصَرِّفَيْنِ قَبْلَهُ بِذَلِكَ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ وَلَا مُنَازَعٍ قَامَ نَاظِرُ الْوَقْفِ الْآنَ يُعَارِضُهُ فِي ذَلِكَ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّ بَرَاءَةَ أَبِيهِ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْمَعْلُومِ الْمَذْكُورِ بَلْ فِيهَا أَرْبَعُ عَثَامِنَةَ لَا غَيْرُ فَهَلْ يَعْمَلُ بِالتَّصَرُّفِ الْقَدِيمِ الْمُوَافِقِ لِلشَّرْعِ الْقَوِيمِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ مَسْجِدًا وَوَقَفَ لَهُ وَقْفًا وَشَرَطَ مَا فَضَلَ مِنْ مَصَالِحِهِ لِذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ وَقَفَ مَكَانًا آخَرَ عَلَى الْمَسْجِدِ وَشَرَطَ مَا فَضَلَ مِنْ رَيْعِهِ لِأَعْلَى الطَّبَقَاتِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ مُخْتَلِفُونَ فِي الطَّبَقَاتِ فَاحْتَاجَ الْمَكَانُ الْمَزْبُورُ إلَى عِمَارَةٍ زَادَتْ عَلَى رِيعِهِ فِي سَنَةٍ وَيُرِيدُ الْمُتَوَلِّي أَخْذَ الزَّائِدِ مِنْ بَقِيَّةِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ الْأَوَّلِ وَصَرْفَهُ فِي عِمَارَةِ الثَّانِي مَعَ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ الَّتِي وُقِفَ الْفَاضِلُ عَلَيْهَا وَاَلَّذِينَ شُرِطَ فَاضِلُ رَيْعِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِمْ لَا يَرْضَوْنَ بِذَلِكَ فَهَلْ حَيْثُ اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ وَاتَّحَدَ الْوَاقِفُ لَا يَجُوزُ لَهُ صَرْفُهُ إلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَالْمَسْأَلَةُ فِي الدُّرَرِ وَالتَّنْوِيرِ مِنْ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ حِصَّةً مَعْلُومَةً مِنْ دَارٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ زَيْدٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَبَضَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْمَبِيعَ وَقْفٌ عَلَيْهِ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؟ (الْجَوَابُ) : لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْوَقْفَ بَعْدَ إقْدَامِهِ عَلَى الْبَيْعِ (أَقُولُ) أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَفِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافُ تَصْحِيحٍ وَتَفْصِيلٍ مُبَيَّنٌ فِي الْخَيْرِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَفِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْكِتَابِ أَنَّهَا تُقْبَلُ عَلَى الْأَصَحِّ خِلَافًا لِمَا صَوَّبَهُ الزَّيْلَعِيُّ اهـ وَكَتَبْتُ فِي حَاشِيَتِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى قَوْلِهِ تُقْبَلُ عَلَى الْأَصَحِّ وَبِهِ أَخَذَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَقَالَ الْفَقِيهُ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ لَكِنَّا لَا نَأْخُذُ بِهِ تَتَارْخَانِيَّةٌ وَبِهِ أَيْ بِالْقَوْلِ نَأْخُذُ وَهُوَ الْأَصَحُّ عِمَادِيَّةٌ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى خُلَاصَةٌ وَبَزَّازِيَّةٌ وَصَحَّحَهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْفَتَاوَى وَقَيَّدَهُ فِي الْبَحْرِ بِمَا إذَا بَرْهَنَ أَنَّهُ وَقْفٌ مَحْكُومٌ بِلُزُومِهِ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْوَقْفِ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ وَمِثْلُهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهُوَ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ أَفَادَهُ فِي الْمِنَحِ قُلْت الْمُفْتَى بِهِ أَنَّ الْمِلْكَ يَزُولُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ وَقَفْتُ اهـ مَا كَتَبْتُهُ، أَيْ أَنَّ التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا يَحْسُنُ عَلَى خِلَافِ الْمُفْتَى بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ أَيْضًا أَجَابَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَكِنْ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ اخْتَلَفُوا فِي قَبُولِهَا وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الْوَقْفَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَتُسْمَعُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْوَقْفِ الْمُسَجَّلِ الْمَحْكُومِ بِهِ فَتُقْبَلُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَلَا تُقْبَلُ وَالْأَصَحُّ مَا قَدَّمْنَا أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَإِذَا ثَبَتَ كَوْنُهُ وَقْفًا وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ لَهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْوَقْفِ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ. وَقَوْلُهُ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ لَهُ أَيْ وَجَبَتْ أُجْرَةُ مِثْلِ الْوَقْفِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَتْ سُكْنَاهُ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ؛ لِأَنَّ عَدَمَ لُزُومِ الْأُجْرَةِ فِي السُّكْنَى بِتَأْوِيلِ الْمِلْكِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ لَا فِي الْوَقْفِ كَمَا يَأْتِي وَمَا فِي الْإِسْمَاعِيلِيَّة مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الشَّارِي الْأُجْرَةَ فِي الْوَقْفِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا مَرَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ فَتَدَبَّرْ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ قَبُولَ الْبَيِّنَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الشَّاهِدَانِ لَمْ يُؤَخِّرَا شَهَادَتَهُمَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ فَلَوْ أَخَّرَاهَا بِلَا عُذْرٍ لَمْ تُقْبَلْ لِفِسْقِهِمَا بِالتَّأْخِيرِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ أَخْذًا مِمَّا فِي الْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّ شَاهِدَ الْحِسْبَةِ إذَا أَخَّرَ شَهَادَتَهُ بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَدَائِهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. (سُئِلَ) فِيمَنْ اشْتَرَى دَارًا مِنْ زَيْدٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مَقْبُوضٍ ثُمَّ مَاتَ الْبَائِعُ عَنْ أَوْلَادٍ وَتَرِكَةٍ وَظَهَرَ أَنَّ الْبَائِعَ وَقَفَ الدَّارَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَقْفًا صَحِيحًا بِمُوجَبِ كِتَابِ وَقْفِهِ الثَّابِتِ الْمَضْمُونِ وَيُرِيدُ الْمُشْتَرِي الدَّعْوَى بِذَلِكَ عَلَى أَوْلَادِ الْبَائِعِ نُظَّارِ الْوَقْفِ وَإِقَامَةَ بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ تَشْهَدُ بِالْوَقْفِ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ فِي التَّرِكَةِ الْمَزْبُورَةِ

فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي بِيعَتْ لِي وَقْفٌ عَلَى كَذَا تُقْبَلُ وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ عِنْدَ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَبِهِ نَأْخُذُ وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ كَمَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ تُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى هُوَ الْمُخْتَارُ. اهـ. مُعِينُ الْمُفْتِي مِنْ الْوَقْفِ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فَتْوَى مُفَصَّلَةً فَرَاجِعْهَا فِي بَابِ الْوَقْفِ مِنْ فَتَاوَاهُ (أَقُولُ) حَاصِلُ مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ قَبْلَ آخِرِ الْوَقْفِ بِنَحْوِ كُرَّاسٍ وَنِصْفٍ نَقْلًا عَنْ عِدَّةِ كُتُبٍ أَنَّ دَعْوَى الْمُشْتَرِي تُسْمَعُ عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ هُوَ الْمُتَوَلِّي وَإِلَّا فَعَلَى الْمُتَوَلِّي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُتَوَلٍّ فَالْقَاضِي يُنَصِّبُ مُتَوَلِّيًا فَيُخَاصِمُهُ وَيُثْبِتُ الْوَقْفِيَّةَ وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ مِنْ بَائِعِهِ اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الَّذِي يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَقْفِ هُوَ الْمُشْتَرِي فِي وَجْهِ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ عَنْ الْمُحِيطِ وَلَكِنْ فِيهَا عَنْ فَتَاوَى التَّجْنِيسِ وَالنَّسَفِيَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْعَكْسِ، وَالظَّاهِرُ هُوَ الْأَوَّلُ فَتَدَبَّرْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ أَرْضٌ حَامِلَةٌ لِغِرَاسٍ فَبَاعَهَا مَعَ الْغِرَاسِ مِنْ عَمْرٍو بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مَقْبُوضٍ ثُمَّ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الْآنَ أَنَّ الْأَرْضَ وَالْغِرَاسَ وَقْفٌ عَلَى جِهَةِ كَذَا وَالْبَائِعُ يُنْكِرُ فَهَلْ يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي هَذِهِ الْخُصُومَةَ؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي هَذِهِ الْخُصُومَةُ (أَقُولُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَيْسَ هُوَ الْمُتَوَلِّي وَإِنَّمَا لَهُ مُخَاصَمَةُ الْمُتَوَلِّي فَإِذَا أَثْبَتَ عَلَى الْمُتَوَلِّي الْوَقْفِيَّةَ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا الْجَوَابِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَلِذَا قُيِّدَ السُّؤَالُ الْمُتَقَدِّمُ بِكَوْنِ أَوْلَادِ الْبَائِعِ نُظَّارَ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِي مُتَوَلِّي وَقْفِ بِرٍّ دَفَعَ أَرْضَ الْوَقْفِ لِزَيْدٍ لِيَغْرِسَ فِيهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ لِذَلِكَ مُدَّةً وَلَمْ يَغْرِسْ الرَّجُلُ فِيهَا شَيْئًا ثُمَّ دَفَعَ الْمُتَوَلِّي الْأَرْضَ لِعَمْرٍو وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَغْرِسَ فِيهَا أَغْرَاسًا فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ عَلَى أَنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْ الْأَغْرَاسِ وَالثِّمَارِ يَكُونُ بَيْنَ جِهَةِ الْوَقْفِ وَبَيْنَهُ مُنَاصَفَةً وَغَرَسَ عَمْرٌو فِيهَا عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ تَكُونُ الْمُغَارَسَةُ الثَّانِيَةُ جَائِزَةً دُونَ الْأُولَى؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ وَهِيَ شَهِيرَةٌ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَقَفَتْ دَارَهَا عَلَى نَفْسِهَا ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهَا ثُمَّ وَثُمَّ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ وَأَطْلَقَتْ الْوَقْفَ فَهَلْ يَكُونُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِلِاسْتِغْلَالِ وَلِلنَّاظِرِ إيجَارُهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ مِمَّنْ شَاءَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) وَسَيَأْتِي فِي هَذَا الْبَابِ نَقْلُهَا مَعَ بَعْضِ الْكَلَامِ عَلَى نَظَائِرِهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَتْ هِنْدٌ عَلَى نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ بِأَنَّ لَهَا اسْتِحْقَاقًا فِي الْوَقْفِ قَدْرُهُ كَذَا بِمُقْتَضَى أَنَّهَا خَدِيجَةُ بِنْتُ مُحَمَّدِ بْنِ شِهَابِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلَاءِ الدِّينِ وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً ثُمَّ ظَهَرَ وَتَبَيَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتْ ابْنَةَ مُحَمَّدٍ هَذَا وَأَنَّ اسْمَ أَبِيهَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَرِيرِيُّ الْمَحَلِّيُّ وَأَنَّهُ وَقَفَ عَلَيْهَا مَقْسَمًا مِنْ دَارٍ وَآجَرَتْهُ وَسَمَّتْ نَفْسَهَا خَدِيجَةَ بِنْتَ يُوسُفَ وَهُوَ نَفْسُ الْأَمْرِ وَثَبَتَ فِي وَجْهِهَا بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ أَنَّهَا خَدِيجَةُ بِنْتُ يُوسُفَ الْمَزْبُورِ وَأَنَّهَا حَوَّلَتْ نَسَبَهَا وَأَبْطَلَتْ الْحُجَّةَ وَمَنَعَتْ نَفْسَهَا مِنْ التَّعَرُّضِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَأَسْقَطَتْ دَعْوَاهَا وَاعْتَرَفَتْ أَنَّهَا حَوَّلَتْ نَسَبَهَا وَكُتِبَ بِذَلِكَ حُجَّةٌ لَدَى قَاضٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ قَدْرُ اسْتِحْقَاقٍ مَعْلُومٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَمَاتَتْ عَنْ بِنْتِ بِنْتٍ قَاصِرَةٍ انْتَقَلَ الِاسْتِحْقَاقُ لَهَا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَمَضَى لِذَلِكَ عِدَّةُ سِنِينَ لَمْ يَدْفَعْ النَّاظِرُ ذَلِكَ لِوَصِيِّهَا وَيُرِيدُ الْوَصِيُّ مُطَالَبَةَ النَّاظِرِ بِذَلِكَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ مِنْ حِينِ مَوْتِ هِنْدٍ وَأَخْذِهِ لِلْقَاصِرَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مُشْتَمِلٍ عَلَى عَقَارَاتٍ وَحَوَانِيتَ يُؤْجِرُهَا النَّاظِرُ مُشَاهَرَةً وَمُيَاوَمَةً وَيَقْبِضُ الْأُجْرَةَ كَذَلِكَ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ وَيَطْلُبُ الْمُسْتَحِقُّونَ مِنْ النَّاظِرِ اسْتِحْقَاقَهُمْ مِنْ الْمَقْبُوضِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي وَقْفِ الْأَشْبَاهِ.

(سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ قَدْرُ اسْتِحْقَاقٍ مَعْلُومٍ مُتَصَرِّفٍ بِهِ يَتَنَاوَلُهُ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ آيِلٍ إلَيْهِ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ وَجَدِّهِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى مِائَةِ سَنَةٍ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ لَهُ ثُمَّ مَاتَ النَّاظِرُ وَتَوَلَّى النَّظَرَ رَجُلٌ يُنْكِرُ اسْتِحْقَاقَ الْمُسْتَحِقِّ الْمَزْبُورِ وَثُبُوتَ نَسَبِهِ لِلْوَاقِفِ فَهَلْ إذَا أَثْبَتَ الْمُسْتَحِقُّ مَا ذَكَرَ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ اسْتِحْقَاقِهِ الْمَزْبُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) وَأَفْتَى بِمِثْلِهِ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَذَكَرَ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ آخَرَ التَّصَرُّفَ الْقَدِيمَ وَوَضْعُ الْيَدِ مِنْ أَقْوَى الْحُجَجِ، وَفِي جَوَابِ سُؤَالٍ آخَرَ كَسُؤَالِنَا حَيْثُ جُهِلَ الْحَالُ يُعْمَلُ بِتَصَرُّفِ النُّظَّارِ السَّابِقِينَ وَيُؤْمَرُ النَّاظِرُ بِإِعْطَائِهِ اهـ لَكِنْ فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ فِي نَحْوِ النِّصْفِ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ ضِمْنَ سُؤَالٍ وَجَوَابٍ طَوِيلٍ مَا نَصُّهُ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ هُوَ وَوَالِدُهُ وَجَدُّهُ مُتَصَرِّفُونَ فِي أَرْبَعَةِ قَرَارِيطَ لَا يَثْبُتُ بِهِ الْمُدَّعَى إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمِلْكُ وَلَا الِاسْتِحْقَاقُ فِيمَا يَمْلِكُ وَفِيمَا يَسْتَحِقُّ فَيَكُونُ كَمَنْ ادَّعَى حَقَّ الْمُرُورِ أَوْ رَقَبَةَ الطَّرِيقِ عَلَى آخَرَ وَبَرْهَنَ أَنَّهُ كَانَ يَمُرُّ فِي هَذِهِ لَا يَسْتَحِقُّ بِهِ شَيْئًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَالِبُ عُلَمَائِنَا، وَمِمَّا امْتَلَأَتْ بِهِ بُطُونُ الدَّفَاتِرِ أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا فَسَّرَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ يَشْهَدُ بِمُعَايَنَةِ الْيَدِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَأَنْوَاعُ التَّصَرُّفِ كَثِيرَةٌ فَلَا يَحِلُّ الْحُكْمُ بِالِاسْتِحْقَاقِ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ بِالشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ هُوَ وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ مُتَصَرِّفُونَ فَقَدْ يَكُونُ تَصَرُّفُهُمْ بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ اهـ مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْفَصْلِ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْقَرَابَةِ مِنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَإِذَا وَقَفَ عَلَى قَرَابَتِهِ وَجَاءَ رَجُلٌ يَدَّعِي أَنَّهُ مِنْ قَرَابَتِهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَشَهِدُوا أَنَّ الْوَاقِفَ كَانَ يُعْطِيهِ مَعَ الْقَرَابَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ شَيْئًا لَا يَسْتَحِقُّ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدُوا أَنَّ الْقَاضِيَ فُلَانًا كَانَ يَدْفَعُ إلَيْهِ مَعَ الْقَرَابَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ شَيْئًا فَلَا يَكُونُ دَفْعُ الْقَاضِي حُجَّةً اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ سَدَّ بَابِ التَّصَرُّفِ الْقَدِيمِ يُؤَدِّي إلَى فَتْحِ بَابِ خَلَلٍ عَظِيمٍ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا غَيَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ طَائِفَةً مِنْ مَعَالِمِ الْوَقْفِ بِيَدِهِ الْعَادِيَةِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْوَقْفِ فَهَلْ تَلْزَمُهُ إعَادَةُ مَا غَيَّرَهُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَسَتَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْغَصْبِ (أَقُولُ) وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ الْكَلَامِ عَلَيْهَا فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ عَنْ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَالْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ وَغَيْرِهِمَا فَرَاجِعْهُ، قَالَ الْمُؤَلِّف رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَأَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ غُرْفَةً مِنْ مَالِهِ وَيَنْتَفِعَ بِهَا قَالُوا إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ لَا يَزِيدُ فِي أُجْرَةِ الْحَانُوتِ عَلَى مِقْدَارِ مَا اسْتَأْجَرَ فَإِنَّهُ لَا يُطْلَقُ لَهُ فِي الْبِنَاءِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ فِي الْأُجْرَةِ وَلَا يُخَافُ عَلَى الْبِنَاءِ مِنْ تِلْكَ الزِّيَادَةِ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْحَانُوتُ مُعَطَّلًا فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ وَإِنَّمَا يَرْغَبُ الْمُسْتَأْجِرُ لِأَجْلِ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُطْلَقُ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يَزِيدُ هُوَ فِي الْأُجْرَةِ خَانِيَّةٌ مِنْ الْإِجَارَةِ فِي إجَارَةِ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا آجَرَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ عَقَارَ الْوَقْفِ مِنْ آخَرَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هِيَ دُونَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرَ جَائِزَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : لَا يُؤَجَّرُ الْوَقْفُ إلَّا بِأَجْرِ الْمِثْلِ فَإِجَارَتُهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ غَيْرُ جَائِزَةٍ قَالَ الْحَانُوتِيُّ فِي فَتَاوَاهُ شَرْطُ جَوَازِ إجَارَةِ الْوَقْفِ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ إذَا نَابَهُ نَائِبَةٌ أَوْ كَانَ دَيْنٌ، أَمَّا إجَارَتُهُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضِ نُزُولِ أُجْرَةِ الْوَقْفِ عَنْ الْمِثْلِ كَمَا نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْوَقْفَ إذَا كَانَ عَلَى شَخْصٍ وَحْدَهُ وَكَانَ مُسْتَحِقًّا لِرَيْعِهِ بِانْفِرَادِهِ وَكَانَ نَاظِرًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤْجِرَهُ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ اهـ. (أَقُولُ) وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الثَّالِث نَقْلُ الْمَسْأَلَةِ مَعَ بَيَانِ مَا لَوْ ادَّعَى النَّاظِرُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ أَنَّ الْأُجْرَةَ دُونَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَقْتَ الِاسْتِئْجَارِ. (سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ حَانُوتٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ مِنْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ مُدَّةَ شَهْرٍ مَعْلُومٍ بِأُجْرَةٍ مَقْبُوضَةٍ إجَارَةً شَرْعِيَّةً فَزَادَ زَيْدٌ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ زِيَادَةً مُعْتَبَرَةً مَقْبُولَةً عِنْدَ الْكُلِّ وَقَبِلَهَا

الْمُسْتَأْجِرُ الْمَذْكُورُ فَهَلْ يَكُونُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي مَصْبَنَةِ وَقْفٍ جَارِيَةٍ فِي تَوَاجِرِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَلَهُمَا عَلَيْهَا مُرْصَدٌ مَعْلُومٌ مَاتَ زَيْدٌ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ عَنْ وَرَثَةٍ وَضَعُوا أَيْدِيَهُمْ مَعَ عَمْرٍو عَلَى الْمَصْبَنَةِ وَانْتَفَعُوا بِهَا مُدَّةً فَاحْتَرَقَ بَعْضُهَا ثُمَّ بَاعُوا بَعْضَ أَنْقَاضِهَا وَعَمَّرُوا بِالْبَاقِي وَبِأَنْقَاضٍ جَدِيدَةٍ اشْتَرَوْهَا مِنْ مَالِهِمْ مَعَ صَرْفِ الْأُجُورِ اللَّازِمَةِ، كُلُّ ذَلِكَ بِلَا إذْنِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ الْمُتَوَلِّي مُحَاسَبَتَهُمْ بِقِيمَةِ مَا بَاعُوهُ مِنْ النَّقْضِ مِنْ مُرْصَدِهِمْ السَّابِقِ وَتَمَلُّكَ مَا بَنُوهُ بِالْأَنْقَاضِ الْجَدِيدَةِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ بِقِيمَتِهِ مُسْتَحِقَّ الْقَلْعِ حَيْثُ أَضَرَّ قَلْعُهُ بِالْوَقْفِ وَمُقَاصَصَتُهُمْ بِتَمَامِ أَجْرِ الْمِثْلِ فِي مُدَّةِ انْتِفَاعِهِمْ وَانْتِفَاعِ مُوَرِّثِهِمْ مِنْ مُرْصَدِهِمْ السَّابِقِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَكُلٌّ مِنْ الصَّرْفِ وَالْبِنَاءِ غَيْرُ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي أَوْقَافِ بِرٍّ وَفِي مِشَدِّ مُسْكَةٍ زَيْدٍ وَتَوَاجِرِهِ مِنْ أَرْبَابِهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَغَرَسَ زَيْدٌ فِيهَا غِرَاسًا مَعْلُومًا فِي مُدَّةِ تَوَاجِرِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَيْهَا وَالْغَرْسُ لَا يَضُرُّ بِالْأَرْضِ وَالْآنَ انْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ فَهَلْ لِزَيْدٍ ذَلِكَ وَيَبْقَى الْغِرَاسُ؟ (الْجَوَابُ) : يَجُوزُ لِزَيْدٍ الْمُسْتَأْجِرِ الْغَرْسُ فِي الْأَرَاضِي الْمَذْكُورَةِ بِدُونِ صَرِيحِ الْإِذْنِ مِنْ الْمُتَوَلِّينَ لَا سِيَّمَا وَلَهُ فِيهَا حَقُّ الْقَرَارِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِمِشَدِّ الْمُسْكَةِ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفِ مَسْجِدٍ سَكَنَتْهَا امْرَأَةٌ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِلَا عَقْدِ إجَارَةٍ وَكَانَتْ تَدْفَعُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ نَحْوَ نِصْفِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ثُمَّ مَاتَ الْمُتَوَلِّي عَنْ ابْنٍ تَوَلَّى الْوَقْفَ بَعْدَهُ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَيْهَا بِتَمَامِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ بَعْدَ ثُبُوتِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مَوْقُوفَةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ عَلَى رَجُلٍ ثُلُثُهَا وَعَلَى جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ الثُّلُثَانِ وَالْكُلُّ سَاكِنُونَ فِيهَا غَيْرَ أَنَّ الرَّجُلَ سَاكِنٌ فِي مَكَان لَا يَبْلُغُ سُدُسَهَا وَيُرِيدُ مُطَالَبَةَ الْجَمَاعَةِ بِأُجْرَةِ مِثْلِ بَقِيَّةِ حِصَّتِهِ عَنْ سُكْنَاهُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ حَالَ كَوْنِهِمْ سَاكِنِينَ فِيهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ نِصْفُهَا فِي مِلْكِ جَمَاعَةٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَنِصْفُهَا الْآخَرُ فِي وَقْفٍ عَلَيْهِمْ مِنْ قِبَلِ جَدِّهِمْ لِلِاسْتِغْلَالِ فَسَكَنَ الْجَمَاعَةُ فِي كَامِلِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِالْغَلَبَةِ بِدُونِ إذْنِ الْمَرْأَتَيْنِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَا أُجْرَةٍ وَتُرِيدُ الْمَرْأَتَانِ مُطَالَبَتَهُمْ بِأُجْرَةِ مِثْلِ حِصَّتِهِمَا مِنْ الْوَقْفِ عَنْ الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ شَرْعًا فَهَلْ لَهُمَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ الْوَقْفُ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا بِالْغَلَبَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ سَوَاءٌ كَانَ مَوْقُوفًا لِلسُّكْنَى أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْأَجْرُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَصُوَرِ الْمَسَائِلِ وَصُرَّةِ الْفَتَاوَى. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ قَدْرُ اسْتِحْقَاقٍ مَعْلُومٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مُشْتَمِلٍ عَلَى دَارٍ لِلِاسْتِغْلَالِ تَحْتَ نِظَارَةِ امْرَأَةٍ وَلِهِنْدٍ الْمَزْبُورَةِ زَوْجٌ سَكَنَ مَعَهَا فِي الدَّارِ مُدَّةً بِلَا إجَارَةٍ مِنْ النَّاظِرَةِ وَلَا أُجْرَةٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَقَدْ دَفَعَتْ النَّاظِرَةُ لِهِنْدٍ قَدْرَ اسْتِحْقَاقِهَا مِنْ الْوَقْفِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ وَتُرِيدُ النَّاظِرَةُ مُطَالَبَةَ زَوْجِ هِنْدٍ بِأَجْرِ مِثْلِ الدَّارِ فِي الْمُدَّةِ وَإِيجَارِهَا مِنْ الْغَيْرِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا حَرَثَ زَيْدٌ أَرْضًا مَوْقُوفَةً لِيَزْرَعَهَا بِإِذْنِ نَاظِرِ الْوَقْفِ فَزَرَعَهَا عَمْرٌو بِلَا إذْنِ النَّاظِرِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَنَبَتَ الزَّرْعُ وَلَمْ يُدْرِكْ وَقَلْعُهُ لَا يَضُرُّ بِالْأَرْضِ فَهَلْ يُؤْمَرُ عَمْرٌو بِقَلْعِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، غَصَبَ أَرْضًا وَزَرَعَهَا وَنَبَتَ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَأْمُرَ الْغَاصِبَ بِقَلْعِهِ وَلَوْ أَبَى فَلِلْمَالِكِ قَلْعُهُ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْمَالِكُ حَتَّى أَدْرَكَ الزَّرْعُ فَهُوَ لِلْغَاصِبِ وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ نُقْصَانِ أَرْضِهِ، غَصَبَ أَرْضًا وَزَرَعَهَا قُطْنًا فَزَرَعَهَا رَبُّهَا شَيْئًا آخَرَ لَا يَضْمَنُ الْمَالِكُ إذْ فِعْلُ مَا يَفْعَلُهُ الْقَاضِي مِنْ فَصُولَيْنِ 33 فِي أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي غَصْبِ أَرْضِ الْوَقْفِ يُؤْمَرُ بِقَلْعِهِ وَفِي فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ إذَا غَصَبَ رَجُلٌ أَرْضَ وَقْفٍ وَنَقَصَ مِنْهَا فَمَا أُخِذَ مِنْهُ لَا يُفَرَّقُ عَلَى أَهْلِ الْوَقْفِ بَلْ يُصْرَفُ إلَى

مَرَمَّتِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ فِي الْغَلَّةِ لَا فِي الرَّقَبَةِ وَهَذَا الضَّمَانُ بَدَلُ الرَّقَبَةِ، وَإِنْ زَادَ الْغَاصِبُ فِيهَا زِيَادَةً مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ فَإِنْ كَانَتْ شَيْئًا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا لَهُ حُكْمُ الْمَالِ تُؤْخَذُ مِنْهُ بِلَا شَيْءٍ وَإِنْ كَانَتْ مَالًا قَائِمًا نَحْوَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ أَمَرَ الْقَاضِي الْغَاصِبَ بِرَفْعِهِ وَقَلْعِهِ إلَّا إذَا كَانَ يَضُرُّ بِالْوَقْفِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ عَنْهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ، وَيَضْمَنُ الْقَيِّمُ أَوْ الْقَاضِي قِيمَةَ ذَلِكَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ إنْ كَانَتْ وَإِلَّا يُؤْجِرُ الْوَقْفَ وَيُعْطِ مِنْ أُجْرَتِهِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْعَاشِرِ فِي دَعْوَى الْوَقْفِ وَالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ. وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ 13 مَنَافِعُ الْغَصْبِ لَا تُضْمَنُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ مَالِ الْيَتِيمِ وَمَالِ الْوَقْفِ وَالْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ، مَنَافِعُ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ مَضْمُونَةٌ إلَّا إذَا سُكِنَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ كَبَيْتٍ سَكَنَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمِلْكِ، أَمَّا الْوَقْفُ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا بِالْغَلَبَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ سَوَاءٌ كَانَ مَوْقُوفًا لِلسُّكْنَى أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْأَجْرُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ مَسْأَلَةُ سَكَنَتْ أُمُّهُ مَعَ زَوْجِهَا فِي دَارِهِ بِلَا أَجْرٍ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِمَا كَذَا فِي وَصَايَا الْقُنْيَةِ أَشْبَاهٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا سَكَنَ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِي دَارِ الْوَقْفِ الْمَشْرُوطَةِ سُكْنَاهُمْ فِي عِدَّةِ مَسَاكِنَ مِنْهَا تَزِيدُ عَلَى حَقِّهِ الْمَشْرُوطِ لَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِدُونِ إذْنِ الْبَاقِينَ وَمَنَعَهُمْ الِانْتِفَاعَ بِمَا يَخُصُّهُمْ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ طَلَبِهِمْ ذَلِكَ مِنْهُ مِرَارًا وَامْتِنَاعِهِ مِنْ ذَلِكَ وَالْآنَ يُرِيدُونَ مُطَالَبَتَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فِيمَا سَكَنَهُ وَشَغَلَهُ زَائِدًا عَلَى حَقِّهِ الْمَشْرُوطِ لَهُ فِي السُّكْنَى فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي أَرَاضِي قَرْيَةٍ مَعْلُومَةٍ جَارٍ بَعْضُهَا فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَعُشْرُهَا جَارٍ فِي تَيْمَارِ عَمْرٍو وَعَلَيْهَا قَسْمٌ مَعْلُومٌ يَتَنَاوَلُهُ التَّيْمَارِيُّ الْمَذْكُورُ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ لِنَفْسِهِ وَيَدْفَعُ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عِوَضًا عَمَّا يَخُصُّ الْوَقْفَ مِنْ الْقَسْمِ وَفِي ذَلِكَ غَبْنٌ فَاحِشٌ وَضَرَرٌ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ، وَيُرِيدُ النَّاظِرُ الْمَزْبُورُ أَخْذَ مَا يَخُصُّ الْوَقْفَ مِنْ قَسْمِ أَرَاضِي الْوَقْفِ وَرَدَّ مَا قَبَضَهُ مِنْ التَّيْمَارِيِّ مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ لَهُ فِي الْمُدَّةِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي قِطْعَةِ أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ تَحْتَ نِظَارَةِ رَجُلٍ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ حَامِلَةٍ لِبِنَاءٍ جَارٍ فِي مِلْكِ زَيْدٍ وَأُخْتِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَهُمَا يَدْفَعَانِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى طَرِيقِ الْمُحَاكَرَةِ بِلَا عَقْدِ إجَارَةٍ وَذَلِكَ دُونَ أَجْرِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَيُرِيدُ النَّاظِرُ مُطَالَبَتَهُمَا بِتَمَامِ أَجْرِ الْمِثْلِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي إجَارَةِ دَارِ الْيَتِيمِ مُدَّةً طَوِيلَةً سِتَّ سَنَوَاتٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ عَنْهَا هَلْ تَكُونُ غَيْرَ جَائِزَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : دَارُ الْيَتِيمِ كَدَارِ الْوَقْفِ وَهِيَ لَا تُؤَجَّرُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ، قَوْلُهُ وَلَا تُزَادُ فِي الْأَوْقَافِ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ إلَخْ (أَقُولُ) وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَعَلَى هَذَا أَرْضُ الْيَتِيمِ، وَأَقُولُ قَدْ أَفْتَى صَاحِبُ الْبَحْرِ بِإِلْحَاقِ عَقَارِ الْيَتِيمِ بِالْوَقْفِ وَكَذَا تِلْمِيذُهُ الشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ الْغَزِّيُّ وَأَكْثَرُ كَلَامِهِمْ فِي الْمَسْأَلَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمُخْتَارُ وَأَنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ وَعِلَّتُهُ أَنَّهُ كَمَا يُصَانُ الْوَقْفُ يُصَانُ مَالُ الْيَتِيمِ عَنْ دَعْوَى الْمِلْكِ بِطُولِ الْمُدَّةِ بَلْ مَالُ الْيَتِيمِ أَوْلَى لِلنُّصُوصِ الْمُوجِبَةِ الْمُصَرِّحَةِ بِالنَّهْيِ عَنْ قُرْبَانِهِ فَلْيَكُنْ عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ وَأَقُولُ أَيْضًا مِثْلُ عَقَارِ الْيَتِيمِ عَقَارُ بَيْتِ الْمَالِ فَتَأَمَّلْ، خَيْرُ الدِّينِ عَلَى الْبَحْرِ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَةِ وَفِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ مِنْ الْإِجَارَةِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْمُرْشِدِيِّ ضِمْنَ سُؤَالٍ وَأَمَّا كَوْنُ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ هَلْ تُؤَجَّرُ مُدَّةً طَوِيلَةً أَوْ قَصِيرَةً لَمْ أَجِدْ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ لَكِنْ لَمْ يُقَيِّدُوهَا بِالْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ كَمَا فَعَلُوا ذَلِكَ فِي الْأَوْقَافِ وَأَرْضِ الْيَتِيمِ، وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي جَوَازَ الْإِجَارَةِ مُطْلَقًا قَلَّتْ الْمُدَّةُ أَوْ كَثُرَتْ إلَخْ اهـ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ جَزَمَ بِأَنَّ أَرْضَ الْيَتِيمِ لَا تُؤْجَرُ إلَّا بِالْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي أَرْضِ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ جَوَازِ إجَارَتِهَا مُطْلَقًا يُخَالِفُهُ مَا مَرَّ عَنْ الشَّيْخِ خَيْرِ الدِّينِ وَالْوَجْهُ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ. (أَقُولُ) وَأَيَّدْتُ ذَلِكَ فِي حَاشِيَتِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَوَّلَ

الْإِجَارَاتِ بِمَا فِي دَعْوَى الْخَيْرِيَّةِ مِنْ أَنَّ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ جَرَتْ عَلَى رَقَبَتِهَا أَحْكَامُ الْوُقُوفِ الْمُؤَبَّدَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَأُخْتِهِ هِنْدٍ دَارٌ مَعْلُومَةٌ لَهُ ثُلُثَاهَا وَلَهَا ثُلُثُهَا فَوَقَفَاهَا مُنَجَّزًا عَلَى جِهَةٍ ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ وَشَرَطَا الْوِلَايَةَ وَالسُّكْنَى فِيهَا لَهُمَا ثُمَّ لِزَوْجَةِ زَيْدٍ وَكُتِبَ بِذَلِكَ صَكٌّ ثُمَّ آجَرَ زَيْدٌ الدَّارَ مِنْ عَمْرٍو مُدَّةً مَعْلُومَةً فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ شَرَطَا فِيهَا السُّكْنَى لَهُمَا وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ وَسَتَأْتِي. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ صَغِيرَةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ وَفِي مِشَدِّ مُسْكَةِ زَيْدٍ وَلَهُ فِيهَا أَشْجَارٌ قَائِمَةٌ فَمَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَأُخْتٍ لَهَا ابْنٌ بَالِغٌ أَخْبَرَهَا أَنَّ الْأَرْضَ سَلِيخَةٌ لَيْسَ فِيهَا أَشْجَارٌ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ مَاتَتْ أُمُّهُ عَنْهُ وَعَنْ أُخْتٍ طَلَبَتْ مِنْهُ حِصَّتَهَا مِنْ الْأَشْجَارِ وَضَبْطَ مَا قَابَلَهَا مِنْ الْأَرْضِ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ لِأُخْتِهِ وَضْعُ يَدِهَا عَلَى ذَلِكَ وَعَلَيْهَا أُجْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَلَهَا أَيْضًا وَضْعُ يَدِهَا إنْ كَانَ فِي وَسَطِهَا شَجَرَتَانِ كَبِيرَتَانِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ فِي جَانِبٍ مِنْ الْأَرْضِ كَالْمُسَنَّاةِ وَالْجَدَاوِلِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْكَازَرُونِيُّ مِنْ الْإِجَارَةِ. (سُئِلَ) فِي مُتَوَلٍّ آجَرَ حَوَانِيتَ الْوَقْفِ مِنْ زَيْدٍ سَنَتَيْنِ إجَارَةً مُضَافَةً وَالْحَالُ أَنَّ الْوَاقِفَ أَهْمَلَ بَيَانَ الْمُدَّةِ فَهَلْ تَكُونُ فَاسِدَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمِهْمَنْدَارِي. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا آجَرَ الْمُتَوَلِّي بَسَاتِينَ الْوَقْفِ مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً طَوِيلَةً مَعْلُومَةً مُنْتَظَرَةً غَيْرَ تَالِيَةٍ لِعَقْدِ إجَارَةٍ لِزَيْدٍ قَبِلَهَا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَأَذِنَ الْمُتَوَلِّي لِزَيْدٍ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ بِالْغَرْسِ فِي الْبَسَاتِينِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَمَهْمَا يَصْرِفُهُ يَأْخُذُهُ مِنْ غَلَّةِ الْغِرَاسِ وَصَدَرَ ذَلِكَ لَدَى قَاضٍ شَافِعِيٍّ أَفْتَى مُفْتِي مَذْهَبِهِ بِبُطْلَانِ الْإِجَارَةِ لِكَوْنِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا فِي ضِمْنِهَا فَاسِدًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ الطَّوِيلَةُ الْمَذْكُورَةُ فَاسِدَةً وَكَذَا مَا فِي ضِمْنِهَا إذْ لَوْ بَطَلَ الشَّيْءُ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ فَالْإِجَارَةُ لَمَّا لَمْ تَصِحَّ لَمْ يَصِحَّ مَا فِي ضِمْنِهَا، قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ إذَا بَطَلَ الشَّيْءُ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ إذَا بَطَلَ الْمُتَضَمِّنُ بِالْكَسْرِ بَطَلَ الْمُتَضَمَّنُ وَبَنَى عَلَيْهَا فُرُوعًا إلَى أَنْ قَالَ وَقَالُوا كَمَا فِي الْخِزَانَةِ لَوْ أَجَرَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ نَاظِرًا حَتَّى لَمْ تَصِحَّ وَأَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الْعِمَارَةِ فَأَنْفَقَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ وَكَانَ مُتَطَوِّعًا فَقُلْت؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَمَّا لَمْ تَصِحَّ لَمْ يَصِحَّ مَا فِي ضِمْنِهَا اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا عَيَّنَ وَاقِفٌ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ أَنْ لَا يُؤَجَّرَ وَقْفُهُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةِ وَالنَّاسُ لَا يَرْغَبُونَ فِي اسْتِئْجَارِهِ سَنَةً فَهَلْ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُؤْجِرَهُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ؟ (أَجَابَ) : نَعَمْ وَإِنْ خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ مِنْ فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ عَنْ الْبَحْرِ فِي نَاظِرِ وَقْفٍ آجَرَ عَقَارَ الْوَقْفِ بِالنَّقْدِ مُدَّةً مَعْلُومَةً مُسْتَقْبَلَةً بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ وَقَبَضَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ بَدَلَ النَّقْدِ الْمَزْبُورِ أَسْبَابًا مُعَيَّنَةً فَهَلْ يَكُونُ النَّاظِرُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَالِ الْوَقْفِ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ أَجَابَ نَعَمْ مِنْ فَتَاوَى أَحْمَدَ أَفَنْدِي الْمِهْمَنْدَارِي نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى ابْنُ نُجَيْمٍ الْمُنْتَخَبَةِ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ آجَرَ أَرْضَ الْوَقْفِ مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ قَبَضَهَا لَهُ وَلِمُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ ثُمَّ مَاتَ النَّاظِرُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَهَلْ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَأَجَابَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِعَزْلِ النَّاظِرِ كَمَا فِي الْمِنَحِ وَالْعَلَائِيِّ وَأَجَابَ أَيْضًا عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ بِعَدَمِ انْفِسَاخِ عَقْدَيْ الْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ فِي ثُلُثَيْ مَزْرَعَةٍ وَأَشْجَارِهِمَا بِمَوْتِ النَّاظِرِ بَعْدَ حُكْم قَاضٍ شَافِعِيٍّ بِذَلِكَ وَتَنْفِيذِ الْحَنَفِيِّ لَهُ، قَالَ فِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ دَفَعَ النَّاظِرُ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً وَالشَّجَرَ مُسَاقَاةً ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ عَقَدَهُ لِأَهْلِ الْوَقْفِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ الْمَزَارِعُ قَبْلَ انْتِهَاءِ الْأَجَلِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ عَقَدَهُ لِنَفْسِهِ اهـ. (سُئِلَ) فِي قِطْعَةِ أَرْضِ وَقْفٍ اسْتَأْجَرَهَا زَيْدٌ مِنْ الْمُتَوَلِّي

مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ انْتَهَتْ مُدَّتُهَا وَتَصَرَّفَ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ مُدَّةً فَطَالَبَهُ الْمُتَوَلِّي بِأُجْرَةِ الْمُدَّةِ الثَّانِيَةِ فَأَنْكَرَ جَرَيَانَهَا فِي الْوَقْفِ وَادَّعَى مِلْكِيَّتَهَا وَثَبَتَ جَرَيَانُهَا فِي الْوَقْفِ فَطَلَبَ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا مِنْ الْمُتَوَلِّي وَخِيفَ عَلَى رَقَبَةِ الْوَقْفِ فَهَلْ لَا تُؤَجَّرُ مِنْهُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يُخَافُ مِنْهُ عَلَى رَقَبَةِ الْوَقْفِ فَلَوْ كَانَ مُسْتَأْجِرًا يَفْسَخُ الْقَاضِي الْإِجَارَةَ وَيُخْرِجُهُ مِنْ يَدِهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْإِسْعَافِ وَالْإِمَامُ الْخَصَّافُ وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يُخَافُ مِنْهُ عَلَى رَقَبَةِ الْوَقْفِ يَفْسَخُ الْقَاضِي الْإِجَارَةَ وَيُخْرِجُهُ مِنْ يَدِهِ إسْعَافٌ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ وَقْفٍ وَغَرَسَ فِيهَا ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَهَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِبْقَاؤُهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ؟ (الْجَوَابُ) : لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِبْقَاؤُهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِالْوَقْفِ وَلَوْ أَبَى الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ إلَّا الْقَلْعَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ كَذَا فِي التَّنْوِيرِ فِيمَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ عَلَّامَةُ فِلَسْطِينَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ (أَقُولُ) فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَلَامٌ أَوْضَحْتُهُ فِي حَاشِيَةِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ حَانُوتٌ قَائِمٌ فِي أَرْضِ وَقْفٍ جَارِيَةٍ فِي احْتِكَارِهِ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ بَنَاهُ بِمَالِهِ لِنَفْسِهِ بَعْدَ الْإِذْنِ لَهُ مِنْ النَّاظِرِ بِذَلِكَ وَتَصَرَّفَ فِيهِ عِدَّةَ سِنِينَ وَفِي كُلِّ سَنَةٍ يَدْفَعُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْحِكْرَ الْمُرَتَّبَ عَلَى الْأَرْضِ وَهُوَ أَجْرُ الْمِثْلِ وَالْآنَ تَوَلَّى الْوَقْفَ مُتَوَلٍّ جَدِيدٌ يُرِيدُ رَفْعَ الْحَانُوتِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي خَانٍ مَعْلُومٍ جَارٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَفِي تَوَاجِرِ زَيْدٍ مِنْ نَاظِرِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَزَادَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَأَنْكَرَ زَيْدٌ زِيَادَتَهُ وَادَّعَى أَنَّهَا إضْرَارٌ وَبَرْهَنَ عَلَى دَعْوَاهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ أَنَّهَا زِيَادَةُ إضْرَارٍ وَتَعَنُّتٍ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَتُقْبَلُ الزِّيَادَةُ وَلَوْ شَهِدُوا وَقْتَ الْعَقْدِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَتْ إضْرَارًا وَتَعَنُّتًا لَمْ تُقْبَلْ أَشْبَاهٌ مِنْ الْإِجَارَةِ وَتَمَامُهُ فِيهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا سَكَنَ رَجُلٌ فِي دَارٍ مَوْقُوفَةٍ بِإِذْنِ نَاظِرِ الْوَقْفِ عِدَّةَ سِنِينَ وَدَفَعَ لِلنَّاظِرِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ تِلْكَ السِّنِينَ أُجْرَتَهَا مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْآنَ يَدَّعِي النَّاظِرُ أَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ دُونَ أَجْرِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَالرَّجُلُ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَيَقُولُ إنَّ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ أَجْرُ الْمِثْلِ فَهَلْ الْقَوْلُ لَهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى النَّاظِرِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ أَنَّ الْأُجْرَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ وَعَلَى النَّاظِرِ الْبَيِّنَةُ اهـ وَفِيهَا وَصَرَّحُوا قَاطِبَةً بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ بِيَمِينِهِ لِإِنْكَارِهِ الزِّيَادَةَ اهـ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ وَفِي تَوَاجِرِ زَيْدٍ مِنْ نَاظِرِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ كَذَلِكَ وَفِيهَا نَخْلَةٌ مُثْمِرَةٌ تَصَرَّفَ زَيْدٌ بِثَمَرَتِهَا فِي الْمُدَّةِ بِدُونِ مُسَاقَاةٍ عَلَيْهَا وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَلْزَمُهُ لِلْوَقْفِ مِثْلُهَا بَعْدَ الثُّبُوتِ حَيْثُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْمِثْلُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ ثِمَارُ النَّخْلِ كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ» عِمَادِيَّةٌ وَسَتَأْتِي عِبَارَتُهَا مُفَصَّلَةً فِي الْغَصْبِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (سُئِلَ) فِي أَرْضِ وَقْفٍ حَامِلَةٍ لِغِرَاسٍ وَبِنَاءٍ جَارِيَيْنِ فِي مِلْكِ رَجُلٍ يَدْفَعُ فِي كُلِّ سَنَةٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ دُونَ أُجْرَةِ مِثْلِ الْأَرْضِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أَجْرُ مِثْلِهَا خَالِيَةً مِنْ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَإِنْ أَبَى يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ حَيْثُ تُسْتَأْجَرُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَدْفَعُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ حَانُوتٌ وَقْفٌ وَعِمَارَتُهُ مِلْكٌ لِرَجُلٍ أَبَى صَاحِبُ الْعِمَارَةِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ بِأَجْرِ مِثْلِهِ، يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ لَوْ رُفِعَتْ يُسْتَأْجَرُ الْأَصْلُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَأْجِرُ صَاحِبُ الْعِمَارَةِ كُلِّفَ رَفْعَ الْعِمَارَةِ وَتُؤْجَرُ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ عَنْ أَجْرِ الْمِثْلِ لَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَإِنْ كَانَ لَا يُسْتَأْجَرُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَأْجِرُهُ لَا يُكَلَّفُ وَتُرِكَ فِي يَدِهِ بِذَلِكَ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرُورَةً. اهـ. بَحْرٌ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ مَشْرُوطَةٍ مِنْ قِبَلِ وَاقِفِهَا لِمُدَرِّسِ مَدْرَسَةِ الْوَاقِفِ وَاحْتَاجَتْ لِلتَّعْمِيرِ الضَّرُورِيِّ

وَيُرِيدُ الْمُدَرِّسُ إيجَارَهَا وَأَخْذَ أُجْرَتِهَا لِنَفْسِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَتَعْمِيرُهَا عَلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى فَإِنْ أَبَى أَوْ عَجَزَ عَمَّرَ الْحَاكِمُ بِأُجْرَتِهَا ثُمَّ رَدَّهَا بَعْدَ الْعِمَارَةِ إلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى رِعَايَةً لِلْحَقَّيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ دَارًا فَعِمَارَتُهُ عَلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى وَلَوْ مُتَعَدِّدًا مِنْ مَالِهِ لَا مِنْ الْغَلَّةِ إذْ الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ دُرَرٌ وَلَمْ يَزِدْ فِي الْأَصَحِّ، يَعْنِي إنَّمَا تَجِبُ الْعِمَارَةُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ الصِّفَةِ الَّتِي وَقَفَهَا الْوَاقِفُ، وَلَوْ أَبَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى أَوْ عَجَزَ لِفَقْرِهِ عَمَّرَ الْحَاكِمُ أَيْ آجَرَهَا الْحَاكِمُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَعَمَّرَهَا بِأُجْرَتِهَا كَعِمَارَةِ الْوَاقِفِ وَلَمْ يَزِدْ فِي الْأَصَحِّ إلَّا بِرِضَا مَنْ لَهُ السُّكْنَى زَيْلَعِيٌّ وَلَا يُجْبَرُ الْآبِي عَلَى الْعِمَارَةِ وَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ مَنْ لَهُ السُّكْنَى بَلْ الْمُتَوَلِّي أَوْ الْقَاضِي ثُمَّ رَدُّهَا بَعْدَ التَّعْمِيرِ إلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى رِعَايَةً لِلْحَقَّيْنِ عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ لَهُ نَاظِرٌ شَرْعِيٌّ وَبَعْضُ مُسْتَحِقِّيهِ مُتَصَرِّفُونَ فِي عَقَارِهِ مِنْ إيجَارٍ وَقَبْضٍ بِلَا وَكَالَةٍ عَنْهُ وَبَعْضُهُمْ زَرَعَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ وَاسْتَغَلَّ زَرْعَهُ وَلَمْ يَدْفَعْ لِجِهَةِ الْوَقْفِ شَيْئًا وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا قَسْمٌ مَعْرُوفٌ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِي الْوَقْفِ مِنْ قَبْضٍ وَصَرْفٍ وَغَيْرِهِمَا لِلنَّاظِرِ لَا لِلْمُسْتَحِقِّ وَالزَّرْعُ لِلزَّارِعِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَحَدُ الْمُسْتَحِقِّينَ دَارَ الْوَقْفِ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ لِمُدَّةِ سَنَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ إجَارَةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ آجَرَ الْقَيِّمُ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ غَلَّةَ الْوَقْفِ جَازَ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ لَا فِي رَقَبَتِهِ إسْعَافٌ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَرْضًا فِي يَدِهِ أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَالَ هِيَ مِلْكِي وَحَقِّي وَتَصَالَحَا عَلَى مَالٍ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمُصَالَحَ يَأْخُذُ بَدَلَ الصُّلْحِ عِوَضًا عَنْ حَقِّهِ عَلَى زَعْمِهِ فَيَصِيرُ كَالْمُعَاوَضَةِ وَهَذَا لَا يَكُونُ فِي الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الْوَقْفَ بِعِوَضٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ الْوَقْفَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ، فَهَهُنَا إنْ كَانَ الْوَقْفُ ثَابِتًا فَالِاسْتِبْدَالُ بِهِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فَهَذَا يَأْخُذُ بَدَلَ الصُّلْحِ لَا عَنْ حَقٍّ ثَابِتٍ فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ عَلَى حَالٍ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى مِنْ الدَّعْوَى وَفِي صُلْحِ التَّنْوِيرِ ادَّعَى وَقْفِيَّةَ أَرْضٍ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَصَالَحَهُ الْمُنْكِرُ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ جَازَ وَطَابَ لَهُ لَوْ صَادِقًا وَقِيلَ لَا اهـ قَائِلُهُ صَاحِبُ الْأَجْنَاسِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَعْنًى وَبَيْعُ الْوَقْفِ لَا يَصِحُّ عَلَائِيٌّ فَتَأَمَّلْ (أَقُولُ) مُقْتَضَى مَا فِي التَّنْوِيرِ اعْتِمَادُ جَوَازِ الصُّلْحِ لَكِنْ يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا عَجَزَ مُدَّعِي الْوَقْفِ عَنْ اسْتِرْدَادِهِ فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ لَوْ اسْتَوْلَى عَلَى الْوَقْفِ غَاصِبٌ وَعَجَزَ الْمُتَوَلِّي عَنْ اسْتِرْدَادِهِ وَأَرَادَ الْغَاصِبُ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَتَهُ كَانَ لِلْمُتَوَلِّي أَخْذُ الْقِيمَةِ أَوْ الصُّلْحُ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ يَشْتَرِي بِالْمَأْخُوذِ مِنْ الْغَاصِبِ أَرْضًا أُخْرَى فَيَجْعَلُهَا وَقْفًا عَلَى شَرَائِطِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَهْلِكِ فَيَجُوزُ أَخْذُ الْقِيمَةِ اهـ وَبِهَذَا التَّقْيِيدِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَذِنَ لِمُسْتَأْجِرِ حَانُوتِهِ بِتَعْمِيرِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ فَعَمَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بِإِذْنِهِ فِي الْحَانُوتِ عِمَارَةً يَرْجِعُ مُعْظَمُ مَنْفَعَتِهَا لِلْمَالِكِ الْآنَ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمَالِكِ بِنَظِيرِ مَا أَنْفَقَ فِي التَّعْمِيرِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْقُنْيَةِ قَالَ الْمَالِكُ أَوْ الْقَيِّمُ لِمُسْتَأْجِرِهَا أَذِنْتُ لَكَ فِي عِمَارَتِهَا فَعَمَّرَهَا بِإِذْنِهِ يَرْجِعُ عَلَى الْقَيِّمِ وَالْمَالِكِ هَذَا إذَا كَانَ يَرْجِعُ مُعْظَمُ مَنْفَعَتِهِ إلَى الْمَالِكِ أَمَّا إذَا رَجَعَ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَفِيهِ ضَرَرٌ بِالدَّارِ كَالْبَالُوعَةِ أَوْ شَغْلُ بَعْضِهَا كَالتَّنُّورِ فَلَا مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ ذَكَرَهُ فِي الْوَقْفِ اهـ فَعُلِمَ بِهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْقَيِّمِ بِلَا شَرْطِ الرُّجُوعِ إلَّا فِي كُلّ شَيْءٍ يَرْجِعُ مُعْظَمُ مَنْفَعَتِهِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ حَمَوِيٌّ عَلَى الْأَشْبَاهِ مِنْ الْوَقْفِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْغَلَّةُ إذَا آجَرَ دَارَ الْوَقْفِ بِدُونِ تَوْلِيَةٍ أَوْ إذْنِ قَاضٍ فَهَلْ تَكُونُ إجَارَتُهُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْغَلَّةُ لَا يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ إلَّا بِتَوْلِيَةٍ أَوْ إذْنِ قَاضٍ وَلَوْ الْوَقْفُ عَلَى رَجُلٍ مُعَيَّنٍ عَلَى

مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى عِمَادِيَّةٌ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْغَلَّةِ لَا الْعَيْنِ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى سُكْنَى إمَامِ مَسْجِدٍ احْتَاجَتْ لِلْعِمَارَةِ الضَّرُورِيَّةِ فَهَلْ تَكُونُ الْعِمَارَةُ عَلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى مِنْ مَالِهِ لَا مِنْ الْغَلَّةِ فَإِنْ عَجَزَ عَمَّرَهَا الْحَاكِمُ بِأُجْرَتِهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ وَلِلْعَلَّامَةِ الشُّرُنْبُلَالِيَّ رِسَالَةٌ فِي ذَلِكَ سَمَّاهَا تَحْقِيقَ السُّؤْدُدِ بِاشْتِرَاطِ الرَّيْعِ وَاسْتِحْقَاقِ سُكْنَى الْوَلَدِ وَقَالَ فِيهَا وَإِذَا مَاتَ الَّذِي لَهُ السُّكْنَى بَعْدَمَا بَنَاهَا كَانَ الْبِنَاءُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ دُونَ أَهْلِ الْوَقْفِ وَتُؤْمَرُ الْوَرَثَةُ بِرَفْعِهِ فَإِنْ أَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ لِلسُّكْنَى أَخْذَ الْبِنَاءِ بِقِيمَتِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا الْوَرَثَةِ وَاصْطِلَاحِهِمْ عَلَى شَيْءٍ فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ عَمَّرَ بِالْآجُرِّ حِيطَانَهَا وَجَصَّصَهَا وَأَدْخَلَ فِيهَا الْجُذُوعَ وَلَا يَخْلُصُ إلَّا بِضَرَرٍ شَدِيدٍ عَلَى الْبِنَاءِ لَا يُرْفَعُ، وَلَوْ رَضِيَ بِهِ الْمُسْتَحِقُّ الْآنَ لِلسُّكْنَى لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بَعْدَهُ، وَلَيْسَ كَالْمَالِكِ لِلدَّارِ وَقَدْ اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَهُ الْعِمَارَةُ فَإِنَّ لَهُ تَحَمُّلَ الضَّرَرِ لِاخْتِصَاصِهِ بِهِ وَيُقَالُ لِلَّذِي صَارَ لَهُ السُّكْنَى الْآنَ إنْ شِئْت فَأَعْطِ الْوَرَثَةَ قِيمَةَ مَرَمَّتِهِمْ السَّاعَةَ فَتَكُونُ لَهُ فَإِنْ أَبَى أُوجِرَتْ فَأَعْطَى الْوَرَثَةَ قِيمَةَ مَرَمَّتِهَا مِنْ أُجْرَتِهَا ثُمَّ تُرَدُّ بَعْدَ الْمُدَّةِ لِلْمُسْتَحِقِّ فَإِنْ كَانَتْ الْمَرَمَّةُ الَّتِي رَمَّهَا الْمَيِّتُ لَيْسَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا وَلَكِنَّهَا مُسْتَهْلَكَةً لَا تُرَى وَلَا تَظْهَرُ مِثْلُ غَسِيلِ الْحِيطَانِ بِالْجَصِّ وَمِثْلُ الْإِثَارَةِ فِي الْأَرْضِ وَسَقْيِ النَّخْلِ لَيْسَ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ مِنْ ذَلِكَ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ قَدْ أَنْفَقَ فِيهِ نَفَقَةً عَظِيمَةً؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ قَائِمٍ بِعَيْنِهِ يُرَى وَيَظْهَرُ كَمَنْ غَصَبَ ثَوْبًا وَقَصَّرَهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً وَيَأْخُذُ الثَّوْبَ صَاحِبُهُ وَلَا يُعْطِيهِ شَيْئًا وَكَمَنْ أَثَارَ أَرْضَ غَيْرِهِ لَيْسَ عَلَى صَاحِبِهَا شَيْءٌ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ لَهُ السُّكْنَى لَا يَمْلِكُ الِاسْتِغْلَالَ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا نَقَلَهُ الْفَاضِلُ الْمُحَقِّقُ الشَّيْخُ حَسَنٌ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي الرِّسَالَةِ الْمَزْبُورَةِ وَالْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي بَحْرِهِ وَصَاحِبُ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَمَّا مَنْ لَهُ الِاسْتِغْلَالُ هَلْ يَمْلِكُ السُّكْنَى نُقِلَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ أَنَّهُ يَمْلِكُهَا وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ وَرَجَّحَهُ الْفَاضِلُ الْمَزْبُورُ فِي الرِّسَالَةِ نَقْلًا عَنْ الْمُعْتَبَرَاتِ وَمِنْ جُمْلَتِهَا أَوْقَافُ الْخَصَّافِ اهـ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ عَنْ تَجْنِيسِ الْفَتَاوَى رَجُلٌ وَقَفَ مَنْزِلَهُ عَلَى وَلَدَيْهِ وَعَلَى أَوْلَادِهِمَا أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا فَأَرَادَا السُّكْنَى لَيْسَ لَهُمَا حَقُّ السُّكْنَى. اهـ. قَالَ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا أَطْلَقَ الْوَقْفَ فِي الدَّارِ كَانَتْ لِلْغَلَّةِ لَا لِلسُّكْنَى وَهِيَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ فَلْتُحْفَظْ وَبِالْعُيُونِ تُلْحَظْ اهـ. (أَقُولُ) وَهُوَ صَرِيحٌ أَيْضًا فِي أَنَّ مَنْ لَهُ الِاسْتِغْلَالُ لَيْسَ لَهُ السُّكْنَى وَهُوَ الَّذِي فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَمَشَى عَلَيْهِ الْخَصَّافُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيِّ وَفِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ الْمُوصَى لَهُ بِغَلَّةِ الدَّارِ إذَا أَرَادَ سُكْنَاهَا بِنَفْسِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ لَهُ ذَلِكَ. وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ وَأَبُو بَكْرِ بْنِ سَعِيدٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَالْوَصِيَّةُ أُخْتُ الْوَقْفِ فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْفَتْوَى فِي الْوَقْفِ عَلَى هَذَا بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ اهـ وَبِهِ أَفْتَى الْمُؤَلِّفُ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ فَقَالَ لَيْسَ لَهُ السُّكْنَى قَالَ فِي النَّظْمِ الْوَهْبَانِيِّ وَمَنْ وُقِفَتْ دَارٌ عَلَيْهِ فَمَا لَهُ ... سِوَى الْأَجْرِ وَالسُّكْنَى فَمَا تَتَقَرَّرُ اهـ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ وَقْفٍ تَصَرَّفَ نُظَّارُهَا فِي إيجَارِهَا وَتَوْزِيعِ أُجْرَتِهَا عَلَى مُسْتَحَقِّيهَا فِيمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ بِلَا مُعَارِضٍ فَادَّعَى الْآنَ بَعْضُ مُسْتَحِقِّيهَا أَنَّهَا مَشْرُوطَةٌ لِلسُّكْنَى وَلَمْ يُصَدِّقْهُ النَّاظِرُ عَلَى ذَلِكَ وَكَلَّفَهُ إثْبَاتَ شَرْطِ السُّكْنَى عَلَى تَلَفُّظِ الْوَاقِفِ بِهِ فَهَلْ يُكَلَّفُ إلَى ذَلِكَ فَإِنْ عَجَزَ فَلِلنَّاظِرِ إيجَارُهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ دَارِهِ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ لِلسَّكَنِ وَالِاسْتِغْلَالِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِالشَّرْطَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مَوْقُوفَةٍ ذَاتِ حُجَرٍ وَمَقَاصِيرَ شَرَطَ فِيهَا الْوَاقِفُ السُّكْنَى لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَفِيهِمْ امْرَأَةٌ لَهَا زَوْجٌ تُرِيدُ أَنْ تُسْكِنَ زَوْجَهَا مَعَهَا

فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَحْرِ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ صَغِيرَةٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى سُكْنَى ذُرِّيَّةِ وَاقِفِهَا وَلَيْسَ فِيهَا حُجَرٌ وَمَقَاصِيرُ وَكَثُرَ أَوْلَادُ الْوَاقِفِ وَيُرِيدُ الذُّكُورُ أَنْ يُسْكِنُوا نِسَاءَهُمْ مَعَهُمْ وَالْإِنَاثُ أَنْ يُسْكِنَّ أَزْوَاجَهُنَّ مَعَهُنَّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ يَكُونُ سُكْنَاهَا لِمَنْ جَعَلَ الْوَاقِفُ لَهُ ذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ نِسَاءِ الرِّجَالِ وَرِجَالِ النِّسَاءِ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ وَالْبَحْرِ. (سُئِلَ) فِيمَنْ جَعَلَ لَهُ الْوَاقِفُ السُّكْنَى هَلْ إذَا آجَرَ تَكُونُ الْأُجْرَةُ لَهُ أَمْ لِلْوَقْفِ؟ (الْجَوَابُ) : مَنْ لَهُ السُّكْنَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ إلَّا بِطَرِيقِ الْعَارِيَّةِ دُونَ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا تُوجِبُ حَقًّا لِلْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ ضَيْفٍ ضَافَهُ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا تُوجِبُ حَقًّا لِلْمُسْتَأْجِرِ وَهُوَ لَمْ يَشْرِطْهُ، هَذَا مَا قَالُوا وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ يَكُونُ غَاصِبًا بِإِجَارَتِهِ وَقَدْ نَصُّوا أَنَّ الْغَاصِبَ تَكُونُ الْأُجْرَةُ لَهُ لَكِنْ لَا تَطِيبُ لَهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَتَصَدَّقُ بِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَرُدُّهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَهَذَا نَظِيرُ مَا إذَا تَوَلَّى النَّاظِرُ وَلَمْ تَصِحَّ تَوْلِيَتُهُ وَآجَرَ تَكُونُ الْأُجْرَةُ لَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيُّ وَالْإِسْعَافِ وَالْبَحْرِ وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ سَكَنَ رَجُلٌ دَارَ الْوَقْفِ بِأَهْلِهِ وَأَوْلَادِهِ وَخَدَمِهِ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَيْهِ. (أَقُولُ) وَأَفْتَى فِي الْإِسْمَاعِيلِيَّة بِأَنَّهُ مَلَكَ الْأُجْرَةَ مِلْكًا خَبِيثًا وَأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ عَلَى أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ اهـ. (سُئِلَ) فِي مَدْرَسَةٍ مَوْقُوفَةٍ سَكَنَهَا رَجُلٌ بِعِيَالِهِ وَأَشْغَلَ أَمَاكِنَهَا بِذَلِكَ مُدَّةً بِالتَّغَلُّبِ بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَطَالَبَهُ مُتَوَلِّيهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا مُدَّةَ سَكَنِهِ فِيهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذْ مَنَافِعُ الْغَصْبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَقْفًا أَوْ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْجَدُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ وَالْعَمُّ الْمَرْحُومُ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ وَأَفْتَى بِذَلِكَ أَيْضًا فَقِيهُ النَّفْسِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ قَائِلًا نَعَمْ لِلنَّاظِرِ ذَلِكَ فَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ عَلِيُّ بْنُ غَانِمٍ الْمَقْدِسِيُّ بِذَلِكَ فِي مَسْجِدٍ تَعَدَّى عَلَيْهِ رَجُلٌ وَجَعَلَهُ بَيْتَ قَهْوَةٍ فَقَالَ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ مُدَّةَ شَغْلِهِ بِمَا فَعَلَهُ وَيُعَادُ كَمَا كَانَ وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنَافِعَ الْوَقْفِ مَضْمُونَةٌ عِنْدَنَا بِالْغَصْبِ صِيَانَةً لَهُ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي مَسْجِدٍ لَهُ مُتَوَلٍّ آجَرَ قِطْعَةً مِنْهُ لِرَجُلٍ لِيَبْنِيَ فِيهِ دَارًا بِلَا ضَرُورَةٍ دَاعِيَةٍ لِذَلِكَ شَرْعًا فَهَلْ يَكُونُ إيجَارُهُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ صَحِيحٍ وَيَهْدِمُ مَا بَنَى؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ دَاعِيَةً إلَى ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ ضَرُورَةٌ بِأَنْ احْتَاجَ لِلْعِمَارَةِ الضَّرُورِيَّةِ وَلَيْسَ هُنَاكَ مَا يُعَمَّرُ بِهِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ الْجَوَازُ وَبِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ النَّاطِفِيِّ وَحَيْثُ كَانَ النَّاظِرُ مُصْلِحًا لَا يَخْشَى الْفَسَادَ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ وَاَلَّذِي مَالَ إلَيْهِ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَدَمُ الْجَوَازِ قَائِلًا بِأَنَّ الْمَسْجِدَ إذَا قِيلَ بِأَنَّهُ تُؤْجَرُ مِنْهُ قِطْعَةٌ لِلْعِمَارَةِ يُؤَدِّي إلَى تَغَيُّرِ عَيْنِ الْمَوْقُوفِ بِاعْتِبَارِ تَغَيُّرِ الْأَحْوَالِ إلَى أَقْبَحَ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ مَسْجِدًا تُقَامُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَإِذَا أُوجِرَ يَبْقَى بِعُرْضَةِ أَنْ يَصِيرَ إصْطَبْلًا أَوْ لِسُكْنَى النَّاسِ فَكَانَ التَّغَيُّرُ إلَى حَالَةٍ أَزْرَى مِنْ الْحَالَةِ الْأُولَى فَالتَّصَرُّفُ فِي الْأَوْقَافِ بِاعْتِبَارِ الْأَعْظَمِ لَهَا لَا بِاعْتِبَارِ الْأَدْنَى اهـ فَحَيْثُ لَا ضَرُورَةَ فَالْإِيجَارُ الْمَذْكُورُ بَاطِلٌ فَيَهْدِمُ مَا بَنَى. (سُئِلَ) فِي مَدْرَسَةٍ خَرِبَ بَعْضُهَا وَلَيْسَ فِي وَقْفِهَا مَالٌ حَاصِلٌ يُعَمَّرُ مِنْهُ مَا خَرِبَ مِنْهَا وَلَهَا عَقَارَاتٌ مَعْلُومَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهَا وَيُرِيدُ مُتَوَلِّي وَقْفِهَا إيجَارَ بَعْضِ الْعَقَارَاتِ مُدَّةً مَعْلُومَةً مُسْتَقْبَلَةً بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ يَصْرِفُهَا فِي تَعْمِيرِهَا الضَّرُورِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَضَعَ جُذُوعَ بَيْتِهِ عَلَى حَائِطِ مَسْجِدٍ تَعَدِّيًا وَطَلَبَ مُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ رَفْعَهَا وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ وَلَا يَضُرُّ بِالْحَائِطِ فَهَلْ لِلْمُتَوَلِّي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْبَحْرِ مِنْ الْوَقْفِ مِنْ فَصْلِ الْمَسْجِدِ وَلَا يُوضَعُ الْجِذْعُ عَلَى جِدَارِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَوْقَافِهِ اهـ ثُمَّ قَالَ فَمَنْ بَنَى بَيْتًا عَلَى جِدَارِ الْمَسْجِدِ وَجَبَ

هَدْمُهُ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ غِرَاسٌ جَارٍ فِي مِلْكِهِ قَائِمٌ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ بُسْتَانٍ وُقِفَ فَبَاعَهُ مِنْ عَمْرٍو ثُمَّ قَلَعَهُ عَمْرٌو وَغَرَسَ مَكَانَهُ غِرَاسًا لِنَفْسِهِ بِلَا إذْنِ نَاظِرِ الْوَقْفِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَمَا حُكْمُ غَرْسِهِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ غَرْسُ عَمْرٍو الْمَذْكُورِ لِنَفْسِهِ بِلَا إذْنِ النَّاظِرِ فَلِلنَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ تَكْلِيفُهُ قَلْعَهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ فَإِنْ أَضَرَّ يَتَمَلَّكُهُ النَّاظِرُ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ لِلْوَقْفِ مَنْزُوعًا وَغَيْرَ مَنْزُوعٍ بِمَالِ الْوَقْفِ وَقِيلَ هُوَ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ فَلْيَتَرَبَّصْ إلَى خَلَاصِهِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهَا (أَقُولُ) هَذَا فِي غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجَرَيْنِ غَرْسُ الْأَشْجَارِ وَالْكُرُومِ فِي الْأَرَاضِي الْمَوْقُوفَةِ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْأَرْضِ بِدُونِ صَرِيحِ الْإِذْنِ مِنْ الْمُتَوَلِّي دُونَ حَفْرِ الْحِيَاضِ وَإِنَّمَا يَحِلُّ لِلْمُتَوَلِّي الْإِذْنُ فِيمَا يَزِيدُ الْوَقْفُ بِهِ خَيْرًا قَالَ صَاحِبُ الْقُنْيَةِ قُلْت وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَقُّ قَرَارِ الْعِمَارَةِ فِيهَا أَمَّا إذَا كَانَ فَلَا يَحْرُمُ الْحَفْرُ وَالْغَرْسُ لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي مِثْلِهَا اهـ كَذَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ وَاخْتَصَرَ الْعِبَارَةَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ، بَقِيَ الْكَلَامُ فِيمَا جَرَى بِهِ عُرْفُ أَهْلِ دِيَارِنَا مِنْ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَغْرِسَ يَسْتَأْذِنُ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ حَتَّى أَنَّهُ لَوْ غَرَسَ بِلَا إذْنِهِ يُنَازِعُهُ وَيُخَاصِمُهُ فِي ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ التَّوَاجِرِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ النَّهْيِ الصَّرِيحِ عَنْ الْغَرْسِ بِلَا إذْنِهِ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْطًا مَعَ أَنَّهُمْ شَرَطُوا لِصِحَّةِ إجَارَةِ الْأَرْضِ بَيَانَ مَا يُزْرَعُ فِيهَا أَوْ يُغْرَسُ أَوْ تَعْمِيمَ الْإِذْنِ بِأَنْ يَزْرَعَ أَوْ يَغْرِسَ مَا شَاءَ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ فَتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي أَرْضِ وَقْفٍ حَامِلَةٍ لِغِرَاسٍ جَارٍ فِي مِلْكِ زَيْدٍ وَفِي مِشَدِّ مُسْكَتِهِ وَتَوَاجِرِهِ بِالتَّعَاطِي مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً وَفِي كُلِّ سَنَةٍ يَدْفَعُ مَا عَلَيْهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَغَرَسَ فِيهَا أَشْجَارًا بِمَالِهِ لِنَفْسِهِ بِلَا إذْنِ الْمُتَوَلِّي فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيَكُونُ الْغِرَاسُ لِلْغَارِسِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ سُئِلَ فِي أَرَاضِي قَرْيَةٍ عَلَيْهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ مَالٌ مَقْطُوعٌ يَدْفَعُهُ أَهْلُهَا لِلْمُتَكَلِّمِ عَلَى الْقَرْيَةِ عَلَى طَرِيقِ الْخَرَاجِ الْمُوَظَّفِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى مِائَةِ سَنَةٍ وَيَتَصَرَّفُ أَهْلُهَا فِي أَرَاضِي الْقَرْيَةِ السَّلِيخَةِ وَغَيْرِهَا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَاشْتَرَى رَجُلٌ عِدَّةَ قِطَعٍ مِنْ الْأَرَاضِي وَبَنَى بِبَعْضِهَا تَكِيَّةً وَوَقَفَ الْأَرَاضِي الْأُخَرَ عَلَى التَّكِيَّةِ وَيَدْفَعُ نُظَّارُ الْوَقْفِ فِي كُلِّ سَنَةٍ لِمَنْ فُوِّضَتْ إلَيْهِ الْقَرْيَةُ الْخَرَاجَ الْمُوَظَّفَ كَمَا كَانَ قَبْلَ شِرَائِهِ لَهَا، وَتَصَرَّفَ النُّظَّارُ بِذَلِكَ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً وَالْآنَ يُرِيدُ مَنْ فُوِّضَتْ إلَيْهِ الْقَرْيَةُ مُطَالَبَةَ زُرَّاعِ الْأَرَاضِي الْجَارِيَةِ فِي الْوَقْفِ بِالْقَسْمِ لِجِهَتِهِ زَاعِمًا أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَهَلْ الْوَقْفُ الْمَزْبُورُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ لِمَنْ فُوِّضَتْ إلَيْهِ الْقَرْيَةُ مُطَالَبَةُ الزُّرَّاعِ بِالْقَسْمِ وَإِنَّمَا لَهُ الْمَبْلَغُ الْمُعَيَّنُ عَلَى الْأَرَاضِي الْمَزْبُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) وَفِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ وَأَمَّا الْأَرَاضِي الَّتِي حَازَهَا السُّلْطَانُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَيَدْفَعُهَا لِلنَّاسِ مُزَارَعَةً لَا تُبَاعُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا فَإِذَا ادَّعَى وَاضِعُ الْيَدِ الَّذِي تَلَقَّاهَا شِرَاءً أَوْ إرْثًا أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَنَّهُ يُؤَدِّي خَرَاجَهَا فَالْقَوْلُ لَهُ وَعَلَى مَنْ يُخَاصِمُهُ فِي الْمِلْكِ الْبُرْهَانُ إنْ صَحَّتْ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ شَرْعًا وَاسْتُوْفِيَتْ شُرُوطُ الدَّعْوَى، وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ فِي بِلَادِنَا حِرْصًا عَلَى نَفْعِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَإِفَادَةَ هَذَا الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي يُحْتَاجُ إلَيْهِ كُلَّ حِينٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. وَهَذَا يَقَعُ فِي بِلَادِنَا كَثِيرًا أَيْضًا وَيَغْلَطُ فِيهِ كَثِيرٌ فَجَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا عَلَى هَذَا التَّنْبِيهِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَأَيْت سُؤَالًا مُتَعَلِّقًا بِالْفَلَّاحِينَ وَالْفَصْلِ وَالْخَرَاجِ وَأُجْرَةِ السَّكَنِ وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْكَرْمِ وَغَيْرِهِ يُؤَيِّدُ مَا أَفْتَيْنَا فِي دَعْوَى مِنْ خُصُوصِ بُسْتَانِ الْجَعْبَرِيِّ وَحُورِ تَعْلَا الْجَارِي ذَلِكَ فِي وَقْفِ الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ مَا قَوْلُ السَّادَةِ الْعُلَمَاءِ فِي قَرْيَةٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ جَدِّهِمْ فَمِمَّا قَالَهُ الْوَاقِفُ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ إنَّهُ وَقَفَ وَحَبَسَ جَمِيعَ الْقَرْيَةِ الْفُلَانِيَّةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى أَرَاضِي كَذَا وَكَذَا وَدِمْنَةٍ عَامِرَةٍ بِرَسْمِ سُكْنَى فَلَّاحِيهَا وَيُحِيطُ

بِهَا وَيَجْمَعُهَا كُلَّهَا حُدُودٌ أَرْبَعٌ وَذَكَرَهَا، ثُمَّ إنَّ الْفَلَّاحِينَ سُكَّانَ الْقَرْيَةِ غَرَسُوا أَشْجَارًا وَكُرُومًا وَعَمَّرُوا بُيُوتًا بِلَا إذْنٍ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ وَهَلْ الدِّمْنَةُ دَاخِلَةٌ فِي الْوَقْفِ مَعَ جَمِيعِ مَا حَوَتْهُ الْحُدُودُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ جَبَلٍ وَسَهْلٍ وَوَعْرٍ وَهَلْ يَلْزَمُ الْفَلَّاحِينَ أُجْرَةُ السُّكْنَى وَهَلْ لَهُمْ أَنْ يُعَمِّرُوا قَدْرًا زَائِدًا عَلَى سَكَنِهِمْ وَيَلْزَمُهُمْ أُجْرَتُهُ أَوْ يَكُونُ قَوْلُ الْوَاقِفِ دِمْنَةٍ بِرَسْمِ سُكْنَى فَلَّاحِيهَا إذْنًا لَهُمْ فِي السَّكَنِ بِلَا أُجْرَةٍ وَإِذَا كَانُوا يَدْفَعُونَ كُلَّ سَنَةٍ قَدْرًا يَسِيرًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُ خَرَاجٌ عَنْ الْكُرُومِ وَالْأَشْجَارِ فَهَلْ يَكُونُ قَبْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ لِذَلِكَ رِضًا مِنْهُمْ عَنْ أُجْرَةِ الْأَرْضِ الْحَامِلَةِ لِهَذَا الْغِرَاسِ أَمْ لَهُمْ مُطَالَبَتُهُمْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ عَنْ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَمُحَاسَبَتُهُمْ بِمَا قَبَضُوا؟ (الْجَوَابُ) : لَيْسَ لِلْفَلَّاحِينَ بِالْقَرْيَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ يَغْرِسُوا أَوْ يَبْنُوا فِيهَا مِنْ غَيْرِ إذْنٍ شَرْعِيٍّ فَإِنْ فَعَلُوا فَمَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِذْنِ شَرْعًا مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَبْقَى مَا فَعَلُوا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ أَصْلَحَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَإِنْ شَاءَ قَلَعَهُ مَجَّانًا وَمَا كَانَ دَاخِلًا فِي حُدُودِ الْقَرْيَةِ الْمَذْكُورَةِ حَتَّى الدِّمْنَةُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْوَقْفِ وَجَارٍ عَلَيْهِ حُكْمُهُ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ سُكْنَاهُ وَلَا إحْدَاثُ عِمَارَةٍ بِهِ بِغَيْرِ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِ فِي الدِّمْنَةِ الْمَذْكُورَةِ إنَّهَا بِرَسْمِ سُكْنَى فَلَّاحِيهَا إنَّمَا هُوَ وَصْفٌ لَهَا لَا شَرْطٌ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَعَلَيْهِمْ أُجْرَةُ السُّكْنَى لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَأُجْرَةُ مِثْلِ مَا أَشْغَلُوهُ بِالْعِمَارَةِ بِغَيْرِ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ وَلَا تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ عَنْهُمْ بِمَا يَدْفَعُونَهُ مِمَّا يُسَمُّونَهُ خَرَاجًا بَلْ عَلَيْهِمْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ مُطَالَبَتِهِمْ بِهِ قَبْضُ الْقَدْرِ الْمُسَمَّى بِالْخَرَاجِ بَلْ يُقَامُ هَذَا عَلَيْهِمْ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَيُسْتَوْفَى الْمَاضِي مِنْهَا كَتَبَهُ عُمَرُ بْنُ الصَّيْرَفِيِّ الشَّافِعِيُّ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ جَوَابًا نَحْوَهُ وَفِي آخِرِهِ كَتَبَهُ أَبُو الْفَضْلِ الشَّافِعِيُّ الْإِمَامُ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ أَيْضًا وَفِيهِ وَأَمَّا الدِّمْنَةُ فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْوَقْفِ وَلَيْسَ قَوْلُهُ بِرَسْمِ سُكْنَى فَلَّاحِيهَا إذْنًا لَهُمْ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُعَمَّرَ عَلَى قَدْرِ سَكَنِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَفِي آخِرِهِ كَتَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ أَيْضًا وَفِيهِ وَالدِّمْنَةُ دَاخِلَةٌ فِي الْوَقْفِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُعَمِّرَ قَدْرًا زَائِدًا عَلَى مَسْكَنِهِ وَفِي آخِرِهِ كَتَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ النَّاسِخِ الْمَالِكِيُّ. ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ الْأَوَّلِ وَفِيهِ وَالْوَقْفُ شَامِلٌ لِكُلِّ مَا ثَبَتَ فِيهِ الْمِلْكُ لِلْوَاقِفِ قَبْلَ وَقْفِهِ مِمَّا هُوَ دَاخِلٌ فِي الْحُدُودِ فَيَسْتَحِقُّهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ كَتَبَهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ الشَّافِعِيُّ ثُمَّ ذَكَرَ جَوَابًا آخَرَ: لِلنَّاظِرِ عَلَى ذَلِكَ بَلْ عَلَيْهِ مُطَالَبَتُهُمْ بِأُجْرَةِ مِثْلِ الْأَرْضِ وَمَنْعُهُمْ مِنْ أَنْ يَغْرِسُوا شَيْئًا فِيهَا إلَّا بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ وَلَهُ أَنْ يَقْلَعَ مَا غُرِسَ بِغَيْرِ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ مَجَّانًا وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْمِيَ الْغَارِسَ وَلَا يُعِينَهُ عَلَى مَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ زَكَرِيَّا بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ الشَّافِعِيُّ جَوَابِي كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَاضِعُ خَطِّهِ أَعْلَاهُ، قَالَ ذَلِكَ وَكَتَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّرَابُلُسِيُّ الْحَنَفِيُّ ثُمَّ ذَكَرَ أَجْوِبَةً أُخَرَ قَرِيبَةً مِنْ ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ غِرَاسٌ قَائِمٌ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ مُحْتَكَرَةٍ وَهِيَ وَاضِعَةٌ يَدَهَا عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ مِنْ أَقَارِبِهَا الْمُتَصَرِّفِينَ قَبْلَهَا مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً وَيَدْفَعُونَ الْحِكْرَ الْمُرَتَّبَ عَلَى الْأَرْضِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ بِلَا مُعَارِضٍ ثُمَّ بَاعَتْ حِصَّةً مِنْ الْغِرَاسِ مِنْ زَيْدٍ وَتُرِيدُ بَيْعَ الْبَاقِي وَيُعَارِضُهَا نَاظِرُ الْوَقْفِ فِي ذَلِكَ يُرِيدُ أَخْذَ شَيْءٍ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَيَزْعُمُ أَنَّ الْبَيْعَ يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى إذْنِهِ وَيُكَلِّفُهَا إلَى إظْهَارِ كِتَابِ احْتِرَامٍ يَشْهَدُ لَهَا وَلِمَنْ قَبْلَهَا بِالْمِلْكِيَّةِ فَهَلْ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ صَحِيحٌ وَلَا يَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى إذْنِهِ وَلَيْسَ لَهُ تَكْلِيفُهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي قَرْيَةٍ جَارِيَةٍ فِي أَوْقَافِ بِرٍّ مُتَعَدِّدَةٍ وَلَهَا زُرَّاعٌ يَزْرَعُونَهَا وَيَدْفَعُونَ أَجْرَ مِثْلِهَا لِجِهَةِ الْأَوْقَافِ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِمُوجَبِ مُسْتَنَدَاتٍ شَرْعِيَّةٍ وَالْآنَ يَمْتَنِعُونَ مِنْ دَفْعِ ذَلِكَ مُتَمَسِّكِينَ بِحُجَّةٍ بِأَيْدِيهِمْ مُتَضَمِّنَةٍ أَنَّهُمْ تَرَافَعُوا لَدَى قَاضٍ شَرْعِيٍّ مَعَ أَحَدِ الْمُتَوَلِّينَ عَلَى الْأَوْقَافِ وَذَكَرُوا أَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ فِي الْقَدِيمِ وَأَنَّ الْقَاضِيَ الْمُتَرَافَعَ إلَيْهِ عَرَفَ أَنَّ الْقَدِيمَ

يُتْرَكُ عَلَى قِدَمِهِ وَالْحَالُ أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ الْوَاقِعِ وَأَنَّ الْمَبْلَغَ الَّذِي ذَكَرُوهُ دُونَ أَجْرِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَهَلْ يَكُونُ التَّعْرِيفُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي أَرَاضِي الْوَقْفِ أَخْذُ الْأَنْفَعِ لِلْوَقْفِ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ أَوْ الْقَسْمِ الْمُتَعَارَفِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ زَيْدٍ أَرْضٌ جَارِيَةٌ فِي وَقْفِ مَسْجِدٍ يَزْرَعُهَا حِنْطَةً وَيَدْفَعُ عَنْهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ زَلَطَةً وَاحِدَةً لِجِهَةِ الْوَقْفِ هِيَ دُونَ أُجْرَةِ مِثْلِهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بِدُونِ إجَارَةٍ مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ وَيُرِيدُ الْمُتَوَلِّي الْآنَ أَخْذَ قَسْمِ الزَّرْعِ مِنْ الْخُمُسِ حَسْبَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَرَاضِي الْمُجَاوِرَةِ لَهَا وَهُوَ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَمَّا فِي الْوَقْفِ فَإِنَّ فِيهِ تَجِبُ الْحِصَّةُ أَوْ الْأُجْرَةُ بِأَيِّ وَجْهٍ زَرَعَهَا أَوْ سَكَنَهَا أُعِدَّتْ لِلزِّرَاعَةِ أَوْ لَا وَعَلَى ذَلِكَ اسْتَقَرَّ فَتْوَى عَامَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ فُصُولَيْنِ مِنْ 32. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَبَضَ نَاظِرُ الْوَقْفِ أُجْرَةَ عَقَارِ الْوَقْفِ مُعَجَّلَةً عَنْ سَنَةِ كَذَا وَاقْتَسَمَهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ مَاتَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ انْتِهَاءِ الْأَجَلِ فَهَلْ يَجُوزُ وَلَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا تُنْقَضُ اسْتِحْسَانًا وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْكُتُبِ فَإِنْ عُجِّلَتْ الْأُجْرَةُ وَاقْتَسَمَهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ الْقِيَاسُ أَنْ تُنْقَضَ الْقِسْمَةُ وَيَكُونَ لِلَّذِي مَاتَ حِصَّةٌ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا عَاشَ وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ وَلَا نَنْقُضُ الْقِسْمَةَ وَكَذَا عَلَى هَذَا لَوْ شَرَطَ تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ بِيرِيٌّ عَلَى الْأَشْبَاهِ مِنْ الْوَقْفِ وَلَوْ مَاتَ بَعْضُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ قَبْلَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يَكُونُ مَا وَجَبَ مِنْ الْغَلَّةِ إلَى أَنْ مَاتَ لِوَرَثَتِهِ وَمَا يَجِبُ مِنْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ لِجِهَاتِ الْوَقْفِ، وَهَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مُعَجَّلَةً وَلَمْ تُقَسَّمْ بَيْنَهُمْ وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ كَذَلِكَ فِي الْقِيَاسِ وَقَالَ هِلَالٌ غَيْرَ أَنِّي أَسْتَحْسِنُ إذَا قُسِّمَ الْمُعَجَّلُ بَيْنَ قَوْمٍ ثُمَّ مَاتَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ أَنِّي لَا أَرُدُّ الْقِسْمَةَ وَأُجِيزُ ذَلِكَ إسْعَافٌ مِنْ بَابِ إجَارَةِ الْوَقْفِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْوَصِيَّةِ عَنْ مُحَمَّدٍ أَقْوَامٌ أَمَرُوا أَنْ يَكْتُبُوا مَسَاكِينَ مَسْجِدِهِمْ فَكَتَبُوا وَرَفَعُوا أَسَامِيَهُمْ إلَيْهِمْ وَأَخْرَجُوا الدَّرَاهِمَ عَلَى عَدَدِهِمْ فَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الْمَسَاكِينِ قَالَ يُعْطَى وَارِثُهُ إنْ مَاتَ بَعْدَ رَفْعِ اسْمِهِ. اهـ. (أَقُولُ) وَمِنْهُ يُعْلَمُ حُكْمُ الْأَمَانَاتِ الْوَاصِلَةِ لِأَهَالِي مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ وَالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ وَالْمَبَرَّةِ ثُمَّ يَمُوتُ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ وَقَدْ أَفْتَيْت بِدَفْعِ ذَلِكَ لِوَرَثَتِهِ بِقَيْدِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ. بِيرِيٌّ عَلَى الْأَشْبَاهِ مِنْ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَنَّ زَيْدًا وَعَمْرًا يَسْتَحِقَّانِ رَيْعَ الْوَقْفِ دُونَهُ وَصَدَّقَاهُ عَلَى ذَلِكَ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا فِي حَقِّ الْمُقِرِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَصَادَقَ مُسْتَحِقُّو وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مَعَ جَمَاعَةٍ أَجَانِبَ غَيْرِ مُسْتَحِقِّينَ فِي الْوَقْفِ بِأَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ الْحِصَّةَ وَقَدْرُهَا سُبْعَانِ وَثُلُثُ سُبْعٍ مِنْ سَبْعَةِ أَسْبَاعٍ وَكُتِبَ بِذَلِكَ صَكٌّ وَمَضَتْ مُدَّةٌ ثُمَّ مَاتَ اثْنَانِ مِنْ الْجَمَاعَةِ عَنْ أَوْلَادٍ وَمَاتَ الْبَاقُونَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَيَزْعُمُ أَوْلَادُ الْمَيِّتِينَ أَنَّ حِصَّةَ أَبَوَيْهِمْ مَعَ حِصَّةِ الْبَاقِينَ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ تَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ فَهَلْ لَا تَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ بِالْمُصَادَقَةِ الْمَذْكُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قُلْتُ فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ جَعَلَ أَرْضَهُ هَذِهِ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ قَالَ الْوَقْفُ جَائِزٌ فَإِذَا أَقَرَّ زَيْدٌ لِهَذَا الرَّجُلِ بِهَذَا الْإِقْرَارِ قَالَ يُشَارِكُ الرَّجُلُ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ مَا كَانَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ زَيْدٌ كَانَتْ لِلْمَسَاكِينِ وَلَمْ يُصَدَّقْ زَيْدٌ عَلَيْهِمْ قُلْت فَإِنْ مَاتَ الْمُقَرُّ لَهُ وَزَيْدٌ فِي الْحَيَاةِ قَالَ يَكُونُ النِّصْفُ مِنْ الْغَلَّةِ الَّتِي أَقَرَّ بِهِ زَيْدٌ لِلْمَسَاكِينِ وَالنِّصْفُ لِزَيْدٍ خَصَّافٌ مِنْ بَابِ الرَّجُلِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ يُقِرُّ بِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِ وَعَلَى رَجُلٍ آخَرَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَصَادَقَ نَاظِرُ وَقْفٍ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ مُسْتَحِقِّيهِ عَلَى أَنَّ رَيْعَ الْوَقْفِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ زَيْدٍ الْغَائِبِ وَآخَرِينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ لِكُلِّ وَاحِدٍ حِصَّةٌ مُعَيَّنَةٌ وَصَدَّقَ الْغَائِبُ عَلَى ذَلِكَ وَحِصَّةُ زَيْدٍ كَانَتْ دُونَ مَا ذُكِرَ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ وَلَدٍ فَهَلْ تَبْطُلُ الْمُصَادَقَةُ بِمَوْتِهِ فِي حَقِّهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ

وَنَقْلُهَا مَا فِي الْخَصَّافِ الْمُتَقَدِّمِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ نَقْلًا عَنْ النَّاصِحِيِّ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَمِثْلُهُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ اهـ وَفِي الْأَشْبَاهِ أَقَرَّ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِأَنَّ فُلَانًا يَسْتَحِقُّ مَعَهُ كَذَا أَوْ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الرُّبْعَ دُونَهُ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ صَحَّ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَلَوْ كَانَ مَكْتُوبُ الْوَقْفِ بِخِلَافِهِ حَمْلًا عَلَى أَنَّ الْوَاقِفَ رَجَعَ عَمَّا شَرَطَهُ وَشَرَطَ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُقِرُّ ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ فِي بَابٍ مُسْتَقِلٍّ وَأَطَالَ فِي تَقْرِيرِهِ اهـ. (أَقُولُ) وَفِي آخِرِ الْإِقْرَارِ مِنْ التَّنْوِيرِ وَالدُّرِّ الْمُخْتَارِ (أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرَّيْعَ) أَوْ بَعْضَهُ (أَنَّهُ) أَيْ رَيْعَ الْوَقْفِ (يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ دُونَهُ صَحَّ) وَسَقَطَ حَقُّهُ وَلَوْ كِتَابُ الْوَقْفِ بِخِلَافِهِ. (وَلَوْ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ) أَوْ أَسْقَطَهُ لَا لِأَحَدٍ لَمْ يَصِحَّ وَكَذَا الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ عَلَى هَذَا كَمَا مَرَّ فِي الْوَقْفِ وَذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ ثَمَّةَ وَهُنَا وَفِي السَّاقِطِ لَا يَعُودُ فَرَاجِعْهُ اهـ وَعِبَارَةُ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي الْوَقْفِ يُعْمَلُ بِالْمُصَادَقَةِ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ وَإِنْ خَالَفَتْ كِتَابَ الْوَقْفِ لَكِنْ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ خَاصَّةً فَلَوْ أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرِّيعُ أَوْ النَّظَرُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ دُونَهُ صَحَّ وَلَوْ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ لَا وَسَيَجِيءُ آخِرَ الْإِقْرَارِ اهـ. (وَأَقُولُ) أَيْضًا حَاصِلُ مَا فُهِمَ مِنْ عِبَارَةِ الْخَصَّافِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّ الْمُصَادَقَةَ صَحِيحَةٌ مَا دَامَ الْمُصَادِقُ وَالْمُصَادَقُ لَهُ حَيَّيْنِ فَلَوْ مَاتَ الْمُصَادِقُ تَبْطُلُ الْمُصَادَقَةُ وَتَنْتَقِلُ الْحِصَّةُ الْمُصَادَقُ عَلَيْهَا إلَى مَنْ بَعْدَهُ مِمَّنْ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى نَفْسِهِ وَلَوْ مَاتَ الْمُصَادَقُ لَهُ لَا تَبْطُلُ الْمُصَادَقَةُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا تَرْجِعُ الْحِصَّةُ الْمُصَادَقُ عَلَيْهَا إلَى الْمُصَادِقِ لِإِقْرَارِهِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ فَتَرْجِعُ إلَى الْمَسَاكِينِ لِعَدَمِ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا ثُمَّ إنَّ الْخَصَّافَ فَرَضَ الْمَسَاكِينَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِمْ بَعْدَ زَيْدٍ الْمُصَادِقِ كَمَا مَرَّ فِي كَلَامِهِ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا لَوْ وُقِفَ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَإِذَا تَصَادَقَ زَيْدٌ مَعَ عَمْرٍو عَلَى أَنَّ غَلَّةَ الْوَقْفِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ بَطَلَتْ الْمُصَادَقَةُ وَرَجَعَتْ الْغَلَّةُ كُلُّهَا إلَى ذُرِّيَّتِهِ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ عَمْرًا الْمُصَادَقَ لَهُ رَجَعَتْ حِصَّتُهُ إلَى الْمَسَاكِينِ لَا إلَى زَيْدٍ لِمَا قُلْنَا وَلَا إلَى ذُرِّيَّتِهِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِ لِلتَّرْتِيبِ بِثُمَّ فَصَارَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي حُكْمِ مَسْأَلَةِ مُنْقَطِعِ الْوَسَطِ. وَصُورَتُهَا كَمَا فِي الْإِسْعَافِ وَغَيْرِهِ لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدَيْهِ هَذَيْنِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمَا أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنٍ يُصْرَفُ نِصْفُ الْغَلَّةِ إلَى الْوَلَدِ الْبَاقِي مِنْهُمَا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ إلَى الْفُقَرَاءِ فَإِذَا مَاتَ الْوَلَدُ الْآخَرُ يُصْرَفُ جَمِيعُ الْغَلَّةِ إلَى أَوْلَادِهِمَا؛ لِأَنَّ مُرَاعَاةَ شَرْطِهِ لَازِمَةٌ وَهُوَ إنَّمَا جُعِلَ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا يُصْرَفُ نِصْفُ الْغَلَّةِ إلَى الْفُقَرَاءِ اهـ نَعَمْ إذَا كَانَ أَوْلَادُ زَيْدٍ فُقَرَاءَ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ لِفَقْرِهِمْ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ بَقِيَ أَنَّ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ مِنْ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالنَّظَرِ كَالْإِقْرَارِ بِالرَّيْعِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَشْرُوطَ لَهُ النَّظَرُ لَوْ تَصَادَقَ مَعَ آخَرَ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ نِصْفَ وَظِيفَةِ النَّظَرِ مَثَلًا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ مَا دَامَا حَيَّيْنِ فَلَوْ مَاتَ الْمُصَادِقُ فَالْحُكْمُ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُصَادَقَةَ تَبْطُلُ وَتَثْبُتُ وَظِيفَةُ النَّظَرِ كُلُّهَا لِمَنْ بَعْدَهُ مِمَّنْ شَرَطَهَا لَهُ الْوَاقِفُ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ الْمُصَادَقُ لَهُ فَهِيَ مَسْأَلَةٌ تَقَعُ فِي زَمَانِنَا كَثِيرًا وَقَدْ سُئِلْنَا عَنْهَا مِرَارًا وَلَمْ نَرَ فِيهَا نَقْلًا صَرِيحًا وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ بُطْلَانُ الْمُصَادَقَةِ أَيْضًا كَمَا لَوْ مَاتَ الْمُصَادِقُ إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هُنَا بِانْتِقَالِ حِصَّةِ النَّظَرِ إلَى الْمَسَاكِينِ إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي وَظِيفَةِ النَّظَرِ فَيَتَعَيَّنُ الْقَوْلُ بِبُطْلَانِ الْمُصَادَقَةِ وَلَكِنْ لَا تَعُودُ الْحِصَّةُ إلَى الْمُصَادِقِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ. وَإِنَّمَا يُوَجِّهُهَا الْقَاضِي لِمَنْ أَرَادَ مِنْ مُسْتَحَقِّيهَا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّا صَحَّحْنَا الْإِقْرَارَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاقِفَ رَجَعَ عَمَّا شَرَطَهُ وَشَرَطَ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُقِرُّ كَمَا مَرَّ عَنْ الْأَشْبَاهِ وَحِينَئِذٍ فَيَصِيرُ كَأَنَّ الْوَاقِفَ شَرَطَ النَّظَرَ لَهُمَا وَإِذَا مَاتَ أَحَدُ النَّاظِرَيْنِ الْمَشْرُوطُ لَهُمَا أَقَامَ الْقَاضِي بَدَلَهُ آخَرَ فَكَذَا هُنَا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ قَدْرُ

اسْتِحْقَاقٍ مَعْلُومٍ فِي وَقْفِ جَدِّهِ فَأَقَرَّ زَيْدٌ فِي صِحَّتِهِ بِأَنَّ الْقَدْرَ الْمَزْبُورَ مِنْ غَلَّةِ وَقْفِ جَدِّهِ لِعَمْرٍو فِي مُدَّةِ سَنَتَيْنِ وَنِصْفٍ دُونَهُ بِأَمْرٍ حَقٍّ عَرَفَهُ وَلَزِمَهُ الْإِقْرَارُ لَهُ بِذَلِكَ وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ تَصَادُقًا شَرْعِيًّا مَقْبُولًا مِنْهُمَا لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَقَرَّ زَيْدٌ الْمَزْبُورُ أَنَّ غَلَّةَ الْوَقْفِ الْمَرْقُومِ لِبَكْرٍ فِي الْمُدَّةِ الْمَرْقُومَةِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ عَمْرٌو الْمُقَرُّ لَهُ الْأَوَّلُ وَلَا أَجَازَهُ فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْأَوَّلُ مُعْتَبَرًا دُونَ الثَّانِي؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ قَالَ صَارَتْ غَلَّةُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ لِفُلَانٍ هَذَا بِأَمْرِ حَقٍّ عَرَفْتُهُ وَلَزَمَنِي الْإِقْرَارُ لَهُ بِهِ قَالَ أَلْزَمْتُهُ بِذَلِكَ وَجَعَلْتُهُ كَأَنَّ الْوَاقِفَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ ذَلِكَ لِلْمُقَرِّ لَهُ، قُلْت وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ الْمُقِرُّ صَارَتْ غَلَّةُ هَذَا الْوَقْفِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ هَذَا عَشْرَ سِنِينَ أَوَّلُهَا غُرَّةُ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا وَآخِرُهَا سَلْخُ شَهْرِ كَذَا مِنْ سَنَةِ كَذَا دُونِي بِأَمْرِ حَقٍّ عَرَفْتُهُ وَلَزِمَنِي الْإِقْرَارُ لَهُ بِهِ، قَالَ أُلْزِمُهُ ذَلِكَ وَأَجْعَلُ الْغَلَّةَ لِلْمُقَرِّ لَهُ مَا دَامَ حَيًّا هَذِهِ الْعَشْرَ سِنِينَ، فَإِنْ مَاتَ الْمُقِرُّ قَبْلَ ذَلِكَ رَدَدْتُ الْغَلَّةَ إلَى مَنْ جَعَلَهَا لَهُ الْوَاقِفُ بَعْدَ الْمُقِرِّ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَمُتْ الْمُقِرُّ وَلَكِنْ السُّنُونَ الْعَشْرُ انْقَضَتْ قَالَ تَرْجِعُ الْغَلَّةُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ أَبَدًا مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ رَدَدْتُهَا إلَى مَنْ جَعَلَهَا الْوَاقِفُ لَهُ خَصَّافٌ مِنْ الرَّجُلِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ يُقِرُّ بِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَيْهِ وَعَلَى رَجُلٍ آخَرَ. (أَقُولُ) قَوْلُهُ تَرْجِعُ الْغَلَّةُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ هَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مَعْزِيًّا لِلْخَصَّافِ وَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي نُسْخَتَيْ كِتَابِ أَوْقَافِ الْخَصَّافِ ثُمَّ رَاجَعْت نُسْخَةً أُخْرَى فَرَأَيْتُهُ كَذَلِكَ وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ مُقْتَضَاهُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمُدَّةِ لَغْوٌ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ خِلَافُهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ بِأَلْفٍ مُؤَجَّلَةٍ وَصَدَّقَهُ الرَّجُلُ وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الْأَصْلَ تَرْجِعُ الْغَلَّةُ إلَى الْمُقِرِّ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ بِدُونِ لَفْظَةِ لَهُ وَأَنَّ لَفْظَةَ لَهُ مِنْ زِيَادَةِ النُّسَّاخِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ تَرْجِعُ وَإِلَّا لَقَالَ تَبْقَى؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ فِي الْمُدَّةِ كَانَتْ لِلْمُقَرِّ لَهُ لَمْ تَخْرُجْ عَنْهُ حَتَّى تَرْجِعَ إلَيْهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَإِنَّمَا خَرَجَتْ عَنْ الْمُقِرِّ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَتَرْجِعُ إلَيْهِ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مُقَيَّدٌ بِهَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ فِي لَهُ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُقِرِّ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ عَائِدٌ عَلَى الشَّخْصِ الْآخَرِ الْمُقَرِّ لَهُ أَيْ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ هَذَا الْمُقِرُّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قُرِئَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى صِيغَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ وَيَكُونُ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ نَائِبَ فَاعِلٍ لَا يَصِحُّ الْمَعْنَى فَلَا بُدَّ مِنْ التَّأْوِيلِ بِأَحَدِ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ فَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (تَنْبِيهٌ) قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ بَعْدَ عِبَارَةِ الْأَشْبَاهِ الْمَارَّةِ اغْتَرَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ بِهَذَا الْإِطْلَاقِ وَأَفْتَوْا بِسُقُوطِ الْحَقِّ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ وَالْحَقُّ الصَّوَابُ أَنَّ السُّقُوطَ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ يَعْرِفُهَا الْفَقِيهُ، قَالَ الْعَلَّامَةُ الْكَبِيرُ الْخَصَّافُ أَقَرَّ فَقَالَ غَلَّةُ هَذِهِ الصَّدَقَةِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ هَذَا دُونِي وَدُونَ النَّاسِ جَمِيعًا بِأَمْرٍ حَقٍّ وَاجِبٍ ثَابِتٍ لَازِمٍ عَرَفْتُهُ لَهُ وَلَزِمَنِي الْإِقْرَارُ لَهُ بِذَلِكَ قَالَ نَعَمْ أُصَدِّقُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأُلْزِمُ مَا أَقَرَّ بِهِ هَذَا الرَّجُلُ مَا دَامَ حَيًّا لِجَوَازِ أَنَّ الْوَاقِفَ قَالَ إنَّ لَهُ أَنْ يَزِيدَ وَيَنْقُصَ وَيُخْرِجَ وَيُدْخِلَ مَكَانَ مَنْ رَأَى فَيُصَدَّقُ عَلَى حَقِّهِ اهـ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ عَلِمَ أَنَّ الْمُقِرَّ إنَّمَا أَقَرَّ بِذَلِكَ لِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ الْمَالِ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ عِوَضًا عَنْ ذَلِكَ لِكَيْ يَسْتَبِدَّ بِالْوَقْفِ أَنَّ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ خَالٍ عَمَّا يُوجِبُ تَصْحِيحَهُ مِمَّا قَالَهُ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ وَهُوَ الْإِقْرَارُ الْوَاقِعُ فِي زَمَانِنَا وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ اهـ كَلَامُ الْبِيرِيِّ مُلَخَّصًا وَإِلَى ذَلِكَ يُشِيرُ مَا مَرَّ عَنْ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ أَوْ أَسْقَطَهُ لَا لِأَحَدٍ لَمْ يَصِحَّ وَفِي إقْرَارِ الْإِسْمَاعِيلِيَّة فِي امْرَأَةٍ أَقَرَّتْ بِأَنَّ فُلَانًا يَسْتَحِقُّ رَيْعَ مَا يَخُصُّهَا مِنْ وَقْفِ كَذَا فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ بِمُقْتَضَى أَنَّهَا قَبَضَتْ مِنْهُ مَبْلَغًا مَعْلُومًا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ الِاسْتِحْقَاقِ الْمَعْدُومِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ بِالْمَبْلَغِ الْمُعَيَّنِ. وَإِطْلَاقُ قَوْلِهِمْ لَوْ أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرَّيْعَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ دُونَهُ يَصِحُّ وَلَوْ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ يَقْضِي بِبُطْلَانِهِ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ بِعِوَضٍ مُعَاوَضَةٌ قَالَ الْمُؤَلِّفُ مَسْأَلَةٌ فِي وَقْفٍ ادَّعَى رَجُلٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ أَنَّهُ وَقْفُ

جَدِّهِ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً وَقَضَى الْقَاضِي بِهَا وَبَعْدَ مُدَّةٍ أَقَرَّ الْمُدَّعِي الْمَزْبُورُ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ يَبْطُلُ الْقَضَاءُ الْمَذْكُورُ؟ (الْجَوَابُ) : يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَيَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ وَأَمَّا بَقِيَّةُ الذُّرِّيَّةِ فَهُمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ مِنْ الْوَقْفِ وَرَاجِعْ رِسَالَةَ ابْنُ نُجَيْمٍ فِيمَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ هَلْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ هَذَا مَحْضُ إقْرَارٍ لَا إسْقَاطُ حَقٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَقُولُ) صَرَّحَ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي تِلْكَ الرِّسَالَةِ أَخْذًا مِمَّا فِي الْخَانِيَّةِ بِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لَا يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ وَبِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ كَمَا فِي فَتَاوَاهُ آخِرَ كِتَابِ الْوَقْفِ فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُحَقِّقُ أَبُو السُّعُودِ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّهُ مَحْضُ إقْرَارٍ أَيْ أَنَّ إقْرَارَهُ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْوَقْفِ لَيْسَ إسْقَاطًا حَتَّى يَلْغُوَ بَلْ هُوَ مُجَرَّدُ إقْرَارٍ مُتَضَمِّنٍ أَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ فَيُؤَاخَذُ بِهِ وَحْدَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مُشْتَمِلٍ عَلَى عَقَارَاتٍ قَبَضَ نَاظِرُهُ أُجُورَهَا بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهَا عَنْ سَنَةِ كَذَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ وَاقِفُهُ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ وَطَلَبَ مُسْتَحِقُّو الْوَقْفِ اسْتِحْقَاقَهُمْ مِنْ الْمَقْبُوضِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُمْ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ لَمْ تَكُنْ عَقَارَاتُ الْوَقْفِ مُحْتَاجَةً لِلْعِمَارَةِ وَلَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ يَسُوغُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ أَنْ يَدَّخِرَ شَيْئًا عِنْدَ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ أَوَاخِرَ كِتَابِ الْوَقْفِ، وَعِبَارَتُهَا فَقَدْ اسْتَفَدْنَا أَنَّ الْوَاقِفَ إذَا شَرَطَ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ ثُمَّ الْفَاضِلِ عَنْهَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي أَوْقَافِ الْقَاهِرَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ إمْسَاكُ قَدْرِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْعِمَارَةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَإِنْ كَانَ الْآنَ لَا يَحْتَاجُ الْمَوْقُوفُ إلَى الْعِمَارَةِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ لِلْفَقِيهِ، وَعَلَى هَذَا فَيُفَرَّقُ بَيْنَ اشْتِرَاطِ تَقْدِيمِ الْعِمَارَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَالسُّكُوتِ عَنْهُ فَإِنَّهُ مَعَ السُّكُوتِ تُقَدَّمُ الْعِمَارَةُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَلَا يُدَّخَرُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَمَعَ الِاشْتِرَاطِ تُقَدَّمُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَيُدَّخَرُ لَهَا عِنْدَ عَدَمِهَا ثُمَّ يُفَرَّقُ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ إنَّمَا جَعَلَ الْفَاضِلَ عَنْهَا لِلْفُقَرَاءِ، نَعَمْ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا لَا يَدَّخِرُ لَهَا عِنْدَ الِاسْتِغْنَاءِ فَعَلَى هَذَا يَدَّخِرُ النَّاظِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ قَدْرًا لِلْعِمَارَةِ اهـ. وَتَمَامُهُ فِيهَا، قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مَا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هُوَ الْقَوْلُ الْمُعْتَمَدُ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى فِي الْمَذْهَبِ كَمَا فِي جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ اهـ حَمَوِيٌّ. (سُئِلَ) فِي مَسْجِدٍ لَهُ إمَامٌ وَمُؤَذِّنٌ وَفَرَّاشٌ لَهُمْ مَعْلُومٌ مُعَيَّنٌ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَاحْتَاجَ الْمَسْجِدُ لِتَعْمِيرٍ ضَرُورِيٍّ وَغَلَّةُ الْوَقْفِ لَا تَفِي بِالصَّرْفِ لِلْجَمِيعِ وَإِذَا قُطِعَ عَلَى الْمَذْكُورِينَ يَلْزَمُ تَعْطِيلُ الْمَسْجِدِ فَهَلْ يَكُونُونَ مُلْحَقِينَ بِالْعِمَارَةِ فَلَا يُقْطَعُ عَلَيْهِمْ؟ (الْجَوَابُ) : الْعِمَارَةُ مُقَدَّمَةٌ فِي الْوَقْفِ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَوْ لَمْ يَشْرِطْ إلَّا إذَا كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَرْكُ عَمَلِهِ لِضَرَرٍ بَيِّنٍ كَالْإِمَامِ وَنَحْوِهِ فَيُعْطَى مَعَهَا وَأَمَّا مَا لَيْسَ فِي قَطْعِهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فَإِنَّهُ لَا يُعْطَى زَمَنَ الْعِمَارَةِ إذَا لَمْ تَفِ بِالصَّرْفِ لِلْجَمِيعِ مَعَ الْعِمَارَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ضَاقَ رَيْعُ مَدْرَسَةٍ وَلِلْمَدْرَسَةِ مُدَرِّسٌ وَمُتَوَلٍّ وَكَاتِبٌ وَمُعْتَمِدٌ وَقَارِئُ حَدِيثٍ وَقَارِئُ مَا تَيَسَّرَ فَكَيْفَ يُوَزَّعُ بَيْنَهُمْ؟ (الْجَوَابُ) : الْمُدَرِّسُ الْمُلَازِمُ لِلتَّدْرِيسِ فِيهَا إذَا كَانَ عَالِمًا يَتَقَيَّدُ وَكَانَتْ تَتَعَطَّلُ بِغَيْبَتِهِ إذَا لَازَمَهَا يُدْفَعُ لَهُ الْمَشْرُوطُ لَهُ وَلَا يَكُونُ الْمُدَرِّسُ مِنْ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ إلَّا إذَا لَازَمَ التَّدْرِيسَ عَلَى حُكْمِ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَالْمُتَوَلِّي مِنْ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ وَالْكَاتِبُ مِنْ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ زَمَنَ الْعِمَارَةِ لَا كُلَّ وَقْتٍ وَبَقِيَّتُهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ كَذَا أَفْتَى الْمِهْمَنْدَارِي وَفِي الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ سُئِلَ فِي وَقْفِ مَسْجِدٍ عَامِرٍ ضَاقَ رَيْعُهُ عَنْ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ مِنْ الْخَطِيبِ وَالْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْ أَرْبَابِ وَظَائِفِهِ فَمَنْ يُقَدَّمُ أَجَابَ يُقَدَّمُ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ الَّذِينَ هُمْ أَقْرَبُ إلَى الْعِمَارَةِ إذَا بَاشَرُوا الْعَمَلَ الْمَشْرُوطَ وَيُبْدَأُ بِالْخَطِيبِ وَالْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ سَوِيَّةً وَيُصْرَفُ إلَيْهِمْ مَا شُرِطَ، ثُمَّ إلَى الْمُبَاشِرِينَ كَمَا

نَصَّ الْوَاقِفُ مِنْ سَائِرِ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ كَالْمُتَوَلِّي، ثَمَّ مِنْ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَفِي الْأَشْبَاهِ أَيْضًا اهـ وَفِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيُّ عَنْ الْحَانُوتِيِّ سُئِلَ هَلْ يُقَدَّمُ الْإِمَامُ وَالْمُؤَذِّنُ فِي الصَّرْفِ عَلَى مُؤَدِّبِ الْأَيْتَامِ وَعَلَى الْأَيْتَامِ مَعَ أَنَّ الْوَاقِفَ عَيَّنَ لِكُلٍّ قَدْرًا أَجَابَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَمْ نَقِفْ عَلَى مَنْ نَصَّ عَلَيْهَا إلَّا بَعْضٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ، وَنَصُّهُ وَاَلَّذِي يُبْتَدَأُ بِهِ مِنْ ارْتِفَاعِ الْوَقْفِ عِمَارَتُهُ ثُمَّ مَا هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْعِمَارَةِ وَأَعَمُّ لِلْمَصْلَحَةِ كَالْإِمَامِ لِلْمَسْجِدِ وَالْمُدَرِّسِ لِلْمُدَرِّسَةِ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ إلَى قَدْرِ كِفَايَتِهِمْ ثُمَّ السِّرَاجُ وَالْبِسَاطُ كَذَلِكَ إلَى آخِرِ الْمَصَالِحِ لَكِنْ قَيَّدَ هَذَا الْكَلَامَ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ مُعَيَّنًا عَلَى شَيْءٍ يَصْرِفُهُ إلَيْهِ بَعْدَ عِمَارَةِ الْبِنَاءِ اهـ. فَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ التَّقْدِيمَ الْمَذْكُورَ لِأَرْبَابِ الشَّعَائِرِ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَمَا لَوْ وَقَفَهُ عَلَى الْمَسْجِدِ وَشَعَائِرِهِ وَمُدَرِّسٍ وَطَلَبَةٍ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ أَمَّا إذَا عَيَّنَ وَجَعَلَ لِكُلِّ شَخْصٍ قَدْرًا مَعْلُومًا فَلَا يُقَدَّمُ أَحَدٌ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ إلَى قَدْرِ كِفَايَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ هُنَاكَ تَعْيِينٌ إنَّمَا يُصْرَفُ لَهُمْ مَا هُوَ الْمُعَيَّنُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ، وَقَوْلُهُ بَعْضٍ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ مُرَادُهُ صَاحِبُ الْحَاوِي وَلَمْ أَرَ أَحَدًا حَرَّزَ هَذَا التَّحْرِيرَ الْحَسَنَ فَعَلَيْك بِهِ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ جِدًّا (أَقُولُ) حَاصِلُ هَذَا أَنَّ تَقْدِيمَ بَعْضِ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَى بَعْضٍ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْوَاقِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ قَدْرًا فَحِينَئِذٍ يُقَدَّمُ مَنْ هُوَ أَعَمُّ مَصْلَحَةً أَمَّا إذَا عَيَّنَ فَلَا تَقْدِيمَ، لَكِنْ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ بَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ لَا يَتَأَتَّى فِيمَا إذَا كَانَ رَيْعُ الْوَقْفِ يَكْفِي الْجَمِيعَ بَلْ فِيمَا إذَا ضَاقَ عَنْهُمْ وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ بَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ سَوَاءٌ كَانَ الْوَقْفُ مُعَيَّنًا أَوْ لَا فَيُقَدَّمُ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إلَى الْعِمَارَةِ أَيْ مَنْ يَلْزَمُ مِنْ قَطْعِهِ تَعْطِيلُ الْمَسْجِدِ كَالْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ وَنَحْوِهِمَا وَكَذَا مُدَرِّسُ الْمَدْرَسَةِ الَّتِي تَتَعَطَّلُ بِانْقِطَاعِهِ بِخِلَافِ مُدَرِّسِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ بَعْدَ ذَلِكَ سُؤَالًا مَعَ جَوَابِهِ لِلشَّيْخِ قَاسِمٍ الدَّنَوْشَرِيِّ وَفِيهِ بَيَانُ أَنَّ قَوْلَ الْحَاوِي هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ قَدْرَ كِفَايَتِهِمْ لَا إلَى أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ. وَصُورَةُ السُّؤَالِ مَعَ جَوَابِهِ هَكَذَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَكَفَى وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى وَبَعْدُ فَقَدْ رُفِعَ لِعُلَمَاء الْإِسْلَامِ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ سُؤَالٌ عَلَى لِسَانِ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَالْمَقَامَيْنِ الْمُنِيفَيْنِ وَهُوَ مَا يُفِيدُ مَوَالِينَا مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ أَدَامَ اللَّهُ تَعَالَى الِانْقِيَادَ إلَيْهِمْ وَالِاسْتِسْلَامَ، فِي وَاقِفٍ شَرَطَ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ خَطِيبًا وَإِمَامًا وَمُؤَذِّنَيْنِ وَبَوَّابَيْنِ وَخَدَمَةً وَمُدَرِّسِينَ مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَطَلَبَةً وَقُرَّاءً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ثُمَّ شَرَطَ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ إذَا ضَاقَ رَيْعُ الْوَقْفِ عَنْ الْمَصَارِفِ قُدِّمَ مَا هُوَ مُرَتَّبٌ مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ لِلْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، وَالْحَالُ أَنَّ الْوَاقِفَ عَيَّنَ لِكُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورَيْنِ قَدْرًا مُعَيَّنًا وَشَرَطَ لِلْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ قَدْرًا مُعَيَّنًا فَهَلْ إذَا ضَاقَ رَيْعُ الْوَقْفِ عَلَى الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ تُقَدَّمُ جِهَةُ الْحَرَمَيْنِ بِمَا شُرِطَ لَهُمْ عَمَلًا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ أَوْ يُلْغَى هَذَا الشَّرْطُ وَيُسَوَّى فِي هَذَا الْوَقْفِ بَيْنَ جَمِيعِ الْمُسْتَحَقِّينَ مِنْ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرِهِمْ أَمْ تُقَدَّمُ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ بِمَا شُرِطَ لَهُمْ وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْحَرَمَيْنِ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ أَثَابَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى الْجَنَّةَ آمِينَ؟ (الْجَوَابُ) : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا قَالَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ مَا لَفْظُهُ الَّذِي يُبْدَأُ بِهِ مِنْ ارْتِفَاعِ الْوَقْفِ عِمَارَتُهُ شُرِطَ أَوْ لَا، ثُمَّ مَا هُوَ أَقْرَبُ لِلْعِمَارَةِ وَأَعَمُّ لِلْمَصْلَحَةِ كَالْإِمَامِ لِلْمَسْجِدِ وَالْمُدَرِّسِ لِلْمَدْرَسَةِ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ قَدْرُ كِفَايَتِهِمْ ثُمَّ السِّرَاجُ وَالْبِسَاطُ كَذَلِكَ. اهـ.، قَالَ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُقَدَّمَ فِي الصَّرْفِ الْإِمَامُ وَالْمُدَرِّسُ وَالْوَقَّادُ وَالْفَرَّاشُ وَمَنْ كَانَ بِمَعْنَاهُمْ لِتَعْبِيرِهِ بِالْكَافِ، وَظَاهِرُهَا يُفِيدُ أَيْضًا تَقْدِيمَ مَنْ ذَكَرْنَاهُ

وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الِاسْتِوَاءَ عِنْدَ الضِّيقِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُمْ كَالْعِمَارَةِ، وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ اسْتِوَاءَ الْعِمَارَةِ بِالْمُسْتَحَقِّينَ لَمْ يُعْتَبَرْ شَرْطُهُ وَإِنَّمَا تُقَدَّمُ أَيْ الْعِمَارَةُ عَلَيْهِمْ فَكَذَا هُمْ اهـ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَعَلَى مُقْتَضَى مَا أَفَادَهُ مِنْ أَنَّ عِبَارَةَ الْحَاوِي تُفِيدُ أَنَّ أَرْبَابَ الشَّعَائِرِ يُقَدَّمُونَ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ وَإِنَّ شَرَطَ الْوَاقِفُ الِاسْتِوَاءَ عِنْدَ الضِّيقِ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ تَقَدُّمُ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ فِي هَذَا الْوَقْفِ الْمَسْئُولِ عَنْهُ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ فِي حَالَةِ شَرْطِ اسْتِوَاءِ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ بِغَيْرِهِمْ لَا يُحْرَمُ أَرْبَابُ الشَّعَائِرِ بِالْكُلِّيَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ أُلْغِيَ شَرْطُ الِاسْتِوَاءِ فَإِلْغَاؤُهُ فِي حَالَةٍ قَدْ يُحْرَمُونَ فِيهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَهِيَ حَالَةُ شَرْطِ تَقْدِيمِ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ عَلَيْهِمْ بِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يَفْضُلَ شَيْءٌ لِأَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَيْهِمْ بِالْأَوْلَى، ثُمَّ تَوَقَّفَ فِيمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَهُ. وَحَاصِلُ تَوَقُّفِهِ أَنَّهُ قَالَ لَا نُسَلِّمُ أَوَّلًا أَنْ يُقَاسَ حُكْمُ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَى حُكْمِ الْعِمَارَةِ؛ لِأَنَّ انْتِظَامَ مَصَالِحِ الْوَقْفِ بِإِقَامَةِ شَعَائِرِهِ لَيْسَ كَانْتِظَامِهِ بِبَقَاءِ عَيْنِهِ لِيُقَاسَ عَلَيْهِ، أَلَا تَرَى إلَى مَا ذَكَرَهُ الْمَشَايِخُ فِي تَوْجِيهِ تَقْدِيمِ الْعِمَارَةِ عَلَى غَيْرِهَا وَإِنْ شُرِطَ تَأْخِيرُهَا مِنْ قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّا لَوْ اعْتَبَرْنَا شَرْطَهُ أَدَّى ذَلِكَ إلَى اضْمِحْلَالِ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ فَيَعُودُ الْأَمْرُ عَلَى مَا قُصِدَ مِنْ الْوَقْفِ بِالْإِبْطَالِ فَقِيَاسُ الشَّيْخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ تَقْدِيمِ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ بَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ الِاسْتِوَاءَ عِنْدَ الضِّيقِ عَلَى حُكْمِ الْعِمَارَةِ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ، وَبِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ فَالشَّيْخُ قَدْ اخْتَصَرَ عِبَارَةَ الْحَاوِي وَجَعَلَهَا دَلِيلًا عَلَى مَا ادَّعَاهُ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِهِ يُنَافِي مَا ادَّعَاهُ الشَّيْخُ، وَتَتِمَّةُ عِبَارَةِ الْحَاوِي هُوَ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَنْهُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ مُعَيَّنًا عَلَى شَيْءٍ يُصْرَفُ إلَيْهِ بَعْدَ عِمَارَةِ الْبِنَاءِ اهـ. كَلَامُ الْحَاوِي وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذِهِ التَّتِمَّةِ أَنَّهَا قَيْدٌ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فَيُفِيدُ كَلَامُ الْحَاوِي أَنَّ تَقْدِيمَ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَى غَيْرِهِمْ إنَّمَا هُوَ فِي حَالَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَهِيَ مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْوَاقِفُ قَدْرَ مَا يُعْطَى لِكُلِّ مُسْتَحِقٍّ أَمَّا إذَا عَيَّنَ لِكُلٍّ قَدْرًا مُعَيَّنًا فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْحَاوِي دَلِيلًا عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى هَذَا حَاصِلُ مَا أَفَادَهُ الْمُتَوَقِّفُ فِي كَلَامِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ التَّوَقُّفِ الْأَوَّلِ بِأَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ فِي تَقْدِيمِ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ بَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ لَيْسَ هُوَ كَوْنُهُمْ كَالْعِمَارَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثِيَّةِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي عُمُومِ النَّفْعِ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَإِنْ تَفَاوَتَ النَّفْعُ بَيْنَ الْعِمَارَةِ وَأَرْبَابِ الشَّعَائِرِ فَلَمَّا اشْتَرَكَا فِي عُمُومِ النَّفْعِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْغَيْرِ اشْتَرَكَا فِي هَذَا الْحُكْمِ وَهُوَ تَقْدِيمُهُمَا عَلَى الْغَيْرِ وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ خِلَافَ ذَلِكَ مِنْ اسْتِوَاءٍ أَوْ تَقْدِيمٍ، وَإِذَا تَأَمَّلْت كَلَامَ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَجَدْتَهُ شَاهِدًا عَلَى هَذَا الْمُدَّعِي، وَيُجَابُ عَنْ التَّوَقُّفِ الثَّانِي بِأَنَّ اسْمَ الْإِشَارَةِ الْوَاقِعَ فِي تَتِمَّةِ كَلَامِ الْحَاوِي وَهُوَ قَوْلُهُ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا إلَخْ لَيْسَ رَاجِعًا لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ لِيَكُونَ قَيْدًا لَهَا وَإِنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ لِأَقْرَبِ مَذْكُورٍ فِي كَلَامِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ يُصْرَفُ إلَيْهِمْ قَدْرُ كِفَايَتِهِمْ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ إنَّ مَحَلَّ تَفْوِيضِ أَمْرِ الصَّرْفِ لِلْمُتَوَلِّي إذَا لَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ قَدْرًا مُعَيَّنًا لِكُلِّ مُسْتَحِقٍّ. أَمَّا إذَا عَيَّنَ فَإِنَّهُ يَتْبَعُ شَرْطَهُ وَقَدْ أَفْصَحَ عَنْ هَذَا الْإِمَامُ الزَّاهِدِيُّ فِي كِتَابِهِ قُنْيَةِ الْفَتَاوَى حَيْثُ قَالَ فِي بَابِ مَا يَحِلُّ لِلْمُدَرِّسِ وَالْمُتَعَلِّمِ وَالْإِمَامِ مَا نَصُّهُ: الْأَوْقَافُ فِي بُخَارَى عَلَى الْعُلَمَاءِ لَا يُعْرَفُ مِنْ الْوَاقِفِ غَيْرُ هَذَا فَلِلْقَيِّمِ أَنْ يُفَضِّلَ الْبَعْضَ وَيَحْرِمَ الْبَعْضَ إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ عَلَى قَوْمٍ يُحْصَوْنَ وَكَذَا الْوَقْفُ عَلَى الَّذِينَ يَخْتَلِفُونَ إلَى هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ أَوْ عَلَى مُتَعَلِّمِيهَا أَوْ عَلَى عُلَمَائِهَا يَجُوزُ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُفَضِّلَ الْبَعْضَ وَيَحْرِمَ الْبَعْضَ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْوَاقِفُ قَدْرَ مَا يُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ اهـ فَهَذِهِ الْعِبَارَةُ وَهِيَ قَوْلُ صَاحِبِ الْقُنْيَةِ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ إلَخْ أَزَالَتْ اللَّبْسَ وَأَوْضَحَتْ كُلَّ تَخْمِينٍ وَحَدْسٍ، هَذَا وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ مَا قَدَّمْنَاهُ

مِنْ أَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فِي وَجْهِ تَقْدِيمِ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ عَلَى غَيْرِهِمْ إنَّمَا هُوَ عُمُومُ النَّفْعِ الْحَاصِلِ مِنْ انْتِظَامِ مَصَالِحِ الْمَسَاجِدِ بِإِقَامَةِ شَعَائِرِهَا وَهَذَا لَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ مَا إذَا عَيَّنَ الْوَاقِفُ قَدْرًا مُعَيَّنًا لِكُلٍّ وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ بِخِلَافِ تَفْوِيضِ أَمْرِ الصَّرْفِ لِلْمُتَوَلِّي فَإِنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ يَخْتَلِفُ فِيهِ بَيْنَ مَا إذَا عَيَّنَ لِكُلٍّ قَدْرًا مُعَيَّنًا وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ هَذَا مَا ظَهَرَ قَالَ ذَلِكَ وَكَتَبَهُ الْعَبْدُ الْفَقِيرُ الْوَاثِقُ بِاللُّطْفِ الْخَفِيِّ قَاسِمُ الدَّنَوْشَرِيُّ الْحَنَفِيُّ فِي غُرَّةِ مُحَرَّمٍ الْحَرَامِ افْتِتَاحَ سَنَةِ 1039 وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ آمِينَ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَحِيطَانُهَا مُكَلَّسَةٌ مِنْ زَمَنِ وَاقِفِهَا ثُمَّ سَقَطَ كِلْسُهَا وَيُرِيدُ النَّاظِرُ إعَادَتَهُ مِنْ أُجْرَتِهَا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا زَمَنَ وَاقِفِهَا وَتَزِيدُ الْأُجْرَةُ بِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَأَفْتَى بِالْمَسْأَلَةِ الْحَانُوتِيِّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْكَازَرُونِيُّ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ وَبَسَطَهُ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا قُبَيْلَ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ أَيْضًا فِي دَارِ الْوَقْفِ الْمُعَدَّةِ لِلِاسْتِغْلَالِ إذَا خَرِبَ صِهْرِيجُهَا الْمُعَدُّ لِمَاءِ الْأَشْتِيَةِ هَلْ تَجِبُ عِمَارَتُهُ مِنْ أُجْرَتِهَا أَجَابَ: نَعَمْ تَجِبُ عِمَارَتُهُ مِنْ أُجْرَتِهَا فَقَدْ صَرَّحُوا بِوُجُوبِ الْعِمَارَةِ فِي الْأَوْقَافِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا زَمَنَ الْوَاقِفِ حَتَّى قَالُوا الْبَيَاضُ وَالْحُمْرَةُ فِي الْحِيطَانِ إنْ لَمْ تَكُنْ فِي زَمَنِهِ لَا تُفْعَلُ وَإِلَّا تُفْعَلُ اهـ. (سُئِلَ) فِي النَّاظِرِ إذَا عَمَّرَ فِي دَارِ الْوَقْفِ عِمَارَةً غَيْرَ ضَرُورِيَّةٍ وَغَيْرَ لَازِمَةٍ نَحْوُ دِهَانٍ وَنَقْشٍ وَمَصَبٍّ بِدُونِ حَظٍّ وَمَصْلَحَةٍ وَلَمْ يَكُنْ الْوَاقِفُ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ أَحْكَامُ الْبِنَاءِ وَيُرِيدُ احْتِسَابَ مَا صَرَفَهُ فِي ذَلِكَ عَلَى مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ وَهُمْ لَا يَرْضَوْنَ بِذَلِكَ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَإِنَّمَا تَسْتَحِقُّ الْعِمَارَةُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يَبْقَى الْمَوْقُوفُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي وَقَفَهُ إلَى أَنْ قَالَ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ عِمَارَةَ الْأَوْقَافِ زِيَادَةً عَلَى مَا كَانَتْ الْعَيْنُ عَلَيْهِ زَمَنَ الْوَاقِفِ لَا تَجُوزُ إلَّا بِرِضَا الْمُسْتَحِقِّينَ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ بِقَدْرِ مَا يَبْقَى الْمَوْقُوفُ عَلَى الصِّفَةِ مَنْعُ الْبَيَاضِ وَالْحُمْرَةِ عَلَى الْحِيطَانِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ إنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَهُ الْوَاقِفُ وَإِنْ فَعَلَهُ الْوَاقِفُ فَلَا مَنْعَ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ جِهَاتِ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِهِ وَعَمَّرَ فِيهَا عِمَارَةً وَلَمْ يَكُنْ النَّاظِرُ أَذِنَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا فَهَلْ تَلْزَمُ الْعِمَارَةُ جِهَةَ الْوَقْفِ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ النَّاظِرُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ لِلنَّاظِرِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمَذْكُورِ أَيْ بِالْأُجْرَةِ أَمْ لَا؟ (فَأَقُولُ) أَفْتَى سَيِّدِي الْجَدُّ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مُحِبُّ الدِّينِ بِأَنَّ الْعِمَارَةَ الْمَذْكُورَةَ لَا تَلْزَمُ جِهَةَ الْوَقْفِ وَالنَّاظِرُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ بِقِيمَتِهَا مَقْلُوعَةً أَوْ يُكَلِّفَ الْمُسْتَأْجِرَ قَلْعَهَا وَتَسْوِيَةَ أَرْضِ الْوَقْفِ فَيَفْعَلَ الْأَنْفَعَ لِلْوَقْفِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِسَانُ الْحُكَّامِ مِنْ أَوَاخِرِ الْفَصْلِ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْإِجَارَاتِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَذِنَ مُتَوَلِّي وَقْفٍ لِمُسْتَأْجِرِ مُسْتَغَلٍّ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ بِتَعْمِيرِ مَا كَانَ ضَرُورِيًّا وَيَرْجِعُ مُعْظَمُ مَنْفَعَتِهِ لِلْوَقْفِ وَالصَّرْفُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ لِيَكُونَ مُرْصَدًا لَهُ عَلَى الْوَقْفِ فَعَمَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ ذَلِكَ وَصَرَفَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ مَصْرِفَ الْمِثْلِ وَيُرِيدُ الْمُسْتَأْجِرُ الرُّجُوعَ عَلَى الْآذِنِ بِمَا صَرَفَهُ بِالْإِذْنِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَمَرَّ نَقْلُهَا عَنْ الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ مَا نَصُّهُ الْعِمَارَةُ الْغَيْرُ الضَّرُورِيَّةِ لَا تَكُونُ لَازِمَةً لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَالْعِمَارَةُ الضَّرُورِيَّةُ لَازِمَةٌ لَهُ إنْ ثَبَتَتْ فِي وَجْهِ النَّاظِرِ الْآنَ عَلَى الْوَقْفِ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ شَرْعِيَّةٍ اهـ. (أَقُولُ) وَقَيَّدَ فِي السُّؤَالِ بِقَوْلِهِ مَا كَانَ ضَرُورِيًّا لِمَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ أَيْضًا فِي جَوَابِ سُؤَالٍ أَنَّ الْإِذْنَ لِزَيْدٍ مِنْ قِبَلِ النَّاظِرِ وَأَنَّ مَا يَصْرِفُهُ عَلَى الْعِمَارَةِ الْمَزْبُورَةِ يَكُنْ مُرْصَدًا لَهُ عَلَى الدَّارِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالْعِمَارَةِ الضَّرُورِيَّةِ مَثَلًا فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْعِمَارَةُ الْمَزْبُورَةُ مِلْكًا لِلْمُعَمِّرِ يَصِحُّ بَيْعُهَا اهـ فَتَأَمَّلْ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمُؤَلِّفُ هُنَا الرُّجُوعَ بِمَا إذَا كَانَ التَّعْمِيرُ بِإِذْنِ

الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ إذْنَ الْمُتَوَلِّي يَكْفِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَتَعْمِيرِهِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورُهُ وَوَكِيلٌ عَنْهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ اسْتِدَانَةً عَلَى الْوَقْفِ كَمَا سَيَأْتِي تَحْرِيرُهُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى مَسَائِلِ الِاسْتِدَانَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا احْتَاجَتْ عَقَارَاتُ وَقْفٍ لِلتَّعْمِيرِ الضَّرُورِيِّ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْوَقْفِ مَالٌ حَاصِلٌ تُعَمَّرُ مِنْهُ وَلَمْ يَرْغَبْ أَحَدٌ فِي اسْتِئْجَارِهَا مُدَّةً مُسْتَقْبَلَةً بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ تُصْرَفُ فِي تَعْمِيرِهَا فَأَذِنَ نَاظِرُهُ لِزَيْدٍ بِتَعْمِيرِهَا مِنْ مَالِهِ وَمَهْمَا يَصْرِفُهُ يَرْجِعُ بِهِ فِي مَالِ الْوَقْفِ بَعْدَمَا أَذِنَ الْقَاضِي الْعَامُّ لِلنَّاظِرِ الْمَرْقُومِ بِذَلِكَ فَعَمَّرَ زَيْدٌ مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ فِي مَالِ الْوَقْفِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ أَثْبَتَ ذَلِكَ بِمُوجَبِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي خَانٍ جَارٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ وَفِي تَوَاجِرِ زَيْدٍ عَنْ مُتَوَلِّيهِ مُدَّةَ سَنَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ تَحِلُّ عَلَيْهِ فِي نِصْفِ السَّنَةِ قَدْ حَلَّتْ الْأُجْرَةُ وَاحْتَاجَ الْخَانُ لِلتَّعْمِيرِ الضَّرُورِيِّ وَامْتَنَعَ الْمُتَوَلِّي مِنْ تَعْمِيرِهِ مِنْهَا وَيُكَلِّفُ زَيْدًا تَعْمِيرَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيُجْعَلَ لَهُ مُرْصَدٌ عَلَى الْخَانِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَحَيْثُ كَانَتْ الْعِمَارَةُ ضَرُورِيَّةً يَلْزَمُ الْمُتَوَلِّيَ تَعْمِيرُهَا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ حَيْثُ لَهُ مَالٌ مَوْجُودٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِرَجُلَيْنِ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُرْصَدًا عَلَى دَارِ وَقْفٍ صَرَفَاهُ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي فِي تَعْمِيرِهَا الضَّرُورِيِّ بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ فَدَفَعَتْهُ هِنْدٌ لَهُمَا بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ ذَلِكَ وَإِنْ صَدَرَ ذَلِكَ بِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ ثُمَّ أَقَرَّتْ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ أَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ لِزَوْجِهَا زَيْدٍ يَسْتَحِقُّهُ دُونَهَا لَا حَقَّ لَهَا مَعَهُ فِيهِ وَأَنَّ اسْمَهَا فِي صَكِّ الدَّفْعِ عَارِيَّةٌ وَصَدَّقَهَا زَيْدٌ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهَا الْمَزْبُورِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى دَارٍ وَقْفٍ عِدَّةَ سِنِينَ يُؤْجِرُهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ قِرْشًا وَيَدْفَعُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ خَمْسَةً وَيَأْخُذُ الْبَاقِيَ لِنَفْسِهِ زَاعِمًا أَنَّ الدَّارَ كَانَتْ فِي تَوَاجِرِ جَدِّ مُوَرِّثِهِ وَلَهُ عَلَيْهَا مُرْصَدٌ وَأَمَّا مَا قَبَضَهُ مِنْ أُجْرَتِهَا زَائِدًا عَلَى مَا يَدْفَعُهُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ يَسْتَحِقُّ بَعْضَهُ نَظِيرَ رِبْحِ الْمُرْصَدِ الْمَزْبُورِ الْمَوْرُوثِ لَهُ عَنْ جَدِّهِ وَالْبَعْضُ صَرَفَهُ فِي تَعْمِيرِهَا فِي الْمُدَّةِ كُلُّ ذَلِكَ بِدُونِ إجَارَةٍ لَهَا مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ وَلَا إذْنٍ مِنْهُ فِي التَّعْمِيرِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ النَّاظِرُ تَكْلِيفَهُ بِرَدِّ الزَّائِدِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ، وَالْحَالُ أَنَّ الْأُجْرَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَوْ مُقَاصَّتُهُ بِهِ مِنْ الْمُرْصَدِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ فَهَلْ لِلنَّاظِرِ ذَلِكَ وَلَا رِبْحَ لِلْمُرْصَدِ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ مَا صَرَفَهُ فِي التَّعْمِيرِ بِدُونِ إذْنٍ شَرْعِيٍّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُرْصَدٌ لَهُ عَلَى دَارِ وَقْفٍ ثَابِتٍ لَهُ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ مُرْصَدِهِ وَتُرِيدُ وَرَثَتُهُ حَبْسَ الْمَأْجُورِ لِاسْتِيفَاءِ مُرْصَدِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَقْفِ غَلَّةٌ وَلَا جِهَةٌ سِوَى الدَّارِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ بَعْدَ تَعْمِيرِهَا الضَّرُورِيِّ بِإِذْنِ نَاظِرِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا احْتَاجَتْ عَقَارَاتُ الْوَقْفِ لِلتَّعْمِيرِ الضَّرُورِيِّ وَلَا مَالَ فِي الْوَقْفِ وَلَا مَنْ يَسْتَأْجِرُهَا بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ فَأَذِنَ نَاظِرُهُ لِزَيْدٍ بِتَعْمِيرِهَا وَالصَّرْفِ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ لِيَرْجِعَ بِهِ فِي مَالِ الْوَقْفِ بَعْدَ إذْنِ الْقَاضِي الْعَامِّ لِلنَّاظِرِ بِذَلِكَ فَعَمَّرَ زَيْدٌ وَصَرَفَ مَبْلَغًا مَعْلُومًا أَثْبَتَهُ بِوَجْهِ النَّاظِرِ لَدَى النَّائِبِ الْقَاضِي غِبَّ الدَّعْوَى الشَّرْعِيَّةِ وَالْكَشْفِ عَلَى الْعِمَارَةِ وَتَقْوِيمِهَا فَحَكَمَ بِصِحَّةِ ذَلِكَ وَأَلْزَمَ النَّاظِرَ بِدَفْعِ الْمَبْلَغِ لِزَيْدٍ فَدَفَعَهُ لَهُ بِإِذْنِ النَّائِبِ لِيَرْجِعَ بِذَلِكَ فِي مَالِ الْوَقْفِ بَعْدَ أَنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَبِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَذِنَ لِزَيْدٍ الْمُسْتَأْجِرِ دَارَ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ بِأَنْ يُعَمِّرَ فِيهَا قَصْرًا ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْإِذْنِ وَنَهَاهُ عَنْ الْعِمَارَةِ لِمَا رَآهُ النَّاظِرُ مِنْ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَعَلِمَ زَيْدٌ بِالنَّهْيِ وَالرُّجُوعِ عَنْ الْإِذْنِ فَلَمْ يَنْتَهِ وَعَمَّرَ الْقَصْرَ الْمَزْبُورَ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ النَّاظِرُ أَنْ يُكَلِّفَهُ رَفْعَهُ حَيْثُ لَا يَضُرُّ رَفْعُهُ بِالْوَقْفِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا لَمْ يَضُرَّ رَفْعُهُ بِالْوَقْفِ وَإِنْ

ضَرَّ يَتَمَلَّكُهُ النَّاظِرُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ مَنْزُوعًا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَقِيلَ هُوَ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ فَلْيَتَرَبَّصْ إلَى خُلَاصَةٍ. (سُئِلَ) فِي قَرْيَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى بُيُوتٍ وَأَرَاضٍ لَهَا قَنَاةُ مَاءٍ مُخْتَصَّةٌ بِهَا جَارِيَةٌ فِيهَا وَالْقَرْيَةُ جَارِيَةٌ مَعَ جَمِيعِ أَرَاضِيهَا وَبُيُوتِهَا فِي وَقْفَيْنِ وَتَيْمَارٍ لِكُلٍّ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي ذَلِكَ فَتَهَدَّمَ بَعْضُ الْبُيُوتِ وَاحْتَاجَتْ الْقَنَاةُ لِلتَّعْزِيلِ فَهَلْ يَكُونُ تَعْمِيرُ مَا انْهَدَمَ مِنْ الْبُيُوتِ وَتَعْزِيلُ الْقَنَاةِ عَلَى جِهَاتِ الْأَوْقَافِ وَالتَّيْمَارِ بِحَسَبِ الْحِصَصِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى جُدُرٍ قَدِيمَةٍ مُحِيطَةٍ بِهِ وَحَقِّ شِرْبٍ جَارٍ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَعَلَيْهِ عُشْرٌ وَتَحْتَاجُ جُدُرُهُ إلَى تَعْمِيرٍ وَتَرْمِيمٍ وَمَاؤُهُ إلَى تَعْزِيلِ طَرِيقِهِ وَيَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ نَصْبٍ وَلَهُ مُسْتَأْجِرٌ فَهَلْ يَكُونُ مَا ذَكَرَ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ دُونَ مُسْتَأْجِرِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي شَجَرَةِ وَقْفٍ فِي دَارٍ وَقْفٍ احْتَاجَتْ الدَّارُ لِلتَّعْمِيرِ وَهِيَ فِي تَوَاجِرِ رَجُلٍ سَاكِنٍ فِيهَا يُعَمِّرُهَا مِنْ أُجْرَتِهَا وَيُرِيدُ الْمُتَوَلِّي بَيْعَ الشَّجَرَةِ لِأَجْلِ التَّعْمِيرِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَتُعَمَّرُ مِنْ أُجْرَتِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الشَّجَرَةَ وَيُعَمِّرَ الدَّارَ وَلَكِنْ يُكْرِي الدَّارَ وَيَسْتَعِينُ بِالْكِرَاءِ عَلَى عِمَارَةِ الدَّارِ لَا بِالشَّجَرَةِ كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ رَجُلٌ بِإِذْنِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ دَرَاهِمَ لِلْعِمَارَةِ بِمُرَابَحَةٍ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ بِالْمُرَابَحَةِ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَأَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ (أَقُولُ) وَيَأْتِي تَمَامُ ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ الثَّالِثِ. (سُئِلَ) فِي دُورٍ ثَلَاثٍ جَارِيَاتٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ مُنْحَصِرٍ رَيْعُهَا فِي زَيْدٍ نَاظِرِهَا وَأُخْتِهِ وَأَخَوَيْهِ فَتَهَايَأَ زَيْدٌ مَعَ إخْوَتِهِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ زَيْدٌ وَأُخْتُهُ فِي دَارٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْهَا وَيَسْكُنَ كُلُّ أَخٍ مِنْ الْأَخَوَيْنِ فِي دَارٍ مِنْ الدَّارَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ وَمَهْمَا احْتَاجَتْ كُلُّ دَارٍ مِنْ الدُّورِ لِلتَّعْمِيرِ وَكَانَ اثْنَيْ عَشَرَ قِرْشًا يَقُومُ بِذَلِكَ سَاكِنُهَا وَمَا زَادَ يُعَمَّرُ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ فَفَعَلُوا كَذَلِكَ ثُمَّ تَهَدَّمَتْ الدَّارُ الَّتِي مَعَ زَيْدٍ وَأُخْتِهِ وَكُلْفَةُ تَعْمِيرِهَا تَزِيدُ عَلَى سَبْعِينَ قِرْشًا وَيُرِيدُ النَّاظِرُ تَعْمِيرَهَا مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي عُلْوٍ جَارٍ فِي مِلْكِ زَيْدٍ وَتَحْتَهُ سُفْلٌ جَارٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ فَتَكَسَّرَ بَعْضُ أَخْشَابِ السُّفْلِ فَهَلْ تَكُونُ عِمَارَتُهَا عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ دُونَ زَيْدٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِي وَقْفِ بِرٍّ وَقَفَهُ وَاقِفُهُ عَلَى مَبَرَّاتٍ عَيَّنَهَا وَمَهْمَا فَضَلَ عَنْ الْمَبَرَّاتِ وَالتَّعْمِيرِ يَكُنْ لِذُرِّيَّتِهِ فَدَفَعَ النَّاظِرُ الْمَبَرَّاتِ لِمُسْتَحِقِّيهَا وَعَمَّرَ عِمَارَاتٍ ضَرُورِيَّةً فِي الْوَقْفِ وَصَدَّقَتْ الذُّرِّيَّةُ عَلَى أَنَّ الْعِمَارَةَ الْمَزْبُورَةَ حَقٌّ وَصَدَّقَ بَعْدَ اطِّلَاعِهِمْ عَلَى مَصَارِفِ الْوَقْفِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِتَصْدِيقِهِمْ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُرْصَدٌ لَهُ عَلَى دَارِ وَقْفٍ جَارِيَةٍ فِي تَوَاجِرِهِ ثَابِتٌ لَهُ ذَلِكَ بِمُوجَبِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ تَوَافَقَ فِيهَا مَعَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ عَلَى اقْتِطَاعِ بَعْضِ الْمَبْلَغِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَدَفْعِ الْبَعْضِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ عَنْ أَوْلَادٍ فَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَيُرِيدُ الْمُتَوَلِّي تَكْلِيفَ أَوْلَادِ زَيْدٍ بِاقْتِطَاعِ جَمِيعِ الْمَبْلَغِ مِنْ جَمِيعِ أُجْرَةِ مِثْلِ الدَّارِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بَعْدَ ثُبُوتِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالْمَصْلَحَةُ لِلْوَقْفِ فِي ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) كَأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ تَوَافُقَ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ الْمُتَوَلِّي عَلَى اقْتِطَاعِ الْمُرْصَدِ مِنْ الْأُجْرَةِ قَدْ صَارَ بِهِ الْمُرْصَدُ مُقَسَّطًا وَمُؤَجَّلًا وَقَدْ أَفْتَى فِي الْفَتَاوَى التَّاجِيَّةِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ بِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ حَالًّا إذَا طَلَبَهُ الْمُسْتَأْجِرُ قَالَ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْقَرْضِ وَهُوَ لَا يَتَأَجَّلُ بِالتَّأْجِيلِ صَرَّحَ بِذَلِكَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ مِنْ فَتَاوَاهُ الْمَشْهُورَةِ اهـ لَكِنْ أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ مِنْ فَتَاوَاهُ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَخْذُهُ حَالًّا حَيْثُ رَضِيَ بِتَأْجِيلِهِ وَتَقْسِيطِهِ كُلَّ سَنَةٍ كَذَا يَقْتَطِعُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ، وَعَلَيْهِ يَتَمَشَّى كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي دَارَيْنِ مَوْقُوفَتَيْنِ

لِلسُّكْنَى لَا لِلْإِسْكَانِ يُرِيدُ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ إعَارَةَ مَا لَهُ مِنْ حَقِّ السُّكْنَى فِي الدَّارَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِمَنْ لَهُ حَقُّ السُّكْنَى فِي الدَّارِ أَنْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ بِطَرِيقِ الْعَارِيَّةِ دُونَ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا تُوجِبُ حَقًّا لِلْمُسْتَعِيرِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ ضَيْفٍ أَضَافَهُ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مَعْلُومَةٍ وَقَفَهَا صَاحِبُهَا عَلَى سُكْنَى ذُرِّيَّتِهِ وَهُمْ سَاكِنُونَ فِيهَا فَسَافَرَ شَخْصٌ مِنْهُمْ وَغَابَ مُدَّةً بِاخْتِيَارِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمْنَعَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ السُّكْنَى ثُمَّ رَجَعَ وَيُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ أُجْرَةَ حِصَّتِهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ زَاعِمًا أَنَّهُمْ سَكَنُوا جَمِيعَ الدَّارِ وَيُرِيدُ أَيْضًا إيجَارَ حِصَّتِهِ مِنْ الْآنَ وَقَبْضَ أُجْرَتِهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذْ كَانَ لِزَيْدٍ قَدْرُ اسْتِحْقَاقٍ مَعْلُومٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فَغَابَ عَنْ بَلْدَتِهِ وَهُوَ بَالِغٌ وَمَضَى مِنْ غَيْبَتِهِ سِتُّونَ سَنَةً وَلَمْ يُعْلَمُ حَيَاتُهُ وَلَا مَوْتُهُ وَلَا مَكَانُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَوْلَادٌ وَلَا ذُرِّيَّةٌ وَلَا نَسْلٌ وَلَا عَقِبٌ وَقَدْ شَرَطَ الْوَاقِفُ انْتِقَالَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَتَقْدِيمَ الْأَقْرَبِ لِلْمُتَوَفَّى، وَفِي دَرَجَةِ زَيْدٍ جَمَاعَةٌ مِنْ الذُّرِّيَّةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ لِلْمُتَوَفَّى مِنْ غَيْرِهِمْ فَهَلْ إذَا شَهِدَ عَدْلَانِ بِمَوْتِ أَقْرَانِهِ بِبَلْدَتِهِ يُقْضَى بِمَوْتِهِ وَيَنْتَقِلُ نَصِيبُهُ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ لِلْأَقْرَبِ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِ دَرَجَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمُعْتَبَرُ فِي مَوْتِ الْمَفْقُودِ مَوْتُ أَقْرَانِهِ فِي بَلَدِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ تِسْعُونَ سَنَةً قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. (سُئِلَ) فِي بَيْعِ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ مِنْ الْغِرَاسِ الْمُسْتَحَقِّ لِلْبَقَاءِ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ مِنْ غَيْرِ الشَّرِيكِ فِيهِ وَبِدُونِ تَصْدِيقِهِ فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ صَحِيحٍ وَيَصِحُّ مِنْ الشَّرِيكِ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَكُونُ غَيْرَ صَحِيحٍ وَيَصِحُّ مِنْ الشَّرِيكِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ عَلِيٌّ أَفَنْدِي مُفْتِي السَّلْطَنَةِ الْعَلِيَّةِ سَابِقًا وَكَذَلِكَ الْعَلَّامَةُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا حَرَّرَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ (أَقُولُ) سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ. (سُئِلَ) فِي أَشْجَارٍ مُثْمِرَةٍ يَانِعَةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ جَامِعٍ قَائِمَةٍ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ تَعَمَّدَ رَجُلٌ وَقَلْعَهَا وَتَصَرَّفَ بِهَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا قَائِمَةً يَوْمَ قَلْعِهَا وَيُعَزَّرُ بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ قَلَعَهَا وَتَصَرَّفَ بِهَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا بِأَرْضِهَا يَوْمَ قَلْعِهَا؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ غَيْرَ الْمِثْلِيِّ إذْ الشَّجَرُ وَالْخَشَبُ وَالْحَطَبُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ وَلِلْحَاكِمِ تَعْزِيرُهُ بِمَا يَلِيقُ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَاطَى مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهَا، قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ وَكُلُّ مَعْصِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ مُقَدَّرٌ فِيهَا التَّعْزِيرُ، رَجُلٌ قَطَعَ شَجَرَةً فِي دَارِ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ يُخَيَّرُ صَاحِبُ الدَّارِ إنْ شَاءَ تَرَكَ الشَّجَرَةَ عَلَى الْقَاطِعِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الشَّجَرَةِ قَائِمَةً؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِ شَجَرَةً قَائِمَةً، وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ تِلْكَ الْقِيمَةِ أَنْ تُقَوَّمَ الدَّارُ مَعَ الشَّجَرَةِ وَتُقَوَّمَ بِغَيْرِ شَجَرَةٍ فَيَضْمَنَ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا خَانِيَّةٌ مِنْ الْغَصْبِ، رَجُلٌ قَطَعَ أَشْجَارَ إنْسَانٍ فِي كَرْمِهِ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِأَنْ يُقَوَّمَ الْكَرْمُ مَعَ الْأَشْجَارِ الْمَقْلُوعَةِ وَمَعَ الْأَشْجَارِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ مَقْلُوعَةٍ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا بَزَّازِيَّةٌ. (سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ تَرَكُوا دَعْوَاهُمْ الِاسْتِحْقَاقَ فِي غَلَّةِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ بِلَا مَانِعٍ شَرْعِيٍّ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَهُمْ بَالِغُونَ مُقِيمُونَ فِي بَلْدَةِ الْوَقْفِ هُمْ وَنُظَّارُهُ وَقَدْ مَنَعَ السُّلْطَانُ أَعَزَّ اللَّهُ أَنْصَارَهُ سَمَاعَ الدَّعْوَى فِي غَيْرِ عَيْنِ الْوَقْفِ الَّتِي مَضَى عَلَيْهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَيُرِيدُونَ الْآنَ الدَّعْوَى بِذَلِكَ بِدُونِ أَمْرٍ شَرِيفٍ سُلْطَانِيٍّ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُمْ بِذَلِكَ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ لِلْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ قَبِيلِ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ لَا هِيَ فِي نَفْسِ الْوَقْفِ الْمُسْتَثْنَى بِالسَّمَاعِ إذْ الِاسْتِحْقَاقُ مِلْكٌ لِمَنْ يَسْتَحِقُّهُ فَتَكُونُ الدَّعْوَى بِهِ كَالدَّعْوَى فِي سَائِرِ الِاسْتِحْقَاقَاتِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ تَجُوزُ هِبَةُ الْمُسْتَحِقِّ اسْتِحْقَاقَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِخِلَافِ نَفْسِ الْوَقْفِ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي الْمِلْكِ، وَغَلَّةُ الْوَقْفِ يَمْلِكُهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ اهـ وَفِيهِ مِنْ الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ أَسْبَابُ التَّمَلُّكِ الْمُعَاوَضَاتُ

الْمَالِيَّةُ إلَى أَنْ قَالَ وَالْوَقْفُ، قَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَمَوِيُّ الْمُرَادُ مَنَافِعُ الْوَقْفِ وَإِلَّا فَرَقَبَةُ الْوَقْفِ لَا تُمْلَكُ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْوَقْفِ يَزُولُ عَنْ الْمَالِكِ لَا إلَى مَالِكٍ وَلَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَلَوْ مُعَيَّنًا اهـ. (سُئِلَ) فِي مُسْتَحِقٍّ لَهُ دَرَاهِمُ مَعْلُومَةٌ تَحْتَ يَدِ نَاظِرِ الْوَقْفِ هِيَ قَدْرُ اسْتِحْقَاقِهِ فِي الْوَقْفِ أَحَالَ الْمُسْتَحِقُّ بِهَا دَائِنَهُ عَلَى النَّاظِرِ وَقَبِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْحَوَالَةَ فَهَلْ تَكُونُ الْحَوَالَةُ الْمَذْكُورَةُ صَحِيحَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي مُسْتَحِقَّةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مَاتَتْ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ بَعْدَمَا قَبَضَ نُظَّارُ الْوَقْفِ رَيْعَهُ وَأُجُورَهُ وَعَلَى الْمُسْتَحِقَّةِ الْمَزْبُورَةِ دَيْنٌ لِأُمِّهَا فَهَلْ مَا يَخُصُّهَا مِنْ ذَلِكَ يَصِيرُ مِيرَاثًا عَنْهَا فَيُقْضَى بِهِ دَيْنُهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ مَاتَ بَعْضُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ قَبْلَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يَكُونُ مَا وَجَبَ مِنْ الْغَلَّةِ إلَى أَنْ مَاتَ لِوَرَثَتِهِ وَمَا يَجِبُ مِنْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ لِجِهَاتِ الْوَقْفِ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مُعَجَّلَةً وَلَمْ تُقْسَمْ بَيْنَهُمْ وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ كَذَلِكَ وَقَالَ هِلَالٌ غَيْرَ أَنِّي أَسْتَحْسِنُ إذَا قُسِمَ الْمُعَجَّلُ بَيْنَ قَوْمٍ ثُمَّ مَاتَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ أَنِّي لَا أَرُدُّ الْقِسْمَةَ وَأُجِيزُ ذَلِكَ إسْعَافٌ مِنْ بَابِ إجَارَةِ الْوَقْفِ وَفِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيُّ عَنْ الْحَانُوتِيِّ سُئِلَ فِيمَنْ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ تَمَامِ الْقِسْطِ فِي الْوَقْفِ الَّذِي يُؤَجَّرُ عَلَى الْأَقْسَاطِ فَأَجَابَ حَيْثُ وَقَعَتْ إجَارَةُ الْأَرْضِ عَلَى الْأَقْسَاطِ وَمَاتَ الْمُسْتَحِقُّ بَعْدَ مُضِيِّ الْقِسْطِ أَوْ عِنْدَ تَمَامِهِ يَأْخُذُ مَا اسْتَحَقَّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا فِي وَقْتِ تَمَامِ الْقِسْطِ الْمَعْلُومِ قَالَ إنَّ الْعِبْرَةَ لِوَقْتِ ظُهُورِ الْغَلَّةِ وَأَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ بِلَادِنَا مِنْ إجَارَةِ أَرْضِ الْوَقْفِ لِمَنْ يَزْرَعُهَا لِنَفْسِهِ بِأُجْرَةٍ تُسْتَحَقُّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَاطٍ كُلُّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ قِسْطٌ فَيُوجِبُ اعْتِبَارَ إدْرَاكِ الْقِسْطِ فَهُوَ كَإِدْرَاكِ الْغَلَّةِ فَكُلُّ مَنْ كَانَ مَخْلُوقًا قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ الرَّابِعِ حَتَّى تَمَّ وَهُوَ مَخْلُوقٌ اسْتَحَقَّ هَذَا الْقِسْطَ وَمَنْ لَا فَلَا (أَقُولُ) هَذَا إذَا مَاتَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ الْغَائِبِ قَدْرُ اسْتِحْقَاقٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ تَحْتَ يَدِ النَّاظِرَةِ عَلَى الْوَقْفِ وَلِزَيْدٍ ابْنُ عَمٍّ مُسْتَحِقٍّ فِي الْوَقْفِ يُرِيدُ تَنَاوُلَ حِصَّةِ الْغَائِبِ مِنْ النَّاظِرَةِ بِدُونِ وَكَالَةٍ عَنْهُ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَيَبْقَى ذَلِكَ تَحْتَ يَدِ النَّاظِرَةِ إلَى ظُهُورِ حَالِهِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْمُسْتَحِقِّ أَمَانَةٌ تَحْتَ يَدِ النَّاظِرِ وَلَا تُدْفَعُ إلَى غَيْرِ صَاحِبِهَا إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ تِسْعَةُ قَرَارِيطَ مِنْهَا مِلْكٌ لِزَيْدِ وَبَاقِيهَا وَقْفٌ فَاقْتَسَمَهَا زَيْدٌ مَعَ نَاظِرِ الْوَقْفِ قِسْمَةً شَرْعِيَّةً بِالتَّرَاضِي وَالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ تَكُونُ الْمُقَاسَمَةُ صَحِيحَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ اقْتَسَمَ الشَّرِيكَانِ وَأَدْخَلَا فِي الْقِسْمَةِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً فَإِنْ كَانَ الْمُعْطِي هُوَ الْوَاقِفُ جَازَ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ أَخَذَ الْوَقْفَ وَاشْتَرَى بَعْضَ مَا لَيْسَ بِوَقْفٍ مِنْ نَصِيبِ شَرِيكِهِ بِدَرَاهِمِهِ وَإِنَّهُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ نَقْضُ بَعْضِ الْوَقْفِ وَحِصَّةُ الْوَقْفِ وَقْفٌ وَمَا اشْتَرَاهُ مِلْكٌ لَهُ وَلَا يَصِيرُ وَقْفًا إسْعَافٌ مِنْ فَصْلِ الْمُشَاعِ. (سُئِلَ) فِي قِسْمَةِ أَرْضِ الْوَقْفِ بِالتَّرَاضِي بَيْنَ مُسْتَحِقِّيهِ عَلَى طَرِيقِ التَّهَايُؤِ وَالتَّنَاوُبِ هَلْ تَكُونُ جَائِزَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ وَالْإِسْعَافِ وَفَتَاوَى الشَّلَبِيِّ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي قِسْمَةِ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ بَيْنَ مُسْتَحِقِّيهَا قِسْمَةَ تَمَلُّكٍ هَلْ تَكُونُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ أَرَادَ بَعْضُ أَرْبَابِ الْوَقْفِ قِسْمَتَهَا بَيْنَهُمْ قِسْمَةَ جَبْرٍ وَاخْتِصَاصٍ فَهَلْ تُقْسَمُ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا تُقْسَمُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِسْعَافِ وَغَيْرِهِ (أَقُولُ) وَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَصَّافِ وَالْفَتْحِ مِنْ أَنَّ الْوَقْفَ لَا يُقْسَمُ بَيْنَ مُسْتَحِقِّيهِ إجْمَاعًا مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا فَلَا يُنَافِي مَا فِي الْإِسْعَافِ لَوْ قَسَمَهُ الْوَاقِفُ بَيْنَ أَرْبَابِهِ لِيَزْرَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَصِيبَهُ وَلِيَكُونَ الْمَزْرُوعُ لَهُ دُونَ شُرَكَائِهِ تَوَقَّفَ عَلَى رِضَاهُمْ وَلَوْ فَعَلَ أَهْلُ الْوَقْفِ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ جَازَ وَلِمَنْ أَبَى مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ إبْطَالُهُ. اهـ. لِحَمْلِهِ عَلَى قِسْمَةِ التَّهَايُؤِ كَمَا حَرَّرَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ أَنْ لَا يُقْسَمَ وَلَا يُهَايَأَ بِهِ فَقَسَمَ وَلِيٌّ صَغِيرٍ مُسْتَحِقٍّ فِي الْوَقْفِ نَصِيبَ الصَّغِيرِ فِي الْوَقْفِ مَعَ مُتَوَلِّيهِ

قِسْمَةَ حِفْظٍ ثُمَّ بَلَغَ الصَّغِيرُ رَشِيدًا وَيُرِيدُ رَدَّ الْقِسْمَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) لَيْسَ ثُبُوتُ الرَّدِّ لَهُ بِسَبَبِ شَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَذْكُورِ بَلْ لِمَا عَلِمْت آنِفًا مِنْ أَنَّ لِكُلِّ مَنْ أَبَى مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ إبْطَالَهُ. (سُئِلَ) فِي عَقَارَاتٍ مَوْقُوفَةٍ يَسْتَحِقُّ رَيْعَهَا جَمَاعَةٌ تَوَافَقُوا عَلَى قِسْمَتِهَا بَيْنَهُمْ قِسْمَةَ مُهَايَأَةٍ ثُمَّ مَاتُوا عَنْ أَوْلَادٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُمْ إلَيْهِمْ وَيُرِيدُ الْأَوْلَادُ نَقْضَ الْقِسْمَةِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ وَلِلنَّاظِرِ تَحْصِيلُ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَدَفْعُهَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ وَظِيفَةٌ مَعْلُومَةٌ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَلِلْوَقْفِ جِهَاتٌ تَحْتَ يَدِ نَاظِرِهِ وَيَأْخُذُ أُجْرَةَ الْبَعْضِ مُشَاهَرَةً وَالْبَعْضِ مُسَانَهَةً وَيَطْلُبُ الرَّجُلُ مِنْ النَّاظِرِ دَفْعَ مَعْلُومِ وَظِيفَتِهِ مِنْ الْمُشَاهَرَةِ عَنْ أَشْهُرٍ مَعْلُومَةٍ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهِ لِذَلِكَ عَلَى حَسَبِ مَا تَنَاوَلَهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَهَلْ لِلرَّجُلِ مُطَالَبَةُ النَّاظِرِ بِذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، فِي وَقْفٍ عَلَى الذُّرِّيَّةِ آجَرَهُ النَّاظِرُ بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ مُدَّةً تَأْتِي وَقَبَضَهَا وَهِيَ خَرَاجِيَّةٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى صَرْفِ حِصَصِ الْمُسْتَحِقِّينَ بِالْوَقْفِ مِمَّا تَعَجَّلَهُ أَوْ لَا يَدْفَعُ لَهُمْ إلَّا مَا يَمْضِي سَنَةً بِسَنَةٍ فَأَجَابَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ بِمَا صُورَتُهُ: لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ حِصَصِ الْمُسْتَحِقِّينَ مُعَجَّلًا وَإِنَّمَا يَدْفَعُ لَهُمْ بِحَسَبِ اسْتِحْقَاقِهِمْ كُلَّمَا مَضَى سَنَةٌ دَفَعَ لَهُمْ اسْتِحْقَاقَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَتَاوَى الْكَازَرُونِيُّ مِنْ الْوَقْفِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ فِي رَجُلٍ لَهُ قَدْرُ اسْتِحْقَاقٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَلِلْوَقْفِ جِهَاتٌ تَحْتَ يَدِ زَيْدٍ النَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ يُؤَجِّرُ ذَلِكَ وَيَأْخُذُ أُجْرَةَ الْبَعْضِ مُشَاهَرَةً وَالْبَعْضِ مُسَانَهَةً وَيَطْلُبُ الرَّجُلُ الْمَزْبُورُ مِنْ النَّاظِرِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ قَدْرَ اسْتِحْقَاقِهِ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حَسَبِ مَا تَنَاوَلَهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ أَجَابَ: لِلرَّجُلِ مُطَالَبَةُ النَّاظِرِ بِذَلِكَ بَعْدَ قَبْضِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ مِنْ الْوَقْفِ. (أَقُولُ) قَيَّدَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الطَّلَبُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ وَإِنْ كَانَ النَّاظِرُ قَبَضَ الْأَجْرَ مُعَجَّلًا وَهُوَ مَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ آنِفًا. (سُئِلَ) فِي دَارَيْ وَقْفٍ مُتَلَاصِقَتَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَابٌ قَدِيمٌ عَلَى حِدَةٍ فَسَدَّ النَّاظِرُ بَابَ إحْدَاهُمَا وَفَتَحَ لَهَا بَابًا مِنْ الدَّارِ الْأُخْرَى وَجَعَلَهُمَا دَارًا وَاحِدَةً بِلَا نَفْعٍ وَلَا مَصْلَحَةَ لِلْوَقْفِ وَفِي ذَلِكَ تَغْيِيرٌ لِصِفَةِ الْوَقْفِ فَهَلْ يُعَادُ كَمَا كَانَ فِي الْقَدِيمِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ كَبِيرَةٍ ذَاتِ مَسَاكِنَ مَوْقُوفَةٍ لِلسُّكْنَى فَامْتَنَعَ وَاحِدٌ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ السُّكْنَى فِيهَا مِنْ نَفْسِهِ فَهَلْ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً إنْ لَمْ يَسْكُنْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ قَدْرُ اسْتِحْقَاقٍ مَعْلُومٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فَمَاتَتْ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ وَضَعَا يَدَهُمَا عَلَيْهِ وَتَنَاوَلَاهُ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ فِي مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِمُوجَبِ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَالْآنَ ظَهَرَ لَهَا ابْنُ ابْنٍ مَاتَ فِي حَيَاتِهَا وَلَهُ اسْتِحْقَاقٌ فِي نَصِيبِهَا يُطَالِبُ النَّاظِرُ بِهِ مِنْ حِينِ مَوْتِ جَدَّتِهِ بَعْدَ الثُّبُوتِ فَهَلْ طَلَبُهُ عَلَى مَنْ تَنَاوَلَهُ لَا عَلَى النَّاظِرِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ بِعَدَمِ عِلْمِهِ وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِهِ شَرْعًا مَعَ عَدَمِ الضَّمَانِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ (أَقُولُ) وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا اعْتَرَفَ الْمُتَنَاوِلَانِ بِاسْتِحْقَاقِهِ أَوْ كَانَ لِذَلِكَ الْمُدَّعِي عُذْرٌ مُسَوِّغٌ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ لَا تُسْمَعُ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ الْقَارِئَةِ وَظِيفَةُ قِرَاءَةِ مَا تَيَسَّرَ قِرَاءَتُهُ مِنْ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَإِهْدَاءَ ثَوَابِ ذَلِكَ لِوَاقِفِ مَدْرَسَةِ كَذَا بِمَا لَهَا مِنْ الْمَعْلُومِ بِمُوجَبِ تَقْرِيرٍ شَرْعِيٍّ بِطَرِيقِ الْفَرَاغِ مِنْ أَبِيهَا الْمُتَصَرِّفِ بِذَلِكَ قَبْلَهَا بِمُوجَبِ تَقْرِيرٍ أَيْضًا وَتَصَرَّفَتْ فِي الْوَظِيفَةِ مُدَّةً ثُمَّ انْكَسَرَ لَهَا عِنْدَ الْمُتَوَلِّي نَحْوُ سَبْعِ سَنَوَاتٍ مُبَاشَرَةُ الْقِرَاءَةِ فِيهَا وَيَمْتَنِعُ مِنْ دَفْعِ ذَلِكَ لَهَا فَهَلْ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْمَعْلُومِ لَهَا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ اسْتِحْقَاقُ قَرَارِيطَ مَعْلُومَةٍ فِي رَيْعِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَالنَّاظِرُ يَدْفَعُ لَهُمْ عَنْ ذَلِكَ فِي كُلِّ

الباب الثالث في أحكام النظار وأصحاب الوظائف

سَنَةٍ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً دُونَ مَا يَخُصُّ الْحِصَّةَ الْمَزْبُورَةَ وَيُرِيدُونَ الْآنَ قَدْرَ مَا يَخُصُّهُمْ بِقَدْرِ الْقَرَارِيطِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ حَانُوتِ وَقْفٍ مَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ فَقَفَلَ الْحَانُوتَ وَعَطَّلَهَا وَامْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ زَاعِمًا أَنَّ لَهُ كَذَا وَكَذَا مُرْصَدًا عَلَيْهَا صَرَفَهُ بِإِذْنِ النَّاظِرِ وَأَنَّ لَهُ حَبْسَهَا مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ حَتَّى يَدْفَعَ لَهُ مُرْصَدَهُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا فِي مُدَّةِ تَعْطِيلِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ مَنَافِعُ الْغَصْبِ اسْتَوْفَاهَا أَوْ عَطَّلَهَا فَإِنَّهَا لَا تُضْمَنُ عِنْدَنَا إلَّا أَنْ يَكُونَ وَقْفًا أَوْ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ تَنْوِيرُ الْأَبْصَارِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ قُبَيْلَ مَسَائِلِ الْعُذْرِ مَا نَصُّهُ وَفِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ إذَا انْفَسَخَتْ يَبْقَى الْمُسْتَأْجَرُ مَحْبُوسًا بِمَالِ الْإِجَارَةِ كَمَا فِي مَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ اهـ فَمُفَادُ عِبَارَتِهَا أَنَّ الْحَبْسَ بِمَالِ الْإِجَارَةِ لَا أَنَّهُ يَحْبِسُ عَيْنَ الْوَقْفِ وَيُعَطِّلُهَا فَافْهَمْ (أَقُولُ) هَذَا الْمُفَادُ غَيْرُ ظَاهِرٍ مِنْ الْعِبَارَةِ بَلْ الظَّاهِرُ مِنْهَا أَنَّ الْبَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ لَا لِلْبَدَلِيَّةِ أَيْ لَهُ حَبْسُ الْمَأْجُورِ لِاسْتِيفَاءِ مَالِ الْإِجَارَةِ الَّذِي عَجَّلَهُ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ كِتَابِ الْإِجَارَةِ: فُسِخَ الْعَقْدُ بَعْدَ تَعْجِيلِ الْبَدَلِ فَلِلْمُعَجِّلِ حَبْسُ الْمُبْدَلِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَالَ الْبَدَلِ اهـ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ بَيْتًا وَلَوْ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَإِنْ قَبَضَهُ وَمَاتَ الْمُؤَجِّرُ فَلَهُ حَبْسُ الْبَيْتِ لِأَجْرٍ عَجَّلَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ فَلَا اهـ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مَا يَدُلُّ عَلَى لُزُومِ الْأُجْرَةِ فِي مُدَّةِ الْحَبْسِ، نَعَمْ قَدْ يُقَالُ بِلُزُومِ أَجْرِ الْمِثْلِ فِي الْوَقْفِ لِمَا عَلِمْت مِنْ ضَمَانِ مَنَافِعِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ النَّاظِرِ ظَالِمًا بِعَدَمِ دَفْعِ الْمُعَجَّلِ لِلْمُسْتَأْجِرِ سُقُوطُ ضَمَانِ مَنَافِعِ الْوَقْفِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمَأْجُورُ مِلْكًا فَافْهَمْ. [الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ النُّظَّارِ وَأَصْحَابِ الْوَظَائِفِ] (الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ النُّظَّارِ وَأَصْحَابِ الْوَظَائِفِ مِنْ نَصْبٍ وَعَزْلٍ وَتَوْكِيلٍ وَفَرَاغٍ وَإِيجَارٍ وَتَعْمِيرٍ وَاسْتِدَانَةٍ وَإِقْرَارٍ وَقَبْضٍ وَصَرْفٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ) . (سُئِلَ) فِي الصَّالِحِ لِلنَّظَرِ مَنْ هُوَ؟ (الْجَوَابُ) : هُوَ مَنْ لَمْ يَسْأَلْ الْوِلَايَةَ لِلْوَقْفِ وَلَيْسَ فِيهِ فِسْقٌ يُعْرَفُ، هَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي الْإِسْعَافِ لَا يُوَلَّى إلَّا أَمِينٌ قَادِرٌ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَكَذَا الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَكَذَا الْمَحْدُودُ فِي قَذْفٍ إنْ تَابَ وَيُشْتَرَطُ لِلصِّحَّةِ عَقْلُهُ وَبُلُوغُهُ بَحْرٌ وَقَدْ أَفْتَى بِعَدَمِ صِحَّةِ أَنْ يَكُونَ الصَّغِيرُ نَاظِرًا عَلَى الْوَقْفِ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشَّلَبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَمَا فِي فَتَاوِيهِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ قَائِلًا نَعَمْ يَصِحُّ الْإِسْنَادُ لِلْأُنْثَى حَيْثُ كَانَتْ مُتَّصِفَةً بِمَا ذُكِرَ وَأَمَّا الْإِسْنَادُ لِلصَّغِيرِ فَلَا يَصِحُّ بِحَالٍ لَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِقْلَالِ بِالنَّظَرِ وَلَا عَلَى سَبِيلِ الْمُشَارَكَةِ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ وَالصَّغِيرُ يُوَلَّى عَلَيْهِ لِقُصُورِهِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُوَلَّى عَلَى غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ لَكِنْ فِي الْأَشْبَاهِ مَا يُنَاقِضُهُ فَإِنَّهُ قَالَ فِي أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ وَيَصْلُحُ وَصِيًّا وَنَاظِرًا وَيُقِيمُ الْقَاضِي مَكَانَهُ بَالِغًا إلَى بُلُوغِهِ كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ مِنْ الْوَصَايَا اهـ. (أَقُولُ) لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ وَهْبَانَ قَوْلَهُ وَنَاظِرًا وَكَأَنَّ صَاحِبَ الْأَشْبَاهِ أَلْحَقَهُ بِالْوَصِيِّ لِاسْتِوَاءِ النَّاظِرِ وَالْوَصِيِّ فِي غَالِبِ الْأَحْكَامِ عَلَى أَنَّ الْبِيرِيَّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ ذَكَرَ أَنَّ فِي صِحَّةِ جَعْلِهِ وَصِيًّا خِلَافُ الْمَشَايِخِ وَذَكَرَ عِبَارَاتِهِمْ وَعِبَارَةَ الْبَحْرِ عَنْ الْإِسْعَافِ وَلَوْ أَوْصَى إلَى صَبِيٍّ تَبْطُلُ فِي الْقِيَاسِ مُطْلَقًا وَفِي الِاسْتِحْسَانِ هِيَ بَاطِلَةٌ مَا دَامَ صَغِيرًا فَإِذَا كَبُرَ تَكُونُ الْوِلَايَةُ لَهُ اهـ وَذَكَرْت فِي حَاشِيَتِي عَلَى الْبَحْرِ عَنْ أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْإِمَامِ الْأُسْرُوشَنِيِّ عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا فَوَّضَ التَّوْلِيَةَ إلَى صَبِيٍّ يَجُوزُ إذَا كَانَ أَهْلًا لِلْحِفْظِ وَيَكُونُ لَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ كَمَا أَنَّ الْقَاضِيَ يَمْلِكُ إذْنَ الصَّبِيِّ وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ لَا يَأْذَنُ وَكَذَلِكَ التَّوْلِيَةُ اهـ فَقَوْلُهُ يَجُوزُ إذَا كَانَ أَهْلًا لِلْحِفْظِ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ عَاقِلًا رُبَّمَا يُفِيدُ التَّوْفِيقَ بِحَمْلِ مَا فِي الْإِسْعَافِ عَلَى مَا إذَا كَانَ

صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ وَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَحْرِ مِنْ اشْتِرَاطِ بُلُوغِهِ يُحْمَلُ عَلَى الْقِيَاسِ فَتَأَمَّلْ. ثُمَّ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَلَوْ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ أَوْلَادِهِ فَاسْتَوَيَا اشْتَرَكَا، بِهِ أَفْتَى الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ يَنْتَظِمُ الْوَاحِدَ وَالْمُتَعَدِّدَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي النَّهْرِ عَنْ الْإِسْعَافِ شَرَطَهُ لِأَفْضَلِ أَوْلَادِهِ فَاسْتَوَيَا فَلِأَسَنِّهِمْ وَلَوْ أَحَدُهُمَا أَوْرَعَ وَالْآخَرُ أَعْلَمَ بِأُمُورِ الْوَقْفِ فَهُوَ أَوْلَى إذَا أَمِنَ خِيَانَتَهُ اهـ وَكَذَا لَوْ شَرَطَهُ لِأَرْشَدِهِمْ كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ مِنْ فُرُوعِ الْوَقْفِ وَلَوْ أَبَى أَفْضَلُهُمْ فَلِمَنْ يَلِيهِ اسْتِحْسَانًا قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ إلَخْ ذَكَرَهُ الْبَيْضَاوِيُّ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} [الشمس: 12] عَلَائِيٌّ عَلَى الْمُلْتَقَى وَلَوْ اسْتَوَيَا رُشْدًا وَكَانَ أَحَدُهُمَا عَالِمًا فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9] كَذَا أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ. (مَسْأَلَةٌ) رَجُلٌ وَقَفَ وَقْفًا وَشَرَطَ فِيهِ النَّظَرَ لِمَنْ يَصْلُحُ مِنْ الذُّرِّيَّةِ فَثَبَتَ صَلَاحُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَحُكِمَ لَهُ بِالنَّظَرِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَثْبَتَ حَاكِمٌ آخَرُ صَلَاحَ امْرَأَةٍ مِنْهُمْ وَحَكَمَ لَهَا بِالنَّظَرِ فَهَلْ يَشْتَرِكَانِ أَوْ تُقَدَّمُ الْمَرْأَةُ الْجَوَابُ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِمَنْ يَصْلُحُ مِنْ الذُّرِّيَّةِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ وَثَبَتَتْ الصَّلَاحِيَّةُ لِلرَّجُلِ وَحُكِمَ لَهُ بِالنَّظَرِ فَلَا حَقَّ لِلْمَرْأَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ تَصْلُحُ وَلَا يُظَنُّ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِصِيغَةِ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ بَلْ هُوَ فِي هَذِهِ الصِّيغَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ إذَا ثَبَتَ لِوَاحِدٍ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى غَيْرِهِ وَلَمْ يَتَعَدَّ بَلْ لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ بِصِيغَةِ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ كَالْأَصْلَحِ وَالْأَرْشَدِ وَثَبَتَتْ الْأَصْلَحِيَّةُ وَالْأَرْشَدِيَّةُ لِوَاحِدٍ وَحُكِمَ لَهُ ثُمَّ وُجِدَ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْ صَارَ أَصْلَحَ أَوْ أَرْشَدَ لَمْ يَنْتَقِلْ لَهُ الْحَقُّ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَنْ فِيهِ هَذَا الْوَصْفُ فِي الِابْتِدَاءِ لَا فِي الْأَثْنَاءِ وَإِلَّا لَمْ يَسْتَقِرَّ نَظَرٌ لِأَحَدٍ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ إذَا قُلْنَا لَا تَنْعَقِدُ إمَامَةُ الْمَفْضُولِ مَعَ وُجُودِ الْفَاضِلِ فَذَاكَ فِي الِابْتِدَاءِ لَا فِي الدَّوَامِ وَمَقْصُودُ الْوَاقِفِ تَفْوِيضُ النَّظَرِ إلَى وَاحِدٍ يَصْلُحُ لَا إلَى كُلِّ مَنْ يَصْلُحُ وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى جَعْلِ النَّظَرِ لِجَمِيعِ الذُّرِّيَّةِ إذَا كَانُوا صَالِحِينَ وَيَحْصُلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مِنْ اخْتِلَافِ الْكَلِمَةِ مَا يُؤَدِّي إلَى فَسَادِ الْوَقْفِ فَالْأَوْلَى حَمْلُ مَا فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ عَلَى النَّكِرَةِ الْمَوْصُوفَةِ لَا عَلَى الْمَوْصُولَةِ وَحِينَئِذٍ لَا عُمُومَ فَإِنَّهَا نَكِرَةٌ فِي الْإِثْبَاتِ فَلَا تَعُمُّ بَلْ لَوْ فُرِضَ فِيهَا عُمُومٌ كَانَ مِنْ عُمُومِ الْبَدَلِ لَا مِنْ عُمُومِ الشُّمُولِ حَاوِي السُّيُوطِيّ مِنْ الْوَقْفِ. (أَقُولُ) مَا ذَكَرَهُ عُلَمَاؤُنَا مُخَالِفٌ لِهَذَا فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْإِسْعَافِ وَلَوْ صَارَ الْمَفْضُولُ مِنْ أَوْلَادِهِ أَفْضَلَ مِمَّنْ كَانَ أَفْضَلَهُمْ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَيْهِ بِشَرْطِهِ إيَّاهَا لِأَفْضَلِهِمْ فَيُنْظَرُ فِي كُلِّ وَقْتٍ إلَى أَفْضَلِهِمْ كَالْوَقْفِ عَلَى الْأَفْقَرِ فَالْأَفْقَرِ مِنْ وَلَدِهِ فَإِنَّهُ يُعْطَى الْأَفْقَرُ مِنْهُمْ وَإِذَا صَارَ غَيْرُهُ أَفْقَرَ مِنْهُ يُعْطَى الثَّانِي وَيَحْرُمُ الْأَوَّلُ اهـ وَفِي السَّادِسِ مِنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَلَوْ وَلَّى الْقَاضِي أَفْضَلَهُمْ ثُمَّ صَارَ فِي وَلَدِهِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ فَالْوِلَايَةُ إلَيْهِ اعْتِبَارًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ اهـ وَرَأَيْت التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ أَيْضًا فِي أَوْقَافِ الْخَصَّافِ وَسَنُحَقِّقُ الْمَسْأَلَةَ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ نَظَرَ وَقْفِهِ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَتَوَلَّى الْأَرْشَدُ مِنْهُمْ نَظَرَ الْوَقْفِ وَثَبَتَتْ أَرْشَدِيَّتِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ ثُمَّ فَوَّضَ النَّظَرَ وَأَسْنَدَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِزَوْجَتِهِ الْأَهْلِ لِلنَّظَرِ الْعَدْلِ الْكَافِيَةِ بِمَصَالِحِ الْوَقْفِ الرَّشِيدَةِ وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ الْمُسْتَحِقَّةِ بِالْفِعْلِ لِبَعْضِ رِيعِهِ وَقَرَّرَهَا قَاضِي الْقُضَاةِ فِي وَظِيفَةِ النَّظَرِ فَادَّعَى وَاحِدٌ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ أَرْشَدُ مِنْهَا وَطَلَبَ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ التَّفْوِيضُ الصَّادِرُ مِنْ الْأَرْشَدِ الْمَزْبُورِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِزَوْجَتِهِ الْمَزْبُورَةِ صَحِيحًا وَلَا يَخْرُجُ عَنْهَا وَإِنْ أَثْبَتَ الْمَزْبُورُ الْأَرْشَدِيَّةَ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ صَدَرَ التَّفْوِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِ النَّاظِرِ الْأَرْشَدِ الْمَزْبُورَةِ لِزَوْجَتِهِ الْمَرْقُومَةِ الرَّشِيدَةِ يَكُونُ صَحِيحًا إذْ حَكَمَ ذَلِكَ الْوَصِيُّ الْمُخْتَارُ لِلْوَاقِفِ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ وَقَدْ ثَبَتَ أَرْشَدِيَّةُ الْمُفَوِّضِ الْمَذْكُورِ فَقَدْ صَارَ مَشْرُوطًا لَهُ النَّظَرُ مِنْ قِبَلِ الْوَاقِفِ وَقَائِمًا مَقَامَهُ فَحَيْثُ فَوَّضَ النَّظَرَ لِلْمَذْكُورَةِ فَقَدْ اخْتَارَهَا وَالْمُخْتَارُ إذَا اخْتَارَ آخَرَ فَقَدْ صَارَ مُخْتَارَ الْوَاقِفِ

بَعْدَ مَوْتِ الْمُخْتَارِ وَلَا يَخْرُجُ النَّظَرُ عَنْهَا وَإِنْ أَثْبَتَ الْغَيْرُ الْأَرْشَدِيَّةَ إلَّا بِخِيَانَةٍ ظَاهِرَةٍ قَالَ فِي الْبَحْرِ إذَا مَاتَ الْمَشْرُوطُ لَهُ بَعْدَ الْوَاقِفِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُنَصِّبُ غَيْرَهُ وَشَرَطَ فِي الْمُجْتَبَى أَنْ لَا يَكُونَ الْمُتَوَفَّى أَوْصَى بِهِ إلَى رَجُلٍ عِنْدَ مَوْتِهِ فَإِنْ كَانَ أَوْصَى لَا يُنَصِّبُ الْقَاضِي غَيْرَهُ اهـ. وَقَالَ فِي الْأَشْبَاهِ سُئِلْت عَنْ نَاظِرٍ مُعَيَّنٍ بِالشَّرْطِ بَعْدَ وَفَاتِهِ لِحَاكِمِ الْمُسْلِمِينَ فَهَلْ إذَا فَوَّضَ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ يَنْتَقِلُ لِلْحَاكِمِ أَوْ لَا فَأَجَبْت بِأَنَّهُ إذَا فَوَّضَ فِي صِحَّتِهِ يَنْتَقِلُ لِلْحَاكِمِ بِمَوْتِهِ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّفْوِيضِ وَإِنْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لَا يَنْتَقِلُ مَا دَامَ الْمُوصَى لَهُ بَاقِيًا لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ اهـ وَفِي حَاشِيَةِ الْبِيرِيِّ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَعْزِلَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ الْعَدْلِ الْكَافِي؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمَيِّتِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي وِلَايَةُ الْحَجْرِ عَلَى الْعَدْلِ الرَّشِيدِ وَكَذَا مَنْ قَامَ مَقَامَهُ فَيَنْفُذُ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ اهـ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْمُسَمَّاةِ بِالْوَجِيزِ وَإِنْ مَاتَ الْقَيِّمُ وَقَدْ أَوْصَى إلَى أَحَدٍ فَوَصِيُّ الْقَيِّمِ بِمَنْزِلَةِ الْقَيِّمِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُفَوِّضَ إلَى غَيْرِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ بِالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ مَقَامَهُ فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ التَّفْوِيضُ عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ اهـ وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الْبُرْهَانِيَّةِ وَإِنْ مَاتَ الْقَيِّمُ بَعْدَمَا مَاتَ الْوَاقِفُ فَإِنْ كَانَ الْقَيِّمُ قَدْ أَوْصَى إلَى غَيْرِهِ فَوَصِيُّهُ بِمَنْزِلَتِهِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُوصِ إلَى غَيْرِهِ فَوِلَايَةُ نَصْبِ الْقَيِّمِ لِلْقَاضِي اهـ وَفِيهَا، الْمُتَوَلِّي إذَا أَرَادَ أَنْ يُفَوِّضَ إلَى غَيْرِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ اهـ. وَفِي الْمَنْظُومَةِ الْمُحِبِّيَّةِ لَوْ فَوَّضَ النَّاظِرُ لِلْغَيْرِ النَّظَرْ ... يَصِحُّ مُطْلَقًا إذَا كَانَ اسْتَقَرَّ تَفْوِيضُهُ لَهُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ ... وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مِنْ مُخَالِفِ أَوْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ فَإِنْ فِي صِحَّتِهْ ... فَوَّضَهُ ذَاكَ وَفِي سَلَامَتِهْ مَا صَحَّ ذَا وَإِنْ يَكُنْ قَدْ فَوَّضَا ... فِي مَرَضِ الْمَوْتِ صَحِيحًا قَدْ مَضَى فَالْفِعْلُ فِي الصِّحَّةِ صَاحِ أَسْنَى ... لَكِنَّهُ فِي هَذِهِ يُسْتَثْنَى اهـ وَمِثْلُهُ فِي صُرَّةِ الْفَتَاوَى نَقْلًا عَنْ الْقُنْيَةِ وَالتَّتِمَّةِ وَقَدْ أَفْتَى بِصِحَّةِ التَّفْوِيضِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ وَإِنْ أَثْبَتَ الْغَيْرُ الْأَرْشَدِيَّةَ كُلٌّ مِنْ الْمَرْحُومَيْنِ الْوَالِدِ وَالْعَمِّ وَالْجَدِّ الْمُحَقِّقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيِّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْمُفْتِينَ رَوَّحَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي دَارِ النَّعِيمِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْعَلِيمُ. (أَقُولُ) إذَا كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ ثُمَّ فَوَّضَ الْأَرْشَدُ لِغَيْرِ الْأَرْشَدِ كَانَ ذَلِكَ مُخَالِفًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ الَّذِي قَالُوا فِيهِ إنَّهُ كَنَصِّ الشَّارِعِ فَكَيْفَ تَصِحُّ مُخَالَفَتُهُ فِي ذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا إذَا فَوَّضَ لِطِفْلِهِ الصَّغِيرِ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا مَعَ وُجُودِ الْأَرْشَدِ حَقِيقَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَقَدْ عَلِمْت قَبْلَ وَرَقَةِ الْكَلَامِ فِي صِحَّةِ تَوْلِيَةِ الصَّغِيرِ وَلَوْ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَكَيْفَ هُنَا وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ النُّقُولِ سِوَى مَا فِي الْأَشْبَاهِ تَصْرِيحٌ بِمَا ادَّعَاهُ إذْ لَيْسَ فِيهَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْوَاقِفَ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ وَلَا أَنَّ الْمُفَوِّضَ فَوَّضَ لِغَيْرِ الْأَرْشَدِ وَأَمَّا مَا فِي الْأَشْبَاهِ فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَا قَالَهُ. وَلَكِنَّهُ قَدْ اعْتَرَضَهُ مُحَشِّيهِ الْحَمَوِيُّ فَقَالَ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَنْتَقِلَ لِلْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَوَّضَ الْآخَرُ لِآخَرَ وَهَكَذَا يَفُوتُ شَرْطُ الْوَاقِفِ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ أَصْلًا اهـ وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا قُلْنَا وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا مَا فِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ فِيمَنْ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ فَفَرَغَ الْأَرْشَدُ لِزَوْجِ ابْنَتِهِ وَمَاتَ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَنْتَقِلُ لِمَنْ بَعْدَهُ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ اهـ مُلَخَّصًا وَكَذَا مَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ الْحَائِكِ إذَا شَرَطَ الْأَرْشَدِيَّةَ فَفَوَّضَ الْأَرْشَدُ فِي الْمَرَضِ لِغَيْرِ الْأَرْشَدِ وَظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ يُوَلِّي الْقَاضِي الْأَرْشَدَ؛ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ الْمُخَالِفَ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ لَا يَصِحُّ اهـ وَرَأَيْت فِي مَجْمُوعَةِ شَيْخِ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةِ الْفَقِيهِ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْغَزِّيِّ السَّائِحَانِيِّ بِخَطِّهِ نَقَلَ أَوَّلًا مَا فِي الْأَشْبَاهِ وَقَالَ إنَّهُ دَرَجَ عَلَيْهِ إفْتَاءُ الشَّامِ ثُمَّ رَدَّهُ بِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ وَعَنْ الْإِسْمَاعِيلِيَّة

ثُمَّ قَالَ وَنَقَلَ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ النَّابُلُسِيُّ قُدِّسَ سِرُّهُ عَنْ وَقْفِ هِلَالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَعَلَ النَّظَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِزَيْدٍ فَأَوْصَى عَبْدُ اللَّهِ لِبَكْرٍ وَمَاتَ يَكُونُ النَّظَرُ لِزَيْدٍ وَلَا يُشَارِكُهُ بَكْرٌ قَالَ يَعْنِي سَيِّدِي عَبْدَ الْغَنِيِّ وَهَذَا نَصٌّ عَلَى رَدِّ جَوَابِ صَاحِبِ الْأَشْبَاهِ فَأَجَابَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ يُحْمَلُ مَا فِي هِلَالٍ عَلَى حَالَةِ الصِّحَّةِ فَلَا يُعَارِضُ مَا فِي الْمَرَضِ وَأَجَابَ قُدِّسَ سِرُّهُ بِأَنَّ مُقْتَضَى الْوَصِيَّةِ أَنْ تَكُونَ فِي الْمَرَضِ وَأَجَابَ عَنْ إفْتَاءِ الشَّامِ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ أَرْشَدَ؛ لِأَنَّ الْمُفَوِّضَ الْأَرْشَدَ يَفْعَلُ الْأَصْلَحَ وَأَمَّا إذَا فَوَّضَهُ لِغَيْرِ الْأَرْشَدِ فَقَدْ خَالَفَ شَرْطَ الْوَاقِفِ وَالْأَصْلَحَ. اهـ. (يَقُولُ الْفَقِيرُ) أَمَّا نَصُّ هِلَالٍ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَا يُخَصِّصُهُ جَوَابُ صَاحِبِ الْأَشْبَاهِ الْمَقْدُوحِ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ فَهْمٌ مُخَالِفٌ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ عَلَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ النَّاظِرَ إذَا لَمْ يُرَاعِ شَرْطَ الْوَاقِفِ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْقَاضِي فَكَيْفَ يُهْدَرُ شَرْطُ الْوَاقِفِ لِأَجْلِ عَدَمِ مُرَاعَاةِ النَّاظِرِ وَحَيْثُ وُجِدَ نَصُّ هِلَالٍ الْمَنْقُولُ لَا يُعَارَضُ بِالْعُقُولِ وَتَوْفِيقُ الشَّيْخِ قُدِّسَ سِرُّهُ هُوَ عَيْنُ الْمَنْقُولِ وَالصَّوَابِ. وَقَوْلُ الْمُخَالِفِ: إنَّ الْأَرْشَدَ مُخْتَارُ الْوَاقِفِ فَإِذَا اخْتَارَ غَيْرَ الْأَرْشَدِ صَارَ غَيْرُ الْأَرْشَدِ مُخْتَارَ الْمُخْتَارِ فَيَكُونُ مُخْتَارًا مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ عَقْلِيٌّ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ الْمَنْقُولِ عَنْ هِلَالٍ وَلِأَنَّ الْوَاقِفَ اخْتَارَ الْأَرْشَدِيَّةَ فَكَيْفَ يَكُونُ غَيْرُ الْأَرْشَدِ مُخْتَارًا لَهُ وَأَيْضًا لَوْ كَانَ كُلُّ مُخْتَارِ النَّاظِرِ مُخْتَارًا لِلْوَاقِفِ مَا كَانَ يَنْعَزِلُ إذَا لَمْ يُرَاعِ شَرْطَ الْوَاقِفِ وَالْعَجَبُ مِنْ حَمْلِ نَصِّ هِلَالٌ عَلَى حَالِ الصِّحَّةِ وَعَدَمِ الْحَمْلِ فِي إفْتَاءِ الشَّامِ عَلَى النَّظَرِ الَّذِي يَمْلِكُهُ الْمُفَوِّضُ وَهُوَ كَوْنُهُ لِلْأَرْشَدِ اهـ كَلَامُ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْغَزِّيِّ أَمِينِ الْفَتْوَى بِدِمَشْقَ وَهُوَ تَحْقِيقٌ بِالْقَبُولِ حَقِيقٌ قَدْ أَوْضَحَ اللَّبْسَ وَأَزَالَ كُلَّ تَخْمِينٍ وَحَدْسٍ وَقَدْ أَيَّدَ مَا قُلْنَاهُ فَافْهَمْهُ وَاحْفَظْهُ وَدَعْ غَيْرَهُ وَلَا تَلْحَظْهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَفِي مَجْمُوعَةِ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْغَزِّيِّ الْمَذْكُورِ مَا نَصُّهُ فِي وَاقِفٍ شَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ ثُمَّ لِلْأَرْشَدِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ أَقَامَ ابْنَهُ الْمَعْلُومَ نَاظِرًا فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ بِلَا مُشَارِكٍ لَهُ وَمَاتَ قَامَ ابْنُهُ الْآخَرُ يَدَّعِي أَرْشَدِيَّتَهُ عَلَى الِابْنِ النَّاظِرِ وَأَثْبَتهَا وَطَلَبَ الْحُكْمَ لَهُ بِالنَّظَرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِقَوْلِ الدُّرِّ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْوَقْفِ إذَا كَانَ مُسَجَّلًا وَلَكِنْ يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمَشْرُوطِ كَالْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ وَالْمُعَلِّمِ وَإِنْ كَانُوا أَصْلَحَ اهـ وَلَا تَغْفُلْ عَنْ قَوْلِهِ الْمَشْرُوطِ وَإِنْ كَانَ أَصْلَحَ وَفِي الْبَحْرِ التَّوْلِيَةُ تُخَالِفُ سَائِرَ الشُّرُوطِ بِأَنَّ لَهُ التَّغْيِيرَ فِيهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ اهـ. كَلَامُهُ وَحَاصِلُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَاقِفِ وَالنَّاظِرِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْوَاقِفَ لَهُ التَّفْوِيضُ لِغَيْرِ الْأَرْشَدِ بِخِلَافِ النَّاظِرِ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ مَرِضَ فَفَوَّضَ وَأَسْنَدَ نَظَرَ الْوَقْفِ لِابْنِهِ الْبَالِغِ ثُمَّ عُوفِيَ مِنْ مَرَضِهِ الْمَذْكُورِ وَتَصَرَّفَ ابْنُهُ فِي أُمُورِ الْوَقْفِ مُدَّةً بِمُقْتَضَى التَّفْوِيضِ وَالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورَيْنِ فَهَلْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ التَّفْوِيضِ وَالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورَيْنِ وَالتَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا نَصَّبَ الْقَاضِي امْرَأَةً مِنْ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ نَاظِرَةً عَلَيْهِ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُعَارِضُهَا فِي ذَلِكَ زَاعِمًا أَنَّهُ أَحَقُّ مِنْهَا لِكَوْنِهِ ذَكَرًا وَأَرْشَدَ مِنْهَا وَالْحَالُ أَنَّهَا أَمِينَةٌ أَهْلٌ لِلنِّظَارَةِ كَافِيَةٌ بِمَصَالِحِ الْوَقْفِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ مُعَارَضَتِهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُمْنَعُ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ الْمَذْكُورِ وَالْأُنُوثَةُ لَا تَمْنَعُ الرُّشْدَ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ شَرْعِيٍّ حَصَلَ لَهُ دَاءُ الْفَالِجِ فَأَقْعَدَهُ فِي الْفِرَاشِ وَمَنَعَهُ عَنْ الْحَرَكَةِ وَاعْتَقَلَ لِسَانُهُ وَعَجَزَ عَنْ تَعَاطِي مَصَالِحِ الْوَقْفِ بِالْكُلِّيَّةِ فَأَخْرَجَهُ الْقَاضِي عَنْ وَظِيفَةِ النَّظَرِ وَنَصَّبَ مَكَانَهُ رَجُلَيْنِ مِنْ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ إخْرَاجًا وَنَصْبًا شَرْعِيَّيْنِ فَهَلْ صَحَّ كُلٌّ مِنْ الْإِخْرَاجِ وَالنَّصْبِ الْمَذْكُورَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْقَاضِي فِي الْأَوْقَافِ مُقَيَّدٌ بِالْمَصْلَحَةِ وَيَجِبُ الْإِفْتَاءُ وَالْقَضَاءُ بِكُلِّ مَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ وَحَيْثُ رَأَى

الْقَاضِي الْمَصْلَحَةَ فِي عَزْلِهِ لِتَعَطُّلِ مَصَالِحِ الْوَقْفِ بِذَلِكَ فَقَدْ صَحَّ عَزْلُهُ قَالَ فِي النَّهْرِ وَيُنْزَعُ الْمُتَوَلِّي لَوْ خَائِنًا أَيْ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ نَزْعُهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَى الْوَقْفِ وَكَذَا لَوْ كَانَ عَاجِزًا نَظَرًا لِلْوَقْفِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ عَنْ الْفَتْحِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فَإِنْ كَانَ فِي نَزْعِهِ مَصْلَحَةٌ يَجِبُ عَلَيْهِ إخْرَاجُهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْوَقْفِ وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَنْزِعَهُ أَحَدٌ فَشَرْطُهُ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ اهـ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْإِسْعَافِ أَنَّ الْوِلَايَةَ مُقَيَّدَةٌ بِشَرْطِ النَّظَرِ وَلَيْسَ مِنْ النَّظَرِ تَوْلِيَةُ الْخَائِنِ؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ وَكَذَا تَوْلِيَةُ الْعَاجِزِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ لَا يَحْصُلُ بِهِ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرٍ أَمِينٍ عَلَى وَقْفٍ أَهْلِيٍّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعَمَى وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى تَعَاطِي أُمُورِ الْوَقْفِ وَمَصَالِحِهِ يُرِيدُ بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ عَزْلَهُ بِمُجَرَّدِ الْعَمَى فَهَلْ يَصْلُحُ الْأَعْمَى نَاظِرًا وَلَا يُعْزَلُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ بَعَثَ مَعَ جَابِي الْوَقْفِ إلَى بَعْضِ مُسْتَحِقِّيهِ اسْتِحْقَاقَهُ فِي الْوَقْفِ وَالْجَابِي يَدَّعِي الْإِيصَالَ وَالْمُسْتَحِقُّ يُنْكِرُ وُصُولَهُ إلَيْهِ مِنْ يَدِ الْجَابِي فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْجَابِي فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ عَنْ الضَّمَانِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ رَسُولٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَحِقِّ فِي أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ حَتَّى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ عَنْ النَّاظِرِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِمَا فِي فَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لِلْإِسْبِيجَابِيِّ وَكَذَا فِي الثَّلَاثِينَ مِنْ وَكَالَةِ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَنَصُّ عِبَارَتِهَا وَإِذَا دَفَعَ رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ مَالًا لِيَدْفَعَهُ إلَى رَجُلٍ فَذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ دَفَعَهُ إلَيْهِ فَكَذَّبَهُ فِي ذَلِكَ الْآمِرُ وَالْمَأْمُورُ لَهُ بِالْمَالِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الَّذِي يَدَّعِي الدَّفْعَ إلَى الْمَأْمُورِ لَهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ عَنْ الضَّمَانِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ وَلَا يَسْقُطُ دَيْنُهُ عَنْ الْآمِرِ وَلَا يَجِبُ الْيَمِينُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْآمِرِ مِنْ تَصْدِيقِ أَحَدِهِمَا وَتَكْذِيبِ الْآخَرِ فَيَجِبُ الْيَمِينُ لَهُ عَلَى الَّذِي كَذَّبَهُ دُونَ الَّذِي صَدَّقَهُ فَإِنْ صَدَّقَ الْمَأْمُورَ بِالدَّفْعِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ الْآخَرُ بِاَللَّهِ مَا قَبَضَ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَسْقُطْ دَيْنُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ الْقَبْضُ وَإِنْ نَكَلَ ظَهَرَ قَبْضُهُ وَسَقَطَ عَنْ الْآمِرِ دَيْنُهُ وَإِنْ صَدَّقَ الْآخَرَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ وَكَذَّبَ الْمَأْمُورَ فَإِنَّهُ يُحَلِّفُ الْمَأْمُورَ خَاصَّةً بِاَللَّهِ قَدْ دَفَعَهُ إلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ مَالًا ثُمَّ أَمَرَ الْمُودِعُ أَنْ يَدْفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى فُلَانٍ فَقَالَ الْمُودَعُ قَدْ دَفَعْت فَهُوَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي وَكَالَةِ الْأَشْبَاهِ مَعَ حَاشِيَةِ الْبِيرِيِّ وَلِسَانِ الْحُكَّامِ وَالْخَانِيَّةِ وَفَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ مِنْ الْوَكَالَةِ وَفَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ مِنْ الدَّعْوَى. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ غَابَ وَتَرَكَ الْوَقْفَ بِلَا وَكِيلٍ يُبَاشِرُ عَنْهُ وَتَعَطَّلَتْ مَصَالِحُ الْوَقْفِ فَهَلْ لِلْقَاضِي إقَامَةُ قَيِّمٍ عَنْهُ إلَى أَنْ يَقْدَمَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَيَتَصَرَّفُ الْقَيِّمُ فِي الْوَقْفِ بِمَا فِيهِ مِنْ النَّفْعِ لِلْوَقْفِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ عَنْ الْإِسْعَافِ وَأَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَمَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ النَّظَرَ لِأَحَدٍ بِأَنَّهُ إذَا مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَصِيٍّ فَالنَّظَرُ لِلْحَاكِمِ وَإِنْ مَاتَ عَنْ وَصِيٍّ فِي تَرِكَتِهِ فَالْوَصِيُّ مُتَكَلِّمٌ فِي وَقْفِهِ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرٍ اسْتَدَانَ لِأَجْلِ ضَرُورَةٍ فِي الْوَقْفِ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ بِإِذْنِ الْقَاضِي ثُمَّ عُزِلَ عَنْ النَّظَرِ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ اسْتَدَانَ الْمَبْلَغَ بِمُرَابَحَةٍ بِمُقْتَضَى أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ الدَّائِنِ شَيْئًا يَسِيرًا بِمَبْلَغٍ زَائِدٍ عَنْ أَصْلِ الدَّيْنِ وَأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ بِالزَّائِدِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيَضْمَنُ الزِّيَادَةَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَالْخَيْرِيَّةِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهَا وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ قَالَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ لِلْقَيِّمِ إنْ لَمْ تَهْدِمْ الْمَسْجِدَ الْعَامِرَ يَكُنْ ضَرَرُهُ فِي الْقَابِلِ أَعْظَمَ فَلَهُ هَدْمُهُ وَإِنْ خَالَفَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَلَيْسَ لَهُ التَّأْخِيرُ إذَا أَمْكَنَهُ الْعِمَارَةُ، فَلَوْ هَدَمَهُ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ غَلَّةٌ لِلْعِمَارَةِ فِي الْحَالِ فَاسْتَقْرَضَ الْعَشَرَةَ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ فِي سَنَةٍ وَاشْتَرَى مِنْ الْمُقْرِضِ شَيْئًا يَسِيرًا يَرْجِعُ فِي غَلَّتِهِ بِالْعَشَرَةِ وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ اهـ (أَقُولُ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْأَشْبَاهِ حَيْثُ قَالَ وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَشْتَرِيَ مَتَاعًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَيَبِيعَهُ وَيَصْرِفَهُ عَلَى الْعِمَارَةِ وَيَكُونَ الرِّبْحُ عَلَى الْوَقْفِ الْجَوَابُ نَعَمْ

كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ اهـ وَتَبِعَهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا لَمْ يَلْزَمْ الْأَجَلُ فِي مَسْأَلَةِ الْقَرْضِ بَقِيَ شِرَاءُ الْيَسِيرِ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ فَتَمَحَّضَ ضَرَرًا عَلَى الْوَقْفِ فَلَمْ تَلْزَمْهُ الزِّيَادَةُ فَكَانَتْ عَلَى الْقَيِّمِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ شِرَاءِ الْمَتَاعِ وَبَيْعِهِ لِلُزُومِ الْأَجَلِ فِي جُمْلَةِ الثَّمَنِ اهـ وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ عَنْ الْبِيرِيِّ أَنَّ مَنْشَأَ مَا قَالَهُ ابْنُ وَهْبَانِ عَدَمُ الْوُقُوفِ عَلَى الْحُكْمِ مِمَّنْ تَقَدَّمَهُ ثُمَّ ذَكَرَ مَا مَرَّ عَنْ الْحَاوِي وَقَالَ هَذَا الَّذِي يُفْتَى بِهِ اهـ. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا مَرَّ أَيْضًا وَبِهِ انْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ مِنْ أَنَّهُ لَا جَوَابَ لِلْمَشَايِخِ فِيهَا اهـ فَعُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ بَحْثٌ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ ثِقَةٍ قَبَضَ أُجْرَةَ دَارَيْ الْوَقْفِ وَصَرَفَ بَعْضَهَا فِي عِمَارَتِهِمَا وَتَرْمِيمِهِمَا الضَّرُورِيَّيْنِ اللَّازِمَيْنِ مَصْرِفَ الْمِثْلِ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ وَالظَّاهِرُ لَا يُكَذِّبُهُ فِي ذَلِكَ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيُّ عَنْ الْحَانُوتِيِّ الْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ وَقِيلَ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْأَمَانَةِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْيَمِينِ وَأَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَيُكْتَفَى مِنْهُ بِالْإِجْمَالِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى التَّفْسِيرِ شَيْئًا فَشَيْئًا اهـ وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي أَنَّ الْوَصِيَّ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْيَتِيمِ أَوْ الْقَيِّمَ عَلَى الْوَقْفِ وَمَالُ الصَّبِيِّ وَالْوَقْفِ فِي يَدِهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأُمَنَاءِ بِمِثْلِ مَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ الْبَابِ قُبِلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ إذَا كَانَ ثِقَةً؛ لِأَنَّ فِي الْيَمِينِ تَنْفِيرَ النَّاسِ عَنْ الْوِصَايَةِ فَإِنْ اُتُّهِمَ قِيلَ يُسْتَحْلَفُ بِاَللَّهِ مَا كُنْت خُنْت فِي شَيْءٍ مِمَّا أَخَذْت بِهِ إلَخْ. (سُئِلَ) مِنْ قَاضِي الشَّامِ سَنَةَ 1153 فِي صَرْفِ النَّاظِرِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ قَبْلَ عَزْلِهِ وَبَعْدَهُ وَكَذَا لِأَرْبَابِ الْوَظَائِفِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : الَّذِي صَرَّحُوا بِهِ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ الصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ بِلَا بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ عَمَلِهِ فِي الْوَقْفِ وَأَفْتَى بِهِ التُّمُرْتَاشِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ وَاخْتَلَفُوا فِي تَحْلِيفِهِ وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا فِي الْفَوَائِدِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ. اهـ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ فِي هَذَا الزَّمَانِ اهـ وَذُكِرَ فِي الْبَحْرِ عَنْ أَوْقَافِ النَّاصِحِيِّ إذَا آجَرَ الْوَاقِفُ أَوْ قَيِّمُهُ أَوْ وَصِيُّ الْوَاقِفِ أَوْ أَمِينُهُ ثُمَّ قَالَ قَبَضْت الْغَلَّةَ فَضَاعَتْ أَوْ فَرَّقْتهَا عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَأَنْكَرُوا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ اهـ وَفِي حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ عَلَى الْأَشْبَاهِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَاتِ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْقُنْيَةِ أَنَّ عَدَمَ التَّحْلِيفِ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ مَا إذَا اتَّهَمَهُ الْقَاضِي وَلَا يُدَّعَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ وَفِيمَا لَيْسَ هُنَاكَ مُنْكِرٌ مُعَيَّنٌ مَعَ كَلَامٍ فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت وَفِيهَا أَيْضًا مِنْ بَابِ الْأَمَانَاتِ النَّاظِرُ إذَا ادَّعَى الصَّرْفَ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ يَعْنِي الْخَيْرَ الرَّمْلِيَّ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِأَنْ لَا يَكُونَ النَّاظِرُ مَعْرُوفًا بِالْخِيَانَةِ كَأَكْثَرِ نُظَّارِ زَمَانِنَا. اهـ. . وَأَفْتَى الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُفْسِدًا مُبَذِّرًا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِصَرْفِهِ مَالَ الْوَقْفِ بِيَمِينِهِ اهـ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ قَبُولِ قَوْلِهِ بَعْدَ عَزْلِهِ فَقَدْ أَفْتَى بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الدَّفْعِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ مَعَ يَمِينِهِ مَا دَامَ نَاظِرًا اهـ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْأَمَانَاتِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ إنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الْوَقْفِ بَعْدَ الْعَزْلِ وَيَخْرُجُ مِنْهُ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي الدَّفْعِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ بَعْدَ التَّأَمُّلِ فَإِنَّهُ قَالَ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِحُكْمِ الْمُتَوَلِّي بَعْدَ الْعَزْلِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ أَمْ لَا لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا لَكِنْ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ فِي ذَلِكَ إذَا وَافَقَ الظَّاهِرَ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَكِيلِ بَعْدَ الْعَزْلِ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ بَاعَ مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ وَكَانَتْ الْعَيْنُ هَالِكَةً وَفِيمَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ مَا وُكِّلَ بِدَفْعِهِ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ وَأَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ ادَّعَى بَعْدَ مَوْتِ الْيَتِيمِ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهِ كَذَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ أَسْنَدَهُ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلضَّمَانِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ

الْمُتَوَلِّيَ كَالْوَكِيلِ فِي مَوَاضِعَ وَوَقَعَ خِلَافٌ فِي أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ وَكِيلُ الْوَاقِفِ أَوْ وَكِيلُ الْفُقَرَاءِ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ بِالْأَوَّلِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ بِالثَّانِي وَمِمَّا هُوَ صَرِيحٌ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْوَكِيلِ وَلَوْ بَعْدَ الْعَزْلِ فَرْعٌ فِي الْقُنْيَةِ قَالَ وَكَّلَهُ وَكَالَةً عَامَّةً بِأَنْ يَقُومَ بِأَمْرِهِ وَيُنْفِقَ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا لِلْإِنْفَاقِ بَلْ أَطْلَقَ ثُمَّ مَاتَ الْمُوَكِّلُ فَطَالَبَهُ الْوَرَثَةُ بِبَيَانِ مَا أَنْفَقَ وَمَصْرِفِهِ فَإِنْ كَانَ عَدْلًا يُصَدَّقُ فِيمَا قَالَ، وَإِنْ اتَّهَمُوهُ حَلَّفُوهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَيَانُ جِهَاتِ الْإِنْفَاقِ وَمَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ الضَّمَانِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ اهـ هَذَا صَرِيحٌ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ فِي دَعْوَى الْإِنْفَاقِ لَوْ بَعْدَ الْعَزْلِ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْعَزْلَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ أَمِينًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ أَنَّهُ دَفَعَهُ لِمُوَكِّلِهِ فِي حَيَاتِهِ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ نَفْسِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ مَا فِي الْحَمَوِيِّ وَيُسْتَنْبَطُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ النَّاظِرَ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي الدَّفْعِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ بَعْدَ عَزْلِهِ كَالْوَكِيلِ فِي قَبْضِ الدَّيْنِ إذَا مَاتَ الْمُوَكِّلُ وَصَدَّقَتْهُ الْوَرَثَةُ فِي الْقَبْضِ وَكَذَّبُوهُ فِي الدَّفْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ صَارَ الْمَالُ فِي يَدِهِ وَدِيعَةً فَتَصْدِيقُهُمْ لَهُ بَعْدَ اعْتِرَافِهِمْ بِأَنَّهُ مُودَعٌ كَافٍ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ الْمَالُ. وَقَدْ أَفْتَى الْمَرْحُومُ الْوَالِدُ بِأَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ مَا دَامَ نَاظِرًا وَلَمْ يَذْكُرْ نَقْلًا وَالْمَسْأَلَةُ تَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ مِنْ كِتَابٍ صَحِيحٍ حَنَى يُطَمْئِنَ الْقَلْبَ فِي الْجَوَابِ فِي الْقَبُولِ أَوْ عَدَمِهِ بِمَا يَرَى فِي الْكِتَابِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَأَمَّا قَبُولُ قَوْلِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُسْتَحِقِّينَ فَقَالَ الْمَرْحُومُ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى فِي أَوَاخِرِ الْوَقْفِ وَكَذَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لَوْ ادَّعَى الدَّفْعَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ إلَّا فِي نَفَقَةٍ زَائِدَةٍ خَالَفَتْ الظَّاهِرَ اهـ. وَأَمَّا فِي دَفْعِهِ لِأَرْبَابِ الْوَظَائِفِ فَقَدْ سُئِلَ الْمَوْلَى الْهَمَّامُ عُمْدَةُ الْأَنَامِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الشَّيْخُ أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ مُفْتِي السَّلْطَنَةِ الْعَلِيَّةِ عَنْ سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيْهِ فِي دَفْعِ الْوَظِيفَةِ الْمُعَيَّنَةِ فِي الْوَقْفِ لِلْخَطِيبِ أَوْ الْإِمَامِ أَوْ الْمُؤَذِّنِ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ النَّاظِرِ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ فَأَجَابَ لَا يُقْبَلُ لِمَا فِيهَا مِنْ جَانِبِ الْإِجَارَةِ وَهُوَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِمَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ ادَّعَى الدَّفْعَ إلَيْهِ لَا يُقْبَلُ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى الدَّفْعَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ كَأَوْلَادِ الْوَاقِفِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ مُلَاحَظَةِ جَانِبِ الْإِجَارَةِ فِيهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْغَزِّيُّ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي فَتَاوِيهِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْفَتْوَى وَهُوَ تَفْصِيلٌ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ فَلْيُعْمَلْ بِهِ اهـ. وَقَالَ الْمَوْلَى عَطَاءُ اللَّهِ أَفَنْدِي فِي مَجْمُوعَتِهِ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا أَفَنْدِي عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَعْنِي مَسْأَلَةَ قَبُولِ قَوْلِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْوَظِيفَةُ فِي مُقَابَلَةِ الْخِدْمَةِ فَهِيَ أُجْرَةٌ لَا بُدَّ لِلْمُتَوَلِّي مِنْ إثْبَاتِ الْأَدَاءِ بِالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا فَهِيَ صِلَةٌ وَعَطِيَّةٌ يُقْبَلُ فِي أَدَائِهَا قَوْلُ الْمُتَوَلِّي مَعَ يَمِينِهِ وَأَفْتَى مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْمَشَايِخِ الْإِسْلَامِيَّةِ إلَى هَذَا الزَّمَانِ عَلَى هَذَا مُتَمَسِّكِينَ بِتَجْوِيزِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْأُجْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ الطَّاعَاتِ لَكِنْ قَالَ التُّمُرْتَاشِيُّ الْمُتَقَدِّمُ فِي كِتَابِهِ شَرْحِ تُحْفَةِ الْأَقْرَانِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْفَتْوَى وَهُوَ فِقْهٌ حَسَنٌ غَيْرَ أَنَّ عُلَمَاءَنَا عَلَى الْإِفْتَاء بِخِلَافِهِ. اهـ. قُلْت فَالْمَذْكُورُ فِي الْإِسْعَافِ وَالْخَصَّافِ وَوَقْفِ الْكَرَابِيسِيُّ وَالْأَشْبَاهُ مِنْ الْأَمَانَاتِ وَالزَّاهِدِيِّ عَنْ وَقْفِ النَّاصِحِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الدَّفْعِ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بِدُونِ تَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الذُّرِّيَّةِ لَا عَلَى الْمُرْتَزِقَةِ فَيَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِلَامَيْنِ وَقَدْ اعْتَمَدَ تَفْصِيلُ الْمَوْلَى أَبِي السُّعُودِ ابْنِ التُّمُرْتَاشِيِّ الْمَذْكُورِ فِي كِتَابِهِ الزَّوَاهِرِ عَلَى الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ لَكِنْ بِدُونِ عَزْوٍ إلَى كِتَابٍ. وَقَالَهُ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى التَّنْوِيرِ وَقَدْ عَزَاهُ لِحَاشِيَةِ أَخِي زَادَهْ مِنْ الْعَارِيَّةِ بِزِيَادَةِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا أَنْكَرُوهُ بَلْ يَدْفَعُوهُ ثَانِيًا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ اهـ فَلْيُحْفَظْ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَحْرِ وَالْجَوَابُ عَمَّا تَمَسَّكَ بِهِ الْعِمَادِيُّ أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْإِجَارَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِيهَا شَوْبَ الْأُجْرَةِ

وَالصِّلَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمُقْتَضَى مَا قَالَهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ نَفْسِهِ لَا فِي حَقِّ صَاحِبِ الْوَظِيفَةِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيمَا فِي يَدِهِ فَيَلْزَمُ الضَّمَانُ فِي الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ وَفِيهِ ضَرَرٌ بِالْوَقْفِ فَالْإِفْتَاءُ بِمَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مُتَعَيَّنٌ وَقَوْلُ الْغَزِّيِّ هُوَ تَفْصِيلٌ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ فَلْيُعْمَلْ بِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ إذْ يَلْزَمُ مِنْهُ تَضْمِينُ النَّاظِرِ إذَا دَفَعَ لَهُمْ بِلَا بَيِّنَةٍ لِتَعَدِّيهِ فَافْهَمْ اهـ. (قُلْت) تَفْصِيلُ الْمَوْلَى أَبِي السُّعُودِ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ بِاعْتِبَارِ التَّمْثِيلِ بِالْأُجْرَةِ إذَا اسْتَعْمَلَ النَّاظِرُ رَجُلًا فِي عِمَارَةٍ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ فِي الدَّفْعِ لَهُ فَهِيَ مِثْلُهَا وَقَوْلُ الْعُلَمَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مِنْ الْأَوْلَادِ لَا أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِمْ الْعَمَلُ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَعْمَلُوا لَا يَسْتَحِقُّونَ الْوَظِيفَةَ فَهِيَ كَالْأُجْرَةِ لَا مَحَالَةَ وَهُوَ كَأَنَّهُ أُجْبِرَ فَإِذَا اكْتَفَيْنَا بِيَمِينِ النَّاظِرِ يَضِيعُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ لَا سِيَّمَا نُظَّارُ هَذَا الزَّمَانِ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَهَذَا مَا ظَهَرَ لَنَا فِي هَذَا الْأَوَانِ عَلَى حَسَبِ الْإِمْكَانِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ وَهُوَ الْهَادِي وَعَلَيْهِ فِي كُلِّ الْأُمُورِ اعْتِمَادِي. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ النَّاظِرُ اسْتِحْقَاقَ رَجُلٍ تُوُفِّيَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ إلَى جَمَاعَةٍ فِي دَرَجَةِ الْمُتَوَفَّى مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَادَّعَى رَجُلٌ آخَرُ مِنْ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ أَنَّهُ يُشَارِكُ الْجَمَاعَةَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ الْمَذْكُورِ وَيُطَالِبُ النَّاظِرَ بِمَا خَصَّهُ مِنْ ذَلِكَ فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ فَهَلْ إذَا أَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَطَلَبُهُ عَلَى الْمُتَنَاوِلِينَ لِذَلِكَ لَا عَلَى النَّاظِرِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذْ النَّاظِرُ دَفَعَ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ عَنْ ظَنِّ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ بِعَدَمِ عِلْمِهِ الْمُسْتَحِقَّ وَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِهِ مَعَ عَدَمِ الضَّمَانِ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي الْوَقْفِ وَالْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا فِي صُوَرِ الْمَسَائِلِ نَقْلًا عَنْ نَقْدِ الْمَسَائِلِ مِنْ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ لِلْجَمَاعَةِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ رَجَعَ بِمَا يَخُصُّهُ عَلَى النَّاظِرِ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَى الْجَمَاعَةِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَصِيِّ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ آخَرُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا إنْ دَفَعَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ رَجَعَ الدَّائِنُ عَلَيْهِ وَإِلَّا عَلَى الْقَابِضِينَ إلَخْ إذْ الدَّفْعُ فِي مَسْأَلَتِنَا بِحَقٍّ بِالتَّصَرُّفِ وَلِكَوْنِهِمْ مِنْ الذُّرِّيَّةِ وَهُوَ كَالدَّفْعِ بِقَضَاءٍ. (أَقُولُ) تَأَمَّلْ فِيمَا أَجَابَ بِهِ وَعَنْ دَفْعِ الْمُنَافَاةِ فَإِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ لِي وَفِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّ فِيهَا عَنْ فَتَاوَى الشَّيْخِ يَحْيَى بْنِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا سُئِلَ فِي وَقْفٍ عَلَى الذُّرِّيَّةِ فَرَّقَ النَّاظِرُ الْغَلَّةَ سِنِينَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ ثُمَّ أَثْبَتَ وَاحِدٌ أَنَّهُ مِنْهُمْ وَقَضَى بِهِ عَلَى النَّاظِرِ وَطَالَبَهُ بِمَا يَخُصُّهُ فِي الْمَاضِي فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ أَجَابَ إنْ دَفَعَ لِلْجَمَاعَةِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ رَجَعَ بِمَا يَخُصُّهُ عَلَى النَّاظِرِ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَى الْجَمَاعَةِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَصِيِّ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ آخَرُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا إنْ دَفَعَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ رَجَعَ الدَّائِنُ عَلَيْهِ وَإِلَّا عَلَى الْقَابِضِينَ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا فِي الْقُنْيَةِ لَوْ قَضَى بِدُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ بَعْدَ مُضِيِّ سِنِينَ فَإِنَّهُ يَظْهَرُ حُكْمُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا فِي الْمَاضِي إلَّا إذَا كَانَتْ الْغَلَّةُ قَائِمَةً. اهـ.؛ لِأَنَّ دُخُولَهُمْ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ لِلْإِنْفَاقِ اهـ. وَهَذَا مَا مَرَّ نَقْلُهُ عَنْ صُوَرِ الْمَسَائِلِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ سُؤَالًا آخَرَ نَحْوَ مَا مَرَّ ثُمَّ ذَكَرَ الْجَوَابَ بِمَا نَصُّهُ الَّذِي وَقَفْت عَلَيْهِ فِي السَّادِسِ مِنْ الْوَقْفِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ فِي ضِمْنِ مَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا بَرْهَنَ عَلَى الْقَرَابَةِ رَجَعَ عَلَيْهِمْ فِيمَا قَبَضُوهُ وَلِذَلِكَ نَظِيرٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ صَرَفَ النَّاظِرُ لِبَعْضِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَأَحْرَمَ الْبَاقِيَ لِلْمَحْرُومِ الرُّجُوعُ عَلَى النَّاظِرِ لِتَعَدِّيهِ أَوْ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ لِأَخْذِهِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ وَالنَّاظِرُ هُنَا لَمْ يَتَعَدَّ فَتَعَيَّنَتْ الْجِهَةُ الْأُخْرَى وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا وَفَّى الدَّيْنَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَأَذِنَ الْقَاضِي ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ آخَرُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُشَارِكُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَبِمِثْلِ ذَلِكَ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَيْضًا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَقَعُ كَثِيرًا فَلْتُحْفَظْ فَإِنَّهَا مُهِمَّةٌ وَأَفْتَى الْمِهْمَنْدَارِي فِي أَخٍ دَفَعَ لِأُخْتِهِ نِصْفَ الْوَقْفِ ظَانًّا أَنَّهُ بَيْنَهُمَا أَنْصَافًا فَظَهَرَ أَنَّهُ أَثْلَاثٌ بِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَيْهَا بِمَا قَبَضَتْهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَحَاسَبَ نَاظِرُ الْوَقْفِ مَعَ الْمُسْتَحِقِّينَ عَلَى مَا قَبَضَهُ مِنْ غَلَّةِ

الْوَقْفِ فِي سَنَةٍ مَعْلُومَةٍ وَمَا صَرَفَهُ فِي مَصَارِفِ الْوَقْفِ الضَّرُورِيَّةِ وَمَا خَصَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ فَاضِلِ الْغَلَّةِ وَصَدَّقَهُ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَكَتَبَ كُلٌّ مِنْهُمْ وُصُولًا بِذَلِكَ فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْمُحَاسَبَةِ وَالصَّرْفِ وَالتَّصْدِيقِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا وَلَيْسَ لَهُمْ نَقْضُ الْمُحَاسَبَةِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ أَيْضًا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ مُتَوَلِّيًا عَلَى وَقْفِ بِرٍّ وَفِي كُلِّ سَنَةٍ يَكْتُبُ مَقْبُوضَهُ وَمَصْرُوفَهُ بِمَعْرِفَةِ الْقَاضِي بِمُوجَبِ دَفْتَرٍ مَمْضِيٍّ بِإِمْضَائِهِ وَالْآنَ أَخَذَ شَخْصٌ التَّوْلِيَةَ عَنْ زَيْدٍ وَيُكَلِّفُ زَيْدًا أَنْ يُحَاسِبَهُ عَلَى مَقْبُوضِهِ وَمَصْرُوفِهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ ثَانِيًا فَهَلْ يُعْمَلُ بِدَفَاتِر الْمُحَاسَبَةِ الْمُمْضَاةِ الْمَذْكُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُعْمَلُ بِدَفَاتِرِ الْمُحَاسَبَةِ الْمُمْضَاةِ بِإِمْضَاءِ الْقُضَاةِ وَلَا يُكَلَّفُ إلَى الْمُحَاسَبَةِ ثَانِيًا كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ عُفِيَ عَنْهُ كَذَلِكَ الْجَوَابُ كَتَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ عُفِيَ عَنْهُ كَذَلِكَ الْجَوَابُ كَتَبَهُ عَلِيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ عُفِيَ عَنْهُ كَذَلِكَ الْجَوَابُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ شِهَابُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ عُفِيَ عَنْهُ كَذَلِكَ الْجَوَابُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عِمَادُ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ كَذَلِكَ الْجَوَابُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ حَامِدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ عُفِيَ عَنْهُ كَذَا وُجِدَ بِخُطُوطِهِمْ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى. (سُئِلَ) فِيمَا إذْ وَكَّلَتْ هِنْدٌ النَّاظِرَةُ عَلَى وَقْفٍ مَعْلُومٍ زَيْدًا فِي تَعَاطِي مَصَالِحِ الْوَقْفِ مِنْ قَبْضٍ وَصَرْفٍ وَتَعْمِيرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَبَاشَرَ ذَلِكَ مُدَّةً وَقَبَضَ غَلَّةَ الْوَقْفِ وَصَرَفَ بَعْضَهَا فِي لَوَازِمِ الْوَقْفِ وَمُهِمَّاتِهِ اللَّازِمَةِ مَصْرِفَ الْمِثْلِ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ حَيْثُ لَا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ فِي مَوْضِعَيْنِ وَفِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ (أَقُولُ) وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهَا أَوَاخِرَ هَذَا الْبَابِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَنَى نَاظِرُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ بِنَاءً لِنَفْسِهِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَيِّنَةً وَهُوَ يَدْفَعُ أُجْرَةَ مِثْلِ الْأَرْضِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْمَرْقُومِ فَهَلْ يَكُونُ الْبِنَاءُ لِلنَّاظِرِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ خِيَانَةً مُوجِبَةً لِعَزْلِهِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ وَأَمَّا الْبِنَاءُ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ فَإِنْ كَانَ الْبَانِي الْمُتَوَلِّيَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ بِمَالِ الْوَقْفِ فَهُوَ وَقْفٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِهِ لِلْوَقْفِ أَوْ أَطْلَقَ فَهُوَ وَقْفٌ وَإِنْ لِنَفْسِهِ فَهُوَ لَهُ اهـ. (أَقُولُ) لَكِنْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ مَا نَصُّهُ سُئِلَ خَاتِمَةُ الْمُحَقِّقِينَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ رَجُلٍ بَنَى فِي أَرْضِ الْوَقْفِ بِغَيْرِ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ فَمَا حُكْمُهُ أَجَابَ إنْ كَانَ الْبَانِي هُوَ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَهُوَ وَقْفٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِهِ لِلْوَقْفِ أَوْ أَطْلَقَ فَهُوَ وَقْفٌ وَإِنْ لِنَفْسِهِ فَهُوَ لَهُ وَيَكُونُ مُتَعَدِّيًا فِي وَضْعِهِ فَيَجِبُ رَفْعُهُ لَوْ لَمْ يَضُرَّ فَإِنْ أَضَرَّ فَهُوَ الْمُضَيِّعُ لِمَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ رَفْعَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الْوَقْفِ وَلَا الِانْتِفَاعَ بِمَا فِيهِ مِنْ التَّصَرُّفِ مَعَهُ بِأَرْضِ الْوَقْفِ فَقَدْ ضَيَّعَ مَالَهُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُفَسَّقُ الْمُتَوَلِّي وَيَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ لِتَعَدِّيهِ بِهَذَا التَّصَرُّفِ وَأَفْتَى كَثِيرُونَ بِأَنَّهُ يَتَمَلَّكُ لِلْوَقْفِ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ مَنْزُوعًا وَغَيْرَ مَنْزُوعٍ بِمَالِ الْوَقْفِ فِي صُورَةِ الضَّرَرِ، وَإِنْ كَانَ الْبَانِي غَيْرَ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ بَنَى لِلْوَقْفِ فَهُوَ وَقْفٌ وَإِنْ لِنَفْسِهِ أَوْ أَطْلَقَ رَفْعَهُ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِأَرْضِ الْوَقْفِ فَإِنْ أَضَرَّ فَالْحُكْمُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَقَدْ عَلِمْت الْأَحْكَامَ مُسْتَوْفَاةً فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا غَرَسَ نَاظِرُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ غِرَاسًا لِنَفْسِهِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَهُوَ يَدْفَعُ أُجْرَةَ مِثْلِ الْأَرْضِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَهَلْ يَكُونُ الْغِرَاسُ لِلنَّاظِرِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ خِيَانَةً مُوجِبَةً لِعَزْلِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَذَا أَفْتَى بِهِ جَدِّي الْعَلَّامَةُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ كَمَا رَأَيْته بِخَطِّهِ (أَقُولُ) فِيهِ مَا عَلِمْته مِمَّا تَقَدَّمَ آنِفًا عَنْ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَخْذُ مَالِ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً وَلَا لِلْقَيِّمِ أَنْ يَزْرَعَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ اهـ قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ فَإِذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ زَرَعَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ

خِيَانَةً يَسْتَحِقُّ بِهَا الْعَزْلَ اهـ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ يَدْفَعُ الْأُجْرَةَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ تَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ مُقَرَّرًا فِي إمَامَةِ جَامِعٍ مُعَيَّنٍ بِمُوجَبِ بَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ يُبَاشِرُهَا وَيَتَنَاوَلُ مَعْلُومَهَا الْمُعَيَّنَ مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ مُدَّةً مَدِيدَةً وَالْآنَ أَبْرَزَ عَمْرٌو بَرَاءَةً مُقَدَّمَةَ التَّارِيخِ مُتَضَمِّنَةً لِتَوْجِيهِ الْإِمَامَةِ لَهُ وَرَفْعِ زَيْدٍ عَنْهَا مِنْ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَقَامَ يُطَالِبُ زَيْدًا بِمَعْلُومِ الْوَظِيفَةِ قَبْلَ ذَلِكَ وَزَيْدٌ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَهَلْ يُمْنَعُ عَمْرٌو مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ مِنْ التَّارِيخِ الْمَزْبُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ قَاعِدَةِ " الْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ " وَقَّفْنَا عَزْلَ الْوَكِيلِ عَلَى عِلْمِهِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ عَنْهُ وَكَذَا الْقَاضِي وَصَاحِبُ وَظِيفَةٍ. اهـ. وَأَفْتَى بِذَلِكَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ مَا يَأْخُذُهُ النَّاظِرُ هُوَ بِطَرِيقِ الْأُجْرَةِ وَلَا أُجْرَةَ بِدُونِ الْعَمَلِ بَحْرٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ تَرَكَ صَاحِبُ الْوَظِيفَةِ مُبَاشَرَتَهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ فِيهَا الْعَمَلُ لَا يَأْثَمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى غَايَتُهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ. اهـ. بَحْرٌ وَفِيهِ أَيْضًا لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا مَنْ بَاشَرَ الْعَمَلَ اهـ وَفِي الْأَشْبَاهِ وَقَدْ اغْتَرَّ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ فِي زَمَانِنَا فَاسْتَبَاحُوا مَعَالِيمَ الْوَظَائِفِ مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ اهـ. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ لَهُ نَاظِرٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ بِمُوجَبِ حُجَّةِ تَقْرِيرٍ بِيَدِهِ وَهُوَ عَدْلٌ أَمِينٌ كَافٍ بِمَصَالِحِ الْوَقْفِ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ مِنْ الذُّرِّيَّةِ يُعَارِضُهُ فِي النَّظَرِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ زَاعِمًا أَنَّهُ قُرِّرَ فِي وَظِيفَةِ النَّظَرِ بِمُقْتَضَى أَنَّ الْوَاقِفَ شَرَطَ لِوَقْفِهِ نَاظِرًا وَمُتَوَلِّيًا مِنْ الذُّرِّيَّةِ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ لِكِتَابِ وَقْفٍ بِيَدِهِ مُنْقَطِعِ الثُّبُوتِ وَلِمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي حُجَّةِ تَقْرِيرِ النَّاظِرِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ مُقَرَّرٌ فِي التَّوْلِيَةِ وَالنَّظَرِ وَلِشُغُورِ الْوَظِيفَةِ عَنْ مُبَاشِرٍ شَرْعِيٍّ وَأَنَّ النَّاظِرَ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ الْوَظِيفَتَيْنِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ تَصَرُّفٌ مِنْ الذُّرِّيَّةِ بِوَظِيفَتَيْ تَوْلِيَةٍ وَنَظَرٍ مُنْفَرِدًا كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِطَرِيقِ الِاسْتِقْلَالِ مِنْ زَمَنِ الْوَاقِفِ إلَى الْآنَ بَلْ التَّصَرُّفُ فِي وَظِيفَةِ النَّظَرِ وَحْدَهَا وَلَيْسَ هُنَاكَ وَظِيفَةُ تَوْلِيَةٍ وَلَا تَصَرَّفَ بِهَا أَحَدٌ أَصْلًا مِنْ الْقَدِيمِ إلَى الْآنَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ التَّصَرُّفُ الْمَذْكُورُ الْمُدَدَ الْمُتَطَاوِلَةِ عَلَى الْمِنْوَالِ الْمَزْبُورِ يَمْنَعُ الْمُعَارِضَ فِي ذَلِكَ سِيَّمَا وَقَدْ بَنَى أَمْرَهُ عَلَى شُغُورِ الْوَظِيفَةِ عَنْ مُبَاشِرٍ وَالْمُبَاشِرُ مَوْجُودٌ وَلَا يَجُوزُ عَزْلُ صَاحِبِ وَظِيفَةٍ مَا بِغَيْرِ جُنْحَةٍ وَالْقَيِّمُ وَالْمُتَوَلِّي وَالنَّاظِرُ فِي كَلَامِهِمْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَمَا تَشْهَدُ بِهِ فُرُوعُهُمْ خَيْرِيَّةٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ وَقْفًا وَجَعَلَ لَهُ مُتَوَلِّيًا وَنَاظِرًا أَيْ مُشْرِفًا عَلَيْهِ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ رَجُلٌ وَاحِدٌ بَيْنَ الْوَظِيفَتَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ وَاحِدٌ بَيْنَهُمَا بِحَيْثُ يَكُونُ مُتَوَلِّيًا وَنَاظِرًا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ النَّاطِفِيُّ انْفِرَادُ الْوَاحِدِ بِالتَّصَرُّفِ وَالْوَاقِفُ اعْتَمَدَ عَلَى رَأْيِ اثْنَيْنِ وَنَظَرِهِمَا تَصَرُّفًا وَلَمْ يَرْضَ بِوَاحِدٍ كَذَا فِي الْخَيْرِيَّةِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ لَهُ نَاظِرٌ وَمُتَوَلٍّ بِمُوجَبِ شَرْطِ وَاقِفِهِ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَنْصُوبٌ مِنْ قِبَلِ الْوَاقِفِ وَلَيْسَ النَّاظِرُ مَنْصُوبًا مِنْ قِبَلِ الْمُتَوَلِّي وَلَا وَكِيلًا عَنْهُ وَلَا مَأْذُونًا مِنْ طَرَفِهِ وَيُرِيدُ الْمُتَوَلِّي التَّصَرُّفَ فِي الْوَقْفِ وَحْدَهُ بِدُونِ عِلْمِ النَّاظِرِ وَلَا رَأْيِهِ وَلَا اطِّلَاعِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ الْقَيِّمُ وَالْمُتَوَلِّي وَالنَّاظِرُ فِي كَلَامِهِمْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَمَا تَشْهَدُ بِذَلِكَ فُرُوعُهُمْ الْمُتَعَاقِبَةُ عَلَيْهَا تِلْكَ الْأَلْفَاظُ يَفْهَمُ ذَلِكَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَعَرَفَ اصْطِلَاحَهُمْ وَشَمِلَهُ اسْمُ الْفُقَهَاءِ. اهـ. وَفِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْخَانِيَّةِ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لِاثْنَيْنِ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ اهـ وَفِيهَا مِنْ الْوَكَالَةِ: الشَّيْءُ الْمُفَوَّضُ لِاثْنَيْنِ لَا يَمْلِكُهُ أَحَدُهُمَا كَالْوَكِيلَيْنِ وَالْوَصِيَّيْنِ وَالنَّاظِرَيْنِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي التَّنْوِيرِ فَإِنَّ الْوَاقِفَ اعْتَمَدَ عَلَى رَأَى اثْنَيْنِ وَعَمَلِهِمَا لَا يَجُوزُ انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ أَيْ النَّاظِرَ بِمَعْنَى الْمُشْرِفِ فَفِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِدُونِ رَأْيِ الْمُشْرِفِ وَعِلْمِهِ. اهـ. وَفِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ بِأَنَّ الْوَقْفَ يَسْتَقِي مِنْ الْوَصِيَّةِ وَأَنَّ مَسَائِلَهُ تُنْزَعُ مِنْهَا

وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ لِلْفَقِيهِ بِأَدْنَى إمَالَةِ نَظَرٍ إلَيْهِ. اهـ. وَفِيهَا وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ إلَّا بِعِلْمِ الْمُشْرِفِ فَكَيْفَ الْمُتَوَلِّي اهـ فَإِنْ كَانَ النَّاظِرُ بِمَعْنَى الْمُتَوَلِّي أَوْ بِمَعْنَى الْمُشْرِفِ وَهُمَا إمَّا وَكِيلَانِ عَنْ الْوَاقِفِ أَوْ وَصِيَّانِ فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لَا يَجُوزُ لِلْمُتَوَلِّي الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ بِدُونِ عِلْمِ النَّاظِرِ وَاطِّلَاعِهِ عَلَى مَا ظَهَرَ لَنَا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ وَأَمَّا إذَا كَانَ النَّاظِرُ مَنْصُوبًا مِنْ قِبَلِ الْمُتَوَلِّي فَيَكُونُ وَكِيلًا عَنْهُ أَوْ مَأْذُونًا مِنْ قِبَلِهِ وَفِعْلُ الْوَكِيلِ وَالْمَأْذُونِ يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَالْآذِنِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ. (أَقُولُ) لَا يُخَالِفُ هَذَا مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ عَنْ فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ مِنْ الْوَقْفِ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي وَنَصُّهُ نَعَمْ لِوَلَدِ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ وَظِيفَتَيْ الْجِبَايَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ بِالْوَقْفِ الْمَذْكُورِ إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَنْعُ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ وَظِيفَتَيْنِ إذْ لَا مُعَارِضَ فِي الْقِيَامِ بِالْوَظِيفَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ بَلْ قِيَامُ الْجَابِي بِوَظِيفَةِ الْمُبَاشَرَةِ أَشَدُّ ضَبْطًا فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مُبَاشِرَ الْوَقْفِ إنَّمَا يَعْتَمِدُ فِيمَا يَضْبِطُهُ عَلَى إمْلَاءِ الْجَابِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ؛ لِأَنَّ هَاتَيْنِ وَظِيفَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ بِخِلَافِ النَّظَرِ وَالتَّوْلِيَةِ فَإِنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَمَا عَلِمْته فَإِذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ نَاظِرًا وَمُتَوَلِّيًا فَكَأَنَّهُ شَرَطَ وَظِيفَةَ النَّظَرِ الْمُرَادِفَةِ لِلتَّوْلِيَةِ لِشَخْصَيْنِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِهَا وَاحِدٌ لِمُخَالَفَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ اجْتِمَاعُ رَأْيِ شَخْصَيْنِ فِي تَعَاطِي أُمُورِ الْوَقْفِ وَلَيْسَ رَأْيُ الْوَاحِدِ كَرَأْيِ الِاثْنَيْنِ فَلَيْسَ مَقْصُودُهُ تَعَدُّدَ الْوَظِيفَةِ بَلْ تَعَدُّدَ صَاحِبِهَا، أَمَّا الْجِبَايَةُ وَالْمُبَاشَرَةُ فَلَمَّا كَانَتَا مُتَبَايِنَتَيْنِ كَانَ مَقْصُودُهُ تَعَدُّدَ الْوَظِيفَتَيْنِ سَوَاءٌ اجْتَمَعَتَا فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي شَخْصَيْنِ. كَمَا لَوْ شَرَطَ وَظِيفَةَ إمَامَةٍ وَأَذَانٍ فَقَامَ بِهِمَا وَاحِدٌ لِحُصُولِ مَقْصُودِ الْوَاقِفِ وَقَدْ نُقِلَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْمُؤَذِّنَ لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ. اهـ. وَسَيَأْتِي قَرِيبًا مَا يُؤَيِّدُهُ أَيْضًا. (سُئِلَ) فِي نُظَّارِ وَقْفِ بِرٍّ يُعَارِضُونَ مُتَوَلِّيَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي أُمُورِ الْوَقْفِ إلَّا بِإِذْنِهِمْ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ نِظَارَتَهُمْ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَثْبُتَ نِظَارَتَهُمْ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا سَكَنَتْ هِنْدٌ فِي دَارٍ مَوْقُوفَةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ عِدَّةَ سِنِينَ بِالتَّغَلُّبِ بِلَا إجَارَةٍ ثُمَّ طَالَبَهَا النَّاظِرُ بِالْأُجْرَةِ فَامْتَنَعَتْ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَادَّعَى عَلَيْهَا بِذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ وَأَلْزَمَهَا بِالْأُجْرَةِ وَغَرِمَ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَبْلَغًا دَفَعَهُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَفْعِهِ وَيُرِيدُ احْتِسَابَهُ عَلَى الْوَقْفِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي مُتَوَلِّي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ عَمَّرَ فِي الْوَقْفِ عِمَارَةً ضَرُورِيَّةً وَصَرَفَ عَلَيْهَا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ مَصْرِفَ الْمِثْلِ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُسْتَحِقُّونَ وَشَكَوْا عَلَيْهِ لِلْحَاكِمِ وَالْتَمَسُوا الْكَشْفَ وَالْوُقُوفَ عَلَى صَرْفِهِ الْمَذْكُورِ وَعَلَى أَمَاكِنِ الْوَقْفِ الْمُحْتَاجَةِ لِلتَّعْمِيرِ وَالتَّرْمِيمِ وَالْمُحَاسَبَةِ عَلَى إيرَادِ الْوَقْفِ وَمَصَارِفِهِ فَكَشَفَ عَلَيْهَا كَمَا الْتَمَسُوا فَإِذَا الْعِمَارَةُ الْمَذْكُورَةُ ثَابِتَةٌ فِي مَحَالِّهَا كَمَا قَرَّرَهُ الْمُتَوَلِّي وَثَبَتَ مَا ادَّعَاهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَكُتِبَ بِذَلِكَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ وَدَفْتَرٌ مَمْضِيٌّ بِإِمْضَاءِ الْقَاضِي وَغَرِمَ النَّاظِرُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ عَلَى ذَلِكَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَهَلْ لَهُ احْتِسَابُهُ عَلَى الْوَقْفِ؟ (الْجَوَابُ) : صَرَّحَ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ يَدَ النَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ يَدُ أَمَانَةٍ لَا يَدُ عُدْوَانٍ فَحَيْثُ أَخَذَ مِنْهُ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُ الْآخِذِ عَنْ أَخْذِهِ فَلِلنَّاظِرِ احْتِسَابُهُ عَلَى الْوَقْفِ وَفِي الْبَحْرِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ لِلْقَيِّمِ صَرْفُ شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ إلَى كُتُبِ الْفَتْوَى وَمَحَاضِرِ الدَّعْوَى لِاسْتِخْلَاصِ الْوَقْفِ مِنْ أَيْدِي ذَوِي الشَّوْكَةِ خَيْرِيَّةً مِنْ الْوَقْفِ. وَمِثْلُهُ فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ تَصَرُّفَاتِ الْقَيِّمِ وَفِيهَا أَيْضًا وَقَدْ صَرَّحَ عُلَمَاؤُنَا قَاطِبَةً بِأَنَّ يَدَ النَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ يَدُ أَمَانَةٍ لَا يَدُ عُدْوَانٍ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَإِنْ بَاعَ الْأَرْضَ فَقَبَضَ الثَّمَنَ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيَكُونُ الثَّمَنُ عِنْدَهُ أَمَانَةً وَأَخْذُ الْقَاضِي وَأَعْوَانِهِ الْمَالَ كَأَخْذِ اللُّصُوصِ وَقَدْ قَالَ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَائِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ قُضَاةِ زَمَانِهِمْ

تَسَمَّوْا بِاسْمِ الْقُضَاةِ وَهُمْ بِاسْمِ اللُّصُوصِ أَحَقُّ فَلَا يَضْمَنُ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ يَجُوزُ الْأَخْذُ عَلَى نَفْسِ الْكِتَابَةِ وَلَا يَجُوزُ الْأَخْذُ عَلَى نَفْسِ الْمُحَاسَبَةِ؛ لِأَنَّ الْحِسَابَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ بَحْرٌ مِنْ تَصَرُّفَاتِ النَّاظِرِ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مَنَعَ دَعْوَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو اخْتِصَاصَهُمَا بِكَامِلِ رِيعِ الْوَقْفِ لِانْفِرَادِهِمَا فِي الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا وَأَثْبَتَ أَنَّهُ بَيْنَ جَمِيعِ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ الْمُتَنَاوِلِينَ لِذَلِكَ بِمُوجَبِ حُجَّةٍ وَصَرَفَ بِسَبَبِ ذَلِكَ مِائَتَيْ قِرْشٍ وَثَلَاثَةَ قُرُوشٍ وَنِصْفًا وَاقْتَطَعَ مِنْهَا مِائَةً مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَيُرِيدُ اقْتِطَاعَ بَقِيَّةِ مَا يَدَّعِي صَرْفَهُ وَأَثْبَتَ بِالْبَيِّنَةِ فِي وَجْهِ الْمُسْتَحِقِّينَ أَنَّهُ صَرَفَ ذَلِكَ الْقَدْرَ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ يُسَاوِيهِ فِي الدَّرَجَةِ وَمَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ بِسَبَبِ الْمَنْعِ؟ (الْجَوَابُ) : الْغَلَّةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ الْوَقْفِ بَعْدَ مَصَارِفِهِ مِلْكٌ لِأَرْبَابِهَا مَوْرُوثَةٌ لَهُمْ وَالدَّعْوَى الَّتِي صَرَفَ لِأَجْلِهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْغَلَّةِ وَلَيْسَتْ لِدَفْعِ غَائِلَةٍ عَنْ نَفْسِ الْوَقْفِ بَلْ عَنْ شَرِيكِهِ فِي الْغَلَّةِ الَّتِي هِيَ مِلْكٌ لَهُ وَلَهُمْ وَإِذَا خَسِرَ الشَّرِيكُ بِسَبَبِ دَعْوَى لَا يَرْجِعُ إلَّا بِمُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ قَالَ فِي جَوَاهِرِ الْفَتْوَى ابْنٌ وَبِنْتٌ وَرِثَا دَارًا فَادَّعَى مُدَّعٍ عَلَى الِابْنِ فِيهَا وَلَحِقَهُ خُسْرَانٌ بِسَبَبِ الدَّعْوَى لَا يَرْجِعُ اهـ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ يَقُولُوا لَهُ شَيْئًا يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي مَالِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِدَفْعِ غَائِلَةٍ عَنْ الْوَقْفِ وَلَا جَلْبِ مَنْفَعَةٍ فَإِنَّهُ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ سَوَاءٌ ثَبَتَ أَنَّهُ لِلْمُدَّعِي أَوْ لِلْمَمْنُوعِ عَنْهُ وَلَيْسَ بِدَعْوَى مُتَعَلِّقَةٍ بِعَيْنِ الْوَقْفِ عَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ صَرَفَهُ مِنْ مَالِهِ لِأَمْرٍ مُتَعَلِّقٍ بِعَيْنِ الْوَقْفِ وَادَّعَى بِذَلِكَ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَهَذِهِ الدَّعْوَى لَيْسَتْ لِدَفْعِ صَائِلٍ عَنْ الْوَقْفِ بَلْ فِي اسْتِحْقَاقِ الْغَلَّةِ أَنَّهَا لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ وَلَا دَخْلَ لِلْوَقْفِ فِي ذَلِكَ فَلَا يَسُوغُ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا صَرَفَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ لَا فِي مَالِ الْوَقْفِ وَلَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِوَقْفٍ أَهْلِيٍّ ثَلَاثَةُ نُظَّارٍ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ بَدَلٌ عَنْ بَعْضِ عَقَارَاتِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ الْمُسْتَبْدَلَةِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَادَّعَى مُسْتَحِقُّو الْوَقْفِ عَلَى النُّظَّارِ بِأَنَّ لَهُمْ حِصَّةً فِي الْمَبْلَغِ وَطَالَبُوهُمْ بِقِسْمَتِهِ عَلَيْهِمْ فَتَرَافَعُوا مَعَ النُّظَّارِ بِخُصُوصِهَا لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ فَمَنَعَهُمْ الْحَاكِمُ وَكَتَبَ بِهِ حُجَّةً شَرْعِيَّةً وَغَرِمَ النُّظَّارُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فَهَلْ لَهُمْ احْتِسَابُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا مَرَّ. (سُئِلَ) فِي جَامِعٍ لَهُ مُتَوَلٍّ وَإِمَامٌ وَخَطِيبٌ مَاتَ بَعْضُهُمْ وَعَجَزَ الْبَعْضُ وَظَهَرَ خِيَانَةٌ مِنْ الْبَعْضِ فَقَرَّرَ الْقُضَاةُ الْوَظَائِفَ مُتَعَاقِبَةً عَلَى رَجُلٍ أَهْلٍ وَمَحَلٍّ وَمُسْتَحِقٍّ لَهَا بِشَهَادَةِ أَهْلِ الْجَامِعِ وَعُرِضَ الْأَمْرُ إلَى السُّلْطَانِ نَصَرَهُ الرَّحْمَنُ فَقَرَّرَ الْوَظَائِفَ عَلَى الرَّجُلِ الْمَرْقُومِ بِأَوَامِرَ سُلْطَانِيَّةٍ فَهَلْ يَكُونُ التَّقْرِيرُ الْمَذْكُورُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) وَمَرَّ قَبْلَ نَحْوِ وَرَقَةٍ نَقْلُ الْمَسْأَلَةِ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مُقَرَّرٍ فِي وَظِيفَةِ النَّظَرِ بِمُوجَبِ صَكٍّ مِنْ قِبَلِ قَاضٍ شَرْعِيٍّ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ شَيْئًا فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ فِي الْوَقْفِ مِنْ رِيعِهِ وَلَا شَرَطَ لَهُ الْوَاقِفُ شَيْئًا وَعَمِلَ فِي الْوَقْفِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ إذَا عَمِلَ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ وَأَمَّا بَيَانُ مَالَهُ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْوَاقِفِ فَلَهُ الْمَشْرُوطُ وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ مَنْصُوبَ الْقَاضِي فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَسْتَحِقُّهُ بِلَا تَعْيِينِ الْقَاضِي فَنُقِلَ فِي الْقُنْيَةِ أَوَّلًا إنَّ الْقَاضِيَ لَوْ نَصَّبَ قَيِّمًا مُطْلَقًا وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ أَجْرًا فَسَعَى فِيهِ سَنَةً فَلَا شَيْءَ لَهُ وَثَانِيًا إنَّ الْقَيِّمَ يَسْتَحِقُّ أَجْرَ مِثْلِ سَعْيِهِ سَوَاءٌ شَرَطَ لَهُ الْقَاضِي أَوْ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ أَجْرًا أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْقِوَامَةَ ظَاهِرًا إلَّا بِأَجْرٍ وَالْمَعْهُودُ كَالْمَشْرُوطِ اهـ وَوَفَّقَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَوَاشِيهِ بِحَمْلِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْهُودًا. (سُئِلَ) فِي النَّاظِرِ إذَا أَحَالَ الْمُسْتَحِقِّينَ عَلَى الْحَوَانِيتِ وَالْبُيُوتِ وَهُمْ يَأْخُذُونَ الْأُجْرَةَ مِنْ السُّكَّانِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ مَعْلُومًا لِذَلِكَ

أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَسْتَحِقُّ مَعْلُومًا لِذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْأَمَانَاتِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي النَّاظِرِ إذَا أَرَادَ أَخْذَ الْعُشْرِ مِنْ كَامِلِ غَلَّةِ الْوَقْفِ نَظِيرَ عَمَلِهِ وَهُوَ قَدْرُ أَجْرِ مِثْلِهِ وَيُعَارِضُهُ بَقِيَّةُ الْمُسْتَحِقِّينَ زَاعِمِينَ أَنَّ لَهُ عُشْرَ الْفَاضِلِ بَعْدَ الْمَصَارِفِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الْعُشْرُ أَجْرَ مِثْلِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ الْوَاقِفُ شَيْئًا لَهُ أَخْذُهُ مِنْ كَامِلِ الْغَلَّةِ قَبْلَ حِسَابِ الْمَصَارِفِ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ جَعَلَ لَهُ الْقَاضِي عُشْرَ الْمُتَحَصِّلِ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ نَظِيرَ عَمَلِهِ فِي الْوَقْفِ فَهَلْ لَهُ أَخْذُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ أَخْذُ ذَلِكَ مِنْ الْغَلَّةِ إذَا عَمِلَ فِي الْوَقْفِ إذَا كَانَ ذَلِكَ قَدْرَ أَجْرِ مِثْلِهِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْعُشْرِ أَجْرُ مِثْلٍ عَمَلِهِ حَتَّى لَوْ زَادَ عَلَى أَجْرِ مِثْلِهِ رُدَّ الزَّائِدُ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ مَعْلُومٌ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ صَاحِبَ الْوَلْوَالِجِيَّةِ بَعْدَ أَنْ قَالَ جَعَلَ الْقَاضِي لِلْقَيِّمِ عُشْرَ غَلَّةِ الْوَقْفِ قَالَ قَدْرَ أُجْرَةِ مِثْلِهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي إجَابَةِ السَّائِلِ وَمَعْنَى قَوْلِ الْقَاضِي جَعَلَ لَهُ عُشْرًا أَيْ الَّتِي هِيَ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا مَا تَوَهَّمَهُ أَرْبَابُ الْأَغْرَاضِ الْفَاسِدَةِ إلَخْ بِيرِيٌّ زَادَهْ عَلَى الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَضَاءِ. (أَقُولُ) وَكَتَبْت فِي حَاشِيَتِي عَلَى الْبَحْرِ عَنْ حَاشِيَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ عَلَيْهِ بَعْدَ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ فَتَحَرَّرَ أَنَّ الْوَاقِفَ إنْ عَيَّنَ لَهُ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ كَثِيرًا كَانَ أَوْ قَلِيلًا عَلَى حَسَبِ مَا شَرَطَهُ عَمِلَ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ حَيْثُ لَمْ يَشْرِطْهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ كَمَا هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِنَا عَلَى حَسَبِ مَا شَرَطَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الْوَاقِفُ وَعَيَّنَ لَهُ الْقَاضِي أُجْرَةَ مِثْلِهِ جَازَ، وَإِنْ عَيَّنَ أَكْثَرَ يُمْنَعُ عَنْهُ الزَّائِدُ عَنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ هَذَا إنْ عَمِلَ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً وَبِمِثْلِهِ صَرَّحَ فِي الْأَشْبَاهِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَإِنْ نَصَّبَهُ الْقَاضِي وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ شَيْئًا يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمَعْهُودُ أَنْ لَا يَعْمَلَ إلَّا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْمَعْهُودَ كَالْمَشْرُوطِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ يَجِبُ إلَيْهِ الْمَصِيرُ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلِمَاتِهِمْ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ نَاظِرُ وَقْفٍ زَيْدًا يَتَعَاطَى عَنْهُ أُمُورَ الْوَقْفِ وَلَمْ يَشْرِطْ لَهُ أُجْرَةً عَلَى ذَلِكَ وَتَعَاطَى زَيْدٌ ذَلِكَ مُدَّةً فَهَلْ لَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ عَلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا أَجْرَ لِلْوَكِيلِ إلَّا بِالشَّرْطِ أَشْبَاهٌ مِنْ الْأَمَانَاتِ وَفِيهِ الْعَامِلُ لِغَيْرِهِ أَمَانَةً لَا أَجْرَ لَهُ إلَّا الْوَصِيَّ وَالنَّاظِرَ فَيَسْتَحِقَّانِ بِقَدْرِ أَجْرِ الْمِثْلِ إذَا عَمِلَا إلَّا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ لِلنَّاظِرِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَحِقَّانِ إلَّا بِالْعَمَلِ اهـ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ إذَا مَاتَ مُجْهِلًا غَلَّاتِ الْوَقْفِ بَعْدَ قَبْضِهَا وَلَمْ يُوجَدْ فَهَلْ لَا يَضْمَنُهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ (أَقُولُ) هَكَذَا أُطْلِقَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَوَقَعَ فِيهَا كَلَامٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ قَاضِيَ خَانْ قَيَّدَ ذَلِكَ بِمُتَوَلِّي الْمَسْجِدِ إذَا أَخَذَ غَلَّاتِ الْمَسْجِدِ وَمَاتَ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْغَلَّةُ مُسْتَحَقَّةً لِقَوْمٍ بِالشَّرْطِ فَيَضْمَنُ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ اتِّفَاقِ كَلِمَتِهِمْ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ وَقْفًا عَلَى أَخَوَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا وَقَبَضَ الْحَاضِرُ غَلَّتَهَا تِسْعَ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ الْحَاضِرُ وَتَرَكَ وَصِيًّا ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ وَطَالَبَ الْوَصِيَّ بِنَصِيبِهِ مِنْ الْغَلَّةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ إذَا كَانَ الْحَاضِرُ الَّذِي قَبَضَ الْغَلَّةَ هُوَ الْقَيِّمُ عَلَى هَذَا الْوَقْفِ كَانَ لِلْغَائِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْغَلَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْقَيِّمُ إلَّا أَنَّ الْأَخَوَيْنِ آجَرَا جَمِيعًا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ آجَرَ الْحَاضِرُ كَانَتْ الْغَلَّةُ كُلُّهَا لَهُ فِي الْحُكْمِ وَلَا يَطِيبُ اهـ كَلَامُهُ وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِمْ غَلَّةُ الْوَقْفِ وَمَا قَبَضَ فِي يَدِ النَّاظِرِ لَيْسَ غَلَّةَ الْوَقْفِ بَلْ هُوَ مَالُ الْمُسْتَحِقِّينَ بِالشَّرْطِ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي الْمِلْكِ وَغَلَّةُ الْوَقْفِ يَمْلِكُهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِغَلَّةِ الْمَسْجِدِ مَا إذَا شَرَطَ تَرْكَ شَيْءٍ فِي يَدِ النَّاظِرِ لِلْعِمَارَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَذَا حَرَّرَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الثَّانِي أَنَّ الْإِمَامَ الطَّرَسُوسِيَّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ ذَكَرَ بَحْثًا أَنَّهُ يَضْمَنُ إذَا طَالَبَهُ الْمُسْتَحِقُّ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ ثُمَّ مَاتَ بِلَا بَيَانٍ أَمَّا إذَا لَمْ يُطَالِبْ فَإِنْ مَحْمُودًا مَعْرُوفًا بِالْأَمَانَةِ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا ضَمِنَ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ عَلَى تَقْيِيدِ

ضَمَانِهِ بِالطَّلَبِ أَيْ فَلَا يَضْمَنُ بِدُونِهِ أَمَّا بِهِ فَيَضْمَنُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْحَائِكُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَعَدِّيًا بِالْمَنْعِ لَكِنْ ذَكَرَ الشَّيْخُ صَالِحٌ فِي زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْمُسْتَحِقُّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَاتَ مُجْهِلًا فَقَدْ ظَلَمَ وَقَيَّدَهُ بَحْثًا بِمَا إذَا لَمْ يَمُتْ فَجْأَةً أَمَّا إذَا مَاتَ عَلَى غَفْلَةٍ لَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْبَيَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ بِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ وَأَقَرَّهُ الْعَلَائِيُّ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ أَنَّ عَدَمَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْبَيَانِ لَوْ مَاتَ فَجْأَةً إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ مَاتَ عَقِبَ قَبْضِهِ الْغَلَّةَ تَأَمَّلْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ إذَا قَبَضَ غَلَّةَ الْوَقْفِ ثُمَّ مَاتَ مُجْهِلًا بِأَنْ لَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ مَا صَنَعَ بِهَا لَا يَضْمَنُهَا فِي تَرِكَتِهِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ أَغْلَبِ عِبَارَاتِهِمْ وَلَا كَلَامَ فِي ضَمَانِهِ بَعْدَ طَلَبِ الْمُسْتَحِقِّ وَلَا فِي عَدَمِ ضَمَانِهِ لَوْ كَانَتْ الْغَلَّةُ لِمَسْجِدٍ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِيمَا لَوْ كَانَتْ غَلَّةَ وَقْفٍ لَهَا مُسْتَحِقُّونَ مَالِكُونَ لَهَا هَلْ يَضْمَنُهَا مُطْلَقًا عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ تَقْيِيدِ قَاضِي خَانْ أَوْ إذَا كَانَ غَيْرَ مَحْمُودٍ وَلَا مَعْرُوفٍ بِالْأَمَانَةِ كَمَا بَحَثَهُ الطَّرَسُوسِيُّ أَوْ إذَا كَانَ مَوْتُهُ بَعْدَ مَرَضٍ لَا فَجْأَةً كَمَا بَحَثَهُ فِي الزَّوَاهِرِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ لَا فِي عَيْنِ الْوَقْفِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا. (سُئِلَ) فِي مَبْلَغٍ مِنْ النُّقُودِ مَوْقُوفٍ مِنْ قِبَلِ وَاقِفِهِ زَيْدٍ عَلَى عُتَقَائِهِ مَحْكُومٍ بِصِحَّتِهِ وَهُوَ تَحْتَ يَدِ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ نَاظِرَةٍ عَلَيْهِ فَمَاتَتْ عَنْ تَرِكَةٍ مُجْهِلَةً لَهُ وَلَمْ يُوجَدْ فِي تَرِكَتِهَا هَلْ تَضْمَنُهُ فِي تَرِكَتِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ النَّاظِرُ لَوْ مَاتَ مُجْهِلًا لِمَالِ الْبَدَلِ ضَمِنَهُ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ أَيْ لِثَمَنِ الْأَرْضِ الْمُسْتَبْدَلَةِ قُلْت فَلِعَيْنِ الْوَقْفِ بِالْأَوْلَى كَالدَّرَاهِمِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي صَاحِبَ التَّنْوِيرِ وَأَقَرَّهُ ابْنُهُ فِي الزَّوَاهِرِ. اهـ. عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ مِنْ الْإِيدَاعِ. (سُئِلَ) فِي دَيْرٍ لَهُ أَوْقَافٌ تَحْتَ يَدِ رَاهِبِهِ النَّاظِرِ الشَّرْعِيِّ فَهَلَكَ النَّاظِرُ وَعَيْنُ غَلَّةِ الْأَوْقَافِ مَوْجُودَةٌ تَحْتَ يَدِهِ وَلِلنَّاظِرِ بَعْدَهُ بَيِّنَةٌ شَرْعِيَّةٌ تَشْهَدُ عَلَى كَوْنِ عَيْنِ الْغَلَّةِ الْمَوْجُودَةِ مُخْتَصَّةً بِالْوَقْفِ مِنْ غَلَّتِهِ فَهَلْ إذَا أَقَامَهَا تُقْبَلُ وَتُصْرَفُ فِي مَصَارِفِهَا الْمَعْلُومَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ مُقَرَّرًا فِي وَظَائِفَ عَمَلٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى إمَامَةٍ وَتَوْلِيَةٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ وَظَائِفِ الْعَمَلِ بِمَالِهَا مِنْ الْمَعْلُومِ الْمُعَيَّنِ مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ فِي زَاوِيَةٍ بِمُوجَبِ مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ بِيَدِهِ وَبَاشَرَ ذَلِكَ مُدَّةً ثُمَّ عُزِلَ عَنْ نِصْفِ الْوَظَائِفِ الْمَزْبُورَةِ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ بَعْدَ مُبَاشَرَتِهِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ مِنْ الْمَعْلُومِ بِحِسَابِ الْمُدَّةِ الَّتِي عَمِلَ فِيهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَأَنْفَعِ الْوَسَائِلِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ عَقَارَاتِهِ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ فَزَعَمَ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ مُقَرَّرٌ فِي وَظِيفَتَيْ عَمَلٍ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ لِذِكْرِهِمَا فِي بَرَاءَةٍ بِيَدِهِ وَيُطَالِبُ مُتَوَلِّيَ الْوَقْفِ بِمَعْلُومِهِمَا عَنْ مُدَّةٍ مَاضِيَةٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْ الْوَظِيفَتَيْنِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ أَصْلًا وَالْمُتَوَلِّي يُنْكِرُ وُجُودَ الْوَظِيفَتَيْنِ فِي الْوَقْفِ فَهَلْ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِمَا لَا يَسْتَحِقُّ مَعْلُومَهُمَا فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي الْبَحْرِ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا مَنْ بَاشَرَ الْعَمَلَ وَفِي الْأَشْبَاهِ وَقَدْ اغْتَرَّ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ فِي زَمَانِنَا فَاسْتَبَاحُوا مَعَالِيمَ الْوَظَائِفِ مِنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ. اهـ. وَمَرَّ تَمَامُهُ وَفِي فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ مَعَ الْيَمِينِ فِي عَدَمِ وُصُولِ الْمَعْلُومِ لِأَبِيهِمْ وَلَهُمْ أَخْذُهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إذَا ثَبَتَتْ الْوَظِيفَةُ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ وَإِذَا أَنْكَرَ النَّاظِرُ مُبَاشَرَةَ الْمُوَرِّثِ الْوَظِيفَةَ الْمَذْكُورَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ فِي الْمُبَاشَرَةِ مَعَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَ مُوَرِّثِهِمْ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْمُبَاشَرَةِ مَعَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَكَذَا وَرَثَتُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. (فَائِدَةٌ) أَفْتَى عَلَّامَةُ الْوُجُودِ الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ مُفْتِي السَّلْطَنَةِ السُّلَيْمَانِيَّة بِأَنَّ أَوْقَافَ الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ لَا يُرَاعَى شَرْطُهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ تَرْجِعُ إلَيْهِ مِنْ حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ قُبَيْلَ قَاعِدَةِ إذَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ وَذَكَرَ السُّيُوطِيّ فِي رِسَالَةِ النَّقْلِ الْمَسْتُورِ فِي جَوَازِ قَبْضِ الْمَعْلُومِ مِنْ غَيْرِ حُضُورٍ بِأَنَّهُ أَفْتَى جَمِيعُ عُلَمَاءِ ذَلِكَ الْعَصْرِ كَالسُّبْكِيِّ وَوَلَدَيْهِ وَالزَّمْلَكانِيِّ وَابْنِ عَدْلَانَ وَابْنِ الْمُرَحَّلِ

وَابْنِ جَمَاعَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ وَالْبُلْقِينِيِّ وَالْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِمْ بِأَنَّ هَذِهِ إرْصَادَاتٌ لَا أَوْقَافٌ حَقِيقَةً فَلِلْعُلَمَاءِ الْمُنْزَلِينَ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرُوا وَظَائِفَهُمْ اهـ وَفِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ مَا يَأْخُذُهُ الْفُقَهَاءُ مِنْ الْمَدَارِسِ لَا أُجْرَةَ لِعَدَمِ شُرُوطِ الْإِجَارَةِ وَلَا صَدَقَةَ؛ لِأَنَّ الْغَنِيَّ يَأْخُذُهَا بَلْ إعَانَةٌ لَهُمْ عَلَى حَبْسِ أَنْفُسِهِمْ لِلِاشْتِغَالِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَحْضُرُوا الدَّرْسِ بِسَبَبِ اشْتِغَالٍ أَوْ تَعْلِيقٍ جَازَ أَخْذُهُمْ الْجَامِكِيَّةَ مُعِينُ الْمُفْتِي مِنْ آخِرِ كِتَابِ الْوَقْفِ وَقَدْ ذَكَرَ عُلَمَاؤُنَا أَنَّ مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي دِيوَانِ الْخَرَاجِ كَالْمُقَاتِلَةِ وَالْعُلَمَاءِ وَطَلَبَتِهِمْ وَالْمُفْتِينَ وَالْفُقَهَاءِ يُفْرَضُ لِأَوْلَادِهِمْ تَبَعًا وَلَا يَسْقُطُ بِمَوْتِ الْأَصْلِ تَرْغِيبًا وَذَكَرَ فِي مَالِ الْفَتَاوَى أَنَّ لِكُلِّ قَارِئٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ إنْ أَخَذَهَا فِي الدُّنْيَا وَإِلَّا يَأْخُذْ فِي الْآخِرَةِ مِنْ رِسَالَةِ السَّيِّدِ أَحْمَدَ الْحَمَوِيِّ فِيمَا رَتَّبَ وَأَرْصَدَ بِأَوَامِرِ الْوُزَرَاءِ الْمِصْرِيِّينَ قَالَ مَوْلَانَا الْعَلَّامَةُ صَاحِبُ الْخِزَانَةِ نَاقِلًا عَنْ مَبْسُوطِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ بِنَصٍّ وَإِذَا مَاتَ مَنْ لَهُ وَظِيفَةٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِحَقِّ الشَّرْعِ وَاعْتِزَازِ الْإِسْلَامِ كَأُجَرَاءِ الْإِمَامَةِ وَالتَّأْذِينِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ صَلَاحُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ وَلِلْمَيِّتِ أَبْنَاءٌ يُرَاعُونَ وَيُقِيمُونَ حَقَّ الشَّرْعِ وَإِعْزَازَ الْإِسْلَامِ كَمَا يُرَاعِي وَيُقِيمُ الْأَبُ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ وَظِيفَةَ الْأَبِ لِأَبْنَاءِ الْمَيِّتِ لَا لِغَيْرِهِمْ لِحُصُولِ مَقْصُودِ الشَّرْعِ وَانْجِبَارِ كَسْرِ قُلُوبِهِمْ وَالْإِمَامُ مُرَبِّي فَخَلَفَ الْمَوْتَى بِإِذْنِ الشَّرْعِ وَالشَّرْعُ أَمَرَ بِإِبْقَاءِ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ لِأَبْنَاءِ الْمَيِّتِ لَا غَيْرِهِمْ. اهـ. قُلْت هَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا هُوَ عُرْفُ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَمِصْرَ وَالرُّومِ الْمَعْمُورَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ مِنْ إبْقَاءِ أَبْنَاءِ الْمَيِّتِ وَلَوْ كَانُوا صِغَارًا عَلَى وَظَائِفِ آبَائِهِمْ مُطْلَقًا مِنْ إمَامَةٍ وَخَطَابَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِمْضَاءِ وَلِيِّ التَّقْرِيرِ الْفَرَاغَ لَهُمْ بِذَلِكَ وَتَقْرِيرِهِمْ بَعْدَ وَفَاتِهِ عُرْفًا مَرْضِيًّا مَقْبُولًا؛ لِأَنَّ فِيهِ إحْيَاءَ خَلَفِ الْعُلَمَاءِ وَمُسَاعَدَتَهُمْ عَلَى بَذْلِ الْجَهْدِ فِي الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ وَقَدْ أَفْتَى بِجَوَازِ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ أَكَابِرِ الْفُضَلَاءِ الَّذِينَ يُعَوَّلُ عَلَى إفْتَائِهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِيرِيٌّ زَادَهْ عَلَى الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْفَرَائِضِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِوَاقِفِ وَقْفٍ ذُرِّيَّةٌ يَصْلُحُونَ لِلتَّوْلِيَةِ فَهَلْ يُوَلَّى أَحَدٌ مِنْ الْأَجَانِبِ مَعَ وُجُودِ الذُّرِّيَّةِ؟ (الْجَوَابُ) : مَا دَامَ أَحَدٌ يَصْلُحُ لِلتَّوْلِيَةِ مِنْ أَقَارِبِ الْوَاقِفِ لَا يُجْعَلُ الْمُتَوَلِّي مِنْ الْأَجَانِبِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ مُقَرَّرًا مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي فِي وَظِيفَةِ قِرَاءَةِ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَهُوَ مُبَاشِرٌ لَهَا وَمُتَصَرِّفٌ فِي مَعْلُومِهَا فَأَنْهَى عَمْرٌو لِلْقَاضِي أَنَّهَا شَاغِرَةٌ عَنْ مُبَاشِرٍ فَقَرَّرَهَا عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى إنْهَائِهِ الْمُخَالِفِ فَهَلْ لَا عِبْرَةَ لِلْإِنْهَاءِ الْمُخَالِفِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ وَفِي الْأَشْبَاهِ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخْرِجَ شَيْئًا مِنْ يَدِ أَحَدٍ إلَّا بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ اهـ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ فِي رَجُلٍ عُزِلَ عَنْ وَظِيفَتِهِ بِجُنْحَةٍ وَوَلِيَ رَجُلٌ غَيْرُهُ شَهِدَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ بِعَدَالَتِهِ وَعِفَّتِهِ ثُمَّ وَلِيَ الْأَوَّلُ بِإِنْهَاءِ مَا هُوَ غَيْرُ الْوَاقِعِ وَعُزِلَ الْمَشْهُودُ لَهُ بِغَيْرِ جُنْحَةٍ هَلْ يَنْعَزِلُ أَوْ لَا وَلِلْقَاضِي إبْقَاؤُهُ عَلَى التَّوْلِيَةِ أَجَابَ قَدْ صَرَّحَ الْعُلَمَاءُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَزْلُ النَّاظِرِ وَلَا عَزْلُ صَاحِبِ وَظِيفَةٍ مَا بِغَيْرِ جُنْحَةٍ وَلِلْقَاضِي إبْقَاؤُهُ عَلَى وَظِيفَتِهِ اهـ. وَفِيهَا فِي رَجُلٍ مَاتَ فَقَرَّرَ الْقَاضِي فِي وَظَائِفِهِ جَمَاعَةً ثُمَّ إنَّ رَجُلًا أَنْهَى إلَى السُّلْطَانِ أَمْرَ الْمَيِّتِ فَقَرَّرَهُ فِي وَظَائِفِهِ بِنَاءً عَلَى شُغُورِهَا بِالْمَوْتِ غَيْرَ عَالِمٍ بِتَقْرِيرِ الْقَاضِي السَّابِقِ فَهَلْ الْعِبْرَةُ لِتَقْرِيرِ الْقَاضِي أَمْ لِتَقْرِيرِ السُّلْطَانِ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا قَرَّرَهُ بِنَاءً عَلَى مَا أُنْهِيَ إلَيْهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِمَا فَعَلَ الْقَاضِي أَجَابَ الْعِبْرَةُ لِتَقْرِيرِ الْقَاضِي لَا لِتَقْرِيرِ السُّلْطَانِ بِنَاءً عَلَى مَا أُنْهِيَ إلَيْهِ كَمَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ إذَا أَنْجَزَ مَا وُكِّلَ فِيهِ ثُمَّ فَعَلَهُ الْمُوَكِّلُ خُصُوصًا لَمْ يُوجَدْ مِنْ السُّلْطَانِ تَنْصِيصٌ عَلَى عَزْلِ الْمُقَرَّرِ فَالصَّادِرُ مِنْهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَمْرٍ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ فَلَا يَصِحُّ اهـ وَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي عَزْلُ النَّاظِرِ الْمَشْرُوطِ بِلَا خِيَانَةٍ وَلَوْ عَزَلَهُ لَا يَصِيرُ الثَّانِي مُتَوَلِّيًا كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ لَكِنْ قَالَ بِيرِيٌّ زَادَهْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَائِدَةٌ لِلْوَقْفِ. أَمَّا إذَا كَانَ عَزْلُهُ خَيْرًا

لِلْوَقْفِ عَزَلَهُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ إعْطَاءِ النَّظَرِ لِغَيْرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ إذَا قَبِلَهُ بِلَا أَجْرٍ عِنْدَ امْتِنَاعِ الْمَشْرُوطِ لَهُ مِنْ قَبُولِ ذَلِكَ إلَّا بِأَجْرٍ لَمْ يُشْرَطْ فِي الْوَقْفِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ نَفْعُ الْوَقْفِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ يَعْنِي صَاحِبَ الْأَشْبَاهِ فِيمَا يَأْتِي وَيَتَعَيَّنُ الْإِفْتَاءُ فِي الْوَقْفِ بِمَا هُوَ الْأَنْفَعُ وَالْأَصْلَحُ لِلْوَقْفِ كَمَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَرَأَيْت فِي الذَّخِيرَةِ مَا نَصُّهُ وَيَخْتَارُ فِي الْوَقْفِ مَا هُوَ الْأَنْفَعُ وَالْأَصْلَحُ لِلْوَقْفِ اهـ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ رَأَيْت مَا يُؤَيِّدُ مَا نَقَلْته قَالَ فِي الْحَاوِي الْحَصِيرِيِّ نَاقِلًا عَنْ وَقْفِ الْأَنْصَارِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ يَتَوَلَّى مِنْ جِيرَانِ الْوَقْفِ وَقَرَابَتِهِ إلَّا بِرِزْقٍ وَيَفْعَلُ وَاحِدٌ غَيْرُهُمْ بِغَيْرِ رِزْقٍ قَالَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ الْأَصْلَحُ وَالْأَحْسَنُ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى نَاظِرُ وَقْفٍ عَلَى رَجُلٍ بِأَنَّ تَقْرِيرَهُ فِي قِرَاءَةِ مَا تَيَسَّرَ مُحْدَثٌ أَحْدَثَهُ النَّاظِرُ الَّذِي قَبْلَهُ وَأَنَّهُ غَيْرُ شَرْعِيٍّ لِعَدَمِ مَشْرُوطِيَّةِ التَّوْجِيهِ لَهُ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ الْإِحْدَاثُ وَعَدَمُ مَشْرُوطِيَّةِ التَّوْجِيهِ لَهُ يُعْمَلُ بِتَقْرِيرِهِ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : إذَا ثَبَتَ الْإِحْدَاثُ لَا يُعْمَلُ بِتَقْرِيرِهِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ الْإِحْدَاثُ بِدُونِ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ فَكَيْفَ الْمُتَوَلِّي وَقَدْ صَرَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْوَلْوَالِجِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا بِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَرَّرَ فَرَّاشًا لِلْمَسْجِدِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْوَاقِفِ لَمْ يَحِلَّ لِلْقَاضِي ذَلِكَ وَلَمْ يَحِلَّ لِلْفَرَّاشِ تَنَاوُلُ الْمَعْلُومِ اهـ وَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا لِلْمُتَوَلِّي تَوْجِيهُ الْوَظَائِفِ فَتَوْجِيهُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ؛ لِأَنَّ تَقْرِيرَ الْوَظَائِفِ لِلْقَاضِي لَا لِلْمُتَوَلِّي الَّذِي لَمْ يَشْرِطْ لَهُ الْوَاقِفُ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ أَخْذًا مِمَّا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى (أَقُولُ) ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ تَصَرُّفَ الْقَاضِي فِي الْأَوْقَافِ مُقَيَّدُ بِالْمَصْلَحَةِ فَلَوْ فَعَلَ مَا يُخَالِفُ شَرْطَ الْوَاقِفِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ ظَاهِرَةِ ثُمَّ نَقَلَ مَا مَرَّ عَنْ الذَّخِيرَةِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قُلْت فِي تَقْرِيرِ الْفَرَّاشِ مَصْلَحَةٌ قُلْت يُمْكِنُ خِدْمَةُ الْمَسْجِدِ بِدُونِ تَقْرِيرِهِ بِأَنْ يَسْتَأْجِرَ الْمُتَوَلِّي فَرَّاشًا لَهُ وَالْمَمْنُوعُ تَقْرِيرُهُ فِي وَظِيفَةٍ تَكُونُ حَقًّا لَهُ وَلِذَا صَرَّحَ قَاضِي خَانْ بِأَنَّ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَسْتَأْجِرَ خَادِمًا لِلْمَسْجِدِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ تَقْرِيرِ الْقَاضِي فِي بَقِيَّةِ الْوَظَائِفِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْوَاقِفِ كَشَهَادَةٍ وَمُبَاشَرَةٍ وَطَلَبٍ بِالْأَوْلَى وَحُرْمَةُ الْمُرَتَّبَاتِ بِالْأَوْقَافِ بِالْأَوْلَى اهـ كَلَامُ الْبَحْرِ فَتَدَبَّرْ ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ أَوْقَافِ الْمُلُوكِ وَالْأُمَرَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَاعَى شُرُوطُهَا كَمَا مَرَّ قَرِيبًا عَنْ الْمَوْلَى أَبِي السُّعُودِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ رَجُلٌ وَقْفًا عَلَى جِهَةٍ بِرٍّ وَجَعَلَ فِيهِ وَظَائِفَ وَشَرَطَ تَوْجِيهَهَا وَتَقْرِيرَهَا لِمُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَعَرَضَهُ لِطَرَفِ الدَّوْلَةِ الْعَلِيَّةِ فَفَرَغَ زَيْدٌ عَنْ وَظِيفَتِهِ لِعَمْرٍو بِمُوجَبِ تَقْرِيرِ قَاضٍ وَبَرَاءَةٍ عَسْكَرِيَّةٍ فَوَجَّهَهَا مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الْمَشْرُوطُ لَهُ ذَلِكَ لِبَكْرٍ وَعَرَضَ بِذَلِكَ لِلدَّوْلَةِ الْعَلِيَّةِ فَوَجَّهَهَا السُّلْطَانُ عَزَّ نَصْرُهُ لِبَكْرٍ الْمَزْبُورِ وَصَدَرَ أَمْرٌ شَرِيفٌ بِعَدَمِ الْعَمَلِ بِالتَّقْرِيرِ الْمَذْكُورِ وَالْبَرَاءَةِ الْعَسْكَرِيَّةِ الْمَرْقُومَةِ فَقَامَ عَمْرٌو يُعَارِضُ بَكْرًا فِي ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ مُعَارَضَتِهِ فِي ذَلِكَ وَيَعْمَلُ بِتَوْجِيهِ الْمُتَوَلِّي وَالْأَمْرِ الشَّرِيفِ السُّلْطَانِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) وَمِثْلُهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ حَيْثُ سُئِلَ فِي وَاقِفِ نَصٍّ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ عَلَى أَنَّ تَقْرِيرَ الْوَظَائِفِ لِلنَّاظِرِ فَهَلْ يَكُونُ التَّقْرِيرُ لَهُ فَأَجَابَ وِلَايَةُ الْقَاضِي فِي تَقْرِيرِ الْوَظَائِفِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ النَّاظِرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ التَّقْرِيرُ مِنْ الْوَاقِفِ فَلَا يَصِحُّ تَقْرِيرُ الْقَاضِي مَعَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ نَاظِرًا عَلَى وَقْفِ أَجْدَادِهِ فَفَرَغَ عَنْ النَّظَرِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِعَمْرٍو الْمُسْتَحِقِّ فِي الْوَقْفِ الْأَهْلِ لِذَلِكَ لَدَى قَاضٍ قَرَّرَهُ فِي ذَلِكَ قَامَ بَعْضُ الْمُسْتَحَقِّينَ الْآنَ يُعَارِضُ عَمْرًا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ قُرِّرَ فِي الْوَظِيفَةِ عَنْ مَحْلُولِ زَيْدٍ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَهَلْ يُقَدَّمُ التَّفْوِيضُ وَيُمْنَعُ الْمُعَارِضُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ الْقَاطِنُ بِبَلْدَةِ كَذَا عَقَارَاتٍ لَهُ بَعْضُهَا فِي بَلْدَتِهِ الْمَزْبُورَةِ وَبَعْضُهَا فِي دِمَشْقَ وَشَرَطَ التَّوْلِيَةَ عَلَى الْجَمِيعِ لِذُرِّيَّتِهِ فَتَوَلَّوْا كَذَلِكَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ

وَمِنْ عَادَتِهِمْ أَنَّهُمْ يُقِيمُونَ مَقَامَهُمْ رَجُلًا فِي تَوْلِيَةِ الْوَقْفِ الْكَائِنِ بِدِمَشْقَ وَهُمْ فِي بَلْدَةِ جَدِّهِمْ بَعْدَ أَنْ يُنْهُوا وَيَعْرِضُوا أَمْرَهُمْ لِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ عَزَّ نَصْرُهُ وَيَلْتَمِسُوا مِنْهُ نَصْبَ الرَّجُلِ فِيمَا ذُكِرَ فَيُنَصِّبَهُ بِمُوجَبِ بَرَاءَةٍ شَرِيفَةٍ فَتَوَلَّى وَقْفَ دِمَشْقَ رَجُلٌ بِمُوجَبِ بَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ بِعَرْضِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الَّذِي هُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ الْمُقِيمِ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَقَرَّرَهُ قَاضِي الْقُضَاةِ بِدِمَشْقَ عَلَى مَا ذُكِرَ لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ أُمُورُ الْوَقْفِ وَصَارَ الرَّجُلُ يُبَاشِرُ أُمُورَ الْوَقْفِ بِدِمَشْقَ بِمَا فِيهِ الْحَظُّ وَالْمَصْلَحَةُ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ لِلنَّاظِرِ التَّصَرُّفَ فِي الْوَقْفِ بِمَا فِيهِ الْحَظُّ وَالْمَصْلَحَةُ وَحَيْثُ عَرَضَ الْمُتَوَلِّي الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ لِلسُّلْطَانِ دَامَ مُلْكُهُ أَنْ يُقِيمَ الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ مُتَوَلِّيًا عَلَى الْوَقْفِ الَّذِي بِدِمَشْقَ فَأَقَامَهُ السُّلْطَانُ عَزَّ نَصْرُهُ فَقَدْ صَارَ مُتَوَلِّيًا عَلَى الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عَنْ الْمَشْرُوطِ لَهُ بِدَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ وَهِيَ جَعْلُ غَيْرِ الْمَنْطُوقِ مَنْطُوقًا تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ وَصَوْنًا لَهُ عَنْ الْإِلْغَاءِ فَيَكُونُ عَرْضُ الْمُتَوَلِّي الْمَشْرُوطِ لَهُ ذَلِكَ كَأَنَّهُ قَالَ وَكَّلْتُك فِي إقَامَتِهِ عَنِّي فِي ذَلِكَ وَقَدْ مَثَّلَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ فِي التَّوْضِيحِ لِلِاقْتِضَاءِ بِنَحْوِ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ بِعْ عَبْدَك مِنِّي بِأَلْفٍ وَكُنْ وَكِيلًا فِي الْإِعْتَاقِ فَتَصَرُّفُ الْمُتَوَلِّي الْمَذْكُورِ صَحِيحٌ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ قَرَّرَهُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ لِكَوْنِ النَّاظِرِ غَائِبًا صَوْنًا لِلْوَقْفِ عَنْ الضَّيَاعِ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ وَلَوْ جَعَلَ الْوِلَايَةَ لِغَائِبٍ أَقَامَ الْقَاضِي مَقَامَهُ رَجُلًا إلَى أَنْ يَقْدَمَ فَإِذَا قَدِمَ تُرَدُّ إلَيْهِ اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ غَابَ وَتَرَكَ الْوَقْفَ بِلَا وَكِيلٍ يُبَاشِرُ عَنْهُ وَتَعَطَّلَتْ مَصَالِحُ الْوَقْفِ لِعَدَمِ نَاظِرٍ يُبَاشِرُهَا فَهَلْ لِلْقَاضِي إقَامَةُ قَيِّمٍ عَلَى الْوَقْفِ بِغَيْبَةِ نَاظِرِهِ إلَى أَنْ يَقْدَمَ وَيَسُوغُ لِلْقَيِّمِ التَّصَرُّفُ السَّابِقُ لِلنَّاظِرِ الْمُقَامِ هُوَ مَقَامَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ نَقْلًا عَنْ الْإِسْعَافِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا صَدَّقَ نَاظِرُ الْوَقْفِ لِرَجُلٍ بِشَيْءٍ عَلَى الْوَقْفِ وَأَقَرَّ لَهُ بِهِ هَلْ يَكُونُ إقْرَارُهُ صَحِيحًا أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : إقْرَارُهُ عَلَى الْوَقْفِ غَيْرُ صَحِيحٍ قَالَ فِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ لَا يَنْفُذُ إقْرَارُ الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ. اهـ. وَفِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ إقْرَارُ الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ لَا يَصِحُّ اهـ وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ مِنْ الْإِجَارَةِ، وَالتَّصَادُقُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ مِنْهُ عَلَى الْوَقْفِ وَإِقْرَارُ النَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ غَيْرُ صَحِيحٍ اهـ وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ، نُكُولُ النَّاظِرِ وَإِقْرَارُهُ عَلَى الْوَقْفِ لَا يَصِحُّ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ النَّاظِرُ أَنَّهُ مُوَاصِلٌ مِنْ زَيْدٍ بِأُجْرَةِ دَارِ الْوَقْفِ الْجَارِيَةِ فِي تَوَاجِرِهِ فِيمَا مَضَى إلَى سَنَةِ كَذَا فَهَلْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ نَاظِرُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مُنْحَصِرٍ رَيْعُهُ فِيهِ وَفِي جَمَاعَةٍ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ بِأَنَّ هِنْدًا الْأَجْنَبِيَّةَ تَسْتَحِقُّ مِنْ رَيْعِهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ وَهُمْ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ فَهَلْ إقْرَارُ النَّاظِرِ لَا يَسْرِي عَلَى الْجَمَاعَةِ وَلَيْسَ لَهُ اقْتِطَاعُ شَيْءٍ عَلَيْهِمْ مِنْ اسْتِحْقَاقِهِمْ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفِ بِرٍّ عَلَى زَيْدٍ مُتَوَلِّي وَقْفِ بِرٍّ آخَرَ وَقَفَهُ عَمْرٌو بِأَنَّ وَقْفَ عَمْرٍو جَارٍ فِي وَقْفِ الْبِرِّ الْمَزْبُورِ فَأَقَرَّ زَيْدٌ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ نَاظِرُ وَقْفٍ بِأَنَّ مُسْتَأْجِرَ حَانُوتِ الْوَقْفِ يَسْتَحِقُّ عَلَى الْحَانُوتِ الْمَزْبُورَةِ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ صَرَفَهُ فِي تَعْمِيرِهَا وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ يَكُونُ إقْرَارُهُ عَلَى الْوَقْفِ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْعِمَادِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ فِي الْوَقْفِ أَنَّ فُلَانًا يَسْتَحِقُّهُ دُونَهُ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَقَرَّ الْمَشْرُوطُ لَهُ الرَّيْعُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ دُونَهُ صَحَّ وَلَوْ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَصِحَّ وَكَذَا الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ عَلَى هَذَا اهـ وَذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ فِي مَوَاضِعَ (أَقُولُ) وَمَرَّ الْكَلَامُ مُسْتَوْفًى عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَابِ الثَّانِي. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ

دَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى بَنَاتِهِ الْأَرْبَعِ ثُمَّ وَثُمَّ وَشَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ ثُمَّ تَصَادَقَ مَعَ أَخَوَيْهِ عَلَى أَنَّ مَسْكَنًا مُعَيَّنًا مِنْهَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا ثُمَّ مَاتَ عَنْ بَنَاتِهِ الْمَزْبُورَاتِ وَيُرِيدُ أَخَوَاهُ أَخْذَ حِصَّتِهِمَا مِنْ الْمَسْكَنِ بِمُقْتَضَى الْمُصَادَقَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِقْرَارِ أَخِيهِمَا بِذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ إقْرَارُ النَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ بِعَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِهِ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفٌ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ إلَى وَلَدِهِ أَوْ الْأَسْفَلِ مِنْهُ وَاعْتَرَفَ نَاظِرُ الْوَقْفِ بِذَلِكَ وَتَصَرَّفَ النُّظَّارُ وَالنَّاظِرُ الْمُعْتَرِفُ بِذَلِكَ وَالْآنَ أَنْكَرَ النَّاظِرُ الْمُعْتَرِفُ أَنَّ الْوَاقِفَ شَرَطَ ذَلِكَ فَهَلْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَالتَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ وَلَا عِبْرَةَ لِإِنْكَارِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ الْمُوَافِقِ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَلَا عِبْرَةَ لِإِنْكَارِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَرَطَ وَاقِفُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ نَظَرَ وَقْفِهِ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَتَوَلَّى الْأَرْشَدُ مِنْهُمْ نَظَرَ الْوَقْفِ وَثَبَتَتْ أَرْشَدِيَّتُهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ ثُمَّ فَرَغَ فِي صِحَّتِهِ عَنْ وَظِيفَةِ النَّظَرِ الْمَزْبُورِ لِبَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ التَّفْوِيضُ عَامًا فَهَلْ يَكُونُ الْفَرَاغُ الْمَزْبُورُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي رَجُلٍ آلَ إلَيْهِ النَّظَرُ الشَّرْعِيُّ عَلَى وَقْفِ جَدِّهِ وَقَدْ ضَعُفَتْ قُوَّتُهُ عَنْ التَّحَدُّثِ عَلَى الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَحَدَّثَ عَنْهُ عَلَى الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ بَقِيَّةَ حَيَاتِهِ أَمْ لَا وَهَلْ لَهُ أَنْ يَنْزِلَ لِأَحَدٍ عَنْ النَّظَرِ أَمْ لَا؟ الْجَوَابُ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ الْكَمَالِ الْقَادِرِيِّ نَعَمْ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَالْكِفَايَةُ وَلَا يَصِحُّ نُزُولُهُ عَنْ النَّظَرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ وَلَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ وَوَافَقَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْحَنْبَلِيُّ وَالدَّمِيرِيُّ الْمَالِكِيُّ وَالْحَنَفِيُّ فَتَاوَى الطَّرَابُلْسِيِّ مِنْ الْوَقْفِ جَمَعَ شِهَابُ الدِّينِ أَحْمَدُ الشَّهِيرُ بِالشَّلَبِيِّ. (أَقُولُ) وَفِي الْإِسْمَاعِيلِيَّة جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ نَظِيرِ سُؤَالِنَا الْمَذْكُورِ وَفِيهِ اشْتِرَاطُ الْأَرْشَدِيَّةِ مَا نَصُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ الْمَفْرُوغُ لَهَا مُعَادِلَةً لِلْمَرْأَةِ الْفَارِغَةِ فِي الْأَرْشَدِيَّةِ وَفِي كَوْنِهَا مِنْ ذُرِّيَّةِ الْوَاقِفِ لَا يَصِحُّ فَرَاغُهَا لَهَا وَلَا تَقْرِيرُهَا فِي النَّظَرِ وَإِنْ عَزَلَتْ نَفْسَهَا لَمْ تَنْعَزِلْ وَلَهَا الطَّلَبُ بَعْدَ الْعَزْلِ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمَفْرُوغَ لَهُ لَوْ سَاوَى الْفَارِغَ فِي الْأَرْشَدِيَّةِ وَفِي كَوْنِهِ مِنْ الذُّرِّيَّةِ يَصِحُّ الْفَرَاغُ لَكِنْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ هَذَا الْبَابِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَالْمَنْظُومَةِ الْمُحِبِّيَّةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ النَّاظِرَ إنَّمَا يَصِحُّ تَفْوِيضُهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَأَمَّا فِي الْحَيَاةِ فَلَا إلَّا إذَا شَرَطَ لَهُ الْوَاقِفُ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ. ثُمَّ نَقَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ مَا نَصُّهُ سُئِلَ فِيمَا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِلْأَرْشَدِ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَمَاتَ فَنَصَّبَ الْقَاضِي أَحَدَهُمْ نَاظِرًا وَالْحَالَةُ أَنَّهُ صَبِيٌّ وَالْأَرْشَدُ فِيهِمْ امْرَأَةٌ هَلْ تَسْتَحِقُّ النَّظَرَ الْآنَ دُونَهُ أَوْ لَا أَجَابَ حَيْثُ انْتَظَمَ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ الْمُعَرَّفُ فَاللَّامُ الْجِنْسِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى الْوَاحِدَ وَالْمُتَعَدِّدَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَأَفْتَى بِهِ شَمِلَ الْمَرْأَةَ الرَّشِيدَةَ فَتَسْتَحِقُّ النَّظَرَ وَحْدَهَا إنْ لَمْ يُسَاوِهَا أَحَدٌ فِي الرُّشْدِ الْمَذْكُورِ أَوْ مَعَهُ وَالرُّشْدُ الْمَذْكُورُ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ كَوْنُهُ مُصْلِحًا فِي مَالِهِ فَقَطْ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ وَأَمَّا فِي الْوَقْفِ فَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ فِيهِ إنَّ الظَّاهِرَ صَلَاحُ الْمَالِ وَهُوَ حُسْنُ التَّصَرُّفِ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الرُّشْدَ بِالْمَعْنَى الْأَخِيرِ يَقِلُّ فِي الصَّبِيِّ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَثْبَتَ زَيْدٌ فِي وَجْهِ عَمْرٍو أَنَّهُ أَرْشَدُ مِنْهُ فِي نَظَرِ أَوْقَافِ أَجْدَادِهِمَا بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُزَكَّاةِ وَقَرَّرَ فِي النَّظَرِ عَنْ رَفْعِ عَمْرٍو بَعْدَ اعْتِرَافِهِمَا بِشَرْطِ الْوَاقِفِينَ الْأَرْشَدِيَّةَ ثُمَّ ادَّعَى عَمْرٌو الْآنَ أَنَّهُ أَرْشَدُ مِنْ زَيْدٍ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ أَثْبَتَ زَيْدٌ أَرْشَدِيَّتَهُ فِي وَجْهِ الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ الْمُزَكَّاةِ وَحُكِمَ لَهُ بِهَا وَقُرِّرَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ بَعْدَهُ مَا يُوجِبُ عَزْلَهُ يُحْكَمُ بِبَقَائِهِ مَا لَمْ يُوجَدْ الْمُزِيلُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ إذَا ثَبَتَ لِوَاحِدٍ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَى غَيْرِهِ وَلَمْ يَتَعَدَّهُ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَضَاءِ: الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ فِي حَادِثَةٍ لَا تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ إلَّا إذَا ادَّعَى تَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْ الْمُدَّعِي أَوْ النِّتَاجِ أَوْ بَرْهَنَ عَلَى إبْطَالِ الْقَضَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ

الْعِمَادِيُّ اهـ وَفِيهِ أَيْضًا مِنْهُ أَيُّ بَيِّنَةٍ سَبَقَتْ وَقُضِيَ بِهَا لَمْ تُقْبَلْ الْأُخْرَى اهـ وَفِي الْكَافِي الشَّهَادَةُ إذَا تَضَمَّنَتْ نَقْضَ قَضَاءٍ تُرَدُّ اهـ وَالدَّعْوَى مَتَى فُصِلَتْ مَرَّةً بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ لَا تُنْقَضُ وَلَا تُعَادُ وَفِي حَاوِي السُّيُوطِيّ مِنْ الْوَقْفِ لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ بِصِيغَةِ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ كَالْأَصْلَحِ وَالْأَرْشَدِ وَثَبَتَتْ الْأَرْشَدِيَّةُ وَالْأَصْلَحِيَّةُ لِوَاحِدٍ وَحُكِمَ لَهُ ثُمَّ وُجِدَ بَعْدَ ذَلِكَ مَنْ صَارَ أَصْلَحَ أَوْ أَرْشَدَ لَمْ يَنْتَقِلْ لَهُ الْحَقُّ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِمَنْ فِيهِ هَذَا الْوَصْفُ فِي الِابْتِدَاءِ لَا فِي الْأَثْنَاءِ وَإِلَّا لَمْ يَسْتَقِرَّ نَظَرٌ لِأَحَدٍ اهـ. (أَقُولُ) تَقَدَّمَتْ عِبَارَةُ السُّيُوطِيّ بِأَبْسَطَ مِنْ ذَلِكَ أَوَّلَ هَذَا الْبَابِ وَكَتَبْنَا عَقِبَهَا عَنْ الْبَحْرِ وَالْخَصَّافِ وَالتَّتَارْخَانِيَّة أَنَّهُ إذَا صَارَ الْمَفْضُولُ أَفْضَلَ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَيْهِ وَكَأَنَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يَرَ النَّقْلَ فِي مَذْهَبِهِ حَتَّى عَدَلَ إلَى مَذْهَبِ الْغَيْرِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَذْهَبًا لَا يَقْضِي عَلَى مَذْهَبٍ وَوَجْهُ مَذْهَبِنَا وَهُوَ الْأَعْدَلُ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى مَا مَرَّ مُخَالَفَةُ شَرْطِ الْوَاقِفِ الَّذِي هُوَ كَنَصِّ الشَّارِعِ فِيمَا لَوْ أَثْبَتَتْ امْرَأَةٌ مَثَلًا أَرْشَدِيَّةً عَلَى صَبِيٍّ ثُمَّ بَلَغَ الصَّبِيُّ وَصَارَ عَالِمًا عَارِفًا بِأُمُورِ الْوَقْفِ يُبَاشِرُهَا بِنَفْسِهِ قَادِرًا عَلَى تَحْصِيلِ غَلَّاتِهِ تَقِيًّا دَيِّنًا أَفْضَلَ مِنْهَا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّهَا أَحَقُّ مِنْهُ وَلَا تُعْزَلُ وَأَمَّا كَوْنُهُ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ فِي حَادِثَةٍ فَجَوَابُهُ أَنَّ هَذِهِ حَادِثَةٌ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ قُضِيَ عَلَيْهِ فِي حَالَةِ عَجْزِهِ وَعَدَمِ رُشْدِهِ وَهَذِهِ حَادِثَةٌ أُخْرَى عَلَى أَنَّ مَا عَزَاهُ إلَى حَاوِي السُّيُوطِيّ قَدْ اعْتَمَدَ خِلَافَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ كَمَا رَأَيْته فِي فَتَاوِيه تَابِعًا فِي ذَلِكَ لِلرُّويَانِيِّ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ ثُمَّ نَقَلَ فِيهَا عَنْ الْإِمَامِ السُّبْكِيّ تَفْصِيلًا فَقَالَ لَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَرْشَدِيَّةِ زَيْدٍ ثُمَّ أَرَادَ آخَرُ أَنْ يُثْبِتَ أَرْشَدِيَّتَهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَصُرَ الزَّمَنُ بَيْنَهُمَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ صِدْقُهُمَا تَعَارَضَتَا ثُمَّ يُحْتَمَلُ سُقُوطُهُمَا وَيُحْتَمَلُ اشْتِرَاكُهُمَا وَإِنْ طَالَ فَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِالثَّانِيَةِ إنْ صَرَّحْت بِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ مُتَجَدِّدٌ اهـ. وَبَيَانُ إجْرَاءِ هَذَا التَّفْصِيلِ عَلَى قَوَاعِدِ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ وَشَهِدَتْ كُلٌّ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ بِأَنَّ صَاحِبَهَا أَرْشَدُ اشْتَرَكَا؛ لِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ يَنْتَظِمُ الْوَاحِدَ وَالْأَكْثَرَ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ وَقَصُرَ الزَّمَنُ فَقَدْ تَقَرَّرَ عِنْدَنَا أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ إذَا تَعَارَضَتَا وَسَبَقَ الْحُكْمُ بِإِحْدَاهُمَا لَغَتْ الثَّانِيَةُ وَأَمَّا إذَا طَالَ الزَّمَنُ فَكَذَلِكَ إلَّا إذَا شَهِدَتْ الثَّانِيَةُ بِأَنَّ صَاحِبَهَا صَارَ الْآنَ أَرْشَدَ مِنْ الْأَوَّلِ فَتُقْبَلُ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ كَلَامِ أَئِمَّتِنَا فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْمُفْرَدَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَظِيفَةُ أَذَانٍ فِي جَامِعِ كَذَا بِمَالِهَا مِنْ الْمَعْلُومِ الْمُعَيَّنِ مِنْ وَقْفِ الْجَامِعِ بِمُوجَبِ تَقْرِيرِ قَاضٍ شَرْعِيٍّ فَفَرَغَ عَنْهَا لَدَى قَاضٍ شَرْعِيٍّ لِأَخَوَيْنِ قَرَّرَهُمَا فِيهَا وَأَعْطَاهُمَا حُجَّةَ تَقْرِيرٍ وَبَاشَرَاهَا مُدَّةً وَالْآنَ قَامَ عَمْرٌو يُعَارِضُهُمَا فِيهَا زَاعِمًا أَنَّ زَيْدًا صَاحِبَهَا الْأَوَّلَ كَانَ فَرَغَ لَهُ عَنْهَا قَبْلَهُمَا لَدَى جَمَاعَةٍ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْ قَاضٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْفَرَاغُ الصَّادِرُ لِلْأَخَوَيْنِ فَقَطْ؟ (الْجَوَابُ) : الْعِبْرَةُ لِلْفَرَاغِ الصَّادِرِ مِنْ زَيْدٍ لِلْأَخَوَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي الَّذِي قَرَّرَهُمَا فِي ذَلِكَ دُونَ مَا يَزْعُمُهُ عَمْرٌو مِنْ الْفَرَاغِ الْمَذْكُورِ قَالَ فِي الرِّسَالَةِ الزَّيْنَبِيَّةِ فِيمَا يَسْقُطُ مِنْ الْحُقُوقِ بِالْإِسْقَاطِ مَا نَصُّهُ وَمِنْهَا أَنَّ مَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ وَظِيفَةٍ لَا يَسْقُطُ وَكَذَا مَنْ فَرَغَ عَنْ وَظِيفَةٍ وَلَمْ يَكُونَا بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي إلَّا أَنَّ الشَّيْخَ قَاسِمًا فِي فَتَاوَاهُ أَفْتَى بِسُقُوطِ حَقِّهِ بِالْفَرَاغِ لِغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يُقَرِّرْ النَّاظِرُ الْمَنْزُولُ لَهُ وَلَمْ يَسْتَنِدْ إلَى نَقْلٍ وَخُولِفَ فِي ذَلِكَ اهـ وَنَقَلَ ذَلِكَ السَّيِّدُ أَحْمَدُ فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى زَيْدٍ تَيْمَارٌ فَفَرَغَ عَنْهُ لِعَمْرٍو بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ دَفَعَهَا لِزَيْدٍ ثُمَّ إنَّ السُّلْطَانَ أَعَزّ اللَّهُ أَنْصَارَهُ لَمْ يَقْبَلْ فَرَاغَهُ وَقَرَّرَهُ وَأَبْقَاهُ عَلَى تَيْمَارِهِ كَمَا كَانَ وَيُرِيدُ عَمْرٌو الْآنَ الرُّجُوعَ عَلَى زَيْدٍ بِمَبْلَغِ الْفَرَاغِ الَّذِي دَفَعَهُ لَهُ فَهَلْ يَسُوغُ لِعَمْرٍو ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ حَيْثُ دَفَعَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ فِي مُقَابَلَةِ التَّيْمَارِ الْمَزْبُورِ وَلَمْ يَقْبَلْ السُّلْطَانُ عَزَّ نَصْرُهُ فَرَاغَهُ وَأَبْقَاهَا عَلَيْهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ فِي مَوَاضِعَ ثُمَّ قَالَ فِيهَا؛ لِأَنَّ

مُجَرَّدَ الْفَرَاغِ سَبَبٌ ضَعِيفٌ وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي الْأَشْبَاهِ وَأَطَالَ فِيهَا الْمُحَشِّي. (أَقُولُ) ظَاهِرُ تَقْيِيدِ الْمُؤَلِّفِ الرُّجُوعُ بِالْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ لَوْ قَبِلَ السُّلْطَانُ فَرَاغَهُ وَقَرَّرَهُ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ السَّيِّدُ أَحْمَدُ الْحَمَوِيُّ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ الْوَظَائِفِ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ وَأَنَّ الْعَلَّامَةَ نُورَ الدِّينِ عَلِيًّا الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ عَلَى نَظْمِ الْكَنْزِ اسْتَخْرَجَ صِحَّةَ ذَلِكَ مِنْ فَرْعٍ ذَكَرَهُ السَّرَخْسِيُّ فِي مَبْسُوطِهِ وَذَكَرَهُ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلشَّمْسِ الرَّمْلِيِّ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّهُ أَفْتَى بِصِحَّةِ ذَلِكَ أَيْضًا وَحَاصِلُ مَا فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَأَفْتَى بِهِ مِرَارًا قَالَ؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِجَوَازِهِ بَنَاهُ عَلَى اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْخَاصِّ وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ وَقَدْ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ أَيْ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْأَشْبَاهِ الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْوَظَائِفِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مُجَرَّدٌ فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ كَالِاعْتِيَاضِ عَنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ اهـ وَأَمَّا إذَا جَعَلَهُ مِنْ بَابِ الْمُجَازَاةِ عَلَى الصَّنِيعِ أَوْ لَحِقَهُ إبْرَاءٌ عَامٌّ أَوْ إبْرَاءٌ مِنْهُ خَاصَّةً فَلَا قَائِلَ بِالرُّجُوعِ اهـ مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ مُلَخَّصًا ثُمَّ ذَكَرَ فِيهَا أَوَّلَ كِتَابِ الصُّلْحِ فَرْعًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ عَقِبَهُ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي عَدَمِ جَوَازِ النُّزُولِ عَنْ التَّيْمَارَاتِ وَأَنَّ الْمَنْزُولَ لَهُ يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ نُزُولُهُ عَزْلًا لِنَفْسِهِ إلَخْ وَرَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ عَنْ فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَلِيٍّ أَفَنْدِي مُفْتِي السَّلْطَنَةِ مَا يُوَافِقُهُ وَنَصُّهُ بِالتُّرْكِيَّةِ (زَيْد بِرَجَا مَعْده خَطِيب أَوْ؛ لِأَنَّ عُمْره خَطَّابَتِي كندويه فَرَاغ أيتمك ايجون أيكوز غروش ويروب عمرو دخي خَطَّابَتِي زيده فارغ إيلسه زَيْد مبلغ مزبوري عمرو دن استرداده قادرا وَلَوْ رَمَى؟ (الْجَوَابُ) : أولور اهـ) . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا فَرَغَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو عَنْ وَظِيفَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ دَفَعَهُ عَمْرٌو لَهُ ثُمَّ أَبْرَأَ زَيْدٌ إبْرَاءً عَامًّا لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَمَضَتْ مُدَّةٌ وَالْآنَ يُرِيدُ عَمْرٌو الرُّجُوعَ بِبَدَلِ الْفَرَاغِ عَلَى زَيْدٍ مُتَعَلِّلًا بِعَدَمِ مَجِيءِ بَرَاءَةٍ لَهُ بِهَا وَأَنَّ الْغَيْرَ أَخَذَهَا فَهَلْ إذَا ثَبَتَ الْإِبْرَاءُ الْعَامُّ الْمَذْكُورُ لَيْسَ لِعَمْرٍو ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا فَرَغَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو عَنْ عَثَامِنَةٍ مَعْلُومَةٍ فِي جَوَامِكِ الْعَسْكَرِيِّينَ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَأَجَازَ ذَلِكَ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ مَاتَ الْفَارِغُ عَنْ وَرَثَةٍ يُكَلِّفُونَ عَمْرًا بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ أَنْ يَدْفَعَ لَهُمْ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ ثَمَنَ الْعَثَامِنَةِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُ عَمْرًا ذَلِكَ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ لَا يَلْزَمُ عَمْرًا ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرٍ شَرْعِيٍّ عَلَى وَقْفٍ أَهْلِيٍّ سَافَرَ مِنْ دِمَشْقَ بَعْدَ أَنْ وَكَّلَ رَجُلًا مِنْ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ أَهْلًا لِلْقِيَامِ عَنْهُ بِمَصَالِحِهِ وَكَالَةً شَرْعِيَّةً عَامَّةً أَثْبَتَهَا نَفْسُ الْوَكِيلِ عَنْهُ بِمُوجَبِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ تَقَدَّمَ الْوَكِيلُ إلَى الْحَاكِمِ وَأَنْهَى إلَيْهِ أَنَّ وَظِيفَةَ النَّظَرِ الْمَزْبُورَةَ شَاغِرَةٌ عَنْ مُبَاشِرٍ يُبَاشِرُهَا وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُقَرِّرَهُ فِيهَا لِشُغُورِهَا فَقَرَّرَهُ فِيهَا بِنَاءً عَلَى إنْهَائِهِ الْمُخَالِفَ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَعَ وُجُودِ التَّوْكِيلِ الْمَزْبُورِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : لَا تُعَدُّ الْوَظِيفَةُ الْمَذْكُورَةُ شَاغِرَةً مَعَ وُجُودِ التَّوْكِيلِ سِيَّمَا وَالْمَنْهِيُّ هُوَ الْوَكِيلُ عَلَى أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ السَّفَرِ لَا تَصِيرُ شَاغِرَةً وَحِينَئِذٍ فَالتَّقْرِيرُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الْإِنْهَاءِ الْمُخَالِفِ لَمْ يُصَادِفْ الْمَحَلَّ الشَّرْعِيَّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ مُؤَذِّنًا وَكَنَّاسًا فِي مَسْجِدِ قَرْيَةٍ فَأَقَامَ عَمْرًا نَائِبًا عَنْهُ فِي ذَلِكَ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَجَعَلَ لَهُ نَظِيرَ ذَلِكَ أُجْرَةً مَعْلُومَةً وَبَاشَرَهُمَا عَمْرٌو فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ وَيُرِيدُ مُطَالَبَتَهُ بِالْأُجْرَةِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَنَقْلُهَا فِي الْبَحْرِ وَالْخَيْرِيَّةِ (أَقُولُ) ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ عَنْ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ أَنَّ الِاسْتِنَابَةَ تَصِحُّ فِيمَا يَقْبَلُهَا كَالتَّدْرِيسِ وَالْإِفْتَاءِ لَا فِيمَا لَا يَقْبَلُهَا كَطَلَبِ الْعِلْمِ وَإِقْرَائِهِ وَذَلِكَ بِشَرْطِ الْعُذْرِ الشَّرْعِيِّ وَكَوْنِ النَّائِبِ مِثْلَ الْأَصِيلِ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ فَتَصِحُّ إلَى زَوَالِ الْعُذْرِ خَلَا أَنَّ الْمَعْلُومَ بِتَمَامِهِ يَكُونُ لِلنَّائِبِ لَيْسَ لِلْأَصِيلِ مَعَهُ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ بِهِ النَّائِبُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ وَرِضًا كَامِلٍ لَا يَحُومُ حَوْلَهُ شَيْءٌ مِنْ الْخَوْفِ وَالْحَيَاءِ اهـ وَأَقَرَّهُ الْبِيرِيُّ وَاَلَّذِي حَرَّرَهُ

فِي الْبَحْرِ أَنَّ النَّائِبَ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الْوَقْفِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالتَّقْرِيرِ وَلَمْ يُوجَدْ وَيَسْتَحِقُّ الْأَصِيلُ الْكُلَّ إنْ عَمِلَ أَكْثَرَ السَّنَةِ وَلَوْ عَيَّنَ الْأَصِيلُ لِلنَّائِبِ شَيْئًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ؛ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ وَقَدْ وَفَّى الْعَمَلَ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ جَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْإِمَامَةِ وَالتَّدْرِيسِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَصَرَّحَ الْخَصَّافُ بِأَنَّ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا يَقُومُ مَقَامَهُ وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ مِنْ مَعْلُومِهِ شَيْئًا وَكَذَا فِي الْإِسْعَافِ اهـ. وَبِهَذَا أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَلَعَلَّ مَحْمَلَ مَا مَرَّ عَنْ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ مَا إذَا أَنَابَهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ أُجْرَةً وَلَمْ يَعْمَلْ الْأَصِيلُ أَكْثَرَ السَّنَةِ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّرَ فِي الْوَظِيفَةِ قَدْ أَقَامَهُ مَقَامَهُ فَيَسْتَحِقُّ مَعْلُومَهَا كَالْمُقَرَّرِ فِيهَا أَصَالَةً بِخِلَافِ مَا إذَا جَعَلَ لَهُ أُجْرَةً مُعَيَّنَةً مِنْ مَعْلُومَةٍ فَلَيْسَ لَهُ أَزْيَدُ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إذَا كَانَتْ الِاسْتِنَابَةُ بِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ وَإِلَّا فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَلَيْسَ مِنْ الْعُذْرِ عَدَمُ أَهْلِيَّتِهِ لِمُبَاشَرَةِ الْوَظِيفَةِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ عَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ لَا يَصِحُّ تَقْرِيرُهُ فِيهَا فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا كَمَا حَرَّرَهُ فِي أَوَاخِرِ الْفَنِّ الثَّالِثِ مِنْ الْأَشْبَاهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَصِحُّ إنَابَةُ غَيْرِهِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ هَذَا وَرَأَيْت سُؤَالًا أَجَابَ عَنْهُ الْمُؤَلِّفُ تَبَعًا لِجَدِّهِ وَلَمْ يُثْبِتْهُ فِي الْفَتَاوَى وَقَدْ رَأَيْته فِي مَجْمُوعَةِ مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيِّ أَمِينِ فَتْوَى الْمُؤَلِّفِ وَنَصُّهُ فِيمَا إذَا كَانَ لِمُؤَذِّنِي جَامِعٍ مَرْتَبَاتٌ فِي أَوْقَافٍ شَرَطَهَا وَاقِفُوهَا لَهُمْ فِي مُقَابَلَةِ أَدْعِيَةٍ يُبَاشِرُونَهَا لِلْوَاقِفِينَ الْمَذْكُورِينَ وَجَعَلَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ لَهُمْ نُوَّابًا يَقُومُونَ بِالْآذَانِ وَبِالْأَدْعِيَةِ الْمَزْبُورَةِ عَنْهُمْ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ النُّوَّابُ الْمُبَاشِرُونَ لِلْآذَانِ وَالْأَدْعِيَةِ الْمَزْبُورَةِ الْمَرْتَبَاتِ الْمَرْقُومَةَ دُونَ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ الْجَوَابُ نَعَمْ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عُفِيَ عَنْهُ الْجَوَابُ كَمَا بِهِ جَدِّي الْمَرْحُومُ أَجَابَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ كَتَبَهُ مُفْتِي دِمَشْقَ الشَّامِ الْفَقِيرُ حَامِدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ الْمَذْكُورُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ آمِينَ وَأَجَابَ مَوْلَانَا حَامِدٌ أَفَنْدِي عَنْ سُؤَالٍ طِبْقِ سُؤَالِ جَدِّهِ الْمَرْقُومِ أَعْلَاهُ بِمَا لَفْظُهُ حَيْثُ شَرَطَهَا الْوَاقِفُونَ الْمَذْكُورُونَ لِمُبَاشِرِيهَا يَسْتَحِقُّ النُّوَّابُ الْمُبَاشِرُونَ لِلْأَذَانِ وَالْأَدْعِيَةِ الْمَزْبُورَةِ الْمَرْتَبَاتِ الْمَرْقُومَةَ دُونَ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ مَا رَأَيْته بِخَطِّ مُنْلَا عَلِيٍّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِأَخَوَيْنِ وَظِيفَةُ عَمَلٍ مَعْلُومَةٍ فِي جَامِعِ كَذَا بِمَالِهَا مِنْ الْمَعْلُومِ الْمُعَيَّنِ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ بِمُوجَبِ تَقْرِيرِ الْقَاضِي الْعَامِّ فِي الْبَلْدَةِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ عَزَّ نَصْرُهُ وَهُمَا مُبَاشِرَانِ لَهَا وَمُتَصَرِّفَانِ بِهَا وَبِمَعْلُومِهَا يَقْبِضَانِهِ مِنْ الْمُتَوَلِّينَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ هُمَا وَمَنْ قَبْلَهُمَا بِمُوجَبِ مُسْتَنَدَاتٍ شَرْعِيَّةٍ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ بِلَا مُعَارِضٍ وَتَوَلَّى الْوَقْفَ الْآنَ رَجُلٌ قَامَ يُعَارِضُهُمَا فِي الْوَظِيفَةِ وَيُكَلِّفُهُمَا إظْهَارَ بَرَاءَةٍ تَشْهَدُ لَهُمَا بِذَلِكَ زَاعِمًا أَنَّهُ لَا يَكْفِي تَقْرِيرُ قَاضِي الْبَلْدَةِ فَهَلْ يَكْفِي وَيُمْنَعُ مِنْ مُعَارَضَتِهِمَا؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ التَّصَرُّفُ كَمَا ذُكِرَ وَمَعَهُمَا تَقْرِيرٌ شَرْعِيٌّ يَمْنَعُ الْمُتَوَلِّيَ الْمَذْكُورَ مِنْ مُعَارَضَتِهِمَا فِي ذَلِكَ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ. (سُئِلَ) فِي وَظِيفَةٍ مَعْلُومَةٍ فِي وَقْفٍ وَجَّهَهَا السُّلْطَانُ أَعَزَّ اللَّهُ أَنْصَارَهُ لِجَمَاعَةٍ مَعْرُوفِينَ بِبَنِي الْقُدْسِيِّ بِمُوجَبِ بَرَاءَةٍ شَرِيفَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ وَدَفَاتِرَ خَاقَانِيَّةٍ فَهَلْ يَشْتَرِك فِيهَا جَمِيعُهُمْ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ لَمْ يُعَيِّنْ أَحَدًا مِنْهُمْ فَيَشْتَرِكُ فِيهَا جَمِيعُهُمْ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِشَدُّ مُسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ يَتَصَرَّفُ فِيهَا مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَمَاتَ لَا عَنْ وَلَدٍ فَهَلْ دَفْعُ أَرْضِ الْوَقْفِ مُفَوَّضٌ إلَى مُتَوَلِّيهَا وَأَرْضُ الْوَقْفِ لَا تُورَثُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَجَابَ بِذَلِكَ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى صَبِيٍّ وَظِيفَةُ تَوْلِيَةِ مَدْرَسَةٍ فَمَاتَ الصَّبِيُّ الْمَذْكُورُ فَقَرَّرَ قَاضِي الْبَلْدَةِ الْغَيْرُ الْمُفَوَّضِ لَهُ التَّوْجِيهُ أَخَوَيْهِ الصَّغِيرَيْنِ فِي التَّوْلِيَةِ الْمَرْقُومَةِ ثُمَّ عَرَضَ لِلدَّوْلَةِ الْعَلِيَّةِ بِذَلِكَ فَلَمْ يَقْبَلْ السُّلْطَانُ عَزَّ نَصْرُهُ عَرْضَهُ وَوَجَّهَ التَّوْلِيَةَ الْمَرْقُومَةَ لِرَجُلٍ مُسْتَحِقٍّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ

وَالصَّلَاحِ قَامَ الْآنَ وَلِيُّ الصَّغِيرَيْنِ يُعَارِضُ الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ فِي ذَلِكَ مُتَمَسِّكًا بِمُجَرَّدِ تَقْرِيرِ الْقَاضِي الْمَزْبُورِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِتَوْجِيهِ السُّلْطَانِ عَزَّ نَصْرُهُ وَيَمْنَعُ وَلِيَّهُمَا مِنْ مُعَارَضَةِ الرَّجُلِ بِذَلِكَ. (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ سُئِلَ عَنْ خَلِيلِيٍّ فَرَغَ عَنْ وَظِيفَةٍ بِمَدِينَةِ الْخَلِيلِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَدَى قَاضِي مِصْرَ الْقَاهِرَةِ وَوَجَّهَهَا قَاضِي مِصْرَ إلَى الْمَفْرُوغِ لَهُ فَهَلْ يَصِحُّ هَذَا الْفَرَاغُ وَالتَّوْجِيهُ أَجَابَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ قَاضِي مِصْرَ مَشْرُوطًا لَهُ ذَلِكَ وَلَا فِي وِلَايَتِهِ مَأْمُورًا بِهِ لَا يُعْتَدُّ بِتَوْجِيهِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِهَذَا الْفَرَاغِ وَحْدَهُ لِكَوْنِهِ فِي غَيْبَةِ قَاضٍ يَمْلِكُ التَّوْجِيهَ لِذَلِكَ اهـ. (سُئِلَ) فِي ذِي وَظِيفَةٍ فِي مَدْرَسَةٍ يُكَلِّفُ مُتَوَلِّيهَا دَفْعَ مَعْلُومِ وَظِيفَتِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ قَبْلَ حُصُولِ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَوُصُولِهَا إلَى يَدِهِ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ تَكْلِيفِ الْمُتَوَلِّي بِذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ وَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَتْ هِنْدٌ دَارَهَا عَلَى خَطِيبِ جَامِعٍ مُعَيَّنٍ وَعَلَى إمَامِهِ وَعَلَى زَيْدٍ وَعَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَيُهْدِيَ ثَوَابَهُ لَهَا ثُمَّ عَلَى جِهَةِ بِرٍّ مُتَّصِلَةٍ ثُمَّ مَاتَتْ وَصَارَ أَخُوهَا نَاظِرًا عَلَى الْوَقْفِ وَصَارَ زَيْدٌ الْمَزْبُورُ خَطِيبًا وَإِمَامًا بِالْجَامِعِ وَتَنَاوَلَ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ مِنْ النَّاظِرِ الْمَزْبُورِ جَمِيعَ مَا يَخُصُّهُ عَنْ وَظِيفَةِ الْقِرَاءَةِ وَالْإِمَامَةِ وَالْخَطَابَةِ عِدَّةَ سِنِينَ حَتَّى مَاتَ النَّاظِرُ وَصَارَ ابْنُ أَخِيهِ نَاظِرًا مَكَانَهُ وَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ مَا يَخُصُّ زَيْدًا مِنْ جِهَةِ الْإِمَامَةِ وَالْخَطَابَةِ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يُرِيدُ الدَّعْوَى عَلَى مُتَوَلِّي وَقْفِ بِرٍّ بِأَنَّهُ مُقَرَّرٌ مِنْ الْقَاضِي فِي وَظِيفَةِ بَوَّابَةٍ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَمَضَتْ مُدَّةٌ تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَمْ يَدَّعِ بِذَلِكَ بِلَا مَانِعٍ شَرْعِيٍّ وَهُمَا فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ تَصَرُّفٌ فِي الْوَظِيفَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ تَصَرُّفٌ فِي ذَلِكَ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ وَتَرَكَ الدَّعْوَى فِيهَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ (أَقُولُ) دَعْوَاهُ بِالْوَظِيفَةِ هِيَ فِي الْمَعْنَى دَعْوَى بِاسْتِحْقَاقِ مَعْلُومِهَا مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ وَقَدْ مَرَّ فِي الْبَابِ الثَّانِي أَنَّ دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ لَا تُسْمَعُ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً تَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي مَسْجِدٍ لَهُ إمَامٌ وَمُؤَذِّنٌ وَفَرَّاشٌ لَهُمْ مَعْلُومٌ مُعَيَّنٌ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَاحْتَاجَ الْمَسْجِدُ لِتَعْمِيرٍ ضَرُورِيٍّ وَالْغَلَّةُ لَا تَفِي بِالْكُلِّ وَإِذَا قُطِعَ عَلَى الْمَذْكُورِينَ يَلْزَمُ تَعْطِيلُ الْمَسْجِدِ فَهَلْ لَا يُقْطَعُ عَلَيْهِمْ وَيُلْحَقُونَ بِالْعِمَارَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) وَمَرَّ تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي الْبَابِ الثَّانِي. (سُئِلَ) فِي النَّاظِرِ الْمُبَاشِرِ هَلْ يَكُونُ مِنْ أَرْبَابِ الشَّعَائِرِ الَّتِي تَتَقَدَّمُ بَعْدَ الْعِمَارَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَشَرْحِي لِلْعَلَائِيِّ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ قَبَضَ أُجُورَ عَقَارَاتِ الْوَقْفِ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهَا عَنْ سَنَةِ كَذَا وَيُرِيدُ أَنْ يَدَّخِرَهَا لِلْعِمَارَةِ وَلَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ وَطَلَبَ مُسْتَحِقُّو الْوَقْفِ اسْتِحْقَاقَهُمْ مِنْهَا فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ لَمْ تَكُنْ عَقَارَاتُ الْوَقْفِ مُحْتَاجَةً لِلْعِمَارَةِ وَلَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ يَسُوغُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ الطَّلَبُ وَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ أَنْ يَدَّخِرَ لَهَا شَيْئًا عِنْدَ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ لِلْعِمَارَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْأَشْبَاهِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِيمَنْ دَفَعَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَأَخَّرَ الْعِمَارَةَ الضَّرُورِيَّةَ هَلْ يَضْمَنُ وَإِذَا قُلْتُمْ بِالضَّمَانِ هَلْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ؟ (الْجَوَابُ) : قَدْ أَجَابَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيْهِ صُورَتُهُ سُئِلَ فِيمَا إذَا صَرَفَ الْمُتَوَلِّي إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ وَأَخَّرَ الْعِمَارَةَ الْغَيْرَ الضَّرُورِيَّةِ هَلْ يَضْمَنُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ أَمْ لَا أَجَابَ لَا يُلْزَمُ الْمُتَوَلِّي بِذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يُخْشَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ إذَا اجْتَمَعَ مِنْ غَلَّةِ الْأَرْضِ فِي يَدِ الْقَيِّمِ فَظَهَرَ لَهُ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ وَالْوَقْفُ مُحْتَاجٌ إلَى الْإِصْلَاحِ وَالْعِمَارَةِ أَيْضًا وَيَخَافُ الْقَيِّمُ لَوْ صَرَفَ الْغَلَّةَ إلَى الْعِمَارَةِ يَفُوتُ ذَلِكَ الْبِرُّ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي تَأْخِيرِ الْمَرَمَّةِ إلَى الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ يُخَافُ خَرَابُ

الْوَقْفِ فَإِنَّهُ يَصْرِفُ الْغَلَّةَ إلَى ذَلِكَ الْبِرِّ وَيُؤَخِّرُ الْمَرَمَّةَ إلَى الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَ فِي تَأْخِيرِ الْمَرَمَّةِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فَإِنَّهُ يَصْرِفُ الْغَلَّةَ إلَى الْمَرَمَّةِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ يَصْرِفُ إلَى ذَلِكَ الْبِرِّ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ الصَّرْفُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ وَتَأْخِيرُ الْعِمَارَةِ إلَى الْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ إذَا لَمْ يُخَفْ ضَرَرٌ بَيِّنٌ. فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا عُلِمَ عَدَمُ جَوَازِ إلْزَامِ الْمُتَوَلِّي الْمَعْزُولِ بِمَا دَفَعَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَالْحَالُ هَذِهِ وَمَعَهُ وَقَعَتْ الِاسْتِرَاحَةُ مِنْ بَحْثِ الرُّجُوعِ عَلَيْهِمْ وَعَدَمِهِ فَإِنَّهُ قَدْ وَقَعَتْ الْمُنَاظَرَةُ بَيْنَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ التَّصْنِيفِ فِي ذَلِكَ فَمِنْ قَائِلٍ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ مُطْلَقًا وَهَذَا لَا يَصِحُّ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَمِنْ قَائِلٍ يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَلَيْهِمْ مَا دَامَ الْمَدْفُوعُ قَائِمًا لَا هَالِكًا أَوْ مُسْتَهْلَكًا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ قَائِمًا وَيَضْمَنُ بَدَلَهُ مُسْتَهْلَكًا؛ لِأَنَّهُ مَا دَفَعَهُ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَإِنَّمَا دَفَعَهُ عَلَى أَنَّهُ حَقُّ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَهَذَا أَصَحُّ الْوُجُوهِ فَفِي شَرْحِ النَّظْمِ الْوَهْبَانِيِّ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ مَنْ دَفَعَ شَيْئًا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إلَّا إذَا دَفَعَهُ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَاسْتَهْلَكَهُ الْقَابِضُ اهـ. وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَبَانَ خِلَافُهُ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى وَلَوْ كَانَ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ رَجَعَ بِبَدَلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ قُلْت وَقَدْ أَلَّفْت فِي ذَلِكَ رِسَالَةً بِطَلَبِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ مُفْتِي الْمَمَالِكِ الْعُثْمَانِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ أَفَنْدِي سَلَّمَهُ السَّلَامُ سَمَّيْتهَا اخْتِلَافَ آرَاءِ الْمُحَقِّقِينَ فِي مَسْأَلَةِ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ فَرَاجِعْهَا إنْ شِئْت فَإِنَّهَا مُفِيدَةٌ اهـ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ (أَقُولُ) وَفِي عِبَارَةِ الْخَيْرِيَّةِ إجْمَالٌ فَإِنَّ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْمُنَاظَرَةُ مَا إذَا دَفَعَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ مَعَ وُجُودِ الْعِمَارَةِ الضَّرُورِيَّةِ وَصَارَ ضَامِنًا فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِمْ فَقَالَ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْجِعَ وَقَالَ فِي النَّهْرِ يَرْجِعُ لَوْ قَائِمًا لَا هَالِكًا؛ لِأَنَّهُ هِبَةٌ وَقَالَ الْمَقْدِسِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ أَيْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْهُ تَبَرُّعًا فَصَارَ كَمَا لَوْ دَفَعَ لِزَوْجَتِهِ نَفَقَةً لَا تَسْتَحِقُّهَا لِنُشُوزٍ أَوْ غَيْرِهِ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا وَهَذَا الَّذِي حَقَّقَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ وَحَاصِلُ الْكَلَامِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَأَخَّرَ الْعِمَارَةَ فَإِنْ كَانَتْ الْعِمَارَةُ غَيْرَ ضَرُورِيَّةٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ وَإِنْ كَانَتْ ضَرُورِيَّةً يَضْمَنُ مَا دَفَعَهُ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ الْأَخِيرُ إذْ لَا حَقَّ لِلْمُسْتَحِقِّينَ مَعَ وُجُودِ الْعِمَارَةِ الضَّرُورِيَّةِ فَهِيَ كَمَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلِذَا رَجَّحَهُ الرَّمْلِيُّ فِي الْحَوَاشِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي مُتَوَلِّي وَقْفٍ عَمَّرَ فِيهِ ثُمَّ أَعْطَى الْمُسْتَحِقِّينَ نَصِيبَهُمْ وَلَمْ يَقْتَطِعْ عِمَارَتَهُ فَهَلْ يَضْمَنُ مَا صَرَفَهُ مِنْ الْغَلَّةِ لِغَيْرِ الْعِمَارَةِ لِكَوْنِ الدَّيْنِ مُقَدَّمًا عَلَى نَصِيبِ الْمُسْتَحِقِّينَ وَلَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْغَلَّةِ إلَّا بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : يَضْمَنُ الْمُتَوَلِّي مَا صَرَفَهُ مِنْ الْغَلَّةِ لِغَيْرِ الدَّيْنِ الْمَصْرُوفِ فِي الْعِمَارَةِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَحْمَدُ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ إذْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْغَلَّةِ زَمَنَ الِاحْتِيَاجِ إلَى الْعِمَارَةِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْوَقْفِ قَوْلُهُ أَعْطَى الْمُسْتَحِقِّينَ نَصِيبَهُمْ أَيْ سِهَامَهُمْ مِمَّا لَا حَقَّ لَهُمْ فِيهِ وَهُوَ الْغَلَّةُ الْحَاصِلَةُ زَمَنَ الْعِمَارَةِ أَوْ زَمَنَ الِاحْتِيَاجِ إلَى الْعِمَارَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمْ زَمَنَ الِاحْتِيَاجِ إلَى التَّعْمِيرِ فَإِعْطَاؤُهُمْ مَا هُوَ لِغَيْرِهِمْ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ عَلَيْهِ وَكَوْنُهُمْ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِمَّا هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِمْ مُسْتَفَادٌ مِنْ وُجُوبِ الصَّرْفِ إلَى مَا فِيهِ بَقَاءُ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ لِيَكُونَ مُؤَبَّدًا وَصَدَقَةً مُخَلَّدَةً وَبِدُونِ الصَّرْفِ لِعِمَارَتِهِ يَفُوتُ ذَلِكَ بِخَرَابِهِ، فَإِذَا لَمْ يَخَفْ هَلَاكَهُ خَوْفًا بَيِّنًا سَاغَ الصَّرْفُ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ قَطْعًا مِنْ تَحْرِيرَاتِ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ السُّؤَالَاتِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (أَقُولُ) مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِشَخْصٍ دَيْنٌ عَلَى الْوَقْفِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْمَرْصَدِ فَآجَرَهُ النَّاظِرُ عَقَارَ الْوَقْفِ بِأُجْرَةٍ أَذِنَ لَهُ بِاقْتِطَاعِ بَعْضِهَا الْمَعْلُومِ مِنْ مَرْصَدِهِ وَصَارَ يَأْخُذُ مِنْهُ بَاقِيَ الْأُجْرَةِ وَيَدْفَعُهَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ كَمَا هُوَ الشَّائِعُ فِي زَمَانِنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ قَبْضُ شَيْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ لِدَفْعِهَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ

وَأَنَّهُ يَضْمَنُ ذَلِكَ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَقْطَعَ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ مِنْ الْمَرْصَدِ حَتَّى تَتَخَلَّصَ رَقَبَةُ الْوَقْفِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ يَصْرِفَ مَا يَقْبِضُهُ فِي الْعِمَارَةِ اللَّازِمَةِ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ حَيْثُ سُئِلَ فِي دَارِ وَقْفٍ عَلَيْهِ مَبْلَغٌ مُرْصَدٌ لِجَمَاعَةٍ صُرِفَ فِي عِمَارَتِهَا الضَّرُورِيَّةِ وَالْآنَ تَحْتَاجُ الدَّارُ إلَى التَّعْمِيرِ وَيُرِيدُ النَّاظِرُ أَنْ يُعَمِّرَهَا وَيَدْفَعَ الْمَرْصَدَ الَّذِي عَلَيْهَا مِنْ غَلَّتِهَا وَيَقْطَعَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ، وَالْمُسْتَحَقُّونَ يُطَالِبُونَهُ بِقَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِمْ حَالَ كَوْنِهَا مُحْتَاجَةً إلَى التَّعْمِيرِ فَهَلْ التَّعْمِيرُ وَدَفْعُ الْمَرْصَدِ الَّذِي عَلَيْهَا مُقَدَّمٌ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ أَجَابَ نَعَمْ يُقَدَّمُ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيمَا هُوَ الشَّائِعُ فِي زَمَانِنَا فَإِنَّ ذَلِكَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلنَّاظِرِ دَفْعُ شَيْءٍ لِلْمُسْتَحِقِّينَ حَتَّى يَقْضِيَ جَمِيعَ الدَّيْنِ ثُمَّ رَأَيْت أَيْضًا مَا يُؤَيِّدُهُ فِي مَجْمُوعَةِ شَيْخِ مَشَايِخِنَا مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيِّ بِخَطِّهِ، وَنَصُّهُ فِي نَاظِرِ وَقْفٍ وَلِأَحَدِ مُسْتَحِقِّيهِ عَلَى رَقَبَةِ ذَلِكَ الْوَقْفِ مَبْلَغٌ مُتَرَتِّبٌ فَصَرَفَ النَّاظِرُ الْغَلَّةَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ مُدَّةً مِنْ غَيْرِ إذْنِ حَاكِمٍ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ بِأَنَّ ذَلِكَ الصَّرْفَ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا لِكَوْنِ الْمُسْتَحِقِّينَ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الْغَلَّةِ مَعَ وُجُودِ الدَّيْنِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِذَلِكَ الصَّرْفِ وَضَامِنٌ لَهُ فَشَهِدَ اثْنَانِ عِنْدَ حَاكِمٍ بِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ بِالدَّفْعِ مِنْ قِبَلِ قَاضٍ وَأَحَدُ الشُّهُودِ يَسْتَحِقُّ وَلَدُهُ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ شَهِدَ لِفَرْعِهِ وَلِعَوْدِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : الْوَقْفُ مَا دَامَ مُحْتَاجًا إلَى الْعِمَارَةِ كَانَ الْمُتَوَلِّي ضَامِنًا بِالدَّفْعِ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ وَلَوْ أَمَرَهُ الْقَاضِي كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ فَإِذَا زَالَ الِاحْتِيَاجُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْمُفْتِي بِمَدِينَةِ حَلَبَ عُفِيَ عَنْهُ أَعْنِي بِهِ الْمَوْلَى مُحَمَّدًا أَفَنْدِي الْكَوَاكِبِيَّ شَارِحَ نَظْمِ الْمَنَارِ الْأُصُولِيِّ وَغَيْرِهِ اهـ مَا رَأَيْته بِخَطِّ مُنْلَا عَلِيٍّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَبَضَ مُتَوَلِّي وَقْفِ بِرٍّ بَعْضَ مَالِ الْوَقْفِ عَنْ سَنَةِ كَذَا الْمَعْلُومَةِ وَمَاتَ مُجْهِلًا وَتَوَلَّى الْوَقْفَ زَيْدٌ وَقَبَضَ مَالِ الْوَقْفِ عَنْ سَنَةٍ أُخْرَى تَلِي الْأُولَى وَطَالَبَهُ أَرْبَابُ وَظَائِفِ الْوَقْفِ بِالْمُنْكَسِرِ لَهُمْ مِنْ جَوَامِكِهِمْ عِنْدَ الْمُتَوَلِّي الْمُتَوَفَّى عَنْ السَّنَةِ الْأُولَى فَدَفَعَهُ لَهُمْ مِنْ غَلَّةِ السَّنَةِ التَّالِيَةِ لِلْأُولَى ظَانًّا لُزُومَهُ لَهُمْ مِنْ غَلَّةِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَوُجُوبَهُ وَلَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ صَرْفَ رَيْعِ سَنَةٍ فِي سَنَةٍ وَلَا نَصَّ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ فِي تَوْلِيَتِهِ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِمْ بِنَظِيرِ مَا دَفَعَ لَهُمْ وَمُحَاسَبَتَهُمْ بِهِ عَمَّا يَسْتَحِقُّونَهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَهَلْ لِلْمُتَوَلِّي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلِلشَّيْخِ خَيْرِ الدِّينِ فِي فَتَاوِيهِ كَلَامٌ ضِمْنَ سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيْهِ فِيمَا إذَا دَفَعَ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ وَخِيفَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ قَائِمًا وَيَضْمَنُ بَدَلَهُ مُسْتَهْلَكًا؛ لِأَنَّهُ مَا دَفَعَهُ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَإِنَّمَا دَفَعَهُ عَلَى أَنَّهُ حَقُّ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَهَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ فَفِي شَرْحِ النَّظْمِ الْوَهْبَانِيِّ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ مَنْ دَفَعَ شَيْئًا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إلَّا إذَا دَفَعَهُ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَاسْتَهْلَكَهُ الْقَابِضُ اهـ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَبَانَ خِلَافُهُ رَجَعَ بِمَا أَدَّى وَلَوْ كَانَ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ رَجَعَ بِبَدَلِهِ اهـ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ أَيْضًا لَا يَجُوزُ صَرْفُ رَيْعِ سَنَةٍ فِي سَنَةٍ إلَّا إذَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ أَوْ نَصَّ عَلَيْهِ السُّلْطَانُ فِي تَوْلِيَتِهِ كَمَا فِي فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ اهـ. (سُئِلَ) عَنْ مُتَوَلٍّ قَبَضَ الْغَلَّةَ وَوَفَّى دَيْنَهُ بِهَا وَتَرَكَ الْعِمَارَةَ مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا هَلْ تَثْبُتُ خِيَانَتُهُ بِذَلِكَ وَيَجِبُ إخْرَاجُهُ أَمْ لَا (أَجَابَ) نَعَمْ تَثْبُتُ خِيَانَتُهُ بِذَلِكَ وَيَجِبُ إخْرَاجُهُ فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْ التَّعْمِيرِ خِيَانَةٌ وَصَرَّحَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بِأَنَّ عَزْلَ الْقَاضِي لِلْخَائِنِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ وَلَوْ أَنْفَقَ الْمُتَوَلِّي دَرَاهِمَ الْوَقْفِ فِي حَاجَتِهِ ثُمَّ أَنْفَقَ مِثْلَهَا فِي مَرَمَّةِ الْوَقْفِ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى الْوَاجِبَ إلَى مَحَلِّهِ وَمَصْرِفِهِ وَلَوْ جَاءَ بِمِثْلِ مَا أَنْفَقَ فِي حَاجَتِهِ وَخَلَطَهُ بِدَرَاهِمِ الْوَقْفِ صَارَ ضَامِنًا لِلْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلِكًا فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَبْرَأَ مِنْ الضَّمَانِ يُنْفِقُ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ مُحِيطُ السَّرَخْسِيِّ مِنْ بَابِ تَصَرُّفِ الْمُتَوَلِّي فِي الْوَقْفِ وَفِي فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ مِنْ أَثْنَاءِ كِتَابِ الْوَقْفِ

جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ طَوِيلٍ نَعَمْ يَفْسُقُ هَذَا النَّاظِرُ بِتَمَادِيهِ عَلَى عَدَمِ الْعِمَارَةِ وَتَقْدِيمِهِ الصَّرْفَ عَلَيْهَا وَتَهَاوُنِهِ فِي اسْتِخْلَاصِ الرَّيْعِ وَضَيَاعِهِ عِنْدَ السُّكَّانِ وَصَرْفِ مَا وَصَلَ مِنْهُ لِنَفْسِهِ دُونَ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفَ وَيَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ الْعَزْلَ وَمَنْ اتَّصَفَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْمُخَالِفَةِ لِلشَّرْعِ الَّتِي صَارَ بِهَا فَاسِقًا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا صَرَفَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا صَرَفَهُ مُخَالِفًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. (سُئِلَ) مِنْ قَاضِي الشَّامِ سَنَةَ 1144 فِي نَاظِرٍ عَلَى أَوْقَافٍ ثَبَتَتْ خِيَانَتُهُ فِي وَقْفٍ مِنْهَا فَهَلْ يُعْزَلُ عَنْ الْكُلِّ؟ (الْجَوَابُ) : مَا وَجَدْت الْآنَ نَقْلًا فِي ذَلِكَ لَكِنَّهُمْ قَالُوا إذَا ثَبَتَتْ الْخِيَانَةُ فَقَدْ ارْتَفَعَتْ الْأَمَانَةُ وَنُقِلَ فِي الْإِسْعَافِ فِي بَابِ الْوِلَايَةِ عَلَى الْوَقْفِ لَا يُوَلَّى إلَّا أَمِينٌ قَادِرٌ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ مُقَيَّدَةٌ بِشَرْطِ النَّظَرِ وَلَيْسَ مِنْ النَّظَرِ تَوْلِيَةُ الْخَائِنِ؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ وَكَذَا تَوْلِيَةُ الْعَاجِزِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ لَا يَحْصُلُ بِهِ وَيَسْتَوِي فِيهَا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَكَذَا الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَكَذَا الْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ إذَا تَابَ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (أَقُولُ) ثُمَّ رَأَيْتنِي كَتَبْت فِي حَاشِيَتِي عَلَى الْبَحْرِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى شَهَادَةِ الْعَدُوِّ وَأَنَّ الْفِسْقَ لَا يَتَجَزَّأُ نَقْلًا عَنْ خَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ فَإِنَّ الْفِسْقَ لَا يَتَجَزَّأُ إلَخْ هَلْ يُقَاسُ عَلَى هَذَا النَّاظِرُ إذَا كَانَ نَاظِرًا عَلَى أَوْقَافٍ عَدِيدَةٍ وَثَبَتَ فِسْقُهُ بِسَبَبِ خِيَانَتِهِ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا فَهَلْ يَسْرِي فِسْقُهُ فِي كُلِّهَا فَيُعْزَلُ؟ مُقْتَضَى قَوْلِهِ: إنَّ الْفِسْقَ لَا يَتَجَزَّأُ السَّرَيَانُ ثُمَّ رَأَيْت وَلِلَّهِ الْحَمْدُ بَعْدَ مُدَّةٍ التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي السُّعُودِ الْعِمَادِيِّ الْمُفَسِّرِ وَنَصُّهُ فِي فَتَاوِيه مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ فِي نَاظِرٍ عَلَى أَوْقَافٍ مُتَعَدِّدَةٍ ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ فِي بَعْضٍ مِنْ الْأَوْقَافِ هَلْ يَلْزَمُ عَزْلُهُ مِنْ الْكُلِّ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ اهـ بِحُرُوفِهِ اهـ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ بَاعَ بَعْضَ عَقَارِ الْوَقْفِ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَ مِنْ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِكَوْنِهِ وَقْفًا فَهَلْ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ يَكُونُ خِيَانَةً مِنْهُ يُعْزَلُ بِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُعْزَلُ أَوْ يُضَمُّ إلَيْهِ ثِقَةٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْقُنْيَةِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ أَنْكَرَ جَرَيَانَ دَارٍ مَعْلُومَةٍ فِي الْوَقْفِ أَنَّهَا لِلْوَقْفِ وَادَّعَى أَنَّهَا مِلْكُهُ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ الْوَقْفُ وَإِنْكَارُهُ لَهُ يَصِيرُ بِذَلِكَ خَائِنًا وَيَخْرُجُ الْوَقْفُ مِنْ يَدِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ مِنْ فَصْلِ إنْكَارِ الْمُتَوَلِّي الْوَقْفَ لَوْ أَنْكَرَ الْمُتَوَلِّي الْوَقْفَ وَادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ يَصِيرُ غَاصِبًا لَهُ وَيَخْرُجُ مِنْ يَدِهِ لِصَيْرُورَتِهِ خَائِنًا بِالْإِنْكَارِ اهـ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ كَمَا فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ قَطَعَ أَشْجَارَ بُسْتَانِ الْوَقْفِ الْيَانِعَةَ الْغَيْرَ الشَّالِيَةَ وَلَا الْيَابِسَةَ وَبَاعَهَا بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ يَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَأَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ بِمِثْلِ ذَلِكَ: بِرّ وَقَفَك مَشْرُوطَيْهِ أوزره متوليسي زيدك مَال وَقَفَهُ خِيَانَتِي ثَابِتَة أَوْ لسه حَاكِم زيدي عَزْل أيدوب يرينه بِرّ متدين كمسنه يي متولي نصب أيتمكه قادرا وَلَوْ رَمَى الجواب أولور (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) بِرّ وَقَفَك متوليسي زيدك مَال وَقَفَهُ خِيَانَتِي احتمالي أَوْ لمغله حَاكِم محاسبه سبني كور مكه قادرا وَلَوْ رَمَى الجواب أولور (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) وَلَوْ أَنَّ الْوَاقِفَ شَرَطَ الْوِلَايَةَ لِنَفْسِهِ وَكَانَ الْوَاقِفُ غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَى الْوَقْفِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَنْزِعَهَا مِنْ يَدِهِ نَظَرًا لِلْفُقَرَاءِ كَمَا لَهُ أَنْ يَعْزِلَ الْوَصِيَّ وَكَذَا إذَا شَرَطَ أَنْ لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ وَلَا لِلْقَاضِي أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ وَيُوَلِّيَهَا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ فَيَبْطُلُ هِدَايَةً مِنْ الْوَقْفِ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ لِلْقَاضِي عَزْلَ الْمُتَوَلِّي الْخَائِنِ غَيْرِ الْوَاقِفِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى وَصَرَّحَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ عَزْلَ الْقَاضِي الْمُتَوَلِّي الْخَائِنِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ مِنْ وَقْفِ الْبَحْرِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَيُنْزَعُ لَوْ خَائِنًا وَفِي أَوْقَافِ النَّاصِحِيِّ الْوَاقِفُ أَوْ الْمُتَوَلِّي إذَا آجَرَ بِمَا لَا يُتَغَابَنُ فِيهِ أَوْ مِمَّنْ يُخَافُ مِنْهُ عَلَى الْوَقْفِ فَسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ وَأَخْرَجَ الْقَائِمَ بِأَمْرِ الْوَقْفِ عَنْ الْوِلَايَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا فَإِنْ كَانَ سَهْوًا مِنْهُ فَسَخَ الْعَقْدَ وَقَرَّرَهُ عَلَى الْوِلَايَةِ بِيرِيٌّ عَلَى الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَضَاءِ قُبَيْلَ مَنْ

سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ (فُرُوعٌ) إذَا لَمْ يُرَاعِ شَرْطُ الْوَاقِفِ فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْقَاضِي وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ الْخِلَافِ بَلْ يَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ مُتَوَلِّي وَقْفٍ بِتَقْلِيدِ الْقَاضِي امْتَنَعَ عَنْ الْعَمَلِ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَرْفَعْ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيُقِيمَ آخَرَ مَقَامَهُ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِالْخِيَانَةِ وَالتَّقْصِيرِ بَلْ يَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُتَوَلِّي عَنْ تَقَاضِي مَا عَلَى الْمُتَقَبِّلِينَ زَمَانًا فَإِنَّهُ يَأْثَمُ فَإِنْ هَرَبَ بَعْضُ الْمُتَقَبِّلِينَ لَا يُضَمِّنُ الْمُتَوَلِّي الْكُلَّ مِنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى مِنَحٌ مِنْ آخِرِ الْوَقْفِ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَيَنْعَزِلُ النَّاظِرُ بِالْجُنُونِ الْمُطْبِقِ إذَا دَامَ سَنَةً فَإِذَا عَادَ إلَيْهِ عَقْلُهُ عَادَ إلَيْهِ النَّظَرُ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِي الْمَشْرُوطِ لَهُ النَّظَرُ أَمَّا مَنْصُوبُ الْقَاضِي فَلَا نَهْرٌ وَلَوْ حَلَّ بِالنَّاظِرِ آفَةٌ يُمْكِنُهُ مَعَهَا الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ فَلَهُ الْأَجْرُ وَإِلَّا فَلَا أَجْرَ لَهُ وَلَوْ طَعَنَ أَهْلُ الْوَقْفِ فِي أَمَانَتِهِ لَا يُخْرِجُهُ الْحَاكِمُ إلَّا بِخِيَانَةٍ ظَاهِرَةٍ وَإِنْ رَأَى أَنْ يُدْخِلَ مَعَهُ رَجُلًا آخَرَ فَعَلَ وَمَعْلُومُهُ بَاقٍ لَهُ إسْعَافٌ مِنْ فَصْلٍ فِيمَا يُجْعَلُ لِلْمُتَوَلِّي مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِي مُتَوَلِّي وَقْفٍ أَذِنَ لِسَاكِنِ دَارٍ مِنْ دُورِهِ أَنْ يُعَمِّرَ فِيهَا مِنْ مَالِهِ بِطَرِيقِ الِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْوَقْفِ وَمَهْمَا يَصْرِفُهُ فِيهَا يَقْتَطِعُهُ مِنْ أُجْرَتِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ مَعَ وُجُودِ مَالٍ حَاصِلٍ فِي الْوَقْفِ وَبِدُونِ إذْنٍ مِنْ قَاضِي الْقُضَاةِ فَهَلْ تَكُونُ الِاسْتِدَانَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرَ جَائِزَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَنَقَلَهَا فِي الْبَحْرِ مُفَصَّلًا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ نَاظِرُ وَقْفٍ مِنْ آخَرَ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ لِأَجْلِ الْوَقْفِ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي وَيُرِيدُ أَخْذَهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا تَصِحُّ الِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْوَقْفِ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ لِلنَّاظِرِ ذَلِكَ قَالَ فِي الْبَحْرِ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ مَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ لَا يَسْتَدِينُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ لَهُ فَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي جَازَ وَإِلَّا لَا اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا صَرَفَ نَاظِرُ وَقْفٍ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً فِي مُهِمَّاتِ الْوَقْفِ وَلَوَازِمِهِ الضَّرُورِيَّةِ مَصْرِفَ الْمِثْلِ حَيْثُ لَا مَالَ حَاصِلٌ فِي الْوَقْفِ بَعْدَمَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً شَرْعِيَّةً أَنَّهُ صَرَفَ ذَلِكَ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ فِي مَالِ الْوَقْفِ عِنْدَ حُصُولِهِ وَبَعْدَ إذْنِ الْقَاضِي لَهُ بِذَلِكَ وَثَبَتَ صَرْفُهُ وَإِشْهَادُهُ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَهُ اسْتِيفَاءُ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (قَوْلٌ) قَالَ فِي الْبَحْرِ الْمُتَوَلِّي لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ اسْتَدَانَ بِإِذْنِ الْقَاضِي هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا بَيِّنَةٍ الظَّاهِرُ لَا وَإِنْ كَانَ الْمُتَوَلِّي مَقْبُولَ الْقَوْلِ لِمَا أَنَّهُ يُرِيدُ الرُّجُوعَ فِي الْغَلَّةِ وَهُوَ إنَّمَا قُبِلَ قَوْلُهُ فِيمَا فِي يَدِهِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْوَاقِعُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْذِنْ الْقَاضِي يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْغَلَّةِ لِمَا أَنَّهُ بِغَيْرِ الْإِذْنِ مُتَبَرِّعٌ وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ أَوْ أَدْخَلَ جِذْعًا لَهُ فِي الْوَقْفِ لَا يَكُونُ مِنْ بَابِ الِاسْتِدَانَةِ؛ لِأَنَّهَا مُنْحَصِرَةٌ فِي الْقَرْضِ وَالشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ صَرَفَ الْمُتَوَلِّي لِلْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ مَالِهِ لَا يَكُونُ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ وَلَهُ الرُّجُوعُ لَكِنْ قَاضِي خَانْ قَيَّدَهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى الْمَرَمَّةِ وَقَيَّدَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِأَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ فَوَقَعَ الِاشْتِبَاهُ فِي الصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ وَعَلَى هَذَا وَقَعَ الِاشْتِبَاه فِي زَمَانِنَا فِي نَاظِرٍ أَذِنَ لِإِنْسَانٍ فِي الصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ مَالِهِ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَلَّةِ لِيَرْجِعَ بِهِ إذَا جَاءَتْ الْغَلَّةُ هَلْ يَكُونُ مِنْ بَابِ الِاسْتِدَانَةِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَلَا تَجُوزُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ أَوْ أَنَّهُ كَصَرْفِ النَّاظِرِ عَلَيْهِمْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ إنْ قُلْنَا بِرُجُوعِهِ اهـ أَيْ إنْ قُلْنَا بِرُجُوعِهِ فِي مَسْأَلَةِ صَرْفِهِ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ كَمَا فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الْمَرَمَّةِ. وَكَتَبْت فِي حَاشِيَتِي عَلَى الْبَحْرِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ أَقُولُ فِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ مَا نَصُّهُ الَّذِي وَقَفْت عَلَيْهِ فِي كَلَامِ أَصْحَابِنَا أَنَّ النَّاظِرَ إذَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ عَلَى عِمَارَةِ الْوَقْفِ لِيَرْجِعَ فِي غَلَّتِهِ لَهُ الرُّجُوعُ دِيَانَةً لَكِنْ لَوْ ادَّعَى ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ كَمَا فِي 34 مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَكَلَامُهُمْ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْوَقْفِ وَإِلَّا لَمَا جَازَ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي وَلَمْ يَكْفِ الْإِشْهَادُ وَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ فَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ الصَّرْفُ

عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ مَالِهِ مُسَاوِيًا لِلصَّرْفِ عَلَى الْعِمَارَةِ مِنْ مَالِهِ نَعَمْ الِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْوَقْفِ لِأَجْلِ الصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ لَا تَجُوزُ وَإِنَّمَا جَوَّزُوهَا لِمَا لَا بُدَّ لِلْوَقْفِ مِنْهُ كَالْعِمَارَةِ هَذَا مَا ظَهَرَ اهـ كَلَامُ الْحَانُوتِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ إنْفَاقَ الْمُتَوَلِّي مِنْ مَالِهِ عَلَى الْوَقْفِ لَيْسَ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى إذْنِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهَا مُنْحَصِرَةٌ فِي الِاسْتِقْرَاضِ وَالشِّرَاءِ بِالنَّسِيئَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ إنْفَاقَ مَأْذُونِهِ كَإِنْفَاقِهِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُ فَلَا يُتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْقَاضِي أَيْضًا. وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ الثَّانِي عَنْ الْقُنْيَةِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عَمَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بِإِذْنِ الْقَيِّمِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا إلَّا إذَا كَانَتْ الْعِمَارَةُ يَرْجِعُ مُعْظَمُ مَنْفَعَتِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا إذَا شَرَطَ الرُّجُوعَ اهـ فَلَمْ يُقَيِّدْ الرُّجُوعَ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَأَفْتَى بِمَا فِي الْقُنْيَةِ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ أَمِينُ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ الْعَالِ كَمَا رَأَيْته فِي فَتَاوِيه وَكَذَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ حَيْثُ سُئِلَ فِي عَلِيَّةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ تَهَدَّمَتْ فَأَذِنَ نَاظِرُ الْوَقْفِ لِرَجُلٍ أَنْ يُعَمِّرَهَا مِنْ مَالِهِ فَعَمَّرَهَا مِنْ مَالِهِ بَعْدَ الْإِذْنِ وَأَشْهَدَ أَنَّ الْعِمَارَةَ لِلْوَقْفِ بَعْدَ مُنَازَعَةِ النَّاظِرِ لَهُ فَمَا الْحُكْمُ فِي مَالِهِ الَّذِي صَرَفَهُ بِإِذْنِهِ عَلَى عِمَارَتِهَا أَجَابَ اعْلَمْ أَنَّ عِمَارَةَ الْوَقْفِ بِإِذْنِ مُتَوَلِّيهِ لِيَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ تُوجِبُ الرُّجُوعَ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا وَإِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ الرُّجُوعُ ذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي عِمَارَةِ النَّاظِرِ بِنَفْسِهِ قَوْلَيْنِ وَعِمَارَةُ مَأْذُونِهِ كَعِمَارَتِهِ فَيَقَعُ الْخِلَافُ فِيهَا وَقَدْ جَزَمَ فِي الْقُنْيَةِ وَالْحَاوِي الزَّاهِدِيُّ بِالرُّجُوعِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ إذَا كَانَ يَرْجِعُ مُعْظَمُ مَنْفَعَةِ الْعِمَارَةِ إلَى الْوَقْفِ اهـ فَلَمْ يُقَيِّدْ أَيْضًا بِإِذْنِ الْقَاضِي مَعَ تَصْرِيحِهِ بِمَا اسْتَظْهَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ فِعْلَ مَأْذُونِهِ كَفِعْلِهِ وَمَا ذَاكَ إلَّا لِكَوْنِ ذَلِكَ كُلِّهِ لَيْسَ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ وَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِعِمَارَةِ الدَّارِ الضَّرُورِيَّةِ لِيَكُونَ مَا أَنْفَقَهُ مُرْصَدًا عَلَى الدَّارِ وَجِهَةِ الْوَقْفِ يَكْفِي ذَلِكَ بِلَا إذْنِ قَاضٍ وَلَا حُكْمِ قَاضٍ حَنْبَلِيٍّ. وَهَذَا خِلَافُ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ عَصْرِنَا وَمِنْ قَبْلِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ فِي ذَلِكَ وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ سُئِلَ فِيمَا لَوْ أَذِنَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الصَّرْفِ عَلَى مَرَمَّتِهِ لِيَكُونَ دَيْنًا عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ فَصَرَفَ مَالًا مَعْلُومًا ثُمَّ أَجَرَهُ الْمُتَوَلِّي لِآخَرَ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ فَطَلَبَ دَيْنَهُ فَاعْتَذَرَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ لَا مَالَ لِلْوَقْفِ تَحْتَ يَدِهِ فَأَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ دَيْنَهُ لِيَكُونَ دَيْنًا لَهُ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ كَمَا كَانَ لِلْأَوَّلِ فَدَفَعَ وَمَاتَ الْمُتَوَلِّي فَهَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ الثَّانِي الرُّجُوعُ بِمَا دَفَعَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ عَلَى الْمُتَوَلِّي الْجَدِيدِ فِي مَالِ الْوَقْفِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ أَوْ فِي تَرِكَةِ الْمُتَوَلِّي الْأَوَّلِ وَتَرْجِعُ وَرَثَتُهُ عَلَى الثَّانِي فِي مَالِ الْوَقْفِ أَجَابَ: الْمُصَرَّحُ بِهِ أَنَّ الْوَقْفَ لَا ذِمَّةَ لَهُ وَأَنَّ الِاسْتِدَانَةَ مِنْ الْقَيِّمِ لَا تُثْبِتُ الدَّيْنَ فِي الْوَقْفِ إذْ لَا ذِمَّةَ لَهُ وَلَا يَثْبُتُ الدَّيْنُ إلَّا عَلَى الْقَيِّمِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْوَقْفِ وَوَرَثَتُهُ تَقُومُ مَقَامَهُ فِي الرُّجُوعِ عَلَيْهِمْ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ ثُمَّ يَرْجِعُونَ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ بِالدَّيْنِ عَلَى الْمُتَوَلِّي الْجَدِيدِ إلَخْ اهـ مُلَخَّصًا. وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَيْضًا مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ آجَرَ مَنْزِلًا إجَارَةً طَوِيلَةً وَهَذَا الْمَنْزِلُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ كَانَ وَقَفَهُ عَلَيْهِ وَالِدُهُ وَعَلَى أَوْلَادِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا فَأَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي عِمَارَةِ هَذَا الْمَنْزِلِ بَعْضَ النَّفَقَاتِ بِأَمْرِ الْمُؤَجِّرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُؤَجِّرِ وِلَايَةٌ فِي الْوَقْفِ كَانَ غَاصِبًا وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا الْمُسَمَّى وَذَلِكَ لِلْمُؤَجِّرِ يَتَصَدَّقُ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ وِلَايَةٌ فِي الْوَقْفِ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ فِي يَدِهِ لَا عِبْرَةَ بِمَا سَمَّى مِنْ قَلِيلِ الْأَجْرِ فِي السِّنِينَ الْأُوَلِ، وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِاَلَّذِي أَنْفَقَ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ إنْ كَانَ لِلْمُؤَجِّرِ وِلَايَةٌ فِي الْوَقْفِ وَإِلَّا فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ فِيمَا أَنْفَقَ لَا يَرْجِعُ بِهِ لَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَلَا فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُؤَجِّرِ وِلَايَةٌ صَارَ وُجُودُ الْأَمْرِ كَعَدَمِهِ وَلَوْ أَنْفَقَ بِدُونِ أَمْرِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْفَتَاوَى الْكُبْرَى لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ مِنْ الْإِجَارَةِ فِي نَاظِرٍ عَلَى مَسْجِدٍ وَلِلْمَسْجِدِ وَقْفٌ فَأَذِنَ النَّاظِرُ لِحُصَرِيٍّ أَنْ يَكْسُوَ الْمَسْجِدَ وَيُكَوُّنَّ ثَمَنُ الْحَصِيرِ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ فَفَعَلَ وَعُزِلَ النَّاظِرُ ثُمَّ تَوَلَّى نَاظِرٌ وَهُوَ إلَى

الْآن نَاظِرٌ وَالْحَالُ أَنَّ النَّاظِرَ الْأَوَّلَ لَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ شَيْئًا فَهَلْ يَلْزَمُ النَّاظِرَ الثَّانِيَ تَخْلِيصُ حَقِّ الْحُصَرِيِّ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ مُعَلَّقٌ بِرَيْعِ الْوَقْفِ أَمْ يَلْزَمُ النَّاظِرَ الْأَوَّلَ الْجَوَابُ لِلشَّيْخِ نَاصِرِ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ يَلْزَمُ النَّاظِرَ الثَّانِيَ تَخْلِيصُ حَقِّ الْحُصَرِيِّ وَدَفْعُهُ لَهُ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ النَّاظِرَ الْأَوَّلَ حَيْثُ عُزِلَ وَوَافَقَهُ سَيِّدِي الْجَدُّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْحَنْبَلِيُّ تَغَمَّدَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِرَحْمَتِهِ فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ مِنْ الْوَقْفِ. (أَقُولُ) لَكِنْ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَيِّمُ الْمَسْجِدِ اشْتَرَى شَيْئًا لِمُؤْنَةِ الْمَسْجِدِ بِلَا إذْنِ الْحَاكِمِ بِمَالِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَقْفِ اهـ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ مُطْلَقًا إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي سَوَاءٌ كَانَ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ رُفِعَ إلَى الْقَاضِي أَوْ لَا وَسَوَاءٌ بَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَا وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ قَبْلَ ذَلِكَ عَنْ الْخَانِيَّةِ قَيِّمُ الْوَقْفِ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا لِمَرَمَّةِ الْمَسْجِدِ بِدُونِ إذْنِ الْقَاضِي قَالُوا لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ فِي مَالِ الْمَسْجِدِ وَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْمَرَمَّةِ مِنْ مَالِهِ كَالْوَصِيِّ فِي مَالِ الصَّغِيرِ بِأَنْ أَدْخَلَ الْمُتَوَلِّي جِذْعًا مِنْ مَالِهِ فِي الْوَقْفِ جَازَ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ اهـ وَكَتَبَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ قَوْلَهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ إلَخْ أَقُولُ فِي فَتَاوَى شَيْخِنَا الْحَانُوتِيِّ إذَا أَشْهَدَ عِنْدَ الْإِنْفَاقِ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ عَلَى الْوَقْفِ يَرْجِعُ. اهـ. وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ لَهُ مَنْقُولًا عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ اهـ كَلَامُ الرَّمْلِيِّ فَأَفَادَ حَمْلَ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُشْهِدْ وَعِبَارَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الرَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ قَيِّمُ الْوَقْفِ لَوْ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ فَلَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَإِلَّا لَا وَيُوَافِقُهُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ قَيِّمُ الْوَقْفِ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ فِي الْوَقْفِ لِيَرْجِعَ فِي غَلَّتِهِ لَهُ الرُّجُوعُ وَكَذَا الْوَصِيُّ مَعَ مَالِ الْمَيِّتِ. وَلَكِنْ لَوْ ادَّعَى لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ الْمُتَوَلِّي إذَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ فِي مَالِ الْوَقْفِ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ شَرَطَ الرُّجُوعَ يَرْجِعُ وَإِلَّا فَلَا اهـ وَعَلَى ذَلِكَ أَيْضًا يُحْمَلُ كَلَامُ الْبَزَّازِيَّةِ السَّابِقِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْفَرْقَ بَيْنَ الشِّرَاءِ وَالْإِنْفَاقِ فِي الْمَرَمَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي وَقْفِ بِرٍّ فِيهِ وَظَائِفُ لَيْسَتْ مِنْ الشَّعَائِرِ وَهِيَ مُقَرَّرَةٌ عَلَى أَرْبَابِهَا بِمَالِهَا مِنْ الْمَعْلُومِ الْمُعَيَّنِ مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ وَقَدْ قَبَضَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ أُجُورَ عَقَارَاتِهِ عَنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ وَأَلْفٍ سَلَفًا وَغَابَ وَلَمْ يَدْفَعْ لِأَرْبَابِ الْوَظَائِفِ شَيْئًا مِنْ عَلَائِقِهِمْ عَنْ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَهُ وَكِيلٌ فِي الضَّبْطِ فَقَطْ يُكَلِّفُهُ أَرْبَابُ الْوَظَائِفِ الْمَذْكُورَةِ فِي الِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْوَقْفِ لِأَجْلِ دَفْعِ مَعَالِيمِهِمْ أَوْ بِقَبْضِ أُجُورِ الْعَقَارَاتِ الْمَذْكُورَةِ سَلَفًا عَنْ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَدَفَعَهَا لَهُمْ بِدُونِ نَصٍّ مِنْ السُّلْطَانِ فِي التَّوْلِيَةِ وَلَا شَرْطٍ مِنْ الْوَاقِفِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِنَّمَا قَيَّدَ فِي السُّؤَالِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الشَّعَائِرِ؛ لِأَنَّ النَّاظِرَ فِي الشَّعَائِرِ يَسْتَدِينُ قَالَ فِي الْبَحْرِ لَكِنْ وَقَعَ الِاشْتِبَاهُ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا هَلْ يَسْتَدِينُ لِلْإِمَامِ وَالْخَطِيبِ وَالْمُؤَذِّنِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَقَطْ أَوْ لَا الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْتَدِينُ لِهَؤُلَاءِ بِإِذْنِ الْقَاضِي لِقَوْلِهِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لِضَرُورَةِ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ إلَخْ اهـ وَلَا يَجُوزُ صَرْفُ رَيْعِ سَنَةٍ فِي سَنَةٍ إلَّا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ أَوْ نَصَّ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ فِي تَوْلِيَتِهِ صَرَّحَ بِالْمَسْأَلَةِ شَيْخُ شُيُوخِنَا الْجَلَبِيُّ فِي فَتَاوَاهُ خَيْرِيَّةٌ ضِمْنَ سُؤَالٍ طَوِيلٍ مِنْ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ دَرَاهِمَ لِلْعِمَارَةِ بِمُرَابَحَةٍ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ بِالْمُرَابَحَةِ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَأَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ (أَقُولُ) وَقَدَّمْنَا تَمَامَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ أَوَائِلَ هَذَا الْبَابِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا عَمَّرَ النَّاظِرُ مِنْ مَالِهِ طَبَقَةً فِي دَارِ الْوَقْفِ تَبَرُّعًا لِلْوَقْفِ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ وَقْفِ الْبِنَاءِ لِجِهَةِ وَقْفِ الْأَرْضِ وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا فِي الْعَلَائِيِّ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي قِطْعَةِ أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ لَيْسَ فِيهَا بِنَاءٌ وَلَا دَاخِلَةٌ فِي تَوَاجِرِ أَحَدٍ يُرِيدُ مُتَوَلِّيهَا أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا بِمَالِ الْوَقْفِ لِلْوَقْفِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي

نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ يُؤْجِرُ أَرْضَ الْوَقْفِ مِنْ نَفْسِهِ فَهَلْ لَا يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ آجَرَ الْوَقْفَ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ سَكَنَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا إذَا آجَرَهُ مِنْ ابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ أَوْ عَبْدِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ لِلتُّهْمَةِ وَلَا نَظَرَ مَعَهَا إسْعَافٌ مِنْ فَصْلِ مَا يَجُوزُ لِلْقَيِّمِ مِنْ التَّصَرُّفِ وَمَا لَا يَجُوزُ لَوْ تَقَبَّلَ الْمُتَوَلِّي الْوَقْفَ لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ إلَّا إذَا تَقَبَّلَهُ مِنْ الْقَاضِي لِنَفْسِهِ فَحِينَئِذٍ يَتِمُّ لِقِيَامِهِ بِاثْنَيْنِ إسْعَافٌ مِنْ بَابِ إجَارَةِ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ انْحَصَرَ رَيْعُ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ فِيهِ نَظَرًا وَاسْتِحْقَاقًا آجَرَ أَرَاضِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إجَارَةً صَحِيحَةً مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَقَاصَصَهُ بِذَلِكَ فَهَلْ تَكُونُ الْمُقَاصَصَةُ الْمَذْكُورَةُ صَحِيحَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ بَاعَ مَالَ الصَّغِيرِ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَصِيرُ قِصَاصًا إذْ الْوَقْفُ وَالْوَصِيَّةُ إخْوَانٌ لَا سِيَّمَا وَقَدْ انْحَصَرَ رَيْعُ الْوَقْفِ فِيهِ فَيَكُونُ قَدْ قَاصَصَهُ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ بِمُفْرَدِهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْكَازَرُونِيُّ مِنْ آخِرِ الْوَقْفِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّلَبِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ أَوَائِلِ الْوَقْفِ فِي جَوَابٍ عَنْ سُؤَالٍ نَظِيرِ ذَلِكَ مَا نَصُّهُ إنْ كَانَ النَّاظِرُ مُسْتَحِقًّا لِلْأُجْرَةِ كُلِّهَا وَتَمَّتْ الْمُدَّةُ وَالدَّيْنُ مِنْ جِنْسِ الْأُجْرَةِ فَلَا خَفَاءَ فِي صِحَّةِ التَّقَاصِّ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِبَعْضِهَا وَوَقَعَ التَّقَاصُّ بِهَا فَالتَّقَاصُّ صَحِيحٌ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَيَضْمَنُ النَّاظِرُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَصِحُّ التَّقَاصُّ ثُمَّ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِذِكْرِ مَا يَشْهَدُ مِنْ النُّقُولِ لِصِحَّةِ الْجَوَابِ ثُمَّ ذَكَرَ نَقُولَهُ إلَى أَنْ قَالَ فَهَذَا كَمَا تَرَى صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ إبْرَاءِ النَّاظِرِ الْمُسْتَأْجِرِ عَنْ الْأُجْرَةِ وَصِحَّةُ التَّقَاصِّ مَبْنِيَّةٌ عَلَى جَوَازِ الْإِبْرَاءِ كَمَا صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ بِهِ آنِفًا فَقَدْ وَضَحَ بِمَا ذَكَرَ الْجَوَابُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ اهـ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ آجَرَ عَقَارَ الْوَقْفِ مِنْ آخَرَ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِذَا آجَرَ الْقَيِّمُ الدَّارَ بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ قَدْرَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ حَتَّى لَمْ تَجُزْ الْإِجَارَةُ لَوْ سَكَنَهَا الْمُسْتَأْجِرُ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ إذَا أَجَرَ إجَارَةً فَاسِدَةً الذَّخِيرَةُ مِنْ الْوَقْفِ فِي 14 وَلَا يُؤْجِرُ الْوَقْفَ إلَّا بِأَجْرِ الْمِثْلِ فَلَا يَجُوزُ وَيَفْسُدُ بِالْأَقَلِّ وَلَوْ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِجَوَازِ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ إلَّا بِنُقْصَانٍ يَسِيرٍ أَوْ إذَا لَمْ يُرْغَبْ فِيهِ إلَّا بِالْأَقَلِّ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ شَرْحِ الْمُلْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ تَحْتَ فَصْلِ " إذَا بَنَى مَسْجِدًا ": دَارٌ مُسَبَّلَةٌ أُجْرَةُ مِثْلِهَا خَمْسَةٌ وَمَا كَانَ يُعْطِي السَّاكِنُ فِيهَا إلَّا ثَلَاثَةً ثُمَّ ظَفِرَ الْقَيِّمُ بِمَالِ السَّاكِنِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ النُّقْصَانَ وَيَصْرِفَهُ إلَى مَصْرِفِهِ قَضَاءً وَدِيَانَةً حَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ الْوَقْفِ مِنْ فَصْلِ تَصَرُّفَاتِ الْقَيِّمِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا آجَرَ نَاظِرُ وَقْفٍ بُسْتَانَ الْوَقْفِ مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لَدَى قَاضٍ شَافِعِيٍّ ثُمَّ ادَّعَى النَّاظِرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ حِينَ الِاسْتِئْجَارِ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ الْمَزْبُورَةَ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ يَقْبَلُ الْمَأْجُورَ بِزِيَادَةٍ مُعْتَبَرَةٍ شَرْعًا وَأَنَّهُ أَجَرَ الرَّجُلُ بِالزِّيَادَةِ الْمَزْبُورَةِ فَأَجَابَهُ زَيْدٌ بِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمَزْبُورَةَ زِيَادَةُ ضَرَرٍ وَتَعَنُّتٍ فَأَنْكَرَ النَّاظِرُ وَالرَّجُلُ ذَلِكَ فَأَحْضَرَ زَيْدٌ عَشَرَةَ أَنْفَارٍ شَهِدُوا فِي وَجْهِ النَّاظِرِ وَالرَّجُلِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ مَا اسْتَأْجَرَهُ بِهِ زَيْدٌ هُوَ أَجْرُ مِثْلِ الْبُسْتَانِ الْمَزْبُورِ بِغِبْطَةٍ وَافِرَةٍ وَمَصْلَحَةٍ لِلْوَقْفِ وَأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمَذْكُورَةَ هِيَ زِيَادَةُ ضَرَرٍ وَتَعَنُّتٍ فَقَبِلَ شَهَادَتَهُمْ الْحَاكِمُ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ التَّزْكِيَةِ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ وَبِكَوْنِهَا أَجْرَ الْمِثْلِ وَبِكَوْنِ الزِّيَادَةِ زِيَادَةَ ضَرَرٍ وَتَعَنُّتٍ وَبِعَدَمِ فَسْخِ الْإِجَارَةِ الْمَزْبُورَةِ إلَى انْتِهَاءِ مُدَّتِهَا وَإِنْ زَادَتْ أُجْرَةُ ذَلِكَ فِي الْمُدَّةِ وَبِعَدَمِ انْفِسَاخِهَا بِزِيَادَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا حُكْمًا شَرْعِيًّا مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً ثُمَّ رُفِعَ الْحُكْمُ الْمَزْبُورُ لَدَى حَاكِمٍ حَنَفِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَلُزُومِهَا وَعَدَمِ

انْفِسَاخِهَا بِزِيَادَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا وَأَنْفَذَ حُكْمَ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورَ غِبَّ حَادِثَةٍ وَدَعْوَى شَرْعِيَّةٍ وَشَهَادَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أُخْرَى ثُمَّ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ ادَّعَى النَّاظِرُ الْمَذْكُورُ أَنَّ الْإِجَارَةَ الْمَزْبُورَةَ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ وَأَحْضَرَ لِلشَّهَادَةِ بِذَلِكَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ رَجُلًا فَهَلْ يُنْتَقَضُ بِشَهَادَتِهِمْ الْحُكْمُ الْأَوَّلُ وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ الْمَزْبُورَةُ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : الْإِجَارَةُ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ غَيْرُ جَائِزَةٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَحَيْثُ ثَبَتَ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمَذْكُورَةَ زِيَادَةُ ضَرَرٍ وَتَعَنُّتٍ فَلَا تُقْبَلُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَشْبَاهِ قَالَ فَإِنْ كَانَ إضْرَارًا وَتَعَنُّتًا لَمْ تُقْبَلْ اهـ أَيْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ وَأَمَّا دَعْوَى النَّاظِرِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَلَا يَخْلُو أَمْرُهُ وَأَمْرُ شُهُودِهِ إمَّا أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ الْإِجَارَةَ وَقَعَتْ حِينَ الْعَقْدِ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَنَّهُ زَادَ السِّعْرُ فِيهِ الْآنَ حِينَ شَهَادَتِهِمْ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلَا تُقْبَلُ وَلَا عِبْرَةَ لِكَثْرَةِ الشُّهُودِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى عَيْنُ الدَّعْوَى الْأُولَى الَّتِي ادَّعَاهَا حِينَ الْإِيجَارِ مِنْ زَيْدٍ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ مِنْ حَاكِمَيْنِ حَنَفِيٍّ وَشَافِعِيٍّ وَشُهُودُهُ هَذِهِ تَتَضَمَّنُ نَقْضَ قَضَاءٍ وَالشَّهَادَةُ الَّتِي تَضَمَّنَتْ نَقْضَ قَضَاءٍ تُرَدُّ وَبَيِّنَةُ الْإِثْبَاتِ بِأَنَّهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى أَنَّهَا بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَعْنِي زِيَادَةَ السِّعْرِ فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ قِبَلِ مُتَعَنِّتٍ أَوْ رَغْبَةِ رَاغِبٍ لَا تُقْبَلُ كَمَا إذَا زَادَتْ بِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ مَا اسْتَأْجَرَ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي نَفْسِهَا لِغَلَاءِ سِعْرِهَا عِنْدَ الْكُلِّ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ قَالَ فِي لِسَانِ الْحُكَّامِ مِنْ آخِرِ فَصْلِ الْإِجَارَةِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إذَا آجَرَ أَرْضَ الْوَقْفِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ يَجُوزُ فَإِنْ ازْدَادَتْ أُجْرَةُ مِثْلِهَا بِتَغَيُّرِ سِعْرِهَا أَوْ كَثْرَةِ الرَّغَبَاتِ فَإِنَّهُ يَفْسَخُ ذَلِكَ الْعَقْدَ وَيَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ الْعَقْدِ ثَانِيًا وَفِيمَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ يَجِبُ الْمُسَمَّى بِقَدْرِهِ فَقَطْ وَبَعْدَ ذَلِكَ يَجِبُ الْعَقْدُ ثَانِيًا عَلَى أُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ كَمَا زَادَتْ. كَذَا ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ، وَفِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْإِمَامِ السُّرُوجِيِّ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ لَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ هِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ حَالَةَ الْعَقْدِ وَإِنْ زَادَتْ بَدْرَةً وَالْبَدْرَةُ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَفِي الْخَانِيَّةِ وَالْإِسْعَافِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ وَقْفٍ مِنْ الْمُتَوَلِّي مُدَّةَ ثَلَاثِ سِنِينَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ هِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَلَمَّا دَخَلَتْ السَّنَةُ الثَّانِيَةُ كَثُرَ رَغَبَاتُ النَّاسِ فِي الْمَأْجُورِ فَزَادَتْ الْأُجْرَةُ فِيهَا قَالُوا لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَارَةَ بِنُقْصَانِ الْأَجْرِ؛ لِأَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ وَقْتَ الْعَقْدِ لَا غَيْرُ فَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى حَالَةَ الْعَقْدِ أَجْرَ الْمِثْلِ فَلَا يَضُرُّ التَّغَيُّرُ بَعْدَ ذَلِكَ. اهـ. . وَفِي حَاوِي الْحَصِيرِيِّ لَا يُنْقَضُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ صَحَّ وَزِيَادَةُ الرَّغْبَةِ فِي الْأُجْرَةِ بِمَنْزِلَةِ زِيَادَةِ السِّعْرِ فِي الْقِيمَةِ ثُمَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُفْسِدٍ فَكَذَا هَذَا قَالَ مَوْلَانَا إنْ زَادَ زِيَادَةً فَاحِشَةً كَانَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَالزِّيَادَةُ الْفَاحِشَةُ مِقْدَارُهَا نِصْفُ الَّذِي آجَرَ بِهِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ سَاعَةً فَسَاعَةً حَيْثُ وُجِدَتْ الْمَنْفَعَةُ فَكَأَنَّهُ آجَرَ مِنْهُ هَذِهِ السَّاعَةَ بِنُقْصَانٍ فَاحِشٍ، وَلَا كَذَلِكَ الْبَيْعُ إذَا تَغَيَّرَ سِعْرُ الْمَبِيعِ اهـ. وَفِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا زَادَ أَجْرُ مِثْلِهَا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ فَعَلَى فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ لَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ وَعَلَى رِوَايَةِ شُرَّاحِ الطَّحَاوِيِّ يُفْسَخُ وَيُجَدَّدُ الْعَقْدُ، وَحَكَى الْبَاقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى تَصْحِيحَ كُلٍّ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ وَفِي الْمِنَحِ إذَا زَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُزِيدَ أَحَدٌ فَلِلْمُتَوَلِّي فَسْخُهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمَا لَمْ يُفْسَخْ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى كَمَا فِي الصُّغْرَى وَكَذَا فِي الْفَوَائِدِ الزَّيْنِيَّةِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَقَالَ الْعَلَائِيُّ وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بِأَنْ أَخْبَرَ الْقَاضِيَ ذُو خِبْرَةٍ أَنَّهَا كَانَتْ كَذَلِكَ فَسَخَهَا وَتُقْبَلُ الزِّيَادَةُ وَإِنْ شَهِدُوا وَقْتَ الْعَقْدِ أَنَّهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ إضْرَارًا وَتَعَنُّتًا لَمْ تُقْبَلْ، وَإِنْ كَانَتْ لِزِيَادَةِ أَجْرِ الْمِثْلِ فَالْمُخْتَارُ قَبُولُهَا فَيَفْسَخُهَا الْمُتَوَلِّي فَإِنْ امْتَنَعَ فَالْقَاضِي، وَالْمُسْتَأْجِرُ أَحَقُّ إنْ قِبَلهَا وَلَزِمَهُ الزِّيَادَةُ مِنْ وَقْتِ قَبُولِهَا فَقَطْ وَإِنْ أَنْكَرَ زِيَادَةَ أَجْرِ الْمِثْلِ وَادَّعَى أَنَّهَا إضْرَارٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبُرْهَانِ عَلَيْهِ وَإِنْ زَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُزِيدَ أَحَدٌ

فَلِلْمُتَوَلِّي فَسْخُهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمَا لَمْ يَفْسَخْ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى أَشْبَاهٌ مَعْزِيًّا لِلصُّغْرَى. اهـ. وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ مَا نَصُّهُ حَيْثُ حَكَمَ الْحَنْبَلِيُّ بِعَدَمِ قَبُولِ الزِّيَادَةِ لِكَوْنِ الْإِجَارَةِ وَقَعَتْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَحُكِمَ بِعَدَمِ قَبُولِهَا بِسَبَبِ تَغَيُّرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ بَعْدَ وُقُوعِ الدَّعْوَى فِي خُصُوصِ ذَلِكَ امْتَنَعَتْ الزِّيَادَةُ إلَخْ وَفِي حَاشِيَةِ الْبِيرِيِّ. وَقَدْ سُئِلَ نُورُ الدِّينِ عَلِيٌّ الطَّرَابُلُسِيُّ عَمَّا لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ إجَارَةِ الْوَقْفِ وَأَنَّ الْأُجْرَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بَعْدَ أَنْ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ ثُمَّ أُقِيمَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهَا دُونَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِبَيِّنَةِ بُطْلَانِهَا أَمْ لَا أَجَابَ: بَيِّنَةُ الْإِثْبَاتِ مُقَدَّمَةٌ وَهِيَ الَّتِي قَدْ شَهِدَتْ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقَدْ اتَّصَلَ بِهَا الْقَضَاءُ فَلَا تُنْقَضُ وَأَجَابَ بِذَلِكَ نَاصِرُ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ الْمَالِكِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ النَّجَّارِ الْحَنْبَلِيُّ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا زَادَتْ الْأُجْرَةُ لِكَثْرَةِ رَغَبَاتِ النَّاسِ كُلِّهِمْ وَزِيَادَةُ السِّعْرِ تُقْبَلُ وَإِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ حِينَ الْعَقْدِ أَنَّ الْأُجْرَةَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ هَكَذَا ذَكَرُوا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ حِينَ الْعَقْدِ كَانَتْ شَهَادَةً مُجَرَّدَةً عَنْ الْحَادِثَةِ وَالدَّعْوَى وَحُكْمِ الْحَاكِمِ الشَّرْعِيِّ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ بِحَادِثَةٍ وَدَعْوَى وَحُكْمٍ مِنْ حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ يَرَى أَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تُقْبَلُ وَحَكَمَ بِعَدَمِ قَبُولِهَا وَنَفَّذَ الْحَاكِمُ الْحَنَفِيُّ حُكْمَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ ارْتَفَعَ بِالْحُكْمِ الْمَذْكُورِ الْخِلَافُ. (أَقُولُ) يَعْنِي أَنَّ الْحَنْبَلِيَّ أَوْ الشَّافِعِيَّ لَوْ حَكَمَ بِعَدَمِ قَبُولِ الزِّيَادَةِ الْعَارِضَةِ بِحَادِثَةٍ مَخْصُوصَةٍ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَشَهَادَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ امْتَنَعَتْ الزِّيَادَةُ كَأَمْرٍ عَنْ فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ وَلَا سِيَّمَا إذَا نَفَّذَ حُكْمَهُ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَأَمَّا إذَا حَكَمَ الْحَنْبَلِيُّ وَقْتَ الْعَقْدِ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَبِأَنَّ الْأُجْرَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ثُمَّ زَادَتْ الْأُجْرَةُ تُقْبَلُ وَتُسْمَعُ بِهَا الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهَا حَادِثَةٌ أُخْرَى لَمْ يَجْرِ فِيهَا حُكْمُ حَاكِمٍ بَعْدَ دَعْوَى. وَنَظِيرُهُ لَوْ أُقِيمَتْ الدَّعْوَى لَدَى شَافِعِيٍّ بِفَسْخِ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ فَحَكَمَ بِصِحَّتِهَا وَعَدَمِ فَسْخِهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ مَثَلًا فَلِلْحَنَفِيِّ فَسْخُهَا بِالْمَوْتِ مَا لَمْ يَحْكُمْ الشَّافِعِيُّ بِخُصُوصِ ذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْغَرْسِ وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ يَظْهَرُ لَكَ صِحَّةُ قَوْلِ ابْنِ نُجَيْمٍ فِي فَتَاوَاهُ وَلَا يَمْنَعُ قَبُولَهَا أَيْ الزِّيَادَةِ حُكْمُ الْحَنْبَلِيِّ بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ اهـ أَيْ مَنْعُ حُكْمِ الْحَنْبَلِيِّ الْمَذْكُورِ لِقَبُولِ الزِّيَادَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَقَوْلُ مَنْ نَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ فِيهِ نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ. وَقَدْ صَرَّحَ الْحَانُوتِيُّ فِي فَتَاوَاهُ بِمِثْلِ مَا فِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ وَتَمَامُ ذَلِكَ فِي حَاشِيَتِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى النَّاظِرُ عَدَمَ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ لِوُقُوعِهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَقْتَ الْعَقْدِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا لَمْ يُبَرْهِنْ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ بَرْهَنَ الْمُسْتَأْجِرُ أَيْضًا عَلَى أَنَّهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ، وَإِنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَبِأَنَّ الْأُجْرَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى النَّاظِرِ وَلَا بَيِّنَتُهُ إلَّا إذَا ادَّعَى أَنَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ قَدْ زَادَتْ فِي نَفْسِهَا فَإِنْ أُقِيمَتْ الدَّعْوَى لَدَى حَنَفِيٍّ فَسَخَهَا وَجَدَّدَ الْعَقْدَ ثَانِيًا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ إنْ قَبِلَ الزِّيَادَةَ وَإِلَّا أَجَرَهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ أُقِيمَتْ الدَّعْوَى لَدَى شَافِعِيٍّ أَوْ حَنْبَلِيٍّ وَحَكَمَ بِإِلْغَاءِ الزِّيَادَةِ الْعَارِضَةِ وَبِعَدَمِ فَسْخِ الْإِجَارَةِ لِذَلِكَ نَفَذَ حُكْمُهُ، وَلَيْسَ لِلْحَنَفِيِّ فَسْخُهَا بَلْ عَلَيْهِ إمْضَاءُ حُكْمِ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ وَتَنْفِيذُهُ لِارْتِفَاعِ الْخِلَافِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ نَقْلًا عَنْ جَدِّهِ الْمَرْحُومِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ التَّنْفِيذُ إحْكَامُ الْحُكْمِ الصَّادِرِ مِنْ الْحَاكِمِ وَتَقْرِيرُهُ عَلَى مُوجَبِ مَا حَكَمَ بِهِ وَبِهِ يَكُونُ الْحُكْمُ مُتَّفِقًا عَلَيْهِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ خُصُومَةٍ مِنْ مُدَّعٍ عَلَى خَصْمٍ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَبَضَ نَاظِرُ وَقْفٍ أُجْرَةَ مَكَانٍ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ ثُمَّ مَاتَ وَتَوَلَّى النَّظَرَ غَيْرُهُ قَامَ يُطَالِبُ مُسْتَأْجِرَهُ دَفْعَ الْأُجْرَةِ ثَانِيًا فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : لَيْسَ لِلنَّاظِرِ الْجَدِيدِ مُطَالَبَةُ الْمُسْتَأْجِرِ بِذَلِكَ وَيَكُونُ قَبْضُ النَّاظِرِ السَّابِقِ صَحِيحًا مَعْمُولًا بِهِ شَرْعًا وَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أَنْ يُعْطِيَ أُجْرَتَيْنِ لِلنَّاظِرَيْنِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْجَدُّ. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مِنْ مُسْتَحِقِّيهِ نَاظِرٌ شَرْعِيٌّ وَبَعْضُ مُسْتَحِقِّيهِ مُتَصَرِّفُونَ فِي عَقَارٍ مِنْ إيجَارٍ وَقَبْضٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ

بِدُونِ وَكَالَةٍ عَنْهُ وَلَا إذْنٍ شَرْعِيٍّ وَزَرَعَ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَرْضَ الْوَقْفِ وَاسْتَغَلَّ زَرْعَهُ وَلَمْ يَدْفَعْ لِجِهَةِ الْوَقْفِ شَيْئًا وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا قَسْمٌ مَعْرُوفٌ فَهَلْ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ لِلنَّاظِرِ لَا لِغَيْرِهِ وَالزَّرْعُ لِزَارِعِهِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَجَرَ حَمَّامَ الْوَقْفِ مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ ثُمَّ قَايَلَ النَّاظِرُ عَقْدَ الْإِجَارَةِ مَعَ زَيْدٍ وَآجَرَهُ مِنْ عَمْرٍو بِدُونِ الْأُجْرَةِ الْأُولَى بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَبِدُونِ مَصْلَحَةٍ لِلْوَقْفِ فَهَلْ تَكُونُ الْإِقَالَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ قَايَلَ بِدُونِ مَصْلَحَةٍ لِلْوَقْفِ وَآجَرَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَكُلٌّ مِنْ الْمُقَايَلَةِ وَالْإِجَارَةِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ غَيْرُ جَائِزٍ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَبَضَ نَاظِرُ الْوَقْفِ بَعْضَ أُجُورِ أَقْلَامِ الْوَقْفِ مِنْ مُسْتَأْجِرِيهَا سَلَفًا عَنْ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَهَلْ يَكُونُ الْقَبْضُ الْمَذْكُورُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا آجَرَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ دَارَ الْوَقْفِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ قَبَضَهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ سَلَفًا لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ لِتَعْمِيرِ الدَّارِ فَهَلْ يَكُونُ قَبْضُهُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) لِيُنْظَر فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِالضَّرُورَةِ وَلَعَلَّهَا لِكَوْنِ وَاقِعَةِ الْحَالِ كَذَلِكَ أَوْ لِكَوْنِ الْمُدَّةِ طَوِيلَةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ إيجَارُ دَارِ الْوَقْفِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ لِمَصْلَحَةٍ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ قَبْضُ الْأُجْرَةِ سَلَفًا حَيْثُ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا وَفِي الْإِسْمَاعِيلِيَّة فِي نَاظِرٍ آجَرَ خَانَ الْوَقْفِ سَنَةً تَالِيَةً لِمُدَّةِ الْمُسْتَأْجِرِ بِأُجْرَةٍ حَالَّةٍ قَبَضَهَا مِنْهُ ثُمَّ عُزِلَ فِي أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ وَيُرِيدُ النَّاظِرُ الْجَدِيدُ أَخْذَ الْأُجْرَةِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَأَجَابَ: إذَا ثَبَتَ قَبْضُ الْأَوَّلِ الْأُجْرَةَ فَقَبْضُهُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ الثَّانِي أَخْذُهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ ثَانِيًا اهـ فَأَفَادَ جَوَازَ قَبْضِ الْأُجْرَةِ سَلَفًا مُطْلَقًا حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ بِالضَّرُورَةِ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ مَتَى صَحَّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ صَحَّ قَبْضُ الْأُجْرَةِ حَيْثُ شُرِطَ تَعْجِيلُهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ نَاظِرِ وَقْفٍ مَبْلَغٌ مِنْ النُّقُودِ اسْتَبْدَلَ بِهِ عَنْ عَقَارِ الْوَقْفِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَبَقِيَ عِنْدَهُ لِيَشْتَرِيَ بِهِ عَقَارًا لِلْوَقْفِ بَدَلَ الْأَوَّلِ فَقَامَ بَعْضُ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ يُكَلِّفُ النَّاظِرَ إلَى كَفِيلٍ يَكْفُلُهُ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ أَوْ يَكْتُبُهُ النَّاظِرُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُرَابَحَةِ أَوْ يَدْفَعُهُ لَهُ وَلِبَقِيَّةِ الْمُسْتَحِقِّينَ لِيَدْفَعُوهُ بِالْمُرَابَحَةِ فَهَلْ لَا يُكَلَّفُ إلَى ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيَبْقَى الْمَبْلَغُ تَحْتَ يَدِهِ لِيَشْتَرِيَ بِهِ عَقَارًا لِلْوَقْفِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالْأَمَانَاتِ كَمَالِ الْوَقْفِ كَمَا فِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ مِنْ الْكَفَالَةِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ. وَسُئِلَ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ إذَا لَمْ يَصْرِفْ النَّاظِرُ الْمُسْتَبْدِلُ الْمَالَ الْمُسْتَبْدَلَ فِي عَقَارٍ أَوْ تَعَدَّى عَلَيْهِ أَوْ ضَاعَ مِنْ يَدِهِ أَوْ غَابَ بِهِ هَلْ يَلْحَقُ الْمُسْتَبْدِلَ أَوْ وَرَثَتَهُ بِسَبَبِ فِعْلِ النَّاظِرِ ضَمَانٌ أَوْ خُسْرَانٌ أَجَابَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَبْدِلِ وَلَا عَلَى وَرَثَتِهِ فِي ذَلِكَ ضَمَانٌ وَلَا يَلْحَقُهُمْ بِسَبَبِ فِعْلِ النَّاظِرِ خُسْرَانٌ وَبِدَفْعِهِ الْبَدَلَ خَرَجَ عَنْ عُهْدَتِهِ وَبَقِيَ فِي عُهْدَةِ النَّاظِرِ إلَخْ اهـ، لَوْ لَمْ يَتَّجِرْ الْوَصِيُّ بِمَالِ الصَّبِيِّ هَلْ يُجْبَرُ عَلَى التِّجَارَةِ قَالَ لَا مَجْمَعُ الْفَتَاوَى. (سُئِلَ) فِي مُتَوَلِّي وَقْفٍ مَعْرُوفٍ بِالْأَمَانَةِ قَبَضَ غَلَّاتِ الْوَقْفِ فِي مُدَّةٍ مَاضِيَةٍ وَصَرَفَ بَعْضَهَا فِي مُهِمَّاتِ الْوَقْفِ الضَّرُورِيَّةِ فِيمَا لَا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَتَعَذَّرَ تَفَاصِيلُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا الْإِجْمَالُ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ مِنْ الضَّمَانِ وَيُكْتَفَى مِنْهُ بِالْإِجْمَالِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ عُرِفَ بِالْأَمَانَةِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ مِنْ ضَمَانِ ذَلِكَ وَيَكْتَفِي مِنْهُ الْقَاضِي بِالْإِجْمَالِ وَلَا يُجْبِرُهُ عَلَى التَّفْسِيرِ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي عَلَى التَّفْسِيرِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَلَا يَحْبِسُهُ وَلَكِنْ يُحْضِرُهُ يَوْمَيْنِ وَثَلَاثَةً وَيُخَوِّفُهُ وَيُهَدِّدُهُ إنْ لَمْ يُفَسِّرْ وَلَا يَكْتَفِي مِنْهُ بِالْيَمِينِ كَذَا فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَالْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى التُّمُرْتَاشِيُّ وَفِي أَحْكَامِ الْأَوْصِيَاءِ الْقَوْلُ فِي الْأَمَانَةِ قَوْلُ الْأَمِينِ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَمْرًا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ فَحِينَئِذٍ تَزُولُ الْأَمَانَةُ وَتَظْهَرُ الْخِيَانَةُ فَلَا يُصَدَّقُ بِيرِيٌّ عَلَى الْأَشْبَاهِ

وَعَلَى هَذَا لَوْ ظَهَرَتْ خِيَانَةُ نَاظِرٍ لَا يُصَدَّقُ قَوْلُهُ وَلَوْ بِيَمِينِهِ وَهِيَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ فَلْتُحْفَظْ (أَقُولُ) وَمَرَّ تَمَامُ الْكَلَامِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ عَلَى قَبُولِ قَوْلِهِ وَعَدَمِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَذِنَ مُتَوَلِّي وَقْفَ بِرٍّ لِجَابِي الْوَقْفِ فِي قَبْضِ أُجُورِ حَوَانِيتِ الْوَقْفِ وَدَفْعِهَا لِمُسْتَحِقِّيهَا مِنْ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ فَقَبَضَ الْبَعْضَ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ اسْتِخْلَاصُ الْبَاقِي وَدَفَعَ بَعْضَ مَا قَبَضَهُ لِأَرْبَابِ الْوَظَائِفِ وَبَعْضَهُ لِلْمُتَوَلِّي ثُمَّ جَحَدَ الْمُتَوَلِّي مَا دَفَعَهُ لَهُ الْجَابِي وَطَالَبَهُ بِذَلِكَ فَهَلْ الْجَابِي الْأَمِينُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ مَعَ الْيَمِينِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِيمَا لَا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ مُقَرَّرًا فِي وَظِيفَةِ جِبَايَةٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ بِمُوجَبِ بَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ وَتَقْرِيرِ قَاضٍ شَرْعِيٍّ وَيَتَصَرَّفُ بِهَا مِنْ مُدَّةٍ مَدِيدَةٍ قَامَ الْمُتَوَلِّي الْآنَ يَزْعُمُ أَنَّ دَفْعَ الْمُسْتَأْجِرِينَ الْأُجْرَةَ لِلْجَابِي غَيْرُ صَحِيحٍ وَأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِهَا عَلَيْهِمْ فَهَلْ يَكُونُ قَبْضُ الْجَابِي عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ صَحِيحًا وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِ الْمُتَوَلِّي الْمَزْبُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِمَا فِي وَقْفِ الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ جَمْعَ الْمَالِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِينَ هِلَالِيًّا وَخَرَاجِيًّا وَظِيفَةُ الْجَابِي، مَاتَ الْمُتَوَلِّي وَالْجُبَاةُ يَدَّعُونَ تَسْلِيمَ الْغَلَّةِ إلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمْ فَإِنَّهُمْ يُصَدَّقُونَ بِالْيَمِينِ لِإِنْكَارِهِمْ الضَّمَانَ عُمْدَةُ الْفَتَاوَى وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَابِيَ وَالْمُتَوَلِّيَ إنَّمَا يُصَدَّقَانِ فِي صَرْفِ مَالِ الْوَقْفِ إلَى مَصَارِفِهِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ تَسْلِيمِهِ إلَى مَنْ لَهُ حَقُّ الْقَبْضِ شَرْعًا وَلَوْ فِي حَقِّ سُقُوطِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُصَدَّقَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ لِلْوَقْفِ وَالْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ إنَّمَا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ عِنْدَهُ لَا عِنْدَهُمَا فَإِنَّ الْمَالَ لَيْسَ أَمَانَةً فِي يَدِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ عِنْدَهُمَا عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ فَإِذَا وَقَعَ النِّزَاعُ بَيْنَ الْجَابِي وَالْمُتَوَلِّي عَلَى مَا أَسْلَفْنَاهُ وَلَزِمَ الضَّرَرُ لِلْوَقْفِ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَعْمَلَ بِمَذْهَبِهِمَا نَظَرًا لِلْوَقْفِ فَتَأَمَّلْ مِنْ " الْقَوْلُ لِمَنْ " لِلْمَوْلَى عَبْدِ الْحَلِيمِ أَفَنْدِي أَخِي زَادَهْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ الْوَاقِفُ وَأَوْصَى لِرَجُلٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَقْفَ هَلْ يَصِيرُ وَصِيًّا لَهُ فِي أَوْقَافِهِ وَأَمْوَالِهِ وَأَوْلَادِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ نَاقِلًا عَنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ لَوْ مَاتَ الْوَاقِفُ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَقْفَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ وَصِيًّا لَهُ فِي أَوْقَافِهِ وَأَوْلَادِهِ وَأَمْوَالِهِ وَلَوْ خَصَّ الْوَصِيَّةَ فِي أَمْوَالِهِ فَهُوَ وَصِيٌّ فِي كُلِّهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَنْفُذُ بِمَا خَصَّصَهُ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَفَ زَيْدٌ عَقَارًا لَهُ مَعْلُومًا مُنَجَّزًا عَلَى الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَشَرَطَ وَظِيفَةَ النَّظَرِ لِعَمْرٍو وَذُرِّيَّتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ لِمُتَوَلِّي الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ مَاتَ الْوَاقِفُ وَعَمْرٌو وَتَصَرَّفَ بِوَظِيفَةِ النَّظَرِ الْمَزْبُورِ رَجُلٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ عَمْرٍو وَهُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ قَامَ مُتَوَلِّي الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ يُعَارِضُهُ فِي التَّصَرُّفِ بِالنَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ مُخَالِفًا لِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَهَلْ لَيْسَ لِمُتَوَلِّي الْحَرَمَيْنِ مُعَارَضَتُهُ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَتَّى تَنْقَرِضَ ذُرِّيَّةُ عَمْرٍو الْمَذْكُورِ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ الْمَزْبُورِ؛ لِأَنَّهُ كَنَصِّ الشَّارِعِ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ وَفِي الْمَفْهُومِ وَالدَّلَالَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْأَشْبَاهِ. (سُئِلَ) مِنْ قَاضِي الشَّامِ سَنَةَ 1147 إذَا مَاتَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ مُجْهِلًا غَلَّاتِ الْوَقْفِ وَلَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ وَعَلَى الْوَقْفِ حِكْرٌ لِوَقْفٍ آخَرَ مُنْكَسِرٌ عِدَّةَ سِنِينَ وَيُرِيدُ مُتَوَلِّيهِ طَلَبَهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَلِّي الْمُتَوَفَّى فَهَلْ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ أَمْ مِنْ تَرِكَةِ الْمُتَوَلِّي الْمُتَوَفَّى؟ (الْجَوَابُ) : الْحِكْرُ الْمَذْكُورُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ الْمُحْتَكَرِ لِأَجْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ تَرِكَةَ الْمُتَوَلِّي الْمُتَوَفَّى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَذَا أَفْتَى الْمَرْحُومُ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ إذْ الْمُتَوَلِّي الْمَذْكُورُ قَدْ مَاتَ مُجْهِلًا غَلَّاتِ الْوَقْفِ وَلَمْ يُوجَدْ مَالُ الْوَقْفِ فِي تَرِكَتِهِ وَقَدْ صَرَّحَ بِعَدَمِ ضَمَانِهِ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَعِبَارَتُهَا وَكُلُّ أَمِينٍ مَاتَ وَالْعَيْنُ تُحْصَرُ ... وَمَا وَجَدْت عَيْنًا فَدَيْنًا تُصَيَّرُ سِوَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ ثَمَّ مُفَاوِضٌ ... وَمُودِعُ مَالَ الْغُنْمِ وَهُوَ الْمُؤَمَّرُ

أَقُولُ) وَقَدَّمْنَا بَقِيَّةَ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي هَذَا الْبَابِ. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى عَقَارَاتٍ قَبَضَ نَاظِرُهُ أُجُورَهَا بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهَا عَنْ سَنَةِ كَذَا وَشَرَطَ وَاقِفُهُ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ ثُمَّ الْفَاضِلُ عَنْهَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَأَمْسَكَ النَّاظِرُ قَدْرَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْوَقْفُ مِنْ الْعِمَارَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَطَلَبَ مُسْتَحِقُّو الْوَقْفِ اسْتِحْقَاقَهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ الْمَمْسُوكِ لِلْعِمَارَةِ فِيمَا يَأْتِي فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ حَيْثُ شَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَى النَّاظِرِ إمْسَاكُ قَدْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْعِمَارَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَإِنْ كَانَ الْآنَ لَا يَحْتَاجُ الْمَوْقُوفَ لِلْعِمَارَةِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ لِلْفَقِيهِ لِجَوَازِ أَنْ يَحْدُثَ لِلْمَوْقُوفِ حَدَثٌ وَالْمَوْقُوفُ بِحَالٍ لَا يُغِلُّ فَيُؤَدِّي الصَّرْفُ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ غَيْرِ ادِّخَارِ شَيْءٍ لِلتَّعْمِيرِ إلَى خَرَابِ الْعَيْنِ الْمَشْرُوطِ تَعْمِيرُهَا أَوَّلًا كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ قَالَ مُحَشِّيهِ الْحَمَوِيُّ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ مَا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُخْتَارُ فِي الْمَذْهَبِ كَمَا فِي جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ (أَقُولُ) وَمَرَّ فِي هَذَا الْبَابِ مَا لَوْ لَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْعِمَارَةِ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرٍ أَهْلٍ لِلنِّظَارَةِ وَلَّاهُ قَاضٍ وَأَكَّدَهُ بِبَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ فَأَنْهَى جَمَاعَةٌ أَنَّهَا شَاغِرَةٌ وَأَتَوْا بِفَرَمَانٍ بِنَصٍّ مُخَالِفٍ فَهَلْ يُمْنَعُونَ بِاعْتِبَارِ إنْهَائِهِمْ الْمُخَالِفِ لِلْوَاقِعِ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُمْنَعُونَ فَإِنْ عَزَلَهُ وَأَعْطَاهُمْ بِنَاءً عَلَى مَا أَنْهَوْهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْوَاقِعِ فَيَكُونُ فَاسِدًا وَالْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ مِثْلُهُ وَحَيْثُ بُنِيَ عَلَى مَا أَنْهَوْا فَالظُّلْمُ وَالتَّعَدِّي مِنْ الْآخِذِينَ، وَمَنْصُوبُ الْقَاضِي وَالسُّلْطَانِ حَيْثُ كَانَ أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ لَيْسَ لِأَحَدٍ رَفْعُهُ بِغَيْرِ جُنْحَةٍ وَلَا مَصْلَحَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْإِسْعَافِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْبَحْرِ وَالْأَشْبَاهِ وَالْعَلَائِيِّ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ وَأَفْتَى بِمِثْلِهِ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ مُفَصَّلًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي فَتَاوِيه مِنْ الْوَقْفِ (أَقُولُ) وَمَرَّ نَظِيرُ ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَرَّرَ الْقَاضِي هِنْدًا فِي وَظِيفَةِ النَّظَرِ وَالتَّكَلُّمِ عَلَى وَقْفٍ أَهْلِيٍّ بِطَرِيقِ الْفَرَاغِ مِنْ أُمِّهَا الْمُقَرَّرَةِ فِي ذَلِكَ قَبْلَهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَهِنْدٌ أَهْلٌ لِذَلِكَ وَكُتِبَ لَهَا حُجَّةُ تَقْرِيرٍ بِذَلِكَ فَهَلْ يُعْمَلُ بِالْحُجَّةِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَضْمُونِهَا شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي مَسْأَلَةِ الْفَرَاغِ عَنْ النَّظَرِ فَرَاجِعْهُ مُتَأَمِّلًا. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ أَمَرَهُ الْقَاضِي الْعَامُّ بِإِقْرَاضِ مَالِ الْوَقْفِ فَأَقْرَضَهُ مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَرْضِ الْمَزْبُورِ مُفْلِسًا فَهَلْ يَكُونُ النَّاظِرُ غَيْرَ ضَامِنٍ لِلْمَالِ الْمَزْبُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فَإِنْ قُلْت إذَا أَمَرَ الْقَاضِي الْقَيِّمَ بِشَيْءٍ فَفَعَلَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْعِيٍّ أَوْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْوَقْفِ هَلْ يَكُونُ الْقَيِّمُ ضَامِنًا قُلْت قَالَ فِي الْقُنْيَةِ طَالَبَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ الْقَيِّمَ أَنْ يُقْرِضَ مِنْ مَالِ الْمَسْجِدِ لِلْإِمَامِ فَأَبَى فَأَمَرَهُ الْقَاضِي بِهِ فَأَقْرَضَهُ ثُمَّ مَاتَ الْإِمَامُ مُفْلِسًا لَا يَضْمَنُ الْقَيِّمُ اهـ مَعَ أَنَّ الْقَيِّمَ لَيْسَ لَهُ إقْرَاضُ مَالِ الْمَسْجِدِ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي إيدَاعُ مَالِ الْوَقْفِ وَالْمَسْجِدِ إلَّا مِمَّنْ فِي عِيَالِهِ وَلَا إقْرَاضُهُ فَلَوْ أَقْرَضَهُ ضَمِنَ وَكَذَا الْمُسْتَقْرِضُ وَذَكَرَ أَنَّ الْقَيِّمَ لَوْ أَقْرَضَ مَالَ الْمَسْجِدِ لِيَأْخُذَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَهُوَ أَحْرَزُ مِنْ إمْسَاكِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَفِي الْعِدَّةِ يَسَعُ لِلْمُتَوَلِّي إقْرَاضُ مَا فَضَلَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ لَوْ أَحْرَزَ. اهـ. بَحْرٌ مِنْ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ لَهُ مُتَوَلٍّ وَمُشْرِفٌ بِمَعْنَى النَّاظِرِ بِشَرْطِ وَاقِفِهِ وَالْمُتَوَلِّي يَتَصَرَّفُ فِي أُمُورِ الْوَقْفِ بِدُونِ إذْنِ الْمُشْرِفِ وَاطِّلَاعِهِ وَمَعْرِفَتِهِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ الْفَضْلِيُّ يَكُونُ الْوَصِيُّ أَوْلَى بِإِمْسَاكِ الْمَالِ وَلَا يَكُونُ الْمُشْرِفُ وَصِيًّا، وَأَثَرُ كَوْنِهِ مُشْرِفًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ إلَّا بِعِلْمِهِ اهـ كَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَكَذَا نَقَلَهُ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ ثُمَّ قَالَ وَفِي الْخَاصِّيِّ وَبِقَوْلِ الْفَضْلِيِّ يُفْتَى. اهـ. وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ بِأَنَّ الْوَقْفَ يَسْتَقِي مِنْ الْوَصِيَّةِ وَمَسَائِلُهُ تُنْزَعُ مِنْهَا كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ فَمَا فِي فَتَاوَى الرَّحِيمِيِّ مِنْ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لَوْ آجَرَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إجَارَةً شَرْعِيَّةً تَنْعَقِدُ وَلَا يَمْلِكُ

النَّاظِرُ مُعَارَضَتَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي زَمَانِنَا بِمَعْنَى الْمُشَارِفِ فِيهِ نَظَرٌ، وَفِي الْبَحْرِ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَقْفٌ لَهُ مُتَوَلٍّ وَمُشْرِفٌ لَيْسَ لِلْمُشْرِفِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُفَوَّضٌ إلَى الْمُتَوَلِّي وَالْمُشْرِفُ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ لَا غَيْرُ اهـ وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْعُرْفِ فِي مَعْنَى الْمُشْرِفِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. اهـ. (أَقُولُ) وَتَقَدَّمَ بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ حَامِلَةٍ لِغِرَاسِ، حِصَّةٌ مِنْهُ جَارِيَةٌ تَبَعًا لِلْأَرْضِ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَبَقِيَّةُ غِرَاسِهِ مِلْكٌ لِرَجُلٍ يُرِيدُ نَاظِرُ الْوَقْفِ ضَبْطَ كَامِلِ أَرْضِ الْبُسْتَانِ مَعَ الْحِصَّةِ الْجَارِيَةِ فِي الْوَقْفِ مِنْ غِرَاسِهِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَأَخْذَ أَجْرِ مَنَابِتِ الشَّجَرِ مِنْ الرَّجُلِ بِحَسَبِ حِصَّتِهِ مِنْ الْغِرَاسِ وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَرْسَلَ رَجُلًا لِجِبَايَةِ مَالِ الْوَقْفِ مِنْ مُسْتَأْجَرِي أَقْلَامِهِ فَقَبَضَ مَالَ الْوَقْفِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِينَ وَدَفَعَهُ إلَى مُرْسَلِهِ ثُمَّ عُزِلَ النَّاظِرُ وَتَوَلَّى النَّظَرَ غَيْرُهُ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى الرَّسُولِ بِمَا قَبَضَهُ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الرَّسُولِ بِيَمِينِهِ فِي الدَّفْعِ وَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ وَشَرْحِهِ لِلْإِسْبِيجَابِيِّ وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى رَجُلٍ مَالًا لِيَدْفَعَهُ إلَى رَجُلٍ فَذَكَرَ أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَكَذَّبَهُ الْآمِرُ فِي ذَلِكَ وَالْمَأْمُورَ لَهُ بِالْمَالِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ عَنْ الضَّمَانِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآخَرِ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ وَلَا يَسْقُطُ دَيْنُهُ عَنْ الْآمِرِ وَلَا يَجِبُ الْيَمِينُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْآمِرِ أَنْ يُصَدِّقَ أَحَدَهُمَا وَيُكَذِّبَ الْآخَرَ فَتَجِبُ الْيَمِينُ عَلَى الَّذِي كَذَّبَهُ دُونَ الَّذِي صَدَّقَهُ فَإِنْ صَدَّقَ الْمَأْمُورَ بِالدَّفْعِ فَإِنَّهُ يُحَلِّفُ الْآخَرَ بِاَللَّهِ مَا قَبَضَ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَسْقُطْ دَيْنُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ الْقَبْضُ وَإِنْ نَكَلَ ظَهَرَ قَبْضُهُ وَسَقَطَ عَنْ الْآمِرِ دَيْنُهُ، وَإِنْ صَدَّقَ الْآخَرَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ وَكَذَّبَ الْمَأْمُورَ أَنَّهُ يُحَلِّفُ الْمَأْمُورَ خَاصَّةً بِاَللَّهِ لَقَدْ دَفَعْتُهُ إلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا دَفَعَ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْدَعَ مَالَهُ عِنْدَ رَجُلٍ ثُمَّ أَمَرَ الْمُودَعَ بِأَنْ يَدْفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى فُلَانٍ فَقَالَ الْمُودَعُ قَدْ دَفَعْتُ فَهُوَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَلَوْ دَفَعَ الْمُودِعُ الْوَدِيعَةَ إلَى رَجُلٍ وَادَّعَى أَنَّهُ قَدْ دَفَعَهَا إلَيْهِ بِأَمْرِ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ وَأَنْكَرَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ الْأَمْرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ مَضْمُونًا عَلَى رَجُلٍ كَالْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ أَوْ الدَّيْنِ فَأَمَرَ صَاحِبُ الدَّيْنِ أَوْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِأَنْ يَدْفَعَهُ إلَى فُلَانٍ فَقَالَ الْمَأْمُورُ قَدْ دَفَعْتُ إلَيْهِ وَقَالَ فُلَانٌ مَا قَبَضْتُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ فُلَانٍ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ وَلَا يُصَدَّقُ الْمَأْمُورُ عَلَى الدَّفْعِ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إبْرَاءَ نَفْسِهِ مِنْ الضَّمَانِ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ الْآمِرُ فِي الدَّفْعِ فَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ وَلَا يُصَدَّقَانِ عَلَى الْقَابِضِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَوْ كَذَّبَ الْآمِرُ الْمَأْمُورَ أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ وَطَلَبَ الْمَأْمُورُ يَمِينَهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ بِاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ دَفَعَ فَإِنْ حَلَفَ أَخَذَ مِنْهُ الضَّمَانَ وَإِنْ نَكَلَ سَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ اهـ مِنْ فَتَاوَى الشِّهَابِ الشَّلَبِيِّ مِنْ أَوَائِلِ الْوَكَالَةِ وَكَذَا فِي مَجْمُوعَةِ الْأَنْقِرْوِيِّ. (سُئِلَ) فِي وَكِيلٍ شَرْعِيٍّ عَنْ نُظَّارِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فِي مُبَاشَرَةِ أُمُورِ الْوَقْفِ مِنْ قَبْضٍ وَصَرْفٍ وَفِي اسْتِخْلَاصِ عَقَارَاتِهِ مِنْ مُسْتَغِلِّيهَا وَفِي سَائِرِ أُمُورِ الْوَقْفِ فَبَاشَرَ الْوَكِيلُ ذَلِكَ وَاسْتَخْلَصَ بَعْضَ عَقَارَاتِهِ وَصَرَفَ عَلَى ذَلِكَ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً لِاسْتِخْلَاصِهِ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْ صَرْفِهِ لِكَتْبِ حُجَجٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَصْرِفَ الْمِثْلِ، الْبَعْضُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَالْبَعْضُ اسْتِدَانَةٌ بِإِذْنِ الْقَاضِي حَيْثُ لَا مَالَ فِي الْوَقْفِ حَاصِلٌ وَلَا مَنْ يَرْغَبُ فِي اسْتِئْجَارِ عَقَارِهِ مُدَّةً مُسْتَقْبَلَةً بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ وَيُرِيدُ الْآنَ الرُّجُوعَ بِذَلِكَ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ مَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ لَا يَسْتَدِينُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ لَهُ فَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي جَازَ وَإِلَّا لَا بَحْرٌ مِنْ بَحْثِ الِاسْتِدَانَةِ وَفِي أَوَائِلِ الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَقْفِ مَا نَصُّهُ قَدْ تَقَرَّرَ صِحَّةُ تَوْكِيلِ نَاظِرِ الْوَاقِفِ مُطْلَقًا وَنَاظِرِ الْقَاضِي إذَا عُمِّمَ لَهُ اهـ. وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْقُنْيَةِ وَالْفُصُولَيْنِ وَفِيهَا وَحَيْثُ عُمِّمَ لَهُ التَّوْكِيلُ وَنَابَ الْوَقْفَ نَائِبُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهَا إلَّا بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَدَفَعَ

لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَخْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ فِي أَرْضِ وَقْفٍ غِرَاسٌ قَدِيمٌ جَارٍ فِي وَقْفٍ آخَرَ وَأَهْلُهُ مُتَصَرِّفُونَ فِيهِ وَيَدْفَعُونَ لِمُتَوَلِّي الْأَرْضِ أُجْرَتَهَا وَطَالَبَهُمْ مُتَوَلِّي الْأَرْضِ بِإِثْبَاتِ وَضْعِهِ بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ التَّعَرُّضِ لَهُمْ بِذَلِكَ وَيُتْرَكُ الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : يُمْنَعُ مِنْ التَّعَرُّضِ لَهُمْ بَعْدَ تَصَرُّفِهِمْ وَدَفْعِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِجِهَةِ الْأَرْضِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ الْمَدِيدَةِ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ فِي الْغِرَاسِ كَذَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَحْمَدُ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ جَوَابِي كَذَلِكَ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَبُو الْمَوَاهِبِ الْحَنْبَلِيُّ عُفِيَ عَنْهُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ جَوَابِي كَذَلِكَ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ حَامِدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ ثِقَةٍ قَبَضَ غِلَالَ الْوَقْفِ وَصَرَفَ بَعْضَهَا فِي ثَمَنِ بَزْرٍ وَغِرَاسٍ لِأَرْضِ الْوَقْفِ وَغَيْرِهَا مِنْ اللَّوَازِمِ الضَّرُورِيَّةِ لِلْوَقْفِ مَصْرِفَ الْمِثْلِ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ وَالظَّاهِرُ لَا يُكَذِّبُهُ فِي ذَلِكَ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ حَامِدٌ الْعِمَادِيُّ عُفِيَ عَنْهُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ جَوَابِي كَذَلِكَ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدُ بْنُ الْغَزِّيِّ الْمُفْتِي الشَّافِعِيُّ عُفِيَ عَنْهُ، الْحَمْدُ لِلَّهِ كَذَلِكَ الْجَوَابُ كَتَبَهُ الْفَقِير يُوسُفُ أَبُو الْفَتْحِ الْحُسَيْنِيُّ الْمَالِكِيُّ الْمُفْتِي بِالشَّامِ الْحَمْدُ لِلَّهِ، كَذَلِكَ الْجَوَابُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَحْمَدُ الْحَنْبَلِيُّ الْمَوَاهِبِيُّ الْمُفْتِي فِي الشَّامِ (أَقُولُ) وَمَرَّ أَوَائِلَ الْبَابِ تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَظِيفَةٌ فِي وَقْفٍ بِمَا لَهَا مِنْ الْمَعْلُومِ وَقَدْرُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ عُثْمَانِيَّةٌ مُقَرَّرٌ فِيهَا بِبَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ وَدَفَاتِرُ الْوَقْفِ شَاهِدَةٌ بِذَلِكَ، وَتَوَلَّى الْوَقْفَ رَجُلٌ دَفَعَ مِنْ مَالِهِ لِزَيْدٍ مَعْلُومَ الْوَظِيفَةِ فِي عِدَّةِ سِنِينَ عَلَى حِسَابِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ عُثْمَانِيًّا ظَانًّا أَنَّ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ مَعْلُومَ الْوَظِيفِ ثَلَاثَةُ عَثَامِنَةٍ وَيُرِيدُ الْمُتَوَلِّي الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِالزَّائِدِ الَّذِي دَفَعَهُ مِنْ مَالِهِ فِي الْمُدَّةِ ظَانًّا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) وَمَرَّ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَ مَسَائِلِ الِاسْتِدَانَةِ. (سُئِلَ) فِي مُتَوَلِّي وَقْفٍ عُزِلَ وَتَوَلَّى عَلَى الْوَقْفِ غَيْرُهُ بِبَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ وَتَقْرِيرِ قَاضٍ وَلِلْوَقْفِ غَلَّاتٌ وَأُجُورٌ فَهَلْ يَكُونُ قَبْضُ الْغَلَّاتِ وَالْأُجُورِ لِلْمُتَوَلِّي الْمَنْصُوبِ حَالًا دُونَ الْمَعْزُولِ وَإِذَا لَمْ يُبَاشِرْ الْمَعْزُولُ وَظِيفَةَ التَّوْلِيَةِ لَا يَسْتَحِقُّ مَعْلُومَ التَّوْلِيَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي ثَلَاثَةِ أَنْفَارٍ مُتَوَلِّينَ عَلَى وَقْفِ بِرٍّ آجَرَ أَحَدُهُمْ بَعْضَ عَقَارَاتِ الْوَقْفِ مِنْ آخَرَ بِدُونِ رَأْيٍ مِنْ الْبَاقِينَ وَلَا إجَازَةٍ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. فِي دَارِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ لَهَا نَاظِرَانِ فَتَحَ مُسْتَأْجِرُهَا بَابًا بِإِذْنٍ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَهَلْ يُؤْمَرُ بِسَدِّهِ وَيَكُونُ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ بَاطِلًا الْجَوَابُ: حَيْثُ كَانَا رَشِيدَيْنِ وَأُقِيمَا بِتَقْرِيرٍ مِنْ الْقَاضِي أَوْ بِأَمْرٍ سُلْطَانِيٍّ فَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا بِدُونِ الْآخَرِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَلِيٌّ الْعِمَادِيَّ عُفِيَ عَنْهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَتْ هِنْدٌ مُقَرَّرَةً فِي نِصْفِ وَظِيفَةِ نَظَرِ وَقْفَيْ جَدَّيْهَا فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَوَكَّلَتْ شَرِيكَهَا زَيْدًا فِي النَّظَرِ وَفِي تَعَاطِي أُمُورِ الْوَقْفَيْنِ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ الْمَزْبُورُ أَنَّ دَعْدًا الْمُسْتَحِقَّةَ تَسْتَحِقُّ كَامِلَ نَظَرِ الْوَقْفِ الْوَاحِدِ دُونَ الْمُوَكِّلَةِ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ الْمُوَكِّلَةُ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ إقْرَارُهُ عَنْ نَفْسِهِ سَارِيًا عَلَيْهِ وَلَا يَسْرِي عَلَى الْمُوَكِّلَةِ الْمَزْبُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) وَمَرَّ تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَابِ الثَّانِي. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ لَهُ نَاظِرٌ أَمِينٌ وَجَمَاعَةٌ مُسْتَحِقُّونَ لِرَيْعِهِ يُعَارِضُونَ النَّاظِرَ الْمَزْبُورَ فِي التَّصَرُّفِ فِي أُمُورِ الْوَقْفِ مِنْ قَبْضٍ وَصَرْفٍ وَإِيجَارٍ وَتَعْمِيرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ زَاعِمِينَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِحُضُورِهِمْ وَاطِّلَاعِهِمْ فَهَلْ يُمْنَعُونَ مِنْ مُعَارَضَتِهِ فِي ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِمْ وَلَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُمْ وَاطِّلَاعُهُمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ لَهُ مُسْتَحِقُّونَ وَنَاظِرْنَ وَفِي رَيْعِ الْوَقْفِ عَوَائِدُ قَدِيمَةٌ مَعْهُودَةٌ يَتَنَاوَلُهَا كُلُّ مَنْ كَانَ

كتاب البيوع

نَاظِرًا عَلَى الْوَقْفِ بِسَبَبِ سَعْيِهِمْ فِي أُمُورِ الْوَقْفِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً بِمُوجَبِ دَفَاتِرِ الْوَقْفِ الْمُمْضَاةِ بِإِمْضَاءِ الْقُضَاةِ هَلْ لِلنَّاظِرِ تَنَاوُلُهَا كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْقَدِيمَةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) تَقَدَّمَ أَنَّ لِلنَّاظِرِ أَخْذَ الْعُشْرِ حَيْثُ كَانَ قَدْرَ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الزَّائِدِ إلَّا إذَا شَرَطَ لَهُ الْوَاقِفُ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ مُطْلَقًا، وَهَذِهِ الْعَوَائِدُ إنْ كَانَتْ مِثْلَ الْعَوَائِدِ الَّتِي يَأْخُذُهَا النُّظَّارُ فِي زَمَانِنَا كَاَلَّذِي يَأْخُذُونَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَيُسَمُّونَهُ خِدْمَةً فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ تَكْمِلَةٌ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُمْ يُؤْجِرُونَ عَقَارَ الْوَقْفِ بِدُونِ أَجْرِ مِثْلِهِ حَتَّى يَأْخُذُوا الْخِدْمَةَ لِأَنْفُسِهِمْ فَهَذَا لَيْسَ لَهُمْ فِيهِ حَقٌّ وَفِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ عَنْ فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ التُّمُرْتَاشِيِّ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَخْذُ زِيَادَةٍ عَلَى مَا قَرَّرَ لَهُ الْوَاقِفُ أَصْلًا وَيَجِبُ صَرْفُ جَمِيعِ مَا يَحْصُلُ مِنْ نَمَاءٍ وَعَوَائِدَ شَرْعِيَّةٍ وَعُرْفِيَّةٍ لِمَصَارِفِ الْوَقْفِ الشَّرْعِيَّةِ وَيَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَمْرُ الْمُرْتَشِي بِرَدِّ الرِّشْوَةِ عَلَى الرَّاشِي. غِبَّ الدَّعْوَى الشَّرْعِيَّةِ اهـ. [كِتَابُ الْبُيُوعِ] (كِتَابُ الْبُيُوعِ) (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ آخَرَ عِدَّةً مِنْ الْغَلَايِينِ وَلَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ وَلَيْسَتْ فِي مِلْكِهِ حِينَ الْبَيْعِ فَهَلْ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَبَطَلَ بَيْعُ الْمَعْدُومِ كَمَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَارًا مَعْلُومَةً ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتهَا بَاتًّا وَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتهَا وَفَاءً فَلِمَنْ الْقَوْلُ مِنْهُمَا؟ (الْجَوَابُ) : الْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِي الْبَاتَّ بِيَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى مُدَّعِي الْوَفَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي خِلَافَ الظَّاهِرِ وَالْبَيِّنَةُ لِمُدَّعِي خِلَافِ الظَّاهِرِ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ فِي أَحْكَامِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا بَيْعَ الْوَفَاءِ وَالْآخَرُ بَيْعًا بَاتًّا كَانَ الْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِي الْبَاتَّ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى مُدَّعِي الْوَفَاءِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مَعْلُومَةٍ ذَاتِ بُيُوتٍ مُتَعَدِّدَةٍ مُشْتَرَكَةٍ جَمِيعُهَا بَيْنَ زَيْدٍ وَرَجُلَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمْ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ شَائِعَةٌ فِيهَا فَبَاعَ زَيْدٌ بَيْتًا مُعَيَّنًا مِنْهَا مِنْ زَوْجَتِهِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلِلشَّرِيكِ إبْطَالُهُ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي مَسَائِلِ بَيْعِ الْمُشَاعِ دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا بَيْتًا مُعَيَّنًا مِنْ رَجُلٍ لَا يَجُوزُ وَعَنْ الثَّانِي أَنَّهُ يَجُوزُ فِي نَصِيبِهِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لَوْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ الدَّارِ نَصِيبَهُ مِنْ بَيْتٍ مُعَيَّنٍ فَلِلْآخَرِ أَنْ يُبْطِلَهُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْعِمَادِيَّةِ مُعَلِّلِينَ بِتَضَرُّرِ الشَّرِيكِ بِذَلِكَ عِنْدَ الْقِسْمَةِ وَأَفْتَى الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِعَيْنِ الْمَسْأَلَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ طَبَقَةٌ وَمُرَبَّعٌ جَارِيَتَانِ فِي مِلْكِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ كَائِنَتَانِ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إخْوَتِهِ فَبَاعَهُمَا زَيْدٌ الْمَزْبُورُ مِنْ عَمْرٍو بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مَقْبُوضٍ فَهَلْ صَحَّ الْبَيْعُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الِاشْتِرَاكِ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ وَهُنَا الْمَبِيعُ كُلُّهُ مِلْكٌ مُخْتَصٌّ بِالْبَائِعِ. (سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ بَاعَ فِيهِ جَارِيَتَهُ وَرُبْعَ دَارٍ لَهُ مِنْ زَوْجَتِهِ الْوَارِثَةِ لَهُ الْمُسْتَقِرَّةِ فِي عِصْمَتِهِ حِينَ الْبَيْعِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ هُوَ دُونَ ثَمَنِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَأَقَرَّ بِقَبْضِهِ مِنْهَا حِينَ الْبَيْعِ وَكَانَ الْغَالِبُ مِنْ حَالِهِ الضَّنَى وَلُزُومَ الْفِرَاشِ وَكَانَ قِيَامُهُ عَنْ تَكَلُّفٍ وَمَشَقَّةٍ بِسَبَبِ الْمَرَضِ الْمَزْبُورِ وَلَمْ تَطُلْ مُدَّةُ الْمَرَضِ بَلْ كَانَتْ دُونَ شَهْرٍ وَمَاتَ مِنْهُ عَنْ زَوْجَتِهِ وَعَنْ إخْوَةٍ أَشِقَّاءٍ لَمْ يُجِيزُوا الْبَيْعَ وَلَمْ يُصَدِّقُوهُ عَلَى الْإِقْرَارِ فَهَلْ لَا يَصِحُّ كُلٌّ مِنْ الْبَيْعِ وَالْإِقْرَارِ الْمَذْكُورَيْنِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يَجُوزُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَتَصْدِيقِهِمْ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ مَرِيضٌ بَاعَ مِنْ وَارِثِهِ شَيْئًا وَأَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ الْغَالِبُ مِنْ حَالِهِ الضَّنَى وَلُزُومَ الْفِرَاشِ وَكَانَ قِيَامُهُ عَنْ تَكَلُّفٍ وَمَشَقَّةٍ بِسَبَبِ الْمَرَضِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي وَصَايَا فَتَاوَاهُ.

سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ وَأَوْلَادٌ فَمَرِضَ مَرَضَ الْمَوْتِ وَصَارَ غَالِبُ حَالِهِ الضَّنَى وَلُزُومَ الْفِرَاشِ وَقِيَامُهُ عَنْ تَكَلُّفٍ وَمَشَقَّةٍ فَبَاعَ دَارِهِ الْمَذْكُورَةَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ أَوْلَادِهِ الْمَذْكُورِينَ بِثَمَنٍ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ مِنْهُ فِي الْمَرَضِ الْمَذْكُورِ وَمَاتَ مِنْهُ بَعْدَ شَهْرٍ عَنْ أَوْلَادِهِ الْمَذْكُورِينَ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ وَالْإِقْرَارُ غَيْرَ صَحِيحَيْنِ إلَّا بِإِجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : الْبَيْعُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ لِلْوَارِثِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا بِرِضَا الْوَرَثَةِ وَإِنْ كَانَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الزِّيَادَاتِ نَفْسُ الْبَيْعِ مِنْ الْوَارِثِ لَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ لَكِنْ إذَا كَانَ فِيهِ غَبْنٌ أَوْ مُحَابَاةٌ يُخَيِّرُ الْوَارِثُ الْمُشْتَرِيَ بَيْنَ الْفَسْخِ وَإِتْمَامِ قِيمَةِ الْمِثْلِ قَلَّتْ الْمُحَابَاةُ أَوْ كَثُرَتْ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَأَمَّا إقْرَارُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِلْوَارِثِ وَلَوْ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ غَيْرِهِ فَبَاطِلٌ إلَّا إنْ تَصَدَّقَ الْوَرَثَةُ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْمُعْتَبَرَاتِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ مَرِيضٌ مَرَضَ الْمَوْتِ فِيهِ نِصْفَ دَارِهِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ أَجَانِبَ عَنْهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ هُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ قَاصَصُوهُ بِهِ عَمَّا يَسْتَحِقُّونَهُ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ جِهَةِ دَيْنٍ شَرْعِيٍّ اسْتَدَانَهُ مِنْهُمْ قَبْلَ تَارِيخِهِ بِاعْتِرَافِهِ بِذَلِكَ وَبِبَقَائِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ غَيْرُ الْمَبْلَغِ الْمُقَاصَصِ بِهِ لَا مِنْ دَيْنٍ لَزِمَهُ فِي مَرَضِهِ بِسَبَبٍ مَعْرُوفٍ وَلَا دَيْنٍ لَزِمَهُ فِي الصِّحَّةِ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ عَنْ أَخٍ شَقِيقٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ وَالِاعْتِرَافُ الْمَذْكُورَانِ صَحِيحَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ إقْرَارُ الْمَرِيضِ بِدَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ نَافِذٌ مِنْ كُلِّ مَالِهِ لِأَثَرِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَوْ بِعَيْنٍ فَكَذَلِكَ إلَّا إذَا عُلِمَ تَمْلِيكُهُ لَهَا فِي مَرَضِهِ فَيَتَقَيَّدُ بِالثُّلُثِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مُعِينِهِ وَأَخَّرَ الْإِرْثَ عَنْهُ وَدَيْنُ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا وَمَا لَزِمَهُ فِي مَرَضِهِ بِسَبَبٍ مَعْرُوفٍ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِمُعَايَنَةِ قَاضٍ قُدِّمَ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَلَوْ الْمُقَرُّ بِهِ وَدِيعَةً وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْكُلُّ سَوَاءٌ وَالسَّبَبُ الْمَعْرُوفُ مَا لَيْسَ بِتَبَرُّعٍ كَنِكَاحٍ مُشَاهَدٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. أَمَّا الزِّيَادَةُ فَبَاطِلَةٌ وَإِنْ جَازَ النِّكَاحُ عِنَايَةٌ اهـ بِلَفْظِهِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى وَفِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ الْمَرِيضُ الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ إذَا بَاعَ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ لَا تَصِحُّ الْمُحَابَاةُ عِنْدَ الْكُلِّ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ أَمْ لَمْ يُجِيزُوا وَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي إنْ شِئْت فَبَلِّغْ تَمَامَ الْقِيمَةِ وَإِنْ شِئْت فَانْسَخْ الْبَيْعَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَجُوزُ إذَا كَانَتْ الْمُحَابَاةُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ اهـ بِلَفْظِهِ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مِنْ بَابِ مُزَارَعَةِ الْمَرِيضِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِشْهَادِ وَمِثْلُهُ شِرَاءِ الْمَرِيضِ مِنْ وَارِثِهِ وَقَالَ أَلَا تَرَى أَنَّ مَرِيضًا لَوْ اشْتَرَى مِنْ وَارِثِهِ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ وَأَعْطَاهُ الثَّمَنَ كَانَ جَائِزًا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُحَابَاةٌ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ أَجْنَبِيٍّ قَالَ: ثَمَّةَ الْوَارِثُ إنَّمَا يُخَالِفُ الْأَجْنَبِيَّ فِي الْإِقْرَارِ وَأَمَّا فِيمَا ثَبَتَ مُعَايَنَةً فَالْوَارِثُ وَالْأَجْنَبِيُّ فِيهِ سَوَاءٌ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ شِرَاءِ الْمَرِيضِ مِنْ الْوَارِثِ عِنْدَ الْكُلِّ اهـ مِنْ الْفَصْلِ 16 مِنْ تَصَرُّفِ الْمَرِيضِ مِنْ بُيُوعِ الذَّخِيرَةِ. وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ سُئِلَ مَرِيضَةٌ بَاعَتْ لِابْنِ بِنْتِهَا الْمَحْجُوبِ عَنْ إرْثِهَا بِابْنِ عَمِّهَا وَبِنْتِهَا قِيرَاطًا وَسَبْعَةَ أَثْمَانِ قِيرَاطٍ بِثَمَانِيَةِ قُرُوشٍ ثُمَّ مَاتَتْ عَمَّنْ ذُكِرَ فَمَا الْحُكْمُ أَجَابَ لَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دَيْنٌ عَلَى الْمَرِيضَةِ وَكَانَ الثَّمَنُ لَا غَبْنَ فِيهِ فَاحِشٌ صَحَّ الْبَيْعُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَا تَجُوزُ الْمُحَابَاةُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ أَوْ يَسِيرٍ فَالْمُشْتَرِي يُتِمُّ الْقِيمَةَ أَوْ يَفْسَخُ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ وَفَاءَ الدَّيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُحَابَاةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا وَخَرَجَتْ الْمُحَابَاةُ مِنْ الثُّلُثِ سَلِمَ لَهُ الْمَبِيعُ بِغَيْرِ شَيْءٍ كَالْوَصِيَّةِ لِأَجْنَبِيٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ بِهَا دَاءُ سُعَالٍ طَالَ نَحْوَ سَنَتَيْنِ وَلَمْ تَصِرْ صَاحِبَةَ فِرَاشٍ فَبَاعَتْ فِيهِ زَوْجَهَا حِصَّةً مَعْلُومَةً مِنْ عَقَارٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مَقْبُوضٍ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ مَاتَتْ عَنْهُ وَعَنْ وَرَثَةٍ غَيْرِهِ

فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ وَالْقَبْضُ صَحِيحَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمُقْعَدُ وَالْمَفْلُوجُ الَّذِي لَا يَزْدَادُ مَرَضُهُ كُلَّ يَوْمٍ فَكَالصَّحِيحِ وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْجُرْحِ وَالْوَجَعِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْهُ صَاحِبَ فِرَاشٍ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ كَمَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَذُكِرَ فِي أَوَاخِرِ هَذَا الْفَصْلِ مِنْ فَتَاوَاهُ الْمَسْلُولُ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَقَدْ طَالَ وَلَمْ يُضْنِهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ وَأَمَّا الْمُقْعَدُ وَالْمَفْلُوجُ قَالَ فِي الْكِتَابِ إنْ لَمْ يَكُنْ قَدِيمًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ وَإِنْ كَانَ قَدِيمًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ عِلَّةٌ مُزْمِنَةٌ وَلَيْسَتْ بِقَاتِلَةٍ وَذُكِرَ فِي الْعُدَّةِ كَذَلِكَ وَقَالَ إلَّا إذَا تَغَيَّرَ حَالُهُ فَحِينَئِذٍ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَتَكَلَّمَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ إنْ كَانَ يُرْجَى بُرْؤُهُ بِالتَّدَاوِي فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ وَإِلَّا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ إنْ كَانَ يَزْدَادُ كُلَّ يَوْمٍ فَهُوَ مَرِيضٌ وَإِنْ كَانَ يَنْقُصُ مَرَّةً وَيَزْدَادُ أُخْرَى يُنْظَرُ إنْ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ سَنَةٍ فَهُوَ كَالْمَرِيضِ وَرَوَى أَبُو نَصْرٍ الْعِرَاقِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ صَلَّى مُضْطَجِعًا فَهُوَ كَالْمَرِيضِ وَتَكَلَّمُوا أَيْضًا فِي الرَّجُلِ إذَا عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ قَالَ مَشَايِخُ بَلْخِي إذَا قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِهِ وَحَوَائِجِهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْبَيْتِ أَوْ خَارِجَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ وَقَالَ مَشَايِخُنَا إذَا عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ بِمَصَالِحَ خَارِجَ الْبَيْتِ يُعْتَبَرُ مَرِيضًا وَفِي وَصَايَا الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْمُقْعَدُ وَالْمَفْلُوجُ وَالْمَسْلُولُ إذَا تَطَاوَلَ ذَلِكَ وَصَارَ بِحَالٍ لَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ فَهِبَتُهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ. وَذَكَرَ أَبُو الْعَبَّاسِ الصَّاغَانِيُّ فِي أَحْكَامِهِ أَنَّ أَصْحَابَنَا قَدَّرُوا التَّطَاوُلَ بِسَنَةٍ وَقَالَ فِيهِ الْمُقْعَدُ أَوْ الْمَفْلُوجُ إذَا وَهَبَ فِي أَوَّلِ مَا أَصَابَهُ ثُمَّ مَاتَ فِي أَيَّامٍ تَكُونُ الْهِبَةُ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ لَمْ تَصِرْ عَادَةً وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ صَاحِبُ السُّلِّ وَالدِّقِّ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ صَاحِبَ فِرَاشٍ لَا يَكُونُ فِي حُكْمِ الْمَرِيضِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَلَّمَا يَخْلُو عَنْ قَلِيلِ مَرَضٍ فَمَا دَامَ يَخْرُجُ فِي حَوَائِجِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَصِرْ صَاحِبَ فِرَاشٍ لَا يُعَدُّ مَرِيضًا عِنْدَ النَّاسِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ مُلَخَّصًا. (أَقُولُ) وَكَتَبْت فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْوَصَايَا مِنْ حَاشِيَتِي رَدِّ الْمُحْتَارِ مَا نَصُّهُ وَفِي الْمِعْرَاجِ وَسُئِلَ صَاحِبُ الْمَنْظُومَةِ عَنْ حَدِّ مَرَضِ الْمَوْتِ فَقَالَ كَثُرَتْ فِيهِ أَقْوَالُ الْمَشَايِخِ وَاعْتِمَادُنَا فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الْفَضْلِيِّ وَهُوَ أَنْ لَا يَقْدِرَ أَنْ يَذْهَبَ فِي حَوَائِجِ نَفْسِهِ خَارِجَ الدَّارِ وَالْمَرْأَةُ لِحَاجَتِهَا دَاخِلَ الدَّارِ لِصُعُودِ السَّطْحِ وَنَحْوِهِ اهـ وَهَذَا الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ فِي بَابِ طَلَاقِ الْمَرِيضِ وَصَحَّحَهُ الزَّيْلَعِيُّ قُلْت وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْأَمْرَاضِ الْمُزْمِنَةِ الَّتِي طَالَتْ وَلَمْ يُخَفْ مِنْهَا الْمَوْتُ كَالْفَالِجِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ صَيَّرَتْهُ ذَا فِرَاشٍ وَمَنَعَتْهُ عَنْ الذَّهَابِ فِي حَوَائِجِهِ فَلَا يُخَالِفُ مَا جَرَى عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ هُنَا. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ مُسْتَغْرَقَةٍ بِالدُّيُونِ فَبَاعَتْهَا الْوَرَثَةُ مِنْ عَمْرٍو بِإِذْنِ الْقَاضِي وَالْغُرَمَاءِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَأَدَّوْا بِهِ الدُّيُونَ لِلْغُرَمَاءِ فَهَلْ صَحَّ الْبَيْعُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ بَاعَ فِيهِ جَمِيعَ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ عَقَارَاتٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِثَمَنٍ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ وَهَبَهُ مِنْهُ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ عَنْ وَرَثَةٍ لَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ سِوَى الْمَبِيعِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَهَلْ يَكُونُ مَا ذُكِرَ وَصِيَّةً وَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا إعْتَاقُهُ وَمُحَابَاتُهُ وَهِبَتُهُ وَوَقْفُهُ وَضَمَانُهُ وَصِيَّةٌ فَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ اهـ. (سُئِلَ) فِي الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ إذَا بَاعَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ دَارِهِ الَّتِي تُسَاوِي أَلْفَ قِرْشٍ بِخَمْسِمِائَةٍ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهَا ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الْمَزْبُورِ عَنْ وَرَثَةٍ لَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ مُحَابِيًا بِخَمْسِمِائَةٍ فَتَنْفُذُ الْمُحَابَاةُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ ثُمَّ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي إمَّا أَنْ تُبْلِغَ الثَّمَنَ إلَى الثُّلُثَيْنِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ مِنْ الْمَبِيعِ شَيْئًا وَإِمَّا أَنْ تَفْسَخَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ بِعَيْنِهَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ بُيُوعِ الْمَرِيضِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ لَهَا دَارٌ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهَا أَرْضًا وَبِنَاءً بَاعَتْ نِصْفَهَا شَائِعًا مِنْ جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ بِثَمَنٍ بَيْعًا بَاتًّا فَهَلْ صَحَّ

الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ بَاعَ فُضُولِيٌّ نِصْفَ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ يَنْصَرِفُ الْبَيْعُ إلَى نَصِيبِهِمَا فَإِنْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا صَحَّ فِي النِّصْفِ الَّذِي هُوَ نَصِيبُ الْمُجِيزِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي رُبْعِ الدَّارِ فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نِصْفَهَا فَإِنَّ ثَمَّ يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الدَّارِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَالِكِ انْصَرَفَ إلَى نَصِيبِهِ أَمَّا بَيْعُ الْفُضُولِيِّ انْصَرَفَ إلَى النِّصْفِ الشَّائِعِ فَإِذَا أَجَازَ أَحَدُهُمَا صَحَّتْ إجَازَتُهُ فِي رُبْعِ الدَّارِ فُصُولُ الْعِمَادِيِّ مِنْ 24 فِي تَصَرُّفَاتِ الْفُضُولِيِّ وَفِيهَا أَيْضًا مِنْ الْفَصْلِ الثَّلَاثِينَ فِي مَسَائِلِ الشُّيُوعِ بَعْدَ كَلَامٍ إلَى أَنْ قَالَ فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ بَيْعُ الْمَبِيعِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ عَلَى صِنْفَيْنِ أَمَّا إنْ كَانَ الْكُلُّ لَهُ فَبَاعَ النِّصْفَ أَوْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ فِي الْمَوَاضِعِ أَجْمَعَ هَكَذَا ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي كِتَابِ الشُّيُوعِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ بَيْعَ سَهْمٍ وَاحِدٍ مِنْ عَشَرَةِ أَسْهُمٍ مِنْ الدَّارِ يَجُوزُ مِنْ بُيُوعِ التَّتَارْخَانِيَّةِ. وَنَقَلَ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي فَتَاوَاهُ مِنْ بَابِ الشَّرِكَةِ الِاتِّفَاقَ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الشَّائِعِ وَفِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ تَحْتَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَفَسَدَ إجَارَةُ الْمُشَاعِ إلَّا مِنْ شَرِيكِهِ بَعْدَ بَسْطِ الْكَلَامِ أَلَا تَرَى أَنَّ هِبَةَ الشَّائِعِ لَا تَجُوزُ وَبَيْعَهُ يَجُوزُ اهـ فَتَحَرَّرَ أَنَّ بَيْعَ الشَّائِعِ جَائِزٌ مِنْ الشَّرِيكِ وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ إلَّا فِي الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ مِنْ الْغِرَاسِ وَالزَّرْعِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي رِسَالَتِهِ فِي مَسَائِلِ الشُّيُوعِ سُئِلْت عَنْ بَيْعِ حِصَّةٍ شَائِعَةٍ مِنْ عَقَارٍ فَأَجَبْت بِالْجَوَازِ ثُمَّ أُخْبِرْت عَنْ بَعْضِ مَنْ يَزْعُمُ الْعِلْمَ بِالْفِقْهِ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ فَقُلْت لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي الْمَذْهَبِ فِيمَا ذُكِرَ وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ مِنْ الْعِمَارَةِ وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ قَالَ جَمَالُ الْإِسْلَامِ فِي فَتَاوِيهِ أَرْضٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَثْلَاثًا وَالزَّرْعُ فِيهَا نِصْفَانِ فَبَاعَ صَاحِبُ الثُّلُثِ نَصِيبَهُ مَعَ نِصْفِ الزَّرْعِ مُشَاعًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ صَحَّ فِي الْأَرْضِ دُونَ الزَّرْعِ وَقَالَ ثَوْبٌ بَيْنَهُمَا بَاعَ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ وَلَمْ يُجِزْهُ شَرِيكُهُ لَزِمَ فِي نَصِيبِ الْبَائِعِ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي الْعَبِيدِ الْمُشْتَرَكَةِ وَقَالَ بَاعَ نِصْفَ خَشَبَةٍ مَقْلُوعَةٍ أَوْ نِصْفَ عِمَامَةٍ مُشَاعًا جَازَ وَإِنْ كَانَ فِي قِسْمَتِهَا ضَرَرٌ قَالَ وَأَمَّا بَيْعُ نِصْفِ الْعِمَارَةِ مُشَاعًا فَفِيهَا اخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمَشَايِخِ وَالْجَوَازُ أَصَحُّ وَأَرْفَقُ اهـ قُلْت الْعِمَارَةُ الْبِنَاءُ فِي الضَّيْعَةِ وَالرَّقَبَةِ لِلْوَالِي قَالُوا؛ لِأَنَّ الْعِمَارَةَ لِلْبَقَاءِ فَأَشْبَهَتْ الرَّقَبَةَ وَفِي الصُّغْرَى بِنَاءٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ لَمْ يَجُزْ وَكَذَا الشَّجَرَةُ وَالزَّرْعُ وَلَوْ بَاعَ مِنْ شَرِيكِهِ جَازَ اهـ مَا فِي الرِّسَالَةِ وَفِيهَا فَوَائِدُ. (سُئِلَ) فِي بَيْعِ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ مِنْ الْبِنَاءِ وَالْأَرْضِ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ مِنْ بَابِ الشَّرِكَةِ وَفِي شُفْعَةِ خواهر زاده فِي بَابِ الْعُرُوضِ إذَا بَاعَ نِصْفَ الْبِنَاءِ مَعَ نِصْفِ الْأَرْضِ جَازَ سَوَاءٌ بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ مِنْ شَرِيكِهِ وَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ وَإِذَا بَاعَ نِصْفَ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ مِنْ شَرِيكِهِ لَا يَجُوزُ قَالُوا وَهَذَا إذَا كَانَ الْبِنَاءُ بِحَقٍّ وَأَمَّا إذَا كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ جَازَ بَيْعُ نِصْفِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَمِنْ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ إذَا كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ كَانَ الْقَلْعُ مُسْتَحَقًّا وَمُسْتَحَقُّ الْقَلْعِ كَالْمَقْلُوعِ وَلَوْ كَانَ مَقْلُوعًا حَقِيقَةً جَازَ وَهَذَا فِي غَالِبِ الْفَتَاوَى (أَقُولُ) قَدْ عَلِمْت آنِفًا أَنَّ الْجَوَازَ أَصَحُّ وَأَرْفَقُ وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِشَدُّ مَسَكَةٍ فِي أَرَاضِي وَقْفٍ سَلِيخَةٍ وَنِصْفُ غِرَاسٍ شَائِعٍ جَازَ نِصْفُهُ الْآخَرُ فِي مِلْكِ عَمْرٍو قَائِمٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي بَعْضِ الْأَرَاضِي الْمَزْبُورَةِ فَبَاعَ الْمِشَدَّ الْمَزْبُورَ مَعَ نِصْفِ الْغِرَاسِ الْمَزْبُورِ مِنْ زَيْدٍ الْأَجْنَبِيِّ بِدُونِ إذْنِ عَمْرٍو الشَّرِيكِ وَمُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَلَا وَجْهٌ شَرْعِيٌّ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ التُّمُرْتَاشِيُّ وَالْجَدُّ عَبْدُ الرَّحْمَن الْعِمَادِيُّ وَالْوَالِدُ وَالْعَمُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَرَّرَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي رَسَائِلِهِ وَكَذَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ (أَقُولُ) وَبِهِ أَفْتَى الْمَرْحُومُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ فَتَاوَاهُ

وَاضْطَرَبَ الْإِفْتَاءُ مِنْ الشَّيْخِ خَيْرِ الدِّينِ فَأَفْتَى أَوَّلًا بِأَنَّ بَيْعَ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ حِصَّتَهُ فِي الْغِرَاسِ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ صَحِيحٌ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي نَحْوِ ذَلِكَ وَأَفْتَى ثَانِيًا بِخِلَافِ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بَيْعُ نِصْفِ الشَّجَرِ الْمُسْتَحَقِّ لِلْبَقَاءِ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ فَاسِدٌ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ عُلَمَاؤُنَا قَاطِبَةً. اهـ. (سُئِلَ) فِي بَيْعِ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ مِنْ الثَّمَرَةِ قَبْلَ إدْرَاكِهَا وَبُدُوِّ صَلَاحِهَا مِنْ غَيْرِ الشَّرِيكِ فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَأَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَالنَّوَازِلِ. (سُئِلَ) فِي بَيْعِ نِصْفِ الثِّمَارِ مُشَاعًا قَبْلَ النُّضْجِ وَالْإِصْلَاحِ مِنْ الشَّرِيكِ هَلْ يَكُونُ جَائِزًا؟ (الْجَوَابُ) : بَيْعُهُ ذَلِكَ مِنْ شَرِيكِهِ جَائِزٌ وَمِنْ غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. (سُئِلَ) فِيمَنْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الزَّرْعِ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ بَقْلٌ وَلَمْ يَفْسَخْ الْبَيْعَ حَتَّى أَدْرَكَ الزَّرْعُ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ جَائِزًا لِزَوَالِ الْمَانِعِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ رَجُلٌ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الزَّرْعِ الْمُشْتَرَكِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ الْبَيْعَ حَتَّى أَدْرَكَ الزَّرْعُ جَازَ لِزَوَالِ الْمَانِعِ كَمَا لَوْ بَاعَ الْجِذْعَ فِي السَّقْفِ وَلَمْ يَفْسَخْ الْبَيْعَ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ الْبِنَاءِ جَازَ خَانِيَّةٌ فِي فَصْلِ بَيْعِ الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ زَرْعٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَوْ ثِمَارٌ بَيْنَهُمَا فِي أَرْضٍ بَيْنَهُمَا فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِضَرَرِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْقَلْعِ لِلْحَالِ وَفِيهِ ضَرَرٌ بِهِ وَلَوْ بَاعَ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ جَازَ لِانْعِدَامِ الضَّرَرِ أَنْفَعُ الْوَسَائِلِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَجَمَاعَةٍ ثَمَرَةُ تُفَّاحٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ الْجَمِيعِ لِزَيْدٍ نِصْفُهَا وَلِلْجَمَاعَةِ الْبَاقِي بِطَرِيقِ الشُّيُوعِ فَبَاعَ زَيْدٌ نِصْفَهُ الْمَزْبُورَ شَائِعًا مِنْ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ حَالَ كَوْنِ الثَّمَرَةِ عَلَى أَشْجَارِهَا وَقَبْلَ إدْرَاكِهَا وَبُدُوِّ صَلَاحِهَا فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ زَرْعٌ غَيْرُ مُدْرِكٍ فَبَاعَ حِصَّةً مِنْهُ مَعْلُومَةً بِدُونِ الْأَرْضِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ عَمْرٍو فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الزَّرْعُ غَيْرَ مُدْرِكٍ فَالْبَيْعُ الْمَذْكُورُ فَاسِدٌ فَلَوْ لَمْ يَفْسَخْ الْعَقْدَ حَتَّى أَدْرَكَ الزَّرْعُ انْقَلَبَ جَائِزًا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ 31 فَقَالَ وَفِي الْفَتَاوَى إذَا كَانَ الزَّرْعُ كُلُّهُ لِرَجُلٍ بَاعَ نِصْفَهُ مِنْ إنْسَانٍ بِدُونِ الْأَرْضِ إنْ كَانَ الزَّرْعُ مُدْرِكًا يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُدْرِكًا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْبَيْعَ يَتَضَمَّنُ إلْحَاقَ الضَّرَرِ بِالْبَائِعِ فِي غَيْرِ مَا يَتَنَاوَلُهُ الْبَيْعُ فَيَكُونُ فَاسِدًا كَبَيْعِ الْجِذْعِ فِي السَّقْفِ وَإِذَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ نِصْفِ الزَّرْعِ فَلَوْ لَمْ يَفْسَخْ الْعَقْدَ حَتَّى أَدْرَكَ الزَّرْعُ انْقَلَبَ جَائِرًا؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْجَوَازِ قَدْ زَالَ قَالَ وَيُعْلَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَثِيرٌ مِنْ الْمَسَائِلِ إلَخْ وَتَقَدَّمَ نَقْلُهَا عَنْ الْخَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَأَوْلَادِهِ نِصْفُ غِرَاسٍ قَائِمٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ وَنِصْفُهُ الْآخَرُ تَبَعٌ لِلْأَرْضِ جَازَ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ فَبَاعَ زَيْدٌ النِّصْفَ مِنْ عَمْرٍو بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ شَجَرٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ مِنْ شَرِيكِهِ يَجُوزُ وَإِنْ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ بَاعَ أَحَدُهُمْ مِنْ أَحَدِهِمَا لَا يَجُوزُ وَإِنْ بَاعَهُمَا جُمْلَةً يَجُوزُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ (أَقُولُ) قَدْ حَرَّرَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ فَقَالَ بَعْدَمَا أَطَالَ فِي سَرْدِ النُّقُولِ مَا حَاصِلُهُ الَّذِي تَحَرَّرَ لَنَا مِنْ هَذِهِ النُّقُولِ أَنَّ بَيْعَ الْحِصَّةِ مِنْ الزَّرْعِ الْمُشْتَرَكِ وَالْمَبْطَخَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَالثَّمَرَةِ بِغَيْرِ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فَلَوْ رَضِيَ شَرِيكُهُ هَلْ يَجُوزُ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ لَا يَجُوزُ وَفِي الْقُنْيَةِ وَالْخَانِيَّةِ يَجُوزُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي مِنْ التَّوْفِيقِ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَصْدُ الْمُشْتَرِي إجْبَارَ الشَّرِيكِ عَلَى الْقَلْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَحَمُّلِ الضَّرَرِ كَمَا قَالُوا فِيمَا إذَا بَاعَ نِصْفَ زَرْعِهِ مِنْ رَجُلٍ وَكُلُّ الزَّرْعِ لَهُ حَيْثُ لَا يَجُوزُ قَالُوا؛ لِأَنَّهُ يُطَالِبُهُ الْمُشْتَرِي بِالْقَلْعِ فَيَتَضَرَّرُ الْبَائِعُ فِيمَا لَمْ يَبِعْهُ وَهُوَ النِّصْفُ الْآخَرُ فَصَارَ كَبَيْعِ الْجِذْعِ فِي السَّقْفِ وَحُمِلَ الثَّانِي عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ فَيَجُوزُ وَيَبْقَى عَلَى حَالِهِ إلَى الْإِدْرَاكِ وَيُفْهَمُ هَذَا التَّوْفِيقُ مِنْ تَعْلِيلِ الْمُحِيطِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا وَالْإِنْسَانُ لَا يُجْبَرُ عَلَى

تَحَمُّلِ الضَّرَرِ وَإِنْ رَضِيَ بِهِ اهـ. ثُمَّ إنْ دَامَ الْحَالُ وَلَمْ يَطْلُبْ الْمُشْتَرِي الْقَلْعَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ وَإِلَّا لَمْ يُجِبْ إلَى ذَلِكَ نَظَرًا لِلشَّرِيكِ فَإِنْ طَلَبَ هُوَ أَوْ لِلْبَائِعِ النَّقْضَ فَسَخَ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ مُسْتَحَقُّ الْفَسْخِ وَإِنْ سَكَتَ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ انْقَلَبَ جَائِزًا لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَأَمَّا بَيْعُ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ الشَّرِيكِ كَأَرْضٍ بَيْنَهُمَا وَفِيهَا زَرْعٌ لَهُمَا لَمْ يُدْرِكْ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الزَّرْعِ لِشَرِيكِهِ بِدُونِ الْأَرْضِ فَفِي رِوَايَةٍ يَجُوزُ وَفِي أُخْرَى لَا وَعَلَيْهَا جَوَابُ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ وَلَكِنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي صُورَةٍ يَحْصُلُ فِيهَا ضَرَرٌ بِالْقَلْعِ كَبَيْعِ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الْأَكَّارِ حِصَّتَهُ مِنْ الزَّرْعِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُكَلِّفُ الْأَكَّارَ الْقَلْعَ فَيَتَضَرَّرُ أَمَّا لَوْ بَاعَ الْأَكَّارُ حِصَّتَهُ مِنْ الزَّرْعِ أَوْ الثَّمَرَةِ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَالدَّلِيلُ قَوْلُ الْمُحِيطِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يُطَالِبُهُ بِالْقَلْعِ لِيَفْرُغَ نَصِيبُهُ مِنْ الْأَرْضِ وَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إلَّا بِقَلْعِ الْكُلِّ فَيَتَضَرَّرُ الْمُشْتَرِي فِيمَا لَمْ يَشْتَرِهِ وَهُوَ نَصِيبُ نَفْسِهِ إلَخْ فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ إنْ بَاعَ مِنْ شَرِيكِهِ الَّذِي لَا حَقَّ لَهُ فِي الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ عَلَى الْمُخْتَارِ. وَأَمَّا بَيْعُ الْحِصَّةِ مِنْ الْغِرَاسِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ الشَّرِيكِ فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لَهُمَا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا حِصَّتَهُ مِنْ الْآخَرِ بِدُونِ الْأَرْضِ قِيَاسًا عَلَى الزَّرْعِ كَمَا مَرَّ وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِمَا بِأَنْ غَرَسَا بِحَقٍّ فَإِنْ بِمُنَاصَبَةٍ وَبَاعَ مِمَّنْ لَهُ الْأَرْضُ جَازَ أَوْ مِنْ الشَّرِيكِ الَّذِي لَا أَرْضَ لَهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ بِإِجَارَةٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لَا مِنْ شَرِيكِهِ وَلَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ لِأَحَدِهِمَا فَإِنْ بَاعَ رَبُّ الْأَرْضِ لِشَرِيكِهِ لَا يَجُوزُ أَوْ لِغَيْرِهِ يَجُوزُ وَأَمَّا بَيْعُ الْحِصَّةِ مِنْ الْبِنَاءِ فَإِنَّ الْأَرْضَ لَهُمَا وَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ جَازَ مِنْ الشَّرِيكِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْبِنَاءِ فَقَطْ فَإِنْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَا يَجُوزُ وَإِنْ مِنْ شَرِيكِهِ يَنْبَغِي عَدَمُ الْجَوَازِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَرْضُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِمَا بِأُجْرَةٍ فَإِنْ أَجَرَ الْبَائِعُ نَصِيبَهُ مِنْ الْأَرْضِ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ بَاعَهُ نَصِيبَهُ مِنْ الْبِنَاءِ صَحَّ الْبَيْعُ وَإِلَّا لَا لِلُزُومِ الضَّرَرِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْبَائِعَ تَكْلِيفُ الْمُشْتَرِي الْقَلْعَ وَإِنْ بِإِعَارَةٍ لَهُمَا مُدَّةً مَعْلُومَةً فَإِنْ بَاعَ بَعْدَ مُضِيِّهَا صَحَّ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي جَرَيَانُ الرِّوَايَتَيْنِ وَإِنْ بِغَصْبٍ يَصِحُّ الْبَيْعُ مِنْ الشَّرِيكِ وَالْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْقَلْعِ فَكَانَ كَالْمَقْلُوعِ حَقِيقَةً. وَالْحَاصِلُ إذَا رُفِعَ إلَى الْقَاضِي بَيْعُ حِصَّةٍ مِنْ الْبِنَاءِ وَطُلِبَ مِنْهُ الْحُكْمُ بِهِ فَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْبِنَاءَ الْمَذْكُورَ مُسْتَحِقٌّ لِلْبَقَاءِ فِي الْقَرَارِ عُمِلَ فِيهِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا مِنْ التَّفَاصِيلِ وَإِنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ لِلْبَقَاءِ أَثْبَتَ الْبَيْعَ وَحَكَمَ بِهِ وَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْغِرَاسِ وَالزَّرْعِ هَذَا خُلَاصَةُ مَا حَرَّرَهُ الْإِمَامُ الطَّرَسُوسِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِي كِتَابَةِ أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَنَازَعَ فِيمَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ أَنَّ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْعِمَارَةِ مُشَاعًا اخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمَشَايِخِ وَالْجَوَازُ أَصَحُّ وَأَرْفَقُ بِأَنَّهُ لَا يُعَارِضُ مَا نَقَلَهُ الْقُدُورِيُّ عَنْ الْأَصْلِ وَصَاحِبُ الْبَدَائِعِ وَصَاحِبُ الْخُلَاصَةِ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ الَّذِي نَقَلُوهُ رِوَايَةً وَمَا فِي الْقُنْيَةِ اخْتِيَارُ فَتْوَى لِبَعْضِ الْمَشَايِخِ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ فَهُوَ فِي الشَّرِيكِ أَمَّا فِي الْأَجْنَبِيِّ فَلَا إلَخْ وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ حَمْزَةَ النَّقِيبُ فِي كِتَابِهِ نَهْجِ النَّجَاةِ عِبَارَةَ الطَّرَسُوسِيِّ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ الْحِصَّةِ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَارِّ وَقَالَ فِي آخِرِهَا قَدْ أَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْبَحْرِ اهـ. (أَقُولُ) أَيْضًا الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَنَاطَ فِي فَسَادِ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ هُوَ حُصُولُ الضَّرَرِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ صَرِيحًا وَدَلَالَةً وَعَلَيْهِ فَمَا أُمِنَ فِيهِ الضَّرَرُ جَازَ بَيْعُهُ وَمَا لَا فَلَا فَفِي بَيْعِ الْحِصَّةِ مِنْ الثَّمَرِ بَعْدَ نُضْجِهِ وَالزَّرْعِ بَعْدَ إدْرَاكِهِ يَصِحُّ وَلَوْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الشَّرِيكِ لَوْ طَلَبَ الشَّارِي الْقَطْعَ وَمِثْلُهُ الشَّجَرُ الْمُعَدُّ لِلْقَطْعِ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ أَنَّ الْقَطْعَ كَالْحُورِ وَالصَّفْصَافِ فَفِي الْخَانِيَّةِ وَالْوَلْوَالِجِيَّةِ إذَا بَاعَ نَصِيبًا لَهُ مِنْ مَشْجَرَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ بِغَيْرِ أَرْضٍ إنْ كَانَتْ الْأَشْجَارُ قَدْ بَلَغَتْ أَوْ أَنَّ الْقَطْعَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَتَضَرَّرُ بِالْقِسْمَةِ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِالْقِسْمَةِ وَعَلَى هَذَا حُكْمُ الزَّرْعِ

اهـ لَكِنَّ الْبَيْعَ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ وَكَذَا بَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ النُّضْجِ فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَارُّ الَّذِي اقْتَحَمَهُ الطَّرَسُوسِيُّ تَوْفِيقًا بَيْنَ عِبَارَاتِهِمْ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ الْبِنَاءِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ غَالِبَ مَا يَقَعُ فِي زَمَانِنَا أَنَّ الْبِنَاءَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ وَفِي أَرَاضِي الْقُرَى السُّلْطَانِيَّةِ فَإِذَا كَانَتْ الْأَرْضُ الْحَامِلَةُ لِلْبِنَاءِ جَارِيَةً فِي تَآجُرِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْبِنَاءِ وَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ الْآخَرِ بَعْدَ إيجَارِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ وَفَرَاغِهِ عَنْ مِشَدِّ مَسْكَتِهِ فِي الْأَرْضِ السُّلْطَانِيَّةِ وَرَفَعَ يَدَهُ عَنْهَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إذْ لَا بُدَّ لِلْبَائِعِ عَلَى الْأَرْضِ حَتَّى يُكَلِّفَهُ الْقَلْعَ وَأَمَّا بَيْعُ ذَلِكَ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ فَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي عِدَّةِ كُتُبٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ إلَّا بِنَقْضِ الْبِنَاءِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْقُنْيَةِ الْمَارِّ جَوَازُهُ مُطْلَقًا. وَمِثْلُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَنْ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحِصَّةِ مِنْ الْبِنَاءِ وَالْحِصَّةِ مِنْ الثَّوْبِ أَوْ الْعَبْدِ وَقَدْ قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ عِبَارَةَ الْقُنْيَةِ وَغَيْرَهَا بَيْعُ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ مِنْ الْعِمَارَةِ يَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهَا أَشْبَهَتْ الرَّقَبَةَ وَعَلَى هَذَا جَرَى الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا بِدِمَشْقَ وَالْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ ثَبْتٌ ثِقَةٌ اهـ. وَفِيهِ جَوَابٌ عَمَّا تَقَدَّمَ عَنْ الطَّرَسُوسِيِّ مِنْ اعْتِرَاضِهِ عَلَى الْقُنْيَةِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ النَّاقِلِينَ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ فِي ذَلِكَ ثِقَاتٌ، وَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا الشَّجَرُ فَالْغَالِبُ فِيهِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ قَائِمًا مُحْتَرَمًا فِي أَرَاضِي الْوَقْفِ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ بِالْأُجْرَةِ فَإِذَا بَاعَ الشَّرِيكُ مِنْ شَرِيكِهِ وَأَجَرَ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَالْتَزَمَ الشَّارِي بِمَا عَلَيْهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا ضَرَرَ أَصْلًا وَمِثْلُهُ الزَّرْعُ وَأَمَّا الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ شَرِيكِهِ بِلَا إذْنِهِ فَلَا يَجُوزُ لَكِنْ نُقِلَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الزَّرْعِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَالزَّرْعُ لَمْ يُدْرِكْ ثُمَّ بَاعَ صَاحِبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ نَصِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي انْقَلَبَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ جَائِزًا؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْجَوَازِ قَدْ ارْتَفَعَ اهـ. وَأَمَّا لَوْ بَاعَ الشَّرِيكُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْإِفْتَاءُ فِي زَمَانِنَا وَقَبْلَهُ الْجَوَازُ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ وَمَا وَفَّقَ بِهِ الطَّرَسُوسِيُّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ قَاضِي خَانْ لَوْ أَنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي لَمْ يَبِعْ أَجَازَ بَيْعَ الشَّرِيكِ هَلْ لَهُ أَنْ لَا يَرْضَى بَعْدَ الْإِجَازَةِ قَالَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَلْعَهُ ضَرَرٌ وَالْإِنْسَانُ لَا يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَتَحَمَّلَ الضَّرَرَ. اهـ. وَقَاضِي خَانْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْمَبْطَخَةِ وَالظَّاهِرُ جَرَيَانُ ذَلِكَ فِي الشَّجَرِ وَالْبِنَاءِ وَالثَّمَرَةِ أَيْضًا فَإِذَا أَجَازَ الشَّرِيكُ الْبَيْعَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَفْعَلَ مَا يَضُرُّهُ مِنْ الْقَلْعِ أَوْ الْقَطْعِ لَهُ أَنْ لَا يَرْضَى بَعْدَ ذَلِكَ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ مَا لَمْ تَنْضَجْ الثَّمَرَةُ أَوْ يُدْرِكْ الشَّجَرُ أَوَانَ الْقَطْعِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ حِينَئِذٍ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَبْقَ لِلْبَائِعِ يَدٌ عَلَى الْأَرْضِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ لِلُزُومِ الضَّرَرِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَمْرِهِ بِالتَّفْرِيغِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْجَمِيعُ لِلْبَائِعِ وَلَا شَرِيكَ لَهُ فِيهِ أَصْلًا فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِدُونِ الْأَرْضِ إلَّا إذَا أَدْرَكَ الزَّرْعُ فَيَنْقَلِبُ جَائِزًا كَمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي الْبِنَاءِ لَا يَجُوزُ لَكِنْ مَا مَرَّ عَنْ الْقُنْيَةِ وَالْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ يُفِيدُ الْجَوَازَ فِيهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْبِنَاءَ أَشْبَهَ رَقَبَةَ الْأَرْضِ فِي كَوْنِهِ مُعَدًّا لِلْبَقَاءِ لَا يُقْصَدُ قَلْعُهُ وَرَفْعُهُ بِخِلَافِ الزَّرْعِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْغِرَاسَ مِثْلُ الْبِنَاءِ فَإِذَا كَانَ كُلُّهُ لِشَخْصٍ وَبَاعَ مِنْ آخَرَ نِصْفَهُ مَثَلًا وَآجَرَهُ نِصْفَ الْأَرْضِ لَدَى حَاكِمٍ يَرَى إجَارَةَ الْمُشَاعِ وَحَكَمَ بِذَلِكَ أَوْ فَرَغَ لَهُ عَنْ نِصْفِ مِشَدِّهِ لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ سُلْطَانِيَّةً فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ بِالضَّرَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَبْقَ لَهُ يَدٌ عَلَى أَرْضِ الْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ مِنْ الْغِرَاسِ وَإِذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا قَطْعَ حِصَّتِهِ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ يُمْكِنُ رَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ الْآخَرِ بِالْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْغِرَاسِ مُمْكِنَةٌ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْمُسْتَطَابَ فَإِنَّك لَا تَجِدُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بِنَاءُ دَارٍ قَائِمٌ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ بِطَرِيقِ الْمُحَاكَرَةِ فَبَاعَهُ مِنْ عَمْرٍو بَيْعًا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مَقْبُوضٍ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ

الْمَزْبُورُ صَحِيحًا نَافِذًا وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي غِرَاسٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو الْبَالِغَيْنِ وَأَخِيهِمَا الْيَتِيمِ الَّذِي هُوَ تَحْتَ وِصَايَةِ أَخِيهِ زَيْدٍ لِكُلٍّ مِنْهُمْ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فَبَاعَ الْبَالِغَانِ حِصَّتَهُمَا مِنْ بَكْرٍ بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا بِإِذْنِ الْوَصِيِّ الْمَذْكُورِ وَإِجَازَتِهِ لِذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْبَيْعِ وَالْوَصِيُّ كَالْمَالِكِ وَفِيهِ أَيْضًا الْوَصِيُّ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوصِي (سُئِلَ) فِي مَشْجَرَةِ حُورٍ بِالْمُهْمَلَةِ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ يُرِيدُ بَعْضُ مُسْتَحَقِّي الْوَقْفِ بَيْعَ نَصِيبِهِ مِنْهَا بِلَا إذْنِ النَّاظِرِ وَلَا وَجْهٌ شَرْعِيٌّ وَلَمْ تَبْلُغْ الْأَشْجَارُ أَوَانَ قَطْعِهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا سِيَّمَا وَالْمَشْجَرَةُ لَمْ تَبْلُغْ أَوَانَ قَطْعِهَا وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ مِنْ الْبُيُوعِ. (سُئِلَ) فِيمَنْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الزَّرْعِ الْمُشْتَرَكِ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ وَلَمْ يَفْسَخْ الْبَيْعَ حَتَّى أَدْرَكَ الزَّرْعُ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ جَائِزًا لِزَوَالِ الْمَانِعِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَاضِي خَانْ. (سُئِلَ) فِيمَنْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْغِرَاسِ الْقَائِمِ فِي أَرْضِ وَقْفٍ مِنْ أَحَدِ شُرَكَائِهِ بِلَا تَصْدِيقٍ وَلَا إذْنٍ مِنْ بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ بِمُوجِبِ صَكٍّ وَلَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ يَرَاهَا فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَنْ الْخَانِيَّةِ إذَا كَانَ الشَّجَرُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَا يَجُوزُ وَإِذَا بَاعَ مِنْ الشَّرِيكِ جَازَ وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ مِنْ أَحَدِ شَرِيكَيْهِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ مِنْهُمَا جَازَ. اهـ. (سُئِلَ) فِي مَشْجَرَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو لَمْ تَبْلُغْ أَوَانَ قَطْعِهَا يُرِيدُ زَيْدٌ بَيْعَ نَصِيبِهِ مِنْهَا بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ بِغَيْرِ الْأَرْضِ وَيُكَلِّفُ شَرِيكَهُ إلَى بَيْعِ نَصِيبِهِ مِنْهَا مَعَهُ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَبَيْعُهُ نَصِيبَهُ كَمَا ذَكَر فَاسِدٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَبَيْعُهُ نَصِيبَهُ كَمَا ذُكِرَ فَاسِدٌ حَيْثُ لَمْ تَبْلُغْ أَوَانَ قَطْعِهَا لِتَضَرُّرِ الشَّرِيكِ بِذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّلَاثِينَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَيْنٌ قَدْرُهُ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ بِذِمَّةِ عَمْرٍو فَدَفَعَ لَهُ عَمْرٌو مَتَاعًا مُقَصَّبًا بِفِضَّةٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ قَاصَصَهُ زَيْدٌ بِهِ مِنْ دَيْنِهِ الْمَزْبُورِ وَجُهِلَ كَوْنُ الثَّمَنِ زَائِدًا عَلَى مَا فِي الْمَبِيعِ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ مُسَاوِيًا أَوْ أَقَلَّ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى بِيعَ نَقْدٌ مَعَ غَيْرِهِ كَمُفَضَّضٍ وَمُزَرْكَشٍ بِنَقْدٍ مِنْ جِنْسِهِ شَرَطَ زِيَادَةَ الثَّمَنِ فَلَوْ مِثْلَهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ جُهِلَ بَطَلَ وَلَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ شَرَطَ التَّقَابُضَ فَقَطْ. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ أُخْتِهِ زَوْجَ أَسَاوِرَ ذَهَبًا زِنَتُهَا كَذَا مِثْقَالًا وَسَاعَةً فِضَّةً وَعِقْصَةَ فِضَّةٍ وَخِنْجَرَ فِضَّةٍ مُمَوَّهَاتٍ بِالذَّهَبِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْقُرُوشِ الْفِضَّةِ مُقَسَّطَةٍ عَلَيْهِ فِي أَقْسَاطٍ مَعْلُومَةٍ وَتَسَلَّمَ الْمَبِيعَ وَتَصَرَّفَ بِهِ وَاسْتَهْلَكَهُ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَعَلَيْهِ رَدُّ قِيمَةِ الْمَبِيعِ لَهَا فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمِنَحِ فِي بَابِ الصَّرْفِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ خَاتَمُ ذَهَبٍ فَبَاعَهُ مِنْ عَمْرٍو بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُقَسَّطٍ عَلَيْهِ فِي أَقْسَاطٍ مَعْلُومَةٍ وَتَفَرَّقَا وَلَمْ يَقْبِضْ زَيْدٌ شَيْئًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فِي الْمَجْلِسِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ بَاطِلًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فَلَوْ تَجَانَسَا أَيْ النَّقْدُ إنْ شُرِطَ التَّمَاثُلُ وَالتَّقَابُضُ وَإِلَّا شُرِطَ التَّقَابُضُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَجَانَسَا يُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ دُونَ التَّمَاثُلِ بَحْرٌ مُلَخَّصًا ثُمَّ قَالَ فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ اهـ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالْمِنَحِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَقْسِمٌ مَعْرُوفٌ مِنْ دَارٍ مَعْلُومَةٍ وَأَمْتِعَةٌ وَأَوَانِيَ نُحَاسٍ وَزُنَّارُ فِضَّةٍ وَحَلَقُ ذَهَبٍ وَسَيْفُ فُولَاذٍ مَعْلُومَاتٌ فَبَاعَهَا مِنْ ابْنَيْهِ الْبَالِغَيْنِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ الْبَعْضُ دَرَاهِمُ فِضَّةٍ مَعْلُومَةٌ عَنْ الْمَقْسِمِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالْأَوَانِي وَالسَّيْفِ وَالْبَعْضُ فِضَّةٌ مَعْلُومَةٌ عَنْ الذَّهَبِ وَالْبَعْضُ ذَهَبٌ مَعْلُومٌ عَنْ الْفِضَّةِ مَقْبُوضٌ جَمِيعُ الثَّمَنِ بِالْمَجْلِسِ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَكُتِبَ بِذَلِكَ صَكٌّ شَرْعِيٌّ فَهَلْ يَعْمَلُ بِمَضْمُونِهِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَقَدَّمَ نَقْلُهَا فِي بَيْعِ الْمُفَضَّضِ وَالْمُزَرْكَشِ. (أَقُولُ) مِمَّا يُنَاسِبُ ذِكْرَهُ

هُنَا مَا يَكْثُرُ السُّؤَالُ عَنْهُ وَهُوَ مَا يُوجَدُ فِي طَرَفِ الثَّوْبِ أَوْ الشَّاشِ مِنْ عَلَمِ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْقُدَ مِنْ الثَّمَنِ مَا يُقَابِلُهُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ أَمْ لَا قَدْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ أَبُو السُّعُودِ الْأَزْهَرِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى شَرْحِ مُنْلَا مِسْكِينٍ وَاسْتَنْبَطَ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِيَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا بِالتَّسْمِيَةِ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ بَيْعِ أَمَةٍ فِي عُنُقِهَا طَوْقُ فِضَّةٍ وَبَيْعِ سَيْفٍ مُحَلًّى تَتَخَلَّصُ حِلْيَتُهُ بِلَا ضَرَرٍ حَيْثُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِيهِمَا بِالِافْتِرَاقِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ مَا يُقَابِلُهُمَا بِأَنَّ دُخُولَ الطَّوْقِ وَالْحِلْيَةِ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِيَّةِ؛ لِأَنَّ الطَّوْقَ غَيْرُ مُتَّصِلٍ بِالْأَمَةِ. وَالسَّيْفَ اسْمٌ لِلْحِلْيَةِ أَيْضًا وَإِنْ اتَّصَلَتْ بِهِ فَكَانَتْ الْحِلْيَةُ مِنْ مُسَمَّاهُ بِخِلَافِ عَلَمِ الثَّوْبِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ مُسَمَّى الْمَبِيعِ فَكَانَ دُخُولُهُ فِي الْبَيْعِ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِيَّةِ فَلَا يُقَابِلُهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ اهـ مُلَخَّصًا لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الْمُفَضَّضِ وَالْمُزَرْكَشِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ مَا فِي ذَلِكَ مَقْصُودٌ بِالشِّرَاءِ كَالطَّوْقِ وَالْحِلْيَةِ وَبِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْئًا آخَرَ غَيْرَ الْمَبِيعِ فَكَانَ مِنْ مُسَمَّى الْمَبِيعِ وَقَدْ ظَفِرْت بِنَقْلِ الْمَسْأَلَةِ فَفِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا بَاعَ ثَوْبًا مَنْسُوجًا بِذَهَبٍ بِالذَّهَبِ الْخَالِصِ لَا بُدَّ لِجَوَازِهِ مِنْ الِاعْتِبَارِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الذَّهَبُ الْمُنْفَصِلُ أَكْثَرَ وَفِي الْمُنْتَقَى بِالنُّونِ أَنَّ فِي اعْتِبَارِ الذَّهَبِ فِي السَّقْفِ رِوَايَتَيْنِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْعَلَمُ فِي الثَّوْبِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ اهـ وَقَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَفِي الْبَقَّالِيِّ أَنَّ فِي اعْتِبَارِ الذَّهَبِ فِي السَّقْفِ رِوَايَتَيْنِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ يُعْتَبَرُ وَفِي فَتَاوَى الْغِيَاثِيَّةِ وَلَوْ بَاعَ دَارًا فِي سُقُوفِهَا ذَهَبٌ بِذَهَبٍ فِي رِوَايَةٍ لَا يَجُوزُ بِدُونِ الِاعْتِبَارِ؛ لِأَنَّ الذَّهَبَ لَا يَكُونُ تَبَعًا بِخِلَافِ عَلَمِ الثَّوْبِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ مَحْضٌ اهـ فَهَذَا نَقْلٌ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ الْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ مَحْضٌ وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فَرَاجِعْهُ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ بَاعَتْ حِصَّتَهَا فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَخِيهَا مِنْ أَخِيهَا الْمَزْبُورِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ عَلَى شَرْطِ أَنْ تَسْكُنَ الْبَائِعَةَ فِيهَا مُدَّةً فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ فَاسِدًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ رَجُلٌ بَاعَ دَارًا عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا الْبَائِعُ شَهْرًا أَوْ دَابَّةً عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا الْبَائِعُ يَوْمًا يَكُونُ فَاسِدًا خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ الشُّرُوطِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ فُوَّةً مُغَيَّبَةً فِي الْأَرْضِ مَعْلُومًا وُجُودُهَا فِيهَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَيُرِيدُ رَدَّهَا إذَا رَآهَا أَوْ بَعْضَهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : بَيْعُ مَا أَصْلُهُ غَائِبٌ وَعُلِمَ وُجُودُهُ يَجُوزُ وَلَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ إنْ شَاءَ رَدَّهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَتَكْفِي رُؤْيَةُ الْبَعْضِ عِنْدَهُمَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَالتَّنْوِيرِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ اهـ وَكَذَلِكَ أَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ مَا هُوَ مُغَيَّبٌ فِي الْأَرْضِ كَالْفُجْلِ وَالْبَصَلِ وَالْجَزَرِ وَالْقُلْقَاسِ وَإِذَا قَلَعَهُ الْبَائِعُ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ وَأَجَابَ عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ بِقَوْلِهِ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا مُغَيَّبًا فِي الْأَرْضِ فَهُوَ شِرَاءُ مَا لَمْ يَرَهُ وَحُكْمُهُ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَفْسَخَ هَذَا الْعَقْدَ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ فِي حَقِّهِ فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْهُ وَقَلَعَ الْمُشْتَرِي بَعْضَهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَوْ الْبَائِعُ قَلَعَ الْبَعْضَ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ رَضِيَ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ وَإِنْ رَضِيَ بِالْمَقْلُوعِ لَزِمَهُ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي إذَا كَانَ عَلَى صِفَةِ الْمَقْلُوعِ. وَأَجَابَ أَيْضًا بِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ قَصَبِ السُّكَّرِ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى أُصُولِهِ مُغَطًّى فِي قِشْرِهِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إذَا رَآهُ بِإِزَالَةِ قِشْرِهِ إنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ فَإِنْ قَلَعَ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ الْأَرْضِ بَطَلَ خِيَارُهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو بَصَلًا مُدْرِكًا نَابِتًا فِي أَرْضِهِ مَعْلُومًا وُجُودُهُ فِيهَا شِرَاءً صَحِيحًا وَتَسَلَّمَ الْمَبِيعَ وَقَلَعَهُ مِنْ أَرْضِهِ بَعْدَمَا دَفَعَ بَعْضَ ثَمَنِهِ لِبَائِعِهِ ثُمَّ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ الْبَاقِي مُتَعَلِّلًا بِأَنَّهُ خَسِرَ فِيهِ فَهَلْ لَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ دَفْعُ بَقِيَّةِ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِهِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ مَا أَصْلُهُ غَائِبٌ إذَا نَبَتَ وَعُلِمَ وُجُودُهُ فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَكَذَا فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ عِدَّةَ أَلَاجَّات

حَالَ كَوْنِهَا غَيْرَ مَوْجُودَةٍ عِنْدَهُ وَلَا فِي مِلْكِهِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَعْدُومٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بِنَاءُ دَارٍ مَعْلُومٌ فَبَاعَهُ مِنْ عَمْرٍو بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ هُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ قَبَضَهُ الْبَائِعُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَشْهَدَ عَلَيْهِ عَمْرٌو الْمُشْتَرِيَ أَنَّهُ إنْ دَفَعَ لَهُ زَيْدٌ نَظِيرَ الثَّمَنِ بَعْدَ مُدَّةِ كَذَا يَكُنْ بَيْعُهُ مَرْدُودًا عَلَيْهِ وَمُقَالًا فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ زَيْدٌ ذَلِكَ يَكُنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي بَيْعِهِ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَدْفَعْ زَيْدٌ ذَلِكَ لِعَمْرٍو وَمَاتَ عَمْرٌو عَنْ وَرَثَةٍ بَاعُوا الْمَبِيعَ مِنْ بَكْرٍ وَسَلَّمُوهُ مِنْهُ فَقَامَ زَيْدٌ يُكَلِّفُ بَكْرًا رَدَّ الْمَبِيعِ لَهُ بِالثَّمَنِ مُتَمَسِّكًا بِالْإِشْهَادِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ لَيْسَ لِزَيْدٍ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الْبَيْعُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَالْإِشْهَادِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ الْبَيْعِ الْمَزْبُورِ فَهُوَ وَعْدٌ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَا يُجْبَرُ عَلَى رَدِّهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْبَيْعِ وَمِثْلُهُ فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَالْبَزَّازِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ فِلَاحَةٌ بَاعَتْهَا مِنْ أَخِيهَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ وَأَطْلَقَتْ الْبَيْعَ وَلَمْ تَذْكُرْ الْوَفَاءَ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ عَهِدَ إلَيْهَا بَعْدَ الْبَيْعِ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ أَنَّهَا إذَا وَفَّتْ لَهُ مِثْلَ ثَمَنِهِ يَفْسَخُ مَعَهَا الْبَيْعَ ثُمَّ مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ قَبْلَ إيفَائِهَا لَهُ مِثْلَ الثَّمَنِ وَتُرِيدُ إيفَاءَ الْوَرَثَةِ مِثْلَ الثَّمَنِ وَاسْتِرْدَادَ مَبِيعِهَا بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذَكَرْنَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا رَيْبَ فِي أَنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ حُكْمُهُ حُكْمُ الرَّهْنِ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ وَالْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَقَدْ بَسَطَ الْبَزَّازِيُّ فِيهِ الْأَقْوَالَ إلَى أَنْ قَالَ وَإِذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْوَفَاءِ فَوَرَثَتُهُ تَقُومُ مَقَامَهُ فِي أَحْكَامِ الْوَفَاءِ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِذِمَّةِ عَمْرٍو فَبَاعَهُ عَمْرٌو بَهِيمَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَهَلَكَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ قَبْلَ تَسْلِيمِهَا لِلْمُشْتَرِي بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِهَلَاكِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا يَلْزَمُ زَيْدًا الثَّمَنُ وَلَهُ مُطَالَبَةُ عَمْرٍو بِدَيْنِهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَبَعَثَ رَجُلًا لِيَقْبِضَهُ فَقَبَضَهُ وَهَلَكَ فَعَلَى مَنْ يَهْلَكُ؟ (الْجَوَابُ) : يَهْلَكُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ لَمَّا قَبَضَ بِأَمْرِهِ قَدْ حَصَلَ الْقَبْضُ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى مِنْ الْبَيْعِ. (سُئِلَ) فِي صَبِيٍّ بَاعَ شَيْئًا وَلَمْ يَقُلْ إنِّي بَالِغٌ وَالْآنَ قَالَ إنِّي حِينَ الْبَيْعِ لَمْ أَكُنْ بَالِغًا فَهَلْ يُصَدَّقُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي مُتَفَرِّقَاتِ بُيُوعِ الذَّخِيرَةِ صَبِيٌّ بَاعَ وَاشْتَرَى وَقَالَ أَنَا بَالِغٌ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ أَكُنْ بَالِغًا فَإِنْ قَالَ فِي وَقْتٍ يَبْلُغُ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى جُحُودِهِ وَوَقْتُهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً وَهُنَا دَقِيقَةٌ أُخْرَى وَهُوَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ بَعْدَ بُلُوغِهِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً أَنْ لَا يَكُونَ بِحَالٍ لَا يَحْتَلِمُ مِثْلُهُ أَحْكَامُ الصِّغَارِ لِلْأُسْرُوشَنِيِّ فِي مَسَائِلِ الْبُيُوعِ ادَّعَى الْإِقْرَارَ فِي الصِّغَرِ وَأَنْكَرَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ لِإِسْنَادِهِ إلَى حَالَةٍ مَعْهُودَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلضَّمَانِ الْقَوْلُ لِمَنْ فِي الْإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَاءَ بِخَطِّ الْبَرَاءَةِ فَقَالَ الْمُدَّعِي كُنْت صَبِيًّا وَقْتَ الْإِبْرَاءِ فَالْقَوْلُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَسْنَدَهُ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلضَّمَانِ الْقَوْلُ لِمَنْ فِي الدَّعْوَى صَبِيٌّ بَاعَ وَاشْتَرَى وَقَالَ أَنَا بَالِغٌ وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ قَالَ لَسْت بِبَالِغٍ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ ابْنَ إحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً ثُمَّ قَالَ لَسْت بِبَالِغٍ صُدِّقَ جَامِعِ الْفَتَاوَى مِنْ الْبُيُوعِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِصِغَارٍ نِصْفُ عُلْوٍ جَارٍ بَقِيَّتُهُ فِي مِلْكِ أَبِيهِمْ الْمَسْتُورِ لَا مَالَ لَهُمْ غَيْرُ ذَلِكَ وَاحْتَاجُوا لِلنَّفَقَةِ وَيُرِيدُ أَبُوهُمْ بَيْعَ جَمِيعِ الْعُلْوِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْخَانِيَّةِ بَيْعُ الْأَبِ مَالَ طِفْلِهِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ؛ لِأَنَّ الْأَبَ إمَّا عَدْلٌ أَوْ مَسْتُورٌ أَوْ فَاسِدٌ فَفِي الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ يَجُوزُ عَقْدُهُ وَلَوْ عَقَارًا وَبِيَسِيرِ الْغَبْنِ فَلَا يَكُونُ لِلطِّفْلِ النَّقْضُ بَعْدَ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّ لِلْأَبِ شَفَقَةً وَافِرَةً وَلَا مُعَارِضَ لَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مُبَاشَرَتَهُ عَلَى الْخَيْرِيَّةِ فَتَنْفُذُ فَلَوْ ادَّعَى الْأَبُ بَعْدَمَا طُلِبَ مِنْهُ الثَّمَنُ بَعْدَ الْبُلُوغِ ضَيَاعَهُ أَوْ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ وَهُوَ نَفَقَةُ مِثْلِهِ فِي مُدَّتِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ الْعَقَارَ إلَّا بِأَنْ يَكُونَ بِضِعْفِ الْقِيمَةِ لِمُعَارَضَةِ الْفَسَادِ ظَاهِرَ الشَّفَقَةِ فَمَا لَمْ تَظْهَرْ الْخَيْرِيَّةُ لَا يَنْفُذُ

فَلِلصَّغِيرِ نَقْضُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَتَمَامُ مَسَائِلِ بَيْعِ الْأَبِ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ الْبَيْعِ الْأَبُ الْمُبَذِّرُ الْمُفْسِدُ الْمُتْلِفُ إذَا بَاعَ أَرْضًا لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَأَنْفَقَ مِنْهَا عَلَى نَفْسِهِ. أَمَّا بَيْعُهُ فَجَائِزٌ لِثُبُوتِ أَصْلِ الْوِلَايَةِ وَلَكِنْ مِنْ الْوَاجِبِ أَنْ لَا يَدْفَعَ الثَّمَنَ إلَيْهِ وَيَنْزِعَهُ الْقَاضِي مِنْ يَدِهِ وَيُسَلِّمَهُ إلَى ثِقَةٍ يُنْفِقُهُ بِالْمَعْرُوفِ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى مِنْ الْبَابِ الْخَامِسِ مِنْ الْبُيُوعِ وَلَكِنْ فِي الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ مَا يُخَالِفُهُ مِنْ أَنَّ بَيْعَ الْأَبِ عَقَارًا لِصَغِيرٍ إذَا كَانَ مُفْسِدًا لَا يَجُوزُ إلَّا بِضِعْفِ الْقِيمَةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الضِّعْفِ فَتَأَمَّلْ (أَقُولُ) هُمَا رِوَايَتَانِ نَصَّ عَلَيْهِمَا فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْأُسْرُوشَنِيِّ وَذَكَرَ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى الثَّانِيَةِ أَيْ الْمَذْكُورَةِ فِي الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْكَوَاكِبِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مَنْظُومَتِهِ وَالْحَاصِلُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى أَنَّ الْأَبَ إذَا بَاعَ عَقَارًا لِصَغِيرٍ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ يَجُوزُ لَوْ مَحْمُودًا عِنْدَ النَّاسِ أَوْ مَسْتُورًا وَلَوْ مُفْسِدًا لَا يَجُوزُ إلَّا بِضِعْفِ الْقِيمَةِ وَالْوَصِيُّ فِي بَيْعِ الْعَقَارِ مِثْلُ الْأَبِ الْمُفْسِدِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا بِضِعْفِ الْقِيمَةِ أَوْ لِحَاجَةِ الصَّغِيرِ أَوْ لِدَيْنِ الْأَبِ وَفِي الْعُرُوضِ حُكْمُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَاحِدٌ فَلَوْ بَاعَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ عُرُوضَ الصَّغِيرِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِأَحَدِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ اهـ وَالْمَفْهُومُ مِنْ عَامَّةِ عِبَارَاتِهِمْ أَنَّ الْأَبَ لَوْ غَيْرَ مُفْسِدٍ لَا يَحْتَاجُ بَيْعُهُ عَقَارَ الصَّغِيرِ إلَى مُسَوِّغٍ مِنْ الْمُسَوِّغَاتِ الَّتِي ذَكَرُوهَا فِي بَيْعِ الْوَصِيِّ وَنَقَلَ الْحَمَوِيُّ عَنْ الْحَانُوتِيِّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا فِي اشْتِرَاطِ الْمُسَوِّغَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ كَمَا تَرَى إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَقْلٌ صَرِيحٌ عَنْ مَشَايِخِ الْمَذْهَبِ فَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِمَعْتُوهٍ وَصِيٌّ شَرْعِيٌّ وَحِصَّةٌ قَلِيلَةٌ مَعْلُومَةٌ شَائِعَةٌ فِي بِنَاءِ مَكَانٍ مَعْلُومٍ جَارٍ بَقِيَّتُهُ فِي مِلْكِ إخْوَتِهِ فَبَاعَهَا وَصِيُّهُ الْمَذْكُورُ مِنْ إخْوَتِهِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ قَبَضَهُ مِنْ الْمُشْتَرِينَ لَدَى قَاضٍ شَرْعِيٍّ ثَبَتَ لَدَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْحَظُّ وَالْمَصْلَحَةُ فِي الْبَيْعِ الْمَزْبُورِ وَأَنَّ الثَّمَنَ الْمَزْبُورَ هُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ وَعَدَمُ انْتِفَاعِ الْمَعْتُوهِ بِالْمَبِيعِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِصِحَّةِ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ صَحَّ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِمَرِيضٍ ابْنٌ كَبِيرٌ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ فَقَالَ بِعْت الصَّغِيرَ بُسْتَانَ كَذَا بِثَمَنٍ قَدْرُهُ كَذَا وَلَمْ يَقْبَلْ لِلصَّغِيرِ أَبُوهُ الْمَزْبُورُ فِي الْمَجْلِسِ حَتَّى مَاتَ الْمَرِيضُ مِنْ مَرَضِهِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ لَمْ يَقْبَلْ أَبُوهُ يَكُونُ الْبَيْعُ غَيْرَ صَحِيحٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْوِلَايَةُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ إلَى الْأَبِ ثُمَّ وَصِيِّهِ ثُمَّ وَصِيِّ وَصِيِّهِ ثُمَّ أَبِي الْأَبِ ثُمَّ إلَى وَصِيِّهِ ثُمَّ الْقَاضِي إلَخْ تَنْوِيرٌ. (سُئِلَ) فِي بَيْعِ الْمَأْجُورِ هَلْ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَتَوَقَّفُ الْبَيْعُ عَلَى إجَازَةِ الْمُسْتَأْجِرِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَاتِ وَإِنْ لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَأْجِرُ حَتَّى انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ نَفَذَ الْبَيْعُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ رَهَنَ دَارِهِ الْمَعْلُومَةَ عِنْدَ زَيْدٍ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ بَكْرٍ بِدُونِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ كَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : يَكُونُ الْبَيْعُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ قَضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ، بَيْعُ الْمَرْهُونِ غَيْرُ نَافِذٍ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ حَقُّ الْفَسْخِ كَالْمُسْتَأْجِرِ وَيُفْتَى بِأَنَّ بَيْعَ الْمُسْتَأْجَرِ وَالْمَرْهُونِ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ غَيْرُ نَافِذٍ وَفِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ فَاسِدٌ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ غَيْرُ نَافِذٍ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ لَازِمٌ فِي حَقِّ الْبَائِعِ حَتَّى إذَا قَضَى الدَّيْنَ أَوْ تَمَّتْ الْإِجَارَةُ لَزِمَ الْبَيْعُ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الصَّرْفِ فِي أَوَّلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ غِرَاسُ عِنَبٍ قَائِمٌ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ جَارٍ مِشَدُّهَا فِي تَصَرُّفِهِ فَبَاعَ رُبْعَ الْغِرَاسِ مِنْ هِنْدٍ وَفَرَغَ لَهَا عَنْ رُبْعِ الْمِشَدِّ وَصَدَّقَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ عَلَى الْفَرَاغِ ثُمَّ وَضَعَ زَيْدٌ يَدَهُ عَلَى الْجَمِيعِ وَتَصَرَّفَ بِثَمَرَتِهِ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهَا شَيْئًا وَامْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لَهَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ مُعَارَضَتِهَا وَيُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهَا الْمَبِيعَ وَيَلْزَمُهُ مِثْلُ مَا تَصَرَّفَ بِهِ مِنْ الْعِنَبِ حَيْثُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْمِثْلُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ أَنَّهُ

لَوْ كَانَ الزَّرْعُ كُلُّهُ لَهُ فَبَاعَ نِصْفَهُ مِنْ إنْسَانٍ بِدُونِ الْأَرْضِ إنْ كَانَ الزَّرْعُ مُدْرِكًا جَازَ وَإِلَّا فَلَا إلَخْ وَعِلَّتُهُ لُزُومُ الضَّرَرِ كَمَا مَرَّ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْغِرَاسَ كَالْبِنَاءِ وَأَنَّ الضَّرَرَ يَزُولُ بِالْإِيجَارِ وَالْفَرَاغِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ اثْنَيْ عَشَرَ شَاشًا مِنْ عَمْرٍو بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَقَبَضَهَا ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ بَكْرٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَقَبَضَهَا بَكْرٌ ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ عَمْرٍو صَاحِبِهَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ أَقَلَّ مِمَّا بَاعَهَا بِهِ فَهَلْ تَكُونُ الْبِيَاعَاتُ الْمَزْبُورَةُ صَحِيحَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْأَصْلِ فِي آخِرِ بَابِ الْعَيْبِ شَرَى مَا بَاعَ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ مِنْ الَّذِي اشْتَرَاهُ أَوْ مِنْ وَارِثِهِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ وَالْمَبِيعِ بِحَالِهِ لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ بِعَيْبٍ وَالثَّمَنُ الثَّانِي مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ كَانَ هُوَ بَاعَ بِأَلْفٍ نَسِيئَةً سَنَةً ثُمَّ اشْتَرَاهُ نَسِيئَةً سَنَتَيْنِ فَهُوَ فَاسِدٌ فَلَوْ بَاعَ بِالدَّرَاهِمِ فَاشْتَرَى بِالدَّنَانِيرِ لَمْ يَجُزْ اسْتِحْسَانًا وَإِذَا انْتَقَلَ إلَى آخَرَ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ فَاشْتَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِأَقَلَّ جَازَ وَلَوْ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ أَوْ بَعْدَهُ جَازَ. اهـ. خُلَاصَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِشَدُّ مُسْكَةٍ فِي أَرَاضِي وَقْفٍ حَامِلٍ بَعْضُهَا لِغِرَاسٍ جَارٍ فِي مِلْكِهِ فَبَاعَ الْغِرَاسَ وَالْأَرْضَ مَعًا مِنْ عَمْرٍو بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَهَلْ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْغِرَاسِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ دُونَ الْأَرْضِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ ضُمَّ الْمِلْكُ وَهُوَ الْغِرَاسُ الْمَذْكُورُ إلَى الْوَقْفِ وَهِيَ الْأَرَاضِي الْمَذْكُورَةُ يَصِحُّ بَيْعُ الْغِرَاسِ دُونَ الْأَرْضِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَبَضَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَوَعَدَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قُطْنًا بِالسِّعْرِ الْوَاقِعِ ثُمَّ أَرْسَلَ لَهُ الْقُطْنَ بِالسِّعْرِ الْوَاقِعِ يَوْمَ الْإِرْسَالِ وَكَانَ السِّعْرُ مَعْلُومًا وَمَضَتْ مُدَّةٌ غَلَا سِعْرُ الْقُطْنِ فِيهَا بَعْدَمَا تَحَاسَبَا وَتَسَاقَطَا عَلَى ثَمَنِ الْقُطْنِ بِالسِّعْرِ الْوَاقِعِ أَوَّلًا وَالْآنَ يُرِيدُ زَيْدٌ مُطَالَبَةَ عَمْرٍو بِمَبْلَغٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ تَكْمِلَةً لِحِسَابِ السِّعْرِ الثَّانِي بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّوَافُقِ عَلَى السِّعْرِ الْوَاقِعِ لَيْسَ لِزَيْدٍ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ التُّمُرْتَاشِيُّ وَالْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى وَالْمُجْتَبَى مَعْزِيًّا إلَى النِّصَابِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ زَيْدٍ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ دَفَعُوا لَهُ بَعْضَ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ وَدَفَعُوا لَهُ قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ الْحِنْطَةِ ثَمَنُهَا أَقَلُّ مِنْ الْبَاقِي بِسِعْرِ ذَلِكَ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ بَيْنَهُمْ وَتَصَرَّفَ بِالْحِنْطَةِ ثُمَّ طَالَبَهُمْ بِبَقِيَّةِ مَبْلَغِهِ وَامْتَنَعَ مِنْ احْتِسَابِ الْحِنْطَةِ مِنْ أَصْلِ الدَّيْنِ زَاعِمًا أَنَّهُ نَظِيرُ صَبْرِهِ عَلَيْهِمْ مُدَّةً فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : تَكُونُ الْحِنْطَةُ الْمَذْكُورَةُ بَيْعًا بِالدَّيْنِ حَيْثُ كَانَ السِّعْرُ مَعْلُومًا بَيْنَهُمْ فَتُحْسَبُ بِسِعْرِهَا الْوَاقِعِ الْمَذْكُورِ مِنْ أَصْلِ الدَّيْنِ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى وَالْقُنْيَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِالزَّعْمِ الْمَذْكُورِ وَلِزَيْدٍ مُطَالَبَةُ الْجَمَاعَةِ بَعْدَمَا ذُكِرَ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مُفَصَّلَةٌ بِنُقُولِهَا وَمُوَضَّحَةٌ بِدَلَائِلِهَا إلَى أَنْ قَالَ وَالْأَصْلُ أَنَّهُ بَيْعٌ بِالتَّعَاطِي. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا طَلَبَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ فَدَفَعَ لَهُ عَمْرٌو مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ الْقُطْنِ قِيمَتُهُ أَقَلُّ مِنْ الدَّيْنِ فَهَلْ يَكُونُ بَيْعًا بِقَدْرِ قِيمَتِهِ مِنْ الدَّيْنِ حَيْثُ كَانَ السِّعْرُ بَيْنَهُمَا مَعْلُومًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ الْأَرُزِّ وَادَّعَى بَعْدَ قَبْضِهِ أَنَّهُ وَجَدَهُ نَاقِصًا وَلَمْ يُقِرَّ وَقْتَ الشِّرَاءِ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِمِقْدَارِ مَا قَبَضَ بِيَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُنْكِرُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ النُّقْصَانُ مِنْ الْهَوَاءِ أَوْ نُقْصَانًا يَكُونُ بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ كَمَا فِي النَّوَازِلِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبَحْرِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ وَالْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَأَحْضَرَ الْبَائِعُ الْقَبَّانِيَّ وَوَزَنَ الْبِضَاعَةَ بِحُضُورِ الْمُشْتَرِي وَتَسَلَّمَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا نَاقِصَةٌ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَأَجَابَ إذَا لَمْ يُقِرَّ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ الْمَبْلَغِ أَوْ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي مِقْدَارِ مَا قَبَضَهُ بِيَمِينِهِ وَلَا يُسْمَعُ قَوْلُ الْقَبَّانِيِّ وَحْدَهُ إلَّا إذَا شَهِدَ مَعَهُ آخَرُ أَنَّهُ

قَبَضَ جَمِيعَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عِدَّةَ أَرْطَالٍ مِنْ الْغَزْلِ فَوَزَنَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ فَنَقَصَ وَكَانَ رَطْبًا فَيَبِسَ فَهَلْ لَهُ الرَّدُّ إنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ فِي الرُّطُوبَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ فَصْلِ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّقَةِ مِنْ الْبَيْعِ ثُمَّ اشْتَرَى غَزْلًا مِنَّا فَوَزَنَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ فَنَقَصَ فَإِنْ كَانَ رَطْبًا فَيَبِسَ فَلَهُ الرَّدُّ إنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ فِي الرُّطُوبَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ وُجُوبَ الرَّدِّ وَلَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ وَجَعَلَ الْفَلِيقَ إبْرَيْسَمًا ثُمَّ ظَهَرَ ذَلِكَ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ اهـ (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَتْ رُطُوبَتُهُ غَيْرَ أَصْلِيَّةٍ أَوْ كَانَتْ خَارِجَةً عَنْ الْعَادَةِ بِحَيْثُ تُعَدُّ عَيْبًا فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ النُّقْصَانُ مِنْ الْهَوَاءِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ لِحَمْلِهِ عَلَى الرُّطُوبَةِ الْأَصْلِيَّةِ أَوْ الْجَارِيَةِ عَلَى الْعَادَةِ فَتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا سَاوَمَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو سِلْعَةً فَقَالَ عَمْرٌو أَبِيعُهَا بِتِسْعَةٍ وَقَالَ زَيْدٌ لَا آخُذُهَا إلَّا بِثَمَانِيَةٍ وَكَانَتْ السِّلْعَةُ وَقْتَ الْمُسَاوَمَةِ فِي يَدِ عَمْرٍو الْبَائِعِ فَدَفَعَ عَمْرٌو السِّلْعَةَ إلَى الْمُشْتَرِي وَقَالَ مُجِيزًا بَيْعَهَا بِثَمَانِيَةٍ تَصَرَّفْ كَيْفَ شِئْت فَتَصَرَّفَ بِهَا زَيْدٌ بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِجَازَةِ فَهَلْ تَكُونُ السِّلْعَةُ بِمَا قَالَ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ لَا بِمَا قَالَ الْبَائِعُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ رَجُلٌ سَاوَمَ رَجُلًا ثَوْبًا فَقَالَ الْبَائِعُ أَبِيعُهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا آخُذُهُ إلَّا بِعَشَرَةٍ فَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي حِينَ سَاوَمَهُ فَهُوَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ رَضِيَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ لَمَّا ذَهَبَ بِهِ وَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَقْتَ الْمُسَاوَمَةِ فَدَفَعَهُ إلَى الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَهُوَ بِعَشَرَةٍ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ رَضِيَ بِعَشَرَةٍ لَمَّا دَفَعَ الثَّوْبَ إلَى الْمُشْتَرِي اهـ وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَالْوَلْوَالِجِيَّةِ. (سُئِلَ) هَلْ يَدْخُلُ الْحَمْلُ فِي بَيْعِ أَمَةٍ تَبَعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَدْخُلُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَهَلَاكِهِ فَهَلْ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ وَلَا تَحَالُفَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا (أَقُولُ) الصَّوَابُ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ وَعِبَارَةُ الْهِدَايَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ أَوْ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ فِي اسْتِيفَاءِ بَعْضِ الثَّمَنِ فَلَا تَحَالُفَ بَيْنَهُمَا وَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يُنْكِرُ الْخِيَارَ وَالْأَجَلَ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ ثُمَّ اخْتَلَفَا لَمْ يَتَحَالَفَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَتَحَالَفَانِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ عَلَى قِيمَةِ الْهَالِكِ اهـ قَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ قَوْلُهُ فَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ أَيْ بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ إذْ قَبْلَ قَبْضِهِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِهَلَاكِهِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ اخْتَلَفَا أَيْ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ اهـ فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَ الْهِدَايَةِ فَإِنْ هَلَكَ إلَخْ غَيْرُ رَاجِعٍ إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ إلَخْ بَلْ إلَى مَا ذَكَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَفِي مَتْنِ الْمَجْمَعِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ أَوْ شَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ اسْتِيفَاءِ بَعْضِ الثَّمَنِ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ أَوْ فِي الثَّمَنِ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ أَمَرَ مُحَمَّدٌ بِالتَّحَالُفِ وَالْفَسْخِ عَلَى قِيمَتِهِ وَجَعَلَا الْقَوْلَ لِلْمُشْتَرِي اهـ قَوْلُهُ أَوْ فِي الثَّمَنِ أَيْ لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ كَمَا فِي شَرْحِهِ لِابْنِ مَلَكٍ وَقَوْلُهُ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْقَوْلَ لِلْبَائِعِ فِي اسْتِيفَاءِ بَعْضِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ الْمُنْكِرُ وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ عَنْ النِّهَايَةِ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِبَعْضِ الثَّمَنِ اتِّفَاقِيٌّ إذْ الِاخْتِلَافُ فِي قَبْضِ كُلِّهِ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مَفْرُوغٌ عَنْهُ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الدَّعَاوَى. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ مِنْ زَيْدٍ بَضَائِعَ مَعْلُومَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ أَجَّلَ بَعْضَهُ الْمَعْلُومَ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَقَسَّطَ بَاقِيَهُ أَقْسَاطًا مَعْلُومَةً ثُمَّ مَاتَ الْبَائِعُ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ التَّأْجِيلِ وَالتَّقْسِيطِ فَهَلْ يَبْقَى كَذَلِكَ وَلَا يَحِلُّ الثَّمَنُ بِمَوْتِهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : بِمَوْتِ الْبَائِعِ لَا يَحِلُّ الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ وَبِمَوْتِ الْمُشْتَرِي يَحِلُّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْأَشْبَاهِ. (سُئِلَ) فِي أَشْجَارٍ جَارِيَةٍ فِي مِلْكِ زَيْدٍ وَفِي مُسَاقَاةِ عَمْرٍو مِنْهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَبَاعَهَا زَيْدٌ وَهِيَ مُثْمِرَةٌ مِنْ بَكْرٍ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ

مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ عَمْرٍو؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ. (سُئِلَ) فِي أَحَدِ الدَّائِنَيْنِ إذَا بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى زَيْدٍ مِنْ شَرِيكِهِ فَهَلْ الْبَيْعُ غَيْرُ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي الدَّيْنِ وَأَفْتَى بِهِ الْمِهْمَنْدَارِي. (سُئِلَ) إذَا انْفَسَخَ عَقْدُ الْبَيْعِ بَعْدَ مَوْتِ الْبَائِعِ لِفَسَادِهِ وَكَانَ الْمُشْتَرِي أَقْبَضَهُ الثَّمَنَ وَعَلَى الْبَائِعِ دُيُونٌ لِجَمَاعَةٍ وَتَرِكَتُهُ لَا تَفِي بِجَمِيعِ دُيُونِهِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِمَالِيَّةِ الْمَبِيعِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ كَالرَّهْنِ كَذَا فِي الْبَحْرِ وَأَفْتَى بِهِ الْمِهْمَنْدَارِي. (سُئِلَ) فِي فَرَسٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو نِصْفَيْنِ وَهِيَ عِنْدَ زَيْدٍ وَفِي نَوْبَتِهِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَبَاعَ زَيْدٌ حِصَّتَهُ مِنْ آخَرَ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهَا فَمَاتَتْ عِنْدَ زَيْدٍ وَيَزْعُمُ عَمْرٌو أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ مِنْهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ هَلَاكَ الْمَبِيعِ بَاتًّا لَا بِخِيَارِ الشَّرْطِ فِي يَدِ الْبَائِعِ يُبْطِلُ الْبَيْعَ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ بَقَرَةً عَلَى أَنَّهَا تَحْلُبُ كَذَا رِطْلًا فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ غِرَاسَ كَرْمِهِ الْمُثْمِرِ حِينَ الْبَيْعِ مِنْ آخَرَ فَهَلْ لَا يَدْخُلُ الثَّمَرُ فِي الْبَيْعِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يَدْخُلُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الثَّمَرُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَالَ رَجُلٌ بِعْت دَارًا مِنْ ابْنِي الْغَائِبِ ثُمَّ بَلَغَهُ خَبَرُ الْبَيْعِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ فَقَبِلَ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ قَالَ بِعْت عَبْدِي هَذَا مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِكَذَا وَبَلَغَهُ الْخَبَرُ فَقَبِلَ لَا يَصِحُّ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْمِنَحِ وَغَيْرِهِ فَكَيْفَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ فَالْبَيْعُ الْمَزْبُورُ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ قَدْرٌ مِنْ الْقَلْيِ مَوْضُوعٌ فِي بَيْتٍ مِنْ قَرْيَةٍ فَبَاعَهُ مِنْ عَمْرٍو عَلَى أَنَّهُ أَرْبَعُمِائَةِ قِنْطَارٍ كُلُّ قِنْطَارٍ بِكَذَا فَذَهَبَ عَمْرٌو لِقَبْضِ الْمَبِيعِ فَوَجَدَهُ مِائَتَيْ قِنْطَارٍ لَا غَيْرُ بَعْدَمَا دَفَعَ ثَمَنَ الْكُلِّ لِزَيْدٍ وَيُرِيدُ أَخْذَ الْأَقَلِّ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَمُطَالَبَةَ الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْبَاقِي فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِنْ بَاعَ صُبْرَةً عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ قَفِيزٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَهِيَ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ أَخَذَ الْمُشْتَرِي الْأَقَلَّ بِحِصَّتِهِ إنْ شَاءَ أَوْ فَسَخَ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ وَكَذَا كُلُّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ لَيْسَ فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ وَمَا زَادَ لِلْبَائِعِ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ عَلَائِيٌّ مِنْ الْبُيُوعِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ جَارِيَتَهُ مِنْ عَمْرٍو بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ قَدْرُهُ ثَلَثُمِائَةِ قِرْشٍ حَالٌّ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ بَعْدَمَا تَسَلَّمَهَا عَمْرٌو وَمَضَى شَهْرَانِ طَالَبَ زَيْدٌ عَمْرًا بِالثَّمَنِ فَبَاعَهُ الْجَارِيَةَ سَلِيمَةً بِمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ قِرْشًا وَدَفَعَ عَمْرٌو لِزَيْدٍ خَمْسِينَ قِرْشًا بَقِيَّةَ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ مِنْ زَيْدٍ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ بَاعَهَا مِنْ الْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَى قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَالثَّمَنُ مُتَّحِدٌ يَكُونُ الْبَيْعُ الثَّانِي فَاسِدًا وَلِزَيْدٍ مُطَالَبَةُ عَمْرٍو بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفَسَدَ شِرَاءُ مَا بَاعَ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ مِنْ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَلَوْ حُكْمًا كَوَارِثِهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قَدْرِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ قَبْلَ نَقْدِ كُلِّ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ صُورَتُهُ بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةٍ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةٍ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ رَخُصَ السِّعْرُ لِلرِّبَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا سَاوَمَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَابَّتَهُ الْمَعْلُومَةَ وَقَبَضَهَا عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ بَعْدَمَا بَيَّنَ عَمْرٌو ثَمَنَهَا وَهَلَكَتْ عِنْدَ الْمُسَاوِمِ فَهَلْ تَكُونُ مَضْمُونَةً بِالْقِيمَةِ؟ (الْجَوَابُ) : الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ بَعْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ كَمَا فِي النَّهْرِ وَلَوْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي عَدَمَ ضَمَانِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ كَمَا فِي الْعَلَائِيِّ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَامَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو رَأْسَ غَنَمٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ وَقَبَضَهُ وَهَلَكَ عِنْدَ الْمُسَاوِمِ فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ مَضْمُونٍ؟ (الْجَوَابُ) : الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ إنَّمَا يَكُونُ مَضْمُونًا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُسَمًّى نَصَّ عَلَيْهِ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي بُيُوعِ الْعُيُونِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ إذَا قَالَ اذْهَبْ بِهَذَا الثَّوْبِ فَإِنْ رَضِيته اشْتَرَيْته بِعَشَرَةٍ فَهَلَكَ

فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ كَذَا فِي الْبَحْرِ وَفِي تَكْمِلَةِ فُرُوقِ الْأَشْبَاهِ لِلشَّيْخِ عُمَرَ بْنِ نَجِيمٍ الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ مَضْمُونٌ عِنْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ وَإِلَّا فَهُوَ أَمَانَةٌ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا بَيَّنَ ثَمَنًا عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِيَدِهِ إلَّا بِمُقَابِلٍ وَعِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِهِ هُوَ قَبْضٌ مَأْذُونٌ فَيَكُونُ أَمَانَةً. اهـ. (أَقُولُ) وَأَمَّا الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ فَغَيْرُ مَضْمُونٍ مُطْلَقًا كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَيْ سَوَاءٌ ذَكَرَ الثَّمَنَ أَوْ لَا وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ هَاتِهِ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهِ أَوْ حَتَّى أُرِيَهُ غَيْرِي وَلَا يَقُولَ فَإِنْ رَضِيته أَخَذْته كَذَا فِي النَّهْرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ زَيْدٍ أَرْبَعَةَ أَحْمَالٍ مِنْ الشَّعِيرِ وَالْكِرْسِنَّةِ الْمَطْحُونَيْنِ الْمُسَمَّى عُرْفًا بِالْمَعْبُوكِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ بَاعَهَا الرَّجُلُ قَبْلَ قَبْضِهَا مِنْ زَيْدٍ فَهَلْ يَكُونُ بَيْعُ الرَّجُلِ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَصِحُّ بَيْعُ مَنْقُولٍ قَبْلَ قَبْضِهِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ سُدُسَ غِرَاسِ زَيْتُونٍ مِنْ شَرِيكِهِ فِي الْبَاقِي وَسَلَّمَهُ مِنْهُ وَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي بِهِ نَحْوَ عَشْرِ سِنِينَ وَالْآنَ يَدَّعِي الرَّجُلُ أَنَّهُ كَانَ فُضُولِيًّا وَأَنَّ الْمَبِيعَ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَجُزْ فَهَلْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ رَهَنَ دَارِهِ مِنْ زَيْدٍ بِدَيْنٍ وَقَالَ لَهُ إنْ لَمْ أُوفِك الدَّيْنَ إلَى وَقْتِ كَذَا يَكُنْ فِي مَبِيعِك ثُمَّ آجَرَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مِنْ الرَّاهِنِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ دَفَعَهَا لِلْمُرْتَهِنِ وَيُرِيدُ الرَّجُلُ أَنْ يُحَاسِبَ الْمُرْتَهِنَ بِالْأُجْرَةِ مِنْ مَبْلَغِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَالْبَيْعُ الْمَزْبُورُ غَيْرُ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الرَّهْنِ مِنْ الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَيْنٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِذِمَّةِ عَمْرٍو فَدَفَعَ لِزَيْدٍ قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ الْحِنْطَةِ وَقَالَ لَأُحَاسِبُك بِهِ مِنْ دَيْنِك بِسِعْرِ الْبَلْدَةِ وَالسِّعْرُ مَعْلُومٌ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يَذْكُرَا ثَمَنًا فَأَخَذَهُ وَقَبِلَهُ كَمَا ذُكِرَ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ بَيْعًا بِالدَّيْنِ بِالسِّعْرِ يَوْمَ الْأَخْذِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثَلَاثًا فِي صِحَّتِهِمَا وَسَلَامَتِهِمَا ثُمَّ بَعْدَ شَهْرٍ مَرِضَتْ الْمَرْأَةُ وَبَاعَتْهُ فِيهِ ثُلُثَ كَرْمٍ وَجُنَيْنَةً أَرْضًا وَغِرَاسًا وَثُلُثَ بَيْتٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ عَنْ بِنْتٍ مِنْهُ وَوَرَثَةٍ غَيْرِهَا فَهَلْ لَا يَرِثُهَا وَالْبَيْعُ الْمَزْبُورُ صَحِيحٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي بَيْعِ الْخَيْرِيَّةِ وَفِي الْبَدَائِعِ مِنْ الْعُدَّةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ أَرْضًا سَلِيخَةً لَهُ مِنْ آخَرَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَفِيهَا بِنَاءٌ لَمْ يَنُصُّوا عَلَيْهِ حِينَ الْبَيْعِ فَهَلْ يَدْخُلُ الْبِنَاءُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ بِلَا ذِكْرٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ دَارًا مِنْ آخَرَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَابْنُ الْبَائِعِ حَاضِرٌ يَعْلَمُ بِالْبَيْعِ ثُمَّ مَاتَ الْبَائِعُ فَادَّعَى ابْنُهُ أَنَّ الدَّارَ مِلْكُهُ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ بَاعَ وَابْنُهُ حَاضِرٌ يَعْلَمُ بِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الِابْنِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ شَتَّى الْوَصَايَا وَمِثْلُهُ فِي الْمُلْتَقَى وَالْكَنْزِ وَأَفْتَى بِهِ الرَّمْلِيُّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ قَطِيعُ مَعْزٍ فَبَاعَ مِنْهُ عِشْرِينَ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ وَلَا مُعَيَّنَةٍ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي بُيُوعِ الْبَحْرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ فَرَسًا عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ فَظَهَرَ أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : مَتَى بَاعَهَا عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَعِبَارَتُهَا فِي فَصْلِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَلَوْ بَاعَ شَاةً عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ فَسَدَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ زِيَادَةٌ مَرْغُوبَةٌ وَأَنَّهَا مَوْهُومَةٌ لَا يُدْرَى وُجُودُهَا فَلَا يَجُوزُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ التُّمُرْتَاشِيُّ. وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَظَهَرَتْ ثَيِّبًا فَأَجَابَ يُسْتَحْلَفُ الْبَائِعُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ عَلَيْهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ الْقُطْنِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَمَاتَ مُفَلِّسًا قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَالْقُطْنُ مَوْجُودٌ عِنْدَهُ فَهَلْ يَكُونُ الْبَائِعُ أُسْوَةً لِلْغُرَمَاءِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي آخِرِ بَيْعِ التَّنْوِيرِ

وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ كَرْمٌ مَعْلُومٌ وَأَرْضُهُ مَحْدُودَةٌ فَبَاعَهُ مِنْ عَمْرٍو بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَفِي دَاخِلِ حُدُودِ الْكَرْمِ ثَلَاثَةُ أَشْجَارٍ غَيْرِ شَجَرِ الْكَرْمِ مَوْضُوعَةٌ فِيهَا لِلْقَرَارِ يَزْعُمُ الْبَائِعُ أَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي بَيْعِ الْكَرْمِ لِعَدَمِ ذِكْرِهَا فَهَلْ تَدْخُلُ الْأَشْجَارُ فِي بَيْعِ الْكَرْمِ وَإِنْ لَمْ تُذْكَرْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَيَدْخُلُ الشَّجَرُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ بِلَا ذِكْرٍ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ آخَرَ ثَمَرَةَ خِيَارٍ بَرَزَ أَقَلُّهَا دُونَ الْأَكْثَرِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَكُونُ غَيْرَ صَحِيحٍ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَنَقَلَهَا فِي الْمِنَحِ. (سُئِلَ) فِيمَنْ بَاعَ جِلْدَ جَامُوسٍ وَهُوَ حَيٌّ فَهَلْ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ بَيْعُ جِلْدِ الْحَيَوَانِ وَهُوَ حَيٌّ فَاسِدٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْعَلَائِيِّ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ زَيْتٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ بِدُونِ الْخَلْطِ وَالِاخْتِلَاطِ فَبَاعَ بَعْضُهُمْ حِصَّتَهُ وَحِصَّةَ شُرَكَائِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِدُونِ إذْنِهِمْ وَلَا إجَازَتِهِمْ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا فِي حِصَّتِهِ دُونَ حِصَّةِ شُرَكَائِهِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ وَمَلَكُوهُ بِطَرِيقِ الِاشْتِرَاكِ لَا الْخَلْطِ وَالِاخْتِلَاطِ يَكُونُ الْبَيْعُ لِأَجْنَبِيٍّ فِي حِصَّةِ الْبَائِعِ صَحِيحًا دُونَ حِصَّةِ شُرَكَائِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ فِي الِابْتِدَاءِ كَحِنْطَةٍ اشْتَرَيَاهَا كَانَتْ كُلُّ حَبَّةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ الْخَلْطِ وَالِاخْتِلَاطِ فَإِنَّ كُلَّ حَبَّةٍ مَمْلُوكَةٌ لِآخَرَ فَإِذَا بَاعَ نَصِيبَهُ لِأَجْنَبِيٍّ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ إلَّا مَخْلُوطًا بِنَصِيبِ الشَّرِيكِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهِ بَحْرٌ مِنْ كِتَابِ الشَّرِكَةِ مُلَخَّصًا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو حِنْطَةً مَعْلُومَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَاكْتَالَهَا الْكَيَّالُ فَهَلْ تَكُونُ أُجْرَةُ الْكَيْلِ عَلَى الْبَائِعِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأُجْرَةُ كَيْلٍ وَعَدٍّ وَوَزْنٍ وَذَرْعٍ عَلَى بَائِعٍ وَأُجْرَةُ وَزْنِ ثَمَنٍ وَنَقْدِهِ عَلَى مُشْتَرٍ تَنْوِيرٌ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ. (سُئِلَ) فِي دَلَّالٍ سَعَى بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَبَاعَ الْمَالِكُ الْمَبِيعَ بِنَفْسِهِ وَالْعُرْفُ أَنَّ الدَّلَالَةَ عَلَى الْبَائِعِ فَهَلْ تَكُونُ عَلَى الْبَائِعِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ الدَّلَّالُ إذَا بَاعَ الْعَيْنَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي الدَّلَالَةَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْعَاقِدُ حَقِيقَةً وَتَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ الدَّلَالَةُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ بِأَمْرِ الْبَائِعِ هَكَذَا أَجَابَ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ سَعَى الدَّلَّالُ بَيْنَهُمَا وَبَاعَ الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ يُضَافُ إلَى الْعُرْفِ إنْ كَانَتْ الدَّلَالَةُ عَلَى الْبَائِعِ فَعَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِمَا فَعَلَيْهِمَا عِمَادِيَّةٌ مِنْ أَحْكَامِ الدَّلَّالِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَشَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ الْبَيْعِ. (سُئِلَ) فِي دَلَّالٍ سَعَى بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَبَاعَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ بِنَفْسِهِ وَالْعُرْفُ أَنَّ الدَّلَالَةَ عَلَى الْبَائِعِ ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ رَدَّ الْمَبِيعَ عَلَى الْبَائِعِ قَامَ الْبَائِعُ يُطَالِبُ الدَّلَّالَ بِالدَّلَالَةِ الَّتِي دَفَعَهَا لَهُ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ ذُكِرَ فِي الصُّغْرَى دَلَّالٌ بَاعَ ثَوْبًا وَأَخَذَ الدَّلَالَةَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا تُسْتَرَدُّ الدَّلَالَةُ وَإِنْ انْفَسَخَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ أَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَكُنْ فَلَا يَبْطُلُ عَمَلُهُ عِمَادِيَّةٌ مِنْ أَحْكَامِ الدَّلَّالِ. (سُئِلَ) فِي دَلَّالٍ قَالَ لَهُ زَيْدٌ اعْرِضْ دَارِيَ عَلَى الْبَيْعِ فَزَعَمَ أَنَّهُ عَرَضَهَا وَأَنَّ رَجُلًا طَلَبَ شِرَاءَهَا بِكَذَا فَلَمْ يَرْضَ زَيْدٌ وَأَعْرَضَ عَنْ بَيْعِهَا وَآجَرَهَا مِنْ عَمْرٍو ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ بَكْرٍ بِلَا حُضُورِ الدَّلَّالِ وَيُرِيدُ الدَّلَّالُ مِنْ زَيْدٍ أُجْرَةً فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ بِتَفَاصِيلِهَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْإِحْكَامَاتِ آخِرَ الْكِتَابِ. (أَقُولُ) وَفِي نُورِ الْعَيْنِ سُئِلَ بَعْضُهُمْ عَمَّنْ قَالَ لِدَلَّالٍ اعْرِضْ أَرْضِي عَلَى الْبَيْعِ وَبِعْهَا وَلَك أَجْرُ كَذَا فَعَرَضَ وَلَمْ يَتِمَّ الْبَيْعُ ثُمَّ إنَّ دَلَّالًا آخَرَ بَاعَهَا فَلِلدَّلَّالِ الْأَوَّلِ أَجْرٌ بِقَدْرِ عَمَلِهِ وَعَنَائِهِ وَهَذَا قِيَاسٌ وَالِاسْتِحْسَانُ لَا أَجْرَ لَهُ إذْ أَجْرُ الْمِثْلِ يُعْرَفُ بِالتِّجَارَةِ وَالتُّجَّارُ لَا يَعْرِفُونَ لِهَذَا الْأَمْرِ أَجْرًا وَبِهِ نَأْخُذُ وَفِي الْمُحِيطِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَنْ اشْتَرَى فَاسِدًا ثُمَّ بَاعَهُ لِغَيْرِ بَائِعِهِ بَيْعًا بَاتًّا صَحِيحًا

وَفَسَادُهُ بِغَيْرِ الْإِكْرَاهِ فَهَلْ نَفَذَ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ وَامْتَنَعَ الْفَسْخُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فَإِنْ بَاعَهُ أَيْ بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمُشْرَى فَاسِدًا بَيْعًا صَحِيحًا بَاتًّا لِغَيْرِ بَائِعِهِ وَفَسَادُهُ بِغَيْرِ الْإِكْرَاهِ نَفَذَ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ شَرْحُ التَّنْوِيرِ وَمِثْلُهُ فِي الْمُلْتَقَى. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ زَيْدٌ فِي صِحَّتِهِ بِأَنَّ الْمَكَانَ الْفُلَانِيَّ لِعَمْرٍو ثُمَّ ادَّعَى زَيْدٌ أَنَّ الْإِقْرَارَ الْمَزْبُورَ صَدَرَ مِنْهُ لِعَمْرٍو عَلَى سَبِيلِ التَّلْجِئَةِ وَالْمُوَاضَعَةِ وَفَسَّرَهَا وَأَقَامَ بَيِّنَةً شَرْعِيَّةً عَلَيْهَا وَعَمْرٌو يُنْكِرُ ذَلِكَ فَهَلْ إذَا أَقَامَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ تُقْبَلُ وَيَعْمَلُ بِمُوجِبِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ تَلْجِئَةً وَالْآخَرُ يُنْكِرُ التَّلْجِئَةَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِي التَّلْجِئَةِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيُسْتَحْلَفُ الْآخَرُ وَصُورَةُ التَّلْجِئَةِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ إنِّي أَبِيعُ دَارِي مِنْك بِكَذَا وَلَيْسَ ذَلِكَ بِبَيْعٍ فِي الْحَقِيقَةِ بَلْ هُوَ تَلْجِئَةٌ وَيَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ يَبِيعُ فِي الظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَهَذَا الْبَيْعُ يَكُونُ بَاطِلًا بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ الْهَازِلِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي بَيْعِ التَّلْجِئَةِ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ فَأَعْتَقَهُ لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ وَلَا يُشْبِهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُكْرَهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحُكْمِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا خَانِيَّةٌ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ثُمَّ كَمَا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِالتَّلْجِئَةِ لَا يَجُوزُ الْإِقْرَارُ بِالتَّلْجِئَةِ بِأَنْ يَقُولَ لِآخَرَ إنِّي أُقِرُّ لَك فِي الْعَلَانِيَةِ بِمَالِي وَتَوَاضَعَا عَلَى فَسَادِ الْإِقْرَارِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ حَتَّى لَا يَمْلِكَهُ الْمُقَرُّ لَهُ مِنْ الْبَدَائِعِ وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ هَزْلٌ وَتَلْجِئَةٌ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ جِدٌّ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْجِدِّ وَعَلَى الْآخَرِ الْبَيِّنَةُ مِنْ الثَّامِنِ مِنْ بُيُوعِ التَّتَارْخَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ فَرَسٌ لَهَا مُهْرٌ فَبَاعَ الْفَرَسَ مِنْ رَجُلٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يَأْتِ بِالْمُهْرِ لِمَحَلِّ الْبَيْعِ فَهَلْ لَا يَدْخُلُ الْمُهْرُ فِي الْبَيْعِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ لَمْ يَذْهَبْ بِهِ مَعَ الْأُمِّ إلَى مَوْضِعِ الْبَيْعِ لَا يَدْخُلُ لِلْعُرْفِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَحْرِ وَفَصِيلُ النَّاقَةِ وَفِلْوُ الرَّمَكَةِ وَجَحْشُ الْأَتَانِ وَالْعِجْلُ لِلْبَقَرَةِ وَالْحَمَلُ لِلشَّاةِ إنْ ذَهَبَ بِهِ مَعَ الْأُمِّ إلَى مَوْضِعِ الْبَيْعِ دَخَلَ فِيهِ لِلْعُرْفِ وَإِلَّا فَلَا بَحْرٌ مِنْ فَصْلِ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا وَفِيهِ وَفَرَّقَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ فَقَالَ إنَّ الْعِجْلَ يَدْخُلُ وَالْجَحْشَ لَا يَدْخُلُ؛ لِأَنَّ الْبَقَرَةَ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا إلَّا مَعَ الْعِجْلِ وَلَا كَذَلِكَ الْأَتَانُ. اهـ. (أَقُولُ) قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَحْرِ قَوْلُهُ إنْ ذَهَبَ بِهِ مَعَ الْأُمِّ إلَخْ هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْأُمَّ لَوْ كَانَتْ غَائِبَةً هِيَ وَوَلَدُهَا وَبَاعَهَا سَاكِتًا عَنْهُ لَا يَدْخُلُ لِفَقْدِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى فَتَأَمَّلْ. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ ثَمَرَةَ كَرْمِهِ الْبَارِزَةَ مِنْ زَيْدٍ فَقَالَ زَيْدٌ إنَّهَا تَخْسَرُ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْهَا فَإِنْ خَسِرَتْ فَعَلَيَّ فَبَاعَهَا وَيَزْعُمُ أَنَّهُ خَسِرَ وَأَنَّهَا تَلْزَمُ الْبَائِعَ فَهَلْ لَا تَلْزَمُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ الْمُشْتَرِي إنَّهُ يَخْسَرُ فِيهِ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْهُ فَإِنْ خَسِرَ فَعَلَيَّ فَبَاعَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ نَوْعِ الْإِقَالَةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ قَدْرًا مَعْلُومَ الْوَزْنِ مِنْ الْحَرِيرِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ شِرَاءً صَحِيحًا وَوَزَنَهُ بِنَفْسِهِ بِأَوْزَانِهِ بِحُضُورِ الْبَائِعِ وَإِذْنِهِ وَأَقَرَّ بِقَبْضِ جَمِيعِ الْمَبِيعِ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَمَضَتْ مُدَّةٌ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ نَقَصَ كَذَا دَرَاهِمَ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ الْمَزْبُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي النَّهْرِ مِنْ خِيَارِ الْعَيْبِ الْقَوْلُ فِي مِقْدَارِ الْمَقْبُوضِ مِنْ الْمَبِيعِ لِلْقَابِضِ؛ لِأَنَّهُ الْمُنْكِرُ إلَى أَنْ قَالَ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ مَوْزُونًا وَجَدْتُهُ نَاقِصًا إلَّا إذَا سَبَقَ مِنْهُ إقْرَارٌ بِقَبْضِ مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ كَمَا فِي صُلْحِ الْخُلَاصَةِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ بِأَبْسَطِ عِبَارَةٍ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى عَلَّامَةُ فِلَسْطِينَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَتْ هِنْدٌ ابْنَتَهَا دَعْدًا الْبَالِغَةَ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُؤَجَّلٌ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَمَاتَتْ دَعْدٌ قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ عَنْهَا وَعَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ فَهَلْ يَحِلُّ الدَّيْنُ بِمَوْتِهَا وَيُقَدَّمُ عَلَى الْإِرْثِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بِمَوْتِ الْبَائِعِ لَا يَحِلُّ الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ وَبِمَوْتِ الْمُشْتَرِي يَحِلُّ. (سُئِلَ) فِي الْأَخْرَسِ إذَا بَاعَ بِالْإِيمَاءِ الْمَعْرُوفِ مِنْهُ هَلْ يَكُونُ بَيْعُهُ صَحِيحًا مُعْتَبَرًا؟ (الْجَوَابُ) : إيمَاءُ الْأَخْرَسِ فِيمَا ذُكِرَ مُعْتَبَرٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي شَتَّى الْفَرَائِضِ

مِنْ التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى وَالْكَنْزِ وَالْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الْإِشَارَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ رَطْبَةٌ وَبُقُولٌ مَزْرُوعَةٌ فَبَاعَهَا مِنْ عَمْرٍو بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ عَلَى أَنْ يَتْرُكَهَا إلَى الْإِدْرَاكِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ بَاعَ زَرْعًا وَهُوَ بَقْلٌ عَلَى أَنْ يَقْطَعَهُ أَوْ يُرْسِلَ دَابَّتَهُ فِيهِ جَازَ الْبَيْعُ وَإِنْ بَاعَهُ عَلَى أَنْ يَتْرُكَهُ حَتَّى يُدْرِكَ لَا يَجُوزُ وَكَذَا الرَّطْبَةُ وَالْبُقُولُ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ بَيْعِ الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ بَاعَتْ لِابْنِهَا الْبَالِغِ أَرْضًا حَامِلَةً لِغِرَاسٍ وَسَكَتَتْ عَنْ ذِكْرِ الثَّمَنِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ فَاسِدًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا وَقَالَ بِعْتُك بِغَيْرِ ثَمَنٍ أَوْ قَالَ بِعْتُك عَلَى أَنْ لَا ثَمَنَ لَهُ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَلَوْ بَاعَ وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الثَّمَنِ كَانَ فَاسِدًا كَمَا فِي قَاضِي خَانْ فِي الْبَيْعِ الْبَاطِلِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِقْدَارٌ مِنْ الْوَرْدِ الْيَابِسِ مَوْضُوعٌ عِنْدَ عَمْرٍو فِي مَخْزَنِهِ عَلَى سَبِيلِ الْأَمَانَةِ فَبَاعَهُ مِنْ عَمْرٍو عَلَى أَنَّهُ كَذَا قِنْطَارًا فَوَزَنَهُ عَمْرٌو فَوَجَدَهُ نَاقِصًا عَمَّا قَالَ لَهُ زَيْدٌ وَالْحَالُ أَنَّ عَمْرًا لَمْ يُقِرَّ وَقْتَ الشِّرَاءِ أَنَّهُ قَبَضَ وَاسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ عَمْرٍو بِيَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ قَالَ لَمْ يُقِرَّ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ بِالْقَدْرِ الْمَقْبُوضِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَابِضٌ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ انْتَقَصَ مِنْ الْهَوَاءِ وَلَمْ يَكُنْ النُّقْصَانُ مِمَّا يَجْرِي بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي بَحْرِ هـ مِنْ الْبُيُوعِ. (سُئِلَ) فِيمَا لَوْ بَاعَ دَارِهِ الْمِلْكَ وَوَقْفًا فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : هَذِهِ مَسْأَلَةُ بَيْعِ مِلْكٍ ضُمَّ إلَى وَقْفٍ وَهُوَ صَحِيحٌ بِحِصَّةِ الْمِلْكِ فَقَطْ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ فَقَدْ رَدَّهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ بِزْرَ قُطْنٍ مَعْلُومًا عَلَى سِعْرِهِ الْوَاقِعِ فِي آخِرِ السَّنَةِ وَقَبَضَهُ وَهَلَكَ عِنْدَهُ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ فَاسِدًا وَعَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ مِثْلِهِ حَيْثُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْمِثْلُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الثَّمَنُ مَجْهُولًا فَالْبَيْعُ الْمَذْكُورُ فَاسِدٌ وَعَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ مِثْلِهِ حَيْثُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْمِثْلُ وَكَوْنُ جَهَالَةِ الثَّمَنِ تُفْسِدُ الْبَيْعَ صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ فِي أَوَائِلِ الْبَيْعِ وَأَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَكَوْنُ حَبِّ الْقُطْنِ مِثْلِيًّا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ مِنْ الشَّرِكَةِ وَسَيَأْتِي نَقْلُ ذَلِكَ فِي الْغَصْبِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَإِخْوَتِهِ نِصْفُ مَعْصَرَةٍ وَبَاقِيهَا لِرَجُلٍ فَاسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ الرَّجُلِ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَقَالَ لَهُ إنْ لَمْ أَدْفَعْ لَك دَيْنَك عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ يَكُنْ سُدُسُ الْمَعْصَرَةِ مِلْكًا لَك فِي مُقَابَلَةِ دَيْنِك ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ نَظِيرَ الدَّيْنِ وَيَزْعُمُ الرَّجُلُ أَنَّ الْحِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ هَذَا الْكَلَامِ فَهَلْ لَا تَدْخُلُ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ وَلَهُ أَخْذُ مَبْلَغِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ اشْتَرَتْ لِنَفْسِهَا مِنْ زَيْدٍ مَقْسِمًا مَعْلُومًا مِنْ دَارٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ بِنْتٍ وَابْنِ عَمٍّ يَزْعُمُ الِابْنُ أَنَّ الْمَقْسِمَ الْمَذْكُورَ لَهُ لِكَوْنِ بَعْضِ الثَّمَنِ مِنْ مَالِهِ أَخَذَتْهُ أُمُّهُ مِنْهُ فَهَلْ يَكُونُ الشِّرَاءُ لَهَا مِيرَاثًا عَنْهَا وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ طَرِيقُ مَاءٍ مَعْلُومٍ مَعَ حَقِّهِ مِنْ الْمَاءِ الْجَارِي إلَى دُورِهِمْ فَبَاعُوا مِنْهُ حِصَّةً مَعْلُومَةً بِحَقِّهَا مِنْ الْمَاءِ الْمَعْلُومِ مِنْ رَجُلَيْنِ بَيْعًا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَيَصِحُّ بَيْعُ حَقِّ الْمُرُورِ وَالشُّرْبِ تَبَعًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَطِئَ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَحَمَلَتْ مِنْهُ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ الْمَرْأَةُ عَلَى ذَلِكَ وَتُرِيدُ بَيْعَهَا لِمَنْ شَاءَتْ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ وَلَا تُكَلَّفُ عَلَى بَيْعِهَا مِنْهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ امْرَأَتِهِ وَقَالَ ظَنَنْت حِلَّهَا لِي فَلَا حَدَّ وَلَا نَسَبَ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ فِيهِمَا وَإِنْ مَلَكَهُ يَوْمًا عَتَقَ عَلَيْهِ تَنْوِيرٌ وَشَرْحُهُ لِلْعَلَائِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ حِصَّتَانِ فِي دَارَيْنِ فَبَاعَ الْحِصَّتَيْنِ مِنْ عَمْرٍو وَلَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ وَلَا الْمُشْتَرِي مِقْدَارَهُمَا وَقْتَ الْبَيْعِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ جَهِلَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ

فَالْبَيْعُ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّ جَهْلَ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو بَصَلًا مُدْرِكًا نَابِتًا فِي أَرْضِهِ مَعْلُومًا وُجُودُهُ فِيهَا شِرَاءً صَحِيحًا وَتَسَلَّمَ الْمَبِيعَ وَقَلَعَهُ وَبَاعَهُ بَعْدَمَا دَفَعَ بَعْضَ ثَمَنِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَفْعُ بَاقِيهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْبَيْعُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ بَيْعَ مَا أَصْلُهُ غَائِبٌ إذَا نَبَتَ وَعُلِمَ وُجُودُهُ صَحِيحٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ نَاقِلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ شَعِيرًا مِنْ آخَرَ بِشَعِيرٍ مُتَفَاضِلًا نَسِيئَةً فِي الذِّمَّةِ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْآنَ قَامَ يَطْلُبُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيُكَلِّفُهُ أَخْذَ الْمَبِيعِ فَهَلْ لَيْسَ لِلْبَائِعِ ذَلِكَ وَالْبَيْعُ الْمَذْكُورُ فَاسِدٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ فِي صِحَّتِهِ مِنْ ابْنَيْهِ الْبَالِغَيْنِ عَقَارَاتٍ فِي بَعْضِهَا أَمْتِعَةٌ لَهُ وَأَغْنَامٌ وَخَيْلٌ وَبَقَرٌ وَحِصَصٌ مَعْلُومَةٌ فِي خَيْلٍ أُخَرَ مَعْلُومٌ ذَلِكَ كُلُّهُ بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُمَا مِنْهُ وَمِنْ الدَّعْوَى بِهِ وَمِنْ الدَّعْوَى بِالْغَبْنِ إبْرَاءً شَرْعِيًّا مَقْبُولًا لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يَعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا وَالْبَيْعُ الْمَزْبُورُ صَحِيحٌ نَافِذٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ جَمِيعَ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ نُقُودٍ وَبَضَائِعَ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ فَأَجَابَ إنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي جَمِيعَ مَا يَمْلِكُهُ الْبَائِعُ صَحَّ الْبَيْعُ وَلَا يَضُرُّ جَهْلُ الْبَائِعِ بِمِقْدَارِهِ اهـ وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ بِعْتُك جَمِيعَ مَالِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ مِنْ الدَّقِيقِ أَوْ الْبُرِّ أَوْ الثِّيَابِ فَهُنَا خَمْسُ مَسَائِلَ إحْدَاهَا هَذِهِ، الثَّانِيَةُ الدَّارُ الثَّالِثَةُ الْبَيْتُ الرَّابِعَةُ الصُّنْدُوقُ الْخَامِسَةُ الْجَوَالِقُ، وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي بِمَا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ أَوْ لَا يَعْلَمَ إنْ عَلِمَ جَازَ وَإِلَّا فَفِي الْقَرْيَةِ وَالدَّارِ لَا يَجُوزُ وَفِي الْبَوَاقِي جَائِزٌ. اهـ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ اشْتَرَتْ مِنْ آخَرَ حِصَّةً شَائِعَةً مِنْ غِرَاسٍ مُسْتَحَقٍّ لِلْبَقَاءِ قَائِمٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ بِدُونِ إذْنِ الشُّرَكَاءِ وَلَا تَصْدِيقَ مِنْهُمْ وَتَصَرَّفَتْ بِثَمَرَةِ الْحِصَّةِ مُدَّةً ثُمَّ حَكَمَ حَاكِمٌ بِفَسَادِ الْبَيْعِ لِعَدَمِ إجَازَةِ الشُّرَكَاءِ وَتَصْدِيقِهِمْ بَعْدَمَا اسْتَهْلَكَتْ ذَلِكَ فَهَلْ تَضْمَنُ مَا اسْتَهْلَكَتْهُ مِنْ الثَّمَرَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ تُضْمَنُ بِالِاسْتِهْلَاكِ لَا بِالْهَلَاكِ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَمِثْلُهُ الْبَحْرُ وَالْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِي دَرَجِ الدَّارِ الْمُتَّصِلِ بِهَا اتِّصَالَ قَرَارٍ هَلْ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَيَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالْمَفَاتِيحُ وَالسُّلَّمُ الْمُتَّصِلُ وَالسَّرِيرُ وَالدَّرَجُ فِي بَيْعِهَا اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ نِصْفُ أَغْنَامٍ مَعْلُومَةٍ مَوْضُوعَةٍ فِي نَاحِيَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ نَوَاحِي دِمَشْقَ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ فَبَاعَ النِّصْفَ الْمَزْبُورَ مِنْ عَمْرٍو وَهُمَا بِدِمَشْقَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مَقْبُوضٍ وَلَمْ يُسَلِّمْ الْمَبِيعَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ وَنَتَجَتْ نِتَاجًا وَنُقِلَتْ إلَى نَوَاحِي حِمْصَ وَحَمَاةَ وَالْآنَ طَلَبَ عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ لَهُ فِي الْمَكَانِ الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ وَقْتَ الْعَقْدِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيَكُونُ نِصْفُ النِّتَاجِ تَابِعًا لِلْمَبِيعِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا اقْتَضَاهُ مَا فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ بُيُوعِ الذَّخِيرَةِ حَيْثُ قَالَ الْأَصْلُ أَنَّ مُطْلَقَ الْعَقْدِ يَقْتَضِي تَسْلِيمَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَلَا يَقْتَضِي تَسْلِيمَهُ فِي مَكَانِ الْعَقْدِ هُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا حَتَّى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً وَهُوَ فِي الْمِصْرِ وَالْحِنْطَةُ فِي السَّوَادِ يَجِبُ تَسْلِيمُهَا بِالسَّوَادِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ يَجِبُ تَسْلِيمُهَا حَيْثُ عَقَدَ الْعَقْدَ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْهِنْدِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ وَمَثَّلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ شَخْصٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دَارًا بِبَلَدٍ وَهُمَا بِبَلَدٍ أُخْرَى وَبَيْنَ الْبَلَدَيْنِ مَسَافَةُ يَوْمَيْنِ وَلَمْ يَقْبِضْهَا بَلْ خَلَّى الْبَائِعُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْمَبِيعِ التَّخْلِيَةَ الشَّرْعِيَّةَ لِيَتَسَلَّمَهُ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ وَتَكُونُ التَّخْلِيَةُ كَالتَّسْلِيمِ أَجَابَ إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّارُ بِحَضْرَتِهِمَا وَقَالَ الْبَائِعُ سَلَّمْتهَا لَك وَقَالَ الْمُشْتَرِي تَسَلَّمْت لَا يَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا مَا لَمْ تَكُنْ الدَّارُ قَرِيبَةً مِنْهُمَا بِحَيْثُ يَقْدِرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الدُّخُولِ فِيهَا

وَالْإِغْلَاقِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَابِضًا وَفِي مَسْأَلَتِنَا مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ يَتَمَكَّنُ مِنْ الذَّهَابِ إلَيْهَا وَالدُّخُولِ فِيهَا لَمْ يَكُنْ قَابِضًا. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَرْسَلَ زَيْدٌ رَجُلًا لِعَمْرٍو أَنْ يُرْسِلَ لَهُ قَدْرًا مِنْ الْحَرِيرِ فَأَرْسَلَ لَهُ مَعَ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ وَبَاعَهُ الرَّجُلُ مِنْ آخَرَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَلَا إجَازَةٍ مِنْهُمَا وَلَا وَجْهَ شَرْعِيٌّ وَبِدُونِ سِعْرِهِ الْوَاقِعِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَتَعَذَّرَ اسْتِرْدَادُهُ مِنْ مُشْتَرِيهِ فَهَلْ يَضْمَنُ الْبَائِعُ مِثْلَهُ لِصَاحِبِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ مِنْ فَصْلِ الْفُضُولِيِّ فَلَوْ سَلَّمَهُ فَهَلَكَ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ فَأَيُّهُمَا اخْتَارَ ضَمَانَهُ بَرِئَ الْآخَرُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو خِنْجَرًا لِيَبِيعَهُ ثُمَّ طَالَبَهُ بِالثَّمَنِ فَقَالَ بِعْته مِنْ رَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ وَسَلَّمْته وَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ فَهَلْ يَضْمَنُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ وَكِيلُ الْبَيْعِ بِعْته مِنْ رَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ وَسَلَّمْته وَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ ضَمِنَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْقُمْقُمَةِ وَهِيَ: دَفَعَ إلَيْهِ قُمْقُمَةً وَقَالَ ادْفَعْهَا إلَى مَنْ يُصْلِحُهَا فَدَفَعَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ إلَى مَنْ دَفَعَهَا لَمْ يَضْمَنْ كَمَنْ وَضَعَ الْوَدِيعَةَ فِي بَيْتِهِ وَنَسِيَهَا وَقَدْ هَلَكَتْ لَمْ يَضْمَنْ. مُؤَيِّدِيَّةٌ وَفِيهَا أَيْضًا دَفَعَ إلَى دَلَّالٍ ثَوْبًا لِيَبِيعَهُ فَقَالَ ضَاعَ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ ضَاعَ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ قَالَ فِي أَيِّ حَانُوتٍ وَضَعْت يَضْمَنُ بَزَّازِيَّةٌ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ أَقْمِشَةً مَعْلُومَةً مِنْ عَمْرٍو وَهُمَا بِدِمَشْقِ الشَّامِ بِثَمَنٍ مَعْلُومِ الْقَدْرِ مِنْ الْقُرُوشِ الْفِضَّةِ الْغَيْرِ الْمُشَارِ إلَيْهَا أَطْلَقَ الثَّمَنَ وَمَالِيَّتُهُ وَرَوَاجُهُ مُسْتَوِيَانِ وَيُرِيدُ الْبَائِعُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ عَلَى حِسَابِ مُعَامَلَةِ حَلَبَ الزَّائِدَةِ عَلَى مُعَامَلَةِ دِمَشْقَ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ بَلَدُ الْعَقْدِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِنْ أَطْلَقَ الثَّمَنَ بَعْدَ تَسْمِيَةِ قَدْرِهِ عَنْ الْوَصْفِ وَالْإِشَارَةِ وَنَقْدِ الْبَلَدِ فَإِنْ اسْتَوَتْ مَالِيَّةُ النُّقُودِ وَرَوَاجُهَا صَحَّ الْبَيْعُ وَلَزِمَ دَفْعُ مَا قَدَرَ بِهِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ فَيَدْفَعُ الْمُشْتَرِي أَيَّ نَوْعٍ شَاءَ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ رَوَاجًا مَعَ اسْتِوَاءِ الْمَالِيَّةِ أَوْ اخْتِلَافِهَا فَمِنْ الْأَرْوَجِ فِي بَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ عُرْفًا وَهُوَ كَالْمَعْلُومِ شَرْعًا وَإِنْ اسْتَوَى رَوَاجُهَا لَا مَالِيَّتُهَا فَسَدَ الْبَيْعُ لِلْجَهَالَةِ مَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمُشْتَرِي أَحَدَ النُّقُودِ فِي الْمَجْلِسِ وَيَرْضَى بِهِ الْبَائِعُ لِارْتِفَاعِ الْمُفْسِدِ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ فَالْمَسْأَلَةُ رُبَاعِيَّةٌ شَرْحُ الْمُلْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بَقَرَةٌ مَعْلُومَةٌ فَبَاعَهَا بِحَضْرَةِ زَوْجَتِهِ مِنْ عَمْرٍو وَتَسَلَّمَهَا عَمْرٌو وَبَقِيَتْ عِنْدَهُ مُدَّةً وَنَتَجَتْ عِنْدَهُ نِتَاجًا قَامَتْ الْآنَ زَوْجَةُ زَيْدٍ تَدَّعِي أَنَّ الْبَقَرَةَ لَهَا فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَتْ حَاضِرَةً حِينَ الْبَيْعِ تَعْلَمُ بِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا وَالْمَسْأَلَةُ فِي شَتَّى الْفَرَائِضِ مِنْ التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى وَالْكَنْزِ وَغَيْرِهَا وَعِبَارَةُ الْمِنَحِ بَاعَ عَقَارًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ ثَوْبًا وَابْنُهُ أَوْ امْرَأَتُهُ حَاضِرٌ يَعْلَمُ بِهِ ثُمَّ ادَّعَى الِابْنُ أَنَّهُ مِلْكُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ جَارًا إلَّا إذَا تَصَرَّفَ فِيهِ الْمُشْتَرِي زَرْعًا وَبِنَاءً فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ اهـ وَقَدْ أَوْضَحَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الدَّعْوَى فَرَاجِعْهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقْبَضَ زَيْدٌ عَمْرًا دَرَاهِمَ لَهُ عَلَيْهِ وَقَضَاهَا عَمْرٌو مِنْ غَرِيمِهِ بَكْرٍ فَوَجَدَ الْغَرِيمُ بَعْضَهَا زُيُوفًا فَرَدَّهَا عَلَى عَمْرٍو بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَيُرِيدُ عَمْرٌو رَدَّهَا عَلَى زَيْدٍ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ خِيَارِ الْعَيْبِ (أَقُولُ) وَسَيَأْتِي لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَزِيدُ بَيَانٍ فِي بَابِ الْخِيَارَاتِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَسْكَنَهُ الْمَعْلُومَ شِرَاءً شَرْعِيًّا بِكُلِّ حَقٍّ لَهُ وَلِلْمَسْكَنِ الْمَزْبُورِ شِرْبٌ مَعْلُومٌ فَهَلْ يَدْخُلُ الشِّرْبُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الشِّرْبُ مِنْ حُقُوقِ الْمَسْكَنِ يَدْخُلُ بِكُلِّ حَقٍّ لَهُ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَا يَدْخُلُ الطَّرِيقُ وَالْمَسِيلُ وَالشِّرْبُ إلَّا بِنَحْوِ كُلِّ حَقٍّ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ أَيْ لَا تَدْخُلُ الثَّلَاثَةُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ أَوْ الْمَسْكَنِ إلَّا بِذِكْرِ كُلِّ حَقٍّ وَنَحْوِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو قِطْعَةَ أَرْضٍ مَعْلُومَةٍ لِلِاسْتِطْرَاقِ مِنْ ذَلِكَ لِدَارِهِ وَفِيهَا بِنَاءٌ مُتَّصِلٌ بِهَا اتِّصَالَ قَرَارٍ شِرَاءً شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَهَلْ يَدْخُلُ الْبِنَاءُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَيَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ بِلَا ذِكْرٍ لِكَوْنِهِ مُتَّصِلًا بِالْقَرَارِ فَيَدْخُلُ تَبَعًا إلَخْ بَحْرٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ

دَارٌ مَعْلُومَةٌ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهِ فَسَاوَمَهُ عَمْرٌو عَلَى أَنْ يَبِيعَهَا مِنْهُ فَأَجَابَهُ وَتَرَاضَيَا عَلَى ثَمَنٍ مَعْلُومٍ دَفَعَهُ عَمْرٌو فِي الْمَجْلِسِ بِيَدِ الْبَائِعِ ثُمَّ ذَهَبَ عَمْرٌو قَبْلَ أَنْ يَتَسَلَّمَ الدَّارَ الْمَزْبُورَةَ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَيَكْفِي الْإِعْطَاءُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَهَلْ قَبْضُ الْبَدَلَيْنِ شَرْطٌ فِيهِ أَوْ أَحَدُهُمَا كَافٍ خِلَافٌ أَفْتَى الْحَلْوَانِيُّ بِالْأَوَّلِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدِي وَاكْتَفَى الْكَرْمَانِيُّ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ مَعَ بَيَانِ الثَّمَنِ أَمَّا إذَا دَفَعَ الثَّمَنَ وَحْدَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ بَيْعَ مُقَايَضَةٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّ قَبْضَ أَحَدِهِمَا كَافٍ لِنَصِّ مُحَمَّدٍ عَلَى أَنَّهُ يَثْبُتُ بِقَبْضِ أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ وَهَذَا يَنْتَظِمُ الثَّمَنَ وَالْمَبِيعَ وَقَوْلُهُ فِي الْجَامِعِ إنَّ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ يَكْفِي لَا يَنْفِي الْآخَرَ إلَخْ نَهْرٌ تَحْتَ قَوْلِهِ وَيَلْزَمُ أَيْضًا بِتَعَاطٍ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالْمِنَحِ وَشَرْحِ الْمُلْتَقَى. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ تَابِعٌ أَرْسَلَهُ إلَى تَاجِرٍ عِنْدَهُ بِضَاعَةٌ لِيَأْتِيَ لَهُ بِهَا بَعْدَ أَنْ يُقَوِّمَهَا فَفَعَلَ التَّابِعُ ذَلِكَ وَحَمَلَهَا لِزَيْدٍ ثُمَّ غَابَ زَيْدٌ وَالْآنَ قَامَ التَّاجِرُ يُطَالِبُ التَّابِعَ الرَّسُولَ الْمَزْبُورَ بِالثَّمَنِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الرَّسُولِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْبَيْعِ (أَقُولُ) وَيَأْتِي قَرِيبًا تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ مِنْ آخَرَ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هُوَ ثَمَنُ مِثْلِهَا بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ عَهِدَ إلَى الْبَائِعِ بَعْدَ الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ أَنَّهُ إنْ أَوْفَى مِثْلَ ثَمَنِهَا يُرَدُّ لَهُ الْمَبِيعُ الْمَزْبُورُ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْبَيْعُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ يَكُونُ الْبَيْعُ بَاتًّا لَا رَهْنًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي مُعْتَقَلِ اللِّسَانِ إذَا بَاعَ بِإِشَارَتِهِ الْمَعْهُودَةِ وَمَاتَ عَلَى عَقْلَتِهِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ جَائِزًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِالْإِشَارَةِ أَوْ طَلَّقَ بِهَا أَوْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى يُجْعَلُ ذَلِكَ مَوْقُوفًا فَإِنْ مَاتَ عَلَى عَقْلَتِهِ جَازَ ذَلِكَ كُلُّهُ مُسْتَنِدًا وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى هَذَا لَوْ تَزَوَّجَ بِالْإِشَارَةِ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ الزَّوْجَةِ لِعَدَمِ نَفَاذِهِ لَكِنَّهُ إذَا مَاتَ بِحَالِهِ حَكَمْنَا بِنَفَاذِهِ فَيَسُوغُ لَهَا أَخْذُ الْمَهْرِ مِنْ تَرِكَتِهِ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ مِنْ مَشَايِخِنَا لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ يُفِيدُهُ مِنَحٌ مِنْ شَتَّى الْفَرَائِضِ وَتَمَامُ التَّحْقِيقِ فِيهَا وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُتُونِ وَالْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي بَيْعِ الْمَأْجُورِ إذَا أَجَازَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَوَصَلَ إلَيْهِ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَهَلْ يَنْفُذُ الْبَيْعُ وَيُنْزَعُ الْمَأْجُورُ مِنْ يَدِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي 32 مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْبَيْعُ بِلَا إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي لَا فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ فَلَوْ سَقَطَ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ عَمِلَ ذَلِكَ الْبَيْعُ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّجْدِيدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَوْ أَجَازَهُ الْمُسْتَأْجِرُ نَفَذَ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَلَا يُنْزَعُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ مَالُهُ إذْ رِضَاهُ بِالْبَيْعِ يُعْتَبَرُ لِفَسْخِ الْإِجَارَةِ لَا لِلِانْتِزَاعِ مِنْ يَدِهِ وَعَنْ بَعْضِنَا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ وَسَلَّمَ وَأَجَازَهُ الْمُسْتَأْجِرُ بَطَلَ حَقُّ حَبْسِهِ وَلَوْ أَجَازَ الْبَيْعَ لَا التَّسْلِيمَ لَا يَبْطُلُ حَقُّ حَبْسِهِ. اهـ. اشْتَرَى دَارًا فِي إجَارَةِ إنْسَانٍ فَقَالَ لَهُ أَخُو الْمُشْتَرِي إنَّ أَخِي اشْتَرَى الدَّارَ الَّتِي فِي إجَارَتِك فَقَالَ مُبَارَكٌ بَارٌّ فَهَذَا إجَازَةٌ مِنْ بُيُوعِ الْقُنْيَةِ فِي الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ قِطْعَةُ أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي مِلْكِهِ فَبَاعَهَا مِنْ عَمْرٍو بِقِطْعَةِ أَرْضٍ مِثْلِهَا بَيْعَ مُقَايَضَةٍ بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَهَلْ صَحَّ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي مَسْكَنٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ أَخَوَيْنِ مُنَاصَفَةً بَاعَاهُ مِنْ رَجُلٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَاسْتَثْنَيَا مَمَرَّهُ الْمَعْلُومَ وَأَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْبَيْعِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ وَالِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ وَلَوْ قَالَ أَبِيعُك هَذِهِ الدَّارَ إلَّا طَرِيقًا مِنْهَا مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إلَى بَابِ الدَّارِ وَوَصَفَ الطُّولَ وَالْعَرْضَ جَازَ الْبَيْعُ شَرَطَ الطَّرِيقَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ تَكَلُّمٌ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا فَيَكُونُ جَمِيعُ الثَّمَنِ يُقَابِلُهُ غَيْرُ الْمُسْتَثْنَى فَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ بَحْرٌ مِنْ الْبَيْعِ تَحْتَ قَوْلِهِ وَلَوْ اسْتَثْنَى مِنْهَا أَرْطَالًا مَعْلُومَةً صَحَّ.

سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ فِي الْبَيْعِ فَهَلْ تَكُونُ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ مُقَدَّمَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الدَّعْوَى مُفَصَّلَةٌ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ دَابَّةً بِحُضُورِ صَاحِبِهَا وَهُوَ سَاكِتٌ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : سُكُوتُهُ لَا يَكُونُ رِضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَشْبَاهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ جَارِيَةٌ وَلَدَتْ مِنْهُ يُرِيدُ بَيْعَهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَدَتْ أَمَةٌ مِنْ السَّيِّدِ لَمْ تُمْلَكْ وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ لَمْ تُمْلَكْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا وَلَا هِبَتُهَا وَلَا إخْرَاجُهَا عَنْ الْمِلْكِ بَحْرٌ مِنْ الِاسْتِيلَادِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِرَجُلٍ ابْنٌ قَيَّدَهُ فِي أُمُورِهِ وَمَصْرُوفِهِ وَتَعَاطِي مَصَالِحِهِ مُدَّةً فَأَخَذَ الِابْنُ مِنْ التُّجَّارِ عُرُوضًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ عَلَى سَبِيلِ الرِّسَالَةِ عَنْ أَبِيهِ قَامَ الْآنَ أَرْبَابُ الْعُرُوضِ يُطَالِبُونَ الرَّسُولَ بِذَلِكَ قَائِلِينَ إنَّا بِعْنَاهَا مِنْك وَثَمَنُهَا عَلَيْك وَقَالَ الرَّسُولُ كُنْت رَسُولَ وَالِدِي وَلَا ثَمَنَ لَكُمْ عَلَيَّ فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّسُولِ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ وَلَا يُطَالَبُ الرَّسُولُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ وَفِي الدُّرَرِ مِنْ أَوَائِلِ الْبَيْعِ الرَّسُولُ مُعَبِّرٌ وَسَفِيرٌ فَكَلَامُهُ كَلَامُ الْمُرْسِلِ (أَقُولُ) وَكَذَا أَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةِ وَعَزَا ذَلِكَ إلَى الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ قَالَ وَعِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْبُيُوعِ امْرَأَةٌ اشْتَرَتْ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ كُنْت رَسُولَ زَوْجِي إلَيْك وَكَانَ الْبَيْعُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ وَلَيْسَ عَلَيَّ الثَّمَنُ وَقَالَ الْبَائِعُ لَا بَلْ بِعْتهَا مِنْك وَلِي عَلَيْك الثَّمَنُ كَانَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلَ الْمَرْأَةِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْبَائِعِ وَمِثْلُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ أَئِمَّتِنَا الْمُعْتَمَدَةِ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي وَاقِعَةِ الْحَالِ إلَخْ. (وَأَقُولُ) أَيْضًا سَنَذْكُرُ فِي الْبَابِ الْآتِي الْفَرْقَ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ وَالرَّسُولُ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ إضَافَتِهِ إلَى الْمُرْسِلِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الشِّرَاءَ مَتَى وَجَدَ نَفَادًا لَمْ يَتَوَقَّفْ فَإِذَا لَمْ يُضِفْ الرَّسُولُ عَقْدَ الشِّرَاءِ إلَى الْمُرْسِلِ لَمْ يَقَعْ الشِّرَاءُ لِلْمُرْسِلِ بَلْ يَقَعُ لِلرَّسُولِ فَفِي مَسْأَلَتِنَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ وَقَعَ الشِّرَاءُ لَهُ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ قَوْلُهُ كُنْت رَسُولًا عَنْ فُلَانٍ وَإِلَى هَذَا يُشِيرُ قَوْلُ الْخَانِيَّةِ كُنْت رَسُولَ زَوْجِي إلَيْك وَكَانَ الْبَيْعُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ فَقَوْلُهُ وَكَانَ الْبَيْعُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ مُضَافًا إلَى الْمُرْسِلِ وَحِينَئِذٍ فَوَجْهُ كَوْنِ الْقَوْلِ لِلْمُشْتَرِي أَنَّهُ مُنْكِرٌ إضَافَةَ الْعَقْدِ إلَى نَفْسِهِ وَالْبَائِعُ يَدَّعِي عَلَيْهِ ذَلِكَ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ بِيَمِينِهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْبَحْرِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْحُقُوقُ فِيمَا يُضِيفُهُ الْوَكِيلُ إلَى نَفْسِهِ إلَخْ مَا نَصُّهُ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ رَسُولٌ وَقَالَ الْبَائِعُ إنَّهُ وَكِيلٌ وَطَالَبَهُ بِالثَّمَنِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْبَائِعِ إلَيْهِ أُشِيرَ فِي بُيُوعِ الْخَانِيَّةِ وَشَرْطُهُ الْإِضَافَةُ إلَى مُرْسِلِهِ اهـ أَيْ شَرْطُ كَوْنِ الْقَوْلِ لِلْمُشْتَرِي إضَافَةُ عَقْدِ الشِّرَاءِ إلَى مُرْسِلِهِ فَلَوْ أَضَافَهُ إلَى نَفْسِهِ لَزِمَهُ الثَّمَنُ وَهَذَا عَيْنُ مَا فَهِمْته وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ الْبَصَلِ مِنْ عَمْرٍو ثُمَّ خَسِرَ فِيهِ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى عَمْرٍو لِلْبَائِعِ بِمَا خَسِرَهُ زَاعِمًا أَنَّهُ ضَمِنَ لَهُ ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ ضَمَانُ الْخُسْرَانِ بَاطِلًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ إمَّا ضَامِنٌ لِمَا يَخْسَرُهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ نَظَرًا إلَى قَوْلِهِ عَلَيَّ؛ لِأَنَّهَا لِلْوُجُوبِ فَلَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ بَايِعْ فِي السُّوقِ فَمَا خَسِرْت فَعَلَيَّ إلَخْ زَيْلَعِيٌّ مِنْ الْكَفَالَةِ وَفِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ؛ لِأَنَّهُ إمَّا ضَمَانُ الْخُسْرَانِ أَوْ تَوْكِيلٌ بِمَجْهُولٍ وَذَلِكَ بَاطِلٌ اهـ وَهَذَا مُلَخَّصُ مَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ وَمَسْأَلَةُ بَايِعْ فِي السُّوقِ صَرَّحَ بِهَا فِي الْخَانِيَّةِ بِقَوْلِهِ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ بَايِعْ فُلَانًا عَلَى أَنَّ مَا أَصَابَك مِنْ خُسْرَانٍ فَهُوَ عَلَيَّ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ فَهَلْ الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ بِيَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ أَحَدُهُمَا يَدَّعِي الصِّحَّةَ وَالْآخَرُ يَدَّعِي الْفَسَادَ بِشَرْطٍ فَاسِدٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ الْفَسَادِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَإِنْ كَانَ يَدَّعِي الْفَسَادَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بِأَنْ ادَّعَى

أَنَّهُ اشْتَرَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرِطْلٍ مِنْ خَمْرٍ وَالْآخَرُ يَدَّعِي الْبَيْعَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الصِّحَّةَ أَيْضًا وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْآخَرِ كَمَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَفِي رِوَايَةٍ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ خَانِيَّةٌ مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الدَّعْوَى. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَارًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَخَلَّى الْمُشْتَرِي بَيْنَ الثَّمَنِ وَبَيْنَ الْبَائِعِ عَلَى وَجْهٍ يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ وَقَالَ لَهُ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهُ وَصَدَرَ ذَلِكَ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَحَاكِمٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَكُونُ الْبَائِعُ قَابِضًا لِلثَّمَنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّجْرِيدِ وَتَسْلِيمُ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عَلَى وَجْهٍ يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ وَشَرْطٌ فِي الْأَجْنَاسِ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَ الْمَبِيعِ فَاقْبِضْهُ نَهْرٌ مِنْ الْبَيْعِ قُبَيْلَ بَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ بِأَبْسَطِ مِمَّا هُنَا وَكَذَا فِي الْمِنَحِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ الزَّبِيبِ بِمِثْلِ مَا يَبِيعُ النَّاسُ بِهِ وَلَمْ يَعْلَمَا سِعْرَ النَّاسِ فِي الْمَجْلِسِ وَتَصَرَّفَ زَيْدٌ بِالزَّبِيبِ وَاسْتَهْلَكَهُ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ فَاسِدًا وَعَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِهِ حَيْثُ الْمِثْلُ مَوْجُودٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْبَيْعُ بِمِثْلِ مَا يَبِيعُ النَّاسُ أَوْ بِمِثْلِ مَا أَخَذَ بِهِ فُلَانٌ فَإِنْ عُلِمَ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ وَإِلَّا بَطَلَ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ فَصْلِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِامْرَأَةٍ أَمْتِعَةٌ وَغِرَاسَاتٌ فَبَاعَتْ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهَا مِنْ ابْنَتِهَا الْيَتِيمَةِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَبْرَأَتْ ذِمَّةَ ابْنَتِهَا مِنْهُ إبْرَاءً شَرْعِيًّا مَقْبُولًا مِنْ عَمِّهَا الْوَصِيِّ الشَّرْعِيِّ عَلَيْهَا الْمُبَاشِرِ عَقْدَ الشِّرَاءِ الْمَزْبُورِ لَهَا لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ عَنْهَا وَعَنْ عَمٍّ عَصَبَةٍ يَزْعُمُ أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ فِي الْمَرَضِ وَالْوَصِيُّ يَدَّعِي أَنَّهُ فِي الصِّحَّةِ فَهَلْ إذَا أَقَامَا بَيِّنَةً تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ رَجُلٌ كَانَ صَالِحًا فَفَسَدَ وَحَجَرَ الْقَاضِي عَلَيْهِ وَقَدْ كَانَ إنْسَانٌ اشْتَرَى مِنْهُ شَيْئًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي كُنْت اشْتَرَيْته قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْك وَقَالَ لَا بَلْ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيَّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ حَادِثٌ فَيُضَافُ إلَى أَقْرَبِ الْأَحْوَالِ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي لِمَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُثْبِتُ الصِّحَّةَ وَبَيِّنَةُ مُثْبِتِ الصِّحَّةِ أَوْلَى وَالثَّانِي أَنَّهُ يُثْبِتُ التَّارِيخَ قَالَ وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ عَنْهُ الْحَجْرَ ثُمَّ قَالَ اشْتَرَيْته مِنِّي فِي حَالَةِ الْحَجْرِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْته مِنْك بَعْدَ الْإِطْلَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَذَلِكَ لِمَا قُلْنَا إنَّهُ يَدَّعِي أَمْرًا حَادِثًا فَيُضَافُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ أَنْقِرْوِيٌّ مِنْ تَرْجِيحِ الْبَيِّنَةِ عَنْ مُخْتَصَرِ شَرْحِ أَدَبِ الْقَضَاءِ فِي آخِرِ بَابِ الْحَجْرِ وَإِذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ فَالْبَيِّنَةُ الصَّادِرَةُ مِنْ الزَّوْجَةِ أَنَّهُ كَانَ فِي صِحَّتِهِ مُرَجِّحَةٌ؛ لِأَنَّهَا الْمُدَّعِيَةُ وَالْوَرَثَةُ يُنْكِرُونَ وَالْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي لَا لِلْمُنْكِرِ صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِنَا خَيْرِيَّةٌ مِنْ الدَّعْوَى ضِمْنَ سُؤَالٍ وَفِيهَا مِنْ الْوَقْفِ وَإِذَا تَعَارَضَتْ الْبَيِّنَتَانِ بَيِّنَةُ كَوْنِهِ فِي الصِّحَّةِ وَبَيِّنَةُ كَوْنِهِ فِي الْمَرَضِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِنَا إلَخْ وَصِيٌّ بَاعَ شَيْئًا فَادَّعَى الْوَرَثَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْوَصِيَّ بَاعَهُ مِنْك بَعْدَ الْعَزْلِ فَلَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ وَصِيًّا وَقْتَ الشِّرَاءِ فَبَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَوْلَى لِمَا فِيهَا مِنْ إثْبَاتِ نَفَاذِ الشِّرَاءِ وَسَبْقِ التَّارِيخِ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ فَصْلِ الْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَضَادَّتَيْنِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى رَقِيقَةً وَعَقَدَ نِكَاحَهُ عَلَيْهَا وَوَطِئَهَا وَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُ وَلَمْ تَلِدْ وَلَا صَدَرَ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ مِنْ بَيْعِهَا فَهَلْ لَهُ بَيْعُهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ بِنْتَانِ يَتِيمَتَانِ فِي حِجْرِهَا اشْتَرَتْ لَهُمَا مَا لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْهُ كَالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ جَائِزًا مِنْهَا؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَتَا فِي حِجْرِ أُمِّهِمَا يَكُونُ شِرَاؤُهَا ذَلِكَ جَائِزًا مِنْهَا وَاقِعًا مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِقَاصِرَةٍ يَتِيمَةٍ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي دَارٍ مُعَيَّنَةٍ وَلَهَا مَالٌ وَحِصَّةٌ فِي أَوْقَافٍ أَهْلِيَّةٍ تَحْتَ يَدِ أَخِيهَا الْوَصِيِّ الشَّرْعِيِّ عَلَيْهَا النَّاظِرِ عَلَى الْأَوْقَافِ الْمَزْبُورَةِ وَالْحِصَّةُ تَفِي بِنَفَقَتِهَا وَكِسْوَتِهَا وَيُرِيدُ أَخُوهَا

باب الخيارات

بَيْعَ حِصَّتِهِ فِي الدَّارِ الْمَزْبُورَةِ بِدُونِ مُسَوِّغٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو بَضَائِعَ مَعْلُومَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُعَامَلَةَ الْبَلْدَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا عَقْدُ الْبَيْعِ وَتَسَلَّمَ زَيْدٌ الْمَبِيعَ وَلَمْ يَنْقُدْ الدَّرَاهِمَ حَتَّى تَغَيَّرَتْ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا إلَّا أَنَّهَا رَائِجَةٌ فِي التِّجَارَاتِ فَهَلْ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ مِثْلِهَا لِلْبَائِعِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَهِيَ رَائِجَةٌ فِي التِّجَارَاتِ فَعَلَى زَيْدٍ الْمُشْتَرِي رَدُّ مِثْلِهَا لِعَمْرٍو الْبَائِعِ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ قُيِّدَ بِالْكَسَادِ؛ لِأَنَّهَا إذَا غَلَتْ أَوْ رَخُصَتْ كَانَ عَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِهَا بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَنَقَلَ الْعَلَّامَةُ قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ قَبْضِ الثَّمَنِ وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِدَرَاهِمَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى تَغَيَّرَتْ فَإِنْ كَانَتْ لَا تَرُوجُ فِي التِّجَارَاتِ فَسَدَ الْبَيْعُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِالْفُلُوسِ الرَّائِجَةِ فَكَسَدَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَدْ مَرَّ وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ بَعْدَ التَّغَيُّرِ تَرُوجُ فِي التِّجَارَاتِ إلَّا أَنَّهُ انْتَقَصَتْ قِيمَتُهَا لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا ذَلِكَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ فِي نُقْصَانِ الْقِيمَةِ أَيْضًا وَإِنْ انْقَطَعَتْ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ الْيَوْمَ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَةُ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ قَبْلَ الِانْقِطَاعِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ حِصَّةٌ شَائِعَةٌ مَعْلُومَةٌ مِنْ بِنَاءِ دَارٍ قَائِمٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي وَقْفِ أَرْضٍ مُحْتَكَرَةٍ وَبَاقِيهِ فِي مِلْكِ جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ وَيُرِيدُ زَيْدٌ بَيْعَ حِصَّتِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَهَلْ يَصِحُّ بَيْعُهَا إذَا أَجَازَ الشُّرَكَاءُ أَوْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ يَرَى صِحَّتَهُ مِنْ غَيْرِ الشَّرِيكِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ مُسْتَوْفًى عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَنَظَائِرِهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو بَيْتًا مَعْلُومًا شِرَاءً شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مَقْبُوضٍ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْمَبِيعَ مُرْتَهَنٌ عِنْدَ بَكْرٍ مُسَلَّمًا لَهُ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ صَبَرَ إلَى فَكِّ الرَّهْنِ أَوْ يُرْفَعُ الْأَمْرُ لِلْقَاضِي لِيَفْسَخَ الْبَيْعَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ التِّينِ وَتَسَلَّمَهُ عَمْرٌو مِنْهُ ثُمَّ بَاعَهُ عَمْرٌو مِنْ بَكْرٍ وَسَلَّمَهُ لَهُ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ زَيْدٍ وَلَا إجَازَةٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَتَصَرَّفَ بِهِ بَكْرٌ وَالْآنَ يُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يُضَمِّنَ بَكْرًا قِيمَتَهُ بَعْدَ الثُّبُوتِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ فَلَوْ سَلَّمَهُ فَهَلَكَ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ فَأَيُّهُمَا اخْتَارَ ضَمَانَهُ بَرِئَ الْآخَرُ؛ لِأَنَّ فِي التَّضْمِينِ تَمْلِيكًا مِنْهُ فَإِذَا مَلَكَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا لَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ مِنْ الْآخَرِ فَإِذَا اخْتَارَ تَضْمِينَ الْمُشْتَرِي بَطَلَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْقِيمَةِ كَأَخْذِ الْعَيْنِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ لَا بِمَا ضَمِنَ وَإِنْ اخْتَارَ تَضْمِينَ الْبَائِعِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ قَبْضُ الْبَائِعِ مَضْمُونًا عَلَيْهِ نَفَذَ بَيْعُهُ بِالضَّمَانِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ مِلْكِهِ تَقَدُّمُ عَقْدِهِ وَإِنْ كَانَ قَبْضُهُ أَمَانَةً فَإِنَّمَا صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالتَّسْلِيمِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَا يَنْفُذُ بَيْعُهُ بِالضَّمَانِ لِتَأَخُّرِ سَبَبِ مِلْكِهِ عَنْ الْعَقْدِ وَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ بِتَضْمِينِ الْبَائِعِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ سَلَّمَ أَوَّلًا ثُمَّ صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ ثُمَّ بَاعَهُ فَصَارَ كَالْمَغْصُوبِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. اهـ. [بَابُ الْخِيَارَاتِ] (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ الْعِلْكِ فِي ظُرُوفٍ عِدَّةٍ وَرَأَى مَا فِي ظَرْفٍ وَاحِدٍ مِنْهَا فَقَطْ فَوَجَدَهُ جَيِّدًا ثُمَّ فَتَحَ الْبَاقِي مِنْهَا فَوَجَدَ مَا فِيهِ رَدِيئًا مَعِيبًا وَيُرِيدُ فَسْخَ الْبَيْعِ فِي الْبَاقِي فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ إنَّ هَذَا هُوَ الْمَبِيعُ الَّذِي قَبَضَهُ بِعَيْنِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ رَدُّهُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ مُطْلَقًا بِيَمِينِهِ قَدْرًا أَوْ صِفَةً أَوْ تَعْيِينًا كَمَا فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ عَنْ الْفَتْحِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اطَّلَعَ مُشْتَرِي دَابَّةٍ عَلَى عَيْبٍ فِيهَا وَلَمْ يَجِدْ مَالِكُهَا الْبَائِعَ فَأَطْعَمَهَا وَأَمْسَكَهَا وَلَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهَا بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا فَهَلْ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ إذَا حَضَرَ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ إذَا هَلَكَتْ

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الْغُلَامِ أَوْ الدَّابَّةِ فَلَمْ يَجِدْ الْمَالِكَ فَأَطْعَمَهُ وَأَمْسَكَهُ وَلَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا يَرُدُّهُ لَوْ حَضَرَ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ إنْ هَلَكَ وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ أَنَّهُ إذَا أَمْسَكَهُ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الرَّدِّ كَانَ رِضًا وَهُوَ غَرِيبٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي بَحْرٌ مِنْ خِيَارِ الْعَيْبِ رَجُلٌ اشْتَرَى بَعِيرًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَذَهَبَ إلَى الْبَائِعِ لِيَرُدَّهُ فَعَطِبَ فِي الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ يَهْلِكُ عَلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ الْمُشْتَرِي إنْ أَثْبَتَ الْعَيْبَ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي صُوَرِ الْمَسَائِلِ عَنْ فَصْلِ الْعُيُوبِ مِنْ بُيُوعِ الْخَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ جَمَلًا فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ بِهِ بَعْدَ غَيْبَةِ بَائِعِهِ فَهَلْ يَضَعُهُ الْقَاضِي عِنْدَ عَدْلٍ إذَا بَرْهَنَ الْمُشْتَرِي؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ ظَهَرَ عَيْبٌ بِمُشْرَى الْبَائِعِ الْغَائِبِ وَأَثْبَتَهُ عِنْدَ الْقَاضِي فَوَضَعَهُ عِنْدَ عَدْلٍ فَإِذَا هَلَكَ هَلَكَ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَّا إذَا قَضَى الْقَاضِي بِالرَّدِّ عَلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ بِلَا خَصْمٍ يَنْفُذُ عَلَى الْأَظْهَرِ عَلَائِيٌّ عَنْ الدُّرَرِ (أَقُولُ) وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ كَلَامٌ يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقَضَاءِ وَذَكَرْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ وَقَدْ سُئِلْت عَنْ نَفَقَةِ الدَّابَّةِ وَهِيَ عِنْدَ الْعَدْلِ عَلَى مَنْ تَكُونُ فَأَجَبْت أَخْذًا مِمَّا فِي الذَّخِيرَةِ فِي آخِرِ النَّفَقَاتِ أَنَّهُ لَا يَفْرِضُ الْقَاضِي لَهَا عَلَى أَحَدٍ نَفَقَةً؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْمُشْتَرِي هُوَ الْمَالِكُ وَالْمَالِكُ يُفْتَى عَلَيْهِ دِيَانَةً بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا وَلَا يُجْبِرُهُ الْقَاضِي. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ ثَوْرًا فَوَجَدَهُ نَطُوحًا يَهْجُمُ عَلَى النَّاسِ لِيَنْطَحَهُمْ وَلَا يَنْقَادَ لِلْحَرْثِ وَلَا لِغَيْرِهِ وَقَدْ كَانَ كَذَلِكَ عِنْدَ بَائِعِهِ وَيُرِيدُ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي مُخْتَصَرِ الْأَصْلِ النَّخْسُ عَيْبٌ وَهُوَ بِالنُّونِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الطَّعْنُ وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى بِلَفْظِ الرَّمْحِ وَفِيهِ أَيْضًا النَّطْحُ عَيْبٌ مِنْ لَوَازِمِ الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ رَجُلٌ اشْتَرَى بَقَرَةً عَلَى أَنَّهَا لَا تَرْمَحُ وَلَا تَنْطَحُ فَوَلَدَتْ فَإِذَا هِيَ تَنْطَحُ وَتَرْمَحُ فَأَرَادَ رَدَّهَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا وَلَدَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهَا بَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى (أَقُولُ) قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهَا أَيْ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ عَيْبٌ حَادِثٌ لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ الْوِلَادَةَ فِي الْبَهَائِمِ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ إلَّا أَنْ تُوجِبَ نُقْصَانًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ فَرَسًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَوَجَدَ بِهَا عَرَجًا قَدِيمًا كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَيُرِيدُ رَدَّهَا عَلَيْهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ فَهَلْ إذَا أَثْبَتَ قِدَمَ الْعَيْبِ عِنْدَ الْبَائِعِ لَهُ رَدُّهَا عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ اشْتَرَى حِمَارًا فَوَجَدَهُ أَعْرَجَ فَعَالَجَهُ فَعَلِمَ أَنَّهُ قَدِيمٌ لَمْ يَمْلِكْ الرَّدَّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اشْتَغَلَ بِالْمُعَالَجَةِ فَقَدْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى وَفِيهَا رَجُلٌ اشْتَرَى دَابَّةً وَبِهَا قَلِيلُ عَرَجٍ فَقَالَ الْبَائِعُ هَذَا عَارِضٌ يَزُولُ بِيَوْمَيْنِ فَدَفَعَ لَهُ دَرَاهِمَ لِيَتَعَهَّدَهَا فَفَعَلَ وَلَمْ تَبْرَأْ وَظَهَرَ أَنَّ الْعَيْبَ قَدِيمٌ فَأَرَادَ رَدَّهَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَالَجَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ سَقَطَ حَقُّ الرَّدِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو بَوَابِيجَ وَجَزَمَاتٍ فِي وِعَاءَيْنِ وَقَبَضَهَا وَلَمْ يَرَهَا ثُمَّ بَاعَ بَعْضًا مِنْهَا وَيُرِيدُ الْآنَ رَدَّهَا بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَيْسَ لَهُ رَدُّهَا بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ وَهُوَ بَعْدَ التَّمَامِ جَائِزٌ لَا قَبْلَهُ كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ بَقَرَةً مَعْلُومَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ عَلَى أَنَّهَا تَحْلُبُ كَذَا رِطْلًا مِنْ الْحَلِيبِ فَوَجَدَهَا تَحْلُبُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ فَاسِدًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ بَاعَ حَيَوَانًا عَلَى أَنَّهَا تَحْلُبُ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مُرَادَهُ فَسَدَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُرِيدُونَ الْغَلَّةَ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ خَانِيَّةٌ. (سُئِلَ) فِي قَرَوِيٍّ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ بَقَرَةً فَوَجَدَهَا لَا تَحْلُبُ وَمِثْلُهَا يُشْتَرَى لِلْحَلْبِ فَهَلْ لَهُ الرَّدُّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ اشْتَرَى بَقَرَةً لِلْحَلْبِ فَوَجَدَهَا لَا تَحْلُبُ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا لَا لَوْ اشْتَرَاهَا لِلَّحْمِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ كَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ وَفَتَاوَى الْكَرْكِيُّ وَالْوَلْوَالِجِيَّةِ

وَهَذَا فِيمَا إذَا لَمْ تَحْلُبْ أَمَّا إذَا حَلَبَتْ وَخَرَجَ شَيْءٌ قَلِيلٌ مِنْ اللَّبَنِ مُتَقَوِّمٌ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ لِوُجُودِ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ مِنْ الْأَصْلِ إلَّا الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ لِمَا مَرَّ إلَخْ لَوَازِمُ الْقُضَاةِ وَفِي الْفَتَاوَى اشْتَرَى بَقَرَةً فَوَجَدَهَا لَا تَحْلُبُ إنْ كَانَ مِثْلُهَا يُشْتَرَى لِلْحَلْبِ فَلَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَشْرُوطِ وَإِنْ كَانَ يُشْتَرَى لِلَّحْمِ لَا تُرَدُّ ذَخِيرَةٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ دَابَّتَهُ مِنْ عَمْرٍو بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ نَقَدَ ثَمَنَهَا إلَى عِشْرِينَ يَوْمًا يَكُونُ بَيْنَهُمَا الْبَيْعُ وَإِلَّا فَلَا وَلَمْ يَنْقُدْهُ الثَّمَنَ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فَإِنْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ ثَمَنَهُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ صَحَّ وَإِلَى أَرْبَعَةٍ فَلَا فَإِنْ نَقَدَ فِي الثَّلَاثَةِ جَازَ تَنْوِيرٌ مِنْ خِيَارِ الشَّرْطِ ثُمَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ: إمَّا أَنْ لَا يُبَيِّنَا الْوَقْتَ أَوْ بَيَّنَا وَقْتًا مَجْهُولًا بِأَنْ يَقُولَ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ أَيَّامًا أَوْ بَيَّنَا وَقْتًا مَعْلُومًا وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَهُوَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا فَاسِدٌ إلَّا أَنْ يَنْقُدَ فِي الثَّلَاثِ لِمَا قُلْنَا وَإِنْ بَيَّنَا وَقْتًا وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوْ دُونَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ مِنَحٌ. (سُئِلَ) فِيمَنْ اشْتَرَى مِنْ زَيْدٍ جَمَلًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ ثَمَنَهُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ وَلَمْ يَنْقُدْ فِي الثَّلَاثَةِ فَهَلْ يَفْسُدُ الْبَيْعُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَلَوْ بَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا صَحَّ وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ فَلَا بَيْعَ يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ فِي الثَّلَاثَةِ يَنْفَسِخُ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَفْسُدُ وَلَا يَنْفَسِخُ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ نَفَذَ عِتْقُهُ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ نَهْرٌ مِنْ خِيَارِ الشَّرْطِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو كَرْمًا مَعْلُومًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَأَثْمَرَ وَنَمَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ مَاتَ الْمُشْتَرِي عَنْ وَرَثَةٍ يَدَّعُونَ أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ لَمْ يَرَ الْمَبِيعَ زَاعِمِينَ أَنَّ لَهُمْ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ يَبْطُلُ بِحُدُوثِ الثَّمَرَةِ وَالزِّيَادَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ وَكِيلِهِ وَبَعْدَمَا حَدَثَتْ عَلَى يَدِهِ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بِحَالٍ تَنَاوَلَهَا أَوْ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا أَنْقِرْوِيٌّ مِنْ فَصْلِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَلَا يُورَثُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ كَمَا لَا يُورَثُ خِيَارُ الشَّرْطِ خَانِيَّةٌ وَمِثْلُهُ فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ لَكِنْ فِي بِيرِيٌّ عَلَى الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْفَرَائِضِ وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الضِّيَاءِ وَأَمَّا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُورَثُ. اهـ. (قُلْت) وَنَقْلُ ابْنُ الضِّيَاءِ لَا يُقَاوِمُ الْمُتُونَ الْمَوْضُوعَةَ لِنَقْلِ الْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ جَارِيَةً سَلِيمَةً وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ مُدَّةً ثُمَّ زَعَمَ أَنَّ بِهَا عَيْبًا قَدِيمًا كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ يَحْدُثُ مِثْلُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَالْبَائِعُ يُنْكِرُ فَهَلْ الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينِهِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ مِمَّا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ أَنَّ الْعَيْبَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ حَادِثٌ فَيُحَالُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ إلَّا إذَا بَرْهَنَ الْمُشْتَرِي عَلَى قِدَمِهِ وَإِلَّا فَلَهُ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ بِاَللَّهِ بِعْته وَسَلَّمْته وَمَا بِهِ عَيْبٌ فَإِنْ نَكَلَ رَدَّهُ لَا لَوْ حَلَفَ كَمَا فِي الْقَوْلِ لِمَنْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ مِنْ آخَرَ عِدَّةَ جِمَالٍ وَأَمْتِعَةً مَعْلُومَاتٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْمُشْتَرِي لَهُ أَنَّهُمَا يُسَاوَيَانِ فِي الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ ظَهَرَ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُمَا يُسَاوِيَانِ أَكْثَرَ بِقَدْرِ الْعُشْرِ فِي الْجِمَالِ وَنِصْفِ الْعُشْرِ فِي الْأَمْتِعَةِ وَفِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ وَيُرِيدُ الْبَائِعُ اسْتِرْدَادَ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْغَبْنِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْغَبْنِ وَالتَّغْرِيرِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا رَدَّ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ هُوَ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُهُمْ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَيُفْتَى بِالرَّدِّ رِفْقًا بِالنَّاسِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ رِوَايَاتِ الْمُضَارَبَةِ إنْ غَرَّهُ أَيْ غَرَّ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ وَبِالْعَكْسِ أَوْ غَرَّهُ الدَّلَّالُ فَلَهُ الرَّدُّ وَإِلَّا فَلَا وَبِهِ أَفْتَى صَدْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ وَتَصَرُّفُهُ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْغَبْنِ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْهُ فَيُرَدُّ مِثْلُ مَا أَتْلَفَهُ وَيَرْجِعُ بِكُلِّ الثَّمَنِ عَلَى الصَّوَابِ. اهـ. عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ مِنْ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَأَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ إذَا اشْتَرَى بِثَمَنٍ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ وَكَانَ الْبَائِعُ غَرَّهُ بِأَنْ قَالَ أَعْطَيْت فِيهِ كَذَا فَاشْتَرَاهُ بِنَاءً عَلَى إخْبَارِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ الْغَبْنُ الْفَاحِشُ لَهُ الرَّدُّ أَمَّا إذَا كَانَ مَا أَخْبَرَهُ بِهِ هُوَ قِيمَتُهُ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ وَإِنْ تَبَيَّنَ

كَذِبُ الْبَائِعِ فِيمَا أَخْبَرَهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ جَارِيَةً فَوَجَدَهَا حُبْلَى فَهَلْ لَهُ رَدُّهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ رَدُّهَا بِعَيْبِ الْحَبَلِ وَالْحَبَلُ عَيْبٌ فِي الْجَارِيَةِ لَا فِي الْبَهَائِمِ وَالنِّكَاحُ فِي الْجَارِيَةِ وَالْغُلَامِ عَيْبٌ عَيْنِيٌّ عَلَى الْكَنْزِ وَلَوْ اشْتَرَى الْجَارِيَةَ وَقَبَضَهَا ثُمَّ قَالَ إنَّهَا لَا تَحِيضُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ بِالْحَبَلِ أَوْ بِسَبَبِ الدَّاءِ فَإِنْ ادَّعَى بِسَبَبِ الْحَبَلِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيُرِيهَا الْقَاضِي النِّسَاءَ فَإِنْ قُلْنَ هِيَ حُبْلَى يَحْلِفُ الْبَائِعُ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَإِنْ قُلْنَ لَيْسَتْ بِحُبْلَى فَلَا يَمِينَ عَلَى الْبَائِعِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا ذَكَرْنَا فِي الثِّيَابَةِ وَفِي دَعْوَى الْحَبَلِ يُرْجَعُ إلَى النِّسَاءِ وَفِي مَعْرِفَةِ دَاءٍ فِي بَطْنِهَا يُرْجَعُ إلَى الْأَطِبَّاءِ ثُمَّ فِي الدَّاءِ يُرَدُّ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ إذَا شَهِدَا أَنَّهُ قَدِيمٌ وَفِيمَا لَا يَنْظُرُ إلَيْهِ الرِّجَالُ كَالْقَرْنِ وَالرَّتَقِ وَنَحْوِهِ اخْتَلَفَتْ فِيهِ الرِّوَايَاتُ وَآخِرُ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُوَ عَيْبٌ لَا يَحْدُثُ يُرَدُّ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ وَالْمَرْأَةُ الْوَاحِدَةُ وَالْمَرْأَتَانِ فِيهِ سَوَاءٌ وَأَمَّا الْحَبَلُ فَيَثْبُتُ بِقَوْلِ النِّسَاءِ فِي حَقِّ الْخُصُومَةِ وَلَا يُرَدُّ بِشَهَادَتِهِنَّ خُفْيَةً مِنْ فَصْلِ الْعُيُوبِ رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً امْتَدَّ طُهْرُهَا لَا يُرَدُّ مَا لَمْ يَدَّعِ ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ بِالدَّاءِ أَوْ بِالْحَبَلِ وَالرُّجُوعُ إلَى الْأَطِبَّاءِ فِي الدَّاءِ وَيُشْتَرَطُ اثْنَانِ وَفِي الْحَبَلِ إلَى النِّسَاءِ وَيُكْتَفَى بِالْوَاحِدَةِ وَارْتِفَاعُ الْحَيْضِ لَا بِأَحَدِ هَذَيْنِ السَّبَبَيْنِ لَيْسَ بِعَيْبٍ. فَلَوْ ادَّعَى سَبَبَ الْحَبَلِ عَنْ مُحَمَّدٍ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ إنْ كَانَ مِنْ وَقْتِ شِرَاءِ الْجَارِيَةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا وَفِي رِوَايَةٍ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ الْيَوْمَ إلَخْ خُلَاصَةٌ مِنْ الْعُيُوبِ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ أَخْبَرَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهَا حُبْلَى وَامْرَأَةٌ أَوْ أَكْثَرُ أَنَّهَا لَا حَبَلَ بِهَا صَحَّتْ الْخُصُومَةُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ تِلْكَ الْمَرْأَةِ عَلَى النَّفْيِ فَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ إنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ لَيْسَتْ لَهَا بِصَارَةٌ فَالْقَاضِي يَخْتَارُ مَنْ لَهَا بِصَارَةٌ وَتُوضَعُ الْجَارِيَةُ عَلَى يَدِ امْرَأَةٍ أَمِينَةٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا إنْ أَنْكَرَهُ الْبَائِعُ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ كَمَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَيَزُولُ عَيْبُ الْحَبَلِ بِالْوِلَادَةِ عَلَى رِوَايَةِ كِتَابِ الْبُيُوعِ فَإِذَا قَبَضَهَا فَوَجَدَهَا حَامِلًا فَوَلَدَتْ فَلَا رَدَّ وَلَا رُجُوعَ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ بِسَبَبِ الْوِلَادَةِ نُقْصَانٌ ظَاهِرٌ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ لَوَازِمُ الْقُضَاةِ مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ فِي تَعْدَادِ الْعُيُوبِ (أَقُولُ) وَسَنَذْكُرُ بَعْدَ أَوْرَاقٍ أَنَّ الْعُيُوبَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ مَعَ بَيَانِ أَحْكَامِهَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ جَارِيَةً بِكْرًا فَوَطِئَهَا وَأَزَالَ عُذْرَتَهَا وَمَضَتْ مُدَّةٌ وَالْآنَ يَدَّعِي أَنَّ بِهَا جُنُونًا قَدِيمًا كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَيُرِيدُ رَدَّهَا بِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ رَدُّهَا بِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ مَسَّهَا بِشَهْوَةٍ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَمْ يَرُدَّهَا مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا نَقَصَهَا الْوَطْءُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَيْبٌ حَادِثٌ وَرَجَعَ بِالنُّقْصَانِ لِامْتِنَاعِ الرَّدِّ إلَّا إذَا قَبَّلَهَا الْبَائِعُ أَيْ رَضِيَ بِأَخْذِهَا؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ كَانَ لِحَقِّهِ فَإِذَا رَضِيَ زَالَ الِامْتِنَاعُ هَكَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ وَيَعُودُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ بَعْدَ زَوَالِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ يَعْنِي إذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَحَدَثَ بِهِ عَيْبٌ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ الْقَدِيمِ لَمْ يَرُدَّهُ؛ لِأَنَّ حُدُوثَ الْعَيْبِ عِنْدَهُ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ وَإِذَا زَالَ جَازَ الرَّدُّ لِعَوْدِ الْمَمْنُوعِ بِزَوَالِ الْمَانِعِ مِنَحُ الْغَفَّارِ. (أَقُولُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ امْتِنَاعِ الرَّدِّ بِالْوَطْءِ وَنَحْوِهِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الدُّرَرِ وَلَكِنْ ذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ شَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ ثُمَّ قَالَ إنَّهَا ثَيِّبٌ وَقَالَ الْبَائِعُ إنَّهَا بِكْرٌ فَالْقَاضِي يُرِيهَا النِّسَاءَ إنْ قُلْنَ بِكْرٌ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ قُلْنَ ثَيِّبٌ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي فَعَلِمَ بِالْوَطْءِ فَلَوْ زَايَلَهَا كَمَا عَلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِبِكْرٍ بِلَا لُبْثٍ فَلَهُ الرَّدُّ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ الْجَارِيَةُ وَلَا يَرُدُّهَا اهـ ثُمَّ رَأَيْت فِي نُورِ الْعَيْنِ نُقِلَ هَذَا ثُمَّ نُقِلَ عَنْ كِتَابٍ آخَرَ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ الثِّيَابَةَ بِالْوَطْءِ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ ثُمَّ قَالَ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيمَا هُوَ الصَّوَابُ اهـ قُلْت قَدْ يُؤَيِّدُ الثَّانِيَ بِمُوَافَقَتِهِ لِمَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي كَثِيرٍ مِنْ

الْمُعْتَبَرَاتِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْمِنَحِ تَأَمَّلْ ثُمَّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لَهُ الرَّدَّ يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْوَطْءِ إذْ الْقَوْلُ بِالرَّدِّ بِلَا أَرْشٍ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْهُمَامِ فِي كِتَابِهِ التَّحْرِيرِ فِي بَابِ الْإِجْمَاعِ وَنَقَلَهُ شَارِحُهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ عَنْ الْمَبْسُوطِ حَيْثُ نَقَلَ عَنْهُ حِكَايَةَ الْقَوْلَيْنِ الْمَارَّيْنِ عَنْ الصَّحَابَةِ وَأَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْوَطْءَ لَا يُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي مَجَّانًا فَمَنْ قَالَ يَرُدُّهَا وَلَا يَرُدُّ مَعَهَا شَيْئًا فَقَدْ خَالَفَ أَقَاوِيلَ الصَّحَابَةِ وَكَفَى بِهِمْ حُجَّةً اهـ. ثُمَّ نَقَلَ بَعْدَهُ عَنْ ابْنِ الْمُنْذِرِ أَنَّ شُرَيْحًا وَالنَّخَعِيَّ يَقُولَانِ لَوْ بِكْرًا رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا عُشْرَ قِيمَتِهَا وَلَوْ ثَيِّبًا رَدَّ مَعَهَا نِصْفَ عُشْرِ قِيمَتِهَا وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ يُوضَعُ عَنْ الْمُشْتَرِي قَدْرُ مَا يُنْقِصُ ذَلِكَ الْعَيْبُ مِنْ ثَمَنِهَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ وَالزُّهْرِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ وَيَعْقُوبُ وَالنُّعْمَانُ وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَوْ ثَيِّبًا رَدَّهَا وَلَا يَرُدُّ مَعَهَا شَيْئًا وَلَوْ بِكْرًا فَعِنْدَ مَالِكٍ يَرُدُّهَا مَعَ مَا نَقَصَ الِافْتِضَاضُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَرُدُّهَا بَلْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ اهـ مُلَخَّصًا ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَمِيرِ الْحَاجِّ وَحَكَى ابْنُ قُدَامَةَ عَنْ أَحْمَدَ فِي الثَّيِّبِ رِوَايَتَيْنِ لَا يَرُدُّهَا كَمَا قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَرُدُّهَا بِلَا شَيْءٍ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ اهـ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَذْهَبَ أَصْحَابِنَا عَدَمُ الرَّدِّ مُطْلَقًا وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ النُّعْمَانِ وَعَنْ يَعْقُوبَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَبُو يُوسُفَ تِلْمِيذُ إمَامِنَا النُّعْمَانِ وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ مِنَحِ الْغَفَّارِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ مِنْ مِنَحِ الْغَفَّارِ. وَنَقَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ قَارِئِ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ سَأَلَ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً وَأَقَامَتْ عِنْدَهُ سَبْعِينَ يَوْمًا وَوَطِئَهَا ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ آخَرَ فَأَقَامَتْ عِنْدَهُ نَحْوَ شَهْرَيْنِ وَوَطِئَهَا أَيْضًا ثُمَّ ظَهَرَتْ حَامِلًا فَنَفَى كُلٌّ مِنْ الْمُشْتَرِيَيْنِ الْوَلَدَ وَأَرَادَ الرَّدَّ عَلَى الْبَائِعِ فَأَجَابَ أَقَلَّ مَا يَتَخَلَّقُ الْوَلَدُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الْحَمْلَ أُرِيَتْ لِلنِّسَاءِ فَإِنْ قُلْنَ بِهَا حَمْلٌ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ حَلَفَ أَنَّهُ مَا بَاعَهَا وَسَلَّمَهَا إلَّا وَلَيْسَ بِهَا حَمْلٌ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ عَلَيْهِ وَكَذَا حَالُ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ اهـ وَقَوْلُهُ رُدَّتْ عَلَيْهِ يَعْنِي إنْ رَضِيَ بِأَخْذِهَا لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ عَنْ الْمِنَحِ وَالدُّرَرِ فَتَدَبَّرْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ مِقْدَارًا مِنْ الْحَدِيدِ لِيَتَّخِذَ مِنْهُ آلَاتِ مَخْصُوصَةً وَجَعَلَهُ فِي الْكَوْرِ لِيُجَرِّبَهُ بِالنَّارِ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا وَلَا يَصْلُحُ لِتِلْكَ الْآلَاتِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَلَا يَرُدُّهُ كَذَا فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ فِيمَا يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ حِصَانًا وَتَسَلَّمَهُ وَزَعَمَ أَنَّهُ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ ثُمَّ رَكِبَهُ مِرَارًا بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَهَلْ يَكُونُ الرُّكُوبُ رِضًا بِالْعَيْبِ؟ (الْجَوَابُ) : رُكُوبُهُ لَهُ لِحَاجَةِ نَفْسِهِ رِضًا بِالْعَيْبِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَأَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ فَلَهُ الرَّدُّ مَا لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي الْمَبِيعِ تَصَرُّفًا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ جَارِيَةً ثُمَّ وَجَدَ بِهَا كَيَّاتٍ عَلَى ظَاهِرِ بَطْنِهَا عَنْ دَاءٍ وَيُرِيدُ رَدَّهَا عَلَى بَائِعِهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الْكَيُّ عَنْ دَاءٍ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ يَسُوغُ لَهُ رَدُّهَا وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَالْبَحْرِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو جَارِيَةً وَبِهَا عَيْبٌ قَدِيمٌ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَرَضِيَ بِهِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ عَيْبٌ آخَرُ قَدِيمٌ يُرِيدُ رَدَّهَا بِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ آخَرُ يُوجِبُ الرَّدَّ شَرْعًا لَهُ رَدُّهَا بِذَلِكَ حَيْثُ لَا مَانِعَ هُنَالِكَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا فَأَبَقَ مِنْ عِنْدِهِ مِرَارًا إلَى دَارِ سَيِّدِهِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ إبَاقَهُ عِنْدَهُ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : الْإِبَاقُ عَيْبٌ يُوجِبُ الرَّدَّ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا إذَا أَبَقَ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ فِي الْبَلْدَةِ وَلَمْ يَخْتَفِ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ الصَّحِيحُ أَنَّ الِاسْتِخْدَامَ بَعْدَ الْعِلْمِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ رِضًا أَيْ بِالْعَيْبِ فَيَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَهَذَا إذَا ثَبَتَ إبَاقُهُ عِنْدَ بَائِعِهِ ثُمَّ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ إذَا أَنْكَرَهُ الْبَائِعُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِالْعَيْبِ مَا دَامَ آبِقًا فَإِذَا ثَبَتَ مَوْتُهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ أَبَقَ عِنْدَ الْبَائِعِ بَعْدَ الْبُلُوغِ

رَجَعَ حِينَئِذٍ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَإِنْ كَانَ أَبَقَ عِنْدَ الْبَائِعِ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَبَاعَهُ فَأَبَقَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبُلُوغِ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ لِاخْتِلَافِ سَبَبِ الْعَيْبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ بَغْلًا وَسَافَرَ بِهِ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَهُوَ يَخَافُ فِي السَّفَرِ فَأَمْضَى السَّفَرَ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِهِ فَهَلْ لَهُ رَدُّهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا ثَبَتَ مَا ذُكِرَ لَا يَكُونُ الْمُضِيُّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ رِضًا بِالْعَيْبِ وَلَا يَمْنَعُ الرَّدَّ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ وَجَدَ فِي الدَّابَّةِ عَيْبًا فِي السَّفَرِ وَهُوَ يَخَافُ فِي الطَّرِيقِ فَأَمْضَى السَّفَرَ لَا يَكُونُ رِضًا بِالْعَيْبِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ (أَقُولُ) وَفِي الْبَحْرِ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فِي السَّفَرِ فَحَمَلَهَا فَهُوَ عُذْرٌ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مُهْرَةً فَوَجَدَ بِهَا حَرَنًا قَدِيمًا عِنْدَ الْبَائِعِ هَلْ لَهُ رَدُّهَا بِهِ؟ (الْجَوَابُ) : الْحَرَنُ عَلَى وَجْهٍ لَا تَسْتَقِرُّ وَلَا تَنْقَادُ لِلرَّاكِبِ عِنْدَ الْعَطْفِ وَالسَّيْرِ عَيْبٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ فَحَيْثُ كَانَ قَدِيمًا وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُشْتَرِي مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ الْمَذْكُورِ يَسُوغُ لَهُ الرَّدُّ بِمَا ذُكِرَ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ بِزْرَ بِطِّيخٍ وَزَرَعَهُ فَلَمْ يَنْبُتْ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِثَمَنِهِ؟ (الْجَوَابُ) : لَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ عَلَى بَائِعِهِ بِمُجَرَّدِ عَدَمِ نَبَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بِأَسْبَابٍ أُخَرَ مَا لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ فَاسِدٌ عِنْدَهُ وَإِذَا ثَبَتَ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّى حَيْثُ لَا مَالِيَّةَ لَهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالِيَّةٌ بِأَنْ صَلُحَ لِشَيْءٍ آخَرَ يَسْقُطُ بِقَدْرِهِ وَيَرْجِعُ بِمَا بَقِيَ وَقِيلَ لَا كَبِزْرِ الْقُطْنِ إذَا لَمْ يَنْبُتْ كَذَا أَفْتَى الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْفُصُولَيْنِ وَالْعِمَادِيَّةِ وَصُرَّةِ الْفَتَاوَى وَأَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ مَعِيبًا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ آخَرَ قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ الرُّمَّانِ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَتَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا يُرِيدُ رَدَّهُ بِهِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَصَحَّ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ عَنْ الْحُقُوقِ الْمَجْهُولَةِ لَا تَصِحُّ عِنْدَهُ وَتَصِحُّ عِنْدَنَا لِعَدَمِ إفْضَائِهِ إلَى الْمُنَازَعَةِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَوْجُودُ وَالْحَادِثُ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا يُرَدُّ بِعَيْبٍ وَخَصَّهُ مُحَمَّدٌ وَمَالِكٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ بِالْمَوْجُودِ كَقَوْلِهِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ بِهِ وَلَوْ قَالَ مِمَّا يَحْدُثُ صَحَّ عِنْدَ الثَّانِي وَفَسَدَ عِنْدَ الثَّالِثِ نَهْرٌ. اهـ. عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ نِصْفَ فَرَسٍ ذَكَرَ الْبَائِعُ أَنَّهَا مُعْتَقِيَّةُ الْجِنْسِ وَهُوَ جِنْسٌ مَشْهُورٌ بِالْجَوْدَةِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ لَوْ لَمْ تُوصَفْ بِذَلِكَ لَمَّا اشْتَرَاهَا بِهَذَا الثَّمَنِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا مِنْ جِنْسٍ آخَرَ وَلَا تُسَاوِي هَذَا الثَّمَنَ وَبَيْنَ الثَّمَنَيْنِ تَفَاوُتٌ فَاحِشٌ وَيُرِيدُ رَدَّهَا بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ فِيمَنْ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ فَرَسًا ذَكَرَ الْبَائِعُ أَنَّهَا مِنْ نَسْلِ خَيْلِ فُلَانٍ لِفَرَسٍ مَشْهُورَةٍ بِالْجَوْدَةِ ثُمَّ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ هَلْ لَهُ الرَّدُّ أَمْ لَا فَأَجَابَ إذَا اشْتَرَاهَا بِنَاءً عَلَى مَا وَصَفَ لَهُ بِثَمَنٍ لَوْ لَمْ يَصِفْهَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَا تُشْتَرَى بِذَلِكَ الثَّمَنِ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الثَّمَنَيْنِ فَاحِشٌ وَهِيَ لَا تُسَاوِي مَا اشْتَرَاهَا بِهِ لَهُ الرَّدُّ إذَا تَبَيَّنَ خِلَافُ ذَلِكَ. اهـ. وَسُئِلَ أَيْضًا عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى فَرَسًا عَلَى أَنَّ سِنَّهَا سَنَةٌ فَظَهَرَ أَنَّهُ سَنَتَانِ فَأَجَابَ إنْ كَانَ كِبَرُ السِّنِّ أَوْ صِغَرُهُ مِمَّا يُنْقِصُ قِيمَةَ الْمَبِيعِ وَيُعَدُّ عَيْبًا عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ رَدَّ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ وَلَوْ اشْتَرَى سَمُّورًا عَلَى أَنَّهُ ظَهْرٌ فَإِذَا هُوَ قَفًا أَوْ رِجْلٌ أَوْ اشْتَرَى وَشْقًا عَلَى أَنَّهُ نَافِجٌ فَإِذَا هُوَ ظَهْرٌ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الْقَفَا غَيْرُ الظَّهْرِ فِي الرَّغْبَةِ وَالْقِيمَةِ وَكَذَلِكَ النَّافِجُ وَغَيْرُهُ مِنْ لَوَازِمِ الْقُضَاةِ مِنْ النَّوْعِ الثَّانِي فِي الثِّيَابِ. وَفِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ اشْتَرَى مَدَاسًا مِنْ السِّخْتِيَانِ عَلَى أَنَّ بِطَانَتَهَا مِنْ السِّخْتِيَانِ كَذَلِكَ فَإِذَا هِيَ مِنْ غَيْرِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ الْبِطَانَةَ تَتْبَعُ الظِّهَارَةَ وَهِيَ وَصْفٌ مَشْرُوطٌ فَفَوَاتُهُ يُوجِبُ الْخِيَارَ اهـ وَفِي الزَّيْلَعِيِّ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ

خَبَّازٌ أَوْ كَاتِبٌ فَكَانَ بِخِلَافِهِ أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ تَرَكَ؛ لِأَنَّ هَذَا وَصْفٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ مُسْتَحَقٌّ بِالشَّرْطِ فِي الْعَقْدِ ثُمَّ فَوَاتُهُ يُوجِبُ التَّخْيِيرَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ دُونَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ شَاةً عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ أَوْ تَحْلُبُ كَذَا وَكَذَا رِطْلًا حَيْثُ يَفْسُدُ الْبَيْعُ لَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْوَصْفِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ إذْ لَا يُعْرَفُ ذَلِكَ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَبَنٌ أَوْ انْتِفَاخٌ حَتَّى لَوْ اشْتَرَطَ أَنَّهَا حَلُوبٌ أَوْ لَبُونٌ لَا يَفْسُدُ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ وَلَوْ قَالَ يَخْبِزُ كَذَا صَاعًا أَوْ كَذَا قَدْرًا يَفْسُدُ لِمَا ذَكَرْنَا اهـ وَفِي الْبَحْرِ وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ هَرَوِيٌّ فَإِذَا هُوَ بَلْخِيٌّ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ عِنْدَنَا وَمِثْلُهُ فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى. (أَقُولُ) وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْهَرَوِيَّ وَالْبَلْخِيَّ جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ فَإِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْهَرَوِيِّ فَظَهَرَ أَنَّهُ بَلْخِيٌّ فَسَدَ الْبَيْعُ لِعَدَمِ وُجُودِ حَقِيقَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ بَيْعِ الْعَبْدِ عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ فَإِذَا هُوَ غَيْرُ خَبَّازٍ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ لِوُجُودِ الْحَقِيقَةِ وَيَتَخَيَّرُ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ وَكَذَا الْفَرَسُ فِي مَسْأَلَتِنَا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ فِيمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَأَمَةٌ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَبْدٌ وَكَذَا عَكْسُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ كَبْشًا فَإِذَا هُوَ نَعْجَةٌ حَيْثُ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَيَتَخَيَّرُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِشَارَةَ مَعَ التَّسْمِيَةِ إذَا اجْتَمَعَا فَفِي مُخْتَلِفِي الْجِنْسِ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِالْمُسَمَّى وَيَبْطُلُ لِانْعِدَامِهِ وَفِي مُتَّحِدِي الْجِنْسِ يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ وَيَنْعَقِدُ لِوُجُودِهِ وَيَتَخَيَّرُ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ كَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ فَإِذَا هُوَ كَاتِبٌ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى مِنْ بَنِي آدَمَ جِنْسَانِ لِلتَّفَاوُتِ فِي الْأَغْرَاضِ وَفِي الْحَيَوَانِ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِلتَّقَارُبِ فِيهَا وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ دُونَ الْأَصْلِ كَالْخَلِّ وَالدِّبْسِ جِنْسَانِ وَالْوَدَارِيِّ وَالزَّنْدِيجِيِّ عَلَى مَا قَالُوا جِنْسَانِ مَعَ اتِّحَادِ أَصْلِهِمَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْبَيْعُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ أَيْ الْكَنْزِ بَاطِلٌ لِعَدَمِ الْمَبِيعِ وَالْجِنْسُ فِي الْفِقْهِ الْمَقُولِ عَلَى كَثِيرِينَ لَا يَتَفَاوَتُ الْغَرَضُ مِنْهَا فَاحِشًا فَالْجِنْسَانِ مَا يَتَفَاوَتُ الْغَرَضُ مِنْهُمَا فَاحِشًا بِلَا نَظَرٍ إلَى الذَّاتِيِّ. قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمِنْ الْمُخْتَلِفِي الْجِنْسِ مَا إذَا بَاعَ فَصًّا عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ فَإِذَا هُوَ زُجَاجٌ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ وَلَوْ بَاعَهُ لَيْلًا عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ أَحْمَرُ فَظَهَرَ أَصْفَرَ صَحَّ وَيُخَيَّرُ كَمَا إذَا بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ فَإِذَا هُوَ كَاتِبٌ اهـ مَا فِي الْبَحْرِ مُلَخَّصًا وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي الْمَبِيعِ مَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ فَوَجَدَهُ بِخِلَافِهِ فَتَارَةً يَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا وَتَارَةً يَسْتَمِرُّ عَلَى الصِّحَّةِ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ وَتَارَةً يَسْتَمِرُّ صَحِيحًا وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ مَا إذَا وَجَدَهُ خَيْرًا مِمَّا شَرَطَهُ وَضَابِطُهُ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى فَفِيهِ الْخِيَارُ وَالثِّيَابُ أَجْنَاسٌ أَعْنِي الْهَرَوِيَّ وَالْإِسْكَنْدَرِيّ وَالْمَرْوِيَّ وَالْكَتَّانَ وَالْقُطْنَ وَالذَّكَرُ مَعَ الْأُنْثَى فِي بَنِي آدَمَ جِنْسَانِ وَفِي سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَالضَّابِطُ فُحْشُ التَّفَاوُتِ فِي الْأَغْرَاضِ وَعَدَمِهِ اهـ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْفُرُوعِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو عِدَّةَ أَثْوَابٍ مِنْ الثِّيَابِ الْقُطْنِيِّ عَلَى أَنَّهُ هِنْدِيٌّ فَظَهَرَ أَنَّهُ عَجَمِيٌّ وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فَاحِشٌ وَيُرِيدُ زَيْدٌ رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) مُقْتَضَى مَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ لَا صَحِيحٌ مَعَ التَّخْيِيرِ تَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا حَبَشِيَّةٌ فَظَهَرَ أَنَّهَا زِنْجِيَّةٌ وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فَاحِشٌ مِنْ حَيْثُ الثَّمَنُ وَيُرِيدُ رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا اشْتَرَاهَا بِنَاءً عَلَى مَا وُصِفَ لَهُ بِثَمَنٍ لَوْ لَمْ يَصِفْهَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ لَا تُشْتَرَى بِذَلِكَ الثَّمَنِ وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الثَّمَنَيْنِ فَاحِشٌ وَهِيَ لَا تُسَاوِي مَا اشْتَرَاهَا بِهِ لَهُ الرَّدُّ إذَا تَبَيَّنَ بِخِلَافِ ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ خَمْسَةَ جُلُودِ جَامُوسٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَتَسَلَّمَ الْجُلُودَ ثُمَّ وَجَدَ بِوَاحِدٍ عَيْبًا وَيُرِيدُ رَدَّ الْمَعِيبِ فَقَطْ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ سَالِمًا بَعْدَ الثُّبُوتِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا اشْتَرَى الْجُلُودَ الْمَذْكُورَةَ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَقَبَضَهَا جَمِيعَهَا ثُمَّ ظَهَرَ بِوَاحِدٍ مِنْهَا عَيْبٌ لَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ فَقَطْ قَالَ فِي الدُّرَرِ مِنْ خِيَارِ الْعَيْبِ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ

صَفْقَةً وَاحِدَةً وَقَبَضَ أَحَدَهُمَا وَوَجَدَ بِهِ أَوْ بِالْآخَرِ عَيْبًا أَخَذَهُمَا أَوْ رَدَّهُمَا وَلَوْ قَبَضَهُمَا رَدَّ الْمَعِيبَ فَقَطْ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الصَّفْقَةِ بِالْقَبْضِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُهَا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بَيْعًا بِالْحِصَّةِ ابْتِدَاءً وَهُوَ لَا يَجُوزُ وَبَعْدَ الْقَبْضِ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بَيْعًا بِالْحِصَّةِ بَقَاءً وَهُوَ جَائِزٌ كَمَا تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْمُلْتَقَى وَالْكَنْزِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ قَدْرًا مِنْ اللَّكِّ الَّذِي يُصْبَغُ بِهِ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا يَرُدُّ الْمَبِيعَ بِهِ بَعْدَمَا صَبَغَ بِبَعْضِهِ وَوَجَدَ الْبَاقِي مِنْهُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ وَيُرِيدُ رَدَّ الْبَاقِي عَلَى بَائِعِهِ بَعْدَ الثُّبُوتِ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ اشْتَرَى عَشَرَةَ جِزَمٍ عَلَى أَنَّهُ مِنْ دِبَاغِ غَزْنَةَ فَأَلْقَى اثْنَيْنِ فِي الْمَاءِ فَبَانَ أَنَّهُ دِبَاغُ سَاجٍ وَهُوَ عَيْبٌ فَاحِشٌ عِنْدَ التُّجَّارِ يَنْظُرُ أَهْلُ الْبَصِيرَةِ فِي الْبَقِيَّةِ إنْ قَالُوا إنَّهُ مِنْ دِبَاغِ السَّاجِ يَرُدُّ وَيَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فِي الِاثْنَيْنِ وَكَذَا فِي الْإِبْرَيْسَمِ إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بَعْدَ بَلِّهِ رَجَعَ بِالنَّقْصِ وَلَا يُرَدُّ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ السَّادِسِ فِي الْعَيْبِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ عَلَيْك بِهَا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَأَشْبَاهِهَا. (أَقُولُ) ذَكَرَ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ أَنَّهُ لَوْ قَبَضَ كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا وَوَجَدَ بِبَعْضِهِ عَيْبًا لَهُ رَدُّ كُلِّهِ أَوْ أَخْذُهُ بِعَيْبِهِ؛ لِأَنَّهُ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ إلَخْ أَيْ بِخِلَافِ الْقِيَمِيِّ كَشِرَاءِ عَبْدَيْنِ صَفْقَةً كَمَا مَرَّ قَرِيبًا مِنْ أَنَّ لَهُ رَدَّ الْمَعِيبِ فَقَطْ وَظَاهِرُ هَذَا يُخَالِفُ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّ لَهُ رَدَّ الْبَاقِي مَعَ أَنَّ اللَّكَّ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ لَا الْقِيَمِيَّاتِ لَكِنْ كَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَنَّ مَا فِي التَّنْوِيرِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَصَرَّفْ بِبَعْضِ الْمَبِيعِ أَمَّا إذَا تَصَرَّفَ بِبَعْضِهِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ عَيْبًا كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفًا بِنَحْوِ الْبَيْعِ مِمَّا فِيهِ إخْرَاجٌ عَنْ مِلْكِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ فَفِي الْأَوَّلِ يَرُدُّ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا بَاعَ وَكَذَا فِي الثَّانِي إلَّا أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ مَا أَكَلَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَذَا خُلَاصَةُ مَا حَرَّرْته فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَتَمَامُهُ هُنَاكَ فَرَاجِعْهُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دَارًا ثُمَّ وَجَدَ جُذُوعَهَا مُنْكَسِرَةً وَيُرِيدُ رَدَّ الدَّارِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَكَذَا لَوْ وَجَدَ أَحَدَ جُذُوعِهِ مُنْكَسِرًا فَهُوَ عَيْبٌ كَذَا فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى وَقِسْمَةِ الْأَصْلِ لَوَازِمُ الْقُضَاةِ مِنْ بَابِ دَعْوَى الدُّورِ وَالْأَرَاضِي. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو عِدَّةَ جُلُودِ فَرْوٍ ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ قَدِيمٌ يُنْقِصُ الثَّمَنَ عِنْدَ التُّجَّارِ وَيَعُدُّونَهُ عَيْبًا وَيُرِيدُ زَيْدٌ رَدَّهَا بِخِيَارِ الْعَيْبِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَمَنْ وَجَدَ بِمَشْرِيِّهِ مَا يُنْقِصُ الثَّمَنَ عِنْدَ التُّجَّارِ أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ رَدَّهُ تَنْوِيرٌ وَكُلُّ مَا أَوْجَبَ نُقْصَانَ الثَّمَنِ عِنْدَ التُّجَّارِ الْمُرَادُ بِهِمْ أَرْبَابُ الْمَعْرِفَةِ بِكُلِّ تِجَارَةٍ وَصَنْعَةٍ مِنَحٌ فَهُوَ عَيْبٌ شَرْعًا مُلْتَقَى وَمَا أَوْجَبَ نُقْصَانَ الثَّمَنِ عِنْدَ التُّجَّارِ فَهُوَ عَيْبٌ كَنْزٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَتَّ فِي الْفَرْوِ يُنْقِصُ الثَّمَنَ فَهُوَ عَيْبٌ فَيُرَدُّ بِهِ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الرَّهْنِ وَإِنْ انْتَقَصَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ ذَاتًا أَوْ وَصْفًا سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ بِخِلَافِ النُّقْصَانِ بِتَرَاجُعِ السِّعْرِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْجَامِعِ فَلَوْ رَهَنَ فَرْوًا قِيمَتُهُ أَرْبَعُونَ بِعَشَرَةٍ فَأَفْسَدَهُ السُّوسُ حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةً يَفْتَكُّهُ الرَّاهِنُ بِدِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ وَيَسْقُطُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ رُبْعٍ مِنْ الْفَرْوِ رُبْعُهُ فَيَبْقَى مِنْ الدَّيْنِ أَيْضًا رُبْعُهُ. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ قَدْرًا مِنْ الْحَرِيرِ وَبَعْدَمَا قَبَضَهُ وَبَلَّهُ بِالْمَاءِ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا كَانَ عِنْدَ بَائِعِهِ يُنْقِصُ ثَمَنَهُ نَقْصًا فَاحِشًا عِنْدَ تُجَّارِهِ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى بَائِعِهِ بِنُقْصَانِ عَيْبِهِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ اشْتَرَى إبْرَيْسَمًا وَعَلِمَ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْبَلِّ لَا يُرَدُّ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَلِمَ بِهِ بَعْدَ الْبَلِّ وَالْبَلُّ عَيْبٌ فَيَمْنَعُ الرَّدَّ اهـ وَمِنْ الْعَيْبِ الْحَادِثِ الْمَانِعِ مِنْ الرَّدِّ إذَا اشْتَرَى حَدِيدًا يُتَّخَذُ مِنْهُ آلَاتٍ النَّجَّارِينَ وَجَعَلَهُ فِي الْكَوْرِ لِيُجَرِّبَهُ فِي النَّارِ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا وَلَا يَصْلُحُ لِتِلْكَ الْآلَاتِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ وَلَا يَرُدُّهُ كَمَا فِي

الْقُنْيَةِ وَفِيهِ أَيْضًا بَلْ الْجُلُودُ عَيْبٌ حَادِثٌ يَمْنَعُ الرَّدَّ بَعْدَ بَلِّهِ وَكَذَا الْإِبْرَيْسَمُ بَحْرٌ. (سُئِلَ) فِي الرَّدِّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ هَلْ يَكُونُ عَلَى التَّرَاخِي؟ (الْجَوَابُ) : خِيَارُ الْعَيْبِ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْعَيْبِ عَلَى التَّرَاخِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَوْ خَاصَمَ ثُمَّ تَرَكَ ثُمَّ خَاصَمَ فَلَهُ الرَّدُّ مَا لَمْ يُوجَدْ مُبْطِلٌ كَدَلِيلِ الرِّضَا كَذَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَجَدَ بِهَا سُعَالًا فَاحِشًا قَدِيمًا عِنْدَ الْبَائِعِ يُرِيدُ رَدَّهَا بِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالسُّعَالُ الْقَدِيمُ هُوَ مَا كَانَ عَنْ دَاءٍ أَمَّا الْمُعْتَادُ فَلَا كَمَا فِي الْفَتْحِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ قَدِيمًا؛ لِأَنَّ دَوَامَهُ يَدُلُّ عَلَى الدَّاءِ وَلِذَا قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ السُّعَالُ عَيْبٌ إنْ فَحُشَ وَإِلَّا فَلَا مِنَحٌ وَمِثْلُهُ فِي الْمُلْتَقَى وَلَوْ كَانَ مِمَّا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ أَنَّ الْعَيْبَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ حَادِثٌ فَيُحَالُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ إلَّا إذَا بَرْهَنَ الْمُشْتَرِي عَلَى قِدَمِهِ وَإِلَّا فَلَهُ تَحْلِيفُهُ بِاَللَّهِ بِعْته وَسَلَّمْته وَمَا بِهِ الْعَيْبُ فَإِنْ نَكَلَ يَرُدُّهُ لَا لَوْ حَلَفَ الْقَوْلُ لِمَنْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى دَارًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ عَلَيْهَا عَوَارِضَ سُلْطَانِيَّةً وَيُرِيدُ فَسْخَ الْبَيْعِ بِذَلِكَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَفِي نَهْجِ النَّجَاةِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ اشْتَرَى أَرْضًا أَوْ دَارًا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ مِنْ النَّوَائِبِ فَإِذَا طُولِبَ الْمُشْتَرِي بِالنَّوَائِبِ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ حَيًّا وَعَلَى وَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دَارًا بِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْبِنَاءِ فَظَهَرَ أَنَّ أَرْضَهَا وَقْفٌ مُحْتَكَرَةٌ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ وَيُرِيدُ فَسْخَ الْبَيْعِ بِذَلِكَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْبَيْعِ بِنَقْلِهَا رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا أَوْ كَرْمًا فَظَهَرَ أَنَّ شِرْبَهُ كَانَ عَلَى ناوقة أَيْ مِيزَابٍ تُوضَعُ عَلَى ظَهْرِ نَهْرٍ أَوْ مَوْضِعٍ آخَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ عَيْبًا عِنْدَ النَّاسِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ الْعُيُوبِ رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا وَقَبَضَهَا فَادَّعَى رَجُلٌ فِيهَا مَسِيلَ مَاءٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قَالَ هُوَ عَيْبٌ وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ فِيمَا يُرْجَعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ جَارِيَةً وَتَسَلَّمَهَا مِنْهُ ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ زَعَمَ أَنَّهُ ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ قَدِيمٌ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ قَوْلِهَا وَقَوْلِ طَبِيبٍ ذِمِّيٍّ وَأَنَّ لَهُ رَدَّهَا بِذَلِكَ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَيْسَ لَهُ رَدُّهَا بِمُجَرَّدِ مَا ذَكَرَ قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ الثَّانِي مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْأَطِبَّاءُ كَذَاتِ جَنْبٍ وَسُلٍّ وَحُمَّى قَدِيمَةٍ وَنَحْوِهَا فَعَلَى الْقَاضِي أَنْ يُرِيَهُ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَالِاثْنَانِ أَحْوَطُ كَذَا عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُرِيهِ مُسْلِمَيْنِ عَدْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ قَوْلٌ مُلْزِمٌ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْعَدَدِ كَالشَّهَادَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَأَجَابَ قَارِئِ الْهِدَايَةِ بِأَنَّ الْعَيْبَ إنْ كَانَ يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ الْأَطِبَّاءُ قِيلَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ وَبَعْضُهُمْ اكْتَفَى بِقَوْلِ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ كَالْعُيُوبِ بِالنِّسَاءِ اكْتَفَى بِقَوْلِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ عَدْلٍ. وَسُئِلَ أَيْضًا هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الذِّمِّيِّ الطَّبِيبِ فِي قِدَمِ الْعَيْبِ وَحُدُوثِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِالْبَلْدَةِ طَبِيبٌ غَيْرُهُ وَلَا مَنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ الْعَيْبَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَأَجَابَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَلَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِ حُكْمٌ عَلَى مُسْلِمٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَفِي مَجْمُوعَةِ مُؤَيَّدِ زَادَهْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَطِبَّاءِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ أَيْ فِي الْخُصُومَةِ وَالْيَمِينِ. وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ لَوَازِمِ الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ لِضَحِكِي أَفَنْدِي وَفِيهِ كَلَامٌ طَوِيلٌ وَمَسَائِلُ حَسَنَةٌ فِي كَيْفِيَّةِ تَحْلِيفِ الْبَائِعِ فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت وَفِي الْبَحْرِ مِنْ الْعَيْبِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِهِمْ يُعْتَبَرُ قَوْلُ الْأَمَةِ وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ وَالْمَرْجِعُ فِي الْحَبَلِ إلَى قَوْلِ النِّسَاءِ وَفِي الدَّاءِ إلَى قَوْلِ الْأَطِبَّاءِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ اعْتِبَارِ قَوْلِ الْأَمَةِ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ انْقِطَاعِ الدَّمِ لِتَتَوَجَّهَ الْخُصُومَةُ إلَى الْبَائِعِ فَإِذَا تَوَجَّهَتْ إلَيْهِ بِقَوْلِهَا وَعَيَّنَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ عَنْ حَبَلٍ رَجَعْنَا إلَى قَوْلِ النِّسَاءِ الْعَالِمَاتِ بِالْحَبَلِ لِتَوَجُّهِ الْيَمِينِ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ عَيَّنَ أَنَّهُ عَنْ دَاءٍ رَجَعْنَا إلَى قَوْلِ الْأَطِبَّاءِ إلَى أَنْ قَالَ نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً ثُمَّ قَبَضَهَا ثُمَّ قَالَ إنَّهَا لَا تَحِيضُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ

لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ بِالْحَبَلِ أَوْ بِسَبَبِ الدَّاءِ فَإِنْ ادَّعَى بِسَبَبِ الْحَبَلِ يُرِيهَا الْقَاضِي لِلنِّسَاءِ إنْ قُلْنَ هِيَ حُبْلَى يَحْلِفُ الْبَائِعُ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَإِنْ قُلْنَ لَيْسَتْ بِحُبْلَى فَلَا يَمِينَ اهـ. (أَقُولُ) وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ تَمَامُ عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ وَأَنَّ الْحَبَلَ يَثْبُتُ بِقَوْلِ النِّسَاءِ فِي حَقِّ الْخُصُومَةِ وَلَا تُرَدُّ بِشَهَادَتِهِنَّ وَأَمَّا فِي نَحْوِ الْقَرْنِ وَالرَّتَقِ فَإِنَّهُ تُرَدُّ بِشَهَادَتِهِنَّ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْمَرْأَتَيْنِ فِيهِ سَوَاءٌ وَأَنَّهُ فِي دَعْوَى الدَّاءِ تُرَدُّ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ كَانَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ بِقَوْلِهِنَّ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَحْلِيفِ الْبَائِعِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْمِنَحِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ إنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا تُرَدُّ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ بِالِاتِّفَاقِ لَكِنْ يَحْلِفُ الْبَائِعُ فَإِنْ حَلَفَ لَا تُرَدُّ وَإِنْ نَكَلَ تُرَدُّ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ تُرَدُّ مِنْ غَيْرِ يَمِينِ الْبَائِعِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تُرَدُّ حَتَّى يَحْلِفَ الْبَائِعُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي النَّوَادِرِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ تَصْلُحُ حُجَّةً لِلرَّدِّ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ اهـ وَرَأَيْت فِي مَجْمُوعَةِ صَمْتِيٍّ أَفَنْدِي عَنْ نَقْدِ الْفَتَاوَى مَا لَا يَنْظُرُ إلَيْهِ الرِّجَالُ كَالْقَرْنِ وَالرَّتَقِ إذَا أَخْبَرَتْ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ بِهِ يَثْبُتُ الْعَيْبُ فِي حَقِّ الْخُصُومَةِ لَا فِي الرَّدِّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ اهـ. وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمِثْلُهُ فِي النَّهْرِ مِنْ أَنَّهُ يَثْبُتُ الرَّدُّ بِقَوْلِ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ عِنْدَهُمَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ لِمَا عَلِمْت مِنْ حِكَايَةِ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ الرَّدِّ بَعْدَهُ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ فِي كِتَابِ الشَّهَادَةِ إنَّ نِصَابَهَا فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَّا النِّسَاءُ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا فِي حَقِّ تَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ عَلَى الْبَائِعِ لَا فِي حَقِّ الرَّدِّ كَذَا حَرَّرْته فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الْبَحْرِ وَبِهَذَا ظَهَرَ جَوَابُ حَادِثَةِ الْفَتْوَى فِيمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً رُومِيَّةً لِلتَّسَرِّي فَبَاشَرَهَا مِرَارًا فَوَجَدَهَا رَتْقَاءَ وَأَخْبَرَتْ النِّسَاءُ أَنَّهَا رَتْقَاءُ فَأَجَبْت بِأَنَّهَا لَا تُرَدُّ وَلَكِنْ يَحْلِفُ الْبَائِعُ فَإِنْ نَكَلَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ مُبَاشَرَتَهَا مَانِعَةٌ مِنْ الرَّدِّ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الْأَصْلِ رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ عُيُوبِهَا فَوَطِئَهَا ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَا يَمْلِكُ رَدَّهَا سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ لَا نَقَصَهَا الْوَطْءُ أَوْ لَا بِخِلَافِ الِاسْتِخْدَامِ وَكَذَا لَوْ قَبَّلَهَا أَوْ لَمَسَهَا بِشَهْوَةٍ وَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ أَنَا أُقَبِّلُهَا اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْخَانِيَّةِ. وَكَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَفِي الْقُنْيَةِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَلَمَّا أَخَذَ فِي وَطْئِهَا عَلِمَ أَنَّهَا ثَيِّبٌ فَإِنْ زَايَلَهَا بِلَا لُبْثٍ فَلَهُ الرَّدُّ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ ثُمَّ رَمَزَ وَقَالَ الْوَطْءُ يَمْنَعُ الرَّدَّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ اهـ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعُيُوبَ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ مَا هُوَ ظَاهِرٌ يَعْرِفُهُ كُلُّ أَحَدٍ فَإِنْ كَانَ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ كَإِصْبَعٍ زَائِدَةٍ يَقْضِي الْقَاضِي بِالرَّدِّ بِلَا تَحْلِيفٍ إلَّا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ رِضَا الْمُشْتَرِي أَوْ الْإِبْرَاءَ عَنْهُ فَيَحْلِفُ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ مَا رَضِيَ بِهِ وَكَذَلِكَ فِي عَيْبٍ يَحْدُثُ وَلَكِنْ لَا يَحْدُثُ مِثْلُهُ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَلَوْ يَحْدُثُ فِي مِثْلِهَا فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ كَوْنَهُ عِنْدَهُ يَحْلِفُ الْبَائِعُ بِاَللَّهِ مَا لَهُ حَقُّ الرَّدِّ عَلَيْك بِهَذَا الْعَيْبِ الَّذِي يَدَّعِيهِ الْقِسْمُ الثَّانِي مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْأَطِبَّاءُ كَدِقٍّ وَسُلٍّ وَحُمَّى قَدِيمَةٍ يُقْبَلُ فِي قِيَامِ الْعَيْبِ لِلْحَالِ وَتَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ قَوْلٌ وَاحِدٌ مِنْهُمْ ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ لِإِثْبَاتِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَدَّعِ الرِّضَا بِهِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَقَاضِي خَانْ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا النِّسَاءُ وَقَدْ عَلِمْت حُكْمَهُ. الْقِسْمُ الرَّابِعُ مَا لَا يَعْرِفُهُ إلَّا أَهْلُ الْخِبْرَةِ كَإِبَاقٍ وَسَرِقَةٍ وَبَوْلٍ فِي الْفِرَاشِ وَجُنُونٍ فَإِنْ أَنْكَرَ الْبَائِعُ الْعَيْبَ لَا تُسْمَعُ خُصُومَةُ الْمُشْتَرِي مَا لَمْ يُبَرْهِنْ عَلَى وُجُودِ الْعَيْبِ عِنْدَهُ فَإِنْ بَرْهَنَ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى وُجُودِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ يُحَلِّفُهُ عَلَى أَنَّهُ مَا سَرَقَ أَوْ مَا أَبَقَ أَوْ مَا جُنَّ أَوْ مَا بَالَ عِنْدَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَإِنْ نَكَلَ رُدَّ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْلَا بَيِّنَةٍ لِلْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فِي يَدِهِ فَعِنْدَهُمَا

يَحْلِفُ الْبَائِعُ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ سَرَقَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ أَبَقَ أَوْ جُنَّ أَوْ بَالَ فِي فِرَاشِهِ وَلَا يَحْلِفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذْ الْيَمِينُ تَتَوَجَّهُ بَعْدَ صِحَّةِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْعَيْبِ شَرْطٌ لِتَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ وَلَمْ يُوجَدْ وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ مَبْسُوطٌ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفِي إصْلَاحِهِ الْمُسَمَّى نُورَ الْعَيْنِ فَرَاجِعْهُمَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بِيعَ عَرْضٌ بِعَرْضٍ مُقَايَضَةً ثُمَّ وُجِدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ فَهَلْ يُرَدُّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَيُنْتَقَضُ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ بَاعَ الْعَرْضَ بِالْعَرْضِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ أَحَدَهُمَا أَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ آخِرِ الْفَصْلِ الثَّامِنِ اهـ لَوَازِمُ الْحُكَّامِ اشْتَرَى عَبْدًا بِثَوْبٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ وَقَدْ هَلَكَ الثَّوْبُ فِي يَدِهِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ انْفَسَخَ فِي الْعَبْدِ فَيَلْزَمُهُ رَدُّ بَدَلِهِ وَقَدْ عَجَزَ عَنْهُ فَيَلْزَمُهُ رَدُّ قِيمَتِهِ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ جَارِيَةً فَوَلَدَتْ مِنْ السَّيِّدِ أَوْ أَعْتَقَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ. اهـ. أَنْقِرْوِيٌّ عَنْ مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ حِصَانًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ مَاتَ الْحِصَانُ عِنْدَ الرَّجُلِ بَعْدَمَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ بِهِ كَانَ عِنْدَ بَائِعِهِ وَيُرِيدُ احْتِسَابَ مَا نَقَصَ مِنْهُ بِالْعَيْبِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ عَلَى الْبَائِعِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا عِنْدَهُمَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى إذَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ مَا يُفِيدُ الرِّضَا بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ كَذَا فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ بَابِ خَيْرِ الْعَيْبِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عِدَّةَ أَرْطَالٍ مِنْ الْغَزْلِ الْمُسَمَّى بِالْمَغْزُولَةِ فَوَزَنَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ فَنَقَصَ وَكَانَ رَطْبًا فَيَبِسَ فَهَلْ لَهُ الرَّدُّ إنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ فِي الرُّطُوبَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ اشْتَرَى غَزْلًا مَنًّا فَوَزَنَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ فَنَقَصَ فَإِنْ كَانَ رَطْبًا فَيَبِسَ فَلَهُ الرَّدُّ إنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ فِي الرُّطُوبَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ وُجُوبَ الرَّدِّ وَلَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ وَجَعَلَ الْفَيْلَقَ إبْرَيْسَمًا ثُمَّ ظَهَرَ ذَلِكَ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ فَصْلِ الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّقَةِ مِنْ الْبَيْعِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو أَلَّاجَتَيْنِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنَّهُمَا كَذَا كَذَا ذِرَاعًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُمَا أَقَلُّ مِنْ الذَّرْعِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُمَا بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ تَرَكَهُمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا (أَقُولُ) وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهُمَا بِنَاءً عَلَى الذَّرْعِ الْمُعْتَادِ ثُمَّ ظَهَرَ ذَرْعُهُمَا نَاقِصًا عَنْ الذَّرْعِ الْمُعْتَادِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو شَيْئًا لَمْ يَرَهُ وَيُرِيدُ زَيْدٌ فَسْخَ الْبَيْعِ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : لَوْ فَسَخَهُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ صَحَّ فَسْخُهُ فِي الْأَصَحِّ كَذَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو بِضَاعَةً وَزْنِيَّةً مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فِي وِعَاءٍ وَأَرَى عَمْرًا قَدْرًا جَيِّدًا مِنْهَا فَرَأَى الْبَاقِيَ مِنْهَا أَرْدَأَ مِمَّا رَأَى وَيُرِيدُ رَدَّهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا قَدْ رَأَى بَعْضَهُ أَوْ لَمْ يَرَ مِنْهُ شَيْئًا فَاشْتَرَاهُ ثُمَّ رَأَى بَعْضَهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا فِيهِ الْأُنْمُوذَجُ كَالْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ فَرُؤْيَةُ بَعْضِهِ كَرُؤْيَةِ كُلِّهِ فِي إبْطَالِ الْخِيَارِ إلَّا أَنْ يَجِدَ مَا بَقِيَ مُخَالِفًا لِمَا رَأَى إلَى شَرٍّ فَيَثْبُتُ لَهُ خِيَارُ الْعَيْبِ لَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ سَوَاءٌ كَانَ فِي وِعَاءٍ وَاحِدٍ أَوْ أَوْعِيَةٍ مُخْتَلِفَةٍ بَعْدَ أَنْ يَتَّحِدَ الْكُلُّ فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةَ الْأَجْنَاسِ وَالْأَوْصَافِ فَمَا لَمْ يَرَ كُلَّ جِنْسٍ أَوْ كُلَّ نَوْعٍ فَلَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْبَيْضِ وَالْجَوْزِ رُؤْيَةُ بَعْضِهِ كَرُؤْيَةِ كُلِّهِ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ إذَا رَأَى الْبَاقِيَ وَجَعَلَهُ كَالْعَدَدِيِّ الْمُتَفَاوِتِ بِأَنْ يَرْضَى الْكُلَّ أَوْ يَرُدَّ الْكُلَّ وَلَوْ اشْتَرَى جَمَاعَةٌ مِنْ الْعَدَدِيِّ الْمُتَفَاوِتِ كَالْعَبِيدِ وَالْجَوَارِي وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالثِّيَابِ فِي الْجِرَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَرَأَى جَمِيعَ مَا اشْتَرَاهُ إلَّا وَاحِدًا مِنْهَا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْكُلَّ أَوْ يُمْسِكَ الْكُلَّ وَلَوْ اشْتَرَى ثِيَابًا فِي عَدْلٍ وَرَأَى طَيَّ الْكُلِّ وَلَمْ يَنْشُرْهَا وَلَيْسَ مِنْهَا مَوْضِعٌ مَقْصُودٌ يُقْصَدُ بِالرُّؤْيَةِ

كَالْعَلَمِ وَالطِّرَازِ وَنَحْوِهِمَا أَوْ كَانَ ثَوْبًا وَاحِدًا فَرَأَى ظَاهِرَهُ وَلَمْ يَنْشُرْهُ بَطَلَ خِيَارُهُ فِي هَذِهِ كُلِّهَا إلَّا أَنْ يَجِدَ بَاطِنَهَا مُخَالِفًا لِظَاهِرِهَا لِشَرٍّ فَيَثْبُتُ لَهُ خِيَارُ الْعَيْبِ دُونَ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا ذَا عَلَمٍ فَرَأَى الثَّوْبَ كُلَّهُ غَيْرَ الْعَلَمِ فَلَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَلَوْ كَانَ الْعَكْسُ لَا خِيَارَ لَهُ وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا مُغَيَّبًا فِي الْأَرْضِ كَالْجَزَرِ وَالْبَصَلِ وَالْفُومِ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَأَى جَمِيعَهُ وَإِذَا رَأَى بَعْضَهُ وَرَضِيَ بِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي الثِّيَابِ وَقَالَا إذَا قَلَعَ شَيْئًا مِنْهُ يُسْتَدَلُّ عَلَى الْبَاقِي وَرَضِيَ بِهِ سَقَطَ خِيَارُهُ وَلَزِمَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَلَوْ قَلَعَ الْمُشْتَرِي شَيْئًا مِنْهُ أَوْ قَلَعَ جَمِيعَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ لِإِدْخَالِهِ النَّقْصَ فِي الْمَبِيعِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقَلْعِ فَقَالَ الْبَائِعُ إنِّي أَخَافُ إنْ قَلَعْته لَا تَرْضَى بِهِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي إنِّي أَخَافُ إنْ قَلَعْته لَا أَرْضَى بِهِ وَأَعْجِزُ عَنْ رَدِّهِ عَلَيْك فَأَيُّهُمَا تَطَوَّعَ بِالْقَلْعِ جَازَ وَإِنْ تَشَاحَّا فَسَخَ الْقَاضِي الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا شَرْحُ الْقُدُورِيِّ الْمُسَمَّى بِالْيَنَابِيعِ مِنْ بَابِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ بُنْدُقَةً عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ إلَى يَوْمٍ وَتَسَلَّمَهَا فَحَدَثَ بِهَا عَيْبٌ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا بِهِ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْعَيْبُ قَائِمٌ فَهَلْ لَزِمَ الْبَيْعُ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْكَنْزِ وَبِقَبْضِهِ يَهْلَكُ بِالثَّمَنِ كَتَعَيُّبِهِ اهـ وَالْمُرَادُ بِهِ عَيْبٌ يَلْزَمُ وَلَا يَرْتَفِعُ كَمَا إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ وَمَا يَجُوزُ ارْتِفَاعُهُ كَالْمَرَضِ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ إنْ زَالَ الْمَرَضُ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْعَيْبُ قَائِمٌ لَزِمَ الْبَيْعُ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ قَدْرًا مِنْ اللَّوْزِ الْحُلْوِ فَوَجَدَ بَعْضَهُ مُرًّا بَعْدَ اخْتِبَارِهِ وَالْبَاقِي مِنْهُ كَذَلِكَ وَيُرِيدُ رَدَّ بَاقِيهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ نِصْف أَغْنَامٍ مَعْلُومَةٍ وَلَمْ يَرَهَا وَوَكَّلَ زَيْدًا بِقَبْضِهَا وَرَآهَا زَيْدٌ وَيَزْعُمُ الرَّجُلُ أَنَّ لَهُ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ إذَا رَآهَا وَإِنْ رَآهَا وَكِيلُهُ بِالْقَبْضِ فَهَلْ نَظَرُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ مُسْقِطٌ خِيَارَ رُؤْيَةِ الْمُوَكِّلِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَكَفَى رُؤْيَةُ وَكِيلِ قَبْضٍ وَوَكِيلِ شِرَاءٍ لَا رُؤْيَةُ رَسُولِ الْمُشْتَرِي تَنْوِيرٌ مِنْ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَنَظَرُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ أَيْ قَبْضِ الْمَبِيعِ مُسْقِطٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِيَارَ رُؤْيَةِ الْمُوَكِّلِ كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ يَعْنِي كَمَا إذَا نَظَرَ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ يَسْقُطُ خِيَارُهُ وَقَالَا هُوَ كَالرَّسُولِ يَعْنِي نَظَرُ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ كَنَظَرِ الرَّسُولِ فِي أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ الْخِيَارَ قُيِّدَ الْوَكِيلَ بِالْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِالرُّؤْيَةِ لَا تَكُونُ رُؤْيَتُهُ كَرُؤْيَةِ الْمُوَكِّلِ اتِّفَاقًا كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ ابْنُ مَالِكٍ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُتُونِ وَأَطَالَ فِيهَا فِي الْبَحْرِ فَرَاجِعْهُ وَصُورَةُ التَّوْكِيلِ بِالْقَبْضِ كُنْ وَكِيلًا عَنِّي بِقَبْضِ مَا اشْتَرَيْته وَمَا رَأَيْته كَذَا فِي الدُّرَرِ. (أَقُولُ) وَلَمْ يَذْكُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ وَهُوَ لَازِمٌ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَفِي الْمِعْرَاجِ قِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَ الرَّسُولِ وَالْوَكِيلِ أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يُضِيفُ الْعَقْدَ إلَى الْمُوَكِّلِ وَالرَّسُولُ لَا يُسْتَغْنَى عَنْ إضَافَتِهِ إلَى الْمُرْسِلِ وَفِي الْفَوَائِدِ صُورَةُ التَّوْكِيلِ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِغَيْرِهِ كُنْ وَكِيلًا فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ أَوْ وَكَّلْتُك بِقَبْضِهِ وَصُورَةُ الرَّسُولِ أَنْ يَقُولَ كُنْ رَسُولًا عَنِّي فِي قَبْضِهِ أَوْ أَمَرْتُك بِقَبْضِهِ أَوْ أَرْسَلْتُك لِتَقْبِضَهُ أَوْ قُلْ لِفُلَانٍ أَنْ يَدْفَعَ الْمَبِيعَ إلَيْك وَقِيلَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّسُولِ وَالْوَكِيلِ فِي فَصْلِ الْأَمْرِ بِأَنْ قَالَ اقْبِضْ الْمَبِيعَ فَلَا يَسْقُطُ الْخِيَارُ اهـ كَلَامُ الْبَحْرِ. وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ أَنَّ قَوْلَهُ وَفِي الْفَوَائِدِ إلَخْ لَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الرَّسُولِ وَالْوَكِيلِ فَالرَّسُولُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى مُرْسِلِهِ لِمَا مَرَّ عَنْ الدُّرَرِ مِنْ أَنَّهُ مُعَبِّرٌ وَسَفِيرٌ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ لَا يُضِيفُ الْعَقْدَ إلَى الْمُوَكِّلِ إلَّا فِي مَوَاضِعَ كَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ الْوَكِيلَ فِيهَا كَالرَّسُولِ حَتَّى لَوْ أَضَافَ النِّكَاحَ لِنَفْسِهِ كَانَ لَهُ وَمَا فِي الْفَوَائِدِ بَيَانٌ لِمَا يَصِيرُ بِهِ الْوَكِيلُ وَكِيلًا وَالرَّسُولُ رَسُولًا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَصِيرُ

وَكِيلًا بِأَلْفَاظِ الْوَكَالَةِ وَيَصِيرُ رَسُولًا بِأَلْفَاظِ الرِّسَالَةِ وَبِالْأَمْرِ لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْبَدَائِعِ أَنْ افْعَلْ كَذَا وَأَذِنْت لَك أَنْ تَفْعَلَ كَذَا تَوْكِيلٌ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ دَفَعَ لَهُ أَلْفًا وَقَالَ اشْتَرِ لِي بِهَا أَوْ بِعْ أَوْ قَالَ اشْتَرِ بِهَا أَوْ بِعْ وَلَمْ يَقُلْ لِي كَانَ تَوْكِيلًا وَكَذَا اشْتَرِ بِهَذَا الْأَلْفِ جَارِيَةً وَأَشَارَ إلَى مَالِ نَفْسِهِ وَلَوْ قَالَ اشْتَرِ هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ كَانَ مَشُورَةً وَالشِّرَاءُ لِلْمَأْمُورِ إلَّا إذَا زَادَ عَلَى أَنْ أُعْطِيَك لِأَجْلِ شِرَائِك دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْأَجْرِ لَهُ يَدُلُّ عَلَى الْإِنَابَةِ اهـ وَأَفَادَ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ أَمْرٍ تَوْكِيلًا بَلْ لَا بُدَّ مِمَّا يُفِيدُ كَوْنَ فِعْلِ الْمَأْمُورِ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ الْآمِرِ فَلْيُحْفَظْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو حِصَانَيْنِ أَحَدُهُمَا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ قِرْشًا وَالْآخَرُ بِثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ قِرْشًا فَبَاعَهُمَا زَيْدٌ مِنْ بَكْرٍ تَوْلِيَةً بِسِتِّينَ قِرْشًا ثُمَّ ظَهَرَ وَتَبَيَّنَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ أَنَّهُ خَانَ فِي التَّوْلِيَةِ بِاثْنَيْ عَشَرَ قِرْشًا وَيُرِيدُ الْمُشْتَرِي إسْقَاطَ قَدْرِ الْخِيَانَةِ مِنْ الْمُسَمَّى الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فَإِنْ ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ أَيْ خِيَانَةُ الْبَائِعِ فِي مُرَابَحَةٍ بِإِقْرَارِهِ أَيْ الْبَائِعِ أَوْ بُرْهَانٍ أَيْ بَيِّنَةٍ قَامَتْ عَلَى ذَلِكَ أَوْ بِنُكُولِهِ أَيْ نُكُولِ الْبَائِعِ عَنْ الْيَمِينِ وَقَدْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي هَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِإِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي دَعْوَى الْخِيَانَةِ مُنَاقِضٌ فَلَا تُتَصَوَّرُ بَيِّنَتُهُ وَلَا نُكُولُهُ وَالْحَقُّ سَمَاعُهَا كَدَعْوَى الْعَيْبِ وَكَدَعْوَى الْحَطِّ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ رَدَّهُ وَلَهُ الْحَطُّ فِي التَّوْلِيَةِ يَعْنِي عِنْدَ ظُهُورِ خِيَانَتِهِ فِيهَا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُحَطُّ فِيهِمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُخَيَّرُ فِيهِمَا إلَخْ قَوْلُهُ وَلَهُ الْحَطُّ أَيْ إسْقَاطُ قَدْرِ الْخِيَانَةِ مِنْ الْمُسَمَّى وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَصُورَةُ الْخِيَانَةِ فِي التَّوْلِيَةِ إذَا اشْتَرَى ثَوْبًا بِتِسْعَةٍ وَقَبَضَهُ ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ اشْتَرَيْته بِعَشَرَةٍ وَلَّيْتُك بِمَا اشْتَرَيْته فَاطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ وَبَيَانُ الْحَطِّ فِي الْمُرَابَحَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إذَا اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ بِرِبْحٍ خَمْسَةً ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِثَمَانِيَةٍ فَإِنَّهُ يُحَطُّ قَدْرُ الْخِيَانَةِ مِنْ الْأَصْلِ وَهُوَ دِرْهَمَانِ وَمَا قَابَلَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَهُوَ دِرْهَمٌ وَيَأْخُذُ الثَّوْبَ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو جَارِيَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ إنَّ زَيْدًا بَاعَهَا مِنْ بَكْرٍ وَتَسَلَّمَهَا بَكْرٌ ثُمَّ إنَّ بَكْرًا رَدَّهَا عَلَى زَيْدٍ بِسَبَبِ عَيْبٍ بِالتَّرَاضِي مِنْ غَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَيْسَ لِزَيْدٍ ذَلِكَ بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ فَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ لَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِقَضَاءٍ بَعْدَ قَبْضِهِ وَلَوْ بِرِضَاهُ لَا تَنْوِيرٌ مِنْ بَابِ خِيَارِ الْعَيْبِ وَمِثْلُهُ فِي الْكَنْزِ وَالْمُتُونِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقْبَضَ زَيْدٌ عَمْرًا دَرَاهِمَ لَهُ عَلَيْهِ وَقَضَاهَا عَمْرٌو مِنْ غَرِيمِهِ بَكْرٍ فَوَجَدَ الْغَرِيمُ بَعْضَهَا زُيُوفًا فَرَدَّهَا بَكْرٌ عَلَى عَمْرٍو بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَيُرِيدُ عَمْرٌو رَدَّهَا عَلَى زَيْدٍ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ مِنْ خِيَارِ الْعَيْبِ وَعَلَى هَذَا إذَا قَبَضَ رَجُلٌ لَهُ دَرَاهِمُ عَلَى رَجُلٍ وَقَضَاهَا مِنْ غَرِيمِهِ فَوَجَدَهَا الْغَرِيمُ زُيُوفًا فَرَدَّهَا عَلَيْهِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ. اهـ. (أَقُولُ) وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ أَيْضًا الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ تَبَعًا لِمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَفَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ وَقَدْ حَرَّرَ الْمَسْأَلَةَ تَحْرِيرًا حَسَنًا الْعَلَّامَةُ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَقَرَّ الْقَابِضُ بِقَبْضِ حَقِّهِ أَوْ الثَّمَنِ أَوْ الدَّيْنِ مَثَلًا ثُمَّ جَاءَ لِيَرُدَّ مِنْهُ شَيْئًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِتَنَاقُضِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ اخْتَارَ تَحْلِيفَ الدَّافِعِ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا مِنْ دَرَاهِمِهِ أَنْ يُحَلِّفَهُ الْقَاضِي فَإِذَا نَكَلَ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ الْقَابِضُ بِمَا ذُكِرَ وَإِنَّمَا أَقَرَّ بِقَبْضِ دَرَاهِمَ مَثَلًا فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ اسْتِيفَاءَ حَقِّهِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْهُ مَا يُنَاقِضُ دَعْوَاهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الَّذِي يَرُدُّهُ زُيُوفًا وَهِيَ مَا يَقْبَلُهَا الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ أَوْ نَبَهْرَجَةً وَهِيَ مَا لَا يَقْبَلُهَا الْكُلُّ وَلَكِنَّ الْفِضَّةَ فِيهَا أَكْثَرُ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ سَتُّوقَةً وَهِيَ الَّتِي نُحَاسُهَا أَكْثَرُ بِمَنْزِلَةِ الزَّغَلِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَمَا أَقَرَّ بِقَبْضِ الدَّرَاهِمِ لِتَنَاقُضِهِ؛ لِأَنَّ السَّتُّوقَةَ لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ بِخِلَافِ الزُّيُوفِ وَالنَّبَهْرَجَةِ اهـ مُلَخَّصًا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقِرَّ بِقَبْضِ حَقِّهِ وَلَا بِقَبْضِ الدَّرَاهِمِ بَلْ سَكَتَ حَتَّى قَبَضَ

لَهُ رَدُّ السَّتُّوقَةِ لِعَدَمِ تَنَاقُضِهِ أَصْلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي الْمُدَايَنَاتِ عَنْ الْقُنْيَةِ بِرَمْزٍ الْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ إذَا أَخَذَ مِنْ دَيْنِهِ دِينَارًا فَجَعَلَهُ فِي الرَّوْثِ لِيَرُوجَ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الدِّرْهَمِ إذَا جَعَلَهُ فِي الْبَصَلِ وَنَحْوِهِ لِيَرُوجَ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ كَمَا لَوْ دَاوَى عَيْبَ مَشْرِيِّهِ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ اهـ وَعَلَى هَذَا لَوْ دَفَعَهُ إلَى دَائِنِهِ أَوْ شَرَى بِهِ شَيْئًا بَعْدَ عِلْمِهِ بِعَيْبِهِ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ أَيْضًا وَهَذِهِ تَقَعُ كَثِيرًا فَلْتُحْفَظْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو فَرَسًا شِرَاءً صَحِيحًا ثُمَّ سَافَرَ بِهَا وَرَكِبَهَا ثُمَّ رَجَعَ وَيُرِيدُ رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ قَدْ رَآهُ قَبْلَ رُكُوبِهَا وَسَفَرِهِ بِهَا فَهَلْ يَكُونُ رُكُوبُهُ رِضًا بِالْعَيْبِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا ثَبَتَتْ رُؤْيَتُهُ لِلْعَيْبِ قَبْلَ رُكُوبِهِ وَسَفَرِهِ بِهَا يَكُونُ ذَلِكَ رِضًا بِالْعَيْبِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ جَارِيَةً مِنْ عَمْرٍو وَبِهَا عَيْبٌ رَآهُ عِنْدَ الشِّرَاءِ وَالْقَبْضِ وَسَكَتَ ثُمَّ الْآنَ يُرِيدُ رَدَّهَا عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْعَيْبِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ رَدُّهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالْهِدَايَةِ (أَقُولُ) هَذَا إذَا رَأَى الْعَيْبَ عَالِمًا بِأَنَّهُ عَيْبٌ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ الْخُلَاصَةِ رَأَى الْمُشْتَرِي الْعَيْبَ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ عَيْبٌ ثُمَّ عَلِمَ يُنْظَرُ إنْ كَانَ عَيْبًا بَيِّنًا لَا يَخْفَى عَلَى النَّاسِ كَعَوَرٍ وَشَلَلٍ لَا يُرَدُّ وَيُعْلَمُ مِنْهُ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ. وَفِي الْخَانِيَّةِ أَرَادَ شِرَاءَ أَمَةٍ فَرَأَى بِهَا قُرْحَةً وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا عَيْبٌ فَشَرَاهَا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا عَيْبٌ لَهُ رَدُّهَا؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَشْتَبِهُ عَلَى النَّاسِ فَلَا يَثْبُتُ الرِّضَا بِالْعَيْبِ كَذَا فِي نُورِ الْعَيْنِ وَفِيهِ عَنْ فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ شَرَى قِنًّا بِرُكْبَتِهِ وَرَمٌ فَقَالَ الْبَائِعُ إنَّهُ وَرَمٌ حَدِيثٌ أَصَابَهُ ضَرْبٌ فَأَوْرَمَهُ فَشَرَاهُ عَلَى ذَلِكَ فَظَهَرَ قِدَمُهُ لَا يُرَدُّ وَكَذَا لَوْ شَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ فَظَهَرَ قِدَمُهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ هَذَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ فَلَوْ بَيَّنَهُ فَظَهَرَ كَوْنُهُ بِسَبَبٍ آخَرَ فَلَهُ الرَّدُّ إذْ الْعَيْبُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ السَّبَبِ اهـ وَاسْتَشْكَلَ صَاحِبُ نُورِ الْعَيْنِ كَلَامَ الْخَانِيَّةِ بِمَسْأَلَةِ الْأَمَةِ الَّتِي بِهَا قُرْحَةٌ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا يَظْهَرُ قُلْت وَالْجَوَابُ بِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا رَأَى الْعَيْبَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ عَيْبٌ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ ظَاهِرًا لَا يَخْفَى عَلَى النَّاسِ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ وَإِلَّا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ بَيَّنَ سَبَبَهُ أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ وَإِنْ بَيَّنَهُ فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ سَبَبٌ آخَرُ فَلَهُ الرَّدُّ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا فَإِذَا رَأَى فِي الْجَارِيَةِ قُرْحَةً بِلَا بَيَانِ السَّبَبِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا عَيْبٌ لَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَشْتَبِهُ إذْ لَيْسَتْ كُلُّ قُرْحَةٍ عَيْبًا وَفِي مَسْأَلَةِ الْوَرَمِ قَدْ بَيَّنَ الْبَائِعُ السَّبَبَ بِأَنَّهُ مِنْ الضَّرْبِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ قَالَ حَدِيثٌ فَظَهَرَ أَنَّهُ قَدِيمٌ أَيْ مِنْ ضَرْبٍ قَدِيمٍ فَلَمْ يَخْتَلِفْ السَّبَبُ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ الرَّدُّ مَا لَمْ يَظْهَرْ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الضَّرْبِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَدَبَّرْهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَحَقَّ بَعْضَ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَهَلْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي الْبَاقِي إنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَسَيَأْتِي فِي الِاسْتِحْقَاقِ. (سُئِلَ) فِي فَرَسٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو نِصْفَيْنِ فَاشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو نِصْفَهُ مِنْهَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا قَدِيمًا يُسَمُّونَهُ بَجْلًا لَمْ يَرَهُ حِينَ الشِّرَاءِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بَعْدَ رُؤْيَتِهِ وَيُرِيدُ رَدَّ الْمَبِيعِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ حِمَارًا فَظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ بَعْدَمَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ آخَرُ فَهَلْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْقَدِيمِ وَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي مَتْنِ الْوِقَايَةِ فَإِنْ ظَهَرَ عَيْبٌ قَدِيمٌ بَعْدَمَا حَدَثَ عِنْدَهُ آخَرُ فَلَهُ نُقْصَانُهُ لَا رَدُّهُ إلَّا بِرِضَا بَائِعِهِ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَالْكَنْزِ وَالْمَجْمَعِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ ثَمَرَةَ بُسْتَانِهِ الْبَارِزَةَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ شِرَاءً صَحِيحًا وَيُرِيدُ الْآنَ رَدَّ الْمَبِيعِ عَلَى بَائِعِهِ زَاعِمًا أَنَّ بَعْضَ الثَّمَرَةِ تَلِفَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ بِسَبَبِ الصَّقْعَةِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَتْ الثَّمَرَةُ مَوْجُودَةً بَارِزَةً وَقْتَ الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَالصَّقْعَةُ السَّاقِطُ مِنْ السَّمَاءِ بِاللَّيْلِ كَأَنَّهُ ثَلْجٌ وَقَدْ صُقِعَتْ الْأَرْضُ وَأُصْقِعَتْ بِضَمِّهِمَا وَأَصْقَعَهَا الصَّقِيعُ قَامُوسٌ. (سُئِلَ) فِيمَا

إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ النَّشَادِرِ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَسَافَرَ بِهِ مِنْ دِمَشْقَ إلَى حَلَبَ ثُمَّ رَجَعَ وَزَعَمَ أَنَّهُ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا يُوجِبُ الرَّدَّ وَيُرِيدُ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ وَإِلْزَامَهُ بِمُؤْنَةِ حَمْلِهِ فَهَلْ تَكُونُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُشْتَرِي؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَجَدَ بِالْمَبِيعِ الَّذِي لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ عَيْبًا وَرَدَّهُ فَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُشْتَرِي بَحْرٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو أَرْضًا مَعْلُومَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الدَّلَّالِ إنَّ الْمَبِيعَ يُسَاوِي الثَّمَنَ الْمَزْبُورَ وَتَبَيَّنَ أَنَّ فِي الْمَبِيعِ غَبْنًا فَاحِشًا فِي الثَّمَنِ وَيُرِيدُ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْغَبْنِ الْفَاحِشِ بِتَغْرِيرِ الدَّلَّالِ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) وَمَرَّ الْكَلَامُ عَلَى تَغْرِيرِ الْبَائِعِ أَيْضًا بِنَقْلِهِ وَيَأْتِي قَرِيبًا تَغْرِيرُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو شَيْئًا وَلَمْ يَرَهُ وَيُرِيدُ فَسْخَهُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ مِنْ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَعِبَارَتُهُ مَعَ شَرْحِهِ وَلَوْ فَسَخَهُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ صَحَّ فَسْخُهُ فِي الْأَصَحِّ بَحْرٌ لِعَدَمِ لُزُومِ الْبَيْعِ بِسَبَبِ جَهَالَةِ الْمَبِيعِ فَلَمْ يَقَعْ مُنْبَرِمًا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو جَمَلًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا كَانَ عِنْدَ بَائِعِهِ وَهُوَ قِلَّةُ الْأَكْلِ وَيُرِيدُ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَقِلَّةُ الْأَكْلِ عَيْبٌ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا وَمِثْلُهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَفِي الْبَحْرِ قِلَّةُ الْأَكْلِ فِي الْبَقَرِ عَيْبٌ. (سُئِلَ) فِي الْمَغْبُونِ غَبْنًا فَاحِشًا إذَا غَرَّهُ الْمُشْتَرِي فَهَلْ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْمَبِيعِ بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي تَبْيِينِ الْكَنْزِ وَقَالُوا فِي الْمَغْبُونِ غَبْنًا فَاحِشًا لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ بِحُكْمِ الْغَبْنِ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَيُفْتَى بِرِوَايَةِ الرَّدِّ رِفْقًا بِالنَّاسِ وَكَانَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ يُفْتِي بِأَنَّ الْبَائِعَ إنْ قَالَ لِلْمُشْتَرِي قِيمَةُ مَتَاعِي كَذَا أَوْ قَالَ يُسَاوِي كَذَا فَاشْتَرَى عَلَى ذَلِكَ وَظَهَرَ بِخِلَافِهِ لَهُ الرَّدُّ بِحُكْمِ أَنَّهُ غَرَّهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُرَدُّ بِهِ كَيْفَمَا كَانَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُفْتَى بِالرَّدِّ إنْ غَرَّهُ وَإِلَّا فَلَا اهـ وَكَمَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي مَغْبُونًا مَغْرُورًا يَكُونُ الْبَائِعُ كَذَلِكَ كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ مِنَحٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ وَلَمْ يَرَهَا فَبَاعَهَا مِنْ عَمْرٍو بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ بَيْعًا شَرْعِيًّا وَيَزْعُمُ الْبَائِعُ الْآنَ أَنَّ لَهُ اسْتِرْدَادَ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا خِيَارَ لِمَنْ بَاعَ مَا لَمْ يَرَهُ كَذَا فِي الْمُلْتَقَى وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو عِدَّةَ نَوَافِجَ مِسْكٍ عَلَى أَنَّهَا مَمْلُوءَةٌ مِنْ الْمِسْكِ فَفَتَحَهَا فَوَجَدَ فِيهَا تُرَابًا فَاحِشًا مُخْتَلِطًا بِهِ وَيُرِيدُ رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ بِخِيَارِ الْعَيْبِ بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الذَّخِيرَةِ الرَّصَاصُ فِي الْمِسْكِ عَيْبٌ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالرَّدِّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَرُدُّ الرَّصَاصَ بِحِسَابِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُحَطُّ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِ الرَّصَاصِ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ فَصْلِ الْعُيُونِ جَعَلَ أَبُو يُوسُفَ لِجِنْسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَصْلًا فَقَالَ مَا يُسَامَحُ فِي قَلِيلِهِ لَا يُمَيَّزُ كَثِيرُهُ وَكُلُّ مَا لَا يُسَامَحُ فِي قَلِيلِهِ يُمَيَّزُ كَثِيرُهُ وَيُسَامَحُ فِي الْحِنْطَةِ وَأَمْثَالِهَا قَلِيلُ التُّرَابِ فَلَا يُمَيَّزُ كَثِيرُهُ وَالرَّصَاصُ فِي الْمِسْكِ لَا يُسَامَحُ فِي قَلِيلِهِ فَيُمَيَّزُ كَثِيرُهُ وَيُسَامَحُ فِي قَلِيلِ التُّرَابِ فَلَا يُمَيَّزُ كَثِيرُهُ وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ أَخَذُوا بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ اهـ. فَفِي مَسْأَلَتِنَا الْمِسْكُ مُخْتَلِطٌ بِكَثِيرٍ مِنْ التُّرَابِ فَلَا نُمَيِّزُ التُّرَابَ وَنَرُدُّهُ بِحِسَابِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِعَدَمِ إمْكَانِ تَمْيِيزِهِ بِخِلَافِ الرَّصَاصِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ وَيُرَدُّ الرَّصَاصُ بِحِسَابِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ التُّرَابُ فِي الْمِسْكِ قَلِيلًا فَيُسَامَحُ فِي قَلِيلِهِ وَمَسْأَلَتُنَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ قَوْلِ قَاضِي خَانْ وَيُسَامَحُ فِي قَلِيلِ التُّرَابِ فَلَا يُمَيَّزُ كَثِيرُهُ فَتَلَخَّصَ أَنَّ مَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ نُمَيِّزُهُ وَنَرُدُّهُ بِحِسَابِهِ مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ مَا لَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ فَلَا نُمَيِّزُهُ وَيَكُونُ عَيْبًا كَالتُّرَابِ الْكَثِيرِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ مَا عِبَارَتُهُ وَإِذَا اشْتَرَى نَافِجَةَ مِسْكٍ فَأَخْرَجَ الْمِسْكَ مِنْهَا لَمْ

باب الإقالة

يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَلَا بِخِيَارِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّبُ بِالْإِخْرَاجِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَخْرُجْ الْمِسْكُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو جَارِيَةً بَالِغَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ أَبَقَتْ الْجَارِيَةُ عِنْدَهُ وَيُرِيدُ رَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ بِعَيْبِ الْإِبَاقِ وَعَمْرٌو يُنْكِرُ ذَلِكَ وَيُكَلِّفُهُ إثْبَاتَ إبَاقِهَا عِنْدَهُ أَيْضًا لِيَرُدَّ لَهُ الْمَبِيعَ فَهَلْ لِعَمْرٍو ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ مَنْ وَجَدَ بِمَشْرِيِّهِ مَا يُنْقِصُ الثَّمَنَ عِنْدَ التُّجَّارِ أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ رَدَّهُ كَالْإِبَاقِ وَالْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ وَالسَّرِقَةِ وَكُلُّهَا تَخْتَلِفُ صِغَرًا وَكِبَرًا تَنْوِيرٌ قَالَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِهِ فَعِنْدَ اتِّحَادِ الْحَالَةِ بِأَنْ ثَبَتَ إبَاقُهُ عِنْدَ بَائِعِهِ ثُمَّ مُشْتَرِيهِ كِلَاهُمَا فِي صِغَرِهِ أَوْ كِبَرِهِ لَهُ الرَّدُّ لِاتِّحَادِ السَّبَبِ وَعِنْدَ الِاخْتِلَافِ لَا لِكَوْنِهِ عَيْبًا حَادِثًا كَعَبْدِ حُمَّ عِنْدَ بَائِعِهِ ثُمَّ حُمَّ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ إنْ مِنْ نَوْعِهِ لَهُ رَدُّهُ وَإِلَّا فَلَا عَيْنِيٌّ اهـ وَحَقَّقَهُ الْعَلَّامَةُ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ. (سُئِلَ) فِيمَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَهَلْ يَجُوزُ وَلَهُ رَدُّهُ إذَا رَآهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَا يُبْطِلُهُ وَإِنْ رَضِيَ قَبْلَهَا؟ (الْجَوَابُ) : مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا لَمْ يَرَهُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا لَمْ يَرَهُ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ» اهـ وَكَذَا إذَا قَالَ رَضِيت فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَهَذَا إذَا لَمْ يُوجَدْ مَا يُبْطِلُهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو بَيْتًا مَعْلُومًا شِرَاءً شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَتَسَلَّمَ الْمَبِيعَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ مُرْتَهَنٌ عِنْدَ بَكْرٍ مُسَلَّمًا لَهُ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ صَبَرَ إلَى فَكِّ الرَّهْنِ أَوْ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْقَاضِي لِيَفْسَخَ الْبَيْعَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. [بَابُ الْإِقَالَةِ] (بَابُ الْإِقَالَةِ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ بِالْوَكَالَةِ عَنْ بِنْتِهِ هِنْدٍ الْبَالِغَةِ مِنْ عَمْرٍو كَرْمًا مَعْلُومًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَتَصَرَّفَتْ هِنْدٌ بِالْكَرْمِ مُدَّةً ثُمَّ إنَّ وَالِدَهَا أَقَالَ عَمْرًا مِنْ بَيْعِ الْكَرْمِ وَرَدَّ عَمْرٌو لَهُ الثَّمَنَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ ابْنَتِهِ الْمَزْبُورَةِ وَلَا إجَازَةَ وَلَمَّا بَلَغَهَا خَبَرُ الْإِقَالَةِ رَدَّتْ الْإِقَالَةَ الْمَزْبُورَةَ وَلَمْ تُجِزْهَا فَهَلْ تَرْتَدُّ الْإِقَالَةُ بِرَدِّهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَرْتَدُّ الْإِقَالَةُ بِالرَّدِّ وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِ هَذِهِ الْعَلَّامَةُ التُّمُرْتَاشِيُّ كَمَا فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْبَيْعِ وَأَجَابَ بِقَوْلِهِ نَعَمْ تَرْتَدُّ بِرَدِّهِ وَتَبْطُلُ وَأَجَابَ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ آخَرَ بِقَوْلِهِ لَا يَمْلِكُ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ الْإِقَالَةَ اتِّفَاقًا وَأَمَّا إقَالَةُ الْبَيْعِ فَصَحِيحَةٌ وَيَضْمَنُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ فَلَوْ أَقْبَضَهُ ثُمَّ قَالَ تَصِحُّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَالِكٍ وَالْفَوَائِدِ الزَّيْنِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو ثَمَرَةَ كَرْمِ عِنَبٍ مُدْرِكَةٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مَقْبُوضٍ ثُمَّ ظَهَرَ لِزَيْدٍ أَنَّ الثَّمَنَ كَثِيرٌ وَطَلَبَ مِنْ الْبَائِعِ رَدَّ الثَّمَنِ لَهُ فَرَضِيَ وَتَسَلَّمَ الْمَبِيعَ وَتَصَرَّفَ بِهِ رَدَّ الْبَائِعُ بَعْضَ الثَّمَنِ لِزَيْدٍ وَذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمُقَابَلَةِ بِالتَّعَاطِي ثُمَّ امْتَنَعَ مِنْ رَدِّ بَقِيَّةِ الثَّمَنِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ لَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَصِحُّ بِالتَّعَاطِي وَلَوْ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ كَالْبَيْعِ هُوَ الصَّحِيحُ بَزَّازِيَّةٌ عَلَائِيٌّ (أَقُولُ) وَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ الْآخَرِ فِي الْمَجْلِسِ وَلَوْ كَانَ الْقَبُولُ فِعْلًا كَمَا لَوْ قَطَعَهُ أَوْ قَبَضَهُ فَوْرَ قَوْلِ الْمُشْتَرِي أَقَلْتُك كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ عَنْ الْمِنَحِ أَنَّ مِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَى اشْتِرَاطِ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ مَا فِي الْقُنْيَةِ جَاءَ الدَّلَّالُ بِالثَّمَنِ إلَى الْبَائِعِ بَعْدَمَا بَاعَهُ بِالْأَمْرِ الْمُطْلَقِ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ لَا أَدْفَعُهُ بِهَذَا الثَّمَنِ فَأَخْبَرَ بِهِ الْمُشْتَرِي فَقَالَ أَنَا لَا أُرِيدُهُ أَيْضًا لَا يَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الْفَسْخِ وَلِأَنَّ اتِّحَادَ الْمَجْلِسِ فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ شَرْطٌ فِي الْإِقَالَةِ وَلَمْ يُوجَدْ اهـ مَا فِي الْمِنَحِ قُلْت وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ مَا فِي الْقُنْيَةِ أَيْضًا اشْتَرَى حِمَارًا ثُمَّ أَتَى لِيَرُدَّهُ فَلَمْ يَجِدْ الْبَائِعُ فَأَدْخَلَهُ فِي إصْطَبْلِهِ فَجَاءَ الْبَائِعُ بِالْبَيْطَارِ فَبَزَغَهُ فَلَيْسَ بِفَسْخٍ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ قَبُولًا وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ فِيهِ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ اهـ فَلْيُحْفَظْ فَإِنَّ أَمْثَالَ ذَلِكَ

باب الاستحقاق

تَقَعُ كَثِيرًا وَتَخْفَى عَلَى كَثِيرٍ. (سُئِلَ) فِي عَقَارِ وَقْفٍ أَجَرَهُ نَاظِرُ الْوَقْفِ مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَتَسَلَّمَهُ الْمُسْتَأْجِرُ ثُمَّ أَجَرَهُ مِمَّا فِي تَآجُرِهِ مِنْ عَمْرٍو وَتَسَلَّمَهُ ثُمَّ تَقَايَلَ زَيْدٌ مَعَ نَاظِرِ الْوَقْفِ عَقْدًا لِتَآجُرِ مُقَايَلَةٍ صَحِيحَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَهَلْ التَّقَايُلُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ وَتَنْفَسِخُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَنْفَسِخُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْغَزِّيُّ وَفِي الْمُضْمَرَاتِ الْمُسْتَأْجِرُ إذَا أَجَرَهُ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ مُزَارَعَةً ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الْأَوَّلَ فَسَخَ الْعَقْدَ هَلْ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ الثَّانِي اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو بِضَاعَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ ثُمَّ تَقَايَلَا عَقْدَ الشِّرَاءِ مُقَايَلَةً شَرْعِيَّةً وَلَمْ يَتَقَابَضَا الْمَبِيعَ حَتَّى اشْتَرَاهُ مِنْ عَمْرٍو ثَانِيًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَهَلْ تَكُونُ الْمُقَايَلَةُ وَالشِّرَاءُ صَحِيحَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ وَلَمْ يَتَقَابَضَا حَتَّى اشْتَرَاهُ مِنْ الْبَائِعِ جَازَ شِرَاؤُهُ وَلَوْ بَاعَهُ الْبَائِعُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ أَنْقِرْوِيٌّ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَمِثْلُهُ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو فَرَسًا وَقَبَضَهَا فَتَعَيَّبَتْ الْفَرَسُ عِنْدَ زَيْدٍ ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ بِلَا عِلْمِ عَمْرٍو بِالْعَيْبِ وَيُرِيدُ عَمْرٌو رَدَّ الْإِقَالَةِ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِنْ تَغَيَّرَتْ الْإِقَالَةُ إلَى نُقْصَانٍ بِأَنْ تَغَيَّبَتْ الْجَارِيَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَإِنْ تَقَايَلَا بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ سَكَتَا عَنْ ذِكْرِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ تُجْعَلُ الْإِقَالَةُ فَسْخًا عِنْدَهُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ وَقْتَ الْإِقَالَةِ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَمْضَى الْإِقَالَةَ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ وَإِنْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ فَلَا خِيَارَ لَهُ ذَخِيرَةٌ مِنْ الثَّامِنَ عَشَرَ فِي الْإِقَالَةِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ كَمَا فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْإِقَالَةِ. [بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ] (بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ) (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دَارًا مَعْلُومَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ دَفَعَهُ لِلْبَالِغِ ثُمَّ بَنَى الْمُشْتَرِي فِيهَا بِنَاءً ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِالْبَيِّنَةِ لِزَيْدٍ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ حَكَمَ لِلْمُشْتَرِي بِالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ مَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَفْصِلَهُ وَيَهْدِمَهُ وَيُسَلِّمَهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا يَوْمَ يُسَلِّمُ ذَلِكَ إلَيْهِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْعِمَادِيَّةِ وَالْخَيْرِيَّةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ شَرَى أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ فَاسْتَحَقَّ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ وَيُسَلِّمُ بِنَاءَهُ وَزَرْعَهُ وَشَجَرَهُ إلَيْهِ فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهَا مَبْنِيًّا قَائِمًا يَوْمَ سَلَّمَهَا إلَيْهِ فَصُولَيْنِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ اشْتَرَى دَارًا فَجَصَّصَهَا وَطَيَّنَ سُطُوحَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْجِصِّ وَالطِّينِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ مَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَفْصِلَهُ وَيَهْدِمَهُ وَيُسَلِّمَ إلَيْهِ فَصُولَيْنِ أَيْضًا (أَقُولُ) تَقْيِيدُهُ بِالرُّجُوعِ بِالْقِيمَةِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالنَّفَقَةِ كَأُجْرَةِ الْفَعَلَةِ وَنَحْوِهَا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى كَرْمًا كَمَا سَيَأْتِي. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دَابَّةً فَأَنْفَقَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا مُدَّةً ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَنْفَقَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ أَوْ الْبَقَرَةُ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا أَنْفَقَ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ عَنْ الْقُنْيَةِ وَمِثْلُهُ فِي مَجْمُوعَةِ الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ حِمَارًا مِنْ عَمْرٍو بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ وَتَسَلَّمَ الْحِمَارَ مِنْهُ فَاسْتَحَقَّهُ بَكْرٌ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَحَكَمَ لَهُ بِهِ وَقَدْ مَاتَ الْبَائِعُ وَلِزَيْدٍ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ أَنَّ الْحِمَارَ نَتَجَ عِنْدَ بَائِعٍ بَائِعِهِ فُلَانٍ فِي مِلْكِهِ فَهَلْ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ الْمَذْكُورَةُ وَيَبْطُلُ الْحُكْمُ السَّابِقُ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى وَرَثَةِ عَمْرٍو

(الْجَوَابُ) : إذَا قَالَ بَائِعٌ مَنْ بَاعَهُ حِينَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ أَنَا لَا أُعْطِي الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ كَاذِبٌ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ نَتَجَ فِي مِلْكِي أَوْ مِلْكِ بَائِعِي بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ بِهَا فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيَبْطُلُ الْحُكْمُ إنْ أَثْبَتَ كَذَا فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ فَتُسْمَعُ بَيِّنَةُ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ وَيَبْطُلُ الْحُكْمُ الْمَزْبُورُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ رَجَعَ الثَّمَنُ عَلَى وَرَثَةِ عَمْرٍو وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اُسْتُحِقَّ بِمِلْكٍ مُطْلَقٍ وَطَلَبَ ثَمَنَهُ فَبَرْهَنَ بَائِعُهُ أَنَّهُ نَتَجَ فِي مِلْكِ بَائِعِي يُقْبَلُ لَوْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْمُسْتَحِقِّ وَلَوْ غَابَ بَائِعُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ بَائِعِهِ (أَقُولُ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ حَضْرَةُ الْمُسْتَحِقِّ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ فُصُولَيْنِ مِنْ 16 فِي الِاسْتِحْقَاقِ رَجُلٌ اشْتَرَى شَيْئًا فَجَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّهُ فَقَضَى الْقَاضِي بِالِاسْتِحْقَاقِ فَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ فَدَفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ مِنْ غَيْرِ إلْزَامِ الْقَاضِي إيَّاهُ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ وَهَذَا مَذْهَبُ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِإِلْزَامِ الْقَاضِي هَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي بُيُوعِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى مِنْ الْبُيُوعِ وَمَشَى فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ فِي بَابِ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَكِنْ فِي التَّنْوِيرِ لَمْ يُشْتَرَطْ هَذَا؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَيَثْبُتُ رُجُوعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ إذَا كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْبَيِّنَةِ (أَقُولُ) ذَكَرَ فِي التَّنْوِيرِ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ وَلَا يُؤْخَذُ ضَامِنُ الدَّرَكِ إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَمِثْلُهُ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ وَعَلَّلَهُ الشُّرَّاحُ بِقَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِحْقَاقِ لَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مَا لَمْ يُقْضَ لَهُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ اهـ فَظَاهِرُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ اعْتِمَادُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فَتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو بَغْلَةً بِدِمَشْقَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَاسْتَحَقَّهَا مُسْتَحِقٌّ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى بِدَعْوَى النِّتَاجِ وَحُكِمَ لَهُ بِهَا وَرَجَعَ يَطْلُبُ الثَّمَنَ مِنْ بَائِعِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُبَرْهِنَ أَنَّهَا نَتَجَتْ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ بَائِعِ الْبَائِعِ وَالْمُسْتَحِقُّ غَائِبٌ وَكَذَا الْبَغْلَةُ فَهَلْ يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُسْتَحِقِّ لِقَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ حَتَّى يَبْطُلَ الْحُكْمُ السَّابِقُ أَمْ لَا وَهَلْ يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْبَغْلَةِ أَيْضًا؟ (الْجَوَابُ) : مُقْتَضَى مَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوَاهُ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ حُضُورِ الْمُسْتَحِقِّ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَهَذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ وَأَشْبَهَ وَمُقْتَضَى مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَدَمُ الْقَبُولِ بِلَا حُضُورِ الْمُسْتَحِقِّ قَالَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ وَمَا فِي الْخُلَاصَةِ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ حَضْرَةِ الْبَغْلَةِ ذُكِرَ فِي دَعْوَى الذَّخِيرَةِ إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ فَأَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً عَلَى النِّتَاجِ وَأَنَّ الْقَضَاءَ لِلْمُسْتَحِقِّ وَقَعَ بَاطِلًا وَلَيْسَ لَك الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَيَّ هَلْ تُقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ بِغَيْبَةِ الْمُسْتَحِقِّ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَمُحَمَّدٌ يَشْتَرِطُ حَضْرَتَهُ وَاخْتَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ وَهَكَذَا أَفْتَى بِفَرْغَانَةَ. وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ قِيلَ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُسْتَحِقِّ لِقَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلِ لَا يُشْتَرَطُ وَهَذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ وَأَشْبَهُ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ فِيمَنْ يَصْلُحُ خَصْمًا لِغَيْرِهِ وَمَنْ لَا يَصْلُحُ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ فَبَرْهَنَ الْبَائِعُ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ نَتَجَ عِنْدَهُ وَأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ كَانَ بَاطِلًا وَالْمُسْتَحِقُّ غَائِبٌ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْإِسْلَامِ يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ أَمْرٌ يَخُصُّ الْمُشْتَرِيَ فَاكْتَفَى بِحُضُورِهِ وَاخْتِيَارُ صَاحِبِ الْمَنْظُومَةِ وَالطَّيَابَادِيِّ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامَيْنِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ عَدَمُ الْقَبُولِ بِلَا حُضُورِ الْمُسْتَحِقِّ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الدَّعْوَى مِنْ نَوْعٍ فِيمَنْ يُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ (أَقُولُ) اتَّفَقَ نَقْلُ الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ عَنْ مُحَمَّدٍ عَلَى اشْتِرَاطِ حَضْرَةِ الْمُسْتَحِقِّ وَخَالَفَهُمَا نَقْلُ الْبَزَّازِيَّةُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ انْقَلَبَ الْأَمْرُ عَلَى الْبَزَّازِيِّ فَنُسِبَ مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمَا قَالَاهُ إلَيْهِ وَقَالَ إنَّ قَوْلَهُمَا هُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَهُ

فِي الْمُحِيطِ فَانْعَكَسَ الْمُرَادُ لِانْعِكَاسِ نَقْلِ الْخِلَافِ وَقَدْ نُقِلَ الْخِلَافُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَنُورِ الْعَيْنِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِأَنَّ الْأَظْهَرَ وَالْأَشْبَهَ قَوْلُ الْإِمَامَيْنِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَهُوَ الِاكْتِفَاءُ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي فَكَانَ هُوَ الْأَحْوَطُ وَلِذَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَصَرَّحَ فِي الْبَحْرِ أَوَّلَ كِتَابِ الدَّعْوَى بِأَنَّهُ الْأَصَحُّ وَلَا سِيَّمَا مَعَ ظُهُورِ وَجْهِهِ وَهُوَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ أَمْرٌ يَخُصُّ الْمُشْتَرِيَ فَاكْتَفَى بِحُضُورِهِ وَهُوَ الْأَرْفَقُ بِالنَّاسِ أَيْضًا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى جَمَلًا مُعَيَّنًا مِنْ آخَرَ شِرَاءً شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ وَتَسَلَّمَ الْجَمَلَ مِنْهُ فَتَعَرَّفَ عَلَى الْجَمَلِ زَيْدٌ وَادَّعَى أَنَّهُ لَهُ فَدَفَعَهُ الرَّجُلُ لِزَيْدٍ بِدُونِ إثْبَاتٍ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا قَضَاءَ وَيُرِيدُ الرَّجُلُ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَيَثْبُتُ رُجُوعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ إذَا كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْبَيِّنَةِ أَمَّا إذَا كَانَ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِنُكُولِهِ فَلَا (أَقُولُ) نُقِلَ فِي نُورِ الْعَيْنِ حِيلَةٌ لِلرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ وَهِيَ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لَوْ أَخَذَ الْعَيْنَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِلَا حُكْمٍ فَهَلَكَتْ وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ فَالْوَجْهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ أَنَّك قَبَضْت مِنِّي بِلَا حُكْمٍ وَكَانَ مِلْكِي وَقَدْ هَلَكَ فِي يَدِك فَأَدِّ إلَيَّ قِيمَتَهُ فَبَرْهَنَ الْآخِذُ أَنَّهُ لَهُ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ اهـ وَظَاهِرُ تَقْيِيدِهِ بِالْهَلَاكِ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِهِ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ الْعَيْنَ وَيَسْتَرِدَّهَا مِنْ الْآخِذِ إذَا عَجَزَ عَنْ الْبُرْهَانِ وَلَكِنْ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا لَمْ يُقِرَّ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهَا لِلْآخِذِ فَلَوْ أَقَرَّ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ لِتَنَاقُضِهِ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ لِنَفَاذِ إقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ. وَنُقِلَ فِي نُورِ الْعَيْنِ أَيْضًا لَوْ شَرَى دَارًا فَاسْتُحِقَّ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي أَوْ نُكُولِهِ لَا يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ فَلَوْ بَرْهَنَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الدَّارَ مِلْكُ الْمُسْتَحِقِّ لِيَرْجِعَ بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ لَا يُقْبَلُ لِلتَّنَاقُضِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقْدَمَ عَلَى الشِّرَاءِ فَقَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ مِلْكُ الْبَائِعِ فَإِذَا ادَّعَى لِغَيْرِهِ كَانَ تَنَاقُضًا يَمْنَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ وَلِأَنَّهُ إثْبَاتُ مَا هُوَ ثَابِتٌ بِإِقْرَارِهِ فَلَغَا أَمَّا لَوْ بَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَنَّهُ لِلْمُسْتَحِقِّ يُقْبَلُ لِعَدَمِ التَّنَاقُضِ وَأَنَّهُ إثْبَاتُ مَا لَيْسَ بِثَابِتٍ إذْ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ اهـ وَفِيهِ أَيْضًا ادَّعَى الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْمُشْتَرِي وَأَخَذَهُ بِلَا حُكْمٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي لِبَائِعِهِ أَخَذَهُ الْمُسْتَحِقُّ مِنِّي بِلَا حُكْمٍ فَأَدِّ ثَمَنَهُ إلَيَّ فَدَفَعَ الْبَائِعُ ثَمَنَهُ إلَيْهِ ثُمَّ بَرْهَنَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُسْتَحَقِّ أَنَّهُ لَهُ مَعَ غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي صَحَّ لِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي بِتَرَاضِيهِمَا فَيَبْقَى عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَصِحَّ الِاسْتِحْقَاقُ اهـ وَبَقِيَّةُ فُرُوعِ هَذَا الْبَابِ هُنَاكَ فَرَاجِعْهُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ فَرَسًا مَعْلُومَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَقَامَ عَمْرٌو الْخَارِجُ يَدَّعِيهَا عَلَى الرَّجُلِ بِالنِّتَاجِ وَيُرِيدُ الْمُشْتَرِي إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى عَمْرٍو الْمُدَّعِي أَنَّهَا نِتَاجُ فَرَسِ بَائِعِهِ فَهَلْ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا نِتَاجُ فَرَسِ بَائِعِهِ عَلَى عَمْرٍو الْخَارِجِ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تُرَجَّحُ وَإِنْ بَرْهَنَ خَارِجٌ وَذُو يَدٍ عَلَى النِّتَاجِ فَذُو الْيَدِ أَوْلَى هُوَ الصَّحِيحُ خِلَافًا لِعِيسَى بْنِ أَبَانَ شَرْحُ الْمُلْتَقَى مِنْ بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ هُنَا قَائِلًا وَفِي دَعْوَى النِّتَاجِ مِنْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَوْلَى بِالْقَبُولِ لِلْحُكْمِ بِهَا اهـ وَفِي بَابِ الدَّعْوَى مِنْ فَتَاوِيهِ أَيْضًا الْبَيِّنَةُ فِي النِّتَاجِ لِذِي الْيَدِ وَبُرْهَانُ الْمُشْتَرِي عَلَى نِتَاجِ بَائِعِهِ كَبُرْهَانِ بَائِعِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ حِصَّةً مِنْ طَاحُونَةٍ وَكَانَتْ فِي يَدِهِ مُدَّةً ثُمَّ اسْتَحَقَّ عَمْرٌو حِصَّةً فِي الْمَبِيعِ وَطَلَبَ مِنْ الْمُشْتَرِي غَلَّةَ الْحِصَّةِ الْمُسْتَحَقَّةِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى مِنْ الْبَابِ الْخَامِسِ مِنْ الْبُيُوعِ اشْتَرَى طَاحُونَةً وَكَانَتْ فِي يَدِهِ مُدَّةً ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا مُسْتَحِقٌّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِيَ بِغَلَّةِ الطَّاحُونَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ بَلْ مِنْ كَسْبِهِ وَفِعْلِهِ اهـ (أَقُولُ) لَا يُقَالُ يَنْبَغِي وُجُوبُ الْأُجْرَةِ عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ إذَا كَانَتْ الطَّاحُونَةُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ بِنَاءً عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ

الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ وُجُوبِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي غَصْبِ عَقَارِ الْوَقْفِ أَوْ الْيَتِيمِ أَوْ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَيَّدُوا ذَلِكَ فِي الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ بِمَا إذَا لَمْ يَسْكُنْهُ بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ أَوْ مِلْكٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْوَقْفِ وَهُنَا التَّأْوِيلُ الْمَذْكُورُ مَوْجُودٌ فَتَنَبَّهْ. (سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ اشْتَرَوْا كَرْمَ عِنَبٍ وَتَصَرَّفُوا بِغَلَّتِهِ عِدَّةَ سِنِينَ ثُمَّ ظَهَرَ مُسْتَحَقًّا لِرَجُلَيْنِ أَثْبَتَاهُ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ لَدَى الْقَاضِي وَحَكَمَ لَهُمَا بِهِ وَطَلَبَا الْغَلَّةَ الَّتِي تَصَرَّفَ بِهَا الْجَمَاعَةُ فَهَلْ يُوضَعُ مِنْ الْغَلَّةِ مِقْدَارُ مَا أَنْفَقَ الْجَمَاعَةُ فِي تَعْمِيرِ الْكَرْمِ وَمَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ يَأْخُذُهُ الْمُسْتَحِقَّانِ الْمَذْكُورَانِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى يُوضَعُ مِنْ الْغَلَّةِ مِقْدَارُ مَا أَنْفَقَ فِي عِمَارَةِ الْكَرْمِ مِنْ قَطْعِ الْكُرُومِ وَإِصْلَاحِ السَّوَاقِي وَبِنَاءِ الْحِيطَانِ وَمَرَمَّتِهِ وَمَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ يَأْخُذُهُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ الْمُشْتَرِي اهـ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ فِي فَتَاوِيهِ وَأَيْضًا أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي مُفْتِي السَّلْطَنَةِ نَقْلًا عَنْ التَّوْفِيقِ كَمَا فِي صُوَرِ الْمَسَائِلِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ وَنَقَلَهُ الْأَنْقِرَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ (أَقُولُ) وَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي اسْتِحْقَاقِ نَحْوِ الدَّارِ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِقِيمَةِ مَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ مِنْ الْبِنَاءِ دُونَ مَا أَنْفَقَهُ كَمَا قَدَّمْنَا وَكَذَا لَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى الدَّابَّةِ أَوْ الْعَبْدِ كَمَا مَرَّ أَيْضًا وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْتنِي ذَكَرْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ رُجُوعًا عَلَى الْمُسْتَحِقِّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ هُوَ اقْتِطَاعٌ مِنْ الْغَلَّةِ الَّتِي اسْتَغَلَّهَا وَهُوَ بُعْدٌ فِيهِ لِلْبَحْثِ مَجَالٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو بُسْتَانًا مَعَ أَرْضِهِ وَحَقِّ شِرْبِهِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَاءِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَبَعْدَ مَا تَسَلَّمَهُ مِنْهُ وَزَرَعَهُ اُسْتُحِقَّ الشِّرْبُ لِجِهَةِ وَقْفِ بِرٍّ وَأَخَذَهُ الْمُسْتَحِقُّ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الشِّرْبِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا بِشِرْبِهَا فَاسْتُحِقَّ الشِّرْبُ قَبْلَ الْقَبْضِ قَالَ مُحَمَّدٌ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْضَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَكَذَا الْمَسِيلُ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الشِّرْبُ بَعْدَمَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْأَرْضَ وَأَحْدَثَ فِيهَا بِنَاءً أَوْ غَرْسًا أَوْ زَرْعًا فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الشِّرْبِ وَالْمَسِيلِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلَيْنِ اشْتَرَيَا مِنْ آخَرَ جَمِيعَ غِرَاسِ بُسْتَانٍ مَعْلُومٍ قَائِمٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ دَفَعَاهُ لِلْبَائِعِ وَقَبَضَا الْمَبِيعَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اُسْتُحِقَّ بَعْضُ الْمَبِيعِ فَهَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرِيَانِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَدَّا مَا بَقِيَ وَرَجَعَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَا مَا بَقِيَ وَرَجَعَا عَلَى الْبَائِعِ بِثَمَنِ الْمُسْتَحَقِّ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَهُوَ قِيَمِيٌّ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِيَانِ كَمَا ذُكِرَ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ بَابِ خِيَارِ الْعَيْبِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ اشْتَرَتْ مِنْ آخَرَ دَارًا مَعْلُومَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ بَعْدَ مَا تَسَلَّمَتْهَا مِنْهُ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهَا بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ تُخَيَّرُ فِي الْبَاقِي إنْ شَاءَتْ رَضِيَتْ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَتْ رَدَّتْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ خِيَارِ الْعَيْبِ اُسْتُحِقَّ بَعْضُ الْمَبِيعِ فَإِنْ قَبْلَ الْقَبْضِ خُيِّرَ فِي الْكُلِّ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ وَإِنْ بَعْدَهُ خُيِّرَ فِي الْقِيَمِيِّ لَا فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ تَبْعِيضَ الْقِيَمِيِّ عَيْبٌ لَا الْمِثْلِيِّ اهـ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْخَامِسَ عَشَرَ وَلَوْ قُبِضَ الْكُلُّ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ فَإِنَّ الْبَيْعَ فِي مِقْدَارِ الْمُسْتَحَقِّ بَاطِلٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ شَيْئًا وَاحِدًا مِمَّا فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ كَالدَّارِ وَالْأَرْضِ وَالْكَرْمِ وَالْعَبْدِ وَنَحْوِهَا فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فِي الْبَاقِي إنْ شَاءَ رَضِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ اهـ. وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ سُئِلَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَمَّنْ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا أَشْجَارٌ حَتَّى دَخَلَتْ فِيهَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَشْجَارُ هَلْ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ قَالَ لَا كَمَا فِي ثَوْبِ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ وَبَرْذعَةِ الْحِمَارِ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ تَبَعًا وَمَا يَدْخُلُ بِطَرِيقِ التَّبَعَةِ لَا حِصَّةَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ إلَى أَنْ قَالَ وَهَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْبِنَاءَ وَالْأَشْجَارَ فِي

باب السلم

الْبَيْعِ حَتَّى دَخَلَتْ تَبَعًا وَتَمَامُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ وَرَثَةٍ بَالِغِينَ وَخَلَّفَ حِصَّةً فِي دَارٍ فَاشْتَرَتْ الْوَرَثَةُ حِصَّةً مَعْلُومَةً مِنْ الدَّارِ مِنْ هِنْدٍ وَصَدَّقَتْ الْوَرَثَةُ أَنَّ بَقِيَّةَ الدَّارِ لِفُلَانٍ وَفُلَانَةَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ الْمَزْبُورَ اشْتَرَى بَقِيَّةَ الدَّارِ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانَةَ فِي حَالِ صِغَرِهِمْ وَلَمْ يَعْلَمُوا إذْ ذَاكَ بِشِرَاءِ وَالِدِهِمْ فَهَلْ يَكُونُ التَّنَاقُضُ فِي مَحَلِّ الْخَفَاءِ عَفْوًا وَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ التَّنَاقُضُ فِيمَا طَرِيقُهُ الْخَفَاءُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى كَمَا صَرَّحُوا بِهِ اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَكَبِرَ الِابْنُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَا صَنَعَ الْأَبُ ثُمَّ إنَّ الْأَبَ بَاعَ تِلْكَ الدَّارَ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الِابْنَ اسْتَأْجَرَ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَلِمَ بِمَا صَنَعَ الْأَبُ فَادَّعَى الدَّارَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْمُشْتَرِي فِي الدَّفْعِ إنَّك مُتَنَاقِضٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ اعْتِرَافٌ بِأَنَّ الدَّارَ لَيْسَتْ مِلْكَك هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى وَقَدْ اخْتَلَفَتْ أَجْوِبَةُ الْمُفْتِينَ فِيهَا وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ دَفْعًا وَإِنْ ثَبَتَ التَّنَاقُضُ إلَّا أَنَّ هَذَا تَنَاقُضٌ فِيمَا طَرِيقُهُ طَرِيقُ الْخَفَاءِ وَالتَّنَاقُضُ فِي مِثْلِهِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى عَطَاءُ اللَّهِ أَفَنْدِي عَنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ الْمَدْيُونُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَوْ بَرْهَنَ عَلَى إبْرَاءِ الدَّائِنِ وَالْمُخْتَلِعَةُ بَعْدَ أَدَاءِ بَدَلِ الْخُلْعِ لَوْ بَرْهَنَتْ عَلَى طَلَاقِ الزَّوْجِ قَبْلَ الْخَلْعِ يُقْبَلُ وَالْجَامِعُ فِي الْكُلِّ خَفَاءُ الْحَالِ وَكَذَا الْوَرَثَةُ إذَا قَاسَمُوا مَعَ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَالِ ثُمَّ ادَّعَوْا رُجُوعَ الْمُوصَى يَصِحُّ لِانْفِرَادِ الْمُوصَى بِالرُّجُوعِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ حِمَارًا مِنْ عَمْرٍو بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ وَتَسَلَّمَ الْحِمَارَ مِنْهُ فَاسْتَحَقَّهُ بَكْرٌ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَحُكِمَ لَهُ بِهِ فَطَلَبَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو ثَمَنَهُ فَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَى الْحِمَارَ مِنْ خَالِدٍ وَأَثْبَتَهُ وَخَالِدٌ ادَّعَى شِرَاءَهُ مِنْ بِشْرٍ وَأَثْبَتَهُ وَبِشْرٌ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ وَأَثْبَتَ الرَّجُلُ أَنَّهُ نِتَاجُ حِمَارَتِهِ كُلُّ ذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ حَكَمَ عَلَى زَيْدٍ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ حَيْثُ أَثْبَتَ الرَّجُلُ أَنَّهُ نِتَاجُ حِمَارَتِهِ وَكَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا وَيَبْطُلُ الْحُكْمُ السَّابِقُ بِالِاسْتِحْقَاقِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ (فَرْعٌ) قُسِمَتْ الدَّارُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَبَنَى أَحَدُهُمَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ حِصَّتُهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ بِخِلَافِ الدَّارَيْنِ فَإِنَّهُمَا إنْ اقْتَسَمَاهُمَا وَبَنَى أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ وَالْمَبْسُوطِ عَيْنِيٌّ عَلَى الْهِدَايَةِ مِنْ فَصْلٍ مِنْ كِتَابِ الشُّفْعَةِ. [بَابُ السَّلَمِ] (بَابُ السَّلَمِ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَسْلَمَ زَيْدٌ عَمْرًا مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى نِصْفِ قِنْطَارٍ مِنْ السَّمْنِ الْبَقَرِيِّ سَلَمًا صَحِيحًا شَرْعِيًّا مُسْتَوْفِيًا جَمِيعَ شَرَائِطِهِ الشَّرْعِيَّةِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَكَفَلَ عَمْرًا بِجَمِيعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ كُلٌّ مِنْ بَكْرٍ وَخَالِدٍ عَلَى التَّعَاقُبِ ثُمَّ كَفَلَ كُلٌّ مِنْ الْكَفِيلَيْنِ عَنْ صَاحِبِهِ بِأَمْرِهِ ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ وَغَابَ بَكْرٌ وَأَلْزَمَ زَيْدٌ خَالِدًا بِجَمِيعِ السَّمْنِ وَأَخَذَهُ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْكَفَالَةِ ثُمَّ حَضَرَ بَكْرٌ وَيُرِيدُ خَالِدٌ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِنِصْفِ السَّمْنِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الْكَفَالَةُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ لَا مَبِيعٌ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الْحَانُوتِيِّ فِي فَتَاوِيهِ وَكَذَا الْعَلَائِيُّ عَلَى التَّنْوِيرِ وَالْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ مِنْ بَابِ السَّلَمِ وَمَسْأَلَةُ الْكَفَالَةِ بِالتَّعَاقُبِ مُصَرَّحٌ بِهَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ بَابِ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ. (سُئِلَ) فِي السَّلَمِ فِي الزُّجَاجِ الْمُكَسَّرِ؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَلَا خَيْرَ فِي السَّلَمِ فِي الْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الزُّجَاجِ وَيَجُوزُ فِي الْمَكْسُورَةِ وَزْنًا وَاَلَّذِي لَا يَتَفَاوَتُ كَالطَّابَقِ وَالْمَكَاحِلِ عَدَدًا وَفِي الْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْخَزَفِ إنْ بَيَّنَ عَدَدًا يَصِيرُ بِهِ مَعْلُومًا عِنْدَ النَّاسِ يَجُوزُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْبَحْرِ وَفِي الصُّغْرَى

عَنْ الْأَصْلِ وَلَا خَيْرَ فِي السَّلَمِ فِي الزُّجَاجِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُكَسَّرَةً وَزْنًا مَعْلُومًا فَيَجُوزُ وَكَذَلِكَ جَوْهَرُ الزُّجَاجِ فَإِنَّهُ مَوْزُونٌ مَعْلُومٌ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَفَاوَتُ فِيهِ فَأَمَّا الْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةُ مِنْ الزُّجَاجِ فَهِيَ عَدَدِيَّةٌ مُتَفَاوِتَةٌ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا لَا بِذِكْرِ الْعَدَدِ وَلَا بِذِكْرِ الْوَزْنِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ إلَّا أَنْ تَكُونَ شَيْئًا مَعْرُوفًا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَتَفَاوَتُ فِي الْمَالِيَّةِ كَالْمَكَاحِلِ وَالطَّبَاقَاتِ فَإِنَّ آحَادَ ذَلِكَ لَا تَخْتَلِفُ عِنْدَ أَهْلِ هَذِهِ الصَّنْعَةِ فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ بِذِكْرِ الْعَدَدِ وَفِي الْفَتَاوَى وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْكِيزَانِ وَالْقَارُورَاتِ وَكَذَا فِي الْكِيزَانِ الْخَزَفِيَّةِ إذَا بَيَّنَ نَوْعًا لَا تَتَفَاوَتُ آحَادُهُ. اهـ. تَتَارْخَانِيَّةٌ. (سُئِلَ) فِي السَّلَمِ فِي الْفَحْمِ؟ (الْجَوَابُ) : صَرَّحَ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ نَقْلًا عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الدِّبْسِ وَإِنْ اجْتَمَعَتْ شَرَائِطُهُ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ؛ لِأَنَّ النَّارَ عَمِلَتْ فِيهِ فَلَا يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ إلَّا أَدَاءُ رَأْسِ مَالِ ذَلِكَ الْمُسْلَمِ عَلَيْهِ فَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ (أَقُولُ) يَعْنِي أَنَّ الْفَحْمَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّارَ عَمِلَتْ فِيهِ فَكَانَ قِيَمِيًّا لَا مِثْلِيًّا وَبِهِ صَرَّحَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي آخِرِ بَابِ السَّلَمِ حَيْثُ قَالَ قُلْت وَسَيَجِيءُ فِي الْغَصْبِ أَنَّ الرُّبَّ وَالْقِطْرَ وَالْفَحْمَ وَاللَّحْمَ وَالْآجُرَّ وَالصَّابُونَ وَالْعُصْفُرَ وَالسِّرْقِينَ وَالْجُلُودَ وَالصِّرْمَ وَمَخْلُوطَ بُرٍّ بِشَعِيرٍ قِيَمِيٍّ فَلْيُحْفَظْ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَسْلَمَ زَيْدٌ عَمْرًا مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَقَدْ حَلَّ الْأَجَلُ وَيُرِيدُ عَمْرٌو أَنْ يُعَوِّضَهُ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَوَاشِي فَهَلْ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِشَيْءٍ غَيْرِ جِنْسِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ عِوَضَهُ خِلَافَ جِنْسِهِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَصْرِفْهُ إلَى غَيْرِهِ» اهـ وَلَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِشَرِكَةٍ أَوْ تَوْلِيَةٍ اهـ كَنْزٌ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّصَرُّفَ الْمَنْفِيَّ شَامِلٌ لِلْبَيْعِ وَالِاسْتِبْدَالِ وَالْهِبَةِ وَالْإِبْرَاءِ إلَّا أَنَّ فِي الْهِبَةِ وَالْإِبْرَاءِ يَكُونُ مَجَازًا عَنْ الْإِقَالَةِ فَيُرَدُّ رَأْسُ الْمَالِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَلَا يَشْمَلُ الْإِقَالَةَ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ وَلَا التَّصَرُّفُ فِي الْوَصْفِ مِنْ دَفْعِ الْجَيِّدِ مَكَانَ الرَّدِيءِ وَبِالْعَكْسِ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَسْلَمَ زَيْدٌ عَمْرًا مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى غِرَارَتَيْ قَمْحٍ مَعْلُومَتَيْنِ سَلَمًا شَرْعِيًّا مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ ثُمَّ قَبْلَ قَبْضِهِمَا مِنْ عَمْرٍو بَاعَ زَيْدٌ إحْدَى الْغِرَارَتَيْنِ مِنْ عَمْرٍو بِخَمْسَةَ عَشَرَ قِرْشًا وَبَاعَهُ الْأُخْرَى بِعِشْرِينَ قِرْشًا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَيُرِيدُ عَمْرٌو أَنْ يَدْفَعَ لِزَيْدٍ الْغِرَارَتَيْنِ وَيُبْطِلَ الْبَيْعَ فِيهِمَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَلَا لِرَبِّ السَّلَمِ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِنَحْوِ بَيْعٍ وَشَرِكَةٍ وَمُرَابَحَةٍ وَتَوْلِيَةٍ وَلَوْ مِمَّنْ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ كَانَ إقَالَةً إذَا قَبِلَ وَفِي الصُّغْرَى إقَالَةُ بَعْضِ السَّلَمِ جَائِزَةٌ عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ مَبِيعٌ وَالتَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ الْمَنْقُولِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَجُوزُ وَرَأْسُ الْمَالِ مُسْتَحَقُّ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ مُفَوِّتٌ لَهُ فَلَمْ يَجُزْ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ سَلَمًا عَلَى قَدْرٍ مِنْ الْمَوْزُونَاتِ وَلَمْ يَسْتَوْفِ شَرَائِطَ السَّلَمِ فَهَلْ يَكُونُ السَّلَمُ غَيْرَ صَحِيحٍ وَلَيْسَ لِزَيْدٍ إلَّا رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا كَانَ السَّلَمُ فَاسِدًا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدُّ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ كَمَغْصُوبٍ وَالْمَغْصُوبُ يَجِبُ رَدُّهُ قَالَ فِي الْمِنَحِ وَلَا يَجُوزُ لِرَبِّ السَّلَمِ شِرَاءُ شَيْءٍ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِرَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ فِي سَلَمِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ بَعْدَ وُقُوعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِحُكْمِ الْإِقَالَةِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تَأْخُذْ إلَّا سَلَمَك أَوْ رَأْسَ مَالِك» إلَّا سَلَمَك حَالَ قِيَامِ الْعَقْدِ أَوْ رَأْسَ مَالِك حَالَ انْفِسَاخِهِ إلَى أَنْ قَالَ وَقُيِّدَ بِكَوْنِ السَّلَمِ صَحِيحًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَاسِدًا جَازَ الِاسْتِبْدَالُ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَجَازَ الِاسْتِبْدَالُ فِي السَّلَمِ الْفَاسِدِ إذْ رَأْسُ مَالِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ كَمَغْصُوبٍ فَصَحَّ اسْتِبْدَالُهُ اهـ. (سُئِلَ) فِي السَّلَمِ فِي الْفُوَّةِ هَلْ يَصِحُّ وَيُؤْمَرُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِدَفْعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَإِنْ غَلَا السِّعْرُ عَنْ

باب القرض

وَقْتِ الْعَقْدِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ أَمْكَنَ ضَبْطُ صِفَتِهَا وَمَعْرِفَةُ قَدْرِهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفُوَّةَ مِثْلِيَّةٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْرِيفِ الْمِثْلِيِّ وَالْقِيَمِيِّ الَّذِي جَمَعْته نَقْلًا عَنْ الْمُعْتَبَرَاتِ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ الْغَصْبِ ثُمَّ رَأَيْت وَلِلَّهِ الْحَمْدُ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ الْفُوَّةَ مِثْلِيَّةٌ فِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ مُفْتِي دِمَشْقَ سَابِقًا فِي فَتَاوِيهِ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ. (سُئِلَ) فِي السَّلَمِ فِي الشَّحْمِ إذَا اسْتَوْفَى شَرَائِطَهُ هَلْ يَصِحُّ؟ (الْجَوَابُ) : السَّلَمُ فِي الْأَلْيَةِ وَشَحْمِ الْبَطْنِ جَائِزٌ وَزْنًا كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَلَمَ جَمَاعَةٌ مِنْ زَيْدٍ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى مِقْدَارٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالسَّمْنِ مَعَ بَيَانِ سَائِرِ شَرَائِطِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَهُمْ مُتَضَامِنُونَ مُتَكَافِلُونَ بِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَبِالْمُسْلَمِ فِيهِ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ سَلَمًا عَلَى مِقْدَارٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمُسَمَّاةِ بِالرِّيَالِ مُؤَجَّلٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَهَلْ يَكُونُ السَّلَمُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَقَى فَيَصِحُّ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ سِوَى النَّقْدَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا أَثْمَانٌ فَلَمْ يَجُزْ السَّلَمُ فِيهِمَا خِلَافًا لِمَالِكٍ اهـ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُتُونِ وَأَوْضَحُهَا فِي الْبَحْرِ وَالزَّيْلَعِيِّ. (سُئِلَ) فِي السَّلَمِ فِي الْبَصَلِ إذَا اسْتَوْفَى شَرَائِطَهُ هَلْ يَصِحُّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالثُّومُ وَالْبَصَلُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ وَزْنًا لَا عَدَدًا بَحْرٌ وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الثُّومِ وَالْبَصَلِ كَيْلًا لَا عَدَدًا ذَكَرَهُمَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ وَجَعَلَهُمَا مِنْ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ ذَخِيرَةٌ. [بَابُ الْقَرْضِ] (بَابُ الْقَرْضِ) (سُئِلَ) فِي الْكَفَالَةِ بِالْقَرْضِ الْمُؤَجَّلِ إلَى أَجَلٍ هَلْ تَصِحُّ وَيَكُونُ مُؤَجَّلًا عَلَى الْكَفِيلِ دُونَ الْأَصِيلِ أَوْ عَلَيْهِمَا؟ (الْجَوَابُ) : يَكُونُ مُؤَجَّلًا عَلَى الْكَفِيلِ وَأَمَّا تَأْجِيلُهُ عَلَى الْأَصِيلِ فَفِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ يَتَأَجَّلُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ وَاحِدٌ وَفِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ وَمِنْ حِيَلِ تَأْجِيلِ الْقَرْضِ كَفَالَتُهُ مُؤَجَّلًا فَيَتَأَخَّرُ عَنْ الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ وَاحِدٌ بَحْرٌ وَنَهْرٌ نَقَلَهُ قُبَيْلَ بَابِ الْقَرْضِ عَنْ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ قُبَيْلَ بَابِ الرِّبَا اهـ لَكِنْ فِي صُوَرِ الْمَسَائِلِ عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ كَفَلَ بِالْقَرْضِ فَأَخَّرَ عَنْ الْكَفِيلِ جَازَ وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْ الْأَصِيلِ. وَفِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيُّ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ سُئِلَ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالْقَرْضِ إلَى أَجَلٍ هَلْ تَصِحُّ وَتَكُونُ مُؤَجَّلَةً عَلَى الْكَفِيلِ دُونَ الْأَصِيلِ أَمْ لَا أَجَابَ نَعَمْ تَصِحُّ وَتَكُونُ مُؤَجَّلَةً عَلَى الْكَفِيلِ دُونَ الْأَصِيلِ. اهـ. وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْعَمُّ الْمَرْحُومُ وَقَالَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ قُلْت فَتَحَرَّرَ لَنَا مِنْ هَذَا أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالْقَرْضِ إلَى أَجَلٍ تَصِحُّ وَتَكُونُ مُؤَجَّلَةً عَلَى الْكَفِيلِ وَعَلَى الْأَصِيلِ حَالًا كَمَا كَانَ. وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا قَالَهُ الْحَصِيرِيُّ فِي التَّحْرِيرِ إذَا كَفَلَ بِالْقَرْضِ إلَى أَجَلٍ يَصِحُّ وَيَتَأَجَّلُ عَلَى الْأَصِيلِ وَهَذِهِ الْحِيلَةُ فِي تَأْجِيلِ الْقَرْضِ فَإِنَّ كُلَّ الْكُتُبِ يَرُدُّ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْقُلْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ أَحَدٌ غَيْرَهُ وَإِذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ أَنْ يُفْتِيَ بِمَا قَالَهُ الْحَصِيرِيُّ وَحْدَهُ أَوْ بِمَا قَالَهُ الْقُدُورِيُّ وَكُلُّ الْأَصْحَابِ فَلْيُفْتَ بِمَا قَالَهُ الْقُدُورِيُّ وَبَقِيَّةُ الْأَصْحَابِ وَلَا يُفْتَى بِمَا قَالَهُ الْحَصِيرِيُّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ. اهـ. (أَقُولُ) وَذَكَرَ صَاحِبُ الْبَحْرِ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ أَنَّ قَوْلَ الْهِدَايَةِ لَوْ كَفَلَ بِالْمَالِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ يَتَأَجَّلُ عَنْ الْأَصِيلِ أَيْضًا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْقَرْضِ لِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَإِذَا كَفَلَ بِالْقَرْضِ مُؤَجَّلًا إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَالْكَفَالَةُ جَائِزَةٌ وَالْمَالُ عَلَى الْكَفِيلِ إلَى الْأَجَلِ الْمُسَمَّى وَعَلَى الْأَصِيلِ حَالٌّ وَعَزَاهُ إلَى الذَّخِيرَةِ ثُمَّ عَزَا إلَى الْعَتَّابِيَّةِ لَوْ كَفَلَ بِالْقَرْضِ فَأَخَّرَ عَنْ الْكَفِيلِ جَازَ وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْ الْأَصِيلِ. وَيُخَالِفُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ

مِنْ أَنَّهُ شَامِلٌ لِلْقَرْضِ وَأَنَّ هَذَا هُوَ الْحِيلَةُ فِي تَأَجُّلِ الْقُرُوضِ وَلِلطَّرَسُوسِيِّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ كَلَامٌ فِيهِ فَرَاجِعْهُ اهـ مَا فِي الْبَحْرِ وَذَكَرْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ أَنَّ بَعْضَ الْفُضَلَاءِ نَقَلَ عَنْ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ تَفْصِيلًا فَقَالَ وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ حَالَّةٌ مِنْ ثَمَنٍ مَبِيعٍ فَكَفَلَ بِهَا رَجُلًا إلَى سَنَةٍ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ أَضَافَ الْكَفِيلُ الْأَجَلَ إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ أَجِّلْنِي ثَبَتَ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ وَحْدَهُ وَإِذَا لَمْ يُضِفْ الْأَجَلَ إلَى نَفْسِهِ بَلْ ذُكِرَ مُطْلَقًا وَرَضِيَ بِهِ الطَّالِبُ ثَبَتَ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ وَالْأَصِيلِ جَمِيعًا اهـ فَتَأَمَّلْ لَعَلَّك تَحْظَى بِالتَّوْفِيقِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي تَأْجِيلِ الْقَرْضِ عَنْ الْكَفِيلِ وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي تَأْجِيلِهِ عَنْ الْأَصْلِ أَيْضًا. وَالْمَذْكُورُ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَنْ عَامَّةِ الْكُتُبِ كَشَرْحِ الْقُدُورِيِّ عَلَى مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ وَشَرْحِ التَّكْمِلَةِ وَالْمُحِيطِ وَخِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ لَا يَتَأَجَّلُ عَنْ الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ بِالِاسْتِقْرَاضِ وَالْقَرْضُ لَا يَقْبَلُ الْأَجَلَ وَمَا وَجَبَ عَلَى الْكَفِيلِ لَيْسَ بِقَرْضٍ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِسَبَبِ الْكَفَالَةِ وَهِيَ لَيْسَتْ بِاسْتِقْرَاضٍ وَالْمَفْهُومُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ غَيْرَ الْقَرْضِ يَتَأَجَّلُ عَنْهُمَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الْهِدَايَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَحْرِ لَكِنْ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْهِنْدِيَّةِ حَتَّى لَا يَتَخَالَفَ كَلَامُهُمْ لَكِنْ تَبْقَى الْمُخَالَفَةُ بَيْنَ مَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ وَبَيْنَ مَا فِي التَّحْرِيرِ لِلْحَصِيرِيِّ الَّذِي هُوَ شَرْحُ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فَيُقَدَّمُ مَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ عَلَيْهِ وَلِذَا أَفْتَى بِهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ وَعَمُّ الْمُؤَلِّفِ وَأَشَارَ إلَى تَرْجِيحِهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ مُخَالِفًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ أَوَّلًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ثُمَّ رَأَيْت الْمُؤَلِّفَ كَتَبَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ حَالًّا فَكَفَلَ بِهِ إنْسَانٌ مُؤَجَّلًا بِأَمْرِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيَكُونُ تَأْجِيلًا فِي حَقِّهِمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ حَالٌّ عَلَى الْأَصِيلِ مُؤَجَّلٌ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ كَذَا فِي كَفَالَةِ تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ وَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فَإِنْ كَفَلَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَجَلَ يَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ كَمَا وَجَبَ عَلَى الْأَصِيلِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا مُنْيَةُ الْمُفْتِي اهـ مِنْ مَجْمُوعَةِ الْأَنْقِرْوِيِّ (قُلْت) حَيْثُ كَانَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَأْجِيلًا فِي حَقِّهِمَا فَكَيْفَ يَعْدِلُ عَنْهُ وَلَمْ يُصَرِّحْ أَحَدٌ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَى تَصْحِيحِهِ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَذَكَرَ فِي الْمُنْيَةِ أَنَّهُ الِاسْتِحْسَانُ كَمَا نَقَلَهُ الْأَنْقِرَوِيُّ فِي هَامِشِ مَجْمُوعَتِهِ فَبَحَثَ الطَّرَسُوسِيُّ فِيهِ مَا فِيهِ. اهـ. (أَقُولُ) كَلَامُ الطَّرَسُوسِيِّ فِي الْقَرْضِ وَلَيْسَ فِيمَا نَقَلَهُ هُنَا عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَصْرِيحٌ بِذَلِكَ فَيُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ الْقَرْضِ كَمَا قَالَ فِي الْبَحْرِ تَوْفِيقًا فَلْيُتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ بِمُرَابَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ قَضَى زَيْدٌ الدَّيْنَ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ فَهَلْ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ الَّتِي جَرَتْ بَيْنَهُمَا إلَّا بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ الْأَيَّامِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَهُوَ جَوَابُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَذَا فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى مُفْتِي الرُّومِ أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي قَضَى الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ قَبْلَ الْحُلُولِ أَوْ مَاتَ فَحَلَّ بِمَوْتِهِ فَأُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهِ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ الَّتِي جَرَتْ بَيْنَهُمَا إلَّا بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ الْأَيَّامِ وَهُوَ جَوَابُ الْمُتَأَخِّرِينَ قُنْيَةٌ وَبِهِ أَفْتَى الْمَرْحُومُ أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي مُفْتِي الرُّومِ وَعَلَّلَهُ بِالرِّفْقِ لِلْجَانِبَيْنِ عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ مِنْ مَسَائِلَ شَتَّى. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بِذِمَّةِ عَمْرٍو مَبْلَغُ دَيْنٍ مَعْلُومٍ فَرَابَحَهُ عَلَيْهِ إلَى سَنَةٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِعِشْرِينَ يَوْمًا مَاتَ عَمْرٌو الْمَدْيُونُ فَحَلَّ الدَّيْنُ وَدَفَعَهُ الْوَرَثَةُ لِزَيْدٍ فَهَلْ يُؤْخَذُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ شَيْءٌ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : جَوَابُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ الَّتِي جَرَتْ الْمُبَايَعَةُ عَلَيْهَا بَيْنَهُمَا إلَّا بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ الْأَيَّامِ قِيلَ لِلْعَلَّامَةِ نَجْمِ الدِّينِ أَتُفْتِي بِهِ قَالَ نَعَمْ كَذَا فِي الْأَنْقِرْوِيِّ وَالتَّنْوِيرِ وَأَفْتَى بِهِ عَلَّامَةُ الرُّومِ مَوْلَانَا أَبُو السُّعُودِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ دُونَ الْمُرَابَحَةِ إذَا ظَنَّتْ الْوَرَثَةُ أَنَّ الْمُرَابَحَةَ تَلْزَمُهُمْ

فَرَابَحُوهُ عَلَيْهَا عِدَّةَ سِنِينَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَابَحَةَ تَلْزَمُهُمْ حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَالٌ فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ الْمَالُ أَوْ لَا الْجَوَابُ حَيْثُ ظَنُّوا أَنَّ الْمُرَابَحَةَ تَلْزَمُهُمْ وَأَنَّهَا دَيْنٌ بَاقٍ فِي تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِمْ ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ فَلَا يَلْزَمُهُمْ مَا الْتَزَمُوا بِهِ فِي مُقَابَلَةِ الْمُرَابَحَةِ الَّتِي لَا تَلْزَمُهُمْ عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ لِأَنَّ الْمُرَابَحَةَ بِنَاءٌ عَلَى قِيَامِ دَيْنِ الْمُرَابَحَةِ السَّابِقَةِ الَّتِي عَلَى مُوَرِّثِهِمْ وَلَمْ يُوجَدْ وَهَذَا فِي الزَّائِدِ عَلَى قَدْرِ مَا مَضَى وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَظِيرُ مَا فِي الْقُنْيَةِ قَالَ بِرَمْزِ بَكْرٍ خُوَاهَرْ زَادَهْ كَأَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْ الْأَصِيلِ وَيَبِيعُهُ بِالْمُرَابَحَةِ حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَيْهِ سَبْعُونَ دِينَارًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَدْ أَخَذَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُبَايَعَةَ بِنَاءً عَلَى قِيَامِ الدَّيْنِ وَلَمْ يَكُنْ اهـ هَذَا مَا ظَهَرَ لَنَا وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (سُئِلَ) فِي مُسْلِمٍ اقْتَرَضَ مِنْ ذِمِّيٍّ قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ فِي سَنَةِ كَذَا وَمَضَتْ مُدَّةٌ وَالْآنَ يُرِيدُ الْمُسْلِمُ دَفْعَ ثَمَنِ ذَلِكَ عَلَى سِعْرِهِ يَوْمَ الْقَرْضِ لِلذِّمِّيِّ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَالْمِثْلُ مَوْجُودٌ فَهَلْ يَلْزَمُهُ رَدُّ مِثْلِ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ وَلَا يُجْبَرُ صَاحِبُ الْقَرْضِ عَلَى أَخْذِ الثَّمَنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي بُيُوعِ الْأَمَالِي رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ مِنْ آخَرَ شَيْئًا مِنْ الْكَيْلِيِّ أَوْ الْوَزْنِيِّ فَانْقَطَعَ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ قَالَ يُجْبَرُ الْمُقْرِضُ عَلَى التَّأْخِيرِ حَتَّى يُدْرِكَ الْحَدِيثَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الِانْقِطَاعَ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ يَجْرِي مَجْرَى الْهَلَاكِ وَمِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْحَقَّ لَا يَنْقَطِعُ عَنْ الْعَيْنِ بِهَلَاكِ الْعَيْنِ فَإِذَا بَقِيَ الْحَقُّ فِي الْعَيْنِ وَلِوُجُودِ الْعَيْنِ مُدَّةً مَعْلُومَةً يُجْبَرُ عَلَى التَّأْخِيرِ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ لِيَصِلَ إلَيْهِ عَيْنُ حَقِّهِ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي رَجُلٍ اسْتَقْرَضَ مِنْ آخَرَ شَيْئًا مِنْ الْفَوَاكِهِ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا فَلَمْ يَقْبِضْ الْمُقْرَضَ حَتَّى انْقَطَعَ فَهَذَا لَا يُشْبِهُ الْفُلُوسَ إذَا كَسَدَتْ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُوجَدُ فَيُجْبَرُ صَاحِبُهُ عَلَى تَأْخِيرِهِ إلَى أَنْ يَجِيءَ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى قِيمَتِهِ ذَخِيرَةٌ مُلَخَّصًا مِنْ الْفَصْلِ التَّاسِعِ فِي الْقَرْضِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو شَرِيكَيْنِ فِي أَرَاضٍ مَعْلُومَاتٍ مُنَاصَفَةً فَبَذَرَ زَيْدٌ الْأَرَاضِيَ قَمْحًا وَشَعِيرًا مِنْ عِنْدِهِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَأَمَرَهُ لِيَرْجِعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِ ذَلِكَ وَالْآنَ يَزْعُمُ زَيْدٌ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَى شَرِيكِهِ عَمْرٍو بِثَمَنِ الْبَذْرِ يَوْمَ بَذَرَهُ فَهَلْ لَيْسَ لِزَيْدٍ إلَّا مِثْلُ قَمْحِهِ وَشَعِيرِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فَإِنْ قَالَ لِلْعَامِلِ ازْرَعْ فِي أَرْضِي بِبَذْرِك عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَنَا نِصْفَانِ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ وَالْخَارِجُ عَلَى مَا شَرَطَا وَيَكُونُ الْبَذْرُ قَرْضًا لِلْمُزَارِعِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَمِثْلُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْفَتَاوَى كَذَا فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْمُزَارَعَةِ وَفِيهَا أَيْضًا إذَا وُجِدَ الْإِذْنُ بِالزَّرْعِ مُشْتَرَكًا يَصِيرُ الْآخَرُ مُسْتَقْرِضًا فَتَحْصُلُ الشَّرِكَةُ اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَقْرَضَ مِنْ آخَرَ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَتَصَرَّفَ بِهَا ثُمَّ غَلَا سِعْرُهَا فَهَلْ عَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا يُنْظَرُ إلَى غَلَاءِ الدَّرَاهِمِ وَرُخْصِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمِنَحِ فِي فَصْلِ الْقَرْضِ مُسْتَمَدًّا مِنْ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى. (سُئِلَ) فِي ثَلَاثَةِ أَنْفَارٍ اسْتَقْرَضُوا مِنْ رَجُلٍ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ سَوِيَّةً وَتَسَلَّمُوهُ مِنْهُ وَلَمْ يَكْفُلْ كُلٌّ مِنْهُمْ الْآخَرَ فِي ذَلِكَ وَيُرِيدُ الرَّجُلُ مُطَالَبَةَ أَحَدِهِمْ بِجَمِيعِ الْمَبْلَغِ لِلْمَزْبُورِ فَهَلْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِشَيْءٍ زَائِدٍ عَنْ حِصَّتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ عِشْرُونَ رَجُلًا جَاءُوا وَاسْتَقْرَضُوا مِنْ رَجُلٍ وَأَمَرُوهُ أَنْ يَدْفَعَ الدَّرَاهِمَ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَدَفَعَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ إلَّا حِصَّتَهُ وَحَصَلَ بِهَذَا رِوَايَةُ مَسْأَلَةٍ أُخْرَى أَنَّ التَّوْكِيلَ بِقَبْضِ الْقَرْضِ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ التَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ بَحْرٌ قُبَيْلَ بَابِ الرِّبَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَابْنِهِ الصَّغِيرِ أَمْتِعَةٌ مَعْلُومَةٌ فَرَهَنَهَا عِنْدَ عَمْرٍو بِدَيْنٍ اسْتَدَانَهُ مِنْهُ وَأَمَرَ زَوْجَتَهُ بِقَبْضِهِ مِنْهُ وَصَرْفِهِ عَلَيْهِ فَهَلْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ الرَّهْنِ وَالْأَمْرِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ صَحِيحًا حَيْثُ كَانَ الرَّهْنُ مَقْبُوضًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ التَّوْكِيلُ بِقَبْضِ الْقَرْضِ صَحِيحٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَنْقِرَوِيُّ عَنْ وَكَالَةِ الْقُنْيَةِ وَكَذَا يَصِحُّ الرَّهْنُ الْمَذْكُورُ كَمَا

باب الصرف

صَرَّحُوا بِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. [بَابُ الصَّرْفِ] (بَابُ الصَّرْفِ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو بَضَائِعَ مَعْلُومَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُعَامَلَةَ الْبَلْدَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا عَقْدُ الْبَيْعِ وَتَسَلَّمَ زَيْدٌ الْمَبِيعَ وَلَمْ يَدْفَعْ الدَّرَاهِمَ حَتَّى تَغَيَّرَتْ وَنَقَصَ قِيمَتُهَا إلَّا أَنَّهَا رَائِجَةٌ فِي التِّجَارَاتِ فَهَلْ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ مِثْلِهَا؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ نَقَصَ قِيمَتُهَا قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَهِيَ رَائِجَةٌ فِي التِّجَارَاتِ فَعَلَى زَيْدٍ الْمُشْتَرِي رَدُّ مِثْلِهَا لِعَمْرٍو الْبَائِعِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَقَاضِي خَانْ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ اشْتَرَى شَيْئًا بِدَرَاهِمِ نَقْدِ الْبَلَدِ فَلَمْ يَنْقُدْهُ حَتَّى تَغَيَّرَ الثَّمَنُ إنْ كَانَتْ لَا تَرُوجُ فِي السُّوقِ فَسَدَ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَتْ تَرُوجُ لَكِنْ انْتَقَصَ لَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ إلَّا ذَلِكَ خُلَاصَةٌ وَبَزَّازِيَّةٌ وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِدَرَاهِمَ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى تَغَيَّرَتْ فَإِنْ كَانَتْ لَا تَرُوجُ فِي التِّجَارَاتِ فَسَدَ الْبَيْعُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِالْفُلُوسِ الرَّائِجَةِ فَكَسَدَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَدْ مَرَّ قَبْلَ هَذَا وَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ بَعْدَ التَّغَيُّرِ تَرُوجُ فِي التِّجَارَاتِ إلَّا أَنَّهُ انْتَقَصَتْ قِيمَتُهَا لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا ذَلِكَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَهُ أَنْ يُفْسَخَ فِي نُقْصَانِ الْقِيمَةِ أَيْضًا وَإِنْ انْقَطَعَتْ تِلْكَ الدَّرَاهِمُ الْيَوْمَ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَةُ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ قَبْلَ الِانْقِطَاعِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ. وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ قَبْضِ الثَّمَنِ قُيِّدَ بِالْكَسَادِ؛ لِأَنَّهَا إذَا غَلَتْ أَوْ رَخُصَتْ كَانَ عَلَيْهِ رَدُّ الْمِثْلِ بِالِاتِّفَاقِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ جَوْهَرَةٌ مِنْ الصَّرْفِ وَلِلْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٌ التُّمُرْتَاشِيُّ صَاحِبِ التَّنْوِيرِ رِسَالَةٌ فِي هَذَا الْخُصُوصِ فَرَاجِعْهَا إنْ رُمْتهَا (أَقُولُ) وَقَدْ كُنْت أَيْضًا جَمَعْت فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ رِسَالَةً سَمَّيْتهَا تَنْبِيهُ الرُّقُودِ عَلَى مَسَائِلِ النُّقُودِ وَلَخَّصْت فِيهَا رِسَالَةَ التُّمُرْتَاشِيِّ الْمُسَمَّاةَ بَذْلُ الْمَجْهُودِ وَزِدْت عَلَيْهَا أَشْيَاءَ تَقَرُّ بِهَا عَيْنُ الْوَدُودِ وَيَكْمَدُ بِهَا الْجَاهِلُ الْحَسُودُ وَحَاصِلُ مَا حَرَّرْته فِيهَا أَنَّ الدَّرَاهِمَ إمَّا أَنْ لَا تَرُوجَ وَإِمَّا أَنْ تَنْقَطِعَ وَإِمَّا أَنْ تَزِيدَ قِيمَتُهَا وَإِمَّا أَنْ تَنْقُصَ فَإِنْ كَانَتْ كَاسِدَةً لَا تَرُوجُ يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَإِنْ انْقَطَعَتْ بِأَنْ لَا تُوجَدَ فِي السُّوقِ وَلَوْ وُجِدَتْ فِي يَدِ الصَّيَارِفَةِ أَوْ فِي الْبُيُوتِ فَقِيلَ يَفْسُدُ الْبَيْعُ أَيْضًا وَقِيلَ تَجِبُ قِيمَتُهَا فِي آخِرِ يَوْمِ الِانْقِطَاعِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَإِنْ رَخُصَتْ أَوْ غَلَتْ فَقِيلَ لَيْسَ لِلْبَائِعِ غَيْرُهَا أَيْ يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْمِثْلِ وَقِيلَ تَجِبُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ أَوْ يَوْمَ الْقَبْضِ فِي صُورَةِ الْقَرْضِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَهَذَا كُلُّهُ فِي الدَّرَاهِمِ الَّتِي غَلَبَ غِشُّهَا وَالْفُلُوسُ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ الْخَالِصَةَ أَوْ الْمَغْلُوبَةَ الْغِشِّ لَيْسَ حُكْمُهَا كَذَلِكَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا إذَا غَلَتْ أَوْ رَخُصَتْ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ قَطْعًا وَلَا يَجِبُ إلَّا رَدُّ الْمِثْلِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَبَيَّنَ نَوْعَهُ كَالذَّهَبِ الْفُلَانِيِّ أَوْ الرِّيَالِ الْفُلَانِيِّ أَمَّا إذَا لَمْ يُعَيَّنْ نَوْعٌ مِنْ النُّقُودِ الرَّائِجَةِ كَمَا هُوَ الشَّائِعُ فِي زَمَانِنَا فَهُوَ مُشْكِلٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ أَوْضَحَهُ وَلَا مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ أَصْلًا وَوَجْهُ إشْكَالِهِ أَنَّ الْمُتَعَارَفَ فِي زَمَانِنَا أَنَّ الرَّجُلَ يَشْتَرِي بِالْقُرُوشِ فَيَقُولُ بِمِائَةِ قِرْشٍ مَثَلًا وَيُرِيدُ بِذَلِكَ بَيَانَ مِقْدَارِ الثَّمَنِ لَا بَيَانَ نَوْعِهِ؛ لِأَنَّ الْقِرْشَ وَكَذَا الرِّيَالُ وَالذَّهَبُ كُلٌّ مِنْهَا أَنْوَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي الْمَالِيَّةِ فَنَوْعٌ مِنْهَا بِقِرْشٍ وَنَوْعٌ بِقِرْشَيْنِ وَنَوْعٌ بِأَكْثَرَ أَوْ بِأَقَلَّ وَالْقِرْشُ فِي الْعُرْفِ اسْمٌ لِقِطْعَةٍ خَاصَّةٍ مِنْ الْفِضَّةِ الْمَضْرُوبَةِ كَانَتْ تُسَاوِي أَرْبَعِينَ مِصْرِيَّةً ثُمَّ صَارَتْ الْآنَ تُسَاوِي سَبْعِينَ مِصْرِيَّةً وَحَيْثُ أُطْلِقَ الْقِرْشُ الْآنَ فَالْمُرَادُ مِنْهُ أَرْبَعُونَ مِصْرِيَّةً وَإِذَا قَالَ بِمِائَةِ قِرْشٍ يُدْفَعُ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ أَرَادَ مِنْ أَنْوَاعِ النُّقُودِ الرَّائِجَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْمَالِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ. فَالْمُرَادُ بِالْقُرُوشِ هِيَ أَوْ مَا يُسَاوِيهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَنْوَاعِ هَكَذَا شَاعَ فِي عُرْفِنَا وَلَا يَفْهَمُونَ مِنْهَا سِوَى بَيَانِ مِقْدَارِ الثَّمَنِ دُونَ نَوْعِهِ وَنُقِلَ فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْمُتَعَارَفِ بَيْنَ التُّجَّارِ كَالْمَشْرُوطِ عَنْ فَتَاوَى أَبِي الْفَضْلِ الْكَرْمَانِيِّ

أَنَّهُ جَرَتْ الْعَادَةُ فِي خُوَارِزْمَ أَنَّهُمْ يَشْتَرُونَ سِلْعَةً بِدِينَارٍ ثُمَّ يَنْقُدُونَ ثُلُثَيْ دِينَارٍ مَحْمُودِيَّةٍ أَوْ ثُلُثَيْ دِينَارٍ وَطُسُوجَ نَيْسَابُورِيَّةٍ قَالَ يُجْرَى عَلَى الْمُوَاضَعَةِ وَلَا تَبْقَى الزِّيَادَةُ دَيْنًا عَلَيْهِمْ وَنُقِلَ أَيْضًا عَنْ عَلَاءِ الدِّينِ التَّرْجُمَانِيِّ لَوْ اسْتَقَرَّتْ الْعَادَةُ فِي بَلَدٍ أَنَّهُمْ يُعْطُونَ كُلَّ خَمْسَةِ أَسْدَاسٍ مَكَانَ الدِّينَارِ فَالْعَقْدُ يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَتَعَارَفُونَهُ اهـ فَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا عَلَيْهِ عُرْفُ زَمَانِنَا وَلَكِنْ قَدْ تَكَرَّرَ فِي زَمَانِنَا وُرُودُ الْأَمْرِ السُّلْطَانِيِّ بِتَنْقِيصِ سِعْرِ بَعْضِ النُّقُودِ الرَّائِجَةِ فَإِذَا كَانَ عَقْدُ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ وَقَعَ عَلَى نَوْعٍ مُعَيَّنٍ مِنْهَا كَالرِّيَالِ الْفِرِنْجِيِّ مَثَلًا فَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ دَفْعُ مِثْلِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ أَوْ الْقَرْضُ. وَأَمَّا إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْقُرُوشِ الَّتِي لَا يَتَعَيَّنُ مِنْهَا نَوْعٌ خَاصٌّ كَمَا ذَكَرْنَا فَلَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِرَدِّ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّةَ إنَّمَا تُعْلَمُ حَيْثُ عُلِمَ النَّوْعُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ أَنْوَاعَ النُّقُودِ مُتَفَاوِتَةٌ فِي الْمَالِيَّةِ وَكَذَا رُخْصُهَا الَّذِي وَرَدَ الْأَمْرُ بِهِ مُتَفَاوِتٌ فَبَعْضُهَا أَرْخَصُ مِنْ بَعْضٍ وَإِذَا جَعَلْنَا الْخِيَارَ لِلدَّافِعِ كَمَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ قَبْلَ وُرُودِ الْأَمْرِ يَحْصُلُ لِلْبَائِعِ ضَرَرٌ شَدِيدٌ فَإِنَّ الدَّافِعَ يَخْتَارُ مَا رُخْصُهُ أَكْثَرُ فَإِنَّ مَا كَانَ مِنْ بَعْضِ أَنْوَاعِ النُّقُودِ وَقْتَ الْبَيْعِ يُسَاوِي مِائَةَ قِرْشٍ مَثَلًا صَارَ بَعْدَ الْأَمْرِ يُسَاوِي تِسْعِينَ وَمِنْهُ مَا يُسَاوِي خَمْسَةً وَتِسْعِينَ فَيَخْتَارُ الْمُشْتَرِي مَا يُسَاوِي تِسْعِينَ وَيَحْسِبُهُ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ كَمَا كَانَ وَقْتُ الْبَيْعِ فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ لِلْبَائِعِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْخِيَارَ وَقْتَ الْبَيْعِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَيَبْقَى لَهُ الْآنَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ حَيْثُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنَّهُ وَقْتُ الْبَيْعِ لَوْ دَفَعَ لَهُ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ لَا يَتَضَرَّرُ وَلَوْ كَانَ رُخْصُ الْأَنْوَاعِ الْآن مُتَسَاوِيًا بِلَا ضَرَرٍ لَجَعَلَنَا الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي لِيَدْفَعَ عَلَى السِّعْرِ الْوَاقِعِ وَقْتَ الْعَقْدِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ كَمَا كُنَّا نُخَيِّرُهُ قَبْلَ الرُّخْصِ لَكِنَّهُ لَمَّا تَفَاوَتَ الرُّخْصُ وَصَارَ الْمُشْتَرِي يَطْلُبُ الْأَنْفَعَ لِنَفْسِهِ وَالْأَضَرَّ عَلَى الْبَائِعِ قُلْنَا لَا خِيَارَ إذْ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ. وَلَمَّا لَمْ أَجِدْ نَقْلًا فِي خُصُوصِ مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ تَكَلَّمْت مَعَ شَيْخِي الَّذِي هُوَ أَعْلَمُ أَهْلِ عَصْرِهِ وَأَفْقَهُهُمْ وَأَوْرَعُهُمْ فِيمَا أَعْلَمُ فَجَزَمَ بِعَدَمِ التَّخْيِيرِ وَجَنَحَ إلَى الْإِفْتَاءِ بِالصُّلْحِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَادِثَةِ حَتَّى نَجِدَ نَقْلًا فِي الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّك قَدْ عَلِمْت مِمَّا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ هُوَ مَسْأَلَةُ مَا إذَا غَلَبَ الْغِشُّ عَلَى الدَّرَاهِمِ وَكَانَ الشِّرَاءُ بِنَوْعٍ خَاصٍّ مِنْهَا دُونَ مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ أَهْلُ زَمَانِنَا مِنْ الْعُرْفِ الْحَادِثِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِالصُّلْحِ عَلَى دَفْعِ الْمُتَوَسِّطِ فِي الضَّرَرِ دُونَ الْأَعْلَى وَدُونَ الْأَدْنَى فَهَذَا خُلَاصَةُ مَا حَرَّرْته فِي تِلْكَ الرِّسَالَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ أَقْمِشَةً مَعْلُومَةً مِنْ عَمْرٍو بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فِي الذِّمَّةِ قَدْرُهُ سِتُّمِائَةِ قِرْشٍ وَأَرْبَعُونَ قِرْشًا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ فِضَّةٌ صَحِيحَةٌ وَرُبْعُهُ مَصَارِيٌّ كُلُّ قِرْشٍ سَبْعٌ وَأَرْبَعُونَ مِصْرِيَّةً فِضَّةً مُعَامَلَةَ الْبَلْدَةِ الْمَعْلُومَةِ وَقْتَ الْعَقْدِ ثُمَّ رَخُصَتْ الْمَصَارِيُّ وَصَارَتْ كُلُّ سِتِّينَ مِنْهَا بِقِرْشٍ صَحِيحٍ وَيُرِيدُ الْبَائِعُ مُطَالَبَةَ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ صِحَاحًا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَهُ مِثْلُ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ حَيْثُ نَقَصَ قِيمَةُ الْمَصَارِيِّ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَهِيَ رَائِجَةٌ فِي التِّجَارَاتِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْجَوْهَرَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الشَّلَبِيِّ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ إنْ غَلَتْ الْفُلُوسُ الَّتِي وَقَعَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَيْهَا أَوْ رَخُصَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ فَعَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ مِنْ الْفُلُوسِ وَإِنْ نُودِيَ عَلَيْهَا بِالْكَسَادِ وَمَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ يَوْمَ الْعَقْدِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الْمَصَارِيِّ الْمَعْلُومَةِ الْعِيَارِ عَلَى سَبِيلِ الْقَرْضِ ثُمَّ رَخُصَتْ الْمَصَارِيُّ وَلَمْ يَنْقَطِعْ مِثْلُهَا وَقَدْ تَصَرَّفَ زَيْدٌ بِمَصَارِيِّ الْقَرْضِ وَيُرِيدُ رَدَّ مِثْلِهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ عِنْدَ عَمْرٍو مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ ثَمَنُ بِضَاعَةٍ بَاعَهَا لَهُ بِإِذْنِهِ فَأَذِنَ زَيْدٌ لَهُ بِأَنْ يَصْرِفَ الْمَبْلَغَ الْمَزْبُورَ بِرِيَالَاتٍ مَعْلُومَةٍ فَصَرَفَ لَهُ بِذَلِكَ كَمَا

كتاب الكفالة

أَذِنَ لَهُ ثُمَّ تَصَرَّفَ عَمْرٌو بِالرِّيَالَاتِ الْمَزْبُورَةِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ زَيْدٍ وَيُرِيدُ زَيْدٌ مُطَالَبَتَهُ بِمِثْلِ الرِّيَالَاتِ الْمَزْبُورَةِ وَالْمِثْلُ مَوْجُودٌ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَالتَّوْكِيلُ بِالصَّرْفِ جَائِزٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي مَتْنِ الْقُدُورِيِّ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ مَا نَصُّهُ وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِالصَّرْفِ وَالسَّلَمِ فَإِنْ فَارَقَ الْوَكِيلُ صَاحِبَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَلَا تُعْتَبَرُ مُفَارَقَةُ الْمُوَكِّلِ. اهـ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ وَكِيلٌ شَرْعِيٌّ عَنْ هِنْدٍ الْمَرِيضَةِ مَرَضَ الْمَوْتِ زَوْجَ سِوَارٍ ذَهَبٍ مَعْلُومٍ مِنْ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْقُرُوشِ الصَّحِيحَةِ وَأَبْرَأَ بِالْوَكَالَةِ عَنْ مُوَكِّلَتِهِ ذِمَّةَ الْمُشْتَرِي الْمَزْبُورِ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ ثُمَّ افْتَرَقَا عَنْ الْمَجْلِسِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ وَمَاتَتْ الْمُوَكِّلَةُ بَعْدَ أَيَّامٍ عَنْ وَرَثَةٍ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ صَرْفًا بَاطِلًا وَالْإِبْرَاءُ غَيْرُ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ صَرْفًا بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّقَابُضُ وَلَمْ يُوجَدْ وَلَا يَجُوزُ الْإِبْرَاءُ عَنْ بَدَلِ الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَصِحَّ بِدُونِ قَبُولِ الْآخَرِ فَإِنْ قَبِلَ انْتَقَضَ الصَّرْفُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يُنْتَقَضْ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْفَسْخِ فَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالسِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَبَاعَهُ عَمْرٌو خَاتَمًا مُفَضَّضًا بِسِتَّةِ قُرُوشٍ مُؤَجَّلٍ إلَى الْأَجَلِ الْمَذْكُورِ وَسَلَّمَهُ الْخَاتَمَ وَالْحَالُ أَنَّ الْفَصَّ لَا يَخْلُصُ مِنْهُ إلَّا بِضَرَرٍ ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ وَأَخَذَ عَمْرٌو دَيْنَهُ مِنْ زَيْدٍ وَيُطَالِبُهُ بِثَمَنِ الْخَاتَمِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ثَمَنُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَمَنْ بَاعَ سَيْفًا مُحَلَّى بِثَمَنٍ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْحِلْيَةِ جَازَ وَمُرَادُهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مِنْ جِنْسِ الْحِلْيَةِ فَتَكُونُ الْحِلْيَةُ بِمِثْلِهَا وَالزِّيَادَةُ بِالنَّصْلِ وَالْحَمَائِلِ وَالْجَفْنِ وَإِنْ كَانَ مِثْلَهَا أَوْ أَقَلَّ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ رِبًا وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِ جِنْسِهَا جَازَ كَيْفَ كَانَ وَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ قَدْرِ الْحِلْيَةِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَالْحِلْيَةُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَقَبَضَ مِنْهَا عَشَرَةً فَهِيَ حِصَّةُ الْحِلْيَةِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا حَمْلًا لِتَصَرُّفِهِ عَلَى الصِّحَّةِ وَكَذَا إذَا قَالَ خُذْهَا مِنْ ثَمَنِهِمَا؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ الصِّحَّةُ وَقَدْ يُرَادُ بِالِاثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 22] وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ عَشَرَةٍ نَقْدًا وَعَشَرَةٍ نَسِيئَةً فَالنَّقْدُ حِصَّةُ الْحِلْيَةِ لِمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ افْتَرَقَا لَا عَنْ قَبْضٍ بَطَلَ الْبَيْعُ فِيهِمَا إنْ كَانَتْ الْحِلْيَةُ لَا تَتَخَلَّصُ إلَّا بِضَرَرٍ كَجِذْعٍ فِي سَقْفٍ وَإِنْ كَانَتْ تَتَخَلَّصُ بِغَيْرِ ضَرَرٍ جَازَ فِي السَّيْفِ وَبَطَلَ فِي الْحِلْيَةِ كَالطَّوْقِ فِي عُنُقِ الْجَارِيَةِ وَقِسْ عَلَى هَذَا جَمِيعَ أَمْثَالِهَا شَرْحُ الْمُخْتَارِ فَفِي مَسْأَلَتِنَا بَاعَ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَبْضٌ وَالْفَصُّ لَا يَخْلُصُ إلَّا بِضَرَرٍ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ فِي الْفَصِّ وَالْفِضَّةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الْعِبَارَةِ (أَقُولُ) وَقَدَّمْنَا فِي الْبُيُوعِ مَا يَدْخُلُ فِي الْمَبِيعِ تَبَعًا لَهُ كَعَلَمِ الثَّوْبِ وَالشَّاشِ وَتَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ ثَمَّةَ فَرَاجِعْهُ. [كِتَابُ الْكَفَالَةِ] (كِتَابُ الْكَفَالَةِ) (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَدَانَ مِنْ آخَرَ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَأَدْخَلَ ابْنَهُ الْمُرَاهِقَ الْغَيْرَ الْمُحْتَلِمِ فِي كَفَالَةِ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ تَكُونُ الْكَفَالَةُ بَاطِلَةً وَلَوْ أَقَرَّ بِهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَفِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ وَأَهْلُهَا مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِلتَّبَرُّعِ قَالَ شَارِحُهُ الْعَلَائِيُّ فَلَا تَنْفُذُ مِنْ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ إلَخْ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ قِبَلَ رَجُلٍ مَالٌ فَأَدْخَلَ الْمَطْلُوبُ ابْنَهُ فِي كَفَالَةِ ذَلِكَ الْمَالِ وَقَدْ رَاهَقَ وَلَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ كَانَ بَاطِلًا فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الصَّغِيرِ إذَا بَلَغَ؛ لِأَنَّهُ لَا مُجِيزَ لَهَا حَالَ وُقُوعِهَا فَإِذَا بَلَغَ وَأَقَرَّ بِالْكَفَالَةِ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِكَفَالَةٍ بَاطِلَةٍ إلَخْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ دَابَّةً مِنْ عَمْرٍو بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ

وَتَسَلَّمَ الْمَبِيعَ ثُمَّ قَالَ لِبَكْرٍ أَتَعْرِفُ هَذَا الْبَائِعَ فَقَالَ بَكْرٌ نَعَمْ أَعْرِفُهُ وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ سَارِقُهَا أُمْسِكُهُ لَك وَتَخْرُجُ مِنْ حَقِّهِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الدَّابَّةَ مُرْتَهَنَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ قِبَلِ الْبَائِعِ الْمَذْكُورِ وَرَفَعَ الْمُشْتَرِي أَمْرَهُ لِلْقَاضِي وَفَسَخَ الْبَيْعَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَغَابَ الْبَائِعُ فَقَامَ زَيْدٌ يُكَلِّفُ بَكْرًا إحْضَارَ الْبَائِعِ أَوْ دَفْعَ الثَّمَنِ لَهُ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ مُتَعَلِّلًا بِقَوْلِ بَكْرٍ الْمَذْكُورِ أَعْرِفُهُ إلَخْ وَأَنَّهُ بِذَلِكَ يَلْزَمُهُ مَا ذُكِرَ فَهَلْ بِمُجَرَّدِ مَا ذُكِرَ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الْكَفَالَةِ وَلَا يُشْعِرُ بِالْكَفَالَةِ رَجُلٌ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا بِتَعْرِيفِ رَجُلٍ وَسَلَّمَ الْعَيْنَ وَغَابَ الْمُشْتَرِي لَا يَجِبُ عَلَى الْمُعَرِّفِ شَيْءٌ هَكَذَا ذَكَرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ رِوَايَةُ الْأَصْلِ وَذَكَرَ مَشَايِخُ سَمَرْقَنْدَ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمُعَرِّفِ وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَتَمَامُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى مِنَحُ الْغَفَّارِ تَحْتَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ (أَقُولُ) وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ فِي ضِمْنِ سُؤَالٍ مُلَخَّصُهُ فِيمَا إذَا تَعَهَّدَ بِأَنْ يُحْضِرَ الْمَالَ الْمُتَأَخِّرَ عَلَى فُلَانٍ وَقَالَ لَا تَعْرِفُوا الْمَالَ إلَّا مِنِّي وَجَوَابُهُ لِلْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيِّ بِأَنَّ هَذَا التَّعَهُّدَ وَعْدٌ بِأَنْ يُحْضِرَهُ وَمِثْلُ هَذَا لَيْسَ مِنْ أَلْفَاظِ الْكَفَالَةِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ لَا تَعْرِفُوا الْمَالَ إلَّا مِنِّي يَحْتَمِلُ الْمَعْنَى الْمَذْكُورَ وَذَكَرُوا أَنَّ لَفْظَ الْمَعْرِفَةِ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ فِي قَوْلِهِ أَنَا ضَامِنٌ بِمَعْرِفَتِهِ اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ كَفَلَ زَيْدًا الْمَدْيُونَ قَائِلًا لِدَائِنِهِ إنْ لَمْ يُعْطِك زَيْدٌ دَرَاهِمَك فِي الشَّامِ فَأَنَا ضَامِنٌ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ فَهَلْ تَصِحُّ هَذِهِ الْكَفَالَةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الذَّهَبُ الَّذِي لَك عَلَى فُلَانٍ أَنَا أَدْفَعُهُ أَوْ أُسَلِّمُهُ إلَيْك أَوْ اقْبِضْهُ مِنِّي لَا يَكُونُ كَفَالَةً مَا لَمْ يَقُلْ لَفْظًا يَدُلُّ عَلَى اللُّزُومِ كَضَمِنْتُ أَوْ كَفَلْت وَهَذَا إذَا ذَكَرَهُ مُنَجَّزًا أَمَّا إذَا قَالَهُ مُعَلَّقًا بِأَنْ قَالَ إنْ لَمْ يُؤَدِّهِ فُلَانٌ فَأَنَا أَدْفَعُهُ إلَيْك وَنَحْوَهُ يَكُونُ كَفَالَةً لِمَا عُلِمَ أَنَّ الْمَوَاعِيدَ بِاكْتِسَاءِ صُوَرِ التَّعَلُّقِ تَكُونُ لَازِمَةً بَزَّازِيَّةٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَفَلَ أَحَدُ شَرِيكِي الْعِنَانِ دَيْنًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَهَلْ لَا تَصِحُّ هَذِهِ الْكَفَالَةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ لِلشَّرِيكِ بِدَيْنٍ مُشْتَرَكٍ كَمَا فِي كَفَالَةِ التَّنْوِيرِ وَالْكَنْزِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَفَلَ زَيْدٌ عَمْرًا عِنْدَ بَكْرٍ بِدَيْنٍ شَرْعِيٍّ اسْتَدَانَهُ عَمْرٌو مِنْ بَكْرٍ كَفَالَةً شَرْعِيَّةً مَقْبُولَةً مِنْ بَكْرٍ بِإِذْنِ عَمْرٍو ثُمَّ مَاتَ الْكَفِيلُ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ بَكْرٍ الدَّيْنَ مِنْ عَمْرٍو وَيُرِيدُ بَكْرٌ الرُّجُوعَ بِدَيْنِهِ فِي تَرِكَةِ الْكَفِيلِ بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ كَفَلَ عَنْ إنْسَانٍ بِمَالٍ عَلَيْهِ إلَى سَنَةٍ يَجِبُ عَلَيْهِ مُؤَجَّلًا وَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَصِيلِ حَالًا وَإِنْ مَاتَ الْكَفِيلُ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ حَالًّا وَلَا يَرْجِعُ وَرَثَةُ الْكَفِيلِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ قَبْلَ الْوَقْتِ الَّذِي وَقَّتَهُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ كَفَلَ نَفْسَ آخَرَ فَغَابَ الْمَكْفُولُ وَعُلِمَ مَكَانُهُ وَطَلَبَ الدَّائِنُ إحْضَارَهُ مِنْ الْكَفِيلِ فَهَلْ يُمْهِلُهُ الْحَاكِمُ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ فَإِنْ ذَهَبَ وَلَمْ يُحْضِرْهُ حَبَسَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فَإِنْ غَابَ الْمَكْفُولُ وَعُلِمَ مَكَانُهُ أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ يُحْضِرْهُ حَبَسَهُ وَإِنْ غَابَ وَلَا يُعْلَمُ مَكَانُهُ لَا يُطَالَبُ بِهِ مُلْتَقَى وَإِنْ غَابَ غَيْبَةً لَا تُدْرَى لَا يُطَالَبُ بِهِ لِظُهُورِ عَجْزِهِ كَمَا فِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ وَفِيهِ أَيْضًا وَهَلْ يُلَازِمُهُ ذَكَرَ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يُلَازِمُهُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ خُرْجَةٌ مَعْرُوفَةٌ أَيْ مَوْضِعٌ مَعْلُومٌ لِلتِّجَارَةِ فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ وَيُؤْمَرُ الْكَفِيلُ بِالذَّهَابِ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلِلْكَفِيلِ فَإِنْ أَقَامَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً أَنَّهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا يُؤْمَرُ بِالذَّهَابِ إلَيْهِ. اهـ. وَأَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ إذَا ضَمِنَ وَجْهَ فُلَانٍ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا إحْضَارُهُ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَإِنْ عَجَزَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ إنْ لَمْ أُحْضِرْهُ فَعَلَيَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَبْلَغُ دَيْنٍ صَحِيحٍ بِذِمَّةِ عَمْرٍو طَالَبَهُ بِهِ فَقَالَ أَبُوهُ لَا تُطَالِبُهُ، دَيْنُك عِنْدِي وَقَبِلَ زَيْدٌ ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ الْأَبُ كَفِيلًا فَيُطَالَبُ بِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ عِنْدَ إذَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي الدَّيْنِ يُرَادُ بِهَا الْوُجُوبُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَنَصُّهَا وَكَذَا إذَا كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ فَعِنْدَهُ لَهُ هَذَا الْمَالُ

؛ لِأَنَّ عِنْدَ إذَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي الدَّيْنِ يُرَادُ بِهَا الْوُجُوبُ اهـ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِقَوْلِهِ نَعَمْ يَكُونُ كَفِيلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ بِقَوْلِهِ لَفْظَةُ عِنْدِي لِلْوَدِيعَةِ لَكِنَّهُ بِقَرِينَةِ الدَّيْنِ تَكُونُ كَفَالَةً وَأَشَارَ لَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِقَوْلِهِ مُطْلَقُهُ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ وَفِي الْعُرْفِ إذَا قُرِنَ بِالدَّيْنِ يَكُونُ ضَمَانًا وَصَرَّحَ قَاضِي خَانْ بِأَنَّ عِنْدَ إذَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي الدَّيْنِ يُرَادُ بِهَا الْوُجُوبُ فَإِذَا عُلِمَ ذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ لَهُ مُطَالَبَتَهُ بِالدَّيْنِ وَحَبْسَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ وَأَمَّا مَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ اللُّطْفِيُّ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ تَبَعًا لِمَا فِي الْبَحْرِ فَقَدْ تَعَقَّبَهُ صَاحِبُ النَّهْرِ فَتَأَمَّلْ وَلَا تَعْجَلْ عَلَى أَنَّ قَاضِيَ خَانْ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ ثُمَّ قَالَ الْمُؤَلِّفُ جَوَابًا عَنْ صُورَةِ دَعْوَى قَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ دَيْنُك عِنْدِي هَلْ يَكُونُ كَفِيلًا بِذَلِكَ أَمْ لَا أَجَابَ اللُّطْفِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَأَفْتَى بِهِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ كَفِيلًا بِذَلِكَ وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ والتتارخانية وَالنَّهْرِ وَأَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ يَكُونُ كَفِيلًا بِذَلِكَ فَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبِهِ أَفْتَى مَوْلَانَا مُحَمَّدٌ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ مُفْتِي دِمَشْقَ الشَّامِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَرَهَنَ عِنْدَهُ عَلَى ذَلِكَ فَرَسَيْنِ مَعْلُومَتَيْنِ مُسَلَّمَتَيْنِ لِعَمْرٍو وَكَفَلَ بَكْرٌ زَيْدًا بِالْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ عِنْدَ عَمْرٍو ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ وَقَضَى الْكَفِيلُ الدَّيْنَ لِعَمْرٍو وَطَلَبَ مِنْهُ الرَّهْنَ فَهَلْ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الرَّهْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَالْأَنْقِرْوِيِّ نَقْلًا عَنْهَا وَعَنْ الْعَتَّابِيَّةِ وَكَذَا فِي صُوَرِ الْمَسَائِلِ وَعِبَارَةُ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَلَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ رَهْنٌ عِنْدَ الطَّالِبِ مِنْ الْمَطْلُوبِ وَقَضَى الْكَفِيلُ الدَّيْنَ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الرَّهْنِ وَكَذَا الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ مَكَانَ الرَّهْنِ وَكَذَا لَوْ قَضَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ دَيْنَ الْمَيِّتِ الَّذِي وَجَبَ فِي حَيَاتِهِ اهـ مِنْ الْفَصْلِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ فِي الْأَمْرِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَالَ زَيْدٌ الذِّمِّيُّ لِعَمْرٍو الذِّمِّيِّ بَايِعْ أَخِي وَكُلَّمَا بَايَعْته فَعَلَيَّ ثَمَنُهُ وَقَبِلُوا ذَلِكَ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ بَاعَ أَخَاهُ الْمَزْبُورُ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَيُرِيدُ عَمْرٌو مُطَالَبَةَ زَيْدٍ بِالثَّمَنِ الْمَزْبُورِ بِطَرِيقِ الْكَفَالَةِ الْمَزْبُورَةِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَصِحُّ أَيْضًا بِقَوْلِهِ مَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَيَّ فَإِذَا بَايَعَهُ كَانَ عَلَيْهِ مَا يَجِبُ بِالْمُبَايَعَةِ الْأُولَى وَلَوْ بَاعَهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الثَّانِيَةِ ذَكَرَهُ فِي الْمُجَرَّدِ عَنْ الْإِمَامِ أَيْضًا وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ كُلُّهُ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَفِي الْمَبْسُوطِ لَوْ قَالَ مَتَى أَوْ إذَا أَوْ إنْ بَايَعْت لَزِمَهُ الْأَوَّلُ بِخِلَافِ كُلَّمَا وَمَا إلَخْ نَهْرٌ وَلَوْ قَالَ مَا بَايَعْته الْيَوْمَ فَهُوَ عَلَيَّ فَبَاعَهُ الْمَبِيعَيْنِ الْيَوْمَ لَزِمَ الْكَفِيلُ الْمَالَانِ جَمِيعًا وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ كُلَّمَا بَايَعْته الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةُ مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسِ فِي التَّعْلِيقِ وَالتَّأْجِيلِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مَكَانَ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِهِ وَتَسَلَّمَ الْمَكَانَ ثُمَّ قَامَ يُكَلِّفُ الْمُؤَجِّرَ بِدَفْعِ مَبْلَغٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ زَاعِمًا أَنَّ الْمُؤَجِّرَ قَالَ لَهُ حِينَ الْإِيجَارِ إنْ أَخَذَ مِنْك جَرِيمَةً أَكُنْ قَائِمًا بِهَا يَعْنِي مِنْ خُصُوصِ الْمَأْجُورِ وَأَنَّهُ أُخِذَ مِنْهُ مَبْلَغٌ كَمَا ذُكِرَ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ بِسَبَبِ مَقَالَتِهِ الْمَزْبُورَةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ الَّذِي يَأْخُذُ الْجَرِيمَةَ وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى مَعْرِفَتِهِ بَلْ بَنَاهُ لِلْمَجْهُولِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ مَجْهُولًا وَلَمْ يُسَمِّ إنْسَانًا بِعَيْنِهِ فَالْكَفَالَةُ لَا تَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَوْ قَالَ لِآخَرَ مَا غَصَبَك فُلَانٌ أَوْ مَا سَرَقَك فَإِنِّي ضَامِنٌ لَهُ جَازَ ذَلِكَ الضَّمَانُ وَلَوْ قَالَ مَا غَصَبَك أَهْلُ هَذِهِ الدَّارِ فَأَنَا لَهُ ضَامِنٌ فَهُوَ بَاطِلٌ حَتَّى يُسَمِّيَ إنْسَانًا بِعَيْنِهِ عَيْنِيٌّ عَلَى الْكَنْزِ وَلَا تَصِحُّ بِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ وَبِهِ مُطْلَقًا نَعَمْ لَوْ قَالَ كَلَّفْت رَجُلًا أَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ لَا بِاسْمِهِ جَازَ وَأَيُّ رَجُلٍ أَتَى بِهِ وَحَلَفَ أَنَّهُ هُوَ بَرِيءٌ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَفِيهِ أَيْضًا وَالْمُدَّعِي وَهُوَ الدَّائِنُ مَكْفُولٌ لَهُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَدْيُونُ مَكْفُولٌ

عَنْهُ وَيُسَمَّى الْأَصِيلَ أَيْضًا وَالنَّفْسُ وَالْمَالُ مَكْفُولٌ بِهِ وَمَنْ لَزِمَتْهُ الْمُطَالَبَةُ كَفِيلٌ. اهـ. أَقُولُ وَمُرَادُ الْعَلَائِيِّ بِقَوْلِهِ وَبِهِ الْمَكْفُولُ بِهِ إذَا كَانَ نَفْسًا إذْ كَفَالَةُ الْمَالِ الْمَجْهُولِ صَحِيحَةٌ كَمَا فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ضَمِنَ لِرَجُلٍ مُعَيَّنٍ دَيْنًا لَهُ عَلَى آخَرَ فَظَهَرَ الدَّيْنُ لِرَجُلٍ آخَرَ غَيْرِ الْمَضْمُونِ لَهُ فَهَلْ يَكُونُ الضَّمَانُ الْمَزْبُورُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْمَكْفُولِ لَهُ شَرْطٌ كَمَا فِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ نَقْلًا عَنْ الْحَانُوتِيِّ وَقَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَلَا تَصِحُّ بِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَا بِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِزَيْدٍ اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ آمِنٌ فَسَلَكَهُ فَأَخَذَ اللُّصُوصُ أَمْتِعَةَ زَيْدٍ فَقَبَضَ زَيْدٌ مِنْ الرَّجُلِ الْآمِرِ قِيمَةَ أَمْتِعَتِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ غَرَّهُ وَأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ الرُّجُوعَ وَدَفَعَ الرَّجُلُ الْمَرْقُومُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ ظَهَرَ وَتَبَيَّنَ بِقَوْلِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مُجَرَّدَ الْغُرُورِ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ وَأَنَّهُ دَفَعَ شَيْئًا لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى زَيْدٍ بِمَا قَبَضَهُ مِنْهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْغُرُورَ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ فَلَوْ قَالَ اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ آمِنٌ فَسَلَكَهُ فَأَخَذَهُ اللُّصُوصُ لَا ضَمَانَ فَإِنْ زَادَ وَقَالَ فَإِنْ أُخِذَ مَالُكَ فَأَنَا ضَامِنٌ فَسَلَكَهُ فَأُخِذَ مَالُهُ كَانَ الضَّمَانُ صَحِيحًا وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ مَجْهُولٌ هُنَا وَمَعَ هَذَا جَوَّزُوا الضَّمَانَ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ (أَقُولُ) قَالَ فِي الدُّرَرِ بَعْدَمَا مَرَّ وَصَارَ الْأَصْلُ أَنَّ الْمَغْرُورَ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَارِّ إذَا حَصَلَ الْغُرُورُ فِي ضِمْنِ الْمُعَارَضَةِ أَوْ ضِمْنِ الْغَارِّ صِفَةُ السَّلَامَةِ لِلْمَغْرُورِ نَصًّا حَتَّى لَوْ قَالَ الطَّحَّانُ لِصَاحِبِ الْحِنْطَةِ اجْعَلْ الْحِنْطَةَ فِي الدَّلْوِ فَذَهَبَ مِنْ ثَقْبِهِ مَا كَانَ فِيهِ إلَى الْمَاءِ وَالطَّحَّانُ كَانَ عَالِمًا بِهِ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ غَارٌّ فِي ضِمْنِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ ثَمَّةَ مَا ضَمِنَ السَّلَامَةَ بِحُكْمِ الْعَقْدِ وَهَاهُنَا الْعَقْدُ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ بَايِعْ فُلَانًا فَمَا بَايَعْته فَعَلَيَّ فَبَايَعَهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَتَلِفَ الثَّمَنُ عِنْدَهُ وَيُرِيدُ مُطَالَبَةَ الْكَفِيلِ الْمَزْبُورِ بِالثَّمَنِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَبِمَا بَايَعْت فُلَانًا فَعَلَيَّ وَمَا غَصَبَك فُلَانٌ فَعَلَيَّ مَا هُنَا شَرْطِيَّةٌ أَيْ إنْ بَايَعْته فَعَلَيَّ لَا مَا اشْتَرَيْته لِمَا سَيَجِيءُ أَنَّ الْكَفَالَةَ بِالْمَبِيعِ لَا تَجُوزُ وَشُرِطَ فِي الْكُلِّ الْقَبُولُ وَلَوْ دَلَالَةً بِأَنْ بَايَعَهُ أَوْ غَصَبَ مِنْهُ لِلْحَالِ عَلَائِيٌّ عَنْ النَّهْرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَالَ زَيْدٌ مُخَاطِبًا لِجَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ مِنْ أَهْلِ سُوقِ كَذَا مَا بَايَعْتُمْ عَمْرًا أَنْتُمْ وَغَيْرُكُمْ فَهُوَ عَلَيَّ فَهَلْ يَلْزَمُ زَيْدًا دَيْنُ مَنْ خَاطَبَهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ كَفَلَ أَسِيرًا بِمَبْلَغٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ عِنْدَ مَنْ أَسَرَهُ بِأَمْرِهِ فِدَاءً وَافْتَكَّ نَفْسَهُ وَحُبِسَ الْكَفِيلُ بِذَلِكَ وَيُرِيدُ مُطَالَبَةَ الْأَسِيرِ بِذَلِكَ وَحَبْسَهُ بِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَصَحَّ ضَمَانُ النَّوَائِبِ وَلَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ كَجِبَايَاتِ زَمَانِنَا فَإِنَّهَا فِي الْمُطَالَبَةِ كَالدُّيُونِ بَلْ فَوْقَهَا حَتَّى لَوْ أُخِذَتْ مِنْ الْأَكَّارِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مَالِكِ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَابْنُ الْمُصَنِّفِ وَابْنُ كَمَالٍ وَقَيَّدَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ بِمَا إذَا أَمَرَهُ بِهِ طَائِعًا فَلَوْ مُكْرَهًا فِي الْأَمْرِ لَمْ يُعْتَبَرْ أَمْرُهُ بِالرُّجُوعِ ذَكَرَهُ الْأَكْمَلُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ وَفِي الْمِنَحِ وَلَا يُطَالَبُ الْكَفِيلُ أَصِيلًا بِمَالِ مَكْفُولٍ بِهِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْكَفِيلُ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَ الْمُطَالَبَةَ فَإِنْ لُوزِمَ أَيْ لُوزِمَ الْكَفِيلُ مِنْ جِهَةِ الطَّالِبِ لَازَمَهُ أَيْ لَازَمَ هُوَ الْأَصِيلَ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ وَإِنْ حُبِسَ أَيْ صَارَ الْكَفِيلُ مَحْبُوسًا حُبِسَ هُوَ أَيْ الْمَكْفُولُ عَنْهُ إذْ لَمْ يَلْحَقْهُ مَا لَحِقَهُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ فَيُجَازَى بِمِثْلِهِ اهـ بِنَوْعِ اخْتِصَارٍ. (أَقُولُ) مَسْأَلَةُ صِحَّةِ ضَمَانِ النَّوَائِبِ مِنْ مَسَائِلِ الْمُتُونِ وَفِيهَا اخْتِلَافُ التَّصْحِيحِ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فَقِيهُ النَّفْسِ قَاضِي خَانْ الصِّحَّةُ كَمَا فِي الْمُتُونِ وَاعْتَمَدَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ عَدَمَ الصِّحَّةِ

مُعَلِّلًا بِأَنَّ الظُّلْمَ يَجِبُ إعْدَامُهُ وَيَحْرُمُ تَقْرِيرُهُ وَفِي الْقَوْلِ بِصِحَّتِهِ تَقْرِيرُهُ وَذَكَرْت جَوَابَهُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الْبَحْرِ بِمَا رَأَيْته بِخَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ مِمَّا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ بِهَا رُجُوعُ الْكَفِيلِ عَلَى الْأَصِيلِ لَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالْأَمْرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَضْمَنُ لِطَالِبِهَا الظَّالِمِ اهـ وَلَعَمْرِي إنَّهُ تَنْبِيهٌ حَسَنٌ وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُهُ إنَّ الظُّلْمَ يَجِبُ إعْدَامُهُ؛ لِأَنَّ ذَاكَ لَوْ قُلْنَا بِرُجُوعِ الظَّالِمِ عَلَى الْكَفِيلِ أَمَّا عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ صِحَّتِهَا بِرُجُوعِ الْكَفِيلِ عَلَى الْأَصِيلِ فَلَا بَلْ فِيهِ رَفْعُ الظُّلْمِ؛ لِأَنَّهُ لَوْلَا الْكَفِيلُ يَحْبِسُ الظَّالِمُ الْمَكْفُولَ وَيَضْرِبُهُ وَيَبِيعُ عَلَيْهِ مَالَهُ وَعَقَارَهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ أَوْ يُلْجِئُهُ إلَى بَيْعِهِ أَوْ الِاسْتِدَانَةِ بِالْمُرَابَحَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ وَبِالْكَفَالَةِ يَرْتَفِعُ كُلُّ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَالَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو ادْفَعْ إلَى بَكْرٍ كَذَا مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيَّ وَلَا عَلَى أَنَّهَا لَك عَلَيَّ فَدَفَعَ عَمْرٌو الْمَبْلَغَ الْمَزْبُورَ لِبَكْرٍ وَكَانَ عَمْرٌو خَلِيطًا لِزَيْدٍ الْآمِرِ وَيُرِيدُ عَمْرٌو الرُّجُوعَ عَلَى زَيْدٍ بِالْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَقُلْ عَنٍّ وَلَا أَنَّهَا لَك عَلَيَّ فَدَفَعَهَا الْمَأْمُورُ إنْ كَانَ خَلِيطًا لِلْآمِرِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَلِيطًا لَا يَرْجِعُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَرْجِعُ فِي الْوَجْهَيْنِ وَالْخَلِيطُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ فِي عِيَالِهِ كَالْوَلَدِ وَالْوَالِدِ وَالزَّوْجِ وَابْنِ الْأَخِ فِي عِيَالِهِ أَوْ أَجِيرِهِ أَوْ شَرِيكِهِ شَرِكَةَ عَنَانٍ كَذَا فِي الْأَصْلِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ بِخَلِيطٍ لَهُ ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَدَفَعَ الْمَأْمُورُ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْآمِرِ لَكِنْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْقَابِضِ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ الْيَدَ عَلَى وَجْهٍ يَجُوزُ دَفْعُهُ خَانِيَّةٌ مِنْ مَسَائِلِ الْأَمْرِ بِنَقْدِ الْمَالِ مِنْ الْحَوَالَةِ وَالْكَفَالَةِ وَقَدْ أَوْضَحَ الْمَسْأَلَةَ غَايَةَ الْإِيضَاحِ فِي الذَّخِيرَةِ فِي 18. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَذِنَ جَمَاعَةٌ مَعْلُومُونَ لِزَيْدٍ بِأَنْ يَقُومَ بِمَصَالِحِهِمْ وَيَدْفَعَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَغَارِمَ عُرْفِيَّةٍ وَشَرْعِيَّةٍ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَأَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِمْ بِنَظِيرِ مَا يَدْفَعُهُ فِي ذَلِكَ وَصَرَفَ بِمُقْتَضَى الْإِذْنِ فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُمْ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِمْ بِنَظِيرِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْإِذْنِ وَالصَّرْفِ وَقَدَّرَ مَا صُرِفَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي النَّوَازِلِ قَوْمٌ وَقَعَتْ لَهُمْ مُصَادَرَةٌ فَأَمَرُوا رَجُلًا أَنْ يَسْتَقْرِضَ لَهُمْ مَالًا يُنْفِقُهُ فِي هَذِهِ الْمَئُونَاتِ فَفَعَلَ فَالْمُقْرِضُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ وَالْمُسْتَقْرِضُ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ إنْ شَرَطَ الرُّجُوعَ يَرْجِعُ وَبِدُونِ الشَّرْطِ لَا يَرْجِعُ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَرْجِعُ تَتَارْخَانِيَّةٌ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَمْلِكُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ الْمَالَ مُقَابَلًا بِمِلْكِ مَالٍ فَإِنَّ الْمَأْمُورَ يَرْجِعُ عَلَى آمِرِهِ بِلَا شَرْطِ الرُّجُوعِ وَإِلَّا فَلَا فَلَوْ أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ أَوْ يَقْضِيَ دَيْنَهُ فَفَعَلَ يَرْجِعُ بِلَا شَرْطٍ مَجْمُوعَةُ النَّقِيبِ عَنْ مُعِينِ الْمُفْتِي وَفِيهَا وَمِمَّا يُوَافِقُ هَذَا مَا فِي الْعِمَادِيَّةِ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِالْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فِي حَاجَةِ الْآمِرِ قَالَ بَعْضُهُمْ يُوجِبُ الرُّجُوعَ إذَا اشْتَرَطَهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُوجِبُ الرُّجُوعَ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَوْ قَالَ عَوِّضْ عَنْ هِبَتِي أَوْ أَطْعِمْ عَنْ كَفَّارَتِي أَوْ أَدِّ زَكَاةَ مَالِي أَوْ هَبْ فُلَانًا عَنِّي أَلْفًا لَا يَرْجِعُ بِلَا شَرْطِ الرُّجُوعِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَذَكَرَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ ضَابِطًا آخَرَ أَنَّ الْوَاجِبَ الَّذِي سَقَطَ عَنْ الْآمِرِ بِدَفْعِ الْمَأْمُورِ إنْ كَانَ مِنْ أَحْكَامِ الْآخِرَةِ فَقَطْ لَمْ يَرْجِعْ بِلَا شَرْطِ الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَرَجَعَ بِأَكْثَرَ مِمَّا أُسْقِطَ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَحْكَامِ الدُّنْيَا رَجَعَ بِلَا شَرْطٍ اهـ وَقُيِّدَ هَذَا فِي الْخُلَاصَةِ بِمَا إذَا قَالَ ادْفَعْ مِقْدَارَ كَذَا إلَى فُلَانٍ عَنِّي فَلَوْ لَمْ يَقُلْ عَنِّي أَوْ ادْفَعْهُ فَإِنِّي ضَامِنٌ فَدَفَعَ الْمَأْمُورُ إنْ كَانَ شَرِيكَ الْآمِرِ أَوْ خَلِيطَهُ وَتَفْسِيرُهُ بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا فِي السُّوقِ أَخْذٌ وَإِعْطَاءٌ وَمُوَاضَعَةٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِالْإِجْمَاعِ. وَكَذَا لَوْ كَانَ الْآمِرُ فِي عِيَالِ الْمَأْمُورِ أَوْ الْمَأْمُورُ فِي عِيَالِ الْآمِرِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَرْجِعُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَقُلْ

اقْضِ عَنِّي فَإِنْ قَالَ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِالْإِجْمَاعِ مِنْ مَجْمُوعَةِ النَّقِيبِ وَذَكَرَ فِي التَّنْوِيرِ أَصْلًا آخَرَ فِي بَابِ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَةِ وَهُوَ كُلُّ مَا يُطَالَبُ بِهِ الْإِنْسَانُ بِالْحَبْسِ وَالْمُلَازَمَةِ يَكُونُ الْأَمْرُ بِأَدَائِهِ مُثْبِتًا لِلرُّجُوعِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ وَمَا لَا فَلَا إلَّا بِشَرْطِ الضَّمَانِ فَلَوْ أَمَرَ الْمَدْيُونُ رَجُلًا بِقَضَاءِ دَيْنِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ لَكِنْ يَخْرُجُ عَنْ الْأَصْلِ مَا لَوْ قَالَ أَنْفِقْ عَلَى بِنَاءِ دَارِي أَوْ قَالَ الْأَسِيرُ اشْتَرِنِي فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِمَا بِلَا شَرْطِ رُجُوعِ كَفَالَةٍ الْخَانِيَّةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهِمَا لَا بِحَبْسٍ وَلَا بِمُلَازَمَةٍ فَتَأَمَّلْ. اهـ. شَرْحُ التَّنْوِيرِ (أَقُولُ) وَفِي الْخَانِيَّةِ ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ إذَا أَمَرَ صَيْرَفِيًّا فِي الْمُصَارَفَةِ أَنْ يُعْطِيَ رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ قَضَاءً عَنْهُ أَوْ لَمْ يَقُلْ قَضَاءً عَنْهُ فَفَعَلَ الْمَأْمُورُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَيْرَفِيًّا لَا يَرْجِعُ إلَّا أَنْ يَقُولَ عَنِّي وَلَوْ أَمَرَهُ بِشِرَائِهِ أَوْ بِدَفْعِ الْفِدَاءِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ بِذَلِكَ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْفِقْ مِنْ مَالِكِ عَلَى عِيَالِي أَوْ فِي بِنَاءِ دَارِي يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ. وَكَذَا لَوْ قَالَ اقْضِ دَيْنِي يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَوْ قَضَى نَائِبَةَ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ الرُّجُوعُ هُوَ الصَّحِيحُ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَالَ اقْضِ دَيْنِي أَوْ نَائِبَتِي أَوْ اُكْفُلْ لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ عَلَيَّ أَوْ اُنْقُدْهُ أَلْفًا عَلَيَّ أَوْ اقْضِ مَا لَهُ عَلَيَّ أَوْ أَنْفِقْ عَلَى عِيَالِي أَوْ فِي بِنَاءِ دَارِي يَرْجِعُ مُطْلَقًا شَرَطَ الرُّجُوعَ أَوْ لَا قَالَ عَنِّي أَوْ لَا وَكَذَا إذَا قَالَ ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ كَذَا وَكَانَ الْمَأْمُورُ صَيْرَفِيًّا أَوْ خَلِيطًا لِلْآمِرِ أَوْ فِي عِيَالِهِ وَإِلَّا فَلَا مَا لَمْ يَقُلْ عَنِّي أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ هَبْ لِفُلَانٍ عَنِّي أَلْفًا وَأَقْرِضْهُ أَلْفًا أَوْ عَوِّضْهُ عَنِّي أَوْ كَفِّرْ عَنْ يَمِينِي بِطَعَامِك أَوْ أَدِّ زَكَاةَ مَالِي بِمَالِك أَوْ أَحِجَّ عَنِّي رَجُلًا أَوْ أَعْتِقْ عَنِّي عَبْدًا عَنْ ظِهَارِي فَلَا رُجُوعَ إلَّا بِشَرْطِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ خَلِيطًا أَوْ قَالَ عَنِّي فَجُمْلَةُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ مَا يَرْجِعُ بِهِ الْمَأْمُورُ مُطْلَقًا الثَّانِي مَا يَرْجِعُ إنْ كَانَ صَيْرَفِيًّا أَوْ خَلِيطًا لَهُ أَوْ فِي عِيَالِهِ الثَّالِثُ مَا يَرْجِعُ إنْ قَالَ عَنِّي الرَّابِعُ مَا لَا رُجُوعَ فِيهِ إلَّا بِشَرْطِ الرُّجُوعِ وَقَدْ لَخَّصْت هَذَا الْحَاصِلَ مِنْ كَلَامِ الْخَانِيَّةِ وَمِمَّا مَرَّ عَنْ الْخُلَاصَةِ. فَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَبِهَا يُسْتَغْنَى عَنْ الْأُصُولِ الْمَارَّةِ لِكَوْنِهَا غَيْرَ ضَابِطَةٍ وَكَذَا الْأَصْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْعَلَائِيُّ فَفِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ مَنْ قَامَ عَنْ غَيْرِهِ بِوَاجِبٍ بِأَمْرِهِ رَجَعَ بِمَا دَفَعَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ كَالْأَمْرِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَبِقَضَاءِ دَيْنِهِ إلَخْ فَإِنَّهُ غَيْرُ ضَابِطٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْأَمْرَ بِالْإِنْفَاقِ فِي بِنَاءِ دَارِهِ وَبِشِرَاءِ الْأَسِيرِ وَقَضَاءِ النَّائِبَةِ وَلِشُمُولِهِ الْوَاجِبَ الْأُخْرَوِيَّ كَالْأَمْرِ بِأَدَاءِ زَكَاتِهِ وَنَحْوِهِ وَفِي نُورِ الْعَيْنِ عَنْ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى أَمَرَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ إنْسَانًا بِأَنْ يُكَفِّنَ الْمَيِّتَ فَكَفَّنَ إنْ أَمَرَهُ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ يَرْجِعُ كَمَا فِي: أَنْفِقْ فِي بِنَاءِ دَارِي وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْإِسْلَامِ وَذَكَرَ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَنْزِلَةِ أَمْرِ الْقَاضِي وَفِيهِ عَنْ الذَّخِيرَةِ قَالَ ادْفَعْ إلَى فُلَانٍ قَضَاءً لَهُ وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي أَوْ قَالَ اقْضِ فُلَانًا أَلْفًا وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي وَلَا عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَهَا أَوْ كَفِيلٌ بِهَا فَدَفَعَ فَلَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ شَرِيكًا لِلْآمِرِ أَوْ خَلِيطًا لَهُ رَجَعَ عَلَى آمِرِهِ وَمَعْنَى الْخَلِيطِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا أَخَذٌ وَإِعْطَاءٌ أَوْ مُوَاضَعَةٌ عَلَى أَنَّهُ مَتَى جَاءَ رَسُولُ هَذَا أَوْ وَكِيلُهُ يَبِيعُ مِنْهُ أَوْ يُقْرِضُهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ إجْمَاعًا إذْ الضَّمَانُ بَيْنَ الْخَلِيطَيْنِ مَشْرُوطٌ عُرْفًا إذْ الْعُرْفُ أَنَّهُ إذَا أَمَرَ شَرِيكَهُ أَوْ خَلِيطَهُ بِدَفْعِ مَالٍ إلَى غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ يَكُونُ دَيْنًا عَلَى الْآمِرِ وَالْمَعْرُوفُ كَالْمَشْرُوطِ. وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ فِي عِيَالِ الْآمِرِ أَوْ بِالْعَكْسِ يَرْجِعُ إجْمَاعًا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ وَلَمْ يُشْتَرَطْ الرُّجُوعُ اهـ وَأَفَادَ التَّعْلِيلُ بِالضَّمَانِ عُرْفًا أَنَّ مَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْآمِرِ يَرْجِعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَلِيطًا وَلَا فِي عِيَالِهِ وَلِذَا أَثْبَتُوا الرُّجُوعَ لِلصَّيْرَفِيِّ فَلْيُحْفَظْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَضَى زَيْدٌ دَيْنَ عَمْرٍو لِدَائِنِهِ بِدُونِ إذْنِ عَمْرٍو وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى عَمْرٍو بِمَا قَضَاهُ عَنْهُ بِدُونِ إذْنِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : مَنْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ

لَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ 28 وَمِنْهَا فِي أَحْكَامِ السُّفْلِ وَالْعُلْوِ: الْمُتَبَرِّعُ لَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا لَوْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَدَانَ رَجُلَيْنِ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مُؤَجَّلًا إلَى سَنَةٍ وَضَمِنَهُمَا عِنْدَهُ رَجُلٌ آخَرُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْأَجَلُ فَأَدَّى أَحَدُهُمَا مَا عَلَيْهِ بِالتَّمَامِ وَأَدَّى الْآخَرُ الْبَعْضَ وَبَقِيَ عَلَيْهِ مِائَةُ قِرْشٍ فَعَامَلَ الدَّائِنَ بِهَا وَزَادَهُ عِشْرِينَ قِرْشًا وَأَجَّلَ ذَلِكَ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ الضَّامِنِ الْمَزْبُورِ وَالْآنَ يُرِيدُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الضَّامِنِ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ بِالْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ الْمَذْكُورَةِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : عَقْدُ الضَّمَانِ انْفَسَخَ بِمُضِيِّ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَلَا يَكُونُ الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ ضَامِنًا لِلْمَبْلَغِ الْحَاصِلِ بِالْعَقْدِ الْجَدِيدِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ لَوْ سَقَطَ دَيْنُ الطَّالِبِ عَنْ الْبَائِعِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ إمَّا بِفَسْخِ الْمُدَايَنَةِ الَّتِي جَرَتْ بَيْنَ الْبَائِعِ وَغَرِيمِهِ أَوْ بِإِبْرَاءِ الْغَرِيمِ عَنْ دَيْنِهِ أَوْ بِقَضَاءِ الْبَائِعِ دَيْنَهُ فَهُنَاكَ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ وَتَبْطُلُ الْكَفَالَةُ ذَخِيرَةٌ مِنْ الْفَصْلِ 11 وَاخْتِلَافُ الصَّكِّ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ السَّبَبِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ فِيمَا يَكُونُ إقْرَارًا بِشَيْءٍ أَوْ شَيْئَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ إضَافَةِ الْإِقْرَارِ إلَى سَبَبٍ وَبِعَيْنِ هَذَا الْجَوَابِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الْمُحَقِّقُ الْمَرْحُومُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ وَسُئِلَ فِي الْمَدْيُونِ إذَا أَحَالَ رَبَّ الدَّيْنِ بِدَيْنِهِ عَلَى مَدْيُونٍ لَهُ بِرِضَاهُ وَضَمِنَهُ فِي ذَلِكَ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَصِحُّ الضَّمَانُ وَيُطَالِبُ أَيًّا شَاءَ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَقَالَ الطَّالِبُ لِلْمَدْيُونِ أَحِلْنِي بِمَالِي عَلَيْك عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنَّك ضَامِنٌ لِذَلِكَ فَفَعَلَ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ الضَّمَانَ عَلَى الْمُحِيلِ فَقَدْ جَعَلَ الْحَوَالَةَ كَفَالَةً؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بِشَرْطِ عَدَمِ بَرَاءَةِ الْمُحِيلِ كَفَالَةٌ اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ سِرَاجُ الدِّينِ الْمَشْهُورُ بِقَارِئِ الْهِدَايَةِ فِي فَتَاوِيهِ (أَقُولُ) إنَّمَا ذَكَرَ عِبَارَةَ الذَّخِيرَةِ لِيَقِيسَ عَلَيْهَا مَسْأَلَةَ اخْتِلَافِ الصَّكِّ فِي أَنَّهُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الصَّكِّ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ السَّبَبِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي عِبَارَةِ الذَّخِيرَةِ الْمَذْكُورَةِ بِأَنَّهُ لَوْ سَقَطَ الدَّيْنُ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ فَكَذَا تَبْطُلُ لَوْ اخْتَلَفَ الصَّكُّ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ السَّبَبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ فَكَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا قَدْ اخْتَلَفَ الصَّكُّ فَتَبْطُلُ الْكَفَالَةُ هَذَا مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ فِي نَقْلِ عِبَارَةِ الذَّخِيرَةِ وَالْخَانِيَّةِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ مَسْأَلَةَ الْخَانِيَّةِ إنَّمَا هِيَ فِيمَا إذَا أَقَرَّ رَجُلٌ بِأَلْفٍ عِنْدَ الشُّهُودِ بِصَكٍّ ثُمَّ أَقَرَّ بِأَلْفٍ بِصَكٍّ آخَرَ فَهُمَا أَلْفَانِ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الصَّكِّ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ السَّبَبِ فَيَكُونَانِ إقْرَارَيْنِ فَيَلْزَمُهُ كُلٌّ مِنْ الْأَلْفَيْنِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَغْيِيرَ الصَّكِّ بِكِتَابَةِ صَكٍّ آخَرَ فِي مَسْأَلَتِنَا يُبْطِلُ الْكَفَالَةَ؛ لِأَنَّ الصَّكَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَبْطُلْ كَمَا فِي الْإِقْرَارِ وَإِذَا لَمْ يَبْطُلْ فَكَيْفَ تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ الَّتِي فِيهِ نَعَمْ لَوْ فَسَخَا الْمُدَايَنَةَ الْأُولَى ثُمَّ جَدَّدَاهَا فِي صَكٍّ آخَرَ تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ الْأُولَى كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ عِبَارَةُ الذَّخِيرَةِ لِسُقُوطِ الدَّيْنِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ فِيمَا يَأْتِي قَرِيبًا فَافْهَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بِذِمَّةِ عَمْرٍو مَبْلَغُ دَيْنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَكَفَلَهُ بِذَلِكَ بَكْرٌ فَأَحَالَ عَمْرٌو زَيْدًا بِالْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ عَلَى خَالِدٍ حَوَالَةً شَرْعِيَّةً مَقْبُولَةً مِنْ الْجَمِيعِ فَهَلْ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَفِي قَوْلِهِ بَرِئَ الْمُحِيلُ إشَارَةٌ إلَى بَرَاءَةِ كَفِيلِهِ فَإِذَا أَحَالَ الْأَصِيلُ الطَّالِبَ بَرِئَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَكَفَلَهُ بَكْرٌ بِذَلِكَ ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ فَأَجَّلَهُ عَمْرٌو إلَى أَجَلٍ آخَرَ مَعْلُومٍ وَفَسَخَا عَقْدَ الْمُدَايَنَةِ الْأَوَّلَ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ بَكْرٍ وَلَا تَجْدِيدِ كَفَالَةٍ وَالْآنَ يُرِيدُ عَمْرٌو الدَّعْوَى عَلَى بَكْرٍ بِمَا عَاقَدَهُ عَلَيْهِ ثَانِيًا بِالْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَا يَكُونُ بَكْرٌ كَفِيلًا بِالْمَبْلَغِ الْحَاصِلِ بِالْعَقْدِ الْجَدِيدِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ فَسَخَا عَقْدَ الْمُدَايَنَةِ الْأَوَّلِ لَا يَكُونُ كَفِيلًا بِمَا عَقَدَاهُ ثَانِيًا بِدُونِ كَفَالَةٍ وَنَقَلَهَا مَا مَرَّ قَرِيبًا عَنْ الذَّخِيرَةِ. (أَقُولُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ وَتَجْدِيدِ أَجَلٍ آخَرَ بِدُونِ فَسْخٍ صَرِيحٍ تَبْقَى

الْكَفَالَةُ فَيُنَافِي مَا أَفْتَى بِهِ أَوَّلًا تَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ قِشْرِ الْقِنَّبِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ شِرَاءً شَرْعِيًّا ثُمَّ كَفَلَ بَكْرٌ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ فَهَلْ هِيَ جَائِزَةٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ جَائِزَةٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إحْضَارُهُ وَتَسْلِيمُهُ لِلْمُشْتَرِي مَا دَامَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الدُّرَرِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِزَيْدٍ إنْ لَمْ يُعْطِك عَمْرٌو مَالَك عَلَيْهِ فَأَنَا ضَامِنٌ بِذَلِكَ فَتَقَاضَى زَيْدٌ عَمْرًا بِمَا لَهُ عَلَيْهِ فَقَالَ عَمْرٌو لِزَيْدٍ لَا أُعْطِيك فَهَلْ يَلْزَمُ الْكَفِيلُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَلْزَمُهُ وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ إنْ لَمْ يُعْطِك فُلَانٌ مَا لَك عَلَيْهِ فَأَنَا لَك ضَامِنٌ بِذَلِكَ لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَقَاضَى الَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْلُ فَإِنْ تَقَاضَاهُ فَقَالَ لَا أُعْطِيك لَزِمَ الْكَفِيلَ مِنْ صُوَرِ الْمَسَائِلِ وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ (أَقُولُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا طَالَبَهُ وَمَطَلَهُ وَلَمْ يَقُلْ لَا أُعْطِيك لَا يَتَحَقَّقُ عَدَمُ الْإِعْطَاءِ فَلَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْأَصِيلِ تَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ وَرَجُلَانِ آخَرَانِ مِنْ عَمْرٍو أَمْتِعَةً مُعَيَّنَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُؤَجَّلٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَكَفَلَ كُلٌّ مِنْهُمْ الثَّمَنَ لِعَمْرٍو كَفَالَةً شَرْعِيَّةً مَقْبُولَةً مِنْ الْجَمِيعِ ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ وَغَابَ الرَّجُلَانِ قَبْلَ أَدَاءِ جَمِيعِ الثَّمَنِ وَيُرِيدُ عَمْرٌو مُطَالَبَةَ زَيْدٍ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ بِالْأَصَالَةِ وَالْكَفَالَةِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي فَصْلِ كَفَالَةِ الْمَالِ مِنْ الْخَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهِ فَأَجَرَهَا مِنْ عَمْرٍو مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ أَذِنَ لَهُ بِصَرْفِ بَعْضِ الْأُجْرَةِ فِي تَرْمِيمِ الدَّارِ الْمَزْبُورَةِ وَقَبَضَ مِنْهُ الْبَاقِيَ وَصَرَفَ عَمْرٌو مَا أَذِنَ لَهُ زَيْدٌ بِصَرْفِهِ وَسَكَنَ الدَّارَ وَمَاتَ زَيْدٌ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ وَلَهُ عَتِيقٌ أَثْبَتَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ أَنَّ زَيْدًا كَانَ وَهَبَهُ الدَّارَ قَبْلَ إيجَارِ زَيْدٍ لَهَا مِنْ عَمْرٍو وَقَبْلَ إذْنِهِ لَهُ فِي صَرْفِ بَعْضِ الْأُجْرَةِ كَمَا ذُكِرَ وَيُرِيدُ عَمْرٌو الرُّجُوعَ فِي التَّرِكَةِ الْمَزْبُورَةِ بِالْبَاقِي لَهُ مِنْ مَصْرِفِهِ وَمِمَّا قَبَضَهُ مِنْهُ زَيْدٌ بَعْدَ ثُبُوتِ كُلِّ ذَلِكَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي كَفَالَةِ الْأَشْبَاهِ الْغُرُورُ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ إلَّا فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ إلَخْ (أَقُولُ) يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْوَقْفِ عَنْ فَتَاوَى الصَّدْرِ الشَّهِيدِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى اسْتِدَانَةِ النَّاظِرِ مِنْ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ فِي الْوَقْفِ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مُتَطَوِّعًا فِيمَا أَنْفَقَهُ بِإِذْنِ الْمُؤَجِّرِ فَتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ كَفَلَتْ ابْنَهَا بِمَبْلَغِ دَيْنٍ شَرْعِيٍّ بِذِمَّتِهِ لِزَيْدٍ كَفَالَةً شَرْعِيَّةً مَقْبُولَةً لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ حَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ وَيُرِيدُ زَيْدٌ مُطَالَبَةَ كِلَيْهِمَا جَمِيعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الدُّرَرِ لِلطَّالِبِ مُطَالَبَةُ الْأَصِيلِ مَعَ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ الْكَفَالَةِ وَهُوَ ضَمُّ ذِمَّةٍ إلَى ذِمَّةٍ فِي الْمُطَالَبَةِ يَقْتَضِي قِيَامَ الذِّمَّةِ الْأُولَى لَا الْبَرَاءَةَ عَنْهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَفَلَ زَيْدٌ جَمَاعَةً عِنْدَ عَمْرٍو بِمَبْلَغِ دَيْنٍ شَرْعِيٍّ كَفَالَةً شَرْعِيَّةً مَقْبُولَةً مِنْ الْجَمِيعِ ثُمَّ بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ دَفَعَ الْجَمَاعَةُ بَعْضًا مِنْهُ لِزَيْدٍ الْكَفِيلِ لِيَدْفَعَهُ لِعَمْرٍو عَلَى سَبِيلِ الْأَمَانَةِ ثُمَّ مَاتَ الْكَفِيلُ قَبْلَ دَفْعِهِ ذَلِكَ لِعَمْرٍو عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ مُجْهِلًا لِذَلِكَ وَتُرِيدُ الْجَمَاعَةُ الرُّجُوعَ فِي تَرِكَتِهِ بِنَظِيرِ الْبَعْضِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ أَعْطَى الْمَطْلُوبُ الْكَفِيلَ أَيْ لَوْ قَضَى الْمَكْفُولُ عَنْهُ الدَّيْنَ لِلْكَفِيلِ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ الْكَفِيلُ الطَّالِبَ أَيْ الْمَكْفُولَ لَهُ لَا يَسْتَرِدُّ الْمَكْفُولُ عَنْهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْقَابِضِ عَلَى احْتِمَالِ قَضَائِهِ الدَّيْنَ فَلَا يَسْتَرْجِعُ مِنْهُ مَا دَامَ هَذَا الِاحْتِمَالُ بَاقِيًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الدَّفْعُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ بِأَنْ قَالَ الْأَصِيلُ لِلْكَفِيلِ خُذْ هَذَا الْمَالَ وَادْفَعْهُ إلَى الطَّالِبِ حَيْثُ لَا يَصِيرُ الْمُؤَدَّى مِلْكًا لِلْكَفِيلِ بَلْ هُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ وَلَكِنْ لَا يَكُونُ لِلْأَصِيلِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ يَدِ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِالْمُؤَدِّي حَقُّ الطَّالِبِ وَهُوَ بِالِاسْتِرْدَادِ يُرِيدُ إبْطَالَهُ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ مَا لَمْ يَقْضِ دَيْنَهُ شَرْحُ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ مِنْ الْكَفَالَةِ فِي فَصْلٍ فِي مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ فَفِي الْمَسْأَلَةِ دَفَعَ الْأَصِيلُ لِلْكَفِيلِ قَدْرًا مِنْ الدَّيْنِ لِيَدْفَعَهُ

لِعَمْرٍو عَلَى سَبِيلِ الْأَمَانَةِ وَالرِّسَالَةِ وَمَاتَ الْكَفِيلُ قَبْلَ دَفْعِهِ لَهُ الرُّجُوعُ فِي تَرِكَةِ الْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ مَضْمُونَةٌ بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا طَلَبَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو أَنْ يَدِينَهُ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَسَأَلَ عَمْرٌو بَكْرًا الْحَاضِرَ عَنْ حَالِ زَيْدٍ فَقَالَ هُوَ نَاسٌ مُلَاحٌ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ فَأَدَانَهُ الْمَبْلَغَ الْمَزْبُورَ فَهَلْ لَا يَصِيرُ كَفِيلًا بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَقْرَضَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَاسْتَلَمَ زَيْدٌ مِنْهُ أَيْضًا مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى ثَمَنٍ مَعْلُومِ الْوَزْنِ سَلَمًا شَرْعِيًّا مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ الشَّرْعِيَّةَ مَشْمُولَ كُلٍّ مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ الْمَرْقُومِ بِكَفَالَةِ بَكْرٍ مَالًا وَذِمَّةً وَيُرِيدُ عَمْرٌو الْآنَ مُطَالَبَةَ الْكَفِيلِ بِالْمَبْلَغِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ الْمَذْكُورَيْنِ بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ الْكَفَالَةُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ لَا مَبِيعٌ وَمِمَّنْ نَقَلَ صِحَّتَهُ الْوَالِدُ عَلَى كَنْزِهِ فِي آخِرِ بَابِ السَّلَمِ عَنْ شَرْحِ التَّكْمِلَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالنَّقْلِ عَزِيزٌ وَإِنْ كَانَ هُوَ دَاخِلًا فِي قَوْلِهِمْ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِالدَّيْنِ اهـ وَنَقَلَهُ عِنْدَ الْكَازَرُونِيِّ مِنْ الْكَفَالَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَفَلَ زَيْدٌ أَبَاهُ عِنْدَ عَمْرٍو كَفَالَةً بِالنَّفْسِ ثُمَّ دَفَعَ زَيْدٌ أَبَاهُ الْمَكْفُولَ بِنَفْسِهِ إلَى عَمْرٍو فِي مَوْضِعٍ يُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ فَهَلْ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَبْرَأَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْكَفِيلَ عَنْ الْكَفَالَةِ وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا فَهَلْ يَبْرَأُ مِنْ الْكَفَالَةِ وَبَرَاءَتُهُ لَا تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْجَوْهَرَةِ وَفِي الدُّرَرِ وَلَوْ أَبْرَأَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ فَقَطْ بَرِئَ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ إذْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ لِيَحْتَاجَ لِلْقَبُولِ بَلْ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ وَهِيَ تَسْقُطُ بِالْإِبْرَاءِ. اهـ. . (سُئِلَ) فِي الْكَفِيلِ بِالْمَالِ إذَا طَالَبَ الْأَصِيلَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْكَفِيلُ عَنْهُ الْمَالَ هَلْ لَهُ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ. (سُئِلَ) فِي الْكَفَالَةِ بِتَسْلِيمِ الْأَمَانَاتِ هَلْ تَجُوزُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَجُوزُ أَيْ الْكَفَالَةُ بِتَسْلِيمِهَا أَيْ تَسْلِيمِ الْأَمَانَاتِ وَالْمَبِيعِ وَالْمَرْهُونِ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَجَبَ تَسْلِيمُهَا وَإِنْ هَلَكَتْ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْكَفِيلِ شَيْءٌ كَالْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ دُرَرٌ. (سُئِلَ) فِي جِمَالٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو مُنَاصَفَةً فَبَاعَ زَيْدٌ نِصْفَهَا مِنْ شَرِيكِهِ عَمْرٍو بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَكَفَلَهُ بَكْرٌ بِالثَّمَنِ الْمَزْبُورِ عِنْدَ زَيْدٍ بِالْمَالِ وَالذِّمَّةِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ وَحَكَمَ بِذَلِكَ فَهَلْ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ عَنْ الثَّمَنِ الْمَزْبُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَقَالُوا لَوْ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِالثَّمَنِ وَلَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ لِغَرِيمِ الْبَائِعِ وَلَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِهِ أَوْ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ إنْ شُرِطَ بَرِئَ الْكَفِيلُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْكَفَالَةُ لِغَرِيمٍ فَلَا يَبْرَأُ وَالْفَرْقُ فِيمَا يَظْهَرُ أَنَّهُ مَعَ الِاسْتِحْقَاقِ تَبَيَّنَ أَنَّ الثَّمَنَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى الْمُشْتَرِي وَفِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَنَحْوِهِ الْمُسْقِطِ مَا تَعَلَّقَ مِنْ الْغَرِيمِ بِهِ فَلَا يَسْرِي عَلَيْهِ وَقَيَّدَ الْبَرَاءَةَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ بِمَا إذَا رَدَّ الْمَبِيعَ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ كَانَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ حَتَّى يَرُدَّهُ نَهْرٌ تَحْتَ قَوْلِهِ وَصَحَّ لَوْ ثَمَنًا وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَابَّةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَقْبُوضٍ بِيَدِهِ وَضَمِنَ بَكْرٌ الثَّمَنَ لِزَيْدٍ إنْ اُسْتُحِقَّتْ الدَّابَّةُ ثُمَّ إنَّ الدَّابَّةَ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ زَيْدٍ وَحَكَمَ لَهُ بِالرُّجُوعِ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ وَيُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْ بَكْرٍ الْكَفِيلِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا يُؤْخَذُ ضَامِنُ الدَّرَكِ إذَا اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يُنْتَقَضُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِحْقَاقِ مَا لَمْ يُقْضَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ فَلَا يَجِبُ رَدُّ الثَّمَنِ عَلَى الْأَصِيلِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْكَفِيلِ دُرَرٌ (أَقُولُ) وَفِي هَذَا مُخَالَفَةٌ لِمَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ هُنَاكَ فَرَاجِعْهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَفَلَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو جَمِيعَ مَالِهِ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى بَكْرٍ كَفَالَةً شَرْعِيَّةً مَقْبُولَةً فِي الْمَجْلِسِ فَهَلْ تَكُونُ

الْكَفَالَةُ الْمَزْبُورَةُ صَحِيحَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَمَثَّلَ لِلْمَجْهُولِ بِأَرْبَعَةِ أَمْثِلَةٍ بِمَالِكٍ عَلَيْهِ إلَخْ يَعْنِي أَنَّهَا تَصِحُّ بِجَهَالَةِ الْمَالِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بِذِمَّةِ عَمْرٍو مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ ثَمَنَ بِضَاعَةٍ اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَكَفَلَهُ بِالْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ عِنْدَ زَيْدٍ كُلٌّ مِنْ بَكْرٍ وَخَالِدٍ مُتَعَاقِبًا وَلَمْ يَكْفُلْ كُلٌّ مِنْ الْكَفِيلَيْنِ صَاحِبَهُ فَأَدَّى بَكْرٌ جَمِيعَ الْمَبْلَغِ لِزَيْدٍ بِطَرِيقِ الْكَفَالَةِ وَيَزْعُمُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَى خَالِدٍ بِنَظِيرِ مَا أَدَّى لِزَيْدٍ فَهَلْ لَيْسَ لِبَكْرٍ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَفَلَ ثَلَاثَةٌ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفٍ فَأَدَّى أَحَدُهُمْ بَرِئُوا جَمِيعًا وَلَمْ يَرْجِعْ أَحَدُهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ وَلَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ كَفِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ فَأَدَّاهَا أَحَدُهُمْ رَجَعَ الْمُؤَدِّي عَلَيْهِمَا بِالثُّلُثَيْنِ وَلِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يُطَالِبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِالْأَلْفِ هَذَا إذَا ظَفِرَ أَيْ الْمُؤَدِّي بِالْكَفِيلَيْنِ فَإِنْ ظَفِرَ بِأَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِالنِّصْفِ ثُمَّ رَجَعَا عَلَى الثَّالِثِ بِالثُّلُثِ ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا عَلَى الْأَصِيلِ بِالْأَلْفِ وَإِنْ ظَفِرَ بِالْأَصِيلِ قَبْلَ أَنْ يَظْفَرَ بِصَاحِبِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا أَقَرَّ رَجُلَانِ لِرَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بِهَذَا الْمَالِ أَيَّهُمَا شَاءَ فَهَذَا كَفَالَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ بِأَمْرِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةُ وَسُئِلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا كَفَلَا مُتَعَاقِبًا ثُمَّ كَفَلَ كُلٌّ عَنْ صَاحِبِهِ بِأَمْرِهِ فَأَدَّى أَحَدُهُمَا الدَّيْنَ كُلَّهُ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْآخَرِ بِنِصْفِ مَا أَدَّى؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ (أَقُولُ) وَفِي نُورِ الْعَيْنِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَفِي الشَّافِي ثَلَاثَةٌ كَفَلُوا بِأَلْفٍ يُطَالَبُ كُلُّ وَاحِدٍ بِثُلُثِ الْأَلْفِ وَإِنْ كَفَلُوا عَلَى التَّعَاقُبِ يُطَالَبُ كُلُّ وَاحِدٍ بِالْأَلْفِ كَذَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ والمرغيناني وَالتُّمُرْتَاشِيِّ. اهـ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَكَفَلَهُ بِذَلِكَ عِنْدَ عَمْرٍو كُلٌّ مِنْ بَكْرٍ وَخَالِدٍ كَفَالَةً شَرْعِيَّةً بِالْإِذْنِ الشَّرْعِيِّ وَيُرِيدُ عَمْرٌو مُطَالَبَةَ بَكْرٍ أَوْ خَالِدٍ بِالْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ بِطَرِيقِ الْكَفَالَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) قَدْ عَلِمْت مِمَّا نَقَلْنَاهُ آنِفًا عَنْ نُورِ الْعَيْنِ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَفَلَا مَعًا أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ فَتَنَبَّهْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَالَ ذِمِّيٌّ لِآخَرَ بَايِعْ فُلَانًا الذِّمِّيَّ وَمَهْمَا بَايَعْته عِنْدِي فَصَارَ الْآخَرُ يُبَايِعُ فُلَانًا وَيَسْتَوْفِي الثَّمَنَ مِنْهُ ثُمَّ أَرْسَلَ لَهُ وَهُوَ مُقِيمٌ بِبَلْدَةِ كَذَا قُمَاشًا عَلَى طَرِيقِ الْبَيْعِ فَلَمْ يَصِلْهُ وَنُهِبَ فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِ وَمُبَايَعَتِهِ مَعَهُ أَصْلًا فَقَامَ صَاحِبُهُ يُكَلِّفُ الذِّمِّيَّ الْقَائِلَ الْمَذْكُورَ دَفْعَ قِيمَةِ الْقُمَاشِ لَهُ زَاعِمًا أَنَّهَا تَلْزَمُهُ بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ وَلَهُ مَبْلَغٌ دَيْنٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِذِمَّةِ عَمْرٍو طَالَبَهُ الْوَرَثَةُ بِهِ فَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهِ لَهُمْ زَاعِمًا أَنَّهُ كَفَلَ زَيْدًا الْمَذْكُورَ عِنْدَ ذِمِّيٍّ بِدَيْنٍ اسْتَدَانَهُ زَيْدٌ مِنْ الذِّمِّيِّ أَكْثَرَ مِنْ دَيْنِ زَيْدِ الْمُسْتَقِرِّ بِذِمَّةِ عَمْرٍو وَأَنَّ لَهُ دَفْعَ مَا بِذِمَّتِهِ لِلذِّمِّيِّ بِسَبَبِ الْكَفَالَةِ الْمَزْبُورَةِ وَالْحَالُ أَنَّ الْكَفَالَةَ الْمَزْبُورَةَ صَدَرَتْ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ زَيْدٍ فَهَلْ يَلْزَمُ عَمْرًا دَفْعُ دَيْنِ زَيْدٍ لِوَرَثَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بِذِمَّةِ عَمْرٍو دَيْنَانِ مَعْلُومَا الْقَدْرِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ غَيْرَ أَنَّ أَحَدَ الدَّيْنَيْنِ بِكَفِيلٍ وَالْآخَرَ بِغَيْرِ كَفِيلٍ فَدَفَعَ عَمْرٌو لِزَيْدٍ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلَمْ يُعَيِّنْ عَنْ أَيِّ الدَّيْنَيْنِ هُوَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ مَا دَفَعَهُ عَنْ الدَّيْنِ الَّذِي بِكَفِيلٍ دُونَ الْآخَرِ وَفِي التَّعْيِينِ فَائِدَةٌ لَهُ فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ مَعَ يَمِينِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا طَلَبَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو أَنْ يَبِيعَهُ قَدْرًا مِنْ الْحَرِيرِ وَقَالَ لَهُ بَكْرٌ بِعْهُ فَإِنْ رَاحَ لَك شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ عِنْدَهُ فَهُوَ عِنْدِي فَبَاعَهُ عَمْرٌو الْحَرِيرَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ حَالٍّ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ امْتَنَعَ زَيْدٌ مِنْ أَدَاءِ الثَّمَنِ لِعَمْرٍو فَهَلْ يَلْزَمُ بَكْرًا دَفْعُ نَظِيرِ الثَّمَنِ لِزَيْدٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ بِذِمَّةِ زَيْدٍ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ ثَمَنَ آلَاتِ حِرْفَةٍ مُؤَجَّلٌ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ بِكَفَالَةِ عَمْرٍو قَامَ يُكَلِّفُ زَيْدًا دَفْعَ الثَّمَنِ حَالًّا قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ يُحْضِرُ لَهُ كَفِيلًا آخَرَ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّ ذَلِكَ الْكَفِيلَ قَرِيبُهُ لَا يَسَعُهُ مُطَالَبَتُهُ وَلَا مُخَاصَمَتُهُ بِالثَّمَنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ

كتاب الحوالة

ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَأَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ فِيمَا إذَا قَصَدَ الْمَدْيُونُ السَّفَرَ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ لَا يُمْنَعُ وَلَا يَلْزَمُ بِكَفِيلٍ بَلْ يُقَالُ لِرَبِّ الدَّيْنِ إنْ أَرَدْت فَاخْرُجْ مَعَهُ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ طَالِبْهُ بِدَيْنِك (أَقُولُ) وَفِي الْخُلَاصَةِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ إذَا قَرُبَ حُلُولُهُ وَأَرَادَ الْمَدْيُونُ السَّفَرَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ وَفِي الْمُنْتَقَى رَبُّ الدَّيْنِ لَوْ قَالَ لِلْقَاضِي إنَّ مَدْيُونِي يُرِيدُ أَنْ يَغِيبَ عَنِّي فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِالْكَفِيلِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ أَفْتَى بِقَوْلِ الثَّانِي فَمُرِيدُ السَّفَرِ فِي سَائِرِ الدُّيُونِ بِأَخْذِ كَفِيلٍ كَانَ حَسَنًا رِفْقًا بِالنَّاسِ قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ هَذَا تَرْجِيحٌ مِنْ صَاحِبِ الْمُحِيطِ وَفِي الْقُنْيَةِ لَيْسَ لِلدَّائِنِ مُطَالَبَةُ الْمَدْيُونِ بِالْكَفِيلِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَرَمَزَ لِآخَرَ أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ ذَلِكَ اهـ فَتَحَرَّرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فَتْوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَلَكِنْ فِي هَذَا الزَّمَانِ الْأَرْفَقُ بِالنَّاسِ عَدَمُ السَّفَرِ حَتَّى يُعْطِيَ الْكَفِيلَ فَيَنْبَغِي الْإِفْتَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُفْتِيَ يُفْتِي بِالْأَرْفَقِ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُسَافِرِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْكَفِيلُ كَذَا فِي مَجْمُوعَةِ شَيْخِ مَشَايِخِنَا الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْغَزِّيِّ السَّائِحَانِيِّ وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْت وَوَجْهُ كَوْنِهِ أَرْفَقَ ظَاهِرٌ إذْ لَوْ أُمِرَ بِالسَّفَرِ مَعَهُ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ رُبَّمَا يُنْفِقُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ عَلَاءِ الدِّينِ اعْتِمَادُهُ فَإِنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ الْمَنْظُومَةِ الْمُحِبِّيَّةِ مُسْتَدْرِكًا بِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَيُؤَيِّدُهُ إفْتَاؤُهُمْ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ بِتَكْفِيلِ الزَّوْجِ بِنَفَقَةِ شَهْرٍ إذَا أَرَادَ السَّفَرَ رِفْقًا بِالزَّوْجَةِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ الْمُحِيطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ كَفَلَ زَيْدًا بِأَمْرِهِ عِنْدَ عَمْرٍو عَلَى مَبْلَغِ دَيْنٍ مَعْلُومٍ وَدَفَعَهُ إلَى عَمْرٍو بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ بِحُكْمِ الْكَفَالَةِ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى زَيْدٍ بِمَا أَدَّى عَنْهُ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا سَرَقَ لِزَيْدٍ أَمْتِعَةً مِنْ دَارٍ مُلَاصِقَةٍ لِإِصْطَبْلٍ وَيُرِيدُ أَنْ يُضَمِّنَ عَمْرًا ذَلِكَ لِكَوْنِهِ قَالَ مَهْمَا حَصَلَ مِنْ ضَرَرٍ لِأَهْلِ مَحَلَّةِ الدَّارِ بِسَبَبِ الْإِصْطَبْلِ فَأَنَا كَافِلٌ وَضَامِنٌ لَهُ فَهَلْ لَا يَضْمَنُ عَمْرٌو ذَلِكَ وَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الْكَفَالَةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَيْ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ وَلَا الْمَكْفُولِ عَنْهُ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ قَالَتْ لِزَيْدٍ إنْ غَابَ عَمْرٌو عَنْ الْمِصْرِ فَعَلَيَّ الدَّيْنُ الَّذِي لَك عَلَيْهِ ثُمَّ غَابَ عَمْرٌو عَنْ الْمِصْرِ وَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ تَرِكَةٍ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ زَيْدٍ دَيْنَهُ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ فِي تَرِكَتِهَا بِدَيْنِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً ثُمَّ رَاجَعَهَا فَطَالَبَتْهُ بِمُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا فَكَفَلَهُ لَهُ أَبُو الزَّوْجِ كَفَالَةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ الْمَزْبُورَةُ وَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِهَا شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ بَابِ الْمَهْرِ عَنْ الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَلَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا لَا يَصِيرُ الْمَهْرُ حَالًّا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ اهـ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا وَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِذَلِكَ أَيْ عِنْدَ حُلُولِهِ بِمَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ طَلَاقٍ آخَرَ تَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي الْكَفَالَةِ بِالْقَرْضِ الْمُؤَجَّلِ إلَى أَجَلٍ هَلْ تَصِحُّ وَيَكُونُ مُؤَجَّلًا عَلَى الْكَفِيلِ دُونَ الْأَصِيلِ أَوْ عَلَيْهِمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَكُونُ مُؤَجَّلًا عَلَى الْكَفِيلِ وَأَمَّا تَأْجِيلُهُ عَلَى الْأَصِيلِ فَفِيهِ كَلَامٌ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ بَابِ الْقَرْضِ فَرَاجِعْهُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ كَفَلَ آخَرَ عِنْدَ زَيْدٍ بِدَيْنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ طَالَبَهُ زَيْدٌ بِهِ وَأَلْزَمَهُ بِهِ لَدَى الْقَاضِي فَطَلَبَ الرَّجُلُ مِنْ زَيْدٍ أَنْ يُمْهِلَهُ بِهِ فَأَبَى إلَّا أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الرَّجُلُ قَدْرَ مَا صَرَفَهُ فِي كُلْفَةِ الْإِلْزَامِ فَدَفَعَهُ لَهُ ثُمَّ دَفَعَ لَهُ الْمَبْلَغَ الْمَكْفُولَ بِهِ وَيُرِيدُ الرَّجُلُ مُطَالَبَةَ زَيْدٍ بِمَا قَبَضَهُ زَيْدٌ مِنْهُ مِنْ كُلْفَةِ الْإِلْزَامِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [كِتَابُ الْحَوَالَةِ] (كِتَابُ الْحَوَالَةِ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَيْنٌ شَرْعِيٌّ عَلَى عَمْرٍو فَأَحَالَهُ عَمْرٌو عَلَى بَكْرٍ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ لِعَمْرٍو وَقَبِلَ الْكُلُّ الْحَوَالَةَ ثُمَّ مَاتَ الْمُحِيلُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ جَمِيعِ الْمَبْلَغِ فَهَلْ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ بِمَوْتِهِ؟ (الْجَوَابُ) :

نَعَمْ وَلَوْ مَاتَ الْمُحِيلُ بَعْدَ الْحَوَالَةِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمُحْتَالِ الْمَالَ مِنْ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمُحِيلِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ فَالْمُحْتَالُ مَعَ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ عَلَى السَّوَاءِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُحْتَالُ بِالْحَوَالَةِ وَكَذَا لَوْ قَيَّدَ بِدَيْنِهِ الَّذِي عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ يَتَسَاوَى الْمُحْتَالُ مَعَ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ بَزَّازِيَّةٌ وَخُلَاصَةٌ وَمُقْتَضَاهُ بُطْلَانُ الْحَوَالَةِ بِمَوْتِ الْمُحِيلِ وَهُوَ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيُّ وَعِبَارَتُهُ مَاتَ الْمُحِيلُ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ حَتَّى لَا يَخْتَصَّ الْمُحْتَالُ بِمَالِهِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بَلْ أُسْوَةٌ لِغُرَمَائِهِ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ إلَّا أَنَّهَا جُوِّزَتْ لِلْحَاجَةِ وَبِالْمَوْتِ سَقَطَتْ وَتَعُودُ الْمُطَالَبَةُ إلَى تِرْكَتِهِ وَعَنْ زُفَرَ خِلَافُهُ وَإِنْ تَوَى مَا عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ بَلْ تُفْسَخُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - انْتَهَتْ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ يَنْبَغِي حِفْظُهَا. (أَقُولُ) اعْلَمْ أَنَّ الْحَوَالَةَ نَوْعَانِ مُطْلَقَةٌ وَمُقَيَّدَةٌ فَالْمُقَيَّدَةُ أَنْ يُقَيِّدَهَا بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَيْنٍ فِي يَدِهِ وَدِيعَةً أَوْ غَصْبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَالْمُطْلَقَةُ أَنْ يُرْسِلَهَا وَلَا يُقَيِّدَهَا بِوَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرَ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ عِنْدَهُ عَيْنٌ لَهُ أَوْ لَا بِأَنْ قَبِلَهَا مُتَبَرِّعًا وَالْكُلُّ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمُقَيَّدَةِ وَكِيلٌ بِالدَّفْعِ وَفِي الْمُطْلَقَةِ مُتَبَرِّعٌ وَحُكْمُ الْمُطَلَّقَةِ أَنْ لَا يَنْقَطِعَ حَقُّ الْمُحِيلِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ الْعَيْنِ وَلِلْمُحَالِ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيلِ بَعْدَ أَدَائِهِ إنْ كَانَتْ بِرِضَاهُ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا فِي حَقِّ الْمُحِيلِ تَأَجَّلَ فِي حَقِّ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَا يَحِلُّ بِمَوْتِ الْمُحِيلِ وَيَحِلُّ بِمَوْتِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَحُكْمُ الْمُقَيَّدَةِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْمُحِيلُ مُطَالَبَةَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ الْعَيْنِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُحْتَالِ عَلَى مِثَالِ الرَّاهِنِ بِخِلَافِ الْمُطْلَقَةِ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِأَخْذِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ عِنْدَهُ مِنْ الْعَيْنِ وَلَوْ مَاتَ الْمُحِيلُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُحْتَالِ كَانَ الدَّيْنُ وَالْعَيْنُ الْمُحَالُ بِهِمَا بَيْنَ غُرَمَائِهِ بِالْحِصَصِ لِكَوْنِهِ مَالَ الْمُحِيلِ وَلَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ يَدُ الِاسْتِيفَاءِ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُحْتَالَ لَمْ يَمْلِكْهُ بِهَا لِلُزُومِ تَمْلِيكِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا وَجَبَ بِهَا فِي دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مَعَ بَقَاءِ دَيْنِ الْمُحِيلِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ عَلَيْهِ يَدُ الِاسْتِيفَاءِ فَاخْتَصَّ بِهِ الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ مَوْتِ الرَّاهِنِ مَدْيُونًا بِخِلَافِ الْمُطْلَقَةِ لِبَرَاءَةِ الْمُحِيلِ وَصَارَ الْمُحْتَالُ مِنْ غُرَمَاءِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِذَا قَسَمَ الدَّيْنَ بَيْنَ غُرَمَاءِ الْمُحِيلِ لَا يَرْجِعُ الْمُحْتَالُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِحِصَّةِ الْغُرَمَاءِ لِاسْتِحْقَاقِ الدَّيْنِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْمُطْلَقَةِ أَنَّ قَوْلَهُ قَبْلَهُ وَلَوْ مَاتَ الْمُحِيلُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُحْتَالِ إلَخْ خَاصٌّ بِالْمُقَيَّدَةِ وَهُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ كَانَ الدَّيْنُ وَالْعَيْنُ الْمُحَالُ بِهِمَا بَيْنَ غُرَمَائِهِ فَقَوْلُهُ الْمُحَالُ بِهِمَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُقَيَّدَةُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مَالُ الْمُحِيلِ وَكَذَا قَوْلُهُ لِاسْتِحْقَاقِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَظْهَرُ أَثَرُ اسْتِحْقَاقِ الدَّيْنِ فِي الْمُطْلَقَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَقَيَّدُ بِدَيْنٍ وَلَا عَيْنٍ وَكَذَا قَوْلُ الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَلَوْ مَاتَ الْمُحِيلُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ تَحَاصَّ غُرَمَاؤُهُ فِيمَا عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَلَا يُسَلَّمُ لِلْمُحْتَالِ إلَّا مَا قُبِضَ قَبْلَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ مَا عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بَقِيَ عَلَى مِلْكِ الْمُحِيلِ إلَخْ فَهَذَا التَّعْلِيلُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمُقَيَّدَةُ وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُطْلَقَةً فَلَا تَبْطُلُ بِحَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ وَلَا تَنْقَطِعُ فِيهَا مُطَالَبَةُ الْمُحِيلِ عَنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُؤَدِّيَ فَإِذَا أَدَّى سَقَطَ مَا عَلَيْهِ قِصَاصًا وَلَوْ تَبَيَّنَ بَرَاءَةَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنِ الْمُحِيلِ لَا تَبْطُلُ أَيْضًا وَلَوْ أَنَّ الْمُحَالَ أَبْرَأَ ذِمَّةَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ صَحَّ الْإِبْرَاءُ إلَخْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَوَالَةَ الْمُطْلَقَةَ تَبَرُّعٌ كَمَا مَرَّ وَإِذَا كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مَدْيُونًا لِلْمُحِيلِ لَا تَتَقَيَّدُ بِدَيْنِهِ وَلِذَا كَانَ لِلْمُحِيلِ مُطَالَبَتُهُ بِهِ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَلَا تَبْطُلُ بِقِسْمَةِ دَيْنِ الْمُحِيلِ بَيْنَ غُرَمَائِهِ؛ لِأَنَّ الْمُحْتَالَ لَمْ يَبْقَ مِنْ غُرَمَائِهِ بَلْ صَارَ مِنْ غُرَمَاءِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْبَحْرِ فَهَذَا كُلُّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُطْلَقَةَ لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُحِيلِ بَلْ تَبْقَى مُطَالَبَةُ الْمُحْتَالِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَإِنْ أُخِذَ مِنْهُ دَيْنُ الْمُحِيلِ وَقُسِمَ بَيْنَ غُرَمَائِهِ وَهَذَا جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ مُشْكِلٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو أَقْمِشَةً مَعْلُومَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ فِي الذِّمَّةِ أَحَالَ بِهِ الْبَائِعُ عَلَى بَكْرٍ حَوَالَةً شَرْعِيَّةً مَقْبُولَةً بِرِضَا الْكُلِّ

ثُمًّ ظَهَرَ عَيْبٌ قَدِيمٌ فِي بَعْضِ الْأَقْمِشَةِ وَيُرِيدُ رَدَّهَا بِخِيَارِ الْعَيْبِ فَهَلْ إذَا رَدَّهَا بِالْعَيْبِ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ بِقَدْرِ مَا قَابَلَ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ ثُمَّ أَحَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى غَرِيمِهِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي عَلَيْهِ ثُمَّ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُبْطِلُ الْحَوَالَةَ إلَخْ بَحْرٌ. (سُئِلَ) فِي الْمَدْيُونِ إذَا أَحَالَ رَبُّ الدَّيْنِ بِدَيْنِهِ عَلَى مَدْيُونٍ لَهُ بِرِضَاهُ وَضَمِنَهُ فِي ذَلِكَ فَهَلْ يَصِحُّ الضَّمَانُ وَيُطَالِبُ أَيَّهُمَا شَاءَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ فَقَالَ الطَّالِبُ أَحِلْنِي بِمَالِي عَلَيْك عَلَى فُلَانٍ عَلَى أَنَّك ضَامِنٌ لِذَلِكَ فَفَعَلَ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ الضَّمَانَ عَلَى الْمُحِيلِ فَقَدْ جَعَلَ الْحَوَالَةَ كَفَالَةً؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ بِشَرْطِ عَدَمِ بَرَاءَةِ الْمُحِيلِ كَفَالَةٌ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَحَالَ زَيْدًا بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ عَلَى مُسْتَأْجِرِ بَعْضِ أَقْلَامِ الْوَقْفِ ثُمَّ مَاتَ النَّاظِرُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ زَيْدٌ الدَّيْنَ ثُمَّ تَوَلَّى الْوَقْفَ نَاظِرٌ آخَرُ فَهَلْ لِلْمُتَوَلِّي الْجَدِيدِ قَبْضُ مَالِ الْوَقْفِ وَبَطَلَتْ الْحَوَالَةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَنَقْلُهَا مَا تَقَدَّمَ آنِفًا (أَقُولُ) هَذَا إذَا كَانَتْ الْحَوَالَةُ مُقَيَّدَةً كَمَا عَلِمْت تَحْقِيقَهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِمُسْتَحِقٍّ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ دَرَاهِمُ مَعْلُومَةٌ تَحْتَ يَدِ نَاظِرِ الْوَقْفِ هِيَ قَدْرُ اسْتِحْقَاقِهِ مِنْ الْوَقْفِ فَأَحَالَ دَائِنَهُ عَلَى النَّاظِرِ الْمَزْبُورِ بِهَا وَقَبِلَ كُلٌّ مِنْهُمْ الْحَوَالَةَ فَهَلْ تَكُونُ الْحَوَالَةُ الْمَزْبُورَةُ صَحِيحَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَالْعَلَائِيِّ (أَقُولُ) وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ بَحْثٌ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ وَقَيَّدَهَا بِمَا إذَا كَانَ مَالُ الْوَقْفِ فِي يَدِ النَّاظِرِ وَتَبِعَهُ الْمُؤَلِّفُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَحَالَ زَيْدٌ الْمُسْتَحِقُّ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ عَمْرًا عَلَى نَاظِرِ الْوَقْفِ لِيَدْفَعَ دَيْنَهُ لَهُ مِنْ اسْتِحْقَاقِهِ فِي مُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُحِيلُ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ وَآلَتْ حِصَّةُ الْمُحِيلِ إلَى غَيْرِهِ فَهَلْ تَكُونُ الْحَوَالَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَنَقْلُهَا مَا تَقَدَّمَ آنِفًا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا احْتَالَ زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ تَوِيَ الْمَالُ هَلْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ؟ وَمَا التَّوَى؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَرْجِعُ الْمُحْتَالُ بِالْمَالِ عَلَى الْمُحِيلِ إذَا تَوِيَ حَقُّهُ وَهُوَ بِمَوْتِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُفْلِسًا أَوْ إنْكَارِهِ الْحَوَالَةِ وَحَلْفِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهَا وَالتَّوَى عَلَى وَزْنِ الْحَصَى: هُوَ الْهَلَاكُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُتُونِ وَالْخَيْرِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِيَتِيمَيْنِ بِذِمَّةِ زَيْدٍ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَاحْتَالَ وَصِيُّهُمَا بِهِ عَلَى عَمْرٍو الْأَمْلَإِ مِنْ الْمَدْيُونِ وَفِي الْحَوَالَةِ الْمَرْقُومَةِ خَيْرٌ لَهُمَا حَوَالَةً شَرْعِيَّةً مَقْبُولَةً مِنْ الْجَمِيعِ فَهَلْ تَكُونُ الْحَوَالَةُ الْمَزْبُورَةُ صَحِيحَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فِي الْخَانِيَّةِ احْتَالَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ بِمَالِ الصَّغِيرِ إنْ كَانَ الثَّانِي أَمَلَأَ مِنْ الْأَوَّلِ جَازَ وَإِنْ كَانَ مِثْلَهُ لَمْ يَجُزْ إلَخْ أَدَبُ الْأَوْصِيَاءِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ مِنْ الْحَوَالَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا بِغَيْرِ دَيْنٍ وَلَا عَيْنٍ وَلَا كَفِيلٍ قَبْلَ دَفْعِ مَالِ الْحَوَالَةِ وَيُرِيدُ الْمُحْتَالُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُحِيلِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي غَالِبِ الْمُعْتَبَرَاتِ مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَحَالَ زَيْدٌ عَمْرًا بِدَيْنِهِ عَلَى بَكْرٍ الْغَائِبِ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ وَلَمْ يَقْبَلْ الْحَوَالَةَ وَلَمْ يَرْضَ بِهَا فَهَلْ تَكُونُ الْحَوَالَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَيْنٌ شَرْعِيٌّ بِذِمَّةِ عَمْرٍو وَلِعَمْرٍو دَيْنٌ شَرْعِيٌّ بِذِمَّةِ بَكْرٍ فَتَوَافَقَ بَكْرٌ مَعَ زَيْدٍ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ بَكْرٌ لَهُ الَّذِي لَهُ عَلَى عَمْرٍو مِنْ دَيْنِ عَمْرٍو عَلَيْهِ بِطَرِيقِ الْحَوَالَةِ مِنْ عَمْرٍو وَتَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ فِي غَيْبَةِ عَمْرٍو ثُمَّ عَلِمَ عَمْرٌو بِذَلِكَ فَأَجَازَهُ وَرَضِيَ بِهِ ثُمَّ امْتَنَعَ بَكْرٌ مِنْ دَفْعِ ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ زَيْدٌ مُطَالَبَةَ بَكْرٍ بِدَيْنِهِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرَرِ وَشَرْطٌ حُضُورُ الثَّانِي يَعْنِي لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ فِي غَيْبَةِ الْمُحْتَالِ لَهُ إلَّا أَنْ يَقْبَلَ أَيْ الْحَوَالَةَ فُضُولِيٌّ لَهُ أَيْ لِأَجْلِ الْغَائِبِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ لَا حُضُورُ الْبَاقِيَيْنِ أَمَّا عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمُحِيلُ فَبِأَنْ يَقُولَ رَجُلٌ لِلدَّائِنِ لَك عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاحْتَلْ بِهَا عَلَيَّ فَرَضِيَ الدَّائِنُ فَإِنَّ الْحَوَالَةَ تَصِحُّ حَتَّى لَا يَكُونَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَأَمَّا عَدَمُ اشْتِرَاطِ

حُضُورِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ فَبِأَنْ يُحِيلَ الدَّائِنَ عَلَى رَجُلٍ غَائِبٍ ثُمَّ عَلِمَ الْغَائِبُ فَقَبِلَ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْكَنْزِ وَتَصِحُّ فِي الدَّيْنِ لَا فِي الْعَيْنِ بِرِضَا الْمُحْتَالِ وَالْمُحَالِ عَلَيْهِ اهـ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَأَرَادَ مِنْ الرِّضَا الْقَبُولَ فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ قَبُولَهُمَا فِي مَجْلِسِ الْإِيجَابِ شَرْطُ الِانْعِقَادِ وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ اهـ وَنَقَلَهُ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ ثُمَّ قَالَ لَكِنْ فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا الشَّرْطُ قَبُولُ الْمُحْتَالِ أَوْ نَائِبِهِ وَرِضَا الْبَاقِيَيْنِ لَا حُضُورُهُمَا وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ اهـ أَيْ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ فِي الْمِنَحِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَيْنٌ بِذِمَّةِ عَمْرٍو فَأَحَالَهُ عَمْرٌو بِهِ عَلَى بَكْرٍ وَلَمْ يَكُنْ لِعَمْرٍو عَلَى بَكْرٍ الْمَزْبُورِ دَيْنٌ شَرْعِيٌّ حَوَالَةً شَرْعِيَّةً مَقْبُولَةً مِنْ الْجَمِيعِ فَهَلْ تَكُونُ الْحَوَالَةُ الْمَزْبُورَةُ صَحِيحَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ قَدْ تَكُونُ بِدُونِ دَيْنٍ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمِنَحِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا لَوْ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الْمُحِيلَ عَمَّا كَانَ عَلَى الْمُحِيلِ ثُمَّ مَاتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا بِغَيْرِ عَيْنٍ وَلَا دَيْنٍ وَلَا كَفِيلٍ فَهَلْ يَرْجِعُ الْمُحْتَالُ عَلَى الْمُحِيلِ وَتَكُونُ الْبَرَاءَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : الْمُصَحَّحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْحَوَالَةَ تُوجِبُ الْبَرَاءَةَ مِنْ الدَّيْنِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي جَامِعِ الرُّمُوزِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا كَمَا فِي صُوَرِ الْمَسَائِلِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ الْهُمَامُ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ لَهُ الْمُحِيلَ عَمَّا كَانَ عَلَى الْمُحِيلِ أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ لَا يَصِحُّ اهـ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا تَوِيَ الْمَالُ بِأَنْ يَمُوتَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا يَرْجِعُ الْمُحْتَالُ عَلَى الْمُحِيلِ فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمَسْئُولُ عَنْهَا يَرْجِعُ الْمُحْتَالُ عَلَى الْمُحِيلِ لِمَا ذَكَرْنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا غَابَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ قَبْلَ دَفْعِ شَيْءٍ مِنْ الْمُحَالِ بِهِ وَيُرِيدُ الْمُحْتَالُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُحِيلِ بِمُجَرَّدِ غَيْبَةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا آجَرَ زَيْدٌ أَرْضَهُ مِنْ عَمْرٍو بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ أَحَالَ بِهَا بَكْرًا عَلَيْهِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْأَرْضَ مَرْهُونَةٌ مِنْ قِبَلِ زَيْدٍ عِنْدَ زَوْجَتِهِ بِدَيْنٍ اسْتَدَانَهُ مِنْهَا قَبْلَ الْإِجَارَةِ وَلَمْ تُجِزْ زَوْجَتُهُ الْإِجَارَةَ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهَا دَيْنَهَا وَلَمْ يَنْتَفِعْ عَمْرٌو بِالْمَأْجُورِ أَصْلًا وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ وَيُرِيدُ بَكْرٌ الْمُحْتَالُ مُطَالَبَةَ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ بِمَبْلَغِ الْحَوَالَةِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى آخَرَ بِمَبْلَغٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ ثَمَنَ أَمْتِعَةٍ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَا وَذَكَرَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَحَالَ عَلَيْهِ بِالْمَبْلَغِ رَجُلًا بِمِصْرَ حَوَالَةً مَقْبُولَةً مِنْ الْكُلِّ فَصَدَّقَهُ الْمُدَّعِي وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ الْمَبْلَغَ لِلْمُحْتَالِ وَأَنَّ الْمُحْتَالَ وَكَّلَهُ فِي الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ اعْتَرَفَ الْمُدَّعِي بِالْإِحَالَةِ لَا تَصِحُّ مِنْهُ دَعْوَى الْوَكَالَةِ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَلَوْ تَوَكَّلَ الْمُحِيلُ بِقَبْضِ دَيْنِ الْحَوَالَةِ لَمْ يَصِحَّ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ الْبُرْهَانِيَّةِ. (فُرُوعٌ) إذَا أَحَالَ الطَّالِبُ إنْسَانًا عَلَى مَدْيُونِهِ وَبِالدَّيْنِ كَفِيلٌ بَرِئَ الْمَدْيُونُ مِنْ دَيْنِ الْمُحِيلِ وَبَرِئَ كَفِيلُهُ وَيُطَالَبُ الْمُحْتَالُ الْأَصِيلُ لَا الْكَفِيلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ لَهُ شَيْئًا لَكِنَّهَا بَرَاءَةٌ مَوْقُوفَةٌ وَكَذَا إذَا أَحَالَ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ عَلَى الرَّاهِنِ بَطَلَ حَقُّهُ فِي حَبْسِ الرَّهْنِ وَلَا يَكُونُ رَهْنًا عِنْدَ الْمُحْتَالِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ إذَا قَالَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو إنَّ بَكْرًا أَحَالَنِي عَلَيْك بِأَلْفٍ فَأَعْطِنِيهَا وَإِنْ قَالَ بَكْرٌ مَا أَحَالَنِي فَارْجِعْ بِهَا عَلَيَّ فَأَعْطَاهُ عَمْرٌو ثُمَّ إنْ بَكْرًا مَاتَ أَوْ غَابَ هَلْ لِعَمْرٍو الرُّجُوعُ عَلَى زَيْدٍ أَمْ لَا أَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ إنْ اعْتَرَفَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ الَّذِي أُحِيلَ بِهِ عَلَيْهِ وَدَفَعَ إلَى الْمُحْتَالِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُحْتَالِ مَا لَمْ يَعْرِفْ الْحَالَ فَإِنْ صَدَّقَ الْمُحِيلُ الْمُحْتَالَ تَمَّ الْأَمْرُ وَإِنْ أَنْكَرَ الْحَوَالَةَ وَأَخَذَ دَيْنَهُ مِنْ الْمَدْيُونِ رَجَعَ الْمَدْيُونُ عَلَى الْمُحْتَالِ بِمَا قَبَضَ مِنْهُ وَكَذَا إنْ مَاتَ أَوْ غَابَ وَلَمْ يَعْلَمْ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْقَابِضِ بِشَيْءٍ اهـ. (أَقُولُ) وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ إنْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ لِلْمُحِيلِ وَدَفَعَهُ لِلْمُحْتَالِ عَلَى وَجْهِ الْحَوَالَةِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ عَلَى الْمُحْتَالِ إنْ صَدَّقَهُ الْمُحِيلُ

كتاب القضاء

فِي الْحَوَالَةِ وَكَذَا إذَا جَهِلَ الْحَالَ وَأَمَّا إذَا كَذَّبَهُ وَأَخَذَ دَيْنَهُ مِنْ الْمَدْيُونِ رَجَعَ الْمَدْيُونُ عَلَى الْقَابِضِ بِمَا قَبَضَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ [كِتَابُ الْقَضَاءِ] (كِتَابُ الْقَضَاءِ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو بِأَنَّ لَهُ بِذِمَّةِ بَكْرٍ الْغَائِبِ مَبْلَغًا قَدْرُهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ كَذَا وَأَنَّ عَمْرًا الْمَزْبُورَ كَفِيلٌ عَنْ بَكْرٍ كَفَالَةً مُطْلَقَةً بِكُلِّ مَا لَهُ عَلَيْهِ فَأَقَرَّ عَمْرٌو بِالْكَفَالَةِ الْمَزْبُورَةِ وَأَجَازَهَا زَيْدٌ الْمَذْكُورُ وَأَنْكَرَ عَمْرٌو أَنَّ لَهُ عَلَى بَكْرٍ الْغَائِبِ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ فَأَقَامَ زَيْدٌ بَيِّنَةً شَرْعِيَّةً فِي وَجْهِ عَمْرٍو شَهِدَتْ بِأَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَزْبُورَ بِذِمَّةِ بَكْرٍ الْغَائِبِ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ الْمُتَدَاعِي لَدَيْهِ بِالْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو الْكَفِيلِ وَبَكْرٍ الْغَائِبِ فَهَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ قَضَاءً عَلَى عَمْرٍو الْكَفِيلِ وَبَكْرٍ الْغَائِبِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَتْ الْكَفَالَةُ مُطْلَقَةً كَمَا ذَكَرَ وَأَجَازَهَا الْمُدَّعِي شِفَاهًا يَكُونُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ قَضَاءً عَلَى عَمْرٍو الْحَاضِرِ وَبَكْرٍ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ صَارَ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ وَهَذِهِ الْحِيلَةُ صَرَّحَ بِهَا فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) هَلْ يَصِحُّ حُكْمُ الْحَاكِمِ لِأَبِيهِ وَابْنِهِ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِهَا قَالَ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُدُورِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مُخْتَصَرِهِ الْمُبَارَكِ الْمَعْرُوفِ بِهِ وَحُكْمُ الْحَاكِمِ لِأَبَوَيْهِ وَوَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ بَاطِلٌ اهـ وَهِيَ دَوَّارَةٌ فِي مُتُونِ الْمَذْهَبِ مِنْ بَابِ التَّحْكِيمِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ مِنْ كُتُبِ الْإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ إمَامِ دَارِ الْهِجْرَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ لِمَنْ لَا يَشْهَدُ لَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ اهـ قَالَ شَارِحُهُ التَّتَّائِيُّ كَابْنِهِ وَأَبِيهِ وَزَوْجَتِهِ وَنَحْوِهِمْ اهـ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ مُحَمَّدِ بْنِ إدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ فِي التُّحْفَةِ تَحْتَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ وَكَذَا أَصْلُهُ وَفَرْعُهُ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ؛ لِأَنَّهُمْ أَبْعَاضُهُ فَكَانُوا كَنَفْسِهِ اهـ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ مُوسَى الْحَجَّاوِيُّ فِي كِتَابِ الْإِقْنَاعِ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ الْمُحَدِّثِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَحْكُمَ لِنَفْسِهِ وَلَا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ وَقَالَ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مَوَانِعُ الشَّهَادَةِ سِتَّةٌ أَحَدُهَا قَرَابَةُ الْوِلَادَةِ فَلَا تُقْبَلُ مِنْ عَمُودِيِّ النَّسَبِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مِنْ وَالِدٍ وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَوَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ مِنْ وَلَدِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا بَعْدَ وُقُوعِ طَلَاقٍ مِنْهُ عَلَيْهَا غَيْبَةً شَرْعِيَّةً وَتَضَرَّرَتْ مِنْ ذَلِكَ لِعَدَمِ الْمُنْفِقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَرَفَعَتْ أَمْرَهَا لِقَاضٍ حَنْبَلِيٍّ فَقَضَى عَلَيْهِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ فَهَلْ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ؟ (الْجَوَابُ) : يَنْفُذُ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَنَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ثُمَّ أَفْتَى الْمُؤَلِّفُ كَذَلِكَ بِنَفَاذِ قَضَاءِ الْحَنْبَلِيِّ عَلَى الْغَائِبِ فِيمَا دَعَتْ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ مِنْ دَعْوَى دَيْنٍ لِزَيْدٍ بِذِمَّةِ الْغَائِبِ وَبِأَخْذِهِ مِنْ مَالِ الْغَائِبِ الَّذِي تَحْتَ يَدِ شَرِيكِهِ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ. (سُئِلَ) فِي الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ بِدُونِ وَكَالَةٍ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ هَلْ تَكُونُ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) قَالَ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ لَا يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ وَلَا لَهُ أَيْ لَا يَصِحُّ بَلْ وَلَا يَنْفُذُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ بَحْرٌ إلَّا بِحُضُورِ نَائِبِهِ إلَخْ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ قُضِيَ عَلَى غَائِبٍ بِلَا نَائِبٍ يَنْفُذُ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَصْحَابِنَا ذَكَرَهُ مُنْلَا خُسْرو فِي بَابِ خِيَارِ الْعَيْبِ وَقِيلَ لَا يَنْفُذُ وَرَجَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَفِي الْمُنْيَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَمَجْمَعِ الْفَتَاوَى وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَرَجَّحَ فِي الْفَتْحِ تَوَقَّفَهُ عَلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ إلَخْ وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَنَّ مَا فِي الْفَتْحِ

لَيْسَ قَوْلًا ثَالِثًا بَلْ هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي كَمَا فِي الْبَحْرِ وَأَنَّ قَوْلَ التَّنْوِيرِ وَلَوْ قُضِيَ عَلَى غَائِبٍ إلَخْ مَعْنَاهُ لَوْ قَضَى مَنْ يَرَى جَوَازَهُ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ قَبْلَهُ لَا يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ؛ لِأَنَّهُ فِي الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ كَمَا حَرَّرَهُ فِي الْبَحْرِ بِقَوْلِهِ اشْتَبَهَ عَلَى كَثِيرٍ أَنَّ قَوْلَهُمْ الْفَتْوَى عَلَى النَّفَاذِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِ الْقَاضِي شَافِعِيًّا يَرَاهُ أَوْ حَنَفِيًّا لَا يَرَاهُ أَوْ خَاصٌّ بِمَنْ يَرَاهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي حَقِّ مَنْ يَرَاهُ لِإِجْمَاعِ أَصْحَابِنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ كَمَا ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي إلَى آخِرِ مَا أَطَالَ بِهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ لَكِنْ اعْتَرَضَهُ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ فِي شَرْحِ نَظْمِ الْكَنْزِ بِتَصْرِيحِ صَاحِبِ الْقُنْيَةِ بِأَنَّهُ فِي حَقِّ الْحَنَفِيّ وَبِمَا فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَوْ قَضَى نَفَذَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَنْفُذُ وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَفَعَ لِآخَرَ لَا يَنْقُضُهُ اهـ وَنَحْوُهُ فِي حَاشِيَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَقَالَ صَاحِبُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَا حَاصِلُهُ أَقُولُ قَدْ اضْطَرَبَتْ آرَاؤُهُمْ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ وَلَهُ فَيَنْبَغِي عِنْدِي أَنْ يُحْتَاطَ وَيُلَاحَظُ الْحَرَجُ وَالضَّرُورَاتُ فَيُفْتَى بِحَسَبِهَا جَوَازًا أَوْ فَسَادًا صِيَانَةً لِلْحُقُوقِ مَعَ أَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ ذَهَبَ إلَى جَوَازِهِ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَفِيهِ عِنْدَنَا رِوَايَتَانِ وَالْأَحْوَطُ نَصْبُ وَكِيلٍ عَنْهُ يَعْرِفُ أَنَّهُ يُرَاعِي جَانِبَ الْغَائِبِ وَلَا يُفَرِّطُ فِي حَقِّهِ اهـ مُلَخَّصًا وَارْتَضَاهُ فِي نُورِ الْعَيْنِ فَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ لَكِنْ إذَا لُوحِظَ الْحَرَجُ وَالضَّرُورَةُ يَجِبُ اعْتِبَارُ عَدَمِ إمْكَانِ مُرَاجَعَةِ الْغَائِبِ وَإِحْضَارِهِ حَتَّى لَوْ أَمْكَنَ لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ اهـ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ النَّاظِرُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْفَارٍ أَنَّهُمْ وَبَقِيَّةُ أَهَالِي قَرْيَةِ كَذَا غَصَبُوا قِطْعَةَ أَرْضٍ مَعَ آخَرِينَ مِنْ مَزْرَعَتِهِ الْجَارِيَةِ تَحْتَ نِظَارَتِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِمْ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً فَهَلْ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ نَافِذٌ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِمْ؟ (الْجَوَابُ) : الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ نَافِذٌ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِمْ فَقَطْ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِمْ لِمَا قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ بَابِ الْقَضَاءِ إنَّ الْقَضَاءَ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ إلَّا فِي خَمْسَةٍ فَفِي أَرْبَعَةٍ يَتَعَدَّى إلَى كَافَّةِ النَّاسِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدٍ فِيهِ بَعْدَهُ فِي الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ وَالنَّسَبِ وَوَلَاءِ الْإِعْتَاقِ وَالنِّكَاحِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَالْقَضَاءُ بِالْوَقْفِ يَقْتَصِرُ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى الْكَافَّةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَقَالَ أَيْضًا لَا يَنْتَصِبُ أَحَدٌ خَصْمًا عَنْ أَحَدٍ قَصْدًا بِغَيْرِ وَكَالَةٍ وَنِيَابَةٍ وَوَلَاءٍ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ أَحَدُ الْوَرَثَةِ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِي الثَّانِيَةُ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِي كَذَا حَرَّرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ عَنْ الْقُنْيَةِ وَقَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ ادَّعَتْ تَعْلِيقَ طَلَاقِ نَفْسِهَا بِنِكَاحِ غَيْرِهَا وَبَرْهَنَتْ أَنَّهُ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ فَفِي قَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ إذْ نِكَاحُ فُلَانَةَ شَرْطُ طَلَاقِهَا فَلَا تَنْتَصِبُ خَصْمًا فِي إثْبَاتِ الشَّرْطِ ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ فِي الْجَوَابِ فِيمَا لَوْ كَانَ ثُبُوتُ الْحُكْمِ عَلَى الْغَائِبِ شَرْطًا لِلْمُدَّعِي بِهِ عَلَى الْحَاضِرِ يُنْظَرُ لَوْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ الْغَائِبُ كَدُخُولِ الدَّارِ وَغَيْرِهِ يَصِيرُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْهُ لَا لَوْ دَائِرًا بَيْنَ نَفْعٍ وَضُرٍّ اهـ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَرَافَعَ زَيْدٌ مَعَ عَمْرٍو عِنْدَ قَاضٍ بِخُصُوصِ دَعْوَى وَكَانَ الْحَقُّ ثَابِتًا بِيَدِ زَيْدٍ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِخُصُوصِ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةِ بِثُبُوتِ الْحَقِّ لِعَمْرٍو بِخِلَافِ الشَّرْعِ وَأَعْطَاهُ بِذَلِكَ حُجَّةً فَهَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ نَافِذٍ وَالْحُجَّةُ غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِخِلَافِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ وَأَعْطَى بِذَلِكَ حُجَّةً لَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ وَلَا يُعْمَلُ بِالْحُجَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَالْحَالَةَ هَذِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45] وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «قَاضٍ فِي الْجَنَّةِ وَقَاضِيَانِ فِي النَّارِ» أَيْ قَاضٍ عَرَفَ الْحَقَّ وَحَكَمَ بِهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ وَقَاضٍ عَرَفَ الْحَقَّ وَحَكَمَ بِخِلَافِهِ فَهُوَ فِي النَّارِ وَكَذَا قَاضٍ قَضَى عَلَى جَهْلٍ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ قَالَ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ

الْقَضَاءُ بِالْحَقِّ مِنْ أَقْوَى الْفَرَائِضِ وَأَشْرَفِ الْعِبَادَاتِ بَعْدَ الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ كُلَّ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ وَالتَّعْدِيلِ مَعَ وُجُودِ الْمَنْعِ عَنْ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَهَلْ لَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ؟ (الْجَوَابُ) : الْقُضَاةُ مَأْمُورُونَ بِالْحُكْمِ بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ لَا قَبْلَهُ فَلَوْ حَكَمَ قَبْلَهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِ ذَلِكَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مُفْتِي الْمَمَالِكِ الْعُثْمَانِيَّةِ عَبْدُ اللَّهِ أَفَنْدِي حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا فُصِلَتْ الدَّعْوَى مَرَّةً وَحَكَمَ بِهَا بِتَمَامِ مُقْتَضَى الشَّرْعِ الشَّرِيفِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ لَا تُعَادُ وَلَا تُسْمَعُ مَرَّةً أُخْرَى؟ (الْجَوَابُ) : الدَّعْوَى مَتَى فُصِلَتْ مَرَّةً بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ لَا تُنْقَضُ وَلَا تُعَادُ (أَقُولُ) هَذَا حَيْثُ لَا فَائِدَةَ فِي إعَادَتِهَا فَلَوْ كَانَ فِيهَا فَائِدَةٌ كَمَا لَوْ جَاءَ الْمُدَّعِي بِدَفْعٍ صَحِيحٍ فَإِنَّهَا تُعَادُ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا خَلَعَ السُّلْطَانُ وَوَلِيَ السَّلْطَنَةَ غَيْرُهُ وَلِلْمَخْلُوعِ قُضَاةٌ كَانَ وَلَّاهُمْ وَلَمْ يَعْزِلْهُمْ الْمَنْصُوبُ وَلَمْ يُقَرِّرْهُمْ فَهَلْ تَكُونُ قُضَاةُ الْمَخْلُوعِ عَلَى حَالِهِمْ أَحْكَامُهُمْ نَافِذَةٌ وَأُمُورُهُمْ جَائِزَةٌ وَلَا يَنْعَزِلُونَ بِخَلْعِهِ حَتَّى يَعْزِلَهُمْ الْمَنْصُوبُ أَعَزَّ اللَّهُ أَنْصَارَهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ فِي الْمُحِيطِ وَالْإِمَامُ الْكَاشَانِيُّ فِي الْبَدَائِعِ وَالْفَاضِلُ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ فِي مَسْأَلَةِ الْوِلَايَةِ الْمُعَلَّقَةِ بِالشَّرْطِ الْمُتَعَارَفِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ وَالْبَدَائِعِ وَهِدَايَةِ النَّاطِفِيِّ. وَعِبَارَةُ الْمُحِيطِ مِنْ بَابِ مَوْتِ الْخَلِيفَةِ وَالْقَاضِي مَا نَصُّهُ وَلَوْ مَاتَ الْخَلِيفَةُ أَوْ خُلِعَ وَوُلِّيَ غَيْرُهُ بِأَنْ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى خَلْعِهِ وَالِاسْتِبْدَالِ بِهِ وَلَهُ قُضَاةٌ وَوُلَاةٌ لَا يَنْعَزِلُونَ بِمَوْتِهِ أَوْ خَلْعِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْمَلُونَ لِلْمُسْلِمِينَ نُصِّبُوا لِمَصَالِحِهِمْ فَكَانَ نَائِبًا عَنْهُمْ فِي تَقْلِيدِ هَؤُلَاءِ وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى حَالِهِمْ فَتَبْقَى نُوَّابُهُمْ عَلَى حَالِهِمْ وَكَذَا لَوْ مَاتَ وَالِي الْمَدِينَةِ وَلَهُ عُمَّالٌ لَا يَنْعَزِلُونَ؛ لِأَنَّهُمْ نُصِّبُوا لِمَصَالِحِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَكَانَ نَائِبًا عَنْهُمْ اهـ وَفِي الْبَدَائِعِ «كُلُّ مَا يُخْرِجُ الْوَكِيلَ عَنْ الْوَكَالَةِ يَخْرُجُ بِهِ الْقَاضِي عَنْ الْقَضَاءِ» إلَّا فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا مَاتَ انْعَزَلَ الْوَكِيلُ وَالْخَلِيفَةُ إذَا مَاتَ أَوْ خُلِعَ لَا تَنْعَزِلُ قُضَاتُهُ وَوُلَاتُهُ. وَلَوْ اُسْتُخْلِفَ الْقَاضِي بِإِذْنِ الْإِمَامِ ثُمَّ مَاتَ الْقَاضِي لَا يَنْعَزِلُ خَلِيفَتُهُ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْإِمَامِ فِي الْحَقِيقَةِ لَا نَائِبُ الْقَاضِي وَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ الْخَلِيفَةِ أَيْضًا كَمَا لَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي وَلَا يَمْلِكُ الْقَاضِي عَزْلَ الْخَلِيفَةِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْإِمَامِ فَلَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ كَالْوَكِيلِ لَا يَمْلِكُ عَزْلَ الْوَكِيلِ الثَّانِي اهـ وَقَالَ فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْمَشَايِخِ وَفِي الْأَشْبَاهِ وَإِذَا عُزِلَ الْقَاضِي يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ وَإِذَا مَاتَ لَا وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ السُّلْطَانِ وَالْعَامَّةِ اهـ لَكِنْ لَوْ فُوِّضَ إلَيْهِ الْعَزْلُ حَقِيقَةً أَوْ كِنَايَةً كَمَا إذَا قِيلَ لَهُ اصْنَعْ مَا شِئْت فَلَهُ عَزْلُ نَائِبِهِ بِلَا تَفْوِيضِ الْعَزْلِ صَرِيحًا؛ لِأَنَّ النَّائِبَ كَوَكِيلِ الْوَكِيلِ. اهـ. وَقَالَ فِي الْأَشْبَاهِ قَضَاءُ الْأَمِيرِ جَائِزٌ مَعَ وُجُودِ قَاضِي الْبَلَدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي مُوَلَّى مِنْ الْخَلِيفَةِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ وَقَالَ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ قَضَاءَ أَمِيرِ مِصْرَ الْمُسَمَّى بِالْبَاشَا مَعَ وُجُودِ قَاضِيهَا الْمُوَلَّى مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ غَيْرُ جَائِزٍ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو دَعْوَى شَرْعِيَّةٍ فَأَرْسَلَ زَيْدٌ بَكْرًا رَسُولًا لِيُحْضِرَ عَمْرًا إلَى مَجْلِسِ الشَّرْعِ وَلَمْ يَكُنْ عَمْرٌو مُتَمَرِّدًا فَهَلْ تَكُونُ أُجْرَةُ بَكْرٍ عَلَى زَيْدٍ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَكُونُ أُجْرَةُ بَكْرٍ عَلَى زَيْدٍ الْمُرْسِلِ الْمُدَّعِيَ الْمَذْكُورَ هُوَ الْأَصَحُّ كَذَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مُتَمَرِّدًا فَفِي الْخَانِيَّةِ عَلَى الْمُتَمَرِّدِ هُوَ الصَّحِيحَ وَالْحَالَةَ هَذِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْعَلَائِيِّ وَالْخَانِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْقَضَاءِ. (سُئِلَ) فِيمَا لَوْ قَضَى شَافِعِيٌّ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ الْمُطْلَقِ وَحَكَمَ بِذَلِكَ مُوَافِقًا لِمَذْهَبِهِ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ عَالِمًا بِالْخِلَافِ بَعْدَ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَهَلْ يَنْفُذُ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ وَعَلَى كُلِّ مَنْ رُفِعَ إلَيْهِ مِنْ

الْقُضَاةِ إمْضَاؤُهُ وَالْحَالَةَ هَذِهِ فَلَا يُبَاعُ الْمُدَبَّرُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فَلَوْ قَضَى بِصِحَّةِ بَيْعِهِ نَفَذَ وَهَلْ يَبْطُلُ التَّدْبِيرُ قِيلَ نَعَمْ نَعَمْ لَوْ قَضَى بِبُطْلَانِ بَيْعِهِ صَارَ كَالْحُرِّ عَلَائِيٌّ مِنْ بَابِ التَّدْبِيرِ وَلَوْ فُوِّضَ إلَى غَيْرِهِ لِيَقْضِيَ عَلَى وَفْقِ مَذْهَبِهِ نَفَذَ إجْمَاعًا بَزَّازِيَّةٌ (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى جَمَاعَةٍ مَالًا فَأَنْكَرُوهُ فَبَرْهَنَ عَلَيْهِ وَحُكِمَ بِهِ فَادَّعَوْا الْإِبْرَاءَ الْعَامَّ مِنْهُ بَعْدَ تَارِيخِ الْمَالِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يُقْبَلُ بُرْهَانُهُمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُقْبَلُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التَّنْوِيرِ فِي شَتَّى الْقَضَاءِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِرَجُلَيْنِ دَارٌ مَعْلُومَةٌ وَحِصَصٌ مَعْلُومَاتٌ قَائِمَاتٌ فِي أَرَاضِي وَقْفٍ مَعْلُومَةٍ وَعِدَّةٌ مِنْ بَقَرٍ وَمِشَدُّ مَسَكَةٍ فِي أَرَاضِي وَقْفٍ مَعْلُومَةٍ فَبَاعَا ذَلِكَ جَمِيعَهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً مِنْ زَيْدٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ ثَمَنَ كُلٍّ مِنْ الْمَبِيعَاتِ وَصَدَرَ ذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ حَنْبَلِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ وَكُتِبَ بِذَلِكَ صَكٌّ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ بَاطِلٌ عَلَى مَذْهَبِهِ لِكَوْنِهِ وَقَّعَ عَلَى الْمَوْجُودِ وَالْمَعْدُومِ وَهُوَ مِشَدُّ الْمِسْكَةِ وَلَمْ يُبَيَّنْ لِلْمَعْدُومِ ثَمَنٌ وَأَنَّ أَرَاضِيَ الْأَوْقَافِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى مُسْتَحَقِّيهَا لَا تُسَمَّى مُسْكَةً فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حَسْبَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ كُلِّهِ مُفْتٍ حَنْبَلِيٌّ مُعْتَمِدًا فِي ذَلِكَ عَلَى صَحِيحِ نُقُولِ مَذْهَبِهِ وَحَكَمَ حَاكِمٌ حَنْبَلِيٌّ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ وَبِعَدَمِ الْعَمَلِ بِالصَّكِّ الْمَزْبُورِ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ بَعْدَ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يَعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ مَالًا عَلَى عَمْرٍو فَقَالَ مَا لَك عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ وَلَا أَعْرِفُك ثُمَّ بَرْهَنَ عَمْرٌو عَلَى الْإِبْرَاءِ فَهَلْ لَا تُقْبَلُ لِتَعَذُّرِ التَّوْفِيقِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ زَادَ كَلِمَةَ وَلَا أَعْرِفُك لَا يُقْبَلُ لِتَعَذُّرِ التَّوْفِيقِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي شَتَّى الْقَضَاءِ مِنْ التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِي فَقِيرٍ ذِي عِيَالٍ وَحِرْفَةٍ يَكْتَسِبُ مِنْهَا وَيُنْفِقُ عَلَى عِيَالِهِ مِنْ كَسْبِهِ وَيَفْضُلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِجَمَاعَةٍ يُكَلِّفُونَهُ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ إلَى دَفْعِ جَمِيعِ كَسْبِهِ مِنْ دَيْنِهِمْ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ بَلْ يَأْخُذُونَ فَاضِلَ كَسْبِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْقَضَاءِ سُئِلَ الْمَرْحُومُ الْعَلَّامَةُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عِمَادُ الدِّينِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ عُفِيَ عَنْهُ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى رَجُلٍ دُيُونٌ ثَابِتَةٌ لِجَمَاعَةٍ وَلَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَلَهُ قَدْرُ اسْتِحْقَاقٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فَهَلْ يُوَزِّعُ مَا يَفْضُلُ مِنْ قَدْرِ اسْتِحْقَاقِهِ الْمَزْبُورِ عَنْ نَفَقَتِهِ بَيْنَ أَرْبَابِ الدُّيُونِ الْمَزْبُورَةِ بِحَسَبِ دُيُونِهِمْ الْجَوَابُ نَعَمْ وَكَتَبْت عَلَيْهِ الْجَوَابُ كَمَا بِهِ عَمُّ الْوَالِدِ أَجَابَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ الْمَدْيُونِ تَيْمَارٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى قُرًى وَمَزَارِعَ لَهَا غَلَّاتٌ تَفِي نَفَقَتَهُ وَنَفَقَةَ عِيَالِهِ وَيَفْضُلُ مِنْهَا شَيْءٌ وَيَمْتَنِعُ مِنْ أَدَاءِ دَيْنِهِ مِنْهُ وَلَا يَمْلِكُ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ فَهَلْ يُصْرَفُ الْفَاضِلُ الْمَذْكُورُ لِدَيْنِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي مَدْيُونٍ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ حَتَّى حُبِسَ فِي حَبْسِ الْقَاضِي وَالْحَالُ أَنَّ لَهُ عَقَارًا وَغَيْرَهُ يُمْكِنُهُ الْوَفَاءُ مِنْ ثَمَنِهِ إذَا بَاعَهُ إلَّا أَنَّهُ مُتَمَرِّدٌ مُتَعَنِّتٌ فِي بَيْعِ ذَلِكَ فَهَلْ يَبِيعُ الْقَاضِي عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذَكَرَ؟ ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ تَرِكَةٍ مُسْتَغْرَقَةٍ بِدُيُونٍ عَلَيْهِ بَاعَهَا الْوَرَثَةُ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْقَاضِي فَهَلْ لَا يَنْفُذُ بَيْعُهُمْ وَلِلْغُرَمَاءِ نَقْضُهُ؟ (الْجَوَابُ) : وِلَايَةُ بَيْعِ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ لِلْقَاضِي لَا لِلْوَرَثَةِ لِعَدَمِ مِلْكِهِمْ إذْ الدَّيْنُ لِغَيْرِهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي فَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ الْقُنْيَةِ تَرِكَةٌ مُسْتَغْرَقَةٌ بِالدَّيْنِ وَجَاءَ غَرِيمٌ يَدَّعِي دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنَّمَا بَيِّنَتُهُ عَلَى الْوَارِثِ لَا عَلَى غَرِيمٍ آخَرَ وَلَكِنْ لَا يَحْلِفُ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّ فَائِدَتَهُ النُّكُولُ الَّذِي هُوَ إقْرَارٌ وَالْوَارِثُ لَوْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ وَالتَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةٌ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَلَا يَظْهَرُ الدَّيْنُ فِي حَقِّ غَرِيمٍ آخَرَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَظْهَرَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَلَكِنْ هَذَا لَا يَحْلِفُ لِأَمْرٍ مَوْهُومٍ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ حَاضِرَةٍ وَعَنْ أَخٍ شَقِيقٍ غَائِبٍ وَابْنِ عَمٍّ عُصْبَةٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً فَجَعَلَ الْقَاضِي نَصِيبَ الْغَائِبِ مِنْ التَّرِكَةِ تَحْتَ يَدِ الْأُخْتِ الْمَزْبُورَةِ لِتَحْفَظَهُ فِي حِرْزٍ مِثْلِهِ إلَى رُجُوعِ الْأَخِ

وَهِيَ أَمِينَةٌ فَقَامَ ابْنُ الْعَمِّ يُرِيدُ رَفْعَ يَدِ الْأُخْتِ عَنْ ذَلِكَ بِدُونِ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلِلْقَاضِي وِلَايَةُ إيدَاعِ مَالِ الْغَائِبِ وَالْمَفْقُودِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسِ عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ وَفِيهِ أَيْضًا وَهَذَا تَنْصِيصٌ مِنْهُ عَلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ قَيِّمًا لِحِفْظِ مَالِ الْغَائِبِ اهـ. وَفِي الْفُصُولَيْنِ بِرَمْزِ ف ش لِلْقَاضِي نَصْبُ الْوَصِيِّ لَوْ كَانَ وَارِثُهُ غَائِبًا وَيَكْتُبُ فِي نُسْخَةِ الْوِصَايَةِ أَنَّهُ جَعَلَهُ وَصِيًّا وَوَارِثُهُ غَائِبٌ مُدَّةَ السَّفَرِ اهـ. فَالظَّاهِرُ مِنْ الْعِبَارَةِ أَنَّ لِلْقَاضِي الْإِيدَاعَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً؛ لِأَنَّهُ لِلْحِفْظِ فَقَطْ وَمِنْهُ اُسْتُفِيدَ جَوَابُ الْحَادِثَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا وَقَالَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْفُصُولَيْنِ وَفِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ بَعْضِ الْفَتَاوَى وَيَنْصِبُ وَصِيًّا عَنْ الْمَفْقُودِ لِحِفْظِ حُقُوقِهِ وَلَا يَنْصِبُ عَنْ الْغَائِبِ اهـ. فَقَدْ اخْتَلَفَ النَّقْلُ فِي نَصْبِ الْوَصِيِّ عَنْ الْغَائِبِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الثَّانِي عَلَى مَا إذَا كَانَ مَعْرُوفًا وَلَمْ تَكُنْ غَيْبَتُهُ مُنْقَطِعَةً وَعَلَى مَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ الضَّرُورَةُ وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ وَتَقَدَّمَ مَا يُؤَيِّدُهُ أَيْضًا اهـ كَلَامُ خَيْرِ الدِّينِ وَلِلْقَاضِي أَنْ يَبْعَثَ مَالَ الْغَائِبِ إلَى الْغَائِبِ إذَا خَافَ الْهَلَاكَ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ وَالِدِهِ إذَا كَانَ الْوَالِدُ مُسْرِفًا مُبَذِّرًا وَيَضَعَهُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ إلَى أَنْ يَبْلُغَ الْيَتِيمُ خَانِيَةً مِنْ فَصْلِ مَنْ يَقْضِي فِي الْمُجْتَهَدَاتِ. (أَقُولُ) وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ لِلْقَاضِي قَبْضَ دَيْنِ غَائِبٍ مِنْ مَحْبُوسِهِ وَلَهُ أَنْ يَضَعَهُ عِنْدَ عَدْلٍ وَلَهُ قَبْضُ مَغْصُوبِهِ مِنْ غَاصِبِهِ وَأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ إقْرَاضِ مَالِهِ وَلَهُ وِلَايَةُ بَيْعِ مَنْقُولِهِ إذَا خَافَ عَلَيْهِ التَّلَفَ وَلَمْ يَعْلَمْ مَكَانَهُ فَلَوْ عَلِمَ مَكَانَهُ بَعَثَ إلَيْهِ وَلَهُ إيفَاءُ دُيُونِ الْغَائِبِ بِمَالِهِ بِالْحِصَصِ وَبَيْعُ مَالِهِ لِإِيفَاءِ دَيْنِهِ إذَا كَانَ دَيْنُهُ ثَابِتًا عِنْدَهُ وَجَمَعَ مَسَائِلَ كَثِيرَةً فِيمَا يَمْلِكُهُ الْقَاضِي لَمْ يَجْمَعْهَا غَيْرُهُ جَزَاهُ اللَّهُ تَعَالَى خَيْرًا فَرَاجِعْهَا عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَكُرِهَ التَّقْلِيدُ لِمَنْ خَافَ الْحَيْفَ وَإِنْ أَمِنَهُ لَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تُوُفِّيَ عَنْ تَرِكَةٍ وَلَا وَارِثَ لَهُ وَلِزَيْدٍ بِذِمَّتِهِ مَبْلَغُ دَيْنٍ مَعْلُومٍ فَنَصَبَ الْقَاضِي وَكِيلَ بَيْتِ الْمَالِ وَصِيًّا فِي الْخُصُوصِ الْمَذْكُورِ وَأَثْبَتَ زَيْدٌ مَبْلَغَهُ بِالْبَيِّنَةِ الْمُزَكَّاةِ وَحَلَفَ عَلَى بَقَاءِ الْمَبْلَغِ بِذِمَّةِ الْمُتَوَفَّى فَحَكَمَ الْقَاضِي لَهُ بِالْمَبْلَغِ بَعْدَ جُحُودِ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ ذَلِكَ وَكَتَبَ بِهِ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يَعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ فَجَاءَ مُدَّعٍ لِلدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ نَصَّبَ الْقَاضِيَ وَكِيلًا لِلدَّعْوَى كَمَا فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْخَصَّافِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ وَكِيلَ بَيْتِ الْمَالِ لَيْسَ بِخَصْمٍ اهـ كَلَامُ الْبَحْرِ وَكَتَبْت عَلَيْهِ عَنْ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا وَكَّلَهُ السُّلْطَانُ بِجَمْعِهِ وَحِفْظِهِ أَمَّا إذَا وَكَّلَهُ بِأَنْ يَدَّعِيَ وَيُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْضًا تُسْمَعُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَيَتَفَرَّعُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُزَارِعَ لَا يَصْلُحُ خَصْمًا لِمَنْ يَدَّعِي الْمِلْكَ فِي الْأَرْضِ وَكَذَلِكَ الْمُقَاطِعُ الْمُسَمَّى بِلُغَتِهِمْ تَيْمَارِيَّا اهـ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ زَيْدٍ عَقَارٌ مَوْرُوثٌ لَهُ وَلِعَمْرٍو الْغَائِبِ عَنْ مُوَرِّثِهِمَا فُلَانٍ فَادَّعَى نَاظِرُ وَقْفٍ عَلَى زَيْدٍ بِجَرَيَانِ الْعَقَارِ فِي الْوَقْفِ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ ثُبُوتًا شَرْعِيًّا لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ حَكَمَ بِذَلِكَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَهَلْ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ يَسْرِي عَلَى عَمْرٍو؟ (الْجَوَابُ) : بَعْضُ الْوَرَثَةِ خَصْمٌ عَنْ جَمِيعِهِمْ؛ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ تَوَجَّهَتْ عَلَى الْمَيِّتِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ يَكُونُ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ وَالْقَضَاءُ عَلَى بَعْضِهِمْ قَضَاءٌ عَلَى كُلِّهِمْ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ. (أَقُولُ) وَفِي الْبَحْرِ إنَّمَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِي بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ كَوْنُ الْعَيْنِ كُلِّهَا فِي يَدِهِ وَأَنْ لَا تَكُونَ مَقْسُومَةً وَأَنْ يُصَدِّقَ الْغَائِبُ عَلَى أَنَّهَا إرْثٌ عَنْ الْمَيِّتِ اهـ وَتَمَامُ بَيَانِ ذَلِكَ مَبْسُوطٌ فِيهِ فَرَاجِعْهُ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَلَوْ ادَّعَى دَارًا إرْثًا لِنَفْسِهِ وَلِأَخٍ لَهُ غَائِبٍ إلَخْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَرَدَ أَمْرٌ شَرِيفٌ سُلْطَانِيٌّ بَعْدَ سَمَاعِ دَعْوَى زَيْدٍ بِكَذَا عَلَى عَمْرٍو فَسَمِعَهَا الْقَاضِي وَلَمْ يَلْتَفِتْ لِمَضْمُونِ الْأَمْرِ الشَّرِيفِ وَمَنَعَ عَمْرًا مِنْ مُعَارَضَةِ زَيْدٍ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْأَمْرِ الْمَذْكُورِ وَكَتَبَ لَهُ حُجَّةً بِالْمَنْعِ

فَهَلْ لَا يَعْمَلُ بِهَا لِكَوْنِهِ مَمْنُوعًا مِنْ سَمَاعِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ وَتَقْيِيدُهُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَاسْتِثْنَاءِ بَعْضِ الْخُصُومَاتِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ السُّلْطَانُ إذَا وَلَّى الْقَضَاءَ رَجُلًا وَاسْتَثْنَى خُصُومَةً، أَوْ رَجُلًا مُعَيَّنًا صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَا يَصِيرُ قَاضِيًا فِي تِلْكَ الْخُصُومَةِ إذَا قَالَ لَهُ لَا تَسْمَعْ حَوَادِثَ فُلَانٍ حَتَّى أَرْجِعَ مِنْ السَّفَرِ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْمَعَ وَلَوْ قَضَى لَا يَنْفُذُ اهـ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَلَّدَ السُّلْطَانُ رَجُلًا لِلْقَضَاءِ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَسْمَعَ قَضِيَّةَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ يَصِحُّ الشَّرْطُ وَلَا يَنْفُذُ قَضَاءُ الْقَاضِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْبَلْدَةِ قَاضِيَانِ فَوَقَعَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فَالْمُدَّعِي يُرِيدُ أَنْ يُخَاصِمَهُ إلَى قَاضٍ مِنْهُمَا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُرِيدُ الْآخَرَ فَلِمَنْ يَكُونُ الْخِيَارُ؟ (الْجَوَابُ) : الْخِيَارُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالشَّيْخُ الْحَانُوتِيُّ وَالْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ كَمَا فِي فَتَاوِيهِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ شَامِلٌ لِمَا إذَا أَرَادَ الْمُدَّعِي قَاضِيَ مَحَلَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَاضِيَ مَحَلَّةِ الْمُدَّعِي وَلِمَا إذَا تَعَدَّدَ الْقُضَاةُ فِي الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ وَكَثُرُوا كَمَا فِي الْقَاهِرَةِ فَأَرَادَ الْمُدَّعِي شَافِعِيًّا مَثَلًا وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَالِكِيًّا مَثَلًا وَلَمْ يَكُونَا فِي مَحَلَّتِهِمَا فَإِنَّ الْخِيَارَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَبِهِ أَفْتَيْت مِرَارًا اهـ. (أَقُولُ) وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْبَحْرِ وَالدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَوَّلَ كِتَابِ الدَّعْوَى وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِمَا أَنَّ التَّحْرِيرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا حَقَّقَهُ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْخِلَافِ وَتَصْحِيحُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ قَاضِيَانِ كُلًّا مِنْهُمَا فِي مَحَلَّةٍ وَقَدْ أُمِّرَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْحُكْمِ عَلَى أَهْلِ مَحَلَّتِهِ فَقَطْ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْعِمَادِيِّ فِي الْفُصُولِ. وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ وَالْآخَرُ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَأَرَادَ الْعَسْكَرِيُّ أَنْ يُخَاصِمَهُ إلَى قَاضِي الْعَسْكَرِ فَهُوَ عَلَى هَذَا أَيْ هَذَا الْخِلَافِ وَلَا وِلَايَةَ لِقَاضِي الْعَسْكَرِ عَلَى غَيْرِ الْجُنْدِيِّ فَقَوْلُهُ وَلَا وِلَايَةَ إلَخْ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى مَا قُلْنَا أَمَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَأْذُونًا بِالْحُكْمِ عَلَى أَيٍّ مَنْ حَضَرَ عِنْدَهُ مِنْ مِصْرِيٍّ وَشَامِيٍّ وَحَلَبِيٍّ وَعَسْكَرِيٍّ وَغَيْرِهِمْ كَمَا فِي قُضَاةِ زَمَانِنَا فَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لِمُوَافَقَتِهِ لِتَعْرِيفِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ هُوَ الَّذِي لَهُ الْخُصُومَةُ فَيَطْلُبُهَا عِنْدَ أَيِّ قَاضٍ أَرَادَ وَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا وَجْهَ لَهُ اهـ وَأَرَادَ بِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ صَاحِبَ الْبَحْرِ وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ وَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيِّ هُوَ مَعْنَى مَا نَقَلَهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ عَنْ خَطِّ صَاحِبِ التَّنْوِيرِ عَلَى هَامِشِ الْبَزَّازِيَّةِ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ فِي الْمِنَحِ إنَّ كُلَّ عِبَارَاتِ أَصْحَابِ الْفَتَاوَى يُفِيدُ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْخِلَافُ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْبَلْدَةِ قَاضِيَانِ كُلُّ قَاضٍ فِي مَحَلَّةٍ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِقَاضِيَيْنِ أَوْ لِقُضَاةٍ عَلَى مِصْرٍ وَاحِدٍ عَلَى السَّوَاءِ يُعْتَبَرُ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ فَلَهُ الدَّعْوَى عِنْدَ أَيِّ قَاضٍ أَرَادَهُ إلَخْ فَقَوْلُهُ كُلُّ قَاضٍ فِي مَحَلَّةٍ أَيْ مَأْمُورٌ بِالْحُكْمِ عَلَى أَهْلِ مَحَلَّتِهِ فَقَطْ فَاغْتَنِمْ هَذَا الْمَقَامَ فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ بَعِيدًا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْأَفْهَامِ. وَسُئِلَ الْعَلَّامَةُ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ شَخْصٍ ادَّعَى بِحَقٍّ فِي تَرِكَةِ مَيِّتٍ لَهُ أَوْلَادٌ بَالِغُونَ وَأَطْفَالٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَهَلْ يَنْفُذُ الْحُكْمُ عَلَى الْجَمِيعِ فَأَجَابَ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَحَدِ الْوَرَثَةِ الْبَالِغِينَ ثَبَتَ الدَّيْنُ فِي حَقِّ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ. وَسُئِلَ أَيْضًا عَنْ رَجُلٍ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَوَرَثَتُهُ غَائِبُونَ هَلْ يَسُوغُ ثُبُوتُ الْحَقِّ عَلَى الْمَيِّتِ فِي غَيْبَةِ وَرَثَتِهِ أَمْ لَا فَأَجَابَ: الْمَيِّتُ إذَا كَانَتْ تَرِكَتُهُ فِي بَلْدَةِ مَوْتِهِ وَأَرَادَ أَصْحَابُ الدُّيُونِ إثْبَاتَ دُيُونِهِمْ وَالْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ غَائِبُونَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً أَوْ صِغَارٌ فَالْقَاضِي يُنَصِّبُ وَصِيًّا عَنْ الْمَيِّتِ وَيُثْبِتُ عَنْ الدَّيْنِ وَيَدْفَعُهُ إلَى أَرْبَابِهِ بَعْدَ اسْتِخْلَافِهِمْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْغَيْبَةُ مُنْقَطِعَةً لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُمْ إلَى أَنْ يَحْضُرَ الْوَارِثُ وَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ صَغِيرًا يُنَصَّبُ عَنْهُ وَصِيٌّ وَيَثْبُتُ الدَّيْنُ عَلَيْهِ وَيَقْضِي دَيْنَهُ بَعْدَ اسْتِحْلَافِهِمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَقْبِضُوا الدَّيْنَ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَلَمْ يُبْرِئُوا الْمَيِّتَ وَلَمْ يَحْتَالُوا

فروع تتعلق بالقضاء

بِدُيُونِهِمْ عَلَى أَحَدٍ وَلَمْ يَعْتَاضُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ يَقْبِضُهُمْ مِنْ التَّرِكَةِ. وَسُئِلَ أَيْضًا إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِحَقٍّ فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً شَهِدَتْ لَهُ فَتُسْحَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ فَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْحَاكِمِ الْحُكْمَ عَلَيْهِ لِيَذْهَبَ خَلْفَهُ فَأَجَابَ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَإِنْ طَلَبَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ كِتَابًا إلَى قَاضِي الْبَلْدَةِ الَّتِي بِهَا الْغَرِيمُ بِصُورَةِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ يَكْتُبُ لَهُ الْقَاضِي بِشُرُوطِهِ الْمَذْكُورَةِ فِي كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي. وَسُئِلَ أَيْضًا إذَا تَحَاكَمَ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ بَيْنَ يَدَيْ قَاضٍ هَلْ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا قِيَامًا وَجُلُوسًا فَأَجَابَ نَعَمْ. وَسُئِلَ أَيْضًا عَنْ الْحَاكِمِ إذَا قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي ذَلِكَ هَلْ هُوَ حُكْمٌ فَأَجَابَ الصَّحِيحُ أَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي ثَبَتَ عِنْدِي حُكْمٌ مِنْهُ. وَسُئِلَ أَيْضًا عَنْ رَجُلٍ سَأَلَ مِنْ الْحَاكِمِ أَنْ يُحَلِّفَ غَرِيمَهُ أَنْ لَا يَشْكُوَهُ إلَّا مِنْ الشَّرْعِ فَأَبَى الْغَرِيمُ الْحَلِفَ فَأَجَابَ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى الْحَلِفِ وَإِنَّمَا يَنْهَاهُ عَنْ التَّعَرُّضِ لَهُ مِنْ غَيْرِ الشَّرْعِ فَإِذَا نَهَاهُ ثُمَّ شَكَاهُ مِنْ غَيْرِ الشَّرْعِ أَدَّبَهُ وَغَرَّمَهُ جَمِيعَ مَا غَرِمَ بِسَبَبِ الشِّكَايَةِ. وَسُئِلَ أَيْضًا هَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِوَقْفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ ثُبُوتُ مِلْكِ الْوَاقِفِ أَوْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُؤَجِّرِ وَحِيَازَتِهِ أَمْ لَا فَأَجَابَ إنَّمَا يُحْكَمُ بِالصِّحَّةِ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا وَقَفَهُ أَوْ أَنَّ لَهُ وِلَايَةَ الْإِيجَارِ أَوْ الْبَيْعِ لِمَا بَاعَهُ إمَّا بِمِلْكٍ أَوْ نِيَابَةٍ وَكَذَا فِي الْوَقْفِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَا يَحْكُمُ بِالصِّحَّةِ بَلْ بِنَفْسِ الْوَقْفِ وَالْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ. وَسُئِلَ أَيْضًا إذَا أَخْبَرَ حَاكِمٌ حَاكِمًا بِقَضِيَّةٍ هَلْ يَكْفِي إخْبَارُهُ وَيَسُوغُ لِلْحَاكِمِ الْعَمَلُ بِهَا أَمْ لَا فَأَجَابَ لَا يَكْفِي إخْبَارُهُ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ شَاهِدٍ آخَرَ. وَسُئِلَ أَيْضًا عَنْ حَنَفِيٍّ تَحَمَّلَ شَهَادَةً فِي شَيْءٍ لَا تَصِحُّ عَلَى مَذْهَبِهِ كَالسَّلَمِ الْحَالِّ مَثَلًا وَكَتَبَ بِهَا مَسْطُورًا وَكَانَ قَاضِيًا تَحَاكَمَا إلَيْهِ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ الْحُكْمُ بِإِبْطَالِ تِلْكَ الْقَضِيَّةِ أَمْ لَا فَأَجَابَ إذَا عَلِمَ مَا لَا يَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِهِ وَكَانَ قَاضِيًا وَطُلِبَ مِنْهُ الْحُكْمُ فِيهِ لَهُ أَنْ يَنْقُضَهُ إنْ لَمْ يَرَهُ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ. وَسُئِلَ أَيْضًا إذَا ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى شَخْصٍ عِنْدَ حَاكِمٍ بِدَعْوَى وَأَحْضَرَ بَعْضٌ بَيِّنَةً شَهِدَتْ ثُمَّ عَلِمَ الْمُدَّعِي أَنْ لَيْسَ لَهُ خَلَاصٌ عِنْدَ مَذْهَبِ هَذَا الْقَاضِي فَقَالَ الْمُدَّعِي أَنَا رَفَعْت طَلَبِي عَنْ خَصْمِي فِي هَذَا الْوَقْتِ يَقْصِدُ بِذَلِكَ الذَّهَابَ إلَى قَاضٍ آخَرَ هَلْ يُجِيبُهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ وَيَدْفَعُهُ عَنْهُ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَأَجَابَ نَعَمْ مَا لَمْ يَطْلُبْ مِنْ الْقَاضِي الْحُكْمَ لَهُ فَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ حَقَّهُ وَيُمَكِّنَهُ الْقَاضِي مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا تَرَكَ يُتْرَكُ. وَسُئِلَ أَيْضًا هَلْ يُشْتَرَطُ لِقَاضِي الشَّرْعِ الْإِعْذَارُ لِلْخَصْمِ وَإِنْ أُعْذِرَ إلَيْهِ فَسَوَّفَ مِنْ وَقْتٍ إلَى وَقْتٍ آخَرَ مَا الْحُكْمُ فِيهِ فَأَجَابَ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ بِحَقٍّ وَزُكُّوا وَالْخَصْمُ لَمْ يُبْدِ دَافِعًا شَرْعِيًّا حَكَمَ الْقَاضِي وَإِنْ طَلَبَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَخِّرَ الْحُكْمَ لِيَجِيءَ بِالدَّافِعِ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ لَمْ يَجِئْ بِالدَّافِعِ قَضَى عَلَيْهِ. [فُرُوعٌ تَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ] (فُرُوعٌ) رَجُلٌ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ إنْ تَزَوَّجَهَا فَتَزَوَّجَهَا وَحَكَّمَا رَجُلًا لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمَا فِي الطَّلَاقِ الْمُضَافِ فَحَكَمَ بِبُطْلَانِ الْيَمِينِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ فِيهَا وَذَكَرَ فِي صُلْحِ الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ مِنْ الرِّوَايَاتِ أَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ فِيمَا بَيْنَ الْمُتَحَاكِمَيْنِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ بِمَنْزِلَةِ حُكْمِ الْقَاضِي حَتَّى لَا يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَرْجِعَ عَنْ حُكْمِهِ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ جَائِزٌ إلَّا فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ نَحْوُ الْكِنَايَاتِ وَالطَّلَاقِ الْمُضَافِ جَائِزٌ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ عَنْ أَصْحَابِنَا قَالَ إلَّا أَنَّ هَذَا مِمَّا يُعَلَّمُ وَلَا يُفْتَى بِهِ كَيْ لَا يَتَجَاسَرَ الْجُهَّالُ إلَى مِثْلِ هَذَا. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَا هُوَ أَوْسَعُ مِنْ هَذَا وَذَلِكَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُمْ أَنَّهُ لَوْ اسْتَفْتَى صَاحِبُ الْحَادِثَةِ عَنْ هَذَا فَقِيهًا فَأَفْتَاهُ بِبُطْلَانِ الْيَمِينِ وَسَعَةِ أَنْ يُمْسِكَهَا فَإِنْ تَزَوَّجَ أُخْرَى بَعْدَهَا وَقَدْ كَانَ حَلَفَ بِلَفْظِ كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَاسْتَفْتَى فَقِيهًا مِثْلَ الْأَوَّلِ فَأَفْتَاهُ بِصِحَّةِ الْيَمِينِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُضَافِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يُفَارِقُ الثَّانِيَةَ وَيُمْسِكُ الْأُولَى؛ لِأَنَّ فَتْوَى الْفَقِيهِ لِلْجَاهِلِ بِمَنْزِلَةِ حُكْمِ الْقَاضِي

الْمُوَلَّى أَوْ حُكْمِ الْمَحْكُومِ إلَّا أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ حُكْمِ الْقَاضِي وَحُكْمِ الْمُحَكَّمِ أَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ إذَا رُفِعَ إلَى الْقَاضِي إنْ كَانَ مُوَافِقًا لِرَأْيِهِ أَمْضَاهُ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا أَبْطَلَهُ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُبْطِلَ حُكْمَ قَاضٍ آخَرَ فِي الْمُجْتَهَدَاتِ وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الْحَانُوتِيِّ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِدَفْعِ الْمَالِ لِوَكِيلِ امْرَأَةٍ ثُمَّ حَضَرَتْ الْمُوَكِّلَةُ وَقَالَتْ إنَّمَا وَكَّلْته فِي الْخُصُومَةِ لَا فِي الْقَبْضِ فَهَلْ يَكُونُ حُكْمُ الْحَنَفِيِّ بِدَفْعِ الْمَالِ مُتَضَمِّنًا لِإِثْبَاتِ الْوَكَالَةِ بِالْقَبْضِ أَجَابَ قَالُوا إنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِقَوْلِ الْمُوَثِّقِ وَذَلِكَ بَعْدَ تَقَدُّمِ دَعْوَى صَحِيحَةٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ تَفْصِيلِ الدَّعْوَى الَّتِي تَرَتَّبَ عَلَيْهَا الْحُكْمُ وَيُشْتَرَطُ فِي تَفْصِيلِ الدَّعْوَى أَنْ يَذْكُرَ فِيهَا أَنَّهُ وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ عَلَى مَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ زُفَرَ مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْخُصُومَةِ لَا يَكُونُ وَكِيلًا بِالْقَبْضِ فَلَا يَسُوغُ الْحُكْمُ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ اهـ. . اسْتَأْجَرَ إبِلًا إلَى مَكَّةَ ذَاهِبًا وَجَائِيًا وَدَفَعَ الْكِرَاءَ وَمَاتَ رَبُّ الدَّابَّةِ فِي الذَّهَابِ حَتَّى انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَرْكَبَهَا إلَى مَكَّةَ وَلَا يَضْمَنَ وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ إلَى مَكَّةَ فَإِذَا أَتَى مَكَّةَ وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَرَأَى أَنْ يَبِيعَ الدَّابَّةَ وَيَدْفَعَ بَعْضَ الْأُجْرَةِ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ جَازَ فَعَلَى هَذَا لَوْ رَهَنَ رَجُلٌ عَيْنًا بِدَيْنٍ وَغَابَ الْمَدْيُونُ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً فَرَفَعَ الْمُرْتَهِنُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَبِيعَ الرَّهْنَ بِدَيْنِ الْمُرْتَهِنِ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ كَمَا إذَا غَابَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَقَبْلَ نَقْدِهِ الثَّمَنَ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً جَازَ لِلْقَاضِي أَنْ يَبِيعَ الْمَبِيعَ وَيُوَفِّيَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ فُصُولُ الْعِمَادِيِّ مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسِ هَلْ لِنَائِبِ الْقُدْسِ الشَّرِيفِ بِالرَّمْلَةِ أَنْ يَكْتُبَ لِنَائِبِ الْقَاضِي بِدِمَشْقَ الشَّامِ نَقْلَ الشَّهَادَةِ لِيَحْكُمَ بِهَا أَجَابَ حَيْثُ ثَبَتَ أَنَّ السُّلْطَانَ نَصَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُفَوِّضُ لِلْقُضَاةِ الِاسْتِنَابَةَ ثَبَتَتْ صِحَّةُ الْكِتَابَةِ بِذَلِكَ إذْ شَرْطُ كِتَابِ الْقَاضِي مِنْ قَاضٍ مُوَلَّى مِنْ قِبَلِ الْإِمَامِ يَمْلِكُ إقَامَةَ الْجُمُعَةِ وَعِنْدَ التَّفْوِيضِ بِذَلِكَ كَانَتْ وِلَايَةُ النَّائِبِ مُسْتَنِدَةً لِإِذْنِ السُّلْطَانِ فَوَجَدَ الشَّرْطَ عَلَى أَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ كَأَنَّهُ كَتَبَ قَاضِي الْقُدْسِ إلَى قَاضِي دِمَشْقَ إذْ كُلُّ نَائِبٍ قَامَ مَقَامَ مُسْتَنِيبِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَحْثِ الِاسْتِنَابَةِ فَظَهَرَ جَوَازُ الْكِتَابِ مِنْ نَائِبِ الْقَاضِي إلَى نَائِبِ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ مِنْ فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ خَيْرِ الدِّينِ إذَا تَعَلَّمَ كَاتِبُ الْمَحْضَرِ مِنْ الْمُفْتِي مَا هُوَ الْخَلَلُ فِي الْمُحْضَرِ مِنْ الدَّعْوَى وَغَيْرِهِ وَأَصْلَحَ الْخَلَلَ فَالْإِثْمُ عَلَى الْكَاتِبِ لَا عَلَى الْمُفْتِي بَزَّازِيَّةٌ قُبَيْلَ كِتَابِ الشَّهَادَةِ التَّنْفِيذُ إحْكَامُ الْحُكْمِ الصَّادِرِ مِنْ الْحَاكِمِ وَتَقْرِيرُهُ عَلَى مُوجِبِ مَا حَكَمَ بِهِ وَبِهِ يَكُونُ الْحُكْمُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ مِنْ خَطِّ الْعَلَّامَةِ النِّحْرِيرِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ. اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي الْقَاضِي إذَا ارْتَشَى أَوْ فَسَقَ يَنْعَزِلُ أَمْ يَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ اخْتَارَ الْبُخَارِيُّونَ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا يَنْعَزِلُ قَالَ شَيْخُنَا وَإِمَامُنَا جَمَالُ الدِّينِ الْبَزْدَوِيُّ أَنَا مُتَحَيِّرٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا أَقْدِرُ أَنْ أَقُولَ تَنْفُذُ أَحْكَامُهُمْ لِمَا أَرَى مِنْ التَّخْلِيطِ وَالْجَهْلِ وَالْجُرْأَةِ فِيهِمْ وَلَا أَقْدِرُ أَنْ أَقُولَ لَا تَنْفُذُ أَحْكَامُهُمْ؛ لِأَنَّ أَهْلَ زَمَانِنَا كَذَلِكَ فَلَوْ أَفْتَيْت بِالْبُطْلَانِ أَدَّى ذَلِكَ إلَى إبْطَالِ الْأَحْكَامِ أَجْمَعَ يَحْكُمُ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قُضَاةِ زَمَانِنَا أَفْسَدُوا عَلَيْنَا دِينَنَا وَشَرِيعَةَ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إلَّا الِاسْمُ وَالرَّسْمُ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى فِي قَاضٍ حَكَمَ فِي مَسْأَلَةٍ مُخْتَلَفٍ فِيهَا عَلَى قَوْلٍ مُوَافِقٍ لِمَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مُخَالِفٍ لِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ نَصٌّ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ أَوْ كَانَ هُنَاكَ نَصٌّ عَلَى أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَهَلْ يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ أَمْ لِغَيْرِهِ نَقْضُهُ الْجَوَابُ الْأَصْلُ أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلِهَذَا يُرَجِّحُ الْمَشَايِخُ دَلِيلَهُ فِي الْأَغْلَبِ عَلَى دَلِيلِ مَنْ خَالَفَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَيُجِيبُونَ عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ مُخَالِفُهُ. وَهَذَا أَمَارَةُ الْعَمَلِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِالْفَتْوَى عَلَيْهِ إذْ التَّرْجِيحُ كَصَرِيحِ التَّصْحِيحِ؛ لِأَنَّ الْمَرْجُوحَ طَائِحٌ بِمُقَابَلَتِهِ بِالرَّاجِحِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَعْدِلُ الْمُفْتِي وَالْقَاضِي عَنْ قَوْلِهِ إلَّا إذَا صَرَّحَ أَحَدٌ مِنْ الْمَشَايِخِ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِقَوْلٍ غَيْرِ أَبِي حَنِيفَةَ

باب الحبس

فِي مَسْأَلَةٍ لَمْ يُرَجَّحْ فِيهَا قَوْلُ غَيْرِهِ وَرَجَّحُوا فِيهَا دَلِيلَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى دَلِيلِهِ فَإِنْ حَكَمَ فِيهَا فَحُكْمُهُ غَيْرُ مَاضٍ لَيْسَ لَهُ غَيْرُ الِانْتِقَاضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ مِنْ فَصْلِ التَّنَاقُضِ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ وَإِنْ اسْتَفَادَ الْعِلْمَ فِي حَالَةِ الْقَضَاءِ حَتَّى يَشْهَدَ مَعَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ قَالَ لَعَلَّ الْقَاضِيَ غَالِطٌ فِيمَا يَقُولُ فَيُشْتَرَطُ مَعَ عِلْمِهِ شَاهِدٌ آخَرُ حَتَّى يَصِيرَ عِلْمُهُ مَعَ شَهَادَةِ شَاهِدٍ آخَرَ بِمَعْنَى شَاهِدَيْنِ اهـ. [بَابُ الْحَبْسِ] [مَسَائِلُ شَتَّى] (بَابُ الْحَبْسِ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ثَبَتَ دَيْنٌ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو بِإِقْرَارِهِ لَدَى الْقَاضِي وَطَلَبَ زَيْدٌ حَبْسَهُ وَلَمْ يَأْمُرْهُ الْقَاضِي بِالْأَدَاءِ فَهَلْ لَا يُعَجِّلُ حَبْسَهُ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يُعَجَّلُ حَبْسُهُ إذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ بِإِقْرَارِهِ بَلْ يَأْمُرُهُ الْقَاضِي بِالْأَدَاءِ فَإِنْ أَبَى حَبَسَهُ وَهَذَا مُخْتَارُ الْهِدَايَةِ وَالْوِقَايَةِ وَالْمَجْمَعِ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا فَفِيهَا أَيْ فِي الْهِدَايَةِ فَإِنْ امْتَنَعَ حَبْسُهُ فِي كُلِّ دَيْنٍ لَزِمَهُ بَدَلًا عَنْ مَالٍ حَصَلَ فِي يَدِهِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ كَالْمَهْرِ وَالْكَفَالَةِ اهـ قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ يَعْنِي الْغَرِيمُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ وَأَمْرِهِ بِالدَّفْعِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَتِهَا فَعَلَى هَذَا إذَا لَمْ يَمْتَنِعْ لَا يَحْبِسُهُ وَقَالَ الْأَنْقِرَوِيُّ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَمُنْيَةِ الْمُفْتِي إذَا أَقَرَّ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ عِنْدَ الْقَاضِي فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْبِسُهُ حَتَّى يُسَلِّمَ نَفْسَ الْمَكْفُولِ بِهِ اهـ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا امْتَنَعَ فَحَبَسَهُ الْقَاضِي وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِآخَرَ أَكْثَرَ مِنْ دَيْنِ زَيْدٍ هَلْ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ الْجَوَابُ مُقْتَضَى مَا فِي الْحَاوِي لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ قع بِمَ عَلَيْهِ دُيُونٌ لِجَمَاعَةٍ لِوَاحِدٍ ثَمَانِيَةٌ وَلِآخَرَ عَشَرَةٌ وَلِآخَرَ عِشْرُونَ فَحَبَسَهُ صَاحِبُ الثَّمَانِيَةِ فِي الْمُلْزَمِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَاقِيَيْنِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ الْمُلْزَمِ لِيَكْتَسِبَ بِقَدْرِ نَصِيبِهِ اهـ. لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنْ قَالَ لَهُمَا عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ لِأَحَدِهِمَا أَقَلُّ وَلِلْآخَرِ أَكْثَرُ لِصَاحِبِ الْأَقَلِّ حَبْسُهُ وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَكْثَرِ إطْلَاقُهُ بِلَا رِضَاهُ فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا إطْلَاقَهُ بَعْدَمَا رَضِيَا بِحَبْسِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ اهـ. . (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أُلْزِمَ بِدَيْنٍ شَرْعِيٍّ وَمَكَثَ فِي الْحَبْسِ مُدَّةً نَحْوَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَظَهَرَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَأَنَّهُ فَقِيرٌ مُفْلِسٌ بَعْدَمَا سَأَلَ عَنْهُ جِيرَانَهُ وَأَصْدِقَاءَهُ مِنْ الثِّقَاتِ فَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ وَخَصْمُهُ غَائِبٌ وَيُرِيدُ الْقَاضِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كَفِيلًا بِالنَّفْسِ وَيُخَلِّيَ سَبِيلَهُ فَهَلْ لِلْقَاضِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَقَدْ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِمِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى ثَلَاثِ فَتَاوَى إحْدَاهَا فِي رَجُلٍ أُلْزِمَ بِدَيْنٍ شَرْعِيٍّ وَمَكَثَ فِي الْحَبْسِ مُدَّةً وَظَهَرَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا هَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يُقَسِّطَ عَلَيْهِ مَا أُلْزِمَ بِهِ بِغَيْرِ حُضُورِ خَصْمِهِ أَمْ لَا أَجَابَ حَيْثُ ظَهَرَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ يُخَلِّي سَبِيلَهُ بِغَيْرِ حُضُورِ خَصْمِهِ. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَإِذَا سَأَلَ الْقَاضِي عَنْ الْمَحْبُوسِ بَعْدَ مُدَّةٍ فَأُخْبِرَ أَنَّهُ مُفْلِسٌ وَصَاحِبُ الدَّيْنِ غَائِبٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَأْخُذُ مِنْهُ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ وَيُخْرِجُهُ مِنْ الْحَبْسِ وَفِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ لِلْقَاضِي أَنْ لَا يَسْأَلَ أَحَدًا أَصْلًا وَيَنْفَرِدَ بِالْإِفْرَاجِ عَنْهُ وَقَالُوا هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْحَالُ حَالَ مُنَازَعَةٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ بَيْنَ الطَّالِبِ وَالْمَحْبُوسِ بِأَنْ قَالَ الطَّالِبُ إنَّهُ مُوسِرٌ وَقَالَ الْمَحْبُوسُ إنَّهُ مُعْسِرٌ لَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ التَّقْسِيطِ إذَا طَلَبَهُ الْخَصْمُ وَكَانَ مُعْتَمِلًا وَيَفْضُلُ عَنْهُ وَعَنْ نَفَقَةِ عِيَالِهِ شَيْءٌ يَصْرِفُهُ إلَى دَيْنِهِ فَحَاصِلُهَا أَنَّ الْغَرِيمَ يَأْخُذُ فَضْلَ كَسْبِهِ. وَسُئِلَ فِي الْمَحْبُوسِ بِدَيْنٍ هُوَ ثَمَنُ مَبِيعٍ إذَا سَأَلَ عَنْهُ الْقَاضِي فَأَخْبَرَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِهِ أَنَّهُ مُعْسِرٌ هَلْ لِلْقَاضِي إطْلَاقُهُ وَإِذَا أَطْلَقَهُ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى كَفِيلٍ أَمْ لَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ رَبُّ الدَّيْنِ يَتِيمًا وَلَا غَائِبًا وَلَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مَالَ وَقْفٍ أَجَابَ نَعَمْ لِلْقَاضِي

إطْلَاقُهُ بِلَا كَفِيلٍ وَالْحَالَةُ هَذِهِ إذْ رُبَّمَا لَا يَتَيَسَّرُ لَهُ كَفِيلٌ خُصُوصًا مِنْ الْإِخْبَارِ بِإِعْسَارِهِ فَيَلْزَمُ عَدَمُ النَّظِرَةِ إلَى الْمَيْسَرَةِ مَعَ كَوْنِهِ ذَا عُسْرَةٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقُولُ {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] . وَسُئِلَ فِيمَا إذَا كَانَ فَقْرُ الْمَدْيُونِ وَإِفْلَاسُهُ ظَاهِرًا وَكَانَ دَيْنُهُ بَدَلًا عَمَّا هُوَ مَالٌ هَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ عَاجِلًا وَيَقْبَلَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إفْلَاسِهِ وَيُخَلِّيَ سَبِيلَهُ بِحَضْرَةِ خَصْمِهِ أَمْ لَا وَإِذَا قُلْتُمْ لَهُ ذَلِكَ فَمِمَّنْ يَسْأَلُ عَنْهُ وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي هَذَا لَفْظُ الشَّهَادَةِ أَمْ لَا وَهَلْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ حَالِ الْمُنَازَعَةِ وَعَدَمِهَا وَهَلْ يُعَدُّ مُوسِرًا بِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ أَمْ لَا أَجَابَ نَعَمْ لِلْقَاضِي ذَلِكَ قَالَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ بَعْدَ ذِكْرِ الْحَبْسِ وَالِاخْتِلَافِ فِي مُدَّتِهِ هَذَا إذَا كَانَ أَمْرُهُ يَعْنِي الْمَدْيُونَ مُشْكِلًا أَمَّا إذَا كَانَ فَقْرُهُ ظَاهِرًا يَسْأَلُ الْقَاضِي عَنْهُ عَاجِلًا وَيَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إفْلَاسِهِ وَيُخَلِّي سَبِيلَهُ بِحَضْرَةِ خَصْمِهِ وَإِنَّمَا يَسْأَلُ عَنْ عُسْرَتِهِ مِنْ جِيرَانِهِ وَأَصْدِقَائِهِ وَأَهْلِ سُوقِهِ مِنْ الثِّقَاتِ دُونَ الْفُسَّاقِ فَإِذَا قَالُوا لَا نَعْرِفُ لَهُ مَالًا كَفَى وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا لَفْظَةُ الشَّهَادَةِ ثُمَّ قَالَ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي حَالَةِ مُنَازَعَةٍ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُنَازَعَةٌ بِأَنْ قَالَ الطَّالِبُ إنَّهُ مُوسِرٌ وَقَالَ الْمَدْيُونُ إنَّهُ مُعَسِّرٌ لَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ مُعْسِرٌ خَلَّى سَبِيلَهُ وَلَا تَكُونُ هَذِهِ شَهَادَةً عَلَى النَّفْيِ فَإِنَّ الْإِعْسَارَ بَعْدَ الْيَسَارِ أَمْرٌ حَادِثٌ فَتَكُونُ شَهَادَةٌ بِأَمْرٍ حَادِثٍ لَا بِالنَّفْيِ نَبَّهَ عَلَى هَذَا الشَّيْخُ حُسَامُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْمَسْأَلَةُ شَهِيرَةٌ وَلَا يُعَدُّ مُوسِرًا بِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ. وَقَدْ بَيَّنُوا ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ فَلَا يُعَدُّ بِثِيَابِهِ الَّتِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا غَنِيًّا وَيُتْرَكُ لَهُ دَسْتٌ وَقِيلَ دَسْتَانِ وَكَذَلِكَ مَنْزِلُهُ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ اهـ كَلَامُ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ قُلْت فَتَحَرَّرَ لَنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْخَصْمَ إذَا كَانَ حَاضِرًا يُطْلِقُهُ بِحَضْرَتِهِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى كَفِيلٍ وَإِذَا كَانَ الْخَصْمُ غَائِبًا يُطْلِقُهُ بِكَفِيلِ نَفْسِهِ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَإِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إفْلَاسِ الْمَحْبُوسِ لَا يُشْتَرَطُ لِسَمَاعِهَا حُضُورُ رَبِّ الدَّيْنِ وَلَكِنْ إنْ كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ حَاضِرًا أَوْ وَكِيلُهُ فَالْقَاضِي يُطْلِقُهُ بِحَضْرَتِهِ وَإِلَّا بِحَضْرَةِ وَكِيلِهِ وَإِلَّا يُطْلِقُهُ بِكَفِيلٍ اهـ وَقَالَ فِي الْمِنَحِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ أَيْ لِلْمَحْبُوسِ مَالٌ بَعْدَ سُؤَالِهِ عَنْهُ خَلَّاهُ أَيْ خَلَّى الْقَاضِي الْمَحْبُوسَ يَعْنِي أَطْلَقَهُ مِنْ السِّجْنِ؛ لِأَنَّ عُسْرَتَهُ ثَبَتَتْ عِنْدَهُ فَاسْتَحَقَّ النَّظِرَةَ إلَى الْمَيْسَرَةِ لِلْآيَةِ فَحَبْسُهُ بَعْدَهُ يَكُونُ ظُلْمًا وَظَاهِرُهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا يَعْنِي صَاحِبَ الْبَحْرِ أَنَّهُ يُطْلِقُهُ بِلَا كَفِيلٍ قَالَ إلَّا فِي مَالِ الْيَتِيمِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ لِلْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ وَلَهُ وَرَثَةٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ لَا يُطْلِقُهُ مِنْ الْحَبْسِ قَبْلَ الِاسْتِيثَاقِ إلَّا بِكَفِيلٍ لِلصِّغَارِ اهـ. وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ يُطْلِقُهُ بِكَفِيلٍ إذَا كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ غَائِبًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَالُ الْوَقْفِ كَمَالِ الْيَتِيمِ فَلَا يُطْلِقُهُ إلَّا بِكَفِيلٍ فَهِيَ ثَلَاثُ مَوَاضِعَ مُسْتَثْنَاةٌ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ خَلَّاهُ إلَى أَنَّهُ لَا يَحْبِسُهُ مَرَّةً أُخْرَى لِلْأَوَّلِ وَلَا لِغَيْرِهِ حَتَّى يُثْبِتَ غَرِيمُهُ غِنَاهُ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَطْلَقَ الْقَاضِي الْمَحْبُوسَ لِإِفْلَاسِهِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ آخَرُ مَالًا وَادَّعَى أَنَّهُ مُوسِرٌ لَا يَحْبِسُهُ حَتَّى يَعْلَمَ غِنَاهُ اهـ وَفِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ أَنَّ الْإِخْرَاجَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ مَعَ إخْبَارِ وَاحِدٍ بِحَالِ الْمَحْبُوسِ لَا يَكُونُ مِنْ بَابِ الثُّبُوتِ حَتَّى لَا يَجُوزَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّهُ مُعْسِرٌ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مُعْسِرٍ لَا مَالَ لَهُ أَصْلًا وَقَدْ ثَبَتَ إعْسَارُهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَلِزَيْدٍ عَلَيْهِ مَالٌ يُرِيدُ حَبْسَهُ بِهِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280] . (سُئِلَ) فِي مَدْيُونٍ مُعْسِرٍ لَيْسَ لَهُ مَالٌ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لِأَرْبَابِهَا لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى أَدَائِهَا جُمْلَةً وَلَهُ فَاضِلُ كَسْبٍ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ مَا ذَكَرَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ يَأْخُذُ أَرْبَابُ الدُّيُونِ دُيُونَهُمْ مِنْ فَاضِلِ كَسْبِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَدْخُولَ بِهَا وَلَهَا بِذِمَّتِهِ مُؤَخَّرُ صَدَاقٍ تُرِيدُ حَبْسَهُ بِهِ وَهُوَ فَقِيرٌ مُعْسِرٌ فَهَلْ لَا يُحْبَسُ بِهِ وَهُوَ يَدَّعِي الْفَقْرَ إلَّا إذَا أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى يَسَارِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي فَقِيرٍ تُجُمِّدَ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ مَاضِيَةٌ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي عِدَّةِ أَشْهُرٍ فَهَلْ

لَا يُحْبَسُ عَلَيْهَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا يُحْبَسُ أَصْلٌ فِي دَيْنِ فَرْعِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا امْتَنَعَ الْمَدْيُونُ عَنْ وَفَاءِ الدَّيْنِ حَتَّى حُبِسَ فِي حَبْسِ الْقَاضِي وَالْحَالُ أَنَّ لَهُ مَالًا وَعَقَارًا يُمْكِنُهُ الْوَفَاءُ مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ مُتَمَرِّدٌ مُتَعَنِّتٌ فِي بَقَائِهِ فِي الْحَبْسِ فَهَلْ يَأْمُرُهُ الْقَاضِي بِبَيْعِ مَالِهِ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ فَإِنْ أَبَى بَاعَ عَلَيْهِ وَيُوَفِّي الدَّيْنَ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْمُلْتَقَى وَيَبِيعُ الْقَاضِي مَالَهُ إنْ امْتَنَعَ وَيَقْسِمُهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ بِالْحِصَصِ نِيَابَةً عَنْهُ اهـ. وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ الْبَائِعِ هَلْ لَهُ حَبْسُ الْمُشْتَرِي عَلَى الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ فَأَجَابَ نَعَمْ لَهُ حَبْسُهُ عَلَى الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ كَالْمُرْتَهِنِ يَحْبِسُ الرَّاهِنَ وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ فِي يَدِهِ اهـ ذَكَرَهُ فِي الْبَيْعِ وَسُئِلَ عَنْ الْمَسْجُونِ بِدَيْنٍ وَلَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ شَرَعَ يَهَبُ وَيُوقِفُ وَيَبِيعُ حَتَّى يَعُودَ فَقِيرًا فَمَا حُكْمُ تَصَرُّفِهِ فَأَجَابَ إذَا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ وَيَبِيعَ عَلَيْهِ أَمْوَالَهُ وَيَقْضِيَ بِهَا دَيْنَهُ جَبْرًا عَلَيْهِ كَأَنْ لَمْ يَرْضَ وَلَهُ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ فَإِذَا قَضَى بِهِ نُفِّذَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَسُئِلَ هَلْ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِعِلْمِهِ فِي الرَّجُلِ الْمُعْسِرِ وَلَا يَحْبِسُهُ فَأَجَابَ عِلْمُ الْقَاضِي فِي هَذَا كَعِلْمِ الشَّاهِدِ وَسُئِلَ إذَا حُبِسَ شَخْصٌ بِدَيْنٍ وَغَابَ رَبُّ الدَّيْنِ فَمَكَثَ الْمَدْيُونُ الْمُدَّةَ الشَّرْعِيَّةَ وَكَشَفَ الْقَاضِي عَنْ حَالِهِ فَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَوْجُودٌ فَهَلْ لَهُ أَنْ يُطْلِقَهُ فَأَجَابَ الْقَاضِي إذَا حُبِسَ الْغَرِيمُ فِيمَا يُحْبَسُ فِيهِ وَمَضَتْ مُدَّةٌ يَرَاهَا الْقَاضِي بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَأَظْهَرَهُ يَسْأَلُ عَنْ حَالِهِ مِمَّنْ لَهُ خِبْرَةٌ فَإِنْ أَخْبَرَهُ بِعَجْزِهِ خَلَّى سَبِيلَهُ سَوَاءٌ كَانَ خَصْمُهُ حَاضِرًا أَوْ لَا لَكِنْ إذَا كَانَ خَصْمُهُ غَائِبًا يَتَوَثَّقُ مِنْهُ بِكَفِيلٍ إنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا فَلَا. وَسُئِلَ إذَا أَرَادَ حَاكِمٌ حَبْسَ غَرِيمٍ فِي مَدْرَسَةٍ أَوْ مَكَانٍ غَيْرِ السِّجْنِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ فَأَجَابَ الْعِبْرَةُ فِي ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ لَا لِلْقَاضِي. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَبَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى زَوْجَتِهِ وَوَلَدَيْهِ الصَّغِيرَيْنِ الْفَقِيرَيْنِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُحْبَسُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُحْبَسُ إذَا أَبَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا حَبَسَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا بِدَيْنٍ لَهَا عَلَيْهِ فَقَالَ الزَّوْجُ لِلْقَاضِي احْبِسْهَا مَعِي فَإِنَّ لِي مَوْضِعًا فِي الْحَبْسِ وَالْحَالُ أَنَّهَا غَيْرُ مَخُوفٍ عَلَيْهَا سَاكِنَةٌ مَعَ أُمِّهَا وَشَقِيقِهَا فِي دَارِهَا بِإِذْنِ الزَّوْجِ فَهَلْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَا تُحْبَسُ مَعَ زَوْجِهَا وَيَحْبِسُهَا فِي بَيْتِ الزَّوْجِ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمَرْأَةُ إذَا حَبَسَتْ زَوْجَهَا فَقَالَ الزَّوْجُ لِلْقَاضِي احْبِسْهَا مَعِي فَإِنْ لِي مَوْضِعًا فِي الْحَبْسِ لَا تُحْبَسُ وَلَكِنْ تُحْبَسُ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ وَرُوِيَ عَنْ قَاضِي لَامِشَ أَنَّهُ كَانَ يَحْبِسُهَا فِي وَقْتِ قَضَائِهِ لِمَصْلَحَةٍ رَأَى فِي ذَلِكَ وَهِيَ صِيَانَتُهَا عَنْ الْفُجُورِ اهـ وَفِي مَآلِ الْفَتَاوَى إذَا خِيفَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ اخْتَارَ الْمُتَأَخِّرُونَ حَبْسَهَا مَعَهُ وَفِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى اسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنْ تُحْبَسَ مَعَهُ إذَا كَانَتْ مَخُوفًا عَلَيْهَا اهـ. قُلْت عَدَمُ حَبْسِهَا مَعَهُ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْعَلَائِيُّ لَكِنْ مَا اسْتَحْسَنَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَجْهٌ حَسَنٌ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ زَوَّجَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ مِنْ زَيْدٍ بِمَهْرٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ امْتَنَعَ زَيْدٌ مِنْ دَفْعِ مَا شُرِطَ تَعْجِيلُهُ لِأَبِيهَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُحْبَسُ عَلَى الْمُعَجَّلِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَيُحْبَسُ الْمَدْيُونُ فِي كُلِّ دَيْنٍ هُوَ بَدَلُ مَالٍ أَوْ مُلْتَزِمٌ بِعَقْدٍ دُرَرٌ وَمَجْمَعٌ وَمُلْتَقَى مِثْلُ الثَّمَنِ وَلَوْ لِمَنْفَعَةٍ كَالْأُجْرَةِ وَالْقَرْضِ وَلَوْ لِذِمِّيٍّ وَالْمَهْرُ الْمُعَجَّلُ وَمَا لَزِمَهُ بِكَفَالَةٍ وَلَوْ بِالدَّرْكِ أَوْ كَفِيلِ الْكَفِيلِ وَإِنْ كَثُرُوا بَزَّازِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ كَالْمَهْرِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِفَتْوَى قَاضِي خَانْ لِتَقَدُّمِ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ عَلَى الْفَتَاوَى بَحْرٌ فَلْيُحْفَظْ اهـ وَقَالَ فِي الْمِنَحِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْإِفْتَاءُ فِيمَا الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ وَلَمْ يَكُنْ بَدَلَ مَالٍ وَالْعَمَلُ عَلَى مَا فِي الْمُتُونِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ مَا فِي الْمُتُونِ وَالْفَتَاوَى فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمُتُونِ كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَكَذَا يُقَدَّمُ مَا فِي الشُّرُوحِ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى اهـ وَأَجَابَ فِي الْخَيْرِيَّةِ بِقَوْلِهِ لِلْأَبِ مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ بِمَهْرِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَا تُوطَأُ وَإِنْ زُوِّجَتْ يَوْمَ وُلِدَتْ وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى دَفْعِ الْمَهْرِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ

بِنَفْسِ الْعَقْدِ إذْ هُوَ بَدَلُ الْبُضْعِ وَقَدْ مَلَكَهُ فَيُطَالَبُ بِهِ وَإِذْ كَانَ كَذَلِكَ فَيُحْبَسُ فِيهِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ أَوْ يَظْهَرَ إعْسَارُهُ لِقَاضِيهِ هَذَا أَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ. . (سُئِلَ) فِي الْأَبِ إذَا أَبَى الْإِنْفَاقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ هَلْ يُحْبَسُ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا يُحْبَسُ الْأَبُ بِدَيْنِ وَلَدِهِ إلَّا إنْ أَبَى مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) هَلْ يُحْبَسُ الْوَالِدُ فِي دَيْنِ وَلَدِهِ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا يُحْبَسُ وَالِدٌ فِي دَيْنِ وَلَدِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ وَنُكِّرَ الْوَالِدُ لِيَدْخُلَ جَمِيعُ الْأُصُولِ فَلَا يُحْبَسُ أَصْلٌ فِي دَيْنِ فَرْعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ بِسَبَبِ وَلَدِهِ وَكَذَا لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ بِقَتْلِهِ وَلَا بِقَتْلِ مُوَرِّثِهِ وَلَا يُحَدُّ بِقَذْفِهِ وَلَا بِقَذْفِ أُمِّهِ الْمَيِّتَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ الْحَبْسِ وَقَالَ فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ مِنْ آخِرِ كِتَابِ أَدَبِ الْقَضَاءِ لَا يُحْبَسُ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ وَالْجَدَّيْنِ وَالْجَدَّتَيْنِ إلَّا فِي النَّفَقَةِ لِوَلَدِهِمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] وَلَيْسَ الْحَبْسُ مِنْ الْمَعْرُوفِ وَلِأَنَّ فِي الْحَبْسِ نَوْعَ عُقُوبَةٍ تَجِبُ ابْتِدَاءً لِلْوَلَدِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَاقِبَ ابْتِدَاءً بِتَفْوِيتِ حَقٍّ عَلَى الْوَلَدِ كَالْقِصَاصِ اهـ. (أَقُولُ) بَقِيَ مَا إذَا كَانَ لِلِابْنِ عَلَى أَبِيهِ دَيْنٌ بِكَفَالَةِ أَجْنَبِيٍّ عَنْهُ بِإِذْنِهِ فَحَبَسَ الِابْنُ الْكَفِيلَ فَهَلْ لِلْكَفِيلِ حَبْسُ الْأَبِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ إذَا حُبِسَ الْكَفِيلُ فَلَهُ حَبْسُ الْمَكْفُولِ فَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي حَاشِيَةِ الدُّرَرِ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ لِمَا يَلْزَمُ مِنْ حَبْسِهِ حَبْسُ الْأَصِيلِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَقَدْ أَلَفَّ رِسَالَةً فِي خُصُوصِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَنَقَلَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ بَعْضَ الْمَوَالِي أَفْتَى بِذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَغْتَرُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حُبِسَ لِحَقِّ الْكَفِيلِ وَلِذَلِكَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى فَهُوَ مَحْبُوسٌ بِدَيْنِهِ الَّذِي ثَبَتَ عَلَيْهِ أَوْ سَيَثْبُتُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُهَا ضَمًّا فِي الدَّيْنِ وَعَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُهَا ضَمَّا فِي الْمُطَالَبَةِ فَلَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ قَوْلِهِمْ لَا يُحْبَسُ أَصْلٌ فِي دَيْنِ فَرْعِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَبَسَهُ أَجْنَبِيٌّ فِيمَا ثَبَتَ لَهُ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ اهـ كَلَامُ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مُتَّجَهٌ عَلَى أَنَّ نَصَّ مَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ هَكَذَا وَإِنْ حُبِسَ حُبِسَ هُوَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ إلَّا إذَا كَانَ كَفِيلًا عَنْ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ أَوْ الْجَدَّيْنِ فَإِنَّهُ إنْ حُبِسَ لَمْ يَحْبِسْهُ. بِهِ يُشْعِرُ قَضَاءُ الْخُلَاصَةِ اهـ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى غَيْرَ مَا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ هُوَ مَا إذَا كَانَ الْكَفِيلُ أَجْنَبِيًّا وَالْمَكْفُولُ أَصْلًا لِلدَّائِنِ وَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ فِيمَا إذَا كَانَ الدَّائِنُ أَجْنَبِيًّا وَالْمَكْفُولُ أَصْلًا لِلْكَفِيلِ كَمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ الْأَجْنَبِيِّ بِذِمَّةِ عَمْرٍو دَيْنٌ وَقَدْ كَفَلَ ابْنُ عَمْرٍو أَبَاهُ بِذَلِكَ الدَّيْنِ فَإِذَا أَرَادَ زَيْدٌ الْأَجْنَبِيُّ أَنْ يَحْبِسَ الْكَفِيلَ وَهُوَ ابْنُ عَمْرٍو فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَحْبِسَ أَبَاهُ بِدَيْنِ الْكَفَالَةِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ حَبْسِ الْأَصْلِ بِدَيْنِ فَرْعِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ خَفِيَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى كَثِيرِينَ حَتَّى عَلَى الشُّرُنْبُلَالِيِّ فِي رِسَالَتِهِ وَقَدْ مَنَّ الْمَوْلَى تَعَالَى عَلَيَّ بِإِظْهَارِ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ وَأَوْضَحْته فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الْبَحْرِ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. (سُئِلَ) فِي مَدْيُونٍ مَحْبُوسٍ ثَبَتَ لَدَى الْقَاضِي يَسَارُهُ بِبَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَهَلْ يُؤَيِّدُ حَبْسَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُؤَيِّدُ حَبْسَ الْمُوسِرِ حَتَّى يُوَفِّيَ دَيْنَهُ جَزَاءً لِظُلْمِهِ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يُبَاعُ مَالُهُ لِدَيْنِهِ وَبِقَوْلِهِمَا يُفْتَى كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الِاخْتِيَارِ وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا فِي كِتَابِ الْحَجْرِ. (سُئِلَ) فِي بَيِّنَةِ الْيَسَارِ هَلْ تُقَدَّمُ عَلَى بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ وَإِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْيَسَارِ عَلَى أَنَّهُ مُوسِرٌ قَادِرٌ عَلَى وَفَاءٍ الدَّيْنِ جَازَ وَكَفَى وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَالِ؟ (الْجَوَابُ) : بَيِّنَةُ الْيَسَارِ مُقَدَّمَةٌ وَيَكْفِي مَا ذُكِرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَوْ أَقَامَ الْمَدْيُونُ بَيِّنَةً عَلَى الْإِعْسَارِ وَصَاحِبُ الدَّيْنِ عَلَى الْيَسَارِ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْيَسَارِ أَوْلَى فَإِنْ شَهِدُوا أَنَّهُ مُوسِرٌ قَادِرٌ عَلَى أَدَاءِ الدَّيْنِ جَازَ ذَلِكَ وَكَفَى وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَالِ خَانِيَّةٌ وَقَالَ فِي الْمِنَحِ وَبَيِّنَةُ يَسَارِهِ أَحَقُّ مِنْ بَيِّنَةِ إعْسَارِهِ بِالْقَبُولِ عِنْدَ التَّعَارُضِ؛ لِأَنَّ الْيَسَارَ عَارِضٌ وَالْبَيِّنَةَ لِلْإِثْبَاتِ. . . إلَخْ (أَقُولُ) فَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ مُوسِرٌ ثُمَّ ادَّعَى

الْإِعْسَارَ بَعْدُ وَبَرْهَنَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ لِإِثْبَاتِهِ أَمْرًا حَادِثًا كَمَا أَفَادَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ خَفِيَ فَهْمُ ذَلِكَ مِنْ عِبَارَةِ الْفَتْحِ عَلَى صَاحِبِ الْبَحْرِ حَيْثُ ظَنَّ أَنَّ مُرَادَهُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ عَلَى بَيِّنَةِ الْيَسَارِ عِنْدَ التَّعَارُضِ فَاعْتَرَضَهُ بِأَنَّهُ بَحْثٌ غَيْرُ صَحِيحٍ مَعَ أَنَّ مُرَادَهُ مَا ذَكَرْنَا لَا مَا فَهِمَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَيْهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مُعْسِرٍ مُحْتَرَفٍ بِالزِّرَاعَةِ يُنْفِقُ مِنْهَا عَلَى عِيَالِهِ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لِجَمَاعَةٍ وَحَصَلَ لَهُ غَلَّةٌ مِنْ فِلَاحَتِهِ يَزْعُمُ رَجُلٌ مِنْ أَرْبَابِ الدُّيُونِ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِجَمِيعِ غِلَالِهِ دُونَ بَقِيَّةِ أَرْبَابِ الدُّيُونِ فَهَلْ يَأْخُذُونَ مَا يَفْضُلُ عَنْهُ وَعَنْ نَفَقَةِ عِيَالِهِ يُقْسَمُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِ الرَّجُلِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِذَا تَمَّتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ خَلَّى سَبِيلَهُ وَلَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غُرَمَائِهِ بَلْ يُلَازِمُونَهُ وَلَا يَمْنَعُونَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَالسَّفَرِ وَيَأْخُذُونَ فَضْلَ كَسْبِهِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ مُلْتَقَى. (أَقُولُ) هَذَا إذَا أَرَادَ الدَّائِنُ أَخْذَ فَاضِلِ كَسْبِهِ وَحْدَهُ بِلَا رِضَا الْمَدْيُونِ أَمَّا إذَا رَضِيَ الْمَدْيُونُ بِتَخْصِيصِ بَعْضِ غُرَمَائِهِ بِشَيْءٍ صَحَّ وَلَيْسَ لِبَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ الرُّجُوعُ عَلَى ذَلِكَ الْغَرِيمِ بِشَيْءٍ إلَّا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِذَلِكَ كَمَا إذَا مَاتَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْمُدَايَنَاتِ وَكِتَابِ الْحَجْرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا حَبَسَ الْقَاضِي رَجُلًا بِدَيْنٍ شَرْعِيٍّ عَلَيْهِ لِآخَرَ وَمَرِضَ فِي الْحَبْسِ مَرَضًا أَضْنَاهُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَخْدُمُهُ فِيهِ فَهَلْ يَخْرُجُ مِنْ الْحَبْسِ بِكَفِيلٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْمِنَحِ. (سُئِلَ) فِي الْمَدْيُونِ الْمُعْسِرِ إذَا كَانَ لَهُ أَمْتِعَةُ بَيْتٍ ضَرُورِيَّةٌ يَحْتَاجُ إلَيْهَا فِي الْحَالِ وَلَهُ ثِيَابٌ يَلْبَسُهَا وَلَا يَكْتَفِي بِمَا دُونَهَا فَهَلْ لَا يُبَاعُ ذَلِكَ لِدَيْنِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يُبَاعُ ذَلِكَ لِدَيْنِهِ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمِنَحِ وَالْخَيْرِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي فَقِيرٍ تَجَمَّدَ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ مَاضِيَةٌ لِابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ فِي عِدَّةِ أَشْهُرٍ فَهَلْ لَا يُحْبَسُ عَلَيْهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي الْمَدْيُونِ إذَا أَرَادَ السَّفَرَ بَعْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ فَهَلْ لِلدَّائِنِ مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (مَسَائِلُ شَتَّى) (سُئِلَ) فِي سُفْلٍ انْهَدَمَ وَامْتَنَعَ صَاحِبُهُ مِنْ بِنَائِهِ وَصَاحِبُ الْعُلْوِ يُرِيدُ الْبِنَاءَ لِيَتَوَصَّلَ إلَى حَقِّهِ فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : إنْ انْهَدَمَ السُّفْلُ بِلَا صُنْعِ صَاحِبِهِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْبِنَاءِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي؛ وَلِأَنَّ الْمَالِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ وَلِذِي الْعُلْوِ أَنْ يَبْنِيَ حَتَّى يَبْلُغَ مَوْضِعَ عُلْوِهِ ثُمَّ يَبْنِي عُلْوَهُ إذَا امْتَنَعَ صَاحِبُ السُّفْلِ مِنْ بِنَائِهِ لِيَتَوَصَّلَ إلَى حَقِّهِ إذْ لَا وُصُولَ إلَى حَقِّهِ إلَّا بِهِ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ صَاحِبَ السُّفْلِ مِنْ أَنْ يَسْكُنَ فِي سُفْلِهِ حَتَّى يُعْطِيَ صَاحِبَ الْعُلْوِ مَا أَنْفَقَ عَلَى السُّفْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ إنْ بَنَى بِإِذْنِهِ أَوْ إذْنِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ إذْنَ الْقَاضِي كَإِذْنِهِ بِنَفْسِهِ لِوِلَايَتِهِ وَهَذَا الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَبِهِ يُفْتَى وَإِلَّا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ يَوْمَ بَنَى قَالَ فِي الْوَجِيزِ ثُمَّ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ مِنْ وَقْتِ الْبِنَاءِ لَا وَقْتِ الرُّجُوعِ هُوَ الصَّحِيحُ اهـ وَقَدْ ذَكَرْت هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي قَاضِي خَانْ وَمُنْيَةِ الْمُفْتِي وَشَرْحِ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ وَغَيْرِهِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ. (سُئِلَ) فِي سُفْلٍ هَدَمَهُ صَاحِبُهُ وَامْتَنَعَ مِنْ بِنَائِهِ وَلِزَيْدٍ جَارِهِ حَقُّ الِاسْتِطْرَاقِ وَالْمُرُورِ وَالِانْتِفَاعِ بِعُلْوِ ذَلِكَ السُّفْلِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى بِنَائِهِ لِتَعَدِّيهِ بِالْهَدْمِ؟ ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ هَدَمَ ذُو السُّفْلِ سُفْلَهُ وَذُو الْعُلْوِ عُلْوَهُ أَخَذَ ذُو السُّفْلِ بِبِنَاءِ سُفْلِهِ إذْ فَوَّتَ عَلَيْهِ حَقًّا أُلْحِقَ بِالْمِلْكِ فَيُضْمَنُ كَمَا لَوْ فَوَّتَ عَلَيْهِ مِلْكًا اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا جَبْرَ عَلَى ذِي الْعُلْوِ وَظَاهِرُ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ خِلَافُهُ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا بَنَى صَاحِبُ السُّفْلِ سُفْلَهُ وَطَلَبَ مِنْ ذِي الْعُلْوِ بِنَاءَ عُلْوِهِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ وَلَوْ انْهَدَمَ السُّفْلُ بِغَيْرِ صُنْعِ صَاحِبِهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي إلَخْ بَحْرٌ مِنْ شَتَّى الْقَضَاءِ

(أَقُولُ) وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الْبَحْرِ إنَّ قَوْلَهُ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي مُرَادُهُ بِهِ مَا فِي الْفُصُولَيْنِ سَمَّاهُ ثَانِيًا؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا عِبَارَةَ فَتْحِ الْقَدِيرِ ثُمَّ ذَكَرَ عِبَارَةَ الْفُصُولَيْنِ الْمَذْكُورَةَ وَقَوْلُهُ وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ أَرَادَ بِهِ مَا فِي الْفَتْحِ الَّذِي قَدَّمَ صَاحِبُ الْبَحْرِ عِبَارَتَهُ وَهِيَ وَإِنْ هَدَمَاهُ أَيْ الْجِدَارَ الْمُشْتَرَكَ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا الْبِنَاءَ وَأَبَى الْآخَرَانِ كَانَ أُسُّ الْحَائِطِ عَرِيضًا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبْنِيَ حَائِطًا فِي نَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ يُجْبَرُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَتَفْسِيرُ الْجَبْرِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِقْهُ الشَّرِيكُ أَنْفَقَ عَلَى الْعِمَارَةِ وَرَجَعَ عَلَى الشَّرِيكِ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَ وَفِي شَهَادَاتِ الْفَضْلِيِّ: لَوْ هَدَمَاهُ وَامْتَنَعَ أَحَدُهُمَا يُجْبِرُ وَلَوْ انْهَدَمَ لَا يُجْبِرُ وَلَكِنْ يَمْنَعُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ مَا لَمْ يَسْتَوْفِ نِصْفَ مَا أَنْفَقَ فِيهِ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِقَضَاءٍ وَإِلَّا فَبِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ اهـ وَأَنْتَ تَرَى عَدَمَ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَإِنَّ كَلَامَ الْفَتْحِ فِي الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ انْتِفَاعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ إلَّا بِبِنَائِهِ فَلِذَا أُجْبِرَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَكَلَامُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي السُّفْلِ وَالْعُلْوِ: وَصَاحِبُ السُّفْلِ يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِسُفْلِهِ بِدُونِ الْعُلْوِ فَمَا وَجْهُ كَوْنِ صَاحِبِ الْعُلْوِ يُجْبَرُ؛ لِأَنَّ سَقْفَ السُّفْلِ لِصَاحِبِ السُّفْلِ فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِ صَاحِبِ الْعُلْوِ عُلْوَهُ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَفِي الذَّخِيرَةِ السُّفْلُ إذَا كَانَ لِرَجُلٍ وَعُلْوُهُ لِآخَرَ فَسَقْفُ السُّفْلِ وَجُذُوعُهُ وَهَرَادِيهِ وَبَوَارِيهِ وَطِينُهُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ غَيْرَ أَنَّ صَاحِبَ الْعُلْوِ مَسْكَنُهُ فِي ذَلِكَ اهـ. وَالْهَرَادِي مَا يُوضَعُ فَوْقَ السَّقْفِ مِنْ قَصَبٍ وَعَرِيشٍ اهـ وَإِذَا كَانَ كُلُّ ذَلِكَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى صَاحِبِ الْعُلْوِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ عُلْوٌ لَهُ كَنِيفٌ قَدِيمٌ رَاكِبٌ عَلَى حَائِطِهِ وَعَلَى سَطْحِ جَارِهِ وَهُوَ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ مُلَّاكِ الْعُلْوِ مُتَصَرِّفُونَ فِي الْكَنِيفِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ إلَى الْآنَ بِلَا مُعَارِضٍ وَيُرِيدُ الْجَارُ الْآنَ أَنْ يُكَلِّفَهُ رَفْعَ الْكَنِيفِ مُتَعَلِّلًا أَنَّهُ يَنِزُّ عَلَى الْحَائِطِ وَيَحْصُلُ لَهُ أَذِيَّةٌ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ لَيْسَ لِلْجَارِ ذَلِكَ وَيَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي سُفْلٍ عَلَيْهِ عُلْوٌ لِزَيْدٍ فَتَكَسَّرَ بَعْضُ أَخْشَابِ السُّفْلِ فَهَلْ يَكُونُ تَعْمِيرُهَا عَلَى صَاحِبِ السُّفْلِ بِلَا جَبْرٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي ذِي حِرْفَةٍ مُتْقِنٍ لِحِرْفَتِهِ يَشْتَغِلُ فِي حَانُوتِهِ عَلَى حِدَتِهِ يُرِيدُ بَقِيَّةَ أَهْلِ حِرْفَتِهِ أَنْ يُجْبِرُوهُ عَلَى أَنْ يُشَارِكَهُمْ فِي تِلْكَ الْحِرْفَةِ وَيَكُونُوا مَعَهُ فِي حَانُوتٍ وَاحِدٍ وَهُوَ يَأْبَى إلَّا الشَّغْلَ وَحْدَهُ فِي حَانُوتِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ جَبْرُهُ عَلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ مُحْتَرِفًا بِحَرَافَةٍ بِشِلَاحَةِ الصُّوفِ مُصَانَعَةً فَكَبِرَ وَعَجَزَ وَيُرِيدُ أَنْ يُبَاشِرَ الْحِرْفَةَ بِصُنَّاعٍ يَشْتَغِلُونَ فِيهَا وَيَكُونُ هُوَ مُعَلِّمًا عَلَيْهِمْ وَهُوَ مُتْقِنٌ لَهَا وَيُعَارِضُهُ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْحِرْفَةِ فَهَلْ يُمْنَعُونَ مِنْ مُعَارَضَتِهِ فِي ذَلِكَ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي بَيْطَارٍ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا مُلَاصِقًا لِحَانُوتِ بَيْطَارٍ آخَرَ لِيُبَاشِرَ صَنْعَتَهُ فِيهَا وَيُرِيدُ الْبَيْطَارُ الْآخَرُ مَنْعَهُ مِنْ ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ مُعَارَضَتُهُ وَلَا مَنْعُهُ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ طَائِفَةُ الْعُلْبِيَّةِ يَشْتَرُونَ الدُّفُوفَ الْمُعَدَّةَ لِذَلِكَ مِنْ أَرْبَابِهَا وَيَصْنَعُونَهَا عُلَبًا يَبِيعُونَهَا لِلنَّاسِ فِيمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ إلَى الْآنَ بِلَا مُعَارِضٍ وَالْآنَ يُرِيدُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الِاخْتِصَاصَ بِجَمِيعِ مَا يُبَاعُ مِنْ الدُّفُوفِ وَشِرَائِهَا مِنْ أَرْبَابِهَا وَبَيْعِ شَيْءٍ مِنْهَا لِأَرْبَابِ الْحِرْفَةِ الْمَذْكُورَةِ وَالتَّحْجِيرِ عَلَى الْبَاقِينَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ مَنْ أَرَادَ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ لَا يُمْنَعُ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَا تَحْجِيرَ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَجْرَى مَاءِ مَطَرٍ فِي دَارِهِ خَاصٌّ بِهِ فَهَلْ يُمْنَعُ جَارُهُ عَمْرٌو مِنْ إجْرَاءِ أَوْسَاخِهِ فِيهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَجْرَى مَاءٍ فِي دَارِ جَارِهِ بِبَاطِنِ أَرْضِ الدَّارِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ فَامْتَلَأَ الْآنَ تُرَابًا وَأَوْسَاخًا وَأَرَادَ إصْلَاحَهُ وَحَفْرَهُ وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إلَّا بِدُخُولِ دَارِ الْجَارِ وَالْجَارُ يَمْنَعُهُ فَهَلْ

يُقَالُ لِلْجَارِ إمَّا أَنْ تَتْرُكَهُ يَدْخُلُ وَيُصْلِحُ وَيَفْعَلُ أَوْ تَفْعَلَ بِمَالِك؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُقَالُ لَهُ ذَلِكَ وَالْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ فِي الْبَحْرِ مِنْ شَتَّى الْقَضَاءِ فَرَاجِعْهَا إنْ رُمْت. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَجْرَى مَاءٍ فِي أَرْضِ دَارِ هِنْدٍ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ انْهَدَمَ بَعْضُ الْمَجْرَى وَصَارَ الْمَاءُ يَجْرِي إلَى أَرْضِ دَارِ هِنْدٍ وَحِيطَانِهَا وَتَضَرَّرَتْ مِنْ ذَلِكَ وَتُرِيدُ مِنْهُ إصْلَاحَ الْمَجْرَى وَمَنْعَ الضَّرَرِ عَنْهَا فَهَلْ تُجَابُ إلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي النَّوَازِلِ نَهْرٌ يَجْرِي فِي أَرْضِ قَوْمٍ فَانْشَقَّ النَّهْرُ وَخَرَّبَ بَعْضَ أَرْضِ الْقَوْمِ لِأَصْحَابِ الْأَرَاضِي أَنْ يَأْخُذُوا أَصْحَابَ النَّهْرِ بِعِمَارَةِ النَّهْرِ دُونَ عِمَارَةِ الْأَرْضِ خُلَاصَةٌ مِنْ الشُّرْبِ. (سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ أَحْدَثُوا فِي دُورِهِمْ بِرَكًا وَأَجْرَوْا فَائِضَهَا فِي مَجْرَى مَطَرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ أَهْلِ مَحَلَّةٍ بِلَا إذْنِهِمْ وَتَضَرَّرَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ بِذَلِكَ وَيُرِيدُونَ مَنْعَ أَصْحَابِ الْبِرَكِ مِنْ إجْرَاءِ فَائِضِهِمْ فِيهِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي نَهْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَجَمَاعَةٍ وَلَهُمْ عَلَيْهِ طَوَاحِينُ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ يُرِيدُ رَجُلٌ أَنْ يَبْنِيَ طَاحُونًا فَوْقَ طَاحُونِ زَيْدٍ بِدُونِ إذْنٍ مِنْهُ وَلَا مِنْ الْجَمَاعَةِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى طَاحُونِ زَيْدٍ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهِمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي قَرَوِيٍّ رَحَلَ مِنْ قَرْيَتِهِ الْمَوْقُوفَةِ وَسَكَنَ فِي غَيْرِهَا فَقَامَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَصُوبَاشِي الْقَرْيَةِ يُكَلِّفَانِهِ الْعَوْدَ إلَيْهَا وَالسُّكْنَى بِهَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يُجْبَرُ الْقَرَوِيُّ الْمَذْكُورُ عَلَى ذَلِكَ وَلَهُ السُّكْنَى حَيْثُ شَاءَ مِنْ بِلَادِ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ وَعَظُمَ نَوَالُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ رَوَّحَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ وَقَدْ أَلَّفَ فِي ذَلِكَ الْعَلَامَةُ التَّقِيُّ الْحِصْنِيُّ قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ رِسَالَةً وَقَدْ قَالَ نَبِيُّنَا أَفْضَلُ الْخَلْقِ عَلَى الْإِطْلَاقِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَشَرَّفَ وَكَرَّمَ «الْبِلَادُ بِلَادُ اللَّهِ وَالْعِبَادُ عِبَادُ اللَّهِ فَحَيْثُمَا أَصَبْت خَيْرًا فَأَقِمْ» ذَكَرَهُ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْمُؤْمِنُ أَمِيرُ نَفْسِهِ يَسْكُنُ أَيَّ الْبِلَادِ أَرَادَ وَيَعِيشُ بِأَيِّ بَلْدَةٍ رَأَى الرَّاحَةَ لِنَفْسِهِ فِيهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. وَسُئِلَ السِّرَاجُ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ رَجُلٍ لَهُ حَقٌّ عَلَى آخَرَ فَطَالَبَهُ بِهِ عِنْدَ الْوُلَاةِ وَالْحُجَّابِ فَغَرِمَ مَبْلَغًا لِلنُّقَبَاءِ وَأَعْوَانِ الظَّلَمَةِ هَلْ يُلْزَمُ الشَّاكِّي بِذَلِكَ الْجَوَابُ إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ يُخَلِّصُ الْحُقُوقَ وَعَدَلَ الْمُدَّعِي عَنْهُ وَشَكَاهُ مِنْ غَيْرِهِ وَغَرِمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ أَنْ لِلْمُشْكَى أَنْ يَرْجِعَ بِمَا غَرِمَ عَلَى الشَّاكِي. وَسُئِلَ عَنْ شَخْصٍ تَسَبَّبَ فِي غَرَامَةِ شَخْصٍ عِنْدَ بَعْضِ الظَّلَمَةِ وَأَغْرَاهُمْ عَلَيْهِ حَتَّى غَرِمَ مَالًا لِلظَّلَمَةِ هَلْ يُلْزَمُ الْمُتَسَبِّبُ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : إذَا تَعَاوَنَ عَلَى شَخْصٍ وَرَفَعَهُ إلَى ظَالِمٍ وَعَادَةُ الظَّالِمِ أَنَّ مَنْ رَفَعَ إلَيْهِ وَتُعُووِنَ عَلَيْهِ عِنْدَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَالًا مُصَادَرَةً يَضْمَنُ الشَّاكِّي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مَا أَخَذَهُ الظَّالِمُ هَذَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ أَفْتَى بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ عُلَمَائِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ آجَرَ أَرْضِ الْوَقْفِ مِنْ زَيْدٍ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَوَهَبَهُ زَيْدٌ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ خَارِجًا عَنْ الْأُجْرَةِ وَيُرِيدُ مُسْتَحِقُّو الْوَقْفِ مُشَارَكَةَ النَّاظِرِ فِي الْمَبْلَغِ الْمَرْقُومِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي سِيَاقِ مَاءٍ حُلْوٍ لِسَبِيلِ وَقْفٍ أَحْدَثَ فَوْقَهُ جَمَاعَةٌ سِيَاقًا لِأَوْسَاخِ دُورِهِمْ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى سِيَاقِ السَّبِيلِ وَفِي رَفْعِهِ نَفْعٌ تَامٌّ لَهُ فَهَلْ يُرْفَعُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ بِرْكَةُ مَاءٍ فِي دَارِهَا يَجْرِي إلَيْهَا الْمَاءُ مِنْ فَائِضٍ قَدِيمٍ فِي بِرْكَةٍ فِي دَارِ زَيْدٍ فَسَدَّ زَيْدٌ الْفَائِضَ وَامْتَنَعَ مِنْ فَتْحِهِ إلَّا أَنْ تُكَلِّسَ لَهُ هِنْدٌ بِرْكَتَهُ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ لَهَا مَا فَاضَ مِنْ الْمَاءِ وَلَيْسَ لَهَا حَقٌّ فِي الْبِرْكَةِ لَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَحْدَثَ سَرَابَ مَاءٍ لِدَارِهِ وَأَجْرَاهُ عَلَى جُنَيْنَةِ دَارِ جَارِهِ وَتَضَرَّرَ الْجَارُ مِنْ ذَلِكَ وَطَلَبَ مِنْهُ رَفْعَهُ عَنْهُ فَهَلْ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ بَالُوعَةٌ فِي دَارِهِ يَنْصَبُّ فِيهَا مَاءُ مَطَرِهَا

وَأَوْسَاخِهَا ثُمَّ يَخْرُجُ ذَلِكَ إلَى جُنَيْنَةِ زَيْدٍ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ إلَى الْآنَ بِلَا مُعَارِضٍ وَيُكَلِّفُهُ زَيْدٌ سَدَّ الْبَالُوعَةِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ حَيْثُ كَانَتْ قَدِيمَةً يَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَحْدَثَ فِي دَارِهِ طَبَقَةً وَقَصْرًا لَهُمَا شَبَابِيكُ وَبَابٌ وَأَحْدَثَ مَشْرَفَةً أَيْضًا وَصَارَ يُشْرِفُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى حَرِيمِ جَارِهِ وَمَحَلِّ جُلُوسِهِنَّ وَقَرَارِهِنَّ إذَا صَعِدَ لِذَلِكَ وَطَلَبَ الْجَارُ سَدَّ الشَّبَابِيكِ وَالْبَابِ وَمَنْعَهُ مِنْ الصُّعُودِ لِلْمُشْرِفَةِ فَهَلْ يُجَابُ الْجَارُ إلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (سُئِلَ) فِي أَرَاضِي قَرْيَةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ وَتَيْمَارَاتٍ وَفِيهَا عَيْنُ مَاءٍ يَجْرِي مِنْهَا الْمَاءُ إلَى بَعْضِ الْأَرَاضِي لِسَقْيِهَا وَسَقْي دَوَابِّ أَهْلِ الْقَرْيَةِ وَشُرْبِهِمْ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ إلَى الْآنَ فَعَمَدَ رَجُلٌ مِنْ زُرَّاعِهَا وَسَدَّ الْعَيْنَ وَطَمَّهَا بِالتُّرَابِ وَغَرَسَ عَلَيْهَا وَسَدَّ طَرِيقَهَا بِإِذْنِ بَعْضِ التَّيْمَارِيِّينَ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى أَهَالِي الْقَرْيَةِ وَجِهَةِ الْوَقْفِ وَبَقِيَّةِ التَّيْمَارِيَّةِ فَهَلْ يُعَادُ الْقَدِيمُ وَيَبْقَى عَلَى قِدَمِهِ كَمَا كَانَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ عَمَّرَ مَجْرَى مَاءٍ فِي مَحَلٍّ لَهُ حَقُّ التَّعْمِيرِ فِيهِ وَنَزَّ مِنْهُ حَائِطُ جَارِهِ وَطَلَبَ الْجَارُ تَحْوِيلَهُ فَهَلْ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَحْوِيلِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَحْوِيلِهِ. (سُئِلَ) فِي نَهْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ يَجْرِي مَاؤُهُ فِي دَارِ هِنْدٍ يُرِيدُونَ تَكْلِيفَهَا بِإِسْقَافِ النَّهْرِ مِنْ مَالِهَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي ذِي سُفْلٍ أَحْدَثَ فِيهِ مِدَقَّةً لِلثِّيَابِ تَضُرُّ بِالْعُلْوِ وَتُسْقِطُ أَوَانِيهِ مِنْ مَحَلِّهَا فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ بِرْكَةُ مَاءٍ أَذِنَ لِجَارِهِ عَمْرٍو بِأَنْ يُجْرِيَ مِنْ فَائِضِهَا إلَى دَارِهِ فَفَعَلَ عَمْرٌو كَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ عَقْدِ إجَارَةٍ شَرْعِيَّةٍ عَلَى الْمَجْرَى وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ أَنْ يَجْرِيَ مِنْ فَائِضِ بِرْكَتِهِ حِصَّةً إلَى بِرْكَةٍ لَهُ أُخْرَى وَيُعَارِضُهُ عَمْرٌو فِي ذَلِكَ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ مُعَارَضَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي جِدَارٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَاصِلٍ بَيْنَ دَارَيْهِمَا وَفِيهِ قَمَرِيَّتَانِ لِلضَّوْءِ فَعَمَّرَ زَيْدٌ فِي دَارِهِ طَبْلَةً مُحَاذِيَةً لِإِحْدَى الْقَمَرِيَّتَيْنِ بِحَيْثُ قَلَّلَ ضَوْءَهَا وَلَمْ يَسُدَّهَا بِالْكُلِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ رُكُوبٍ عَلَى الْجِدَارِ وَلَا اعْتِمَادٍ عَلَيْهِ وَيُعَارِضُهُ الْجَارُ فِي ذَلِكَ فَهَلْ يُمْنَعُ الْجَارُ مِنْ مُعَارَضَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَنَى جِدَارًا عَلَى جِدَارٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَارِهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ وَبَنَى فِي دَارِهِ بِنَاءً سَدَّ بِهِ ضَوْءَ قَمَرِيَّةِ جَارِهِ بِالْكُلِّيَّةِ بِدُونِ إذْنِهِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَتَضَرَّرَ الْجَارُ بِذَلِكَ فَهَلْ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَلَا يُمْنَعُ الشَّخْصُ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِهِ إلَّا إذَا كَانَ الضَّرَرُ بَيِّنًا فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى بَزَّازِيَّةٌ وَاخْتَارَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَأَفْتَى بِهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ اهـ وَأَفْتَى أَيْضًا بِذَلِكَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ بُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ وَبِهِ يُفْتَى كَمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ نَقْلًا عَنْ كِتَابِ الْحِيطَانِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ وَفِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ لِبِيرِيِّ زَادَهْ مَا نَصُّهُ: لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ تَضَرَّرَ جَارُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ أَضَرَّ بِغَيْرِهِ مَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرًا بَيِّنًا وَهُوَ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْهَدْمِ وَمَا يُوهَنُ الْبِنَاءُ بِسَبَبِهِ أَوْ يَخْرُجُ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ وَهُوَ مَا يَمْنَعُ الْحَوَائِجَ الْأَصْلِيَّةَ كَسَدِّ الضَّوْءِ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ اهـ. (أَقُولُ) وَقَدَّرُوا سَدَّ الضَّوْءِ بِمَا يَمْنَعُ مِنْ الْكِتَابَةِ فَحِينَئِذٍ إذَا كَانَ لَهُ شُبَّاكَانِ أَوْ قَمَرِيَّتَانِ فَسَدَّ ضَوْءَ إحْدَاهُمَا مَعَ إمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِالْأُخْرَى لَا يُمْنَعُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ضَوْءَ الْبَابِ لَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُضْطَرُّ إلَى غَلْقِهِ لِبَرْدٍ وَنَحْوِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ فِي مَطْبَخِهِ مِدْخَنَةً مِقْدَارَ نِصْفِ ذِرَاعٍ وَيُعَارِضُهُ فِي ذَلِكَ جَارُهُ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ فَهَلْ لَهُ بِنَاؤُهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الضَّرَرُ بَيِّنًا (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ طَبَقَةٌ لَهَا ثَمَانِ قَمَرِيَّاتِ وَأَرْبَعُ شَبَابِيكِ مِنْهَا ثَلَاثُ قَمَارِيَّ وَشُبَّاكٌ مِنْ جِهَةِ الشَّرْقِ وَالْبَاقِي مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَالشِّمَالِ فَبَنَى جَارُهُ عَمْرٌو مِنْ جِهَةِ الشَّرْقِ طَبَقَةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ طَبَقَةِ زَيْدٍ نَحْوُ ذِرَاعٍ فَعَارَضَهُ

زَيْدٌ فِي ذَلِكَ زَاعِمًا أَنَّهُ يَقِلُّ ضَوْءُ طَبَقَتِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ مُعَارَضَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُمْنَعُ مِنْ مُعَارَضَتِهِ حَيْثُ بَنَى فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يَضُرَّ جَارَهُ ضَرَرًا بَيِّنًا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ جُنَيْنَةٌ لَهَا اسْتِطْرَاقٌ مِنْ بُسْتَانِ زَيْدٍ يَمُرُّ مِنْهُ هُوَ وَأَبُوهُ مِنْ قَبْلِهِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ مَنْعَهُ مِنْهُ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ تَصَرُّفُهُ الْمَذْكُورُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يُمْنَعُ زَيْدٌ مِنْ مُعَارَضَتِهِ لَهُ وَيَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَحَدُّ الْقَدِيمِ مَا لَا يَحْفَظُهُ الْأَقْرَانُ إلَّا كَذَلِكَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَشْرَفَةٌ عَلَى ظَهْرِ إيوَانِ عَمْرٍو مُتَصَرِّفٌ فِيهَا هُوَ وَمَنْ قَبْلَهُ بِالنَّوْمِ عَلَيْهَا وَنَشْرِ الْأَمْتِعَةِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ بِلَا مُعَارِضٍ وَيُرِيدُ عَمْرٌو الْآنَ مَنْعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ يَعْمَلُ بِوَضْعِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ الثُّبُوتِ شَرْعًا وَيَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ وَيُمْنَعُ عَمْرٌو مِنْ مُعَارَضَتِهِ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَنَى زَيْدٌ فِي دَارِهِ طَبَقَةً فَعَارَضَهُ جَارُهُ فِي ذَلِكَ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّهُ مَنَعَ الشَّمْسَ عَنْ طَبَقَةٍ تُجَاهَهَا فِي دَارِهِ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ مُعَارَضَتِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ طَبَقَةٌ فِي دَارِهِ لَهَا ثَلَاثُ شَبَابِيكَ مُطِلَّاتٌ عَلَى الشَّارِعِ فَقَطْ يُرِيدُ هَدْمَهَا وَإِعَادَتَهَا كَمَا كَانَتْ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ يُعَارِضُهُ فِي إعَادَةِ الشَّبَابِيكِ الْمَذْكُورَةِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ مُعَارَضَةٌ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ قَاعَةٌ رَفِيعَةُ الْبِنَاءِ مُلَاصِقَةٌ لِدَارِ جَارِهِ فَفَتَحَ فِي أَعْلَاهَا بِالْقُرْبِ مِنْ سَقْفِهَا قَمَرِيَّتَيْنِ لِلضَّوْءِ فَقَطْ لَيْسَ فِيهِمَا إشْرَافٌ عَلَى حَرِيمِ الْجَارِ إلَّا بِالصُّعُودِ إلَيْهِمَا بِسُلَّمٍ عَالٍ قَامَ جَارُهُ الْآنَ يُكَلِّفُهُ سَدَّهُمَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُمْنَعُ الْجَارُ مِنْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ طَبَقَةٌ فِيهَا طَاقَةٌ قَدِيمَةٌ مُقَابِلَةٌ لِقَصْرِ وَرِوَاقٍ حَادِثَيْنِ فِي دَارِ جَارِهِ عَمْرٍو يَفْصِلُ بَيْنَ الطَّاقَةِ وَبَيْنَ الْقَصْرِ وَالرِّوَاقِ عِدَّةُ دُورٍ لِلْجِيرَانِ وَطَرِيقٌ فَانْهَدَمَتْ الطَّبَقَةُ وَأَعَادَهَا زَيْدٌ مَعَ الطَّاقَةِ كَمَا كَانَتْ فَقَامَ جَارُهُ عَمْرٌو يُكَلِّفُهُ سَدَّ الطَّاقَةِ زَاعِمًا أَنَّهَا تُشْرِفُ عَلَى الْقَصْرِ وَالرِّوَاقِ الْمَذْكُورَيْنِ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا لَيْسَا مَحَلَّ قَرَارِ نِسَائِهِ وَجُلُوسِهِنَّ بَلْ مَحَلُّهُ سُفْلُ الدَّارِ وَالْمَسَاكِنُ السُّفْلِيَّةُ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ تَكْلِيفُهُ بِذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي ذِي عُلْوٍ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ فِي عُلْوِهِ بِنَاءً يَضُرُّ بِالسُّفْلِ يَقِينًا فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ لَهُمْ حَقٌّ مِنْ الْمَاءِ يَجْرِي فِي بَاطِنِ أَرْضِ دَارٍ وَقْفٍ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ إلَى الْآنَ بِلَا مُعَارِضٍ وَلَا مُنَازَعٍ قَامَ الْآنَ نَاظِرُ الْوَقْفِ يُرِيدُ مَنْعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يَدْفَعُوا لَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ شَيْئًا مِنْ الدَّرَاهِمِ مُحَاكَرَةً عَنْ ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ وَلَا لِمَنْ قَبْلَهُ مِنْ نُظَّارِ الْوَقْفِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَحْدَثَ فِي دَارِهِ مَجْرَى لِمِيَاهٍ أَوْسَاخِهَا وَسَلَّطَهُ عَلَى بِئْرِ جَارِهِ الْخَاصِّ بِهِ الْكَائِنِ فِي دَارِهِ الْمُعَدِّ لِمَطَرِ الدَّارِ بِدُونِ إذْنِ الْجَارِ ثُمَّ بَعْدَ ثَمَانِ سِنِينَ بَاعَ الْجَارُ دَارِهِ مِنْ عَمْرٍو وَحَصَلَ مِنْ الْمِيَاهِ ضَرَرٌ بِالدَّارِ وَحِيطَانِهَا وَيُرِيدُ عَمْرٌو الْمُشْتَرِي الْمَزْبُورُ مَنْعَ الرَّجُلِ مِنْ ذَلِكَ وَحَسْمَ الْمِيَاهِ عَنْ بِئْرِهِ فَهَلْ يُجَابُ عَمْرٌو إلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَنَى فِي دَارِهِ أُسَّ بِرْكَةِ مَاءٍ رَكِبَ بِهِ عَلَى سَرَابِ أَوْسَاخٍ قَدِيمٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَمَاعَةٍ آخَرِينَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ وَلَا إجَارَةٍ مِنْهُمْ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَحَصَلَ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ لِبَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ وَطَلَبُوا مِنْهُ رَفْعَ مَا بَنَاهُ فَهَلْ يُجَابُونَ إلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ لَصِيقَ دَارِ جَارِهِ زَيْدٍ فُرْنًا لِلْخُبْزِ الدَّائِمِ وَيَتَضَرَّرُ مِنْ ذَلِكَ جَارُهُ ضَرَرًا بَيِّنًا فَاحِشًا فَهَلْ يُمْنَعُ الرَّجُلُ مِنْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجَامِعٍ مَعْلُومٍ وَجَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ مَجْرَى أَوْسَاخٍ قَدِيمٍ تَجْرِي فِيهِ أَوْسَاخُهُمْ وَأَوْسَاخُ الْجَامِعِ فَاحْتَاجَ الْمَجْرَى إلَى التَّعْدِيلِ وَالتَّرْمِيمِ اللَّازِمَيْنِ وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْجَامِعِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ وَعَلَى جِهَةِ وَقْفِ الْجَامِعِ

الْمَزْبُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى دَاخِلٍ وَخَارِجٍ وَفِي الْخَارِجِ بِرْكَةُ مَاءٍ يَجْرِي فَائِضُهَا فِي مَجْرًى قَدِيمٍ بِبَاطِنِ الْأَرْضِ وَيَنْزِلُ فِي مَجْرَى قَدِيمٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَمَاعَةٍ يُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ أَنْ يَنْقُلَ الْبِرْكَةَ الْمَزْبُورَةَ مِنْ الْخَارِجِ إلَى الدَّاخِلَةِ وَيُجْرِي فَائِضَهَا كَمَا كَانَ فِي الْقَدِيمِ إلَى الْمَجْرَى الْقَدِيمِ مِنْ غَيْرِ إحْدَاثِ شَيْءٍ فِي الْمَجْرَى الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ (أَقُولُ) إنْ كَانَتْ الْبِرْكَةُ فِي الدَّاخِلِ تَصِيرُ أَقْرَبَ إلَى الْمَجْرَى الْقَدِيمِ مِمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي الْخَارِجِ وَلَمْ يَكْسِرْ حَافَّةَ الْمَجْرَى الْقَدِيمِ الْمُشْتَرَكِ فَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ بِالْعَكْسِ وَكَانَ الْفَائِضُ وَمَجْرَاهُ مِلْكَ الْجَمَاعَةِ فَقَدْ يُقَالُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَعُدَ الْمَجْرَى وَاحْتَاجَ فِيمَا يَأْتِي مِنْ الزَّمَانِ إلَى تَعْمِيرٍ يَلْزَمُهُمْ زِيَادَةُ كُلْفَةٍ عَلَيْهِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَيْهِمْ عَلَى أَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا فِي بَابِ الشُّرْبِ بِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي النَّهْرِ أَنْ يَنْصِبَ عَلَيْهِ رَحًى فِي مِلْكِهِ بِأَنْ كَانَ حَافَّتَا النَّهْرِ وَبَطْنُهُ مِلْكًا لَهُ فَلَهُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْمَاءِ وَصَوَّرُوا الضَّرَرَ بِالْمَاءِ بِأَنْ يَقُومَ الْمَاءُ حَتَّى يَصِلَ إلَى الرَّحَى فِي أَرْضِهِ ثُمَّ يَجْرِي إلَى النَّهْرِ مِنْ أَسْفَلِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَأَخَّرُ وُصُولُ حَقِّهِمْ إلَيْهِمْ وَيَنْقُصُ اهـ فَتَدَبَّرْ ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي خَانٍ مَوْقُوفٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى بُيُوتٍ وَبِرْكَةِ مَاءٍ قَدِيمَةٍ يَجْرِي إلَيْهَا الْمَاءُ مِنْ فَائِضِ بِرْكَةٍ فِي دَارِ زَيْدٍ الْجَارِ يُرِيدُ زَيْدٌ تَحْوِيلَ بِرْكَتِهِ الْمَزْبُورَةِ إلَى مَكَانٍ آخَرَ مِنْ دَارِهِ وَضُرِبَ لَبِنٌ عَلَى أَسْطِحَةِ بُيُوتِ الْخَانِ وَتَكْلِيفُ نَاظِرِ الْوَقْفِ إلَى تَعْمِيرِ سِيَاقٍ جَدِيدٍ لِبِرْكَةِ الْخَانِ مِنْ الْبِرْكَةِ الَّتِي يُرِيدُ تَعْمِيرَهَا كُلُّ ذَلِكَ بِدُونِ رِضَا النَّاظِرِ وَلَا مَصْلَحَةٍ لِلْوَقْفِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ بَلْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْوَقْفِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي أَرَاضِي قَرْيَةِ تَيْمَارِيَّةٍ لَهَا زُرَّاعٌ يَزْرَعُونَ بَعْضَهَا وَيَدْفَعُونَ قَسْمَهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ لِتَيْمَارِيِّهَا وَالْبَعْضُ مِنْهَا مَرْجٌ قَدِيمٌ مُعَطَّلٌ فَعَمَد رَجُلٌ وَكَسَرَهُ وَحَرَثَهُ وَيُرِيدُ زَرْعَهُ جَبْرًا بِلَا إذْنِ التَّيْمَارِيِّ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ مِشَدُّ مِسْكَةٍ فِي أَرْضٍ سَلِيخَةٍ تَيْمَارِيَّةٍ يُؤَدِّي مَا عَلَيْهَا لِجِهَةِ التَّيْمَارِ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً حَتَّى مَاتَ عَنْ ابْنٍ قَاصِرٍ فَوَّضَ لَهُ التَّيْمَارِيُّ مِشَدَّ أَبِيهِ الْمَزْبُورَ وَتَصَرَّفَ وَصِيُّهُ فِي الْأَرْضِ سَنَتَيْنِ لِجِهَةِ الْقَاصِرِ وَأَدَّى مَا عَلَيْهَا لِجِهَةِ التَّيْمَارِ ثُمَّ وَجَّهَ التَّيْمَارِيُّ الْمِشَدَّ فِيهَا لِرَجُلٍ آخَرَ وَيُرِيدُ الرَّجُلُ رَفْعَ يَدِ الْقَاصِرِ عَنْهُ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ كَانَ مُتَصَرِّفًا فِي الْمِشَدِّ الْمَذْكُورِ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ لَيْسَ لِلرَّجُلِ ذَلِكَ وَيُمْنَعُ مِنْ الْمُعَارَضَةِ فِي ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي حِصَّةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ مَزْرَعَةٍ مُعَيَّنَةٍ جَارِيَةِ الْحِصَّةِ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَعَلَى الْمَزْرَعَةِ قِسْمٌ مَعْلُومٌ يُؤْخَذُ مِنْ زُرَّاعِهَا وَعُشْرٌ لِتَيْمَارِيٍّ فَتَنَاوَلَ التَّيْمَارِيُّ مَا يَخُصُّ حِصَّةَ الْوَقْفِ مِنْ الْقَسْمِ بِلَا إذْنٍ مِنْ النَّاظِرِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ حَقُّ الْقَرَارِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِمِشَدِّ الْمِسْكَةِ فِي أَرْضٍ سَلِيخَةٍ جَارِيَةٍ بِتَمَامِهَا فِي تَيْمَارِ عَمْرٍو فَفَرَغَ زَيْدٌ عَنْ الْمِشَدِّ الْمَزْبُورِ لِبَكْرٍ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ التَّيْمَارِيِّ وَلَا إجَازَتِهِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَكُونُ الْفَرَاغُ غَيْرَ نَافِذٍ وَيَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى إذْنِ التَّيْمَارِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَسُئِلَ عَنْ نَظِيرِ ذَلِكَ فِيمَا إذَا فَرَغَ عَنْ مِشَدَّةٍ لِآخَرَ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ لَدَى قَاضٍ حَنْبَلِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ الْفَرَاغِ وَإِنْ صَدَرَ بِدُونِ إذْنِ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى الْأَرْضِ حُكْمًا شَرْعِيًّا مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ وَأَنْفَذَ حُكْمَهُ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَكُتِبَ بِذَلِكَ حُجَّتَانِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهِمَا؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِ الْحُجَّتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ مَاضٍ عَلَى الصِّحَّةِ لَا يُنْقَضُ. (سُئِلَ) فِي مَزْرَعَةٍ جَارِيَةٍ فِي أَوْقَافٍ مَعْلُومَةٍ عَلَيْهَا قَسْمٌ مُتَعَارَفٌ فِي نَاحِيَتِهَا مِنْ الرُّبْعِ يُؤْخَذُ مِنْ زُرَّاعِهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ لِجِهَةِ الْأَوْقَافِ زَرَعَهَا جَمَاعَةٌ وَامْتَنَعَ مِنْهُمْ رَجُلَانِ مِنْ دَفْعِ قَسْمِهَا وَالْحَالُ أَنَّ أَخْذَ الْقَسَمِ أَنْفَعُ لِجِهَةِ الْأَوْقَافِ

كتاب الشهادة

مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ فَهَلْ يَلْزَمُ الرَّجُلَيْنِ دَفْعُ مَا عَلَيْهِمَا مِنْ الْقَسْمِ مِنْ زَرْعِهَا لِجِهَةِ الْأَوْقَافِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي شَرِيكَيْنِ فِي تَيْمَارِ قَرْيَةٍ عَلَيْهَا قَسْمٌ مِنْ الرُّبْعِ بِمُوجِبِ الدَّفْتَرِ السُّلْطَانِيِّ زَرَعَ أَحَدُهُمَا قِطْعَةً مِنْهَا لِنَفْسِهِ بِبَذْرِهِ وَعُمَّالِهِ وَيُرِيدُ شَرِيكُهُ أَخْذَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ قَسْمِ الْغَلَّةِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا لَوْ قَضَى الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ لِدَائِنِهِ فَهَلْ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ الَّتِي جَرَتْ الْمُبَايَعَةُ بَيْنَهُمَا إلَّا بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ الْأَيَّامِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَالْمِنَحِ عَنْ الْقُنْيَةِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ وَالْحَانُوتِيُّ وَغَيْرُهُمَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ يَدْفَعُ لِعَمْرٍو فِي كُلِّ سَنَةٍ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ ظَانًّا أَنَّ ذَلِكَ حَقُّ عَمْرٍو الْمَدْفُوعُ لَهُ وَمَضَى لِذَلِكَ سُنُونَ وَهُمَا عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ حَقَّ عَمْرٍو بَلْ حَقَّ زَيْدٍ الدَّافِعِ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الرُّجُوعَ عَلَى عَمْرٍو بِنَظِيرِ مَا دَفَعَهُ لَهُ فِي الْمُدَّةِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذَكَرَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [كِتَابُ الشَّهَادَةِ] (كِتَابُ الشَّهَادَةِ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَثْبَتَ أَحَدُ الْمُدَّعِيَيْنِ الرَّهْنَ وَالْآخَرُ الْبَيْعَ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ أَوْلَى؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ بَيِّنَةُ الْبَيْعِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الرَّهْنِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الشُّهُودَ عَلَى هَذِهِ الشَّهَادَةِ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ بَعْدَ التَّعْدِيلِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْمُحِيطِ السَّرَخْسِيُّ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَالدُّرَرِ وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو قِطَعَ أَرَاضٍ ثُمَّ أَنْكَرَ الْبَيْعَ فَهَلْ إذَا أَحْضَرَ الشُّهُودَ عِنْدَهَا وَشَهِدُوا عَلَى أَعْيَانِهَا وَأَشَارُوا إلَيْهَا يَكْتَفِي بِذَلِكَ عَنْ بَيَانِ الْحُدُودِ وَتَصِحُّ الشَّهَادَةُ الْمَزْبُورَةُ وَيُقْضَى بِالْبَيْعِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ مِنْ فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ. (سُئِلَ) فِي شَهَادَةِ الرَّفِيقِ الْعَدْلِ لِرَفِيقِهِ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ هَلْ تُقْبَلُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ حَيْثُ لَا مَانِعَ هُنَالِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي شَهَادَةِ الْأَخِ الْعَدْلِ لِأُخْتِهِ وَزَوْجِ أُخْتِهَا الْعَدْلِ لَهَا بِطَلَاقِ زَوْجِهَا لَهَا هَلْ تُقْبَلُ إذَا اُسْتُوْفِيَتْ شَرَائِطُ الْقَبُولِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَهِدَ أَجِيرٌ خَاصٌّ مُيَاوَمَةً لِمُسْتَأْجِرِهِ فَهَلْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ لِلتُّهْمَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ وَالتَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِي شَهَادَةِ التَّابِعِ لِمَتْبُوعِهِ كَالْخَادِمِ الَّذِي يَطْلُبُ مَعَاشَهُ مِنْهُ هَلْ تَكُونُ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْمِنَحِ وَلَا شَهَادَةُ الْأَجِيرِ الْخَاصِّ لِمُسْتَأْجِرِهِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ قَالُوا وَالْمُرَادُ بِالْأَجِيرِ فِي الْحَدِيثِ التِّلْمِيذُ الْخَاصُّ الَّذِي يَعُدُّ ضَرَرَ أُسْتَاذِهِ ضَرَرَ نَفْسِهِ وَنَفْعَهُ نَفْعَ نَفْسِهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا شَهَادَةَ لِلْقَانِعِ بِأَهْلِ الْبَيْتِ» وَأَصْلُ الْقُنُوعِ السُّؤَالُ وَالْمُرَادُ مَنْ يَكُونُ تَبَعًا لِلْقَوْمِ كَالْخَادِمِ وَالْأَجِيرِ وَالتَّابِعِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ السَّائِلِ يَطْلُبُ مَعَاشَهُ مِنْهُمْ وَهُوَ مِنْ الْقُنُوعِ لَا مِنْ الْقَنَاعَةِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْأَجِيرُ مُشَاهَرَةً؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ خَاصٌّ فَيَسْتَوْجِبُ عَلَى مَنَافِعِهِ فَإِذَا شَهِدَ لَهُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ يَكُونُ كَأَنَّهُ شَهِدَ لَهُ بِأَجْرٍ، كَذَا فِي تَبْيِينِ الْكَنْزِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْعَلَائِيِّ وَالدُّرَرِ وَفِي الْمُنْيَةِ عَنْ نَجْمِ الْأَئِمَّةِ لَا يَشْهَدُ لَهُ خَادِمُهُ وَكَاتِبُهُ وَمُشْرِفُهُ وَرَعِيَّتُهُ وَالْمُتَكَلِّمُ فِي أَحَادِيثِ الرَّعِيَّةِ وَقِسْمَةِ النَّوَائِبِ وَكَذَا رَاكِبُ بَحْرِ الْهِنْدِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ خَاطَرَ بِنَفْسِهِ وَدِينِهِ وَكَذَا مَنْ سَكَنَ دَارَ الْحَرْبِ وَكَثَّرَ سَوَادَهُمْ وَعَدَدَهُمْ وَتَشَبَّهَ بِهِمْ لِيَنَالَ بِذَلِكَ مَالًا. (سُئِلَ) فِي أَمِيرٍ كَبِيرٍ ادَّعَى فَشَهِدَ لَهُ خُدَّامُهُ وَكُتَّابُهُ وَرَعَايَاهُ هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لَهُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي بَحْرِهِ وَالْفَهَّامَةُ الْأَنْقِرَوِيُّ فِي فَتَاوَاهُ نَقْلًا عَنْ الْحَاوِي وَالْقُنْيَةِ وَعَنْ الْمَنْظُومَةِ وَكَذَلِكَ فِي غَيْرِهِمَا مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ثَبَتَ

حَلَفَ رَجُلٌ بِطَلَاقٍ ثَلَاثٍ بِشَهَادَةِ شُهُودٍ أَحَدُهُمْ حَلَّاقٌ وَزَكَّاهُمْ مُزَكُّونَ فَتَعَلَّلَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِأَنَّ أَحَدَ الشُّهُودِ حَلَّاقٌ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِسَبَبِ حِرْفَتِهِ وَأَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الشُّهُودِ وَالْمُزَكِّينَ خُصُومَةٌ بِمُقْتَضَى أَنَّهُ قَبْلَ الْحَلْفِ تَشَاجَرَ مَعَهُمْ عَلَى قِمَارٍ وَلَعِبٍ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : الْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى أَمَّا تَعَلُّلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِكَوْنِ أَحَدِ الشُّهُودِ حَلَّاقًا فَلَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ كَوْنِهِ عَدْلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ وَنَصُّ عِبَارَتِهَا وَشَهَادَةُ أَهْلِ الصِّنَاعَاتِ جَائِزَةٌ إذَا كَانُوا عُدُولًا ثُمَّ قَالَ وَعَامَّةُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُونَ الْمُجَوِّزُ الْعَدَالَةُ وَقَدْ وُجِدَتْ اهـ. وَفِي الْبَحْرِ وَلَيْسَ مِنْهَا أَيْ مِنْ مُسْقِطَاتِ الْعَدَالَةِ الصِّنَاعَاتُ الدَّنِيئَةِ كَالْقَنَوَاتِيِّ وَالزَّبَّالِ وَالْحَائِكِ وَالصَّحِيحُ الْقَبُولُ إنْ كَانَ عَدْلًا اهـ فَثَبَتَ أَنَّ شَهَادَةَ الْحَلَّاقِ صَحِيحَةٌ إذَا كَانَ عَدْلًا وَأَمَّا تَعَلُّلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِكَوْنِ الْمُزَكِّينَ أَخْصَامًا يَعْنِي أَعْدَاءً لَهُ فَإِنَّ تَزْكِيَةَ الْعَلَانِيَةِ شَهَادَةٌ وَيُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ سِوَى لَفْظِ أَشْهَدُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ فَإِذَا كَانَتْ شَهَادَةٌ وَطَعَنَ فِيهَا الْخَصْمُ بِأَنَّهُمْ أَعْدَاءٌ لِي عَدَاوَةً دُنْيَوِيَّةً وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ فَقَدْ بَطَلَتْ تَزْكِيَتُهُمْ وَبَقِيَ الشُّهُودُ بِلَا تَزْكِيَةٍ وَلَا يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمْ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ وَالْعَدُوُّ مَنْ يَفْرَحُ بِحُزْنِهِ وَيَحْزَنُ لِفَرَحِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْخُصُومَةُ إذَا جَرَتْ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَهِيَ دُنْيَوِيَّةٌ وَلَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَدَاوَةَ آخَرَ يَكُونُ مُجَرَّدُ دَعْوَاهُ اعْتِرَافًا مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ قَادِحًا فِي عَدَالَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ عَدُوُّهُ مَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُدَّعِي أَنَّهُ عَدُوٌّ لَهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَنَقَلَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّ الْعَدَاوَةَ بِسَبَبِ الدُّنْيَا لَا تَمْنَعُ مَا لَمْ يَفْسُقْ بِسَبَبِهَا أَوْ يَجْلِبْ مَنْفَعَةً أَوْ يَدْفَعْ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ مَضَرَّةً وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ اهـ. فَفِي الْحَادِثَةِ الْمَسْئُولُ عَنْهَا رُبَّمَا أَنَّهُ فَسَقَ بِهَا إذْ الْعَدَاوَةُ جَرَتْ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا قَالَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِسَبَبِ قِمَارٍ وَلَعِبٍ مُحَرَّمَيْنِ شَرْعًا وَلَكِنْ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ فَسَقَ بِهَا أَوْ لَا وَالْحَدِيثُ الشَّرِيفُ شَاهِدٌ لِمَا عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مَرْفُوعًا «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا ذِي غَمْرٍ عَلَى أَخِيهِ» وَالْغَمَرُ الْحِقْدُ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ بِدَلِيلِ أَنَّ الْحِقْدَ فِسْقٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ فَتَحَصَّلَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ شَهَادَةَ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا وَصَرَّحَ يَعْقُوبُ بَاشَا فِي حَاشِيَتِهِ بِعَدَمِ نَفَاذِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ وَالْمَسْأَلَةُ دَوَّارَةٌ فِي الْكُتُبِ اهـ فَإِذَا أَثْبَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْعَدَاوَةَ ثُبُوتًا شَرْعِيًّا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَتَجْرِي الْأَحْكَامُ الْمَذْكُورَةُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَالتَّزْكِيَةِ الْمَذْكُورَةِ لِثُبُوتِ عَدَاوَتِهِمْ بِالسَّبَبَيْنِ الْمَرْقُومَيْنِ الْمُحَرَّمَيْنِ شَرْعًا وَسَبَبُ الْحِقْدِ أَنَّهُمْ مِمَّنْ يَفْرَحُونَ بِحُزْنِهِ وَيَحْزَنُونَ لِفَرَحِهِ هَذَا مَا ظَهَرَ لَنَا مِمَّا ذَكَرَهُ أَئِمَّتُنَا رَوَّحَ اللَّهُ أَرْوَاحَهُمْ بِدَارِ السَّلَامِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ. (أَقُولُ) وَفِي الْبَحْرِ عَنْ ابْنِ وَهْبَانَ قَدْ يَتَوَهَّمُ بَعْضُ الْمُتَفَقِّهَةِ وَالشُّهُودِ أَنَّ كُلَّ مَنْ خَاصَمَ شَخْصًا فِي حَقٍّ وَادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا أَنَّهُ يَصِيرُ عَدُوَّهُ فَيَشْهَدُ بَيْنَهُمَا بِالْعَدَاوَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْعَدَاوَةُ إنَّمَا تَثْبُتُ بِنَحْوِ مَا ذَكَرْت نَعَمْ لَوْ خَاصَمَ الشَّخْصُ آخَرَ فِي حَقٍّ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْحَقِّ كَالْوَكِيلِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيمَا هُوَ وَكِيلٌ فِيهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ إذَا تَخَاصَمَ اثْنَانِ فِي حَقٍّ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُخَاصَمَةِ اهـ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ بَابِ مَا يُبْطِلُ دَعْوَى الْمُدَّعِي رَجُلٌ خَاصَمَ رَجُلًا فِي دَارٍ أَوْ فِي حَقٍّ ثُمَّ إنَّ هَذَا الرَّجُلَ شَهِدَ عَلَيْهِ فِي حَقٍّ آخَرَ جَازَتْ شَهَادَتُهُ إذَا كَانَ عَدْلًا اهـ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ آخَرُ فَخَاصَمَهُ فِي شَيْءٍ قَبْلَ الْقَضَاءِ لَا يَمْتَنِعُ الْقَضَاءُ بِشَهَادَتِهِ إلَّا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ لَهُ كَذَا لِئَلَّا يَشْهَدَ عَلَيْهِ وَطَلَبَ الرَّدَّ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ نُكُولٍ فَحِينَئِذٍ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ وَهُوَ جَرْحٌ مَقْبُولٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ اهـ وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ التُّمُرْتَاشِيِّ

صَاحِبِ التَّنْوِيرِ. سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ شَتَمَ آخَرَ وَقَذَفَهُ فَهَلْ تَثْبُتُ الْعَدَاوَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ بَيْنَهُمَا بِهَذَا الْقَدْرِ حَتَّى لَوْ شَهِدَ لَا تُقْبَلُ أَجَابَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْعَدَاوَةَ الدُّنْيَوِيَّةَ تَثْبُتُ بِهَذَا الْقَدْرِ فَقَدْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ أَنَّهَا أَيْ الْعَدَاوَةَ تَثْبُتُ بِنَحْوِ الْقَذْفِ وَقَتْلِ الْوَلِيِّ. (سُئِلَ) فِي شَاهِدَيْنِ شَهِدَا بِشَيْءٍ عَلَى رَجُلٍ لَدَى قَاضٍ شَرْعِيٍّ طَلَبَ مِنْهُ الرَّجُلُ تَزْكِيَتَهُمَا فَلَمْ يُصْغِ لَهُ وَحَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا قَبْلَ التَّزْكِيَةِ وَالتَّعْدِيلِ مَعَ وُجُودِ الْمَنْعِ عَنْ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَهَلْ لَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ؟ (الْجَوَابُ) : الْقُضَاةُ مَأْمُورُونَ بِالْحُكْمِ بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَالتَّزْكِيَةِ لَا قَبْلَهُ فَحَيْثُ حَكَمَ قَبْلَهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ وَفِي الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ أَفْتَى مُفْتِي الرُّومِ الْعَلَّامَةُ يَحْيَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ مَتَّعَ اللَّهُ بِحَيَاتِهِ الْأَنَامَ أَنَّ الْقُضَاةَ لَيْسُوا مُوَلِّينَ أَنْ يَحْكُمُوا مِثْلَ هَذِهِ الْأَحْكَامِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي فَسَادَ النِّكَاحِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ مَعَ بَيِّنَةِ مَنْ يَدَّعِي صِحَّتَهُ مِنْهُمَا فَأَيُّ الْبَيِّنَتَيْنِ أَوْلَى بِالْقَبُولِ؟ (الْجَوَابُ) : الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي الْمُنْتَقَى كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَعَلَّلَهُ السَّرَخْسِيُّ بِأَنَّ الصِّحَّةَ ثَابِتَةٌ بِظَاهِرِ الْحَالِ وَالْفَسَادَ أَمْرٌ حَادِثٌ يُحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهِ فَكَانَتْ بَيِّنَةُ الْفَسَادِ أَكْثَرَ إثْبَاتًا فَكَانَتْ أَوْلَى وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ وَفَسَادِهِ وَبَرْهَنَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ مَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا وَلَوْ كَانَ مُدَّعِي الْفَسَادَ هُوَ الزَّوْجُ ثَبَتَ حُرْمَةُ الْوَطْءِ بِإِقْرَارِهِ وَمَتَى قَبِلْنَا بَيِّنَةَ الْفَسَادِ تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ إذْ الْفَاسِدُ لَا يُوجِبُ النَّفَقَةَ وَنَسَبُ الْوَلَدِ ثَابِتٌ كَيْفَمَا كَانَ إذْ الْفَسَادُ يَنْفِي حِلَّ الْوَطْءِ لَا ثُبُوتَ النَّسَبِ اهـ. وَفِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ وَالْخَانِيَّةِ وَوَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ والتتارخانية فُرُوعٌ تُؤَيِّدُ ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ مِنْهُمَا؟ (الْجَوَابُ) : الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةَ بِيَمِينِهِ (أَقُولُ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْفَسَادَ وَفِي الْبَحْرِ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا صِحَّةِ الْوَقْفِ وَفَسَادِهِ فَإِنْ كَانَ الْفَسَادُ لِشَرْطٍ فِي الْوَقْفِ مُفْسِدٌ فَبَيِّنَةُ الْفَسَادِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ لِمَعْنًى فِي الْمَحَلِّ أَوْ غَيْرِهِ فَبَيِّنَةُ الصِّحَّةِ أَوْلَى وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ إذَا اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ اهـ وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ عَنْ تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ لِلشَّيْخِ غَانِمٍ إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ أَحَدُهُمَا يَدَّعِي الصِّحَّةَ وَالْآخَرُ يَدَّعِي الْفَسَادَ شَرْطًا فَاسِدًا أَوْ أَجَلًا فَاسِدًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ مُدَّعِي الْفَسَادِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَإِنْ كَانَ مُدَّعِي الْفَسَادِ يَدَّعِي الْفَسَادَ لِمَعْنًى فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرَطْلٍ مِنْ الْخَمْرِ وَالْآخَرُ يَدَّعِي الْبَيْعَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الصِّحَّةَ أَيْضًا وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْآخَرِ كَمَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَفِي رِوَايَةٍ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ مُشْتَمِلُ الْأَحْكَامِ اهـ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ دَارًا مِنْ عَمْرٍو الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ شَهِدَ عَمْرٌو الْعَدْلُ لِزَيْدٍ بِحَقٍّ لَهُ عَلَى الْغَيْرِ هَلْ تُقْبَلُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ زَوْجَةٍ وَبِنْتٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً ادَّعَى زَيْدٌ إرْثًا فِيهَا وَطَلَبَهُ بِمُقْتَضَى أَنَّهُ أَخٌ لِلْمُتَوَفَّى لِأَبٍ وَأَنَّ لَهُ بَيِّنَةً عَادِلَةً تَشْهَدُ بِذَلِكَ وَأَنْ لَا وَارِثَ لَهُ بَعْدَ الزَّوْجَةِ وَالْبِنْتِ غَيْرُهُ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَهُ أَخْذُ مَا خَصَّهُ مِنْ التَّرِكَةِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْجَدِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِذَا شَهِدُوا بِكَوْنِهِ وَارِثًا وَلَمْ يَقُولُوا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَرِثُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ لَا يُدْفَعُ الْمَالُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ نَفْيَ وَارِثٍ آخَرَ لَمْ يَثْبُتْ بِالشَّهَادَةِ وَلَا بِمَا أُقِيمَ مَقَامَهَا مِنْ تَلَوُّمِ الْقَاضِي وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَرِثُ عَلَى كُلِّ حَالٍ نَظَرَ الْقَاضِي وَاحْتَاطَ ثُمَّ قَضَى لَهُ بِكُلِّهِ وَذُكِرَ أَنَّ الْقَاضِيَ يُحْتَاطُ وَيَتَلَوَّمُ زَمَانًا قَدْرَ مَا يَقَعُ فِي غَالِبِ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ لَظَهَرَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَلَمْ يُقَدِّرْهُ بِشَيْءٍ وَذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَقَدَّرَ لِذَلِكَ حَوْلًا؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ قَدْ تَمْتَدُّ إلَى الْحَوْلِ قِيلَ هَذَا قَوْلُهُمَا وَمَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ

قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى التَّقْدِيرَ بِالِاجْتِهَادِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ بَلْ هُوَ مَوْكُولٌ إلَى رَأْيِ مَنْ اُبْتُلِيَ بِهِ وَهُمَا يُثْبِتَانِ الْمِقْدَارَ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا قَالَا فِي التَّعْزِيرِ مُحِيطُ السَّرَخْسِيِّ. وَفِي الْأَقْضِيَةِ شَهِدَا بِأَنَّهُ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ أَخُوهُ أَوْ عَمُّهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ لَا تُقْبَلُ حَتَّى يُبَيِّنَا طَرِيقَ الْوِرَاثَةِ لَهُ وَالْأُخُوَّةِ وَالْعُمُومَةِ لِاخْتِلَافِ الْأَسْبَابِ وَكَذَا إذَا قَالَا مَوْلَاهُ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى مُشْتَرَكٌ فَإِنْ قَالَا هُوَ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ وَلَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ وَكَذَا فِي الْمُتَقَدَّمِ وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ لِإِسْقَاطِ التَّلَوُّمِ عَنْ الْقَاضِي وَالشَّرْطُ فِي سَمَاعِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ إحْضَارُ الْخَصْمِ وَهُوَ إمَّا وَارِثٌ أَوْ غَرِيمُ الْمَيِّتِ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ مُودِعُ الْمَيِّتِ أَوْ الْمُوصَى لَهُ أَوْ بِهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُقِرًّا بِالْحَقِّ أَوْ مُنْكِرًا بَزَّازِيَّةٌ فِي الْعَاشِرِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى شَهِدَا أَنَّ هَذَا ابْنُ الْمَيِّتِ أَوْ وَارِثُهُ وَلَمْ يَشْهَدُوا أَنَّا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فَالْقَاضِي يَتَلَوَّمُ ثُمَّ يَدْفَعُ إلَيْهِ وَمُدَّةُ التَّلَوُّمِ مُفَوَّضَةٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي تَتَارْخَانِيَّةٌ مِنْ الثَّامِنِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَةِ ادَّعَى أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَشَهِدَ الشُّهُودُ وَلَمْ يَذْكُرُوا اسْمَ الْأُمِّ أَوْ الْجَدِّ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ التَّعْرِيفُ وَقِيلَ يَصِحُّ وَيَثْبُتُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذِكْرَ الْجَدِّ. وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي الْأَخِ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ اسْمِ الْجَدِّ وَغَيْرِهِ وَأَمَّا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ عَمِّهِ لَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ اسْمُ الْأَبِ وَالْجَدِّ عِمَادِيَّةٌ مِنْ السَّادِسِ رَجُلٌ طَلَبَ الْمِيرَاثَ وَادَّعَى أَنَّهُ عَمُّ الْمَيِّتِ يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ أَنْ يُفَسِّرَ فَيَقُولُ عَمُّهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ أَوْ لِأُمِّهِ وَأَنْ يَقُولَ أَيْضًا: وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَا بُدَّ لِلشُّهُودِ أَنْ يَنْسُبُوا الْمَيِّتَ وَالْوَارِثَ حَتَّى يَلْتَقِيَا إلَى أَبٍ وَاحِدٍ وَيَقُولُ هُوَ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَإِنْ شَهِدُوا بِذَلِكَ أَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَخُو الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ أَوْ وَارِثُهُ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ جَازَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي هَذَا ذِكْرُ الْأَسْمَاءِ قَاضِي خَانْ رَجُلٌ ادَّعَى إرْثًا عَنْ مَيِّتٍ وَزَعَمَ أَنَّهُ ابْنُ عَمِّ الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى النَّسَبِ وَذَكَرَ الشُّهُودُ اسْمَ أَبِيهِ وَجَدَّهُ وَاسْمَ أَبِي الْمَيِّتِ وَجَدَّهُ كَمَا هُوَ الرَّسْمُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ جَدَّ الْمَيِّتِ فُلَانٌ غَيْرُ مَا أَثْبَتَهُ الْمُدَّعِي لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَاتِ لِلْإِثْبَاتِ لَا لِلنَّفْيِ وَبَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَامَتْ لِلنَّفْيِ وَهُوَ لَيْسَ بِخَصْمٍ فِي إثْبَاتِ جَدِّ الْمُدَّعِي خَانِيَّةٌ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مُخَدَّرَةٍ أُشْهِدَتْ عَلَى شَهَادَتِهَا فِي حَقِّ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ وَشَهِدَا عَلَى شَهَادَتِهَا عِنْدَ الْقَاضِي بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ هَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) وَنَقَلَهَا فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِي شَهَادَةٍ وَقَعَتْ مُخَالِفَةً لِلدَّعْوَى ثُمَّ أُعِيدَتْ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ وَاتَّفَقَتَا هَلْ تُقْبَلُ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : إذَا كَانَ الشُّهُودُ ثِقَاتٍ عُدُولًا مَقْبُولِي الشَّهَادَةِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ وَقَعَتْ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ ثُمَّ أَعَادُوا الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةَ وَاتَّفَقَتَا تُقْبَلُ اهـ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ فِي حَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ الشَّهَادَةِ ش أَقَامَ الشَّاهِدَيْنِ بِلَفْظٍ مُخْتَلِفٍ فَلَمْ يَسْمَعْ الْقَاضِي ثُمَّ أَعَادَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ شَهَادَتَهُمَا بِلَفْظٍ مُوَافِقٍ تُقْبَلُ هَذَا إذَا كَانَ اتِّفَاقُهَا بِلَا تَلْقِينٍ مِنْ أَحَدٍ وَإِلَّا لَا تُقْبَلُ اهـ وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى مِنْ الشَّهَادَاتِ شَهِدَ عَلَى وَجْهٍ فِيهِ خَلَلٌ ثُمَّ أَعَادَ الشَّهَادَةَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ بِدُونِ الْخَلَلِ فَإِنْ كَانَ يُحْتَاجُ إلَى زِيَادَةٍ فَزَادَ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي تَنَاقُضٌ وَإِنَّمَا كَانَ إهْمَالًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ لَا شَهَادَةَ عِنْدَهُ إلَّا عَلَى مَا شَهِدَ أَوَّلًا وَإِنَّمَا زَادَ ثَانِيًا لِتَلْقِينِ إنْسَانٍ تَزْوِيرًا وَاحْتِيَالًا فَلَا يُقْبَلُ اسْتِدْلَالًا بِمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ شَهِدَ وَلَمْ يَبْرَحْ عَنْ مَكَانِهِ حَتَّى يَقُولَ أُوهِمْت بَعْضَ شَهَادَتِي إنْ كَانَ عَدْلًا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. فَقَوْلُهُ لَمْ يَبْرَحْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا بَرِحَ ثُمَّ عَادَ لَا تُقْبَلُ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ فَتَأَمَّلْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عِبَارَةِ الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ (أَقُولُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ عِبَارَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ جَزَمَ بِهِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ قَالَ فِي

الْبَحْرِ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَبْرَحْ أَيْ لَمْ يُفَارِقْ مَكَانَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَامَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ لِجَوَازِ أَنَّهُ غَرَّهُ الْخَصْمُ بِالدُّنْيَا وَجَعَلَ فِي الْمُحِيطِ إطَالَةَ الْمَجْلِسِ كَالْقِيَامِ عَنْهُ وَهُوَ رِوَايَةُ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ وَقَيَّدَ فِي الْكَافِي تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ بِأَنْ يَكُونَ مَوْضِعَ شُبْهَةِ كَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فِي قَدْرِ الْمَالِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَلَا بَأْسَ بِإِعَادَةِ الْكَلَامِ مِثْلَ أَنْ يَدَعَ لَفْظَ الشَّهَادَةِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهُ وَإِنْ قَامَ عَنْ الْمَجْلِسِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ الْقَبُولُ فِي غَيْرِ الْمَجْلِسِ فِي الْكُلِّ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَعَلَى هَذَا لَوْ وَقَعَ الْغَلَطُ فِي ذِكْرِ بَعْضِ الْجُدُودِ أَوْ فِي بَعْضِ النَّسَبِ ثُمَّ تَذَكَّرَ ذَلِكَ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُبْتَلَى بِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي اهـ. وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ أَيْ التَّقْيِيدُ بِالْمَجْلِسِ وَعَدَمِ الْبَرَاحِ عَنْهُ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فَعُلِمَ أَنَّ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ إنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى بِنْتَيْ هِنْدٍ الْمُتَوَفَّاةِ عَنْهُمَا بِأَنَّهُ ابْنُ ابْنِ عَمِّ أُمِّهِمَا الْمَذْكُورَةِ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ ابْنُ ابْنِ عَمِّ الْمُتَوَفَّاةِ بِمُقْتَضَى أَنَّهُ مُصْطَفَى بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَسَنِ بْنِ يُونُسَ الدِّيرِيُّ وَأَنَّ الْمُتَوَفَّاةَ دِيبَةُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ بْنِ يُونُسَ الدِّيرِيُّ وَأَنَّ وَالِدَ دِيبَةَ وَهُوَ سُلَيْمَانُ وَجَدَّ الْمُدَّعِي وَهُوَ حَسَنٌ أَخَوَانِ وَالِدُهُمَا يُونُسُ الْمَذْكُورُ وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الثَّانِي بِأَنَّ بِنْتَيْ الْمُتَوَفَّاةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمَا أَقَرَّتَا عِنْدَهُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ ابْنُ عَمِّ وَالِدَتِهِمَا دِيبَةَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : قَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الشَّاهِدَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاخْتِلَافُ الشَّاهِدَيْنِ مَانِعٌ مِنْ قَبُولِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ التَّطَابُقِ لَفْظًا وَمَعْنًى إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا كَمَا بَسَطَ ذَلِكَ فِي الْبَحْرِ مِنْ الشَّهَادَاتِ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الشَّاهِدَ الْأَوَّلَ شَهِدَ أَنَّهُ ابْنُ ابْنِ عَمِّ الْمُتَوَفَّاةِ وَالثَّانِي شَهِدَ أَنَّهُ ابْنُ عَمِّ وَالِدَتِهِمَا وَأَسْقَطَ ابْنًا وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْأَوَّلَ شَهِدَ بِالنَّسَبِ وَالثَّانِي بِإِقْرَارِ الْوَارِثِ. وَقَدْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ ادَّعَى الْأَدَاءَ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَدَّاهُ وَالْآخَرُ أَنَّ الدَّائِنَ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا شَهِدَ بِالْفِعْلِ وَالْآخَرَ بِالْقَوْلِ اهـ وَفِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسَ عَشَرَ لَوْ ادَّعَى الْغَصْبَ وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَدَّاهُ وَالْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْغَصْبِ لَا تُقْبَلُ وَإِذَا اشْتَرَى جَارِيَةً ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا وَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ أَنْ يَكُونَ بَاعَهَا بِهَذَا الْعَيْبِ فَشَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَهَذَا الْعَيْبُ بِهَا وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ لَمْ تَجُزْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُمَا مَا شَهِدَا عَلَى أَمْرَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ اهـ وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ عَنْ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى إذَا اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ لَا يَخْلُو عَنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إمَّا فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان أَوْ إنْشَاءٍ وَإِقْرَارٍ وَكُلٌّ مِنْهَا لَا يَخْلُو عَنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إمَّا فِي الْفِعْلِ أَوْ فِي الْقَوْلِ أَوْ فِي فِعْلٍ مُلْحَقٍ بِالْقَوْلِ أَوْ عَكْسِهِ. أَمَّا الْفِعْلُ كَغَصْبٍ فَيَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ فِي الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا الْقَوْلُ الْمَحْضُ كَبَيْعٍ أَوْ رَهْنٍ فَلَا يَمْنَعُ قَبُولَهَا مُطْلَقًا وَأَمَّا الْفِعْلُ الْمُلْحَقُ بِالْقَوْلِ وَهُوَ الْقَرْضُ فَلَا يَمْنَعُ وَأَمَّا عَكْسُهُ كَنِكَاحٍ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ اهـ. فَالشَّهَادَةُ بِالنَّسَبِ شَهَادَةٌ عَلَى الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بِالْوِلَادَةِ وَهِيَ فِعْلٌ فَعَلَى هَذَا لَا يُقْبَلُ لِاخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ حَيْثُ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْفِعْلِ وَالْآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ وَهُمَا أَمْرَانِ مُخْتَلِفَانِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَرِثُ إذَا ثَبَتَ نَسَبُهُ وَبِالنَّسَبِ شَهِدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَقَطْ وَوَاحِدٌ بِالْإِقْرَارِ وَالْإِقْرَارُ لَا يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ وَإِنْ أَقَرَّ بِنَسَبٍ عَلَى غَيْرِهِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَالْجَدِّ وَابْنِ الْعَمِّ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَيَصِحُّ فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَتَّى تَلْزَمَهُ الْأَحْكَامُ مِنْ النَّفَقَةِ وَالْحَضَانَةِ وَالْإِرْثِ إذَا تَصَادَقَا عَلَيْهِ اهـ وَلَمْ يُوجَدْ نِصَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْإِقْرَارِ أَيْضًا حَتَّى يَصِحَّ إقْرَارُهُمَا فِي حَقِّ نَفْسِهِمَا عَلَى أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ لَمْ يَذْكُرَا أَنَّهُ ابْنُ ابْنِ عَمِّ الْمُتَوَفَّاةِ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ وَلَمْ يَذْكُرَا أَنْ لَا وَارِثَ لَهَا غَيْرُهُ مَعَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ. وَفِي دَعْوَى الْعُمُومَةِ لَا بُدَّ أَنْ يُفَسِّرَ أَنَّهُ عَمُّهُ لِأَبِيهِ أَوْ لِأُمِّهِ أَوْ لَهُمَا وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ هُوَ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَيُشْتَرَطُ ذِكْرُ

لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ لِإِسْقَاطِ التَّلَوُّمِ عَنْ الْقَاضِي وَقَوْلُهُ لَا أَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ عِنْدَنَا بِمَنْزِلَةِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ اهـ وَفِي الْخَانِيَّةِ فِي فَصْلِ دَعْوَى الْمِلْكِ بِسَبَبٍ وَتَقْدِيرُ مُدَّةِ التَّلَوُّمِ مُفَوَّضٌ إلَى الْقَاضِي وَقَدَّرَ الطَّحَاوِيُّ مُدَّةَ التَّلَوُّمِ بِالْحَوْلِ قِيلَ مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ لَا يَرَى التَّقْدِيرَ اهـ وَمَعْنَى يَتَلَوَّمُ أَيْ يَتَحَرَّى زَمَانًا بِحَيْثُ لَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ لَظَهَرَ كَمَا فِي الْوَجِيزِ فَتَلَخَّصَ مِنْ جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْمُدَّعِي الْمَذْكُورِ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ الْمَرْقُومَيْنِ حَيْثُ اخْتَلَفَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي الشَّهَادَةِ بِالنَّسَبِ بِالسَّمَاعِ بِطَرِيقِهَا الشَّرْعِيِّ إذَا قَالَ الشُّهُودُ اُشْتُهِرَ عِنْدَنَا ذَلِكَ وَلَمْ يُفَسِّرْ الشَّاهِدُ أَنَّ شَهَادَتَهُ بِالتَّسَامُعِ هَلْ تُقْبَلُ وَيَحِلُّ لِلشَّاهِدِ الشَّهَادَةُ إذَا أَخْبَرَهُ بِهِ عَدْلَانِ أَوْ عَدْلٌ وَعَدْلَتَانِ اعْتِمَادًا عَلَى إخْبَارِهِمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الشَّهَادَةُ بِالنَّسَبِ جَائِزَةٌ وَتُقْبَلُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي غَالِبِ كُتُبِ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَذَلِكَ اسْتِحْسَانٌ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِمُعَايَنَةِ أَسْبَابِهَا خَوَاصُّ مِنْ النَّاسِ وَيَتَعَلَّقُ بِهَا أَحْكَامٌ تَبْقَى عَلَى انْقِضَاءِ الْقُرُونِ وَانْقِرَاضِ الْأَعْصَارِ فَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ فِيهَا الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ أَدَّى إلَى الْحَرَجِ وَتَعْطِيلِ الْأَحْكَامِ وَهِيَ إمَّا بِالشُّهْرَةِ الْحَقِيقِيَّةِ وَهِيَ أَنْ يُسْمَعَ مِنْ قَوْمٍ لَا يُتَوَهَّمُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ بِأَنَّ هَذَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ فَيَسَعُهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَشْهَدَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيمَنْ سَمِعَ مِنْهُمْ الْعَدَالَةَ وَلَفْظَةُ الشَّهَادَةِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَمَّا بِالشُّهْرَةِ الْحُكْمِيَّةِ بِأَنْ يَشْهَدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِمَا وَيَقَعُ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُمَا فَيَسَعَهُ أَنْ يَشْهَدَ وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ نِصَابٍ يُفِيدُ الْعِلْمَ الَّذِي يُبْنَى عَلَيْهِ الْحُكْمُ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْعَدَالَةُ وَلَفْظَةُ الشَّهَادَةِ. وَذَكَرَ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا وَمَا ذُكِرَ يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ الْعَدْلَيْنِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ لَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ وَالدُّرَرِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَالْحَدَّادِيِّ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ تُجَوِّزُ شَهَادَةَ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي ذَلِكَ وَرِوَايَةُ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ إذَا سَمِعَ مِنْ وَاحِدٍ ثِقَةٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِلْأَقْطَعِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ بِاسْتِشْهَادِ صَاحِبِ النَّسَبِ فَإِنْ أَقَامَ الرَّجُلُ شَاهِدَيْنِ عِنْدَهُ عَلَى نَسَبِهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُفَسِّرَ أَنَّهُ يَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ فَلَوْ فُسِّرَ لَا تُقْبَلُ أَمَّا لَوْ قَالُوا لَمْ نُعَايِنْ وَلَكِنْ اُشْتُهِرَ عِنْدَنَا تُقْبَلُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُفَسِّرَ أَنَّهُ يَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ فَلَوْ فَسَّرَ لَا يُقْبَلُ كَمُعَايَنَتِهِ لِشَيْءٍ فِي يَدِ إنْسَانٍ يُطْلِقُ لَهُ الشَّهَادَةَ وَإِذَا فَسَّرَ لَا يُقْبَلُ اهـ أَمَّا لَوْ قَالُوا اُشْتُهِرَ عِنْدَنَا كَمَا فِي السُّؤَالِ فَهُوَ مَقْبُولٌ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ شَهِدُوا بِالشُّهْرَةِ فِي هَذِهِ الْفُصُولِ وَقَالُوا لَمْ نُعَايِنْ وَلَكِنْ اُشْتُهِرَ عِنْدَنَا تُقْبَلُ وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَشَرَطَ فِيهَا لِلْقَبُولِ فِي النَّسَبِ أَنْ يُخْبِرَهُ عَدْلَانِ مِنْ غَيْرِ اسْتِشْهَادِ الرَّجُلِ فَإِنْ أَقَامَ الرَّجُلُ شَاهِدَيْنِ عِنْدَهُ عَلَى نَسَبِهِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ غَرِيبًا لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ بِنَسَبِهِ حَتَّى يَلْقَى مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ فَيَشْهَدَا عِنْدَهُ عَلَى نَسَبِهِ قَالَ الْخَصَّافُ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ غَابَ عَنْ دِمَشْقَ بَلْدَتِهِ إلَى بِلَادِ الْحِجَازِ مِنْ مُدَّةِ سَنَةٍ وَنِصْفٍ وَلَهُ أَخٌ وَأُخْتٌ شَقِيقَانِ وَعَلَى الْغَائِبِ دَيْنٌ لِجَمَاعَةٍ أَخْبَرَ الْأُخْتَ الْمَزْبُورَةَ رَجُلٌ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُ مَاتَ وَلَمْ يَكُنْ مَوْتُهُ مَشْهُورًا تَزْعُمُ الْأُخْتُ وَأَصْحَابُ الدُّيُونِ أَنَّهُ ثَبَتَ مَوْتُهُ بِمُجَرَّدِ الْإِخْبَارِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَا يَثْبُتُ الْمَوْتُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى مَوْتِ رَجُلٍ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ أَمَّا إنْ أَطْلَقَا الشَّهَادَةَ إطْلَاقًا وَلَمْ يُبَيِّنَا شَيْئًا أَوْ قَالَا لَمْ نُعَايِنْ مَوْتَهُ وَإِنَّمَا سَمِعْنَا مِنْ النَّاسِ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي إنْ لَمْ يَكُنْ مَوْتُ فُلَانٍ مَشْهُورًا فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ مَوْتُهُ مَشْهُورًا ذَكَرَ

فِي الْأَصْلِ وَكِتَابِ الْأَقْضِيَةِ أَنَّهُ تُقْبَلُ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ فِي أَدَبِ الْقَاضِي وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَبِهِ أَخَذَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ حُسَامُ الدِّينِ وَفِي الْغِيَاثِيَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ قَالَا نَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا مَاتَ أَخْبَرْنَا بِذَلِكَ مَنْ شَهِدَ مَوْتَهُ مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْأَقْضِيَةِ وَهَذَا فَصْلٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ بَعْضُهُمْ قَالَ لَا تَجُوزُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ تُقْبَلُ إذَا صُرِّحَ بِالسَّمَاعِ وَكَذَا الشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِ إذَا أَقَرَّ بِالْيَدِ كَمَنْ رَأَى عَيْنًا فِي يَدِ إنْسَانٍ يَتَصَرَّف فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالْمِلْكِ لِذِي الْيَدِ وَلَوْ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي وَقَالَ إنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ مِلْكُهُ لِأَنِّي رَأَيْتهَا فِي يَدِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَقَدْ عَثَرْنَا عَلَى الرِّوَايَةِ أَنَّهُ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ وَهِيَ رِوَايَةُ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ. وَكَذَا إذَا قَالَا دَفَنَّاهُ أَوْ شَهِدْنَا جِنَازَتَهُ تَتَارْخَانِيَّةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُخْبِرِ بِالْمَوْتِ لَفْظُ الشَّهَادَةِ بَزَّازِيَّةٌ وَالنَّسَبُ وَالنِّكَاحُ يُخَالِفُ الْمَوْتَ فَإِنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ بِالْمَوْتِ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ وَفِي غَيْرِهِ لَا بُدَّ مِنْ إخْبَارِ عَدْلَيْنِ صُوَرُ الْمَسَائِلِ. وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ الْعَدْلُ وَلَوْ أُنْثَى هُوَ الْمُخْتَارُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ مُتَّهَمًا كَوَارِثٍ وَمُوصَى لَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ شَرْحِ الْمُلْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ مِنْ الشَّهَادَةِ شَهِدَ أَنَّهُ شَهِدَ أَيْ حَضَرَ دَفْنَ زَيْدٍ أَوْ صَلَّى عَلَيْهِ فَهُوَ مُعَايَنَةٌ حَتَّى لَوْ فَسَّرَ لِلْقَاضِيَّ يَقْبَلُهُ إذْ لَا يُدْفَنُ إلَّا الْمَيِّتُ وَلَا يُصَلَّى إلَّا عَلَيْهِ. دُرَرٌ آخِرَ الشَّهَادَاتِ (أَقُولُ) وَفِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَإِنْ فَسَّرَ الشَّاهِدُ لِلْقَاضِي أَنَّ شَهَادَتَهُ بِالتَّسَامُعِ أَوْ بِمُعَايَنَةِ الْيَدِ رُدَّتْ عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا فِي الْوَقْفِ وَالْمَوْتِ إذَا فَسَّرَا وَقَالَا فِيهِ أَخْبَرَنَا مَنْ نَثِقُ بِهِ تُقْبَلُ عَلَى الْأَصَحِّ خُلَاصَةٌ بَلْ فِي الْعَزْمِيَّةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ مَعْنَى التَّفْسِيرِ أَنْ يَقُولَا شَهِدْنَا؛ لِأَنَّا سَمِعْنَا مِنْ النَّاسِ أَمَّا لَوْ قَالَا لَمْ نُعَايِنْ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ اُشْتُهِرَ عِنْدَنَا جَازَتْ فِي الْكُلِّ وَصَحَّحَهُ شَارِحُ الْوَهْبَانِيَّةِ وَغَيْرُهُ اهـ. وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّ قَوْلَ الشَّاهِدِ أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ لَيْسَ مِنْ التَّسَامُعِ لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْيَنَابِيعِ أَنَّهُ مِنْهُ وَكَتَبْت أَيْضًا نَقْلًا عَنْ خَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيِّ أَنَّ مَا فِي التَّنْوِيرِ تَبَعًا لِلدُّرَرِ مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْوَقْفِ وَالْمَوْتِ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ عَامَّةِ الْمُتُونِ وَقَدْ أَفْتَى بِخِلَافِهِ فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ وَفَتَاوَى عَلِيٍّ أَفَنْدِي مُفْتِي الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ هَلْ تُقْبَلُ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تُقْبَلُ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَا يَشْهَدُ بِمَا لَمْ يُعَايِنْ إلَّا فِي النَّسَبِ وَالْمَوْتِ وَالنِّكَاحِ وَالدُّخُولِ وَوِلَايَةِ الْقَاضِي وَأَصْلِ الْوَقْفِ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهَا إذَا أَخْبَرَهُ بِهَا مَنْ يُوثَقُ بِهِ اسْتِحْسَانًا دَفْعًا لِلْحَرَجِ وَتَعْطِيلِ الْأَحْكَامِ اهـ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَفِيضَةٌ فِي الْكُتُبِ وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ صُورَةُ الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ فُلَانًا وَقَفَهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى الْقِرَاءَةِ أَوْ عَلَى أَوْلَادِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَعَرَّضُوا أَنَّهُ شَرَطَ فِي وَقْفِهِ كَذَا وَكَذَا فَإِنْ شَهِدُوا عَلَى شَرْطِ الْوَاقِفِ وَأَنَّهُ قَالَ لِلْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ كَذَا وَلِلْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ كَذَا فَلَا تُسْمَعُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى شُرُوطِ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُشْتَهَرُ إنَّمَا هُوَ أَصْلُ الْوَقْفِ وَأَنَّهُ عَلَى الْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ. أَمَّا الشُّرُوطُ فَلَا تَشْتَهِرُ فَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشُّرُوطِ بِالتَّسَامُعِ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى وَرَثَةُ عَمْرٍو عَلَى زَيْدٍ أَنَّ لِمُوَرِّثِهِمْ فِي ذِمَّتِهِ كَذَا بِسَبَبِ قَرْضٍ اقْتَرَضَهُ مِنْهُ فِي سَنَةِ كَذَا وَأَنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ وَطَالَبُوهُ بِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ دَفَعَ مِنْهُ مِقْدَارَ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا لِمُوَرِّثِهِمْ فِي ثَامِنِ شَعْبَانَ فِي السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ فَأَحْضَرَ لِلشَّهَادَةِ كُلًّا مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَشَهِدُوا بِأَنَّهُ دَفَعَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ الْمَزْبُورِ فَأَحْضَرَ الْوَرَثَةُ بَيِّنَةً شَهِدَتْ أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَشَهِدُوا دَفْنَهُ فَأَجَابَ زَيْدٌ بِأَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ وَأَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ فَمَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَيْنِ وَمَا يَلْزَمُ زَيْدًا؟ (الْجَوَابُ) : الْحَمْدُ لِلَّهِ مُلْهِمِ الصَّوَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّهَا النَّاسُ عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الْإِشْرَاكَ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَتَلَا قَوْله تَعَالَى

{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30] » . وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ قَالَ وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ مُتَّكِئًا قَالَ وَشَهَادَةُ الزُّورِ وَقَوْلُ الزُّورِ فَمَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ» أَيْ شَفَقَةً عَلَيْهِ وَقَالَ فِي الْمُلْتَقَى وَمَنْ عُلِمَ أَنَّهُ شَهِدَ زُورًا يُشَهَّرُ وَلَا يُعَزَّرُ وَعِنْدَهُمَا يُوجَعُ ضَرْبًا وَيُحْبَسُ وَقَالَ فِي التَّنْوِيرِ مَنْ ظَهَرَ أَنَّهُ شَهِدَ بِزُورٍ عُزِّرَ بِالتَّشْهِيرِ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ مَنْ ظَهَرَ أَنَّهُ شَهِدَ بِزُورٍ بِأَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يَدَّعِ سَهْوًا وَلَا غَلَطًا كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ النَّفْيِ عُزِّرَ بِالتَّشْهِيرِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى سِرَاجِيَّةٌ وَزَادَا ضَرْبَهُ وَحَبْسَهُ مَجْمَعٌ وَفِي الْبَحْرِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُسَخِّمَ وَجْهَهُ إذَا رَآهُ سِيَاسَةً اهـ وَقَالَ فِي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ شَهِدَ زُورًا يُشَهَّرُ وَلَمْ يُعَزَّرْ وَقَدْ قِيلَ إنْ وَضْعَ الْمَسْأَلَةِ فِي الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ لَا تُعْلَمُ إلَّا بِالْإِقْرَارِ وَلَا تُعْلَمُ بِالْبَيِّنَةِ. (أَقُولُ) قَدْ تُعْلَمُ بِدُونِ الْإِقْرَارِ كَمَا إذَا شَهِدَ بِمَوْتِ زَيْدٍ أَوْ بِأَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ ثُمَّ ظَهَرَ زَيْدٌ حَيًّا وَكَذَا إذَا شُهِدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَمَضَى ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَيْسَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ وَلَمْ يُرَ الْهِلَالُ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ اهـ وَأَمَّا الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ قَدْ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ ارْتَكَبَ الْكَذِبَ وَقَدْ آذَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَعْوَاهُ عَلَيْهِ فَيُعَزَّرُ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ وَعُزِّرَ كُلُّ مُرْتَكِبِ مُنْكِرٍ أَوْ مُؤْذِي مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَلَوْ بِغَمْزِ الْعَيْنِ قَالَ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ أَوْ إشَارَةٍ؛ لِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ كَمَا يَأْتِي فِي الْحَظْرِ فَمُرْتَكِبُهُ مُرْتَكِبُ مُحَرَّمٍ وَكُلُّ مُرْتَكِبِ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا فِيهَا التَّعْزِيرُ. أَشْبَاهٌ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَسُئِلَ الْعَلَامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ فِي حَادِثَةٍ وَزَكَّاهُمَا اثْنَانِ فَظَهَرَ أَنَّهُمَا شَهِدَا زُورًا فَهَلْ عَلَى مَنْ زَكَّاهُمَا ضَمَانٌ أَوْ تَعْزِيرٌ أَجَابَ لَا ضَمَانَ وَلَا تَعْزِيرَ عَلَى مَنْ زَكَّاهُمَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَجَعَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَنْ شَهَادَتِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَالَ إنَّهُ شَهِدَ بِزُورٍ فَهَلْ لَا يُنْقَضُ الْقَضَاءُ بِرُجُوعِهِ وَيَضْمَنُ نِصْفَ الْمَالِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُعَزَّرُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يُنْقَضُ الْقَضَاءُ بِرُجُوعِهِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ إذَا رَجَعَ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي بَعْدَ الْحُكْمِ لَا يُفْسَخُ الْحُكْمُ؛ لِأَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ يُنَاقِضُ أَوَّلَهُ فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِالتَّنَاقُضِ وَلِأَنَّهُ تَرَجَّحَ كَلَامُهُ الْأَوَّلُ بِالْقَضَاءِ فَلَا يُنْقَضُ بِتَكْذِيبِهِ نَفْسَهُ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ بِأَنْ عَلِمَ أَيْ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهُ مِنْهُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ إنَّ الْقَضَاءَ بِشَهَادَةِ الزُّورِ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَذَاكَ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ دُونَ الْأَمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ وَضَمِنَ الشَّاهِدُ نِصْفَ مَا شَهِدَ بِهِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَامَةُ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ؛ لِأَنَّ التَّسَبُّبَ عَلَى وَجْهِ التَّعَدِّي سَبَبُ الضَّمَانِ كَحَفْرِ الْبِئْرِ وَقَدْ تَسَبَّبَ لِلْإِتْلَافِ تَعَدِّيًا وَقَدْ تَعَذَّرَ إيجَابُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُبَاشِرِ وَهُوَ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ كَالْمَلْجَأِ إلَى الْقَضَاءِ وَفِي إيجَابِهِ عَلَيْهِ صَرْفُ النَّاسِ عَنْ تَقَلُّدِ الْقَضَاءِ وَتَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مَاضٍ فَاعْتُبِرَ السَّبَبُ وَهُوَ الشَّاهِدُ سَوَاءٌ قَبَضَ الْمُدَّعِي الْمَالَ أَوْ لَا بِهِ يُفْتَى كَذَا فِي التَّنْوِيرِ وَالْبَحْرِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَخُلَاصَةِ الْفَتَاوَى وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. وَقَيَّدَ ضَمَانَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُلْتَقَى وَالْوِقَايَةِ وَالْكَنْزِ وَالدُّرَرِ بِمَا إذَا قُبِضَ الْمَالُ لِعَدَمِ الْإِتْلَافِ قَبْلَهُ لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي الَّذِي عَلَيْهِ الْمُتُونُ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْمُتُونِ تَصْحِيحٌ الْتِزَامِيٌّ وَالتَّصْحِيحُ الصَّرِيحُ أَقْوَى وَعِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ الشَّاهِدَانِ إذَا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا رُجُوعًا مُعْتَبَرًا يَعْنِي عِنْدَ الْقَاضِي لَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ لَكِنْ ضَمِنَا الْمَالَ الَّذِي شَهِدَا بِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ الْأَخِيرُ وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى سَوَاءٌ قَبَضَ الْمَقْضِيُّ لَهُ الْمَالَ الَّذِي قُضِيَ بِهِ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ اهـ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْفَتْوَى الضَّمَانُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالضَّمَانِ قَبَضَ الْمُدَّعِي

الْمَالَ أَوْ لَا اهـ وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ أَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَبِهِ يُفْتَى مِنْ عَلَامَاتِ التَّرْجِيحِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُضْمَرَاتِ وَاَلَّذِي اُسْتُفِيدَ مِنْ عِبَارَةِ الْخُلَاصَةِ أَنَّ مَا عَلَيْهِ الْمُتُونُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ الْأَوَّلُ وَالْمُفْتَى بِهِ قَوْلُهُ الْآخَرُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَلَعَلَّهُ رُجُوعٌ عَلَى قَوْلِهِ الْأَوَّلِ فَكَانَ عَلَى الثَّانِي الْمُعَوَّلُ وَحَيْثُ أَخْبَرَ الشَّاهِدُ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ شَهِدَ زُورًا وَلَمْ يَدَّعِ سَهْوًا وَلَا غَلَطًا كَمَا حَرَّرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ عُزِّرَ بِالتَّشْهِيرِ. قَالَ فِي السِّرَاجِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَزَادَ الْإِمَامَانِ ضَرَبَهُ وَحَبَسَهُ كَذَا فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْبَحْرِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُسَخِّمَ وَجْهَهُ إنْ رَآهُ سِيَاسَةً وَقِيلَ إنْ رَجَعَ مُصِرًّا ضُرِبَ إجْمَاعًا وَإِنْ تَائِبًا لَمْ يُعَزَّرْ إجْمَاعًا وَتَفْوِيضُ مُدَّةِ تَوْبَتِهِ لِرَأْيِ الْقَاضِي عَلَى الصَّحِيحِ كَيْفَ لَا وَقَدْ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً مِنْ الْكَبَائِرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج: 30] وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «شَاهِدُ الزُّورِ لَا تَزُولُ قَدَمَاهُ حَتَّى يُوجِبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُحَجَّبَةِ بِنِكَاحٍ أَوْ تَوْكِيلٍ هَلْ تَصِحُّ وَمَا طَرِيقُ صِحَّتِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَصِحُّ وَطَرِيقُ صِحَّتِهَا مَا ذَكَرَهُ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ وَلَا يَشْهَدُ عَلَى مُحَجَّبٍ بِسَمَاعِهِ مِنْهُ إلَّا إذَا تَبَيَّنَ الْقَائِلُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ غَيْرُهُ أَوْ يَرَى شَخْصَهَا أَيْ الْقَائِلَةِ مَعَ شَهَادَةِ اثْنَيْنِ بِأَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَتَكُونُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ عَلَى الِاسْمِ وَالنَّسَبِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ وَالْعِمَادِيَّةِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِ وَالنَّظَرُ إلَى وَجْهِهَا لَا يُشْتَرَطُ عَنْدَهُمَا إذَا أَخْبَرَ الشَّاهِدَ عَدْلَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ وَتَكُونُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ عَلَى الِاسْمِ وَالنَّسَبِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَإِلَيْهِ مَال الْإِمَامُ خواهر زاده كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَفِي الدُّرَرِ يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ شَخْصِهَا لَا وَجْهِهَا وَقَالَ فِي الْخَيْرِيَّةِ بَعْدَمَا نَقَلَ الْمَسْأَلَةَ وَمَا هُوَ الصَّحِيحُ وَهَذَا كُلُّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ أَيْ مَوْتِ الْمَرْأَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهَا وَأَمَّا إذَا كَانَتْ حَيَّةً وَأَشَارَ الشُّهُودُ إلَيْهَا وَقَالُوا هَذِهِ نَشْهَدُ عَلَيْهَا وَنَعْرِفُهَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَلَوْ قَالُوا تَحَمَّلْنَا الشَّهَادَةَ عَلَى فُلَانَةَ بِنْتِ فُلَانٍ وَلَكِنْ لَا نَدْرِي هَلْ هِيَ هَذِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا أَمْ لَا صَحَّتْ شَهَادَتُهُمْ وَكَانَ عَلَى الْمُدَّعِي إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ أَنَّ هَذِهِ هِيَ الَّتِي سَمَّوْهَا وَنَسَبُوهَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ فِي شَهَادَاتِ الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ لِرَجُلٍ بِدَارٍ وَقَالُوا نَعْرِفُ الدَّارَ وَنَقِفُ عَلَى حُدُودِهَا إذَا مَشَيْنَا إلَيْهَا لَكِنْ لَا نَعْرِفُ أَسْمَاءَ الْحُدُودِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُمَا إذَا عَدَلَا وَيَبْعَثُ مَعَهُمَا الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَمِينًا لَهُ لِتَقِفَ الشُّهُودُ عَلَى الْحُدُودِ بِحَضْرَةِ أَمِينِ الْقَاضِي فَإِذَا وَقَفَا عَلَيْهَا وَقَالَا هَذِهِ حُدُودُ الدَّارِ الَّتِي شَهِدْنَا بِهَا لِهَذَا الْمُدَّعِي يَرْجِعُونَ إلَى الْقَاضِي وَيَشْهَدُ الْأَمِينَانِ أَنَّهُمَا وَقَفَا وَشَهِدَا بِأَسْمَاءِ الْحُدُودِ فَحِينَئِذٍ يَقْضِي الْقَاضِي بِالدَّارِ الَّتِي شَهِدَا بِهَا بِشَهَادَتِهِمَا. وَكَذَا هَذَا فِي الْقُرَى وَالْحَوَانِيتِ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفَتَاوَى ابْنِ عَبْدِ الْعَالِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَصَادَقَتْ امْرَأَةٌ مَعَ أُمِّهَا أَنَّهَا اشْتَرَتْ مِنْ أُمِّهَا الْمَذْكُورَةِ بُشْخَانَةً مُعَيَّنَةٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مَقْبُوضٍ مِنْ مُدَّةِ ثَلَاثِ سِنِينَ وَكُتِبَ بِذَلِكَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ تَحَمَّلَ شُهُودُ مَضْمُونِ الْحُجَّةِ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِمَا بِتَعْرِيفِ زَوْجِ الْمَرْأَةِ وَابْنِهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُعَرِّفَانِ الْمَذْكُورَانِ وَالْآنَ أُمُّ الْمَرْأَةِ تُنْكِرُ الْبَيْعَ فَهَلْ يَلْزَم ابْنَتَهَا إثْبَاتُ الشِّرَاءِ بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ عَارِفَةٍ بِأُمِّهَا غَيْرِ شَهَادَةِ مَضْمُونِ حُجَّةِ الْمُصَادَقَةِ حَيْثُ تَحَمَّلُوا الشَّهَادَةَ عَلَيْهَا وَهِيَ مُنْتَقِبَةٌ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : يُكْتَفَى فِي ذَلِكَ بِشَهَادَةِ شُهُودِ مَضْمُونِ الْحُجَّةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِثْبَاتِ بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ أُخْرَى وَتَصِحُّ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُنْتَقِبَةِ عِنْدَ التَّعْرِيفِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْأَشْبَاهِ وَيَصِحُّ تَعْرِيفُ الزَّوْجِ وَالِابْنِ وَمَنْ لَا يَصِحُّ شَاهِدًا لَهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الشَّهَادَةُ لَهَا أَوْ عَلَيْهَا كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَاخْتَارَهُ النَّسَفِيُّ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ

وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْت وَبِمِثْلِهِ أَجَبْت. وَرَأَيْت فَتْوَى أَيْضًا بِخَطِّ الْجَدِّ الْعَلَامَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيِّ بِمَا صُورَتُهُ فِيمَا إذَا كُتِبَ فِي صَكِّ بَيْعٍ أَنَّ زَيْدًا بَاعَ لِعَمِّهِ أَصَالَةً عَنْ نَفْسِهِ وَوَكَالَةً عَنْ أُخْتِهِ الثَّابِتَةِ وَكَالَتُهُ عَنْهَا بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ حِصَّتَيْهِمَا الْمَعْلُومَتَيْنِ فِي قَاعَةٍ وَبُسْتَانٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مَقْبُوضٍ بِيَدِهِ ثُمَّ مَاتَ الْمُشْتَرِي عَنْ وَرَثَةٍ وَجَحَدَتْ أُخْتُ زَيْدٍ تَوْكِيلَهُ فِي ذَلِكَ فَهَلْ يُكَلَّفُ وَرَثَةُ الْمُشْتَرِي إلَى إثْبَاتِ تَوْكِيلِهَا وَلَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ شُهُودُ مَضْمُونِ صَكِّ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ؟ (الْجَوَابُ) : الْحَمْدُ لِلَّهِ نَعَمْ يُكَلَّفُ وَرَثَةُ الْمُشْتَرِي إلَى إثْبَاتِ تَوْكِيلِهَا وَلَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ شُهُودُ مَضْمُونِ صَكِّ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَفَا عَنْهُ وَلَا عِبْرَةَ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الْوَكَالَةِ لِكَوْنِهَا فِي غَيْرِ وَجْهِ خَصْمٍ قَالَ فِي الْكَافِي لَا يَجُوزُ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ وَالْوِلَايَةِ بِلَا خَصْمٍ حَاضِرٍ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْجَوَابُ كَذَلِكَ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَحْمَدُ الْمَالِكِيُّ وَبِخَطِّ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَذْكُورِ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ لَا عِبْرَةَ بِالْحُجَّةِ وَلَا بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ بِمَضْمُونِهَا وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الشَّهَادَةُ عَنْ مَعْرِفَةٍ بِتَفَاصِيلِ مَا فِيهَا حَتَّى يُقِيمَ الْوَكِيلُ عَلَى وَجْهِ الْمُوَكِّلَتَيْنِ بَيِّنَةً عَادِلَةً بِأَنَّهُمَا وَكَلَّتَاهُ بِقَبْضِ مَالِهِمَا فِي ذِمَّةِ الدَّافِعِ وَبِالصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ أَيْضًا فَإِنَّ شَاهِدَيْ الْوَكَالَةِ لَا عِبْرَةَ بِشَهَادَتِهِمَا أَصْلًا فَإِنَّهُمَا لَمْ يَشْهَدَا بِالتَّوْكِيلِ بِنَاءً عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَبُو السُّعُودِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى بَرَاءَةِ ذِمَّةِ زَيْدٍ مِنْ مَالٍ مَعْلُومٍ لِعَمْرٍو وَاخْتَلَفَا فِي الزَّمَانِ فَهَلْ تَكُونُ شَهَادَتُهُمَا مَقْبُولَةً أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَكُون شَهَادَتُهُمَا مَقْبُولَةً؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مِمَّا يُعَادُ وَيَتَكَرَّرُ كَمَا نُصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَفِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ لَا يُكَلَّفُ الشَّاهِدُ إلَى بَيَانِ الْوَقْتِ وَالْمَكَانِ شَرْحُ الْمُلْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ سَأَلَهُمَا الْقَاضِي عَنْ الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ فَقَالَا لَا نَعْلَمُ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يُكَلَّفَا بِهِ اهـ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْكَافِي وَإِذَا اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ فِي الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْوَكَالَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالرَّهْنِ وَالدَّيْنِ وَالْقَرْضِ وَالْبَرَاءَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ وَالْقَذْفِ تُقْبَلُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْجِنَايَةِ وَالْغَصْبِ وَالْقَتْلِ وَالنِّكَاحِ لَا تُقْبَلُ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ إذَا كَانَ قَوْلًا كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَاخْتِلَافُ الشَّاهِدَيْنِ فِيهِ فِي الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ لَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ مِمَّا يُعَادُ وَيُكَرَّرُ وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ فِعْلًا كَالْغَصْبِ وَنَحْوِهِ أَوْ قَوْلًا لَكِنْ الْفِعْلُ شَرْطُ صِحَّتِهِ كَالنِّكَاحِ فَإِنَّهُ قَوْلٌ وَحُضُورُ الشَّاهِدَيْنِ فِعْلٌ وَهُوَ شَرْطٌ فَاخْتِلَافُهُمَا فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ يَمْنَعُ الْقَبُولَ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان غَيْرُ الْفِعْلِ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان آخَرَ فَاخْتَلَفَ الْمَشْهُودُ بِهِ اهـ وَفِي الْأَقْضِيَةِ وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى إقْرَارِ رَجُلٍ بِدَيْنٍ أَوْ إبْرَاءٍ مِنْ مَالٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَاخْتَلَفَا فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فَالشَّهَادَةُ مَقْبُولَةٌ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مِمَّا يُعَادُ وَيُكَرَّرُ فَيَكُونُ عَيْنَ الْأَوَّلِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمَشْهُودُ بِهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا مِنْ الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ فِي 21. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى جَمَاعَةٍ مَالًا مَعْلُومًا فَأَجَابُوا بِأَنَّهُمْ دَفَعُوهُ لَهُ مِنْ مُدَّةِ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَأَنَّهُ أَقَرَّ بِاسْتِيفَائِهِ مِنْهُمْ فِي التَّارِيخِ الْمَزْبُورِ وَأَقَامُوا بَيِّنَةً بِطِبْقِ مَا أَجَابُوا بِهِ غَيْرَ أَنَّ الشُّهُودَ ذَكَرُوا أَنَّهُ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَهَلْ يَضُرُّ الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ؟ (الْجَوَابُ) : هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَعَ كَثْرَةِ التَّنْقِيرِ وَالتَّفَحُّصِ عَنْهَا لَمْ نَجِدْ نَقْلًا صَرِيحًا فِيهَا غَيْرَ أَنَّا وَجَدْنَا مَا يُسْتَأْنَسُ لِذَلِكَ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى مِنْ اخْتِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ وَنَصُّهُ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ لَا يُكَلَّفُ الشَّاهِدُ إلَى بَيَانِ الْوَقْتِ وَالْمَكَانِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْقُنْيَةِ ضِمْنَ مَسْأَلَةٍ لَا يَحْتَاجَانِ إلَى بَيَانِ التَّارِيخِ اهـ. وَفِي الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ الْقَاعِدِيَّةِ فِي الشَّهَادَاتِ الشَّهَادَةُ لَوْ خَالَفَتْ الدَّعْوَى بِزِيَادَةٍ لَا يُحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهَا أَوْ نُقْصَانٍ كَذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ قَبُولَهَا اهـ. وَفِي الْخَيْرِيَّةِ عَنْ الْفُصُولَيْنِ

لَا يُكَلَّفُ الشَّاهِدُ إلَى بَيَانِ لَوْنِ الدَّابَّةِ؛ لِأَنَّهُ سُئِلَ عَمَّا لَا يُكَلَّفُ إلَى بَيَانِهِ فَاسْتَوَى ذِكْرُهُ وَتَرْكُهُ وَيَخْرُجُ مِنْهُ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ اهـ وَفِي الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ الْمُنْتَقَى شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ رَجُلٍ بِمَالٍ إلَّا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ أَوْ الْبُلْدَانِ قَالَ الْإِمَامُ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ عَلَى الشَّاهِدِ حِفْظَ عَيْنِ الشَّهَادَةِ لَا مَحَلِّهَا وَمَكَانِهَا وَقَالَ الثَّانِي لَا تُقْبَلُ لِكَثْرَةِ الشَّهَادَاتِ بِالزُّورِ وَلَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْبَيْعِ أَوْ الْإِيفَاءِ وَاخْتَلَفَا فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ تُقْبَلُ وَلَوْ سَأَلَهُمَا الْقَاضِي عَنْ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فَقَالَا لَا نَعْلَمُ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُكَلَّفَانِ بِهِ بَزَّازِيَّةٌ فَبِمُقْتَضَى مَا يَلُوحُ مِنْ النُّقُولِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ الْوَاقِعَ بَيْنَ الْخَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَالتِّسْعَةِ أَشْهُرٍ لَا يَضُرُّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (أَقُولُ) دَعْوَى دَفْعِ الْمَالِ مِنْ قَبِيلِ دَعْوَى الْفِعْلِ وَقَدْ مَرَّ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ السَّابِقِ عَنْ الْكَافِي أَنَّ اخْتِلَافَ الشَّاهِدَيْنِ فِي الْفِعْلِ فِي الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ مَانِعٌ بِخِلَافِ الْقَوْلِ وَهُنَا قَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ فِي الْفِعْلِ فِي الزَّمَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَانِعٌ كَالِاخْتِلَافِ بَيْنَ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ لَوْ ادَّعَى الشِّرَاءَ وَأَرَّخَهُ فَشَهِدُوا لَهُ بِلَا تَارِيخٍ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ الْمُؤَرَّخَ أَقْوَى وَعَلَى الْقَلْبِ لَا تُقْبَلُ وَلَوْ كَانَ لِلشِّرَاءِ شَهْرَانِ فَأَرَّخُوا شَهْرًا تُقْبَلُ وَعَلَى الْقَلْبِ لَا تُقْبَلُ اهـ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ ادَّعَى الشِّرَاءَ مُنْذُ شَهْرَيْنِ فَشَهِدُوا بِالشِّرَاءِ مُنْذُ شَهْرٍ قُبِلَتْ وَبِقَلْبِهِ لَا اهـ أَيْ: لَوْ ادَّعَاهُ مُنْذُ شَهْرٍ فَشَهِدُوا بِهِ مُنْذُ شَهْرَيْنِ لَا تُقْبَلُ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ أَكْثَرُ مِمَّا ادَّعَى لِإِثْبَاتِ الشُّهُودِ زِيَادَةَ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا أُرِّخَ وَشَهِدَا مُطْلَقًا. تَأَمَّلْ. وَحَيْثُ كَانَ مَانِعًا فِي الشِّرَاءِ وَهُوَ قَوْلٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُمْنَعُ فِي دَفْعِ الْمَالِ فِي مَسْأَلَتِنَا بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْفَرْقَ بَيْنَ دَعْوَى الْمِلْكِ وَغَيْرِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو بِأَنَّ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ خَمْسَمِائَةِ قِرْشٍ فَأَجَابَ عَمْرٌو بِأَنَّهُ أَوْفَاهُ ذَلِكَ وَأَتَى بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَا أَنَّهُ أَوْفَاهُ سِتَّمِائَةِ قِرْشٍ فَرَدَّ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمَا لِكَوْنِهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَى وَيُرِيدُ عَمْرٌو الْآنَ إقَامَةَ بَيِّنَةً شَرْعِيَّةً تَشْهَدُ لَهُ بِطِبْقِ مَا أَجَابَ بِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الدُّرَرِ الشُّهُودُ إذَا شَهِدُوا بِأَكْثَرَ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ كَانَ الْمُدَّعِي مُكَذِّبَهُمْ فَتَبْطُلُ شَهَادَتُهُمْ وَإِذَا شَهِدُوا بِالْأَقَلِّ تُقْبَلُ لِلِاتِّفَاقِ فِيهِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْعَلَائِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّ الْغَائِبَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَهَلْ تَكُونُ شَهَادَتُهُمَا غَيْرَ مَقْبُولَةٍ وَيُشْتَرَطُ حُضُورُ الزَّوْجِ؟ (الْجَوَابُ) : الشَّهَادَةُ عَلَى الطَّلَاقِ يُشْتَرَطُ لَهَا حُضُورُ الزَّوْجِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِي النِّهَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَفِيهِ أَيْضًا إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الطَّلَاقِ وَالزَّوْجُ غَائِبٌ لَا تُقْبَلُ لِعَدَمِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَصْمِ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا تُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ دَعْوَى الْمَرْأَةِ بِطَرِيقِ الْحِسْبَةِ وَهَذَا فِي الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي أَمَّا إذَا قَالُوا لِامْرَأَةِ الْغَائِبِ إنَّ زَوْجَك طَلَّقَك أَوْ أَخْبَرَهَا بِذَلِكَ وَاحِدٌ عَدْلٌ فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا حَلَّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِآخَرَ وَذُكِرَ فِي دَعْوَى الذَّخِيرَةِ إذَا شَهِدُوا عَلَى غَائِبٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ حَاضِرًا وَالْمَرْأَةُ غَائِبَةً تُقْبَلُ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْخَامِسِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ فِي الثَّالِثَ عَشَرَ وَدَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْخَامِسَ عَشَرَ. (سُئِلَ) فِي الشَّاهِدِ إذَا تَوَقَّفَ فِي إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَالَ لَا أَعْلَمُ إقْرَارَهُ ثُمَّ شَهِدَ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : إذَا قَالَ الشَّاهِدُ لَا شَهَادَةَ لِي ثُمَّ شَهِدَ قِيلَ لَا تُقْبَلُ وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ لِجَوَازِ النِّسْيَانِ ثُمَّ التَّذَكُّرُ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ عَلَائِيٌّ مِنْ الدَّعْوَى وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا قَالَ لَيْسَ لِي بَيِّنَةٌ أَوْ قَالَ الشُّهُودُ لَا شَهَادَةَ لَنَا ثُمَّ جَاءَ الْمُدَّعِي بِشُهُودٍ أَوْ شَهِدَ الَّذِي قَالَ لَا شَهَادَةَ عِنْدِي قَالَ فِي هَذَا عَنْ أَصْحَابِنَا رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَا تُقْبَلُ لِلتَّنَاقُضِ وَفِي رِوَايَةٍ تُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ التَّوْفِيقَ مُمْكِنٌ بِأَنْ يَقُولَ كَانَ لِي شُهُودٌ وَكُنْت نَسَيْت أَوْ تَقُولُ الشُّهُودُ كَذَلِكَ كَانَتْ لَنَا شَهَادَةٌ وَكُنَّا

نَسِينَا ثُمَّ تَذَكَّرْنَا جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى. (سُئِلَ) فِي شَاهِدَيْ طَلَاقٍ أَخَّرَا شَهَادَتَهُمَا مُدَّةَ شَهْرٍ وَنِصْفٍ بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ مَعَ مُشَاهَدَتِهِمَا لِلزَّوْجَيْنِ وَأَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ اجْتِمَاعَ الْأَزْوَاجِ فَهَلْ يَفْسُقَانِ بِتَأْخِيرِ الشَّهَادَةِ وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى تَقْدِيرِ مُدَّةِ التَّأْخِيرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى يَسَارٍ مَدْيُونٍ وَقَالُوا فِي شَهَادَتِهِمْ إنَّهُ مُوسِرٌ قَادِرٌ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ فَهَلْ يَصِحُّ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَالِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ عَقَارَهُ الْمَعْلُومَ مِنْ عَمْرٍو وَتَصَرَّفَ بِهِ عَمْرٌو مُدَّةً مَدِيدَةً وَرَجُلَانِ مُعَايِنَانِ مُشَاهِدَانِ لِذَلِكَ كُلِّهِ وَمُطَّلِعَانِ عَلَيْهِ وَيُرِيدَانِ الْآنَ أَنْ يَشْهَدَا حِسْبَةً بِأَنَّ الْعَقَارَ وَقْفُ كَذَا وَقَدْ أَخَّرَا شَهَادَتَهُمَا بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ وَلَا تَأْوِيلٍ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؟ (الْجَوَابُ) : شَاهِدُ الْحِسْبَةِ إذَا أَخَّرَ شَهَادَتَهُ بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَدَائِهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهَا وَقَعَتْ حَادِثَةٌ فِي غُرَّةِ مُحَرَّمٍ سَنَةَ 1150 هِيَ أَنَّ رَجُلًا ضَرَبَ بُنْدُقِيَّةً فِي سُوقِ كَذَا فِي وَقْتِ كَذَا فَأَصَابَتْ امْرَأَةً وَقَتَلَتْهَا مِنْ سَاعَتِهَا ثُمَّ كُشِفَ عَلَيْهَا مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي كَمَا ذُكِرَ ثُمَّ دُفِنَتْ ثُمَّ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ادَّعَى وَرَثَتُهَا عَلَى قَاتِلِهَا فَشَهِدَتْ الشُّهُودُ بِطِبْقِ مَا ادَّعُوا وَذَكَرُوا أَنَّ الْمَقْتُولَةَ فِي يَوْمِ كَذَا فِي وَقْتِ كَذَا الْمَكْشُوفَ عَلَيْهَا مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي إذْ ذَاكَ أَصَابَتْهَا الْبُنْدُقِيَّةُ كَمَا ذَكَرُوا فِي الدَّعْوَى غَيْرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا اسْمَ أَبِيهَا وَجَدِّهَا فَسَأَلَنِي الْقَاضِي هَلْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الشُّهُودِ اسْمَ أَبِيهَا وَجَدِّهَا أَمْ لَا فَكَتَبْت مَا صُورَتَهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى غَائِبٍ أَوْ مَيِّتٍ فَلَا بُدَّ لِقَبُولِهَا مِنْ نِسْبَتِهِ إلَى جَدِّهِ فَلَا يَكْفِي ذِكْرُ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَصِنَاعَتِهِ إلَّا إذَا كَانَ يُعْرَفُ بِهَا أَيْ بِالصِّنَاعَةِ لَا مَحَالَةَ بِأَنْ لَا يُشَارِكَهُ فِي الْمِصْرِ غَيْرُهُ فَلَوْ قُضِيَ بِلَا ذِكْرِ الْجَدِّ نَفَذَ فَالْمُعْتَبَرُ التَّعْرِيفُ لَا تَكْثِيرُ الْحُرُوفِ حَتَّى لَوْ عُرِفَ بِاسْمِهِ فَقَطْ أَوْ بِلَقَبِهِ وَحْدَهُ كَفَى جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَمُلْتَقَطٌ كَذَا فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ الشَّهَادَةِ وَقَالَ فِي الْمِنَحِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إنَّمَا هُوَ حُصُولُ الْمَعْرِفَةِ وَارْتِفَاعُ الِاشْتِرَاكِ اهـ وَقَالُوا فِي ثُبُوتِ هِلَالِ رَمَضَانَ شَهِدُوا أَنَّهُ شَهِدَ عِنْدَ قَاضِيَ مِصْرِ كَذَا شَاهِدَانِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَقَضَى الْقَاضِي بِهَا وَوَجَدَ اسْتِجْمَاعَ شَرَائِطِ الدَّعْوَى قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا فَانْظُرُوا حَفِظَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى إلَى قَوْلِهِمْ قَاضِي بَلْدَةِ كَذَا وَلَمْ يَذْكُرُوا اشْتِرَاطَ اسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْتَبِسُ بِغَيْرِهِ إذْ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَاحِدٌ لَا اثْنَانِ كَمَا هُوَ الْمَعْلُومُ وَفِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ الْمَرْأَةُ الْمَقْتُولَةُ فِي دِمَشْقَ فِي السُّوقِ الْمَعْلُومِ الْمُشَاهَدَةُ بِالْكَشْفِ فِي الْيَوْمِ الْمَعْلُومِ وَاحِدَةٌ لَا ثِنْتَانِ فَلَا لَبْسَ وَلَا اشْتِبَاهَ. (سُئِلَ) فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمَجْهُولَةِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ وَلَا مُعَرِّفٍ شَرْعِيَّيْنِ هَلْ تَكُونُ غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ شَرْعًا أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : الشَّهَادَةُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمَجْهُولَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ شَرْعًا إلَّا إذَا عَرَفَهَا رَجُلَانِ وَقَالَا نَشْهَدُ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ فَحِينَئِذٍ حَلَّتْ الشَّهَادَةُ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ التُّمُرْتَاشِيُّ وَغَيْرُهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ وَصُورَةُ جَوَابِ التُّمُرْتَاشِيِّ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمَجْهُولَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ شَرْعًا وَلَا يَكْتَفِي بِتَعْرِيفِ الْوَاحِدِ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَلَوْ أَخْبَرَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ لَا يَحِلُّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا؛ لِأَنَّ تَعْرِيفَ الْمَرْأَةِ الْوَاحِدَةِ وَالرَّجُلِ الْوَاحِدِ لَا يَكْفِي وَلَوْ عَرَّفَهَا رَجُلَانِ وَقَالَا نَشْهَدُ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ حَلَّ لَهُمَا أَدَاءَ الشَّهَادَةِ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ فِي لَفْظِ الشَّهَادَةِ مِنْ التَّأْكِيدِ مَا لَيْسَ فِي لَفْظِ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّهَا يَمِينٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى مَعْنًى وَلَوْ كَانَ بِلَفْظِ الْخَبَرِ إنَّمَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا أَخْبَرَ جَمَاعَةٌ لَا يُتَصَوَّرُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ. وَعِنْدَهُمَا إذَا أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ بْنِ فُلَانٍ يَحِلُّ لَهُ الشَّهَادَةُ عَلَى النَّسَبِ وَفِي الْفَوَائِدِ الزَّيْنِيَّةِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ حِلْيَتِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَى وَجْهِهَا فِي التَّعْرِيفِ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ قَالُوا لَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ بِدُونِ رُؤْيَةِ وَجْهِهَا وَبِهِ يُفْتِي شَمْسُ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيُّ وَظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى

اهـ (أَقُولُ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَعْرِيفَ الْمَرْأَةِ الْمَجْهُولَةِ إنْ كَانَ مِنْ وَاحِدٍ لَا يَكْفِي وَإِنْ كَانَ مِنْ اثْنَيْنِ فَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ بِأَنْ قَالَا نَشْهَدُ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ كَفَى اتِّفَاقًا وَإِلَّا بِأَنْ أَخْبَرَا أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ بِدُونِ لَفْظِ الشَّهَادَةِ فَلَا يَكْفِي عِنْدَهُ مَا لَمْ يُخْبِرْ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ لَا يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ وَعِنْدَهُمَا يَكْفِي إخْبَارُ الْعَدْلَيْنِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ حَيْثُ قَالَ وَهَلْ يُشْتَرَطُ شَهَادَةُ الزَّائِدِ عَلَى عَدْلَيْنِ فِي أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ أَمْ لَا قَالَ الْإِمَامُ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ جَمَاعَةٍ عَلَى أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ وَقَالَا شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ تَكْفِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ اهـ فَقَدْ جَعَلَ الْخِلَافَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ فِي لَفْظِ الشَّهَادَةِ لَا الْإِخْبَارِ لَكِنْ نَقَلَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَحْرِ عَنْ مُعِينِ الْحُكَّامِ لِلطَّرَابُلُسِيِّ مِثْلَ مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا عَنْ التُّمُرْتَاشِيِّ ثُمَّ قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَا فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ هُوَ الْمُعْتَبَرُ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعِلَّةِ اهـ أَيْ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ فِي لَفْظِ الشَّهَادَةِ مِنْ التَّأْكِيدِ مَا لَيْسَ فِي لَفْظِ الْخَبَرِ إلَخْ. (سُئِلَ) فِي شَهَادَةِ الرَّجُلِ لِأُمِّ زَوْجَتِهِ بِدَيْنٍ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَعَنْ بِنْتٍ مِنْهَا هِيَ زَوْجَةُ الرَّجُلِ الشَّاهِدِ الْمَذْكُورِ هَلْ تُقْبَلُ؟ (الْجَوَابُ) : تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِأُمِّ امْرَأَتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْأَقْضِيَةِ فِيمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَا لَا تُقْبَلُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَهِدُوا عَلَى شُهُودِ الْمُدَّعِي قَبْلَ التَّعْدِيلِ عَلَى إقْرَارِهِمْ بِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِزُورٍ فَهَلْ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى شُهُودِ الْمُدَّعِي عَلَى إقْرَارِهِمْ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِزُورٍ قَبْلَ التَّعْدِيلِ وَلَوْ مِنْ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ جَرْحٌ مُجَرَّدٌ قَبْلَ التَّعْدِيلِ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ فِي الْمِنَحِ تَبَعًا لِمَا قَرَّرَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَأَقَرَّهُ مُنْلَا خُسْرو وَأَدْخَلَهُ تَحْتَ قَوْلِهِمْ الدَّفْعُ أَسْهَلُ مِنْ الرَّفْعِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَائِيُّ وَمَسْأَلَةُ قَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ دَوَّارَةٌ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي شَهَادَةِ الدَّلَّالِ الْعَدْلِ الَّذِي لَا يَحْلِفُ وَلَا يَكْذِبُ هَلْ تُقْبَلُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا كَانَ كَذَلِكَ تُقْبَلُ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَكَذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النَّخَّاسِ وَهُوَ الدَّلَّالُ إلَّا إذَا كَانَ عَدْلًا لَمْ يَكْذِبْ وَلَمْ يَحْلِفْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بِنْتُ أَخٍ وَبِنْتُ زَوْجَةٍ بَالِغَتَانِ عَاقِلَتَانِ فَشَهِدَتَا لَهُ مَعَ رَجُلٍ آخَرَ بِشِرَاءِ طَبَقَةٍ مِنْ عَمْرٍو هَلْ تُقْبَلُ حَيْثُ لَا مَانِعَ شَرْعًا أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَفِي الْقُنْيَةِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّبِيبِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ أَوْلَادٍ فَادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّ أَبَاهُ بَاعَ مِنْهُ الدَّارَ وَأَحْضَرَ شَاهِدَيْنِ لَمْ يَعْرِفَا حُدُودَهَا وَلَا اسْمَ الْبَائِعِ وَلَا اسْمَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ ثُمَّ قَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي سِوَاهُمَا فَمَنَعَهُ الْحَاكِمُ الْمُتَدَاعَى لَدَيْهِ مِنْ ذَلِكَ وَعَرَّفَهُمْ بِأَنَّ الدَّارَ تَكُونُ مِيرَاثًا عَنْ أَبِيهِمْ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَحْضَرَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِمُدَّعَاهُ فَهَلْ تُقْبَلُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ؟ (الْجَوَابُ) : تَحْدِيدُ الدَّارِ لَازِمٌ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَيُشْتَرَطُ التَّحْدِيدُ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَلَوْ مَشْهُورًا إلَّا إذَا عَرَفَ الشُّهُودُ الدَّارَ بِعَيْنِهَا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ حُدُودِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ بَلْدَةٍ بِهَا الدَّارُ ثُمَّ الْمَحَلَّةُ ثُمَّ السِّكَّةُ وَذَكَرَ أَسْمَاءَ أَصْحَابِهَا وَأَسْمَاءَ أَنْسَابِهِمْ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْجَدِّ إنْ لَمْ يَكُنْ الرَّجُلُ مَشْهُورًا اهـ وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى ذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا قَالَ لَيْسَ لِي بَيِّنَةٌ أَوْ قَالَ الشُّهُودُ مَا لَنَا شَهَادَةٌ ثُمَّ جَاءَ الْمُدَّعِي بِشُهُودٍ أَوْ شَهِدَ الَّذِي قَالَ لَا شَهَادَةَ عِنْدِي قَالَ فِي هَذَا عَنْ أَصْحَابِنَا رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ لَا تُقْبَلُ لِلتَّنَاقُضِ وَفِي رِوَايَةٍ تُقْبَلُ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ التَّوْفِيقَ مُمْكِنٌ بِأَنْ يَقُولَ كَانَ لِي شُهُودٌ وَكُنْت نَسِيت أَوْ يَقُولُ الشُّهُودُ كَذَلِكَ كَانَتْ لَنَا شَهَادَةٌ وَلَكِنَّا نَسِينَا ثُمَّ تَذَكَّرْنَا اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الشُّهُودَ عَلَى هَذِهِ الشَّهَادَةِ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ بَعْدَ التَّعْدِيلِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْمُحِيطِ السَّرَخْسِيُّ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَالدُّرَرِ وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي شَهَادَةِ الْمُسْتَحِقِّ فِيمَا

يَرْجِعُ إلَى الْغَلَّةِ هَلْ تَكُونُ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْمَشْهُودِ بِهِ فَكَانَ دَاخِلًا فِي شَهَادَةِ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ فَهُوَ نَظِيرُ شَهَادَةِ أَحَدِ الدَّائِنَيْنِ لِشَرِيكِهِ بِدَيْنٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَحْرِ فِي بَابِ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَأَفْتَى بِذَلِكَ مُفْتِي الرُّومِ الْمَرْحُومُ عَلِيٌّ أَفَنْدِي. (سُئِلَ) فِي شَهَادَةِ الْأَخِ الْعَدْلِ لِأَخِيهِ فِي دَعْوَى مُتَعَلِّقَةٍ بِوَقْفِ بِرٍّ أَخُوهُ مُتَوَلٍّ عَلَيْهِ هَلْ تُقْبَلُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخِ لِأَخِيهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُتُونِ بَلْ فِي فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ مِنْ الشَّهَادَةِ شَهِدُوا مَعَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ عَلَى آخَرَ أَنَّ هَذِهِ الْقِطْعَةَ مِنْ الْأَرْضِ مِنْ جُمْلَةِ أَرَاضِي قَرْيَتِهِمْ تُقْبَلُ اهـ. (أَقُولُ) مَا ذَكَرَهُ عَنْ فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ لَا يُنَافِي مَا مَرَّ فِي السُّؤَالِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْغَلَّةِ وَهِيَ مِلْكٌ لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَهَذَا فِي الشَّهَادَةِ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ وَهُوَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِأَحَدٍ فَلِذَا لَمْ تُقْبَلْ فِي الْأَوَّلِ وَقُبِلَتْ فِي الثَّانِي كَمَا أَشَارَ إلَى هَذَا الْفَرْقِ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَذَكَرَ عِدَّةَ مَسَائِلَ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِيهَا لِكَوْنِهَا عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ وَهِيَ الشَّهَادَةُ عَلَى وَقْفِ مَكْتَبٍ وَلِلشَّاهِدِ صَبِيٌّ فِي الْمَكْتَبِ وَشَهَادَةُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِوَقْفِ الْمَسْجِدِ وَشَهَادَةُ الْفُقَهَاءِ عَلَى وَقْفِيَّةِ وَقْفٍ عَلَى مَدْرَسَةِ كَذَا وَهُمْ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْمَدْرَسَةِ وَالشَّهَادَةُ عَلَى وَقْفِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ وَكَذَا أَبْنَاءُ السَّبِيلِ إذَا شَهِدُوا بِوَقْفٍ عَلَى أَبْنَاءِ السَّبِيلِ فَالْمُعْتَمَدُ الْقَبُولُ فِي الْكُلِّ قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ وَمِنْ هَذَا النَّمَطِ مَسْأَلَةُ قَضَاءِ الْقَاضِي فِي وَقْفٍ تَحْتَ نَظَرِهِ وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ فِيهِ اهـ قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَبِهِ يُعْلَمُ جَوَازُ شَهَادَةِ النَّاظِرِ فِي وَقْفٍ تَحْتَ نَظَرِهِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ وَالشَّهَادَةَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ وَهَذَا مَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ التُّمُرْتَاشِيُّ كَمَا مَرَّ وَيُرَدُّ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الْفَرْقِ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ أَهْلُ الْقَرْيَةِ إذَا شَهِدُوا عَلَى قِطْعَةِ أَرْضٍ أَنَّهَا مِنْ أَرَاضِي قَرْيَتِهِمْ لَا تُقْبَلُ وَأَجَابَ عَنْهُ التُّمُرْتَاشِيُّ بِحَمْلِهِ عَلَى قَرْيَةٍ مَمْلُوكَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي شَهَادَةِ الْوَاحِدِ إذَا لَمْ يَثْبُتْ بِهَا حَقٌّ ثُمَّ جَاءَ الْمُدَّعِي بِشَاهِدٍ آخَرَ عَدْلٍ هَلْ تُقْبَلُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا كَمُلَ نِصَابُ الشَّهَادَةِ بِوَجْهِهَا الشَّرْعِيِّ تُقْبَلُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا شَهِدَ لِرَجُلٍ ابْنُ أَخِيهِ الْعَصَبِيِّ وَزَوْجُ بِنْتِهِ وَهُمَا عَدْلَانِ هَلْ تُقْبَلُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَتُقْبَلُ لِأُمِّ امْرَأَتِهِ وَأَبِيهَا وَلِزَوْجِ ابْنَتِهِ وَلِامْرَأَةِ أَبِيهِ وَلِأُخْتِ امْرَأَتِهِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ تُقْبَلُ لِأَبَوَيْهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَلِمَنْ أَرْضَعَتْهُ امْرَأَتُهُ وَلِأُمِّ امْرَأَتِهِ وَأَبِيهَا. (سُئِلَ) فِي شَهَادَةِ الذِّمِّيِّ الْعَدْلِ عَلَى ذِمِّيٍّ مِثْلِهِ بِحَقٍّ لِمُسْلِمٍ هَلْ تُقْبَلُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ فِي الْمُتُونِ إذَا مَاتَ الْكَافِرُ فَجَاءَ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَيْنًا فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ. قَالَ فِي الْكِتَابِ أَجَزْتُ بَيِّنَةَ الْمُسْلِمِ وَأَعْطَيْته حَقَّهُ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ كَانَ لِلْكَافِرِ وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ التَّرِكَةَ تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى مِقْدَارِ دَيْنِهِمَا فَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَالْمُحِيطِ وَتَمَامُ الْمَسْأَلَةِ فِيهَا وَفِي حَاشِيَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ عَلَى الْبَحْرِ (أَقُولُ) فِي الذَّخِيرَةِ نَصْرَانِيٌّ مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَقَامَ مُسْلِمٌ شُهُودًا مِنْ النَّصَارَى عَلَى أَلْفٍ عَلَى الْمَيِّتِ وَأَقَامَ نَصْرَانِيٌّ آخَرَيْنِ كَذَلِكَ تُدْفَعُ الْأَلْفُ الْمَتْرُوكَةِ لِلْمُسْلِمِ وَلَا يَتَحَاصَّانِ فِيهَا عِنْدَهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَتَحَاصَّانِ وَالْخِلَافُ رَاجِعٌ إلَى أَنَّ بَيِّنَةَ النَّصْرَانِيِّ مَقْبُولَةٌ عِنْدَهُ فِي حَقِّ إثْبَاتِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ لَا فِي حَقِّ إثْبَاتِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ مَقْبُولَةٌ فِيهِمَا اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ يَلْزَمُ مِنْ إثْبَاتِ الشَّرِكَةِ وَالْمُحَاصَّةِ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ. (سُئِلَ) فِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا طَلَبَ تَحْلِيفَ الشَّاهِدِ هَلْ يُجِيبُهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : الشَّاهِدُ لَا يُحَلَّفُ قَالَ فِي الْمِنَحِ مِنْ أَوَاخِرِ كِتَابِ الدَّعْوَى وَلَوْ طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَحْلِيفَ الشَّاهِدِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ أَوْ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الشَّاهِدَ كَاذِبٌ لَا يُجِيبُهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّا أُمِرْنَا بِإِكْرَامِ الشُّهُودِ وَالْمُدَّعِي لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لَا سِيَّمَا إذَا أَقَامَ

الْبَيِّنَةَ وَفِي الْفَوَائِدِ الزَّيْنِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى التَّهْذِيبِ وَفِي زَمَانِنَا لَمَّا تَعَذَّرَتْ التَّزْكِيَةُ بِغَلَبَةِ الْفِسْقِ اخْتَارَ الْقُضَاةُ تَحْلِيفَ الشُّهُودِ كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لِحُصُولِ غَلَبَةِ الظَّنِّ اهـ وَفِي مَنَاقِبِ الْكُرْدِيِّ اعْلَمْ أَنَّ تَحْلِيفَ الشَّاهِدِ أَمْرٌ مَنْسُوخٌ بَاطِلٌ وَالْعَمَلُ بِالْمَنْسُوخِ حَرَامٌ وَقَدْ ذَكَرَ فِي فَتَاوَى الْقَاعِدِيِّ وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا أَمَرَ قُضَاتَهُ بِتَحْلِيفِ الشُّهُودِ يَجِبُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَنْ يَنْصَحُوهُ وَيَقُولُوا لَهُ لَا تُكَلِّفْ قُضَاتَك أَمْرًا إنْ أَطَاعُوك يَلْزَمُ مِنْهُ سَخَطُ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَإِنْ عَصَوْك يَلْزَمُ مِنْهُ سَخَطُك إلَى آخِرِ مَا فِيهَا اهـ. مِنَحٌ مِنْ الشَّهَادَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ تَرِكَةٍ وَوَرَثَةٍ أَقَرَّ اثْنَانِ مِنْهُمْ بِدَيْنٍ لِزَيْدٍ عَلَى الْمَيِّتِ فَلَمْ يُعْطِيَاهُ وَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ حَتَّى شَهِدَا بِذَلِكَ الدَّيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي لِرَبِّ الدَّيْنِ الْمَزْبُورِ هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تُقْبَلُ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مَاتَ الرَّجُلُ فَأَقَرَّ وَارِثَاهُ بِدَيْنٍ لِإِنْسَانٍ عَلَى الْمَيِّتِ فَلَمْ يُعْطِيَاهُ وَلَمْ يَقْضِ الْقَاضِي عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ حَتَّى شَهِدَا بِذَلِكَ الدَّيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي لِرَبِّ الدَّيْنِ ثَبَتَ الدَّيْنُ عَلَيْهِمَا وَعَلَى غَيْرِهِمَا مِنْ الْوَرَثَةِ اهـ وَفِي وَصَايَا الْخَانِيَّةِ وَلَوْ شَهِدَ الْوَارِثَانِ عَلَى الْمَيِّتِ بِدَيْنٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا قَبْلَ الدَّفْعِ وَلَا تُقْبَلُ بَعْدَ الدَّفْعِ اهـ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَاتَ الرَّجُلُ عَنْ وَرَثَةٍ فَأَقَرَّ وَارِثَاهُ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ لِرَجُلٍ ثُمَّ شَهِدَا بِهَذَا الدَّيْنِ لِذَلِكَ الرَّجُلِ عِنْدَ الْقَاضِي قَبْلَ أَنْ يَلْزَمَ الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِمَا الدَّيْنَ فِي حِصَّتِهِمَا مِنْ التَّرِكَةِ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ إقْرَارِهِمَا قَبْلَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا لَا يَحِلُّ الدَّيْنَ فِي قِسْطِهِمَا وَإِنْ قَضَى عَلَيْهِمَا بِإِقْرَارِهِمَا ثُمَّ شَهِدَا بِهِ لَهُ عَلَيْهِ لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا يُرِيدَانِ أَنْ يُحَوِّلَا بَعْضَ مَا لَزِمَهُمَا عَلَى بَاقِي الْوَرَثَةِ فَكَانَتْ جَرَّ مَغْنَمٍ وَدَفْعَ مَغْرَمٍ وَفِيهِ إشْكَالٌ وَذَلِكَ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَلْزَمُ عَلَى نَصِيبِهِمَا بِإِقْرَارِهِمَا فَكَيْفَ يَصِحُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِالدَّيْنِ عَلَيْهِمَا فِي نَصِيبِهِمَا قُلْت الدُّيُونُ تُقْضَى مِنْ أَيْسَرِ الْأَمْوَالِ قَضَاءً وَحِصَّتُهُمَا أَيْسَرُ الْأَمْوَالِ قَضَاءً لِإِنْكَارِ سَائِرِ الْوَرَثَةِ الدَّيْنَ وَعَدَمِ الْبَيِّنَةِ لِلْمُدَّعِي اهـ. (أَقُولُ) مَا ذَكَرَهُ الْبَزَّازِيُّ مِنْ الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَالَ الْعَلَّامَةُ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي فَتَاوِيهِ إذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ بِالدَّيْنِ يُؤْخَذُ جَمِيعُ الدَّيْنِ مِنْ نَصِيبِهِ عِنْدَنَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَقَالَ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ قُبَيْلَ فَصْلِ الِاسْتِثْنَاءِ أَحَدُ الْوَرَثَةِ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ يَلْزَمُهُ كُلُّهُ وَقِيلَ حِصَّتُهُ وَاخْتَارَهُ أَبُو اللَّيْثِ اهـ وَأَمَّا إقْرَارُهُ بِالْوَصِيَّةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ حِصَّتُهُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَذَكَرَهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ قُبَيْلَ بَابِ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا وَنَقَلَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا عَنْ الْمَبْسُوطِ لِلسَّرَخْسِيِّ إذَا شَهِدَ وَارِثَانِ عَلَى الْوَصِيَّةِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِي شَهَادَتِهِمَا وَإِنْ كَانَا غَيْرَ عَدْلَيْنِ أَوْ أَقَرَّا وَلَمْ يَشْهَدَا أَلْزَمَهُمَا بِالْحِصَّةِ فِي نَصِيبِهِمَا؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى غَيْرِهِمَا وَكَذَلِكَ شَهَادَتُهُمَا بِغَيْرِ صِفَةِ الْعَدَالَةِ لَا تَكُونُ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِمَا وَإِنَّمَا هِيَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمَا. (سُئِلَ) عَنْ شُهُودٍ شَهِدُوا بِإِقْرَارِ رَجُلٍ بِالطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ بَعْدَ شَهْرٍ وَالْحَالُ أَنَّ الدَّعْوَى لَمْ تَصْدُرْ مِنْ الزَّوْجَةِ فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بَعْد أَنْ أَخَّرُوا خَمْسَةَ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ إنْ كَانُوا عَالِمِينَ بِأَنَّهُمَا يَعِيشَانِ عَيْشَ الْأَزْوَاجِ وَالشَّهَادَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى تَجُوزُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَيُقْضَى بِهَا مِنْ مُعِينِ الْمُفْتِي فِي كِتَابِ الشَّهَادَةِ شَهِدُوا بِالْحُرْمَةِ الْمُغَلَّظَةِ بَعْدَمَا أَخَّرُوا شَهَادَتَهُمْ خَمْسَةَ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَا تُقْبَلُ إنْ كَانُوا عَالِمِينَ بِأَنَّهُمَا يَعِيشَانِ عَيْشَ الْأَزْوَاجِ جَامِعُ الْفَتْوَى فِي كِتَابِ الشَّهَادَةِ يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى حَدِّ الزِّنَى وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ تَبْطُلُ بِتَقَادُمِ الْعَهْدِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا ثُمَّ لَمْ يُقَدِّرُوا التَّقَادُمَ تَقْدِيرًا صَرِيحًا وَظَاهِرُ مَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يُشِيرُ إلَى أَنَّ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَمَا فَوْقَهَا مُتَقَادِمٌ وَقَدْ رُوِيَ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ أَنَّ الشَّهْرَ وَمَا فَوْقَهُ مُتَقَادِمٌ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَمَا فَوْقَهَا مُتَقَادِمٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ

أَنَّهُ قَالَ جَهَدْنَا بِأَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى يُبَيِّنَ فِي ذَلِكَ مُدَّةً فَأَبَى وَقَالَ هُوَ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى الْإِمَامُ مِنْ الْمُحِيطِ فِي الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الْحُدُودِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْبَحْرِ وَالْأَشْبَاهِ وَحَقَّقَهُ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ السَّيِّدُ أَحْمَدُ الْحَمَوِيُّ وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِ ذَلِكَ الْعَلَامَةُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ مُفْتِي دِمَشْقَ سَابِقًا وَأَجَابَ بِقَوْلِهِ يَفْسُقَانِ بِتَأْخِيرِ شَهَادَتِهِمَا وَتُرَدُّ وَلَا يُحْكَمُ بِهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ زَوْجَةٍ وَأَوْلَادٍ ذُكُورٍ وَبَنَاتٍ وَكَانَ قَدْ أَوْصَى لِابْنَيْ ابْنِهِ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ ثُمَّ إنَّ الْوَرَثَةَ الْمَزْبُورَةَ تَدَّعِي أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ الْمَزْبُورَ رَجَعَ عَنْ وَصِيَّتِهِ الْمَزْبُورَةِ بِشَهَادَةِ أَبِي الزَّوْجَةِ الْمَزْبُورَةِ وَشَهَادَةِ زَوْجِ إحْدَى الْبَنَاتِ الْمَرْقُومَاتِ فَهَلْ تَكُونُ شَهَادَتُهُمَا غَيْرَ مَقْبُولَةٍ فِي حَقِّ الْجَمِيعِ؟ (الْجَوَابُ) : شَهَادَةُ أَبِي الزَّوْجَةِ لِبِنْتِهِ وَالزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا الْمَذْكُورَةُ كَمَا ذُكِرَ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ الشَّهَادَةُ إذَا بَطَلَتْ فِي الْبَعْضِ بَطَلَتْ فِي الْكُلِّ كَمَا فِي شَهَادَاتِ الظَّهِيرِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ سِلْعَتَهُ الْمَعْلُومَةَ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ حِرْفَةٍ لَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرِكَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَدْرٌ مَعْلُومٌ مِنْهَا بِثَمَنِهِ الْمَعْلُومِ ثُمَّ دَفَعَ بَعْضُ الْمُشْتَرِينَ ثَمَنَ سِلْعَتِهِ الَّتِي اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ لَدَى بَيِّنَةٍ مِنْ أَهْلِ الْحِرْفَةِ الْمَذْكُورِينَ وَزَيْدٌ الْبَائِعُ يَمْتَنِعُ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ لِكَوْنِهِمْ مِنْ جُمْلَةِ الْمُشْتَرِينَ الْمَذْكُورِينَ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ لِرَفِيقِهِمْ الْمُشْتَرِي بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ حَيْثُ كَانُوا عُدُولًا وَإِنْ كَانُوا مِنْ أَهْلِ حِرْفَةِ الْمُشْتَرِي وَمِنْ جُمْلَةِ الْمُشْتَرِينَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تُقْبَلُ حَيْثُ الْحَالُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي شَهَادَةِ مَحْلُوقِ اللِّحْيَةِ هَلْ تُقْبَلُ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَمْ أَجِدْ نَقْلًا صَرِيحًا فِي الْمَسْأَلَةِ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَكَثْرَةِ الْأَشْغَالِ فَإِنْ كَانَ حَلْقُ اللِّحْيَةِ يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ يُمْنَعُ الْقَبُولُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ فِي الْمِنَحِ مَا يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ يَمْنَعُ قَبُولَهَا وَالْمُرُوءَةُ أَنْ لَا يَأْتِيَ الْإِنْسَانُ بِمَا يُعْتَذَرُ مِنْهُ مِمَّا يَبْخَسُهُ عَنْ مَرْتَبَتِهِ عِنْدَ أَهْلِ الْفَضْلِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ قَالَ مُحَمَّدٌ وَعِنْدِي الْمُرُوءَةُ الدِّينُ وَالصَّلَاحُ اهـ. أَقُولُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يُفِيدُ عَدَمَ جَزْمِهِ بِكَوْنِ ذَلِكَ الْفِعْلِ مُخِلًّا بِالْمُرُوءَةِ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ ابْنِ وَهْبَانَ فِي مَسْأَلَةِ الْخُرُوجِ إلَى قُدُومِ الْأَمِيرِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى مَا اعْتَادَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ فَإِنْ كَانَ مِنْ عَادَةِ أَهْلِ الْبَلَدِ أَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَلَا يُنْكِرُونَهُ وَلَا يَسْتَخِفُّونَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْدَحَ اهـ فَعَلَى هَذَا فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُعْتَادُونَ الْحَلْقَ وَلَا يَعُدُّونَهُ رَذِيلَةً بَيْنَهُمْ لَا يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْإِدْمَانَ عَلَى الصَّغِيرَةِ مُفَسِّقٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَقَدْ ذَكَرَ الْعَلَائِيُّ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ عَنْ الْمُجْتَبَى وَالْبَزَّازِيَّةِ إذَا قَطَعَتْ شَعْرَ رَأْسِهَا أَثِمَتْ وَلُعِنَتْ وَإِنْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» وَلِذَا يَحْرُمُ لِلرَّجُلِ قَطْعُ لِحْيَتِهِ وَالْمَعْنَى الْمُؤْثِرُ التَّشَبُّهُ بِالرِّجَالِ اهـ وَقَالَ الْعَلَائِيُّ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ قُبَيْلَ فَصْلِ الْعَوَارِضِ إنَّ الْأَخْذَ مِنْ اللِّحْيَةِ وَهِيَ دُونَ الْقَبْضَةِ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ وَمُخَنَّثَةُ الرِّجَالِ لَمْ يُبِحْهُ أَحَدٌ وَأَخْذُ كُلِّهَا فِعْلُ يَهُودَ وَالْهُنُودِ وَمَجُوسِ الْأَعَاجِمِ اهـ فَحَيْثُ أَدْمَنَ عَلَى فِعْلِ هَذَا الْمُحَرَّمِ يَفْسُقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَسْتَخِفُّونَهُ وَلَا يَعُدُّونَهُ قَادِحًا لِلْعَدَالَةِ وَالْمُرُوءَةِ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ غَيْرُ مُحَرَّرٍ فَتَدَبَّرْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ عَمْرًا مِلْكًا لَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فَادَّعَى الْبَائِعُ فَسَادَ الْبَيْعِ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ وَادَّعَى الْغَبْنَ الْفَاحِشَ وَالتَّغْرِيرَ وَالْمُشْتَرِي ادَّعَى الصِّحَّةَ وَعَدَمَ الْغَبْنِ فَأَيُّ بَيِّنَةٍ مُقَدَّمَةٌ مِنْهُمَا؟ (الْجَوَابُ) : بَيِّنَةُ الْغَبْنِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْعَكْسِ وَبَيِّنَةُ الْفَسَادِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ تَدَّعِي قِدَمَ نَهْرَيْنِ أَنَّهُمَا أَزْيَدُ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ وَأَنَّ لَهَا بَيِّنَةً بِذَلِكَ وَالرَّجُلُ يَدَّعِي الْحُدُوثَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ فَأَيُّ بَيِّنَةٍ تُقَدَّمُ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ وَالْقِدَمِ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ بَيِّنَةُ الْقِدَمِ أَوْلَى وَفِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ لِلْبَغْدَادِيِّ عَنْ الْقُنْيَةِ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ أَوْلَى وَذَكَرَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى

أَنَّ بَيِّنَةَ الْقِدَمِ أَوْلَى فِي الْبِنَاءِ وَبَيِّنَةَ الْحُدُوثِ أَوْلَى فِي الْكَنِيفِ اهـ وَعِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْحِيطَانِ حَدُّ الْقَدِيمِ مَا لَا يَحْفَظُهُ الْأَقْرَانُ إلَّا كَذَلِكَ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَبَرْهَنَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْقِدَمِ وَالْآخَرُ عَلَى الْحُدُوثِ فَبَيِّنَةُ الْقِدَمِ أَوْلَى وَشَهَادَةُ أَهْلِ السِّكَّةِ فِي هَذَا لَا تُفِيدُ اهـ وَعِبَارَةُ الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَضَادَّتَيْنِ ب خ لَهُ كَنِيفٌ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَزَعَمَ غَيْرُهُ أَنَّهُ مُحْدَثٌ وَزَعَمَ صَاحِبُهُ أَنَّهُ قَدِيمٌ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ مُحْدَثٌ ب م الْقَوْلُ فِي هَذَا قَوْلُ مُدَّعِي الْقِدَمِ لِكَوْنِهِ مُتَمَسِّكًا بِالْأَصْلِ اهـ وَنَقَلَهُ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيُّ بِالْحَرْفِ مُعَلِّلًا بِقَوْلِهِ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ مُحْدَثٌ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ وِلَايَةَ النَّقْضِ اهـ فَتَأَمَّلْ وَفِي رِسَالَةِ الْحُجَجِ وَالْبَيِّنَاتِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْأُصُولِ إنَّمَا هُوَ كَوْنُهَا مُثْبِتَةٌ خِلَافَ الظَّاهِرِ إذْ الْبَيِّنَةُ إنَّمَا شُرِعَتْ لِإِثْبَاتِ أَمْرٍ حَادِثٍ وَالْيَمِينُ لِإِبْقَائِهِ عَلَى مَا كَانَ اهـ فَعَلَى هَذَا بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ تُقَدَّمُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (أَقُولُ) إنَّ بَيِّنَةَ الْحُدُوثِ تُقَدَّمُ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ وَكَذَا فِي الْبِنَاءِ وَالْكَنِيفِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمُوَافِقِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ التَّأْصِيلِ فَإِنَّ الْحُدُوثَ أَمْرٌ عَارِضٌ وَالْقِدَمَ أَصْلٌ فَلِذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِيهِ وَحِينَئِذٍ فَكَوْنُ الْبَيِّنَةِ لِمُدَّعِي الْحُدُوثِ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ وَالْأُصُولِيَّةِ لِإِثْبَاتِهَا خِلَافَ الْأَصْلِ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ الْكَنِيفِ وَغَيْرِهِ وَبِهِ ظَهَرَ تَرْجِيحُ مَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْحَاوِي عَلَى مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَظَهَرَ أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْمُلْتَقَى لَيْسَ تَوْفِيقًا بَلْ هُوَ نَقْلٌ لِقَوْلَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ لَكِنْ ذَكَرَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ فِي بَابِ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ نَقْلًا عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ أَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا جَهِلَ أَنْ يُجْعَلَ حَدِيثًا لَوْ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ وَقَدِيمًا لَوْ فِي طَرِيقِ الْخَاصَّةِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَعَزَاهُ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ إلَى الْمُحِيطِ وَإِذَا كَانَ الْأَصْلُ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْآخَرِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ وَلَا يَخْفَى مُخَالَفَةُ ذَلِكَ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْحَاوِي وَلَعَلَّهُ قَوْلٌ ثَالِثٌ فَتَأَمَّلْ هَذَا وَقَدْ أَفَادَ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الشُّرْبِ فَائِدَةً حَسَنَةً وَهِيَ أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي مُجَرَّدِ الْحُدُوثِ وَالْقِدَمِ بِدُونِ ذِكْرِ تَارِيخٍ أَمَّا لَوْ أَرَّخَا فَالْأَسْبَقُ تَارِيخًا أَرْجَحُ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَغَيْرُهُمْ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الْيَسَارِ مَعَ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ فَأَيُّهُمَا تُقَدَّمُ؟ (الْجَوَابُ) : بَيِّنَةُ الْيَسَارِ أَحَقُّ بِالْقَبُولِ مِنْ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ عِنْدَ التَّعَارُضِ؛ لِأَنَّ الْيَسَارَ عَارِضٌ وَالْبَيِّنَاتِ شُرِعَتْ لِلْإِثْبَاتِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ فَأَيُّهُمَا تُقَدَّمُ؟ (الْجَوَابُ) : تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَبَيِّنَةُ كَوْنِ الْمُتَصَرِّفِ ذَا عَقْلٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْوَرَثَةِ مَثَلًا كَوْنُهُ مَخْلُوطَ الْعَقْلِ أَوْ مَجْنُونًا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ الْبُنِّ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَتَسَلَّمَ الْبُنَّ وَقَبِلَهُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ وَرَضِيَ بِهِ وَالْآنَ يَدَّعِي أَنَّ الْبُنَّ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ فَهَلْ يُكَلَّفُ إلَى إثْبَاتِ الْأَمَانَةِ فَإِنْ عَجَزَ يَبْقَى عَلَى الشِّرَاءِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْأَمَانَةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الشِّرَاءِ كَمَا فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ أَقُولُ هَذَا إذَا كَانَ لِلْبَائِعِ بَيِّنَةٌ عَلَى الشِّرَاءِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْأَمَانَةِ بِلَا حَاجَةٍ إلَى إثْبَاتِهَا بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلْبَيْعِ فِيمَا يَظْهَرُ لِي وَإِنْ لَمْ أَرَهُ الْآنَ فَلْيُرَاجَعْ. (سُئِلَ) فِي بَيِّنَةِ الْإِكْرَاهِ فِي الْإِقْرَارِ هَلْ تَكُونُ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الطَّوْعِ إنْ أُرِّخَا وَاتَّحَدَ تَارِيخُهُمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَبَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الطَّوْعِ يَعْنِي لَوْ أَثْبَتَ إقْرَارَ إنْسَانٍ بِشَيْءٍ طَائِعًا فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنِّي كُنْت مُكْرَهًا فِي ذَلِكَ الْإِقْرَارِ فَبَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تُثْبِت خِلَافَ الظَّاهِرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ وَفِي الْمُلْتَقَطِ ادَّعَى عَلَيْهِ الْإِقْرَارَ طَائِعًا وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ وَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ كَانَ بِالْكُرْهِ فَبَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا عَلَى

التَّعَاقُبِ فَبَيِّنَةُ الْمُدَّعِي أَوْلَى اهـ قَالَ فِي الْمِنَحِ أَقُولُ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ بَيِّنَةَ الْإِكْرَاهِ إنَّمَا تُقَدَّمُ عَلَى بَيِّنَةِ الطَّوْعِ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ التَّعَارُضُ فَبَيِّنَةُ الطَّوْعِ أَوْلَى فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ ثُلَاثِيَّةً وَهِيَ إمَّا أَنْ يُؤَرِّخَا أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا إذَا أَرَّخَا فَإِمَّا أَنْ يَتَّحِدَ التَّارِيخُ أَوْ يَخْتَلِفَ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَبَيِّنَةُ الْإِكْرَاهِ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا اخْتَلَفَ التَّارِيخُ أَوْ لَمْ يُؤَرِّخَا فَبَيِّنَةُ الطَّوْعِ أَوْلَى اهـ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ بَيْعِ الْوَفَاءِ مَعَ بَيِّنَةِ بَيْعِ الْبَاتِّ فَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ بَيْعِ الْوَفَاءِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي فَسَادَ النِّكَاحِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ مَعَ بَيِّنَةِ مَنْ يَدَّعِي صِحَّتَهُ مِنْهُمَا فَأَيُّهُمَا تُقَدَّمُ؟ ؟ (الْجَوَابُ) : الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْفَسَادِ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي الْمُنْتَقَى كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَعَلَّلَهُ السَّرَخْسِيُّ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّ الصِّحَّةَ ثَابِتَةٌ بِظَاهِرِ الْحَالِ وَالْفَسَادَ أَمْرٌ حَادِثٌ يُحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهِ فَكَانَتْ بَيِّنَتُهُ أَكْثَرَ إثْبَاتًا فَكَانَتْ أَوْلَى وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ تَنَازَعَ الزَّوْجَانِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ وَفَسَادِهِ وَبَرْهَنَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ مَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا وَلَوْ كَانَ مُدَّعِي الْفَسَادِ هُوَ الزَّوْجُ ثَبَتَتْ حُرْمَةُ الْوَطْءِ بِإِقْرَارِهِ وَمَتَى قَبِلْنَا بَيِّنَةَ الْفَسَادِ تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ إذْ الْفَاسِدُ لَا يُوجِبُ النَّفَقَةَ وَنَسَبُ الْوَلَدِ ثَابِتٌ كَيْفَمَا كَانَ إذْ الْفَسَادُ يَنْفِي حِلَّ الْوَطْءِ لَا ثُبُوتَ النَّسَبِ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ الْخَارِجُ عَلَى مُتَوَلِّي وَقْفٍ بِيَدِهِ حَانُوتُ الْوَقْفِ بِأَنَّ الْبِنَاءَ الْمَوْجُودَ بِهَا الْقَائِمَ بِأَرْضِهَا الْجَارِيَةِ فِي الْوَقْفِ مِلْكُهُ بَنَاهُ لَهُ وَكِيلُهُ فُلَانٌ فِي الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ وَادَّعَى الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ بَنَاهُ بِمَالِ الْوَقْفِ لِلْوَقْفِ بَعْدَ انْهِدَامِ بِنَائِهَا الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ لِلْخَارِجِ الْمَذْكُورِ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ فَأَيُّهُمَا تُقَدَّمُ؟ (الْجَوَابُ) : تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ إثْبَاتًا عَلَى مَا عُرِفَ كَمَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَلِأَنَّ الْبِنَاءَ مِمَّا يُعَادُ وَيُكَرَّرُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَمَا كَانَ سَبَبُهُ يَتَكَرَّرُ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَالْمِنَحِ وَالْبَحْرِ وَالدُّرَرِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهَا رَجُلٌ فِي يَدِهِ أَرْضٌ فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَيْهِ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَادَّعَى صَاحِبُ الْيَدِ أَنَّهَا وَقْفٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ قَالَ عَلَاءُ الدِّينِ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْمِلْكِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَكْثَرُ إثْبَاتًا عَلَى مَا عُرِفَ فَكَانَ أَوْلَى وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا مِلْكُهُ فِي يَدِهِ غَصَبَهَا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقْفٌ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ قَالَ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى كَمَا إذَا لَمْ يَدَّعِ الْوَقْفَ اهـ. جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (أَقُولُ) قَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةً فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ نَحْوَ سِتِّينَ مَسْأَلَةً وَعَزَاهَا إلَى فَتَاوَى يَحْيَى أَفَنْدِي مُفْتِي الرُّومِ ثُمَّ ذَكَرَ مَسَائِلَ ذَكَرَهَا الْعَلَائِيُّ فِي آخِرِ بَابِ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ وَقَدْ رَأَيْت هَذِهِ الْمَسَائِلَ مُهِمَّةً نَافِعَةً لِلْمُفْتِي عِنْدَ الْمُرَاجَعَةِ بِسُهُولَةٍ وَرَأَيْت فِي كِتَابِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَاتِ لِلشَّيْخِ غَانِمٍ الْبَغْدَادِيِّ مَسَائِلَ كَثِيرَةً زَائِدَةً عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فَقَصَدْت تَلْخِيصَ ذَلِكَ الْكِتَابِ حَالَةَ الْكِتَابَةِ لِهَذَا الْمَحَلِّ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ 1236 فَجَاءَ تَلْخِيصًا حَسَنًا بِأَوْجَزِ عِبَارَةٍ وَاقْتَصَرْت مِنْهُ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ تَرْجِيحِ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى وَقَصَدْت ذِكْرَ ذَلِكَ هُنَا خِدْمَةً لِصَاحِبِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقُولُ (نِكَاحٌ) بَيِّنَةُ الْأَسْبَقِ تَارِيخًا أَوْلَى فِي رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا نِكَاحَ امْرَأَةٍ بَيِّنَةُ رَدُّ الْبِكْرِ النِّكَاحَ عِنْدَ تَزْوِيجِ وَلِيِّهَا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ سُكُوتِهَا وَبَيِّنَةُ الزَّوْجِ عَلَى رِضَاهَا أَوْ إجَازَتِهَا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ رَدِّهَا. بَيِّنَةُ زَيْدٍ أَنَّهَا امْرَأَتُهُ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَتِهَا أَنَّهَا امْرَأَةُ عَمْرٍو الْمُنْكِرِ، بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ النَّصْرَانِيِّ إذَا أَقَامَا بَيِّنَةً نَصْرَانِيَّةً عَلَى نِكَاحِ نَصْرَانِيَّةٍ بَيِّنَةُ فَسَادِ النِّكَاحِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ صِحَّتِهِ. بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الزَّوْجِ إنْ شَهِدَ مَهْرُ الْمِثْلِ لِلزَّوْجِ، بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ بَالِغَةٌ وَلَمْ تَرْضَ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الزَّوْجِ أَنَّهَا كَانَتْ قَاصِرَةً بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَنَّ الدَّارَ الَّتِي يَسْكُنَانِهَا مِلْكُهَا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الزَّوْجِ أَنَّهَا مِلْكُهُ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ

فِي مَتَاعِ النِّسَاءِ أَنَّهُ مِلْكُهُ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَرْأَةِ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ الْإِبْرَاءَ مِنْ الْمَهْرِ فِي الصِّحَّةِ وَوَرَثَتُهَا أَنَّهُ فِي الْمَرَضِ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ مِنْ الْمَهْرِ بِشَرْطٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الزَّوْجِ أَنَّهُ بِلَا شَرْطٍ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ أَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ مِنْ الْمَهْرِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَرْأَةِ أَنَّهُ كَانَ مُقِرًّا بِهِ إلَى الْآنِ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فِي رَجَبٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ وَرَثَتِهِ أَنَّهُ مَاتَ فِي صَفَرٍ (طَلَاقٌ) بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَنَّهُ كَانَ عَاقِلًا وَقْتَ الْخُلْعِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الرَّجُلِ أَنَّهُ كَانَ مَجْنُونًا وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ بَيِّنَةَ كَوْنِ الْمُتَصَرِّفِ عَاقِلًا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ كَوْنِهِ مَجْنُونًا بَيِّنَةُ الِابْنِ أَنَّ أَبَاهُ أَبَانَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَرْأَةِ أَنَّهُ مَاتَ وَهِيَ عَلَى نِكَاحِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ (نَفَقَةٌ) بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَنَّهُ مُوسِرٌ فَعَلَيْهِ نَفَقَةٌ الْمُوسِرِينَ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الزَّوْجِ أَنَّهُ مُعْسِرٌ. بَيِّنَةُ الزَّوْجَةِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْمَفْرُوضِ أَوْ زَمَانِهِ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ بَيِّنَةُ الزَّوْجَةِ أَنَّ الثَّوْبَ الْمَبْعُوثَ أَوْ الدَّرَاهِمَ هَدِيَّةٌ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الزَّوْجِ أَنَّهُ مِنْ الْكِسْوَةِ أَوْ الْمَهْرِ خَانِيَّةٌ وَفِي الْخُلَاصَةِ بِالْعَكْسِ بَيِّنَةُ الِابْنِ الْغَائِبِ أَنَّ أَبَاهُ حِينَ أَنْفَقَ مَالَ الِابْنِ عَلَى نَفْسِهِ كَانَ مُوسِرًا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْأَبِ الْإِعْسَارَ بَيِّنَةُ الِابْنِ الزَّمِنِ أَنَّ زَيْدًا أَبُوهُ فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ زَيْد أَنَّ رَجُلًا آخَرَ هُوَ أَبُو الزَّمِنِ بَيِّنَةُ الظِّئْرِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهَا الْإِرْضَاعُ بِنَفْسِهَا أَنَّهَا أَرْضَعَتْ الصَّبِيَّ بِلَبَنِهَا فَلَهَا الْأَجْرُ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ أَبِيهِ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِ شَاةٍ (عِتْقٌ) بَيِّنَةُ الْأَمَةِ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا قَبْلَ الْوِلَادَةِ فَوَلَدُهَا حُرٌّ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ السَّيِّدِ أَنَّهَا وَلَدَتْ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ بَيِّنَةُ الْبِنْتِ أَنَّ أَبِي مَاتَ حُرَّ الْأَصْلِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ كَانَ عَبْدِي فَأَعْتَقْته وَوَلَاؤُهُ لِي. بَيِّنَةُ الْمَوْلَى فِي قَدْرِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْعَبْدِ لِإِثْبَاتِهَا الزِّيَادَةَ. بَيِّنَةُ الْأَمَةِ أَنَّهُ دَبَّرَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَهُوَ عَاقِلٌ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْوَرَثَةِ أَنَّهُ كَانَ مُخْتَلِطَ الْعَقْلِ، بَيِّنَةُ مُدَّعِي فَسَادِ الْكِتَابَةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ مُدَّعِي صِحَّتِهَا. بَيِّنَةُ الْمُكَاتَبِ أَنَّ الْكِتَابَةَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَوْلَى أَنَّهَا عَلَى نَفْسِهِ فَقَطْ (وَقْفٌ) . بَيِّنَةُ الْأَسْبَقِ تَارِيخًا أَوْلَى فِيمَا لَوْ بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ وَالْقَيِّمُ أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَى الْمَسْجِدِ، بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْوَقْفِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ مُدَّعِي الْإِطْلَاقِ. بَيِّنَةُ الْخَارِجِ عَلَى الْمِلْكِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُتَوَلِّي ذِي الْيَدِ عَلَى أَنَّهُ وَقْفٌ وَبِهِ يُفْتَى. بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيَّ مُطْلَقٌ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ أَنَّ بَائِعِي اشْتَرَاهَا مِنْ الْوَاقِفِ إلَّا إنْ أَثْبَتَ ذُو الْيَدِ تَارِيخًا سَابِقًا عَلَى الْوَقْفِ. بَيِّنَةُ فَسَادِ الْوَقْفِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ إنْ كَانَ الْفَسَادُ بِشَرْطٍ مُفْسِدٍ، وَبَيِّنَةُ الصِّحَّةِ أَوْلَى إنْ كَانَ الْفَسَادُ لِمَعْنًى فِي الْمَحَلِّ أَوْ غَيْرِهِ (بَيْعٌ) ، بَيِّنَةُ مُدَّعِي فَسَادِ الْبَيْعِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الصِّحَّةِ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ الْفَسَادُ بِشَرْطٍ أَوْ أَجَلٍ فَاسِدَيْنِ، بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْفَسَادِ أَوْلَى أَيْضًا وَلَوْ لِمَعْنًى فِي صُلْبِ الْعَقْدِ كَالشِّرَاءِ بِأَلْفٍ وَرَطْلِ خَمْرٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْبَيْعِ كُرْهًا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ مُدَّعِيهِ طَوْعًا فِي الصَّحِيحِ، بَيِّنَةُ الدَّائِنِ أَنَّ الْوَرَثَةَ بَاعُوا عَبْدًا مِنْ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَتِهِمْ أَنَّ الْبَائِعَ مُوَرِّثُهُمْ، بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْبَيْعِ وَفَاءً أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ مُدَّعِيهِ بَاتًّا، بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْإِقَالَةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْبَائِعِ عَلَى الْبَيْعِ لِبُطْلَانِ الثَّانِيَةِ بِإِقْرَارِ مُدَّعِي الْإِقَالَةِ، بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَنِّي بِعْتُكُمَا هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفَيْنِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ أَحَدِهِمَا أَنِّي اشْتَرَيْته مِنْك بِأَلْفٍ، بَيِّنَةُ أَنِّي بِعْتُك كَذَا يَوْمَ كَذَا فِي مَكَانِ كَذَا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْآخَرِ أَنِّي لَمْ أَكُنْ ذَلِكَ الْيَوْمَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَنِي الدَّارَ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْ ذِي الْيَدِ، بَيِّنَةُ مَنْ بَلَغَ فَادَّعَى أَنَّ الْوَصِيَّ بَاعَ كَذَا بِغَبْنٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُشْتَرِي وَقَالَ كَثِيرٌ بِالْعَكْسِ، بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَنَّ أَبَاك بَاعَهَا مِنِّي فِي صِغَرِك أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الِابْنِ أَنَّهُ كَانَ بَالِغًا وَقِيلَ بِالْعَكْسِ، بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَنَّك بِعْت مِنِّي بَعْدَ بُلُوغِك أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْبَائِعِ أَنَّهُ قَبْلَهُ لِإِثْبَاتِهَا الْعَارِضَ، بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي إجَازَةُ الْمَالِكِ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَالِكِ الرَّدَّ؛ لِأَنَّهَا مُلْزِمَةٌ، بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَنِّي اشْتَرَيْته مِنْ أَبِيك مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ

مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً، بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَنِّي اشْتَرَيْته مِنْ أَبِيك أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ أَنَّهُ مِلْكُ أَبِيهِ إلَى حَيْثُ مَوْتُهُ، بَيِّنَةُ مُثَبِّتِ الزِّيَادَةِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ أَوْ قَدْرِ الْمَبِيعِ، بَيِّنَةُ الْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ وَبَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ أَوْلَى لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ جَمِيعًا بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ بِعْت الْعَبْدَ الْوَاحِدَ بِأَلْفَيْنِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ بِعْت الْعَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ فَيُحْكَمُ لِلْبَائِعِ بِأَلْفَيْنِ وَلِلْمُشْتَرِي بِعَبْدَيْنِ. بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ ادَّعَيَا الشِّرَاءَ مِنْ ثَالِثٍ أَحَدُهُمَا شِرَاءً صَحِيحًا وَالْآخَرُ فَاسِدًا، بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَنَّ زَيْدًا قَالَ لَا حَقَّ لِي فِي الدَّارِ قَبْلَ شِرَائِك مِنْهُ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ مُدَّعِي الشِّرَاءِ مِنْ زَيْدٍ، بَيِّنَةُ الْخَارِجِ عَلَى دَعْوَى مِلْكٍ مُطْلَقٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ أَنَّك شَرَيْته مِنِّي ثُمَّ تَقَايَلْنَا بَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَنِّي بِعْتُك الْجَارِيَةَ بِهَذَا الْعَبْدِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَيْعَ بِأَلْفٍ، بَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْهُ عَبْدَيْنِ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا وَرُدَّ الْآخَرُ بِعَيْبٍ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ، بَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَنَّ الْمَبِيعَ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ هَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ. بَيِّنَةُ مَنْ لَيْسَ لَهُ الْخِيَارُ أَوْلَى فِيمَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا وَاخْتَلَفَا فِي الْإِجَارَةِ وَالنَّقْضِ فِي الْمُدَّةِ وَبَيِّنَةُ مُدَّعِي النَّقْضِ أَوْلَى لَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْمُدَّةِ، بَيِّنَةُ رَبِّ السَّلَمِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ جِنْسِهِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ ذَرْعِهِ. بَيِّنَةُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ أَوْ فِي مُضِيِّ الْأَجَلِ لِإِثْبَاتِهَا الزِّيَادَةَ، بَيِّنَةُ الْمُؤَرِّخِ أَوْ الْأَسْبَقِ تَارِيخًا فِي دَعْوَى الشِّرَاءِ مِنْ ثَالِثٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْآخَرِ وَفِيهَا تَفْصِيلٌ طَوِيلٌ، بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَنَّهَا نَتَجَتْ فِي مِلْكِ بَائِعِهِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ النِّتَاجِ فِي مِلْكِ بَائِعِهِ (شُفْعَةٌ) . بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُشْتَرِي فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَعِنْدَ الثَّانِي بِالْعَكْسِ. بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَوْلَى فِيمَا لَوْ هُدِمَ الْبِنَاءُ وَاخْتَلَفَ مَعَ الشَّفِيعِ فِي قِيمَتِهِ عِنْدَ الثَّانِي وَعِنْدَ الثَّالِثِ بِالْعَكْسِ. بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَوْلَى فِيمَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت الْبِنَاءَ ثُمَّ الْعَرْصَةَ فَلَا شُفْعَةَ لَك فِي الْبِنَاءِ وَبَرْهَنَ الشَّفِيعُ عَلَى شِرَائِهِمَا جَمِيعًا عِنْدَ الثَّانِي وَقَالَ الثَّالِثُ بِالْعَكْسِ، بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّهُ أَحْدَثَ هَذَا الْبِنَاءَ وَالشَّجَرَ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ أَنَّك اشْتَرَيْتهَا مِنْ زَيْدٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ عَمْرًا أَوْدَعَنِيهَا (إجَارَةٌ) ، بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا بِعَشَرَةٍ لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُؤَجِّرِ أَنَّهُ بِعَشَرَةٍ إلَى نِصْفِهِ، بَيِّنَةُ الرَّاعِي أَنَّك شَرَطْت عَلَيَّ الرَّعْيَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الَّذِي هَلَكَتْ فِيهِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ صَاحِبِهَا عَلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، بَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ الْحَانُوتَ طَائِعًا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْآخَرِ عَلَى الْإِكْرَاهِ. (أَقُولُ) تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ بَيِّنَةَ مُدَّعِيهِ كُرْهًا أَوْلَى فِي الصَّحِيحِ فَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ الصَّحِيحِ تَأَمَّلْ، بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ سَقَطَ أَحَدُ مِصْرَاعَيْ بَابِ الدَّارِ فَادَّعَاهُ كُلٌّ مِنْهُمَا، بَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ أَنَّهُ سَلَّمَهُ الدَّارَ فِي الْمُدَّةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُسْتَأْجِرِ أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِ الْآجِرِ هَذِهِ الْمُدَّةَ، بَيِّنَةُ الْمُؤَجِّرِ أَوْلَى فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ وَبَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْلَى فِي قَدْرِ الْمُدَّةِ. بَيِّنَةُ رَاكِبِ السَّفِينَةِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ قَالَ لِصَاحِبِهَا اسْتَأْجَرْتَنِي لِأَحْفَظَ لَك السُّكَّانَ، بَيِّنَةُ رَبِّ الدَّابَّةِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ قَالَ لَهُ الرَّاكِبُ اسْتَأْجَرْتنِي لِأُبَلِّغَهَا إلَى فُلَانٍ (هِبَةٌ) ، بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْهِبَةِ الْمَشْرُوطَةِ بِعِوَضٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الرَّهْنِ وَغَيْرُ الْمَشْرُوطَةِ بِالْعَكْسِ وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ بَيِّنَةَ الْبَيْعِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الرَّهْنِ، بَيِّنَةُ الشِّرَاءِ مِنْ ذِي الْيَدِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ مِنْهُ إلَّا إذَا أَرَّخَ الثَّانِي فَقَطْ أَوْ كَانَ تَارِيخُهُ أَسْبَقَ، بَيِّنَةُ مُدَّعِي نِكَاحِ الْأَمَةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ مُدَّعِي الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَوْ الرَّهْنِ مَا لَمْ يَسْبِقْ تَارِيخُ الْآخَرِ أَوْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا زَائِدًا وَالْآخَرُ خَارِجًا وَفِي الْمَسْأَلَةِ بَحْثٌ يُطْلَبُ مِنْ الْأَصْلِ، بَيِّنَةُ الْوَارِثِ أَنَّ الْمُوَرِّثَ وَهَبَهُ كَذَا فِي الصِّحَّةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْآخَرِينَ عَلَى الْمَرَضِ (عَارِيَّةٌ وَوَدِيعَةٌ) ، بَيِّنَةُ الْمُعِيرِ أَنَّهَا هَلَكَتْ بَعْدَمَا جَاوَزَ الْمَوْضِعَ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُسْتَعِيرِ أَنَّهُ رَدَّهَا إلَيْهِ، بَيِّنَةُ الْمُودِعِ أَنَّ رَبَّ الْوَدِيعَةِ

عَزَلَك مِنْ الْوَكَالَةِ بِقَبْضِهَا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ، بَيِّنَةُ الْخَارِجِ عَلَى الْمِلْكِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ عَلَى الْإِيدَاعِ بَعْدَ قَوْلِهِ هُوَ فِي يَدِي مَا لَمْ يَقُلْ أَوَّلًا إنَّهُ فِي يَدِي وَدِيعَةٌ، بَيِّنَةُ الْمُوَدِّعِ عَلَى الرَّدِّ أَوْ عَلَى ضَيَاعِهَا عِنْدَهُ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَالِكِ عَلَى الْإِتْلَافِ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ، بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْإِيدَاعِ عِنْدَ ذِي الْيَدِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ثَالِثٍ عَلَى مِلْكٍ مُطْلَقٍ، بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَنَّ فُلَانًا أَوْدَعَنِيهَا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ آخَرَ أَنِّي اشْتَرَيْتهَا مِنْك (غَصْبٌ) ، بَيِّنَةُ الْمَالِكِ عَلَى الْإِتْلَافِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْغَاصِبِ عَلَى الرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ بَيِّنَةُ الْغَاصِبِ أَنَّ الْمَغْصُوبَ مَاتَ عِنْدَ الْمَالِكِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَوْتِ عِنْدَ الْغَاصِبِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ الثَّانِي بِالْعَكْسِ بَيِّنَةُ الْغَصْبِ فِيمَا فِي يَدِ آخَرَ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ثَالِثٍ الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ بَيِّنَةُ أَنَّ ذَا الْيَدَ غَصَبَ الْجَارِيَةَ مِنْهُ الْيَوْمَ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ثَالِثٍ غَصَبَهَا مِنْهُ مُنْذُ شَهْرٍ وَيَضْمَنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قِيمَتَهَا لِلثَّالِثِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ. وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ هِيَ لِلثَّالِثِ وَلَا ضَمَانَ خَانِيَةٌ (جِنَايَاتٌ) بَيِّنَةُ الْمَوْتِ مِنْ الْجُرْحِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَوْتِ بَعْدَ الْبُرْءِ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَالْقُنْيَةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ بِالْعَكْسِ وَبِهِ أَفْتَى الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي بَيِّنَةُ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ يَوْمَ كَذَا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْخَصْمِ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ مَيِّتًا ذَلِكَ الْيَوْمَ، بَيِّنَةُ أَنَّك أَمَرْت صَبِيًّا بِضَرْبِ حِمَارِي فَمَاتَ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْآخَرِ أَنَّ الْحِمَارَ حَيٌّ؛ لِأَنَّهُ نَفْيٌ مَقْصُودٌ (إقْرَارٌ) ، بَيِّنَةُ أَنَّهُ أَقَرَّ لِوَارِثِهِ فِي الصِّحَّةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ فِي الْمَرَضِ، بَيِّنَةُ الْإِقْرَارِ مُكْرَهًا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ طَوْعًا بَيِّنَةُ الْمُقْضَى عَلَيْهِ بِالدَّارِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِأَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا أَوْلَى وَلَوْ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ، بَيِّنَةُ أَنَّ الْمَيِّتَ كَانَ أَقَرَّ أَنْ لَا حَقَّ لِي فِي الدَّارِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْوَارِثِ الْإِرْثَ (صُلْحٌ) بَيِّنَةُ مُدَّعِي الصُّلْحِ عَنْ كُرْهٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ مُدَّعِيهِ عَنْ طَوْعٍ (رَهْنٌ) ، بَيِّنَةُ الرَّهْنِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ بَعْدَ هَلَاكِهِ، بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ عَلَى عَدَمِ الرَّدِّ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُرْتَهِنِ أَنِّي أَخَذْت الْمَالَ وَرَدَدْت الرَّهْنَ. بَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ فِي تَعْيِينِ الرَّهْنِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الرَّاهِنِ، بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا هَلَاكَهُ عِنْدَ الْآخَرِ، بَيِّنَةُ الْمُرْتَهِنِ أَنَّك رَهَنْتنِي الثَّوْبَيْنِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الرَّاهِنِ أَنَّهُ رَهَنَهُ أَحَدَهُمَا، بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ أَنَّ الْعَبْدَ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَبْلَ اعْوِرَارِهِ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهَا مِثْلُ نِصْفِهِ، بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ أَنَّهُ رَهَنَهُ سَلِيمًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ رَهَنَهُ مَعِيبًا قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ، بَيِّنَةُ الشِّرَاءِ مِنْ زَيْدٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الرَّهْنِ مِنْهُ إلَّا إذَا أَرَّخَ الْآخَرُ فَقَطْ أَوْ كَانَ تَارِيخُهُ أَسْبَقَ وَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ لَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْلَى فِي ذَلِكَ إلَّا إذَا سَبَقَ تَارِيخُ الْخَارِجِ (مُزَارَعَةٌ) بَيِّنَةُ الْمَزَارِعِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ مَعَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ فِي قَدْرِ الْمَشْرُوطِ بَعْدَمَا نَبَتَ وَبَيِّنَةُ الْآخَرِ أَوْلَى لَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ بَعْدَمَا نَبَتَ أَيْضًا، بَيِّنَةُ رَبِّ الْأَرْضِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ قَالَ بَعْدَ النَّبَاتِ شَرَطْت لِي نِصْفَ الْخَارِجِ وَقَالَ الْآخَرُ عِشْرِينَ قَفِيزًا. بَيِّنَةُ الْمُزَارِعِ أَوْلَى لَوْ عُكِسَتْ الدَّعْوَى وَلَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا أَيْ لِإِثْبَاتِهَا عَدَمَ لُزُومِ أُجْرَةِ الْأَرْضِ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ مُدَّعِي الْفَسَادِ بِاشْتِرَاطِ أَقْفِزَةٍ مُعَيَّنَةٍ بَيِّنَةُ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ أَنِّي شَرَطْت لَك النِّصْفَ وَعِشْرِينَ قَفِيزًا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْآخَرِ عَلَى شَرْطِ النِّصْفِ فَقَطْ (مُضَارَبَةٌ) . بَيِّنَةُ الْقَابِضِ أَنَّ الْمَالَ قَرْضٌ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الدَّافِعِ أَنَّهُ مُضَارَبَةٌ أَوْ بِضَاعَةٌ وَبَيِّنَةُ الدَّافِعِ أَنَّ الْمَالَ قَرْضٌ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْقَابِضِ أَنَّهُ مُضَارَبَةٌ، بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَشْرُوطِ مِنْ الرِّبْحِ بَيِّنَةُ الْمَالِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّخْصِيصِ بِتِجَارَةٍ أَوْ بَيْعٍ بِنَقْدٍ وَعَدَمِهِ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ أَوْلَى فِي الْمُضَارَبَةِ الْخَاصَّةِ إذَا اخْتَلَفَا فِي التِّجَارَةِ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ قَالَ قَسَمْنَا الرِّبْحَ بَعْدَ قَبْضِك رَأْسَ الْمَالِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ قَبْضَهُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ أَنَّك شَرَطْت لِي الثُّلُثَ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْآخَرِ عَلَى الثُّلُثِ إلَّا عَشَرَةً بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ أَنَّك شَرَطْت لِي مِائَةً أَوْ لَمْ تَشْرِطْ لِي شَيْئًا فَلِي عَلَيْك أَجْرُ الْمِثْلِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْآخَرِ عَلَى شَرْطِ النِّصْفِ

شَرِكَةٌ) ، بَيِّنَةُ الْآمِرِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ أَمَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ رَجُلًا بِشِرَاءِ عَبْدٍ وَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا حَتَّى يَكُونَ لِلشَّرِكَةِ وَبَرْهَنَ الْآخَرُ أَنَّهُ بَعْدَهُ لِيَكُونَ لِلْآمِرِ وَحْدَهُ وَبَيِّنَةُ غَيْرِ الْآمِرِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ بَرْهَنَ الْآمِرُ أَنَّ الشِّرَاءَ بَعْدَ التَّفَرُّقِ لِيَكُونَ الْعَبْدُ لَهُ خَاصَّةً بَيِّنَةُ الْخَارِجِ عَلَى شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ مَعَ الْمَيِّتِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْوَرَثَةِ أَنَّهُ تَرَكَ الْمَالَ مِيرَاثًا بِلَا شَرِكَةٍ (قِسْمَةٌ) ، بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي بَيْتًا فِي يَدِ آخَرَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي قِسْمَتِهِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْآخَرِ (دَعْوَى) . بَيِّنَةُ الْبَرَاءَةِ أَوْلَى مِنْ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمَالِ إنْ لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ أَوْ أَرَّخَا سَوَاءٌ بَيِّنَةُ الْمَطْلُوبِ عَلَى أَنَّك أَقْرَرْت بِالْبَرَاءَةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الطَّالِبِ عَلَى أَنَّك أَقْرَرْت بِالْمَالِ بَعْدَ إقْرَارِي بِالْبَرَاءَةِ وَبَيِّنَةُ الطَّالِبِ أَوْلَى إنْ قَالَ إنَّكَ أَقْرَرْت بِالْمَالِ بَعْدَ دَعْوَاك إقْرَارِي بِالْبَرَاءَةِ، بَيِّنَةُ الْأَسْبَقِ تَارِيخًا أَوْلَى فِيمَا لَوْ ادَّعَيَا مِلْكِيَّةَ عَيْنٍ فِي يَدِ ثَالِثٍ أَوْ فِي أَيْدِيهِمَا وَكَذَا لَوْ أَرَّخَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا، بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى إلَّا إذَا ادَّعَى ذُو الْيَدِ النِّتَاجَ وَنَحْوَهُ مِمَّا لَا يَتَكَرَّرُ كَجَزِّ الصُّوفِ وَحَلْبِ اللَّبَنِ أَوْ أَرَّخَا وَتَارِيخُهُ أَسْبَقُ فَبَيِّنَتُهُ أَوْلَى، بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى فِي دَعْوَى النِّتَاجِ إنْ أَرَّخَا وَوَافَقَ سِنُّ الدَّابَّةِ تَارِيخَهُ، بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَيْضًا أَوْلَى فِيمَا إذَا بَرْهَنَا عَلَى النِّتَاجِ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِ ذِي الْيَدِ بِبَيْعِهَا وَشِرَائِهَا مِنْ فُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ ثُمَّ اشْتَرَى كَانَ مِلْكًا حَادِثًا فَيَبْطُلُ دَعْوَى النِّتَاجِ وَنَحْوُهُ، بَيِّنَةُ مَنْ وَافَقَ سِنَّ الدَّابَّةِ تَارِيخُهُ أَوْلَى فِيمَا لَوْ ادَّعَيَا النِّتَاجَ عَلَى ثَالِثٍ ذِي يَدٍ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ أَحَدُهُمَا فَبَيْنَهُمَا بَيِّنَةُ مُدَّعِي النِّتَاجِ خَارِجًا أَوْ صَاحِبِ يَدٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ مُدَّعِي الْمِلْكِ، بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ وُلِدَ فِي مِلْكِهِ مِنْ أَمَتِهِ وَعَبْدِهِ وَبَرْهَنَ الْخَارِجُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ بَرْهَنَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ أَمَتُهُ وَلَدَتْ هَذَا الْعَبْدَ فِي مِلْكِهِ وَبَرْهَنَ ذُو الْيَدِ كَذَلِكَ بَيِّنَةُ مُدَّعِي كُلِّ الدَّارِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ مُدَّعِي نِصْفِهَا لَوْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا وَلَوْ فِي يَدِ ثَالِثٍ فَلِمُدَّعِي الْكُلِّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَلِلْآخَرِ رُبْعُهَا عِنْدَ الْإِمَامِ بَيِّنَةُ رَبِّ الدَّيْنِ عَلَى الْيَسَارِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَدْيُونِ عَلَى الْإِعْسَارِ. بَيِّنَةُ الْأَقْرَبِ تَارِيخًا أَوْلَى فِيمَا لَوْ بَرْهَنَ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْعَيْنَ فِي يَدِهِ مُنْذُ شَهْرٍ وَبَرْهَنَ الْآخَرُ أَنَّهَا فِي يَدِهِ مُنْذُ جُمُعَةٍ أَوْ السَّاعَةِ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ بَرْهَنَ أَنَّ الْعَبْدَ عَبْدُهُ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً وَبَرْهَنَ الْخَارِجُ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ مُنْذُ سَنَةٍ حَتَّى اغْتَصَبَهُ ذُو الْيَدِ مِنْهُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَنَّ قَاضِيَ كَذَا قَضَى لَهُ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ أَوْ الدَّابَّةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ عَلَى النِّتَاجِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ بَيِّنَةُ الشِّرَاءِ أَوْلَى فِيمَا إذَا بَرْهَنَ عَلَى ذِي الْيَدِ شِرَاءَهَا مِنْ زَيْدٍ وَبَرْهَنَ آخَرُ عَلَى الْهِبَةِ مِنْهُ أَيْ مِنْ زَيْدٍ وَآخَرُ عَلَى الصَّدَقَةِ مِنْهُ وَآخَرُ عَلَى الْإِرْثِ مِنْهُ وَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ ذَلِكَ مِنْ رَجُلٍ فَبَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا بَيِّنَةُ الْأَسْبَقِ تَارِيخًا أَوْلَى فِيمَا لَوْ بَرْهَنَ أَنَّ الدَّارَ كَانَتْ لِزَيْدٍ الْمَيِّتِ مُنْذُ سَنَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لِي وَبَرْهَنَ آخَرُ أَنَّهَا كَانَتْ لِعَمْرٍو الْمَيِّتِ مُنْذُ سَنَةٍ ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لِي بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَّخَا الْمَوْتَ فَتُنَصَّفُ بَيْنَهُمَا وَيُلْغِي التَّارِيخُ بَيِّنَةَ الِابْنِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ أَبَاهُ يَوْمَ السَّبْتِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمَرْأَةِ أَنَّ أَبَاهُ تَزَوَّجَهَا يَوْمَ الْأَحَدِ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَوْلَى لَوْ بَرْهَنَ الِابْنُ عَلَى الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْمَوْتِ لَا يَدْخُلُ فِي الْقَضَاءِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ ابْنُ عَمِّ الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ مَعَ ذِكْرِ النَّسَبِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الْمَيِّتَ فُلَانٌ آخَرُ أَوْ أَنَّ أَبَاك أَقَرَّ فِي حَيَاتِهِ أَنَّهُ أَخُو فُلَانٍ لِأُمِّهِ لَا لِأَبِيهِ. بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ أَقَامَ مُسْلِمٌ وَنَصْرَانِيٌّ شُهُودًا نَصَارَى عَلَى دَيْنٍ فِي تَرِكَةِ نَصْرَانِيٍّ فَيُبْدَأُ بِدَيْنِ الْمُسْلِمِ وَقَالَ الثَّانِي يَتَحَاصَّانِ وَبَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ أَقَامَا شُهُودًا نَصْرَانِيَّةً عَلَى عَبْدٍ فِي يَدِ نَصْرَانِيٍّ حَيٍّ وَعَنْ الثَّانِي أَنَّهُ يُنَصَّفُ بَيْنَهُمَا وَبَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ أَوْلَى أَيْضًا فِيمَا لَوْ مَاتَ نَصْرَانِيٌّ لَهُ ابْنَانِ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ وَأَقَامَ الْمُسْلِمُ بَيِّنَةً مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً عَلَى مَوْتِهِ مُسْلِمًا وَبَرْهَنَ الْكَافِرُ عَلَى مَوْتِهِ كَافِرًا فَيُقْضَى بِالْإِرْثِ لِلْمُسْلِمِ وَيُصَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ بَيِّنَةُ الْمُقْضَى عَلَيْهِ بِالْأَرْضِ أَنَّهُ أَحْدَثَ الْبِنَاءَ فِيهَا أَوْلَى إلَّا إذَا قَضَى عَلَيْهِ بِالْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى

عَلَيْهِ أَنَّ أَبَاك أَقَرَّ بِأَنَّهُ مِلْكِي أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ مُدَّعِي الْإِرْثِ مِنْ أَبِيهِ إلَّا إذَا بَرْهَنَ الْمُدَّعِي أَنَّك أَقْرَرْت أَنَّهُ مِلْكُ أَبِي فَيَتَعَارَضُ الدَّفْعَانِ وَتَبْقَى بَيِّنَةُ الْإِرْثِ بِلَا مُعَارِضٍ بَيِّنَةُ الْوَرَثَةِ أَنَّ سِنَّ الْمُدَّعِي ثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وَهُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَنَّهَا كَانَتْ حَلَالًا وَقْتَ الْمَوْتِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْوَرَثَةِ أَنَّهَا كَانَتْ حَرَامًا قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ. بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي أَنَّ الْكَنِيفَ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ مُحْدَثٌ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ صَاحِبِهِ أَنَّهُ قَدِيمٌ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ عَلَى النِّتَاجِ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي وَالْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُسْتَحِقِّ عَلَى النِّتَاجِ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ بَنَى الدَّارَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ وَبَرْهَنَ الْخَارِجُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْإِرْثِ مِنْ جَدَّتِهِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ أَنَّهُ كَانَ لِلْجَدَّةِ ابْنٌ غَائِبٌ لَمْ يُعْلَمْ مَوْتُهُ إلَى الْآنَ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ فِي إثْبَاتِ مِلْكِ الْغَيْرِ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي زِيَادَةَ الْإِرْثِ أَوْلَى فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ فِي تَارِيخِ مَوْتِ الْأَقَارِبِ وَبَرْهَنُوا بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْبُنُوَّةِ أَوْلَى فِي حَقِّ الْإِرْثِ فِيمَا لَوْ بَرْهَنَ وَاحِدٌ أَنَّهُ عَمُّ الْمَيِّتِ وَآخَرُ أَنَّهُ أَخُوهُ وَآخَرُ أَنَّهُ ابْنُهُ وَكُلٌّ قَالَ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَيُقْضَى بِنَسَبِ الْكُلِّ وَالْمِيرَاثُ لِلِابْنِ فَقَطْ (شَهَادَاتٌ) بَيِّنَةُ أَنَّ فُلَانًا قَالَ أَوْ فَعَلَ كَذَا أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ بَيِّنَةُ أَنَّ زَوْجَ فُلَانَةَ قُتِلَ أَوْ أَنَّهُ مَاتَ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ أَنَّهُ حَيٌّ إلَّا إذَا أَخْبَرَ بِحَيَاتِهِ بِتَارِيخٍ لَاحِقٍ بَيِّنَةُ الْجَرْحِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ التَّعْدِيلِ بَيِّنَةُ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ النِّكَاحِ أَوْ الْمِلْكِ بَيِّنَةُ الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الرِّقِّ. (مَأْذُونٌ) . بَيِّنَةُ الْعَبْدِ أَوْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ غَصْبٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ اسْتَهْلَكَهَا أَوْ مُضَارَبَةٍ قَبْلَ إذْنِهِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّهُ فِي حَالِ الْإِذْنِ (حَجْرٌ) بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَوْلَى فِيمَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك حَالَ صَلَاحِك وَبَرْهَنَ الْمَحْجُورُ أَنَّهُ حَالَ الْحَجْرِ (سَرِقَةٌ) بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ أَنَّ الْمَتَاعَ مِلْكُ فُلَانٍ وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ مُنْذُ سَنَةٍ ثُمَّ اشْتَرَيْته مِنْهُ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ أَنَّهُ سُرِقَ مِنْهُ مُنْذُ شَهْرٍ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَنَّ الْحِمَارَ مِلْكُهُ سُرِقَ مِنْهُ مُنْذُ شَهْرٍ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ أَنَّهُ مِلْكِي وَفِي يَدِي مُنْذُ سَنَةٍ فَهَذَا جُمْلَةُ مَا لَخَّصْته مِنْ كِتَابِ تَعَارُضِ الْبَيِّنَاتِ لِلْبَغْدَادِيِّ وَقَدْ بَلَغْت نَحْوَ مِائَةٍ وَسَبْعِينَ مَسْأَلَةً فَاسْتَغْنَيْت بِهَا عَمَّا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ لَكِنْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ مَسْأَلَةً عَنْ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ لَمْ تَتَقَدَّمْ وَهِيَ بَيِّنَةُ الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ كَوْنِهِ مُوصِيًا مُصِرًّا إلَى الْوَفَاةِ اهـ وَهِيَ مَنْقُولَةٌ فِي الْفَصْلِ الْعَاشِرِ مِنْ نُورِ الْعَيْنِ عَنْ الذَّخِيرَةِ فَرَاجِعْهَا (فُرُوعٌ) ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ مُفَرَّقَةً فَجَمَعْتهَا، الشَّاهِدُ إذَا أَنْكَرَ الشَّهَادَةَ لَا يُحَلِّفُهُ الْقَاضِي وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الشَّاهِدُ كَاذِبٌ وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ لَا يُحَلِّفُهُ عِمَادِيَّةٌ فِي 16 رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفٌ لِرَجُلٍ فَادَّعَى أَنَّهُ أَوْفَاهُ دَيْنَهُ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْإِيفَاءِ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ صَاحِبِ الْمَالِ بِالِاسْتِيفَاءِ لَا تُقْبَلُ خَانِيَّةٌ ادَّعَى دَيْنًا بِسَبَبِ قَرْضٍ وَنَحْوِهِ وَشَهِدَا بِدَيْنٍ مُطْلَقٍ قِيلَ تُقْبَلُ وَقِيلَ لَا كَمَا فِي عَيْنٍ ادَّعَاهُ بِسَبَبٍ وَشَهِدَا بِمُطْلَقٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُقْبَلُ (أَقُولُ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ أَنَّ الْعَيْنَ يُحْتَمَلُ الزَّوَائِدُ فِي الْجُمْلَةِ وَحُكْمُ الْمُطْلَقِ أَنْ يُسْتَحَقَّ بِزَوَائِدِهِ وَالْمِلْكُ بِسَبَبٍ بِخِلَافِهِ فَيَصِيرُ الْمُدَّعِي بِسَبَبٍ مُكَذَّبًا بِالشُّهُودِ بِالْمِلْكِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الزَّوَائِدَ فَلَا إكْذَابَ فَافْتَرَقَا وَاقِعَاتُ قَدْرِي عَنْ الْفُصُولَيْنِ فِي 11 رَجُلٌ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ صَكًّا بِحَقٍّ وَقَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِمَا فِي الصَّكِّ جَازَ لَهُمْ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَيْهِ وَإِنْ كَتَبَ غَيْرُهُ وَقَالَ لَهُمْ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَقْرَأَهُ عَلَيْهِمْ سِرَاجٌ وَمَنْ أَرَادَ اسْتِقْصَاءَ هَذَا الْمَحَلِّ فَعَلَيْهِ بِالْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الشَّاهِدِ يَشْهَدُ بَعْدَمَا أَخْبَرَ بِزَوَالِ الْحَقِّ وَالشَّهَادَةِ عَلَى الْكِتَابِ لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً عَلَى جَرْحِ الشُّهُودِ فَإِنْ كَانَ جَرْحًا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ. كَمَا لَوْ قَالَ إنَّهُمْ فَسَقَةٌ أَوْ زَنَادِقَةٌ وَاسْتَأْجَرَ الْمُدَّعِي الشُّهُودَ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ أَوْ أَقَرَّ الشُّهُودُ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِبَاطِلٍ أَوْ زُورٍ أَوْ أَنَّ مَا يَدَّعِيهِ الْمُدَّعِي بَاطِلٌ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ كَانَ جَرْحًا يَدْخُلُ فِي الْحُكْمِ كَمَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ

أَنَّهُمْ زَنَوْا أَوْ شَرِبُوا الْخَمْرَ أَوْ سَرَقُوا أَوْ أَنَّهُمْ عَبِيدٌ أَوْ مَحْدُودُونَ فِي قَذْفٍ أَوْ أَنَّهُمْ شُرَكَاءُ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ أَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي أَنَّ شُهُودَهُ شَهِدُوا بِزُورٍ أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُمْ عَلَى هَذِهِ الشَّهَادَةِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالشَّافِعِيُّ تُقْبَلُ فِي الْفَصْلَيْنِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُنَا؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا تُقْبَلُ عَلَى مَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الْجَرْحَ حَرَامٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ الْفَاحِشَةِ وَإِظْهَارُ الْفَاحِشَةِ حَرَامٌ إلَّا أَنْ يَتَضَمَّنَ حَقًّا لِلشَّرْعِ وَهُوَ إقَامَةُ الْحَدِّ أَوْ حَقًّا لِلْعِبَادِ وَهُوَ وُجُوبُ الْمَالِ فَإِنْ تَضَمَّنَ ذَلِكَ يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنِّي قَدْ صَالَحْت هَؤُلَاءِ الشُّهُودَ بِكَذَا مِنْ الْمَالِ وَدَفَعْته إلَيْهِمْ عَلَى أَنْ لَا يَشْهَدُوا عَلَيَّ بِهَذَا الْمَالِ فَإِذَا شَهِدُوا فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَرُدُّوا عَلَيَّ مَا أَخَذُوا وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ وَبَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى حَقًّا لَهُ فَيَصِحُّ. وَلَوْ قَالَ لَمْ أُسَلِّمْ إلَيْهِمْ مَالَ الصُّلْحِ لَمْ يُقْبَلْ مُحِيطُ السَّرَخْسِيِّ شَهَادَةُ أَهْلِ السِّجْنِ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَهُمْ لَا تُقْبَلُ وَكَذَا شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ فِيمَا يَقَعُ بَيْنَهُمْ فِي الْمُلَاعَبَةِ وَكَذَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا يَقَعُ فِي الْحَمَّامَاتِ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَدْلَ لَا يَحْضُرُ السِّجْنَ وَالْبَالِغُ لَا يُلَاعِبُ الصِّبْيَانَ وَالرِّجَالَ لَا يَحْضُرُونَ حَمَّامِ النِّسَاءِ وَالشَّرْعُ شَرَّعَ لِذَلِكَ طَرِيقًا آخَرَ وَهُوَ الِامْتِنَاعُ عَنْ حُضُورِ الْمَلَاعِبِ عَمَّا يُسْتَحَقُّ بِهِ الدُّخُولُ فِي السِّجْنِ وَمَنْعُ النِّسَاءِ عَنْ الْحَمَّامَاتِ فَإِذَا لَمْ يَمْتَثِلُوا كَانَ التَّقْصِيرُ مُضَافًا إلَيْهِمْ لَا إلَى الشَّرْعِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ نَوْعِ الشَّهَادَةِ عَلَى النَّفْيِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الدَّائِنِ لِمَدْيُونِهِ الْحَيِّ وَإِنْ كَانَ مُفْلِسًا وَلَا تُقْبَلُ لِمَدْيُونِهِ الْمَيِّتِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالتَّرِكَةِ وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ لِمَدْيُونِهِ الْحَيِّ إذَا كَانَ مُفْلِسًا وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ شَهَادَةُ الْغَرِيمَيْنِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِمَا لِهَذَا الْمُدَّعِي لَا تُقْبَلُ مِنْ جَامِعِ الْفَتَاوَى مِنْ الشَّهَادَاتِ شَهِدَا أَنَّ هَذَا الْغُلَامَ مُدْرِكٌ مُحْتَلِمٌ قَبْلَ ذَلِكَ. وَلَوْ قَالُوا رَأَيْنَاهُ يَحْتَلِمُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ مُتَفَرِّقَاتِ شَهَادَاتِ التَّتَارْخَانِيَّةِ أَقَامَ أَحَدُ الْمُدَّعِيَيْنِ شَاهِدَيْنِ وَالْآخَرُ أَرْبَعَةً فَهُمَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ كُلُّ شَاهِدَيْنِ عِلَّةٌ تَامَّةٌ لِوُصُولِهَا إلَى حَدِّ النِّصَابِ الْكَامِلِ وَتَمَامُهُ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ الْبَيِّنَةُ إذَا قَامَتْ عَلَى خِلَافِ الْمَشْهُورِ الْمُتَوَاتَرِ لَا تُقْبَلُ وَهُوَ أَنْ يُشْتَهَرَ وَيُسْمَعَ مِنْ قَوْمٍ كَثِيرٍ لَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى لِلْإِمَامِ الْخَاصِّيِّ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي شَهَادَةِ النَّفْي إلَى أَنْ قَالَ قَالَ فِي الْمُحِيطِ إنْ تَوَاتَرَ عِنْدَ النَّاسِ وَعَلِمَ الْكُلُّ عَدَمَ كَوْنِهِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ أَوْ الزَّمَانِ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَيُقْضَى بِفَرَاغِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ تَكْذِيبُ الثَّابِتِ بِالضَّرُورَةِ وَالضَّرُورِيَّاتُ مِمَّا لَا يَدْخُلُهَا الشَّكُّ اهـ وَكَذَلِكَ الشَّهَادَةُ الَّتِي يُكَذِّبُهَا الْحِسُّ لَا تُقْبَلُ كَمَا فِي وَقْفِ الْخَيْرِيَّةِ وَنَصُّهُ مِنْ الشَّهَادَةِ الَّتِي يُكَذِّبُهَا الْحِسُّ لَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِمُسَوِّغَاتِ الِاسْتِبْدَالِ يُكَذِّبُهَا الْحِسُّ كَمَا لَوْ شَهِدُوا مَثَلًا بِأَنَّ الدَّارَ سَائِغَةٌ لِلِاسْتِبْدَالِ لِانْهِدَامِهَا وَحَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمْ وَبِيعَتْ كَمَا ذَكَرَ ثُمَّ شَهِدَتْ أُخْرَى لَدَى حَاكِمٍ بِأَنَّهَا عَامِرَةٌ حِينَ الِاسْتِبْدَالِ إلَى هَذَا الزَّمَانِ وَكَانَ الْحِسُّ يَقْضِي بِأَنَّ عِمَارَتَهَا أَوْ أَنَّ الِاسْتِبْدَالَ هِيَ الْعِمَارَةُ الْقَائِمَةُ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَالْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الِاسْتِبْدَالِ حِينَئِذٍ بَاطِلٌ إذْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى بَيِّنَةٍ يُكَذِّبُهَا الْحِسُّ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ جَاءَ حَيًّا بَعْدَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا اهـ. وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْمَرْحُومُ الْجَدُّ كَمَا فِي فَتَاوَاهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الشَّهَادَةِ وَعَلَى هَامِشِهَا فَتْوَى أُخْرَى مِنْ الْأَئِمَّةِ. سُئِلَ الْعَلَامَةُ الْمُرْشِدِيُّ مَا قَوْلُكُمْ فِي شُهُودٍ لَمْ يَعْرِفُوا شَيْئًا مِمَّا فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ هَلْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ أَمْ لَا أَجَابَ إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ الظَّاهِرُ كَفَاهُمْ ذَلِكَ وَلَا يَقْدَحُ فِيهِمْ عَدَمُ مَعْرِفَتِهِمْ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ كَازَرُونِيٌّ لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِفِسْقِهِ لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِظَاهِرِ الْعَدَالَةِ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ وَإِذَا تَمَّ نِصَابُ الشَّهَادَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَدَالَةِ وَلَا يَقْتَصِرُ الْحَاكِمُ عَلَى ظَاهِرِ عَدَالَةِ الْمُسْلِمِ إلَى أَنْ قَالَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّ الزَّمَانَ زَمَانُ الْفَسَادِ اهـ.

كتاب الوكالة

وَفِي الْأَشْبَاهِ الرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي فِي مَسَائِلَ إلَى أَنْ قَالَ وَفِي سُؤَالِ الشَّاهِدِ عَنْ الْإِيمَانِ إنْ اتَّهَمَهُ اهـ قَالَ مُحَشِّيهِ الْعَلَامَةُ الْبِيرِيُّ هَذَا قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ لِمَا قَالَ فِي يَتِيمَةِ الدَّهْرِ فَأَمَّا إذَا كَانَ سُؤَالُهُ لِيَصِلَ إلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ بِتَكْفِيرِ الْعَوَامّ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَوْ قَالَ أَنَا مُسْلِمٌ وَلَسْت بِكَافِرٍ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ اهـ. (أَقُولُ) وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الْحَانُوتِيِّ سُئِلَ فِيمَنْ لَا يَعْرِفُ الْإِيمَانَ وَلَا الْوَاجِبَ لِلصَّلَاةِ وَالْفَرْضَ وَلَا السُّنَّةَ وَالْمُسْتَحَبَّ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ هَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ أَجَابَ تَعَلُّمُ هَذَا الْقَدْرِ مِنْ الْعِلْمِ فَرْضُ عَيْنٍ فَإِذَا لَمْ يَتَعَلَّمْ كَانَ مَانِعًا عَنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى فِي فَصْلِ التَّعْزِيرِ اهـ وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى مَنْ تَرَكَ الِاشْتِغَالَ بِالْفِقْهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [كِتَابُ الْوَكَالَةِ] (كِتَابُ الْوَكَالَةِ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ عَقَارٌ فَوَكَّلَ عَمْرًا فِي بَيْعِهِ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ فَبَاعَ عَمْرٌو ذَلِكَ الْعَقَارَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَبَضَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَدْفَعْهُ لِزَيْدٍ حَتَّى مَاتَ عَمْرٌو الْوَكِيلُ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ مُجْهَلًا لِلثَّمَنِ الْمَزْبُورِ وَلَمْ يُوجَدْ وَالْوَرَثَةُ لَا تَعْلَمُهُ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الرُّجُوعَ بِهِ فِي التَّرِكَةِ الْمَزْبُورَةِ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ الْأَمَانَاتُ تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ إلَّا فِي عَشَرَةٍ عَلَى مَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْأَمَانَاتِ وَزَادَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْوَهْبَانِيَّةِ تِسْعَةً أُخْرَى كَمَا نَقَلَهُ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحَيْهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي مُعِينِ الْمُفْتِي أَيْضًا مِنْ كِتَابِ الْوَدِيعَةِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ هَلْ لَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَحُقُوقُ عَقْدٍ لَا بُدَّ مِنْ إضَافَتِهِ إلَى الْوَكِيلِ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَصُلْحٍ عَنْ إقْرَارٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا كَتَسْلِيمِ مَبِيعٍ وَقَبْضِهِ وَقَبْضِ ثَمَنٍ وَرُجُوعٍ بِهِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهِ وَخُصُومَةٍ فِي عَيْبٍ بِلَا فَصْلٍ بَيْنَ حُضُورِ مُوَكِّلٍ وَغَيْبَتِهِ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَوَافَقَ زَيْدٌ مَعَ عَمْرٍو الْقَصَّابِ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لِزَيْدٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ اللَّحْمِ الضَّأْنِ وَصَارَ زَيْدٌ يُرْسِلُ ابْنَ أَخِيهِ يَأْتِي بِذَلِكَ مِنْ عِنْدِ عَمْرٍو وَمَضَى لِذَلِكَ مُدَّةٌ وَمَاتَ زَيْدٌ فَقَامَ عَمْرٌو يُطَالِبُ رَسُولَهُ الْمَذْكُورَ بِثَمَنِ اللَّحْمِ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ وَالرَّسُولُ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَيَدَّعِي أَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُ عَلَى طَرِيقِ الرِّسَالَةِ وَلَا ثَمَنَ عَلَيْهِ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّسُولِ بِيَمِينِهِ وَلَا يُطَالَبُ بِثَمَنِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) قَدَّمْنَا فِي بَابِ الْخِيَارَاتِ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ الْفَرْقَ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى الْمُوَكِّلِ وَالرَّسُولُ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ إضَافَتِهِ إلَى الْمُرْسِلِ وَذَكَرْنَا قَبْلَ بَابِ الْخِيَارَاتِ بِوَرَقَةٍ أَنَّ الرَّسُولَ إذَا لَمْ يُضِفْ عَقْدَ الشِّرَاءِ إلَى الْمُرْسِلِ لَمْ يَقَعْ الشِّرَاءُ لِلْمُرْسِلِ بَلْ يَقَعُ لِلرَّسُولِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مَتَى وَجَدَ نَفَاذًا لَمْ يَتَوَقَّفْ فَإِذَا أَضَافَ الْمُشْتَرِي الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ وَقَعَ الشِّرَاءُ لَهُ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ قَوْلُهُ كُنْت رَسُولًا عَنْ فُلَانٍ؛ لِأَنَّ إضَافَةَ الْعَقْدِ إلَى نَفْسِهِ تُنَافِي الرِّسَالَةَ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُمْ الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّسُولِ بِيَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْبَائِعِ مَعْنَاهُ لَوْ أَنْكَرَ إضَافَةَ الْعَقْدِ إلَى نَفْسِهِ وَادَّعَى إضَافَتَهُ إلَى الْمُرْسِلِ كَقَوْلِهِ إنَّ فُلَانًا يَقُولُ لَك بِعْهُ كَذَا أَوْ أَرْسِلْنِي لِتَبِيعَهُ كَذَا فَالْقَوْلُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لُزُومَ الْعَقْدِ عَلَيْهِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْبَائِعِ فِي أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْ الْبَيْعَ مَخْرَجَ الرِّسَالَةِ هَكَذَا يَجِبُ فَهْمُ هَذَا الْمَحَلِّ فَاحْفَظْهُ. (سُئِلَ) فِي يَتِيمَةٍ عُمْرُهَا سِتُّ سَنَوَاتٍ وَكَّلَتْ رَجُلًا فِي الْمُصَادَقَةِ مَعَ فُلَانٍ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَعَهَا حِصَّةً مِنْ كَذَا فَصَادَقَهُ الْوَكِيلُ كَذَلِكَ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً وَلَمْ يُجِزْ وَصِيُّهَا ذَلِكَ فَهَلْ تَكُونُ الْوَكَالَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرَ جَائِزَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي وَكَالَةِ الْمُخْتَصَرِ وَلَوْ وَكَّلَ الْيَتِيمُ رَجُلًا فِي أُمُورِهِ فَأَجَازَ وَصِيُّهُ جَازَ إلَخْ أَحْكَامُ الصِّغَارِ مِنْ مَسَائِلِ الْوَكَالَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِامْرَأَةٍ دَعْوَى عَلَى امْرَأَةٍ أُخْرَى وَكُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْمُخَدَّرَاتِ فَوَكَّلَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا وَكِيلًا عَنْهَا فَهَلْ تَصِحُّ

الوكيل العام هل يملك التبرع

الْوَكَالَتَانِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَصِحُّ دَعْوَى وَكِيلُ الْمُدَّعِيَةِ عَلَى وَكِيلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا فِيمَا تَصِحُّ بِهِ الْوَكَالَةُ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى حُضُورِ إحْدَاهُمَا كَمَا هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ وَأَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ مُفْتِي دِمَشْقَ سَابِقًا بِقَوْلِهِ تُسْمَعُ دَعْوَى وَكِيلِ الْمُدَّعِي عَلَى وَكِيلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي مَنْعِ سَمَاعِهَا نَقْلٌ وَلَا عَلَيْهِ دَلِيلٌ كَمَا هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَتْ امْرَأَةٌ عَنْ ابْنِ عَمٍّ عَصَبَةٍ غَائِبٍ لَهُ وَكِيلٌ عَامٌّ ثَابِتُ الْوَكَالَةِ عَنْهُ بِمُوجِبِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ وَيُرِيدُ الْمُطَالَبَةَ بِإِرْثِهِ مِنْهَا وَإِثْبَاتِ نَسَبِهِ إلَيْهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِنْ وَكَّلَ رَجُلًا بِتَقَاضِي كُلِّ دَيْنٍ لَهُ أَوْ وَكَّلَهُ بِكُلِّ حَقٍّ بِالْخُصُومَةِ فِي كُلِّ حَقٍّ لَهُ عَلَى النَّاسِ أَوْ وَكَّلَهُ بِطَلَبِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ فِي مِصْرَ كَذَا تُصْرَفُ الْوَكَالَةُ إلَى الْقَائِمِ وَالْحَادِثِ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ يَنْصَرِفَ التَّوْكِيلُ إلَى الْقَائِمِ يَوْمَ التَّوْكِيلِ وَلَا يَنْصَرِفُ إلَى الْحَادِثِ بَعْدَ التَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ حَصَلَ بِقَبْضِ دَيْنٍ مُضَافٍ إلَيْهِ يَوْمَ التَّوْكِيلِ حَيْثُ قَالَ وَكَّلْتُك بِقَبْضِ كُلِّ دَيْنٍ لِي وَكَّلْتُك بِالْخُصُومَةِ بِكُلِّ حَقٍّ لِي فِي مِصْرَ كَذَا وَالدَّيْنُ الَّذِي يُضَافُ إلَى الْمُوَكِّلِ وَالْحَقُّ الَّذِي يُضَافُ إلَيْهِ فِي حَقِّ التَّوْكِيلِ الْقَائِمِ وَقْتَ التَّوْكِيلِ دُونَ الْحَادِثِ بَعْدَهُ إلَّا أَنَّهُمْ تَرَكُوا هَذَا الْقِيَاسَ وَأَدْخَلُوا الْحَادِثَ بَعْدَ التَّوْكِيلِ بِالْعُرْفِ فَإِنَّ الْعُرْفَ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ سَفَرًا يُوَكِّلُ غَيْرَهُ بِقَبْضِ دُيُونِهِ أَوْ بِقَبْضِ حُقُوقِهِ عَلَى النَّاسِ وَيُرِيدُ بِذَلِكَ التَّوْكِيلَ بِالْقَائِمِ وَالْحَادِثِ جَمِيعًا حَتَّى لَا يَضِيعَ شَيْءٌ مِنْ حُقُوقِهِ فَلِمَكَانِ الْعُرْفِ صَرَفْنَا الْوَكَالَةَ إلَى الْكُلِّ وَهَذَا نَظِيرُ مَنْ وَكَّلَ إنْسَانًا بِقَبْضِ غَلَّاتِهِ كَانَ وَكِيلًا بِالْوَاجِبِ وَبِمَا يُحْدِثُ وَانْصَرَفَتْ الْوَكَالَةُ إلَى الْكُلِّ لِمَكَانِ الْعُرْفِ فَإِنَّ النَّاسَ فِي عَادَاتِهِمْ يُرِيدُونَ بِهَذَا التَّوْكِيلِ الْقَائِمَ وَالْحَادِثَ حَتَّى لَا يَحْتَاجُوا إلَى تَجْدِيدِ الْوَكَالَةِ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَلَا يَقَعُونَ فِي الْحَرَجِ ذَخِيرَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي فِي تَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ بِالشَّرْطِ وَقَدْ ذَكَرَ الْكَازَرُونِيُّ نَقْلًا عَنْ الطُّورِيِّ سُؤَالًا صُورَتُهُ عَنْ إنْسَانٍ وَكَّلَ آخَرَ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ هَلْ يَمْلِكُ أَنْ يَقْبِضَ الْحَادِثَ لِلْمُوَكِّلِ أَمْ لَا فَأَجَابَ يَمْلِكُ ذَلِكَ ثُمَّ نَقَلَ عِبَارَةَ الذَّخِيرَةِ بِاخْتِصَارٍ ثُمَّ نَقَلَ عَنْهَا وَلَوْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى فُلَانٍ ذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْقَائِمِ لَا إلَى الْحَادِثِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَذَكَرَ الْهَمَّامُ الزَّاهِدُ خواهر زاده إذَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ كُلِّ حَقٍّ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ أَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْقَائِمَ وَالْحَادِثَ جَمِيعًا وَإِنَّمَا لَا يَتَنَاوَلُ الْحَادِثَ إذَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ كُلِّ دَيْنٍ لَهُ عَلَى فُلَانٍ اهـ وَتَمَامُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَيْضًا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْفَصْلِ الْمَزْبُورِ. [الْوَكِيلِ الْعَامِّ هَلْ يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ] (سُئِلَ) فِي الْوَكِيلِ الْعَامِّ هَلْ يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ أَنْتَ وَكِيلِي فِي قَبْضِ هَذَا الدَّيْنِ يَصِيرُ وَكِيلًا فِي حِفْظِ الْمَالِ لَا غَيْرُ هُوَ الصَّحِيح وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْتَ وَكِيلِي بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٍ أَمْرُك فِيهِ يَصِيرُ وَكِيلًا فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْإِعْتَاقِ وَالطَّلَاقِ وَالْوَقْفِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَمْلِكُ ذَلِكَ لِإِطْلَاقِ لَفْظِ التَّعْمِيمِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَمْلِكُ إلَّا إنْ دَلَّ دَلِيلٌ كَسَابِقَةِ الْكَلَامِ وَنَحْوِهِ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ إنْ قَالَ أَنْتَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٌ صُنْعُك رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الْمُعَاوَضَاتِ وَالْإِجَارَاتِ وَالْإِعْتَاقِ وَالْهِبَاتِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الْمُعَاوَضَاتِ لَا فِي الْهِبَاتِ وَالْإِعْتَاقِ قَالَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهَذَا قَرِيبٌ مِمَّا اخْتَارَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثُ وَفِي فَتَاوَى أَبِي جَعْفَرٍ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ وَكَّلْتُك فِي جَمِيعِ أُمُورِي وَأَقَمْتُك مَقَامَ نَفْسِي لَا تَكُونُ الْوَكَالَةُ عَامَّةً وَلَوْ قَالَ وَكَّلْتُك فِي جَمِيعِ أُمُورِي الَّتِي يَجُوزُ بِهَا التَّوْكِيلُ كَانَتْ الْوَكَالَةُ عَامَّةً تَتَنَاوَلُ الْبِيَاعَاتِ وَالْأَنْكِحَةِ وَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إذَا لَمْ تَكُنْ عَامَّةً يُنْظَرُ إنْ كَانَ أَمْرُ الرَّجُلِ مُخْتَلِفًا لَيْسَتْ لَهُ صِنَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ فَالْوَكَالَةُ بَاطِلَةٌ وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ تَاجِرًا تِجَارَةً مَعْرُوفَةً تَنْصَرِفُ الْوَكَالَةُ إلَيْهَا خَانِيَّةٌ وَفِي حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ عَلَى

الْأَشْبَاهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَكِيلَ وَكَالَةً عَامَّةً يَمْلِكُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا الطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ وَالْهِبَةَ وَالْوَقْفَ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْلِكَ الْإِبْرَاءَ وَالْحَطَّ عَنْ الْمَدْيُونِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ قَبِيلِ التَّبَرُّعِ فَدَخَلَا تَحْتَ قَوْلِ الْبَزَّازِيِّ إنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ وَهَلْ لَهُ الْإِقْرَاضُ وَالْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَإِنَّ الْقَرْضَ عَارِيَّةٌ ابْتِدَاءً مُعَاوَضَةٌ انْتِهَاءً وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْلِكَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا مَنْ يَمْلِكُ التَّبَرُّعَاتِ وَلِذَا لَا يَجُوزُ إقْرَاضُ الْوَصِيِّ مَالَ الْيَتِيمِ وَلَا هِبَتَهُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَإِنْ كَانَ مُعَاوَضَةً فِي الِانْتِهَاءِ وَظَاهِرُ الْعُمُومِ أَنَّهُ يَمْلِكُ قَبْضَ الدَّيْنِ وَاقْتِضَاءَهُ وَإِيفَاءَهُ وَالدَّعْوَى بِحُقُوقٍ لِلْمُوَكِّلِ وَسَمَاعِ الدَّعْوَى بِحُقُوقٍ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَالْأَقَارِيرُ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالدُّيُونِ وَلَا يَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ لَا فِي الْعَامِّ. اهـ. . (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي إذَا عَمَّمَ لَهُ وَوَكَّلَ رَجُلًا فِي تَعَاطِي مَصَالِحِ الْوَقْفِ قَائِلًا وَكَّلْتُكَ بِكَذَا عَلَى أَنِّي مَتَى عَزَلْتُكَ فَأَنْتَ وَكِيلِي أَوْ كُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي وَقَبِلَ ذَلِكَ فَمَا الطَّرِيقُ فِي عَزْلِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : الطَّرِيقُ فِي عَزْلِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَنْ يَقُولَ عَزَلْتُك ثُمَّ عَزَلْتُك وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَنْ يَقُولَ رَجَعْت عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَعَزَلْتُك عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُنَجَّزَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَتَّى التَّنْوِيرِ وَأَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ الطَّرِيقُ فِي عَزْلِهِ أَنْ يَقُولَ عَزَلْتُك عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَرَجَعْت عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُنَجَّزَةِ وَقِيلَ يَقُولُ كُلَّمَا وَكَّلْتُك فَأَنْتَ مَعْزُولٌ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَكَّلَ آخَرَ فِيمَا يَدَّعِي لَهُ لَا عَلَيْهِ فِي خُصُومَاتِهِ وَأَخْذِ حُقُوقِهِ مِنْ النَّاسِ وَفِي دَفْعِ مَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِزَوْجَتِهِ فُلَانَةَ وَغَابَ فَقَامَ شَخْصٌ يُرِيدُ الدَّعْوَى عَلَى الْوَكِيلِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى مِنْ الشَّخْصِ الْمَزْبُورِ عَلَى الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ وَكَّلَهُ فِيمَا لَهُ لَا عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الشَّخْصِ الْمَزْبُورِ عَلَى الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ قَالَ فِي الدُّرَرِ إذَا وَكَّلَ فِي خُصُومَاتِهِ وَأَخْذِ حُقُوقِهِ مِنْ النَّاسِ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ وَكِيلًا فِيمَا يَدَّعِي عَلَى الْمُوَكِّلِ جَازَ فَلَوْ أَثْبَتَ الْمَالَ لَهُ ثُمَّ أَرَادَ الْخَصْمُ الدَّفْعَ لَا يُسْمَعُ عَلَى الْوَكِيلِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى اهـ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ. وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ شَخْصٍ وَكِيلِ شَخْصٍ ادَّعَى عَلَيْهِ رَجُلٌ بِدَيْنٍ يَسْتَحِقُّهُ فِي ذِمَّةِ مُوَكِّلِهِ فَأَجَابَهُ الْوَكِيلُ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ فِي الْقَبْضِ وَالْمُطَالَبَةِ لَا فِي الصَّرْفِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَفِي الدَّعْوَى لَهُ لَا عَلَيْهِ (الْجَوَابُ) : الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ الْوَكِيلِ وَدِيعَةٌ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُودَعِ أَنْ يَقْضِيَ مَا ثَبَتَ عَلَى الْمُودِعِ مِنْ الدُّيُونِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ التَّوْكِيلُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ لِلدَّائِنِ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ وَكِيلِهِ أَوْ مُودَعِهِ وَلَا الْوَكِيلُ كَفِيلٌ بِهِ اهـ وَفِي فَتَاوَى الرَّحِيمِيِّ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ أَجَابَ حَيْثُ كَانَ وَكِيلًا لَهُ لَا عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ دَعْوَى دَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ مِمَّا عَلَى الْمُوَكِّلِ وَحَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ إلَّا بِدَفْعِ الْمَالِ الْمِيرِيّ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدْفَعَ غَيْرَهُ فَلَا تَصِحُّ بِهِ دَعْوَى أَيْضًا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَكَّلَتْهُ أُخْتُهُ فِي بَيْعِ نَصِيبِهَا مِنْ دَارٍ مُعَيَّنَةٍ بِثَمَنِ كَذَا فَبَاعَهَا وَدَفَعَ لَهَا الثَّمَنَ وَمَضَى لِذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً قَامَتْ الْآنَ تُطَالِبُهُ بِالثَّمَنِ وَتُنْكِرُ قَبْضَهُ مِنْهُ مَعَ اعْتِرَافِهَا بِالتَّوْكِيلِ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي الدَّفْعِ لَهَا لَا سِيَّمَا مَعَ مُرُورِ هَذِهِ الْمُدَّةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الذَّخِيرَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَبِيعَ عَبْدًا لَهُ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ فَقَالَ بِعْت مِنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضْت الثَّمَنَ فَهَلَكَ عِنْدِي أَوْ قَالَ دَفَعْته إلَى الْآمِرِ وَكَذَّبَهُ الْآمِرُ فِي الدَّفْعِ أَوْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ لَكِنْ أَنْكَرَ قَبْضَ الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ فِي بَرَاءَتِهِ وَبَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ سُلِّطَ عَلَى بَيْعِ الْعَبْدِ مِنْ جِهَةِ الْمُوَكِّلِ وَقَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَقُبِلَ قَوْلُهُ فِيمَا هُوَ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ وَصَارَ الثَّابِتُ بِقَوْلِهِ كَالثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ وَلَوْ ثَبَتَ إقْرَارُهُ بِالْبَيِّنَةِ لَمْ يَضْمَن الْوَكِيلُ وَيَبْرَأُ الْمُشْتَرِي كَذَا هُنَا اهـ. وَأَفْتَى الْعَلَامَةُ الشَّلَبِيُّ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ فِي دَفْعِ الثَّمَنِ لِلْمُوَكِّلِ وَفِي الْقَوْلِ لِمَنْ الْقَوْلِ قَوْلُ الْوَكِيلِ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ عَنْ

الضَّمَانِ وَفِي رِسَالَةِ الْمَقْدِسِيِّ الَّتِي نَقَلَهَا الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي ذَيْلِ رِسَالَتِهِ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بِعْت وَسَلَّمْت وَقَبَضْت الثَّمَنَ وَهَلَكَ عِنْدِي أَوْ دَفَعْته إلَى الْآمِرِ صُدِّقَ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَمَّا هُوَ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ مِنْ جِهَتِهِ وَإِنْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ غَرِمَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِاسْتِيفَائِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مُعْتَبَرٌ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ لَا فِي إيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى الْغَيْرِ اهـ وَفِي فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ مِنْ الْوَقْفِ ضِمْنَ سُؤَالٍ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ قَوْلَ الْوَكِيلِ مَقْبُولٌ بَعْدَ الْعَزْلِ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ بَاعَ مَا وُكِّلَ بِبَيْعِهِ وَكَانَتْ الْعَيْنُ هَالِكَةً وَفِيمَا إذَا ادَّعَى دَفْعَ مَا وُكِّلَ بِدَفْعِهِ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ اهـ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدُّيُونِ إذَا قَالَ قَبَضْت وَدَفَعْت إلَى الْمُوَكِّلِ فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ أَخْبَرَ عَنْ تَنْفِيذِ الْأَمَانَةِ وَقَالَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَالْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَالذَّخِيرَةِ بَاعَ الْمَوْلَى وَسَلَّمَ ثُمَّ وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ الثَّمَنِ فَقَالَ الْوَكِيلُ قَبَضْت فَضَاعَ أَوْ دَفَعْت إلَى الْآمِرِ فَجَحَدَ ذَلِكَ مُوَكِّلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ اهـ وَنَقَلَ الْمَقْدِسِيُّ والشرنبلالي نَقُولُ الْمَذْهَبُ قَاطِبَةً أَنَّ الْعَزْلَ لَا يُخْرِجُ الْوَكِيلَ عَنْ كَوْنِ الْمَالِ فِي يَدِهِ أَمَانَةً. وَبِهِ أَفْتَى فِي الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ ضِمْنَ سُؤَالٍ مُلَخَّصُهُ أَنَّ زَيْدًا وَكَّلَ عَمْرًا فِي قَبْضِ مَحْصُولَاتِ قُرًى وَفِي قَبْضِ دُيُونِهِ الثَّابِتَةِ فِي الذِّمَمِ فَادَّعَى بَعْدَ عَزْلِهِ أَنِّي قَبَضْت تِلْكَ الْمَحْصُولَاتِ وَالدُّيُونَ وَدَفَعْتهَا إلَى الْمُوَكِّلِ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ وَطَلَبَ مِنْهُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْقَبْضِ وَالدَّفْعِ وَتَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بِدُونِ بَيِّنَةٍ حَيْثُ إنَّ الْمُوَكِّلَ حَيٌّ وَالْعَزْلَ لَا يُخْرِجُ الْوَكِيلَ عَنْ كَوْنِ الْمَالِ فِي يَدِهِ أَمَانَةً أَجَابَ الْوَكِيلُ أَمِينٌ إلَخْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ وَكِيلًا شَرْعِيًّا عَنْ أُخْتِهِ فِي شِرَاءِ بُسْتَانٍ مَعْلُومٍ وَفِي إيجَارِهِ وَقَبْضِ أُجُورِهِ وَبَاشَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي مُدَّةِ سِنِينَ حَتَّى مَاتَتْ أُخْتُهُ عَنْ وَرَثَةٍ وَعَنْ زَوْجٍ مُعْتَرِفٍ بِالْقَبْضِ وَمُنْكِرٍ لِدَفْعِ الْوَكِيلِ ذَلِكَ لِمُوَكِّلَتِهِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ فِي دَفْعِ الْأُجْرَةِ لِمُوَكِّلَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فَتْوَى مُطَوَّلَةً نَافِعَةً فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ مِنْ فَتَاوَاهُ مِنْ جُمْلَتِهَا قَوْلُهُ اعْلَمْ أَنَّهُ مَتَى ثَبَتَ قَبْضُ الْوَكِيلِ مِنْ الْمَدْيُونِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ تَصْدِيقِ الْوَرَثَةِ لَهُ فِيهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الدَّفْعِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ مُودَعٌ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْقَبْضُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ فَتَرْجِعُ الْوَرَثَةُ عَلَى الْغَرِيمِ وَلَا يَرْجِعُ الْغَرِيمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَ الْقَبْضِ لِعَزْلِهِ بِالْمَوْتِ وَقَبْضُهُ لَدَى الْغَرِيمِ ثَابِتٌ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ مُودَعٌ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَاغْتَنِمْهُ فَإِنَّهُ مُفْرَدٌ اهـ فَالْحَاصِلُ كَمَا فِي رِسَالَةِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ الْمُسَمَّاةِ بِمِنَّةِ الْجَلِيلِ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْوَكِيلِ أَنَّ سِرَايَةَ قَوْلِهِ عَلَى مُوَكِّلِهِ لِيَبْرَأَ غَرِيمُهُ خَاصٌّ بِمَا إذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ حَالَ حَيَاةِ مُوَكِّلِهِ بِالْقَبْضِ وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا تَثْبُتُ بَرَاءَةُ الْغَرِيمِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ يُقِيمُهَا أَوْ تَصْدِيقِ الْوَرَثَةِ عَلَى قَبْضِ الْوَكِيلِ وَأَمَّا فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِي حَيَاةِ مُوَكِّلِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَدَعْوَاهُ هَلَاكَ مَا قَبَضَ فِي يَدِهِ كَدَعْوَاهُ الْإِيصَالَ مَقْبُولَةٌ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ أَمَانَةٌ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ وَالْأَمِينُ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ أَمِينًا بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ فَتَأَمَّلْ وَتَمَامُ التَّحْقِيقِ مَعَ كَمَالِ التَّدْقِيقِ فِي تِلْكَ الرِّسَالَةِ. وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِآخَرَ أَعْطِنِي مِنْ صُنْدُوقِي خَمْسِينَ دِينَارًا فَأَعْطَاهُ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ ادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَ فِي الصُّنْدُوقِ نِصْفَهَا وَأَنَّهُ دَفَعَ النِّصْفَ الْآخَرَ مِنْ مَالِهِ فَأَجَابَ الْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ فِي الصُّنْدُوقِ سِوَى ذَلِكَ وَأَنَّ بَقِيَّتَهُ مِنْ مَالِهِ. (سُئِلَ) فِي التَّوْكِيلِ بِالْإِقْرَارِ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ وَلَا يَكُونُ التَّوْكِيلُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ إقْرَارًا مِنْ الْمُوَكِّلِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَكُونُ التَّوْكِيلُ بِالْإِقْرَارِ صَحِيحًا وَلَا يَصِيرُ بِالتَّوْكِيلِ مُقِرًّا قَبْلَ الْإِقْرَارِ مِنْ الْوَكِيلِ كَذَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْوَكَالَةِ وَالْبَحْرِ وَالْمِنَحِ وَغَيْرِهَا

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا نَصُّهُ التَّوْكِيلُ بِالْإِقْرَارِ صَحِيحٌ وَلَا يَكُونُ التَّوْكِيلُ بِهِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ إقْرَارًا مِنْ الْمُوَكِّلِ وَعَنْ الطَّوَاوِيسِيِّ مَعْنَاهُ أَنْ يُوَكِّلَ بِالْخُصُومَةِ وَيَقُولَ خَاصِمْ فَإِذَا رَأَيْت طَرَفَ مَذَمَّةٍ أَوْ عَارٍ عَلَيَّ فَأَقَرَّ بِالْمُدَّعَى يَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ. اهـ. . (سُئِلَ) فِي الْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إذَا دَفَعَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ إلَى الْبَائِعِ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِنَظِيرِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا دَفَعَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِهِ إلَّا فِيمَا إذَا ادَّعَى الدَّفْعَ وَصَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَلَا رُجُوعَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ اهـ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَّلَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدًا فَقَالَ اشْتَرَيْته وَنَقَدْته الثَّمَنَ فَقَالَ الْمُوَكِّلُ صَدَقْت وَلَكِنْ الْبَائِعُ غَائِبٌ فَرُبَّمَا يَحْضُرُ وَيُنْكِرُ قَبْضَهُ الثَّمَنَ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَيُؤْمَرُ بِأَدَاءِ الثَّمَنِ إلَى الْوَكِيلِ فَإِذَا أَنْكَرَهُ الْبَائِعُ بَعْدَ الْحُضُورِ وَحَلَفَ يَرْجِعُ الْمُوَكِّلُ إلَى وَكِيلِهِ بِالْمُؤَدَّى اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ وَفِي الدُّرَرِ مِنْ الْوَكَالَةِ لِلْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى آمِرِهِ إذَا فَعَلَ مَا أَمَرَ بِهِ سَوَاءٌ دَفَعَهُ أَيْ الثَّمَنَ إلَى بَائِعِهِ أَوْ لَا. اهـ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَرْسَلَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ الْجَازِ وَأَمَرَهُ بِبَيْعِهِ فَبَاعَهُ عَمْرٌو مِنْ جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَبَضَهُ مِنْهُمْ وَغَابَ عَمْرٌو فَقَامَ زَيْدٌ يُطَالِبُ الْجَمَاعَةَ بِالثَّمَنِ زَاعِمًا أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ بِشَرْطِ أَنَّهُ لَا يَقْبِضُ الثَّمَنَ فَهَلْ لَيْسَ لِزَيْدٍ ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ وَقَبْضُ عَمْرٍو صَحِيحٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْمُحِيطِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بَاعَ وَغَابَ لَا يَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ قَبْضُ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْمِنَحِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَجَامِعِ الْفَتَاوَى وَكَّلَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْبِضَ الثَّمَنَ فَلَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ وَالنَّهْيُ بَاطِلٌ اهـ وَفِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ وَلِلْمُشْتَرِي الْإِبَاءُ عَنْ دَفْعِ الثَّمَنِ لِلْمُوَكِّلِ وَإِنْ دَفَعَ لَهُ صَحَّ وَلَوْ مَعَ نَهْيِ الْوَكِيلِ اسْتِحْسَانًا وَلَا يُطَالَبُ الْوَكِيلُ ثَانِيًا لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ اهـ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي عَلَيْهِ دَيْنٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ يَصِيرُ الثَّمَنُ قِصَاصًا بِمَا عَلَى الْوَكِيلِ وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ لِمُوَكِّلِهِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَصِيرُ قِصَاصًا خَانِيَّةٌ فِي فَصْلِ التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَلَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي دَيْنٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِالْبَيْعِ قَالُوا إنَّ الثَّمَنَ يَصِيرُ قِصَاصًا عَلَى الْمُوَكِّلِ مِنْ الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ يُمَاطِلُهُ وَلَا يَقْضِي دَيْنَهُ فَلَهُ فِي ذَلِكَ حِيلَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَتَوَكَّلَ صَاحِبُ الدَّيْنِ عَنْ غَيْرِهِ فِي شِرَاءِ عَيْنٍ مِنْ مَدْيُونِهِ فَإِذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ يَصِيرُ الثَّمَنُ قِصَاصًا بِمَا كَانَ لِلْوَكِيلِ عَلَى مَدْيُونِهِ وَهُوَ الْبَائِعُ ثُمَّ الْوَكِيلُ يَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ مُوَكِّلِهِ كَمَا لَوْ نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَالثَّانِيَةُ أَنْ يُوَكِّلَ صَاحِبُ الدَّيْنِ رَجُلًا لَيَشْتَرِي لَهُ شَيْئًا مِنْ مَدْيُونِهِ فَإِذَا اشْتَرَاهُ يَصِيرُ قِصَاصًا بِمَا كَانَ لِلْمُوَكِّلِ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ وَكَذَا فِي وَكَالَةِ الْقَاعِدِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَكَّلَ زَيْدًا وَكَالَةً عَامَّةً مُفَوَّضَةً إلَى رَأْيِهِ فِي قَبْضِ مَا يَجِبُ لَهُ قَبْضُهُ وَصَرْفِهِ كَذَلِكَ فَتَعَاطَى ذَلِكَ مُدَّةً وَصَدَّقَهُ عَلَى الْقَبْضِ وَكَذَّبَهُ فِي بَعْضِ الْمُصْرَفِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِيمَا لَا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَكَالَةِ مُفَصَّلَةٌ فَارْجِعْ إلَيْهَا فَإِنَّهَا مُفِيدَةٌ جِدًّا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ جَارِيَتَهُ لِعَمْرٍو وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَ عَلَيْهَا لِنَفَقَتِهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ كَذَا مِصْرِيَّةً وَيَرْجِعُ بِنَظِيرِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَصَارَ يُنْفِقُ الْقَدْرَ الْمَذْكُورَ عَلَى الْجَارِيَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَزَيْدٌ غَائِبٌ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ وَيُرِيدُ عَمْرٌو وَالْمَأْذُونُ لَهُ الرُّجُوعَ فِي تَرِكَةِ الْآذِنِ بِنَظِيرِ مَا صَرَفَهُ بِإِذْنِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْإِذْنِ وَالصَّرْفِ وَقُدِّرَ الْمَبْلَغُ الْمَصْرُوفُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لِعَمْرٍو ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. سُئِلَ أَبُو حَامِدٍ عَمَّنْ وَكَّلَ رَجُلًا وَكَالَةً مُطْلَقَةً عَلَى أَنْ يَقُومَ بِأَمْرِهِ وَيُنْفِقَ عَلَى أَهْلِهِ مِنْ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يُعَيِّنْ عَلَيْهِ شَيْئًا فِي الْإِنْفَاقِ وَلَكِنْ أَطْلَقَ لَهُ ثُمَّ إنَّ الْمُوَكِّلَ مَاتَ وَجَاءَ وَرَثَتُهُ فَطَالَبُوا الْوَكِيلَ بِبَيَانِ مَا أَنْفَقَ وَبِصَرْفِهِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ فَقَالَ إنْ كَانَ ثِقَةً يُصَدَّقُ فِيمَا قَالَ وَإِنْ اتَّهَمُوهُ حَلَّفُوهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَيَانُ جِهَةِ

الْإِنْفَاقِ إلَّا إذَا ذَكَرَ خَرَاجًا وَلَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ ضَيْعَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَسُئِلَ عَنْهَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ فَقَالَ هَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ يُرِيدُ الرُّجُوعَ فَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَإِنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ الضَّمَانِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مِنْ وَكَالَةٍ يَتِيمَةُ الدَّهْرِ فِي فَتَاوَى أَهْلِ الْعَصْرِ (أَقُولُ) عُلِّلَ هَذَا فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ بِأَنَّهُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَدَّعِي الدَّيْنَ وَالْمُوَكِّلُ يُنْكِرُ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُنْكِرِ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي الْوَكِيلُ يُنْكِرُ الضَّمَانَ وَيَدَّعِي الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْأَمَانَةِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَمِينِ بِالْيَمِينِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَعَثَ الْمَدْيُونُ مَبْلَغَ الدَّيْنِ مَعَ رَسُولِهِ لِدَائِنِهِ فَهَلَكَ مَعَ الرَّسُولِ فَهَلْ يَهْلِكُ عَلَى الْمَدْيُونِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ بَعَثَ الْمَدْيُونُ الْمَالَ عَلَى يَدِ رَسُولٍ فَهَلَكَ فَإِنْ كَانَ رَسُولُ الدَّائِنِ هَلَكَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ رَسُولُ الْمَدْيُونِ هَلَكَ عَلَيْهِ أَشْبَاهٌ مِنْ الْوَكَالَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ زَيْدٌ عُمْرًا فِي اسْتِئْجَارِ طَاحُونَةِ وَقْفٍ فَاسْتَأْجَرَهَا لَهُ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ وَقَبَضَهَا الْوَكِيلُ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ تَقَايَلَ مَعَ النَّاظِرِ عَقْدَ التَّوَاجِرِ فَهَلْ تَكُونُ مُقَايَلَتُهُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَيَبْقَى الْمَأْجُورُ بِيَدِ الْمُوَكِّلِ إلَى انْتِهَاءِ مُدَّةِ عَقْدِ التَّوَاجِرِ الْمَزْبُورِ؟ (الْجَوَابُ) : الْوَكِيلُ بِالِاسْتِئْجَارِ لَا يَمْلِكُ الْإِقَالَةَ بَعْدَ الْقَبْضِ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي وَكَالَةِ الْعَتَّابِيَّةِ والتتارخانية وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ مِنْ الْوَكَالَةِ عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ وَالْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَوَكَّلَهُ بِإِقْرَاضِهِ مِنْ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ وَبِبَيْعِ سِلْعَةِ زَيْدٍ لِلرَّجُلِ الْمَذْكُورِ فَفَعَلَ عَمْرٌو ذَلِكَ وَالْآنَ يَدَّعِي عَمْرٌو أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ثَمَنَ السِّلْعَةِ فَهَلْ يَكُونُ ثَمَنُهَا لِزَيْدٍ دُونَ عَمْرٍو؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَصَحَّ التَّوْكِيلُ بِالْإِقْرَاضِ لَا بِالِاسْتِقْرَاضِ بَزَّازِيَّةٌ وَالتَّوْكِيلُ بِالْبَيْعِ جَائِزٌ. (سُئِلَ) فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ الْمَبِيعَ وَسَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ ثُمَّ قَبَضَ الْوَكِيلُ بَعْضَ الثَّمَنِ وَهَلَكَ بَاقِيهِ وَيُرِيدُ الْمُوَكِّلُ مُطَالَبَةَ الْوَكِيلِ بِذَلِكَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَهَلْ يَكُونُ الْوَكِيلُ غَيْرَ ضَامِنٍ وَلَا يُطَالِبُ بِالثَّمَنِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ فَنَهَاهُ الْآمِرُ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ لَا يَصِحُّ نَهْيُهُ فَإِنْ سَلَّمَ الْوَكِيلُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَتَوَى الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ فَبَاعَهُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا حَتَّى يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَبِيعُ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَا يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى التَّقَاضِي وَالِاسْتِيفَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فِيمَا فَعَلَ مِنْ الْبَيْعِ وَالْمُتَبَرِّعُ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ مَا يَتَبَرَّعُ بِهِ فَإِنْ تَقَاضَى وَقَبَضَ ثَمَنَهَا فَبِهَا وَإِلَّا يُقَالُ أَحَالَ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ وَكَّلَهُ بِالتَّقَاضِي وَاعْلَمْ أَنَّ حَقَّ قَبْضِ الثَّمَنِ لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَلَوْ قَبَضَ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ صَحَّ قَبْضُهُ اسْتِحْسَانًا وَهَذَا فِي غَيْرِ الصَّرْفِ أَمَّا فِي الصَّرْفِ لَا يَجُوزُ قَبْضُ الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ جَوَازَ الصَّرْفِ مُعَلَّقٌ بِالْقَبْضِ فَكَانَ الْقَبْضُ فِي الصَّرْفِ بِمَنْزِلَةِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا إذَا كَانَ وَكِيلًا بِأَجْرٍ نَحْوُ الدَّلَّالِ وَالسِّمْسَارِ وَالْبَيَّاعِ يُجْبَرُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ ذَخِيرَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الْعَاشِرِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالتَّنْوِيرِ مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَالْبَحْرِ مِنْ الْوَكَالَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَرْسَلَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو الْمُقِيمِ بِدِمَشْقَ مِقْدَارًا مِنْ الْحَرِيرِ لِيَبِيعَهُ لَهُ وَيَشْتَرِيَ لَهُ بِالثَّمَنِ أَمْتِعَةً فَلَمْ يَبِعْهُ وَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَجَاءَ زَيْدٌ لِدِمَشْقَ وَطَالَبَ عَمْرًا بِثَمَنِ الْحَرِيرِ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ حَيْثُ امْتَنَعَ عَنْ الْبَيْعِ فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ ضَامِنٍ وَلَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى فِعْلِ مَا وُكِّلَ فِيهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْوَكَالَةِ لَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ إذَا امْتَنَعَ عَنْ فِعْلِ مَا وُكِّلَ فِيهِ لِكَوْنِهِ مُتَبَرِّعًا إلَّا فِي مَسَائِلَ إلَخْ وَفِي بُيُوعِ الْعُدَّةِ رَجُلٌ غَابَ وَأَمَرَ تِلْمِيذَهُ أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ وَيُسَلِّمَ ثَمَنَهَا إلَى فُلَانٍ فَبَاعَ التِّلْمِيذُ وَأَمْسَكَ الثَّمَنَ حَتَّى هَلَكَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُ مَا تَبَرَّعَ بِهِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الضَّمَانَاتِ قُبَيْلَ ضَمَانِ الْمُودِعِ. وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ الْوَكِيلِ فِي بَيْعِ ثَمَرَةٍ أَوْ قَبْضِ دَيْنٍ إذَا

تَهَاوَنَ حَتَّى عَدِمَ مَا هُوَ وَكِيلٌ فِيهِ فَتَلِفَتْ الثَّمَرَةُ وَاسْتَخْبَأَ الْمَدْيُونُ فَأَجَابَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فِي ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ. (سُئِلَ) فِي الْوَكِيلِ فِي الشِّرَاءِ إذَا خَالَفَ أَمْرَ الْمُوَكِّلِ فَهَلْ يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ؟ ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ إذَا خَالَفَ يَقَعُ الْمِلْكُ لَهُ اهـ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا خَالَفَ لَا يَقَعُ لَهُ بَلْ يَقَعُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا خَالَفَ يَقَعُ لَهُ وَلَا تُعْمَلُ فِيهِ إجَازَةُ الْمُجِيزِ مِنْ أَوَائِلِ وَكَالَةِ الْقَاعِدِيَّةِ أَنْقِرْوِيٌّ وَفِيهِ أَيْضًا وَفِي التَّهْذِيبِ ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَكُونُ خِلَافًا فِي الْبَيْعِ فَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْآمِرِ وَمَا كَانَ خِلَافًا فِي الشِّرَاءِ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْوَكِيلُ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا مَحْجُورًا أَوْ مُرْتَدًّا فَهُوَ مَوْقُوفٌ مِنْ أَوَاخِرِ وَكَالَةِ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَفِي هَامِشِهِ وَفِي الْعَاشِرِ مِنْ وَكَالَةِ التَّتَارْخَانِيَّةِ عَنْ التَّجْرِيدِ وَمَا كَانَ خِلَافًا فِي الشِّرَاءِ لَزِمَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ مَنْ اشْتَرَاهُ لَهُ إلَّا إذَا لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا عَلَى الْوَكِيلِ كَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ الْمَحْجُورِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَهَلْ تَكُونُ الْوَكَالَةُ الْمَزْبُورَةُ لَازِمَةً وَلَا يَنْعَزِلُ بِالْعَزْلِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَكُونُ الْوَكَالَةُ لَازِمَةً وَلَا تَبْطُلُ بِالْعَزْلِ حَقِيقِيًّا أَوْ حُكْمِيًّا وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ بَابِ عَزْلِ الْوَكِيلِ. (سُئِلَ) فِي التَّوْكِيلِ بِالِاسْتِقْرَاضِ هَلْ يَكُونُ بَاطِلًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ التَّوْكِيلُ بِالِاسْتِقْرَاضِ بَاطِلٌ لَا الْإِرْسَالُ لِلِاسْتِقْرَاضِ كَمَا فِي الدُّرَرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ زَيْدٌ عَمْرًا بِأَنْ يُقْرِضَ مَالَ زَيْدٍ مِنْ آخَرَ فَأَقْرَضَهُ عَمْرٌو مِنْهُ ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَقْرِضَ فَرَّ وَلَمْ يُوجَدْ وَيَزْعُمُ زَيْدٌ أَنَّ مَبْلَغَ الْقَرْضِ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ فَهَلْ يَكُونُ التَّوْكِيلُ صَحِيحًا وَلَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ التَّوْكِيلُ بِالْإِقْرَاضِ صَحِيحٌ فَحَيْثُ وَكَّلَهُ بِإِقْرَاضِ مَالِ الْمُوَكِّلِ وَهَلَكَ الْمَالُ لَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ الْمَزْبُورَ قَالَ فِي الدُّرَرِ قُبَيْلَ بَابِ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْإِقْرَاضِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ تَفْوِيضُ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِهِ اهـ وَتَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا شَرَى الْمَبِيعَ لِنَفْسِهِ فَهَلْ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ لَا يَمْلِكُ شِرَاءَهُ لِنَفْسِهِ فَيَبِيعُهُ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ يَشْتَرِيهِ مِنْهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ فِي فَصْلِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءُ لَا يُعْقَدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَوَافَقَ زَيْدٌ مَعَ عَمْرٍو عَلَى أَنْ يَشْتَرِكَا وَيَشْتَرِيَا أَمْتِعَةً يُسَافِرَانِ بِهَا إلَى الْحِجَازِ مَعَ الْحَاجِّ فِي زَمَنٍ قَرُبَ فِيهِ خُرُوجُهُمْ مِنْ الْبَلْدَةِ إلَى الْحِجَازِ وَاحْتَاجَ زَيْدٌ إلَى مَبْلَغٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِأَجْلِ ذَلِكَ لِعَدَمِ وُجُودِ شَيْءٍ مَعَهُ مِنْ ذَلِكَ وَعِنْدَهُ قَدْرٌ مِنْ الْبُنِّ فَدَفَعَهُ لِعَمْرٍو لِيَبِيعَهُ بِثَمَنٍ يَأْخُذُهُ وَيَعْقِدُ بِهِ الشَّرِكَةَ بَيْنَهُمَا وَيَشْتَرِيَا بِهِ وَبِمَالِ عَمْرٍو أَمْتِعَةً لِأَجْلِ الشَّرِكَةِ وَيُسَافِرَا بِهَا مَعَ الْحَاجِّ وَقَدْ وَجَدَ فِي اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَى بَيْعِ الْبُنِّ بِالنَّقْدِ لَا بِالنَّسِيئَةِ وَالدَّلَالَةُ قَائِمَةٌ عَلَى ذَلِكَ لِضِيقِ الزَّمَنِ عَنْ التَّأْجِيلِ بِسَبَبِ الْحَاجَةِ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ وَطَلَبَ وَرَثَةُ زَيْدٍ ثَمَنَ الْبُنِّ مِنْ عَمْرٍو فَامْتَنَعَ قَائِلًا إنَّهُ بَاعَهُ إلَى أَجَلٍ يَحِلُّ بَعْدَ خُرُوجِ الْحَاجِّ مِنْ الْبَلْدَةِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ غَيْرَ جَائِزٍ وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فَإِنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ بِالنَّسِيئَةِ إلَى أَجَلٍ مُتَعَارَفٍ فِيمَا بَيْنَ التُّجَّارِ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ جَازَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إذَا لَمْ يَكُنْ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَيْعِ بِالنَّقْدِ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَيْعِ بِالنَّقْدِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِالنَّسِيئَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَقَالَ الْأَنْقِرَوِيُّ عَنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ الْإِمَامِ الثَّانِي أَنَّ الْوَكِيلَ إنَّمَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ نَسِيئَةٍ إذَا كَانَتْ الْوَكَالَةُ لِلتِّجَارَةِ أَمَّا إذَا كَانَتْ لِلْحَاجَةِ كَالْمَرْأَةِ تُعْطِي غَزْلَهَا لِلْبَيْعِ لَمْ يَمْلِكْ الْبَيْعَ نَسِيئَةً وَبِهِ يُفْتَى فَإِنَّ تَقْيِيدَ الْمُطْلَقِ بِدَلَالَةِ الْحَاجَةِ شَائِعٌ فَائِضٌ اهـ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي التَّتِمَّةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَبِهِ نَأْخُذُ وَفِي الْخُلَاصَةِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ زَيْدٌ عَمْرًا بِشِرَاءِ جُوخٍ مَعْلُومِ النَّوْعِ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُ ثَمَنَهُ فَاشْتَرَى

لَهُ عَمْرٌو ذَلِكَ بِثَمَنِ مِثْلِهِ ثُمَّ دَفَعَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ الْمَزْبُورَ مِنْ مَالِهِ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذَكَرَ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ أَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ فَرَسٍ أَوْ بَغْلٍ صَحَّ التَّوْكِيلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَبْقَ الْجَهَالَةُ بَعْدَ إعْلَامِ الْجِنْسِ إلَّا فِي الصِّفَةِ وَهِيَ مُحْتَمَلَةٌ فِي الْوَكَالَةِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ سَمَّى ثَمَنًا أَوْ لَا أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ؛ لِأَنَّهُ بِبَيَانِ جِنْسِ الْمُثَمَّنِ يَصِيرُ مَعْلُومًا عَادَةً عَيْنِيٌّ عَلَى الْكَنْزِ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَالدُّرَرِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ هَلْ يَمْلِكُ إيدَاعَ الْمَبِيعِ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ بِدُونِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ أَوْ لَا وَإِذَا مَلَكَ الْإِيدَاعَ الْمَزْبُورَ وَهَلَكَ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ هَلْ يَضْمَنُ أَوْ لَا؟ (أَقُولُ) لَمْ أَرَ جَوَابًا لَلْمُؤَلِّفِ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ لَكِنْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ عَنْ فَتَاوَى الْكَازَرُونِيُّ أَرْسَلَ مَعَ آخَرَ دَرَاهِمَ يَشْتَرِي بِهَا أَمْتِعَةً فَاشْتَرَاهَا وَأَرْسَلَهَا لَهُ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي إرْسَالِهَا مَعَ غَيْرِهِ هَلْ يَضْمَنُ أَجَابَ الْوَكِيلُ مُتَعَدٍّ بِدَفْعِ الْعَيْنِ إلَى أَجْنَبِيٍّ فَيَضْمَنُ الْقِيَمِيَّ بِقِيمَتِهِ وَالْمِثْلِيَّ بِمِثْلِهِ إذَا هَلَكَتْ الْعَيْنُ إلَى أَنْ قَالَ الْوَكِيلُ لَا يُودِعُ. اهـ. (أَقُولُ أَيْضًا) وَفِي وَكَالَةِ الْبَحْرِ وَكِيلُ الْبَيْعِ لَوْ دَفَعَ الْمَبِيعَ إلَى دَلَّالٍ لِيَعْرِضَهُ عَلَى مَنْ يَرْغَبُ فِيهِ فَغَابَ أَوْ ضَاعَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ لَكِنْ الْمُخْتَارُ الضَّمَانُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ لِكَوْنِهِ دَفَعَ مِلْكَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِنْ كَانَ أَصِيلًا فِي الْحُقُوقِ إلَخْ وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الضَّمَانِ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِذَلِكَ فَلَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِدَفْعِهِ إلَى دَلَّالٍ لِيَعْرِضَهُ عَلَى الْبَيْعِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ بِمُقْتَضَى الْعَادَةِ يَكُونُ مَأْذُونًا بِذَلِكَ وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ. سُئِلَ فِيمَا إذَا جَرَتْ عَادَةُ التُّجَّارِ أَنْ يَبْعَثَ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ بِضَاعَةً يَبِيعُهَا وَيَبْعَثُ بِثَمَنِهَا مَعَ مَنْ يَخْتَارُهُ وَيَعْتَقِدُ أَمَانَتَهُ مِنْ الْمُكَارِيَةِ بِحَيْثُ اُشْتُهِرَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ اشْتِهَارًا شَائِعًا فِيهِمْ وَبَاعَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ الْبِضَاعَةَ وَأَرْسَلَ ثَمَنَهَا مَعَ مَنْ اخْتَارَهُ مِنْهُمْ عَلَى دَفَعَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَأَنْكَرَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ بَعْضَ الدَّفَعَاتِ هَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ بَاعِثِ الثَّمَنِ بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ تَفَاصِيلَ ذَلِكَ لِطُولِ الْمُدَّةِ أَمْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْبَيِّنَةِ أَجَابَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ إذْ لَهُ بَعْثُهُ مَعَ مَنْ يَخْتَارُهُ وَيَرَاهُ أَمِينًا؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ لَمْ تَبْطُلْ أَمَانَتُهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ بِالْإِرْسَالِ مَعَ مَنْ ذَكَرَ وَقَدْ ذَكَرَ الزَّاهِدِيُّ رَامِزًا ب خ لِبَكْرٍ خواهر زاده جَرَتْ عَادَةُ حَاكَةِ الرُّسْتَاقِ أَنَّهُمْ يَبْعَثُونَ الْكَرَابِيسَ إلَى مَنْ يَبِيعُهَا لَهُمْ فِي الْبَلَدِ وَيَبْعَثُ بِأَثْمَانِهَا إلَيْهِمْ بِيَدِ مَنْ شَاءَ وَيَرَاهُ أَمِينًا فَإِذَا بَعَثَ الْبَائِعُ ثَمَنَ الْكَرَابِيسِ بِيَدِ شَخْصٍ ظَنَّهُ أَمِينًا وَأَبَقَ ذَلِكَ الرَّسُولُ لَا يَضْمَنُ الْبَاعِثُ إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْعَادَةُ مَعْرُوفَةً عِنْدَهُمْ قَالَ أُسْتَاذُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَبِهِ أَجَبْت أَنَا وَغَيْرِي اهـ وَقَدْ عُضِّدَ بِقَوْلِهِمْ الْمَعْرُوفُ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْطًا وَالْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ وَالْعُرْفُ قَاضٍ إلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِمْ اهـ مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ وَلَكِنْ اُنْظُرْ مَا يَأْتِي فِي الْفُرُوعِ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ. (سُئِلَ) فِي الْوَكِيلِ إذَا لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا دَيْنَ مُوَكِّلِهِ هَلْ لَا يُحْبَسُ بِدَيْنِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يُحْبَسُ وَفِي وَكَالَةِ الْأَشْبَاهِ وَلَا يُحْبَسُ الْوَكِيلُ بِدَيْنِ مُوَكِّلِهِ وَلَوْ كَانَتْ وَكَالَته عَامَّةً إلَّا إنْ ضَمِنَ. وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ هَلْ يُحْبَسُ الْوَكِيلُ بِدَيْنٍ وَجَبَ عَلَى مُوَكِّلِهِ إذَا كَانَ لِلْمُوَكِّلِ مَالٌ تَحْتَ يَدِ وَكِيلِهِ وَامْتَنَعَ الْوَكِيلُ مِنْ إعْطَائِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا فَأَجَابَ إنَّمَا يُحْبَسُ الْوَكِيلُ عَلَى دَفْعِ مَا ثَبَتَ عَلَى مُوَكِّلِهِ مِنْ الدَّيْنِ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَمَرَ الْوَكِيلَ بِدَفْعِ الدَّيْنِ أَوْ كَانَ كَفِيلًا بِهِ وَإِلَّا فَلَا يُحْبَسُ فِيهِ زَادَ الشَّيْخُ فِي هَذَا الْجَوَابِ فِي مَكَان آخَرَ وَإِنْ صَدَّقَهُ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ فَلَا يُعْتَبَرُ اهـ وَأَيَّدَ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ السَّيِّدُ أَحْمَدُ الْحَمَوِيُّ مَا أَفْتَى بِهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِنَقْلٍ مِنْ الْخَانِيَّةِ وَنَقَلَهُ فِي نَهْجِ النُّحَاةِ أَيْضًا فَقَدْ تَحَرَّرَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْمُوَكِّلِ مَالٌ تَحْتَ يَدِ وَكِيلِهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِدَفْعِهِ لَا يُحْبَسُ وَإِذَا أَمَرَهُ بِدَفْعِهِ وَامْتَنَعَ مِنْهُ يُحْبَسُ. (أَقُولُ) وَهَذَا خُلَاصَةُ مَا حَرَّرَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمِنَحِ وَوَفَّقَ بِهِ بَيْنَ عِبَارَاتِهِمْ كَمَا أَوْضَحْته فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَأَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ

إذَا أَذِنَ الْمَدْيُونُ لِوَكِيلِهِ بِأَنْ يُعْطِيَ رَبَّ الدَّيْنِ وَغَابَ فَادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّهُ لَا مَالَ عِنْدَهُ لِمُوَكِّلِهِ هَلْ يَلْزَمُهُ يَمِينٌ فَأَجَابَ لَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ دَفْعُ مَا فِي يَدِهِ إلَى مَنْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِهِ مِنْهُ وَإِنْ أَنْكَرَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ لَهُ تَحْتَ يَدِهِ شَيْءٌ لَا يَلْزَمُهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَجِبُ لِلْخَصْمِ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْعَيْنِ لَيْسَ بِخَصْمٍ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ الْغَائِبِ مَبْلَغُ دَيْنٍ بِذِمَّةِ عَمْرٍو فَادَّعَى بَكْرٌ أَنَّهُ وَكِيلُ زَيْدٍ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْ عَمْرٍو فَصَدَّقَهُ عَمْرٌو عَلَى ذَلِكَ وَدَفَعَ لَهُ الدَّيْنَ وَمَضَتْ مُدَّةٌ وَالْآنَ يُرِيدُ عَمْرٌو اسْتِرْدَادَ الْمَبْلَغِ مِنْ بَكْرٍ فَهَلْ لَيْسَ لِعَمْرٍو ذَلِكَ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ وَالدَّفْعُ صَحِيحٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ فِي قَبْضِ دَيْنِهِ فَصَدَّقَهُ الْغَرِيمُ أُمِرَ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ فَصَدَّقَهُ وَإِلَّا دَفَعَ إلَيْهِ الدَّيْنَ ثَانِيًا وَرَجَعَ بِهِ عَلَى الْوَكِيلِ لَوْ بَاقِيًا وَإِنْ ضَاعَ لَا إلَّا إذَا ضَمِنَهُ عِنْدَ الدَّفْعِ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ عَلَى ادِّعَائِهِ كَنْزُ الدَّقَائِقِ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَزَادَ فِيهِ وَفِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا الْغَرِيمُ لَيْسَ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْمُتُونِ. وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ فِيمَا إذَا ادَّعَى الْمَدْيُونُ أَنَّهُ قَبَّضَ الْمُوَكِّلَ دَيْنَهُ. فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الْوَكِيلَ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ قَبَضَ الدَّيْنَ وَأَجَابَ عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ إذَا أَنْكَرَ الْمَدْيُونُ الْوَكَالَةَ وَطَلَبَ الْوَكِيلُ تَحْلِيفَهُ عَلَى أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَإِنْ نَكَلَ الْمَدْيُونُ أُلْزِمَ بِدَفْعِ الدَّيْنِ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يَدَّعِي الْوَكَالَةَ عَنْ امْرَأَةٍ خَرْسَاءَ طَرْشَاءَ فَهَلْ تَصِحُّ وَكَالَتُهَا مَعَ كَوْنِهَا مَوْصُوفَةً بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ الْمَذْكُورَةُ إشَارَتُهَا مَعْلُومَةٌ مَفْهُومَةٌ فَتَوْكِيلُهَا صَحِيحٌ فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ مِنْ أَوَائِلِ الْوَكَالَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَعَثَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو الْمُقِيمِ بِبَلْدَةِ كَذَا دَرَاهِمَ لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا بِضَاعَةً مَعْلُومَةَ الْجِنْسِ لَا بِعَيْنِهَا وَلَمْ يَكُنْ سِعْرُهَا مَعْلُومًا فَاشْتَرَاهَا عَمْرٌو لَهُ بِثَمَنٍ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ فَهَلْ لَا يَنْفُذُ الشِّرَاءُ الْمَزْبُورُ عَلَى زَيْدٍ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ لَمْ يُعَيَّنْ لَهُ مَا يَشْتَرِيهِ فَاشْتَرَاهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لَا يَنْفُذُ الشِّرَاءُ الْمَزْبُورُ عَلَى زَيْدٍ وَفِي مُعِينِ الْمُفْتِي لَوْ اشْتَرَى بِغَبْنٍ يَسِيرٍ نَفَذَ وَبِالْفَاحِشِ لَا وَيَنْفُذُ عَلَى نَفْسِهِ قُلْت وَهَذَا إذَا لَمْ يُعَيَّنْ مَا يَشْتَرِيهِ فَإِنْ عُيِّنَ نَفَذَ عَلَى الْآمِرِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الْعِنَايَةِ هُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ وَلَوْ سُمِّيَ لَهُ الثَّمَنُ فَاشْتَرَى بِأَكْثَرَ لَا يَنْفُذُ إلَّا الْوَكِيلَ بِشِرَاءِ الْأَسِيرِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْآمِرَ الْمُسَمَّى كَمَا فِي الْوَاقِعَاتِ نَهْجُ النَّجَاةُ مِنْ الْوَكَالَةِ وَفِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَتَقَيَّدَ شِرَاؤُهُ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَغَبْنٍ يَسِيرٍ وَهُوَ مَا يَقُومُ بِهِ مُقَوِّمٌ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ سِعْرُهُ مَعْرُوفًا فَإِنْ كَانَ سِعْرُهُ مَعْرُوفًا بَيْنَ النَّاسِ كَخُبْزٍ وَلَحْمٍ وَمَوْزٍ وَجُبْنٍ لَا يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَإِنْ قَلَّتْ الزِّيَادَةُ وَلَوْ فَلْسًا وَاحِدًا بِهِ يُفْتِي بَحْرٌ وَمِثْلُهُ فِي الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَرْسَلَ زَيْدٌ الْمُقِيمُ بِبَلْدَةِ كَذَا مَعَ عَمْرٍو الْمُكَارِي صُرَّةً مَخْتُومَةً فِيهَا دَرَاهِمُ لِيُوَصِّلَهَا لِبَكْرٍ فَوَجَدَهَا بَكْرٌ نَاقِصَةً عَمَّا قَالَ زَيْدٌ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ بَكْرٍ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : الْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ بِيَمِينِهِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ بِنُقُولِهِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ تُبَاشِرُ بِنَفْسِهَا قَبْضَ أُجُورِ وَقْفِهَا وَمِلْكِهَا وَتَشْتَرِي أَمْتِعَةً مِنْ رِجَالٍ أَجَانِبَ وَتُرِيدُ أَنْ تُوَكِّلَ أَجْنَبِيًّا فِي دَعْوَى عَلَى رَجُلٍ زَاعِمَةً أَنَّهَا مِنْ الْمُخَدَّرَاتِ وَالرَّجُلُ لَا يَرْضَى بِتَوْكِيلِهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي الصَّحِيحِ الْجَسَدِ الْمُقِيمِ فِي الْبَلَدِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا عَنْهُ لِيَدَّعِيَ بِحَقٍّ عَلَى الْآخَرِ هَلْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَأْبَى حَتَّى يَحْضُرَ الْخَصْمُ فَيَدَّعِي بِنَفْسِهِ؟ (الْجَوَابُ) : قَدْ أَجَابَ عَنْ مِثْلِ هَذَا السُّؤَالِ الْعَلَامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِمَا صُورَتُهُ صَرَّحَ عُلَمَاؤُنَا قَاطِبَةً مُتُونًا وَشُرُوحًا بِأَنَّ الْوَكَالَةَ بِالْخُصُومَةِ لَا تَكُونُ إلَّا بِرِضَا الْخَصْمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ مَرِيضًا أَوْ غَائِبًا مُدَّةَ السَّفَرِ أَوْ مُرِيدًا لِلسَّفَرِ أَوْ مُخَدَّرَةً وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْجَوَابَ مُسْتَحَقٌّ عَلَى الْخَصْمِ وَلِهَذَا يَسْتَحْضِرُهُ وَالنَّاسُ مُتَفَاوِتُونَ فِي الْخُصُومَةِ فَلَوْ قُلْنَا بِلُزُومِهِ يَتَضَرَّرُ بِهِ

فَيَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَاهُ وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَاخْتَارَهُ الْمَحْبُوبِيُّ وَالنَّسَفِيُّ وَصَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَأَبُو الْفَضْلِ الْمَوْصِلِيُّ وَرَجَّحَ دَلِيلَهُ فِي كُلِّ مُصَنَّفٍ وَغَالِبُ الْمُتُونِ عَلَيْهِ فَلَزِمَ الْعَمَلُ بِهِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ لَا سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ الْفَاسِدِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَقَالَ فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ وَصَحَّ أَيْ التَّوْكِيلُ بِالْخُصُومَةِ فِي كُلِّ حَقٍّ بِرِضَا الْخَصْمِ لِلُزُومِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ مَرِيضًا لَا يُمْكِنُهُ حُضُورُ مَجْلِسِ الْحُكْمِ أَوْ غَائِبًا مَسَافَةَ سَفَرٍ أَوْ مُرِيدًا لِلسَّفَرِ أَوْ مُخَدَّرَةً غَيْرَ مُعْتَادَةٍ لِلْخُرُوجِ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَكَّلَتْ آخَرَ لِيُزَوِّجَهَا مِنْ زَيْدٍ الْكُفْءِ لَهَا وَفِي قَبْضِ مَهْرِهَا فَزَوَّجَهَا وَقَبَضَ مَهْرَهَا ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَوَرَثَةٍ يَدَّعُونَ عَلَيْهِ بِمَا قَبَضَهُ مِنْ الْمَهْرِ وَالْوَكِيلُ يَدَّعِي الْقَبْضَ وَالدَّفْعَ فِي حَيَاتِهَا فَصَدَّقَتْهُ الْوَرَثَةُ فِي الْقَبْضِ وَأَنْكَرُوا الدَّفْعَ لَهَا فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَأَجَابَ الْعَلَامَةُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْحَادِثَةِ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ فِيهِ قَبَضَ وَدِيعَةً وَنَحْوَهَا مِنْ الْأَمَانَاتِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي الْقَبْضِ وَالدَّفْعِ لَهَا وَإِنْ كَانَ قَبْضَ دَيْنٍ وَأَقَرَّتْ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ بِالْقَبْضِ وَأَنْكَرَتْ الدَّفْعَ فَكَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي الدَّفْعِ وَإِنْ أَنْكَرَتْ الْقَبْضَ وَالدَّفْعَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِذَا لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً رَجَعَتْ الْوَرَثَةُ بِحِصَّتِهَا مِنْهُ عَلَى الْمَدْيُونِ وَلَا يَرْجِعُ الْمَدْيُونُ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ مَقْبُولَةٌ لَا فِي إيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ إلَخْ. اهـ. . (سُئِلَ) فِي أَهَالِي قَرْيَةٍ مَعْلُومَةٍ أَقَامُوا زَيْدًا وَكِيلًا عَنْهُمْ لِيَتَعَاطَى أُمُورَهُمْ وَيُبَاشِرَ أَعْمَالَهُمْ وَمَصَالِحَهُمْ فِي الْقَرْيَةِ الْمَزْبُورَةِ وَجَعَلُوا لَهُ عَلَى ذَلِكَ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَقَدْرًا مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَتَعَاطَى زَيْدٌ ذَلِكَ وَيُرِيدُ مُطَالَبَتَهُمْ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ زَيْدٌ عَمْرًا فِي تَقَاضِي دَيْنِهِ الَّذِي بِذِمَّةِ فُلَانٍ وَقَبَضَهُ وَشَرَطَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَجْرًا مَعْلُومًا فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَتَقَاضَاهُ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِالشَّرْطِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ شَرَطَ لَهُ ذَلِكَ وَوَقَّتَ لَهُ وَقْتًا وَبَاشَرَ ذَلِكَ يَسْتَحِقُّ مَا ذَكَرَ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْأَمَانَاتِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي نَوْعِ التَّوْكِيلِ بِالْإِقْرَاضِ وَالِاسْتِقْرَاضِ وَالْقَبْضِ وَالتَّقَاضِي وَإِنْ وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ وَجَعَلَ لَهُ الْأَجْرَ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا وَقَّتَ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَكَذَا الْوَكِيلُ بِالتَّقَاضِي إنْ وَقَّتَ جَازَ. اهـ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ نَاظِرُ وَقْفٍ زَيْدًا بِتَعَاطِي أُمُورِ الْوَقْفِ وَلَمْ يَشْرِطْ لَهُ أُجْرَةً عَلَى ذَلِكَ وَتَعَاطَى زَيْدٌ ذَلِكَ مُدَّةً وَطَلَبَ مِنْ النَّاظِرِ أُجْرَةً عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ وَكِيلًا وَلَمْ يَشْرِطْ لَهُ أُجْرَةً فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ الْعَامِلُ لِغَيْرِهِ أَمَانَةً لَا أَجْرَ لَهُ إلَّا الْوَصِيُّ وَالنَّاظِرُ فَيَسْتَحِقَّانِ بِقَدْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا عَمِلَا إلَّا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ لِلنَّاظِرِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَحِقَّانِ إلَّا بِالْعَمَلِ فَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ طَاحُونَةً وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ يَسْتَغِلُّهَا فَلَا أَجْرَ لِلنَّاظِرِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا أَجْرَ لِلنَّاظِرِ فِي الْمُسْقَفِ إذَا أُحِيلَ عَلَيْهِ الْمُسْتَحَقُّونَ وَلَا أَجْرَ لِلْوَكِيلِ إلَّا بِالشَّرْطِ أَشْبَاهٌ مِنْ كِتَابِ الْأَمَانَاتِ. (سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ أَسْتَأْجَرَهُمْ زَيْدٌ لِحَصْدِ زَرْعِهِ الْمَعْلُومِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَشَرَعُوا فِي الْحَصَادِ وَعَجَزُوا عَنْ إتْمَامِهِ فَوَكَّلُوا زَيْدًا بِأَنْ يَأْتِيَ لَهُمْ بِمُسَاعِدٍ بِأُجْرَةٍ فَأَتَى لَهُمْ بِجَمَاعَةٍ بِالْأُجْرَةِ وَسَاعَدُوهُمْ حَتَّى أَتَمُّوا الْحَصَادَ فَهَلْ تَكُونُ أُجْرَتُهُمْ عَلَى الْوَكِيلِ وَهُوَ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْجَمَاعَةِ الْأُوَلِ؟ (الْجَوَابُ) : يُطَالَبُ الْوَكِيلُ بِالِاسْتِئْجَارِ بِالْأُجْرَةِ كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ كَذَا فِي وَكَالَةِ الْبَحْرِ فَلَهُمْ طَلَبُ أُجْرَتِهِمْ مِنْ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ زَيْدٌ عَمْرًا فِي عَمَلٍ مَعْلُومٍ هُوَ بَيْعُ أَمْتِعَةٍ مَعْلُومَةٍ لِزَيْدٍ وَجَعَلَ لَهُ أَجْرًا عَلَى ذَلِكَ وَبَاعَهَا بِثَمَنٍ حَالٍّ فَهَلْ يُجْبَرُ الْوَكِيلُ عَلَى تَقَاضِي الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ وَكِيلًا بِأَجْرٍ يُجْبَرُ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْوَكَالَةِ وَلَا يُجْبَرُ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ أَجْرٍ عَلَى تَقَاضِي الثَّمَنِ. أَمَّا

إذَا كَانَ بِأَجْرٍ كَالدَّلَّالِ وَالسِّمْسَارِ وَالْبَيَّاعِ يُجْبَرُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَفِي الصُّغْرَى؛ لِأَنَّ مَنْ سِوَاهُمْ مُتَبَرِّعٌ فَإِنْ فَعَلَ فَبِهَا وَإِنْ امْتَنَعَ لَا وَتَمَامُ بَسْطِهِ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلسَّيِّدِ الْحَمَوِيِّ فَرَاجِعْهَا. (سُئِلَ) فِي صَكٍّ كُتِبَ فِيهِ أَقَرَّ زَيْدٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهَالِي قَرْيَةِ كَذَا فَزَيْدٌ بِالْأَصَالَةِ عَنْ نَفْسِهِ وَبِالْوَكَالَةِ عَنْ جَمَاعَةِ آخَرِينَ مِنْ أَهَالِي الْقَرْيَةِ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانِ وَالْجَمَاعَةُ الْأَوَّلُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الْمُوَكِّلِينَ لِعَمْرٍو مَبْلَغًا قَدْرُهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ كَذَا مُؤَجَّلًا إلَى كَذَا وَصَدَرَ ذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ لَمْ يَثْبُتْ التَّوْكِيلُ الْمَذْكُورُ لَدَيْهِ فِي وَجْهِ خَصْمٍ شَرْعِيٍّ ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ وَطَلَبَ عَمْرٌو الْمَبْلَغَ مِنْ الْأُصَلَاءِ وَالْمُوَكِّلِينَ وَهُمْ يَجْحَدُونَ التَّوْكِيلَ فِي ذَلِكَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ أَنْكَرُوا التَّوْكِيلَ الْمَذْكُورَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَزْبُورِ فَلَا عِبْرَةَ بِمَضْمُونِ الصَّكِّ الْمَرْقُومِ فِي ثُبُوتِ التَّوْكِيلِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَرَأَيْت مَكْتُوبًا بِخَطِّ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيِّ فِي نُسْخَتِهِ الْعِمَادِيَّةِ مَا جَوَابُ الْأَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ فِي حُجَّةٍ كُتِبَ فِيهَا أَقَرَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْوَكِيلُ عَنْ فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ فِي الْقَبْضِ وَالْإِبْرَاءِ الْآتِي ذِكْرُهُمَا فِيهِ بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ فُلَانٍ مَا كَانَ فِي ذِمَّتِهِ لِلْمُوَكَّلَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ عَنْ رِيعِ حِصَّتِهِمَا مِنْ كَذَا وَقْفِ جَدِّهِمَا فُلَانٍ عَنْ مُدَّةِ كَذَا مَبْلَغَ كَذَا ثُمَّ أَبْرَأَ الْقَابِضُ الْمَذْكُورُ ذِمَّةَ الدَّافِعِ الْمَذْكُورِ مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَثَبَتَ ذَلِكَ لَدَى الْحَاكِمِ وَحَكَمَ بِمُوجِبِهِ. فَإِذَا طَعَنَ الْخَصْمُ فِي مَضْمُونِ هَذِهِ الْحُجَّةِ وَشَهِدَ رَجُلَانِ أَنَّ مَضْمُونَ هَذِهِ الْحُجَّةِ ثَبَتَ لَدَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فَسَأَلَهُمَا الْقَاضِي عَنْ مَضْمُونِ الْحُجَّةِ فَلَمْ يَعْرِفَاهُ فَهَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَيَعْمَلُ بِالْحُجَّةِ وَيُمْضِيهَا مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ مَا كُتِبَ فِيهَا أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا عِبْرَةَ بِالْحُجَّةِ وَلَا بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ بِمَضْمُونِهَا وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الشَّهَادَةُ عَنْ مَعْرِفَةٍ بِتَفَاصِيلِ مَا فِيهَا حَتَّى يُقِيمَ الْوَكِيلُ عَلَى وَجْهِ الْمُوَكِّلَتَيْنِ بَيِّنَةً عَادِلَةً بِأَنَّهُمَا قَدْ وَكَلَّتَاهُ بِقَبْضِ مَالِهِمَا فِي ذِمَّةِ الدَّافِعِ وَبِالصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ أَيْضًا فَإِنَّ شَاهِدَيْ الْوَكَالَةِ لَا عِبْرَةَ بِشَهَادَتِهِمَا أَصْلًا فَإِنَّهُمَا لَمْ يَشْهَدَا بِالتَّوْكِيلِ بِنَاءً عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَبُو السُّعُودِ وَفِي فَتَاوَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْمَذْكُورِ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ نَعَمْ يُكَلَّفُ وَرَثَةُ الْمُشْتَرِي إلَى إثْبَاتِ تَوْكِيلِهَا وَلَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ شُهُودُ مَضْمُونِ صَكِّ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْجَوَابُ كَذَلِكَ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَحْمَدُ الْمَالِكِيُّ وَلَا عِبْرَةَ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الْوَكَالَةِ لِكَوْنِهَا فِي غَيْرِ وَجْهِ خَصْمٍ. قَالَ فِي الْكَافِي فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ وَالْوِلَايَةِ بِلَا خَصْمٍ حَاضِرٍ اهـ وَمِنْ خَطِّهِ الْمَعْهُودِ نَقَلْت (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَبْلَغٌ دَيْنٌ مَعْلُومٌ بِذِمَّةِ عَمْرٍو فَمَاتَ عَمْرٌو عَنْ تَرِكَةٍ وَوَرَثَةٍ فَوَكَّلَ زَيْدٌ بَكْرًا بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ وَرَثَتِهِ وَكَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ الثُّبُوتِ الشَّرْعِيِّ وَلَهُ قَبْضُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الْعَيْنِ لَا يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ إلَخْ عَيْنِيٌّ عَلَى الْكَنْزِ وَفِي تَصْحِيحِ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ قَوْلُهُ وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَكِيلٌ بِالْخُصُومَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَيْسَ بِوَكِيلٍ بِالْخُصُومَةِ وَعَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الْمَحْبُوبِيِّ فِي أَصَحِّ الْأَقَاوِيلِ وَالِاخْتِيَارَاتِ وَالنَّسَفِيُّ وَالْمَوْصِلِيُّ وَصَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَقَيَّدَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الْعَيْنِ لَا يَكُونُ وَكِيلًا بِالْخُصُومَةِ فِيهَا بِالْإِجْمَاعِ قَالَهُ فِي الِاخْتِيَارِ وَغَيْرِهِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَسُولِ التَّقَاضِي هَلْ يَمْلِكُ قَبْضَ الدَّيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ رَسُولُ التَّقَاضِي يَمْلِكُ الْقَبْضَ لَا الْخُصُومَةَ إجْمَاعًا بَحْرٌ اهـ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ زَيْدٌ عَمْرًا فِي بَيْعِ تِبْنٍ مَعْلُومٍ لَهُ وَأَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ بُنًّا مَعْلُومًا وَقَالَ لَا تَبِعْهُ إلَّا بِمَحْضَرِ فُلَانٍ فَبَاعَهُ بِغَيْرِ مَحْضَرِهِ وَاشْتَرَى بِهِ غَيْرَ الْبُنِّ فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) :

مِنْ التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى وَالْكَنْزِ وَالْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الْإِشَارَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ رَطْبَةٌ وَبُقُولٌ مَزْرُوعَةٌ فَبَاعَهَا مِنْ عَمْرٍو بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ عَلَى أَنْ يَتْرُكَهَا إلَى الْإِدْرَاكِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ بَاعَ زَرْعًا وَهُوَ بَقْلٌ عَلَى أَنْ يَقْطَعَهُ أَوْ يُرْسِلَ دَابَّتَهُ فِيهِ جَازَ الْبَيْعُ وَإِنْ بَاعَهُ عَلَى أَنْ يَتْرُكَهُ حَتَّى يُدْرَكَ لَا يَجُوزُ وَكَذَا الرَّطْبَةُ وَالْبُقُولُ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ بَيْعِ الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ بَاعَتْ لِابْنِهَا الْبَالِغِ أَرْضًا حَامِلَةً لِغِرَاسٍ وَسَكَتَتْ عَنْ ذِكْرِ الثَّمَنِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ فَاسِدًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا وَقَالَ بِعْتُك بِغَيْرِ ثَمَنٍ أَوْ قَالَ بِعْتُك عَلَى أَنْ لَا ثَمَنَ لَهُ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا وَلَوْ بَاعَ وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الثَّمَنِ كَانَ فَاسِدًا كَمَا فِي قَاضِي خَانْ فِي الْبَيْعِ الْبَاطِلِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِقْدَارٌ مِنْ الْوَرْدِ الْيَابِسِ مَوْضُوعٌ عِنْدَ عَمْرٍو فِي مَخْزَنِهِ عَلَى سَبِيلِ الْأَمَانَةِ فَبَاعَهُ مِنْ عَمْرٍو عَلَى أَنَّهُ كَذَا قِنْطَارًا فَوَزَنَهُ عَمْرٌو فَوَجَدَهُ نَاقِصًا عَمَّا قَالَ لَهُ زَيْدٌ وَالْحَالُ أَنَّ عَمْرًا لَمْ يُقِرَّ وَقْتَ الشِّرَاءِ أَنَّهُ قَبَضَ وَاسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ عَمْرٍو بِيَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ قَالَ لَمْ يُقِرَّ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ بِالْقَدْرِ الْمَقْبُوضِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَابِضٌ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ انْتَقَصَ مِنْ الْهَوَاءِ وَلَمْ يَكُنْ النُّقْصَانُ مِمَّا يَجْرِي بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي بَحْرِهِ مِنْ الْبُيُوعِ. (سُئِلَ) فِيمَا لَوْ بَاعَ دَارِهِ الْمِلْكَ وَوَقْفًا فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : هَذِهِ مَسْأَلَةُ بَيْعِ مِلْكٍ ضُمَّ إلَى وَقْفٍ وَهُوَ صَحِيحٌ بِحِصَّةِ الْمِلْكِ فَقَطْ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ فَقَدْ رَدَّهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ بِزْرَ قُطْنٍ مَعْلُومًا عَلَى سِعْرِهِ الْوَاقِعِ فِي آخِرِ السَّنَةِ وَقَبَضَهُ وَهَلَكَ عِنْدَهُ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ فَاسِدًا وَعَلَى الْمُشْتَرِي رَدَّ مِثْلِهِ حَيْثُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْمِثْلُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الثَّمَنُ مَجْهُولًا فَالْبَيْعُ الْمَذْكُورُ فَاسِدٌ وَعَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ مِثْلِهِ حَيْثُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْمِثْلُ وَكَوْنُ جَهَالَةِ الثَّمَنِ تُفْسِدُ الْبَيْعَ صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ فِي أَوَائِلِ الْبَيْعِ وَأَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَكَوْنُ حَبِّ الْقُطْنِ مِثْلِيًّا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ مِنْ الشَّرِكَةِ وَسَيَأْتِي نَقْلُ ذَلِكَ فِي الْغَصْبِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَإِخْوَتِهِ نِصْفُ مَعْصَرَةٍ وَبَاقِيهَا لِرَجُلٍ فَاسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ الرَّجُلِ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَقَالَ لَهُ إنْ لَمْ أَدْفَعْ لَك دَيْنَك عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ يَكُنْ سُدُسُ الْمَعْصَرَةِ مِلْكًا لَك فِي مُقَابَلَةِ دَيْنِك ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ نَظِيرَ الدَّيْنِ وَيَزْعُمُ الرَّجُلُ أَنَّ الْحِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ هَذَا الْكَلَامِ فَهَلْ لَا تَدْخُلُ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ وَلَهُ أَخْذُ مَبْلَغِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ اشْتَرَتْ لِنَفْسِهَا مِنْ زَيْدٍ مَقْسَمًا مَعْلُومًا مِنْ دَارٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ بِنْتٍ وَابْنٍ يَزْعُمُ الِابْنُ أَنَّ الْمَقْسَمَ الْمَذْكُورَ لَهُ لِكَوْنِ بَعْضِ الثَّمَنِ مِنْ مَالِهِ أَخَذَتْهُ أُمُّهُ مِنْهُ فَهَلْ يَكُونُ الشِّرَاءُ لَهَا مِيرَاثًا عَنْهَا وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ طَرِيقُ مَاءٍ مَعْلُومٌ مَعَ حَقِّهِ مِنْ الْمَاءِ الْجَارِي إلَى دُورِهِمْ فَبَاعُوا مِنْهُ حِصَّةً مَعْلُومَةً بِحَقِّهَا مِنْ الْمَاءِ الْمَعْلُومِ مِنْ رَجُلَيْنِ بَيْعًا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَيَصِحُّ بَيْعُ حَقِّ الْمُرُورِ وَالشُّرْبِ تَبَعًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَطِئَ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَحَمَلَتْ مِنْهُ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ الْمَرْأَةُ عَلَى ذَلِكَ وَتُرِيدُ بَيْعَهَا لِمَنْ شَاءَتْ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ وَلَا تُكَلَّفُ عَلَى بَيْعِهَا مِنْهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ امْرَأَتِهِ وَقَالَ ظَنَنْت حِلَّهَا لِي فَلَا حَدَّ وَلَا نَسَبَ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ فِيهِمَا وَإِنْ مَلَكَهُ يَوْمًا عَتَقَ عَلَيْهِ تَنْوِيرٌ وَشَرْحُهُ لِلْعَلَائِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ حِصَّتَانِ فِي دَارٍ فَبَاعَ الْحِصَّتَيْنِ مِنْ عَمْرٍو وَلَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ وَلَا الْمُشْتَرِي مِقْدَارَهُمَا وَقْتَ الْبَيْعِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ جَهِلَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ

فَالْبَيْعُ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّ جَهْلَ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو بَصَلًا مُدْرِكًا نَابِتًا فِي أَرْضِهِ مَعْلُومًا وُجُودُهُ فِيهَا شِرَاءً صَحِيحًا وَتَسَلَّمَ الْمَبِيعَ وَقَلَعَهُ وَبَاعَهُ بَعْدَمَا دَفَعَ بَعْضَ ثَمَنِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَفْعُ بَاقِيهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْبَيْعُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ بَيْعَ مَا أَصْلُهُ غَائِبٌ إذَا نَبَتَ وَعُلِمَ وُجُودُهُ صَحِيحٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ نَاقِلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ شَعِيرًا مِنْ آخَرَ بِشَعِيرٍ مُتَفَاضِلًا نَسِيئَةً فِي الذِّمَّةِ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْآنَ قَامَ يَطْلُبُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيُكَلِّفُهُ أَخْذَ الْمَبِيعِ فَهَلْ لَيْسَ لِلْبَائِعِ ذَلِكَ وَالْبَيْعُ الْمَذْكُورُ فَاسِدٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ فِي صِحَّتِهِ مِنْ ابْنَيْهِ الْبَالِغَيْنِ عَقَارَاتٍ فِي بَعْضِهَا أَمْتِعَةٌ لَهُ وَأَغْنَامٌ وَخَيْلٌ وَبَقَرٌ وَحِصَصٌ مَعْلُومَةٌ فِي خَيْلٍ أُخَرَ مَعْلُومٌ ذَلِكَ كُلُّهُ بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ أَبْرَأَ ذِمَّتَهُمَا مِنْهُ وَمِنْ الدَّعْوَى بِهِ وَمِنْ الدَّعْوَى بِالْغَبْنِ إبْرَاءً شَرْعِيًّا مَقْبُولًا لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا وَالْبَيْعُ الْمَزْبُورُ صَحِيحٌ نَافِذٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ جَمِيعَ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ نُقُودٍ وَبَضَائِعَ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ فَأَجَابَ إنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي جَمِيعَ مَا يَمْلِكُهُ الْبَائِعُ صَحَّ الْبَيْعُ وَلَا يَضُرُّ جَهْلُ الْبَائِعِ بِمِقْدَارِهِ اهـ وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ بِعْتُك جَمِيعَ مَالِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ مِنْ الدَّقِيقِ أَوْ الْبُرِّ أَوْ الثِّيَابِ فَهُنَا خَمْسُ مَسَائِلَ إحْدَاهَا هَذِهِ الثَّانِيَةُ الدَّارُ الثَّالِثَةُ الْبَيْتُ الرَّابِعَةُ الصُّنْدُوقُ الْخَامِسَةُ الْجَوَالِقُ وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي بِمَا فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ أَوْ لَا يَعْلَمُ إنْ عَلِمَ جَازَ وَإِلَّا فَفِي الْقَرْيَةِ وَالدَّارِ لَا يَجُوزُ وَفِي الْبَوَاقِي جَائِزٌ. اهـ. . (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ اشْتَرَتْ مِنْ آخَرَ حِصَّةً شَائِعَةً مِنْ غِرَاسٍ مُسْتَحِقٍّ لِلْبَقَاءِ قَائِمٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ بِدُونِ إذْنِ الشُّرَكَاءِ وَلَا تَصْدِيقٍ مِنْهُمْ وَتَصَرَّفَتْ بِثَمَرَةِ الْحِصَّةِ مُدَّةً ثُمَّ حَكَمَ حَاكِمٌ بِفَسَادِ الْبَيْعِ لِعَدَمِ إجَازَةِ الشُّرَكَاءِ وَتَصْدِيقِهِمْ بَعْدَمَا اسْتَهْلَكَتْ ذَلِكَ فَهَلْ تَضْمَنُ مَا اسْتَهْلَكَتْهُ مِنْ الثَّمَرَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ الْمُتَوَلِّدَةَ تُضْمَنُ بِالِاسْتِهْلَاكِ لَا بِالْهَلَاكِ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَالْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِي دَرَجِ الدَّارِ الْمُتَّصِلِ بِهَا اتِّصَالَ قَرَارٍ هَلْ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَيَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالْمَفَاتِيحُ وَالسُّلَّمُ الْمُتَّصِلُ وَالسَّرِيرُ وَالدَّرَجُ فِي بَيْعِهَا. اهـ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ نِصْفُ أَغْنَامٍ مَعْلُومَةٍ مَوْضُوعَةٍ فِي نَاحِيَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ نَوَاحِي دِمَشْقَ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ فَبَاعَ النِّصْفَ الْمَزْبُورَ مِنْ عَمْرٍو وَهُمَا بِدِمَشْقَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مَقْبُوضٍ وَلَمْ يُسَلِّمْ الْمَبِيعَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ وَنَتَجَتْ نِتَاجًا وَنُقِلَتْ إلَى نَوَاحِي حِمْصَ وَحَمَاةَ وَالْآنَ طَلَبَ عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ لَهُ فِي الْمَكَانِ الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ وَقْتَ الْعَقْدِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيَكُونُ نِصْفُ النِّتَاجِ تَابِعًا لِلْمَبِيعِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا اقْتَضَاهُ مَا فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ بُيُوعِ الذَّخِيرَةِ حَيْثُ قَالَ الْأَصْلُ أَنَّ مُطْلَقَ الْعَقْدِ يَقْتَضِيَ تَسْلِيم الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَلَا يَقْتَضِي تَسْلِيمَهُ فِي مَكَانِ الْعَقْدِ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا حَتَّى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً وَهُوَ فِي الْمِصْرِ وَالْحِنْطَةُ فِي السَّوَادِ يَجِبُ تَسْلِيمُهَا بِالسَّوَادِ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ يَجِبُ تَسْلِيمُهَا حَيْثُ عُقِدَ الْعَقْدُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْهِنْدِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ. وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ شَخْصٍ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ دَارًا بِبَلَدٍ وَهُمَا بِبَلَدٍ أُخْرَى وَبَيْنَ الْبَلَدَيْنِ مَسَافَةُ يَوْمَيْنِ وَلَمْ يَقْبِضْهَا بَلْ خَلَّى الْبَائِعُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْمَبِيعِ التَّخْلِيَةَ الشَّرْعِيَّةَ لِيَتَسَلَّمَهُ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ وَتَكُونُ التَّخْلِيَةُ كَالتَّسْلِيمِ أَجَابَ إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّارُ بِحَضْرَتِهِمَا وَقَالَ الْبَائِعُ سَلَّمْتهَا لَك وَقَالَ الْمُشْتَرِي تَسَلَّمْت لَا يَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا مَا لَمْ تَكُنْ الدَّارُ قَرِيبَةً مِنْهُمَا بِحَيْثُ يَقْدِرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الدُّخُولِ فِيهَا

كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَصَايَا الْوَصِيُّ مِثْلُ الْقَيِّمِ لِقَوْلِهِمْ الْوَصِيَّةُ وَالْوَقْفُ أَخَوَانِ. اهـ. . (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ وَكَّلَ آخَرَ فِي بَيْعِ غَنَمِهِ ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ فَبَاعَ الْوَكِيلُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ ثُمَّ نَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ فَبَاعَهُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا حَتَّى يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَبِيعَ خَانِيَّةٌ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ قَرَوِيَّةٍ وَكَّلَتْ زَوْجَهَا زَيْدًا فِي شِرَاءِ أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ أُخْتِهَا هِنْدٍ وَكَالَةً مَقْبُولَةً مِنْهُ فَاشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ فَهَلْ يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلْمُوَكِّلَةِ؟ (الْجَوَابُ) : الْوَكِيلُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ إذَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ بِمِثْلِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ حَالَ غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِلْمُوَكِّلِ وَلَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْوَكَالَةِ وَهُوَ يَمْلِكُ إخْرَاجَ نَفْسِهِ عَنْ الْوَكَالَةِ عِنْدَ حَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ لَا عِنْدَ غَيْبَتِهِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ شَرِكَةِ الْعَنَانِ فَيَقَعُ شِرَاءُ الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ لِلْمَرْأَةِ الْمَزْبُورَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَرْسَلَ زَيْدٌ خَادِمَهُ لِعَمْرٍو التَّاجِرِ لِيَدْفَعَ لَهُ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً عَلَى طَرِيقِ الرِّسَالَةِ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ فَقَامَ عَمْرٌو يُطَالِبُ الْخَادِمَ بِثَمَنِهَا وَالْخَادِمُ يَقُولُ كُنْت رَسُولَ زَيْدٍ وَلَا ثَمَنَ لَك عَلَيَّ فَهَلْ لَيْسَ لِعَمْرٍو ذَلِكَ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّسُولِ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ رَسُولٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ (أَقُولُ) إثْبَاتُ كَوْنِهِ رَسُولًا غَيْرُ لَازِمٍ بَلْ مُجَرَّدُ قَوْلِهِ كُنْت رَسُولًا يَكْفِي وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِ الْخَادِمَ مِنْ التَّاجِرِ بِإِضَافَةِ الْعَقْدِ إلَى نَفْسِهِ بَلْ إضَافَةٌ إلَى الْمُرْسِلِ أَوْ قَبَضَ بِدُونِ عَقْدٍ أَصْلًا عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ أَمَّا لَوْ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى نَفْسِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ رَسُولٌ لَا يُصَدَّقُ كَمَا قَدَّمْنَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ دَفَعَ لِفَتَّالٍ مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ الْحَرِيرِ وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى امْرَأَةٍ مَعْلُومَةٍ لِتَكُبَّ الْحَرِيرَ فَفُقِدَ مِنْ عِنْدِهَا وَيُرِيدُ الرَّجُلُ تَضْمِينَ الْفَتَّالِ مِثْلَ حَرِيرِهِ فَهَلْ لَا يَضْمَنُهُ حَيْثُ كَانَ مَأْذُونًا بِدَفْعِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ بِطَرِيقِ الرِّسَالَةِ لِيَدْفَعَهُ عَمْرٌو لِبَكْرٍ دَائِنِ زَيْدٍ مِنْ دَيْنِ بَكْرٍ فَدَفَعَهُ عَمْرٌو لِبَكْرٍ ثُمَّ رَدَّ بَكْرٌ مِنْ ذَلِكَ دِينَارًا عَلَى عَمْرٍو لِيَرُدَّهُ عَلَى زَيْدٍ زَاعِمًا أَنَّهُ خَارِجٌ فَأَنْكَرَ زَيْدٌ أَنَّهُ دِينَارُهُ وَاتَّهَمَ عَمْرًا الرَّسُولَ بِأَنَّهُ بَدَّلَ دِينَارَهُ بِهَذَا وَالرَّسُولُ يُنْكِرُ فَهَلْ الْقَوْلُ لِعَمْرٍو الرَّسُولِ بِيَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَعَثَ زَيْدًا أَجِيرَهُ إلَى زَوْجَةِ زَيْدٍ لِيَأْتِيَ لَهُ بِصُرَّةٍ مِنْ عِنْدِهَا فَجَاءَ الْأَجِيرُ لِلزَّوْجَةِ وَأَخْبَرَهَا بِذَلِكَ فَأَعْطَتْهُ الصُّرَّةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ رَسُولُ الزَّوْجِ إلَيْهَا فِيمَا ذَكَرَ وَمَضَتْ مُدَّةٌ وَالْآنَ الزَّوْجَةُ تُطَالِبُ الرَّسُولَ الْمَذْكُورَ بِالصُّرَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّسُولِ أَنَّهُ رَسُولٌ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّسُولِ كَمَا ذَكَرَهُ أَئِمَّتُنَا الْفُحُولُ إذْ هُوَ سَفِيرٌ غَيْرُ ضَمِينٍ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْهَادِي وَعَلَيْهِ اعْتِمَادِي (فُرُوعٌ) الرَّسُولُ أَمِينٌ وَالْعَيْنُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً فَإِذَا ادَّعَى رَدَّ الْعَيْنِ إلَى صَاحِبِهَا أَوْ ادَّعَى الْمَوْتَ أَوْ الْهَلَاكَ يُصَدَّقُ مَعَ يَمِينِهِ بِالِاتِّفَاقِ إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ الظَّاهِرُ مِنْ الْخَانِيَّةِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ دَعْوَى فَأَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُسَافِرَ فَوَكَّلَ وَكِيلًا بِطَلَبِ الْمُدَّعِي ثُمَّ عَزَلَهُ لَا يَنْعَزِلُ إلَّا بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهَذِهِ الْوَكَالَةِ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى مِنْ الْبَابِ الْخَامِسِ وَفِي الْمُحِيطِ قَالَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ بِعْته مِنْ رَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ وَسَلَّمْته إلَيْهِ وَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ فَضَاعَ الثَّمَنُ عِنْدَهُ. أَفْتَى الْمَرْغِينَانِيُّ بِأَنَّ الْوَكِيلَ ضَامِنٌ وَذَلِكَ صَحِيحٌ لَكِنْ عَلَّلَهَا بِأَنْ قَالَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّسْلِيمُ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ وَذَلِكَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ نَهَاهُ الْمُوَكِّلُ عَنْهُ فَبِدُونِهِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ دَفَعَهُ الْوَكِيلُ إلَى رَجُلٍ لِيَعْرِضَهُ عَلَى مَنْ أَحَبَّ فَهَرَبَ بِهِ الرَّجُلُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ أَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ الْمَبِيعُ فَالْوَكِيلُ ضَامِنٌ وَبِهِ أَفْتَى الْمَرْغِينَانِيُّ أَيْضًا وَأَفْتَى الشَّيْخُ النَّسَفِيُّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ عَطَاءُ بْنُ حَمْزَةَ السُّغْدِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ

الْبَيْعَ غَالِبًا لَا يَتَأَتَّى إلَّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَيُطْلَقُ لَهُ فِيهِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِمَا ذَكَرَهُ الْمَرْغِينَانِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّسْلِيمُ إلَى أَحَدٍ قَبْلَ الْبَيْعِ. اهـ. (أَقُولُ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنَّ كَوْنَهُ لَا يَمْلِكُ التَّسْلِيمَ قَبْلَ الْبَيْعِ مُسَلَّمٌ وَلَكِنْ إذَا كَانَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْمُوَكِّلِ أَمَّا لَوْ كَانَ بِالْإِذْنِ الصَّرِيحِ فَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ الْوَكِيلَ يَمْلِكُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا عَادَةً بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ إنَّمَا يُبَاعُ مَعَ الدَّلَّالِ وَلَمْ يَكُنْ الْوَكِيلُ دَلَّالًا فَإِذَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ كَانَ إذْنًا مِنْهُ بِذَلِكَ عَادَةً وَالْمَعْرُوفُ كَالْمَشْرُوطِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ قَبْلَ نَحْوِ خَمْسَةِ أَوْرَاقٍ عَنْ فَتَاوَى الشَّيْخِ خَيْرِ الدِّينِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَمِثْلُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ أَرْسَلَ الرَّاعِي كُلَّ بَقَرَةٍ فِي سِكَّةِ رَبِّهَا فَضَاعَتْ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَى رَبِّهَا لَا يَضْمَنُ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ إدْخَالُهَا فِي مَنْزِلِ رَبِّهَا عُرْفًا وَالْمَعْرُوفُ كَالْمَشْرُوطِ اهـ وَكَمْ لَهُ مِنْ نَظِيرٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَهَذَا آخِرُ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنْ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الْمَرْحُومِ حَامِدٍ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ وَقَدْ فَرَغْت مِنْ تَلْخِيصِهِ وَتَنْقِيحِهِ وَتَحْرِيرِهِ وَتَوْضِيحِهِ بِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الْأَصْلِ مَعَ زِيَادَةِ الْفَوَائِدِ الْفَرِيدَة وَالتَّحْرِيرَاتِ السَّدِيدَة عَلَى وَجْهِ الصَّوَابِ مِمَّا لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَذَلِكَ فِي لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ لِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ 1236 أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَسِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ آمِينَ.

كتاب الدعوى

[كِتَابُ الدَّعْوَى] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (كِتَابُ الدَّعْوَى) (سُئِلَ) فِي الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ فَاسِدٍ هَلْ يَمْنَعُ الدَّعْوَى؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَمْنَعُ الدَّعْوَى بِهِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ مَعْزِيًّا لِلْبَزَّازِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى خَارِجٌ عَلَى مُتَوَلِّي وَقْفِ ذِي يَدٍ عَلَى حَانُوتِ الْوَقْفِ بِأَنَّ الْبِنَاءَ الْمَوْجُودَ بِهَا الْقَائِمَ بِأَرْضِهَا الْجَارِيَةِ فِي الْوَقْفِ لَهُ بَنَاهُ وَكِيلُهُ فُلَانٌ لَهُ فِي الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ وَطَالَبَهُ بِرَفْعِ يَدِهِ عَنْ الْبِنَاءِ الْمَزْبُورِ فَأَجَابَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّ الْبِنَاءَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ بَنَاهُ هُوَ بِمَالِ الْوَقْفِ لِلْوَقْفِ بَعْدَ انْهِدَامِ بِنَائِهَا الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ لِلْخَارِجِ الْمَذْكُورِ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً شَرْعِيَّةً عَلَى دَعْوَاهُ فَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ الْحَالُ مَا ذَكَرَ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ إثْبَاتًا عَلَى مَا عُرِفَ كَمَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَلِأَنَّ الْبِنَاءَ يُعَادُ وَيَتَكَرَّرُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَمَا كَانَ سَبَبُهُ يَتَكَرَّرُ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَالْمِنَحِ وَالْبَحْرِ وَالدُّرَرِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهَا وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ فِي دَارٍ وَأَقَامَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا دَارُهُ يُقْضَى بِهَا لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ يَكُونُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ فَيُقْضَى بِهِ لِلْخَارِجِ اهـ. (أَقُولُ) وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِعَيْنِهَا فِي الشَّهَادَاتِ فِي مَسَائِلَ تَعَارُضِ الْبَيِّنَاتِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا مُلَخَّصَةً مِنْ كِتَابِ الشَّيْخِ غَانِمٍ الْبَغْدَادِيِّ وَأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ فِي أَوَّلِ بَابِ مَا يَدِّعِيهِ الرَّجُلَانِ أَنَّ دَعْوَى الْوَقْفِ مِنْ قَبِيلِ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِاعْتِبَارِ مِلْكِ الْوَاقِفِ وَذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلَ فَرَاجِعْهُ فَمَا اشْتَهَرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ أَنَّ بَيِّنَةَ الْوَقْفِ مُقَدَّمَةٌ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ أَوْ هُوَ عَلَى خِلَافِ الْمُفْتَى بِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا سُرِقَتْ لِزَيْدٍ دَابَّةٌ مَعْلُومَةٌ ثُمَّ وَجَدَهَا بِيَدِ عَمْرٍو فَادَّعَاهَا لَدَى الْقَاضِي بِمُقْتَضَى أَنَّهَا جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهِ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ مِنْ بَكْرٍ وَأَنَّهَا فُقِدَتْ مِنْهُ مُنْذُ كَذَا

وَأَجَابَ عَمْرٌو بِأَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ وَجَحَدَ دَعْوَى زَيْدٍ فَأَثْبَتَ زَيْدٌ دَعْوَاهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي وَجْهِ عَمْرٍو وَحَكَمَ لَهُ الْقَاضِي بَعْدَمَا حَلَفَ زَيْدٌ بِاَللَّهِ أَنَّ الدَّابَّةَ الْمَذْكُورَةَ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ وَلَا بِهِبَةٍ وَلَا بِوَجْهٍ مِنْ سَائِرِ الْوُجُوهِ الشَّرْعِيَّةِ وَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي مِلْكِهِ إلَى يَوْمِ تَارِيخِهِ وَلَمْ يُثْبِتْ عَمْرٌو دَعْوَاهُ فَهَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ وَاقِعًا مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ زَيْدٍ عَقَارٌ مُتَصَرِّفٌ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ وَلَا مُنَازِعٍ وَعَمْرٌو مُطَّلِعٌ عَلَى تَصَرُّفِهِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يَدَّعِ بِذَلِكَ عَلَى زَيْدٍ وَلَا مَنَعَهُ مِنْ الدَّعْوَى مَانِعٌ شَرْعِيٌّ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى زَيْدٍ وَلَا دَعْوَى وَارِثِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَيُتْرَكُ فِي يَدِ الْمُتَصَرِّفِ؛ لِأَنَّ الْحَالَ شَاهِدٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَهْلِ الْفَتْوَى لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا وَلَيْسَ لَهُمَا وَلِيٌّ أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمِيرًا جَائِرًا يُخَافُ مِنْهُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمَبْسُوطِ تَرَكَ الدَّعْوَى ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَمْ يَكُنْ مَانِعٌ مِنْ الدَّعْوَى ثُمَّ ادَّعَى لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الدَّعْوَى مَعَ التَّمَكُّنِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ ظَاهِرًا اهـ. وَفِي الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ تَصَرَّفَ فِي أَرْضٍ زَمَانًا وَرَجُلٌ آخَرُ يَرَى تَصَرُّفَهُ فِيهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُتَصَرِّفُ وَلَمْ يَدَّعِ الرَّجُلُ حَالَ حَيَاتِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى الْمَعْرُوفَةِ مَنْ لَهُ دَعْوَى فِي دَارِ رَجُلٍ فَلَمْ يُخَاصِمْ ثَلَاثَ سِنِينَ وَهُوَ فِي الْمِصْرِ بَطَلَ حَقُّهُ إلَّا أَنَّ هَذَا مَهْجُورٌ فَلَا يَنْفُذُ فِيهِ قَضَاءُ قَاضٍ فَإِنْ رَفَعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَإِنَّ الثَّانِيَ يُبْطِلُ قَضَاءَ الْأَوَّلِ وَيَجْعَلُ الْمُدَّعِيَ عَلَى حَقِّهِ وَكَذَا الْمَرْأَةُ إذَا لَمْ تُخَاصِمْ سِنِينَ وَلَمْ تَطْلُبْ الْمَهْرَ الْمَفْرُوضَ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ جَامِعُ الْفَتَاوَى مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ الدَّعْوَى لَكِنْ فِي حَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ الدَّعْوَى أَنَّ الرِّوَايَةَ فِي عَدَمِ سَمَاعِهَا مِنْهُ بَعْدَ تَرْكِهَا ثَلَاثَ سِنِينَ فِي الْأَرَاضِي الْمَوْقُوفَةِ وَالْمُسَبَّلَةِ وَمَا يَحْتَاجُ فِي بَقَائِهِ إلَى الْإِنْفَاقِ وَالْمَرَمَّةِ إلَى أَنْ قَالَ لَكِنْ أَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ بِذَلِكَ فِيمَا بَعْدَ ثَلَاثِينَ سَنَةً فِي كُلِّهَا لِكَوْنِهَا أَوْسَطَ الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ وَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا وَلِكَوْنِ كُلِّهَا مُسْتَوِيَةً فِي مِلْكِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ وَارْجِعْ إلَى الْحَاوِي فِي هَذَا الْمَحَلِّ فَإِنَّ فِيهِ فَوَائِدَ جَمَّةً وَقَدْ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَمُفْتِي الْأَنَامِ عَبْدُ اللَّهِ أَفَنْدِي الْمُفْتِي الْعَامُّ بِالْمَمَالِكِ الْعُثْمَانِيَّةِ عَلَى سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيْهِ بِمَا صُورَتُهُ فِي بَعْضِ عَقَارٍ فِي يَدِ زَيْدٍ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ بِالشِّرَاءِ الشَّرْعِيِّ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً وَبَعْدَ مَوْتِهِ تَصَرَّفَ فِيهِ وَرَثَتُهُ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ وَالْآنَ قَامَ مُتَوَلِّي وَقْفٍ يُرِيدُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ مِنْ مُسْتَغَلَّاتِ الْوَقْفِ وَأَتَى بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِدَعْوَاهُ فَهَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يَنْزِعَ الْعَقَارَ لِلْوَقْفِ مِنْ يَدِ الْوَرَثَةِ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ أَجَابَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَتَبَهُ عَبْدُ اللَّهِ الْفَقِيرُ عُفِيَ عَنْهُ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا سَمِعَ الْقَاضِي تِلْكَ الشَّهَادَةَ وَحَكَمَ بِنَزْعِ الْعَقَارِ لِلْوَقْفِ مِنْ يَدِ الْوَرَثَةِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً فَهَلْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَتُعْتَبَرُ حُجَّتُهُ أَمْ لَا وَمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْقَاضِي أَجَابَ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَا تُعْتَبَرُ حُجَّتُهُ وَيُعْزَلُ كَتَبَهُ عَبْدُ اللَّهِ الْفَقِيرُ عُفِيَ عَنْهُ اهـ وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى تَصَرُّفِ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ قَالَ فِي فَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ رَجُلٌ تَصَرَّفَ زَمَانًا فِي أَرْضٍ وَرَجُلٌ آخَرُ رَأَى الْأَرْضَ وَالتَّصَرُّفَ وَلَمْ يَدَّعِ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَى وَلَدِهِ فَتُتْرَكُ عَلَى يَدِ الْمُتَصَرِّفِ؛ لِأَنَّ الْحَالَ شَاهِدٌ اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْهَادِي وَعَلَيْهِ اعْتِمَادِي (أَقُولُ) وَالْحَاصِلُ مِنْ هَذِهِ النُّقُولِ أَنَّ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثِينَ سَنَةً أَوْ بَعْدَ ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ لَا تُسْمَعُ إذَا كَانَ التَّرْكُ بِلَا عُذْرٍ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمَارَّةِ؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا هَذِهِ الْمُدَّةِ مَعَ التَّمَكُّنِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ ظَاهِرًا كَمَا مَرَّ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَإِذَا كَانَ الْمُدَّعِي نَاظِرًا أَوْ مُطَّلِعًا عَلَى تَصَرُّفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى أَنْ مَاتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى وَرَثَتِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ

الْخُلَاصَةِ. وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْمُدَّعِي لَا تُسْمَعُ دَعْوَى وَرَثَتِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ بِمُدَّةٍ مَعَ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصَرُّفِ لِمَا ذَكَرَهُ فِي تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ وَشَرْحِهِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْكِتَابِ بَاعَ عَقَارًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ ثَوْبًا وَابْنُهُ أَوْ امْرَأَتُهُ أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ أَقَارِبِهِ حَاضِرٌ يَعْلَمُ بِهِ ثُمَّ ادَّعَى الِابْنُ مَثَلًا أَنَّهُ مِلْكُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَا أَطْلَقَهُ فِي الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى وَجَعَلَ سُكُوتَهُ كَالْإِفْصَاحِ قَطْعًا لِلتَّزْوِيرِ وَالْحِيَلِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّ سُكُوتَهُ وَلَوْ جَارًا لَا يَكُونُ رِضًا إلَّا إذَا سَكَتَ الْجَارُ وَقْتَ الْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِيهِ زَرْعًا وَبِنَاءً فَحِينَئِذٍ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى قَطْعًا لِلْأَطْمَاعِ الْفَاسِدَةِ اهـ وَقَوْلُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَيْ دَعْوَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ جَارًا كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ عَلَى الْمِنَحِ وَأَطَالَ فِي تَحْقِيقِهِ فِي فَتَاوِيهِ الْخَيْرِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى فَقَدْ جَعَلُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُجَرَّدَ السُّكُوتِ عِنْدَ الْبَيْعِ مَانِعًا مِنْ دَعْوَى الْقَرِيبِ وَنَحْوِهِ كَالزَّوْجَةِ بِلَا تَقْيِيدٍ بِاطِّلَاعٍ عَلَى تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي كَمَا أَطْلَقَهُ فِي الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى. وَأَمَّا دَعْوَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ جَارًا فَلَا يَمْنَعُهَا مُجَرَّدُ السُّكُوتِ عِنْدَ الْبَيْعِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَى تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِمُدَّةٍ وَلَا بِمَوْتٍ كَمَا تَرَى؛ لِأَنَّ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ دَعْوَى الْمُورِثِ يَمْنَعُ صِحَّةَ دَعْوَى الْوَارِثِ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ كَمَا فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَغَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ إنَّ مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْوَلْوَالِجِيَّةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ غَيْرُ قَيْدٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ جَارًا بَلْ مُجَرَّدُ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصَرُّفِ مَانِعٌ مِنْ الدَّعْوَى وَإِنَّمَا فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِالْبَيْعِ هِيَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّ الْقَرِيبَ لِلْبَائِعِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إذَا سَكَتَ عِنْدَ الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَى تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي وَسَكَتَ فَالْمَانِعُ لِدَعْوَاهُ هُوَ السُّكُوتُ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصَرُّفِ لَا السُّكُوتُ عِنْدَ الْبَيْعِ فَلِأَجْلِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا صَوَّرُوا الْمَسْأَلَةَ بِالْبَيْعِ وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مَعَ تَمَامِ بَيَانِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُحَرَّرٌ فِي حَوَاشِينَا رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ ثُمَّ رَأَيْت فِي فَتَاوَى الْمَرْحُومِ الْعَلَّامَةُ الْغَزِّيُّ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ. وَنَصُّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ لَهُ بَيْتٌ فِي دَارٍ يَسْكُنُهُ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ وَلَهُ جَارٌ بِجَانِبِهِ وَالرَّجُلُ الْمَذْكُورُ يَتَصَرَّفُ فِي الْبَيْتِ الْمَذْكُورِ هَدْمًا وَعِمَارَةً مَعَ اطِّلَاعِ جَارِهِ عَلَى تَصَرُّفِهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ إذَا ادَّعَى الْبَيْتَ أَوْ بَعْضَهُ بَعْدَمَا ذَكَرَ مِنْ تَصَرُّفِ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَيْتِ هَدْمًا وَبِنَاءً فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَمْ لَا أَجَابَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ فَانْظُرْ كَيْفَ أَفْتَى بِمَنْعِ سَمَاعِهَا مِنْ غَيْرِ الْقَرِيبِ بِمُجَرَّدِ التَّصَرُّفِ مَعَ عَدَمِ سَبْقِ الْبَيْعِ وَبِدُونِ مُضِيِّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثِينَ سَنَةً أَوْ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصَرُّفِ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى بُطْلَانِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ مَنْعٍ لِلْقُضَاةِ عَنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى مَعَ بَقَاءِ الْحَقِّ لِصَاحِبِهِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْخَصْمُ يَلْزَمُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا بِبُطْلَانِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ تَعْلِيلُهُمْ لِلْمَنْعِ بِقَطْعِ التَّزْوِيرِ وَالْحِيَلِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَرِدُ مَا فِي قَضَاءِ الْأَشْبَاهِ مِنْ أَنَّ الْحَقَّ لَا يَسْقُطُ بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ. ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِمَا قُلْنَاهُ فِي الْبَحْرِ قُبَيْلَ فَصْلِ دَفْعِ الدَّعْوَى وَلَيْسَ أَيْضًا مَبْنِيًّا عَلَى الْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بَلْ هُوَ حُكْمٌ اجْتِهَادِيٌّ نَصَّ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ كَمَا رَأَيْت فَاغْتَنِمْ تَحْرِيرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَإِنَّهُ مِنْ مُفْرَدَاتِ هَذَا الْكِتَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُنْعِمِ الْوَهَّابِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ ثُلُثَا دَارٍ مَعْلُومَةٍ جَارُ ثُلُثِهَا الْآخَرِ فِي مِلْكِ عَمْرٍو وَزَيْدٌ سَاكِنٌ وَمُتَصَرِّفٌ فِي ثُلُثَيْهَا بِطَرِيقِ الْمِلْكِ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ سَنَةً حَتَّى مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ تَصَرَّفُوا فِي ذَلِكَ بَعْدَهُ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ عَنْهُ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً كُلُّ ذَلِكَ بِلَا مُعَارِضٍ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَالْآنَ قَامَ بَكْرٌ يَدَّعِي ثُلُثًا مِنْ الثُّلُثَيْنِ الْمَزْبُورَيْنِ أَنَّهُ كَانَ لِأَبِيهِ الْمُتَوَفَّى مِنْ مُدَّةِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَمَضَتْ هَذِهِ

الْمُدَّةُ وَهُوَ بَالِغٌ وَلَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ عَلَى أَوْلَادِ زَيْدٍ وَلَا عَلَى زَيْدٍ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ الدَّعْوَى بِذَلِكَ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ وَالْكُلُّ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَوْلَادُ زَيْدٍ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَى بَكْرٍ الْمَذْكُورَةُ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَكُونُ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ لِلنَّهْيِ السُّلْطَانِيِّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ ذِمِّيٍّ حَانُوتٌ مَعْلُومَةٌ مُتَصَرِّفٍ فِيهَا بِطَرِيقِ الْمِلْكِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ وَلَا مُنَازِعٍ حَتَّى هَلَكَ عَنْ وَرَثَةٍ تَصَرَّفُوا فِي الْحَانُوتِ الْمَزْبُورَةِ نَحْوَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَالْآنَ قَامَ ذِمِّيٌّ آخَرُ يُعَارِضُ الْوَرَثَةَ فِي الْحَانُوتِ الْمَذْكُورَةِ مُدَّعِيًا أَنَّهَا كَانَتْ لِعَمَّتِهِ الْهَالِكَةِ عَنْهُ مِنْ مُدَّةِ عِشْرِينَ سَنَةً وَالْوَرَثَةُ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ وَمَضَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ وَالْمُدَّعِي الْمَذْكُورُ بَالِغٌ حَاضِرٌ مَعَهُمْ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَدَّعِ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَلَا مَنَعَهُ مِنْ الدَّعْوَى مَانِعٌ شَرْعِيٌّ أَصْلًا فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَى الْمُدَّعِي بِذَلِكَ عَلَى الْوَرَثَةِ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ لِلْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ دَارٌ سَاكِنِينَ فِيهَا وَمُتَصَرِّفِينَ بِهَا بِطَرِيقِ الْمِلْكِ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ لَهُمْ وَالْآنَ قَامَ رَجُلٌ يَدَّعِي عَلَيْهِمْ بِحِصَّةٍ فِي الدَّارِ وَهُمْ يُنْكِرُونَ وَمَضَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ بِلَا مَانِعٍ شَرْعِيٍّ وَالْكُلُّ مُقِيمُونَ بِبَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ لِلْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا تُسْمَعُ إلَّا بِأَمْرٍ سُلْطَانِيٍّ حَيْثُ خَصَّصَ السُّلْطَانُ نَصَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْقَضَاءَ بِذَلِكَ وَأَمَرَ بِعَدَمِ سَمَاعِهَا (أَقُولُ) مُقْتَضَى مَا مَرَّ عَنْ الْخُلَاصَةِ الْوَلْوَالِجِيَّةِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا عَدَمُ السَّمَاعِ مَعَ الِاطِّلَاعِ عَلَى التَّصَرُّفِ بِنَاءً وَزَرْعًا وَنَحْوَهُمَا بِدُونِ مَنْعٍ سُلْطَانِيٍّ لَكِنْ مَعَ وُجُودِ الْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ لَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ أَصْلًا لَوْ سَمِعَ الْقَاضِي الْمَمْنُوعُ هَذِهِ الدَّعْوَى لِكَوْنِهِ مَعْزُولًا عَنْ سَمَاعِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ الْمَنْعُ الْمَذْكُورُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ كَلَامَهُمْ السَّابِقَ فِيمَا يَمْنَعُ سَمَاعَ الدَّعْوَى يُفِيدُ عَدَمَ صِحَّةِ الدَّعْوَى وَمَعْلُومٌ أَنَّ صِحَّةَ الدَّعْوَى شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْقَضَاءِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْنُوعًا مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ الَّذِي وَلَّاهُ الْقَضَاءَ فَتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا لَوْ مَنَعَ السُّلْطَانُ عَزَّ نَصْرُهُ قُضَاتَهُ فِي جَمِيعِ وِلَايَتِهِ أَنْ يَسْمَعُوا دَعْوَى مَضَى عَلَيْهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ شَرْعِيٍّ سِوَى الْوَقْفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ وَالْغَائِبِ فَإِذَا ادَّعَى أَحَدٌ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ وَسَمِعَ الْقَاضِي دَعْوَاهُ وَحَكَمَ بِذَلِكَ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ سَمَاعُهَا وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ كَثِيرُونَ مِنْ الْعُلَمَاءِ النَّحَارِيرِ مِنْهُمْ الْوَالِدُ وَالْعَمُّ وَالْعَلَّامَةُ الْجَدُّ وَالْفَهَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ وَالْمُدَقِّقُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَالْمُحَقِّقُ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْغَزِّيُّ التُّمُرْتَاشِيُّ وَجَوَابُهُ نَظْمًا صُورَتُهُ لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي سَمَاعَ خُصُومَةٍ ... لِلْعَزْلِ فِيهَا وَهُوَ أَمْرٌ مُشْتَهَرْ وَمُحَمَّدُ الْغَزِّيُّ قَالَ جَوَابَهُ ... يَرْجُو الثَّوَابَ مِنْ الْعَزِيزِ الْمُقْتَدِرْ وَأَجَابَ كَذَلِكَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْعَامِرِيُّ الْمُفْتِي الشَّافِعِيُّ بِالشَّامِّ وَالشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْمُفْتِي الْحَنْبَلِيُّ وَالشَّيْخُ أَسْعَدُ الْمُفْتِي الْمَالِكِيُّ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يُرِيدُ الدَّعْوَى عَلَى زَيْدٍ بِمِيرَاثِ أُمِّهِ الْمُتَوَفَّاةِ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَزَيْدٌ يَجْحَدُ وَمَضَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ مِنْ بُلُوغِهِ رَشِيدًا وَلَمْ يَدَّعِ بِذَلِكَ وَلَا مَنَعَهُ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ وَهُمَا مُقِيمَانِ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ لِلْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْقَضَاءُ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ وَتَقْيِيدُهُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَاسْتِثْنَاءُ بَعْضِ الْخُصُومَاتِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَمَرَ السُّلْطَانُ بِعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ سَمَاعُهَا أَشْبَاهٌ وَفِيهَا الْحَقُّ لَا يَسْقُطُ بِتَقَادُمِ الزَّمَانِ قَذْفًا أَوْ قِصَاصًا أَوْ حَقًّا لِعَبْدِ كَذَا فِي لِعَانِ الْجَوْهَرَةِ. وَقَالَ مُحَشِّيهَا الْفَاضِلُ السَّيِّدُ أَحْمَدُ الْحَمَوِيُّ بَعْدَ هَذَا الْمَحَلِّ بِوَرَقَتَيْنِ أَخْبَرَنِي أُسْتَاذِي

شَيْخُ الْإِسْلَامِ يَحْيَى أَفَنْدِي الشَّهِيرُ بِالْمِنْقَارِيِّ أَنَّ السَّلَاطِينَ الْآنَ يَأْمُرُونَ قُضَاتَهُمْ فِي جَمِيعِ وِلَايَاتِهِمْ أَنْ لَا يَسْمَعُوا دَعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً سِوَى الْوَقْفِ وَالْإِرْثِ اهـ وَمُقْتَضَى مَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْإِرْثَ غَيْرُ مُسْتَثْنًى فَإِنَّهُ سُئِلَ فِيمَا إذَا تَعَذَّرَتْ الدَّعْوَى لِغَيْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ وُجِدَتْ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً هَلْ تُسْمَعُ بَعْدَهَا أَوْ لَا أَجَابَ نَعَمْ تُسْمَعُ؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ نَصَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا اشْتَهَرَ عَنْهُ أَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ الْمَنْعِ ثَلَاثَ مَسَائِلَ مِنْ الدَّعَاوَى تُسْمَعُ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ: مَالَ الْيَتِيمِ وَالْوَقْفَ وَالْغَائِبَ وَمِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّ التَّرْكَ لَا يَتَأَتَّى مِنْ الْغَائِبِ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَأَتِّي الْجَوَابِ مِنْهُ بِالْغَيْبَةِ وَالْعِلَّةِ خَشْيَةَ التَّزْوِيرِ وَلَا تَتَأَتَّى بِالْغَيْبَةِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ غَيْبَةِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ اهـ كَلَامُ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ سَمَاعِ دَعْوَى الْإِرْثِ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ لِعَدَمِ ذِكْرِهَا فِي الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْ الْمَنْعِ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْحَمَوِيِّ وَقَدْ كَتَبَ أَحْمَدُ أَفَنْدِي الْمِهْمَنْدَارِي عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْئِلَةٍ بِأَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَى الْإِرْثِ وَلَا يَمْنَعُهَا طُولُ الْمُدَّةِ. وَأَمَّا مَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي وَصَاحِبُ الْبَيْتِ كَمَا قِيلَ أَدْرَى فَهَذِهِ صُورَتُهُ (مِيرَاثه مُتَعَلِّق اللي التمش ييل بِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ ترك أَوْ لنان دعوى بِلَا أَمْرِ استماع أَوْ لنورمي الجواب أَوْ لنو عذر قوي أَوْ ليحق) فَقَيَّدَهَا كَمَا تَرَى بِالْعُذْرِ وَهَذَا فِي سَائِرِ الدَّعَاوَى وَكَتَبَ أَحْمَدُ أَفَنْدِي الْمِهْمَنْدَارِي عَلَى سُؤَالٍ آخَرَ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ وَصُورَتُهُ فِيمَنْ تَرَكَتْ دَعْوَاهَا الْإِرْثَ عَلَى زَيْدٍ بَعْدَ بُلُوغِهَا خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِلَا عُذْرٍ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهَا الْمَذْكُورَةُ عَلَيْهِ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ إلَّا بِأَمْرٍ سُلْطَانِيٍّ أَجَابَ تَكُونُ دَعْوَاهَا الْمَذْكُورَةُ عَلَيْهِ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ إلَّا بِأَمْرٍ سُلْطَانِيٍّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. اهـ. (اون بش ييل بِغَيْرِ عذر شَرْعِيٍّ ترك أَوْ لنان مِيرَاثه مُتَعَلِّق دعوى بِلَا أَمَرَ استماع أَوْ لنورمي الْجَوَابُ: خَصْم حَقِّي بَاقِي أيد وكنه مُعْتَرَف دكل أيسه أَوْ لنماز أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي) (أَقُولُ) وَقَدْ صَرَّحَ الْعَلَائِيُّ قُبَيْلَ بَابِ التَّحْكِيمِ بِاسْتِثْنَاءِ الْوَقْفِ وَالْإِرْثِ وَوُجُودِ الْعُذْرِ الشَّرْعِيِّ ثُمَّ قَالَ وَبِهِ أَفْتَى الْمُفْتِي أَبُو السُّعُودِ اهـ وَعَلَيْهِ فَتُسْمَعُ دَعْوَى الْإِرْثِ لَكِنْ نَقَلَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْمُنْلَا عَلِيٌّ عَنْ فَتَاوَى عَلِيٍّ أَفَنْدِي مُفْتِي الرُّومِ عَدَمَ سَمَاعِهَا وَصُورَتُهُ (أون بش سنه بِلَا عذر ترك أَوْ لنان مَيْرَا دعوا سي بِلَا أَمَرَ مسموعه أَوْ لَوْ رَمْي الجواب أَوْ لماز اهـ) . وَنَقَلَ مِثْلَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيُّ عَنْ فَتَاوَى عَبْدِ اللَّهِ أَفَنْدِي فَقَدْ اضْطَرَبَ كَلَامُهُمْ كَمَا تَرَى فِي مَسْأَلَةِ الْإِرْثِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَارَةً وَرَدَ أَمْرٌ مَعَ اسْتِثْنَائِهَا وَتَارَةً بِدُونِهِ وَبَقِيَ هُنَا شَيْءٌ قَدَّمْنَا بَعْضًا مِنْهُ فِي بَابِ الرِّدَّةِ وَالتَّعْزِيرِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا أَمَرَ السُّلْطَانُ قُضَاتَهُ بِشَيْءٍ ثُمَّ مَاتَ ذَلِكَ السُّلْطَانُ وَوُلِّيَ غَيْرُهُ يَحْتَاجُ الثَّانِي إلَى أَمْرٍ جَدِيدٍ لِيَجْرِيَ عَلَى قُضَاتِهِ مَا جَرَى عَلَى قُضَاةِ الْأَوَّلِ وَقَدْ رَأَيْت ذَلِكَ فِي فَتَاوَى الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي مَا نَصُّهُ سُئِلَ فِيمَا لَوْ مَنَعَ السُّلْطَانُ قُضَاتَهُ عَنْ سَمَاعِ مَا مَضَى عَلَيْهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ الدَّعَاوَى هَلْ يَسْتَمِرُّ ذَلِكَ أَبَدًا أَمْ لَا أَجَابَ لَا يَسْتَمِرُّ ذَلِكَ أَبَدًا بَلْ إذَا أَطْلَقَ السَّمَاعَ لِلْمَمْنُوعِ بَعْدَ الْمَنْعِ جَازَ وَكَذَا لَوْ وُلِّيَ غَيْرُهُ وَأَطْلَقَ لَهُ ذَلِكَ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ فَيَسْمَعُ كُلَّ دَعْوَى وَكَذَا لَوْ مَاتَ السُّلْطَانُ وَوُلِّيَ سُلْطَانٌ غَيْرُهُ فَوَلَّى قَاضِيًا وَلَمْ يَمْنَعْهُ بَلْ أَطْلَقَ لَهُ قَائِلًا وَلَّيْتُك لِتَقْضِيَ بَيْنَ النَّاسِ جَازَ لَهُ سَمَاعُ كُلِّ دَعْوَى إذَا أَتَى الْمُدَّعِي بِشَرَائِطِ صِحَّتِهَا الشَّرْعِيَّةِ الْمُقَرَّرَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَاضِيَ وَكِيلٌ عَنْ السُّلْطَانِ وَالْوَكِيلُ يَسْتَفِيدُ التَّصَرُّفَ مِنْ مُوَكِّلِهِ فَإِذَا خَصَّصَ لَهُ تَخَصَّصَ وَإِذَا عَمَّمَ تَعَمَّمَ وَالْقَضَاءُ يَتَخَصَّصُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْحَوَادِثِ وَالْأَشْخَاصِ وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْمَنْعِ وَالْإِطْلَاقِ فَالْمَرْجِعُ هُوَ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ وُجُوبَ سَمَاعِ الدَّعْوَى وَعَدَمَهُ خَاصٌّ بِهِ لَا تَعَلُّقَ لِلْمُتَدَاعَيَيْنِ بِهِ فَإِذَا قَالَ مَنَعَنِي السُّلْطَانُ عَنْ سَمَاعِهَا لَا يُنَازَعُ فِي ذَلِكَ. وَإِذَا قَالَ أَطْلَقَ لِي سَمَاعَهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَا لَمْ يُثْبِتْ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الْمَنْعَ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ

بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ لِخَصْمِهِ فَيَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَاضِيًا فِيمَا مُنِعَ عَنْهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الرَّعِيَّةِ فِي ذَلِكَ وَإِذَا أَتَاهُ خَبَرٌ بِالْمَنْعِ مِنْ عَدْلٍ أَوْ كِتَابٍ أَوْ رَسُولٍ عَمِلَ بِهِ كَمَا يَعْمَلُ بِالْمُشَافَهَةِ مِنْ السُّلْطَانِ وَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُ وَعَلِمَ أَحْكَامَ الْوَكِيلِ اسْتَخْرَجَ مَسَائِلَ كَثِيرَةً تَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْمَبْحَثِ وَهَانَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَانْكَشَفَ لَهُ الْحَالُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ كَلَامُ الْعَلَّامَةِ خَيْرِ الدِّينِ وَهُوَ كَلَامٌ رَصِينٌ مَتِينٌ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا كَانَ سُلْطَانُ زَمَانَنَا نَصَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى نَهَى كُلَّ قَاضٍ وَلَّاهُ عَنْ سَمَاعِ دَعْوَى الْمِيرَاثِ الْمَذْكُورَةِ أَوْ غَيْرِهَا أَيْضًا بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لَزِمَهُمْ ذَلِكَ وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُمْ إذَا خَالَفُوا وَكَذَا لَوْ نَهَى الْبَعْضَ دُونَ الْبَعْضِ فَيَلْزَمُ مَنْ نَهَاهُ وَأَمَّا بِدُونِ النَّهْيِ فَالْقَضَاءُ مُطْلَقٌ فَيَصِحُّ حُكْمُهُمْ فِي جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَلَوْ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ مَا لَمْ يَمْضِ عَلَيْهَا ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً فَحِينَئِذٍ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى كَمَا مَرَّ عَنْ الْمَبْسُوطِ فَإِنْ قُلْت قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ السُّلْطَانِ أَوْ خَلْعِهِ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الْخَلِيفَةَ نَائِبٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِي تَقْلِيدِهِ لِلْقُضَاةِ وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى حَالِهِمْ فَلَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي بِمَوْتِ النَّائِبِ يَعْنِي السُّلْطَانَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ يَبْقَى بَعْدَ مَوْتِ مُوَلِّيهِ عَلَى حَالِهِ فَإِذَا كَانَ مُوَلِّيهِ نَهَاهُ عَنْ شَيْءٍ يَبْقَى نَهْيُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ. قُلْت هَذَا مُسَلَّمٌ فِي نَفْسِ ذَلِكَ الْقَاضِي الَّذِي نُهِيَ عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ مَاتَ مُوَلِّيهِ وَلَيْسَ كَلَامُنَا فِيهِ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي قَاضٍ آخَرَ وَلَّاهُ السُّلْطَانُ الْآخَرُ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ شَيْءٍ فَهَذَا الْقَاضِي الْجَدِيدُ لَا يَكُونُ مَنْهِيًّا بِنَهْيِ السُّلْطَانِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْصُوبًا مِنْ جِهَتِهِ عَلَى أَنَّ السُّلْطَانَ الْوَاحِدَ إذَا نَهَى قَاضِيًا وَأَطْلَقَ لِقَاضٍ آخَرَ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي الْآخَرُ مَنْهِيًّا بِنَهْيِ سُلْطَانِهِ لِلْقَاضِي الْأَوَّلِ فَإِنْ قُلْت قَدْ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْحَمَوِيُّ فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ مِنْ عَادَتْهُمْ يَعْنِي سَلَاطِينَ بَنِي عُثْمَانَ نَصَرَهُمْ الرَّحْمَنُ أَنَّهُ إذَا تَوَلَّى سُلْطَانٌ عُرِضَ عَلَيْهِ قَانُونُ مَنْ قَبْلَهُ وَأُخِذَ أَمْرُهُ بِاتِّبَاعِهِ. اهـ. قُلْت الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ كَوْنَهُ مَأْمُورًا بِاتِّبَاعِ مَنْ قَبْلَهُ مَعْنَاهُ أَنْ يُقَرِّرَ مَا فَعَلُوهُ وَيَمْشِيَ عَلَى قَانُونِهِمْ الَّذِي رَتَّبُوهُ وَيَأْمُرَ بِمَا أَمَرُوا بِهِ وَيَنْهَى عَمَّا نَهَوْا عَنْهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَصِيرَ قُضَاتُهُ مَأْمُورِينَ أَوْ مَنْهِيِّينَ بِمُجَرَّدِ تَوْلِيَتِهِ لَهُمْ تَوْلِيَةً غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا وَلَّى قَاضِيًا يَقُولُ لَهُ وَلَّيْتُك كَذَا أَوْ نَهَاك عَنْ كَذَا حَتَّى يَكُونَ جَارِيًا عَلَى قَانُونِ مَنْ قَبْلَهُ كَمَا اشْتَهَرَ عَنْهُ أَنَّهُ حِينَ يُوَلِّي الْقَاضِي يَأْمُرُهُ فِي مَنْشُورِهِ بِاتِّبَاعِ أَصَحِّ الْأَقْوَالِ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ كَعَادَةِ غَيْرِهِ مِنْ السَّلَاطِينِ الْمَاضِينَ. فَلِذَا لَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْأَصَحِّ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَوْلَا أَمْرُهُ بِذَلِكَ لَنَفَذَ وَإِنْ خَالَفَ قَانُونَ مَنْ قَبْلَهُ بَلْ لَوْ أَمَرَهُ بِأَمْرٍ مُخَالِفٍ لِقَانُونِ مَنْ قَبْلَهُ فَالظَّاهِرُ نُفُوذُهُ وَلُزُومُ اتِّبَاعِهِ حَيْثُ وَافَقَ قَانُونَ الشَّرْعِ الْقَوِيمِ فَهَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي السَّقِيمِ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى أَخَوَاتُ زَيْدٍ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِنَّ مِنْ دَارِ أَبِيهِنَّ الْمُتَوَفَّى مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَهُوَ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّ الدَّارَ مُخَلَّفَةٌ لَهُمْ عَنْ أَبِيهِمْ فَهَلْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ وَصُورَتُهُ (يكرمي ييل مقداري ترك أَوْ لنان دعوى خَصْم مُقِرًّا وليجق استماع أَوْ لنورمي الجواب أَوْ لنور اهـ) . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَرَكَ زَيْدٌ دَعْوَاهُ عَلَى عَمْرٍو بِحَقٍّ لَهُ مُدَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَمْ يَدَّعِ زَيْدٌ عَلَيْهِ بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي بَلْ طَالَبَهُ بِذَلِكَ مِرَارًا فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّهُ مَا تَرَكَ الدَّعْوَى فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْمِنَحِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَشَرْطُهَا أَيْ شَرْطُ جَوَازِ الدَّعْوَى مَجْلِسُ الْقَاضِي فَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى فِي مَجْلِسِ غَيْرِهِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَوَابُهُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَمِنْهَا مَجْلِسُ الْقَضَاءِ فَلَا تُسْمَعُ هِيَ وَالشَّهَادَةُ إلَّا بَيْنَ يَدَيْ الْحَاكِمِ اهـ فَمُقْتَضَى

هَذِهِ النُّقُولِ الْمُعْتَبَرَةِ أَنَّ دَعْوَاهُ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ وَلَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِهِ بِأَنِّي مَا تَرَكْت فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ لِعَدَمِ شَرْطِ الدَّعْوَى وَهُوَ كَوْنُهَا عِنْدَ الْقَاضِي فَافْهَمْ وَلْيَكُنْ عَلَى ذُكْرٍ مِنْك فَإِنَّهُ قَدْ تَكَرَّرَ السُّؤَالُ عَنْهَا بَلْ صَرِيحُ فَتْوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عِنْدَ الْقَاضِي مِرَارًا وَلَمْ يُفَصِّلْ الْقَاضِي الدَّعْوَى وَمَضَتْ الْمُدَّةُ الْمَزْبُورَةُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ الدَّعْوَى عِنْدَ الْقَاضِي وَصُورَةُ فَتْوَاهُ (زَيْد عمرو أيله مِقْدَارًا قجه بِهِ مُتَعَلِّق دعوا سي أَوْ لمغله زَيْد هرايكي أوج سنه ده بركره مبلغ مزبوري قَاضِي حُضُور نده دعوى يدوب لكن دعو الرِّيّ فَصَلِّ أَوْ لنميوب بِرّ وَجَهْله أون بش سنه مُرُورًا يلسه حَالًا زَيْد مبلغ مزبوري عمرو دن دعوى أيلسه عُمْرًا ون بش سنه مُرُورًا يتمك أيله دعواك مسموعه مَا ولما زديو زيدي دعوا دن منعه قادرا وَلَوْ رَمْي الجواب أَوْ لمار) . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ ابْنٍ حَاضِرٍ فِي بَلْدَتِهِ وَعَنْ أَوْلَادٍ غَيْرِهِ غَائِبِينَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ وَخَلَّفَ تَرِكَةً فِي بَلَدِهِ وَضَعَ الْحَاضِرُ يَدَهُ عَلَيْهَا كُلِّهَا وَجْهٌ شَرْعِيٌّ وَمَضَى لِذَلِكَ مُدَّةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَمَاتَ الْآنَ عَنْ أَوْلَادٍ وَتَرِكَةٍ بِيَدِهِمْ ثُمَّ حَضَرَ إخْوَتُهُ وَيُرِيدُونَ الدَّعْوَى عَلَى أَوْلَادِ أَخِيهِمْ بِمَا يَخُصُّهُمْ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِمْ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ يَسُوغُ لِلْإِخْوَةِ الْغَائِبِينَ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَسُوغُ لَهُمْ ذَلِكَ حَيْثُ مَنَعَهُمْ مِنْ الدَّعْوَى مَانِعٌ شَرْعِيٌّ وَهُوَ الْغَيْبَةُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ زَيْدٍ وَأَخِيهِ عَمْرٍو مِشَدُّ مَسَكَةٍ فِي أَرْضٍ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ يَزْرَعَانِهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ وَيَدْفَعَانِ مَا عَلَيْهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَمَضَى لِذَلِكَ مُدَّةٌ تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ حَتَّى مَاتَ عَمْرٌو وَالْآنَ قَامَتْ أُخْتُ زَيْدٍ تُعَارِضُهُ وَتُعَارِضُ ابْنَ أَخِيهِ فِي مِشَدِّ الْأَرْضِ الْمَزْبُورَةِ مُدَّعِيَةً أَنَّ لَهَا بَعْضَهُ إرْثًا عَنْ أَبِيهِ وَالْكُلُّ فِي قَرْيَةٍ وَاحِدَةٍ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا تُسْمَعُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَرَكَ الْوَرَثَةُ الدَّعْوَى عَلَى زَيْدٍ بِدَيْنٍ لِمُورِثِهِمْ الْمُتَوَفَّى مُنْذُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكَانَ فِيهِمْ قَاصِرٌ بَلَغَ الْآنَ رَشِيدًا وَيُرِيدُ الدَّعْوَى عَلَى زَيْدٍ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الدَّيْنِ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ دُونَ الْبَالِغِينَ لِلْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (سُئِلَ) فِي بِنَاءِ حَوَانِيتَ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ قَائِمٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفِ بِرٍّ مُحْتَكَرَةٍ وَنُظَّارُ وَقْفِ الْبِنَاءِ وَاضِعُونَ يَدِهِمْ عَلَيْهِ وَمُتَصَرِّفُونَ فِيهِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَيَدْفَعُونَ مُحَاكَرَةَ الْأَرْضِ وَهِيَ أَجْرُ مِثْلِهَا لِلْمُتَوَلِّينَ عَلَى وَقْفِ الْبِرِّ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى سِتِّينَ سَنَةً إلَى الْآنَ بِلَا مُعَارِضٍ وَلَا مُنَازِعٍ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَالْآنَ قَامَ مُتَوَلِّي وَقْفِ الْبِرِّ يُكَلِّفُ نَاظِرَ الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ إظْهَارَ حُجَّةِ احْتِكَارٍ وَاحْتِرَامٍ تَشْهَدُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ بِذَلِكَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : يَعْمَلُ بِوَضْعِ يَدِ نُظَّارِ الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ الْمَذْكُورِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ فِي الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَلَا يُكَلِّفُ النَّاظِرُ الْمَرْقُومَ إلَى مَا ذَكَرَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَرْقُومَةِ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ إذْ لَا يُنْزَعُ شَيْءٌ مِنْ يَدِ أَحَدٍ إلَّا بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ وَقَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ آخَرَ يَعْمَلُ بِوَضْعِ الْيَدِ وَلَا يُكَلَّفُ إلَى إظْهَارِ كِتَابِ احْتِرَامٍ وَإِذْنٍ وَقَدْ نَقَلَ عُلَمَاؤُنَا أَنَّ أَقْصَى مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْمِلْكِ الْيَدُ وَذَكَرَ عُمْدَةُ الْفُقَهَاءِ السَّرَّاجُ الْحَانُوتِيُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ تَكْلِيفُ النَّاسِ إلَى إثْبَاتِ مَا بِأَيْدِيهِمْ بِالْبَيِّنَةِ وَلَوْ كَلَّفَهُمْ ذَلِكَ لَمَا بَقِيَ مِلْكٌ فِي يَدِ أَحَدٍ وَقَالُوا أَيْضًا إنَّ الْيَدَ وَالتَّصَرُّفَ الْمُدَدَ الْمُتَطَاوِلَةَ دَلِيلُ الِاسْتِحْقَاقِ ظَاهِرًا وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ كَمَا نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي أَشْبَاهِهِ إنَّهُ لَا يُنْزَعُ شَيْءٌ مِنْ يَدِ أَحَدٍ إلَّا بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ وَكَتَبَ جَوَابِي كَذَلِكَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْعَامِرِيُّ الْمُفْتِي الشَّافِعِيُّ وَالشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ التَّغْلِبِيُّ الْحَنْبَلِيُّ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بِيَدِهِ دَارٌ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ مُتَصَرِّفٍ بِهَا مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ وَالْآنَ قَامَ نَاظِرُ وَقْفٍ يَدَّعِي

جَرَيَانَ حِصَّةٍ مِنْهَا فِي الْوَقْفِ وَذُو الْيَدِ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ وَهُمَا فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ الدَّعْوَى مَانِعٌ شَرْعِيٌّ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةُ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَحْرِ وَجَامِعِ الْفَتَاوَى. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يَدَّعِي عَلَى آخَرَ بِأَنَّهُ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ سَنَةً وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا تَرَكَ دَعْوَى الْقِصَاصِ بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ عِشْرِينَ سَنَةً لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْمَوْلَى شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي مُفْتِي السَّلْطَنَةِ الْعَلِيَّةِ كَمَا هُوَ مَسْطُورٌ فِي فَتَاوِيهِ الْمَشْهُورَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا لَوْ مَنَعَ السُّلْطَانُ نَصَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَاضِيَ بَلْدَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ سَمَاعِ دَعْوَى فُلَانٍ الْمُتَعَلِّقَةِ بِوَقْفِ كَذَا إلَّا فِي إسْلَامْبُول فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَنْعِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) الرَّحِيمِيُّ فِيمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ بِدَارِ وَقْفٍ أَنَّهَا مِلْكُهُ بِالْإِرْثِ وَكَانَ قَدْ مَضَى عَلَى تَرْكِ هَذِهِ الدَّعْوَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَهُوَ قَرِيبُ الْوَاقِفِ يَعْلَمُ بِالْوَقْفِ وَهُمَا فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ (أَجَابَ) لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِدُونِ أَمْرٍ شَرِيفٍ وَعَلَى تَقْدِيرِ وُرُودِ الْأَمْرِ بِالسَّمَاعِ فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْفِقْهُ أَنَّهُ يُمْنَعُ أَيْضًا حَيْثُ وَقَفَ الْوَاقِفُ وَسَلَّمَ وَقَرِيبُهُ حَاضِرٌ يَعْلَمُ كَمَا إذَا بَاعَ وَهُوَ حَاضِرٌ يَعْلَمُ قَطْعًا لِلْأَطْمَاعِ الْفَاسِدَةِ اهـ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ سَنَةً ثُمَّ مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ فَجَاءَتْ تَدَّعِي أَنَّ لَهَا بِذِمَّتِهِ مُؤَخَّرَ صَدَاقِهَا وَالْوَرَثَةُ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ وَلَمْ يَمْنَعْهَا مِنْ الدَّعْوَى بِذَلِكَ مَانِعٌ وَهُمْ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَى الْمَرْأَةِ بِذَلِكَ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ لِلنَّهْيِ السُّلْطَانِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو غِرَاسُ كَرْمٍ مَعْلُومٍ جَارٍ فِي مِلْكِهِمَا وَقَائِمٌ فِي أَرْضِ وَقْفٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَهُمَا وَاضِعَانِ يَدَهُمَا عَلَيْهِ وَمُتَصَرِّفَانِ بِهِ وَيَدْفَعَانِ مَا عَلَى أَرْضِهِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً بِطَرِيقِ الْإِرْثِ عَنْ وَالِدِهِمَا كُلُّ ذَلِكَ بِدُونِ مُعَارِضٍ لَهُمَا فِي ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَالْآنَ قَامَتْ امْرَأَةٌ تَدَّعِي حِصَّةً فِي الْغِرَاسِ وَالْكُلُّ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ تَدَّعِ عَلَيْهِمَا قَبْلُ وَلَا مَنَعَهَا مِنْ الدَّعْوَى بِذَلِكَ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ وَهُمَا يُنْكِرَانِ ذَلِكَ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمَرْأَةِ الْمَزْبُورَةِ بِذَلِكَ وَتُمْنَعُ مِنْ مُعَارَضَتِهِمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي صَكٍّ حَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّ زَيْدًا عَمَّرَ فِي دَارِ كَذَا الْجَارِيَةِ فِي وَقْفِ كَذَا وَفِي تَوَاجِرِهِ مِنْ نُظَّارِ الْوَقْفِ عِمَارَةً ضَرُورِيَّةً بِإِذْنِهِمْ وَأَنَّهُ صَرَفَ فِي ذَلِكَ مَبْلَغًا قَدْرُهُ كَذَا وَأَثْبَتَهُ فِي وَجْهِ النُّظَّارِ الْمَذْكُورِينَ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ بَعْدَ اعْتِرَافِهِمْ بِالْإِذْنِ وَإِنْكَارِهِمْ لِلتَّعْمِيرِ وَالْقَدْرِ الْمَصْرُوفِ ثُمَّ مَضَى لِذَلِكَ مُدَّةٌ تَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ سَنَةً وَيُرِيدُ زَيْدٌ الدَّعْوَى عَلَى النُّظَّارِ بِالْمَبْلَغِ مُسْتَنِدًا لِلصَّكِّ الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَيْثُ لَمْ يَدَّعِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا مَنَعَهُ مِنْ الدَّعْوَى مَانِعٌ شَرْعِيٌّ لِلْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَيْثُ الْحَالُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ لِلْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي أَرْضَيْنِ مُتَلَاصِقَتَيْنِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ صَغِيرٌ يَسْقِيهِمَا وَيَسْقِي غَيْرَهُمَا جَارِيَةٍ إحْدَاهُمَا فِي وَقْفِ زَيْدٍ وَالْأُخْرَى فِي وَقْفِ عَمْرٍو وَكُلٌّ مِنْهُمَا حَامِلَةٌ لِغِرَاسٍ قَائِمٍ بِهَا وَبِحَافَّتَيْ النَّهْرِ مِنْ جِهَةِ كُلِّ أَرْضٍ مِنْهُمَا وَكُلٌّ مِنْ نُظَّارِ الْوَقْفَيْنِ مُتَصَرِّفٌ فِي أَرْضِ وَقْفِهِ وَغِرَاسِهَا فَوَضَعَ نَاظِرُ وَقْفِ زَيْدٍ يَدَهُ عَلَى حَافَّةِ النَّهْرِ وَغِرَاسِهَا الَّتِي فِي جِهَةِ الْأَرْضِ الثَّانِيَةِ زَاعِمًا أَنَّهُمَا تَبَعٌ لِأَرْضِ وَقْفِ زَيْدٍ وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ وَلَا لِمَنْ قَبْلَهُ مِنْ نُظَّارِ وَقْفِهِ وَضْعُ يَدٍ وَلَا تَصَرُّفٌ فِي ذَلِكَ أَصْلًا وَلِنَاظِرِ وَقْفِ عَمْرٍو بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ تَشْهَدُ بِجَرَيَانِ ذَلِكَ فِي وَقْفِ عَمْرٍو وَأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَرْضِهِ وَأَنَّهُ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ النُّظَّارِ مُتَصَرِّفُونَ فِي ذَلِكَ لِجِهَةِ وَقْفِ عَمْرٍو فَهَلْ إذَا أَقَامَهَا تُقْبَلُ وَتُرْفَعُ يَدُ نَاظِرِ وَقْفِ زَيْدٍ عَنْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي بُسْتَانَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا جَارٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا مَجْرَى مَاءٍ يَسْقِي أَرْضَ الْبُسْتَانَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَنُظَّارُ أَحَدِهِمَا وَاضِعُونَ أَيْدِيهمْ وَمُتَصَرِّفُونَ فِي مُسَنَّاةِ الْمَجْرَى مِنْ الْجِهَتَيْنِ وَفِي الْغِرَاسِ الْقَائِمِ بِهِمَا مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَاحِدًا بَعْدَ

وَاحِدٍ إلَى الْآنَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ بِلَا مُعَارِضٍ وَلَا مُنَازِعٍ وَفِيمَا يَلِي الْمُسَنَّاةِ الَّتِي جِهَةُ الْبُسْتَانِ الْآخَرِ سِيَاجٌ قَدِيمٌ فَاصِلٌ بَيْنَ الْمُسَنَّاةِ وَالْبُسْتَانِ وَالْآنَ يَدَّعِي نَاظِرُ الْبُسْتَانِ الْآخَرُ أَنَّ الْمُسَنَّاةَ تَابِعَةٌ لِبُسْتَانِهِ مَعَ الْغِرَاسِ الْقَائِمِ بِهَا مُتَعَلِّلًا بِكَوْنِهَا فِي جِهَتِهِ وَبِكَوْنِهِ أَعْلَى مِنْ الْأُخْرَى وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ وَلَا لِمَنْ قَبْلَهُ وَضْعُ يَدٍ وَلَا تَصَرُّفٌ فِي ذَلِكَ أَصْلًا وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْآخَرُ فَهَلْ يُعْمَلُ بِوَضْعِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ بَعْدَ ثُبُوتِهِمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُعْمَلُ بِوَضْعِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَلَا عِبْرَةَ بِالتَّعَلُّلِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذَكَرَ وَالْمَسْأَلَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمُلْتَقَى مِنْ كِتَابِ الشُّرْبِ. (سُئِلَ) فِي مُسَنَّاةِ أَرْضَيْنِ إحْدَاهُمَا أَرْفَعُ مِنْ الْأُخْرَى وَعَلَى الْمُسَنَّاةِ أَشْجَارٌ لَا يُعْرَفُ غَارِسُهَا فَالْقَوْلُ لِمَنْ مِنْ أَرْبَابِ الْأَرْضِينَ؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ فِي فَصْلِ الْمُعَامَلَةِ مُسَنَّاةٌ بَيْنَ أَرْضَيْنِ إحْدَاهُمَا أَرْفَعُ مِنْ الْأُخْرَى وَعَلَى الْمُسَنَّاةِ أَشْجَارٌ لَا يُعْرَفُ غَارِسُهَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ الْمَاءُ يَسْتَقِرُّ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى بِدُونِ الْمُسَنَّاةِ وَلَا يَحْتَاجُ فِي إمْسَاكِ الْمَاءِ إلَى الْمُسَنَّاةِ كَانَ الْقَوْلُ فِي الْمُسْنَاةِ قَوْلُ صَاحِبِ الْأَرْضِ الْعُلْيَا مَعَ يَمِينِهِ وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ فِي الْمُسَنَّاةِ قَوْلَهُ كَانَتْ الْأَشْجَارُ لَهُ مَا لَمْ يُقِمْ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ السُّفْلَى تَحْتَاجُ فِي إمْسَاكِ الْمَاءِ إلَى الْمُسَنَّاةِ كَانَتْ الْمُسَنَّاةُ وَمَا عَلَيْهَا مِنْ الْأَشْجَارِ بَيْنَهُمَا اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ فِي نَوْعِ نَقْضِ الْقِسْمَةَ فَحَصَلَ بِمَا ذَكَرْنَا الْجَوَابُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ قَلَعَ تَالَةً إنْسَانٍ وَغَرَسَهَا وَرَبَّاهَا فَهِيَ لِلْغَارِسِ بِالْقِيمَةِ. نَهْرٌ بَيْنَهُمَا ادَّعَيَا أَشْجَارَهُ النَّابِتَةَ فِي ضِفَّتِهِ إنْ عُلِمَ الْغَارِسُ فَهِيَ لَهُ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ خَاصٍّ لِأَحَدِهِمَا فَلِلْمَالِكِ وَإِنْ فِي مُشْتَرَكٍ فَبَيْنَهُمَا بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْمُزَارَعَةِ. (سُئِلَ) فِي قِطْعَةِ أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَمُحْتَكَرَةٍ لِجِهَةِ وَقْفِ بِرٍّ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَلِوَقْفِ الْبِرِّ دِمْنَةُ مَاءٍ بِقَسَاطِلَ فِي الْأَرْضِ الْمَزْبُورَةِ يَجْرِي فِيهَا الْمَاءُ لِوَقْفِ الْبِرِّ فَضَعُفَ مَاؤُهَا الْأَصْلِيُّ فَاسْتَأْجَرَ الْمُتَوَلِّي لِجِهَةِ وَقْفِ الْبِرِّ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ مَجْرَى مَاءٍ وَأَرَادَ أَنْ يُجْرِيَهُ وَيَضُمَّهُ فِي الْقَسَاطِلِ الْمَزْبُورَةِ لِلْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ فَعَارَضَهُ نَاظِرُ الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ فِي ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ الْمُعَارَضَةُ وَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ لَهُمْ قَاسَارِيَّةٌ بِهَا بِرْكَةُ مَاءٍ يَجْرِي إلَيْهَا مِنْ فَائِضِ بِرْكَةِ حَمَّامِ وَقْفٍ وَاضِعُونَ يَدِهِمْ وَمَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ مُلَّاكِ الْقَاسَارِيَّةِ عَلَيْهَا وَعَلَى الْمَاءِ الْمَزْبُورِ وَمَجْرَاهُ وَمُتَصَرِّفُونَ فِي ذَلِكَ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى ثَمَانِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ وَالْآنَ قَامَ مُتَوَلِّي وَقْفِ الْحَمَّامِ يُكَلِّفُهُمْ دَفْعَ حِكْرٍ عَنْ الْمَاءِ وَمَجْرَاهُ لِلْوَقْفِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ وَلَا لِمَنْ قَبْلَهُ مِنْ الْمُتَوَلِّينَ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِيَدِهِ مُسْتَنَدٌ شَرْعِيٌّ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ لَا يَلْزَمُ الْمُلَّاكَ ذَلِكَ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَتْ هِنْدٌ وَصِيًّا عَلَى ابْنِهَا الْيَتِيمِ فَأَبْرَأَتْ عَمَّةَ الْيَتِيمَ عَنْ الدَّعَاوَى بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ عَنْ نَفْسِهَا وَكَانَ لِلْيَتِيمِ حُقُوقٌ وَأَعْيَانٌ عِنْدَ عَمَّتِهِ وَتُرِيدُ أُمُّهُ الدَّعْوَى بِهَا عَلَى عَمَّتِهِ بِطَرِيقِ الْوِصَايَةِ عَلَيْهِ وَأَخْذَهَا لَهُ مِنْهَا بِالْوِصَايَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ الثُّبُوتِ فَهَلْ يَسُوغُ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِذَا أَبْرَأَ رَجُلًا عَنْ الدَّعَاوَى ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا بِالْوَكَالَةِ أَوْ الْوِصَايَةِ يُقْبَلُ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الدَّعْوَى. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا سَاقَى زَيْدٌ عَمْرًا عَلَى غِرَاسِهِ الْمَعْلُومِ لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ مُسَاقَاةً شَرْعِيَّةً وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ فَقَامَ عَمْرٌو يَدَّعِي حِصَّةً مَعْلُومَةً فِي الْغِرَاسِ الْمَزْبُورِ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَى عَمْرٍو الْمِلْكِيَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْجَارِ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُسَاقَاةِ الْمَذْكُورَةِ أَفْتَى بِذَلِكَ الشَّيْخُ الْحَانُوتِيُّ وَأَجَابَ فِي ضِمْنِ سُؤَالٍ بِقَوْلِهِ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ وَسَاقَى عَلَى جَمِيعِ الْأَشْجَارِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمِلْكِيَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْجَارِ بَعْدَ ذَلِكَ لِلتَّنَاقُضِ إلَخْ اهـ وَأَفْتَى بِمِثْلِهِ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ مُفْتِي دِمَشْقَ سَابِقًا كَمَا هُوَ مَسْطُورٌ فِي

هَامِشِ فَتَاوِيهِ. (سُئِلَ) فِي رُبْعِ مَزْرَعَةٍ مَعْلُومٍ جَارٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ يَحُدُّهُ مِنْ الْقِبْلَةِ قِطْعَةُ أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ يُؤَجِّرُهَا نَاظِرُهَا مِنْ جَمَاعَةٍ وَيَحُدُّهَا نُظَّارُهَا مِنْ الشَّمَالِ بِالْمَزْرَعَةِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرَ أَنَّ مُتَوَلِّي وَقْفِ رُبْعِ الْمَزْرَعَةِ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ الْمُتَوَلِّينَ يَتَنَاوَلُونَ قِسْمَ الرُّبْعِ مِنْ زُرَّاعِهِ وَمُتَصَرِّفُونَ فِيهِ مِنْ الرُّبْعِ الْمَذْكُورِ إلَى مَحَلٍّ مَعْلُومٍ فِي الْأَرْضِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ إلَى الْآنَ بِلَا مُعَارِضٍ وَالْآنَ قَامَ نَاظِرُ الْأَرْضِ يُعَارِضُ فِي ذَلِكَ مُدَّعِيًا أَنَّ حَدَّ أَرْضِهِ الشَّمَالِيَّ وَرَاءَ الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ مِنْ الْمَزْرَعَةِ دَاخِلَهَا وَهُوَ قَطْعُ أَرَاضٍ مُسَمَّيَاتٍ فِي حُجَجِ إجَارَاتِ أَرْضِهِ وَالْحَالُ أَنَّ التَّصَرُّفَ الْقَدِيمَ لِلْمُتَوَلِّينَ عَلَى رُبْعِ الْمَزْرَعَةِ فِي حَدِّهَا إلَى الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ وَيَأْخُذُونَ قِسْمَ الزَّرْعِ كَمَا ذَكَرَ وَلَمْ يَسْبِقْ لِنُظَّارِ وَقْفِ الْأَرْضِ وَضْعُ يَدٍ وَلَا تَصَرُّفٌ شَرْعِيٌّ بِمَا يَدِّعِيهِ مِنْ الْحَدِّ الْمَذْكُورِ الْمُجَاوِزِ لِلْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِتَصَرُّفِ الْمُتَوَلِّينَ عَلَى الرُّبْعِ الْمَذْكُورِ وَلَا يُلْتَفَتُ لِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْآخَرِ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذَكَرَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الْمُتَوَلُّونَ وَاضِعِي أَيْدِيهِمْ وَمُتَصَرِّفِينَ بِرُبْعِ الْمَزْرَعَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَزْبُورِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ إلَى الْآنَ يُعْمَلُ بِوَضْعِ يَدِهِمْ وَتَصَرُّفِهِمْ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفَ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ وَلَا يُلْتَفَتُ لِمُجَرَّدِ دَعْوَى نَاظِرِ وَقْفِ الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ حَيْثُ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ وَضْعُ يَدٍ وَلَا تَصَرُّفٌ فِي ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ ابْنٍ وَخَمْسِ بَنَاتٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً وَضَعَ الِابْنُ يَدَهُ عَلَيْهَا نَحْوَ عِشْرِينَ سَنَةً وَهُوَ مُقِرٌّ بِذَلِكَ وَيُرِيدُ الْبَنَاتُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِنَّ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُنَّ وَتُرْفَعُ يَدُهُ عَنْ حِصَّتِهِنَّ؟ (الْجَوَابُ) : تُسْمَعُ دَعْوَاهُنَّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ حَيْثُ كَانَ مُقِرًّا بِذَلِكَ وَتُرْفَعُ يَدُهُ عَنْ حِصَّتِهِنَّ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَعَنْ أَوْلَادٍ بَالِغِينَ مِنْ غَيْرِهَا اخْتَلَفُوا مَعَهَا فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ صَالِحٍ لِلزَّوْجَيْنِ فَلِمَنْ الْقَوْلُ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ لِلزَّوْجَةِ مَعَ يَمِينِهَا قَالَ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ بَابِ التَّحَالُفِ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَاخْتَلَفَ وَارِثُهُ مَعَ الْحَيِّ فِي الْمُشْكِلِ الصَّالِحِ لَهُمَا فَالْقَوْلُ فِيهِ لِلْحَيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو لَدَى الْقَاضِي بِمَبْلَغِ دَيْنٍ مَعْلُومٍ وَطَالَبَهُ بِهِ فَأَجَابَ عَمْرٌو بِأَنَّ أَصْلَ الْمَبْلَغِ كَذَا وَأَنَّهُ دَفَعَ لِزَيْدٍ كَذَا وَكَذَا زَائِدًا عَنْ قَدْرِ الدَّيْنِ فَطَلَبَ مِنْ عَمْرٍو إثْبَاتَ مَا ادَّعَاهُ فَلَمْ يَثْبُتْ وَطَلَبَ يَمِينَ الْمُدَّعِي عَلَى عَدَمِ قَبْضِهِ مَا ذَكَرَ وَطَلَبَ مِنْهُ الْيَمِينَ مِرَارًا فَنَكَلَ وَلَمْ يَحْلِفْ فَمَنَعَهُ الْحَاكِمُ مِنْ مُعَارَضَةِ عَمْرٍو بِسَبَبِ الْمَبْلَغِ الْمُدَّعَى بِهِ فَهَلْ يَكُونُ الْمَنْعُ وَاقِعًا مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَالْقَضَاءُ مَاضٍ عَلَى حَالِهِ تَنْوِيرٌ مِنْ الدَّعْوَى وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ وَمَتَى حَكَمَ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ عِنْدَ النُّكُولِ لَمْ يَسْمَعْ بَعْد ذَلِكَ يَمِينَهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالنُّكُولِ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ بِإِقْرَارِهِ وَالْقَاضِي إذَا سَمِعَ إقْرَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ لَمْ يَلْتَفِتْ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى إنْكَارِهِ كَذَلِكَ إذَا حَكَمَ بِنُكُولِهِ شَرْحُ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ مِنْ بَابِ النُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ بَالِغِينَ وَعَنْ زَوْجَتَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا سَاكِنَةٌ فِي بَيْتٍ فِيهِ أَمْتِعَةٌ عَلَى حِدَةٍ فَاخْتَلَفَتْ إحْدَاهُمَا وَالْأَوْلَادُ مَعَ الْأُخْرَى فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ الَّتِي هِيَ فِيهِ وَالْأَمْتِعَةُ مِمَّا يَصْلُحُ لِلزَّوْجَيْنِ فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ لَهَا بِيَمِينِهَا فِي ذَلِكَ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لِلْبَاقِينَ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا مَاتَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ وَاخْتَلَفَ وَارِثُهُ مَعَ الْحَيِّ مِنْهُمَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ الصَّالِحِ لَهُمَا فَالْقَوْلُ لِلْحَيِّ مِنْهُمَا بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لِلْبَاقِينَ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْيَدِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ زَوْجَةٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ وَابْنِ عَمِّ عَصَبَةٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً فَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ بِذِمَّةِ الْمَيِّتِ وَأَثْبَتَتْهُ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ لَدَى الْقَاضِي فِي وَجْهِ وَكِيلٍ عَامٍّ ثَابِتِ الْوَكَالَةِ عَنْ الْأُخْتِ ثُمَّ صَدَّقَ لَهَا الْوَكِيلُ الْمَزْبُورُ عَلَى ذَلِكَ وَأَقَرَّ بِهِ وَالْآنَ يَدَّعِي الْوَكِيلُ بِالْوَكَالَةِ أَنَّ الزَّوْجَةَ كَانَتْ أَبْرَأَتْ ذِمَّةَ الزَّوْجِ مِنْ الْمَبْلَغِ

قَبْلَ تَصْدِيقِهِ وَإِقْرَارِهِ فَهَلْ حَيْثُ صَدَّقَ وَأَقَرَّ أَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ فِي التَّرِكَةِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمَزْبُورَةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدَ إقْرَارِهِ الْمَزْبُورِ لِلتَّنَاقُضِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفِي فَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ الْقُنْيَةِ التَّنَاقُضُ يَمْنَعُ الدَّعْوَى لِغَيْرِهِ كَمَا يَمْنَعُهُ لِنَفْسِهِ ب خ مَنْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ لِغَيْرِهِ فَكَمَا لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِنَفْسِهِ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِغَيْرِهِ بِوَكَالَةٍ أَوْ وِصَايَةٍ قش وَصِيٌّ أَقَرَّ بِهِ لَهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ لِلصَّغِيرِ لَا تُسْمَعُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ فَادَّعَى عَمْرٌو دَيْنًا لَهُ بِذِمَّةِ زَيْدٍ الْمُتَوَفَّى عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا لَهُ بِذَلِكَ لَدَى الْحَاكِمِ الْمَذْكُورِ فَحَكَمَ لَهُ بِذَلِكَ وَأَمَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ لِعَمْرٍو مِنْ التَّرِكَةِ فَدَفَعَ لَهُ بَعْضَهُ مِنْ غَيْرِ تَحْلِيفِ عَمْرٍو يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ ثُمَّ حَضَرَ وَارِثٌ آخَرُ وَادَّعَى عَلَى عَمْرٍو بِأَنَّ دَعْوَاهُ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَطَالَبَهُ بِالْمَدْفُوعِ لِكَوْنِهِ أَخَذَهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ فَهَلْ يَكُونُ الدَّفْعُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ وَاقِعٍ مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ لِعَدَمِ الِاسْتِحْلَافِ وَلَا يَدْفَعُ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ قَبْلَ الِاسْتِحْلَافِ الشَّرْعِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَسْتَحْلِفُ الطَّالِبَ حَتَّى قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْخَصَّافِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ يَحْلِفُ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ الْوَصِيِّ وَالْوَارِثِ بِاَللَّهِ مَا اسْتَوْفَيْتَ دَيْنَك مِنْ الْمَدْيُونِ وَلَا مِنْ أَحَدٍ أَدَّاهُ إلَيْك عَنْهُ وَلَا قَبَضَهُ قَابِضٌ وَلَا أَبْرَأْتَهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَلَا أَحَلْتَ بِذَلِكَ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ عَلَى أَحَدٍ وَلَا عِنْدَك بِهِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ رَهْنٌ. اهـ. وَعَلَّلَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ بِأَنَّ الْيَمِينَ لَيْسَتْ لِلْوَارِثِ هَاهُنَا وَإِنَّمَا هِيَ لِلتَّرِكَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرِيمٌ آخَرُ أَوْ مُوصًى لَهُ فَالْحَقُّ فِي هَذَا فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ فَعَلَى الْقَاضِي الِاحْتِيَاطُ فِي ذَلِكَ وَقَالَ قَبْلَهُ وَلَا يَدْفَعُ لَهُ شَيْئًا حَتَّى يَسْتَحْلِفَ اهـ فَحَيْثُ أَجْمَعُوا عَلَى تَحْلِيفِهِ وَذَكَرُوا أَنَّهُ لَا يَدْفَعُ إلَيْهِ الْمَالَ حَتَّى يُسْتَحْلَفْ وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لَمْ تَسْتَوْفِ الدَّعْوَى شَرَائِطَهَا حَتَّى يَنْفُذَ حُكْمُهُ بِالدَّفْعِ وَالْقَاضِي مَأْمُورٌ بِالْحُكْمِ بِأَصَحِّ الْأَقْوَالِ مِنْ مَذْهَبِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَبِي حَنِيفَةَ النُّعْمَانِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِذَا حَكَمَ بِغَيْرِ الْأَصَحِّ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ عَنْهُ؛ لِأَنَّ التَّوْلِيَةَ حَصْرِيَّةٌ فَكَيْفَ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى التَّحْلِيفِ. وَأَمَّا مَا قِيلَ إنَّ الْقَضَاءَ يُقَوِّي الضَّعِيفَ فَالْمُرَادُ قَاضٍ لَهُ مَلَكَةُ الِاجْتِهَادِ وَأَمَّا الْمُقَلِّدُ فَإِنَّهُ مَتَى خَالَفَ مُعْتَمَدَ مَذْهَبِهِ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَيُنْقَضُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى كَمَا بَسَطَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَأَمَّا دَعْوَاهُ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ فَصَحِيحَةٌ إذْ بَعْضُ الْوَرَثَةِ يَكُونُ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِنَا الْأَعْلَامِ رَوَّحَ اللَّهُ تَعَالَى رُوحَهُمْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ (تَتِمَّةٌ) : قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ لِلْمَيِّتِ دَيْنَهُ وَبَرْهَنَ هَلْ يَحْلِفُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ احْتِيَاطًا اهـ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْغَزِّيُّ التُّمُرْتَاشِيُّ (أَقُولُ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَرَدَّدَ فِي التَّحْلِيفِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا لَا بِأَعْيَانِهَا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ قَدْ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ اهـ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَحْرِ (أَقُولُ) قَدْ يُقَالُ إنَّمَا يَحْلِفُ فِي مَسْأَلَةِ مُدَّعِي الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ وَقَدْ اسْتَوْفَى فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ دَفْعِ الدَّيْنِ فَقَدْ شَهِدُوا عَلَى حَقِيقَةِ الدَّفْعِ فَانْتَفَى الِاحْتِمَالُ الْمَذْكُورُ فَكَيْفَ يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَرَدَّدَ فِي التَّحْلِيفِ فَتَأَمَّلْ. اهـ. (أَقُولُ) وَكَلَامُ الرَّمْلِيِّ هُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ تَنَبَّهَ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ تَرَكَتْ دَعْوَاهَا الْإِرْثَ مِنْ أَبِيهَا عَلَى أَخِيهَا مُدَّةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً بِلَا مَانِعٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا الْآنَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَهْلِ الْفَتْوَى لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ سَنَةً إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا وَلَيْسَ لَهُمَا وَلِيٌّ أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمِيرًا جَائِرًا يُخَافُ مِنْهُ كَذَا فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى نَقْلًا عَنْ الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ.

سُئِلَ) فِي خَارِجٍ وَذِي يَدٍ عَلَى ثَوْرٍ تَنَازَعَا فِيهِ كُلٌّ يَدَّعِي شِرَاءَهُ مِنْ آخَرَ وَتَارِيخُ الْخَارِجِ أَسْبَقُ فَهَلْ يُعْمَلُ بِالْأَسْبَقِ تَارِيخًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا وَإِنْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا يُقْضَى لِلْخَارِجِ إلَّا إذَا أَرَّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ فَحِينَئِذٍ يُحْكَمُ لَهُ، وَإِنْ بَرْهَنَ خَارِجَانِ عَلَى مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ أَوْ شِرَاءٍ مُؤَرَّخٍ مِنْ وَاحِدٍ غَيْرِ ذِي يَدٍ، أَوْ بَرْهَنَ خَارِجٌ عَلَى مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ وَذُو يَدٍ عَلَى مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ أَقْدَمَ فَالسَّابِقُ أَحَقُّ إلَخْ تَنْوِيرُ الْأَبْصَارِ مِنْ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ مِنْ الدَّعْوَى وَفِي الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ الْخُلَاصَةِ فَلَوْ كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا يُقْضَى لِلْخَارِجِ إلَّا إذَا أَرَّخَا وَتَارِيخُ ذِي الْيَدِ أَسْبَقُ فَحِينَئِذٍ يُقْضَى لَهُ اهـ وَفِي الْمِنَحِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ لَا تُقْبَلُ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ يَمْلِكُهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ مَعْزِيًّا إلَى خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ. (أَقُولُ) هَذَا فِي الشِّرَاءِ مِنْ الْغَائِبِ فَفِي نُورِ الْعَيْنِ فِي آخِرِ الْفَصْلِ السَّادِسِ رَامِزًا لِلْمَبْسُوطِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الشِّرَاءِ مِنْ الْغَائِبِ إلَّا بِالشَّهَادَةِ بِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ إمَّا بِمِلْكِ بَائِعِهِ بِأَنْ يَقُولُوا بَاعَ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَإِمَّا بِمِلْكِ مُشْتَرِيهِ بِأَنْ يَقُولُوا هُوَ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ وَإِمَّا بِقَبْضِهِ بِأَنْ يَقُولُوا شَرَاهُ مِنْهُ وَقَبَضَهُ اهـ ثُمَّ رَمَزَ لِفَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ ادَّعَى إرْثًا وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ وَادَّعَى آخَرُ شِرَاءَهُ مِنْ الْمَيِّتِ وَشُهُودُهُ شَهِدُوا بِأَنَّ الْمَيِّتَ بَاعَهُ مِنْهُ وَلَمْ يَقُولُوا بَاعَهُ مِنْهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ قَالُوا لَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ مُدَّعِي الشِّرَاءِ أَوْ مُدَّعِي الْإِرْثِ فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهَا عَلَى مُجَرَّدِ الْبَيْعِ إنَّمَا لَا تُقْبَلُ إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّارُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْوَارِثِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ فَالشَّهَادَةُ بِالْبَيْعِ كَشَهَادَةٍ بِبَيْعٍ وَمِلْكٍ اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ زَيْدٍ فَرَسًا مَعْلُومَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَالْآنَ قَامَ عَمْرٌو الْخَارِجُ يَدَّعِيهَا مِنْ الرَّجُلِ بِالنِّتَاجِ وَيُرِيدُ الْمُشْتَرِي إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى عَمْرٍو الْمُدَّعِي الْمَزْبُورِ أَنَّهَا نِتَاجُ فَرَسِ بَائِعِهِ فَهَلْ تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا نِتَاجُ فَرَسِ بَائِعِهِ عَلَى عَمْرٍو الْخَارِجِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِنْ بَرْهَنَ خَارِجٌ وَذُو يَدٍ عَلَى النِّتَاجِ فَذُو الْيَدِ أَوْلَى هُوَ الصَّحِيحُ خِلَافًا لِعِيسَى بْنِ أَبَانَ شَرْحُ الْمُلْتَقَى مِنْ بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ نَقْلًا عَنْ الْبَحْرِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الدَّعْوَى مِنْ فَتَاوِيهِ وَفِيهَا أَيْضًا وَبُرْهَانُ الْمُشْتَرِي عَلَى نِتَاجِ بَائِعِهِ كَبُرْهَانِ بَائِعِهِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ. (أَقُولُ) وَلَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ حَيْثُ قَالَ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذِهِ الدَّابَّةَ نَتَجَتْ عِنْدَهُ أَوْ نُسِجَ هَذَا الثَّوْبُ عِنْدَهُ أَوْ أَنَّ الْوَلَدَ وَلَدَتْهُ أَمَتُهُ وَلَمْ يَشْهَدُوا بِالْمِلْكِ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى لَهُ قَالَ وَكَذَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّهَا بِنْتُ أَمَتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا شَهِدُوا بِالنَّسَبِ اهـ. وَبِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدٌ التَّاجِيُّ كَمَا فِي فَتَاوَاهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّ ذَا الْيَدِ أَوْلَى فِي دَعْوَى النِّتَاجِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَدَّعِ الْخَارِجُ عَلَيْهِ فِعْلًا أَمَّا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّك غَصَبْته مِنِّي أَوْ أَوْدَعْتُهُ عِنْدَك أَوْ آجَرْتُهُ مِنْك فَادَّعَى ذُو الْيَدِ النِّتَاجَ قُدِّمَ الْخَارِجُ عَلَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَشُرَّاحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمْ كَمَا أَوْضَحْتُهُ فِيمَا عَلَّقْتُهُ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ عَمْرٍو بَغْلَةً بِدِمَشْقَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَاسْتَحَقَّهَا مُسْتَحِقٌّ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى بِدَعْوَى النِّتَاجِ وَحُكِمَ لَهُ بِهَا وَرَجَعَ يَطْلُبُ الثَّمَنَ مِنْ بَائِعِهِ فَأَرَادَ أَنْ يُبَرْهِنَ أَنَّهَا نَتَجَتْ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ بَائِعِهِ وَالْمُسْتَحِقُّ غَائِبٌ وَكَذَا الْبَغْلَةُ فَهَلْ يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمُسْتَحِقِّ لِقَبُولِ هَذِهِ الْبَيِّنَةِ حَتَّى يَبْطُلَ الْحُكْمُ السَّابِقُ أَوْ لَا وَهَلْ يُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْبَغْلَةِ أَيْضًا؟ (الْجَوَابُ) : مُقْتَضَى مَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي فَتَاوَاهُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ حُضُورِ الْمُسْتَحِقِّ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَهَذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ وَأَشْبَهُ وَمُقْتَضَى مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَدَمُ الْقَبُولِ بِلَا حُضُورِ الْمُسْتَحِقِّ قَالَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ وَمَا فِي الْخُلَاصَةِ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ حَضْرَةِ الْبَغْلَةِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ وَلَا تَعْجَلْ هَذَا مَا ظَهَرَ لِلْعَبْدِ الضَّعِيفِ (أَقُولُ) وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ

فَرَاجِعْهُ. (سُئِلَ) فِي ذِي يَدٍ وَخَارِجٍ بَرْهَنَا عَلَى نِتَاجِ جَمَلٍ وَلَمْ يُوَافِقْ سَنَةَ تَارِيخِهِمَا فَهَلْ يُقْضَى بِهِ لِذِي الْيَدِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ. (سُئِلَ) فِي ذِي يَدٍ عَلَى مَعْزَةٍ هِيَ نِتَاجُ مَعْزَتِهِ نَتَجَتْ عِنْدَهُ وَلَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ ادَّعَاهَا خَارِجٌ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ فَهَلْ يُقْضَى بِبَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ ادَّعَيَا النِّتَاجَ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِبَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى ذُو الْيَدِ النِّتَاجَ وَالْآخَرُ مِلْكًا مُطْلَقًا وَهَذَا إذَا لَمْ يُؤَرِّخَا فَإِنْ أَرَّخَا قُضِيَ لِصَاحِبِ الْيَدِ أَيْضًا إلَّا إذَا كَانَ سِنُّ الدَّابَّةِ مُخَالِفًا لِوَقْتِ صَاحِبِ الْيَدِ مُوَافِقًا لِوَقْتِ الْخَارِجِ فَحِينَئِذٍ يُقْضَى لِلْخَارِجِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ الثَّامِنِ وَتَمَامُ الْفُرُوعِ فِيهَا وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى آخَرَ النِّتَاجَ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّكَ أَقْرَرْت أَنَّك اشْتَرَيْت هَذِهِ الدَّابَّةَ مِنْ فُلَانٍ فَهَلْ يَكُونُ دَفْعًا لِدَعْوَى الْمُدَّعِي إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَكُونُ دَفْعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ فِي التَّنَاقُضِ فِي الدَّعَاوَى. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ وَخَلَّفَ دَارًا وَضَعَ بَعْضُهُمْ يَدَهُ عَلَيْهَا فَطَالَبَتْهُ زَوْجَةُ الْمُتَوَفَّى بِقَدْرِ مِيرَاثِهَا مِنْهَا فَأَثْبَت لَدَى قَاضٍ حَنْبَلِيٍّ أَنَّ الْمُتَوَفَّى وَقَفَهَا عَلَى أَوْلَادِهِ الْأَرْبَعَةِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ وَثُمَّ إلَخْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ نَاظِرًا عَلَى الْوَقْفِ وَلَا مَأْذُونًا لَهُ بِالدَّعْوَى بِذَلِكَ مِنْ الْقَاضِي الْعَامِّ وَأَنَّ الشُّهُودَ لَمْ يَذْكُرُوا اسْمَ جَدِّ الْوَاقِفِ الْمَزْبُورِ فِي الشَّهَادَةِ بَلْ ذَكَرُوا اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ فَقَطْ وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُعْرَفُ بِهِمَا وَذَكَرُوا صِنَاعَتَهُ الَّتِي يُشَارِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ وَلَمْ يُعْرَفْ بِهَا لَا مَحَالَةَ ثُمَّ تَرَافَعُوا لَدَى قَاضِي الْقُضَاةِ فَأَلْغَى حُكْمَ الْحَنْبَلِيِّ الْمَذْكُورِ وَحَكَمَ بِجَرَيَانِ الدَّارِ فِي مِلْكِ وَرَثَةِ زَيْدٍ حُكْمًا شَرْعِيًّا مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ ادَّعَى الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَيْهِ لَوْ ادَّعَاهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي يَصِحُّ وِفَاقًا وَبِغَيْرِ إذْنِهِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْغَلَّةِ لَا غَيْرُ فَلَا يَكُونُ خَصْمًا فِي شَيْءٍ آخَرَ وَلَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ جَمَاعَةً فَادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّهُ وَقْفٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَمُسْتَحِقُّ غَلَّةِ الْوَقْفِ لَا يَمْلِكُ دَعْوَى غَلَّةِ الْوَقْفِ وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى رَجُلٍ مُعَيَّنٍ قِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُتَوَلِّي بِغَيْرِ إطْلَاقِ الْقَاضِي وَيُفْتَى بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ الْأَخْذُ لَا التَّصَرُّفُ فِي الْوَقْفِ وَلَوْ غَصَبَ الْوَقْفَ أَحَدٌ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ خُصُومَةٌ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثَ عَشَرَ. وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْعَاشِرِ وَالْبَزَّازِيَّةِ مِنْ آخِرِ الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْوَقْفِ وَفِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْغَلَّةُ أَوْ السُّكْنَى لَا يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ وَلَا الدَّعْوَى لَوْ غُصِبَ مِنْهُ الْوَقْفُ إلَّا بِتَوْلِيَةٍ أَوْ إذْنِ قَاضٍ وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى رَجُلٍ مُعَيَّنٍ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى عِمَادِيَّةٌ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْغَلَّةِ لَا الْعَيْنِ اهـ وَلَا بُدَّ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ ذِكْرِ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ أَوْ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَالصِّنَاعَةِ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِهَا بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي بَلَدِهِ شَرِيكٌ لَهُ فِي تِلْكَ الصِّنَاعَةِ كَذَا فِي الدُّرَرِ وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِي صَغِيرٍ مَاتَ عَنْ أُمٍّ وَثَلَاثِ أَخَوَاتٍ شَقِيقَاتٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً فَادَّعَى أَخَوَانِ عَلَى وَكِيلِ عَمَّتَيْ الصَّغِيرِ أَنَّهُمَا ابْنَا ابْنِ ابْنِ عَمٍّ لَهُ وَطَالَبَاهُمَا بِقَدْرِ مَا خَصَّهُمَا مِنْ تَرِكَتِهِ فَأَنْكَرَ الْوَكِيلُ نَسَبَهُمَا لَهُ وَأَتَيَا بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَا فِي وَجْهِ الْوَكِيلِ الْمَرْقُومِ أَنَّهُمَا ابْنَا ابْنِ ابْنِ عَمِّ الصَّغِيرِ وَلَمْ يَذْكُرَا فِي شَهَادَتِهِمَا أَنَّهُمَا ابْنَا عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ وَلَمْ يُزَكِّيَا قَبْلَ الْحُكْمِ وَلَمْ تَكُنْ التَّرِكَةُ فِي يَدِ الْعَمَّتَيْنِ الْمَزْبُورَتَيْنِ وَلَمْ تَكُونَا خَصْمًا فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ فَهَلْ يَكُونُ الثُّبُوتُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ الدَّعْوَى عَلَى غَيْرِ ذِي الْيَدِ لَا تُسْمَعُ إلَّا فِي دَعْوَى الْغَصْبِ فِي الْمَنْقُولِ وَأَمَّا فِي الدُّرَرِ وَالْعَقَارِ فَلَا فَرْقَ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ اهـ وَالْخَصْمُ فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ خَمْسَةٌ الْوَارِثُ وَالْوَصِيُّ وَالْمُوصَى لَهُ وَالْغَرِيمُ لِلْمَيِّتِ

أَوْ عَلَى الْمَيِّتِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَفِيهِ أَيْضًا دَعْوَى الْمِلْكِ لَا تَصِحُّ عَلَى غَيْرِ ذِي الْيَدِ اهـ بِاخْتِصَارٍ وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ طَلَبَ الْمِيرَاثَ وَادَّعَى أَنَّهُ عَمُّ الْمَيِّتِ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ دَعْوَاهُ أَنْ يُفَسِّرَ وَيَقُولَ هُوَ عَمُّهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ أَوْ لِأُمِّهِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ وَارِثُهُ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ عِمَادِيَّةٌ مِنْ أَوَاخِرِ الْفَصْلِ السَّادِسِ. وَفِي الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ سُئِلَ فِي رَجُلٍ يَدَّعِي عَلَى وَصِيِّ صِغَارٍ أَنَّهُ ابْنُ ابْنِ ابْنِ عَمِّ الْمَيِّتِ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى مُجَرَّدِ هَذِهِ الدَّعْوَى إذَا أَقَامَهَا أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى مُجَرَّدِ هَذِهِ الدَّعْوَى وَلَا يَصِحُّ بِهَا الْقَضَاءُ بِالنَّسَبِ وَإِنَّمَا تُقْبَلُ بِشُرُوطٍ: أَنْ تَكُونَ بَعْدَ دَعْوَى مَالٍ صَحِيحَةٍ حَيْثُ كَانَتْ دَعْوَى لِبُنُوَّةِ الْعُمُومَةِ قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ بَسْطِ الْكَلَامِ وَحَاصِلُ مَا يَنْفَعُنَا هُنَا أَنَّ الشُّهُودَ إذَا شَهِدُوا بِنَسَبٍ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُهُمْ وَلَا يَحْكُمُ بِهِ إلَّا بَعْدَ دَعْوَى مَالٍ إلَّا فِي الْأَبِ وَالِابْنِ اهـ وَأَنْ يَنْسِبَ الشُّهُودُ الْمَيِّتَ وَالْمُدَّعِيَ لِبُنُوَّةِ الْعُمُومَةِ حَتَّى يَلْتَقِيَا إلَى أَبٍ وَاحِدٍ وَأَنْ يَقُولُوا هُوَ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَاضِي خَانْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَبُ الْوَاحِدُ الْمُلْتَقَى إلَيْهِ مَعْرُوفًا لِلْقَاضِي بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ بِالْأَبِ وَالْجَدِّ إذْ الْخِصَامُ فِيهِ وَالتَّعْرِيفُ بِذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ وَلَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ بِهَا وَيَنْبَغِي الِاحْتِيَاطُ فِي الشَّهَادَةِ بِالنَّسَبِ سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ وَلِيَّ الْأَمْرِ نَصَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا وَلَّى الْقُضَاةَ إلَّا لِيَحْكُمُوا بِالشَّهَادَةِ الْمُزَكَّاةِ فَلَا يَصِحُّ الْآنَ بِشَهَادَةٍ غَيْرِ مُزَكَّاةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَتَاوَى الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحِيمِ مِنْ فَصْلِ دَعْوَى النَّسَبِ. (قَالَ الْمُؤَلِّفُ) قُلْت هَذَا مُنَاقِضٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْجَدِّ الَّذِي الْتَقَيَا إلَيْهِ وَقَدْ مَثَّلَ لَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِثَالًا وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَ أَبِي الْجَدِّ وَلَا اسْمَ جَدِّهِ لَكِنْ أَفْتَى الْإِمَامُ أَبُو السُّعُودِ بِاشْتِرَاطِ ذِكْرِ الْأَبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَشْمَقْجِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَأَظُنُّ أَنَّ الرَّحِيمِيَّ اشْتَرَطَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِمْ كَصَاحِبِ التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَى غَائِبٍ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَإِنْ حَكَمَ بِدُونِ ذِكْرِ الْجَدِّ نَفَذَ وَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ الدَّعْوَى عَلَى الْجَدِّ الَّذِي الْتَقَيَا إلَيْهِ وَالْحَالُ أَنَّ الدَّعْوَى عَلَى الْمَيِّتِ الَّذِي يَطْلُبُونَ إرْثَهُ فَتَنَبَّهْ. (سُئِلَ) فِي جَارِيَةٍ اشْتَرَاهَا رَجُلٌ مِنْ سَيِّدِهَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَبَضَهُ سَيِّدُهَا وَتَسَلَّمَهَا الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَذَهَبَ بِهَا إلَى مَنْزِلِهِ مُنْقَادَةً لِلرِّقِّ وَالْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ سَاكِتَةً وَاسْتَخْدَمَهَا الْمُشْتَرِي نَحْوَ سِتِّ سِنِينَ وَالْآنَ أَرَادَ بَيْعَهَا فَزَعَمَتْ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهَا فَهَلْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يُقْبَلُ ذَكَرَ الْإِمَامُ رَشِيدُ الدِّينِ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْبَابِ التَّاسِعِ الْعَبْدُ إذَا انْقَادَ لِلْبَيْعِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنِّي حُرُّ الْأَصْلِ بِدُونِ بَيِّنَةٍ وَتَفْسِيرُ الِانْقِيَادِ التَّسْلِيمُ إلَى الْمُشْتَرِي يَعْنِي إذَا سَلَّمَهُ إلَى الْمُشْتَرِي لَا يَأْبَى وَيَسْكُتُ أَمَّا السُّكُوتُ عِنْدَ الْبَيْعِ لَا يَكُونُ انْقِيَادٌ لِلْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَقُومُ بِهِ بَلْ يُوجَدُ بِالْعَاقِدِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي أَحْكَامِ السُّكُوتِ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا بِيعَ وَهُوَ حَاضِرٌ فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ أَنَا حُرٌّ لَا يُقْبَلُ عِمَادِيَّةٌ فِي الْفَصْلِ الْأَرْبَعِينَ وَلَوْ قَالَ الْعَبْدُ أَنَا حُرُّ الْأَصْلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِحُكْمِ الْأَصْلِ مَا لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ انْقِيَادٌ لِلرِّقِّ وَبَعْدَهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا بُرْهَانٍ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الدَّعْوَى. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَصَرَّفَ فِي دَارٍ مَعْلُومَةٍ زَمَانًا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فِي أَمْلَاكِهِمْ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ لَهُ فِي ذَلِكَ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ زَيْدٍ وَبَاعَهَا زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو وَمَضَى لِلتَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً وَلِلرَّجُلِ قَرِيبٌ مُطَّلِعٌ عَلَى التَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ هُوَ وَوَرَثَتُهُ مِنْ بَعْدِهِ وَلَمْ يَدَّعُوا بِشَيْءٍ مِنْ الدَّارِ وَالْكُلُّ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ مِنْ الدَّعْوَى مَانِعٌ شَرْعِيٌّ قَامَ الْآنَ وَرَثَتُهُ يُرِيدُونَ الدَّعْوَى بِشَيْءٍ مِنْ الدَّارِ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُمْ بِذَلِكَ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ فِي ذَلِكَ وَتُتْرَكُ الدَّارُ فِي يَدِ

الْمُتَصَرِّفِ قَطْعًا لِلْأَطْمَاعِ الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ كَالْإِفْصَاحِ قَطْعًا لِلتَّزْوِيرِ وَالْحِيَلِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ كَالتَّنْوِيرِ وَالْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى فِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْكِتَابِ وَالْبَزَّازِيَّةِ الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَعِبَارَتُهَا رَجُلٌ تَصَرَّفَ زَمَانًا فِي أَرْضٍ وَرَجُلٌ آخَرُ رَأَى الْأَرْضَ وَالتَّصَرُّفَ وَلَمْ يَدَّعِ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَى وَلَدِهِ فَتُتْرَكُ فِي يَدِ الْمُتَصَرِّفِ؛ لِأَنَّ الْحَالَ شَاهِدٌ اهـ لَا سِيَّمَا بَعْدَ صُدُورِ الْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ عَنْ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَالْمَسْأَلَةُ فِي فَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ مُفَصَّلَةٌ وَكَذَا فِي الْخَيْرِيَّةُ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى فِي عِدَّةِ أَسْئِلَةٍ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَأُمٍّ وَابْنٍ قَاصِرٍ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً قَامَتْ الْأُمُّ الْآنَ تَدَّعِي بِأَنَّ لَهَا أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً فِي التَّرِكَةِ دَفَعَتْهَا لِابْنَتِهَا عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَهُمَا فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَمْنَعْهَا مِنْ الدَّعْوَى مَانِعٌ شَرْعِيٌّ وَالزَّوْجُ يُنْكِرُ دَعْوَاهَا فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهَا غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ لِلْمَنْعِ السُّلْطَانِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ هِنْدٍ أَمْتِعَةٌ مَعْلُومَةٌ مُتَصَرِّفَةٌ فِيهَا مِنْ مُدَّةِ سِنِينَ بِلَا مُعَارِضٍ وَلَهَا أُمٌّ مَاتَتْ عَنْهَا وَعَنْ ابْنَيْ أَخٍ شَقِيقٍ يُعَارِضَانِهَا فِي الْأَمْتِعَةِ وَيَدَّعِيَانِ أَنَّهَا لِأُمِّهَا وَهِيَ تُنْكِرُ وَتَدَّعِي أَنَّ الْأَمْتِعَةَ لَهَا فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ وَعَلَى ابْنَيْ أَخِيهَا الْإِثْبَاتُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي قَرَوِيٍّ اخْتَلَفَ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي بَقَرَةٍ وَنِتَاجِهَا فِي بَيْتِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهَا فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ لَهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْمَوَاشِيَ مِمَّا يَصْلُحُ لَهُمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ وَالْقَوْلُ لَهُ فِي الصَّالِحِ لَهُمَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ وَرَثَةُ الزَّوْجِ مَعَ الزَّوْجَةِ فِي أَمْتِعَةِ الْبَيْتِ الصَّالِحَةِ لِلزَّوْجَةِ فَقَطْ كَالْأَسَاوِرِ الذَّهَبِ وَغَيْرِهَا وَمَا يَصْلُحُ لَهُمَا كَالنُّقُودِ وَغَيْرِهَا فَالْقَوْلُ لِمَنْ فِي الْفَرِيقَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : الْقَوْلُ لِلزَّوْجَةِ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهَا وَأَجَابَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِي الرَّقِيقِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَصْلُحُ لَهُمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَتْ هِنْدٌ عَنْ زَوْجٍ وَابْنٍ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ عَنْ زَوْجَةٍ وَبِنْتٍ مِنْهَا وَتَرَكَا دَارًا كَانَا سَاكِنَيْنِ فِيهَا اخْتَلَفَ ابْنُ هِنْدٍ مَعَ الزَّوْجَةِ وَبِنْتِهَا فَهُمَا يَدَّعِيَانِ أَنَّ نِصْفَ الدَّارِ لِلزَّوْجِ الْمُتَوَفَّى الْمَزْبُورِ وَابْنُ هِنْدٍ يَدَّعِي أَنَّ كَامِلَ الدَّارِ لِوَالِدَتِهِ هِنْدٍ وَلَا بَيِّنَةَ فَهَلْ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ مَعَ الْيَمِينِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِنْ مَاتَا فَاخْتَلَفَ وَرَثَتُهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ كَمَا فِي لِسَانِ الْحُكَّامِ وَمِثْلُهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ نَقْلًا عَنْهُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَاخْتَلَفَا فِي بَيْتٍ سَاكِنَيْنِ فِيهِ وَلَهَا بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِجَرَيَانِ الْبَيْتِ فِي مِلْكِهَا فَهَلْ يُقْضَى بِبَيِّنَتِهَا؟ (الْجَوَابُ) : الْبَيْتُ لِلزَّوْجِ بِيَمِينِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ إلَّا أَنْ تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ فَيُقْضَى بِبَيِّنَتِهَا؛ لِأَنَّهَا خَارِجَةٌ قَالَ فِي لِسَانِ الْحُكَّامِ مِنْ الْأَوَائِلِ وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا بَعْدَ طَلَاقِهَا ثَلَاثًا أَوْ بَائِنًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً بِالطَّلَاقِ فَزَالَتْ يَدُهَا هَذَا إذَا اخْتَلَفَا قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ وَإِذَا مَاتَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الْمَرْأَةِ إلَى قَدْرِ جِهَازِ مِثْلِهَا وَفِي الْبَاقِي الْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فَصَارَا كَالْمُوَرَّثَيْنِ اخْتَلَفَا بِأَنْفُسِهِمَا وَهُمَا حَيَّانِ فِي حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فَكَذَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا إلَخْ. اهـ. أَقُولُ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ تَحْتَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَلَهُ فِيمَا يَصْلُحُ لَهُمَا شَمِلَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَعْنِي صَاحِبَ الْكَنْزِ مَا إذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فِي لَيْلَةِ الزِّفَافِ وَهُوَ خِلَافُ الْمُتَعَارَفِ فِي الْفُرُشِ وَنَحْوِهَا وَلِهَذَا قَالَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ لَوْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فِي لَيْلَتِهَا الَّتِي زُفَّتْ إلَيْهِ فِي بَيْتِهِ لَا يُسْتَحْسَنُ أَنْ يَجْعَلَ مَتَاعَ الْفُرُشِ وَحُلِيَّ النِّسَاءِ وَمَا يَلِيقُ بِهِنَّ لِلزَّوْجِ وَالطَّنَافِسَ وَالْقَمَاقِمَ وَالْأَبَارِيقَ وَالصَّنَادِيقَ وَالْفُرُشَ وَالْخَدَمَ وَاللُّحُفَ لِلنِّسَاءِ وَكَذَا مَا يُجَهَّزُ مِثْلُهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مَعْرُوفًا بِتِجَارَةِ جِنْسٍ مِنْهَا اهـ فَكَذَا إذَا اخْتَلَفَا حَالَ الْحَيَاةِ فِيمَا يَصْلُحُ لَهُمَا

فَالْقَوْلُ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ لَيْلَةَ الزِّفَافِ فَالْقَوْلُ لَهَا لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ غَالِبًا مِنْ أَنَّ الْفُرُشَ وَمَا ذَكَرَ مِنْ الصَّنَادِيقِ وَالْخَدَمِ تَأْتِي بِهِ الْمَرْأَةُ وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ لِلْفَتْوَى إلَّا أَنْ يُوجَدَ نَصٌّ فِي حُكْمِهِ لَيْلَةَ الزِّفَافِ عَنْ الْإِمَامِ بِخِلَافِهِ فَيُتَّبَعَ اهـ كَلَامُ الْبَحْرِ مُلَخَّصًا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مُتَزَوِّجٍ بِامْرَأَةٍ وَبِيَدِهَا عَقَارٌ وَاضِعَيْنِ يَدَهُمَا عَلَيْهِ وَمُتَصَرِّفَيْنِ فِيهِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ بِلَا مُعَارِضٍ لَهُمَا فِي ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ الرَّجُلُ عَنْ ابْنٍ مِنْهَا وَبَقِيَ الْعَقَارُ بِيَدِ الزَّوْجَةِ ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ ابْنِهَا الْمَذْكُورِ وَعَنْ بِنْتٍ مِنْ زَوْجٍ آخَرَ مَاتَ قَبْلَهَا قَامَ الِابْنُ الْآنَ يَدَّعِي بِأَنَّ الْعَقَارَ مِلْكٌ لِأَبِيهِ وَالْبِنْتُ أَنَّهُ لِأُمِّهَا وَلَا بَيِّنَةَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ لِلِابْنِ الْمَزْبُورِ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ فَالْقَوْلُ لِلِابْنِ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ وَتَرِثُ الْبِنْتُ الْمَذْكُورَةُ مِنْهُ قِيرَاطًا وَاحِدًا وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ عَنْ لِسَانِ الْحُكَّامِ (أَقُولُ) لَمْ يُبَيِّنْ فِي السُّؤَالِ الْعَقَارَ الْمَذْكُورَ مَا هُوَ وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا هُوَ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ قَالَ فِي الْكَنْزِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَالْقَوْلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا يَصْلُحُ لَهُ وَلَهُ فِيمَا يَصْلُحُ لَهُمَا وَقَالَ فِي الْبَحْرِ أَيْ الْقَوْلُ لَهُ فِي مَتَاعٍ يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ وَمَا فِي يَدِهَا فِي يَدِ الزَّوْجِ وَالْقَوْلُ فِي الدَّعَاوَى لِصَاحِبِ الْيَدِ بِخِلَافِ مَا يَخْتَصُّ بِهَا؛ لِأَنَّهُ يُعَارِضُهُ ظَاهِرٌ أَقْوَى مِنْهُ اهـ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا وَمُرَادُهُمْ مِنْ الْمَتَاعِ هُنَا مَا كَانَ فِي الْبَيْتِ وَلَوْ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمُشْكِلِ اهـ وَالْمُرَادُ بِالْمُشْكِلِ الصَّالِحُ لَهُمَا وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ بَعْدَهُ وَمَا يَصْلُحُ لَهُمَا الْفُرُشُ وَالْأَمْتِعَةُ وَالْأَوَانِي وَالرَّقِيقُ وَالْمَنْزِلُ وَالْعَقَارُ وَالْمَوَاشِي وَالنُّقُودُ كَذَا فِي الْكَافِي وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْبَيْتَ لِلزَّوْجِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا بَيِّنَةٌ وَعَزَاهُ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ إلَى الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ اهـ كَلَامُ الْبَحْرِ وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي غَيْرِ مَتَاعِ الْبَيْتِ وَكَانَ فِي أَيْدِيهِمَا فَإِنَّهُمَا كَالْأَجْنَبِيَّيْنِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا اهـ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْعَقَارَ إذَا لَمْ يَكُونَا سَاكِنَيْنِ فِيهِ لَمْ يَدْخُلْ فِي مُسَمَّى مَتَاعِ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَقَطْ وَقَدْ عَلِمْت تَفْسِيرَ مَتَاعِ الْبَيْتِ بِمَا كَانَ فِي الْبَيْتِ لَكِنْ كَتَبْتُ فِيمَا عَلَّقْتُهُ عَلَى الْبَحْرِ أَنَّ الْأَوْلَى تَفْسِيرُهُ بِالْبَيْتِ وَبِمَا كَانَ فِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي نَفْسِ الْبَيْتِ كَذَلِكَ فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَ الْبَحْرِ وَإِذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي غَيْرِ مَتَاعِ الْبَيْتِ الْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ خَارِجًا عَنْ سُكْنَاهُمَا فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا فَيَتَعَيَّنُ تَقْيِيدُ الْعَقَارِ فِي السُّؤَالِ بِمَا كَانَا سَاكِنَيْنِ فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي ابْنٍ كَبِيرٍ لَهُ عِيَالٌ وَكَسْبٌ مَاتَ أَبُوهُ عَنْهُ وَعَنْ وَرَثَةٍ يَدَّعُونَ أَنَّ مَا حَصَّلَهُ مِنْ كَسْبِهِ مُخَلَّفٌ عَنْ أَبِيهِمْ وَيُرِيدُونَ إدْخَالَهُ فِي التَّرِكَةِ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ لَهُ كَسْبٌ مُسْتَقِلٌّ يَخْتَصُّ بِمَا أَنْشَأَهُ مِنْ كَسْبٍ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ مُقَاسَمَتُهُ فِي ذَلِكَ وَلَا إدْخَالُهُ فِي التَّرِكَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سَاكِنٍ فِي بَيْتِ أَبِيهِ فِي جُمْلَةِ عِيَالِهِ وَصَنْعَتُهُمَا مُتَّحِدَةٌ يُعِينُهُ بِتَعَاطِي أُمُورِهِ وَلَا يُعْرَفُ لِلِابْنِ مَالٌ سَابِقٌ فَاجْتَمَعَ مَالٌ بِكَسْبِهِ وَيُرِيدُ أَنْ يَخْتَصَّ بِهِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ جَمِيعُ مَا حَصَّلَهُ بِكَسْبِهِ مِلْكٌ لِأَبِيهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ جَمِيعُ مَا حَصَّلَهُ بِكَسْبِهِ مِلْكٌ لِأَبِيهِ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ عِيَالِهِ وَالْمُعِينُ لَهُ فِي أُمُورِهِ وَأَحْوَالِهِ وَصَنْعَتُهُمَا مُتَّحِدَةٌ وَلَا يُعْرَفُ لِلِابْنِ مَالٌ سَابِقٌ؛ لِأَنَّ الِابْنَ إذَا كَانَ فِي عِيَالِ الْأَبِ يَكُونُ مُعِينًا لَهُ فِيمَا يَصْنَعُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَمَجْمَعِ الْفَتَاوَى وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ إذَا تَنَازَعَ الرَّجُلُ مَعَ بَنِيهِ الْخَمْسَةِ وَهُمْ فِي دَارِ أَبِيهِمْ كُلُّهُمْ فِي عِيَالِهِ فَقَالَ الْبَنُونَ الْمَتَاعُ مَتَاعُنَا وَالْأَبُ يَدِّعِيهِ لِنَفْسِهِ فَإِنَّ الْمَتَاعَ يَكُونُ لِلْأَبِ وَلِلْبَنِينَ الثِّيَابُ الَّتِي عَلَيْهِمْ لَا غَيْرُ إلَخْ مِنْ الْقَوْلِ لِمَنْ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى. (أَقُولُ) وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ سُئِلَ فِي ابْنٍ كَبِيرٍ ذِي زَوْجَةٍ وَعِيَالٍ لَهُ كَسْبٌ مُسْتَقِلٌّ حَصَّلَ بِسَبَبِهِ أَمْوَالًا وَمَاتَ هَلْ هِيَ لِوَالِدِهِ خَاصَّةً أَمْ تُقْسَمُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ أَجَابَ هِيَ لِلِابْنِ تُقْسَمُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى حَيْثُ كَانَ لَهُ كَسْبٌ مُسْتَقِلٌّ

بِنَفْسِهِ. وَأَمَّا قَوْلُ عُلَمَائِنَا أَبٌ وَابْنٌ يَكْتَسِبَانِ فِي صَنْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا شَيْءٌ ثُمَّ اجْتَمَعَ لَهُمَا مَالٌ يَكُونُ كُلُّهُ لِلْأَبِ إذَا كَانَ الِابْنُ فِي عِيَالِهِ فَهُوَ مَشْرُوطٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ بِشُرُوطٍ مِنْهَا اتِّحَادُ الصَّنْعَةِ وَعَدَمُ مَالٍ سَابِقٍ لَهُمَا وَكَوْنُ الِابْنِ فِي عِيَالِ أَبِيهِ فَإِذَا عُدِمَ وَاحِدٌ مِنْهَا لَا يَكُونُ كَسْبُ الِابْنِ لِلْأَبِ وَانْظُرْ إلَى مَا عَلَّلُوا بِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ قَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّ الِابْنَ إذَا كَانَ فِي عِيَالِ الْأَبِ يَكُونُ مُعِينًا لَهُ فِيمَا يَضَعُ فَمَدَارُ الْحُكْمِ عَلَى ثُبُوتِ كَوْنِهِ مُعِينًا لَهُ فِيهِ فَاعْلَمْ ذَلِكَ اهـ. وَأَجَابَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ بِقَوْلِهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ عِيَالِهِ وَالْمُعِينِينَ لَهُ فِي أُمُورِهِ وَأَحْوَالِهِ فَجَمِيعُ مَا حَصَّلَهُ بِكَدِّهِ وَتَعَبِهِ فَهُوَ مِلْكٌ خَاصٌّ لِأَبِيهِ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَوْ اجْتَمَعَ لَهُ بِالْكَسْبِ جُمْلَةُ أَمْوَالٍ؛ لِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ لِأَبِيهِ مُعِينٌ حَتَّى لَوْ غَرَسَ شَجَرَةً فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَهِيَ لِأَبِيهِ نَصَّ عَلَيْهِ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فَلَا يَجْرِي فِيهِ إرْثٌ عَنْهُ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ مَتْرُوكَاتِهِ اهـ. وَأَجَابَ أَيْضًا عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ بِقَوْلِهِ إنْ ثَبَتَ كَوْنُ ابْنِهِ وَأَخَوَيْهِ عَائِلَةً عَلَيْهِ وَأَمْرُهُمْ فِي جَمِيعِ مَا يَفْعَلُونَهُ إلَيْهِ وَهُمْ مُعِينُونَ لَهُ فَالْمَالُ كُلُّهُ لَهُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا لَدَيْهِ بِيَمِينِهِ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ فَالْجَزَاءُ أَمَامَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا بِهَذَا الْوَصْفِ بَلْ كَانَ كُلٌّ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ وَاشْتَرَكُوا فِي الْأَعْمَالِ فَهُوَ بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ سَوِيَّةٌ بِلَا إشْكَالٍ وَإِنْ كَانَ ابْنُهُ فَقَطْ هُوَ الْمُعِينُ وَالْإِخْوَةُ الثَّلَاثَةُ بِأَنْفُسِهِمْ مُسْتَقِلِّينَ فَهُوَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا بِيَقِينٍ وَالْحُكْمُ دَائِرٌ مَعَ عِلَّتِهِ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الدِّينِ الْحَامِلِينَ لِحِكْمَتِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى آخَرَ إجَارَةَ حَانُوتٍ فَأَنْكَرَ خَصْمُهُ ذَلِكَ وَيُرِيدُ تَحْلِيفَهُ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُهُ وَكَيْفُ يَحْلِفُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُهُ وَكَيْفِيَّةُ تَحْلِيفِهِ مَا فِي 16 مِنْ الْعِمَادِيَّةِ فِي مَسَائِلِ الِاسْتِحْلَافِ لَوْ ادَّعَى إجَارَةَ ضَيْعَةٍ أَوْ دَارٍ أَوْ حَانُوتٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ ادَّعَى مُزَارَعَةً فِي الْأَرْضِ أَوْ مُعَامَلَةً فِي نَخْلٍ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْلِفُ عَلَى الْحَاصِلِ بِاَللَّهِ مَا بَيْنَك وَبَيْنَ هَذَا الْمُدَّعِي إجَارَةٌ قَائِمَةٌ تَامَّةٌ لَازِمَةٌ الْيَوْمَ فِي هَذَا الْعَيْنِ الْمُدَّعَى وَلَا لَهُ قَبِلَكَ حَقٌّ بِالْإِجَارَةِ الَّتِي وَصَفَ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ ذِمِّيَّيْنِ دَارٌ مَعْلُومَةٌ عَنْ أَبِيهِمَا الْمُتَصَرِّفِ فِيهَا قَبْلَهُمَا بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ بِمُوجَبِ حُجَّةٍ مُتَضَمِّنَةٍ أَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى بَعْضٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ مِنْ أَرْضِ الدَّارِ فِي كُلِّ سَنَةٍ قِرْشَانِ لِجِهَةِ وَقْفِ دَيْرٍ مُعَيَّنٍ صَدَقَةً يَدْفَعُونَهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَالْآنَ قَامَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ يُكَلِّفُ الذِّمِّيَّيْنِ الْمَزْبُورَيْنِ إلَى بَيَانِ الْبَعْضِ الْمَزْبُورِ وَاسْتِئْجَارِهِ مِنْهُ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَلْ يَدْفَعُونَ الْقِرْشَيْنِ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي تَكْلِيفُهُمْ إلَى مَا ذَكَرَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْعُمْدَةُ فِي ذَلِكَ التَّصَرُّفُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَوَضْعُ الْيَدِ مِنْ الْمُدَدِ الْمُتَطَاوِلَةِ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجِهَةِ وَقْفٍ قِطْعَةُ أَرْضٍ دَاخِلَ دَارِ زَيْدٍ وَهِيَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ وَزَيْدٌ يَدْفَعُ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثَيْ قِرْشٍ أُجْرَةً عَنْهَا وَيَأْخُذُ بِذَلِكَ وُصُولًا مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ قَامَ الْآنَ نَاظِرُ الْوَقْفِ يُكَلِّفُ زَيْدًا إلَى اسْتِئْجَارِ أَرْضٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ أَرْضِ الدَّارِ زَاعِمًا أَنَّهَا هَذِهِ وَزَيْدٌ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَيُكَلِّفُهُ إلَى إثْبَاتِهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ يُكَلَّفُ النَّاظِرُ إلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ جَمَاعَةٍ بَسَاتِينُ مَعْلُومَةٌ وَهُمْ مُتَصَرِّفُونَ فِيهَا بِطَرِيقِ الْمِلْكِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً وَيَدْفَعُ كُلٌّ مِنْهُمْ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى بُسْتَانِهِ لِجِهَةِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مِنْ قَبْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ إلَى الْآنَ بِلَا مُعَارِضٍ وَيَعْلَمُونَ وَجْهَ الدَّفْعِ أَنَّهُ بِطَرِيقِ الْمُرَتَّبِ وَيَزْعُمُ نَاظِرُ الْوَقْفِ أَنَّ أَرْضَ الْبَسَاتِينِ كُلَّهَا جَارِيَةٌ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ مُلَّاكِهَا وَلَيْسَ بِيَدِهِ مُسْتَنَدٌ شَرْعِيٌّ يَشْهَدُ بِمَا زَعَمَهُ فَهَلْ لَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ زَعْمِهِ وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ لِلدَّافِعِينَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ زَعْمِهِ وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ لِلدَّافِعِينَ أَنَّ دَفْعَهُمْ بِطَرِيقِ الْمُرَتَّبِ؛ لِأَنَّهُمْ مُمَلَّكُونَ وَهُمْ أَعْلَمُ بِجِهَةِ الدَّفْعِ

كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْفُصُولَيْنِ وَفَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ وَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ دَفَعَ إلَى ابْنِهِ مَالًا فَأَرَادَ أَخْذَهُ صُدِّقَ أَنَّهُ دَفَعَهُ قَرْضًا لِأَنَّهُ مُمَلِّكٌ دَفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ فَقَالَ لَهُ أَنْفِقْهَا فَفَعَلَ فَهُوَ قَرْضٌ كَمَا لَوْ قَالَ اصْرِفْهَا إلَى حَوَائِجِك وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا وَقَالَ اكْتَسِ بِهِ فَفَعَلَ يَكُونُ هِبَةً؛ لِأَنَّ قَرْضَ الثَّوْبِ بَاطِلٌ لِسَانُ الْحُكَّامِ فِي هِبَةِ الْمَرِيضِ وَغَيْرِهِ دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ دَرَاهِمَ فَأَنْفَقَهَا وَقَالَ صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ أَقْرَضْتُك وَقَالَ الْقَابِضُ لَا بَلْ وَهَبْتنِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الدَّرَاهِمِ مِنْ نِكَاحِ الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى مَيِّتٍ أَلْفًا فَبَرْهَنَ وَارِثُهُ أَنَّ الْأَبَ أَعْطَى أَلْفًا يُقْبَلُ وَالْوَارِثُ يُصَدَّقُ فِي أَنَّ الْأَبَ أَعْطَاهُ بِجِهَةِ الدَّيْنِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ فَيُصَدَّقُ فِي جِهَةِ التَّمْلِيكِ فُصُولَيْنِ مِمَّا يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ لِلْمُمَلَّكِ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ وَالْمُتَوَلُّونَ عَلَى الْوَقْفِ مُتَصَرِّفُونَ بِهَا وَاضِعُونَ يَدَهُمْ عَلَيْهَا وَيُؤَجِّرُونَهَا وَيَقْبِضُونَ أُجْرَتَهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ وَالْآنَ قَامَ نَاظِرُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ يَدَّعِي أَنَّهَا جَارِيَةٌ فِي الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ لِمُجَرَّدِ ذِكْرِهَا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ وَضْعُ يَدٍ وَلَا تَصَرَّفَ فِيهَا لِجِهَةِ وَقْفِهِ وَمَضَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَدَّعِ بِلَا مَانِعٍ شَرْعِيٍّ وَالْجَمِيعُ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ تَرَكَ الدَّعْوَى ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَانِعٌ مِنْ الدَّعْوَى ثُمَّ ادَّعَى لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الدَّعْوَى يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْحَقِّ ظَاهِرًا اهـ. وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ ذِكْرِهَا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ مَعَ عَدَمِ التَّصَرُّفِ بِذَلِكَ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ فِي يَدِهِ ضَيْعَةٌ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ وَأَحْضَرَ صَكًّا فِيهِ خُطُوطُ الْعُدُولِ وَالْقُضَاةِ الْمَاضِينَ وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي الْقَضَاءَ بِذَلِكَ الصَّكِّ قَالُوا لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ الصَّكِّ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يَقْضِي بِالْحُجَّةِ وَالْحُجَّةُ هِيَ الْبَيِّنَةُ أَوْ الْإِقْرَارُ وَأَمَّا الصَّكُّ فَلَا يَصْلُحُ حُجَّةً؛ لِأَنَّ الْخَطَّ يُشْبِهُ الْخَطَّ. اهـ. (أَقُولُ) اُنْظُرْ التَّوْفِيقَ بَيْنَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مِنْ قَوْلِهِمْ يَسْلُكُ بِمُنْقَطِعِ الثُّبُوتِ الْمَجْهُولَةِ شَرَائِطُهُ وَمَصَارِفُهُ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي دَوَاوِينِ الْقُضَاةِ اهـ وَفِي الْخَصَّافِ لَوْ صَارَ قَاضِيًا عَلَى بَلَدٍ فَوَجَدَ فِي دِيوَانِ الْقَاضِي الَّذِي قَبْلَهُ ذِكْرُ وُقُوفٍ فِي أَيْدِي الْأُمَنَاءِ فَوَجَدَ لَهَا رُسُومًا فِي دِيوَانِهِ يَحْمِلُهُمْ عَلَى ذَلِكَ فِي الِاسْتِحْسَانِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْإِسْعَافِ وَفِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْمُلْتَقَى آخِرَ الْكِتَابِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى قَالُوا الْكِتَابُ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ مُسْتَبِينٌ مَرْسُومٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُعَنْوَنًا أَيْ مُصَدَّرًا بِالْعِنْوَانِ وَهُوَ أَنْ يُكْتَبَ فِي صَدْرِهِ مِنْ فُلَانٍ إلَى فُلَانٍ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فَهَذَا كَالنُّطْقِ فَلَزِمَ حُجَّةٌ وَمُسْتَبِينٌ غَيْرُ مَرْسُومٍ كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْجُدْرَانِ وَأَوْرَاقِ الْأَشْجَارِ أَوْ عَلَى الْكَاغَدِ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً إلَّا بِانْضِمَامِ شَيْءٍ آخَرَ إلَيْهِ كَالنِّيَّةِ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَالْإِمْلَاءِ عَلَى الْغَيْرِ حَتَّى يَكْتُبَهُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَدْ تَكُونُ لِلتَّجْرِبَةِ وَنَحْوِهَا وَبِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَتَعَيَّنُ الْجِهَةُ. وَقِيلَ الْإِمْلَاءُ بِلَا إشْهَادٍ لَا يَكُونُ حُجَّةً وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَغَيْرُ مُسْتَبِينٍ كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْهَوَاءِ أَوْ الْمَاءِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ كَلَامٍ غَيْرِ مَسْمُوعٍ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْأَحْكَامِ وَإِنْ نَوَى اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَوَّلَ صَرِيحٌ وَالثَّانِيَ كِنَايَةٌ وَالثَّالِثَ لَغْوٌ وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ شَخْصٍ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ وَأَظْهَرَ خَطَّ يَدِهِ بِذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ يُحَلِّفُهُ الْقَاضِي أَنَّهَا لَيْسَتْ خَطَّهُ أَمْ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ يَسْتَكْتِبُهُ فَأَجَابَ إذَا كَتَبَ عَلَى رَسْمِ الصُّكُوكِ وَجَحَدَ أَنَّهُ خَطُّهُ يَحْلِفُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِخَطِّهِ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ الْكِتَابَةَ أَوْ يَسْتَكْتِبُهُ الْقَاضِي فَإِذَا كَتَبَ وَقَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ هُمَا وَاحِدٌ أَلْزَمَهُ الْحَقَّ وَإِنْ اعْتَرَفَ أَنَّهُ خَطُّهُ وَأَنْكَرَ مَا كَتَبَ فِيهِ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ قَبَضَهُ وَقَضَى لَهُ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَا يَقْضِي لَهُ وَأَجَابَ عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ إذَا كَتَبَ عَلَى رَسْمِ الصُّكُوكِ يَلْزَمُهُ الْمَالُ وَهُوَ أَنْ يَكْتُبَ يَقُولُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْفُلَانِيُّ إنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ كَذَا كَذَا

فَهُوَ إقْرَارٌ يَلْزَمُ وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ عَلَى هَذَا الرَّسْمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ. وَأَجَابَ عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ إذَا كَتَبَ إقْرَارَهُ عَلَى الرَّسْمِ الْمُتَعَارَفِ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ فَيَسَعُ مِنْ شَاهِدٍ كِتَابَتُهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ إذَا جَحَدَ إذَا عَرَفَ الشَّاهِدُ مَا كَتَبَ إقْرَارَهُ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ خَطُّهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشَاهِدُوا كِتَابَتَهُ فَلَا يُحْكَمُ بِذَلِكَ وَسُئِلَ عَمَّنْ أَنْكَرَ الْمَسْطُورَ هَلْ يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا كَتَبَ عَلَيْهِ أَمْ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ فَأَجَابَ يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ خَاصَّةً اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اضْطَرَبَ كَلَامُهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْعَمَلِ بِالْخَطِّ وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ أَوْ أَنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ التَّعْبِيرُ بِلَفْظِ قَالُوا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ مَا مُلَخَّصُهُ إذَا كَتَبَ إقْرَارَهُ بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا لَا يَكُونُ إقْرَارًا فَلَا تَحِلُّ الشَّهَادَةُ بِهِ وَلَوْ كَانَ مَصْدَرًا مَرْسُومًا وَإِنْ لِغَائِبٍ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَامَّةُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَدْ تَكُونُ لِلتَّجْرِبَةِ إلَخْ فَأَفَادَ إنَّ عَامَّةَ عُلَمَائِنَا عَلَى عَدَمِ الْعَمَلِ بِالْخَطِّ وَفِي شَهَادَاتِ التَّنْوِيرِ وَإِذَا كَانَ بَيْنَ الْخَطَّيْنِ مُشَابَهَةٌ ظَاهِرَةٌ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ قَالَ شَارِحُهُ هُوَ الصَّحِيحُ خَانِيَّةٌ وَإِنْ أَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِخِلَافِهِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُعَوَّلُ عَلَى هَذَا التَّصْحِيحِ؛ لِأَنَّ قَاضِي خَانْ مِنْ أَجَلِّ مَنْ يُعْتَمَدُ عَلَى تَصْحِيحَاتِهِ إلَخْ. وَأَشَارَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ إلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ وَلَا يُعْمَلُ بِمَكْتُوبِ الْوَقْفِ الَّذِي عَلَيْهِ خُطُوطُ الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ إلَخْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا وَجَدَهُ الْقَاضِي فِي أَيْدِي الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ وَلَهُ رُسُومٌ فِي دَوَاوِينِهِمْ وَيُشِيرُ إلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْإِسْعَافِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ اسْتِحْسَانٌ وَاسْتَثْنَى أَيْضًا فِي الْأَشْبَاهِ تَبَعًا لِمَا فِي قَاضِي خَانْ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا خَطَّ السِّمْسَارِ وَالْبَيَّاعِ وَالصَّرَّافِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَكَذَا فِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَحَقَّقَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ وَكَذَا الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِهَا وَأَفْتَى بِهِ التُّمُرْتَاشِيُّ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ وَنَسَبَهُ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ إلَى غَالِبِ الْكُتُبِ قَالَ حَتَّى الْمُجْتَبَى حَيْثُ قَالَ وَأَمَّا خَطُّ الْبَيَّاعِ وَالصَّرَّافِ وَالسِّمْسَارِ فَهُوَ حُجَّةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَنْوَنًا ظَاهِرًا بَيْنَ النَّاسِ وَكَذَلِكَ مَا يَكْتُبُ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً لِلْعُرْفِ اهـ وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ صَرَّافٌ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ بِمَالٍ مَعْلُومٍ وَخَطُّهُ مَعْلُومٌ بَيْنَ التُّجَّارِ وَأَهْلِ الْبَلَدِ ثُمَّ مَاتَ فَجَاءَ غَرِيمٌ يَطْلُبُ الْمَالَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَعُرِضَ خَطُّ الْمَيِّتِ بِحَيْثُ عَرَفَ النَّاسُ خَطَّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ فِي تَرِكَتِهِ إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ خَطُّهُ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بَيْنَ النَّاسِ بِمِثْلِهِ حُجَّةُ اهـ مَا قَالَهُ الْبِيرِيُّ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَيْنِيُّ وَالْبِنَاءُ عَلَى الْعَادَةِ الظَّاهِرَةِ وَاجِبٌ فَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ الْبَيَّاعُ وَجَدْت فِي يادكاري بِخَطِّي أَوْ كَتَبْت فِي يادكاري بِيَدِي أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ كَانَ هَذَا إقْرَارًا مُلْزِمًا إيَّاهُ (قُلْت) وَيُزَادُ أَنَّ الْعَمَلَ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ بِمُوجِبِ الْعُرْفِ لَا بِمُجَرَّدِ الْخَطِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَأَقَرَّهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي بَابِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي حَيْثُ قَالَ وَفِي الْأَشْبَاهِ لَا يُعْمَلُ بِالْخَطِّ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ كِتَابِ الْأَمَانِ وَيَلْحَقُ بِهِ الْبَرَاءَاتُ وَدَفْتَرُ بَيَّاعٍ وَصَرَّافٍ وَسِمْسَارٍ إلَخْ وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ نَقْلًا عَنْ شَيْخِنَا الْمُحَقِّقِ حُجَّةِ اللَّهِ الْبَعْلِيِّ التَّاجِيِّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْأشَبْاهِ مَا نَصُّهُ تَنْبِيهٌ مِثْلُ الْبَرَاءَةِ السُّلْطَانِيَّةِ الدَّفْتَرُ الْخَاقَانِيُّ الْمُعَنْوَنُ بِالطُّرَّةِ السُّلْطَانِيَّةِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ وَلِلْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ عَلَاءِ الدِّينِ الْحَصْكَفِيُّ شَارِحِ التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى رِسَالَةٌ فِي ذَلِكَ حَاصِلُهَا بَعْدَ أَنْ نَقَلَ مَا هُنَا مِنْ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِكِتَابِ الْأَمَانِ وَنَقَلَ جَزْمَ ابْنِ الشِّحْنَةِ وَابْنِ وَهْبَانَ بِالْعَمَلِ بِدَفْتَرِ الصَّرَّافِ وَالْبَيَّاعِ وَالسِّمْسَارِ لِعِلَّةِ أَمْنِ التَّزْوِيرِ. كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَزَّازِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ وَقَاضِي خَانْ وَأَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ فِي الدَّفَاتِرِ السُّلْطَانِيَّةِ أَوْلَى كَمَا يَعْرِفُهُ مَنْ شَاهَدَ أَحْوَالَ أَهَالِيِهَا حِينَ نَقَلَهَا إذْ لَا تُحَرَّرُ أَوَّلًا إلَّا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ ثُمَّ بَعْدَ اتِّفَاقِ الْجَمِّ الْغَفِيرِ عَلَى نَقْلِ مَا فِيهَا مِنْ غَيْرِ تَسَاهُلٍ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ تُعْرَضُ عَلَى الْمُعَيَّنِ لِذَلِكَ فَيَضَعُ خَطَّهُ عَلَيْهَا ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَى الْمُتَوَلِّي لِحِفْظِهَا الْمُسَمَّى بِدَفْتَرٍ أَمِينِيٍّ فَيَكْتُبُ عَلَيْهَا ثُمَّ تُعَادُ أُصُولُهَا إلَى أَمْكِنَتِهَا الْمَحْفُوظَةِ بِالْخَتْمِ

فَالْأَمْنُ مِنْ التَّزْوِيرِ مَقْطُوعٌ بِهِ وَبِذَلِكَ. كُلِّهِ يَعْلَمُ جَمِيعُ أَهْلِ الدَّوْلَةِ وَالْكَتَبَةُ فَلَوْ وُجِدَ فِي الدَّفَاتِرِ أَنَّ الْمَكَانَ الْفُلَانِيَّ وَقْفٌ عَلَى الْمَدْرَسَةِ الْفُلَانِيَّةِ مَثَلًا يُعْمَلُ بِهِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَبِذَلِكَ يُفْتِي مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي بَهْجَةِ عَبْدِ اللَّهِ أَفَنْدِي وَغَيْرِهَا فَلْيُحْفَظْ اهـ مَا نَقَلْتُهُ مِنْ شَرْحِ شَيْخِنَا الْمَذْكُورِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى انْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ ظَاهِرًا وَعَلَيْهِ فَمَا يُوجَدُ فِي دَفَاتِرِ التُّجَّارِ فِي زَمَانِنَا إذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ وَقَدْ حَرَّرَ بِخَطِّهِ مَا عَلَيْهِ فِي دَفْتَرِهِ الَّذِي يَقْرُبُ مِنْ الْيَقِينِ أَنَّهُ لَا يُكْتَبُ فِيهِ عَلَى سَبِيلِ التَّجْرِبَةِ وَالْهَزْلِ يُعْمَلُ بِهِ وَالْعُرْفَ جَارٍ بَيْنَهُمْ بِذَلِكَ فَلَوْ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ لَزِمَ ضَيَاعُ أَمْوَالِ النَّاسِ إذْ غَالِبُ بِيَاعَاتِهِمْ بِلَا شُهُودٍ فَلِهَذِهِ الضَّرُورَةِ جَزَمَ بِهِ الْجَمَاعَةُ الْمَذْكُورُونَ وَأَئِمَّةُ بَلْخِي كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَفَى بِالْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ وَقَاضِي خَانْ قُدْوَةً وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِالْخَطِّ فَلَا يَرِدُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا تَحِلُّ الشَّهَادَةُ بِالْخَطِّ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَامَّةُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ قَدْ تَكُونُ لِلتَّجْرِبَةِ فَإِنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ فِي مَسْأَلَتِنَا مُنْتَفِيَةٌ وَاحْتِمَالُ أَنَّ التَّاجِرَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَدْ دَفَعَ الْمَالَ وَأَبْقَى الْكِتَابَةَ فِي دَفْتَرِهِ بَعِيدٌ جِدًّا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الِاحْتِمَالَ مَوْجُودٌ وَلَوْ كَانَ بِالْمَالِ شُهُودٌ فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَدْ أَوْفَى الْمَالَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الشُّهُودُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّا حَيْثُ قُلْنَا بِالْعَمَلِ بِمَا فِي الدَّفْتَرِ فَذَاكَ فِيمَا عَلَيْهِ. كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَغَيْرِهَا أَمَّا فِيمَا لَهُ عَلَى النَّاسِ فَلَا يَنْبَغِي الْقَوْلُ بِهِ فَلَوْ ادَّعَى بِمَالٍ عَلَى آخَرَ مُسْتَنِدًا لِدَفْتَرِ نَفْسِهِ لَا يُقْبَلُ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ هَذَا وَقَدْ وَقَعَتْ فِي زَمَانِنَا حَادِثَةٌ سُئِلْنَا عَنْهَا فِي تَاجِرٍ لَهُ دَفْتَرٌ عِنْدَ كَاتِبِهِ الذِّمِّيِّ مَاتَ التَّاجِرُ فَادَّعَى عَلَيْهِ آخَرُ بِمَالٍ وَأَنَّهُ مَكْتُوبٌ بِخَطِّ كَاتِبِهِ الذِّمِّيِّ فَكَشَفَ عَلَى الدَّفْتَرِ فَوُجِدَ كَذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ الْمَالَ وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِي فِي الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ خَطَّهُ بَلْ هُوَ خَطُّ كَافِرٍ وَلِكَوْنِ الدَّفْتَرِ لَيْسَ تَحْتَ يَدِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الذِّمِّيَّ كَتَبَهُ بَعْدَ مَوْتِ التَّاجِرِ فَقَدْ وُجِدَتْ فِيهِ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ دَفْتَرُهُ بِخَطِّهِ وَهُوَ مَحْفُوظٌ عِنْدَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَقَدْ رَأَيْت فِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الْحَانُوتِيِّ سُؤَالًا حَاصِلُهُ فِيمَا يَكْتُبُهُ التُّجَّارُ عَلَى أَحْمَالِهِمْ مِنْ الْعَلَامَةِ الدَّالَّةِ عَلَى اسْمِ صَاحِبِهَا هَلْ تَدُلُّ الْعَلَامَةُ عَلَى أَنَّ الْحِمْلَ مِلْكُ صَاحِبِ الْعَلَامَةِ الْجَوَابُ إنْ كَانَ صَاحِبُ الْعَلَامَةِ أَوْ وَكِيلُهُ وَاضِعٌ الْيَدَ عَلَى الْحُمُولِ فَلَا كَلَامَ فِي أَنَّ وَضْعَ الْيَدِ دَلِيلُ الْمِلْكِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا عِبْرَةَ حِينَئِذٍ بِمُجَرَّدِ مَا لَمْ يَثْبُتْ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ خِلَافُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَضْعُ يَدٍ فَالْأَصْلُ أَيْضًا أَنَّ الْحُمُولَ لِصَاحِبِ الِاسْمِ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّهَا لِغَيْرِهِ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَبْلَغٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِذِمَّةِ ابْنِهِ الْبَالِغِ فَأَذِنَ لَهُ بِالْإِنْفَاقِ مِنْهُ عَلَى أَوْلَادٍ آخَرِينَ صِغَارٍ وَعَلَى أُمِّهِمْ وَغَابَ وَأَنْفَقَ الِابْنُ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ قَدْرًا مَعْلُومًا نَفَقَةَ الْمِثْلِ فِي مُدَّةِ غَيْبَةِ أَبِيهِ الْمُحْتَمَلَةِ لِذَلِكَ وَالظَّاهِرُ يُصَدِّقُهُ فِيهَا ثُمَّ حَضَرَ الْأَبُ وَيُرِيدُ احْتِسَابَ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى أَبِيهِ مِنْ مَبْلَغِهِ الْمَزْبُورِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْإِذْنِ وَالْإِنْفَاقِ وَقَدَّرَهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ شَخْصٍ أَذِنَ لِآخَرَ أَنْ يُعْطِيَ زَيْدًا أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِهِ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ فَأَدَّى الْمَأْمُورُ وَغَابَ زَيْدٌ وَأَنْكَرَ الْإِذْنَ وَطَالَبَهُ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الدَّفْعِ فَهَلْ يُلْزَمُ بِذَلِكَ أَجَابَ إنْ كَانَ الْمَالُ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ أَمَانَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ مَغْصُوبًا أَوْ دَيْنًا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) هَلْ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ لَوْ أَقَامَهَا الْمُدَّعِي بَعْدَ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ وَتُقْبَلُ عَلَى مَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الدَّعْوَى قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ لَوْ أَقَامَهَا الْمُدَّعِي بَعْدَ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَامَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو مَالًا فَأَجَابَ بِالْإِنْكَارِ فَأَثْبَتَ ذَلِكَ زَيْدٌ بِالْبَيِّنَةِ وَقَضَى الْقَاضِي بِهِ ثُمَّ ادَّعَى عَمْرٌو أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْهُ فَهَلْ يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَقْبَلُ

قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا فَقَالَ مَا كَانَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي عَلَى أَلْفٍ وَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْقَضَاءِ أَيْ الْإِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَلَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ قُبِلَ بُرْهَانُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ زَيْدٌ بِأَنَّ بِذِمَّتِهِ لِعَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَثَبَتَ إقْرَارُهُ الْمَذْكُورُ لَدَى الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ثُمَّ قَامَ الْآنَ يَدَّعِي إيفَاءَ بَعْضِ الْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي الْأَنْقِرْوِيِّ مِنْ التَّنَاقُضِ عَنْ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ الأسروشنية وَإِنْ ادَّعَى الْإِيفَاءَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ لَا تُقْبَلُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى جَمَاعَةٌ عَلَى زَيْدٍ بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ تَسْتَحِقُّهُ مُوَرِّثَتُهُمْ فُلَانَةُ فَاعْتَرَفَ بِهِ ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ أَقَامَ زَيْدٌ بَيِّنَةً عَلَى دَفْعِهِ الْمَبْلَغَ لِلْمُوَرِّثَةِ قَبْلَ مَوْتِهَا وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيَحْلِفُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيَحْلِفُ لِمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ لَوْ ادَّعَى الْإِيفَاءَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ كِلَا الْقَوْلَيْنِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لَمْ تُقْبَلْ لِلتَّنَاقُضِ وَإِنْ تَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ ادَّعَاهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِيفَاءِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ تُقْبَلُ لِعَدَمِ التَّنَاقُضِ وَنَحْوُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْأَشْبَاهِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهَا وَلَوْ ادَّعَى الْإِيفَاءَ قَبْلَ إقْرَارِهِ لَا تُقْبَلُ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ مِنْ الدَّعْوَى مُفَصَّلًا وَفِي الْمُحِبِّيَّةِ مِنْ الدَّعْوَى لَوْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَيْهِ فَأَقَرْ ... ثُمَّ ادَّعَى الْإِيفَاءَ بَعْدَ ذَا الْخَبَرْ لَمْ تُسْتَمَعْ دَعْوَاهُ لِلتَّنَاقُضِ ... إلَّا إذَا ادَّعَى بِدَفْعٍ عَارِضِ كَأَنْ يَقُولَ كَانَ دَفْعِي بَعْدَ أَنْ ... أَقْرَرْت بَعْدَ بُرْهَةٍ مِنْ الزَّمَنْ أَوْ قَدْ دَفَعْت عَقِبَ التَّفَرُّقِ ... عَنْ مَجْلِسِي فَعِنْدَ ذَاكَ صَدِّقْ (أَقُولُ) هَذِهِ النُّقُولُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ عَدَمُ قَبُولِ الْبَيِّنَةِ كَمَا فِي جَوَابِ السُّؤَالِ الَّذِي قَبْلَهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ ثُلُثَيْ دَارِهِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ ابْنَتِهِ الْبَالِغَةِ وَثُلُثَهَا مِنْ زَوْجَتِهِ بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَبْرَأَهُمَا عَنْهُ إبْرَاءً شَرْعِيًّا فِي صِحَّتِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ الشَّرْعِيِّ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ عَمَّنْ ذَكَرَ وَعَنْ تَرِكَةٍ مُسْتَغْرَقَةٍ بِالدَّيْنِ وَثَبَتَ الْبَيْعُ وَالْإِبْرَاءُ الْمَذْكُورَانِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ ثُبُوتًا شَرْعِيًّا فِي وَجْهِ غَرِيمِ الْمَيِّتِ فَهَلْ يَكُونُ الْإِثْبَاتُ شَرْعِيًّا صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ بِحَضْرَةِ وَارِثِهِ وَذَكَرَ الْوَارِثُ أَنَّ الْمَيِّتَ قَدْ كَانَ بَاعَ هَذَا الْعَيْنَ فِي حَيَاتِهِ مِنْ فُلَانٍ كَانَ دَفْعًا صَحِيحًا حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ تَنْدَفِعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي مُحِيطٌ بُرْهَانِيٌّ فِي الدَّعْوَى مِنْ فَصْلِ الْمُتَفَرِّقَاتِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى الْمَدْيُونُ الْإِيصَالَ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَطَلَبَ يَمِينَهُ فَقَالَ الْمُدَّعِي اجْعَلْ حَقِّي فِي الْخَتْمِ بِمَعْنَى أَحْضِرْ حَقِّي ثُمَّ اسْتَحْلِفْنِي فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ فِي زَمَانِنَا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الدَّعْوَى. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَمْلُوكًا بَالِغًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَتَسَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي وَبَقِيَ عِنْدَهُ أَيَّامًا ثُمَّ إنَّ الْمَمْلُوكَ يُرِيدُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى سَيِّدِهِ زَيْدٍ بِأَنَّ عَمْرًا أَعْتَقَهُ حِينَ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ فِي وَقْتِ كَذَا وَلَهُ بَيِّنَةٌ شَرْعِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ تُقْبَلُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ بَاعَ عَبْدًا وَدَفَعَهُ إلَى الْمُشْتَرَى وَقَبَضَ ثَمَنَهُ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَذَهَبَ بِهِ إلَى مَنْزِلِهِ وَالْعَبْدُ سَاكِتٌ وَهُوَ مِمَّنْ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَهَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ بِالرِّقِّ؛ لِأَنَّهُ انْقَادَ لِلْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ وَلَا يَثْبُتُ ذَلِكَ شَرْعًا إلَّا فِي الرَّقِيقِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَسْعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ وَالتَّنَاقُضُ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ أَطْلِقْ الْحُرِّيَّةَ فَشَمِلَ الْأَصْلِيَّةَ وَالْعَارِضَةَ لِخَفَاءِ حَالِ الْعُلُوقِ فَإِنَّ الْوَلَدَ يُجْلَبُ صَغِيرًا مِنْ دَارٍ إلَى دَارٍ وَيَنْفَرِدُ الْمَوْلَى بِالْإِعْتَاقِ إلَخْ الْبَحْرُ الرَّائِقُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ وَتَمَامُ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْحَادِيَ عَشَرَ

مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ فِي دَعْوَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَامَ مِنْ آخَرَ عَيْنًا بِيَدِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ تِلْكَ الْعَيْنَ لَهُ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا تُسْمَعُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْمُسَاوَمَةِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ زَيْدٌ فِي صِحَّتِهِ وَسَلَامَتِهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ يَسْتَحِقُّ وَلَا يَسْتَوْجِبُ قَبْلَ عَمْرٍو حَقًّا مُطْلَقًا مِنْ سَائِرِ الْحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ وَأَبْرَأَ ذِمَّتَهُ إبْرَاءً عَامًّا مِنْ كُلِّ حَقٍّ وَدَعْوَى شَرْعِيَّيْنِ قَامَ زَيْدٌ الْآنَ يُرِيدُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى عَمْرٍو بِشَيْءٍ سَابِقٍ عَلَى تَارِيخِ الْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاءِ الْعَامَّيْنِ وَيُحَلِّفُهُ عَلَيْهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ وَبِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الْحَانُوتِيُّ وَلِلشُّرُنْبُلَالِيِّ رِسَالَةٌ فِي ذَلِكَ سَمَّاهَا تَنْقِيحَ الْأَحْكَامِ فِي حُكْمِ الْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاءِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ وَأَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ إذَا لَمْ يُثْبِتْ الْمُقِرُّ بِالْبَرَاءَةِ أَنَّ تَارِيخَ مَا ادَّعَى بِهِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ تَارِيخِ الْبَرَاءَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَأَجَابَ عَنْ الْمِكَاسِ إذَا أَشْهَدَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى زَيْدٍ مَكْسَ كَذَا وَكَذَا وَكَذَا وَلَا كَذَا وَلَا غَيْرِهِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا فَتَمَسَّكَ بِقَوْلِهِ وَلَا غَيْرِهِ فَقَالَ الْمَكَّاسُ أَرَدْتُ وَلَا غَيْرِهِ مِنْ الْمُكُوسِ خَاصَّةً بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُدَّعِي مَعَ يَمِينِهِ أَنَّ الَّذِي ادَّعَى بِهِ غَيْرُ الْمَكْسِ وَأَنَّ قَوْلَهُ وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ بَيَانٌ لِلْمَكْسِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُجْمِلُ وَالْمُبْرِئُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ مِنْ بَابِ الْقَضَاءِ. وَصُورَةُ فَتْوَى الْحَانُوتِيِّ مَا نَصُّهُ فِيمَنْ أَبْرَأَ عَامًّا هَلْ لَهُ دَعْوَى بِشَيْءٍ سَابِقٍ أَمْ لَا أَجَابَ حَيْثُ أَبْرَأَ عَامًّا مُشْتَمِلًا عَلَى الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ حَقًّا مُطْلَقًا وَلَا اسْتِحْقَاقًا وَلَا دَعْوَى لَيْسَ لَهُ الدَّعْوَى بِشَيْءٍ سَابِقٍ عَلَى الْبَرَاءَةِ الْمَذْكُورَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقَعْ بِلَفْظِ الْإِقْرَارِ بِعَدَمِ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى وَجْهِ النَّفْيِ بَلْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ عَنْ الْمَالِ أَوْ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْأَعْيَانِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّعْوَى كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الْفُصُولِ نَقْلًا عَنْ قَاضِي خَانْ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي نَوْعٍ فِي الْمُسَاوَمَةِ وَفِي الْعِدَّةِ أَبْرَأَهُ عَنْ الدَّعَاوَى ثُمَّ ادَّعَى مَالًا بِالْإِرْثِ إنْ كَانَ مَوْتُ مُوَرِّثِهِ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ صَحَّ وَتَبْطُلُ الدَّعْوَى وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّعَاوَى وَلَمْ يَذْكُرْ كُلٌّ مِنْهُمَا جَوَابَ الشَّرْطِ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِ مُوَرِّثِهِ فَكَانَتْ وَصْلِيَّةً فَيَقْتَضِي أَنَّ الشَّرْطَ أَنْ يَكُونَ مَوْتُ الْمُوَرِّثِ سَابِقًا عَنْ الْإِبْرَاءِ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُبْرِئُ بِالْمَوْتِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. لَكِنْ قَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْبَزَّازِيَّةِ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَكْثَرَ مِنْ كُرَّاسٍ فِي الرَّابِعَ عَشَرَ فِي دَعْوَى الْإِبْرَاءِ وَالصُّلْحِ جَوَابَ الشَّرْطِ وَلَمْ يَجْعَلْ أَدَاةَ الشَّرْطِ وَصْلِيَّةً حَيْثُ قَالَ أَبْرَأَهُ عَنْ الدَّعَاوَى ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ إرْثًا عَنْ أَبِيهِ إنْ كَانَ مَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ مَوْتَهُ وَقْتَ الْإِبْرَاءِ يَصِحُّ فَقَدْ أَتَى بِقَوْلِهِ يَصِحُّ الَّذِي هُوَ جَوَابُ الشَّرْطِ وَلَمْ يَجْعَلْ الْأَدَاةَ وَصْلِيَّةً كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَالَ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ مَا نَصُّهُ وَفِي دَعْوَى فَتَاوَى قَاضِي خَانْ اتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ قَالَ لَا دَعْوَى لِي قِبَلَ فُلَانٍ وَلَا خُصُومَةَ لِي قَبْلَهُ يَصِحُّ حَتَّى لَا تُسْمَعَ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا فِي حَقٍّ حَادِثٍ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ وَلَوْ قَالَ بَرِئْتُ مِنْ دَعْوَايَ فِي هَذِهِ الدَّارِ يَصِحُّ وَلَا يَبْقَى لَهُ حَقٌّ فِيهَا وَلَوْ قَالَ بَرِئْتُ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ كَانَ بَرِيئًا مِنْهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ خَرَجْتُ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَهُ. وَقَالَ فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ سُئِلَ إذَا أَقَرَّ شَخْصٌ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى فُلَانٍ حَقًّا وَلَا يَمِينًا بِاَللَّهِ تَعَالَى لِمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ وَإِلَى تَارِيخِهِ ثُمَّ ادَّعَى الْمُقِرُّ بِدَعْوَى مَاضِيَةٍ فَطَلَبَ يَمِينَهُ هَلْ يَحْلِفُ أَجَابَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ بَعْدَ صِحَّةِ الدَّعْوَى. وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْبَحْرِ فِي صُلْحِ الْوَرَثَةِ وَنَصُّهُ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ لَا حَقَّ لِي قِبَلَ فُلَانٍ كُلُّ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ وَكُلُّ كَفَالَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ أَوْ إجَارَةٍ فَإِنْ ادَّعَى الطَّالِبُ قَبْلَ ذَلِكَ حَقًّا لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ؛ لِأَنَّهُ بِهَذَا اللَّفْظِ اسْتَفَادَ الْبَرَاءَةَ عَلَى الْعُمُومِ وَكَذَا إذَا قَالَ لَا مِلْكَ

لِي فِي هَذَا الْعَيْنِ كَمَا فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ الْمَبْسُوطِ فَانْظُرْ إلَى هَذِهِ النُّقُولِ عَنْ هَذِهِ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ خُصُوصًا مَا نَقَلَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ عَنْ قَاضِي خَانْ بِقَوْلِهِ وَقَدْ اتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى تِلْكَ النُّقُولِ الْمُعْتَبَرَةِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ مَا يُبْطِلُ الدَّعْوَى بِقَوْلِهِ لَوْ مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ وَقَسَّمُوا التَّرِكَةَ بَيْنَهُمْ وَأَبْرَأَ كُلٌّ مِنْهُمْ صَاحِبَهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ إرْثًا عَنْ الْمَيِّتِ تَصِحُّ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مُنَافٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَقَعَتْ الْبَرَاءَةُ عَنْ الدَّعَاوَى ثُمَّ ادَّعَى مَالًا بِالْإِرْثِ فَإِنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ بِمَوْتِ الْمُوَرِّثِ صَحَّ وَتَبْطُلُ الدَّعْوَى فَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَلَوْ ادَّعَى إرْثًا حَيْثُ عَلِمَ بِمَوْتِ الْمُوَرِّثِ قَبْلَ الْبَرَاءَةِ. نَعَمْ يَخْرُجُ كَلَامُ الْقُنْيَةِ بِقَوْلِنَا أَوَّلًا إذَا وَقَعَتْ الْبَرَاءَةُ عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ وَكَانَتْ مُشْتَمِلَةً عَلَى الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ حَقًّا مُطْلَقًا إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ وَمَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ الْإِنْشَاءِ وَهُوَ الْإِبْرَاءُ وَكَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا بِقَوْلِهِمْ وَصِيُّ الْمَيِّتِ إذَا دَفَعَ مَا كَانَ فِي يَدِهِ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ إلَى وَلَدِ الْمَيِّتِ وَأَشْهَدَ الْوَلَدُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَبَضَ تَرِكَةَ وَالِدِهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ مِنْهَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ إلَّا اسْتَوْفَاهُ ثُمَّ ادَّعَى فِي يَدِ الْوَصِيِّ شَيْئًا وَقَالَ هَذَا مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِي وَأَقَامَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ جَوَابُهُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ الْإِقْرَارُ عَلَى الْعُمُومِ الْمُطْلَقِ إنَّمَا عَمَّمَ فِي تَرِكَةِ وَالِدِهِ حَيْثُ قَالَ لَمْ يَبْقَ لَهُ مِنْهَا أَيْ مِنْ التَّرِكَةِ وَلَمْ يَأْتِ بِالْعُمُومِ مُطْلَقًا وَلِذَا قَالَ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ فِي الْوَصِيَّةِ أَشْهَدَ الْيَتِيمَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ الْوَصِيِّ تَرِكَةَ وَالِدِهِ إلَخْ وَلَمْ يُعَمِّمْ بَلْ خَصَّصَ فِي تَرِكَةِ وَالِدِهِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَقَدْ جَعَلَ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ لِابْنِ نُجَيْمٍ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ حَيْثُ قَالَ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ إلَّا ضَمَانَ الدَّرْكِ. ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا إذَا أَبْرَأَ الْوَارِثُ الْوَصِيَّ إبْرَاءً عَامًّا وَقَدْ أَوْسَعَ فِي ذَلِكَ وَعَلَى مَا قَرَّرْنَا الْإِبْرَاءَ الْعَامَّ بِأَنْ يَكُونَ الْعُمُومُ مُطْلَقًا لَا مِنْ جِهَةِ التَّرِكَةِ وَلَا غَيْرِهَا لَا يَحْتَاجُ إلَى جَعْلِهَا مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ؛ لِأَنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى جَعْلِهَا مِنْ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكَلَامِ مِنْ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَلَوْ كَانَتْ بِالْإِرْثِ حَيْثُ عَلِمَ بِمَوْتِ الْمُوَرِّثِ إلَّا أَنْ تُخَصَّ الْمَسْأَلَةُ الْمُسْتَثْنَاةُ بِمَسْأَلَةِ الْوَصِيِّ دُونَ الْوَارِثِ تَأَمَّلْ (قُلْت) وَذَلِكَ كُلُّهُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْبَرَاءَةُ وَالْإِقْرَارُ بَعْدَ دَعْوَى شَيْءٍ خَاصٍّ وَلَمْ يُعَمِّمْ بِأَنْ يَقُولَ أَيَّةَ دَعْوَى كَانَتْ أَوْ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا بَعْدَ كَلَامِهِ السَّابِقِ بِقَوْلِهِ وَفِي الْمُنْيَةِ ادَّعَى عَلَيْهِ دَعَاوَى مُعَيَّنَةً ثُمَّ صَالَحَهُ وَأَقَرَّ أَنَّهُ لَا دَعْوَى لَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا آخَرَ تُسْمَعُ وَحَمَلَ إقْرَارَهُ عَلَى الدَّعْوَى الْأُولَى إلَّا إذَا عَمَّمَ وَقَالَ أَيَّةَ دَعْوَى كَانَتْ أَوْ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَمِمَّا يَدُلُّك عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُمُومِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ أَيَّةَ دَعْوَى كَانَتْ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا فِي الصُّلْحِ فِي نَوْعٍ فِيمَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ مَا نَصُّهُ ادَّعَى دَيْنًا أَوْ عَيْنًا عَلَى آخَرَ وَصَالَحَهُ عَلَى بَدَلٍ وَكَتَبَا بِذَلِكَ وَثِيقَةَ الصُّلْحِ وَذَكَرَا فِيهَا صَالَحَا عَنْ هَذِهِ الدَّعْوَى عَلَى كَذَا وَلَمْ يَبْقَ لِهَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى وَلَا خُصُومَةٌ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ ثُمَّ جَاءَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي عَلَيْهِ بَعْدَ الصُّلْحِ بِدَعْوَى أُخْرَى بِأَنْ كَانَتْ الْمُدَّعِيَةُ مَثَلًا امْرَأَةً ادَّعَتْ دَارًا وَجَرَى الْحَالُ كَمَا ذُكِرَ ثُمَّ جَاءَتْ الْمَرْأَةُ تَطْلُبُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَيْنًا بِالْمَهْرِ لَا تُسْمَعُ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ عَنْ الدَّعْوَى ذُكِرَتْ مُطْلَقَةً أَيْ عَامَّةً حَيْثُ قَالَ وَلَا خُصُومَةَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَلَا مَانِعٍ مِنْ أَنْ يَدَّعِيَ وَاحِدًا وَيُصَالِحَ عَنْهُ وَعَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى تَأَمَّلْ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْعُمُومِ أَنْ يَأْتِيَ بِشَيْءٍ زَائِدٍ عَلَى قَوْلِهِ لَا دَعْوَى لَهُ حَيْثُ قَالَ وَلَا خُصُومَةَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَإِنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ مُفِيدًا لِلْعُمُومِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ مَعْنَى أَيَّةِ دَعْوَى كَانَتْ. وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ انْدَفَعَ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ التَّنَاقُضِ بَيْنَ كَلَامِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمُصَرِّحِينَ بِعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ الْمُطْلَقِ هُمْ الْمُصَرِّحُونَ بِسَمَاعِهَا بَعْدَ إبْرَاءِ الْوَارِثِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ فِي مَحَالَّ مُخْتَلِفَةٍ فَلَوْلَا هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لَكَانَ التَّنَاقُضُ وَاقِعًا بَيْنَ كَلَامِهِمْ أَجْمَعِينَ (أَقُولُ)

وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى مَسْأَلَةِ دَعْوَى الْوَارِثِ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالِاسْتِيفَاءِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ زَيْدٌ فِي صِحَّتِهِ وَسَلَامَتِهِ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَ عَمْرٍو مِنْ الْحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ مُطْلَقًا ثُمَّ أَرَادَ الْآنَ الدَّعْوَى عَلَى عَمْرٍو بِكَفَالَةٍ سَابِقَةٍ عَلَى الْإِقْرَارِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى زَيْدٍ بِذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَدْخُلُ فِي الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ الْمَذْكُورِ الْكَفَالَةُ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبَحْرِ كَمَا بَسَطَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِسَالَتِهِ: تَنْقِيحُ الْأَحْكَامِ فِي حُكْمِ الْإِبْرَاءِ وَالْإِقْرَارِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ نَاقِلًا عَنْ الْمَبْسُوطِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ رَقِيقَهُ الْبَالِغَ مِنْ عَمْرٍو بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالرَّقِيقُ مُنْقَادٌ لِلرِّقِّ وَالْبَيْعِ قَامَ الْبَائِعُ الْآنَ يَدَّعِي عِتْقَ الرَّقِيقِ قَبْلَ بَيْعِهِ لَهُ وَالرَّقِيقُ لَمْ يَدَّعِهِ فَهَلْ دَعْوَى الْعَبْدِ شَرْطٌ فِي الْعِتْقِ الْعَارِضِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْعَبْدُ إذَا ادَّعَى حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ ثُمَّ الْعِتْقَ الْعَارِضَ تُسْمَعُ وَالتَّنَاقُضُ لَا يَمْنَعُ الصِّحَّةَ وَفِي حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ لَا تُشْتَرَطُ الدَّعْوَى وَفِي الْإِعْتَاقِ الْمُبْتَدَأِ تُشْتَرَطُ الدَّعْوَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ دَعْوَى الْأَمَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ خُلَاصَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي دَعْوَى الْعِتْقِ وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الدَّعْوَى تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِدُونِ الدَّعْوَى فِي طَلَاقِ الْمَرْأَةِ وَعِتْقِ الْأَمَةِ وَالْوَقْفِ وَهِلَالِ رَمَضَانَ إلَى أَنْ قَالَ وَلَا تُقْبَلُ فِي عِتْقِ الْعَبْدِ بِدُونِ الدَّعْوَى خِلَافًا لَهُمَا وَاخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِهِ فِي الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ وَالْمُعْتَمَدُ لَا اهـ قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ لَا أَيْ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ بِيرِيٌّ وَقَالَ الْحَمَوِيُّ تَحْتَ قَوْلِهِ وَالْمُعْتَمَدُ لَا. (أَقُولُ) نَقَلَ صَاحِبُ الْعِمَادِيَّةِ عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الشَّهَادَةِ الْقَائِمَةِ عَلَى الْعِتْقِ مِنْ جِهَةِ الْمَوْلَى وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ أَنَّهَا تُقْبَلُ بِدُونِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بِحُرِّيَّةِ أُمِّهِ فَهِيَ شَهَادَةٌ بِحُرْمَةِ الْفَرْجِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ صَاحِبِ الْمُحِيطِ أَنَّهُ حَكَى فِي شَرْحِهِ لِلْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ الصَّحِيحَ اشْتِرَاطُ الدَّعْوَى فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ كَمَا فِي الْعِتْقِ الْعَارِضِ وَأَنَّ التَّنَاقُضَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى وَلَا صِحَّةَ الشَّهَادَةِ فِيهَا اهـ وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الدَّعْوَى أَيْضًا الشَّهَادَةُ بِحُرِّيَّةِ الْعَبْدِ بِدُونِ دَعْوَاهُ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْإِمَامِ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ إلَى أَنْ قَالَ وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُ اشْتِرَاطُ دَعْوَاهُ فِي الْعَارِضَةِ وَالْأَصْلِيَّةِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْإِعْتَاقِ مِنْ غَيْرِ الْعَبْدِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ إلَخْ وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ حَيْثُ اعْتَرَفَ الْعَبْدُ بِالْعُبُودِيَّةِ لِسَيِّدِهِ يَكُونُ عَبْدًا لَهُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْمُنَازِعِ إنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ مَعَ عَدَمِ دَعْوَى الْعَبْدِ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُرِّيَّةَ الْعَبْدِ لَا تَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ دَعْوَاهُ وَلَا تَجُوزُ فِيهَا دَعْوَى الْحِسْبَةِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ. وَأَمَّا إذَا رَجَعَ الْعَبْدُ عَنْ دَعْوَى الْعُبُودِيَّةِ وَادَّعَى الْحُرِّيَّةَ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِدُونِ بَيِّنَةٍ نَعَمْ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً تُسْمَعُ وَلَا يَمْنَعُ التَّنَاقُضَ بَيْنَ قَوْلِهِ أَنَا عَبْدٌ ثُمَّ دَعْوَاهُ الْحُرِّيَّةَ وَإِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ كَمَا فِي الْفَصْلِ الْأَرْبَعِينَ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ أَوْدَعَتْ عِنْدَ ابْنَتِهَا الْبَالِغَةِ دَنَانِيرَ مَعْلُومَةً فَتَسَلَّمَتْهَا مِنْهَا وَحَفِظَتْهَا لَهَا إلَى أَنْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ ابْنَتِهَا الْمَزْبُورَةِ وَعَنْ ابْنٍ قَامَتْ الْبِنْتُ تَدَّعِي حِصَّةً فِي الْوَدِيعَةِ مِلْكًا لَهَا غَيْرَ الْإِرْثِ فَهَلْ يَكُونُ مَا ذُكِرَ مَانِعًا مِنْ دَعْوَاهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الِاسْتِيدَاعُ يَمْنَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ مُسْتَغْرَقَةٍ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ لِجَمَاعَةٍ وَيُرِيدُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَدَاءَ دَيْنِهِ لِيَبْقَى لَهُ مِنْ التَّرِكَةِ شَيْءٌ بِحَسَبِ مَا يَنُوبُ حِصَّتَهُ مِنْهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَجَازَ لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ اسْتِخْلَاصُ الْعَيْنِ مِنْ التَّرِكَةِ بِأَدَاءِ قِيمَتِهِ إلَى الْغُرَمَاءِ فُصُولَيْنِ فِي 28 وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَأَفْتَى بِمِثْلِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ مِنْ الدَّعْوَى قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ إذَا جَاءَ الْغَرِيمُ وَادَّعَى الدَّيْنَ فَالْخَصْمُ هُوَ الْوَارِثُ وَلِلْوَرَثَةِ اسْتِخْلَاصُ التَّرِكَةِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ

وَكَذَا لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ إذَا امْتَنَعَ الْبَاقُونَ وَلَوْ امْتَنَعَ الْكُلُّ عَنْ الِاسْتِخْلَاصِ لَا يُجْبَرُونَ وَلَكِنَّ الْقَاضِيَ يُنَصِّبُ وَصِيًّا بِيرِيٌّ عَلَى الْأَشْبَاهِ قُبَيْلَ الْكَفَالَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ رَجُلٌ آخَرَ فِي كِتَابَةِ أَشْيَاءَ عِنْدَ حَاكِمٍ عُرِفَ فَصَارَ يَكْتُبُهَا وَيَأْخُذُ دَرَاهِمَ مِنْ النَّاسِ غَيْرِ شَرْعِيَّةٍ مُسَمَّاةٍ بِالرُّسُومَاتِ وَيَدْفَعُهَا آخِرَ السَّنَةِ لِمُوَكِّلِهِ وَيَزْعُمُ مُوَكِّلُهُ أَنَّهُ قَبَضَ دَرَاهِمَ مِنْ النَّاسِ أَزْيَدَ مِمَّا دَفَعَهُ لَهُ وَيُرِيدُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَأَخْذَهُ مِنْهُ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ الدَّعْوَى لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْلُومِ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرَ سَبَبَ وُجُوبِهَا وَالْمَالُ الْمُدَّعَى لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي حَتَّى يَحْكُمَ الْحَاكِمُ بِهِ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَذِكْرِ سَبَبِ وُجُوبِهِ إذْ هُوَ مَالُ النَّاسِ فَحَقُّ الطَّلَبِ لَهُمْ لَا لَهُ وَرُكْنُ الدَّعْوَى أَنْ يُضِيفَ الْحَقَّ إلَى نَفْسِهِ إنْ كَانَ أَصِيلًا فَكَيْفَ يُضِيفُهُ إلَى نَفْسِهِ وَهُوَ لِلنَّاسِ وَلَمْ يَكُنْ وَكِيلًا عَنْهُمْ وَهُوَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ حِسْبَةً عَنْ أَرْبَابِهِ لِمَا فِي الْأَشْبَاهِ أَنَّ لَنَا شَاهِدَ حِسْبَةٍ وَلَيْسَ لَنَا مُدَّعِي حِسْبَةٍ وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِهِ فِي دَعْوَى الْمُسْتَنِيبِ فِي الْمَحْصُولِ الْعَلَّامَةُ خَيْرُ الدِّينِ كَمَا فِي فَتَاوَاهُ مِنْ الدَّعْوَى نَقْلًا عَنْ شَيْخِهِ الْعَلَّامَةِ الشَّمْسِ الْحَانُوتِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ أَرْضٌ حَامِلَةٌ لِغِرَاسٍ فَزَارَعَ عَمْرًا عَلَيْهَا مُدَّةَ مُزَارَعَةٍ شَرْعِيَّةٍ بَعْدَمَا سَاقَاهُ عَلَى الْغِرَاسِ الْمَرْقُومِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ مُسَاقَاةً شَرْعِيَّةً وَالْآنَ قَامَ عَمْرٌو يَدَّعِي أَنَّ الْغِرَاسَ وَالْأَرْضَ لَهُ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمَزْبُورَةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا تُسْمَعُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ وَسَاقَى عَلَى جَمِيعِ الْأَشْجَارِ الَّتِي بِالْغَيْطِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمِلْكِيَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْجَارِ بَعْدَ ذَلِكَ لِلتَّنَاقُضِ وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَى التَّمْلِيكِ لِمَا فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ الْفُصُولِ لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِيَ آجَرَ نَفْسَهُ مِنِّي لِيَعْمَلَ فِي الْكَرْمِ يَكُونُ دَفْعًا وَيَكُونُ إقْرَارًا مِنْ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكَهُ اهـ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ السَّابِعِ لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِيَ آجَرَ نَفْسَهُ مِنِّي لِيَعْمَلَ فِي الْكَرْمِ يَكُونُ دَفْعًا وَيَكُونُ إقْرَارًا مِنْ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكَهُ وَكَذَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِيَ اسْتَأْجَرَ مِنِّي هَذِهِ الدَّارَ أَوْ أَخَذَ هَذِهِ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً يَكُونُ دَفْعًا اهـ وَفِي الدُّرَرِ وَالْمُسَاقَاةُ إجَارَةٌ مَعْنًى كَالْمُزَارَعَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بِذِمَّةِ عَمْرٍو مَبْلَغٌ دَرَاهِمُ دَيْنٍ شَرْعِيٍّ مَعْلُومٍ وَلِعَمْرٍو بِذِمَّةِ بَكْرٍ دَيْنٌ أَيْضًا يُرِيدُ زَيْدٌ أَخْذَ دَيْنِ عَمْرٍو مِنْ بَكْرٍ بِدُونِ وَكَالَةٍ عَنْ عَمْرٍو وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْأَقْضِيَةِ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَدْيُونِ مَدْيُونِهِ لَا تُقْبَلُ وَلَا يَمْلِكُ أَخْذَ الدَّيْنِ مِنْهُ خُلَاصَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الْمَرْقُومِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ أَبٍ وَزَوْجٍ وَابْنٍ صَغِيرٍ مِنْهُ فَدَفَنَ الْأَبُ مَعَهَا أَمْتِعَةً مِنْ أَمْتِعَتِهَا بِدُونِ إذْنِ الزَّوْجِ وَتَلِفَتْ الْأَمْتِعَةُ فَهَلْ يَضْمَنُ الْأَبُ حِصَّةَ الزَّوْجِ وَالِابْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الدَّعْوَى. (سُئِلَ) فِي أَحَدِ الْوَرَثَةِ إذَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ قَبْلَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى أَعْيَانٍ مَعْلُومَةٍ أَنَّهُ تَرَكَ حَقَّهُ مِنْ الْإِرْثِ وَأَسْقَطَهُ وَأَبْرَأَ ذِمَّةَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ مِنْهَا وَيُرِيدُ الْآنَ مُطَالَبَةَ حَقِّهِ مِنْ الْإِرْثِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : الْإِرْثُ جَبْرِيٌّ لَا يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ وَقَدْ أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ كَمَا هُوَ مُحَرَّرٌ فِي فَتَاوَاهُ مِنْ الْإِقْرَارِ نَقْلًا عَنْ الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ جَمَلٌ عِنْدَ عَمْرٍو وَعَلَى سَبِيلِ الْأَمَانَةِ فَقَالَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو أَبْرَأْتُك عَنْ الْجَمَلِ فَهَلْ يَكُونُ الْإِبْرَاءُ الْمَزْبُورُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : الْإِبْرَاءُ عَنْ الْأَعْيَانِ لَا يَجُوزُ كَمَا فِي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ مِنْ الصُّلْحِ وَمِثْلُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَالْعَلَائِيِّ وَالْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الدَّعْوَى وَقَدْ حَقَّقَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَتِهِ تَنْقِيحِ الْأَحْكَامِ وَالْبِيرِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ فِي الْقَوْلِ فِي الدَّيْنِ وَفِي لِسَانِ الْحُكَّامِ مِنْ الْفَصْلِ السَّادِسِ فِي الْإِقْرَارِ مَا نَصُّهُ وَفِي الْمَنْبَعِ الْإِبْرَاءُ عَنْ الْأَعْيَانِ

لَا يَصِحُّ اهـ وَتَمَامُ الْفَوَائِدِ فِيهِ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى بُيُوتٍ وَمَسَاكِنَ وَسَاحَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لِلِارْتِفَاقِ لِزَيْدٍ فِيهَا بُيُوتٌ وَلِعَمْرٍو فِيهَا بَيْتٌ وَاحِدٌ فَهَلْ تَكُونُ السَّاحَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَذُو بَيْتٍ مِنْ دَارٍ كَذِي بُيُوتٍ فِي حَقِّ سَاحَتِهَا فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ تَنْوِيرٌ مِنْ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ (أَقُولُ) وَهَذَا بِخِلَافِ الشُّرْبِ إذَا تَنَازَعُوا فِيهِ فَإِنَّهُ بِقَدْرِ الْأَرْضِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ أَيْضًا فَعِنْدَ كَثْرَةِ الْأَرَاضِي تَكْثُرُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الْأَرَاضِي بِخِلَافِ الِانْتِفَاعِ بِالسَّاحَةِ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْلَاكِ كَالْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ كَذَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلزَّيْلَعِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ اخْتِلَافُ أَصْحَابِ الْبُيُوتِ فِي سَاحَةِ الدَّارِ وَلَا بَيِّنَةَ تُقْسَمُ السَّاحَةُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ فَمَنْ كَانَ لَهُ بَيْتٌ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ يُسَاوِي مَنْ كَانَ لَهُ مِنْهَا عَشَرَةُ بُيُوتٍ مَثَلًا؛ لِأَنَّ انْتِفَاعَ صَاحِبِ الْبَيْتِ بِالسَّاحَةِ كَانْتِفَاعِ صَاحِبِ الْعَشَرَةِ فَكَثْرَةُ بُيُوتِ أَحَدِهِمَا لَا يَسْتَلْزِمُ اسْتِحْقَاقَهُ فِي السَّاحَةِ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَفُوا فِي شِرْبِ الْأَرَاضِي وَلَا بَيِّنَةَ فَإِنَّهُ يَقْسِمُ الشِّرْبَ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ الْأَرَاضِي لَا عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ؛ لِأَنَّ احْتِيَاجَ صَاحِبِ الْأَرَاضِي الْمُتَعَدِّدَةِ إلَى الشِّرْبِ أَكْثَرُ مِنْ احْتِيَاجِ غَيْرِهِ فَيَقْسِمُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَرَاضِيهِمْ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ كُلَّ أَرْضٍ لَهَا شِرْبٌ يَخُصُّهَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي وَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ عِنْدَ عَدَمِ ظُهُورِ الْحَالِ كَمَا لَوْ كَانَتْ دَارٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى عَشَرَةِ بُيُوتٍ مَثَلًا لِوَاحِدٍ مِنْهَا بَيْتٌ وَاحِدٌ وَلِآخَرَ تِسْعَةٌ وَتَنَازَعَا فِي سَاحَتِهَا تُجْعَلُ السَّاحَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْحَاجَةِ كَمَا قُلْنَا فَلَوْ بَاعَ الْآخَرُ بُيُوتَهُ التِّسْعَةَ مِنْ تِسْعَةِ رِجَالٍ لِكُلِّ رَجُلٍ بَيْتًا كَانَ نِصْفُ السَّاحَةِ الَّذِي كَانَ لِلْبَائِعِ مُنْقَسِمًا أَتْسَاعًا بَيْنَهُمْ وَيَبْقَى النِّصْفُ لَلشَّرِيكِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ مِلْكُهُ لِهَذَا النِّصْفِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَا يَزُولُ مِنْهُ شَيْءٌ بِبَيْعِ شَرِيكِهِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ الشَّرِيكُ الْأَوَّلُ صَاحِبُ الْبَيْتِ عَنْ عِشْرِينَ وَلَدًا مَثَلًا لَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِمْ إلَّا مَا كَانَ يَمْلِكُهُ مُوَرِّثُهُمْ وَهُوَ نِصْفُ السَّاحَةِ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الدَّارُ كُلُّهَا لِرَجُلٍ وَاحِدٍ فَمَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ تَكُونُ السَّاحَةُ عَلَى قَدْرِ إرْثِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَا عَلَى قَدْرِ رُءُوسِهِمْ وَكَذَا يُقَالُ فِي شِرْبِ الْأَرَاضِيِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي تَفَقُّهًا وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا صَرِيحًا وَلَكِنَّ الْقَوَاعِدَ تَقْتَضِيهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي الْمُسْتَأْجِرِ هَلْ يَصْلُحُ خَصْمًا فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ فِي الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَصْلُحُ خَصْمًا فِي ذَلِكَ لِمَا فِي التَّتِمَّةِ الْمُسْتَأْجِرُ لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَلَا فِي إثْبَاتِ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ إلَّا إذَا ادَّعَى الْفِعْلَ عَلَيْهِ اهـ وَقَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْمُسْتَأْجِرُ لَا يَكُونُ خَصْمًا لِمُدَّعِي الْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى مَالِكِ الْعَيْنِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ مَالِكُ الْعَيْنِ. اهـ. وَصَحَّحَهُ السَّرَخْسِيُّ وَمَالَ الطَّوَاوِيسِيُّ وَالْبَزْدَوِيُّ إلَى أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الثَّانِيَ يَنْتَصِبُ خَصْمًا لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَمَا صَحَّحَهُ السَّرَخْسِيُّ هُوَ فَتْوَى ظَهِيرِ الدِّينِ كَذَا فِي شَرْحِ النَّظْمِ الْوَهْبَانِيِّ وَنُقِلَ عَنْ الصُّغْرَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَكُونُ خَصْمًا لِلْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي آجَرَ ثُمَّ بَاعَ وَسَلَّمَ تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ الْآجِرُ غَائِبًا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَدَّعِي الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ فَكَانَ خَصْمًا لِكُلِّ مَنْ يَدَّعِي حَقًّا فِيهِ وَكَذَا الرَّهْنُ إذَا أَخَذَهُ الرَّاهِنُ وَبَاعَهُ فَالْمُرْتَهِنُ يُخَاصِمُ الشَّارِيَ وَإِنْ غَابَ الرَّاهِنُ لِمَا قُلْنَا اهـ لَكِنْ نَقَلَ بَعْدَهُ مَا يُوَافِقُ مَا عَنْ الصُّغْرَى حَيْثُ قَالَ وَفِي الذَّخِيرَةِ بَاعَ مِنْ آخَرَ شَيْئًا فَادَّعَى ثَالِثٌ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ آجَرَ مِنْهُ أَوْ رَهَنَهُ الْبَيْعَ لَا يُقْبَلُ حَتَّى يَحْضُرَ الْبَائِعُ فَإِذَا حَضَرَ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ الْآنَ قَبْلُ فَلْيُتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى مِنَحٌ مُلَخَّصًا مِنْ بَابِ فَسْخِ الْإِجَارَةِ (أَقُولُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي شَيْئَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ غَائِبٍ هَلْ يَصْلُحُ خَصْمًا لِمَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْعَيْنَ مِنْ الْمَالِكِ قَبْلَهُ أَوْ ارْتَهَنَهَا

أَوْ اشْتَرَاهَا وَالثَّانِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْ غَائِبٍ هَلْ يَصْلُحُ خَصْمًا لِمَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْعَيْنَ أَوْ ارْتَهَنَهَا مِنْ الْمَالِكِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَيَنْبَغِي فِي الْأَوَّلِ اعْتِمَادُ عَدَمِ السَّمَاعِ لِظُهُورِ عِلَّتِهِ وَهِيَ أَنَّ الدَّعْوَى لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى مَالِكِ الْعَيْنِ أَيْ وَالْمُسْتَأْجِرُ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ صَحَّحَهُ السَّرَخْسِيُّ وَيَنْبَغِي فِي الثَّانِي اعْتِمَادُ السَّمَاعِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَدَّعِي الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ وَهَذَا مَا مَرَّ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ثُمَّ رَأَيْت الْعَلَائِيَّ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ نَقَلَهُ عَنْ شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ للشرنبلالي مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ. (سُئِلَ) هَلْ تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ فِي دَعْوَى الرَّهْنِ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : قَدْ وَقَعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اضْطِرَابُ وَاخْتِلَافُ جَوَابٍ فَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ يُشْتَرَطُ وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ لَا يُشْتَرَطُ وَعِبَارَتُهَا لَوْ رَهَنَ رَجُلٌ عِنْدَ إنْسَانٍ عَيْنًا وَسَلَّمَ ثُمَّ انْتَزَعَهُ مِنْ يَدِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَبَاعَهُ وَسَلَّمَ ثُمَّ جَاءَ الْمُرْتَهِنُ وَادَّعَى الرَّهْنَ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الرَّهْنِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا وَيَأْخُذُ الْعَيْنَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَيُسَلِّمُ إلَى الْمُرْتَهِنِ لِمَا قُلْنَا اهـ وَقَدْ نَصَّ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي التَّصْحِيحِ عَلَى أَنَّ قَاضِي خَانْ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ لَكِنْ فِي قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ دَعْوَى الْمَنْقُولِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ وَكَذَلِكَ فِي الْخُلَاصَةِ وَقَدْ اضْطَرَبَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي تَيْمَارِ زَيْدٍ مُتَصَرِّفٌ بِهَا هُوَ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ التَّيْمَارِيِّينَ وَوَاضِعُونَ الْيَدَ عَلَيْهَا مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ لِجِهَةِ التَّيْمَارِ الْمَزْبُورِ وَالْآنَ قَامَ تَيْمَارِيٌّ آخَرُ يُرِيدُ الدَّعْوَى عَلَى زَيْدٍ بِأَنَّهَا جَارِيَةٌ فِي تَيْمَارِهِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ السُّلْطَانِ أَعَزَّ اللَّهُ تَعَالَى أَنْصَارَهُ وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُ تَصَرُّفٌ وَلَا وَضْعُ يَدٍ عَلَى ذَلِكَ أَصْلًا فَهَلْ يَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ وَلَيْسَ لَهُ الدَّعْوَى بِذَلِكَ عَلَى زَيْدٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذْ التَّيْمَارِيُّ لَا يَكُونُ خَصْمًا يُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ يَدَّعِي هُوَ عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِي عَيْنِ الْأَرْضِ مِلْكٌ وَلَا شُبْهَةُ مِلْكٍ تُسَوِّغُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ أَوْ لَهُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْحَانُوتِيُّ وَالْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى. (سُئِلَ) فِي زَعِيمِ قَرْيَةٍ بِيَدِهِ قِطْعَةُ أَرْضٍ بِمُوجِبِ بَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ وَدَفْتَرٍ سُلْطَانِيٍّ يَتَصَرَّفُ بِهَا هُوَ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ الزُّعَمَاءِ لِجِهَةِ الزَّعَامَةِ الْمَرْقُومَةِ قَامَ نَاظِرُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ يَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّهَا جَارِيَةٌ فِي وَقْفِهِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ السُّلْطَانِ أَعَزَّ اللَّهُ تَعَالَى أَنْصَارَهُ فَهَلْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَا يَنْتَصِبُ الزَّعِيمُ خَصْمًا فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ عَقَارَاتٌ مَعْلُومَةٌ بَاعَهَا فِي صِحَّتِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا وَعَنْ ابْنٍ ادَّعَى عَلَيْهَا بِإِرْثِهِ مِنْ الْعَقَارَاتِ فَأَثْبَتَتْ فِي وَجْهِهِ الشِّرَاءَ الْمَزْبُورَ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَمَنَعَ الْمُدَّعِيَ الْمَزْبُورَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَامَ الِابْنُ الْآنَ يَدَّعِي أَنَّهُ اشْتَرَى الْعَقَارَاتِ الْمَذْكُورَةَ مِنْ وَالِدِهِ قَبْلَ شِرَائِهَا بِعَشْرِ سَنَوَاتٍ فَهَلْ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْمَزْبُورَةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا تُسْمَعُ فَفِي الْمُحِيطِ وَفِي الْفَتَاوَى وَلَوْ ادَّعَى دَارًا شِرَاءً مِنْ أَبِيهِ ثُمَّ ادَّعَاهَا مِيرَاثًا عَنْهُ تُسْمَعُ وَلَوْ ادَّعَى أَوَّلًا بِسَبَبِ الْإِرْثِ ثُمَّ الشِّرَاءِ لَا تُقْبَلُ وَيَثْبُتُ التَّنَاقُضُ كَذَا فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْعَاشِرِ ادَّعَى دَارًا شِرَاءً مِنْ أَبِيهِ ثُمَّ ادَّعَاهَا إرْثًا مِنْهُ تُسْمَعُ لِإِمْكَانِ تَوْفِيقِهِ بِأَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْته وَعَجَزْت عَنْ إثْبَاتِهِ فَوَرِثْته ظَاهِرًا وَلَوْ ادَّعَى أَوَّلًا بِالْإِرْثِ ثُمَّ ادَّعَى الشِّرَاءَ لَا يُقْبَلُ لِلتَّنَاقُضِ وَتَعَذُّرِ تَوْفِيقِهِ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَعَدَّدَتْ الْقُضَاةُ فِي بَلْدَةٍ وَوَقَعَتْ خُصُومَةٌ بَيْنَ مُتَدَاعِيَيْنِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَطْلُبُ قَاضِيًا فَهَلْ الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : الْعِبْرَةُ فِي ذَلِكَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنْ طَلَبَ قَاضِيًا يُجَابُ إلَى طُلْبَتِهِ كَمَا فِي فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ وَفَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ وَالْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ فَقَالَ الْعِبْرَةُ لِقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى كَتَبَهُ فَقِيرُ رَبِّهِ إسْمَاعِيلُ الْمُفْتِي بِقَضَاءِ الشَّامِ وَمِنْ خَطِّهِ الْمَعْهُودِ نَقَلْته وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ وَشَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ الدَّعْوَى

وَصُورَةُ فَتْوَى الْحَانُوتِيِّ سُئِلَ هَلْ الْخِيَرَةُ لِلْمُدَّعِي أَمْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْخِيَرَةَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ السُّؤَالِ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيُّ بِمَا نَصُّهُ الَّذِي وَقَفْت عَلَيْهِ إذَا كَانَ قَاضِيَانِ فِي مِصْرٍ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي مَحَلَّةٍ عَلَى حِدَةٍ فَوَقَعَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي مَحَلَّةٍ وَالْآخَرُ فِي مَحَلَّةٍ أُخْرَى فَالْعِبْرَةُ لِقَاضِي مَحَلَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ كَتَبَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ مَا صُورَتُهُ قَدْ أَطْلَقَ صَاحِبُ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْخِيَرَةَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَنَصُّهُ فِي الْمِصْرِ قَاضِيَانِ وَوَقَعَتْ الدَّعْوَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَرَادَ كُلٌّ أَنْ يَذْهَبَ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالْعِبْرَةُ لِقَاضِي الْمُدَّعِي عِنْدَ الثَّانِي وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لِقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ وَلَوْ كَانَ فِي الْبَلْدَةِ قَاضِيَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَحَلَّةٍ عَلَى حِدَةٍ فَوَقَعَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا مِنْ مَحَلَّةٍ وَالْآخَرُ مِنْ مَحَلَّةٍ أُخْرَى وَالْمُدَّعِي يُرِيدُ أَنْ يُخَاصِمَهُ إلَى قَاضِي مَحَلَّتِهِ وَالْآخَرُ يَأْبَى ذَلِكَ اخْتَلَفَ فِيهَا أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِمَكَانِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اهـ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (أَقُولُ) قَدَّمْنَا فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ تَحْرِيرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِمْ قَاضِيَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ أَنَّهُ قَدْ أُمِرَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالْحُكْمِ عَلَى أَهْلِ مَحَلَّتِهِ فَقَطْ فَهُنَا الْعِبْرَةُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَأْذُونًا بِالْحُكْمِ عَلَى كُلِّ مَنْ حَضَرَ عِنْدَهُ فَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمُدَّعِي إلَخْ مَا قَدَّمْنَاهُ فَرَاجِعْهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو بِأَنَّ لَهُ بِذِمَّتِهِ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَأَنْكَرَ عَمْرٌو دَعْوَاهُ ثُمَّ إنَّ زَيْدًا أَثْبَتَ مُدَّعَاهُ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهِ وَأَخَذَ زَيْدٌ مَبْلَغَهُ الْمَزْبُورَ مِنْهُ ثُمَّ ادَّعَى عَمْرٌو أَنَّك كَاذِبٌ وَمُبْطِلٌ فِي دَعْوَاك هَذِهِ حَتَّى أَنَّك أَقْرَرْت بِذَلِكَ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَيُرِيدُ عَمْرٌو الْآنَ إثْبَاتَ إقْرَارِهِ الْمَزْبُورِ وَاسْتِرْدَادَ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ مَالًا وَقُضِيَ بِالْمَالِ لِلْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ ثُمَّ قَالَ الْمُدَّعِي كُنْت كَاذِبًا فِيمَا ادَّعَيْت يَبْطُلُ الْقَضَاءُ وَإِذَا قَالَ الْمُدَّعِي بَعْدَ الْقَضَاءِ الْمُقْضَى بِهِ لَيْسَ مِلْكِي لَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَمْ يَكُنْ مِلْكِي وَهَذَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَ مِلْكِي يَتَنَاوَلُ الْحَالَ وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ نَفْيِ الْحَالِ انْتِفَاؤُهُ مِنْ الْأَصْلِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ مِلْكِي مِنْ الْعَاشِرِ مِنْ قَضَاءِ التَّتَارْخَانِيَّةِ بَرْهَنَ عَلَى قَوْلِ الْمُدَّعِي أَنَا مُبْطِلٌ فِي الدَّعْوَى أَوْ شُهُودِي كَذَبَةٌ أَوْ لَيْسَ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ صَحَّ الدَّفْعُ دُرَرٌ مِنْ آخِرِ الدَّعْوَى وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ ادَّعَى رَجُلٌ مَالًا أَوْ عَيْنًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّكَ أَقْرَرْت فِي حَالِ جَوَازِ إقْرَارِك أَنْ لَا دَعْوَى لِي وَلَا خُصُومَةَ لِي عَلَيْك وَأَثْبَتّ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ تُسْمَعُ وَتَنْدَفِعُ دَعْوَاهُ وَإِنْ كَانَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُدَّعَى عَلَيْهِ بِسَبَبٍ بَعْدَ الْإِقْرَارِ لَكِنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْمُوجِبَ وَالْمُسْقِطَ إذَا تَعَارَضَا يُجْعَلُ الْمُسْقِطُ آخِرًا؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ يَكُونُ بَعْدَ الْوُجُوبِ سَوَاءٌ اتَّصَلَ الْقَضَاءُ بِالْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يَتَّصِلْ عِمَادِيَّةٌ مِنْ أَوَاخِرِ السَّابِعِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ بَالِغِينَ وَخَلَّفَ حِصَّةً مِنْ دَارٍ وَصَدَّقَ الْوَرَثَةُ أَنَّ بَقِيَّةَ الدَّارِ لِفُلَانٍ وَفُلَانَةَ ثُمَّ ظَهَرَ وَتَبَيَّنَ أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ الْمَزْبُورَ اشْتَرَى بَقِيَّةَ الدَّارِ مِنْ وَرَثَةِ فُلَانٍ وَفُلَانَةَ فِي حَالِ صِغَرِ الْمُصَدِّقِينَ وَأَنَّهُ خَفِيَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ التَّنَاقُضُ فِي مَحَلِّ الْخَفَاءِ عَفْوًا وَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَكَبِرَ الِابْنُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَا صَنَعَ الْأَبُ ثُمَّ إنَّ الْأَبَ بَاعَ تِلْكَ الدَّارَ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الِابْنَ اسْتَأْجَرَ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَلِمَ بِمَا صَنَعَ الْأَبُ فَادَّعَى الدَّارَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْمُشْتَرِي فِي الدَّفْعِ إنَّكَ مُتَنَاقِضٌ؛ لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ اعْتِرَافٌ أَنَّ الدَّارَ لَيْسَتْ مِلْكَك. هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى وَقَدْ اخْتَلَفَتْ أَجْوِبَةُ الْمُفْتِينَ فِي هَذَا وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ دَفْعًا وَإِنْ ثَبَتَ التَّنَاقُضُ فِيهِ إلَّا أَنَّ هَذَا تَنَاقُضٌ فِيمَا طَرِيقُهُ طَرِيقُ الْخَفَاءِ وَالتَّنَاقُضُ فِي مِثْلِهِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى فَتَاوَى عَطَاءِ اللَّهِ أَفَنْدِي عَنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ الْمَدْيُونُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ

لَوْ بَرْهَنَ عَلَى إبْرَاءِ الدَّائِنِ وَالْمُخْتَلِعَةِ بَعْدَ أَدَاءِ بَدَلِ الْخُلْعِ لَوْ بَرْهَنَتْ عَلَى طَلَاقِ الزَّوْجِ قَبْلَ الْخَلْعِ يُقْبَلُ وَالْجَامِعُ فِي الْكُلِّ خَفَاءُ الْحَالِ وَكَذَلِكَ الْوَرَثَةُ إذَا قَاسَمُوا مَعَ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَالِ ثُمَّ ادَّعَوْا رُجُوعَ الْمُوصِي يَصِحُّ لِانْفِرَادِ الْمُوصِي بِالرُّجُوعِ أَنْقِرْوِيٌّ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ قَالَ فِي الْكَنْزِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ التَّنَاقُضُ يَمْنَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ لَا الْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالطَّلَاقِ قَالَ فِي الْبَحْرِ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْخَفَاءِ فَيُعْذَرُ فِي التَّنَاقُضِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يُبْنَى عَلَى الْعُلُوقِ وَالطَّلَاقَ وَالْحُرِّيَّةَ يَنْفَرِدُ بِهِمَا الزَّوْجُ وَالْمَوْلَى إلَى أَنْ قَالَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَصْرَ مَا يُعْفَى فِيهِ التَّنَاقُضُ بَلْ إنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَا كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى الْخَفَاءِ فَإِنَّهُ يُعْفَى فِيهِ التَّنَاقُضُ فَمِنْ ذَلِكَ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ. (سُئِلَ) فِي خَوَابِي مَصْبَغَةِ وَقْفٍ مُلْتَصِقَةٍ بِأَرْضِهَا بِالْبِنَاءِ مَاتَ صَبَّاغُهَا عَنْ وَرَثَةٍ اخْتَلَفُوا مَعَ نَاظِرِهَا يَدَّعُونَ أَنَّهَا مِلْكُ مُوَرِّثِهِمْ وَبِنَاؤُهُ وَالنَّاظِرُ يُنْكِرُ فَهَلْ الْقَوْلُ لِلنَّاظِرِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَتْ فِي الْأَرْضِ مُلْصَقَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ النَّاظِرِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَأَجَابَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ لَا شُبْهَةَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ النَّاظِرِ لَا قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ إلَخْ مَا حَرَّرَهُ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الدَّعْوَى. (سُئِلَ) بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ امْرَأَةً ادَّعَتْ عَلَى وَرَثَةِ مُطَلِّقِهَا زَيْدٍ بِأَنَّ لَهَا عِنْدَهُ حُلِيًّا عَيَّنَتْهُ فَأَقَامَ الْوَرَثَةُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ حِينَ طَلَّقَهَا جَرَى بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إبْرَاءٌ عَامٌّ وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ عِنْدَ الْآخَرِ حَقٌّ مُطْلَقًا وَأَثْبَتُوا ذَلِكَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ادَّعَتْ الْمُدَّعِيَةُ أَنَّ زَيْدًا الْمَزْبُورَ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ الْإِبْرَاءِ وَالْإِقْرَارِ بِأَنَّ الْحُلِيَّ الْمَذْكُورَ عِنْدَهُ لِلْمُدَّعِيَةِ عَلَى طَرِيقِ الْأَمَانَةِ فَهَلْ تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تُسْمَعُ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ إنَّ الْإِبْرَاءَ الْعَامَّ إنَّمَا يُمْنَعُ إذَا لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّ الْعَيْنَ لِلْمُدَّعِي فَإِنْ أَقَرَّ بَعْدَهُ بِأَنَّ الْعَيْنَ لِلْمُدَّعِي سَلَّمَهَا إلَيْهِ وَلَا يَمْنَعُهُ الْإِبْرَاءَ اهـ وَبِهِ جَزَمَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَتِهِ تَنْقِيحِ الْأَحْكَامِ فِي حُكْمِ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْحِنْطَةِ وَجَحَدَ عَمْرٌو ذَلِكَ فَبَرْهَنَ زَيْدٌ عَلَى دَعْوَاهُ وَقُضِيَ لَهُ بِذَلِكَ فَبَرْهَنَ عَمْرٌو عَلَى أَنَّهُ قَضَاهُ ذَلِكَ فَهَلْ يُقْبَلُ بُرْهَانُ عَمْرٍو عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُقْبَلُ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا كَانَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي عَلَى أَنَّهُ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفٌ وَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْقَضَاءِ أَيْ الْإِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَلَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ أَيْ الْحُكْمِ بِالْمَالِ قُبِلَ بُرْهَانُهُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ. اهـ. ادَّعَى عَلَيْهِ شَرِكَةً أَوْ قَرْضًا أَوْ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً أَوْ قَبْضَ مَالَ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ فَأَنْكَرَ ثُمَّ اعْتَرَفَ وَادَّعَى الرَّدَّ أَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ إذَا جَحَدَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ ثُمَّ ادَّعَى الرَّدَّ لَا تُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ بِالْجُحُودِ خَرَجَ عَنْ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا اهـ. (سُئِلَ) فِي ذِي يَدٍ عَلَى دَارٍ سَاكِنٍ فِيهَا بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ مِنْ زَيْدٍ الْغَائِبِ ادَّعَى عَلَيْهِ خَارِجٌ أَنَّ الدَّارَ لَهُ بِمِلْكٍ مُطْلَقٍ فَهَلْ إذَا بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ أَنَّ زَيْدًا الْغَائِبَ آجَرَهَا مِنْهُ تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ أَنَّ زَيْدًا الْغَائِبَ آجَرَهَا مِنْهُ تَنْدَفِعُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي إلَّا إذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِالْحِيَلِ وَالْمَسْأَلَةُ شَهِيرَةٌ بِمُخَمَّسَةِ الدَّعْوَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ ذُو الْيَدِ هَذَا الشَّيْءُ أَوْدَعَنِيهِ فُلَانٌ الْغَائِبُ أَوْ أَعَارَنِيهِ أَوْ آجَرَنِيهِ أَوْ رَهَنِيهِ أَوْ غَصَبْته مِنْهُ وَبَرْهَنَ عَلَى ذَلِكَ انْدَفَعَتْ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَنْ عُرِفَ بِالْحِيَلِ لَا تَنْدَفِعُ بِهِ وَبِهِ يُؤْخَذُ مُلْتَقَى. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَرْهَنَ زَيْدٌ عَلَى الرَّهْنِ مِنْ عَمْرٍو الْغَائِبِ وَلَمْ يُعْرَفْ بِالْحِيَلِ وَعَيْنُ الرَّهْنِ قَائِمَةٌ وَقَالَ الشُّهُودُ نَعْرِفُ الْغَائِبَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ فَهَلْ تَنْدَفِعُ عَنْهُ خُصُومَةُ الْمُدَّعِي؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ شُقَّةً مِحَفَّةً مِنْ مَكَّةَ إلَى الشَّامِ بِمَأْكَلِهِ وَمَشْرَبِهِ وَلَمْ يَتَقَاوَلْ مَعَهُ عَلَى أُجْرَتِهَا وَطَالَبَهُ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ قِرْشًا أُجْرَةِ مِثْلِهَا فَأَجَابَ أَنَّهُ اسْتَأْجَرَهَا مِنْهُ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ قِرْشًا دَفَعَ لَهُ

مِنْهَا خَمْسَةً وَسَبْعِينَ قِرْشًا وَدَفَعَ بِإِذْنِهِ لِرَجُلٍ يُدْعَى مُحَمَّدٌ أَغَا الْمُتَوَفَّى خَمْسِينَ قِرْشًا فَلَمْ يُصَدِّقْهُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنْكَرَ فَأَحْضَرَ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا بِطِبْقِ جَوَابِهِ فَقَامَ الْمُدَّعِي يُطَالِبُ وَصِيَّ مُحَمَّدٍ أَغَا الْمَيِّتِ بِالْخَمْسِينَ قِرْشًا الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ يَكُونُ عَدَمُ تَصْدِيقِ الْمُدَّعِي عَلَى الْإِذْنِ مَانِعًا مِنْ طَلَبِهِ الْخَمْسِينَ قِرْشًا أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : عَدَمُ التَّصْدِيقِ لَا يَكُونُ تَنَاقُضًا لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَبْلَغُ أَجْرَ مِثْلِ الرُّكُوبِ وَقِيمَةَ الْأَكْلِ فِي الْقِيَمِيِّ وَالشُّرْبِ وَثُبُوتُ قَبْضِ مُحَمَّدٍ أَغَا لِذَلِكَ فِي وَجْهِ وَصِيِّهِ بَعْدَ جُحُودِهِ لِذَلِكَ وَشُرُوطُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمَيِّتِ بِذِكْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْيَمِينِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ تَزْكِيَةُ الشُّهُودِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (جَوَابُ سُؤَالٍ) إذَا ثَبَتَ بَيْعُهُ وَتَصْدِيقُهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَالْبَيْعُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِشَيْءٍ مِمَّا بَاعَهُ وَصُدِّقَ عَلَيْهِ لِسَعْيِهِ فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ وَلِلتَّنَاقُضِ بِسَبَبِ تَصْدِيقِهِ؛ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ إقْرَارٌ لَا فِي الْحُدُودِ كَمَا فِي الشَّرْحِ فِي دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ أَشْبَاهٌ مِنْ الدَّعْوَى وَفِي الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ بُيُوعِ الْبَزَّازِيَّةِ مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ لَا يُقْبَلُ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ إلَخْ وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ مِنْ آخِرِ الشَّهَادَةِ التَّنَاقُضُ يَمْنَعُ الدَّعْوَى سَوَاءٌ صَدَرَ مِنْ الْوَكِيلِ أَوْ الْوَصِيِّ اهـ وَفِي الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ الْفُصُولَيْنِ مِنْ وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ التَّنَاقُضُ يَمْنَعُ الدَّعْوَى لِغَيْرِهِ كَمَا يَمْنَعُهُ لِنَفْسِهِ فج الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ مَنْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ لِغَيْرِهِ فَكَمَا لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِنَفْسِهِ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِغَيْرِهِ بِوَكَالَةٍ أَوْ وِصَايَةٍ. (سُئِلَ) مِنْ قَاضِي الشَّامِ سَنَةَ 1140 بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ زَيْدًا النَّاظِرَ عَلَى وَقْفِ جَدَّتِهِ فُلَانَةَ آجَرَ الْحِصَّةَ الْمَعْلُومَةَ مِنْ الْبُسْتَانِ الْمَعْلُومِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ سَبْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَفِي كُلِّ سَنَةٍ يُوَزِّعُ الْأُجْرَةَ الْمَزْبُورَةَ مَعَ بَقِيَّةِ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَى مُسْتَحَقِّي الْوَقْفِ قَامَ الْآنَ يَدَّعِي أَنَّ الْحِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهِ وَمِلْكِ إخْوَتِهِ الْغَائِبِينَ إرْثًا عَنْ وَالِدِهِمْ وَأَنَّهُ كَانَ ضَبَطَ الْحِصَّةَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ ظَانًّا أَنَّهَا لِلْوَقْفِ وَالْحَالُ أَنَّهَا لَمْ تُوجَدْ مُحَرَّرَةً فِي كِتَابِ الْوَقْفِ الْمَرْقُومِ وَبَعْدَ ذَلِكَ اطَّلَعَ عَلَى جَرَيَانِهَا فِي مِلْكِ مُوَرِّثِهِمْ وَأَنَّ إخْوَتَهُ قَبْلَ تَارِيخِهِ أَثْبَتُوا فِي وَجْهِهِ جَرَيَانَ الْحِصَّةِ فِي مِلْكِهِمْ بِمُوجِبِ حُجَّةٍ فَكَيْفَ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ؟ (الْجَوَابُ) : الَّذِي ظَهَرَ لَنَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ التَّتَبُّعِ وَالتَّنْقِيرِ عَلَيْهَا فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ أَنَّ إيجَارَ زَيْدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا جَارِيَةٌ فِي وَقْفِ جَدَّتِهِ تَصْدِيقٌ مِنْهُ عَلَى جَرَيَانِهَا فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَالتَّصْدِيقُ إقْرَارٌ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى التَّصْدِيقُ إقْرَارٌ إلَّا فِي الْحُدُودِ كَمَا فِي الشَّرْحِ مِنْ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ اهـ وَقَدْ اعْتَرَفَ صَرِيحًا بِجَرَيَانِهَا فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ فِي الْحُجَّةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِكَوْنِهَا مَوْرُوثَةً عَنْ أَبِيهِ وَلَا عُذْرَ لِمَنْ أَقَرَّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ إذَا أَقَرَّ رَجُلٌ صَحِيحٌ بِأَرْضٍ فِي يَدِهِ أَنَّهَا صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ صَحَّ إقْرَارُهُ وَتَصِيرُ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ؛ لِأَنَّ الْأَوْقَافَ تَكُونُ فِي أَيْدِي الْقُوَّامِ عَادَةً فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُ مَنْ هِيَ فِي أَيْدِيهِمْ لَبَطَلَتْ أَوْقَافٌ كَثِيرَةٌ اهـ. وَقَدْ عَقَدَ الْإِمَامُ الْكَبِيرُ الْخَصَّافُ لِصِحَّةِ إقْرَارِ الرَّجُلِ بِأَرْضٍ فِي يَدِهِ أَنَّهَا وَقْفٌ بَابًا مُسْتَقِلًّا وَأَطَالَ فِي تَقْرِيرِ ذَلِكَ وَأَمَّا دَعْوَى الْجَهْلِ بِكَوْنِهَا مِلْكًا لَهُمْ حِينَ الْإِيجَارِ فَلَا تُسْمَعُ حِينَ إقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ نَقْلًا عَنْ إقْرَارِ التَّتِمَّةِ وَفِي فَتَاوَى الْإِمَامِ الْجَلِيلِ قَاضِي خَانْ لَوْ ادَّعَى الْوَقْفَ أَوَّلًا فِي الدَّارِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا لَهُ لَا تُسْمَعُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ إذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ ثُمَّ ادَّعَى الْخَطَأَ لَمْ يُقْبَلْ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِيهَا أَيْضًا مِنْ أَحْكَامِ الْجَهْلِ مَا نَصُّهُ وَقَالُوا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ إنَّ الْجَهْلَ بِكَوْنِهِ مِلْكَ الْغَيْرِ يَدْفَعُ الْإِثْمَ لَا الضَّمَانَ اهـ هَذَا مَا اتَّضَحَ لَنَا مِنْ كُتُبِ الْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ (أَقُولُ) لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ لِلْكَلَامِ عَلَى إثْبَاتِ أُخُوَّةِ زَيْدٍ الْمِلْكَ بِالْإِرْثِ عَنْ أَبِيهِمْ وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُمْ حَيْثُ لَمْ يَكُونُوا نُظَّارًا عَلَى الْوَقْفِ مَعَ أَخِيهِمْ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ تَصْدِيقٌ أَيْضًا بِجَرَيَانِ الْحِصَّةِ فِي الْوَقْفِ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَمْنَعُ صِحَّةَ

دَعْوَاهُمْ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ الشَّرْعِيَّةَ الْمُزَكَّاةَ عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُمْ ثَبَتَ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ قَدْرُ مَا يَخُصُّهُمْ وَبَقِيَتْ حِصَّةُ أَخِيهِمْ زَيْدٍ جَارِيَةً فِي الْوَقْفِ لِعَدَمِ سَمَاعِ دَعْوَاهُ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ وَتَصْدِيقِهِ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ لَا يَتَعَدَّى الْمُقِرَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو بِأَنَّ مَنْ الْجَارِي فِي مِلْكِهِ جَمِيعُ الْبَغْلَةِ الْبَرْشَاءِ وَأَنَّهُ وَضَعَ الْبَغْلَةَ الْمَرْقُومَةَ أَمَانَةً عِنْدَ بَكْرٍ ثُمَّ وَجَدَهَا بِيَدِ عَمْرٍو فَاعْتَرَفَ عَمْرٌو بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا لِكَوْنِهِ شَرَاهَا مِنْ بَكْرٍ الْمَذْكُورِ مُنْذُ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ بِثَلَاثِينَ قِرْشًا وَأَنْكَرَ كَوْنَ الْبَغْلَةِ لِلْمُدَّعِي وَطَلَبَ مِنْهُ إثْبَاتَ كَوْنِهَا أَمَانَةً عِنْدَ بَكْرٍ فَأَحْضَرَ زَيْدٌ بَيِّنَةً شَهِدَتْ لَهُ بِكَوْنِهَا أَمَانَةً عِنْدَ بَكْرٍ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : يُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرَ الْمُدَّعِي أَنَّهَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَطْلُبَ إحْضَارَهَا إنْ أَمْكَنَ وَيُشِيرَ إلَيْهَا فِي الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ وَالِاسْتِحْلَافِ وَإِنْ تَعَذَّرَ إحْضَارُهَا بِهَلَاكِهَا أَوْ غَيْبَتِهَا ذَكَرَ قِيمَتَهَا كَمَا فِي مُتُونِ الْمَذْهَبِ وَإِذَا أَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ الْمُسْتَحِقُّ بِاَللَّهِ مَا بَاعَهُ وَلَا وَهَبَهُ وَلَا تَصَدَّقَ بِهِ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ حَلَفَ كَذَلِكَ وَأَمَّا اشْتِرَاطُ حَضْرَةِ الْمُودِعِ فِي دَعْوَى الْوَدِيعَةِ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْأَنْقِرْوِيَّةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي ذِي يَدٍ عَلَى دَارٍ ادَّعَى عَلَيْهِ زَيْدٌ بِهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَقَرَّ لَهُ بِهَا وَيُرِيدُ نَزْعَهَا مِنْ يَدِهِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : إنْ جَعَلَ زَيْدٌ إقْرَارَ ذِي الْيَدِ سَبَبًا لِمِلْكِهِ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ الْإِقْرَارَ سَبَبًا لِلْمِلْكِ بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهَا مِلْكُهُ وَهَذَا أَقَرَّ لَهُ بِهَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ كَذَا أَفْتَى الْمِهْمَنْدَارِي وَأَفْتَى أَيْضًا بِأَنَّ مَنْ أَثْبَتَتْ أَنَّهَا مُسْتَحِقَّةٌ فِي الْوَقْفِ لَهَا الدَّعْوَى عَلَى مَنْ تَنَاوَلَ الْغَلَّةَ لَا عَلَى النَّاظِرِ لِأَنَّهُ دَفَعَ شَيْئًا يَسْتَحِقُّهُ غَيْرُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْمُسْتَحِقِّ وَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِهِ شَرْعًا مَعَ عَدَمِ الضَّمَانِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ مُتَصَرِّفًا فِي دَارٍ بِطَرِيقِ الشِّرَاءِ مِنْ عَمْرٍو وَغَيْرِهِ بِمُوجِبِ صَكٍّ ثُمَّ صَدَّقَهُ عَمْرٌو عَلَى جَرَيَانِهَا فِي مِلْكِهِ فَهَلْ يَكُونُ تَصْدِيقُهُ صَحِيحًا يُعْمَلُ بِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَمَنْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ لِغَيْرِهِ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَدَّعِيَهُ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ بِوَكَالَةٍ أَوْ وِصَايَةٍ كَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ مِنْ الْفَصْلِ الْعَاشِرِ مِنْ نُورِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ إقْرَارٌ إلَّا فِي الْحُدُودِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ قُبَيْلَ الْوَكَالَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ أَنْ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ دَعْوَاهُ لِغَيْرِهِ نِيَابَةً وَبِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى فَادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا بِوَكَالَةٍ أَوْ وِصَايَةٍ فَإِنَّهُ يُسْمَعُ كَمَا فِي نُورِ الْعَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ أَوْ إبْرَاءَهُ لَا يُنَافِي أَنَّهُ لِغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَتَيْنِ بَاعَتَا دَارَهُمَا مِنْ رَجُلٍ بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَكُتِبَ بِذَلِكَ صَكٌّ مُتَضَمِّنٌ لِكَوْنِهِمَا بَاعَتَا مَا هُوَ جَارٍ فِي مِلْكِهِمَا وَأَطْلَقَ تَصَرُّفَهُمَا الشَّرْعِيَّ وَالْآنَ تَدَّعِيَانِ أَنَّ الدَّارَ وَقْفٌ عَلَيْهِمَا فَهَلْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُمَا الْمَزْبُورَةُ؛ لِأَنَّ مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَسُئِلَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ عَنْ امْرَأَةٍ بَاعَتْ دَارًا ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهَا وَقْفٌ هَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهَا أَمْ لَا أَجَابَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَلَوْ بَاعَ ضَيْعَةً ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ عَلَيْهِ وَعَلَى أَوْلَادِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِلتَّنَاقُضِ؛ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْبَيْعِ إقْرَارٌ مِنْهُ وَإِنْ أَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ قِيلَ تُقْبَلُ. وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ وَهُوَ أَصْوَبُ وَأَحْوَطُ؛ لِأَنَّهُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَنَّ الضَّيْعَةَ وَقْفٌ عَلَيْهِ يَدَّعِي فَسَادَ الْبَيْعِ وَحَقًّا لِنَفْسِهِ فَلَا تُسْمَعُ لِلتَّنَاقُضِ ذَكَرَهُ فِي مَسَائِلَ شَتَّى وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ بَاعَ عَقَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَقْفٌ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُسْمَعُ وَقَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ وَهُوَ أَصْوَبُ أَيْ لِلتَّنَاقُضِ الصَّرِيحِ بِالْبَيْعِ ثُمَّ دَعْوَى الْوَقْفِ وَقَوْلُهُ وَأَحْوَطُ لِمَا فِي سَمَاعِهَا مِنْ الْإِضْرَارِ بِالنَّاسِ بِاحْتِيَالِ أَهْلِ الْحِيَلِ وَالْخِدَاعِ بِبَيْعِ الْوَقْفِ وَإِظْهَارِ الْبَائِعِ أَنَّهُ مِلْكٌ ثُمَّ انْعِطَافُهُ

عَلَيْهِ بِدَعْوَاهُ وَإِلْزَامُهُ بِأُجْرَتِهِ لِمُدَّةِ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا تَسْتَغْرِقُ أَضْعَافَ ثَمَنِهِ فَيَجِبُ عَدَمُ الْقَبُولِ حَسْمًا لِمَادَّةِ الْفَسَادِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ. وَأَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ فِيمَا إذَا بَاعَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَقَفَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ وَقَفَهَا مُوَرِّثُهُ بِأَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ قِيلَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ تَنَاقَضَ فِي دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا مِلْكُهُ وَلَهُ بَيْعُهَا، وَدَعْوَى الْوَقْفِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ تَنَاقُضٌ وَقِيلَ تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الدَّعْوَى فَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ حِسِّيَّةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجَابَ التُّمُرْتَاشِيُّ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ بِقَوْلِهِ اخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِي ذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْوَقْفِ مَقْبُولَةٌ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَبِهِ نَأْخُذُ وَاعْتَمَدَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّهُ إنْ ادَّعَى وَقْفًا غَيْرَ مُسَجَّلٍ لَا تُسْمَعُ وَإِنْ ادَّعَى وَقْفًا مَحْكُومًا بِلُزُومِهِ تُقْبَلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجَابَ أَيْضًا لِمَشَايِخِنَا خِلَافٌ فِي ذَلِكَ وَالْمُخْتَارُ الْقَبُولُ (أَقُولُ) وَانْظُرْ مَا كَتَبْنَاهُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الثَّانِي مِنْ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَعَنْ أَخٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَيْنِ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ عَنْ أَبٍ اخْتَلَفَ مَعَ وَرَثَةِ الزَّوْجَةِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ الصَّالِحِ لِلزَّوْجَيْنِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمْ فَالْقَوْلُ لِمَنْ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فَمَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ بِيَمِينِهِ وَمَا يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ بِيَمِينِهَا وَمَا يَصْلُحُ لَهُمَا فَهُوَ لِلرَّجُلِ بِيَمِينِهِ وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَالْهُمَامِ الْمُقَدَّمِ السَّابِقِ فِي حَلَبَةِ الِاجْتِهَادِ وَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الِاعْتِمَادُ قَالَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَاعْتَمَدَهُ النَّسَفِيُّ وَالْمَحْبُوبِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَمَشَتْ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ الْمَوْضُوعَةِ لِلْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمُعَنْوَنِ بِالتَّرْجِيحِ وَإِذَا مَاتَ الزَّوْجَانِ فَاخْتَلَفَ وَرَثَتُهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الصَّالِحِ لَهُ وَلَهُمَا لِأَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فَصَارَ كَالْمُوَرِّثِينَ إذَا اخْتَلَفَا بِأَنْفُسِهِمَا وَهُمَا حَيَّانِ فِي حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ عَلَى مَا ذَكَرَ فَكَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِمَا كَذَا فِي لِسَانِ الْحُكَّامِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْهُمَامُ مُحَرِّرُ مَذْهَبِ النُّعْمَانِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَلَيْهِ رَحْمَةُ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُسْتَعَانُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَكَّلَ زَيْدٌ الْمُتَوَلِّي عَلَى وَقْفٍ وَكِيلًا فِي الدَّعْوَى عَلَى عَمْرٍو الْمُتَوَلِّي عَلَى وَقْفٍ آخَرَ فَوَكَّلَ عَمْرٌو وَكِيلًا آخَرَ لِاسْتِمَاعِهَا فَحَضَرَ الْوَكِيلَانِ مَجْلِسَ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ وَفُصِّلَتْ دَعْوَاهُمَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ قَامَ زَيْدٌ الْآنَ يَدَّعِي عَدَمَ صِحَّةِ الدَّعْوَى بِالْوَكَالَةِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَهَلْ تَصِحُّ وَتُسْمَعُ دَعْوَى وَكِيلِ الْمُدَّعِي عَلَى وَكِيلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَيْسَ فِي مَنْعِ سَمَاعِهَا نَقْلٌ وَلَا عَلَيْهِ دَلِيلٌ كَمَا هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَوَرَثَةٍ غَيْرِهَا وَخَلَّفَ تَرِكَةً مُشْتَمِلًا بَعْضُهَا عَلَى أَوَانٍ مَعْلُومَةٍ تَزْعُمُ الزَّوْجَةُ أَنَّ زَوْجَهَا مَلَّكَهَا هَذِهِ الْأَوَانِيَ الْمَذْكُورَةَ فِي صِحَّتِهِ وَالْوَرَثَةُ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ فَهَلْ عَلَيْهَا إثْبَاتُ التَّمْلِيكِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَإِلَّا فَهِيَ مَوْرُوثَةٌ تُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ ذَلِكَ مِلْكٌ لِزَوْجِهَا الْمُتَوَفَّى الْمَذْكُورِ ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهُ مَلَّكَهَا ذَلِكَ فَعَلَيْهَا إثْبَاتُ دَعْوَاهَا بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَإِنْ لَمْ تُثْبِتْ فَهِيَ مَوْرُوثَةٌ عَنْهُ تُقْسَمُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ سَرْدِ الْأَقْوَالِ فِي مَسْأَلَةِ اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ مِنْ بَابِ التَّحَالُفِ مَا نَصُّهُ وَفِي الْبَدَائِعِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تُقِرَّ الْمَرْأَةُ أَنَّ هَذَا الْمَتَاعَ اشْتَرَاهُ فَإِنْ أَقَرَّتْ بِذَلِكَ سَقَطَ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ بِالْمِلْكِ لِزَوْجِهَا ثُمَّ ادَّعَتْ الِانْتِقَالَ إلَيْهَا فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ اهـ وَكَذَا إذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا اشْتَرَتْهُ مِنْهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ بَرْهَنَ عَلَى شِرَائِهِ كَانَ كَإِقْرَارِهَا بِشِرَائِهِ مِنْهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَى الِانْتِقَالِ إلَيْهَا مِنْهُ بِهِبَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ اسْتِمْتَاعُهَا بِمُشْرِيهِ

وَرِضَاهُ بِذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ مَلَّكَهَا ذَلِكَ كَمَا تَفْهَمُهُ النِّسَاءُ وَالْعَوَامُّ وَقَدْ أَفْتَيْت بِذَلِكَ مِرَارًا. (سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ جَارِيَةٌ أَرْضُهُ مَعَ كَامِلِ غِرَاسٍ فِيهَا قَدِيمٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ وَفِيهِ غِرَاسَاتٌ جَدِيدَةٌ وَمُسْتَجِدَّةٌ جَارٍ بَعْضُهَا فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَالْبَاقِي مِلْكُ زَيْدٍ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ وَلَا مُنَازِعٍ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ بَاعُوا حِصَّتَهُمْ الْمَذْكُورَةَ مِنْ عَمْرٍو بِمَعْرِفَةِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَتَصْدِيقِهِ ثُمَّ بَاعَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ جَمِيعَ الْغِرَاسِ الْقَدِيمِ لِشُلُوِّهِ ثُمَّ بَعْدَ سَنَتَيْنِ ادَّعَى الْمُتَوَلِّي الْمَذْكُورُ عَلَى عَمْرٍو بِجَرَيَانِ جَمِيعِ الْغِرَاسِ الْمَوْجُودِ فِي الْوَقْفِ مُسْتَصْحَبًا مِنْ زَمَنِ الْوَاقِفِ وَأَنَّ لَهُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِذَلِكَ وَذَكَرَ عَمْرٌو أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِحُدُوثِ الْغِرَاسَاتِ الْجَدِيدَةِ وَالْمُسْتَجِدَّةِ بِمُقْتَضَى غَرْسِهِ لَهَا هُوَ وَزَيْدٌ وَوَرَثَتُهُ وَأَثْبَتَ عَمْرٌو ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ الْمُزَكَّاةِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ لِعَمْرٍو بِالْحِصَّةِ الْجَارِيَةِ فِي مِلْكِهِ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْعَارِضِ وَالْحُدُوثِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ الِاسْتِصْحَابِ. وَمَنَعَ الْمُتَوَلِّيَ وَجِهَةَ الْوَقْفِ مِنْ مُعَارَضَةِ عَمْرٍو فِي ذَلِكَ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ قَامَ وَكِيلٌ عَنْ الْمُتَوَلِّي الْمَذْكُورِ يَدَّعِي قِدَمَ الْغِرَاسِ الْمَذْكُورِ وَجَرَيَانَهُ جَمِيعَهُ فِي الْوَقْفِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ ثَبَتَ حُدُوثُ الْغِرَاسَاتِ الْمَذْكُورَةِ جَمِيعِهَا الْجَارِي نِصْفُهَا فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ فِي وَجْهِ الْمُتَوَلِّي الْمَزْبُورِ وَجَرَى التَّصَرُّفُ بِذَلِكَ الْمُدَّةَ الْمَزْبُورَةَ وَزَالَ الْقَدِيمُ جَمِيعُهُ الَّذِي فِيهِ وَقُضِيَ بِذَلِكَ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ بَعْدَ دَعْوَى الْمُتَوَلِّي الْمَذْكُورِ بِذَلِكَ تَكُونُ دَعْوَى وَكِيلِهِ بِغِرَاسٍ قَدِيمٍ آخَرَ غَيْرِ مَا ذَكَرَ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَقَدْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ حُدُوثُ جَمِيعِ هَذِهِ الْغِرَاسَاتِ الْمَوْجُودَاتِ الَّتِي هِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ الْقِدَمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغْدَادِيُّ وَحَكَمَ بِهَا فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ السَّابِقُ الثَّابِتُ شَرْعًا بِمَا هُوَ دُونَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْهِدَايَةِ إذْ الْقَضَاءُ يُصَانُ عِنْدَ الْإِلْغَاءِ مَا أَمْكَنَ وَأَيُّ بَيِّنَةٍ سَبَقَتْ وَقُضِيَ بِهَا لَمْ تُقْبَلْ الْأُخْرَى وَفِي الْكَافِي مِنْ الشَّهَادَةِ إذَا تَضَمَّنَتْ الْبَيِّنَةُ نَقْضَ قَضَاءٍ تُرَدُّ. اهـ. وَالدَّعْوَى مَتَى فُصِّلَتْ مَرَّةً بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ لَا تُنْقَضُ وَلَا تُعَادُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ادَّعَى عَبْدًا وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ ذِي الْيَدِ أَنَّهُ لِلْمُدَّعِي تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيُقْضَى بِالْعَبْدِ لَهُ اعْتِبَارًا لِلْإِقْرَارِ الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ بِالثَّابِتِ عِيَانًا عِمَادِيَّةٌ مِنْ السَّادِسَ عَشَرَ وَإِنْ كَانُوا مَعْرُوفِينَ بِالْعَدَالَةِ فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ السَّابِقُ الثَّابِتُ بِشَهَادَتِهِمْ إذْ الْقَضَاءُ يُصَانُ عَنْ الْإِلْغَاءِ مَا أَمْكَنَ وَالشُّهُودُ الَّذِينَ شَهِدُوا ثَانِيًا إنْ كَانُوا غَيْرَ عُدُولٍ فَشَهَادَتُهُمْ مَرْدُودَةٌ وَإِنْ كَانُوا عُدُولًا فَقَدْ تَرَجَّحَتْ شَهَادَةُ الْأَوَّلِينَ بِالْقَضَاءِ مِنْ آخِرِ وَقْفِ الْخَيْرِيَّةِ لَهُ كَنِيفٌ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَزَعَمَ غَيْرُهُ أَنَّهُ مُحْدَثٌ وَزَعَمَ صَاحِبُهُ أَنَّهُ قَدِيمٌ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ مُحْدَثٌ تَرْجِيحُ الْبَيِّنَاتِ لِلْبَغْدَادِيِّ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْعَارِضِ عَلَى الْبَيِّنَةِ الْمُثْبِتَةِ لِلِاسْتِصْحَابِ فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ وَلَوْ أَقَامَ الْبَائِعُ بَيِّنَةً أَنِّي بِعْتهَا فِي صِغَرِي وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً بِعْتهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ فَبَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ الْعَارِضُ قُنْيَةٌ مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ الْمُتَضَادَّتَيْنِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ قِيرَاطٌ مِنْ غِرَاسِ بُسْتَانٍ مَعْلُومٍ وَمِائَةُ قِرْشٍ مَوْضُوعَةٌ تَحْتَ يَدِ شَرِيكِهِ عَمْرٍو فَأَقَرَّ بِأَنَّ الْقِيرَاطَ الْمَذْكُورَ وَالْمِائَةَ قِرْشٍ الْمَذْكُورَةَ لِبَكْرٍ بِطَرِيقِ التَّمْلِيكِ وَأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ مَعَ بَكْرٍ فِي ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ وَأَقَامَ بَكْرٌ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فِي وَجْهِ أَحَدِهِمْ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ بَيَّنَ إقْرَارَهُ أَنَّهُ مِنْ جِهَةِ التَّمْلِيكِ فَدَعْوَى التَّمْلِيكِ لَا تُسْمَعُ لِمَا قَالَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ نَاقِلًا عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي خَلَلِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ بِرَمْزِ التَّتِمَّةِ عُرِضَ عَلَيَّ مَحْضَرٌ كُتِبَ فِيهِ مَلَّكَهُ تَمْلِيكًا صَحِيحًا وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ مَلَّكَهُ بِعِوَضٍ أَوْ بِلَا عِوَضٍ قَالَ أَجَبْت أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى ثُمَّ رَمَزَ لِشُرُوطِ الْحَاكِمِ اكْتَفَى فِي مِثْلِ هَذَا بِقَوْلِهِ وَهَبْت لَهُ هِبَةً صَحِيحَةً وَقَبَضَهَا وَلَكِنَّ مَا أَفَادَهُ فِي التَّتِمَّةِ أَجْوَدُ وَأَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ اهـ

فَإِذَا كَانَ التَّمْلِيكُ هِبَةً وَبُيِّنَ فَهِبَةُ الْمَشَاعِ الَّذِي يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ بَاطِلَةٌ لَا سِيَّمَا وَهُوَ غِرَاسٌ وَأَيْضًا مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْهِبَةِ الْقَبْضُ وَلَمْ يُوجَدْ لَا فِي الْغِرَاسِ وَلَا فِي الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ وَهَبَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً لَكِنَّهَا هِبَةٌ حَقِيقَةً فَتَفْتَقِرُ إلَى الْقَبْضِ وَلَمْ يُوجَدْ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ عِمَارَةُ حَوَانِيتَ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي مِلْكِهِ وَمَبْلَغٌ مُرْصَدٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى دَارٍ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفِ كَذَا فَمَلَكَ ذَلِكَ جَمِيعَهُ مِنْ أَوْلَادِهِ الْقَاصِرِينَ بِالْوِلَايَةِ عَلَيْهِمْ وَأَشْهَدَ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ عَنْهُمْ وَعَنْ وَرَثَةٍ غَيْرِهِمْ وَبَلَغَ الْقَاصِرُونَ رَشِيدِينَ وَادَّعَتْ الْوَرَثَةُ عَلَيْهِمْ لَدَى حَاكِمٍ حَنْبَلِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ التَّمْلِيكِ لِلْقَاصِرِينَ وَبِعَدَمِ مُعَارَضَةِ الْوَرَثَةِ لَهُمْ فِي حَادِثَةِ تَمْلِيكِ الْبِنَاءِ دُونَ الْأَرْضِ وَحَادِثَةِ دَعْوَى التَّمْلِيكِ مُنْفَرِدَةً مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدِ كَوْنِهِ بَيْعًا أَوْ هِبَةً وَحَادِثَةِ دَعْوَى تَمْلِيكِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فِي الْمُرْصَدِ الْمَزْبُورِ حُكْمًا شَرْعِيًّا مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ بَعْدَ الدَّعْوَى مِنْ وَكِيلِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْأَوْلَادِ الْمَذْكُورِينَ وَالشَّهَادَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أَفْتَى مُفْتِي مَذْهَبِهِ بِصِحَّتِهَا وَأَنْفَذَ حُكْمَهُ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِ الْحُجَّتَيْنِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى نَاظِرُ وَقْفٍ عَلَى نَاظِرِ وَقْفِ ذِي يَدٍ بِأَنَّ مِنْ الْجَارِي تَحْتَ نِظَارَتِهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ أَرَاضٍ مُتَلَاصِقَاتٍ مَعْلُومَاتٍ وَأَنَّ ذَا الْيَدِ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَطَلَبَ مِنْهُ تَسْلِيمَهَا لِجِهَةِ وَقْفِهِ وَرَفْعَ يَدِهِ عَنْهَا فَاعْتَرَفَ ذُو الْيَدِ بِجَرَيَانِ نِصْفِ الْجَمِيعِ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَأَنْكَرَ جَرَيَانَ الرُّبْعِ الْمُدَّعَى بِهِ فِي وَقْفِ الْمُدَّعِي لِجَرَيَانِهِ فِي وَقْفِ ذِي الْيَدِ وَكَلَّفَهُ إثْبَاتَ ذَلِكَ فَأَبْرَزَ مِنْ يَدِهِ كِتَابَ وَقْفِهِ الْمُتَضَمِّنِ لِذَلِكَ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُزَكَّاةِ فِي وَجْهِهِ طِبْقَ مَا ادَّعَاهُ وَاسْتَوْفَتْ الدَّعْوَى شَرَائِطَهَا الشَّرْعِيَّةَ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ الْمُتَدَاعَى لَدَيْهِ لِجِهَةِ وَقْفِهِ بِذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ وَاقِعًا مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ وَإِذَا أَقَامَ ذُو الْيَدِ بَيِّنَةً لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ السَّابِقُ بِهَا؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ أَوْلَى وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ الْحُكْمِ الْمَزْبُورِ أَوْضِحُوا لَنَا الْجَوَابَ بِنَقْلِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَلَكُمْ جَزِيلُ الثَّوَابِ مِنْ الْمَلِكِ الْوَهَّابِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ اسْتَوْفَتْ الدَّعْوَى شَرَائِطَهَا الشَّرْعِيَّةَ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ لَهُ بِذَلِكَ يَكُونُ حُكْمُهُ وَاقِعًا مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْخَارِجِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ. قَالَ فِي الْمُلْتَقَى فِي دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ لَا تُعْتَبَرُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى اهـ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَالدُّرَرِ وَالنُّقَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا لَا سِيَّمَا الْخَارِجُ مُدَّعٍ وَذُو الْيَدِ مُنْكِرٌ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَقَدْ وَرَدَ بَعْضُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَأَنَّهُ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَدْ اُسْتُخْرِجَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ مِائَتَا أَلْفِ مَسْأَلَةٍ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْقَضَاءَ لِذِي الْيَدِ قَضَاءُ تَرْكٍ لَا قَضَاءُ اسْتِحْقَاقٍ إذْ لَا يُكَلَّفُ لِلْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ أَقْصَى مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى حَقِيقَةِ كَلَامِهِ وَضْعُ يَدِهِ إذْ هُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى الْبَيِّنَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّ دَعْوَى الْوَقْفِ مِنْ قَبِيلِ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِاعْتِبَارِ مِلْكِ الْوَاقِفِ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي بَحْرِهِ مِنْ بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ دَعْوَى الْوَقْفِ مِنْ قَبِيلِ دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَفَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ فُرُوعًا فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ الْمَزْبُورُ لَوْ أَقَامَهَا بَعْدَهُ. كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ عَلَّامَةُ فِلَسْطِينَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ عَلَى سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيْهِ فِي مِثْلِ هَذَا فَأَجَابَ وَأَجَادَ وَلِأَعْظَمِ فَائِدَةٍ أَفَادَ بِقَوْلِهِ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ السَّابِقُ بِإِقَامَةِ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ الْمَذْكُورِ إذْ الْبَيِّنَةُ لَيْسَتْ لَهُ وَإِنَّمَا هِيَ لِلْخَارِجِ وَقَدْ أَقَامَهَا وَقُضِيَ لَهُ بِهَا فَلَا يَجُوزُ نَقْضُهَا بِإِقَامَةِ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى ذِي فَهْمٍ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مَنْ صَارَ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا وَفِي الْكَافِي مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَةِ إذَا تَضَمَّنَتْ الشَّهَادَةُ نَقْضَ قَضَاءٍ تُرَدُّ

وَبَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَضَمَّنَتْ نَقْضَ قَضَاءٍ اسْتَوْفَى شَرَائِطَهُ فَتُرَدُّ وَلَا تُسْمَعُ وَسَوَاءٌ قُلْنَا بِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْوَقْفِ قَضَاءٌ جُزْئِيٌّ أَوْ كُلِّيٌّ أَيْ عَلَى النَّاسِ كَافَّةً أَوْ يَخْتَصُّ وَالصَّحِيحُ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّهُ جُزْئِيٌّ وَلَكِنْ قَدْ صَارَ ذُو الْيَدِ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ وَبَيِّنَتُهُ لَمْ تُفِدْ غَيْرَ مَا أَفَادَتْهُ الْيَدُ فَكَيْفَ يُنْقَضُ بِهَا الْقَضَاءُ بِالْبَيِّنَةِ الْمُفِيدَةِ الْمُثْبِتَةِ خِلَافَ الظَّاهِرِ وَلِمِثْلِهِ جُعِلَتْ الْبَيِّنَاتُ وَالْقَضَاءُ بِالْوَقْفِ كَالْقَضَاءِ بِالْمِلْكِ وَفِي الْقَضَاءِ بِالْمِلْكِ إذَا صَارَ ذُو الْيَدِ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ كَمَا قُلْنَا وَهَذَا مِمَّا لَا تَوَقُّفَ فِيهِ لِمَنْ غَمَسَ رَأْسَ خِنْصَرِهِ فِي الْفِقْهِ اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) هَلْ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ لَوْ أَقَامَهَا الْمُدَّعِي بَعْدَ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ وَتُقْبَلُ عَلَى مَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُلْتَقَى وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَقَالَ فِي الدُّرَرِ ثُمَّ إذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَالْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِيَمِينِهِ لَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ مَا لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ عَلَى وَفْقِ دَعْوَاهُ فَإِنْ وَجَدَهَا أَقَامَهَا وَقَضَى لَهُ بِهَا وَبَعْضُ الْقُضَاةِ مِنْ السَّلَفِ كَانُوا لَا يَسْمَعُونَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ وَيَقُولُونَ يَتَرَجَّحُ جَانِبُ صِدْقِهِ بِالْيَمِينِ فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي وَهَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَبِلَ الْبَيِّنَةَ مِنْ الْمُدَّعِي بَعْدَ يَمِينِ الْمُنْكِرِ وَكَانَ شُرَيْحٌ يَقُولُ الْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ أَحَقُّ أَنْ تُرَدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ اهـ. (سُئِلَ) فِي يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هَلْ هِيَ حَقُّ الْمُدَّعِي فَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهِ أَمْ لِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَهُ وَلَوْ بِلَا طَلَبِ الْمُدَّعِي؟ (الْجَوَابُ) : الْيَمِينُ لِلْقَاضِي مَعَ طَلَبِ الْمُدَّعِي لِمَا فِي التَّنْوِيرِ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَحْلِفَ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي وَيَكُونَ بَرِيئًا فَهُوَ بَاطِلٌ اهـ لَكِنْ بِطَلَبِ الْمُدَّعِي فَإِذَا طَالَبَهُ بِهِ يُجِيبُهُ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ الْقَاضِي بِالْحَدِيثِ الْمَعْرُوفِ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٌ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ هَذَا غَلَبَنِي عَلَى أَرْضِي كَانَتْ لِأَبِي وَقَالَ الْكِنْدِيُّ هِيَ أَرْضِي فِي يَدِي أَزْرَعُهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلْحَضْرَمِيِّ أَلَكَ بَيِّنَةٌ قَالَ لَا قَالَ فَلَكَ يَمِينُهُ قَالَ يَا رَسُولُ اللَّهِ الرَّجُلُ فَاجِرٌ لَا يُبَالِي عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ يَتَوَرَّعُ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ لَيْسَ لَك مِنْهُ إلَّا ذَلِكَ فَانْطَلَقَ لِيَحْلِفَ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَّا الَّذِي حَلَفَ عَلَى مَالٍ لِيَأْكُلَهُ ظُلْمًا لَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَهُوَ عَنْهُ غَيْرُ رَاضٍ» اهـ فَجَعَلَ الْيَمِينَ حَقَّهُ بِصَرِيحِ إضَافَةِ الْيَمِينِ إلَيْهِ فَاللَّامُ الْمِلْكِ وَالِاخْتِصَاصِ فِي قَوْلِهِ فَلَكَ يَمِينُهُ وَإِنَّمَا جَعَلَ الْيَمِينَ حَقُّ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ أَتْوَى حَقَّهُ بِإِنْكَارِهِ فَشُرِعَ الِاسْتِحْلَافُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمَ يَكُونُ إتواء مُقَابَلَةَ إتْوَاءٍ وَهُوَ مَشْرُوعٌ كَالْقِصَاصِ وَهُوَ أَعْظَمُ مِنْ إتْوَاءِ الْمَالِ فَإِنَّ الْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ تَدَعُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا يَنَالُ الثَّوَابَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ صَادِقًا اهـ لَكِنْ نُقِلَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَسْتَحْلِفُ بِلَا طَلَبٍ فِي أَرْبَعِ مَوَاضِعَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي بِاَللَّهِ مَا رَضِيت بِالْعَيْبِ وَالشَّفِيعُ بِاَللَّهِ مَا أَبْطَلْت شُفْعَتَك وَالْمَرْأَةُ إذَا طَلَبَتْ فَرْضَ النَّفَقَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ تُحَلَّفُ بِاَللَّهِ مَا خَلَّفَ لَك زَوْجُك شَيْئًا وَلَا أَعْطَاك النَّفَقَةَ. وَالرَّابِعُ يَحْلِفُ الْمُسْتَحِقُّ بِاَللَّهِ مَا بِعْت وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ يُحَلِّفْهُ الْقَاضِي بِلَا طَلَبِ الْوَصِيِّ وَالْوَارِثِ بِاَللَّهِ مَا اسْتَوْفَيْته مِنْ الْمَدْيُونِ وَلَا مِنْ أَحَدٍ أَدَّاهُ إلَيْك وَلَا قَبَضَهُ لَك قَابِضٌ بِأَمْرِك وَلَا أَبْرَأْته مِنْهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ وَلَا أَحَلْت بِهِ أَحَدًا وَلَا عِنْدَك وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ رَهْنٌ (سُئِلَ) هَلْ يَجُوزُ التَّحْلِيفُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يَسْتَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لِمَا رَوَيْنَا. اهـ. وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ عُمَرَ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ قَالَ إنَّ اللَّهَ نَهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَمَنْ كَانَ حَالِفًا - أَيْ مُرِيدًا لِلْحَلِفِ - فَلَا يَحْلِفْ إلَّا بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَفِي لَفْظٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

«مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَحْلِفُوا إلَّا بِاَللَّهِ وَلَا تَحْلِفُوا إلَّا وَأَنْتُمْ صَادِقُونَ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَإِنَّمَا جُعِلَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ فِي الْحَلِفِ تَعْظِيمًا لِلْمَحْلُوفِ بِهِ وَحَقِيقَةُ الْعَظَمَةِ لَا تَكُونُ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يُضَاهِي بِهِ غَيْرَهُ. وَظَاهِرُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ لَوْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَكُنْ يَمِينًا قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا اهـ وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَقِيلَ فِي زَمَانِنَا إذَا أَلَحَّ الْخَصْمُ سَاغَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْلِفَ بِذَلِكَ أَيْ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لِقِلَّةِ الْمُبَالَاةِ بِالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى اهـ وَيُرَدُّ عَلَى هَذَا الْقِيلِ أَنَّ هَذَا تَعْلِيلٌ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ فَلَا يَصِحُّ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَفِي الْخَانِيَّةِ وَإِنْ أَرَادَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَهُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يُجِيبُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ حَرَامٌ وَبَعْضُهُمْ جَوَّزَ ذَلِكَ فِي زَمَانِنَا وَالصَّحِيحُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ اهـ وَفِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ مِنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَالْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ التَّحْلِيفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَفِي الذَّخِيرَةِ التَّحْلِيفُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْأَيْمَانِ الْغَلِيظَةِ لَمْ يُجَوِّزْهُ أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا وَأَجَازَهُ الْبَعْضُ فَيُفْتَى بِهِ إنْ مَسَّتْ الضَّرُورَةُ وَإِذَا بَالَغَ الْمُسْتَفْتَى فِي الْفَتْوَى يُفْتِي بِأَنَّ الرَّأْيَ إلَى الْقَاضِي اهـ وَفِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ مَسَّتْ الضَّرُورَةُ يُفْتِي بِأَنَّ الرَّأْيَ إلَى الْقَاضِي فَلَوْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ فَنَكَلَ وَقَضَى بِالْمَالِ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ اهـ. فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَهُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ عِنْدَ إلْحَاحِ الْخَصْمِ وَأَنَّهُ يُفْتَى بِجَوَازِ ذَلِكَ إنْ مَسَّتْ الضَّرُورَةُ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ بِالنُّكُولِ عَنْهُ وَلَوْ قَضَى بِهِ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَعَنْ هَذَا قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا إنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ بِهِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ؛ لِأَنَّهُ نَكَلَ عَمَّا هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ شَرْعًا وَلَوْ قَضَى بِهِ لَمْ يَنْفُذْ قَضَاؤُهُ اهـ لَكِنْ فِيهِ إشْكَالٌ؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ التَّحْلِيفِ الْقَضَاءُ بِالنُّكُولِ فَإِذَا لَمْ يَجُزْ الْقَضَاءُ بِالنُّكُولِ عَمَّا ذَكَرَ فَكَيْفَ يَجُوزُ التَّحْلِيفُ بِهِ وَلَعَلَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ مِنْ أَنَّهُ لَا تَحْلِيفَ بِهِمَا فَلَا اعْتِبَارَ بِنُكُولِهِ وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِالتَّحْلِيفِ بِهِمَا فَيُعْتَبَرُ نُكُولُهُ وَيُقْضَى بِهِ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ إنَّمَا يُقْصَدُ لِنَتِيجَتِهِ وَإِذَا لَمْ يُقْضَ بِالنُّكُولِ فَلَا يَنْبَغِي الِاشْتِغَالُ بِهِ وَكَلَامُ الْفُضَلَاءِ فَضْلًا عَنْ الْعُلَمَاءِ الْعِظَامِ يُصَانُ عَنْ اللَّغْوِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ثَبَتَ قَلْعُ الْمُتَوَلِّي لِغِرَاسِ الْوَقْفِ وَإِزَالَتُهُ وَإِعْدَامُهُ بَعْدَ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ وَالشَّهَادَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ بِالْحَادِثَةِ الشَّرْعِيَّةِ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ فِي وَجْهِ الْمُتَوَلِّي وَمَضَتْ مُدَّةٌ ثُمَّ بَعْدَهَا ادَّعَى وَكِيلٌ عَنْ الْمُتَوَلِّي الْمَزْبُورِ عَلَى زَيْدٍ أَنَّهُ قَلَعَ الْغِرَاسَ الْمَذْكُورَ بِعَيْنِهِ بَعْدَمَا ثَبَتَ قَلْعُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَبَعْدَ انْفِصَالِ الدَّعْوَى بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : تَكْرِيرُ الْقَلْعِ وَالتَّصَرُّفِ بِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ قَلْعِهِ وَإِعْدَامِهِ أَوَّلًا مُسْتَحِيلٌ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الدَّعْوَى كَوْنُ الْمُدَّعِي مِمَّا يَحْتَمِلُ الثُّبُوتَ فَدَعْوَى مَا يَسْتَحِيلُ وُجُودُهُ بَاطِلَةٌ اهـ وَالدَّعْوَى مَتَى فُصِّلَتْ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ لَا تُنْقَضُ وَلَا تُعَادُ كَمَا صُرِّحَ بِذَلِكَ فِي كُتُبِ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَبْلَغُ دَيْنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِذِمَّةِ عَمْرٍو وَقَصَدَ زَيْدٌ السَّفَرَ وَلَهُ زَوْجَةٌ فَأَذِنَ لِعَمْرٍو أَنْ يَدْفَعَ لَهَا مِنْ الدَّيْنِ مَا تَحْتَاجُهُ مِنْ النَّفَقَةِ وَسَافَرَ فَدَفَعَ عَمْرٌو لَهَا شَيْئًا مِنْ الدَّيْنِ ثُمَّ حَضَرَ زَيْدٌ وَادَّعَى عَمْرٌو دَفْعَ قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّيْنِ وَكَذَّبَهُ زَيْدٌ وَالزَّوْجَةُ فِي ذَلِكَ وَاعْتَرَفَا بِوُصُولِ قَدْرٍ دُونَ مَا يَدِّعِيهِ عَمْرٌو فَهَلْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ عَمْرٍو إلَّا بِبَيِّنَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةِ حَيْثُ كَانَ الْمَالُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْمَأْذُونُ لَهُ بِالدَّفْعِ إذَا ادَّعَاهُ وَكَذَّبَاهُ فَإِنْ كَانَتْ أَمَانَةً فَالْقَوْلُ لَهُ وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا كَالْغَصْبِ وَالدَّيْنِ لَا كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَمِنْ الثَّانِي مَا إذَا أَذِنَ الْمُؤَجِّرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ بِالتَّعْمِيرِ مِنْ الْأُجْرَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ مِنْ أَمَانَاتِ الْأَشْبَاهِ. (سُئِلَ) فِي الدَّعْوَى إذَا فُصِّلَتْ مَرَّةً بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ مُسْتَوْفِيَةً شَرَائِطَهَا الشَّرْعِيَّةَ فَهَلْ لَا تُنْقَضُ وَلَا تُعَادُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا تُنْقَضُ وَلَا تُعَادُ

(أَقُولُ) لَيْسَ هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ هَذَا حَيْثُ لَمْ يَزِدْ الْمُدَّعِي عَلَى مَا صَدَرَ مِنْهُ أَوَّلًا أَمَّا لَوْ جَاءَ بِدَفْعٍ صَحِيحٍ أَوْ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْهَا فَإِنَّهَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَمَا أَوْضَحَهُ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الدَّعْوَى مِنْ فَتَاوَاهُ حَيْثُ قَالَ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ مَا نَصُّهُ يُنْظَرُ فِي دَعْوَى الْمُدَّعِي إنْ كَانَ أَتَى بِهَا مَعَ دَفْعٍ أَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً تُسْمَعُ وَيُقْبَلُ مِنْهُ الدَّفْعُ وَكَذَلِكَ لَوْ مَنَعَ الْخَصْمَ مِنْ التَّعَرُّضِ لَهُ لِعَدَمِ بَيِّنَةٍ قَامَتْ مِنْهُ عَلَى خَصْمِهِ ثُمَّ أَتَى بِهَا تُسْمَعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَيْثُ لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا صَدَرَ مِنْهُ أَوَّلًا وَهُوَ مَقْصُودُ الْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِهِمْ لَا تُسْتَأْنَفُ الدَّعْوَى قَالَ مَشَايِخُنَا فِي كُتُبِهِمْ كَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا يَصِحُّ الدَّفْعُ يَصِحُّ دَفْعُ الدَّفْعِ وَكَذَا يَصِحُّ دَفْعُ دَفْعِ الدَّفْعِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ يَصِحُّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَكَمَا يَصِحُّ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ يَصِحُّ بَعْدَهَا وَكَمَا يَصِحُّ الدَّفْعُ قَبْلَ الْحُكْمِ يَصِحُّ بَعْدَ الْحُكْمِ وَفِي الذَّخِيرَةِ بَرْهَنَ الْخَارِجُ عَلَى نِتَاجٍ فَحَكَمَ لَهُ ثُمَّ بَرْهَنَ ذُو الْيَدِ عَلَى النِّتَاجِ يَحْكُمُ لَهُ بِهِ اهـ فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي بَيِّنَةٍ مُثْبَتَةٍ وَلَهَا اعْتِبَارٌ وَحَكَمَ بِهَا وَسَمِعَ بَعْدَهَا دَعْوَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَبَطَلَ الْقَضَاءُ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فَكَيْفَ لَا تَبْطُلُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ فِيمَا أُلْحِقَ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَإِنْ حَكَمَ الْقَاضِي لَهُ بِظَاهِرِ الْيَدِ الْمُغْنِيَةِ لَهُ عَنْ الْبَيِّنَةِ فَكَيْفَ بَيِّنَةٌ غَيْرُ مُثْبَتَةٍ؛ لِأَنَّ عَنْهَا غِنًى بِالْيَدِ وَلَا حَاجَةَ لِلْحُكْمِ بِهَا إذْ الْقَضَاءُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ قَضَاءَ تَرْكٍ لَا قَضَاءَ اسْتِحْقَاقٍ فَنَقُولُ إنْ أَعَادَ الْخَصْمُ الدَّعْوَى وَلَا بَيِّنَةَ مَعَهُ بِمَا يَدَّعِي لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهَا عَيْنُ الْأُولَى حَيْثُ لَمْ يَقُمْ بَيِّنَةٌ وَلَمْ يَأْتِ بِدَفْعٍ شَرْعِيٍّ وَقَدْ مَنَعَ أَوَّلًا لِعَدَمِ إقَامَتِهَا فَمَا أَتَى بِهِ تَكْرَارٌ مَحْضٌ مِنْهُ وَقَدْ مَنَعَ بِمَا سَبَقَ فَلَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ وَلَا يَسْمَعُ مِنْهُ إجْمَاعًا اهـ كَلَامُ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ عَلَى إبْطَالِ الْقَضَاءِ بِأَنْ ادَّعَى دَارًا بِالْإِرْثِ وَبَرْهَنَ وَقَضَى ثُمَّ ادَّعَى الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ الشِّرَاءَ مِنْ مُوَرِّثِ الْمُدَّعِي أَوْ ادَّعَى الْخَارِجُ الشِّرَاءَ مِنْ فُلَانٍ وَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى شِرَائِهِ مِنْ فُلَانٍ أَوْ مِنْ الْمُدَّعِي قَبْلَهُ أَوْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالدَّابَّةِ فَبَرْهَنَ عَلَى نِتَاجِهَا عِنْدَهُ اهـ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُمْ يَصِحُّ الدَّفْعُ بَعْدَ الْحُكْمِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ فِيهِ إبْطَالُ الْقَضَاءِ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ التَّوْفِيقُ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ لَوْ أَتَى بِالدَّفْعِ بَعْدَ الْحُكْمِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لَا يُقْبَلُ نَحْوَ أَنْ يُبَرْهِنَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ قَبْلَ الدَّعْوَى أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الدَّارِ لَا يَبْطُلُ الْحُكْمُ لِجَوَازِ التَّوْفِيقِ بِأَنْ شَرَاهُ بِخِيَارٍ فَلَمْ يَمْلِكْهُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَقْتَ الْحُكْمِ فَمَلَكَهُ فَلَمَّا احْتَمَلَ هَذَا لَمْ يَبْطُلْ الْحُكْمُ الْجَائِزُ بِشَكٍّ وَلَوْ بَرْهَنَ قَبْلَ الْحُكْمِ يُقْبَلُ وَلَا يَحْكُمُ إذْ الشَّكُّ يَدْفَعُ الْحُكْمَ وَلَا يَرْفَعُهُ اهـ. لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ إمْكَانَ التَّوْفِيقِ كَافٍ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّوْفِيقِ بِالْفِعْلِ فَلَا تَقْيِيدَ بِمَا ذَكَرَ وَقَدْ ذَكَرُوا الْقَوْلَيْنِ فِي مَسَائِلِ التَّنَاقُضِ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَقَالَ إنَّهُ الْأَصْوَبُ عِنْدِي وَأَقَرَّهُ فِي نُورِ الْعَيْنِ أَنَّهُ إنْ كَانَ التَّنَاقُضُ ظَاهِرًا وَالتَّوْفِيقُ خَفِيًّا لَا يَكْفِي إمْكَانُ التَّوْفِيقِ وَإِلَّا يَكْفِي الْإِمْكَانُ ثُمَّ أَيَّدَهُ بِمَسْأَلَةٍ فِي الْجَامِعِ وَهِيَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَهُ فَمَكَثَ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ الشِّرَاءُ مِنْهُ ثُمَّ بَرْهَنَ عَلَى الشِّرَاءِ مِنْهُ بِلَا تَارِيخٍ قُبِلَ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ بِأَنْ يَشْتَرِيَهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَقْدِ الْمُبْهَمِ تُفِيدُ الْمِلْكَ لِلْحَالِ اهـ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا فِي مُخَمَّسَةِ الدَّعْوَى أَنَّ الْخَارِجَ لَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ الْمُطْلَقَ عَلَى ذِي الْيَدِ وَلَمْ يَدَّعِ ذُو الْيَدِ أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ أَوْدَعَهُ عِنْدَهُ أَوْ ادَّعَى وَلَكِنْ لَمْ يُبَرْهِنْ حَتَّى قَضَى لِلْخَارِجِ لَمْ تُسْمَعُ دَعْوَى ذِي الْيَدِ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْإِيدَاعِ وَلَا بُرْهَانِهِ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْبَحْرِ إنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ إنَّ الدَّفْعَ بَعْدَ الْحُكْمِ صَحِيحٌ إلَّا أَنْ يُخَصَّ مِنْ الْكُلِّيِّ اهـ وَأَجَابَ فِي نُورِ الْعَيْنِ بِأَنَّ هَذَا الْفَرْعَ لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِ الْمُخْتَارِ وَهُوَ عَدَمُ صِحَّةِ الدَّفْعِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الْبَحْرِ فَاغْتَنِمْ هَذِهِ الْفَوَائِدَ الْفَرَائِدَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى رَجُلٍ اسْمُهُ فَضْلُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ

وَظِيفَةٌ فِي وَقْفٍ وَقَيَّدَ اسْمَهُ فِي بَرَاءَةِ الْوَظِيفَةِ السَّيِّدُ أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ فَادَّعَى فَضْلُ اللَّهِ الْمَزْبُورُ عَلَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ بِوَظِيفَتِهِ فَأَنْكَرَهَا زَاعِمًا أَنَّهُ قَيَّدَ اسْمَهُ فِي الْبَرَاءَةِ السَّيِّدُ أَحْمَدُ فَهِيَ لِرَجُلٍ آخَرَ فَذَكَرَ فَضْلُ اللَّهِ بِأَنَّ لَهُ اسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا السَّيِّدُ أَحْمَدُ وَالثَّانِي فَضْلُ اللَّهِ وَيُرِيدُ إثْبَاتَ مَا ادَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيَجُوزُ تَعَدُّدُ الْأَسْمَاءِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ وَيَجُوزُ تَعَدُّدُ الِاسْمِ شَرْعًا وَعُرْفًا قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ فِي الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ الدَّعْوَى غَلَطُ الِاسْمِ لَا يَضُرُّ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ اسْمَانِ. وَفِي صُوَرِ الْمَسَائِلِ عَنْ الْفَتَاوَى الرَّشِيدِيَّةِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ اسْمَ جَدِّهِ أَحْمَدُ لَا تَبْطُلُ الدَّعْوَى لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لِجَدِّهِ اسْمَانِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ اشْتَرَى جَارِيَةً اسْمُهَا شَجَرَةُ الدُّرِّ وَاسْتُحِقَّتْ بِذَلِكَ الِاسْمِ وَعِنْدَ إرَادَةِ الْمُشْتَرِي الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ قَالَ اُسْتُحِقَّتْ مِنِّي جَارِيَةٌ اسْمُهَا قَضِيبُ الْبَانِ تَصِحُّ الدَّعْوَى إنْ قَالَ اُسْتُحِقَّتْ عَلَيَّ الْجَارِيَةُ الَّتِي اشْتَرَيْتهَا مِنْك وَالْغَلَطُ فِي الِاسْمِ لَا يَمْنَعُ الدَّعْوَى بَعْدَمَا عَرَّفَهَا بِذَلِكَ التَّعْرِيفِ وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّ لَهَا اسْمَيْنِ اهـ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ اسْمَيْنِ أَوْ أَنَّ اسْمَهُ أَحْمَدُ وَلَقَبَهُ فَضْلُ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْخَيْرِيَّةُ مِنْ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ سُئِلَ فِي رَجُلٍ تَدْعُوهُ النَّاسُ مُحَمَّدَيْنِ وَاسْمُهُ الْحَقِيقِيُّ مُحَمَّدٌ وَعَلَيْهِ تَيْمَارٌ بِبَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ وَالْمَكْتُوبُ فِيهَا اسْمُهُ الْحَقِيقِيُّ مُحَمَّدٌ لَا مُحَمَّدَيْنِ هَلْ يُوجِبُ ذَلِكَ خَلَلًا فِي بَرَاءَتِهِ أَمْ لَا الْجَوَابُ لَا يُوجِبُ خَلَلًا فَتَعَدُّدُ الْأَسْمَاءِ جَائِزٌ شَرْعًا وَعُرْفًا وَالْمُسَمَّى وَاحِدٌ فَإِذَا أَتَى مُتَعَنِّتٌ مُسْتَدْرِكًا فِيهَا بِهَذَا الْأَمْرِ مَا هُوَ نَافِذٌ وَلَا يَسْتَدْرِكُ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي التَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ هُوَ الْعِلْمُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِأَحَدِ الِاسْمَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ الْغَائِبِ دَارٌ مَرْهُونَةٌ مِنْ قِبَلِهِ عِنْدَ عَمْرٍو بِدَيْنٍ شَرْعِيٍّ ثَابِتٍ لِعَمْرٍو بِذِمَّةِ زَيْدٍ فَبِيعَتْ الدَّارُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ عَنْ دَيْنِهِ هُوَ ثَمَنُ مِثْلِهَا بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّيْنِ وَالرَّهْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لَدَى قَاضٍ شَافِعِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَأَجَازَهُ مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ وَأَفْتَى مُفْتٍ شَافِعِيٌّ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَالثُّبُوتِ ثُمَّ بَاعَ الْمُشْتَرِي الدَّارَ مِنْ بَكْرٍ وَتَصَرَّفَ بَكْرٌ بِالدَّارِ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً حَتَّى مَاتَ زَيْدٌ عَنْ ابْنٍ عَارَضَ بَكْرًا فِي الْمَبِيعِ وَتَرَافَعَ مَعَهُ لَدَى حَاكِمٍ حَنَفِيٍّ مَنَعَ الِابْنَ مِنْ مُعَارَضَةِ بَكْرٍ فِي الدَّارِ وَكَتَبَ بِكُلٍّ مِنْ الْبَيْعِ وَالثُّبُوتِ وَالْمَنْعِ حُجَّةً وَمَضَتْ مُدَّةٌ وَالْآنَ قَامَ الِابْنُ يُعَارِضُ بَكْرًا فِي الْمَبِيعِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُمْنَعُ الِابْنُ مِنْ الْمُعَارَضَةِ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذَكَرَ. (سُئِلَ) فِي عَقَارٍ مَعْلُومٍ جَارٍ فِي جِهَةِ وَقْفِ بِرٍّ وَالْمُتَوَلُّونَ عَلَى الْوَقْفِ وَاضِعُونَ يَدَهُمْ عَلَيْهِ وَمُتَصَرِّفُونَ فِيهِ لِجِهَةِ وَقْفِ الْبِرِّ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ فَادَّعَى مُتَوَلِّي وَقْفِ بِرٍّ آخَرَ عَلَى وَكِيلِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ لَدَى نَائِبِ مَحْكَمَةٍ بِجَرَيَانِ الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ فِي الْوَقْفِ الْآخَرِ وَحَكَمَ نَائِبُ الْمَحْكَمَةِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْآخَرِ بِالْعَقَارِ الْمَزْبُورِ بِشَهَادَةٍ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ عَلَى خِلَافِ الْمَشْهُورِ الْمُتَوَاتِرِ مِنْ كَوْنِ الْعَقَارِ جَارِيًا فِي جِهَةِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ وَبَعْدَ مُرُورِ الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ تَصَرَّفَ الْمُدَّعِي بِالْعَقَارِ مُدَّةَ أَرْبَعِ سِنِينَ ثُمَّ ادَّعَى وَكِيلٌ شَرْعِيٌّ عَنْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الْأَوَّلِ لَدَى نَائِبِ قَاضِي الْقُضَاةِ عَلَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الْآخَرِ بِأَنَّ الْحُكْمَ الْمَزْبُورَ صَدَرَ بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى خِلَافِ الْمَشْهُورِ الْمُتَوَاتِرِ وَأَنَّ الدَّعْوَى بَعْدَ مُرُورِ الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ بِلَا مَانِعٍ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ وَأَثْبَتَ دَعْوَاهُ الْمَزْبُورَةَ وَمَنَعَ نَائِبُ قَاضِي الْقُضَاةِ الْمُتَوَلِّيَ الْمَزْبُورَ وَجِهَةَ وَقْفِهِ مِنْ مُعَارَضَةِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ فِي الْعَقَارِ الْمَذْكُورِ وَحَكَمَ بِهِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْأَوَّلِ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ وَكَتَبَ بِهِ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَلِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى خِلَافِ الْمَشْهُورِ الْمُتَوَاتِرِ لَا تُسْمَعُ وَلَا تُقْبَلُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ اسْتِحْقَاقٌ مَعْلُومٌ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فَمَاتَ لَا عَنْ تَرِكَةٍ

وَلَهٌ وَلَدٌ انْتَقَلَ الِاسْتِحْقَاقُ إلَيْهِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فَقَامَ عَمْرٌو يَدَّعِي دَيْنًا لَهُ بِذِمَّةِ زَيْدٍ وَيُكَلِّفُ وَلَدَهُ دَفْعَهُ لَهُ مِنْ اسْتِحْقَاقِهِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُ الِابْنَ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِأَيْتَامٍ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي طَاحُونَةٍ إرْثًا عَنْ أَبِيهِمْ فَبَاعَهَا عَمُّهُمْ بِدُونِ وِصَايَةٍ عَلَيْهِمْ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ مِنْ زَيْدٍ وَتَصَرَّفَ بِهَا زَيْدٌ وَاسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا مُدَّةً حَتَّى بَلَغَ الْأَيْتَامُ رَشِيدِينَ وَيُرِيدُونَ الدَّعْوَى بِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَرَفْعَ يَدِهِ عَنْهَا وَمُطَالَبَتَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذَكَرَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ يَسُوعُ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي طَاحُونَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ جِهَاتِ وَقْفٍ وَمِيرِي جَارِيَةٍ فِي تَوَاجِرِ أَخَوَيْنِ وَتَصَرُّفِهِمَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ قَامَتْ الْآنَ امْرَأَةُ وَصِيٍّ عَلَى أَوْلَادِهَا الْأَيْتَامِ تُكَلِّفُ الْأَخَوَيْنِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ دَفْعَ مَبْلَغٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِجِهَةِ الْأَيْتَامِ وَيُسَمَّى ذَلِكَ رَسْمًا زَاعِمَةً أَنَّ بِيَدِ الْأَيْتَامِ تَيْمَارًا بِمُوجِبِ بَرَاءَةٍ مُحَرَّرَةٍ بِأَخْذِ شَيْءٍ مَعْلُومٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ يُسَمُّونَهُ رَسْمًا مِنْ أَرْبَابِ أَمَاكِنَ وَمَرْسُومٌ مِنْ جُمْلَةِ الْأَمَاكِنِ اسْمُ الطَّاحُونَةِ الْمَزْبُورَةِ وَأَنَّ الْأَيْتَامَ يَسْتَحِقُّونَ الْمَبْلَغَ لِتَيْمَارِهِمْ رَسْمًا عَلَى الطَّاحُونَةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ لِلْأَخَوَيْنِ وَلَا لِأَبِيهِمَا وَجَدِّهِمَا قَبْلَهُمَا دَفْعَ شَيْءٍ لِلْمَرْأَةِ وَلَا لِوَالِدِ أَوْلَادِهَا وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ التَّيْمَارِيِّينَ السَّابِقِينَ قَبْله فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَيْسَ لَهَا مُطَالَبَةُ الْأَخَوَيْنِ بِذَلِكَ وَالْمُسْتَأْجِرُ لَيْسَ بِخَصْمٍ لِسَمَاعِ هَذِهِ الدَّعْوَى فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي لِي بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ عَنْ الْمِصْرِ مُدَّةَ سَفَرٍ وَطَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ فَهَلْ يَحْلِفُ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ إذَا حَضَرَتْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ دَخَلَتْ الْحَمَّامَ ثُمَّ خَرَجَتْ مِنْهُ وَادَّعَتْ عَلَى الْحَمَّامِيَّةِ أَنَّهَا كَانَتْ دَفَعَتْ لَهَا قَبْلَ دُخُولِهَا زُنَّارًا وَالْحَمَّامِيَّةُ تُنْكِرُ ذَلِكَ وَتُكَلِّفُ الْمَرْأَةَ إثْبَاتَ دَعْوَاهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ تُكَلَّفُ إلَى ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَبِنْتٍ وَأَبٍ وَأُمٍّ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً بَاعَهَا الزَّوْجُ بِحُضُورِ الْأَبِ وَالْأُمِّ بِثَمَنٍ قَبَضَهُ فَقَامَتْ الْأُمُّ تَدَّعِي أَنَّ لَهَا فِي التَّرِكَةِ أَمْتِعَةً مُعَيَّنَةً دَفَعَتْهَا لَهَا حِينَ التَّجْهِيزِ عَلَى سَبِيلِ الْعَارِيَّةِ وَالْأُمُّ فَقِيرَةٌ وَالْعُرْفُ فِي بَلْدَتِهِمَا مُشْتَرَكٌ وَلَهَا بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَيَزْعُمُ الزَّوْجُ أَنَّ سُكُوتَهَا حِينَ الْبَيْعِ رِضًا مِنْهَا مَانِعٌ مِنْ دَعْوَى الْعَارِيَّةِ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِ الزَّوْجِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تُقْبَلُ مِنْهَا دَعْوَى الْعَارِيَّةِ بِوَجْهِهَا الشَّرْعِيِّ حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ وَأَمَّا سُكُوتُهَا حِينَ الْبَيْعِ فَلَا يَكُونُ رِضًا لِمَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ قَاعِدَةٍ لَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ وَلَوْ رَأَى الْمَالِكُ رَجُلًا يَبِيعُ مَتَاعَهُ وَهُوَ حَاضِرٌ سَاكِتٌ لَا يَكُونُ رِضًا عِنْدَنَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ الْغَائِبِ دَيْنٌ بِذِمَّةِ عَمْرٍو فَقَامَ بَكْرٌ يُكَلِّفُ عَمْرًا دَفْعَ الدَّيْنِ الْمَزْبُورِ لَهُ بِدُونِ وَكَالَةٍ عَنْ الْغَائِبِ وَلَا حَوَالَةٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ زَاعِمًا أَنَّ لَهُ دَيْنًا عَلَى الْغَائِبِ وَأَنَّ لَهُ أَخْذَهُ وَاسْتِيفَاءَهُ مِنْ دَيْنِهِ الَّذِي بِذِمَّةِ عَمْرٍو فَهَلْ لَيْسَ لِبَكْرٍ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ أَقَرُّوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِمَالٍ لِزَيْدٍ وَأَشْهَدُوا بِذَلِكَ ثُمَّ بَعْدَ الْإِقْرَارِ ادَّعَوْا أَنَّ بَعْضَ هَذَا الْمَالِ قَرْضٌ وَبَعْضَهُ رِبًا عَلَيْهِمْ وَأَقَامُوا بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ أَقَرَّ بِمَالٍ فِي صَكٍّ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ بَعْضَ هَذَا الْمَالِ قَرْضٌ وَبَعْضَهُ رِبًا عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً تُقْبَلْ اهـ. (سُئِلَ) فِي مَعْصَرَةِ دِبْسِ مُعَدَّةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَأَخِيهِ عَمْرٍو نِصْفَيْنِ فَمَاتَ زَيْدٌ عَنْ أَوْلَادٍ فَوَضَعَ عَمْرٌو أَخُوهُ يَدَهُ عَلَى جَمِيعِ الْمَعْصَرَةِ وَاسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا كُلَّهَا مُدَّةً بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ لِحِصَّةِ أَوْلَادِ أَخِيهِ حَتَّى مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ وَيُرِيدُ أَوْلَادُ زَيْدٍ الرُّجُوعَ فِي تَرِكَةِ عَمْرٍو بِأُجْرَةٍ مِثْلَ حِصَّتِهِمْ فِي الْمَعْصَرَةِ عَنْ الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذَكَرَ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُمْ ذَلِكَ (أَقُولُ) إنَّمَا يَسُوغُ لَهُمْ الرُّجُوعُ إنْ كَانُوا صِغَارًا فِي مُدَّةِ اسْتِيفَاءِ عَمِّهِمْ الشَّرِيكِ مَنْفَعَةَ

الْمَعْصَرَةِ الْمُشْتَرَكَةِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ مَنَافِعَ الْغَصْبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عِنْدَنَا إلَّا فِي ثَلَاثٍ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ وَقْفًا أَوْ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ لَكِنَّ الْمُعَدَّ لِلِاسْتِغْلَالِ إنَّمَا تُضْمَنُ مَنْفَعَتُهُ إذَا لَمْ يَسْكُنْ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ فَلَوْ سَكَنَهُ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ لَا يَضْمَنُ لِمَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الْغَصْبِ عَنْ الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَنَصُّهُ بَيْتٌ أَوْ حَانُوتٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ إنْ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ؛ لِأَنَّهُ سَكَنَ بِتَأْوِيلِ الْمِلْكِ اهـ فَفِي مَسْأَلَتِنَا حَيْثُ كَانَ الْأَوْلَادُ بَالِغِينَ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَا يَجِبُ لَهُمْ شَيْءٌ عَلَى الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّ سُكْنَاهُ كَانَتْ بِتَأْوِيلِ الْمِلْكِ وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا فَلَهُمْ الْأُجْرَةُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَالَ الْيَتِيمِ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ بَلْ ذَكَرَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ عَنْ الْقُنْيَةِ أَنَّ الْمُعَدَّ لِلِاسْتِغْلَالِ إذَا سَكَنَهُ الشَّرِيكُ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ لِيَتِيمٍ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ كَمَا حَرَّرْته فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ لَهُمْ بُسْتَانٌ ادَّعَى عَلَيْهِمْ مُدَّعٍ فِيهِ وَلَحِقَهُمْ خُسْرَانٌ بِسَبَبِ الدَّعْوَى غَرَّمَهُ أَحَدَهُمْ بَعْدَمَا قَالَ لَهُ الْبَاقُونَ ادْفَعْ ذَلِكَ وَمَهْمَا غَرِمْت فَعَلَيْنَا بِقَدْرِ حِصَّتِنَا فَدَفَعَهُ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِمْ بِقَدْرِ حِصَّتِهِمْ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ ابْنٍ وَبَنَاتٍ بَالِغِينَ وَخَلَّفَ دَارًا وَضَعَ الِابْنُ الْمَزْبُورُ يَدَهُ عَلَيْهَا مُدَّةَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَطَلَبَ الْبَنَاتُ حِصَّتَهُنَّ مِنْهَا فَامْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهَا لَهُنَّ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّ دَعْوَاهُنَّ بَعْدَ مُرُورِ الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ لَا تُسْمَعُ مَعَ إقْرَارِهِ بِأَنَّ الدَّارَ مُخَلَّفَةٌ لَهُمْ عَنْ أَبِيهِمْ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُنَّ بِذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تُسْمَعُ. (سُئِلَ) فِي بِكْرٍ بَالِغَةٍ ظَهَرَ بِهَا حَبَلٌ وَسُئِلَتْ عَنْهُ فَقَالَتْ مِنْ زَيْدٍ وَزَيْدٌ يُنْكِرُ وَلَمْ يُصَدِّقْهَا عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ وَلَا تُصَدَّقُ فِي حَقِّهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا تُصَدَّقُ فِي حَقِّهِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَكِبَ زَيْدٌ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ بِجُذُوعٍ وَعَارَضَهُ الْجَارُ فِي ذَلِكَ فَدَفَعَ لَهُ زَيْدٌ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ لِيُبْقِيَ الْجُذُوعَ ثُمَّ هَدَمَ الْجَارُ الْحَائِطَ وَسَقَطَتْ الْجُذُوعُ وَمَنَعَ زَيْدًا مِنْ إعَادَتِهَا وَيُرِيدُ زَيْدٌ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِالْمَبْلَغِ وَأَخْذَهُ مِنْهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ وَابْنِ أَخِيهَا الْغَائِبِ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فِي مَحَلَّةِ كَذَا وَيَرِدُ عَلَى الْمَحَلَّةِ غَرَامَاتٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِحِفْظِ الْأَمْلَاكِ وَيُكَلِّفُ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ هِنْدًا إلَى دَفْعِ مَا عَلَى نَصِيبِ الْغَائِبِ فِي الدَّارِ مِنْ الْغَرَامَاتِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ الْغَرَامَاتِ لِحِفْظِ الْأَمْلَاكِ فَهِيَ عَلَى الْمُلَّاكِ بِحَسَبِ أَمْلَاكِهِمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو الْأَصِيلِ عَنْ نَفْسِهِ وَالْوَكِيلِ عَنْ وَالِدَتِهِ بِأَنَّ مِنْ الْجَارِي فِي مِلْكِ الْمُدَّعِي وَالْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ بِالشِّرَاءِ مِنْ مُدَّةِ تِسْعِ سِنِينَ مِنْ فُلَانٍ بِثَمَنِ كَذَا جَمِيعُ الْبَغْلِ الْحَاضِرِ وَأَنَّهُ نُهِبَ مِنْهُ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَوَجَدَهُ الْآنَ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمُوَكِّلَتِهِ وَطَالَبَهُ بِتَسْلِيمِهِ إلَيْهِ فَأَجَابَ عَمْرٌو بِوَضْعِ يَدِهِ وَيَدِ مُوَكِّلَتِهِ عَلَى الْبَغْلِ الْمَزْبُورِ لِجَرَيَانِهِ فِي مِلْكِهِمَا بِمُقْتَضَى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَشَقِيقَهُ بَكْرًا كَانَا ابْتَاعَاهُ مِنْ مُدَّةِ تِسْعِ سِنِينَ وَخَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ مِنْ رَجُلٍ اسْمُهُ كَذَا بِثَمَنِ كَذَا ثُمَّ فُقِدَ مِنْ يَدِ أَخِيهِ بَكْرٍ ثُمَّ مَاتَ بَكْرٌ وَانْحَصَرَ إرْثُهُ فِيهِ وَفِي أُمِّهِ الْمُوَكِّلَةِ الْمَزْبُورَةِ ثُمَّ وَجَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأُمُّهُ الْمُوَكِّلَةُ الْبَغْلَ الْمَزْبُورَ بِيَدِ رَجُلٍ وَأَثْبَتَا جَرَيَانَهُ فِي مِلْكِهِمَا لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ حَكَمَ لَهُمَا بِهِ بَعْدَ حَلِفِهِمَا عَلَى ذَلِكَ الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّ بِمُوجِبِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ بِتَارِيخِ كَذَا وَأَبْرَزَهَا مِنْ يَدِهِ وَتَمَسَّكَ بِهَا وَأَنْكَرَ جَرَيَانَهُ فِي مِلْكِ الْمُدَّعِي الْمَزْبُورِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعِي الْمَضْمُونُ الْحُجَّةَ فَهَلْ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي أَوْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِذَا أَقَامَاهَا بِأَيِّهِمَا يُعْمَلُ؟ (الْجَوَابُ) : يُقْضَى بِالْبَغْلِ الْمَذْكُورِ لِمَنْ يُثْبِتُ سَبْقَ الشِّرَاءِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَالْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالتَّنْوِيرِ وَعِبَارَتُهُ وَإِنْ بَرْهَنَ خَارِجَانِ عَلَى مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ أَوْ شِرَاءٍ مُؤَرَّخٍ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ خَارِجٌ عَلَى مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ وَذُو يَدٍ عَلَى مِلْكٍ مُؤَرَّخٍ أَقْدَمَ فَالسَّابِقُ أَحَقُّ اهـ وَفِي الْمِنَحِ مَا نَصُّهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ

عَلَى الشِّرَاءِ لَا تُقْبَلُ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَهُوَ يَمْلِكُهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ مَعْزِيًّا إلَى خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (أَقُولُ) مَا فِي الْمِنَحِ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ نَقْلًا عَنْ نُورِ الْعَيْنِ فَرَاجِعْهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ فَدَفَعَ الْأَرْضَ لِعَمْرٍو لِيَزْرَعَهَا عَمْرٌو لِنَفْسِهِ وَيَدْفَعَ مَا عَلَيْهَا لِلْوَقْفِ وَغَيْرِهِ فَزَرَعَهَا عَمْرٌو فِي عِدَّةِ سِنِينَ وَدَفَعَ مَا عَلَيْهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَغَيْرِهِ وَالْآنَ قَامَ زَيْدٌ يُطَالِبُ عَمْرًا بِأُجْرَةِ الْأَرْضِ زَاعِمًا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَتَهَا فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ تَدَّعِي قِدَمَ نَهْرَيْنِ أَزْيَدَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ وَأَنَّ لَهَا بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ وَرَجُلٍ يَدَّعِي الْحُدُوثَ مِنْ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ فَأَيُّ الْبَيِّنَتَيْنِ تُقَدَّمُ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ وَالْقِدَمِ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ بَيِّنَةُ الْقِدَمِ أَوْلَى وَفِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ لِلْبَغْدَادِيِّ عَنْ الْقُنْيَةِ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ أَوْلَى وَذَكَرَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْتَقَى أَنَّ بَيِّنَةَ الْقِدَمِ أَوْلَى فِي الْبِنَاءِ وَبَيِّنَةَ الْحُدُوثِ أَوْلَى فِي الْكَنِيفِ اهـ. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ لَهُ كَنِيفٌ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَزَعَمَ غَيْرُهُ أَنَّهُ مُحْدَثٌ وَزَعَمَ صَاحِبُهُ أَنَّهُ قَدِيمٌ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ مُحْدَثٌ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ وِلَايَةَ النَّقْضِ ثُمَّ رَقَّمَ لِكِتَابٍ آخَرَ الْقَوْلُ فِي هَذَا قَوْلُ الْمُدَّعِي بِالْقِدَمِ لِكَوْنِهِ مُتَمَسِّكًا بِالْأَصْلِ اهـ وَفِي رِسَالَةِ الْحِجَجِ وَالْبَيِّنَاتِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْأُصُولِ إنَّمَا هُوَ كَوْنُهَا مُثْبِتَةً خِلَافَ الظَّاهِرِ إذْ الْبَيِّنَةُ إنَّمَا شُرِعَتْ لِإِثْبَاتِ أَمْرٍ حَادِثٍ وَالْيَمِينُ لِإِبْقَائِهِ عَلَى مَا كَانَ اهـ فَعَلَى هَذَا بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ تُقَدَّمُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (أَقُولُ) وَحَاصِلُ مَا فِي الْحَاوِي أَنَّ بَيِّنَةَ الْحُدُوثِ أَوْلَى لِإِثْبَاتِهَا أَمْرًا عَارِضًا وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْعُرُوضِ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِلْأَصْلِ الْمُقَرَّرِ فِي الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ مِنْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لِإِثْبَاتِ خِلَافِ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْبَيِّنَةِ وَلِذَا حَيْثُ عُدِمَتْ الْبَيِّنَةُ يَكُونُ الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْقِدَمِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ تَرْجِيحُ هَذَا عَلَى مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْقَوَاعِدِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَقَدَّمْنَا أَنَّ مَا فِي شَرْحِ الْمُنْتَقَى حِكَايَةٌ لِقَوْلَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ لَا جَمْعٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ إذْ لَا فَرْقَ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ بَيْنَ الْكَنِيفِ وَالْبِنَاءِ وَقَدَّمْنَا أَيْضًا قَوْلًا ثَالِثًا فِي الْمَسْأَلَةِ وَأَنَّ الْمُؤَلِّفَ أَفَادَ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ حَيْثُ لَمْ يُؤَرِّخَا فَإِنْ أَرَّخَا قُدِّمَ الْأَسْبَقُ تَارِيخًا كَمَا جَزَمَ بِهِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَغَيْرُهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ بَالِغِينَ وَخَلَّفَ تَرِكَةً مُشْتَمِلَةً عَلَى دُيُونٍ لَهُ بِذِمَمِ جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ وَعَلَى أَعْيَانٍ مَعْلُومَةٍ اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ الْأَعْيَانَ وَبَقِيَتْ الدُّيُونُ بِذِمَمِ الْجَمَاعَةِ لَمْ يُسْقِطْهَا الْوَرَثَةُ بِمُسْقِطٍ وَلَا اسْتَوْفَوْهَا وَلَا شَيْئًا مِنْهَا وَكَتَبُوا بِالِاقْتِسَامِ حُجَّةً مُتَضَمَّنَةً لِلْإِبْرَاءِ الْعَامِّ بَيْنَهُمْ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَا يَسْتَحِقُّ قِبَلَ الْآخَرِ حَقًّا مُطْلَقًا لَا مِنْ التَّرِكَةِ وَلَا مِنْ غَيْرِهَا فَهَلْ تَكُونُ الدُّيُونُ الْمَذْكُورَةُ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ عَلَى حَسَبِ حِصَصِهِمْ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا تَدْخُلُ فِي الْإِبْرَاءِ الْمَذْكُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يَحْتَرِفُ بِعَصْرِ بَزْرِ الْمِشْمِشِ يَسْتَخْرِجُ دُهْنَهُ وَيَبِيعُهُ وَهُوَ مُتْقِنٌ لِحِرْفَتِهِ وَيُكَلِّفُهُ أَهْلُ حِرْفَتِهِ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ جَبْرًا بِلَا رِضَاهُ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُمْنَعُونَ مِنْ تَكْلِيفِهِ ذَلِكَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ لَهُمْ دَعْوَى عَلَى ابْنِ زَيْدٍ الْبَالِغِ يُكَلِّفُونَ زَيْدًا إحْضَارَ ابْنِهِ بِلَا كَفَالَةٍ مِنْهُ لَهُ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا يَلْزَمُ الْأَبَ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ إحْضَارُ وَلَدِهِ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِرَجُلَيْنِ مَبْلَغُ دَيْنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُرْصَدٌ لَهُمَا عَلَى حَمَّامِ وَقْفٍ مَصْرُوفٍ فِي تَعْمِيرِهِ الضَّرُورِيِّ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَمَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ فَدَفَعَ ذَلِكَ لَهُمَا رَجُلَانِ مِنْ مَالِهِمَا بِإِذْنِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَالْقَاضِي لِيَكُونَ لَهُمَا مُرْصَدًا عَلَى الْوَقْفِ وَحَكَمَ لَهُمَا بِاسْتِحْقَاقِهِمَا لِذَلِكَ عَلَى الْوَقْفِ وَمَضَتْ مُدَّةٌ وَالْآنَ يُرِيدُ

كتاب الإقرار

الدَّافِعَانِ الْمَذْكُورَانِ الرُّجُوعَ عَلَى الْقَابِضِينَ بِنَظِيرِ الْمَبْلَغِ الْمَدْفُوعِ وَأَخْذَهُ مِنْهُمَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ زَيْدٌ لَا عَنْ وَارِثٍ ظَاهِرٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً فَادَّعَى عَمْرٌو دَيْنًا قَدْرَهُ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ لَهُ بِذِمَّةِ زَيْدٍ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ زَيْدٍ بَعْدَمَا نَصَّبَ الْقَاضِي وَصِيًّا لِسَمَاعِ الدَّعْوَى الْمَذْكُورَةِ وَأَقَامَ عَمْرٌو بَيِّنَةً عَادِلَةً شَهِدَتْ لَهُ بِطِبْقِ دَعْوَاهُ الْمَزْبُورَةِ فِي وَجْهِ الْوَصِيِّ الْمَذْكُورِ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ الْحَلِفَ الشَّرْعِيَّ بَعْدَ جُحُودِ الْوَصِيِّ لِذَلِكَ وَحَكَمَ لَهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ وَيُرِيدُ عَمْرٌو أَخْذَ ذَلِكَ مِنْ التَّرِكَةِ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ وَرَثَةَ زَيْدٍ الْمَقْتُولِ ادَّعَوْا عَلَى جَمَاعَةٍ خَمْسَةِ أَنْفَارٍ مَعْلُومِينَ بِأَنَّهُمْ ضَرَبُوا بُنْدُقِيَّتَيْنِ فَأَصَابَتْ إحْدَاهُمَا مُهْرَ زَيْدٍ الْمَذْكُورَ فِي خَاصِرَتِهِ الْيُمْنَى وَخَرَجَتْ مِنْ الْيُسْرَى وَضَرَبُوهُ أَيْضًا بِسِكِّينٍ فِي صَدْرِهِ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ سَاعَتِهِ وَلَا تَعْلَمُ الْوَرَثَةُ مَنْ ضَرَبَهُ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَجَاءُوا بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَا كَذَلِكَ وَأَنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ مَنْ ضَرَبَهُ مِنْهُمْ وَيَعْلَمَانِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ الضَّرْبِ الْحَاصِلِ مِنْ بَيْنِ الْخَمْسَةِ أَنْفَارٍ الْمَذْكُورِينَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : شَرْطُ صِحَّةِ الدَّعْوَى الْعِلْمُ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَتَعْيِينُهُ لِيُنَصِّبَ الْحُكْمَ عَلَيْهِ فَحَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ الضَّارِبُ وَلَمْ يُعَيَّنْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى جَمِيعِ الضَّارِبِينَ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَصُورَةُ مَا أَفْتَى بِهِ فِي جَمَاعَةٍ يَضْرِبُونَ بِالْبُنْدُقِ حَوْلَ مَطْهَرٍ أَصَابَتْ بُنْدُقَةٌ وَجْهَ صَغِيرٍ فَبَضَّعَتْهُ وَلَمْ يُعْلَمْ الضَّارِبُ فَمَا الْحُكْمُ أَجَابَ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ الضَّارِبُ وَلَمْ يُعَيَّنْ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى جَمِيعِ الضَّارِبِينَ حَيْثُ لَا يُتَصَوَّرُ الضَّرْبُ مِنْهُمْ بِأَجْمَعِهِمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُحَالٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَتْ هِنْدٌ عَلَى وَكِيلِ بِنْتِ زَوْجِهَا بِأَنَّ لَهَا بِذِمَّةِ بَعْلِهَا وَالِدِ الْمُوَكِّلَةِ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ قَدْرُهُ كَذَا وَأَنَّهُ مَاتَ وَالْمَبْلَغُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ وَبَرْهَنَتْ وَحَلَفَتْ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ إنْكَارِ الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ وَحُكِمَ لَهَا بِذَلِكَ ثُمَّ بَلَغَ الْمُوَكِّلَةَ أَنَّ الْمُدَّعِيَةَ أَبْرَأَتْ ذِمَّةَ بَعْلِهَا الْمَزْبُورَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إبْرَاءً عَامًّا مِنْ كُلِّ حَقٍّ وَدَعْوَى وَطَلَبٍ وَلَهَا بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ بِذَلِكَ فَهَلْ إذَا أَقَامَتْهَا تُسْمَعُ وَتُمْنَعُ الْمُدَّعِيَةُ مِنْ دَعْوَاهَا الْمَزْبُورَةِ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَمَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا فَقَالَ مَا كَانَ لَك عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي عَلَى أَلْفٍ وَبَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْقَضَاءِ أَيْ الْإِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَلَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ قُبِلَ بُرْهَانُهُ. اهـ. ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا قَرْضًا فَأَنْكَرَ قَائِلًا مَا لَك عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ فَبَرْهَنَ الطَّالِبُ عَلَى الدَّيْنِ وَالْمَطْلُوبُ عَلَى الْإِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ يُقْبَلُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ وَلَوْ زَادَ وَلَا أَعْرِفُك لَا يُسْمَعُ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّوْفِيقِ وَعَنْ الْقُدُورِيِّ يُسْمَعُ أَيْضًا لِجَوَازِ صُدُورِ الْإِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ مِنْ بَعْضِ وُكَلَائِهِ كَمَا يَكُونُ لِلْأَشْرَافِ وَإِنْ قَالَ لَيْسَ لَك عِنْدِي وَدِيعَةٌ تُسْمَعُ دَعْوَى الرَّدِّ وَالْهَلَاكِ لِوُضُوحِ التَّوْفِيقِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ لَيْسَ لَك عِنْدِي وَدِيعَةٌ لِأَنِّي رَدَدْتهَا أَوْ هَلَكَتْ فَعَلَى هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ الَّتِي ذَكَرْنَا عَنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ الْجَوَابُ وَيُقَالَ إنْ قَالَ لَيْسَ لَك عَلَيَّ تُسْمَعُ دَعْوَى الْإِيفَاءِ وَلَوْ قَالَ مَا اسْتَدَنْت مِنْك لَا لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّوْفِيقِ بَزَّازِيَّةٌ فِي الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَةِ. [كِتَابُ الْإِقْرَار] (كِتَابُ الْإِقْرَارِ) (سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ اقْتَسَمُوا تَرِكَةَ مُوَرِّثِهِمْ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَأَقَرَّ كُلٌّ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ يَسْتَحِقُّ قَبْلَ الْآخَرِ حَقًّا مُطْلَقًا مِنْ سَائِرِ الْحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ إقْرَارًا شَرْعِيًّا صَدَرَ مِنْهُمْ فِي صِحَّتِهِمْ وَجَوَازِ أَمْرِهِمْ الشَّرْعِيِّ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَمَضَتْ مُدَّةٌ فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا يُعْمَلُ بِهِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدِهِمْ عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ سَابِقٍ عَلَى الْإِقْرَارِ الْمَزْبُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ

(أَقُولُ) سَيَأْتِي كَلَامٌ طَوِيلٌ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِأَجِيرِهِ إنْ أَخْرَجْتُك مِنْ عِنْدِي فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي لِي عَلَيْك وَيُرِيدُ الْآنَ إخْرَاجَهُ فَهَلْ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْإِبْرَاءِ بِالشَّرْطِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يَصِحُّ قَالَ فِي الْكَنْزِ قُبَيْلَ الصَّرْفِ مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ الْبَيْعُ وَالْقِسْمَةُ إلَى أَنْ قَالَ وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ بِمَبْلَغِ دَيْنٍ مَعْلُومٍ لَهَا بِذِمَّتِهِ إقْرَارًا شَرْعِيًّا صَدَرَ مِنْهُ فِي صِحَّتِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ الشَّرْعِيِّ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ مَاتَ عَنْهَا وَعَنْ وَرَثَةِ غَيْرِهَا فَهَلْ يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ الْمَزْبُورِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُعْمَلُ بِهِ حَيْثُ كَانَ فِي الصِّحَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ دَارًا مِنْ مُلَّاكِهَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ دَفَعَهُ لَهُمْ وَكُتِبَ بِذَلِكَ صَكٌّ ثُمَّ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ أَنَّهُ اشْتَرَى الْمَبِيعَ الْمَزْبُورَ لِأُخْتِهِ فُلَانَةَ وَأَنَّ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهَا وَأَنَّ اسْمَهُ فِي الصَّكِّ الْمَزْبُورِ عَارِيَّةٌ لَا حَقَّ لَهُ مَعَهَا فِي ذَلِكَ وَصَدَّقَتْهُ أُخْتُهُ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ الْمَزْبُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ الشَّرْعِيِّ أَنَّ الْمَبْلَغَ وَقَدْرُهُ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمُكْتَتَبِ بِاسْمِهِ بِذِمَّةِ فُلَانٍ بِمُوجَبِ صَكٍّ لِفُلَانَةَ وَأَنَّ اسْمَهُ فِي صَكِّ الدَّيْنِ عَارِيَّةٌ فَهَلْ يَكُونُ إقْرَارُهُ الْمَذْكُورُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ أَبِيهِ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ قَبَضَهُ مِنْهُ مُؤَجَّلًا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ وَدَفَعَ زَيْدٌ الْمَبْلَغَ لِأَبِيهِ وَالْآنَ قَامَ أَخٌ لِزَيْدٍ يُكَلِّفُهُ دَفْعَ نَظِيرِ الْمَبْلَغِ زَاعِمًا أَنَّ الْأَبَ قَدْ أَقَرَّ أَنَّ الدَّيْنَ الْمَذْكُورَ الَّذِي لَهُ لِلْأَخِ فَهَلْ يَكُونُ قَبْضُ الْأَبِ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَكُونُ قَبْضُ الْأَبِ صَحِيحًا وَلَيْسَ لِلْأَخِ مُطَالَبَةُ زَيْدٍ بِذَلِكَ قَالَ الدَّيْنُ الَّذِي لِي عَلَى فُلَانٍ لِفُلَانٍ أَوْ الْوَدِيعَةُ الَّتِي عِنْدَ فُلَانٍ هِيَ لِفُلَانٍ فَهُوَ إقْرَارٌ لَهُ بِهِ وَحَقُّ الْقَبْضِ لِلْمُقِرِّ وَلَكِنْ لَوْ سُلِّمَ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ بَرِئَ خُلَاصَةٌ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ إنْ أَضَافَ لِنَفْسِهِ كَانَ هِبَةً فَيَلْزَمُ التَّسْلِيمُ وَلِذَا قَالَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَلَوْ لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَى الْقَبْضِ فَإِنْ قَالَ وَاسْمِي فِي كِتَابِ الدَّيْنِ عَارِيَّةٌ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ لَمْ يَصِحَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي عَامَّةِ الْمُعْتَبَرَاتِ خِلَافًا لِلْخُلَاصَةِ فَتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ مِنْ الْإِقْرَارِ وَاَلَّذِي مَرَّ هُوَ قَوْلُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمَاتِنِ جَمِيعُ مَالِي أَوْ مَا أَمْلِكُهُ لَهُ هِبَةٌ لَا إقْرَارٌ فَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ الْهِبَةِ مِنْ التَّسْلِيمِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى أَضَافَ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى مِلْكِهِ كَانَ هِبَةً. اهـ. فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّ قَبْضَ الْمُقِرِّ الْمَذْكُورِ فِي السُّؤَالِ الْمَزْبُورِ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْقَبْضِ لَهُ عَلَى مَا فِي الْخُلَاصَةِ إنْ صَحَّ إقْرَارُهُ وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ إقْرَارُهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّسْلِيمُ إذْ هُوَ هِبَةٌ وَأَيْضًا تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ يُسَلِّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ وَلَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَى قَبْضِهِ فَيَكُونُ الدَّيْنُ بَاقِيًا لَهُ وَوِلَايَةُ قَبْضِ دَيْنِهِ لَهُ لَا لِغَيْرِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ أَقَرَّتْ فِي صِحَّتِهَا بِأَنَّ زَيْدًا ابْنُ ابْنِ عَمِّهَا عَصَبَةً لِأُمٍّ وَأَبٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وَارِثٌ مَعْرُوفٌ وَمَاتَتْ عَلَى إقْرَارِهَا الْمَذْكُورِ عَنْ تَرِكَةٍ فَهَلْ يَرِثُهَا زَيْدٌ الْمَزْبُورُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَارِثٌ مَعْرُوفٌ وَلَوْ بَعِيدًا يَرِثُهَا زَيْدٌ الْمُقَرُّ لَهُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ مِنْ الْمُلْتَقَى. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ أَبْرَأَتْ زَوْجَهَا مِنْ مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا الْمَعْلُومِ الَّذِي عَلَيْهِ فِي صِحَّتِهَا وَجَوَازِ أَمْرِهَا الشَّرْعِيِّ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْهَا وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ وَالْآنَ تُرِيدُ الدَّعْوَى بِذَلِكَ عَلَيْهِ فَهَلْ لَا تُسْمَعُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَكُونُ دَعْوَاهَا غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ زَيْدٌ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ الشَّرْعِيِّ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ أَنَّ جَمِيعَ مَا كَانَ دَاخِلَ دَارِهِ الْمَعْلُومَةِ مِلْكٌ لِزَوْجَتِهِ فُلَانَةَ لَا حَقَّ لَهُ مَعَهَا فِي ذَلِكَ وَصَدَّقَتْهُ بِذَلِكَ وَالْآنَ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ الزَّوْجَةِ وَعَنْ أُخْتٍ تُعَارِضُهَا فِي جَمِيعِ الْأَمْتِعَةِ الْمَوْجُودَةِ فِي الدَّارِ الْمَزْبُورَةِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ الْمَرْقُومِ فَهَلْ هَذَا الْإِقْرَارُ صَحِيحٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ مَا فِي يَدِي مِنْ قَلِيلٍ

أَوْ كَثِيرٍ مِنْ عَبْدٍ وَغَيْرِهِ أَوْ فِي حَانُوتِي صَحَّ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ لَا مَجْهُولٌ بَزَّازِيَّةٌ وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ قَالَ مَا فِي يَدِي مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ لِفُلَانٍ صَحَّ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ وَلَيْسَ بِمَجْهُولٍ فَإِنْ حَضَرَ الْمُقَرُّ لَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِهِ وَاخْتَلَفَا فِي عَبْدٍ فِي يَدِهِ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ يَوْمَ الْإِقْرَارِ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقِرِّ وَكَذَا لَوْ قَالَ جَمِيعُ مَا فِي حَانُوتِي خَانِيَّةٌ مِنْ الْإِقْرَارِ وَسُئِلَ الْحَانُوتِيُّ فِيمَنْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ جَمَاعَةً أَنَّ جَمِيعَ مَا بِمَنْزِلِهِ الْكَائِنِ بِمَحَلَّةِ كَذَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ مِلْكٌ لِزَوْجَتِهِ فُلَانَةَ وَأَنَّهَا تَسْتَحِقُّهُ دُونَهُ وَدُونَ كُلِّ وَاحِدٍ وَلَمْ يُحِطْ عِلْمُ الشُّهُودِ وَقْتَ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ فَهَلْ إذَا ادَّعَتْ الزَّوْجَةُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهَا بِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ عَلَى وَرَثَةِ الزَّوْجِ وَقَامَتْ الْجَمَاعَةُ الْمَذْكُورُونَ يَشْهَدُونَ لَهَا أَوْ لِمَنْ قَامَ مَقَامَهَا بِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ عَلَى الزَّوْجِ الْمَزْبُورِ بِمَا أَشْهَدَهُمْ بِهِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بِذَلِكَ وَلَا تَكُونُ شَهَادَتُهُمْ بِمَجْهُولٍ فَأَجَابَ الشَّهَادَةُ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهَا عَلَى سَبِيلِ الْعُمُومِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ بِجَمِيعِ مَا فِي الْمَنْزِلِ وَالْعُمُومُ مِنْ قَبِيلِ الْمَعْلُومِ لَا مِنْ قَبِيلِ الْمَجْهُولِ فَلَا تَكُونُ شَهَادَةً بِمَجْهُولٍ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قُبَيْلَ نَوْعٍ فِيمَا يَكُونُ جَوَابًا مَا نَصُّهُ مَا فِي يَدِي مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ مِنْ عَبْدٍ وَغَيْرِهِ أَوْ مَا فِي حَانُوتِي صَحَّ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ لَا مَجْهُولٌ وَكَذَا فِي قَاضِي خَانْ اهـ. (أَقُولُ) نَعَمْ لَوْ أَنْكَرَتْ وَرَثَةُ الزَّوْجِ أَنَّ هَذِهِ الْأَمْتِعَةَ كَانَتْ فِي الْمَنْزِلِ يَوْمَ الْإِقْرَارِ كَانَ الْقَوْلُ لَهُمْ لِقِيَامِهِمْ مَقَامَهُ وَكَانَ عَلَى الزَّوْجَةِ إثْبَاتُ ذَلِكَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْخَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو بِأَنَّ لِي بِذِمَّتِك كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ قَرْضًا فَقَالَ عَمْرٌو إنَّك أَبْرَأْتَنِي مِنْ الْقَرْضِ الْمَزْبُورِ فَادَّعَى زَيْدٌ بِأَنَّ الْإِبْرَاءَ الْمَزْبُورَ صَدَرَ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبِيلِ التَّلْجِئَةِ وَفَسَّرَهَا وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَيْهَا فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا ادَّعَى أَنَّ مَا صَدَرَ بَيْنَهُمَا مِمَّا ذُكِرَ كَانَ بِطَرِيقِ التَّلْجِئَةِ وَالْمُوَاضَعَةِ وَفَسَّرَهَا وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى طِبْقِ مُدَّعَاهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِطَرِيقِهَا الشَّرْعِيِّ ثُمَّ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ التَّلْجِئَةِ لَا يَجُوزُ الْإِقْرَارُ بِالتَّلْجِئَةِ بِأَنْ يَقُولَ لِآخَرَ إنِّي أُقِرُّ لَك فِي الْعَلَانِيَةِ بِمَالٍ وَتَوَاضَعَا عَلَى فَسَادِ الْإِقْرَارِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ حَتَّى لَا يَمْلِكَ الْمُقَرُّ لَهُ مِنْ الْبَدَائِعِ وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ هَزْلٌ وَتَلْجِئَةٌ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ جِدٌّ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْجِدِّ وَعَلَى الْآخَرِ الْبَيِّنَةُ مِنْ الثَّامِنِ مِنْ بُيُوعِ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى عَطَاءِ اللَّهِ أَفَنْدِي مِنْ الْكَفَالَةِ وَأَحَالَهُ إلَى الْبَدَائِعِ أَيْضًا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ لِي عَلَيْك كَذَا فَقَالَ صَدَقْت يَلْزَمُهُ إذَا لَمْ يَقُلْهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِهْزَاءِ وَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الِاسْتِهْزَاءِ بِيَمِينِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ مِنْ حَاشِيَةِ الْبَحْرِ لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ مِنْ بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بِذِمَّةِ عَمْرٍو دَيْنٌ وَبِهِ رَهْنٌ فَمَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ وَوُجِدَ الرَّهْنُ فِي تَرِكَتِهِ فَقَالَ وَكِيلُ الْوَرَثَةِ لِعَمْرٍو هَذَا رَهْنُك فَقَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَالَ لَهُ بَقِيَ لَك قِبَلَهُ شَيْءٌ غَيْرُ هَذَا فَقَالَ عَمْرٌو لَمْ يَبْقَ لِي قِبَلَهُ شَيْءٌ وَالْآنَ يَدَّعِي عَمْرٌو أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ حُلِيًّا مَعْلُومًا لِنَفْسِهِ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ مَا ذُكِرَ تَكُونُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ دَخَلَ تَحْتَ الْبَرَاءَةِ كُلُّ حَقٍّ هُوَ مَالٌ أَوْ لَيْسَ بِمَالٍ كَالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَمَا هُوَ دَيْنٌ بَدَلٌ عَمَّا هُوَ مَالٌ كَالثَّمَنِ وَالْأُجْرَةِ أَوْ وَجَبَ بَدَلًا عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ كَالْمَهْرِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَمَا هُوَ مَضْمُونٌ كَالْغَصْبِ أَوْ أَمَانَةٌ كَالْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ وَإِنَّمَا دَخَلَ تَحْتَ الْبَرَاءَةِ الْحُقُوقُ كُلُّهَا مَا هُوَ مَالٌ وَمَا لَيْسَ بِمَالٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا حَقَّ لِي نَكِرَةٌ فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ وَالنَّكِرَةُ فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ تَعُمُّ وَقَوْلُهُ قِبَلَ فُلَانٍ لَا يَخُصُّ الْأَمَانَاتِ؛ لِأَنَّ قِبَلَ كَمَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْأَمَانَاتِ تُسْتَعْمَلُ فِي الْمَضْمُونَاتِ أَيْضًا يُقَال فُلَانٌ قَبِيلُ فُلَانٍ أَيْ ضَمِينٌ قَالُوا وَلَيْسَ فِي الْبَرَاءَاتِ كَلِمَةٌ أَعَمُّ وَأَجْمَعُ مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ؛ لِأَنَّهَا تُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْ الْأَمَانَاتِ وَالْمَضْمُونَاتِ وَعَمَّا هُوَ مَالٌ وَمَا لَيْسَ بِمَالٍ. وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَا حَقَّ لِي عَلَى فُلَانٍ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَا حَقَّ لِي عِنْدَ فُلَانٍ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ

الْأَمَانَةَ وَلَا يَتَنَاوَلُ الْمَضْمُونَ؛ لِأَنَّ عِنْدَ تُسْتَعْمَلُ فِي الْأَمَانَاتِ دُونَ الْمَضْمُونَاتِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ قِبَلَ فُلَانٍ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ فُلَانٌ بَرِيءٌ مِمَّا لِي قِبَلَهُ يَجِبُ الْبَرَاءَةُ عَنْ الْمَضْمُونِ وَالْأَمَانَةِ وَلَوْ قَالَ هُوَ بَرِيءٌ مِمَّا لِي عَلَيْهِ دَخَلَ تَحْتَ الْبَرَاءَةِ الْمَضْمُونُ دُونَ الْأَمَانَةِ وَلَوْ قَالَ هُوَ بَرِيءٌ مِمَّا لِي عِنْدَهُ فَهُوَ بَرِيءٌ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ أَصْلُهُ أَمَانَةٌ وَلَا يَبْرَأُ عَنْ الْمَضْمُونِ وَإِنْ ادَّعَى حَقًّا بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً. فَإِنْ أَرَّخَ وَكَانَ التَّارِيخُ قَبْلَ الْبَرَاءَةِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ كَانَ التَّارِيخُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ لَمْ يُؤَرِّخْ بَلْ أَبْهَمَ الدَّعْوَى إبْهَامًا فَالْقِيَاسُ أَنْ تُسْمَعَ دَعْوَاهُ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى حَقٍّ وَاجِبٍ لَهُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا بَرِيءٌ قِبَلَهُ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ جَمِيعِ حَقِّي ثُمَّ قَالَ إنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ بَعْضِ الْحُقُوقِ دُونَ الْبَعْضِ لَا يُصَدَّقُ وَيَكُونُ بَرِيئًا عَنْ الْحُقُوقِ كُلِّهَا وَلَوْ قَالَ رَبُّ الدَّيْنِ بَرِئْت مِنْ دَيْنِي عَلَى فُلَانٍ كَانَ هَذَا بَرَاءَةً لِلْمَطْلُوبِ كَمَا لَوْ أَضَافَ الْبَرَاءَةَ إلَى الْمَطْلُوبِ بِأَنْ قَالَ هُوَ بَرِيءٌ مِنْ دَيْنِي وَكَذَا لَوْ قَالَ هُوَ فِي حِلٍّ مِمَّا لِي عَلَيْهِ وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَيْسَ لِي مَعَ فُلَانٍ شَيْءٌ كَانَ هَذَا بَرَاءَةً عَنْ الْأَمَانَاتِ لَا عَنْ الدَّيْنِ ذَخِيرَةٌ فِي 22 وَعَنْ مُحَمَّدٍ إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ مَالٌ فَقَالَ قَدْ حَلَّلْته لَك قَالَ هُوَ هِبَةٌ وَإِنْ قَالَ حَلَّلْتُكَ مِنْهُ فَهُوَ بَرَاءَةٌ ذَخِيرَةٌ غَصَبَ عَيْنًا فَحَلَّلَهُ مَالِكُهُ مِنْ كُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ قِبَلَهُ قَالَ أَئِمَّةُ بَلْخِي التَّحْلِيلُ يَقَعُ عَلَى مَا هُوَ وَاجِبٌ فِي الذِّمَّةِ لَا عَيْنٌ قَائِمَةٌ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ هِنْدِيَّةٌ مِنْ الْبَابِ الثَّالِثِ أَبْرَأْت جَمِيعَ غُرَمَائِي لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا نَصَّ عَلَى قَوْمٍ مَخْصُوصِينَ وَقَالَ الْفَقِيهُ وَعِنْدِي أَنَّهُ يَصِحُّ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْإِقْرَارِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ زَيْدٌ فِي صِحَّتِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ الشَّرْعِيِّ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي لِي بِذِمَّةِ عَمْرٍو لِبَكْرٍ وَأَنَّ اسْمَهُ فِي صَكِّ الدَّيْنِ عَارِيَّةٌ وَتَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ تَصَادُقًا شَرْعِيًّا لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَأَمَّا تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَفَاسِدٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَغَيْرِهِ وَقَيَّدَهُ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ بِمَا إذَا لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا سَلَّطَهُ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ وَكَذَا إنْ قَالَ الدَّيْنُ الَّذِي لِي عَلَى زَيْدٍ فَهُوَ لِعَمْرٍو وَلَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَى الْقَبْضِ وَلَكِنْ قَالَ وَاسْمِي فِي كِتَابِ الدَّيْنِ عَارِيَّةٌ صَحَّ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ هَذَا لَمْ يَصِحَّ فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ مِنْ الْإِقْرَارِ ضِمْنَ سُؤَالٍ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَهُمَا فِي الصِّحَّةِ إنَّ جَمِيعَ مَالِي سِوَى الْأَمْتِعَةِ الَّتِي عَلَى بَدَنِي لِزَوْجَتِي فُلَانَةَ الْمَزْبُورَةِ ثُمَّ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ الْمَزْبُورَةُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ جَمِيعُ مَالِي أَوْ مَا أَمْلِكُهُ لَهُ أَيْ لِزَيْدٍ فَهُوَ هِبَةٌ لَا إقْرَارٌ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِهَا وَلَوْ كَانَ إقْرَارًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذَلِكَ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ رَجُلٌ قَالَ جَمِيعُ مَا يُعْرَفُ بِي أَوْ جَمِيعُ مَا يُنْسَبُ إلَيَّ فَهُوَ لِفُلَانٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا إقْرَارٌ وَلَوْ قَالَ جَمِيعُ مَالِي أَوْ جَمِيعُ مَا أَمْلِكُهُ لِفُلَانٍ فَهُوَ هِبَةٌ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ قَالَ جَمِيعُ مَا فِي بَيْتِي لِفُلَانٍ كَانَ إقْرَارًا. اهـ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ أَضَافَ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى مِلْكِهِ كَانَ هِبَةً؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْإِضَافَةِ تُنَافِي حَمْلَهُ عَلَى الْإِقْرَارِ الَّذِي هُوَ إخْبَارٌ لَا إنْشَاءٌ فَيَكُونُ هِبَةً يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْهِبَةِ وَلَا يَشْكُلُ عَلَى هَذَا جَمِيعُ مَا فِي بَيْتِي فَإِنَّهُ إقْرَارٌ كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِ إضَافَةُ نِسْبَةٍ لَا إضَافَةُ مِلْكٍ إلَخْ مِنَحُ الْغَفَّارِ مِنْ الْإِقْرَارِ وَتَمَامُ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ فِيهَا وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ أَقَرَّتْ فِي صِحَّتِهَا أَنَّ جَمِيعَ مَا هُوَ دَاخِلُ مَنْزِلِهَا لِابْنِهَا الصَّغِيرِ وَقَبِلَ أَبُوهُ ذَلِكَ وَصَدَّقَهَا ثُمَّ مَرِضَتْ وَمَاتَتْ عَنْهُمَا وَعَنْ وَرَثَةٍ آخَرِينَ فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَصِحُّ هَذَا الْإِقْرَارُ قَضَاءً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ رَجُلٌ قَالَ فِي صِحَّتِهِ جَمِيعُ مَا هُوَ دَاخِلُ مَنْزِلِي لِامْرَأَتِي هَذِهِ ثُمَّ مَاتَ صَحَّ إقْرَارُهُ قَضَاءً فَإِنْ عَلِمَتْ الْمَرْأَةُ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ كَانَ لَهَا ذَلِكَ وَإِنْ بِنَفْسِ الْإِقْرَارِ لَا تَمْلِكُ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ فِيمَا يَكُونُ إقْرَارًا

رَجُلٌ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ وَكَمَالِ عَقْلِهِ أَنَّ جَمِيعَ مَا هُوَ دَاخِلُ مَنْزِلِهِ لِامْرَأَتِهِ غَيْرَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ ابْنًا فَادَّعَى الِابْنُ أَنَّ ذَلِكَ تَرِكَةُ أَبِيهِ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ إنْ عَلِمَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ جَمِيعَ مَا أَقَرَّ بِهِ الزَّوْجُ كَانَ لَهَا بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ كَانَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ ذَلِكَ عَنْ الِابْنِ بِحُكْمِ إقْرَارِ الزَّوْجِ وَإِنْ عَلِمَتْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِبَيْعٍ وَلَا هِبَةٍ لَا يَصِيرُ مِلْكًا لَهَا بِهَذَا الْإِقْرَارِ خَانِيَّةٌ مِنْ الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ زَيْدٌ فِي صِحَّتِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ الشَّرْعِيِّ إقْرَارًا شَرْعِيًّا لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ أَنَّ أُخْتَهُ فُلَانَةَ تَسْتَحِقُّ الْحِصَّةَ وَقَدْرُهَا كَذَا مِنْ الْحِنْطَةِ الْمَزْرُوعَةِ فِي بُسْتَانِ كَذَا وَبُسْتَانِ كَذَا وَمِثْلَ ذَلِكَ مِنْ ثَمَرَةِ زَيْتُونِهِمَا الْبَارِزَةِ وَصَدَّقَتْهُ أُخْتُهُ عَلَى ذَلِكَ وَقَبِلَتْهُ مِنْهُ فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ رَجُلٌ قَالَ لِفُلَانٍ نِصْفُ غَلَّةِ هَذَا الْبُسْتَانِ أَوْ قَالَ نِصْفُ غَلَّةِ هَذَا الْعَبْدِ جَازَ إقْرَارُهُ بِالْغَلَّةِ إلَخْ خَانِيَّةٌ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ الْغَلَّةُ كُلُّ مَا يَحْصُلُ مِنْ رِيعِ أَرْضٍ أَوْ كِرَائِهَا أَوْ أُجْرَةِ غُلَامٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مُغْرِبٌ. وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ شَخْصٍ أَقَرَّ أَنَّ لِزَيْدٍ فِي هَذَا الْقَصَبِ الْمَزْرُوعِ النِّصْفَ وَعَلَى الْمُقِرِّ الْقِيَامُ بِمَصَالِحِهِ إلَى حِينِ الْكِبَرِ ثُمَّ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ أَخْلَفَ الْقَصَبُ وَنَبَتَ قَصَبٌ آخَرُ فَادَّعَى زَيْدٌ نِصْفَهُ بِمُقْتَضَى الْإِقْرَارِ السَّابِقِ فَقَالَ الْمُقِرُّ إنَّمَا كَانَ إقْرَارِي بِالْقَصَبِ الْأَوَّلِ خَاصَّةً فَأَجَابَ يَسْتَحِقُّ الْمُقَرُّ لَهُ الْأَصْلَ وَالْفَرْعَ. (سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ أَقَرُّوا فِي صِحَّتِهِمْ بِأَنْ لَا حَقَّ لَهُمْ مَعَ فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ الْأُخْتَيْنِ فِي ثُلُثَيْ غِرَاسِ الْبُسْتَانِ الْمَعْلُومِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى أَشْجَارِ فَوَاكِهَ وَزَيْتُونٍ مُثْمِرٍ حِينَ الْإِشْهَادِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَهُمَا إقْرَارًا مَقْبُولًا مِنْهُمَا فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا وَيَكُونُ ثُلُثَا الْأَشْجَارِ وَثَمَرُهَا لِلْأُخْتَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ أَقَرَّ بِشَجَرَةٍ عَلَيْهَا ثَمَرٌ كَانَ لَهُ الشَّجَرَةُ بِثَمَرِهَا خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ فِيمَا يَكُونُ إقْرَارًا بِشَيْءٍ أَوْ بِشَيْئَيْنِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ مِنْ فَصْلٍ فِيمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ أَقَرَّتْ بِرُبْعٍ أَمْتِعَةٍ مَعْلُومَةٍ لِشَقِيقَتِهَا فِي صِحَّتِهَا وَجَوَازِ أَمْرِهَا الشَّرْعِيِّ إقْرَارًا شَرْعِيًّا مَقْبُولًا ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ وَرَثَةٍ فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَصَحَّ إقْرَارُ الْمَأْذُونِ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ وَالْمُسْلِمِ بِخَمْرٍ وَبِنِصْفِ دَارِهِ مَشَاعًا تَنْوِيرُ الْأَبْصَارِ وَفِي الْخَانِيَّةِ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ قَالَ لِفُلَانٍ نِصْفُ غَلَّةِ هَذَا الْبُسْتَانِ أَوْ قَالَ نِصْفُ غَلَّةِ هَذَا الْعَبْدِ جَازَ إقْرَارُهُ بِالْغَلَّةِ وَلَوْ قَالَ نِصْفُ دَارِي هَذِهِ أَوْ نِصْفُ عَبْدِي هَذَا أَوْ نِصْفُ بُسْتَانِي هَذَا لَا يَجُوزُ وَلَا يَلْزَمُهُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ شَيْءٌ قَالُوا إنْ أَضَافَ الْمَالَ إلَى نَفْسِهِ أَوَّلًا بِأَنْ قَالَ عَبْدِي هَذَا لِفُلَانٍ يَكُونُ هِبَةً عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ إلَى نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ هَذَا الْمَالُ لِفُلَانٍ يَكُونُ إقْرَارًا وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ قَالَ دَارِي هَذِهِ لِوَلَدِي الْأَصَاغِرِ يَكُونُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْأَوْلَادَ كَانَ بَاطِلًا وَإِنْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِلْأَصَاغِرِ مِنْ أَوْلَادِي فَهُوَ إقْرَارٌ وَهِيَ لِثَلَاثَةٍ مِنْ أَصْغَرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الدَّارَ إلَى نَفْسِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ ثُلُثُ دَارِي هَذِهِ لِفُلَانٍ كَانَ هِبَةً وَلَوْ قَالَ ثُلُثُ هَذِهِ الدَّارِ لِفُلَانٍ يَكُونُ إقْرَارًا. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ زَيْدٌ إقْرَارًا شَرْعِيًّا فِي صِحَّتِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ الشَّرْعِيِّ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ مَعَ زَوْجَتِهِ هِنْدَ فِي جَمِيعِ بِنَاءِ الْحَانُوتِ الْمَعْلُومَةِ وَلَا فِي جَمِيعِ مَا حَوَتْهُ الْحَانُوتُ مِنْ الْقُمَاشِ الْمَعْلُومِ وَأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِلْكُهَا ثُمَّ مَاتَ فَهَلْ صَحَّ الْإِقْرَارُ الْمَزْبُورُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى جُنَيْنَةٍ مَعْلُومَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى غِرَاسٍ فَادَّعَى عَلَيْهِ نَاظِرُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ بِأَنَّ الْجُنَيْنَةَ أَرْضًا وَغِرَاسًا جَارِيَةٌ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَأَثْبَتَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ لَدَى الْقَاضِي فَاعْتَرَفَ زَيْدٌ بِأَنَّ أَرْضَ الْجُنَيْنَةِ جَارِيَةٌ فِي الْوَقْفِ الْمَرْقُومِ وَأَنَّ غِرَاسَهَا مِلْكٌ لَهُ فَهَلْ يَدْخُلُ الْغِرَاسُ تَبَعًا وَيَكُونُ كُلُّهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ أَقَرَّ أَنَّ أَرْضَ الْجُنَيْنَةِ جَارِيَةٌ فِي الْوَقْفِ يَكُونُ كُلُّهُ لِلْوَقْفِ الْمُقَرِّ لَهُ وَلَا يُصَدَّقُ الْمُقِرُّ؛ لِأَنَّ الْغِرَاسَ تَابِعٌ لِلْأَرْضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهَاهُنَا أَصْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الدَّعْوَى قَبْلَ

الْإِقْرَارِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ وَالدَّعْوَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ لِبَعْضِ مَا دَخَلَ تَحْتَ الْإِقْرَارِ لَا تَصِحُّ وَالثَّانِي أَنَّ إقْرَارَ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ جَائِزٌ وَعَلَى غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ إذَا قَالَ بِنَاءُ هَذِهِ الدَّارِ لِي وَأَرْضُهَا لِفُلَانٍ كَانَ الْبِنَاءُ وَالْأَرْضُ لِلْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ بِنَاءُ هَذِهِ الدَّارِ لِي فَقَدْ ادَّعَى لِنَفْسِهِ فَلَمَّا قَالَ وَأَرْضُهَا لِفُلَانٍ فَقَدْ جُعِلَ مُقِرًّا بِالْبِنَاءِ لِلْمُقَرِّ لَهُ تَبَعًا لِلْإِقْرَارِ بِالْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ تَبَعٌ لِلْأَرْضِ إلَّا أَنَّ الْإِقْرَارَ بَعْدَ الدَّعْوَى لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ وَإِنْ قَالَ لِي وَبِنَاؤُهَا لِفُلَانٍ كَانَتْ الْأَرْضُ لَهُ وَبِنَاؤُهَا لِفُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ أَوَّلًا أَرْضُهَا لِي فَقَدْ ادَّعَى الْأَرْضَ لِنَفْسِهِ وَادَّعَى الْبِنَاءَ أَيْضًا لِنَفْسِهِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ فَإِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَبِنَاؤُهَا لِفُلَانٍ فَقَدْ أَقَرَّ لِفُلَانٍ بِالْبِنَاءِ بَعْدَمَا ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ وَالْإِقْرَارُ بَعْدَ الدَّعْوَى صَحِيحٌ فَيَكُونُ لِفُلَانٍ الْبِنَاءُ دُونَ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَ بِتَابِعٍ لِلْبِنَاءِ وَإِنْ قَالَ أَرْضُهَا لِفُلَانٍ وَبِنَاؤُهَا لِي كَانَ الْأَرْضُ وَالْبِنَاءُ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِالْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ أَوَّلًا أَرْضُهَا لِفُلَانٍ فَقَدْ جُعِلَ مُقِرًّا بِالْبِنَاءِ فَلَمَّا قَالَ بِنَاؤُهَا لِي فَقَدْ ادَّعَى لِنَفْسِهِ بَعْدَ مَا أَقَرَّ لِغَيْرِهِ وَالدَّعْوَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ لِبَعْضِ مَا تَنَاوَلَهُ الْإِقْرَارُ لَا يَصِحُّ وَإِنْ قَالَ أَرْضُهَا لِفُلَانٍ وَبِنَاؤُهَا لِفُلَانٍ آخَرَ كَانَ الْأَرْضُ وَالْبِنَاءُ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ جُعِلَ مُقِرًّا لِلْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ بِالْبِنَاءِ. فَإِذَا قَالَ بِنَاؤُهَا لِفُلَانٍ جُعِلَ مُقِرًّا عَلَى الْأَوَّلِ لَا عَلَى نَفْسِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ إقْرَارَ الْمُقِرِّ عَلَى نَفْسِهِ جَائِزٌ وَعَلَى غَيْرِهِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ قَالَ بِنَاؤُهَا لِفُلَانٍ وَأَرْضُهَا لِفُلَانٍ آخَرَ كَانَ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِالْبِنَاءِ أَوَّلًا صَحَّ إقْرَارُهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ فَإِذَا أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْأَرْضِ لِغَيْرِهِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْبِنَاءِ لِذَلِكَ الْغَيْرِ تَبَعًا لِلْإِقْرَارِ بِالْأَرْضِ فَيَكُونُ مُقِرًّا عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ الْمُقَرُّ لَهُ الْأَوَّلُ وَإِذَا أَقَرَّ الْإِنْسَانُ عَلَى غَيْرِهِ لَا يَصِحُّ وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ هَذَا الْخَاتَمُ لِي إلَّا فَصَّهُ فَإِنَّهُ لَك أَوْ قَالَ هَذِهِ الْمِنْطَقَةُ لِي إلَّا حِلْيَتَهَا فَإِنَّهَا لَك أَوْ قَالَ هَذَا السَّيْفُ لِي إلَّا حِلْيَتَهُ أَوْ قَالَ إلَّا حَمَائِلَهُ فَإِنَّهُ لَك أَوْ قَالَ هَذِهِ الْجُبَّةُ لِي إلَّا بِطَانَتَهَا فَإِنَّهَا لَك وَالْمُقَرُّ لَهُ يَقُولُ هَذِهِ الْجُبَّةُ لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ فَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَزْعِ الْمُقَرِّ بِهِ ضَرَرٌ لِلْمُقِرِّ يُؤْمَرُ الْمُقِرُّ بِالنَّزْعِ وَالدَّفْعِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ كَانَ فِي النَّزْعِ ضَرَرٌ وَأَحَبَّ الْمُقِرُّ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ مَا أَقَرَّ بِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى ذَخِيرَةٌ مِنْ الْإِقْرَارِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ زَيْدٌ فِي صِحَّتِهِ وَجَوَازِ أَمْرِهِ الشَّرْعِيِّ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ قِبَلَ عَمْرٍو حَقًّا مُطْلَقًا وَأَبْرَأَ ذِمَّتَهُ وَالْآنَ يُرِيدُ الدَّعْوَى عَلَى عَمْرٍو بِكَفَالَةٍ سَابِقَةٍ عَلَى الْإِقْرَارِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ إقْرَارُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمَزْبُورَةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةُ نَقْلًا عَنْ الْمَبْسُوطِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ الذِّمِّيِّ بِذِمَّةِ عَمْرٍو مَبْلَغُ دَيْنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَهَلَكَ عَمْرٌو عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ طَالَبَ زَيْدٌ وَرَثَةَ عَمْرٍو بِدَيْنِهِ الْمَزْبُورِ فَأَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِالدَّيْنِ وَجَحَدَ الْبَاقُونَ وَيُوفِي مَا وَرِثَهُ بِهِ وَقَدْ قَبَضَهُ زَيْدٌ مِنْ الْمُقِرِّ وَالْآنَ يُرِيدُ الْمُقِرُّ اسْتِرْدَادَهُ مِنْهُ بِغَيْرِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَيْسَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ لِلْمُدَّعِي بِهِ عَلَى مُوَرِّثِهِ وَجَحَدَهُ الْبَاقُونَ يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ كُلُّهُ يَعْنِي إنْ وَفَى مَا وَرِثَهُ بِهِ بُرْهَانٌ وَشَرْحُ الْمَجْمَعِ وَقِيلَ حِصَّتُهُ وَاخْتَارَهُ أَبُو اللَّيْثِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ وَلَوْ شَهِدَ هَذَا الْمُقِرُّ مَعَ آخَرَ أَنَّ الدَّيْنَ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ قُبِلَتْ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ الدَّيْنُ فِي نَصِيبِهِ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ بَلْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ فَلْتُحْفَظْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ دُرَرٌ كَذَا فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ إذَا أَقَرَّ الْوَارِثُ بِالدَّيْنِ يُؤْخَذُ جَمِيعُ الدَّيْنِ مِنْ نَصِيبِهِ عِنْدَنَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ مِنْ الْإِقْرَارِ (أَقُولُ) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ الدَّيْنَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِهِ عَلَيْهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْقَضَاءِ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَا دَفَعَهُ بِرِضَاهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ فَعَلَ مَا يُلْزِمُهُ بِهِ الْقَاضِي فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِالتَّرَاضِي أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ عَلَى الْقَضَاءِ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ لِتَصْحِيحِ شَهَادَتِهِ مَعَ آخَرَ بِمَا أَقَرَّ بِهِ إذْ لَوْ حَلَّ الدَّيْنُ فِي نَصِيبِهِ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ

لَمْ تَصِحَّ شَهَادَتُهُ حَتَّى لَوْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِهِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ زَوْجَتَيْنِ وَعَنْ عَمٍّ عَصَبَةٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً فَاقْتَسَمُوهَا بَيْنَهُمْ ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَتَيْنِ أَقَرَّتَا لِجَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ أَنَّ الْمُوَرِّثَ أَوْصَى لَهُمْ بِثُلُثِ مَالِهِ وَالْعَمُّ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا ثَبَتَتْ الْوَصِيَّةُ بِإِقْرَارِهِمَا فَقَطْ وَالْعَمُّ مُنْكِرٌ يَسْرِي إقْرَارُهُمَا عَلَيْهِمَا فَيُؤْخَذُ مِنْهُمَا مَا يَخُصُّهُمَا مِنْ الْوَصِيَّةِ الْمَزْبُورَةِ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي فَصْلِ 39 بَعْضُ الْوَرَثَةِ إذَا أَقَرَّ بِالْوَصِيَّةِ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ بِالِاتِّفَاقِ قَالَ وَإِذَا مَاتَ وَتَرَكَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَأَخَذَ كُلُّ ابْنٍ أَلْفًا فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ وَصَدَّقَهُ أَحَدُ الْبَنِينَ فَالْقِيَاسُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ مَا فِي يَدِهِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُؤْخَذُ مِنْهُ ثُلُثُ مَا فِي يَدِهِ وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ شَائِعٍ فِي الْكُلِّ ثُلُثُ ذَلِكَ فِي يَدِهِ وَثُلُثَاهُ فِي يَدِ شَرِيكَيْهِ فَمَا كَانَ إقْرَارًا فِيمَا فِي يَدِهِ قُبِلَ وَمَا كَانَ إقْرَارًا فِي يَدِ غَيْرِهِ لَا يُقْبَلُ فَوَجَبَ أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ أُخْتٍ وَابْنِ عَمٍّ عَصَبَةً وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً فَأَقَرَّ ابْنُ الْعَمِّ بِأَنَّ زَيْدًا ابْنُ عَمٍّ عَصَبَةً لَهُ فِي دَرَجَتِهِ فَهَلْ يُسْتَحَقُّ لَهُ نِصْفُ حِصَّةِ الْمُقِرِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ أَقَرَّ بِوَارِثٍ آخَرَ قَاسَمَهُ مَا بِيَدِهِ عَلَى مُوجَبِ إقْرَارِهِ إذَا أَقَرَّ بِاسْتِحْقَاقِ الْمَالِ فَيَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمَالِ لَا فِي حَقِّ النَّسَبِ إذْ فِيهِ تَحْمِيلُ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ فَلَوْ أَقَرَّ بِآخَرَ بَعْدَهُ فَلَوْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ الْأَوَّلُ اقْتَسَمُوا مَا بِيَدِهِ بِحَسَبِ مَا أَقَرَّا وَلَوْ كَذَّبَهُ فَلَوْ دَفَعَ لِلْأَوَّلِ بِقَضَاءٍ فَلَا يَضْمَنُ فَيَصِيرُ مَا دَفَعَ كَهَالِكٍ فَيُقَسِّمُ مَا بِيَدِهِ بَيْنَهُمَا وَلَوْ دَفَعَ بِلَا قَضَاءٍ يُجْعَلُ الْمَدْفُوعُ كَبَاقٍ فِي يَدِهِ فَيَضْمَنُ وَيَدْفَعُ إلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَارٌ فِي التَّسْلِيمِ وَقَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ سَلَّمَ بِغَيْرِ حَقٍّ فَيَضْمَنُ فُصُولَيْنِ فِي 29 وَفِيهِ مَاتَ وَتَرَكَ أَخَوَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَالْمُقِرُّ يُعْطِي الْأَخَ الْمُقَرَّ لَهُ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا وَعِنْدَ أَبِي لَيْلَى يُعْطِيهِ ثُلُثَ مَا بِيَدِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا صَالَحَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ وَأَبْرَأَ إبْرَاءً عَامًّا ثُمَّ ظَهَرَ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ الصُّلْحِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَى الْوَارِثِ الْمُشْهِدِ عَلَى نَفْسِهِ فِي حِصَّتِهِ مِنْهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تُسْمَعُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَفِي السَّادِسِ مِنْ صُلْحِ الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ تَاجُ الْإِسْلَامِ وَبِخَطِّ صَدْرِ الْإِسْلَامِ وَجَدْتُهُ صَالَحَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ وَأَبْرَأَ إبْرَاءً عَامًّا ثُمَّ ظَهَرَ فِي التَّرِكَةِ شَيْءٌ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ الصُّلْحِ لَا رِوَايَةَ فِي جَوَازِ الدَّعْوَى وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ تَجُوزُ دَعْوَى حِصَّتِهِ مِنْهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا. اهـ. وَقَدْ أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَقَالَ وَحَيْثُ ثَبَتَ الْأَصَحُّ لَا يُعَدَّلُ. اهـ. (أَقُولُ) مَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ قَدْ رَدَّهُ مَعَاصِرُهُ الْعَلَّامَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَةٍ سَمَّاهَا تَنْقِيحَ الْأَحْكَامِ فِي الْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاءِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ وَهِيَ رِسَالَةٌ حَافِلَةٌ بَسَطَ فِيهَا الْكَلَامَ وَأَوْضَحَ بِهَا الْمَرَامَ وَقَالَ إنَّ الْبَرَاءَةَ الْعَامَّةَ بَيْنَ الْوَارِثِينَ مَانِعَةٌ مِنْ دَعْوَى شَيْءٍ سَابِقٍ عَلَيْهَا عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا بِمِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَحَقَّقَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْبَرَاءَةَ إمَّا عَامَّةٌ يَبْرَأُ بِهَا مِنْ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ كَلَا حَقٍّ أَوْ لَا دَعْوَى أَوْ لَا خُصُومَةَ لِي قِبَلَ فُلَانٍ أَوْ هُوَ بَرِيءٌ مِنْ حَقِّي أَوْ لَا دَعْوَى لِي عَلَيْهِ أَوْ لَا تَعَلُّقَ لِي عَلَيْهِ أَوْ لَا أَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا أَوْ لَيْسَ لِي مَعَهُ أَمْرٌ شَرْعِيٌّ أَوْ أَبْرَأْته مِنْ حَقِّي أَوْ مِمَّا لِي قِبَلَهُ وَإِمَّا خَاصَّةٌ بِدَيْنٍ خَاصٍّ كَأَبْرَأْتُهُ مِنْ دَيْنِ كَذَا أَوْ بِدَيْنٍ عَامٍّ كَأَبْرَأْتُهُ مِمَّا لِي عَلَيْهِ فَيَبْرَأُ عَنْ كُلِّ دَيْنٍ دُونَ الْعَيْنِ وَإِمَّا خَاصَّةٌ بِعَيْنٍ فَتَصِحُّ لِنَفْيِ الضَّمَانِ لَا الدَّعْوَى فَيَدَّعِي بِهَا عَلَى الْمُخَاطَبِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ الْإِبْرَاءُ عَنْ دَعْوَاهَا فَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ إنَّ الْإِبْرَاءَ لِشَخْصٍ مَجْهُولٍ لَا يَصِحُّ وَإِنْ لِمَعْلُومٍ يَصِحُّ وَلَوْ عَنْ مَجْهُولٍ فَقَوْلُهُ قَبَضْت تَرِكَةَ مُوَرِّثِي كُلَّهَا أَوْ كُلُّ مَنْ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ أَوْ دَيْنٌ فَهُوَ بَرِيءٌ لَيْسَ إبْرَاءً عَامًّا وَلَا خَاصًّا بَلْ هُوَ إقْرَارٌ مُجَرَّدٌ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الدَّعْوَى لِمَا فِي الْمُحِيطِ قَالَ لَا دَيْنَ لِي عَلَى أَحَدٍ ثُمَّ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا صَحَّ لِاحْتِمَالِ وُجُوبِهِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَفِيهِ أَيْضًا وَقَوْلُ الرَّجُلِ هُوَ بَرِيءٌ مِمَّا لِي عِنْدَهُ إخْبَارٌ

عَنْ ثُبُوتِ الْبَرَاءَةِ لَا إنْشَاءٌ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ قَالَ ذُو الْيَدِ لَيْسَ هَذَا لِي أَوْ لَيْسَ مِلْكِي أَوْ لَا حَقَّ لِي فِيهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَلَا مُنَازِعَ لَهُ حِينَئِذٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ أَحَدٌ فَقَالَ ذُو الْيَدِ هُوَ لِي فَالْقَوْلُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِمَجْهُولٍ بَاطِلٌ وَالتَّنَاقُضُ إنَّمَا يُمْنَعُ إذَا تَضَمَّنَ إبْطَالَ حَقٍّ عَلَى أَحَدٍ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْفَيْضِ وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَفِي الْخُلَاصَةِ لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ عَيْنٍ وَدَيْنٍ وَكَفَالَةٍ وَإِجَارَةٍ وَجِنَايَةٍ وَحَدٍّ. اهـ. وَفِي الْأَصْلِ فَلَا يَدَّعِي إرْثًا وَلَا كَفَالَةَ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ وَلَا دَيْنًا أَوْ مُضَارَبَةً أَوْ شَرِكَةً أَوْ وَدِيعَةً أَوْ مِيرَاثًا أَوْ عَبْدًا أَوْ دَارًا أَوْ شَيْئًا مِنْ الْأَشْيَاءِ حَادِثًا بَعْدَ الْبَرَاءَةِ. اهـ. فَبِهَذَا عَلِمْت الْفَرْقَ بَيْنَ أَبْرَأْتُك أَوْ لَا حَقَّ لِي قِبَلَك وَبَيْنَ قَبَضْت تَرِكَةَ مُوَرِّثِي أَوْ كُلُّ مَنْ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ فَهُوَ بَرِيءٌ وَلَمْ يُخَاطِبْ مُعَيَّنًا وَعَلِمْت بُطْلَانَ فَتْوَى بَعْضِ أَهْلِ زَمَانِنَا بِأَنَّ إبْرَاءَ الْوَارِثِ وَارِثًا إبْرَاءً عَامًّا لَا يَمْنَعُ مِنْ دَعْوَى شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ وَأَمَّا عِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ أَيْ السَّابِقَةِ فَأَصْلُهَا مَعْزُوٌّ إلَى الْخَطِّ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُقَيِّدْ الْإِبْرَاءَ فِيهَا بِكَوْنِهِ لِمُعَيَّنٍ أَوْ لَا وَقَدْ عَلِمْت اخْتِلَافَ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ اجْتِمَاعَ الصُّلْحِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ فِي مَسْأَلَةِ التَّخَارُجِ مَعَ الْبَرَاءَةِ الْعَامَّةِ لِمُعَيَّنٍ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فِيهِ لَا رِوَايَةَ فِيهِ كَيْفَ وَقَدْ قَالَ قَاضِي خَانْ اتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ عَلَى أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَهُ إلَّا فِي شَيْءٍ حَادِثٍ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الصُّلْحَ وَالْإِبْرَاءَ بِنَحْوِ قَوْلِهِ قَبَضْت تَرِكَةَ مُوَرِّثِي وَلَمْ يَبْقَ لِي فِيهَا حَقٌّ إلَّا اسْتَوْفَيْته فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ لَا رِوَايَةَ فِيهِ أَيْضًا لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ النُّصُوصِ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ بَعْدَهُ وَاتَّفَقَتْ الرِّوَايَاتُ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَى ذِي الْيَدِ الْمُقِرِّ بِأَنْ لَا مِلْكَ لِي فِي هَذِهِ الْعَيْنِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُنَازِعِ. وَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ الْإِبْرَاءُ لِمُعَيَّنٍ فَهُوَ مُبَايِنٌ لِمَا فِي الْمُحِيطِ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَالْأَصْلِ وَالْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَمَشْهُورِ الْفَتَاوَى الْمُعْتَمَدَةِ كَالْخَانِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ فَيُقَدَّمُ مَا فِيهَا وَأَمَّا مَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ افْتَرَقَ الزَّوْجَانِ وَأَبْرَأَ كُلٌّ صَاحِبَهُ عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَلِلزَّوْجِ أَعْيَانٌ قَائِمَةٌ لَا تَبْرَأُ الْمَرْأَةُ مِنْهَا وَلَهُ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى الدُّيُونِ لَا الْأَعْيَانِ. اهـ. فَمَحْمُولٌ عَلَى حُصُولِهِ بِصِيغَةٍ خَاصَّةٍ كَقَوْلِهِ أَبْرَأْتهَا عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى مِمَّا لِي عَلَيْهَا فَيَخْتَصُّ بِالدُّيُونِ فَقَطْ لِكَوْنِهِ مُقَيَّدًا بِمَا لِي عَلَيْهَا وَيُؤَيِّدُهُ التَّعْلِيلُ وَلَوْ بَقِيَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْ كَلَامِ الْمَبْسُوطِ وَالْمُحِيطِ وَكَافِي الْحَاكِمِ الْمُصَرِّحِ بِعُمُومِ الْبَرَاءَةِ لِكُلِّ مَنْ أَبْرَأَ إبْرَاءً عَامًّا وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ أَبْرَأَهُ بَعْدَ الصُّلْحِ عَنْ جَمِيعِ دَعَاوِيهِ وَخُصُومَاتِهِ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِصِحَّةِ الصُّلْحِ. اهـ. وَفِي الْحَاوِي الْحَصِيرِيِّ إبْرَاؤُهُ عَنْ جَمِيعِ دَعَاوِيهِ وَخُصُومَاتِهِ صَحِيحٌ. اهـ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَبْرَأَهُ عَنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى فَادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا بِالْإِرْثِ فَلَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ قَبْلَ إبْرَائِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هُوَ بِمَوْتِ مُوَرِّثِهِ عِنْدَ إبْرَائِهِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ هَذَا خُلَاصَةُ مَا حَرَّرَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ مَنَّ الْمَوْلَى تَعَالَى عَلَى عَبْدِهِ الْحَقِيرِ عِنْدَ الْوُصُولِ إلَى هَذَا الْمَحَلِّ بِتَحْرِيرِ رِسَالَةٍ سَمَّيْتهَا إعْلَامَ الْأَعْلَامِ بِأَحْكَامِ الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ وَفَّقْت فِيهَا بَيْنَ عِبَارَاتٍ مُتَعَارِضَةٍ وَدَفَعْت مَا فِيهَا مِنْ الْمُنَاقَضَةِ وَاَلَّذِي تَحَرَّرَ لِي فِي هَذِهِ الرِّسَالَةِ فِي خُصُوصِ مَسْأَلَتِنَا أَنَّ الِابْنَ إذَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ وَصِيِّهِ جَمِيعَ تَرِكَةِ وَالِدِهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ مِنْهَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ إلَّا اسْتَوْفَاهُ ثُمَّ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ الْوَصِيِّ وَقَالَ هَذِهِ مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِي تَرَكَهَا مِيرَاثًا لِي وَلَمْ أَقْبِضْهَا فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي آخِرِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْأُسْرُوشَنِيِّ مَعْزِيًّا لِلْمُنْتَقَى وَكَذَا فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَكَذَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى مَعْزِيًّا إلَى الْمُنْتَقَى وَالْخَانِيَّةِ وَالْعَتَّابِيَّةِ مُصَرِّحِينَ بِإِقْرَارِ الصَّبِيِّ بِقَبْضِهِ مِنْ الْوَصِيِّ فَلَيْسَ الْإِقْرَارُ لِمَجْهُولٍ كَمَا ادَّعَاهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ التَّصْرِيحِ أَيْضًا الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ وَذَكَرَ الْجَوَابَ عَنْ مُخَالَفَةِ هَذَا الْفَرْعِ لِمَا أَطْبَقُوا عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ

الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ اسْتِحْسَانٌ وَوَجْهُهُ أَنَّ الِابْنَ لَا يَعْرِفُ مَا تَرَكَهُ أَبُوهُ عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ غَالِبًا فَاسْتَحْسَنُوا سَمَاعَ دَعْوَاهُ. اهـ. وَلِهَذَا جَعَلَ صَاحِبُ الْأَشْبَاهِ الْمَسْأَلَةَ مُسْتَثْنَاةً مِنْ ذَلِكَ الْعُمُومِ الَّذِي أَطْبَقُوا عَلَيْهِ وَهَذَا بِخِلَافِ إقْرَارِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ بِقَبْضِ مِيرَاثِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَإِبْرَائِهِ لَهُمْ فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ مُسْتَنِدًا إلَى مَا لَا يَدُلُّ لَهُ كَمَا أَوْضَحْته فِي تِلْكَ الرِّسَالَةِ فَلَا يُعْدَلُ عَمَّا قَالُوهُ لِعَدَمِ النَّصِّ فِي ذَلِكَ فَالْحَاصِلُ الْفَرْقُ بَيْنَ إقْرَارِ الِابْنِ لِلْوَصِيِّ وَبَيْنَ إقْرَارِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ لِلْبَعْضِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْمُحِيطِ لَوْ أَبْرَأَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ الْبَاقِيَ ثُمَّ ادَّعَى التَّرِكَةَ وَأَنْكَرُوا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَإِنْ أَقَرُّوا بِالتَّرِكَةِ أُمِرُوا بِالرَّدِّ عَلَيْهِ. اهـ. وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْوَصِيَّ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ بِلَا إطْلَاعِهِ فَيُعْذَرُ إذَا بَلَغَ وَأَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ لِجَهْلِهِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَإِنَّهُمْ لَا تَصَرُّفَ لَهُمْ فِي مَالِهِ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ إلَّا بِاطِّلَاعِ وَصِيِّهِ الْقَائِمِ مَقَامَهُ فَلَمْ يُعْذَرْ بِالتَّنَاقُضِ وَمَنْ أَرَادَ مَزِيدَ الْبَيَانِ وَرَفْعَ الْجَهَالَةِ فَعَلَيْهِ بِتِلْكَ الرِّسَالَةِ فَفِيهَا الْكِفَايَةُ لِذَوِي الدِّرَايَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ أُمٍّ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً مُشْتَمِلَةً عَلَى أَمْتِعَةٍ وَأَوَانٍ أَشْهَدَتْ الْأُخْتُ الْمَزْبُورَةُ عَلَى نَفْسِهَا بَعْدَ قِسْمَةِ بَعْضِهَا أَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مِنْ بَقِيَّةِ إرْثِ أُخْتِهَا وَتَرِكَتِهَا لِأُمِّهَا الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ لَا يَصِحُّ الْإِسْقَاطُ الْمَذْكُورُ؟ (الْجَوَابُ) : الْإِرْثُ جَبْرِيٌّ لَا يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ رَجُلٌ لِابْنِهِ بِشَيْءٍ وَثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ وَسَلَامَتِهِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ فِي الصِّحَّةِ وَنَفَّذَ حُكْمَهُ قَاضٍ آخَرَ وَمَاتَ الْمُقِرُّ فَادَّعَى وَارِثٌ آخَرُ أَنَّ إقْرَارَهُ كَانَ فِي الْمَرَضِ وَهُوَ مُخْتَلُّ الْعَقْلِ وَيَقُولُ إنَّ لَهُ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهَا بَعْدَ الْحُكْمِ السَّابِقِ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى بَعْدَ الْحُكْمِ السَّابِقِ الَّذِي ثَبَتَ أَنَّهُ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ إلَى مَغْفِرَةِ اللَّهِ عُفِيَ عَنْهُ (أَقُولُ) هَذَا حَيْثُ وُجِدَ الْحُكْمُ بِأَنَّهُ فِي الصِّحَّةِ مُسْتَوْفِيًا شُرُوطَهُ بِأَنْ ادَّعَى الِابْنُ الْمُقَرُّ لَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِأَنَّ هَذَا الشَّيْءَ لَهُ وَأَنَّ أَبَاهُ أَقَرَّ لَهُ بِذَلِكَ فَأَنْكَرَ الْأَبُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّ إقْرَارَهُ الْمَزْبُورَ فِي حَالِ اخْتِلَالِ عَقْلِهِ فَأَثْبَتَ الِابْنُ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّهُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَإِلَّا فَمُجَرَّدُ الْكِتَابَةِ فِي الصَّكِّ بِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ فِي حَالِ صِحَّتِهِ بِدُونِ دَعْوَى وَإِنْكَارٍ وَلَا حَادِثَةٍ شَرْعِيَّةٍ لَا يَكُونُ حُكْمًا نَعَمْ لَوْ تَعَارَضَتْ شُهُودُ الصِّحَّةِ وَشُهُودُ الْمَرَضِ فَشُهُودُ الصِّحَّةِ أَوْلَى كَمَا مَرَّ فِي الشَّهَادَاتِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِيَتِيمٍ حَانُوتٌ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهِ وَفِي تَوَاجِرِ زَيْدٍ بِالتَّعَاطِي مِنْ وَصِيِّهِ الشَّرْعِيِّ عَلَيْهِ وَيَدْفَعُ أُجْرَتَهَا لِوَصِيِّهِ الْمَزْبُورِ كُلَّ يَوْمٍ وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ مُدَّةٌ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِ سَنَوَاتٍ قَامَ زَيْدٌ الْآنَ يَدَّعِي أَنَّ الْحَانُوتَ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهِ فَهَلْ يَكُونُ اسْتِئْجَارُهُ إقْرَارًا بِأَنْ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمَزْبُورَةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَكَذَا الِاسْتِيَامُ وَالِاسْتِيدَاعُ وَالْإِعَارَةُ وَالِاسْتِيهَابُ وَالِاسْتِئْجَارُ وَلَوْ مِنْ وَكِيلٍ فَكُلُّ ذَلِكَ إقْرَارٌ بِمِلْكِ ذِي الْيَدِ فَيَمْنَعُ دَعْوَاهُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ بِوَكَالَةٍ أَوْ وِصَايَةٍ لِلتَّنَاقُضِ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ الْإِقْرَارِ (أَقُولُ) كَتَبَ هُنَا فِيمَا عَلَّقْته عَلَى شَرْحِ التَّنْوِيرِ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الشرنبلالية كَوْنُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إقْرَارًا بِعَدَمِ الْمِلْكِ لِلْمُبَاشِرِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَمَّا كَوْنُهَا إقْرَارًا بِالْمِلْكِ لِذِي الْيَدِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ يُفِيدُ الْمِلْكَ لِذِي الْيَدِ وَعَلَى رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ لَا وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الصُّغْرَى وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ صَحَّحَ رِوَايَةَ إفَادَةِ الْمِلْكِ فَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ لِلرِّوَايَتَيْنِ وَيَبْتَنِي عَلَى عَدَمِ إفَادَتِهِ مِلْكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَوَازُ دَعْوَى الْمُقِرِّ بِهَا لِغَيْرِهِ. اهـ. وَنَقَلَ السَّائِحَانِيُّ عَنْ الْأَنْقِرْوِيِّ أَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى تَصْحِيحِ مَا فِي الزِّيَادَاتِ وَأَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ. اهـ. (قُلْت) فَيُفْتَى بِهِ لِتَرَجُّحِهِ بِكَوْنِهِ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَالَ رَجُلٌ لِجَمَاعَةٍ إنْ طَلَّقْتُ زَوْجَتِي يَكُنْ لَهَا عِنْدِي كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَيُرِيدُ الْآنَ طَلَاقَهَا

فَهَلْ إذَا طَلَّقَهَا لَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ الْمَالِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْإِقْرَارِ بِالشَّرْطِ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا فِي الْمُتُونِ وَالْبَحْرِ. (سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ بُسْتَانٍ أَبْرَأَ مُؤَجِّرَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يُؤَجِّرَهُ الْبُسْتَانَ مُدَّةً أُخْرَى مُسْتَقْبَلَةً ثُمَّ امْتَنَعَ الْمُؤَجِّرُ مِنْ إيجَارِهِ وَيُرِيدُ الْمُسْتَأْجِرُ مُطَالَبَتَهُ بِدَيْنِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فَفِي الْكَنْزِ مِنْ مَسَائِلَ مَنْشُورَةٍ مِنْ الْبُيُوعِ فِيمَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ إلَى أَنْ قَالَ وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى يَرْتَدَّ بِالرَّدِّ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ وَيَكُونُ مُعْتَبَرًا بِالتَّمْلِيكَاتِ فَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا عَلَّقَهُ بِكَائِنٍ كَقَوْلِهِ إنْ كَانَتْ الشَّمْسُ طَالِعَةً فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الدَّيْنِ لِقَوْلِهِمْ إنَّ التَّعْلِيقَ بِهِ تَنْجِيزٌ إلَخْ نَهْرٌ. (سُئِلَ) فِي ذِمِّيَّةٍ هَلَكَتْ عَنْ زَوْجٍ وَبِنْتٍ مِنْهُ وَأَخٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَيْنِ ذِمِّيَّيْنِ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً فَأَقَرَّ الْأَخُ وَالْأُخْتُ أَنَّهُمَا قَبَضَا مِنْ الزَّوْجِ مَا خَصَّهُمَا بِالْإِرْثِ مِنْ أُخْتِهِمَا الْهَالِكَةِ ثُمَّ ادَّعَيَا أَنَّهُمَا كَانَا كَاذِبَيْنِ فِي الْإِقْرَارِ الْمَزْبُورِ وَأَنَّهُمَا لَمْ يَقْبِضَا شَيْئًا مِنْ تَرِكَتِهَا فَهَلْ يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّهُمَا لَمْ يَكُونَا كَاذِبَيْنِ فِي إقْرَارِهِمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَقَرَّ رَجُلٌ بِدَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ كُنْت كَاذِبًا فِيمَا أَقْرَرْت حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى أَنَّ الْمُقِرَّ مَا كَانَ كَاذِبًا فِيمَا أَقَرَّ بِهِ وَلَسْت بِمُبْطِلٍ فِيمَا تَدَّعِيهِ عَلَيْهِ كَنْزٌ مِنْ شَتَّى الْفَرَائِضِ فَأَفَادَ أَنَّ إقْرَارَهُ بِالدَّيْنِ وَغَيْرِهِ كَالْإِرْثِ الْحُكْمُ فِيهِ سَوَاءٌ وَعَمَّمَهُ فِي الْمُلْتَقَى بِقَوْلِهِ وَلَوْ أَقَرَّ بِحَقٍّ. اهـ. وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى شَيْئًا وَأَقَرَّ بِرُؤْيَتِهِ عِنْدَ الشُّهُودِ ثُمَّ بَعْدَ قَبْضِهِ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَآهُ وَأَرَادَ رَدَّهُ فَأَجَابَ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ إقْرَارِهِ بِرُؤْيَةِ الْمَبِيعِ إنَّنِي أَقْرَرْت بِذَلِكَ وَلَمْ أَكُنْ رَأَيْت الْمَبِيعَ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ حَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّ إقْرَارَهُ بِذَلِكَ كَانَ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ وَالْمَعْرِفَةِ بِهِ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى إنْكَارِ الْمُشْتَرِي وَإِنْ نَكَلَ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ اهـ وَأَجَابَ أَيْضًا بِذَلِكَ فِي الْخَيْرِيَّةِ بِجَوَابٍ نَظْمًا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَتْ هِنْدٌ رُبْعَ دَارِهَا مِنْ زَيْدٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ أَقَرَّتْ بِقَبْضِهِ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ وَرَثَةٍ طَلَبُوا تَحْلِيفَ زَيْدٍ الْمَزْبُورِ أَنَّ مُوَرِّثَتَهُمْ هِنْدًا لَمْ تَكُنْ كَاذِبَةً فِي إقْرَارِهَا فَهَلْ تُجَابُ الْوَرَثَةُ إلَى ذَلِكَ وَيَحْلِفُ زَيْدٌ كَمَا ذُكِرَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) قَالَ فِي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَمِنْ الْمَسَائِلِ الْكَثِيرَةِ الْوُقُوعِ أَنَّهُ أَقَرَّ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ لَكِنْ يُفْتَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَحْلِفُ أَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يَكُنْ كَاذِبًا وَكَذَا لَوْ ادَّعَى وَارِثُ الْمُقِرِّ فَعِنْدَ الْبَعْضِ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فِي زَمَنِ الْإِقْرَارِ وَالْأَصَحُّ التَّحْلِيفُ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ ادَّعَوْا أَمْرًا لَوْ أَقَرَّ الْمُقَرُّ لَهُ يَلْزَمُهُ فَإِذَا أَنْكَرَ يُسْتَحْلَفُ. اهـ. وَفِي الزَّيْلَعِيِّ يَحْلِفُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِتَغَيُّرِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَكَثْرَةِ الْجِدَالِ وَالْخِيَانَاتِ وَهُوَ يَتَضَرَّرُ وَالْمُدَّعِي لَا يَضُرُّهُ الْيَمِينُ إنْ كَانَ صَادِقًا فَيُصَارُ إلَيْهِ. اهـ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِامْرَأَةٍ بِذِمَّةِ أَخِيهَا زَيْدٍ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُ وَمِنْ كُلِّ حَقٍّ إبْرَاءً عَامًّا شَرْعِيًّا مَقْبُولًا مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ أَقَرَّ زَيْدٌ بِالْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ لَهَا فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَزْبُورُ بَاطِلًا وَلَا يَعُودُ بَعْدَ سُقُوطِهِ بِالْإِبْرَاءِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ لَا يَلْزَمُهُ أَشْبَاهٌ فِي الْإِقْرَارِ وَفِي السَّاقِطِ لَا يَعُودُ (أَقُولُ) وَهَذَا بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالْعَيْنِ بَعْدَ أَنْ أَبْرَأَهُ خَصْمُهُ إبْرَاءً عَامًّا فَإِنَّ الْإِقْرَارَ صَحِيحٌ فَيُؤْمَرُ بِدَفْعِ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الْعَيْنِ لِإِمْكَانِ تَجَدُّدِ الْمِلْكِ فِيهَا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَتَصْحِيحًا لِكَلَامِهِ عَلَى طَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ وَالْعَيْنُ قَابِلَةٌ لِذَلِكَ بِخِلَافِ الدَّيْنِ لِكَوْنِهِ وَصْفًا قَدْ سَقَطَ فَلَا يَعُودُ كَذَا أَفَادَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَتِهِ تَنْقِيحِ الْأَحْكَامِ. (سُئِلَ) فِي الْمَفْلُوجِ إذَا بَقِيَ كَذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ سَنَوَاتٍ وَلَا يَزْدَادُ كُلَّ يَوْمٍ وَلَا يُغَيَّرُ حَالُهُ فَأَقَرَّ فِيهِ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ بِعَيْنٍ وَبِدَيْنٍ مَعْلُومَيْنِ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَهَلْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ الْمَزْبُورُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَقَدَّمَ نَقْلُهَا فِي الْبُيُوعِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ زَيْدٌ فِي صِحَّتِهِ

باب إقرار المريض

بِأَنَّ عَلَيْهِ وَفِي ذِمَّتِهِ وَذِمَّةِ أَخِيهِ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ لِبَكْرٍ وَكَانَ عَمْرٌو حَاضِرًا مَعَهُ فِي مَجْلِسِ الْإِقْرَارِ سَاكِتًا قَامَ بَكْرٌ الْآنَ يُطَالِبُ عَمْرًا بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ زَاعِمًا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِسُكُوتِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ تَقْتَصِرُ عَلَى الْمُقِرِّ وَحْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ زَيْدٌ لِعَمْرٍو بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ دَيْنًا عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى الْغَلَطَ وَالْخَطَأَ فِيهِ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ ثُمَّ ادَّعَى الْخَطَأَ لَمْ يُقْبَلْ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَّا إذَا أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ بِنَاءً عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْمُفْتِي ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْوُقُوعِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْقُنْيَةِ أَشْبَاهٌ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ يَعْنِي لَا يَقَعُ دِيَانَةً وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْقُنْيَةِ مِنَحٌ آخِرَ الْإِقْرَارِ وَمِثْلُهُ فِي الْعَلَائِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَرْهَنَ عَلَى قَوْلِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ مُبْطَلٌ فِي الدَّعْوَى فَهَلْ يَصِحُّ الدَّفْعُ الْمَزْبُورُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَصِحُّ الدَّفْعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ فِي فَصْلِ الِاسْتِشْرَاءِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْإِقْرَارِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ رَجُلٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِأَرْضٍ فِي يَدِهِ أَنَّهَا وَقْفٌ كَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : إنْ أَقَرَّ بِوَقْفٍ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ فَمِنْ الثُّلُثِ كَمَرِيضٍ يُقِرُّ بِعِتْقِ عَبْدِهِ أَوْ يُقِرُّ بِأَنَّهُ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى فُلَانٍ وَإِنْ أَقَرَّ بِوَقْفٍ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ فَإِنْ صَدَّقَهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَوْ وَرَثَتُهُ جَازَ فِي الْكُلِّ وَإِنْ أَقَرَّ بِوَقْفٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ أَنَّ بِذِمَّتِهِ لِابْنَتِهِ الصَّغِيرَةِ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ اسْتِدَانَةً مِنْ مَالِهَا ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا وَعَنْ وَرَثَةٍ آخَرِينَ فَهَلْ صَحَّ إقْرَارُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَالْإِقْرَارُ لِلرَّضِيعِ صَحِيحٌ وَإِنْ بَيَّنَ الْمُقِرُّ سَبَبًا غَيْرَ صَالِحٍ مِنْهُ حَقِيقَةً كَالْإِقْرَاضِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ أَقَرَّتْ فِي صِحَّتِهَا أَنَّ جَمِيعَ مَا هُوَ دَاخِلُ مَنْزِلِهَا لِابْنِهَا الصَّغِيرِ وَقَبِلَ أَبُوهُ ذَلِكَ وَصَدَّقَهَا ثُمَّ مَرِضَتْ وَمَاتَتْ عَنْهُمَا وَعَنْ وَرَثَةٍ آخَرِينَ فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : يَصِحُّ هَذَا الْإِقْرَارُ قَضَاءً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي رُبْعِ وَقْفِ جَدِّهِ فُلَانٍ فَأَقَرَّ زَيْدٌ فِي صِحَّتِهِ أَنَّ عَمْرًا يَسْتَحِقُّ الْحِصَّةَ الْمَزْبُورَةَ مُدَّةً مَعْلُومَةً دُونَهُ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ شَرْعِيٍّ إقْرَارًا شَرْعِيًّا لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَهَلْ يَكُونُ رُبْعُ الْحِصَّةِ الْمَزْبُورَةِ لِلْمُقَرِّ لَهُ مَا دَامَ الْمُقِرُّ حَيًّا فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : يَصِحُّ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَصَّافِ (أَقُولُ) وَبَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِي ذِمِّيٍّ هَلَكَ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ مُسْتَغْرَقَةٍ بِدُيُونٍ عَلَيْهِ لِجَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى ذِمِّيٍّ مِثْلِهِ يَزْعُمُ أَنَّ الْهَالِكَ أَبْرَأَهُ عَنْ الدَّيْنِ الْمَزْبُورِ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْهَالِكِ فَهَلْ يَكُونُ الْإِبْرَاءُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي تَنْوِيرِ الْإِبْصَارِ وَالْبَحْرِ وَالْخُلَاصَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِأَيْتَامٍ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِذِمَّةِ عَمِّهِمْ وَلَهُمْ أُمٌّ وَصِيٌّ عَلَيْهِمْ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي فَأَبْرَأَتْ عَمَّهُمْ عَنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَبْلَغَ لَمْ يَجِبْ بِعَقْدِ الْأُمِّ فَهَلْ يَكُونُ الْإِبْرَاءُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الْمَبْلَغُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ وَاجِبٍ بِعَقْدِ الْأُمِّ الْوَصِيِّ الْمَرْقُومَةِ فَإِبْرَاؤُهَا غَيْرُ صَحِيحٍ وِفَاقًا؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهُ وَلِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ فَلَا يَجُوزُ كَمَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ وَغَيْرِهِ. [بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ] ِ (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ مِنْ آخَرَ كَرْمَهُ الْمَعْلُومَ فِي صِحَّتِهِ وَسَلَامَتِهِ بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ أَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِاسْتِيفَاءِ أَكْثَرِ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَأَوْصَى بِبَاقِي الثَّمَنِ بِأَنْ يُدْفَعَ لِدَائِنِهِ زَيْدٍ وَمَا فَضَلَ يُنْفِقُهُ عَلَيْهِ وَمَاتَ عَنْ وَارِثٍ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَى ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ إقْرَارُهُ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ مِنْ غَرِيمِهِ وَبَيْعِهِ جَائِزَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) وَيَأْتِي نَقْلُ

الْمَسْأَلَةِ قَرِيبًا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِامْرَأَةٍ بِذِمَّةِ زَوْجِهَا زَيْدٍ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِسَبَبِ دَيْنٍ وَمَهْرٍ مَعْلُومٍ مُؤَجَّلٍ فَأَقَرَّتْ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا بِقَبْضِ الدَّيْنِ وَالْمَهْرِ الْمَذْكُورَيْنِ ثُمَّ مَاتَتْ عَنْهُ وَعَنْ وَرَثَةٍ لَمْ يُجِيزُوا الْإِقْرَارَ الْمَزْبُورَ فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَزْبُورُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ لِلْمَرِيضِ دَيْنٌ عَلَى وَارِثِهِ فَأَقَرَّ بِقَبْضِهِ لَمْ يَجُزْ سَوَاءٌ وَجَبَ الدَّيْنُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ لَا عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ أَوْ لَا. مَرِيضَةٌ أَقَرَّتْ بِقَبْضِ مَهْرِهَا فَلَوْ مَاتَتْ وَهِيَ زَوْجَتُهُ أَوْ مُعْتَدَّتُهُ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهَا وَإِلَّا بِأَنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ دُخُولِهِ جَازَ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ. (سُئِلَ) فِي مَرِيضَةٍ مَرَضَ الْمَوْتِ أَبْرَأَتْ فِيهِ زَوْجَهَا مِنْ دَيْنٍ لَهَا بِذِمَّتِهِ وَمِنْ مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا الْمَعْلُومِ لَهَا عَلَيْهِ وَمَاتَتْ مِنْ مَرَضِهَا الْمَذْكُورِ عَنْهُ وَعَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يُجِيزُوا الْإِبْرَاءَ الْمَذْكُورَ فَهَلْ يَكُونُ الْإِبْرَاءُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ إبْرَاؤُهُ مَدْيُونَهُ وَهُوَ مَدْيُونٌ غَيْرُ جَائِزٍ أَيْ لَا يَجُوزُ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَإِنْ كَانَ وَارِثًا فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَرِيضُ مَدْيُونًا أَوْ لَا لِلتُّهْمَةِ. اهـ. مَرِيضٌ أَبْرَأَ وَارِثَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ أَصْلًا أَوْ كَفَالَةً بَطَلَ وَكَذَا إقْرَارُهُ بِقَبْضِهِ وَاحْتِيَالِهِ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَجَازَ إبْرَاؤُهُ الْأَجْنَبِيَّ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ كَفِيلًا عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ إذْ يَبْرَأُ بِبَرَاءَتِهِ وَلَوْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ هُوَ الْكَفِيلُ عَنْ الْوَارِثِ جَازَ إبْرَاؤُهُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ إذْ فِيهِ بَرَاءَةُ الْكَفِيلِ فُصُولَيْنِ وَفِيهِ عَنْ الْجَامِعِ أَقَرَّ أَنَّهُ أَبْرَأَ فُلَانًا فِي صِحَّتِهِ مِنْ دَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ إذْ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ لِلْحَالِ فَكَذَا الْحِكَايَةُ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بِقَبْضٍ إذْ يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ بِتَمَلُّكِ الْإِقْرَارِ بِهِ وَمَرَّ أَنَّ إقْرَارَهُ لِوَارِثِهِ لَمْ يَجُزْ حِكَايَةً وَلَا ابْتِدَاءً وَلِلْأَجْنَبِيِّ يَجُوزُ حِكَايَةً مِنْ كُلِّ مَالِهِ وَابْتِدَاءً مِنْ ثُلُثِهِ. اهـ. وَمَا عَزَاهُ إلَى الْجَامِعِ نَقَلَهُ فِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا وَقَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ وَقَوْلُهُ إذْ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ لِلْحَالِ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ آنِفًا مِنْ قَوْلِهِ وَجَازَ إبْرَاءُ الْأَجْنَبِيِّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَخُصَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْإِنْشَاءِ بِصُورَةِ كَوْنِ فُلَانٍ وَارِثًا وَبِصُورَةِ كَوْنِ الْوَارِثِ كَفِيلًا لِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ فَفِي إطْلَاقِ كَلَامِهِ نَظَرٌ أَوْ يَكُونَ فِي صِحَّةِ إبْرَاءِ الْمَرِيضِ أَجْنَبِيًّا عَنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ رِوَايَتَانِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بِقَبْضٍ إلَخْ يُخَالِفُهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ قَوْلِهِ لَا يُصَدَّقُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ إلَّا بِقَدْرِ الثُّلُثِ فَلَعَلَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ أَوْ أَحَدَ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ سَهْوٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا أَصَحُّ مِمَّا فِي الْخُلَاصَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (أَقُولُ) يُؤَيِّدُ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ الْجَامِعِ لَوْ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَرْضًا أَوْ ثَمَنًا فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِقَبْضِهِ ثُمَّ مَاتَ يُصَدَّقُ وَبِمِثْلِهِ لَوْ بَاعَ فِي مَرَضِهِ أَوْ أَقْرَضَ فَمَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَجَبَ فِي مَرَضِهِ أَوْ أَقَرَّ فِيهِ بِقَبْضِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ عَلَيْهِ يُصَدَّقُ لَا لَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ إلَخْ ثُمَّ إنَّ الَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي الْجَوَابِ عَنْ مَسْأَلَةِ الْإِبْرَاءِ الْمَارَّةِ أَنَّ الْإِبْرَاءَ نَافِذٌ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِلَا عِوَضٍ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ تَبَرُّعَ الْمَرِيضِ مِنْ الثُّلُثِ فَقَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَجَازَ إبْرَاءُ الْأَجْنَبِيِّ أَيْ مِنْ الثُّلُثِ وَقَوْلُهُ إذْ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ لِلْحَالِ أَيْ مِنْ كُلِّ مَالِهِ وَهَذَا الْجَوَابُ أَحْسَنُ مِمَّا تَقَدَّمَ ثُمَّ رَأَيْت ذَلِكَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي الْجَوْهَرَةِ حَيْثُ قَالَ وَإِنْ قَالَ الْمَرِيضُ قَدْ كُنْت أَبْرَأْت فُلَانًا مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ فِي صِحَّتِي لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْبَرَاءَةَ فِي الْحَالِ فَإِذَا أَسْنَدَهَا إلَى زَمَانٍ مُتَقَدِّمٍ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ حَكَمْنَا بِوُجُودِهَا فِي الْحَالِ فَكَانَتْ مِنْ الثُّلُثِ. اهـ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلِلْأَجْنَبِيِّ يَجُوزُ حِكَايَةً مِنْ كُلِّ مَالِهِ وَابْتِدَاءً مِنْ ثُلُثِهِ وَسَنَذْكُرُ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ الْآتِي تَمَامَ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُمْ قَدْ ذَكَرُوا هُنَا عِبَارَاتٍ ظَاهِرُهَا مُتَنَاقِضٌ مِنْهَا مَا مَرَّ وَمِنْهَا مَا فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنِ الصِّحَّةِ فِي الْمَرِيضِ يَصِحُّ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ صِحَّةٍ أَوْ لَا. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ فَهَذَا أَيْضًا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ لَا يُصَدَّقُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ إلَّا بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَمِثْلُهُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ دَيْنٍ لَهُ كَانَ فِي الْمَرَضِ صُدِّقَ مِنْ الثُّلُثِ وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ بَاعَ الْمَرِيضُ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ

ثُمَّ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ صَحَّ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ. اهـ. وَمِنْهَا مَا فِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنٍ أَقْرَضَهُ فِي مَرَضِهِ لَا يَصِحُّ لَوْ عَلَيْهِ دَيْنُ صِحَّةٍ وَإِلَّا جَازَ. اهـ. فَقَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ يَقْتَضِي أَنْ يُصَدَّقَ مِنْ كُلِّ الْمَالِ لَا مِنْ الثُّلُثِ فَقَطْ قَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ وَلَعَلَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا رِوَايَتَيْنِ أَوْ أَحَدَ قَوْلَيْهِ سَهْوٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ. وَقَدْ عَلِمْت قَوْلَهُ الْمَارَّ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا أَيْ تَصْدِيقَهُ مِنْ كُلِّ الْمَالِ أَصَحُّ وَلَكِنْ فِيهِ تَفْصِيلٌ قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيُّ وَفِي الْبَدَائِعِ فَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنٍ وَجَبَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ يَصِحُّ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ أَوْ لَا وَإِنْ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنٍ وَجَبَ لَهُ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ فَإِنْ وَجَبَ بَدَلًا عَمَّا هُوَ مَالٌ لَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ وَيُصَدَّقُ فِي حَقِّهِمْ فِيمَا وَجَبَ بَدَلًا عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ. اهـ. وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ وَيَنْفُذُ مِنْ كُلِّ التَّرِكَةِ وَهُوَ صَرِيحُ الْمُحِيطِ وَيَظْهَرُ لِي الْعَمَلُ بِمَا فِي الْخُلَاصَةِ فِيمَا فِيهِ تُهْمَةٌ. اهـ. كَلَامُ السَّائِحَانِيِّ وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْت وَأَرَادَ بِالتُّهْمَةِ مَا إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ إضْرَارُ الْوَرَثَةِ أَوْ الْغُرَمَاءِ وَأَنَّهُ كَاذِبٌ فِي ذَلِكَ الْإِقْرَارِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي حَاشِيَةِ الْبِيرِيِّ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ أَشْهَدَتْ الْمَرْأَةُ شُهُودًا عَلَى نَفْسِهَا لِابْنِهَا أَوْ لِأَخِيهَا تُرِيدُ بِذَلِكَ إضْرَارَ الزَّوْجِ أَوْ أَشْهَدَ الرَّجُلُ شُهُودًا عَلَى نَفْسِهِ بِمَالٍ لِبَعْضِ الْأَوْلَادِ يُرِيدُ بِهِ إضْرَارَ بَاقِي الْأَوْلَادِ وَالشُّهُودُ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ وَسِعَهُمْ أَنْ لَا يَقْبَلُوا الشَّهَادَةَ إلَخْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ الْإِشْهَادُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ إذْ الْإِقْرَارُ فِي الْمَرَضِ لِلْوَارِثِ غَيْرُ صَحِيحٍ أَصْلًا وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِهِ فَحَيْثُ سَوَّغُوا لِلشُّهُودِ عَدَمَ الشَّهَادَةِ فِيمَا إذَا قَصَدَ الْمُقِرُّ الْإِضْرَارَ؛ لِأَنَّهُ جَوْرٌ فَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي عَدَمُ سَمَاعِ تِلْكَ الدَّعْوَى حَيْثُ عَلِمَ ذَلِكَ أَوْ قَامَتْ لَهُ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ وَمِثْلُهُ مَا إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ لَكِنْ هُنَا إقْرَارُهُ لَهُ قَدْ يَكُونُ بِطَرِيقِ الْإِبْرَاءِ أَوْ الْوَصِيَّةِ فَيَنْبَغِي نَفَاذُهُ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ إبْرَاءَ الْأَجْنَبِيِّ جَائِزٌ بِخِلَافِ الْوَارِثِ هَذَا غَايَةُ مَا تَحَرَّرَ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَيَأْتِي قَرِيبًا فِيهِ مَزِيدُ كَلَامٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيٍّ بِفَرَسٍ مَعْلُومَةٍ لَمْ يُعْلَمْ تَمَلُّكُهُ لَهَا فِي مَرَضِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ وَمَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ فَهَلْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ مِنْ كُلِّ مَالِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ فَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ لِأَجْنَبِيٍّ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ فِي يَدِهِ مَضْمُونَةٍ أَوْ غَيْرِ مَضْمُونَةٍ أَوْ أَمَانَةٍ بِأَنْ قَالَ مُضَارَبَةً أَوْ أَمَانَةً أَوْ وَدِيعَةً أَوْ غَصْبًا يُقَدَّمُ دَيْنُ الصِّحَّةِ عِمَادِيَّةٌ عَيْنٌ فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَرَّ بِهَا لِرَجُلٍ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ وَلَا سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ صَحَّ إقْرَارُهُ حُكْمًا وَلَا تَحِلُّ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ أَرَادَ الْمُقِرُّ بِهَذَا الْإِقْرَارِ تَمْلِيكًا قَالَ لَا يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ وَلَيْسَ بِتَمْلِيكٍ خَانِيَّةٌ إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ نَافِذٌ مِنْ كُلِّ مَالِهِ بِأَثَرِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَوْ بِعَيْنٍ فَكَذَلِكَ إلَّا إذَا عُلِمَ تَمَلُّكُهُ لَهَا فِي مَرَضِهِ فَيَتَقَيَّدُ بِالثُّلُثِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مُعِينِهِ فَلْيُحْفَظْ عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ وَعِبَارَةُ مُعِينِ الْمُفْتِي لِصَاحِبِ التَّنْوِيرِ هَكَذَا قَالَ فِي الْأَصْلِ إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ لِغَيْرِ وَارِثٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ أَحَاطَ ذَلِكَ بِمَالِهِ وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ فَهُوَ بَاطِلٌ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْوَرَثَةُ وَهَكَذَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ مِنْ مُخْتَصَرَاتِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَغَيْرِهَا لَكِنْ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ إنَّ إقْرَارَ الْمَرِيضِ لِلْوَارِثِ لَا يَجُوزُ حِكَايَةً وَلَا ابْتِدَاءً وَإِقْرَارُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ يَجُوزُ حِكَايَةً مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَابْتِدَاءً مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ. اهـ. قُلْت وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا أَطْلَقَهُ الْمَشَايِخُ فَيَحْتَاجُ إلَى التَّوْفِيقِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُوَفَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالِابْتِدَاءِ مَا يَكُونُ صُورَتُهُ صُورَةَ إقْرَارٍ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ ابْتِدَاءُ تَمْلِيكٍ بِأَنْ يُعْلَمَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ أَنَّ ذَلِكَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ مِلْكٌ لَهُ وَإِنَّمَا قَصَدَ إخْرَاجَهُ فِي صُورَةِ الْإِقْرَارِ حَتَّى لَا يَكُونَ فِي ذَلِكَ مِنَّةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ كَمَا يَقَعُ لِبَعْضٍ أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ عَلَى فَقِيرٍ فَيُقْرِضُهُ بَيْنَ النَّاسِ وَإِذَا خَلَا بِهِ وَهَبَهُ مِنْهُ أَوْ لِئَلَّا يُحْسَدَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْوَرَثَةِ فَيَحْصُلَ مِنْهُمْ إيذَاءٌ فِي الْجُمْلَةِ بِوَجْهٍ مَا وَأَمَّا الْحِكَايَةُ فَهِيَ عَلَى

حَقِيقَةِ الْإِقْرَارِ وَبِهَذَا الْفَرْقِ أَجَابَ بَعْضُ عُلَمَاءِ عَهْدِنَا مِنْ الْمُحَقِّقِينَ قُلْت وَمِمَّا يَشْهَدُ لِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْفَرْقِ مَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْقُنْيَةِ فِي فَصْلِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ وَتَبَرُّعَاتِهِ أَقَرَّ الصَّحِيحُ بِعَبْدٍ فِي يَدِ أَبِيهِ لِفُلَانٍ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَالِابْنُ مَرِيضٌ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ خُرُوجُ الْعَبْدِ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أَنْ يَمُوتَ الِابْنُ أَوَّلًا فَيَبْطُلَ وَبَيْنَ أَنْ يَمُوتَ الْأَبُ أَوَّلًا فَيَصِحَّ فَصَارَ كَالْإِقْرَارِ الْمُبْتَدَأِ فِي الْمَرَضِ قَالَ فَهَذَا كَالتَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا أَقَرَّ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّمَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ تَمَلُّكُهُ إيَّاهَا حَالَ مَرَضِهِ مَعْلُومًا حَتَّى أَمْكَنَ جَعْلُ إقْرَارِهِ إظْهَارًا فَإِذَا عُلِمَ تَمَلُّكُهُ فِي حَالِ مَرَضِهِ فَإِقْرَارُهُ بِهِ لَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ قَالَ وَإِنَّهُ حَسَنٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى. اهـ. قُلْت قَيَّدَ حُسْنَهُ بِكَوْنِهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةُ يُخَالِفُ مَا أَطْلَقُوهُ فِي مُخْتَصَرَاتِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فَكَانَ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِغَيْرِ وَارِثِهِ صَحِيحًا مُطْلَقًا وَإِنْ أَحَاطَ بِمَالِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. اهـ. كَلَامُ مُعِينِ الْمُفْتِي لِصَاحِبِ التَّنْوِيرِ (أَقُولُ) حَاصِلُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ إقْرَارَ الْمَرِيضِ لِأَجْنَبِيٍّ صَحِيحٌ وَإِنْ أَحَاطَ بِكُلِّ مَالِهِ لَكِنَّهُ مَشْرُوطٌ بِمَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ ابْتِدَاءُ تَمْلِيكٍ فِي الْمَرَضِ كَمَا إذَا عُلِمَ أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ إنَّمَا دَخَلَ فِي مِلْكِهِ فِي مَرَضِهِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّ إقْرَارَهُ بِأَنَّهُ مِلْكُ فُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ تَمْلِيكٍ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي زَمَانِنَا مِنْ أَنَّ الْمَرِيضَ يُقِرُّ بِالشَّيْءِ لِغَيْرِهِ إضْرَارًا لِوَارِثِهِ فَإِذَا عُلِمَ ذَلِكَ تَقَيَّدَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَابْتِدَاءً مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ. لَكِنْ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ لَا تَمْلِيكٌ وَأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ بِشَيْءٍ إذَا لَمْ يَدْفَعْهُ لَهُ الْمُقِرُّ بِرِضَاهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهُ دِيَانَةً إلَّا إذَا كَانَ قَدْ مَلَكَ ذَلِكَ بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَإِنْ كَانَ يُحْكَمُ لَهُ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْأَمْرِ وَأَنَّ الْمُقِرَّ صَادِقٌ فِي إقْرَارِهِ فَعَلَى هَذَا إذَا عَلِمْنَا أَنَّ هَذَا الْمُقِرَّ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ وَأَنَّهُ قُصِدَ بِهِ ابْتِدَاءً تَمْلِيكٌ فَبِالنَّظَرِ إلَى الدِّيَانَةِ لَا يَمْلِكُ الْمُقَرُّ لَهُ شَيْئًا مِنْهُ وَبِالنَّظَرِ إلَى الْقَضَاءِ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ يُحْكَمُ لَهُ بِالْكُلِّ فَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ نَفَاذِهِ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّا حَيْثُ صَدَّقْنَاهُ فِي إقْرَارِهِ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ لَزِمَ نَفَاذُهُ مِنْ كُلِّ مَالِهِ وَإِنْ أَحَاطَ بِهِ فَلِذَا أَطْلَقَ أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ نَفَاذَ الْإِقْرَارِ لِلْأَجْنَبِيِّ مِنْ كُلِّ الْمَالِ فَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ شَيْءٌ مِنْ الْحُسْنِ لَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَلَا مِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةُ وَلَا يَكُونُ فِيهِ تَأْيِيدٌ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَرْقِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْإِقْرَارُ الْمَزْبُورُ عَلَى الْهِبَةِ وَهِيَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ لَكِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّسْلِيمُ وَإِنْ كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ الْوَصِيَّةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَفِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ قَالَ جَمِيعُ مَالِي أَوْ مَا أَمْلِكُهُ هِبَةٌ لَا إقْرَارٌ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّسْلِيمِ قَالَ شَارِحُهُ وَالْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى أَضَافَ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى مِلْكِهِ كَانَ هِبَةً ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْمِنَحِ أَقَرَّ لِآخَرَ بِمُعَيَّنٍ وَلَمْ يُضِفْهُ لَكِنْ مِنْ الْمَعْلُومِ لِكَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ أَنَّهُ مِلْكُهُ فَهَلْ يَكُونُ إقْرَارًا أَوْ تَمْلِيكًا يَنْبَغِي الثَّانِي فَيُرَاعَى فِيهِ شَرَائِطُ التَّمْلِيكِ. اهـ. فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ الْإِقْرَارُ إخْبَارٌ لَا تَمْلِيكٌ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ لَمْ يُضِفْ الْمُقَرَّ بِهِ إلَى مِلْكِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا بِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَإِلَّا حَصَلَ التَّنَافِي بَيْنَ كَلَامِهِمْ وَكَتَبْت هُنَا فِيمَا عَلَّقْته عَلَى التَّنْوِيرِ عَنْ وَصَايَا النِّهَايَةِ مَا نَصُّهُ وَفِي الْأَصْلِ إذَا قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ سُدُسُ دَارِي لِفُلَانٍ فَهُوَ وَصِيَّةٌ وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ سُدُسٌ فِي دَارِي فَإِقْرَارٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ جَعَلَ سُدُسَ دَارٍ جَمِيعَهَا مُضَافًا إلَى نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بِقَصْدِ التَّمْلِيكِ وَفِي الثَّانِي جَعَلَ دَارَ نَفْسِهِ ظَرْفًا لِلسُّدُسِ الَّذِي سَمَّاهُ لِفُلَانٍ وَإِنَّمَا يَكُونُ دَارُهُ ظَرْفًا لِذَلِكَ السُّدُسِ إذَا كَانَ السُّدُسُ مَمْلُوكًا لِفُلَانٍ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَكُونُ إقْرَارًا. أَمَّا لَوْ كَانَ إنْشَاءً لَا يَكُونُ ظَرْفًا؛ لِأَنَّ الدَّارَ كُلَّهَا لَهُ فَلَا يَكُونُ الْبَعْضُ ظَرْفًا لِلْبَعْضِ وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي فَهُوَ وَصِيَّةٌ اسْتِحْسَانًا إذَا كَانَ فِي ذِكْرِ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ قَالَ فِي مَالِي فَهُوَ إقْرَارٌ. اهـ. فَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا ذُكِرَ عَلَى الْوَصِيَّةِ حَيْثُ كَانَ الْمُقِرُّ فِي ذِكْرِ الْوَصِيَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّسْلِيمُ وَإِلَّا حُمِلَ

عَلَى الْهِبَةِ وَاشْتُرِطَ التَّسْلِيمُ كَمَا عَلِمْت وَهَذَا كُلُّهُ أَيْضًا حَيْثُ أَضَافَ مَا أَقَرَّ بِهِ إلَى نَفْسِهِ كَقَوْلِهِ دَارِي أَوْ عَبْدِي لِفُلَانٍ بِخِلَافِ قَوْلِهِ هَذِهِ الدَّارُ أَوْ الْعَبْدُ لِفُلَانٍ وَلَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لِلنَّاسِ بِأَنَّهُ مِلْكُ الْمُقِرِّ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى التَّمْلِيكِ بِطَرِيقِ الْهِبَةِ أَوْ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُجَرَّدَ إقْرَارٍ وَهُوَ إخْبَارٌ لَا تَمْلِيكٌ كَمَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ لَكِنْ بِهَذَا التَّقْرِيرِ ظَهَرَ لَك أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي مُعِينِ الْمُفْتِي عَنْ الْقُنْيَةِ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى التَّمْلِيكِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ بِعَبْدٍ فِي يَدِ أَبِيهِ بِأَنَّهُ لِفُلَانٍ إقْرَارٌ مُجَرَّدٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَا اُشْتُرِطَ لِجَعْلِهِ تَمْلِيكًا هِبَةً أَوْ وَصِيَّةً؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عُلِمَ تَمَلُّكُهُ لَهُ فِي مَرَضِهِ عِنْدَ مَوْتِ أَبِيهِ وَالشَّرْطُ كَوْنُهُ مِلْكًا لَهُ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَإِضَافَتُهُ إلَى نَفْسِهِ حَتَّى يُمْكِنَ جَعْلُهُ تَمْلِيكًا بِطَرِيقِ الْهِبَةِ أَوْ الْوَصِيَّةِ لَا يُقَالُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ لِقَوْلِهِمْ يَصِحُّ إقْرَارُ الشَّخْصِ بِمَالٍ مَمْلُوكٍ لِلْغَيْرِ وَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ إذَا مَلَكَهُ بُرْهَةً مِنْ الزَّمَانِ لِنَفَاذِهِ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا فِي الْإِقْرَارِ عَلَى سَبِيلِ الْإِخْبَارِ الَّذِي يَنْفُذُ مِنْ كُلِّ الْمَالِ وَكَلَامُ الْقُنْيَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ إنْشَاءُ تَمْلِيكٍ ابْتِدَاءً. وَلِذَا قَيَّدَ نَفَاذَهُ بِكَوْنِهِ مِنْ الثُّلُثِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ إقْرَارَ هَذَا الِابْنِ كَانَ إخْبَارًا فِي حَالِ صِحَّتِهِ لَكِنَّهُ لَمَّا دَخَلَ الْعَبْدُ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ وَلَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ اُعْتُبِرَ تَبَرُّعًا فِي الْمَرَضِ فَتَقَيَّدَ بِالثُّلُثِ لِوُضُوحِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ التَّبَرُّعَ بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ لَكِنَّهُ مَنَعَ نَفَاذَهُ فِي وَقْتِ الْإِقْرَارِ قِيَامُ مِلْكِ أَبِيهِ لَهُ فَلَمَّا انْتَقَلَ إلَى مِلْكِهِ زَالَ الْمَانِعُ فَنَفَذَ تَبَرُّعًا وَالتَّبَرُّعُ فِي الْمَرَضِ يَتَقَيَّدُ بِالثُّلُثِ هَذَا غَايَةُ مَا وَصَلَ إلَيْهِ فَهْمِي الْقَاصِرُ فِي تَوْجِيهِ عِبَارَةِ الْقُنْيَةِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي تَأْوِيلِ عِبَارَةِ الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ غَيْرُ مَا مَرَّ وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْإِقْرَارُ بِالْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ يَعْنِي إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ أَنَّهُ أَبْرَأَ وَارِثَهُ عَنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ حِكَايَةً بِأَنْ يُسْنِدَ الْإِبْرَاءَ إلَى حَالِ الصِّحَّةِ وَيَقُولَ قَدْ كُنْت أَبْرَأْته عَنْهُ وَأَنَا صَحِيحٌ وَلَا ابْتِدَاءً بِأَنْ يَقْصِدَ إبْرَاءَهُ عَنْهُ الْآنَ وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَإِنَّهُ إذَا حَكَى أَنَّهُ أَبْرَأَهُ فِي الصِّحَّةِ يَجُوزُ مِنْ كُلِّ الْمَالِ وَإِذَا ابْتَدَأَ إبْرَاءَهُ عَنْهُ أَيْ قَصَدَ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ إنْشَاءَ الْإِبْرَاءِ الْآنَ لَا عَلَى سَبِيلِ الْحِكَايَةِ يَجُوزُ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ السَّابِقِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْبَدَائِعِ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ أَبْرَأَ فُلَانًا فِي صِحَّتِهِ مِنْ دَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ إذْ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ لِلْحَالِ فَكَذَا الْحِكَايَةُ إلَخْ وَقَدَّمْنَا عَنْ الْجَوْهَرَةِ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يَجُزْ أَيْ مِنْ كُلِّ الْمَالِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ مِنْ الثُّلُثِ وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ فِي إقْرَارِهِ بِإِبْرَاءِ الْأَجْنَبِيِّ بَيْنَ كَوْنِهِ حِكَايَةً أَوْ ابْتِدَاءً حَيْثُ يَنْفُذُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الثُّلُثِ فَقَطْ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِقَبْضِ الدَّيْنِ مِنْهُ فَإِنَّهُ مِنْ الْكُلِّ كَمَا مَرَّ وَحِينَئِذٍ فَمَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ مِنْ التَّفْصِيلِ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ فَيَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ وَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ مَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْجَوْهَرَةِ لِكَوْنِهِمَا مِنْ الشُّرُوحِ فَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي مَرِيضَةٍ مَرَضَ الْمَوْتِ أَقَرَّتْ فِيهِ لِأَخِيهَا الْغَيْرِ الْوَارِثِ لَهَا بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَزِمَ ذِمَّتَهَا لَهُ مِنْ جِهَةِ قَرْضٍ اقْتَرَضَتْهُ مِنْهُ وَمَاتَتْ عَنْ أَوْلَادٍ وَعَنْ زَوْجٍ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً فَهَلْ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ وَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِغَيْرِ وَارِثٍ يَجُوزُ وَإِنْ أَحَاطَ وَإِنْ لِوَارِثٍ لَا إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْوَرَثَةُ أَوْ يُبَرْهِنَ بَزَّازِيَّةٌ إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ نَافِدٌ مِنْ كُلِّ مَالِهِ وَأُخِّرَ الْإِرْثُ عَنْهُ وَدَيْنُ الصِّحَّةِ وَمَا لَزِمَهُ فِي مَرَضِهِ بِسَبَبِ مَعْرُوفٍ قُدِّمَا عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَلَوْ وَدِيعَةً وَالسَّبَبُ الْمَعْرُوفُ كَنِكَاحٍ مُشَاهَدٍ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَبَيْعٍ مُشَاهَدٍ كَذَلِكَ وَإِتْلَافٍ كَذَلِكَ تَنْوِيرٌ وَمِثْلُهُ فِي الْمُلْتَقَى وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِدُيُونٍ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ فِي صِحَّتِهِ وَدُيُونٌ لَزِمَتْهُ فِي مَرَضِهِ بِأَسْبَابٍ مَعْلُومَةٍ فَدَيْنُ الصِّحَّةِ وَالدُّيُونُ الْمَعْرُوفَةُ الْأَسْبَابِ مُتَقَدِّمَةٌ هِدَايَةٌ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ. (سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ أَقَرَّ فِيهِ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِزَوْجَتِهِ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ مَهْرًا مُؤَجَّلًا لَهَا وَصَدَّقَتْهُ فِيهِ وَمَاتَ عَنْهَا وَعَنْ وَرَثَةٍ

غَيْرِهَا لَمْ يُصَدِّقُوا عَلَى ذَلِكَ وَخَلَّفَ تَرِكَةً وَهِيَ مِمَّنْ يُؤَجَّلُ لَهَا مِثْلُ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ مَذْكُورَةٌ فِي نِكَاحِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ آخِرَ الْكِتَابِ وَكَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَكَذَا فِي فَتَاوَى الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ (أَقُولُ) وَفِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ إقْرَارِ الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ إقْرَارُهُ لَهَا بِمَهْرِهَا إلَى قَدْرِ مِثْلِهِ صَحِيحٌ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ فِيهِ وَإِنْ بَعْدَ الدُّخُولِ قَالَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ وَقِيلَ جَرَتْ الْعَادَةُ بِمَنْعِ نَفْسِهَا قَبْلَ قَبْضِ مِقْدَارٍ مِنْ الْمَهْرِ فَلَا يُحْكَمُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ إذَا لَمْ تَعْتَرِفْ هِيَ بِالْقَبْضِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ إلَى تَمَامِ مَهْرِ مِثْلِهَا وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهَا اسْتَوْفَتْ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَقَرَّ فِيهِ لِامْرَأَتِهِ الَّتِي مَاتَتْ عَنْ وَلَدٍ بِقَدْرِ مَهْرِ مِثْلِهَا وَلَهُ وَرَثَةٌ أُخَرُ لَمْ يُصَدِّقُوهُ فِي ذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَلَا يُنَاقِضُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ هُنَا بَعْدَ مَوْتِهَا اسْتِيفَاءُ وَرَثَتِهَا أَوْ وَصِيِّهَا الْمَهْرَ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَتْ امْرَأَةٌ عَنْ زَوْجٍ وَبِنْتٍ صَغِيرَةٍ مِنْهُ وَعَنْ أَوْلَادٍ ثَلَاثَةٍ آخَرِينَ مِنْ زَوْجٍ آخَرَ مَاتَ قَبْلَهَا وَلَهَا مَبْلَغٌ دَيْنٌ مَعْلُومٌ بِذِمَّةِ زَيْدٍ ثُمَّ مَاتَ اثْنَانِ مِنْ الْأَوْلَادِ الْمَزْبُورِينَ عَنْ جَدٍّ لِأَبٍ يَدَّعِي أَنَّ الْمَرْأَةَ أَقَرَّتْ فِي صِحَّتِهَا أَنَّ الدَّيْنَ الْمَزْبُورَ لِأَوْلَادِهَا الْآخَرِينَ وَأَنَّ اسْمَهَا فِي صَكٍّ الدَّيْنِ عَارِيَّةٌ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَى الْإِقْرَارِ فِي الصِّحَّةِ وَالزَّوْجُ يُنْكِرُ ذَلِكَ وَيَدَّعِي أَنَّ الْإِقْرَارَ كَانَ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ لِلزَّوْجِ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : الْبَيِّنَةُ عَلَى مُدَّعِي صُدُورِ ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ وَالْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِيهِ فِي الْمَرَضِ بِيَمِينِهِ إذْ الْحَادِثُ يُضَافُ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنْ فَتَاوَاهُ حَيْثُ أَجَابَ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى مُدَّعِي الْبَيْعِ فِي الصِّحَّةِ وَالْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِيهِ فِي الْمَرَضِ بِيَمِينِهِ إذْ الْحَادِثُ يُضَافُ إلَى أَقْرَبِ أَوْقَاتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي مَرِيضَةٍ بَاعَتْ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً لَهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هُوَ ثَمَنُ مِثْلِهَا ثُمَّ أَقَرَّتْ فِي مَرَضِهَا الْمَزْبُورِ بِاسْتِيفَاءِ ثَمَنِهَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَصْلًا فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) قَدَّمْنَا اخْتِلَافَ الْعِبَارَاتِ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِقَبْضِ الثَّمَنِ هَلْ يَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ مِنْ الْكُلِّ وَأَنَّ الَّذِي فِي الْخَانِيَّةِ نَفَاذُهُ مِنْ الْكُلِّ وَقَيَّدَ فِي السُّؤَالِ بِقَوْلِهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ إذْ لَوْ كَانَ فِيهِ مُحَابَاةٌ نَفَذَتْ مِنْ الثُّلُثِ وَبِقَوْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا دَيْنٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ دَيْنٍ وَجَبَ لَهُ فِي الْمَرَضِ بَدَلًا عَمَّا هُوَ مَالٌ لَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ أَقَرَّتْ حَالَ تَلَبُّسِهَا بِالْمَخَاضِ أَنَّ لِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ بِذِمَّتِهَا مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ مَاتَتْ مِنْ مَرَضِهَا الْمَزْبُورِ فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي إقْرَارِ الْخَانِيَّةِ وَالْأَنْقِرْوِيِّ وَنَهْجِ النَّجَاةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ حِصَّةً مَعْلُومَةً مِنْ غِرَاسٍ مَعْلُومٍ مِنْ شَرِيكَيْهِ فِيهِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ عَنْهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مَقْبُوضٍ وَفِيهِ مُحَابَاةٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِتَرِكَتِهِ فَهَلْ يُقَالُ لِلشَّرِيكَيْنِ إمَّا أَنْ تُتِمَّا الْقِيمَةَ أَوْ تَفْسَخَا الْبَيْعَ؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ أَوَّلِ بَابِ الْبَيْعِ مَا نَصُّهُ الْمَرِيضُ الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ إذَا بَاعَ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ لَا تَصِحُّ الْمُحَابَاةُ عِنْدَ الْكُلِّ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ أَوْ لَمْ يُجِيزُوا وَيُقَالُ لِلْمُشْتَرِي إنْ شِئْت فَبَلِّغْ تَمَامَ الْقِيمَةِ وَإِنْ شِئْت فَافْسَخْ الْبَيْعَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَجُوزُ إنْ كَانَتْ الْمُحَابَاةُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ. اهـ. فَحَصَلَ بِمَا ذَكَرْنَا الْجَوَابُ وَقَدْ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ الْبُيُوعِ. (سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ بَاعَ فِيهِ لِابْنَتِهِ دَارًا مَعْلُومَةً وَأَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ وَالْإِقْرَارُ الْمَزْبُورَانِ غَيْرَ صَحِيحَيْنِ إلَّا أَنْ تُجِيزَ الْوَرَثَةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) أَطْلَقَ عَدَمَ جَوَازِ بَيْعِ الْمَرِيضِ مِنْ وَارِثِهِ فَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ بِلَا مُحَابَاةٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا مَرَّ آنِفًا قَالَ فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ

مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَأَمَّا الْبَيْعُ فَلَا يَجُوزُ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَعْطَاهَا بَيْتًا عِوَضَ مَهْرِ مِثْلِهَا لَمْ يَجُزْ إذْ الْبَيْعُ مِنْ الْوَارِثِ لَمْ يَجُزْ فِي الْمَرَضِ وَلَوْ بِثَمَنِ الْمِثْلِ إلَّا إذَا أَجَازَ وَارِثُهُ. اهـ. وَذَكَرَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي بَابِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ بَيْعُ الْمَرِيضِ مِنْ وَارِثِهِ عَلَى إجَازَتِهِمْ. اهـ. وَفِي نُورِ الْعَيْنِ عَنْ الْخَانِيَّةِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُ مَرِيضٍ مَاتَ فِيهِ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ وَارِثِهِ وَلَا مِنْ كَفِيلِ وَارِثِهِ وَلَوْ كَفَلَ فِي صِحَّتِهِ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ تَبَرَّعَ عَنْ وَارِثِهِ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَبَاعَهُ مِنْ وَارِثِ مُوَكِّلِهِ وَأَقَرَّ بِقَبْضِ الثَّمَنِ مِنْ وَارِثِهِ أَوْ أَقَرَّ أَنَّ وَكِيلَهُ قَبَضَ الثَّمَنَ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ لَا يُصَدَّقُ وَإِنْ كَانَ الْمَرِيضُ هُوَ الْوَكِيلَ وَمُوَكِّلُهُ صَحِيحٌ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ أَنَّهُ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَيْ الَّذِي هُوَ وَارِثُ الْمُوَكِّلِ وَجَحَدَ الْمُوَكِّلُ صُدِّقَ الْوَكِيلُ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي وَارِثَ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ مَرِيضَانِ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ بِقَبْضِ الثَّمَنِ لَا يُصَدَّقُ إذْ مَرَضُهُ يَكْفِي لِبُطْلَانِ إقْرَارِهِ لِوَارِثِهِ بِالْقَبْضِ فَمَرَضُهُمَا أَوْلَى مَرِيضٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَأَقَرَّ بِقَبْضِ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ مُضَارَبَةٍ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ وَارِثِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَوْ ادَّعَى رَدَّ الْأَمَانَةِ إلَى مُوَرِّثِهِ الْمَرِيضِ وَكَذَّبَهُ الْمُوَرِّثُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَارِثِ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ زَيْدٌ فِي حَالِ مَرَضِهِ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ مَعَ زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ مِنْهَا فِي جَمِيعِ الدَّارَيْنِ الْكَائِنَتَيْنِ فِي مَحَلِّ كَذَا وَأَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ دُونَهُ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ شَرْعِيٍّ وَأَنْ لَا حَقَّ لَهُ مَعَ بِنْتِهِ مِنْ جِهَازٍ وَقُمَاشٍ وَأَوَانٍ وَصِينِيٍّ وَلُحُفٍ وَفُرُشٍ وَأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ ذَلِكَ دُونَهُ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ قِبَلَ زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ حَقًّا مُطْلَقًا وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِهَا بَعْدَ ثُبُوتِ مَضْمُونِهَا وَيَكُونُ الْإِقْرَارُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْإِقْرَارُ الْمُصَدَّرُ بِالنَّفْيِ صَحِيحٌ نَافِذٌ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَلَى الْعِمَادِيِّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ الْجَوَابُ مَا بِهِ الْمَرْحُومُ الْوَالِدُ أَجَابَ رَوَّحَ اللَّهُ تَعَالَى رُوحَهُ فِي غُرُفَاتِ الْجِنَانِ وَأَسْبَغَ عَلَيْهِ سَحَائِبَ الْغُفْرَانِ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ حَامِدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ (أَقُولُ) هَذَا الْجَوَابُ غَيْرُ مُحَرَّرٍ وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ كَمَا سَيَظْهَرُ فَتَدَبَّرْ. (سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ أَقَرَّ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عِنْدَ زَوْجَتِهِ هِنْدٍ حَقًّا وَأَبْرَأَ ذِمَّتَهَا مِنْ كُلِّ حَقٍّ شَرْعِيٍّ وَمَاتَ عَنْهَا وَعَنْ وَرَثَةٍ غَيْرِهَا وَلَهُ تَحْتَ يَدِهَا أَعْيَانٌ وَلَهُ بِذِمَّتِهَا دَيْنٌ وَالْوَرَثَةُ لَمْ يُجِيزُوا الْإِقْرَارَ فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ مَرِيضٌ لَهُ عَلَى وَارِثِهِ دَيْنٌ فَأَبْرَأَهُ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ قَالَ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْك شَيْءٌ ثُمَّ مَاتَ جَازَ إقْرَارُهُ قَضَاءً لَا دِيَانَةً وَلَوْ قَالَتْ مَرِيضَةٌ لَيْسَ لِي عَلَى زَوْجِي صَدَاقٌ لَا يَبْرَأُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمَهْرِ وَهُوَ النِّكَاحُ مَقْطُوعٌ بِهِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ مِنْ هِبَةِ الْمَرِيضِ وَفِيهِ مَرِيضٌ أَبْرَأَ وَارِثَهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ أَصْلًا أَوْ كَفَالَةً بَطَلَ وَكَذَا إقْرَارُهُ بِقَبْضِهِ وَاحْتِيَالُهُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَجَازَ إبْرَاؤُهُ الْأَجْنَبِيَّ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ كَفِيلًا عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ إذْ يَبْرَأُ بِبَرَاءَتِهِ وَلَوْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ هُوَ الْكَفِيلُ عَنْ الْوَارِثِ جَازَ إبْرَاؤُهُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ إذْ فِيهِ بَرَاءَةُ الْكَفِيلِ. اهـ. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَإِذَا أَرَادَ الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ أَنْ يَصِحَّ إبْرَاؤُهُ لِلْغَرِيمِ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَيْسَ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَوْ قَالَ أَبْرَأْته عَنْ الدَّيْنِ لَا يَصِحُّ وَيَرْتَفِعُ بِهَذِهِ مُطَالَبَةُ الدُّنْيَا لَا مُطَالَبَةُ الْآخِرَةِ. اهـ. وَقَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الْعُيُونِ مِنْ بَابِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا وَأَثْبَتَهُ وَأَبْرَأَهُ لَا تَجُوزُ بَرَاءَتُهُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَكَذَا لَوْ أَبْرَأَ الْوَارِثُ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا وَلَوْ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ وَمَاتَ جَازَ إقْرَارُهُ فِي الْقَضَاءِ إلَخْ مِنَحٌ مِنْ بَابِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ الْعَلَائِيِّ مَعَ الْمَتْنِ وَإِبْرَاؤُهُ مَدْيُونَهُ وَهُوَ مَدْيُونٌ غَيْرُ جَائِزٍ أَيْ لَا يَجُوزُ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَإِنْ كَانَ وَارِثًا فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَرِيضُ مَدْيُونًا أَوْ لَا لِلتُّهْمَةِ وَحِيلَةُ صِحَّتِهِ أَنْ يَقُولَ

لَا حَقَّ لِي عَلَيْهِ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ يَشْمَلُ الْوَارِثَ وَغَيْرَهُ صَحِيحٌ قَضَاءً لَا دِيَانَةً فَتَرْتَفِعُ بِهِ مُطَالَبَةُ الدُّنْيَا لَا الْآخِرَةِ حَاوِي إلَّا الْمَهْرَ فَلَا يَصِحُّ عَلَى الصَّحِيحِ بَزَّازِيَّةٌ أَيْ لِظُهُورِ أَنَّهُ عَلَيْهِ غَالِبًا إلَخْ انْتَهَتْ عِبَارَةُ الْعَلَائِيِّ (أَقُولُ) حَاصِلُ هَذِهِ النُّقُولِ أَنَّ إبْرَاءَ الْمَرِيضِ لِوَارِثِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَكَذَا إقْرَارُهُ بِلَا تَصْدِيقِ الْوَرَثَةِ إلَّا إذَا كَانَ مُصَدَّرًا بِالنَّفْيِ كَقَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ قَضَاءً فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ عَلَيْهِ لَكِنْ هَذَا خَاصٌّ بِالدَّيْنِ كَمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ حَيْثُ قَالَ عِنْدَ قَوْلِ الْأَشْبَاهِ وَهِيَ الْحِيلَةُ فِي إبْرَاءِ الْمَرِيضِ وَارِثَهُ (أَقُولُ) هَذَا إذَا كَانَ عَلَى الْوَارِثِ دَيْنٌ لَا عَيْنٌ وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ مِنْ الْحِيَلِ وَلَوْ قَالَ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ ثُمَّ مَاتَ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَةُ الْوَرَثَةِ عَلَى ذَلِكَ وَمَضَى إقْرَارُهُ فِي الْقَضَاءِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْوَارِثِ لَا تَجُوزُ بَرَاءَتُهُ. اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّ الْوَرَثَةَ لَوْ ادَّعَوْا كَذِبَ الْمُقِرِّ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ هُنَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْمُفْتَى بِهِ مِنْ أَنَّ الْمُقِرَّ لَوْ ادَّعَى الْكَذِبَ فِي إقْرَارِهِ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى وَرَثَةُ الْمُقِرِّ كَمَا فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَ الْأَشْبَاهِ اسْتَنْبَطَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ الْمُصَدَّرِ بِالنَّفْيِ جَوَابَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الْبِنْتَ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا تُقِرُّ بِأَنَّ الْأَمْتِعَةَ الْفُلَانِيَّةَ مِلْكُ أَبِيهَا لَا حَقَّ لَهَا فِيهَا قَالَ وَقَدْ أَجَبْت فِيهَا مِرَارًا بِالصِّحَّةِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى زَوْجِهَا ثُمَّ قَالَ إنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ مِنْهَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهَا لَا حَقَّ لِي فِيهِ فَيَصِحُّ وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْإِقْرَارِ بِالْعَيْنِ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا قَالَ هَذَا لِفُلَانٍ فَلْيُتَأَمَّلْ وَيُرَاجَعْ الْمَنْقُولُ. اهـ. وَأَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْغَزِّيُّ فِي مِنَحِ الْغَفَّارِ وَكَذَلِكَ الْعَلَائِيُّ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَالْعَجَبُ مِنْهُ مَعَ قَوْلِ شَيْخِهِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْأَشْبَاهِ إنَّ كُلَّ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الشَّوَاهِدِ لَا يَشْهَدُ لَهُ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ إقْرَارَ الْمَرِيضِ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ لِوَارِثِهِ لَا يَصِحُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَمْتِعَةَ الَّتِي بِيَدِ الْبِنْتِ وَمِلْكُهَا فِيهَا ظَاهِرٌ بِالْيَدِ إذَا قَالَتْ هِيَ مِلْكُ أَبِي لَا حَقَّ لِي فِيهَا إقْرَارٌ بِالْعَيْنِ لِلْوَارِثِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ أَوْ لَا حَقَّ لِي عَلَيْهِ أَوْ لَيْسَ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ وَنَحْوِهِ مِنْ صُوَرِ النَّفْيِ لِتَمَسُّكِ النَّافِي فِيهِ بِالْأَصْلِ فَكَيْفَ يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى مُدَّعَاهُ وَيَجْعَلُهُ صَرِيحًا فِيهِ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ عُلَمَاءُ عَصْرِهِ بِمِصْرَ وَأَفْتَوْا بِعَدَمِ الصِّحَّةِ وَمِنْهُمْ وَالِدُ شَيْخِنَا الشَّيْخُ أَمِينُ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ الْعَالِ وَبَعْدَ هَذَا الْبَحْثِ وَالتَّحْرِيرِ رَأَيْت شَيْخَ شَيْخِنَا شَيْخَ الْإِسْلَامِ الشَّيْخَ عَلِيًّا الْمَقْدِسِيَّ رَدَّ عَلَى الْمُؤَلِّفِ أَيْ صَاحِبِ الْأَشْبَاهِ كَلَامَهُ وَكَذَلِكَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْغَزِّيُّ عَلَى هَامِشِ نُسْخَتِهِ الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فَقَدْ ظَهَرَ الْحَقُّ وَاتَّضَحَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. اهـ. كَلَامُ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَتَبِعَهُ السَّيِّدُ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ وَكَذَلِكَ رَدَّ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ جَوِي زَادَهْ كَمَا رَأَيْته مَنْقُولًا عَنْهُ فِي هَامِشِ نُسْخَتَيْ الْأَشْبَاهِ وَرَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ وَقَالَ بَعْضَ كَلَامٍ وَعَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال لِمُفْتٍ وَلَا قَاضٍ بِمَا أَفْتَى بِهِ مِنْ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لِلْوَارِثِ بِالْعُرُوضِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ الْوَاقِعِ فِي زَمَانِنَا؛ لِأَنَّ الْخَاصَّ وَالْعَامَّ يَعْلَمُونَ أَنَّ الْمُقِرَّ مَالِكٌ لِجَمِيعِ مَا حَوَتْهُ دَارُهُ لَا حَقَّ فِيهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَإِنَّمَا قَصَدَ حِرْمَانَ بَاقِي الْوَرَثَةِ فَأَيُّ تُهْمَةٍ بَعْدَ هَذِهِ التُّهْمَةِ يَا عِبَادَ اللَّهِ. اهـ. وَكَذَا رَدَّ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْحَائِكُ مُفْتِي دِمَشْقَ الشَّامِ سَابِقًا حَيْثُ سُئِلَ فِيمَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْأَمْتِعَةِ الْمَعْلُومَةِ مَعَ بِنْتِهِ وَمِلْكُهُ فِيهَا ظَاهِرٌ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ بَاطِلٌ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الْمُحَقِّقُونَ وَلَوْ مُصَدَّرًا بِالنَّفْيِ خِلَافًا لِلْأَشْبَاهِ. وَقَدْ أَنْكَرُوا عَلَيْهِ. اهـ. وَكَذَا رَدَّ عَلَيْهِ شَيْخُ شَيْخِنَا السَّائِحَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْحَاصِلُ كَمَا رَأَيْته مَنْقُولًا عَنْ الْعَلَّامَةِ جَوِي زَادَهْ أَنَّ الْأَمْتِعَةَ إنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْبِنْتِ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْعَيْنِ لِلْوَارِثِ بِلَا شَكٍّ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِهَا فَهُوَ صَحِيحٌ وَبِهِ يُشْعِرُ كَلَامُ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ الْمُتَقَدِّمُ وَصَرَّحَ بِهِ أَيْضًا فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمِنَحِ وَأَطَالَ فِي الرَّدِّ عَلَى الْأَشْبَاهِ فَإِنْ قُلْت ذُكِرَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ

عَنْ الْأَشْبَاهِ إنَّ إقْرَارَهُ لِلْوَارِثِ مَوْقُوفٌ إلَّا فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا إقْرَارُهُ بِالْأَمَانَاتِ كُلِّهَا إلَخْ وَقَوْلُ الْبِنْتِ هَذَا الشَّيْءُ لِأَبِي إقْرَارٌ بِالْأَمَانَةِ فَيَصِحُّ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهَا قُلْت الْمُرَادُ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِقَبْضِ الْأَمَانَةِ الَّتِي لَهُ عِنْدَ وَارِثِهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَشْبَاهِ ذَكَرَ عَنْ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ أَنَّ الْإِقْرَارَ لِلْوَارِثِ مَوْقُوفٌ إلَّا فِي ثَلَاثٍ لَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ وَدِيعَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ مَا كَانَ عِنْدَهُ وَدِيعَةً أَوْ بِقَبْضِ مَا قَبَضَهُ الْوَارِثُ بِالْوَكَالَةِ مِنْ مَدْيُونِهِ ثُمَّ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالثَّانِيَةِ إقْرَارُهُ بِالْأَمَانَاتِ كُلِّهَا وَلَوْ مَالَ الشَّرِكَةِ أَوْ الْعَارِيَّةِ وَالْمَعْنَى فِي الْكُلِّ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إيثَارُ الْبَعْضِ. اهـ. يَعْنِي أَنَّ الْوَدِيعَةَ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ مَا كَانَ عِنْدَهُ وَدِيعَةً غَيْرُ قَيْدٍ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهَا الْأَمَانَاتُ كُلُّهَا فَيَكُونَ إقْرَارُهُ بِقَبْضِهَا كَإِقْرَارِهِ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْبَحْثَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ نُورِ الْعَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ مَرِيضٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَأَقَرَّ بِقَبْضِ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ مُضَارَبَةٍ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ وَارِثِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَوْ ادَّعَى رَدَّ الْأَمَانَاتِ إلَى مُوَرِّثِهِ الْمَرِيضِ وَكَذَّبَهُ الْمُوَرِّثُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَارِثِ. اهـ. فَقَدْ تَبَيَّنَ لَك أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ إقْرَارَهُ بِأَمَانَةٍ عِنْدَهُ لِوَارِثِهِ بَلْ الْمُرَادُ مَا قُلْنَا فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ فَإِنِّي رَأَيْت مَنْ يُخْطِئُ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّ النُّقُولَ مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّ إقْرَارَهُ لِوَارِثِهِ بِعَيْنٍ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا مَرَّ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِالثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ إذَا كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَوَكَّلَ الْمَرِيضُ وَارِثَهُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ فَقَبَضَهُ صَارَ ذَلِكَ الدَّيْنُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْوَارِثِ فَإِذَا أَقَرَّ بِقَبْضِهِ مِنْهُ فَقَدْ أَقَرَّ لَهُ بِقَبْضِ مَا كَانَ لَهُ أَمَانَةً عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ فِي يَدِ الْوَكِيلِ أَمَانَةٌ تَأَمَّلْ وَقَدْ ذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ فَقَالَ صُورَتُهَا أَوْدَعَ أَبَاهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي مَرَضِ الْأَبِ أَوْ صِحَّتِهِ عِنْدَ الشُّهُودِ فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَقَرَّ بِإِهْلَاكِهِ صُدِّقَ إذْ لَوْ سَكَتَ وَمَاتَ وَلَا يَدْرِي مَا صَنَعَ كَانَتْ فِي مَالِهِ فَإِذَا أَقَرَّ بِإِتْلَافِهِ فَأَوْلَى. اهـ. وَقَوْلُهُ عِنْدَ الشُّهُودِ قَيَّدَ بِهِ لِتَكُونَ الْوَدِيعَةُ مَعْرُوفَةً بِغَيْرِ إقْرَارِهِ وَلَهَا قَيْدٌ فِي الْأَشْبَاهِ بِقَوْلِهِ الْمَعْرُوفَةِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِإِهْلَاكِ وَدِيعَةٍ لِوَارِثِهِ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى الْإِيدَاعِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ مِنْ الْخَلَلِ حَيْثُ قَالَ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ لَهُ أَيْ لِوَارِثِهِ بِوَدِيعَةٍ مُسْتَهْلَكَةٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ كَانَتْ عِنْدِي وَدِيعَةٌ لِهَذَا الْوَارِثِ فَاسْتَهْلَكْتهَا جَوْهَرَةٌ. اهـ. فَإِنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ لَهُ بِاسْتِهْلَاكِ وَدِيعَةٍ مَعْرُوفَةٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فَاغْتَنِمْ هَذِهِ التَّحْرِيرَاتِ الْمُفِيدَةَ وَالْفَوَائِدَ الْفَرِيدَةَ. (سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ قَالَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ ثُمَّ مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ فَهَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا قَالَ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ ثُمَّ مَاتَ جَازَ الْإِقْرَارُ فِي الْقَضَاءِ وَلَا تُقْبَلُ مِنْ وَرَثَتِهِ بَيِّنَةٌ عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ بِذَلِكَ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ خُلَاصَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْإِقْرَارِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالتَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِي مَرِيضَةٍ مَرَضَ الْمَوْتِ أَقَرَّتْ فِيهِ لِهِنْدٍ الْأَجْنَبِيَّةِ بِمَسْكَنٍ مُعَيَّنٍ مِنْ دَارٍ مَعْلُومَةٍ مَقْبُولًا مِنْهَا وَصَدَّقَتْهَا عَلَى ذَلِكَ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَمَاتَتْ الْمُقِرَّةُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ عَنْ زَوْجٍ وَوَرَثَةٍ يَزْعُمُونَ عَدَمَ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ زَوْجَةٍ حَامِلٍ مِنْهُ وَعَنْ أَبَوَيْنِ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ ثُمَّ مَرِضَ الْأَبُ مَرَضَ الْمَوْتِ وَبَاعَ فِيهِ حِصَّةً شَائِعَةً مِنْ دَارِهِ مِنْ ابْنَتِهِ وَزَوْجَتِهِ الْمَزْبُورَتَيْنِ بِثَمَنٍ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ مِنْهُمَا حِينَ كَانَ صَحِيحًا ثُمَّ مَاتَ فِيهِ فَهَلْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْبَيْعِ وَالْإِقْرَارِ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِشَيْءٍ فَقَالَ كُنْت فَعَلْته فِي الصِّحَّةِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ مِنْ غَيْرِ إسْنَادٍ إلَى زَمَنِ الصِّحَّةِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ وَكَّلَ فِيهِ أَجْنَبِيًّا فِي بَيْعِ أَمْتِعَةٍ لَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ هُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ فَبَاعَهَا الْوَكِيلُ كَذَلِكَ بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا

كتاب الصلح

ثُمًّ مَاتَ الْمَرِيضُ عَنْ أَوْلَادٍ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ فَبَاعَ الْمُشْتَرِي تِلْكَ الْأَمْتِعَةَ مِنْ أَحَدِ الْأَوْلَادِ بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعَانِ صَحِيحَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الثَّالِثِ مِنْ إقْرَارِ الْبَزَّازِيَّةِ بَاعَ فِيهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ عَبْدًا وَبَاعَهُ الْأَجْنَبِيُّ مِنْ وَارِثِهِ أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ صَحَّ إنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ مَلَكَ الْعَبْدَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ لَا مِنْ مُوَرِّثِهِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ بِهِ دَاءُ السُّلِّ تَطَاوَلَ ذَلِكَ بِهِ مُدَّةَ خَمْسِ سَنَوَاتٍ ثُمَّ أَقَرَّ فِيهِ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ وَلَا دَعْوَى قِبَلَ أَخِيهِ فُلَانٍ وَلَمْ يَزْدَدْ مَرَضُهُ حَتَّى مَاتَ عَنْهُ وَعَنْ وَرَثَةِ غَيْرِهِ فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ ذَكَرَ فِي وَصَايَا الْوَاقِعَاتِ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْكَيْسَانِيَّاتِ فِي رَجُلٍ أَصَابَهُ فَالِجٌ فَذَهَبَ لِسَانُهُ أَوْ مَرَضٌ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْكَلَامِ ثُمَّ أَشَارَ إلَى شَيْءٍ أَوْ كَتَبَ شَيْئًا وَقَدْ تَقَادَمَ ذَلِكَ وَطَالَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَخْرَسِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ طَالَ ذَلِكَ أَرَادَ بِهِ سَنَةً وَكَذَا صَاحِبُ السُّلِّ إذَا أَتَى عَلَيْهِ سَنَةٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ هَكَذَا ذَكَرَ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الشَّمَّاسِ وَكَذَا ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَطَعَنَ فِيهِ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَطَعْنُهُ خَطَأٌ فَقَدْ وَجَدْنَا مَنْصُوصًا: الْمَرِيضُ الَّذِي بِهِ السُّلُّ فَهِبَتُهُ وَتَصَرُّفَاتُهُ كَسَائِرِ الْمَرْضَى مَا لَمْ يَتَطَاوَلْ وَفَسَّرَ التَّطَاوُلَ بِسَنَةٍ فَلَوْ تَصَرَّفَ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ مَرَضِهِ فَهُوَ كَتَصَرُّفَاتِهِ حَالَ الصِّحَّةِ هَكَذَا كَانَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ يَقُولُ هَذَا لَفْظُ الْوَاقِعَاتِ وَبِهَذَا اللَّفْظِ أَوْرَدَهُ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى الْعِمَادِيَّةِ مِنْ أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَهُوَ بِحَالِ التَّوَعُّكِ فِي صِحَّةِ عَقْلِهِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ يَسْتَحِقُّ وَلَا يَسْتَوْجِبُ قِبَلَ زَيْدٍ الْأَجْنَبِيِّ حَقًّا مُطْلَقًا مِنْ سَائِرِ الْحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ وَأَبْرَأَ ذِمَّتَهُ إبْرَاءً عَامًّا شَرْعِيًّا مَقْبُولًا وَكَتَبَ بِذَلِكَ صَكًّا ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ الْمُقِرُّ عَنْ وَرَثَةٍ يُرِيدُونَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِحَقٍّ لِمُوَرِّثِهِمْ سَابِقٍ عَلَى تَارِيخِ الْإِقْرَارِ وَالْإِبْرَاءِ الْمَزْبُورَيْنِ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُمْ بِذَلِكَ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا كَانَ الْمَرِيضُ غَيْرَ مَدْيُونٍ قَالَ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ وَإِبْرَاؤُهُ مَدْيُونَهُ وَهُوَ مَدْيُونٌ غَيْرُ جَائِزٍ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا وَإِنْ وَارِثًا فَلَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَرِيضُ مَدْيُونًا أَوْ لَا لِلتُّهْمَةِ إلَخْ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الثَّالِثِ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا وَدُيُونًا وَوَدَائِعَ فَصَالَحَ مَعَ الطَّالِبِ عَلَى شَيْءٍ يَسِيرٍ سِرًّا وَأَقَرَّ الطَّالِبُ فِي الْعَلَانِيَةِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي مَرَضِ الْمُدَّعِي ثُمَّ مَاتَ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَدَّعُوا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنْ بَرْهَنُوا عَلَى أَنَّهُ كَانَ لِمُوَرِّثِهِمْ عَلَيْهِ أَمْوَالٌ لَكِنَّهُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ قَصَدَ حِرْمَانَنَا لَا تُسْمَعُ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَارِثَ الْمُدَّعِي وَجَرَى مَا ذَكَرْنَا فَبَرْهَنَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ أَنَّ أَبَانَا قَصَدَ حِرْمَانَنَا بِهَذَا الْإِقْرَارِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَمْوَالٌ تُسْمَعُ. اهـ. وَنَقَلَهُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ بِالْحَرْفِ وَعَلَّلَ قَوْلَهُ تُسْمَعُ بِقَوْلِهِ لِكَوْنِهِ مُتَّهَمًا فِي هَذَا الْإِقْرَارِ إلَخْ وَفِي الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَيْدٍ تَعَاطٍ فَقَالَ لَا حَقَّ لِي قِبَلَ زَيْدٍ وَلَا أَسْتَحِقُّ عِنْدَهُ فِضَّةً وَلَا ذَهَبًا وَلَا دَيْنًا وَلَا شَيْئًا ثُمَّ مَرِضَ وَمَاتَ هَلْ تُسْمَعُ دَعْوَى وَارِثِهِ أَوْ وَصِيِّهِ عَلَى زَيْدٍ الْمَذْكُورِ بِشَيْءٍ أَوْ لَا أَجَابَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى وَارِثِهِ أَوْ الْوَصِيِّ بِشَيْءٍ كَانَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ وَلَوْ كَانَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ [كِتَابُ الصُّلْحِ] ِ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ زَوْجَةٍ وَعَنْ أَخَوَيْنِ شَقِيقَيْنِ وَخَلَّفَ عَقَارًا تَحْتَ يَدِ الْأَخَوَيْنِ فَصَالَحَا الزَّوْجَةَ عَنْ حِصَّتِهَا مِنْ الْعَقَارِ وَأَخْرَجَاهَا مِنْ ذَلِكَ بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ دَفَعَاهُ لَهَا مَعَ مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا الْمَعْلُومِ لَهَا عَلَيْهِ وَلَهُ بَعْضُ دُيُونٍ عَلَى النَّاسِ لَمْ تُشْتَرَطْ لِأَحَدٍ وَصَدَرَ بَيْنَ الزَّوْجَةِ

وَالْأَخَوَيْنِ إبْرَاءٌ عَامٌّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَهَلْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ الصُّلْحِ وَالتَّخَارُجِ وَالْإِبْرَاءِ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَذَكَرَ شَمْسُ الْإِسْلَامِ التَّخَارُجُ لَا يَصِحُّ إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَيْ يُبْطِلُهُ رَبُّ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّرْعِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ السَّادِسِ فِي صُلْحِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَفِيهَا مِنْ الْمَحَلِّ الْمَرْقُومِ قَالَ قُلْت لِلثَّانِي مَا قَوْلُك فِيمَنْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ، وَدُيُونٍ لَهُ وَعَلَيْهِ، وَأَرَضِينَ صَالَحَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ عَلَى مَبْلَغٍ مَعْلُومٍ عَلَى أَنَّ الدَّرَاهِمَ الَّتِي كَانَتْ لِأَبِيهِمْ بَيْنَهُمَا عَلَى حَالِهَا وَاَلَّذِي عَلَى أَبِيهِمْ هُوَ لَهُ ضَامِنٌ وَهُوَ كَذَا دِرْهَمًا قَالَ الصُّلْحُ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ. اهـ. فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْمُفْتَى بِهَا لَهُ دَيْنٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ وَرَثَةٍ وَلَهُ مَبْلَغٌ دَيْنٌ مَعْلُومُ الْقَدْرِ بِذِمَّةِ زَيْدٍ طَالَبَهُ بِهِ وَكِيلُ الْوَرَثَةِ ثُمَّ طَلَبَ الصُّلْحَ مَعَ الْوَكِيلِ عَنْ الْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ يَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُ بِالْمَالِ الْمَرْقُومِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالتَّنْوِيرِ طَلَبُ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّعْوَى لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالدَّعْوَى بِخِلَافِ طَلَبِ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الْمَالِ تَنْوِيرُ الْإِبْصَارِ مِنْ كِتَابِ الصُّلْحِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِوَرَثَةِ رَجُلٍ دَيْنٌ مَوْرُوثٌ لَهُمْ عَنْهُ بِذِمَّةِ زَيْدٍ فَقَبَضَ بَعْضُهُمْ قَدْرًا مِنْهُ وَيُرِيدُ الْبَاقِي مُشَارَكَةَ الْقَابِضِ فِيهِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا قَبَضَ أَحَدُهُمْ شَيْئًا مِنْهُ شَارَكَهُ الْآخَرُ فِيهِ إنْ شَاءَ أَوْ اتَّبَعَ الْغَرِيمَ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الصُّلْحِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَبْلَغُ دَيْنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِذِمَّةِ عَمْرٍو فَتَصَالَحَا عَلَى بَعْضٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمَزْبُورَةِ صُلْحًا شَرْعِيًّا عَنْ إقْرَارٍ وَتَرَاضٍ وَضَمِنَ بَكْرٌ عَمْرًا فِي ذَلِكَ عِنْدَ زَيْدٍ ضَمَانًا شَرْعِيًّا مَقْبُولًا مِنْ الْجَمِيعِ وَيُرِيدُ زَيْدٌ مُطَالَبَةَ بَكْرٍ الضَّامِنِ بِمَا كَفَلَ بِهِ عَمْرًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ الصُّلْحُ الْوَاقِعُ عَلَى بَعْضِ جِنْسِ مَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ أَوْ غَصْبٍ أَخْذٌ لِبَعْضِ حَقِّهِ وَحَطٌّ لِبَاقِيهِ لَا مُعَاوَضَةٌ لِلرِّبَا وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ الصُّلْحُ بِلَا اشْتِرَاطِ قَبْضِ بَدَلِهِ عَنْ أَلْفٍ حَالٍّ عَلَى مِائَةٍ حَالَّةٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ مُؤَجَّلَةٍ وَعَنْ أَلْفٍ جِيَادٍ عَلَى مِائَةٍ زُيُوفٍ وَلَا يَصِحُّ عَنْ دَرَاهِمَ عَلَى دَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ لِعَدَمِ الْجِنْسِ فَكَانَ صَرْفًا فَلَمْ يَجُزْ نَسِيئَةً. اهـ. وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُتُونِ وَهُنَا قَدْ صَالَحَ عَلَى بَعْضِ جِنْسِ مَا لَهُ عَلَيْهِ وَأَمَّا صِحَّةُ ضَمَانِ بَدَلِ الصُّلْحِ فَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الصُّلْحِ بِقَوْلِهِ وَكَّلَ زَيْدٌ عَمْرًا بِالصُّلْحِ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ أَوْ عَلَى بَعْضِ دَيْنٍ يَدَّعِيهِ عَلَى آخَرَ مِنْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ لَزِمَ بَدَلُهُ الْمُوَكِّلَ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ فَكَانَ الْوَكِيلُ سَفِيرًا إلَّا أَنْ يَضْمَنَهُ الْوَكِيلُ فَيُؤَاخَذُ بِضَمَانِهِ إلَخْ وَقَدْ أَوْضَحَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَبْلَغٌ دَيْنٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِذِمَّةِ عَمْرٍو فَصَالَحَهُ عَمْرٌو عَنْ الْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ عَلَى مِقْدَارٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ مُؤَجِّلًا ذَلِكَ الْمِقْدَارَ عَلَى عَمْرٍو إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَافْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَهَلْ بَطَلَ الصُّلْحُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الدُّرَرِ وَفُصُولِ الْعِمَادِيِّ وَغَيْرِهِمَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ ثُمَّ الصُّلْحُ إنْ كَانَ عَنْ دَعْوَى فِي مَحْدُودٍ عَلَى أَحَدِ النَّقْدَيْنِ أَوْ الْكَيْلِيِّ أَوْ الْوَزْنِيِّ كَالتِّبْرِ وَالْحَدِيدِ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ فِي الْمَجْلِسِ. اهـ. وَفِي شَتَّى الْفَرَائِضِ مِنْ التَّنْوِيرِ قَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ شَرْطٌ إنْ كَانَ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَإِلَّا لَا. اهـ. وَفِي الدُّرَرِ أَثْنَاءَ كِتَابِ الصُّلْحِ صَالَحَ عَنْ كُرِّ حِنْطَةٍ عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَإِنْ قَبَضَ أَيْ الْعَشَرَةَ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ أَيْ الصُّلْحُ لِمَا عَرَفْت أَنَّ الصُّلْحَ فِي صُورَةِ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ فَيَجِبُ قَبْضُ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ وَإِلَّا فَلَا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْعَشَرَةَ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ بَيْعَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ قَبَضَ خَمْسَةً وَبَقِيَ خَمْسَةٌ فَتَفَرَّقَا صَحَّ فِي النِّصْفِ فَقَطْ لِوُجُودِ الْمُصَحِّحِ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ كَذَا الْعَكْسُ يَعْنِي لَوْ صَالَحَ عَنْ عَشَرَةٍ عَلَيْهِ عَلَى مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فَإِنْ قَبَضَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا لِمَا عَرَفْت. اهـ. وَفِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى دَيْنًا فَصَالَحَ عَلَى مَكِيلٍ

أَوْ مَوْزُونٍ مُشَارٍ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ فِي الْبَيْتِ يَصِحُّ وَلَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ عَنْ الْمَجْلِسِ بِدُونِ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الِافْتِرَاقُ عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ فَلَوْ كَانَ الْمَكِيلُ أَوْ الْمَوْزُونُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ يَبْطُلُ بِالِافْتِرَاقِ عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ. اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَذَكَرَ الْأُسْرُوشَنِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَأَيْت فِي أُصُولِ الْفِقْهِ لِبَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى إذَا وَجَبَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ فَصَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى جِنْسٍ غَيْرِهِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَلَمْ يَقْبِضْ حَتَّى افْتَرَقَا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَهِيَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا صَالَحَتْ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى كَذَا مَنًّا مِنْ الدَّقِيقِ بِغَيْرِ عَيْنِهِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يُقْبَضْ. اهـ. مَا فِي الْعِمَادِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَرَّ زَيْدٌ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِعَمْرٍو مَبْلَغُ دَيْنٍ مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ نَظِيرَ مَالِ شَرِكَةِ عِنَانٍ بَيْنَهُمَا ثُمَّ صَالَحَ زَيْدٌ عَمْرًا عَلَى مَبْلَغٍ مِنْ الدَّنَانِيرِ مَعْلُومٍ أَقَلَّ مِنْ الْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ وَلَمْ يَقْبِضْ عَمْرٌو بَدَلَ الصُّلْحِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ مِنْ الْمَجْلِسِ فَهَلْ يَكُونُ الصُّلْحُ الْمَزْبُورُ بَاطِلًا؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ صَالَحَهُ عَنْ دَرَاهِمَ عَلَى دَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ يَكُونُ غَيْرَ صَحِيحٍ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُلْتَقَى. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ أَوْلَادٍ بَالِغِينَ وَقَاصِرِينَ وَخَلَّفَ فِلَاحَةً بَاعَهَا الْبَالِغُونَ وَوَصِيُّ الْقَاصِرِينَ مِنْ زَيْدٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مَقْبُوضٍ ثُمَّ بَلَغَ الْقَاصِرُونَ رَشِيدِينَ وَادَّعَوْا أَنَّ فِي ثَمَنِ حِصَّتِهِمْ غَبْنًا فَاحِشًا وَصَالَحَهُمْ الْمُشْتَرِي عَنْ ذَلِكَ بِمَبْلَغٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ فِي نَصِيبِهِمْ وَيُرِيدُ إخْوَتُهُمْ الْبَالِغُونَ مُشَارَكَتَهُمْ فِي الْمَبْلَغِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ صَالَحَ عَنْ عَيْنٍ مُشْتَرَكَةٍ مِنْ نَصِيبِهِ يَخْتَصُّ الْمُصَالِحُ بِبَدَلِ الصُّلْحِ وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهِ بِخِلَافِ الصُّلْحِ عَنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَإِنْ أَرَادَ الْمُصَالِحُ أَنْ يَخْتَصَّ بِالْبَدَلِ فِيهِ أَيْضًا فَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَهَبَهُ الْغَرِيمُ قَدْرَ دَيْنِهِ وَهُوَ يُبْرِئُهُ عَنْ دَيْنِهِ هَذَا إذَا كَانَ الْبَدَلُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِ الْمُبْدَلِ مِنْهُ وَإِلَّا لَا حِيلَةَ لِلِاخْتِصَاصِ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ ابْنِ الْمَلَكِ وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الصُّلْحِ عَنْ دَعْوَى الْعَقَارِ رَجُلَانِ ادَّعَيَا أَرْضًا أَوْ دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ وَقَالَا هِيَ لَنَا وَرِثْنَاهَا مِنْ أَبِينَا فَجَحَدَ الَّذِي فِي يَدِهِ فَصَالَحَهُ أَحَدُهُمَا عَنْ حِصَّتِهِ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَرَادَ الِابْنُ الْآخَرُ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْمِائَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُشَارِكَهُ لِأَنَّ الصُّلْحَ مُعَاوَضَةٌ فِي زَعْمِ الْمُدَّعِي فِدَاءٌ عَنْ الْيَمِينِ فِي زَعْمِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ مُعَاوَضَةً مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا يَثْبُتُ لِلشَّرِيكِ حَقُّ الشَّرِكَةِ بِالشَّكِّ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْمِائَةِ. اهـ. عَلَى أَنَّ فِي مَسْأَلَتِنَا دَعْوَى الْبَالِغِ لَا تُسْمَعُ فِي الْغَبْنِ الْفَاحِشِ بِدُونِ التَّغْرِيرِ فَكَيْفَ يُشَارِكُ الْقَاصِرِينَ إذْ دَعْوَاهُمْ مَسْمُوعَةٌ فِي الْغَبْنِ الْفَاحِشِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا صَالَحَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ وَأَبْرَأَ إبْرَاءً عَامًّا ثُمَّ ظَهَرَ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ الصُّلْحِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَى الْوَارِثِ الْمُشْهِدِ عَلَى نَفْسِهِ فِي حِصَّتِهِ مِنْهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ مِنْ الصُّلْحِ وَبِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ (أَقُولُ) فِي الْمَسْأَلَةِ كَلَامٌ طَوِيلٌ قَدَّمْنَا بَعْضَهُ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَكِتَابِ الْإِقْرَارِ فَرَاجِعْهُ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَابْنٍ وَبِنْتٍ مِنْ غَيْرِهِ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً مُشْتَمِلَةً عَلَى دَرَاهِمَ فِضَّةً وَحِصَصِ غِرَاسَاتٍ وَغَيْرِهَا ثُمَّ إنَّ الِابْنَ وَالْبِنْتَ صَالَحَا الزَّوْجَ عَنْ التَّرِكَةِ عَلَى مَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْفِضَّةِ الْمَزْبُورَةِ أَقَلَّ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الْفِضَّةِ فَهَلْ يَكُونُ الصُّلْحُ الْمَزْبُورُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ بَيْنَ وَرَثَةٍ فَأَخْرَجُوا أَحَدَهُمْ مِنْهَا بِمَالٍ أَعْطَوْهُ إيَّاهُ وَالتَّرِكَةُ عَقَارٌ أَوْ عُرُوضٌ جَازَ قَلِيلًا كَانَ مَا أَعْطَوْهُ أَوْ كَثِيرًا وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ فِضَّةً وَغَيْرَهَا فَصَالَحُوهُ عَلَى فِضَّةٍ جَازَ إنْ كَانَ مَا أَعْطَوْهُ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ الْفِضَّةِ حَتَّى يَكُونَ الْمِثْلُ بِالْمِثْلِ وَالْبَاقِي بِمُقَابَلَةِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَجْنَاسِ وَيُشْتَرَطُ قَبْضُ مَا بِإِزَاءِ الْفِضَّةِ وَإِنْ كَانَ مَا أَعْطَوْهُ مِثْلَ نَصِيبِهِ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ أَقَلَّ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ فِضَّةً فَأَعْطَوْهُ ذَهَبًا أَوْ ذَهَبًا فَأَعْطَوْهُ فِضَّةً جَازَ سَوَاءٌ كَانَ مَا أَعْطَوْهُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا إلَّا أَنَّ الْقَبْضَ شَرْطٌ فِي الْمَجْلِسِ وَإِنْ كَانَتْ ذَهَبًا وَفِضَّةً وَغَيْرَ ذَلِكَ

كتاب المضاربة

فَصَالَحُوهُ عَلَى ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ إنْ كَانَ مَا أَعْطَوْهُ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ جَازَ وَإِنْ كَانَ مِثْلَ نَصِيبِهِ أَوْ أَقَلَّ لَا يَجُوزُ خُلَاصَةٌ مِنْ الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ الصُّلْحِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حَمْلًا مَعْلُومًا مِنْ الْأَقْمِشَةِ مِنْ دِمَشْقَ إلَى مَدِينَةِ كَذَا إجَارَةً شَرْعِيَّةً وَحَمَلَ عَمْرٌو الْحَمْلَ الْمَزْبُورَ عَلَيْهَا فَفِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَقَدَ الْحَمْلَ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ مِنْهُ ثُمَّ إنَّ عَمْرًا صَالَحَهُ عَنْ ذَلِكَ بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ دَفَعَهُ لِزَيْدٍ ثُمَّ وُجِدَ الْحَمْلُ الْمَذْكُورُ عِنْدَ بَكْرٍ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ دَفْعَ الْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ لِعَمْرٍو وَأَخْذَ الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ مِنْ بَكْرٍ بَعْدَ الثُّبُوتِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ثُمَّ طَلَبَ قَاضِي طَرَابُلُسَ النَّقْلَ فِي الْمَسْأَلَةِ فَكَتَبْت إلَيْهِ أَيُّهَا الطَّالِبُ لِنَقْلِ هَذِهِ الْفَتْوَى اعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى صُلْحِ الْأَجِيرِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُودَعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالصُّلْحُ مِنْ الْمُودَعِ بَعْدَ دَعْوَى الْهَلَاكِ غَيْرُ صَحِيحٍ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ الصُّلْحُ عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ فَلَا يَصِحُّ مَعَ الْمُودَعِ بَعْدَ دَعْوَى الْهَلَاكِ إذْ لَا نِزَاعَ. اهـ. فَإِذَا ظَهَرَتْ الْوَدِيعَةُ عِنْدَ آخَرَ يَرُدُّ الْبَدَلَ وَيَكُونُ الصُّلْحُ بَاطِلًا وَيَكُونُ لِلدَّافِعِ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ وَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الصُّلْحِ ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ مَالًا وَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ ثُمَّ بَانَ الْحَقُّ عَلَى إنْسَانٍ آخَرَ يُرَدُّ الْبَدَلُ. اهـ. وَقَالَ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى فِي الصُّلْحِ ادَّعَى مَالًا فَصَالَحَهُ ثُمَّ ظَهَرَ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَطَلَ الصُّلْحُ. اهـ. وَفِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْبِيرِيِّ مِنْ الصُّلْحِ مَا نَصُّهُ وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ ظَهَرَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ بَطَلَ الصُّلْحُ. اهـ. وَفِي آخِرِ صُلْحِ الْأَشْبَاهِ أَيْضًا ادَّعَى مَالًا فَأَنْكَرَ فَصَالَحَهُ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَهُ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَطَلَ الصُّلْحُ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْعَاشِرِ اهـ. وَنَقُولُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَثِيرَةٌ فَقَدْ ظَهَرَ لَنَا مِنْ هَذِهِ النُّقُولِ الْمُعْتَبَرَةِ أَنَّ لِلْأَجِيرِ الرُّجُوعَ فِي الْبَدَلِ الَّذِي دَفَعَهُ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَخْذُ مَالِهِ مِمَّنْ هُوَ عِنْدَهُ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ؛ لِأَنَّ لِلْإِنْسَانِ أَخْذَ مَالِهِ أَيْنَمَا وَجَدَهُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ لَا يَجْهَلُهُ أَحَدٌ فَإِذَا دَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ لِلْأَجِيرِ مَبْلَغَهُ الَّذِي دَفَعَهُ لَهُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْمَنْقُولِ وَأَرَادَ أَخْذَ حَمْلِهِ لِعِلْمِهِ بِفَسَادِ الصُّلْحِ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمَا فَأَيُّ مَانِعٍ يَمْنَعُهُ مِنْهُ وَقَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى هَذَا الْعَبْدِ الْفَقِيرِ أَنِّي مَا أَفْتَيْت فِي مَسْأَلَةٍ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِي الْمَنْقُولِ كَمَا أَنِّي بِذَلِكَ مَأْمُورٌ وَمَسْئُولٌ وَإِذَا جَرَى الصُّلْحُ بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَكُتِبَ الصَّكُّ وَفِيهِ إبْرَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ الدَّعْوَى ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الصُّلْحَ وَقَعَ بَاطِلًا بِفَتْوَى الْأَئِمَّةِ فَأَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يَدَّعِيَ مَا ادَّعَى لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ لِلْإِبْرَاءِ السَّابِقِ وَالْمُخْتَارُ أَنْ تُسْمَعَ؛ لِأَنَّ هَذَا إبْرَاءٌ فِي ضِمْنِ صُلْحٍ فَاسِدٍ فَلَا يَعْمَلُ مَجْمَعُ الْفَتَاوَى. [كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ] (كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى الْمُضَارِبُ مَمْلُوكًا مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ بِدُونِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ ثُمَّ عَلِمَ رَبُّ الْمَالِ بِالْعِتْقِ فَرَدَّهُ وَلَمْ يُجِزْهُ فَهَلْ لَا يَصِحُّ الْعِتْقُ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَصِحُّ الْعِتْقُ. (سُئِلَ) فِي مُضَارِبٍ مَاتَ وَلَمْ يُوجَدْ مَالُ الْمُضَارِبِ فِيمَا خَلَّفَ فَهَلْ عَادَ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا مَاتَ الْمُضَارِبُ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَمْرَ الْمُضَارَبَةِ لَزِمَهُ ذَلِكَ فِي تَرِكَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ مَاتَ الْمُضَارِبُ وَلَمْ يُوجَدْ مَالُ الْمُضَارَبَةِ فِيمَا خَلَّفَ عَادَ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ عَلَائِيٌّ فِي أَوَاخِرِ الْمُضَارَبَةِ إذَا مَاتَ الْمُضَارِبُ وَادَّعَى وَرَثَتُهُ أَنَّهُ دَفَعَ الْمَالَ وَالرِّبْحَ هَلْ يُقْبَلُ مِنْهُمْ أَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّ الْمُضَارِبَ إذَا مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَزِمَهُ ذَلِكَ فِي تَرِكَتِهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ وَرَثَتِهِ أَنَّهُ رَدَّ الْمَالَ إلَى صَاحِبِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّهُ رَدَّهُ إلَى الْمَالِكِ أَوْ تَشْهَدُ أَنَّ الْمُضَارِبَ قَالَ قَبْلَ مَوْتِهِ رَدَدْت الْمَالَ وَالرِّبْحَ إلَى الْمَالِكِ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ الْمُضَارِبُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَكَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ مَعْرُوفًا فَهَلْ يَكُونُ رَبُّ الْمَالِ أَحَقَّ بِرَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ قَاضِي خَانْ وَالذَّخِيرَةُ الْبُرْهَانِيَّةُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا هَلَكَ شَيْءٌ مِنْ

مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَهَلْ يُصْرَفُ الْهَالِكُ إلَى الرِّبْحِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَمَا أَيْ كُلُّ شَيْءٍ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَمِنْ الرِّبْحِ أَيْ فَيُجْعَلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ وَرَأْسُ الْمَالِ أَصْلٌ فَيُصْرَفُ الْهَالِكُ إلَى التَّابِعِ كَمَا فِي الْعَفْوِ فِي الزَّكَاةِ شَرْحُ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُتُونِ. (سُئِلَ) فِي الْمُضَارَبَةِ إذَا فَسَدَتْ بَعْدَمَا عَمِلَ الْمُضَارِبُ فِيهَا مُدَّةً فَهَلْ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُزَادُ عَلَى الْمَشْرُوطِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ إنْ فَسَدَتْ فَلَا رِبْحَ حِينَئِذٍ بَلْ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ مُطْلَقًا بِلَا زِيَادَةٍ عَلَى الْمَشْرُوطِ (أَقُولُ) قَوْلُهُ مُطْلَقًا مَعْنَاهُ رَبِحَ أَوْ لَا وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْبَحْ لَا أَجْرَ لَهُ وَقَوْلُهُ بِلَا زِيَادَةٍ عَلَى الْمَشْرُوطِ هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا رَبِحَ وَإِلَّا فَأَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيرٌ بِنِصْفِ الرِّبْحِ الْمَعْدُومِ وَتَمَامُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا سَافَرَ زَيْدٌ بِبِضَاعَةٍ قَاصِدًا الْحِجَازَ وَفِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ دَفَعَهَا لِعَمْرٍو وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الشَّرِكَةِ لِيَتَعَاطَى عَمْرٌو بَيْعَهَا فِي مَحَلِّ كَذَا وَمَحَلِّ كَذَا وَيَكُونَ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بَعْدَمَا ذَكَرَ لَهُ ثَمَنَهَا وَلَمْ يَبِعْهُ نِصْفَهَا ثُمَّ بَاعَا فِي الْمَحَلَّيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَخَسِرَا بِهَا وَاشْتَرَيَا بَضَائِعَ غَيْرَهَا وَرَجَعَا فَوَضَعَ عَمْرٌو يَدَهُ عَلَى بَعْضِ الْبِضَاعَةِ الثَّانِيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا لِزَيْدٍ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ تُرْفَعُ يَدُهُ عَنْ الْبَعْضِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْبِضَاعَةِ الْمَرْقُومَةِ الثَّانِيَةِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى زَيْدٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَمَّا عَدَمُ انْعِقَادِهَا شَرِكَةً فَلِمَا فِي الْمُلْتَقَى مِنْ الشَّرِكَةِ وَلَا تَصِحُّ مُفَاوَضَةٌ وَلَا عِنَانٌ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ أَوْ بِالْفُلُوسِ النَّافِقَةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَبِالتِّبْرِ وَالنُّقْرَةِ إنْ تَعَامَلَ النَّاسُ بِهِمَا وَلَا يَصِحَّانِ بِالْعُرُوضِ إلَّا أَنْ يَبِيعَ نِصْفَ عَرَضِهِ بِنِصْفِ عَرَضِ الْآخَرِ ثُمَّ يَعْقِدَ الشَّرِكَةَ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ وَأَيْضًا شَرْطُهَا فِي شَرِكَةِ الْعَقْدِ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ عَمْرٍو شَيْءٌ مُطْلَقًا لَا دَرَاهِمُ وَلَا دَنَانِيرُ وَلَا عُرُوضٌ وَلَا غَيْرُهَا فَأَنَّى تَكُونُ شَرِكَةً فَعَلَى هَذَا لَا يُقَالُ إنَّهُ لَا أَجْرَ لِمَنْ عَمِلَ فِي الْمُشْتَرَكِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْمَلُ شَيْئًا لِشَرِيكِهِ إلَّا وَيَقَعُ بَعْضُهُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْإِجَارَةِ وَلَا شَرِكَةَ فَاسِدَةٌ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَالَ مِنْ وَاحِدٍ فَلَا يُقَالُ أَيْضًا إنَّ الْعُقُودَ الْفَاسِدَةَ تُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الصَّحِيحِ وَالرِّبْحُ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ بِقَدْرِ الْمَالِ وَإِنْ شُرِطَ الْفَضْلُ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ فِيهَا تَابِعٌ لِلْمَالِ فَيُقَدَّرُ بِقَدْرِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ لِعَدَمِ الْمَالِ مِنْهُمَا بَلْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَأَمَّا أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَلِجَهَالَةِ الْأُجْرَةِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ (أَقُولُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ مُضَارَبَةٌ فَاسِدَةٌ فَتَجِبُ فِيهَا الْأُجْرَةُ قَالَ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَمَا لَا تَجُوزُ فِيهِ الْمُضَارَبَةُ يَجِبُ لَهُ فِيهِ أَجْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ لَهُ مَجَّانًا بَلْ ابْتَغَى لِعَمَلِهِ عِوَضًا وَإِذَا لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمَشْرُوطَ كَانَ لَهُ قِيمَةُ عَمَلِهِ وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَرْبَحْ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ مَتَى فَسَدَتْ صَارَتْ إجَارَةً وَالْأَجِيرُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ مَتَى عَمِلَ يَسْتَحِقُّ أَجْرَ الْمِثْلِ حَصَلَ الرِّبْحُ مِنْ عَمَلِهِ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ الرِّبْحُ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو بِضَاعَةً عَلَى سَبِيلِ الْمُضَارَبَةِ وَقَالَ لِعَمْرٍو بِعْهَا وَمَهْمَا رَبِحْت يَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَنَا مُثَالَثَةً فَبَاعَهَا وَخَسِرَ فِيهَا فَهَلْ تَكُونُ الْمُضَارَبَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَلِعَمْرٍو أَجْرُ مِثْلِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَقَى فَتَفْسُدُ بِالْعُرُوضِ وَلَكِنْ إنْ دَفَعَ عَرَضًا وَقَالَ بِعْهُ وَاعْمَلْ فِي ثَمَنِهِ مُضَارَبَةً أَوْ قَالَ اقْبِضْ مَا لِي عَلَى فُلَانٍ وَاعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً جَازَتْ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَهَا إلَى الثَّمَنِ. اهـ. (أَقُولُ) وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ دَفَعَ لِآخَرَ عَرَضًا وَقَالَ بِعْهُ وَاعْمَلْ بِثَمَنِهِ مُضَارَبَةً بِنِصْفِ الرِّبْحِ فَبَاعَ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ وَتَصَرَّفَ بِالثَّمَنِ جَازَتْ الْمُضَارَبَةُ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَهَا إلَى الثَّمَنِ لَا إلَى الْعُرُوضِ وَإِنْ بَاعَ الْعُرُوضَ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ جَازَ الْبَيْعُ وَالْمُضَارَبَةُ فَاسِدَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ صَاحِبَاهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَإِنَّمَا فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ عِنْدَ

أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ مُضَافَةً إلَى الْعُرُوضِ. (سُئِلَ) فِي الْمُضَارِبِ مُضَارَبَةً مُطْلَقَةً إذَا سُرِقَ أَوْ نُهِبَ مِنْهُ مَالُ الْمُضَارَبَةِ بَرًّا أَوْ غَرِقَ بَحْرًا بِلَا تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَيَمْلِكُ الْمُضَارِبُ فِي الْمُطْلَقَةِ الَّتِي لَمْ تُقَيَّدْ بِمَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ نَوْعٍ الْبَيْعَ وَلَوْ فَاسِدًا بِنَقْدٍ وَنَسِيئَةٍ مُتَعَارِفَةٍ وَالشِّرَاءَ وَالتَّوْكِيلَ بِهِمَا وَالسَّفَرَ بَرًّا وَبَحْرًا وَالْإِبْضَاعَ عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُضَارِبِ فِي دَعْوَى الْهَلَاكِ وَالضَّيَاعِ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ مَعَ يَمِينِهِ هَكَذَا ذَكَرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَجُعِلَ الْمَالُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً كَمَا فِي الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فِيهِ اخْتِلَافًا وَقَالَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ كَمَا فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ إذَا هَلَكَ الْمَالُ فِي يَدِهِ الْقَوْلُ لِمَنْ عَنْ الْبَدَائِعِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ أَقْرَضْتُك وَقَالَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ لَا بَلْ دَفَعْته لِي عَلَى سَبِيلِ الْمُضَارَبَةِ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْمَالِ عَلَى الْقَرْضِ؟ (الْجَوَابُ) : الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ يَدَّعِي عَلَيْهِ الضَّمَانَ بَعْدَمَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ أَخَذَ الْمَالَ بِإِذْنِهِ وَالْبَيِّنَةُ لِرَبِّ الْمَالِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا حَصَلَ رِبْحٌ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ تَقَاسَمَهُ الْمُضَارِبُ مَعَ رَبِّ الْمَالِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَبَقِيَتْ الْمُضَارَبَةُ ثُمَّ هَلَكَ بَعْضُ مَالِ الْمُضَارَبَةِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ رَبُّ الْمَالِ شَيْئًا مِنْهُ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : يَتَرَادَّانِ الرِّبْحَ لِيَأْخُذَ الْمَالِكُ رَأْسَ مَالِهِ وَمَا فَضَلَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ نَقَصَ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي التَّنْوِيرِ وَالدُّرَرِ وَصُرَّةِ الْفَتَاوَى وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي الْمُضَارِبِ مُضَارَبَةً صَحِيحَةً إذَا سَافَرَ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ فَهَلْ يَكُونُ طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ وَكِسْوَتُهُ وَرُكُوبُهُ فِي مَالِهَا؟ (الْجَوَابُ) : إذَا سَافَرَ الْمُضَارِبُ مُضَارَبَةً صَحِيحَةً فَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ وَكِسْوَتُهُ وَرُكُوبُهُ بِهِ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ بِالْمَعْرُوفِ وَكَذَا إنْ نَوَى الْإِقَامَةَ بِمِصْرٍ وَلَمْ يَتَّخِذْهُ دَارًا كَذَا ذَكَرَهُ الْعَلَائِيُّ عَنْ ابْنِ مَالِكٍ أَمَّا إذَا عَمِلَ فِي مِصْرٍ وُلِدَ فِيهِ أَوْ اتَّخَذَهُ دَارًا فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِهِ (أَقُولُ) وَيَأْخُذُ الْمَالِكُ قَدْرَ مَا أَنْفَقَ الْمُضَارِبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إنْ كَانَ ثَمَّةَ رِبْحٌ فَإِنْ اسْتَوْفَاهُ وَفَضَلَ شَيْءٌ اقْتَسَمَاهُ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَذَا فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ وَاحْتُرِزَ بِالصَّحِيحَةِ عَنْ الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّهُ فِيهَا أَجِيرٌ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ كَمُسْتَبْضَعٍ وَوَكِيلٍ وَشَرِيكٍ كَافِيٌّ وَفِي الْأَخِيرِ خِلَافٌ عَلَائِيٌّ وَتَقَدَّمَ فِي الشَّرِكَةِ عَنْ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ أَنَّ وُجُوبَهَا لِلشَّرِيكِ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ اسْتِحْسَانًا فَيَكُونُ الْعَمَلُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَ مِمَّا اسْتَثْنَى وَبَقِيَ مَا لَوْ سَافَرَ الْمُضَارِبُ بِمَالِهِ وَمَالِهَا أَوْ بِمَالَيْنِ لِرَجُلَيْنِ فَإِنَّهُ يُنْفِقُ بِالْحِصَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَائِيُّ أَيْضًا عَنْ الْمَجْمَعِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَكَرَّرَ السَّفَرُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ فَسُرِقَ فَادَّعَى أَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ بِالتَّكْرَارِ وَادَّعَى الْآخَرُ النَّهْيَ عَنْ التَّكْرَارِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ التَّقْيِيدَ وَالْمُضَارِبُ الْإِطْلَاقَ فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ مَعَ يَمِينِهِ مَا لَمْ يُقِمْ رَبُّ الْمَالِ بَيِّنَةً عَلَى التَّقْيِيدِ كَذَا أَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو مِائَةَ قِرْشٍ مُضَارَبَةً لِيَشْتَرِيَ بِهَا غَنَمًا وَهَلَكَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُضَارِبِ فِي الْهَلَاكِ مَعَ يَمِينِهِ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَفِي فَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ وَجِيزِ السَّرَخْسِيِّ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُضَارِبِ فِي الْهَلَاكِ مَعَ يَمِينِهِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ إذَا مَاتَ رَبُّ الْمَالِ بَعْدَمَا اشْتَرَى بِهِ الْمُضَارِبُ عُرُوضًا فَهَلْ يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ رَبِّ الْمَالِ وَيَبِيعُ الْعُرُوضَ لِيَنْقُدَ الْمَالَ وَلَا يَمْلِكُ الْمُسَافَرَةَ بِهَا لِانْتِهَاءِ الْعَقْدِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَيَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ إنْ عَلِمَ بِهِ وَإِلَّا لَا فَإِنْ عَلِمَ بِالْعَزْلِ وَلَوْ حُكْمًا كَمَوْتِ الْمَالِكِ وَلَوْ حُكْمًا وَالْمَالُ عُرُوضٌ بَاعَهَا ثُمَّ لَا يَتَصَرَّفُ فِي ثَمَنِهَا شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ وَلَا يَنْعَزِلُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الرِّبْحِ وَلَا يَظْهَرُ إلَّا بِالنَّقْدِ فَيَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الْبَيْعِ لِيَظْهَرَ ذَلِكَ عَيْنِيٌّ وَبِمَوْتِ رَبِّ الْمَالِ يَنْعَزِلُ عَلِمَ أَوْ لَا فَلَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ الْمُبْتَدَأَ وَيَمْلِكُ بَيْعَ الْمُشْتَرَى لِنَقْدِ الْمَالِ وَلَا يَمْلِكُ الْمُسَافَرَةَ لِانْتِهَاءِ

الْعَقْدِ بِخِلَافِ النَّهْيِ عَنْهَا مَعَ بَقَاءِ الْعَقْدِ بَزَّازِيَّةٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا خَسِرَ الْمُضَارِبُ فَهَلْ يَكُونُ الْخُسْرَانُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ شَرِيكٍ طَلَبَ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ الْعَامِلِ فِي الْمُضَارَبَةِ حِسَابَ مَا بَاعَهُ وَمَا صَرَفَهُ فَقَالَ لَا أَعْلَمُ حِسَابًا وَإِنَّمَا بِعْت وَصَرَفْت وَبَقِيَ هَذَا الْقَدْرُ هَلْ يُلْزَمُ بِعَمَلِ الْمُحَاسَبَةِ أَجَابَ الْقَوْلُ قَوْلُ الشَّرِيكِ وَالْمُضَارِبِ فِي مِقْدَارِ الرِّبْحِ وَالْخُسْرَانِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَذْكُرَ الْأَمْرَ مُفَصَّلًا وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الضَّيَاعِ وَالرَّدِّ إلَى الشَّرِيكِ. اهـ. مِنْ كِتَابِ الشَّرِكَةِ وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ سُئِلَ إذَا ادَّعَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى الْآخَرِ أَوْ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ خِيَانَةً وَطَلَبَ مِنْ الْحَاكِمِ يَمِينَهُ أَنَّهُ مَا خَانَهُ فِي شَيْءٍ وَأَنَّهُ أَدَّاهُ الْأَمَانَةَ هَلْ يَلْزَمُ فَأَجَابَ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ خِيَانَةً فِي قَدْرٍ مَعْلُومٍ وَأَنْكَرَ حَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ مَا ادَّعَاهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مِقْدَارًا فَكَذَا الْحُكْمُ لَكِنْ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مِقْدَارَ مَا خَانَ فِيهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي مِقْدَارِهِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ نُكُولَهُ كَالْإِقْرَارِ بِشَيْءٍ مَجْهُولٍ وَالْبَيَانُ فِي مِقْدَارِهِ إلَى الْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ خَصْمُهُ بَيِّنَةً عَلَى أَكْثَرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ مُضَارَبَةً صَحِيحَةً بِالثُّلُثِ ثُمَّ دَفَعَ عَمْرٌو لِبَكْرٍ بَعْضَ الْمَبْلَغِ مُضَارَبَةً صَحِيحَةً كَالْأُولَى بِدُونِ إذْنٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَعَمِلَ بَكْرٌ فِيهِ فَهَلْ يَضْمَنُ عَمْرٌو؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ ضَارَبَ الْمُضَارِبُ آخَرَ بِلَا إذْنِ الْمَالِكِ لَمْ يَضْمَنْ بِالدَّفْعِ مَا لَمْ يَعْمَلْ الثَّانِي فَإِذَا عَمِلَ ضَمِنَ الدَّافِعُ رَبِحَ الثَّانِي أَوْ لَا عَلَى الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ إيدَاعٌ وَهُوَ يَمْلِكُهُ فَإِذَا عَمِلَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُضَارِبٌ فَيَضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَتْ الثَّانِيَةُ فَاسِدَةً فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ رَبِحَ بَلْ لِلثَّانِي أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى الْمُضَارِبِ الْأَوَّلِ وَلِلْأَوَّلِ الرِّبْحُ الْمَشْرُوطُ تَنْوِيرٌ وَشَرْحُهُ لِلْعَلَائِيِّ (أَقُولُ) إذَا عَمِلَ الثَّانِي فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَضْمِينِ الْأَوَّلِ رَأْسَ مَالِهِ أَوْ الثَّانِي فَإِنْ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ صَحَّتْ الْمُضَارَبَةُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَكَانَ الرِّبْحُ عَلَى مَا شَرَطَا وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِيَ رَجَعَ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْأَوَّلِ وَصَحَّتْ بَيْنَهُمَا وَكَانَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا وَطَابَ لِلثَّانِي مَا رَبِحَ دُونَ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْبَحْرِ. (سُئِلَ) فِي الْمُضَارِبِ إذَا ادَّعَى دَفْعَ بَعْضِ الْمَالِ لِصَاحِبِهِ وَرَبُّ الْمَالِ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَهَلْ يُصَدَّقُ الْمُضَارِبُ فِي رَدِّ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ. (سُئِلَ) فِي الْمُضَارِبِ إذَا نَهَاهُ رَبُّ الْمَالِ صَرِيحًا عَنْ خَلْطِ مَالِهِ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ ثُمَّ خَلَطَ مَالَهُ بِمَالِهَا وَهَلَكَ الْمَالَانِ فَهَلْ يَضْمَنُ بِالْخَلْطِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا يَخْلِطُهُ أَيْ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِهِ إلَّا بِهِ أَيْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ أَوْ بِاعْمَلْ بِرَأْيِك فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لَهُ الْمُضَارَبَةُ وَالْخَلْطُ أَمَّا الْمُضَارَبَةُ فَلِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَتَضَمَّنُ مِثْلَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ أَوْ التَّفْوِيضِ الْمُطْلَقِ وَأَمَّا الْخَلْطُ فَلِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَرْضَ بِشَرِكَةِ غَيْرِ الْمُضَارِبِ وَذَكَرَ فِي الْمُلْتَقَطِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ لِلْمُضَارِبِ اعْمَلْ بِرَأْيِك وَكَانَ عُرْفُ التُّجَّارِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ أَنَّ الْمُضَارِبِينَ يَخْلِطُونَ الْأَمْوَالَ وَالْمُلَّاكَ لَا يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَغَلَبَ هَذَا التَّعَارُفُ فَإِنَّهُ لَوْ خَلَطَ الْمُضَارِبُ ذَلِكَ لَا يَضْمَنُ وَلَيْسَ لِلْمُضَارِبِ فِي الْمُضَارَبَةِ الْمُطْلَقَةِ أَنْ يَدْفَعَ إلَى غَيْرِهِ مُضَارَبَةً وَلَا أَنْ يَشْتَرِكَ شَرِكَةً عِنَانٍ أَوْ مُفَاوَضَةٍ وَلَا أَنْ يَخْلِطَ مَالَ الْمُضَارَبَةِ بِمَالِهِ أَوْ بِمَالِ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ قَالَ لَهُ فِي الْمُضَارَبَةِ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك كَانَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى غَيْرِهِ مُضَارَبَةً وَيُشَارِكَ مَالَهُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ مَا يَجُوزُ لِلْمُضَارِبِ وَمَا لَا يَجُوزُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَضَعَ الْمُضَارِبُ مَالَ الْمُضَارَبَةِ فِي حَانُوتٍ لِحِفْظِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَهَلْ تَكُونُ أُجْرَةُ الْحَانُوتِ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَكَذَلِكَ يَسْتَأْجِرُ الْبُيُوتَ لِحِفْظِ الْأَمْوَالِ ذَخِيرَةٌ مِنْ الْفَصْلِ التَّاسِعِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَعْطَى الْمُضَارِبُ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ إلَى جَائِرٍ طَمِعَ فِي أَخْذِهِ كُلِّهِ غَصْبًا حَتَّى كَفَّ عَنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ ضَامِنٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ مَرَّ عَلَى الْعَاشِرِ وَأَخَذَ الْعُشْرَ بِإِجْبَارِهِ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ أَعْطَى الْعُشْرَ بِلَا إلْزَامٍ مِنْهُ ضَمِنَ وَكَذَا إذَا صَانَعَهُ

كتاب الوديعة

بِشَيْءٍ مِنْ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ أَعْطَى بِاخْتِيَارِهِ إلَى مَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ فَيَضْمَنُهُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ أَوْ أَعْطَى الْأَجْنَبِيَّ قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي زَمَانِنَا لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ فِيمَا يُعْطِي مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ إلَى سُلْطَانٍ طَمِعَ فِي أَخْذِهِ غَصْبًا وَكَذَا الْوَصِيُّ؛ لِأَنَّهُمَا قَصَدَا الْإِصْلَاحَ إذْ إعْطَاءُ الْبَعْضِ لِتَخْلِيصِ الْكُلِّ جَائِزٌ وَأَصْلُهُ قَلْعُ الْخَضِرِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَوْحَ السَّفِينَةِ مَخَافَةَ ظَالِمٍ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَقَعَ فِي بَيْتِهِ حَرِيقٌ فَنَاوَلَ الْوَدِيعَةَ إلَى أَجْنَبِيٍّ لَا يَضْمَنُ بَزَّازِيَّةٌ وَصِيٌّ مَرَّ بِمَالِ الْيَتِيمِ عَلَى جَائِرٍ وَهُوَ يَخَافُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَبِرَّهُ يَنْزِعْ الْمَالَ مِنْ يَدِهِ فَبَرَّهُ بِمَالِ الْيَتِيمِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَكَذَا الْمُضَارِبُ إذَا مَرَّ بِالْمَالِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ لَيْسَ هَذَا قَوْلَ أَصْحَابِنَا وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ وَعَنْ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّهُ كَانَ يُجَوِّزُ لِلْأَوْصِيَاءِ الْمُصَانَعَةَ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَاخْتِيَارُ ابْنِ سَلَمَةَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَبِهِ يُفْتَى وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَمَّا السَّفِينَةُ إلَخْ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ تَصَرُّفَاتِ الْوَصِيِّ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ أَخَذُوا بِهَذَا الْقَوْلِ خُلَاصَةٌ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا [كِتَابُ الْوَدِيعَةِ] (كِتَابُ الْوَدِيعَةِ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو الْجَمَّالِ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً وَهُمَا فِي طَرِيقِ الْحَجِّ الشَّرِيفِ وَوَصَلَا إلَى دِمَشْقَ فَطَلَبَهَا مِنْهُ فَأَقَرَّ بِهَا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا ضَاعَتْ قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَهَلْ يَكُونُ ضَامِنًا لِلتَّنَاقُضِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْعُيُونِ إذَا طَلَبَ الْمَالِكُ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ اُطْلُبْهَا غَدًا فَجَاءَ صَاحِبُهَا غَدًا فَقَالَ الْمُودَعُ ضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ يُسْأَلُ الْمُودَعُ مَتَى ضَاعَتْ؟ قَبْلَ إقْرَارِك أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ قَالَ قَبْلَ إقْرَارِي يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ لِلتَّنَاقُضِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ اُطْلُبْهَا غَدًا إقْرَارٌ مِنْهُ أَنَّهَا مَا ضَاعَتْ فَإِذَا قَالَ ضَاعَتْ كَانَ تَنَاقُضًا وَإِنْ قَالَ ضَاعَتْ بَعْدَ الْإِقْرَارِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَنَاقُضَ خُلَاصَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَأَفْتَى بِمِثْلِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. (سُئِلَ) فِي ذِمِّيَّةٍ حِرْفَتُهَا كَبُّ الْحَرِيرِ دَارُهَا خَارِجَ الْمَدِينَةِ فِي مَحَلَّةٍ غَيْرِ أَمِينَةٍ دَفَعَ لَهَا زَيْدٌ حَرِيرًا لِتَكُبَّهُ عَلَى أَنْ لَا تَكُبَّهُ فِي دَارِهَا بَلْ تَكُبَّهُ فِي دَارِ ابْنَتِهَا الْكَائِنَةِ فِي مَحَلَّةٍ أَمِينَةٍ دَاخِلَ الْمَدِينَةِ أَحْفَظَ مِنْ دَارِهَا فَخَالَفَتْ أَمْرَهُ وَكَبَّتْهُ فِي دَارِهَا مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ مِنْ ذَلِكَ فَسُرِقَ مِنْ دَارِهَا فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ يَكُونُ التَّقْيِيدُ مُفِيدًا فَتَضْمَنُ قِيمَةَ الْحَرِيرِ لِزَيْدٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْمُلْتَقَى وَإِنْ أَمَرَ بِحِفْظِهَا فِي دَارٍ فَحَفِظَ فِي غَيْرِهَا ضَمِنَ. اهـ. وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ أَمَرَهُ أَيْ الْمَالِكُ الْمُودَعَ بِالْحِفْظِ فِي بَيْتٍ مِنْ دَارِهِ فَحَفِظَ فِي بَيْتٍ آخَرَ مِنْهَا مُسَاوٍ لَهُ لَمْ يَضْمَنْ بِخِلَافِ الْمُخَالَفَةِ فِي الدَّارِ يَعْنِي لَوْ أَمَرَهُ بِالْحِفْظِ فِي دَارٍ وَحَفِظَهُمَا فِي دَارٍ أُخْرَى يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْحِرْزِ غَالِبًا فَيُفِيدُ التَّقْيِيدَ. اهـ. وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ أَيْضًا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو الْمُسَافِرِ بَحْرًا وَدِيعَةً لِيَدْفَعَهَا لِشَرِيكِهِ فُلَانٍ بِبَلْدَةِ كَذَا فَوَضَعَهَا عَمْرٌو دَاخِلَ سَبَتٍ فِيهِ أَمْتِعَةٌ لَهُ وَسَارَ فِي سَفِينَةٍ حَصِينَةٍ فَانْخَرَقَتْ السَّفِينَةُ وَشَعَرَ رُكَّابُهَا بِمُعَايَنَةِ الْهَلَاكِ فَأَرْمَوْا بِأَنْفُسِهِمْ إلَى الْقَوَارِبِ وَكَذَلِكَ عَمْرٌو لَمْ يَسْعَهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ أَخْذُ الْوَدِيعَةِ مَعَهُ وَلَا نَقْلُهَا لِسَفِينَةٍ أُخْرَى فَهَلَكَتْ مَعَ السَّبَتِ وَمَا فِيهِ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ لَا ضَمَانَ عَلَى عَمْرٍو لِلْوَدِيعَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْحِفْظِ بِنَقْلِهَا مِنْهُ إلَى مَكَان آخَرَ فَتَرَكَهَا فَإِنَّهُ يَصِيرُ ضَامِنًا كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ الْبُرْهَانِيَّةِ وَجَامِعِ الْفَتَاوَى نَدَّتْ بَقَرَةٌ مِنْ الْبَاقُورَةِ وَتَرَكَ الرَّاعِي اتِّبَاعَهَا فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا نَدَّتْ بِالْإِجْمَاعِ إنْ كَانَ الرَّاعِي خَاصًّا وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ

وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ وَإِنَّمَا لَا يَضْمَنُ عِنْدَهُ. وَإِنْ تَرَكَ الْحِفْظَ فِيمَا نَدَّتْ؛ لِأَنَّ الْأَمِينَ إنَّمَا يَضْمَنُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ إذَا تَرَكَ لِغَيْرِ عُذْرٍ أَمَّا إذَا تَرَكَ بِعُذْرٍ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى أَجْنَبِيٍّ حَالَةَ الْحَرِيقِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ تَرَكَ الْحِفْظَ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ بِعُذْرٍ كَذَا هُنَا وَإِنَّمَا تَرَكَ الْحِفْظَ بِعُذْرٍ كَيْ لَا يَضِيعَ الْبَاقِي وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ بِعُذْرٍ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ قَالَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ وَرَأَيْت فِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا نَدَّتْ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يَبْعَثُهُ لِيَرُدَّهَا أَوْ يَبْعَثُهُ لِيُخْبِرَ صَاحِبَهَا بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ تَفَرَّقَتْ فِرَقًا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى اتِّبَاعِ الْكُلِّ فَاتَّبَعَ الْبَعْضَ وَتَرَكَ الْبَعْضَ لَا يَضْمَن؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ حِفْظَ الْبَعْضِ بِعُذْرٍ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ عِمَادِيَّةٌ مِنْ ضَمَانِ الرَّاعِي وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ مُكَارٍ حَمَلَ كَرَابِيسَ إنْسَانٍ فَاسْتَقْبَلَهُ اللُّصُوصُ فَطَرَحَ الْكَرَابِيسَ وَذَهَبَ بِالْحِمَارِ قَالَ إنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصُ مِنْهُمْ بِالْحِمَارِ وَالْكَرَابِيسِ وَكَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ حَمَلَهُ أَخَذَ اللُّصُوصُ الْحِمَارَ وَالْكَرَابِيسَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ الْحِفْظَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ عِمَادِيَّةٌ وَفِي الْحَاوِي وَجَامِعِ الْفَتَاوَى عَنْ الْوَبَرِيِّ احْتَرَقَ بَيْتُ الْمُودَعِ فَلَمْ يَنْقُلْ الْوَدِيعَةَ إلَى مَكَان آخَرَ مَعَ إمْكَانِهِ يَضْمَنُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ حِفْظِهَا بِنَقْلِهَا إلَى مَكَان آخَرَ قَالَ وَيُعْرَفُ مِنْ هَذَا كَثِيرٌ مِنْ الْوَاقِعَاتِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو الْمُسَافِرِ فِي الْبَحْرِ أَمَانَةً لِيَدْفَعَهَا لِشَرِيكِهِ فِي مِصْرَ فَوَضَعَهَا عَمْرٌو فِي جَيْبِهِ وَرَكِبَ فِي سَفِينَةٍ مَعَ جَمَاعَةٍ وَقَبْلَ وُصُولِهِمْ لِمِصْرِ خَرَجَ عَلَيْهِمْ الْفِرِنْجُ وَأَخَذُوا السَّفِينَةَ بِمَا فِيهَا فَخَلَعَ عَمْرٌو ثِيَابَهُ وَأَلْقَاهَا مَعَ الْأَمَانَةِ فِي السَّفِينَةِ حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ أَخْذُهَا وَلَا نَقْلُهَا لِمَكَانِ آخَرَ وَأَلْقَى بِنَفْسِهِ فِي الْبَحْرِ خَوْفًا مِنْ الْأَسْرِ وَالْقَتْلِ وَخَلَصَ بِنَفْسِهِ سِبَاحَةً وَأُخِذَتْ الْأَمَانَةُ مَعَ السَّفِينَةِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى عَمْرٍو وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْعِمَادِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي فَرَسٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو نِصْفَيْنِ وَهِيَ تَحْتَ يَدِ زَيْدٍ فَجَاءَ ذُو شَوْكَةٍ وَانْتَزَعَهَا قَهْرًا مِنْ زَيْدٍ وَدَفَعَهَا لِبَكْرٍ فَوَضَعَ بَكْرٌ يَدَهُ عَلَيْهَا حَتَّى هَلَكَتْ عِنْدَهُ وَيُرِيدُ عَمْرٌو مُطَالَبَةَ بَكْرٍ بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ مِنْهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِقَوْلِهِمْ وَلَوْ أَوْدَعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ ثُمَّ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُودِعِ ضَمِنَ أَيًّا شَاءَ مِنْ الْغَاصِبِ وَالْمُودَعِ قَالَ فِي الدُّرَرِ أَمَّا الْغَاصِبُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْمُودَعُ فَلِقَبْضِهِ مِنْهُ بِلَا رِضَا مَالِكِهِ. اهـ. وَالْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ مِنْ التَّنْوِيرِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ ذِمِّيٌّ لِمِثْلِهِ وَهُمَا فِي الْقُدْسِ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً لِيَحْمِلَهَا لَهُ عَلَى دَابَّتِهِ إلَى حَلَبَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَتَسَلَّمَ الْمَدْفُوعُ لَهُ الْأَمْتِعَةَ وَحَمَلَهَا عَلَى دَابَّتِهِ ثُمَّ دَفَعَهَا لِغَيْرِهِ لِيَحْمِلَهَا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهَا وَفَارَقَهُ فَضَاعَتْ هَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا الْمَدْفُوعُ لَهُ الْأَوَّلُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَمْلِ رَضِيَ بِيَدِهِ لَا بِيَدِ غَيْرِهِ وَصَارَ كَمُودَعٍ أَوْدَعَ وَلَا يَضْمَنُ مُودَعُ الْمُودَعِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ وَفِي وَدِيعَةِ التَّجْنِيسِ الْمُودِعُ إذَا بَعَثَ الْوَدِيعَةَ عَلَى يَدِ ابْنِهِ وَالِابْنُ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ إنْ كَانَ بَالِغًا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَالِغًا لَا يَضْمَنُ عِمَادِيَّةٌ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَنُورِ الْعَيْنِ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَالَ لَهُ ادْفَعْهَا إلَى فُلَانٍ بِالرَّيِّ فَمَاتَ الدَّافِعُ فَدَفَعَ الْمُودَعُ الْمَالَ إلَى رَجُلٍ لِيَدْفَعَهُ إلَى فُلَانٍ بِالرَّيِّ فَأُخِذَ فِي الطَّرِيقِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيُّ الْمَيِّتِ وَلَوْ كَانَ الدَّافِعُ حَيًّا ضَمِنَ الْمُودَعُ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ فِي عِيَالِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ فِيمَا يُعَدُّ تَضْيِيعًا لِلْوَدِيعَةِ. (سُئِلَ) فِي مُودَعٍ أَوْدَعَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ آخَرَ فَهَلَكَتْ قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ فَهَلْ لَا يَضْمَنُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ لَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ بِمُجَرَّدِ الدَّفْعِ مَا لَمْ يُفَارِقْهُ. اهـ. وَفِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ لَا يَضْمَنُ مُودَعُ الْمُودَعِ فَيَضْمَنُ الْأَوَّلُ فَقَطْ إنْ هَلَكَتْ بَعْد مُفَارَقَتِهِ وَإِنْ قَبْلَهَا لَا ضَمَانَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ الشَّعِيرِ وَتَسَلَّمَهُ عَمْرٌو ثُمَّ دَفَعَهُ لِبَكْرٍ الْأَجْنَبِيِّ بِلَا إذْنِ زَيْدٍ وَاسْتَهْلَكَهُ بَكْرٌ وَضَمَّنَ زَيْدٌ عَمْرًا مِثْلَ الشَّعِيرِ حَيْثُ

الْمِثْلُ مَوْجُودٌ يُرِيدُ عَمْرٌو الْآنَ تَضْمِينَ بَكْرٍ بِمِثْلِ مَا ضَمِنَ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَيْسَ لِلْمُودَعِ أَنْ يَدْفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ دَفَعَهَا فَهَلَكَتْ فِي يَدِ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ الْأَوَّلُ الثَّانِيَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ فَالْأَوَّلُ ضَامِنٌ بِلَا خِلَافٍ أَمَّا الثَّانِي فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْمَنُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَضْمَنُ. وَهَذَا إذَا كَانَ الدَّفْعُ إلَى أَجْنَبِيٍّ بِلَا عُذْرٍ فَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ عِنْدَنَا حَتَّى إذَا احْتَرَقَ بَيْتُ الْمُودَعِ وَأَخْرَجَهَا مِنْ سَاعَتِهِ وَوَضَعَهَا فِي مَنْزِلِ جَارِهِ فَلَا ضَمَانَ اسْتِحْسَانًا ذَخِيرَةٌ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ إذَا وَقَعَ فِي بَيْتِ الْمُودَعِ حَرِيقٌ فَإِنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُنَاوِلَهَا بَعْضَ مَنْ فِي عِيَالِهِ فَنَاوَلَهَا أَجْنَبِيًّا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ الدَّفْعِ إلَى الْأَجْنَبِيِّ لَا يَضْمَنُ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْحَرِيقُ إذَا كَانَ غَالِبًا وَقَدْ أَحَاطَ بِمَنْزِلِ الْمُودَعِ فَنَاوَلَ الْوَدِيعَةَ جَارًا لَهُ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَاطَ بِمَنْزِلِهِ ضَمِنَ وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ لَا يُشْتَرَطُ هَذَا الشَّرْطُ فِي الْفَتْوَى تَتَارْخَانِيَّةٌ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْوَدِيعَةِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَعِنْدَهُمَا صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُودَعَ الْأَوَّلَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُودَعَ الثَّانِيَ فَإِنْ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الثَّانِي وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِيَ يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَوْ اسْتَهْلَكَهَا الثَّانِي ضَمِنَ بِالْإِجْمَاعِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ مُودَعَ الْغَاصِبِ يَضْمَنُ إذَا هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ فِي يَدِهِ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَ الْغَاصِبَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُودَعِ بِمَا ضَمِنَ وَبَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُودَعَ وَيَرْجِعَ بِمَا ضَمِنَ عَلَى الْغَاصِبِ مِنْ الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ (أَقُولُ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُودَعَ لَوْ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى أَجْنَبِيٍّ بِلَا عُذْرٍ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَهُ فَقَطْ بِلَا رُجُوعٍ عَلَى الثَّانِي إلَّا إذَا اسْتَهْلَكَهَا وَعِنْدَهُمَا لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ أَيًّا شَاءَ فَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِيَ رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ فِي الْغَاصِبِ مَعَ مُودَعِهِ فَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُ أَيٍّ شَاءَ لَكِنْ إنْ ضَمِنَ الثَّانِي رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا ضَمِنَ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا غَصْبٌ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ ادَّعَتْ أَنَّهَا أَوْدَعَتْ عِنْدَ هِنْدٍ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً ثُمَّ طَالَبَتْهَا بِهَا فَأَجَابَتْ هِنْدٌ أَنَّهَا بَعْدَ تَسَلُّمِهَا الْأَمْتِعَةَ أَوْدَعَتْهَا عِنْدَ ابْنِهَا زَيْدٍ الْغَائِبِ يَوْمئِذٍ عَنْ الْبَلَدِ بِلَا إذْنِ الْمُدَّعِيَةِ وَأَنَّ ابْنَهَا الْمَذْكُورَ دَفَعَهَا لِعَمْرٍو الْحَاضِرِ الْمُنْكِرِ لِذَلِكَ فَهَلْ حَيْثُ دَفَعَتْ هِنْدٌ الْأَمْتِعَةَ الْمَزْبُورَةَ لِابْنِهَا بِلَا إذْنٍ يَلْزَمُهَا ضَمَانُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ قَاضِي خَانْ لِلْمُودَعِ أَنْ يَدْفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ كَانَ فِي عِيَالِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ مُتَّهَمًا يُخَافُ مِنْهُ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَقَالَ أَيْضًا فِي فَصْلٍ فِيمَا يَضْمَنُ الْوَدِيعَةَ وَكَذَا لَوْ دَفَعَتْ الْمَرْأَةُ الْوَدِيعَةَ إلَى زَوْجِهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهَا وَكَذَا الْمُودَعُ إذَا دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى مَنْ يَعُولُ الْمُودَعَ لَا يَضْمَنُ. اهـ. فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ ابْنُهَا فِي عِيَالِهَا وَلَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا يَلْزَمُهَا الْيَمِينُ أَنَّهَا دَفَعَتْهَا لِابْنِهَا الْمَذْكُورِ وَيُسْأَلُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ مَاذَا صَنَعَ وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ نَفْسُ الْمُودَعِ وَيَجْرِي الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ فِيهِ لِمَا فِي فَتَاوَى مُؤَيَّدِ زَادَهْ وَصُوَرِ الْمَسَائِلِ عَنْ الْفُصُولَيْنِ أَتْلَفَهَا مَنْ فِي عِيَالِ الْمُودَعِ ضَمِنَ الْمُتْلِفُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا لَا الْمُودَعُ. اهـ. الْمُودَعُ إذَا قَالَ دَفَعْت الْوَدِيعَةَ إلَى ابْنِي وَأَنْكَرَ الِابْنُ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ فَوَرِثَ الْأَبُ مَالَ ابْنِهِ كَانَ ضَمَانُ الْوَدِيعَةِ فِي تَرِكَةِ الِابْنِ خَانِيَّةٌ فِي فَصْلِ فِيمَا يُعَدُّ تَضْيِيعًا لِلْوَدِيعَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ بَغْلَةً لِرَجُلَيْنِ لِيُوصِلَاهُ وَيُسَلِّمَاهُ إلَى أَبِي زَيْدٍ بِدِمَشْقَ فَحَمَّلَاهُ مِقْدَارًا مِنْ الزَّيْتِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْمَالِ فَانْحَلَّ وَمَاتَ بِسَبَبِ التَّحْمِيلِ فَهَلْ يَلْزَمُهُمَا قِيمَتُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ حَالَةَ الِاسْتِخْدَامِ يَضْمَنُ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ طَبَقًا فَوَضَعَ الْمُودَعُ الطَّبَقَ عَلَى رَأْسِ الْحَبِّ فَوَقَعَ إنْ كَانَ الْوَضْعُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعْمَالِ يَضْمَنُ وَإِلَّا لَا وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ يُنْظَرَ إنْ كَانَ فِي الْحَبِّ شَيْءٌ نَحْوُ الْمَاءِ وَالدَّقِيقِ مِمَّا يُغَطَّى رَأْسُ الْحَبِّ لِأَجْلِهِ كَانَ اسْتِعْمَالًا وَإِنْ كَانَ الْحَبُّ

جَافًّا أَوْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ لَا يُغَطَّى رَأْسُ الْحَبِّ لِأَجْلِهِ لَمْ يَكُنْ اسْتِعْمَالًا ذَخِيرَةٌ مِنْ فَصْلِ مَا يَكُونُ مَضْيَعَةً لِلْوَدِيعَةِ وَمَا لَا يَكُونُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ لِيَدْفَعَهُ لِبَكْرٍ فَدَفَعَهُ لَهُ ثُمَّ مَاتَ بَكْرٌ عَنْ وَرَثَةٍ طَالَبُوا زَيْدًا بِالْمَبْلَغِ فَقَامَ زَيْدٌ يُطَالِبُ عَمْرًا بِهِ وَعَمْرٌو يَدَّعِي إيصَالَهُ لِبَكْرٍ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَبْلَغٌ دَيْنٌ بِذِمَّةِ عَمْرٍو فَسَافَرَ زَيْدٌ وَلَهُ زَوْجَةٌ وَأَذِنَ لِعَمْرٍو أَنْ يَدْفَعَ لَهَا مِنْ الدَّيْنِ مَا تَحْتَاجُهُ مِنْ النَّفَقَةِ فِي غَيْبَتِهِ فَادَّعَى عَمْرٌو دَفْعَ قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّيْنِ وَكَذَّبَهُ زَيْدٌ وَالزَّوْجَةُ فِي ذَلِكَ وَاعْتَرَفَا بِوُصُولِ قَدْرٍ دُونَهُ فَهَلْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ عَمْرٍو إلَّا بِبَيِّنَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ حَيْثُ كَانَ الْمَالُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو خَلْخَالَ فِضَّةٍ وَسَلَّمَهُ مِنْهُ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ مَاتَ عَمْرٌو عَنْ تَرِكَةٍ قَبْلَ رَدِّ الْوَدِيعَةِ مُجَهِّلًا لِلْوَدِيعَةِ وَلَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ وَلَمْ تَعْرِفْهَا الْوَرَثَةُ فَهَلْ يَكُونُ ضَامِنًا فِي تَرِكَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَتَسَلَّمَهُ عَمْرٌو ثُمَّ إنَّ عَمْرًا مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ وَلَمْ تُوجَدْ الدَّرَاهِمُ فَادَّعَى زَيْدٌ عَلَى وَرَثَةِ عَمْرٍو بِهَا فَقَالَ الْوَارِثُ أَنَا عَلِمْت الْوَدِيعَةِ الْمَزْبُورَةِ وَهِيَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ هَلَكَتْ وَأَنْكَرَ زَيْدٌ ذَلِكَ فَهَلْ يُصَدَّقُ الْوَارِثُ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ الْوَارِثُ أَنَا عَلِمْت الْوَدِيعَةَ وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ إنْ فَسَّرَ الْوَدِيعَةَ وَقَالَ الْوَدِيعَةُ كَذَا وَأَنَا أَعْلَمُهَا وَقَدْ هَلَكَتْ صُدِّقَ هَذَا وَمَا لَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ عِنْدَ سِوَاهُ. اهـ. وَكُلُّ مِنْ يُصَدَّقُ بِقَوْلِهِ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا. (سُئِلَ) فِي مُودَعٍ مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ وَلَمْ تُوجَدْ الْوَدِيعَةُ فِي تَرِكَتِهِ وَالْوَرَثَةُ يَعْلَمُونَهَا وَيَعْرِفُونَهَا وَصَدَّقَهُمْ صَاحِبُهَا عَلَى الْمَعْرِفَةِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ لَا ضَمَانَ فِي التَّرِكَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْمِنَحِ وَالْأَنْقِرْوِيِّ لَوْ مَاتَ الْمُودَعُ مُجَهِّلًا ضَمِنَ يَعْنِي إذَا مَاتَ وَلَمْ يُعْلَمُ حَالُ الْوَدِيعَةِ أَمَّا إذَا عَرَفَهَا الْوَارِثُ وَالْمُودَعُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَعْرِفُ فَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ قَالَ الْوَارِثُ أَنَا عَلِمْتهَا وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ لَوْ فَسَّرَهَا بِأَنْ قَالَ كَانَتْ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ هَلَكَتْ صُدِّقَ لِكَوْنِهَا عِنْدَهُ كَذَا فِي الْعُدَّةِ وَفِي الذَّخِيرَةِ قَالَ رَبُّهَا مَاتَ مُجَهِّلًا وَقَالَ وَرَثَةُ الْمُودَعِ كَانَتْ قَائِمَةً وَمَعْرُوفَةً وَقَدْ هَلَكَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ صُدِّقَ رَبُّهَا هُوَ الصَّحِيحُ إذْ الْوَدِيعَةُ صَارَتْ دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ فِي الظَّاهِرِ فَلَا تُصَدَّقُ الْوَرَثَةُ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ (أَقُولُ) يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْوَارِثَ يُصَدَّقُ إذَا فَسَّرَهَا وَقَالَ هِيَ كَذَا وَكَذَا لَا بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ كَانَتْ قَائِمَةً وَمَعْرُوفَةً فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا وَفِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ الْحَمَوِيِّ عَلَى الْأَشْبَاهِ سُئِلَ الْعَلَّامَةُ عُمَرُ بْنُ نُجَيْمٍ عَمَّا لَوْ قَالَ الْمَرِيضُ عِنْدِي وَرَقَةٌ بِالْحَانُوتِ لِفُلَانٍ ضِمْنُهَا دَرَاهِمُ لَا أَعْرِفُ قَدْرَهَا فَمَاتَ وَلَمْ تُوجَدْ فَأَجَابَ بِأَنَّ هَذَا مِنْ التَّجْهِيلِ لِقَوْلِهِ فِي الْبَدَائِعِ هُوَ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ الْبَيَانِ وَلَمْ تُعْرَفْ الْأَمَانَةُ بِعَيْنِهَا. اهـ. وَفِيهِ تَأَمُّلٌ. اهـ. كَلَامُ الْحَمَوِيِّ وَلْيُنْظَرْ مَا وَجْهُ التَّأَمُّلِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَتْ هِنْدٌ عِنْدَ شَقِيقَتِهَا دَعْدٍ عِشْرِينَ قِرْشًا ثُمَّ مَاتَتْ دَعْدٌ مُجَهِّلَةً عَنْ وَرَثَةٍ فَوُجِدَ بَعْضُ الدَّرَاهِمِ وَفُقِدَ بَعْضُهَا فَهَلْ لَهَا أَخْذُ الْمَوْجُودِ وَالرُّجُوعُ فِي التَّرِكَةِ بِمِثْلِ الْمَفْقُودِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَاَلَّذِي تَحَرَّرَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُودَعَ إنْ أَوْصَى الْوَدِيعَةِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ تُوجَدْ فَلَا ضَمَانَ فِي تَرِكَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَعْرِفَهَا الْوَرَثَةُ أَوْ لَا فَإِنْ عَرَفُوهَا وَصَدَّقَهُمْ صَاحِبُهَا عَلَى الْمَعْرِفَةِ وَلَمْ تُوجَدْ لَا ضَمَانَ فِي التَّرِكَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوهَا وَقْتَ مَوْتِهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً أَوْ لَا فَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً وَثَبَتَ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ إمَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارِ الْوَرَثَةِ أَخَذَهَا صَاحِبُهَا وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَاتَ مُجَهِّلًا فَصَارَتْ دَيْنًا فَيُشَارِكُ أَصْحَابُ الدُّيُونِ صَاحِبَهَا؛ لِأَنَّ هَذَا عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِهَا أَمَّا عِنْدَ قِيَامِهَا فَلَا شَكَّ أَنَّ صَاحِبَهَا أَحَقُّ بِهَا فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَحِينَئِذٍ هِيَ دَيْنٌ فِي التَّرِكَةِ وَصَاحِبُهَا كَسَائِرِ

غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ وَإِنْ وُجِدَ بَعْضُهَا وَفُقِدَ بَعْضُهَا فَإِنْ كَانَ مَاتَ مُجَهِّلًا أَخَذَ صَاحِبُهَا الْمَوْجُودَ وَرَجَعَ بِالْمَفْقُودِ فِي التَّرِكَةِ وَإِلَّا أَخَذَ الْمَوْجُودَ فَقَطْ وَإِنْ مَاتَ وَصَارَتْ دَيْنًا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَجَبَ مِثْلُهَا وَإِلَّا فَقِيمَتُهَا فَعَلَيْك بِحِفْظِ هَذَا التَّحْرِيرِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ نُقِلَ مِنْ فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ وَأَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ سُؤَالٍ بِقَوْلِهِ إذَا أَقَامَ الْمُودَعُ بَيِّنَةً عَلَى الْإِيدَاعِ وَقَدْ مَاتَ الْمُودَعُ مُجَهِّلًا لِلْوَدِيعَةِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا فِي وَصِيَّتِهِ وَلَا ذَكَرَ حَالَهَا لِوَرَثَتِهِ فَضَمَانُهَا فِي تَرِكَتِهِ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى قِيمَتِهَا أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى قِيمَتِهَا فَالْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ الْوَرَثَةِ مَعَ يَمِينِهِمْ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ رَدَّهَا؛ لِأَنَّهُ لَزِمَهُمْ ضَمَانُهَا فَلَا يَبْرَءُونَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِمْ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ عَلَى أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ رَدَّهَا. اهـ. وَقَالَ فِي جَوَابٍ آخَرَ ادَّعَوْا أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ ادَّعَى قَبْلَ مَوْتِهِ أَنَّهُ رَدَّهُ إلَى مَالِكِهِ أَوْ أَنَّهُ تَلِفَ مِنْهُ وَأَقَامُوا بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُمْ وَكَذَلِكَ إنْ أَقَامُوا بَيِّنَةً أَنَّهُ حِينَ مَوْتِهِ كَانَ الْمَالُ الْمَذْكُورُ قَائِمًا وَأَنَّ مُوَرِّثَهُمْ قَالَ هَذَا الْمَالُ لِفُلَانٍ عِنْدِي وَدِيعَةٌ أَوْ قَرْضٌ أَوْ قَبَضْته لِفُلَانٍ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ أَوْ الرِّسَالَةِ لِأَدْفَعَهُ إلَيْهِ فَادْفَعُوهُ إلَيْهِ وَلَكِنَّهُ ضَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِنَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَلَا فِي تَرِكَتِهِ. اهـ. (أَقُولُ) وَفِي قَوْلِهِ أَوْ قَرْضٍ نَظَرٌ إنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّ الْمَيِّتَ اسْتَقْرَضَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ وَصَارَ مُطَالَبًا بِبَدَلِهِ وَإِذَا هَلَكَ يَهْلِكُ عَلَيْهِ بَعْدَ قَبْضِهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الْمَالِكَ كَانَ اسْتَقْرَضَهُ وَوَضَعَهُ عِنْدَ الْمَيِّتِ أَمَانَةً فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا وَفِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْبِيرِيِّ عَنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي مَا نَصُّهُ وَارِثُ الْمُودَعِ بَعْدَ مَوْتِهِ إذَا قَالَ ضَاعَتْ فِي يَدِ مُوَرِّثِي فَإِنْ كَانَ هَذَا فِي عِيَالِهِ حِينَ كَانَ مُودَعًا يُصَدَّقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ لَا. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو حَقِيبَةً فِيهَا أَمْتِعَةٌ ثُمَّ ادَّعَى زَيْدٌ أَنَّ فِيهَا كَذَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَطَلَبَهُ مِنْهُ فَقَالَ عَمْرٌو لَا أَدْرِي مَا كَانَ فِيهَا فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا يَمِينَ حَتَّى يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ دَفَعَهَا وَضَيَّعَهَا فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ ضَمِنَ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَوْدَعَهُ كِيسًا فِيهِ دَرَاهِمُ وَلَمْ يَزِنْهَا عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى الزِّيَادَةَ أَوْ أَوْدَعَهُ زِنْبِيلًا فِيهِ أَشْيَاءُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ فِيهِ قَدُومٌ ذَهَبَ مِنْهُ وَقَالَ الْمُودَعُ لَا أَدْرِي مَا كَانَ فِيهِ يَبْرَأُ بِلَا يَمِينٍ حَتَّى يَدَّعِيَ عَلَيْهِ الْخِيَانَةَ فَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ لَوْ حَلَفَ وَإِلَّا ضَمِنَ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْخَانِيَّةِ وَقَدْ أَوْضَحَ الْمَسْأَلَةَ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْوَدِيعَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَجَرَ زَيْدٌ بِالْوَكَالَةِ عَنْ أَبِيهِ النَّاظِرِ عَلَى وَقْفِ جَدِّهِ فُلَانٍ بُسْتَانَ الْوَقْفِ مِنْ عَمْرٍو مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ قَبَضَهَا الْوَكِيلُ مِنْ عَمْرٍو وَلَمْ يَدْفَعْهَا لِأَبِيهِ حَتَّى مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْأُجْرَةَ وَلَمْ تُوجَدْ فَهَلْ يَضْمَنُهَا فِي تَرِكَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا مَالَ مُوَكِّلِهِ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ قَوْلِهِمْ الْأَمَانَاتُ تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا. (سُئِلَ) فِي الْوَدِيعَةِ إذَا نُهِبَتْ مِنْ دَارِ الْمُودَعِ بِالْقُوَّةِ وَالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ مِنْ جَمَاعَةٍ ذَوِي شَوْكَةٍ مَعَ عَدَمِ إمْكَانِ دَفْعِهِمْ وَكَانَتْ الدَّارُ حِرْزَ مِثْلِهَا فَهَلْ لَا يَضْمَنُهَا الْمُودَعُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ وَالْمُودَعُ إذَا أُكْرِهَ لَا تَلْزَمُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي أَوَّلِ الْوَدِيعَةِ مِنْ فَتَاوِيهِ وَلِأَنَّهُ أَمِينٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَلِأَنَّهَا لَا تُضْمَنُ بِالْهَلَاكِ مُطْلَقًا كَمَا فِي التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِي الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لِمَالِ ابْنَةِ ابْنِهِ الْيَتِيمَةِ فَهَلْ لَا يَضْمَنُهُ فِي تَرِكَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : ذَكَرَ الشَّيْخُ حَسَنٌ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي حَاشِيَةِ الدُّرَرِ وَشَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ أَنَّ الْجَدَّ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لَا يَضْمَنُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَعَزَاهُ إلَى شَرْحِ الْجَامِعِ الْوَجِيزِ. (سُئِلَ) فِي قَاصِرَةٍ مِنْ بَنَاتِ الذِّمَّةِ خَطَبَهَا رَجُلٌ ذِمِّيٌّ مِنْ أَبِيهَا فَأَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ وَبَقِيَتْ عِنْدَ أَبِيهَا سِنِينَ فَوَهَبَ الزَّوْجُ الْخَاطِبُ لَهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَقَبَضَهَا أَبُوهَا الْوَلِيُّ الشَّرْعِيُّ عَلَيْهَا ثُمَّ هَلَكَ أَبُوهَا عَنْهَا وَعَنْ وَرَثَةٍ غَيْرِهَا مُجَهِّلًا لِلْمَالِ الْمَذْكُورِ

فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ ضَامِنٍ لَهُ فِي تَرِكَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ لَمْ يُبَيِّنْهُ وَلَمْ يَخْلِطْهُ بِمَالِهِ لَا يَضْمَنُ فِي تَرِكَتِهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ وَحَقَّقَهَا الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْوَدِيعَةِ فَرَاجِعْهَا إنْ شِئْت (أَقُولُ) قَدْ اضْطَرَبَ كَلَامُ الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ أَفْتَى أَوَّلًا فِي أَبٍ قَبَضَ مَهْرَ بِنْتِهِ الصَّغِيرَةِ وَمَاتَ مُجَهِّلًا بِعَدَمِ الضَّمَانِ حَيْثُ قَالَ قَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْأَمَانَاتِ تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ إلَّا فِي مَسَائِلَ مِنْهَا الْأَبُ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا مَالَ ابْنِهِ وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَالْوَصِيُّ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا لَا يَضْمَنُ وَإِذَا خَلَطَهُ بِمَالِهِ يَضْمَنُ وَالْأَبُ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا يَضْمَنُ وَقِيلَ لَا يَضْمَنُ. اهـ. فَتَحَرَّرَ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَرْجَحِيَّتُهُ عَدَمُ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ أَقْوَى مَرْتَبَةً مِنْ الْوَصِيِّ فَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ الْوَصِيُّ فَأَنْ لَا يَضْمَنَ الْأَبُ أَوْلَى وَقَدْ نُقِلَ فِي الْوَصِيِّ أَيْضًا قَوْلٌ بِالضَّمَانِ وَاقْتَصَرَ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ فِي الْأَبِ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا الرُّجُوعُ عَلَى هَذَا الرَّاجِحِ فِي مُخَلَّفَاتِ أَبِيهَا إلَخْ. اهـ. مَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ مُلَخَّصًا ثُمَّ أَفْتَى فِي سُؤَالٍ آخَرَ عَقِيبَهُ نَظِيرِ سُؤَالِهِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ صَارَ دَيْنًا لَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخَانِيَّةِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. أَمَّا كَلَامُ الْخَانِيَّةِ فَلِعَدَمِ اسْتِثْنَاءِ الْأَبِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ وَأَمَّا كَلَامُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَلِأَنَّهُ قَالَ رَامِزًا لِلْمُنْتَقَى وَضَمِنَ الْأَبُ بِمَوْتِهِ مُجَهِّلًا وَقِيلَ لَا كَوَصِيٍّ فَسَاقَهُ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ وَلَا سِيَّمَا فِي بِلَادِنَا فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ خُصُوصًا مِنْ بَنِي الْفِلَاحَةِ يَأْكُلُونَ مَهْرَ مَوْلَيَاتِهِمْ وَلَوْ نُهُوا عَنْ ذَلِكَ لَا يَنْتَهُونَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيمَا عَدَا نَاظِرَ الْوَقْفِ وَالسُّلْطَانُ وَالْقَاضِيَ وَالْوَصِيَّ بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ؛ لِأَنَّ عَدَمَهُ فِي هَؤُلَاءِ لِئَلَّا يَتَوَقَّفَ عَنْ الْوِلَايَةِ بِسَبَبِ الضَّمَانِ. اهـ. كَلَامُ الرَّمْلِيِّ مُلَخَّصًا فَأَنْتَ تَرَى كَيْفَ مَشَى أَوَّلًا عَلَى عَدَمِ ضَمَانِ الْأَبِ وَرَجَّحَهُ ثُمَّ عَكَسَ ثَانِيًا مُشِيرًا إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ بِأَنَّ عَدَمَ ضَمَانِ الْوَصِيِّ لِئَلَّا يَتَوَقَّفَ عَنْ الْوِلَايَةِ أَيْ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَضْمَنُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ لَا يَرْضَى أَحَدٌ بِأَنْ يَصِيرَ وَصِيًّا خَوْفًا مِنْ الضَّمَانِ وَكَذَا السُّلْطَانُ وَالْقَاضِي بِخِلَافِ الْأَبِ فَإِنَّ وِلَايَتَهُ جَبْرِيَّةٌ لَا اخْتِيَارِيَّةٌ فَلَا يَلْزَمُ الْمَحْذُورُ بِسَبَبِ ضَمَانِهِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ تَجْهِيلَ الْوَصِيِّ مَالَ الْيَتِيمِ تَقْصِيرٌ مِنْهُ فَتَضْمِينُهُ بِتَقْصِيرِهِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْمَحْذُورُ الْمَذْكُورُ عَلَى أَنَّ عَامَّةَ الْأَوْصِيَاءِ وَالْقُضَاةِ فِي زَمَانِنَا يَتَهَالَكُونَ عَلَى تَحْصِيلِ الْوِلَايَةِ قَصْدًا مِنْهُمْ إلَى أَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى إلَّا مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَلِيلٌ مَا هُمْ فَمِنْ أَيْنَ يَلْزَمُ الْمَحْذُورُ وَحِينَئِذٍ فَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَحَيْثُ كَانَ الْمُصَرَّحُ بِهِ عَدَمَ الضَّمَانِ فِي الْوَصِيِّ وَالْقَاضِي مَعَ مَا عَلِمْته مِنْ حَالِهِمَا يَكُونُ عَدَمُ الضَّمَانِ فِي الْأَبِ أَوْلَى لِمَزِيدِ شَفَقَتِهِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَمِثْلُهُ الْجَدُّ كَمَا مَرَّ. ثُمَّ رَأَيْت ذَلِكَ فِي نُورِ الْعَيْنِ حَيْثُ قَالَ فِي آخِرِ الْفَصْلِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ وَضَمِنَ الْأَبُ لَوْ مَاتَ مُجَهِّلًا وَقِيلَ لَا كَوَصِيٍّ يَقُولُ الْحَقِيرُ الظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ أَصَحُّ إذْ الْأَبُ لَيْسَ أَدْنَى حَالًا مِنْ الْوَصِيِّ بَلْ هُوَ أَوْفَى حَالًا مِنْ الْوَصِيِّ فَيَنْبَغِي اتِّحَادُهُمَا حُكْمًا. اهـ. نَعَمْ إنْ كَانَ الْأَبُ يَأْكُلُ مُهُورَ الْبَنَاتِ كَالْفَلَّاحِينَ وَالْأَعْرَابِ فَالْقَوْلُ بِتَضْمِينِهِ إذَا مَاتَ مُجَهِّلًا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَبَضَ الْمَهْرَ لِنَفْسِهِ لَا لِبِنْتِهِ فَلْيَكُنْ التَّعْوِيلُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ اسْتَبْدَلَ عَقَارَ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ ثُمَّ مَاتَ مُجَهِّلًا لِلْمَالِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ يَكُونُ ضَامِنًا فِي تَرِكَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَضْمَنُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ الْوَدِيعَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً وَأَمَرَهُ بِدَفْعِهَا إلَى بَكْرٍ الَّذِي لَهُ عَلَى الدَّافِعِ دَيْنٌ ثُمَّ إنَّ الْمَأْمُورَ مَاتَ مُجْهِلًا لِمَا قَبَضَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ تَكُونُ دَيْنًا فِي تَرِكَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ فَوَضَعَهَا عَمْرٌو فِي جَيْبِهِ ثُمَّ فُقِدَتْ مِنْهُ بِدُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ فَهَلْ يَكُونُ عَمْرٌو غَيْرَ ضَامِنٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَكَذَا إذَا جَعَلَهَا فِي جَيْبِهِ وَحَضَرَ مَجْلِسَ الْفِسْقِ فَسُرِقَتْ مِنْهُ لَا يَضْمَنُ وَهَكَذَا ذُكِرَ فِي الْعُدَّةِ اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَوْدَعَ عِنْدَ آخَرَ جُوخَةً وَأَذِنَ لَهُ بِبَيْعِهَا فَوَضَعَهَا الْآخَرُ فِي حَانُوتِهِ وَهِيَ حِرْزُ مِثْلِهَا فَسُرِقَتْ مِنْ الْحَانُوتِ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ سُرِقَتْ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهَا بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَلَا وَجْهَ يُوجِبُ ضَمَانَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَفِي الْأَنْقِرْوِيِّ مِنْ الْوَدِيعَةِ سُوقِيٌّ قَامَ مِنْ حَانُوتِهِ إلَى الصَّلَاةِ وَفِي حَانُوتِهِ وَدَائِعُ فَضَاعَ شَيْءٌ مِنْهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضَيِّعٍ لِمَا فِي حَانُوتِهِ؛ لِأَنَّ جِيرَانَهُ يَحْفَظُونَ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا إيدَاعًا مِنْ الْجِيرَانِ فَيُقَالُ لَيْسَ لِلْمُودَعِ أَنْ يُودِعَ لَكِنْ هَذَا مُودَعٌ لَمْ يُضَيِّعْ وَاقِعَاتٌ فِي الْوَدِيعَةِ قَوْلُهُ لَيْسَ لِلْمُودَعِ أَنْ يُودِعَ إلَخْ ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ مَا يَدُلُّ عَلَى الضَّمَانِ فَلْيُتَأَمَّلْ عِنْدَ الْفَتْوَى فُصُولَيْنِ مِنْ الثَّالِثِ وَالثَّلَاثِينَ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَامَ مِنْ حَانُوتِهِ إلَى الصَّلَاةِ وَفِيهِ وَدَائِعُ النَّاسِ وَضَاعَتْ لَا ضَمَانَ وَإِنْ أَجْلَسَ عَلَى بَابِهِ ابْنًا لَهُ صَغِيرًا فَضَاعَ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ الْحِفْظَ وَيَحْفَظُ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا يَضْمَنُ. اهـ. وَقَالَ قُبَيْلَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْعُرْفِ حَتَّى لَوْ تَرَكَ الْحَانُوتَ مَفْتُوحًا أَوْ عَلَّقَ الشَّبَكَةَ عَلَى بَابِهِ وَنَامَ فَفِي النَّهَارِ لَيْسَ بِتَضْيِيعٍ وَفِي اللَّيْلِ إضَاعَةٌ وَفِي خُوَارِزْمَ لَا يُعَدُّ إضَاعَةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. اهـ. (أَقُولُ) الَّذِي يَظْهَرُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَانُوتِ عَدَمُ الضَّمَانِ سَوَاءٌ أَجْلَسَ صَبِيًّا أَوْ لَا حَيْثُ جَرَى عُرْفُ أَهْلِ السُّوقِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُودَعٍ قَصْدًا بَلْ تَرَكَهَا فِي حِرْزِهَا مَعَ مَالِهِ فَقَدْ حَفِظَهَا بِمَا يَحْفَظُ بِهِ مَالَهُ وَلِهَذَا نَقَلَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ رَامِزًا إلَى فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَهَا فِي الْحِرْزِ فَلَمْ يُضَيِّعْ. اهـ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا دَخَلَ الْحَمَّامَ وَوَضَعَ دَرَاهِمَ الْوَدِيعَةِ مَعَ ثِيَابِهِ بَيْنَ يَدَيْ الثِّيَابِيِّ قَالَ خ يَعْنِي قَاضِيَ خَانْ ضَمِنَ لِإِيدَاعِ الْمُودَعِ وَقَالَ حط يَعْنِي صَاحِبَ الْمُحِيطِ لَا؛ لِأَنَّهُ إيدَاعٌ ضِمْنِيٌّ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ بِإِيدَاعٍ قَصْدِيٍّ. اهـ. وَفِيهِ فِي ضَمَانِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَالْخَاصِّ رَامِزًا لِلذَّخِيرَةِ قَرْيَةٌ عَادَتُهُمْ أَنَّ الْبَقَّارَ إذَا أَدْخَلَ السَّرْحَ فِي السِّكَكِ يُرْسِلُ كُلَّ بَقَرَةٍ فِي سِكَّةِ رَبِّهَا وَلَا يُسَلِّمُهَا إلَيْهِ فَفَعَلَ الرَّاعِي كَذَلِكَ فَضَاعَتْ بَقَرَةٌ قِيلَ يَبْرَأُ إذْ الْمَعْرُوفُ كَالْمَشْرُوطِ وَقِيلَ لَوْ لَمْ يُعَدُّ ذَلِكَ خِلَافًا يَبْرَأُ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ مُتَقَارِبَانِ إنْ لَمْ يَكُونَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا لَا يُعَدُّ خِلَافًا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مَأْذُونًا بِهِ عَادَةً وَقَدَّمْنَا نَحْوَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَهُوَ مَا لَوْ أَرْسَلَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ الثَّمَنَ إلَى الْمُوَكِّلِ مَعَ الْمُكَارِي وَنَحْوِهِ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَبِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ (وَأَقُولُ) أَيْضًا بَقِيَ هُنَا مَسْأَلَةٌ ذَكَرْتهَا فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي حَادِثَةٍ وَقَعَتْ فِي زَمَانِنَا وَسُئِلْنَا عَنْهَا وَهِيَ رَجُلٌ أَوْدَعَ عِنْدَ رَجُلٍ صُرَّةً مِنْ الشَّالِ غَالِيَةَ الثَّمَنِ فَوَضَعَهَا الْمُودَعُ فِي إصْطَبْلِ دَارِهِ فَسُرِقَتْ مِنْ الْإِصْطَبْلِ هَلْ يَضْمَنُهَا أَوْ لَا وَالْجَوَابُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمُرَادِ بِالْحِرْزِ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ قَالَ وَضَعْتهَا بَيْنَ يَدَيَّ وَقُمْت وَنَسِيتُهَا فَضَاعَتْ يَضْمَنُ وَلَوْ قَالَ وَضَعْتهَا بَيْنَ يَدَيَّ فِي دَارِي وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا إنْ مِمَّا لَا يُحْفَظُ فِي عَرْصَةِ الدَّارِ كَصُرَّةِ النَّقْدَيْنِ يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَتْ مِمَّا يُعَدُّ عَرْصَتُهَا حِصْنًا لَهُ لَا يَضْمَنُ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ حِرْزُ كُلِّ شَيْءٍ فِي حِرْزِ مِثْلِهِ لَكِنْ ذَكَرَ الْعَلَائِيُّ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ كِتَابِ السَّرِقَةِ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ حِرْزَ النَّوْعِ فَهُوَ حِرْزٌ لِكُلِّ الْأَنْوَاعِ فَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ لُؤْلُؤَةٍ مِنْ إصْطَبْلٍ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ خَاصٌّ فِي حِرْزِ السَّرِقَةِ دُونَ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي قَطْعِ السَّارِقِ هَتْكُ الْحِرْزِ وَذَلِكَ يَتَفَاوَتُ بِاعْتِبَارِ الْمُحْرَزَاتِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي ضَمَانِ الْمُودَعِ التَّعَدِّي وَالتَّقْصِيرُ فِي الْحِفْظِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَضَعَهَا فِي دَارِهِ

الْحَصِينَةِ فَخَرَجَ وَكَانَتْ زَوْجَتُهُ غَيْرَ أَمِينَةٍ يَضْمَنُ مَعَ أَنَّهُ لَوْ سَرَقَهَا سَارِقٌ يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الدَّارَ حِرْزٌ وَإِنَّمَا ضَمِنَهَا لِتَقْصِيرِهِ فِي الْحِفْظِ وَلَوْ وَضَعَهَا فِي الدَّارِ وَخَرَجَ وَالْبَابُ مَفْتُوحٌ وَلَمْ يَكُنْ فِي الدَّارِ أَحَدٌ مِنْ عِيَالِهِ أَوْ فِي الْحَمَّامِ أَوْ الْمَسْجِدِ أَوْ الطَّرِيقِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَغَابَ عَنْهَا يَضْمَنُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ سَارِقُهَا فَلَوْ اعْتَبَرْنَا فِي الْوَدِيعَةِ الْحِرْزَ الْمُعْتَبَرَ فِي السَّرِقَةِ لَزِمَ أَنْ لَا يَضْمَنَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَنَحْوِهَا فَيَلْزَمُ مُخَالَفَةُ مَا أَطْبَقُوا عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّقْصِيرِ فِي الْحِفْظِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ وَضْعَ الْوَدِيعَةِ فِيمَا لَا يُوضَعُ فِيهِ أَمْثَالُهَا تَقْصِيرٌ فِي الْحِفْظِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ الْمَارَّةِ وَغَيْرِهَا فَالْمُرَادُ بِالْحِرْزِ هُنَا حِرْزُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ فِي السَّرِقَةِ خِلَافَهُ وَلَا يُقَاسُ أَحَدُ الْبَابَيْنِ عَلَى الْآخَرِ بِلَا نَقْلٍ مَعَ أَنَّ النَّقْلَ الصَّرِيحَ يُخَالِفُهُ كَمَا عَلِمْت وَبِهِ ظَهَرَ جَوَابُ الْحَادِثَةِ الْمَذْكُورَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو وَدِيعَةً مَعْلُومَةً ثُمَّ أَنَّهَا ضَاعَتْ مِنْ عِنْدِ عَمْرٍو وَوُجِدَتْ عِنْدَ بَكْرٍ وَيُرِيدُ عَمْرٌو الْمُودَعُ أَنْ يُخَاصِمَ وَيَدَّعِيَ بِذَلِكَ وَيَأْخُذَهَا مِنْ بَكْرٍ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيَصْلُحُ خَصْمًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَقَدْ أَجَابَ الْحَانُوتِيُّ بِقَوْلِهِ لَمْ أَقِفْ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فِي مَحَلِّهَا لَكِنْ نَقَلَ فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ عَنْ الْوَلْوَالِجِيَّةِ رَجُلٌ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَضَاعَتْ مِنْهُ ثُمَّ وَجَدَهَا فِي يَدِ رَجُلٍ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَدِيعَةِ. اهـ. فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُودَعَ لَهُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ. وَنَقَلَ الْمَسْأَلَةَ فِي لُقَطَةِ التَّنْوِيرِ وَعَزَاهَا الْعَلَائِيُّ إلَى الْمُجْتَبَى وَالنَّوَازِلِ ثُمَّ قَالَ لَكِنْ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ الْخُصُومَةَ؛ لِأَنَّ يَدَهُ أَحَقُّ اهـ يَعْنِي لِلْمُلْتَقِطِ الْخُصُومَةُ أَيْضًا وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ كِتَابِ اللُّقَطَةِ رَجُلٌ الْتَقَطَ لُقَطَةً وَضَاعَتْ مِنْهُ فَوَجَدَهَا فِي يَدِ غَيْرِهِ فَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ الرَّجُلِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّ فِي الْوَدِيعَةِ يَكُونُ لِلْمُودَعِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّ فِي اللُّقَطَةِ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ فِي وِلَايَةِ أَخْذِ اللُّقَطَةِ وَلَيْسَ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ فِي إثْبَاتِ الْيَدِ عَلَى الْوَدِيعَةِ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَدِيعَةٌ عِنْدَ عَمْرٍو فَوَكَّلَ زَيْدٌ بَكْرًا فِي طَلَبِهَا مِنْ عَمْرٍو وَتَسْلِيمِهَا لَهُ فَطَلَبَهَا الْوَكِيلُ مِنْ عَمْرٍو فَلَمْ يُسَلِّمْهَا لَهُ وَمَنَعَهَا ظُلْمًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى تَسْلِيمِهَا حَتَّى هَلَكَتْ عِنْدَهُ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ أَنْ يُضَمِّنَ عَمْرًا قِيمَتَهَا بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ طَلَبَهَا الْوَكِيلُ فَمَنَعَهَا مِنْهُ ظُلْمًا يَضْمَنُ قَالَ فِي النُّقَايَةِ وَشَرْحِهَا لِلْعَلَّامَةِ الْقُهُسْتَانِيِّ فَإِنْ حَبَسَهَا أَيْ أَمْسَكَهَا الْمُودَعُ بَعْدَ طَلَبِ رَبِّهَا وَلَوْ حُكْمًا كَالْوَكِيلِ عَلَى مَا فِي الْمُضْمَرَاتِ إلَخْ. اهـ. وَلَوْ كَانَ الَّذِي طَلَبَ وَكِيلَ الْمَالِكِ يَضْمَنُ أَنْقِرْوِيٌّ عَنْ الْقَاعِدِيَّةِ وَكَذَا فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ لَكِنْ فِي الْمِنَحِ وَقَيَّدْنَا بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ ثِقَةٍ عَنْ التَّجْنِيسِ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَهَا بِوَكِيلِهِ أَوْ رَسُولِهِ فَحَبَسَهَا لَا يَضْمَنُ وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ أَوْدَعَ عِنْدَ إنْسَانٍ وَدِيعَةً وَقَالَ فِي السِّرِّ مَنْ أَخْبَرَك بِعَلَامَةِ كَذَا وَكَذَا فَادْفَعْ إلَيْهِ الْوَدِيعَةَ فَجَاءَ رَجُلٌ وَبَيَّنَ تِلْكَ الْعَلَامَةَ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُودِعُ حَتَّى هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ. اهـ. لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ الْمَالِكُ إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ الْمُودَعُ لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أُحْضِرَهَا السَّاعَةَ فَتَرَكَهَا وَذَهَبَ إنْ تَرَكَهَا عَنْ رِضًا فَهَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَهَبَ فَقَدْ أَنْشَأَ الْوَدِيعَةَ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ رِضًا يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ الَّذِي طَلَبَ الْوَدِيعَةَ وَكِيلَ الْمَالِكِ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إنْشَاءُ الْوَدِيعَةِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ. اهـ. وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَضْمَنُ بِعَدَمِ الدَّفْعِ إلَى وَكِيلِ الْمَالِكِ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَرَسُولُ الْمُودَعِ إذَا طَلَبَ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ لَا أَدْفَعُ إلَّا لِلَّذِي جَاءَ بِهَا وَلَمْ يَدْفَعْ إلَى الرَّسُولِ حَتَّى هَلَكَتْ ضَمِنَ وَذَكَرَ فِي فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَأَجَابَ نَجْمُ الدِّينِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَفِيهِ نَظَرٌ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا صَدَّقَ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ وَكِيلٌ بِقَبْضِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْوَكَالَةِ لَا يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْوَدِيعَةِ إلَيْهِ وَلَكِنْ لِقَائِلٍ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ يَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ الْمُرْسِلِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَكِيلُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ

لَوْ عَزَلَ الْوَكِيلَ قَبْلَ عِلْمِ الْوَكِيلِ بِالْعَزْلِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ رَجَعَ عَنْ الرِّسَالَةِ قَبْلَ عِلْمِ الرَّسُولِ بِالرُّجُوعِ يَصِحُّ كَذَا فِي فَتَاوَاهُ. اهـ. مِنَحٌ مِنْ الْإِيدَاعِ قَالَ الْعَلَّامَةُ خَيْرُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ بَعْدَ مَا نَقَلَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ عَنْ الْمِنَحِ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ مَا نَصُّهُ أَقُولُ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ مَعْزِيًّا إلَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِي مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ عَنْ التَّجْنِيسِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَيَتَرَاءَى لِي التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنْ يُحْمَلَ مَا فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ الْوَكِيلُ إنْشَاءَ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ الْمُودَعِ بَعْدَ مَنْعِهِ لِيَدْفَعَ لَهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ أَيْ فَيَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إنْشَاءُ الْوَدِيعَةِ وَمَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرُ الدِّينِ وَالتَّجْنِيسِ عَلَى مَا إذَا مَنَعَ لِيُؤَدِّيَ إلَى الْمُودَعِ بِنَفْسِهِ وَاسْتَبَقَاهَا عَلَى الْإِيدَاعِ الْأَوَّلِ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي جَوَابِهِ لَا أَدْفَعُ إلَّا لِلَّذِي جَاءَ بِهَا وَفِي الْخُلَاصَةِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْوَكِيلَ تَرَكَهَا وَذَهَبَ عَنْ رِضًا بَعْدَ قَوْلِ الْمُودَعِ لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أُحْضِرَهَا السَّاعَةَ أَيْ وَأَدْفَعُهَا لَك فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّاعَةِ فَإِذَا فَارَقَهُ فَقَدْ أَنْشَأَ الْإِيدَاعَ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَا أَدْفَعُهَا إلَّا لِلَّذِي جَاءَ بِهَا فَإِنَّهُ اسْتِبْقَاءٌ لِلْإِيدَاعِ الْأَوَّلِ لَا إنْشَاءُ إيدَاعٍ فَتَأَمَّلْ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذَا التَّوْفِيقِ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ. اهـ. كَلَامُ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ السَّادِسِ وَسُئِلَ عَنْ الْمُودَعِ إذَا وَكَّلَ رَجُلًا بِقَبْضِ وَدِيعَةٍ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْمُودَعِ فَانْتَهَى إلَيْهِ الْوَكِيلُ بَعْدَ أَيَّامٍ وَطَالَبَهُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ فَامْتَنَعَ ثُمَّ هَلَكَتْ هَلْ يَضْمَنُ فَقَالَ نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْإِنَابَةَ الثَّابِتَةَ بِالْمُعَايَنَةِ فَوْقَ الثَّابِتَةِ بِالْبَيِّنَةِ وَلَوْ ثَبَتَ التَّوْكِيلُ بِالْبَيِّنَةِ فَامْتَنَعَ مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ بَعْدَ الطَّلَبِ يَضْمَنُ فَهَاهُنَا أَوْلَى قِيلَ لَهُ وَهَلْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ التَّوْكِيلِ بِمَحْضَرٍ مِنْهُ وَبَيْنَ التَّوْكِيلِ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ فَصَدَّقَهُ فِي التَّوْكِيلِ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ فَقَالَ نَعَمْ هَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْكُتُبِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهِ. اهـ. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا مَنَعَهَا عَنْ الرَّسُولِ لَا يَضْمَنُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَأَمَّا إذَا مَنَعَهَا عَنْ الْوَكِيلِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ فَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْقَاعِدِيَّةِ وَالْوَجِيزِ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَالْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَالْمُضْمَرَاتِ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمِنَحِ وَتَبِعَهُ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحَيْهِ فَتَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إلَى مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ خُصُوصًا وَالْمُضْمَرَاتُ شَرْحُ الْقُدُورِيِّ وَالشُّرُوحُ مُقَدَّمَةٌ فَفِي مَسْأَلَتِنَا مَنَعَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْوَكِيلِ ظُلْمًا وَلَمْ يَقُلْ لَهُ لَا أَدْفَعُهَا إلَّا إلَى الَّذِي جَاءَ بِهَا حَتَّى يَكُونَ اسْتِبْقَاءً لِلْإِيدَاعِ الْأَوَّلِ وَقَدْ جَمَعْت هَذِهِ النُّقُولَ رَجَاءَ الثَّوَابِ مِنْ الْمَلِكِ الْوَهَّابِ وَلِأَجْلِ قَطْعِ الشَّكِّ وَالِارْتِيَابِ (أَقُولُ) مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّ الْمُودَعَ لَا يَضْمَنُ بِمَنْعِهَا عَنْ الرَّسُولِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ذَكَرَهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَيْضًا وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْفَرْقِ الْمُتَقَدِّمِ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي نُورِ الْعَيْنِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ عِبَارَةَ التَّتَارْخَانِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةَ آنِفًا تُفِيدُ تَفْصِيلًا فِي مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُودَعَ إنَّمَا يَضْمَنُ بِالْمَنْعِ عَنْ الْوَكِيلِ إذَا كَانَ تَوْكِيلُهُ ثَابِتًا بِالْمُعَايَنَةِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ أَمَّا إذَا كَانَ بِتَصْدِيقِ الْمُودَعِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا لَا يَضْمَنُ لَوْ كَذَّبَهُ بِالْأَوْلَى وَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّسُولِ أَيْضًا وَمُقْتَضَى مَا مَرَّ عَنْ الْخَانِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَبَيَّنَ تِلْكَ الْعَلَامَةَ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُودَعُ حَتَّى هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ لَا ضَمَانَ أَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ يَضْمَنُ فَيُخَالِفُ مَسْأَلَةَ الْوَكِيلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ فَلَمْ يُصَدِّقْهُ لَيْسَ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا فَلَا مَفْهُومَ لَهُ وَهَذَا إنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ رَسُولٌ وَكَذَا إنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ وَكِيلٌ يُخَالِفُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّفْصِيلِ وَفِي حَاشِيَةِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَهَلْ يَصِحُّ هَذَا التَّوْكِيلُ وَلَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ بِالدَّفْعِ أَمْ لَا يَصِحُّ لِكَوْنِ الْوَكِيلِ مَجْهُولًا وَيَضْمَنُ بِالدَّفْعِ. قَالَ الزَّاهِدِيُّ فِي حَاوِيهِ رَامِزًا فِيهِ تَفْصِيلٌ لَوْ كَانَا عِنْدَ ذَلِكَ الِاتِّفَاقِ بِمَكَانٍ لَا يُمْكِنُ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ اسْتِمَاعُ كَلَامِهِمَا فَالدَّفْعُ لِمَنْ جَاءَ إلَيْهِ بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ صَحِيحٌ

؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ كَالتَّصْرِيحِ بِالْوَكَالَةِ لِوَاحِدٍ بِعَيْنِهِ وَهُوَ الْجَائِي بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ وَأَمَّا اسْتِمَاعُهُ ذَلِكَ مِنْ جِنِّيٍّ فَنَادِرٌ وَإِنْ كَانَا عِنْدَ ذَلِكَ بِمَكَانٍ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَفْهَمُ اتِّفَاقَهُمَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ بِمَكَانٍ يُمْكِنُ فِيهِ لِأَحَدٍ اسْتِمَاعُ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى ذَلِكَ خِفْيَةً وَهُمَا لَا يَرَيَانِهِ فَالْوَكَالَةُ بَاطِلَةٌ وَالدَّفْعُ مُضَمَّنٌ. اهـ. هَذَا مَا نَقَلَهُ الرَّمْلِيُّ (قُلْت) كَثِيرًا مَا يَقَعُ أَنَّ الْمَالِكَ بَعْدَ اتِّفَاقِهِ مَعَ الْمُودَعِ عَلَى ذَلِكَ يَبْعَثُ رَجُلًا بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ فَيَسْمَعُهُ آخَرُ فَيَسْبِقُ الْأَوَّلَ وَيُخْبِرُ الْمُودَعَ بِتِلْكَ الْعَلَامَةِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا لَا يُنَافِي صِحَّةَ التَّوْكِيلِ بَعْدَ وُجُودِ شَرْطِهِ الْمُتَقَدِّمِ عِنْدَ اتِّفَاقِ الْمَالِكِ مَعَ الْمُودَعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَالِكَ إذَا قَالَ لَمْ أَذْكُرْ الْعَلَامَةَ لِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي جَاءَك وَإِنَّمَا ذَكَرْتهَا لِغَيْرِهِ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ فَيَضْمَنُ الْمُودَعُ فَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ غَابَ عَنْ مَنْزِلِهِ وَخَلَّفَ امْرَأَتَهُ وَكَانَ فِي يَدِهِ وَدِيعَةٌ فَلَمَّا رَجَعَ طَلَبَ الْوَدِيعَةَ فَلَمْ يَجِدْهَا كَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ أَمِينَةً لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضَيِّعٍ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ غَيْرَ أَمِينَةٍ مُتَّهَمَةً يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي فَرَسٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو نِصْفَيْنِ وَهِيَ تَحْتَ يَدِ زَيْدٍ فَجَاءَ ذُو شَوْكَةٍ وَانْتَزَعَهَا قَهْرًا مِنْ زَيْدٍ وَدَفَعَهَا لِبَكْرٍ فَوَضَعَ بَكْرٌ يَدَهُ عَلَيْهَا مُدَّةً حَتَّى هَلَكَتْ عِنْدَهُ وَيُرِيدُ عَمْرٌو مُطَالَبَةَ بَكْرٍ بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ مِنْهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِقَوْلِ فُقَهَائِنَا وَلَوْ أَوْدَعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ ثُمَّ هَلَكَ فِي يَدِهِ ضَمَّنَ أَيًّا شَاءَ مِنْ الْغَاصِبِ وَالْمُودَعِ قَالَ فِي الدُّرَرِ أَمَّا الْغَاصِبُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا مُودَعُهُ فَلِقَبْضِهِ مِنْهُ بِلَا رِضَا مَالِكِهِ. اهـ. وَالْمَسْأَلَةُ فِي وَدِيعَةِ التَّنْوِيرِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَرْسَلَ إكْدِيشًا لِشَرِيكِهِ لِيَرْعَاهُ فِي الْقَرْيَةِ فَدَفَعَهُ شَرِيكُهُ الَّذِي فِي الْقَرْيَةِ إلَى أَجِيرِهِ الْخَاصِّ مُسَانَهَةَ السَّاكِنِ مَعَهُ فَجَاءَ ثَوْرٌ وَضَرَبَ الْإِكْدِيشَ فَشَقَّ بَطْنَهُ وَمَاتَ وَيُرِيدُ الرَّجُلُ الرُّجُوعَ عَلَى شَرِيكِهِ الْمَرْقُومِ بِقِيمَةِ الْإِكْدِيشِ فَهَلْ لَا رُجُوعَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى أَجِيرِهِ الْخَاصِّ وَهُوَ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ مُشَاهَرَةً أَوْ مُسَانَهَةً يَسْكُنُ مَعَهُ. (سُئِلَ) فِي فَرَسٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَهِيَ تَحْتَ يَدِ زَيْدٍ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ عَمْرٍو فَبَعَثَهَا عَلَى يَدِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ الَّذِي فِي عِيَالِهِ لِيَسْقِيَهَا فَأَخَذَهَا رَجُلٌ مِنْ يَدِ الِابْنِ وَمَاتَتْ عِنْدَهُ فَقَامَ شَرِيكُهُ عَمْرٌو يُطَالِبُ زَيْدًا بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ مِنْهَا زَاعِمًا أَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي الدَّفْعِ إلَى ابْنِهِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَا مُطَالَبَةَ لَهُ بِذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ بَعَثَهَا مَعَ ابْنِهِ الْغَيْرِ الْبَالِغِ لَا يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي التَّجْنِيسِ الْمُودِعُ إذَا بَعَثَ الْوَدِيعَةَ عَلَى يَدِ ابْنِهِ وَالِابْنُ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ إنْ كَانَ بَالِغًا يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَالِغًا لَا يَضْمَنُ عِمَادِيَّةٌ فِي بَحْثِ ضَمَانِ الْحَمَّامِيِّ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ بِضَاعَتَهُ عَلَى سَبِيلِ الْأَمَانَةِ لِعَمْرٍو لِيُوصِلَهَا لِبَكْرٍ لِبَلْدَةِ كَذَا عَلَى أَنْ لَا يَنْزِلَ بِهَا فِي الْبَحْرِ إلَّا فِي مَرْكَبٍ مُغْفَرٍ أَمِينٍ فَنَزَلَ بِهَا فِي مَرْكَبٍ غَيْرِ مُغْفَرٍ وَلَا أَمِينٍ فَأَخَذَ النَّصَارَى الْبِضَاعَةَ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَالْحَالُ أَنَّ فِي الْبَحْرِ مَرَاكِبَ مُغْفَرَةً مَوْجُودَةً مُيَسَّرَةً لَا مَشَقَّةَ لِلرُّكُوبِ فِيهَا فَهَلْ يَضْمَنُ عَمْرٌو؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ يَضْمَنُ عَمْرٌو قِيمَةَ الْوَدِيعَةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا إذَا أَمَرَهُ بِحِفْظِهَا فِي دَارٍ فَوَضَعَهَا فِي دَارٍ أُخْرَى لِأَنَّ الْأَصْلَ كَمَا فِي الدُّرَرِ أَنَّ الشَّرْطَ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ مُفِيدًا وَالْعَمَلُ بِهِ مُمْكِنًا وَالنَّهْيُ عَنْ الْوَضْعِ فِي مَرْكَبٍ غَيْرِ مُغْفَرٍ وَفِي دَارٍ أُخْرَى مُفِيدٌ؛ لِأَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْأَمْنِ وَالْحِفْظِ فَصَحَّ الشَّرْطُ وَأَمْكَنَ الْعَمَلُ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَمَرَهُ أَنْ يَضَعَهَا فِي بَيْتٍ مُعَيَّنٍ مِنْ دَارٍ أَوْ صُنْدُوقٍ مُعَيَّنٍ مِنْهُ فَحَفِظَ فِي بَيْتٍ آخَرَ أَوْ فِي صُنْدُوقٍ آخَرَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَيْنِ قَلَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْحِفْظِ فَالْمُتَمَكِّنُ مِنْ الْأَخْذِ مِنْ أَحَدِهِمَا مُتَمَكِّنٌ مِنْ الْأَخْذِ مِنْ الْآخَرِ فَصَارَ الشَّرْطُ غَيْرَ مُفِيدٍ وَتَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ وَكَذَلِكَ تَعْيِينُ الصُّنْدُوقِ فَلَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّ الصُّنْدُوقَيْنِ

فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ لَا يَتَفَاوَتَانِ ظَاهِرًا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْبَيْتِ أَوْ الصُّنْدُوقِ خَلَلٌ ظَاهِرٌ فَحِينَئِذٍ يُفِيدُ الشَّرْطُ وَيَضْمَنُ بِالْخِلَافِ. اهـ. وَقَالَ الْأَنْقِرَوِيُّ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ شَرْطٍ يُفِيدُ اعْتِبَارُهُ وَيُمْكِنُ لِلْمُودَعِ مُرَاعَاتُهُ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ وَكُلُّ شَرْطٍ لَا يُفِيدُ اعْتِبَارُهُ وَلَا تُمْكِنُ مُرَاعَاتُهُ فَهُوَ لَغْوٌ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو خِنْجَرًا فِي طَرِيقِ الْحَجِّ فَأَخَذَهُ عَمْرٌو وَوَضَعَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ حِفْظًا لَهُ وَنَامَ ثُمَّ انْتَبَهَ فَلَمْ يَجِدْهُ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ نَامَ وَوَضَعَ الْوَدِيعَةَ تَحْتَ رَأْسِهِ أَوْ جَنْبِهِ فَضَاعَتْ لَا يَضْمَنُ وَكَذَلِكَ إنْ وَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَإِلَيْهِ مَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ قَالُوا وَإِنَّمَا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي إذَا نَامَ قَاعِدًا أَمَّا إذَا نَامَ مُضْطَجِعًا يَضْمَنُ وَهَذَا إذَا كَانَ فِي الْحَضَرِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي السَّفَرِ فَلَا ضَمَانَ نَامَ قَاعِدًا أَوْ مُضْطَجِعًا كَذَا ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَذَكَرَ فِي الْعُدَّةِ لَوْ نَامَ وَاضِعًا جَنْبَهُ عَلَى الْأَرْضِ فَضَاعَتْ الْوَدِيعَةُ يَضْمَنُ وَإِنْ نَامَ قَاعِدًا لَا يَضْمَنُ وَفِي السَّفَرِ لَا يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ 32. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو وَدِيعَةً وَتَسَلَّمَهَا مِنْهُ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ وَأَخَذَ الْوَدِيعَةَ وَالْمُودَعُ يَرَاهُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ وَمَنْعُهُ خَوْفًا مِنْ ضَرَرِهِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ وَلَوْ أَخَذَ الْوَدِيعَةَ أَجْنَبِيٌّ وَالْمُودَعُ يَرَاهُ فَسَكَتَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ ضَمِنَ إنْ أَمْكَنَهُ دَفْعُهُ أَمَّا لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ مَنْعُهُ لِخَوْفِهِ مِنْ ضَرَرِهِ وَغَارَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ أَنْقِرْوِيٌّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو صَدْرَ نُحَاسٍ لِيَبِيعَهُ لَهُ فَعَرَضَهُ عَلَى الْبَيْعِ فَلَمْ يَشْتَرِهِ أَحَدٌ فَرَدَّهُ عَمْرٌو عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ جَحَدَ زَيْدٌ وُصُولَهُ لَهُ مِنْ عَمْرٍو فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ عَمْرٍو بِيَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَالْقَوْلُ لِلْأَمِينِ مَعَ الْيَمِينِ إلَّا إذَا كَذَّبَهُ الظَّاهِرُ كَمَا نَقَلُوهُ وَفِي الْأَشْبَاهِ كُلُّ أَمِينٍ ادَّعَى إيصَالَ الْأَمَانَةِ إلَى مُسْتَحِقِّهَا قُبِلَ قَوْلُهُ كَالْمُودَعِ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ وَالْوَكِيلِ وَالنَّاظِرِ وَمِثْلُهُ فِي تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ الْمُودَعُ إذَا ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ قُبِلَتْ عَيْنِيٌّ عَلَى الْهِدَايَةِ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ فِي فَصْلِ وَمَنْ غَصَبَ عَيْنًا ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ أَوْ هَلَاكَهَا وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ لَا يَحْلِفُ وَارِثُهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْقَضَاءِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو أَلَاجَّتَيْنِ فَوَضَعَهُمَا عَمْرٌو فِي حَانُوتِهِ ثُمَّ أَخَذَهُمَا بَكْرٌ لِيَنْظُرَ إلَيْهِمَا وَحَوَّلَهُمَا مِنْ مَوْضِعِهِمَا بِدُونِ إذْنٍ مِنْهُمَا ثُمَّ طَالَبَهُ عَمْرٌو بِهِمَا فَزَعَمَ أَنَّهُ رَدَّهُمَا إلَى مَحَلِّهِمَا وَزَيْدٌ وَعَمْرٌو يُنْكِرَانِ رَدَّهُمَا إلَى مَحَلِّهِمَا فَهَلْ يَضْمَنُ بَكْرٌ قِيمَتَهُمَا لِزَيْدٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَمَّا أَوَّلًا فَلِمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ قَاضِي خَانْ فِي الْغَصْبِ رَجُلٌ رَكِبَ دَابَّةَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ نَزَلَ فَمَاتَتْ قَالَ يَضْمَنُ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ وَعَنْهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ قَالَ النَّاطِفِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْمَنُ حَتَّى يُحَوِّلَ عَنْ مَوْضِعِهَا. اهـ. ثُمَّ ذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ قَالُوا الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّحْوِيلِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَيْضًا بَعْدَ التَّحْوِيلِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَإِلَيْهِ مَالَ الْفَقِيهُ. اهـ. وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ بِمَدِّ الْيَدِ إلَيْهِمَا بِغَيْرِ إذْنٍ شَرْعِيٍّ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ أَوَاخِرِ جِنَايَةِ الدَّوَابِّ ضَمِنَ مَسْأَلَةً؛ لِأَنَّ غَصْبَ الْمَنْقُولِ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ النَّقْلِ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِرَقِيقٍ وَدِيعَةٌ عِنْدَ زَيْدٍ فَدَفَعَهَا زَيْدٌ لِسَبَبٍ شَرْعِيٍّ عَنْ سَيِّدِ الرَّقِيقِ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ وَعَتَقَ الرَّقِيقُ وَطَلَبَ الْوَدِيعَةَ مِنْ زَيْدٍ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ طَلَبُهَا مِنْهُ وَالدَّفْعُ الْمَذْكُورُ جَائِزٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي الْخَانِيَّةِ آخِرَ كِتَابِ الْمَأْذُونِ الْعَبْدُ إذَا أَوْدَعَ عِنْدَ إنْسَانٍ شَيْئًا لَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى أَخْذَ الْوَدِيعَةِ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا أَوْ مَحْجُورًا فَلَوْ أَنَّ الْمُودَعَ دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى مَوْلَاهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ جَازَ. اهـ. (أَقُولُ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَوْلَى أَخْذُهَا مِنْ الْمُودَعِ جَبْرًا وَلَوْ دَفَعَهَا الْمُودَعُ بِرِضَاهُ إلَى الْمَوْلَى صَحَّ نَظِيرُ الْمُوَكِّلِ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الْمُشْتَرِي يَبْرَأُ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَمَنْعُهُ مِنْهُ وَدِيعَةَ عَبْدِهِ

كتاب العارية

لَا يَكُونُ ظُلْمًا؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَيْسَ لَهُ قَبْضُ وَدِيعَةِ عَبْدِهِ مَأْذُونًا كَانَ أَوْ مَحْجُورًا مَا لَمْ يَحْضُرْ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ كَسْبِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَالُ الْغَيْرِ وَدِيعَةً فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّهُ لِلْعَبْدِ بِالْبَيِّنَةِ فَحِينَئِذٍ يَأْخُذُ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو صُنْدُوقًا مُقْفَلًا فِيهِ أَمْتِعَةٌ لَهُ فَوَضَعَهُ عَمْرٌو فِي بَيْتٍ مِنْ دَارِهِ حِرْزٍ لَهُ فَدَخَلَ نَمْلٌ فِي الصُّنْدُوقِ وَأَفْسَدَ بَعْضَ الْأَمْتِعَةِ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْ عَمْرٍو وَلَا تَقْصِيرٍ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الذَّخِيرَةِ أَفْسَدَهَا الْفَأْرَةُ وَقَدْ عَرَفَ الْمُودَعُ ثَقْبَ الْفَأْرَةِ فَلَوْ أَعْلَمَ رَبَّهَا ثَقْبَ الْفَأْرَةِ بَرِئَ لَا لَوْ لَمْ يُعْلِمْهُ بَعْدَمَا عَلِمَ وَلَمْ يَسُدَّهُ وَفِي الْعُدَّةِ لَوْ كَانَتْ شَيْئًا مِنْ الصُّوفِ وَرَبُّ الْوَدِيعَةِ غَابَ وَخَافَ الْمُودَعُ عَلَيْهَا الْفَسَادَ يَرْفَعُهَا إلَى الْقَاضِي لِيَبِيعَهَا وَلَوْ لَمْ يَرْفَعْ وَلَمْ يَحْتَلْ لِدَفْعِ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ. اهـ. وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ الْإِنْسَانُ إذَا اُسْتُوْدِعَ عِنْدَهُ مَا يَقَعُ فِيهِ السُّوسُ فِي زَمَانِ الصَّيْفِ فَلَمْ يُبَرِّدْهَا بِالْهَوَاءِ حَتَّى وَقَعَ فِيهِ السُّوسُ وَفَسَدَ لَا يَضْمَنُ اهـ نَهْجُ النَّجَاةِ وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَتَارِكُ نَشْرِ الصُّوفِ صَيْفًا فَعَتَّ لَمْ ... يُضَمَّنْ وَقَرْضُ الْفَأْرِ بِالْعَكْسِ يُؤْثَرُ إذَا لَمْ يَسُدَّ الثُّقْبَ مِنْ بَعْدِ عِلْمِهِ ... وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُلَّاكُ مَا هِيَ تَنْقُرُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ الْغَائِبِ وَدِيعَةٌ عِنْدَ عَمْرٍو فَأَذِنَ لَهُ زَيْدٌ بِإِرْسَالِهَا إلَيْهِ مَعَ رَجُلٍ أَمِينٍ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فَفَعَلَ ذَلِكَ فَخَرَجَ عَلَى الرَّسُولِ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ فَنَهَبُوا الْقَافِلَةَ وَالْأَمَانَةَ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَلَمْ يَكُنْ دَفَعَهُمْ وَيُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يُضَمِّنَهَا عَمْرًا فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَى عَمْرٍو؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عَبْدَهُ عِنْدَ عَمْرٍو فَأَبَقَ الْعَبْدُ مِنْ عِنْدِ عَمْرٍو بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي حِفْظِهِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو حِمَارًا عَلَى سَبِيلِ الْأَمَانَةِ فَرَبَطَهُ عَمْرٌو بِحَبْلٍ مَعَ دَابَّةٍ أُخْرَى عَلَى شَطِّ نَهْرٍ وَأَبْعَدَ عَنْهُمَا لِمَحَلٍّ آخَرَ حَتَّى غَابَا عَنْ بَصَرِهِ وَقَصَّرَ فِي الْحِفْظِ حَتَّى سَقَطَ الْحِمَارُ فِي النَّهْرِ فَهَلْ يَضْمَنُ عَمْرٌو قِيمَتَهُ لِصَاحِبِهِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ قَصَّرَ فِي الْحِفْظِ وَغَيَّبَهُ عَنْ بَصَرِهِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِصَاحِبِهِ [كِتَابُ الْعَارِيَّةِ] (كِتَابُ الْعَارِيَّةِ) (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَعَارَ ثَوْرًا مِنْ آخَرَ اسْتِعَارَةً مُطْلَقَةً لِيَحْرُثَ عَلَيْهِ فَهَلَكَ عِنْدَهُ فِي حَالَةِ اسْتِعْمَالِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا وَجْهٍ يَقْتَضِي ضَمَانَهُ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ هَلَكَتْ الدَّابَّةُ الْعَارِيَّةُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ مُطْلَقًا لَا يَضْمَنُ سَوَاءٌ هَلَكَتْ فِي حَالِ الِاسْتِعْمَالِ أَوْ فِي غَيْرِهِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ ضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو حِمَارًا لِيَرْكَبَهُ إلَى قَرْيَةٍ مُعَيَّنَةٍ اسْتِعَارَةً مُطْلَقَةً لِيَحْصُدَ زَرْعًا فِي الْقَرْيَةِ ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ يُعِيدُ الْحِمَارَ لِصَاحِبِهِ فَرَكِبَهُ لِلْقَرْيَةِ وَقَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْ الْحَصَادِ نَهَبَهُ الْأَعْرَابُ مَعَ عِدَّةِ حَمِيرٍ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ بِالْغَلَبَةِ وَالْقَهْرِ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْ زَيْدٍ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَفْعِهِمْ وَلَا عَلَى رَدِّهِ مِنْهُمْ وَيَزْعُمُ صَاحِبُهُ أَنَّ زَيْدًا يَضْمَنُهُ بِمُقْتَضَى أَنَّهُ شَرَطَ عَلَيْهِ ضَمَانَهُ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى زَيْدٍ وَلَوْ صَدَرَ الشَّرْطُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي وَدِيعَةِ التَّنْوِيرِ وَاشْتِرَاطُ الضَّمَانِ عَلَى الْأَمِينِ بَاطِلٌ بِهِ يُفْتَى. اهـ. وَفِي الْعِمَادِيَّةِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الشَّرْطُ وَغَيْرُ الشَّرْطِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الضَّمَانِ عَلَى الْأَمِينِ بَاطِلٌ وَبِهِ نَأْخُذُ. اهـ. وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَا تُضْمَنُ الْعَارِيَّةُ وَإِنْ اُلْتُزِمَ الضَّمَانُ عِنْدَ الْهَلَاكِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ عُدُولًا مَعْلُومَةً لِيَنْتَفِعَ بِهَا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهَا لِصَاحِبِهَا مُجَهِّلًا لَهَا وَلَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ فَهَلْ يَكُونُ ضَامِنًا لَهَا فِي تَرِكَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ أَمَانَةٌ كَمَا فِي الْعَلَائِيِّ وَالْأَمَانَاتُ مَضْمُونَةٌ بِالْمَوْتِ عَنْ تَجْهِيلٍ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو حِصَانَهُ لِيَرْكَبَهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ إلَى قَرْيَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَرَكِبَ إلَى الْقَرْيَةِ

الْمَذْكُورَةِ وَتَجَاوَزَهَا إلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى بَعِيدَةٍ وَغَابَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ ثُمَّ رَجَعَ قَائِلًا إنَّ الْحِصَانَ قَدْ هَلَكَ مَعَهُ فِي الْقَرْيَةِ الْأُخْرَى بَعْدَ مُرُورِ الْأَيَّامِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْحِصَانِ لِصَاحِبِهِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَتْ عَارِيَّةُ الْحِصَانِ الْمَذْكُورَةِ مُوَقَّتَةً بِوَقْتٍ وَمُقَيَّدَةً بِمَكَانٍ مُعَيَّنٍ فَأَمْسَكَهُ بَعْدَ الْوَقْتِ وَتَجَاوَزَ بِهِ الْمَكَانَ الْمُعَيَّنَ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْحِصَانِ لِصَاحِبِهِ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ 32 الْعَارِيَّةُ لَوْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِالْمَكَانِ فَجَاوَزَ ذَلِكَ الْمَكَانَ يَضْمَنُ وَلَا يَبْرَأُ بِالْعَوْدِ. اهـ. وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ إذَا كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُوَقَّتَةً بِوَقْتٍ فَأَمْسَكَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ فَهُوَ ضَامِنٌ وَيَسْتَوِي فِيهِ أَنْ تَكُونَ الْعَارِيَّةُ مُوَقَّتَةً نَصًّا أَوْ دَلَالَةً حَتَّى إنَّ مَنْ اسْتَعَارَ قَدُومًا لِيَكْسِرَ الْحَطَبَ فَكَسَرَهُ وَأَمْسَكَ حَتَّى هَلَكَ يَضْمَنُ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ اسْتَعَارَ ثَوْرًا لِيَكْرُبَ أَرْضَهُ وَعَيَّنَهَا فَكَرَبَ أَرْضًا أُخْرَى فَعَطِبَ الثَّوْرُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْأَرَاضِيَ تَخْتَلِفُ فِي الْكِرَابِ سُهُولَةً وَصُعُوبَةً بِمَنْزِلَةِ مَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِيَذْهَبَ إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَذَهَبَ إلَى آخَرَ بِتِلْكَ الْمَسَافَةِ كَانَ ضَامِنًا وَكَذَا لَوْ أَمْسَكَ فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَكْرُبْ حَتَّى عَطِبَ لِعَدَمِ الرِّضَا مِنْ الْمَالِكِ بِالْإِمْسَاكِ وَكَذَا فِي الْإِجَارَةِ إذَا أَمْسَكَ وَلَمْ يَذْهَبْ (أَقُولُ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ لِكَرْبِ مِثْلِ الْأَرْضِ الْمُعَيَّنَةِ أَوْ أَرْخَى مِنْهَا كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِلْحَمْلِ وَسَمَّى نَوْعًا فَخَالَفَ لَا يَضْمَنُ مِثْلَ الْمُسَمَّى أَوْ أَخَفَّ كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ عَيَّنَ طَرِيقًا فَسَلَكَ طَرِيقًا آخَرَ إنْ كَانَا سَوَاءً لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ أَوْ غَيْرَ مَسْلُوكٍ ضَمِنَ وَكَذَا إذَا تَفَاوَتَا فِي الْأَمْنِ عِمَادِيَّةٌ اسْتَعَارَ قِدْرًا لِغَسْلِ الثِّيَابِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ حَتَّى سُرِقَ لَيْلًا ضَمِنَ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الرَّابِعِ مِنْ الْعَارِيَّةِ الْعَارِيَّةُ لَوْ مُوَقَّتَةً فَأَمْسَكَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ مَعَ إمْكَانِ الرَّدِّ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا بَعْدَ الْوَقْتِ هُوَ الْمُخْتَارُ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَرْكَبَ الدَّابَّةَ الْعَارِيَّةَ فِي الرُّجُوعِ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ ذَلِكَ عِمَادِيَّةٌ وَفِيهَا فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الْمُسْتَعِيرُ لَهَا مَوْضِعًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا مِنْ الْمِصْرِ. اهـ. وَفِي الْقَوْلِ لِمَنْ عَنْ الْبَدَائِعِ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ فِي الْأَيَّامِ أَوْ الْمَكَانِ أَوْ فِيمَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَسْتَفِيدُ مِلْكَ الِانْتِفَاعِ مِنْ الْمُعِيرِ فَكَانَ الْقَوْلُ فِي الْمِقْدَارِ وَالتَّعْيِينِ قَوْلَهُ مَعَ الْيَمِينِ دَفْعًا لِلتُّهْمَةِ وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ إذَا اخْتَلَفَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ فِي الِانْتِفَاعِ بِالْعَارِيَّةِ فَادَّعَى الْمُعِيرُ انْتِفَاعًا مُقَيَّدًا بِفِعْلٍ مَخْصُوصٍ وَالْمُسْتَعِيرُ الْإِطْلَاقَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعِيرِ فِي التَّقْيِيدِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ لَهُ فِي أَصْلِ الْإِعَارَةِ فَكَذَا فِي صِفَتِهَا. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَرَكِبَهَا وَقَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْمَكَانِ صَادَفَهُ مُتَغَلِّبٌ وَأَخَذَهَا مِنْهُ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ مَنْعُهُ بِوَجْهٍ وَخَافَ مِنْ ضَرَرِهِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ أَمَانَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْمُسْتَعِيرَ أَمِينٌ وَالْأَمِينُ إنَّمَا يَضْمَنُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ إذَا تَرَكَ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ ضَمَانِ الرَّاعِي وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ وَلَوْ أَخَذَ الْوَدِيعَةَ أَجْنَبِيٌّ وَالْمُودَعُ يَرَاهُ فَسَكَتَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ ضَمِنَ إنْ أَمْكَنَهُ دَفْعُهُ أَمَّا لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ مَنْعُهُ لِخَوْفٍ مِنْ ضَرَرِهِ وَغَارَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَنَى بِمَالِهِ لِنَفْسِهِ قَصْرًا فِي دَارِ أَبِيهِ بِإِذْنِهِ ثُمَّ مَاتَ أَبُوهُ عَنْهُ وَعَنْ وَرَثَةٍ غَيْرِهِ فَهَلْ يَكُونُ الْقَصْرُ لِبَانِيهِ وَيَكُونُ كَالْمُسْتَعِيرِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ مِنْ الْوَقْفِ عِنْدَ قَوْلِهِ كُلُّ مَنْ بَنَى فِي أَرْضِ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ فَهُوَ لِمَالِكِهَا إلَخْ وَمَسْأَلَةُ الْعِمَارَةِ كَثِيرَةٌ ذَكَرَهَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَالْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهَا وَعِبَارَةُ الْمُحَشِّي بَعْدَ قَوْلِهِ وَيَكُونُ كَالْمُسْتَعِيرِ فَيُكَلَّفُ قَلْعَهُ مَتَى شَاءَ. (سُئِلَ) فِي قِطْعَةِ أَرْضٍ مِيرِيَّةٍ أَذِنَ الْمُتَكَلِّمُ عَلَيْهَا لِزَيْدٍ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهَا بِنَاءً وَلَمْ يَبْنِ بَعْدُ وَيُرِيدُ الْمُتَكَلِّمُ عَلَيْهَا الرُّجُوعَ عَنْ الْإِذْنِ الْمَرْقُومِ وَمَنْعَهُ مِنْ الْبِنَاءِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ الْحَائِكِ سُئِلَ فِيمَا إذَا أَذِنَ نَاظِرُ وَقْفٍ لِزَيْدٍ أَنْ يَغْرِسَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ غِرَاسًا وَلَمْ يَغْرِسْ بَعْدُ وَيُرِيدُ

النَّاظِرُ الرُّجُوعَ عَنْ الْإِذْنِ الْمَرْقُومِ وَمَنْعَ زَيْدٍ مِنْ الْغِرَاسِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ الْجَوَابُ نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْغَرْسِ. (سُئِلَ) فِي ذِمِّيٍّ حَفَرَ سِرْدَابًا لَهُ فِي دَارِ جَارِهِ عَمْرٍو الذِّمِّيِّ بِإِذْنِهِ ثُمَّ بَاعَ عَمْرٌو دَارِهِ مِنْ بَكْرٍ الذِّمِّيِّ وَيَطْلُبُ بَكْرٌ الْآنَ رَفْعَ السِّرْدَابِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَشْرِطْ وَقْتَ الْبَيْعِ بَقَاءَ السِّرْدَابِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ رَجُلٌ اسْتَأْذَنَ جَارًا لَهُ فِي وَضْعِ جُذُوعٍ لَهُ عَلَى حَائِطِ الْجَارِ أَوْ فِي حَفْرِ سِرْدَابٍ تَحْتَ دَارِهِ فَأَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَفَعَلَ ثُمَّ إنَّ الْجَارَ بَاعَ دَارِهِ فَطَلَبَ الْمُشْتَرِي رَفْعَ الْجُذُوعِ وَالسِّرْدَابِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا شُرِطَ فِي الْبَيْعِ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي ذَلِكَ خَانِيَّةٌ مِنْ بَابِ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْقِسْمَةِ وَالْأَشْبَاهِ مِنْ الْعَارِيَّةِ وَرَاجِعْ حَاشِيَةَ السَّيِّدِ أَحْمَدَ (أَقُولُ) وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْآذِنُ فَلِوَرَثَتِهِ رَفْعُ الْبِنَاءِ عَنْ مِلْكِهِمْ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ مُوَرِّثُهُمْ كَمَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْعَارِيَّةِ مِنْ الْخَيْرِيَّةِ وَلَا يَظْهَرُ هُنَا اشْتِرَاطُ بَقَائِهِ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ جَبْرِيٌّ لَا يَتَقَيَّدُ بِالشَّرْطِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ وَرَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيِّ وَالْوَارِثُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنَّ لِلْوَارِثِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا فِي الْهِنْدِيَّةِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ أَذِنَ لِأَحَدِ وَرَثَتِهِ بِبِنَاءِ مَحَلٍّ فِي دَارِهِ ثُمَّ مَاتَ فَلِبَاقِي وَرَثَتِهِ مُطَالَبَتُهُ بِرَفْعِهِ إنْ لَمْ تَقَعْ الْقِسْمَةُ وَلَمْ يَخْرُجْ فِي مَقْسِمِهِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ اسْتَعَارَ دَارًا فَبَنَى فِيهَا بِلَا أَمْرِ الْمَالِكِ أَوْ قَالَ لَهُ ابْنِ لِنَفْسِك ثُمَّ بَاعَ الدَّارَ بِحُقُوقِهَا يُؤْمَرُ الْبَانِي بِهَدْمِ بِنَائِهِ وَإِذَا فَرَّطَ فِي الرَّدِّ بَعْدَ الطَّلَبِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ ضَمِنَ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَابَّةً إلَى مَكَان مَعْلُومٍ وَقَالَ لَهُ عَمْرٌو إذَا وَصَلْت إلَى الْمَكَانِ الْمَزْبُورِ ابْعَثْهَا مَعَ مَنْ شِئْت فَبَعَثَهَا زَيْدٌ عَلَى يَدِ مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ فَهَلَكَتْ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَهَلْ يَكُونُ زَيْدٌ غَيْرَ ضَامِنٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِلْحَمْلِ إلَى مَكَانِ كَذَا وَقَالَ لَهُ الْمَالِكُ ابْعَثْهَا مُطْلَقًا فَبَعَثَهَا عَلَى يَدِ مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ فَهَلَكَتْ فِي الطَّرِيقِ لَمْ يَضْمَنْ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَفِي التَّجْرِيدِ الْبُرْهَانِيِّ رَجُلٌ جَاءَ إلَى الْمُسْتَعِيرِ وَقَالَ إنِّي اسْتَعَرْت الدَّابَّةَ الَّتِي عِنْدَك مِنْ فُلَانٍ مَالِكِهَا وَأَمَرَنِي أَنْ أَقْبِضَهَا مِنْك فَصَدَّقَهُ وَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُعِيرُ أَنْ يَكُونَ أَمْرُهُ بِذَلِكَ فَالْمُسْتَعِيرُ ضَامِنٌ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الَّذِي قَبَضَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ صَدَّقَهُ فَإِنْ كَانَ قَدْ كَذَّبَهُ أَوْ لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ أَوْ صَدَّقَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ قَالَ وَكُلُّ تَصَرُّفٍ هُوَ سَبَبٌ لِلضَّمَانِ إذَا ادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ أَنَّهُ فَعَلَهُ بِإِذْنِ الْمُعِيرِ وَهُوَ يَجْحَدُ يَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ إلَّا أَنْ تَقُومَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الْإِذْنِ عِمَادِيَّةٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ زَيْدٌ مِنْ زَوْجَتِهِ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا فَزَرَعَهَا حِنْطَةً بَعْدَ مَا حَرَثَهَا وَأَذِنَتْ لَهُ بِزَرْعِهَا وَنَبَتَ الزَّرْعُ وَتُرِيدُ الْآنَ رَفْعَ يَدِهِ عَنْهَا وَأَخْذَهَا مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَحْصُدَ الزَّرْعَ فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَإِذَا اسْتَعَارَهَا لِيَزْرَعَهَا لَمْ تُؤْخَذْ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَحْصُدَ الزَّرْعَ وَقَّتَهَا أَوْ لَا. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو حِمَارًا لِيَحْمِلَهُ بِنَفْسِهِ وَلَا يُعِيرُهُ مِنْ غَيْرِهِ فَحَمَلَهُ ثُمَّ أَعَارَهُ مِنْ بَكْرٍ فَحَمَلَهُ بَكْرٌ وَمَاتَ عِنْدَهُ وَيُرِيدُ عَمْرٌو تَضْمِينَ زَيْدٍ قِيمَةَ الْحِمَارِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَيَضْمَنُ لِمَعْنَيَيْنِ الْأَوَّلُ حَيْثُ اسْتَعَارَهُ لِلتَّحْمِيلِ فَحَلَمَهُ ثُمَّ أَعَارَهُ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ وَمَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً أَوْ اسْتَأْجَرَهَا مُطْلَقًا بِلَا تَقْيِيدٍ يَحْمِلُ مَا شَاءَ وَيُعِيرُ لَهُ أَيْ لِلْحَمْلِ وَيَرْكَبُ عَمَلًا بِالْإِطْلَاقِ وَأَيًّا فَعَلَ أَوَّلًا تَعَيَّنَ مُرَادًا وَضَمِنَ بِغَيْرِهِ إنْ عَطِبَتْ حَتَّى لَوْ أَلْبَسَ أَوْ رَكِبَ غَيْرُهُ لَمْ يَرْكَبْ بِنَفْسِهِ بَعْدَهُ هُوَ الصَّحِيحُ كَافِي. اهـ. وَالثَّانِي لِلنَّهْيِ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ فَلَوْ قَالَ لَا تَدْفَعْ لِغَيْرِك فَدَفَعَ فَهَلَكَ ضَمِنَ مُطْلَقًا وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي مُسْتَعِيرِ ثَوْرٍ ذَبَحَهُ مُدَّعِيًا الْإِيَاسَ مِنْ حَيَاتِهِ وَذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ صَاحِبِهِ وَصَاحِبُهُ يُنْكِرُ الْإِيَاسَ مِنْ حَيَاتِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُسْتَعِيرِ عَلَى دَعْوَاهُ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ لَا تُرْجَى حَيَاتُهُ لَا يَضْمَنُ الذَّابِحُ

بِالذَّبْحِ قِيمَتَهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمَالِكُ كَانَتْ حَيَاتُهُ تُرْجَى وَقَالَ الذَّابِحُ لَا تُرْجَى فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الذَّابِحِ وَالْيَمِينُ عَلَى الْمَالِكِ وَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْبَيِّنَةِ وَحَلَفَ الْمَالِكُ ضَمِنَ الذَّابِحُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الذَّبْحِ وَالْقَوْلُ لَهُ فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ بِيَمِينِهِ وَإِذَا ادَّعَى الْمَالِكُ زِيَادَةً عَمَّا يَقُولُ الذَّابِحُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ ضَمَانِ الْأَجِيرِ مُصَدَّرَةً فِي حِرَاثٍ وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا الْأَمَانَةُ؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ أَمِينٌ وَالْمُسْتَعِيرَ أَمِينٌ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَعَارَ مِنْ آخَرَ بَهِيمَةً وَتَسَلَّمَهَا وَدَخَلَ دَارًا وَأَبْقَاهَا فِي السِّكَّةِ وَغَيَّبَهَا عَنْ بَصَرِهِ حَتَّى ضَاعَتْ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا لِصَاحِبِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَضْمَنُ قَالَ مُؤَيَّدُ زَادَهْ فِي ضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ إذَا دَخَلَ الْمُسْتَعِيرُ لِبَيْتِهِ وَتَرَكَ الدَّابَّةَ الْمُسْتَعَارَةَ فِي السِّكَّةِ فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ سَوَاءٌ رَبَطَهَا أَوْ لَمْ يَرْبِطْهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا غَيَّبَهَا عَنْ بَصَرِهِ فَقَدْ ضَيَّعَهَا حَتَّى إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ أَوْ الْبَيْتَ وَالدَّابَّةُ لَا تَغِيبُ عَنْ بَصَرِهِ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فُصُولَيْنِ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو جَمَلًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ الْحِنْطَةِ فَحَمَّلَهُ أَزْيَدَ مِنْهُ وَعَلِمَ أَنَّ الْجَمَلَ لَا يُطِيقُ ذَلِكَ فَهَلَكَ الْجَمَلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَيُرِيدُ عَمْرٌو أَنْ يُضَمِّنَهُ كُلَّ قِيمَتِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ اسْتَعَارَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةً فَحَمَّلَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ مَخْتُومًا فَهَلَكَتْ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ هَذِهِ الدَّابَّةَ لَا تُطِيقُ حَمْلَ هَذَا الْقَدْرِ ضَمِنَ كُلَّ قِيمَتِهَا لِأَنَّ هَذَا اسْتِهْلَاكٌ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا تُطِيقُ ضَمِنَ ثُلُثَ قِيمَتِهَا تَوْزِيعًا لِلضَّمَانِ عَلَى قَدْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَغَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَعَارَ ثَوْرًا لِيَطْحَنَ بِهِ عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ حِنْطَةً فَطَحَنَ أَحَدَ عَشَرَ فَهَلَكَ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا طَحَنَ عَشَرَةَ مَخَاتِيمَ فَقَدْ انْتَهَى الْإِذْنُ فَبَعْدَ ذَلِكَ اسْتَعْمَلَ الدَّابَّةَ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا فَيَصِيرُ غَاصِبًا بِخِلَافِ الْحَمْلِ لِأَنَّ حَمْلَ الْكُلِّ عَلَيْهَا يُوجَدُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَهُوَ فِي الْبَعْضِ مَأْذُونٌ وَفِي الْبَعْضِ مُخَالِفٌ فَتَوَزَّعَ الضَّمَانُ عِمَادِيَّةٌ. (سُئِلَ) فِي الْعَارِيَّةِ الْمُؤَقَّتَةِ إذَا أَمْسَكَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ مَعَ إمْكَانِ الرَّدِّ وَهَلَكَتْ هَلْ يَضْمَنُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الْعَارِيَّةُ لَوْ مُؤَقَّتَةً فَأَمْسَكَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ مَعَ إمْكَانِ الرَّدِّ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا بَعْدَ الْوَقْتِ هُوَ الْمُخْتَارُ وَسَوَاءٌ تَوَقَّتَتْ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً حَتَّى إنَّ مَنْ اسْتَعَارَ قَدُومًا لِيَكْسِرَ حَطَبًا فَكَسَرَهُ فَأَمْسَكَ ضَمِنَ وَلَوْ لَمْ يُوَقِّتْ فُصُولَيْنِ وَإِنْ قَيَّدَهُ بِوَقْتٍ أَوْ نَوْعٍ أَوْ بِهِمَا ضَمِنَ بِالْخِلَافِ إلَى شَرٍّ لَا إلَى مِثْلِهِ أَوْ خَيْرٍ عَلَائِيٌّ الْعَارِيَّةُ لَوْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِالْمَكَانِ فَجَاوَزَهُ يَضْمَنُ وَلَا يَبْرَأُ بِالْعَوْدِ وَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْإِجَارَةِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ وَلَوْ لَمْ يَذْهَبْ بِهَا إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ يَضْمَنُ وَالْمُكْثُ الْمُعْتَادُ عَفْوٌ وَكَذَلِكَ هَذَا فِي الْإِجَارَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَعَارَ دَابَّةً أَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً فَحَمَلَ شَيْئًا أَخَفَّ مِنْ الْحِنْطَةِ أَوْ أَسْهَلَ عَلَى الدَّابَّةِ يَضْمَنُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ عِمَادِيَّةٌ (أَقُولُ) قَوْلُهُ آخِرًا يَضْمَنُ الظَّاهِرُ أَنَّ صَوَابَهُ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ عِبَارَةَ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِرَمْزِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ هَكَذَا وَلَوْ ذَهَبَ إلَى مَكَان آخَرَ لَا إلَى الْمُسَمَّى ضَمِنَ وَلَوْ أَقْصَرَ وَكَذَا لَوْ أَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى الْمُسَمَّى ضَمِنَ وَالْمُكْثُ الْمُعْتَادُ عَفْوٌ وَكَذَا الْإِجَارَةُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَعَارَهَا أَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ بُرًّا فَحَمَلَ الْأَخَفَّ يَبْرَأُ. اهـ. وَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي نُورِ الْعَيْنِ وَلَكِنَّهُ اسْتَشْكَلَ قَوْلَهُ ضَمِنَ وَلَوْ أَقْصَرَ وَقَوْلَهُ وَكَذَا لَوْ أَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِيهِمَا إلَى خَيْرٍ لَا إلَى شَرٍّ فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ لَا يَضْمَنَ فِيهِمَا. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَكَان مُعَيَّنٍ فَفِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ أَوْدَعَهَا عِنْدَ بَكْرٍ فَأَخَذَهَا بَكْرٌ وَذَهَبَ بِهَا إلَى مَدِينَةَ بَعْلَبَكَّ فَذَهَبَ زَيْدٌ وَعَبْدُ عَمْرٍو بِإِذْنِ عَمْرٍو لِيَأْتِيَا لَهُ بِهَا فَتَسَلَّمَاهَا مِنْ بَكْرٍ وَسَلَّمَهَا زَيْدٌ لِعَبْدِ عَمْرٍو الْمَأْذُونِ لَهُ بِأَخْذِهَا ثُمَّ مَاتَتْ الدَّابَّةُ عِنْدَ الْعَبْدِ الْمَزْبُورِ بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدَرِهِ وَيَزْعُمُ عَمْرٌو أَنَّ زَيْدًا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ ضَامِنٍ لَهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ

كتاب الهبة

لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُودِعَ عِنْدَ مَشَايِخِ الطُّرُقِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُودِعَ وَبِالْأَوَّلِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ مِنْ وَاقِعَاتِ اللَّامِشِيِّ وَلِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُودِعَ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَصَحَّحَ بَعْضُهُمْ عَدَمَهُ وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَرْسَلَهَا عَلَى يَدِ أَجْنَبِيٍّ فَهَلَكَتْ يَضْمَنُ عَلَى الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ بَحْرٌ مِنْ الْعَارِيَّةِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَا يَرْهَنُ وَلَوْ رَدَّ الْعَارِيَّةَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ يَضْمَنُ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ فِي 33 أَنْقِرْوِيٌّ مِنْ أَوَّلِ الْعَارِيَّةِ وَقَالَ فِي هَامِشِهِ مِنْ هَذَا الْمَحَلِّ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ وَبِالْأَوَّلِ أَخَذَ أَبُو اللَّيْثِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمِثْلُهُ فِي التَّبْيِينِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ وَفِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ وَأَمَّا فِيمَا لَا يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ (أَقُولُ) لِلْمُسْتَعِيرِ الْإِعَارَةُ فِي مَوْضِعَيْنِ الْأَوَّلُ إذَا اسْتَعَارَ مُطْلَقًا بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُعِيرَ مُنْتَفَعًا سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِ كَاللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ أَوْ لَا كَالْحَمْلِ عَلَى الدَّابَّةِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَالسُّكْنَى وَالثَّانِي فِيمَا إذَا عَيَّنَ مُنْتَفَعًا وَكَانَتْ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ وَهَذَا عِنْدَ عَدَمِ النَّهْيِ فَلَوْ قَالَ لَا تَدْفَعْ لِغَيْرِك فَدَفَعَ فَهَلَكَ ضَمِنَ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ وَهَذَا أَيْضًا إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ وَكَانَ مِمَّا يَخْتَلِفُ فَلَوْ اسْتَعْمَلَهُ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَ وَلَوْ اسْتِعَارَةً مُطْلَقَةً لِتَعَيُّنِهِ وَكَذَا لَوْ فَرَغَ مِنْ الْعَمَلِ الَّذِي اسْتَعَارَهَا لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْإِعَارَةُ مُطْلَقًا لِبَقَائِهِ مُودَعًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ فِي الْمُطْلَقَةِ وَالْمُقَيَّدَةِ وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْإِعَارَةُ إذَا فَرَغَ فِيمَا يَخْتَلِفُ وَغَيْرُهُ وَكَذَا لَيْسَ لَهُ الْإِعَارَةُ فِيمَا يَخْتَلِفُ وَكَانَتْ مُقَيَّدَةً وَكَذَا لَوْ اسْتَعْمَلَ مَا يَخْتَلِفُ وَلَوْ فِي الْمُطْلَقَةِ وَكَذَا لَوْ نَهَاهُ عَنْ الدَّفْعِ إلَى غَيْرِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي لَا يَمْلِكُ فِيهَا الْإِعَارَةَ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ بِلَا خِلَافٍ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا يَمْلِكُ الْإِعَارَةَ هَلْ يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ قِيلَ نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ أَدْنَى حَالًا مِنْ الْإِعَارَةِ؛ لِأَنَّهَا حِفْظٌ بِدُونِ انْتِفَاعٍ فَإِذَا مَلَكَ الْأَعْلَى مَلَكَ الْأَدْنَى وَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَلَيْسَ لِلْأَمِينِ أَنْ يُودِعَ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا مَلَكَ الْإِعَارَةَ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ بِذَلِكَ لِإِطْلَاقِ الْإِذْنِ بِالِانْتِفَاعِ مِنْ الْمُعِيرِ وَصَحَّحَ هَذَا الْقَوْلَ فِي النِّهَايَةِ كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ إذَا هَلَكَ الْمُسْتَعَارُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إلَى مَالِكِهِ سَلِيمًا أَمَّا لَوْ هَلَكَ بَعْدَهُ فَلَا كَلَامَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ وَمِثْلُهُ مَا فِي السُّؤَالِ فَإِنَّهُ قَدْ يُسَلِّمُ الدَّابَّةَ إلَى عَبْدِ الْمَالِكِ الْمَأْذُونِ لَهُ بِذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ إلَى بِنَاءِ عَدَمِ الضَّمَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَهُ أَنْ يُودِعَ كَمَا لَا يَخْفَى فَافْهَمْ. (سُئِلَ) فِي الْمُعِيرِ إذَا طَلَبَ الْعَارِيَّةَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ مِرَارًا فَفَرَّطَ حَتَّى هَلَكَتْ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَاجِزًا عَنْ الدَّفْعِ بَعْدَ الطَّلَبِ فَهَلْ يَضْمَنُهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَضْمَنُ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ [كِتَابُ الْهِبَةِ] (كِتَابُ الْهِبَةِ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَتْ هِنْدٌ لِزَيْدٍ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى سَبِيلِ الْقَرْضِ فَطَالَبَتْهُ بِالْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ فَقَالَ إنَّك دَفَعْته لِي هِبَةً وَقَالَتْ بَلْ قَرْضًا فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا بِيَمِينِهَا فِي ذَلِكَ وَعَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِ الْقَرْضِ الْمَزْبُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ دَفَعَ لِآخَرَ عَيْنًا ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الدَّافِعُ قَرْضٌ وَقَالَ الْآخَرُ هَدِيَّةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ كَذَا فِي الْقَوْلِ لِمَنْ عَنْ الْبَزَّازِيَّةُ وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ دَفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ فَقَالَ أَنْفِقْهَا فَفَعَلَ فَهُوَ قَرْضٌ كَمَا لَوْ قَالَ اصْرِفْهَا إلَى حَوَائِجِك وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ ثَوْبًا وَقَالَ اكْتَسِ بِهِ فَفَعَلَ يَكُونُ هِبَةً؛ لِأَنَّ قَرْضَ الثَّوْبِ بَاطِلٌ لِسَانُ الْحُكَّامِ مِنْ الْهِبَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ ثُلُثُ بُسْتَانٍ مَعْلُومٍ جَارٍ فِي مِلْكِهِ عَلَى سَبِيلِ الشُّيُوعِ أَرْضًا وَغِرَاسًا فَوَهَبَهُ مِنْ أَوْلَادِهِ الثَّلَاثَةِ الْقَاصِرِينَ مِنْ غَيْرِ قِسْمَةٍ وَالْبُسْتَانُ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ ثُمَّ بَاعَ زَيْدٌ مَعَ بَقِيَّةِ شُرَكَائِهِ جَمِيعَ الْبُسْتَانِ مِنْ رَجُلٍ فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ فَاسِدَةً وَالْبَيْعُ نَافِذًا؟ (الْجَوَابُ) : هِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ

وَهُوَ مَا يُجْبِرُ الْقَاضِي فِيهِ الْآبِيَ عَلَى الْقِسْمَةِ عِنْدَ طَلَبِ الشَّرِيكِ لَهَا لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْمُخْتَارِ مُطْلَقًا شَرِيكًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ابْنًا أَوْ غَيْرَهُ فَلَوْ بَاعَهُ الْوَاهِبُ صَحَّ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ بَاطِلَةٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي مُشْتَمَلِ الْأَحْكَامِ نَقْلًا عَنْ تَتِمَّةِ الْفَتَاوَى وَالْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ عَلَى مَا فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا وَالْمَسْأَلَةُ مَسْطُورَةٌ فِي التَّنْوِيرِ أَيْضًا (أَقُولُ) ذَكَرَ ذَلِكَ فِي التَّنْوِيرِ لَكِنْ قَالَ شَارِحُهُ مُسْتَدْرِكًا عَلَيْهِ بِمَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَنَّ الْهِبَةَ الْفَاسِدَةَ تُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ وَبِهِ يُفْتَى ثُمَّ قَالَ إنَّ لَفْظَ الْفَتْوَى آكَدُ مِنْ لَفْظِ الصَّحِيحِ يَعْنِي أَنَّ لَفْظَ وَبِهِ يُفْتَى أَيْ بِالْقَوْلِ بِإِفَادَتِهَا الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ آكَدُ مِنْ لَفْظِ الصَّحِيحِ أَيْ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَ الصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تُفِيدُهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُصَحَّحَانِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ مُعَنْوَنٌ بِلَفْظِ الْفَتْوَى الَّذِي هُوَ آكَدُ أَلْفَاظِ التَّصْحِيحِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ الصَّحِيحَ قَدْ لَا يُفْتَى بِهِ لِوُجُودِ مَا هُوَ أَصَحُّ مِنْهُ أَوْ لِتَغَيُّرِ عُرْفٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَقْتَضِي الْإِفْتَاءَ بِخِلَافِهِ عَلَى حَسَبِ مَا يَظْهَرُ لِأَهْلِ التَّرْجِيحِ بِخِلَافِ لَفْظِ بِهِ يُفْتَى فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَا يُفْتَى بِخِلَافِهِ فَلِذَا كَانَ آكَدَ. لَكِنْ كَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مَا صُورَتُهُ قَالَ فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ وَلَا تُفِيدُ الْمِلْكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَسَلَّمَهُ شَائِعًا لَا يَمْلِكُهُ حَتَّى لَا يَنْفُذَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ فَيَكُونَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَيَنْفُذَ فِيهِ تَصَرُّفُ الْوَاهِبِ ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ وَقَاضِي خَانْ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ رُسْتُمَ مِثْلُهُ وَذَكَرَ عِصَامٌ أَنَّهَا تُفِيدُ الْمِلْكَ وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ اهـ وَمَعَ إفَادَتِهَا لِلْمِلْكِ عِنْدَ هَذَا الْبَعْضِ أَجْمَعَ الْكُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْوَاهِبِ اسْتِرْدَادَهَا مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَوْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْوَاهِبِ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ رَامِزًا لِفَتَاوَى الْفَضْلِيِّ ثُمَّ إذَا هَلَكَتْ أَفْتَيْت بِالرُّجُوعِ لِلْوَاهِبِ هِبَةً فَاسِدَةً لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ إذْ الْفَاسِدَةُ مَضْمُونَةٌ عَلَى مَا مَرَّ فَإِذَا كَانَتْ مَضْمُونَةً بِالْقِيمَةِ بَعْدَ الْهَلَاكِ كَانَتْ مُسْتَحَقَّةَ الرَّدِّ قَبْلَ الْهَلَاكِ اهـ وَكَمَا يَكُونُ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ فِيهَا يَكُونُ لِوَارِثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِكَوْنِهَا مُسْتَحَقَّةَ الرَّدِّ وَتُضْمَنُ بَعْدَ الْهَلَاكِ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ إذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَلِوَرَثَتِهِ نَقْضُهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقُّ الرَّدِّ وَمَضْمُونٌ بِالْهَلَاكِ ثُمَّ إنَّ مِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّ الْقَضَاءَ يُتَخَصَّصُ فَإِذَا وَلَّى السُّلْطَانُ قَاضِيًا لِيَقْضِيَ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ بِمَذْهَبِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ عَنْهُ بِتَخْصِيصِهِ فَالْتَحَقَ فِيهِ بِالرَّعِيَّةِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى. اهـ. مَا فِي الْخَيْرِيَّةُ وَبِهِ أَفْتَى فِي الْحَامِدِيَّةِ أَيْضًا وَالتَّاجِيَّةِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْجَوَاهِرِ وَالْبَحْرِ وَنَقَلَ فِيهِ عَنْ الْمُبْتَغَى بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَصِحُّ وَفِي نُورِ الْعَيْنِ عَنْ الْوَجِيزِ الْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ مَضْمُونَةٌ بِالْقَبْضِ وَلَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهَا إلَّا عِنْدَ أَدَاءِ الْعِوَضِ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ إذْ الْهِبَةُ تَنْقَلِبُ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ. اهـ. وَذَكَرَ قَبْلَهُ أَنَّ هِبَةَ الْمُشَاعِ فِيمَا يُقْسَمُ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ لَا تُفِيدُ الْمِلْكَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ فَحَيْثُ عَلِمْت أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَأَنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ وَأَنَّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ظَهَرَ أَنَّهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَإِنْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْمُفْتَى بِهِ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ لَا يُعْدَلُ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَى أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يَكُونُ مِلْكًا خَبِيثًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَيَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فَلَمْ يَجِدْ نَفْعًا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَاغْتَنِمْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا أَكْثَرْت النَّقْلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا وَعَدَمِ تَنَبُّهِ أَكْثَرِ النَّاسِ لِلُزُومِ الضَّمَانِ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ وَرَجَاءً لِدَعْوَةٍ نَافِعَةٍ فِي الْغَيْبِ. اهـ. مَا ذَكَرْته فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الشُّيُوعَ إنَّمَا يَمْنَعُ وَقْتَ الْقَبْضِ لَا وَقْتَ الْعَقْدِ فَلَوْ وَهَبَ مُشَاعًا ثُمَّ قَسَمَ وَقْتَ الْقَبْضِ وَسَلَّمَ جَازَ حَتَّى لَوْ وَهَبَ نِصْفَ دَارٍ شَائِعًا وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى وَهَبَ النِّصْفَ الْآخَرَ وَسَلَّمَ الْكُلَّ جَازَ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي طَاحُونَةٍ وَلَهُ عِدَّةُ مَوَاشٍ وَحَمِيرٌ وَآلَاتُ

فِلَاحَةٍ وَكُتُبٌ مَعْلُومَاتٌ لَا تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ فَمَلَّكَ وَوَهَبَ مَا ذُكِرَ مِنْ ابْنَيْهِ الْبَالِغَيْنِ هِبَةً شَرْعِيَّةً مُشْتَمِلَةً عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالتَّسَلُّمِ وَالتَّسْلِيمِ وَفَرَّغَ لَهُمَا عَنْ مِشَدِّ مَسْكَتِهِ فِي أَرَاضِي وَقْفٍ مَعْلُومَةٍ وَصَدَرَ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَصُدِّقَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ عَلَى الْفَرَاغِ وَأَجَازَهُ وَمَاتَ زَيْدٌ عَنْ ابْنَيْهِ الْمَذْكُورَيْنِ وَعَنْ وَرَثَةٍ غَيْرِهِمَا يَزْعُمُونَ أَنَّ الْهِبَةَ صَدَرَتْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَلَهُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى ذَلِكَ وَلِلِابْنَيْنِ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ وَالْفَرَاغُ صَحِيحَيْنِ وَأَيُّ الْبَيِّنَتَيْنِ تُقَدَّمُ؟ (الْجَوَابُ) : تَصِحُّ هِبَةُ مُشَاعٍ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَذَا فِي الْمُلْتَقَى فَحَيْثُ كَانَتْ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ كَمَا ذُكِرَ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَكَذَا الْفَرَاغُ الْمَذْكُورُ إذَا كَانَا فِي الصِّحَّةِ وَبَيِّنَةُ الصِّحَّةِ تُقَدَّمُ كَمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ بِمَا نَصُّهُ رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ أَنَّ الْمُوَرِّثَ وَهَبَهُ مِنْهُ فِي صِحَّتِهِ وَقَبَضَهُ وَبَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ قَالُوا كَانَ ذَلِكَ فِي الْمَرَضِ فَإِنَّ الْقَوْلَ يَكُونُ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي الْهِبَةَ فِي الْمَرَضِ وَإِنْ أَقَامُوا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي الْهِبَةَ فِي الصِّحَّةِ كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَهَبَتْ امْرَأَةٌ مِنْ أَوْلَادِهَا حِصَّةً مِنْ بِنَاءِ طَاحُونَةٍ هَلْ تَصِحُّ أَمْ لَا كَذَا وَرَدَتْ صُورَةُ الدَّعْوَى سَنَةَ 1145 (الْجَوَابُ) : أَمَّا هِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَهِيَ صَحِيحَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُعْتَبَرَاتِ لَكِنْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهْبَةُ الْبِنَاءِ دُونَ الْأَرْضِ لَا تَصِحُّ إلَّا إذَا سَلَّطَهُ الْوَاهِبُ عَلَى نَقْضِهِ قَالَ فِي الدُّرَرِ وَكَذَا تَجُوزُ هِبَةُ الْبِنَاءِ دُونَ الْعَرْصَةِ إذَا أَذِنَ الْوَاهِبُ فِي نَقْضِهِ وَهِبَةُ أَرْضٍ فِيهَا زَرْعٌ دُونَهُ أَيْ دُونَ الزَّرْعِ أَوْ نَخْلٍ فِيهَا تَمْرٌ دُونَهُ أَيْ دُونَ التَّمْرِ إذَا أَمَرَهُ أَيْ الْوَاهِبُ الْمَوْهُوبَ لَهُ بِالْحَصَادِ فِي الزَّرْعِ وَالْجُذَاذِ فِي التَّمْرِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ لِلْجَوَازِ الِاشْتِغَالُ بِمِلْكِ الْمَوْلَى فَإِذَا أَذِنَ الْمَوْلَى فِي النَّقْضِ وَالْحَصَادِ وَالْجُذَاذِ وَفَعَلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ زَالَ الْمَانِعُ فَجَازَتْ الْهِبَةُ. اهـ. وَنَقَلَهُ فِي الْمِنَحِ عَنْهَا وَأَقَرَّهُ وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَوْ وَهَبَ زَرْعًا فِي أَرْضٍ أَوْ ثَمَرًا فِي شَجَرٍ أَوْ حِلْيَةَ سَيْفٍ أَوْ بِنَاءَ دَارٍ أَوْ دِينَارًا عَلَى رَجُلٍ أَوْ قَفِيزًا مِنْ صُبْرَةٍ وَأَمَرَهُ بِالْحَصَادِ وَالْجُذَاذِ وَالْقَلْعِ وَالنَّقْضِ وَالْقَبْضِ وَالْكَيْلِ فَفَعَلَ صَحَّ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ وَفَعَلَ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ فِي غَيْرِهِ ضَمِنَ. اهـ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْهِبَةِ وَإِذَا وَهَبَ لَهُ نَصِيبًا فِي حَائِطٍ أَوْ طَرِيقٍ أَوْ حَمَّامٍ وَسَلَّطَهُ فَهُوَ جَائِزٌ. اهـ. وَأَفْتَى جَدُّ جَدِّي الْمَرْحُومُ عِمَادُ الدِّينِ عَنْ سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيْهِ وَصُورَتُهُ فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ عِمَارَةٌ قَائِمَةٌ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ فَمَلَكَ زَيْدٌ الْعِمَارَةَ الْمَزْبُورَةَ لِزَوْجَتِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهَا بِنَقْضِ الْعِمَارَةِ فَهَلْ يَكُونُ التَّمْلِيكُ غَيْرَ صَحِيحٍ أَمْ لَا الْجَوَابُ نَعَمْ يَكُونُ التَّمْلِيكُ غَيْرَ صَحِيحٍ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عِمَادُ الدِّينِ عُفِيَ عَنْهُ فَلْيُنْظَرْ فِي مَسْأَلَتِنَا هَلْ سَلَّطَتْهُ عَلَى نَقْضِهِ أَمْ لَا فَعِنْدَ ذَلِكَ يَظْهَرُ الْجَوَابُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ قَالَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ مِنْ الْهِبَةِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَوْهُوبُ مَقْبُوضًا حَتَّى لَا يَثْبُتَ الْمِلْكُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَنْ يَكُونَ مَقْسُومًا إذَا كَانَ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَأَنْ يَكُونَ مُتَمَيِّزًا عَنْ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ وَلَا يَكُونَ مُتَّصِلًا وَلَا مَشْغُولًا بِغَيْرِ الْمَوْهُوبِ حَتَّى لَوْ وَهَبَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ لِلْوَاهِبِ دُونَ الزَّرْعِ أَوْ عَكْسَهُ أَوْ نَخْلًا فِيهَا ثَمَرَةٌ لِلْوَاهِبِ مُعَلَّقَةٌ بِهِ دُونَ الثَّمَرَةِ أَوْ عَكْسَهُ لَا يَجُوزُ وَكَذَا لَوْ وَهَبَ دَارًا أَوْ ظَرْفًا فِيهَا مَتَاعٌ لِلْوَاهِبِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ. اهـ. وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْبَزَّازِيَّةِ وَهَبَ الْبِنَاءَ لَا الْأَرْضَ يَجُوزُ بِحَمْلِ إطْلَاقِهِ عَلَى مَا إذَا أَذِنَ لَهُ الْوَاهِبُ فِي نَقْضِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الدُّرَرِ وَجَامِعِ الْفَتَاوَى كَمَا تَقَدَّمَ لَكِنْ أَفْتَى مُفْتِي الرُّومِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي بِمُقْتَضَى إطْلَاقِ الْبَزَّازِيَّةِ بِالْجَوَازِ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ كَمَا فِي فَتَاوَاهُ التُّرْكِيَّةِ الشَّهِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (أَقُولُ) وَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ نَقَلَ مِثْلَهُ فِي نُورِ الْعَيْنِ عَنْ الْمُنْيَةِ وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ حَيْثُ قَالَ هِبَةُ الْبِنَاءِ دُونَ الْأَرْضِ جَائِزَةٌ قَالَ وَفِي الْفَتَاوَى عَنْ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ نَخْلَةً وَهِيَ قَائِمَةٌ لَا يَكُونُ قَابِضًا لَهَا حَتَّى يَقْطَعَهَا وَيُسَلِّمَهَا إلَيْهِ. اهـ. هَذَا وَالْمُوَافِقُ لِلْمُتُونِ مَا مَرَّ عَنْ

الدُّرَرِ لِقَوْلِ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ تَصِحُّ فِي مَحُوزٍ مَقْسُومٍ وَمُشَاعٍ لَا يُقْسَمُ قَالَ فِي الْبَحْرِ قَيَّدَ بِالْمَحُوزِ؛ لِأَنَّ الْمُتَّصِلَ كَالثَّمَرَةِ عَلَى الشَّجَرِ لَا تَجُوزُ هِبَتُهُ. اهـ. وَمِثْلُهُ مَا مَرَّ عَنْ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ وَيَظْهَرُ لِي التَّوْفِيقُ بَيْنَ كَلَامِهِمْ بِأَنَّ مَنْ قَالَ كَالدُّرَرِ لَا تَصِحُّ إلَّا إذَا سَلَّطَهُ الْوَاهِبُ عَلَى نَقْضِهِ مَعْنَاهُ لَا يَتِمُّ وَلَا تُمْلَكُ إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ الْوَاهِبُ بِالنَّقْضِ وَنَقَضَهُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ النَّقْضِ صَارَ مَحُوزًا مُسَلَّمًا وَمَنْ قَالَ تَصِحُّ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِذَلِكَ أَرَادَ أَنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَإِنْ لَمْ يُفِدْ الْمِلْكَ وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا مَا فِي الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ وَبِمَا ذُكِرَ هُنَا عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ تَصِحُّ فِي مَحُوزٍ مَقْسُومٍ مَعْنَاهُ أَنَّهَا تُمْلَكُ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ لَا أَنَّ الصِّحَّةَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَهَبَ شَائِعًا يُقْسَمُ تَصِحُّ الْهِبَةُ مِنْ غَيْرِ مِلْكٍ وَلِهَذَا لَوْ قَبَضَهُ مَقْسُومًا مَلَكَهُ وَلَوْ كَانَ شَرْطًا لِلصِّحَّةِ لَاحْتِيجَ إلَى تَجْدِيدِ الْعَقْدِ كَمَا لَا يَخْفَى. اهـ. كَلَامُ الْبَحْرِ وَيُشِيرُ إلَى ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَا آنِفًا عَنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ حَيْثُ قَالَ فِي هِبَةِ الْبِنَاءِ: إنَّهَا جَائِزَةٌ ثُمَّ قَالَ فِي هِبَةِ النَّخْلَةِ الْقَائِمَةِ لَا يَكُونُ قَابِضًا حَتَّى يَقْطَعَهَا وَيُسَلِّمَهَا فَإِنَّ قَوْلَهُ جَائِزَةٌ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْمِلْكُ. وَقَوْلَهُ لَا يَكُونُ قَابِضًا إلَخْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْجَوَازِ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْقِيقَ فَإِنَّهُ بِالْقَبُولِ حَقِيقٌ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ هَذَا وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ جَوَابَ جَدِّ جَدِّهِ السَّابِقِ وَأَيَّدَهُ بِمَا قَدَّمَهُ عَنْ الدُّرَرِ وَجَامِعِ الْفَتَاوَى ثُمَّ قَالَ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا قَوْلُ الدُّرَرِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ لِلْجَوَازِ الِاشْتِغَالُ بِمِلْكِ الْمَوْلَى وَلَمْ يَكُنْ الْبِنَاءُ مَشْغُولًا بِمِلْكِ الْمَوْلَى بَلْ بِمِلْكِ غَيْرِهِ يَعْنِي فِي صُورَةِ مَسْأَلَةِ جَدِّ جَدِّهِ عِمَادِ الدِّينِ فَلَمْ يَكُنْ مَانِعًا مِنْ الْجَوَازِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ اشْتِغَالِ الْمَوْهُوبِ بِمِلْكِ غَيْرِ الْوَاهِبِ قَالَ فِي الْمِنَحِ وَاشْتِغَالُ الْمَوْهُوبِ بِمِلْكِ غَيْرِ الْوَاهِبِ هَلْ يَمْنَعُ تَمَامَ الْهِبَةِ ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ عَنْ هِبَةِ الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ فِيهَا نَقْلًا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ فَتَأَمَّلْ وَلَا تَعْجَلْ فِي الْفَتْوَى. اهـ. مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ (وَأَقُولُ) هَذَا اعْتِرَاضٌ مِنْهُ عَلَى مَا أَجَابَ بِهِ جَدُّ جَدِّهِ؛ لِأَنَّ الْعِمَارَةَ قَائِمَةٌ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ لَا فِي أَرْضِ الْوَاهِبِ وَقَدْ قَالَ فِي الدُّرَرِ إنَّ الْمَانِعَ لِلْجَوَازِ الِاشْتِغَالُ بِمِلْكِ الْمَوْلَى يَعْنِي الْوَاهِبَ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازُ هِبَةِ الْعِمَارَةِ الْمَذْكُورَةِ لِعَدَمِ الْمَانِعِ الْمَذْكُورِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي زِيَادَاتِ قَاضِي خَانْ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِمِلْكِ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْهِبَةِ سَوَاءٌ كَانَ مِلْكَ الْوَاهِبِ أَوْ غَيْرَهُ لَكِنَّ الْهِبَةَ إنَّمَا تَمْتَنِعُ إذَا كَانَ الِاشْتِغَالُ بِمَتَاعٍ فِي يَدِ الْوَاهِبِ أَوْ فِي يَدِ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَمَّا إذَا كَانَ الْمَتَاعُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِغَصْبٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا تَمْتَنِعُ فَظَهَرَ أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْهِبَةَ إذَا كَانَتْ مَشْغُولَةً بِمِلْكِ الْوَاهِبِ أَوْ بِمِلْكِ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ يَمْنَعُ الْهِبَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ. اهـ. مَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا فِي الدُّرَرِ وَمَا فِي الْمِنَحِ وَهُوَ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْفُصُولَيْنِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ مَشْغُولَةً كَهِبَةِ دَارٍ فِيهَا مَتَاعٌ لِلْوَاهِبِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَمَسْأَلَةُ هِبَةِ الْعِمَارَةِ دُونَ الْأَرْضِ لَيْسَتْ مِنْ قَبِيلِ هِبَةِ الْمَشْغُولِ؛ لِأَنَّ الْعِمَارَةَ غَيْرُ مَشْغُولَةٍ بِالْأَرْضِ بَلْ هِيَ قَائِمَةٌ عَلَيْهَا مُتَّصِلَةٌ بِهَا لَا يُقَالُ إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ فَهِيَ مِنْ قَبِيلِ هِبَةِ الشَّاغِلِ وَقَدْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ تَجُوزُ هِبَةُ الشَّاغِلِ لَا الْمَشْغُولِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ بِالشَّاغِلِ الَّذِي تَجُوزُ هِبَتُهُ غَيْرُ الْمُتَّصِلِ كَمَا إذَا وَهَبَ مَتَاعًا فِي دَارِهِ أَوْ جُوَالِقِهِ بِدَلِيلِ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ هِبَةُ الشَّجَرِ بِدُونِ الْأَرْضِ حَتَّى يُقْطَعَ وَيُسَلَّمَ كَمَا قَدَّمْنَا عَنْ تَتَارْخَانِيَّةٍ وَالْعِمَارَةُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا مَرَّ فِي عِبَارَةِ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ عَنْ النِّهَايَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَكُونُ مُتَّصِلًا وَلَا مَشْغُولًا بِغَيْرِ الْمَوْهُوبِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمَانِعَ كَوْنُهُ مُتَّصِلًا أَوْ مَشْغُولًا بِغَيْرِهِ لَا شَاغِلًا وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّاغِلِ غَيْرُ الْمُتَّصِلِ وَإِلَّا لَزِمَ كَوْنُ الْمُتَّصِلِ مَانِعًا وَغَيْرَ مَانِعٍ وَهُوَ كَلَامٌ مُتَدَافِعٌ وَرَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الْفُصُولَيْنِ لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ تَجُوزُ هِبَةُ الشَّاغِلِ أَقُولُ لَيْسَ هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ فَإِنَّ الزَّرْعَ وَالشَّجَرَ فِي الْأَرْضِ

شَاغِلٌ لَهَا لَا مَشْغُولٌ وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَجُوزُ هِبَتُهُ لِاتِّصَالِهِ بِهَا. اهـ. فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْمَانِعَ هُوَ الِاتِّصَالُ وَإِنْ كَانَ شَاغِلًا ثُمَّ كَتَبَ الرَّمْلِيُّ عَلَى قَوْلِ الْفُصُولَيْنِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي زِيَادَاتِ قَاضِي خَانْ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ أَنَّ مِمَّا يَكْثُرُ السُّؤَالُ عَنْهُ فِي رَجُلٍ لَهُ شَجَرٌ أَوْ زَرْعٌ أَوْ بِنَاءٌ فِي أَرْضٍ مِلْكٍ أَوْ مُعَارَةٍ أَوْ مُحْتَكَرَةٍ لِآخَرَ أَوْ مَغْصُوبَةٍ وَهَبَهُ لِمَنْ الْأَرْضُ بِيَدِهِ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ وَإِنْ كَانَ شَاغِلًا لِلْأَرْضِ لَا مَشْغُولًا وَلَا يَدُلُّ مَا فِي الزِّيَادَاتِ عَلَى جَوَازِهَا؛ لِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا أَنَّ الْمَانِعَ فِي مِثْلِهِ الِاتِّصَالُ وَجَعَلُوهُ كَالشَّائِعِ. اهـ. مُلَخَّصًا وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ الزِّيَادَاتِ مِنْ أَنَّ هِبَةَ الْمَشْغُولِ لَا تَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَ الشَّاغِلُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ هِبَةِ الشَّاغِلِ نَحْوَ الشَّجَرِ إذَا كَانَ قَائِمًا فِي أَرْضٍ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ هُنَا لَيْسَ كَوْنُهُ شَاغِلًا؛ لِأَنَّ الشَّاغِلَ تَجُوزُ هِبَتُهُ وَإِنْ كَانَ الْمَشْغُولُ بِهِ لَيْسَ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَإِنَّمَا الْمَانِعُ اتِّصَالُهُ بِغَيْرِهِ وَكَوْنُهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ حَتَّى صَارَ كَالْمُشَاعِ لَا تَصِحُّ هِبَتُهُ إلَّا بَعْدَ إفْرَازِهِ وَبِهَذَا ظَهَرَ لَك أَنَّ هِبَةَ الشَّاغِلِ الْمُتَّصِلِ لَا تَصِحُّ سَوَاءٌ كَانَ الْمَشْغُولُ بِهِ بِيَدِ الْوَاهِبِ أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ غَيْرِهِمَا وَظَهَرَ أَيْضًا صِحَّةُ مَا أَجَابَ بِهِ جَدُّ جَدِّ الْمُؤَلِّفِ وَأَنَّ اعْتِرَاضَهُ عَلَيْهِ غَيْرُ وَارِدٍ فَاغْتَنِمْ هَذِهِ الْفَوَائِدَ الْفَرَائِدَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ غِرَاسٌ قَائِمٌ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ فَوَهَبَتْهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَلَمْ تُسَلِّمْهُ مِنْهُ حَتَّى مَاتَتْ فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الْأَشْجَارِ بِدُونِ الْأَرْضِ لَا تَجُوزُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ حَيْثُ قَالَ هِبَةُ النَّخْلِ بِدُونِ الْأَرْضِ لَا تَجُوزُ وَفِي التَّنْوِيرِ. وَلَا تَصِحُّ هِبَةُ لَبَنٍ فِي ضَرْعٍ وَصُوفٍ عَلَى غَنَمٍ وَنَخْلٍ فِي أَرْضٍ وَتَمْرٍ فِي نَخْلٍ وَلَوْ فَصَلَهُ وَسَلَّمَهُ جَازَ وَمِثْلُهُ فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَهَبَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ أَوْ بَقْلٌ أَوْ نَخْلًا عَلَيْهِ تَمْرٌ أَوْ وَهَبَ الزَّرْعَ بِدُونِ الْأَرْضِ أَوْ النَّخْلَ بِلَا أَرْضٍ أَوْ نَخْلًا بِدُونِ التَّمْرِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مُتَّصِلٌ بِغَيْرِهِ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ مَعَ إمْكَانِ الْقَطْعِ فَقَبْضُ أَحَدِهِمَا غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي حَالَةِ الِاتِّصَالِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْمُشَاعِ الَّذِي يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ. اهـ. وَفِي الْخَيْرِيَّةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ هِبَةَ الشَّجَرِ بِدُونِ الْأَرْضِ كَهِبَةِ مُشَاعٍ مُحْتَمِلِ الْقِسْمَةِ وَهِيَ لَا تَصِحُّ. اهـ. وَلَا سِيَّمَا مَعَ عَدَمِ تَسَلُّمِهِ ذَلِكَ فَلَوْ كَانَتْ هِبَةً صَحِيحَةً وَلَمْ تُسَلَّمْ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ بَطَلَتْ بِمَوْتِهِ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَلَا تَجُوزُ هِبَةُ الْمَرِيضِ إلَّا مَقْبُوضَةً فَإِذَا قُبِضَتْ جَازَتْ وَتُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ. اهـ. وَفِي الْعِمَادِيَّةِ وَهَبَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى مَاتَ تَبْطُلُ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً لَكِنَّهَا هِبَةٌ حَقِيقَةً فَتَفْتَقِرُ إلَى الْقَبْضِ وَلَمْ يُوجَدْ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ ابْنَانِ كَبِيرَانِ وَأَمْلَاكٌ تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَحِصَّةٌ فِي مُشَاعٍ تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ فَمَلَّكَ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنْ ابْنَيْهِ الْمَذْكُورَيْنِ سَوِيَّةً بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ مِنْ غَيْرِ قِسْمَةٍ وَكَتَبَ بِذَلِكَ صَكًّا وَلَمْ يَحْكُمْ بِذَلِكَ حَاكِمٌ يَرَاهُ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الرُّجُوعَ عَنْ التَّمْلِيكِ وَاسْتِرْدَادَ ذَلِكَ مِنْ ابْنَيْهِ الْمَذْكُورَيْنِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَهَبَ اثْنَانِ دَارًا لِوَاحِدٍ صَحَّ؛ لِأَنَّهَا سَلَّمَاهَا جُمْلَةً وَقَدْ قَبَضَهَا جُمْلَةً فَلَا شُيُوعَ وَبِقَلْبِهِ لَا وَهُوَ هِبَةُ وَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ كَبِيرَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ أَيْ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ هِبَةُ النِّصْفِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا فِيمَا لَا يُقْسَمُ صَحَّتْ فِي حِصَّتِهِ دُونَ الْآخَرِ فَعُلِمَ أَنَّهُمَا عَقْدَانِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَوْ قَبِلَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ وَاحِدٌ وَقَالَا يَجُوزُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ عَقْدٌ وَاحِدٌ فَلَا شُيُوعَ قَيَّدَ بِالْهِبَةِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مِنْ رَجُلَيْنِ وَالْإِجَارَةُ مِنْ اثْنَيْنِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَقَيَّدَ الْوَاهِبَ بِكَوْنِهِ وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ لَوْ كَانَ اثْنَيْنِ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ كَذَلِكَ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ وَنَصِيبُ الْآخَرِ لِلْآخَرِ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِ الْمَوْهُوبِ لَهُمَا كَبِيرَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَهَبَ مِنْ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا صَغِيرٌ وَالْآخَرُ كَبِيرٌ وَالصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِ لَمْ تَجُزْ

الْهِبَةُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ حِينَ وَهَبَ صَارَ قَابِضًا حِصَّةَ الصَّغِيرِ فَبَقِيَ النِّصْفُ الْآخَرُ شَائِعًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَقَيَّدْنَا بِعَدَمِ الْبَيَانِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ بِأَنْ قَالَ لِهَذَا ثُلُثُهَا وَلِهَذَا ثُلُثَاهَا لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ إنْ قَبَضَهُ وَمُرَادُهُ بِالدَّارِ مَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَحْتَمِلُهَا كَالْبَيْتِ يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْمَوْهُوبِ لَهُ اثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاحِدًا فَوَكَّلَ اثْنَيْنِ فَقَبَضَاهَا جَازَ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ مِنَحٌ وَفِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ لِلشَّيْخِ قَاسِمٍ وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى تَرْجِيحِ دَلِيلِ الْإِمَامِ وَاخْتَارَ قَوْلَهُ أَبُو الْفَضْلِ الْمَوْصِلِيُّ وَبُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ الْمَحْبُوبِيُّ وَأَبُو الْبَرَكَاتِ النَّسَفِيُّ اهـ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ (أَقُولُ) فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا كَبِيرَيْنِ أَوْ صَغِيرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا كَبِيرًا وَالْآخَرُ صَغِيرًا فِي أَنَّ الْهِبَةَ لَهُمَا لَا تَصِحُّ وَكُلُّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ إطْلَاقِ الْمُتُونِ قَوْلُهُمْ وَبِعَكْسِهِ لَا أَيْ لَا يَصِحُّ هِبَةُ وَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلتَّقْيِيدِ بِالْكَبِيرَيْنِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَإِنْ تَبِعَ صَاحِبُ الْمِنَحِ فِي ذَلِكَ شَيْخَهُ صَاحِبَ الْبَحْرِ وَتَبِعَهُمَا الْعَلَائِيُّ فَالْمُنَاسِبُ الْإِطْلَاقُ كَمَا أَفَادَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ لَيْسَ بِقَيْدٍ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ نَعَمْ فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بَيَانُ الْخِلَافِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ وَلَوْ وَهَبَ مِنْ اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا صَغِيرٌ إلَخْ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَالصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِ أَيْ عِيَالِ الْوَاهِبِ كَمَا لَا يَخْفَى وَبِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ وَهَبَ لِابْنَيْنِ لَهُ أَحَدُهُمَا صَغِيرٌ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الصَّغِيرِ مُنْعَقِدَةٌ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْهِبَةِ لِقِيَامِ قَبْضِ الْأَبِ مَقَامَ قَبْضِهِ وَهِبَةُ الْكَبِيرِ مُحْتَاجَةٌ إلَى قَبُولِهِ فَسَبَقَتْ هِبَةُ الصَّغِيرِ فَتَمَكَّنَ الشُّيُوعُ وَالْحِيلَةُ أَنْ يُسَلِّمَ الدَّارَ لِلْكَبِيرِ وَيَهَبَهَا مِنْهُمَا. اهـ. أَيْ؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي يَدِ الْكَبِيرِ ثُمَّ وَهَبَهَا لَهُمَا فَقَدْ وُجِدَ الْقَبْضَانِ مَعًا وَقْتَ الْعَقْدِ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الشُّيُوعُ وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا صَغِيرَيْنِ وَكَانَا فِي عِيَالِ الْوَاهِبِ أَوْ كَانَا ابْنَيْنِ لَهُ تَصِحُّ الْهِبَةُ لِتَحَقُّقِ قَبْضِهِ لَهُمَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بِلَا سَبْقٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَتَمَامُ ذَلِكَ فِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَى الْبَحْرِ وَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ مَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ قَوْلِهِ وَصَغِيرٌ فِي عِيَالِ الْكَبِيرِ سَبْقُ قَلَمٍ وَصَوَابُهُ فِي عِيَالِ الْوَاهِبِ كَمَا ذَكَرْنَا إذْ لَوْ كَانَ فِي عِيَالِ الْكَبِيرِ لَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيلُ وَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ خِلَافِيَّةً كَمَسْأَلَةِ الْكَبِيرَيْنِ ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْهُوبُ لَهُمَا فَقِيرَيْنِ فَلَوْ كَانَا فَقِيرَيْنِ صَحَّتْ عَلَى مَا سَيَأْتِي عَقِبَ هَذَا فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الِابْنَيْنِ فِي السُّؤَالِ بِالْغَنِيَّيْنِ حَتَّى تَكُونَ الْهِبَةُ فَاسِدَةً وَإِنَّمَا حَقَّقْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا وَتَكَرَّرَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَوَقَعَ فِيهَا اشْتِبَاهٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَهَبَتْ فِي صِحَّتِهَا مِنْ شَقِيقِهَا وَجَدِّهَا الْفَقِيرَيْنِ أَمْتِعَةً مُخْتَلِفَةَ الْأَجْنَاسِ هِبَةً شَرْعِيَّةً مُسَلَّمَةً لَهُمَا فَهَلْ صَحَّتْ الْهِبَةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْأَثْوَابَ الْمُخْتَلِفَةَ مِنْ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ مِمَّا لَا يُقْسَمُ وَهِبَتُهَا صَحِيحَةٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ وَإِنْ وَهَبَ مِنْ اثْنَيْنِ وَاحِدٌ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَصِحُّ وَإِنْ كَانَا فَقِيرَيْنِ تَكُونُ صَدَقَةً وَالتَّصَدُّقُ عَلَى الْفَقِيرَيْنِ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ فِي الْجَوَابِ فِي كُلِّ هِبَةٍ قَاعِدِيَّةٍ مِنْ أَوَاخِرِ كِتَابِ الدَّعْوَى مُلَخَّصًا التَّصَدُّقُ عَلَى الْغَنِيِّ هِبَةٌ وَإِنْ ذَكَرَ لَفْظَ الصَّدَقَةِ وَعَلَى الْفَقِيرِ صَدَقَةٌ وَإِنْ ذَكَرَ لَفْظَ الْهِبَةِ تَتَارْخَانِيَّةٌ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ الْهِبَةِ أَنْقِرْوِيٌّ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ (أَقُولُ) وَهَذَا فِيمَا يُقْسَمُ وَغَيْرِهِ فَتَصِحُّ الصَّدَقَةُ مُطْلَقًا عَلَى فَقِيرَيْنِ وَلَوْ بِلَفْظِ الْهِبَةِ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ وَلَوْ قَالَ وَهَبْت مِنْكُمَا هَذِهِ الدَّارَ وَالْمَوْهُوبُ لَهُمَا فَقِيرَانِ صَحَّتْ الْهِبَةُ بِالْإِجْمَاعِ اهـ. لَكِنَّ هَذَا عَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ رِوَايَتَيْنِ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ الْجَامِعِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَصَحَّحَهَا فِي الْهِدَايَةِ أَيْضًا وَعَلَيْهَا مَشَى أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ صِحَّةَ الْهِبَةِ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا كَوْنُ الْأَثْوَابِ الْمُخْتَلِفَةِ مِمَّا

لَا يُقْسَمُ وَهِبَةُ مَا لَا يُقْسَمُ تَصِحُّ وَلَوْ مِنْ غَنِيَّيْنِ ثَانِيهمَا كَوْنُ الْمَوْهُوبِ لَهُمَا فَقِيرَيْنِ وَهِبَةُ وَاحِدٍ مِنْ فَقِيرَيْنِ تَصِحُّ وَلَوْ كَانَتْ مِمَّا يُقْسَمُ؛ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ الْهِبَةَ لِلْفَقِيرِ صَدَقَةٌ وَالصَّدَقَةُ عَلَى الْغَنِيِّ هِبَةٌ وَوَجْهُ صِحَّتِهَا إذَا كَانَتْ لِفَقِيرَيْنِ مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ أَنَّ الصَّدَقَةَ يُرَادُ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ وَاحِدٌ فَلَا شُيُوعَ وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحُوا فِي الْمُتُونِ أَيْضًا بِأَنَّ الصَّدَقَةَ كَالْهِبَةِ لَا تَصِحُّ فِي مُشَاعٍ يُقْسَمُ أَيْ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِبَعْضِهِ عَلَى وَاحِدٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ دَارِهِ مَثَلًا الَّتِي تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مِنْ غَنِيَّيْنِ لَا يَصِحُّ لِلشُّيُوعِ خِلَافًا لَهُمَا وَلَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى فَقِيرَيْنِ يَصِحُّ اتِّفَاقًا لِمَا مَرَّ وَلَوْ وَهَبَ نِصْفَهَا لِوَاحِدٍ وَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى فَقِيرٍ وَاحِدٍ لَمْ يَصِحَّ لِتَحَقُّقِ الشُّيُوعِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ ابْنٌ وَبِنْتٌ وَلِابْنِهِ ابْنٌ صَغِيرٌ عَاقِلٌ مُمَيِّزٌ عُمُرُهُ عَشْرُ سَنَوَاتٍ فَوَهَبَهُ جَدُّهُ دَارًا لَهُ وَأَمْتِعَةً مَعْلُومَةً فِي مَرَضِ مَوْتِهِ هِبَةً شَرْعِيَّةً مُشْتَمِلَةً عَلَى الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالتَّسَلُّمِ وَالتَّسْلِيمِ وَأَقَرَّ أَنَّ بِذِمَّتِهِ لِلصَّغِيرِ دَيْنًا قَدْرُهُ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الْمَذْكُورِ عَمَّنْ ذُكِرَ وَخَلَّفَ تَرِكَةً تَخْرُجُ الْهِبَةُ وَالْمَبْلَغُ الْمُقَرُّ بِهِ مِنْ ثُلُثِهَا وَلَيْسَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَصْلًا فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ وَالْإِقْرَارُ صَحِيحَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَمَّا الْهِبَةُ لِابْنِ الِابْنِ الصَّغِيرِ الْعَاقِلِ فَلِمَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْهِبَةِ وَتَتِمُّ بِقَبْضِهِ لَوْ مُمَيِّزًا يَعْقِلُ التَّحْصِيلَ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ فِي النَّافِعِ الْمَحْضِ كَالْبَالِغِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ لِلصَّغِيرِ الْمَزْبُورِ فَلِمَا فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ الْإِقْرَارِ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ لِلرَّضِيعِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَإِنْ بَيَّنَ الْمُقِرُّ سَبَبًا غَيْرَ صَالِحٍ مِنْهُ حَقِيقَةً كَالْإِقْرَاضِ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُقِرَّ مَحَلٌّ لِثُبُوتِ الدَّيْنِ لِلصَّغِيرِ فِي الْجُمْلَةِ أَشْبَاهٌ. اهـ. (أَقُولُ) تَقْيِيدُهُ فِي السُّؤَالِ خُرُوجَ الْمُقَرِّ بِهِ مِنْ الثُّلُثِ غَيْرُ لَازِمٍ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لِغَيْرِ الْوَارِثِ نَافِذٌ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الْمَبَاحِثِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَهَبَتْ فِي صِحَّتِهَا أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً مِنْ بِنْتِ ابْنِهَا الصَّغِيرَةِ وَسَلَّمَتْ الْأَمْتِعَةَ لِأَبِي الصَّغِيرَةِ وَقَبِلَ الْهِبَةَ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ شَرْعِيَّيْنِ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ ابْنِهَا الْمَذْكُورِ وَعَنْ زَوْجٍ يَزْعُمُ أَنَّ الْهِبَةَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ فَهَلْ صَحَّتْ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَقَدْ نَقَلَ الْمُؤَلِّفُ عِبَارَاتٍ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِطْرَادِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَبَضَ هِبَةَ الصَّغِيرِ غَيْرُ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ فَلْنَذْكُرْ حَاصِلَهَا عَلَى وَجْهِ التَّحْرِيرِ لِكَوْنِهَا تَقَعُ كَثِيرًا وَقَدْ صَارَتْ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَفِيمَا وُهِبَ لِلصَّغِيرَةِ يَجُوزُ قَبْضُ زَوْجِهَا لَهَا بَعْدَ الزِّفَافِ لِتَفْوِيضِ الْأَبِ أُمُورَهَا إلَيْهِ دَلَالَةً بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الزِّفَافِ وَيَمْلِكُهُ مَعَ حَضْرَةِ الْأَبِ بِخِلَافِ الْأُمِّ وَكُلُّ مَنْ يَعُولُهَا غَيْرُهَا حَيْثُ لَا يَمْلِكُونَ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ أَوْ غَيْبَةٍ مُنْقَطِعَةٍ فِي الصَّحِيحِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْبَدَائِعِ وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يَجُوزُ لَهُمْ أَيْضًا أَنْ يَقْبِضُوا لِلصَّغِيرِ إذَا كَانَ فِي عِيَالِهِمْ كَالزَّوْجِ وَعَنْهُ احْتَرَزَ أَيْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ فِي الصَّحِيحِ غَايَةُ الْبَيَانِ وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي عِيَالِ الْجَدِّ أَوْ الْأَخِ أَوْ الْعَمِّ أَوْ الْأُمِّ فَوَهَبَ لَهُ هِبَةً فَقَبَضَ الْهِبَةَ مَنْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِهِ وَالْأَبُ حَاضِرٌ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْجَوَازُ كَمَا لَوْ قَبَضَ الزَّوْجُ وَأَبُو الصَّغِيرَةِ حَاضِرٌ وَكَذَا لَوْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِ أَجْنَبِيٍّ كَانَ لِلْأَجْنَبِيِّ حَقُّ الْقَبْضِ خَانِيَّةٌ وَإِذَا كَانَ الصَّغِيرُ فِي عِيَالِ الْجَدِّ أَوْ الْأَخِ أَوْ الْأُمِّ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ وَالْأَبُ حَاضِرٌ فَقَبَضَ مَنْ فِي عِيَالِهِ هَلْ يَجُوزُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ فَتَاوَى الصُّغْرَى كَذَا فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْأُسْرُوشَنِيِّ وَلَوْ قَبَضَ مَنْ فِي عِيَالِهِ مَعَ حُضُورِ الْأَبِ قِيلَ لَا يَجُوزُ وَقِيلَ يَجُوزُ وَبِهِ يُفْتَى مُشْتَمَلُ الْأَحْكَامِ (أَقُولُ) فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ كَمَا تَرَى وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ مِمَّا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ مِنْ أَنَّ قَاضِي خَانْ مِنْ أَجَلِّ مَنْ يُعْتَمَدُ عَلَى تَصْحِيحِهِ؛ لِأَنَّهُ فَقِيهُ النَّفْسِ وَقَدْ صَحَّحَ جَوَازَ قَبْضِ مَنْ يَعُولُ الصَّغِيرَ وَلَوْ مَعَ حَضْرَةِ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ نَفْعٌ مَحْضٌ لِلصَّغِيرِ وَيَشْهَدُ لَهُ صِحَّةُ

قَبُولِ الصَّغِيرِ بِنَفْسِهِ إذَا كَانَ مُمَيِّزًا وَلَوْ كَانَ الْأَبُ حَاضِرًا وَأَيْضًا قَدْ وُجِدَتْ دَلَالَةُ تَفْوِيضِ الْأَبِ أُمُورَ الصَّبِيِّ إلَى مَنْ يَعُولُهُ كَمَا مَرَّ فِي الزَّوْجَةِ الصَّغِيرَةِ بَعْدَ الزِّفَافِ فَلْيَكُنْ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ صَحَّحَ بِلَفْظِ الْفَتْوَى وَهِيَ آكَدُ أَلْفَاظِ التَّصْحِيحِ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ وَالْمُضْمَرَاتُ مِنْ الشُّرُوحِ فَإِنَّهُ شَرْحُ الْقُدُورِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ عَلَاءِ الدِّينِ اخْتِيَارُهُ حَيْثُ نَقَلَ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْبُرْجَنْدِيِّ مُسْتَدْرِكًا عَلَى ظَاهِرِ عِبَارَةِ مَتْنِ التَّنْوِيرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ لَهُ دُيُونٌ بِذِمَمِ جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لِأَرْبَابِهَا فَوَهَبَ الْبَاقِيَ مِنْ دُيُونِهِ بَعْدَ أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدُّيُونِ لِبِنْتَيْهِ وَعَوَّضَتَاهُ عَنْ ذَلِكَ طَاقِيَّةً سَلَّمَتَاهَا لَهُ ضِمْنَ الْهِبَةِ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ عَنْهُمَا وَعَنْ زَوْجَةٍ وَعَمٍّ شَقِيقٍ لَمْ يُجِيزَا الْوَصِيَّةَ وَتَزْعُمُ الْبِنْتَانِ جَوَازَهَا بِسَبَبِ التَّعْوِيضِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ تَكُونُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأُمُورٍ مِنْهَا تَمْلِيكُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيطٍ وَمِنْهَا الْهِبَةُ مِنْ الْمَرِيضِ فَإِنَّ هِبَتَهُ وَكَذَا إعْتَاقُهُ وَمُحَابَاتُهُ وَوَقْفُهُ وَضَمَانُهُ لَهَا حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فَتُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْوَصِيَّةِ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِإِجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَمِنْهَا أَنَّ الشَّيْءَ إذَا بَطَلَ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ وَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ فَكَذَا مَا فِي ضِمْنِهَا مِنْ التَّعْوِيضِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّ التَّعْوِيضَ بَيْعُ انْتِهَاءٍ فَبَيْعُ الْمَرِيضِ لِلْوَارِثِ لَا يَصِحُّ أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَجَابَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ بِأَنَّ هِبَةَ الْمُرْصَدِ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ تَمْلِيكَ الدَّيْنِ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا يَصِحُّ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الدُّرَرِ وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِامْرَأَةٍ مَبْلَغُ دَيْنٍ مَعْلُومٍ بِذِمَّةِ زَوْجِهَا زَيْدٍ ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ وَهَبَتْ دَيْنَهَا الْمَزْبُورَ لِعَمِّ زَيْدٍ وَلَمْ تُسَلِّطْهُ عَلَى قَبْضِهِ فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ بَاطِلَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ ذَكَرَ فِي الصُّغْرَى هِبَةُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا تَصِحُّ إلَّا إذَا وَهَبَهُ وَأَذِنَ لَهُ بِالْقَبْضِ فَقَبَضَهُ جَازَ وَذَكَرَ فِي الْعُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْقَبْضِ لَمْ يَجُزْ وَفِي بَعْضِ كُتُبِ الْفِقْهِ الْمَوْثُوقِ عَلَيْهِ هِبَةُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا تَجُوزُ إلَّا إذَا سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ وَهَبَهُ حِينَ قَبَضَهُ وَلَا يَسْتَحْكِمُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَكَذَا لَوْ وَهَبَهُ صُوفًا عَلَى غَنَمٍ وَسَلَّطَهُ عَلَى جِزَازِهِ أَوْ زَرْعًا غَيْرَ مَحْصُودٍ وَسَلَّطَهُ عَلَى حَصَادِهِ وَكَذَا الثَّمَرُ عَلَى الشَّجَرِ وَسَلَّطَهُ عَلَى جُذَاذِهِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْإِحْكَامَاتِ وَفِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ فِي هِبَةِ الْمَشْغُولِ فِي أَوَاخِرِهَا وَلَوْ وَهَبَ دَيْنًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ غَيْرِهِ وَأَمَرَ الْمَوْهُوبَ لَهُ بِقَبْضِهِ فَقَبَضَهُ جَازَتْ الْهِبَةُ لِمَا أَنَّ تَمَامَ الْهِبَةِ بِالْقَبْضِ فَصَارَ كَأَنَّ خِطَابَ الْهِبَةِ وُجِدَ بَعْدَ الْقَبْضِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ لَهَا فِي ذِمَّةِ وَالِدِهَا مِائَةُ قِرْشٍ فَأَشْهَدَتْ عَلَى نَفْسِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهَا أَنَّهَا وَهَبَتْهَا لِزَوْجَةِ وَالِدِهَا وَالْآنَ تُرِيدُ الزَّوْجَةُ مُطَالَبَةَ الزَّوْجِ بِذَلِكَ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَاطِلٌ إلَّا إذَا سَلَّطَهُ الْمُمَلِّكُ عَلَى قَبْضِهِ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا تَسْلِيطَ فَيَكُونُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَمْ تَقْبِضْ حَتَّى مَاتَتْ الْمُشْهِدَةُ فَقَدْ بَطَلَتْ الْهِبَةُ لِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ هِبَةِ أَحْكَامِ الْمَرْضَى وَهَبَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَلَمْ يُسَلِّمْ حَتَّى مَاتَ تَبْطُلُ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً لَكِنَّهَا هِبَةٌ حَقِيقَةً فَتَفْتَقِرُ إلَى الْقَبْضِ وَلَمْ يُوجَدْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِامْرَأَةٍ نِصْفُ طَاحُونَةِ مَاءِ دَارِ رَحًى قَابِلَةٌ لِلْقِسْمَةِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى حَجَرَيْنِ وَمَكَانَيْنِ لِلدَّوَابِّ وَإِذَا قُسِمَتْ لَا تَتَبَدَّلُ الْمَنْفَعَةُ وَتَصِيرُ طَاحُونَتَيْنِ مُنْتَفَعًا بِهِمَا عَلَى السَّوَاءِ فَوَهَبَتْ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهَا لِوَلَدَيْهَا سَوِيَّةً فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : هِبَةُ الْمُشَاعِ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ إنْ احْتَمَلَتْ الْقِسْمَةَ لَا تَجُوزُ وَإِنْ لَمْ تَحْتَمِلْ تَجُوزُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ فِي أَوَّلِ الْقِسْمَةِ عَنْ الْأَصْلِ لَا يُقْسَمُ الْحَمَّامُ وَالْحَائِطُ وَالْبَيْتُ الصَّغِيرُ وَالدُّكَّانُ الصَّغِيرَةُ وَهَذَا إذَا كَانَ بِحَالٍ لَوْ قُسِمَ لَا يَبْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ بَعْدَ الْقِسْمَةِ مَوْضِعٌ يَعْمَلُ فِيهِ فَإِنْ كَانَ بِحَالٍ يَبْقَى يُقْسَمُ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَخِزَانَةِ الْفَتَاوَى

فَحَيْثُ كَانَتْ الطَّاحُونَةُ الْمَذْكُورَةُ لَا تَتَبَدَّلُ مَنْفَعَتُهَا بِالْقِسْمَةِ وَتَبْقَى مُنْتَفَعًا بِهَا بَعْدَهَا فَالْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ (أَقُولُ) هَذَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ الْمَذْكُورَةُ وَهَبَتْ النِّصْفَ الْمَذْكُورَ مِنْ وَلَدَيْهَا مَعًا أَمَّا لَوْ وَهَبَتْ الرُّبُعَ مِنْ أَحَدِهِمَا ثُمَّ وَهَبَتْ الرُّبُعَ الثَّانِيَ مِنْ الْآخَرِ تَصِحُّ الْهِبَةُ لِأَنَّ رُبُعَ الطَّاحُونَةِ الْمَذْكُورَةِ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَهَذِهِ حِيلَةُ صِحَّةِ الْهِبَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَالَ الْوَاهِبُ شَرَطْت لِي عِوَضَهَا وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ أَشْتَرِطْ فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْقَوْلِ لِمَنْ مِنْ أَوَاخِرِ الْهِبَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا ذَا وَهَبَ زَيْدٌ الْمَرِيضُ قِطْعَةَ أَرْضٍ وَحِمَارًا مِنْ عَمْرٍو الْأَجْنَبِيِّ وَسَلَّمَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَهَبَ ذَلِكَ مِنْ هِنْدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ وَذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَهَلْ تَصِحُّ الْهِبَةُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَتْ الْهِبَةُ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ دُونَ الشَّرْطِ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ الْهِبَةِ وَحُكْمُهَا أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَهِبَةُ عَبْدٍ عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ تَصِحُّ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَهَبَ زَيْدٌ عَمْرًا فَرَسًا مَهْزُولَةً هِبَةً شَرْعِيَّةً فَعَلَفَهَا وَسَقَاهَا مُدَّةَ شَهْرٍ حَتَّى سَمِنَتْ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ الرُّجُوعَ بِهِبَتِهِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ بِحُدُوثِ زِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ أَرَادَ بِهَا الزِّيَادَةَ فِي نَفْسِ الْمَوْهُوبِ بِشَيْءٍ يُوجِبُ الزِّيَادَةَ فِي الْقِيمَةِ كَالسِّمَنِ وَالْجَمَالِ وَالْإِسْلَامِ وَالْعِلْمِ وَغَيْرِهَا شَرْحُ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَالِكٍ وَقَالَ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ فَصْلِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ وَلَوْ وَهَبَ عَبْدًا صَغِيرًا فَشَبَّ وَصَارَ رَجُلًا طَوِيلًا لَا يَرْجِعُ الْوَاهِبُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْبَدَنِ تَمْنَعُ الرُّجُوعَ وَإِنْ كَانَتْ تُنْقِصُ الْقِيمَةَ وَكَذَا لَوْ كَانَ نَحِيفًا فَسَمِنَ أَوْ كَانَ قَبِيحًا فَحَسُنَ لَا يَرْجِعُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَهَبَ زَيْدٌ لِأُمِّ وَلَدِهِ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا وَعَنْ وَرَثَةٍ يُطَالِبُونَهَا بِالْأَمْتِعَةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ وَالْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي بَابِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ لَا تَصِحُّ هِبَةُ الْمَوْلَى لِأُمِّ الْوَلَدِ وَلَوْ فِي مَرَضِهِ وَلَا تَنْقَلِبُ وَصِيَّةً إذْ لَا يَدَ لِلْمَحْجُورِ أَمَّا لَوْ أَوْصَى لَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ تَصِحُّ لِعِتْقِهَا بِمَوْتِهِ فَيُسَلَّمُ لَهَا كَافِي. اهـ. وَفِي الْوَصَايَا الْهِبَةُ لِأُمِّ وَلَدِهِ وَالْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ بَاطِلٌ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بَزَّازِيَّةٌ قُبَيْلَ السَّادِسِ فِي تَصَرُّفَاتِ الْوَصِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي فَرَسٍ فَوَهَبَهَا فِي صِحَّتِهِ لِعَمْرٍو هِبَةً شَرْعِيَّةً مَقْبُولَةً مُسَلَّمَةً لَهُ بِإِذْنِ بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ فِيهَا وَعَوَّضَ عَمْرٌو زَيْدًا نَظِيرَ ذَلِكَ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْحِنْطَةِ قَائِلًا لَهُ خُذْ هَذَا عِوَضَ هِبَتِك وَنَتَجَتْ الْفَرَسُ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ نِتَاجًا وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْوَاهِبُ الْآنَ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَفِي النِّتَاجِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فَإِنْ قَالَ خُذْهُ عِوَضَ هِبَتِك أَوْ بَدَلَهَا فَقَبَضَهُ الْوَاهِبُ سَقَطَ الرُّجُوعُ تَنْوِيرٌ وَالْحِصَّةُ فِي الْفَرَسِ الْمَزْبُورَةِ لَيْسَتْ مُحْتَمِلَةً لِلْقِسْمَةِ وَهِبَةُ الْمُشَاعِ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ صَحِيحَةٌ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ نَقْلًا عَنْ مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ضِمْنَ سُؤَالٍ وَجَوَابٍ فَرَاجِعْهُ إنْ رُمْت (أَقُولُ) وَذَكَرَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ عِوَضٌ رَجَعَ كُلٌّ بِهِبَتِهِ اهـ وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ عَنْ الْحَوَاشِي الْيَعْقُوبِيَّةِ فِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَلْفُوظِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي وَفِي الْعُرْفِ يُقْصَدُ التَّعْوِيضُ وَلَا يُذْكَرُ خُذْ بَدَلَ وَهَبْتُك وَنَحْوِهِ اسْتِحْيَاءً فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْجِعَ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْبَدَلِيَّةَ وَفِي الْخَانِيَّةِ بَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ هَدَايَا وَعَوَّضَتْهُ الْمَرْأَةُ وَزُفَّتْ إلَيْهِ ثُمَّ فَارَقَهَا فَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ مَا بَعَثَهُ عَارِيَّةٌ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّ وَأَرَادَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَسْتَرِدَّ الْعِوَضَ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ فِي مَتَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ التَّمْلِيكَ وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتَرِدَّ مَا بَعَثَتْهُ إذْ تَزْعُمُ أَنَّهُ عِوَضٌ لِلْهِبَةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ هِبَةً لَمْ يَكُنْ هَذَا عِوَضًا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا اسْتِرْدَادُ مَتَاعِهِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ إنْ صَرَّحَتْ حِينَ بَعَثَتْ أَنَّهُ عِوَضٌ فَكَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تُصَرِّحْ بِهِ وَلَكِنْ نَوَتْ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا كَانَ ذَلِكَ هِبَةً مِنْهَا

كتاب الإجارة

وَبَطَلَتْ نِيَّتُهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي مَسْأَلَتِنَا اخْتِلَافٌ اهـ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ لَهَا دَارٌ قَابِلَةٌ لِلْقِسْمَةِ فَوَهَبَتْهَا مِنْ بَنَاتِهَا الْأَرْبَعِ أَرْبَاعًا فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَكُونُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ فَإِنْ قَسَمَتْهَا وَسَلَّمَتْهَا صَحَّتْ الْهِبَةُ (أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيمَا ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ يُمْكِنُ قِسْمَةُ الدَّارِ أَرْبَاعًا مَعَ إمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِكُلِّ رُبُعٍ عَلَى حِدَةٍ فَلَوْ أَمْكَنَ قِسْمَتُهَا نِصْفَيْنِ مَثَلًا لَا أَرْبَاعًا فَهِيَ غَيْرُ قَابِلَةٍ لِلْقِسْمَةِ تَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اتَّخَذَ زَيْدٌ لِخَادِمِهِ عَمْرٍو كِسْوَةً وَسَلَّمَهَا لَهُ وَلَبِسَهَا عَلَى سَبِيلِ التَّمْلِيكِ ثُمَّ خَرَجَ الْخَادِمُ مِنْ عِنْدِهِ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ أَخْذَ الْكِسْوَةِ مِنْهُ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَالْكِسْوَةُ الْمَزْبُورَةُ صَارَتْ مِلْكًا لِلْخَادِمِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ اتَّخَذَ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ ثِيَابًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ إلَى وَلَدٍ لَهُ آخَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اتَّخَذَهُ ثَوْبًا لِوَلَدِهِ الْأَوَّلِ صَارَ مِلْكًا لِلْأَوَّلِ بِحُكْمِ الْعُرْفِ فَلَا يَمْلِكُ الدَّفْعَ إلَى غَيْرِهِ إلَّا إذَا بَيَّنَ لِلْأَوَّلِ عِنْدَ اتِّخَاذِهِ أَنَّهَا عَارِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ إلَى الْأَوَّلِ يَحْتَمِلُ الْإِعَارَةَ وَإِذَا بَيَّنَ ذَلِكَ صَحَّ بَيَانُهُ وَكَذَا إذَا اتَّخَذَ ثِيَابًا لِتِلْمِيذِهِ فَأَبَقَ التِّلْمِيذُ بَعْدَمَا دَفَعَ فَأَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ إلَى غَيْرِهِ فَهُوَ عَلَى هَذَا إنْ بَيَّنَ وَقْتَ الِاتِّخَاذِ أَنَّهَا إعَارَةٌ يُمْكِنُهُ الدَّفْعُ إلَى غَيْرِهِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ هِبَةِ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ وَالْهِبَةِ لِلصَّغِيرِ (أَقُولُ) وَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ فَأَبَقَ التِّلْمِيذُ بَعْدَمَا دَفَعَ يُفِيدُ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ مِنْ حَيْثُ إنَّ التِّلْمِيذَ لَا يَمْلِكُهَا إلَّا بَعْدَ الدَّفْعِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ بِمُجَرَّدِ اتِّخَاذِ الْأَبِ صَارَتْ مِلْكَهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَقْبِضُ لَهُ وَلِذَا قَيَّدَ الْوَلَدَ بِالصَّغِيرِ أَمَّا الْكَبِيرُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّسْلِيمِ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ إنْ بَيَّنَ وَقْتَ الِاتِّخَاذِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَهَا لِتِلْمِيذِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهَا إعَارَةٌ لَيْسَ لَهُ دَفْعُهَا إلَى غَيْرِهِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ جَعَلَهَا فِي مُقَابَلَةِ خِدْمَتِهِ لَهُ فَلَا تَكُونُ هِبَةً خَالِصَةً فَلَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ فِيهَا وَإِلَّا فَمَا الْمَانِعُ مِنْهُ تَأَمَّلْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ كَتَبْت عَلَى صُورَةِ دَعْوَى مَا صُورَتُهُ حَيْثُ بَيَّنَ إقْرَارُهُ أَنَّهُ بِجِهَةِ التَّمْلِيكِ فَدَعْوَى التَّمْلِيكِ لَا تُسْمَعُ لِمَا قَالَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَاقِلًا عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي خَلَلِ الْمَحَاضِرِ وَالسِّجِلَّاتِ بِرَمْزِ التَّتِمَّةِ عُرِضَ عَلَيَّ مَحْضَرٌ كُتِبَ فِيهِ مَلَّكَهُ تَمْلِيكًا صَحِيحًا وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ مَلَّكَهُ بِعِوَضٍ أَوْ بِلَا عِوَضٍ قَالَ أَجَبْت أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى ثُمَّ رَمَزَ لِشُرُوطِ الْحَاكِمِ اكْتَفَى بِهِ فِي مِثْلِ هَذَا بِقَوْلِهِ وَهَبَ لَهُ هِبَةً صَحِيحَةً وَقَبَضَهَا وَلَكِنْ مَا أَفَادَ فِي التَّتِمَّةِ أَجْوَدُ وَأَقْرَبُ إلَى الِاحْتِيَاطِ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ زَوْجَةٍ وَبِنْتٍ مِنْهَا وَعَنْ أَخٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَيْنِ وَخَلَّفَ تَرِكَةً فَوَهَبَ الْأَخُ حِصَّةً مِنْهَا لِبِنْتِ أَخِيهِ قَبْلَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ وَقَبْلَ عِلْمِهِ قَدْرَ مَا يَخُصُّهُ مِنْهَا ثُمَّ مَاتَ الْأَخُ عَنْ وَرَثَةٍ قَبْلَ قَبْضِ حِصَّتِهِ وَقَبْلَ تَسْلِيمِهَا وَعِلْمِهِ بِهَا وَيُرِيدُ وَرَثَتُهُ الْمُطَالَبَةَ بِالْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. [كِتَابُ الْإِجَارَةِ] (كِتَابُ الْإِجَارَةِ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ زَيْدٍ أَرْضٌ سَلِيخَةٌ جَارِيَةٌ فِي وَقْفٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا مِشَدُّ مَسْكَةٍ وَلَا أَشْجَارٌ فِي وَسَطِهَا وَلَهُ فِي نَوَاحِيهَا أَشْجَارٌ عَلَى الْمُسَنَّاةِ فَقَطْ يُرِيدُ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ إيجَارَهَا مِنْ غَيْرِ زَيْدٍ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ فَهَلْ يَسُوغُ لِلْمُتَوَلِّي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فِيهَا أَشْجَارٌ إنْ كَانَتْ الْأَشْجَارُ فِي وَسَطِ الْأَرْضِ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ وَكَذَا لَوْ دَفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً فِيهَا أَشْجَارٌ وَلَمْ يَدْفَعْ الْأَشْجَارَ مُعَامَلَةً لَا تَجُوزُ الْمُزَارَعَةُ وَإِنْ كَانَتْ الْأَشْجَارُ فِي نَوَاحِي الْأَرْضِ عَلَى الْمُسَنَّاةِ جَازَتْ الْإِجَارَةُ وَالْمُزَارَعَةُ وَإِنْ كَانَتْ فِي وَسَطِ الْأَرْضِ شَجَرَةٌ أَوْ شَجَرَتَانِ صَغِيرَتَانِ مِثْلُ التَّالِيَةِ الَّتِي مَضَى عَلَيْهَا حَوْلٌ أَوْ حَوْلَانِ جَازَتْ الْإِجَارَةُ وَالْمُزَارَعَةُ وَإِنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ عَظِيمَةً لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْعَظِيمَةَ لَهَا عُرُوقٌ كَثِيرَةٌ تَأْخُذُ الْأَرْضَ وَظِلُّهَا يَضُرُّ بِالْأَرْضِ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي وَسَطِ الْأَرْضِ

أَبْنِيَةٌ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الشَّجَرَةِ الْعَظِيمَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَبْنِيَةُ فِي نَاحِيَةِ الْأَرْضِ جَازَتْ الْإِجَارَةُ فَإِنْ كَانَتْ فِي نَاحِيَةِ الْأَرْضِ فَرُفِعَتْ الْأَبْنِيَةُ يَدْخُلُ مَا تَحْتَهَا تَحْتَ الْعَقْدِ وَكَذَا الشَّجَرَةُ قَاضِي خَانْ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي نَوْعٍ آخَرَ فِي الضِّيَاعِ وَالْحَانُوتِ وَالْمُسْتَغِلَّاتِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ ضِيَاعًا بَعْضُهَا فَارِغَةٌ وَبَعْضُهَا مَشْغُولَةٌ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ فِيمَا كَانَ فَارِغًا وَلَا تَجُوزُ فِيمَا كَانَ مَشْغُولًا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فِيهَا شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ قَالَ لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ فِيمَا كَانَ فَارِغًا وَلَمْ يَقُلْ تَجُوزُ فِيمَا لَمْ يَكُنْ مَشْغُولًا بِالشَّجَرِ؛ لِأَنَّ ثَمَّةَ قَدْرَ مَا يَكُونُ مَشْغُولًا بِعُرُوقِ الشَّجَرِ غَيْرُ مَعْلُومٍ اهـ مِنْ فَتَاوَى الْإِمَامِ قَاضِي خَانْ أَيْضًا (أَقُولُ) مُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يَصِحُّ إيجَارُ الدَّارِ الْمَشْغُولَةِ بِالْأَشْجَارِ؛ لِأَنَّ الْأَشْجَارَ لَا تُخِلُّ بِالسُّكْنَى بِخِلَافِ الزِّرَاعَةِ فَإِنَّهَا تَتَعَطَّلُ بِظِلِّ الْأَشْجَارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْبُتُ مَا تَحْتَهُ وَلِذَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ إذَا كَانَتْ الْأَشْجَارُ فِي نَوَاحِي الْأَرْضِ عَلَى الْمُسَنَّاةِ أَوْ كَانَتْ شَجَرَةٌ صَغِيرَةٌ أَوْ شَجَرَتَانِ فِي وَسَطِهَا لِعَدَمِ الضَّرَرِ الْمَذْكُورِ وَلَا ضَرَرَ فِي الدَّارِ مُطْلَقًا فَتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ جَارٍ فِي وَقْفٍ أَجَّرَهُ وَكِيلٌ عَنْ نَاظِرِهِ مِنْ زَيْدٍ مُدَّةَ سَنَتَيْنِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ سَاقَاهُ عَلَى الْغِرَاسِ الْقَائِمِ بِهِ مُدَّةَ التَّوَاجُرِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ حَقَّ الْعَمَلِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ سَهْمٌ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ وَالْبَاقِي لِلْمُسْتَأْجِرِ وَصَدَرَ ذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ حَنَفِيٍّ فَهَلْ الْإِجَارَةُ وَالْمُسَاقَاةُ فَاسِدَتَانِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَانُوتِيُّ فِي فَتَاوِيهِ حَيْثُ سُئِلَ عَنْ نَاظِرٍ آجَرَ أَرْضًا مِنْ جِهَاتِ الْوَقْفِ مُشْتَمِلَةً عَلَى أَشْجَارٍ وَنَخِيلٍ وَغَيْرِهَا مِنْ شَخْصَيْنِ إجَارَةً صَحِيحَةً وَتَصَادَقَ مَعَهُمَا عَلَى أَنَّ الْأَشْجَارَ النَّابِتَةَ فِي الْأَرْضِ فِيهَا قَدِيمٌ وَجَدِيدٌ فَالْقَدِيمُ جَمِيعُهُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَرُبُعُ الْمُسْتَجِدِّ لِجِهَةِ الْوَقْفِ أَيْضًا وَالثَّلَاثَةُ الْأَرْبَاعُ الْبَاقِيَةُ مِنْ الْأَشْجَارِ الْمُسْتَجِدَّةِ لِلْمُسْتَأْجَرَيْنِ وَلَمْ تُمَيَّزْ الْقَدِيمَةُ مِنْ الْمُسْتَجِدَّةِ وَلَمْ يَعْرِفْ كُلٌّ مِنْ الْمُتَصَادِقَيْنِ ذَلِكَ وَسَاقُوا عَلَى ذَلِكَ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِيجَارِ وَالْمُسَاقَاةِ فَأَجَّرَ النَّاظِرُ الْأَرْضَ الْمَذْكُورَةَ مُدَّةً تَالِيَةً لِلْمُدَّةِ الْأُولَى وَسَاقَى عَلَى ذَلِكَ جَمِيعَهُ أَيْ جَمِيعَ أَشْجَارِ الْغَلِيظِ فَهَلْ تَصَادُقُ النَّاظِرِ مَعَهُمَا عَلَى ذَلِكَ مَعَ عَدَمِ مَعْرِفَتِهِ وَتَمْيِيزِهِ لِمَا ذُكِرَ صَحِيحٌ أَمْ لَا الْجَوَابُ الْإِجَارَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ الْأَرْضِ الْمَشْغُولَةِ بِالْأَشْجَارِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْأَرْضِ أَوْ فِي وَسَطِهَا وَكَانَتْ شَجَرَتَيْنِ صَغِيرَتَيْنِ وَالْمُسَاقَاةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ تُعَيَّنْ الْأَشْجَارُ الَّتِي وَقَعَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَيْهَا وَالتَّصَادُقُ مِنْ النَّاظِرِ أَيْضًا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ مِنْهُ عَلَى الْوَقْفِ وَإِقْرَارُ النَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ غَيْرُ صَحِيحٍ وَأَمَّا مَا يُفْعَلُ الْآنَ مِنْ الْإِجَارَةِ ثُمَّ الْمُسَاقَاةِ فَلَا يَصِحُّ عَلَى مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ. أَمَّا لَوْ قَدَّمَ الْمُسَاقَاةَ ثُمَّ أُوجِرَتْ الْأَرْضُ مِنْ الْمُسَاقِي فَيَجُوزُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ فِي أَوَّلِ وَرَقَةٍ؛ لِأَنَّ الْأَشْجَارَ صَارَتْ لَهُ اسْتِحْقَاقًا فَلَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ مَشْغُولَةً بِغَيْرِ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ وَهَلْ يَلْزَمُ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ فَسْخُ الْمُسَاقَاةِ قَدْ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ قَبْلَ الْآخِرِ بِنَحْوِ وَرَقَتَيْنِ وَتَكَلَّمَ بَعْدَهُ عَلَى الْمُسَاقَاةِ بِوَجْهٍ آخَرَ فَرَاجِعْ الْمَحَلَّيْنِ. اهـ. (أَقُولُ) وَنَقَلَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ عَنْ مُصَنَّفِ التَّنْوِيرِ مَا نَصُّهُ وَأَفَادَ فَسَادُ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَخْذِ كَرْمِ الْوَقْفِ أَوْ الْيَتِيمِ مُسَاقَاةً فَيَسْتَأْجِرُ أَرْضَهُ الْخَالِيَةَ مِنْ الْأَشْجَارِ بِمَبْلَغٍ كَثِيرٍ وَيُسَاقِي عَلَى أَشْجَارِهِ بِسَهْمٍ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ فَالْحَظُّ ظَاهِرٌ فِي الْإِجَارَةِ لَا فِي الْمُسَاقَاةِ فَمُفَادُهُ فَسَادُ الْمُسَاقَاةِ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ عَلَى حِدَتِهِ اهـ وَكَتَبْت هُنَا فِي حَاشِيَتِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَنْ فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ أَنَّ التَّنْصِيصَ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى بَيَاضِ الْأَرْضِ لَا يُفِيدُ الصِّحَّةَ حَيْثُ تَقَدَّمَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ أَمَّا إذَا تَقَدَّمَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ بِشُرُوطِهِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِذَا فَسَدَتْ صَارَتْ الْأُجْرَةُ غَيْرَ مُسْتَحَقَّةٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَالْمُسْتَحَقُّ إنَّمَا هُوَ الثَّمَرَةُ فَقَطْ وَحَيْثُ فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ لِكَوْنِهَا بِجُزْءٍ يَسِيرٍ لِجِهَةِ

الْوَقْفِ كَانَ لِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَقْفِ وَأَمَّا مُسَاقَاةُ الْمَالِكِ فَلَا يُنْظَرُ فِيهَا إلَى الْمَصْلَحَةِ كَمَا لَوْ آجَرَ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ اهـ مُلَخَّصًا نَعَمْ لَوْ حَكَمَ شَافِعِيٌّ بِصِحَّةِ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَتْ الْأُجْرَةُ وَافِيَةً بِمَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَبِقِيمَةِ الثَّمَرِ يَصِحُّ كُلٌّ مِنْ الْمُسَاقَاةِ وَالْإِجَارَةِ وَسَيَأْتِي سُؤَالٌ فِي ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي قِطْعَةِ أَرْضٍ سَلِيخَةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ وَفِي مِشَدِّ مَسْكَةِ زَيْدٍ فَمَاتَ زَيْدٌ لَا عَنْ وَلَدٍ أَصْلًا وَفِي نَوَاحِي الْأَرْضِ عَلَى الْمُسَنَّاةِ أَشْجَارٌ بَعْضُهَا فِي رِبْحِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَالْبَعْضُ مِلْكُ زَيْدٍ الْمُتَوَفَّى يُرِيدُ نَاظِرُ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ دَفْعَهَا مُزَارَعَةً لِلْغَيْرِ وَيُعَارِضُهُ فِي ذَلِكَ وَرَثَةُ زَيْدٍ فَهَلْ لِلنَّاظِرِ ذَلِكَ وَيُمْنَعُونَ مِنْ مُعَارَضَتِهِ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَنَقْلُهَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْخَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي إجَارَةِ الدَّارِ مِنْ مُؤَجِّرِهَا هَلْ تَكُونُ غَيْرَ جَائِزَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا أَجَّرَ مِنْ الْمُؤَجِّرِ لَا يَجُوزُ وَبَطَلَتْ الْأُولَى وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ لَا تَجُوزُ الثَّانِيَةُ وَلَا تَبْطُلُ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ فَاسِدَةٌ فَلَا تَرْفَعُ الصَّحِيحَةَ وَهُوَ الصَّحِيحُ بَزَّازِيَّةٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَجِّرَ مِنْ غَيْرِ مُؤَجِّرِهِ وَمِنْهُ أَيْ مِنْ مُؤَجِّرِهِ لَا أَيْ لَا يُؤَجِّرُهُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي حَقِّ الْمَنْفَعَةِ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُؤَجِّرِ فَيَلْزَمُ تَمْلِيكُ الْمَالِكِ هَكَذَا عَلَّلَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَفِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى قَالَ فِي النَّوَازِلِ الْمُسْتَأْجِرُ إذَا آجَرَ الْمُسْتَأْجَرَ مِنْ الْآخِرِ لَا يَجُوزُ وَبَطَلَتْ الْإِجَارَةُ الْأُولَى وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ لَا تَجُوزُ الثَّانِيَةُ وَلَا تَبْطُلُ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ فَاسِدٌ فَلَا يَرْفَعُ الصَّحِيحَ وَهُوَ الْأَصَحُّ. اهـ. مِنَحٌ فِي مَسَائِلَ شَتَّى وَنَقَلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ مَا يُخَالِفُهُ (أَقُولُ) وَوَفَّقَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ بَيْنَ مَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَمَا قَبْلَهُ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ كَمَا أَوْضَحْته فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ وَكَتَبْت فِيهِ أَنَّ الْأَظْهَرَ مَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعِلَّةِ وَلِتَصْحِيحِ قَاضِي خَانْ لَهُ وَقَوْلِهِ فِي الْمُضْمَرَاتِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَكَتَبْت أَيْضًا مَا نَصُّهُ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ اسْتَأْجَرَ الْوَكِيلُ بِالْإِيجَارِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ آجِرًا وَمُسْتَأْجِرًا وَقَالَ الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ كُنْت أُفْتِي بِهِ ثُمَّ رَجَعْت أُفْتِي بِالْجَوَازِ (أَقُولُ) يَظْهَرُ مِنْ هَذَا حُكْمُ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْوَقْفَ مِمَّنْ آجَرَهُ لَهُ وَقَدْ تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَقَالَ لَمْ أَرَهُ تَأَمَّلْ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ دَارٌ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهَا فَآجَرَتْهَا مِنْ رَجُلٍ مُدَّةَ سَنَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ إجَارَةً صَحِيحَةً ثُمَّ لَحِقَهَا دَيْنٌ ثَابِتٌ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا مَالَ لَهَا غَيْرُ الدَّارِ وَتُرِيدُ هِنْدٌ بَيْعَ الدَّارِ وَوَفَاءَ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهَا قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ وَتَفْسَخُ الْإِجَارَةَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِمَا وَفِي الِاخْتِيَارِ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ مَتَى تَحَقَّقَ عَجْزُ الْعَاقِدِ عَنْ الْمُضِيِّ فِي مُوجَبِ الْعَقْدِ إلَّا بِضَرَرٍ يَلْحَقُهُ وَهُوَ لَمْ يَرْضَ يَكُونُ عُذْرًا تُفْسَخُ بِهِ الْإِجَارَةُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ. اهـ. وَإِذَا أَرَادَ الْقَاضِي فَسْخَ الْإِجَارَةِ لِأَجْلِ الدَّيْنِ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَبِيعُ الدَّارَ فَيَنْفُذُ بَيْعُهُ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَفْسَخُ الْإِجَارَةَ أَوَّلًا ثُمَّ يَبِيعُ هَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ ظَاهِرًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَكِنَّ صَاحِبَ الدَّارِ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ عَلَى نَفْسِهِ وَكَذَّبَهُ الْمُسْتَأْجِرُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ وَيَفْسَخُ الْقَاضِي الْإِجَارَةَ بَيْنَهُمَا بِإِقْرَارِهِ بِالدَّيْنِ وَقَالَ صَاحِبَاهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ إحْدَاهُمَا هَذِهِ وَالثَّانِيَةُ الْمَرْأَةُ إذَا أَقَرَّتْ عَلَى نَفْسِهَا بِالدَّيْنِ لِغَيْرِ الزَّوْجِ وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ صَحَّ إقْرَارُهَا وَيَكُونُ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَحْبِسَهَا بِالدَّيْنِ وَالثَّالِثَةُ الْمَحْبُوسُ بِالدَّيْنِ إذَا أَقَرَّ بِبَعْضِ مَالِهِ لِرَجُلٍ يَثِقُ بِهِ أَوْ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَصِحُّ إقْرَارُهُ حَتَّى يَقْضِيَ الْقَاضِي بِعُسْرَتِهِ وَيُخْرِجَهُ مِنْ الْحَبْسِ قَاضِي خَانْ مِنْ فَصْلِ مَا تُنْقَضُ بِهِ الْإِجَارَةُ بَقِيَ أَنَّهُ إذَا اعْتَرَضَ شَيْءٌ مِنْ الْأَعْذَارِ هَلْ تُفْسَخُ بِنَفْسِهَا أَوْ يَحْتَاجُ إلَى الْفَسْخِ وَهَلْ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى فَسْخِ الْقَاضِي أَوْ التَّرَاضِي خِلَافٌ طَوِيلٌ ذَكَرَهُ أَئِمَّتُنَا شُرُوحًا وَفَتَاوَى فَلْيُرَاجَعْ ذَلِكَ فِي الْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا (أَقُولُ) وَاَلَّذِي حَرَّرْته فِي حَاشِيَتِي رَدِّ الْمُحْتَارِ تَصْحِيحُ مَا وَفَّقَ بِهِ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَهُوَ أَنَّ الْعُذْرَ إنْ كَانَ ظَاهِرًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى الْقَاضِي وَإِلَّا كَالدَّيْنِ الثَّابِتِ بِإِقْرَارِهِ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِيَصِيرَ

الْعُذْرُ ظَاهِرًا بِالْقَضَاءِ وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَالْمَحْبُوبِيُّ الْقَوْلُ بِالتَّوْفِيقِ هُوَ الْأَصَحُّ وَقَوَّاهُ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ الْغَزِّيُّ بِأَنَّ فِيهِ إعْمَالَ الرِّوَايَتَيْنِ مَعَ مُنَاسَبَتِهِ فِي التَّوْزِيعِ فَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ وَفِي تَصْحِيحِ الْعَلَامَةِ قَاسِمٍ مَا يُصَحِّحُهُ قَاضِي خَانْ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا يُصَحِّحُهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ فَقِيهُ النَّفْسِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي صَكٍّ مِنْ مَضْمُونِهِ اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ بِمَالِهِ لِنَفْسِهِ مِنْ عَمْرٍو الْمُتَوَلِّي عَلَى وَقْفِ بَكْرٍ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا فَأَجَّرَهُ مَا هُوَ جَارٍ فِي الْوَقْفِ وَذَلِكَ جَمِيعُ الْبُسْتَانَيْنِ الْكَائِنَيْنِ بِقَرْيَةِ كَذَا لِمُدَّةِ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَلَمْ يَتَسَاقَيَا عَلَى غِرَاسِ الْبُسْتَانَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَيِّ جِهَةٍ تَوَلَّى الْوَقْفَ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ حَيْثُ كَانَتْ الْأَشْجَارُ فِي وَسَطِ الْأَرْضِ وَلَمْ يَتَسَاقَيَا عَلَيْهَا لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فِيهَا أَشْجَارٌ فِي وَسَطِ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ الْإِجَارَةُ اهـ وَالثَّانِي لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَيِّ جِهَةٍ تَوَلَّى الْوَقْفَ لِمَا فِي الْإِسْعَافِ النَّاظِرُ إذَا آجَرَ أَوْ تَصَرَّفَ تَصَرُّفًا آخَرَ وَكَتَبَ فِي الصَّكِّ آجَرَ وَهُوَ مُتَوَلٍّ عَلَى هَذَا الْوَقْفِ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مُتَوَلٍّ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ قَالُوا تَكُونُ فَاسِدَةً وَفِي الْمُحْبِيَةِ: وَالْمُتَوَلِّي لَوْ لِوَقْفٍ أَجَّرَا ... لَكِنَّهُ فِي صَكِّهِ مَا ذَكَرَا مِنْ أَيِّ وُجْهَةٍ تَوَلَّى الْوَقْفَا ... مَا جَوَّزُوا ذَلِكَ حَيْثُ يُلْفَى (أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الثَّانِيَ خَلَلٌ فِي الصَّكِّ لَا فِي نَفْسِ الْعَقْدِ بَلْ الْعَقْدُ صَحِيحٌ حَيْثُ كَانَ الْعَاقِدُ فِي نَفْسِهِ لَهُ وِلَايَةٌ صَحِيحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ جِهَتَهَا أَنَّهَا مِنْ الْوَاقِفِ أَوْ مِنْ فُلَانٍ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الصُّكُوكَ اشْتَرَطُوا فِيهَا أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنْ زِيَادَةِ الْبَيَانِ وَالتَّوْضِيحِ وَالْإِشَارَةِ إلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَى هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُعْلَمُ فِي مَحَلِّهِ وَفِي الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ أَوْ الْمُتَوَلِّي مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ فَالْأَوْثَقُ أَنْ يَكْتُبَ فِي الصُّكُوكِ وَالسِّجِلَّاتِ وَهُوَ الْوَصِيُّ مِنْ جِهَةِ حَاكِمٍ لَهُ وِلَايَةُ نَصْبِ الْوَصِيَّةِ وَالتَّوْلِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ الْوَصِيُّ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ رُبَّمَا يَكُونُ مِنْ حَاكِمٍ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ نَصْبِ الْوَصِيِّ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَمْلِكُ نَصْبَ الْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي إلَّا إذَا كَانَ ذِكْرُ التَّصَرُّفِ فِي الْأَوْقَافِ وَالْأَيْتَامِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي مَنْشُورِهِ فَصَارَ كَحُكْمِ نَائِبِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرُوا أَنَّ فُلَانًا الْقَاضِيَ مَأْذُونٌ بِالْإِنَابَةِ تَحَرُّزًا عَنْ هَذَا الْوَهْمِ. اهـ. قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ هَذِهِ الْعِبَارَةَ وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَ السُّلْطَانِ جَعَلْتُك قَاضِيَ الْقُضَاةِ كَالتَّنْصِيصِ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الْمَنْشُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي. اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَاضِيَ دِمَشْقَ وَمِصْرَ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْمُدُنِ الْعَظِيمَةِ يُسَمَّى قَاضِيَ الْقُضَاةِ فِي زَمَانِنَا فَيَصِحُّ نَصْبُهُ الْوَصِيَّ وَالْمُتَوَلِّيَ وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَيْهِ فِي مَنْشُورِهِ فَإِذَا عُلِمَ تَوْلِيَةُ الْمُتَوَلِّي مِنْ جِهَةِ أَحَدِ هَؤُلَاءِ الْقُضَاةِ صَحَّ إيجَارُهُ وَبَقِيَّةُ تَصَرُّفَاتِهِ وَالتَّنْصِيصُ عَلَى كَوْنِهِ تَوَلَّى مِنْ جِهَةِ قَاضِي كَذَا إنَّمَا هُوَ لِزِيَادَةِ الِاسْتِيثَاقِ بِالصَّكِّ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ فَالْأَوْثَقُ أَنْ يَكْتُبَ إلَخْ فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ ذَلِكَ نَعَمْ إذَا رُفِعَ تَصَرُّفُهُ إلَى قَاضٍ يَحْكُمُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ إذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ كَمَا لَوْ آجَرَ دَارًا مَثَلًا ثُمَّ أَنْكَرَ الْإِيجَارَ وَأَثْبَتَهُ خَصْمُهُ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِثُبُوتِ الْإِيجَارِ لَا بِصِحَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ صِحَّةُ تَوْلِيَتِهِ كَمَا لَوْ بَاعَ رَجُلٌ دَارًا أَوْ وَقَفَهَا أَوْ أَجَّرَهَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِنَفْسِ الْبَيْعِ أَوْ الْوَقْفِ أَوْ الْإِيجَارِ أَمَّا الْحُكْمُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ ثُبُوتِ مِلْكِهِ لِذَلِكَ أَوْ نِيَابَتِهِ عَنْ الْمَالِكِ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ عَنْ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ حَيْثُ سُئِلَ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِوَقْفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ ثُبُوتُ مِلْكِ الْوَاقِفِ أَوْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُؤَجِّرِ وَحِيَازَتُهُ أَمْ لَا أَجَابَ إنَّمَا يُحْكَمُ بِالصِّحَّةِ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا وَقَفَهُ أَوْ أَنَّ لَهُ وِلَايَةَ الْإِيجَارِ أَوْ الْبَيْعِ لِمَا بَاعَهُ إمَّا بِمِلْكٍ أَوْ نِيَابَةٍ وَكَذَا فِي الْوَقْفِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَا يُحْكَمُ بِالصِّحَّةِ بَلْ بِنَفْسِ الْوَقْفِ وَالْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ. اهـ. فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْمُفْرَدَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ

لِجَمَاعَةٍ تَيْمَارِيَّةٍ قَرْيَةٌ وَمَزَارِعُ جَارِيَةٌ فِي تَيْمَارِهِمْ وَأَقْطَاعِهِمْ بِمُوجِبِ بَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ بِيَدِهِمْ فَآجَرُوا ذَلِكَ جَمِيعَهُ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو لِمُدَّةِ سَنَةٍ مَعْلُومَةٍ إجَارَةً لَازِمَةً لِلزِّرَاعَةِ الشَّتْوِيَّةِ وَالصَّيْفِيَّةِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَصَدَرَ ذَلِكَ لَدَى قَاضٍ شَافِعِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ صَدَرَتْ لِغَيْرِ الزَّرَّاعِ وَكَانَتْ إقْطَاعًا وَمِنْ رَجُلَيْنِ نِصْفَيْنِ فِي حُكْمِ الشُّيُوعِ حُكْمًا شَرْعِيًّا مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ بَعْدَ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ وَالشَّهَادَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ فِي ثُبُوتِ أَجْرِ الْمِثْلِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أَفْتَى مُفْتِي مَذْهَبِهِ بِالْعَمَلِ بِمَضْمُونِهَا وَأَنْفَذَ حُكْمَهُ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أُخْرَى هَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِ الْحُجَّتَيْنِ الْمَزْبُورَتَيْنِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي مَجْرَى مَاءٍ جَارٍ مَعَ حَقِّهِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَاءِ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَفِي اسْتِئْجَارِ وَاحْتِكَارِ زَيْدٍ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَمَاتَ زَيْدٌ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى الْإِجَارَةُ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إنْ عَقَدَهَا لِنَفْسِهِ وَإِنْ عَقَدَهَا لِغَيْرِهِ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ كَالْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ وَالْمُتَوَلِّي فِي الْوَقْفِ. اهـ. وَتَمَامُهُ فِي فَتَاوَى ابْنِ الشَّلَبِيِّ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ سُئِلَ عَنْ شَخْصٍ اسْتَأْجَرَ عَقَارًا وَآجَرَهُ مِنْ آخَرَ وَمَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ هَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ أَجَابَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى ابْنِ الشَّلَبِيِّ وَفِي فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ لِنَفْسِهِ مَصْبَغَةً مِنْ مُتَوَلٍّ بِأُجْرَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِمُدَّةٍ مُعِينَةٍ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ فَهَلْ إذَا رُفِعَتْ الْقَضِيَّةُ إلَى حَاكِمٍ حَنَفِيٍّ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِانْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَهَلْ إذَا كَانَ الْحَاكِمُ الشَّافِعِيُّ حَكَمَ بِمُوجَبِ عَقْدِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ يَكُونُ حُكْمُهُ بِالْمُوجَبِ مَانِعًا لِلْحَنَفِيِّ بِانْفِسَاخِهَا أَجَابَ نَعَمْ لِلْقَاضِي الْحَنَفِيِّ أَنْ يَحْكُمَ بِانْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَذْكُورِ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ حُكْمُ الشَّافِعِيِّ بِالْمُوجَبِ عَلَى مَا حَرَّرَهُ الشَّيْخُ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ الْغَرْسِ فِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ وَإِنْ كَانَ فِي سَيْفِ الْقُضَاةِ لِلْكَافِيجِيِّ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ إنَّ الْحُكْمَ مِنْ الشَّافِعِيِّ بِالصِّحَّةِ لَا يَمْنَعُ الْحَنَفِيَّ مِنْ إبْطَالِهَا بِالْمَوْتِ وَإِنْ كَانَ بِالْمُوجَبِ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ مُوجَبِهَا الدَّوَامَ وَالِاسْتِمْرَارَ لِلْوَارِثِ لَكِنْ يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى مَا فِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ لِظُهُورِ وَجْهِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ. (سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ اسْتَأْجَرَ عَيْنًا ثُمَّ أَجَّرَهَا ثُمَّ مَاتَ فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ (فَأَجَابَ) إذَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ الْأُولَى انْفَسَخَتْ الثَّانِيَةُ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَ الْعَلَامَةُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْغَزِّيُّ وَفِي الْمُضْمَرَاتِ الْمُسْتَأْجِرُ إذَا آجَرَ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ دَفَعَ إلَى غَيْرِهِ مُزَارَعَةً ثُمَّ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الْأَوَّلَ فَسَخَ الْعَقْدَ هَلْ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ الثَّانِي اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ صُورَةِ الِاسْتِفْتَاءِ فَإِنَّهَا مَوْضُوعَةٌ فِيمَا إذَا انْفَسَخَتْ بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَعِبَارَتُهُ تَشْمَلُ مَا إذَا فُسِخَتْ لِذَلِكَ أَوْ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَازَرُونِيٌّ. وَفِيهِ عَنْ فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ سُئِلَ عَمَّنْ آجَرَ عَقَارًا مِنْ آخَرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَتَسَلَّمَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَآجَرَهُ مِنْ آخَرَ مُدَّةَ تَوَاجُرِهِ وَتَسَلَّمَ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَجِّرَ الْأَوَّلَ وَالْمُسْتَأْجِرَ مِنْهُ تَقَايَلَا الْإِجَارَةَ هَلْ التَّقَايُلُ صَحِيحٌ مُبْطِلٌ لِلْإِيجَارِ الثَّانِي أَمْ لَا أَجَابَ نَعَمْ التَّقَايُلُ صَحِيحٌ وَتَنْفَسِخُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (أَقُولُ) وَوَجْهُهُ أَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ وَهِيَ تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَالْمُسْتَأْجِرُ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ كُلِّ يَوْمٍ بِيَوْمِهِ فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ فَصَحَّ التَّقَايُلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ الْمُسْتَقْبَلَةَ وَإِذَا انْفَسَخَتْ بِالْمُقَايَلَةِ لَمْ يَبْقَ لَهُ حَقٌّ فِيمَا يَحْدُثُ مِنْ الْمَنَافِعِ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِيَوْمِهِ فَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْأُولَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ عَمْرًا وَهُمَا بِدِمَشْقِ الشَّامِ لِيَأْتِيَ عَمْرٌو بِعِيَالِ زَيْدٍ عَلَى دَوَابِّهِ مِنْ مَدِينَةِ حِمْصَ إلَى دِمَشْقَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ جَعَلَهَا لَهُ وَذَهَبَا إلَى حِمْصَ وَشَرَعَ زَيْدٌ فِي قَضَاءِ مَصْلَحَةٍ لَهُ فِيهَا فَذَهَبَ عَمْرٌو وَرَجَعَ لِدِمَشْقَ وَلَمْ يَحْمِلْ الْعِيَالَ وَلَمْ يَنْقُلْهُمْ بِاخْتِيَارِهِ وَيُطَالِبُ

زَيْدًا بِالْأَجْرِ الَّذِي جَعَلَهُ لَهُ فَهَلْ لَا يَلْزَمُ زَيْدًا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَمَنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَجِيءَ بِعِيَالِهِ فَوَجَدَ بَعْضَهُمْ قَدْ مَاتَ فَأَتَى بِمَنْ بَقِيَ فَلَهُ أَجْرُهُ بِحِسَابِهِ لَوْ كَانُوا مَعْلُومِينَ أَيْ بِالْعَدِّ كَمَا فِي الْبُرْهَانِيِّ وَإِلَّا فَكُلُّهُ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ فَإِنْ جُهِلُوا فَسَدَتْ وَلَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْكَرْمَانِيِّ عَنْ الْهِنْدُوَانِيِّ أَنَّ الْمَعْلُومِينَ لَوْ كَانَتْ مُؤْنَةُ بَعْضِهِمْ كَكُلِّهِمْ فَلَهُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ مُقَابَلٌ بِنَقْلِ الْعِيَالِ لَا بِقَطْعِ الْمَسَافَةِ حَتَّى لَوْ ذَهَبَ وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدًا مِنْهُمْ لَمْ يَسْتَوْجِبْ شَيْئًا. اهـ. فَتَنَبَّهْ شَرْحُ الْمُلْتَقَيْ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ الْإِجَارَةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ جِمَالًا مَعْلُومَةً لِيَحْمِلَهَا إلَى بَلَدِ كَذَا ثُمَّ بَدَا لَهُ تَرْكُ الذَّهَابِ إلَى تِلْكَ الْبَلْدَةِ لِرَأْيٍ ظَهَرَ لَهُ فَهَلْ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَبَدَاءُ مُكْتَرِي دَابَّةٍ مِنْ سَفَرٍ فَإِنَّهُ عُذْرٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَضَى عَلَى مُوجَبِ الْعَقْدِ لَزِمَهُ ضَرَرٌ زَائِدٌ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ قَصْدِهِ سَفَرَ الْحَجِّ فَذَهَبَ وَقْتُهُ أَوْ طَلَبَ غَرِيمٌ لَهُ فَحَضَرَ أَوْ التِّجَارَةَ فَافْتَقَرَ وَهُوَ بِالْمَدِّ مَصْدَرُ بَدَا لَهُ أَيْ ظَهَرَ لَهُ فِيهِ رَأْيٌ غَيْرُ الْأَوَّلِ مَنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ مِنَحٌ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ. (سُئِلَ) فِي مُتَوَلِّي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ أَسْكَنَ دَارَ الْوَقْفِ رَجُلًا بِلَا أُجْرَةٍ وَلَا إجَارَةٍ وَسَكَنَ الرَّجُلُ مُدَّةً فَهَلْ عَلَى السَّاكِنِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَعْدَ الثُّبُوتِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْفَتَاوَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ ذَا أَسْكَنَ رَجُلًا دَارَ الْوَقْفِ بِغَيْرِ أَجْرٍ ذَكَرَ هِلَالٌ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى السَّاكِنِ وَعَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ أَجْرَ الْمِثْلِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ لَمْ تَكُنْ صِيَانَةً لِلْوَقْفِ عَنْ أَيْدِي الظَّلَمَةِ وَقَطْعًا لِلْأَطْمَاعِ الْفَاسِدَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَكَذَا الرَّجُلُ إذَا سَكَنَ دَارَ الْوَقْفِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَاقِفِ وَبِغَيْرِ أَمْرِ الْقَيِّمِ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ الْعَاشِرِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ. (سُئِلَ) فِي مُتَوَلٍّ آجَرَ أَرْضِ الْوَقْفِ لِغَيْرِ الْمُزَارِعِ بِلَا رِضَاهُ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ تَكُونُ إجَارَتُهُ غَيْرَ جَائِزَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْمُزَارَعَةِ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ فِي تَفْرِيعَاتٍ عَلَى الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ مَا نَصُّهُ لَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْأَرْضِ بِلَا رِضَا الْمُزَارِعِ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مَمْلُوكَةٍ لِجَمَاعَةٍ سَكَنَهَا بَعْضُهُمْ بَعْدَمَا اسْتَأْجَرُوا حِصَّةَ الْبَاقِينَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَبَقُوا سَاكِنِينَ بِدُونِ إجَارَةٍ وَالْمُؤَجِّرُونَ يُطَالِبُونَهُمْ بِأُجْرَةِ حِصَّتِهِمْ فَهَلْ يَلْزَمُ السَّاكِنِينَ أُجْرَةُ حِصَّةِ الْبَاقِينَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ سَكَنَ دَارَ غَيْرِهِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ إلَّا إذَا تَقَاضَاهُ رَبُّ الدَّارِ بِالْأَجْرِ وَسَكَنَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ الْتِزَامًا أَوْ كَانَتْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ بَزَّازِيَّةٌ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ تَوَافَقَتْ مَعَ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَحْمِلَهَا فِي فَرْدَةِ مِحَفَّةٍ عَلَى جَمَلٍ وَيَقُومَ بِمَأْكَلِهَا وَمَشْرَبِهَا مِنْ دِمَشْقَ إلَى مَكَّةَ وَجَعَلَتْ لَهُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ دَفَعَتْهُ لَهُ فَأَرْكَبَهَا وَقَامَ بِمَأْكَلِهَا وَمَشْرَبِهَا حَتَّى مَاتَتْ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَنْ وَرَثَةٍ يُرِيدُونَ مُحَاسَبَةَ الرَّجُلِ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِ رُكُوبِ الْمُوَرِّثَةِ إلَى مَكَانِ مَوْتِهَا وَقَدْرِ مَأْكَلِهَا وَمَشْرَبِهَا وَمُطَالَبَتِهِ بِمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي مَجْرَى مَاءٍ مَعْلُومٍ يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ مِنْ فَائِضِ مَطْهَرَةِ وَقْفٍ جَارٍ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَفِي احْتِكَارِ جِهَةِ وَقْفٍ آخَرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالْآنَ تَعَطَّلَ أَصْلُ الْمَجْرَى قَبْلَ دُخُولِهِ لِلْمَطْهَرَةِ وَانْقَطَعَ جَرَيَانُهُ وَصَرَفَ مُتَوَلِّي وَقْفِ الْمَطْهَرَةِ فِي تَعْمِيرِهِ مَبْلَغًا مَعْلُومًا وَيُكَلِّفُ نَاظِرَ الْوَقْفِ الْآخَرَ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ بَعْضَ الْمَبْلَغِ زَاعِمًا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُ الْوَقْفُ الْآخَرُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَعِمَارَةُ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَتَطْيِينُهَا وَإِصْلَاحُ الْمِيزَابِ وَمَا كَانَ مِنْ بِنَاءٍ عَلَى رَبِّ الدَّارِ تَنْوِيرٌ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ. (سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ اسْتَأْجَرُوا أَرَاضِيَ قَرْيَةٍ مَوْقُوفَةٍ مِنْ مُتَوَلِّي وَقْفٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ كَذَلِكَ لِيَزْرَعُوهَا فَقَلَّ مَاؤُهَا الْمَعْلُومُ لَهَا بِحَيْثُ إنَّهُ لَا يَصِلُ إلَيْهَا بَلْ يَذْهَبُ فِي مَجْرَاهُ وَيُرِيدُونَ مُخَاصَمَةَ الْمُتَوَلِّي لِيَفْسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا وَقَلَّ مَاؤُهَا

وَانْقَطَعَ فَلَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْآخَرَ حَتَّى يَفْسَخَ الْقَاضِي الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا ذَخِيرَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسَ عَشَرَ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا تَيْمَارِيَّةً مِنْ أَرْبَابِهَا لِلزِّرَاعَةِ فَزَرَعَهَا وَكَانَتْ تُسْقَى بِمَاءِ الْمَطَرِ فَانْقَطَعَ الْمَطَرُ وَيَبِسَ الزَّرْعُ فَهَلْ يَسْقُطُ الْأَجْرُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَانْقَطَعَ الْمَاءُ فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تُسْقَى بِمَاءِ الْمَطَرِ فَانْقَطَعَ الْمَطَرُ أَيْضًا فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا ذَخِيرَةٌ فِي 15 اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فَزَرَعَهَا وَكَانَتْ تُسْقَى بِالْمَطَرِ فَلَمْ تُمْطِرْ أَوْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ لِلسَّقْيِ فَيَبِسَ الزَّرْعُ سَقَطَ الْأَجْرُ اسْتَأْجَرَهَا بِشُرْبِهَا أَوْ لَا بَزَّازِيَّةٌ مِنْ نَوْعِ إجَارَةِ الْأَرْضِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ التُّمُرْتَاشِيُّ نَاقِلًا ذَلِكَ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَأَفْتَى بِهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ أَيْضًا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ رَحَى مَاءٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَتَسَلَّمَهَا مِنْ مُؤَجِّرِهَا ثُمَّ طَغَى الْمَاءُ وَزَادَ زِيَادَةً مَنَعَتْهُ عَنْ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَقْصُودِ بَعْضَ الْمُدَّةِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ الْأَجْرُ عَنْ بَعْضِ الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِهِ لِيَزْرَعَهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً فَزَرَعَهَا ثُمَّ أَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ سَمَاوِيَّةٌ وَهَلَكَ بِهَا الزَّرْعُ وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ هَلَاكِهِ مُدَّةً يَتَمَكَّنُ الرَّجُلُ فِيهَا مِنْ إعَادَةِ مَا هَلَكَ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ تِلْكَ الْمُدَّةِ؟ (الْجَوَابُ) : لَا أَجْرَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ بَعْدَ هَلَاكِ الزَّرْعِ إلَّا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ إعَادَةِ زَرْعٍ مِثْلِهِ أَوْ دُونَهُ فِي الضَّرَرِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي لِسَانِ الْحُكَّامِ وَالْمُحِيطِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِيمَنْ آجَرَ مَكَانًا هُوَ مِلْكُهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَأَرَادَ فَسْخَ الْإِجَارَةِ فِي الْمُدَّةِ زَاعِمًا أَنَّ رَجُلًا زَادَ فِي الْأُجْرَةِ وَأَنَّ لَهُ قَبُولَ الزِّيَادَةِ وَفَسْخَ الْإِجَارَةِ بِهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِنْ زِيدَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ فِي مِلْكٍ لَمْ تُقْبَلْ مُطْلَقًا كَمَا لَوْ رَخُصَتْ وَهُوَ شَامِلٌ لِمَالِ الْيَتِيمِ بِعُمُومِهِ أَشْبَاهٌ مِنْ الْإِجَارَةِ وَنَقَلَهُ الْعَلَائِيُّ عَنْهُ أَيْضًا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ وَكِيلُ الْمُؤَجِّرِ فَهَلْ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الْوَكِيلِ كَمَا فِي الْفَتَاوَى وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِ الْآجِرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْوَكِيلِ وَلَا بِمَوْتِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَلَا بِبُلُوغِ الصَّبِيِّ وَتَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ خَانِيَّةٌ مِنْ أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ وَكَذَلِكَ أَفْتَى الْمُؤَلِّفُ بِعَدَمِ الِانْفِسَاخِ فِيمَا إذَا مَاتَ نَاظِرُ وَقْفٍ اسْتَأْجَرَ بِمَالِ الْوَقْفِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ عَقَارَاتِ وَقْفٍ آخَرَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا جَرَتْ عَادَةُ أَهْلِ مَوْضِعٍ أَنَّ الرَّاعِيَ إذَا أَدْخَلَ الْمَوَاشِيَ فِي سِكَكِ الْقَرْيَةِ أَرْسَلَ كُلَّ شَاةٍ فِي سِكَّةِ صَاحِبِهَا فَفَعَلَ الرَّاعِي ذَلِكَ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ خِلَافًا عِنْدَهُمْ فَضَاعَتْ شَاةٌ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَى صَاحِبِهَا فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الذَّخِيرَةِ أَهْلُ مَوْضِعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بَيْنَهُمْ أَنَّ الْبَقَّارَ إذَا أَدْخَلَ السَّرْحَ فِي السِّكَكِ أَرْسَلَ كُلَّ بَقَرَةٍ فِي سِكَّةِ صَاحِبِهَا فَفَعَلَ الرَّاعِي كَذَلِكَ فَضَاعَتْ بَقَرَةٌ أَوْ شَاةٌ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إلَى صَاحِبِهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ كَالْمَشْرُوطِ كَذَا قَالَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إذَا لَمْ يُعَدَّ ذَلِكَ خِلَافًا لَا ضَمَانَ عِمَادِيَّةٌ مِنْ ضَمَانِ الرَّاعِي. (سُئِلَ) فِي بِرْكَةِ مَاءٍ فِي مَدْرَسَةٍ فِيهَا فَائِضَانِ مُحْتَكَرٌ مَجْرَاهُمَا مَعَ جَمِيعِ مَا يُفِيضُ مِنْ الْمَاءِ إلَى دَارَيْنِ مَعْلُومَتَيْنِ بِمُوجِبِ حُجَجِ احْتِكَارَاتٍ شَرْعِيَّةٍ فَأَحْدَثَ مُتَوَلِّي الْمَدْرَسَةِ فَائِضًا ثَالِثًا وَأَحْكَرَ مَجْرَاهُ بِقَدْرِ ثُلُثِ الْمَاءِ لِعَمْرٍو بِدُونِ إذْنٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي عَقَارَاتٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ بِرٍّ وَفِي تَوَاجِرِ زَيْدٍ مِنْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ هِيَ دُونَ أَجْرِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ ظَاهِرٍ يَشْهَدُ بِهِ الْحِسُّ وَالْمُعَايَنَةُ وَأَهْلُ النَّظَرِ وَالدِّرَايَةِ مِنْ الثِّقَاتِ الْعُدُولِ وَأَذِنَ الْمُتَوَلِّي الْمَزْبُورُ لِزَيْدٍ الْمُسْتَأْجِرِ بِتَعْمِيرِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْعَقَارَاتُ مِنْ الْعِمَارَةِ مِنْ مَالِهِ وَمَهْمَا يَصْرِفُهُ يَكُنْ مَرْصَدًا لَهُ عَلَى رَقَبَةِ الْمَأْجُورِ وَصَدَرَ الِاسْتِئْجَارُ وَالْإِذْنُ لَدَى قَاضٍ حَنْبَلِيٍّ فَعَمَّرَ زَيْدٌ فِي الْعَقَارَاتِ وَصَرَفَ عَلَيْهَا مَبْلَغًا مَعْلُومًا مَعَ أَنَّ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ مَالًا حَاصِلًا يُمْكِنُ صَرْفُ ذَلِكَ مِنْهُ

حَالَ صُدُورِ الِاسْتِئْجَارِ وَالْإِذْنِ وَبَعْدَهُمَا وَانْتَفَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْمَأْجُورِ الْمَذْكُورِ مُدَّةً ثُمَّ تَوَلَّى الْوَقْفَ رَجُلٌ آخَرُ وَيُرِيدُ مُطَالَبَةَ الْمُسْتَأْجِرِ بِتَمَامِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي مُدَّةِ انْتِفَاعِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِلْمُتَوَلِّي الْمَزْبُورِ مُطَالَبَةُ الْمُسْتَأْجِرِ بِذَلِكَ لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ بِكَوْنِهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ لِمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ مُتَوَلِّي أَرْضِ الْوَقْفِ آجَرَهَا بِغَيْرِ أَجْرِ الْمِثْلِ يَلْزَمُ مُسْتَأْجِرَهَا تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ. اهـ. وَفِي الْبَحْرِ أَنَّ إجَارَةَ الْوَقْفِ لَا تَجُوزُ إلَّا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ. اهـ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا زَعَمَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَزْبُورُ أَنَّ لَهُ حَبْسَ عَيْنِ الْمَأْجُورِ لِاسْتِيفَاءِ مَرْصَدِهِ عَلَى فَرْضِ صِحَّةِ الصَّرْفِ الْمَزْبُورِ وَأَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَزْبُورَ دَيْنٌ عَلَى عَيْنِ الْمَأْجُورِ لَا عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ وَأَرَادَ الْمُتَوَلِّي مُحَاسَبَةَ الْمُسْتَأْجِرِ بِتَمَامِ أَجْرِ الْمِثْلِ وَمُسَاقَطَتَهُ بِهِ مِنْ الْمَبْلَغِ الَّذِي صَرَفَهُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَزْبُورُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ الْجَوَابُ نَعَمْ لِلْمُتَوَلِّي ذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْمَرْصَدِ الْمَزْبُورِ وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ زَعْمِ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ (أَقُولُ) حَيْثُ كَانَتْ الْإِجَارَةُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ تَكُونُ فَاسِدَةً فَيَفْسُدُ مَا فِي ضِمْنِهَا مِنْ الْإِذْنِ بِالْعِمَارَةِ كَمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ عَنْ فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ وَسَيَأْتِي سُؤَالٌ وَجَوَابٌ عَنْ جَدِّ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْإِذْنَ بِالْغِرَاسِ بَاطِلٌ إذَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ وَعَلَّلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِيمَا سَيَأْتِي بِأَنَّ الشَّيْءَ إذَا بَطَلَ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ فَتَنَبَّهْ لَكِنْ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِجَارَاتِ مِنْ الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ مَا يُخَالِفُهُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ. (سُئِلَ) فِي رَحَى مَاءٍ جَارِيَةٍ فِي تَوَاجِرِ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهَا فَانْقَطَعَ مَاؤُهَا فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَيُرِيدُ الرَّجُلُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتُفْسَخُ الْإِجَارَةُ أَيْ لِلْمُسْتَأْجِرِ وِلَايَةُ الْفَسْخِ لَا أَنَّهَا تَنْفَسِخُ لِاحْتِمَالِ الِانْتِفَاعِ بِوَجْهٍ آخَرَ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَالرُّؤْيَةِ وَبِعَيْبٍ يُفَوِّتُ النَّفْعَ بِهِ كَخَرَابِ الدَّارِ وَانْقِطَاعِ مَاءِ الرَّحَى وَانْقِطَاعِ مَاءِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يُفَوِّتُ النَّفْعَ فَيَثْبُتُ خِيَارُ الْفَسْخِ وَلَوْ انْقَطَعَ مَاءُ الرَّحَى وَالْبَيْتُ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ لِغَيْرِ الطَّحْنِ فَعَلَيْهِ مِنْ الْأُجْرَةِ حِصَّتُهُ؛ لِأَنَّهُ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ لَزِمَتْهُ حِصَّتُهُ زَيْلَعِيٌّ (أَقُولُ) كَتَبْت فِي أَوَّلِ بَابِ فَسْخِ الْإِجَارَةِ مِنْ حَاشِيَتِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مَا نَصُّهُ فَلَوْ لَمْ يَفْسَخْ حَتَّى عَادَ الْمَاءُ لَزِمَتْهُ وَيُرْفَعُ عَنْهُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِسَابِهِ قِيلَ حِسَابُ أَيَّامِ الِانْقِطَاعِ وَقِيلَ بِقَدْرِ حِصَّةِ مَا انْقَطَعَ مِنْ الْمَاءِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ يَشْهَدُ لَهُ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ الْمَاءُ إذَا انْقَطَعَ الشَّهْرَ كُلَّهُ وَلَمْ يَفْسَخْهَا الْمُسْتَأْجِرُ حَتَّى مَضَى الشَّهْرُ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ مَنْفَعَةُ السُّكْنَى مَعْقُودًا عَلَيْهَا مَعَ مَنْفَعَةِ الطَّحْنِ وَجَبَ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّ مَنْفَعَةَ السُّكْنَى كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَجْرُ بَيْتِ الرَّحَى صَالِحًا لِغَيْرِ الطَّحْنِ كَالسُّكْنَى مَا لَمْ تَكُنْ مَعْقُودًا عَلَيْهَا وَنَقَلَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ عَنْ الْقُدُورِيِّ إنْ كَانَ الْبَيْتُ يُنْتَفَعُ بِهِ لِغَيْرِ الطَّحْنِ فَعَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ بِحِصَّتِهِ اهـ. وَنَحْوُهُ مَا فِي الزَّيْلَعِيِّ تَأَمَّلْ. اهـ. مَا كَتَبْته فَعُلِمَ أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ مِنْ أَنَّ عَلَيْهِ مِنْ الْأُجْرَةِ حِصَّتَهُ أَيْ حِصَّةَ بَيْتِ الرَّحَى مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَنْفَعَةَ السُّكْنَى مَعْقُودٌ عَلَيْهَا مَعَ مَنْفَعَةِ الطَّحْنِ بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْقُدُورِيِّ وَإِلَّا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِرِوَايَةِ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ مِنْ كُتُبِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ وَكَتَبْت فِيهَا أَيْضًا أَنَّ الِانْقِطَاعَ غَيْرُ قَيْدٍ لِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ أَيْضًا وَإِذَا انْتَقَصَ الْمَاءُ فَإِنْ فَاحِشًا فَلَهُ حَقُّ الْفَسْخِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ الْقُدُورِيُّ إذَا صَارَ يَطْحَنُ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ فَهُوَ فَاحِشٌ وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ لَوْ يَطْحَنُ عَلَى النِّصْفِ لَهُ الْفَسْخُ وَهَذِهِ تُخَالِفُ رِوَايَةَ الْقُدُورِيِّ وَلَوْ لَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى طَحَنَ كَانَ رِضًا مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَهُ. اهـ. مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سَكَنَ فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَيْتَامٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِ حِصَّةِ الْأَيْتَامِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ مِنْ الشَّرِكَةِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ وَكَذَا فِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ أُمَّ يَتِيمَتَيْنِ وَسَكَنَ فِي دَارِهِمَا.

سُئِلَ) فِي يَتِيمَيْنِ اسْتَعْمَلَهُمَا قَرِيبُهُمَا فِي أَعْمَالٍ شَتَّى بِلَا إذْنِ الْحَاكِمِ وَلَا إجَارَةٍ وَكَانَ يُطْعِمُهُمَا وَيَسْقِيهِمَا وَيُعْطِيهِمَا بَعْضَ الْأَحْيَانِ دَرَاهِمَ وَذَلِكَ قَدْرُ أُجْرَةِ مِثْلِهِمَا ثُمَّ بَلَغَا وَطَلَبَا مِنْهُ أَجْرَ مِثْلِهِمَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَتِيمٌ لَا أَبَ لَهُ وَلَا أُمَّ أَيْضًا اسْتَعْمَلَهُ أَقْرِبَاؤُهُ مُدَّةً فِي أَعْمَالٍ شَتَّى بِلَا إذْنِ الْحَاكِمِ وَبِلَا إجَارَةٍ لَهُ طَلَبُ أَجْرِ الْمِثْلِ بَعْدَ الْبُلُوغِ إنْ كَانَ مَا يُعْطُونَهُ مِنْ الْكِسْوَةِ وَالْكِفَايَةِ لَا يُسَاوِي أَجْرَ الْمِثْلِ بَزَّازِيَّةٌ فِي نَوْعِ الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. (سُئِلَ) فِي خَانٍ مَعْلُومٍ جَارٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَفِي تَوَاجِرِ زَيْدٍ مِنْ نَاظِرَيْ وَقْفِهِ مُدَّةَ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ وَلَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ فِي حَادِثَةِ الْمُدَّةِ ثُمَّ زَادَ رَجُلٌ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ نَحْوَ ثُلُثِ أُجْرَتِهِ فَهَلْ يُؤَجَّرُ مِمَّنْ زَادَ مِنْ غَيْرِ عَرْضٍ عَلَى زَيْدٍ لِفَسَادِ إجَارَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَمْ تَزِدْ فِي الْأَوْقَافِ عَلَى ثَلَاثٍ فِي الضِّيَاعِ وَعَلَى سَنَةٍ فِي غَيْرِهَا فَلَوْ آجَرَهَا الْمُتَوَلِّي أَكْثَرَ لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ وَتُفْسَخُ فِي كُلِّ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ إذَا فَسَدَ فِي بَعْضِهِ فَسَدَ فِي كُلِّهِ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَرَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ إلَخْ عَلَائِيٌّ مِنْ الْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ وَقْفًا فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً آجَرَهَا النَّاظِرُ بِلَا عَرْضٍ عَلَى الْأَوَّلِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ أَشْبَاهٌ مِنْ الْإِجَارَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا آجَرَ زَيْدٌ النَّاظِرُ دَارَ الْوَقْفِ مِنْ عَمْرٍو مُدَّةَ سَنَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ زَادَ رَجُلٌ فِي أُجْرَتِهَا زِيَادَةً مُعْتَبَرَةً هِيَ مِقْدَارُ الْخُمُسِ فَهَلْ تُؤَجَّرُ مِنْ الرَّجُلِ؟ (الْجَوَابُ) : تُعْرَضُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ قَبِلَهَا فِيهَا وَإِلَّا تُؤَجَّرُ مِنْ الرَّجُلِ (أَقُولُ) وَقَعَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ أَنَّهَا تُنْقَضُ عِنْدَ الزِّيَادَةِ الْفَاحِشَةِ وَذَكَرَ فِي وَقْفِ الْبَحْرِ أَنَّ الدِّرْهَمَ فِي الْعَشَرَةِ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ بِخِلَافِ الدِّرْهَمَيْنِ أَيْ فَهُمَا زِيَادَةٌ فَاحِشَةٌ وَلِهَذَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي السُّؤَالِ هِيَ مِقْدَارُ الْخُمُسِ وَمِثْلُهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ لَكِنْ نَقَلَ الْبِيرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْحَاوِي الْحَصِيرِيِّ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْفَاحِشَةَ قَدْرُ النِّصْفِ فَتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ آجَرَهَا النَّاظِرُ مِنْ زَيْدٍ مُدَّةَ سَنَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ زَادَ رَجُلٌ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ فِي أُجْرَتِهَا زِيَادَةً مُعْتَبَرَةً هِيَ أُجْرَةُ مِثْلِهَا يَوْمَ الزِّيَادَةِ فَهَلْ تُعْرَضُ الزِّيَادَةُ عَلَى زَيْدٍ فَإِنْ قَبِلَهَا فَهُوَ الْأَحَقُّ بِهَا وَإِلَّا آجَرَهَا مِنْ الْآخَرِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصَحِّ التَّصْحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّ النَّاظِرَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ بِالزِّيَادَةِ الْعَارِضَةِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ كَمَا حَرَّرْته فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ ثُمَّ إنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ عِبَارَةِ الْأَشْبَاهِ الْمَارَّةِ آنِفًا أَنَّ الْعَرْضَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ خَاصٌّ بِالْوَقْفِ أَمَّا الْمَالِكُ لَوْ أَجَّرَ دَارِهِ مَثَلًا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فَلَهُ إيجَارُهَا مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ عَدَمَ إيجَارِهَا أَصْلًا بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ لِلْغَلَّةِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إيجَارِهِ فَإِيجَارُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ تَعَنُّتٌ إلَّا إنْ زَادَ عَلَيْهِ آخَرُ فِي الْأُجْرَةِ وَلَمْ يَقْبَلْ الْأَوَّلُ الزِّيَادَةَ فَتُؤَجَّرُ مِنْ الْآخَرِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي تَأَمَّلْ بَقِيَ لَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً وَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَآجَرَهَا نَاظِرُ الْوَقْفِ مِنْ آخَرَ قَبْلَ الْعَرْضِ عَلَى الْأَوَّلِ وَطَلَبَهَا الْأَوَّلُ هَلْ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ لِكَوْنِهِ أَحَقَّ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إيجَارُهَا لِغَيْرِهِ أَمْ لَا لِكَوْنِ مَعْنَى كَوْنِهِ أَحَقَّ أَنَّهُ أَوْلَى وَأَنَّ الْعَرْضَ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاجِبٍ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا فِي كَلَامِهِمْ فَتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي مَزْرَعَةٍ مِيرِيَّةٍ مَعْلُومَةٍ أَجَّرَهَا الْمُفَوَّضُ لَهُ أَمْرُهَا

مِنْ رَجُلٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هِيَ دُونَ أُجْرَةِ مِثْلِهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ ثُمَّ زَادَ رَجُلٌ آخَرُ فِي أُجْرَتِهَا زِيَادَةً مُعْتَبَرَةً نَحْوَ نِصْفِ الْأُجْرَةِ الْمَرْقُومَةِ هِيَ أُجْرَةُ مِثْلِهَا وَيُرِيدُ الْمُتَكَلِّمُ عَلَيْهَا إيجَارَهَا مِنْهُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ أَرَاضِيَ بَيْتِ الْمَالِ يُسْلَكُ بِهَا مَسَالِكَ أَرْضِ الْوَقْفِ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَفِيهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ مُرَاعَاةُ مَصْلَحَةِ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا تَجِبُ مُرَاعَاةُ مَالِ الْيَتِيمِ وَمَا وَرَدَ فِيهِ غَيْرُ خَافٍ عَلَى فَقِيهٍ وَفِيهَا أَيْضًا نُزِّلَ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ مَنْزِلَةَ وَالِي الْيَتِيمِ وَفِيهَا أَيْضًا لِلتَّيْمَارِيِّ إجَارَتُهَا شَرْعًا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي فَتَاوَاهُ كَأَرْضِ الْوَقْفِ. اهـ. لَكِنْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُؤَجِّرُهَا التَّيْمَارِيُّ مِمَّنْ زَادَ بِالزِّيَادَةِ الْمَزْبُورَةِ مِنْ غَيْرِ عَرْضٍ عَلَى الْأَوَّلِ إذْ الْإِجَارَةُ الْأُولَى فَاسِدَةٌ لِكَوْنِهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَفِي الْفَاسِدَةِ تُؤَجَّرُ مِنْ غَيْرِ عَرْضٍ كَمَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ أَيْضًا مِنْ الدَّعْوَى أَنَّ أَرَاضِيَ بَيْتِ الْمَالِ جَرَتْ عَلَى رَقَبَتِهَا أَحْكَامُ الْوُقُوفِ الْمُؤَبَّدَةِ. اهـ. (أَقُولُ) مُقْتَضَى هَذَا أَنَّ أَرَاضِيَ بَيْتِ الْمَالِ لَا تُؤَجَّرُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ كَأَرَاضِي الْوَقْفِ وَالْيَتِيمِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ عَنْ فَتَاوَى الْمُرْشِدِيِّ مِنْ قَوْلِهِ وَأَمَّا كَوْنُ أَرَاضِيِ بَيْتِ الْمَالِ هَلْ تُؤَجَّرُ مُدَّةً طَوِيلَةً أَوْ قَصِيرَةً فَلَمْ أَجِدْ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ لَكِنْ لَمْ يُقَيِّدُوهَا بِالْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ كَمَا فَعَلُوا ذَلِكَ فِي الْأَوْقَافِ وَأَرْضِ الْيَتِيمِ وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي جَوَازَ الْإِجَارَةِ مُطْلَقًا قَلَّتْ الْمُدَّةُ أَوْ كَثُرَتْ وَأَيْضًا اتِّسَاعُهُمْ فِي جَوَازِ الصَّرْفِ لِلْإِمَامِ فِي الْبَيْعِ وَالْإِقْطَاعَاتِ يُفِيدُ جَوَازَ ذَلِكَ. اهـ. وَقَدْ اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَةِ تَحْتَ قَوْلِ الْمَاتِنِ وَلَا تُزَادُ فِي الْأَوْقَافِ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ إلَى أَنْ قَالَ مَا نَصُّهُ وَأَقُولُ أَيْضًا وَمِثْلُ عَقَارِ الْيَتِيمِ عَقَارُ بَيْتِ الْمَالِ فَتَأَمَّلْ. اهـ. (سُئِلَ) فِي أَمَاكِنَ مُعَدَّةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ هِنْدٍ وَجَمَاعَةٍ بِيَدِهِمْ تِلْكَ الْأَمَاكِنُ يُؤَجِّرُونَهَا وَيَأْخُذُونَ جَمِيعَ أُجْرَتِهَا لِأَنْفُسِهِمْ بِلَا وَكَالَةٍ عَنْ هِنْدٍ فِي حِصَّتِهَا وَلَا إجَازَةٍ مِنْهَا وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَمَضَى لِذَلِكَ مُدَّةٌ وَالْآنَ تُرِيدُ هِنْدٌ مُطَالَبَتَهُمْ بِأُجْرَةِ نَصِيبِهَا وَاسْتِرْدَادِ ذَلِكَ مِمَّا قَبَضُوهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الْغَاصِبُ إذَا أَجَّرَ مَا مَنَافِعُهُ مَضْمُونَةٌ مِنْ مَالِ وَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى لَا أَجْرُ الْمِثْلِ وَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَجْرُ الْمِثْلِ إنَّمَا يَرُدُّ مَا قَبَضَهُ أَشْبَاهٌ مِنْ الْغَصْبِ وَمِثْلُهُ فِي الْعَلَائِيِّ (أَقُولُ) أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْقُنْيَةِ وَعِبَارَتُهَا وَلَوْ غَصَبَ دَارًا مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ مَوْقُوفَةً أَوْ لِيَتِيمٍ وَآجَرَهَا وَسَكَنَهَا الْمُسْتَأْجِرُ يَلْزَمُهُ الْمُسَمَّى لَا أَجْرُ الْمِثْلِ قِيلَ لَهُ وَهَلْ يَلْزَمُ الْغَاصِبَ الْأَجْرُ لِمَنْ لَهُ الدَّارُ فَكَتَبَ لَا وَلَكِنْ يَرُدُّ مَا قَبَضَ عَلَى الْمَالِكِ وَهُوَ الْأَوْلَى ثُمَّ سُئِلَ أَيَلْزَمُ الْمُسَمَّى لِلْمَالِكِ أَوْ لِلْعَاقِدِ فَقَالَ لِلْعَاقِدِ وَلَا يَطِيبُ لَهُ بَلْ يَرُدُّهُ عَلَى الْمَالِكِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَتَصَدَّقُ بِهِ اهـ مَا فِي الْقُنْيَةِ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ فَإِنَّهُ جَعَلَ الْمُسَمَّى لِلْعَاقِدِ يَعْنِي الْغَاصِبَ وَأَنَّ رَدَّهُ عَلَى الْمَالِكِ أَوْلَى. لَكِنْ كَتَبْت فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ مَا نَصُّهُ بَعْدَ سَوْقِ عِبَارَةِ الْقُنْيَةِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ الصَّوَابُ أَنَّ هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَمَّا عَلَى مَا عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ فَعَلَى الْغَاصِبِ أَجْرُ الْمِثْلِ اهـ أَيْ إنْ كَانَ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرَ الْمِثْلِ أَوْ دُونَهُ فَلَوْ أَكْثَرَ يَرُدُّ الزَّائِدَ أَيْضًا لِعَدَمِ طِيبِهِ لَهُ كَمَا حَرَّرَهُ الْحَمَوِيُّ وَأَقَرَّهُ السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ أَبُو السُّعُودِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْأَشْبَاهِ. اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالْقُنْيَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ عَدَمِ تَحَقُّقِ غَصْبِ الْعَقَارِ مُطْلَقًا وَالْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ تَحَقُّقُهُ فِي الْوَقْفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ وَالْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ فَيَضْمَنُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ سَوَاءٌ اسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا أَوْ عَطَّلَهَا فَيَضْمَنُ الشُّرَكَاءُ فِي مَسْأَلَتِنَا حِصَّةَ هِنْدٍ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ تَبَعًا لِلدُّرَرِ أَنَّ مَنَافِعَ الْغَصْبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ اسْتَوْفَاهَا أَوْ عَطَّلَهَا إلَّا فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ لَا يُقَالُ يُسْتَثْنَى مِنْ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ مَا لَوْ سَكَنَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ

وَشَرْحِهِ وَهُنَا تَأْوِيلُ الْمِلْكِ مَوْجُودٌ فَإِنَّ الشَّرِيكَ لَهُ شُبْهَةُ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا إنَّمَا يَرِدُ لَوْ كَانَ الشُّرَكَاءُ قَدْ سَكَنُوا فِي تِلْكَ الْعَقَارَاتِ الْمُشْتَرَكَةِ وَلَمْ يَسْكُنُوهَا فِي مَسْأَلَتِنَا بَلْ أَجَّرُوهَا وَاسْتَوْفَوْا بَدَلَ مَنَافِعِهَا فَتُشَارِكُهُمْ هِنْدٌ فِي الْبَدَلِ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى السُّكْنَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ مَسْأَلَةً اسْتِطْرَادِيَّةً عَنْ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ أَجَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَأَخَذَ الْأَجْرَ ثُمَّ حَضَرَ الْآخَرُ فَلَهُ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيمَا أَخَذَ. اهـ. وَذَكَر أَيْضًا مَسْأَلَةً أُخْرَى عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَنَصُّهَا أَرْضٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ آجَرَ أَحَدُهُمَا الْكُلَّ مِنْ آخَرَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ إنْ آجَرَهَا لِنَفْسِهِ يَكُونُ حُكْمُهُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ بِحُكْمِ الْغَصْبِ لَا يَخْتَلِفُ وَالْحُكْمُ فِي الْغَصْبِ أَنَّ الْمَالِكَ إنْ أَجَازَ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ فَالْأُجْرَةُ لَهُ وَإِنْ أَجَازَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَالْأُجْرَةُ لِلْغَاصِبِ وَإِنْ أَجَازَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ أُجْرَةُ الْمَاضِي وَالْبَاقِي لِلْمَالِكِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ مَا مَضَى لِلْغَاصِبِ وَمَا بَقِيَ لِلْمَالِكِ وَإِنْ اخْتَلَفَا أَنَّهُ أَجَازَ فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَالِكِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ قَالَ كُنْت أَمَرْته بِذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى مِنْ الْإِجَارَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الثَّلَاثِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ وَأَنَّ قَوْلَهُ إنْ آجَرَهَا لِنَفْسِهِ أَيْ آجَرَهَا مِنْ غَيْرِهِ لِأَجْلِ نَفْسِهِ فَيَكُونُ غَاصِبًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ آجَرَهَا لِلْمَالِكِ فَيَكُونُ فُضُولِيًّا وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرُوهُ فِي إجَازَةِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ مِنْ الشُّرُوطِ وَمِنْهَا قِيَامُ الْمَبِيعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَقَاءَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ بِمَنْزِلَةِ قِيَامِ الْمَبِيعِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا انْقَطَعَ مَاءُ حَمَّامِ وَقْفٍ فِي تَوَاجِرِ زَيْدٍ وَلَمْ يُمْكِنْ جَرَيَانُهُ وَتَعَطَّلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ مُدَّةً وَلَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ فَهَلْ تَسْقُطُ أُجْرَتُهُ عَنْ زَيْدٍ فِي مُدَّةِ انْقِطَاعِ مَائِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْحَائِكُ وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ بِرَقْمِ عك انْسَدَّ رَاقُود الْحَمَّامِ فَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَهُوَ بِيَدِ الْمُسْتَأْجِرِ سَقَطَ أَجْرُ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَلَا تَبْقَى الْإِجَارَةُ إذَا لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ انْتِفَاعَ الْحَمَّامِ وَقِيلَ يَجِبُ الْأَجْرُ بِقَدْرِ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ لِلسُّكْنَى أَوْ رَبْطِ الدَّوَابِّ. اهـ. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ تَيْمَارِيَّةٍ جَارِيَةٍ فِي تَصَرُّفِ زَيْدٍ وَفِي مِشَدِّ مَسْكَتِهِ حَرَثَهَا جَمَاعَةٌ بِبَقَرِهِمْ بِدُونِ إذْنِ زَيْدٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ رَفْعَ يَدِهِمْ عَنْهَا وَيَمْتَنِعُونَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُمْ أُجْرَةَ الْحَرْثِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُمْ مُطَالَبَتُهُ بِأُجْرَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ شَرِيكَهُ عَمْرًا فِي فِلَاحَةٍ مَعْلُومَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا الْعَمَلَ الْمَعْهُودَ فَعَمِلَ عَمْرٌو فِي الْفِلَاحَةِ الْعَمَلَ الْمَعْهُودَ وَقَامَ يُطَالِبُ زَيْدًا بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ فَهَلْ لَا أُجْرَةَ لَهُ؟ (الْجَوَابُ) : لَا أَجْرَ لَلشَّرِيك بِعَمَلِهِ فِي الْمُشْتَرَكِ كَمَا فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ تَحْتَ قَوْلِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ طَعَامٍ بَيْنَهُمَا فَلَا أَجْرَ لَهُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ مِنْ آخَرَ جَمَلًا لِيَرْكَبَهُ مِنْ دِمَشْقَ إلَى مَكَّةَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ دَفَعَهَا لَهُ وَرَكِبَ الْجَمَلَ إلَى نِصْفِ الطَّرِيقِ وَتَفَاسَخَا الْإِجَارَةَ وَرَكِبَ عَلَى جَمَلِ رَجُلٍ آخَرَ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ الْأَوَّلِ بِنِصْفِ الْأُجْرَةِ الَّتِي دَفَعَهَا حَيْثُ اسْتَوَى النِّصْفَانِ سُهُولَةً وَصُعُوبَةً فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ مِيرِيَّةٍ سَلِيخَةٍ أَذِنَ وَكِيلُ السُّلْطَانِ عَزَّ نَصْرُهُ لِزَيْدٍ بِأَنْ يَعْمُرَ فِيهَا عِمَارَةً لِنَفْسِهِ وَجَعَلَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ هُوَ قَدْرُ أُجْرَةِ مِثْلِهَا وَفِي ذَلِكَ حَظٌّ وَمَصْلَحَةٌ لِجِهَةِ الْمِيرِيِّ لِتَعَطُّلِهَا وَعَدَمِ مَنْ يَرْغَبُ فِيهَا سِوَى زَيْدٍ فَهَلْ صَحَّ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ مَعْلُومٍ جَارٍ حِصَّتُهُ مِنْهُ فِي مِلْكِ زَيْدٍ وَقَدْرُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا وَسِتَّةُ قَرَارِيطَ وَنِصْفُ قِيرَاطٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَالْبَاقِي فِي مِلْكِ عَمْرٍو فَاسْتَأْجَرَ رَجُلٌ حِصَّةَ زَيْدٍ مِنْ الْبُسْتَانِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هِيَ أُجْرَةُ مِثْلِهَا شَرْعًا وَصَارَ يَدْفَعُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ عَنْ حِصَّةِ الْوَقْفِ دُونَ أُجْرَةِ مِثْلِهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ بِالنِّسْبَةِ لِحِصَّةِ زَيْدٍ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ بِدُونِ إجَارَةٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَالْآنَ يُرِيدُ نَاظِرُ الْوَقْفِ الْمَرْقُومِ مُطَالَبَةَ الرَّجُلِ بِتَمَامِ أَجْرِ الْمِثْلِ عَلَى حِسَابِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ زَيْدٍ حَيْثُ كَانَتْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ

مُتَمَاثِلَتَيْنِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ عَنْ الْحَانُوتِيِّ سُئِلَ فِي بَلْدَةٍ شَائِعَةٍ لِلسَّلْطَنَةِ رُبْعُهَا وَالْبَاقِي لِلْأَوْقَافِ وَيُؤْخَذُ لِلسَّلْطَنَةِ فِي كُلِّ فَدَّانٍ دِينَارٌ وَلِبَقِيَّةِ الْأَوْقَافِ عِشْرُونَ نِصْفًا فَهَلْ مَا يَأْخُذُهُ السُّلْطَانُ يَكُونُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ حَتَّى يُؤْخَذَ لِلْأَوْقَافِ مَا يُؤْخَذُ لِلسَّلْطَنَةِ أَوْ لَا أَجَابَ كَوْنُ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى طِينِ السُّلْطَانِ يَأْخُذُ لَهُ هَذَا الْمِقْدَارَ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ هَذَا الْمِقْدَارَ بِشَوْكَتِهِ نَعَمْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ تُعْلَمُ مِنْ الطِّينِ الْمُجَاوِرِ إذَا كَانَ مُمَاثِلًا أَوْ مِمَّا يَأْخُذُهُ الشَّرِيكُ بِشَرْطِ الْمُمَاثَلَةِ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِمْ ذُو شَوْكَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الشَّلَبِيِّ الَّتِي جَمَعَهَا حَفِيدُهُ أَجَابَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ الشَّافِعِيُّ تَلْزَمُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَرَاضِي الْمُجَاوِرَةِ لَهَا مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ وَوَافَقَهُ الشَّيْخُ نَاصِرُ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ وَسَيِّدِي الْجَدُّ وَقَاضِي الْقُضَاةِ ابْنُ الْبَحَّارِ بِقَوْلِهِمْ لَا يُكَلَّفُونَ إلَى إثْبَاتِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ثَانِيًا حَيْثُ كَانَتْ الْحِصَّةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ سَوَاءً مُتَمَاثِلَتَيْنِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَهُ مُتَوَلِّي مَسْجِدٍ لِيَؤُمَّ النَّاسَ فِيهِ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَيُوقِدَ سَرْجَهُ فِي مُدَّةِ سَنَةٍ مَعْلُومَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ جَعَلَهَا لَهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَبَاشَرَ الرَّجُلُ مَا ذُكِرَ كُلَّهُ فِي السَّنَةِ الْمَرْقُومَةِ حَتَّى انْقَضَتْ وَعُزِلَ الْمُتَوَلِّي وَلَمْ يَأْخُذْ الرَّجُلُ أُجْرَتَهُ وَتَوَلَّى الْوَقْفَ رَجُلٌ آخَرُ وَفِي الْوَقْفِ غَلَّةٌ يُرِيدُ الرَّجُلُ أَخْذَ أُجْرَتِهِ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَاعُونَ نُحَاسٍ إجَارَةً شَرْعِيَّةً وَقَبَضَهُ وَفِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ سُرِقَ الْمَاعُونُ مِنْ بَيْتِ زَيْدٍ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ فَهَلْ لَا يَضْمَنُ زَيْدٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ أَمَانَةٌ إجْمَاعًا أَمَّا الْعَيْنُ فِي يَدِ الْأَجِيرِ فَعَلَى الْخِلَافِ بَزَّازِيَّةٌ وَفِي بُيُوعِ أَجْنَاسِ النَّاطِفِيِّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ كُلُّ شَيْءٍ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ فَإِذَا أُوجِرَ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ كَرَحَى الْيَدِ عَلَى أَنْ يَطْحَنَ فَعَلَى الْآجِرِ أُجْرَةُ الرَّدِّ عَلَيْهِ وَأَخْذِهِ وَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدُّهُ وَمَا لَا حِمْلَ لَهُ كَالثِّيَابِ وَالدَّابَّةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدُّهُ عِمَادِيَّةٌ وَفِيهَا وَإِنْ اسْتَأْجَرَتْ الْمَرْأَةُ حُلِيًّا مَعْلُومًا إلَى اللَّيْلِ بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ لِتَلْبَسَهُ فَحَبَسَتْهُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ صَارَتْ غَاصِبَةً قَالُوا وَهَذَا إذَا حَبَسَتْهُ بَعْدَ الطَّلَبِ أَوْ حَبَسَتْهُ مُسْتَعْمِلَةً فَأَمَّا إذَا حَبَسَتْهُ لِلْحِفْظِ غَيْرَ مُسْتَعْمِلَةٍ لَا تَصِيرُ غَاصِبَةً قَبْلَ وُجُودِ الطَّلَبِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ تَقَعُ أَمَانَةً فِي يَدِهَا فَلَا تَصِيرُ مَضْمُونًا إلَّا بِالِاسْتِعْمَالِ أَوْ بِالْمَنْعِ بَعْدَ الطَّلَبِ كَالْوَدِيعَةِ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ إذَا أَمْسَكَ الثَّوْبَ الْمُسْتَعَارَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ حَيْثُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ وُجِدَ الطَّلَبُ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ وَقَدْ وَجَبَ الرَّدُّ عَلَيْهِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ أَمَّا فِي الْإِجَارَةِ فَلَمْ يُوجَدْ الطَّلَبُ لَا مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةُ وَلَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ فَلَمْ يُوجَدْ الِاسْتِعْمَالُ وَلَا الْمَنْعُ فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلَيْنِ اسْتَأْجَرَا مَعًا سَوِيَّةً مِنْ زَيْدٍ طَاحُونَةً مَعَ عِدَّتِهَا الْمَعْلُومَةِ لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَاسْتَوْفَيَا بَعْضَ الْمُدَّةِ فَهَلْ يَلْزَمُهُمَا أُجْرَةُ مَا اسْتَوْفَيَاهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ أَمَّا لُزُومُ أَجْرِ الْمِثْلِ فَلِأَنَّ الطَّاحُونَةَ مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِغْلَالِ قَالَ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى مِنْ الْإِجَارَةِ وَفِي الْمُهَيَّأِ لِلْأَجْرِ كَالدَّكَاكِينِ وَالْمُسَقَّفَاتِ الْمَعْرُوفَةِ لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِنَّ الِاسْتِعْدَادَ وَالِاسْتِغْلَالَ أُقِيمَ مَقَامَ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلْمَالِكِ. اهـ. قَالَ وَالْإِجَارَةُ الْمَزْبُورَةُ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا مِنْ قَبِيلِ إجَارَةِ الْوَاحِدِ مِنْ اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ إذَا أَجْمَلَ وَقَالَ آجَرْت الدَّارَ مِنْكُمَا جَازَ بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ فَصَّلَ بِقَوْلِهِ نِصْفٌ مِنْك أَوْ نَحْوُهُ كَثُلُثٍ أَوْ رُبُعٍ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى اخْتِلَافٍ مَرَّ فِيمَا إذَا كَانَ كُلُّهُ بَيْنَهُمَا وَأَجَّرَ أَحَدُهُمَا النِّصْفَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَنْ يَجُوزَ فِي رِوَايَةٍ لَا فِي رِوَايَةٍ لِي أَنْ قَالَ وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ أَنَّ إطْلَاقَ الْمُتُونِ قَاطِبَةً فَسَادَ إجَارَةِ الْمُشَاعِ إلَّا مِنْ الشَّرِيكِ مَدْخَلٌ لِلْمَسْئُولِ عَنْهُ وَإِطْلَاقُ بَعْضِهِمْ صِحَّتَهَا مِنْ اثْنَيْنِ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الْإِجْمَالِ. اهـ

مَا فِي الْخَيْرِيَّةُ بِنَوْعِ اخْتِصَارٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ لَفْظَ " سَوِيَّةً " بِمَنْزِلَةِ التَّفْصِيلِ. (سُئِلَ) فِي مُكَارٍ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ زَيْدٌ دَوَابَّهُ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ لِتَحْمِيلِ حُمُولَاتٍ لِزَيْدٍ مِنْ مَكَانِ كَذَا إلَى مَكَانِ زَيْدٍ فَذَهَبَ الْمُكَارِي إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ ثُمَّ رَجَعَ قَائِلًا لَمْ أَجِدْ الْحُمُولَاتِ وَصَدَّقَهُ زَيْدٌ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ أَجْرُ الذَّهَابِ خَالِيًا عَنْ الْعَمَلِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ اسْتَكْرَى دَابَّةً لِيَحْمِلَ مِنْ هُنَاكَ حُمُولَاتِهِ فَجَاءَ الْمُكَارِي وَقَالَ ذَهَبْت فَلَمْ أَجِدْ الْحِمْلَ قَالُوا إنْ صَدَّقَهُ الْمُسْتَكْرِي فِي ذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ الذَّهَابِ خَالِيًا عَنْ الْعَمَلِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ فِي الْمِصْرِ دَابَّةً لِتَحْمِيلِ الدَّقِيقِ مِنْ طَاحُونَةِ كَذَا أَوْ الْحِنْطَةِ مِنْ قَرْيَةِ كَذَا فَذَهَبَ فَلَمْ يَكُنْ الْحِنْطَةُ طُحِنْت أَوْ لَمْ يَجِدْ فِي الْقَرْيَةِ حِنْطَةً فَرَجَعَ إلَى الْمِصْرِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ يُنْظَرُ فِي لَفْظِ الِاسْتِئْجَارِ إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ قَالَ اسْتَأْجَرْت هَذِهِ الدَّابَّةَ مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ حَتَّى أَحْمِلَ الدَّقِيقَ مِنْ طَاحُونَةِ كَذَا يَجِبُ نِصْفُ الْكِرَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ وَقَعَتْ صَحِيحَةً مِنْ الْبَلْدَةِ إلَى الطَّاحُونَةِ مِنْ غَيْرِ حَمْلِ شَيْءٍ فَيَجِبُ نِصْفُ الْأَجْرِ لِلذَّهَابِ ثُمَّ الْإِجَارَةُ مِنْ الطَّاحُونَةِ إلَى الْبَلْدَةِ إنَّمَا كَانَتْ لَحَمْلِ الدَّقِيقِ وَلَمْ يُوجَدْ فَلَا يَجِبُ الرُّجُوعُ بِشَيْءٍ فَأَمَّا إذَا قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ اسْتَأْجَرْت مِنْك هَذِهِ الدَّابَّةَ بِدِرْهَمٍ حَتَّى أَحْمِلَ الدَّقِيقَ مِنْ الطَّاحُونَةِ فَلَمْ يَجِدْ الدَّقِيقَ هُنَاكَ لَا يَجِبُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْإِجَارَةَ وَقَعَتْ عَلَى حَمْلِ الدَّقِيقِ مِنْ الطَّاحُونَةِ فَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ إذَا لَمْ يُحْمَلْ الدَّقِيقُ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ مَا يَجِبُ الْأَجْرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَمَا لَا يَجِبُ وَتَمَامُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ فِيهَا. (سُئِلَ) فِي أَجِيرٍ مُشْتَرَكٍ يَرْعَى غَنَمًا لِجَمَاعَةٍ أَكَلَ الذِّئْبُ مِنْهَا الْبَعْضَ هَلْ يَضْمَنُ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَضْمَنُ وَأَفْتَى أَئِمَّةُ سَمَرْقَنْدَ بِالصُّلْحِ عَلَى النِّصْفِ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَاخْتَارَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو اللَّيْثِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ إنْ كَانَ صَالِحًا يَبْرَأُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ مَسْتُورًا يُؤْمَرُ بِالصُّلْحِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ وَأَسْلَمُ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ (أَقُولُ) الْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ كُلُّهَا مُصَحَّحَةٌ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْإِمَامِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ وَالْأَخِيرَانِ أَفْتَى بِهِمَا الْمُتَأَخِّرُونَ لِتَغَيُّرِ الزَّمَانِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْهَلَاكُ لَا بِفِعْلِ الْأَجِيرِ وَكَانَ مِمَّا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ أَمَّا إذَا كَانَ بِفِعْلِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ اتِّفَاقًا سَوَاءٌ كَانَ بِالتَّعَدِّي أَوْ لَا كَتَخْرِيقِ الثَّوْبِ مِنْ دَقِّهِ مُعْتَادًا أَوْ غَيْرِهِ وَإِذَا كَانَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَالْحَرْقِ الْغَالِبِ وَاللُّصُوصِ الْمُكَابِرِينَ لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا وَمَحَلُّ الْخِلَافِ أَيْضًا فِي الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ وَفِيمَا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ مِمَّا يُحْدِثُ فِيهَا الْأَجِيرُ عَمَلًا فَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي شَرْحِ ابْنِ الْمَلِكِ عَنْ الْمُحِيطِ وَلَوْ أَعْطَاهُ مُصْحَفًا مَثَلًا لِيَعْمَلَ لَهُ غِلَافًا فَضَاعَ الْمُصْحَفُ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَتَمَامُ بَيَانِ ذَلِكَ فِي حَاشِيَتِنَا رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّك لَا تَجِدُهُ مَجْمُوعًا فِي غَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي صَبَّاغٍ أَجِيرٍ مُشْتَرَكٍ ضَاعَ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ لِزَيْدٍ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ وَهُوَ مَسْتُورُ الْحَالِ فَهَلْ يُؤْمَرُ بِالصُّلْحِ عَلَى النِّصْفِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ مَسْتُورَ الْحَالِ يُؤْمَرُ بِالصُّلْحِ عَلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. (سُئِلَ) فِي بَيْطَارٍ مُتْقِنٍ لِحِرْفَتِهِ دَفَعَ لَهُ زَيْدٌ إكْدِيشَهُ لِيُعَالِجَ رِجْلَهُ الْمُصَابَةَ فَعَالَجَهَا وَقَطَعَ لَهَا عَلَى الْمُعْتَادِ الْمَأْذُونَ فِيهِ وَلَمْ يُجَاوِزْهُ ثُمَّ مَاتَ الْإِكْدِيشُ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْكُتُبِ (أَقُولُ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا حَيْثُ لَمْ يَضْمَنْ وَبَيْنَ مَا لَوْ تَخَرَّقَ الثَّوْبُ مِنْ دَقِّهِ حَيْثُ يَضْمَنُ وَلَوْ مُعْتَادًا أَوْضَحَهُ فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا وَلِحَاصِلِهِ أَنَّ بِقُوَّةِ الثَّوْبِ وَرِقَّتِهِ يُعْلَمُ مَا يَتَحَمَّلُهُ مِنْ الدَّقِّ بِالِاجْتِهَادِ فَأَمْكَنَ تَقْيِيدُهُ بِالسَّلَامَةِ مِنْ فِعْلِهِ بِخِلَافِ الْفَصْدِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَنْبَنِي عَلَى قُوَّةِ الطَّبْعِ وَضَعْفِهِ وَلَا يُعْرَفُ

ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَلَا مَا يَتَحَمَّلُ مِنْ الْجُرْحِ فَلَا يُمْكِنُ تَقْيِيدُهُ بِالسَّلَامَةِ فَسَقَطَ اعْتِبَارُهُ اهـ وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِي حَاشِيَتِنَا رَدِّ الْمُحْتَارِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِصَبَّاغٍ عِدَّةَ أَثْوَابٍ بِيضٍ لِيَصْبُغَهَا لَهُ صِبَاغًا أَزْرَقَ مَعْلُومًا بَيْنَهُمَا فَصَبَغَهَا رَدِيئًا كَيْفَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : الْحُكْمُ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ فِي صُرَّةِ الْفَتَاوَى عَنْ الْقُنْيَةِ بِمَا نَصُّهُ وَلَوْ صَبَغَ رَدِيًّا إنْ لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا لَا يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ فَاحِشًا بِحَيْثُ يَقُولُ أَهْلُ تِلْكَ الصَّنْعَةِ إنَّهُ فَاحِشٌ يَضْمَنُ الثَّوْبَ أَبْيَضَ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي فَتَّالِ حَرِيرٍ أَمِينٍ يَعْمَلُ لَا لِوَاحِدٍ دَفَعَ لَهُ رَجُلٌ نِصْفَ رِطْلِ حَرِيرٍ لِيَفْتِلَهُ لَهُ فَسُرِقَ مِنْ عِنْدِهِ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ أَمِينًا مَشْهُورًا بِالْأَمَانَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا فُقِدَ الْحِمْلُ مِنْ الْمُكَارِي فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَهَلْ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الْأُجْرَةِ إلَّا بِقَدْرِ مَا حَمَلَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ قَدْرًا مِنْ الْحَرِيرِ لِفَتَّالٍ لِيَفْتِلَهُ لَهُ فَدَفَعَ الْفَتَّالُ ذَلِكَ الْحَرِيرَ لِنِسْوَةٍ يَصْنَعْنَ فِيهِ مَا يُسَمَّى كَبًّا فَغَابَتْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ بِمَا مَعَهَا مِنْ الْحَرِيرِ وَلَمْ يُعْلَمْ مَكَانُهَا وَتَعَذَّرَ إحْضَارُهَا فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى الْفَتَّالِ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِمُكَارٍ صُرَّةَ دَرَاهِمَ لِيُوصِلَهَا إلَى رَجُلٍ بِحَلَبِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَذَهَبَ بِهَا الْمُكَارِي مَعَ قَافِلَةٍ وَفِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ أُخْبِرُوا بِقُطَّاعِ الطَّرِيقِ فَعَدَلُوا عَنْهُ إلَى طَرِيقٍ آخَرَ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ الْقُطَّاعُ وَأَغَارُوا عَلَى بَعْضِ أَحْمَالِ الْقَافِلَةِ وَالْحِمْلِ الَّذِي فِيهِ الصُّرَّةُ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ مِنْ الْمُكَارِي وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكَارِي؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ إلَى دَلَّالٍ مَتَاعًا لِيَبِيعَهُ فَأَوْدَعَهُ الدَّلَّالُ عِنْدَ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ بِدُونِ إذْنٍ مِنْهُ وَفَارَقَهُ الدَّلَّالُ ثُمَّ إنَّ الْمَتَاعَ ضَاعَ مِنْ عِنْدِهِ فَهَلْ يَضْمَنُ الدَّلَّالُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الدَّلَّالُ إذَا دَفَعَ الثَّوْبَ إلَى مَنْ اسْتَامَ لِيَنْظُرَ إلَيْهِ ثُمَّ يَشْتَرِيَ فَأَخَذَهُ الرَّجُلُ وَذَهَبَ وَلَا يَظْفَرُ بِهِ الدَّلَّالُ قَالُوا لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي هَذَا الدَّفْعِ ثُمَّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعِنْدِي أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ إذَا دَفَعَ الثَّوْبَ إلَيْهِ وَلَمْ يُفَارِقْهُ أَمَّا إذَا فَارَقَهُ ضَمِنَ كَمَا إذَا أَوْدَعَهُ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ أَوْ تَرَكَهُ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ أَوْ عِنْدَ مَنْ لَا يُرِيدُ الشِّرَاءَ وَفِي بُيُوعِ الصُّغْرَى لَوْ عَرَضَ الدَّلَّالُ عَلَى صَاحِبِ الدُّكَّانِ فَهَرَبَ بِالْمَتَاعِ يَضْمَنُ الدَّلَّالُ؛ لِأَنَّهُ مُودَعٌ وَلَيْسَ لِلْمُودَعِ أَنْ يُودِعَ عِمَادِيَّةٌ مِنْ ضَمَانِ الدَّلَّالِ وَتَمَامُهُ فِيهَا وَلَوْ طَافَ بِهِ الدَّلَّالُ ثُمَّ وَضَعَهُ فِي حَانُوتٍ فَهَلَكَ ضَمِنَ الدَّلَّالُ بِالِاتِّفَاقِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْحَانُوتِ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ مُودَعُ الْمُودَعِ وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى بَاعَ الدَّلَّالُ السِّلْعَةَ وَأَخَذَ شَيْئًا لِأَجْلِ الدَّلَالَةِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لَا يَسْتَرِدُّ وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ هَلَكَ الْمَتَاعُ فِي يَدِ الدَّلَّالِ فَسُئِلَ فَقَالَ لَا أَدْرِي أَهَلَكَ مِنْ بَيْتِي أَوْ كَتِفِي لَا يَضْمَنُ وَأَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى الدَّلَّالُ أَنَّ الْمَتَاعَ وَقَعَ مِنْ يَدِهِ وَضَاعَ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ ضَاعَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَأَفْتَى أَيْضًا فِيمَنْ دَفَعَ لَهُ رَقِيقًا لِيُنَادِيَ عَلَيْهِ فَأَخَذَهُ وَتَرَكَهُ عِنْدَ شَخْصٍ لِلْعَرْضِ لِشِرَائِهِ فَهَرَبَ بِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الدَّلَّالِ إذَا كَانَ الْعُرْفُ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ الدَّلَّالَ يَدْفَعُ لِمَنْ يُرِيدُ الشِّرَاءَ وَأَمَّا الْآخِذُ إنْ أَخَذَهَا عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ بِأَنْ قَدَّرَ الثَّمَنَ وَعَيَّنَهُ يَضْمَنُهَا وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الثَّمَنَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُقَصِّرْ فِي حِفْظِهِ. (سُئِلَ) فِي رَاعِي بَقَرٍ جَاءَ بِالْبَقَرِ إلَى الْقَرْيَةِ كَمَا فِي عُرْفِهِمْ الْجَارِي ثُمَّ إنَّ وَاحِدَةً مِنْهَا ضَاعَتْ وَيُنْكِرُ صَاحِبُهَا إتْيَانَهَا الْقَرْيَةَ فَهَلْ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ جَاءَ بِهَا إلَى الْقَرْيَةِ حَيْثُ كَانَ الْعُرْفُ كَذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ زَعَمَ الْبَقَّارُ أَنَّهُ أَدْخَلَ الْبَقَرَةَ فِي مَنْزِلِ رَبِّهَا صُدِّقَ الْبَقَّارُ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ جَاءَ بِهَا الْقَرْيَةَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ دَوَابَّ لَهُ لِعَمْرٍو الرَّاعِي لِيَرْعَاهَا فِي مَكَانِ كَذَا فَلَمْ يَرْعَهَا فِيهِ وَرَعَاهَا فِي غَيْرِهِ وَخَالَفَ وَهَلَكَتْ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ الْآخَرِ فَهَلْ يَضْمَنُ عَمْرٌو قِيمَتَهَا وَلَا أَجْرَ لَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَذَكَرَ فِي إجَارَاتِ

فَتَاوَى صَاحِبِ الْمُحِيطِ الرَّاعِي إذَا رَعَى فِي مَكَانٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ بِالرَّعْيِ فِيهِ فَعَطِبَتْ الْغَنَمُ أَوْ مَا أَشْبَهَهَا صَارَ الرَّاعِي ضَامِنًا وَلَا أَجْرَ لَهُ إنْ سَلِمَتْ الْغَنَمُ أَوْ لَمْ تَسْلَمْ قِيَاسًا وَإِنْ سَلِمَتْ يَجِبُ الْأَجْرُ اسْتِحْسَانًا وَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا خَالَفَ الرَّاعِي فَرَعَاهَا فِي غَيْرِ الْمَكَانِ الَّذِي أُمِرَ فَعَطِبَ ضَمِنَ الرَّاعِي وَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ سَلِمَتْ يَجِبُ الْأَجْرُ اسْتِحْسَانًا عِمَادِيَّةٌ مِنْ ضَمَانِ الرَّاعِي فِي 32. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَتْ هِنْدٌ لِدَلَّالَةٍ أَمْتِعَةً لِتَبِيعَهَا لَهَا فَبَاعَتْ الْأَمْتِعَةَ مِنْ امْرَأَةٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِإِذْنِهَا وَتَزْعُمُ هِنْدٌ أَنَّ ثَمَنَ الْأَمْتِعَةِ يَلْزَمُ الدَّلَّالَةَ مِنْ مَالِهَا فَهَلْ عَلَى الدَّلَّالَةِ طَلَبُ الثَّمَنِ وَاسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الْمُشْتَرِيَةِ فَقَطْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْبَيَّاعُ وَهُوَ الدَّلَّالُ الَّذِي يَعْمَلُ بِالْأَجْرِ وَالسِّمْسَارُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ يُجْبَرَانِ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى طَلَبِ الثَّمَنِ وَاسْتِيفَائِهِ شَرْحُ النُّقَايَةِ لِلْبُرْجُنْدِيِّ وَمِثْلُهُ فِي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَالْعَيْنِيِّ وَالدُّرِّ الْمُخْتَارِ. (سُئِلَ) فِي فَتَّالِ حَرِيرٍ أَمِينٍ يَعْمَلُ لَا لِوَاحِدٍ دَفَعَ لَهُ ذِمِّيٌّ قَدْرًا مِنْ الْحَرِيرِ لِيَفْتِلَهُ لَهُ فَفَتَلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى الذِّمِّيِّ فَأَقَرَّ الذِّمِّيُّ بِوُصُولِ الْبَعْضِ وَأَنْكَرَ وُصُولَ بَعْضِهِ وَالْفَتَّالُ يَدَّعِي الْكُلَّ لَهُ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْأَنْقِرْوِيِّ. (سُئِلَ) فِي بَيْطَارٍ مُتْقِنٍ لِصَنْعَتِهِ وَضَعَ نِعَالًا لِدَابَّةِ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ ثُمَّ لَمَّا خَلَصَ مِنْ نَعْلِهَا مَاتَتْ وَالْحَالُ أَنَّ الْبَيْطَارَ لَمْ يُجَاوِزْ الْمَوْضِعَ الْمُعْتَادَ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَأَفْتَى الْمُؤَلِّفُ أَيْضًا إذَا عَرَجَتْ الدَّابَّةُ بَعْدَمَا نَعَلَهَا وَلَمْ يُجَاوِزْ الْمُعْتَادَ بِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اُسْتُؤْجِرَ رَجُلٌ لِحِفْظِ خَانٍ فَضَاعَ مِنْهُ شَيْءٌ لِبَعْضِ النَّاسِ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ ضَامِنٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ اُسْتُؤْجِرَ رَجُلٌ لِحِفْظِ خَانٍ أَوْ حَوَانِيتَ فَضَاعَ مِنْهَا شَيْءٌ قِيلَ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لَوْ ضَاعَ مِنْ خَارِجِ الْحُجْرَةِ؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ وَقِيلَ لَا فِي الصَّحِيحِ وَبِهِ يُفْتَى؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ خَاصٌّ أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَشْغَلَ نَفْسَهُ فِي صُنْعِ آخَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ ضَاعَ مِنْ دَاخِلِهَا بِأَنْ نَقَبَ اللِّصُّ فَلَا يَضْمَنُ الْحَارِسُ فِي الْأَصَحِّ إذْ الْأَمْوَالُ الْمَحْفُوظَةُ فِي الْبُيُوتِ فِي يَدِ مَالِكِهَا وَحَارِسُ السُّوقِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَاخْتَارَ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا كَانَ خَارِجَ السُّوقِ لَا دَاخِلَهُ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ فِي ضَمَانِ الْحَارِسِ وَكَذَا فِي 24 مِنْ الذَّخِيرَةِ نَقَبَ حَانُوتَ رَجُلٍ وَأَخَذَ مَتَاعَهُ لَا يَضْمَنُ حَارِسُ الْحَوَانِيتِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى بَزَّازِيَّةٌ فِي؛ لِأَنَّ أَمْوَالَ النَّاسِ بِيَدِ أَرْبَابِهَا وَهُوَ حَافِظٌ لِلْأَبْوَابِ وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا كُسِرَ قُفْلُ الدُّكَّانِ وَأُخِذَ الْمَتَاعُ يَضْمَنُ الْحَارِسُ أَنْقِرْوِيٌّ فِي الْهَامِشِ (أَقُولُ) كَتَبْت فِي حَاشِيَتِي رَدِّ الْمُحْتَارِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا هُنَا مَا نَصُّهُ قُلْت إنَّمَا يَظْهَرُ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ خَاصٌّ فَلَا لِمَا سَمِعْت مِنْ الْمُفْتَى بِهِ نَعَمْ يُشْكِلُ مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ فِي الرَّاعِي لَوْ كَانَ خَاصًّا لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ يَضْمَنُ فَلْيُتَأَمَّلْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إذَا كُسِرَ الْقُفْلُ يَكُونُ بِنَوْمِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ فَهُوَ مُفَرِّطٌ فَيَضْمَنُ. اهـ. وَفِي الْمَنْظُومَةِ الْمُحِبِّيَّةِ وَمَا عَلَى الْحَارِسِ شَيْءٌ لَوْ نُقِبْ ... فِي السُّوقِ حَانُوتٌ عَلَى مَا قَدْ كُتِبْ وَلَيْسَ يَضْمَنُ الَّذِي مِنْهَا سُرِقْ ... إذْ بِالْأَجِيرِ الْخَاصِّ ذَاكَ يَلْتَحِقْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَابَّةً لِيَدْرُسَ عَلَيْهَا الزَّبِيبَ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَةٍ فَمَاتَتْ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ مِنْ زَيْدٍ وَلَا تَقْصِيرٍ فَهَلْ يَكُونُ زَيْدٌ غَيْرَ ضَامِنٍ لَهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا إلَى بَغْدَادَ وَلَمْ يُسَمِّ حِمْلَهُ فَحَمَّلَهُ الْمُعْتَادَ فَهَلَكَ الْحِمَارُ لَمْ يَضْمَنْ لِفَسَادِ الْإِجَارَةِ فَالْعَيْنُ أَمَانَةٌ كَمَا فِي الصَّحِيحَةِ شَرْحُ التَّنْوِيرِ مِنْ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ الْمُكَارِي الْحِمْلَ إلَى أَجْنَبِيٍّ لَيْسَ بِأَجِيرٍ لَهُ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ صَاحِبِ الْحِمْلِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَسُرِقَ الْحِمْلُ

مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَيُرِيدُ صَاحِبُهُ تَضْمِينَ الْمُكَارِي قِيمَتَهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ ذَكَرَ فِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ إذَا دَفَعَ إلَى النَّسَّاجِ غَزْلًا لِيَنْسِجَهُ كِرْبَاسًا وَدَفَعَ النَّسَّاجُ إلَى آخَرَ لِيَنْسِجَهُ فَسُرِقَ مِنْ بَيْتِ الْآخَرِ إنْ كَانَ الْآخَرُ أَجِيرَ الْأَوَّلِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَجِيرَ الْأَوَّلِ وَكَانَ أَجْنَبِيًّا ضَمِنَ بِلَا خِلَافٍ وَلَا يَضْمَنُ الْآخَرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ وَهُوَ نَظِيرُ الْمُودَعِ إذَا دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَى أَجْنَبِيٍّ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا عِنْدَهُمَا صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ يُضَمِّنُ أَيَّهمَا شَاءَ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُضَمِّنُ الْأَوَّلَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الثَّانِيَ قَالَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ وَعَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ أَنَّ كُلَّ صَانِعٍ شُرِطَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَ غَيْرَهُ إنَّمَا لَا يَضْمَنُ إذَا كَانَ الْآخَرُ أَجِيرَ الْأَوَّلِ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ لَهُ الْعَمَلَ أَمَّا إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ النَّسْجَ بِنَفْسِهِ يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ إلَى الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَجِيرًا عِمَادِيَّةٌ مِنْ ضَمَانِ النَّسَّاجِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَنَاوَلَ مِنْ دَلَّالٍ ثَوْبًا لِيَنْظُرَ إلَيْهِ عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ وَقِيمَتُهُ سِتَّةُ قُرُوشٍ فَضَاعَ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ دَفْعِهِ إلَى الدَّلَّالِ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : إنْ أَخَذَهُ عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ لَا يَضْمَنُ الرَّجُلُ قِيمَتَهُ كَمَا فِي النَّهْرِ وَإِنْ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ثَمَنٍ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ إنَّمَا يَصِيرُ مَضْمُونًا إذَا اتَّفَقَا عَلَى ثَمَنٍ مَعْلُومٍ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) نَجْمُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ دَفَعَ ثَوْبَهُ إلَى دَلَّالٍ لِيَبِيعَهُ فَسَاوَمَهُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَقَالَ أَحْضِرْ صَاحِبَ الثَّوْبِ حَتَّى أُعْطِيَهُ الثَّمَنَ فَذَهَبَ وَعَادَ بَعْدَ زَمَانٍ فَلَمْ يُوجَدْ الثَّوْبُ فِي الْحَانُوتِ وَصَاحِبُ الْحَانُوتِ يَقُولُ أَنْتَ أَخَذْته وَذَهَبْت بِهِ وَهُوَ يَقُولُ مَا أَخَذْته بَلْ تَرَكْته عِنْدَك أَيَضْمَنُ الدَّلَّالُ أَمْ صَاحِبُ الْحَانُوتِ. (قَالَ) : الْقَوْلُ قَوْلُ الدَّلَّالِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَأَمَّا صَاحِبُ الْحَانُوتِ إنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ صَاحِبُ الْحَانُوتِ لِيَشْتَرِيَهُ بِمَا سُمِّيَ مِنْ الثَّمَنِ فَقَدْ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ وَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ثَمَنٍ لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ إنَّمَا يَصِيرُ مَضْمُونًا إنْ اتَّفَقَا عَلَى ثَمَنٍ مَعْلُومٍ عِمَادِيَّةٌ مِنْ ضَمَانِ الدَّلَّالِ. (سُئِلَ) فِيمَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ عَمْرًا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لِرَعْيِ غَنَمِهِ خَاصَّةً وَلَا يَرْعَى غَنَمَ غَيْرِهِ فَهَلَكَ مِنْ الْغَنَمِ وَاحِدَةٌ بِدُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فَهَلْ يَكُونُ غَيْرَ ضَامِنٍ وَلَهُ الْأُجْرَةُ كَامِلَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي دَقَّاقِ قُمَاشٍ يَعْمَلُ لَا لِوَاحِدٍ ضَاعَ عِنْدَهُ مَتَاعٌ لِبَعْضِ النَّاسِ بِدُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي حِفْظِهِ كَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا فَإِنْ كَانَ صَالِحًا يَبْرَأُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولَ الْحَالِ يُؤْمَرُ بِالصُّلْحِ عَلَى النِّصْفِ كَمَا اخْتَارَ ذَلِكَ الْإِمَامُ أَبُو اللَّيْثِ وَأَبُو جَعْفَرٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَأَفْتَى بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ مُكَارٍ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا كِيسَيْنِ فِيهِمَا نِيلٌ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَحَمَلَ الْمُكَارِي الْكِيسَيْنِ عَلَى دَابَّتِهِ وَفِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ انْشَقَّ أَحَدُهُمَا بِنَفْسِهِ وَهُوَ عَلَى الدَّابَّةِ وَخَرَجَ بَعْضُ مَا فِيهِ بِلَا صُنْعٍ مِنْ الْمُكَارِي وَلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ انْشَقَّتْ الْحَقِيبَةُ بِنَفْسِهَا وَخَرَجَ مَا فِيهَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ ضَمِنَ الْحَمَّالُ كَمَا إذَا انْقَطَعَ حَبْلُهُ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَضْمَنُ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا انْقِطَاعَ الْجَبْلِ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّةَ التَّفْرِيطُ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْحَمَّالِ حَيْثُ شَدَّ الْحِمْلَ بِحَبْلٍ وَاهٍ وَهَاهُنَا التَّقْصِيرُ جَاءَ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْحَقِيبَةِ حَيْثُ جَعَلَ مَالَهُ فِي حَقِيبَةٍ لَا يَسْتَمْسِكُ مَا فِيهَا وَبِهِ نَأْخُذُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ 32 وَفِيهَا أَيْضًا وَفِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ إذَا اسْتَأْجَرَ مُكَارِيًا لِيَحْمِلَ لَهُ عَصِيرًا عَلَى دَابَّةٍ إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَضَعَهُ عَنْ الدَّابَّةِ أَخَذَ أَحَدَ الْعِدْلَيْنِ مِنْ جَانِبٍ وَرَمَى بِالْعِدْلِ الْآخَرِ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَانْشَقَّ الْعِدْلُ مِنْ رَمْيِهِ وَخَرَجَ الْعَصِيرُ

فَالْمُكَارِي ضَامِنٌ لِلْعَصِيرِ وَنُقْصَانِ الزِّقِّ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ كَانَ بِصُنْعِهِ اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ دَفَعَ إلَى قَصَّارٍ أَثْوَابًا مَعْلُومَةً فَادَّعَى الْقَصَّارُ دَفْعَهَا إلَى الرَّجُلِ وَهُوَ يُنْكِرُ دَفْعَهَا إلَيْهِ فَهَلْ يُصَدَّقُ الْقَصَّارُ إذَا ادَّعَى رَدَّهَا بِيَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : مُقْتَضَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ ادَّعَى الرَّدَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي " الْقَوْلُ لِمَنْ " فِي آخِرِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ كَالْقَصَّارِ وَغَيْرِهِ إذَا ادَّعَى رَدَّهُ عَلَى الْآجِرِ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَذَا رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ وَهَذَا الْجَوَابُ مُسْتَقِيمٌ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى يَدَ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ يَدَ ضَمَانٍ فَأَمَّا مَنْ يَرَى يَدَهُ يَدَ أَمَانَةٍ وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقْبَلُ قَوْلَهُ كَالْمُودَعِ إلَى هُنَا مِنْ الْمُحِيطِ. اهـ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ أَسْطُرٍ سُئِلَ عَنْ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ كَالْقَصَّارِ وَغَيْرِهِ إذَا قَالَ هَلَكَ الْعَيْنُ أَوْ سُرِقَ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ قَالَ عِنْدَهُ أَمِينٌ فَيُصَدَّقُ بِالْحَلِفِ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ إلَخْ اهـ (أَقُولُ) يَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ دَعْوَاهُ الرَّدَّ عَلَى الْمَالِكِ كَدَعْوَاهُ الْهَلَاكَ فَتَجْرِي فِيهِ الْأَقْوَالُ الْأَرْبَعَةُ الْمَارَّةُ وَيَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ الَّذِي أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ مِرَارًا تَبَعًا لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْأَمَانَةِ يُصَدَّقُ وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ مَسْتُورًا يُؤْمَرُ بِالصُّلْحِ عَلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ عَمْرًا لِيَعْمَلَ لَهُ فِي فِلَاحَتِهِ الْمَعْلُومَةِ الْجَارِيَةِ فِي مِلْكِهِ الْعَمَلَ الْمَعْلُومَ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَجَعَلَ لَهُ نَظِيرَ عَمَلِهِ دَوَابَّ مَعْلُومَةً مُعَيَّنَةً فَعَمِلَ عَمْرٌو كَمَا ذُكِرَ وَيُرِيدُ الْآنَ مُطَالَبَةَ زَيْدٍ بِالْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ حَيَوَانًا لَا تَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ بَحْرٌ كُلُّ مَا صَلَحَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ صَلَحَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا فِي الْإِجَارَةِ وَمَا لَا فَلَا وَالْحَيَوَانُ يَصْلُحُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا مُحِيطُ السَّرَخْسِيِّ وَمِثْلُهُ فِي الْمِنَحِ عَنْ الْبَحْرِ أَيْضًا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا آجَرَ زَيْدٌ أَرْضَهُ مِنْ عَمْرٍو إجَارَةً شَرْعِيَّةً فَزَرَعَهَا عَمْرٌو قُنَّبًا وَبِطِّيخًا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الزَّرْعِ الصَّيْفِيِّ وَمَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ وَلَمْ يَنْتَهِ صَلَاحُ الزَّرْعِ الْمَذْكُورِ فَآجَرَ زَيْدٌ الْأَرْضَ مِنْ بَكْرٍ وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِزَرْعِ عَمْرٍو فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ مِنْ بَكْرٍ غَيْرَ جَائِزَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَأَمَّا إجَارَةُ الْأَرْضِ الْمَشْغُولَةِ بِالزَّرْعِ فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ بِحَقٍّ كَمَا لَوْ كَانَ بِإِجَارَةٍ لَا يَجُوزُ أَنْ تُؤَجَّرَ مَا لَمْ يُسْتَحْصَدْ الزَّرْعُ إلَّا أَنْ يُؤَجِّرَهَا مُضَافَةً إلَى الْمُسْتَقْبَلِ وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ بِغَيْرِ حَقٍّ شَرْعِيٍّ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ وَاجِبُ الْقَلْعِ فَإِنَّ الْمُؤَجِّرَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَادِرٌ عَلَى تَسْلِيمِ مَا آجَرَهُ بِأَنْ يُجْبِرَ صَاحِبَ الزَّرْعِ عَلَى قَلْعِهِ سَوَاءٌ أَدْرَكَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِصَاحِبِهِ فِي إبْقَائِهِ كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَإِذَا صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَكَانَتْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَمْ تَنْتَقِلْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَيَلْزَمُهُ مَا اسْتَأْجَرَ بِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ عَنْ الْمُرْشِدِ ضِمْنَ سُؤَالٍ وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ حَانُوتٍ تَحَوَّلَ عَنْ صَنْعَتِهِ إلَى غَيْرِهَا وَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ الْعَمَلُ الثَّانِي فِي ذَلِكَ الْحَانُوتِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْمُحِيطِ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْعَمَلِ الثَّانِي عَلَى ذَلِكَ الدُّكَّانِ لَا يَكُونُ عُذْرًا وَإِلَّا فَعُذْرٌ وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ تَحَوُّلُهُ عَنْ صَنْعَتِهِ إلَى غَيْرِهَا عُذْرٌ وَإِنْ لَمْ يُفْلِسْ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَتَعَاطَاهَا فِيهِ. (سُئِلَ) فِي أَيْتَامٍ لَهُمْ قِدْرُ نُحَاسٍ مُعَدٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ اسْتَعْمَلَهُ زَيْدٌ مُدَّةً بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لِلْأَيْتَامِ عَنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَنْقِرَوِيُّ عَنْ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى قَالَ اسْتَعْمَلَ حَجَرًا لِقَصَّارٍ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْجَارٍ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ إذَا كَانَ مُعَدًّا لِلْإِجَارَةِ مِنْ الْمُلْتَقِطِ وَفِي الْمُحِيطِ إنْ كَانَ لِهَذَا الْحَجَرِ أُجْرَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِيمَا بَيْنَهُمْ يَجِبُ ذَلِكَ وَإِلَّا يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ. اهـ. وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ مَنَافِعَ الْغَصْبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَقْفًا أَوْ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ فَحَيْثُ كَانَ لِأَيْتَامٍ وَمُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ دَفَعَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ إلَى حَائِكٍ أَلَاجَّات لِيُعَلِّمَهُ النَّسْجَ فَعَلَّمَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَا وَطَلَب كُلٌّ مِنْ الْآخَرِ أَجْرًا

وَلَمْ يَشْتَرِطَا شَيْئًا فَهَلْ يُنْظَرُ إلَى الْعُرْفِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ دَفَعَ غُلَامَهُ إلَى حَائِكٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً لِيُعَلِّمَهُ النَّسْجَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ الْأُسْتَاذُ الْمَوْلَى كُلَّ شَهْرٍ كَذَا جَازَ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ أَخْذَ أَجْرٍ فَبَعْدَ تَعَلُّمِهِ طَلَبَ الْأُسْتَاذُ مِنْ الْمَوْلَى أَجْرًا وَهُوَ مِنْهُ أَيْ طَلَبَ الْمَوْلَى مِنْ الْأُسْتَاذِ يُنْظَرُ إلَى عُرْفِ الْبَلْدَةِ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ فَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ يَشْهَدُ لِلْأُسْتَاذِ يُحْكَمُ بِأَجْرِ مِثْلِ تَعْلِيمِ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَإِنْ كَانَ يَشْهَدُ لِلْمَوْلَى فَبِأَجْرِ مِثْلِ الْغُلَامِ عَلَى الْأُسْتَاذِ وَكَذَا لَوْ دَفَعَ ابْنَهُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ دُرَرٌ قُبَيْلَ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ حَانُوتٍ لِيَتَّجِرَ فِيهَا فَافْتَقَرَ وَأَفْلَسَ وَأَرَادَ فَسْخَ الْإِجَارَةِ فَهَلْ لَهُ فَسْخُهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْمَنْبَعِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا لِيَتَّجِرَ فِيهَا فَافْتَقَرَ فَهُوَ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ بِهِ الْإِجَارَةَ لِسَانُ الْحُكَّامِ وَفِي التَّنْوِيرِ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَبِعُذْرِ إفْلَاسِ مُسْتَأْجِرِ دُكَّانٍ لِيَتَّجِرَ فِيهِ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ آخَرَ دَارًا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ دَفَعَهَا لَهُ فَغَصَبَ الدَّارَ رَجُلٌ وَمَنَعَ الْمُسْتَأْجِرَ مِنْ سُكْنَاهَا بَعْضَ الْمُدَّةِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ إخْرَاجُ الْغَاصِبِ بِشَفَاعَةٍ وَلَا حِمَايَةٍ وَيُرِيدُ الْمُسْتَأْجِرُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ بِمَا قَابَلَ مُدَّةَ الْغَصْبِ مِنْ الْأُجْرَةِ بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْإِجَارَةِ. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ تَيْمَارِيَّةٍ آجَرَهَا صَاحِبُ تَيْمَارِهَا وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِزَرْعٍ لَهُ وَلَمْ يُدْرِكْ، مِنْ زَيْدٍ مُدَّةَ سَنَةٍ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَكُرِّ سَنَةٍ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا شَرَائِطَ السَّلَمِ وَلَا بَاعَ الزَّرْعَ مِنْ زَيْدٍ الْمَزْبُورِ فَهَلْ الْإِجَارَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْأَصْلِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ أَوْ قَصَبٌ أَوْ غَيْرُهُمَا مِمَّا يَمْنَعُهُ مِنْ الزِّرَاعَةِ لَا يَجُوزُ وَالْحِيلَةُ إذَا كَانَ الزَّرْعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَبِيعَ الزَّرْعَ مِنْهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَيَتَقَابَضَا ثُمَّ يُؤَجِّرَ الْأَرْضَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ يُؤَاجِرُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَلَوْ آجَرَ مَعَ هَذَا بِدُونِ الْحِيلَةِ ثُمَّ سَلَّمَ بَعْدَمَا فَرَغَ وَحَصَدَ يَنْقَلِبُ جَائِزًا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ فِي نُسْخَتِهِ هَذَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ الزَّرْعُ أَمَّا إذَا أَدْرَكَ بِحَيْثُ لَا يَضُرُّهُ الْحَصَادُ يَجُوزُ وَيُؤْمَرُ الْآجِرُ بِقَلْعِ الزَّرْعِ خُلَاصَةٌ مِنْ الْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ عَدَدِيًّا مُتَقَارِبًا فَإِعْلَامُهَا بِبَيَانِ الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَيَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ مَكَانِ إيفَائِهَا إذَا كَانَ لَهَا حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَالِاخْتِلَافُ فِي هَذَا نَظِيرُ الِاخْتِلَافِ فِي السَّلَمِ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُهَا عَقِيبَ الْعَقْدِ فَصَارَ نَظِيرَ الْمُسْلَمِ فِيهِ. وَتَمَامُهُ فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ هَلْ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ أَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ بِكَذَا إرْدَبِّ غَلَّةٍ أَمْ لَا فَأَجَابَ نَعَمْ يَجُوزُ إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ مُشَارًا إلَيْهَا أَوْ مَوْصُوفَةً فِي ذِمَّتِهِ وَلَا تَكُونُ مِنْ الْغَلَّةِ الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ زَرْعِ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ آجَرَ دَارَيْنِ جَارَتَيْنِ فِي الْوَقْفِ مِنْ زَوْجَتِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لَمْ يَزِدْ فِيهَا عَلَى أَجْرِ مِثْلِهَا وَلَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ حَاكِمٌ يَرَى ذَلِكَ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ غَيْرَ جَائِزَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ آجَرَهَا مِمَّا فِي تَوَاجِرِهِ مِنْ آخَرَ بِدَنَانِيرَ أَكْثَرَ مِمَّا اسْتَأْجَرَ هُوَ بِهِ فَهَلْ تَصِحُّ وَتَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ أَجَّرَ بِغَيْرِ جِنْسِ مَا اسْتَأْجَرَ تَطِيبُ لَهُ الزِّيَادَةُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَهِيَ شَهِيرَةٌ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَجِهَةِ وَقْفٍ لِكُلٍّ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ شَائِعَةٌ وَهِيَ مُحْتَاجَةٌ إلَى الْعِمَارَةِ فَآجَرَهَا زَيْدٌ وَبَعْضُ مُسْتَحَقِّيهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَلَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهَا حَاكِمٌ يَرَاهَا وَلَيْسَ لِلْوَقْفِ نَاظِرٌ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَوْ آجَرَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ نَاظِرًا لَمْ تَصِحَّ حَتَّى لَوْ أَذِنَ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الْعِمَارَةِ فَأَنْفَقَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ وَكَانَ مُتَطَوِّعًا قُلْت؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لَمَّا لَمْ تَصِحَّ فَلَمْ يَصِحَّ مَا فِي ضِمْنِهَا أَشْبَاهٌ قُبَيْلَ فَنِّ الْحِيَلِ قَالَ السَّيِّدُ الْحَمَوِيُّ أَقُولُ فِي الْإِسْعَافِ لَوْ آجَرَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْوَقْفَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ

فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَكُونُ كُلُّ الْأَجْرِ لَهُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ مُحْتَاجًا إلَى الْعِمَارَةِ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَرِيكٌ فِيهِ جَازَ لَهُ إيجَارُ الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ اهـ وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِرْسَالِ فِي مَحَلِّ التَّقْيِيدِ وَهُوَ فِي مَقَامِ التَّصْنِيفِ وَالْفَتْوَى غَيْرُ سَدِيدٍ. اهـ. (أَقُولُ) وَإِنَّمَا كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مُتَطَوِّعًا؛ لِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْإِذْنِ فَلَمْ يَصِحَّ إذْنُهُ كَمَا لَمْ يَصِحَّ إيجَارُهُ لَكِنَّ قَوْلَهُمْ الْغَارُّ يَضْمَنُ إذَا كَانَ الْغُرُورُ فِي ضِمْنِ عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ يَقْتَضِي ضَمَانَ الْمُؤَجِّرِ هُنَا لِمَا أَنْفَقَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا عَلَّلَ بِهِ فِي الْأَشْبَاهِ إشَارَةٌ إلَى الْجَوَابِ عَنْ هَذَا فَإِنَّ الْعَقْدَ لَمَّا فَسَدَ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَفَسَدَ مَا فِي ضِمْنِهِ لَكِنَّ مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ لَهُ وِلَايَةُ الْإِذْنِ ثُمَّ ظَهَرَ بُطْلَانُ الْإِجَارَةِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا بِمَا بَنَاهُ أَوْ غَرَسَهُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ لِفَسَادِ الْإِذْنِ بِسَبَبِ بُطْلَانِ الْإِجَارَةِ وَقَدْ مَرَّ نَظِيرُهُ وَيَأْتِي لَكِنْ فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ أَوَائِلَ كِتَابِ الْإِجَارَةِ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ أَفْتَى بِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ بَلْ لَهُ اسْتِبْقَاؤُهُ وَإِنْ أَبَى الْمُتَوَلِّي إلَّا الْقَلْعَ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْفِعْلِ لَيْسَ ظُلْمًا إلَخْ فَرَاجِعْهُ وَكَذَا أَفْتَى الرَّمْلِيُّ فِيمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ طَبِيبًا إجَارَةً فَاسِدَةً بِأَنَّهُ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ وَمَا أَنْفَقَهُ فِي ثَمَنِ الْأَدْوِيَةِ وَكَذَا أَفْتَى غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ لَوْ دَفَعَ لَهُ فَرَسًا يَعْلِفُهَا بِحِصَّةٍ مِنْهَا بِأَنَّ لَهُ أَجْرَ مِثْلِهِ وَبَدَلَ الْعَلَفِ وَلَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِذْنَ لَا يَبْطُلُ وَإِنْ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ فَتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ نَاظِرِ وَقْفٍ مَجْرَى مَاءٍ مَعْلُومِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالْعُمْقِ بِحَقِّهِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَاءِ الْجَارِي ذَلِكَ الْمَجْرَى مَعَ حَقِّهِ مِنْ الْمَاءِ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ لِيَسْقِيَ بِهِ بُسْتَانَه مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هِيَ أُجْرَةُ مِثْلِهَا إجَارَةً شَرْعِيَّةً ثُمَّ أَجَّرَ زَيْدٌ الْمَجْرَى الْمَذْكُورَ مَعَ حَقِّهِ مِنْ الْمَاءِ مِنْ بَكْرٍ مُدَّةً تَسْتَوْعِبُ مُدَّتَهُ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَتَانِ صَحِيحَتَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي كِتَابِ الشِّرْبِ وَلَمْ تَصِحَّ إجَارَةُ الشِّرْبِ أَيْضًا لِوُقُوعِ الْإِجَارَةِ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ مَقْصُودًا إلَّا إذَا آجَرَ أَوْ بَاعَ مَعَ الْأَرْضِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ تَبَعًا. اهـ. رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا بِشِرْبِهَا وَحَاجَةُ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى الشِّرْبِ لِيَسُوقَ الْمَاءَ إلَى أَرْضٍ لَهُ أُخْرَى جَازَ خَانِيَّةٌ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ. (سُئِلَ) فِي تَيْمَارِيٍّ آجَرَ أَرَاضِي قَرْيَةٍ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي تَيْمَارِهِ إجَارَةً شَرْعِيَّةً لَازِمَةً لِلزِّرَاعَةِ الصَّيْفِيَّةِ وَالشَّتْوِيَّةِ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي تَيْمَارِيٍّ آجَرَ الْمُتَحَصِّلَ مِنْ تَيْمَارِهِ لِآخَرَ وَقَبَضَ الْمُسْتَأْجِرُ قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ مُتَحَصِّلِ تَيْمَارِهِ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ بِيَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ مِرَارًا كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي فَتَاوَاهُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَنُقُولُهَا كَثِيرَةٌ مُحَصَّلُهَا أَنَّهَا إجَارَةٌ وَقَعَتْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْأَعْيَانِ وَهِيَ بَاطِلَةٌ (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَسْتَأْجِرْ الْأَرْضَ مِنْ التَّيْمَارِيِّ لِأَجْلِ الزَّرْعِ بَلْ اسْتَأْجَرَهَا لِأَخْذِ الْعُشُورِ وَمَا يَتَحَصَّلُ مِنْ التَّيْمَارِ فَلَوْ احْتَالَ لِذَلِكَ وَاسْتَأْجَرَهَا لِلزَّارِعَةِ كَمَا يُفْعَلُ فِي زَمَانِنَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ بِدَلِيلِ مَسْأَلَةِ اسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ مَقِيلًا وَمَرَاحًا الْمَذْكُورَةِ فِي وَقْفِ الْأَشْبَاهِ لِبَيَانِ حِيلَةِ الْجَوَازِ فِيمَا إذَا أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ رَعْيَ الْحَشِيشِ مَثَلًا ثُمَّ رَأَيْت فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ قَالَ مَا نَصُّهُ اعْلَمْ أَنَّ الْمُقَاطَعَةَ إذَا وَقَعَتْ بِشُرُوطِ الْإِجَارَةِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمَعَانِي وَقَدَّمْنَاهُ فِي الْجِهَادِ. اهـ. فَمَنْ أَقْطَعَهُ السُّلْطَانُ أَرْضًا يَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لَكِنْ لِلزَّرْعِ وَنَحْوِهِ بِشُرُوطِ الْإِجَارَةِ ثُمَّ إذَا جَازَتْ الْإِجَارَةُ فِي مَسْأَلَتِنَا فَلِلتَّيْمَارِيِّ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ أَخْذِ الْقَسْمِ أَوْ الْعُشْرِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ السُّلْطَانَ عَزَّ نَصْرُهُ إنَّمَا وَجَّهَهُ لَهُ فَهُوَ حَقُّهُ بِخِلَافِ رَعْيِ الْكَلَإِ فَإِنَّهُ مُبَاحٌ لِكُلِّ مَنْ يَأْخُذُهُ وَإِذَا أَخَذَ الْمُسْتَأْجِرُ مُتَحَصِّلَ التَّيْمَارِ مِنْ الْقَسْمِ وَالْعُشْرِ وَنَحْوِهِ فَلِلتَّيْمَارِيِّ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَيْهِ لَا عَلَى الزُّرَّاعِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ بِإِذْنِهِ فَهُوَ الْوَكِيلُ عَنْهُ فَصَحَّ قَبْضُهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَيْهِ لَا عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّ مَا قَبَضَهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِإِذْنِ التَّيْمَارِيِّ مِلْكٌ لِلتَّيْمَارِيِّ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ التَّيْمَارِيِّ هِبَةٌ وَلَا إبْرَاءٌ

حَتَّى تَبْرَأَ ذِمَّةُ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْهُ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ فَرْعُ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ أَمَّا إذَا لَمْ تَصِحَّ فَظَاهِرٌ وَقَدْ أَفْتَى الْمُؤَلِّفُ مِرَارًا بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَةُ الْقَرْيَةِ وَالْأَرْضِ لِغَيْرِ الزُّرَّاعِ أَصْحَابِ مِشَدِّ الْمَسَكَةِ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ لَهُمْ فِيهَا أَشْجَارٌ وَنَحْوُهَا وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ التَّاجِيِّ الْبَعْلِيِّ تِلْمِيذِ الشَّيْخِ الْعَلَائِيِّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْإِجَارَةُ وَارِدَةً عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْأَعْيَانِ قَصْدًا أَمَّا إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ بِإِنْ كَانَتْ أَرَاضِي الْقَرْيَةِ فِي أَيْدِي مُزَارِعِينَ وَإِنَّمَا اسْتَأْجَرَهَا الْمُسْتَأْجِرُ الْمَرْقُومُ لِيَأْخُذَ مَا يَخُصُّهَا مِنْ خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ فَهِيَ حِينَئِذٍ بَاطِلَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ عُلَمَاؤُنَا قَاطِبَةً اهـ. وَانْظُرْ مَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ خَيْرِ الدِّينِ مِنْ الْإِجَارَاتِ فَقَدْ أَفْتَى مِرَارًا بِبُطْلَانِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ الْمُسَمَّاةِ بِالْمُقَاطَعَةِ وَالِالْتِزَامِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ أَرَاضِي مَعْلُومَةً لِلزِّرَاعَةِ وَمَضَى بَعْضُ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَأَرَادَ زَيْدٌ السَّفَرَ وَتَرْكَ الزِّرَاعَةِ أَصْلًا فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ عُذْرًا فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الزِّرَاعَةَ أَصْلًا كَانَ عُذْرًا وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ الزِّرَاعَةَ وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَزْرَعَ أَرْضًا أُخْرَى لَا يَكُونُ عُذْرًا وَلَوْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا أَوْ بَيْتًا ثُمَّ بَدَا لَهُ السَّفَرُ كَانَ عُذْرًا قَاضِي خَانْ (أَقُولُ) كَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَنَّهُ لَوْ كَذَّبَهُ الْمُؤَجِّرُ فِي إرَادَةِ السَّفَرِ يَحْلِفُ الْمُسْتَأْجِرُ وَهَذَا أَحَدُ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ وَإِلَيْهِ مَالَ الْكَرْخِيُّ وَالْقُدُورِيُّ وَقِيلَ يَسْأَلُ رُفْقَتَهُ وَقِيلَ يُحَكِّمُ زِيَّهُ وَثِيَابَهُ وَقِيلَ الْقَوْلُ لِمُنْكِرِ السَّفَرِ. (سُئِلَ) فِي حَوَانِيتِ وَقْفٍ وَضَعَ رَجُلٌ يَدَهُ عَلَى أَسْطُحَتِهَا وَاسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا مُدَّةً بِنَشْرِ الثِّيَابِ وَوَضْعِ سِقَالَةٍ مِنْ خَشَبٍ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَيُرِيدُ نَاظِرُ الْوَقْفِ مُطَالَبَتَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِ ذَلِكَ عَنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ اسْتَأْجَرَ سَقْفًا لِيُجَفِّفَ عَلَيْهِ الثِّيَابَ أَوْ يَبِيتَ عَلَيْهِ يَجُوزُ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْإِجَارَةِ فِي نَوْعِ الضِّيَاعِ وَالْحَانُوتِ. (سُئِلَ) فِي خَانَيْنِ مَعْلُومَيْنِ جَارِيَيْنِ فِي وَقْفِ بَرٍّ تَحْتَ تَوْلِيَةِ زَيْدٍ بِمُوجِبِ بَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ وَفِي تَوَاجِرِ عَمْرٍو مِنْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ اسْتَوْفَى عَمْرٌو مَنْفَعَةَ الْمَأْجُورِ إلَى قُبَيْلَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ فَآجَرَ الْمُتَوَلِّي الْمَزْبُورُ الْخَانَيْنِ الْمَزْبُورَيْنِ مِنْ بَكْرٍ مُدَّةَ سَنَةٍ كَامِلَةٍ إجَارَةً مُنْتَظَرَةً أَوَّلُهَا بَعْدَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ عَمْرٍو بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِمَا فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْبَيْعِ مِنْ الْمُتُونِ وَمَا تَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى الْمُسْتَقْبَلِ الْإِجَارَةُ وَفَسْخُهَا إلَخْ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ 26 قَالَ فِي الْفَتَاوَى إذَا قَالَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ آجَرْتُك الدَّارَ بِكَذَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَعْلِيقٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهُوَ قَوْلُ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ وَأَبِي اللَّيْثِ وَاخْتِيَارُ صَاحِبِ الْمُحِيطِ إلَى أَنْ قَالَ وَفِي فَتَاوَى ظَهِيرِ الدِّينِ لَوْ قَالَ آجَرْتُكَ دَارِيَ هَذِهِ رَأْسَ الشَّهْرِ بِكَذَا كَانَ إجَارَةً فِي قَوْلِهِمْ. اهـ. (أَقُولُ) الْإِجَارَةُ الْمُضَافَةُ وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَهِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ عَلَى أَحَدِ التَّصْحِيحَيْنِ وَأُيِّدَ بِأَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي أَوَاخِرِ إجَارَاتِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَاتِ فِي ضِمْنِ جَوَابِ سُؤَالٍ مَا نَصُّهُ وَهِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ بَلْ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَآجِرَيْنِ نَقْضُهَا فِي أَوَّلِ دُخُولِ الْعَقْدِ وَقَبْلَهُ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ عَمْرًا لِيَصْنَعَ لَهُ نَشًا فِي مَكَانٍ لِزَيْدٍ بِآلَاتٍ مِنْ زَيْدٍ وَيَبِيعَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِزَيْدٍ نِصْفُ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ مِنْهُ وَالرِّبْحُ مَجْهُولٌ وَصَنَعَ عَمْرٌو ذَلِكَ وَيُرِيدُ زَيْدٌ إخْرَاجَهُ مِنْ الْمَكَانِ وَأَخْذَ النَّشَا وَدَفْعَ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِ عَمْرٍو لَهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ مَجْهُولَةٌ فَتَئُولُ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَدَخَلَ بِهَا فِي مَنْزِلٍ كَانَتْ فِيهِ بِأَجْرٍ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ طَلَبَتْ مِنْ زَوْجِهَا أُجْرَةَ الْمَنْزِلِ فَهَلْ تَكُونُ الْأُجْرَةُ عَلَيْهَا لَا عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّهَا الْعَاقِدَةُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا حَرَثَ زَيْدٌ الْأَرْضَ الْمُسْتَأْجَرَةَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ إجَارَتِهِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْمُؤَجِّرِ وَيَمْتَنِعُ مِنْ تَسْلِيمِهَا

لِلْمُؤَجِّرِ الْمَرْقُومِ حَتَّى يُعْطِيَهُ قِيمَةَ حَرْثِهِ وَكِرَابِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِلْمَنَافِعِ وَالْكِرَابُ وَصْفٌ فِي الْأَرْضِ وَمَسْأَلَةُ الْكِرَابِ مَذْكُورَةٌ فِي مُزَارَعَةِ التَّنْوِيرِ وَقَالَ وَيُسْتَرْضَى دِيَانَةً وَلَكِنْ هَذَا إذَا كَانَ بِالْإِذْنِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا بِغَيْرِ إذْنٍ وَذَكَرَهَا الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ قَائِلًا؛ لِأَنَّهُ كَلَوْنِ الدَّابَّةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَذِنَتْ لَهُ أُمُّهُ بِأَنْ يَسْكُنَ فِي دَارِهَا الْمَمْلُوكَةِ لَهَا بِشَرْطِ أَنْ يُعَمِّرَهَا فَسَكَنَ فِي الدَّارِ مُدَّةً وَلَمْ يُعَمِّرْهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ لَهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى آخَرَ دَارًا لِيَسْكُنَهَا وَيُعَمِّرَهَا فَسَكَنَ مُدَّةً وَلَمْ يُعَمِّرْهَا فَإِنْ كَانَ أَذِنَ لَهُ بِشَرْطِ الْعِمَارَةِ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ الْعِمَارَةَ فَقَدْ آجَرَهُ بِأُجْرَةٍ مَجْهُولَةٍ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ قَدْرَ الْعِمَارَةِ مَجْهُولٌ وَإِنْ سَكَنَ وَعَمَّرَ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى الْعِمَارَةِ وَأَجْرِ الْمِثْلِ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى مِنْ أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِجَارَاتِ (أَقُولُ) وَمِثْلُ هَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي أَحْكَامِ الْعِمَارَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِعِبَارَةٍ فَارِسِيَّةٍ وَعَرَّبَهَا الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ وَنَصُّهُ اتَّفَقَتْ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى أَنْ يُعَمِّرَ وَيَسْكُنَ فَعَمَّرَ وَصَارَ يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَطَالَبَتْهُ بَقِيَّةُ وَرَثَتِهَا بِأُجْرَةِ السُّكْنَى وَطَالَبَهُمْ هُوَ بِمَا أَنْفَقَ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَسْقُطُ مِمَّا أَنْفَقَ قَدْرُ أُجْرَةِ السُّكْنَى وَالْبَاقِي يُطَالِبُ بِهِ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَةُ السُّكْنَى عَلَيْهِ يَسْقُطُ بِقَدْرِهِ مِنْهَا وَالْبَاقِي مِيرَاثٌ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الِاتِّفَاقُ عَلَى ذَلِكَ وَعَمَّرَ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ. اهـ. (أَقُولُ) أَيْضًا وَجْهُ كَوْنِ ذَلِكَ إجَارَةً فَاسِدَةً أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ لَمْ يُمَلِّكْ مَنْفَعَةَ دَارِهِ إلَّا بِعِوَضٍ لَكِنَّهُ لَمَّا جُهِلَ الْعِوَضُ وَقْتَ الْعَقْدِ وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَالْمُعَمِّرُ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَمِّرْ إلَّا بِمُقَابَلَةِ السُّكْنَى وَبِمَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّف وَنَقَلْنَاهُ أَيْضًا عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِعَارَةٍ بَلْ هُوَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ خِلَافًا لِمَا فِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ حَيْثُ أَجَابَ فِي نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ مُسْتَعِيرٌ لَا مُسْتَأْجِرٌ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مَسْأَلَةٌ يَجِبُ التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا فِي زَمَانِنَا وَقَلَّ مَنْ يَعْرِفُهَا وَهِيَ مَا فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْخُلَاصَةِ رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ دَرَاهِمَ مِنْ رَجُلٍ فَقَالَ لَهُ اُسْكُنْ فِي حَانُوتِي فَمَا لَمْ أَرُدَّ عَلَيْك دَرَاهِمَك لَا أُطَالِبُك بِأُجْرَةِ الْحَانُوتِ وَالْأَجْرُ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْك هِبَةٌ فَدَفَعَ الْمُقْرِضُ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَسَكَنَ الْحَانُوتَ مُدَّةً. فَقَالَ إنْ ذَكَرَ تَرْكَ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ مَعَ اسْتِقْرَاضِهِ مِنْهُ الْمَالَ فَالْأُجْرَةُ عَلَى الْمُقْرِضِ وَاجِبَةٌ وَإِنْ كَانَ ذَكَرَهُ قَبْلَ الِاسْتِقْرَاضِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَنَقَلَ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْإِجَارَةِ عَنْ النَّوَازِلِ ثُمَّ قَالَ عَقِبَهَا قِيلَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَفِي الْكُبْرَى قَالَ فَخْرُ الدِّينِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ اسْتَقْرَضَ دَرَاهِمَ وَأَسْكَنَ الْمُقْرِضَ فِي دَارِهِ قَالُوا يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُقْرِضِ وَكَذَا لَوْ أَخَذَ الْمُقْرِضُ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ حِمَارًا لِيَسْتَعْمِلَهُ إلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الدَّرَاهِمَ. اهـ. فَحَيْثُ كَانَ الْفَتْوَى عَلَى وُجُوبِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْمُقْرِضِ وَإِنْ صَرَّحَ بِإِسْقَاطِ الْأُجْرَةِ وَقْتَ الْقَرْضِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَفِي مَسْأَلَتِنَا بِالْأَوْلَى وَوَجْهُ لُزُومِ الْأُجْرَةِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِإِسْقَاطِهَا أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ لَمْ يُسْكِنْهُ فِي دَارِهِ إلَّا بِمُقَابَلَةِ مَنْفَعَةِ الْقَرْضِ وَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ عِوَضًا فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَالْإِجَارَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْأُجْرَةِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ آجَرْتُك بِغَيْرِ شَيْءٍ فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ لَا عَارِيَّةٌ. اهـ. وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْإِجَارَةَ الْفَاسِدَةَ يَجِبُ فِيهَا أَجْرُ الْمِثْلِ فَاحْفَظْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَإِنَّهَا مُهِمَّةٌ لَكِنْ بَقِيَ مَا إذَا اسْتَقْرَضَ مِنْهُ وَأَرْهَنَ الدَّارَ عِنْدَهُ وَأَبَاحَ لَهُ سُكْنَاهَا مَجَّانًا فَهَلْ لَهُ أُجْرَةٌ الظَّاهِرُ لَا وَإِنْ كَانَ مَا أَبَاحَ لَهُ السُّكْنَى إلَّا لِأَجْلِ الْقَرْضِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ عَقْدٌ آخَرُ مُنَافٍ لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَلَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمَا بَلْ لَوْ عَرَضَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَفْسَدَهُ فَلَوْ آجَرَ الْمَرْهُونَ فَسَدَ الرَّهْنُ وَبِالْعَكْسِ وَلِذَا اخْتَلَفُوا فِي كَرَاهَةِ انْتِفَاعِ الْمُقْرِضِ بِالْمَرْهُونِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي الْجَزْمُ بِالْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِيَّةِ فِي مِثْلِ مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الرَّاهِنُ بِالِانْتِفَاعِ بِالدَّارِ الْمَرْهُونَةِ

لَمْ يُقْرِضْهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ وَفِي مِشَدِّ مَسَكَةِ عَمْرٍو فَزَرْعهَا زَيْدٌ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ عَمْرٍو وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَقَامَ عَمْرٌو الْمَزْبُورُ يُكَلِّفُ زَيْدًا دَفْعَ نِصْفِ الْحَاصِلِ مِنْ الزَّرْعِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَلْزَمُ زَيْدًا أُجْرَةُ مِثْلِ ذَلِكَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَالزَّرْعُ لِلزَّارِعِ؟ (الْجَوَابُ) : يَلْزَمُ زَيْدًا أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ مُدَّةَ تَصَرُّفِهِ فِيهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَالزَّرْعُ لِلزَّارِعِ وَإِنْ كَانَ غَاصِبًا (أَقُولُ) إنَّمَا يَلْزَمُ الزَّارِعَ أُجْرَةُ مِثْلِهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ إنْ لَمْ تَكُنْ جَارِيَةً فِي تَوَاجِرِ عَمْرٍو صَاحِبِ الْمِشَدِّ أَمَّا لَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فِي تَوَاجِرِهِ فَأُجْرَتُهَا تَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ إلَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ إخْرَاجُ الْغَاصِبِ بِشَفَاعَةٍ أَوْ حِمَايَةٍ فَلَا تَلْزَمُهُ بَلْ تَلْزَمُ الْغَاصِبَ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْوَقْفِ مَضْمُونَةٌ أَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ إخْرَاجُهُ بِمَا ذُكِرَ فَالْمَنَافِعُ تَكُونُ مَمْلُوكَةً لَهُ بِعَقْدِ الْإِيجَارِ وَخَرَجَتْ عَنْ كَوْنِهَا مَنَافِعَ الْوَقْفِ فَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ ثُمَّ إنْ كَانَ يَتِيمًا أَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ فَلَهُ عَلَى الْغَاصِبِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا وَإِلَّا فَلَا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي مِنْ الْقَوَاعِدِ وَسَنَذْكُرُ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ تَمَامَ الْكَلَامِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ مَعْلُومَةٍ بِقَرْيَةٍ مُعَدَّةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ زَرَعَهَا زَيْدٌ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا عَمْرٍو وَاسْتَغَلَّهَا وَلَمْ يَكُنْ فِي الْقَرْيَةِ عُرْفٌ مِنْ اقْتِسَامِ الْغَلَّةِ أَنْصَافًا أَوْ أَرْبَاعًا فَهَلْ يَكُونُ الْخَارِجُ لِلزَّارِعِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ زَرَعَ أَرْضَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فَإِنْ اقْتَسَمُوا الْغَلَّةَ أَنْصَافًا أَوْ أَرْبَاعًا اُعْتُبِرَ وَإِلَّا فَالْخَارِجُ لِلزَّارِعِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ وَأَمَّا فِي الْوَقْفِ فَتَجِبُ الْحِصَّةُ أَوْ الْأَجْرُ بِكُلِّ حَالٍ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْفُصُولَيْنِ وَقَالَ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَوْ سَكَنَ دَارًا مُعَدَّةً لِلْغَلَّةِ أَوْ زَرَعَ أَرْضًا مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ بِغَيْرِ اسْتِئْجَارٍ يَجِبُ الْأَجْرُ (أَقُولُ) وَسَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. (سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ خَانِ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا جَاءَ رَجُلٌ وَزَادَ عَلَيْهِ فِي الْأُجْرَةِ فَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهَا زِيَادَةُ ضَرَرٍ وَبَرْهَنَ عَلَى دَعْوَاهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ أَنَّهَا زِيَادَةُ إضْرَارٍ وَتَعَنُّتٍ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ لَا تُقْبَلُ الزِّيَادَةُ الْمَزْبُورَةُ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ فَإِنْ كَانَتْ إضْرَارًا وَتَعَنُّتًا لَمْ تُقْبَلْ. (سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ أَرَاضِي وَقْفٍ إجَارَةً شَرْعِيَّةً جَحَدَ جَرَيَانَ الْأَرَاضِيِ فِي الْوَقْفِ وَأَثْبَتَ النَّاظِرُ جَرَيَانَهَا فِيهِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَخَافُ مِنْهُ عَلَى الْأَرَاضِي فَهَلْ لِلْقَاضِي فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَإِخْرَاجُ الْأَرَاضِي مِنْ يَدِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ فِي بَابِ إجَارَةِ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ جَارٍ فِي جِهَةِ وَقْفٍ وَفِي تَوَاجِرِ زَيْدٍ مِنْ نَاظِرِهِ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَفِي بَعْضِ أَرَاضِيِ الْبُسْتَانِ زَرْعٌ لِزَيْدٍ زَرَعَهُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَلَهُ فِيهِ قُمَامَةٌ يُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْقِيمَةِ فَطَلَبَ النَّاظِرُ مِنْ زَيْدٍ تَسْلِيمَ الْبُسْتَانِ لَهُ فَامْتَنَعَ زَيْدٌ مِنْ ذَلِكَ وَيُكَلِّفُهُ إلَى شِرَاءِ الْقِيمَةِ فَهَلْ يَتْرُكُ الزَّرْعَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ؟ (الْجَوَابُ) : يَتْرُكُ الزَّرْعَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إلَى إدْرَاكِهِ وَعَلَى زَيْدٍ تَسْلِيمُ الْأَرْضِ الْخَالِيَةِ مِنْ الزَّرْعِ لِلنَّاظِرِ وَلَا يُجْبَرُ النَّاظِرُ عَلَى شِرَاءِ الْقِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَالزَّرْعُ يُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى إدْرَاكِهِ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ؛ لِأَنَّ لَهُ نِهَايَةً كَمَا مَرَّ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ (أَقُولُ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْأَرْضِ بِنَاءٌ أَوْ شَجَرٌ مِمَّا لَيْسَ لَهُ نِهَايَةٌ أَمَّا لَوْ كَانَ فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ وَتَبِعَهُ فِي التَّنْوِيرِ أَنَّهُ تَبْقَى الْأَرْضُ بِيَدِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِالْوَقْفِ ضَرَرٌ وَبِهِ أَفْتَى الْمُؤَلِّفُ كَمَا يَأْتِي وَلَنَا فِيهِ كَلَامٌ سَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا وَمِثْلُ الشَّجَرِ مَا كَانَ لَهُ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ لَكِنَّهَا طَوِيلَةٌ كَالْقَصَبِ كَمَا نَقَلَهُ الْعَلَائِيُّ عَنْ فَتَاوَى ابْنِ الشَّلَبِيِّ أَمَّا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ طَوِيلَةٍ كَالْفُجْلِ وَالْجَزَرِ وَالْبَاذِنْجَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالزَّرْعِ يُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى نِهَايَتِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْعَلَائِيُّ أَيْضًا عَنْ حَوَاشِي الْكَنْزِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ وَنَقَلَ أَيْضًا عَنْ الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ يُتْرَكُ الزَّرْعُ بِأَجْرٍ أَيْ بِقَضَاءٍ أَوْ بِعَقْدٍ حَتَّى لَا يَجِبَ الْأَجْرُ إلَّا بِأَحَدِهِمَا اهـ وَكَتَبْت فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ عَنْ الشرنبلالية أَنَّ هَذَا

الشَّرْطَ فِي غَيْرِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي اسْتَثْنَاهَا الْمُتَأَخِّرُونَ أَعْنِي الْوَقْفَ وَمَالَ الْيَتِيمِ وَالْمُعَدَّ لِلِاسْتِغْلَالِ؛ لِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ وَلَوْ بِالْغَصْبِ. (سُئِلَ) فِي أَرَاضٍ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي أَوْقَافٍ وَفِي مِشَدِّ مَسَكَةِ زَيْدٍ وَتَوَاجِرِهِ مِنْ أَرْبَابِهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ غَرَسَ زَيْدٌ بِهَا غِرَاسًا فِي مُدَّةِ تَوَاجِرِهِ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَيْهَا وَالْغَرْسُ لَا يَضُرُّ بِالْأَرْضِ وَالْآنَ انْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ فَهَلْ لِزَيْدٍ ذَلِكَ وَيَبْقَى الْغِرَاسُ بِالْأَرْضِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : يَجُوزُ لِزَيْدٍ الْمُسْتَأْجِرِ الْغَرْسَ بِالْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْأَرْضِ بِدُونِ صَرِيحِ الْإِذْنِ مِنْ الْمُتَوَلِّينَ لَا سِيَّمَا وَلَهُ فِيهَا حَقُّ الْقَرَارِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِمِشَدِّ الْمَسَكَةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ الْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ مِنْ الْوَقْفِ وَأَفْتَى بِهَا صَاحِبُ الْبَحْرِ فِي فَتَاوَاهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ مَا تُنْقَضُ بِهِ الْإِجَارَةُ مَا نَصُّهُ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَبْنِيَ بَيْتًا فِي الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ إذَا كَانَ لَا يَضُرُّ بِالدَّارِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَفِي تَوَاجُرِ زَيْدٍ مِنْ نَاظِرِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَهُ فِيهَا غِرَاسٌ قَائِمٌ فِيهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَانْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ وَيُرِيدُ النَّاظِرُ إيجَارَهَا مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ بِأُجْرَةٍ زَائِدَةٍ عَنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَزَيْدٌ يَأْبَى اسْتِئْجَارَهَا إلَّا بِأَجْرِ مِثْلِهَا فَهَلْ لِزَيْدٍ اسْتِئْجَارُهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ لَا بِالزِّيَادَةِ وَلَا تُؤَجَّرُ مِنْ غَيْرِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ وَقْفٍ وَغَرَسَ فِيهَا ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِبْقَاؤُهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ. اهـ. وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ الْمَشْغُولَةِ بِالْأَشْجَارِ لَا يَجُوزُ. اهـ. (أَقُولُ) مَا أَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ تَبَعًا لِلتَّنْوِيرِ قَدْ أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ قَائِلًا وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ أَنَّ الشَّرْعَ يَأْبَى الضَّرَرَ خُصُوصًا وَالنَّاسُ عَلَى هَذَا وَفِي الْقَلْعِ ضَرَرٌ عَلَيْهِمْ وَفِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ عَنْ النَّبِيِّ الْمُخْتَارِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» اهـ لَكِنَّهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ أَفْتَى فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِخِلَافِهِ وَقَالَ يُقْلَعُ وَتُسَلَّمُ الْأَرْضُ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ الْمُتُونُ قَاطِبَةً. اهـ. وَلَعَلَّ مَا أَفْتَى بِهِ ثَانِيًا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ يُخْشَى مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمِنَحِ وَلَوْ حَصَلَ ضَرَرٌ مَا بِإِنْ كَانَ هُوَ أَوْ وَارِثُهُ مُفْلِسًا أَوْ سَيِّئَ الْمُعَامَلَةِ أَوْ مُتَغَلِّبًا يُخْشَى عَلَى الْوَقْفِ مِنْهُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّرَرِ لَا يُجْبَرُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ اهـ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْإِسْعَافِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يُخَافُ مِنْهُ عَلَى رَقَبَةِ الْوَقْفِ يَفْسَخُ الْقَاضِي الْإِجَارَةَ وَيُخْرِجُهُ مِنْ يَدِهِ. اهـ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ أَنَّ لَهُ اسْتِبْقَاءَ الْغِرَاسِ جَبْرًا حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْوَقْفِ إنَّمَا تَبِعَ فِيهِ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ صَاحِبَ الْقُنْيَةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي عَامَّةِ الْمُتُونِ الْمُعْتَبَرَةِ وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ وَهْبَانَ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِمَا يَقُولُهُ فِي الْقُنْيَةِ إذَا خَالَفَ غَيْرَهُ وَقَالُوا أَيْضًا إنَّ مَا فِي الْمُتُونِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا فِي الشُّرُوحِ وَمَا فِي الشُّرُوحِ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى وَقَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَالْفَتَاوَى بِأَنَّهُ يُؤْمَرُ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ بِقَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَتَسْلِيمِ الْأَرْضِ فَارِغَةً وَمَعَ هَذَا فَلَا يَخْفَى مَا فِي جَبْرِ الْمُؤَجِّرِ عَلَى إبْقَاءِ الْغِرَاسِ مِنْ الضَّرَرِ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَإِنَّ النَّاسَ الْيَوْمَ قَدْ اسْتَوْلَوْا عَلَى الْأَوْقَافِ بِسَبَبِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ حَتَّى تَمَلَّكُوهَا وَبَاعُوهَا وَمَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى بَيْعِهِ لَا يَسْتَأْجِرُونَهُ إلَّا بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَصَارَ ذَلِكَ سَبَبًا لِخَرَابِ الْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ وَافْتِقَارِ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ ذَرَارِيِّ الْوَاقِفِينَ وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ طَمَعِ النُّظَّارِ أَعْمَى اللَّهُ تَعَالَى أَبْصَارَهُمْ بِمَا يَأْخُذُونَهُ مِنْ الرِّشْوَةِ الَّتِي يُسَمُّونَهَا بِالْخِدْمَةِ وَتَمَامُ ذَلِكَ فِي حَاشِيَتِنَا رَدِّ الْمُحْتَارِ وَلِلْعَلَامَةِ قُنْلِي زَادَهْ رِسَالَةٌ فِي الِاسْتِبْدَالِ فَرَاجِعْهَا فَقَدْ أَقَامَ فِيهَا الطَّامَّةَ الْكُبْرَى عَلَى أَهْلِ عَصْرِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ إلَى أَنْ قَالَ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ قَاضٍ عَادِلٍ عَالِمٍ وَعَلَى كُلِّ قَيِّمٍ أَمِينٍ غَيْرِ ظَالِمٍ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْأَوْقَافِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ رُفِعَ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ تُسْتَأْجَرُ بِأَكْثَرَ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَيَرْفَعَ بِنَاءَهُ وَغَرْسَهُ أَوْ يَقْبَلَهَا بِهَذِهِ الْأُجْرَةِ وَقَلَّمَا يَضُرُّ الرَّفْعُ بِالْأَرْضِ فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ فِيهِ نَفْعًا وَغِبْطَةً لِلْوَقْفِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

وَهَذَا عِلْمٌ فِي وَرَقٍ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ وَاسْتَحْكَرَ زَيْدٌ بِمَالِهِ لِنَفْسِهِ مِنْ نَاظِرٍ شَرْعِيٍّ عَلَى وَقْفِ جَدِّهِ فُلَانٍ فَآجَرَهُ وَأَحْكَرَهُ مَا هُوَ جَارٍ فِي الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ وَذَلِكَ جَمِيعُ أَرْضِ بُسْتَانٍ سَلِيخَةٍ مَعْلُومَةٍ إجَارَةً وَاحْتِكَارًا لَازِمَيْنِ لِلْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ وَالتَّعَلِّي وَالِاحْتِرَامِ لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ طَوِيلَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَصَدَرَ ذَلِكَ لَدَى حَاكِمٍ حَنْبَلِيٍّ ثَبَتَ لَدَيْهِ حِينَ الْعَقْدِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّ الْأُجْرَةَ الْمَرْقُومَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَأَنَّ فِي ذَلِكَ كَمَالَ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةَ لِلْوَقْفِ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ الِاحْتِكَارِ وَالتَّوَاجِرِ وَلُزُومَهُ فِي حَادِثَةِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ حُكْمًا شَرْعِيًّا مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ بَعْدَ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ وَالشَّهَادَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ ثُمَّ أَذِنَ الْمُؤَجِّرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَغْرِسَ وَيَبْنِيَ فِي الْأَرْضِ مَا أَحَبَّ وَاخْتَارَ وَمَهْمَا يَبْنِهِ وَيَغْرِسْهُ يَكُنْ مِلْكًا لَهُ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً أَفْتَى مُفْتٍ حَنْبَلِيٌّ بِالْعَمَلِ بِهَا بَعْدَ ثُبُوتِ مَضْمُونِهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَبِصِحَّةِ كُلٍّ مِنْ التَّوَاجِرِ وَالْإِذْنِ وَأَنْفَذَ الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أُخْرَى فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِ الْحُجَّتَيْنِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُرْصَدٌ لَهُ عَلَى حَانُوتِ وَقْفٍ صَرَفَهُ بِإِذْنِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ فِي تَعْمِيرِ الْحَانُوتِ وَتَرْمِيمِهَا الضَّرُورِيَّيْنِ حَيْثُ لَا مَالَ فِي الْوَقْفِ حَاصِلٌ وَلَا مَنْ يَرْغَبُ فِي اسْتِئْجَارِ الْحَانُوتِ مُدَّةً مُسْتَقْبَلَةً بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ تُصْرَفُ فِي التَّرْمِيمِ وَالتَّعْمِيرِ وَلِوُجُودِ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ لِلْوَقْفِ وَأَثْبَتَ زَيْدٌ التَّعْمِيرَ وَالتَّرْمِيمَ وَقَدَّرَ الْمُصْرَفَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ فِي وَجْهِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ بَعْدَ جُحُودِهِ لِذَلِكَ لَدَى قَاضٍ حَنْبَلِيٍّ حَكَمَ لِزَيْدٍ بِاسْتِحْقَاقِهِ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مُرْصَدًا لَهُ عَلَى الْحَانُوتِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّي فَقَطْ وَبِدُونِ إذْنِ قَاضِي الْقُضَاةِ حُكْمًا شَرْعِيًّا مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ بَعْدَ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ وَالشَّهَادَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً أَنْفَذَهَا حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أُخْرَى ثُمَّ اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ الْحَانُوتَ مِنْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَعْلُومَةٍ هِيَ أُجْرَةُ مِثْلِهَا وَقَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ الْمَأْجُورَ ثَانِيًا مِنْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ مُدَّةً مَعْلُومَةً طَوِيلَةً تَالِيَةً لِلْأُولَى بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هِيَ أُجْرَةُ مِثْلِهَا أَذِنَ لَهُ الْمُتَوَلِّي بِاقْتِطَاعِ بَعْضِهَا مِنْ مَبْلَغِهِ الْمَزْبُورِ وَصَدَرَ ذَلِكَ أَيْضًا لَدَى قَاضٍ حَنْبَلِيٍّ ثَبَتَ لَدَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ أَنَّ الْأُجْرَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَأَنَّ فِي ذَلِكَ كَمَالَ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةَ لِلْوَقْفِ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَلُزُومِهَا وَعَدَمِ انْفِسَاخِهَا بِالزِّيَادَةِ فِي حَادِثَتِهَا وَحَادِثَةِ الْمُدَّةِ ثُبُوتًا وَحُكْمًا شَرْعِيَّيْنِ مُوَافِقًا لِمَذْهَبِهِ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ بَعْدَ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ وَالشَّهَادَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً أَنْفَذَهَا حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَكَتَبَ بِهِ حُجَّةً أُخْرَى وَأَفْتَى مُفْتٍ حَنْبَلِيٌّ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَالتَّعْمِيرِ وَالْإِرْصَادِ وَبِبَقَاءِ الْمَأْجُورِ بِيَدِ زَيْدٍ إلَى انْتِهَاءِ مُدَّتِهِ وَعَدَمِ انْفِسَاخِ إجَارَتِهِ بِالزِّيَادَةِ وَبِالْعَمَلِ بِالْحُجَّتَيْنِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِ الْحُجَجِ الْأَرْبَعَةِ الْمَزْبُورَةِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَيَبْقَى الْمَأْجُورُ بِيَدِ زَيْدٍ إلَى انْتِهَاءِ مُدَّتِهِ وَلَا تَنْفَسِخُ إجَارَتُهُ وَيَسْتَحِقُّ الْمَبْلَغَ الْمَزْبُورَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ كَانَ الْحَالُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ. (سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ طَاحُونَةِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ أَذِنَ نَاظِرُ الْوَقْفِ لَهُ أَنْ يُرَمِّمَ بِالْمَأْجُورِ مَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَيْهِ مِنْ مَرَمَّةٍ وَشِرَاءِ حَجَرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَنْ يَصْرِفَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ وَمَهْمَا يَصْرِفْهُ يَقْتَطِعْهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَأَنْ يَكُون التَّرْمِيمُ وَالصَّرْفُ بِاطِّلَاعِ الْمُؤَجِّرِ أَوْ بِاطِّلَاعِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَقْتَطِعُ الْمُسْتَأْجِرُ شَيْئًا مِمَّا يَصْرِفُهُ وَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِهِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً ثُمَّ رَمَّمَ الْمُسْتَأْجِرُ بِالْمَأْجُورِ مَرَمَّةً بِغَيْرِ اطِّلَاعِ الْمُؤَجِّرِ وَلَا اطِّلَاعِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ فَهَلْ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتَطِعَ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ بِسَبَبِ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ وَكَتَبْت الْجَوَابَ كَمَا بِهِ الْمَرْحُومُ الْعَمُّ أَجَابَ وَأَفْتَى الْمِهْمَنْدَارِي فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ دَارَ الْوَقْفِ

وَهَدَمَهَا وَغَيَّرَ مَعَالِمَهَا بِأَنَّهُ يَنْظُرُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ مَا غَيَّرَهَا إلَيْهِ أَنْفَعَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَأَكْثَرَ رَيْعًا أَخَذَ مِنْهُ الْأُجْرَةَ وَبَقِيَ مَا عَمَّرَهُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِمَا أَنْفَقَهُ فِي الْعِمَارَةِ لَا يُحْسَبُ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَنْفَعَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَلَا أَكْثَرَ رَيْعًا أُلْزِمَ بِهَدْمِ مَا صَنَعَهُ وَإِعَادَةِ الْوَقْفِ إلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا بَعْدَ تَعْزِيرِهِ بِمَا يَلِيقُ بِهِ كَمَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قُبَيْلَ الْعَاشِرِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَإِنْ قَالَ لَهُ رَبُّ الدَّارِ ابْنِ وَاحْسُبْ مِنْ الْأَجْرِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ بَنَيْت وَأَنْكَرَ الْآجِرُ فَالْقَوْلُ لِلْآجِرِ وَإِنْ أَقَرَّ بِالْبِنَاءِ وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ وَاتَّفَقَ جَمِيعُ أَهْلِ الصَّنْعَةِ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ فَالْقَوْلُ لَهُ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ مَعَهُ وَالْبَعْضُ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ تَثْبُتُ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ. اهـ. (أَقُولُ) قَوْلُهُ تَثْبُتُ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ مَعْنَاهُ يَتَحَقَّقُ كُلٌّ مِنْ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارِ فَيُعْتَبَرُ مَا يُعْتَبَرُ فِي الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارِ مِنْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْقَوْلَ لِلْمُنْكِرِ وَكَتَبَ الْمُؤَلِّفُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الرَّابِعِ اسْتَأْجَرَ طَاحُونَةً إجَارَةً طَوِيلَةً ثُمَّ أَجَّرَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَأَذِنَ لَهُ بِالْعِمَارَةِ وَأَنْفَقَ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ مُسْتَأْجِرٌ وَالطَّاحُونَةُ لَيْسَتْ لَهُ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَظَنَّهُ مَالِكًا يَرْجِعُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. اهـ. (سُئِلَ) فِي مَجْرَى مَاءٍ جَارٍ مَعَ حَقِّهِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَاءِ فِي وَقْفٍ تَحْتَ نِظَارَةِ زَيْدٍ وَلِعَمْرٍو أَرْضٌ لَا مَاءَ لَهَا وَلَا يَصِلُ إلَيْهَا الْمَاءُ إلَّا مِنْ الْمَاءِ الْمَزْبُورِ فَاسْتَأْجَرَ عَمْرٌو الْمَجْرَى الْمَزْبُورَ بِحَقِّهِ مِنْ الْمَاءِ مِنْ زَيْدٍ الْمَزْبُورِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَنْ كُلِّ سَنَةٍ مِنْ الْمُدَّةِ لِيَغْرِسَ فِي أَرْضِهِ غِرَاسًا وَيَسْقِيَهُ بِالْمَاءِ الْمَزْبُورِ فَغَرَسَ فِي الْأَرْضِ غِرَاسًا لِنَفْسِهِ وَصَارَ يَسْقِيهِ حَتَّى نَمَا وَأَثْمَرَ وَتَصَرَّفَ بِذَلِكَ وَانْتَفَعَ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَصَارَ يَسْقِي بِالْمَاءِ بَعْدَهَا وَيُعْطِي الْأُجْرَةَ وَالْآنَ طَلَبَ رَجُلٌ مِنْ النَّاظِرِ الْمَزْبُورِ إيجَارَ الْمَجْرَى بِحَقِّهِ مِنْ الْمَاءِ لِيَسْقِيَ بِهِ أَرْضَهُ وَأَجَابَهُ النَّاظِرُ إلَى ذَلِكَ وَإِذَا اسْتَأْجَرَهُ الرَّجُلُ يَبْقَى غِرَاسُ عَمْرٍو بِلَا مَاءٍ فَيَتْلَفُ وَيَيْبَسُ وَيَتَضَرَّرُ عَمْرٌو بِذَلِكَ فَهَلْ يُؤَجِّرُ الْمَجْرَى بِحَقِّهِ مِنْ الْمَاءِ مِنْ عَمْرٍو رَبِّ الْغِرَاسِ لَا مِنْ غَيْرِهِ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا أَبَى صَاحِبُ الْغِرَاسِ الِاسْتِئْجَارَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ فَلِلنَّاظِرِ إيجَارُ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ يُرَاعَى فِي الْوَقْفِ الْمَنْفَعَةُ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ وَالْإِفْتَاءُ بِكُلِّ مَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ وَإِنْ رَضِيَ بِاسْتِئْجَارِ ذَلِكَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ بِحَيْثُ لَا يُؤَجِّرُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُؤَجِّرَ لَهُ تَطْبِيقًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ فَإِنَّ الْعِلَّةَ وَاحِدَةٌ وَهِيَ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ بَابِ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ الْوَقْفِ وَغَرَسَ فِيهَا وَبَنَى ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِبْقَاؤُهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِالْوَقْفِ وَلَوْ أَبَى الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ إلَّا الْقَلْعَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ. كَذَا فِي الْقُنْيَةِ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَسْأَلَةَ الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ وَهِيَ مَنْقُولَةٌ أَيْضًا فِي أَوْقَافِ الْخَصَافِ. اهـ. قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فَالْحُكْمُ بِاسْتِبْقَائِهَا أَيْ الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ أَوْلَى عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ الْخَصَّافُ وَالزَّاهِدِيُّ دَفْعًا لِلضَّرَرِ لَا سِيَّمَا فِيمَا اُبْتُلِيَ النَّاسُ بِهِ كَثِيرًا مَعَ رِعَايَةِ جَانِبِ الْوَقْفِ بِدَفْعِ أَجْرِ الْمِثْلِ خُصُوصًا إذَا كَانَتْ بِحَيْثُ لَوْ فَرَغَتْ لَا تُؤَجَّرُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَرِعَايَةِ صَاحِبِ ذَلِكَ الْبِنَاءِ بِعَدَمِ إضْرَارِهِ بِإِتْلَافِ بِنَائِهِ وَلَعَمْرِي إنَّهُ شَرْعٌ ظَاهِرٌ مُسْتَقِيمٌ وَقَدْ أَفْتَى بِهِ مَنْ لَهُ قَلْبٌ سَلِيمٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ. وَهُنَا الْأَشْجَارُ إنَّمَا نَمَتْ بِالْمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَ الْمَاءُ يَتَضَرَّرُ صَاحِبُهُ وَلَا يَنْتَفِعُ صَاحِبُ الْمَاءِ بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ وَرَبُّ الْأَشْجَارِ قَدْ رَضِيَ بِمَا يَدْفَعُهُ الْغَيْرُ وَقَدْ جَاءَ النَّهْيُ عَنْ الْمُضَارَّةِ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَفِي السُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْأَرْبَعِينَ وَذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ فِي قَاعِدَةِ الضَّرَرُ يُزَالُ ثُمَّ إنِّي بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ رَأَيْت فَتْوَى مِنْ جَدِّي الْمَرْحُومِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَهِيَ بِخَطِّهِ الْمَعْرُوفِ الْمَعْهُودِ فَحَمِدْت اللَّهَ تَعَالَى حَيْثُ وَافَقَ رَأْيِي الْمَنْقُولَ فِي زَيْدٍ اسْتَأْجَرَ مِنْ عَمْرٍو الْمُتَوَلِّي عَلَى وَقْفٍ أَهْلِيٍّ

فَآجَرَهُ مَجْرَى مَاءٍ لِيَنْتَفِعَ بِالْمَاءِ فَسَاقَهُ زَيْدٌ إلَى أَرْضِهِ وَعَمَّرَ الْأَرْضَ وَمَجْرَى الْمَاءِ وَغَرَسَ عَلَى الْمَاءِ غَرْسًا فِي مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً وَتَرَتَّبَ عَلَى الْأَرْضِ وَعَلَى الْغِرَاسِ وَالْغِلَالِ أَعْشَارٌ لِجَانِبِ مَوْلَانَا وَلِيِّ الْأَمْرِ وَجَرَتْ الْعَادَةُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ جَاءَ مُتَوَلٍّ آخَرُ وَآجَرَ مَجْرَى الْمَاءِ مَعَ الْمَاءِ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ وَأَذِنَ لَهُ فِي تَسَلُّمِ الْمَاءِ الَّذِي قَامَ بِهِ الْغِلَالُ مِنْ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ وَغَيْرِهَا فَهَلْ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُؤَجِّرَ الْمَاءَ لِغَيْرِ مَالِكِ الْغِرَاسِ الْأَوَّلِ وَهَلْ لِمَالِكِ الْغِرَاسِ قَبُولُ الزِّيَادَةِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ خَوْفًا عَلَى إتْلَافِ الْأَشْجَارِ وَهَلْ يُمْنَعُ الْأَجْنَبِيُّ مِنْ ذَلِكَ وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْ الْغَلَّةِ بِتَعَدِّيهِ عَلَى غِرَاسِ زَيْدٍ مَعَ أَنَّهُ مَنَعَهُ مِنْ تِلْكَ الزِّيَادَةِ الَّتِي يَتَرَتَّبُ بِهَا الضَّرَرُ أَمْرٌ شَرِيفٌ مِنْ جَانِبِ السُّلْطَانِ خَلَّدَ اللَّهُ تَعَالَى أَيَّامَ دَوْلَتِهِ إلَى سَاعَةِ الْقِيَامِ؟ .؟ (الْجَوَابُ) : الْحَمْدُ لِلَّهِ لِصَاحِبِ الْغِرَاسِ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ قَبُولُ الزِّيَادَةِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُتَوَلِّي تَقْدِيمُهُ عَلَى غَيْرِهِ وَيُمْنَعُ مِنْ إضْرَارِهِ بِتَقْدِيمِ الْغَيْرِ وَلَا سِيَّمَا امْتِثَالُ الْأَمْرِ الْمُطَاعِ الْوَاجِبِ الِاتِّبَاعِ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عُفِيَ عَنْهُ (أَقُولُ) لَا يُنَافِي هَذَا مَا قَدَّمْنَا قَرِيبًا مِنْ عَدَمِ الْجَبْرِ عَلَى الِاسْتِبْقَاءِ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ مَوَاضِعَ الضَّرُورَةِ مُسْتَثْنَاةٌ شَرْعًا وَعُرْفًا نَعَمْ لَوْ كَانَ يَخْشَى عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ بِإِنْ كَانَ مُتَغَلِّبًا أَوْ مُفْلِسًا أَوْ سَيِّئَ الْمُعَامَلَةِ أَوْ لَا يَسْتَأْجِرُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ لَا يُجْبَرُ الْمُتَوَلِّي عَلَى إيجَارِهِ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى فَتَأَمَّلْ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا فِي السُّؤَالِ بِقَوْلِهِ وَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ مِنْ الْغَلَّةِ بِتَعَدِّيهِ عَلَى غِرَاسِ زَيْدٍ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُجِيبُ لِلْجَوَابِ عَنْهُ وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيَّ إنْ كَانَ تَعَدَّى عَلَى الْغِرَاسِ مُبَاشَرَةً بِأَنْ قَطَعَهُ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَإِنْ كَانَ تَعَدِّيهِ بِسَبَبِ اسْتِئْجَارِهِ لِلْمَجْرَى الْمَذْكُورِ وَمَنْعِهِ الْمَاءَ عَنْ زَيْدٍ حَتَّى تَلِفَ بَعْضُ أَشْجَارِ زَيْدٍ أَوْ كُلُّهَا فَلَا يَضْمَنُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ وَإِذَا تَلِفَتْ الْأَشْجَارُ بِسَبَبِ انْقِطَاعِ الْمَاءِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْخَانِيَّةِ فِي ضَمَانِ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْ الْمُبَاحِ مِنْ كِتَابِ الشِّرْبِ رَجُلٌ أَرَادَ سَقْيَ أَرْضِهِ أَوْ زَرْعِهِ مِنْ مَجْرًى لَهُ فَجَاءَ رَجُلٌ وَمَنَعَهُ الْمَاءَ فَفَسَدَ زَرْعُهُ قَالُوا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ مَنَعَ الرَّاعِيَ حَتَّى ضَاعَتْ الْمَوَاشِي. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ جَمَاعَةً لِيَرْجُدُوا لَهُ زَرْعَهُ الْمَحْصُودَ فِي مَكَانِ كَذَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِي نَظِيرِ أُجْرَتِهِمْ حِمْلٌ وَاحِدٌ مِنْ عِشْرِينَ حِمْلًا مِنْ الزَّرْعِ فَوَجَدُوهُ كُلَّهُ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُمْ شَيْئًا فَهَلْ يَجِبُ لَهُمْ أُجْرَةُ مِثْلِهِمْ مِنْ جِنْسِ النَّقْدَيْنِ لَا الْمُسَمَّى؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو جَمَلًا لِيَرْكَبَهُ مِنْ مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ إلَى دِمَشْقَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَشَرَطَ زَيْدٌ فِي صُلْبِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ عَلَى عَمْرٍو أَنْ يُطْعِمَهُ وَيَسْقِيَهُ مِنْ مَكَّةَ إلَى دِمَشْقَ وَاسْتَوْفَى زَيْدٌ الْمَنْفَعَةَ وَأَطْعَمَهُ عَمْرٌو وَسَقَاهُ إلَى دِمَشْقَ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ الْمَزْبُورَةُ فَاسِدَةً بِالشَّرْطِ وَعَلَى زَيْدٍ أَجْرُ الْمِثْلِ لِرُكُوبِهِ وَلَا يُزَادُ عَنْ الْمُسَمَّى وَيَنْقُصُ عَنْهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ الْمَزْبُورَةُ فَاسِدَةً بِالشَّرْطِ الْمَزْبُورِ وَعَلَى زَيْدٍ أَجْرُ الْمِثْلِ لِرُكُوبِهِ لَا يُزَادُ عَنْ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُمَا رَضِيَا بِإِسْقَاطِ حَقِّهِمَا حَيْثُ سَمَّيَا الْأَقَلَّ وَإِذَا كَانَ أَجْرُ الْمِثْلِ نَاقِصًا عَنْ الْمُسَمَّى يَنْقُصُ عَنْهُ وَلَا يَجِبُ قَدْرُ الْمُسَمَّى لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا (أَقُولُ) فِي هَذَا الْجَوَابِ كَلَامٌ يَأْتِي قَرِيبًا فِي مَسْأَلَةِ الْمِعْمَارِيِّ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ دَفَعَ لِآخَرَ غَنَمَهُ لِيَقُومَ عَلَيْهَا وَيَرْعَاهَا بِجُزْءٍ مُعَيَّنٍ مِنْ صُوفِهَا وَوَلَدِهَا فَقَامَ عَلَيْهَا مُدَّةً فَهَلْ لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الرَّحِيمِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ حِصَانَهُ لِعَمْرٍو لِيَعْلِفَهُ وَيُرَبِّيهِ بِنِصْفِهِ فَرَبَّاهُ وَعَلَفَهُ مُدَّةً ثُمَّ بَاعَهُ عَمْرٌو جَمِيعَهُ مِنْ رَجُلٍ بِدُونِ وَكَالَةٍ عَنْ صَاحِبِهِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ زَيْدٌ رَفْعَ يَدِ الْمُشْتَرِي عَنْ الْحِصَانِ وَأَخْذَهُ مِنْهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِعَمْرٍو سِوَى أَجْرِ الْمِثْلِ لِتَرْبِيَتِهِ وَمِثْلُ عَلَفِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي فَتَاوَى أَحْمَدَ أَفَنْدِي يَعْنِي الْمِهْمَنْدَارِي سُئِلَ فِي مُهْرَةٍ صَغِيرَةٍ بَاعَ الْمَالِكُ الثَّمَنَ مِنْهَا شَائِعًا لِزَيْدٍ بَيْعًا صَحِيحًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَسَلَّمَ إلَيْهِ الْمُهْرَةَ وَأَمَرَهُ بِتَرْبِيَتِهَا

وَالْقِيَامِ بِعَلَفِهَا مِنْ مَالِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ بِذَلِكَ الْحِصَّةُ وَهِيَ الثُّمُنُ الثَّانِي تَكْمِلَةَ الرُّبُعِ مِنْهَا نَظِيرَ التَّرْبِيَةِ وَالْعَلَفِ فَتَسَلَّمَهَا زَيْدٌ وَرَبَّاهَا وَعَلَفَهَا مِنْ مَالِهِ مُدَّةً ثُمَّ مَاتَ الْبَائِعُ فَهَلْ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ الْمَشْمُولُ بِالْبَيْعِ الصَّحِيحِ يَكُونُ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي دُونَ الثَّمَنِ الثَّانِي الْمَجْعُولِ لَهُ نَظِيرُ التَّرْبِيَةِ وَالْعَلَفِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا نَابَ حِصَّتَهُ مِنْ الْعَلَفِ وَأُجْرَةِ التَّرْبِيَةِ لَا يُزَادُ عَلَى قِيمَةِ الثَّمَنِ الْمَجْعُولِ فِي مُقَابَلَتِهِ؟ الْجَوَابُ نَعَمْ. اهـ. (أَقُولُ) رَأَيْت بِهَامِشِ الْأَصْلِ بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ السَّائِحَانِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَأُجْرَةُ التَّرْبِيَةِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ لَا أَجْرَ لَهُ اهـ أَيْ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ شَرِيكٌ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَجْرٌ عَلَى عَمَلِهِ فِي الْمُشْتَرَكِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا الْمُؤَلِّفُ هَذَا وَقَوْلُهُ لَا يُزَادُ عَلَى قِيمَةِ الثَّمَنِ إلَخْ لَمْ يُقَيِّدْ بِهِ الْمُؤَلِّفُ فِي مَسْأَلَتِهِ الْمَذْكُورَةِ نَعَمْ نَقَلَ الْمُؤَلِّفُ فَتْوَى أُخْرَى عَنْ الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ وَفِيهَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ لَا يُزَادُ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى الْمُسَمَّى إنْ كَانَتْ تَسْمِيَةً وَيُوَافِقُهُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْمُضَارَبَةِ أَنَّهَا إذَا فَسَدَتْ فَلَا رِبْحَ لِلْمُضَارِبِ بَلْ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ بِلَا زِيَادَةٍ عَلَى الْمَشْرُوطِ لَكِنْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِلَا تَقْيِيدٍ وَنَصُّهَا فَلَوْ دَفَعَ بَزَّ الْقَزِّ أَوْ بَقَرَةً أَوْ دَجَاجًا لِآخَرَ بِالْعَلَفِ مُنَاصَفَةً فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ لِحُدُوثِهِ مِنْ مِلْكِهِ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَلَفِ وَأَجْرُ مِثْلِ الْعَامِلِ عَيْنِيٌّ مُلَخَّصًا. اهـ. وَيُمْكِنُ تَقْيِيدُ قَوْلِهِ وَأَجْرُ مِثْلِ الْعَامِلِ بِمَا مَرَّ يُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ فِي جَهَالَةِ الْمُسَمَّى كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ أَمَّا إذَا فَسَدَ الْعَقْدُ بِحُكْمِ شَرْطٍ فَاسِدٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ مِنْ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ اسْتَأْجَرَ بَيْتًا سَنَةً بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ يَرُمَّهُ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ إذْ الْمَرَمَّةُ لَمَّا شُرِطَتْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ صَارَتْ مِنْ الْأُجْرَةِ فَجُهِلَ الْأَجْرُ اهـ. وَإِذَا سَمَّى لَهُ نِصْفَ الدَّابَّةِ مَثَلًا فِي مُقَابَلَةِ تَرْبِيَتِهَا وَعَلَفِهَا يَكُونُ الْمُسَمَّى مَعْلُومًا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُسَمَّى مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ جَعَلَ نِصْفَ الدَّابَّةِ أُجْرَةً لِلتَّرْبِيَةِ وَثَمَنًا لِلْعَلَفِ وَلَا يُدْرَى مِقْدَارُ الْعَلَفِ فَيَلْزَمُ جَهْلُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الدَّابَّةِ وَجَهْلُ مَا يُقَابِلُ أُجْرَةَ التَّرْبِيَةِ وَحَيْثُ جُهِلَ الْمُسَمَّى يَجِبُ الْأَجْرُ بَالِغًا مَا بَلَغَ؛ لِأَنَّ هَذَا بَيْعٌ فِي ضِمْنِ الْإِجَارَةِ وَقَدْ جُهِلَ الْبَدَلُ فِيهِمَا فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَبَدَلُ الْعَلَفِ الْمَبِيعِ لَكِنْ رَأَيْت فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْإِجَارَاتِ مَا نَصُّهُ وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيّ لَوْ دَفَعَ إلَى نَدَّافٍ قَبَاءً لِيَنْدِفَ عَلَيْهِ كَذَا مِنْ قُطْنِ نَفْسِهِ بِكَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْأَجْرَ مِنْ الثَّمَنِ جَازَ اهـ وَذَكَرَ قَبْلَهُ وَفِي الْأَصْلِ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى السَّكَّافِ جِلْدًا لِيُحْرِزَ لَهُ خُفَّيْنِ عَلَى أَنْ يَنْعَلَهُمَا بِنَعْلٍ مِنْ عِنْدِهِ وَيُبَطِّنَهُ وَوَصَفَ لَهُ ذَلِكَ جَازَ وَإِنْ كَانَ هَذَا بَيْعًا فِي إجَارَةٍ لِلتَّعَامُلِ اهـ قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى خَيَّاطٍ لِيَخِيطَهُ جُبَّةً عَلَى أَنْ يَحْشُوَهُ وَيُبَطِّنَهُ مِنْ عِنْدِهِ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا فَكَذَا هَذَا لَكِنْ تُرِكَ الْقِيَاسُ فِي الْخُفِّ لِلتَّعَامُلِ وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ دَفَعَ إلَى خَيَّاطٍ ظِهَارَةً وَقَالَ بَطِّنْهَا مِنْ عِنْدِك فَهُوَ جَائِزٌ قَاسَهُ عَلَى الْخُفِّ فَصَارَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ وَلَوْ قَالَ ظِهَارَتُهَا مِنْ عِنْدِك فَهُوَ فَاسِدٌ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَعَامُلَ فِيهِ اهـ. وَمُفَادُ هَذَا أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّعَارُفِ فَلَوْ جَرَى التَّعَارُفُ جَازَ إلَّا فَلَا كَمَا يَشْهَدُ بِذَلِكَ التَّعْلِيلُ فَتَأَمَّلْ وَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ فِي اسْتِئْجَارِ الْكَاتِبِ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْحِبْرَ جَازَ لَا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْوَرَقَ أَيْضًا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ مِعْمَارِيًّا لِيُعَمِّرَ لَهُ كَذَا بِآلَاتٍ مِنْ الْمِعْمَارِيِّ بِأُجْرَةِ كَذَا فَعَمَّرَهُ ذَلِكَ فَهَلْ لِلْمِعْمَارِيِّ أُجْرَةُ مِثْلِ الْعَمَلِ وَمَا أَنْفَقَ فِي ثَمَنِ الْآلَاتِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) رَأَيْت فِي مَجْمُوعَةِ شَيْخُ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيِّ بِخَطِّهِ ذَكَرَ هَذَا السُّؤَالَ وَجَوَابَهُ مَعْزُوًّا لِلْمُؤَلِّفِ ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْآلَاتِ ثَلَاثِينَ وَقِيمَةُ الْعِمَارَةِ أَرْبَعِينَ صَارَتْ الْعَشَرَةُ أُجْرَةً فَإِنْ كَانَتْ مِثْلُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَبِهَا وَإِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ

الْمِثْلِ أَقَلَّ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ فَلَهُ الْعَشَرَةُ فَلَهُ الْعَشَرَةُ فَقَطْ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَبِهَذَا يُعْلَمُ كِرَاءُ الْحَاجِّ مَعَ الْمُقَوِّمِ بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ. اهـ. مَا فِي الْمَجْمُوعَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا وَإِلَى قِيمَةِ الْآلَاتِ فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا يَكُونُ أُجْرَةً يَسْتَحِقُّهَا الْمِعْمَارِيُّ إنْ سَاوَتْ أَجْرَ الْمِثْلِ أَوْ نَقَصَتْ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْحَاجِّ فَتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ مُشْكِلٌ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ التَّسْمِيَةَ وَقْتَ الْعَقْدِ مَجْهُولَةٌ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ بَيْتًا سَنَةً بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ يَرُمَّهُ فَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ السَّادِسِ دَفَعَ إلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَوْقَارِ دُهْنٍ لِيَتَّخِذَ مِنْهُ صَابُونًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْهُ فَفَعَلَ فَالصَّابُونُ لِرَبِّ الدُّهْنِ وَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مَا أَنْفَقَ الْأَجِيرُ فِيهِ مَعَ أَجْرِ الْمِثْلِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ بَلْ مُقْتَضَى مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ تُعُورِفَ جَازَ كَمَا مَرَّ نَظَائِرُهُ قُبَيْلَ هَذَا السُّؤَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةِ كَذَا فَزَرَعَهَا ثُمَّ أَكَلَ الْفَأْرُ جَمِيعَ الزَّرْعِ وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ هَلَاكِ الزَّرْعِ مُدَّةٌ يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ إعَادَةِ الزَّرْعِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا ثُمَّ أَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ فَهَلَكَ أَوْ غَرِقَتْ مِنْ الْمَاءِ فَلَمْ يَنْبُتْ فَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِرَبِّ الْأَرْضِ تَمَامًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ زَرَعَ وَلَوْ غَرِقَتْ قَبْلَ أَنْ يَزْرَعَهَا فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا قَالَ الْعَلَّامَةُ صَاحِبُ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ هَلَاكِ الزَّرْعِ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إعَادَةِ الزِّرَاعَةِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَلَا يَجِبُ إلَّا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الزِّرَاعَةِ مِثْلُ الْأَوَّلِ أَوْ دُونَهُ فِي الضَّرَرِ وَكَذَا لَوْ مَنَعَهُ غَاصِبٌ عَنْهَا اهـ لِسَانُ الْحُكَّامِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا كَلَامَ فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ لِمَا قَبْلَ أَكْلِ الْجَرَادِ وَنَحْوِهِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ الزَّرْعِ يَلْزَمُ الْأُجْرَةُ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ أَيْضًا وَإِلَّا لَا يَلْزَمُ إلَّا لِمَا قَبْلَ أَكْلِ الْجَرَادِ فَافْهَمْ فَإِنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْفَتْوَى. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ دَارًا فَانْهَدَمَ بَيْتٌ مِنْهَا هَلْ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الصُّغْرَى إذَا سَقَطَ حَائِطٌ أَوْ انْهَدَمَ بَيْتٌ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ وَلَكِنْ لَا يَفْسَخُ بِغَيْبَةِ الْآجِرِ خُلَاصَةٌ وَبَزَّازِيَّةٌ انْهَدَمَ الْبَيْتُ الْمَأْجُورُ فَلَهُ الْخُرُوجُ وَفَسْخُ الْإِجَارَةِ خَانِيَّةٌ (أَقُولُ) فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ يَرْفَعُ عَنْهُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِصَّتِهِ وَلَا يُؤْمَرُ أَحَدٌ مِنْهُمَا بِبِنَائِهِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا عَنْ الذَّخِيرَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ ثُلُثَا جُنَيْنَةٍ مَعْلُومَةٍ وَثُلُثُهَا الْآخَرُ مِلْكُ عَمْرٍو فَآجَرَ زَيْدٌ ثُلُثَيْهِ مِنْ بَكْرٍ الْأَجْنَبِيِّ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَلَمْ يَحْكُمْ بِالْإِجَارَةِ حَاكِمٌ يَرَى صِحَّتَهَا فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً وَيَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّعْوَى بِفَسَادِهَا وَطَلَبَ الْأُجْرَةِ الَّتِي عَجَّلَهَا لِلْمُؤَجِّرِ سَلَفًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْمَنْظُومَةِ النَّسَفِيَّةِ إجَارَةُ الْمُشَاعِ لَا تَصِحُّ مِنْ ... غَيْرِ الشَّرِيكِ فَاعْلَمَن وَاسْتَبِنْ وَرَأَيْت بِهَامِشِ الْعِمَادِيَّةِ بِخَطِّ الْجَدِّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيِّ مَا صُورَتُهُ قُلْت قَالَ قَاضِي خَانْ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فِي عَدَمِ جَوَازِ إجَارَةِ الْمُشَاعِ وَنَقَلَ الزَّيْلَعِيُّ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي جَوَازِهَا قَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي تَصْحِيحِهِ: مَا نَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ شَاذٌّ مَجْهُولُ الْقَائِلِ اهـ وَالْإِجَارَةُ وَالْبَيْعُ أَخَوَانِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ وَالْبَيْعَ تَمْلِيكُ الْأَعْيَانِ وَقَدْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فَسْخُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ مَا دَامَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي إعْدَامًا لِلْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ فَيَجِبُ رَفْعُهَا بَحْرٌ وَإِذَا أَصَرَّ أَحَدُهُمَا عَلَى إمْسَاكِهِ وَعَلِمَ بِهِ الْقَاضِي فَلَهُ فَسْخُهُ جَبْرًا عَلَيْهِمَا حَقًّا لِلشَّرْعِ بَزَّازِيَّةٌ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَوَافَقَ زَيْدٌ مَعَ عَمْرٍو عَلَى أَنْ يَعْصِرَ لَهُ زَبِيبَهُ دِبْسًا وَيَزْرَعَ لَهُ فِلَاحَتَهُ حِنْطَةً وَشَعِيرًا وَغَيْرَهُمَا وَيُعْطِيَهُ أُجْرَتَهُ كَمَا يُعْطِي النَّاسَ

وَلَمْ يُسَمِّيَا شَيْئًا وَكَانَ مَا يُعْطِيهِ النَّاسَ فِي ذَلِكَ مَعْلُومًا غَيْرَ مُتَفَاوِتٍ وَشَرَعَ عَمْرٌو فِي الْعَمَلِ الْمَذْكُورِ لِلْحَالِ لِإِمْكَانِهِ وَأَتَمَّ ذَلِكَ وَلَمْ يُعْطِهِ زَيْدٌ شَيْئًا فَهَلْ حَيْثُ كَانَ مَا يُعْطِي النَّاسُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ مَعْلُومًا بِأَنْ كَانَ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ وَعَلِمَ ذَلِكَ جَازَ لِعَمْرٍو طَلَبُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَمَّا صِحَّتُهَا مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ فَلِأَنَّهُ عَمَلٌ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ فِي الْعَمَلِ لِلْحَالِ يَقْدِرُ وَفِي مِثْلِهِ لَا يَلْزَمُ ذِكْرُ الْمُدَّةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا صِحَّتُهَا مَعَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ وَكَانَ مَا يُعْطِيهِ النَّاسُ مَعْلُومًا فَلِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ تَكَارَى دَابَّةً بِمِثْلِ مَا تَكَارَى بِهِ أَصْحَابُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَا تَكَارَى بِهِ أَصْحَابُهُ مِثْلَ هَذِهِ الدَّابَّةِ مَعْلُومًا بَلْ مُخْتَلِفًا فَسَدَتْ وَلَوْ مَعْلُومًا بِإِنْ كَانَ عَشَرَةً لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ وَعَلِمَ ذَلِكَ جَازَ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَجَّرَ مُتَوَلِّي وَقْفٍ أَرْضًا لَهَا مَاءٌ يَفْضُلُ عَنْهَا لِرَجُلٍ مُدَّةً طَوِيلَةً بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ وَأَذِنَ لَهُ بِأَنْ يَغْرِسَ فِي الْأَرْضِ الْمَزْبُورَةِ مَا أَحَبَّ وَاخْتَارَ وَأَنْ يَكُونَ جَمِيعُ مَا يَغْرِسُهُ فِيهَا لَهُ وَلَمْ يَجْعَلْ لِجِهَةِ الْوَقْفِ شَيْئًا مِنْ الْغِرَاسِ وَغَرَسَ الْمُسْتَأْجِرُ غِرَاسًا وَاحْتَرَمَهُ لَدَى حَاكِمٍ يَرَى ذَلِكَ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ بَاطِلَةً وَيَكُونُ الْإِذْنُ بِأَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الْغِرَاسِ لِلْمُسْتَأْجِرِ دُونَ جِهَةِ الْوَقْفِ بَاطِلًا وَلِمُتَوَلِّي الْوَقْفِ الْآنَ مُطَالَبَتُهُ بِقَلْعِ الْغِرَاسِ وَبِتَسْلِيمِ الْأَرْضِ فَارِغَةً أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْإِذْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بَاطِلًا وَيَسُوغُ لِلْمُتَوَلِّي مُطَالَبَةُ صَاحِبِ الْغِرَاسِ بِقَلْعِهِ وَبِتَسْلِيمِ الْأَرْضِ فَارِغَةً كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عُفِيَ عَنْهُ الْجَوَابُ مَا بِهِ الْمَرْحُومُ الْجَدُّ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَجَابَ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ الْحَمْدُ لِلَّهِ طَابَ الْجَوَابُ وَوَافَقَ الصَّوَابَ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ لَا تَصِحُّ وَيَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ وَلِأَنَّ إجَارَةَ الْوَقْفِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ إنْ أَرْضًا وَأَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إنْ دَارًا لَا تَجُوزُ كَمَا فِي الْمِنَحِ قَالَ فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى قَالَ أَبُو الْعَلَاءِ فِيمَنْ آجَرَ أَرْضًا مَوْقُوفَةً مِائَةَ سَنَةٍ لِوَاحِدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ هَلْ يَجُوزُ فَأَجَابَ أَفْتَى بِبُطْلَانِ الْإِجَارَةِ مَعْشَرٌ ... عَنْ زُمْرَةِ الْعُلَمَاءِ قَطْعًا لَازِمًا وَكَذَاكَ أُفْتِي لِلتَّدَيُّنِ حِسْبَةً ... كَيْ لَا أَكُونَ بِمَا أُحَرِّرُ ظَالِمًا . اهـ. فَحَيْثُ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُدَّةً طَوِيلَةً وَبِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ وَكَذَا مَا فِي ضِمْنِهَا وَهُوَ الْإِذْنُ بِالْغِرَاسِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ الشَّيْءُ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ إذَا بَطَلَ الْمُتَضَمِّنُ بِالْكَسْرِ بَطَلَ الْمُتَضَمَّنُ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ قُبَيْلَ الْأَلْغَازِ (أَقُولُ) اُنْظُرْ مَا قَدَّمْنَاهُ قُبَيْلَ نَحْوِ نِصْفِ كُرَّاسٍ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ غِرَاسَ تُوتٍ قَائِمٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ لِيَأْخُذَ الْحَاصِلَ مِنْ وَرَقِ التُّوتِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ بَاطِلَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ هَلْ تَجُوزُ إجَارَةُ الْمَلَّاحَةِ لِجَمْعِ الْمِلْحِ فِيهَا فَأَجَابَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ عَلَى الْمَنَافِعِ لَا عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ وَإِنْ أَخَذَ الْمُسْتَأْجِرُ شَيْئًا مِنْ الْمِلْحِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ. وَسُئِلَ أَيْضًا عَنْ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مَالِحَةً لِيَنْتَفِعَ بِهَا فِي جَمْعِ الْمِلْحِ مِنْهَا بَعْدَ سَقْيِهَا بِالْمَاءِ حَتَّى يَنْعَقِدَ الْمِلْحُ فَأَجَابَ إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَسُوقَ إلَيْهَا مَاءً ثُمَّ إنَّ الْمَاءَ الَّذِي يَسُوقُهُ إلَيْهَا يَنْعَقِدُ مِلْحًا فَهَذَا الْمِلْحُ مِلْكُهُ؛ لِأَنَّهُ انْعَقَدَ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي سَاقَهُ إلَى هَذِهِ الْأَرْضِ بِمُكْثِهِ فِيهَا فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ لِيَحْبِسَ فِيهَا الْمَاءَ الَّذِي يَسُوقُهُ إلَيْهَا فِي الْمُدَّةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا لِذَلِكَ فَكَانَ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ حَوْضًا أَوْ صِهْرِيجًا لِيَمْلَأهُ مَاءً يَحْمِلُهُ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْمِلْحُ الَّذِي يَأْخُذُهُ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ لَا مِنْ الْمَاءِ الَّذِي سَاقَهُ إلَيْهَا فَهُوَ مِلْكٌ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ فَصَارَ كَالطِّينِ وَالتُّرَابِ وَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ وَالْإِجَارَةُ إنَّمَا تَنْعَقِدُ عَلَى اسْتِهْلَاكِ

الْمَنَافِعِ فَإِذَا تَصَرَّفَ فَيَرُدُّ كُلٌّ مِنْ الْمُتَآجِرَيْنِ إلَى صَاحِبِهِ مَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ لِلْآخَرِ وَسُئِلَ فِيمَا إذَا آجَرَهُ دَارًا لِيَنْتَفِعَ بِهَا خَاصَّةً فَأَجَابَ بِأَنَّ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ غَيْرُ مُفِيدٍ. لِأَنَّ السُّكْنَى أَوْ الزِّرَاعَةَ إذَا عَيَّنَ مَا يَزْرَعُ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِ وَلَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ غَيْرَهُ وَإِذَا اسْتَأْجَرَهَا مُؤَجَّلَةً وَآجَرَهَا مُعَجَّلَةً لَيْسَ لِلْمُؤَجِّرِ أَنْ يُطَالِبَ الثَّانِيَ بِمَالِهِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ مِنْهُ مُصَدِّقًا أَنَّهُ لَهُ أَوْ غَيْرَ مُصَدِّقٍ يَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ وَيُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهَا إلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهَا مِلْكُهُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ خِلَافُ ذَلِكَ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ وَهِيَ سَبْخَةٌ لَا يُمْكِنُ زِرَاعَتُهَا لَا تَصِحُّ هَذِهِ الْإِجَارَةُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَنْتَفِعَ بِهَا مُطْلَقًا وَلَمْ يُعَيِّنْ زِرَاعَةً صَحَّ فَإِذَا غَرِمَ عَلَى إصْلَاحِهَا مَالًا إنْ أَذِنَ لَهُ مَالِكُهَا فِي ذَلِكَ لِيَرْجِعَ بِهِ عَلَيْهِ فَفَعَلَ ثُمَّ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ رَجَعَ عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ غَيْرَ مَالِكٍ لَكِنْ لَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ كَالنَّاظِرِ أَوْ الْوَصِيِّ فَإِنْ كَانَ مَا أَذِنَ بِهِ مِنْ مَصَالِحِ الْوَقْفِ أَوْ مَالِ الْأَيْتَامِ صَحَّ إذْنُهُ وَيَرْجِعُ فِي رُبُعِ الْوَقْفِ أَوْ مَالِ الصَّغِيرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ فَلَا اعْتِبَارَ بِهَذَا الْإِذْنِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ. اهـ. مِنْ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَفِيهَا إذَا اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْآجِرُ فَقَالَ الْآجِرُ لِتُحَمِّلْهَا قُمَاشًا وَتَرْكَبْ بِنَفْسِك وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ لَأُحَمِّلَهَا وَأُرَكِّبَ مَنْ شِئْت فَالْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ وَإِذَا اخْتَلَفَا عَلَى وَفَاءِ الْعَمَلِ فَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ عَدَمَهُ وَادَّعَى الْأَجِيرُ الْعَمَلَ فَالْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَعَ يَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْأَجِيرِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْإِيفَاءَ وَالْمُسْتَأْجِرُ يُنْكِرُ وَفِيهَا إذَا غَرِقَتْ السَّفِينَةُ أَوْ انْكَسَرَتْ بِغَيْرِ صُنْعِ رَبِّهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ بِصُنْعِهِ فَالْمَالِكُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ فِي مَكَانِ التَّلَفِ وَأَعْطَاهُ أَجْرَهُ بِحِسَابِهِ. وَإِنْ شَاءَ فِي مَكَانِ الْحَمْلِ وَلَا أَجْرَ لَهُ وَالْمَلَّاحُ يَسْتَحِقُّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقِسْطِهَا وَإِنْ تَرَاضَوْا عَلَى الْإِلْقَاءِ فَالْغُرْمُ عَلَى الرُّءُوسِ؛ لِأَنَّهُ لِحِفْظِ الْأَنْفُسِ وَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ وَسُئِلَ عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ بُسْتَانًا مُشَاعًا مِنْ أَقْوَامٍ مُتَفَرِّقِينَ مِرَارًا مُخْتَلِفَةً فَزَرَعَ وَغَرَسَ ثُمَّ انْقَضَتْ مُدَّةُ بَعْضِ الْمُؤَجِّرِينَ وَطَالَبَهُ بِالتَّفْرِيغِ فَهَلْ يَبْقَى إلَى حِينِ فَرَاغِ بَقِيَّةِ مُدَّةِ الْحِصَصِ فَأَجَابَ إجَارَةُ هَذِهِ الْأَرْضِ الْمُشَاعَةِ مِنْ غَيْرِ الشَّرِيكِ لَا تَجُوزُ إلَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَإِنْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّتِهَا جَازَتْ فَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ بَعْضِ الْعُقُودِ بَقِيَ الْغِرَاسُ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّ مَنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ إيجَارِهِ لَيْسَ لَهُ أَرْضٌ مُعَيَّنَةٌ يُؤْمَرُ الْمُسْتَأْجِرُ بِتَفْرِيغِهَا فَيَبْقَى إلَى انْقِضَاءِ جَمِيعِ الْمُدَّةِ لَكِنْ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ فَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهَا فَلِلْكُلِّ أَنْ يُطَالِبُوهُ بِالتَّفْرِيغِ وَإِذَا لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ لِمَا مَضَى وَسُئِلَ فِيمَا إذَا مَاتَ أَحَدُ الْمُؤَجِّرِينَ فَأَجَابَ كُلُّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ انْفَسَخَ فِي نَصِيبِهِ وَبَقِيَ الْعَقْدُ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ وَفِيهَا وَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ النَّاظِرِ الْمُؤَجِّرِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقَّ بِانْفِرَادِهِ وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْوَقْفِ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقَّ لِجَوَازِ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَتُفْسَخُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ وَفِيهَا الْمُسْتَحِقُّونَ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُؤَجِّرُوا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ لَهُمْ الْوَاقِفُ ذَلِكَ أَوْ يَأْذَنَ لَهُمْ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِيجَارِ مِنْ نَاظِرٍ أَوْ قَاضٍ وَإِذَا آجَرُوا بِوِلَايَةٍ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُؤَجِّرُوا هَذِهِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَاقِفُ أَطْلَقَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ تُفْسَخُ وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا انْتَفَعَ فِيهِ فِي الْمُدَّةِ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّتِهَا حَاكِمٌ يَرَى جَوَازَهَا. وَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ تَبْقَى مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَصْلَحَةُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يُؤْمَرُ الْبَانِي بِرَفْعِ بِنَائِهِ إذَا وَجَدَ مَنْ يَسْتَأْجِرُهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا يَدْفَعُ الْبَانِي وَإِذَا مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي أَثْنَاءِ مُدَّتِهِ تَنْفَسِخُ إجَارَتُهُ وَتَرْجِعُ وَرَثَتُهُ بِمَا عَجَّلَ مِنْ الْأُجْرَةِ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ عَلَى الْقَابِضِينَ أَوْ عَلَى مَنْ ضَمِنَ الدَّرْكَ فِي الْإِجَارَةِ إذَا اسْتَمَرُّوا عَلَى الِانْتِفَاعِ بِالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فَعَلَيْهِمْ أَجْرُ الْمِثْلِ إلَى وَقْتِ الْفَسْخِ وَفِيهَا وَإِجَارَةُ الْوَقْفِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ إنْ أَرْضًا وَأَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إنْ دَارًا لَا تَجُوزُ وَتُفْسَخُ

إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ شَيْئًا وَأَمَّا إذَا شَرَطَ شَرْطًا يُتْبَعُ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَالْعَقْدُ إذَا فَسَدَ فِي بَعْضِهِ فَسَدَ فِي جَمِيعِهِ فَيُفْسَخُ الْعَقْدُ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ وَفِيهَا إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يُؤَجِّرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَاحْتِيجَ إلَى إجَارَتِهِ نَحْوَ ثَلَاثِينَ سَنَةً إذَا لَمْ تَحْصُلُ عِمَارَةُ الْوَاقِفِ إلَّا بِذَلِكَ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَفْعَلَ ذَلِكَ فَإِذَا فَعَلَهُ الْحَاكِمُ صَحَّ وَفِيهَا إذَا اسْتَأْجَرَ جِدَارًا وَقَلَعَهُ ثُمَّ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ مِنْ أَرْبَابِهَا وَبَنَى فِيهَا فَالْإِجَارَةُ الْأُولَى فَاسِدَةٌ وَمَا بَنَاهُ لَهُ وَعَلَيْهِ الْأَنْقَاضُ وَفِيهَا وَإِنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا وَهَدَمَهَا وَغَيَّرَ مَعَالِمَهَا يَنْظُرُ الْقَاضِي فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ مَا غُيِّرَ إلَيْهِ أَنْفَعَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَأَكْثَرَ رَيْعًا أَخَذَ مِنْهُ الْأُجْرَةَ وَبَقِيَ مَا عَمَّرَهُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِمَا أَنْفَقَهُ فِي الْعِمَارَةِ وَلَا يَحْتَسِبُ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَنْفَعَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَلَا أَكْثَرَ رَيْعًا أُلْزِمَ بِهَدْمِ مَا صَنَعَ وَإِعَادَةِ الْوَقْفِ إلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا بَعْدَ تَعْزِيرِهِ بِمَا يَلِيقُ بِحَالِهِ. وَسُئِلَ أَيْضًا عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِمْ وَيَجِبُ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أَجْرُ الْمِثْلِ لَا يُجَاوِزُ الْمُسَمَّى فَأَجَابَ مَعْنَاهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ شَخْصٌ شَيْئًا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لَكِنْ يَشْتَرِطُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ مَثَلًا أَنَّ مَرَمَّةَ الدَّارِ أَوْ عَلَفَ الدَّابَّةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَهَذَا شَرْطٌ يُفْسِدُ الْعَقْدَ؛ لِأَنَّ الْمَرَمَّةَ وَالْعَلَفَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فَإِذَا اسْتَوْفَى الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ فِي هَذِهِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ أَمَّا إذَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ بِجَهَالَةِ الْأُجْرَةِ بِأَنْ اسْتَأْجَرَ شَيْئًا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ جِنْسَ ذَلِكَ وَنَوْعَهُ فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ هُنَا أَجْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ إذَا اسْتَوْفَى الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنْفَعَةَ وَفِيهَا إذَا غُصِبَتْ الْأَرْضُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا سَقَطَ عَنْهُ الْأُجْرَةُ مُدَّةَ الْغَصْبِ فَإِذَا زَالَ وَانْتَفَعَ بِهَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا لِمَا اُسْتُؤْجِرَتْ لَهُ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ كَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَهَا حِينَ غُصِبَتْ مِنْهُ وَفِيهَا إذَا آجَرَ ابْنَهُ الَّذِي دُونَ التَّمْيِيزِ لِأُمِّهِ الْمُطَلَّقَةِ مُدَّةً لِتَسْتَأْنِسَ بِهِ فَتَزَوَّجَتْ فَلِلْأَبِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَأَخْذُهُ مِنْهَا إذْ الزَّوْجُ رُبَّمَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الصَّغِيرُ بَلْ هُوَ الْغَالِبُ فَهُوَ عُذْرٌ وَالْإِجَارَةُ تُفْسَخُ بِالْأَعْذَارِ اهـ كَلَامُ قَارِئِ الْهِدَايَةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ دَارَ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةِ كَذَا فَانْهَدَمَ بَيْتَانِ مِنْهَا وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِمَا أَصْلًا فَهَلْ يَرْفَعُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِحِصَّتِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ فَصْلِ الْأَعْذَارِ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ دَارًا وَقَبَضَهَا فَانْهَدَمَ بَيْتٌ يَرْفَعُ عَنْهُ مِنْ الْأَجْرِ بِحِصَّتِهِ وَلَا يُؤَاخَذُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِبِنَائِهِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ قُلْت هَذَا إذَا كَانَ مِلْكًا فَإِنْ كَانَ وَقْفًا يُبْدَأ مِنْ غَلَّتِهِ بِعِمَارَتِهِ إلَى آخِرِ مَا فَصَّلْنَا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ (أَقُولُ) أَمَّا عَدَمُ مُؤَاخَذَةِ الْمُسْتَأْجِرِ بِالْبِنَاءِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْمُؤَجِّرُ فَلِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ وَيَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْخِيَارُ فَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْإِجَارَةَ كَمَا مَرَّ عَنْ الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْخَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا مِنْ مَكَانٍ إلَى آخَرَ وَلَمْ يُبَيِّنْ الرَّاكِبُ فَقَصَّرَ الْحِمَارُ فِي الطَّرِيقِ وَعَيِيَ فَوَضَعَهُ عِنْدَ زَيْدٍ وَأَعْطَاهُ ثَمَنَ عَلَفِهِ وَأَنْفَقَهُ عَلَيْهِ وَمَاتَ فِي يَدِهِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي الْعِمَادِيَّةِ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا مِنْ كش إلَى بُخَارَى فَعَيِيَ الْحِمَارُ فِي الطَّرِيقِ فَأَمَرَ رَجُلًا يُنْفِقُ عَلَى الْحِمَارِ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ قَالُوا إنْ اكْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ ضَمِنَ وَإِنْ اكْتَرَاهُ وَلَمْ يُسَمِّ الرَّاكِبَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سَافَرَ بِبِضَاعَةٍ فَتَوَافَقَ مَعَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو عَلَى أَنْ يُعِينَاهُ فِي بَيْعِهَا وَمَهْمَا حَصَلَ مِنْ رِبْحِهَا يَكُنْ لَهُمَا ثُلُثَاهُ نَظِيرَ أُجْرَتِهِمَا وَالثُّلُثُ لَهُ وَبَاعُوهَا مِنْ جَمَاعَةٍ فَهَلْ لَهُمَا أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِجَهَالَةِ الْمُسَمَّى قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْخَامِسِ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ ثَوْبًا وَقَالَ بِعْهُ بِعَشْرَةٍ فَمَا زَادَ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَك قَالَ الْإِمَامُ الثَّانِي إنْ بَاعَهُ بِعَشْرَةٍ فَلَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ تَعِبَ وَإِنْ بَاعَهُ بِأَزْيَدَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ إذَا تَعِبَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي إجَارَةٍ فَاسِدَةٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَالْأَجْرُ مُقَابَلٌ بِالْبَيْعِ دُونَ مُقَدِّمَاتِهِ كَالسَّعْيِ. اهـ. (أَقُولُ) مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ

فِي صُورَةِ السُّؤَالِ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ لَا يَسْتَحِقَّانِ أُجْرَةً لَكِنْ يُخَالِفُهُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْمُضَارَبَةِ إنَّهَا إذَا فَسَدَتْ تَصِيرُ إجَارَةً فَاسِدَةً وَيَكُونُ لِلْمُضَارِبِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْبَحْ فَتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ دَفَعَهَا لِزَيْدٍ وَتَسَلَّمَ الْمَأْجُورَ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَيُرِيدُ الْمُسْتَأْجِرُ حَبْسَ مَأْجُورِهِ لِأَجْرٍ عَجَّلَهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَ فَاسِدًا وَعَجَّلَ الْأُجْرَةَ وَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى مَاتَ الْمُؤَجِّرُ أَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ فَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنْ يَحْبِسَ الْبَيْتَ لِأَجْرٍ عَجَّلَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي الْجَائِزَةِ فَفِي الْفَاسِدَةِ أَوْلَى وَلَوْ مَقْبُوضًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا فَلَهُ الْحَبْسُ لِأَجْرٍ عَجَّلَهُ وَهُوَ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ لَوْ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَمُنْيَةِ الْمُفْتِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ مِنْ الْإِجَارَةِ. (سُئِلَ) فِي مُتَوَلِّي وَقْفٍ آجَرَ حَانُوتَ الْوَقْفِ مِنْ آخَرَ بِغَيْرِ أَجْرِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَهَلْ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ؟ (الْجَوَابُ) : يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا أَخْبَرَ رَجُلَانِ حِينَ الْإِجَارَةِ إنَّهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ بِدُونِ شَهَادَةٍ فِي حَادِثَةِ دَعْوَى وَإِثْبَاتٍ فِي وَجْهِ خَصْمٍ شَرْعِيٍّ ثُمَّ ظَهَرَ وَتَبَيَّنَ إنَّهَا بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فَهَلْ يَكُونُ الْإِخْبَارُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي حَمَّامِ وَقْفٍ اسْتَأْجَرَهُ زَيْدٌ مِنْ نَاظِرِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً مَعْلُومَةً لَدَى حَاكِمٍ حَنْبَلِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَلُزُومِهَا بَعْدَ ثُبُوتِ أَجْرِ الْمِثْلِ لَدَيْهِ ثُبُوتًا شَرْعِيًّا وَالْآنَ يُرِيدُ النَّاظِرُ إخْرَاجَهُ مِنْ الْحَمَّامِ وَإِيجَارَهُ مِنْ غَيْرِهِ بِأُجْرَةٍ فِيهَا زِيَادَةٌ عَلَى الْأُولَى بِمَا دُونَ خُمُسِهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ آجَرَهُ النَّاظِرُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَثَبَتَ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهُ بِمَا ذَكَرَهُ (أَقُولُ) بِمِثْلِ ذَلِكَ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. (سُئِلَ) فِي نَاظِرِ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ انْحَصَرَ رَيْعُ الْوَقْفِ فِيهِ نَظَرًا وَاسْتِحْقَاقًا أَجَّرَ أَرْضِ الْوَقْفِ مِنْ رَجُلٍ لَهُ عَلَى النَّاظِرِ دَيْنٌ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ قَاصَّهُ بِهَا فَهَلْ تَكُونُ الْمُقَاصَّةُ الْمَذْكُورَةُ صَحِيحَةً؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ أَجَّرَ النَّاظِرُ إجَارَةً صَحِيحَةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَقَاصَّهُ فَالْمُقَاصَّةُ صَحِيحَةٌ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ بَاعَ مَالَ الصَّغِيرِ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَصِيرُ قِصَاصًا إذْ الْوَقْفُ وَالْوَصِيَّةُ أَخَوَانِ وَيَضْمَنُ النَّاظِرُ الْأُجْرَةَ لِلْوَقْفِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ انْحَصَرَ رَيْعُ الْوَقْفِ فِيهِ فَيَكُونُ قَدْ قَاصَّهُ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ بِمُفْرَدِهِ وَبِمِثْلِهِ فَتْوَى ذَكَرَهَا الْكَازَرُونِيُّ فِي فَتَاوَاهُ مِنْ الْإِجَارَةِ (مَسْأَلَةٌ) الْعَيْنُ إذَا غُصِبَتْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ سَقَطَ عَنْهُ الْأَجْرُ فَيَرْجِعُ بِمَا عَجَّلَهُ عَلَى مَنْ آجَرَهُ وَهُوَ النَّاظِرُ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ رَاجِعَةٌ إلَيْهِ كَمَا قَالُوا فِي النَّاظِرِ إذَا آجَرَ جِهَةَ الْوَقْفِ مِمَّنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ وَيَضْمَنُ النَّاظِرُ وَلَيْسَ هَذَا إلَّا لِكَوْنِ حُقُوقِ الْعَقْدِ رَاجِعَةً إلَيْهِ كَالْوَكِيلِ فَإِنَّ النَّاظِرَ كَالْوَكِيلِ كَمَا فِي الِاسْتِبْدَالِ مِنْ الْإِسْعَافِ إلَخْ كَازَرُونِيٌّ (أَقُولُ) وَقَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ نَقْلَ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا عَنْ فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الشَّلَبِيِّ كَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوَاخِرَ كِتَابِ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بُسْتَانٌ جَارٍ فِي مِلْكِهِ فَآجَرَهُ مِنْ عَمْرٍو مُدَّةً مَعْلُومَةً إجَارَةً شَرْعِيَّةً وَتَسَلَّمَ الْمَأْجُورَ ثُمَّ إنَّ زَيْدًا بَاعَ الْبُسْتَانَ مِنْ بَكْرٍ ثُمَّ أَجَازَ عَمْرٌو الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ وَرَضِيَ بِهِ فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَيَنْفُذُ الْبَيْعُ فِي حَقِّ الْكُلِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْفَصْلِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ إجَارَاتِ الذَّخِيرَةِ الْآجِرُ إذَا بَاعَ الْمُسْتَأْجَرَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ نَفَذَ الْبَيْعُ فِي حَقِّ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَلَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ حَتَّى لَوْ سَقَطَ حَقُّ الْمُسْتَأْجِرِ يُعْمَلُ ذَلِكَ الْبَيْعُ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى التَّجْدِيدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ نَفَذَ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَلَكِنْ لَا تُنْزَعُ الْعَيْنُ مِنْ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ مَالُهُ وَإِنْ رَضِيَ بِالْبَيْعِ اُعْتُبِرَ رِضَاهُ بِالْبَيْعِ لِفَسْخِ الْإِجَارَةِ لَا لِلِانْتِزَاعِ مِنْ يَدِهِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ 31. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَلَّ مَاءُ الطَّاحُونَةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَصَارَتْ تَطْحَنُ نِصْفَ مَا كَانَتْ تَطْحَنُ وَلَمْ يَرُدَّهَا الْمُسْتَأْجِرُ حَتَّى طَحَنَ بِهَا إلَى انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي الْخَانِيَّةِ فِي فَصْلِ مَا يَجِبُ

عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَمَا لَا يَجِبُ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ طَاحُونَةً انْقَطَعَ مَاؤُهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا فَإِنْ لَمْ يَرُدَّ حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ سَقَطَ الْأَجْرُ وَإِنْ قَلَّ مَاؤُهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا فَإِنْ لَمْ يَرُدَّ حَتَّى طَحَنَ كَانَ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي إجَارَةِ دَارِ الْوَقْفِ الْمُعَدَّةِ لِلِاسْتِغْلَالِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ عِنْدَ عَدَمِ الْمَصْلَحَةِ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : لَمْ تَزِدْ الْإِجَارَةُ عَلَى ثَلَاثِ سِنِينَ فِي الضِّيَاعِ وَعَلَى سَنَةٍ فِي غَيْرِهَا فَلَوْ آجَرَهَا أَكْثَرَ عِنْدَ عَدَمِ الْمَصْلَحَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْوَقْفِ (أَقُولُ) هَذَا إذَا أَجَّرَهُ غَيْرُ الْوَاقِفِ أَمَّا لَوْ أَجَّرَهُ الْوَاقِفُ عَشْرَ سِنِينَ صَحَّ وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ خَمْسٍ وَانْتَقَلَ الْوَقْفُ إلَى مَصْرِفٍ آخَرَ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِمَا بَقِيَ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي آخِرِ بَابِ الْفَسْخِ عَنْ الْفَيْضِ وَغَيْرِهِ لَوْ آجَرَ الْوَاقِفُ الْوَقْفَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ مَاتَ فَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ آجَرَ لِغَيْرِهِ. اهـ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأَوَّلَ قِيَاسٌ. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي أَوْقَافٍ مَعْلُومَةٍ مَشْغُولَةٍ بِزَرْعِ زَيْدٍ الْمَوْضُوعِ فِيهَا بِحَقٍّ فَآجَرَهَا النُّظَّارُ مِنْ آخَرَ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ غَيْرَ جَائِزَةٍ حَيْثُ كَانَ الزَّرْعُ لَمْ يُسْتَحْصَدْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا زَعَمَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّ الزَّرْعَ يُتْرَكُ فِي الْأَرْضِ إلَى أَنْ يُدْرِكَ مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ فَهَلْ يُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى إدْرَاكِهِ لَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ مَزْرَعَةِ وَقْفٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ آجَرَهَا مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً تَسْتَوْعِبُ مُدَّتَهُ بِمِثْلِ الْأُجْرَةِ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَتَجَمَّدَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ أُجْرَةُ سَنَتَيْنِ فَهَلْ تَلْزَمُ الْأُجْرَةُ الْأَوَّلَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَلْزَمُهُ أُجْرَتُهَا وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى مَنْ آجَرَهُ إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَإِلَّا فَفِي تَرِكَتِهِ مُدَّةَ ضَبْطِهِ بَعْدَ الثُّبُوتِ الشَّرْعِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ عَمْرًا لِيَخْدُمَهُ وَيَخْدُمَ جِمَالَهُ مِنْ بَلْدَةٍ إلَى أُخْرَى بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَكِسْوَةٍ مَجْهُولَةٍ فَفَعَلَ عَمْرٌو ذَلِكَ مُدَّةً فِي الطَّرِيقِ وَفِي أَثْنَائِهِ أَخْرَجَهُ زَيْدٌ وَامْتَنَعَ مِنْ اسْتِخْدَامِهِ وَيُرِيدُ عَمْرٌو مُطَالَبَتَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ فِي مُدَّةِ اسْتِخْدَامِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ طَاحُونَةِ وَقْفٍ لَهُ عَلَيْهَا مَبْلَغٌ مُرْصَدٌ مَعْلُومٌ ثَابِتٌ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ اسْتَوْفَى بَعْضَهُ مِنْ شَطْرِ أُجْرَةِ الطَّاحُونَةِ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ بِمُقْتَضَى إذْنِ النَّاظِرِ لَهُ بِذَلِكَ وَيُرِيدُ الْآنَ أَخْذَ بَقِيَّةِ مَبْلَغِهِ مِنْ مُتَحَصَّلِ الطَّاحُونَةِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ حَيْثُ لَا مَالَ فِي الْوَقْفِ غَيْرُ ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ قِطْعَتَيْ أَرْضِ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِهِ إجَارَةً شَرْعِيَّةً وَحُدِّدَتْ الْأَرْضُ بِحُدُودٍ أَرْبَعَةٍ وَذَكَرَ عَدَدَ ذَرْعِهَا بِحُضُورِ مُسْتَحَقِّي الْوَقْفِ وَتَصْدِيقِهِمْ قَامَ الْآنَ بَعْضُ الْمُصَدِّقِينَ يُعَارِضُ زَيْدًا فِي الْمَأْجُورِ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّ ذَرْعَهُ أَكْثَرُ مِمَّا ذُكِرَ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ وَاقِعَةً عَلَى الْمَحْدُودِ بِتَمَامِهِ؟ (الْجَوَابُ) : تَكُونُ الْإِجَارَةُ وَاقِعَةً عَلَى الْمَحْدُودِ بِتَمَامِهِ وَالذَّرْعُ وَصْفٌ زِيَادَتُهُ أَوْ نَقْصُهُ لَا يُوجِبُ فَسَادًا فِي الْعَقْدِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ وَأُخْتَيْهِمْ غِرَاسُ زَيْتُونٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ الْجَمِيعِ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ عَنْ أَبِيهِمْ وَهُوَ قَائِمٌ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ وَيُرِيدُ الْجَمَاعَةُ اسْتِئْجَارَ الْأَرْضِ جَمِيعِهَا لِأَنْفُسِهِمْ دُونَ أُخْتَيْهِمْ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ تُؤَجَّرُ الْأَرْضُ لِجَمِيعِ الْإِخْوَةِ وَلَا يَصِحُّ إيجَارُهَا لِبَعْضِ الشُّرَكَاءِ فِي الْغِرَاسِ دُونَ الْبَعْضِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي قِطَعِ أَرَاضٍ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ حَامِلَاتٍ لِغِرَاسٍ جَارٍ فِي مِلْكِ جَمَاعَةٍ وَهُمْ يَدْفَعُونَ أُجْرَةَ مِثْلِ الْأَرَاضِي لِجِهَةِ الْوَقْفِ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَيُرِيدُ نَاظِرُ الْوَقْفِ إيجَارَهَا مِنْ غَيْرِهِمْ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا يَصِحُّ إيجَارُ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ رَبِّ الْغِرَاسِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ تَيْمَارِيِّينَ قَرْيَةٌ وَمَزَارِعُ مَعْلُومَاتٌ جَارِيَاتٌ فِي تَيْمَارِهِمْ وَإِقْطَاعِهِمْ بِمُوجِبِ بَرَاءَةٍ سُلْطَانِيَّةٍ فَأَجَّرُوا ذَلِكَ جَمِيعَهُ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو لِمُدَّةِ سَنَةٍ بِأُجْرَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَعْلُومَةٍ لَدَى قَاضٍ

شَافِعِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَإِنْ صَدَرَتْ لِغَيْرِ الزُّرَّاعِ وَكَانَتْ إقْطَاعًا وَمِنْ رَجُلَيْنِ نِصْفَيْنِ فِي حُكْمِ الشُّيُوعِ حُكْمًا شَرْعِيًّا مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ مَعَ ثُبُوتِ أَجْرِ الْمِثْلِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أَفْتَى مُفْتِي مَذْهَبِهِ بِالْعَمَلِ بِمَضْمُونِهَا وَأَنْفَذَ حُكْمَهُ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أُخْرَى فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِ الْحُجَّتَيْنِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ دَفَعَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ إلَى مُؤَدِّبِ الْأَطْفَالِ لِيُعَلِّمَهُ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ فَلَمَّا عَلَّمَهُ إلَى أَنْ قَارَبَ الرُّبُعَ أَخَذَهُ أَبُوهُ مِنْهُ فِرَارًا مِنْ أَنْ يُعْطِيَهُ الْحَلَاوَةَ الْمَرْسُومَةَ وَلَمْ يَشْرِطَا أَجْرًا فَهَلْ يُؤْمَرُ الْوَالِدُ بِتَطْيِيبِ خَاطِرِ الْمُؤَدِّبِ؟ (الْجَوَابُ) : يُؤْمَرُ الْوَالِدُ بِتَطْيِيبِ قَلْبِ الْمُعَلِّمِ وَإِرْضَائِهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَصَرَّحَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ بِأَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الِاسْتِئْجَارِ أَصْلًا يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى عَلَّامَةُ فِلَسْطِينَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ بِالْأُجْرَةِ فَدَفَعَ زَيْدٌ ابْنَهُ الصَّغِيرَ لِلرَّجُلِ لِيُعَلِّمَهُ الْقُرْآنَ وَلَمْ يَذْكُرَا مُدَّةً وَلَا أُجْرَةً فَعَلَّمَ الرَّجُلُ الِابْنَ الْمَزْبُورَ الْقُرْآنَ بِتَمَامِهِ وَطَالَبَ أَبَاهُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ لِتَعْلِيمِهِ فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّ مَا دَفَعَهُ لِلرَّجُلِ مِنْ خَمِيسِيَّةٍ وَحَلْوَى عِنْدَ أَوَائِلِ بَعْضِ السُّوَرِ الْمَشْهُورَةِ أُجْرَتُهُ فَهَلْ يَلْزَمُ زَيْدًا أُجْرَةُ مِثْلِ التَّعْلِيمِ لِلرَّجُلِ الْمَذْكُورِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْحِسْبَةِ وَلَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ عَلَى فِعْلِ الِاحْتِسَابِ وَالْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا عَلَى وُجُوبِ الْأُجْرَةِ وَجَوَازِ الْإِجَارَةِ لِظُهُورِ التَّوَانِي فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَلِانْقِطَاعِ وَظَائِفِ الْمُعَلِّمِينَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَقِلَّةِ الْمُرُوءَةِ فِي الْأَغْنِيَاءِ أَمَّا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فَإِنَّمَا كَرِهَ أَصْحَابُنَا ذَلِكَ لِقُوَّةِ حِرْصِهِمْ عَلَى الْحِسْبَةِ وَوُفُورِ عَطَائِهِمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَكَثْرَةِ الْمُرُوءَةِ فِي التُّجَّارِ وَالْأَغْنِيَاءِ فَكَانُوا مُسْتَغْنِينَ عَنْ الْأُجْرَةِ نِصَابُ الِاحْتِسَابِ مِنْ آخِرِ الْبَابِ الثَّانِي وَفِي فَتَاوَى مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ السَّمَرْقَنْدِيِّ فِي مُعَلِّمٍ كَانَ يُعَلِّمُ الصِّبْيَانَ لِأَهْلِ قَرْيَةٍ فَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ وَجَاءَ كُلُّ وَاحِدٍ بِبَعْضِ الْبَذْرِ مِنْ عِنْدِهِ وَزَرَعُوا لِيَكُونَ الْخَارِجُ لِلْمُعَلِّمِ ثُمَّ حَصَدُوهُ وَدَاسُوهُ فَجَمِيعُ مَا خَرَجَ لِأَصْحَابِ الْبَذْرِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُسَلِّمُوا الْبَذْرَ إلَى الْمُعَلِّمِ لِيَكُونَ الْخَارِجُ لِلْمُعَلِّمِ وَإِنَّمَا بَذَرُوا بَذْرَ أَنْفُسِهِمْ ذَخِيرَةٌ مِنْ الْمُزَارَعَةِ مِنْ الْفَصْلِ الْعَاشِرِ وَفِي الْمَبْسُوطِ رَجُلٌ قَالَ لِلْقَارِئِ اخْتِمْ الْقُرْآنَ لِي أَوْ لِأَبِي أَوْ لِأُمِّي أَوْ لِابْنِي وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ وَخَتَمَهُ يَجِبُ عَلَى الْآمِرِ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلْقَارِئِ. وَهُوَ مَا نَطَقَ بِهِ النَّصُّ أَعْنِي أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا كَمَا وَرَدَ الْحَدِيثُ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا شَرْعِيًّا أَمَّا إذَا سَمَّى أَجْرًا لَزِمَ مَا سَمَّى لَكِنْ يَأْثَمُ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْأَجِيرُ إنْ عَقَدَاهُ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا لِمُخَالَفَتِهِ النَّصَّ إلَّا أَنْ يَهَبَ الْأَجِيرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَا فَوْقَ الْمُسَمَّى إلَى الْأَرْبَعِينَ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَيْهِ أَوْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ ثَوَابُ مَا فَوْقَهُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَأْثَمُ صُرَّةُ الْفَتَاوَى مِنْ الْإِجَارَةِ عَنْ الْحَاوِي (أَقُولُ) اعْلَمْ أَنَّ عَامَّةَ كُتُبِ الْمَذْهَبِ مِنْ مُتُونٍ وَشُرُوحٍ وَفَتَاوَى كُلُّهَا مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى الطَّاعَاتِ لَا يَصِحُّ عِنْدَنَا وَاسْتَثْنَى الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ مَشَايِخِ بَلْخِي تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ فَجَوَّزُوا الِاسْتِئْجَارَ عَلَيْهِ وَعَلَّلُوا ذَلِكَ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا بِمَا مَرَّ وَبِالضَّرُورَةِ وَهِيَ خَوْفُ ضَيَاعِ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ انْقَطَعَتْ الْعَطَايَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَعُدِمَ الْحِرْصُ عَلَى الدَّفْعِ بِطَرِيقِ الْحِسْبَةِ يَشْتَغِلُ الْمُعَلِّمُونَ بِمَعَاشِهِمْ وَلَا يُعَلِّمُونَ أَحَدًا وَيَضِيعُ الْقُرْآنُ فَأَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ بِالْجَوَازِ لِذَلِكَ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ أَيْضًا الِاسْتِئْجَارَ عَلَى الْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ فَفِي تَفْوِيتِهِمَا هَدْمُ الدِّينِ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مُسْتَثْنَاةٌ لِلضَّرُورَةِ فَإِنَّ الضَّرُورَاتِ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ وَاتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْحَجِّ لِعَدَمِ الضَّرُورَة؛ لِأَنَّ الْمَحْجُوجَ عَنْهُ يَدْفَعُ الْمَالَ إلَى الْمَأْمُورِ عَلَى سَبِيلِ النَّفَقَةِ وَلِذَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ فَضَلَ مَعَ الْمَأْمُورِ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى الْآمِرِ فَحَيْثُ انْدَفَعَتْ الضَّرُورَةُ بِالدَّفْعِ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْفَاقِ لَمْ تَجُزْ

الْإِجَارَةُ. بَلْ صَرَّحَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ بِأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ الْحَجُّ عَنْهُ وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ طَاعَةٍ يَخْتَصُّ بِهَا الْمُسْلِمُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا عِنْدَنَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ» إلَخْ فَالِاسْتِئْجَارُ عَلَى الطَّاعَاتِ مُطْلَقًا لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ قَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَعَطَاءٌ وَالضَّحَّاكُ وَالزُّهْرِيُّ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَطَاوُسٌ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ ثُمَّ أَطَالَ فِي الِاسْتِدْلَالِ فَرَاجِعْهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ التِّلَاوَةَ الْمُجَرَّدَةَ عَنْ التَّعْلِيمِ مِنْ أَعْظَمِ الطَّاعَاتِ الَّتِي يُطْلَبُ بِهَا الثَّوَابُ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ وَلَيْسَ لِلتَّالِي مَنْفَعَةٌ سِوَى الثَّوَابِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الثَّوَابِ وَلِأَنَّ الْأُجْرَةَ لَا تُسْتَحَقُّ إلَّا بَعْدَ حُصُولِ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَالثَّوَابُ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَمَنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا لِيَخْتِمَ لَهُ خِتْمَةً وَيُهْدِيَ ثَوَابَهَا إلَى رُوحِهِ أَوْ رُوحِ أَحَدٍ مِنْ أَمْوَاتِهِ لَمْ يُعْلَمْ حُصُولُ الثَّوَابِ لَهُ حَتَّى يَلْزَمَهُ دَفْعُ الْأُجْرَةِ وَلَوْ عَلِمَ حُصُولَهُ لِلتَّالِي لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ بِالْأُجْرَةِ فَكَيْفَ وَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومٍ بَلْ الظَّاهِرُ الْعِلْمُ بِعَدَمِ حُصُولِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الثَّوَابِ الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ تَعَالَى فِي الْعَمَلِ وَالْقَارِئُ بِالْأُجْرَةِ إنَّمَا يَقْرَأُ لِأَجْلِ الدُّنْيَا لَا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَدْفَعُ لَهُ شَيْئًا لَا يَقْرَأُ لَهُ حَرْفًا وَاحِدًا خُصُوصًا مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ حِرْفَتَهُ وَلِذَا قَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ إنَّ قَارِئَ الْقُرْآنِ بِالْأُجْرَةِ لَا يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ لَا لِلْمَيِّتِ وَلَا لِلْقَارِئِ. وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ مَعْزِيًّا لِلْوَاقِعَاتِ وَيُمْنَعُ الْقَارِئُ لِلدُّنْيَا وَالْآخِذُ وَالْمُعْطِي آثِمَانِ وَقَالَ فِي الِاخْتِيَارِ وَمَجْمَعِ الْفَتَاوَى وَأَخْذُ شَيْءٍ لِلْقُرْآنِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ كَالْأُجْرَةِ وَقَالَ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ وَلَوْ زَارَ قَبْرَ صَدِيقٍ أَوْ قَرِيبٍ لَهُ وَقَرَأَ عِنْدَهُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ فَهُوَ حَسَنٌ أَمَّا الْوَصِيَّةُ بِذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لَهَا وَلَا مَعْنَى أَيْضًا لِصِلَةِ الْقَارِئِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُشْبِهُ اسْتِئْجَارَهُ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الْخُلَفَاءِ. اهـ. وَرَأَيْت التَّصْرِيحَ بِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بِذَلِكَ فِي عِدَّةِ كُتُبٍ وَعُزِيَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ إلَى مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَالْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ فَإِذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْقَارِئِ لِأَجْلِ قِرَاءَتِهِ بَاطِلَةً؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى التِّلَاوَةِ فَالْإِجَارَةُ الْحَقِيقِيَّةُ تَكُونُ بَاطِلَةً بِالْأَوْلَى فَهَذِهِ نُصُوصُ الْمَذْهَبِ مِنْ مُتُونٍ وَشُرُوحٍ وَفَتَاوَى مُتَّفِقَةٌ عَلَى بُطْلَانِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الطَّاعَاتِ وَمِنْهَا التِّلَاوَةُ كَمَا سَمِعْت إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الْمُتَأَخِّرُونَ لِلضَّرُورَةِ كَالتَّعْلِيمِ وَالْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ وَلَا يَصِحُّ إلْحَاقُ التِّلَاوَةِ الْمُجَرَّدَةِ بِالتَّعْلِيمِ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ إذْ لَا ضَرُورَةَ دَاعِيَةٌ إلَى الِاسْتِئْجَار عَلَيْهَا بِخِلَافِ التَّعْلِيمِ لِمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ لَوْ لَمْ يُفْتَحْ لَهُمْ بَابُ التَّعْلِيمِ بِالْأَجْرِ لَذَهَبَ الْقُرْآنُ فَأَفْتَوْا بِجَوَازِهِ وَرَأَوْهُ حَسَنًا. اهـ. وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى التِّلَاوَةِ لِإِهْدَاءِ ثَوَابِهَا إلَى الْمُسْتَأْجِرِ لَيْسَ فِيهِ ذَهَابُ الْقُرْآنِ فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهَا عَلَى التَّعْلِيمِ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْمَذْهَبِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا أَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ بِالْجَوَازِ عَلَى التَّعْلِيمِ بِالضَّرُورَةِ الْمَذْكُورَةِ الَّتِي لَوْ وَقَعَتْ فِي زَمَنِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ لَأَفْتَوْا بِذَلِكَ فَلِذَلِكَ أَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ بِالْجَوَازِ مُخَالِفِينَ لِلْمَذْهَبِ الصَّرِيحِ وَلَوْ زَالَتْ الضَّرُورَةُ بِأَنْ انْتَظَمَ أَمْرُ بَيْتِ الْمَالِ وَأُعْطِيَ الْمُعَلِّمُونَ مَا كَانَ لَهُمْ فِيهِ لَمْ يَسَعْ أَحَدًا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنْ يُخَالِفُوا الْمَذْهَبَ لِزَوَالِ الْعِلَّةِ الَّتِي سَوَّغَتْ لَهُمْ الْخُرُوجَ عَنْ أَصْلِ الْمَذْهَبِ فَكَيْفَ يَسُوغُ لِأَحَدٍ الْقَوْلُ بِجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى التِّلَاوَةِ الْمُجَرَّدَةِ الَّتِي لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ أَصْلًا إلَى جَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهَا فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنْ مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ صُرَّةِ الْفَتَاوَى عَنْ الْحَاوِي قَوْلٌ شَاذٌّ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَالْفَتَاوَى وَالْحَاوِي لِلزَّاهِدِيِّ مَشْهُورٌ بِنَقْلِ الرِّوَايَاتِ الضَّعِيفَةِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ وَهْبَانَ وَغَيْرُهُ إنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِمَا يَقُولُهُ الزَّاهِدِيُّ مُخَالِفًا لِغَيْرِهِ وَعَزْوُهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إلَى الْمَبْسُوطِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّتِهِ لِمَا عَلِمْت مِنْ مُخَالَفَتِهِ لِمَا فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ

الْمَشْهُورَةِ فَإِنْ صَحَّ نَقْلُهُ فَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ وَلِذَا لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْكُتُبِ الَّذِينَ نَقَلْنَا عَنْهُمْ وَالْمَبْسُوطُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدٍ لَكِنْ لَهُ شُرُوحٌ كَثِيرَةٌ كُلُّ شَرْحٍ مِنْهَا يُسَمَّى الْمَبْسُوطَ فَيُقَالُ مَبْسُوطُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَمَبْسُوطُ السَّرَخْسِيِّ وَهَكَذَا. فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ إذْ لَوْ كَانَتْ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ لَنَقَلَهَا أَهْلُ الْمُذْهَبِ فِي كُتُبِهِمْ وَكَوْنُ نَصِّ الْحَدِيثِ وَارِدًا بِذَلِكَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِثُبُوتِهِ أَيْضًا إذْ لَوْ ثَبَتَ لَمَا سَاغَ لِهَؤُلَاءِ الْأَعْلَامِ مُخَالَفَتُهُ وَقَدْ سَمِعْت اسْتِدْلَالَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ بِحَدِيثِ «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ» فَهُوَ مُعَارِضٌ لِذَلِكَ النَّصِّ لَوْ ثَبَتَ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ نَصَّانِ أَحَدُهُمَا مُبِيحٌ وَالْآخَرُ مُحَرِّمٌ رُجِّحَ الْمُحَرِّمُ وَأَمَّا حَدِيثُ «الرَّهْطِ الَّذِينَ رَقَوْا لَدِيغًا بِالْفَاتِحَةِ وَأَخَذُوا جُعْلًا فَسَأَلُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَحَقُّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ» فَمَعْنَاهُ إذَا رَقَيْتُمْ بِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَقَالَ إنَّ الرُّقْيَةَ بِالْقُرْآنِ لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا الِاسْتِشْفَاءُ دُونَ الثَّوَابِ بِخِلَافِ التِّلَاوَةِ؛ لِأَنَّهَا بَيْعُ الثَّوَابِ وَأَمَّا قَوْلُ صَاحِبِ الْجَوْهَرَةِ إنَّ الْمُخْتَارَ جَوَازُ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِكُتُبِ الْمَذْهَبِ كَمَا عَلِمْت وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ لِأَنَّ الَّذِي اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ هُوَ جَوَازُ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ لَا عَلَى تِلَاوَتِهِ فَقَدْ سَبَقَ قَلَمُهُ مِنْ التَّعْلِيمِ إلَى التِّلَاوَةِ وَقَدْ اغْتَرَّ بِكَلَامِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ كَصَاحِبِ الْبَحْرِ وَالْعَلَائِيِّ وَبَعْضِ مُحَشِّي الْأَشْبَاهِ وَقَدْ أَسْمَعْنَاك نُصُوصَ الْمَذْهَبِ فَزَالَ الِاشْتِبَاهُ وَإِنْ أَرَدْت زِيَادَةً عَلَى مَا سَمِعْته فَارْجِعْ إلَى رِسَالَتِنَا الْمُسَمَّاةِ شِفَاءُ الْعَلِيلِ وَبَلُّ الْغَلِيلِ فِي بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بِالْخِتْمَاتِ وَالتَّهَالِيلِ فَإِنَّ فِيهَا مَا يَكْفِي وَقَدْ أَلَّفَ الْإِمَامُ الْبِرْكَوِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَ رَسَائِلَ صَرَّحَ فِيهَا بِبُطْلَانِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ وَكَذَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي آخِرِ كِتَابِهِ الطَّرِيقَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ. وَصَرَّحَ بِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْبِدَعِ الْمُحَرَّمَةِ وَأَفْتَى بِبُطْلَانِ ذَلِكَ أَيْضًا الْعَلَّامَةُ عُمْدَةُ الْمُتَأَخِّرِينَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ فِي آخِرِ فَتَاوَاهُ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا حَيْثُ سُئِلَ عَمَّنْ لَهُ بِنَاءُ فُرْنٍ فَأَوْصَى أَنَّهُ إذَا مَاتَ يَقْرَأُ لَهُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ سُورَةَ " يس وَتَبَارَكَ وَالْإِخْلَاصِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ " وَيُصَلِّيَانِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُهْدِيَانِ ثَوَابَ ذَلِكَ إلَى رُوحِهِ وَعَيَّنَ لَهُمَا كُلَّ يَوْمٍ قِطْعَةً مِصْرِيَّةً تُؤْخَذُ مِنْ أُجْرَةِ الْفُرْنِ فَأَجَابَ: هَذِهِ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ وَلَا يَصِيرُ الْفُرْنُ وَقْفًا وَلِوَرَثَةِ الْمُوصِي التَّصَرُّفُ فِي بِنَاءِ الْفُرْنِ يَجْرِي عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ فِي وَصَايَا الْبَزَّازِيَّةِ أَوْصَى لِقَارِئٍ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ عِنْدَ قَبْرِهِ بِشَيْءٍ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ إذَا أَوْصَى بِأَنْ رَفَعَ إلَى إنْسَانٍ كَذَا مِنْ مَالِهِ لِيَقْرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى قَبْرِهِ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ لَا تَجُوزُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَارِئُ مُعَيَّنًا أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأُجْرَةِ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانُوا اسْتَحْسَنُوا جَوَازَهَا عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ فَذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ إلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهَا عَلَى الْقِرَاءَةِ عَلَى قُبُورِ الْمَوْتَى فَافْهَمْ. اهـ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ مُلَخَّصًا وَذَكَرَ نَحْوَ ذَلِكَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَحْرِ حَيْثُ قَالَ أَقُولُ الْمُفْتَى بِهِ جَوَازُ الْأَخْذِ اسْتِحْسَانًا عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ لَا عَلَى الْقِرَاءَةِ الْمُجَرَّدَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ إلَخْ فَهَذَا زُبْدَةُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهَذَا كُلُّهُ أَيْضًا مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا يَحْصُلُ فِي زَمَانِنَا مِنْ الْمُنْكَرَاتِ الَّتِي يَتَوَصَّلُونَ إلَيْهَا بِحِيلَةِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالتَّهَالِيلِ مِنْ الْغِنَاءِ وَالرَّقْصِ وَاللَّهْوِ وَاللَّعِبِ فِي بُيُوتِ الْأَيْتَامِ وَدَقِّ الطُّبُولِ وَإِقْلَاقِ الْجِيرَانِ وَالِاجْتِمَاعِ بِحِسَانِ الْمُرْدَانِ فَكُلُّ مَنْ لَهُ مَعْشُوقٌ لَا يَتَيَسَّرُ لَهُ الِاجْتِمَاعُ بِهِ إلَّا فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ فَيَجْلِسُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِجَنْبِ مَعْشُوقِهِ بَعْدَ إلْقَاءِ الْعَمَائِمِ وَثَقِيلِ الثِّيَابِ وَيُظْهِرُونَ أَنْوَاعَ الْخَلَاعَاتِ وَالرَّقْصِ بِمَا يُسَمُّونَهُ الكوشت وَالْحَرْبِيَّةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَيَهِيجُ بِهِمْ الْهَيَامُ بِسَمَاعِ الْغِنَاءِ بِأَصْوَاتٍ حِسَانٍ وَتَخَلُّعِ الْوِلْدَانِ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَذْهَلُ الْعُقُولُ وَلَا يَدْرِي شَيْخُهُمْ مَا يَقُولُ وَتَجْتَمِعُ عَلَيْهِمْ النِّسْوَانُ مِنْ كُلِّ مَكَان ثُمَّ يَأْكُلُونَ

الطَّعَامَ الْحَرَامَ فِي بُيُوتِ الْأَيْتَامِ ثُمَّ يَهَبُونَ مَا تَحَصَّلَ مِنْهُمْ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ الْخَاسِرَاتِ إلَى رُوحِ مَنْ كَانَ سَبَبًا فِي اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى هَذِهِ الْمُنْكَرَاتِ وَبَلَغَنَا غَيْرَ مَرَّةٍ مُشَاهَدَةُ اللِّوَاطَةِ فِي بَيْتِ شَيْخِهِمْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْفَسَقَةِ وَمَعَ هَذِهِ الْقَبَائِحِ كُلِّهَا يُحَسِّنُ هَؤُلَاءِ الْمَشَايِخُ لِلنَّاسِ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ وَيُسَمُّونَ أَنْفُسَهُمْ بِأَهْلِ الْحَقِيقَةِ وَيَحْمِلُونَ النَّاسَ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِذَلِكَ فَإِذَا مَرِضَ أَحَدٌ يَعُودُونَهُ وَيَرْوُونَ لَهُ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي الْوَصِيَّةِ وَيُوهِمُونَ الْعَوَامَّ أَنَّ مَنْ مَاتَ بِدُونِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ فَقَدْ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً. وَإِذَا مَاتَ أَحَدٌ وَلَمْ يُوصِ لَهُمْ بِذَلِكَ يَقُولُونَ عِنْدَ الْعَوَامّ فُلَانٌ مِسْكِينٌ مَاتَ وَلَمْ يُوصِ بِشَيْءٍ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِمَالِهِ فَانْظُرْ إلَى هَذَا الضَّلَالِ وَالْإِضْلَالِ حَيْثُ يَحْمِلُونَ الْأَحَادِيثَ الشَّرِيفَةَ عَلَى غَيْرِ مَعَانِيهَا وَمَعَ هَذَا يَعُدُّونَ أَنْفُسَهُمْ عُلَمَاءَ الشَّرِيعَةِ وَأَرْبَابَ الطَّرِيقَةِ الْحَقِيقَةِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ. (سُئِلَ) فِي مَزْرَعَةٍ جَارِيَةٍ فِي جِهَتَيْ وَقْفٍ وَتَيْمَارٍ وَفِي مِشَدِّ جَمَاعَةٍ زُرَّاعٍ يَزْرَعُونَهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ هُمْ وَمَنْ قَبْلَهُمْ مِمَّنْ تَلَقَّوْهَا عَنْهُ وَيَدْفَعُونَ مَا عَلَيْهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَالتَّيْمَارِ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى مِائَةِ سَنَةٍ وَالْآنَ آجَرَهَا الْمُتَكَلِّمُونَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ زُرَّاعِهَا بِدُونِ طَرِيقٍ شَرْعِيٍّ وَلَمْ يَحْكُمْ بِالْإِجَارَةِ حَاكِمٌ يَرَاهَا فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَتُؤَجَّرُ مِنْ زُرَّاعِهَا أَصْحَابِ مِشَدِّهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ حَانُوتَ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِيهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ عَنْ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ الْمُدَّةِ وَاسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا وَدَفَعَ الْأَجْرَ فِي الْمُدَّةِ حَتَّى انْقَضَتْ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْحَانُوتِ وَقَفَلَهَا وَعَطَّلَهَا مُدَّةً وَامْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ زَاعِمًا أَنَّ لَهُ كَذَا قِرْشًا مُرْصَدًا عَلَيْهَا صَرَفَهُ بِإِذْنِ النَّاظِرِينَ فِي تَعْمِيرِهَا وَأَنَّ أَحَدَ النَّاظِرِينَ دَفَعَ لَهُ نِصْفَ مَرْصَدِهِ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ مِنْ دَفْعِ النِّصْفِ الْآخَرِ وَأَنَّ لَهُ قَفْلَ الْحَانُوتِ وَتَعْطِيلَهَا بِلَا أُجْرَةٍ حَتَّى يَدْفَعَ لَهُ النَّاظِرُ ذَلِكَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا فِي مُدَّةِ تَعْطِيلِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ بِنَاءُ دَارٍ قَائِمٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِي الدَّارِ وَتَدْفَعُ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ فِي كُلِّ سَنَةٍ قِرْشًا وَثُلُثَ قِرْشٍ بِطَرِيقِ الْحَكْرِ فِيمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ وَالْآنَ يَزْعُمُ النَّاظِرُ أَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَلَاثَةُ قُرُوشٍ وَهِنْدٌ تُنْكِرُ ذَلِكَ قَائِلَةً إنَّ مَا تَدْفَعُهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ هُوَ أَجْرُ الْمِثْلِ وَلَا بَيِّنَةَ لِلنَّاظِرِ فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ لِهِنْدٍ فِي ذَلِكَ وَعَلَى النَّاظِرِ إثْبَاتُ مَا ادَّعَاهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ اسْتَأْجَرَتْ دَارًا مِنْ مَالِكِهَا فَسَكَنَ عِنْدَهَا صِهْرُهَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لَهَا نِصْفَ الْأُجْرَةِ الْمَعْلُومَةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ فَهَلْ لَهَا طَلَبُ نِصْفِ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا سَكَنَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ لَهَا مَسْكَنٌ مَعْلُومٌ سَكَنَهُ رَجُلٌ بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ ثُمَّ تَقَاضَتْهُ وَطَالَبَتْهُ بِالْأُجْرَةِ مِرَارًا وَسَكَنَ الرَّجُلُ فِيهِ بَعْدَ التَّقَاضِي مُدَّةً مَعْلُومَةً فَهَلْ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَنْ مُدَّةِ سُكْنَاهُ بَعْدَ التَّقَاضِي؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْعَلَائِيِّ وَفِي الْحَاوِي بِرَمْزِ بخ طت امْرَأَةٌ سَكَنَتْ بَيْتَ أُخْتِهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا سِنِينَ وَكَانَتْ تَتَقَاضَى عَلَيْهَا بِالْأُجْرَةِ فَعَلَيْهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلَيْنِ اسْتَأْجَرَا بُسْتَانَ وَقْفٍ مُشْتَمِلًا عَلَى غِرَاسِ عِنَبٍ وَغَيْرِهِ تَبَعًا لِأَرْضِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ نَاظِرِ وَقْفٍ بَعْدَمَا سَاقَاهُمَا عَلَى الْغِرَاسِ فِي الْمُدَّةِ عَلَى الْعِنَبِ أَصَالَةً وَالْبَاقِي بِالتَّبَعِيَّةِ بِسَهْمٍ وَاحِدٍ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَالْبَاقِي لَهُمَا نَظِيرَ عَمَلِهِمَا وَصَدَرَ ذَلِكَ كُلُّهُ لَدَى قَاضٍ شَافِعِيٍّ ثَبَتَ لَدَيْهِ أَنَّ الْأُجْرَةَ الْمَزْبُورَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَافِيَةً بِمَنْفَعَتِهَا وَبِقِيمَةِ الثَّمَرَةِ فِي الْمُدَّةِ ثُبُوتًا شَرْعِيًّا وَحَكَمَ بِصِحَّةِ كُلٍّ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ فِي حَادِثَةِ الْمُدَّةِ وَإِنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَزْبُورِ حَيْثُ كَانَتْ الْأُجْرَةُ وَافِيَةً كَمَا ذُكِرَ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أَفْتَى مُفْتِي مَذْهَبِهِ بِصِحَّتِهَا وَأَنْفَذَ حُكْمَهُ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِ الْحُجَّتَيْنِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ.

سُئِلَ) فِيمَا إذَا حَكَمَ قَاضٍ شَافِعِيٌّ بِعَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ بِمَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسَاقِي فِي وَجْهِ النَّاظِرِ فِي حَادِثَةِ عَدَمِ انْفِسَاخِهِمَا بِالْمَوْتِ حُكْمًا شَرْعِيًّا مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ بَعْدَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ الصَّحِيحَتَيْنِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً أَفْتَى مُفْتِي مَذْهَبِهِ بِالْعَمَلِ بِمَضْمُونِهَا فَهَلْ صَحَّ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي مَصْبَنَةٍ مُعَدَّةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ هِنْدٍ وَرَجُلَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمْ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ اسْتَعْمَلَهَا الرَّجُلَانِ وَحْدَهُمَا مُدَّةً بِدُونِ إذْنٍ مِنْ هِنْدٍ وَلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ عَلَيْهِمَا لِهِنْدٍ أَجْرُ الْمِثْلِ لِحِصَّتِهَا فِي الْمُدَّةِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَتْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ وَكَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِمَا لِهِنْدٍ أَجْرُ الْمِثْلِ لِحِصَّتِهَا (أَقُولُ) فِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الْمُعَدَّ لِلِاسْتِغْلَالِ إذَا اسْتَعْمَلَهُ غَاصِبٌ تَجِبُ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إلَّا إذَا كَانَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ فَلَا تَجِبُ عَلَى الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّ لَهُ تَأْوِيلَ مِلْكٍ وَقَدْ نَقَلَ الْمُؤَلِّفُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ مَا صُورَتُهُ وَفِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ طَاهِرِ بْنِ مَحْمُودٍ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا سَكَنَ فِي دَارِ الشَّرِكَةِ بِغَيْبَةِ صَاحِبِهِ ثُمَّ جَاءَ الْآخَرُ يَطْلُبُ حِصَّتَهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ لِأَنَّ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ فِي حَقِّ السُّكْنَى وَفِيمَا هُوَ مِنْ تَوَابِعِ السُّكْنَى تُجْعَلُ مَمْلُوكَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْكَمَالِ إذْ لَوْ لَمْ تُجْعَلْ كَذَلِكَ يُمْنَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الدُّخُولِ وَالْقُعُودِ وَوَضْعِ الْأَمْتِعَةِ فَيَتَعَطَّلُ عَلَيْهِمَا مَنَافِعُ مِلْكِهِمَا وَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِذَا كَانَ هَكَذَا صَارَ الْحَاضِرُ سَاكِنًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَمِثْلُهُ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ إجَارَاتِ الذَّخِيرَةِ بَيْتٌ أَوْ حَانُوتٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَإِنْ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ؛ لِأَنَّهُ سَكَنَ بِتَأْوِيلِ الْمِلْكِ فُصُولُ الْعِمَادِيِّ مِنْ الْفَصْلِ 32 مِنْ أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ فِي ضَمَانِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ. (سُئِلَ) فِي مَزْرَعَةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفَيْ بِرٍّ مُنَاصَفَةً آجَرَ أَحَدُ مُتَوَلِّي الْوَقْفَيْنِ مِنْهَا خَمْسَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا بِدُونِ إذْنٍ مِنْ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ الْآخَرِ وَلَا إجَازَتِهِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَكُونُ إيجَارُهُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : إيجَارُهُ حِصَّةَ غَيْرِهِ بِدُونِ رِضَاهُ غَيْرُ جَائِزٍ (أَقُولُ) وَكَذَا إيجَارُ النِّصْفِ غَيْرُ جَائِزٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إجَارَةُ الْمُشَاعِ مِنْ غَيْرِ الشَّرِيكِ فَلَا تَصِحُّ نَعَمْ لَوْ كَانَ آجَرَ الْكُلَّ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ وَلَمْ يُجِزْ الْمُتَوَلِّي الْآخَرُ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي النِّصْفِ وَتَبْقَى صَحِيحَةً فِي نِصْفِهِ؛ لِأَنَّهُ شُيُوعٌ طَارِئٌ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَاحْتَرَزَ بِالْأَصْلِيِّ عَنْ الطَّارِئِ فَلَا يَفْسُدُ عَلَى الظَّاهِرِ كَأَنْ أَجَّرَ فِي الْكُلِّ ثُمَّ فَسَخَ فِي الْبَعْضِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ الْحِيلَةُ فِي إجَارَةِ الْمُشَاعِ. اهـ. فَتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ هِنْدٍ وَأُخْتِهَا وَأَخِيهَا عَلَى سَبِيلِ الشُّيُوعِ آجَرْت هِنْدٌ حِصَّتَهَا الْمَعْلُومَةَ لِأُخْتِهَا فَقَطْ دُونَ أَخِيهَا وَلَمْ يَحْكُمْ بِالْإِجَارَةِ حَاكِمٌ يَرَاهَا فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ الْمَزْبُورَةُ فَاسِدَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ الشُّيُوعِ أَرْضٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فَوَكَّلَ رَجُلٌ بِإِجَارَةِ حِصَّتِهِ فَأَجَّرَ وَكِيلُهُ مِنْ جَمِيعِهِمْ جَازَ وَلَوْ مِنْ أَحَدِهِمْ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا لَوْ بَاشَرَ الْمُوَكِّلُ. (سُئِلَ) فِي جَمَّالٍ لَهُ جِمَالٌ مَعْلُومَةٌ مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِغْلَالِ غَصَبَهَا رَجُلٌ وَاسْتَعْمَلَهَا مُدَّةً بِلَا عَقْدِ إجَارَةٍ وَلَا اسْتِئْجَارٍ وَيُرِيدُ الْجَمَّالُ مُطَالَبَتَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا مُدَّةَ اسْتِعْمَالِهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَتْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ لَهُ ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سَكَنَ فِي مَكَانٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَيْتَامٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِ حِصَّتِهِمْ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ خَانٌ مَعْلُومٌ جَارٍ فِي مِلْكِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَآجَرَ مَخْزَنًا مِنْهُ لِعَمْرٍو مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ عَمْرٍو آجَرَ الْمَخْزَنَ الْمَزْبُورَ مِنْ بَكْرٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً تَالِيَةً لِمُدَّةِ عَمْرٍو الْمَزْبُورِ مُضَافَةً إلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ عَنْ الْمُدَّةِ التَّالِيَةِ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ الْمُضَافَةُ صَحِيحَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ دَارًا مِنْ مَالِكِهَا إجَارَةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ لِزَيْدٍ

أَنْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ بِإِجَارَةٍ وَغَيْرِهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَدَّادًا أَوْ قَصَّارًا أَوْ طَحَّانًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي عَقَارٍ لِأَيْتَامٍ آجَرْته أُمُّهُمْ الْوَصِيُّ عَلَيْهِمْ مِنْ آخَرَ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَسَكَنَ بِهِ وَانْتَفَعَ فَهَلْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ حَانُوتَ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِهِ إجَارَةً شَرْعِيَّةً وَالْآنَ قَامَ الْمُسْتَأْجِرُ يَدَّعِي أَنَّ الْحَانُوتَ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهِ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ اسْتِئْجَارُهُ يَكُونُ إقْرَارًا بِأَنْ لَا مِلْكَ لَهُ فِي الْمَأْجُورِ فَتَنْدَفِعُ دَعْوَاهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالتَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَيْضًا. (سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ خَانٍ أَرَادَ السَّفَرَ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ إجَارَتِهِ وَيُرِيدُ فَسْخَ إجَارَتِهِ بِذَلِكَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ السَّفَرَ فَهُوَ عُذْرٌ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ سَوَاءٌ أَرَادَ الْمُكْثَ فِيهِ أَوْ لَمْ يُرِدْ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا فَإِنْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ أُرِيدُ السَّفَرَ وَكَذَّبَهُ الْآجِرُ حَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى أَنَّهُ عَزَمَ عَلَى السَّفَرِ ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ وَالْقُدُورِيُّ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الْبُرْهَانِيَّةِ مَا نَصُّهُ فَإِنْ قَالَ الْمُؤَجِّرُ لِلْقَاضِي إنَّهُ لَا يُرِيدُ السَّفَرَ وَلَكِنَّهُ يُرِيدُ الْفَسْخَ وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَا أُرِيدُ السَّفَرَ يَقُولُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَعَ مَنْ تُرِيدُ السَّفَرَ فَإِنْ قَالَ مَعَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ فَالْقَاضِي يَسْأَلُهُمْ أَنَّ فُلَانًا هَلْ يَخْرُجُ مَعَكُمْ وَهَلْ اسْتَعَدَّ لِلْخُرُوجِ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ ثَبَتَ الْعُذْرُ وَإِلَّا فَلَا وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا الْقَاضِي يَحْكُمُ بِزِيِّهِ وَثِيَابِهِ؛ لِأَنَّ الزِّيَّ وَالسِّيمَا حُجَّةٌ يُعْمَلُ بِهَا عِنْد اشْتِبَاهِ الْحَالِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ وَاسْتَحْكَرَ قِطْعَةَ أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ لِلْبِنَاءِ وَالتَّعَلِّي مُدَّةً طَوِيلَةً مَعْلُومَةً مَحْكُومًا بِصِحَّتِهَا مِنْ حَاكِمٍ يَرَاهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ شَيْئًا فَهَلْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ الْبِنَاءُ فِي الْأَرْضِ بِدُونِ إذْنِ النَّاظِرِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَتَيْنِ اسْتَأْجَرَتَا نِصْفَ دَارٍ وَقْفٍ مِنْ نُظَّارِهَا الْمَعْلُومِينَ إجَارَةً شَرْعِيَّةً مَحْكُومًا بِصِحَّتِهَا مِنْ حَاكِمٍ يَرَاهَا ثُمَّ أَجَّرَتَا طَبَقَةً مَعْلُومَةً مِنْ الدَّارِ مِنْ وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ مِنْ النُّظَّارِ الْمَرْقُومِينَ الْمُؤَجِّرِينَ فَهَلْ تَكُونُ إجَارَةُ الطَّبَقَةِ غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَلَا تَبْطُلُ الْأُولَى؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي حَقِّ الْمَنْفَعَةِ قَامَ مَقَامَ الْمُؤَجِّرِ فَيَلْزَمُ تَمْلِيكُ الْمَالِكِ وَلَا تَبْطُلُ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ فَاسِدَةٌ فَلَا تَرْتَفِعُ الصَّحِيحَةُ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالْمِنَحِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ مَشْغُولَةٍ بِبِنَاءِ طَاحُونَةٍ جَارِيَةٍ فِي مِلْكِ جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ وَعَلَى الْأَرْضِ مَبْلَغٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَعْلُومٌ يُؤْخَذُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ بِطَرِيقِ الْحَكْرِ عَنْ الْأَرْضِ وَهُوَ أَجْرُ مِثْلِهَا ثُمَّ امْتَنَعَ الْجَمَاعَةُ مِنْ دَفْعِ ذَلِكَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ مُتَعَلِّلِينَ بِأَنَّ الْبِنَاءَ خَرِبٌ وَالْحَالُ أَنَّ أُسَّهُ بَاقٍ فِي الْأَرْضِ وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِهِ فَهَلْ عَلَيْهِمْ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ مَا دَامَ أُسُّ بِنَائِهِمْ قَائِمًا فِيهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا احْتَكَرَ زَيْدٌ قِطْعَةَ أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ مِنْ مُتَوَلِّيهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ كَذَلِكَ لِلْبِنَاءِ وَالتَّعَلِّي وَبَنَى فِيهَا حَوَانِيتَ لِنَفْسِهِ وَتَصَرَّفَ فِيهَا حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَخَرِبَ الْبِنَاءُ وَزَالَ مِنْ الْأَرْضِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ فِيهَا بِالْكُلِّيَّةِ فَعَمَّرَ الْمُتَوَلِّي مَكَانَهُ حَوَانِيتَ لِلْوَقْفِ بِمَالِ الْوَقْفِ فَقَامَ زَيْدٌ يُعَارِضُهُ فِي ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ يُمْنَعُ مِنْ الْمُعَارَضَةِ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَوَافَقَ أَهْلُ قَرْيَةٍ مَعَ زَيْدٍ عَلَى أَنْ يَقُومُ بِقَضَاءِ مَصَالِحِهِمْ وَمَصَالِحِ قَرْيَتِهِمْ وَجَعَلُوا لَهُ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ أُجْرَةً وَلَمْ يَذْكُرُوا لِذَلِكَ وَقْتًا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ زَيْدٌ الشُّرُوعَ فِيمَا ذُكِرَ حَالًا لَمْ يَقْدِرْ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمَصَالِحِ حِينَ التَّوَافُقِ ثُمَّ بَاشَرَ لَهُمْ زَيْدٌ مَا تَوَافَقُوا عَلَيْهِ مِنْ مَصَالِحِهِمْ وَمَصَالِحِ قَرْيَتِهِمْ وَلَمْ يَدْفَعُوا لَهُ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ وَيُرِيدُ مُطَالَبَتَهُمْ بِأَجْرِ مِثْلِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ أَرْضِهِ مَشْغُولَةٌ بِغِرَاسٍ نِصْفُهُ جَارٍ تَبَعًا لِأَرْضِهِ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ تَحْتَ نِظَارَةِ زَيْدٍ وَنِصْفُهُ

الْآخَرُ فِي مِلْكِ عَمْرٍو فَتَوَافَقَ زَيْدٌ مَعَ عَمْرٍو عَلَى أَنْ يَعْمَلَ زَيْدٌ عَلَى نِصْفِ عَمْرٍو مِنْ الْغِرَاسِ وَيَدْفَعَ عَمْرٌو عَنْ جِهَةِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ لِجِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ نَظِيرَ الْعَمَلِ وَنَظِيرَ أُجْرَةِ نِصْفِ الْأَرْضِ الْحَامِلَةِ لِحِصَّةِ عَمْرٍو مِنْ الْغِرَاسِ وَلَمْ يُبَيِّنَا قَدْرَ أُجْرَةِ الْعَمَلِ وَلَا قَدْرَ أُجْرَةِ نِصْفِ الْأَرْضِ بَلْ أَجْمَلَاهَا كَمَا ذُكِرَ وَعَمِلَ زَيْدٌ عَلَى نِصْفِ غِرَاسٍ وَدَفَعَ عَمْرٌو الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِلْجِهَةِ الْمَرْقُومَةِ وَمَضَى لِذَلِكَ عِدَّةُ سِنِينَ وَلَمْ يَذْكُرَا مُدَّةً لِلتَّوَافُقِ الْمَذْكُورِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : التَّوَافُقُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلِزَيْدٍ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَهُ عَلَى نَصِيبِ عَمْرٍو مِنْ الْغِرَاسِ وَلَهُ طَلَبُ أَجْرِ مِثْلِ مَنَابِتِ نِصْفِ أَشْجَارِ عَمْرٍو فِي الْمُدَّةِ الْمَرْقُومَةِ لِجِهَةِ وَقْفِهِ وَلِعَمْرٍو أَنْ يُحَاسِبَ زَيْدًا بِمَا دَفَعَهُ عَنْ جِهَةِ الْوَقْفِ بِإِذْنِهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (أَقُولُ) اُنْظُرْ هَلْ يُقَالُ إنَّ زَيْدًا النَّاظِرَ فِي حُكْمِ الشَّرِيكِ فِي الْغِرَاسِ فَلَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ إذَا عَمِلَ فِي الْمُشْتَرَكِ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَهُنَا نِصْفُ الْغِرَاسِ وَإِنْ كَانَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ لَكِنَّ زَيْدًا النَّاظِرَ هُوَ الَّذِي لَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِيهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِكِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَخْدَمَ زَيْدٌ عَمْرًا فِي أَعْمَالٍ شَتَّى مُدَّةً مِنْ الزَّمَانِ بِدُونِ إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَعَمْرٌو مَعْرُوفٌ بِتَعَاطِي الْخِدْمَةِ بِالْأُجْرَةِ وَقِيَامِ حَالِهِ بِهَا فَهَلْ لِعَمْرٍو طَلَبُ أَجْرَ مِثْلِ خِدْمَتِهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ كَانَ مَعْرُوفًا بِتَعَاطِي الْخِدْمَةِ بِالْأُجْرَةِ وَقِيَامِ حَالِهِ بِهَا كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَعِبَارَتُهَا مِنْ الْفَنِّ الثَّالِثِ الْعَادَةُ الْمُطَّرِدَةُ هَلْ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الشَّرْطِ إلَى أَنْ قَالَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ الصَّانِعُ مَعْرُوفًا بِهَذِهِ الصَّنْعَةِ وَقِيَامِ حَالِهِ بِهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَلَا اعْتِبَارًا لِلظَّاهِرِ الْمُعْتَادِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَبِهِ يُفْتَى صُرَّةُ الْفَتَاوَى مِنْ الْإِجَارَاتِ. (سُئِلَ) فِي مُحْتَرِفَيْنِ حِرْفَةً مَعْلُومَةً اسْتَأْجَرَا مَكَانَ وَقْفٍ مُعَدًّا لِتِلْكَ الْحِرْفَةِ مِنْ نَاظِرِهِ إجَارَةً شَرْعِيَّةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ قَبَضَهَا النَّاظِرُ سَلَفًا عَنْ جَمِيعِ الْمُدَّةِ فَتَعَاطَيَا الْحِرْفَةَ فِي الْمَأْجُورِ مُدَّةً ثُمَّ حَصَلَ عُذْرٌ مَنَعَهُمَا عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَالْجَرْيِ عَلَى مُوجَبِ الْعَقْدِ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ وَيُرِيدَانِ فَسْخَ الْإِجَارَةِ وَمُطَالَبَةَ النَّاظِرِ بِمَا قَابَلَ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ مِنْ الْأُجْرَةِ الْمَرْقُومَةِ فَهَلْ لَهُمَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ وَالْخَانِيَّةِ وَلِسَانِ الْحُكَّامِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا آجَرَ زَيْدٌ التَّيْمَارِيُّ جَمِيعَ الْعَائِدِ لَهُ مِنْ قَسْمٍ وَعَوَائِدَ عُرْفِيَّةٍ وَغَيْرِهَا مِنْ عَمْرٍو لِمُدَّةِ سَنَةٍ لِيَأْخُذَ عَمْرٌو ذَلِكَ مِنْ فَلَّاحِي قَرْيَةِ التَّيْمَارِيِّ فِي الْمُدَّةِ بِأُجْرَةٍ هِيَ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ قَبَضَهَا زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو فَلَمْ يَأْخُذْ عَمْرٌو مِنْ ذَلِكَ سِوَى ثَمَانِيَةِ أَكْيَالٍ مِنْ الْحِنْطَةِ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ بَاطِلَةً وَلِعَمْرٍو طَلَبُ الْأُجْرَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ زَيْدٍ وَعَلَيْهِ رَدُّ مَا أَخَذَ مِنْ الْحِنْطَةِ لِزَيْدٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ أَرَاضِي وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِهِ وَعَلَى الْأَرَاضِيِ عُشْرٌ لِتَيْمَارِيٍّ فَهَلْ يَكُونُ الْعُشْرُ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ وَلَا يَلْزَمُ زَيْدًا شَيْءٌ مِنْهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي أَرَاضِي وَقْفٍ مَعْلُومَةٍ لَهَا قَنَاةُ مَاءٍ تَعَطَّلَتْ فَعَمَدَ جَمَاعَةٌ وَجَعَلُوا لَهَا قَنَاةً أُخْرَى وَأَجْرَوْا لَهَا مَاءً مِنْ نَهْرٍ بِقُرْبِهَا وَزَرَعُوا فِي الْأَرْضِ زَرْعًا لِأَنْفُسِهِمْ كُلُّ ذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَطَلَبَ الْآنَ نَاظِرُ الْوَقْفِ رَفْعَ يَدِهِمْ عَنْ الْأَرْضِ وَتَسَلُّمَهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ مَعَ أُجْرَةِ مِثْلِهَا مُدَّةَ قِيَامِ زَرْعِهِمْ بِهَا فَهَلْ لِلنَّاظِرِ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي قَرْيَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ جِهَتَيْ وَقْفٍ وَتَيْمَارٍ لِزَيْدٍ يَزْعُمُ زَيْدٌ أَنَّ لَهُ جَبْرَ النَّاظِرِ عَلَى أَنْ يُؤَجِّرَهُ حِصَّةَ الْوَقْفِ مِنْ الْقَرْيَةِ الْمَذْكُورَةِ لِكَوْنِ أَبِي النَّاظِرِ الْمَذْكُورِ كَانَ يُؤَجِّرُهُ ذَلِكَ مُدَّةَ حَيَاتِهِ حَالَ كَوْنِهِ نَاظِرًا عَلَى الْوَقْفِ وَالنَّاظِرُ الْآنَ لَا يَرْضَى بِالْإِيجَارِ فَهَلْ لَا يُجْبَرُ النَّاظِرُ عَلَى الْإِيجَارِ مِنْ التَّيْمَارِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَأَخَوَيْهِ الْبَالِغَيْنِ فِلَاحَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى دَارٍ فِي قَرْيَةٍ وَمِشَدِّ مَسَكَةٍ فِي أَرَاضٍ مِيرِيَّةٍ وَوَقْفٍ فَوَضَعَ زَيْدٌ يَدَهُ عَلَيْهَا كُلِّهَا فَانْتَفَعَ بِالدَّارِ بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَزَرَعَ الْأَرَاضِيَ

لِنَفْسِهِ بِبَذْرِهِ وَبَقَرِهِ وَدَفَعَ مَالِ الْوَقْفِ وَالْمِيرِيِّ لِلْمُتَكَلِّمِينَ عَلَيْهَا وَدَفَعَ مَغَارِمَهَا فِي مُدَّةِ سِنِينَ وَالْآنَ قَامَ أَخَوَاهُ يُكَلِّفَانِهِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ أُجْرَةَ مِشَدِّ الْمَسَكَةِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِمَا فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَالزَّرْعُ لَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي مُتَوَلِّي مَسْجِدٍ آجَرَ قِطْعَةً مِنْهُ لِرَجُلٍ لِيَبْنِيَ فِيهَا دَارًا مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ دَاعِيَةٍ لِذَلِكَ شَرْعًا فَهَلْ يَكُونُ إيجَاره الْمَذْكُورُ غَيْرَ وَاقِعٍ مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ وَيَهْدِمُ مَا بَنَى؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إيجَارُهُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ وَاقِعٍ مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ دَاعِيَةٌ لِذَلِكَ وَأَمَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ ضَرُورَةٌ بِأَنْ احْتَاجَ إلَى الْعِمَارَةِ الضَّرُورِيَّةِ وَلَيْسَ هُنَاكَ مَا يُعَمَّرُ بِهِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ الْجَوَازُ وَبِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ النَّاطِفِيِّ حَيْثُ كَانَ النَّاظِرُ مُصْلِحًا لَا يُخْشَى مِنْهُ الْفَسَادُ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ وَاَلَّذِي مَالَ إلَيْهِ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَدَمُ الْجَوَازِ قَائِلًا بِأَنَّ الْمَسْجِدَ إذَا قِيلَ بِأَنَّهُ يُؤَجِّرُ مِنْهُ قِطْعَةً لِلْعِمَارَةِ يُؤَدِّي إلَى تَغْيِيرِ عَيْنِ الْمَوْقُوفِ بِاعْتِبَارِ تَغَيُّرِ الْأَحْوَالِ إلَى أَقْبَحَ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنْ كَانَ مَسْجِدًا تُقَامُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَإِذَا أُوجِرَ يَبْقَى بِعُرْضَةِ أَنْ يَصِيرَ إصْطَبْلًا أَوْ لِسُكْنَى النَّاسِ فَكَانَ التَّغْيِيرُ إلَى حَالَةٍ أَزْرَى مِنْ الْحَالَةِ الْأُولَى فَالتَّصَرُّفُ فِي الْأَوْقَافِ بِاعْتِبَارِ الْأَنْظَرِ لَهَا لَا بِاعْتِبَارِ الْأَدْنَى. اهـ. فَحَيْثُ لَا ضَرُورَةَ فَالْإِيجَارُ الْمَذْكُورُ بَاطِلٌ فَيَهْدِمُ مَا بَنَى وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ فِلَاحَةٌ فَتَوَافَقَ مَعَ عَمْرٍو أَنَّهُ يُشَارِفُهَا مَعَهُ وَيَبْذُرُ لَهُ زَيْدٌ فِي الْفِلَاحَةِ كَذَا غِرَارَةٍ مِنْ الْحِنْطَةِ نَظِيرَ مُشَارَفَتِهِ وَلَمْ يَذْكُرَا مُدَّةً لِلْمُشَارَفَةِ فَزَرَعَ زَيْدٌ بِبَذْرِهِ فِي أَرْضِهِ وَشَارَفَ عَمْرٌو الْفِلَاحَةَ مَعَهُ بَعْضَ مُدَّةٍ فَهَلْ يَكُونُ الزَّرْعُ لِرَبِّ الْبَذْرِ وَلَيْسَ لِعَمْرٍو فِيهِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ مُدَّةَ مُشَارَفَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ فِلَاحَةٍ مِنْ زَيْدٍ انْتَفَعَ بِهَا مُدَّةَ الْإِجَارَةِ ثُمَّ حَرَثَهَا بِبَقَرِهِ وَعُمَّالِهِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْمُؤَجِّرِ وَيُرِيدُ الْمُؤَجِّرُ تَسَلُّمَ فِلَاحَتِهِ مِنْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَالْمُسْتَأْجِرُ يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ زَاعِمًا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ قِيمَةَ حَرْثِهِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ تُرْفَعُ يَدُ الْمُسْتَأْجِرِ عَنْهَا وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ الْمَذْكُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تُرْفَعُ يَدُهُ عَنْهَا وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُؤَجِّرِ بِقِيمَةِ الْحَرْثِ الْمَذْكُورِ إذْ لَا قِيمَةَ لِلْمَنَافِعِ وَالْكِرَابُ وَصْفٌ فِي الْأَرْضِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ مَزْرَعَةً تَيْمَارِيَّةً مِنْ تَيْمَارِيِّهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةِ كَذَا بِمُوجِبِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ وَالْآنَ قَامَ نَاظِرُ وَقْفٍ يُرِيدُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِأَنَّ حِصَّتَهُ مِنْهَا جَارِيَةٌ فِي وَقْفِهِ فِي غَيْبَةِ الْمُؤَجِّرِ فَادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ الِاسْتِئْجَارَ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ بِالْحِيَلِ فَهَلْ تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ عَنْهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي الْمُؤَجِّرِ إذَا بَاعَ الدَّارَ الْمُسْتَأْجَرَةَ وَلَمْ يُجِزْ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَيْعَ وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي إخْرَاجَهُ مِنْهَا قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ إجَارَتِهِ فَهَلْ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ مُسْتَأْجِرُ حَانُوتِ وَقْفٍ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ عَنْ وَرَثَةٍ وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ فَآجَرَ النَّاظِرُ الْحَانُوتَ مِنْ زَيْدٍ إجَارَةً صَحِيحَةً فَقَامَ الْوَرَثَةُ يُعَارِضُونَ زَيْدًا زَاعِمِينَ أَنَّهُمْ أَحَقُّ بِالِاسْتِئْجَارِ فَهَلْ يُمْنَعُونَ مِنْ الْمُعَارَضَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً لِعَمْرٍو عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا عَمْرٌو بِبَقَرِهِ وَنَفْسِهِ وَالْبَذْرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَالْخَارِجُ كَذَلِكَ فَعَمِلَ كَذَلِكَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى حُكْمِ الْبَذْرِ وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ أَجْرٌ لِشَرِكَتِهِ فِيهِ وَعَلَى الْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ نِصْفِ الْأَرْضِ لِصَاحِبِهَا لِفَسَادِ الْعَقْدِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا آجَرَ نَاظِرُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ أَرْضَ الْوَقْفِ مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً طَوِيلَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لَدَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ ثَبَتَ لَدَيْهِ حِينَ الْعَقْدِ أَنَّ الْأُجْرَةَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ثُبُوتًا شَرْعِيًّا بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَعَدَمِ انْفِسَاخِهَا بِالزِّيَادَةِ مُوَافِقًا لِلْحُكْمِ الْمَذْكُورِ الْمُسْتَوْفَى شَرَائِطُهُ الشَّرْعِيَّةُ وَمَضَى بَعْضُ الْمُدَّةِ وَيَزْعُمُ النَّاظِرُ أَنَّ رَجُلًا زَادَ فِي الْأُجْرَةِ وَأَنَّ لَهُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ بِالزِّيَادَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) قَدَّمْنَا أَنَّهُ

إذَا زَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَالْمُفْتَى بِهِ أَنَّ لِلْمُتَوَلِّي فَسْخَهَا وَإِنْ مَشَى فِي الْإِسْعَافِ وَالْخَانِيَّةِ عَلَى خِلَافِهِ فَقَدْ صَحَّحُوا هَذَا الْقَوْلَ بِلَفْظِ الْفَتْوَى كَمَا ذَكَرْنَا وَبِلَفْظِ الْأَصَحِّ وَلَفْظِ الْمُخْتَارِ فَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بَقِيَ هُنَا شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا زَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَحَكَمَ شَافِعِيٌّ بِعَدَمِ الْفَسْخِ حُكْمًا صَحِيحًا بِأَنْ كَانَ بَعْدَ الْمُرَافَعَةِ وَالدَّعْوَى الشَّرْعِيَّةِ فِي خُصُوصِ حَادِثَةِ الزِّيَادَةِ فَلَا كَلَامَ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي الْحَنَفِيِّ نَقْضُ حُكْمِهِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْمُرَافَعَةُ وَقْتَ الْعَقْدِ بِحَادِثَةِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ بِأَنْ ادَّعَى الْمُتَوَلِّي مَثَلًا فَسَادَ الْإِجَارَةِ لِلْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ فَحَكَمَ شَافِعِيٌّ بِصِحَّتِهَا وَحَكَمَ أَيْضًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِأَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ بِزِيَادَةِ الْأُجْرَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلِلْحَنَفِيِّ نَقْضُ حُكْمِهِ كَمَا لَوْ حَكَمَ بِعَدَمِ فَسْخِهَا بِالْمَوْتِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُسْتَأْجِرِ إذْ لَا يُسَمَّى ذَلِكَ حُكْمًا إذْ لَا بُدَّ لِصِحَّةِ الْحُكْمِ مِنْ الدَّعْوَى وَالْمُرَافَعَةِ فِي الْحَادِثَةِ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا الْحُكْمُ كَأَنْ تَزِيدَ الْأُجْرَةُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ يَمُوتَ الْمُسْتَأْجِرُ فَيَدَّعِيَ الْمُتَوَلِّي الْفَسْخَ وَيُجِيبَ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ وَرَثَتُهُ بِعَدَمِهِ وَيَتَرَافَعَانِ عِنْدَ قَاضٍ شَافِعِيٍّ فَيَحْكُمَ بِعَدَمِ الْفَسْخِ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ لِلْحَنَفِيِّ نَقْضُهُ وَالْحُكْمُ بِالْفَسْخِ بَلْ عَلَيْهِ تَنْفِيذُ حُكْمِ الْأَوَّلِ كَمَا قَالُوا فِي الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ أَيْ بِأَنْ يَحْكُمَ الشَّافِعِيُّ مَثَلًا بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَيَقُولَ حَكَمْت بِمُوجَبِ الْعَقْدِ وَكَانَ مِنْ مُوجَبِهِ عِنْدَهُ عَدَمُ الْفَسْخِ بِالْمَوْتِ لَا يَكُونُ قَوْلُهُ حَكَمْت بِمُوجَبِهِ حُكْمًا بِعَدَمِ الْفَسْخِ وَمَنْ أَرَادَ تَحْقِيقَ الْمَسْأَلَةِ فَلْيَخُضْ فِي لُجَجِ الْبَحْرِ الرَّائِقِ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ. (سُئِلَ) فِي مُؤَدِّبِ أَطْفَالٍ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ بِالْأُجْرَةِ فَدَفَعَ لَهُ رَجُلٌ أَوْلَادَهُ الثَّلَاثَةَ الْقَاصِرِينَ لِيُعَلِّمَهُمْ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ وَلَمْ يَذْكُرْ أُجْرَةً وَلَا مُدَّةً فَعَلَّمَهُمْ ثُمَّ خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ أَبُوهُمْ أُجْرَتَهُ وَلَا الْحَلْوَى الْمَرْسُومَةَ عِنْدَ خَتْمِ بَعْضِ السُّوَرِ وَيُرِيدُ الْمُؤَدِّبُ مُطَالَبَةَ الْأَبِ بِأُجْرَةِ مِثْلِ تَعْلِيمِهِ وَبِالْحَلْوَى الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَالْمِنَحِ وَغَيْرِهِمَا وَقَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ الْحَلْوَى بِفَتْحِ الْحَاءِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ هَدِيَّةٌ تُهْدَى إلَى الْمُعَلِّمِينَ عَلَى رُءُوسِ بَعْضِ السُّوَرِ مِنْ الْقُرْآنِ سُمِّيَتْ بِهَا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ إهْدَاءُ الْحَلَاوَى وَهِيَ لُغَةٌ يَسْتَعْمِلُهَا أَهْلُ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ زَرَعَهَا رَجُلٌ نَحْوَ سَبْعِ سِنِينَ وَاسْتَغَلَّ زَرْعَهُ وَذَلِكَ بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا مِشَدُّ مَسَكَةٍ وَلَا عَلَاقَةٌ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ نَاظِرُ الْوَقْفِ رَفْعَ يَدِ الرَّجُلِ عَنْهَا وَمُطَالَبَتَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَضَبْطَهَا وَإِيجَارَهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَهَلْ يَسُوغُ لِلنَّاظِرِ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لِلزَّارِعِ فِيهَا مِشَدُّ مَسَكَةٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ مِشَدُّ مَسَكَةٍ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لَا غَيْرُ وَلَا تُرْفَعُ يَدُهُ عَنْهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو مِشَدُّ مَسَكَةٍ فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ عَلَيْهَا قِسْمٌ مِنْ الثَّمَنِ يُؤْخَذُ مِنْ زُرَّاعِهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَرَاضِي وَالْقُرَى فِي نَوَاحِيهَا فَآجَرَ زَيْدٌ نِصْفَ الْأَرْضِ الْمَزْبُورَةِ مِنْ عَمْرٍو الْمَرْقُومِ مُدَّةَ سَنَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لِلزِّرَاعَةِ وَالِاسْتِغْلَالِ فَزَرَعَهَا عَمْرٌو بِبَذْرِهِ وَبَقَرِهِ وَيُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الْخَارِجِ مِنْ الزَّرْعِ وَيَدْفَعَ لِعَمْرٍو مِثْلَ نِصْفِ بَذْرِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَالزَّرْعُ لِعَمْرٍو الَّذِي زَرَعَهُ وَعَلَيْهِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ حِصَّةٌ مِنْ الْقِسْمِ الْحَاصِلِ مِنْ الزَّرْعِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) يَعْنِي أَنَّ عَلَى الزَّارِعِ الْقِسْمَ الْمَعْهُودَ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ وَهُوَ الثُّمُنُ مِنْ جَمِيعِ الزَّرْعِ الَّذِي زَرَعَهُ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ قَدْرَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ إيجَارُ زَيْدٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَأْجِرٍ لِلْأَرْضِ مِنْ جِهَةِ الْوَقْفِ وَمِشَدُّ الْمَسَكَةِ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ لَا يَصِحُّ إيجَارُهُ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الْكِرَابِ وَهُوَ وَصْفٌ فِي الْأَرْضِ تَابِعٌ لَهَا لَا قِيمَةٌ كَمَا مَرَّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو حِمَارًا لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ حِمْلًا مَعْلُومَ الْمِقْدَارِ إلَى مَكَان مُعَيَّنٍ فَفِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ عَيِيَ الْحِمَارُ وَعَجَزَ عَنْ الْمُضِيِّ وَلَمْ يُمْكِنْهُ السَّيْرُ أَصْلًا فَذَهَبَ وَتَرَكَ الْحِمَارَ

وَضَاعَ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا إلَى بُخَارَى فَعَيِيَ فَتَرَكَهُ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ فُصُولَيْنِ وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْحِمَارِ مَعَ الْحِمَارِ وَلَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْمَتَاعِ مَعَهُ فَمَرِضَ الْحِمَارُ فِي الطَّرِيقِ فَتَرَكَ الْحِمَارَ وَالْمَتَاعَ وَذَهَبَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرُورَةً وَعُذْرًا، الْحِمَارُ إذَا عَمِيَ أَوْ عَجَزَ عَنْ الْمُضِيِّ فَبَاعَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ وَهَلَكَ فِي الطَّرِيقِ إنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَصِلُ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يَأْمُرَهُ بِبَيْعِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَا فِي الْحِمَارِ وَلَا فِي ثَمَنِهِ وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يَسْتَطِيعُ إمْسَاكَهُ أَوْ رَدَّهُ أَعْمَى فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْقِيمَةِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ إجَارَةِ الدَّوَابِّ. (سُئِلَ) فِي الْمُسْتَأْجِرِ إذَا سَاقَ الدَّابَّةَ سَوْقًا شَدِيدًا غَيْرَ مُعْتَادٍ وَعَنَّفَ فِي السَّيْرِ حَتَّى هَلَكَتْ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ فَإِنْ عَنَّفَ فِي السَّيْرِ ضَمِنَ إجْمَاعًا وَمِثْلُهُ فِي التتارخانية وَالْعِمَادِيَّةِ وَفَتَاوَى مُؤَيَّدِ زَادَهْ. (سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ بَيْتٍ مِنْ دَارٍ عَمِلَ فِيهِ طَوَّانًا لِسَقْفِهِ وَكُتُبِيَّتَيْنِ وَقَمَرِيَّتَيْنِ مِنْ الزُّجَاجِ وَمَصَبًّا فِي حَائِطِهِ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بِلَا إذْنِ الْمُؤَجِّرِ فَإِذَا خَرَجَ فَهَلْ لَهُ قَلْعُ مَا عَمِلَهُ حَيْثُ لَا يَضُرُّ قَلْعُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي تَجْرِيدِ الْبُرْهَانِيِّ وَإِذَا جَصَّصَ الْمُسْتَأْجِرُ الدَّارَ وَفَرَشَهَا بِالْآجُرِّ وَرَكَّبَ فِيهَا بَابًا أَوْ غَلْقًا أَوْ جَعَلَ مِسْمَارًا فِي بَابِهَا وَأَقَرَّ بِهِ الْآجِرُ وَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ قَلْعَهُ وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ قَلْعُهُ، وَمَا يَضُرُّ قَلْعُهُ بِالدَّارِ لَيْسَ لَهُ قَلْعُهُ وَلَكِنْ يَضْمَنُ لَهُ رَبُّ الدَّارِ قِيمَةَ ذَلِكَ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ يَخْتَصِمَانِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ أَحْكَامِ الْعِمَارَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ. (سُئِلَ) فِي يَتِيمٍ اسْتَعْمَلَهُ رَجُلٌ مِنْ أَقْرِبَائِهِ فِي أَعْمَالٍ شَتَّى بِلَا إجَارَةٍ وَلَا إذْنِ قَاضٍ وَكَانَ مَا يُعْطِيهِ مِنْ الْكِسْوَةِ وَالْكِفَايَةِ دُونَ أُجْرَةِ مِثْلِهِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ ثُمَّ بَلَغَ رَشِيدًا وَطَلَبَ مِنْ الرَّجُلِ تَكْمِلَةَ أُجْرَةِ مِثْلِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي نَوْعِ الْمُتَفَرِّقَاتِ مِنْ الْإِجَارَةِ بِمِثْلِهِ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو نِصْفَيْنِ فَعَمَّرَ زَيْدٌ فِيهَا عِمَارَةً بِإِذْنِ عَمْرٍو وَأَنْفَقَ فِيهَا مَبْلَغًا ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ زَيْدٌ أَنْفَقْت كَذَا وَقَالَ عَمْرٌو كَذَا دُونَ مَا ادَّعَاهُ زَيْدٌ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : يُرْجَعُ ذَلِكَ لِأَهْلِ الصَّنْعَةِ فَإِنْ كَانَ جَمِيعُهُمْ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ فَالْقَوْلُ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ مَعَهُ وَالْبَعْضُ مَعَ الْآخَرِ فَعَلَى زَيْدٍ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى وَإِنْكَارٌ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا مَا يُعْتَبَرُ فِي الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ طَحَّانٌ رَكَّبَ فِي الطَّاحُونَةِ حَجَرًا مِنْ مَالِهِ وَحَدِيدًا وَشَيْئًا آخَرَ وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالُوا إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِأَمْرِ صَاحِبِ الطَّاحُونَةِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى صَاحِبِ الطَّاحُونَةِ وَإِنْ فَعَلَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنْ أَمْكَنَ رَفْعُهُ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ يَرْفَعُهُ وَإِنْ كَانَ مُرَكَّبًا لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ إلَّا بِضَرَرٍ كَانَ لِصَاحِبِ الطَّاحُونَةِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ قِيمَتَهُ وَيَمْنَعَهُ مِنْ الرَّفْعِ فَإِنْ أَحْدَثَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْمُسْتَأْجَرِ بِنَاءً أَوْ غِرَاسًا ثُمَّ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ كَانَ لِلْآجِرِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالرَّفْعِ قَلَّتْ قِيمَتُهُ أَوْ كَثُرَتْ وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُ مِنْ الرَّفْعِ وَأَعْطَاهُ الْقِيمَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ أَمَرَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ مَا تُنْقَضُ بِهِ الْإِجَارَةُ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ نَوْعٍ آخَرَ فِي اسْتِئْجَارِ الْمُسْتَغَلِّ ثُمَّ ذَكَرَ فِي آخِرِهِ اسْتَأْجَرَ طَاحُونَةً إجَارَةً طَوِيلَةً ثُمَّ أَجَّرَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَأَذِنَ لَهُ بِالْعِمَارَةِ وَأَنْفَقَ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ مُسْتَأْجِرٌ وَالطَّاحُونَةَ لَيْسَتْ لَهُ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَظَنَّهُ مَالِكًا يَرْجِعُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سَكَنَ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي دَارِ وَقْفٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ فَهَلْ يَكُونُ أَجْرُ مِثْلِهَا عَلَى الزَّوْجِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْعَلَائِيِّ مِنْ النَّفَقَةِ وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ الْإِجَارَةِ سَكَنَ رَجُلٌ دَارَ الْوَقْفِ بِأَهْلِهِ وَأَوْلَادِهِ وَخَدَمِهِ فَأَجْرُ الْمِثْلِ عَلَيْهِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ حِمَارٍ لِيَحْمِلَ عَلَيْهِ عِنَبًا مِنْ قَرْيَةِ كَذَا إلَى بَلْدَةِ كَذَا فَذَهَبَ بِالْحِمَارِ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى أَبْعَدَ مِنْ الْأُولَى وَمِنْ غَيْرِ طَرِيقِهَا فَوَقَعَ الْحِمَارُ فِي الطَّرِيقِ تَحْتَ الْحِمْلِ وَعَطِبَ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِصَاحِبِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ ذَكَرَ فِي عَارِيَّةِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ فِي

كُلِّ مَوْضِعٍ يَضْمَنُ فِي الْإِعَارَةِ يَضْمَنُ فِي الْإِجَارَةِ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَضْمَنُ فِي الْإِعَارَةِ لَا يَضْمَنُ فِي الْإِجَارَةِ وَيَجِبُ الْأَجْرُ عِمَادِيَّةٌ وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ الْعَارِيَّةُ لَوْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِمَكَانٍ فَجَاوَزَ ذَلِكَ الْمَكَانَ يَضْمَنُ وَلَا يَبْرَأُ بِالْعَوْدِ وَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْإِجَارَةِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ وَلَوْ لَمْ يَذْهَبْ إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ وَلَكِنْ إلَى مَكَان آخَرَ أَقْصَرَ مِنْهُ أَوْ أَطْوَلَ يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ أَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ بِهَا إلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي اسْتَعَارَهَا لَهُ يَضْمَنُ وَالْمُكْثُ الْمُعْتَادُ عَفْوٌ وَكَذَا هَذَا فِي الْإِجَارَةِ عِمَادِيَّةٌ فِي ضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ وَتَمَامُ الْمَسَائِلِ فِيهَا. (سُئِلَ) فِي حِمَارَيْنِ مُعَدَّيْنِ لِلِاسْتِغْلَالِ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو نِصْفَيْنِ أَجَّرَ زَيْدٌ وَاحِدًا مُعَيَّنًا مِنْهُمَا مِنْ بَكْرٍ بِأُجْرَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقَبَضَهَا وَطَلَبَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ مِنْهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ نَفْسَ تَصَرُّفِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ غَصْبٌ وَفِي شَرِكَةِ الْمِلْكِ كُلٌّ مِنْ شُرَكَاءِ الْمِلْكِ أَجْنَبِيٌّ فِي مَالِ صَاحِبِهِ لِعَدَمِ تَضَمُّنِهَا الْوَكَالَةَ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ وَالْغَاصِبُ إذَا أَجَّرَ مَا مَنَافِعُهُ مَضْمُونَةٌ مِنْ مَالِ وَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى لَا أَجْرُ الْمِثْلِ وَلَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَجْرُ الْمِثْلِ إنَّمَا يَرُدُّ مَا قَبَضَهُ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْغَصْبِ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْحَمَوِيُّ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَمَّا عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ تَضْمِينِ مَنَافِعِ الْوَقْفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ وَالْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ بِالْغَصْبِ فَيَنْبَغِي أَنَّ مَا قَبَضَهُ الْغَاصِبُ مِنْ الْأُجْرَةِ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَنْ يُكْمِلَ الْغَاصِبُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ مَا قَبَضَهُ زَائِدًا يَرُدُّ أَيْضًا لِعَدَمِ طِيبِهِ لَهُ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَرَى تَضْمِينَ أَجْرِ الْمِثْلِ بِالْغَصْبِ فِيهَا كَمَا هُوَ قَوْلُ الْمُتَقَدِّمِينَ فَلَا يَرُدُّ إلَّا مَا قَبَضَهُ لِعَدَمِ طِيبِهِ إلَخْ وَمِثْلُهُ فِي حَاشِيَةِ بِيرِيٌّ فَرَاجِعْهَا وَلَا شَكَّ أَنَّ عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْفَتْوَى كَمَا فِي الشُّرُوحِ. (سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ الدَّابَّةِ لِيَرْكَبَهَا إلَى مَكَانِ كَذَا إذَا رَكِبَهَا ثُمَّ أَمْسَكَهَا ثُمَّ بَعَثَهَا إلَى صَاحِبِهَا مَعَ أَجْنَبِيٍّ بِلَا إذْنِهِ وَضَاعَتْ فِي الطَّرِيقِ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا لِصَاحِبِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِنْ رَدَّ الْمُسْتَعِيرُ الدَّابَّةَ مَعَ عَبْدِهِ أَوْ أَجِيرِهِ مُشَاهَرَةً أَوْ مَعَ عَبْدِ رَبِّهَا أَوْ أَجِيرِهِ بَرِئَ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ بِأَنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُوَقَّتَةً فَمَضَتْ مُدَّتُهَا ثُمَّ بَعَثَهَا مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَإِلَّا فَالْمُسْتَعِيرُ يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ تَنْوِيرٌ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَقَى وَشَرْحِ التَّنْوِيرِ وَالْمِنَحِ وَفَتَاوَى مُؤَيَّدِ زَادَهْ وَإِنَّمَا اسْتَشْهَدْنَا بِمَسْأَلَةِ الْمُسْتَعِيرِ لِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ ذَكَرَ فِي شَرْحِ عَارِيَّةِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَضْمَنُ فِي الْإِعَارَةِ يَضْمَنُ فِي الْإِجَارَةِ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَضْمَنُ فِي الْإِعَارَةِ لَا يَضْمَنُ فِي الْإِجَارَةِ وَيَجِبُ الْأَجْرُ. اهـ. أَمْسَكَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَتَرَكَهُ فِي دَارِ غَيْرِهِ ضَمِنَ إذْ الرَّدُّ عَلَيْهِ لَازِمٌ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَيَغْرَمُ بِالتَّرْكِ وَكَذَا تَرْكُهُ فِي دَارِ غَيْرِهِ وَغَيْبَتُهُ عَنْهُ تَضْيِيعٌ فَتَاوَى مُؤَيِّدِيَّةٌ (أَقُولُ) وَفِيهِ كَلَامٌ سَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ بَهِيمًا مِنْ صَاحِبِهِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لِيَرْكَبَهُ إلَى بَلْدَةِ كَذَا فَنَامَ فِي الطَّرِيقِ وَمِقْوَدُهُ فِي يَدِهِ فَقَطَعَهُ إنْسَانٌ وَأَخَذَ الْبَهِيمَ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّجُلِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَضَعَهَا الْمُسْتَعِيرُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَنَامَ قَاعِدًا يَبْرَأُ وَلَوْ نَامَ مُضْطَجِعًا ضَمِنَ فِي الْحَضَرِ وَإِلَّا فَلَا فُصُولَيْنِ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ مِنْ الْعَارِيَّةِ الْمُوَقَّتَةِ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ آنِفًا عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّ حُكْمَ الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ وَاحِدٌ. (سُئِلَ) فِي كَحَّالٍ مُتْقِنٍ لِحِرْفَتِهِ أَهْلٍ لَهَا أَمَرَتْهُ امْرَأَةٌ بِمُدَاوَاةِ عَيْنِهَا الرَّمِدَةِ وَكَحْلِهَا فَصَبَّ الدَّرُورَ فِي عَيْنِهَا وَلَمْ يَغْلَطْ فَزَعَمَتْ أَنَّهُ ذَهَبَ ضَوْءُهَا وَأَنَّهُ يَضْمَنُ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الْكَحَّالُ إذَا صَبَّ الدَّرُورَ فِي عَيْنِ رَجُلٍ فَذَهَبَ ضَوْءُهَا لَا يَضْمَنُ كَالْخَتَّانِ إلَّا إذَا غَلِطَ فَإِنْ قَالَ رَجُلَانِ إنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ وَهَذَا مِنْ خُرْقٍ فِعْلِهِ وَقَالَ رَجُلَانِ هُوَ أَهْلٌ لَا يَضْمَنُ فَإِنْ كَانَ فِي جَانِبِ الْكَحَّالِ وَاحِدٌ وَفِي جَانِبِ الْآخَرِ اثْنَانِ ضَمِنَ وَفِي جِنَايَاتِ مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِكَحَّالٍ دَاوِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَذْهَبَ الْبَصَرُ فَذَهَبَ لَا يَضْمَنُ مِنْ إجَارَاتِ

الْخُلَاصَةِ فِي الْحَجَّامِ صُوَرِ الْمَسَائِلِ مِنْ فَصْلِ الضَّمَانَاتِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ مِنْ نَوْعٍ فِي الْحَجَّامِ وَالْبَزَّاغِ صَبَّ الْكَحَّالُ الدَّرُورَ فِي عَيْنٍ رَمِدٍ فَذَهَبَ ضَوْءُهَا لَا يَضْمَنُ كَالْخِتَانِ إلَّا إذَا غَلِطَ فَإِنْ قَالَ رَجُلَانِ إنَّهُ أَهْلٌ وَرَجُلَانِ أَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ وَهَذَا غَلَطٌ لَا يَضْمَنُ وَإِنْ صَوَّبَهُ رَجُلٌ وَخَطَّاهُ رَجُلَانِ فَالْمُخَطِّئُ صَائِبٌ وَيَضْمَنُ. اهـ. (سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ جَمَحَتْ بِهِ وَنَفَرَتْ قَهْرًا عَلَيْهِ بِلَا تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا وَضَاعَتْ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ كَانَ يُصَلِّي فِي الصَّحْرَاءِ فَنَزَلَ عَنْ الدَّابَّةِ فَأَمْسَكَهَا فَانْفَلَتَتْ مِنْ يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهُ لَمْ يُضَيِّعْهَا عِمَادِيَّةٌ مِنْ ضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ وَكُلُّ مَوْضِعٍ تَضْمَنُ فِي الْإِعَارَةِ يَضْمَنُ فِي الْإِجَارَةِ كَمَا مَرَّ آنِفًا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو بَهِيمَةً لِيَحْمِلَهَا مِنْ مَدِينَةِ كَذَا إلَى قَرْيَتِهِ فِي يَوْمِهِ وَالْيَوْمِ الَّذِي بَعْدَهُ ذَاهِبًا وَجَائِيًا ثُمَّ يَرُدَّهَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي قَبَضَهَا فِيهِ فَحَمَلَهَا وَذَهَبَ بِهَا إلَى قَرْيَةٍ أَبْعَدَ مِنْ قَرْيَتِهِ وَأَمْسَكَهَا بَعْدَ الْيَوْمِ الثَّانِي الْمَذْكُورِ أَيَّامًا وَلَمْ يَرُدَّهَا حَتَّى نَطَحَهَا ثَوْرٌ وَجَرَحَهَا وَمَاتَتْ مِنْ الْجِرَاحَةِ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا؟ (الْجَوَابُ) : ذَكَرَ فِي التَّجْرِيدِ الْبُرْهَانِيِّ لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدُّ الدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ عَلَى الْمَالِكِ وَعَلَى الَّذِي أَجَّرَ أَنْ يَقْبِضَ مِنْ مَنْزِلِ الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ أَمْسَكَهَا وَهَلَكَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا وَلَيْسَ هَذَا كَالْعَارِيَّةِ فَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا مِنْ مَوْضِعٍ إلَى الْمِصْرِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا ذَلِكَ الْمَوْضِعَ الَّذِي قَبَضَ فِيهِ فَإِنْ أَمْسَكَهَا فِي بَيْتِهِ ضَمِنَ وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَا أَرْكَبُ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَرْجِعُ إلَى مَنْزِلِي فَلَيْسَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى مَنْزِلِ الْمُؤَجِّرِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي التَّجْرِيدِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ فِي رَدِّ الْمُسْتَأْجِرِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ (أَقُولُ) وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا رَامِزًا إلَى أَجْنَاسِ النَّاطِفِيِّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كُلُّ مَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ كَرَحَى الْيَدِ فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ رَدُّهُ لَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَمَا لَا حِمْلَ لَهُ كَثِيَابٍ وَدَابَّةٍ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدُّهُ ثُمَّ رَمَزَ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدُّهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ بَلْ عَلَيْهِ رَفْعُ الْيَدِ فَقَطْ وَحَكَى عَنْ الرَّازِيِّ يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ رَدُّهُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ لَنَا أَنَّهُ عَقْدٌ يُقْصَدُ بِهِ الْمَنْفَعَةُ بِبَدَلٍ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْعَاقِدِ رَدُّهُ بَعْدَ رَفْعِ الْيَدِ إلَخْ. اهـ. وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الرَّدَّ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فِي الْكُلِّ لِتَرْجِيحِ هَذَا الْقَوْلِ بِالِاسْتِدْلَالِ عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ عِدَّةِ كُتُبٍ مَا يُؤَيِّدُهُ وَحَيْثُ كَانَ الرَّدُّ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِالْإِمْسَاكِ بِلَا طَلَبٍ وَعَلَى هَذَا فَمَا ذَكَرَهُ عَنْ التَّجْرِيدِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَيْسَ هَذَا كَالْعَارِيَّةِ يُخَالِفُ مَا مَرَّ قَبْلَ صَفْحَةٍ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ مِنْ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ يَضْمَنُ فِي الْإِعَارَةِ يَضْمَنُ فِي الْإِجَارَةِ وَمَا لَا فَلَا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ الْمَذْكُورِ فِي الْأَجْنَاسِ أَوْ يُحْمَلَ عَلَى الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ أَمَّا الْمُقَيَّدَةُ فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْفُصُولَيْنِ فِي ضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ بِأَنَّ الْعَارِيَّةَ لَوْ مُوَقَّتَةً فَأَمْسَكَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ مَعَ إمْكَانِ الرَّدِّ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْهَا بَعْدَ الْوَقْتِ هُوَ الْمُخْتَارُ وَسَوَاءٌ تَوَقَّتَتْ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً حَتَّى إنَّ مَنْ اسْتَعَارَ قَدُومًا لِيَكْسِرَ حَطَبًا فَأَمْسَكَهُ ضَمِنَ اهـ وَقَالَ قَبْلَهُ وَلَوْ تَلِفَتْ أَيْ الْعَارِيَّةُ بَعْدَ مُضِيِّهَا ضَمِنَ فِي قَوْلِهِمْ إذَا أَمْسَكَهَا بَعْدَ الْمُضِيِّ بِلَا إذْنٍ فَصَارَ غَاصِبًا بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ إذْ مُؤْنَةُ الرَّدِّ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى الْمَالِكِ فَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ مَنْعٌ يَصِيرُ بِهِ غَاصِبًا. اهـ. (سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ الزَّرْعِ فَحَمَلَ أَكْثَرَ مِنْهُ وَهِيَ لَا تُطِيقُ فَعَطِبَتْ بِذَلِكَ فَهَلْ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ جَمِيعُ قِيمَتِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ بَابِ مَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ وَمَا لَا تَجُوزُ. (سُئِلَ) فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ رَأْسَ جُدُرِ وَقْفٍ مِنْ نَاظِرِهِ لِيَضَعَ عَلَيْهَا جُذُوعًا مُدَّةً طَوِيلَةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لَدَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّتِهَا بِحَوَادِثِهَا الشَّرْعِيَّةِ وَكَتَبَ بِهِ حُجَّةً أَفْتَى مُفْتِي مَذْهَبِهِ بِصِحَّتِهَا وَالْعَمَلِ بِمَضْمُونِهَا فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ اسْتَأْجَرَ عُلْوَ مَنْزِلٍ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ

فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَجُوزُ فِي قَوْلِهِمَا فَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ مَوْضِعُ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَ الْعُلْوُ لِرَجُلٍ وَالسُّفْلُ لِرَجُلٍ آخَرَ فَآجَرَ صَاحِبُ الْعُلْوِ مِنْ رَجُلٍ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ وَتَكُونُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَرْعَ مَسْأَلَةٍ أُخْرَى أَنَّ صَاحِبَ الْعُلْوِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُحْدِثَ فِي الْعُلْوِ شَيْئًا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ أَضَرَّ بِالسُّفْلِ أَوْ لَمْ يَضُرَّ فَإِذَا لَمْ يَمْلِكْ صَاحِبُ الْعُلْوِ إحْدَاثَ الْبِنَاءِ بِنَفْسِهِ لَمْ يَمْلِكْ التَّمْلِيكَ بِالْإِجَارَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْعُلْوُ وَالسُّفْلُ لِوَاحِدٍ فَإِنَّهُ تَجُوزُ هَذِهِ الْإِجَارَةُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا بَلْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْخِلَافِ وَإِنْ كَانَ الْعُلْوُ وَالسُّفْلُ لِوَاحِدٍ مُحِيطُ الْبُرْهَانِيٌّ فِي الْخَامِسِ مِنْ الْإِجَارَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ عَمْرًا لِيَخْدُمَهُ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ إلَى دِمَشْقَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ شَرَطَ تَعْجِيلَهَا فِي الْعَقْدِ وَقَبَضَهَا إجَارَةً صَحِيحَةً ثُمَّ خَدَمَهُ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ وَلَمْ يَسْتَخْدِمْهُ فِي بَعْضِهِ مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ مِنْ جِهَةِ الْأَجِيرِ فَهَلْ يَجِبُ الْأَجْرُ لِتَمَكُّنِ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الِانْتِفَاعِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ مِنْ زَيْدٍ جَمَلًا لِيَحْمِلَ لَهُ جَارِيَتَهُ الصَّغِيرَةَ مِنْ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ إلَى دِمَشْقَ وَجَعَلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أُجْرَةً شَاشَةَ بِنَدِيَّةٍ مُشَارًا إلَيْهَا فَرَكِبَهَا حَتَّى وَصَلَا إلَى دِمَشْقَ وَيُرِيدُ زَيْدٌ مُطَالَبَتَهُ بِدَرَاهِمَ زَائِدَةٍ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَوْ كَانَتْ ثِيَابًا أَوْ عَرُوضًا فَالشَّرْطُ فِيهِ بَيَانُ الْقَدْرِ وَالْأَجَلِ وَالصِّفَةِ إلَى إنْ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُشِرْ إلَيْهَا فَإِنْ أَشَارَ فَهِيَ كَافِيَةٌ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْقَدْرِ وَالْوَصْفِ وَالْأَجَلِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى ثَمَرَاتِ بُسْتَانٍ بَارِزَةً ثُمَّ قَالَ الْآخَرُ اعْمَلْ مَعِي وَلَك نِصْفُ رِبْحِ الثَّمَرَةِ فَعَمِلَ فِيهَا فَهَلْ تَكُونُ إجَارَةً فَاسِدَةً وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ قَالَ اعْمَلْ مَعِي فِي كَرْمِي هَذِهِ السَّنَةَ حَتَّى أُزَوِّجَك بِنْتِي فَعَمِلَ فَلَمْ يُزَوِّجْهَا مِنْهُ فَفِي وُجُوبِ الْأَجْرِ خِلَافٌ وَالْأَشْبَهُ الْوُجُوبُ وَكَذَا اُخْتُلِفَ فِيمَا لَوْ عَمِلَ بِلَا شَرْطٍ وَلَكِنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَا يَعْمَلُ إلَّا طَمَعًا فِي التَّزْوِيجِ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ اعْمَلْ مَعِي حَتَّى أَفْعَلَ فِي حَقِّك كَذَا فَأَبَى جَامِعُ الْفَتَاوَى مِنْ الْإِجَارَةِ (أَقُولُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَهُ بِنْتَه لَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةً مَعَ أَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ لِجَهَالَةِ الْمُسَمَّى أَوْ عَدَمِهِ فَيَنْبَغِي لُزُومُ أَجْرِ الْمِثْلِ بَالِغًا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ إذَا زَوَّجَهُ إنَّمَا يُزَوِّجُهُ بِالْمَهْرِ فَلَمْ يَحْصُلْ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ شَيْءٌ يَصْلُحُ بَدَلًا وَقَدَّمْنَا عَنْ الْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ آجَرْتُك دَارِي بِغَيْرِ شَيْءٍ فَهِيَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ لَا عَارِيَّةٌ أَيْ فَيَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَإِلَّا كَانَتْ عَارِيَّةً لَا إجَارَةً إذْ الْإِجَارَةُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ بَدَلٍ؛ لِأَنَّهَا بَيْعُ الْمَنَافِعِ وَلِذَا لَوْ اسْتَقْرَضَ دَرَاهِمَ وَأَسْكَنَ الْمُقْرِضَ فِي دَارِهِ بِلَا أُجْرَةٍ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ مَعْنًى كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَإِذَا لَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِعَدَمِ الْأُجْرَةِ يَكُونُ لُزُومُهُ مَعَ عَدَمِ التَّصْرِيحِ بِالْأَوْلَى كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ فَلَمْ يُزَوِّجْهَا مِنْهُ إلَخْ لَيْسَ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ زَوَّجَهُ بَلْ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِعَدَمِ تَزْوِيجِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا زَوَّجَهُ بِنْتَه لَا يَطْلُبُ الْأَجِيرُ فِي الْعَادَةِ مِنْهُ أُجْرَةً أَوْ؛ لِأَنَّهُ يُزَوِّجُهُ بِنْتَه بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ مَهْرًا غَيْرَهَا هَذَا مَا ظَهَرَ فَتَأَمَّلْهُ بِإِمْعَانِ النَّظَرِ. (سُئِلَ) فِي أَبَارِيقِ قَهْوَةٍ مِنْ نُحَاسٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو مُنَاصَفَةً اسْتَعْمَلَهَا زَيْدٌ مُدَّةً فِي غَيْبَةِ شَرِيكِهِ عَمْرٍو وَيُرِيدُ عَمْرٌو الْآنَ مُطَالَبَتَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِ حِصَّتِهِ مِنْهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ الْأَبَارِيقُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ لِقَوْلِهِ فِي التَّنْوِيرِ إلَّا فِي الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ إذَا سَكَنَهُ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ. اهـ. فَهَاهُنَا بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْفُصُولَيْنِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بِهِ دَاءٌ فِي ظَهْرِهِ اتَّفَقَ مَعَ طَبِيبٍ عَلَى مُدَاوَاتِهِ وَجَعَلَ لَهُ أُجْرَةً وَلَمْ يَضْرِبْ لَهُ مُدَّةً وَدَاوَاهُ وَيُرِيدُ الطَّبِيبُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ وَمَا أَنْفَقَهُ فِي ثَمَنِ الْأَدْوِيَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَارًا وَلَمْ يَرَهَا فَلَمَّا رَآهَا لَمْ تُعْجِبْهُ وَيُرِيدُ زَيْدٌ فَسْخَ الْإِجَارَةِ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْكَنْزِ وَالتَّنْوِيرِ مِنْ فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَعِبَارَةُ التَّنْوِيرِ تُفْسَخُ

بِخِيَارِ شَرْطٍ وَرُؤْيَةٍ اهـ وَتَوْضِيحُهُ فِي الدُّرَرِ. (سُئِلَ) فِي رَاعِي بَقَرٍ أَجِيرٍ مُشْتَرَكٍ بَعَثَ الْبَقَرَ مَعَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَصَغِيرٍ آخَرَ أَجْنَبِيٍّ عَنْهُ وَهُمَا لَا يَقْدِرَانِ عَلَى الْحِفْظِ أَصْلًا فَفُقِدَتْ وَهَلَكَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْبَقَرِ فَهَلْ يَكُونُ هَذَا تَضْيِيعًا فَيَضْمَنُ الرَّاعِي؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ وَلِلرَّاعِي أَنْ يَبْعَثَ الْأَغْنَامَ عَلَى يَدِ غُلَامِهِ أَوْ أَجِيرِهِ أَوْ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ الَّذِي فِي عِيَالِهِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ مِنْ الْحِفْظِ وَلَهُ أَنْ يَحْفَظَ بِيَدِ مَنْ فِي عِيَالِهِ فَكَانَ لَهُ الرَّدُّ بِيَدِ مَنْ فِي عِيَالِهِ كَالْمُودَعِ فَإِذَا هَلَكَ فِي حَالَةِ الرَّدِّ فَإِنْ كَانَ الرَّاعِي أَجِيرًا مُشْتَرَكًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا إنْ هَلَكَ بِأَمْرٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ يَضْمَنُ كَمَا لَوْ رَدَّ بِنَفْسِهِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فِي حَالَةِ الرَّدِّ وَإِنْ كَانَ الرَّاعِي أَجِيرًا خَاصًّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا لَوْ رَدَّ بِنَفْسِهِ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فِي حَالَةِ الرَّدِّ وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ الرَّادُّ كَبِيرًا يَقْدِرُ عَلَى الْحِفْظِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ صَغِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْحِفْظِ يَكُونُ هَذَا تَضْيِيعًا وَالْأَجِيرُ يَضْمَنُ بِالتَّضْيِيعِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ فِي عِيَالِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ كَانَ الرَّدُّ بِيَدِهِ وَبِيَدِ أَجْنَبِيٍّ سَوَاءً وَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بِيَدِ أَجْنَبِيٍّ فَكَذَا بِيَدِ مَنْ لَيْسَ فِي عِيَالِهِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ ضَمَانِ الرَّاعِي وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو حِمْلًا لِيَحْمِلَهُ لَهُ مِنْ دِمَشْقَ إلَى قَرْيَةِ كَذَا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَعَيَّنَ لَهُ الرُّفْقَةَ فَذَهَبَ عَمْرٌو وَحْدَهُ وَالطَّرِيقُ مَخُوفٌ لَا يَسْلُكُهُ النَّاسُ إلَّا بِالرُّفْقَةِ فَفِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ خَرَجَ عَلَيْهِ قُطَّاعُهُ وَأَخَذُوا الْحِمْلَ مِنْهُ فَهَلْ يَضْمَنُ عَمْرٌو الْحِمْلَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فَإِنْ عَيَّنَ الرُّفْقَةَ فَذَهَبَ بِغَيْرِ الرُّفْقَةِ إنْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا لَا يَسْلُكُهُ النَّاسُ إلَّا بِالرُّفْقَةِ يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَخُوفًا وَيَسْلُكُهُ كُلُّ وَاحِدٍ بِغَيْرِ الرُّفْقَةِ لَا يَضْمَنُ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ إلَى عَمْرٍو الْمُكَارِي أَمْتِعَةً لِيَحْمِلَهَا إلَى مَكَان مَعْلُومٍ بِأُجْرَةِ كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَأُخْبِرَ عَمْرٌو أَنَّ فِي الطَّرِيقِ لُصُوصًا فَلَمْ يَلْتَفِتْ وَسَارَ فِي الطَّرِيقِ حَتَّى أَخَذَتْ اللُّصُوصُ الْأَمْتِعَةَ وَالْحَالُ أَنَّ النَّاسَ لَا يَسْلُكُونَ هَذَا الطَّرِيقَ مَعَ هَذَا الْخَبَرِ فَهَلْ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ يَضْمَنُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ فَأُخْبِرَ أَنَّ فِي الطَّرِيقِ لُصُوصًا فَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى ذَلِكَ وَذَهَبَ وَأَخَذَهُ اللُّصُوصُ إنْ كَانَ النَّاسُ يَسْلُكُونَ هَذَا الطَّرِيقَ مَعَ هَذَا الْخَبَرِ بِدَوَابِّهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فَلَا ضَمَانَ وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّهُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ لَيْسَ بِمُضَيَّعٍ وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي مُضَيِّعٌ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ 32 فِي أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ فِي إجَارَةِ الدَّوَابِّ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو الْقَرَوِيِّ دَوَابَّ لَهُ لِيَرْعَاهَا فِي مَحَلِّ الرَّعْيِ وَيَحْفَظَهَا عَلَى الْمُعْتَادِ بِنَفْسِهِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَرَعَاهَا مُدَّةً ثُمَّ تَرَكَهَا تَرْعَى وَحْدَهَا مِنْ غَيْرِ حَافِظٍ حَتَّى ضَاعَ مِنْهَا اثْنَانِ بِتَفْرِيطِهِ وَتَقْصِيرِهِ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ وَفِي مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ لَا ضَمَانَ عَلَى الْأَجِيرِ الْخَاصِّ فِيمَا تَلِفَ فِي يَدِهِ وَلَا مَا تَلِفَ فِي عَمَلِهِ مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا بِخِلَافِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إذَا حَصَلَ الْهَلَاكُ بِفِعْلِهِ وَفِي التَّجْرِيدِ الْبُرْهَانِيِّ الْأَجِيرُ الْخَاصُّ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي مِنَحٌ وَالْمُتَعَدِّي هُوَ الَّذِي يَفْعَلُ الْوَدِيعَةِ مَا لَا يَرْضَى بِهِ الْمُودِعُ عِنَايَةٌ. اهـ. مِنْ الْأَنْقِرْوِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ نَاظِرِ وَقْفٍ أَرْضَ بُسْتَانِ الْوَقْفِ بَعْدَمَا سَاقَاهُ النَّاظِرُ عَلَى الْأَشْجَارِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ عَلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ إجَارَةً وَمُسَاقَاةً صَحِيحَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ قَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ وَعَقْدِهَا فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَتَبْطُلُ الْمُسَاقَاةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَالزَّرْعُ يَقِلُّ وَأَرَادَ الْمُؤَجِّرُ أَنْ يَسُوقَ شِرْبَ الْأَرْضِ إلَى أَرْضٍ أُخْرَى لَيْسَ لَهَا شِرْبٌ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ فِي النَّهْرِ فَهَلْ يَتْرُكُ الزَّرْعَ فِي الْأَرْضِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى أَنْ يُدْرِكَ وَلَيْسَ لَهُ إخْرَاجُ الشِّرْبِ إلَى غَيْرِهَا وَالشِّرْبُ فِي الْإِجَارَةِ تَبَعٌ لِلْأَرْضِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَتْرُكُ الزَّرْعَ فِي الْأَرْضِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى أَنْ يُدْرِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ نِهَايَةً

مَعْلُومَةً فَأَمْكَنَ رِعَايَةُ الْجَانِبَيْنِ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ وَالْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهَا وَالشِّرْبُ فِي الْإِجَارَةِ يَتْبَعُ الْأَرْضَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْأَرْضِ لَا يَتِمُّ بِدُونِهِ فَلَمْ تَجُزْ إجَارَةُ الشِّرْبِ مَعَ أَرْضٍ أُخْرَى كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الثَّالِثِ فِي كِتَابِ الشِّرْبِ وَفِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ مِنْ بَابِ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا وَلَا يَدْخُلُ الشِّرْبُ وَالطَّرِيقُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ وَالدَّارِ إلَّا بِذِكْرِ الْحُقُوقِ وَيَدْخُلَانِ فِي الْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْوَقْفِ وَالْقِسْمَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ. اهـ. وَفِي الْهِدَايَةِ فِي فَصْلِ الدَّعْوَى فِي الشِّرْبِ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِي النَّهْرِ الْخَاصِّ أَنْ يَسُوقَ شِرْبَهُ إلَى أَرْضٍ لَهُ أُخْرَى لَيْسَ لَهَا فِي ذَلِكَ شِرْبٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَقَادَمَ الْعَهْدُ يَسْتَدِلُّ بِهِ أَنَّهُ حَقُّهُ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْمُتُونِ. (سُئِلَ) فِي بَيْتٍ مَوْقُوفٍ سَكَنَهُ زَيْدٌ بِلَا عَقْدِ إجَارَةٍ شَرْعِيٍّ مُدَّةً بَلْ كَانَ يُعْطِي أُجْرَةَ كُلِّ شَهْرٍ فِيهِ بِحِسَابِهِ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ آجَرَهُ النَّاظِرُ مِنْ عَمْرٍو بِزِيَادَةٍ مُعْتَبَرَةٍ مُدَّةَ سَنَةٍ ابْتِدَاؤُهَا غُرَّةَ مُحَرَّمٍ سَنَةَ كَذَا بَعْدَ انْتِهَاءِ ذِي الْحِجَّةِ الَّذِي كَانَ زَيْدٌ دَفَعَ أُجْرَتَهُ بِالتَّعَاطِي لِلنَّاظِرِ وَيَزْعُمُ زَيْدٌ أَنَّهُ أَحَقُّ بِقَبُولِ الزِّيَادَةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ لَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَأْجِرًا تِلْكَ الْمُدَّةَ الْمَزْبُورَةَ (أَقُولُ) صَرَّحَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي أَوَاخِرِ بَابِ الْفَسْخِ بِجَوَازِ الْإِجَارَةِ بِالتَّعَاطِي وَفِي الْأَشْبَاهِ السُّكُوتُ فِي الْإِجَارَةِ رِضًا وَقَبُولٌ وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَأْجِرًا تِلْكَ الْمُدَّةَ فِيهِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُرَادَ الْمُدَّةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي أَجَّرَهَا النَّاظِرُ مِنْ عَمْرٍو وَعَلَيْهِ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْإِجَارَةَ الثَّانِيَةَ صَحِيحَةٌ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ أَحَقَّ وَقَدْ تَوَقَّفْت فِيمَا مَرَّ فِي أَنَّ عَرْضَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ هَلْ هُوَ لَازِمٌ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ مِنْ غَيْرِهِ قَبْلَ الْعَرْضِ عَلَيْهِ أَوْ هُوَ عَلَى سَبِيلِ الْأَوْلَوِيَّةِ فَلَا يَقْتَضِي ذَلِكَ وَلَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِهِ فِي كَلَامِهِمْ فَلْيُرَاجَعْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ دَابَّةَ عَمْرٍو لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا كَذَا مِنْ الْحِنْطَةِ إلَى مَكَانِ كَذَا فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ حَدِيدًا بِدُونِ إذْنِ عَمْرٍو فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ وَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ وَيُرِيدُ عَمْرٌو أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً أَوْ شَعِيرًا بِوَزْنٍ مَعْلُومٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا لَبَنًا أَوْ حَدِيدًا بِمِثْلِ ذَلِكَ الْوَزْنِ يَضْمَنُ لِأَنَّ الْحَدِيدَ وَاللَّبَنَ يَكُونُ أَدَقَّ لِظَهْرِ الدَّابَّةِ عِمَادِيَّةٌ فِي رَدِّ الْمُسْتَأْجِرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَحْرَقَ حَصَائِدَ أَرْضٍ مُسْتَعَارَةٍ بِقُرْبِ حِنْطَةِ زَيْدٍ حَالَ اضْطِرَابِ الرِّيَاحِ وَسَرَتْ النَّارُ إلَى الْحِنْطَةِ وَأَحْرَقَتْهَا وَكَانَتْ الرِّيَاحُ وَقْتَ الْإِحْرَاقِ يَذْهَبُ مِثْلُهَا بِمِثْلِ تِلْكَ النَّارِ إلَى الْحِنْطَةِ فَهَلْ يَضْمَنُ مِثْلَهَا لِزَيْدٍ حَيْثُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْمِثْلُ بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَحْرَقَ حَصَائِدَ أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ أَوْ مُسْتَعَارَةٍ فَاحْتَرَقَ شَيْءٌ مِنْ أَرْضِ غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ إنْ لَمْ تَضْطَرِبْ الرِّيَاحُ فَلَوْ كَانَتْ مُضْطَرِبَةً ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ فَيَكُونُ مُبَاشِرًا شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ شَتَّى الْإِجَارَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو آلَاتِ لَهْوٍ وَلَعِبٍ يُسَمُّونَهَا بِالْمَنَاقِلِ وَالطَّابِ وَالدَّكِّ لِأَجْلِ اللَّعِبِ بِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً فَهَلْ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ الْمَنَافِعُ مُبَاحَةَ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنْ كَانَتْ مَحْظُورَةَ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ تَجُزْ الْإِجَارَةُ وَقَالَ فِي الْمُلْتَقَى بَعْدَ ذِكْرِهِ كَسْرَ آلَةِ اللَّهْوِ وَيَصِحُّ بَيْعُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَقَالَا لَا يَضْمَنُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ. قَالَ فِي الْكَافِي لَهُمَا أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ أُعِدَّتْ لِلْمَعْصِيَةِ فَبَطَلَ تَقَوُّمُهَا كَالْخَمْرِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا لِكَثْرَةِ الْفَسَادِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ. اهـ. وَالْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ أَخَوَانِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ (أَقُولُ) وَفِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ وَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِعَسْبِ التَّيْسِ وَالْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ وَالْمَلَاهِي اهـ أَيْ كَالْمَزَامِيرِ وَالطَّبْلِ فَإِنْ كَانَ الطَّبْلُ لِغَيْرِ اللَّهْوِ كَطَبْلِ الْغُزَاةِ وَالْعُرْسِ وَالْقَافِلَةِ يَجُوزُ كَمَا فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلْأَتْقَانِيِّ. (سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ بُسْتَانٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِ عَلَيْهِ انْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ وَمَضَى بَعْدَهَا مُدَّةٌ أُخْرَى وَهُوَ وَاضِعٌ يَدَهُ عَلَى الْبُسْتَانِ مِنْ

غَيْرِ عَقْدِ إجَارَةٍ وَلَا إذْنٍ مِنْ مُؤَجِّرِهِ الْمَذْكُورِ وَيَمْتَنِعُ مِنْ تَسْلِيمِ الْبُسْتَانِ زَاعِمًا أَنَّ لَهُ فِيهِ قِيمَةً وَحَرْثًا فِي بَعْضِهِ وَيُكَلِّفُ الْمُؤَجِّرَ بِشِرَاءِ الْقِيمَةِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَالْحَالُ أَنَّ ذَلِكَ وَاقِعٌ فِي الْمُدَّةِ الْخَالِيَةِ عَنْ الْعَقْدِ وَالْإِذْنِ وَقَدْ اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ الْبُسْتَانِ فِيهَا فَهَلْ يُؤْمَرُ الْمُسْتَأْجِرُ بِتَسْلِيمِ الْبُسْتَانِ لِلْمُؤَجِّرِ وَيَرْفَعُ قِيمَتَهُ وَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي اسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا وَلَا يُجْبَرُ الْمُؤَجِّرُ عَلَى شِرَاءِ الْقِيمَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) أَطْلَقَ فِي لُزُومِ الْمُسْتَأْجِرِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَنْ الْمُدَّةِ الْخَالِيَةِ عَنْ الْعَقْدِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ الْبُسْتَانُ وَقْفًا أَوْ لِيَتِيمٍ أَوْ أَعَدَّهُ مَالِكُهُ لِلِاسْتِغْلَالِ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أُجْرَتُهُ عَنْ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِلَّا فَإِنْ تَقَاضَاهُ الْمَالِكُ بِالْأُجْرَةِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ بَعْدَ التَّقَاضِي وَاسْتَغَلَّهُ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي بَابِ الْفَسْخِ وَفِي الْخَانِيَّةِ اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ أَرْضًا شَهْرًا فَسَكَنَ شَهْرَيْنِ هَلْ يَلْزَمُهُ أَجْرُ الشَّهْرِ الثَّانِي؟ إنْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ نَعَمْ وَإِلَّا لَا. بِهِ يُفْتَى قُلْت فَكَذَا الْوَقْفُ وَمَالُ الْيَتِيمِ وَكَذَا لَوْ تَقَاضَاهُ الْمَالِكُ وَطَالَبَهُ بِالْأَجْرِ فَسَكَنَ يَلْزَمُهُ بِسُكْنَاهُ بَعْدَهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا آجَرَ زَيْدٌ حَانُوتَهُ الْمَعْلُومَةَ مِنْ عَمْرٍو مُدَّةَ تِسْعِ سِنِينَ بِأُجْرَةٍ قَدْرُهَا عَنْ كُلِّ سَنَةٍ قِرْشَانِ وَمَضَى بَعْضُ الْمُدَّةِ فَلَزِمَ زَيْدًا دُيُونٌ لِأَرْبَابِهَا ثَابِتَةٌ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ الْحَانُوتِ وَيُرِيدُ فَسْخَ الْإِجَارَةِ لِيَبِيعَهَا لِوَفَاءِ دُيُونِهِ الثَّابِتَةِ عَلَيْهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَتُفْسَخُ بَعْدَ لُزُومِ دَيْنٍ سَوَاءٌ كَانَ ثَابِتًا بِعِيَانٍ مِنْ النَّاسِ أَوْ بَيَانٍ أَيْ بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَالْحَالُ أَنْ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ أَيْ الْمُسْتَأْجَرَ؛ لِأَنَّهُ يُحْبَسُ بِهِ فَيَتَضَرَّرُ إلَّا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ الْمُعَجَّلَةُ تَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهَا أَشْبَاهٌ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ (فُرُوعٌ) إذَا قَطَعَ الْآجِرُ مِنْ أَشْجَارِ الضِّيَاعِ الْمُسْتَأْجَرَةِ شَجَرَةً فَلِلْمُسْتَأْجِرِ حَقُّ الْفَسْخِ إنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ مَقْصُودَةً ذَخِيرَةٌ مِنْ الْفَصْلِ 14 فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِالْعُذْرِ. الْمُسْتَأْجِرُ إذَا أَخَذَ مِنْهُ الْجِبَايَةَ الرَّاتِبَةَ عَلَى الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ يَرْجِعُ عَلَى الْآجِرِ وَكَذَا الْأَكَّارُ فِي الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. الْمُسْتَأْجِرُ إذَا عَمَّرَ فِي الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ عِمَارَاتٍ بِإِذْنِ الْآجِرِ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ صَرِيحًا وَكَذَا الْقَيِّمُ فِي التَّنُّورِ وَالْبَالُوعَةِ لَا يَرْجِعُ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ إلَّا بِشَرْطِ الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ الْعِمَارَةَ لِإِصْلَاحِ مِلْكِهِ وَصِيَانَةِ دَارِهِ عَنْ الِاخْتِلَالِ فَرَضِيَ بِالْإِنْفَاقِ بِخِلَافِ التَّنُّورِ وَالْبَالُوعَةِ فَإِنَّهُمَا لِمَصْلَحَةِ الْمُسْتَأْجِرِ قُنْيَةٌ حَتَّى لَوْ قَالَ لَهُ الْآجِرُ ابْنِ تَنُّورًا وَاحْسِبْهُ مِنْ الْأُجْرَةِ يَرْجِعُ وَلَوْ قَالَ ابْنِ تَنُّورًا لَا يَرْجِعُ قَيِّمُ الْوَقْفِ إذَا أَنْفَقَ فِي عِمَارَةِ الْوَقْفِ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَإِلَّا فَلَا بِخِلَافِ الْوَصِيِّ إذَا اشْتَرَى لِلْيَتِيمِ أَوْ قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ أَوْ نَفَّذَ وَصِيَّةً فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا شَرَطَ الرُّجُوعَ أَوْ لَا وَالْوَارِثُ كَالْوَصِيِّ كَذَا فِي الْفُصُولِ مِنْ السَّابِعِ. أُجْرَةُ الْأَدِيبِ وَالْخِتَانِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَعَلَى أَبِيهِ وَأُجْرَةُ الْقَابِلَةِ عَلَى مَنْ دَعَاهَا مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَلَا يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى اسْتِئْجَارِ الْقَابِلَةِ؛ لِأَنَّهَا كَالطَّبِيبِ وَلَا يَجِبُ أَجْرُ الطَّبِيبِ عَلَيْهِ قُنْيَةٌ. سُئِلَ الْعَلَّامَةُ الْحَانُوتِيُّ فِيمَنْ جَعَلَ لَهُ الْوَاقِفُ السُّكْنَى هَلْ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ. وَإِذَا آجَرَ هَلْ تَكُونُ الْأُجْرَةُ لَهُ أَمْ لِلْوَقْفِ فَأَجَابَ مَنْ لَهُ السُّكْنَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ إلَّا بِطَرِيقِ الْعَارِيَّةِ دُونَ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا تُوجِبُ حَقًّا لِلْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ ضَيْفٍ أَضَافَهُ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا تُوجِبُ حَقًّا لِلْمُسْتَأْجِرِ وَهُوَ لَمْ يَشْرُطْهُ هَذَا مَا قَالُوهُ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ يَكُونُ غَاصِبًا بِإِجَارَتِهِ وَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ أَجَّرَ الْمَغْصُوبَ تَكُونُ الْأُجْرَةُ لَهُ لَكِنْ لَا تَطِيبُ لَهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَتَصَدَّقُ بِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَرُدُّهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَهَذَا نَظِيرُ مَا إذَا تَوَلَّى النَّاظِرُ وَلَمْ تَصِحَّ تَوْلِيَتُهُ وَآجَرَ تَكُونُ الْأُجْرَةُ لَهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. اهـ. وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ أَيْضًا الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْحَائِكُ الْمُفْتِي وَفِي إجَارَةِ الْقُنْيَةِ وَلَوْ غَابَ الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ السَّنَةِ وَلَمْ يُسَلِّمْ الْمِفْتَاحَ إلَى الْآجِرِ فَلَهُ أَنْ يَتَّخِذَ لَهُ مِفْتَاحًا آخَرَ وَلَوْ آجَرَهُ مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ جَازَ اهـ قَالَ فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ

مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَقَدْ صَارَتْ حَادِثَةَ الْفَتْوَى مَضَتْ الْمُدَّةُ وَغَابَ الْمُسْتَأْجِرُ وَتَرَكَ مَتَاعَهُ فِي الدَّارِ فَأَفْتَيْت بِأَنَّ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ الدَّارَ وَيَسْكُنَ فِيهَا وَأَمَّا الْمَتَاعُ فَيَجْعَلُهُ فِي نَاحِيَةٍ إلَى أَنْ يَحْضُرَ صَاحِبُهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ الْفَتْحُ عَلَى إذْنِ الْقَاضِي أَخْذًا مِمَّا فِي الْقُنْيَةِ. اهـ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا بَغْلٌ وَلِلْآخَرِ بَعِيرٌ اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يُؤَاجِرَا ذَلِكَ فَمَا رَزَقَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْأَجْرِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ فَاسِدَةً مُحِيطُ الْبُرْهَانِيِّ وَيُقْسَمُ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَجْرِ مِثْلِ الْبَغْلِ وَالْبَعِيرِ كَمَا فِي بَيْعِ الْعَيْنِ يُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْعَيْنِ وَلَوْ تَقَبَّلَا حَمُولَةَ تَاجِرٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يُؤَاجِرْ الْبَغْلَ وَالْبَعِيرَ وَحَمَلَا عَلَى الْبَغْلِ وَالْبَعِيرِ اللَّذَيْنِ أَضَافَا عَقْدَ الشَّرِكَةِ إلَيْهِمَا كَانَ الْأَجْرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى قَدْرِ أَجْرِ مِثْلِهِمَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ قَاضِي خَانْ مِنْ الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ. إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّ اسْمَهُ عَارِيَّةٌ لِفُلَانٍ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي ذَلِكَ كَانَ اعْتِرَافًا مِنْهُ بِأَنَّ الْعَاقِدَ وَكِيلٌ عَنْ الْمُقَرِّ لَهُ فِي ذَلِكَ وَحَيْثُ عُلِمَ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَحُقُوقُ الْعَقْدِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِالْأُجْرَةِ وَتَوَجُّهِ الْخُصُومَةِ إنَّمَا هِيَ لِمَنْ بَاشَرَ الْعَقْدَ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُتُونُ وَالشُّرُوحُ مِنْ أَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ فِي الْإِجَارَةِ تَرْجِعُ لِلْوَكِيلِ وَإِنْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْإِجَارَةِ لَيْسَ لَهُ قَبْضُ الْأُجْرَةِ وَصَرَّحُوا بِأَنَّ الْوَكِيلَ لَوْ بَاعَ وَغَابَ لَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ قَبْضُ الثَّمَنِ كَمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ وَفِي فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ سُئِلَ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ حَمَّامًا وَقْفًا مِنْ نَاظِرِهِ مُدَّةً ثُمَّ قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّتِهِ اسْتَأْجَرَ جِهَاتِ الْوَقْفِ جَمِيعَهَا شَخْصٌ آخَرُ وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ الْحَمَّامُ الْمَذْكُورَةُ ثُمَّ إنَّ مُسْتَأْجِرَ الْحَمَّامِ تَصَادَقَ هُوَ وَمُسْتَأْجِرُ جَمِيعِ جِهَاتِ الْوَقْفِ أَنَّ الْحَمَّامَ جَارِيَةٌ فِي إيجَارِ مَنْ اسْتَأْجَرَ الْجَمِيعَ وَحَكَمَ بِالتَّصَادُقِ حَنَفِيٌّ فَهَلْ التَّصَادُقُ وَالْحُكْمُ بِهِ مُبْطِلٌ لِإِيجَارِهِ مُثْبِتٌ لِإِيجَارِ مَنْ اسْتَأْجَرَ الْجَمِيعَ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : التَّصَادُقُ الصَّادِرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ صَحِيحٌ نَفَذَتْ بِهِ الْإِجَارَةُ الثَّانِيَةُ وَالْحُكْمُ بِهِ صَحِيحٌ أَيْضًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَكَتَبَ تَحْتَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْحَنْبَلِيُّ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ سَيِّدُنَا الشَّيْخُ وَاضِعُ خَطِّهِ أَعْلَاهُ نَفَعَ اللَّهُ تَعَالَى بِعُلُومِهِ حَيْثُ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِالتَّصَادُقِ الْمَذْكُورِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ وَقَدْ أَفْتَى الْمُرْشِدِيُّ بِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ بِالتَّصَادُقِ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ جَوَابِهِ ضِمْنَ سُؤَالٍ مَسْطُورٍ فِي الْكَازَرُونِيِّ مِنْ الْإِجَارَةِ فَرَاجِعْهُ آجَرَ دَارِهِ وَبَيْتًا مِنْهَا فِي إجَارَةِ الْغَيْرِ جَازَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا وَرَاءَ الْبَيْتِ مَجْمَعُ الْفَتَاوَى. اسْتَأْجَرَ الْحَمَّامِيُّ حَلَّاقًا أَوْ دَلَّاكًا لِيَحْلِقَ مَنْ دَخَلَ حَمَّامَهُ أَوْ يُدَلِّكَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَشْرَعَ فِي الْعَمَلِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ كَمَنْ اسْتَأْجَرَ حَلَّاجًا أَوْ نَسَّاجًا لِلْحَلْجِ أَوْ النَّسْجِ وَلَا قُطْنَ لَهُ وَلَا غَزْلَ لَهُ لَا يَجُوزُ وَكَذَا الْقَزَّازُ الَّذِي يَسْتَخْرِجُ الْقَزَّ لِعَامَّةِ النَّاسِ إذَا هَيَّأَ حَانُوتَهُ وَاسْتَأْجَرَ أُجَرَاءَ مُدَّةً مَعْلُومَةً لِيَقْعُدَ عِنْدَ الطَّسْتِ وَيَسْتَخْرِجَ الْقَزَّ أَوْ الْخَيَّاطُ هَيَّأَ دُكَّانَهُ لِيَعْمَلَ الْخِيَاطَةَ لِلْعَامَّةِ وَالْخَفَّافُ وَنَحْوُهُمْ إذَا اسْتَأْجَرُوا أُجَرَاءَ مُدَّةً مَعْلُومَةً لِهَذِهِ الْأَعْمَالِ لَمْ يَجُزْ لِمَا مَرَّ وَالْأَصْلُ أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى عَمَلٍ فِي مَحَلٍّ لَيْسَ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ وَتَمَامُهُ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حِنْطَةً مِنْ مَكَان إلَى مَنْزِلِهِ إلَى اللَّيْلِ فَرَكِبَهَا فِي الرُّجُوعِ فَعَطِبَتْ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا لِلْعَادَةِ فِي الرُّكُوبِ فَيَكُونُ هَذَا إذْنًا دَلَالَةً وَبِهِ نَأْخُذُ مُلْتَقَطٌ وَإِذَا اكْتَرَى دَارًا سَنَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَلَمَّا انْقَضَتْ السَّنَةُ قَالَ رَبُّ الدَّارِ لَلْمُكْتَرِي إنْ فَرَّغْتَهَا الْيَوْمَ وَإِلَّا فَهِيَ عَلَيْك كُلُّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ يَلْزَمُهُ وَيُسْتَحْسَنُ أَنْ يَجْعَلَ مِقْدَارَ مَا يَنْقُلُ مَتَاعَهُ عَنْهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا. وَنَحْوُهُ عَنْ مُحَمَّدٍ مُلْتَقَطٌ الْأَبُ إذَا اسْتَأْجَرَ ابْنَهُ الْبَالِغَ فَعَمِلَ الِابْنُ لَا أَجْرَ لَهُ وَإِنْ اسْتَأْجَرَ الِابْنُ أَبَاهُ لِلْخِدْمَةِ لَا يَجُوزُ فَإِنْ عَمِلَ الْأَبُ كَانَ لَهُ الْأَجْرُ وَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا خَانِيَّةٌ اسْتَأْجَرَ امْرَأَتَهُ لِلْخِدْمَةِ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَمَةَ الْغَيْرِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَتْ الزَّوْجَ لِخِدْمَتِهَا جَازَ فِي الظَّاهِرِ وَعَنْ أَبِي عِصْمَةَ أَنَّهُ بَاطِلٌ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ نَوْعِ الْمُتَفَرِّقَاتِ

كتاب الإكراه

أَجَّرَ الْمَالِكُ مِلْكَهُ ثُمَّ وَقَفَهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَدْرَسَةِ أَوْ الْمَسْجِدِ فِي الْمُدَّةِ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ لِانْتِقَالِهِ إلَى مَصْرِفٍ آخَرَ فَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى آخَرَ إجَارَةً وَلَهُ أَنْ يُجَدِّدَ عَقْدَ الْإِجَارَةِ مَعَ الْأَوَّلِ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ فَصْلٍ فِيمَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْإِجَارَةُ. [كِتَابُ الْإِكْرَاهِ] (كِتَابُ الْإِكْرَاهِ) (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَرَوِيٍّ ضَرَبَ زَوْجَتَهُ وَهُوَ فِي قَرْيَتِهِ ضَرْبًا مُتْلِفًا حَتَّى تُبْرِئَهُ مِنْ مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا الْمَعْلُومِ لَهَا عَلَيْهِ فَأَبْرَأَتْهُ لِذَلِكَ وَمَرِضَتْ بِسَبَبِ الضَّرْبِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ الْمَزْبُورُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ خَوَّفَهَا الزَّوْجُ بِالضَّرْبِ حَتَّى وَهَبَتْ مَهْرَهَا لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ إنْ قَدَرَ الزَّوْجُ عَلَى الضَّرْبِ، ذَكَرَهُ فِي الْكَنْزِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى. (سُئِلَ) فِي ذِي شَوْكَةٍ أَحْضَرَ زَيْدًا وَضَرَبَهُ ضَرْبًا شَدِيدًا وَهَدَّدَهُ بِالْقَتْلِ عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ كَفِيلُ ابْنِ أَخِيهِ عَمْرٍو بِمَالٍ قَدْرُهُ كَذَا بِذِمَّتِهِ لِذِي الشَّوْكَةِ وَعَلِمَ زَيْدٌ بِدَلَالَةِ الْحَالِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُقِرَّ بِذَلِكَ لَهُ يُوقِعُ بِهِ الْقَتْلَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْإِيقَاعِ فَأَقَرَّ زَيْدٌ بِذَلِكَ خَوْفًا مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ مَا ذُكِرَ لَمْ يَصِحَّ الْإِقْرَارُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ الْمَوَاضِعَ الَّتِي تَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ عِشْرُونَ كَمَا نَقَلَهُ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ مِنْ الطَّلَاقِ وَهَذِهِ لَيْسَتْ مِنْهَا وَقَالَ فِي كِتَابِ الْإِكْرَاهِ: فَلَوْ أُكْرِهَ بِقَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ شَدِيدٍ حَتَّى بَاعَ أَوْ اشْتَرَى أَوْ أَقَرَّ أَوْ آجَرَ فُسِخَ أَوْ مَضَى اهـ وَقَدْ أَفْتَى بِعَدَمِ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ كَرْهًا الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحِيمِ اللُّطْفِيُّ كَمَا هُوَ مَسْطُورٌ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ كِتَابِ الْإِكْرَاهِ فَرَاجِعِهَا، غَايَةُ مَا هُنَا أَنَّ مَا أَفْتَى بِهِ فِي إنْشَاءِ الْكَفَالَةِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا إقْرَارٌ بِالْكَفَالَةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ خَوَّفَ زَوْجَتَهُ بِالضَّرْبِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى وَهَبَتْ مُؤَخَّرَ مَهْرِهَا مِنْهُ فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ خَوَّفَهَا الزَّوْجُ بِالضَّرْبِ حَتَّى وَهَبَتْ مَهْرَهَا لَمْ تَصِحَّ الْهِبَةُ إنْ قَدَرَ عَلَى الضَّرْبِ تَنْوِيرٌ مِنْ الْإِكْرَاهِ وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا فُقِدَ لِهِنْدٍ أَمْتِعَةٌ وَاتَّهَمَتْ زَيْدًا بِهَا وَأَكْرَهَتْهُ وَهَدَّدَتْهُ بِالْحُكَّامِ وَبِإِخْبَارِهِمْ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقِرَّ لَهَا بِمَبْلَغٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَعَلِمَ زَيْدٌ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ أَوْقَعَتْ بِهِ مَا هَدَّدَتْهُ بِهِ لِقُدْرَتِهَا عَلَيْهِ وَأَنَّ الْحَاكِمَ مِمَّنْ يَأْخُذُ بِمُجَرَّدِ الْكَلَامِ وَيُوَصِّلُ الْأَذِيَّةَ لَهُ بِقَوْلِهَا فَدَفَعَ لَهَا بَعْضَ الْمَبْلَغِ خَوْفًا مِنْ ذَلِكَ وَكَتَبَ لَهَا الْبَاقِيَ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّهُ بِذِمَّتِهِ إقْرَارًا كَذِبًا فَهَلْ يَكُونُ الْإِقْرَارُ الْمَزْبُورُ غَيْرَ صَحِيحِ وَلِزَيْدٍ الرُّجُوعُ عَلَى هِنْدٍ بِمَا دَفَعَهُ لَهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَنَقَلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْإِكْرَاهِ مُفَصَّلَةً وَكَذَا فِي غَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَبْلَغٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ بِذِمَّةِ جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ بِمُوجِبِ مُسْتَنَدَاتٍ بِيَدِهِ وَبَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَأَمَرَهُ حَاكِمُ سِيَاسَةٍ ذُو شَوْكَةٍ بِأَنْ يُبْرِئَهُمْ مِنْ الْمَبْلَغِ وَأَخَذَ مُسْتَنِدَاتِهِ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ بَعْدَمَا هَدَّدَهُ بِالْحَبْسِ، وَالْوَضْعِ فِي الزِّنْجِيرِ الْحَدِيدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ غَمًّا يُعْدِمُ الرِّضَى وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ وَعَلِمَ زَيْدٌ بِدَلَالَةِ الْحَالِ أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يُبْرِئْهُمْ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ مَا ذُكِرَ يَكُونُ الْإِبْرَاءُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لَا يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ إبْرَاؤُهُ مَدْيُونَهُ أَوْ إبْرَاؤُهُ كَفِيلَهُ بِنَفْسٍ أَوْ مَالٍ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ لَا تَصِحُّ مَعَ الْهَزْلِ وَكَذَا لَوْ أَكْرَهَ الشَّفِيعَ أَنْ يَسْكُتَ عَنْ طَلَبِ الشُّفْعَةِ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَقَرَّ لِآخَرَ بِمَالٍ بَعْدَ أَنْ أُكْرِهَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ ذِي شَوْكَةٍ إكْرَاهًا مُعْتَبَرًا فَهَلْ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْخَيْرِيَّةِ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ مَعَ الْإِكْرَاهِ بِالْإِجْمَاعِ اهـ إقْرَارُ الْمُكْرَهِ بَاطِلٌ إلَّا إذَا أَقَرَّ السَّارِقُ مُكْرَهًا فَقَدْ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِصِحَّتِهِ كَذَا فِي سَرِقَةِ الظَّهِيرِيَّةِ أَشْبَاهٌ مِنْ الْإِقْرَارِ. (سُئِلَ) فِيمَنْ آجَرَ أَرْضَهُ بِالْإِكْرَاهِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا وَيُرِيدُ الْآنَ فَسْخَ الْإِجَارَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدَّارِ الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ كَبَيْعِهِ

وَشِرَائِهِ وَإِجَارَتِهِ وَصُلْحِهِ وَإِبْرَائِهِ مَدْيُونَهُ أَوْ كَفِيلَهُ وَهِبَتِهِ فَإِنَّهُ إذَا أُكْرِهَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا بِأَحَدِ نَوْعَيْ الْإِكْرَاهِ خُيِّرَ الْفَاعِلُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ إنْ شَاءَ أَمْضَاهُ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ مُطْلَقًا بِعَدَمِ الرِّضَا، وَالرِّضَا شَرْطُ صِحَّةِ هَذِهِ الْعُقُودِ فَتَفْسُدُ بِفَوَاتِهِ. . . إلَخْ اهـ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ وَكَّلَتْ بَعْلَهَا فِي بَيْعِ دَارِهَا بِالْإِكْرَاهِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا فَبَاعَ الْوَكِيلُ دَارَهَا مِنْ رَجُلٍ وَتُرِيدُ الْمَرْأَةُ الْآنَ أَخْذَ الدَّارِ وَرَفْعَ يَدِ الرَّجُلِ عَنْهَا بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ شَرْعًا فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي السِّرَاجِيَّةِ أُكْرِهَ عَلَى التَّوْكِيلِ فَوَكَّلَ لَمْ يَصِحَّ تَتَارْخَانِيَّةٌ وَفِي فَتَاوَى عَطَاءِ اللَّهِ أَفَنْدِي مِنْ الْإِكْرَاهِ سُؤَالٌ تُرْكِيٌّ مَضْمُونُهُ أَنَّ رَجُلًا فَرَّغَ بِالْوَكَالَةِ عَنْ زَوْجَتِهِ عَنْ مِشَدِّ مِسْكَةِ أَرْضٍ لَهَا بِالْإِكْرَاهِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ مَا ذُكِرَ لَهَا أَخْذُ أَرَاضِيهَا إذَا أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَعْقِدَ عَقْدًا مِنْ الْعُقُودِ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ عَقْدًا لَا يُبْطِلُهُ الْهَزْلُ مِثْلَ الطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ، وَالْعَتَاقِ جَازَ الْعَقْدُ وَلَا يَبْطُلُ بِالْإِكْرَاهِ وَإِنْ كَانَ عَقْدًا يُبْطِلُهُ الْهَزْلُ مِثْلَ الْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، وَالْإِجَارَةِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيَبْطُلُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِكْرَاهُ بِشَيْءٍ يُخَافُ مِنْهُ التَّلَفُ أَوْ لَا يُخَافُ لِأَنَّ التَّرَاضِيَ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ هَذِهِ الْعُقُودِ، وَالْإِكْرَاهُ وَإِنْ كَانَ بِالْحَبْسِ، وَالضَّرْبِ فَإِنَّهُ يُفَوِّتُ الرِّضَا شَرْحُ الطَّحَاوِيِّ لِلْإِسْبِيجَابِيِّ ثُمَّ قَالَ عَطَاءُ اللَّهِ أَفَنْدِي مَا نَصُّهُ " وَالتَّوْكِيلُ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي يُبْطِلُهَا الْهَزْلُ فَلَا يَصِحُّ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ فَيَكُونُ الزَّوْجُ فُضُولِيًّا فِي فَرَاغِهِ فَلَهَا أَنْ لَا تُجِيزَهُ وَتَأْخُذَ أَرْضَهَا. (أَقُولُ) يُسْتَثْنَى التَّوْكِيلُ بِالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ فَقَدْ صَرَّحَ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ بِصِحَّةٍ مَعَ الْإِكْرَاهِ. وَقَالَ فِي شَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ وَمَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ خِلَافِهِ فَقِيَاسٌ، وَالِاسْتِحْسَانُ وُقُوعُهُ اهـ. وَكَذَا قَالَ فِي نَهْجِ النَّجَاةِ أَنَّهُ أَيْ مَا فِي الْأَشْبَاهِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ كَالْخَانِيَّةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ، وَالْمُجْتَبَى، وَالْبَحْرِ وَتَبْيِينِ الْكَنْزِ فَيُحْمَلُ مَا فِي الْأَشْبَاهِ عَلَى اعْتِمَادِ الْقِيَاسِ لَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ هُوَ الِاسْتِحْسَانُ إلَّا فِي مَسَائِلَ مَعْلُومَةٍ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا وَعِبَارَةُ الزَّيْلَعِيِّ فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى التَّوْكِيلِ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ فَأَوْقَعَ الْوَكِيلُ وَقَعَ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَصِحَّ الْوَكَالَةُ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تَبْطُلُ بِالْهَزْلِ فَكَذَا مَعَ الْإِكْرَاهِ كَالْبَيْعِ وَأَمْثَالِهِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْبَيْعِ وَلَكِنْ يُوجِبُ فَسَادَهُ فَكَذَا التَّوْكِيلُ يَنْعَقِدُ مَعَ الْإِكْرَاهِ، وَالشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ لَا تُؤَثِّرُ فِي الْوَكَالَةِ لِكَوْنِهَا مِنْ الْإِسْقَاطَاتِ فَإِذَا لَمْ تَبْطُلْ نَفَذَ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ اهـ، وَحَاصِلُ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْبَيْعِ لَمَّا كَانَ فِي حُكْمِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ لَمْ يَمْنَعْ انْعِقَادَهُ وَإِنَّمَا أَوْجَبَ فَسَادَهُ لِأَنَّ الشُّرُوطَ الْفَاسِدَةَ تُؤَثِّرُ فِيهِ بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ حَيْثُ لَا يَفْسُدُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَيَنْعَقِدُ بِلَا فَسَادٍ وَمُقْتَضَى هَذَا صِحَّةُ الْوَكَالَةِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَغَيْرِهِمَا اسْتِحْسَانًا. وَعَلَى هَذَا فَمَا تَقَدَّمَ عَنْ التتارخانية وَفَتَاوَى عَطَاءِ اللَّهِ أَفَنْدِي مَبْنِيٌّ عَلَى الْقِيَاسِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ نَفْسَ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقَ يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ فَكَذَا التَّوْكِيلُ بِهِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِهِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ لِلْوَكِيلِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْأَصِيلِ فِي بَابِ الْإِكْرَاهِ أَمَّا فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَجْرِي عِلَّةُ الِاسْتِحْسَانِ عَلَى إطْلَاقِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا، وَقَدْ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ الْوَكَالَةِ بِالنِّكَاحِ هَلْ تَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرْنَاهُ صِحَّتُهَا لِأَنَّ النِّكَاحَ نَفْسَهُ يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ كَالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ فَكَذَا التَّوْكِيلُ بِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّيْخُ صَالِحٌ ابْنُ صَاحِبِ التَّنْوِيرِ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ وَقَالَ: وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا اهـ. وَخَالَفَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمِنَحِ وَقَالَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ سُكُوتَهُمْ عَنْهُ لِظُهُورِ أَنَّهُ لَا اسْتِحْسَانَ فِيهِ بَلْ هُوَ عَلَى الْقِيَاسِ اهـ أَيْ فَلَا يَصِحُّ لَكِنَّ الْخَيْرَ الرَّمْلِيَّ نَفْسَهُ ذَكَرَ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبَحْرِ فِي بَابِ الطَّلَاقِ الصَّرِيحِ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الثَّلَاثَ تَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا قَدَّمْنَاهُ

عَنْ الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ: فَانْظُرْ إلَى عِلَّةِ الِاسْتِحْسَانِ تَجِدْهَا فِي النِّكَاحِ فَيَكُونُ حُكْمُهُمَا وَاحِدًا تَأَمَّلْ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً وَرَهَنَتْ امْرَأَةُ زَيْدٍ دَارَهَا عِنْدَ عَمْرٍو بِطَرِيقِ الْإِكْرَاهِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا مِنْ زَوْجِهَا زَيْدٍ الْمَزْبُورِ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ مَا ذُكِرَ يَكُونُ الرَّهْنُ غَيْرَ صَحِيحٍ وَيَتَحَقَّقُ الْإِكْرَاهُ مِنْ الزَّوْجِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الزَّوْجُ سُلْطَانُ زَوْجَتِهِ فَيَتَحَقَّقُ مِنْهُ الْإِكْرَاهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَغَيْرِهِمَا، وَالرَّهْنُ لَا يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ لِأَنَّ مَا يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ عِشْرُونَ وَلَيْسَ مِنْهُ ذَلِكَ كَمَا فِي بَابِ الطَّلَاقِ مِنْ النَّهْرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو أَشْجَارَ زَيْتُونٍ بِالْإِكْرَاهِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا وَتَصَرَّفَ زَيْدٌ بِثَمَرَتِهَا مُدَّةً وَيُرِيدُ عَمْرٌو الْآنَ فَسْخَ الْبَيْعِ وَإِلْغَاءَهُ وَتَضْمِينَ زَيْدٍ قِيمَةَ الزَّيْتُونِ الَّذِي تَصَرَّفَ بِهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْكَنْزِ وَشَرْحِهِ لِلْعَيْنِيِّ وَيَثْبُتُ بِهِ أَيْ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ مُكْرَهًا الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي وَنَحْوِهِ عِنْدَ الْقَبْضِ لِلْفَسَادِ أَيْ لِأَجْلِ الْفَسَادِ لِكَوْنِهِ فَاسِدًا لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ الْفَاسِدِ ثُبُوتُ الْمِلْكِ عِنْدَ الْقَبْضِ. . . إلَخْ اهـ. وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ أَيْ يَثْبُتُ بِالْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ مُكْرَهًا الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِ فَاسِدًا كَسَائِرِ الْبَيَّاعَاتِ الْفَاسِدَةِ لِأَنَّ رُكْنَ الْبَيْعِ وَهُوَ الْإِيجَابُ، وَالْقَبُولُ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ مُضَافًا إلَى مَحَلِّهِ، وَالْفَسَادُ لِعَدَمِ شَرْطِهِ وَهُوَ التَّرَاضِي وَفَوَاتُ الشَّرْطِ تَأْثِيرُهُ فِي فَسَادِ الْعَقْدِ. . . إلَخْ فَصَرِيحُ الْعِبَارَاتِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْإِكْرَاهِ يَمْلِكُهُ مِلْكًا فَاسِدًا عِنْدَ الْقَبْضِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ مِنْ بَحْثِ الْعَوَارِضِ الْمُكْتَسِبَةِ وَإِذَا اعْتَبَرْنَاهُ بَيْعًا فَاسِدًا نَرْجِعُ إلَى زَوَائِدِ الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا كَيْفَ الْحُكْمُ فِيهَا فَنَقُولُ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً بِالتَّعَدِّي لَا بِدُونِهِ وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ لَا الْمُتَوَلِّدَةُ فَلِلْبَائِعِ أَخْذُ الزَّوَائِدِ وَقِيمَةِ الْمَبِيعِ وَلَوْ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلِّدَةٍ فَلَهُ أَخْذُ الْمَبِيعِ مَعَ هَذِهِ الزَّوَائِدِ وَلَا تَطِيبُ لَهُ وَلَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ أَهْلَكَهَا ضَمِنَ عِنْدَهُمَا لَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيُمَاثِلُهَا زَوَائِدُ الْغَصْبِ وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ لَا الزَّوَائِدُ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي بِخِلَافِ الْمُتَوَلِّدَةِ كَمَا يَفْتَرِقَانِ فِي الْغَصْبِ فَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْمَبِيعِ فَقَطْ اهـ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْبَحْرِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَلَا شَكَّ أَنَّ ثَمَرَةَ الزَّيْتُونِ فِي مَسْأَلَتِنَا مُنْفَصِلَةً مُتَوَلِّدَةً فَتُضْمَنُ بِالتَّعَدِّي لَا بِدُونِهِ فَلِلْبَائِعِ تَضْمِينُ زَيْدٍ قِيمَةَ الزَّيْتُونِ الَّذِي تُصْرَفُ بِهِ فِي الْمُدَّةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ إنَّمَا تَرَكُوا تَفْصِيلَهَا فِي الْإِكْرَاهِ اعْتِمَادًا عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ ثَوْرَهُ مِنْ عَمْرٍو بِالْإِكْرَاهِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا مِنْ بَكْرٍ وَمَاتَ الثَّوْرُ عِنْدَ عَمْرٍو وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ أَنْ يُضَمِّنَ عَمْرًا الْمُشْتَرِيَ قِيمَتَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ أُكْرِهَ الْبَائِعُ عَلَى الْبَيْعِ لَا الْمُشْتَرِي وَهَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِحُكْمِ عَقْدٍ فَاسِدٍ فَكَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ شَرْحُ التَّنْوِيرِ وَمِثْلُهُ فِي الْكَنْزِ، وَالدُّرَرِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى مَا هَدَّدَ بِهِ هَلْ يَكُونُ إكْرَاهًا مُعْتَبَرًا أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : شَرْطُ الْإِكْرَاهِ قُدْرَةُ الْمُكْرِهِ عَلَى إيقَاعِ مَا هَدَّدَ بِهِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ شَهِدُوا أَنَّ زَيْدًا أَكْرَهَ عُمْرًا وَهَدَّدَهُ بِالْقَتْلِ وَكَانَ قَادِرًا عَلَى إيقَاعِ ذَلِكَ وَحَمَلَهُ عَلَى إبْرَائِهِ مِنْ مَالٍ مَعْلُومٍ فَأَبْرَأَهُ خَوْفًا مِنْهُ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا كَانَ الشُّهُودُ الْمَذْكُورُونَ عُدُولًا وَزَكَّاهُمْ جَمَاعَةٌ وَكَانَتْ الشَّهَادَةُ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ مِنْ خَصْمٍ شَرْعِيٍّ عَلَى مِثْلِهِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَيَثْبُتُ بِهَا الْإِكْرَاهُ إذْ يَصْدُرُ مِنْ غَيْرِ السُّلْطَانِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا أَفْتَى الْمِهْمَنْدَارِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (سُئِلَ) فِي بِكْرٍ بَالِغَةٍ مَنَعَهَا أَبُوهَا عِنْدَ إرَادَةِ دُخُولِ زَوْجِهَا بِهَا إلَّا أَنْ تَبِيعَهُ دَارَهَا الَّتِي كَانَ بَاعَهَا مِنْهَا فِيمَا مَضَى وَأَنْ تَهَبَ لَهُ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً وَضَرَبَهَا فَفَعَلَتْ حِينَ لَمْ تَجِدْ بُدًّا مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ لَا يَنْفُذُ

كتاب الحجر والمأذون

بَيْعُهَا وَلَا هِبَتُهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِأَبِيهِ طَلَبَ مِنْ الْأَبِ أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْهُ فَامْتَنَعَ الْأَبُ فَصَوَّبَ نَحْوَهُ بُنْدُقَةً مُجَرَّبَةً وَهَدَّدَهُ بِقَتْلِهِ بِهَا إنْ لَمْ يُبْرِئْهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ وَتَحَقَّقَ الْأَبُ مِنْ إيقَاعِ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَفْعَلْ فَأَبْرَأَهُ عَنْ دَيْنِهِ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالْإِبْرَاءُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلِلْأَبِ مُطَالَبَةُ الِابْنِ بِدَيْنِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. [كِتَابُ الْحَجْرِ وَالْمَأْذُونِ] ِ (سُئِلَ) فِي رَقِيقٍ مَحْجُورٍ يَعْقِلُ الْبَيْعَ، وَالشِّرَاءَ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ نِصْفَ فَرَسٍ فَهَلْ مَوْلَاهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُجِيزَهُ أَوْ يَفْسَخَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي عَبْدٍ رَقِيقٍ مَحْجُورٍ بِيَدِهِ دَابَّةٌ وَهُوَ جَارٍ فِي مِلْكِ جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ فَهَلْ يَكُونُ الْعَبْدُ وَمَا بِيَدِهِ لِمَوَالِيهِ الْمَذْكُورِينَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الْحَجْرُ هُوَ مَنْعٌ عَنْ التَّصَرُّفِ قَوْلًا لَا فِعْلًا بِصِغَرٍ وَرِقٍّ وَجُنُونٍ فِي الْمَجَانِينِ، وَالرِّقُّ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِلْحَجْرِ فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ مُحْتَاجٌ كَامِلُ الرَّأْيِ كَالْحُرِّ غَيْرَ أَنَّهُ وَمَا فِي يَدِهِ مِلْكُ الْمَوْلَى فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ لِأَجْلِ حَقِّهِ شَرْحُ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مُسِنٍّ مَعْتُوهٍ فِي ذِمَّتِهِ دُيُونٌ لِزَوْجَاتِهِ وَلَهُ أَوْلَادٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ وَلَا وَصِيَّ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ مَا يَقْضِيَ دَيْنَهُ سِوَى عَقَارَاتٍ مَعْلُومَةٍ فَأَقَرَّ وَهُوَ بِهَذِهِ الْحَالَةِ أَنَّ جَمِيعَ مَا يُعْرَفُ بِهِ وَيُنْسَبُ إلَيْهِ فَهُوَ لِابْنِهِ فُلَانٍ الصَّغِيرِ فَهَلْ يَكُونُ إقْرَارُهُ الْمَزْبُورُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ كَانَ مَعْتُوهًا فَإِقْرَارُهُ الْمَزْبُورُ غَيْرُ صَحِيحٍ الْعَتَهُ اخْتِلَالٌ فِي الْعَقْلِ بِحَيْثُ يَخْتَلِطُ كَلَامُهُ يُشْبِهُ تَارَةً كَلَامَ الْعُقَلَاءِ وَأُخْرَى كَلَامَ الْمَجَانِينِ دُرَرٌ وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ: هُوَ مَنْ كَانَ قَلِيلَ الْفَهْمِ مُخْتَلِطَ الْكَلَامِ فَاسِدَ التَّدْبِيرِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَضْرِبُ وَلَا يَشْتُمُ كَمَا يَفْعَلُهُ الْمَجْنُونُ وَهُوَ كَالصَّبِيِّ الْعَاقِلِ فِي تَصَرُّفَاتِهِ وَفِي رَفْعِ التَّكْلِيفِ عَنْهُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ مِنَحٌ وَتَصَرُّفُ الصَّبِيِّ، وَالْمَعْتُوهِ إنْ كَانَ نَافِعًا كَالْإِسْلَامِ وَالِاتِّهَابِ صَحَّ بِلَا إذْنٍ، وَإِنْ ضَارًّا كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَا وَإِنْ أَذِنَ بِهِ وَلِيُّهُمَا وَمَا تَرَدَّدَ بَيْنَ نَفْعٍ وَضَرٍّ كَالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ تَوَقَّفَ عَلَى الْإِذْنِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُمَا الْوَصِيُّ فَهُمَا فِي شِرَاءِ وَبَيْعٍ كَعَبْدٍ مَأْذُونٍ، وَالشَّرْطُ أَنْ يَعْقِلَا الْبَيْعَ سَالِبًا لِلْمِلْكِ وَالشِّرَاءِ جَالِبًا لَهُ تَنْوِيرٌ مِنْ الْمَأْذُونِ زَادَ الزَّيْلَعِيُّ وَأَنْ يَقْصِدَ الرِّبْحَ وَيَعْرِفَ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ مِنْ الْفَاحِشِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. (أَقُولُ) وَهُوَ ظَاهِرُ جُمْلَةٍ حَالِيَّةٍ أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّ ذَلِكَ ظَاهِرٌ لَا يَخْفَى عَلَى الْعُقَلَاءِ كَأَنْ يَعْرِفَ أَنَّ الْخَمْسَةَ فِي الْعَشَرَةِ مَثَلًا غَبْنٌ فَاحِشٌ وَأَنَّ الْوَاحِدَ فِيهَا يَسِيرٌ فَإِنَّ ذَلِكَ ظَاهِرٌ فَمِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ لَا يَكُونُ عَاقِلًا كَصَبِيٍّ دَفَعَ إلَيْهِ رَجُلٌ كَعْبًا وَأَخَذَ بِهِ ثَوْبَهُ فَإِنَّهُ إذَا فَرِحَ بِهِ وَلَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُ مَغْبُونٌ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ أَصْلًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ الْغَبْنَ الْيَسِيرَ مِنْ الْفَاحِشِ فِيمَا تُجْهَلُ قِيمَتُهُ فَإِنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ قَدْ يَخْفَى عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الرِّجَالِ الْعُقَلَاءِ فَضْلًا عَنْ الصِّبْيَانِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ مَا أُورِدَ مِنْ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْيَسِيرِ وَالْفَاحِشِ مُخْتَصٌّ بِحُذَّاقِ التُّجَّارِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْتَبَرَ هَذَا الشَّرْطُ اهـ فَاغْتَنِمْ بَيَانُ هَذَا الْمَقَامِ فَقَدْ خَفِيَ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يَحْصُلُ لَهُ صَرْعٌ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً ثُمَّ يُفِيقُ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ فَإِذَا أَقَرَّ أَوْ رَهَنَ أَوْ فَرَغَ عَنْ تَيْمَارٍ لَهُ فِي حَالَةِ إفَاقَتِهِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ صَحِيحًا مِنْهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ فِي حَالَةِ إفَاقَتِهِ كَالْعَاقِلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ. (سُئِلَ) فِي صَغِيرَةٍ يَتِيمَةٍ بَلَغَتْ غَيْرَ رَشِيدَةٍ سَفِيهَةً مُبَذِّرَةً وَثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهَا بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ لَدَى قَاضٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَحْجُرُ عَلَيْهَا وَلَا يُسَلِّمُ مَالَهَا إلَيْهَا حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ بَلَغَتْ غَيْرَ رَشِيدَةٍ لَا يُسَلِّمُ إلَيْهَا مَالَهَا حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً عِنْدَ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ الْمَنْعَ كَانَ لِرَجَاءِ التَّأْدِيبِ فَإِذَا بَلَغَتْ ذَلِكَ السِّنَّ وَلَمْ تَتَأَدَّبْ انْقَطَعَ عَنْهَا الرَّجَاءُ غَالِبًا فَلَا مَعْنَى لِلْحَجْرِ بَعْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَدْفَعُ

إلَيْهَا الْمَالَ مَا لَمْ يُؤْنِسْ مِنْهَا الرُّشْدَ فَحِينَئِذٍ يَدْفَعُ إلَيْهَا مَالَهَا لِأَنَّهُمَا يَرَيَانِ الْحَجْرَ عَلَى الْحُرِّ بِالسَّفَهِ، قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ وَعِنْدَهُمَا يُحْجَرُ عَلَى الْحُرِّ بِالسَّفَهِ وَالْغَفْلَةِ بِهِ أَيْ بِقَوْلِهِمَا يُفْتَى صِيَانَةً لِمَالِهِ اهـ فَتَلَخَّصَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا إذَا بَلَغَتْ غَيْرَ رَشِيدَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُدْفَعُ إلَيْهَا الْمَالُ إلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَعِنْدَهُمَا إلَى أَنْ يُؤْنِسَ رُشْدَهَا وَإِذَا حُجِرَ عَلَيْهَا بِالسَّفَهِ وَالْغَفْلَةِ فَعِنْدَهُمَا: لَا يُدْفَعُ إلَيْهَا الْمَالُ حَتَّى يُؤْنَسَ رُشْدُهَا فَفِي الْأَوَّلِ الْمُفْتَى بِهِ قَوْلُ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ قَدَّمَهُ فِي الْمُلْتَقَى، وَالْهِدَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّنْوِيرِ، وَالدُّرَرِ وَفِي الثَّانِي الْمُفْتَى بِهِ قَوْلُهُمَا كَمَا فِي التَّنْوِيرِ (أَقُولُ) ، وَالتَّلْخِيصُ الْمُفِيدُ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ أَنَّهُ لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ مَالُهُ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً عِنْدَ الْإِمَامِ وَهَذَا لَيْسَ بِحَجْرٍ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْحَجْرَ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ وَإِنَّمَا هُوَ مَنْعٌ لِلتَّأْدِيبِ فَتَصِحُّ تَصَرُّفَاتُهُ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَبَعْدَهَا يُسَلَّمُ إلَيْهِ مَالُهُ وَإِنْ لَمْ يَصِرْ رَشِيدًا لِأَنَّهُ إذَا بَلَغَ هَذَا السِّنَّ انْقَطَعَ رَجَاءُ التَّأْدِيبِ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَإِنَّهُ لَا يُسَلِّمُ إلَيْهِ مَالَهُ حَتَّى يُؤْنِسَ رُشْدَهُ وَإِنْ صَارَ شَيْخًا وَلَا يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَهَذِهِ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ وَتَظْهَرُ الثَّمَرَةُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ دَفَعَ وَصِيُّهُ إلَيْهِ الْمَالَ بَعْدَمَا بَلَغَ هَذِهِ الْمُدَّةَ وَهُوَ مُفْسِدٌ يَضْمَنُ عِنْدَهُمَا لَا عِنْدَهُ وَظَاهِرُ الْمُتُونِ اعْتِمَادُ قَوْلِ الْإِمَامِ فِي تَقْيِيدِ الْمَنْعِ إلَى هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ غَيْرُهُمْ بِاعْتِمَادِ قَوْلِهِمَا نَعَمْ صَرَّحَ غَيْرُهُمْ بِتَرْجِيحِ قَوْلِهِمَا بِصِحَّةِ الْحَجْرِ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ بِسَبَبِ السَّفَهِ وَالْغَفْلَةِ، وَالدَّيْنِ فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ فِي كِتَابِ الْحِيطَانِ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ وَهَذَا تَصْحِيحٌ صَرِيحٌ فَيُقَدَّمُ عَلَى التَّصْحِيحِ الِالْتِزَامِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ أَيْ أَنَّ مَا جَرَى عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْمُتُونِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَى الْحُرِّ تَصْحِيحٌ الْتِزَامِيٌّ بِمَعْنَى أَنَّ أَصْحَابَ الْمُتُونِ الْتَزَمُوا ذِكْرَ الصَّحِيحِ وَهُمْ فِي الْغَالِبِ يَمْشُونَ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَقَدْ مَشَوْا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلِهِ فَهُوَ تَصْحِيحٌ لَهُ الْتِزَامًا وَمَا مَرَّ عَنْ الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا تَصْحِيحٌ صَرِيحٌ فَيُقَدَّمُ عَلَى الِالْتِزَامِيِّ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي التتارخانية أَنَّهُ لَا خِلَافَ عِنْدَهُمَا فِي أَنَّ الْحَجْرَ بِسَبَبِ الدَّيْنِ يَفْتَقِرُ إلَى الْقَضَاءِ وَاخْتَلَفَا فِي الْحَجْرِ بِالْفَسَادِ وَالسَّفَهِ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ كَذَلِكَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ السَّفَهِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ حَيْثُ قَالَ: ثُمَّ اخْتَلَفَا فِيمَا بَيْنَهُمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا حَجْرَ عَلَيْهِ إلَّا بِحَجْرِ الْحَاكِمِ وَلَا يَنْفَكُّ حَتَّى يُطْلِقَهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ فَسَادُهُ فِي مَالِهِ يَحْجُرُهُ وَإِصْلَاحُهُ فِيهِ يُطْلِقُهُ، وَالثَّمَرَةُ فِيمَا بَاعَهُ قَبْلَ حَجْرِ الْقَاضِي يَجُوزُ عِنْدَ الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ هَذَا خُلَاصَةُ مَا حَرَّرْتُهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فَاغْتَنِمْهُ. (سُئِلَ) فِي يَتِيمٍ بَلَغَ رَشِيدًا فَطَلَبَ مَالَهُ مِنْ أَخِيهِ الْوَصِيِّ عَلَيْهِ فَامْتَنَعَ مِنْ تَسْلِيمِهِ لَهُ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ بَلَغَ رَشِيدًا يُؤْمَرُ الْوَصِيُّ بِتَسْلِيمِ مَالِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) فِي حَاشِيَةِ الْبِيرِيِّ عَلَى الْأَشْبَاهِ قَالَ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَإِذَا أَدْرَكَ الْيَتِيمُ لَمْ يُعَجِّلْ بِدَفْعِ مَالِهِ إلَيْهِ وَلَكِنْ يَتَأَنَّى وَيُجَرِّبُهُ بِشَيْءٍ بَعْدَ شَيْءٍ فَإِنْ وَجَدَهُ مُصْلِحًا دَفَعَ إلَيْهِ مَالَهُ وَإِنْ كَانَ مَاجِنًا مُفْسِدًا تَأَنَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَيْهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً ثُمَّ يَدْفَعُ إلَيْهِ مَالَهُ صَلُحَ أَوْ لَمْ يَصْلُحْ وَفِي الْبَدَائِعِ: وَلَا بَأْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِ وَيَأْذَنَ لَهُ بِالتِّجَارَةِ لِلِاخْتِبَارِ عِنْدَنَا فَإِنْ آنَسَ مِنْهُ رُشْدًا دَفَعَ إلَيْهِ الْبَاقِي، وَالرُّشْدُ هُنَا: الِاسْتِقَامَةُ، وَالِاهْتِدَاءُ فِي حِفْظِ الْمَالِ وَإِصْلَاحِهِ اهـ. وَفِي الْمِنَحِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: يَتِيمٌ أُدْرِكَ مُفْسِدًا غَيْرَ مُصْلِحٍ وَهُوَ فِي حِجْرِ وَصِيِّهِ حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي أَوْ لَمْ يَحْجُرْ فَسَأَلَ وَصِيَّهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالَهُ فَدَفَعَ إلَيْهِ وَضَاعَ الْمَالُ فِي يَدِهِ ضَمِنَ وَصِيُّهُ لِأَنَّ دَفْعَ الْمَالِ إلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ مُضَيِّعٌ تَضْيِيعٌ فَيَضْمَنُ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ وَهُوَ صَبِيٌّ مُصْلِحٌ وَأَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَضَاعَ فِي يَدِهِ لَمْ يَضْمَنْ اهـ. فَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِلْمَ الْوَصِيِّ بِصَلَاحِهِ وَرُشْدِهِ يَكْفِي فِي جَوَازِ دَفْعِ الْمَالِ إلَيْهِ وَلَوْ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ وَأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ عَدَمَ رُشْدِهِ لَا يَجُوزُ وَيَضْمَنُ؟ نَعَمْ لَوْ ادَّعَى الرُّشْدَ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَأَنْكَرَهُ الْوَصِيُّ لَا يُؤْمَرُ الْوَصِيُّ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ

إلَيْهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ رُشْدُهُ كَمَا فِي صُورَةِ سُؤَالِ الْمُؤَلِّفِ وَبَقِيَ مَا لَوْ بَلَغَ وَلَمْ يَظْهَرْ حَالُهُ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالَهُ وَتَصِحُّ تَصَرُّفَاتُهُ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ رُشْدِهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي الْأَوَّلُ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ كُلَّ مَنْ بَلَغَ لَا تَصِحُّ تَصَرُّفَاتُهُ حَتَّى يُعْلَمَ رُشْدُهُ، وَفِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِسَيِّدِي مُحَمَّدٍ أَبِي السُّعُودِ عَنْ الْوَلْوَالِجِيَّةِ: وَكَمَا يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَهُوَ مُفْسِدٌ. فَكَذَا يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ لَهُ قَبْلَ ظُهُورِ رُشْدِهِ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ اهـ. وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَبْلَ الْبُلُوغِ غَيْرَ رَشِيدٍ مُبَذِّرًا مُتْلِفًا لِمَالِهِ ثُمَّ بَلَغَ وَلَمْ يَظْهَرْ رُشْدُهُ أَمَّا لَوْ كَانَ قَبْلَ الْبُلُوغِ رَشِيدًا غَيْرَ سَفِيهٍ فَلَا كَلَامَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ دَفْعُ الْمَالِ إلَيْهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَبَعْدَهُ أَوْلَى وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَيْضًا فَمُقْتَضَى تَعْلِيلِ الْخَانِيَّةِ الْمَارِّ آنِفًا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ لَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ قَبْلَ ظُهُورِ حَالِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْأُصُولِيُّونَ بِأَنَّ السَّفَهَ مِنْ الْعَوَارِضِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْأَصْلَ الرُّشْدُ وَفِي الْمُتُونِ فَإِنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ غَيْرَ رَشِيدٍ لَمْ يُسَلَّمْ إلَيْهِ مَالُهُ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً فَقَيَّدُوا ذَلِكَ بِبُلُوغِهِ غَيْرَ رَشِيدٍ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ وَهُوَ رَشِيدٌ أَوْ لَمْ يُعْلَمُ حَالُهُ فَإِنَّهُ يُسَلَّمُ إلَيْهِ مَالُهُ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الشَّلَبِيِّ سُؤَالًا فِيمَنْ بَلَغَ وَلَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ فَهَلْ الْأَصْلُ بَعْدَهُ الرُّشْدُ أَوْ السَّفَهُ وَهَلْ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ مَالَهُ ثُمَّ ظَهَرَ مُفْسِدًا يَبْرَأُ الدَّفْعُ أَمْ لَا؟ (وَالْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: " أَمَّا الصَّبِيُّ فَاَلَّذِي يَرْفَعُ عَنْهُ الْحَجْرَ شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا إذْنُ الْوَلِيِّ لَهُ بِالتِّجَارَةِ، وَالثَّانِي بُلُوغُهُ اهـ " إلَى أَنْ قَالَ: فَمَنْ بَلَغَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ حَالِهِ سَفَهٌ وَلَا رُشْدٌ كَمَا هُوَ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ إذَا دَفَعَ الْوَصِيُّ إلَيْهِ مَالَهُ فَظَهَرَ مُفْسِدًا لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ تَعْلِيلُ قَاضِي خَانْ وَلِأَنَّهُ قَدْ زَالَ عَنْهُ الْحَجْرُ بِالْبُلُوغِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي عِبَارَةِ الْبَدَائِعِ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ سَفَهٌ وَقْتَ الدَّفْعِ وَلِأَنَّهُ بِالسَّفَهِ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إلَّا بِحَجْرِ الْقَاضِي كَمَا قَدَّمْنَا. لَكِنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْوَصِيِّ أَنْ لَا يَدْفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ إلَّا بَعْدَ الِاخْتِبَارِ. اهـ. فَقَدْ تَحَرَّرَ أَنَّ إثْبَاتَ الرُّشْدِ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ عِنْدَ جُحُودِ الْوَصِيِّ لَهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الشَّلَبِيِّ أَيْضًا حَيْثُ سُئِلَ فِيمَنْ بَلَغَتْ وَعَلَيْهَا وَصِيٌّ وَلَهَا مَالٌ تَحْتَ يَدِهِ فَهَلْ يَثْبُتُ رُشْدُهَا بِمُجَرَّدِ الْبُلُوغِ، الْجَوَابُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ فَإِنْ بَلَغَتْ رَشِيدَةً سُلِّمَ إلَيْهَا مَالُهَا وَإِلَّا فَلَا حَتَّى يُؤْنَسَ مِنْهَا الرُّشْدُ اهـ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ وَأَقَرَّهُ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا قُلْنَاهُ وَإِلَّا نَاقَضَ كَلَامُهُ الْأَوَّلُ هَذَا وَفِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَهُنَا شَيْءٌ لَمْ أَرَهُمْ ذَكَرُوهُ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ الْوَصِيُّ مِنْ دَفْعِ مَالِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالرُّشْدِ وَبَعْدَ طَلَبِهِ فَهَلَكَ مَعَ شِدَّةِ الِافْتِقَارِ إلَى ذِكْرِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَضْمَنُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الدَّفْعِ فَلَمْ يَدْفَعْ لِتَعَدِّيهِ فِي الْمَنْعِ وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ لِظُهُورِهِ وَأَمَّا إذَا بَلَغَ رَشِيدًا فَطَلَبَ مَالَهُ فَمَنَعَهُ قَبْلَ أَنْ يَنْكَشِفَ حَالُهُ وَيُعْلَمَ رُشْدُهُ وَصَلَاحِيَّتُهُ فِي نَفْسِهِ بِالِاخْتِبَارِ فَهَلَكَ لَا يَضْمَنُ. . . إلَخْ فَاغْتَنِمْ هَذِهِ الْفَوَائِدَ الْفَرِيدَةَ، وَكَتَبَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ سُئِلَ عَنْ الْحُرِّ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ إذَا تَصَرَّفَ وَبَاعَ وَاشْتَرَى وَأَقَرَّ وَتَزَوَّجَ فَادَّعَى أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَنَّهُ تَحْتَ الْحَجْرِ وَأَنَّهُ سَفِيهٌ فَهَلْ يُقْبَلُ ذَلِكَ أَمْ لَا فَأَجَابَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا بَلَغَ عَاقِلًا فَجَمِيعُ تَصَرُّفَاتِهِ نَافِذَةٌ وَيَلْزَمُهُ أَحْكَامُهُمْ. وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُ أَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ غَيْرِهِمَا أَنَّهُ مَحْجُورٌ إلَّا إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ حَاكِمٌ وَنَفَّذَ حَاكِمٌ آخَرُ حُكْمَ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَجَمِيعُ تَصَرُّفَاتِهِ نَافِذَةٌ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ (أَقُولُ) أَيْضًا وَفِي هَذَا تَأْيِيدٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ الرُّشْدُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ عَنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ مِنْ أَنَّهُ يَثْبُتُ الْحَجْرُ بِمُجَرَّدِ السَّفَهِ فِيهِ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ مِنْ أَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى الْقَضَاءِ تَأَمَّلْ لَكِنَّ اشْتِرَاطَ التَّنْقِيَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ وَرَأَيْتُ فِي فَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيِّ صَاحِبِ التَّنْوِيرِ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ بِمَا نَصُّهُ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ السَّفِيهُ عَاقِلًا فَجَمِيعُ تَصَرُّفَاتِهِ نَافِذَةٌ وَتَلْزَمُهُ أَحْكَامُهَا إلَّا إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ حَاكِمٌ وَنَفَّذَ حَاكِمٌ آخَرُ حُكْمَ الْحَاكِمِ الْأَوَّلِ قَالَ الزَّاهِدِيُّ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّ الْحَجْرَ مِنْهُ فَتْوَى وَلَيْسَ بِقَضَاءٍ وَلِهَذَا لَمْ يُوجَدْ

الْمَقْضِيُّ لَهُ وَالْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ قَضَاءً فَنَفْسُ الْقَضَاءِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَلَا بُدَّ مِنْ إمْضَائِهِ. اهـ. لَكِنْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْحِيطَانِ " الْفَتْوَى فِي الْحَجْرِ عَلَى قَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ فَيَكُونُ هُوَ الْمَذْهَبُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَإِذَا قَضَى بِهِ الْقَاضِي نَفَذَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ كَلَامُ التُّمُرْتَاشِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ". (سُئِلَ) فِي مَدْيُونٍ مُعْسِرٍ ثَبَتَ إفْلَاسُهُ وَإِعْسَارُهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ بِمُوجِبِ حُجَّةٍ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ سِوَى مَسْكَنٍ وَاحِدٍ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ وَلَا يُمْكِنُهُ الِاجْتِزَاءُ بِمَا دُونَ ذَلِكَ الْمَسْكَنِ وَيُكَلِّفُهُ دَائِنُهُ إلَى بَيْعِهِ وَأَدَاءِ دَيْنِهِ مِنْ ثَمَنِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِذَا كَانَ لِلْمَدْيُونِ ثِيَابٌ يَلْبَسُهَا وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَجْتَزِيَ بِدُونِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَبِيعُ ثِيَابَهُ فَيَقْضِي الدَّيْنَ بِبَعْضِ ثَمَنِهَا وَيَشْتَرِي بِمَا بَقِيَ ثَوْبًا يَلْبَسُهُ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ إذَا كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَجْتَزِيَ بِمَا دُونَ ذَلِكَ يَبِيعُ ذَلِكَ الْمَسْكَنَ وَيَصْرِفُ بَعْضَ الثَّمَنِ إلَى الْغُرَمَاءِ وَيَشْتَرِي بِالْبَاقِي مَسْكَنًا لِيَبِيتَ فِيهِ وَعَنْ هَذَا قَالَ مَشَايِخُنَا: إنَّهُ يَبِيعُ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ حَتَّى أَنَّهُ يَبِيعُ اللِّبْدَ فِي الصَّيْفِ، وَالنَّطْعَ فِي الشِّتَاءِ وَإِذَا بَاعَ الْقَاضِي عِنْدَهُمَا مَالَ الْمَدْيُونِ لِقَضَاءِ دُيُونِهِ أَوْ أَمَرَ أَمِينَهُ بِالْبَيْعِ فَإِنَّ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمَطْلُوبِ لَا عَلَى الْقَاضِي وَأَمِينِهِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَلَوْ كَانَ لَهُ كَانُونٌ مِنْ حَدِيدٍ يُبَاعُ وَيُتَّخَذُ مِنْ الطِّينِ كَذَا فِي الْعَيْنِيِّ شَرْحِ الْهِدَايَةِ فَتَاوَى الْهِنْدِيِّ وَتَمَامُ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمِنَحِ وَالْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْحَجْرِ وَهِيَ شَهِيرَةٌ. (سُئِلَ) فِي الْمَدْيُونِ الْحَاضِرِ إذَا كَانَ لَهُ عُرُوضٌ وَعَقَارٌ وَامْتَنَعَ عَنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ بَعْدَ حُلُولِهِ فَهَلْ يَبِيعُهُمَا الْقَاضِي لِلدَّيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا يَبِيعُ الْقَاضِي عَرْضَهُ وَعَقَارَهُ أَيْ الْمَدْيُونِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا أَيْ لِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَإِنَّ عِنْدَهُمَا يَبِيعُ الْقَاضِي ذَلِكَ وَيُوَفِّي الدَّيْنَ وَبِهِ أَيْ بِقَوْلِهِمَا يُفْتَى كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي قَوْلُ صَاحِبِيهِ يَبِيعُ مَنْقُولَهُ وَلَا يَبِيعُ عَقَارَهُ وَفِي رِوَايَةٍ يَبِيعُهُ كَمَا يَبِيعُ الْمَنْقُولَ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي تَصْحِيحِ الشَّيْخِ قَاسِمٍ وَفِي تَبْيِينِ الْكَنْزِ ثُمَّ عِنْدَهُمَا يَبْدَأُ الْقَاضِي بِبَيْعِ النُّقُودِ لِأَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِلسَّلْبِ وَلَا يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهَا فَيَكُونُ بَيْعُهَا أَهْوَنَ عَلَى الْمَدْيُونِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ بَاعَ الْعُرُوضَ لِأَنَّهَا قَدْ تُعَدُّ لِلتَّقَلُّبِ، وَالِاسْتِرْبَاحِ فَلَا يَلْحَقُهُ كَبِيرُ ضَرَرٍ فِي بَيْعِهَا فَإِنْ لَمْ يَفِ ثَمَنُهَا بَاعَ الْعَقَارَ لِأَنَّ الْعَقَارَ يُعَدُّ لِلِاقْتِنَاءِ فَيَلْحَقُهُ ضَرَرٌ فِي بَيْعِهِ فَلَا يَبِيعُهُ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَهَذِهِ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُمَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَبْدَأُ الْقَاضِي بِبَيْعِ مَا يَخْشَى عَلَيْهِ التَّوَى مِنْ عُرُوضِهِ ثُمَّ مَا لَا يَخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفَ مِنْهَا ثُمَّ يَبِيعُ الْعَقَارَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَاضِيَ نَصَبَ نَاظِرًا فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْظُرَ لِلْمَدْيُونِ كَمَا يَنْظُرُ لِلدَّائِنِ فَيَبِيعُ مَا كَانَ أُنْظِرَ إلَيْهِ وَيَتْرُكُ عَلَيْهِ دَسْتًا مِنْ ثِيَابِ بَدَنِهِ. . . إلَخْ وَتَمَامُهُ فِي الْمِنَحِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِرَقِيقٍ وَدِيعَةٌ عِنْدَ زَيْدٍ فَدَفَعَهَا زَيْدٌ لِوَكِيلٍ شَرْعِيٍّ عَنْ سَيِّدِ الرَّقِيقِ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ مَاتَ السَّيِّدُ وَعَتَقَ الرَّقِيقُ فَطَلَبَ الْوَدِيعَةَ مِنْ زَيْدٍ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَالدَّفْعُ الْمَذْكُورُ جَائِزٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا خَلَعَ زَيْدٌ - الْمُعْتَرِفُ بِالْبُلُوغِ وَبِأَنَّ عُمُرَهُ أَرْبَعُ عَشْرَةَ سَنَةً - زَوْجَتَهُ هِنْدًا الْبِكْرَ الْبَالِغَ مِنْ عِصْمَتِهِ وَعَقَدَ نِكَاحَهُ بَعْدَ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ بِهَا عَلَى مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا الْمَعْلُومِ وَهُوَ مِمَّنْ يَحْتَلِمُ مِثْلُهُ فَهَلْ يَكُونُ الْخُلْعُ صَحِيحًا وَلَا يُقْبَلُ جُحُودُهُ الْبُلُوغَ بَعْدَ إقْرَارِهِ مَعَ احْتِمَالِ حَالِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي بِكْرٍ عَاقِلَةٍ مُرَاهِقَةٍ رَشِيدَةٍ بَلَغَتْ مِنْ السِّنِّ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً بَاعَتْ شَيْئًا مِنْ مَالِهَا مِنْ أَخَوَيْهَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ لَدَى حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ وَقَالَتْ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ: أَنَا بَالِغَةٌ وَهِيَ بِحَالٍ يَحِيضُ مِثْلُهَا، وَالظَّاهِرُ لَا يُكَذِّبُهَا وَتَسَلَّمَ الْمُشْتَرِيَانِ الْمَبِيعَ وَتَصَرَّفَا بِهِ نَحْوَ خَمْسِ سِنِينَ، وَالْآنَ قَامَتْ تَقُولُ: إنَّهَا كَانَتْ غَيْرَ بَالِغَةٍ حِينَ الْبَيْعِ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ مَا ذُكِرَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، أَقَرَّ مُرَاهِقٌ بِصُلْحٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَالَ إنَّهُ بَالِغٌ ثُمَّ ادَّعَى هُوَ أَوْ غَيْرُهُ فَسَادَ الصُّلْحِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ بَالِغٍ قَالَ صَحَّ قَوْلُ الصَّبِيِّ بِالْبُلُوغِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ابْنَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ

سَنَةً لِأَنَّ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ نَادِرٌ ثُمَّ حَكَى الْقَاضِي مَحْمُودٌ السَّمَرْقَنْدِيُّ أَنَّ مُرَاهِقًا أَقَرَّ فِي مَجْلِسِهِ بِالْبُلُوغِ فِي دَعْوَى كَانَتْ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ فَقَالَ الْقَاضِي بِمَاذَا بَلَغَتْ فَسَكَتَ فَقَالَ: لَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ فَقَالَ بِالِاحْتِلَامِ فَقَالَ وَمَاذَا رَأَيْتَ بَعْدَمَا اسْتَيْقَظْت فَقَالَ: الْمَاءَ فَقَالَ: أَيُّ مَاءٍ فَإِنَّ الْمَاءَ يَخْتَلِفُ قَالَ الْمَنِيَّ فَقَالَ وَمَا الْمَنِيُّ فَقَالَ: " آب مردان كه فرزندا زوتي بود " قَالَ عَلَى مَنْ احْتَلَمْتَ عَلَى ابْنٍ أَوْ عَلَى بِنْتٍ أَوْ عَلَى أَتَانٍ فَقَالَ عَلَى ابْنٍ وَاسْتَحْيَا الْغُلَامُ فَقَالَ الْقَاضِي: لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِقْصَاءِ فَقَدْ يُلَقَّنُ الصَّغِيرُ الْإِقْرَارَ بِالْبُلُوغِ مِنْ غَيْرِ حَقِيقَةٍ وُجِدَتْ مِنْهُ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَهَذَا مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِغَيْرِ هَذَا التَّفْسِيرِ وَكَذَا الْجَارِيَةُ إذَا أَقَرَّتْ بِالْحَيْضِ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى قُبَيْلَ الْبَابِ السَّادِسِ وَمِثْلُهُ فِي حَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ بَابِ الْحَجْرِ، وَالْمَأْذُونِ (أَقُولُ) الْمَشْهُورُ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ بِالْبُلُوغِ مِنْ الْغُلَامِ إذَا بَلَغَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَمِنْ الْجَارِيَةِ تِسْعَ سِنِينَ وَقَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إنَّ هَذَا الِاسْتِفْسَارَ مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَهُ الْقَاضِي فَهُوَ الْأَوْلَى لَكِنْ نَقَلَ الْحَمَوِيُّ عَنْ دُرَرِ الْبِحَارِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِقَبُولِ قَوْلِهِمَا أَنْ يُبَيِّنَا كَيْفِيَّةَ الْمُرَاهَقَةِ حِينَ السُّؤَالِ عَنْهَا. وَكَذَا قَالَ فِي الشرنبلالية يَعْنِي وَقَدْ فَسَّرَا مَا بِهِ عَلِمَا بُلُوغَهُمَا وَلَيْسَ عَلَيْهِمَا يَمِينٌ اهـ. وَأَقَرَّهُ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّفْسِيرُ الْمَذْكُورُ فَيَكُونُ ذَلِكَ تَرْجِيحًا لِمَا قَالَهُ الْقَاضِي فَتَأَمَّلْ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَحْتَلِمُ مِثْلُهُ بِأَنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ الظَّاهِرُ فَفِي الْمِنَحِ عَنْ الْخَانِيَّةِ صَبِيٌّ أَقَرَّ أَنَّهُ بَالِغٌ وَقَاسَمَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ قَالَ ابْنُ الْفَضْلِ: إنْ كَانَ مُرَاهِقًا وَيَحْتَلِمُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَتَجُوزُ قِسْمَتُهُ وَإِنْ كَانَ مُرَاهِقًا وَيُعْلَمُ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَحْتَلِمُ لَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُكَذِّبُ ظَاهِرًا وَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ بَعْدَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً إذَا كَانَ بِحَالٍ لَا يَحْتَلِمُ مِثْلُهُ إذَا أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ لَا يُقْبَلُ اهـ. (سُئِلَ) فِي مَمْلُوكٍ مَحْجُورٍ أَبَقَ مِنْ سَيِّدِهِ مِنْ مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ وَاصْطَحَبَ رَجُلًا أَتَى بِهِ لِلشَّامِ وَطَلَبَهُ سَيِّدُهُ مِنْهُ فَامْتَنَعَ زَاعِمًا أَنَّ الْمَمْلُوكَ اسْتَأْجَرَ مِنْهُ جَمَلًا لِيَرْكَبَهُ مِنْ مَكَّةَ إلَى الشَّامِ بِأُجْرَةِ كَذَا وَيُكَلَّفُ سَيِّدُهُ دَفْعَ الْأُجْرَةِ لَهُ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي جَارِيَةٍ مَحْجُورَةٍ اسْتَقْرَضَتْ مَالًا بِدُونِ إذْنِ سَيِّدِهَا وَأَتْلَفَتْهُ وَبَاعَهَا سَيِّدُهَا وَيُرِيدُ أَرْبَابُ الدُّيُونِ الدَّعْوَى عَلَيْهَا بِدَيْنِهِمْ وَمُطَالَبَتَهَا بِهِ فَهَلْ تُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، اسْتَقْرَضَ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ مَالًا وَأَتْلَفَهُ يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَالصَّبِيُّ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ أَصْلًا لِأَنَّ الْعَبْدَ مِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ لَكِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ فِي حَقِّ سَيِّدِهِ فَيُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ لَا فِي الْحَالِ، وَالصَّبِيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْمَأْذُونِ. (سُئِلَ) فِي عَبْدٍ مَحْجُورٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَأَقَرَّ بِدَيْنٍ لِرَجُلٍ كُلُّ ذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ مَوْلَاهُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْعِتْقِ عَنْ سَيِّدِهِ وَزَوْجَتِهِ وَبِيَدِهِ مَالٌ لِسَيِّدِهِ وَتُرِيدُ زَوْجَتُهُ أَخْذَ مُؤَجَّلِهَا مِنْ الْمَالِ الْمَزْبُورِ، وَالرَّجُلُ يُرِيدُ أَخْذَ الْمَالِ الْمَقَرِّ لَهُ بِهِ مِنْ الْمَالِ الْمَزْبُورِ بِدُونِ إذْنِ السَّيِّدِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَمَّا نِكَاحُ الرَّقِيقِ فَلِمَا فِي التَّنْوِيرِ تَوَقَّفَ نِكَاحُ قِنٍّ وَأَمَةٍ وَمُكَاتَبٍ وَمُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى فَإِنْ أَجَازَ نَفَذَ وَإِنْ رَدَّ بَطَلَ. اهـ. وَأَمَّا الْإِقْرَارُ فَلِمَا فِيهِ أَيْضًا مِنْ الْحَجْرِ وَصَحَّ طَلَاقُ عَبْدٍ وَإِقْرَارُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَقَطْ لَا سَيِّدِهِ فَلَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ أُخِّرَ إلَى عِتْقِهِ اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّ رَقِيقَكَ الْحَاضِرَ بِالْمَجْلِسِ قَوَّسَ جَمَلِي بِبُنْدُقِيَّةٍ فِيهَا رَصَاصٌ وَمَاتَ وَأَنَّ قِيمَتَهُ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ قِرْشًا وَثَبَتَ مَا ذُكِرَ بِشُهُودٍ مُزَكَّاةٍ ثُمَّ شَهِدَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِأَنَّ قِيمَتَهُ وَقْتَئِذٍ سَبْعُونَ قِرْشًا فَكَيْفَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : تُشْتَرَطُ الدَّعْوَى عَلَى الْعَبْدِ بِحُضُورِ سَيِّدِهِ لَا عَلَى السَّيِّدِ بِحُضُورِ الْعَبْدِ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الْعَبِيدِ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى، وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ إلَّا بِحُضُورِ سَيِّدِهِ وَأَمَّا قِيمَةُ الْجَمَلِ فَتُعْتَبَرُ يَوْمَ التَّلَفِ قَالَ فِي أَوَاخِرِ الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ الْمُتْلَفِ بِلَا غَصْبٍ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ اهـ. فَإِذَا ثَبَتَ

اسْتِهْلَاكُهُ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ مِنْ كِتَابِ الْحَجْرِ لَوْ اسْتَهْلَكَ الْعَبْدُ مَالًا فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ مَحْجُورًا أَوْ مَأْذُونًا. اهـ. وَفِي التتارخانية مِنْ الْكَفَالَةِ ذَكَرَ الْمَحْبُوبِيُّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ إذَا اسْتَهْلَكَ الْمَحْجُورُ مَالَ غَيْرِهِ عِيَانًا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ فَإِنْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ يُوَفِّي ذَلِكَ مِنْ كَسْبِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تُبَاعُ رَقَبَتُهُ بِدَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ إلَّا أَنْ يَقْضِيَهُ الْمَوْلَى اهـ وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ أَمْرِ الْغَيْرِ بِالْجِنَايَةِ بِرَمْزِ بكر خواهر زاده عَبْدٌ مَحْجُورٌ جَنَى عَلَى مَالٍ فَبَاعَهُ الْمَوْلَى بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ فَهُوَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ يُبَاعُ فِيهَا مَنْ اشْتَرَاهُ بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ. اهـ. وَفِي التتارخانية مِنْ التَّاسِعِ مِنْ الْجِنَايَاتِ فَرَّقَ بَيْنَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْآدَمِيِّ وَبَيْنَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَالِ فَفِي الْأَوَّلِ خُيِّرَ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ وَفِي الثَّانِي خُيِّرَ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْبَيْعِ. اهـ. وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ فِي بَابِ جِنَايَةِ الْعَبْدِ وَإِنْ قَتَلَ الْعَبْدُ رَجُلًا خَطَأً وَاسْتَهْلَكَ مَالَ الْآخَرِ وَحَضَرَا جَمِيعًا فَإِنَّهُ يُدْفَعُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ ثُمَّ يَتْبَعُهُ الْآخَرُ فَيَبِيعُهُ فِي دَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ وَلَوْ حَضَرَ صَاحِبُ الْمَالِ أَوَّلًا بَاعَهُ الْقَاضِي فِي الْمَالِ الَّذِي اسْتَهْلَكَهُ فَإِنْ حَضَرَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ اهـ. وَمَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّ ضَمَانَ الْعَبْدِ بَعْدَ الْعِتْقِ لَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ لِمَا قَالَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ مِنْ الْحَجْرِ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ ذَلِكَ لَكِنْ أُخِّرَ لِعِتْقِهِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ فَتَأَمَّلْ اهـ (أَقُولُ) يَعْنِي الْأَصْلُ فِي فِعْلِهِ النَّفَاذُ فِي الْحَالِ لِمَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ أَوَّلَ الْبَابِ عَنْ شَرْحِ الْكَنْزِ أَنَّ الرِّقَّ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِلْحَجْرِ فِي الْحَقِيقَةِ إلَخْ. وَإِنَّمَا أُخِّرَ النَّفَاذُ إلَى عِتْقِهِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ وَهُوَ حَقُّ الْمَوْلَى وَمُرَادُ الْعَلَائِيِّ بِذَلِكَ التَّوْفِيقُ بَيْن كَلَامِهِمْ وَعَلَيْهِ فَمَا مَرَّ عَنْ السِّرَاجِ مِنْ أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ ذَلِكَ وَأَنَّ الْمُؤَاخَذَةَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَعْدَ الْعِتْقِ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْبَدَائِعِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا التَّوْفِيقَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِي عِبَارَةِ التتارخانية بَلْ هِيَ صَرِيحَةٌ بِخِلَافِهِ وَكَذَا عِبَارَةُ الْقُنْيَةِ، وَالْحَاوِي الْقُدْسِيِّ لِأَنَّ الدَّفْعَ مِنْ كَسْبِهِ أَوْ بَيْعِ رَقَبَتِهِ لَا يَكُونُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْحَجْرَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الْأَقْوَالِ دُونَ الْأَفْعَالِ فَفِي الْمُتُونِ الْحَجْرُ هُوَ مَنْعُ نَفَاذِ تَصَرُّفٍ قَوْلِيٍّ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّصَرُّفَ الْفِعْلِيَّ يَنْفُذُ فِي الْحَالِ وَذَلِكَ كَالِاسْتِهْلَاكِ فَلَا يَتَأَخَّرُ إلَى الْعِتْقِ كَمَا مَرَّ عَنْ السِّرَاجِ وَغَيْرِهِ وَمِثْلُهُ فِي الْمِنَحِ عَنْ شَرْحِ ابْنِ مَالِكٍ وَعَزَاهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ إلَى النِّهَايَةِ، وَالْجَوْهَرَةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ، وَالْخُلَاصَةِ، الْوَلْوَالِجِيَّةِ ثُمَّ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّقْلَ مُسْتَفِيضٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِالضَّمَانِ فِي الْحَالِ فَيُبَاعُ أَوْ يَفْدِيهِ الْمَوْلَى اهـ. وَالْأَحْسَنُ فِي التَّوْفِيقِ مَا ذَكَرْتُهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَنْ شَيْخِ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ حَمْلِ مَا فِي الْبَدَائِعِ عَلَى مَا إذَا ظَهَرَ اسْتِهْلَاكُهُ بِإِقْرَارِهِ لِمَا فِي الْغَايَةِ إذَا كَانَ الْغَصْبُ ظَاهِرًا يَضْمَنُ فِي الْحَالِ فَيُبَاعُ فِيهِ وَلَوْ ظَهَرَ بِإِقْرَارِهِ لَا يَجِبُ إلَّا بِالْعِتْقِ كَذَا قَالَ الْفَقِيهُ اهـ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي عِبَارَةِ التَّتَارْخَانِيَّةِ عَنْ شَرْحِ الْمَحْبُوبِيِّ مِنْ قَوْلِهِ إذَا اسْتَهْلَكَ الْمَحْجُورُ مَالَ غَيْرِهِ عِيَانًا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ فَقَوْلُهُ عِيَانًا أَيْ بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا أَقَرَّ بِهِ الْمَحْجُورُ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ دَبَّاغٍ مُتْقِنٍ لِحِرْفَتِهِ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَغِلَ بِتِلْكَ الْحِرْفَةِ وَيَبِيعَ الْجُلُودَ الَّتِي يَدْبُغُهَا مِمَّنْ رَغِبَ فِي شِرَائِهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَيُرِيدُ بَقِيَّةُ أَهْلِ الْحِرْفَةِ الْحَجْرَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَمَنَعَهُ مِنْ تَعَاطِيهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ سَبَبَ الْحَجْرِ الصِّغَرُ، وَالْجُنُونُ، وَالرِّقُّ وَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا يُحْجَرُ إلَّا عَلَى ثَلَاثٍ مُفْتٍ مَاجِنٍ وَطَبِيبٍ جَاهِلٍ وَمُكَارٍ مُفْلِسٍ. (سُئِلَ) فِي الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ إذَا بَاعَ مِنْ آخَرَ حِصَّةً لَهُ مِنْ دَارٍ ثُمَّ بَلَغَ رَشِيدًا فَهَلْ يَتَوَقَّفُ الْبَيْعُ عَلَى إجَازَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا بَلَغَ فَأَجَازَهُ نَفَذَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (وَتَحْقِيقُ هَذَا الْمَقَامِ) أَنَّ الصَّبِيَّ الْعَاقِلَ يُشْبِهُ الْبَالِغَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ عَاقِلٌ مُمَيِّزٌ وَيُشْبِهُ طِفْلًا لَا عَقْلَ لَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِ الْخِطَابُ وَفِي عَقْلِهِ قُصُورٌ وَلِهَذَا يَثْبُتُ لِلْغَيْرِ عَلَيْهِ

وَلَايَةٌ فَالْحَقُّ بِالْبَالِغِ فِي النَّفْعِ الْمَحْضِ وَبِالطِّفْلِ فِي الضَّرَرِ الْمَحْضِ وَفِي الدَّائِرِ بَيْنَهُمَا بِالطِّفْلِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ وَبِالْبَالِغِ عِنْدَ الْإِذْنِ لِرُجْحَانِ جِهَةِ النَّفْعِ عَلَى الضَّرَرِ بِدَلَالَةِ الْإِذْنِ لَكِنْ قَبْلَ الْإِذْنِ يَكُونُ مُنْعَقِدًا مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ لِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً لِصَيْرُورَتِهِ مُهْتَدِيًا إلَى وُجُوهِ التِّجَارَاتِ حَتَّى لَوْ بَلَغَ فَأَجَازَهُ نَفَذَ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ. لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ فَصَارَ وَلِيًّا بِنَفْسِهِ مِنَحٌ مِنْ الْمَأْذُونِ، وَمِثْلُهُ فِي الدُّرِّ، وَالْأَصْلُ عِنْدَنَا أَنَّ الْعَقْدَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ إذَا كَانَ لَهُ مُجِيزٌ حَالَةَ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُجِيزٌ حَالَةَ الْعَقْدِ لَا يَتَوَقَّفُ وَبَطَلَ. . . إلَخْ فُصُولُ الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الرَّابِعِ، وَالْعِشْرِينَ فِي تَصَرُّفَاتِ الْفُضُولِيِّ فَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ لَهُ وَلِيٌّ وَلَمْ يُجِزْهُ وَإِلَّا بَطَلَ كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِهَا. (أَقُولُ) الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ وَلِيٌّ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِمْ إذَا كَانَ لَهُ مُجِيزٌ حَالَةَ الْعَقْدِ أَيْ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى إمْضَاءِ الْعَقْدِ مِنْ وَلِيٍّ أَوْ قَاضٍ فَلَوْ عَقَدَ الصَّبِيُّ عَقْدًا وَلَا وَلِيَّ لَهُ يَتَوَقَّفُ لِأَنَّ لَهُ مُجِيزًا وَهُوَ الْقَاضِي إذَا كَانَ الصَّبِيُّ تَحْتَ وَلَايَةِ قَاضٍ وَكَانَ الْعَقْدُ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ وَإِلَّا فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا كُنْتُ أَفْهَمُ هَذَا الْمَحَلَّ ثُمَّ رَاجَعْتُ فَتَحَقَّقَ لِي ذَلِكَ طِبْقَ مَا كُنْت أَفْهَمُهُ قَالَ الْإِمَامُ الْأُسْرُوشَنِيُّ فِي كِتَابِهِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ فِي مَسَائِلِ النِّكَاحِ مَا نَصُّهُ " وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - صَبِيَّةٌ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ كُفْءٍ وَهِيَ تَعْقِلُ النِّكَاحَ وَلَا وَلِيَّ لَهَا فَالْعَقْدُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْقَاضِي فَإِنْ كَانَتْ فِي مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَاضٍ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ تَحْتَ وَلَايَةِ قَاضِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ يَنْعَقِدُ وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ ذَلِكَ الْقَاضِي وَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَكُونُ تَحْتَ وَلَايَةِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يَنْعَقِدُ. وَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ اهـ. فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُجِيزِ الْوَلِيَّ الْخَاصَّ بَلْ مَا يَعُمُّ الْقَاضِيَ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْعَقْدُ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ طَلَّقَ الصَّبِيُّ امْرَأَتَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ بَلْ يَبْطُلُ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ خَاصٌّ لِأَنَّهُ لَا مُجِيزَ لَهُ أَيْ لَا يَقْبَلُ الْإِجَازَةَ لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَهُ الْوَصِيُّ نَفْسُهُ لَمْ يَصِحَّ فَكَذَا لَا تَصِحُّ إجَازَتُهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا تَمَامُ عِبَارَةِ الْعِمَادِيَّةِ فِي بَيَانِ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ وَذُكِرَ ذَلِكَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا فِي الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ فَقَالَ بَيَانُهُ أَنَّ الصَّبِيَّ الْمَحْجُورَ لَوْ تَصَرَّفَ تَصَرُّفًا يَجُوزُ عَلَيْهِ لَوْ فَعَلَهُ وَلِيُّهُ فِي صِغَرِهِ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَتَزَوُّجٍ وَتَزْوِيجِ أَمَتِهِ وَكِتَابَةِ قِنِّهِ وَنَحْوِهِ فَإِذَا فَعَلَهُ الصَّبِيُّ بِنَفْسِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ مَا دَامَ صَبِيًّا وَلَوْ بَلَغَ قَبْلَ إجَازَةِ وَلِيِّهِ فَأَجَازَهُ بِنَفْسِهِ جَازَ وَلَمْ يَجُزْ بِنَفْسِ الْبُلُوغِ بِلَا إجَازَةٍ وَلَوْ طَلَّقَ الصَّبِيُّ امْرَأَتَهُ أَوْ خَلَعَهَا أَوْ حَرَّرَ قِنَّهُ مَجَّانًا أَوْ بِعِوَضٍ أَوْ وَهَبَ مَالَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ زَوَّجَ قِنَّهُ امْرَأَةً أَوْ بَاعَ مَالَهُ مُحَابَاةً فَاحِشَةً أَوْ شَرَى شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَاحِشًا أَوْ عَقَدَ عَقْدًا مِمَّا لَوْ فَعَلَهُ وَلِيُّهُ فِي صِبَاهُ لَمْ يَجُزْ عَلَيْهِ فَهَذِهِ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ وَإِنْ أَجَازَهَا الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَمْ تَجُزْ لِأَنَّهُ لَا مُجِيزَ لَهَا وَقْتَ الْعَقْدِ فَلَمْ تَتَوَقَّفْ عَلَى الْإِجَازَةِ إلَّا إذَا كَانَ لَفْظُ إجَازَتِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ مَا يَصْلُحُ لِابْتِدَاءِ الْعَقْدِ فَيَصِحُّ ابْتِدَاءً لَا إجَازَةً كَقَوْلِهِ: أَوْقَعْتُ ذَلِكَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ فَيَقَعُ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ اهـ. كَتَبَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى قَوْلِهِ لَوْ فَعَلَهُ وَلِيُّهُ فِي صِغَرِهِ مَا نَصُّهُ " يَدْخُلُ فِي الْوَلِيِّ الْقَاضِي فَافْهَمْ اهـ. فَهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ أَيْضًا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَيْضًا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ حَيْثُ ذَكَرَ الْأَصْلَ الْمَذْكُورَ وَبَيَانُهُ الَّذِي نَقَلْنَاهُ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا يُوجِبُ أَنْ يُفَسَّرَ الْمُجِيزَ هُنَا بِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى إمْضَاءِ الْعَقْدِ لَا بِالْقَابِلِ مُطْلَقًا وَلَا بِالْوَلِيِّ إذْ لَا يُوقَفُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ وَإِنْ قَبِلَ فُضُولِيٌّ آخَرُ أَوْ وَلِيٌّ لِعَدَمِ قُدْرَةِ الْوَلِيِّ عَلَى إمْضَائِهَا اهـ. فَقَوْلُهُ بِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى إمْضَاءِ الْعَقْدِ أَفَادَ بِهِ أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ لَهُ وَلَايَةُ إمْضَائِهِ مِنْ وَلِيٍّ خَاصٍّ أَوْ قَاضٍ لَا مُطْلَقٍ قَابِلٍ سَوَاءً كَانَ فُضُولِيًّا أَوْ وَلِيًّا وَلَا مُجَرَّدِ وُجُودِ الْوَلِيِّ سَوَاءً كَانَ الْعَقْدُ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ كَالْبَيْعِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ غَيْرَ قَابِلٍ كَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ هَذَا وَقَدْ رَأَيْتُ حِينَ كِتَابَتِي هَذَا الْمَحَلَّ بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيِّ عَلَى

كتاب الغصب

جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عِبَارَةً طَوِيلَةً عَنْ زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ عَلَى الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ حَاصِلُهَا أَنَّهُ هَلْ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْأَصْلِ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ شَرْعًا حَتَّى لَوْ زَوَّجَتْ الصَّغِيرَةُ نَفْسَهَا وَلَا وَلِيَّ لَهَا مِنْ كُفْءٍ وَبِمَهْرِ الْمِثْلِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهَا بَعْدَ بُلُوغِهَا أَوْ الْمُرَادُ وُجُودُ وَلِيٍّ يَمْلِكُ الْإِجَازَةَ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَقَعَ كَلَامٌ بَيْنَ بَعْضِ الْأَفَاضِلِ الْحَنَفِيَّةِ فِي ذَلِكَ فِي عَصْرِنَا فَذَهَبَ بَعْضٌ إلَى الْأَوَّلِ وَبَعْضٌ إلَى الثَّانِي ثُمَّ اسْتَشْهَدَ لِكُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ ثُمَّ نَقَلَ عِبَارَةً عَنْ الْخَانِيَّةِ. وَقَالَ: إنَّهَا تُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهَا وَلَمْ يُحَرِّرْ الْمَقَامَ وَقَدْ عَلِمْت تَحْرِيرَهُ بِعَوْنِ الْمَلِكِ الْعَلَّامِ وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الْأَوَّلَ لِأَنَّ كَوْنَ الْعَقْدِ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ شَرْطٍ آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَهُ مُجِيزٌ وَقْتَ صُدُورِهِ مِنْ وَلِيٍّ خَاصٍّ أَوْ عَامٍّ كَالْقَاضِي حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي وَلَايَةِ قَاضٍ كَمَا لَوْ زَوَّجَ الصَّغِيرُ نَفْسَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مَثَلًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى إجَازَتِهِ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ وَإِنْ كَانَ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ لَكِنَّهُ لَا مُجِيزَ لَهُ وَقْتَ صُدُورِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الثَّانِيَ أَيْضًا إنْ كَانَ مُرَادُهُ الْوَلِيَّ الْخَاصَّ كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ بَلْ الْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ مَا يَشْمَلُ الْقَاضِيَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ قَابِلًا لِلْإِجَازَةِ كَمَا عَلِمْتَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَيْضًا مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْخَانِيَّةِ مَا يُفِيدُهُ بَلْ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ وَعِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ هَكَذَا صَبِيٌّ تَزَوَّجَ بَالِغَةً ثُمَّ غَابَ فَلَمَّا حَضَرَ تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ بِآخَرَ وَقَدْ كَانَ الصَّبِيُّ أَجَازَ بَعْدَ بُلُوغِهِ النِّكَاحَ الَّذِي بَاشَرَهُ فِي الصِّغَرِ فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تَزَوَّجَتْ آخَرَ قَبْلَ إجَازَةِ الصَّبِيِّ جَازَ الثَّانِي لِأَنَّهَا تَمْلِكُ الْفَسْخَ قَبْلَ إجَازَةِ الصَّغِيرِ وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ الثَّانِيَ بَعْدَ إجَازَةِ الصَّغِيرِ يُنْظَرُ إنْ كَانَ النِّكَاحُ فِي الصِّغَرِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ يَجُوزُ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ كَانَ مَوْقُوفًا فَيَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَإِنْ كَانَ بِمَهْرٍ كَثِيرٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ وَلِلصَّغِيرِ أَبٌ أَوْ جَدٌّ. فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا يَمْلِكَانِ النِّكَاحَ عَلَيْهِ بِمَهْرٍ كَثِيرٍ فَيَتَوَقَّفُ عَقْدُ الصَّغِيرِ عَلَى إجَازَتِهِمَا فَيَنْفُذُ بِالْإِجَازَةِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ أَبٌ أَوْ جَدٌّ جَازَ النِّكَاحُ الثَّانِي مِنْ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ عَقْدَ الصَّغِيرِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَمْ يَتَوَقَّفْ فَلَا تَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ اهـ. وَقَوْلُهُ لَمْ يَتَوَقَّفْ أَيْ وَإِنْ كَانَ تَحْتَ وَلَايَةِ قَاضٍ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَزْوِيجَ الصَّغِيرِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ إلَّا الْأَبُ وَالْجَدُّ فَلَا يَمْلِكُهُ الْقَاضِي فَيَكُونُ لَا مُجِيزَ لَهُ فَلَا يَتَوَقَّفُ فَيَجُوزُ النِّكَاحُ الثَّانِي مِنْ الْمَرْأَةِ، وَنُقِلَ فِي زَوَاهِرِ الْجَوَاهِرِ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ مَا نَصُّهُ " فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ: وَلَا مُجِيزَ لَهُ أَيْ مَا لَيْسَ لَهُ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْإِجَازَةِ يَبْطُلُ كَمَا إذَا كَانَ تَحْتَهُ أَيْ تَحْتَ رَجُلٍ حُرَّةٌ وَزَوَّجَهُ الْفُضُولِيُّ أَمَةً أَوْ أُخْتَ امْرَأَتِهِ أَوْ خَامِسَةً أَوْ مُعْتَدَّةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ صَغِيرَةً يَتِيمَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا لَمْ يَكُنْ سُلْطَانٌ وَلَا قَاضٍ لَا يَتَوَقَّفُ لِعَدَمِ الْمُجِيزِ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى الْإِمْضَاءِ حَالَةَ الْعَقْدِ لِأَنَّ دَارَ الْحَرْبِ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ لَهُ وَلَايَةُ حُكْمٍ لِيُمْكِنَ تَزْوِيجُهُ الْيَتِيمَةَ فَكَانَ كَالْمَكَانِ الَّذِي فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَيْسَ لَهُ حَاكِمٌ وَلَا سُلْطَانٌ فَإِنَّهُ أَيْضًا يَتَعَذَّرُ تَزْوِيجُ الصِّغَارِ فِيهِ اللَّاتِي لَا عَاصِبَ لَهُنَّ فَوَقَعَ بَاطِلًا حَتَّى لَوْ زَالَ الْمَانِعُ بِمَوْتِ امْرَأَتِهِ السَّابِقَةِ وَانْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمُعْتَدَّةِ فَأَجَازَ لَا يَنْفُذُ أَمَّا إذَا كَانَ فَيَجِبُ أَنْ يَتَوَقَّفَ لِوُجُودِ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْإِمْضَاءِ اهـ ". وَقَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ أَيْ وُجِدَ سُلْطَانٌ أَوْ قَاضٍ صَرِيحٌ أَيْضًا فِيمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْمُجِيزِ مَنْ لَهُ وَلَايَةُ إمْضَاءِ ذَلِكَ الْعَقْدِ مَعَ قَبُولِ ذَلِكَ الْعَقْدِ لِلْإِمْضَاءِ فِي نَفْسِهِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْعَدِيمَ النَّظِيرِ فَإِنَّك لَا تَكَادُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. [كِتَابُ الْغَصْبِ] ِ (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ غَصَبَ فَرَسًا وَبَاعَهَا مِنْ آخَرَ وَمَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُجِزْ الْمَالِكُ الْبَيْعَ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِقَدْرِ ثَمَنِهَا الَّذِي كَانَ اشْتَرَاهَا بِهِ زَاعِمًا أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَيُرِيدُ الْغَاصِبُ دَفْعَ قِيمَتِهَا لَهُ

يَوْمَ غَصْبِهَا فَهَلْ لِلْغَاصِبِ ذَلِكَ، وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. وَفِي التَّنْوِيرِ وَتَجِبُ الْقِيمَةُ فِي الْقِيَمِيِّ يَوْمَ غَصْبِهِ إجْمَاعًا اهـ. وَفِي شَرْحٍ لِلْعَلَائِيِّ عَنْ الْبَحْرِ: " وَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ وَفِي الْقَوْلِ لِمَنْ، عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَ أَمَتَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ قِيمَتَهَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيُؤْمَرُ بِرَدِّ الْأَمَةِ وَلَوْ هَالِكَةً فَالْقَوْلُ فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ. اهـ ". (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ غَصَبَ قَمْحَ زَيْدٍ وَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ وَتَصَرَّفَ بِهِ الْمُشْتَرِي وَيُرِيدُ زَيْدٌ تَضْمِينَهُ مِثْلَ قَمْحِهِ حَيْثُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْمِثْلُ بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ بَاعَهُ الْغَاصِبُ وَسَلَّمَهُ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ وَجَازَ بَيْعُهُ، وَالثَّمَنُ لَهُ وَإِنْ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ رَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ وَبَطَلَ الْبَيْعُ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ عَلَيْهِ وَإِنْ بَاعَ وَلَمْ يُسَلِّمْ لَا يَضْمَنُ بَزَّازِيَّةٌ أَوَائِلَ كِتَابِ الْغَصْبِ. وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ التُّمُرْتَاشِيِّ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ وَغَاصِبِ الْغَاصِبِ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْوَقْفِ الْمَغْصُوبِ بِأَنْ غَصَبَهُ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ وَكَانَ الثَّانِي أَمْلَأَ مِنْ الْأَوَّلِ فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَى الثَّانِي. (أَقُولُ) قَوْلُهُ " الْمَغْصُوبُ " نَعْتٌ لِلْوَقْفِ وَقَوْلُهُ: بِأَنْ غَصَبَهُ أَيْ الْغَاصِبُ الثَّانِي، وَالْحَالُ أَنَّ قِيمَتَهُ أَكْثَرُ مِمَّا كَانَتْ وَقْتَ مَا غَصَبَهُ الْغَاصِبُ الْأَوَّلُ. (سُئِلَ) فِي فَرَسٍ مُشْتَرَكَةٍ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ بَيْنَ زَيْدٍ وَعُمَرَ وَنِصْفَيْنِ وَهِيَ عِنْدَ زَيْدٍ فَأَرْكَبَهَا لِبَكْرٍ فَرَكِبَهَا بَكْرٌ إلَى مَكَانٍ بَعِيدٍ كُلُّ ذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ عَمْرٍو، وَكَانَتْ حَامِلًا فَوَلَدَتْ مُهْرًا عِنْدَ بَكْرٍ قَبْلَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا بِذَلِكَ وَمَاتَ الْمَهْرُ وَيُرِيدُ عَمْرٌو تَضْمِينَ زَيْدٍ نُقْصَانَ قِيمَةِ الْفَرَسِ وَالْمُهْرِ فَهَلْ يَضْمَنُ زَيْدٌ نُقْصَانَ قِيمَةِ الْفَرَسِ لَا الْمُهْرِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَضْمَنُ زَيْدٌ نُقْصَانَ قِيمَةِ الْفَرَسِ بِالْوِلَادَةِ وَلَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْوَلَدِ حَيْثُ لَمْ يَتَعَدَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ بَعْدَ طَلَبِهِ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْغَصْبِ وَفِي الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ الْعِنَايَةِ: وَإِنْ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَلَمْ يَنْجَبِرْ نُقْصَانُهُ بِوَجْهٍ آخَرَ ضَمِنَ النُّقْصَانَ سَوَاءٌ كَانَ النُّقْصَانُ فِي بَدَنِهِ مِثْلَ إنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَاعْوَرَّتْ أَوْ نَاهِدَةَ الثَّدْيَيْنِ فَانْكَسَرَ ثَدْيُهَا أَوْ فِي غَيْرِ بَدَنِهِ مِثْلَ إنْ كَانَ عَبْدًا مُحْتَرِفًا فَنَسِيَ الْحِرْفَةَ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ بِالْغَصْبِ وَقَدْ فَاتَ مِنْهُ جُزْءٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَدْ انْجَبَرَ نُقْصَانُهُ مِثْلَ إنْ وَلَدَتْ الْمَغْصُوبَةُ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَرَدَّهُمَا وَفِي قِيمَةِ الْوَلَدِ وَفَاءٌ بِنُقْصَانِ الْوِلَادَةِ فَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ شَيْئًا عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنْ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَ الْغَاصِبِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ إلَّا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ بِفِعْلِ الْغَيْرِ فَحِينَئِذٍ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ وَيَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى الْجَانِي أَوْ يَضْمَنُ الْجَانِي وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ اهـ. وَفِيهَا عَرَجُ الْحِمَارِ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ إنْ كَانَ يَمْشِي مَعَ الْعَرَجِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ وَإِنْ كَانَ لَا يَمْشِي أَصْلًا ضَمِنَ الْقِيمَةَ كَالْقَطْعِ اهـ وَفِيهَا ضَرَبَ بَقَرَةَ الْغَيْرِ فَسَقَطَتْ وَخِيفَ تَلَفُهَا فَبَاعَهَا مِنْ قَصَّابٍ فَذَبَحَهَا فَعَلَى الضَّارِبِ ضَمَانُ النُّقْصَانِ. اهـ. رَكِبَ حِمَارَ غَيْرِهِ فَعَيَّبَهُ وَضَمِنَ ثُمَّ زَالَ الْعَيْبُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا ضَمِنَ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ فَصْلِ فِيمَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ عَنْ الضَّمَانِ. (سُئِلَ) فِي جَمَّالٍ لَهُ جِمَالٌ مَعْلُومَةٌ مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِغْلَالِ غَصَبَهَا رَجُلٌ مِنْهُ وَاسْتَعْمَلَهَا مُدَّةً بِدُونِ عَقْدِ إجَارَةٍ وَلَا اسْتِئْجَارٍ وَيُرِيدُ الْجَمَّالُ مُطَالَبَتَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا عَنْ مُدَّةِ اسْتِعْمَالِهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْغَصْبِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ الْغَائِبِ دَارٌ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهِ بِيَدِ هِنْدٍ الْحَاضِرَةِ فَأَذِنَتْ لِسَاكِنِهَا عَمْرٍو بِتَعْمِيرِ حِيطَانِ بُيُوتٍ فِيهَا مَعَ سَقْفَيْنِ فِيهَا وَبِالصَّرْفِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ لِيَحْسِبَهُ مِنْ أُجْرَتِهَا فَفَعَلَ عَمْرٌو ذَلِكَ وَصَدَرَ ذَلِكَ بِدُونِ وَكَالَةٍ عَنْ الْغَائِبِ وَلَا إذْنٍ وَلَا إجَارَةَ مِنْهُ ثُمَّ حَضَرَ وَرَدَّ ذَلِكَ وَلَمْ يُجِزْهُ وَلَمْ يَرْضَ بِدَفْعِ شَيْءٍ لِعَمْرٍو فِي نَظِيرِ مَصْرِفِهِ وَيُرِيدُ عَمْرٌو قَلْعَ عِمَارَتِهِ حَيْثُ لَا يَضُرُّ الْقَلْعُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَمَنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أُمِرَ بِالْقَلْعِ وَالرَّدِّ وَلِلْمَالِكِ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ قِيمَةَ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ أَمَرَ بِقَلْعِهِ إنْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ بِهِ تَنْوِيرٌ

مِنْ الْغَصْبِ وَمِثْلُهُ فِي الْمُلْتَقَى، وَالدُّرَرِ، وَالْكَنْزِ وَغَيْرِهَا وَفِي مَسْأَلَتِنَا الْبِنَاءُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْأَرْضِ بَلْ عَلَى السَّقْفِ وَالْحِيطَانِ، وَالْحُكْمُ فِيهِمَا كَذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا نُقِلَ فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ أَحْكَامِ الْعِمَارَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لَوْ أَنَّ رَجُلًا بَنَى عَلَى السَّقْفِ الْأَعْلَى فِي دَارِ امْرَأَتِهِ بِأَمْرِهَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ ذَلِكَ قَالَ: الْبِنَاءُ لِلْمَرْأَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ فَإِنْ كَانَ بَنَى بِغَيْرِ أَمْرِهَا فَلَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ إنْ كَانَ لَا يُوجِبُ رَفْعُهُ ضَرَرًا فِي غَيْرِ مَا بَنَى قَالَ، وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ بَنَى فِي دَارِ غَيْرِهِ بِنَاءً وَأَنْفَقَ فِي ذَلِكَ بِأَمْرِ صَاحِبِهِ كَانَ الْبِنَاءُ لِصَاحِبِ الدَّارِ وَلِلْبَانِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ بِمَا أَنْفَقَ اهـ. وَقَدْ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ كَمَا فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْغَصْبِ بِرَفْعِ الْبِنَاءِ حَيْثُ أَمْكَنَ بِلَا ضَرَرٍ فِيمَنْ بَنَى فِي سَاحَةِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَرَاجِعْهُ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ دَفَعَتْ لِزَيْدٍ غِرَارَةَ حِنْطَةٍ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا عَمْرٍو فِي غَيْبَتِهِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْهُ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَزَرَعَ زَيْدٌ الْحِنْطَةَ وَاسْتَحْصَدَتْ فَهَلْ تَكُونُ الْحِنْطَةُ مِلْكًا لِزَيْدٍ وَيَضْمَنُ مِثْلَهَا لِعَمْرٍو؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ وَإِذَا تَغَيَّرَ الْمَغْصُوبُ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ حَتَّى زَالَ اسْمُهُ وَأَكْثَرُ مَنَافِعِهِ مَلَكَهُ وَضَمِنَهُ وَذَلِكَ كَذَبْحِ الشَّاةِ وَطَبْخِهَا أَوْ شَيِّهَا أَوْ تَقْطِيعِهَا وَطَحْنِ الْحِنْطَةِ وَزَرْعِهَا وَخُبْزِ الدَّقِيقِ وَجَعْلِ الصُّفْرِ آنِيَةً، وَالْحَدِيدِ سَيْفًا، وَالْبِنَاءِ عَلَى سَاحَةٍ وَعَصْرِ الزَّيْتُونِ، وَالْعِنَبِ وَغَزْلِ الْقُطْنِ وَنَسْجِ الْغَزْلِ. . . إلَخْ وَمِثْلُهُ فِي الْمُتُونِ، وَالشُّرُوحِ، وَالْفَتَاوَى وَتَمَامُ تَفَارِيعِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْعِمَادِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ هَدَمَ بَيْتَ نَفْسِهِ فَانْهَدَمَ مِنْ ذَلِكَ بِنَاءُ جَارِهِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْغَصْبِ هَدَمَ دَارِهِ فَانْهَدَمَ مِنْ ذَلِكَ بِنَاءُ جَارِهِ وَلَا يَضْمَنُ. اهـ. (سُئِلَ) فِي جَمَلٍ لِزَيْدٍ دَخَلَ زَرْعَ عَمْرٍو فَأَخْرَجَهُ عَمْرٌو عَنْ الزَّرْعِ وَسَاقَهُ وَضَرَبَهُ بِأَحْجَارٍ كَثِيرَةٍ تَعَدِّيًا فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ وَيُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يُضَمِّنَ عَمْرًا قِيمَتَهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَمَنْ وَجَدَ فِي زَرْعِهِ أَوْ كَرْمِهِ دَابَّةً وَقَدْ أَفْسَدَتْ زَرْعَهُ فَحَبَسَهَا فَهَلَكَتْ ضَمِنَ، وَلَوْ أَخْرَجَهَا الْمُخْتَارُ أَنَّهُ إذَا أَخْرَجَهَا وَسَاقَهَا يَضْمَنُ وَإِنْ أَخْرَجَهَا وَلَمْ يَسُقْهَا لَمْ يَضْمَنْ وَكَذَا لَوْ أَخْرَجَ دَابَّةَ الْغَيْرِ عَنْ زَرْعِ الْغَيْرِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ جِنَايَةِ الدَّوَابِّ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا. وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِهِ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ فِي بَابِ الْغَصْبِ عَازِيًا الْمَسْأَلَةَ لِلْخُلَاصَةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي حَانُوتٍ اسْتَأْجَرَهَا زَيْدٌ وَوَضَعَ فِيهَا شِيحًا وَحَطَبًا لِيُوقِدَ بِهِمَا فُرْنَهُ فَاحْتَرَقَ الشِّيحُ لَيْلًا بِلَا تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ وَفِي لِزْقِ الْحَانُوتِ دَارٌ لِعَمْرٍو فَخَافَ عَمْرٌو مِنْ وُصُولِ النَّارِ إلَى دَارِهِ فَهَدَمَ حَائِطَ نَفْسِهِ ثُمَّ قَامَ الْآنَ يُرِيدُ أَنْ يُضَمِّنَ زَيْدًا قِيمَةَ الْحَائِطِ الَّذِي هَدَمَهُ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ هَدَمَهُ بِنَفْسِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ لَيْسَتْ لَهُ فَهَدَمَهَا بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهَا حَتَّى انْقَطَعَ الْحَرِيقُ عَنْ دَارِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ إذَا لَمْ يَفْعَلْ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ عَزَّ نَصْرُهُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى فِي كِتَابِ الضَّمَانِ. (سُئِلَ) فِي حَائِطٍ قَدِيمٍ فِيهِ بَابٌ مِنْ حَجَرٍ جَارٍ فِي مِلْكِ زَيْدٍ فَعَمَدَ عَمْرُو وَهَدَمَهُ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ زَيْدٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يَأْخُذَ النَّقْضَ وَيُضَمِّنَ عَمْرًا قِيمَةَ نُقْصَانِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ مَنْ هَدَمَ بَيْتًا ضَمِنَ قِيمَتَهُ مَبْنِيًّا لَا قِيمَةَ الْعَرْصَةِ لِأَنَّهَا قَائِمَةٌ، وَالْغَصْبُ لَا يَجْرِي فِي الْعَقَارِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَفِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ مِنْ الْغَصْبِ قَوْلُهُ " مَنْ هَدَمَ حَائِطَ غَيْرِهِ. . . إلَخْ. (أَقُولُ) فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ وَإِذَا هَدَمَ الرَّجُلُ حَائِطَ جَارِهِ فَلِلْجَارِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْحَائِطِ، وَالنَّقْضُ لِلضَّامِنِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ النَّقْضَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ لِأَنَّ الْحَائِطَ قَائِمٌ مِنْ وَجْهٍ هَالِكٌ مِنْ وَجْهٍ فَإِنْ شَاءَ مَالَ إلَى جِهَةِ الْقِيَامِ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ مَالَ إلَى جِهَةِ الْهَلَاكِ وَضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْحَائِطِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى الْبِنَاءِ كَمَا كَانَ لِأَنَّ الْحَائِطَ لَيْسَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَطَرِيقُ تَضْمِينِ النُّقْصَانِ أَنْ تُقَوَّمَ الدَّارُ مَعَ حِيطَانِهَا وَتُقَوَّمَ بِدُونِ هَذَا الْحَائِطِ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا اهـ (أَقُولُ) وَهَذَا فِي غَيْرِ الْوَقْفِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْبِيرِيِّ أَيْ فَلَوْ هَدَمَ حَائِطَ

الْوَقْفِ مَسْجِدًا أَوْ غَيْرَهُ أُجْبِرَ عَلَى بِنَائِهِ. وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا وَقْفًا فَهَدَمَهَا وَجَعَلَهَا طَاحُونًا أَوْ فُرْنًا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَنْظُرُ الْقَاضِي إنْ كَانَ مَا غَيَّرَهَا إلَيْهِ أَنْفَعُ وَأَكْثَرُ رِيعًا أَخَذَ مِنْهُ الْأُجْرَةَ وَأَبْقَى مَا عَمَّرَهُ لِلْوَقْفِ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ وَإِلَّا أُلْزِمَ بِهَدْمِهِ وَإِعَادَتِهِ إلَى الصِّفَةِ الْأُولَى بَعْدَ تَعْزِيرِهِ بِمَا يَلِيقُ بِحَالِهِ اهـ وَتَمَامُهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ. (سُئِلَ) فِيمَنْ تَعَلَّقَ بِرَجُلٍ وَخَاصَمَهُ فَسَقَطَ مِنْ الْمُتَعَلَّقِ بِهِ شَيْءٌ فَضَاعَ هَلْ يَضْمَنُ الْمُتَعَلِّقُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَضْمَنُ الْمُتَعَلِّقُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ مِنْ التَّسَبُّبِ وَالدَّلَالَاتِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ (أَقُولُ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِلْمُتَعَلِّقِ فِي قَدْرِ مَا سَقَطَ نَظِيرَ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ وَكَذَا لَوْ أَنْكَرَ السُّقُوطَ أَصْلًا مَا لَمْ يُبَرْهِنْ الْآخَرُ وَكَتَبَ الْمُؤَلِّفُ فُرُوعًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ وَهِيَ فِي أَجْنَاسِ النَّاطِفِيُّ الْغَصْبُ عِبَارَةٌ عَنْ إيقَاعِ الْفِعْلِ فِيمَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِهِ أَمَّا مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ فِي الْمَحَلِّ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا حَتَّى لَوْ مَنَعَ رَجُلًا مِنْ دُخُولِ دَارِهِ أَوْ لَمْ يُمَكِّنْهُ مِنْ أَخْذِ مَالِهِ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ غَاصِبًا وَكَذَا لَوْ مَنَعَ الْمَالِكَ عَنْ الْمَوَاشِي حَتَّى ضَاعَتْ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ مَنَعَهَا مِنْهُ يَضْمَنُ. وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ إذَا حَبَسَ رَجُلًا حَتَّى ضَاعَ مَالُهُ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ حَبَسَ الْمَالَ عَنْ الْمَالِكِ يَضْمَنُ وَفِي مَبْسُوطِ الْإِسْبِيجَابِيِّ إذَا حَالَ بَيْنَ رَجُلٍ وَأَمْلَاكِهِ حَتَّى تَلِفَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي الْمَنْقُولِ ضَمِنَ وَفِي الْمُخْتَلِفَاتِ الْقَدِيمَةِ؟ إذَا وَقَفَ بِجَنْبِ دَابَّةِ رَجُلٍ وَمَنَعَ صَاحِبَهَا عَنْهَا حَتَّى هَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ وَأَوْضَحُ مِنْ هَذَا إذَا قَاتَلَ صَاحِبُ الْمَالِ وَقَتَلَهُ وَلَمْ يَأْخُذْ حَتَّى تَلِفَ الْمَالُ لَا يَضْمَنُ وَقَدْ مَرَّ فِي أَوَّلِ الْجِنْسِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا عَنْ الْعُيُونِ مَا يُخَالِفُ هَذَا وَفِي التَّجْنِيسِ رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَسْقِيَ زَرْعَهُ فَمَنَعَهُ إنْسَانٌ حَتَّى فَسَدَ زَرْعُهُ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا ذَكَرَ فِي الْعُدَّةِ وَفِي فَوَائِدِ عَمِّي نِظَامِ الدِّينِ خَتَمَ مَاءَ أُرْزِ آخَرَ حَتَّى هَلَكَ الْأُرْزُ هَلْ يَضْمَنُ أَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ وَكَانَ أُسْتَاذَهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ. فُصُولُ الْعِمَادِيِّ 33 فِي أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. (وَأَقُولُ) مُقْتَضَى هَذِهِ الْفُرُوعِ أَنَّ تُقَيَّدَ مَسْأَلَتِنَا بِمَا لَوْ أَوْقَعَ الْمُتَعَلِّقُ فِعْلًا فِي السَّاقِطِ تَأَمَّلْ وَأَمَّا لَوْ قَتَلَ صَاحِبَ الْمَالِ وَتَرَكَهُ حَتَّى تَلِفَ فَوَجْهُ الْقَوْلِ بِالضَّمَانِ فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا قَتَلَهُ فَقَدْ أَزَالَ يَدَ مَالِكِهِ عَنْهُ وَصَارَ بِيَدِهِ حُكْمًا فَإِذَا تَرَكَهُ حَتَّى تَلِفَ يَضْمَنُهُ تَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ أَرْضٌ يَزْرَعُهَا بِنَفْسِهِ وَلَا يَدْفَعُهَا مُزَارَعَةً فَزَرَعَهَا عَمْرٌو بِبَذْرِهِ حِنْطَةً بِلَا إذْنِ مَالِكِهَا الْمَزْبُورِ وَاسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ فَهَلْ الزَّرْعُ لِلزَّارِعِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ غَرَسَ فِي أَرْضِ آخَرَ بِدُونِ إذْنِهِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ، وَالرَّدِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا حَرَثَ زَيْدٌ أَرْضًا مَوْقُوفَةً لِيَزْرَعَهَا بِإِذْنِ نَاظِرِ الْوَقْفِ فَعَمَدَ عَمْرٌو وَزَرَعَهَا بِدُونِ إذْنِ النَّاظِرِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَنَبَتَ الزَّرْعُ وَلَمْ يُدْرِكْ وَقَلَعَهُ لَا يَضُرُّ بِالْوَقْفِ فَهَلْ يُؤْمَرُ عَمْرٌو بِقَلْعِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ غَرَسَ أَشْجَارًا لِنَفْسِهِ فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ عَمِّهِ بِدُونِ إذْنِهِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ عَنْ وَرَثَةٍ فَهَلْ يَكُونُ الْغِرَاسُ لَهُ يُورَثُ عَنْهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ زَرَعَ حِنْطَةً فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي مِلْكِ زَيْدٍ بِلَا إذْنِهِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ، وَنَبَتَ الزَّرْعُ وَلَمْ يُدْرِكْ وَيُرِيدُ زَيْدٌ تَكْلِيفَ الرَّجُلِ قَلْعَ زَرْعِهِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ لَمْ يُدْرِكْ الزَّرْعُ فَلِمَالِك الْأَرْضِ أَنْ يَأْمُرَ الْغَاصِبَ بِقَلْعِهِ وَلَوْ أَبَى فَلِلْمَالِكِ قَلْعُهُ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْمَالِكُ حَتَّى أَدْرَكَ الزَّرْعُ فَهُوَ لِلْغَاصِبِ وَلِلْمَالِكِ تَضْمِينُهُ نُقْصَانَ أَرْضِهِ إنْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ بِزِرَاعَتِهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفِي الْمُجْتَبَى زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ وَنَبَتَ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَأْمُرَ الْغَاصِبَ بِقَلْعِهِ فَإِنْ أَبَى يَقْلَعُهُ بِنَفْسِهِ وَقَبْلَ النَّبَاتِ يُخَيَّرُ صَاحِبُ الْأَرْضِ إنْ شَاءَ تَرَكَهَا تَنْبُتُ فَيَأْمُرُهُ بِقَلْعِهِ وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مَا زَادَ الْبَذْرُ فَتُقَوَّمُ مَبْذُورَةً بِبَذْرِ غَيْرِهِ لَهُ حَقُّ الْقَلْعِ وَيَغْرَمُ وَغَيْرَ مَبْذُورَةٍ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

أَنَّهُ يُعْطِيهِ مِثْلَ بَذْرِهِ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ مِنَحٌ مِنْ الْغَصْبِ وَذَكَرَهُ الْعَلَائِيُّ بِاخْتِصَارٍ مُفِيدٍ. (سُئِلَ) فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ جَارِيَةٍ فِي مِشَدِّ مِسْكَةِ آخَرَ فَعَمَدَ زَيْدٌ وَزَرَعَهَا فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَاسْتَغَلَّهَا كُلَّ ذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ مُتَوَلِّي الْأَرْضِ وَلَا مِمَّنْ لَهُ الْمِشَدُّ وَلَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ فِي إجَارَتِهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَرْقُومَةِ وَيُرِيدُ النَّاظِرُ مُطَالَبَةَ زَيْدٍ بِأُجْرَةِ مِثْلِ الْأَرْضِ الْمَزْبُورَةِ مُدَّةَ زَرْعِهِ وَاسْتِعْمَالِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَقَدْ أَجَابَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ عَنْ مِثْلِهِ بِقَوْلِهِ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْخَارِجِ أَوْ أُجْرَةِ زَرْعِهَا دَرَاهِمَ وَإِنْ قُلْنَا لَا تُرْفَعُ يَدُهُ عَنْهَا مَا دَامَ مُزَارِعًا يُعْطِي مَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِيهَا عَلَى وَجْهِ الْمَطْلُوبِ كَمَا فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْمُزَارَعَةِ. (أَقُولُ) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الشَّيْخِ خَيْرِ الدِّينِ لَيْسَ لَهُ. . . إلَخْ عَائِدٌ عَلَى الْمُزَارِعِ فَإِنَّ سُؤَالَهُ هَكَذَا: سُئِلَ عَنْ الْأَرْضِ السُّلْطَانِيَّةِ أَوْ الْوَقْفِ الَّتِي لَهَا مُزَارِعٌ مُعْتَادٌ عَلَيْهَا وَلَهُ يَدٌ سَابِقَةٌ فِي مُزَارِعَتِهَا بِالْحِصَّةِ الْمَعْهُودَةِ فِيهَا إذَا زَرَعَهَا غَيْرُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَدَفَعَ مَا عَلَيْهَا مِنْ الْحِصَّةِ فَهَلْ لِمُزَارِعِهَا أَنْ يُطَالِبَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْخَارِجِ أَوْ بِأُجْرَةِ زَرْعِهَا دَرَاهِمَ أَجَابَ لَا وَإِنْ قُلْنَا. . . إلَخْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالْحِصَّةِ أَوْ بِالْأُجْرَةِ لِوَكِيلِ السُّلْطَانِ أَوْ لِمُتَوَلِّي الْوَقْفِ لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ وَقْفًا وَلَيْسَ لِلْمُزَارِعِ وَصَاحِبِ الْمِسْكَةِ مُطَالَبَتُهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي نَفْسِ الْأَرْضِ فَاحْفَظْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَخْفَى عَلَى كَثِيرِينَ. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ مَعْلُومَةٍ فِي قَرْيَةٍ مُعَدَّةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ زَرَعَهَا زَيْدٌ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهَا عَمْرٍو وَاسْتَغَلَّهَا قَامَ عَمْرٌو وَيُطَالِبُ الزَّارِعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ زَرْعِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْقَرْيَةِ عُرْفٌ مِنْ اقْتِسَامِ الْغَلَّةِ أَنْصَافًا أَوْ أَرْبَاعًا فَهَلْ يَكُونُ الْخَارِجُ لِلزَّارِعِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَتْ لِزَيْدٍ أَرْضٌ مِنْ جُمْلَةِ أُرَاضِي قَرْيَةٍ مُعَدَّةٍ لِلزِّرَاعَةِ، وَالْعُرْفُ فِي الْقَرْيَةِ أَنَّ مَنْ زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَعَلَيْهِ الرُّبْعُ مِنْ الزَّرْعِ الشَّتْوِيِّ فَزَرَعَ عَمْرٌو الْأَرْضَ الْمَزْبُورَةَ حِنْطَةً بِغَيْرِ أَمْرِ زَيْدٍ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ وَلِزَيْدٍ مَا عَلَيْهِ الْعُرْفُ مِنْ الزَّرْعِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَلَوْ زَرَعَ أَرْضَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فَإِنْ اقْتَسَمُوا الْغَلَّةَ أَنْصَافًا أَوْ أَرْبَاعًا اُعْتُبِرَ وَإِلَّا فَالْخَارِجُ لِلزَّارِعِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ وَأَمَّا فِي الْوَقْفِ فَتَجِبُ الْحِصَّةُ أَوْ الْأَجْرُ بِكُلِّ حَالٍ فُصُولَيْنِ اهـ (أَقُولُ) عِبَارَةُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ وَمَنْ زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ يَجِبُ الثُّلُثُ أَوْ الرُّبُعُ عَلَى مَا هُوَ عُرْفُ الْقَرْيَةِ ثُمَّ رَمَزَ لِفَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ زَرَعَ الْأَكَّارُ سِنِينَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ جَوَابُ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُزَارَعَةً فَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْأَكَّارِ وَعَلَيْهِ تَصَدَّقَ بِمَا فَضَلَ مِنْ بَذْرِهِ وَأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَهَكَذَا كَانُوا يُفْتُونَ بِبُخَارَى وَقِيلَ: تَكُونُ مُزَارَعَةً وَقِيلَ: لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُعَدَّةً لِلزِّرَاعَةِ بِأَنْ كَانَ رَبُّهَا مِمَّنْ لَا يَزْرَعُ بِنَفْسِهِ وَيَدْفَعُهَا مُزَارَعَةً فَذَلِكَ عَلَى الْمُزَارَعَةِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ حِصَّةٌ عَلَى مَا هُوَ عُرْفُ تِلْكَ الْقَرْيَةِ. لَكِنْ إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَقْتَ الزِّرَاعَةِ أَنَّهُ زَرَعَهَا عَلَى وَجْهِ الْغَصْبِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً أَوْ عَلَى تَأْوِيلٍ فَإِنَّ مَنْ أَجَّرَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ وَلَمْ يُجِزْهُ رَبُّهَا وَقَدْ زَرَعَهَا الْمُسْتَأْجَرُ فَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لَا عَلَى الزِّرَاعَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُعَدَّةً إلَّا فِي الْوَقْفِ تَجِبُ فِيهِ الْحِصَّةُ أَوْ الْأَجْرُ بِأَيِّ جِهَةٍ زَرَعَهَا أَوْ سَكَنَهَا أُعِدَّتْ لِلزِّرَاعَةِ أَوْ لَا وَعَلَى هَذَا اسْتَقَرَّ فَتْوَى عَامَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ وَحَاصِلُهُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً: الْأَوَّلُ أَنَّهُ إذَا زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ لَا يَكُونُ غَصْبًا بَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْمُزَارَعَةِ وَحِصَّةُ رَبِّ الْأَرْضِ مَا جَرَى عَلَيْهِ عُرْفُ الْقَرْيَةِ مِنْ ثُلُثٍ أَوْ رُبُعٍ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي جَوَابُ الْكِتَابِ أَنَّهُ يَكُونُ غَاصِبًا، وَالزَّرْعُ كُلُّهُ لَهُ لَكِنْ يَتَصَدَّقُ بِمَا فَضَلَ عَنْ بَذْرِهِ وَأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فِي أَخْذِهَا عَلَى وَجْهِ الْمُزَارَعَةِ فَلَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّهُ يَكُونُ مُزَارَعَةً إذَا كَانَ صَاحِبُهَا أَعَدَّهَا لِلِاسْتِغْلَالِ بِأَنْ كَانَ يَدْفَعُهَا مُزَارَعَةً لِغَيْرِهِ

وَلَا يَزْرَعُهَا بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَرِينَةً عَلَى أَنَّ الزَّارِعَ إنَّمَا أَخَذَهَا عَلَى وَجْهِ الْمُزَارَعَةِ عَلَى عُرْفِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ أَمَّا لَوْ كَانَ صَاحِبُهَا يَزْرَعُهَا بِنَفْسِهِ يَكُونُ الزَّارِعُ غَاصِبًا فَالزَّرْعُ كُلُّهُ لَهُ وَقَوْلُهُ لَكِنْ إنَّمَا يُحْمَلُ. . . إلَخْ. مَعْنَاهُ أَنَّ كَوْنَ ذَلِكَ مُزَارَعَةً فِيمَا إذَا كَانَ صَاحِبُهَا أَعَدَّهَا لِذَلِكَ وَكَانَ فِي الْقَرْيَةِ عُرْفٌ مِنْ قَسْمٍ مَعْلُومٍ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إنَّمَا يَتِمُّ إذَا لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ زَرَعَهَا عَلَى وَجْهِ الْغَصْبِ أَوْ بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ أَوْ مِلْكٍ وَيُوَافِقُ هَذَا مَا قَالَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْمُزَارَعَةِ قَالَ الْقَاضِي وَعِنْدِي أَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِلزِّرَاعَةِ وَحِصَّةُ الْعَامِلِ مَعْلُومَةٌ عِنْدَ أَهْلِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ فُقِدَ أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ وَيُنْظَرُ إلَى الْعَادَةِ إذَا لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ زَرَعَهَا لِنَفْسِهِ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَأْخُذُ مُزَارَعَةً وَيَأْنَفُ مِنْ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ غَصْبًا، وَالْخَارِجُ لَهُ، وَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ وَكَذَا لَوْ زَرَعَهَا بِتَأْوِيلٍ بِأَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِغَيْرِ الْمُؤَجِّرِ وَلَمْ يُجِزْهَا رَبُّهَا وَزَرَعَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لَا تَكُونُ مُزَارَعَةً لِأَنَّهُ زَرَعَهَا بِتَأْوِيلِ الْإِجَارَةِ اهـ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي غَصْبِ الذَّخِيرَةِ قَالُوا فِي الْمُعَدَّةِ لِلِاسْتِغْلَالِ: يَجِبُ الْأَجْرُ إذَا سَكَنَ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ عُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ وَذَكَرَ فِي مُزَارَعَةِ الذَّخِيرَةِ أَنَّ السُّكْنَى فِيهَا تُحْمَلُ عَلَى الْإِجَارَةِ إلَّا إذَا سَكَنَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ اهـ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّ مَنَافِعَ الْغَصْبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ إلَّا فِي الْوَقْفِ وَمَالِ الْيَتِيمِ وَالْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ إلَّا إذَا سَكَنَ الْمُعَدَّ لِلِاسْتِغْلَالِ بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ أَوْ مِلْكٍ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ عَنْ التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ. وَقَالَ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ قُبَيْلَ بَابِ فَسْخِ الْإِجَارَةِ مَا نَصُّهُ وَفِي الْأَشْبَاهِ ادَّعَى نَازِلُ الْخَانِ وَدَاخِلُ الْحَمَّامِ وَسَاكِنُ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ الْغَصْبَ لَمْ يُصَدَّقْ، وَالْأَجْرُ وَاجِبٌ قُلْت فَكَذَا مَالُ الْيَتِيمِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ فَتَنَبَّهْ اهـ. وَقَوْلُ الْفُصُولَيْنِ إلَّا فِي الْوَقْفِ تَجِبُ فِيهِ الْحِصَّةُ أَوْ الْأَجْرُ. . . إلَخْ. أَيْ تَجِبُ فِيهِ الْحِصَّةُ إنْ كَانَ ثَمَّةَ عُرْفٌ فِي أَخْذِهَا مُزَارَعَةً بِحِصَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَإِلَّا فَالْأَجْرُ وَقَوْلُهُ بِأَيِّ جِهَةٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ غَاصِبًا أَوْ لَا وَذَكَرَ فِي الْإِسْعَافِ أَنَّهُ لَوْ زَرَعَ أَرْضَ الْوَقْفِ يَلْزَمُ أَجْرُ مِثْلِهَا عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ، وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْأَجْرُ أَنْفَعَ لِلْوَقْفِ لِقَوْلِهِمْ يُفْتَى بِمَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ وَلَوْ عَلَى وَجْهِ الْغَصْبِ فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مِلْكًا وَأَعَدَّهَا رَبُّهَا لِلزِّرَاعَةِ اُعْتُبِرَ الْعُرْفُ فِي الْحِصَّةِ إنْ كَانَ ثَمَّةَ عُرْفٌ وَإِلَّا فَإِنْ أَعَدَّهَا لِلْإِيجَارِ فَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِلزَّارِعِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهَا لِرَبِّهَا وَإِلَّا فَإِنْ اُنْتُقِضَتْ فَعَلَيْهِ النُّقْصَانُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ وَقْفًا فَإِنْ ثَمَّةَ عُرْفٍ وَكَانَ أَنْفَعَ اُعْتُبِرَ وَإِلَّا فَأَجْرُ الْمِثْلِ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ مَالُ يَتِيمٍ أَوْ سُلْطَانِيَّةٍ، فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْمُفْرَدَ الْجَامِعَ بَيْنَ كَلَامِهِمْ الْمُبَدَّدِ. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ مَعْلُومَةٍ مُعَدَّةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ جَارِيَةٍ فِي مِلْكِ هِنْدٍ فَوَضَعَ زَيْدٌ يَدَهُ عَلَيْهَا وَاسْتَغَلَّهَا وَاسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا مُدَّةً بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ قَامَتْ هِنْدٌ تُطَالِبُهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا عَنْ الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ سَكَنَ دَارًا مُعَدَّةً لِلْغَلَّةِ أَوْ زَرَعَ أَرْضًا مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْجَارٍ يَجِبُ الْأَجْرُ جَامِعُ الْفَتَاوَى مِنْ الْإِجَارَةِ. (سُئِلَ) فِي حَانُوتٍ مِلْكٍ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ سَكَنَهَا أَحَدُهُمَا مُدَّةً بِدُونِ إجَارَةِ وَلَا أُجْرَةٍ وَهِيَ مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِغْلَالِ فَهَلْ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ 32 فِي أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ بَيْتٌ أَوْ حَانُوتٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ وَإِنْ كَانَ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ لِأَنَّهُ سَكَنَ بِتَأْوِيلِ الْمِلْكِ اهـ وَبِذَلِكَ حَصَلَ الْجَوَابُ وَذَكَرَ قُبَيْلَهُ مَا نَصُّهُ، وَفِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ طَاهِرِ بْنِ مَحْمُودٍ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا سَكَنَ فِي دَارِ الشَّرِكَةِ بِغَيْبَةِ صَاحِبِهِ ثُمَّ جَاءَ الْآخَرُ يَطْلُبُ أَجْرَ حِصَّتِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ لِأَنَّ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ فِي حَقِّ السُّكْنَى وَفِيمَا كَانَ مِنْ تَوَابِعِ السُّكْنَى تُجْعَلُ مَمْلُوكَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْكَمَالِ إذْ لَوْ لَمْ تُجْعَلْ كَذَلِكَ لَمُنِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ

الدُّخُولِ، وَالْعُقُودِ وَوَضْعِ الْأَمْتِعَةِ فَيَتَعَطَّلُ عَلَيْهِمَا مَنَافِعُ مِلْكِهِمَا وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِذَا كَانَ هَكَذَا صَارَ الْحَاضِرُ سَاكِنًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ وَمِثْلُهُ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ إجَارَاتِ الذَّخِيرَةِ اهـ. (سُئِلَ) فِي طَاحُونَةِ مَاءٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ بَالِغَيْنِ وَيَتِيمٍ لِكُلٍّ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِيهَا فَاسْتَعْمَلَهَا الْبَالِغَانِ بِالطَّحْنِ بِهَا مُدَّةً بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ حَتَّى بَلَغَ الْيَتِيمُ رَشِيدًا فَطَالَبَهُمَا الْآنَ بِأُجْرَةِ مِثْلِ حِصَّتِهِ مُدَّةَ اسْتِعْمَالِهِمَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ سُئِلَ فِي بِئْرٍ مُعَدَّةٍ لِخَزْنِ الْغِلَالِ بِالْأُجْرَةِ بَيْنَ يَتِيمٍ وَبَالِغٍ أَجَّرَهُ الْبَالِغُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ هَلْ يَلْزَمُ دَفْعُ حِصَّةِ الْيَتِيمِ مِنْ الْأُجْرَةِ لِوَلِيِّهِ أَمْ لَا، أَجَابَ نَعَمْ يَلْزَمُ بَلْ لَوْ اسْتَعْمَلَهُ الشَّرِيكُ لِنَفْسِهِ بِلَا إجَارَةٍ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِ حِصَّةِ الْيَتِيمِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ إلْحَاقًا لَهُ بِالْوَقْفِ صِيَانَةً لَهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي التُّمُرْتَاشِيَّةِ مِنْ الشَّرِكَةِ. (سُئِلَ) فِي حَانُوتٍ مُعَدَّةٍ لِصَبْغِ الْأَثْوَابِ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَضَعَ زَيْدٌ فِيهَا بَعْضَ آلَةِ الصَّبْغِ كَالْمِدَقِّ وَالْحَلَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَعَطَّلَ الْحَانُوتَ مُدَّةً بِدُونِ إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَيُرِيدُ نَاظِرُ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ مُطَالَبَةَ زَيْدٍ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : مَنَافِعُ الْغَصْبِ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ اسْتَوْفَاهَا أَوْ عَطَّلَهَا فَإِنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عِنْدَنَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَغْصُوبُ وَقْفًا أَوْ مَالَ يَتِيمِ أَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ. . . إلَخْ تَنْوِيرٌ مِنْ الْغَصْبِ. (أَقُولُ) وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ، وَالْعَجَبُ مِنْ الشُّرُنْبُلَالِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي حَاشِيَةِ الدُّرَرِ وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ عَطَّلَ اهـ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ مَعَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمَذْكُورَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ: اسْتَوْفَاهَا أَوْ عَطَّلَهَا. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مِلْكٍ بَيْنَ إخْوَةٍ ثَلَاثَةٍ بَالِغِينَ سَكَنَهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِدُونِ إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَلَا إذْنٍ وَلَيْسَتْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ عَنْ مُدَّةِ سُكْنَاهُ لِحِصَّةِ أَخَوَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرَرِ: الْمَنَافِعُ كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَسُكْنَى الدَّارِ وَاسْتِخْدَامِ الْمَمْلُوكِ لَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ وَقَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَمَنَافِعُ الْغَصْبِ اسْتَوْفَاهَا أَوْ عَطَّلَهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَقْفًا أَوْ مَالَ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ إلَّا إذَا سَكَنَ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مَعْلُومَةٍ غَيْرِ مُعَدَّةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ يَتِيمَيْنِ وَبَالِغَيْنِ سَكَنُوا الْجَمِيعُ فِي الدَّارِ مُدَّةً بِلَا إجَارَةٍ لِحِصَّةِ الْيَتِيمَيْنِ وَلَا أُجْرَةٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِحِصَّةِ الْيَتِيمَيْنِ فِي الْمُدَّةِ؟ (الْجَوَابُ) : يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ (أَقُولُ) الضَّمِيرُ فِي سَكَنُوا عَائِدٌ عَلَى الْبَالِغَيْنِ فَقَطْ وَوَجْهُ لُزُومِهِمْ الْأُجْرَةَ أَنَّ مَالَ الْيَتِيمِ مُلْحَقٌ بِالْوَقْفِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَأَمَّا قَوْلُ التَّنْوِيرِ إلَّا إذَا سَكَنَ بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ أَوْ مِلْكٍ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ فَقَطْ كَمَا أَفَادَهُ شَارِحُهُ الْعَلَائِيُّ وَبَيَّنَّاهُ سَابِقًا. (سُئِلَ) فِي دَارٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ عَلَى زَيْدٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَسَكَنَ زَيْدٌ فِي كَامِلِهَا بِالْغَلَبَةِ بِدُونِ إذْنِ الْمَرْأَتَيْنِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُمَا شَيْئًا مِنْ أُجْرَتِهَا فَهَلْ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِ حِصَّتِهِمَا مُدَّةَ سُكْنَاهُ فِيهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ الْوَقْفُ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا بِالْغَلَبَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ سَوَاءً كَانَ مَوْقُوفًا لِلسُّكْنَى أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْأَجْرُ أَيْضًا وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَصُوَرِ الْمَسَائِلِ وَالْبَحْرِ، وَالْقُنْيَةِ وَأَفْتَى بِهِ خَاتِمَةُ الْمُحَقِّقِينَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَكَذَا غَيْرُهُ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَى إفْتَائِهِ. (سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ أَسْكَنَهُمْ نَاظِرُ الْوَقْفِ دَارَ الْوَقْفِ مُدَّةً بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ لِجِهَةِ الْوَقْفِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ مُدَّةَ سُكْنَاهُمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَفِي الْفَتَاوَى مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إذَا سَكَنَ دَارَ الْوَقْفِ بِغَيْرِ أَجْرِ ذَكَرَ هِلَالٌ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى السَّاكِنِ، وَعَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ عَلَيْهِ أَجْرَ الْمِثْلِ سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّارُ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ أَوْ لَمْ تَكُنْ صِيَانَةً لِلْوَقْفِ عَنْ أَيْدِي الظَّلَمَةِ وَقَطْعًا لِلْأَطْمَاعِ الْفَاسِدَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَالرَّحِيمِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سَكَنَ مَعَ زَوْجَتِهِ غَصْبًا فِي دَارٍ جَارِيَةٍ فِي مِلْكِ الزَّوْجَةِ وَأَهْلِهَا مُدَّةَ سِنِينَ بِلَا إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ وَلَيْسَتْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ

فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ لَهُمْ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ سَكَنَ غَصْبًا وَلَمْ تَكُنْ الدَّارُ وَقْفًا وَلَا لِأَيْتَامٍ وَلَا مُعَدَّةٍ لِلِاسْتِغْلَالِ لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَإِنْ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَ الْغَاصِبِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ إلَّا إذَا كَانَ النُّقْصَانُ بِفِعْلِ الْغَيْرِ فَحِينَئِذٍ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ تَضْمِينِ الْغَاصِبِ وَيَرْجِعُ الْغَاصِبُ عَلَى الْجَانِي أَوْ يَضْمَنُ الْجَانِي وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بَزَّازِيَّةٌ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سَكَنَ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي دَارِ وَقْفٍ بِدُونِ إجَارَةٍ وَلَا أُجْرَةٍ حَتَّى مَاتَ الرَّجُلُ عَنْهَا وَعَنْ تَرِكَةٍ فَهَلْ تُؤْخَذُ أُجْرَةُ الدَّارِ مِنْ التَّرِكَةِ أَوْ مِنْ الزَّوْجَةِ؟ (الْجَوَابُ) : تُؤْخَذُ أُجْرَةُ الدَّارِ مِنْ تَرِكَةِ الرَّجُلِ لَا مِنْ الزَّوْجَةِ لِأَنَّ الرَّجُلَ مَتْبُوعٌ، وَالزَّوْجَةَ تَابِعَةٌ، وَالْأُجْرَةُ تَلْزَمُ الْمَتْبُوعَ لَا التَّابِعَ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ فِي نَوْعِ الْمُتَفَرِّقَاتِ، وَمَنْ سَكَنَ دَارَ الْوَقْفِ أَوْ الْيَتِيمِ بِأَهْلِهِ وَأَتْبَاعِهِ فَأَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى الرَّجُلِ الْمَتْبُوعِ اهـ. وَفِي وَصَايَا التَّنْوِيرِ أَهْلُ الرَّجُلِ: زَوْجَتُهُ. . . إلَخْ. (سُئِلَ) فِيمَنْ غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ وَقِيمَةُ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ هَلْ يَمْلِكُ الْأَرْضَ بِقِيمَتِهَا أَمْ يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ؟ (الْجَوَابُ) : أَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي مُفْتِي الرُّومِ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِقَلْعِ ذَلِكَ وَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ وَنَعَمْ هَذَا الْجَوَابُ فَإِنَّ فِيهِ سَدَّ بَابِ الظُّلْمِ، وَالْغَصْبِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافٌ وَأُخِذَ جَوَابُهُ مِنْ فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمِنْ الْقُهُسْتَانِيِّ وَعِبَارَةُ الْقُهُسْتَانِيِّ وَمَنْ بَنَى بِنَاءً فِي أَرْضٍ غَيْرِهِ غَصْبًا أَوْ غَرَسَ شَجَرًا كَذَلِكَ أُمِرَ الْغَاصِبُ بِالْقَلْعِ أَيْ قَلْعِ الْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ وَالرَّدِّ أَيْ رَدِّ الْأَرْضِ فَارِغَةً إلَى الْمَالِكِ وَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ: إنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِهِ حِينَئِذٍ وَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَهَذَا أَوْفَقُ لِمَسَائِلِ الْبَابِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَصَدْرِ الْإِسْلَامِ وَأَنَّهُ حَسَنٌ وَلَكِنْ نَحْنُ نُفْتِي بِجَوَابِ الْكِتَابِ اتِّبَاعًا لِأَشْيَاخِنَا فَإِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَتْرُكُونَ جَوَابَ الْكِتَابِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ. اهـ. وَفِي هَامِشِ الْأَنْقِرْوِيِّ مَا نَصُّهُ " وَلَا يُفْتَى بِقَوْلِ الْكَرْخِيِّ صَرَّحَ بِهِ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ وَقَالَ فِي نُورِ الْعَيْنِ: يَقُولُ الْحَقِيرُ عَدَمُ انْقِطَاعِ مِلْكِ الْمَالِكِ هُوَ الْمَذْكُورُ وَحْدَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ وَعَامَّةِ الْمُتُونِ وَلَكِنْ اُخْتِيرَ فِي شُرُوحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا قَوْلُ الْكَرْخِيِّ وَلَعَلَّ الْأَوَّلَ قِيَاسٌ، وَالثَّانِيَ اسْتِحْسَانٌ وَهُوَ الْأَوْلَى لِمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّ لِصَاحِبِ أَكْثَرِ الْمَالَيْنِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْآخَرَ بِقِيمَتِهِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ كَدَابَّةٍ ابْتَلَعَتْ لُؤْلُؤَةً فَلَوْ قِيمَةُ اللُّؤْلُؤَةِ أَكْثَرُ فَلِرَبِّهَا أَنْ يَتَمَلَّكَ الدَّابَّةَ وَكَدَابَّةٍ أَدْخَلَتْ رَأْسَهَا فِي قِدْرِ رَجُلٍ وَلَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُ رَأْسِهَا إلَّا بِكَسْرِ الْقِدْرِ لَوْ قِيمَتُهَا أَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ فَلِرَبِّهَا أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِقِيمَتِهِ اهـ. (قُلْت) وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَمَسْأَلَةِ الْغَصْبِ بِأَنَّ فِعْلَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَمْرٌ اضْطِرَارِيٌّ لِصُدُورِهِ بِدُونِ قَصْدٍ مُعْتَبَرٍ وَأَمَّا الْغَصْبُ فَهُوَ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ مَقْصُودٌ. وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الْمَوْلَى عَلِيٌّ أَفَنْدِي هُوَ الْأَوْلَى، وَالْأَحْرَى فِي هَذَا الزَّمَانِ لِغَلَبَةِ أَهْلِ الظُّلْمِ وَالْغَاصِبِينَ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» قَالَ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ أَيْ لَيْسَ لِذِي عِرْقٍ ظَالِمٍ وَصَفَ الْعِرْقَ بِصِفَةِ صَاحِبِهِ وَهُوَ الظَّالِمُ وَهُوَ مِنْ الْمَجَازِ كَمَا يُقَالُ: صَامَ نَهَارَهُ وَقَامَ لَيْلَهُ قَالَ تَعَالَى {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4] وَلِأَنَّ الْأَرْضَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ إذْ لَمْ تَصِرْ مُسْتَهْلَكَةً وَلَا مَغْصُوبَةً حَقِيقَةً وَلَا وُجِدَ فِيهَا شَيْءٌ يُوجِبُ الْمِلْكَ لِلْغَاصِبِ فَيُؤْمَرُ بِتَفْرِيغِهَا وَرَدِّهَا إلَى مَالِكِهَا كَمَا إذَا شَغَلَ ظَرْفَ غَيْرِهِ بِالطَّعَامِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا إذَا زَادَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ وَالْحَدِيثُ الشَّرِيفُ يُسْتَأْنَسُ بِهِ لِمَا أَفْتَى بِهِ الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ. (سُئِلَ) فِي جَمَلٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو ذَبَحَهُ عَمْرٌو بِدُونِ إذْنٍ مِنْ شَرِيكِهِ زَيْدٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ زَيْدٌ تَضْمِينَ عَمْرٍو قِيمَةَ حِصَّتِهِ مِنْهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي الْأَصَحِّ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ 32 وَمَنْ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ فَمَالِكُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ

وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَغَرَّمَهُ النُّقْصَانَ وَكَذَا الْجَزُورُ وَكَذَا إذَا قَطَعَ يَدَهُمَا وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَرُوِيَ عَنْهُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ اهـ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْغَصْبِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا غَصَبَ زَيْدٌ شَجَرَةَ زَيْتُونٍ لِعَمْرٍو وَقَلَعَهَا وَغَرَسَهَا فِي مِلْكِهِ فَنَبَتَتْ وَأُدْرِكَتْ فَهَلْ تَكُونُ الشَّجَرَةُ الْمَزْبُورَةُ لِزَيْدٍ وَلِصَاحِبِهَا عَمْرٍو قِيمَتُهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ التَّعْزِيرُ اللَّائِقُ بِحَالِهِ الرَّادِعُ لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَلَوْ غَصَبَ تَالَّةً صَغِيرَةً فَغَرَسَهَا فِي مِلْكِهِ فَأَدْرَكَتْ فِي أَرْضِهِ فَلِصَاحِبِ التَّالَّةِ قِيمَةُ التَّالَّةِ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى النَّخْلَةِ عِنْدَنَا لِأَنَّهَا صَارَتْ تَبَعًا لِأَرْضِهِ وَلَوْ غَصَبَ تَالَّةً وَلَمْ تَزْدَدْ فَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ فَلَا شَكَّ أَنَّهَا تُرَدُّ عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ نَبَتَتْ وَلَمْ تَزْدَدْ يَنْبَغِي أَنْ تُرَدَّ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَيْضًا لِأَنَّهُ وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي الزِّيَادَةِ فِي غَصْبِ الْمَبْسُوطِ لِصَدْرِ الْإِسْلَامِ أَبِي الْيُسْرِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عِمَادِيَّةٌ فِي 32 وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ، وَالتَّالَّةُ صِغَارُ النَّخْلِ قَامُوسٌ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ عَمَدَ إلَى كَرْمِ آخَرَ وَقَطَعَ أَشْجَارَهُ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا فَهَلْ إذَا ثَبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ التَّعْزِيرُ وَقِيمَةُ مَا قَطَعَهُ قَائِمًا فِي أَرْضِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَلَوْ قَطَعَ شَجَرَةَ رَجُلٍ تُقَوَّم الْأَرْضُ وَفِيهَا الشَّجَرَةُ وَتُقَوَّمُ بِلَا شَجَرَةٍ فَيَغْرَمُ مَا بَيْنَهُمَا وَكَذَا الزَّرْعُ عِمَادِيَّةٌ وَفِيهَا أَيْضًا قَطَعَ أَشْجَارَ كَرْمِ إنْسَانٍ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ غَيْرَ الْمِثْلِيِّ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ يُقَوَّمَ الْكَرْمُ مَعَ الْأَشْجَارِ النَّابِتَةِ وَيُقَوَّمُ مَقْطُوعَ الْأَشْجَارِ فَفَضْلُ مَا بَيْنَهُمَا قِيمَةُ الْأَشْجَارِ فَبَعْدَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْكَرْمِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَ الْأَشْجَارَ الْمَقْطُوعَةَ إلَى الْقَاطِعِ وَضَمَّنَهُ تِلْكَ الْقِيمَةَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ الْأَشْجَارَ وَرَفَعَ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ قِيمَةَ الْأَشْجَارِ الْمَقْطُوعَةِ وَضَمَّنَهُ حِصَّةَ الْبَاقِي. وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي فَتَاوِيهِ مَسْأَلَةَ قَطْعِ الْأَشْجَارِ هَكَذَا ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَشْجَارِ مَقْطُوعَةً وَغَيْرَ مَقْطُوعَةٍ سَوَاءٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (أَقُولُ) فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْكَرْمِ مَعَ الْأَشْجَارِ النَّابِتَةِ أَلْفًا مَثَلًا وَبِدُونِ الْأَشْجَارِ سَبْعَمِائَةٍ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَشْجَارِ قَائِمَةً ثَلَثَمِائَةٍ وَهِيَ فَضْلُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ فَإِنْ شَاءَ الْمَالِكُ دَفَعَ لَهُ الْأَشْجَارَ الْمَقْطُوعَةَ وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا قَائِمَةً وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَنَظَرَ إلَى قِيمَتِهَا مَقْطُوعَةً فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مَقْطُوعَةً مِائَةً مَثَلًا رَفَعَ عَنْهُ مِائَةً وَضَمَّنَهُ الْبَاقِيَ مِنْ قِيمَتِهَا قَائِمَةً وَهُوَ مِائَتَانِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مَقْطُوعَةً وَقَائِمَةً سَوَاءٌ وَاخْتَارَ إمْسَاكَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ وَذَلِكَ مِثْلُ الصَّفْصَافِ، وَالْحَوَرِ بِالْمُهْمَلَةِ فَإِنَّ قِيمَتَهُ قَائِمًا وَقْتَ الْقَطْعِ لَا تَزِيدُ عَلَى قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا بِخِلَافِ شَجَرِ الْكَرْمِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ قِيمَتَهُ قَائِمًا صَالِحًا لِلثَّمَرِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ مَقْطُوعًا لَا يَصْلُحُ إلَّا حَطَبًا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي بَيَانِ هَذَا الْمَقَامِ فَتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَضَعَ زَيْدٌ يَدَهُ عَلَى كَرْمٍ عِنَبٍ لِعَمْرٍو وَتَصَرَّفَ بِعِنَبِهِ بِطَرِيقِ الْغَصْبِ وَلَمْ يَدْفَعْ لِعَمْرٍو مِنْهُ شَيْئًا ثُمَّ رَدَّ الْكَرْمَ لِعَمْرٍو وَامْتَنَعَ مِنْ رَدِّ مِثْلِ الْعِنَبِ الَّذِي تَصَرَّفَ بِهِ فَهَلْ عَلَيْهِ رَدُّهُ لِعَمْرٍو حَيْثُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْمِثْلُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ زَوَائِدُ الْمَغْصُوبِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَّصِلَةً كَالسِّمَنِ وَالْحُسْنِ أَوْ مُنْفَصِلَةً كَالْوَلَدِ وَالثَّمَرِ لَا تُضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي أَوْ الْمَنْعِ بَعْدَ الطَّلَبِ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ وَحُكْمُهَا هَذَا دُرَرٌ مِنْ الْغَصْبِ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ، وَالْعِنَبُ مِثْلِيٌّ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَلَوْ كَانَ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبُ قَدْ هَلَكَ وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي الْتَقَيَا مِثْلَ السِّعْرِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِرَدِّ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ السِّعْرُ فِي هَذَا الْمَكَانِ أَقَلَّ فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَةَ الْعَيْنِ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ وَقْتَ الْغَصْبِ وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ وَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي مَكَانِ الْخُصُومَةِ أَكْثَرَ يُخَيَّرُ الْغَاصِبُ إنْ شَاءَ أَعْطَى مِثْلَهُ فِي مَكَانِ الْخُصُومَةِ وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ قِيمَتَهُ حَيْثُ غَصَبَ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالتَّأْخِيرِ وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ فِي الْمَكَانَيْنِ سَوَاءً كَانَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْمِثْلِ خَانِيَّةٌ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ الْمَغْصُوبُ لَوْ قَائِمًا يَأْخُذُهُ مَالِكُهُ مِثْلِيًّا أَوْ لَا فِي كُلِّ الْوُجُوهِ إلَّا إنْ كَانَتْ بَلْدَةُ

الْخُصُومَةِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ بَلْدَةِ الْغَصْبِ فَحِينَئِذٍ لِلْمَالِكِ خِيَارَاتٌ ثَلَاثٌ رَضِيَ بِهِ أَوْ انْتَظَرَ أَوْ أَخَذَ قِيمَتَهُ مَكَانَ الْغَصْبِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو الْأَخَوَيْنِ غِرَاسُ عِنَبٍ وَزَيْتُونٍ قَائِمٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ جَارٍ فِي مِلْكِهِمَا نِصْفَيْنِ فَغَابَ زَيْدٌ نَحْوَ ثَمَانِ سِنِينَ فَتَصَرَّفَ عَمْرٌو بِجَمِيعِ ثَمَرِ الْغِرَاسِ الْمَذْكُورِ لِنَفْسِهِ بِلَا إذْنٍ مِنْ أَخِيهِ وَلَا إجَارَةٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ ثُمَّ حَضَرَ أَخُوهُ وَطَالَبَهُ بِمِثْلِ مَا تَصَرَّفَ بِهِ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَرِ فَهَلْ يَلْزَمُ عَمْرًا مِثْلُ مَا تَصَرَّفَ بِهِ مِنْ حِصَّةِ أَخِيهِ زَيْدٍ مِنْ الثَّمَرِ الْمَزْبُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ الْعِنَبَ مِثْلِيٌّ كَمَا فِي عَامَّةِ الْفَتَاوَى خِلَافًا لِفَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَكَذَا الزَّيْتُونُ مِثْلِيٌّ مَكِيلٌ مَضْمُونٌ بِمِثْلِهِ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةُ وَيَجِبُ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ كَالْمَكِيلِ، وَالْمَوْزُونِ، وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] ، وَالْمُرَادُ بِالْمِثْلِيِّ مَا يُوجَدُ لَهُ مِثْلٌ فِي الْأَسْوَاقِ بِلَا تَفَاوُتٍ بَيْنَ أَجْزَائِهِ يُعْتَدُّ بِهِ وَمَا لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فَهُوَ قِيَمِيٌّ ثُمَّ الْمِثْلُ قَدْ يَكُونُ مَصْنُوعًا فَحَيْثُ تُخْرِجُهُ الصَّنْعَةُ عَنْ الْمِثْلِيَّةِ بِجَعْلِهِ نَادِرًا بِالنِّسْبَةِ إلَى أَصْلِهِ كَالْقُمْقُمَةِ، وَالْقِدْرِ، وَالْإِبْرِيقِ يَكُونُ قِيَمِيًّا وَقَدْ يَكُونُ مَصْنُوعًا بِحَيْثُ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ الْمِثْلِيَّةِ لِبَقَاءِ كَثْرَتِهِ وَعَدَمِ تَفَاوُتِهِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَضْرُوبَةِ دُرَرٌ مِنْ الْغَصْبِ كُلُّ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ وَلَيْسَ فِي تَبْعِيضِهِ مَضَرَّةٌ يَعْنِي غَيْرَ الْمَصْنُوعِ فَهُوَ مِثْلِيٌّ وَكَذَا الْعَدَدِيُّ الْمُتَقَارِبُ كَالْجَوْزِ، وَالْبَيْضِ، وَالْفُلُوسِ وَنَحْوِهَا. وَذَكَرَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْغَصْبِ لَيْسَ كُلُّ مَكِيلٍ مِثْلِيًّا وَلَا كُلُّ مَوْزُونٍ إنَّمَا الْمِثْلِيُّ مِنْ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ مَا هِيَ مُتَقَارِبَةٌ أَمَّا مَا هُوَ مُتَفَاوِتٌ فَلَيْسَ بِمِثْلِيٍّ فَكَانَتْ الْمَكِيلَاتُ، وَالْمَوْزُونَاتُ، وَالْعَدَدِيَّاتُ سَوَاءً عِمَادِيَّةٌ وَذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي الْجَامِعِ أَنَّ اللَّحْمَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، وَالْكُمَّثْرَى، وَالْمِشْمِشَ، وَالْخَوْخَ كُلَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ لِأَنَّهَا عَدَدِيٌّ مُتَقَارِبٌ وَفِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ: وَثِمَارُ النَّخْلِ كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ» فَأَمَّا بَقِيَّةُ الثِّمَارِ فَكُلُّ نَوْعٍ مِنْ الشَّجَرِ جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَالْعِنَبُ مِثْلِيٌّ وَكَذَا الزَّبِيبُ وَكُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ كَذَا ذَكَرَ فِي عَامَّةِ الْفَتَاوَى وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ وَأَحَالَهُ إلَى زِيَادَاتِ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ أَنَّ الْعِنَبَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَفِي الْفَتَاوَى الْخَلُّ، وَالْعَصِيرُ مِثْلِيَّانِ وَكَذَا الدَّقِيقُ، وَالنُّخَالَةُ، وَالْجِصُّ، وَالنُّورَةُ، وَالْقُطْنُ، وَالصُّوفُ وَغَزْلُهُ، وَالتِّبْنُ وَجَمِيعُ أَنْوَاعِهِ مِثْلِيٌّ فِي اللَّحْمِ اخْتِلَافٌ، وَالْكَتَّانُ، وَالْإِبْرَيْسَمُ، وَالنُّحَاسُ، وَالصُّفْرُ، وَالرَّصَاصُ، وَالْحَدِيدُ، وَالْحِنَّاءُ، وَالْوَسْمَةُ، وَالرَّيَاحِينُ الْيَابِسَةُ كُلُّهَا مِثْلِيٌّ، وَالْجَمْدُ مِثْلِيٌّ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ قِيَمِيٌّ وَأَمَّا الْمَاءُ فَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ أَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَالْكَاغَدُ مِثْلِيٌّ، وَالرُّمَّانُ، وَالسَّفَرْجَلُ، وَالْقِثَّاءُ، وَالْبِطِّيخُ مِمَّا تَتَفَاوَتُ آحَادُهُ فَتَكُونُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَكُلُّ مَوْزُونَيْنِ إذَا اخْتَلَطَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا يَخْرُجُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِثْلِيًّا وَيَصِيرُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ، وَالسِّرْقِينُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَكَذَا الْحَطَبُ وَأَوْرَاقُ الشَّجَرِ كُلُّهَا، وَالْبُسُطُ، وَالْحُصْرُ، وَالْبَوَارِي، وَالْأَدَمُ، وَالصُّرَّمُ، وَالْجُلُودُ كُلُّهَا قِيَمِيَّاتٌ كَالثِّيَابِ، وَالْإِبْرَةُ، وَالرَّيَاحِينُ الرَّطْبَةُ، وَالْبُقُولُ، وَالْقَصَبُ، وَالْخَشَبُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ. وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا وَلَا اسْتِقْرَاضُهَا أَمَّا الرَّيَاحِينُ الْيَابِسَةُ الَّتِي تُكَالُ وَتُوزَنُ فَمَضْمُونَةٌ بِالْمِثْلِ عِنْدَ اسْتِهْلَاكِهَا فَيَجُوزُ السَّلَمُ وَالْقَرْضُ فِيهَا، مِنْ فُصُولِ الْعِمَادِيِّ الْفَحْمُ مِثْلِيٌّ، وَالتُّرَابُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ، وَقِيلَ مِثْلِيٌّ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ اللَّبَنُ مِثْلِيٌّ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الدَّعْوَى، الزَّيْتُ مِثْلِيٌّ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ الزَّيْتُونُ مِثْلِيٌّ خَيْرِيَّةٌ قُبَيْلَ الْإِقَالَةِ الْغَزْلُ الْمَصْبُوغُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ يَتِيمَةُ الدَّهْرِ. (أَقُولُ) قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: اعْلَمْ أَنَّهُ جَعَلَ هَذِهِ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ أَيْ الْمَكِيلَ، وَالْمَوْزُونَ، وَالْعَدَدِيَّ الْمُتَقَارِبَ مِثْلِيًّا مَعَ أَنَّ كَثِيرًا

مِنْ الْمَوْزُونَاتِ لَيْسَ بِمِثْلِيٍّ بَلْ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ كَالْقُمْقُمَةِ، وَالْقِدْرِ وَنَحْوِهِمَا فَأَقُولُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوَزْنِيِّ مَثَلًا مَا يُوزَنُ عِنْدَ الْبَيْعِ بَلْ مَا يَكُونُ مُقَابَلَتُهُ بِالثَّمَنِ مَبْنِيًّا عَلَى الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ وَلَا يَخْتَلِفُ بِالصَّنْعَةِ فَإِنَّهُ إذَا قِيلَ هَذَا الشَّيْءُ قَفِيزٌ بِدِرْهَمٍ إنَّمَا يُقَالُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَفَاوُتٌ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مِثْلِيًّا وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا يَخْتَلِفُ بِالصَّنْعَةِ حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَ كَالْقُمْقُمَةِ وَالْقِدْرِ لَا يَكُونُ مِثْلِيًّا ثُمَّ مَا لَا يَخْتَلِفُ بِالصَّنْعَةِ إمَّا غَيْرُ مَصْنُوعٍ وَإِمَّا مَصْنُوعٌ لَا يَخْتَلِفُ كَالدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ، وَالْفُلُوسِ وَكُلُّ ذَلِكَ مِثْلِيٌّ إذَا عَرَفْتَ هَذَا عَرَفْت حُكْمَ الْمَذْرُوعَاتِ وَكُلُّ مَا يُقَالُ يُبَاعُ مِنْ هَذَا الثَّوْبِ ذِرَاعٌ بِكَذَا فَهَذَا إنَّمَا يُقَالُ فِيمَا لَا يَكُونُ فِيهِ تَفَاوُتٌ وَقَدْ فَصَّلَ الْفُقَهَاءُ الْمِثْلِيَّاتِ وَذَوَاتِ الْقِيَمِ وَلَا احْتِيَاجَ إلَى ذَلِكَ فَمَا يُوجَدُ لَهُ الْمِثْلُ فِي الْأَسْوَاقِ بِلَا تَفَاوُتٍ يُعْتَدُّ بِهِ فَهُوَ مِثْلِيٌّ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَمِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْكَيْلِيِّ وَأَخَوَاتِهِ فَمَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا اهـ. وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْمَذْرُوعَ الَّذِي لَا يَتَفَاوَتُ مِثْلِيٌّ كَثَوْبِ كِرْبَاسٍ نُسِجَ مِنْ غَزْلٍ وَاحِدٍ فَمَنْ أَتْلَفَ ذِرَاعًا مِنْ ذَلِكَ الثَّوْبِ يَضْمَنُهُ بِمِثْلِهِ مِنْ ذَلِكَ الثَّوْبِ أَوْ مِنْ ثَوْبٍ آخَرَ نُسِجَ مِنْ ذَلِكَ الْغَزْلِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ يُعْتَدُّ بِهِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ إذَا كَانَتْ الشُّقَّةُ مُشْتَمِلَةً عَلَى عِدَّةِ أَثْوَابٍ يَضْمَنُ كُلَّ ثَوْبٍ مِنْهَا بِثَوْبٍ آخِرَ مِنْهَا حَيْثُ لَا تَفَاوُتَ بَيْنَ أَثْوَابِهَا نَسْجًا أَوْ غَزْلًا يُعْتَدُّ بِهِ أَيْ مِنْ حَيْثُ الرَّغْبَةُ أَوْ الثَّمَنِ حَتَّى يُقَالَ كُلُّ ثَوْبٍ مِنْهَا بِكَذَا كَمَا يُقَالُ كُلُّ ذِرَاعٍ مِنْ هَذَا الثَّوْبِ بِكَذَا فَهَذَا مِثْلِيٌّ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عَدَمِ التَّفَاوُتِ لَا عَلَى خُصُوصِ كَوْنِ ذَلِكَ الشَّيْءِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ عَدَدِيًّا مُتَقَارِبًا وَلِذَا كَانَ الْمَوْزُونُ الْمُخْتَلِفُ غَيْرَ مِثْلِيٍّ لِوُجُودِ التَّفَاوُتِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَدْخُلَ مَا ذَكَرْنَاهُ تَحْتَ الْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ فَلَيْسَ بِخَارِجٍ عَنْ الْمِثْلِيَّاتِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرُوهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ مَا لَيْسَ مَكِيلًا وَلَا مَوْزُونًا مِمَّا لَا تَتَفَاوَتُ أَفْرَادُهُ فَإِنْ قُلْتَ: قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ نَحْوَ الدِّبْسِ وَالْقَطْرِ غَيْرُ مِثْلِيٍّ لِتَفَاوُتِهِ بِالصَّنْعَةِ مَعَ أَنَّهُ مَوْزُونٌ فَكَذَا نَحْوُ الْكِرْبَاسِ (قُلْت) الْمُرَادُ أَنَّ الدِّبْسَ مَثَلًا يَخْتَلِفُ مِنْ حَيْثُ الطَّبْخُ فَقَدْ يَكُونُ هَذَا الدِّبْسُ الْمَطْبُوخُ فِي هَذَا الْقِدْرِ أَحْسَنَ مِنْ دِبْسٍ آخَرَ طُبِخَ فِي قِدْرٍ آخَرَ أَمَّا أَجْزَاءُ ذَلِكَ الدِّبْسِ الْوَاحِدِ الْمَطْبُوخِ كُلِّهِ جُمْلَةً فِي قِدْرٍ وَاحِدٍ لَا تَفَاوُتَ بَيْنَ أَجْزَائِهِ فَمَنْ أَتْلَفَ مِنْ ذَلِكَ الدِّبْسِ رَطْلًا مَثَلًا يَضْمَنُهُ بِرَطْلٍ مِنْ ذَلِكَ الدِّبْسِ بِعَيْنِهِ إذَا وُجِدَ وَلِذَا ذَكَرَ فِي الْعِمَادِيَّةِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الصَّابُونَ قِيَمِيٌّ لِأَنَّ الدُّهْنَ فِي هَذَا الصَّابُونِ قَدْ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْهُ فِي الْآخَرِ حَتَّى لَوْ كَانَا عَلَى السَّوَاءِ بِأَنْ كَانَا مِنْ دَنٍّ وَاحِدٍ يَضْمَنُ مِثْلَهُ وَعَلَى هَذَا فَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْحَائِكُ مُفْتِي دِمَشْقَ فِي كِتَابِ السَّلَمِ مِنْ فَتَاوَاهُ عَنْ فَتَاوَى الصَّيْرَفِيَّةِ مِنْ أَنَّ فِي الصَّابُونِ قَوْلَيْنِ يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ فِيهِ بَيْنَهُمَا بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْمُنِيرَ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ غِرَاسُ تُوتٍ مُشَاقٍ آجَرَهُ مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ قَبَضَهَا مِنْهُ وَتَصَرَّفَ زَيْدٌ بِوَرَقِ التُّوتِ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ عَنْ وَرَثَةٍ يُرِيدُونَ مُحَاسَبَةَ زَيْدٍ عَلَى قِيمَةِ مَا تَصَرَّفَ بِهِ مِنْ الْوَرَقِ وَاقْتِطَاعِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ الَّتِي دَفَعَهَا لِمُورِثِهِمْ وَرَفَعَ يَدَهُ عَنْ الْمَأْجُورِ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ أَوْرَاقَ الشَّجَرِ كُلَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْعِمَادِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَخَذَ فِي سَفَرِهِ مِنْ زَيْدٍ قِرْبَتَيْنِ مَمْلُوءَتَيْنِ مِنْ الْمَاءِ وَتَصَرَّفَ بِهِمَا وَبِمَائِهِمَا بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فِي مَكَانٍ يَعِزُّ الْمَاءُ فِيهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ أَخْذِهِمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْقِرْبَتَيْنِ وَمَائِهِمَا يَوْمَ أَخْذِهِمَا، وَالْمَاءُ قِيَمِيٌّ عَلَى الْأَصَحِّ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْإِجَارَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ زِبْلُ دَوَابَّ أَخَذَهُ لِإِلْقَائِهِ فِي أَرْضِهِ لِإِصْلَاحِهَا وَاسْتِكْثَارِ رِيعِهَا وَوَضَعَهُ فِي بَيْتِ عَمْرٍو فَتَصَرَّفَ عَمْرٌو فِيهِ وَأَتْلَفَهُ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِزَيْدٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ السِّرْقِينَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْعِمَادِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ غَصَبَ زَيْتًا مَعْلُومَ الْقَدْرِ لِجَمَاعَةٍ وَتَصَرَّفَ فِيهِ بِلَا إذْنٍ مِنْهُمْ وَلَا وَجْهٍ

شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَلْزَمُهُ مِثْلُ الزَّيْتِ لَهُمْ حَيْثُ لَمْ يَنْقَطِعْ الْمِثْلُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي الْغَاصِبِ إذَا جَاءَ بِالْحِمَارِ الْمَغْصُوبِ وَقَالَ: إنَّ الْمَغْصُوبَ هَذَا، وَقَالَ الْمَالِكُ لَا بَلْ غَيْرُهُ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي مُتَفَرِّقَاتِ غَصْبِ الْبَزَّازِيَّةِ جَاءَ الْغَاصِبُ بِثَوْبٍ وَقَالَ الْمَغْصُوبُ: هَذَا وَقَالَ الْمَالِكُ: لَا بَلْ غَيْرُهُ فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ. اهـ. وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَغْصُوبِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ قِيمَتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ تَتَارْخَانِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي فِي الْغَصْبِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ قُطْنٌ مَعْلُومٌ قَائِمٌ فِي أُرَاضِي قَرْيَةٍ فَغَصَبَهُ شَيْخُ الْقَرْيَةِ مَعَ آخَرَ وَتَصَرَّفَا بِهِ لِنَفْسِهِمَا بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيَزْعُمَانِ أَنَّهُ بَلَغَ قِنْطَارَيْنِ وَنِصْفَ قِنْطَارٍ وَلِزَيْدٍ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ تَشْهَدُ أَنَّ قَدْرَ الَّذِي تَصَرَّفَا بِهِ مِنْ قُطْنِ زَيْدٍ ثَمَانِيَةُ قَنَاطِيرَ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَةُ زَيْدٍ وَيُقْضَى بِمُوجِبِهَا بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ وَيَلْزَمُهُمَا لِزَيْدٍ مِثْلُ الْقُطْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْدَعَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ الشَّعِيرِ وَغَابَ زَيْدٌ فَبَاعَ عَمْرٌو الشَّعِيرَ بِلَا إذْنِ زَيْدٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَتَعَذَّرَ رَدُّ الْعَيْنِ لِاسْتِهْلَاكِهَا ثُمَّ حَضَرَ زَيْدٌ وَلَمْ يُجِزْ الْبَيْعَ وَطَالَبَ عَمْرًا بِرَدِّ مِثْلِ شَعِيرِهِ، وَالْمِثْلُ لَمْ يَنْقَطِعْ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي حِصَانٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو لِكُلٍّ مِنْهُمَا حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِيهِ وَهُوَ عِنْدَ عَمْرٍو فَطَلَبَهُ زَيْدٌ مِنْهُ مِرَارًا لِيَنْتَفِعَ بِهِ فِي نَوْبَتِهِ فَمَنَعَهُ مِنْهُ ظُلْمًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى تَسْلِيمِهِ لَهُ وَبَقِيَ عِنْدَهُ أَيَّامًا حَتَّى هَلَكَ وَيُرِيدُ زَيْدٌ تَضْمِينَ عَمْرٍو قِيمَةَ حِصَّتِهِ مِنْهُ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذَكَرَ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ حَيْثُ طَلَبَهُ مِنْهُ فِي نَوْبَتِهِ فَمَنَعَهُ مِنْهُ ظُلْمًا كَمَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْوَدِيعَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مُهْرَةٌ دَفَعَهَا لِعَمْرٍو لِيَعْلِفَهَا وَيَرْبِطَهَا فِي دَارِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَلَاثَةُ قَرَارِيطَ مِنْهَا فَخَالَفَ عَمْرٌو وَرَبَطَهَا فِي بُسْتَانِهِ وَهُوَ لَيْسَ حِرْزًا مِثْلِهَا فَسُرِقَتْ مِنْ الْبُسْتَانِ وَيُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مِنْ الْمُهْرَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَاعِي مَعْزٍ قَادَهَا قَرِيبًا مِنْ كَرْمٍ آخَرَ وَسَيَّبَهَا فِيهِ عَمْدًا فَأَتْلَفَ الْكَرْمَ فَهَلْ يَكُونُ الضَّمَانُ عَلَى الرَّاعِي؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ قَادَهَا الرَّاعِي قَرِيبًا مِنْ الْكَرْمِ الْمَذْكُورِ بِحَيْثُ لَوْ شَاءَتْ تَنَاوَلَتْ مِنْهُ ضَمِنَ الرَّاعِي ذَلِكَ كَمَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ فِي أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ وَجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ. (سُئِلَ) فِي بَقَرَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو نِصْفَيْنِ وَهِيَ عِنْدَ زَيْدٍ فَأَخَذَهَا عَمْرٌو وَحَرَثَ عَلَيْهَا عِدَّةَ أَيَّامٍ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ زَيْدٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَمَرِضَتْ وَمَاتَتْ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَهَلْ يَضْمَنُ عَمْرٌو نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنْهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اتَّهَمَ آخَرَ بِسَرِقَةِ مَتَاعٍ فَاشْتَكَى عَلَيْهِ لِحَاكِمِ سِيَاسَةٍ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَقْتُلَ بِمِثْلِ هَذِهِ السِّعَايَةِ فَقَتَلَ الْمُتَّهَمَ الْمَذْكُورَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلِلْمُتَّهَمِ وَرَثَةٌ يُرِيدُونَ أَنْ يَقْتَصُّوا مِنْ السَّاعِي الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو شَرِكَةٌ فَتَقَاسَمَاهَا وَانْفَصَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ فَشَكَا زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو عِنْدَ حَاكِمِ سِيَاسَةٍ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي فِي الْبَلَدِ بَعْدَ قَوْلِهِ إنْ اشْتَكَيْتُ عَلَيْكَ وَغَرِمْتَ شَيْئًا فَأَنَا قَائِمٌ بِهِ فَغَرِمَ عَمْرٌو بِسَبَبِ ذَلِكَ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَهَلْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الشَّاكِّي؟ (الْجَوَابُ) : لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى السَّاعِي عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْكُتُبِ شَهِيرَةٌ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ السُّلْطَانُ عَزَّ نَصْرُهُ مَنَعَ الْوُلَاةَ مِنْ تَضْمِينِ السُّعَاةِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. رَجُلٌ سَعَى إلَى السُّلْطَانِ بِرَجُلٍ فَأَخَذَ مِنْهُ مَالًا ثُمَّ مَاتَ السَّاعِي فَلِلْمَظْلُومِ أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ الْخُسْرَانِ مِنْ تَرِكَةِ السَّاعِي هَكَذَا ذَكَرَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَذَكَرَ الْإِمَامُ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ مَشَايِخِنَا أَنَّ عَلَى السَّاعِي ضَمَانَ مَا هَلَكَ بِسِعَايَتِهِ وَجَعَلُوهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُودَعِ إذَا دَلَّ السَّارِقُ عَلَى سَرِقَةِ الْوَدِيعَةِ صِيَانَةً لِأَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ وَذَكَرَ الْإِمَامُ عُمَرُ الْحَلْحِيُّ إنْ كَانَ السُّلْطَانُ مَعْرُوفًا بِالظُّلْمِ يُصَادِرُ بِسَبَبِ سِعَايَتِهِ فَعَلَى السَّاعِي الضَّمَانُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِالظُّلْمِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قُلْت) لَا حَاجَةَ إلَى

كتاب الشفعة

هَذَا التَّقْيِيدِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَالْفَتْوَى الْيَوْمَ بِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى السَّاعِي مُطْلَقًا كَمَا حَكَيْنَا عَنْهُ وَإِنْ كَانَ الْمَذْكُورُ فِي النَّوَازِلِ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ أَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّمَا عَلَيْهِ وِزْرٌ فِي الْعُقْبَى اهـ. جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْغَصْبِ إذَا سَعَى إلَى السُّلْطَانِ بِغَيْرِ حَقٍّ لَا ضَمَانَ عَلَى السَّاعِي فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي زَمَانِنَا زَجْرًا لَهُمْ وَصِيَانَةً لِأَمْوَالِ النَّاسِ ذَخِيرَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الثَّامِنِ فِي الْغَصْبِ سَعَى إلَى سُلْطَانٍ بِمَنْ يُؤْذِيهِ وَلَا يَدْفَعُ بِلَا رَفْعٍ إلَى السُّلْطَانِ أَوْ بِمَنْ يُبَاشِرُ الْفِسْقَ وَلَا يَمْتَنِعُ بِنَهْيِهِ أَوْ قَالَ السُّلْطَانُ: قَدْ يَغْرَمُ وَقَدْ لَا يَغْرَمُ أَنَّهُ وَجَدَ كَنْزًا فَغَرَّمَهُ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ وَلَوْ غَرَّمَ السُّلْطَانُ أَلْبَتَّةَ بِمِثْلِ هَذِهِ السِّعَايَةِ ضَمِنَ وَكَذَا يَضْمَنُ لَوْ سَعَى بِغَيْرِ حَقٍّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ زَجْرًا لَهُ أَيْ لِلسَّاعِي. وَبِهِ يُفْتَى وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ سَعَى رَجُلٌ إلَى سُلْطَانٍ ظَالِمٍ وَقَالَ: إنَّ لِفُلَانِ مَالًا كَثِيرًا أَوْ إنَّهُ وَجَدَ مَالًا أَوْ أَصَابَ مِيرَاثًا أَوْ قَالَ عِنْدَهُ " مَالُ فُلَانٍ الْغَائِبِ أَوْ أَنَّهُ يُرِيدُ الْفُجُورَ بِأَهْلِي فَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ مِمَّنْ يَأْخُذُ الْمَالَ لِهَذِهِ الْأَسْبَابِ كَانَ ذَلِكَ سَعْيًا مُوجِبًا لِلضَّمَانِ إذَا كَانَ كَاذِبًا فِيمَا قَالَ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيمَا قَالَ إلَّا إنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَظَلِّمًا وَلَا مُحْتَسِبًا فِي ذَلِكَ فَكَذَلِكَ وَلَوْ قَالَ: إنَّهُ ضَرَبَنِي أَوْ ظَلَمَنِي وَهُوَ كَاذِبٌ فِي ذَلِكَ كَانَ ضَامِنًا اهـ وَفِي الْعُدَّةِ مَنْ قَالَ عِنْدَ السُّلْطَانِ أَنَّ لِفُلَانِ فَرَسًا جَيِّدًا أَوْ جَارِيَةً جَمِيلَةً، وَالسُّلْطَانُ يَأْخُذُ فَأَخَذَ ضَمِنَ وَلَوْ كَانَ السَّاعِي عَبْدًا يُطَالَبُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَوْ أَخْبَرَ السَّاعِي عَبْدَ السُّلْطَانِ أَوْ عَبْدَ غَيْرِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ بِحَالِ الْقُدْرَةِ عَلَى أَخْذِ الْمَالِ مِنْهُ وَلَا يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ ضَمِنَ السَّاعِي مِنَحُ الْغَفَّارِ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ سُئِلَ عَمَّنْ أَخْبَرَ الْمُكَاسُ الَّذِي يَأْخُذُ الْمَكْسَ مِنْ التُّجَّارِ وَغَيْرِهِمْ بِأَنَّ شَخْصًا اشْتَرَى الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ أَوْ أَخْفَى الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ فَحَضَرَ إلَيْهِ وَأَخَذَ مِنْهُ الْمَكْسَ هَلْ يَضْمَنُ مَا أَخَذَهُ الْمُكَاسُ أَوْ لَا، الْجَوَابُ نَعَمْ يَضْمَنُ نَظِيرَ مَا أَخَذَهُ الْمُكَاسُ حَيْثُ أَخَذَهُ بِإِخْبَارِهِ وَفِيهَا سُئِلَ عَنْ الْحَاكِمِ السِّيَاسِيِّ إذَا أَمْسَكَ رَجُلًا وَعَاقَبَهُ بِالضَّرْبِ الْأَلِيمِ بِشِكَايَةِ آخَرَ لَهُ عَلَى سَرِقَةٍ اتَّهَمَهُ بِهَا الشَّاكِي وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتٍ عَلَيْهِ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ هَلْ دِيَتُهُ عَلَى مَنْ شَكَاهُ أَوْ عَلَى الْحَاكِمِ، فَأَجَابَ: دِيَتُهُ عَلَى الْحَاكِمِ اهـ. قَالَ فِي الْمِنَحِ وَفِي الْقُنْيَةِ رَاقِمًا لِنَجْمِ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيِّ وَقَالَ: شَكَا عِنْدَ الْوَالِي بِغَيْرِ حَقٍّ فَأَتَى بِقَائِدٍ فَضَرَبَ الْمَشْكُوَّ عَلَيْهِ فَكَسَرَ سِنَّهُ أَوْ يَدَهُ يَضْمَنُ الشَّاكِي أَرْشَهُ كَالْمَالِ، وَقِيلَ: إنَّ مَنْ حُبِسَ بِسِعَايَةٍ فَهَرَبَ وَتَسَوَّرَ جِدَارَ السِّجْنِ فَأَصَابَ بَدَنَهُ تَلَفٌ يَضْمَنُ السَّاعِي فَكَيْفَ هُنَا قِيلَ أَتُفْتِي بِالضَّمَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْهَرَبِ قَالَ: لَا وَلَوْ مَاتَ الْمَشْكُوُّ عَلَيْهِ بِضَرْبِ الْقَائِدِ لَا يَضْمَنُ السَّاعِي لِأَنَّ الْمَوْتَ فِيهِ نَادِرٌ فَسِعَايَتُهُ لَا تُفْضِي إلَيْهِ غَالِبًا اهـ وَهَذَا مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا يَعْنِي ابْنَ نُجَيْمٍ فِي فَتَاوِيهِ وَهُوَ جَدِيرٌ بِالِاعْتِمَادِ فَإِنَّ الْقَوْلَ بِتَضْمِينِ السُّعَاةِ فِي الْأَمْوَالِ خِلَافُ أُصُولِ أَصْحَابِنَا. . . إلَخْ اهـ. (فَائِدَةٌ) فِي الْحَاوِي قَوَّمَ الدَّلَّالُ الْمَتَاعَ لِلْخِزَانَةِ السُّلْطَانِيَّةِ أَوْ لِلْأَمْرِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ فِيهِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ يَضْمَنُ الدَّلَّالُ تَمَامَ قِيمَتِهِ مِنْ حَاشِيَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ عَلَى جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ 36 وَفِيهَا عَنْ غَصْبِ الْوَلْوَالِجِيَّةِ رَجُلٌ انْتَقَدَ دَرَاهِمَ رَجُلٍ وَلَمْ يُحْسِنْ الِانْتِقَادَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا أَجْرَ لَهُ أَمَّا عَدَمُ الضَّمَانِ فَلِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ أَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ وَأَمَّا عَدَمُ الْأَجْرِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ مَا أُمِرَ اهـ. [كِتَابُ الشُّفْعَةِ] (كِتَابُ الشُّفْعَةِ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهِ أَرْضًا وَبِنَاءً وَهِيَ مُلَاصِقَةٌ لِدَارِ هِنْدٍ وَتُرِيدُ هِنْدٌ بَيْعَ دَارِهَا فَإِذَا بَاعَتْهَا هَلْ يَسُوغُ لِزَيْدٍ أَخْذُهَا بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو أَرْضًا وَبِنَاءً فَاشْتَرَى بَكْرٌ مِنْ زَيْدٍ حِصَّتَهُ الْمَعْلُومَةَ مِنْهَا

بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُشَارٍ إلَيْهِ مَقْبُوضٍ بِيَدِ الْبَائِعِ مَعَ صُرَّةِ فُلُوسٍ أُشِيرَ إلَيْهَا وَجُهِلَ قَدْرُهَا وَضُيِّعَتْ فِي الْمَجْلِسِ بَعْدَ قَبْضِهَا وَيُرِيدُ عَمْرٌو أَخْذَ الْمَبِيعِ بِالشُّفْعَةِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ الثَّمَنَ مَعْلُومٌ حَالَ الْعَقْدِ وَمَجْهُولٌ حَالَ الشُّفْعَةِ وَجَهَالَةُ الثَّمَنِ تَمْنَعُ الشُّفْعَةَ كَذَا فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ هِنْدٍ وَجَمَاعَةٍ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ، لِهِنْدٍ رُبُعُهَا وَلَهُمْ الْبَاقِي فَبَاعُوا حِصَّتَهُمْ مِنْ الدَّارِ مِنْ زَيْدٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَطَلَبَتْ هِنْدٌ الْمَبِيعَ بِالشُّفْعَةِ فَوْرَ عِلْمِهَا بِالْبَيْعِ وَيَزْعُمُ الْمُشْتَرِي أَنْ لَيْسَ لَهَا الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ بِمُقْتَضَى أَنَّهَا قَالَتْ قَبْلَ صُدُورِ الْبَيْعِ: أَنَا أَبِيعُ حِصَّتِي مَعَكُمْ فَهَلْ لَهَا الشُّفْعَةُ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي عَقَارٍ بِيعَ وَلَهُ جِيرَانٌ ثَلَاثَةٌ مُلَاصِقُونَ لَهُ طَلَبُوا أَخْذَهُ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ يَكُونُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا عَلَى قَدْرِ رُءُوسِهِمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ وَقِطْعَتَيْ أَرْضٍ جَارِيَاتٍ فِي مِلْكِ زَيْدٍ وَأَخَوَاتٍ ثَلَاثٍ وَابْنِ عَمِّهِنَّ لِكُلٍّ حِصَّةٌ فِيهَا فَبَاعَتْ أُخْتَانِ وَابْنُ عَمِّهِمَا حِصَّتَهُمْ مِنْ ذَلِكَ لِأُخْتِهِمَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَطَلَبَ زَيْدٌ الْمَبِيعَ بِشُفْعَةِ الْخَلِيطِ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَتَكُونُ الشُّفْعَةُ بِقَدْرِ رُءُوسِ الشُّفَعَاءِ، وَالْمُشْتَرِي كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَالشُّفْعَةُ بِقَدْرِ رُءُوسِ الشُّفَعَاءِ لَا الْمِلْكِ تَنْوِيرٌ وَكَوْنُ الْمُشْتَرِي كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الشُّفْعَةِ فَرَاجِعْهَا. (أَقُولُ) وَذَكَرَ الثَّانِيَةَ فِي التَّنْوِيرِ أَيْضًا فِي بَابِ مَا تَثْبُتُ هِيَ فِيهِ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ وَتَثْبُتُ لِمَنْ شَرَى أَصَالَةً أَوْ وَكَالَةً أَوْ اشْتَرَى لَهُ بِالْوَكَالَةِ وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُوَكِّلُ بِالشِّرَاءِ شَرِيكًا وَلِلدَّارِ شَرِيكٌ آخَرُ فَلَهُمَا الشُّفْعَةُ وَلَوْ هُوَ شَرِيكًا وَلِلدَّارِ جَارٌ فَلَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ مَعَ وُجُودِهِ اهـ. وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ مِنْهَا مِنْ أَحَدِ شَرِيكَيْهِ فَاشْتَرَاهَا مِنْهُ لِنَفْسِهِ بِالْأَصَالَةِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ فَطَلَبَ الشَّرِيكُ الثَّالِثُ الشُّفْعَةَ تُقْسَمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ الشَّرِيكِ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ الثَّالِثُ جَارًا فَقَطْ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ خَلِيطٌ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْجَارِ وَذَكَرَهَا أَيْضًا فِي الْقُنْيَةِ فَقَالَ: اشْتَرَى الْجَارُ دَارًا وَلَهَا جَارٌ آخَرُ فَطَلَبَ الشُّفْعَةَ وَكَذَا الْمُشْتَرِي فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّهُمَا شَفِيعَانِ قَالَ ابْنُ الشِّحْنَةِ فَقَوْلُهُ: وَكَذَا الْمُشْتَرِي أَيْ إذَا طَلَبَ وَلَمْ يُسَلِّمْ لِلشَّفِيعِ الْآخَرِ وَعَلَى هَذَا لَوْ جَاءَ ثَالِثٌ قُسِّمَتْ أَثْلَاثًا أَوْ رَابِعٌ فَأَرْبَاعًا ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ سَلَّمَ الْمُشْتَرِي كُلَّهَا لِلْجَارِ كَانَ نِصْفُهَا لَهُ بِالشُّفْعَةِ، وَالنِّصْفُ بِالشِّرَاءِ وَتَمَامُهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بَيْتٌ مُلَاصِقٌ لِبَيْتِ عَمْرٍو فَبَاعَ زَيْدٌ بَيْتَهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَهَلْ لِعَمْرٍو أَخْذُهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِمِثْلِهِ لِقَوْلِ الْفُقَهَاءِ الشُّفْعَةُ هِيَ تَمَلُّكُ الْبُقْعَةِ جَبْرًا عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا قَامَ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ لَوْ مِثْلِيًّا وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ كَمَا فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ وَفِيهِ مِنْ بَابِ طَلَبِ الشُّفْعَةِ فِي الشِّرَاءِ بِمِثْلِيٍّ يَأْخُذُ بِمِثْلِهِ وَفِي الْقِيَمِيِّ بِالْقِيمَةِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي عِمَارَةِ دَارٍ مَعْلُومَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَهِنْدٍ بَاعَ زَيْدٌ حِصَّتَهُ الْمَعْلُومَةَ مِنْهَا مِنْ بِكْرٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ قَامَتْ هِنْدٌ تَدَّعِي شُفْعَةَ الْخَلِيطِ فَهَلْ لَا شُفْعَةَ فِي الْبِنَاءِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا شُفْعَةَ فِي الْبِنَاءِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى، وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا وَفِي فَتَاوَى اللُّطْفِيِّ سُئِلَ فِي بِنَاءِ مِلْكٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَاقِعٍ فِي أَرْضٍ مَوْقُوفَةٍ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَهَلْ فِيهِ شُفْعَةٌ أَوْ لَا أَجَابَ لَا شُفْعَةَ فِي بَيْعِ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ كَبَيْعِ الشَّجَرِ بِدُونِهَا كَمَا فِي الْمُتُونِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى دَارًا مَعْلُومَةً مُلَاصِقَةً لِبِنَاءِ دَارٍ مَمْلُوكَةٍ لِزَيْدٍ قَائِمٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ فَقَامَ زَيْدٌ يُرِيدُ أَخْذَ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ بِالشُّفْعَةِ فَهَلْ لَا شُفْعَةَ لَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَالْبِنَاءُ وَالنَّخْلُ لَا يَسْتَحِقُّ بِهِمَا الشُّفْعَةَ عَيْنِيٌّ عَلَى الْكَنْزِ وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَمَا فِي بِنَاءٍ شُفْعَةٌ لَا وَلَا بِهِ ... وَأُمُّ الْقُرَى بِالْعَكْسِ بَعْضٌ يُقَرِّرُ

أَيْ لَا شُفْعَةَ بِالْبِنَاءِ أَيْ بِسَبَبِ الْبِنَاءِ وَلَا فِي الْبِنَاءِ الْمَبِيعِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اشْتَرَى دَارًا مَعْلُومَةً مُلَاصِقَةً لِدَارٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ قَامَ الْمُسْتَحِقُّ السَّاكِنُ فِي دَارِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورَةِ يُرِيدُ أَخْذَ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ بِالشُّفْعَةِ فَهَلْ لَا شُفْعَةَ لَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي التَّجْرِيدِ لَا شُفْعَةَ فِي الْوَقْفِ وَلَا بِجِوَارِهِ شَرْحُ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَالِكٍ مِنْ الشُّفْعَةِ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَإِخْوَتِهِ مِشَدُّ مِسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ فَفَرَغَ إخْوَتُهُ عَنْ نَصِيبِهِمْ مِنْ ذَلِكَ لِعَمْرٍو وَأَجَازَ الْمُتَوَلِّي ذَلِكَ، وَيَزْعُمُ زَيْدٌ أَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ فِي ذَلِكَ فَهَلْ لَا شُفْعَةَ لَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي الشَّفِيعِ إذَا عَلِمَ بِالْبَيْعِ وَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ لِلْمُشْتَرِي وَأَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهَا لِذِي بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ أَرَادَ الْآنَ أَخْذَ الْمَبِيعِ بِالشُّفْعَةِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَبَطَلَتْ شُفْعَتُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْمِنَحِ وَيُبْطِلُهَا تَسْلِيمُهَا بَعْدَ الْبَيْعِ فَقَطْ بِخِلَافِ تَسْلِيمِهَا قَبْلَهُ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ إسْقَاطَ الْحَقِّ قَبْلَ وُجُوبِهِ لَا يَصِحُّ وَبَعْدَهُ يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ عَلِمَ بِالسُّقُوطِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ بِالْأَحْكَامِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَنَى الْمُشْتَرِي فِي الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ هَلْ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ أَوْ يُكَلَّفُ الْمُشْتَرِي قَلْعَهُ وَيَأْخُذُ الْأَرْضَ فَارِغَةً أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ مِنْ بَابِ طَلَبِ الشُّفْعَةِ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ مَقْلُوعَيْنِ لَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي وَغَرَسَ أَوْ يُكَلِّفُ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ قَلْعَهُمَا أَيْ الْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ. (سُئِلَ) فِي قِطْعَةِ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَجَمَاعَةٍ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ الْمَعْلُومَةَ مِنْهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَحِينَ عَلِمَ زَيْدٌ بِالْبَيْعِ تَمَلَّكَ الْمَبِيعَ بِالشُّفْعَةِ فَوْرًا بِمِثْلِ الثَّمَنِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ وَلَمْ يَطْلُبْ الْبَقِيَّةَ مِنْ الشُّرَكَاءِ ذَلِكَ فَهَلْ لِزَيْدٍ ذَلِكَ وَمَنْ لَمْ يَطْلُبْ عُدَّ عَدَمًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي الشَّفِيعِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الْبَعْضَ وَيَتْرُكَ الْبَعْضَ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَوْ أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ الْبَعْضَ وَيَتْرُكَ الْبَعْضَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ وَلَوْ جَعَلَ بَعْضُ الشُّفَعَاءِ نَصِيبَهُ لِبَعْضٍ لَا يَصِحُّ وَيَسْقُطُ حَقُّهُ بِهِ لِإِعْرَاضِهِ وَيُقْسَمُ بَيْنَ الْبَاقِينَ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُ الشَّفِيعِينَ حَاضِرًا، وَالْآخَرُ غَائِبًا فَطَلَبَ الْحَاضِرُ الشُّفْعَةَ فِي النِّصْفِ عَلَى حِسَابِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ النِّصْفَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْكُلَّ، وَالْقِسْمَةُ لِلْمُزَاحَمَةِ فَإِذَا تَرَكَ فِي شَيْءٍ فِيهَا وَجَدَ الْإِعْرَاضَ فِيهِ فَسَقَطَ فِي الْكُلِّ لِكَوْنِهِ لَا يَتَجَزَّأُ وَكَذَا لَوْ كَانَا حَاضِرَيْنِ فَطَلَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُمَا وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْكُلَّ، وَالْآخَرُ النِّصْفَ بَطَلَ حَقُّ مَنْ طَلَبَ النِّصْفَ وَلِلْآخِرِ أَنْ يَأْخُذَ الْكُلَّ أَوْ يَتْرُكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ لِمَا ذَكَرْنَا زَيْلَعِيٌّ (أَقُولُ) وَفِي صُورَةِ السُّؤَالِ لَا تَبْطُلُ الشُّفْعَةُ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ قَالَ لِلْمُشْتَرِي: سَلِّمْ لِي نِصْفَهَا فَأَبَى الْمُشْتَرِي لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّ طَلَبَ تَسْلِيمِ النِّصْفِ لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا اهـ أَيْ لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا مُسْقِطًا لِشُفْعَتِهِ لَكِنَّ مُقْتَضَى قَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ فَإِذَا تَرَكَ فِي شَيْءٍ فِيهَا وَجَدَ الْإِعْرَاضَ فِيهِ. . . إلَخْ سُقُوطُهَا. وَكَتَبْتُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ: التَّوْفِيقُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَخْذَ الْبَعْضِ بَعْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَالْإِشْهَادِ لَا تَسْقُطُ أَمَّا لَوْ طَلَبَ الْبَعْضَ ابْتِدَاءً تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ وَكَتَبْتُ عِنْدَ قَوْلِ الْعَلَائِيِّ بَعْدَ مَسَائِلِ الْحِيَلِ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ الْحِصَّةَ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ مَا نَصُّهُ " وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي وَاحِدًا، وَالْبَائِعُ اثْنَيْنِ وَطَلَبَ الشَّفِيعُ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ هَلْ يَكُونُ عَلَى شُفْعَتِهِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ نَعَمْ قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ بَعْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَطَلَبِ الْإِشْهَادِ فِي الْكُلِّ فَلَوْ طَلَبَ فِي النِّصْفِ أَوَّلًا بَطَلَتْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ عَلَى إطْلَاقِهِ اهـ قُلْت يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ قُبَيْلَ بَابِ الطَّلَبِ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ مِنْ أَنَّ شَرْطَ صِحَّتِهَا أَنْ يَطْلُبَ الْكُلَّ وَبِهِ يَتَأَيَّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ هُنَاكَ

مِنْ التَّوْفِيقِ اهـ. مَا كَتَبْتُهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا لَمْ يَطْلُبْ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ فَوْرَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ طَلَبَ مُوَاثَبَةٍ وَإِشْهَادٍ وَمَضَتْ أَرْبَعُ سَنَوَاتٍ، وَالْآنَ قَامَ يَطْلُبُهَا بَعْدَ عِلْمِهِ وَتَرْكِهِ الطَّلَبَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَهَلْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَبْطُلُ الشُّفْعَةُ بِتَرْكِ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ تَرَكَهُ بِأَنْ لَا يَطْلُبَ فِي مَجْلِسِ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ كَمَا مَرَّ أَوْ تَرَكَ طَلَبَ التَّقْرِيرِ عِنْدَ عَقَارٍ أَوْ ذِي يَدٍ لَا الْإِشْهَادِ عِنْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ كَمَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ شَرْحُ الْمُنْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ مِنْ فَصْلٍ فِيمَا يُبْطِلُهَا وَفِي الدُّرَرِ وَيُبْطِلُهَا تَرْكُ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ أَوْ تَرْكُ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ قَادِرًا عَلَيْهِمَا اهـ فَفِي مَسْأَلَتِنَا لَمْ يَطْلُبْهَا فِي مَجْلِسِ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ بِلَفْظٍ يُفْهِمُ طَلَبَهَا وَأَيْضًا تَرْكَ الطَّلَبَيْنِ الْمَزْبُورَيْنِ وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يُبْطِلُهَا؟ (أَقُولُ) عِبَارَةُ الدُّرَرِ مُخَالِفَةٌ لِعِبَارَةِ شَرْحِ الْمُنْتَقَى وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّفِيعَ يَطْلُبُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. الْأُولَى حِينَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ فَوْرًا وَيُسَمَّى طَلَبَ مُوَاثَبَةٍ أَيْ مُبَادَرَةٍ حَتَّى لَوْ أَخَّرَهُ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ، وَالْإِشْهَادُ فِيهِ لَيْسَ بِلَازِمٍ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَمَا فِي الدُّرَرِ سَهْوٌ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الشرنبلالية نَعَمْ يُشْهِدُ فِيهِ مَخَافَةَ الْجُحُودِ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ يَجِبُ الطَّلَبُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَحَدٌ لِئَلَّا تَسْقُطَ الشُّفْعَةُ دِيَانَةً وَلْيَتَمَكَّنْ مِنْ الْحَلِفِ عِنْدَ الْحَاجَةِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ فَيَصِحُّ بِدُونِهِ لَوْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ وَغَيْرِهِ اهـ، وَالْمَرَّةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَطْلُبَهَا عِنْدَ الْبَائِعِ لَوْ الْعَقَارُ فِي يَدِهِ أَوْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا أَوْ عِنْدَ الْعَقَار وَيُسَمَّى طَلَبَ إشْهَادٍ وَطَلَبَ تَقْرِيرٍ وَلَيْسَ لَهُ مُدَّةٌ خَاصَّةٌ بَلْ بِقَدْرِ مَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْإِشْهَادِ عِنْدَ حَضْرَةِ أَحَدِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْإِشْهَادَ هُنَا شَرْطٌ لَكِنْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: إنَّمَا سُمِّيَ الثَّانِي طَلَبَ الْإِشْهَادِ لَا لِكَوْنِ الْإِشْهَادِ شَرْطًا بَلْ لِيُمْكِنَهُ إثْبَاتُ الطَّلَبِ عِنْدَ جُحُودِ الْخَصْمِ. اهـ. وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ ثُمَّ الْإِشْهَادُ عِنْدَ أَحَدِ هَؤُلَاءِ لَوْ وُجِدَ عِنْدَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ كَفَاهُ وَقَامَ مَقَامَ الطَّلَبَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَائِيُّ، وَالْمَرَّةُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَطْلُبَ عِنْدَ الْقَاضِي وَيُسَمَّى طَلَبَ تَمْلِيكٍ وَخُصُومَةٍ وَهَلْ لَهُ مُدَّةٌ يَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ عَنْهَا؟ فِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي قَرِيبًا وَهَذَا الطَّلَبُ إنَّمَا يُشْتَرَطُ حَيْثُ لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ الْمُشْتَرِي بِرِضَاهُ لِقَوْلِهِ فِي التَّنْوِيرِ: وَتَسْتَقِرُّ بِالْإِشْهَادِ وَتُمْلَكُ بِالْأَخْذِ بِالتَّرَاضِي أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَهَاهُنَا فَائِدَةٌ يَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا وَهِيَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ إذَا سَمِعَ الشَّفِيعُ بِبَيْعِ الدَّارِ فَسَكَتَ قَالُوا: لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِيَ وَالثَّمَنَ كَالْبِكْرِ إذَا اُسْتُؤْمِرَتْ فَسَكَتَتْ ثُمَّ عَلِمَتْ أَنَّ الْأَبَ زَوَّجَهَا مِنْ فُلَانٍ صَحَّ رَدُّهَا اهـ. وَبِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ التُّمُرْتَاشِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ الْمَشْهُورَةِ. (سُئِلَ) فِي الشَّفِيعِ إذَا طَلَبَ الشُّفْعَةَ فَوْرَ عِلْمِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً ثُمَّ تَرَكَ طَلَبَ الْخُصُومَةِ وَالتَّمْلِيكِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ فَهَلْ لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) يَعْنِي إذَا أَخَّرَهُ بَعْدَ الطَّلَبَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، وَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَبِهِ يُفْتَى كَمَا فِي الدُّرَرِ عَنْ الْهِدَايَةِ، وَالْكَافِي وَبِهِ أَفْتَى الْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي كَمَا ذَكَرَهُ عَزْمِي زَادَهْ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي التَّنْوِيرِ قَالَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِهِ وَقِيلَ يُفْتَى بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ إنْ أَخِّرْهُ شَهْرًا بِلَا عُذْرٍ بَطَلَتْ كَذَا فِي الْمُلْتَقَى يَعْنِي دَفْعًا لِلضَّرَرِ قُلْنَا دَفَعَهُ بِرَفْعِهِ لِلْقَاضِي لِيَأْمُرَهُ بِالْأَخْذِ أَوْ التَّرْكِ اهـ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْعَلَائِيِّ اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ وَهُوَ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى فَرَاجِعْهُ، وَالْقَائِلُ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ هُوَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَقَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ وَفِي شَرْحِهِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي مَتْنِ الْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ، وَالذَّخِيرَةِ، وَالْمُغْنِي وَفِي الشرنبلالية عَنْ الْبُرْهَانِ أَنَّهُ أَصَحُّ مَا يُفْتَى بِهِ قَالَ يَعْنِي أَنَّهُ أَصَحُّ مِنْ تَصْحِيحِ الْهِدَايَةِ، وَالْكَافِي. . . إلَخْ وَعَزَاهُ الْقُهُسْتَانِيُّ إلَى الْمَشَاهِيرِ كَالْمُحِيطِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُضْمَرَاتِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ قَالَ: فَقَدْ أَشْكَلَ مَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْكَافِي اهـ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَفِي الْجَامِعِ الْخَانِيِّ الْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لِتَغَيُّرِ أَحْوَالِ النَّاسِ فِي قَصْدِ الْإِضْرَارِ اهـ. وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ إفْتَاءَهُمْ بِخِلَافِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِتَغَيُّرِ الزَّمَانِ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ وَقَصْدُ الْإِضْرَارِ فِي زَمَانِنَا كَثِيرٌ

فَقَدْ شَاهَدْتُ غَيْرَ مَرَّةٍ مَنْ جَاءَ يَطْلُبُهَا بَعْدَ عِدَّةِ سِنِينَ قَصْدَ الْإِضْرَارِ بِالْمُشْتَرِي بَعْدَمَا هَدَمَ وَبَنَى طَمَعًا فِي غَلَاءِ السِّعْرِ وَمَا مَرَّ مِنْ إمْكَانِ رَفْعِهِ لِلْقَاضِي لَا يَخْطِرُ عَلَى بَالِ النَّاسِ الْيَوْمَ وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَقْدِرُ عَلَى الْمُرَافَعَةِ فَلَا جَرَمَ كَانَ سَدُّ هَذَا الْبَابِ أَسْلَمَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي الشَّفِيعِ إذَا سَاوَمَ الْحِصَّةَ الْمَبِيعَةَ مِنْ الْمُشْتَرِي هَلْ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَبْطُلُ بِالْمُسَاوَمَةِ بَيْعًا أَوْ إجَارَةً كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُلْتَقَى. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو، الْغَائِبِ وَإِخْوَتِهِمَا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ عَنْ أَبِيهِمْ فَبَاعَ زَيْدٌ حِصَّتَهُ فِيهَا مِنْ إخْوَتِهِ الْحَاضِرِينَ ثُمَّ حَضَرَ عَمْرٌو الْغَائِبُ وَطَلَبَ الْمَبِيعَ بِشُفْعَةِ الْخَلِيطِ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيُقْضَى لَهُ بِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا حَضَرَ وَطَلَبَ مُسْتَوْفِيًا شُرُوطَ الطَّلَبِ يُحْكَمُ لَهُ بِحَقِّهِ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مُسْقِطٌ لَهُ خَيْرِيَّةٌ لَوْ كَانَ الْخَلِيطُ فِي الْمَبِيعِ غَائِبًا يُقْضَى بِالشُّفْعَةِ لِلْخَلِيطِ فِي حَقِّهِ إنْ طَلَبَ لِأَنَّ الْغَائِبَ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَطْلُبَ فَلَا يُؤَخَّرُ حَقُّ الْحَاضِرِ بِالشَّكِّ ثُمَّ إذَا حَضَرَ وَطَلَبَ الشُّفْعَةَ قُضِيَ لَهُ بِهَا مِنَحٌ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ. (سُئِلَ) فِي أَبِي الصَّغِيرِ هَلْ لَهُ طَلَبُ الشُّفْعَةِ لِلصَّغِيرِ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْأَصْلِ الْوَصِيُّ يَطْلُبُ الشُّفْعَةَ لِلصَّغِيرِ وَيَقُومُ مَقَامَهُ فِي لَوَازِمِهَا كَالْأَبِ، وَالْجَدِّ. . إلَخْ أَدَبُ الْأَوْصِيَاءِ وَفِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ لِلْإِمَامِ الْأُسْرُوشَنِيُّ ثُمَّ إذَا وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِلصَّغِيرِ فَاَلَّذِي يَقُومُ بِالطَّلَبِ بِالْأَخْذِ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ شَرْعًا فِي اسْتِيفَاءِ حُقُوقِهِ وَهُوَ أَبُوهُ ثُمَّ وَصِيُّ أَبِيهِ ثُمَّ جَدُّهُ أَبُو أَبِيهِ ثُمَّ وَصِيُّ الْجَدِّ ثُمَّ وَصِيٌّ نَصَبَهُ الْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا أَدْرَكَ فَإِذَا أَدْرَكَ وَقَدْ ثَبَتَ لَهُ خِيَارُ الْبُلُوغِ وَالشُّفْعَةِ فَاخْتَارَ رَدَّ النِّكَاحِ أَوْ طَلَبَ الشُّفْعَةِ فَأَيُّهُمَا كَانَ أَوَّلًا يَجُوزُ وَيَبْطُلُ الثَّانِي، وَالْحِيلَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ طَلَبْتُهُمَا الشُّفْعَةَ وَالْخِيَارَ فَإِذَا كَانَ لَهُ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فَتَرَكَ الشُّفْعَةَ مَعَ الْإِمْكَانِ بَطَلَتْ حَتَّى لَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ لَا يَكُونُ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا تَبْطُلُ الشُّفْعَةُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ تَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ إذَا سَلَّمَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ وَمَنْ بِمَعْنَاهُمَا شُفْعَةَ الصَّغِيرِ صَحَّ تَسْلِيمُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ حَتَّى لَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ لَا يَكُونُ لَهُ أَخْذُهَا بِالشُّفْعَةِ، وَتَسْلِيمُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ شُفْعَةَ الصَّغِيرِ صَحِيحٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ سَوَاءٌ كَانَ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ أَوْ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ تَسْلِيمِ الْوَكِيلِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَتَمَامُ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ فِيهَا. (سُئِلَ) فِي عَقَارٍ مَعْلُومٍ مُشْتَرَكٍ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ بَيْنَ زَيْدٍ وَأَيْتَامٍ لِكُلٍّ مِنْهُمْ حِصَّةٌ شَائِعَةٌ فَبَاعَ زَيْدٌ نَصِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ الْعَقَارِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ بَلَغَ الْأَيْتَامُ رَشِيدَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ حِينَ الْبَيْعِ جَدٌّ وَلَا وَصِيٌّ فَهَلْ لَهُمْ الشُّفْعَةُ بِشَرْطِهَا الشَّرْعِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِيَتِيمٍ أَخٌ وَصِيٌّ عَلَيْهِ وَحِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي دَارِ جَارٍ بَقِيَّتُهَا فِي مِلْكِ أُمِّهِ وَأُخْتِهِ وَرَجُلٍ غَائِبٍ لِكُلٍّ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِيهَا أَرْضًا وَبِنَاءً فَبَاعَ وَكِيلُ الْغَائِبِ نَصِيبَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَبَادَرَ الْوَصِيُّ فَوْرَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ وَتَمَلَّكَ الْمَبِيعَ لِلْيَتِيمِ بِالشُّفْعَةِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ لَمَّا رَأَى فِيهِ الْمَصْلَحَةَ لِلْيَتِيمِ، وَبَقِيَّةُ الشُّرَكَاءِ لَمْ يَطْلُبُوا فَهَلْ لِلْوَصِيِّ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: بِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ قِرْشًا، وَالشَّفِيعُ يَقُولُ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ قِرْشًا، وَالثَّمَنُ مَنْقُودٌ، وَالدَّارُ مَقْبُوضَةٌ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاهُ فَهَلْ تَكُونُ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ أَحَقَّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِنْ اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ، وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ، وَالدَّارُ مَقْبُوضَةٌ، وَالثَّمَنُ مَنْقُودٌ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وَلَا يَتَحَالَفَانِ وَإِنْ بَرْهَنَا فَالشَّفِيعُ أَحَقُّ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ مُلْزِمَةٌ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ وَأَوْضَحَهُ فِي الْمِنَحِ، وَالدُّرَرِ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُتُونِ (أَقُولُ) وَلَعَلَّ فَائِدَةَ التَّقْيِيدِ بِنَقْدِ الثَّمَنِ كَوْنُهُ اخْتِلَافًا مَعَ الْمُشْتَرِي إذْ لَوْ كَانَ غَيْرَ مَنْقُودٍ يَكُونُ الِاخْتِلَافُ مَعَ الْبَائِعِ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي فَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الدَّارِ مَقْبُوضَةً، وَالْمُتُونُ خَالِيَةٌ عَنْ الْقَيْدَيْنِ.

كتاب القسمة

سُئِلَ) فِي دَارٍ بِيعَتْ فَلَمَّا عَلِمَ الْجَارُ بِالْبَيْعِ أَشْهَدَ عَلَيْهِ فَوْرًا بَيِّنَةً شَرْعِيَّةً وَهُوَ عِنْدَهَا أَنَّهُ تَمَلَّكَهَا بِالشُّفْعَةِ فَهَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْأَخْذُ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : إذَا طَلَبَ الْجَارُ الْمَذْكُورُ عِنْدَ الْقَاضِي الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ طَلَبَ خُصُومَةٍ وَتَمَلَّكَ بَعْدَمَا طَلَبَهَا طَلَبَ مُوَاثَبَةٍ وَطَلَبَ تَقْرِيرٍ وَإِشْهَادٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ يَثْبُتُ لَهُ الْأَخْذُ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ مِلْكٍ بِيعَتْ وَلَهَا جَارٌ مُلَاصِقٌ أَخْبَرَ أَنَّهَا بِيعَتْ بِأَرْبَعَةَ عَشَرَ قِرْشًا فَسَلَّمَ الشُّفْعَةَ لِاسْتِكْثَارِ ثَمَنِهَا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهَا بِيعَتْ بِأَقَلَّ وَيُرِيدُ الْآنَ طَلَبَهَا بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ.؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قِيلَ لِلشَّفِيعِ أَنَّهَا بِيعَتْ بِأَلْفٍ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا بِيعَتْ بِأَقَلَّ أَوْ بِبُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ أَوْ أَكْثَرُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ تَنْوِيرٌ مِنْ بَابِ مَا يُبْطِلُهَا. (سُئِلَ) هَلْ الشُّفْعَةُ تَخْتَصُّ بِالدَّارِ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا تَخْتَصُّ بِالدَّارِ قَالَ فِي الْمِنَحِ وَشَرْطُهَا أَنْ يَكُونَ الْمَحَلُّ عَقَارًا سُفْلًا كَانَ أَوْ عُلْوًا. . . إلَخْ. وَفِي شَرْحِ الْمُنْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ، وَالْمُرَادُ هُنَا بِالْعَقَارِ غَيْرُ الْمَنْقُولِ فَدَخَلَ الْكَرْمُ، وَالرَّحَى، وَالْبِئْرُ، وَالْعُلْوُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَرِيقُهُ فِي السُّفْلِ وَخَرَجَ الشَّجَرُ، وَالْبِنَاءُ فَإِنَّهُ مِنْ مَنْقُولٍ لَا شُفْعَةَ فِيهِ إلَّا بِتَبَعِيَّةِ الْعَقَارِ انْتَهَى. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَهِنْدٍ مُنَاصَفَةً فَبَاعَتْ هِنْدٌ نِصْفَهَا مِنْ شَرِيكِهَا زَيْدٍ وَيُرِيدُ الْجَارُ أَخْذَ الْمَبِيعِ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ فَهَلْ لَا شُفْعَةَ لِلْجَارِ مَعَ وُجُودِ الشَّرِيكِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَثْبُتُ أَيْ الشُّفْعَةُ لِلْخَلِيطِ أَيْ الشَّرِيكِ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ ثُمَّ بَعْدَمَا تَسَلَّمَهَا تَثْبُتُ لِلْخَلِيطِ فِي حَقِّهِ أَيْ حَقِّ الْمَبِيعِ كَالشُّرْبِ وَالطَّرِيقِ الْخَاصَّيْنِ، مَعْنَى خُصُوصِهِمَا أَنْ يَكُونَ الشُّرْبُ مِنْ نَهْرٍ لَا تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ وَأَنْ لَا يَكُونَ الطَّرِيقُ نَافِذًا ثُمَّ أَيْ بَعْدَمَا سَلَّمَهَا ثَبَتَتْ لِجَارٍ مُلَاصِقٍ وَلَوْ ذِمِّيًّا أَوْ مَأْذُونًا أَوْ مُكَاتَبًا دُرَرٌ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مَعْلُومَةٍ جَارٍ نِصْفُهَا فِي مِلْكِ زَيْدٍ وَرُبُعُهَا لِعَمْرٍو وَرُبُعُهَا الْآخَرُ لِبَكْرٍ أَرْضًا وَبِنَاءً فَبَاعَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو نَصِيبَهُمَا مِنْهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَسَلَّمَ بَكْرٌ وَأَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الشُّفْعَةِ وَطَلَبَ الْجَارُ الْمُلَاصِقُ الشُّفْعَةَ وَأَشْهَدَ بَيِّنَةً فَوْرَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ الدَّارِ وَهِيَ بِيَدِهِ أَنَّهُ تَمَلَّكَ الْمَبِيعَ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ ثُمَّ طَلَبَهَا طَلَبَ تَمَلُّكٍ وَخُصُومَةٍ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَالِكٍ اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَوْضِعٍ سَلَّمَ الشَّرِيكُ الشُّفْعَةَ إنَّمَا يَثْبُتُ لِلْجَارِ حَقُّ الشُّفْعَةِ إذَا كَانَ الْجَارُ قَدْ طَلَبَهَا حِينَ سَمِعَ الْبَيْعَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ فِي الْحَالِ أَمَّا إذَا لَمْ يَطْلُبْ الشُّفْعَةَ حَتَّى سَلَّمَ الشَّرِيكُ الشُّفْعَةَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ. [كِتَابُ الْقِسْمَةِ] ِ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ بَالِغِينَ وَقَاصِرِينَ وَخَلَفَ غِرَاسَاتٍ وَأَرَاضِيَ مَعْلُومَاتٍ ثُمَّ بَلَغَ الْقَاصِرُونَ وَيُرِيدُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ قِسْمَةَ نَصِيبِهِ مِنْ الْأَرَاضِي، وَالْغِرَاسَاتِ وَهِيَ قَابِلَةٌ لِلْقِسْمَةِ وَيَنْتَفِعُ كُلٌّ بِنَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَالْمُعَادَلَةُ مُمْكِنَةٌ، وَالْمَنْفَعَةُ لَا تَتَبَدَّلُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ قَابِلَةٍ لِلْقِسْمَةِ مُشْتَرَكَةٍ بِالْمِلْكِ الشَّرْعِيِّ بَيْنَ زَيْدٍ وَهِنْدٍ وَعَمْرٍو لِكُلٍّ مِنْهُمْ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِيهَا فَبَنَى زَيْدٌ وَهِنْدٌ فِيهَا بِنَاءً بِآلَاتٍ مِنْهُمَا مُتَقَوِّمَةٍ بَعْدَ هَدْمِهَا وَامْتَنَعَ عَمْرٌو مِنْ دَفْعِ مَا يَخُصُّ حِصَّتَهُ مِنْ ثَمَنِ الْآلَاتِ وَكُلْفَتِهَا وَطَلَبَ زَيْدٌ وَهِنْدٌ الْقِسْمَةَ فَهَلْ تُقْسَمُ وَحَيْثُ خَرَجَ الْبِنَاءُ فِي نَصِيبِهِمَا فِيهَا وَإِلَّا هُدِمَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تُقْسَمُ وَحَيْثُ بَنَى زَيْدٌ وَهِنْدٌ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ عَمْرٍو وَخَرَجَ الْبِنَاءُ فِي نَصِيبِهِمَا فِيهَا وَإِلَّا يُهْدَمُ وَتُدْفَعُ آلَاتُهُ لَهُمَا، وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْقِسْمَةِ وَأَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ: إذَا لَمْ يُجِيزُوا مَا فَعَلَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ فَإِنْ وَقَعَ نَصِيبُهُ فِيمَا بَنَى فِيهِ وَغَرَسَ بَقِيَ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ فِيهِ بَلْ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ قَلَعَ وَضَمِنَ مَا نَقَصَتْ الْأَرْضُ بِذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ

زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ فِيهِمْ أَيْتَامٌ لَهُمْ وَصِيٌّ وَخَلَفَ تَرِكَةً مُشْتَمِلَةً عَلَى أَعْيَانٍ وَدَيْنٍ عَلَى رَجُلٍ فَاقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ مَعَ الْوَصِيِّ الْأَعْيَانَ، وَالدَّيْنَ مُنَاصَفَةً شَارِطِينَ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِلْأَيْتَامِ، وَالْأَعْيَانُ لَهُمْ ثُمَّ ظَهَرَ الْمَدْيُونُ مُعْسِرًا فَهَلْ تَكُونُ الْقِسْمَةُ فَاسِدَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الدَّيْنُ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ لَهُ فَإِنْ لَهُ وَاقْتَسَمُوا الدَّيْنَ، وَالْعَيْنَ إنْ شَرَطُوا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِأَحَدِهِمْ فَسَدَتْ وَإِنْ اقْتَسَمُوا الدَّيْنَ بَعْدَ قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ إنْ غَيْرَ مَشْرُوطَةٍ قِسْمَتُهُ فِي قِسْمَةِ الْأَعْيَانِ جَازَتْ قِسْمَةُ الْعَيْنِ لَا الدَّيْنِ وَإِنْ عَلَى الْمَيِّتِ فَاقْتَسَمُوا عَلَى ضَمَانِ الدَّيْنِ لِلدَّائِنِ كُلُّهُمْ أَوْ أَحَدُهُمْ أَنَّ الضَّمَانَ مَشْرُوطًا فِيهَا فَسَدَتْ وَإِلَّا فَإِنْ ضَمِنَ ضَامِنٌ عَلَى أَنْ لَا يَرْجِعَ فِي الشَّرِكَةِ صَحَّتْ الْقِسْمَةُ إذَا أَدَّى وَإِنْ ضَمِنَ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ أَوْ سَكَتَ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى أَنْ لَا أَرْجِعَ فَسَدَتْ إلَّا أَنْ يَقْضُوا دَيْنَهُ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ كِتَابِ الْقِسْمَةِ مِنْ الثَّانِي فِي دَعْوَى الْغَلَطِ فِيهَا. (سُئِلَ) فِي عَقَارٍ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ مُتَعَدِّدِينَ وَإِذَا قُسِمَ بَيْنَهُمْ يَبْقَى بَعْضُهُمْ وَهُوَ ذُو الْحِصَّةِ الْكَثِيرَةِ مُنْتَفِعًا بِحِصَّتِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وَلَا يَبْقَى بَعْضُهُمْ الْآخَرُ مُنْتَفِعًا بِحِصَّتِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَطَلَبَ ذُو الْكَثِيرِ الْمَذْكُورِ قِسْمَةَ حِصَّتِهِ فَهَلْ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُجَابُ ذُو الْكَثِيرِ إلَى ذَلِكَ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذَكَرَ قَالَ فِي الْمُلْتَقَى وَإِذَا انْتَفَعَ كُلٌّ مِنْ الشُّرَكَاءِ بِنَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ قُسِمَ بِطَلَبِ أَحَدِهِمْ وَإِنْ تَضَرَّرَ الْكُلُّ لَا يُقْسَمُ إلَّا بِرِضَاهُمْ وَإِنْ انْتَفَعَ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ قُسِمَ بِطَلَبِ ذِي النَّفْعِ لَا بِطَلَبِ الْآخَرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ اهـ وَمِثْلُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ غَيْرِ قَابِلَةٍ لِلْقِسْمَةِ مُشْتَرَكَةٍ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ الشَّرْعِيِّ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَطَلَبَ زَيْدٌ الْمُهَايَأَةَ مَعَ عَمْرٍو فِي سُكْنَاهَا بِأَنْ يَسْكُنَ فِيهَا مُدَّةً بِحَسَبِ حِصَّتِهِ وَيَسْكُنَ عَمْرٌو أَيْضًا مُدَّةً مِثْلَهُ فَأَبَى عَمْرٌو ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَتَهَايَآنِ فِيهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَيُجْبَرُ الْآبِي؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْإِقْرَارِ الْمُهَايَأَةُ فِي الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ الَّتِي يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا مَشْرُوعَةٌ وَلَا يُشْتَرَطُ لِجَوَازِهَا ذِكْرُ الْمُدَّةِ وَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَيَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِنَقْصِهَا بِعُذْرٍ وَبِغَيْرِ عُذْرٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِنَقْضِهَا إلَّا بِعُذْرٍ أَوْ بِطَلَبِ قِسْمَةِ عَيْنِهَا هَذَا إذَا كَانَتْ الْمُهَايَأَةُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَإِنْ كَانَتْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِنَقْضِهَا مَا لَمْ يَصْطَلِحَا وَتَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَفِي الْجِنْسَيْنِ إلَّا أَنَّ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ كَالدَّارِ الْوَاحِدَةِ لَوْ تَهَايَآ بِأَنْفُسِهِمَا زَمَانًا شَهْرًا أَوْ سَنَةً أَوْ يَوْمًا أَوْ تَهَايَآ مَكَانًا بِأَنْ يَسْكُنَ هَذَا طَائِفَةً مِنْ الدَّارِ، وَالْآخَرُ الطَّائِفَةَ الْأُخْرَى أَوْ يَزْرَعَ أَحَدُهُمَا هَذِهِ الطَّائِفَةَ مِنْ الْأَرْضِ، وَالْآخَرُ الطَّائِفَةَ الْأُخْرَى جَازَ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْمُهَايَأَةَ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ وَأَبَى الْآخَرُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُجْبِرُهُ وَإِنْ طَلَبَ الْمُهَايَأَةَ مِنْ حَيْثُ الْمَكَانُ رَوَى الْكَرْخِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُجْبِرُ، وَفِي الْجِنْسَيْنِ كَالدَّارِ وَالْأَرْضِ إذَا تَهَايَآ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ هَذَا هَذِهِ الدَّارَ، وَالْآخَرُ يَزْرَعُ هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ فِي الْحَمَّامِ وَالدَّارِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ هَذَا الدَّارَ، وَالْآخَرُ يَأْخُذُ الْحَمَّامَ وَيُؤَاجِرُهُ إنْ تَهَايَآ بِتَرَاضِيهِمَا جَازَ. وَإِنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا وَأَبَى الْآخَرُ لَا يُجْبِرُ الْقَاضِي اهـ وَتَمَامُ ذَلِكَ فِيهَا (أَقُولُ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْمُهَايَأَةِ فِي الْمَأْجُورِ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى سُئِلْت عَنْهَا وَرَأَيْتُ فِي مَجْمُوعَةِ شَيْخِ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيِّ بِخَطِّهِ مَا نَصُّهُ فِي مُسْتَأْجِرٍ حِصَّةً مِنْ عَقَارٍ يُرِيدُ التَّهَايُؤَ لُزُومًا عَلَى الْمَالِكِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ الْآخَرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا أَفَادَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَأَفَادَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ أَنَّ تَهَايُؤَ الْمُسْتَأْجِرِينَ صَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ وَإِنْ شَرَطَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ أَنَّ لِأَحَدِهِمَا مُقَدَّمَ الدَّارِ وَلِلْآخَرِ مُؤَخَّرَهَا فَسَدَ الْعَقْدُ اهـ مَا رَأَيْتُهُ بِخَطِّهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَحَاصِلُهُ أَنَّ تَهَايُؤَ الْمُسْتَأْجِرِينَ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ مَعَ الْمَالِكِ بِأَنْ اسْتَأْجَرَ بَعْضَ عَقَارٍ شَائِعًا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَاهُ صَحِيحٌ وَلَكِنْ لَا يَكُونُ عَلَى طَرِيقِ الْجَبْرِ وَاللُّزُومِ إذَا امْتَنَعَ

عَنْهُ أَحَدُهُمَا وَإِذَا تَرَاضَيَا فَهُوَ صَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ بِمَعْنَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخَ الْمُهَايَأَةِ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فِي الْمُهَايَأَةِ فِي الْمِلْكِ وَرَأَيْتُ بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ نَقْلًا عَنْ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ فِي الْإِجَارَاتِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ الْمُهَايَأَةِ فِي حَمَّامٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ آجَرَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ ثَالِثٍ وَحَكَمَ بِذَلِكَ حَاكِمٌ فَتَهَايَأَ الْمَالِكُ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْآخَرِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي أَمْتِعَةٍ مَعْلُومَةٍ مُخْتَلِفَةِ الْأَجْنَاسِ قَابِلٌ كُلُّ جِنْسٍ مِنْهَا لِلْقِسْمَةِ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَوَرَثَةِ عَمْرٍو الْبَالِغِينَ مُنَاصَفَةً يُرِيدُ زَيْدٌ قِسْمَةَ نِصْفِهِ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ مِنْهَا وَحْدَهُ وَإِذَا قُسِمَتْ يَنْتَفِعُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِنَصِيبِهِ فَهَلْ يُجَابُ زَيْدٌ إلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَتْ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ يُقْسَمُ كُلُّ جِنْسٍ مِنْهَا عَلَى حِدَةٍ وَلَوْ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ نَوْعًا بِالتَّرَاضِي جَازَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ يُقْسَمُ كُلُّ شَيْءٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ إذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ، وَلَا يُقْسَمُ الرَّقِيقُ وَالدَّارُ الْمُخْتَلِفَةُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَأَجْمَعَ أَصْحَابُنَا أَنَّ التَّرِكَةَ إذَا كَانَتْ جِنْسًا وَاحِدًا تُقْسَمُ بِطَلَبِ أَحَدِهِمْ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى إبَاءِ الْآخَرِ بَزَّازِيَّةٌ الثَّوْبُ الْوَاحِدُ لَا يُقْسَمُ إلَّا بِالتَّرَاضِي وَيُقْسَمُ طُولًا إذَا كَانَ بِالرِّضَا ثِيَابٌ بَيْنَ قَوْمٍ اقْتَسَمُوهَا وَلَا يُصِيبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَوْبٌ تَامٌّ لَمْ يُقْسَمْ ذَلِكَ إلَّا بِالتَّرَاضِي خُلَاصَةٌ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي إخْوَةِ أَرْبَعَةٍ بَالِغِينَ عَاقِلِينَ سَعْيُهُمْ وَعَائِلَتُهُمْ وَاحِدَةٌ تَلَقَّوْا عَنْ أَبِيهِمْ غِرَاسًا وَغَيْرَهُ فَأَخَذُوا فِي الِاكْتِسَابِ وَالْعَمَلِ كُلٌّ عَلَى قَدْرِ اسْتِطَاعَتِهِ وَأَنْشَئُوا بِجُمْلَتِهِمْ غِرَاسًا آخَرَ ثُمَّ اقْتَسَمُوا الْغِرَاسَيْنِ الْمَزْبُورَيْنِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِمْ قِسْمَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً فِي صِحَّتِهِمْ وَسَلَامَتِهِمْ وَتَصَرَّفَ كُلٌّ بِمَا خَصَّهُ ثُمَّ ادَّعَى اثْنَانِ مِنْهُمْ أَنَّ الْغِرَاسَ الَّذِي أَنْشَئُوهُ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِمْ مُخْتَصٌّ بِهِمَا بِمُقْتَضَى أَنَّهُمَا الْغَارِسَانِ لَهُ وَيَزْعُمَانِ أَنَّ الْقِسْمَةَ وَقَعَتْ جَهْلًا فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَاهُمَا غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذْ الْإِقْدَامُ عَلَى الِاقْتِسَامِ اعْتِرَافٌ بِأَنَّ الْمَقْسُومَ مُشْتَرَكٌ وَدَعْوَى الْجَهْلِ بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَاطِبَةً كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ وَنَقَلَ الْعَلَائِيُّ عَنْ الْخَانِيَّةِ اقْتَسَمُوا دَارًا أَوْ أَرْضًا ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمْ فِي قَسْمِ الْآخَرِ بِنَاءً أَوْ نَخْلًا زَعَمَ أَنَّهُ بَنَاهُ وَغَرَسَهُ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ (أَقُولُ) كَتَبْتُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَنْ الْعَلَّامَةِ الْمَقْدِسِيِّ اقْتَسَمَا التَّرِكَةَ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ أَبَاهُ كَانَ جَعَلَ هَذَا الشَّيْءَ الْمُعَيَّنَ لَهُ إنْ كَانَ قَالَ فِي صُغْرَى يُقْبَلُ، وَإِنْ مُطْلَقًا لَا اهـ أَيْ لِأَنَّ دَعْوَى الْجَهْلِ هُنَا مِمَّا لَا يَخْفَى، وَالتَّنَاقُضُ فِي مَوْضِعِ إخْفَاءٍ عَفْوٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دُيُونٌ عَلَى جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ وَمَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ تَقَاسَمُوا تِلْكَ الدُّيُونَ بَيْنَهُمْ وَجَعَلُوا الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى عَمْرٍو مِنْ الْجَمَاعَةِ لِبَكْرٍ مِنْ الْوَرَثَةِ وَهَكَذَا فَهَلْ الْقِسْمَةُ الْمَرْقُومَةُ بَاطِلَةٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ مَجْرَى مَاءٍ مَعْلُومٍ يَجْرِي إلَى دُورِهِمْ بِحَقِّهِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَاءِ مِنْ طَالِعِ مَاءٍ كَبِيرٍ يَنْزِلُ الْمَاءُ مِنْهُ مِنْ فَرْضٍ قَدِيمٍ إلَى طَالِعٍ آخَرَ صَغِيرٍ دَاخِلِ دَارِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ ثُمَّ يَنْزِلُ فِي حَجَرٍ يُسَمَّى بِالْخُرْجِ وَيَنْقَسِمُ أَقْسَامًا مَعْلُومَةً يَطْلُعُ أَحَدُهَا إلَى طَالِعٍ آخَرَ وَيَنْقَسِمُ إلَى فَرْضَيْنِ أَحَدُهُمَا لِدَارِ زَيْدٍ فَبَنَى زَيْدٌ الدَّارَ الْمَزْبُورَةَ مَسْجِدًا لِلَّهِ تَعَالَى وَيُرِيدُ قِسْمَةَ حِصَّةِ الْمَسْجِدِ الْمَذْكُورِ مِنْ مَجْرَى الطَّالِعِ الْكَبِيرِ وَأَنْ يُجْرِيَهَا فِي دِمْنَةٍ خَاصَّةٍ بِالْمَسْجِدِ وَذَلِكَ قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ وَيَنْتَفِعُ كُلٌّ بِحِصَّتِهِ بَعْدَهَا وَيُعَارِضُهُ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُجَابُ زَيْدٌ إلَى ذَلِكَ وَيُمْنَعُ الْمُعَارِضُ لَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِذَا كَانَ قَنَاةً أَوْ نَهْرًا أَوْ بِئْرًا أَوْ عَيْنًا وَلَيْسَ مَعَهُ أَرْضٌ فَأَرَادَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ فَالْقَاضِي لَا يَقْسِمُ وَإِنْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ أَرْضٌ لَا شُرْبَ لَهَا إلَّا مِنْ ذَلِكَ قُسِّمَتْ الْأَرْضُ وَتُرِكَ النَّهْرُ، وَالْقَنَاةُ عَلَى الشَّرِكَةِ وَلَوْ كَانَ أَنْهَارًا وَآبَارَ الْأَرَضِينَ مُتَفَرِّقَةً قُسِّمَتْ الْآبَارُ، وَالْعُيُونُ، وَالْأَرَاضِي مُحِيطُ الْبُرْهَانِيِّ مِنْ الْقِسْمَةِ وَفِي النَّوَازِلِ كَرْمٌ بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ وَتَحْتَ هَذَا الْكَرْمِ حَائِطٌ لِرَجُلٍ خَامِسٍ اشْتَرَى أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْحَائِطَ وَأَرَادَ أَنْ يَسُوقَ إلَيْهِ مَاءَهُ

يَعْنِي نَصِيبَهُ مِنْ مَاءِ الْكَرْمِ، وَالشُّرَكَاءُ الثَّلَاثَةُ يَمْنَعُونَهُ مِنْهُ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَسُوقَ فِي الْمَجْرَى الْمُشْتَرَكِ فَلَهُمْ مَنْعُهُ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَسُوقَ فِي مَجْرًى خَاصٍّ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ إذَا كَانَ شُرْبُ الْحَائِطِ الْمُشْتَرَى مِنْ هَذَا النَّهْرِ ذَخِيرَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي فِي قِسْمَةِ الشُّرْبِ (أَقُولُ) فِي دَلَالَةِ هَذِهِ النُّقُولِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُكْمِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. أَمَّا مَا فِي الْمُحِيطِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ قِسْمَةُ نَفْسِ الْقَنَاةِ أَوْ النَّهْرِ أَوْ الْبِئْرِ أَوْ الْعَيْنِ لَا قِسْمَةُ شُرْبِهَا وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا يُقْسَمُ الْحَمَّامُ، وَالْبِئْرُ، وَالرَّحَى لِأَنَّ فِيهَا ضَرَرًا أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى مُنْتَفَعًا بِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَمَا كَانَ قَبْلَهَا، نَعَمْ لَوْ كَانَتْ أَرَاضٍ مُتَفَرِّقَةً لَهَا آبَارٌ أَوْ عُيُونٌ مُتَعَدِّدَةٌ قُسِمَتْ الْأَرَاضِي مَعَ الْآبَارِ أَوْ الْعُيُونِ بِأَنْ يُجْعَلَ لِكُلِّ أَرْضٍ بِئْرٌ خَاصٌّ وَأَمَّا مَا فِي النَّوَازِلِ فَلَيْسَ النِّزَاعُ فِيهِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فِي قِسْمَةِ نَفْسِ الشُّرْبِ بَلْ فِي أَجْزَائِهِ فِي الْأَرْضِ الْمُشْتَرَكَةِ لِأَنَّ الْمَاءَ الَّذِي يُرِيدُ سَوْقَهُ هُوَ مَاءُ الْحَائِطِ بِدَلِيلٍ آخَرَ، عِبَارَةُ النَّوَازِلِ فَإِذَا كَانَ شُرْبُ ذَلِكَ الْحَائِطِ مِنْ نَهْرِ ذَلِكَ الْكَرْمِ الْمُشْتَرَكِ وَلَهُ مَجْرًى خَاصٌّ بِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْرِيَهُ فِي مَجْرَى الْكَرْمِ الْمُشْتَرَكِ وَإِنَّمَا لَهُ إجْرَاؤُهُ فِي مَجْرَاهُ الْخَاصِّ بِهِ، وَالْمَسْأَلَةُ الْمَسْئُولُ عَنْهَا إنَّمَا هِيَ قِسْمَةُ الْمَاءِ مِنْ الطَّالِعِ فَنَقُولُ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ الْقَوَاعِدِ أَنَّ قِسْمَةَ نَفْسِ الْمَاءِ جَائِزَةٌ حَيْثُ أَمْكَنَتْ الْمُسَاوَاةُ بِلَا ضَرَرٍ ثُمَّ رَأَيْته فِي أَوَّلِ كِتَابِ الشُّرْبِ مِنْ مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ لَكِنَّ الطَّالِعَ فِيهِ حَجَرٌ يُسَمَّى بَسْطًا وَهُوَ مُقَسَّمٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ قِيرَاطًا أَقْسَامًا تُسَمَّى فُرُوضًا يَنْزِلُ فِيهَا الْمَاءُ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ كُلُّ قِيرَاطٍ يُسَمَّى أُصْبُعًا، وَالطَّالِعُ الثَّانِي كَذَلِكَ فِيهِ بَسْطٌ آخَرُ مُقَسَّمٌ كَذَلِكَ، وَالطَّالِعُ الثَّالِثُ كَذَلِكَ لَكِنَّ الطَّالِعَ الْأَوَّلَ تَكُونُ أَصَابِعُهُ أَكْبَرَ مِنْ أَصَابِعِ الثَّانِي وَكَذَا الثَّانِي أَكْبَرَ مِنْ الثَّالِثِ وَهَكَذَا لِأَنَّهُ إذَا كَانَ نَصِيبُ الطَّالِعِ الثَّانِي ثُلُثَ مَاءِ الطَّالِعِ الْأَوَّلِ مَثَلًا يَكُونُ كُلُّ أُصْبُعٍ مِنْ الثَّانِي ثُلُثَ أُصْبُعٍ مِنْ الْأَوَّلِ. وَهَكَذَا فَمَنْ لَهُ أُصْبُعٌ مِنْ الطَّالِعِ الثَّانِي وَأَرَادَ أَخْذَهَا مِنْ الطَّالِعِ الْأَوَّلِ يَأْخُذُ ثُلُثَ أُصْبُعٍ مِنْهُ وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إلَّا بِإِحْدَاثِ فَرْضٍ جَدِيدٍ فِي الْحَجَرِ الْمُسَمَّى بَسْطًا مِنْ الطَّالِعِ الْأَوَّلِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ الْبَسْطَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ أَصْحَابِ الْمِيَاهِ فَيَرْجِعُ الْأَمْرُ إلَى قِسْمَةِ نَفْسِ الْبَسْطِ وَإِحْدَاثِ فَرْضٍ جَدِيدٍ فِيهِ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ بِدُونِ إذْنِ الشُّرَكَاءِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الْمُشْتَرَكِ وَلِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُقْسَمُ الْبِئْرُ وَالنَّهْرُ وَنَحْوُهُمَا وَلِذَا قَالَ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ: وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ فِي النَّهْرِ أَنْ يَشُقَّ مِنْهُ نَهْرًا أَوْ يَنْصِبَ عَلَيْهِ رَحًى إلَّا رَحًى وُضِعَ فِي مِلْكِهِ بِأَنْ يَكُونَ حَافَّتَا النَّهْرِ وَبَطْنَهُ مِلْكًا لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُتَصَرِّفًا فِي الْمُشْتَرَكِ بَلْ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ أَمْكَنَ أَخْذُ مَا يَخُصُّهُ بِلَا إحْدَاثِ شَيْءٍ فِي الْبَسْطِ فَلَهُ ذَلِكَ حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ وَقَدْ صَارَتْ حَادِثَةُ الْفَتْوَى بُعَيْدَ كِتَابَةِ هَذَا الْمَحَلِّ فَأَجَبْتُ عَنْهَا كَذَلِكَ وَصُورَتُهَا فِي طَالِعٍ فِيهِ بَسْطٌ مُقَسَّمٌ فُرُوضًا مِنْهَا فَرْضٌ يَنْزِلُ مِنْهُ الْمَاءُ إلَى سَاقِيَةٍ فِي حَائِطِ دَارِ زَيْدٍ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا إلَى طَالِعٍ آخَرَ فِي دَارِ زَيْدٍ وَيَنْقَسِمُ نِصْفَيْنِ أَحَدُهُمَا لِزَيْدٍ، وَالْآخَرُ لِجِيرَانِهِ وَيُرِيدُ زَيْدٌ قِسْمَةَ حِصَّتِهِ مِنْ السَّاقِيَةِ الْمَذْكُورَةِ الَّتِي فِي دَارِهِ بِمَعْرِفَةِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى جِيرَانِهِ فِي ذَلِكَ وَلَا إحْدَاثَ فِعْلٍ فِي شَيْءٍ مُشْتَرَكٍ لِكَوْنِ حَافَّتَيْ السَّاقِيَةِ مِنْ حَائِطِهِ الْمَمْلُوكِ لَهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَهُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَكَتَبَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ هِلَالٍ مَا صُورَتُهُ " سُئِلَ فِيمَا إذَا كَانَ لِرَجُلٍ اسْتِحْقَاقٌ فِي مَجْرَى مَاءٍ مِسَاحَتُهُ مَعْلُومَةٌ قَدْرَ أُصْبُعٍ يَصِلُ مِنْهُ الْمَاءُ إلَى مَنْزِلِهِ فِي دِمْنَةٍ مُخْتَصَّةٍ بِهِ مِنْ جُمْلَةِ فُرُوضِ مُسْتَحِقِّيهَا فِي طَالِعٍ بِقُرْبِ مَنْزِلِهِ يَصِلُ إلَيْهِ الْمَاءُ مِنْ طَوَالِعَ أُخَرَ أَعْلَى مِنْهُ وَأَقْرَبُ إلَى الْأَصْلِ يُخَالِفُ بَسْطَ الْمَاءِ فِيهَا بَسْطُهُ فِيهِ فَهَلْ لِلرَّجُلِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَأْخُذَ الْقَدْرَ الْمَزْبُورَ وَهُوَ الْأُصْبُعُ مِنْ الطَّوَالِعِ الْمَذْكُورَةِ الَّتِي فَوْقَ الْمُقَسِّمِ الْمَذْكُورِ وَيُخْرِجُهُ مِنْ مَجْرَاهُ الْقَدِيمِ أَوْ لَا

الْجَوَابُ لَيْسَ لِلرَّجُلِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ حَقِّهِ وَهُوَ الْأُصْبُعُ إلَّا مِنْ الطَّالِعِ وَالْمُقَسِّمِ الَّذِي يَجْرِي مِنْهُ وَلَا يُخْرِجُهُ وَلَا يُجْرِيهِ مِنْ الطَّوَالِعِ الَّتِي فَوْقَهُ لِاخْتِلَافِ بَسْطِ الْمَاءِ فِيهَا فَيَصِيرُ بِذَلِكَ مُتَعَدِّيًا لِأَخْذِهِ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ عَلَى أَنَّ الْوَضْعَ الْقَدِيمَ لَا يَتَغَيَّرُ كَمَا قِيلَ الْقَدِيمُ يُتْرَكُ عَلَى قِدَمِهِ كَتَبَهُ مُحَمَّدُ بْنُ هِلَالٍ عُفِيَ عَنْهُمَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ دَارٌ بِيَدِهِمْ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمْ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ عَنْ زَيْدٍ مُوَرِّثِهِمْ وَطَلَبُوا مِنْ الْقَاضِي قِسْمَتَهَا بَيْنَهُمْ وَبَرْهَنُوا عَلَى الْمَوْتِ وَعَدَدِ الْوَرَثَةِ وَكَوْنُهَا لَهُمْ وَفِيهِمْ غَائِبٌ وَهِيَ قَابِلَةٌ لِلْقِسْمَةِ وَيَنْتَفِعُ كُلٌّ بِنَصِيبِهِ بَعْدَهَا فَهَلْ تُقْسَمُ وَيَنْصِبُ الْقَاضِي قَابِضًا لِلْغَائِبِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ بَرْهَنُوا عَلَى الْمَوْتِ وَعَدَدِ الْوَرَثَةِ، وَالْعَقَارُ فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَعَهُمْ وَارِثٌ غَائِبٌ أَوْ صَبِيٌّ قُسِمَ وَنُصِبَ وَكِيلٌ أَوْ وَصِيٌّ لِيَقْبِضَ حِصَّةَ الْغَائِبِ، وَالصَّبِيِّ مُلْتَقَى مِنْ الْقِسْمَةِ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُتُونِ (أَقُولُ) هَذَا إذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ أَصْلُهَا الْمِيرَاثُ كَمَا ذَكَرَ فَلَوْ أَصْلُهَا الشِّرَاءُ فَلَا يُقْسَمُ إذَا كَانَ فِيهِمْ غَائِبٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِي بِخِلَافِ الشُّرَكَاءِ فِي الشِّرَاءِ ثُمَّ لَوْ كَانَ أَصْلُهَا الْمِيرَاثَ فَجَرَى فِيهَا الشِّرَاءُ بِأَنْ بَاعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ نَصِيبَهُ فَهِيَ فِي حُكْمِ شَرِكَةِ الْمِيرَاثِ لِقِيَامِ الْمُشْتَرِي مَقَامَ الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ أَصْلُهَا الشِّرَاءَ فَجَرَى فِيهَا الْمِيرَاثُ بِأَنْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَهِيَ فِي حُكْمِ شَرِكَةِ الشِّرَاءِ لِقِيَامِ الْوَارِثِ مَقَامَ الْمُورِثِ فَيُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إلَى الْأَوَّلِ كَمَا فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ، وَالْخَانِيَّةِ هَذَا مُلَخَّصُ مَا حَرَّرْنَاهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ. (سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ لَهُمْ بُنٌّ مَعْلُومٌ مُثَالَثَةً يُرِيدُونَ قِسْمَتَهُ بَيْنَهُمْ بِالْوَزْنِ فَهَلْ تَكُونُ الْقِسْمَةُ صَحِيحَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ شَرِيكَانِ بَيْنَهُمَا عِنَبٌ أَرَادَ قِسْمَتَهُ تَجُوزُ قِسْمَتُهُ بِالْوَزْنِ بِالْقَبَّانِ وَبِالْمِيزَانِ وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ تَجُوزُ قِسْمَتُهُ بِالشَّرِيجَةِ أَيْضًا لِقِلَّةِ التَّفَاوُتِ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ وَزْنِيٌّ فَلَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ بِدُونِ الْوَزْنِ أَمَّا بِالْقَبَّانِ أَوْ بِالْمِيزَانِ فَلَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ بِالشَّرِيجَةِ لِأَنَّهَا مُجَازَفَةٌ وَقِسْمَةُ التِّبْنِ بِالْأَحْمَالِ ذُكِرَ فِي النَّوَازِلِ أَنَّهُ يَجُوزُ قَالَ مَوْلَانَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَزْنِيٍّ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ قَسِيمَةِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ (أَقُولُ) الشَّرِيجَةُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْجِيمِ شَيْءٌ مِنْ سَعَفٍ يُحْمَلُ فِيهِ الْبِطِّيخُ وَنَحْوُهُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى سَاحَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَثَلَاثَةِ مَسَاكِنَ مِنْهَا مَسْكَنٌ جَارٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ وَمَسْكَنَانِ فِي مِلْكِ زَيْدٍ يُرِيدُ نَاظِرُ الْوَقْفِ قِسْمَةَ السَّاحَةِ الْمَزْبُورَةِ وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ، وَالسَّاحَةُ قَابِلَةٌ لِلْقِسْمَةِ فَهَلْ تَكُونُ قِسْمَةُ السَّاحَةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَذُو بَيْتٍ دَارٍ كَذِي بُيُوتٍ فِي حَقِّ سَاحَتِهَا أَيْ إنْ كَانَ بَيْتٌ مِنْ دَارٍ فِيهَا بُيُوتٌ كَثِيرَةٌ فِي يَدِ زَيْدٍ، وَالْبُيُوتُ الْبَاقِيَةُ فِي يَدِ بَكْرٍ فَهِيَ أَيْ السَّاحَةُ بَيْنَهُمَا حَالَ كَوْنِهَا نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي اسْتِعْمَالِهَا وَهُوَ الْمُرُورُ فِيهَا، وَالتَّوَضُّؤُ وَكَسْرُ الْحَطَبِ وَوَضْعُ الْأَمْتِعَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَصَارَتْ نَظِيرَ الطَّرِيقِ مِنَحٌ مِنْ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ. وَفِي دَعْوَى الْخَيْرِيَّةُ ضَمِنَ، سُؤَالٌ مَا نَصُّهُ " لَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ السَّاحَةَ الْمَذْكُورَةَ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً وَإِذَا طَلَبَا الْقِسْمَةَ فِي السَّاحَةِ أَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا تُقْسَمُ أَنْصَافًا وَقَدْ صَرَّحَ عُلَمَاؤُنَا بِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي يَدِ إنْسَانٍ عَشْرَةُ أَبْيَاتٍ مِنْ دَارٍ وَفِي يَدِ آخَرَ بَيْتٌ وَاحِدٌ. . . إلَخْ اهـ. (أَقُولُ) قَدَّمْنَا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى تَفْصِيلًا وَكَلَامًا مُهِمًّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَرَاجِعْهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى أَحَدُ مُتَقَاسِمِي دَارٍ أَنَّ مِنْ نَصِيبِهِ شَيْئًا وَقَعَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ غَلَطًا وَقَدْ كَانَ أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ وَيُرِيدُ إقَامَةَ بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ عَلَى ذَلِكَ وَقِسْمَتَهَا عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهَا فِيهَا فَهَلْ تُقْبَلُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ قَالَ فِي الدُّرَرِ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ: أَقَرَّ أَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ بِالِاسْتِيفَاءِ ثُمَّ ادَّعَى الْغَلَطَ فِي الْقِسْمَةِ وَزَعَمَ أَنَّ بَعْضًا مِمَّا أَصَابَهُ فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَقَدْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالِاسْتِيفَاءِ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِحُجَّةٍ اهـ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ، وَالْكَنْزِ الْقُدُورِيِّ، وَالْوِقَايَةِ، وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهَا وَعِبَارَةُ الْوِقَايَةِ وَشَرْحِهَا لِصَدْرِ الشَّرِيعَةِ فَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ

بِالِاسْتِيفَاءِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ بَعْضَ حِصَّتِهِ وَقَعَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ غَلَطًا لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِحُجَّةٍ قَالُوا لِأَنَّهُ يَدَّعِي فَسْخَ الْقِسْمَةِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: يَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ دَعْوَاهُ لِلتَّنَاقُضِ وَفِي الْمَبْسُوطِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ مَا يُؤَيِّدُ هَذَا، وَجْهُ رِوَايَةِ الْمَتْنِ أَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى فِعْلِ الْقَاسِمِ فِي إقْرَارِهِ بِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ ثُمَّ لَمَّا تَأَمَّلَ حَقَّ التَّأَمُّلِ ظَهَرَ الْغَلَطُ فِي فِعْلِهِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ عِنْدَ ظُهُورِ الْحَقِّ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ بِأَوْضَحَ مِنْ هَذَا وَفِي الْخَانِيَّةِ وَدَعْوَى الْغَلَطِ إنَّمَا تُسْمَعُ إذَا لَمْ يُقِرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ أَمَّا إذَا أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْغَلَطَ وَالْغَبْنَ إلَّا إذَا ادَّعَى الْغَصْبَ فَحِينَئِذٍ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ اهـ. وَلَعَلَّ مَا فِي الْخَانِيَّةِ فِيمَا إذَا بَاشَرَ الْقِسْمَةَ بِنَفْسِهِ وَأَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ حَيْثُ صَدَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِقَوْلِهِ: رَجُلَانِ اقْتَسَمَا وَمَا فِي الْمُتُونِ فِيمَا إذَا اقْتَسَمَا وَأَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ مُعْتَمِدًا فِي الْقِسْمَةِ عَلَى قَوْلِ الْأَمِينِ كَمَا يَقَعُ فِي زَمَانِنَا غَالِبًا فَتَأَمَّلْ فَرُبَّمَا يُفِيدُ التَّوْفِيقُ أَوْ أَنَّ مَا فِي الْخَانِيَّةِ رِوَايَةً وَمَا فِي الْمُتُونِ رِوَايَةً أُخْرَى وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَجْهُ رِوَايَةِ الْمَتْنِ. . . إلَخْ فَلَعَلَّ أَصْحَابَ الْمُتُونِ مَشَوْا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ بِأَنَّ مَا فِي الْمُتُونِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى بَلْ ذَكَرَ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْحَجْرِ أَنَّ مَا فِي الْمُتُونِ، وَالشُّرُوحِ وَلَوْ بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى اهـ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ مِنْ النِّكَاحِ تَحْتَ قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةٌ فَالْوَلَايَةُ لِلْأُمِّ مَا نَصُّهُ الْمُتُونُ مَوْضُوعَةٌ لِبَيَانِ الْفَتْوَى اهـ. (سُئِلَ) فِي كَرْمٍ مُشْتَرَكٍ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو اقْتَسَمَاهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِالتَّرَاضِي ثُمَّ ظَهَرَ غَبْنٌ فَاحِشٌ فِي نَصِيبِ زَيْدٍ يُرِيدُ الدَّعْوَى بِذَلِكَ وَنَقْضَ الْقِسْمَةِ بَعْدَ الثُّبُوتِ الشَّرْعِيِّ وَلَمْ يُقِرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ فَهَلْ يُسَوَّغُ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا ظَهَرَ غَبْنٌ فِي الْقِسْمَةِ فَاحِشٌ إنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي تَبْطُلُ عِنْدَ الْكُلِّ وَإِنْ كَانَتْ بِالتَّرَاضِي اخْتَلَفُوا فِيهِ إذْ الْقِسْمَةُ بِالتَّرَاضِي آكَدُ مِنْهَا بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَصَحَّحَ فِي الْكَافِي، وَالْإِمَامِ قَاضِي خَانْ سَمَاعَ دَعْوَى الْغَبْنِ فِي الْقِسْمَةِ بِالتَّرَاضِي وَصَحَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلْإِمَامِ الْإِسْبِيجَابِيِّ عَدَمَ سَمَاعِهَا قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَلَوْ ظَهَرَ غَبْنٌ فَاحِشٌ فِي الْقِسْمَةِ بَطَلَتْ وَلَوْ وَقَعَتْ بِالتَّرَاضِي فِي الْأَصَحِّ قَالَ شَارِحُهُ فِي مِنَحِهِ بَعْدَمَا نَقَلَ الْخِلَافَ، وَالصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْكَافِي وَقَاضِي خَانْ وَبِهِ جَزَمَ أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَصَحَّحَهُ أَصْحَابُ الشُّرُوحِ وَبِهِ أَفْتَيْتُ مِرَارًا اهـ. فَيَسُوغُ لِزَيْدٍ الدَّعْوَى بِذَلِكَ وَنَقْضُ الْقِسْمَةِ لِأَنَّ شَرْطَ جَوَازِهَا الْمُعَادَلَةُ وَلَمْ تُوجَدْ فَوَجَبَ نَقْضُهَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُقِرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ أَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَاهُ كَمَا ذَكَرَ فِي نَقْدِ الْفَتَاوَى كَمَا نَقَلَهُ الْأَنْقِرَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْقِسْمَةِ. (سُئِلَ) مِنْ قَاضِي الشَّامِ سَنَةَ 1148 فِيمَا إذَا تَقَاسَمَا دَارًا ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ بِحُضُورِ خَصْمِهِ وَتَصْدِيقِهِ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ وَأَنَّهُ لَا مَطْعَنَ لَهُ فِيهِ ثُمَّ ادَّعَى غَبْنًا فَاحِشًا فِي الْقِسْمَةِ وَأَنَّهُ الْآنَ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَأَنَّ لَهُ أَرْبَعَةَ قَرَارِيطَ أَخَذَ اثْنَيْنِ وَبَقِيَ اثْنَانِ فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَهَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ التَّنَاقُضُ فِيمَا طَرِيقُهُ الْخَفَاءُ عَفْوٌ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَهْرِهَا وَنَفَقَةِ عِيَالِهَا ثُمَّ أَقَامَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً أَنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ الْخَلْعِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا وَإِنْ صَارَتْ مُتَنَاقِضَةً فِي دَعْوَى الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ بِالْإِقْدَامِ عَلَى الْخُلْعِ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَنْفَرِدُ بِالْإِيقَاعِ وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى عِلْمِ الْمَرْأَةِ وَكَانَ طَرِيقُهُ طَرِيقَ الْخَفَاءِ فَجَعَلَ التَّنَاقُضَ فِيهِ عَفْوًا اهـ فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هَلْ يَكُونُ حُضُورُهُ وَتَصْدِيقُهُ عَلَى الْبَيْعِ ثُمَّ دَعْوَاهُ ذَلِكَ تَنَاقُضًا طَرِيقُهُ الْخَفَاءُ أَوْ لَا مُقْتَضَى مَا فِي الْقُنْيَةِ نَعَمْ وَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَإِنَّهُ قَالَ رَامِزًا إلَى فَتَاوَى بُرْهَانَ قَسَمَا أَرْضًا مُشْتَرَكَةً وَأَقَرَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَا دَعْوَى لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَزَرَعَ نَصِيبَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ بِالْغَبْنِ فَلَهُ ذَلِكَ

إذَا كَانَ الْغَبْنُ فَاحِشًا عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ اهـ. وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا ذَكَرَ وَأَمَّا عَدَمُ إقْرَارِهِ بِالِاسْتِيفَاءِ فَقَدْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ وَلَوْ ظَهَرَ غَبْنٌ فَاحِشٌ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ التَّقْوِيمِ فَإِنْ كَانَتْ بِقَضَاءٍ بَطَلَتْ اتِّفَاقًا وَلَوْ وَقَعَتْ بِالتَّرَاضِي تَبْطُلُ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ شَرْطَ جَوَازِهَا الْمُعَادَلَةُ وَلَمْ تُوجَدْ فَوَجَبَ نَقْضُهَا خِلَافًا لِتَصْحِيحِ الْخُلَاصَةِ وَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ إنْ لَمْ يُقِرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْغَلَطِ وَالْغَبْنِ لِلتَّنَاقُضِ إلَّا إذَا ادَّعَى الْغَصْبَ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ اهـ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ، وَالْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَفِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ أَيْضًا وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّ مِنْ نَصِيبِهِ شَيْئًا وَقَعَ مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ غَلَطًا وَقَدْ كَانَ أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبُرْهَانٍ أَوْ إقْرَارِ الْخَصْمِ أَوْ نُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ وَلَا تَنَاقُضَ لِأَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى فِعْلِ الْأَمِينِ ثُمَّ ظَهَرَ غَلَطُهُ اهـ فَتَلَخَّصَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ حَيْثُ ادَّعَى الْغَبْنَ الْفَاحِشَ وَأَنَّ حِصَّتَهُ أَرْبَعَةُ قَرَارِيطَ وَأَنَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ ذَلِكَ نَحْوُ قِرَاطَيْنِ، وَالْبَاقِي فِي يَدِ خَصْمِهِ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ، هَذَا مَا ظَهَرَ لَنَا مِمَّا وَجَدْنَاهُ مِنْ النُّقُولِ بَعْدَ التَّفَحُّصِ، وَالتَّنْقِيرِ عَلَيْهَا فِي الْمُعْتَبَرَاتِ وَبِاَللَّهِ سُبْحَانَهُ التَّوْفِيقُ. (أَقُولُ) لَمْ يَظْهَرْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَوْنُ التَّنَاقُضِ مِمَّا طَرِيقُهُ الْخَفَاءُ نَعَمْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا ادَّعَى الْغَلَطَ فِي الْقِسْمَةِ بَعْدَمَا أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ هَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبُرْهَانُهُ أَمْ لَا وَعَلَى الْقَوْلِ بِالسَّمَاعِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْمُتُونُ لَا حَاجَةَ إلَى كَوْنِ التَّنَاقُضِ هُنَا مِمَّا طَرِيقُهُ الْخَفَاءُ فَتَأَمَّلْ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ كَبِيرٍ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ وَقْفَيْنِ مُنَاصَفَةً مُشْتَمِلٍ عَلَى قِطَعِ أَرَاضٍ مُخْتَلِفَةٍ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَقِيمَةُ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ جَانِبٍ مِثْلُ قِيمَةِ عِشْرِينَ ذِرَاعًا مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَأُجْرَةُ الرَّدِيئَةِ تَعْدِلُ نِصْفَ أُجْرَةِ الْجَيِّدَةِ وَيُرِيدُ كُلٌّ مِنْ نَاظِرَيْ الْوَقْفَيْنِ الْمَزْبُورَيْنِ قِسْمَةَ ذَلِكَ وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفَيْنِ فَهَلْ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذَكَرَ يُجَابَانِ إلَى ذَلِكَ وَيُجْعَلُ الذِّرَاعُ مِنْ الْجَيِّدَةِ فِي مُقَابَلَةِ الذِّرَاعَيْنِ مِنْ الرَّدِيئَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ: وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَ وَرَثَةٍ فَاقْتَسَمُوهَا وَفَضَّلُوا بَعْضَهَا عَلَى الْبَعْضِ لِفَضْلِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ فَهَذِهِ الْقِسْمَةُ وَهَذَا التَّفْصِيلُ جَائِزٌ وَصُورَتُهُ إذَا كَانَتْ بَيْنَ وَارِثَيْنِ وَهِيَ ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا قِيمَةُ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ جَانِبٍ مِثْلُ قِيمَةِ عِشْرِينَ ذِرَاعًا مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ أَمَّا لِأَجْلِ الْبِنَاءِ أَوْ لِمَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي فَاقْتَسَمَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا هَذِهِ الْعَشَرَةُ وَلِلْآخَرِ عِشْرُونَ فَهَذِهِ الْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ فَاكْتُفِيَ فِيهَا بِالْمُعَادَلَةِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَهُوَ الْمَالِيَّةُ عِنْدَ تَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الْمُعَادَلَةِ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةُ بِالذُّرْعَانِ اهـ وَعَلَيْكَ بِهَا فَإِنَّ فِيهَا فَوَائِدَ مُتَعَلِّقَةٌ بِهَذَا الْمَعْنَى. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَثْلَاثًا فَاقْتَسَمُوهَا قِسْمَةً شَرْعِيَّةً فَوَقَعَ فِي نَصِيبِ زَيْدٍ فَضْلُ بِنَاءٍ يُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمَا بَدَلَهُ دَرَاهِمَ مِنْ عِنْدِهِ بِدُونِ رِضًا مِنْهُمَا وَلَا تَعَذُّرِ تَسْوِيَةٍ وَتُرِيدُ الْمَرْأَتَانِ أَنْ يَكُونَ عِوَضُهُ مِنْ الْأَرْضِ وَلَا تَرْضَيَانِ بِالدَّرَاهِمِ فَهَلْ لَهُمَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا تَدْخُلُ دَرَاهِمُ لَيْسَتْ مِنْ التَّرِكَةِ فِي الْقِسْمَةِ إلَّا بِرِضَاهُمْ، صُورَتُهُ دَارٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فَأَرَادُوا قِسْمَتَهَا وَفِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَضْلُ بِنَاءٍ فَأَرَادَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَكُونَ عِوَضُ الْبِنَاءِ دَرَاهِمَ وَأَرَادَ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ عِوَضُهُ مِنْ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يُجْعَلُ عِوَضَ الْبِنَاءِ مِنْ الْأَرْضِ وَلَا يُكَلَّفُ الَّذِي وَقَعَ الْبِنَاءُ فِي نَصِيبِهِ أَنْ يَرُدَّ بِإِزَاءِ الْبِنَاءِ مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ فَحِينَئِذٍ لِلْقَاضِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ، وَالشَّرِكَةُ بَيْنَهُمْ فِي الدَّارِ لَا فِي الدَّرَاهِمِ فَلَا تَجُوزُ قِسْمَةُ مَا لَيْسَ بِمُشْتَرَكٍ دُرَرٌ مِنْ الْقِسْمَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو طَرِيقٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ يَمُرَّانِ فِيهِ إلَى دَارَيْهِمَا وَيُرِيدُ زَيْدٌ قِسْمَتَهُ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ فِيهَا ضَرَرٌ لَا يُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا يُقْسَمُ الطَّرِيقُ لَوْ فِيهِ ضَرَرٌ وَإِلَّا يُقْسَمُ كَذَا فِي قِسْمَةِ الْبَزَّازِيَّةِ أَنْقِرْوِيٌّ مِنْ الْقِسْمَةِ وَتَمَامُ تَفَارِيعِ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ مَسِيلَ مَاءٍ مُشْتَرَكٍ.

بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَأَرَادَ زَيْدٌ قِسْمَتَهُ وَأَبَى عَمْرٌو ذَلِكَ فَهَلْ يَسُوغُ لِزَيْدٍ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ بِنْتٍ وَأَخٍ شَقِيقٍ وَخَلَفَ بَيْتًا وَرُبُعَ غَيْطَةٍ حَوَرٍ وَرُبُعَ جَوْزَةٍ وَحِصَّةً مَعْلُومَةً مِنْ غِرَاسِ كَرْمَيْنِ فَتَوَافَقَا وَتَرَاضَيَا لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَيْتُ لِلْأَخِ وَبَقِيَّةُ مَا ذَكَرَ لِلْبِنْتِ نَظِيرَ حِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ التَّرِكَةِ بِطَرِيقِ الْقِسْمَةِ وَتَسَلَّمَ الْأَخُ الْبَيْتَ وَتَسَلَّمَتْ الْبِنْتُ الْبَاقِيَ وَتَصَرَّفَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَا خَرَجَ لَهُ مُدَّةً، وَالْآنَ تُرِيدُ الْبِنْتُ نَقْضَ الْقِسْمَةِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ اقْتَسَمَا ذَلِكَ بِالتَّرَاضِي، وَالْوَجْهُ الشَّرْعِيُّ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ إذْ الْقِسْمَةُ بِالتَّرَاضِي آكَدُ مِنْهَا بِقَضَاءِ الْقَاضِي. (سُئِلَ) فِي دَارٍ صَغِيرَةٍ لَا تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ زَيْدٍ وَأُخْتِهِ هِنْدٍ وَلَا يَرْضَى زَيْدٌ بِالسُّكْنَى مَعَ أُخْتِهِ فِيهَا وَلَا يَرْضَيَانِ بِالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ فَقَالَ لَهَا إمَّا أَنْ تَسْتَأْجِرِي حِصَّتِي أَوْ تُؤَاجِرِينِي حِصَّتَك أَوْ يَسْكُنَ كُلٌّ مِنَّا وَحْدَهُ فِي الدَّارِ مُدَّةً بِحَسَبِ حِصَّتِهِ فَهَلْ يَأْمُرُهُمَا الْقَاضِي أَنْ يَخْتَارَا وَجْهًا مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي مَعْصَرَةٍ مُعَدَّةٍ لِعَصْرِ الزَّيْتِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى عُودَيْنِ يُعْصَرُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَعَلَى مَطْحَنَيْنِ يُطْحَنُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا الزَّيْتُونُ وَعَلَى بِئْرَيْنِ يُوضَعُ فِيهِمَا الزَّيْتُ وَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ زَيْدٍ وَجَمَاعَةٍ، لِزَيْدٍ مِنْهَا النِّصْفُ وَلِلْجَمَاعَةِ النِّصْفُ وَيُرِيدُ زَيْدٌ قِسْمَةَ نَصِيبِهِ مِنْهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَهِيَ قَابِلَةٌ لِلْقِسْمَةِ لَا يَتَضَرَّرُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِذَلِكَ فَهَلْ يَسُوغُ لِزَيْدٍ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يُقْسَمُ الْحَمَّامُ، وَالْحَائِطُ، وَالْبَيْتُ الصَّغِيرُ، وَالدُّكَّانَةُ الصَّغِيرَةُ وَهَذَا إذَا كَانَ بِحَالٍ لَوْ قُسِمَ لَا يَبْقَى لِكُلِّ وَاحِدٍ بَعْدَ الْقِسْمَةِ مَوْضِعٌ يُعْمَلُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ فَيُقْسَمُ خِزَانَةُ الْفَتَاوَى وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي مَعْصَرَةِ دِبْسٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ يُرِيدُ بَعْضُهُمْ قِسْمَةَ نَصِيبِهِ مِنْهَا جَبْرًا بِدُونِ رِضَا الْبَاقِينَ وَهِيَ صَغِيرَةٌ لَا تَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَلَا يَنْتَفِعُ كُلٌّ بِنَصِيبِهِ بَعْدَهَا فَهَلْ لَا يُجَابُ طَالِبُ الْقِسْمَةِ إلَيْهَا؟ (الْجَوَابُ) : إذَا لَمْ يَبْقَ فَائِدَةُ انْتِفَاعٍ لِكُلٍّ مِنْهُمْ فِيمَا يَخُصُّهُ لَا يُجَابُ طَالِبُ الْقِسْمَةِ لِذَلِكَ وَنَقَلَهَا مَا تَقَدَّمَ. (سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ مُشْتَرَكٍ أَرْبَاعًا أَرْضًا وَغِرَاسًا بَيْنَ أَوْقَافٍ أَرْبَعَةٍ لِكُلِّ وَقْفٍ نَاظِرٌ يُرِيدُ نَاظِرُ أَحَدِ الْأَوْقَافِ قِسْمَةَ الرُّبُعِ الْجَارِي فِي وَقْفِهِ وَإِفْرَازِهِ وَهُوَ قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ وَيَنْتَفِعُ كُلٌّ بِنَصِيبِهِ بَعْدَهَا. وَفِي ذَلِكَ حَظٌّ وَمَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ فَهَلْ يُجَابُ النَّاظِرُ الْمَذْكُورُ إلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي غِرَاسٍ قَائِمٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضٍ وَقْفٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَجِهَةِ الْوَقْفِ لِكُلٍّ نِصْفُهُ وَيُرِيدُ نَاظِرُ الْوَقْفِ قِسْمَةَ نَصِيبِ الْوَقْفِ مِنْ الْغِرَاسِ وَإِفْرَازِهِ، وَالْغِرَاسُ قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ وَيَنْتَفِعُ كُلٌّ بِنَصِيبِهِ بَعْدَهَا، وَالْمُعَادَلَةُ مُمْكِنَةٌ، وَالْمَنْفَعَةُ لَا تَتَبَدَّلُ فَهَلْ يُجَابُ النَّاظِرُ إلَى ذَلِكَ وَيُقْسَمُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ هِنْدٍ وَجِهَةِ وَقْفٍ، لِجِهَةِ الْوَقْفِ رُبُعُهَا وَلِهِنْدٍ بَاقِيهَا وَيُرِيدُ نَاظِرُ الْوَقْفِ قِسْمَةَ حِصَّةِ الْوَقْفِ وَإِفْرَازَهَا مِنْ حِصَّةِ الْمِلْكِ، وَالدَّارُ قَابِلَةٌ لِلْقِسْمَةِ وَيَنْتَفِعُ كُلٌّ بِنَصِيبِهِ بَعْدَهَا وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ فَهَلْ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْوَقْفِ مِنْ الْمِلْكِ جَائِزَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ: نَعَمْ تَجُوزُ الْقِسْمَةُ وَيُفْرَزُ الْوَقْفُ مِنْ الْمِلْكِ وَيُحْكَمُ بِصِحَّتِهَا وَيَجُوزُ لِلْوَرَثَةِ بَيْعُ مَا صَارَ لَهُمْ بِالْقِسْمَةِ. . . إلَخْ. (سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ مَعْلُومٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ جِهَتَيْ وَقْفَيْنِ أَهْلِيَّيْنِ لِأَحَدِهِمَا عَشَرَةُ قَرَارِيطَ، وَالْبَاقِي لِلْوَقْفِ الْآخَرِ وَلِكُلِّ وَقْفٍ نَاظِرٌ شَرْعِيٌّ مِنْ ذُرِّيَّةِ وَاقِفِهِ يُرِيدَانِ قِسْمَةَ الْبُسْتَانِ بَيْنَ الْجِهَتَيْنِ وَهُوَ قَابِلٌ لِلْقِسْمَةِ وَيَنْتَفِعُ كُلُّ جِهَةٍ بِنَصِيبِهَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْجِهَتَيْنِ فَهَلْ يَسُوغُ لِلنَّاظِرَيْنِ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ سُئِلَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ هَلْ يَجُوزُ قِسْمَةُ الْوَقْفِ مِنْ وَقْفٍ آخَرَ إذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ أَجَابَ إذَا كَانَ لِكُلِّ وَقْفٍ نَاظِرٌ يَجُوزُ لَهُ الْمُقَاسَمَةُ وَإِنْ كَانَا تَحْتَ نَاظِرٍ وَاحِدٍ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ فَيَنْصِبُ فِيمَا فَيُقَاسِمُهُ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْإِسْعَافِ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ " وَلَوْ أَرَادَ الْوَاقِفَانِ أَنْ يَقْتَسِمَا

مَا وَقَفَاهُ لِيَتَوَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا وَقَفَهُ وَيَصْرِفَ غَلَّتَهُ فِيمَا سَمَّى مِنْ الْوُجُوهِ جَازَ اهـ. وَفِيهِ مِنْ فَصْلِ الْمُشَاعِ وَلَوْ قَسَمَ الشَّرِيكَانِ وَأَدْخَلَا فِي الْقِسْمَةِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً فَإِنْ كَانَ الْمُعْطِي هُوَ الْوَاقِفُ جَازَ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ أَخَذَ الْوَقْفَ وَاشْتَرَى بَعْضَ مَا لَيْسَ بِوَقْفِ مِنْ نَصِيبِ شَرِيكِهِ بِدَرَاهِمِهِ وَأَنَّهُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ نَقْضُ بَعْضِ الْوَقْفِ وَحِصَّةُ الْوَقْفِ وَقْفٌ وَمَا اشْتَرَاهُ مِلْكٌ لَهُ وَلَا يَصِيرُ وَقْفًا اهـ (أَقُولُ) قَوْلُهُ: وَحِصَّةُ الْوَقْفِ وَقْفٌ. . . إلَخْ. هَذَا بَيَانٌ لِقَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ الْمُعْطِي هُوَ الْوَاقِفُ فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ مِنْ الْوَاقِفِ جَازَ وَحِصَّةُ الْوَقْفِ تَبْقَى وَقْفًا وَمَا قَابَلَ الدَّرَاهِمَ يَبْقَى مِلْكًا لَهُ لِأَنَّ لِلْوَقْفِ شُرُوطًا وَكَلَامًا لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْهُ فِي ذَلِكَ فَلَا يَصِيرُ وَقْفًا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ كَمَا قَالُوا فِيمَا لَوْ اشْتَرَى مُسْتَغِلًّا لِلْوَقْفِ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ لَا يَصِيرُ وَقْفًا وَلَكِنْ هَذَا يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ بِمُقَابَلَةِ عَيْنٍ كَذِرَاعٍ مِنْ أَرْضٍ مَثَلًا أَمَّا لَوْ كَانَتْ بِمُقَابَلَةِ وَصْفٍ كَالْجَوْدَةِ، وَالْحُسْنِ فَلَا، قَالَ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلَيْنِ وَقَفَا أَرْضًا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَطَلَبَ الْآخَرُ الْقِسْمَةَ هَلْ تُقْسَمُ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ: نَعَمْ تُقْسَمُ الْأَرْضُ الْمَذْكُورَةُ وَيُفْرَزُ نَصِيبُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ إذَا كَانَ نَصِيبُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى جِهَةٍ غَيْرِ الْجِهَةِ الْأُخْرَى وَأَجَابَ أَيْضًا عَمَّا إذَا طَلَب الْمُسْتَحِقُّونَ قِسْمَةَ الْوَقْفِ بِقَوْلِهِ: لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقْسِمُوا الْعَيْنَ الْمَوْقُوفَةَ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ وَلَا مِلْكَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبَعْضُهُمْ جَوَّزَ ذَلِكَ وَأَجَابَ عَمَّا إذَا انْهَدَمَتْ الدَّارُ الْمُشْتَرَكَةُ وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا قِسْمَةَ النَّقْضِ وَأَبَى الْآخَرُ بِقَوْلِهِ: الْإِنْقَاضُ إنْ أَمْكَنَ قِسْمَتَهَا بِأَنْ لَمْ تَحْتَجْ إلَى كَسْرٍ وَشَقٍّ قُسِمَتْ بِطَلَبِ أَحَدِهِمَا وَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ، وَمَا يَحْتَاجُ إلَى كَسْرٍ لَا يُقْسَمُ إلَّا بِالتَّرَاضِي، وَالْجُدُرُ الْقَائِمَةُ لَا تُهْدَمُ إلَّا بِالتَّرَاضِي اهـ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو مُنَاصَفَةً فَاقْتَسَمَاهَا قِسْمَةَ إفْرَازٍ وَأَقَامَا جِدَارًا بَيْنَ الْمُقْسِمَيْنِ وَفِي الدَّارِ بَالُوعَةٌ فِي مَقْسَمِ زَيْدٍ، وَالْمِيزَابُ خَرَجَ فِي مَقْسَمِ عَمْرٍو يُسْكَبُ مِنْهُ مَاءُ الْمَطَرِ إلَى الْبَالُوعَةِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَإِلَى الْآنَ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ رَفْعَ الْمِيزَابِ الْمَرْقُومِ وَمَنْعَ تَسْيِيلِ مَاءِ الْمَطَرِ مِنْهُ إلَى الْبَالُوعَةِ وَقَدْ شَرَطَ التَّسْيِيلَ فِي الْبَالُوعَةِ فِي الْقِسْمَةِ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَهَلْ لَيْسَ لِزَيْدٍ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ وَزَيْدٍ وَهِنْدٍ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْجَمِيعِ لِلْجَمَاعَةِ نِصْفُهَا وَلِزَيْدٍ وَهِنْدٍ نِصْفُهَا اقْتَسَمُوهَا مُنَاصَفَةً وَلِزَيْدٍ وَهِنْدٍ مَسِيلُ فِي حِصَّةِ الْجَمَاعَةِ يُمْكِنُ صَرْفُهُ، وَالْحَالُ إنَّهُ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْقِسْمَةِ فَهَلْ حَيْثُ أَمْكَنَ صَرْفُهُ يُصْرَفُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْقِسْمَةِ صَرْفٌ عَنْهُ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فُسِخَتْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي عَقَارٍ مَوْقُوفٍ مِنْ قِبَلِ وَاقِفِهِ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ وَأَقَارِبِهِ، طَلَبَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ قِسْمَتَهُ قِسْمَةَ تَمْلِيكٍ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا يُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مَعْلُومَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ فَطَلَبَ ذُو الْقَلِيلِ الَّذِي لَا يَبْقَى مُنْتَفِعًا بِحِصَّتِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ قِسْمَةَ حِصَّتِهِ وَإِفْرَازَهَا فَهَلْ لَا تُقْسَمُ بِطَلَبِ ذِي الْقَلِيلِ الَّذِي لَا يَنْتَفِعُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّهُ مُتَعَنِّتٌ فِي طَلَبِ الْقِسْمَةِ، وَالْقَاضِي يُجِيبُ الْمُتَعَنِّتَ بِالرَّدِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. (سُئِلَ) فِي قِسْمَةِ أَرْضِ الْوَقْفِ بِالتَّرَاضِي بَيْنَ مُسْتَحَقِّيهِ عَلَى طَرِيقِ التَّهَايُؤِ، وَالتَّنَاوُبِ هَلْ تَكُونُ جَائِزَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ قَابِلَةٍ لِلْقِسْمَةِ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَجَمَاعَةٍ، لِزَيْدٍ رُبُعُهَا وَلِلْجَمَاعَةِ الْبَاقِي فَطَلَبَ زَيْدٌ الْقِسْمَةَ وَتَوَافَقَ الْجَمَاعَةُ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ وَيَزْعُمُ الْجَمَاعَةُ أَنَّ أُجْرَةَ الْقَسَّامِ عَلَى زَيْدٍ وَحْدَهُ دُونَهُمْ فَهَلْ تَكُونُ أُجْرَةُ الْقَسَّامِ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ الصَّحِيحُ

قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَيْهِ مَشَى النَّسَفِيُّ وَالْمَحْبُوبِيِّ وَغَيْرُهُمَا اهـ. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ نَقْلًا عَنْ الْمُضْمَرَاتِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ وَبِهِ أَفْتَى غَيْرُ وَاحِدٍ. (أَقُولُ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَعَنْهُ أَنَّهَا عَلَى الطَّالِبِ دُونَ الْمُمْتَنِعِ لِنَفْعِهِ وَمَضَرَّةِ الْمُمْتَنِعِ. اهـ. وَظَاهِرُهُ اعْتِمَادُ أَنَّهَا عَلَى الْجَمِيعِ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ مُطْلَقًا بِالْإِطْلَاقِ صَرَّحَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَكَتَبَ الْمُؤَلِّفُ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ الْعَقْلُ، وَالشُّفْعَةُ وَأُجْرَةُ الْقَسَّامِ، وَالطَّرِيقُ إذَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مُلْتَقَطٌ مِنْ الدِّيَاتِ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ ثُلُثُهَا فِي مِلْكِ زَيْدٍ وَثُلُثَاهَا لِعَمْرٍو وَاقْتَسَمَاهَا قِسْمَةً شَرْعِيَّةً، وَقَالَ زَيْدٌ نَبْنِي حَائِطًا حَاجِزًا بَيْنَنَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا حَرِيمٌ أَجْنَبِيَّاتٌ عَنْ الْآخَرِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يُؤْذِي الْآخَرَ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ فِي حَالٍ لَا يَجُوزُ لَهُ الِاطِّلَاعُ كَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُمَا بِبِنَاءِ حَائِطٍ بَيْنَهُمَا وَيُخْرِجُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ النَّفَقَةِ بِحِصَّتِهِ يَفْعَلُهُ الْقَاضِي لِلْمَصْلَحَةِ كَمَا فِي 34 مِنْ فُصُولِ الْعِمَادِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ زَوْجَةٍ وَأَوْلَادٍ فِيهِمْ قَاصِرٌ لَا وَصِيَّ لَهُ وَخَلَفَ دَارًا فَقَطْ اقْتَسَمُوهَا بَيْنَهُمْ بِلَا وِصَايَةٍ عَلَى الْقَاصِرِ، وَالْحَالُ أَنَّ لِلزَّوْجَةِ دَيْنًا شَرْعِيًّا عَلَى الْمَيِّتِ ادَّعَتْ بِهِ وَأَثْبَتَتْهُ فَهَلْ تَصِحُّ دَعْوَاهَا وَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَلَا تَصِحُّ؟ (وَالْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) فِي الْخَانِيَّةِ أَرْضٌ مِيرَاثٌ بَيْنَ قَوْمٍ اقْتَسَمُوهَا وَتَقَابَضُوا وَاشْتَرَى أَحَدُهُمْ مِنْ الْآخَرِ نَصِيبَهُ ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِدَيْنٍ عَلَى الْأَبِ كَانَتْ الْقِسْمَةُ وَالشِّرَاءُ بَاطِلَةً وَكَذَا إذَا اشْتَرَاهُ غَيْرُ الْوَارِثِ اهـ وَاحْتَرَزَ بِدَعْوَى الدَّيْنِ عَنْ دَعْوَى الْعَيْنِ فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى الِاقْتِسَامِ اعْتِرَافٌ بِأَنَّ الْمَقْسُومَ مُشْتَرَكٌ كَمَا مَرَّ أَوَائِلَ هَذَا الْبَابِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اقْتَسَمَتْ الْوَرَثَةُ تَرِكَةَ مُوَرِّثِهِمْ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ لِرَجُلٍ بِذِمَّةِ الْمُوَرِّثِ وَلَمْ يَبْقَ فِي التَّرِكَةِ مَا يَفِي بِالدَّيْنِ فَهَلْ تُرَدُّ الْقِسْمَةُ لِكَوْنِهَا مُؤَخَّرَةً عَنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي قِسْمَةِ الْهِدَايَةِ إذَا اقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ مُحِيطٌ أَوْ غَيْرَ مُحِيطٍ رُدَّتْ الْقِسْمَةُ وَهَذَا فِي الدَّيْنِ الْمُحِيطِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْمِلْكَ فَيَمْنَعُ التَّصَرُّفَ وَكَذَا غَيْرُ الْمُحِيطِ لِتَعَلُّقِ الْغُرَمَاءِ بِالتَّرِكَةِ شَائِعًا وَلِأَنَّ الْقِسْمَةَ مُؤَخَّرَةٌ عَنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ لِحَقِّ الْمَيِّتِ حَتَّى لَا يَمْتَنِعَ رَدُّ الْقِسْمَةِ بِرِضَا الْغُرَمَاءِ إلَّا إذَا بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ مَا يَفِي بِالدَّيْنِ فَإِذَا قُسِمَتْ حِينَئِذٍ جَازَ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى نَقْضِ الْقِسْمَةِ فِي إيفَاءِ حُقُوقِهِمْ عِمَادِيَّةٌ فِي 28 ظَهَرَ دَيْنٌ أَوْ وَصِيَّةٌ بِالثُّلُثِ أَوْ بِأَلْفٍ مُرْسَلَةٍ أَوْ وَارِثٍ آخَرَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ تُرَدُّ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الثَّالِثِ رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ مِيرَاثًا فَطَلَبَ وَرَثَتُهُ مِنْ الْقَاضِي الْقِسْمَةَ وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَوْتِ وَالْمِيرَاثِ كَمَا هُوَ الشَّرْطُ وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ لِغَائِبٍ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْسِمُ شَيْئًا مِنْ أَجْنَاسِ التَّرِكَةِ. وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ مِنْ التَّرِكَةِ وَسَأَلُوا مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَعْزِلَ شَيْئًا لِأَجْلِ الدَّيْنِ وَيَقْسِمَ الْبَاقِيَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْقِيَاسِ: لَا يَفْعَلُ وَهُوَ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ ثُمَّ اسْتَحْسَنَ وَقَالَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ وَاقْتَسَمُوا الْمِيرَاثَ فَهَلَكَ مَا عَزَلَ لِأَجْلِ الدَّيْنِ رُدَّتْ الْقِسْمَةُ إلَّا أَنْ يَقْضُوا الدَّيْنَ مِنْ حِصَصِهِمْ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ ظَاهِرًا وَقْتَ الْقِسْمَةِ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَانَتْ الْقِسْمَةُ مَرْدُودَةً إلَّا أَنْ يَقْضُوا الدَّيْنَ وَكَذَا لَوْ ظَهَرَ فِي التَّرِكَةِ وَصِيَّةٌ بِالثُّلُثِ أَوْ بِعَيْنٍ مِنْ أَعْيَانِ الْمَالِ فَالْوَصِيَّةُ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلٍ فِيمَا يَدْخُلُ فِي الْقِسْمَةِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةٌ فِي قِسْمَةِ الْهِدَايَةِ وَكَذَا فِي قِسْمَةِ الْأَشْبَاهِ وَحَوَاشِيهِ وَفِي فَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ أَيْضًا (أَقُولُ) كَتَبْتُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ مَا نَصُّهُ " (تَتِمَّةٌ) أَجَازَ الْغَرِيمُ قِسْمَةَ الْوَرَثَةِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ لَهُ نَقْضُهَا وَكَذَا إذَا ضَمِنَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ دَيْنَ الْمَيِّتِ بِرِضَا الْغَرِيمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهَا تَصِيرُ حَوَالَةً فَيَنْتَقِلُ الدَّيْنُ عَلَيْهِ وَتَخْلُو التَّرِكَةُ عَنْهُ وَهِيَ الْحِيلَةُ لِقِسْمَةِ تَرِكَةٍ فِيهَا دَيْنٌ كَمَا بُسِطَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِرَجُلَيْنِ دَيْنٌ شَرْعِيٌّ بِذِمَّةِ جَمَاعَةٍ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَاقْتَسَمَاهُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَهَلْ تَكُونُ الْقِسْمَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرَ جَائِزَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَقِسْمَةُ الدَّيْنِ لَا تَجُوزُ

لِأَنَّهَا لَا تَتَحَقَّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازٌ، وَالدَّيْنُ مُجْتَمِعٌ فِي مَكَان وَاحِدٍ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْإِفْرَازُ وَلْوَالِجِيَّةُ مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْقِسْمَةِ " قِسْمَةُ الدَّيْنِ قَبْلَ قَبْضِهِ بَاطِلَةٌ عَلَائِيٌّ مِنْ الصُّلْحِ قُبَيْلَ فَصْلِ التَّخَارُجِ قِسْمَةُ الدَّيْنِ حَالَ كَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ لَا تَصِحُّ دُرَرٌ أَوْ آخِرَ كِتَابِ الصُّلْحِ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ هِنْدٍ وَجَمَاعَةٍ فَاقْتَسَمُوهَا فِي غَيْبَةِ هِنْدٍ بِدُونِ وَكَالَةٍ عَنْهَا وَلَا إجَازَةٍ مِنْهَا فَهَلْ تَكُونُ الْقِسْمَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْمِنَحِ عَنْ الْخَانِيَّةِ إذَا قَسَمَ الْوَرَثَةُ التَّرِكَةَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي وَفِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ أَوْ غَائِبٌ أَوْ شَرِيكٌ لِلْمَيِّتِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِإِجَازَةِ الْغَائِبِ أَوْ وَلِيِّ الصَّغِيرِ أَوْ إجَازَةِ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ بِإِجَازَةِ الْقَاضِي قَبْلَ ذَلِكَ اهـ وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ الْقِسْمَةِ ثُمَّ قع أَرْضٌ قُسِمَتْ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ وَفِيهِمْ شَرِيكٌ غَائِبٌ فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهَا قَالَ: لَا أَرْضَى لِغَبْنٍ فَاحِشٍ فِيهَا ثُمَّ أَذِنَ لِحَرَّاثِهِ فِي زِرَاعَةِ نَصِيبِهِ لَا يَكُونُ هَذَا رِضًا بِتِلْكَ الْقِسْمَةِ بَعْدَمَا رَدَّهُ قب أَرْضٌ قُسِمَتْ فَلَمْ يَرْضَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ بِنَصِيبِهِ ثُمَّ زَرَعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يُعْتَبَرْ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تُرَدُّ بِالرَّدِّ اهـ. طِفْلٌ وَبَالِغٌ اقْتَسَمَا شَيْئًا ثُمَّ بَلَغَ الطِّفْلُ وَتَصَرَّفَ فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ وَبَاعَ الْبَعْضَ يَكُونُ إجَازَةً لِتِلْكَ الْقِسْمَةِ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى مِنْ الْقِسْمَةِ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ صَغِيرَةٍ غَيْرِ قَابِلَةٍ لِلْقِسْمَةِ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ طَلَبَ أَحَدُهُمْ الْمُهَايَأَةَ مَعَ الْبَاقِينَ فِي سُكْنَاهَا فِي الزَّمَانِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَهَلْ يَتَهَايَئُونَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَيُجْبَرُ الْأَبِيُّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَقَى وَتَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ يَسْكُنُ هَذَا بَعْضًا وَهَذَا بَعْضًا وَهَذَا عُلْوَهَا وَهَذَا سُفْلَهَا وَفِي بَيْتٍ صَغِيرٍ يَسْكُنُ هَذَا شَهْرًا وَهَذَا شَهْرًا وَلَهُ الْإِجَارَةُ وَأَخْذُ الْعِلَّةِ فِي نَوْبَتِهِ. . . إلَخْ ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ فِيمَا يَحْتَمِلُهَا بَطَلَتْ الْمُهَايَأَةُ لِأَبْلَغِيَّةِ الْقِسْمَةِ حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَا قُدِّمَتْ الْقِسْمَةُ اهـ. وَفِي الْكَافِي: وَمَا لَا تَجْرِي فِيهِ الْقِسْمَةُ لَمْ يُجْبَرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى بَيْعِ نَصِيبِهِ تَتَارْخَانِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْقِسْمَةِ. (سُئِلَ) فِي مَعْزٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو مُنَاصَفَةً فَطَلَبَ زَيْدٌ قِسْمَةَ نَصِيبِهِ مِنْهَا وَإِفْرَازَهُ وَإِذَا قُسِمَتْ يَنْتَفِعُ كُلٌّ بِنَصِيبِهِ بَعْدَهَا فَهَلْ يُجَابُ زَيْدٌ إلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَأَجْمَعَ أَصْحَابُنَا أَنَّ التَّرِكَةَ إذَا كَانَتْ جِنْسًا وَاحِدًا كَالْغَنَمِ، وَالْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالثِّيَابِ الْهَرَوِيَّةِ، وَالْمَرْوِيَّةِ، وَالدَّارِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ إذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ وَأَبَى الْآخَرُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ خُلَاصَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الْقِسْمَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ وَعَمْرٌو مِقْدَارًا مِنْ الْبُنِّ نِصْفَيْنِ وَاقْتَسَمَاهُ بَيْنَهُمَا وَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ ثُمَّ ادَّعَى زَيْدٌ أَنَّ نَصِيبَهُ شَيْئًا فِي يَدِ عَمْرٍو غَلَطًا وَقَدْ أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ وَعَمْرٌو يُنْكِرُ وَلَا بَيِّنَةَ لِزَيْدٍ فَهَلْ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِحُجَّةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِحُجَّةٍ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي قِسْمَةِ التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ صَغِيرَةٍ لَا تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ انْهَدَمَ بَعْضُ أَبْنِيَتِهَا وَاحْتَاجَتْ إلَى التَّعْمِيرِ فَأَبَى الرَّجُلُ الْعِمَارَةَ فَبَنَتْ الْمَرْأَةُ الدَّارَ الْمَرْقُومَةَ وَصَرَفَتْ عَلَى ذَلِكَ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ مِنْ مَالِهَا مَصْرِفَ الْمِثْلِ وَتُرِيدُ الْمَرْأَةُ أَنْ تُؤَجِّرَ الدَّارَ وَتَأْخُذَ نِصْفَ مَا أَنْفَقَتْ فِي الْبِنَاءِ مِنْ غَلَّتِهَا بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذَكَرَ شَرْعًا فَهَلْ يَسُوغُ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ دَارٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ انْهَدَمَتْ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: نَبْنِيهَا وَأَبَى الْآخَرُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْسِمُ الدَّارَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الدَّارِ رَحًى أَوْ حَمَّامٌ أَوْ شَيْءٌ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَانَ لِطَالِبِ الْبِنَاءِ أَنْ يَبْنِيَ ثُمَّ يُؤَجِّرَ ثُمَّ يَأْخُذَ نِصْفَ مَا أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ مِنْ الْغَلَّةِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ قِسْمَةِ الْوَصِيِّ وَالْأَبِ، وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقِسْمَةِ الْمُشْتَرَكِ إذَا انْهَدَمَ فَأَبَى أَحَدُهُمَا الْعِمَارَةَ فَإِنْ احْتَمَلَ الْقِسْمَةَ لَأَجْبَرَ وَقَسَمَ وَإِلَّا بَنَى ثُمَّ أَجَّرَهُ لِيَرْجِعَ اهـ. (أَقُولُ) أَسْقَطَ مِنْ كَلَامِ الْأَشْبَاهِ شَيْئًا لَا بُدَّ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: لِيَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ لَوْ بِأَمْرِ قَاضٍ وَإِلَّا فَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَقْتَ الْبِنَاءِ. اهـ. كَذَا عَزَاهُ لِلْأَشْبَاهِ فِي آخِرِ قِسْمَةِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَنَظَمَهُ

فصل في الغرامات الواردة على القرى ونحوها

ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْوَهْبَانِيَّةِ بِقَوْلِهِ: - وَخُذْ مُنْفِقًا بِالْإِذْنِ مِنْهُ كَحَاكِمٍ ... وَخُذْ قِيمَةَ أَنْ لَا وَهَذَا الْمُحَرَّرُ - أَيْ خُذْ مَا أَنْفَقْتَهُ إنْ كَانَ التَّعْمِيرُ بِالْإِذْنِ مِنْ الشَّرِيكِ أَوْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَإِلَّا فَخُذْ قِيمَةَ الْبِنَاءِ، وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مَذْكُورٌ فِي الذَّخِيرَةِ فِي السُّفْلِ إذَا انْهَدَمَ فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا انْهَدَمَ السُّفْلُ بِغَيْرِ صُنْعٍ لَا يُجْبَرُ صَاحِبُهُ عَلَى الْبِنَاءِ وَيُقَالُ لِذِي الْعُلْوِ إنْ شِئْتَ فَابْنِ السُّفْلَ مِنْ مَالِكٍ لِتَصِلَ لِنَفْعِكَ فَإِذَا بَنَاهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي أَوْ أَمْرِ شَرِيكِهِ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ وَإِلَّا فَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَقْتَ الْبِنَاءِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى فَيَمْنَعُ صَاحِبَ السُّفْلِ مِنْ الِانْتِفَاعِ حَتَّى يَأْخُذَ ذَلِكَ مِنْهُ جَبْرًا وَأَمَّا إذَا هَدَمَهُ بِصُنْعِهِ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بِالْبِنَاءِ لِتَفْوِيتِهِ حَقًّا اُسْتُحِقَّ وَلِيَصِلَ صَاحِبُ الْعُلْوِ لِنَفْعِهِ اهـ. وَنَقَلَ ابْنُ الشِّحْنَةِ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي الْجِدَارِ أَيْضًا وَظَاهِرُ إطْلَاقِ كَلَامِ الْأَشْبَاهِ الْمُتَقَدِّمِ شُمُولُهُ لِلسُّفْلِ وَالْجِدَارِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا لَا يُقْسَمُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي تَمَامُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْحِيطَانِ آخِرَ الْكِتَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (سُئِلَ) فِي قِطَعٍ أَرَاضٍ جَارِيَاتٍ فِي مِلْكِ جَمَاعَةٍ لِكُلٍّ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِيهَا يُرِيدُ أَحَدُهُمْ جَمْعَ نَصِيبِهِ مِنْهَا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ وَبَقِيَّةُ الْجَمَاعَةِ لَا يَرْضَوْنَ بِذَلِكَ فَهَلْ يُقْسَمُ كُلٌّ عَلَى حِدَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ أَرْضِينَ أَوْ دَارَيْنِ فَطَلَبَ وَرَثَتُهُ الْقِسْمَةَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَصِيبَهُ مِنْ كِلَا الْأَرْضِينَ أَوْ الدَّارَيْنِ جَازَتْ الْقِسْمَةُ وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمْ: لِلْقَاضِي اجْمَعْ نَصِيبِي مِنْ الدَّارَيْنِ أَوْ الْأَرَضِينَ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ وَأَبَى صَاحِبُهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَقْسِمُ الْقَاضِي كُلَّ دَارٍ وَكُلَّ أَرْضٍ عَلَى حِدَةٍ وَلَا يَجْمَعُ نَصِيبَ أَحَدِهِمْ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ وَلَا فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ، وَقَالَ صَاحِبَاهُ الرَّأْيُ إلَى الْقَاضِي إنْ رَأَى الْجَمْعَ جَمَعَ وَإِلَّا فَلَا خَانِيَّةٌ مِنْ الْقِسْمَةِ. [فَصْلٌ فِي الْغَرَامَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقُرَى وَنَحْوِهَا] (فَصْلٌ فِي الْغَرَامَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقُرَى وَنَحْوِهَا) (سُئِلَ) فِي مَزْرَعَةٍ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي جِهَتَيْ وَقْفٍ وتيمار بِقُرْبِ قَرْيَةِ كَذَا غَيْرِ تَابِعَةٍ لِلْقَرْيَةِ، وَلِلْمَزْرَعَةِ زُرَّاعٌ يَزْرَعُونَهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ وَيَدْفَعُونَ مَا عَلَيْهَا لِجِهَتَيْ الْوَقْفِ والتيمار وَهُمْ سَاكِنُونَ فِي الْقَرْيَةِ الْمَزْبُورَةِ وَيَدْفَعُونَ مَعَ أَهْلِهَا مَا يَنُوبُهَا مِنْ الْمَغَارِمِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَنْفُسِ وَالْمَغَارِمِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَمْلَاكِ الَّتِي فِيهَا، وَالْآنَ قَامَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ الْمَزْبُورَةِ يُكَلِّفُونَ زُرَّاعَ الْمَزْرَعَةِ الْمَذْكُورَةِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ إلَى إدْخَالِ الْمَزْرَعَةِ فِي حِسَابِ غَرَامَاتِ قَرْيَتِهِمْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَمْلَاكِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ تَابِعَةٍ لَهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ يُمْنَعُ أَهْلُ الْقَرْيَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ تَكْلِيفِ الزُّرَّاعِ الْمَذْكُورِينَ إلَى مَا ذُكِرَ وَلَا يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ الْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى، كَذَلِكَ الْجَوَابُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَحْمَدُ الْعَامِرِيُّ الْمُفْتِي الشَّافِعِيُّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ قَاطِنِينَ بِدِمَشْقَ مِشَدُّ مِسْكَةِ أَرَاضٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ أَرَاضِي قَرْيَةٍ وُقِفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَفْدِنَةٌ مَعْلُومَةٌ مِنْهَا يَدْفَعُ مَا عَلَيْهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَيَدْفَعُ جَمِيعَ الْغَرَامَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَرَاضِيِ بِحَسَبِ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْأَفْدِنَةِ، وَالْآنَ قَامَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ الْمَزْبُورَةِ يُكَلِّفُونَ الْجَمَاعَةَ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ إلَى دَفْعِ مَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ زَاعِمِينَ أَنَّهُمْ صَرَفُوهُ عَلَى الْوَارِدِينَ عَلَى الْقَرْيَةِ وَذَلِكَ بِدُونِ إذْنِ الْجَمَاعَةِ فَهَلْ لَيْسَ لِأَهَالِي الْقَرْيَةِ ذَلِكَ؟ وَمُؤْنَةُ الضَّيْفِ عَلَى الْمُضِيفِ دُونَ الْقَاطِنِينَ بِدِمَشْقَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي قَرَوِيٍّ عَمَرَ بِمَالِهِ لِنَفْسِهِ بُيُوتًا أَحْدَثُهَا فِي أَرْضٍ سَلِيخَةٍ لَزِيقَ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ فَقَامَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ يُكَلِّفُونَهُ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ إلَى دَفْعِ عَوَارِضَ عَنْ تِلْكَ الْبُيُوتِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُجْعَلْ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ الْعَوَارِضِ فِي دَفْتَرِ تَحْرِيرِ الْعَوَارِضِ وَلَا كَانَتْ مَوْجُودَةً إذْ ذَاكَ بَلْ حَدَثَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَهَلْ

لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِذِمِّيَّيْنِ قَاطِنَيْنِ بِدِمَشْقَ أَمْلَاكٌ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهَا وَيَدْفَعَانِ مَا عَلَى الْأَمْلَاكِ مِنْ الْغَرَامَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحِفْظِ الْأَمْلَاكِ أُسْوَةً بِأَهَالِي الْقَرْيَةِ، وَالْآنَ قَامَ أَهَالِي الْقَرْيَةِ الْمَزْبُورَةِ يُكَلِّفُونَ الذِّمِّيَّيْنِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ إلَى السُّكْنَى مَعَهُمْ فِي الْقَرْيَةِ وَدَفْعِ الْغَرَامَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحِفْظِ الْأَنْفُسِ مَعَهُمْ فَهَلْ يُمْنَعُ أَهْلُ الْقَرْيَةِ مِنْ تَكْلِيفِ الذِّمِّيَّيْنِ بِمَا ذَكَرَ وَلَا يَلْزَمُهُمَا السُّكْنَى بِالْقَرْيَةِ وَلَا دَفْعُ الْغَرَامَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحِفْظِ الْأَنْفُسِ وَهُمَا سَاكِنَانِ بِدِمَشْقَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. ؟ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ رَجُلٌ سَاكِنٌ بِدِمَشْقَ وَلَهُ أَمْلَاكٌ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهَا وَتَرِدُ عَلَى الْقَرْيَةِ الْمَزْبُورَةِ غَرَامَاتٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَبْدَانِ، وَالْأَنْفُسِ فَهَلْ لَا يَنُوبُ الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ شَيْءٌ مِنْ الْغَرَامَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَنْفُسِ؟ (الْجَوَابُ) : الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُلْزَمُ أَحَدٌ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ شَرْعًا وَلِحَاكِمِ الشَّرْعِ رَفْعُ ذَلِكَ وَمَنْعُهُ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ رَفْعُ ذَلِكَ وَلَا مَنْعُهُ فَمَا كَانَ لِحِفْظِ الْأَمْلَاكِ فَالْقِسْمَةُ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ الْمِلْكِ وَإِنْ كَانَتْ لِتَحْصِينِ الْأَبْدَانِ فَعَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ الرَّأْسِ وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ لِأَنَّهُ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ دَفْعُهَا فَوَجَبَ تَوْزِيعُهَا عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَ هَذَا التَّعْلِيلَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ سَاكِنًا فِي الْقَرْيَةِ الْمَزْبُورَةِ لَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْغَرَامَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِتَحْصِينِ الْأَبْدَانِ شَيْءٌ لِأَنَّ بَدَنَهُ لَيْسَ فِي الْقَرْيَةِ الْمَزْبُورَةِ قَالَ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوَاهُ الْمَشْهُورَةِ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ: أَهْلُ قَرْيَةٍ غَرَّمَهُمْ السُّلْطَانُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُقْسَمُ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُقْسَمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ إنْ كَانَتْ الْغَرَامَةُ لِتَحْصِينِ الْأَمْلَاكِ يُقْسَمُ عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ الْمِلْكِ وَإِنْ كَانَتْ لِتَحْصِينِ الْأَبْدَانِ تُقْسَمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ الَّذِينَ يَتَعَرَّضُ لَهُمْ لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ الرَّأْسِ وَلَا شَيْءَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ لِأَنَّهُ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ اهـ بِحُرُوفِهِ وَمِثْلُهُ فِي قِسْمَةِ الذَّخِيرَةِ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَكَذَا فِي التَّجْنِيسِ وَفَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ، الْوَلْوَالِجِيَّةِ، وَالْأَشْبَاهِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ النُّعْمَانِيِّةِ. (سُئِلَ) فِي قَرْيَةٍ يَزْرَعُ بَعْضَ أَرَاضِيهَا أَهْلُ قَرْيَةٍ أُخْرَى وَلَهُمْ فِيهَا غِرَاسٌ وَمِشَدُّ مِسْكَةٍ وَيَرِدُ عَلَى تِلْكَ الْقَرْيَةِ كُلَفٌ وَأَعْشَارٌ وَمَغَارِمُ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ مُسَاوَاتُهُمْ فِيهَا وَمَاذَا يُفْعَلُ فِي ذَلِكَ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : مَا أَصَابَ تِلْكَ الْأَرَاضِيَ مِنْ مَالٍ وَقْفٍ أَوْ قَسْمٍ شَرْعِيٍّ يَجِبُ عَلَيْهِمْ دَفْعُهُ لِلْوَقْفِ أَوْ الْعِشْرِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِمْ مَالٌ مَقْطُوعٌ بَدَلًا عَنْ الْقَسْمِ فَمَا أَصَابَهُمْ مِنْهُ بَعْدَ زَرْعِ جَمِيعِ أَرَاضِي الْقَرْيَةِ يَجِبُ عَلَيْهِمْ دَفْعُهُ وَأَمَّا الْمَغَارِمُ الْوَارِدَةُ عَلَيْهِمْ مِثْلُ الضُّيُوفِ الْوَارِدِينَ عَلَيْهِمْ فَلَا يَلْزَمُهُمْ مِنْ كُلْفَتِهِمْ شَيْءٌ لِأَنَّ مُؤْنَةَ الضَّيْفِ عَلَى الْمُضِيفِ بِضَمِّ الْمِيمِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ مِمَّا يُؤْخَذُ ظُلْمًا وَغَرَامَةً فَمَنْ تَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ بِالرَّفْعِ إلَى حَاكِمِ الشَّرْعِ أَوْ كَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى دَفْعِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ أَعْظَمَ مِنْهُ فَلْيَدْفَعْ عَنْ نَفْسِهِ إذْ هُوَ خَيْرٌ لَهُ إذْ الظُّلْمُ يَجِبُ إعْدَامُهُ لَا تَقْرِيرُهُ وَإِحْكَامُهُ وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ ذَلِكَ فَمَا كَانَ مِنْهَا لِتَحْصِينِ الْأَمْلَاكِ يُقْسَمُ عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ مِنْ جَمِيعِ الْأَرَاضِي الَّتِي مَعَ أَهَالِيهَا وَاَلَّتِي مَعَ أَهَالِي الْقَرْيَةِ الْأُخْرَى لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ الْمِلْكِ فَتَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الْمِلْكِ وَإِنْ كَانَتْ الْغَرَامَةُ لِتَحْصِينِ الْأَبْدَانِ يُقْسَمُ ذَلِكَ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ السَّاكِنِينَ بِالْقَرْيَةِ دُونَ أَهَالِي الْقَرْيَةِ الْأُخْرَى لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ الرُّءُوسِ وَرُءُوسُهُمْ لَيْسَتْ فِي الْقَرْيَةِ حَتَّى تُحَصَّنَ بِذَلِكَ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ مَا يَرِدُ عَلَى قَرْيَتِهِمْ السَّاكِنِينَ بِهَا لِحِفْظِ الرُّءُوسِ وَلَا شَيْءَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ لِأَنَّهُ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ كَذَا أَفْتَى بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ الْبُرْهَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ حَتَّى قَالُوا: إنَّ مَنْ تَوَلَّى قِسْمَتَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَعَدَلَ فَهُوَ مَأْجُورٌ وَلَا يَفْسُقُ حَيْثُ عَدَلَ وَإِنْ كَانَ الْآخِذُ بِالْآخِذِ ظَالِمًا هَكَذَا ذَكَرُوهُ مُجْمَلًا وَلَمْ أَرَ أَحَدًا تَعَرَّضَ لِلتَّفْصِيلِ غَيْرَ الْمَرْحُومِ، وَالِدِي عَلِيٍّ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ فَإِنَّهُ كَتَبَ عَلَى سُؤَالٍ رُفِعَ

إلَيْهِ فِي ذَلِكَ مَا مُلَخَّصُهُ تُقْسَمُ الْغَرَامَةُ بِقَاعِدَةٍ مُسْتَحْسَنَةٍ فِي بَيَانِ مَا يَلْزَمُ الْمُلَّاكَ مِنْهَا عَلَى حَسَبِ أَمْلَاكِهِمْ سَوَاءٌ كَانُوا قَاطِنِينَ بِهَا أَوْ لَا وَمَا هُوَ عَلَى الرُّءُوسِ عَلَى الْقَاطِنِينَ بِهَا فَقَطْ يُوَزَّعُ عَلَى رُءُوسِهِمْ مَا عَدَا النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ فَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ إذَا قَطَعْنَا الْقَرْيَةَ مِنْ إضَافَةِ الْمُلَّاكِ إلَيْهَا فَلَا يَبْقَى فِيهَا إلَّا دُورُ سَكَنِ السَّاكِنِينَ فَقَطْ فَتَبْقَى مِنْ قَبِيلِ بُيُوتِ التُّرْكُمَانِ، وَالْأَكْرَادِ، وَالْعُرْبَانِ فَلَا يَتَوَزَّعُ عَلَيْهِمْ إلَّا مَا يَطْلُبُهُ السُّلْطَانُ دَامَ مِلْكُهُ كَالْعَوَارِضِ، وَالصِّرْصَارِ، وَالْقِيَامِ بِالضَّيْفِ بِحَسَبِ مَا عِنْدَهُمْ إلَّا عَلَفَ الدَّوَابِّ كَالشَّعِيرِ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ عِنْدَهُمْ لِأَنَّهُمْ فِئَةٌ لَا يَزْرَعُونَ وَلَا يَسْتَغِلُّونَ وَيُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ أَيْضًا جَرِيمَةُ مَا يُتَّهَمُونَ بِهِ مِنْ الْقَتْلِ أَوْ عَدَمِ مُدَافَعَةٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَكَذَا السَّرِقَةُ إذَا جَرَّمُوا بِهَا بِدُونِ قُدْرَةٍ عَلَى دَفْعِهَا عَنْهُمْ وَكَذَا مَا يَأْخُذُهُ الْوَالِي مِنْ الْمُشَاهَرَةِ كُلَّ شَهْرٍ يُوَزَّعُ عَلَى رُءُوسِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ الرِّجَالِ مِنْهُمْ دُونَ النِّسَاءِ، وَالصِّبْيَانِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ كَالتِّبْنِ، وَالشَّعِيرِ، وَالدَّجَاجِ، وَالْحَطَبِ، وَالذَّخِيرَةِ فَهُوَ عَلَى الْمُلَّاكِ جَمِيعًا بِحَسَبِ أَمْلَاكِهِمْ اللَّهُمَّ أَصْلِحْ وُلَاةَ أُمُورِنَا وَوَفِّقْهُمْ لِلْعَدْلِ، وَعَلَى الْإِسْلَامِ تَوَفَّنَا، وَاَللَّهُ الْهَادِي وَعَلَيْهِ اعْتِمَادِي وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (أَقُولُ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْقُرَى إنْ كَانَ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ لَا بِاعْتِبَارِ أَمْلَاكِهِمْ بَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَمْلَاكٌ كَالْأَعْرَابِ، وَالْأَكْرَادِ مِمَّنْ لَا عَقَارَ لَهُمْ فَهُوَ عَلَى الرُّءُوسِ وَإِنْ كَانَ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ بِاعْتِبَارِ أَمْلَاكِهِمْ كَالتِّبْنِ، وَالشَّعِيرِ، وَالْحَطَبِ فَهُوَ عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَقَارَاتٌ وَزَرْعٌ لَمْ يُطْلَبُ مِنْهُمْ ذَلِكَ لَكِنَّ قَوْلَهُمْ لِتَحْصِينِ الْأَمْلَاكِ أَوْ الرُّءُوسِ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّخْصِيصَ بِذَلِكَ إذْ قَدْ يَكُونُ أَخْذُ نَحْوِ الدَّرَاهِمِ لِتَحْصِينِ الْأَمْلَاكِ وَأَخْذِ نَحْوِ التِّبْنِ، وَالشَّعِيرِ لِتَحْصِينِ الرُّءُوسِ عَلَى أَنَّ غَالِبَ الْغَرَامَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقُرَى فِي هَذَا الزَّمَانِ لَيْسَتْ لِحِفْظِ أَمْلَاكٍ وَلَا لِحِفْظِ أَبْدَانٍ وَإِنَّمَا هِيَ مُجَرَّدُ ظُلْمٍ وَعُدْوَانٍ فَإِنَّ غَالِبَ مَصَارِفِ الْوَالِي وَأَتْبَاعِهِ وَعِمَارَاتِ مَنْزِلِهِ وَمَنْزِلِ عَسَاكِرِهِ وَمَا يَدْفَعُهُ إلَى رُسُلِ السُّلْطَانِ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْوَارِدِينَ بِأَوَامِرَ أَوْ نَوَاهِيَ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ كُلُّهُ يَأْخُذُهُ مِنْ الْقُرَى وَيُسَمُّونَ ذَلِكَ بِالذَّخِيرَةِ تُؤْخَذُ فِي بِلَادِنَا فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ وَيَزِيدُ فِيهَا دَرَاهِمَ كَثِيرَةً رِشْوَةً لِأَعْوَانِهِ وَحَوَاشِيهِ مِنْ أَعْيَانِ الْبَلْدَةِ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِقِسْمَةِ ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى عَدَدِ فُدُنِ الْقَرْيَةِ وَتَارَةً يَقْسِمُونَهُ عَلَى مِقْدَارِ حَقٍّ بِالشُّرْبِ بِالسَّاعَاتِ الرَّمْلِيَّةِ فَمَنْ كَانَ لَهُ فَدَّانٌ مَثَلًا يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ أَوْ مَنْ لَهُ سَاعَةٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ سَوَاءٌ كَانَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا وَكَذَا يَجْعَلُونَ مِنْهَا شَيْئًا عَلَى رِقَابِ الرِّجَالِ السَّاكِنِينَ فِي الْقَرْيَةِ الَّذِينَ لَا مِلْكَ لَهُمْ فِيهَا فَالْقَوْلُ بِالتَّفْصِيلِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْمَارَّةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ فِي السُّؤَالِ السَّابِقِ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي جَعْفَرٍ لَا يَظْهَرُ فِي هَذِهِ الْغَرَامَاتِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهَا لَا تَخُصُّ الْأَبْدَانَ وَلَا الْأَمْلَاكَ مَعَ أَنَّ مَا يَخُصُّ الْحِفْظَ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا يُؤْخَذُ مِنْ جَرِيمَةِ الْقَتْلِ، وَالْمُخَاصَمَاتِ، وَالْمُنَازَعَاتِ إنَّمَا هُوَ لِحِفْظِ الْأَبْدَانِ لِتَرْكِهِمْ النُّصْرَةَ وَقَطْعَ النِّزَاعِ كَمَا تُؤْخَذُ الدِّيَةُ مِنْ عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ وَمَا يُؤْخَذُ لِأَجْلِ الْعَسَاكِرِ الَّتِي يَبْعَثُهَا الْأَمِيرُ إلَى بَعْضِ الْقُرَى لِدَفْعِ الْأَعْرَابِ، وَاللُّصُوصِ عَنْ زُرُوعِهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ إنَّمَا هُوَ لِحِفْظِ الْأَمْلَاكِ وَلَكِنَّ هَذَا كُلَّهُ يُؤْخَذُ زَائِدًا عَلَى مَا هُوَ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِمْ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ الذَّخَائِرِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فَحَيْثُ جُهِلَ الْحَالُ وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ لِحِفْظِ أَبْدَانٍ أَوْ أَمْلَاكٍ أَوْ عُلِمَ أَنَّهُ مُجَرَّدُ ظُلْمٍ فَالْمُنَاسِبُ الْعَمَلُ بِأَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَى الرُّءُوسِ أَوْ عَلَى الْأَمْلَاكِ وَقَدْ ذَكَرَ قَاضِي خَانْ الْقَوْلَ بِقِسْمَةِ الْغَرَامَاتِ عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ أَوَّلًا وَعَادَتُهُ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِمَا هُوَ الْأَشْهَرُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي خُطْبَةِ فَتَاوَاهُ فَيَكُونُ هُوَ الْأَرْجَحُ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ عَادَةُ أَهْلِ الْقُرَى فِي زَمَانِنَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قِسْمَةِ ذَلِكَ عَلَى الْفُدُنِ أَوْ عَلَى سَاعَاتِ الشُّرْبِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

كتاب المزارعة

[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ] ِ fatawa0002-0184-0001.jpg وَنَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ أَرْضٌ كَذَا عَمَلٌ كُلٌّ عَلَى حِدَةٍ ... وَالْأَرْضُ وَالْبَذْرُ هَذَا الْجَائِزُ الْكَامِلْ وَمَا عَدَا ذِي الثَّلَاثِ الَّتِي قَدْ ذُكِرَتْ ... فَغَيْرُ جَائِزَةٍ إذْ حُكْمُهَا بَاطِلْ (أَقُولُ) وَقَدْ كُنْتُ نَظَمْتُ الصُّوَرَ السَّبْعَةَ فِي بَيْتَيْنِ ذَكَرْتُهُمَا فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ فَقُلْتُ أَرْضٌ وَبَذْرٌ كَذَا أَرْضٌ كَذَا عَمَلٌ ... مِنْ وَاحِدٍ ذِي ثَلَاثٍ كُلُّهَا قُبِلَتْ وَالْبَذْرُ مَعَ بَقَرٍ أَوُلَا كَذَا بَقَرٌ ... لَا غَيْرُ أَوْ مَعَ أَرْضٍ أَرْبَعٌ بَطَلَتْ وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي الْحَاشِيَةِ وَجْهَ صِحَّةِ الثَّلَاثَةِ وَبُطْلَانِ الْأَرْبَعَةِ فَرَاجِعْهَا ثُمَّ هَذِهِ الصُّوَرُ السَّبْعَةُ أُصُولُهَا أَرْبَعَةٌ أَرْضٌ وَبَذْرٌ وَبَقَرٌ وَعَمَلٌ وَالْحَصْرُ فِي هَذِهِ السَّبْعَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْأَرْبَعَةِ مِنْ وَاحِدٍ وَالْبَاقِيَ مِنْ آخَرَ أَمَّا لَوْ كَانَ بَعْضُهَا مِنْ وَاحِدٍ وَالْبَاقِي مِنْهُمَا فَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعَةٍ كَمَا لَا يَخْفَى وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ وَلَمْ يُعْلَمْ بَيَانُ حُكْمِ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْأَوْجُهَ السَّبْعَةَ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَخَذَ رَجُلَانِ أَرْضَ رَجُلٍ مُزَارَعَةً عَلَى أَنَّ الْبَذْرَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْبَقَرَ وَالْعَمَلَ مِنْ الْآخَرِ فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ وَالْخَارِجُ لِرَبِّ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ أَرْضٍ وَبَقَرٍ وَعَمَلٍ وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَا لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ وَاحِدًا فَكَذَا إذَا كَانَ اثْنَيْنِ. اهـ. أَيْ كُلُّ

وَجْهٍ لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ الْمُزَارِعُ وَاحِدًا لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ اثْنَيْنِ فَفِيمَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ وَاحِدٍ وَالْبَاقِي مِنْ آخَرَ لَا يَجُوزُ فَكَذَا إذَا كَانَ الْبَاقِي مِنْ اثْنَيْنِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا، فَإِنَّ الْأَرْضَ فِيهَا مِنْ ثَانٍ وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ مِنْ ثَالِثٍ وَمِنْهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ وَمِنْ الْبَعْضِ الْبَقَرُ وَحْدَهُ أَوْ الْبَذْرُ وَحْدَهُ فَسَدَتْ وَقَدْ عَدَّ فِي الْفَصْلِ الثَّلَاثِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الصُّوَرِ الْفَاسِدَةِ مَا لَوْ كَانَ الْبَذْرُ لِوَاحِدٍ وَالْأَرْضُ لِثَانٍ وَالْبَقَرُ لِثَالِثٍ وَالْعَمَلُ لِرَابِعٍ أَوْ الْبَذْرُ وَالْبَقَرُ لِوَاحِدٍ وَالْأَرْضُ لِثَانٍ وَالْعَمَلُ لِثَالِثٍ أَوْ الْبَذْرُ وَالْأَرْضُ لِوَاحِدٍ وَالْبَقَرُ لِثَانٍ وَالْعَمَلُ لِثَالِثٍ وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهِ فَرَاجِعْهُ، وَوَجْهُ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الضَّابِطِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَذْرُ وَحْدَهُ أَوْ الْبَقَرُ وَحْدَهُ أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْبَاقِي مِنْ آخَرَ لَا يَجُوزُ فَكَذَا إذَا كَانَ الْبَاقِي مِنْ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَلَكِنْ بَقِيَ مَا إذَا كَانَ بَعْضُ الْأَرْبَعَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْبَاقِي مِنْهُمَا أَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُ بَعْضُهَا وَالْبَاقِي مِنْهُمَا وَلَمْ أَرَ لِذَلِكَ ضَابِطًا فِي كَلَامِهِمْ وَقَدْ ذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ صُورَةً مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ دَفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً إلَى آخَرَ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِنَفْسِهِ وَبَقَرِهِ وَالْبَذْرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَالْخَارِجُ كَذَلِكَ فَعَمِلَ عَلَى هَذَا تَفْسُدُ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ حُكْمُ الْبَذْرِ وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ أَجْرٌ لِعَمَلٍ فِي الْمُشْتَرَكِ وَيَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ أَجْرُ نِصْفِ الْأَرْضِ إذَا اسْتَوْفَى مَنَافِعَهُ إلَخْ وَذَكَرَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْأَرْضُ مِنْ وَاحِدٍ وَالْعَمَلُ وَالْبَقَرُ مِنْ آخَرَ وَالْبَذْرُ مِنْهُمَا وَعَلَّلَ فَسَادَهَا بِأَنَّ فِيهَا شَرْطَ الْإِعَارَةِ فِي الْمُزَارَعَةِ أَيْ إعَارَةُ نِصْفِ الْأَرْضِ لِلْعَامِلِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَكَأَنَّهَا إعَارَةٌ ابْتِدَاءً ثُمَّ تَصِيرُ إجَارَةً بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ وَلِذَا أَوْجَبُوا عَلَى الْعَامِلِ أَجْرَ نِصْفِ الْأَرْضِ فَتَأَمَّلْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الصُّورَةِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا فِي زَمَانِنَا مِنْ كَوْنِ الْعَمَلِ مِنْ وَاحِدٍ وَالْأَرْضِ مِنْ آخَرَ وَالْبَقَرِ وَالْبَذْرِ مِنْهُمَا لِوُجُودِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ ذَكَرَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ لِذَلِكَ ضَابِطًا فَقَالَ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مَا لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ مِنْ وَاحِدٍ لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ مِنْ اثْنَيْنِ. اهـ. وَبِهِ تُسْتَخْرَجُ الْأَحْكَامُ مَثَلًا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مُشْتَرَكًا وَالْبَاقِي مِنْ وَاحِدٍ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبَذْرُ كُلُّهُ مِنْ وَاحِدٍ وَالْبَاقِي مِنْ آخَرَ لَا يَجُوزُ فَكَذَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ اثْنَيْنِ وَكَذَا إذَا كَانَ الْكُلُّ مُشْتَرَكًا إلَخْ وَلَكِنْ الْعِبَارَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَيْسَتْ كَمَا ذَكَرَهُ بَلْ هِيَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفُصُولَيْنِ وَالْخُلَاصَةِ فَهِيَ ضَابِطٌ لِمَا إذَا كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ لَا لِمَا ذَكَرَهُ فَلَعَلَّ فِي نُسَخِ الْبَزَّازِيَّةِ تَحْرِيفًا مِنْ الْكَاتِبِ بِدَلِيلِ سِيَاقِ الْكَلَامِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَطَّرِدُ فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، فَإِنَّ الْبَذْرَ فِيهَا مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَمِنْ الْآخَرِ وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ كُلُّهُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ جَازَ وَكَذَا الْبَذْرُ لَوْ كَانَ مِنْ رَبِّ الْعَمَلِ وَالْبَقَرِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا قُبَيْلَ الْفَصْلِ الثَّانِي أَنَّهُ سُئِلَ نَجْمُ الْأَئِمَّةِ لَوْ كَانَ مِنْ جَانِبِهِ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ وَالثَّوْرُ وَمِنْ الْآخَرِ الْعَمَلُ وَالثَّوْرُ أَيَجُوزُ قَالَ نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَرَطَ كِلَا الثَّوْرَيْنِ عَلَى أَيِّ وَاحِدٍ كَانَ جَائِزًا فَكَذَا إذَا اشْتَرَطَ أَحَدَهُمَا فَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الضَّابِطَ أَنَّ مَا يَجُوزُ إذَا كَانَ مِنْ أَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ مُشْتَرَكًا مِنْهُمَا لَكِنْ ذَكَرَ بَعْدَهُ مَا يُخَالِفُهُ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْبَذْرُ مِنْهُمَا، فَإِنْ شَرَطَا الْعَمَلَ عَلَى غَيْرِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَسَدَتْ؛ لِأَنَّ فِيهِ إعَارَةَ الْأَرْضِ، وَإِنْ شَرَطَاهُ عَلَيْهِمَا عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ أَنْصَافٌ جَازَتْ إلَخْ مَعَ أَنَّ الْبَذْرَ لَوْ كَانَ كُلُّهُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ أَوْ مِنْ الْآخَرِ تَكُونُ مِنْ الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ الْجَائِزَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَطَّرِدْ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ضَابِطٌ يَحْصُرُ مَسَائِلَهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ أَرْضَهُ لِعَمْرٍو لِيَزْرَعَ فِيهَا بِطِّيخًا عَلَى بَقَرِ زَيْدٍ بِبَذْرِهِ وَجَعَلَ بَعْضَ الْعَمَلِ عَلَى زَيْدٍ وَلَمْ يَذْكُرَا مُدَّةً وَتَوَافَقَا عَلَى أَنْ يَكُونَ لِعَمْرٍو ثُلُثُ الْخَارِجِ فَزَرَعَ عَمْرٌو الْأَرْضَ وَعَمِلَ عَلَيْهَا مُدَّةً وَأَثْمَرَ الزَّرْعُ فَهَلْ تَكُونُ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً وَلِعَمْرٍو أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي مُدَّةِ

عَمَلِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَكُونُ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً وَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِزَيْدٍ صَاحِبِ الْبَذْرِ وَالْأَرْضِ وَعَلَيْهِ لِعَمْرٍو أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي مُدَّةِ عَمَلِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَفَسَادُهَا مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ عَدَمُ ذِكْرِ الْمُدَّةِ وَهُوَ شَرْطٌ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَالْكَنْزِ وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمُتُونِ، وَإِنْ قَالَ فِي الْمُجْتَبَى إنَّهَا تَصِحُّ بِلَا ذِكْرِ الْمُدَّةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَالثَّانِي اشْتِرَاطُ بَعْضِ الْعَمَلِ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ، وَإِذَا فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ فَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّ الْخَارِجَ لِرَبِّ الْبَذْرِ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ وَلِلْآخَرِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ أَوْ أَرْضِهِ لِتَعَذُّرِ رَدِّ عَيْنِهَا فَيَرُدُّ قِيمَتَهَا وَلَا يُزَادُ عَلَى مَا شَرَطَ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ. فَعِنْدَهُ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ (أَقُولُ) وَذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِثْلَ مَا فِي الْمُجْتَبَى حَيْثُ قَالَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ جَوَازُهَا بِلَا بَيَانِ الْمُدَّةِ وَتَقَعُ عَلَى أَوَّلِ زَرْعٍ يَخْرُجُ وَاحِدًا وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَإِنَّمَا شَرَطَ مُحَمَّدٌ بَيَانَ الْمُدَّةِ فِي الْكُوفَةِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا مُتَفَاوِتٌ عِنْدَهُمْ وَابْتِدَاؤُهَا وَانْتِهَاؤُهَا مَجْهُولٌ عِنْدَهُمْ اهـ لَكِنْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ بَعْدَ ذِكْرِهِ ذَلِكَ وَالْفَتْوَى عَلَى جَوَابِ الْكِتَابِ أَيْ مِنْ أَنَّهُ شَرْطٌ قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة فَقَدْ تَعَارَضَ مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ. لَكِنْ حَيْثُ صُحِّحَ كُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ لَا يُعْدَلُ عَمَّا عَلَيْهِ الْمُتُونُ لِكَوْنِهَا الْمَوْضُوعَةَ لِنَقْلِ الْمَذْهَبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ بِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْبَزَّازِيَّةِ تَأَمَّلْ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَأَكْثَرُ مَشَايِخِ بَلْخِي جَوَّزُوهَا عَلَى أَوَّلِ السَّنَةِ وَوَقْتُ الْمُزَارَعَةِ فِي بِلَادِنَا مَعْلُومٌ فَصَحَّ بِلَا بَيَانِ الْمُدَّةِ كَالْمُعَامَلَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ الْجَهَالَةِ فِي بِلَادِنَا وَلَوْ دُونَ جَهَالَةِ بِلَادِهِمْ إذْ الزَّرْعُ الْوَاحِدُ يُقَدَّمُ وَيُؤَخَّرُ شَهْرًا وَزِيَادَةً بِخِلَافِ الْمُعَامَلَةِ. اهـ. لَكِنْ قَوْلُهُ جَوَّزُوهَا عَلَى أَوَّلِ السَّنَةِ يَنْفِي الْجَهَالَةَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَوَّلُ وَقْتٍ يَزْرَعُ فِيهِ أَكْثَرُ النَّاسِ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ فَلَا يُنْظَرُ إلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَفِي هَذَا الْقَوْلِ تَوْسِعَةٌ عَلَى أَهْلِ زَمَانِنَا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَذْكُرُونَ الْمُدَّةَ أَصْلًا تَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي الْمُزَارَعَةِ الصَّحِيحَةِ إذَا امْتَنَعَ رَبُّ الْبَذْرِ مِنْ الْعَمَلِ فِيهَا قَبْلَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرَرِ وَيُجْبَرُ الْعَامِلُ إنْ أَبَى لَا رَبُّ الْبَذْرِ قَبْلَ إلْقَائِهِ وَبَعْدَهُ يُجْبَرُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً لِعَمْرٍو عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِبَقَرِهِ وَنَفْسِهِ وَالْبَذْرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَالْخَارِجُ كَذَلِكَ فَعَمِلَا عَلَى هَذَا فَهَلْ تَفْسُدُ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا بِحُكْمِ الْبَذْرِ وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ أُجْرَةٌ لِعَمَلِهِ فِي الْمُشْتَرَكِ وَعَلَى الْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ نِصْفِ الْأَرْضِ إذَا اسْتَوْفَى مَنَافِعَهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ بِهَذَا اللَّفْظِ مِنْ الْفَصْلِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْفَاسِدَةِ وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّلَاثِينَ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْفَاسِدَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ حِنْطَةً وَشَعِيرًا لِعَمْرٍو لِيَزْرَعَهُمَا فِي أَرْضِهِ عَلَى بَقَرِهِ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَفَعَلَ عَمْرٌو ذَلِكَ فَهَلْ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ وَالْخَارِجُ لِرَبِّ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ لِعَمْرٍو أُجْرَةُ مِثْلِ بَقَرِهِ وَأَرْضِهِ وَعَمَلِهِ لَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْمُزَارَعَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَبَطَلَتْ فِي أَرْبَعَةٍ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ بَذْرَهُ وَأَرْضَهُ وَبَقَرَهُ لِعَمْرٍو عَلَى أَنْ يَزْرَعَ الْأَرْضَ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَجَعَلَ لَهُ رُبْعَ الْخَارِجِ وَحَصَلَتْ غَلَّةٌ وَيَمْتَنِعُ عَمْرٌو الْآنَ مِنْ أَخْذِ حِصَّتِهِ مِنْ الْخَارِجِ وَيُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ أُجْرَةَ مِثْلِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ أَخْذُ حِصَّتِهِ مِنْ الْخَارِجِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الْعَمَلُ مِنْ وَاحِدٍ وَالْبَاقِي مِنْ وَاحِدٍ فَالْمُزَارَعَةُ صَحِيحَةٌ وَلَهُ أَخْذُ حِصَّتِهِ الْمَشْرُوطَةِ لَهُ مِنْ الْخَارِجِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ مِثْلِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ دَفَعَ لِزَيْدٍ أَرْضًا وَبَذْرًا مُزَارَعَةً فَزَرَعَهَا زَيْدٌ وَأَخْرَجَتْ زَرْعًا فَقَالَ زَيْدٌ شَرَطْتُ لِي نِصْفَ الْخَارِجِ وَقَالَ الرَّجُلُ رَبُّ الْأَرْضِ شَرَطْتُ لَكَ الثُّلُثَ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ لِرَبِّ الْأَرْضِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ زِيَادَةَ الْأَجْرِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ رَجُلٌ دَفَعَ أَرْضًا وَبَذْرًا مُزَارَعَةً فَزَرَعَهَا الْعَامِلُ وَأَخْرَجَتْ الْأَرْضُ زَرْعًا فَقَالَ الْمَزَارِعُ شَرَطْتَ لِي نِصْفَ الْخَارِجِ وَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ شَرَطْتُ لَكَ الثُّلُثَ كَانَ الْقَوْلُ

لِصَاحِبِ الْأَرْضِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ زِيَادَةَ الْأَجْرِ وَلَا يَتَحَالَفَانِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ الْحَلِفِ الْفَسْخُ وَبَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ لَا يُمْكِنُ الْفَسْخُ وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ يُقْضَى بِبَيِّنَةِ الْمُزَارِعِ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ، وَإِنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الزَّرْعِ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا الْمُزَارَعَةَ وَيُبْدَأُ بِيَمِينِ الْمُزَارِعِ وَأَيُّهُمَا نَكَلَ يُقْضَى عَلَيْهِ وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ خَانِيَّةٌ مِنْ الْمُزَارَعَةِ مِنْ فَصْلِ اخْتِلَافِ الْعَاقِدَيْنِ وَفِيهِ مَسَائِلُ مُفِيدَةٌ وَمِثْلُهُ فِي الْقَوْلُ لِمَنْ وَتَعَارُضِ الْبَيِّنَاتِ لِلْبَغْدَادِيِّ نَقْلًا عَنْهَا. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ مِنْ جُمْلَةِ أَرَاضِي قَرْيَةٍ مُعَدَّةٍ الْأَرْضُ لِلزِّرَاعَةِ وَالْعُرْفُ فِي الْقَرْيَةِ أَنَّ مَنْ زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَعَلَيْهِ الثُّلُثُ مِنْ الزَّرْعِ الشَّتْوِيِّ وَالرُّبْعُ مِنْ الصَّيْفِيِّ لِصَاحِبِهَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ فَزَرَعَ عَمْرٌو الْأَرْضَ الْمَزْبُورَةَ حِنْطَةً بِغَيْرِ أَمْرِ زَيْدٍ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ فَلِزَيْدٍ الثُّلُثُ مِنْ الزَّرْعِ الْمَذْكُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ زَرَعَ أَرْضَ رَجُلٍ بِلَا أَمْرِهِ طَالَبَهُ بِحِصَّةِ الْأَرْضِ، فَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ جَرَى فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ بِالنِّصْفِ أَوْ بِالثُّلُثِ وَنَحْوِهِ وَجَبَ ذَلِكَ عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ مِنْ آخِرِ الْمُزَارَعَةِ نَقْلًا عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ أَوَاخِرِ الْفَصْلِ 39 (أَقُولُ) وَقَدَّمْنَا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ تَحْرِيرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو أَرْضًا وَبَقَرًا وَقَمْحًا لِيَزْرَعَهُ فِي الْأَرْضِ وَشَرَطَ زَيْدٌ رَفْعَ بَذْرِهِ، وَالْخَرَاجِ الْمُوَظَّفِ مِنْ غَلَّةِ الْبَذْرِ الْمَذْكُورِ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَهَلْ الْمُزَارَعَةُ بَاطِلَةٌ وَالْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَلِعَمْرٍو أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ فَتَبْطُلُ إنْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا قُفْزَانٌ مُسَمَّاةٌ أَوْ مَا يَخْرُجُ مِنْ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ أَوْ رَفْعُ رَبِّ الْبَذْرِ بَذْرَهُ أَوْ رَفْعُ الْخَرَاجِ الْمُوَظَّفِ وَتَنْصِيفُ الْبَاقِي. اهـ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً صَحِيحَةً لِعَمْرٍو وَنَبَتَ الزَّرْعُ ثُمَّ مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فَهَلْ تُتْرَكُ الْأَرْضُ فِي يَدِ الْمَزَارِعِ حَتَّى يَسْتَحْصِدَ وَلِلْوَرَثَةِ أَخْذُ حِصَّتِهِمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى وَالْبُرْجُنْدِيِّ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ أَرْضَهُ وَبَقَرَهُ لِعَمْرٍو عَلَى أَنْ يَزْرَعَ عَمْرٌو الْأَرْضَ بِبَذْرِهِ، وَرُبْعُ الْخَارِجِ لِعَمْرٍو وَبَاقِيهِ لِزَيْدٍ وَأَنْ تَكُونَ الْمَغَارِمُ الشَّرْعِيَّةُ وَالْعُرْفِيَّةُ عَلَى زَيْدٍ وَنَبَتَ الزَّرْعُ وَمَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ فَهَلْ تَكُونُ هَذِهِ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً وَالْخَارِجُ كُلُّهُ لِعَمْرٍو رَبِّ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ لِوَرَثَةِ زَيْدٍ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ أَرْضَهُ وَبَذْرَهُ لِعَمْرٍو لِيَزْرَعَهُ فِيهَا عَلَى بَقَرٍ لِزَيْدٍ بِالرُّبْعِ فَلَمْ يَعْمَلْ عَمْرٌو فِي الْأَرْضِ شَيْئًا أَصْلًا مِنْ سَقْيٍ وَغَيْرِهِ بَعْدَمَا زَرَعَ عَمْرٌو الْأَرْضَ فَهَلْ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الْمُزَارِعُ إذَا لَمْ يَعْمَلْ فِي الْأَرْضِ شَيْئًا بَعْدَمَا زَرَعَ مِنْ التَّشْذِيبِ وَالسَّقْيِ وَغَيْرِهِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ جِهَتِهِ يَسْتَحِقُّ الْحِصَّةَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ شَيْئًا خُلَاصَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسِ فِي الْمُعَامَلَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بِلَفْظِ لَا يَسْتَحِقُّ بِدُونِ يَنْبَغِي وَتَمَامُ الْمَسَائِلِ فِيهَا وَفِي الْخَانِيَّةِ فَعَلَيْكَ بِهِمَا (أَقُولُ) وَالتَّشْذِيبُ بِالشِّينِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَتَيْنِ إصْلَاحُ الْأَشْجَارِ. (سُئِلَ) فِي الْمُزَارِعِ إذَا قَصَّرَ فِي عَمَلِ الْأَرْضِ الْمُعْتَادِ مِنْ السَّقْيِ وَغَيْرِهِ فِي الْمُزَارَعَةِ الصَّحِيحَةِ حَتَّى هَلَكَ الزَّرْعُ فَهَلْ يَضْمَنُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَضْمَنُ لِوُجُوبِ الْعَمَلِ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي مُزَارَعَةِ التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ أَرْضَهُ لِعَمْرٍو عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِبَذْرِ زَيْدٍ وَبَقَرِهِ وَلَمْ يَذْكُرَا مُدَّةً وَشَرَطَ الْحَصَادَ وَالتَّذْرِيَةَ وَالدِّيَاسَ عَلَى عَمْرٍو الْعَامِلِ وَيَكُونُ لَهُ رُبْعُ الْخَارِجِ فَلَمْ يَحْرُثْ عَمْرٌو الْأَرْضَ وَلَا زَرَعَهَا، وَإِنَّمَا سَقَاهَا وَحَصَدَهَا فَهَلْ تَكُونُ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً وَالْغَلَّةُ لِزَيْدٍ وَلِعَمْرٍو أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَإِذَا شُرِطَ الْحَصَادُ وَالدِّيَاسُ وَالتَّذْرِيَةُ عَلَى الْعَامِلِ كَانَ مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَعْمَالَ تَكُونُ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ وَانْتِهَاءِ الْعَقْدِ وَمَا كَانَ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْعَقْدِ إذَا شُرِطَ عَلَى الْعَامِلِ يَكُونُ مُفْسِدًا فَلَوْ أَنَّ الْعَامِلَ حَصَدَ الزَّرْعَ

وَدَاسَ وَجَمَعَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ شُرِطَ عَلَيْهِ فَهَلَكَ ذَلِكَ يَضْمَنُ حِصَّةَ الدَّافِعِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا شَرَطَ هَذِهِ الْأَعْمَالَ عَلَى الْعَامِلِ لَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ. لَكِنْ إذَا لَمْ يَشْتَرِطَا يَكُونُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ شَرَطَا لَزِمَ الْمُزَارِعَ بِحُكْمِ الْعُرْفِ وَهُوَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى حَطَبًا فِي الْمِصْرِ لَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَحْمِلَهُ إلَى مَنْزِلِ الْمُشْتَرِي، وَإِذَا شُرِطَ عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ بِحُكْمِ الْعُرْفِ وَلَوْ شُرِطَ الْجِذَاذُ عَلَى الْعَامِلِ فِي الْمُعَامَلَةِ فَسَدَ عِنْدَ الْكُلِّ لِعَدَمِ الْعُرْفِ وَعَنْ نُصَيْرِ بْنِ يَحْيَى وَمُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ عَلَى الْعَامِلِ شُرِطَ عَلَيْهِ أَمْ لَا لِلْعُرْفِ وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي دِيَارِنَا وَعَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ أَنَّهُ كَانَ إذَا اُسْتُفْتِيَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَقُولُ: فِيهِ عُرْفٌ ظَاهِرٌ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ لَا يَتَعَطَّلَ فَلْيَعْمَلْ بِالْعُرْفِ وَلَا يُمْنَعُ عَنْهُ ثُمَّ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَكُونُ الْحَصَادُ عَلَى الْعَامِلِ عُرْفًا فَلَوْ أَخَّرَهُ وَتَغَافَلَ عَنْ الْحَصَادِ حَتَّى هَلَكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيُّ يَضْمَنُ ذَلِكَ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إذَا أَخَّرَ تَأْخِيرًا فَاحِشًا لَا يُؤَخِّرُ النَّاسُ إلَى مِثْلِهِ كَانَ ضَامِنًا وَإِلَّا فَلَا هَذَا إذَا شَرَطَا هَذِهِ الْأَعْمَالَ عَلَى الْعَامِلِ، وَإِنْ شَرَطَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ فَسَدَ الْعَقْدُ عِنْدَ الْكُلِّ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ مَا يُفْسِدُ الْمُزَارَعَةَ مِنْ الشُّرُوطِ (أَقُولُ) تَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّ الصَّحِيحَ صِحَّةُ اشْتِرَاطِ الْعَمَلِ عَلَى الْعَامِلِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى، وَأَمَّا عَدَمُ الْعَمَلِ الْمَشْرُوطِ، فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ فَبَقِيَ الْفَسَادُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُؤَلِّفِ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ وَفِيهِ اخْتِلَافُ التَّصْحِيحِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فَتَنَبَّهْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ أَرْضَهُ الْحَامِلَةَ لِغِرَاسٍ إلَى عَمْرٍو عَلَى أَنْ يَزْرَعَ عَمْرٌو فِي الْأَرْضِ الْمَزْبُورَةِ حِنْطَةً وَشَعِيرًا عَلَى بَقَرِ زَيْدٍ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَتَوَافَقَا عَلَى أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الزَّرْعِ يَكُونُ رُبْعُهُ لِعَمْرٍو وَالْبَاقِي لِزَيْدٍ مُزَارَعَةً صَحِيحَةً بَعْدَمَا سَاقَاهُ عَلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ ثَمَرَةِ الْغِرَاسِ الْمَزْبُورِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ مُسَاقَاةً شَرْعِيَّةً وَعَمِلَ عَمْرٌو عَلَى الْأَشْجَارِ وَالْأَرْضِ حَتَّى أَدْرَكَتْ الْغَلَّةُ وَالثَّمَرَةُ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ عَمْرٌو الْحِصَّةَ الْمَجْعُولَةَ لَهُ فِيهِمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) إنَّمَا تَكُونُ الْمُزَارَعَةُ صَحِيحَةً حَيْثُ كَانَتْ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ مِنْ زَيْدٍ فَلَوْ مِنْ عَمْرٍو الْعَامِلِ فَلَا وَكَتَبَ الْمُؤَلِّفُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ رَجُلٌ دَفَعَ أَرْضًا وَنَخْلًا يَزْرَعُهَا الْمُزَارِعُ عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَى النَّخِيلِ بِالنِّصْفِ فَهَذِهِ مُزَارَعَةٌ شُرِطَتْ فِيهَا الْمُعَامَلَةُ فَيُنْظَرُ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمُزَارِعِ فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ وَالْمُعَامَلَةُ؛ لِأَنَّهُ صَفْقَةٌ فِي صَفْقَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ جَازَ كِلَاهُمَا؛ لِأَنَّهُ أَجِيرُهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُعَامَلَةُ مَعْطُوفَةً عَلَى الْمُزَارَعَةِ بِأَنْ يَقُولَ: أَدْفَعُ إلَيْكَ هَذِهِ الْأَرْضَ تَزْرَعُهَا بِبَذْرِكَ وَأَدْفَعُ إلَيْكَ مَا فِيهَا مِنْ النَّخِيلِ مُعَامَلَةً جَازَ مُطْلَقًا خُلَاصَةٌ مِنْ الْمُزَارَعَةِ. (سُئِلَ) فِي الزَّرْعِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ سَوِيَّةً بَيْنَهُمَا إذَا تَنَاثَرَ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى الْأَرْضِ وَقْتَ رَفْعِهِ ثُمَّ نَزَلَ عَلَيْهِ الْمَطَرُ فَنَبَتَ فَهَلْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا كَأَصْلِهِ، وَإِذَا رَفَعَ الْمُزَارِعُ الزَّرْعَ مِنْ الْأَرْضِ وَتَنَاثَرَ مِنْهُ شَيْءٌ وَنَبَتَ بِسَقْيِهِ زَرْعٌ آخَرُ وَأَدْرَكَ فَهُوَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ عَلَى قَدْرِ نَصِيبِهِمَا ثُمَّ يَتَصَدَّقُ الْأَكَّارُ بِنَصِيبِهِ وَفِي النَّوَازِلِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْأَكَّارِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ مِنْ نَصِيبِهِ، وَإِنْ نَبَتَ بِسَقْيِ رَبِّ الْأَرْضِ فَهُوَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ لِذَلِكَ قِيمَةٌ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ سَقَاهُ أَجْنَبِيٌّ كَانَ مُتَطَوِّعًا وَالزَّرْعُ بَيْنَ الزَّارِعَيْنِ وَرَبِّ الْأَرْضِ عَلَى مَا شَرَطَا تَتَارْخَانِيَّةٌ فِي 26 مِنْ الْمُزَارَعَةِ، فَإِنْ كَانَ نَبَتَ بِمَاءِ الْمَطَرِ أَوْ بِلَا سَقْيِ أَحَدٍ فَعَلَى الشَّرِكَةِ السَّابِقَةِ بَزَّازِيَّةٌ فِي الثَّالِثِ مِنْ الْمُزَارَعَةِ وَفِيهَا فَوَائِدُ أَحْسَنُ مِمَّا فِي غَيْرِهَا مِنْ الْفَتَاوَى وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو سَوِيَّةً فَزَرَعَاهَا بِبَذْرِهِمَا سَوِيَّةً عَلَى بَقَرِهِمَا وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِلتِّبْنِ فَهَلْ يَكُونُ التِّبْنُ بَيْنَهُمَا تَبَعًا لِلْبَذْرِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضَا لِلتِّبْنِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا تَبَعًا لِلْحَبِّ وَقِيلَ لِرَبِّ الْبَذْرِ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ بَذْرِهِ قُلْتُ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ دَأْبِ الْمُصَنِّفِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَظَاهِرُ

الْبُرْهَانِ وَالْمِنَحِ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَغَيْرِهَا تَرْجِيحُ الثَّانِي فَتَبَصَّرْ. اهـ. وَالْمَسْأَلَةُ الْمَسْئُولُ عَنْهَا اتِّفَاقِيَّةٌ (أَقُولُ) أَيْ لِأَنَّ الْبَذْرَ فِيهَا مُشْتَرَكٌ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ أَحَدِهِمَا كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ أَرْضَهُ وَبَذْرَهُ لِعَمْرٍو لِيَزْرَعَهَا عَلَى بَقَرِ زَيْدٍ بِثَمَنِ الْخَارِجِ فَعَمِلَ عَمْرٌو فِي ذَلِكَ مُدَّةً وَالْآنَ تَرَكَ الْعَمَلَ وَيُطَالِبُ زَيْدًا بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ فِي الْمُدَّةِ فَهَلْ لَيْسَ لِعَمْرٍو ذَلِكَ وَيُجْبَرُ عَلَى الْمُضِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَإِذَا صَحَّتْ فَالْخَارِجُ عَلَى الشَّرْطِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ إنْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ فِي الصَّحِيحَةِ وَيُجْبَرُ مَنْ أَبَى عَلَى الْمُضِيِّ إلَّا رَبَّ الْبَذْرِ فَلَا يُجْبَرُ قَبْلَ إلْقَائِهِ وَبَعْدَهُ يُجْبَرُ دُرَرٌ شَرْحُ التَّنْوِيرِ مِنْ الْمُزَارَعَةِ وَأَيْضًا مَنْ عَمِلَ فِي الْمُشْتَرَكِ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْإِجَارَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ وَاحِدٍ وَالْأَرْضُ وَالْعَمَلُ وَالْبَقَرُ مِنْ آخَرَ فَهَلْ تَكُونُ الْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةً وَالزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْعَامِلِ وَأُجْرَةُ الْأَرْضِ؟ (الْجَوَابُ) : ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ رِوَايَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا أَيْضًا الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي رِوَايَةٍ الْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ وَأَجْرُ مِثْلِ الْعَامِلِ وَفِي رِوَايَةٍ الْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِ الْبَذْرِ وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ مُسْتَقْرِضٌ لَهُ وَقَبْضُهُ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي الْقَرْضِ هُوَ اتِّصَالُهُ بِأَرْضِهِ وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي الْمِنَحِ وَالزَّيْلَعِيِّ هُوَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ وَجَعَلُوا فِي الْمُتُونِ عَلَيْهِ الْمُعَوَّلَ وَهَلْ يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ قَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ يَرْفَعُ مِقْدَارَ بَذْرِهِ وَمِقْدَارَ مَا غَرِمَ مِنْ أَجْرِ مِثْلِ الْعَامِلِ وَالْأَرْضِ وَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي بَذْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ رَجُلٍ وَأَخَوَاتِهِ الْبَالِغَاتِ وَزَوْجَةِ أَبِيهِ أَخَذَ الرَّجُلُ بَعْضَهُ وَزَرَعَهُ فِي أَرْضِهِ لِنَفْسِهِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْهُنَّ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَنَبَتَ الزَّرْعُ فَهَلْ يَكُونُ الزَّرْعُ لِلزَّارِعِ وَعَلَيْهِ دَفْعُ مِثْلِ حِصَّتِهِنَّ مِنْ الْبَذْرِ الْمَذْكُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الْمُزَارَعَةِ وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِهِ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ مَعَ نَقْلِهِ عِبَارَةَ الْبَزَّازِيَّةِ بِتَمَامِهَا فَرَاجِعْهَا. (أَقُولُ) وَاَلَّذِي فِي الْبَزَّازِيَّةِ ذَكَرْتُهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ بِقَوْلِي خَاتِمَةٌ بِفَرْعٍ مُهِمٍّ يَقَعُ كَثِيرًا ذَكَرَهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ أَوْلَادًا صِغَارًا وَكِبَارًا وَامْرَأَةً وَالْكِبَارُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَحَرَثَ الْكِبَارُ وَزَرَعُوا فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ أَوْ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ وَالْأَوْلَادُ كُلُّهُمْ فِي عِيَالِ الْمَرْأَةِ تَتَعَاهَدُهُمْ وَهُمْ يَزْرَعُونَ وَيَجْمَعُونَ الْغَلَّاتِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَيُنْفِقُونَ مِنْ ذَلِكَ جُمْلَةً صَارَتْ هَذِهِ وَاقِعَةَ الْفَتْوَى وَاتَّفَقَتْ الْأَجْوِبَةُ أَنَّهُمْ إنْ زَرَعُوا مِنْ بَذْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ لَوْ كِبَارًا أَوْ إذْنِ الْوَصِيِّ لَوْ صِغَارًا فَالْغَلَّةُ مُشْتَرَكَةٌ، وَإِنْ مِنْ بَذْرِ أَنْفُسِهِمْ أَوْ بَذْرٍ مُشْتَرَكٍ بِلَا إذْنٍ فَالْغَلَّةُ لِلزَّرَّاعِينَ. اهـ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ أَرْضَهُ لِجَمَاعَةٍ قَرَوِيِّينَ يَزْرَعُونَهَا فِي مُدَّةِ كَذَا بِبَذْرِهِمْ وَعَمَلِهِمْ عَلَى بَقَرِهِمْ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ رُبْعُ الْخَارِجِ وَلَهُمْ الْبَاقِي مُزَارَعَةً صَحِيحَةً فَزَرَعُوهَا وَحَصَدُوا الزَّرْعَ وَيُرِيدُونَ نَقْلَهُ جَمِيعَهُ قَبْلَ قِسْمَتِهِ إلَى أَرَاضِي قَرْيَتِهِمْ الْخَارِجَةِ عَنْ أَرْضِ زَيْدٍ بِدُونِ إذْنِ زَيْدٍ وَلَا رِضَاهُ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ بِنَقْلِهِ عَنْ الْمُحِيطِ السَّرَخْسِيُّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِرَجُلَيْنِ أَرْضٌ وَبَذْرٌ مُشْتَرَكَانِ بَيْنَهُمَا فَدَفَعَا ذَلِكَ لِجَمَاعَةٍ عَلَى أَنْ يَزْرَعُوا الْأَرْضَ بِبَذْرِهِمَا الْمَذْكُورِ عَلَى بَقَرِهِمَا فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَمَهْمَا خَرَجَ يَكُونُ رُبْعُهُ لِلْجَمَاعَةِ وَبَاقِيهِ لِلرَّجُلَيْنِ فَهَلْ تَكُونُ الْمُزَارَعَةُ الْمَرْقُومَةُ صَحِيحَةً وَلَهُمْ الرُّبْعُ الْمَذْكُورُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الْعَمَلُ فَقَطْ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَالْبَاقِي مِنْ الرَّجُلَيْنِ فَالْمُزَارَعَةُ صَحِيحَةٌ وَلَهُمْ الَّذِي اتَّفَقُوا عَلَيْهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ دَفَعَتْ أَرْضَهَا الْمَعْلُومَةَ إلَى رَجُلٍ لِيَغْرِسَ فِيهَا غِرَاسًا مَعْلُومًا وَضَرَبَا لِذَلِكَ مُدَّةً مَعْلُومَةً عَلَى أَنْ يَكُونَ الْغِرَاسُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَهَلْ تَكُونُ الْمُغَارَسَةُ صَحِيحَةً عَلَى مَا شَرَطَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا مُدَّةً مَعْلُومَةً عَلَى أَنْ يَغْرِسَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ

كتاب المساقاة

فِيهَا غِرَاسًا عَلَى أَنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْ الْأَغْرَاسِ وَالثِّمَارِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا جَازَ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ فَتَصْرِيحُهُمْ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ صَرِيحٌ فِي فَسَادِهَا بِعَدَمِهِ وَوَجْهُ فَسَادِهَا بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِإِدْرَاكِ الثِّمَارِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ مُدَّةٌ مَعْلُومَةٌ إلَخْ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْوَقْفِ (أَقُولُ) وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي آخِرِ الْمُسَاقَاةِ. [كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ] (كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ) (سُئِلَ) فِي غِرَاسِ بُسْتَانٍ جَارٍ ثُلُثُهُ فِي مِلْكِ جَمَاعَةٍ فَعَمِلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فِي الثُّلُثِ الْمَزْبُورِ حَتَّى أَثْمَرَ وَيُرِيدُ مُطَالَبَةَ بَقِيَّةِ الْجَمَاعَةِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ نَظِيرَ عَمَلِهِ أَوْ يَدْفَعُوا لَهُ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ فَهَلْ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَمَّا عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ الْأُجْرَةَ فَلِأَنَّهُ عَمِلَ فِي الْمُشْتَرَكِ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ الْمِنَحِ مِنْ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ طَعَامٍ بَيْنَهُمَا فَلَا أَجْرَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْمَلُ شَيْئًا لِشَرِيكِهِ إلَّا وَيَقَعُ بَعْضُهُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ. اهـ. وَأَمَّا عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ حِصَّةً مِنْ الثَّمَرَةِ فَلِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْ بَابِ مُسَاقَاةِ الشَّرِيكِ وَمُسَاقَاةُ الشَّرِيكِ غَيْرُ جَائِزَةٍ كَمَا فِي الْمِنَحِ عَنْ الْمُجْتَبَى وَأَفْتَى بِهِ الرَّمْلِيُّ (أَقُولُ) وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ جَرَى عَقْدُ مُسَاقَاةٍ أَوْ إجَارَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شُرَكَائِهِ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ أَظْهَرُ. (سُئِلَ) فِي غِرَاسِ كَرْمٍ جَارٍ فِي وَقْفٍ عَلَى هِنْدٍ النَّاظِرَةِ عَلَيْهِ قَائِمٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ آخَرَ فَدَفَعَتْهُ لِزَيْدٍ مُسَاقَاةً عَلَى أَنْ يَعْمَلَ عَلَيْهِ فِي مُدَّةِ كَذَا بِسَهْمٍ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَالْبَاقِي لَهُ نَظِيرَ عَمَلِهِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ حَظٌّ وَلَا مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ بَلْ فِي ذَلِكَ غَبْنٌ فَاحِشٌ عَلَى الْوَقْفِ فَهَلْ تَكُونُ الْمُسَاقَاةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَةِ مَا نَصُّهُ وَأَفَادَ فَسَادَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ أَخْذِ كَرْمِ الْوَقْفِ أَوْ الْيَتِيمِ مُسَاقَاةً فَيَسْتَأْجِرُ أَرْضَهُ الْخَالِيَةَ مِنْ الْأَشْجَارِ بِمَبْلَغٍ كَثِيرٍ وَيُسَاقِي عَلَى أَشْجَارِهِ بِسَهْمٍ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ فَالْحَظُّ ظَاهِرٌ فِي الْإِجَارَةِ لَا فِي الْمُسَاقَاةِ فَمُفَادُهُ فَسَادُ الْمُسَاقَاةِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ عَلَى حِدَةٍ. اهـ. (سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى غِرَاسٍ مُتَنَوِّعٍ مِنْ جُمْلَتِهِ غِرَاسُ تُوتٍ لَا يُنْتَفَعُ بِسِوَى وَرَقِهِ لِأَجْلِ طَعَامِ الدُّودِ جَارٍ ثُلُثُ جَمِيعِ الْغِرَاسِ فِي مِلْكِ زَيْدٍ وَثُلُثَاهُ مَعَ جَمِيعِ أَرْضِ الْبُسْتَانِ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَفِي تَوَاجُرِ وَمُسَاقَاةِ زَيْدٍ الْمَزْبُورِ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ فَقَطَعَ زَيْدٌ قُضْبَانَ التُّوتِ وَأَخَذَ وَرَقَهَا وَأَطْعَمَهُ لِدُودِهِ وَيُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ الْقُضْبَانِ وَيَتَصَرَّفَ بِهَا لِنَفْسِهِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ زَاعِمًا أَنَّهَا تَكُونُ لَهُ لِكَوْنِ شَجَرِهَا فِي مُسَاقَاتِهِ فَهَلْ تَكُونُ الْقُضْبَانُ لَهُ وَلِجِهَةِ الْوَقْفِ بِحَسَبِ الْحِصَصِ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ دَفْعُ الشَّجَرِ وَالْكَرْمِ إلَى مَنْ يُصْلِحُهُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ ثَمَرِهِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ وَالْقُضْبَانُ لَيْسَتْ بِثَمَرَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى مُفْتِي الشَّافِعِيَّةِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْغَزِّيُّ (أَقُولُ) الْمُرَادُ مِنْ الثَّمَرَةِ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْ الشَّجَرِ فَيَتَنَاوَلُ الرَّطْبَةَ وَغَيْرَهَا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَلِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِالشَّجَرِ مَا يَعُمُّ الْمُثْمِرَ وَغَيْرَهُ كَالْحَوَرِ وَالصَّفْصَافِ، وَإِنْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ لَمْ أَرَهُ فَقَدْ رَأَيْتُهُ مَنْقُولًا فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ يَجُوزُ دَفْعُ شَجَرِ الْحَوَرِ مُعَامَلَةً لِاحْتِيَاجِهِ إلَى السَّقْيِ وَالْحِفْظِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَحْتَجْ لَا يَجُوزُ. اهـ. وَفِيهَا أَيْضًا مُعَامَلَةُ الْغَيْطَةِ لِأَجْلِ السَّعَفِ وَالْحَطَبِ جَائِزَةٌ كَمُعَامَلَةِ أَشْجَارِ الْخِلَافِ. اهـ. وَالْخِلَافُ بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيفِ ضِدُّ الْوِفَاقِ وَنَوْعٌ مِنْ الصَّفْصَافِ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى أَجْزَاءِ الشَّجَرِ لَكِنْ هَذَا حَيْثُ كَانَتْ هِيَ الْمَقْصُودَةَ مِنْ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ غَيْرَهَا كَالثَّمَرِ أَوْ الْوَرَقِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الشَّجَرَةِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَكْسِرَ شَيْئًا مِنْ الْأَغْصَانِ وَالْقُضْبَانِ وَالدَّعَائِمِ وَالْعَرِيشِ لِطَبْخِ الْقِدْرِ

وَلَا يَأْخُذُ مِنْ الْأَغْصَانِ الْمَقْطُوعَةِ إلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَشْجَارِ الْمَالِكِ وَلَا يُطْعِمُ الضَّعِيفَ مِنْ الثَّمَرِ إلَّا بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ. اهـ. فَفِي مَسْأَلَتِنَا حَيْثُ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى أَشْجَارِ التُّوتِ لِأَجْلِ الْوَرَقِ لَا يَحِلُّ لَهُ قَطْعُ شَيْءٍ مِنْ الْقُضْبَانِ لِكَوْنِهَا مِلْكًا لِصَاحِبِ الْأَشْجَارِ وَعَدَمِ وُرُودِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا فَافْهَمْ. (سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ جَارٍ بِتَمَامِهِ أَرْضًا وَغِرَاسًا فِي وَقْفٍ وَفِي تَوَاجُرِ زَيْدٍ وَمُسَاقَاتِهِ مِنْ النَّاظِرِ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَرَتِهِ لِزَيْدٍ وَعَمِلَ زَيْدٌ عَلَى الشَّجَرِ وَقَبْلَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ بَرَزَ بَعْضُ الثَّمَرَةِ بِعَمَلِهِ بِدُونِ بَاقِيهَا وَيُرِيدُ أَخْذَ مَا سَيَبْرُزُ مِنْ الثَّمَرَةِ بَعْدَ الْمُدَّةِ لَا بِعَمَلِهِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَمْ يَعْمَلْ عَلَيْهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ الْأَخْذُ مِمَّا بَرَزَ بِعَمَلِهِ فَقَطْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي بُسْتَانٍ مَعْلُومٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى غِرَاسِ زَيْتُونٍ وَعِنَبٍ وَغَيْرِهِمَا جَارٍ فِي تَوَاجُرِ زَيْدٍ وَمُسَاقَاتِهِ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ عَلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْغِرَاسِ لِزَيْدٍ فَعَمِلَ زَيْدٌ عَلَى الشَّجَرِ حَتَّى أَثْمَرَ أَكْثَرُهُ فِي الْمُدَّةِ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يُثْمِرْ فِيهَا شَجَرُ الزَّيْتُونِ وَلَا عَقَدَ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَمْ يَبْرُزْ حَتَّى مَضَى نَحْوُ شَهْرٍ فَهَلْ لَيْسَ لِزَيْدٍ شَيْءٌ فِيمَا لَمْ يَبْرُزْ فِي الْمُدَّةِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ اشْتَرَطَ لِذَلِكَ وَقْتًا مَعْلُومًا قَدْ تَبْلُغُ الثَّمَرَةُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَقَدْ تَتَأَخَّرُ عَنْهَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتَيَقَّنْ بِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ بِهَذَا الشَّرْطِ، وَإِنَّمَا يُتَوَهَّمُ، فَإِنْ خَرَجَ الثَّمَرُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا، وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيمَا عَمِلَ. اهـ. (أَقُولُ) قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ بَعْدَ هَذَا وَهَذَا إذَا أَخْرَجَتْ شَيْئًا فِي الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ مِمَّا يُرْغَبُ فِي مِثْلِهِ فِي الْمُعَامَلَةِ، فَإِنْ أَخْرَجَتْ شَيْئًا فِي الْمُدَّةِ لَا يُرْغَبُ فِي مِثْلِهِ فِي الْمُعَامَلَةِ لَا تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ. اهـ. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ فِي الْمُدَّةِ شَيْءٌ قَلِيلٌ لَا يُرْغَبُ فِي مِثْلِهِ فِي الْمُعَامَلَةِ أَنْ تَفْسُدَ، وَإِنْ تَتَابَعَ خُرُوجُهُ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ وَهَذَا مِمَّا يُغْفَلُ عَنْهُ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا عَمِلَ زَيْدٌ الْمَسَاقِيَ عَلَى غِرَاسِ الْوَقْفِ حَتَّى أَثْمَرَ شَجَرُ الزَّيْتُونِ فِي آخِرِ الْمُدَّةِ وَنَاظِرُ الْوَقْفِ يُنْكِرُ خُرُوجَ ذَلِكَ فِي الْمُدَّةِ وَلِزَيْدٍ بَيِّنَةٌ شَرْعِيَّةٌ أَنَّهُ أَثْمَرَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَتَكُونُ الْمُسَاقَاةُ عَلَى الشَّرْطِ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ خَرَجَ فِي الْمُدَّةِ الْمُسَمَّاةِ فَعَلَى الشَّرْطِ الْمُسَمَّى لِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَنَقْلُهَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْخَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ زَيْدٌ مِنْ نَاظِرِ وَقْفٍ أَرَاضِي الْوَقْفِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ بَعْدَمَا سَاقَاهُ عَلَى الْغِرَاسِ الْقَائِمِ فِي الْأَرَاضِي فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ إجَارَةً وَمُسَاقَاةً صَحِيحَتَيْنِ ثُمَّ انْقَضَتْ مُدَّةُ التَّوَاجُرِ وَالْمُسَاقَاةِ ثُمَّ بَرَزَتْ الثَّمَرَةُ وَعَقَدَتْ فَهَلْ تَقَعُ الثَّمَرَةُ لِلْوَقْفِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (أَقُولُ) لَكِنْ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ إنْ كَانَ عَمِلَ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا عَنْ الْخَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ وَالثَّمَرُ نِيءٌ فَهَلْ يُتْرَكُ عَلَى الشَّجَرِ بِلَا أَجْرٍ حَتَّى يُدْرِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا عَمِلَ الْمَسَاقِيَ عَلَى الْأَشْجَارِ الْمُسَاقَى عَلَيْهَا بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ ثَمَرِهَا ثُمَّ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ عَنْ وَرَثَةٍ، وَالثَّمَرُ نِيءٌ وَتُرِيدُ الْوَرَثَةُ الْقِيَامَ عَلَيْهِ حَتَّى يُدْرِكَ الثَّمَرُ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ وَيَسْتَحِقُّونَ الْحِصَّةَ الْمَشْرُوطَةَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ فَلِوَرَثَتِهِ أَنْ تَقُومَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَرِهَ صَاحِبُ الْأَرْضِ دُرَرٌ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَرَزَتْ ثَمَرَةُ الْأَشْجَارِ الْمُسَاقَى عَلَيْهَا قُبَيْلَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ بِعَمَلِ الْعَامِلِ وَيُرِيدُ مَالِكُ الْأَشْجَارِ أَخْذَهَا كُلِّهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ وَالْخَارِجُ بُسْرٌ أَخْضَرُ فَلِلْعَامِلِ أَنْ يَعْمَلَ بِلَا أَجْرٍ حَتَّى يَبْلُغَ الثَّمَرُ وَيَكُونَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ فِي الدُّرَرِ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ أَحَدُهُمَا بَلْ انْقَضَتْ مُدَّتُهَا أَيْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ فَالْخِيَارُ لِلْعَامِلِ إنْ شَاءَ عَمِلَ عَلَى مَا كَانَ يَعْمَلُ حَتَّى يَبْلُغَ الثَّمَرُ وَيَكُونَ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ؛ لِأَنَّ فِي الْأَمْرِ بِالْجِذَاذِ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ إضْرَارًا بِهِمَا وَالضَّرَرُ مَدْفُوعٌ كَمَا مَرَّ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَالْهِدَايَةِ وَالْجَوْهَرَةِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا آجَرَ زَيْدٌ أَرْضَ بُسْتَانِهِ الْجَارِيَةَ فِي مِلْكِهِ مِنْ عَمْرٍو بَعْدَمَا سَاقَاهُ عَلَى غِرَاسِهِ الْقَائِمِ فِيهَا وَالْحَالُ أَنَّهُ

كَانَ عَلَى الْغِرَاسِ وَقْتَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ ثَمَرَةٌ مُدْرِكَةٌ قَدْ انْتَهَتْ وَلَمْ يَعْمَلْ عَمْرٌو فِيهَا شَيْئًا وَتَصَرَّفَ عَمْرٌو بِالثَّمَرَةِ الْمَزْبُورَةِ لِنَفْسِهِ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ تَضْمِينَهُ قِيمَةَ الثَّمَرَةِ فِي الْقِيَمِيِّ وَالْمِثْلِيِّ حَيْثُ انْقَطَعَ الْمِثْلُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَالْمُسَاقَاةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : إنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ مُدْرِكَةً أَيْ قَدْ انْتَهَتْ لَا تَصِحُّ كَالْمُزَارَعَةِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا بِالْعَمَلِ وَلَا أَثَرَ لِلْعَمَلِ بَعْدَ التَّنَاهِي؛ لِأَنَّ جَوَازَهُ قَبْلَ التَّنَاهِي لِلْحَاجَةِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَلَا حَاجَةَ إلَى مِثْلِهِ فَبَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ وَكَذَا عَلَى هَذَا إذَا دَفَعَ الزَّرْعَ وَهُوَ بَقْلٌ جَازَ، فَإِنْ اسْتَحْصَدَ وَأَدْرَكَ لَمْ يَجُزْ لِمَا ذَكَرْنَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ كَالْمُزَارَعَةِ وَالْأَصْلُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ الْمُعَامَلَةَ مَتَى عُقِدَتْ عَلَى مَا هُوَ فِي حَدِّ النُّمُوِّ وَالزِّيَادَةِ صَحَّتْ، وَإِنْ عُقِدَتْ عَلَى مَا تَنَاهَى عِظَمُهُ وَصَارَ بِحَالٍ لَا يَزِيدُ فِي نَفْسِهِ بِسَبَبِ عَمَلِ الْعَامِلِ لَا تَصِحُّ الْمُعَامَلَةُ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ خُرُوجُ الْأَثْمَارِ عَنْ حَدِّ الزِّيَادَةِ إذَا بَلَغَتْ وَأَثْمَرَتْ. اهـ. وَمِثْلُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ رَجُلَانِ أَرْضَ بُسْتَانٍ مِنْ آخَرَ لِلزِّرَاعَةِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بَعْدَمَا سَاقَاهُمَا عَلَى أَشْجَارِهِ الْقَائِمَةِ بِهَا إجَارَةً وَمُسَاقَاةً صَحِيحَتَيْنِ ثُمَّ إنَّهُ فُسِخَتْ إجَارَةُ الْأَرْضِ بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْمُسَاقَاةُ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : إذَا فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ لَا تَنْفَسِخُ الْمُسَاقَاةُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَقْدٌ عَلَى حِدَةٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَأَجَابَ عَنْهُ قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ: إذَا فُسِخَتْ إجَارَةُ الْأَرْضِ بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَالْأَشْجَارُ مَمْلُوكَةٌ لِلْمُسَاقِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ إلَّا بِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ بِأَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ خَائِنًا فِي الثَّمَرَةِ. اهـ. وَنَقَلَهُ عَنْهَا فِي نَهْجِ النَّجَاةِ وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ مِنْ الْإِجَارَةِ ضِمْنَ سُؤَالٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ الْمُسَاقَاةِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ عَدَمُ صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّ قَارِئَ الْهِدَايَةِ نَصَّ أَنَّهُ إذَا فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ لَا تَنْفَسِخُ الْمُسَاقَاةُ. اهـ. بَقِيَ إذَا فُسِخَتْ الْمُسَاقَاةُ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ حِينَئِذٍ تَكُونُ لِغَيْرِ رَبِّ الْغِرَاسِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ (أَقُولُ) وَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْإِجَارَةِ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ فَارِغَةً غَيْرَ مَشْغُولَةٍ بِمِلْكِ الْمُؤَجِّرِ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ مِمَّا يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّسْلِيمِ، فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ لَمْ تَكُنْ صَحِيحَةً لَمْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ وَلِذَا كَانَ تَقْدِيمُ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْإِجَارَةِ فِي الْأَرْضِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْغِرَاسِ حَتَّى لَوْ تَقَدَّمَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا إذَا كَانَ الْغِرَاسُ مِلْكًا لِلْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ التَّسْلِيمِ، وَأَمَّا عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ فَيَصِحُّ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَمِنْ غَيْرِ مُسْتَأْجِرٍ أَصْلًا فَلَا يَضُرُّهُ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ السَّابِقَةِ بَقِيَ أَنَّ انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا ظَهَرَ فَسَادُ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ مِنْ أَصْلِهِ لِمَا قُلْنَا أَمَّا لَوْ كَانَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ صَحِيحًا ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْفَسَادُ كَمَا إذَا لَمْ تَخْرُجْ الثَّمَرَةُ فِي مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ أَوْ تَقَايَلَا عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنْ لَا يَنْفَسِخَ عَقْدُ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْبَقَاءِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ. مِنْهَا أَنَّ الشُّيُوعَ الطَّارِئَ لَا يُفْسِدُ عَقْدَ الْإِجَارَةِ مَعَ أَنَّ إجَارَةَ الْمَشَاعِ ابْتِدَاءً لَا تَصِحُّ فَتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ آجَرَ أَرْضَ كَرْمِهِ لِآخَرَ بَعْدَ مَا تَسَاقَيَا عَلَى الْغِرَاسِ الْقَائِمِ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ وَتَبْطُلُ الْمُسَاقَاةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) إنَّ عَقْدَ الْمُسَاقَاةِ، وَإِنْ بَطَلَ بِالْمَوْتِ لَكِنَّهُ يَبْقَى حُكْمًا دَفْعًا لِلضَّرَرِ بَلْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَبَطَلَ هُوَ الْقِيَاسُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَبْطُلُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الِاسْتِحْسَانَ بَقَاؤُهُ حُكْمًا لَا يُنَافِي تَصْرِيحَ الْمُتُونِ بِالْبُطْلَانِ بِالْمَوْتِ وَلِذَا قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى بَعْدَ تَصْرِيحِهِمَا بِالْبُطْلَانِ، فَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ تَقُومُ وَرَثَتُهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَرِهَ الدَّافِعُ، وَإِنْ مَاتَ الدَّافِعُ يَقُومُ الْعَامِلُ كَمَا كَانَ، وَإِنْ كَرِهَ وَرَثَةُ الدَّافِعِ. اهـ. فَقَدْ جَعَلُوا حُكْمَ الْعَقْدِ بَاقِيًا، وَإِنْ كَانَ قَدْ بَطَلَ وَنَظِيرُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّهُ إذَا مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ الزَّرْعُ يَبْقَى حُكْمُ الْإِجَارَةِ إلَى أَنْ يُسْتَحْصَدَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ قَيَّدَ الْبُطْلَانَ بِالْمَوْتِ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ بِمَا إذَا

كَانَ الْمَوْتُ فِي حَالِ كَوْنِ الثَّمَرِ نِيئًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا كَانَ قَبْلَ بُرُوزِ الثَّمَرَةِ أَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَمَا نَضِجَ فَقَدْ انْتَهَى الْعَقْدُ ثُمَّ إذَا كَانَ الْمَوْتُ قَبْلَ بُرُوزِهَا وَكَانَ قَدْ عَمِلَ بَعْضَ الْعَمَلِ أَوْ كُلَّهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ أَصْلًا لَا حُكْمًا وَلَا دِيَانَةً، وَإِنْ قَالُوا فِي الْمُزَارَعَةِ لَوْ امْتَنَعَ رَبُّ الْأَرْضِ مِنْ الْمُضِيِّ فِيهَا وَقَدْ كَرَبَ الْعَامِلُ فِي الْأَرْضِ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِكِرَابِهِ حُكْمًا إذْ لَا قِيمَةَ لِلْمَنَافِعِ وَيُسْتَرْضَى دِيَانَةً فَيُفْتَى بِأَنْ يُوَفِّيَهُ أَجْرَ مِثْلِهِ لِغَرَرِهِ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا لَا شَيْءَ لَهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَا غَرَرَ بِالْمَوْتِ وَلِذَا قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ أَيْضًا وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْبَذْرِ بَطَلَتْ وَلَا شَيْءَ لِكِرَابِهِ. اهـ. وَعَلَّلَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّهُ فِيمَا مَرَّ كَانَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَةِ رَبِّ الْأَرْضِ بِالِامْتِنَاعِ بِاخْتِيَارِهِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ يَأْتِي بِدُونِ اخْتِيَارٍ. اهـ. وَإِذَا كَانَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فَالسَّنَةُ الْأُولَى قَدْ عُلِمَ حُكْمُهَا وَيَبْطُلُ الْعَقْدُ فِي السِّنِينَ الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ قَبْلَ بُرُوزِ الثَّمَرَةِ فِيهَا أَصْلًا ثُمَّ رَأَيْتُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قَالَ مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فَلِلْمُزَارِعِ أَنْ يَعْمَلَ إلَى أَنْ يُدْرِكَ فَيُقْسَمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَرَثَةِ رَبِّهَا عَلَى الشَّرْطِ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ لِلْأَرْضِ وَيَنْتَقِضُ الْعَقْدُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ السِّنِينَ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِي الْمُزَارَعَةِ لَكِنْ الْمُسَاقَاةُ أُخْتُهَا وَلِذَا قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ وَهِيَ كَالْمُزَارَعَةِ حُكْمًا وَخِلَافًا وَكَذَا شُرُوطًا تُمْكِنُ هُنَا. اهـ. فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْمُفِيدَ. (سُئِلَ) فِي غِرَاسٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى مِشْمِشٍ وَتُفَّاحٍ وَغَيْرِهِمَا قَائِمٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ مُحْتَكَرَةٍ مُشْتَرَكٍ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ الشَّرْعِيِّ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَهِنْدٍ لِكُلٍّ مِنْهُمْ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِيهِ فَسَاقَى زَيْدٌ عَلَى حِصَّتِهِ شَرِيكَهُ عَمْرًا الْمَرْقُومَ بِجُزْءٍ مِنْهَا فَعَمِلَ عَمْرٌو عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ تَكُونُ الْمُسَاقَاةُ غَيْرَ جَائِزَةٍ وَلَا أَجْرَ لِعَمْرٍو وَالْخَارِجُ بِقَدْرِ مِلْكِهِمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْمِنَحِ وَلَوْ دَفَعَ النَّخْلَ وَالشَّجَرَ إلَى شَرِيكِهِ مُسَاقَاةً لَمْ يَجُزْ وَلَا أَجْرَ لَهُ إنْ عَمِلَ وَالْخَارِجُ بِقَدْرِ مِلْكِهِمَا؛ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ شَرِيكِهِ عَلَى الْعَمَلِ فِي الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا لَا يَصِحُّ وَلَا يَجِبُ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ وَقَعَ لِنَفْسِهِ. اهـ. وَقَدْ أَفْتَى بِعَدَمِ جَوَازِ مُسَاقَاةِ الشَّرِيكِ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ فِي فَتَاوَاهُ (أَقُولُ) وَصَرَّحَ بِالْمَسْأَلَةِ أَيْضًا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ كَمَا ذَكَرْته فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ وَكَتَبْتُ فِيهِ مَا صُورَتُهُ قَيَّدَ بِالْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُزَارَعَةَ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فِي أَرْضٍ وَبَذْرٍ مِنْهُمَا تَصِحُّ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَالْفَرْقُ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ مَعْنَى الْإِجَارَةِ فِي الْمُسَاقَاةِ رَاجِحٌ عَلَى مَعْنَى الشَّرِكَةِ وَفِي الْمُزَارَعَةِ بِالْعَكْسِ. اهـ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ ثُلُثَا غِرَاسِ كَرْمِ عِنَبٍ فَسَاقَى عَلَيْهِ عَمْرًا فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ ثَمَرِهِ وَعَمْرٌو غَيْرُ شَرِيكٍ فِي غِرَاسِ الْكَرْمِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ تَكُونُ الْمُسَاقَاةُ الْمَزْبُورَةُ صَحِيحَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ مُعَلَّلًا مَنْقُولًا عَنْ الْغَزِّيِّ (أَقُولُ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تَفَقُّهَاتِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْغَزِّيِّ التُّمُرْتَاشِيِّ ذَكَرَهَا فِي فَتَاوَاهُ بَحْثًا حَيْثُ سُئِلَ فِي رَجُلٍ دَفَعَ بَعْضَ كَرْمِهِ مَشَاعًا مُسَاقَاةً فَهَلْ يَصِحُّ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْفَتْوَى فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى قَوْلِهِمَا وَمُقْتَضَاهُ صِحَّةُ الْمُسَاقَاةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُمَا يُجِيزَانِ إجَارَةَ الْمَشَاعِ وَالْمُسَاقَاةُ كَذَلِكَ. اهـ. وَوَقَعَ نَظِيرُهُ لِلْعَلَّامَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ فَقَالَ لَوْ سَاقَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى نَصِيبِهِ أَجْنَبِيًّا بِلَا إذْنِ الْآخَرِ هَلْ يَصِحُّ فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ نَعَمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَذْهَبَنَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ إجَارَةٌ وَهِيَ تَجُوزُ فِي الْمَشَاعِ عِنْدَهُمَا وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ مَذْهَبُهُمَا فَتَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي الْمَشَاعِ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُؤَلِّفَ يَعْنِي التُّمُرْتَاشِيَّ أَجَابَ بِأَنَّهَا تَصِحُّ عِنْدَهُمَا كَمَا تَفَقَّهْتُ بِهِ وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ اهـ. كَلَامُ الرَّمْلِيِّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مُسَاقَاةَ الشَّرِيكِ لِشَرِيكِهِ فِي الْغِرَاسِ لَا تَصِحُّ أَمَّا مُسَاقَاتُهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَتَصِحُّ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْغِرَاسُ كُلُّهُ لِوَاحِدٍ فَسَاقَى آخَرَ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُ شَائِعٍ؛ لِأَنَّ إجَارَةَ الْمَشَاعِ تَصِحُّ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ فَكَذَا مُسَاقَاتُهُ؛ لِأَنَّ الْمُفْتَى بِهِ فِي الْمُسَاقَاةِ قَوْلُهُمَا، وَإِنَّمَا لَمْ تَصِحَّ مُسَاقَاةُ الشَّرِيكِ مَعَ أَنَّ إجَارَةَ الْمُشَاعِ مِنْ

الشَّرِيكِ تَصِحُّ اتِّفَاقًا لِمَا مَرَّ فِي السُّؤَالِ قَبْلَهُ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ لَوْ صَحَّتْ مَعَهُ لَزِمَ مِنْهُ اسْتِئْجَارُ الشَّرِيكِ عَلَى الْعَمَلِ فِي الْمُشْتَرَكِ وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ فِي الْحَقِيقَةِ اسْتِئْجَارُ الْعَامِلِ عَلَى حِصَّةٍ مِنْ الثَّمَرَةِ، وَإِذَا كَانَتْ الْأَشْجَارُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمُسَاقِي وَالْعَامِلِ يَكُونُ الْعَامِلُ قَدْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى الْعَمَلِ فِي الْمُشْتَرَكِ فَلَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً بَلْ تَبْقَى الثَّمَرَةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مِلْكِهِمَا هَذَا وَقَدْ بَحَثْتُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ بَحْثًا مُفِيدًا فِيمَا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَالْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ تَفَقُّهًا وَنَصُّهُ أَقُولُ فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْإِجَارَةِ، وَإِنْ كَانَ رَاجِحًا فِي الْمُسَاقَاةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا لَكِنْ الْإِجَارَةُ فِيهَا مِنْ جَانِبِ الْعَامِلِ لَا الشَّجَرِ؛ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ الشَّجَرِ لَا يَجُوزُ فَالْعَامِلُ فِي الْحَقِيقَةِ أَجِيرٌ لِرَبِّ الشَّجَرِ بِجُزْءٍ مِنْ الْخَارِجِ وَلَا شُيُوعَ فِي الْعَامِلِ بَلْ الشُّيُوعُ فِي الْأُجْرَةِ فَلَمْ تُوجَدْ هُنَا إجَارَةُ الْمَشَاعِ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ فَتَدَبَّرْ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْمُسَاقَاةِ مَا نَصُّهُ إذَا دَفَعَ النَّخِيلَ مُعَامَلَةً إلَى رَجُلَيْنِ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَلَوْ دَفَعَ نِصْفَ النَّخِيلِ مُعَامَلَةً لَا يَجُوزُ. اهـ. فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ النَّخِيلَ كُلَّهُ لِلدَّافِعِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ فَعَدَمُ الْجَوَازِ فِيهِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ فِي الْمُشْتَرَكِ بِالْأَوْلَى بَلْ يُفِيدُ عَدَمَ الْجَوَازِ وَلَوْ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ النَّخِيلَ مُشْتَرَكٌ وَدَفَعَ أَحَدُهُمَا لِأَجْنَبِيٍّ فَالْأَمْرُ أَظْهَرُ فَتَعَيَّنَ مَا قُلْنَاهُ وَثَبَتَ أَنَّ مُسَاقَاةَ الشَّرِيكِ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَوْ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ لَا تَصِحُّ كَمُسَاقَاةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي الْقَاصِرِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ. مَا ذَكَرْتُهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ فِي الْمَشَاعِ لَا تَصِحُّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُسَاقِي شَرِيكًا أَوْ لَا لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّسْلِيمِ مَعَ الشُّيُوعِ وَلِعَدَمِ صِحَّةِ اسْتِئْجَارِ الشَّرِيكِ لِلْعَمَلِ فِي الْمُشْتَرَكِ فَمَا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَالرَّمْلِيُّ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ وَمَا عَلَّلَا بِهِ مَعْلُولٌ فَاغْتَنِمْ تَحْرِيرَ هَذِهِ الْمُعْضِلَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. (سُئِلَ) فِي حِصَصٍ مِنْ بَسَاتِينَ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ مَعَ غِرَاسِهَا فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ وَفِي تَوَاجُرِ زَيْدٍ وَمُسَاقَاتِهِ مِنْ نَاظِرِ وَقْفِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ عَنْهَا وَبِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الثَّمَرَةِ فِي الْمُسَاقَاةِ نَظِيرَ الْعَمَلِ إجَارَةً وَمُسَاقَاةً شَرْعِيَّتَيْنِ ثُمَّ أَجَّرَ زَيْدٌ الْمَأْجُورَ الْمَزْبُورَ مِنْ عَمْرٍو مُدَّةً تَسْتَوْعِبُ مُدَّتَهُ وَتَسَاقَيَا عَلَى حِصَّةِ الْغِرَاسِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُدَّةِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الثَّمَرَةِ كَالْأُولَى وَعَمِلَ عَمْرٌو عَلَى الْغِرَاسِ حَتَّى أَثْمَرَ بِعَمَلِهِ فِي سَنَةٍ حَتَّى انْقَضَتْ وَمَاتَ عَمْرٌو وَلَمْ يَعْمَلْ زَيْدٌ عَلَى الْغِرَاسِ شَيْئًا وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ نَاظِرُ الْوَقْفِ أَنْ يُسَاقِيَ مَنْ شَاءَ فَلِمَنْ تَكُونُ الثَّمَرَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ عَمَلِ عَمْرٍو؟ (الْجَوَابُ) : تَكُونُ الثَّمَرَةُ الْمَذْكُورَةُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ حَيْثُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ النَّاظِرُ أَنْ يُسَاقِيَ وَلَمْ يَعْمَلْ عَلَى الْغِرَاسِ شَيْئًا قَالَ فِي النَّظْمِ الْوَهْبَانِيِّ وَمَا لِلْمُسَاقِي أَنْ يُسَاقِيَ غَيْرَهُ ... وَإِنْ أَذِنَ الْمَوْلَى لَهُ لَيْسَ يُنْكَرُ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْخَامِسِ مِنْ الْمُعَامَلَةِ دَفَعَ إلَيْهِ مُعَامَلَةً وَلَمْ يَقُلْ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِكَ فَدَفَعَ إلَى آخَرَ فَالْخَارِجُ لِمَالِكِ النَّخِيلِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ. اهـ. (أَقُولُ) وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ التَّتَارْخَانِيَّةِ بِزِيَادَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ وَهِيَ قَوْلُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَا أَجْرَ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الدَّفْعَ إذْ هُوَ إيجَابُ الشَّرِكَةِ فِي مَالِ الْغَيْرِ وَعَمَلُ الثَّانِي غَيْرُ مُضَافٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ وَلَوْ هَلَكَ الثَّمَرُ فِي يَدِ الْعَامِلِ الثَّانِي بِلَا عَمَلِهِ وَهُوَ عَلَى رُءُوسِ النَّخِيلِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ هَلَكَ مِنْ عَمَلِ الْأَخِيرِ فِي أَمْرٍ يُخَالِفُ فِيهِ أَمْرَ الْأَوَّلِ يَضْمَنُ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ الْعَامِلُ الثَّانِي لَا الْأَوَّلُ، وَإِنْ هَلَكَ مِنْ عَمَلِهِ فِي أَمْرٍ لَمْ يُخَالِفْ فِيهِ أَمْرَ الْأَوَّلِ فَلِرَبِّ النَّخِيلِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيًّا شَاءَ. وَلِلْأَخِيرِ إنْ ضَمَّنَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَوَّلِ. اهـ. وَبِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ وَنَقَلَهُ عَنْ عِدَّةِ كُتُبٍ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ، فَإِنَّهُ خَفِيَ عَلَى كَثِيرِينَ. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ حَامِلَةٍ لِغِرَاسٍ جَارِيَةٍ الْأَرْضُ فِي تَوَاجُرِ زَيْدٍ وَالْغِرَاسُ فِي مُسَاقَاتِهِ

وَمَأْذُونٌ لَهُ مِنْ قِبَلِ نَاظِرِهَا بِأَنْ يُسَاقِيَ مَنْ شَاءَ فَآجَرَ مَا فِي تَوَاجُرِهِ مِنْ عَمْرٍو مُدَّةً تَسْتَوْعِبُ مُدَّتَهُ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَسَاقَاهُ عَلَى الْغِرَاسِ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ بِحِصَّةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الثَّمَرَةِ حَسْبَمَا هُوَ مَأْذُونٌ لَهُ بِأَنْ يُسَاقِيَ مَنْ شَاءَ إجَارَةً وَمُسَاقَاةً شَرْعِيَّتَيْنِ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ وَالْمُسَاقَاةُ صَحِيحَتَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بُسْتَانٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَشْجَارِ زَيْتُونٍ وَغَيْرِهِ فَسَاقَى عَمْرًا عَلَى نِصْفِ غِرَاسِهِ مُسَاقَاةً شَرْعِيَّةً فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فَهَلْ تَكُونُ الْمُسَاقَاةُ صَحِيحَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ (أَقُولُ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ آنِفًا عَلَى مُسَاقَاةِ الْمَشَاعِ. (سُئِلَ) فِي مُسَنَّاةٍ بَيْنَ أَرْضَيْنِ إحْدَاهُمَا أَرْفَعُ مِنْ الْأُخْرَى وَعَلَى الْمُسَنَّاةِ أَشْجَارٌ لَا يُعْرَفُ غَارِسُهَا فَالْقَوْلُ لِمَنْ مِنْ أَصْحَابِ الْأَرْضَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ مُسَنَّاةٌ بَيْنَ أَرْضَيْنِ إحْدَاهُمَا أَرْفَعُ مِنْ الْأُخْرَى وَعَلَى الْمُسَنَّاةِ أَشْجَارٌ لَا يُعْرَفُ غَارِسُهَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ الْمَاءُ يَسْتَقِرُّ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى بِدُونِ الْمُسَنَّاةِ وَلَا يَحْتَاجُ فِي إمْسَاكِ الْمَاءِ إلَى الْمُسَنَّاةِ كَانَ الْقَوْلُ فِي الْمُسَنَّاةِ قَوْلَ صَاحِبِ الْأَرْضِ الْعُلْيَا مَعَ يَمِينِهِ، وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ فِي الْمُسَنَّاةِ قَوْلَهُ كَانَ الْأَشْجَارُ لَهُ مَا لَمْ يُقِمْ الْآخَرُ بَيِّنَةً، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ السُّفْلَى تَحْتَاجُ فِي إمْسَاكِ الْمَاءِ إلَى الْمُسَنَّاةِ كَانَتْ الْمُسَنَّاةُ وَمَا عَلَيْهَا مِنْ الْأَشْجَارِ بَيْنَهُمَا قَاضِي خَانْ مِنْ فَصْلِ الْمُعَامَلَةِ فَظَهَرَ بِمَا ذُكِرَ الْجَوَابُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْقِسْمَةِ وَفِيهَا مِنْ فَصْلِ الْمُعَامَلَةِ بِنَهْرٍ بَيْنَهُمَا ادَّعَيَا أَشْجَارَهُ النَّابِتَةَ فِي ضِفَّتِهِ إنْ عُلِمَ الْغَارِسُ فَهِيَ لَهُ وَإِلَّا إنْ فِي مَوْضِعٍ خَاصٍّ لِأَحَدِهِمَا فَلِلْمَالِكِ، وَإِنْ فِي مُشْتَرَكٍ فَبَيْنَهُمَا. اهـ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا سَاقَى زَيْدٌ عَمْرًا عَلَى غِرَاسِهِ الْمَعْلُومِ لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ مُسَاقَاةً شَرْعِيَّةً بِحِصَّةٍ مِنْ الثَّمَرَةِ مَعْلُومَةٍ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ فَادَّعَى عَمْرٌو حِصَّةً مَعْلُومَةً فِي بَعْضِ الْغِرَاسِ الْمَزْبُورِ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ فَهَلْ تَكُونُ دَعْوَى عَمْرٍو الْمِلْكِيَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْجَارِ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرَ مَسْمُوعَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْحَانُوتِيُّ وَالْكَازَرُونِيُّ وَصُورَةُ ذَلِكَ الْجَوَابِ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ وَسَاقَى عَلَى جَمِيعِ الْأَشْجَارِ الَّتِي فِي الْغَيْطِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمِلْكِيَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْجَارِ بَعْدَ ذَلِكَ لِلتَّنَاقُضِ، وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ لِمَا فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ الْفُصُولِ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ آجَرَ نَفْسَهُ مِنِّي لِيَعْمَلَ فِي الْكَرْمِ يَكُونُ دَفْعًا وَيَكُونُ إقْرَارًا مِنْ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكَهُ. اهـ. . (سُئِلَ) فِي جُنَيْنَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى غِرَاسٍ جَارٍ مَعَ أَرْضِهَا فِي مِلْكِ هِنْدٍ فَآجَرَتْ نِصْفَهَا مِنْ زَيْدٍ وَنِصْفَهَا مِنْ عَمْرٍو وَسَاقَتْهُمَا عَلَى الْغِرَاسِ وَلَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّةِ ذَلِكَ حَاكِمٌ ثُمَّ آجَرَ زَيْدٌ نِصْفَهُ مِنْ بَكْرٍ وَسَاقَاهُ عَلَى نِصْفِ الْغِرَاسِ وَلَمْ تَأْذَنْ لَهُ هِنْدٌ بِذَلِكَ وَاسْتَوْفَى بَكْرٌ مَنْفَعَةَ الْمَأْجُورِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَعَمِلَ عَلَى نِصْفِ الشَّجَرِ وَاسْتَغَلَّ ثَمَرَتَهُ لِنَفْسِهِ فَهَلْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ إجَارَةِ بَكْرٍ وَمُسَاقَاتِهِ غَيْرَ صَحِيحَةٍ وَالثَّمَرَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ عَمَلِ بَكْرٍ لِهِنْدٍ وَعَلَيْهَا لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ وَعَلَيْهِ لَهَا أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مُسَاقَاةَ الْمَشَاعِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ مُطْلَقًا وَالثَّانِي مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّ أُجْرَةَ الْعَامِلِ الثَّانِي عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ فَأُجْرَةُ بَكْرٍ هُنَا عَلَى عَمْرٍو لَا عَلَى هِنْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا عَقْدٌ حَتَّى يَلْزَمَهَا الْأُجْرَةُ عِنْدَ فَسَادِهِ، وَإِنَّمَا جَرَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا فَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهَا أُجْرَةً أَيْضًا فَتَدَبَّرْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ النَّاظِرُ بَعْدَ عَقْدِهِ مُسَاقَاةً شَرْعِيَّةً عَلَى أَشْجَارِ الْوَقْفِ مَعَ زَيْدٍ فَهَلْ لَا تَبْطُلُ الْمُسَاقَاةُ بِمَوْتِ النَّاظِرِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي كَرْمِ عِنَبٍ جَارٍ فِي وَقْفٍ وَفِي تَوَاجُرِ جَمَاعَةٍ وَمُسَاقَاتِهِمْ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ مُدَّةً مَعْلُومَةً عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَتَرَكَ الْجَمَاعَةُ الْعَمَلَ عَلَى غِرَاسِ الْكَرْمِ فِي سَنَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ وَلَمْ يَعْمَلُوا عَلَيْهِ أَصْلًا حَتَّى أَثْمَرَ لَا بِعَمَلِهِمْ فَهَلْ حَيْثُ لَمْ يَعْمَلُوا أَصْلًا كَمَا ذُكِرَ تَكُونُ

الثَّمَرَةُ الْمَزْبُورَةُ كُلُّهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ دُونَهُمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) الْمُرَادُ بِالْعَمَلِ مَا يَشْمَلُ الْحِفْظَ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ فَلَوْ دَفَعَ الْكَرْمَ مُعَامَلَةً وَفِيهِ أَشْجَارٌ لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى عَمَلٍ سِوَى الْحِفْظِ إنْ كَانَتْ بِحَالٍ لَوْ لَمْ تُحْفَظْ يَذْهَبُ ثَمَرُهَا قَبْلَ الْإِدْرَاكِ جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ وَالْحِفْظُ زِيَادَةٌ فِي الثِّمَارِ، وَإِنْ كَانَتْ بِحَالٍ لَا يَذْهَبُ ثَمَرُهَا إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ لَا تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ فِي تِلْكَ الْأَشْجَارِ وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ يَجُوزُ دَفْعُ شَجَرِ الْجَوْزِ مُعَامَلَةً وَلِلْعَامِلِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَرِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى السَّقْيِ وَالْحِفْظِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى أَحَدِهِمَا لَا يَجُوزُ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ أَرْضٌ مَعْلُومَةٌ فَدَفَعَهَا لِعَمْرٍو وَأَذِنَ لَهُ أَنْ يَغْرِسَ فِيهَا مَا أَحَبَّ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ ذَكَرَهَا وَأَنْ يَكُونَ مَا سَيَغْرِسُهُ النِّصْفُ مِنْهُ لِزَيْدٍ تَابِعٌ لِأَرْضِهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِعَمْرٍو نَظِيرَ غَرْسِهِ فَغَرَسَ عَمْرٌو فِي الْأَرْضِ غِرَاسًا فِي الْمُدَّةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَكُونُ الْإِذْنُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ صَحِيحًا وَيَسْتَحِقُّ عَمْرٌو النِّصْفَ الْمَزْبُورَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي مُزَارَعَةِ الْخَيْرِيَّةِ وَضَرْبُ الْمُدَّةِ الْمَعْلُومَةِ شَرْطٌ لَهَا فَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ أَرْضًا مُدَّةً مَعْلُومَةً عَلَى أَنْ يَغْرِسَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ فِيهَا غِرَاسًا عَلَى أَنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْ الْغِرَاسِ وَالثِّمَارِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا جَازَ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ فَتَصْرِيحُهُمْ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ صَرِيحٌ فِي فَسَادِهَا بِعَدَمِهِ إلَخْ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْوَقْفِ وَمِثْلُهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ أَيْضًا مِنْ الْمُزَارَعَةِ وَمَسْأَلَةُ الْمُغَارَسَةِ فِي مُسَاقَاةِ الدُّرَرِ والقهستاني وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ اسْتَوْفَى الْكَلَامَ عَلَيْهَا فِي الْخَانِيَّةِ (أَقُولُ) وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَقَدْ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ، وَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ يُخَيَّرُ رَبُّ الْأَرْضِ إنْ شَاءَ غَرِمَ نِصْفَ قِيمَةِ الشَّجَرَةِ وَيَمْلِكُهَا، وَإِنْ شَاءَ قَلَعَهَا. اهـ. وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيهَا مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَذِنَ نَاظِرُ وَقْفٍ أَهْلِيٍّ لِزَيْدٍ أَنْ يَغْرِسَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ غِرَاسًا مُتَنَوِّعًا عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ الثُّلُثُ وَلِجِهَةِ الْوَقْفِ الثُّلُثَانِ وَلَمْ يُعَيِّنَا لِذَلِكَ مُدَّةً فَغَرَسَ زَيْدٌ فِي الْأَرْضِ غِرَاسًا مُتَنَوِّعًا وَعَمِلَ عَلَيْهِ عِدَّةَ سِنِينَ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مُعَامَلَةً فَاسِدَةً وَالْغِرَاسُ لِلْوَقْفِ وَلِزَيْدٍ قِيمَةُ الْغِرَاسِ وَأَجْرُ مِثْلِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ بِقَوْلِهِ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ شَرْعًا وَالشَّجَرُ لِمَالِكِ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ لِلْغَارِسِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَقِيمَةُ غَرْسِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَاضِي خَانْ. اهـ. وَلِلشَّيْخِ أَيْضًا فَتْوَى مُفَصَّلَةٌ بِخُصُوصِ أَرْضِ الْوَقْفِ فَرَاجِعْهَا، فَإِنَّهَا مُفِيدَةٌ (أَقُولُ) وَقَدْ حَقَّقَ الْمَسْأَلَةَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمِنَحِ أَيْضًا وَقَالَ، وَإِذَا كَانَ الْفَسَادُ لِعَدَمِ ضَرْبِ الْمُدَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الثَّمَرُ وَالْغَرْسُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلِلْآخَرِ قِيمَةُ الْغَرْسِ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ فَسَدَتْ بِاشْتِرَاطِ بَعْضِ الْأَرْضِ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِفَسَادِهَا بِعَدَمِ ضَرْبِ الْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِإِدْرَاكِهَا مُدَّةٌ مَعْلُومَةٌ كَمَا لَوْ دَفَعَ غِرَاسًا لَمْ تَبْلُغْ عَلَى أَنْ يُصْلِحَهَا إلَخْ. اهـ. وَحَاصِلُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ تَصْرِيحَ قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ بِذِكْرِ الْمُدَّةِ فِي الْمُغَارَسَةِ يُفِيدُ أَنَّهُ شَرْطٌ فَتَفْسُدُ بِدُونِهِ وَمَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ عَنْ الْبُرْهَانِ وَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ عَدَمِ التَّقْيِيدِ بِذِكْرِ الْمُدَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ تَرَكَ التَّصْرِيحَ بِقَيْدٍ صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ، فَإِنْ قُلْتَ: إنَّ مَسْأَلَةَ الْمُغَارَسَةِ ذَكَرُوهَا فِي كِتَابِ الْمُسَاقَاةِ فَيَقْتَضِي أَنَّهَا مِنْهَا وَقَدْ صَرَّحَ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ بِأَنَّ بَيَانَ الْمُدَّةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْمُسَاقَاةِ وَتَقَعُ عَلَى أَوَّلِ ثَمَرٍ يَخْرُجُ قُلْتُ ذِكْرُ الْمُدَّةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الثَّمَرِ وَنَحْوِهِ كَالرَّطْبَةِ مِمَّا لِإِدْرَاكِهِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ. وَلِذَا عَلَّلَ الْعَلَائِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ بِقَوْلِهِ لِلْعِلْمِ بِوَقْتِهِ عَادَةٌ اهـ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ دَفَعَ غِرَاسًا فِي أَرْضٍ لَمْ تَبْلُغْ الثَّمَرَةُ عَلَى أَنْ يُصْلِحَهَا فَمَا خَرَجَ كَانَ بَيْنَهُمَا تَفْسُدُ إنْ لَمْ يَذْكُرْ أَعْوَامًا مَعْلُومَةً. اهـ. فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ ذِكْرَ الْمُدَّةِ شَرْطٌ وَعَدَمُهُ مُفْسِدٌ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الشَّجَرَةَ إذَا بَلَغَتْ أَوَانَ الْإِثْمَارِ يُعْلَمُ فِي الْعَادَةِ وَقْتُ خُرُوجِ ثَمَرِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْمُدَّةِ لِلْعِلْمِ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ لَمْ تَبْلُغْ

ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا تُثْمِرُ فِي هَذَا الْعَامِ أَوْ بَعْدَهُ بِعَامٍ آخَرَ أَوْ بِأَكْثَرَ وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَرْضًا لِيَغْرِسَهَا فَيَكُونُ ذِكْرُ الْمُدَّةِ فِيهَا شَرْطًا بِالْأَوْلَى فَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا فَهِمَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ مِنْ تَصْرِيحِهِمْ بِذِكْرِ الْمُدَّةِ مِنْ أَنَّهُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهَا وَيُؤَيِّدُ أَيْضًا مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ دَفَعَ إلَى ابْنٍ لَهُ أَرْضًا لِيَغْرِسَ فِيهَا غِرَاسًا عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَلَمْ يُوَقِّتَا لَهُ وَقْتًا فَغَرَسَ فِيهَا ثُمَّ مَاتَ الدَّافِعُ عَنْهُ وَعَنْ وَرَثَةٍ سِوَاهُ فَأَرَادَ الْوَرَثَةُ أَنْ يُكَلِّفُوهُ قَلْعَ الْأَشْجَارِ كُلِّهَا لِيَقْسِمُوا الْأَرْضَ، فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ قُسِمَتْ وَمَا وَقَعَ فِي نَصِيبِ غَيْرِهِ كُلِّفَ قَلْعَهُ وَتَسْوِيَةَ الْأَرْضِ مَا لَمْ يَصْطَلِحُوا، وَإِنْ لَمْ تَحْتَمِلْ الْقِسْمَةَ يُؤْمَرُ الْغَارِسُ بِقَلْعِ الْكُلِّ مَا لَمْ يَصْطَلِحُوا. اهـ. فَهَذَا أَيْضًا صَرِيحٌ فِي فَسَادِهَا لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ فَيَكُونُ شَرْطًا إذْ لَوْ صَحَّتْ لَكَانَ الْغِرَاسُ مُنَاصَفَةً كَمَا شَرَطَا نِصْفُهُ لَهُ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ فَلَا يُكَلَّفُ بِقَلْعِ الْكُلِّ بَلْ يُكَلَّفُ بِقَلْعِ نَصِيبِهِ فَقَطْ فَافْهَمْ. لَكِنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ تُفِيدُ أَنَّ الْمُغَارَسَةَ حَيْثُ فَسَدَتْ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ يَكُونُ الْغِرَاسُ لِلْغَارِسِ لَا لِلدَّافِعِ وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ الرَّمْلِيُّ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ، فَإِنْ قُلْتَ قَدْ قَاسَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الْفَسَادُ بِاشْتِرَاطِ نِصْفِ الْأَرْضِ وَهِيَ مَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ لَوْ دَفَعَ أَرْضًا بَيْضَاءَ مُدَّةً مَعْلُومَةً لِيَغْرِسَ وَتَكُونُ الْأَرْضُ وَالشَّجَرُ بَيْنَهُمَا لَا تَصِحُّ وَالثَّمَرُ وَالْغَرْسُ لِرَبِّ الْأَرْضِ تَبَعًا لِأَرْضِهِ وَلِلْآخَرِ قِيمَةُ غَرْسِهِ يَوْمَ الْغَرْسِ وَأَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ. اهـ. فَقَدْ جَعَلُوا الْغِرَاسَ هُنَا لِرَبِّ الْأَرْضِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا قُلْتُ قَدْ عَلَّلُوا الْفَسَادَ هُنَا بِأَوْجُهٍ مِنْهَا مَا فِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ قَدْ صَارَ الْعَامِلُ مُشْتَرِيًا نِصْفَ الْأَرْضِ بِالْغِرَاسِ الْمَجْهُولِ فَيَفْسُدُ الْعَقْدُ، فَإِذَا زَرَعَهُ فِي الْأَرْضِ بِأَمْرِ صَاحِبِهَا فَكَأَنَّ صَاحِبَهَا فَعَلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَيَصِيرُ قَابِضًا وَمُسْتَهْلِكًا بِالْعُلُوقِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَأَجْرُ الْمِثْلِ. اهـ. أَمَّا إذَا كَانَ الْفَسَادُ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ لَا لِاشْتِرَاطِ نِصْفِ الْأَرْضِ لِلْعَامِلِ فَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ مُشْتَرِيًا بَلْ هُوَ مُسْتَأْجِرٌ لِلْأَرْضِ بِنِصْفِ الْخَارِجِ فَصَارَ نَظِيرَ الْمُزَارَعَةِ إذَا أَخَذَ الْعَامِلُ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا بِبَذْرِهِ وَكَانَ عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ فَاسِدًا فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْخَارِجَ لِرَبِّ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْأَرْضِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْغِرَاسَ كَالْبَذْرِ مِنْ حَيْثُ إنَّ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ قَدْ جُعِلَتْ فِي مُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنْ الْخَارِجِ وَأَنَّ مَسْأَلَةَ الْمُغَارَسَةِ أَشْبَهُ بِالْمُزَارَعَةِ مِنْهَا بِالْمُسَاقَاةِ وَكَأَنَّهُمْ ذَكَرُوهَا فِي كِتَابِ الْمُسَاقَاةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْعَمَلِ عَلَى الثَّمَرِ عِنْدَ بُلُوغِ الْغِرَاسِ الْإِثْمَارَ تَأَمَّلْ وَحَيْثُ كَانَ الْغِرَاسُ لِلْغَارِسِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ كَمَا فِي الْمُزَارَعَةِ. هَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي الْقَاصِرِ فِي تَحْرِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ غَرَسَ فِي أَرْضِ زَيْدٍ بِغِرَاسٍ مِنْ زَيْدٍ بِأَمْرِهِ فَهَلْ يَكُونُ الْغِرَاسُ لِزَيْدٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي جَامِعِ الْفِقْهِ لِلْعَتَّابِيِّ الْأَكَّارُ إذَا غَرَسَ فِي أَرْضِ الدَّافِعِ بِأَمْرِهِ، فَإِنْ كَانَ الْغِرَاسُ لِلدَّافِعِ فَالْأَشْجَارُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْغِرَاسُ لِلْعَامِلِ وَقَدْ قَالَ لَهُ: اغْرِسْهَا لِي فَكَذَلِكَ وَلِلْأَكَّارِ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْغِرَاسِ، وَإِنْ قَالَ اغْرِسْهَا وَلَمْ يَقُلْ لِي فَغَرَسَهَا بِغِرَاسٍ مِنْ عِنْدِهِ فَهُوَ لِلْغَارِسِ وَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْقَلْعِ قَبْلَ الرَّبِيعِ وَلَوْ قَالَ اغْرِسْهَا عَلَى أَنَّ الْغِرَاسَ وَالثِّمَارَ بَيْنَنَا فَهُوَ كَمَا قَالَ وَلَوْ قَالَ الْأَكَّارُ كَانَتْ غِرَاسِي وَقَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ كَانَتْ غِرَاسِي غَرَسْتَهَا بِأَمْرِي فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْأَرْضِ فِي مِلْكِيَّةِ الْغِرَاسِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْغَارِسِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ غَرَسَ عَلَى حَافَّةِ نَهْرِ قَرْيَةٍ تَالَةً فَطَلَعَتْ وَالْغَارِسُ فِي عِيَالِ رَجُلٍ أَوْ خَادِمٌ لَهُ فَقَالَ الشَّجَرَةُ لِي؛ لِأَنَّكَ فِي عِيَالِي وَخَادِمِي، فَإِنْ كَانَتْ التَّالَةُ لِلْغَارِسِ فَهِيَ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ لِلرَّجُلِ وَالْغَارِسُ فِي عِيَالِهِ يَعْمَلُ لَهُ مِثْلَ هَذَا الْعَمَلَ فَالشَّجَرَةُ لِصَاحِبِ التَّالَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ لَهُ مِثْلَ هَذَا الْعَمَلِ وَلَمْ يَغْرِسْهَا بِإِذْنِهِ فَهِيَ لِغَارِسِهَا وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التَّالَةِ لِرَبِّهَا إذْ يَمْلِكُهَا بِالْقِيمَةِ وَكَذَا لَوْ قَلَعَ تَالَةَ إنْسَانٍ وَغَرَسَهَا وَرَبَّاهَا فَهِيَ لِلْغَارِسِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ قَلَعَهَا عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ 34.

باب مشد المسكة

سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ أَرْضٌ جَارِيَةٌ فِي مِلْكِهِ فَأَذِنَ لِعَمْرٍو أَنْ يَغْرِسَ فِيهَا وَجَعَلَ لِعَمْرٍو حِصَّةً فِيمَا يَغْرِسُهُ وَلَمْ يَغْرِسْ عَمْرٌو فِيهَا شَيْئًا بَعْدُ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ الرُّجُوعَ عَنْ الْإِذْنِ الْمَزْبُورِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ تَوْكِيلٌ وَالْوَكَالَةُ مِنْ الْعُقُودِ الْغَيْرِ اللَّازِمَةِ كَالْعَارِيَّةِ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ بَابِ عَزْلِ الْوَكِيلِ الْإِذْنُ فِي عِبَارَةِ الْمُخْتَصَرِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْوَكَالَةِ وَالْإِجَازَةِ بَحْرٌ تَحْتَ قَوْلِهِ، وَإِنْ اسْتَأْذَنَهَا الْوَلِيُّ فَسَكَتَتْ أَوْ ضَحِكَتْ وَالتَّوْكِيلُ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الْعُقُودِ الْإِذْنُ بِمَنْزِلَةِ الْعَارِيَّةِ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْعَارِيَّةِ وَالْمُغَارَسَةُ الْمَزْبُورَةُ فَاسِدَةٌ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْمُدَّةِ (أَقُولُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِالْمُدَّةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تَكُونُ لَازِمَةً فَلَهُ الرُّجُوعُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْإِذْنَ تَوْكِيلٌ وَهَذَا إذَا كَانَ إذْنًا مُجَرَّدًا أَمَّا لَوْ كَانَ عَقْدًا بِأَنْ قَالَ لَهُ مَثَلًا خُذْ أَرْضِي هَذِهِ وَاغْرِسْ فِيهَا كَذَا عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَنَا نِصْفَيْنِ مَثَلًا وَرَضِيَ الْآخَرُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الْمُغَارَسَةَ الْمَذْكُورَةَ إمَّا مُسَاقَاةٌ أَوْ مُزَارَعَةٌ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْمُزَارَعَةَ صِفَتُهَا أَنَّهَا لَازِمَةٌ مِنْ قِبَلِ مَنْ لَا بَذْرَ لَهُ فَلَا تُفْسَخُ بِلَا عُذْرٍ وَغَيْرُ لَازِمَةٍ مِمَّنْ عَلَيْهِ الْبَذْرُ قَبْلَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ فَمَلَكَ الْفَسْخَ بِلَا عُذْرٍ حَذَرًا عَنْ إتْلَافِ بَذْرِهِ بِخِلَافِ الْمُسَاقَاةِ، فَإِنَّهَا لَازِمَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لِعَدَمِ لُزُومِ الْإِتْلَافِ فِيهَا. اهـ. فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ هُنَا الرُّجُوعُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ لِلْعَامِلِ قَبْلَ الْغَرْسِ لَا بَعْدَهُ إنْ قُلْنَا إنَّهَا مُزَارَعَةٌ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا مُسَاقَاةٌ فَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مُطْلَقًا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَذِنَ نَاظِرُهُ لِرَجُلٍ أَنْ يَغْرِسَ فِي الْأَرْضِ الْمَزْبُورَةِ غِرَاسًا عَلَى حِصَّةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ مَاتَ النَّاظِرُ قَبْلَ أَنْ يَغْرِسَ الرَّجُلُ بِهَا غِرَاسًا أَصْلًا وَتَوَلَّى النَّظَرَ غَيْرُهُ وَيُرِيدُ أَنْ يَغْرِسَهَا بِمَالِ الْوَقْفِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) الْكَلَامُ فِيهِ كَالْكَلَامِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ. [بَابُ مِشَدِّ الْمَسْكَةِ] (بَابُ مِشَدِّ الْمَسْكَةِ) ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ آخِرَ الْكِتَابِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ وَرَأَيْتُ الْمُنَاسِبَ ذِكْرُهُ هُنَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمِمَّا رَأَيْتُهُ بِخَطِّ الْمَوْلَى الْهُمَامِ الْعَلَّامَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ سَقَى ضَرِيحَهُ صَوْبُ الْغَمَامِ الْغَادِي جَوَابَ سُؤَالٍ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْفِلَاحَةِ وَالْمَسْكَةِ لِاخْتِلَافٍ وَقَعَ بَيْنَ النُّوَّابِ بِمَحْكَمَةِ الْبَابِ وَطَلَبَ الْجَوَابَ رَئِيسُ الْكُتَّابِ لَا شَكَّ أَنَّهُمَا لَفْظَانِ مُتَغَايِرَانِ مَعْنًى وَحُكْمًا أَمَّا الْمَسْكَةُ فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ اسْتِحْقَاقِ الْحِرَاثَةِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ مِنْ الْمَسْكَةِ لُغَةً وَهِيَ مَا يُتَمَسَّكُ بِهِ فَكَأَنَّ الْمُتَسَلِّمَ لِلْأَرْضِ الْمَأْذُونَ لَهُ مِنْ صَاحِبِهَا فِي الْحَرْثِ صَارَ لَهُ مَسْكَةٌ يَتَمَسَّكُ بِهَا فِي الْحَرْثِ فِيهَا وَحُكْمُهَا أَنَّهَا لَا تُقَوَّمُ فَلَا تُمْلَكُ وَلَا تُبَاعُ وَلَا تُورَثُ، وَأَمَّا الْفِلَاحَةُ فَمَعْنَاهَا عَمَلُ الْحِرَاثَةِ نَفْسِهَا وَحُكْمُهَا أَنَّهَا تُقَوَّمُ فَتُمْلَكُ وَتُبَاعُ وَتُورَثُ فَلَوْ فَلَحَ الرَّجُلُ أَرْضَهُ مَثَلًا وَبَاعَ الْفِلَاحَةَ الَّتِي فَلَحَهَا لِزَيْدٍ ثُمَّ انْتَفَعَ بِهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى زَالَ وُجُودُهَا مِنْ الْأَرْضِ يَسُوغُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَتَسَلَّمَ الْأَرْضَ وَيَمْنَعَ زَيْدًا مِنْ حَرْثِهَا وَلَا يَبْقَى لَهُ حَقُّ الْمَسْكَةِ نَعَمْ قَدْ جَرَى فِي عُرْفِ الْفَلَّاحِينَ إطْلَاقُ الْفِلَاحَةِ عَلَى الْمَسْكَةِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ فَرَغْتُ عَنْ فِلَاحَتِي أَوْ مَسْكَتِي أَوْ مِشَدِّي وَيُرِيدُ مَعْنًى وَاحِدًا وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ الْحَرْثِ فَلَا يَسُوغُ لَهُ التَّعَرُّضُ لِلْمَفْرُوغِ لَهُ كَمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَسْكَةُ فِلَاحَةٍ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ وَقَدْ فَلَحَ بِهَا فِلَاحَةً مُتَقَوِّمَةً ثُمَّ إنَّهُ فَرَغَ عَنْ الْفِلَاحَةِ لِعَمْرٍو فَتَسَلَّمَ عَمْرٌو الْأَرْضَ وَزَرَعَهَا فَلَا يَسُوغُ لِزَيْدٍ التَّعَرُّضُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ. (أَقُولُ) فِي الْقَامُوسِ الْفِلَاحَةُ الْحِرَاثَةُ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَا الْكِرَابَ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ إنَّهَا مُتَقَوِّمَةٌ

؛ لِأَنَّ الْكِرَابَ كَمَا فِي الْقَامُوسِ إثَارَةُ الْأَرْضِ لِزَرْعِهَا أَيْ شَقُّهَا وَتَهْيِئَتُهَا لَهُ فَهُوَ وَصْفٌ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ فِي نَفْسِهِ كَمَا مَرَّ غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَا يُبَاعُ وَلَا يُورَثُ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَا الكردار يَصِحُّ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا وَالْكِرْدَارُ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ وَالْقَامُوسِ بِكَسْرِ الْكَافِ مِثْلُ الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ وَالْكَبْسِ إذَا كَبَسَهُ مِنْ تُرَابٍ نَقَلَهُ مِنْ مَكَان كَانَ يَمْلِكُهُ وَمِنْهُ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ يَجُوزُ بَيْعُ الكردار وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ نَقْلِيٌّ. اهـ. وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْوَقْفِ مَا نَصُّهُ وَقْفُ الكردار بِدُونِ وَقْفِ الْأَرْضِ لَا يَجُوزُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ وَقْفِ الْبِنَاءِ بِدُونِ وَقْفِ الْأَرْضِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَالْكِرْدَارُ تُرَابٌ يُكْبَسُ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُغْرَسُ فِيهِ الْأَشْجَارُ وَتُبْنَى عَلَيْهِ الْأَبْنِيَةُ وَذَلِكَ التُّرَابُ يُسَمَّى كِبْسًا بِكَسْرِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْبَاءِ. اهـ. وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَلَائِيُّ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنْ شَرْحِهِ عَلَى التَّنْوِيرِ مَا نَصُّهُ وَفِي مُعِينِ الْمُفْتِي لِلْمُصَنِّفِ مَعْزِيًّا الْوَلْوَالِجِيَّةِ عِمَارَةٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ بِيعَتْ، فَإِنْ بِنَاءً أَوْ أَشْجَارًا جَازَ، وَإِنْ كِرَابًا أَوْ كَرْيَ أَنْهَارٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِمَالٍ وَلَا بِمَعْنَى مَالٍ لَمْ يَجُزْ قُلْتُ: وَمُفَادُهُ أَنَّ بَيْعَ الْمَسْكَةِ لَا يَجُوزُ وَكَذَا رَهْنُهَا وَلِذَا جَعَلُوهُ الْآنَ فَرَاغًا كَالْوَظَائِفِ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. كَلَامُ الْعَلَائِيِّ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَسْكَةَ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ وَأَنَّهَا كِرَابُ الْأَرْضِ وَنَحْوُهُ مِمَّا لَيْسَ بِمَالٍ فَهِيَ أَعَمُّ مِنْ الْحِرَاثَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى الكردار أَيْضًا لَكِنْ الْمَسْكَةُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ تَكُونُ فِي الْأَرَاضِي السَّلِيخَةِ. وَبِالْمَعْنَى الثَّانِي تَكُونُ فِي نَحْوِ الْبَسَاتِينِ وَتُسَمَّى فِي زَمَانِنَا بِالْقِيمَةِ وَهِيَ كَبْسُ الْأَرْضِ وَإِثَارَتُهَا مَعَ عِمَارَةِ الْجُدُرِ الْمُحِيطَةِ بِالْبُسْتَانِ، وَبَيْتٌ فِي دَاخِلِهِ يُسَمَّى خُمًّا وَجُرْنٌ لِمَعْكِ الْمِشْمِشِ، وَقُمَامَةٌ مَجْمُوعَةٌ فِي الْبُسْتَانِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْيَانِ الْقَائِمَةِ كَآلَاتِ الْحِرَاثَةِ وَبَعْضِ الْمُزْدَرَعَاتِ مِنْ أُصُولِ الرَّطْبَةِ وَغَيْرِهَا وَهِيَ بِهَذَا الْمَعْنَى لَا شَكَّ فِي أَنَّهَا تُبَاعُ وَتُورَثُ وَكَأَنَّهَا سُمِّيَتْ قِيمَةً لِكَوْنِهَا أَعْيَانًا مُتَقَوِّمَةً لَا مُجَرَّدَ وَصْفٍ وَوَجْهُ تَسْمِيَتِهَا مَسْكَةً أَنَّ مَنْ ثَبَتَتْ لَهُ بِالْقِدَمِيَّةِ لَا تُرْفَعُ يَدُهُ عَنْ أَرْضِهَا مَا دَامَ يَزْرَعُهَا وَيَدْفَعُ إلَى الْمُتَكَلِّمِ عَلَيْهَا مَا عَلَيْهَا مِنْ أُجْرَةِ مِثْلٍ أَوْ مِنْ عُشْرٍ أَوْ خَرَاجٍ فَلَهُ اسْتِمْسَاكٌ بِهَا مَا دَامَ حَيًّا وَكَذَا بَعْدَ مَوْتِهِ فَتُورَثُ عَنْهُ إنْ كَانَتْ بِالْمَعْنَى الثَّانِي، وَإِنْ كَانَتْ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ تُدْفَعُ أَرْضُهَا إلَى ابْنِهِ مَجَّانًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ابْنٌ فَإِلَى بِنْتِهِ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي، وَأَمَّا مَا فِي الْقُنْيَةِ وَنَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ بِقَوْلِهِ يَثْبُتُ حَقُّ الْقَرَارِ فِي ثَلَاثِينَ سَنَةً فِي الْأَرْضِ السُّلْطَانِيَّةِ وَالْمِلْكِ وَفِي الْوَقْفِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَلَوْ بَاعَ حَقَّ قَرَارِهِ فِيهَا جَازَ وَفِي الْهِبَةِ اخْتِلَافٌ وَلَوْ تَرَكَهَا بِالِاخْتِيَارِ تَسْقُطُ قِدَمِيَّتُهُ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ. اهـ. فَالْمُرَادُ بِهِ الْأَعْيَانُ الْمُتَقَوِّمَةُ لَا مُجَرَّدُ الْأَمْرِ الْمَعْنَوِيِّ لِمَا عَلِمْتَ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَا شُفْعَةَ فِي الكردار أَيْ الْبِنَاءِ وَيُسَمَّى بِخُوَارِزْمَ حَقَّ الْقَرَارِ؛ لِأَنَّهُ نَقْلِيٌّ. اهـ. وَكَذَا مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ النِّهَايَةِ بِقَوْلِهِ إنَّمَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ فِي الْأَرَاضِي الَّتِي تُمْلَكُ رِقَابُهَا حَتَّى إنَّ الْأَرَاضِيَ الَّتِي حَازَهَا الْإِمَامُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَدَفَعَهَا إلَى النَّاسِ مُزَارَعَةً فَصَارَ لَهُمْ فِيهَا قَرَارُ الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ فَلَوْ بِيعَتْ هَذِهِ الْأَرَاضِيَ فَبَيْعُهَا بَاطِلٌ وَبَيْعُ الكردار إذَا كَانَ مَعْلُومًا يَجُوزُ وَلَكِنْ لَا شُفْعَةَ فِيهِ مِنْ النِّهَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ فِي بَابِ مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ وَمَا لَا تَجِبُ. اهـ. فَالْمُرَادُ بِهِ أَيْضًا مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَعْيَانِ الْمَوْجُودَةِ فَقَوْلُهُ إذَا كَانَ مَعْلُومًا احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا جَهِلَهُ الْمُشْتَرِي وَهَذَا الكردار يُوجَدُ فِي زَمَانِنَا أَيْضًا فِي الْحَوَانِيتِ وَيُسَمَّى جَدَكًا وَهُوَ مَا يَبْنِيهِ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْحَانُوتِ مِنْ مَالِهِ لِنَفْسِهِ وَمَا يَضَعُهُ فِيهَا مِنْ آلَاتِ الصِّنَاعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْيَانِ الْقَائِمَةِ فِيهَا بِإِذْنِ الْمُتَوَلِّينَ لَهُ بِذَلِكَ أَوْ لِمَنْ بَاعَهُ ذَلِكَ وَيَثْبُتُ لَهُ بِذَلِكَ حَقُّ الْقَرَارِ مَا دَامَ يَدْفَعُ أُجْرَةَ مِثْلِ الْحَانُوتِ خَالِيَةً عَنْ جَدَكِهِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ أَنْوَاعَ الْكِرْدَارَاتِ مِنْ كِرْدَار الْحَمَّامِ وَكِرْدَارِ الْعَطَّارِ وَكِرْدَارِ الْكَرْمِ وَكِرْدَارِ كَذَا وَكَذَا وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ كِتَابَتِهَا فِي صَكِّ الْبَيْعِ فَرَاجِعْهَا وَقَدْ يُخَصُّ الْجَدَكُ

بِمَا يَثْبُتُ فِي الْحَانُوتِ عَلَى وَجْهِ الْقَرَارِ مِمَّا لَا يُنْقَلُ وَلَا يُحَوَّلُ كَالْبِنَاءِ وَالْأَغْلَاقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَهَذَا يُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ سُكْنَى قَالَ فِي التَّجْنِيسِ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ سُكْنَى لَهُ فِي حَانُوتِ رَجُلٍ آخَرَ مُرَكَّبًا بِمَالٍ مَعْلُومٍ وَقَدْ أَخْبَرَهُ الْبَائِعُ بِأَنَّ أُجْرَةَ هَذَا الْحَانُوتِ سِتَّةٌ ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ أُجْرَتَهُ عَشْرَةٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ فِي غَيْرِ الْمَشْرِيِّ وَلِصَاحِبِ الْحَانُوتِ أَنْ يُكَلِّفَ الْمُشْتَرِيَ رَفْعَ السُّكْنَى، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي ضَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ شَغَلَ مِلْكَهُ. اهـ. وَفِي الْفَصْلِ السَّادِسَ عَشَرَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ الذَّخِيرَةِ شَرَى سُكْنَى فِي دُكَّانٍ وَقْفٍ فَقَالَ الْمُتَوَلِّي مَا أَذِنْتُ لَهُ بِالسُّكْنَى فَأَمَرَهُ بِالرَّفْعِ فَلَوْ شَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَرَارِ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ وَإِلَّا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِثَمَنِهِ وَلَا بِنُقْصَانِهِ. اهـ. وَهُوَ غَيْرُ الْخُلُوِّ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْقِدَمِيَّةِ وَوَضْعِ الْيَدِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ هُوَ وَاسْتَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْخُلُوِّ، فَإِنَّهُ اسْتِدْلَالٌ فَاسِدٌ لِمَا عَلِمْتَ مِنْ أَنَّ السُّكْنَى أَعْيَانٌ قَائِمَةٌ مَمْلُوكَةٌ كَمَا أَوْضَحَهُ الْعَلَّامَةُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَةٍ خَاصَّةٍ لَكِنْ إذَا كَانَ هَذَا الْجَدَكُ الْمُسَمَّى بِالسُّكْنَى قَائِمًا فِي أَرْضِ وَقْفٍ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ مَسْأَلَةِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ لِصَاحِبِهِ الِاسْتِبْقَاءُ بِأُجْرَةِ مِثْلِ الْأَرْضِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْوَقْفِ، وَإِنْ أَبَى النَّاظِرُ نَظَرًا لِلْجَانِبَيْنِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ وَأَفْتَى بِهِ الْمُؤَلِّفُ تَبَعًا لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ وَلَا يُنَافِيهِ مَا فِي التَّجْنِيسِ مِنْ أَنَّ لِصَاحِبِ الْحَانُوتِ أَنْ يُكَلِّفَهُ رَفْعَهُ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْحَانُوتِ الْمِلْكِ بِقَرِينَةِ مَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمِلْكَ قَدْ يَمْتَنِعُ صَاحِبُهُ عَنْ إيجَارِهِ وَيُرِيدُ أَنْ يَسْكُنَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ يَبِيعَهُ أَوْ يُعَطِّلَهُ بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ الْمُعَدِّ لِلْإِيجَارِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلنَّاظِرِ إلَّا أَنْ يُؤَجِّرَهُ فَإِيجَارُهُ مِنْ ذِي الْيَدِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ أَوْلَى مِنْ إيجَارِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّظَرِ لِلْوَقْفِ وَلِذِي الْيَدِ وَالْمُرَادُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ أَنْ يَنْظُرَ بِكَمْ يُسْتَأْجَرُ إذَا كَانَ خَالِيًا عَنْ ذَلِكَ الْجَدَكِ بِلَا زِيَادَةِ ضَرَرٍ وَلَا زِيَادَةِ رَغْبَةٍ مِنْ شَخْصٍ خَاصٍّ بَلْ الْعِبْرَةُ لِلْأُجْرَةِ الَّتِي يَرْضَاهَا الْأَكْثَرُ وَلَكِنْ هَذَا قَلَّ أَنْ يُوجَدَ فِي زَمَانِنَا بَلْ هُوَ مَعْدُومٌ، وَإِنَّمَا يَسْتَأْجِرُهُ صَاحِبُ الْجَدَكِ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ وَبَقِيَ قِسْمٌ آخَرُ يُسَمَّى بِالْمَرْصَدِ وَهُوَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ رَجُلٌ عَقَارَ الْوَقْفِ مِنْ دَارٍ أَوْ حَانُوتٍ مَثَلًا وَيَأْذَنَ لَهُ الْمُتَوَلِّي بِعِمَارَتِهِ أَوْ مَرَمَّتِهِ الضَّرُورِيَّةِ مِنْ مَالِهِ عِنْدَ عَدَمِ مَالٍ حَاصِلٍ فِي الْوَقْفِ وَعَدَمِ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ يُمْكِنُ تَعْمِيرُهُ أَوْ مَرَمَّتُهُ بِهَا فَيُعَمِّرُهُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ مَالِهِ عَلَى قَصْدِ الرُّجُوعِ بِذَلِكَ فِي مَالِ الْوَقْفِ عِنْدَ حُصُولِهِ أَوْ اقْتِطَاعِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَهَلْ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْقَاضِي أَوْ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ حَنْبَلِيٌّ أَوْ لَا. قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْوَقْفِ فَرَاجِعْهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الْعِمَارَةَ لَيْسَتْ مِلْكًا لِلْمُسْتَأْجِرِ بَلْ هِيَ وَقْفٌ تَابِعَةٌ لَهُ؛ لِأَنَّهَا بِمَالِ الْوَقْفِ وَمَا أَنْفَقَهُ الْمُسْتَأْجِرُ دَيْنٌ لَهُ عَلَى الْوَقْفِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ تِلْكَ الْعِمَارَةَ وَلَا بَيْعُهُ لِذَلِكَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ نَعَمْ إذَا أَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ الْخُرُوجَ لَهُ قَبْضُ دَيْنِهِ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ بِإِذْنِ النَّاظِرِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ الدَّيْنُ لِلدَّافِعِ كَمَا كَانَ لِلْقَابِضِ حَتَّى لَوْ دَفَعَهُ لَهُ أَحَدٌ بِلَا إذْنِ النَّاظِرِ بَرِئَ الْوَقْفُ مِنْهُ وَلَيْسَ لِلدَّافِعِ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَقْفِ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَلَا أَخْذُهُ مِنْ الْقَابِضِ كَمَنْ أَوْفَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمُدَايَنَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيَقَعُ هَذَا كَثِيرًا فِي زَمَانِنَا وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ مَا يَقَعُ عِنْدَ تَعَنُّتِ النَّاظِرِ فِي طَلَبِ زِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ فِي الرِّشْوَةِ حَتَّى يَأْذَنَ بِالدَّفْعِ فَيَقْبِضُ صَاحِبُ الْمَرْصَدِ جَمِيعَ مَرْصَدِهِ سِرًّا بِلَا إذْنِ النَّاظِرِ ثُمَّ يُشْهِدُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَرْصَدِ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ فُلَانٌ أَيْ الدَّافِعُ وَأَنَّ اسْمَهُ كُتِبَ فِي صَكِّ الْمَرْصَدِ عَارِيَّةً وَهَذِهِ الْحِيلَةُ تَنْفَعُ الدَّافِعَ فِي الظَّاهِرِ، وَأَمَّا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا بَلْ يَبْرَأُ الْوَقْفُ عَنْ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ وَلَا يَسُوغُ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ كَمَا قُلْنَا وَلَا قَبْضُهُ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَبَرِّعًا بِمَا دَفَعَ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ

الْعَظِيمِ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ لِمُنَاسَبَةٍ ظَاهِرَةٍ وَلِخُلُوِّ عَامَّةِ الْكُتُبِ عَنْ بَيَانِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. (سُئِلَ) فِي أَرَاضِي قَرْيَةٍ مَعْلُومَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ جِهَاتِ أَوْقَافٍ وَمِيرِيٍّ تَحْتَ تَكَلُّمِ زَيْدٍ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ جَمِيعُ أُمُورِ الْمِيرِيِّ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ عَزَّ نَصْرُهُ لِكُلٍّ مِنْ الْجِهَاتِ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِيهَا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَعُشْرُ كَامِلِهَا تَحْتَ تَكَلُّمِ زَيْدٍ الْمَزْبُورِ أَيْضًا وَلِرَجُلٍ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ جُمْلَةِ أَرَاضِيهَا فَرَغَ عَنْهُ لِآخَرَ فَهَلْ يَكُونُ الْفَرَاغُ مَوْقُوفًا عَلَى إذْنِ زَيْدٍ وَنُظَّارِ الْأَوْقَافِ الْمَزْبُورَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَسُئِلَ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ عَمَّنْ تَصَرَّفَ فِي أَرْضٍ عُشْرِيَّةٍ وَفَوَّضَهَا إلَى قَرِيبِهِ غَيْرِ الِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ أَوْ إلَى أَجْنَبِيٍّ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَتَصَرَّفَ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ فِيهَا زَمَانًا ثُمَّ مَاتَ الْمُفَوِّضُ فَهَلْ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ الْمُتَصَرِّفِ وَيُفَوِّضَهَا إلَى مَنْ شَاءَ فَأَجَابَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ مَتَى وَقَعَ بِلَا إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ لَا تَزُولُ الْأَرْضُ عَنْ يَدِ الْمُفَوِّضِ حَقِيقَةً فَكَانَتْ فِي يَدِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ عَارِيَّةً. كَذَا فِي فَتَاوِيهِ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ سُئِلْنَا عَنْ رَجُلٍ فِي تَصَرُّفِهِ أَرْضٌ مِيرِيَّةٌ وَفَوَّضَ حَقَّ تَصَرُّفِهِ إلَى ابْنِهِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَتَسَلَّمَهَا ابْنُهُ وَزَرَعَهَا وَحَرَثَهَا زَمَانًا ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ وَأَرَادَ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَنْ يُعْطِيَهَا إلَى الْغَيْرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِوَجْهٍ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَأَجَبْنَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَفْوِيضَهُ إيَّاهَا إلَى الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ بَاطِلٌ فَلَمْ يَنْقَطِعْ حَقُّ تَصَرُّفِهِ عَنْهَا صُرَّةُ الْفَتَاوَى مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَفِيهَا رَجُلٌ تَصَرَّفَ فِي الْأَرْضِ الْمِيرِيَّةِ عَشْرَ سِنِينَ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْقَرَارِ وَلَا تُؤْخَذُ مِنْ يَدِهِ مِنْ الْخَانِيَّةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ. اهـ. وَفِيهَا الْأَرَاضِي الْمِيرِيَّةُ عَوَارِي فِي يَدِ الرَّعَايَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا هِبَتُهَا وَلَا اسْتِبْدَالُهَا إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو السُّعُودِ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَأَجَابَ بِأَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ كُلَّهَا تَصِحُّ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ أَعْنِي لَا تَكُونُ الْأَرَاضِي الْمِيرِيَّةُ مِلْكًا لِأَحَدٍ إلَّا بِتَمْلِيكِ السُّلْطَانِ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ فِي تَصَرُّفِهِ أَرْضٌ مِنْهَا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا تَفْوِيضُ حَقِّ تَصَرُّفِهِ إلَى الْغَيْرِ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ حَتَّى لَوْ كَانَ تَفْوِيضُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يُعْتَبَرُ لِكَوْنِهِ نَائِبًا عَنْ السُّلْطَانِ فِي ذَلِكَ إلَى آخِرِ مَا أَفَادَهُ فَرَاجِعْهُ إنْ رُمْتَهُ. اهـ. (سُئِلَ) فِي أَرَاضِي وَقْفٍ مَعْلُومَةٍ يَتَوَارَدُ طَائِفَةً بَعْدَ أُخْرَى يَزْرَعُونَهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ وَيَدْفَعُونَ مَا عَلَيْهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَمَضَى لِذَلِكَ عِدَّةُ سِنِينَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ فِيهَا كِرْدَار وَهُوَ الْكِبْسُ وَالْبِنَاءُ وَالْأَشْجَارُ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِحَقِّ الْقَرَارِ أَصْلًا وَالْآنَ تَزْعُمُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنَّ لَهُمْ فِيهَا كِرْدَارًا فَهَلْ لَا يَثْبُتُ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ مَا ذُكِرَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي قِطْعَةِ أَرْضٍ سَلِيخَةٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ فَأَجَّرَهَا النَّاظِرُ لِزَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَقَدْ مَضَتْ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا كِرْدَار وَهُوَ الْكِبْسُ وَالْبِنَاءُ وَالْأَشْجَارُ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِحَقِّ الْقَرَارِ أَصْلًا وَالْآنَ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ فِيهَا مِشَدَّ مَسْكَةٍ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ يَزْرَعُهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا كِرْدَار وَيَمْتَنِعُ مِنْ تَسْلِيمِهَا لَهُ بِغَيْرِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ مَا ذُكِرَ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَقُولُ مِشَدُّ الْمَسْكَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ الكردار الْمَذْكُورِ بَلْ مِشَدُّ الْمَسْكَةِ فِي الْأَغْلَبِ يَكُونُ فِي الْأَرَاضِي السَّلِيخَةِ الْخَالِيَةِ مِنْ الْبِنَاءِ وَالْأَشْجَارِ وَيَكُونُ بِمُجَرَّدِ كَرْبِ الْأَرْضِ وَكَرْيِ أَنْهَارِهَا مَعَ الْقِدَمِيَّةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَوَّلَ الْبَابِ وَمِمَّا سَيَأْتِي وَلِذَا تَرَاهُمْ يَلْهَجُونَ بِأَنَّهُ لَا يُورَثُ وَلَا يُبَاعُ وَلَوْ كَانَ كِرْدَارًا كَانَ عَيْنًا قَائِمَةً تُورَثُ وَتُبَاعُ فَتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ فَفَرَغَ عَنْهَا لِعَمْرٍو وَصَدَّقَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ عَلَى الْفَرَاغِ وَأَجَازَهُ وَالْآنَ يَزْعُمُ بَكْرٌ أَنَّ زَيْدًا كَانَ فَرَغَ لَهُ عَنْ الْمِشَدِّ قَبْلَ الْفَرَاغِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يُجِزْ الْمُتَوَلِّي فَرَاغَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْ عَلَيْهِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْفَرَاغُ الصَّادِرُ مِنْ زَيْدٍ لِعَمْرٍو دُونَ غَيْرِهِ؟ (الْجَوَابُ) :

نَعَمْ؛ لِأَنَّ تَفْوِيضَهُ إيَّاهَا إلَى الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ بَاطِلٌ فَلَمْ يَنْقَطِعْ حَقُّ تَصَرُّفِهِ عَنْهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ وَصُرَّةِ الْفَتَاوَى وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ مَعْلُومَةٍ مِسَاحَتُهَا كَذَا فَدَّانًا مِنْ فُدُنِ قَرْيَةٍ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي جِهَتَيْ وَقْفٍ وَمِيرِيٍّ جَارٍ مِشَدُّ مَسْكَةِ الْأَرْضِ وَغِرَاسُهَا الْقَائِمُ بِهَا فِي تَصَرُّفِ وَمِلْكِ زَيْدٍ بِالتَّلَقِّي عَنْ أَبِيهِ الْمُتَصَرِّفِ قَبْلَهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَمَضَى لِتَصَرُّفِهِمَا مُدَّةٌ مَدِيدَةٌ وَهُمَا يَدْفَعَانِ مَا عَلَى الْأَرْضِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَالْمِيرِيِّ فِي الْمُدَّةِ بِلَا مُعَارِضٍ وَالْآنَ قَامَ جَمَاعَةٌ مِنْ زُرَّاعِ الْقَرْيَةِ يُعَارِضُونَ زَيْدًا فِي الْأَرْضِ الْمَزْبُورَةِ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ زَاعِمِينَ أَنَّ مِسَاحَتَهَا تَزِيدُ عَلَى قَدْرِ مَا بِيَدِهِ وَأَنَّ لَهُمْ مَسْحَ أَرَاضِي الْقَرْيَةِ وَرَفْعَ يَدِهِ عَنْ الزَّائِدِ وَاقْتِسَامَهُ بَيْنَهُمْ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ وَيَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ مِشَدُّ مَسْكَتِهَا فِي تَصَرُّفِهِ وَغِرَاسُهَا جَارٍ فِي مِلْكِهِ لَيْسَ لَهُمْ نَزْعُهَا مِنْ يَدِهِ وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِهِ عَلَّامَةُ فِلَسْطِينَ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ مِنْ أَوَائِلَ كِتَابِ الْوَقْفِ إلَى أَنْ قَالَ إنَّ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ زَائِدًا فَقَدْ يَكُونُ لِمَعْنًى رَآهُ الْمُتَكَلِّمُ عَلَى الْوَقْفِ وَالْأَصْلُ الصِّحَّةُ. اهـ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ وَلِعَمْرٍو أَيْضًا مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ فَدَفَعَ زَيْدٌ أَرْضَهُ لِعَمْرٍو وَأَخَذَ أَرْضَهُ بَدَلَهَا بِطَرِيقِ الْمُقَايَضَةِ وَمَضَى لِذَلِكَ نَحْوُ سَنَتَيْنِ وَصَدَرَ ذَلِكَ كُلُّهُ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ مُتَوَلِّي وَقْفِ الْأَرْضَيْنِ وَلَا إجَازَةٍ مِنْهُ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ زَيْدٌ اسْتِرْدَادَ أَرْضِهِ مِنْ عَمْرٍو وَرَدَّ أَرْضَهُ لَهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي قِطَعِ أَرَاضٍ مِنْ قَرْيَةٍ جَارِيَاتٍ بِكَمَالِهَا فِي وَقْفِ بِرٍّ وَفِي مِشَدِّ مَسْكَةِ جَمَاعَةٍ وَعَلَى الْقَرْيَةِ عُشْرٌ فَفَرَغَ رَجُلٌ مِنْ الْجَمَاعَةِ مِنْ مِشَدِّ مَسْكَتِهِ لِزَيْدٍ فَأَجَازَ الْعُشْرِيُّ فَرَاغَهُ وَلَمْ يُجِزْهُ نَاظِرُ الْوَقْفِ فَهَلْ يَكُونُ الْفَرَاغُ الْمَذْكُورُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ نَاظِرِ الْوَقْفِ الْمَزْبُورِ لَا عَلَى إجَازَةِ الْعُشْرِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا فَرَغَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو عَنْ مِشَدِّ مَسْكَتِهِ فِي قِطَعِ أَرَاضِي وَقْفٍ سَلِيخَةٍ بِالتَّرَاضِي وَأَجَازَهُ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ الرُّجُوعَ عَنْ الْفَرَاغِ وَاسْتِرْدَادِ الْأَرَاضِي مُتَعَلِّلًا بِأَنَّ الْعِوَضَ الْمَزْبُورَ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ وَأَنَّ الْمِشَدَّ يُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِهِ وَالْفَرَاغُ الْمَزْبُورُ صَحِيحٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي مَزْرَعَةٍ مَعْلُومَةٍ مُشْتَرَكَةٍ مَعَ قَنَاةِ مَائِهَا الْمُخْتَصِّ بِهَا بَيْنَ جِهَتَيْ وَقْفَيْنِ مَعْلُومَيْنِ فَتَعَطَّلَتْ الْقَنَاةُ وَدُثِرَتْ وَاحْتَاجَتْ لِلتَّعْزِيلِ وَالتَّعْمِيرِ وَتَعَطَّلَتْ الْمَزْرَعَةُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى خَمْسِينَ سَنَةً وَتَعَيَّنَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي إيجَارِهَا مِمَّنْ يَزْرَعُهَا وَيَحْرُثُهَا وَيُعَمِّرُ قَنَاتَهَا وَيَعْزِلُهَا وَيَصْرِفُ فِي ذَلِكَ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ مِنْ مَالِهِ لِيَكُونَ مَرْصَدًا عَلَيْهِمَا لِعَدَمِ مَالٍ حَاصِلٍ فِي الْوَقْفَيْنِ يَفِي بِذَلِكَ وَعَدَمِ مَنْ يَرْغَبُ فِي اسْتِئْجَارِهَا مُدَّةً مُسْتَقْبَلَةً بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ تُصْرَفُ عَلَى ذَلِكَ فَآجَرَهَا الْمُتَوَلُّونَ عَلَى الْوَقْفَيْنِ مِنْ رَجُلَيْنِ مَعْلُومَيْنِ مُدَّةَ سَنَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ ثَبَتَ لَدَى قَاضِي الْقُضَاةِ أَنَّهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَحَكَمَ بِصِحَّتِهَا فِي حَادِثَةِ الزِّيَادَةِ وَأَذِنَ الْمُتَوَلُّونَ لِلْمُسْتَأْجَرَيْنِ بِحَرْثِ الْمَزْرَعَةِ وَكَبْسِهَا بِالتُّرَابِ وَتَسْوِيَتِهَا حَتَّى تَصِيرَ قَابِلَةً لِلزِّرَاعَةِ وَيَكُونَ لَهُمَا حَقُّ الْقَرَارِ فِيهَا الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَسْكَةِ وَبِالْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ فِيهَا لِيَكُونَ مَا يَغْرِسَانِهِ وَيَبْنِيَانِهِ مِلْكًا لَهُمَا وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ غِرَاسُ كَرْمٍ مَعْلُومٍ قَائِمٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضٍ مِيرِيَّةٍ وَلَهُ فِيهَا مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرَاضٍ مَعْلُومَةٍ فَفَرَغَ عَنْ مِشَدِّ مَسْكَةِ الْأَرَاضِي الْمَرْقُومَةِ لِعَمْرٍو وَبَاعَهُ نِصْفَ الْغِرَاسِ الْمَزْبُورِ بَيْعًا بَاتًّا شَرْعِيًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَأَجَازَ الْمُتَكَلِّمُ عَلَيْهَا الْفَرَاغَ الْمَذْكُورَ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً فَهَلْ يَعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ الثُّبُوتِ الشَّرْعِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي مَزْرَعَةٍ تَيْمَارِيَّةٍ مُلَاصِقَةٍ لِأَرَاضِي قَرْيَةِ وَقْفٍ وَلِأَهَالِي الْقَرْيَةِ مِشَدُّ مَسْكَةٍ قَدِيمَةٍ فِي

أَرَاضٍ الْمَزْرَعَةِ فَآجَرَهَا تَيْمَارِيُّهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : تُؤَجَّرُ لِصَاحِبِ مِشَدِّ مَسْكَتِهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَا تُؤَجَّرُ لِغَيْرِهِ إلَّا إذَا أَبَى ذَلِكَ (أَقُولُ) وَبِذَلِكَ أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ أَيْضًا. (سُئِلَ) فِي ذِي مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ تَرَكَهَا ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ اخْتِيَارًا مِنْهُ بِدُونِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ سَقَطَتْ مَسْكَتُهُ؟ (الْجَوَابُ) : سَقَطَ حَقُّهُ بِالتَّرْكِ الْمَذْكُورِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ (أَقُولُ) وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الْمَرْحُومُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ وَيَأْتِي مِثْلُهُ عَنْ الْمَعْرُوضَاتِ. (سُئِلَ) فِي مُسْتَأْجِرِ أَرْضِ وَقْفٍ وَتَيْمَارٍ وَلَهُ فِيهَا مِشَدُّ مَسْكَةٍ غَرَسَ فِيهَا أَشْجَارًا بِدُونِ صَرِيحِ الْإِذْنِ وَلَمْ يُضِرَّ الْغِرَاسُ الْمَزْبُورُ بِالْأَرْضِ مَعَ اطِّلَاعِ نَاظِرِ الْوَقْفِ وَالتَّيْمَارِيِّ عَلَى ذَلِكَ وَرِضَاهُمَا بِهِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ وَعِبَارَتُهُ وَفِي الْقُنْيَةِ يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجَرَيْنِ غَرْسُ الْأَشْجَارِ وَالْكُرُومِ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ إذَا لَمْ يُضِرَّ بِالْأَرْضِ بِدُونِ صَرِيحِ الْإِذْنِ مِنْ الْمُتَوَلِّي دُونَ حَفْرِ الْحِيَاضِ، وَإِنَّمَا يَحِلُّ لِلْمُتَوَلِّي الْإِذْنُ فِيمَا يَزِيدُ الْوَقْفُ بِهِ خَيْرًا قَالَ مُصَنِّفُهَا قُلْتُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَقُّ قَرَارِ الْعِمَارَةِ فِيهَا أَمَّا إذَا كَانَ فَلَا يَحْرُمُ الْحَفْرُ وَالْغَرْسُ وَالْحَائِطُ مِنْ تُرَابِهَا لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي مِثْلِهَا. اهـ. بَحْرٌ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا يَمْلِكُ الْوَقْفَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِوَقْفِ جَامِعٍ أَرْضٌ سَلِيخَةٌ مُعَطَّلَةٌ غَيْرُ صَالِحَةٍ لِلزِّرَاعَةِ فَأَذِنَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ لِزَيْدٍ بِحَرْثِهَا وَإِصْلَاحِهَا وَكَبْسِهَا وَزِرَاعَتِهَا لِيَدْفَعَ قِسْمَهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَفَعَلَ زَيْدٌ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي سِتِّ سَنَوَاتٍ حَتَّى مَاتَ الْمُتَوَلِّي وَتَوَلَّى الْوَقْفَ غَيْرُهُ وَيُرِيدُ رَفْعَ يَدِ زَيْدٍ عَنْهَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْقَرَارِ فِيهَا تَبْقَى بِيَدِهِ بِأَجْرِ مِثْلِهَا أَوْ بِأَنْ يُؤَدِّيَ قِسْمَهَا الْمُتَعَارَفَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ فَأَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَنَّهُ مَلَّكَ الْمِشَدَّ لِزَوْجَتِهِ وَمَاتَ عَنْهَا وَرَدَّ النَّاظِرُ ذَلِكَ وَلَمْ يَرْضَهُ فَهَلْ يَكُونُ التَّمْلِيكُ غَيْرَ صَحِيحٍ وَلِلنَّاظِرِ تَفْوِيضُ الْمِشَدِّ لِمَنْ شَاءَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي قَرْيَةٍ جَارِيَةٍ بِتَمَامِهَا فِي وَقْفِ بِرٍّ وَعَلَيْهَا عُشْرٌ لِجِهَةِ الْمِيرِيِّ تَحْتَ تَكَلُّمِ تَيْمَارِيٍّ وَلِجَمَاعَةٍ فِي أَرْضِهَا مِشَدُّ مَسْكَةٍ وَغِرَاسٌ فَفَرَغَ أَحَدُ الْجَمَاعَةِ الْمَزْبُورِينَ عَنْ مِشَدِّ مَسْكَتِهِ لِزَيْدٍ الْأَهْلِ لِذَلِكَ بِإِذْنِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَإِجَازَتِهِ فَهَلْ يَكْفِي ذَلِكَ وَلَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْفَرَاغِ عَلَى إذْنِ صَاحِبِ التَّيْمَارِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ التَّيْمَارِيَّ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ حَتَّى يَتَصَرَّفَ فِيهَا، وَإِنَّمَا التَّصَرُّفُ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ لِمُتَوَلِّيهَا كَمَا هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِهِمْ (أَقُولُ) وَبِذَلِكَ أَفْتَى أَيْضًا الْمَرْحُومُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْحَائِكُ مُفْتِي دِمَشْقَ كَمَا فِي فَتَاوَاهُ. (سُئِلَ) فِي أَرَاضِي وَقْفٍ مَعْلُومَاتٍ جَارٍ ثُلُثَاهَا فِي مِشَدِّ مَسْكَةِ زَيْدٍ وَثُلُثُهَا فِي مِشَدِّ مَسْكَةِ عَمْرٍو يُرِيدُ عَمْرٌو أَنْ يَمْسَحَهَا، فَإِذَا خَرَجَ مَا بِيَدِ زَيْدٍ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ رَفْعَ يَدِهِ عَنْ الزَّائِدِ وَالتَّصَرُّفَ بِهِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْهُ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لِعَمْرٍو ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُتَصَرِّفًا فِي حِصَّتِهِ الْجَارِيَةِ فِي مِشَدِّ مَسْكَتِهِ فَعَلَيْهِ دَفْعُ مَا يَخُصُّهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ زَائِدَةً عَمَّا يَزْعُمُ أَوْ نَاقِصَةً بِحَسَبِهَا وَلَا يُنْزَعُ الزَّائِدُ مِنْ يَدِهِ إلَّا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ (أَقُولُ) هَذَا إذَا تَمَسَّكَ زَيْدٌ بِالتَّصَرُّفِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يُقِرَّ بِأَنَّ حِصَّتَهُ الثُّلُثَانِ، فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ يَكُونُ إقْرَارًا بِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِمَّا زَادَ عَلَى الثُّلُثَيْنِ فَيُنْزَعُ الزَّائِدُ مِنْ يَدِهِ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ حَيْثُ ادَّعَاهُ الْآخَرُ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَتْ مَزْرَعَةٌ سَلِيخَةٌ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ تَحْتَ نِظَارَةِ رَجُلٍ مِنْ مُسْتَحِقِّيهَا وَفِي تَوَاجُرِ زَيْدٍ مِنْهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَاسْتَوْفَى زَيْدٌ مَنْفَعَتَهَا فِي الْمُدَّةِ وَاسْتَأْجَرَهَا عَمْرٌو مِنْ النَّاظِرِ الْمَذْكُورِ مُدَّةً أُخْرَى مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ وَالْآنَ ادَّعَى أَنَّ لِزَيْدٍ الْمُسْتَأْجِرِ السَّابِقِ الْمَزْبُورِ بِهَا مِشَدُّ مَسْكَةٍ وَأَنَّهُ وَقَفَهَا عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ عَمْرٌو الْمَذْكُورُ بِمُوجِبِ صَكٍّ صَدَرَ لَدَى قَاضٍ حَنْبَلِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ وَقْفِ الْمَسْكَةِ عَلَى مَذْهَبِهِ ثُمَّ أَنْفَذَهُ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ بِنَاءً

عَلَى صِحَّتِهِ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَفْتَى مُفْتٍ حَنْبَلِيٌّ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ وَبِعَدَمِ صِحَّةِ الْمَسْكَةِ الْمَذْكُورَةِ وَبِكَوْنِ الْحُكْمِ غَيْرَ وَاقِعٍ مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ حُكْمِ الْحَنْبَلِيِّ وَقَدْ ظَهَرَ عَدَمُ صِحَّتِهِ فَهَلْ لَا يُعْمَلُ بِالصَّكِّ الْمَزْبُورِ حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ. ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ فَلَا شَكَّ وَلَا رَيْبَ أَنَّ تَنْفِيذَ الْحَنَفِيِّ لِذَلِكَ غَيْرُ وَاقِعٍ مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ حُكْمِ الْحَنْبَلِيِّ وَقَدْ ظَهَرَ عَدَمُ صِحَّتِهِ وَلَمْ يُوَافِقْ مَذْهَبَ الْحَنَابِلَةِ حَسْبَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ مُفْتِيهِمْ نَاقِلًا ذَلِكَ عَنْ كُتُبِهِمْ الْمُعْتَمَدَةِ بِمَا مُلَخَّصُهُ أَنَّ أَصْلَ الْمَسْكَةِ لَا تَكُونُ عِنْدَهُمْ فِي الْأَرَاضِي الْمَوْقُوفَةِ كَالْمَزْرَعَةِ الْمَذْكُورَةِ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْأَرَاضِي الْخَرَاجِيَّةِ السُّلْطَانِيَّةِ إذَا أَحْيَاهَا رَجُلٌ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَحَرَثَهَا وَكَبَسَهَا بِالتُّرَابِ وَصَارَ يُؤَدِّي خَرَاجَهَا وَيَزْرَعُهَا حَتَّى سَاغَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي ذَلِكَ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فِي أَمْلَاكِهِمْ. اهـ. وَلَمْ يَقَعْ الْحُكْمُ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ أَصْلًا حَتَّى إنَّهُ إذَا حَكَمَ مُخَالِفًا لِرَأْيِهِ يَنْفُذُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُفْتَى بِهِ خِلَافَهُ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ فِي الْمَذْهَبِ النُّعْمَانِيِّ فَفِي الْمُلْتَقَى وَالْقَضَاءُ فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ بِخِلَافِ رَأْيِهِ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا لَا يَنْفُذُ عِنْدَهُمَا وَبِهِ يُفْتَى وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَالْمَجْمَعِ وَالْوِقَايَةِ وَغَيْرِهَا وَهَذَا الْحُكْمُ مِنْ الْحَنْبَلِيِّ لَيْسَ بِحُكْمٍ عَلَى مُقْتَضَى مَذْهَبِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْحَنْبَلِيُّ الْمَذْكُورُ حَتَّى يُقَالَ فِيهِ مَا نَقَلُوهُ فِي الْمُتُونِ وَغَيْرِهَا بِمَا نَصُّهُ، وَإِذَا رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمُ قَاضٍ أَمْضَاهُ إلَّا مَا خَالَفَ كِتَابًا أَوْ سُنَّةً أَوْ إجْمَاعًا حَتَّى يُعْتَبَرَ فِيهِ التَّنْفِيذُ الْمَذْكُورُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ الْهَادِي وَعَلَيْهِ اعْتِمَادِي وَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْحَنْبَلِيُّ عَلَى سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيْهِ فِي مِشَدِّ الْمَسْكَةِ وَنَصُّهُ فِي جَمَاعَةٍ فَرَغُوا لِزَيْدٍ عَنْ مِشَدِّ مَسْكَةٍ لَهُمْ فِي قِطَعِ أَرَاضِي وَقْفٍ بِدُونِ إذْنِ الْمُتَكَلِّمِ عَلَى الْأَرَاضِي الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ يَصِحُّ الْفُرُوغُ الْمَذْكُورُ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنُوا وَقَدْ حَكَمَ الْحَنْبَلِيُّ بِالصِّحَّةِ أَمْ لَا فَأَجَابَ لَا يَصِحُّ الْفَرَاغُ عَنْ الْأَوْقَافِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَوْقَافِ الْمَسَاجِدِ وَنَحْوِهَا سَوَاءٌ أَذِنَ الْمُتَكَلِّمُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَمْ يَأْذَنْ بَلْ لِلنَّاظِرِ إيجَارُهَا وَصَرْفُ أُجْرَتِهَا فِي جِهَاتِ الْوَقْفِ وَلَا يَصِحُّ الْفَرَاغُ إلَّا فِيمَا فُتِحَ عَنْوَةً وَلَمْ يُقْسَمْ وَضُرِبَ عَلَيْهِ خَرَاجٌ يُؤْخَذُ مِمَّنْ هُوَ فِي يَدِهِ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْمُفْتِي الْحَنْبَلِيُّ بِالشَّامِ هَكَذَا كَتَبَ وَلَا أَعْلَمُ مِنْ أَيِّ كِتَابٍ نَقَلَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي مَزْرَعَةٍ جَارِيَةٍ فِي تَيْمَارٍ وَأَوْقَافٍ فَفَرَغَ عَنْهَا لِعَمْرٍو وَبَكْرٍ فَرَاغًا شَرْعِيًّا لِعَمْرٍو الثُّلُثُ وَلِبَكْرٍ الثُّلُثَانِ وَصَدَرَ ذَلِكَ لَدَى قَاضٍ حَنْبَلِيٍّ حَكَمَ بِصِحَّةِ الْفَرَاغِ، وَإِنْ صَدَرَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى الْمَزْرَعَةِ حُكْمًا شَرْعِيًّا مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ بَعْدَ الدَّعْوَى الشَّرْعِيَّةِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ حَكَمَ حَاكِمٌ يَرَى ذَلِكَ مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ الشَّرْعِيَّةَ يُعْمَلُ بِمَضْمُونِ الْحُجَّةِ الْمَزْبُورَةِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا (أَقُولُ) مُقْتَضَى مَا مَرَّ فِي السُّؤَالِ السَّابِقِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ غَيْرُ مُوَافِقٍ مَذْهَبَ الْحَنْبَلِيِّ لِوُجُودِ الْوَقْفِ فَتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَأَخَوَيْنِ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ جَارِيَةٍ فِي تَوَاجُرِهِمْ مِنْ نَاظِرِ الْوَقْفِ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ مَاتَ الْأَخَوَانِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ لَا عَنْ وَلَدٍ فَهَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي حِصَّتِهِمَا، وَدَفْعُ أَرْضِ الْوَقْفِ لِمَنْ يَزْرَعُهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ مُفَوَّضٌ إلَى نَاظِرِ وَقْفِهَا وَلَا تُورَثُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرَاضِي وَقْفِ سَلِيخَةٍ لَيْسَ لَهُ فِيهَا بِنَاءٌ وَلَا أَشْجَارٌ فَمَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ أَصْلًا فَفَوَّضَهَا مُتَوَلِّي الْوَقْفِ لِابْنِهِ الْأَهْلِ لِذَلِكَ الْقَادِرِ عَلَى الزِّرَاعَةِ وَأَدَاءِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِمَا رَأَى فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَصْلَحَةِ لِلْوَقْفِ وَلِزَيْدٍ ابْنُ أَخٍ يُعَارِضُ فِي ذَلِكَ زَاعِمًا أَنَّهُ يَرِثُهَا فَهَلْ أَرَاضِي الْوَقْفِ لَا تُورَثُ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ وَالتَّفْوِيضُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) هَذَا التَّفْوِيضُ فِي حُكْمِ الْإِيجَارِ وَقَدْ قَالُوا لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُؤَجِّرَ ابْنَهُ وَسَيَأْتِي

مَا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ وَمَاتَ عَنْ ابْنٍ وَفَوَّضَ الْمُتَوَلِّي الْمِشَدَّ الْمَزْبُورَ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْأَحَقِّيَّةِ مِنْ الْغَيْرِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ وَاقِعًا مَوْقِعَهُ الشَّرْعِيَّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ وَمَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَابْنٍ مِنْهَا مَاتَ عَنْ أُمِّهِ الْمَزْبُورَةِ وَعَنْ ابْنِ عَمٍّ عَصَبَةٍ فَفَوَّضَ نَاظِرُ الْوَقْفِ عَشَرَةَ قَرَارِيطَ مِنْهَا لِلزَّوْجَةِ الْمَزْبُورَةِ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا مِنْهَا لِابْنِ الْعَمِّ وَأَذِنَ لَهُمَا فِي زِرَاعَةِ الْأَرْضِ وَدَفْعِ أُجْرَةِ مِثْلِهَا لِلْوَقْفِ وَهُمَا قَادِرَانِ عَلَى الزِّرَاعَةِ وَأَدَاءِ الْأُجْرَةِ الْمَرْقُومَةِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَفِي التَّفْوِيضِ وَالْإِذْنِ حَظٌّ وَمَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ فَهَلْ يَكُونُ التَّفْوِيضُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) سَيَأْتِي عَنْ الْمَعْرُوضَاتِ أَنَّ الْأُمَّ أَحَقُّ بِالتَّوْجِيهِ إلَيْهَا مِنْ الْغَيْرِ لَكِنْ بِمِثْلِ مَا يَدْفَعُهُ الْغَيْرُ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالطَّابُو. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ ذُكُورٍ، وَإِنَاثٍ وَخَلَّفَ غِرَاسًا قَائِمًا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ مَشْغُولَةٍ كُلِّهَا بِهِ وَيُرِيدُ الذُّكُورُ الِاخْتِصَاصَ بِالْأَرْضِ وَالتَّصَرُّفَ بِهَا وَحْدَهُمْ دُونَ الْإِنَاثِ، وَإِنْ كَانَتْ مَشْغُولَةً بِغِرَاسِ مُوَرِّثِهِمْ فَهَلْ لَيْسَ لِلذُّكُورِ ذَلِكَ وَيَتَصَرَّفُ بِهَا الْكُلُّ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : لَيْسَ لِلذُّكُورِ ذَلِكَ وَحْدَهُمْ دُونَ الْإِنَاثِ وَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ لِلْجَمِيعِ بِحَسَبِ حِصَصِهِمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ سَلِيخَةٍ وَفِي دَوَائِرِهَا الْأَرْبَعَةِ غِرَاسُ حَوَرٍ بِالْمُهْمَلَةِ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ ابْنَيْنِ قَادِرَيْنِ عَلَى الزِّرَاعَةِ وَعَلَى دَفْعِ مَا عَلَيْهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَهَلْ تَبْقَى الْأَرْضُ بِيَدِ الِابْنَيْنِ عَلَى وَجْهِ الْأَحَقِّيَّةِ مِنْ الْغَيْرِ؟ (الْجَوَابُ) : الِابْنَانِ أَحَقُّ بِالْأَرْضِ مِنْ غَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ لَا عَنْ وَلَدٍ أَصْلًا وَخَلَّفَ مِشَدَّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضٍ سَلِيخَةٍ تَيْمَارِيَّةٍ فَوَجَّهَهَا التَّيْمَارِيُّ لِابْنِ أَخِي الْمَيِّتِ وَأَذِنَ لَهُ فِي زِرَاعَتِهَا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الزِّرَاعَةِ لِمَا رَأَى فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَصْلَحَةِ فَهَلْ يَكُونُ الْإِذْنُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (سُئِلَ) فِي نَظِيرِ هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا وَجَّهَهَا لِأَجْنَبِيٍّ قَادِرٍ وَلَيْسَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ فَهَلْ يَكُونُ التَّفْوِيضُ صَحِيحًا وَيُمْنَعُ الْوَرَثَةُ مِنْ مُعَارَضَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) سَيَأْتِي عَنْ الْمَعْرُوضَاتِ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الِابْنِ تُعْطَى الْأَرْضُ لِلْبِنْتِ ثُمَّ لِلْأَخِ لِأَبٍ ثُمَّ لِلْأُخْتِ ثُمَّ لِلْأَبِ ثُمَّ لِلْأُمِّ فَتَنَبَّهْ (سُئِلَ) فِي مِشَدِّ الْمَسْكَةِ هَلْ يَرِثُهُ النِّسَاءُ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : الْحَمْدُ لِلَّهِ مُلْهِمِ الصَّوَابِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى تَفْصِيلٍ إنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ تُرَابٌ لِلْمُوَرِّثِ أَوْ سِرْقِينٌ أَوْ غِرَاسٌ، فَإِنَّهُنَّ يَرِثْنَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ مِلْكٌ وَكَذَا السِّرْقِينُ وَالْغِرَاسُ قَالَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى وَجَازَ عِنْدَنَا بِلَا كَرَاهَةٍ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ بَيْعُ السِّرْقِينِ بِالْكَسْرِ مُعَرَّبُ سِرْكِينٍ بِالْفَتْحِ الرَّوْثُ وَفِي الشرنبلالية وَالْبُرْجُنْدِيِّ رَجِيعُ مَا سِوَى الْإِنْسَانِ؛ لِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ لِاسْتِكْثَارِ الرَّيْعِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ مِنْ السَّلَفِ، وَإِنْ كَانَ نَجِسًا وَالِانْتِفَاعُ كَالْبَيْعِ فِي الْحُكْمِ. اهـ. فَحَيْثُ جَازَ بَيْعُهُ يَكُونُ مَمْلُوكًا لَهُ وَمِلْكُهُ يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ ذُكُورًا، وَإِنَاثًا وَأَفْتَى الْمَرْحُومُ الْوَالِدُ عَلِيٌّ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهَا تَرِثُ فِي الْمَسْكَةِ إذَا كَانَ فِي الْأَرْضِ غِرَاسٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ تُرَابُهُ وَلَا سِرْقِينُهُ وَلَا غِرَاسُهُ، وَإِنَّمَا حَرَثَهَا وَسَاوَاهَا وَجَعَلَهَا قَابِلَةً لِلزِّرَاعَةِ وَثَبَتَ لَهُ بِذَلِكَ حَقُّ الْقَرَارِ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِمِشَدِّ الْمَسْكَةِ، فَإِنِّي وَأَبِي وَعَمِّي لَمْ نُفْتِ بِذَلِكَ وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ أَجْدَادِي أَفْتَوْا بِإِرْثِهِنَّ لِذَلِكَ وَلَا بِعَدَمِهِ؛ لِأَنَّ الْمَسْكَةَ إمَّا حَقٌّ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ يَرِثُهُ جَمِيعُ وَرَثَتِهِ ذُكُورًا، وَإِنَاثًا، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَلَا يَرِثُهُ أَحَدٌ مِنْ ذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى، وَأَمَّا عَدَمُ إفْتَائِي بِإِرْثِهِنَّ فَلِمَا قَامَ عِنْدِي مِنْ الشُّبْهَةِ قِيَاسًا عَلَى إرْثِ الْوَلَاءِ، فَإِنَّ النِّسَاءَ لَا يَرِثْنَ فِي الْوَلَاءِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مُجَرَّدٌ وَالنِّسَاءُ لَسْنَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ وَكَذَلِكَ الْمَسْكَةُ حَقٌّ مُجَرَّدٌ وَالنِّسَاءُ لَسْنَ مِنْ أَهْلِ الزِّرَاعَةِ، فَإِنْ اشْتَرَتْ امْرَأَةٌ عَبْدًا فَأَعْتَقَتْهُ أَوْ جَاهَدَتْ فَاسْتَرَقَّتْ أَسِيرًا فَأَعْتَقَتْهُ، فَإِذَا مَاتَ فَلَهَا وَلَاؤُهُ؛ لِأَنَّهَا تَأَهَّلَتْ لِذَلِكَ بِسَبَبِ شِرَائِهَا أَوْ جِهَادِهَا وَكَذَلِكَ إذَا فَرَغَ لَهَا رَجُلٌ عَنْ مِشَدِّ مَسْكَتِهِ أَوْ حَرَثَتْ وَاسْتَحَقَّتْ

مَسْكَةً بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ؛ لِأَنَّهَا تَأَهَّلَتْ لِذَلِكَ وَصَارَتْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْثِ وَالْكَبْسِ هَذَا مَا لَاحَ فِي خَاطِرِي وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ. وَسُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَعَنْ بِنْتٍ مِنْهَا وَعَنْ أَخٍ لِأُمٍّ وَعَنْ أُخْتٍ لِأُمٍّ وَأَوْلَادِ أُخْتٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً وَمِنْ جُمْلَتِهَا مَسْكَةُ أَرَاضٍ فِيهَا غِرَاسٌ وَبِنَاءٌ لَهُ وَأَرْضٌ مَوْقُوفَةٌ تَابِعَةٌ لِذَلِكَ فَمَنْ يَخْتَصُّ بِذَلِكَ وَمَنْ يَرِثُهُ الْجَوَابُ تُقْسَمُ التَّرِكَةُ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ لِلزَّوْجَةِ مِنْ ذَلِكَ سَهْمٌ وَاحِدٌ وَلِلْبِنْتِ سَبْعَةُ أَسْهُمٍ فَرْضًا وَرَدًّا وَلَا شَيْءَ لِمَنْ ذُكِرَ بَعْدُ فَتَرِثُ الْبِنْتُ الْمَرْقُومَةُ مَعَ أُمِّهَا جَمِيعَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ وَمَسْكَةِ الْأَرْضِ الْحَامِلَةِ لِلْغِرَاسِ الْمَرْقُومِ كَمَا تَقَدَّمَ لِلْأُمِّ سَهْمٌ وَاحِدٌ وَالْبَاقِي لِلْبِنْتِ، وَأَمَّا الْأَرَاضِي الْمَوْقُوفَةُ فَعَلَى حَسَبِ شَرْطِ الْوَاقِفِ. وَسُئِلَ الْمَرْحُومُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ فِي رَجُلٍ بَقَرِيَّة سُلْطَانِيَّةٍ مِنْ خَاصَّاتِ حَاكِمِ الْبَلْدَةِ تَصَرَّفَ فِي قِطَعٍ سَلَائِخَ مِنْ أَرَاضِي الْخَاصِّ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَدَفَعَ الْمُرَتَّبَ وَلَهُ أُخْتٌ قَامَتْ الْآنَ تُعَارِضُهُ فِي الْأَرَاضِي الْمَوْقُوفَةِ مُتَعَلِّلَةً بِأَنَّ الْأَرَاضِيَ قَبْلَ هَذِهِ الْمُدَّةِ كَانَتْ فِي تَصَرُّفِ أَبِيهَا الْمُتَوَفَّى عَنْهُمَا جَمِيعًا وَأَنَّ الْأَرَاضِيَ تَكُونُ مِيرَاثًا عَنْهُ لَهُمَا فَهَلْ الْأَرَاضِي الْخَاصَّةُ السُّلْطَانِيَّةُ لَا تُوَرَّثُ أَجَابَ: الْأَرَاضِي السُّلْطَانِيَّةُ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ لَا تُوَرَّثُ، وَإِنَّمَا يَدْفَعُهَا مَنْ فَوَّضَ السُّلْطَانُ نَصَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَمْرَهَا إلَيْهِ إلَى الْقَادِرِينَ عَلَى إصْلَاحِهَا مِنْ الرِّجَالِ وَلَا حَظَّ لِلنِّسَاءِ فِيهَا، وَأَمَّا مَا فِيهَا مِنْ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فَهُوَ مِلْكٌ لِأَرْبَابِهِ يُقْسَمُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى فَرِيضَةِ اللَّهِ تَعَالَى. اهـ. (أَقُولُ) وَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ أَيْضًا بِذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَفِي مَوْضِعٍ فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ وَبِيَدِهِ مِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضٍ تَيْمَارِيَّةٍ فَأَفْتَى بِانْتِقَالِهَا لِلِابْنِ فَقَطْ وَبِأَنَّهَا لَا تُورَثُ وَفِي مَوْضِعٍ فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ إنَاثٍ وَلَهُ مِشَدُّ مَسْكَةِ أَرَاضِي وَقْفٍ سَلَائِخُ فَأَفْتَى بِأَنَّ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُوَجِّهَهَا لِمَنْ أَرَادَ وَفِي مَوْضِعٍ فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ بِنْتَيْنِ وَأَخٍ وَخَلَّفَ مِشَدَّ مَسْكَةِ أَرْضِ وَقْفٍ وَغِرَاسًا قَائِمًا فِي بَعْضِ الْأَرْضِ فَسَلَّمَ الْمُتَوَلِّي الْأَرْضَ السَّلِيخَةَ لِلْأَخِ فَقَطْ فَأَفْتَى بِأَنَّ لِلْمُتَوَلِّي ذَلِكَ وَلِلْبِنْتَيْنِ ثُلُثَا الْغِرَاسِ وَفِي مَوْضِعٍ فِيمَنْ لَهُ مِشَدُّ مَسْكَةِ أَرْضٍ تَيْمَارِيَّةٍ فَمَاتَ عَنْ وَلَدٍ ذَكَرٍ فَفَوَّضَهَا السَّبَاهِيُّ لِآخَرَ فَأَفْتَى بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ. وَفِي هَذَا مُخَالَفَةٌ لِمَا مَرَّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مَشْغُولَةً بِمِلْكِ الْمَيِّتِ تَوَجَّهَ لِوَرَثَتِهِ تَبَعًا لِلْمِلْكِ إذْ وَضْعُ الْمِلْكِ كَانَ بِحَقٍّ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ كَانَ لَهُ حَقُّ الْقَرَارِ فَفِي تَوْجِيهِهَا لَهُمْ مَعَ الْتِزَامِهِمْ بِمَا كَانَ يَدْفَعُهُ مُوَرِّثُهُمْ إبْقَاءٌ لِمَا وُضِعَ بِحَقٍّ عَلَى أَصْلِهِ، وَأَمَّا لَوْ وُجِّهَتْ لِغَيْرِهِمْ أَوْ لِبَعْضِهِمْ دُونَ الْبَعْضِ يَلْزَمُ مِنْهُ إزَالَةُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ وُجِّهَتْ لَهُ قَدْ لَا يَرْضَى بِإِبْقَاءِ ذَلِكَ فِي أَرْضِهِ فَيَلْزَمُ الضَّرَرُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَعْضُ الْأَرْضِ مَشْغُولًا بِذَلِكَ وَبَعْضُهَا فَارِغًا فَوَجَّهَ الْفَارِغَ لِغَيْرِهِمْ أَوْ لِبَعْضِهِمْ أَوْ كَانَتْ كُلُّهَا فَارِغَةً كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ مَرَّ فِي الْبَابِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ فَتْوَى مِنْ الْمُؤَلِّفِ مَضْمُونُهَا أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ أَشْجَارٌ وَمِشَدُّ مَسْكَةٍ فِي أَرْضِ وَقْفٍ تَنْتَقِلُ لِوَرَثَتِهِ بَعْدَهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي وَسَطِهَا شَجَرَتَانِ كَبِيرَتَانِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ فِي جَانِبٍ مِنْ الْأَرْضِ كَالْمُسَنَّاةِ وَالْجَدَاوِلِ إلَخْ فَرَاجِعْهُ وَقَدْ مَرَّ آنِفًا فِي هَذَا الْبَابِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ ابْنٌ ذَكَرٌ كَانَ أَحَقَّ بِالتَّوْجِيهِ لَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ الْآنَ فِي جَمِيعِ الْأَرَاضِي السُّلْطَانِيَّةِ وَالْوَقْفِ فَيُوَجِّهُهَا الْمُتَكَلِّمُ عَلَيْهَا لِلِابْنِ مَجَّانًا بِطَرِيقِ الْأَحَقِّيَّةِ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ فَتَوَجَّهَ لَهَا بِشَيْءٍ يَأْخُذُهُ الْمُتَكَلِّمُ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ الْبِنْتِ وَيُسَمَّى ذَلِكَ بِ الطَّابُو وَالطَّابُو كَلِمَةٌ تُرْكِيَّةٌ أَوْ فَارِسِيَّةٌ مَعْنَاهَا الصَّكُّ الَّذِي يُكْتَبُ فِيهِ التَّوْجِيهُ وَكَأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ هُوَ أُجْرَةٌ عَلَى كِتَابَةِ ذَلِكَ الصَّكِّ فَسُمِّيَ بِاسْمِهِ أَوْ هُوَ أُجْرَةٌ مُعَجَّلَةٌ عَنْ الْأَرْضِ فَالْبِنْتُ لَهَا حَقُّ التَّوْجِيهِ لَكِنْ بِالطَّابُو بِخِلَافِ نَحْوِ ابْنِ الْعَمِّ، فَإِنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ بَلْ الْمُتَكَلِّمُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّوْجِيهِ لَهُ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ رَأَيْتُ الْعَلَائِيَّ ذَكَرَ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى مِنْ بَابِ الْخَرَاجِ نَحْوَ ذَلِكَ فَقَالَ

تَنْتَقِلُ لِلِابْنِ وَلَا تُعْطَى الْبِنْتُ حِصَّةً، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ ابْنًا بَلْ بِنْتًا لَا يُعْطِيهَا وَيُعْطِيهَا صَاحِبُ التَّيْمَارِ لِمَنْ أَرَادَ وَفِي سَنَةِ 958 فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَرَاضِي الَّتِي تُحْيَا وَتُفْتَحُ بِعَمَلٍ وَكُلْفَةِ دَرَاهِمَ فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تُعْطَى لِلْغَيْرِ بِالطَّابُو فَالْبَنَاتُ لَمَّا كَانَ يَلْزَمُ حِرْمَانُهُنَّ مِنْ الْمَالِ الَّذِي صَرَفَهُ أَبُوهُنَّ وَرَدَ الْأَمْرُ السُّلْطَانِيُّ بِالْإِعْطَاءِ لَهُنَّ لَكِنْ تُنَافِسُ الْأُخْتُ الْبِنْتَ فِي ذَلِكَ فَيُؤْتَى بِجَمَاعَةٍ لَيْسَ لَهُمْ غَرَضٌ. فَأَيُّ مِقْدَارٍ قَدَّرُوا الطَّابُو بِهِ تُعْطِيهِ الْبَنَاتُ وَيَأْخُذْنَ الْأَرْضَ. اهـ. هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ نَحْوَ وَرَقَتَيْنِ وَنِصْفٍ فَتَاوَى وَمَسَائِلَ عَنْ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ السَّابِقِينَ فِي الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ بِأَلْفَاظٍ تُرْكِيَّةٍ أَكْثَرُهَا غَرَائِبُ لَا تُوجَدُ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ وَكَأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَوَامِرَ سُلْطَانِيَّةٍ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الْأَرَاضِي السُّلْطَانِيَّةِ لِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ عَزَّ نَصْرُهُ فَلَهُ أَنْ يَأْذَنَ بِتَوْجِيهِهَا عَلَى طَرِيقٍ خَاصٍّ فَلَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ مَا لَمْ يُخَالِفْ الشَّرْعَ الشَّرِيفَ فَأَرَدْتُ أَنْ أَذْكُرَ زُبْدَتَهَا بِعِبَارَةٍ عَرَبِيَّةٍ بَعْدَمَا عَرَّبَهَا إلَيَّ رَجُلٌ مَوْثُوقٌ بِهِ عَارِفٌ بِاللُّغَتَيْنِ وَصُورَتُهُ هَذَا مَا وُجِدَ مَكْتُوبًا فِي مَجْمُوعَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَبْدِ اللَّهِ أَفَنْدِي مُفْتِي الْمَمَالِكِ الْعُثْمَانِيَّةِ فِي آخِرِ دَوْلَةِ السُّلْطَانِ (أَحْمَدَ الْمَعْرُوضَاتُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِمَوَادِّ الْأَرَاضِي فِي تَارِيخِ سَنَةِ 1018 ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَأَلْفٍ) . مِشَدُّ مَسَكَةِ الْأَرَاضِي الْمَحْلُولَةِ عَنْ الْمُتَوَفَّى عِنْدَ عَدَمِ الِابْنِ تُعْطَى لِبِنْتِهِ، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَلِأَخِيهِ مِنْ أَبٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَلِأُخْتِهِ السَّاكِنَةِ فِيهَا، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَلِأَبِيهِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَلِأُمِّهِ وَلَيْسَ لِغَيْرِ هَؤُلَاءِ مِنْ أَقَارِبِهِ حَقٌّ فِي أَخْذِ مِشَدِّ الْمَسْكَةِ بِالطَّابُو مَاتَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ ابْنٍ تُوَجَّهُ الْأَرْضُ السَّلِيخَةُ لِابْنِهَا فَقَطْ إذَا مَاتَ الذِّمِّيُّ لَا تُوَجَّهُ لِوَلَدِهِ الْمُسْلِمِ. إذَا مَاتَ الشَّرِيكُ أَوْ فَرَغَ عَنْ حِصَّتِهِ لِأَجْنَبِيٍّ بِإِذْنِ الْمُتَكَلِّمِ فِي الْأَرَاضِي الْمِيرِيَّةِ كَانَ لَلشَّرِيك الْآخَرِ حَقُّ الطَّلَبِ لَا يَبْطُلُ حَقُّ الطَّلَبِ إلَى خَمْسِ سِنِينَ. إذَا غَابَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ وَعَطَّلَ الْأَرْضَ ثَلَاثَ سِنِينَ فَالْمُتَكَلِّمُ مُخَيَّرٌ فِي تَوْجِيهِ الْأَرْضِ لِقَرِيبِ الْغَائِبِ مِمَّنْ لَهُ حَقُّ الطَّابُو أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ الْمَوْتِ (أَقُولُ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا عَطَّلَهَا ثَلَاثَ سِنِينَ وَمَاتَ عَنْ ابْنٍ قَبْلَ أَنْ يُوَجِّهَهَا الْمُتَكَلِّمُ لِأَحَدٍ لَا خِيَارَ لَهُ بَلْ تَنْتَقِلُ لِلِابْنِ مَجَّانًا كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا إذَا وَجَّهَ الْمُتَكَلِّمُ أَرَاضِيَ الصِّغَارِ لِأَجْنَبِيٍّ لَهُمْ أَخْذُهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ إلَى عَشْرِ سِنِينَ لَا يُعْتَبَرُ التَّفْوِيضُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ أَخْذُ الْعُشْرِ وَالرَّسْمِ فِي سِنِينَ مُتَعَدِّدَةٍ لَا يَكُونُ إذْنًا لَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ صَرِيحًا (أَقُولُ) سَيَأْتِي نَظِيرُهُ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ الْمَرْحُومُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ مِنْ أَنَّ أَخْذَ الْمُتَوَلِّي وَالتَّيْمَارِيِّ الْمُرَتَّبِ عَلَى الْأَرْضِ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ إذْنُ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِي التَّيْمَارِ يَكْفِي فِي تَفْوِيضِ الْمَزْرَعَةِ. الْمُتَصَرِّفُونَ فِي مَزْرَعَةٍ بَعْدَ رَفْعِ حَصَائِدِهِمْ إذَا أَرَادَ غَيْرُهُمْ أَنْ يَرْعَى مَوَاشِيَهُ وَأَخَذُوا مِنْهُمْ دَرَاهِمَ فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنْ الرَّعْيِ. الْأَرَاضِي الْمَتْرُوكَةُ الَّتِي فِي تَصَرُّفَاتِ بَعْضِ أَهْلِ الْقُرَى مِنْ غَيْرِ زِرَاعَةٍ إذَا أَرَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَتَّخِذُوا فِيهَا طَرِيقًا وَمَمَرًّا لِدَوَابِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ جَبْرًا وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ دَرَاهِمَ وَيَأْذَنَ لَهُمْ بِذَلِكَ بِأَخْذِ الْعُشْرِ وَالرَّسْمِ لَا يَسْقُطُ حَقُّ الطَّابُو إذَا غَابَ الْمُتَصَرِّفُ فِي الْمَزْرَعَةِ فَأَحْدَثَ رَجُلٌ فِيهَا بِنَاءً بِإِذْنِ الزَّعِيمِ السَّبَاهِيِّ ثُمَّ حَضَرَ الْمُتَصَرِّفُ لَهُ رَفْعُ ذَلِكَ الْبِنَاءِ إذَا لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْ الْمَذْكُورِينَ مِمَّنْ لَهُ حَقُّ الْمِشَدِّ عَنْ الْمُتَوَفَّى فَالْمُتَكَلِّمُ عَلَى الْأَرَاضِي يُوَجِّهُ ذَلِكَ لِمَنْ يُرِيدُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَجِّهَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِابْنِهِ لِوُرُودِ الْأَمْرِ السُّلْطَانِيِّ بِذَلِكَ. إذَا مَاتَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ عَنْ بِنْتٍ وَامْتَنَعَتْ الْبِنْتُ عَنْ قَبُولِهِ بَعْدَ عَرْضِهِ عَلَيْهَا وَطَلَبَ أَخُو الْمُتَوَفَّى لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَنْ يَأْخُذَهُ بِإِعْطَاءِ الطَّابُو لَا يُلْزِمُ الْمُتَكَلِّمَ ذَلِكَ بَلْ يُوَجِّهُهُ لِمَنْ أَرَادَ. (أَقُولُ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ بَعْدَ الِابْنِ إذَا امْتَنَعَ مِنْهُ لَا يَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِمَنْ بَعْدَهُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُمْتَنِعُ مَوْجُودًا، فَإِنَّ الْأَخَ رُتْبَتُهُ بَعْدَ الْبِنْتِ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ هَذِهِ

الْمَعْرُوضَاتِ فَحَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْبِنْتُ مَوْجُودَةً يَنْتَقِلُ الْحَقُّ إلَى الْأَخِ، وَإِذَا كَانَتْ مَوْجُودَةً وَامْتَنَعَتْ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْأَخِ بَلْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَالْخِيَارُ لِلْمُتَكَلِّمِ إنْ شَاءَ وَجَّهَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. الْأَرْضُ تَنْتَقِلُ مِنْ الْأُمِّ لِابْنِهَا مَجَّانًا لَكِنْ إلَى عَشْرِ سِنِينَ يَكُونُ بِالطَّابُو وَلَا يَكُونُ لِبَنَاتِهَا حَقُّ الطَّابُو أَرْضُ الْأُخْتِ لَا تُعْطَى لِلْأَخِ بِالطَّابُو بَلْ صَاحِبُ الْأَرْضِ مُخَيَّرٌ (أَقُولُ) عُلِمَ مِنْ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ مَا مَرَّ أَوَّلَ هَذِهِ الْمَعْرُوضَاتِ مِنْ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الِابْنِ تُعْطَى لِلْبِنْتِ ثُمَّ لِلْأَخِ إلَخْ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ رَجُلًا أَمَّا لَوْ كَانَ امْرَأَةً فَلَيْسَ لِلْبِنْتِ وَلَا لِمَنْ بَعْدَهَا حَقُّ الْأَخْذِ، وَإِنَّمَا يُعْطَى لِابْنِهَا مَجَّانًا إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَغَيْرُهُ وَالْأَجْنَبِيُّ سَوَاءٌ فَيُوَجِّهُهُ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْمُتَكَلِّمِ عَلَيْهَا لِمَنْ أَرَادَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ ابْنٍ تُوَجَّهُ الْأَرْضُ لِابْنِهَا فَقَطْ فَقَوْلُهُ فَقَطْ يُشْعِرُ بِأَنَّ أَرْضَ الْمَرْأَةِ لَا يَسْتَحِقُّهَا غَيْرُ ابْنِهَا عِنْدَ عَدَمِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ لَيْسَ لِأَوْلَادِ الْعَمِّ حَقُّ الطَّابُو إذَا مَاتَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ وَفِي ذِمَّتِهِ دَيْنٌ لِلْمِيرِيِّ أَوْ لِغَيْرِهِ لَا يُبَاعُ الْمِشَدُّ لِذَلِكَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا أُوفِي الدَّيْنَ وَآخُذُ الْمِشَدَّ وَلَوْ بِيعَ أَوْ أَخَذَهُ أَحَدٌ وَأَوْفَى الدَّيْنَ ثُمَّ طَلَبَهُ الِابْنُ يَأْخُذُهُ مَجَّانًا. الْأَرْضُ الْمَحْلُولَةُ فِي قَرْيَةٍ لَوْ أَعْطَاهَا صَاحِبُهَا لِأَهَالِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَصَاحِبُ الضَّرُورَةِ وَالِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ يَأْخُذُهَا إنْ لَمْ تَمْضِ سَنَةٌ، فَإِنْ مَضَتْ سَنَةٌ فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ الشُّرَكَاءُ مِنْ السَّبَاهِيَّةِ وَالزُّعَمَاءِ إذَا فَوَّضَ أَحَدُهُمْ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ مُعَارَضَتُهُ. (أَقُولُ) لَكِنْ مَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ مُشَارَكَةُ الْآذِنِ فِي أَخْذِ الْعُشْرِ مِنْ الْأَرْضِ الْمُفَوَّضَةِ كَمَا سَيَأْتِي لَيْسَ لِابْنِ الِابْنِ حَقُّ الطَّابُو (أَقُولُ) سَيَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ جَعَلُوا ابْنَ الِابْنِ كَالِابْنِ فِي انْتِقَالِ الْمِشَدِّ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مِثْلُهُ فِي الِانْتِقَالِ إلَيْهِ مَجَّانًا وَالْمُرَادُ مِمَّا هُنَا أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الطَّابُو فَلَا مُنَافَاةَ تَأَمَّلْ. مَزْرَعَةُ الصَّغِيرِ أَوْ الْأَسِيرِ لَوْ تَعَطَّلَتْ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ لَا تَسْتَحِقُّ التَّوْجِيهَ لِلْغَيْرِ بِالطَّابُو الْمَزْرَعَةُ لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ بَدَلَ صُلْحٍ تَفْوِيضُ أَهْلِ الْمَزْرَعَةِ لَا عِبْرَةَ بِهِ مَزْرَعَةٌ فِي تَصَرُّفِ زَيْدٍ ادَّعَاهَا عَمْرٌو وَدَفَعَ زَيْدٌ مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَصَالَحَهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ عَشَرَةً مِنْ السَّبَاهِيَّةِ لَا يَصِحُّ. الصَّغِيرُ الَّذِي لَهُ حَقُّ الطَّابُو فِي أَرْضٍ لَوْ أَسْقَطَهُ وَصِيُّهُ لَا يَسْقُطُ. عَرَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَرْضِ عَلَى شَرِيكِهِ بِرَسْمِ مِثْلِهِ فَامْتَنَعَ عَنْ أَخْذِهَا، فَإِنْ فَوَّضَ لِأَجْنَبِيٍّ فَلَيْسَ لَلشَّرِيك أَنْ يَدْفَعَ مَا دَفَعَهُ الْأَجْنَبِيُّ وَيَأْخُذَ الْأَرْضَ. إذَا فَلَحَ رَجُلٌ بِفَأْسِهِ غَيْضَةً بِغَيْرِ إذْنِ السَّبَاهِيِّ وَالزَّعِيمِ وَجَعَلَهَا مَزْرَعَةً فَالسَّبَاهِيُّ يَأْخُذُ مِنْ رَجُلٍ مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَيُفَوِّضُهَا إلَيْهِ هَذَا أَوْلَى إذَا مَاتَ الْعَبْدُ عَنْ غَيْرِ تَفْوِيضٍ لَا تَنْتَقِلُ الْأَرْضُ لِمَوْلَاهُ وَيُعْطِيهَا السَّبَاهِيُّ لِمَنْ أَرَادَ. مُتَوَلِّي وَقْفٍ لَوْ أَعْطَى الْأَرَاضِيَ بِنُقْصَانٍ فَاحِشٍ عَنْ مِثْلِ الطَّابُو فَلِلْمُتَوَلِّي حَالًا أَنْ يَقُولَ كَمِّلْ لِي مِثْلَ الطَّابُو وَإِلَّا أُعْطِهَا لِغَيْرِكَ. مَزْرَعَةُ الْقَاصِرِ إذَا فَوَّضَهَا وَلِيُّهُ لِرَجُلٍ فَمَاتَ الْقَاصِرُ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَلَيْسَ لِلسَّبَاهِيِّ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ مَحْلُولِ الْقَاصِرِ وَالتَّفْوِيضُ الْأَوَّلُ نَافِذٌ. عَطَّلَ رَجُلٌ أَرْضَهُ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ وَمَاتَ عَنْ ابْنٍ قَبْلَ أَنْ يُفَوِّضَ السَّبَاهِيُّ الْأَرْضَ لِلْغَيْرِ، فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ لِلِابْنِ مَجَّانًا. إذَا وَجَّهَ وَكِيلُ السَّبَاهِيِّ الْمَزْرَعَةَ الْمَحْلُولَةَ بِنُقْصَانٍ فَاحِشٍ لَيْسَ لِلسَّبَاهِيِّ أَنْ يُكْمِلَ إلَى مِثْلِ الطَّابُو، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ فَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَسْتَكْمِلَ مِثْلَ أَجْرِ مِثْلِهِ. إذَا غَلَبَ الْمَاءُ عَلَى مَزْرَعَةِ زَيْدٍ ثَلَاثِينَ سَنَةً ثُمَّ انْجَلَى عَنْهَا الْمَاءُ فَلَهُ أَنْ يَضْبِطَهَا وَيَتَصَرَّفَ بِهَا. لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الْمَحْلُولَةِ أَنْ يُعْطِيَهَا لِابْنِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ بِزِيَادَةٍ عَلَى مِثْلِ الطَّابُو وَذَلِكَ صَحِيحٌ مُعْتَبَرٌ (أَقُولُ) تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ أَخْذِهَا لِنَفْسِهِ أَوْ لِابْنِهِ لِلْأَمْرِ السُّلْطَانِيِّ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ هُنَا بِزِيَادَةٍ عَلَى مِثْلِ الطَّابُو فَتَأَمَّلْ. رَجُلٌ تَحْتَ يَدِهِ أَرْضُ وَقْفٍ وَفِي تَصَرُّفِهِ بِالطَّابُو إذَا أَحْدَثَ فِيهَا بِنَاءً فَلِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَأْخُذَ أَجْرَ الْمِثْلِ عَنْ الْعَرْصَةِ (أَقُولُ) أَفْتَى بِمِثْلِهِ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ فِيمَنْ لَهُ بِنَاءُ دَارٍ فِي قَرْيَةٍ مِيرِيَّةٍ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَرَاجِعْهُ.

الْمُتَصَرِّفُونَ فِي الطَّاحُونِ بِالشَّرِكَةِ إذَا فَرَّغَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَلَيْسَ لَلشَّرِيكِ الْآخَرِ أَنْ يَدْفَعَ مَا دَفَعَهُ الْأَجْنَبِيُّ وَيَأْخُذَهَا (أَقُولُ) سَيَأْتِي أَنَّ الشَّرِيكَ أَحَقُّ بِنَصِيبِ شَرِيكِهِ فِي الْمِشَدِّ إذَا دَفَعَ مَا يَدْفَعُهُ الْغَيْرُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الطَّاحُونِ وَالْمِشَدِّ فَتَأَمَّلْ. لَيْسَ لِوَصِيِّ الصَّغِيرِ أَنْ يُفَرِّغَ مَزْرَعَةَ الصَّغِيرِ لِأَجْنَبِيٍّ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَفْعٌ لِلْوَصِيِّ تَفْوِيضُ الْمَزْرَعَةِ لِأَجْلِ الصَّغِيرِ أَبُو السُّعُودِ مِنْ فَتَاوِيهِ. لِزَيْدٍ وَأَخِيهِ عَمْرٍو مَزْرَعَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا وَفِي تَصَرُّفِهِمَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ بِنْتَيْنِ فَعَرَضَ الْمُتَكَلِّمُ حِصَّتَهُ عَلَيْهِمَا فَامْتَنَعَتَا فَأَعْطَاهَا الْمُتَكَلِّمُ لِبَكْرٍ الْأَجْنَبِيِّ وَأَرَادَ عَمْرٌو أَخْذَهَا وَدَفْعَ مَا دَفَعَهُ بَكْرٌ لِأَجْلِ أَنَّهُ شَرِيكٌ وَخَلِيطٌ قَبْلَ مُضِيِّ خَمْسِ سِنِينَ فَلَيْسَ لِعَمْرٍو ذَلِكَ الْمَرْحُومُ يَحْيَى الْمِنْقَارِيُّ. (أَقُولُ) هَذَا مُخَالِفٌ أَيْضًا لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الشَّرِيكَ أَحَقُّ مِنْ الْغَيْرِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْحَقَّ هُنَا لِلْبِنْتَيْنِ فَلَا يَنْتَقِلُ لَلشَّرِيك، وَإِنْ امْتَنَعَتَا إذْ لَيْسَ الِامْتِنَاعُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُمْتَنِعُ مَوْجُودًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. مَاتَ رَجُلٌ بِلَا وَلَدٍ ذَكَرٍ وَأَخَذَتْ بِنْتُهُ هِنْدٌ مَزْرَعَتَهُ بِالطَّابُو وَأَعْطَتْ الرَّسْمَ لِلسَّبَاهِيِّ وَمَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَسْتَوْفِيَ الضَّبْطَ وَالتَّصَرُّفَ فِي ذَلِكَ فَلِوَرَثَتِهَا أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ السَّبَاهِيِّ الرَّسْمَ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْ هِنْدٍ عَبْدُ الرَّحِيمِ أَفَنْدِي نَقَلَ زَيْدٌ حَصَادَهُ لِأَجْلِ الدِّيَاسِ إلَى مَوْضِعِ الدِّيَاسِ فَاحْتَرَقَ الْحَصَادُ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ فَلِلسَّبَاهِيِّ أَخْذُ الْعُشْرِ مِنْ زَيْدٍ عَنْ الْحَصَادِ الْمَذْكُورِ عَبْدُ الرَّحِيمِ أَفَنْدِي. مَزْرَعَةٌ فِي تَصَرُّفِ زَيْدٍ فَتَعَدَّى عَمْرٌو فَزَرَعَهَا وَحَصَدَهُ فَهَلْ لِزَيْدٍ أَنْ يَأْخُذَ أَجْرَ الْمِثْلِ مِنْ عَمْرٍو الْجَوَابُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْأَخْذِ جَبْرًا وَلَكِنَّ السَّبَاهِيَّ وَقْتَ أَخْذِ عُشْرِهِ لَوْ حَكَّمَ حَاكِمًا بِمِقْدَارِ شَيْءٍ يَجُوزُ ذَلِكَ أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي. هَذَا آخِرُ مَا قَصَدْتُ ذِكْرَهُ مِمَّا عَرَّبَهُ لِي مَنْ أَثِقُ بِهِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ بِهَامِشِ نُسْخَتَيْ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ بِخَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ مَسَائِلَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَأَحْبَبْتُ إلْحَاقَهَا بِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ لِغَرَابَتِهَا أَيْضًا تَكْثِيرًا لِلْفَائِدَةِ وَهَذِهِ صُورَتُهَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ عُشْرِيَّةً وَلَا خَرَاجِيَّةً وَكَانَتْ رَقَبَتُهَا لِبَيْتِ الْمَالِ وَكَانَتْ وُجِدَتْ بِيَدِ الزُّرَّاعِ تَكُونُ بِيَدِهِمْ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ إذَا وُجِّهَتْ لَهُمْ فِي الْأَصْلِ بِالطَّابُو فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُمْ لَهَا وَلَا رَهْنُهُمْ وَلَا إيدَاعُهُمْ وَلَا إعَارَتُهُمْ وَلَا شُفْعَتُهُمْ وَلَا اسْتِبْدَالُهُمْ فَتَصَرُّفُهُمْ بِذَلِكَ بَاطِلٌ وَتُسَمَّى تِلْكَ الْأَرَاضِي أَرَاضِي مُمَلَّكَةٌ وَمِيرِيَّةٌ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ ابْنٍ يَتَصَرَّفُ ابْنُهُ كَأَبِيهِ وَبِدَفْعِ مَا عَلَيْهَا لِلْمُتَكَلِّمِ وَلَا يُدَاخِلُهُ أَحَدٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ابْنٌ وَكَانَ لَهُ بِنْتٌ يُوَجِّهُهَا الْمُتَكَلِّمُ لِلْبِنْتِ بِالطَّابُو بِمَا يَدْفَعُهُ الْغَيْرُ أَمَّا مَنْ لَهُ التَّصَرُّفُ إذَا فَرَغَ عَنْ حَقِّ تَصَرُّفِهِ وَأَخَذَ شَيْئًا مِنْ الْمَفْرُوغِ لَهُ بَدَلَ الْفَرَاغِ ثُمَّ وَجَّهَ الْمُتَكَلِّمُ ذَلِكَ لِلْمَفْرُوغِ لَهُ بِعِوَضٍ بِالطَّابُو لَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِلشَّرْعِ الشَّرِيفِ وَالتَّصَرُّفُ بِلَا إذْنِ الْمُتَكَلِّمِ بَاطِلٌ وَالْمَدْفُوعُ أُجْرَةٌ مُعَجَّلَةٌ، وَإِذَا أَعْطَى الْقَاضِي حُجَّةً فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَهِيَ بَاطِلَةٌ أَبُو السُّعُودِ. مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ إذَا مَاتَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ابْنٌ وَلَا ابْنُ ابْنٍ يُوَجِّهُ لِبِنْتِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَلِأَخِيهِ لِأَبٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِأُخْتِهِ السَّاكِنَةِ فِيهَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَلِأَبِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِأُمِّهِ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِمْ حَقُّ الطَّابُو وَكَذَلِكَ الْمَرْعَى وَالْمَشْتَى مَعْرُوضَاتٌ. (أَقُولُ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ ابْنَ الِابْنِ بِمَنْزِلَةِ الِابْنِ فَلَهُ حَقُّ الْأَخْذِ مَجَّانًا بِدُونِ طَابُو وَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِ الْأَخِ لِأَبٍ احْتِرَازٌ عَنْ الْأَخِ لِأُمٍّ فَقَطْ وَعَدَمُ التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ فِي الْأُخْتِ يُفِيدُ الْإِطْلَاقَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. إذَا مَاتَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْمِشَدِّ أَوْ فَوَّضَ لِلْغَيْرِ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ بَعْدَ دَفْعِ مَا دَفَعَهُ الْغَيْرُ وَلَا يُمَكَّنُ الْغَيْرُ وَلَا يَبْطُلُ الْحَقُّ إلَى خَمْسِ سِنِينَ مَعْرُوضَاتٌ (أَقُولُ) تَقَدَّمَ مَا يُخَالِفُ هَذَا وَقَدَّمْنَا الْجَوَابَ عَنْهُ فَتَأَمَّلْ. الْأَرْضُ الْمُسْتَحَقَّةُ لَلطَّابُو بِسَبَبِ التَّعْطِيلِ يَأْخُذُهَا الْمُتَصَرِّفُ بِالطَّابُو مَعْرُوضَاتٌ إذَا ذَهَبَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَعَطَّلَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ يَسْتَحِقُّ الطَّابُو وَصَاحِبُ الْأَرْضِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْإِعْطَاءِ لَهُ بِالطَّابُو وَبَيْنَ الْإِعْطَاءِ لِلْغَيْرِ لَيْسَ هَذَا

مِثْلَ الْوَفَاةِ مَعْرُوضَاتٌ. (أَقُولُ) قَدَّمْنَا بَيَانَ الْفَرْقِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَصَاحِبُ الْأَرْضِ مُخَيَّرٌ إلَخْ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهُ يَأْخُذُهَا الْمُتَصَرِّفُ بِالطَّابُو، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ وَإِنْ سَقَطَ حَقُّهُ بِالتَّعْطِيلِ يَكُونُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ لَكِنْ يَأْخُذُهَا بِالطَّابُو لَا مَجَّانًا لِكَوْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ قَدْ اسْتَحَقَّهُ فَتَأَمَّلْ بِتَعْطِيلِ أَرْضِ الصِّغَارِ لَا يَكُونُ مُسْتَحِقًّا لَلطَّابُو وَلَوْ أَعْطَى لِلْغَيْرِ فَلَهُمْ أَخْذُهَا إلَى عَشْرِ سِنِينَ بَعْدَ الْبُلُوغِ مَعْرُوضَاتٌ (أَقُولُ) فَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ سُقُوطِ حَقِّ الْمَسْكَةِ بِالتَّعْطِيلِ ثَلَاثَ سِنِينَ فَتَأَمَّلْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. إذَا قَسَمَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ الْأَرْضَ بَيْنَ ابْنَيْهِ وَسَلَّمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِقْدَارًا مِنْهَا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا مَعْرُوضَاتٌ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ غَيْرِهِمَا لَهُمْ أَخْذُ حِصَّتِهِمْ مِنْهَا مَعْرُوضَاتٌ. إذَا أَعْطَى زَيْدٌ وَعَمْرٌو لِأُخْتِهِمَا حِينَ زَوَّجَاهَا مِقْدَارًا مِنْ أَرْضِهِمَا ثُمَّ تَصَرَّفَتْ الْأُخْتُ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَتْ فَامْتَنَعَا مِنْ دَفْعِ الطَّابُو لِصَاحِبِ الْأَرْضِ وَتَعَلَّلَا بِأَنَّهُمَا أَعْطَيَا الْأَرْضَ لَهَا بِلَا إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ لَيْسَ لَهُمَا الِامْتِنَاعُ وَبَعْدَ عَشَرَةٍ دَعْوَى الْأَرْضِ مَمْنُوعَةٌ مَعْرُوضَاتٌ أَهْلُ الْبَدْوِ إذَا شَتَّوْا فِي مَكَان إنْ كَانَ الرَّسْمُ مَوْجُودًا فِي الدَّفْتَرِ يُؤْخَذُ عَنْ الْمَكَانِ وَإِلَّا، فَإِنْ كَانَ يُؤْخَذُ مِنْ قَدِيمٍ عَادَةً يُؤْخَذُ وَإِلَّا فَلَا مَعْرُوضَاتٌ. إذَا أَسْلَمَ الْفَارِغُ الْأَرْضَ بِلَا إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَتَصَرَّفَ بِهَا الْمَفْرُوغُ لَهُ ثَلَاثَ سِنِينَ بِالزِّرَاعَةِ وَدَفَعَ الْعُشْرَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ صَرِيحٍ مِنْهُ وَإِعْطَاءٍ تَمَسَّكَ بِذَلِكَ وَمَاتَ الْمَفْرُوغُ لَهُ بِلَا وَلَدٍ وَأَرَادَ الْفَارِغُ التَّصَرُّفَ بِهَا وَأَبَى صَاحِبُ الْأَرْضِ إلَّا بِالطَّابُو الْجَدِيدِ فَلِلْفَارِغِ ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ لِإِبَائِهِ عَبْدُ اللَّهِ أَفَنْدِي (أَقُولُ) : هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ قَبْضَ صَاحِبِ الْأَرْضِ الْعُشْرَ لَيْسَ إذْنًا فِي التَّصَرُّفِ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِي الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ مِثْلُهُ وَأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ. قَاصِرٌ لَيْسَ لَهُ مَالٌ وَلَهُ مِشَدُّ مَسْكَةِ أَرْضٍ سَلِيخَةٍ وَأَرَادَ وَصِيُّهُ تَفْوِيضَهُ لِزَيْدٍ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ لِضَرُورَةِ النَّفَقَةِ فَلِلْوَصِيِّ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ أَفَنْدِي. بَعْدَ انْتِقَالِ مِشَدِّ مَسْكَةِ أَرْضٍ سَلِيخَةٍ مِنْ زَيْدٍ إلَى ابْنِهِ الْقَاصِرِ إذَا فَوَّضَ وَصِيُّ الْقَاصِرِ ذَلِكَ لِعَمْرٍو بِإِذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ ثُمَّ بَلَغَ الْقَاصِرُ وَأَرَادَ أَخْذَهَا مِنْ عَمْرٍو لَهُ ذَلِكَ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا تَعَلَّلَ عَمْرٌو بِأَنَّهُ مَضَى بَعْدَ الْبُلُوغِ تِسْعُ سِنِينَ وَأَرَادَ أَنْ لَا يُسَلِّمَهَا لِلْبَالِغِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مَعْرُوضَاتٌ (أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ التَّفْوِيضُ بِلَا ضَرُورَةٍ بِقَرِينَةِ مَا قَبْلَهُ تَأَمَّلْ. إذَا غَلَبَ الْمَاءُ عَلَى مِشَدِّ مَسْكَةِ أَرْضٍ سَلِيخَةٍ لِزَيْدٍ وَلَمْ يُمْكِنْ الزَّرْعُ فِيهَا وَأَرَادَ صَاحِبُهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ الْمَاءِ تَفْوِيضَهَا لِلْغَيْرِ إذَا لَمْ يَمْضِ عَلَى تَرْكِ الزَّرْعِ ثَلَاثُ سِنِينَ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ ذَلِكَ مَعْرُوضَاتٌ. (أَقُولُ) وَجْهُهُ أَنَّهُ فِي حَالِ غَلَبَةِ الْمَاءِ إذَا تَرَكَ الزَّرْعَ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ وَلَوْ مَضَى ثَلَاثُونَ سَنَةً كَمَا مَرَّ فَلَا تَزُولُ يَدُ الْمُتَصَرِّفِ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ وَكَذَا لَوْ تَرَكَ زَرْعَهَا بَعْدَ انْقِطَاعِ الْمَاءِ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ فَلَهُ التَّصَرُّفُ بِهَا وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الْمُتَكَلِّمِ عَلَيْهَا تَفْوِيضُهَا لِغَيْرِ الْمُتَصَرِّفِ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ بِلَا عُذْرٍ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ لَا يُسْقِطُ حَقَّهُ مِنْ الْمِشَدِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. إذَا تَعَلَّلَ التَّيْمَارِيُّ بَعْدَ تَفْوِيضِ الْمَزْرَعَةِ الْمَحْلُولَةِ لِزَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو بِأَنَّهُ لَمْ يَرَهَا قَبْلَ التَّفْوِيضِ وَزَعَمَ أَنَّهُ يُفَوِّضُهَا بِالزِّيَادَةِ لِبَكْرٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مَعْرُوضَاتٌ إذَا وَكَّلَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ أَخَاهُ فِي الزِّرَاعَةِ وَغَابَ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ التَّفْوِيضُ لِلْغَيْرِ مَعْرُوضَاتٌ. فَرَغَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو عَنْ مِشَدِّ مَسْكَتِهِ فِي أَرْضٍ سَلِيخَةٍ بِإِذْنِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ فِي التَّيْمَارِ دُونَ بَعْضٍ لَيْسَ لِمَنْ لَمْ يَأْذَنْ الْمُعَارَضَةُ غَايَتُهُ لَهُ أَخْذُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْعُشْرِ مَعْرُوضَاتٌ. إذَا تَرَكَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ الزِّرَاعَةَ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ التَّفْوِيضُ لِلْغَيْرِ، وَإِذَا تَرَكَ ثَلَاثَ سِنِينَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ التَّفْوِيضُ لِلْغَيْرِ مَعْرُوضَاتٌ (أَقُولُ) يُسْتَثْنَى أَرْضُ الصِّغَارِ كَمَا مَرَّ قَرِيبًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. إذَا غَابَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ بِلَا تَوْكِيلِ أَحَدٍ لِلتَّيْمَارِيِّ التَّفْوِيضُ لِلْغَيْرِ بِالطَّابُو إذَا

كتاب الذبائح

كَانَتْ الْغَيْبَةُ ثَلَاثَ سِنِينَ أَوْ أَكْثَرَ مَعْرُوضَاتٌ. مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ إذَا مَاتَ بِلَا وَلَدٍ ذَكَرٍ فَوَجَّهَ صَاحِبُ الْأَرْضِ لِلْغَيْرِ مَعَ طَلَبِ بِنْتَيْ الْمُتَوَفَّى بِالطَّابُو قَبْلَ مُرُورِ سِتِّ سِنِينَ، فَإِذَا دَفَعَتَا مَا دَفَعَهُ الْغَيْرُ بِلَا زِيَادَةِ ضَرَرٍ كَانَ لَهُمَا الْأَخْذُ مَعْرُوضَاتٌ إذَا مَاتَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ بِلَا وَلَدٍ ذَكَرٍ وَخَلَّفَ قَاصِرَةً فَعَرَضَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْأَرْضِ عَلَى وَصِيِّ الْقَاصِرَةِ لِلْقَاصِرَةِ فَأَبَى عَنْ أَخْذِهِ لَهَا وَأَذِنَ بِدَفْعِهِ لِلْغَيْرِ فَوَجَّهَهُ لِعَمْرٍو ثُمَّ أَرَادَ الْوَصِيُّ أَنْ يَدْفَعَ مَا دَفَعَهُ عَمْرٌو مِنْ الطَّابُو مِنْ مَالِ الْقَاصِرَةِ وَيَأْخُذَ الْأَرْضَ لِلْقَاصِرَةِ فَلَهُ ذَلِكَ مَعْرُوضَاتٌ إذَا فَوَّضَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ لِزَيْدٍ بِإِذْنِ الشَّرْعِ بِلَا إذْنِ صَاحِبِ الْأَرْضِ بِعِوَضٍ لَمْ يَقْبِضْهُ وَمَاتَ قَبْلَ قَبْضِهِ بِلَا وَلَدٍ وَأَرَادَ وَرَثَتُهُ أَخْذَ الْعِوَضِ مِنْ زَيْدٍ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ مَعْرُوضَاتٌ إذَا مَضَى مُدَّةُ الْتِزَامِ زَيْدٍ وَلَمْ تُعْطَ الْأَرْضُ الْمَحْلُولَ فِي زَمَانِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا مَحْلُولٌ يَكُونُ الْإِعْطَاءُ لِلْمُلْتَزِمِ الْجَدِيدِ مَعْرُوضَاتٌ الْمَزْرَعَةُ كَمَا تَنْتَقِلُ إلَى الِابْنِ تَنْتَقِلُ إلَى ابْنِ الِابْنِ مَعْرُوضَاتٌ. إذَا مَاتَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ عَنْ ابْنٍ تَنْتَقِلُ إلَى ابْنِهِ مَجَّانًا بِلَا طَابُو سَوَاءٌ كَانَ الِابْنُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ مُعَدَّةً لِلزِّرَاعَةِ أَوْ لِلْحَشِيشِ مَعْرُوضَاتٌ. (أَقُولُ) فَائِدَةُ هَذَا التَّعْمِيمِ دَفْعُ مَا يُتَوَهَّمُ وَهُوَ أَنَّهُ إنَّمَا تَنْتَقِلُ إلَى الصَّغِيرِ إذَا لَمْ تَكُنْ مُحْتَاجَةً لِلْعَمَلِ كَالْمُعَدَّةِ لِلْحَشِيشِ فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَيْهِ، وَإِنْ احْتَاجَتْ لِعَمَلٍ كَالْمُعَدَّةِ لِلزِّرَاعَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. أَرْض الذِّمِّيِّ لَا تَنْتَقِلُ إلَى ابْنِهِ الْمُسْلِمِ مَعْرُوضَاتٌ إذَا مَاتَ بِلَا وَلَدٍ بَعْدَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ فِي مِشَدِّ مَسْكَتِهِ وَنَبَتَ الزَّرْعُ وَفَوَّضَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْمِشَدَّ لِعَمْرٍو يَتَصَرَّفُ وَرَثَةُ زَيْدٍ بِالْأَرْضِ إلَى إدْرَاكِ الزَّرْعِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِعَمْرٍو مَعْرُوضَاتٌ إذَا فَرَغَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو عَنْ مِشَدِّ مَسْكَةِ أَرْضٍ سَلِيخَةٍ بِلَا مَعْرِفَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَسَلَّمَهَا لِعَمْرٍو وَنَهَاهُ عَنْ أَخْذِ التَّمَسُّكِ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ قَبْلَ تَسْلِيمِ بَدَلِ الْفَرَاغِ فَأَخَذَ عَمْرٌو تَمَسُّكًا قَبْلَ تَسْلِيمِ الْبَدَلِ بِلَا إذْنِهِ ثُمَّ مَاتَ عَمْرٌو بِلَا وَلَدٍ وَأَرَادَ زَيْدٌ التَّصَرُّفَ فِيهَا كَالْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْإِذْنِ بِالتَّمَسُّكِ وَأَنَّ التَّفْوِيضَ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ فَهَلْ لِزَيْدٍ ذَلِكَ الْجَوَابُ نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ مَعْرُوضَاتٌ أَبِي السُّعُودِ إذَا وَجَّهَ التَّيْمَارِيُّ الْأَرْضَ الْمَحْدُودَةَ لِزَيْدٍ عَلَى أَنَّ مِقْدَارَ أَفْدِنَتِهَا كَذَا عَلَى وَجْهِ التَّخْمِينِ ثُمَّ مَنَعَ زَيْدًا مِنْ التَّصَرُّفِ بِمَا زَادَ عَلَى التَّخْمِينِ وَأَرَادَ تَوْجِيهَ الزِّيَادَةِ لِلْغَيْرِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مَعْرُوضَاتٌ. لَيْسَ الْأَخُ لِأَبَوَيْنِ أَحَقَّ مِنْ الْأَخِ لِأَبٍ فِي الطَّابُو فِي مِشَدِّ مَسْكَةِ الْأَرْضِ السَّلِيخَةِ وَالْعِبْرَةُ فِي ذَلِكَ لِلْأَبِ لَا لِلْأُمِّ مَعْرُوضَاتٌ إذَا تَرَكَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ وَطَنَهُ وَتَوَطَّنَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ فَصَاحِبُ الْأَرْضِ مَأْمُورٌ بِتَوْجِيهِهَا لِلْغَيْرِ حَالًا إذَا وَجَّهَ الْمُتَكَلِّمُ الْأَرْضَ الْمَحْلُولَةَ لِعَمْرٍو بِمُوجِبِ تَمَسُّكٍ وَخَتْمٍ وَزَرَعَ فِيهَا أَرْبَعَ سِنِينَ قَامَ بَكْرٌ الْمُتَكَلِّمُ بَعْدَ عَزْلِ الْأَوَّلِ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُحَلِّفُ عَمْرًا عَلَى أَنَّ التَّمَسُّكَ وَالْخَتْمَ لَمْ يَكُونَا بَعْدَ الْعَزْلِ لَيْسَ لِبَكْرٍ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْقَانُونِ مَعْرُوضَاتٌ إذَا مَاتَ مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ عَنْ قَاصِرٍ وَكَانَتْ الْأَرْضُ أَرْضَ كَرْمٍ فَوَجَّهَهَا صَاحِبُهَا لِعَمْرٍو بِالطَّابُو فَغَرَسَ فِيهَا عَمْرٌو كَرْمًا وَمَضَى تِسْعُ سِنِينَ ثُمَّ بَلَغَ الْقَاصِرُ وَضَبَطَ الْأَرْضَ وَكَلَّفَ عَمْرًا بِقَلْعِ الْغِرَاسِ بِمُبَاشَرَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ لَهُ ذَلِكَ مَعْرُوضَاتٌ. مَنْ لَهُ الْمِشَدُّ إذَا مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ حَامِلٍ لَا يَقْدِرُ الْمُتَكَلِّمُ عَلَى تَوْجِيهِهِ لِلْغَيْرِ قَبْلَ ظُهُورِ الْحَمْلِ مَعْرُوضَاتٌ هَذَا آخِرُ مَا رَأَيْتُهُ بِهَامِشِ نُسْخَتَيْ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَكَأَنَّهُ مُعَرَّبٌ مِنْ أَلْفَاظٍ تُرْكِيَّةٍ كَمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ وَقَدْ غَيَّرْتُ بَعْضَ عِبَارَاتٍ مِنْهُ لِرَكَاكَتِهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ [كِتَابُ الذَّبَائِحِ] [ذَبِيحَةِ الذِّمِّيِّ الْكِتَابِيِّ هَلْ تَحِلُّ مُطْلَقًا أَوْ لَا] (كِتَابُ الذَّبَائِحِ) (سُئِلَ) فِي ذَبِيحَةِ الذِّمِّيِّ الْكِتَابِيِّ هَلْ تَحِلُّ مُطْلَقًا أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : تَحِلُّ ذَبِيحَةُ الْكِتَابِيِّ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهَا كَوْنُ الذَّابِحِ صَاحِبَ مِلَّةِ التَّوْحِيدِ حَقِيقَةً كَالْمُسْلِمِ أَوْ دَعْوَى كَالْكِتَابِيِّ وَلِأَنَّهُ مُؤْمِنٌ بِكِتَابٍ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ فَصَارَ كَالْمُسْلِمِ فِي ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ فِي الْكِتَابِيِّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ

العقيقة

ذِمِّيًّا يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا حَرْبِيًّا أَوْ عَرَبِيًّا أَوْ تَغْلِبِيًّا لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] وَالْمُرَادُ بِطَعَامِهِمْ مُذَكَّاهُمْ قَالَ الْبُخَارِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي صَحِيحِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - طَعَامُهُمْ ذَبَائِحُهُمْ وَلِأَنَّ مُطْلَقَ الطَّعَامِ غَيْرِ الْمُذَكَّى يَحِلُّ مِنْ أَيِّ كَافِرٍ كَانَ بِالْإِجْمَاعِ فَوَجَبَ تَخْصِيصُهُ بِالْمُذَكَّى وَهَذَا إذَا لَمْ يُسْمَعْ مِنْ الْكِتَابِيِّ أَنَّهُ سَمَّى غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى كَالْمَسِيحِ وَالْعُزَيْرِ، وَأَمَّا لَوْ سُمِعَ فَلَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3] وَهُوَ كَالْمُسْلِمِ فِي ذَلِكَ وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْيَهُودِيِّ أَنْ يَكُونَ إسْرَائِيلِيًّا وَفِي النَّصْرَانِيِّ أَنْ لَا يَعْتَقِدَ أَنَّ الْمَسِيحَ إلَهٌ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ وَبِهِ أَفْتَى الْجَدُّ فِي الْإِسْرَائِيلِيِّ وَشَرَطَ فِي الْمُسْتَصْفَى لِحِلِّ مُنَاكَحَتِهِمْ عَدَمَ اعْتِقَادِ النَّصْرَانِيِّ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ فِي الْمَبْسُوطِ، فَإِنَّهُ قَالَ وَيَجِبُ أَنْ لَا يَأْكُلُوا ذَبَائِحَ أَهْلِ الْكِتَابِ إنْ اعْتَقَدُوا أَنَّ الْمَسِيحَ إلَهٌ وَأَنَّ عُزَيْرًا إلَهٌ وَلَا يَتَزَوَّجُوا نِسَاءَهُمْ لَكِنْ فِي الْمَبْسُوطِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ. وَتَحِلُّ ذَبِيحَةُ النَّصْرَانِيِّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَالَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ أَوْ لَا وَمُقْتَضَى الدَّلَائِلِ وَإِطْلَاقِ الْآيَةِ الْجَوَازُ كَمَا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي فَتَاوَاهُ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَأْكُلَ ذَبِيحَتَهُمْ وَلَا يَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَا حَقَّقَهُ الْكَمَالُ بْنُ الْهُمَامِ وَاَللَّهُ وَلِيُّ الْإِنْعَامِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْأَنَامِ قَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي رَسَائِلِهِ قَالَ الْإِمَامُ وَمَنْ دَانَ دِينَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ الصَّابِئَةِ وَالسَّامِرَةِ أُكِلَ ذَبِيحَتُهُ وَحَلَّ نِسَاؤُهُ وَقَدْ حُكِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ كُتِبَ إلَيْهِ فِيهِمْ أَوْ فِي أَحَدِهِمْ فَكَتَبَ مِثْلَ مَا قُلْنَا، فَإِذَا كَانُوا يَعْتَرِفُونَ بِالْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّة فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ النَّصَارَى فِرَقٌ فَلَا يَجُوزُ إذَا جَمَعَتْ النَّصْرَانِيَّةُ بَيْنَهُمْ أَنْ نَزْعُمَ أَنَّ بَعْضَهُمْ تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ وَنِسَاؤُهُ وَبَعْضَهُمْ يَحْرُمُ إلَّا بِخَبَرٍ مُلْزِمٍ وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خَبَرًا فَمَنْ جَمَعَتْهُ الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّة فَحُكْمُهُ حُكْمٌ وَاحِدٌ. اهـ. بِحُرُوفِهِ. (سُئِلَ) فِي الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ هَلْ هُمَا طَاهِرَانِ قَبْلَ الْغَسْلِ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : الطِّحَالُ وَالْكَبِدُ طَاهِرَانِ قَبْلَ الْغَسْلِ حَتَّى لَوْ طَلَى بِهِمَا وَجْهَ الْخُفِّ وَصَلَّى جَازَتْ صَلَاتُهُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ قَاضِي خَانْ فِي فَصْلٍ فِي النَّجَاسَةِ الَّتِي تُصِيبُ الثَّوْبَ أَوْ الْخُفَّ وَهُمَا حَلَالَانِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ وَدَمَانِ الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ» . اهـ. وَهُوَ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَالْمَكْرُوهُ تَحْرِيمًا مِنْ الشَّاةِ سَبْعٌ الْفَرْجُ وَالْخُصْيَةُ وَالْغُدَّةُ وَالدَّمُ الْمَسْفُوحُ وَالْمَرَارَةُ وَالْمَثَانَةُ وَالذَّكَرُ وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ إذَا مَا ذُكِّيَتْ شَاةٌ فَكُلْهَا ... سِوَى سَبْعٍ فَفِيهِنَّ الْوَبَالُ فَفَاءٌ ثُمَّ خَاءٌ ثُمَّ غَيْنٌ ... وَذَالٌ ثُمَّ مِيمَانِ وَدَالُ (أَقُولُ) وَقَدْ كُنْتُ نَظَمْتهَا بِقَوْلِي إنَّ الَّذِي مِنْ الشِّيَاهِ يَحْرُمُ ... يَجْمَعُهُ حُرُوفُ فَخْذٌ مُدْغَمٌ [الْعَقِيقَةِ] (سُئِلَ) فِي الْعَقِيقَةِ كَيْفَ حُكْمُهَا وَكَيْفُ تُفْعَلُ؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ فِي كِتَابِ الْأُضْحِيَّةِ مَا نَصُّهُ مَسْأَلَةٌ الْعَقِيقَةُ تَطَوُّعٌ إنْ شَاءَ فَعَلَهَا، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ وَهِيَ أَنْ يَذْبَحَ شَاةً إذَا أَتَى عَلَى الْوَلَدِ سَبْعَةُ أَيَّامٍ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ سِتَّةٌ ثُمَّ إذَا أَرَادَ أَنْ يَعُقَّ عَنْ الْوَلَدِ، فَإِنَّهُ يَذْبَحُ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَيْنِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةً؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ لِلسُّرُورِ بِالْمَوْلُودِ وَهُوَ بِالْغُلَامِ أَكْثَرُ وَلَوْ ذَبَحَ عَنْ الْغُلَامِ شَاةً وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةً جَازَ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَبْشًا كَبْشًا» وَلَا يَكُونُ فِيهِ دُونَ الْجَذَعِ مِنْ الضَّأْنِ وَالثَّنِيِّ مِنْ الْمَعْزِ وَلَا يَكُونُ فِيهِ إلَّا السَّلِيمَةُ مِنْ الْعُيُوبِ؛ لِأَنَّهُ إرَاقَةُ دَمٍ شَرْعًا كَالْأُضْحِيَّةِ وَلَوْ قَدَّمَ يَوْمَ الذَّبْحِ قَبْلَ يَوْمِ السَّابِعِ أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ جَازَ إلَّا أَنَّ يَوْمَ السَّابِعِ أَفْضَلُ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَفْصِلَ لَحْمَهَا وَلَا يَكْسِرَ عَظْمَهَا تَفَاؤُلًا بِسَلَامَةِ أَعْضَاءِ الْوَلَدِ وَيَأْكُلُ وَيُطْعِمُ وَيَتَصَدَّقُ. اهـ. وَفِي فُصُولِ الْعَلَّامِيِّ الْمُسَمَّى بِالْكَرَاهِيَةِ وَالِاسْتِحْسَانِ فِي الْفَصْلِ 36 وَيَعُقُّ عَنْهُ فِي الْيَوْمِ

كتاب الشرب

السَّابِعِ مِنْ الْوِلَادَةِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْعَقِيقَةُ حَقٌّ عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ» وَقَدْ «عَقَّ عَنْ نَفْسِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَعْدَمَا بُعِثَ نَبِيًّا» . وَيَقُولُ عِنْدَ ذَبْحِهِ اللَّهُمَّ هَذِهِ عَقِيقَةُ ابْنِي، فَإِنَّ دَمَهَا بِدَمِهِ وَلَحْمَهَا بِلَحْمِهِ وَعَظْمَهَا بِعَظْمِهِ وَجِلْدَهَا بِجِلْدِهِ وَشَعْرَهَا بِشَعْرِهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا فِدَاءً لِابْنِي مِنْ النَّارِ وَلَا يُكْسَرُ لِلْعَقِيقَةِ عَظْمٌ وَيُعْطِي الْقَابِلَةَ فَخْذَهَا وَيَطْبُخُ جَمِيعَهَا ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهَا وَلَا يُكْسَرُ مِنْهَا شَيْءٌ. اهـ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ عِبَارَةَ شَرْحِ الشِّرْعَةِ بِطُولِهَا وَهِيَ فِي مَعْنَى مَا مَرَّ ثُمَّ قَالَ وَرَأَيْتُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ حَجَرٍ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ كِتَابٌ مُعْتَبَرٌ عِنْدَهُمْ مَا مُلَخَّصُهُ بِاخْتِصَارٍ وَاقْتِصَارٍ عَلَى بَعْضِ الْمَقْصُودِ مَعَ التَّصَرُّفِ فِي بَعْضِ الْعِبَارَةِ وَذَكَرْتُهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ قَالَ وَوَقْتُهَا بَعْدَ تَمَامِ الْوِلَادَةِ إلَى الْبُلُوغِ فَلَا يُجْزِئُ قَبْلَهَا وَذَبْحُهَا فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ يُسَنُّ وَالْأَوْلَى فِعْلُهَا صَدْرَ النَّهَارِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بَعْدَ وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لِلتَّبَرُّكِ بِالْبُكُورِ وَلَيْسَ مِنْ السَّبْعَةِ يَوْمُ الْوِلَادَةِ خِلَافًا لِلشَّيْخَيْنِ وَلَوْ وُلِدَ لَيْلًا حُسِبَتْ الذَّبِيحَةُ مِنْ صَبِيحَتِهِ وَيُسَنُّ أَنْ يَعُقَّ عَنْ نَفْسِهِ مَنْ بَلَغَ وَلَمْ يُعَقَّ عَنْهُ وَحُكْمُهَا كَأَحْكَامِ الْأُضْحِيَّةِ إلَّا أَنَّهُ يُسَنُّ طَبْخُهَا وَبِحُلْوٍ تَفَاؤُلًا بِحَلَاوَةِ أَخْلَاقِ الْمَوْلُودِ وَحَمْلُ لَحْمِهَا مَطْبُوخًا لِلْفُقَرَاءِ وَلَا بَأْسَ بِنَدْبِهِمْ إلَيْهَا وَتُعْطَى الْقَابِلَةُ رِجْلَهَا لِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِإِعْطَائِهَا إيَّاهَا وَالْيُمْنَى أَوْلَى وَلَا يُكْسَرُ عَظْمُهَا، وَإِنْ كُسِرَ لَمْ يُكْرَهْ. وَيُسَنُّ عَنْ الذَّكَرِ شَاتَانِ مُسْتَوِيَتَانِ وَعَنْ الْأُنْثَى وَاحِدَةٌ وَعَنْ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ وَاحِدَةٌ وَالِاحْتِيَاطُ ثِنْتَانِ وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ الذَّابِحُ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ لَكَ وَإِلَيْكَ عَقِيقَةُ فُلَانٍ لِخَبَرٍ وَرَدَ وَيُكْرَهُ لَطْخُ رَأْسِ الْمَوْلُودِ مِنْ دَمِهَا وَيُنْدَبُ تَسْمِيَةُ الْمَذْبُوحِ لِلْمَوْلُودِ نَسِيكَةً أَوْ ذَبِيحَةً لَا عَقِيقَةً فَيُكْرَهُ وَيَدُلُّ لَهُ خَبَرُ أَبِي دَاوُد وَهُوَ حَسَنٌ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلسَّائِلِ عَنْهَا لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْعُقُوقَ» وَفِي رِوَايَةٍ «لَا أُحِبُّ لِلَّهِ الْعُقُوقَ» . اهـ. نَعُوذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنْ عُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ وَنَسْأَلُهُ حُسْنَ النَّشْأَتَيْنِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ وَالْمَعُونَةُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ مُعَلِّمِ الْخَيْرِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. (أَقُولُ) هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا كِتَابَ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ وَذَكَرَ مَسَائِلَ مِنْهُ عَامَّتُهَا اسْتِطْرَادِيَّةٌ غَيْرُ مَسْئُولٍ عَنْهَا وَذَكَرَ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً مِنْ جِنْسِهَا آخِرَ الْكِتَابِ فَأَحْبَبْتُ تَأْخِيرَ الْكُلِّ إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ لِتَكُونَ كَالْفَاكِهَةِ بَعْدَ الطَّعَامِ. [كِتَابُ الشُّرْبِ] (كِتَابُ الشُّرْبِ) (سُئِلَ) فِي دَارٍ مَعْلُومَةٍ جَارِيَةٍ فِي مِلْكِ زَيْدٍ وَفِيهَا بِرْكَةٌ لَهَا حَقُّ شِرْبٍ مَعْلُومٍ مِنْ طَالِعِ مَاءٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى ثَلَاثَةِ فُرُوضٍ مَعْلُومَةِ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالْعُمْقِ فَرْضٌ يَجْرِي لِبِرْكَةِ زَيْدٍ وَفَرْضَانِ لِسَبِيلِ كُلِّ ذَلِكَ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ عَمَدَ رَجُلٌ الْآنَ وَوَسَّعَ فَرْضَيْ السَّبِيلِ وَغَيَّرَهُمَا عَمَّا كَانَا عَلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ زَيْدٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ أَصْلًا وَيُرِيدُ إعَادَتَهُمَا كَمَا كَانَا عَلَيْهِ قَدِيمًا بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ لِرَجُلٍ لَهَا حَقُّ شِرْبٍ مَعْلُومٍ يَجْرِي إلَيْهَا الْمَاءُ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ فِي مَجْرًى مَعْلُومٍ فِي أَرْضِ زَيْدٍ يُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ أَنْ لَا يَجْرِيَ الْمَاءُ فِي أَرْضِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ أَرْضٌ وَلِآخَرَ فِيهَا نَهْرٌ فَأَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ لَا يَجْرِيَ النَّهْرُ فِي أَرْضِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَيُتْرَكُ عَلَى حَالِهِ تَنْوِيرٌ مِنْ الشِّرْبِ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَجْرَى زَيْدٌ الْمَاءَ فِي أَرْضِهِ إجْرَاءً لَا يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ بَلْ يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِ جَارِهِ فَتَعَدَّى الْمَاءُ وَتَلِفَ بِسَبَبِ ذَلِكَ زَرْعُ جَارِهِ الْمَوْضُوعُ فِي أَرْضِهِ فَهَلْ يَضْمَنُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ أَجْرَاهُ كَمَا ذُكِرَ يَضْمَنُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ رَجُلٌ سَقَى أَرْضَ نَفْسِهِ فَتَعَدَّى إلَى

أَرْضِ الْجَارِ قَالَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ إنْ أَجْرَى الْمَاءَ فِي أَرْضِهِ إجْرَاءً لَا يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِ جَارِهِ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ إنْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ جَارُهُ بِالسَّكْرِ وَالْإِحْكَامِ وَلَمْ يَفْعَلْ كَانَ ضَامِنًا وَتَكُونُ هَذِهِ بِمَنْزِلَةِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْحَائِطِ الْمَائِلِ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ إلَيْهِ حَتَّى تَعَدَّى لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ كَانَتْ أَرْضُهُ صُعُودًا وَأَرْضُ جَارِهِ هُبُوطًا يُعْلَمُ أَنَّهُ إذَا سَقَى أَرْضَهُ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ كَانَ ضَامِنًا وَيُؤْمَرُ بِوَضْعِ الْمُسَنَّاةِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ 32 فِي أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ وَتَمَامُ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ فِيهَا وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اخْتَصَمَ جَمَاعَةٌ فِي شِرْبٍ بَيْنَهُمْ فَهَلْ يُقْسَمُ عَلَى قَدْرِ أَرَاضِيِهِمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَرَاضِيهِمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُلْتَقَى وَالتَّنْوِيرِ مِنْ الشِّرْبِ (أَقُولُ) وَهَذَا إذَا لَمْ تُعْلَمْ الْكَيْفِيَّةُ فِي الزَّمَانِ الْمُتَقَادِمِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ فَلَوْ عُلِمَتْ يَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِبُسْتَانِ وَقْفٍ حَقُّ شِرْبٍ قَدِيمٍ مِنْ نَهْرٍ قَدِيمٍ مُشْتَرَكٍ عَلَيْهِ مِنْ الْأَسْفَلِ طَوَاحِينُ دَوَرَانُهَا مِنْهُ وَلَا يُمْكِنُ سَقْيُ الْبُسْتَانِ إلَّا بِالسِّكْرِ وَنُظَّارُ وَقْفِهِ مُتَصَرِّفُونَ بِشِرْبِهِ بِالسِّكْرِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ إلَى الْآنَ بِلَا مُعَارِضٍ لَا يُعْرَفُ إلَّا هَكَذَا مِنْ الْقَدِيمِ وَالْآنَ قَامَ أَرْبَابُ الطَّوَاحِينِ يُعَارِضُونَ نَاظِرَ وَقْفِ الْبُسْتَانِ بِالسِّكْرِ وَيُرِيدُونَ مَنْعَهُ عَنْهُ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ السَّقْيُ بِالسِّكْرِ قَدِيمًا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ وَيُمْنَعُ الْمُعَارِضُ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ مُحَمَّدٌ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ الْجَوَابُ كَمَا بِهِ الْعَمُّ الْمَرْحُومُ أَجَابَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ (صُورَةُ دَعْوَى) وَرَدَتْ مِنْ طَرَفِ مُحَافِظِ الشَّامِ وَحَاكِمِ الشَّرْعِ سَنَةَ 1146 مَذْكُورٌ فِي وَقْفِ الْأُمَوِيِّ مُصَرِّحٌ فِي الصَّرِيحِ أَنَّهُ فُتُوحٌ غَيْرُ سُدُودٍ وَيَدَّعِي وَاضِعُوا الْيَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدِيمٌ وَمَنْ قَبْلَهُمْ مُتَصَرِّفُونَ فِيهِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَوُجِدَ تَارِيخُ الصَّرِيحِ أَزْيَدَ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ فَأَنْكَرَ أَهْلُ عَرْبِيلَ وُجُودَ الْمَاصِيَةِ وَقِدَمَهَا وَأَنَّهَا مُحْدَثَةٌ أَحْدَثَهَا صَادِقُ أَغَا مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً فَهَلْ يُعْمَلُ بِالتَّصَرُّفِ الْقَدِيمِ وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ فِي دَعْوَى الْمَاءِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ اُكْتُبُوا لَنَا الْجَوَابَ مُفَصَّلًا. الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ تَعَالَى حَيْثُ وُجِدَ التَّصَرُّفُ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَإِلَى الْآنَ يُعْمَلُ بِهِ لَا سِيَّمَا مَعَ وُجُودِ التَّصْرِيحِ فِي الصَّرِيحِ بِذَلِكَ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَنْ قَالَ بِالْحُدُوثِ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، فَإِنَّ تَارِيخَ مُدَّعِي الْقِدَمِ أَسْبَقُ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ إذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي عَيْنٍ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ فِي أَيْدِيهِمَا أَوْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِ ثَالِثٍ ادَّعَيَاهُ مِلْكًا بَيْنَهُمَا أَوْ مِيرَاثًا أَوْ شِرَاءً مِنْ وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ أَرَّخَا تَارِيخًا وَاحِدًا أَوْ لَمْ يُؤَرِّخَا أَوْ أَرَّخَا وَتَارِيخُ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَقْضِي لِأَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْبَحْرِ وَالتَّنْوِيرِ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَالْمُلْتَقَى وَالدُّرَرِ وَغَيْرِهَا. وَفِي الرَّحِيمِيَّةِ سُئِلَ فِي جَمَاعَةِ يَهُودٍ يَجْرِي مَاءُ بَسَاتِينِ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ نَهْرٍ قَدِيمٍ فِي أَرْضٍ بِيَدِهِمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَمْنَعُوا إجْرَاءَ الْمَاءِ مِنْهَا إلَى تِلْكَ الْبَسَاتِينِ هَلْ لَهُمْ ذَلِكَ أَجَابَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَالْقَدِيمُ وَحْدَهُ الَّذِي لَا يُحْفَظُ إقْرَانُهُ وَرَاءَ هَذَا الْوَقْتِ كَيْفَ كَانَ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ يَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ وَيَثْبُتُ أَيْضًا حَقُّ الْإِجْرَاءِ بِإِثْبَاتِ الْجَرْيِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى الْمِلْكِ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ وَيُقْضَى بِهِ لِصَاحِبِهِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَفِي الْأَشْبَاهِ فِي تَصَرُّفِ الْإِمَامِ بِالرَّعِيَّةِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ (تَنْبِيهٌ) إذَا كَانَ فِعْلُ الْإِمَامِ مَبْنِيًّا عَلَى مَصْلَحَةٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأُمُورِ الْعَامَّةِ لَمْ يَنْفُذْ أَمْرُهُ شَرْعًا إلَّا إذَا وَافَقَهَا، فَإِنْ خَالَفَهَا لَا يَنْفُذُ وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ مِنْ بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخْرِجَ شَيْئًا مِنْ يَدِ أَحَدٍ إلَّا بِحَقٍّ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ. اهـ. وَفِي الْعِمَادِيَّةِ فِي آخِرِهَا مِنْ بَحْثِ مَا يُحْكَمُ بِهِ الْحَالُ مَا نَصُّهُ فِيمَا إذَا كَانَ لِرَجُلٍ نَهْرٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ أَوْ مِيزَابٌ فِي

دَارِ رَجُلٍ فَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ وَأَنْكَرَ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَالدَّارِ ثُبُوتَ حَقِّهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَعَلَى الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةُ أَنَّ لَهُ حَقَّ التَّسْبِيلِ لِإِجْرَاءِ الْمَاءِ فِيهِ إلَّا إذَا كَانَ الْمَاءُ جَارِيًا زَمَانَ الْخُصُومَةِ فَحِينَئِذٍ الْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَاءِ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ زَمَانَ الْخُصُومَةِ إلَّا أَنَّهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ يَجْرِي الْمَاءُ إلَى أَرْضِ هَذَا الرَّجُلِ مِنْ هَذَا النَّهْرِ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْمَاءِ. اهـ. وَقَالَ فِي شِرْبِ التَّنْوِيرِ وَتَصِحُّ دَعْوَى الشِّرْبِ بِغَيْرِ أَرْضٍ اسْتِحْسَانًا. اهـ. ثُمَّ أَرْسَلْتُ صُورَةَ الدَّعْوَى وَمَكْتُوبٌ فِيهَا مَا صُورَتُهُ أَبْرَزَ الْمُدَّعُونَ حُجَّةً مُتَعَلِّقَةً بِذَوِي مَاصِيَةٍ مُحْدَثَةٍ وَضَمَّنَهَا فَتْوَى مِنْ أَحْمَدَ أَفَنْدِي الْمِهْمَنْدَارِي بِأَنَّ بَيِّنَةَ الْحُدُوثِ مُقَدَّمَةٌ وَالْحُجَّةُ وَاصِلَةٌ إلَيْكُمْ فَالْمَرْجُوُّ تَمْيِيزُ ذَلِكَ وَكِتَابَةُ الْجَوَابِ الْجَوَابُ الْحَمْدُ لِلَّهِ فِي الْحُجَّةِ الْمُرْسَلَةِ لَمْ يَذْكُرْ الْمُدَّعِي وَلَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَارِيخًا أَصْلًا مِنْ الطَّرَفَيْنِ، وَأَمَّا مَسْأَلَتُنَا فَمَذْكُورٌ فِيهَا أَنَّ ذَا الْيَدِ أَرَّخَ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ سَنَةٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ إذَا أَرَّخَا يَقْضِي بِهَا لِأَسْبَقِهِمَا تَارِيخًا قَالَ فِي الْبَحْرِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ سَبْقَ التَّارِيخِ أَرْجَحُ مِنْ الْكُلِّ وَمِثْلُهُ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ وَأَيْضًا فِي الْحُجَّةِ الْمُرْسَلَةِ الْحَالُ شَاهِدٌ بِالْحُدُوثِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهَا وَأَنَّهُ وَجَدَ ثُقْبًا مَخْرُوقًا غَيْرَ مُسْتَدِيرٍ وَلَا مُسْتَوٍ وَلَا هُوَ كَفَمِ سَائِرِ الْمَوَاصِي وَأَيْضًا الْمُدَّعِي مُسْتَنِدٌ إلَى كِتَابِ الْوَقْفِ وَأَبْرَزَهُ مِنْ يَدِهِ فَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ وَأَيْضًا لَيْسَ لَهُ أَرْضٌ أَصْلًا يَسْقِي بِهِ الْمَاءَ الْمَذْكُورَ فَكُلُّ ذَلِكَ شَاهِدٌ بِأَنَّهَا حَادِثَةٌ وَالْفَتْوَى بُنِيَتْ عَلَى ذَلِكَ. وَأَمَّا مُجَرَّدُ بَيِّنَةِ الْحُدُوثِ وَالْقِدَمِ مِنْ دُونِ تَارِيخٍ فَفِيهَا خِلَافٌ قَالَ فِي الْحَاوِي لَهُ كَنِيفٌ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَزَعَمَ غَيْرُهُ أَنَّهُ مُحْدَثٌ وَزَعَمَ صَاحِبُهُ أَنَّهُ قَدِيمٌ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ مُحْدَثٌ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ وِلَايَةَ النَّقْضِ وَقَالَ رَامِزًا إلَى بِمَ الْقَوْلُ فِي هَذَا قَوْلُ الْمُدَّعِي بِالْقِدَمِ. اهـ. وَذَكَرَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى عَنْ تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ لِلشَّيْخِ غَانِمٍ الْبَغْدَادِيِّ أَنَّ بَيِّنَةَ الْقِدَمِ فِي الْبِنَاءِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ الْحُدُوثِ. اهـ. هَذَا مَا تَيَسَّرَ نَقْلُهُ وَظَهَرَ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَالسَّلَامُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ ثُمَّ إنِّي رَأَيْتُ فَتْوَى مِنْ الْمَرْحُومِ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَفَنْدِي الْفَرْفُورِيُّ مُدْرَجَةً فِي حُجَّةِ مُؤَرِّخِهِ فِي خَامِسَ عَشَرَ جُمَادَى الْأُولَى سَنَة 1072 مَضْمُونُهَا فِيمَا إذَا كَانَ سَبِيلُ مَاءٍ مَعْلُومٌ مُسْتَمَدٌّ مِنْ نَهْرٍ مَعْلُومٍ مَفْتُوحًا غَيْرَ مَسْدُودٍ وَفَائِضُ مَاءِ السَّبِيلِ الْمَذْكُورِ يَسْقِي بِهِ أَرَاضِيَ بَسَاتِينَ مَعْلُومَةٍ مِنْ الزَّمَنِ الْقَدِيمِ بِمُوجِبِ تَمَسُّكَاتٍ شَرْعِيَّةٍ وَادَّعَى أَصْحَابُ النَّهْرِ الْمَزْبُورِ أَنَّ مَجْرَى السَّبِيلِ الْمَزْبُورِ مُحْدَثٌ وَسَدُّوهُ وَأَصْحَابُ الْبَسَاتِينِ الْمَزْبُورِ مُدَّعُونَ أَنَّهُ قَدِيمٌ فَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْقِدَمِ عَلَى بَيِّنَةِ الْحُدُوثِ وَيُمْنَعُ أَصْحَابُ النَّهْرِ الْمَزْبُورِ مِنْ مُعَارَضَةِ أَصْحَابِ الْبَسَاتِينِ الَّتِي تُسْقَى أَرَاضِيهَا مِنْ فَائِضِ مَاءِ السَّبِيلِ الْمَزْبُورِ أَوْ لَا. الْجَوَابُ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْقِدَمِ عَلَى بَيِّنَةِ الْحُدُوثِ وَيُمْنَعُ أَصْحَابُ النَّهْرِ مِنْ الْمُعَارَضَةِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ لَهُمْ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَيَبْقَى ذَلِكَ بِيَدِ الْمُدَّعِينَ الْمَزْبُورِينَ الْمُومِي إلَيْهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُمْ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَإِلَى الْآنَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (أَقُولُ) قَدَّمْنَا الْكَلَامَ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ عَلَى تَعَارُضِ بَيِّنَةِ الْحُدُوثِ وَالْقِدَمِ وَذَكَرْنَا تَرْجِيحَ الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْحُدُوثِ فِي الْبِنَاءِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ وَقَدْ أَفَادَ الْمُؤَلِّفُ بِمَا ذَكَرَهُ هُنَا فَائِدَةً حَسَنَةً وَهِيَ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي مُجَرَّدِ أَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ قَدِيمٌ أَوْ حَادِثٌ بِدُونِ ذِكْرِ تَارِيخٍ أَمَّا إذَا ذُكِرَ التَّارِيخُ بِأَنْ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ مِلْكِي أَوْ حَقِّي مِنْ سَنَةِ كَذَا وَادَّعَاهُ آخَرُ كَذَلِكَ مِنْ سَنَةِ كَذَا، فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي تَرْجِيحِ الْأَسْبَقِ تَارِيخًا عَلَى مَا جُزِمَ بِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ فَتَنَبَّهْ. (سُئِلَ) فِي نَهْرٍ كَبِيرٍ يَجْرِي عَلَى حَافَّةِ بُيُوتٍ بِصَالِحِيَّةِ دِمَشْقَ الْمَحْرُوسَةِ يَسْتَقِي مِنْهُ أَهْلُ الْبُيُوتِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَفِي النَّهْرِ الْمَزْبُورِ مَوْضِعٌ مَكْشُوفٌ مِقْدَارُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ طُولًا وَعَرْضًا يَسْتَقِي مِنْهُ

الْعَامَّةُ مِنْ الْقَدِيمِ وَيُرِيدُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبُيُوتِ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى النَّهْرِ الْمَزْبُورِ بِنَاءً وَيَجْعَلَهُ بَيْتًا وَيُدْخِلَهُ إلَى دَارِهِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لِلْعَامَّةِ وَيُضَيِّقُ مَحَلَّ الِاسْتِقَاءِ وَتَغْيِيرُ الْقَدِيمِ فَهَلْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَيْسَ لِلرَّجُلِ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ (سُئِلَ) فِي نَهْرٍ قَدِيمٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهُ وَبِبَاطِنِهِ بَسْطٌ قَدِيمٌ مَبْنِيٌّ بِالْحِجَارَةِ فِيهِ لِكُلٍّ مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ مَقْسَمٌ مُخْتَصٌّ بِشِرْبِ أَرَاضِيِهَا وَكُلٌّ مِنْ أَصْحَابِ الْقَرْيَتَيْنِ وَاضِعٌ يَدَهُ عَلَى حَقِّهِ الْمَذْكُورِ وَمُتَصَرِّفٌ بِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَإِلَى الْآنَ بِلَا مُعَارِضٍ وَلَا مُنَازِعٍ وَالْآنَ عَمَدَ أَهْلُ إحْدَى الْقَرْيَتَيْنِ فَغَيَّرُوا الْبَسْطَ عَنْ أَصْلِهِ وَأَرَادُوا مَنْعَ أَهَالِيِ الْقَرْيَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ أَخْذِ حَقِّهِمْ مِنْ الْمَاءِ الْمَذْكُورِ إلَى أَنْ يُبْرِزُوا لَهُمْ سَنَدًا أَوْ حُجَّةً تَشْهَدُ لَهُمْ بِذَلِكَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : وَضْعُ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفُ حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ وَلَا يُكَلَّفُ ذُو الْيَدِ إلَى إظْهَارِ سَنَدٍ يَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ مَعَ وَضْعِ يَدِهِ فَيُعْمَلُ بِوَضْعِ يَدِ أَصْحَابِ الْقَرْيَةِ الثَّانِيَةِ وَتَصَرُّفِهِمْ مِنْ الْقَدِيمِ وَيُمْنَعُ الْمُعَارِضُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَيَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْعَلِيمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ بِرْكَةُ مَاءٍ فِي دَارِهَا يَجْرِي إلَيْهَا الْمَاءُ مِنْ فَائِضٍ قَدِيمٍ فِي بِرْكَةِ دَارِ زَيْدٍ فَسَدَّ زَيْدٌ الْفَائِضَ وَامْتَنَعَ مِنْ فَتْحِهِ إلَّا أَنْ تُكَلِّسَ هِنْدٌ بِرْكَتَهُ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ لَهَا مَا فَاضَ مِنْ الْمَاءِ وَلَيْسَ لَهَا حَقٌّ فِي الْبِرْكَةِ لَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ وَلَا يُلْزَمُ زَيْدٌ بِتَكْلِيسِ الْبِرْكَةِ أَيْضًا لِعَدَمِ جَبْرِ الْإِنْسَانِ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِرَجُلَيْنِ فِي دَارِ زَيْدٍ مَسِيلُ مَاءٍ بِمَعْنَى حَقِّ الْأُجَرَاءِ دُونَ رَقَبَةِ الْمَسِيلِ فَأَسْقَطَا حَقَّهُمَا مِنْ ذَلِكَ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَهَلْ يَسْقُطُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ صَاحِبُ الْمَسِيلِ أَبْطَلْت حَقِّي مِنْ الْمَسِيلِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ إجْرَاءِ الْمَاءِ دُونَ الرَّقَبَةِ بَطَلَ حَقُّهُ قِيَاسًا عَلَى حَقِّ السُّكْنَى، وَإِنْ كَانَ لَهُ رَقَبَةُ الْمَسِيلِ لَا يَبْطُلُ بِالْإِبْطَالِ رَسَائِلُ الزَّيْنِيَّةِ مِنْ رِسَالَةِ مَا يَسْقُطُ مِنْ الْحُقُوقِ بِالْإِسْقَاطِ وَمِثْلُهُ فِي الْأَشْبَاهِ. (سُئِلَ) فِي أَرْضٍ مَعْلُومَةٍ لَهَا شِرْبٌ مَعْلُومٌ وَهِيَ جَارِيَةٌ مَعَ الشِّرْبِ الْمَزْبُورِ تَحْتَ تَوْلِيَةِ زَيْدٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَآجَرَ الْمُتَوَلِّي الشِّرْبَ الْمَذْكُورَ وَحْدَهُ بِدُونِ الْأَرْضِ لِعَمْرٍو لِيَسُوقَ الشِّرْبَ إلَى أَرْضِ نَفْسِهِ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرَ جَائِزَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : لَا تَصِحُّ إجَارَةُ الشِّرْبِ وَحْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهِمَا وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسِ فِي بَيْعِ الشِّرْبِ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ إذَا بَاعَ شِرْبَ يَوْمٍ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا يُجَوِّزُونَ ذَلِكَ وَالْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ وَأُسْتَاذُهُ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْمَشَايِخِ لَمْ يُجَوِّزُوا ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ الْمَاءَ لَا يَجُوزُ وَإِذَا بَاعَهُ أَوْ آجَرَهُ مَعَ الْأَرْضِ فَهُوَ جَائِزٌ وَيَدْخُلُ الشِّرْبُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ أَلَا يَرَى أَنْ أَطْرَافَ الْعَبِيدِ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا وَلَا تَدْخُلُ مَقْصُودًا. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ حَقُّ شِرْبٍ مَعْلُومٍ مِنْ نَهْرٍ فَبَاعَ الشِّرْبَ وَحْدَهُ بِدُونِ أَرْضٍ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَكَذَا صَحَّ بَيْعُ الشِّرْبِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ بِالْإِجْمَاعِ وَوَحْدَهُ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِ بَلْخِي؛ لِأَنَّهُ نَصِيبٌ مِنْ الْمَاءِ وَلَمْ يَجُزْ فِي أُخْرَى وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِ بُخَارَى لِلْجَهَالَةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الشِّرْبِ رَجُلٌ اشْتَرَى شِرْبًا بِغَيْرِ أَرْضٍ وَفِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ تُبَاعُ الْمِيَاهُ بِغَيْرِ أَرْضٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَجُوزُ هَذَا الْبَيْعُ، فَإِنْ بَاعَ وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْخَرَاجُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَسَدَ الْعَقْدُ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ يَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ فَلَوْ أَنَّهُ بَاعَ الْمَاءَ بِدُونِ الْأَرْضِ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الشِّرْبَ ثُمَّ بَاعَ الشِّرْبَ مَعَ أَرْضٍ لَهُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الشِّرْبِ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ لَمْ يَمْلِكْ الشِّرْبَ بِالشِّرَاءِ وَالْقَبْضِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الشِّرْبِ بَيْعٌ لَا يَقَعُ عَلَى مَوْجُودٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الْأَرْضَ وَالشِّرْبَ جَازَ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مُنْقَطِعًا وَقْتَ الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ الْبَيْعُ فِي الْمَاءِ عَلَى مَا يَحْدُثُ وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ، فَإِذَا لَمْ يَشْتَرِ شَيْئًا

مَوْجُودًا لَا يَمْلِكُهُ بِالْقَبْضِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ ثَانِيًا؛ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَعِنْدِي هَذَا الْجَوَابُ مُشْكِلٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ فِي الشِّرْبِ حُكْمَ بَيْعٍ فَاسِدٍ لَا حُكْمَ بَيْعٍ بَاطِلٍ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الشِّرْبِ وَحْدَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَجُوزُ فِي رِوَايَةٍ. وَبِهِ أَخَذَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِبَيْعِ الشِّرْبِ فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ فَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ، فَإِذَا بَاعَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ رَجُلٌ بَاعَ الشِّرْبَ بِعَبْدٍ وَقَبَضَ الْعَبْدَ وَأَعْتَقَهُ جَازَ عِتْقُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الشِّرْبُ مَحِلًّا لِلْبَيْعِ لَمَا جَازَ عِتْقُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا بِمَيْتَةٍ أَوْ دَمٍ وَقَبَضَهُ لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ. اهـ. مِنَحُ الْغَفَّارِ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ (سُئِلَ) فِي مَجْرَى مَاءٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ خَاصٍّ بِهِمْ احْتَاجَ الْمَجْرَى إلَى الْكَرْيِ الضَّرُورِيِّ فَكَرَاهُ الْبَعْضُ وَصَرَفَ عَلَى ذَلِكَ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَأَبَى الْبَعْضُ عَنْ ذَلِكَ الْكَرْيِ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى الْآبِي بِمَا أَنْفَقَ حَيْثُ كَانَ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ فَصْلِ كَرْيِ الْأَنْهَارِ، وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ الْخَاصُّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَكَرْيُهُ عَلَى أَهْلِهِ لِمَا بَيَّنَّا ثُمَّ قِيلَ يُجْبَرُ الْآبِي وَقِيلَ لَا يُجْبَرُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الضَّرَرَيْنِ خَاصٌّ وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ عَنْهُمْ بِالرُّجُوعِ عَلَى الْآبِي بِمَا أُنْفِقَ فِيهِ إذَا كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي إلَخْ وَجَزَمَ الزَّيْلَعِيُّ بِالرُّجُوعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْمُؤْنَةِ إذَا كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ فِي الْهِدَايَةِ حَيْثُ أَخَّرَهُ مَعَ دَلِيلِهِ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ كَرْيِ الْأَنْهَارِ وَتَكَلَّمُوا فِي النَّهْرِ الْخَاصِّ قَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ النَّهْرُ لِعَشَرَةٍ فَمَا دُونَهَا أَوْ عَلَيْهِ قَرْيَةٌ وَاحِدَةٌ يَفْنَى مَاؤُهُ فِيهَا فَهُوَ نَهْرٌ خَاصٌّ تُسْتَحَقُّ بِهِ الشُّفْعَةُ، وَإِنْ كَانَ النَّهْرُ لِمَا فَوْقَ الْعَشَرَةِ فَهُوَ نَهْرٌ عَامٌّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ لِمَا دُونَ الْمِائَةِ فَهُوَ خَاصٌّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ لِمَا دُونَ الْأَرْبَعِينَ فَهُوَ نَهْرٌ خَاصٌّ، وَإِنْ كَانَ لِأَرْبَعِينَ فَهُوَ عَامٌّ. وَأَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ يُفَوَّضُ إلَى رَأْيِ الْمُجْتَهِدِ حَتَّى يَخْتَارَ أَيَّ الْأَقْوَالِ شَاءَ. اهـ. وَفِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ وَمُؤْنَةُ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ عَلَيْهِمْ أَيْ عَلَى أَهْلِ النَّهْرِ الْكَائِنِينَ مِنْ أَعْلَاهُ أَيْ أَعْلَى النَّهْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى إذَا جَاوَزَ أَرْضَ رَجُلٍ مِنْهُمْ تَسْقُطُ عَنْهُ مُؤْنَةُ الْكَرْيِ وَقَالَا كَرْيُ النَّهْرِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ عَلَى الشُّرَكَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَعْلَى يَحْتَاجُ إلَى مَا وَرَاءَ أَرْضِهِ لِيَسِيلَ مَا فَضَلَ مِنْ مَائِهِ لِئَلَّا تَغْرَقَ أَرْضُهُ وَلَهُ أَنَّهُ لِلْحَاجَةِ إلَى سَقْيِ الْأَرْضِ وَلَمْ تَبْقَ لَهُ حَاجَةٌ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَنْ لَهُ حَقُّ تَسْيِيلِ مَاءِ سَطْحِهِ عَلَى سَطْحِ جَارِهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ عِمَارَةِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِاعْتِبَارِ تَسْيِيلِ الْمَاءِ فِيهِ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى مَا سَبَقَ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ جَاوَزَ الْكَرْيُ أَرْضَ رَجُلٍ مِنْهُمْ بَرِئَ الرَّجُلُ مِنْ الْكَرْيِ لِمَا ذَكَرْنَا. اهـ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ، وَإِذَا جَاوَزَ فُوَّهَةَ رَجُلٍ هَلْ تُرْفَعُ عَنْهُ مُؤْنَةُ الْكَرْيِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُرْفَعُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ أَرْضَهُ وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ إذَا احْتَاجُوا إلَى إصْلَاحِ جَانِبَيْ النَّهْرِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهِمَا وَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَأَمَّا الطَّرِيقُ الْخَاصُّ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ إذَا اُحْتِيجَ إلَى إصْلَاحِهِ فَإِصْلَاحُ أَوَّلِهِ عَلَيْهِمْ إجْمَاعًا، فَإِذَا بَلَغُوا دَارَ رَجُلٍ قِيلَ إنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي النَّهْرِ وَقِيلَ يُرْفَعُ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ لَا حَاجَةَ لَهُ إلَى مَا وَرَاءَ دَارِهِ بِوَجْهٍ مَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَعْمِلُهَا بِخِلَافِ النَّهْرِ، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى تَسْيِيلِ الْمَاءِ إذْ لَوْلَاهُ لَغَرِقَتْ أَرْضُهُ حَالَ كَثْرَةِ الْمَاءِ وَمَنْ جَاوَزَ الْكَرْيُ أَرْضَهُ وَأَرَادَ فَتْحَ رَأْسِ النَّهْرِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَهُ ذَلِكَ لِزَوَالِ مُؤْنَةِ الْكَرْيِ عَنْهُ وَقَالَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ نَهْرًا عَظِيمًا عَلَيْهِ قُرًى يَشْرَبُونَ مِنْهُ فَبَلَغُوا بِالْكَرْيِ فُوَّهَةَ نَهْرِ قَرْيَةٍ قَالَ فِي النَّوَادِرِ يُرْفَعُ عَنْهُ مُؤْنَةُ الْكَرْيِ إجْمَاعًا وَعَلَى قِيَاسِ النَّهْرِ الْخَاصِّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُرْفَعَ حَتَّى يُجَاوِزَ الْكَرْيُ أَرَاضِيَ قَرْيَتِهِمْ. اهـ. (سُئِلَ) فِي مَجْرَى أَوْسَاخٍ يَنْصَبُّ فِيهِ أَوْسَاخُ بُيُوتِ جَمَاعَةٍ مِنْ مَحَلَّاتٍ مِنْ أَعْلَاهُ إلَى أَسْفَلِهِ وَاحْتَاجَ إلَى التَّعْزِيلِ فَقَامَ أَهْلُ مَجْرَى أَوْسَاخِ الْأَعْلَى

يُكَلِّفُونَ بَعْضَ أَهَالِيِ الْأَسْفَلِ إلَى تَعْزِيلِهِ مَعَهُمْ مِنْ الْأَعْلَى الَّذِي لَيْسَ لَهُمْ فِيهِ أَوْسَاخٌ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَيْهِمْ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لِأَهَالِي مَحَلَّةِ أَوْسَاخٍ الْأَعْلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) هَاهُنَا فَائِدَةٌ نَبَّهْتُ عَلَيْهَا فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ وَهِيَ أَنَّ نَهْرَ الْأَوْسَاخِ يُخَالِفُ نَهْرَ الشُّرْبِ مِنْ حَيْثُ إنَّ نَهْرَ الْأَوْسَاخِ إذَا احْتَاجَ إلَى الْكَرْيِ وَالتَّعْزِيلِ مِنْ أَعْلَاهُ فَكُلَّمَا جَاوَزَ دَارَ رَجُلٍ لَا تُرْفَعُ عَنْهُ الْمُؤْنَةُ بَلْ يُشَارِكُ مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ وَهَكَذَا كُلَّمَا وَصَلَ التَّعْزِيلُ إلَى دَارِ رَجُلٍ يَدْخُلُ فِي الْمُؤْنَةِ وَيُشَارِكُهُ جَمِيعُ مَنْ قَبْلَهُ حَتَّى يَصِلَ التَّعْزِيلُ إلَى آخِرِ النَّهْرِ فَمَنْ كَانَ فِي أَعْلَى النَّهْرِ كَانَ أَكْثَرَهُمْ كُلْفَةً؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي إجْرَاءِ أَوْسَاخِهِ إلَى جَمِيعِ النَّهْرِ ثُمَّ دُونَهُ مَنْ تَحْتَهُ وَهَكَذَا فَيَكُونُ الْآخِرُ أَقَلَّهُمْ كُلْفَةً؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي إجْرَاءِ أَوْسَاخِهِ إلَى مَا بَعْدَ دَارِهِ مِنْ النَّهْرِ وَهُوَ آخِرُ النَّهْرِ دُونَ مَا قَبْلَهُ بِخِلَافِ نَهْرِ الشُّرْبِ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ إنَّمَا يَحْتَاجُ مِنْ النَّهْرِ إلَى مَا قَبْلَ أَرْضِهِ مِنْ أَعْلَى النَّهْرِ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَاءُ فِي أَرْضِهِ لَمْ يَبْقَ مُحْتَاجًا إلَى شَيْءٍ مِنْ النَّهْرِ مِمَّا بَعْدَ أَرْضِهِ، فَإِذَا جَاوَزَ الْكَرْيُ أَرْضَهُ تُرْفَعُ عَنْهُ الْمُؤْنَةُ وَيَبْقَى دَاخِلًا فِيهَا جَمِيعُ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ أَهْلِ النَّهْرِ ثُمَّ كُلَّمَا جَاوَزَ أَرْضَ رَجُلٍ آخَرَ تُرْفَعُ عَنْهُ وَتَبْقَى عَلَى مَنْ بَعْدَهُ وَهَكَذَا فَمَنْ كَانَ فِي أَسْفَلِ النَّهْرِ يَكُونُ أَكْثَرَهُمْ كُلْفَةً لِاحْتِيَاجِهِ إلَى جَمِيعِ النَّهْرِ ثُمَّ مَنْ فَوْقَهُ ثُمَّ وَثُمَّ عَلَى عَكْسِ نَهْرِ الْأَوْسَاخِ وَحَاصِلُ الْفَرْقِ أَنَّ صَاحِبَ الشِّرْبِ يَحْتَاجُ إلَى كَرْيِ مَا قَبْلَ أَرْضِهِ لِيَصِلَهُ الْمَاءُ وَصَاحِبُ الْأَوْسَاخِ يَحْتَاجُ إلَى مَا بَعْدَ أَرْضِهِ لِيَذْهَبَ وَسَخُهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِأَهَالِي مَحَلَّةٍ مَسَاقِيطُ عَلَى نَهْرٍ مُخْتَصٍّ بِجَمَاعَةٍ فَاحْتَاجَ إلَى التَّعْزِيلِ لِكَثْرَةِ مَا اجْتَمَعَ فِيهِ مِنْ أَوْسَاخِ الْمَسَاقِيطِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ تَكُونُ مُؤْنَةُ تَعْزِيلِ الْأَوْسَاخِ مِنْ النَّهْرِ الْمَذْكُورِ عَلَى أَصْحَابِ الْمَسَاقِيطِ الْمَذْكُورَةِ دُونَ أَهْلِ النَّهْرِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ دَفْعًا لِلضَّرَرِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا أَحْدَثَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ مَسَاقِيطَ عَلَى النَّهْرِ الْمَذْكُورِ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِ النَّهْرِ الْمَرْقُومِ وَيُطَالِبُ أَهْلُ النَّهْرِ أَصْحَابَ الْمَسَاقِيطِ الْمُحْدَثَةِ بِسَدِّهَا عَنْ النَّهْرِ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُمْ مُطَالَبَتُهُمْ بِذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : الْحَمْدُ لِلَّهِ يَسُوغُ لَهُمْ ذَلِكَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَلَاءُ الدِّينِ عُفِيَ عَنْهُ (سُئِلَ) فِي نَهْرٍ كَبِيرٍ يَمْتَدُّ مِنْ أَعْيُنٍ يَشْرَبُ مِنْهُ أَهَالِي قُرًى بَعْضُهَا مِنْ جِهَةِ أَسْفَلِهِ يَجْرِي لِتِلْكَ الْقُرَى فِي أَنْهُرٍ خَاصَّةٍ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ الْكَبِيرِ وَفِي بَعْضِ السِّنِينَ يَقِلُّ مَاءُ النَّهْرِ الْكَبِيرِ فَيَسْكُرُ أَهَالِي الْقُرَى الْعَالِيَةِ مَاءَ النَّهْرِ الْكَبِيرِ الْمُشْتَرَكِ لِيَرْتَفِعَ الْمَاءُ إلَى أَنْهُرِهِمْ الْخَاصَّةِ فَيَسْقُوا أَرَاضِيَهُمْ بِحَيْثُ إنَّ الْمَاءَ لَمْ يَبْقَ فِي النَّهْرِ الْكَبِيرِ يَجْرِي إلَى أَهَالِيِ الْأَسْفَلِ إلَّا قَلِيلًا جِدًّا وَيَحْصُلُ بِذَلِكَ غَايَةُ الضَّرَرِ عَلَى أَهَالِيِ الْقُرَى الَّتِي مِنْ الْأَسْفَلِ مُتَعَلِّلِينَ بِأَنَّهُمْ يَفْعَلُونَ السِّكْرَ الْمَزْبُورَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْقُومِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَأَنَّ الْقَدِيمَ يَبْقَى وَيُتْرَكُ عَلَى قِدَمِهِ، وَإِنْ خَالَفَ الشَّرِيعَةَ الْمُطَهَّرَةَ فَهَلْ لِأَهَالِي الْقُرَى الْأَسَافِلِ أَنْ يُكَلِّفُوا أَهَالِيَ الْقُرَى الْأَعَالِي أَنْ يُزِيلُوا السِّكْرَ لِيَسْقِيَ أَهَالِي الْقُرَى الْأَسَافِلِ أَرَاضِيَهُمْ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَسْكُرُوا فِي بَاطِنِ النَّهْرِ الْكَبِيرِ الْمُشْتَرَكِ بِدُونِ إذْنِهِمْ وَرِضَاهُمْ؟ (الْجَوَابُ) : لَيْسَ لِأَهَالِي الْأَعْلَى أَنْ يَسْكُرُوا الْمَاءَ عَلَى أَهَالِيِ الْأَسْفَلِ؛ لِأَنَّهُمْ أُمَرَاءُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَرْوَوْا كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْمُعَظَّمُ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَإِنْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي بَاطِنِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ بِدُونِ إذْنِ الشُّرَكَاءِ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ شَرْعًا وَفِعْلُ غَيْرِ الْجَائِزِ مَانِعٌ مِنْ فِعْلِهِ الشَّرْعُ فَلَا عِبْرَةَ بِمَا فَعَلَهُ أَهَالِي الْأَعْلَى مِنْ السَّكْرِ قَدِيمًا عَلَى أَهْلِ الْأَسْفَلِ وَإِذْنِهِمْ لِأَهْلِ الْأَعْلَى بِالسَّكْرِ عَلَيْهِمْ لَا يَجْرِي عَلَى الْمُتَأَخِّرِينَ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ رِضَا الْمُتَقَدِّمِينَ رِضَا الْمُتَأَخِّرِينَ فَلِلْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَهْلِ الْأَسْفَلِ مَنْعُ أَهَالِي الْأَعْلَى مِنْ السَّكْرِ فِي بَاطِنِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ حَتَّى يَسْقِيَ أَهَالِي الْأَسْفَلِ أَرَاضِيِهِمْ، فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِهِمْ حَتَّى يَرْوَوْا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ جَمِيعُ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَتَاوَى الْمَرْحُومِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ مُفْتِي الشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ. وَأَجَابَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ بِمَا حَاصِلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِأَهَالِي الْقَرْيَةِ السُّفْلَى حَقُّ شِرْبٍ فِي النَّهْرِ الْمَذْكُورِ فَلِأَهَالِي الْقَرْيَةِ الْعُلْيَا حَبْسُ جَمِيعِ مَاءِ النَّهْرِ الْخَارِجِ مِنْ أَرْضِهَا حَتَّى يَرْوَوْا ثُمَّ يُطْلِقُونَهُ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ السُّفْلَى إنْ شَاءُوا، وَإِنْ كَانَ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ السُّفْلَى حَقُّ شِرْبٍ مِنْ النَّهْرِ الْمَزْبُورِ فَلَيْسَ لِأَهَالِي الْقَرْيَةِ الْعُلْيَا حَبْسُ مَاءِ النَّهْرِ عَنْ أَهَالِيِ الْقَرْيَةِ السُّفْلَى بَلْ يُبْدَأُ بِأَهْلِ السُّفْلَى حَتَّى يَرْوَوْا لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَهْلُ أَسْفَلِ النَّهْرِ أُمَرَاءُ عَلَى أَهْلِ الْأَعْلَى حَتَّى يَرْوَوْا كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (أَقُولُ) وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي خُصُوصِ نَهْرِ دِمَشْقَ الْمُسَمَّى بِبَرَدَا وَهَذَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمُتُونِ كَالْهِدَايَةِ وَالْمُلْتَقَى وَذَكَرَ الْقُهُسْتَانِيُّ وَتَبِعَهُ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ اسْتَحْسَنَ الْمَشَايِخُ أَنْ يَقْسِمَ الْإِمَامُ بَيْنَهُمْ بِالْأَيَّامِ. اهـ. أَيْ إذَا لَمْ يَصْطَلِحُوا وَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِلَا سَكْرٍ فَيَسْكُرُ كُلٌّ فِي نَوْبَتِهِ وَيَنْبَغِي الْإِفْتَاءُ بِهَذَا إنْ لَزِمَ قَصْرُ الضَّرَرِ عَلَى أَهْلِ الْأَعْلَى، فَإِنَّهُ رُبَّمَا يَشْرَبُ أَهْلُ الْأَسْفَلِ جَمِيعَ النَّهْرِ فَيَلْزَمُ أَنْ تَيْبَسَ زُرُوعُ أَهْلِ الْأَعْلَى مَعَ أَنَّ لَهُمْ حَقًّا فِي النَّهْرِ تَأَمَّلْ (فَائِدَةٌ) رَأَيْتُ فِي الْفَتَاوَى الْفِقْهِيَّةِ لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ حَجَرٍ الْمَكِّيِّ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ السُّبْكِيّ مَا حَاصِلُهُ لَا أَشُكُّ فِي نَهْرِ بَرَدَى فِي دِمَشْقَ أَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِأَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ قَدِيمٌ بِأَرْضِهِ وَالْعَيْنُ الَّتِي يَجْرِي الْمَاءُ فِيهِ مِنْهَا إمَّا مُبَاحَةٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَإِمَّا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِلْكُفَّارِ وَانْتَقَلَتْ عَنْهُمْ إلَى الْمُسْلِمِينَ وَأَيًّا مَا كَانَ فَلَيْسَ مِلْكًا لِأَحَدٍ وَبَقِيَّةُ أَنْهَارِهَا الظَّاهِرُ أَنَّهَا كَذَلِكَ وَأَنَّهَا مُتَقَدِّمَةٌ وَيُحْتَمَلُ حُدُوثُهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَا كَانَ بِانْخِرَاقٍ فِي مَوَاتٍ فَلَيْسَ بِمَمْلُوكٍ وَمَا كَانَ بِحَفْرٍ، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ حَافِرُهُ الْإِبَاحَةَ فَكَذَلِكَ أَوْ نَفْسَهُ فَمِلْكٌ لَهُ لَكِنَّا لَا نَعْلَمُهُ الْآنَ هُوَ وَلَا وَرَثَتَهُ فَهُوَ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ تَخْصِيصُ طَائِفَةٍ بِجَمِيعِهِ وَلَا بَيْعُهُ بِخِلَافِ الْأَمْلَاكِ الْمُنْتَقِلَةِ إلَى بَيْتِ الْمَالِ الَّتِي يَبِيعُ مِنْهَا وَيُعْطِي نَفْسَهَا، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَنْهَارَ نَفْعُهَا عَامٌّ دَائِمٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يَجُزْ تَفْوِيتُهَا عَلَيْهِمْ بِالتَّخْصِيصِ وَالْبَيْعِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَمَتَى جُهِلَ الْحَالُ هَلْ هِيَ بِانْخِرَاقٍ أَوْ حَفْرٍ فَهُوَ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ أَيْضًا. اهـ. مَا نَقَلَهُ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ الْإِمَامِ السُّبْكِيّ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مَا كَانَ مُبَاحًا لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ لَا يُنَافِي دُخُولَهُ فِي الْمِلْكِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ حُفْرَةَ بَرَدَى وَبَقِيَّةِ الْأَنْهَارِ السِّتَّةِ الْمُتَشَعِّبَةِ مِنْهُ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ، وَأَمَّا مِيَاهُهَا فَغَيْرُ مَمْلُوكَةٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يُمْلَكُ قَبْلَ الْإِحْرَازِ، وَإِنَّمَا لِأَهْلِ الْأَرَاضِي حُقُوقٌ مُسْتَحَقَّةٌ فِيهَا وَأَغْلَبُ أَرَاضِي دِمَشْقَ الْمُسْتَحِقَّةُ مِنْهُ مِنْهَا أَوْقَافٌ وَمِنْهَا سُلْطَانِيَّةٌ وَبَعْضُهَا مِلْكٌ لِأَرْبَابِهَا وَكُلُّ أَرْضٍ لَهَا حَقٌّ مِنْهُ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ مِنْ بَعْدِ الْفَتْحِ أَوْ مِنْ قَبْلِهِ. وَكَذَلِكَ الدُّورُ فِي دِمَشْقَ كُلُّ دَارٍ لَهَا حَقٌّ مَعْلُومٌ مِنْهَا يَدْخُلُ فِي حُقُوقِهَا حِينَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالْوَقْفِ وَغَيْرِهَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ بِلَا مُنَازِعٍ وَلَا مُعَارِضٍ وَلَا إنْكَارٍ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَهَذَا كُلُّهُ دَلِيلُ الْمِلْكِيَّةِ بِسَبْقِ الْيَدِ لِوَاضِعِ الْيَدِ الْأَوَّلِ وَاسْتِمْرَارُ ذَلِكَ إلَى زَمَانِنَا فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَى حَقِّ أَحَدٍ مِنْ ذَلِكَ بِلَا مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ وَلَا أَنْ يُحْدِثَ فِي أَصْلِ هَذَا النَّهْرِ الْعَامِّ مَا يُضِرُّ بِأَهْلِ هَذِهِ الْحُقُوقِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ النَّهْرُ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الْمَقَاسِمِ وَالْكُوَى الْمَمْلُوكَةِ أَمَّا بَعْدَ دُخُولِهِ فِيهَا فَقَدْ صَارَ مِلْكًا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَلِذَا كَانَ كَرْيُهُ عَلَى أَصْحَابِ الْمَقَاسِمِ لَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَيُوَضِّحُ مَا قُلْنَاهُ مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ مُفْتِي طَرَابُلُسَ بِقَوْلِهِ سُئِلَ فِي نَهْرٍ كَبِيرٍ يَنْبُعُ مِنْ سَفْحِ جَبَلٍ عَظِيمٍ يَمُرُّ فِي وَادٍ قَدِيمٍ يُسَمَّى ذَلِكَ النَّهْرُ بِالْعَاصِي يَشْرَبُ مِنْهُ أَرَاضٍ وَبَسَاتِينُ وَمَزَارِعُ وَقُرًى تَحْوِي خَلْقًا كَثِيرًا لَيْسَ لِتِلْكَ الْأَرَاضِي وَالْقُرَى شِرْبٌ مِنْ غَيْرِ هَذَا النَّهْرِ وَتَشْتَمِلُ تِلْكَ الْأَرَاضِي عَلَى عُلْيَا مِنْ جِهَةِ مَنْبَعِ الْمَاءِ وَسُفْلَى تَحْتَهَا وَهَكَذَا وَتَسْتَحِقُّ فِيهِ جِهَاتُ أَوْقَافٍ وَبَيْتُ الْمَالِ وَغَيْرُهُمَا وَلَا يُمْكِنُ السَّقْيُ مِنْهُ إلَّا بِدَوَالِيبَ يُدِيرُهَا الْمَاءُ كَالرَّحَى لِتَسَفُّلِهِ وَارْتِفَاعِ الْأَرْضِ عَنْهُ وَمِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ

بَنَى كُلُّ أَهْلِ نَاحِيَةٍ فِي وَسَطِهِ سَدًّا بِالْمُؤَنِ وَالْأَحْجَارِ وَفَتَحُوا فِيهِ كُوًى عَلَى قَدْرِ الدَّوَالِيبِ الْمُمْكِنَةِ وَجَعَلُوا بَيْنَ كُلِّ سَدَّيْنِ مَسَافَةً مُقَدَّرَةً بِالْهَنْدَسَةِ بِحَيْثُ إذَا انْحَصَرَ الْمَاءُ فِي السَّدِّ الْأَسْفَلِ لَا يُضِرُّ بِالسَّدِّ الْأَعْلَى فَهَلْ إذَا أَرَادَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ الْأَرَاضِي أَنْ يُحْدِثَ فِي جَانِبٍ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ سَدًّا يَسْكُرُ النَّهْرَ لَيَتَمَكَّنَ بِذَلِكَ مِنْ نَصْبِ دُولَابٍ يَأْخُذُ بِهِ الْمَاءَ إلَى أَرْضِهِ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لَوْ حَصَلَ لِلْأَعْلَى مِنْهُ أَوْ الْمُسَاوِي ضَرَرٌ بِعَدَمِ دَوَرَانِ دُولَابِهِ أَوْ قِلَّةِ دَوَرَانِهِ أَوْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيُمْنَعُ عَنْهُ شَرْعًا أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ. (الْجَوَابُ) : لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ أَنَّ حَالَ هَذَا النَّهْرِ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا اشْتِرَاكًا خَاصًّا بِأَهْلِ تِلْكَ الْأَرَاضِي فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ حِينَئِذٍ إحْدَاثُ شَيْءٍ فِيهِ إلَّا بِرِضَا الْجَمِيعِ سَوَاءٌ أَضَرَّ ذَلِكَ بِأَحَدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَوْ لَمْ يُضِرَّ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ وَاقِعٌ فِي بَطْنِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ وَبَعْضُ الشُّرَكَاءِ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَحَلِّ الْمُشْتَرَكِ إلَّا بِرِضَا بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ سَوَاءٌ تَضَرَّرُوا أَوْ لَمْ يَتَضَرَّرُوا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِيهِ أَنْ يَنْصِبَ عَلَيْهِ رَحًى أَوْ دُولَابًا فِي أَرْضٍ لَهُ مُلَاصِقَةٍ لِذَلِكَ النَّهْرِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ ضَرَرٍ بِالنَّهْرِ أَوْ بِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِهِ بِأَنْ يَتَغَيَّرَ الْمَاءُ عَنْ سُنَنِهِ وَلَا يَجْرِي كَمَا كَانَ يَجْرِي قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُشْتَرَكًا اشْتِرَاكًا عَامًّا بَيْنَ جَمِيعِ النَّاسِ فَيَمْتَنِعُ إحْدَاثُ ذَلِكَ أَيْضًا عِنْدَ وُجُودِ الضَّرَرِ الْمَذْكُورِ. فَقَدْ قَالَ قَاضِي خَانْ فِي كِتَابِ الشِّرْبِ إنَّ أَبَا يُوسُفَ سُئِلَ عَنْ نَهْرِ مَرْوَ وَهُوَ نَهْرٌ عَظِيمٌ إذَا دَخَلَ مَرْوَ يَرْتَوِي مِنْهُ أَهْلُهَا بِالْحِصَصِ لِكُلِّ قَوْمٍ كُوَّةٌ مَعْرُوفَةٌ فَأَحْيَا رَجُلٌ أَرْضًا مَيْتَةً لَمْ يَكُنْ لَهَا شِرْبٌ فِي هَذَا النَّهْرِ فَكَرَى لَهَا نَهْرًا مِنْ فَوْقِ مَرْوَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَمْلِكُهُ أَحَدٌ وَسَاقَ الْمَاءَ إلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ الْعَظِيمِ قَالَ إنْ كَانَ هَذَا النَّهْرُ الْحَادِثُ يُضِرُّ بِأَهْلِ مَرْوَ ضَرَرًا بَيِّنًا فِي مَائِهِمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيَمْنَعُهُ السُّلْطَانُ عَنْ ذَلِكَ وَكَذَا لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَهُ؛ لِأَنَّ مَاءَ النَّهْرِ الْعَظِيمِ حَقُّ الْعَامَّةِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَامَّةِ رَفْعُ الضَّرَرِ. اهـ. وَفِي فَتَاوَى الْكَرْدَرِيِّ الْمِيَاهُ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ فِي غَايَةِ الْعُمُومِ كَالْأَنْهَارِ الْعِظَامِ مِثْلُ دِجْلَةَ وَسَيْحُونَ وَجَيْحُونَ لَيْسَتْ بِمَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ فَيَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ سَقْيَ دَوَابِّهِ وَأَرْضِهِ وَنَصْبَ الطَّاحُونِ وَالدَّالِيَةِ وَالثَّانِيَةِ وَاِتِّخَاذِ الْمَشْرَعَةِ وَالنَّهْرِ إلَى أَرْضِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُضِرَّ بِالْعَامَّةِ، فَإِنْ أَضَرَّ مُنِعَ، فَإِنْ فَعَلَ فَلِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ مَنْعُهُ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ وَالْمُكَاتَبُ فِيهِ سَوَاءٌ. اهـ. وَاَللَّهُ الْعَلِيمُ وَكَتَبَهُ مُحَمَّدٌ الْمُفْتِي بِطَرَابُلُسِ الشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ (سُئِلَ) فِي بِرْكَةِ مَاءٍ قَائِمَةِ الْبِنَاءِ فِي دَارِ زَيْدٍ يَجْرِي مَا فَاضَ مِنْهَا بِحَقٍّ شَرْعِيٍّ فِي مَجْرًى إلَى طَالِعٍ قَائِمِ الْبِنَاءِ فِي دَارِ عَمْرٍو وَيَنْقَسِمُ الْمَاءُ شَطْرَيْنِ أَحَدُهُمَا لِدَارِ عَمْرٍو وَالْآخَرُ لِدَارِ بَكْرٍ وَيُرِيدُ بَكْرٌ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمَاءِ شَطْرَهُ الْمُخْتَصَّ بِهِ مِنْ الْبِرْكَةِ الْقَائِمَةِ بِدَارِ زَيْدٍ وَلَيْسَ بَيْنَ بَسْطِ الطَّالِعِ وَالْبِرْكَةِ مُخَالَفَةٌ وَالْمُعَادَلَةُ مُمْكِنَةٌ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى عَمْرٍو وَيَنْتَفِعُ كُلٌّ بِنَصِيبِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَهَلْ يَسُوغُ لِبَكْرٍ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) قَدَّمْنَا فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ الْكَلَامَ عَلَى قِسْمَةِ الْمَاءِ فَرَاجِعْهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَرَجُلَيْنِ طَالِعُ مَاءٍ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ لِضِيقِ جِدَارِ عَمْرٍو فَتَهَدَّمَ الطَّالِعُ وَصَارَ الْمَاءُ يَجْرِي إلَى أَرْضِ دَارِ عَمْرٍو وَحِيطَانِهَا وَتَضَرَّرَ مِنْ ذَلِكَ وَخَرِبَ بَعْضُ الدَّارِ وَطَلَبَ عَمْرٌو مِنْهُمْ إصْلَاحَ الطَّالِعِ فَهَلْ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الشِّرْبِ نَهْرٌ فِي أَرْضِ قَوْمٍ فَانْبَثَقَ وَخَرَّبَ بَعْضَ الْأَرَاضِي لِمُلَّاكِ الْأَرَاضِي مُطَالَبَةُ أَرْبَابِ النَّهْرِ بِإِصْلَاحِ النَّهْرِ دُونَ عِمَارَةِ الْأَرَاضِي (سُئِلَ) فِي مَاءٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ قَرْيَةٍ مِيرِيَّةٍ وَمَزْرَعَةِ وَقْفٍ لِلْقَرْيَةِ الثُّلُثَانِ وَلِلْمَزْرَعَةِ الثُّلُثُ فَتَرَكَ أَصْحَابُ الْمَزْرَعَةِ زِرَاعَتَهَا وَمَاءَهَا مُدَّةَ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ فَسَقَى زُرَّاعُ الْقَرْيَةِ الْمَزْبُورَةِ أَرَاضِيَهُمْ بِالْمَاءِ الْمَزْبُورِ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ قَامَ الْمُتَكَلِّمُ عَلَى الْمَزْرَعَةِ يَزْعُمُ أَنَّ زُرَّاعَ الْقَرْيَةِ يَضْمَنُونَ حِصَّةَ الْمَزْرَعَةِ مِنْ الشِّرْبِ فِي الْمُدَّةِ الْمَرْقُومَةِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَلَا يَضْمَنُ مَنْ سَقَى

مِنْ شِرْبِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ وَابْنُ كَمَالٍ عَنْ الْخُلَاصَةِ. اهـ. وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَسَاقٍ بِشِرْبِ الْغَيْرِ لَيْسَ بِضَامِنٍ ... وَضَمَّنَهُ بَعْضٌ وَمَا مَرَّ أَظْهَرُ. (سُئِلَ) فِي نَهْرٍ قَدِيمٍ يَجْرِي مِنْهُ قَدْرٌ مِنْ الْمَاءِ فِي مَاصِيَةٍ قَدِيمَةٍ تَسْقِي أَرَاضِيَ وَبُيُوتًا كَثِيرَةً بِحَقٍّ قَدِيمٍ شَرْعِيٍّ بِلَا مُعَارِضٍ وَيَلِي الْمَاصِيَةَ طَاحُونَةٌ رَاكِبَةٌ عَلَى النَّهْرِ لَهَا حَجَرٌ وَاحِدٌ وَمِيزَابَانِ يَصُبُّ مِنْهُمَا مَاءُ النَّهْرِ وَيُدِيرُ أَحَدُهُمَا الْحَجَرَ الْمَزْبُورَ وَهُمَا مَفْتُوحَانِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ بِلَا مُعَارِضٍ ثُمَّ قَلَّ مَاءُ النَّهْرِ فَصَارَ مُسْتَأْجِرُ الطَّاحُونَةِ يَسُدُّ أَحَدَ الْمِيزَابَيْنِ بِأَمْرِ صَاحِبِهَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَقَلَّ انْحِدَارُ الْمَاءِ فِي الْمَاصِيَةِ جِدًّا وَصَارَ لَا يَبْلُغُ رُبْعَ انْحِدَارِهِ وَصَبِّهِ فِي الْقَدِيمِ وَتَضَرَّرَ أَصْحَابُ حُقُوقِهِ ضَرَرًا كُلِّيًّا بِسَبَبِ السَّدِّ الْمَذْكُورِ وَقِلَّةِ الْمَاءِ وَيُرِيدُونَ مَنْعَ مُسْتَأْجِرِ الطَّاحُونَةِ وَصَاحِبِهَا مِنْ سَدِّ الْمِيزَابِ الْمَذْكُورِ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ وَيَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو بِرْكَتَانِ يَجْرِي إلَيْهِمَا الْمَاءُ فِي مَجْرًى خَاصٍّ مِنْ طَالِعٍ مَعْلُومٍ مُشْتَرَكٍ الْمَاءُ بَيْنَهُمَا احْتَاجَ طَرِيقُ الْمَاءِ مِنْ أَعْلَاهُ إلَى التَّعْمِيرِ فَهَلْ يَكُونُ تَعْمِيرُهُ عَلَيْهِمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) أَفْتَى شَيْخُ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيُّ فِيمَا إذَا كَانَ مَاءٌ لِبِرْكَةٍ لِجَمَاعَةٍ لِأَحَدِهِمْ ثُلُثُهُ وَلِلْآخَرِ النِّصْفُ وَلِلْآخَرِ السُّدُسُ بِأَنَّ كُلْفَتَهُ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ لِقَوْلِ الْأَشْبَاهِ الْغُرْمُ بِالْغُنْمِ وَلِقَوْلِ الذَّخِيرَةِ الْغَرَامَةُ الَّتِي لِتَحْصِينِ الْأَمْلَاكِ تُقْسَمُ عَلَى قَدْرِ الْأَمْلَاكِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ حَيْثُ سُئِلَ فِي نَهْرٍ يَسْقِي بَسَاتِينَ وَقُرًى انْهَدَمَ جَانِبٌ مِنْهُ وَاحْتَاجَ إلَى التَّعْمِيرِ فَأَجَابَ تَعْمِيرُهُ عَلَى أَرْبَابِهِ جَمِيعًا عَلَى حَسَبِ حُقُوقِهِمْ مِنْ أَعْلَاهُ. اهـ. لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ مِنْ أَسْفَلِهِ بَدَلَ قَوْلِهِ مِنْ أَعْلَاهُ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ جِهَةٍ أَعْلَى النَّهْرِ قَبْلَ مَوْضِعِ الِانْهِدَامِ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّعْمِيرِ بِخِلَافِ مَنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ أَسْفَلِهِ إلَى مَوْضِعِ الِانْهِدَامِ، فَإِنَّ الِانْهِدَامَ يُنْقِصُ عَلَيْهِمْ الْمَاءَ فَهُمْ الْمُحْتَاجُونَ إلَى تَعْمِيرِهِ وَنَظِيرُهُ كَرْيُ النَّهْرِ، فَإِنَّهُ كُلَّمَا جَاوَزَ الْكَرْيُ أَرْضَ رَجُلٍ رُفِعَتْ عَنْهُ الْمُؤْنَةُ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَى كَرْيِ مَا بَعْدَ أَرْضِهِ كَمَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ بَقِيَ هُنَا شَيْءٌ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْمَاءُ يَنْزِلُ إلَى بِرْكَةِ رَجُلٍ ثُمَّ يَخْرُجُ مَا فَاضَ عَنْهُ إلَى بِرْكَةِ رَجُلٍ آخَرَ وَاحْتَاجَ أَصْلُ الْمَاءِ إلَى التَّعْمِيرِ فَكَيْفَ تُقْسَمُ الْكُلْفَةُ بَيْنَهُمَا لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ مَعَ كَثْرَةِ وُقُوعِهِ فِي دِيَارِنَا وَقَدْ جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّ صَاحِبَ الْفَائِضِ يَغْرَمُ الثُّلُثَ. (سُئِلَ) فِي نَهْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ لَهُمْ مِنْهُ حَقُّ الشُّرْبِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ يَسْقِي أَرَاضِيَهُمْ بِحَسَبِ نَصِيبِهِمْ مِنْهُ أَرَادَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَسُوقَ نَصِيبَهُ مِنْ النَّهْرِ الْمَرْقُومِ بِلَا رِضَاهُمْ إلَى أَرْضٍ لَهُ أُخْرَى لَيْسَ لَهَا مِنْ النَّهْرِ الْمَزْبُورِ حَقُّ شِرْبٍ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى وَمِثْلُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ فِي زُقَاقٍ غَيْرِ نَافِذٍ وَفِي دَاخِلِ الدَّارِ بِئْرٌ بَالُوعَةٌ قَدِيمٌ يَنْزِلُ فِيهِ مَسَاقِيطُ الدَّارِ وَمَسَاقِيطُ أَهْلِ الزُّقَاقِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَقَدْ امْتَلَأَتْ الْبِئْرُ لِكَثْرَةِ مَا اجْتَمَعَ فِيهَا مِنْ أَوْسَاخِ الْمَسَاقِيطِ وَتَضَرَّرَ زَيْدٌ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ تَكُونُ مُؤْنَةُ تَعْزِيلِ الْأَوْسَاخِ عَلَى زَيْدٍ وَبَقِيَّةِ أَصْحَابِ الْمَسَاقِيطِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ سَقَى أَرْضَهُ سَقْيًا مُعْتَادًا وَفِي الْأَرْضِ ثُقْبٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَدَخَلَ الْمَاءُ فِيهِ وَنَفَذَ إلَى أَرْضِ جَارِهِ مِنْ غَيْرِ صُنْعٍ وَيَزْعُمُ جَارُهُ أَنَّ الْمَاءَ أَفْسَدَ لَهُ حِنْطَةً فِي الْأَرْضِ الْمَرْقُومَةِ وَأَنَّ الرَّجُلَ يَضْمَنُهَا فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي فَوَائِدِ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ سُئِلَ عَمَّنْ سَقَى أَرْضَهُ وَفِيهَا ثُقْبٌ يُضِرُّ بِأَرْضِ جَارِهِ وَيُفْسِدُ زَرْعَهُ وَلَا يُوقَفُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ سَبِيلُهُ سَبِيلُ الْحَائِطِ الْمَائِلِ أَنَّهُ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ فَمَا أَضَرَّ بَعْدَ التَّقْدِيمِ يُضْمَنُ كَالْحَائِطِ الْمَائِلِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بِرْكَةُ

كتاب المداينات

مَاءٍ فِي دَارِهِ يَجْرِي فَائِضُهَا إلَى طَالِعٍ قَدِيمٍ فِي طَرَفِ الدَّارِ ثُمَّ مِنْهُ إلَى بِرْكَةٍ فِي دَارِ عَمْرٍو وَعَمْرٌو مُتَصَرِّفٌ فِيهِ لِنَفْسِهِ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ مِنْ مُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً بِلَا مُعَارِضٍ وَفِي الطَّالِعِ ثُقْبٌ قَدِيمٌ مَسْدُودٌ لَا يُعْلَمُ حَالُ سَدِّهِ وَلَا جَرَى الْمَاءُ فِيهِ مِنْ هَذِهِ الْمُدَّةِ لِأَحَدٍ يُرِيدُ زَيْدٌ الْمَزْبُورُ الْآنَ فَتْحَهُ وَإِجْرَاءَ قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ مَاءِ الطَّالِعِ إلَى مَطْبَخٍ فِي دَارِهِ مُدَّعِيًا أَنَّهُ لَهُ وَعَمْرٌو يُنْكِرُ ذَلِكَ وَمَضَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَدَّعِ زَيْدٌ بِذَلِكَ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؟ (الْجَوَابُ) : يُعْمَلُ بِتَصَرُّفِ عَمْرٍو الْمَذْكُورِ بِذَلِكَ وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَرْقُومَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ [كِتَابُ الْمُدَايَنَاتِ] (كِتَابُ الْمُدَايَنَاتِ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَتَسَلَّمَهُ وَمَاتَ قَبْلَ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَلَمْ يُخَلِّفْ شَيْئًا وَلَهُ قَدْرُ اسْتِحْقَاقٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ تَنَاوَلَهُ حَالَ حَيَاتِهِ وَتَصَرَّفَ بِهِ وَانْتَقَلَتْ حِصَّتُهُ لِآخَرَ وَيُرِيدُ صَاحِبُ الدَّيْنِ الرُّجُوعَ عَلَى حِصَّتِهِ مِنْ الْوَقْفِ زَاعِمًا أَنَّ لَهُ حَبْسَهَا وَإِيجَارَهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بِذِمَّةِ جَمَاعَةٍ مَبْلَغُ دَيْنٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلِعَمْرٍو بِذِمَّتِهِمْ دَيْنٌ أَيْضًا فَأَخَذَ زَيْدٌ مِنْهُمْ قَدْرًا مِنْ دَيْنِهِ الْخَاصِّ بِهِ وَيُرِيدُ عَمْرٌو مُشَارَكَتَهُ فِي ذَلِكَ بِلَا كَفَالَةٍ مِنْ زَيْدٍ لِذَلِكَ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لِعَمْرٍو ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ دُيُونٌ عَلَى زَيْدٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَمَاعَةِ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَاجْتَمَعَ الْجَمَاعَةُ وَحَبَسُوا مَدْيُونَهُمْ فَهَلْ لِزَيْدٍ أَنْ يُقَدِّمَ مَنْ أَرَادَ وَيُؤَخِّرَ مَنْ أَرَادَ؟ (الْجَوَابُ) : لِزَيْدٍ أَنْ يُقَدِّمَ مَنْ أَرَادَ وَيُؤَخِّرَ مِنْ أَرَادَ؛ لِأَنَّهُ حَيٌّ قَائِمٌ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى نَفْسِهِ وَأَمْوَالِهِ كَذَا فِي صُوَرِ الْمَسَائِلِ مِنْ بَابِ الصَّرْفِ وَالْمُدَايَنَاتِ نَقْلًا عَنْ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى مِنْ بَابِ أَدَبِ الْقَاضِي وَعَنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ فِي الْقَضَاءِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو بِذِمَّةِ بَكْرٍ دَرَاهِمُ مَعْلُومَةٌ ثَمَنُ غَنَمٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا قَبَضَ زَيْدٌ مِنْ بَكْرٍ الْمُشْتَرِي نِصْفَ الثَّمَنِ وَيُرِيدُ عَمْرٌو مُشَارَكَتَهُ فِيمَا قَبَضَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : الدَّيْنُ الْمُشْتَرَكُ إذَا قَبَضَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْهُ شَارَكَهُ الْآخَرُ فِيهِ إنْ شَاءَ أَوْ اتَّبَعَ الْغَرِيمَ كَمَا فِي صُلْحِ التَّنْوِيرِ فَيَسُوغُ لِعَمْرٍو ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى زَيْدٍ دَيْنٌ مُشْتَرَكٌ لِعَمْرٍو وَبَكْرٍ سَوِيَّةً بَيْنَهُمَا وَلِبَكْرٍ بِذِمَّةِ زَيْدٍ أَيْضًا دَيْنٌ آخَرُ خَاصٌّ بِهِ فَدَفَعَ زَيْدٌ لَهُمَا مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَعَيَّنَ أَنَّ الْمَبْلَغَ الْمَدْفُوعَ مِنْ دَيْنِهِمَا الْمُشْتَرَكِ وَيَزْعُمُ بَكْرٌ أَنَّ لَهُ أَخْذَهُ مِنْ دَيْنِهِ الْخَاصِّ بِهِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُ وَيَكُونُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى ذِمِّيٍّ دَيْنَانِ مَعْلُومَا الْقَدْرِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ لِزَيْدٍ الْمُسْلِمِ غَيْرَ أَنَّ أَحَدَ الدَّيْنَيْنِ مَشْمُولٌ بِكَفَالَةٍ وَالْآخَرُ مُطْلَقٌ عَنْ الْكَفَالَةِ فَدَفَعَ الْمَدْيُونُ الْمَزْبُورُ لِزَيْدٍ قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلَمْ يُعَيِّنْ عَنْ أَيِّ الدَّيْنَيْنِ هُوَ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِيهِ فَقَالَ الدَّائِنُ هُوَ عَنْ الدَّيْنِ الْمُطْلَقِ عَنْ الْكَفَالَةِ وَقَالَ الْمَدْيُونُ هُوَ عَنْ الدَّيْنِ الْمَشْمُولِ بِالْكَفَالَةِ وَفِي التَّعْيِينِ نَفْعٌ لِلْمَدْيُونِ فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ لِلذِّمِّيِّ الْمَدْيُونِ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ. ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَدْيُونِ؛ لِأَنَّهُ الْمُمَلِّكُ وَهُوَ أَدْرَى بِجِهَةِ التَّمْلِيكِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ قَالَ بِيرِيٌّ زَادَهْ الْقَوْلُ لِلْمُمَلِّكِ فِي جِهَةِ التَّمْلِيكِ أَيْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ بِأَيِّ جِهَةٍ دَفَعَ فَسَقَطَ ذَلِكَ مِنْ ذِمَّتِهِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ إلَّا فِيمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ أَلْفٌ ثَمَنُ مَتَاعٍ وَأَلْفٌ كَفَالَةٌ فَجَاءَ بِأَلْفٍ يُؤَدِّيهِ عَنْ كَفَالَتِهِ وَأَبَى الطَّالِبُ الْأَخْذَ إلَّا مِنْهُمَا فَلِلطَّالِبِ ذَلِكَ وَيَقَعُ الْقَبْضُ عَنْهُمَا، وَإِنْ قَبَضَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَلِلْمُؤَدِّي أَنْ يَجْعَلَ الْمَقْبُوضَ عَنْ أَيِّهِمَا شَاءَ؛ لِأَنَّ لَهُ فِي التَّعْيِينِ فَائِدَةً فَيُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُ تَحْصِيلًا لِلْفَائِدَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَا فِيهِ الْقَوْلُ لِلْمَدْيُونِ قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ

الِاخْتِلَافُ مَتَى وَقَعَ بَيْنَ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ وَمَنْ عَلَيْهِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ أَوْ فِي صِفَتِهِ أَوْ فِي جِنْسِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مَعَ يَمِينِهِ. اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ دَفَعْتُ عَنْ الدَّيْنِ وَقَالَ الْآجِرُ عَنْ الْأُجْرَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِجِهَةِ الدَّفْعِ. اهـ. وَفِيهَا مِنْ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ النِّكَاحِ مِنْ نَوْعِ الْمَهْرِ مَا نَصُّهُ فُرِضَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ مَهْرٌ فَأَعْطَى ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ مِنْ الْمَهْرِ فَالْقَوْلُ لَهُ وَكَذَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ وُجُوهٌ مِنْ الدُّيُونِ فَأَدَّى شَيْئًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ مِنْ وَجْهِ كَذَا؛ لِأَنَّهُ الْمُمَلِّكُ فَكَانَ أَعْرَفَ بِجِهَةِ التَّمْلِيكِ. اهـ. وَأَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ بِأَنَّهُ إذَا عَيَّنَ الْمَدْيُونُ أَحَدَ الدُّيُونِ إنْ كَانَ فِي تَعْيِينِهِ فَائِدَةٌ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا بِرَهْنٍ أَوْ بِكَفِيلٍ وَالْآخَرُ لَا أَوْ أَحَدُهُمَا قَرْضٌ وَالْآخَرُ عَنْ مَبِيعٍ صَحَّ التَّعْيِينُ، وَإِنْ كَانَ جِنْسًا وَاحِدًا لَا يَصِحُّ التَّعْيِينُ. اهـ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ لِعَمْرٍو دَرَاهِمَ لِيَدْفَعَهَا عَنْ ذِمَّتِهِ لِبَكْرٍ نَظِيرَ أُجْرَةٍ لَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ عَمْرٌو إنَّك دَفَعْتهَا لِي عَنْ ذِمَّةِ خَالِدٍ نَظِيرَ دَيْنٍ لِي بِذِمَّتِهِ وَاخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ وَلَا بَيِّنَةَ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِجِهَةِ الدَّفْعِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ مِنْ عَمْرٍو وَابْتَاعَ مِنْهُ فَرْوَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَبَعْدَمَا تَسَلَّمَ زَيْدٌ الْفَرْوَةَ مِنْ عَمْرٍو وَتَمَّ عَقْدُ الْبَيْعِ اسْتَرَدَّهَا عَمْرٌو مِنْهُ وَأَخَذَهَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ زَيْدٌ اسْتِرْدَادَهَا وَأَخْذَهَا مِنْ عَمْرٍو بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ بِمُرَابَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ وَدَفَعَ زَيْدٌ مَبْلَغَ الْمُرَابَحَةِ وَتَبَقَّى أَصْلُ الْمَبْلَغِ بِذِمَّةِ زَيْدٍ عِدَّةَ سِنِينَ بِلَا مُعَامَلَةٍ وَفِي كُلِّ سَنَةٍ يَدْفَعُ لِعَمْرٍو قَدْرًا مِنْ الدَّرَاهِمِ مَعْلُومًا وَالْآنَ يَمْتَنِعُ عَمْرٌو مِنْ احْتِسَابِ مَا دَفَعَهُ لَهُ زَيْدٌ فِي السِّنِينَ الْمَذْكُورَةِ مِنْ أَصْلِ الدَّيْنِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ زَاعِمًا أَنَّ الدَّيْنَ مَالُ يَتِيمٍ تَحْتَ وِصَايَتِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ رِبْحُ الدَّيْنِ وَلَمْ يَصْدُرْ بَيْنَهُمَا مُعَامَلَةٌ وَمُبَايَعَةٌ شَرْعِيَّةٌ فِي السِّنِينَ الْمَرْقُومَةِ أَصْلًا فَهَلْ يُحْسَبُ مَا دَفَعَهُ زَيْدٌ لِعَمْرٍو فِي السِّنِينَ الْمَذْكُورَةِ مِنْ أَصْلِ الدَّيْنِ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِ عَمْرٍو الْمَذْكُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ رَجُلٌ أَقْرَضَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَطَلَبَ عَلَى ذَلِكَ رِبْحًا وَأَخَذَهُ فَلِلْمُسْتَقْرِضِ أَنْ يَحْسِبَ ذَلِكَ مِنْ الْأَصْلِ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى مِنْ الْكَفَالَةِ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَابْتَاعَ مِنْهُ خِنْجَرًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَأَجَّلَ عَمْرٌو الْجَمِيعَ عَلَى زَيْدٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَصَارَ زَيْدٌ يَدْفَعُ لِعَمْرٍو فِي كُلِّ شَهْرٍ تِسْعَةَ قُرُوشٍ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ وَمَضَى بَعْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ سَنَتَيْنِ وَزَيْدٌ يَدْفَعُ التِّسْعَةَ الْمَذْكُورَةَ لِعَمْرٍو فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنْ السَّنَتَيْنِ حَتَّى اسْتَوْفَى عَمْرٌو ثَمَنَ الْخِنْجَرِ مِنْ زَيْدٍ وَمَبْلَغًا آخَرَ مُرَابَحَةً بِلَا مُعَامَلَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَمَاتَ عَمْرٌو عَنْ وَرَثَةٍ وَلَهُ وَصِيٌّ يَمْتَنِعُ مِنْ احْتِسَابِ مَا دَفَعَهُ زَيْدٌ لِعَمْرٍو زَائِدًا عَلَى الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ مِنْ أَصْلِ مَبْلَغِ الدَّيْنِ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ مَا ذُكِرَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ لَهُ احْتِسَابُ مَا دَفَعَهُ زَائِدًا عَلَى الثَّمَنِ. ؟ (الْجَوَابُ) : لَهُ احْتِسَابُهُ مِنْ أَصْلِ الدَّيْنِ كَمَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَصُرَّةِ الْفَتَاوَى وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْفَهَّامَةُ ابْنُ نُجَيْمٍ بِمَا نَصُّهُ مَا تَنَاوَلَهُ بِلَا حِيلَةٍ شَرْعِيَّةٍ عَلَى أَنَّهُ رِبْحُ الْمَالِ الْمَذْكُورِ رِبًا مَحْضٌ مَضْمُونٌ بِالتَّنَاوُلِ وَلَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِحِلِّهِ مُطْلَقًا فَيُحْسَبُ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فِي الْقُنْيَةِ مِنْ الْكَرَاهِيَةِ مِنْ بَابِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْخَبَثِ فِي الْأَمْوَالِ حم لَا بَأْسَ بِالْبُيُوعِ الَّتِي يَفْعَلُهَا النَّاسُ لِلتَّحَرُّزِ عَنْ الرِّبَا عك هِيَ مَكْرُوهَةٌ وَذَكَرَ الْبَقَّالِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ تُكْرَهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا بَأْسَ بِهَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مِثْلُهُ قَالَ الزِّنْجِرْلِي خِلَافُ مُحَمَّدٍ فِي الْعَقْدِ بَعْدَ الْقَرْضِ أَمَّا إذَا بَاعَ ثُمَّ دَفَعَ الدَّرَاهِمَ لَا بَأْسَ بِهِ بِالِاتِّفَاقِ. اهـ. رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ إلَى أَجَلٍ قَالُوا يَشْتَرِي مِنْ الْمَدْيُونِ شَيْئًا بِتِلْكَ الْعَشَرَةِ وَيَقْبِضُ الْمَبِيعَ ثُمَّ يَبِيعُهُ مِنْ الْمَدْيُونِ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ إلَى سَنَةٍ فَيَقَعُ التَّحَرُّزُ عَنْ الْحَرَامِ قَاضِي خَانْ مِنْ فَصْلٍ فِيمَا يَكُونُ فِرَارًا عَنْ الرِّبَا مِنْ كِتَابِ

الْبُيُوعِ وَفِيهِ حِيَلٌ أُخْرَى فَرَاجِعْهَا. (أَقُولُ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَحْتَالَ لِجَعْلِ الْعَشَرَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَفِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي آخِرِ بَابِ الْقَرْضِ مَا نَصُّهُ قُلْتُ وَفِي مَعْرُوضَاتِ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ وَلَوْ ادَّانَ زَيْدٌ الْعَشَرَةَ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَوْ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ بِطَرِيقِ الْمُعَامَلَةِ فِي زَمَانِنَا بَعْدَ أَنْ وَرَدَ الْأَمْرُ السُّلْطَانِيُّ وَفَتْوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ بِأَنْ لَا تُعْطَى الْعَشَرَةُ بِأَزْيَدَ مِنْ عَشَرَةٍ وَنِصْفٍ وَنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يَمْتَثِلْ مَاذَا يَلْزَمُهُ فَأَجَابَ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ إلَى أَنْ تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ وَصَلَاحُهُ فَيُتْرَكُ. وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ هَلْ يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْ الرِّبْحِ لِصَاحِبِهِ فَأَجَابَ إنْ حَصَّلَهُ مِنْهُ بِالتَّرَاضِي وَرَدَ الْأَمْرُ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ لَكِنْ يَظْهَرُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ الْأَمْرُ بِالرُّجُوعِ. اهـ. مَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فَقَدْ أَفَادَ وُرُودُ الْأَمْرِ السُّلْطَانِيِّ وَالْإِفْتَاءِ بِنَاءً عَلَيْهِ بِأَنْ لَا تُعْطَى الْعَشَرَةُ بِأَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ وَنِصْفٍ وَرَأَيْتُ بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيِّ بِأَنَّ هُنَاكَ فَتْوَى أُخْرَى بِأَنْ لَا تُعْطَى الْعَشَرَةُ بِأَكْثَرَ مِنْ إحْدَى عَشَرَةَ وَنِصْفٍ وَعَلَيْهَا الْعَمَلُ اهـ وَكَأَنَّهُ وَرَدَ أَمْرٌ آخَرُ بِذَلِكَ بَعْدَ الْأَمْرِ الْأَوَّلِ لَكِنْ قَدَّمْنَا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى عَنْ الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ أَنَّ أَمْرَ السُّلْطَانِ نَصَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَبْقَى بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَدَّمْنَا تَحْقِيقَ الْمَسْأَلَةِ ثَمَّةَ فَرَاجِعْهُ وَعَلَى فَرْضِ بَقَاءِ حُكْمِ أَمْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ إلَى الْآنَ أَوْ وُرُودِ أَمْرٍ جَدِيدٍ بِذَلِكَ مِنْ سُلْطَانِ زَمَانِنَا أَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِنَصْرِهِ، فَإِنَّمَا يُحْبَسُ الْمُخَالِفُ وَيُعَزَّرُ لِمُخَالَفَتِهِ الْأَمْرَ السُّلْطَانِيَّ لَا لِفَسَادِ الْمُبَايَعَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ أَقْرَضَ مِائَةَ دِرْهَمٍ مَثَلًا وَبَاعَ مِنْ الْمُسْتَقْرِضِ سِلْعَةً بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا بِعَقْدٍ شَرْعِيٍّ صَحَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ السِّلْعَةُ تُسَاوِي دِرْهَمًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ السُّلْطَانِيَّ لَا يَقْتَضِي فَسَادَ الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصِحُّ عَقْدُ الْبَيْعِ بَعْدَ النِّدَاءِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ مَعَ وُرُودِ النَّهْيِ الْإِلَهِيِّ، وَإِنْ أَثِمَ وَمَا ذَاكَ إلَّا لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ كَالصَّلَاةِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ تَصِحُّ مَعَ الْإِثْمِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ إذَا عَلِمْتُ ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ إنْ حَصَّلَهُ مِنْهُ بِالتَّرَاضِي وَرَدَ الْأَمْرُ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ يُفِيدُ أَنَّ مَا حَصَّلَهُ الْمُقْرِضُ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ زَائِدًا عَلَى عَشَرَةٍ وَنِصْفٍ بِلَا رِضَا الْمُسْتَقْرِضِ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُقْرِضِ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَقَوْلُهُ لَكِنْ يَظْهَرُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ الْأَمْرُ بِالرُّجُوعِ أَيْ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِالتَّرَاضِي أَشَدُّ إشْكَالًا لِمَا عَلِمْتَ، فَإِنَّ بَيْعَ السِّلْعَةِ إنْ كَانَ صَحِيحًا يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، فَإِنِّي لَمْ أَجِدْ لَهُ جَوَابًا شَافِيًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بِذِمَّةِ عَمْرٍو مَبْلَغُ دَيْنٍ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَرَابَحَهُ عَلَيْهَا إلَى سَنَةٍ ثُمَّ بَعْدَمَا رَابَحَهُ بِعِشْرِينَ يَوْمًا مَاتَ عَمْرٌو الْمَدْيُونُ فَحَلَّ الدَّيْنُ وَدَفَعَهُ الْوَرَثَةُ لِزَيْدٍ فَهَلْ يُؤْخَذُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ شَيْءٌ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْقُنْيَةِ جَوَابُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ الَّتِي جَرَتْ الْمُبَايَعَةُ عَلَيْهَا بَيْنَهُمَا إلَّا بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ الْأَيَّامِ قِيلَ لَهُ أَتُفْتِي بِهَذَا قَالَ نَعَمْ كَذَا فِي الْأَنْقِرْوِيِّ وَالتَّنْوِيرِ آخِرَ الْكِتَابِ وَأَفْتَى بِهِ عَلَّامَةُ الرُّومِ مَوْلَانَا أَبُو السُّعُودِ وَالْحَانُوتِيُّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ دُونَ الْمُرَابَحَةِ إذَا ظَنَّتْ الْوَرَثَةُ أَنَّ الْمُرَابَحَةَ تَلْزَمُهُمْ فَرَابَحُوهُ عَلَيْهَا عِدَّةَ سِنِينَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَابَحَةَ تَلْزَمُهُمْ حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَالٌ فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ الْمَالُ أَوْ لَا الْجَوَابُ حَيْثُ ظَنُّوا أَنَّ الْمُرَابَحَةَ تَلْزَمُهُمْ وَأَنَّهَا دَيْنٌ بَاقٍ فِي تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِمْ ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ فَلَا يَلْزَمُهُمْ مَا رَبِحُوا بِهِ فِي مُقَابَلَةِ الْمُرَابَحَةِ الَّتِي لَا تَلْزَمُهُمْ عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ لِأَنَّ الْمُرَابَحَةَ بِنَاءً عَلَى قِيَامِ دَيْنِ الْمُرَابَحَةِ السَّابِقَةِ الَّتِي عَلَى مُوَرِّثِهِمْ وَلَمْ يُوجَدْ وَهَذَا فِي الزَّائِدِ عَلَى قَدْرِ مَا مَضَى وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَظِيرُ مَا فِي الْقُنْيَةِ قَالَ بِرَمْزِ بخ لِبَكْرٍ خُوَاهَرْ زَادَهْ كَأَنْ يُطَالِبَ الْكَفِيلُ بِالدَّيْنِ بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْ الْأَصِيلِ وَيَبِيعَهُ بِالْمُرَابَحَةِ شَيْئًا حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَيْهِ سِتُّونَ دِينَارًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَدْ أَخَذَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُبَايَعَةَ بِنَاءً عَلَى قِيَامِ الدَّيْنِ وَلَمْ يَكُنْ. اهـ. هَذَا مَا ظَهَرَ لَنَا وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ (أَقُولُ) كَأَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ لَمْ يَشْتَرِ السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ غَالٍ إلَّا فِي مُقَابَلَةِ الْأَجَلِ فِي الْقَرْضِ، فَإِنَّ

الْأَجَلَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا وَلَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا أَنَّهُمْ اعْتَبَرُوهُ مَالًا هُنَا لِكَوْنِهِ مُقَابَلًا بِزِيَادَةِ الثَّمَنِ فَلَوْ أَخَذَ كُلَّ الثَّمَنِ قَبْلَ الْحُلُولِ كَانَ أَخْذُهُ بِلَا عِوَضٍ وَفِيهِ شُبْهَةُ الرِّبَا وَشُبْهَةُ الرِّبَا مُلْحَقَةٌ بِالْحَقِيقَةِ، فَإِذَا مَاتَ وَحَلَّ الْأَجَلُ سَقَطَ عَنْهُ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْهُ وَكَذَا إذَا تَبَيَّنَ أَنْ لَا دَيْنَ أَصْلًا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْكَفَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهُوَ نَظِيرُ فَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ مِنْ الْمَبِيعِ كَمَا إذَا اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّهُ كَاتِبٌ مَثَلًا فَظَهَرَ بِخِلَافِهِ، فَإِنَّ لَهُ رَدَّهُ، وَإِنْ امْتَنَعَ الرَّدُّ لِعِلَّةٍ رَجَعَ بِالنُّقْصَانِ فِي الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ بِمُرَابَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ قَضَى زَيْدٌ الدَّيْنَ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ فَهَلْ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ الَّتِي جَرَتْ بَيْنَهُمَا إلَّا بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ الْأَيَّامِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَهُوَ جَوَابُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَذَا فِي شَتَّى الْفَرَائِضِ مِنْ التَّنْوِيرِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى مُفْتِي الرُّومِ أَبُو السُّعُودِ أَفَنْدِي وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا فَقَضَاهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ، وَإِنْ أَعْطَاهُ الْمَدْيُونُ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِ وَزْنًا، فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ زِيَادَةً تَجْرِي بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ جَازَ وَمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ أَوْفَى الدَّيْنَ وَقَالَ إنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ هَكَذَا نَزِنُ» مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ زِيَادَةً تَجْرِي بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الدَّانَقَ فِي الْمِائَةِ يَسِيرٌ يَجْرِي بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ وَقَدْرُ الدِّرْهَمِ وَالدِّرْهَمَيْنِ لَا يَجْرِي وَاخْتَلَفُوا فِي نِصْفِ الدِّرْهَمِ قَالَ أَبُو نَصْرٍ الدَّبُوسِيُّ نِصْفُ الدِّرْهَمِ فِي الْمِائَةِ كَثِيرٌ يُرَدُّ عَلَى صَاحِبِهِ، فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ كَثِيرَةً لَا تَجْرِي بَيْنَ الْوَزْنَيْنِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَدْيُونُ بِالزِّيَادَةِ تُرَدُّ الزِّيَادَةُ عَلَى صَاحِبِهَا، وَإِنْ عَلِمَ الْمَدْيُونُ بِالزِّيَادَةِ وَأَعْطَاهُ الزِّيَادَةَ اخْتِيَارًا هَلْ تَحِلُّ الزِّيَادَةُ لِلْقَابِضِ إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمَدْفُوعَةُ مَكْسُورَةً أَوْ صِحَاحًا لَا يَضُرُّهَا التَّبْعِيضُ لَا يَجُوزُ إذَا عَلِمَ الدَّافِعُ وَالْقَابِضُ وَيَكُونُ هَذَا هِبَةَ الْمَشَاعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، وَإِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ صَحِيحًا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ وَعَلِمَ الدَّافِعُ وَالْقَابِضُ جَازَ وَيَكُونُ هَذَا هِبَةَ الْمَشَاعِ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ خَانِيَّةٌ مِنْ الصَّرْفِ. (أَقُولُ) هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الزِّيَادَةُ مَشْرُوطَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ مَشْرُوطَةً فَهِيَ رِبًا مَحْضٌ لَا تُمْلَكُ بِالْقَبْضِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيَرْجِعُ بِهَا صَاحِبُهَا، وَإِنْ أَبْرَأَهُ عَنْهَا مَا دَامَتْ قَائِمَةً؛ لِأَنَّ الرِّبَا لَا يَسْقُطُ بِالْإِبْرَاءِ لِوُجُوبِ رَدِّهِ حَقًّا لِلشَّرْعِ نَعَمْ لَوْ أَبْرَأَهُ بَعْدَ الِاسْتِهْلَاكِ سَقَطَ كَمَا بَسَطَهُ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْقُنْيَةِ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بِذِمَّةِ عَمْرٍو مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى سَبِيلِ الْقَرْضِ الشَّرْعِيِّ وَابْتَاعَ عَمْرٌو مِنْهُ سِلْعَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُؤَجَّلٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ أَخْذَ مَبْلَغِ الْقَرْضِ حَالًّا وَإِبْرَاءَ ذِمَّتِهِ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ آخَرَ أَقْمِشَةً مَعْلُومَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَسَّطَهُ عَلَيْهِ فِي أَقْسَاطٍ مَعْلُومَةٍ وَتَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَدَفَعَ لِلْبَائِعِ قِسْطًا وَاحِدًا مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ حُلُولِهِ ثُمَّ مَاتَ الْبَائِعُ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لِجَمَاعَةٍ فَهَلْ لَا تَحِلُّ بَقِيَّةُ الْأَقْسَاطِ بِمَوْتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْبُيُوعِ مِنْ نَوْعٍ فِي التَّأْجِيلِ مَا نَصُّهُ بِمَوْتِ الْبَائِعِ لَا يَحِلُّ الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ وَبِمَوْتِ الْمُشْتَرِي يَحِلُّ. اهـ. وَفِي الْبَحْرِ قُبَيْلَ بَابِ الرِّبَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَأْجِيلَ الدَّيْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ بَاطِلٌ وَهُوَ تَأْجِيلُ بَدَلِيِّ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَصَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ وَهُوَ الْقَرْضُ وَالدَّيْنُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَتَأْجِيلُ الشَّفِيعِ ثَمَنَ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ وَلَازِمٌ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ. اهـ. الْأَجَلُ لَا يَحِلُّ قَبْلَ وَقْتِهِ إلَّا بِمَوْتِ الْمَدْيُونِ وَلَوْ حُكْمًا بِاللِّحَاقِ مُرْتَدًّا بِدَارِ الْحَرْبِ وَلَا يَحِلُّ بِمَوْتِ الدَّائِنِ أَشْبَاهٌ مِنْ الْقَوْلِ فِي الدَّيْنِ وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لَوْ مَاتَ الْبَائِعُ لَا يَبْطُلُ الْأَجَلُ وَلَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي حَلَّ الْمَالُ؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ التَّأْجِيلِ أَنْ يَتَّجِرَ فَيُؤَدِّيَ مِنْ نَمَاءِ الْمَالِ، فَإِذَا مَاتَ مَنْ لَهُ الْأَجَلُ تَعَيَّنَ الْمَتْرُوكُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ فَلَا يُفِيدُهُ التَّأْجِيلُ. اهـ. كَذَا فِي الْبَحْرِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَصَحَّ بِثَمَنٍ حَالٍّ وَبِأَجَلٍ مَعْلُومٍ يَحِلُّ السَّلَمُ وَسَائِرُ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ بِمَوْتِ مَنْ عَلَيْهِ لَا بِمَوْتِ مَنْ لَهُ فُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الدَّيْنِ وَالتَّأْجِيلِ

سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ رَجُلٌ مِنْ آخَرَ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ عَلَى سَبِيلِ الْقَرْضِ الشَّرْعِيِّ ثُمَّ طَالَبَهُ بِهِ فَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهِ لَهُ بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ زَاعِمًا أَنَّهُمَا كَانَا تَرَاضَيَا عَلَى دَفْعِهِ دَفَعَاتٍ مُتَفَرِّقَةً فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَفْعُ الْقَرْضِ حَالًّا وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْأَجَلُ فِي الْقَرْضِ بَاطِلٌ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ إعَارَةٌ لِوُجُودِ مَعْنَى الْإِعَارَةِ فِيهِ وَهُوَ التَّسْلِيطُ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِالْعَيْنِ مَعَ الرَّدِّ وَالْأَجَلُ فِي الْعَوَارِيِّ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ غَيْرَ لَازِمَةٍ وَمَتَى صَحَّ التَّأْجِيلُ صَارَتْ لَازِمَةً قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ فَتَضَمَّنَ التَّأْجِيلُ تَغْيِيرَ حُكْمِ الشَّرْعِ فَلَا يَجُوزُ مُحِيطُ السَّرَخْسِيِّ مِنْ بَابِ الْقُرُوضِ وَالدُّيُونِ التَّأْجِيلُ فِيمَا عَدَا الْقَرْضَ مِنْ قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَضَمَانِ الْمُسْتَهْلَكَاتِ وَثَمَنِ الْبِيَاعَاتِ صَحِيحٌ بِيرِيٌّ عَنْ الذَّخِيرَةِ مِنْ الْمُدَايَنَاتِ وَنَقَلَهَا فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ فِي الْقَرْضِ وَالِاسْتِقْرَاضِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ هِنْدٍ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى سَبِيلِ الْقَرْضِ وَتَسَلَّمَهُ مِنْهَا ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ وَرَثَةٍ قَسَّطُوا الْمَبْلَغَ عَلَى زَيْدٍ فِي أَقْسَاطٍ مَعْلُومَةٍ أَخَذُوا مِنْهُ بَعْضَهَا وَيُرِيدُونَ مُطَالَبَتَهُ بِالْبَاقِي وَأَخْذَهُ مِنْهُ حَالًّا فَهَلْ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ قَرْضٌ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْمُدَايَنَاتِ كُلُّ دَيْنٍ أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ تَأْجِيلُهُ إلَّا فِي سَبْعَةٍ الْأُولَى الْقَرْضُ إلَخْ. اهـ. وَلَوْ مَاتَ الْمُقْرِضُ فَأَجَّلَ الْقَرْضَ وَارِثُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قُنْيَةٌ فِي بَابِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَجَلِ فِي الْقُرُوضِ مِنْ كِتَابِ الْمُدَايَنَاتِ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ وَالْمَهْرُ عَلَى الزَّوْجِ فَأَجَّلَهُ سَائِرُ الْوَرَثَةِ شَهْرًا فَهَلْ لَهُمْ أَنْ يُطَالِبُوهُ قَبْلَ الشَّهْرِ الْجَوَابُ نَعَمْ؛ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ صِفَةُ الْعَقْدِ فَيَسْتَدْعِي بَقَاءَ الْعَقْدِ كَالزِّيَادَةِ وَبَقَاءُ الْعَقْدِ بِبَقَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَبْقَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَجَّلَ الثَّمَنَ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ أَوْ زَادَ فِي الثَّمَنِ أَوْ فِي الْمَبِيعِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ أَجَّلَ بَعْدَ هَلَاكِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَالْمَبِيعُ قَائِمٌ صَحَّ قَاعِدِيَّةٌ فِي الدَّعْوَى فِي أَوَائِلِهِ فَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ مِنْ كِتَابِ الْمُدَايَنَاتِ (أَقُولُ) أَيْ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْبُضْعُ لَمْ يَبْقَ بِمَوْتِ الْمَرْأَةِ تَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ ثَمَنُ دَقِيقٍ كَانَ ابْتَاعَهُ عَمْرٌو مِنْهُ وَقَسَّطَ زَيْدٌ الْمَبْلَغَ الْمَزْبُورَ عَلَى عَمْرٍو فِي أَقْسَاطٍ مَعْلُومَةٍ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَيُرِيدُ زَيْدٌ الْآنَ الرُّجُوعَ عَنْ التَّقْسِيطِ الْمَذْكُورِ وَطَلَبَهُ حَالًّا فَهَلْ يَكُونُ التَّقْسِيطُ الْمَذْكُورُ لَازِمًا وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُهُ حَالًّا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كُلُّ دَيْنٍ أَجَّلَهُ صَاحِبُهُ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ تَأْجِيلُهُ إلَّا فِي سَبْعَةٍ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ قَضَتْ دَيْنَ رَجُلٍ لِدَائِنِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ الرَّجُلِ وَتُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى الدَّائِنِ فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَمَنْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ يَخْرُجُ الْمَقْضِيُّ بِهِ عَنْ مِلْكِ الْقَاضِي إلَى مِلْكِ الْمَقْضِيِّ لَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَ فِي مِلْكِ الْمَقْضِيِّ عَنْهُ أَلَا يَرَى أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي عَنْ الْمَيِّتِ صَحِيحٌ مَعَ أَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ ابْتِدَاءً ذَخِيرَةٌ مِنْ كِتَابِ الْمُدَايَنَاتِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي وَفِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ أَحْكَامِ السُّفْلِ وَالْعُلْوِ الْمُتَبَرِّعُ لَا يَرْجِعُ بِمَا تَبَرَّعَ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا لَوْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ. اهـ. أَقُولُ وَيَأْتِي قَرِيبًا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الرَّهْنِ نَقْلٌ آخَرُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُرْصَدٌ لَهُ عَلَى حَانُوتِ وَقْفٍ صَرَفَهُ بِإِذْنِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ فِي تَعْمِيرِهَا الضَّرُورِيِّ بِشَرْطِهِ ثُمَّ مَاتَ عَنْ أَبٍ فَدَفَعَ لَهُ عَمْرٌو الْمَبْلَغَ لِيَبْقَى لَهُ مُرْصَدًا كَمَا كَانَ لِزَيْدٍ وَصَدَرَ ذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْمُتَوَلِّي وَيُرِيدُ عَمْرٌو مُطَالَبَةَ الْأَبِ وَالرُّجُوعَ بِنَظِيرِ الْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ عَلَيْهِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لِعَمْرٍو ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ مَنْ دَفَعَ دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الدَّائِنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الثَّامِنِ وَالْعِشْرِينَ وَلَا عَلَى الْمَدْيُونِ لِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ أَيْضًا مِنْ أَحْكَامِ السُّفْلِ وَالْعُلْوِ الْمُتَبَرِّعُ لَا يَرْجِعُ بِمَا تَبَرَّعَ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا لَوْ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ. اهـ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا

مَعْلُومًا مِنْ الْمَصَارِي الْمَعْلُومَةِ الْعِيَارِ عَلَى سَبِيلِ الْقَرْضِ ثُمَّ رَخُصَتْ الْمَصَارِي وَلَمْ يَنْقَطِعْ مِثْلُهَا وَقَدْ تَصَرَّفَ زَيْدٌ بِمَصَارِيّ الْقَرْضِ وَيُرِيدُ رَدَّ مِثْلِهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ أَوَاخِرِ الْبُيُوعِ فِي نَوْعِ الْكَسَادِ وَالرَّوَاجِ اشْتَرَى بِالنَّقْدِ الرَّائِجِ وَتَقَابَضَا وَتَقَايَلَا إلَى أَنْ قَالَ وَلَوْ كَانَتْ تَرُوجُ لَكِنْ انْتَقَصَ قِيمَتَهَا لَا يَفْسُدُ أَيْ الْبَيْعُ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا ذَلِكَ فِي فَتْوَى الْبَعْضِ وَفَتْوَى الْقَاضِي عَلَى أَنْ يُطَالِبَهُ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي يَوْمَ الْبَيْعِ بِعَيْنِ ذَلِكَ الْعِيَارِ وَلَا يَرْجِعُ بِالتَّفَاوُتِ وَكَذَا الدَّيْنُ يَعْنِي يُطَالِبُ بِدَرَاهِمِ الدَّيْنِ أَيْضًا يَوْمَ الدَّيْنِ بِعَيْنِ ذَلِكَ الْعِيَارِ خُصُوصًا وَالْقُرُوضُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا. اهـ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ زَيْدٌ عَنْ ابْنٍ بَالِغٍ وَلَمْ يُخَلِّفْ شَيْئًا فَزَعَمَ عَمْرٌو أَنَّ لَهُ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَطَلَبَهُ مِنْ ابْنِهِ فَدَفَعَهُ لَهُ ظَانًّا أَنَّهُ عَلَى أَبِيهِ ثُمَّ ظَهَرَ وَتَبَيَّنَ أَنْ لَيْسَ لِعَمْرٍو عَلَى زَيْدٍ دَيْنٌ أَصْلًا وَيُرِيدُ الِابْنُ مُطَالَبَةَ عَمْرٍو بِنَظِيرِ الْمَدْفُوعِ لَهُ وَالرُّجُوعَ بِهِ عَلَيْهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَبَانَ خِلَافُهُ يَسُوغُ لِلِابْنِ الرُّجُوعُ بِمَا أَدَّاهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ قَاعِدَةِ لَا عِبْرَةَ بِالظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ وَمِنْ دَفَعَ شَيْئًا لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ إلَخْ وَفِي الدَّعْوَى مِنْ الْخَيْرِيَّةِ ضِمْنَ سُؤَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا دَفَعَ شَيْئًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فَظَهَرَ عَدَمُ لُزُومِهِ لَهُ رَجَعَ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِوَرَثَةِ زَيْدٍ الْمُتَوَفَّى قَدْرٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ دَيْنٌ بِذِمَّةِ عَمْرٍو الْغَائِبِ مَوْرُوثٌ لَهُمْ عَنْ زَيْدٍ فَبَاعَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ نَصِيبَهُمْ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ مِنْ رَجُلٍ فَطَالَبَ عَمْرًا فَامْتَنَعَ وَيُرِيدُ الرَّجُلُ طَلَبَ الثَّمَنِ مِمَّنْ قَبَضَهُ مِنْهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَالْبَيْعُ الْمَزْبُورُ غَيْرُ صَحِيحٍ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَبَيْعُ الدَّيْنِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ الْمَدْيُونِ أَوْ وَهَبَهُ جَازَ أَشْبَاهٌ مِنْ أَحْكَامِ الدَّيْنِ وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِ ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ التُّمُرْتَاشِيُّ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْبَيْعِ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَالَ ذِمِّيٌّ لِمِثْلِهِ ادْفَعْ عَنٍّ لِفُلَانٍ كَذَا مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَيَّ فَدَفَعَ الْمَأْمُورُ لِفُلَانٍ الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى الْآمِرِ بِذَلِكَ بَعْدَ الثُّبُوتِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي كَفَالَةِ عِصَامٍ قَالَ اقْضِ فُلَانًا عَنِّي أَوْ الَّذِي لَهُ عَلَيَّ أَوْ ادْفَعْ عَنِّي عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَيَّ فَفَعَلَ لَهُ الرُّجُوعُ فَيَكُونُ إقْرَارًا بِأَنَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ اقْضِ أَوْ ادْفَعْ وَلَمْ يَقُلْ عَنِّي أَنَّ الْمَأْمُورَ شَرِيكًا أَوْ خَلِيطًا أَيْ جَرَتْ الْعَادَةُ بَيْنَهُمَا أَنَّ وَكِيلَ الْآمِرِ أَوْ رَسُولَهُ يَأْخُذُهُ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْآمِرُ شِرَاءً وَلَوْ قَرْضًا ثُمَّ يُعْطِيهِ الْآمِرُ لَهُ أَوْ فِي عِيَالِ الْآمِرِ أَوْ الْآمِرُ فِي عِيَالِ الْمَأْمُورِ يَرْجِعُ وَعِنْدَ انْتِفَاءِ هَؤُلَاءِ لَا يَرْجِعُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلثَّانِي ثُمَّ لَا يَرْجِعُ الدَّافِعُ عَلَى الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ إنْ قَالَ ادْفَعْ أَوْ اقْضِ قَضَاءً، وَإِنْ قَالَ ادْفَعْ وَلَمْ يَقُلْ قَضَاءً يَرْجِعُ حَمْلًا عَلَى الْأَمْرِ بِالْإِيدَاعِ وَفِي بَعْضِ الْفَتَاوَى يَرْجِعُ الدَّافِعُ عَلَى الْقَابِضِ وَلَمْ يُفَصِّلْ وَالْحَقُّ مَا ذَكَرْنَا بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْوَكَالَةِ مِنْ نَوْعٍ فِي الْمَأْمُورِ بِدَفْعِ الْمَالِ وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ كِتَابِ الْمُدَايَنَاتِ وَعِبَارَتُهَا مِنْ الْفَصْلِ السَّابِعِ الدَّفْعُ مَتَى حَصَلَ بِطَرِيقِ الْقَضَاءِ لَا يَكُونُ لِلدَّافِعِ وِلَايَةُ الِاسْتِرْدَادِ. اهـ. وَتَمَامُ التَّفَارِيعِ فِيهَا وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْكَفَالَةِ وَالْعِمَادِيَّةِ وَالْفُصُولَيْنِ فِي أَحْكَامِ الْعِمَارَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ الْمَدْيُونُ عَنْ تَرِكَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى مَوَاشٍ وَأَمْتِعَةٍ وَلَهُ وَرَثَةٌ يُكَلِّفُونَ الدَّائِنَ بِأَخْذِ عَيْنِ التَّرِكَةِ الْمَزْبُورَةِ بَدَلًا عَنْ دَيْنِهِ وَهُوَ لَا يَرْضَى إلَّا بِأَخْذِ مِثْلِ دَيْنِهِ فَهَلْ لَا يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِ الْعَيْنِ بَلْ تُبَاعُ بِثَمَنِ مِثْلِ الدَّيْنِ وَيُوَفَّى مِنْهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذْ الدُّيُونُ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا فَتُبَاعُ التَّرِكَةُ بِمِثْلِ الدَّيْنِ وَيُوَفَّى مِنْهُ إلَّا إذَا أَرَادَ الْوَرَثَةُ إبْقَاءَهَا لَهُمْ وَدَفْعَ مِثْلِ الدَّيْنِ لِصَاحِبِهِ مِنْهُمْ فَلَهُمْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَبَضَ مِنْ آخَرَ عِدَّةَ دَنَانِيرَ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِ وَقَضَى بِهَا دَيْنًا عَلَيْهِ لِزَيْدٍ فَرَدَّ زَيْدٌ مِنْهَا دِينَارًا عَلَى الرَّجُلِ وَيُرِيدُ الرَّجُلُ رَدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ الْآخَرِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ

فرع أحد الورثة لو قبض شيئا من بقية الورثة

فِي خِيَارِ الْعَيْبِ تَحْتَ قَوْلِ الْمَاتِنِ وَلَوْ بَاعَ الْمَبِيعَ فَرُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ وَعَلَى هَذَا إذَا قَبَضَ رَجُلٌ دَرَاهِمَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ وَقَضَاهَا مِنْ غَرِيمِهِ فَوَجَدَهَا الْغَرِيمُ زُيُوفًا فَرَدَّهَا عَلَيْهِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ. اهـ. أَخَذَ دَرَاهِمَهُ مِمَّنْ عَلَيْهِ وَانْتَقَدَهَا النَّاقِدُ ثُمَّ وَجَدَ بَعْضَهَا زُيُوفًا لَا ضَمَانَ عَلَى النَّاقِدِ وَتُرَدُّ عَلَى الدَّافِعِ، وَإِنْ أَنْكَرَ الدَّافِعُ أَنْ يَكُونَ ذَا مَدْفُوعَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْقَوْلِ لِمَنْ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ أَخْذَ غَيْرِهَا وَهَذَا إذَا لَمْ يُقِرَّ بِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ أَوْ الْجِيَادِ، فَإِنْ كَانَ أَقَرَّ لَا يَرْجِعُ إنْ أَنْكَرَ الدَّافِعُ أَنْ يَكُونَ ذَا هُوَ كَذَا فِي آخِرِ الْفَصْلِ السَّابِعِ مِنْ قَضَاءِ الْبَزَّازِيَّةِ فَتَاوَى الْأَنْقِرْوِيِّ مِنْ كِتَابِ الْمُدَايَنَاتِ (أَقُولُ) وَقَدَّمْنَا تَمَامَ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ الْإِمَامِ الطَّرَسُوسِيِّ فِي خِيَارِ الْبُيُوعِ فَرَاجِعْهُ. [فَرْعٌ أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَوْ قَبَضَ شَيْئًا مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ] (فَرْعٌ) أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَوْ قَبَضَ شَيْئًا مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَأَبْرَأ مِنْ التَّرِكَةِ وَفِي التَّرِكَةِ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ إنْ كَانَ مُرَادُهُ الْبَرَاءَةَ مِنْ قَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ صَحَّ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ تَمْلِيكَ حِصَّتِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ كَذَا ذَكَرَهُ رَشِيدُ الدِّينِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ الْوَارِثُ إذَا قَالَ تَرَكْتُ حَقِّي لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَبْطُلُ بِالتَّرْكِ عِمَادِيَّةٌ فِي الْفَصْلِ 28 لِلْمَدْيُونِ طَلَبُ الْقُبَالَةِ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ بَعْدَ الْقَضَاءِ إنْ كَانَ دَفَعَ هُوَ وَرَقَ الْكِتَابَةِ وَلَوْ مَاتَ الدَّائِنُ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ وَبَقِيَتْ الْقُبَالَةُ فِي يَدِ الْوَرَثَةِ فَلِلْمَدْيُونِ طَلَبُهَا مِنْهُمْ إنْ كَانَتْ الْكَاغِدَةُ مَمْلُوكَةً لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِلدَّائِنِ فَلَهُ طَلَبُ وَثِيقَةِ الْقَضَاءِ مِنْهُ أَوْ مِنْ وَرَثَتِهِ إذَا لَمْ يَدْفَعْ الْقُبَالَةَ وَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ دَعْوَى الْقُبَالَةِ مِنْ بَيَانِ قَدْرِ الْكَاغِدَةُ وَصِفَتُهَا وَبَيَانُ قَدْرِ الْمَالِ الْمَكْتُوبِ فِيهَا حَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَمِثْلُهُ فِي الْقُنْيَةِ مِنْ الْمُدَايَنَاتِ. أَخَذَ مِنْ دَيْنِهِ دِينَارًا فَوَجَدَهُ زَائِفًا فَجَعَلَهُ فِي الرَّوْثِ لِيَرُوجَ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الدِّرْهَمِ إذَا أَخَذَهُ مِنْ دَيْنِهِ فَوَجَدَهُ زَائِفًا فَجَعَلَهُ فِي الْبَصَلِ أَوْ نَحْوِهِ لِيَرُوجَ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ كَمَا لَوْ دَاوَى عَيْبَ مَشْرِيِّهِ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ الْمُدَايَنَاتِ مِنْ فَصْلِ: مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ وَفِيهِ أَعْطَى الْمُسْتَقْرِضُ الْمُقْرِضَ مَالًا لِيُمَيِّزَ الْجَيِّدَ مِنْ الرَّدِيءِ وَيَأْخُذَ مِنْهُ حَقَّهُ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْقَاضِي فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ لِلتَّحْوِيلِ لَا لِلِاقْتِضَاءِ. دَفَعَ الْمَدْيُونُ إلَى الدَّائِنِ حَقَّهُ ثُمَّ دَفَعَهُ الدَّائِنُ إلَيْهِ لِيَنْقُدَهُ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الدَّائِنِ وَلَوْ دَفَعَ الْمَطْلُوبُ إلَى الطَّالِبِ حَقَّهُ زَائِفًا وَقَالَ أَنْفِقْهُ، وَإِنْ لَمْ يَرُجْ فَرُدَّهُ عَلَيَّ فَفَعَلَ فَلَمْ يَرُجْ فَلَهُ الرَّدُّ اسْتِحْسَانًا لَا قِيَاسًا كَذَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَوْلُ الْكُلِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا فَقَالَ الْبَائِعُ اعْرِضْهَا عَلَى الْبَيْعِ، فَإِنْ نَفَقَتْ وَإِلَّا فَرُدَّهَا عَلَيَّ فَعَرَضَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا. اهـ. الْأَجَلُ حَقُّ الْمَدْيُونِ فَلَهُ أَنْ يُسْقِطَهُ أَشْبَاهٌ مِنْ الْمُدَايَنَاتِ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ وَالْخَانِيَّةِ وَفِيهَا مِنْ قَاعِدَةِ التَّابِعُ تَابِعٌ قَالَ الْمَدْيُونُ تَرَكْتُ الْأَجَلَ أَوْ أَبْطَلْتُهُ أَوْ جَعَلْتُ الْمَالَ حَالًّا، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الْأَجَلُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا. إذَا أَتْلَفَ الدَّائِنُ عَيْنًا مِنْ مَالِ الْمَدْيُونِ إنْ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ صَارَ قِصَاصًا، وَإِنْ مِنْ خِلَافِهِ لَا بِلَا مُقَاصَصَةٍ إنْ مِثْلِيًّا أَوْ قِيَمِيًّا عَلَى الْمُخْتَارِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ بَيْعِ الْوِقَاءِ هَلْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِي الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ عَلَى الْمَدْيُونِ لِإِثْبَاتِهِ وَتَسْجِيلِهِ أَمْ لَا أَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَعَمْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِيهِ لِإِثْبَاتِهِ لَا لِلْمُطَالَبَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ [كِتَابُ الرَّهْنِ] ِ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَرَهَنَ عِنْدَهُ آنِيَةَ نُحَاسٍ قِيمَتُهَا أَكْثَرُ مِنْ الدَّيْنِ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا ثُمَّ إنَّ عَمْرًا رَهَنَهَا عِنْدَ بَكْرٍ وَسَلَّمَهَا لَهُ بِدَيْنٍ اسْتَدَانَهُ مِنْهُ بِلَا إذْنٍ مِنْ زَيْدٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَهَلَكَتْ عِنْدَ بَكْرٍ وَيُرِيدُ زَيْدٌ تَضْمِينَ عَمْرٍو قِيمَةَ الزَّائِدِ عَنْ الدَّيْنِ بَعْدَ الثُّبُوتِ

فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَضَمِنَ بِإِعَارَتِهِ وَإِيدَاعِهِ وَإِجَارَتِهِ وَاسْتِخْدَامِهِ وَتَعَدِّيهِ كُلَّ قِيمَتِهِ فَيَسْقُطُ الدَّيْنُ بِقَدْرِهِ شَرْحُ التَّنْوِيرِ (أَقُولُ) حَاصِلُهُ أَنَّ الرَّهْنَ مَضْمُونٌ عِنْدَ التَّعَدِّي ضَمَانَ الْغَصْبِ فَيَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ كُلَّ قِيمَتِهِ لَكِنْ دَيْنُهُ أُسْقِطَ عَنْهُ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ بِقَدْرِهِ فَيَبْقَى عَلَيْهِ أَدَاءُ الزَّائِدِ عَلَى الدَّيْنِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرَ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ رَجَعَ هُوَ بِمَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ كِتَابِ الرَّهْنِ تَمَامُ النَّقْلِ لِهَذَا السُّؤَالِ عَنْ الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ فِي الْعُمْدَةِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ. رَجُلٌ ارْتَهَنَ مِنْ امْرَأَةٍ دَارًا وَغَابَتْ فَجَاءَهُ رَجُلٌ وَقَضَى دَيْنَهَا وَارْتَهَنَ الدَّارَ مِنْهُ وَضَمِنَتْ الْجِيرَانُ لَهُ فَجَاءَتْ الرَّاهِنَةُ وَأَخَذَتْ الدَّارَ فَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ الثَّانِي أَنْ يُطَالِبَهَا بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِدُونِ أَمْرِهَا وَلَا يَطْلُبُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ أَوْفَاهُ حَقًّا وَاجِبًا لَهُ وَلَا يَأْخُذُ الْجِيرَانُ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُمْ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُمْ ضَمِنُوا مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا سُرِقَ الرَّهْنُ مِنْ عِنْدِ الْمُرْتَهِنِ بِلَا تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي حِفْظِهِ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ تَزِيدُ عَلَى الدَّيْنِ فَهَلْ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَلَا يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ الزِّيَادَةَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْمُتُونِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ رَهَنَتْ عِنْدَ رَجُلٍ طَنْفَسَةً قِيمَتُهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ قِرْشًا بِخَمْسَةِ قُرُوشٍ اسْتَدَانَتْهَا مِنْهُ وَتَسَلَّمَ الرَّهْنَ فَتَعَيَّبَ عِنْدَهُ عَيْبًا فَاحِشًا بِأَكْلِ الْعُثِّ حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ قُرُوشٍ فَهَلْ يَضْمَنُ وَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ وَتَفْتَكُّ الْمُرْتَهِنَةُ الرَّهْنَ بِقِرْشٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنْ انْتَقَصَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ قَدْرًا أَوْ وَصْفًا سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ بِخِلَافِ النُّقْصَانِ بِتَرَاجُعِ السِّعْرِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْجَامِعِ فَلَوْ رَهَنَ فَرْوًا قِيمَتُهُ أَرْبَعُونَ بِعَشْرَةٍ فَأَفْسَدَهُ السُّوسُ حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهُ عَشْرَةً يَفْتَكُّهُ الرَّاهِنُ بِدِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ وَيَسْقُطُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ رُبْعٍ مِنْ الْفَرْوِ مَرْهُونٌ بِرُبْعِ الدَّيْنِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْفَرْوِ رُبْعُهُ فَيَبْقَى أَيْضًا مِنْ الدَّيْنِ رُبْعُهُ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَرَهَنَ عِنْدَهُ عَلَى ذَلِكَ رَهْنًا مُسَلَّمًا يُسَاوِي قَدْرَ الدَّيْنِ ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ وَدَفَعَ لَهُ زَيْدٌ دَيْنَهُ وَطَلَبَ رَهْنَهُ فَادَّعَى عَمْرٌو أَنَّهُ فُقِدَ فَهَلْ يَضْمَنُ وَيَرُدُّ مَا اسْتَوْفَاهُ إلَى الرَّاهِنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ: فَلَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ إلَى الرَّاهِنِ اسْتَرَدَّ الرَّاهِنُ مَا قَضَاهُ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالْهَلَاكِ أَنَّهُ صَارَ مُسْتَوْفِيًا مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ السَّابِقِ فَكَانَ الثَّانِي اسْتِيفَاءً بَعْدَ اسْتِيفَاءٍ فَيَجِبُ رَدُّهُ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الثَّالِثِ مِنْ الضَّمَانِ وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ. (سُئِلَ) فِي الرَّهْنِ إذَا فُقِدَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بِدُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ الدَّيْنِ فَهَلْ يَهْلَكُ بِالدَّيْنِ وَلَا يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ الزَّائِدَ عَلَى الدَّيْنِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ فِي قِيمَةِ الرَّهْنِ بِيَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الْحُكْمُ كَمَا ذُكِرَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي بَابِ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ: اخْتَلَفَا فِي الدَّيْنِ وَالْقِيمَةِ بَعْدَ الْهَلَاكِ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ وَقِيمَةِ الرَّهْنِ شَرْحِ التَّكْمِلَةِ. اهـ. (أَقُولُ) كَتَبْت فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مَا نَصُّهُ: صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا لَوْ كَانَ الرَّاهِنُ يَدَّعِي الرَّهْنَ بِأَلْفٍ وَالْمُرْتَهِنُ بِخَمْسِمِائَةٍ، فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ قَائِمًا يُسَاوِي أَلْفًا تَحَالَفَا وَتَرَادَّا وَلَوْ هَالِكًا فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ زِيَادَةَ سُقُوطِ الدَّيْنِ. اهـ. زَادَ الْأَتْقَانِيُّ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ بِأَلْفٍ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ وَقَالَ الرَّاهِنُ أَلْفٌ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ الرَّاهِنُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي زِيَادَةَ الضَّمَانِ. اهـ. مُلَخَّصًا. اهـ. بَقِيَ هُنَا شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يَضْمَنُ الزَّائِدَ عَلَى الدَّيْنِ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ إذَا ادَّعَى الْهَلَاكَ، وَإِنْ لَمْ يُبَرْهِنْ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ حَيْثُ سُئِلَ عَنْ الرَّهْنِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ ضَيَاعَهُ إلَّا بِقَوْلِ الْمُرْتَهِنِ هَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ فَأَجَابَ نَعَمْ حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ بِالْبُرْهَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ وَالدُّرَرِ وَالْغُرَرِ. اهـ. وَعِبَارَةُ التَّنْوِيرِ هَكَذَا وَضَمِنَ بِدَعْوَى الْهَلَاكِ بِلَا بُرْهَانٍ

مُطْلَقًا وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ وَاَلَّذِي حَرَّرْتُهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ، وَأَمَّا مَذْهَبُنَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ ثُبُوتِ الْهَلَاكِ بِقَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ أَوْ بِالْبُرْهَانِ وَهُوَ فِي الصُّورَتَيْنِ مَضْمُونٌ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ كَمَا أَوْضَحَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ سَمَّاهَا: غَايَةُ الْمَطْلَبِ فِي الرَّهْنِ إذَا ذَهَبَ وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الدُّرَرِ عَنْ الْحَقَائِقِ شَرْحِ النَّسَفِيَّةِ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الشَّلَبِيِّ والتمرتاشي وَغَيْرُهُمَا وَكَذَا فِي الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ أَفْتَى بِذَلِكَ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الشُّرُنْبُلَالِيِّ وَقَالَ: إنَّ مَا أَفْتَى بِهِ الرَّمْلِيُّ مُخَالِفٌ لِلْمَذْهَبِ رَأْسًا وَاحِدًا وَالرُّجُوعُ إلَى الْحَقِّ أَحَقُّ. اهـ. وَنَقَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الشَّيْخِ أَحْمَدَ مُفْتِي عَكَّةَ نَحْوَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَحْرِيرِ الْمَسْأَلَةِ وَالرَّدِّ عَلَى الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَالتَّنْوِيرِ وَالدُّرَرِ وَتَصْرِيحُ صَاحِبِ الْحَقَائِقِ بِأَنَّ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَمَّا عِنْدَنَا فَيَصْدُقُ وَيَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ وَالْبَاقِي لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. اهـ. وَأَنَّ الْمُنَاسِبَ فِي عِبَارَةِ التَّنْوِيرِ السَّابِقَةِ أَنْ يُقَالَ: وَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْهَلَاكَ بِلَا بُرْهَانٍ مُطْلَقًا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ رَدَّ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ وَكَذَّبَهُ الرَّاهِنُ فِي ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ الرَّدِّ دُونَ الْمُرْتَهِنِ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : الْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ الرَّدِّ دُونَ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَفَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَالْأَنْقِرْوِيِّ وَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الشَّلَبِيِّ مِنْ الرَّهْنِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ فِي دَفْعِهِ الرَّهْنَ لِلرَّاهِنِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَوْ حَلَفَ بَلْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى ذَلِكَ. اهـ. (أَقُولُ) قَدْ أَلَّفَ الْعَلَّامَةُ الشُّرُنْبُلَالِيّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رِسَالَةً مُسْتَقِلَّةً أَيْضًا سَمَّاهَا: الْإِقْنَاعْ فِي الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ إذَا اخْتَلَفَا فِي رَدِّ الرَّهْنِ وَلَمْ يَذْكُرَا الضَّيَاعْ وَقَدْ تَرَدَّدَ فِي جَوَابِ الْحُكْمِ فِيهَا فَقَالَ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْقَوْلَ لِلرَّاهِنِ بِيَمِينِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي رَدِّ الرَّهْنِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ. اهـ. قَالَ لَكِنْ قَدْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي الرَّدِّ وَالْهَلَاكِ؛ لِأَنَّ سِيَاقَ كَلَامِ الْمِعْرَاجِ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْهَلَاكِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الرَّهْنَ بِمَنْزِلَةِ الْوَدِيعَةِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَأَنَّهُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ وَبِأَنَّ كُلَّ أَمِينٍ ادَّعَى إيصَالَ الْأَمَانَةِ إلَى مُسْتَحِقِّهَا قَبْلَ قَوْلِهِ فِي حَيَاةِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَمَنْ ادَّعَى اسْتِثْنَاءَ الْمُرْتَهِنِ مِنْ هَذِهِ الْكُلِّيَّةِ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ وَيُعَارِضُ كَلَامَ الْمِعْرَاجِ بِمَا لَوْ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ هَلَاكَ الرَّهْنِ عِنْدَهُ وَأَنْكَرَهُ الرَّاهِنُ، فَإِنَّ الْقَوْلَ لِلْمُرْتَهِنِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ كَالْمُودَعِ وَالْمُسْتَعِيرِ مَعَ أَنَّ الرَّاهِنَ مُنْكِرٌ. اهـ كَلَامُ الشُّرُنْبُلَالِيِّ مُلَخَّصًا: وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ رَدَّ الرَّهْنِ عَلَى رَاهِنِهِ. ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَحُكْمُ الْأَمَانَةِ كَذَلِكَ وَلَكِنْ لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ الْفَرْقَ ظَاهِرٌ بَيْنَ الرَّهْنِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَمَانَاتِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مَضْمُونٌ بِالدَّيْنِ فَكَيْفَ يُصَدَّقُ وَيَنْتَفِي عَنْهُ الضَّمَانُ، وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْأَمَانَاتِ فَلَيْسَتْ مَضْمُونَةً فَلِهَذَا يُصَدَّقُ. نَعَمْ أَلْحَقُوا الرَّهْنَ بِالْأَمَانَةِ وَجَعَلُوهُ مِثْلَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ بِالتَّعَدِّي، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَيُعَارِضُ كَلَامَ الْمِعْرَاجِ إلَخْ فَجَوَابُهُ ظَاهِرٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا ادَّعَى هَلَاكَ الرَّهْنِ عِنْدَهُ إنَّمَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا زَادَ مِنْ قِيمَتِهِ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ أَمَانَةٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ كَبَقِيَّةِ الْأَمَانَاتِ حَتَّى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ أَمَّا قَدْرُ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ حَتَّى أَنَّهُ يَسْقُطُ دَيْنُهُ بِمُقَابَلَتِهِ فَصَارَ قَدْرُ الدَّيْنِ مِنْ الرَّهْنِ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَصِحُّ تَشْبِيهُهُ بِالْمُودَعِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَلَوْ كَانَ مِثْلَهُمَا لَزِمَ أَنْ يُصَدَّقَ مُطْلَقًا وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ، وَأَمَّا إذَا ادَّعَى رَدَّهُ عَلَى الرَّاهِنِ سَوَاءٌ ادَّعَى هَلَاكَهُ عِنْدَ الرَّاهِنِ بَعْدَ الرَّدِّ أَوْ ادَّعَى الرَّدَّ فَقَطْ، فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقَ لِكَوْنِهِ كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ قَبْلَ الرَّدِّ بِحَيْثُ لَوْ هَلَكَ سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ، فَإِذَا ادَّعَى رَدَّهُ عَلَيْهِ كَانَ نَافِيًا بِدَعْوَاهُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يُصَدَّقَ بِخِلَافِ مَنْ ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْعَارِيَّةِ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْهَلَاكِ كَمَا مَرَّ فَلَمْ يَكُنْ نَافِيًا بِدَعْوَاهُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ. وَاَلَّذِي فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ مَا نَصُّهُ: سُئِلَ عَنْ

الْمُرْتَهِنِ إذَا ادَّعَى رَدَّ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ وَكَذَّبَهُ الرَّاهِنُ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ؟ أَجَابَ: لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي رَدِّهِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْأَمَانَاتِ لَا الْمَضْمُونَاتِ بَلْ الْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ فِي عَدَمِ رَدِّهِ إلَيْهِ. اهـ. وَمِثْلُهُ مَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَنْ ابْنِ الشَّلَبِيِّ التَّتَارْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَمِثْلُهُ أَيْضًا فِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ وَهَذَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمِعْرَاجِ فَلَزِمَ اتِّبَاعُ الْمَنْقُولِ كَيْفَ وَهُوَ الْمَعْقُولُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّهْنُ غَيْرَ زَائِدٍ عَلَى الدَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ زَائِدًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ الزِّيَادَةَ لِتَمَحُّضِهَا أَمَانَةً غَيْرَ مَضْمُونَةٍ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِيهَا سَوَاءٌ ادَّعَى الرَّدَّ فَقَطْ أَوْ الرَّدَّ وَالْهَلَاكَ بَعْدَهُ عِنْدَ الرَّاهِنِ فَتَأَمَّلْ، هَذَا مَا يَسَّرَ الْمَوْلَى تَحْرِيرَهُ عَلَى الْعَبْدِ الْفَقِيرِ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَهَنَ زَيْدٌ دَارِهِ الْمَعْلُومَةَ عِنْدَ عَمْرٍو بِدَيْنٍ شَرْعِيٍّ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ رَهَنَ زَيْدٌ الدَّارَ الْمَزْبُورَةَ ثَانِيًا عِنْدَ بَكْرٍ بِدُونِ إذْنِ عَمْرٍو وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَا فَكِّ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ وَلَا يُعْتَبَرُ الثَّانِي؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ رَامِزًا بخ لِبَكْرٍ خُوَاهَرْ زَادَهْ رَهَنَهُ عِنْدَ آخَرَ بَعْدَمَا سَلَّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ وَأَخَذَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْأَوَّلِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ لَا يَكُونُ رَهْنًا فِيمَا بَيْنَهُمَا حَتَّى لَوْ قَضَى لِلْأَوَّلِ دَيْنَهُ لَا يَكُونُ لِلثَّانِي حَبْسُهُ بِخِلَافِ بَيْعِ الرَّهْنِ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَتِمُّ بِالْعَقْدِ دُونَ الرَّهْنِ. اهـ. وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ إذَا ثَبَتَ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ فَالثَّانِي غَيْرُ صَحِيحٍ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَهَنَ زَيْدٌ دَارِهِ عِنْدَ عَمْرٍو وَبَكْرٍ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا لَهُمَا بِدَيْنٍ شَرْعِيٍّ مَعْلُومٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَهَلْ يَكُونُ الرَّهْنُ صَحِيحًا وَكُلُّهُ رَهْنٌ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ بَابِ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ (أَقُولُ) أَيْ يَصِيرُ كُلُّهُ مَحْبُوسًا بِدَيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا أَنَّ نِصْفَهُ يَكُونُ رَهْنًا مِنْ هَذَا وَنِصْفَهُ مِنْ ذَاكَ قَالَهُ ابْنُ الْكَمَالِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ بُسْتَانَهُ مِنْ عَمْرٍو بَيْعَ وَفَاءً بِثَمَنٍ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ عَلَى أَنَّهُ إنْ رَدَّ زَيْدٌ الثَّمَنَ لِعَمْرٍو يَرُدُّ الْمَبِيعَ وَتَسَلَّمَ عَمْرٌو الْمَبِيعَ وَأَثْمَرَتْ أَشْجَارُ الْبُسْتَانِ عِنْدَهُ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ حُكْمُهُ حُكْمَ الرَّهْنِ فَالثَّمَرَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ الْبُسْتَانِ تَابِعَةٌ لِأَصْلِهَا؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ بِثَمَنٍ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ حُكْمُهُ حُكْمَ الرَّهْنِ وَنَمَاءُ الرَّهْنِ كَالْوَلَدِ، وَالثَّمَرُ وَاللَّبَنُ وَالصُّوفُ لِلرَّاهِنِ وَهُوَ رَهْنٌ مَعَ الْأَصْلِ كَمَا صَرَّحَ بِالْأَوَّلِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخَيْرِيَّةِ وَالْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَغَيْرِهَا وَبِالثَّانِي فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَاعَ آخَرَ عَقَارًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ وَقَبَضَ الثَّمَنَ وَأَطْلَقَ الْبَيْعَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْوَفَاءَ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ عَهِدَ إلَى الْبَائِعِ بَعْدَهُ أَنَّهُ إنْ أَوْفَى لَهُ مِثْلَ الثَّمَنِ يَفْسَخُ مَعَهُ الْبَيْعَ وَيَرُدُّ لَهُ الْمَبِيعَ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً شَرْعِيَّةً وَالْبَائِعُ يَعْلَمُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ وَمَضَتْ مُدَّةٌ وَالْآنَ أَحْضَرَ الْبَائِعُ نَظِيرَ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي وَطَلَبَ رَدَّ الْمَبِيعِ لَهُ فَهَلْ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَهُوَ رَهْنٌ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ بِالْغَبْنِ وَقْتَ الْبَيْعِ كَمَا فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ عَنْ بَكْرٍ خُوَاهَرْ زَادَهْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ قِطْعَتَا أَرْضٍ مَعْلُومَتَانِ حَامِلَتَانِ لِغِرَاسٍ جَارٍ مَعَ الْأَرْضَيْنِ فِي مِلْكِهِ فَبَاعَهُمَا مِنْ عَمْرٍو بَيْعَ وَفَاءٍ مُنَزَّلًا مَنْزِلَةَ الرَّهْنِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ قَبَضَهُ مِنْ عَمْرٍو ثُمَّ آجَرَ عَمْرٌو الْمَبِيعَ مِنْ زَيْدٍ الْبَائِعِ الْمَزْبُورَ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَنْ كُلِّ سَنَةٍ وَأَحَالَ بَكْرًا عَلَى زَيْدٍ بِالْأُجْرَةِ فَهَلْ لَا أُجْرَةَ لِعَمْرٍو عَلَى زَيْدٍ وَلَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الرَّهْنِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ طَعَامٍ بَيْنَهُمَا فَلَا أَجْرَ لَهُ كَرَاهِنٍ اسْتَأْجَرَ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنَّهُ لَا أَجْرَ لَهُ لِنَفْعِهِ بِمِلْكِهِ. اهـ. وَفِي الْخَيْرِيَّةِ وَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَلَا تَجِبُ فِيهَا الْأُجْرَةُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الدَّارَ أَمْ قَبْلَهُ قَالَ فِي النِّهَايَة سُئِلَ الْقَاضِي الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْمَاتُرِيدِيُّ عَمَّنْ بَاعَ دَارِهِ مِنْ آخَرَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ بَيْعَ وَفَاءً

وَتَقَابَضَا ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي مَعَ شَرَائِطِ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ وَقَبَضَهَا وَمَضَتْ مُدَّةٌ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ؟ فَقَالَ: لَا؛ لِأَنَّهُ عِنْدَنَا رَهْنٌ وَالرَّاهِنُ إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لَا تَجِبُ الْأُجْرَةُ. اهـ. ثُمَّ نَقَلَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ مَا يُوَافِقُهُ وَأَفْتَى بِذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَالْكُلُّ فِي فَتَاوَاهُ الْمَشْهُورَةِ، وَأَمَّا الْحَوَالَةُ فَقَدْ قَالَ فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَأَمَّا شَرَائِطُ الْمُحْتَالِ بِهِ فَأَنْ يَكُونَ دَيْنًا لَازِمًا فَلَا تَصِحُّ بِبَدَلِ مَالِ الْكِتَابَةِ فَمَا لَا تَصِحُّ بِهِ الْكَفَالَةُ لَا تَصِحُّ بِهِ الْحَوَالَةُ ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ ظَهَرَ بَرَاءَةُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ قَيَّدَ بِهِ الْحَوَالَةَ بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ ثَمَنَ مَبِيعٍ فَاسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ وَنَقَلَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْكَفَالَةَ بِمَا لَا ثُبُوتَ لَهُ فِي الذِّمَّةِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ. اهـ. فَعُلِمَ بِمَا قُرِّرَ وَسُطِّرَ أَنَّ الْأُجْرَةَ الْمَزْبُورَةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَهِيَ غَيْرُ ثَابِتَةٍ فِي الذِّمَّةِ فَلَا تَصِحُّ بِهَا الْحَوَالَةُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ بَاعَتْ دَارَهَا مِنْ رَجُلٍ بَيْعَ وَفَاءً مُنَزَّلًا مَنْزِلَةَ الرَّهْنِ ثُمَّ إنَّ الرَّجُلَ آجَرَهَا بِإِذْنِهَا مِنْ بَعْلِهَا بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ قَبَضَهَا الرَّجُلُ وَيَزْعُمُ أَنَّ الْأُجْرَةَ لَهُ فَهَلْ تَكُونُ الْأُجْرَةُ لِلرَّاهِنَةِ الْمَزْبُورَةِ وَبَطَلَ الرَّهْنُ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ مِنْ الرَّهْنِ: آجَرَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِلَا إجَازَةٍ الرَّاهِنِ فَالْغَلَّةُ لِلْمُرْتَهِنِ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَالْغَاصِبِ يَتَصَدَّقُ بِالْغَلَّةِ أَوْ يَرُدُّهَا عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ آجَرَ بِأَمْرِ الرَّاهِنِ بَطَلَ الرَّهْنُ وَالْأَجْرُ لِلرَّاهِنِ بَزَّازِيَّةٌ وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ (سُئِلَ) فِي بَيْعِ الْوَفَاءِ الْمُنَزَّلِ مَنْزِلَةَ الرَّهْنِ إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَمَا دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَتَوَافَقَ مَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى أَنَّهُ يَرُدُّ لَهُ الْمَبِيعَ إذَا رَدَّ لَهُ نَظِيرَ الثَّمَنِ فِي وَقْتِ كَذَا ثُمَّ جَاءَ الْوَقْتُ وَامْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ رَدِّ نَظِيرِ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُؤْمَرُ بِبَيْعِ الرَّهْنِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ مِنْ ثَمَنِهِ، فَإِذَا امْتَنَعَ بَاعَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَهَنَ زَيْدٌ دَارِهِ عِنْدَ عَمْرٍو بِدَيْنٍ اسْتَدَانَهُ مِنْهُ وَقَالَ لِعَمْرٍو: إنْ لَمْ أُعْطِك دَيْنَك إلَى وَقْتِ كَذَا فَهِيَ بَيْعٌ لَك بِمَا لَك عَلَيَّ ثُمَّ آجَرَ عَمْرٌو الدَّارَ مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ قَبَضَهَا مِنْ زَيْدٍ وَحَلَّ الْأَجَلُ فَهَلْ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَالْأُجْرَةُ بَاطِلَةٌ فَيَرْجِعُ زَيْدٌ بِمَا دَفَعَ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ تَقَعُ الْمُقَاصَصَةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي الرَّاهِنِ إذَا آجَرَ الْمَرْهُونَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَهَلْ تَكُونُ الْإِجَارَةُ بَاطِلَةً وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَهُ فِي الرَّهْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ، وَإِنْ آجَرَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ بَاطِلَةً وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُعِيدَهَا فِي الرَّهْنِ. اهـ. وَفِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ وَكَذَلِكَ لَوْ آجَرَهُ الرَّاهِنُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَجُوزُ وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُبْطِلَ الْإِجَارَةَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ الْمُرْتَهِنُ الدَّارَ الْمَرْهُونَةَ مِنْ رَاهِنِهَا فَهَلْ يَبْطُلُ الرَّهْنُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي أَوَاخِرِ الرَّهْنِ وَفِي الْعَتَّابِيَّةِ اسْتَأْجَرَ الْمُرْتَهِنُ الْأَرْضَ الْمَرْهُونَةَ بَطَلَ بِخِلَافِ الْإِعَارَةِ. اهـ. وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ ارْتَهَنَ رَجُلٌ دَابَّةً بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى الرَّاهِنِ وَقَبَضَهَا ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا الْمُرْتَهِنُ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَبَطَلَ الرَّهْنُ حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَعُودَ فِي الرَّهْنِ وَلَوْ رَهَنَ الرَّجُلُ دَابَّةً وَقَبَضَهَا ثُمَّ آجَرَهَا مِنْ الرَّاهِنِ لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ وَيَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَعُودَ فِي الرَّهْنِ وَيَأْخُذَ الدَّابَّةَ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَهَنَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو عِدَّةَ مَعْزٍ مَعْلُومَةٍ بِدَيْنٍ اسْتَدَانَهُ مِنْهُ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا ثُمَّ مُعَارًا مِنْ زَيْدٍ فَبَاعَ الرَّاهِنُ الْمَعْزَ الْمَزْبُورَةَ مِنْ بَكْرٍ وَسَلَّمَهَا لَهُ وَتَلِفَتْ عِنْدَهُ وَذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ عَمْرٌو أَنْ يُضَمِّنَ بَكْرًا قِيمَتَهَا لِتَكُونَ رَهْنًا عِنْدَهُ فَهَلْ لِعَمْرٍو ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالرَّاهِنُ إذَا بَاعَ الرَّهْنَ وَسَلَّمَ فَلِلْمُرْتَهِنِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّاهِنَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِيَ، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَيْعَ مِنْ الرَّاهِنِ مَوْقُوفٌ مِنْ رَهْنٍ خِزَانَةُ الْفَتَاوَى وَكَذَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي أَنْقِرْوِيٌّ قَالَ الْعَلَائِيُّ وَالرَّهْنُ إنْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ أَيْ غَيْرُ الرَّاهِنِ فَالْمُرْتَهِنُ يُضَمِّنُهُ أَيْ الْمُتْلِفَ قِيمَتَهُ يَوْمَ هَلَكَ وَتَكُونُ الْقِيمَةُ رَهْنًا عِنْدَهُ

وَأَمَّا ضَمَانُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْقَبْضِ السَّابِقِ زَيْلَعِيٌّ. اهـ. وَقَدْ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ بِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ يَجْعَلُ الْمَالِكَ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي حَقِّ الضَّمَانِ إلَخْ فَفِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ الْمُتْلِفِ لِلْمَعْزِ أَجْنَبِيٌّ وَالْمُرْتَهِنُ يُضَمِّنُهُ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهُ مَحْبُوسٌ بِحَقِّهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ الرَّاهِنَ الدَّارَ الْمَرْهُونَةَ مِنْ عَمْرٍو وَلَمْ يَعْلَمْ عَمْرٌو أَنَّهَا رَهْنٌ وَذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَلَا إجَازَةٍ وَيُرِيدُ الْمُشْتَرِي رَفْعَ الْأَمْرِ إلَى الْقَاضِي لِيَفْسَخَ الْبَيْعَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ لَمْ يُجِزْ الْمُرْتَهِنُ الْبَيْعَ وَلَا قَضَى الرَّاهِنُ دَيْنَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ رَهْنٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ صَبَرَ إلَى فِكَاكِ الرَّهْنِ أَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَفْسَخَ الْبَيْعَ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَتَوَقَّفَ بَيْعُ الرَّاهِنِ رَهْنَهُ عَلَى إجَازَةِ مُرْتَهِنِهِ أَوْ قَضَاءِ دَيْنِهِ، فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا نَفَذَ وَصَارَ ثَمَنُهُ رَهْنًا، وَإِنْ لَمْ يُجِزْ وَفَسَخَ لَا يَنْفَسِخُ فَالْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ صَبَرَ إلَى فَكِّ الرَّهْنِ أَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَفْسَخَ الْبَيْعَ وَهَذَا إذَا اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ رَهْنٌ ابْنُ كَمَالٍ كَذَا فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ وَمِثْلُهُ فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ وَأَفْتَى بِهِ الرَّمْلِيُّ. (أَقُولُ) كَتَبْت فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عِلْمِ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ رَهْنٌ وَعَدَمِ عِلْمِهِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ عَنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى كَمَا ذَكَرَهُ الْحَمَوِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ التَّجْنِيسِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ يَتَخَيَّرُ مُشْتَرِي مَرْهُونٍ وَمَأْجُورٍ وَلَوْ عَالِمًا بِهِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَتَخَيَّرُ جَاهِلًا لَا عَالِمًا وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ قَوْلُهُمَا. اهـ. قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْفُصُولَيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ مِنْهُ بِدُونِ إذْنِ الرَّاهِنِ وَلَا إجَازَةٍ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ وَرَثَةٍ وَيُرِيدُ الرَّاهِنُ أَدَاءَ الدَّيْنِ لِلْوَرَثَةِ وَرَفْعَ يَدِ الْمُشْتَرِي عَنْ الرَّهْنِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ بَيْعُ الرَّاهِنِ الرَّهْنَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ كَمَا أَنَّ بَيْعَ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الرَّاهِنِ، فَإِنْ أَجَازَ جَازَ وَإِلَّا لَا وَلَهُ أَنْ يُبْطِلَهُ وَيُعِيدَهُ رَهْنًا وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْإِجَازَةِ لَمْ تَجُزْ الْإِجَازَةُ بَعْدُ وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهُمَا شَاءَ ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ شَرْحُ الْمُلْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ: رَجُلٌ رَهَنَ عِنْدَ رَجُلٍ عَيْنًا وَسَلَّمَ ثُمَّ انْتَزَعَهُ مِنْ يَدِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَبَاعَ وَسَلَّمَ ثُمَّ جَاءَ الْمُرْتَهِنُ وَادَّعَى الرَّهْنَ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الرَّهْنِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ خَانِيَّةٌ مِنْ أَوَائِلِ الْإِجَارَةِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا بَاعَ الْمُرْتَهِنُ وَمَاتَ وَلَمْ يُجِزْ الرَّاهِنُ فَلَا رَيْبَ أَنَّ الْبَيْعَ مَوْقُوفٌ فَلِلرَّاهِنِ أَخْذُهُ وَرَفْعُ يَدِ الْمُشْتَرِي. (سُئِلَ) فِي رَاهِنٍ طَلَبَ رَهْنَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لِيَبِيعَهُ بِثَمَنٍ يَدْفَعُهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَلِدُيُونٍ أُخْرَى عَلَيْهِ لِجَمَاعَةٍ آخَرِينَ وَالْحَالُ أَنَّ ثَمَنَ الرَّهْنِ دُونَ الدَّيْنِ الْمُرْتَهَنِ بِهِ فَهَلْ لَيْسَ لِلرَّاهِنِ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا يُكَلَّفُ مُرْتَهِنٌ مَعَهُ رَهْنُهُ تَمْكِينُ الرَّاهِنِ مِنْ بَيْعِهِ لِيَقْضِيَ دَيْنَهُ بِثَمَنِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ الْحَبْسُ الدَّائِمُ حَتَّى يَقْبِضَ دَيْنَهُ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ. (سُئِلَ) فِي الْمُرْتَهِنِ إذَا سَكَنَ الدَّارَ الْمَرْهُونَةَ الْغَيْرَ الْمُعَدَّةِ لِلِاسْتِغْلَالِ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَقَامَ يُطَالِبُهُ الرَّاهِنُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا مُدَّةَ سَكَنِهِ فِيهَا فَهَلْ لَيْسَ لِلرَّاهِنِ ذَلِكَ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْأَشْبَاهِ مِنْ الْغَصْبِ قَوْلُهُ السُّكْنَى بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ كَسُكْنَى الْمُرْتَهِنِ يَعْنِي دَارَ الرَّهْنِ كَمَا فِي إجَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ فِي نَوْعِ الْمُتَفَرِّقَاتِ وَمَقْصُودُ الْمُصَنِّفِ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ التَّمْثِيلُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ السُّكْنَى بِتَأْوِيلِ عَقْدٍ لَا تُوجِبُ أَجْرًا قَالَ فِي الْقُنْيَةِ رَهَنَ دَارَ غَيْرِهِ وَهِيَ مُعَدَّةٌ لِلْإِجَارَةِ فَسَكَنَهَا الْمُرْتَهِنُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْكُنْهَا مُلْتَزِمًا لِلْأَجْرِ كَمَا لَوْ رَهَنَهَا الْمَالِكُ فَسَكَنَهَا الْمُرْتَهِنُ. اهـ. (سُئِلَ) فِي قُمَامَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى عَقْدٍ وَتِينٍ وَسِرْقِينٍ رَهَنَهَا زَيْدٌ مَنْ عَمْرٍو بِدَيْنٍ اسْتَدَانَهُ مِنْهُ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا فَهَلْ يَكُونُ الرَّهْنُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَمَا قَبِلَ الْبَيْعَ قَبِلَ الرَّهْنَ إلَّا فِي أَرْبَعَةٍ: بَيْعُ الْمَشَاعِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ، بَيْعُ الْمَشْغُولِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ، بَيْعُ الْمُتَّصِلِ بِغَيْرِهِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ، بَيْعُ الْمُعَلَّقِ عِتْقُهُ بِشَرْطٍ قَبْلَ وُجُودِهِ فِي غَيْرِ الْمُدَبَّرِ جَائِزٌ لَا رَهْنُهُ، كَذَا فِي

شَرْحِ الْأَقْطَعِ أَشْبَاهٌ مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ الرَّهْنِ يُكْرَهُ بَيْعُ الْعَذِرَةِ خَالِصَةً وَجَازَ لَوْ مَخْلُوطَةً وَجَازَ بَيْعُ السِّرْقِينِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَالِانْتِفَاعُ كَالْبَيْعِ مُلْتَقَى وَشَرْحُهُ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ السِّرْقِينِ وَهُوَ الرَّوْثُ؛ لِأَنَّهُ مُنْتَفَعٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يُلْقَى فِي الْأَرْضِ لِاسْتِكْثَارِ الرِّيعِ فَكَانَ مَالًا مِنَحٌ وَالرَّهْنُ هُوَ حَبْسُ شَيْءٍ مَالِيٍّ بِحَقٍّ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْهُ تَنْوِيرٌ وَالْقُمَامَةُ الْكُنَاسَةُ وَقَمَّ الْبَيْتَ قَمًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ كَنَسَهُ فَهُوَ قَامٌّ مِصْبَاحٌ وَأَجَابَ الْمُؤَلِّفُ أَيْضًا بِصِحَّةِ رَهْنِ قِيمَةِ بُسْتَانٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى عَقْدٍ وَقَصْلِيَّةٍ وَسِرْقِينٍ وَالْمُزْدَرَعَاتِ الْقَائِمَةِ أُصُولُهَا فِي الْبُسْتَانِ (أَقُولُ) وَفِيهِ نَظَرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُزْدَرَعَاتِ، فَإِنَّ رَهْنَ الْغِرَاسِ وَالزَّرْعِ بِدُونِ الْأَرْضِ فَاسِدٌ كَمَا سَيَأْتِي. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ مَبْلَغٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُرْصَدٌ عَلَى دَارٍ وَقَفَ رَهْنَهُ عِنْدَ عَمْرٍو بِدَيْنٍ اسْتَدَانَهُ مِنْهُ فَهَلْ يَكُونُ الرَّهْنُ الْمَزْبُورُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذْ الرَّهْنُ هُوَ حَبْسُ شَيْءٍ مَالِيٍّ بِحَقٍّ وَالْمُرْصَدُ الْمَزْبُورُ دَيْنٌ عَلَى الْوَقْفِ لَيْسَ بِمَالٍ وَقَدْ ذَكَرَ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي حَلِفِهِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى مُفْلِسٍ أَوْ عَلَى مَلِيءٍ غَنِيٍّ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَيْسَ بِمَالٍ بَلْ وَصْفٌ بِالذِّمَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ قَبْضُهُ حَقِيقَةً وَالرَّهْنُ لَا يَلْزَمُ إلَّا إذَا سَلَّمَهُ وَقَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَاسْتَعَارَ مِنْ أُمِّهِ دَارَهَا وَرَهَنَهَا عِنْدَ عَمْرٍو بِدَيْنِهِ وَغَابَ زَيْدٌ فَقَامَ عَمْرٌو يُكَلِّفُ أُمَّ زَيْدٍ بَيْعَ دَارِهَا لِيَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ مِنْ ثَمَنِهَا وَهِيَ لَا تَرْضَى بِبَيْعِهَا فَهَلْ لَا تُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ: وَلَوْ مَاتَ مُسْتَعِيرُهُ مُفْلِسًا مَدْيُونًا فَالرَّهْنُ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ فَلَا يُبَاعُ إلَّا بِرِضَا الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ. اهـ وَسُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ فِي شَخْصٍ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ فَرَهَنَهُ وَاسْتُحِقَّ الدَّيْنُ هَلْ يُجْبَرُ الْمُعِيرُ عَلَى فَكِّ الرَّهْنِ وَيُحْبَسُ عَلَيْهِ أَمْ الْمُسْتَعِيرُ أَمْ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُ الرَّهْنِ؟ فَأَجَابَ لَا يُجْبَرُ الْمُعِيرُ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَا عَلَى بَيْعِ الْعَيْنِ وَكَذَا لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُهَا إلَّا بِرِضَا مَالِكِهَا، وَإِنَّمَا لَهُ حَبْسُهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ. وَأَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ أَيْضًا عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ بِأَنَّ لِلْمُعِيرِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُسْتَعِيرَ بِخَلَاصِ الرَّهْنِ وَيَحْبِسَهُ بِهِ إلَى أَنْ يَفُكَّ الرَّهْنَ وَلَهُ أَنْ يَدْفَعَ الدَّيْنَ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَيَأْخُذَ الرَّهْنَ وَيَرْجِعَ بِمَا دَفَعَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ زَيْدٌ مِنْ زَوْجَتِهِ أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً لِيَرْهَنَهَا عِنْدَ عَمْرٍو فَرَهَنَهَا عِنْدَهُ بِدَيْنٍ اسْتَدَانَهُ مِنْهُ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ وَدَفَعَ لِعَمْرٍو بَعْضَ الدَّيْنِ وَسُرِقَ بَعْضَ الرَّهْنِ عِنْدَ عَمْرٍو بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْهُ وَلَا تَقْصِيرٍ فِي الْحِفْظِ وَقِيمَةُ جَمِيعِ الرَّهْنِ مُسَاوِيَةٌ لِلدَّيْنِ فَهَلْ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ قِيمَةِ مَا سُرِقَ مِنْ الرَّهْنِ وَيَجِبُ لِلزَّوْجَةِ الْمُعِيرَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْمُسْتَعِيرِ مِثْلُ مَا سَقَطَ مِنْ الدَّيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْكَنْزِ وَشَرْحِهِ لِلْعَيْنِيِّ مِنْ بَابِ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ: وَإِنْ وَافَقَ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ فِيمَا قَيَّدَ وَهَلَكَ الثَّوْبُ الْمَرْهُونُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا لِدَيْنِهِ وَوَجَبَ مِثْلُهُ أَيْ مِثْلُ الثَّوْبِ الرَّهْنِ الَّذِي هَلَكَ لِلْمُعِيرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّهُ سَقَطَ الدَّيْنُ عَنْ الرَّاهِنِ فَيَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَهُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ إنْ كَانَ كُلُّهُ مَضْمُونًا وَإِلَّا يَضْمَنُ قَدْرَ الْمَضْمُونِ وَالْبَاقِي أَمَانَةٌ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُتُونِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً مُدَّةً مَعْلُومَةً لِيَرْهَنَهَا عِنْدَ بَكْرٍ عَلَى مَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَمَضَتْ مُدَّةُ الْعَارِيَّةِ وَيُرِيدُ عَمْرٌو طَلَبَ الْأَمْتِعَةِ مِنْ زَيْدٍ وَأَخْذَهَا مِنْهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ كَمَا فِي فَتَاوَاهُ مِنْ الرَّهْنِ وَبِمِثْلِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ مُفْتِي دِمَشْقَ سَابِقًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. (سُئِلَ) فِي الْمُعِيرِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَعَارَ زَيْدًا أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً لِيَرْهَنَهَا عِنْدَ عَمْرٍو وَادَّعَى زَيْدٌ الْإِطْلَاقَ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فَالْقَوْلُ لِمَنْ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا اخْتَلَفَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ فِي الْأَيَّامِ أَوْ فِي الْمَكَانِ أَوْ فِيمَا يَحْمِلُهُ عَلَى الدَّابَّةِ الْعَارِيَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّابَّةِ مَعَ يَمِينِهِ لِسَانُ

الْحُكَّامِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَدَائِعِ مُعَلَّلًا بِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَسْتَفِيدُ مِلْكَ الِانْتِفَاعِ مِنْ الْمُعِيرِ فَكَانَ الْقَوْلُ فِي الْمِقْدَارِ وَالتَّعْيِينِ قَوْلَهُ لَكِنْ مَعَ الْيَمِينِ دَفْعًا لِلتُّهْمَةِ وَفِي الْقَوْلِ لِمَنْ عَنْ فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ سُئِلَ اخْتَلَفَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ فِي الِانْتِفَاعِ بِالْعَارِيَّةِ فَادَّعَى الْمُعِيرُ انْتِفَاعًا مُقَيَّدًا بِفِعْلٍ مَخْصُوصٍ وَادَّعَى الْمُسْتَعِيرُ الْإِطْلَاقَ أَجَابَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعِيرِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ لَهُ فِي أَصْلِ الْإِعَارَةِ فَكَذَا فِي صِفَتِهَا. اهـ. وَالْعَارِيَّةُ هِيَ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ مَجَّانًا كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ وَمِنْ الْمُقَرَّرِ أَنَّ الْمُمَلَّكَ أَعْرَفُ بِجِهَةِ التَّمْلِيكِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَعَارَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَارِهِ الْمَعْلُومَةَ لِيَرْهَنَهَا عِنْدَ بَكْرٍ عَلَى مَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِمُضِيِّ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ الْمَزْبُورَةُ وَيُرِيدُ عَمْرٌو الْآنَ أَخْذَ الرَّهْنِ مِنْ بَكْرٍ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : الْأَجَلُ فِي الرَّهْنِ يُفْسِدُهُ فَلِعَمْرٍو اسْتِرْدَادُهُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْأَشْبَاهِ وَبِذَلِكَ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ (أَقُولُ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ التَّوْقِيتُ لِلرَّهْنِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمُؤَقَّتُ هُوَ الْعَارِيَّةَ وَالرَّهْنُ مُطْلَقٌ عَنْ الْوَقْتِ فَهَلْ يُقَالُ إنَّ الرَّهْنَ فَاسِدٌ أَيْضًا نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَمْلِكُ رَهْنَهُ زَائِدًا عَلَى الْمُدَّةِ فَيَكُونُ الرَّهْنُ مُؤَقَّتًا أَيْضًا؟ لَمْ أَرَهُ فَلْيُرَاجَعْ. وَالظَّاهِرُ الْفَسَادُ، وَإِذَا أَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ تَوْقِيتَ الْعَارِيَّةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمُعِيرِ لِمَا مَرَّ فِي السُّؤَالِ السَّابِقِ آنِفًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمُرْتَهِنِ إذَا أَنْكَرَ الْعَارِيَّةَ وَادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُ الرَّاهِنِ وَأَنَّ الْمُعِيرَ لَهُ الطَّلَبُ عَلَى الرَّاهِنِ أَيْضًا وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْعَارِيَّةِ قَبْلَ الْوَقْتِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَبَعْدَ الْوَقْتِ يَطْلُبُهَا مِنْ الرَّاهِنِ لِمَا فِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالرَّهْنِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، فَإِذَا مَضَتْ وَامْتَنَعَ مِنْ خَلَاصِهِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ. اهـ. وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اسْتَعَارَهُ لِيَرْهَنَهُ بِدَيْنِهِ فَرَهَنَهُ إلَى سَنَةٍ فَلِلْمُعِيرِ طَلَبُهُ مِنْهُ، وَإِنْ أَعْلَمَهُ أَنَّهُ يَرْهَنُهُ إلَى سَنَةٍ. اهـ. لِأَنَّ الرَّهْنَ هُنَا فَاسِدٌ بِتَأْجِيلِهِ كَمَا مَرَّ وَكَلَامُنَا فِي تَأْجِيلِ الْعَارِيَّةِ تَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ رَهَنَ عِنْدَ آخَرَ كُرُومًا مَعْلُومَةً بِدَيْنٍ اسْتَدَانَهُ وَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ أَثْمَرَتْ الْكُرُومُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَمَا حُكْمُ الثِّمَارِ؟ (الْجَوَابُ) : حُكْمُهَا مَا ذَكَرَهُ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَنَّ نَمَاءَ الرَّهْنِ كَالثَّمَرِ وَالْوَلَدِ وَاللَّبَنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِلرَّاهِنِ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مِلْكِهِ وَهُوَ رَهْنٌ مَعَ الْأَصْلِ تَبَعًا لَهُ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِمَا وَذَكَرَ الْعَلَائِيُّ عَنْ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كُلَّ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْ عَيْنِ الرَّهْنِ يَسْرِي إلَيْهِ حُكْمُ الرَّهْنِ وَمَا لَا فَلَا. اهـ. وَإِذَا خَافَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الثِّمَارِ الْهَلَاكَ يَرْفَعُ الْأَمْرَ لِلْقَاضِي حَتَّى يَبِيعَهَا أَوْ يَأْذَنَ لَهُ بِالْبَيْعِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَعِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ بَاعَ الْمُرْتَهِنُ مَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ مِنْ الْمُتَوَلِّدِ مِنْ الرَّهْنِ كَاللَّبَنِ وَالثَّمَرَةِ وَكَذَا نَفْسُ الرَّهْنِ إذَا كَانَ مِمَّا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ بَاعَهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَيَكُونُ ثَمَنُهُ رَهْنًا، وَإِنْ بَاعَهُ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي ضَمِنَ. اهـ. وَزَادَ فِي الْمُحِيطِ إنْ كَانَ الْمَالِكُ غَائِبًا، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا يَرْجِعُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا مِنْ الْقَاضِي وَالْمَالِكِ وَبَاعَهُ بِنَفْسِهِ لَا يَضْمَنُ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ يَصِيرُ مَأْذُونًا مِنْ جِهَةِ الْمِلْكِ بِالْبَيْعِ دَلَالَةً وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ وَلَا لِلرَّاهِنِ أَنْ يَزْرَعَ الْأَرْضَ وَلَا يُؤَاجِرَهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا الِانْتِفَاعُ بِالرَّهْنِ. اهـ. وَأَمَّا قَطْعُ الثِّمَارِ الْمَذْكُورَةِ. فَقَدْ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ، وَإِنْ جَذَّ الثِّمَارَ وَقَطَفَ الْعِنَبَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الْحِفْظِ وَحِفْظُ الْمَرْهُونِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَذَا إذَا جَذَّ كَمَا يَجُذُّ عِنْدَهُ وَلَمْ يَحْدُثْ فِيهِ نُقْصَانٌ، فَإِنْ تَمَكَّنَ فِيهِ نُقْصَانٌ مِنْ عَمَلِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ يَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الدَّيْنِ وَالرَّهْنِ لَوْ كَانَ شَاةً فَذَبَحَهَا وَهُوَ يَخَافُ الْهَلَاكَ ضَمِنَ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ يُزِيلُ الْعَيْنَ عَنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَذَلِكَ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لِلْمُرْتَهِنِ وَلَوْ فَعَلَ يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَحْصِينٌ وَحِفْظٌ عَنْ الْفَسَادِ إلَّا إذَا كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَكُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يُزِيلُ الْعَيْنَ عَنْ مِلْكِ الرَّاهِنِ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي

إذَا كَانَ فِيهِ حِفْظٌ أَوْ تَحْصِينٌ عَنْ الْفَسَادِ فَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يَخْرُجُ جِنْسُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ انْتَهَى. (أَقُولُ) بَقِيَ مِنْ أَحْكَامِ نَمَاءِ الرَّهْنِ أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ يَهْلَكُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْعَقْدِ مَقْصُودًا كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَيْهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ الْمُرْتَهِنُ ثَمَرَةَ الْكَرْمِ الْمَرْهُونِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْمَالِكِ الْحَاضِرِ وَاسْتَهْلَكَتْ الثَّمَرَةُ فَهَلْ يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ ضَامِنًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَنَقْلُهَا مَا تَقَدَّمَ. (سُئِلَ) فِي ثَمَرَةِ كَرْمٍ مَرْهُونٍ خِيفَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ وَكَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا لَا يُعْرَفُ مَكَانُهُ فَأَرَادَ الْمُرْتَهِنُ رَفْعَ أَمْرِهِ لِلْقَاضِي لِيَأْمُرَهُ بِبَيْعِهَا لِيَكُونَ ثَمَنُهَا رَهْنًا تَحْتَ يَدِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا خِيفَ عَلَى الرَّهْنِ الْفَسَادُ وَكَانَ الرَّاهِنُ غَائِبًا لَا يُعْرَفُ مَكَانُهُ فَبَاعَهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الْقَاضِي يَكُونُ ثَمَنُهُ رَهْنًا عِنْدَهُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَنَقْلُهَا مَا تَقَدَّمَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَهَنَ زَيْدٌ خَاتَمَهُ عِنْدَ عَمْرٍو بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ فَوَضَعَهُ عَمْرٌو فِي خِنْصَرِهِ ثُمَّ أَحْضَرَ لَهُ دَيْنَهُ وَطَلَبَ مِنْهُ الْخَاتَمَ فَزَعَمَ أَنَّهُ ضَاعَ مِنْهُ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ تَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ فَهَلْ يَضْمَنُ كُلَّ قِيمَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَضْمَنُ كُلَّ قِيمَتِهِ بِجَعْلِ خَاتَمِ الرَّهْنِ فِي خِنْصَرِهِ الْيُسْرَى أَوْ الْيُمْنَى كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَالْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُتُونِ. (سُئِلَ) فِي الْمَدْيُونِ إذَا حُبِسَ فِي حَبْسِ الْقَاضِي بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَبَيْعِ الرَّهْنِ الْمُرْتَهِنَ بِالدَّيْنِ وَوَفَائِهِ مِنْ ثَمَنِهِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لِلْحَاكِمِ بَيْعُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْخَيْرِيَّةِ مَذْهَبُ الْإِمَامِ تَأْبِيدُ حَبْسِهِ إلَى أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْحَجْرَ عَلَى الْحُرِّ الْمَدْيُونِ وَعِنْدَهُمَا لِلْحَاكِمِ بَيْعُهُ جَبْرًا؛ لِأَنَّهُمَا يَرَيَانِ الْحَجْرَ عَلَيْهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَرْعُ ذَلِكَ وَصَرَّحَ قَاضِي خَانْ وَصَاحِبُ الِاخْتِيَارِ وَكَثِيرٌ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، فَإِذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ نَفَذَ وَارْتَفَعَ الْخِلَافُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ. (سُئِلَ) فِي الرَّهْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَبْضٌ لِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ تَخْلِيَةٌ هَلْ يَكُونُ غَيْرَ لَازِمٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَالْهِبَةِ لِعَدَمِ لُزُومِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِ الرَّاهِنِ بِقَبْضِ الْمُرْتَهِنِ وَلَمْ يَشْهَدُوا عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَبْضِ، كَانَ الْإِمَامُ يَقُولُ: لَا يُقْبَلُ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: يُقْبَلُ كَمَا هُوَ قَوْلُهُمَا مِنْ دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ: رَهَنَ دَارِهِ وَاعْتَرَفَ بِالْقَبْضِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الْقَبْضُ، فَإِذَا تَصَادَقَا عَلَى الْقَبْضِ وَالْإِقْبَاضِ يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ. مِنْ رَهْنِ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَفِيهَا مِنْ الْبَابِ الْخَامِسِ: رَجُلٌ رَهَنَ دَارِهِ وَالرَّاهِنُ مُتَصَرِّفٌ فِيهِ حَتَّى مَاتَ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمُرْتَهِنُ وَوَرَثَةُ الرَّاهِنِ أَنَّهُ كَانَ مَقْبُوضًا أَمْ لَا، فَإِنْ أَقَامَ الْمُرْتَهِنُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الرَّاهِنِ بِالرَّهْنِ وَالتَّسْلِيمِ يُحْكَمُ بِصِحَّةِ الرَّهْنِ وَدَعْوَى فَسَادِ الرَّهْنِ لَا تُقْبَلُ بِظَاهِرِ مَا كَانَ فِي يَدِ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حُكِمَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِالرَّهْنِ حُمِلَ عَلَى أَنَّ الْيَدَ كَانَتْ يَدَ الْعَارِيَّةِ. اهـ. وَإِنْ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مَعَ الْقَبْضِ يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ ادَّعَى الرَّهْنَ فَقَطْ لَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْعَقْدِ لَيْسَ بِلَازِمٍ، وَإِنْ جَحَدَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الرَّاهِنِ عَلَى الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ مِنْ قِبَلِ الْمُرْتَهِنِ وَسَوَاءٌ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَبْضِ أَوْ عَلَى إقْرَارِ الرَّاهِنِ بِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ آخِرًا وَهُوَ قَوْلُهُمَا بَزَّازِيَّةٌ مِنْ نَوْعِ اخْتِلَافِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ. (أَقُولُ) إنَّمَا لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ إذَا شَهِدُوا بِمُعَايَنَةِ الْقَبْضِ أَوْ إقْرَارِ الرَّاهِنِ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِشَيْءٍ زَائِدٍ عَلَى الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَمْ يَذْكُرْ الْقَبْضَ فِي دَعْوَاهُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ صِحَّةَ الدَّعْوَى شَرْطٌ لِصِحَّةِ الشَّهَادَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَهَنَ زَيْدٌ جَارِيَتَهُ عِنْدَ عَمْرٍو بِدَيْنٍ شَرْعِيٍّ اسْتَدَانَهُ مِنْهُ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا ثُمَّ أَعْتَقَهَا زَيْدٌ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الرَّاهِنُ مُعْسِرًا تَسْعَى الْجَارِيَةُ فِي أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا وَمِنْ الدَّيْنِ وَتَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهَا غَنِيًّا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَفَلَ زَيْدٌ أَخَاهُ عَمْرًا عِنْدَ بَكْرٍ بِدَيْنٍ شَرْعِيٍّ اسْتَدَانَهُ عَمْرٌو وَتَسَلَّمَهُ مِنْ بَكْرٍ وَرَهَنَ زَيْدٌ بِذَلِكَ عِدَّةَ دَنَانِيرَ مَعْلُومَةٍ سَلَّمَهَا مِنْهُ وَعَلَى زَيْدٍ دُيُونٌ لِجَمَاعَةٍ فَهَلْ يَكُونُ الرَّهْنُ الْمَزْبُورُ جَائِزًا

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَجُوزُ الرَّهْنُ الْمَزْبُورُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. (فَرْعٌ) رَجُلٌ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِآخَرَ وَبِهَا كَفِيلٌ فَأَخَذَ الطَّالِبُ مِنْ الْأَصِيلِ رَهْنًا وَأَعْطَاهُ الْكَفِيلُ أَيْضًا رَهْنًا قَالَ زُفَرُ أَيُّهُمَا هَلَكَ هَلَكَ بِالدَّيْنِ كُلِّهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا هَلَكَ الثَّانِي، فَإِنْ عَلِمَ رَاهِنُهُ بِالرَّهْنِ الْأَوَّلِ حِينَ رَهَنَهُ هَلَكَ بِالنِّصْفِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلَكَ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ. قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ ذَكَرَ فِي آخِرِ كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّهُ يَهْلَكُ بِالنِّصْفِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْعِلْمَ فَاحْتَمَلَ أَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ لِذَلِكَ وَاحْتَمَلَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الرَّهْنِ يَسْتَوِي الْعِلْمُ وَالْجَهْلُ فَيَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا مَا قَالَ زُفَرُ وَالثَّانِي مَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالثَّالِثُ رِوَايَةُ كِتَابِ الرَّهْنِ ذَخِيرَةٌ مِنْ الْفَصْلِ ثُمَّ ذَكَرَ أَوْجُهَ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ وَالصَّحِيحُ مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ. (سُئِلَ) فِيمَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَتَسَلَّمَهُ مِنْ عَمْرٍو بَعْدَ مَا رَهَنَ زَيْدٌ بِذَلِكَ عِنْدَ عَمْرٍو حِصَّةً مَعْلُومَةً شَائِعَةً لَهُ فِي دَارٍ مُعَيَّنَةٍ وَتَسَلَّمَهَا مِنْهُ ثُمَّ بَاعَ زَيْدٌ الْحِصَّةَ الْمَرْهُونَةَ فَهَلْ يُعَامَلُ الرَّهْنُ الْفَاسِدُ مُعَامَلَةَ الصَّحِيحِ وَلَا يَنْفُذُ بَيْعُ الرَّاهِنِ لَهُ وَلِعَمْرٍو وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : رَهْنُ الْمُشَاعِ قِيلَ بَاطِلٌ وَقِيلَ فَاسِدٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفَاسِدُ الرَّهْنِ كَصَحِيحِهِ فِي الْأَحْكَامِ كُلِّهَا كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ الْفَاسِدَةِ وَصَرَّحَتْ بِهِ عُلَمَاؤُنَا قَاطِبَةً كَذَا ذَكَرَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَلِلْمُرْتَهِنِ حَقُّ الْحَبْسِ إلَى أَنْ تَصِلَ إلَيْهِ الدَّرَاهِمُ كَمَا فِي الرَّهْنِ الْجَائِزِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَفَادَ الْبَدَلَ فِي الْعَيْنِ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي أَدَّاهَا لِيَتَوَصَّلَ إلَيْهَا بِحَبْسِ الرَّهْنِ: كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ: مَاتَ الرَّاهِنُ عَنْ دُيُونٍ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِهِ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَالرَّهْنُ الْفَاسِدُ كَالصَّحِيحِ حَالَ الْحَيَاةِ وَالْمَمَاتِ حَتَّى إذَا تَقَابَضَا وَتَنَاقَضَا الْفَاسِدَ فَلِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ حَتَّى يُؤَدِّيَ إلَيْهِ الرَّاهِنُ مَا قَبَضَ، وَبَعْدَ مَوْتِ الرَّاهِنِ الْمُرْتَهِنُ بِالْمَرْهُونِ الْفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ هَذَا إذَا لَحِقَ الدَّيْنُ الرَّهْنَ الْفَاسِدَ، أَمَّا إذَا سَبَقَ الدَّيْنُ ثُمَّ رَهَنَ فَاسِدًا بِذَلِكَ الدَّيْنِ ثُمَّ تَنَاقَضَا بَعْدَ قَبْضِهِ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهُ لِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ السَّابِقِ وَلَيْسَ الْمُرْتَهِنُ أَوْلَى مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ بَعْدَ مَوْتِ الرَّاهِنِ لِعَدَمِ الْمُقَابَلَةِ حُكْمًا لِفَسَادِ السَّبَبِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ السَّابِقِ وَالدَّيْنِ اللَّاحِقِ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ قَبَضَهُ بِمُقَابَلَةِ الرَّهْنِ وَهَاهُنَا الْقَبْضُ سَابِقٌ فَتَثْبُتُ الْمُقَابَلَةُ الْحَقِيقِيَّةُ ثَمَّةَ، بِخِلَافِ الرَّهْنِ الصَّحِيحِ تَقَدَّمَ الدَّيْنُ أَوْ تَأَخَّرَ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الرَّهْنِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ نَفِيسَةٌ جِدًّا فَلْتَكُنْ عَلَى ذِكْرٍ مِنْك وَقَدْ أَشَارَ إلَى هَذَا الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي أَوَّلِ الرَّهْنِ بِقَوْلِهِ: وَإِذَا وُجِدَ التَّفَاسُخُ وَالرَّهْنُ بِدَيْنٍ كَانَ عَلَيْهِ إلَى آخِرِ مَا فِي فَتَاوِيه، وَمِثْلُهُ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ الْبَيْعِ مِنْ فَصْلِ بَيْعِ الْمُسْتَأْجَرِ وَالْمَرْهُونِ (أَقُولُ) مُقْتَضَى قَوْلِهِمْ ثُمَّ تَنَاقَضَا أَيْ تَفَاسَخَا الْعَقْدَ الْفَاسِدَ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ عَلَى فَسَادِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهُ وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ وَرُبَّمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَا فِي الذَّخِيرَةِ حَيْثُ قَالَ: وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهُ؛ لِأَنَّهُ إصْرَارٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَلَكِنْ مَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ لَمَّا نَقَضَ فَقَدْ ارْتَفَعَتْ الْمَعْصِيَةُ، وَحَبْسُ الْمُرْتَهِنِ الْمَرْهُونَ لِيَصِلَ إلَى حَقِّهِ لَا يَكُونُ إصْرَارًا؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ مَا قَبَضَ، فَإِذَا امْتَنَعَ فَهُوَ الْمُصِرُّ. أَلَا تَرَى أَنَّ فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ لِلْمُشْتَرِي الْحَبْسُ إلَى اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ. اهـ. مُلَخَّصًا. فَقَوْلُهُ لَمَّا نَقَضَ فَقَدْ ارْتَفَعَتْ الْمَعْصِيَةُ يُفِيدُ أَنَّهُ قَبْلَ النَّقْضِ لَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ لِبَقَاءِ الْمَعْصِيَةِ بِبَقَاءِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَهُوَ مُفَادُ تَقْيِيدِهِمْ الْمَسْأَلَةَ بِالنَّقْضِ أَيْضًا، وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ النَّقْضِ لَهُ حَبْسُهُ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ مُلْحَقٌ بِالصَّحِيحِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ حَتَّى أَنَّ الْمَبِيعَ فَاسِدًا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ وَبَعْدَ فَسْخِهِ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي حَبْسُهُ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ لِبَقَاءِ حُكْمِ الْعَقْدِ مِنْ وَجْهٍ، وَلَوْلَا الْعَقْدُ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَبْسُهُ وَكَذَلِكَ هُنَا، فَإِذَا كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهُ بَعْدَ نَقْضِ الْعَقْدِ وَارْتِفَاعِهِ يَكُونُ لَهُ حَبْسُهُ قَبْلَ نَقْضِهِ بِالْأَوْلَى لِقِيَامِ الْعَقْدِ الْمُلْحَقِ بِالصَّحِيحِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا فِي

التَّتَارْخَانِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ: الرَّهْنُ عِنْدَهُ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ هَذَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الرَّهْنِ الصَّحِيحِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الرَّهْنِ الْفَاسِدِ وَهُوَ الْأَصَحُّ. اهـ. وَفِي أَوَاخِرِ الرَّهْنِ مِنْ التَّنْوِيرِ كُلُّ حُكْمِ رَهْنٍ عُرِفَ فِي الرَّهْنِ الصَّحِيحِ فَهُوَ الْحُكْمُ فِي الرَّهْنِ الْفَاسِدِ. اهـ. فَظَهَرَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالنَّقْضِ لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا بَقِيَ الْعَقْدُ بِلَا نَقْضٍ بَلْ هُوَ بَيَانٌ لِلْوَاجِبِ وَلِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِمَا فَسْخُهُ، وَإِذَا فَسَخَاهُ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ حَبْسُهُ، وَأَمَّا مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الذَّخِيرَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَحَبْسُ الْمُرْتَهِنِ إلَخْ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ تُفِيدُ أَنَّهُ إذَا حَبَسَ الْمَرْهُونَ لِيَصِلَ إلَيْهِ حَقُّهُ لَا يَكُونُ إصْرَارًا؛ لِأَنَّ الْإِصْرَارَ إنَّمَا هُوَ بِإِبْقَاءِ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ بِلَا فَسْخٍ لَا بِمُجَرَّدِ حَبْسِ الْمَرْهُونِ لِيَصِلَ إلَى حَقِّهِ فَنَفْسُ الْحَبْسِ لَيْسَ إصْرَارًا عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إزَالَةُ الْمَعْصِيَةِ بِفَسْخِ الْعَقْدِ وَيَبْقَى الْمَرْهُونُ تَحْتَ يَدِهِ. هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي تَقْرِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَتَسَلَّمَهُ مِنْهُ وَرَهَنَ عِنْدَهُ عَلَى ذَلِكَ دَارِهِ الْمَعْلُومَةَ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا لِيَدِ عَمْرٍو ثُمَّ مَاتَ كُلٌّ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو عَنْ وَرَثَةٍ وَعَنْ دُيُونٍ أُخَرَ لِأَرْبَابِهَا وَلَمْ يَتْرُكْ زَيْدٌ سِوَى الدَّارِ فَهَلْ تَكُونُ وَرَثَةُ عَمْرٍو الْمُرْتَهِنِ أَحَقَّ بِالرَّهْنِ مِنْ بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَسْتَوْفُوا دَيْنَهُمْ؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ بِمَوْتِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ وَلَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَيَبْقَى رَهْنًا عِنْدَ الْوَرَثَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسِ: مَاتَ الرَّاهِنُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِالرَّهْنِ. اهـ. فَوَرَثَةُ عَمْرٍو الْمُرْتَهِنِ أَحَقُّ بِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَسْتَوْفُوا دَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ لَهُمْ عَلَيْهِ يَدًا مُسْتَحَقَّةً، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ ثَمَنِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ فَلِبَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَهَنَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو كَرْمًا مَعْلُومًا سَلَّمَهُ مِنْهُ بِدَيْنٍ اسْتَدَانَهُ وَقَبَضَهُ مِنْهُ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْطِهِ دَيْنَهُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ يَكُنْ الرَّهْنُ بِالدَّيْنِ ثُمَّ حَلَّ الْأَجَلُ وَمَاتَ زَيْدٌ عَنْ وَرَثَةٍ أَحْضَرُوا الدَّيْنَ لِعَمْرٍو لِيَرُدَّ لَهُمْ الرَّهْنَ فَامْتَنَعَ زَاعِمًا أَنَّ الرَّهْنَ صَارَ لَهُ بِطَرِيقِ الْبَيْعِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ غَيْرَ صَحِيحٍ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الرَّهْنِ نَاقِلًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ لِلْمُرْتَهِنِ: إنْ لَمْ أُعْطِك دَيْنَك إلَى كَذَا فَهُوَ بَيْعٌ لَك بِمَا لَك عَلَيَّ لَا يَجُوزُ. وَذَكَرَ فِي طَرِيقَةِ الْخِلَافِ قَالَ إنْ لَمْ أُوَفِّيَنَّكَ مَالَك إلَى كَذَا وَإِلَّا فَالرَّهْنُ لَك بِمَا لَك بَطَلَ الشَّرْطُ وَصَحَّ الرَّهْنُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بَطَلَ الرَّهْنُ أَيْضًا. اهـ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بِنَاءُ دَارٍ مَعْلُومَةٍ قَائِمٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ فَرَهَنَهُ عِنْدَ عَمْرٍو ثُمَّ اسْتَدَانَ مِنْهُ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَهَلْ يَكُونُ فَاسِدًا وَفَاسِدُ الرَّهْنِ يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الصَّحِيحِ؟ (الْجَوَابُ) : صَرَّحُوا بِأَنَّ رَهْنَ الْبِنَاءِ غَيْرُ جَائِزٍ وَعَدَمُ الْجَوَازِ يَحْتَمِلُ الْبُطْلَانَ وَلَكِنْ مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الذَّخِيرَةِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فَاسِدًا وَالْمَقْبُوضُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالْمَقْبُوضُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ الْبَاطِلِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْبَاطِلَ مِنْ الرَّهْنِ مَا لَا يَكُونُ مُنْعَقِدًا أَصْلًا كَالْبَاطِلِ فِي الْبَيْعِ وَالْفَاسِدُ مِنْهُ مَا يَكُونُ مُنْعَقِدًا لَكِنْ بِوَصْفِ الْفَسَادِ، وَشَرْطُ انْعِقَادِ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ مَالًا وَالْمُقَابَلُ بِهِ مَالًا مَضْمُونًا وَهُوَ شَرْطُ جَوَازِ الرَّهْنِ. ثُمَّ قَالَ: فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ الرَّهْنُ مَالًا وَالْمُقَابَلُ بِهِ مَضْمُونًا إلَّا أَنَّهُ فَقَدَ بَعْضَ شَرَائِطِ الْجَوَازِ يَنْعَقِدُ الرَّهْنُ لِوُجُودِ شَرْطِ الِانْعِقَادِ وَلَكِنْ بِصِفَةِ الْفَسَادِ لِانْعِدَامِ شَرْطِ الْجَوَازِ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ الرَّهْنُ مَالًا وَلَمْ يَكُنْ الْمُقَابَلُ بِهِ مَضْمُونًا لَا يَنْعَقِدُ الرَّهْنُ أَصْلًا كَذَا فِي النِّهَايَةِ لِلسِّغْنَاقِيِّ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ عَنْ الدُّرَرِ مِنْ بَابِ مَا يَصِحُّ رَهْنُهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ وَلَمْ يُوجَدْ الرَّهْنُ فِي تَرِكَتِهِ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ فِي تَرِكَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : يَضْمَنُ قِيمَةَ الرَّهْنِ فِي تَرِكَتِهِ وَتَقْبِضُ الْوَرَثَةُ مِنْ الرَّاهِنِ مِقْدَارَ دَيْنِ مُوَرِّثِهِمْ كَمَا فِي الْأَنْقِرْوِيِّ عَنْ مُحِيطِ الرَّضَوِيِّ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ: وَلَوْ رَهَنَ طَيْلَسَانًا يُسَاوِي مِائَةً

بِثَلَاثِينَ دِرْهَمًا وَدَفَعَهُ إلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ الْمُرْتَهِنُ وَطَلَبَ الرَّاهِنُ الطَّيْلَسَانَ وَلَمْ يُوجَدْ، فَإِنَّهُ صَارَ ضَامِنًا لِقِيمَةِ الطَّيْلَسَانِ وَتَقْبِضُ مِنْهُ الْوَرَثَةُ ثَلَاثِينَ وَيَرُدُّونَ سَبْعِينَ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ مُحِيطُ رَضَوِيٍّ مِنْ الْوَدِيعَةِ مِنْ بَابِ الْأَمَانَاتِ تَنْقَلِبُ مَضْمُونَةً بِالْمَوْتِ. (أَقُولُ) الظَّاهِرُ فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يُقَالَ: وَيَسْقُطُ مِنْ قِيمَةِ الطَّيْلَسَانِ ثَلَاثُونَ وَيَرُدُّونَ سَبْعِينَ تَأَمَّلْ. وَأَجَابَ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الرَّهْنِ كَذَلِكَ قَائِلًا: يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ أَمَانَةٌ فَتُضْمَنُ بِالتَّجْهِيلِ وَغَيْرُ الزَّائِدِ مَضْمُونٌ مِنْ قَبْلُ. اهـ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَرَهَنَ عِنْدَهُ عَلَى ذَلِكَ بَقَرَاتٍ مَعْلُومَةً وَأَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا فَهَلْ يَكُونُ الرَّهْنُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَكُونُ صَحِيحًا وَيَدْخُلُ الزَّرْعُ فِي الرَّهْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَعِبَارَتَهَا: وَلَوْ قَالَ رَهَنْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ وَفِيهَا زَرْعٌ أَوْ شَجَرٌ أَوْ ثَمَرٌ عَلَى الْأَشْجَارِ جَازَ وَيَدْخُلُ الْكُلُّ فِي الرَّهْنِ وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ فِي الْبَيْعِ إلَّا بِالذِّكْرِ وَفِي الرَّهْنِ يَدْخُلُ بِغَيْرِ الذِّكْرِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يَصِحُّ بِدُونِ ذَلِكَ فَيَدْخُلُ الْكُلُّ تَصْحِيحًا. اهـ. (أَقُولُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْخُلْ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مَشْغُولَةً بِمِلْكِ الرَّاهِنِ وَرَهْنُ الْمَشْغُولِ بِدُونِ الشَّاغِلِ غَيْرُ جَائِزٍ. (سُئِلَ) فِي الرَّاهِنَةِ إذَا مَاتَتْ عَنْ أُمٍّ وَزَوْجٍ غَائِبٍ فَوْقَ مُدَّةِ السَّفَرِ وَعَنْ بِنْتٍ صَغِيرَةٍ مِنْهُ وَيُرِيدُ الْمُرْتَهِنُ أَخْذَ دَيْنِهِ مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ فَهَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يُنَصِّبَ وَصِيًّا عَنْ الْغَائِبِ وَالصَّغِيرَةِ حَيْثُ لَا وَصِيَّ لَهَا وَيَأْمُرَ الْقَاضِي الْوَصِيَّ بِبَيْعِ الرَّهْنِ لِوَفَاءِ دَيْنِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، قَالَ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ بَابِ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ: فَإِنْ مَاتَ الرَّاهِنُ بَاعَ وَصِيُّهُ رَهْنَهُ بِإِذْنِ مُرْتَهِنِهِ وَقَضَى دَيْنَهُ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ نَصَّبَ الْقَاضِي لَهُ وَصِيًّا وَأَمَرَهُ بِبَيْعِهِ؛ لِأَنَّ نَظَرَهُ عَامٌّ وَهَذَا لِوَرَثَتِهِ صِغَارًا فَلَوْ كِبَارًا خَلَفُوا الْمَيِّتَ فِي الْمَالِ فَكَانَ عَلَيْهِمْ تَخْلِيصُهُ جَوْهَرَةٌ. اهـ. وَفِي فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ لِلْقَاضِي نَصْبُ الْوَصِيِّ إذَا كَانَ الْوَارِثُ غَائِبًا وَيَكْتُبُ فِي نُسْخَةِ الْوِصَايَةِ أَنَّهُ جَعَلَهُ وَصِيًّا وَوَارِثُ الْمَيِّتِ غَائِبٌ مُدَّةَ السَّفَرِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ الْخَامِسِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ بَعْدَمَا رَهَنَ بِالدَّيْنِ الْمَزْبُورِ عِنْدَ عَمْرٍو نِصْفَ دَارٍ لَهُ رَهْنًا مُسَلَّمًا لِعَمْرٍو ثُمَّ قَبْلَ فَكِّ عَقْدِ الرَّهْنِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ أَقَرَّ زَيْدٌ بِحِصَّةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ نِصْفِهِ لِشُرَكَائِهِ فِي الدَّارِ الْمَرْقُومَةِ وَصَدَّقُوهُ عَلَى ذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ عَمْرٍو وَلَا إجَازَةٍ مِنْهُ فَهَلْ لَا يَجُوزُ هَذَا الْإِقْرَارُ فِي حَقِّ عَمْرٍو الْمُرْتَهِنِ أَصْلًا وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ فِي الْحَبْسِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ الذَّخِيرَةِ وَنَصُّهَا: وَإِذَا تَصَرَّفَ الرَّاهِنُ فِي الْمَرْهُونِ قَبْلَ سُقُوطِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْمُرْتَهِنِ تَصَرُّفًا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكِتَابَةِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْإِقْرَارِ وَنَحْوِهَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ فِي حَقِّ الْمُرْتَهِنِ أَصْلًا وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ فِي الْحَبْسِ، وَإِذَا قَضَى الرَّاهِنُ الدَّيْنَ وَبَطَلَ حَقُّ الْحَبْسِ نَفَذَ تَصَرُّفَاتُ الرَّاهِنِ. اهـ. (أَقُولُ) وَيُؤْمَرُ الْمُقِرُّ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَرَدِّ مَا أَقَرَّ بِهِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ بَقِيَ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا هَلْ يُؤْمَرُ بِقَضَائِهِ حَالًّا أَوْ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ قِيمَتِهِ لِلْمُرْتَهِنِ ثُمَّ تَسْلِيمُ الرَّهْنِ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَوْ يَنْتَظِرُ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ؟ لَمْ أَرَهُ فَلْيُرَاجَعْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَهَنَ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ مَالَ ابْنِ ابْنِهِ الْيَتِيمِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْيَتِيمِ وَصِيٌّ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ فَهَلْ يَكُونُ الرَّهْنُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ: وَلَوْ رَهَنَهُ أَيْ الْأَبُ بِدَيْنٍ عَلَى نَفْسِهِ وَبِدَيْنٍ عَلَى الصَّغِيرِ جَازَ لِاشْتِمَالِهِمَا عَلَى أَمْرَيْنِ جَائِزَيْنِ، فَإِنْ هَلَكَ ضَمِنَ الْأَبُ حِصَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ لِلْوَلَدِ لِإِيفَائِهِ دَيْنَهُ مِنْ مَالِهِ بِهَذَا الْمِقْدَارِ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ وَكَذَلِكَ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ أَوْ وَصِيُّ الْأَبِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِأَيْتَامٍ عَقَارٌ مَعْلُومٌ جَارٍ فِي مِلْكِهِمْ رَهَنَتْهُ أُمُّهُمْ الْوَصِيُّ الشَّرْعِيَّةُ عَلَيْهِمْ بِدَيْنٍ اسْتَدَانَتْهُ مِنْ بَعْلِهَا زَيْدٍ وَتَسَلَّمَ زَيْدٌ الرَّهْنَ الْمَزْبُورَ فَهَلْ صَحَّ الرَّهْنُ الْمَزْبُورُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلِلْأَبِ

أَنْ يَرْهَنَ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ عَبْدًا لِطِفْلِهِ، وَالْوَصِيُّ كَذَلِكَ تَنْوِيرٌ مِنْ الرَّهْنِ: وَلَوْ رَهَنَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ مَالَ الْيَتِيمِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ فِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ وَيَجُوزُ اسْتِحْسَانًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ أَخَذَ بِالْقِيَاسِ خَانِيَّةٌ مِنْ تَصَرُّفِ الْوَصِيِّ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ وَغَيْرِهِ وَالْمَسْأَلَةُ مُفَصَّلَةٌ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَتْ هِنْدٌ وَصِيًّا عَلَى ابْنِهَا الْيَتِيمِ فَرَهَنَتْ دَارَهَا بِدَيْنٍ لِلْيَتِيمِ بِذِمَّتِهَا وَتَسَلَّمَتْ الرَّهْنَ مِنْ نَفْسِهَا لَهُ فَهَلْ يَكُونُ الرَّهْنُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الرَّهْنِ. وَقَالَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ: وَلَهُ أَيْ لِلْأَبِ رَهْنُ مَالِهِ عِنْدَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِدَيْنٍ لَهُ أَيْ لِلصَّغِيرِ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْأَبِ وَيَحْبِسُهُ لِأَجَلِهِ أَيْ لِأَجَلِ الصَّغِيرِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ، فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ سِرَاجِيَّةٌ وَكَذَا عَكْسُهُ فَلِلْأَبِ رَهْنُ مَتَاعِ طِفْلِهِ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِ جُعِلَ كَشَخْصَيْنِ وَعِبَارَتَيْنِ كَشِرَائِهِ مَالَ طِفْلِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ مَحْضٌ فَلَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ فِي رَهْنٍ وَلَا بَيْعٍ وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ. اهـ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً وَتَسَلَّمَهَا مِنْهُ بَعْدَ مَا رَهَنَ عِنْدَهُ عَلَى ذَلِكَ زَرْعَ شَعِيرٍ لَهُ قَائِمًا فِي أَرْضِ وَقْفٍ وَسَلَّمَ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ قَبْلَ دَفْعِ الدَّيْنِ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا وَعَلَيْهِ دُيُونٌ أُخْرَى لِجَمَاعَةٍ فَهَلْ يَكُونُ عَمْرٌو أَحَقَّ بِالرَّهْنِ مِنْ بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ وَيُعَامَلُ الرَّهْنُ الْفَاسِدُ مُعَامَلَةَ الصَّحِيحِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ مَا قَبْلَ الْبَيْعِ قَبْلَ الرَّهْنِ إلَّا فِي أَرْبَعَةٍ إلَخْ أَشْبَاهٌ وَفِي شُرُوطِ الظَّهِيرِيِّ شِرَاءُ الزَّرْعِ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ يَجُوزُ وَيُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ إلَخْ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْبُيُوعِ، وَفِي الدُّرَرِ لَا يَصِحُّ رَهْنُ مُشَاعٍ وَثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ دُونَهُ أَيْ دُونَ الشَّجَرِ وَزَرْعِ أَرْضٍ أَوْ نَخْلِهَا دُونَهَا أَيْ دُونَ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْمَرْهُونَ مُتَّصِلٌ بِمَا لَيْسَ بِمَرْهُونٍ خِلْقَةً فَكَانَ فِي مَعْنَى الْمُشَاعِ. اهـ. (أَقُولُ) وَقَيَّدَ فِي السُّؤَالِ بِقَوْلِهِ بَعْدَمَا رَهَنَ إلَخْ لِيَكُونَ الرَّهْنُ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ إذْ لَوْ كَانَ لَاحِقًا لَمْ يُعَامَلْ مُعَامَلَةَ الصَّحِيحِ كَمَا مَرَّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّهْنِ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَجَعَلَهُ الْحَاكِمُ دَيْنًا عَلَى الرَّاهِنِ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِذَلِكَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَكُلُّ مَا وَجَبَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَيْ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ فَأَدَّاهُ الْآخَرُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي كَانَ مُتَبَرِّعًا فِيمَا أَدَّاهُ كَمَا إذَا قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْقَاضِي وَيَجْعَلَهُ دَيْنًا عَلَى الْآخَرِ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَبِمُجَرَّدِ أَمْرِ الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِجَعْلِهِ دَيْنًا عَلَيْهِ لَا يَرْجِعُ كَمَا فِي الْمُلْتَقَطِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ صَاحِبُهُ حَاضِرًا، وَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَتَمَامُهُ فِي الْمِنَحِ مِنْ الرَّهْنِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَبِهِ رَهْنٌ عِنْدَ زَيْدٍ فَقَضَى رَجُلٌ دَيْنَ عَمْرٍو الرَّاهِنِ طَوْعًا وَقَبَضَهُ زَيْدٌ فَهَلْ يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْخُذَ رَهْنَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَبِهَا رَهْنٌ عِنْدَ صَاحِبِ الْمَالِ فَقَضَى رَجُلٌ دَيْنَ الرَّاهِنِ طَوْعًا وَقَبَضَ الطَّالِبُ سَقَطَ الدَّيْنُ وَكَانَ لِلْمَطْلُوبِ أَنْ يَأْخُذَ رَهْنَهُ، فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ حَتَّى هَلَكَ الرَّهْنُ كَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرُدَّ عَلَى الْمُتَطَوِّعِ مَا أَخَذَ مِنْهُ وَيَعُودُ مَا أَخَذَ مِنْ الْمُتَطَوِّعِ إلَى مِلْكِ الْمُتَطَوَّعِ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَ الْعَبْدَ فَتَبَرَّعَ إنْسَانٌ بِقَضَاءِ الثَّمَنِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بَعْدَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ أَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ كَانَ عَلَى بَائِعِ الْعَبْدِ رَدُّ الثَّمَنِ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ: فِيمَا يَجُوزُ رَهْنُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ. (سُئِلَ) فِي الْمُرْتَهِنِ إذَا أَوْدَعَ الرَّهْنَ عِنْدَ رَجُلٍ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الرَّاهِنِ وَهَلَكَ عِنْدَ الرَّجُلِ فَهَلْ يَضْمَنُ الْمُرْتَهِنُ كُلَّ قِيمَتِهِ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُهُ وَرَهْنُهُ وَإِجَارَتُهُ وَإِعَارَتُهُ وَلَوْ فَعَلَ يَصِيرُ مُتَعَدِّيًا وَلَا يَبْطُلُ عَقْدُ الرَّهْنِ فُصُولَيْنِ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَوْ فَعَلَ الْمُودَعُ الْوَدِيعَةِ لَا يَغْرَمُ فَكَذَا الْمُرْتَهِنُ إذَا فَعَلَ ثُمَّ الْوَدِيعَةُ لَا تُودَعُ وَلَا تُعَارُ وَلَا تُؤَجَّرُ فَكَذَا الرَّهْنُ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُؤَجِّرَ الرَّهْنَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ

كتاب الجنايات

وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيرَهُ خُلَاصَةٌ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الْخَامِسِ. (سُئِلَ) فِي الْمُرْتَهِنِ إذَا رَهَنَ الرَّهْنَ عِنْدَ رَجُلٍ آخَرَ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ وَهَلَكَ عِنْدَ الرَّجُلِ هَلْ يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ مُتَعَدِّيًا فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْهَنَ الرَّهْنَ، فَإِنْ رَهَنَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ كَانَ لِلرَّاهِنِ الْأَوَّلِ أَنْ يُبْطِلَ الرَّهْنَ الثَّانِيَ وَيُعِيدَهُ إلَى يَدِ الْأَوَّلِ وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الثَّانِي قَبْلَ الْإِعَادَةِ إلَى يَدِ الْأَوَّلِ فَالرَّاهِنُ الْأَوَّلُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الثَّانِيَ، فَإِنْ ضَمَّنَ الْمُرْتَهِنَ الْأَوَّلَ يَكُونُ ضَمَانُهُ رَهْنًا وَمَلَكَهُ الْمُرْتَهِنُ الْأَوَّلُ بِالضَّمَانِ الْأَوَّلِ وَصَارَ كَأَنَّهُ رَهَنَ مِلْكَ نَفْسِهِ وَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ الثَّانِي، وَإِنْ ضَمَنَ الْمُرْتَهِنَ الثَّانِيَ يَكُونُ الضَّمَانُ رَهْنًا عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ الْأَوَّلِ وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ عِنْدَ الثَّانِي وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا ضَمِنَ وَبِدَيْنِهِ وَلَوْ رَهَنَ الْمُرْتَهِنُ الْأَوَّلُ عِنْدَ الثَّانِي بِإِذْنِ الرَّاهِنِ الْأَوَّلِ صَحَّ الرَّهْنُ الثَّانِي وَبَطَلَ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ فَصَارَ كَأَنَّ الْمُرْتَهِنَ الْأَوَّلَ اسْتَعَارَ مَالَ الرَّاهِنِ الْأَوَّلِ لِلرَّهْنِ فَرَهَنَهُ. هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ عِمَادِيَّةٌ فِي الْفَصْلِ. (سُئِلَ) فِي الْمُرْتَهِنِ إذَا رَهَنَ الرَّهْنَ عِنْدَ آخَرَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ الْأَوَّلِ هَلْ يَصِحُّ الرَّهْنُ الثَّانِي وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَمَرَّ آنِفًا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو دَرَاهِمَ وَأَرْهَنَ عِنْدَهُ عَلَى ذَلِكَ دَارِهِ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسَلَّمًا ثُمَّ بَاعَهُ الدَّارَ وَقَاصَصَهُ بِثَمَنِهَا مِنْ دَيْنِهِ قَامَ الْآنَ بَكْرٌ يَدَّعِي أَنَّ الدَّارَ مَرْهُونَةٌ عِنْدَهُ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ رَهْنًا سَابِقًا عَلَى رَهْنِ عَمْرٍو بِدُونِ تَسَلُّمٍ لِلدَّارِ فَهَلْ يَكُونُ الرَّهْنُ غَيْرَ صَحِيحٍ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُسَلَّمٍ؟ (الْجَوَابُ) : الْقَبْضُ شَرْطٌ لِلُزُومِ الرَّهْنِ وَصَحَّحَ فِي الْمُجْتَبَى أَنَّ الْقَبْضَ شَرْطُ الْجَوَازِ كَمَا فِي الْعَلَائِيِّ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَكُونُ رَهْنُ زَيْدٍ الدَّارَ عِنْدَ عَمْرٍو رُجُوعًا عَنْ الرَّهْنِ عِنْدَ بَكْرٍ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي الصَّحِيحُ يَكُونُ رَهْنُهُ عِنْدَ بَكْرٍ غَيْرَ جَائِزٍ مِنْ أَصْلِهِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى بَكْرٍ الْمَذْكُورَةُ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ إنْ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مَعَ الْقَبْضِ يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ ادَّعَى الرَّهْنَ فَقَطْ لَا يُقْبَلُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اسْتَدَانَ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ مُؤَجَّلًا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَرَهَنَ زَيْدٌ عِنْدَ عَمْرٍو دُورَهُ الْجَارِيَةَ فِي مِلْكِهِ رَهْنًا شَرْعِيًّا وَسَلَّمَا الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ لِبَكْرٍ الْعَدْلِ فَقَبَضَهُ بَكْرٌ مِنْهُمَا ثُمَّ وَكَّلَ زَيْدٌ بَكْرًا بِبَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَهَلْ يَكُونُ التَّوْكِيلُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا وَضَعَا أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ صَحَّ وَضْعُهُمَا عِنْدَنَا وَيَتِمُّ الرَّهْنُ بِقَبْضِهِ أَيْ بِقَبْضِ الْعَدْلِ وَلَا يَأْخُذُهُ أَيْ الرَّهْنَ أَحَدُهُمَا أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْعَدْلِ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّهُمَا وَضَمِنَ لَوْ دَفَعَهُ إلَى أَحَدِهِمَا، فَإِنْ وَكَّلَ الرَّاهِنُ الْمُرْتَهِنَ أَوْ الْعَدْلَ أَوْ غَيْرَهُمَا أَيْ غَيْرَ الْمُرْتَهِنِ وَالْعَدْلِ بِبَيْعِهِ أَيْ بَيْعِ الرَّهْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ صَحَّ أَيْ التَّوْكِيلُ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مِلْكُهُ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ شَاءَ مِنْ هَؤُلَاءِ بِبَيْعِ مَالِهِ مُعَلَّقًا أَوْ مُنَجَّزًا إلَخْ مِنَحٌ مُخْتَصَرًا. [كِتَابُ الْجِنَايَاتِ] ِ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا بِسِكِّينٍ فَقَطَعَ مِفْصَلَيْنِ مِنْ خِنْصَرِ يَدِهِ وَشُلَّتْ بِسَبَبِهَا بَقِيَّةُ أَصَابِعِهِ مَعَ مَا بَقِيَ مِنْ خِنْصَرِهِ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟ . ؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَجِبُ الْقَوَدُ فِيمَا ذُكِرَ لِمَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ فَصْلِ الشِّجَاجِ: وَلَا بِقَطْعِ إصْبَعٍ شُلَّ جَارُهُ، وَقَالَ أَيْضًا: وَلَا إصْبَعٍ قُطِعَ مِفْصَلُهُ الْأَعْلَى وَشُلَّ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَصَابِعِ بَلْ دِيَةُ الْمِفْصَلِ وَالْحُكُومَةُ فِيمَا بَقِيَ. اهـ. فَيَجِبُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ مِفْصَلٍ مِنْ مَفَاصِلِ الْخِنْصَرِ ثُلُثُ دِيَةِ الْإِصْبَعِ وَهِيَ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ مِائَةٌ مِنْ الدَّنَانِيرِ أَوْ أَلْفٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ الْإِصْبَعَ الْوَاحِدَةَ فِيهَا عُشْرُ الدِّيَةِ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ، وَأَمَّا بَقِيَّةُ أَصَابِعِهِ الْمَشْلُولَةِ مَعَ مَا بَقِيَ مِنْ خِنْصَرِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَقْطُوعِ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ فَيَجِبُ

فِي كُلِّ إصْبَعٍ عُشْرُ الدِّيَةِ وَفِيمَا بَقِيَ مِنْ خِنْصَرِهِ ثُلُثُ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ فَفِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ بِأَنْ يَنْظُرَ إلَى مَا فَاتَ وَإِلَى مَا بَقِيَ فَيَحْكُمَ بِحِسَابِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ وَفِي غَيْرِهَا مِنْ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ. (أَقُولُ) فَقَوْلُ التَّنْوِيرِ تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ وَالْحُكُومَةُ فِيمَا بَقِيَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ يُنْتَفَعُ بِهِ وَإِلَّا فَفِيهِ الدِّيَةُ أَيْضًا لِمَا فِي النِّهَايَةِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: إذَا قُطِعَ مِنْ إصْبَعٍ مِفْصَلٌ وَاحِدٌ فَشُلَّ الْبَاقِي مِنْ الْإِصْبَعِ أَوْ الْكَفِّ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَلَكِنْ تَجِبُ الدِّيَةُ فِيمَا شُلَّ مِنْهُ إنْ كَانَ إصْبَعًا فَدِيَةُ الْإِصْبَعِ، وَإِنْ كَانَ كَفًّا فَدِيَةُ الْكَفِّ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ وَنَحْوُهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَتَمَامُ بَيَانِ هَذَا الْمَحَلِّ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ طَبَقَةٌ أَخْشَابُهَا بَارِزَةٌ فِي دَارِ جَارِهِ عَمْرٍو فَعَمَدَ عَمْرٌو وَسَلَقَ تَحْتَ الْأَخْشَابِ الْمَزْبُورَةِ قَمْحَهُ فِي مِيقَدَةٍ عَمِلَهَا وَأَوْقَدَ فِيهَا نَارًا لَا يُوقَدُ مِثْلُهَا وَلَا تَتَحَمَّلُهَا الْمِيقَدَةُ وَالْعِلْمُ مُحِيطٌ بِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ النَّارِ تُحْرِقُ الْأَخْشَابَ الْمَذْكُورَةَ فَسَرَتْ النَّارُ إلَى الْأَخْشَابِ فَأَحْرَقَتْهَا وَأَحْرَقَتْ الطَّبَقَةَ وَمَا فِيهَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ بَعْدَمَا نَهَاهُ جَارُهُ عَنْ ذَلِكَ مِرَارًا فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَةَ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ إذَا أَلْقَى فِي التَّنُّورِ مِنْ الْحَطَبِ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ التَّنُّورُ فَأَحْرَقَ بَيْتَهُ وَتَعَدَّى إلَى بَيْتِ غَيْرِهِ فَأَحْرَقَهُ ضَمِنَ تَتَارْخَانِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ وَكَذَا فِي فَتَاوَى ابْنِ الْمُؤَيَّدِ عَنْ الْمُنْيَةِ وَقَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا وَفِي الْكُبْرَى: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ قُطْنٌ فِي أَرْضِ نَفْسِهِ وَتِلْكَ الْأَرْضُ لَصِيقَةٌ إلَى أَرْضٍ أُخْرَى فَأَوْقَدَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الْأُخْرَى نَارًا عَلَى طَرَفِ أَرْضِهِ إلَى جَانِبِ ذَلِكَ الْقُطْنِ وَالْعِلْمُ مُحِيطٌ بِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ النَّارِ تُحْرِقُ مِثْلَ هَذَا الْقُطْنِ فِي قُرْبِهِ مِنْ النَّارِ فَاحْتَرَقَ ذَلِكَ الْقُطْنُ، فَإِنَّ صَاحِبَ النَّارِ ضَامِنٌ مِثْلَ ذَلِكَ. اهـ. الْوَاجِبُ لَا يَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ وَالْمُبَاحُ يَتَقَيَّدُ بِهِ نَهْجُ النَّجَاةِ مِنْ الْجِنَايَاتِ وَمِثْلُهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَالدُّرِّ الْمُخْتَارِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ حُرَّةٍ حُبْلَى مِنْ زَوْجِهَا زَيْدٍ ضَرَبَتْ بَطْنَ نَفْسِهَا عَمْدًا فَأَلْقَتْ جَنِينًا ذَكَرًا مَيِّتًا بَعْدَ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ بِلَا إذْنِ زَوْجِهَا فَهَلْ تَضْمَنُ عَاقِلَةُ الْمَرْأَةِ الْغُرَّةَ وَلَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ مِنْهَا وَمَا قَدْرُ الْغُرَّةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَضْمَنُ عَاقِلَتُهَا غُرَّةً؛ لِأَنَّهَا أَتْلَفَتْهُ مُتَعَدِّيَةً وَتَتَحَمَّلُ عَنْهَا الْعَاقِلَةُ وَلَا تَرِثُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا قَاتِلَةٌ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالْقَاتِلُ لَا يَرِثُ وَالْغُرَّةُ قَدْرُهَا نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَيَجِبُ الْمِقْدَارُ الْمَذْكُورُ فِي سَنَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْمِنَحِ وَغَيْرِهِ وَضَمِنَ الْغُرَّةَ عَاقِلَةُ امْرَأَةٍ أَسْقَطَتْهُ مَيِّتًا عَمْدًا بِدَوَاءٍ أَوْ فِعْلٍ بِلَا إذْنِ زَوْجِهَا، فَإِنْ أَذِنَ لَا تَنْوِيرٌ مِنْ الْجِنَايَاتِ مِنْ فَصْلِ ضَرَبَ امْرَأَةً (أَقُولُ) قَوْلُهُ: فَإِنْ أَذِنَ لَا بَحْثَ فِيهِ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّة بَحْثًا أَجَبْنَا فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ضَرَبَ آخَرَ عَمْدًا عَلَى فَمِهِ فَأَسْقَطَ سِنَّيْنِ مِنْ أَسْنَانِهِ فَمَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ الثُّبُوتِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ عَمْدًا فَلَهُ طَلَبُ الْقِصَاصِ السِّنُّ بِالسِّنِّ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً يَجِبُ عَنْ كُلِّ سِنٍّ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الْفِضَّةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (أَقُولُ) لَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّةَ الْقِصَاصِ فِي السِّنِّ إذَا قُلِعَتْ فَقِيلَ تُقْلَعُ سِنُّ الْجَانِي وَقِيلَ تُبْرَدُ بِالْمِبْرَدِ إلَى اللَّحْمِ كَمَا لَوْ كُسِرَتْ قَالَ الْعَلَائِيُّ وَبِهِ أَخَذَ صَاحِبُ الْكَافِي قَالَ الْمُصَنِّفُ يَعْنِي صَاحِبَ التَّنْوِيرِ وَفِي الْمُجْتَبَى وَبِهِ يُفْتَى. اهـ. كَلَامُ الْعَلَائِيِّ لَكِنْ رَاجَعْت الْمِنَحَ الَّذِي هُوَ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْمُصَنِّفِ وَرَاجَعْت الْمُجْتَبَى فَلَمْ أَرَ فِيهِمَا ذَلِكَ، نَعَمْ كَتَبْت فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّهُ مَشَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الثَّانِي شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ وَعَزَوْهُ إلَى الذَّخِيرَةِ وَالْمَبْسُوطِ وَتَبِعَهُمْ الزَّيْلَعِيُّ وَصَاحِبُ الْجَوْهَرَةِ وَصَرَّحُوا بِأَنَّهَا لَا تُقْلَعُ وَمَشَى عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فِي الْهِدَايَةِ وَمُخْتَصَرِ الْوِقَايَةِ وَالْمُلْتَقَى وَالِاخْتِيَارِ وَالدُّرَرِ وَغَيْرِهَا وَنَقَلَ الطُّورِيُّ فِي تَكْمِلَةِ الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْمَقْدِسِيِّ أَنَّهُ قَالَ يَنْبَغِي اخْتِيَارُ الْبَرْدِ وَفِي شَرْحِ مُنْلَا مِسْكِينٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ النَّزْعُ

مَشْرُوعٌ وَالْأَخْذُ بِالْمِبْرَدِ احْتِيَاطٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ عَمَدَ إلَى امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَضَرَبَهَا بِيَدِهِ الْعَادِيَةِ عَلَى فَمِهَا فَأَسْقَطَ سِنَّيْنِ مِنْ أَسْنَانِهَا الْعُلْيَا فَهَلْ عَلَى الرَّجُلِ دِيَةُ سِنَّيْهَا وَمَا مِقْدَارُهَا؟ (الْجَوَابُ) : عَلَى الرَّجُلِ دِيَةُ سِنَّيْهَا وَقَدْرُهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ خَمْسُونَ دِينَارًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَفِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ: وَفِي كُلِّ سِنٍّ يَعْنِي مِنْ الرَّجُلِ إذًا، دِيَةُ سِنِّ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ سِنِّ الرَّجُلِ جَوْهَرَةٌ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ خَمْسُونَ دِينَارًا أَوْ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ» يَعْنِي نِصْفَ عُشْرِ دِيَتِهِ لَوْ حُرًّا وَنِصْفَ عُشْرِ قِيمَتِهِ لَوْ عَبْدًا. اهـ. وَفِيهِ مِنْ بَابِ الْقَوَدِ: وَلَا قَوَدَ عِنْدَنَا فِي طَرَفَيْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَطَرَفَيْ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَطَرَفَيْ عَبْدَيْنِ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ بِدَلِيلِ اخْتِلَافِ دَيْنِهِمْ وَقِيمَتِهِمْ وَالْأَطْرَافُ كَالْأَمْوَالِ إلَخْ. اهـ. (أَقُولُ) قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَقَدْرُهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ إلَخْ أَيْ قَدْرُ دِيَةِ سِنَّيْ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ دِيَةُ سِنِّ الرَّجُلِ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ وَكَانَتْ دِيَةُ سِنِّ الْمَرْأَةِ نِصْفَ دِيَةِ سِنِّ الرَّجُلِ تَكُونُ دِيَةُ السِّنَّيْنِ فِي الْمَرْأَةِ كَدِيَةِ سِنٍّ وَاحِدَةٍ فِي الرَّجُلِ. وَقَوْلُهُ وَفِيهِ مِنْ بَابِ الْقَوَدِ إلَخْ اسْتِدْلَالٌ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ هُنَا الدِّيَةُ لَا الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَطْرَافِ مَا دُونَ النَّفْسِ فَيَدْخُلُ فِيهَا السِّنُّ وَعِبَارَةُ مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ وَلَا قِصَاصَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ انْتَهَتْ وَهِيَ أَصْرَحُ فِي الْمُرَادِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ أَصَابَ فَمَهَا حَجَرٌ خَطَأً مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى فَأَسْقَطَ ثَمَانِيَةً مِنْ أَسْنَانِهَا فَهَلْ يَجِبُ فِي كُلِّ سِنٍّ رُبْعُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَمَا قَدْرُهَا؟ (الْجَوَابُ) : يَجِبُ فِي كُلِّ سِنٍّ رُبْعُ عُشْرِ الدِّيَةِ لِكَوْنِهَا امْرَأَةً وَالدِّيَةُ مِنْ الْإِبِلِ مِائَةٌ وَمِنْ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ وَمِنْ الْوَرَقِ أَيْ الْفِضَّةِ عَشْرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَمَرَ آخَرَ بِقَلْعِ ضِرْسِهِ لِوَجَعٍ أَصَابَهُ وَعَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ الضِّرْسَ فَنَزَعَ الْمَأْمُورُ ضِرْسًا آخَرَ ثُمَّ اخْتَلَفَا وَحَلَفَ الْآمِرُ عَلَى مَا عَيَّنَ لَهُ فَهَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْمَأْمُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى وَلَوْ أَمَرَ رَجُلًا بِنَزْعِ سِنِّهِ لِوَجَعٍ أَصَابَهُ وَعَيَّنَ السِّنَّ وَالْمَأْمُورُ نَزَعَ سِنًّا آخَرَ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِيهِ فَالْقَوْلُ لِلْآمِرِ، فَإِنْ حَلَفَ فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ أَيْ الْمَأْمُورِ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ لِلشُّبْهَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَالْقُنْيَةِ وَصُوَرِ الْمَسَائِلِ عَنْ الْفَتَاوَى وَدِيَةُ السِّنِّ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَهُوَ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ خَمْسُونَ دِينَارًا أَوْ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ الْحُرَّةَ عَلَى يَدِهَا عَمْدًا فَشُلَّتْ بَعْضُ أَصَابِعِ يَدِهَا بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَهَلْ فِي كُلِّ إصْبَعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ؟ (الْجَوَابُ) : يَجِبُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ إصْبَعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ الْمَذْكُورَةِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الدِّيَاتِ: وَفِي كُلِّ إصْبَعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ عُشْرُهَا. اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا وَدِيَةُ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ فِي دِيَةِ النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا. اهـ. وَفِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الدِّيَاتِ ضِمْنَ سُؤَالٍ مَا نَصُّهُ: ثُمَّ نَنْظُرُ إلَى مَا شُلَّ مِنْ الْمَفَاصِلِ الْبَاقِيَةِ، فَإِنْ كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَقْطُوعِ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ضَرَبَ آخَرَ عَلَى يَدِهِ بِبُنْدُقَةٍ أَصَابَتْ إصْبَعَهُ السَّبَّابَةَ فَشُلَّتْ مَا يَلْزَمُهُ بَعْدَ الثُّبُوتِ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ شُلَّتْ، فَإِنْ كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَقْطُوعِ وَدِيَةُ الْإِصْبَعِ عَشْرَةٌ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ مِائَةٌ مِنْ الدَّنَانِيرِ أَوْ أَلْفٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَكُلُّ عُضْوٍ ذَهَبَ نَفْعُهُ فَفِيهِ دِيَةٌ، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا كَيَدٍ شُلَّتْ وَعَيْنٍ ذَهَبَ ضَوْءُهَا مُلْتَقًى قُبَيْلَ الشِّجَاجِ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. (سُئِلَ) فِي صَبِيٍّ عُمْرُهُ نَحْوُ عَشْرِ سِنِينَ دَفَعَهُ أَبُوهُ إلَى حَائِكٍ لِيُعَلِّمَهُ الْحِيَاكَةَ فَمَكَثَ عِنْدَ الْحَائِكِ أَيَّامًا يَشْتَغِلُ فِي النَّهَارِ ثُمَّ يَذْهَبُ عَشِيًّا إلَى أَبِيهِ فَفُقِدَ الصَّبِيُّ وَلَمْ يُعْلَمْ مَكَانُهُ بِدُونِ صُنْعٍ مِنْ الْحَائِكِ فَقَامَ أَبُوهُ يُطَالِبُ الْحَائِكَ بِإِحْضَارِهِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ

فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَتُؤْخَذُ الْمَسْأَلَةُ أَيْضًا مِنْ الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ بُنْدُقَةٌ مَجَرِيَّةٌ مَمْلُوءَةٌ بِرَصَاصٍ وَطَلَبَهَا رَجُلٌ لِيَشْتَرِيَهَا فَأَرْسَلَتْهَا لَهُ مَعَ صَغِيرٍ فَأَخَذَهَا الرَّجُلُ بِيَدِهِ فَأَوْرَتْ وَخَرَجَتْ الرَّصَاصَةُ مِنْهَا لَا بِفِعْلِ أَحَدٍ فَقَتَلَتْهُ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى هِنْدٍ وَالصَّغِيرِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ بُنْدُقَةٌ مَجَرِيَّةٌ عَلَّقَهَا فِي بَيْتِهِ وَبَعْدَ اسْتِقْرَارِهَا وَقَعَ مِشْخَاصُهَا عَلَى خِزَانَتِهَا لَا بِحَرَكَةِ أَحَدٍ وَلَا بِفِعْلِهِ فَأَوْرَى وَخَرَجَتْ وَأَصَابَتْ صَاحِبَهَا وَجَمَاعَةً فَقَتَلَتْ وَاحِدًا مِنْ الْجَمَاعَةِ وَجَرَحَتْ الْبَاقِينَ قَامَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ يَطْلُبُونَ دِيَتَهُ مِنْ الْمَجْرُوحِينَ فَهَلْ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَيْسَ عَلَيْهِمْ وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِمْ دِيَةٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا بِرَصَاصَةٍ جَارِحَةٍ عَمْدًا فَأَصَابَتْ وَجْهَهُ وَجَرَحَتْهُ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ عَنْ وَرَثَةٍ طَلَبُوا الْقِصَاصَ مِنْ زَيْدٍ الضَّارِبِ الْمَذْكُورِ بَعْدَمَا ثَبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ ثُبُوتًا شَرْعِيًّا لَدَى حَاكِمِ الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ فَهَلْ تُجَابُ الْوَرَثَةُ إلَى ذَلِكَ وَيُقْتَصُّ مِنْ زَيْدٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ وَيَجِبُ عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ ضَاعَفَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ الْأُجُورَ إقَامَةُ حُدُودِ الدِّينِ وَنُصْرَةُ الْمُسْلِمِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] وَقَالَ تَعَالَى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ» وَيُثَابُ وُلَاةُ الْأُمُورِ عَلَى ذَلِكَ جَزِيلَ الثَّوَابِ مِنْ الْمَلِكِ الْوَهَّابِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَأَمَّا الْآلَةُ الَّتِي تُوجِبُ الْقِصَاصَ إذَا حَصَلَ الْقَتْلُ بِآلَةٍ جَارِحَةٍ كَالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ وَالرُّمْحِ وَالسَّهْمِ حَدِيدًا كَانَتْ الْآلَةُ أَوْ غَيْرَ حَدِيدٍ كَمَا لَوْ ذَبَحَ بِلِيطَةِ الْقَصَبِ وَالرُّمْحِ الَّذِي لَا سِنَانَ لَهُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مَحْدُودًا وَالْعَمُودِ وَالنُّشَّابَةِ وَالسَّهْمِ الَّذِي لَا نَصْلَ فِيهِ إذَا رَمَاهُ فَجَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ بِعَمُودِ حَدِيدٍ أَوْ مَا يُشْبِهُ الْحَدِيدَ كَالنُّحَاسِ وَالشَّبَهِ وَالرَّصَاصِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إذَا ضَرَبَهُ فَجَرَحَهُ أَوْ شَقَّ بَطْنَهُ بِخَشَبٍ مَحْدُودٍ أَوْ رَمَاهُ بِصَنْجَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَجَرَحَهُ أَوْ لَمْ يَجْرَحْهُ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ يُقْتَلُ. اهـ. قَاضِي خَانْ مِنْ بَابِ الْقَتْلِ (أَقُولُ) كَتَبْت فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ أَوَّلَ الْجِنَايَاتِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ الْعَمْدُ مَا تَعَمَّدَ قَتْلَهُ بِالْحَدِيدِ كَالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ وَالرُّمْحِ وَالْخِنْجَرِ وَالنُّشَّابَةِ وَالْإِبْرَةِ وَالْأَشْفَى وَجَمِيعِ مَا كَانَ مِنْ الْحَدِيدِ سَوَاءٌ كَانَ يَقْطَعُ أَوْ يُبْضِعُ كَالسَّيْفِ وَمِطْرَقَةِ الْحَدَّادِ وَالزُّبْرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الْغَالِبُ مِنْهُ الْهَلَاكَ أَمْ لَا. وَلَا يُشْتَرَطُ الْجُرْحُ فِي الْحَدِيدِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ وَضْعٌ لِلْقَتْلِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} [الحديد: 25] وَكَذَا كُلُّ مَا يُشْبِهُ الْحَدِيدَ كَالصُّفْرِ وَالرَّصَاصِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ سَوَاءٌ كَانَ يُبْضِعُ أَوْ يَرُضُّ حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ بِالْمُثْقِلِ مِنْهَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَمَا إذَا ضَرَبَهُ بِعَمُودٍ مِنْ صُفْرٍ أَوْ رَصَاصٍ. اهـ. كَلَامُ الْجَوْهَرَةِ وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ الْإِمَامِ اعْتِبَارَ الْجُرْحِ فِي الْحَدِيدِ وَنَحْوِهِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَرَجَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي فِي مَسْأَلَةِ الْمَرِّ قُلْت وَعَلَى كُلٍّ فَالْقَتْلُ بِالْبُنْدُقَةِ الرَّصَاصِ عَمْدٌ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْحَدِيدِ وَتَجْرَحُ فَيُقْتَصُّ بِهِ لَكِنْ إذَا لَمْ تَجْرَحْ لَا يُقْتَصُّ بِهِ عَلَى رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ. اهـ. مَا كَتَبْتُهُ. (سُئِلَ) فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ أَنَّ فِي الْوَرَثَةِ صِغَارًا وَكِبَارًا، الْكِبَارُ: أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَزَوْجَتُهُ، وَالصِّغَارُ: ابْنُهُ وَابْنَتُهُ وَالْوَصِيُّ عَلَيْهِمَا جَدُّهُمَا وَالِدُهُ الْمَذْكُورُ، هَلْ لِوَالِدِهِ وَأُمِّهِ وَزَوْجَتِهِ الْقِصَاصُ قَبْلَ كِبَرِ أَوْلَادِهِ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَلِلْكِبَارِ الْقَوَدُ قَبْلَ كِبَرِ الصِّغَارِ إلَّا إذَا كَانَ الْكَبِيرُ أَجْنَبِيًّا عَنْ الصَّغِيرِ فَلَا حَتَّى يَبْلُغَ الصَّغِيرُ. اهـ. وَفِي الدُّرَرِ وَيَسْتَوْفِي الْكَبِيرُ قَبْلَ كِبَرِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَا يَتَجَزَّأُ لِثُبُوتِهِ بِسَبَبٍ لَا يَتَجَزَّأُ وَهُوَ الْقَرَابَةُ وَاحْتِمَالُ الْعَفْوِ وَالصُّلْحِ مِنْ الصَّغِيرِ مُنْقَطِعٌ فَثَبَتَ لِكُلِّ وَاحِدٍ كَمَا فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ. اهـ. وَفِي الْمُلْتَقَى وَمَنْ قُتِلَ وَلَهُ أَوْلِيَاءُ

كِبَارٌ وَصِغَارٌ فَلِلْكِبَارِ الِاقْتِصَاصُ مِنْ قَاتِلِهِ قَبْلَ كِبَرِ الصِّغَارِ خِلَافًا لَهُمَا وَمِثْلُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ وَفِي مَنْظُومَةِ الْكَوَاكِبِيِّ وَجَازَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْكَبِيرُ ... مِنْ قَبْلِ مَا أَنْ يَكْبُرَ الصَّغِيرُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَتَلَ آخَرَ عَمْدًا بِآلَةِ مَرٍّ وَجَرَحَهُ بِحَدِيدَتِهِ وَلَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ مِنْ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ صَغِيرٍ وَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ فَادَّعَتْ الْأُمُّ بِالْوِصَايَةِ عَلَى الصَّغِيرِ وَجَدَّةُ الصَّغِيرِ عَلَى الْقَاتِلِ وَثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْمُلْتَقَى مَنْ قَتَلَ بِحَدِيدَةِ الْمَرِّ اُقْتُصَّ مِنْهُ إنْ جَرَحَهُ بِحَدِّهِ، وَإِنْ كَانَ بِظَهْرِهِ فَلَا وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ. اهـ. فَلْيُنْظَرْ ذَلِكَ وَفِي غَالِبِ الْمُتُونِ لِلْكِبَارِ الْقَوَدُ قَبْلَ كِبَرِ الصِّغَارِ وَخَصَّهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا كَانَ الْكَبِيرُ لَيْسَ بِأَجْنَبِيٍّ عَنْ الصَّغِيرِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِ لَكِنْ لَا فِي مَالِهِ كَالْعَمِّ وَالْأَخِ فَلَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافًا لَهُمَا، فَإِنَّهُ عِنْدَهُمَا يَنْتَظِرُ بُلُوغَ الصِّغَارِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَمِنْ خُصُوصِ الشُّهُودِ يَنْبَغِي التَّفَحُّصُ عَنْهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً، فَإِنَّهُ يُحْتَاطُ فِي الْفُرُوجِ وَالدِّمَاءِ مَا لَا يُحْتَاطُ فِي غَيْرِهِمَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ. (أَقُولُ) الَّذِي فِي السُّؤَالِ أَنَّهُ جَرَحَهُ بِحَدِيدَةِ الْمَرِّ فَحَيْثُ وُجِدَ الْجُرْحُ بِالْحَدِيدِ وَجَبَ الْقِصَاصُ اتِّفَاقًا سَوَاءٌ جَرَحَهُ بِحَدِّهِ أَوْ بِظَهْرِهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا ضَرَبَهُ بِالْحَدِيدِ وَلَمْ يَجْرَحْهُ كَمَا إذَا ضَرَبَهُ بِظَهْرِ الْمَرِّ وَلَمْ يَحْصُلْ جُرْحٌ وَتَقَدَّمَ آنِفًا أَنَّ الْأَصَحَّ اعْتِبَارُ الْجُرْحِ فِي الْحَدِيدِ وَنَحْوِهِ مِنْ الرَّصَاصِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَأَقَرَّهُ شُرَّاحُهَا عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ ثُبُوتِ الْقَوَدِ لِلْكِبَارِ قَبْلَ بُلُوغِ الصِّغَارِ فَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ الْمُتُونِ وَاسْتَثْنَى مِنْهَا فِي التَّنْوِيرِ تَبَعًا لِلزَّيْلَعِيِّ مَا إذَا كَانَ الْكَبِيرُ أَجْنَبِيًّا عَنْ الصَّغِيرِ وَهَذَا بِعُمُومِهِ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ وَرَثَةُ الْمَقْتُولِ زَوْجَةً بَالِغَةً وَابْنًا صَغِيرًا مِنْ زَوْجَةٍ غَيْرِهَا، فَإِنَّ الزَّوْجَةَ هُنَا أَجْنَبِيَّةٌ عَنْ الِابْنِ الصَّغِيرِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلزَّوْجَةِ الْقَوَدُ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّغِيرِ وَبِهِ أَفْتَى الْحَانُوتِيُّ وَقَالَ إنَّهُ لَمْ يَجِدْ هَذَا الْقَيْدَ لِغَيْرِ الزَّيْلَعِيِّ وَلَكِنَّهُ ثِقَةٌ ثُمَّ ذَكَرَ عِبَارَةَ الزَّيْلَعِيِّ وَقَالَ فَيَنْتَظِرُ عَلَى هَذَا إلَى بُلُوغِ الصَّغِيرِ. اهـ. لَكِنَّ الزَّيْلَعِيَّ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهَذَا الْقَيْدِ فَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ مَا نَصُّهُ: وَفِي الْأَصْلِ إنْ كَانَ الْكَبِيرُ أَبًا اسْتَوْفَى الْقَوَدَ بِالْإِجْمَاعِ. ، وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا بِأَنْ قُتِلَ عَبْدٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ أَجْنَبِيَّيْنِ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَخْ. اهـ. وَكَتَبْت فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْكَبِيرُ أَجْنَبِيًّا عَنْ الصَّغِيرِ: قَالَ فِي النِّهَايَةِ بِأَنْ كَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ صَغِيرٍ وَأَجْنَبِيٍّ فَقُتِلَ عَمْدًا لَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ قَبْلَ بُلُوغِهِ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلصَّغِيرِ أَبٌ فَيَسْتَوْفِيَانِهِ حِينَئِذٍ: ثُمَّ قَالَ فِي النِّهَايَةِ نَاقِلًا عَنْ الْمَبْسُوطِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ الْمِلْكُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَكَامِلٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنَّ مِلْكَ الرَّقَبَةِ يَحْتَمِلُ التَّجَزِّيَ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ، فَإِنَّ السَّبَبَ فِيهِ الْقَرَابَةُ وَهِيَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ التَّجَزِّيَ وَتَمَامُهُ فِيهِ. وَظَاهِرُ هَذَا التَّصْوِيرِ وَالتَّعْلِيلِ وَمِثْلُهُ مَا قَدَّمْنَا آنِفًا عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْأَصْلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَجْنَبِيِّ مَنْ كَانَ شَرِيكًا فِي الْمِلْكِ لَا فِي الْقَرَابَةِ فَلَوْ قُتِلَ رَجُلٌ وَلَهُ ابْنُ عَمَّةٍ كَبِيرٌ وَابْنُ خَالَةٍ صَغِيرٌ وَهُمَا أَجْنَبِيَّانِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا فَلِلْكَبِيرِ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ الْقَرَابَةُ لِلْمَقْتُولِ وَهِيَ مِمَّا لَا يَتَجَزَّى. فَكَذَا مَا يَثْبُتُ بِهَا وَهُوَ الْقِصَاصُ فَيَثْبُتُ لَهُمَا غَيْرَ مُتَجَزٍّ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ اسْتِيفَاؤُهُ بِانْفِرَادِهِ بِخِلَافِ الْمِلْكِ، فَإِنَّهُ مُتَجَزٍّ فَلَا يَثْبُتُ الْقِصَاصُ بِسَبَبِهِ لِكُلٍّ بِانْفِرَادِهِ مَا لَمْ يَجْتَمِعَا وَيَطْلُبَا الْقِصَاصَ وَالصَّغِيرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ أَبٌ فَيَسْتَوْفِيهِ الْأَبُ مَعَ شَرِيكِ ابْنِهِ فِي الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ وَكَذَا لَوْ قُتِلَ عَنْ زَوْجَةٍ وَابْنٍ صَغِيرٍ مِنْ غَيْرِهَا فَلِلزَّوْجَةِ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْقَرَابَةِ مَا يَشْمَلُ الزَّوْجِيَّةَ بِدَلِيلِ ثُبُوتِ الْقِصَاصِ بِالْقَرَابَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ أَوَاخِرَ الْبَابِ السَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ: الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، فَإِنْ كَانَ خَطَأً، فَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ الْكَبِيرُ وَلِيَّ الصَّغِيرِ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ الدِّيَةِ حِصَّةَ

نَفْسِهِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ وَحِصَّةَ الصَّغِيرِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ، وَإِنْ كَانَ الْكَبِيرُ أَخًا أَوْ عَمًّا لَيْسَ وَصِيًّا لِلصَّغِيرِ يَسْتَوْفِي حِصَّةَ نَفْسِهِ فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا إنْ كَانَ الْكَبِيرُ أَبًا لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا بِأَنْ قُتِلَ عَبْدٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ أَجْنَبِيَّيْنِ أَحَدُهُمَا صَغِيرٌ وَالْآخَرُ كَبِيرٌ لَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلصَّغِيرِ أَبٌ فَيَسْتَوْفِيَانِ حِينَئِذٍ، وَإِنْ كَانَ الْكَبِيرُ أَخًا أَوْ عَمًّا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّغِيرِ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا: لَا حَتَّى يَبْلُغَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلصَّغِيرِ أَبٌ فَيَسْتَوْفِي الْأَبُ نَصِيبَ الصَّغِيرِ مَعَ الْكَبِيرِ وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ إذَا كَانَ شَرِيكُ الْكَبِيرِ مَعْتُوهًا أَوْ مَجْنُونًا. اهـ. وَتَمَامُهُ فِيهَا مِنْ الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ. فَهَذِهِ الْعِبَارَاتُ كُلُّهَا قَدْ حَصَرَتْ تَصْوِيرَ الْأَجْنَبِيِّ بِالشَّرِيكِ فِي الْمِلْكِ دُونَ الشَّرِيكِ فِي الْإِرْثِ. وَتَعْلِيلُ الْمَسْأَلَةِ الَّذِي مَرَّ عَنْ الْمَبْسُوطِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ فَلَا تَدْخُلُ مَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ مَعَ الِابْنِ مِنْ غَيْرِهَا تَحْتَ الْأَجْنَبِيِّ الْمُسْتَثْنَى هَذَا مَا ظَهَرَ لِفَهْمِي الْقَاصِرِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. وَقَدْ نَقَلَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الشَّلَبِيِّ مَسْأَلَةً وَهِيَ سُئِلَ عَنْ شَخْصٍ قَتَلَ امْرَأَةً عَمْدًا عُدْوَانًا وَثَبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَقْتُولَةَ خَلَّفَتْ مِنْ الْوَرَثَةِ زَوْجًا بَالِغًا وَوَلَدًا مُرَاهِقًا صَغِيرًا مِنْ شَخْصٍ غَيْرِ الزَّوْجِ الَّذِي قُتِلَتْ فِي عِصْمَتِهِ فَهَلْ يَجُوزُ لِلزَّوْجِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ قَبْلَ بُلُوغِ الْوَلَدِ الْمَذْكُورِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَجُوزُ لِوَالِدِ الْوَلَدِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ لِوَلَدِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) :؟ لِلزَّوْجِ الْمَذْكُورِ الْقِصَاصُ قَبْلَ بُلُوغِ الْوَلَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ فِي الْكَنْزِ وَلِلْكِبَارِ الْقَوَدُ قَبْلَ بُلُوغِ الصِّغَارِ. اهـ. وَلِوَالِدِ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ الْقِصَاصُ لِوَلَدِهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ قَالَ قَاضِي خَانْ لِلْأَبِ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فِي النَّفْسِ وَفِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَيَسْتَحِقُّ الْقِصَاصَ مَنْ يَسْتَحِقُّ مِيرَاثَهُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى يَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَكَذَا الدِّيَةُ. اهـ. وَقَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ وِلَايَةُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ لِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْقِصَاصَ وَالْمُسْتَحِقُّ لِلْقِصَاصِ مَنْ يَسْتَحِقُّ مَالَ الْقَتِيلِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى يَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَكَذَا الدِّيَةُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ كَازَرُونِيٌّ مِنْ الْجِنَايَاتِ عَنْ فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ عَمَدَ إلَى رَجُلٍ وَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ وَثَبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لَدَى قَاضٍ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ وَلِلْمَقْتُولِ زَوْجَةٌ وَأَوْلَادٌ صِغَارٌ مِنْهَا وَأَبٍ وَأُمٌّ هِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِأَبِيهِ الْمَزْبُورِ وَلَهُ تَرِكَةٌ وَيُرِيدُ الْأَبُ اسْتِيفَاءَ الْقِصَاصِ مَعَ الزَّوْجَةِ مِنْ الْمَقْتُولِ قَبْلَ كِبَرِ الصِّغَارِ فَهَلْ يَسُوغُ لِلْأَبِ وَالزَّوْجَةِ ذَلِكَ وَلَا تَرِثُ الْأُمُّ مِنْ تَرِكَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا اجْتَمَعَ الْأَبُ وَالزَّوْجَةُ لَهُمَا ذَلِكَ قَبْلَ كِبَرِ الصِّغَارِ أَمَّا بِالنَّظَرِ إلَى الْأَبِ فَبِإِجْمَاعِ أَصْحَابِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَالْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ إلَى الزَّوْجَةِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تَعَالَى خِلَافًا لَهُمَا وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ، وَأَمَّا أُمُّ الْمَقْتُولِ فَلَا تَرِثُ مِنْ تَرِكَتِهِ حَيْثُ كَانَتْ أُمَّ وَلَدِهِ وَلَا تَسْتَحِقُّ الْقِصَاصَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَيَسْتَحِقُّ الْقِصَاصَ مَنْ يَسْتَحِقُّ مِيرَاثَهُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَلَوْ كَانَ الْكَبِيرُ وَلِيًّا لِلصَّغِيرِ مِمَّنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ يَسْتَوْفِيهِ الْكَبِيرُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الصَّغِيرُ بِإِجْمَاعِ أَصْحَابِنَا سَوَاءٌ كَانَتْ الْوِلَايَةُ لَهُمَا بِالْمِلْكِ أَوْ بِالْقَرَابَةِ، وَإِنْ كَانَ وَلِيًّا لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ كَالْأَخِ وَالْعَمِّ فَعَلَى الْخِلَافِ، فَإِنْ كَانَ الْكَبِيرُ أَجْنَبِيًّا عَنْ الصَّغِيرِ لَا يَمْلِكُ الْكَبِيرُ الِاسْتِيفَاءَ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّغِيرُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَمْلِكُ الْكَبِيرُ الِاسْتِيفَاءَ فِي الْكُلِّ زَيْلَعِيٌّ مِنْ الْجِنَايَاتِ وَلَيْسَ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ إذَا كَانُوا كِبَارًا حَتَّى يَجْتَمِعُوا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ أَنْ يُوَكِّلَ بِاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَلَوْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ صِغَارًا وَكِبَارًا كَانَ لِلْكِبَارِ وِلَايَةُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ قَبْلَ بُلُوغِ الصِّغَارِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَفِي قَوْلِ صَاحِبَيْهِ وَالشَّافِعِيِّ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ

حَتَّى يَبْلُغَ الصِّغَارُ خَانِيَّةٌ وَفِيهَا: وَلِوَلِيِّ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ وَوَلَدِهِمَا اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ كَمَا فِي الْقِنِّ. اهـ. وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ النِّكَاحِ مَا ثَبَتَ لِجَمَاعَةٍ فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى وِلَايَةُ الْإِنْكَاحِ لِلصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ ثَابِتَةٌ لِلْأَوْلِيَاءِ عَلَى سَبِيلِ الْكَمَالِ لِكُلٍّ. الثَّانِيَةُ الْقِصَاصُ الْمَوْرُوثُ يَثْبُتُ لِكُلٍّ مِنْ الْوَرَثَةِ عَلَى الْكَمَالِ حَتَّى قَالَ الْإِمَامُ لِلْوَارِثِ الْكَبِيرِ اسْتِيفَاؤُهُ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّغِيرِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِبَالِغَيْنِ، فَإِنَّ الْحَاضِرَ لَا يَمْلِكُهُ فِي غَيْبَةِ الْآخَرِ اتِّفَاقًا لِاحْتِمَالِ الْعَفْوِ إلَخْ. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ضَرَبَ رَجُلًا حُرًّا عَمْدًا بِغَيْرِ حَقٍّ بِسِكِّينٍ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى وَكَتِفِهِ الْأَيْسَرِ فَجَرَحَهُ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ وَثَبَتَ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُزَكَّاةِ ثُبُوتًا شَرْعِيًّا ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ عَنْ وَرَثَةٍ كِبَارٍ حَاضِرِينَ وَأُمٍّ غَائِبَةٍ فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى فَهَلْ لَا يُقْضَى عَلَى الرَّجُلِ بِالْقِصَاصِ مَا لَمْ تَحْضُرْ الْغَائِبَةُ؟ (الْجَوَابُ) : لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ حَتَّى تَحْضُرَ الْأُمُّ حَيْثُ كَانُوا كِبَارًا بِالْإِجْمَاعِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَةِ لَكِنَّهُ يُحْبَسُ قَالَ فِي الْمِنَحِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِالْقِصَاصِ مَا لَمْ يَحْضُرْ الْغَائِبُ وَقَالَ قَبْلَهُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْقَاتِلَ يُحْبَسُ إذَا أَقَامَ الْحَاضِرُ الْبَيِّنَةَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَّهَمًا بِالْقَتْلِ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اُتُّهِمَ زَيْدٌ بِقَتِيلٍ وَلَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَغَابَ وَلَهُ أَخٌ غَيْرُ مُتَّهَمٍ بِذَلِكَ يَزْعُمُ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ أَنَّ لَهُمْ حَبْسَ غَيْرِ الْمُتَّهَمِ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُتَّهَمُ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] . (سُئِلَ) فِي بَالِغٍ عَاقِلٍ ضَرَبَ صَبِيًّا خَطَأً بِعُودٍ ذِي شَوْكَةٍ أَصَابَتْ عَيْنَهُ الْيُمْنَى فَذَهَبَ ضَوْءُهَا وَلَا بَيِّنَةَ لِأَبِي الصَّبِيِّ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا عُلِمَ ذَلِكَ بِاعْتِرَافِ الضَّارِبِ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ الْعَاقِلَةُ فَهَلْ يَلْزَمُ فِي ذَلِكَ نِصْفُ الدِّيَةِ وَمَا قَدْرُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : وَفِي الْعَيْنَيْنِ وَالْيَدَيْنِ وَالشَّفَتَيْنِ وَالْحَاجِبَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَالْأُذُنَيْنِ وَالْأُنْثَيَيْنِ أَيْ الْخُصْيَتَيْنِ وَثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ الدِّيَةُ وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي أَشْفَارِ الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي أَحَدِهَا رُبْعُهَا كَنْزٌ وَتَنْوِيرٌ وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْعَمَلِ بِمُقْتَضَى قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا تَعْقِلُ الْعَوَاقِلُ عَبْدًا وَلَا عَمْدًا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا» حَتَّى لَوْ أَقَرَّ الْحُرُّ بِالْقَتْلِ خَطَأً لَمْ يَكُنْ إقْرَارُهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَيْ إلَّا أَنْ يُصَدِّقُوهُ وَكَذَا قَرَّرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ فِي الْمَعَاقِلِ فَتَنَبَّهْ عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ مِنْ بَابِ الْقَوَدِ وَفِيهِ مِنْ الدِّيَاتِ: وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ أَخْمَاسٌ مِنْهَا وَمِنْ ابْنِ مَخَاضٍ أَوْ أَلْفِ دِينَارٍ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ عَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ مِنْ الْوَرَقِ. اهـ. وَفِي التَّنْوِيرِ مِنْ الدِّيَاتِ أَيْضًا: وَتَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ فِي كُلِّ عُضْوٍ ذَهَبَ نَفْعُهُ كَيَدٍ شُلَّتْ وَعَيْنٍ ذَهَبَ ضَوْءُهَا. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْكَنْزِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ضَرَبَ آخَرَ بِعَصًا عَلَى أَجْنَابِهِ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ بَعْدَ الثُّبُوتِ؟ (الْجَوَابُ) : عَلَيْهِ الْإِثْمُ وَالْكَفَّارَةُ وَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي كِتَابِ الْأَصْلِ شِبْهُ الْعَمْدِ مَا تَعَمَّدَ ضَرْبَهُ بِالْعَصَا أَوْ السَّوْطِ أَوْ الْحَجَرِ أَوْ الْيَدِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ ضَرَبَ رَجُلًا بِعَصًا فَقَتَلَهُ أَنَّ ذَلِكَ شِبْهُ الْعَمْدِ وَكَذَلِكَ لَوْ رَمَاهُ بِحَجَرٍ فَشَجَّهُ صُوَرُ الْمَسَائِلِ مِنْ الْجِنَايَاتِ وَفِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ: الثَّانِي شِبْهُهُ وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ ضَرْبَهُ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ أَيْ بِمَا لَا يُفَرِّقُ الْأَجْزَاءَ وَلَوْ بِحَجَرٍ وَخَشَبٍ كَبِيرَيْنِ عِنْدَهُ خِلَافًا لِغَيْرِهِ. اهـ. (قُلْت) الَّذِي فُهِمَ مِنْ كَلَامِ الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ ضَرَبَهُ بِعَصًا أَوْ سَوْطٍ أَوْ حَجَرٍ صَغِيرٍ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا الضَّرْبُ بِالْحَجَرِ أَوْ الْخَشَبِ الْكَبِيرِ كَخَشَبِ الْمَرِّ فَلَا قَوَدَ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى الْعَمْدُ الْمَحْضُ إذَا أَوْجَبَ الدِّيَةَ أَوْجَبَ فِي مَالِهِ فِي النَّفْسِ وَفِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَالْخَطَأِ فِيهِمَا عَلَى الْعَاقِلَةِ وَشِبْهُ الْعَمْدِ فِي النَّفْسِ يُوجِبُ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَفِيمَا دُونَ النَّفْسِ يَجِبُ عَلَى الْجَانِي، وَإِنْ بَلَغَ دِيَةً تَامَّةً خُلَاصَةٌ مِنْ كِتَابِ الدِّيَاتِ. وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَعِبَارَتُهَا: الْمَالُ الْوَاجِبُ بِالْعَمْدِ الْمَحْضِ يَجِبُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَفِي النَّفْسِ

وَفِي الْخَطَأِ فِيهِمَا عَلَى الْعَاقِلَةِ وَفِي شِبْهِ الْعَمْدِ لَوْ نَفْسًا عَلَى الْعَاقِلَةِ وَفِيمَا دُونَهَا وَإِنْ بَلَغَ الدِّيَةَ عَلَى الْقَاتِلِ (أَقُولُ) لَمْ يُبَيِّنْ الْمُؤَلِّفُ دِيَةَ شِبْهِ الْعَمْدِ وَقَدْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ أَوَّلَ كِتَابِ الدِّيَاتِ: دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ أَرْبَاعًا مِنْ بِنْتِ مَخَاضٍ وَبِنْتِ لَبُونٍ وَحِقَّةٌ إلَى جَذَعَةٍ بِإِدْخَالِ الْغَايَةِ وَهِيَ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ لَا غَيْرُ، ثُمَّ قَالَ: وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ أَخْمَاسٌ: مِنْهَا وَمِنْ ابْنِ مَخَاضٍ أَوْ أَلْفِ دِينَارٍ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ عَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ مِنْ الْوَرَقِ. اهـ. قَوْلُهُ وَهِيَ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ لَا غَيْرُ أَيْ لَا يُخَيَّرُ الْقَاتِلُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ بَيْنَ دَفْعِ الْوَرَقِ أَوْ الْعَيْنِ أَيْ الذَّهَبِ أَوْ الْإِبِلِ بَلْ اللَّازِمُ عَلَيْهِ الْإِبِلُ وَكَلَامُ الْهِدَايَةِ يُشِيرُ إلَى هَذَا وَهُوَ صَرِيحُ مَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ مِنْ أَنَّ حُكْمَ شِبْهِ الْعَمْدِ الْإِثْمُ وَالْكَفَّارَةُ وَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ. اهـ. فَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ ابْتِدَاءً مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْإِبِلِ لَمْ يَكُنْ لِلتَّغْلِيظِ فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَارُ الْأَخَفَّ فَتَفُوتُ حِكْمَةُ التَّغْلِيظِ نَصًّا فَلْيَكُنْ عَلَى ذِكْرٍ مِنْك لِتُحَرِّرَهُ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الشُّرُنْبُلَالِيّ عَلَى الدُّرَرِ وَاَلَّذِي حَرَّرْتُهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّ عِبَارَاتِ الْمُتُونِ مُخْتَلِفَةُ الْمَفْهُومِ، فَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ عِبَارَةِ التَّنْوِيرِ السَّابِقَةِ وَغَيْرِهَا كَالْهِدَايَةِ وَالِاخْتِيَارِ وَالْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى أَنَّ الدِّيَةَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ لَا تَكُونُ مِنْ غَيْرِ الْإِبِلِ فَمَعْنَى التَّغْلِيظِ أَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى الْجَانِي مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ الدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ، فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ دَفْعِهَا مِنْ الْإِبِلِ أَوْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ: وَالْمَفْهُومُ مِنْ الْوِقَايَةِ وَالْإِصْلَاحِ وَالْغُرَرِ أَنَّهَا تَكُونُ مِنْ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ وَعَلَيْهِ فَمَعْنَى التَّغْلِيظِ فِيهَا أَنَّهَا إذَا دُفِعَتْ مِنْ الْإِبِلِ تُدْفَعُ أَرْبَاعًا بِخِلَافِ دِيَةِ الْخَطَأِ، فَإِنَّهَا أَخْمَاسٌ وَهِيَ أَخَفُّ مِنْ الْأَرْبَاعِ. وَبِذَلِكَ صَرَّحَ فِي مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ حَيْثُ قَالَ: وَلَا يَثْبُتُ التَّغْلِيظُ إلَّا فِي الْإِبِلِ خَاصَّةً، فَإِنْ قَضَى مِنْ غَيْرِ الْإِبِلِ لَمْ تَتَغَلَّظْ. اهـ. وَفِي الْمَجْمَعِ: تَتَغَلَّظُ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ فِي الْإِبِلِ، قَالَ شَارِحُهُ: حَتَّى لَوْ قَضَى بِالدِّيَةِ مِنْ غَيْرِ الْإِبِلِ لَمْ تُغَلَّظْ وَكَذَا فِي دُرَرِ الْبِحَارِ وَشَرْحِهِ غُرَرِ الْأَذْكَارِ وَفِي جِنَايَاتِ غَايَةِ الْبَيَانِ: وَتُغَلَّظُ الدِّيَةُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ فِي الْإِبِلِ إذَا فُرِضَتْ الدِّيَةُ فِيهَا فَأَمَّا غَيْرُ الْإِبِلِ فَلَا يُغَلَّظُ فِيهَا قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ حَتَّى أَنَّهُ لَا يُزَادُ فِي الْفِضَّةِ عَلَى عَشْرَةِ آلَافٍ وَلَا فِي الذَّهَبِ عَلَى أَلْفِ دِينَارٍ. اهـ. وَفِي دُرَرِ الْبِحَارِ اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ مِنْ الذَّهَبِ فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ أَلْفُ دِينَارٍ فَهَذِهِ الْعِبَارَاتُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ دِيَةَ شِبْهِ الْعَمْدِ لَا تَخْتَصُّ بِالْإِبِلِ بَلْ تَكُونُ مِنْهُ وَمِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَدِيَةِ الْخَطَأِ، وَإِنَّمَا الْفَرْقُ أَنَّهَا إذَا دُفِعَتْ مِنْ الْإِبِلِ، فَإِنْ كَانَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ تَغَلَّظَتْ بِأَنْ تُدْفَعَ أَرْبَاعًا، وَإِنْ كَانَ فِي الْخَطَأِ فَلَا بَلْ تُدْفَعُ أَخْمَاسًا. وَهَلْ الْخِيَارُ فِي تَعْيِينِ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ لِلْقَاتِلِ أَمْ لِلْقَاضِي؟ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمَجْمَعِ وَغَايَةِ الْبَيَانِ تُفِيدُ الثَّانِيَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَنْ اُتُّهِمَ بِقَتْلِ رَجُلٍ وَلِلرَّجُلِ صِغَارٌ وَزَوْجَةٌ وَجَدٌّ أَبُو أَبٍ فَعَجَزَ الْجَدُّ عَنْ إثْبَاتِ ذَلِكَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ لِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ فَصَالَحَ وَلِيُّ الصِّغَارِ الْمَذْكُورُ عَنْ إنْكَارٍ بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَعَ ثُبُوتِ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةُ فِي ذَلِكَ لِلصِّغَارِ فَهَلْ يَكُونُ الصُّلْحُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ أَجَابَ: حَيْثُ كَانَتْ الْأُمُّ وَصِيَّةً عَلَى وَلَدَيْهَا اللَّذَيْنِ هُمَا أَخَوَا الْمَيِّتِ كَانَ لَهَا الصُّلْحُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ لَكِنْ قَالُوا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمُجَوِّزَةِ لِلصُّلْحِ أَنَّ الصُّلْحَ إذَا كَانَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّيَةِ لَا يَجُوزُ (أَقُولُ) الظَّاهِرُ حَمْلُ هَذَا الْكَلَامِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْقَتْلُ ثَابِتًا أَمَّا إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ فَيَجُوزُ قِيَاسًا عَلَى دَعْوَى مَالِ الْمَيِّتِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْعِمَادِيُّ فِي الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ حَيْثُ قَالَ: الْوَصِيُّ إذَا صَالَحَ عَنْ حَقِّ الْمَيِّتِ أَوْ عَنْ حَقِّ الصَّغِيرِ عَلَى رَجُلٍ، فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرًّا بِالْمَالِ أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَوْ كَانَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الْحَقِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ يَجُوزُ. اهـ. فَجُعِلَ الصُّلْحُ مِنْ الْوَصِيِّ جَائِزًا عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ كَازَرُونِيٌّ عَنْ الْحَانُوتِيِّ مِنْ كِتَابِ الصُّلْحِ. (سُئِلَ) فِي صَبِيٍّ

عَمَدَ إلَى صَبِيٍّ وَضَرَبَهُ بِقَدُومٍ عَلَى أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُمْنَى فَقَطَعَ مِفْصَلًا مِنْ سَبَّابَتِهِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ثُلُثُ دِيَةِ الْإِصْبَعِ فِي مَالِهِ بَعْدَ الثُّبُوتِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي كُلِّ إصْبَعٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ عُشْرُهَا وَمَا فِيهَا مَفَاصِلُ فَفِي أَحَدِهَا ثُلُثُ دِيَةِ الْإِصْبَعِ وَنِصْفُهَا لَوْ فِيهَا مِفْصَلَانِ تَنْوِيرٌ مِنْ الدِّيَاتِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتُونِ، وَعَمْدُ الصَّبِيِّ وَخَطَؤُهُ سَوَاءٌ عِنْدَنَا وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْحَالَيْنِ وَتَكُونُ فِي مَالِهِ فِي فَصْلِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَعْقِلُ الْعَمْدَ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِي الْخَطَأِ عِنْدَنَا أَحْكَامُ الصِّغَارِ مِنْ مَسَائِلِ الْجِنَايَاتِ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ (أَقُولُ) الَّذِي فِي التَّنْوِيرِ هَكَذَا: وَعَمْدُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ خَطَأٌ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي مَتْنِ الْمَجْمَعِ وَشَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ مَعَ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ وُجُوبَهَا فِي مَالِهِ قَوْلُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَذَكَرَ الْأُسْرُوشَنِيُّ فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ قَبْلَ الْعِبَارَةِ الَّتِي نَقَلَهَا الْمُؤَلِّفُ عَنْهُ مَا نَصُّهُ: عَمْدُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ خَطَأٌ وَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْمَعْتُوهُ كَالْمَجْنُونِ. اهـ. فَهَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ وَتَكُونُ فِي مَالِهِ وَقَدْ يُوَفَّقُ بِمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ عَنْ الدُّرَرِ بِقَوْلِهِ: وَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ إنْ بَلَغَ نِصْفَ الْعُشْرِ فَأَكْثَرَ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ عَجَمٍ وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ دُرَرٌ. اهـ. فَيُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ أَحْكَامِ الصِّغَارِ مِنْ أَنَّ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْوَاجِبُ بِالْجِنَايَةِ لَمْ يَبْلُغْ نِصْفَ الْعُشْرِ؛ لِأَنَّهُ يَسْلُكُ فِيهِ مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ مِنْ الْعَجَمِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لَهُمْ لَكِنْ يُنَافِيهِ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَعْقِلُ الْعَمْدَ فَتَأَمَّلْ: قَالَ الْمُؤَلِّف وَفِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلْخَصَّافِ إذَا وَقَعَ الدَّعْوَى عَلَى الصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ فَلَيْسَ لَهُ حَقٌّ إحْضَارِهِ وَلَكِنْ يَحْضُرُ أَبُوهُ حَتَّى إذَا لَزِمَ الصَّبِيَّ شَيْءٌ يُؤَدِّي عَنْهُ أَبُوهُ مِنْ مَالِهِ وَفِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ أَنَّ إحْضَارَ الصَّبِيِّ فِي الدَّعَاوَى شَرْطٌ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ مَشَايِخِ زَمَانِنَا مَنْ شَرَطَ ذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الصَّغِيرُ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَى ذَلِكَ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّبِيِّ وَصِيٌّ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُنَصِّبَ عَنْهُ وَصِيًّا أَجَابَهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْأَطْفَالِ الرُّضَّعِ عِنْدَ الدَّعْوَى. اهـ. أَحْكَامُ الصِّغَارِ مِنْ الْجِنَايَاتِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ضَرَبَ آخَرَ بِحَجَرٍ فَأَصَابَ امْرَأَةً حُرَّةً حَامِلًا فَأَلْقَتْ جَنِينًا بِسَبَبِ الضَّرْبِ وَكَانَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ سَاعَةٍ فَهَلْ تَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ، وَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَاتِلًا، وَإِنْ أَلْقَتْهُ مَيِّتًا ثُمَّ مَاتَتْ فَفِيهِ دِيَتُهَا وَالْغُرَّةُ لِمَا رَوَيْنَا. اهـ. وَفِي الْمِنَحِ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ وَلَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا وَجَبَ غُرَّةٌ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ فِي سَنَةٍ، فَإِنْ أَلْقَتْهُ حَيًّا فَمَاتَ فَدِيَةٌ كَامِلَةٌ أَيْ تَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ عَلَى الضَّارِبِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ آدَمِيًّا خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَتَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ وَالْجَنِينُ الَّذِي اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ كَالْجَنِينِ التَّامِّ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ لِإِطْلَاقِ مَا رَوَيْنَا. اهـ. قَوْلُهُ عَلَى الضَّارِبِ أَيْ وَتُؤْخَذُ مِنْ عَاقِلَتِهِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الِاخْتِيَارِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْبَزَّازِيَّةِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْمَجْمُوعَةِ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْقَوْلِ بِسُقُوطِ الْعَاقِلَةِ فِي زَمَانِنَا كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَائِيُّ وَالْحَانُوتِيُّ؛ لِأَنَّ التَّنَاصُرَ مُنْتَفٍ الْآنَ لِغَلَبَةِ الْحَسَدِ وَالْبُغْضِ وَتَمَنِّي كُلِّ وَاحِدٍ الْمَكْرُوهَ لِصَاحِبِهِ وَحَيْثُ لَا قَبِيلَةَ وَلَا تَنَاصُرَ فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ فَقَدْ حَصَلَ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ. وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ عَنْ فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ صِبْيَانٌ يَلْعَبُونَ بِالرَّمْيِ فَمَرَّتْ بِهِمْ امْرَأَةٌ فَرَمَى صَبِيٌّ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ أَوْ نَحْوُهُ سَهْمًا فَأَذْهَبَ عَيْنَهَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ إنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لِلْعَجَمِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ. وَفِي جِنَايَاتِ الْمُلْتَقَطِ صَبِيٌّ رَمَى سَهْمًا فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ لَا ضَمَانَ عَلَى وَالِدِهِ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَا عَاقِلَةَ لِلْعَجَمِ لِعَدَمِ التَّنَاصُرِ، وَإِنَّمَا الْعَاقِلَةُ لِلْعَرَبِ لِلتَّنَاصُرِ، فَإِنْ كَانَ لِلصَّبِيِّ عَاقِلَةٌ يَجِبُ عَلَى عَاقِلَتِهِ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا يَجِبُ بِإِقْرَارِ الصَّبِيِّ وَلَا بِشَهَادَةِ الصِّبْيَانِ شَيْءٌ. اهـ. أَحْكَامُ الصِّغَارِ.

مِنْ مَسَائِلِ الْجِنَايَاتِ بخ انْقَلَبَ فَأْسٌ مِنْ يَدِ قَصَّابٍ كَانَ يَكْسِرُ الْعَظْمَ فَأَتْلَفَ عُضْوَ إنْسَانٍ يَضْمَنُ وَهُوَ خَطَأٌ وَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لِلْعَجَمِ أَجْمَعَ؛ لِأَنَّهُمْ ضَيَّعُوا أَنْسَابَهُمْ وَلَا يَتَنَاصَرُونَ وَالْعَاقِلَةُ جَاءَتْ فِي الْعَرَبِ وَهُوَ مُخْتَارُ أَبِي جَعْفَرٍ وَبِهِ يُفْتِي الْإِمَامُ الْمَرْغِينَانِيُّ وَفِي الْخُلَاصَةِ مِثْلُهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ بَطَشَ رَجُلٌ امْرَأَةَ غَيْرِهِ فَضَرَبَهَا عَلَى الْأَرْضِ وَفِي يَدِهَا صَبِيٌّ فَمَاتَ بِذَلِكَ السَّبَبِ يَضْمَنُ الضَّارِبُ دِيَةَ الصَّبِيِّ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَرَبِ وَإِلَّا تَضْمَنْ عَاقِلَتُهُ كَوَاضِعِ الْحَجَرِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَتَلِفَ إنْسَانٌ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ فِي التَّسَبُّبِ مِنْ الْجِنَايَاتِ وَفِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ صَرَّحَ شَيْخُ شَيْخِنَا الْحَانُوتِيُّ أَنَّ التَّنَاصُرَ مُنْتَفٍ الْآنَ لِغَلَبَةِ الْحَسَدِ وَالْبُغْضِ وَتَمَنِّي كُلِّ وَاحِدٍ الْمَكْرُوهَ لِصَاحِبِهِ فَتَنَبَّهْ قُلْت وَحَيْثُ لَا تَنَاصُرَ وَلَا قَبِيلَةَ فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ. اهـ. (أَقُولُ) قَدْ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الْحَانُوتِيُّ بِذَلِكَ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ مِنْ فَتَاوَاهُ فَنَذْكُرُ عِبَارَتَهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لِتَوْضِيحِ الْمَقَامِ وَنَصُّهُ: الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَهِيَ أَهْلُ الدِّيوَانِ إنْ كَانَ الْقَاتِلُ مِنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ فَعَاقِلَتُهُ قَبِيلَتُهُ وَيَدْخُلُ فِيهَا مَنْ كَانَ عَصَبَةً، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْقَاتِلُ كَأَحَدِهِمْ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ عَنْ السِّغْنَاقِيِّ وَغَيْرِهِمَا: وَتُؤْخَذُ الدِّيَةُ مِنْ الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَقَدْ نَصَّ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ لَا يُزَادُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ جَمِيعِ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ عَلَى ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةٍ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ فِي كُلّ سَنَةٍ إلَّا دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ وَثُلُثٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. فَإِنْ لَمْ تَتَّسِعْ الْقَبِيلَةُ لِذَلِكَ ضُمَّ إلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ نَسَبًا كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ نَاقِلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ قَالَ الْمَشَايِخُ: هَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ فِي حَقِّ الْعَرَبِ؛ لِأَنَّهُمْ حَفِظُوا أَنْسَابَهُمْ فَأَمْكَنَ إيجَابُ الْعَقْلِ عَلَى أَقْرَبِ الْقَبَائِلِ مِنْ حَيْثُ النَّسَبُ أَمَّا أَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ فِي حَقِّ الْعَجَمِ؛ لِأَنَّهُمْ ضَيَّعُوا أَنْسَابَهُمْ وَلَا شَكَّ أَنَّ أَهْلَ الْأَمْصَارِ الْآنَ قَدْ صَارُوا كَالْعَجَمِ؛ لِأَنَّهُمْ ضَيَّعُوا أَنْسَابَهُمْ وَلَا يَتَنَاصَرُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَصَرَّحَ الْمَشَايِخُ أَنَّ التَّنَاصُرَ شَرْطٌ قَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ مَا نَصُّهُ: وَأَفْتَى أَبُو اللَّيْثِ وَأَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ وَظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ أَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لِلْعَجَمِ؛ لِأَنَّهُمْ ضَيَّعُوا أَنْسَابَهُمْ وَلَا يَتَنَاصَرُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَقَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَعَاقِلَةُ كُلِّ إنْسَانٍ مَنْ يَتَنَاصَرُ هُوَ بِهِ إنْ مِنْ الدِّيوَانِ فَعَاقِلَتُهُ أَهْلُ دِيوَانِهِ وَالصُّنَّاعُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إنْ كَانُوا يَتَنَاصَرُونَ بِالدِّيوَانِ وَالصِّنَاعَةِ. اهـ. وَحَيْثُ عُلِمَ أَنَّ التَّنَاصُرَ شَرْطٌ وَهُوَ لَا يُوجَدُ فِي هَذَا الزَّمَانِ لِغَلَبَةِ الْحَسَدِ وَبُغْضِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ وَتَمَنِّي كُلِّ وَاحِدٍ الْمَكْرُوهَ لِصَاحِبِهِ فَتَكُونُ الدِّيَةُ حِينَئِذٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ قَالَ ابْنُ فَرْشَتَةَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَمَنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَجِبُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَقَالَ صَاحِبُ الْبَزَّازِيَّةِ مَا نَصُّهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَشِيرَةٌ وَلَا دِيوَانٌ فَعَاقِلَتُهُ بَيْتُ الْمَالِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَا يُؤْخَذُ مِنْ غَيْرِهِ هَذَا مَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِمْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ. كَلَامُ الْعَلَّامَةِ الْحَانُوتِيِّ ثُمَّ إنَّ وُجُوبَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ إنَّمَا هُوَ حَيْثُ كَانَ مُنْتَظِمًا وَإِلَّا فَفِي مَالِ الْجَانِي قَالَ فِي الْمُجْتَبَى مَا نَصُّهُ: قُلْت وَفِي زَمَانِنَا بِخُوَارِزْمَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي مَالِ الْجَانِي إلَّا إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ أَوْ مَحَلَّةٍ يَتَنَاصَرُونَ؛ لِأَنَّ الْعَشَائِرَ فِيهَا قَدْ وَهَتْ وَرَحْمَةُ التَّنَاصُرِ مِنْ بَيْنِهِمْ قَدْ رُفِعَتْ وَبَيْتُ الْمَالِ قَدْ انْهَدَمَ نَعَمْ أَسَامِي أَهْلِهَا مَكْتُوبَةٌ فِي الدِّيوَانِ أُلُوفًا وَمِئَاتٍ لَكِنْ لَا يَتَنَاصَرُونَ بِهِ فَتَعَيَّنَ أَنْ تَجِبَ فِي مَالِهِ. اهـ. وَفِي النُّقَايَةِ وَشَرْحِهَا لِلْقُهُسْتَانِيِّ وَمَنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ أَيْ مِنْ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ يُعْطِي الدِّيَةَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا أَوْ مَضْبُوطًا وَإِلَّا أَيْ إلَّا يَكُنْ كَذَلِكَ فَعَلَى الْجَانِي. اهـ. وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الدِّيَةَ حَيْثُ وَجَبَتْ عَلَى الْعَاقِلَةِ تُؤْخَذُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَأَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَبَقِيَ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ وَوَجَبَتْ فِي مَالِهِ فَكَيْفَ تُؤْخَذُ؟ نَصَّ فِي الْمُجْتَبَى عَنْ النَّاطِفِيِّ أَنَّهُ يُؤَدِّي فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ

أَوْ أَرْبَعَةً وَقَالَ صَاحِبُ الْمُجْتَبَى قُلْت وَهَذَا أَحْسَنُ لَا بُدَّ مِنْ حِفْظِهِ فَقَدْ رَأَيْت فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ أَنَّهُ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ. اهـ. وَارْتَضَاهُ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ وَقَالَ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ. اهـ. لَكِنَّ هَذَا مُشْكِلٌ جِدًّا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ يُؤَدِّي فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةً إنْ كَانَ الْمُرَادُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ مُدَّةِ عُمْرِهِ فَمَتَى تَنْقَضِي الدِّيَةُ، وَإِذَا مَاتَ الْجَانِي فَمِمَّنْ يُؤْخَذُ الْبَاقِي وَكَيْفَ يُؤْخَذُ فَتَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إلَى مَا نَقَلَهُ عَنْ أَكْثَرِ الْمَوَاضِعِ مِنْ وُجُوبِهَا فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، فَإِنَّهُ لَا إشْكَالَ فِيهِ. وَقَدْ صَرَّحَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِأَنَّ الذِّمِّيَّ الَّذِي لَا عَاقِلَةَ لَهُ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ الْقَضَاءِ كَمَا فِي الْمُسْلِمِ. اهـ. لِأَنَّ الذِّمِّيَّ لَا حَقَّ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ ابْتِدَاءً، وَإِذَا فُقِدَ بَيْتُ الْمَالِ وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي مَالِهِ صَارَ كَالذِّمِّيِّ فَتَجِبُ عَلَيْهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ يَوْمِ الْقَضَاءِ لَا مِنْ يَوْمِ الْجِنَايَةِ فَاغْتَنِمْ هَذَا الْمَقَامَ، فَإِنَّهُ مِمَّا لَمْ أُسْبَقْ إلَى تَحْرِيرِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى تَيْسِيرِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ضَرَبَ رَجُلًا حُرًّا عَلَى إحْدَى عَيْنَيْهِ عَمْدًا فَذَهَبَ بِذَلِكَ ضَوْءُهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الدِّيَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَتَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ فِي كُلِّ عُضْوٍ ذَهَبَ نَفْعُهُ بِضَرْبِ ضَارِبٍ كَيَدٍ شُلَّتْ وَعَيْنٍ ذَهَبَ ضَوْءُهَا وَصُلْبٍ انْقَطَعَ مَاؤُهُ. اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمُزْدَوِجَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ. اهـ. (أَقُولُ) قَوْلُهُ وَتَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ أَيْ دِيَةُ ذَلِكَ الْعُضْوِ الَّذِي ذَهَبَ نَفْعُهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْعَيْنِ نِصْفُ دِيَةِ النَّفْسِ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَجِبُ الْقِصَاصُ لَا الدِّيَةُ حَيْثُ كَانَ الضَّرْبُ عَمْدًا وَكَانَ الذَّاهِبُ مُجَرَّدَ الضَّوْءِ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ فِي بَابِ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ: وَكَذَا عَيْنٌ ضُرِبَتْ فَزَالَ ضَوْءُهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ غَيْرُ مُنْخَسِفَةٍ فَيُجْعَلُ عَلَى وَجْهِهِ قُطْنٌ رَطْبٌ وَتُقَابَلُ عَيْنُهُ بِمِرْآةٍ مُحْمَاةٍ وَلَوْ قُلِعَتْ لَا قِصَاصَ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ. اهـ. . (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ ضَرَبَتْ بِنْتًا بِمِخْيَاطٍ عَمْدًا فَفَقَأَتْ عَيْنَهَا فَمَا يَلْزَمُهَا بَعْدَ الثُّبُوتِ الشَّرْعِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : يَلْزَمُهَا بَعْدَ الثُّبُوتِ الشَّرْعِيِّ رُبْعُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ فِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةَ وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفَ الدِّيَةِ وَدِيَةُ الْمَرْأَةِ فِي النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ حَالَهَا أَنْقَصُ مِنْ حَالِ الرَّجُلِ وَمَنْفَعَتُهَا أَقَلُّ وَقَدْ ظَهَرَ أَمْرُ النُّقْصَانِ بِالتَّنْصِيفِ فِي النَّفْسِ فَكَذَا فِي أَطْرَافِهَا وَأَجْزَائِهَا اعْتِبَارًا بِهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهَا رُبْعُ الدِّيَةِ وَهِيَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ دِينَارًا مِنْ الذَّهَبِ أَوْ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الْفِضَّةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ضَرَبَ رَجُلًا بِقَضِيبٍ عَمْدًا فَأَصَابَ خَدَّهُ فَأَسْقَطَ اثْنَتَيْنِ مِنْ أَسْنَانِهِ الْعُلْيَا فَمَا يَلْزَمُهُ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : إذَا طَلَبَ الرَّجُلُ الْمَضْرُوبُ مِنْ الضَّارِبِ الْقِصَاصَ حَيْثُ كَانَ عَمْدًا يُقْتَصُّ مِنْهُ بَعْدَ الثُّبُوتِ الشَّرْعِيِّ السِّنُّ بِالسِّنِّ، وَإِنْ أَرَادَ الدِّيَةَ فَفِي كُلِّ سِنٍّ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ الْفِضَّةِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الشِّجَاجِ مِنْ التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْجِنَايَاتِ أَيْضًا (أَقُولُ) ظَاهِرُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَأَخْذِ الدِّيَةِ مَعَ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي السُّؤَالِ أَنَّ الْجِنَايَةَ هُنَا عَمْدٌ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ مُوجِبَ الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْإِثْمُ وَالْقَوَدُ عَيْنًا فَلَا يَصِيرُ مَالًا إلَّا بِالتَّرَاضِي فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَخْذُ الدِّيَةِ إلَّا بِرِضَا الْقَاتِلِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ حَيْثُ أَثْبَتَ الْخِيَارَ لِلْوَلِيِّ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ سَوَاءٌ رَضِيَ الْقَاتِلُ أَوْ لَا، وَهَذَا وَإِنْ صَرَّحُوا بِهِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى مَا دُونَهَا كَمَا يَظْهَرُ مِنْ فُرُوعِهِمْ الْكَثِيرَةِ. مِنْهَا لَوْ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ رَجُلٍ وَهِيَ صَحِيحَةٌ وَيَدُ الْقَاطِعِ شَلَّاءُ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمَقْطُوعِ يَدُهُ إنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ، وَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ الْخِيَارُ لَهُ بِسَبَبِ الْعَيْبِ فَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ مُطْلَقًا لَمَا صَوَّرُوهُ

فِي الْمَعِيبِ. وَفِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ: وَعَلَى هَذَا فِي السِّنِّ وَسَائِرِ الْأَطْرَافِ الَّتِي تُقَادُ إذَا كَانَ طَرَفُ الضَّارِبِ وَالْقَاطِعِ مَعِيبًا يَتَخَيَّرُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَيْنَ أَخْذِ الْمَعِيبِ وَالْأَرْشِ كَامِلًا إلَخْ. اهـ. وَفِي أَوَّلِ الْجِنَايَاتِ مَا نَصُّهُ: وَهُوَ أَيْ شِبْهُ الْعَمْدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ الْأَطْرَافِ عَمْدٌ مُوجِبٌ لِلْقِصَاصِ فَقَوْلُهُ مُوجِبٌ لِلْقِصَاصِ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا خِيَارَ فِيهِ. وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ عِنْدَ الِاسْتِدْلَالِ لِمَذْهَبِنَا بِأَنَّ مُوجِبَ الْعَمْدِ الْقَوَدُ لَا الْخِيَارُ مَا نَصُّهُ: وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَمَّتَهُ الرُّبَيِّعَ لَطَمَتْ جَارِيَةً فَكَسَرَتْ ثَنِيَّتَهَا فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حِينَ اخْتَصَمُوا إلَيْهِ: كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ، وَلَوْ كَانَ الْمَالُ وَاجِبًا بِهِ لَخُيِّرَ إذْ مَنْ وَجَبَ لَهُ أَحَدُ الشَّيْئَيْنِ عَلَى الْخِيَارِ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِأَحَدِهِمَا مُعَيَّنًا، وَإِنَّمَا يُحْكَمُ بِأَنْ يَخْتَارَ أَيَّهُمَا شَاءَ. اهـ. وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ يَلْزَمُهُ فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ أَوْ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ هَذَا إذَا كَانَ خَطَأً، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَفِيهِ الْقِصَاصُ السِّنُّ بِالسِّنِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ. فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ وَبِمَا تَرَكْنَا ذِكْرَهُ خَوْفَ التَّطْوِيلِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ عِنْدَنَا فِي الْعَمْدِ وَلَوْ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ بَلْ مُوجِبُهُ الْقَوَدُ حَيْثُ أَمْكَنَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا جَرَحَ رَجُلٌ آخَرَ ثُمَّ عَفَا الْمَجْرُوحُ عَنْ الْجَارِحِ قَبْلَ مَوْتِهِ عَنْ الْجِرَاحَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ فَهَلْ يَكُونُ الْعَفْوُ جَائِزًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الدُّرَرِ عَنْ الْمَسْعُودِيَّةِ لَوْ عَفَا الْمَجْرُوحُ أَوْ الْأَوْلِيَاءُ بَعْدَ الْجُرْحِ قَبْلَ الْمَوْتِ جَازَ الْعَفْوُ اسْتِحْسَانًا عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ مِنْ فَصْلٍ فِي الْقَوَدِ، وَإِنْ سَرَى إلَى النَّفْسِ وَمَاتَ، فَإِنْ كَانَ الْعَفْوُ بِلَفْظِ الْجِنَايَةِ أَوْ بِلَفْظِ الْجِرَاحَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا صَحَّ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاتِلِ، وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْجِرَاحَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ الْعَفْوُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ الْقِصَاصُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ لِلشُّبْهَةِ وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ؛ لِأَنَّهُ عَمْدٌ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَصِحُّ الْعَفْوُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاتِلِ هَذَا إذَا كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا فَأَمَّا إذَا كَانَ خَطَأً، فَإِنْ بَرِئَ مِنْ ذَلِكَ صَحَّ الْعَفْوُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ الْجِنَايَةِ أَوْ الْجِرَاحَةِ وَذُكِرَ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا أَوْ لَمْ يُذْكَرْ، وَإِنْ سَرَى إلَى النَّفْسِ، فَإِنْ كَانَ الْعَفْوُ بِلَفْظِ الْجِنَايَةِ أَوْ الْجِرَاحَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا صَحَّ أَيْضًا ثُمَّ إنْ كَانَ الْعَفْوُ فِي حَالِ صِحَّةِ الْمَجْرُوحِ بِأَنْ كَانَ يَذْهَبُ وَيَجِيءُ وَلَمْ يَصِرْ ذَا فِرَاشٍ يُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي حَالِ الْمَرَضِ بِأَنْ صَارَ ذَا فِرَاشٍ يُعْتَبَرُ عَفْوُهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ تَبَرُّعٌ مِنْهُ وَتَبَرُّعُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ يُعْتَبَرُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ، فَإِنْ كَانَ قَدْرُ الدِّيَةِ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ يَسْقُطُ ذَلِكَ الْقَدْرُ عَنْ الْعَاقِلَةِ. وَإِنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ كُلُّهُ مِنْ الثُّلُثِ فَثُلُثُهُ يَسْقُطُ عَنْ الْعَاقِلَةِ وَثُلُثَاهُ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْجِرَاحَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يَحْدُثُ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ الْعَفْوُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ الْعَفْوُ وَهَذَا كَقَوْلِهِ عَفَوْت عَنْ الْجِنَايَةِ أَوْ عَنْ الْجِرَاحَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا سَوَاءٌ مِنْ جِنَايَاتِ الْبَدَائِعِ مُلَخَّصًا أَنْقِرْوِيٌّ (أَقُولُ) وَالْفَرْقُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ بَيْنَ قَوْلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَفَوْت عَنْ الْجِنَايَةِ وَقَوْلِهِ عَفَوْت عَنْ الْجِرَاحَةِ أَوْ عَنْ الْقَطْعِ أَنَّ لَفْظَ الْجِنَايَةِ يَشْمَلُ السَّارِيَ مِنْهَا وَغَيْرَهُ فَالْقَتْلُ يُسَمَّى جِنَايَةً بِخِلَافِ الْقَطْعِ وَالْجِرَاحَةِ، فَإِنَّهُ يَشْمَلُ السَّارِيَ مَا لَمْ يَزِدْ قَوْلَهُ: وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ، فَإِذَا قَالَ الْمَجْرُوحُ أَوْ الْمَقْطُوعُ عَفَوْت عَنْ الْجِنَايَةِ يَكُونُ عَفْوًا عَنْ الْجُرْحِ وَالْقَطْعِ وَعَنْ الْقَتْلِ إذَا سَرَتْ الْجِنَايَةُ إلَيْهِ، وَإِذَا قَالَ عَفَوْت عَنْ الْجِرَاحَةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا أَوْ عَنْ الْقَطْعِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ صَرِيحٌ فِي شُمُولِ السِّرَايَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَا يَشْمَلُهَا وَعِنْدَهُمَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِالْعَفْوِ عَنْ الْجِرَاحَةِ وَنَحْوِهَا الْعَفْوُ عَنْ مُوجِبِهَا فَيَشْمَلُ النَّفْسَ كَالْجِنَايَةِ وَالْمُتُونُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا بِغَيْرِ حَقٍّ بِآلَةٍ جَارِحَةٍ مِنْ حَدِيدٍ وَثَبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ ثُمَّ عَفَا عَنْهُ بَعْضُ

أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ الْوَارِثِينَ لَهُ فَهَلْ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ بِعَفْوِهِ وَلِمَنْ بَقِيَ مِنْ الْوَرَثَةِ حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَيَسْقُطُ بِصُلْحِ أَحَدِهِمْ وَعَفْوِهِ وَلِلْبَاقِي حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ دُرَرٌ مِنْ بَابِ مَا يُوجِبُ الْقَوَدَ ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَلَا حِصَّةَ لِلْعَافِي لِإِسْقَاطِ حَقِّهِ. اهـ. وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ وَالْمِنَحِ وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهَا وَالدِّيَةُ تُورَثُ اتِّفَاقًا أَشْبَاهٌ مِنْ الْفَرَائِضِ وَعَفْوُ الْأَوْلِيَاءِ قَبْلَ مَوْتِ الْمَجْرُوحِ يَصِحُّ كَمَا يَصِحُّ عَفْوُ الْمَجْرُوحِ لِوُجُودِ السَّبَبِ وَصِحَّةُ الْإِبْرَاءِ تَعْتَمِدُ وُجُودَ السَّبَبِ بَزَّازِيَّةٌ قُبَيْلَ الشِّجَاجِ: عَفَا الْوَلِيُّ عَنْ نِصْفِ الْقِصَاصِ سَقَطَ الْكُلُّ وَلَا يَنْقَلِبُ الْبَاقِي مَالًا حَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ فَصْلِ أَمْرِ الْغَيْرِ بِالْجِنَايَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا عَفَا وَلِيُّ الْمَقْتُولِ عَنْ الْقَاتِلِ عَمْدًا عَنْ الْقِصَاصِ فَهَلْ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ بِعَفْوِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ بِمَوْتِ الْقَاتِلِ وَبِعَفْوِ الْأَوْلِيَاءِ وَبِصُلْحِهِمْ عَنْ مَالٍ وَلَوْ قَلِيلًا وَيَجِبُ حَالًّا وَبِصُلْحِ أَحَدِهِمْ وَعَفْوِهِ وَلِمَنْ بَقِيَ حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ عَلَى الْقَاتِلِ تَنْوِيرُ الْأَبْصَارِ مِنْ بَابِ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَمِثْلُهُ فِي الْمُلْتَقَى (أَقُولُ) وَمَا وَقَعَ فِي الِاخْتِيَارِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ مِنْ أَنَّ الْبَاقِيَ مِنْ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، رَدَّهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَوْلٍ لِأَحَدٍ مُطْلَقًا، وَرَدَّهُ أَيْضًا فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى شَرْحِ الْمَجْمَعِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِسَائِرِ الْكُتُبِ مِنْ أَنَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ فِي مَالِهِ قَالَ وَهُوَ الثَّابِتُ دِرَايَةً وَرِوَايَةً وَتَمَامُهُ فِيمَا حَرَّرْنَاهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ وَكَتَبْت فِيهِ مَا نَصُّهُ: تَتِمَّةٌ: عَفَا الْوَلِيُّ عَنْ أَحَدِ الْقَاتِلَيْنِ أَوْ صَالَحَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ غَيْرُهُ كَمَا فِي جَوَاهِرِ الْفِقْهِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ فِي قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ أَنَّ لَهُ اقْتِصَاصَهُ قُهُسْتَانِيٌّ قُلْت وَبِالثَّانِي أَفْتَى الرَّمْلِيُّ كَمَا فِي أَوَّلِ الْجِنَايَاتِ مِنْ فَتَاوَاهُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ضَرَبَ آخَرَ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى عَمْدًا بِسَيْفٍ فَشُلَّتْ يَدُهُ وَذَهَبَ نَفْعُهَا ثُمَّ أَقَرَّ الْمَضْرُوبُ بِالْإِكْرَاهِ الْمُعْتَبَرِ شَرْعًا أَنَّهُ أَبْرَأَ الضَّارِبَ مِنْ دِيَةِ يَدِهِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ مَا ذُكِرَ بِوَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ يَكُونُ الْإِبْرَاءُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا ثَبَتَ إكْرَاهُهُ بِذَلِكَ لَهُ الرُّجُوعُ عَمَّا أَبْرَأَ مِنْهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ لَا يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ إبْرَاؤُهُ مَدْيُونَهُ أَوْ إبْرَاؤُهُ كَفِيلَهُ بِنَفْسٍ أَوْ مَالٍ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ الْإِكْرَاهِ وَمِثْلُهُ فِي الْمِنَحِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الدِّيَةَ مِنْ الدُّيُونِ الضَّعِيفَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ مِنْ بَابِ زَكَاةِ الْمَالِ وَيَجِبُ عَلَى الضَّارِبِ نِصْفُ الدِّيَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا عَمْدًا بِغَيْرِ حَقٍّ بِسَيْفٍ عَلَى مِفْصَلِ يَدِهِ الْيُسْرَى فَقَطَعَهَا مِنْ مِفْصَلِ الرُّسْغِ فَهَلْ يُقْتَصُّ مِنْ زَيْدٍ بِقَطْعِ يَدِهِ الْيُسْرَى مِنْ مِفْصَلِ الرُّسْغِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْمُلْتَقَى الْقَوَدُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ هُوَ فِيمَا يَكُونُ فِيهِ حِفْظُ الْمُمَاثَلَةِ إذَا كَانَ عَمْدًا فَيُقْتَصُّ بِقَطْعِ الْيَدِ مِنْ الْمِفْصَلِ، وَإِنْ كَانَتْ يَدُ الْقَاطِعِ أَكْبَرَ مِنْ الْمَقْطُوعِ. اهـ. . (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ دَخَلَ عَلَى امْرَأَةٍ قَرَوِيَّةٍ وَأَرَادَ ضَرْبَهَا وَخَوَّفَهَا بِالضَّرْبِ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا ذَكَرًا حُرًّا مُخَلَّقًا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهَلْ تَضْمَنُ عَاقِلَتُهُ نِصْفَ عُشْرِ دِيَةِ الرَّجُلِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) وَفِي الْخَيْرِيَّةِ وَقَدْ أَفْتَى وَالِدُ شَيْخِنَا أَمِينُ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ الْعَالِ إذَا صَاحَ عَلَى امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا لَا يَضْمَنُ، وَإِذَا خَوَّفَهَا بِالضَّرْبِ يَضْمَنُ (وَأَقُولُ) وَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ مَوْتَهَا بِالتَّخْوِيفِ وَهُوَ فِعْلٌ صَادِرٌ مِنْهُ نُسِبَ إلَيْهِ وَبِالصِّيَاحِ مَوْتُهَا بِالْخَوْفِ الصَّادِرِ مِنْهَا وَصَرَّحُوا أَيْضًا بِأَنَّهُ لَوْ صَاحَ عَلَى كَبِيرٍ فَمَاتَ لَا يَضْمَنُ وَأَنَّهُ لَوْ صَاحَ عَلَيْهِ فَجْأَةً فَمَاتَ مِنْهَا تَجِبُ الدِّيَةُ (وَأَقُولُ) لَا مُخَالَفَةَ؛ لِأَنَّهُ بِالْأَوَّلِ مَاتَ بِالْخَوْفِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ وَفِي الثَّانِي بِالصَّيْحَةِ فَجْأَةً الْمَنْسُوبَةِ إلَى الصَّائِحِ وَالْقَوْلُ لِلْفَاعِلِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ الْخَوْفِ وَعَلَى الْأَوْلِيَاءِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ التَّخْوِيفِ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ صَاحَ عَلَى امْرَأَةٍ فَجْأَةً فَأَلْقَتْ مِنْ صَيْحَتِهِ يَضْمَنُ وَلَوْ أَلْقَتْ امْرَأَةٌ غَيْرَهَا لَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ عَلَيْهَا فَتَأَمَّلْهُ، فَإِنَّهُ تَحْرِيرٌ جَيِّدٌ. اهـ. مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ مُلَخَّصًا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَخَلَ اللُّصُوصُ بَيْتَ زَيْدٍ فِي غَيْبَتِهِ وَسَرَقُوا أَمْتِعَتَهُ لَيْلًا فَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ عَمْرًا جَارُهُ مِنْهُمْ وَرُفِعَ أَمْرُهُ لِحَاكِمِ الْعُرْفِ فَأَحْضَرَ الْحَاكِمُ عَمْرًا وَسَأَلَهُ فَأَنْكَرَ

فَضَرَبَهُ فَأَقَرَّ وَذَكَرَ أَنَّ لَهُ شُرَكَاءَ عَيَّنَهُمْ لِلْحَاكِمِ فَحَبَسَهُ مُدَّةً حَتَّى مَاتَ فِي الْحَبْسِ عَنْ وَرَثَةٍ يَزْعُمُونَ أَنَّ زَيْدًا يَضْمَنُ دِيَتَهُ فَهَلْ لَا يَضْمَنُ زَيْدٌ دِيَتَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِ الْوَرَثَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ مِنْ الْغَصْبِ مِنْ بَابِ ضَمَانِ السَّاعِي وَالنَّمَّامِ بخ: شَكَا عِنْدَ الْوَالِي بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَتَى بِقَائِدٍ فَضَرَبَ الْمَشْكُوَّ عَنْهُ فَكَسَرَ سِنَّهُ أَوْ يَدَهُ يَضْمَنُ الشَّاكِي أَرْشَهُ كَالْمَالِ وَقِيلَ إنْ حُبِسَ بِسِعَايَةٍ فَهَرَبَ وَتَسَوَّرَ جِدَارَ السِّجْنِ فَأَصَابَ بَدَنَهُ تَلَفٌ يَضْمَنُ السَّاعِي فَكَيْفَ هُنَا؟ فَقِيلَ: أَتُفْتِي بِالضَّمَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْهَرَبِ؟ فَقَالَ: لَا وَلَوْ مَاتَ الْمَشْكُوُّ عَلَيْهِ بِضَرْبِ الْقَائِدِ لَا يَضْمَنُ الشَّاكِي؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ فِيهِ نَادِرٌ فَسِعَايَتُهُ لَا تُفْضِي إلَيْهِ غَالِبًا. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ الْبَابِ الْمَرْقُومِ وَمِثْلُهُ بِالْحَرْفِ فِي الْفُصُولَيْنِ فِي ضَمَانِ السَّاعِي وَنَقَلَهُ فِي غَصْبِ الْمِنَحِ عَنْ الْقُنْيَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْعَلَائِيِّ، وَإِذَا اجْتَمَعَ الْمُبَاشِرُ وَالْمُتَسَبِّبُ أُضِيفَ الْحُكْمُ إلَى الْمُبَاشِرِ كَمَا فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةَ عَشَرَ مِنْ الْأَشْبَاهِ (أَقُولُ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا شَكَاهُ بِغَيْرِ حَقٍّ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ الْوَالِي أَوْ أَعْوَانُهُ مِنْ عُضْوٍ أَوْ مِنْ مَالٍ دُونَ النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الشِّكَايَةَ لَا تُفْضِي إلَى الْمَوْتِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْعُضْوِ أَوْ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ إفْضَاؤُهَا إلَيْهِ فَلِذَا ضَمِنَهُ السَّاعِي وَهَذَا خَارِجٌ عَنْ قَاعِدَةِ الْأَشْبَاهِ الْمَذْكُورَةِ أَفْتَى بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ زَجْرًا عَنْ السِّعَايَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَخَذَ رَجُلٌ سِكِّينَ عَمْرٍو بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَجَرَحَ بِهَا آخَرَ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى عَمْرٍو؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ دَفَعَ سِكِّينًا إلَى صَبِيٍّ فَضَرَبَ الصَّبِيُّ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الدَّافِعِ لَا يَضْمَنُ الدَّافِعُ شَيْئًا خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ الْقَتْلِ الَّذِي يُوجِبُ الدِّيَةَ وَمَنْ دَفَعَ سِكِّينًا إلَى رَجُلٍ فَقَتَلَ بِهِ نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الدَّافِعِ شَيْءٌ تَتَارْخَانِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي فِي الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا جَرَحَ زَيْدٌ عَمْرًا بِبُنْدُقَةٍ عَمْدًا فِي فَخِذِهِ جُرْحًا لَا تُمْكِنُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ وَصَارَ صَاحِبَ فِرَاشٍ فَمَا يَلْزَمُ زَيْدًا بَعْدَ بُرْئِهِ؟ (الْجَوَابُ) : يَلْزَمُهُ حُكُومَةُ عَدْلٍ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ وَهِيَ هُنَا أَنْ يُقَوِّمَ عَبْدًا بِلَا هَذَا الْأَثَرِ ثُمَّ مَعَهُ فَقَدْرُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ الدِّيَةِ وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَقِيلَ تَفْسِيرُ الْحُكُومَةِ هُوَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ وَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَالْأَدْوِيَةِ إلَى أَنْ يَبْرَأَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (أَقُولُ) اعْلَمْ أَنَّ الْجِنَايَةَ بِالْجُرْحِ إنْ كَانَتْ فِي الْوَجْهِ أَوْ الرَّأْسِ تُسَمَّى شَجَّةً، وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِهِمَا تُسَمَّى جِرَاحَةً وَالشِّجَاجُ عَشْرَةٌ بَعْضُهَا لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ بِالنَّصِّ وَبَعْضُهَا فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَلَا شَيْءَ مِنْ الْجِرَاحِ لَهُ أَرْشٌ مَعْلُومٌ إلَّا الْجَائِفَةُ وَهِيَ جِرَاحَةٌ تَصِلُ إلَى جَوْفِ الرَّأْسِ أَوْ الْبَطْنِ وَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَعَدُّوهَا مَعَ الشِّجَاجِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ فِي الرَّأْسِ وَهَذِهِ الشِّجَاجُ لَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الْأَرْشِ فِيهَا بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ إلَّا الْمُوضِحَةُ وَهِيَ الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ أَيْ تُظْهِرُهُ، فَإِنَّهَا إنْ كَانَتْ خَطَأً فَفِيهَا الْأَرْشُ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَتْ عَمْدًا فَفِيهَا الْقِصَاصُ وَلَا قِصَاصَ فِي غَيْرِهَا عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ فِي التَّنْوِيرِ لَكِنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ وُجُوبُ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَهَا وَهُوَ سِتَّةٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ شَارِحُهُ ثُمَّ إنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ حُكُومَةِ الْعَدْلِ الْوَاجِبَةِ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ عَلَى شَيْءٍ مُقَدَّرٍ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ: تَفْسِيرُهَا أَنْ يَقُومَ مَمْلُوكًا بِدُونِ هَذَا الْأَثَرِ ثُمَّ يَقُومُ وَبِهِ هَذَا الْأَثَرُ ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى تَفَاوُتِ مَا بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ ثُلُثَ عُشْرِ الْقِيمَةِ مَثَلًا يَجِبُ ثُلُثُ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ رُبْعَ عُشْرِ الْقِيمَةِ يَجِبُ رُبْعُ عُشْرِ الدِّيَةِ. وَقَالَ الْكَرْخِيُّ هُوَ أَنْ يَنْظُرَ كَمْ مِقْدَارُ هَذِهِ الشَّجَّةِ مِنْ الْمُوضِحَةِ فَيَجِبُ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ وَالْمُفْتَى بِهِ هُوَ الْأَوَّلُ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَالنُّقَايَةِ وَغَيْرِهِمَا وَنَقَلَهُ الْعَلَائِيُّ عَنْ عِدَّةِ كُتُبٍ وَفِي الْمِعْرَاجِ أَنَّهُ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ إنَّهُ قَوْلُ كُلِّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ الْعِلْمُ لَكِنْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ عَنْ الْخُلَاصَةِ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ لَوْ الْجَنَابَةُ فِي وَجْهٍ وَرَأْسٍ أَيْ لِأَنَّهُمَا مَوْضِعُ الْمُوضِحَةِ فَحِينَئِذٍ يُفْتَى بِهِ وَلَوْ فِي غَيْرِهِمَا أَوْ تَعَسَّرَ عَلَى الْمُفْتِي يُفْتِي بِقَوْلِ الطَّحَاوِيِّ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ. اهـ. وَنَحْوُهُ فِي الْجَوْهَرَةِ إلَخْ وَكَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ

وَقَالَ وَكَانَ الْمَرْغِينَانِيُّ يُفْتِي بِهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بِالْوَجْهِ أَوْ بِالرَّأْسِ أَوْ غَيْرِهِمَا وَهُوَ قَيْدٌ لِقَوْلِهِ أَوْ تَعَسَّرَ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا بَقِيَ لِلْجِرَاحَةِ أَثَرٌ وَإِلَّا فَعِنْدَهُمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَلْزَمُهُ قَدْرُ مَا أَنْفَقَ إلَى أَنْ يَبْرَأَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ حُكُومَةُ الْعَدْلِ فِي الْأَلَمِ وَتَمَامُهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَذَكَرَ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ أَنَّهُ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَسَّرَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَرْشَ الْأَلَمِ بِأُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَالْمُدَاوَاةِ قَالَ فَعَلَيْهِ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا وَفِي تَصْحِيحِ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ اعْتَمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ وَالنَّسَفِيُّ وَغَيْرُهُمَا لَكِنْ قَالَ فِي الْعُيُونِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ قِيَاسًا وَقَالَا: يُسْتَحْسَنُ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ مِثْلُ أُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَهَكَذَا جِرَاحَةٌ بَرِئَتْ. اهـ. وَقَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيُّ وَيَظْهَرُ لِي رُجْحَانُ الِاسْتِحْسَانِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَحَةِ. اهـ. وَقَالَ أَيْضًا فِي مَجْمُوعَتِهِ الَّتِي بِخَطِّهِ إذَا ضَرَبَ يَدَ غَيْرِهِ فَكَسَرَهَا وَعَجَزَ عَنْ الْكَسْبِ فَعَلَى الضَّارِبِ الْمُدَاوَاةُ وَالنَّفَقَةُ إلَى أَنْ يَبْرَأَ، وَإِذَا بَرَأَ وَتَعَطَّلَتْ يَدُهُ وَشُلَّتْ وَجَبَ دِيَتُهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحْسَبُ الْمَصْرُوفُ مِنْ الدِّيَةِ. اهـ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ جَرَحَ زَيْدًا بِسِكِّينٍ فِي ظَهْرِهِ وَعَجَزَ الْمَجْرُوحُ عَنْ الْكَسْبِ فَقَامَ يُكَلِّفُ أُخْتَ الْجَارِحِ وَزَوْجَهَا بِالْإِنْفَاقِ وَالْمُدَاوَاةِ فَهَلْ تَكُونُ النَّفَقَةُ وَالْمُدَاوَاةُ عَلَى الْجَارِحِ دُونَهُمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ رَجُلٌ جَرَحَ رَجُلًا فَعَجَزَ الْمَجْرُوحُ عَنْ الْكَسْبِ تَجِبُ عَلَى الْجَارِحِ النَّفَقَةُ وَالْمُدَاوَاةُ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ فِي بَابِ الْقَوَدِ نَقْلًا عَنْهُ. (أَقُولُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّفَقَةِ غَيْرُ الْمُدَاوَاةِ وَهِيَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْمَجْرُوحِ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَكِسْوَةٍ إلَى أَنْ يَبْرَأَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ الْمَجْرُوحُ فَقِيرًا يُنْفِقُ مِنْ كَسْبِهِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فَعَجَزَ عَنْ الْكَسْبِ فَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَمْ يَلْزَمْ الْجَارِحَ سِوَى الْمُدَاوَاةِ وَهَلْ الْمُرَادُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ فَقَطْ إذَا كَانَ فَقِيرًا أَوْ عَلَيْهِ وَعَلَى عِيَالِهِ؟ لَمْ أَرَهُ فَلْيُرَاجَعْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ضَرَبَ رَجُلًا مُسْلِمًا بِعَصًا صَغِيرَةٍ عَلَى ظَهْرِهِ وَلَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ مِنْ تِلْكَ الضَّرْبَةِ حَتَّى مَاتَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ شِبْهَ الْعَمْدِ وَفِيهِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرَرِ مِنْ الْجِنَايَاتِ، وَأَمَّا شِبْهُ الْعَمْدِ وَهُوَ قَتْلُهُ قَصْدًا بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ فِي الْعَمْدِ كَالْعَصَا وَالسَّوْطِ وَالْحَجَرِ الصَّغِيرِ، وَأَمَّا الضَّرْبُ بِالْحَجَرِ وَالْخَشَبِ الْكَبِيرَيْنِ فَمِنْ شِبْهِ الْعَمْدِ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِغَيْرِهِ إلَخْ ثُمَّ قَالَ وَحُكْمُهُ الْإِثْمُ وَالْكَفَّارَةُ وَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِلَا قَوَدٍ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ (أَقُولُ) قَدَّمْنَا بَيَانَ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ وَالْعَاقِلَةِ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا عَمَدَ رَجُلٌ وَضَرَبَ رَجُلًا آخَرَ بِغَيْرِ حَقٍّ بِسِكِّينٍ عَلَى بَطْنِهِ وَجَرَحَهُ وَلَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ مِنْ ذَلِكَ عَنْ أَبٍ يُرِيدُ الْأَبُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ بَعْدَ الثُّبُوتِ الشَّرْعِيِّ عَلَيْهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ ضَرَبَهُ بِشَيْءٍ جَارِحٍ فَلَمْ يَزَلْ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ يُقْتَصُّ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ مُعَايَنَةً وَلَا يَحْتَاجُ الشَّاهِدُ أَنْ يَقُولَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ جِرَاحَتِهِ بَزَّازِيَّةٌ كَذَا فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارُ حَالَتِهِ شَهِدَا أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالسَّيْفِ، فَإِنْ قَالَا عَمْدًا أَوْ سَكَتَا تُقْبَلُ وَيُقْضَى بِالْقِصَاصِ، وَإِنْ قَالَا خَطَأً يُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ قَالَا لَا نَدْرِي قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً تُقْبَلُ وَيُقْضَى بِالدِّيَةِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ مُحِيطُ الْبُرْهَانِيِّ مِنْ الْجِنَايَاتِ رَجُلٌ قَالَ قَتَلْت فُلَانًا وَلَمْ يُسَمِّ عَمْدًا وَلَا خَطَأً قَالَ أَسْتَحْسِنُ أَنْ أَجْعَلَ دِيَتَهُ فِي مَالِهِ تَتَارْخَانِيَّةٌ رَجُلٌ قَالَ أَنَا ضَرَبْت فُلَانًا بِالسَّيْفِ فَقَتَلْته قَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ خَطَأٌ حَتَّى يَقُولَ عَمْدًا فَتَاوَى مُؤَيَّدُ زَادَهْ عَنْ الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْقَتْلِ بِسَبَبٍ. (أَقُولُ) ، وَإِنَّمَا اُقْتُصَّ مِنْهُ، وَإِنْ سَكَتَ الشُّهُودُ عَنْ ذِكْرِ الْعَمْدِ لِمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ شَرْحِ الْكَافِي فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْعَمْدَ هُوَ الْقَصْدُ بِالْقَلْبِ وَهُوَ أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ. وَلَكِنْ يُعْرَفُ بِدَلِيلِهِ وَهُوَ

الضَّرْبُ بِآلَةٍ قَاتِلَةٍ عَادَةً قَالَ وَلَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا وَأَنَّهُ مَاتَ بِهِ فَهُوَ أَحْوَطُ. اهـ. لَكِنْ يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ حَيْثُ حُمِلَ الْإِقْرَارُ بِالْقَتْلِ عَلَى الْخَطَأِ مَا لَمْ يُذْكَرْ الْعَمْدُ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِجِنَايَتِهِ وَظُلْمِهِ ظَهَرَ لَنَا صِدْقُهُ وَحُسْنُ حَالِهِ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الْأَدْنَى وَلَا يُؤْخَذُ بِالْقَرِينَةِ وَهِيَ الضَّرْبُ بِالْآلَةِ الْقَاتِلَةِ عَادَةً إذْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ عَمْدًا لَذَكَرَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَنْكَرَ الْقَتْلَ أَصْلًا وَظَهَرَ كَذِبُهُ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ الْمُنَزَّلَةِ مَنْزِلَةَ الْمُعَايَنَةِ، فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْعَمْدِ لِوُجُودِ دَلِيلِهِ وَهُوَ الضَّرْبُ بِالْآلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلِهَذَا قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ بَعْدَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْقَتْلِ بِالْآلَةِ الْجَارِحَةِ بِالْبَيِّنَةِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْقَاتِلِ: لَمْ أَقْصِدْهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ وَقَالَ أَرَدْت غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ مِنْ جِهَتِهِ مُطْلَقًا عَنْ قَيْدِ الْعَمْدِيَّةِ وَالْخَطَئِيَّةِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَقَرَّ بِهِ وَيُحْمَلُ عَلَى الْأَدْنَى قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ. وَفِي الْمُجَرَّدِ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا بِحَدِيدَةٍ أَوْ سَيْفٍ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت غَيْرَهُ فَقَتَلْته لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ وَيُقْتَلُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا قَالَ ضَرَبْت فُلَانًا بِالسَّيْفِ فَقَتَلْته قَالَ هَذَا خَطَأٌ حَتَّى يَقُولَ عَمْدًا. اهـ. مُلَخَّصًا لَكِنَّ التَّفْرِقَةَ الْمَذْكُورَةَ إنَّمَا تَظْهَرُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْمُجَرَّدِ فَلَا وَلَعَلَّ رِوَايَةَ الْمُجَرَّدِ قِيَاسٌ وَالْأَوْلَى اسْتِحْسَانٌ كَمَا يُفِيدُهُ مَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّةِ تَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي قَاصِرَةٍ أَجِيرَةٍ عِنْدَ امْرَأَةٍ نَامَتْ الْقَاصِرَةُ لَيْلًا فِي بَيْتِ الْمَرْأَةِ فَاحْتَرَقَ بَعْضُ ثِيَابِهَا الَّتِي عَلَيْهَا وَشَيْءٌ مِنْ فَخِذِهَا بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدَرِهِ بِدُونِ صُنْعٍ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ مَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ أَيَّامٍ فَهَلْ يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ دِيَةٌ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ لَا يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ دِيَةٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَفْتَى بِمِثْلِ ذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْجِنَايَاتِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بِيَدِهِ بُنْدُقَةٌ مُجَرَّبَةٌ يُرِيدُ إصْلَاحَهَا فَأَوْرَتْ بِحَرَكَتِهِ نَارًا فَخَرَجَتْ وَأَصَابَتْ بِمَا كَانَ فِيهَا رَجُلًا آخَرَ فَقَتَلَتْهُ فَادَّعَى وَلِيُّ الْقَتِيلِ عَلَى الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ قَتَلَهُ عَمْدًا وَأَقَرَّ الْقَاتِلُ أَنَّهُ قَتَلَهُ خَطَأً وَلَمْ يُثْبِتْ الْوَلِيُّ الْعَمْدَ فَهَلْ تَكُونُ دِيَةُ الْمَقْتُولِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ لِمَا قَالَ قَاضِي خَانْ إذَا أَقَرَّ الْقَاتِلُ أَنَّهُ قَتَلَهُ خَطَأً وَادَّعَى وَلِيُّ الْقَتِيلِ الْعَمْدَ فَالدِّيَةُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ كَذَا فِي فَصْلِ الْقَتْلِ الْمُوجِبِ لِلدِّيَةِ وَكَذَا فِي فَصْلِ الْمَعَاقِلِ مِنْ جِنَايَاتِ الْخَانِيَّةِ وَكَذَا فِي الضَّمَانَاتِ فِي بَيَانِ مَنْ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَالدِّيَةُ نَقْلًا عَنْ مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنْقِرْوِيٌّ مِنْ الْجِنَايَاتِ اُتُّهِمَ بِقَتْلٍ فَقِيلَ لِمَ قَتَلْت فُلَانًا فَقَالَ كَذَا كَانَ مَكْتُوبًا فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَوْ قَالَ قَتَلْت عَدُوِّي فَهَذَانِ اللَّفْظَانِ مِنْهُ إقْرَارٌ بِالْقَتْلِ فَتَلْزَمُهُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ إنْ لَمْ يُقِرَّ بِالْعَمْدِ مُنْيَةُ الْمُفْتِي مِنْ الْإِقْرَارِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَتَبْت عَلَى صُورَةِ دَعْوَى وَرَدَتْ فِي جُمَادَى الثَّانِيَةِ سَنَةَ 1146 مَا صُورَتُهُ شَرْطُ صِحَّةِ الدَّعْوَى الْعِلْمُ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَدْ ذُكِرَ فِي صُورَةِ الدَّعْوَى أَنَّ الْبُنْدُقَةَ الَّتِي بِهَا الرَّصَاصَةُ قَتَلَتْهُ وَلَمْ يُعَيِّنُوا الْقَاتِلَ، وَإِنْ ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا تُسْمَعُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الدَّعْوَى الْعِلْمُ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ. فَيُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الضَّارِبِ وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِوَجْهِهَا الشَّرْعِيِّ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُمْ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ حَيْثُ قَالَ فِي فَتَاوِيهِ فِي بَابِ الْقَسَامَةِ سُئِلَ فِي جَمَاعَةٍ بَوَارِدِيَّةٍ وَغَيْرِ بَوَارِدِيَّةٍ أَحْدَقُوا بِطَيْرٍ خَرَجَ مِنْ الْبَحْرِ فَخَرَجَتْ بُنْدُقَةٌ مِنْ بُنْدُقِ أَحَدِهِمْ قَتَلَتْ رَجُلًا مِنْهُمْ وَلَا يُعْلَمُ مَنْ هُوَ وَوَلِيُّ الْقَتِيلِ يَقُولُ حَقِّي عِنْدَ هَؤُلَاءِ يَعْنِي الْبَوَارِدِيَّةَ يُعَيِّنُونَهُ عِنْدَ أَحَدِهِمْ وَإِلَّا كُلُّهُمْ غُرَمَائِي فَهَلْ إذَا أَقَامُوا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَيِّنَةً أَنَّهُ هُوَ الَّذِي خَرَجَتْ بُنْدُقَتُهُ فَقَتَلَتْهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُمْ وَيَثْبُتُ الْقَتْلُ عَلَيْهِ وَتَنْتَفِي دَعْوَى الْقَتْلِ عَنْهُمْ أَمْ لَا؟ الْجَوَابُ؟ لَا يَثْبُتُ الْقَتْلُ عَلَيْهِ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُمْ عَلَيْهِ وَلَا تَنْتَفِي الدَّعْوَى عَنْهُمْ إذْ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ إلَّا مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ وَالْبَيِّنَةُ لَا تُقْبَلُ إلَّا لِإِثْبَاتِهِ أَوْ دَفْعِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِمْ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى حَقٌّ

لِيَدْفَعُوهُ بِهَا وَبَابُ الدَّعْوَى مَفْتُوحٌ، فَإِنْ عَيَّنَ الْمُدَّعِي وَاحِدًا لِلدَّعْوَى عَلَيْهِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَقُبِلَتْ، وَإِنْ ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا تُسْمَعُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الدَّعْوَى الْعِلْمُ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنْ ادَّعَى عَلَى الْجَمِيعِ أَنَّهُمْ اشْتَرَكُوا فِي قَتْلِهِ بِبَوَارِدِهِمْ أَوْ غَيْرِهَا صَحَّتْ الدَّعْوَى وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ طِبْقَ مَا يَدَّعِي حَتَّى يَثْبُتَ مُدَّعَاهُ وَقَدْ عُلِمَ تَفْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (أَقُولُ) وَرَأَيْت فَرْعًا فِي الْبَابِ السَّادِسِ مِنْ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ حَاصِلُهُ: أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ سَهْمٌ مِنْ بَيْنِ جَمَاعَةٍ فَأَصَابَ رَجُلًا وَشَهِدَ شَاهِدَانِ بِأَنَّ هَذَا سَهْمُ فُلَانٍ لَمْ تُقْبَلْ حَتَّى يَشْهَدُوا بِأَنَّ فُلَانًا هُوَ الَّذِي ضَرَبَ السَّهْمَ. اهـ. (سُئِلَ) فِي صَغِيرٍ لَا يَعْقِلُ التَّصَرُّفَاتِ اسْتَعْمَلَهُ رَجُلٌ فِي تَعْمِيرِ سَقْفِهِ وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ كُلُّ ذَلِكَ بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَسَقَطَ السَّقْفُ عَلَى الصَّغِيرِ فِي حَالَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَقَتَلَهُ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ تَجِبُ دِيَةُ الصَّغِيرِ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَمَرَ الصَّبِيَّ الْمَحْجُورَ الَّذِي لَا يَعْقِلُ التَّصَرُّفَاتِ وَنَحْوَهُ بِأَخْذِ الْفَرَسِ السَّائِرِ أَوْ الْكَلْبِ الْعَقُورِ أَوْ الْجَمَلِ الْهَائِجِ أَوْ قَالَ لَهُ: اصْعَدْ السَّطْحَ فَاكْنُسْ الثَّلْجَ أَوْ أَمَرَهُ بِتَطْيِينِ سَطْحِهِ وَنَحْوِهِ أَوْ أَمَرَهُ بِدُخُولِ الْبِئْرِ لِطَلَبِ الدَّلْوِ وَنَحْوِهِ فَتَلِفَ الصَّبِيُّ بِعَقْرِ الْكَلْبِ أَوْ بِضَرْبِ الْفَرَسِ بِرِجْلِهِ أَوْ بِذَنَبِهِ أَوْ وَقَعَ مِنْ السَّطْحِ أَوْ زَلَقَ فَمَاتَ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ فِي كُلِّهِ جَمِيعًا وَبِهِ يُفْتَى كَذَا لَوْ كَانَ هَذَا كُلُّهُ فِي الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ كَذَا فِي بَابِ حُكْمِ الْجَنِينِ مِنْ جِنَايَاتِ الْمُنْيَةِ فَتَاوَى أَنْقِرْوِيٌّ مِنْ السَّابِعِ فِي جِنَايَاتِ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَعَلَيْهِمْ وَتَمَامُ فَوَائِدِهِ فِيهَا وَفِي جِنَايَةِ كِتَابِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي ذِمِّيٍّ قَتَلَ شَقِيقَتَهُ الْمُسْلِمَةَ عَمْدًا بِآلَةٍ جَارِحَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ بَعْدَ ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ الْإِسْلَامُ غَيْرَ مَانِعٍ مِنْ إيجَابِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ دُونَ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ كَالْقِصَاصِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الذِّمِّيِّ فَلِوَلِيِّهَا طَلَبُ ذَلِكَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ وَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ مَجَّانًا كَذَا فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْأَشْبَاهِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلَيْنِ ضَرَبَا زَيْدًا بِيَدِهِمَا وَبِعَصًا عَمْدًا ضَرْبًا مُبَرِّحًا مُوجِعًا عَلَى سَائِرِ بَدَنِهِ وَرَبَطَاهُ وَأَرَادَا ذَبْحَهُ وَخَوَّفَاهُ بِالْقَتْلِ فَذَهَبَ عَقْلُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ ذَهَابُ عَقْلِهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ عَلَيْهِمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي غَالِبِ مُتُونِ الْمَذْهَبِ أَنَّ فِي الْعَقْلِ الدِّيَةَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اجْتَمَعَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو وَبَكْرٌ مَعَ جَمَاعَةٍ عِنْدَ بِئْرِ مَاءٍ وَنَزَحَ كُلٌّ مِنْهُمْ مِنْ مَائِهَا الْمُنْتِنِ ثُمَّ وَقَعَ الدَّلْوُ فِي الْبِئْرِ فَنَزَلَ زَيْدٌ لِإِخْرَاجِهِ مِنْهَا بَعْدَمَا أَمَرَ عَمْرًا وَبَكْرًا بِرَبْطِهِ بِحَبْلٍ، وَإِنْزَالِهِ فِيهَا فَأَنْزَلَاهُ بِحَبْلٍ مَسَكَاهُ بِهِ فَلَمَّا وَصَلَ حَصَلَ لَهُ غَشْيٌ فَنَزَلَ عَمْرٌو لِيُخْرِجَهُ فَحَصَلَ لَهُ كَمَا حَصَلَ لِزَيْدٍ فَنَزَلَ بَكْرٌ وَأَخْرَجَهُمَا لِخَارِجِ الْبِئْرِ فَمَاتَ زَيْدٌ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ بِدُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ وَلَا صُنْعٍ مِنْ عَمْرٍو وَبَكْرٍ فَقَامَ وَرَثَةُ زَيْدٍ يُطَالِبُونَ عَمْرًا وَبَكْرًا بِدِيَتِهِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا تَلْزَمُهُمَا دِيَتُهُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ لَا تَلْزَمُهُمَا دِيَتُهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو مَاشِيَيْنِ فِي طَرِيقٍ وَمَعَ زَيْدٍ بُنْدُقَةٌ مُجَرَّبَةٌ حَامِلٌ لَهَا فَوَقَعَ مِشْخَاصُهَا عَلَى خِزَانَتِهَا لَا بِحَرَكَتِهِ وَفِعْلِهِ وَخَرَجَتْ رَصَاصَتُهَا فَأَصَابَتْ عَمْرًا فَجَرَحَتْهُ ثُمَّ بَرِئَ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ وَبَعْدَ أَيَّامٍ تَمَرَّضَ مُدَّةً بِدَاءٍ أَصَابَهُ وَمَاتَ مِنْهُ عَنْ وَرَثَةٍ يَزْعُمُونَ أَنَّ زَيْدًا يَلْزَمُهُ دِيَةٌ أَوْ قِصَاصٌ فِي ذَلِكَ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي طَبِيبٍ ذِمِّيٍّ غَيْرِ جَاهِلٍ طَلَبَتْ مِنْهُ امْرَأَةٌ مَرِيضَةٌ دَوَاءً لَهَا فَأَعْطَاهَا دَوَاءً شَرِبَتْهُ بِنَفْسِهَا فِي بَيْتِهَا فَزَعَمَ ابْنُهَا أَنَّهُ ازْدَادَ مَرَضُهَا بِالدَّوَاءِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّ الطَّبِيبَ يَلْزَمُهُ دِيَتُهَا إذَا مَاتَتْ مِنْ الْمَرَضِ الْمَرْقُومِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْجِنَايَاتِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ جَمَاعَةٌ يَضْرِبُونَ الْمُسْلِمِينَ وَيُؤْذُونَهُمْ بِالْيَدِ وَاللِّسَانِ وَالسَّعْيِ

فصل في جناية البهائم والجناية عليها

بِهِمْ إلَى الْحُكَّامِ وَتَوَعَّدُوا رَجُلَيْنِ بِالْقَتْلِ ثُمَّ دَخَلُوا عَلَيْهِمَا وَضَرَبُوهُمَا بِالسُّيُوفِ وَجَرَحَهُمَا كُلٌّ مِنْهُمْ جُرْحًا مُهْلِكًا مَاتَا بِهِ وَنَهَبُوا أَمْوَالَهُمَا ظُلْمًا وَعُدْوَانًا فَمَا يَلْزَمُهُمْ؟ (الْجَوَابُ) : يَلْزَمُهُمْ الْقِصَاصُ بَعْدَ الثُّبُوتِ عَلَيْهِمْ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَرَدُّ مَا أَخَذُوهُ إنْ كَانَ قَائِمًا أَوْ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ قِيَمِيًّا هَالِكًا بَعْدَ الثُّبُوتِ الشَّرْعِيِّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (أَقُولُ) فِي الْجَوْهَرَةِ إذَا جَرَحَهُ جِرَاحَةً لَا يَعِيشُ مَعَهَا وَجَرَحَهُ آخَرُ أُخْرَى فَالْقَاتِلُ هُوَ الْأَوَّلُ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْجِرَاحَتَانِ عَلَى التَّعَاقُبِ فَلَوْ مَعًا فَهُمَا قَاتِلَانِ. اهـ. زَادَ فِي الْخُلَاصَةِ وَكَذَا لَوْ جَرَحَهُ رَجُلٌ عَشْرَ جِرَاحَاتٍ وَالْآخَرُ وَاحِدَةً فَكِلَاهُمَا قَاتِلَانِ لِأَنَّ الْمَرْءَ قَدْ يَمُوتُ بِوَاحِدَةٍ وَيَسْلَمُ مِنْ الْكَثِيرِ وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَلَوْ قَتَلَا رَجُلًا أَحَدُهُمَا بِعَصًا وَالْآخَرُ بِحَدِيدٍ عَمْدًا لَا قِصَاصَ وَعَلَيْهِمَا الدِّيَةُ مُنَاصَفَةً وَفِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ مُحَمَّدٍ أَبِي السُّعُودِ الْأَزْهَرِيِّ عَلَى شَرْحِ مُنْلَا مِسْكِينٍ وَلَوْ جُرِحَ جِرَاحَاتٍ مُتَعَاقِبَةً وَمَاتَ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُثْخِنَ مِنْهَا وَغَيْرَ الْمُثْخِنِ يَقْتَصُّ مِنْ الْجَمِيعِ لِتَعَذُّرِ الْوُقُوفِ عَلَى الْمُثْخِنِ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ مُفْتِي الرُّومِ وَأَمَّا إذَا وَقَفَ عَلَى الْمُثْخِنِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَكُونُ إلَّا قُبَيْلَ مَوْتِهِ فَالْقِصَاصُ عَلَى الَّذِي جَرَحَ جُرْحًا مُهْلِكًا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ. اهـ. كَذَا فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ فَاحْفَظْ هَذِهِ الْفَوَائِدَ الْفَرَائِدَ. (سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ فِي بَلْدَةِ كَذَا دَأْبُهُمْ وَاجْتِمَاعُهُمْ عَلَى ضَرَرِ الْمُسْلِمِينَ وَالسَّعْيِ بِالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ بَيْنَ الْمُوَحِّدِينَ وَبِالْعَوَانِ لِلْحُكَّامِ وَقَتْلِ النُّفُوسِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَذَى الْمُسْلِمِينَ وَتَغْرِيمِهِمْ أَمْوَالًا لِلسِّيَاسَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ لِلْحَاكِمِ قَتْلُهُمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَنْ شَهَرَ سِلَاحًا عَلَى مُسْلِمٍ خَارِجَ الْمِصْرِ فَضَرَبَهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ بِسِلَاحٍ حَالَ كَوْنِهِ شَاهِرًا فَقَتَلَهُ وَلَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهُ إلَّا بِهِ فَهَلْ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ شَرْعًا لَا شَيْءَ بِقَتْلِهِ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهُ إلَّا بِقَتْلِهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بَعْدَمَا ذُكِرَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ دَفْعِ الصَّائِلِ (أَقُولُ) التَّقْيِيدُ بِخَارِجِ الْمِصْرِ قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ وَالْمَسْأَلَةُ مُفَصَّلَةٌ فِي مَتْنِ التَّنْوِيرِ قُبَيْلَ بَابِ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ. (سُئِلَ) فِي قَتِيلٍ وُجِدَ بِقُرْبِ قَرْيَةٍ يُسْمَعُ مِنْ أَهْلِهَا الصَّوْتُ فِيهِ وَبِهِ أَثَرُ جُرْحٍ وَلَمْ يُعْلَمْ قَاتِلُهُ وَادَّعَى وَلِيُّهُ الْقَتْلَ عَمْدًا عَلَى أَهْلِهَا فَمَا الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ وُجِدَ فِي مَكَان غَيْرِ مَمْلُوكٍ لِأَحَدٍ قَرِيبٍ لِقَرْيَةٍ بِحَيْثُ يَسْمَعُونَ صَوْتَهُ وَادَّعَى وَلِيُّهُ الْقَتْلَ عَلَى أَهْلِهَا وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ وَبِالْقَتِيلِ أَثَرُ الْقَتْلِ حَلَفَ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْهُمْ يَخْتَارهُمْ الْوَلِيُّ: بِاَللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ وَمَا عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلًا ثُمَّ قَضَى عَلَى جَمِيعِ أَهْلِهَا بِالدِّيَةِ. [فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْبَهَائِمِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا] (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَضَعَ زَيْدٌ سُمَّ فَأْرٍ مَخْلُوطًا بِدِبْسٍ وَمَاءٍ فِي وِعَاءٍ فِي صَحْنِ الدَّارِ لِأَجْلِ هَلَاكِ الذُّبَابِ فَأَخَذَتْ بِنْتٌ قَاصِرَةٌ الْوِعَاءَ الْمَزْبُورَ وَوَضَعَتْهُ بِالْقُرْبِ مِنْ حِصَانٍ لِزَيْدٍ فَشَرِبَ مِنْهُ وَمَاتَ فَقَامَ زَيْدٌ يُكَلِّفُ أُمَّ الْقَاصِرَةِ بِدَفْعِ قِيمَةِ الْحِصَانِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِامْرَأَةٍ بَغْلَةٌ مَرْبُوطَةٌ فِي دَارِهَا فَانْفَلَتَتْ بِنَفْسِهَا وَلَمْ يُمْكِنْهَا رَدُّهَا وَرَكَضَتْ فِي الطَّرِيقِ فَأَصَابَتْ امْرَأَةً نَصْرَانِيَّةً فَوَقَعَتْ عَلَى جَنْبِهَا وَتَمَرَّضَتْ مِنْ ذَلِكَ وَتُرِيدُ مِنْ صَاحِبَةِ الْبَغْلَةِ مُدَاوَاتَهَا فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ انْفَلَتَتْ دَابَّةٌ بِنَفْسِهَا وَأَصَابَتْ مَالًا أَوْ آدَمِيًّا نَهَارًا أَوْ لَيْلًا لَا ضَمَانَ فِي الْكُلِّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ» أَيْ الْمُنْفَلِتَةُ هَدَرٌ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ بَابِ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا قَادَ زَيْدٌ دَابَّتَهُ لِيَسْقِيَهَا مِنْ بِرْكَةِ مَاءٍ فِي الْبَادِيَةِ فَجَاءَ عَمْرٌو بِفَرَسِهِ لِيَسْقِيَهَا أَيْضًا مِنْ الْبِرْكَةِ مَعَ دَابَّةِ زَيْدٍ فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ أَبْعِدْ فَرَسَك عَنْ دَابَّتِي فَلَمْ يَمْتَثِلْ أَمْرَهُ وَقَادَهَا بِجَنْبِ دَابَّةِ زَيْدٍ وَصَدَمَتْهَا حَالَ قَوَدِهِ لَهَا

وَأَدْخَلَتْهَا بِصَدْمَتِهَا فِي مَاءِ الْبِرْكَةِ فَخُبِطَتْ فِيهِ ثُمَّ خَرَجَتْ وَقَدْ وَرِمَ بَطْنُهَا وَمَاتَتْ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَهَلْ يَضْمَنُ عَمْرٌو قِيمَةَ دَابَّةِ زَيْدٍ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ ضَمِنَ الرَّاكِبُ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ مَا وَطِئَتْ دَابَّتُهُ وَمَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوْ رَأْسِهَا أَوْ كَدَمَتْ بِفَمِهَا أَوْ خَبَطَتْ بِيَدِهَا أَوْ صَدَمَتْ ثُمَّ قَالَ وَضَمِنَ السَّائِقُ وَالْقَائِدُ مَا ضَمِنَهُ الرَّاكِبُ. (سُئِلَ) فِي رَاكِبِ فَرَسٍ ضَرَبَتْ بِرِجْلِهَا وَهِيَ سَائِرَةٌ فِي الطَّرِيقِ رِجْلَ امْرَأَةٍ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ وَرَثَةٍ تَزْعُمُ وَرَثَتُهَا أَنَّ الرَّاكِبَ يَضْمَنُ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَإِنْ نَفَحَتْ بِرِجْلِهَا أَوْ ذَنَبِهَا وَهِيَ تَسِيرُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا خَانِيَّةٌ مِنْ جِنَايَةِ الْبَهَائِمِ وَيَضْمَنُ الرَّاكِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَصَابَتْ الدَّابَّةُ بِيَدِهَا أَوْ بِرَأْسِهَا أَوْ كَدَمَتْ أَوْ خَبَطَتْ، وَإِنْ نَفَحَتْ بِرِجْلِهَا أَوْ ذَنَبِهَا لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ أَوْقَفَهَا يُؤْخَذُ بِنَفْحَةِ الرِّجْلِ وَالذَّنَبِ أَيْضًا خُلَاصَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى غَيْرِ بَنِي آدَمَ وَلَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ سَائِرَةً وَصَاحِبُهَا مَعَهَا قَائِدًا أَوْ سَائِقًا أَوْ رَاكِبًا يَكُونُ ضَامِنًا جَمِيعَ مَا جَنَتْ إلَّا النَّفْحَةَ بِالرِّجْلِ أَوْ الذَّنَبِ تَتَارْخَانِيَّةٌ مِنْ السَّابِعَ عَشَرَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَبَطَ زَيْدٌ حِصَانَهُ فِي مَوْضِعٍ لَهُ وِلَايَةُ رَبْطِهِ فِيهِ فَانْفَلَتَ بِنَفْسِهِ وَعَضَّ حِصَانَ رَجُلٍ آخَرَ وَقَتَلَهُ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى زَيْدٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِمَا وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى أَنَّ «جُرْحَ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ» رَبَطَ حِمَارَهُ فِي سَارِيَةٍ فَجَاءَ آخَرُ بِحِمَارِهِ وَرَبَطَهُ فَعَضَّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ وَهَلَكَ إنْ فِي مَوْضِعٍ لَهُمَا وِلَايَةُ الرَّبْطِ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا ضَمِنَ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الرَّابِعِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى غَيْرِ بَنِي آدَمَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا رَبَطَ زَيْدٌ دَابَّتَهُ فِي مَوْضِعٍ لَهُ وِلَايَةُ رَبْطِهَا فِيهِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَنَخَسَهَا بِعُودٍ فَنَفَحَتْهُ بِرِجْلِهَا فَقَتَلَتْهُ وَلَهُ وَرَثَةٌ تَزْعُمُ أَنَّ لَهُمْ أَخْذُ الدَّابَّةِ أَوْ تَضْمِينَ صَاحِبِهَا فَهَلْ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالدَّابَّةِ وَلَا بِصَاحِبِهَا ضَمَانٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ ثَوْرٌ رَبَطَهُ فِي مَحَلٍّ لَهُ وِلَايَةُ رَبْطِهِ فَحَلَّ رَجُلٌ رِبَاطَهُ لِيُنْزِيَهُ عَلَى بَقَرَتِهِ فَوَطِئَ الثَّوْرُ عَلَى رِجْلِهِ فَكَسَرَهَا فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِرَجُلٍ ثَوْرٌ مِنْ عَادَتِهِ النَّطْحُ فَتَقَدَّمَ زَيْدٌ إلَيْهِ وَقَالَ لَهُ إنَّ ثَوْرَك نَطُوحٌ فَارْبِطْهُ وَنَهَاهُ عَنْ إرْسَالِهِ فَلَمْ يَنْتَهِ وَسَيَّرَهُ إلَى الْمَرْعَى مَعَ دَوَابِّ الْقَرِّ فَنَطَحَ بَقَرَةً زَيْدِيَّةً وَعَطَّلَهَا وَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَضْمَنُ الرَّجُلُ قِيمَتَهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَضْمَنُ الرَّجُلُ قِيمَتَهَا حَيْثُ أَشْهَدَ عَلَيْهِ كَمَا ذُكِرَ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْمُنْيَةِ فِي الْجِنَايَاتِ وَنَصُّهُ فِي مَسْأَلَةِ نَطْحِ الثَّوْرِ يَضْمَنُ بَعْدَ الْإِشْهَادِ النَّفْسَ وَالْمَالَ وَمِثْلُهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِرَجُلٍ كَلْبٌ عَقُورٌ يُؤْذِي مَنْ يَمُرُّ بِهِ وَتَقَدَّمَ إلَى الرَّجُلِ جَمَاعَةٌ وَأَشْهَدُوا عَلَيْهِ وَطَلَبُوا مِنْهُ مَنْعَ الْكَلْبِ عَنْ النَّاسِ فَلَمْ يَمْنَعْهُ وَلَمْ يَرْبِطْهُ فِي زَمَانٍ يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى عَضَّ صَبِيًّا وَتَعَلَّلَ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِهِ الضَّمَانُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمِنَحِ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ كَلْبٌ عَقُورٌ يُؤْذِي مَنْ يَمُرُّ بِهِ فَلِأَهْلِ الْبَلَدِ أَنْ يَقْتُلُوهُ، وَإِنْ أَتْلَفَ شَيْئًا يَجِبُ عَلَى صَاحِبِهِ الضَّمَانُ إنْ كَانَ تَقَدَّمَ إلَيْهِ قَبْلَ الْإِتْلَافِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَالْحَائِطِ الْمَائِلِ. اهـ. قُلْت وَفِي شَرْحِ مُنْلَا خُسْرو لَهُ كَلْبٌ يَأْكُلُ عِنَبَ الْكُرُومِ فَأَشْهَدَ فِيهِ فَلَمْ يَحْفَظْهُ حَتَّى أَكَلَ الْعِنَبَ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ فِيمَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ فِيمَا يَخَافُ تَلَفَ بَنِي آدَمَ كَالْحَائِطِ وَالثَّوْرِ وَعَقْرِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ فَيَضْمَنُ إذَا لَمْ يَحْفَظْ. اهـ. فَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمُتْلَفِ فِي كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ عَلَى الْآدَمِيِّ فَيَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ وَكَلَامِ مُنْلَا خُسْرو وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ مِنَحٌ مِنْ بَابِ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ. (أَقُولُ) كَأَنَّهُ فَهِمَ مِنْ كَلَامِ مُنْلَا خُسْرو أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمَالَ فِي الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَهَذَا غَيْرُ مُرَادٍ، وَإِنَّمَا مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ مَا يُخَافُ مِنْهُ تَلَفُ الْآدَمِيِّ. فَالْإِشْهَادُ فِيهِ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ إذَا أَعْقَبَهُ تَلَفُ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ بِخِلَافِ مَا يُخَافُ مِنْهُ تَلَفُ الْمَالِ فَقَطْ كَكَلْبِ الْعِنَبِ فَلَا يُفِيدُ فِيهِ

الْإِشْهَادُ بِدَلِيلِ تَشْبِيهِهِ بِالْحَائِطِ الْمَائِلِ، فَإِنَّ الْإِشْهَادَ فِيهِ مُوجِبٌ لِضَمَانِ النَّفْسِ وَالْمَالِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْقُنْيَةِ حَيْثُ قَالَ: لَهُ كَلْبٌ يَأْكُلُ عِنَبَ الْكُرُومِ فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فِيهِ فَلَمْ يَحْفَظْهُ حَتَّى أَكَلَ الْعِنَبَ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إذَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ فِيمَا يَخَافُ تَلَفَ بَنِي آدَمَ كَالْحَائِطِ الْمَائِلِ وَنَطْحِ الثَّوْرِ وَعَقْرِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ فَيَضْمَنُ النَّفْسَ وَالْأَمْوَالُ تَبَعًا لَهَا إذَا لَمْ يَحْفَظْ وَلَمْ يَهْدِمْ. اهـ. فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامَيْ الزَّيْلَعِيِّ وَمُنْلَا خُسْرو؛ لِأَنَّ كَلَامَ الزَّيْلَعِيِّ فِي الْكَلْبِ الْعَقُورِ الَّذِي يُخَافُ مِنْهُ تَلَفُ الْآدَمِيِّ فَالْإِشْهَادُ فِيهِ مُفِيدٌ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ فِي النَّفْسِ وَالْمَالِ وَكَلَامُ مُنْلَا خُسْرو فِي كَلْبِ الْعِنَبِ الَّذِي يُخَافُ مِنْهُ تَلَفُ الْمَالِ فَقَطْ. قُلْت: وَهَذَا كُلُّهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْعَلَائِيُّ فِي آخِرِ بَابِ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عَنْ الْقَاضِي بَدِيعٍ أَنَّ الْإِشْهَادَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ لَا فِي الْحَيَوَانِ. اهـ. لَكِنْ أَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةِ بِالضَّمَانِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ فِي حِصَانٍ اعْتَادَ الْكَدْمَ وَكَذَا فِي ثَوْرٍ نَطُوحٍ مُسْتَنِدًا لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْقُنْيَةِ فِي نَطْحِ الثَّوْرِ يَضْمَنُ بَعْدَ الْإِشْهَادِ النَّفْسَ وَالْمَالَ قَالَ وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ وَالْأَكْثَرُ عَلَى الضَّمَانِ كَالْحَائِطِ الْمَائِلِ. اهـ. هَذَا مَا حَرَّرْتُهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ. (سُئِلَ) فِي ثَوْرٍ انْفَلَتَ نَهَارًا بِنَفْسِهِ مِنْ دَارِ صَاحِبِهِ فِي غَيْبَتِهِ بِلَا صُنْعِهِ فَدَخَلَ بَيْتَ رَجُلٍ وَأَكَلَ لَهُ حِنْطَةً وَشَعِيرًا فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ دَابَّةٌ لِرَجُلٍ ذَهَبَتْ بِغَيْرِ إرْسَالِهِ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَأَفْسَدَتْ زَرْعَ غَيْرِهِ لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ صُنْعِهِ وَلَا عُدْوَانَ إلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ بَزَّازِيَّةٌ نَقْلًا عَنْ الْجَامِعِ وَفِي الْعُيُونِ غَنَمٌ دَخَلَتْ بُسْتَانًا فَأَفْسَدَتْهُ وَصَاحِبُهَا مَعَهَا يَسُوقُهَا يَضْمَنُ مَا أَفْسَدَتْهُ، وَإِنْ لَمْ يَسُقْهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَكَذَا الثَّوْرُ وَالْحِمَارُ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ وَأَجَابَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ إذَا كَانَتْ الْمَوَاشِي تَرْعَى فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا مِنْ مَالِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ زَرْعٍ وَلَمْ يَكُنْ أَرْسَلَهَا أَحَدٌ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ لِلْحَدِيثِ «جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ» وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي جَمَّالٍ مَعَهُ عِدَّةُ جِمَالٍ مُحَمَّلَاتٍ سَائِقُهَا فِي طَرِيقٍ عَامٍّ أَحَدُ طَرَفَيْهِ سَفْحُ جَبَلٍ وَالْآخَرُ وَادٍ عَمِيقٌ فَجَاءَ زَيْدٌ بِجَمَلِهِ الْمُحَمَّلِ مِنْ طَرَفِ السَّفْحِ وَسَاقَهُ عَلَى حِذَاءِ جِمَالِ الْجَمَّالِ وَنَهَاهُ الْجَمَّالُ مِرَارًا فَلَمْ يَنْتَهِ فَصَدَمَ جَمَلًا مِنْ جِمَالِهِ وَأَوْقَعَهُ فِي الْوَادِي بِسَبَبِ سَوْقِهِ فَهَلَكَ الْجَمَلُ الْمَذْكُورُ فَهَلْ يَلْزَمُ السَّائِقَ قِيمَةُ الْجَمَلِ بَعْدَ الثُّبُوتِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ إكْدِيشَهُ لِرَاعٍ أَجِيرٍ مُشْتَرَكٍ لِيَرْعَاهُ وَيَتَعَهَّدَهُ بِالْحِفْظِ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَدَفَعَهُ الرَّاعِي إلَى عَمْرٍو بِدُونِ إذْنِ زَيْدٍ مَالِكِهِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَفَارَقَهُ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ نَحْوِ شَهْرٍ رَدَّهُ مَفْقُوءَ الْعَيْنِ فَهَلْ يَضْمَنُ الرَّاعِي رُبْعَ قِيمَتِهِ لِصَاحِبِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي عَيْنِ الدَّابَّةِ بِرُبْعِ الْقِيمَةِ» كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ لِلْعَلَائِيِّ. (سُئِلَ) فِي ثَوْرٍ مُشْتَرَكٍ نِصْفَيْنِ بَيْنَ زَيْدٍ وَأَيْتَامٍ وَلَهُمْ وَصِيٌّ عَلَيْهِمْ طَلَبَ وَصِيُّهُمْ الثَّوْرَ مِنْ زَيْدٍ لِيَكُونَ عِنْدَهُ فِي نَوْبَةِ الْأَيْتَامِ فَامْتَنَعَ وَتَكَرَّرَ الطَّلَبُ وَالْمَنْعُ حَتَّى انْكَسَرَتْ رِجْلُهُ عِنْدَ زَيْدٍ وَيُرِيدُ الْوَصِيُّ تَضْمِينَهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَتَرَكَهُ عِنْدَ زَيْدٍ وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْأَيْتَامِ فَهَلْ لِلْوَصِيِّ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي جَمَلٍ ضَرَبَهُ الرَّاعِي بِعَصًا عَمْدًا عَلَى رِجْلِهِ فَكَسَرَهَا فَهَلْ يَضْمَنُ لِصَاحِبِهِ قِيمَتَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ (أَقُولُ) قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَالتَّقْيِيدُ بِالْعَيْنِ أَيْ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَفِي عَيْنِ بَقَرَةٍ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَطَعَ أُذُنَهَا أَوْ ذَنَبَهَا يَضْمَنُ نُقْصَانَهَا وَكَذَا لِسَانُ الثَّوْرِ وَالْحِمَارِ وَقِيلَ جَمِيعُ الْقِيمَةِ كَمَا لَوْ قَطَعَ إحْدَى قَوَائِمِهَا، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى أَيْ لَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ، وَإِنْ مَأْكُولًا خُيِّرَ كَمَا مَرَّ فِي الْعَيْنَيْنِ لَكِنْ فِي الْعُيُونِ إنْ أَمْسَكَهُ لَا يُضَمِّنُهُ شَيْئًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَعَرَجُهَا كَقَطْعِهَا. اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَأْكُولِ وَغَيْرِهِ فَفِي غَيْرِ الْمَأْكُولِ لَوْ قَطَعَ إحْدَى قَوَائِمِهِ يَضْمَنُ كُلَّ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِهْلَاكٌ لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَأَمَّا الْمَأْكُولُ، فَإِنَّهُ

كتاب الحيطان وما يحدث الرجل في الطريق وما يتضرر به الجيران ونحو ذلك

يُنْتَفَعُ بِهِ لِلْأَكْلِ بَعْدَ قَطْعِ قَوَائِمِهِ فَيُخَيَّرُ مَالِكُهُ بَيْنَ تَرْكِهِ عَلَى الْقَاطِعِ وَتَضْمِينِهِ قِيمَتَهُ وَبَيْنَ إمْسَاكِهِ وَتَضْمِينِهِ النُّقْصَانَ قَالَ فِي غَصْبِ الْهِدَايَةِ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْهُ لَوْ شَاءَ أَخَذَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. اهـ. وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ وَالشُّرُوحُ أَيْضًا وَبِهِ يُفْتَى كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَيَتَرَجَّحُ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ مَا ذَكَرَهُ الْعَلَائِيُّ عَنْ الْعُيُونِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ جَمَلٌ اعْتَادَ الْعَضَّ فَتَقَدَّمَ إلَى صَاحِبِهِ رَجُلٌ وَقَالَ إنَّ جَمَلَك بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَارْبِطْهُ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرْبِطْهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ فِي زَمَانٍ يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ فَسَيَّرَهُ إلَى الْمَرْعَى فَرَكِبَ عَلَى جَمَلِ الرَّجُلِ وَعَضَّهُ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ وَيُرِيدُ الرَّجُلُ الْآنَ تَضْمِينَ زَيْدٍ قِيمَتَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ شَرْعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي جِنَايَاتِ الْخَيْرِيَّةِ بِنُقُولِهَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ ضَرَبَ حِمَارَ آخَرَ عَمْدًا بِحَجَرٍ عَلَى أُذُنِهِ فَهَلَكَ لِسَاعَتِهِ وَيُرِيدُ صَاحِبُهُ تَضْمِينَ الضَّارِبِ قِيمَتَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ ذَبَحَ حِمَارَ غَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ وَلَكِنَّهُ يُضَمِّنُهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَهُ أَنْ يُمْسِكَهُ وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ كُلَّ الْقِيمَةِ وَلَا يُمْسِكُ الْمَذْبُوحَ عِمَادِيَّةٌ مِنْ جِنَايَاتِ الدَّوَابِّ. (سُئِلَ) فِي رُعَاةِ غَنَمٍ قَادُوهَا قَرِيبًا مِنْ خِيَارِ زَيْدٍ الْقَائِمِ بِحَلْقَتِهِ فَرَعَتْهُ وَأَتْلَفَتْهُ فَهَلْ يَلْزَمُ الرُّعَاةَ قِيمَةُ مَا تَلِفَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ قَادُوهَا قَرِيبًا مِنْ خِيَارِ زَيْدٍ بِحَيْثُ لَوْ شَاءَتْ تَنَاوَلَتْ مِنْهُ يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ قَالَ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ وَفِي غَصْبِ فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ إذَا قَادَهَا قَرِيبًا مِنْ الزَّرْعِ بِحَيْثُ لَوْ شَاءَتْ تَنَاوَلَتْ مِنْ الزَّرْعِ ضَمِنَ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ. [كِتَابُ الْحِيطَانِ وَمَا يُحْدِثُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ وَمَا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْجِيرَانُ وَنَحْوُ ذَلِكَ] َ (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ بِيَدِ زَيْدٍ حَمَّامٌ جَارٍ فِي تَوَاجِرِهِ مِنْ مَالِكِهِ فَانْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ وَانْقَضَّ حَائِطٌ مِنْهُ عَلَى صَغِيرٍ فِي دَاخِلِ الْحَمَّامِ قَتَلَهُ بِدُونِ تَعَدٍّ مِنْ أَحَدٍ وَلَا صُنْعٍ فَقَامَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ يُكَلِّفُ زَيْدًا دَفْعَ دِيَةِ الصَّغِيرِ زَاعِمًا أَنَّ زَيْدًا قَالَ لِمَالِكِ الْحَمَّامِ إنْ وَقَعَ سِقْطٌ فِي الْحَمَّامِ بِسَبَبِ الْحَائِطِ يَكُنْ ضَمَانُهُ عَلَيَّ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَى زَيْدٍ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا نَقْضَ جِدَارٍ مُشْتَرَكٍ وَأَبَى الْآخَرُ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ أَنَا أَضْمَنُ لَك كُلَّ مَا يَنْهَدِمُ لَك مِنْ بَيْتِك وَضَمِنَ ثُمَّ نَقَضَ الْجِدَارَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ فَانْهَدَمَ مِنْ مَنْزِلِ الْمَضْمُونِ لَهُ شَيْءٌ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ ذَلِكَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ ضَمِنْت لَك مَا هَلَكَ مِنْ مَالِكِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ خَانِيَّةٌ مِنْ الْحِيطَانِ وَفِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْكَفَالَةِ وَلَا تَصِحُّ أَيْضًا بِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَا بِجَهَالَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ وَبِهِ مُطْلَقًا. (سُئِلَ) فِي حَائِطٍ لِرَجُلٍ فَاصِلٍ بَيْنَ دَارِهِ وَدَارِ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ تَحْتَ نِظَارَةِ زَيْدٍ مَالَ إلَى دَارِ الْوَقْفِ وَطَلَبَ النَّاظِرُ مِنْ الرَّجُلِ نَقْضَهُ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَلَمْ يَنْقُضْهُ فِي مُدَّةٍ يَقْدِرُ عَلَى نَقْضِهِ فِيهَا حَتَّى سَقَطَ عَلَى دَارِ الْوَقْفِ وَأَتْلَفَ مِنْهَا مُشْرِفَةً وَرُفُوفًا وَبَعْضَ دَرَجٍ فَهَلْ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بَعْدَ ثُبُوتِ الطَّلَبِ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ طَلَبَ مِنْهُ النَّاظِرُ نَقْضَهُ فَلَمْ يَنْقُضْهُ فِي مُدَّةٍ يُمْكِنُ نَقْضُهُ فِيهَا وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ يَضْمَنُ مَا تَلِفَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَعَدِّيًا وَالْمَسْأَلَةُ مَشْهُورَةٌ فِي الْمُتُونِ مِنْ الْحَائِطِ الْمَائِلِ فِي الْجِنَايَاتِ. (أَقُولُ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ الشَّرْطُ طَلَبُ النَّقْضِ مِنْهُ دُونَ الْإِشْهَادِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْإِشْهَادَ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ إثْبَاتِهِ عِنْدَ جُحُودِهِ أَوْ جُحُودِ عَاقِلَتِهِ فَكَانَ مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ لَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ وَالْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمَا وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الطَّلَبُ مِنْ صَاحِبِ حَقٍّ كَوَاحِدٍ مِنْ الْعَامَّةِ، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا، صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً إنْ مَالَ إلَى طَرِيقِهِمْ وَوَاحِدٌ مِنْ أَصْحَابِ السِّكَّةِ الْخَاصَّةِ إنْ مَالَ إلَيْهَا وَصَاحِبُ الدَّارِ أَوْ سُكَّانُهَا إنْ مَالَ إلَيْهَا. اهـ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَالْإِشْهَادُ إنَّمَا

يَصِحُّ مِمَّنْ يَضُرُّهُ وُقُوعُهُ لَا مِمَّنْ لَا يَضُرُّهُ حَتَّى لَوْ مَالَ إلَى دَارِ رَجُلٍ فَرَبُّ الدَّارِ هُوَ يَتَضَرَّرُ بِوُقُوعِهِ فَيَصِحُّ الْإِشْهَادُ مِنْهُ لَا مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ مَالَ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ فَيَصِحُّ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ. اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا وَيَصِحُّ مِنْ الْمَالِكِ وَالسَّاكِنِ بِإِجَارَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ لِعَوْدِ الضَّرَرِ إلَيْهِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ جَارِيَةٍ فِي مِلْكِ زَيْدٍ وَفِي تَوَاجِرِ عَمْرٍو مِنْ زَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَقْبُوضَةٍ بِيَدِ زَيْدٍ وَفِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ مَالَتْ طَبْلَةٌ عُلْوِيَّةٌ فِي الدَّارِ لِجِهَةِ سَاحَتِهَا وَطَلَبَ عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ تَعْمِيرَهَا وَنَقْضَهَا فَلَمْ يَفْعَلْ فِي مُدَّةٍ يَقْدِرُ عَلَى نَقْضِهَا فِيهَا حَتَّى سَقَطَتْ عَلَى زَوْجَةِ عَمْرٍو فَقَتَلَتْهَا بَعْدَمَا أَخْبَرَهُ بِمَيْلِهَا وَطَالَبَهُ بِنَقْضِهَا فَلَمْ يَنْقُضْهَا فَهَلْ تَضْمَنُ دِيَةَ الزَّوْجَةِ عَاقِلَةُ زَيْدٍ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ مَالَ الْحَائِطُ وَهُوَ الطَّبْلَةُ الْمَذْكُورَةُ إلَى الدَّارِ الْمَزْبُورَةِ وَطَالَبَ عَمْرٌو الْمُسْتَأْجِرُ زَيْدًا مَالِكَهَا بِنَقْضِهَا وَتَعْمِيرِهَا وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَلَمْ يَنْقُضْهَا فِي مُدَّةٍ يُمْكِنُ نَقْضُهَا فِيهَا حَتَّى سَقَطَتْ وَأَتْلَفَتْ نَفْسًا هِيَ زَوْجَةُ عَمْرٍو الْمُسْتَأْجِرِ ضَمِنَ عَاقِلَةُ زَيْدٍ دِيَةَ الزَّوْجَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى وَالْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي حَائِطٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَاصِلٍ بَيْنَ دَارَيْهِمَا فَمَالَ إلَى جِهَةِ دَارِ زَيْدٍ فَتَقَدَّمَ إلَى عَمْرٍو وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ لِيَرْفَعَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ التَّعْمِيرُ عَلَيْهِمَا بِحَسَبِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَلَمْ يَرْضَ عَمْرٌو بِذَلِكَ وَلَمْ يَرْفَعْهُ حَتَّى وَقَعَ وَأَتْلَفَ لِزَيْدٍ حَائِطًا وَبَيْتًا وَمُرْتَفَقًا وَهُوَ مُقِرٌّ أَنَّ الْحَائِطَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَأَنَّهُ كَانَ مَخُوفًا وَأَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ مَعَ إمْكَانِ رَفْعِهِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ فَهَلْ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ التَّالِفِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ فِي جِدَارٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ فَمَالَ إلَى أَحَدِهِمَا فَتَقَدَّمَ إلَيْهِ الَّذِي لَهُ الْحُمُولَةُ لِيَرْفَعَهُ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرْفَعْهُ حَتَّى انْهَدَمَ وَأَضَرَّ بِصَاحِبِ الدَّارِ، فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ الْحَائِطَ بَيْنَهُمَا وَأَنَّهُ كَانَ مَخُوفًا وَأَنَّهُ تَقَدَّمَ إلَيْهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ مَعَهُ، فَإِذَا أَفْسَدَ شَيْئًا بِسُقُوطِهِ بَعْدَ إمْكَانِ رَفْعِهِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ عِمَادِيَّةٌ فِي الْحَائِطِ الْمُشْتَرَكِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ حَفَرَ بِئْرًا فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ فِي قَرْيَةٍ بِدُونِ إذْنِ الْإِمَامِ وَتَرَكَهَا وَأَمَرَهُ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ بِطَمِّهَا فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى تَرَدَّى فِيهَا جَمَلٌ وَتَلِفَ فَهَلْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِمَالِكِهِ فِي مَالِهِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ حَفَرَ الْبِئْرَ الْمَذْكُورَةَ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ الْمَزْبُورِ بِدُونِ إذْنِ الْإِمَامِ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْجَمَلِ لِمَالِكِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ بَابِ مَا يُحْدِثُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ: كَمَا تَدِي الْعَاقِلَةُ لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي طَرِيقٍ أَوْ وَضَعَ حَجَرًا أَوْ تُرَابًا أَوْ طِينًا مُلْتَقًى فَتَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ، فَإِنْ تَلِفَ بِهِ أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ بَهِيمَةٌ ضَمِنَ فِي مَالِهِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ الْإِمَامُ، فَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ أَوْ مَاتَ وَاقِعٌ فِي بِئْرِ طَرِيقٍ جُوعًا أَوْ عَطَشًا أَوْ إغْمَاءً لَا ضَمَانَ بِهِ يُفْتَى خُلَاصَةٌ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ. اهـ. احْتَفَرَ بِئْرًا فِي طَرِيقِ مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْفَيَافِيِ غَيْرَ مَمَرٍّ لِلنَّاسِ فَوَقَعَ إنْسَانٌ لَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ الْأَمْصَارِ وَبِهَذَا عُرِفَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّرِيقِ فِي الْكُتُبِ الطَّرِيقُ فِي الْأَمْصَارِ دُونَ الْمَفَاوِزِ وَالصَّحَارِيِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْعُدُولُ عَنْهُ فِي الْأَمْصَارِ غَالِبًا دُونَ الصَّحَارِيِ كَذَا فِي شَرْحِ الزَّاهِدِيِّ عَلَى الْقُدُورِيِّ فِي أَوَاسِطِ الدِّيَاتِ رَشَّ الْمَاءَ عَلَى طَرِيقٍ فَعَطِبَتْ بِهِ دَابَّةٌ أَوْ آدَمِيٌّ يَضْمَنُ وَقِيلَ فِي الْآدَمِيِّ إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا رَشَّ كُلَّ الطَّرِيقِ أَمَرَ الْأَجِيرَ أَوْ السَّقَّاءَ بِالرَّشِّ فَرَشَّ فِنَاءَ دُكَّانِ الْآمِرِ ضَمِنَ الْآمِرُ دُونَ الرَّاشِّ وَالْحَارِسُ إذَا رَشَّ ضَمِنَ كَيْفَمَا كَانَ مُنْيَةُ الْمُفْتِي مِنْ مَسَائِلِ الطَّرِيقِ وَمَسْأَلَةُ رَشِّ الْمَاءِ فِي الطَّرِيقِ فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ فَصْلٍ فِي أَنْوَاعِ الضَّمَانَاتِ بِأَحْسَنِ وَجْهٍ. (سُئِلَ) فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فِيهَا بُيُوتٌ لِجَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ فَعَمَدَ أَحَدُ الْجَمَاعَةِ وَأَجْرَى مِيزَابَيْ سَطْحِهِ وَسَيَّالَتِهِ إلَى السِّكَّةِ الْمَزْبُورَةِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ بَقِيَّةِ الْجَمَاعَةِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهِمْ جَمِيعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَخْرَجَ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ كَنِيفًا أَوْ مِيزَابًا أَوْ جَرْضًا أَوْ دُكَّانًا جَازَ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْعَامَّةِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْخُصُومَةِ مَنْعُهُ وَمُطَالَبَتُهُ

بِنَقْضِهِ بَعْدَهُ، هَذَا إذَا بَنَى لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ، وَإِنْ بَنَى لِلْمُسْلِمِينَ كَمَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ: لَا، وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ لَا يَجُوزُ إحْدَاثُهُ وَالْقُعُودُ فِي الطَّرِيقِ لِبَيْعٍ وَشِرَاءٍ عَلَى هَذَا وَفِي غَيْرِ النَّافِذَةِ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ أَحَدٌ بِإِحْدَاثِ مَا ذَكَرْنَا مُطْلَقًا أَضَرَّ بِهِمْ أَوْ لَا إلَّا بِإِذْنِهِمْ أَيْ بِإِذْنِ أَهْلِهِ لِأَنَّ الطُّرُقَ الَّتِي لَيْسَتْ بِنَافِذَةٍ مَمْلُوكَةٌ لِأَهْلِهَا فَهُمْ شُرَكَاءُ وَلِهَذَا يَسْتَحِقُّونَ بِهَا الشُّفْعَةَ وَالتَّصَرُّفَ فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي لَمْ يُوضَعْ لَهُ، لَا يُمْلَكُ إلَّا بِإِذْنِ الْكُلِّ أَضَرَّ بِهِمْ أَوْ لَمْ يَضُرَّ بِخِلَافِ النَّافِذِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ مِلْكٌ وَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَا لَمْ يَضُرَّ بِأَحَدٍ مِنَحٌ مِنْ بَابِ مَا يُحْدِثُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ لِلْوَالِي أَنْ يُعْطِيَ مِنْ طَرِيقِ الْجَادَّةِ أَحَدًا لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ لَا يَضُرُّ بِالْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ هَذَا إلَّا لِلْخَلِيفَةِ قَالُوا وَلِلسُّلْطَانِ أَنْ يَجْعَلَ مِلْكَ الرَّجُلِ طَرِيقًا عِنْدَ الْحَاجَةِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ. (سُئِلَ) فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فِيهَا دُورٌ لِجَمَاعَةٍ ذِمِّيِّينَ يُرِيدُ أَحَدُهُمْ أَنْ يُحْدِثَ فِي وَسَطِ السِّكَّةِ بِنَاءً وَيُقْسِمَ حِصَّةً مِنْهَا بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْبَقِيَّةِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ لَيْسَ لِأَصْحَابِهَا أَنْ يَبِيعُوهَا، وَإِنْ اجْتَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ وَلَا أَنْ يَقْتَسِمُوهَا فِيمَا بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ الْأَعْظَمَ إذَا كَثُرَ فِيهِ النَّاسُ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا هَذِهِ السِّكَّةَ حَتَّى يَخِفَّ الزِّحَامُ عِمَادِيَّةٌ فِي وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُدْخِلُوهَا فِي دُورِهِمْ، وَإِنَّمَا لَهُمْ الْمُرُورُ فَقَطْ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ نَوْعٍ فِي السِّكَّةِ الْغَيْرِ النَّافِذَةِ وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ السِّكَكُ الَّتِي لَيْسَ لَهَا مَنْفَذٌ لَيْسَ لِأَحَدٍ مِمَّنْ فِي تِلْكَ السِّكَّةِ أَنْ يَحْفِرَ فِيهَا بِئْرًا لِصَبِّ الْمَاءِ، وَإِنْ اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَلَا أَنْ يُدْخِلُوهَا فِي دُورِهِمْ، وَإِنَّمَا لَهُمْ أَنْ يَمُرُّوا وَيَجْلِسُوا عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ. (سُئِلَ) فِي زُقَاقٍ غَيْرِ نَافِذٍ فِيهِ دُورٌ لِجَمَاعَةٍ فَحَفَرَ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِئْرَ بَالُوعَةٍ يُنْزِلُ فِيهِ أَنْجَاسَ دَارِهِ وَذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ بَقِيَّةِ أَهْلِ الزُّقَاقِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهِمْ وَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ سِكَّةٌ غَيْرُ نَافِذَةٍ أَحْدَثَ رَجُلٌ آخَرُ فِيهَا شَيْئًا لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِإِذْنِ كُلِّ أَهْلِ السِّكَّةِ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ وَمَا يُصْنَعُ فِي السِّكَكِ مِنْ الْكُنُفِ وَالْمَيَازِيبِ إنْ حَدِيثَةً لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَهْدِمَهُ، وَإِنْ قَدِيمَةً تُرِكَتْ وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْحَدِيثَةِ إنْ لَمْ يَضُرَّ أَحَدًا لَمْ أَهْدِمْهُ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْحِيطَانِ، وَفِي غَيْرِ النَّافِذَةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِإِحْدَاثٍ مُطْلَقًا أَضَرَّ بِهِمْ أَوْ لَا إلَّا بِإِذْنِهِمْ؛ لِأَنَّهُ كَالْمِلْكِ الْخَاصِّ بِهِمْ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ بَابِ مَا يُحْدِثُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ. (أَقُولُ) قَوْلُهُ إلَّا بِإِذْنِهِمْ مُخَالِفٌ لِمَا يُفْهَمُ مِمَّا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْعِمَادِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ مَا هُنَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ سُئِلَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُحِبِّ الدِّينِ الْقُطْبِيُّ الْحَنَفِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ شَخْصٍ جَعَلَ بَالُوعَةً بِمِيزَابٍ خَارِجٍ عَنْ جُدْرَانِهِ فِي مَمَرٍّ غَيْرِ نَافِذٍ يَضُرُّ بِالْمَارَّةِ بِالطَّرْطَشَةِ بِالْقَذِرِ وَالنَّجَاسَةِ وَلَهُ أَيْضًا بَيَّارَةٌ بَيْنَ الْجُدْرَانِ وَهِيَ ضَارَّةٌ بِأَسَاسِ الْجُدْرَانِ فَهَلْ لِلْحَاكِمِ الشَّرْعِيِّ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ أَجَابَ إنْ كَانَ الضَّرَرُ بَيِّنًا مَنَعَهُ الْقَاضِي مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا لَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ مِنْ كِتَابِ الْمَوَاتِ وَالطُّرُقِ: دَارٌ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ أَرَادَ صَاحِبُهَا أَنْ يَحْفِرَ بِئْرَ بَالُوعَةٍ عَلَى بَابِهَا خَارِجَ دَارِهِ فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ، فَإِنْ غَطَّى رَأْسَهَا وَكَبَسَهَا وَجَعَلَ طَرِيقَ الْوُصُولِ إلَيْهَا مِنْ الدَّاخِلِ فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ؛ لِأَنَّ الْحَفْرَ سَبَبُ الِانْهِيَارِ وَهُوَ سَبَبُ الْوُصُولِ فَلَهُمْ مَنْعُهُ عَنْ ذَلِكَ. جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى مِنْ الْقِسْمَةِ مِنْ الْبَابِ الرَّابِعِ: طَرِيقٌ غَيْرُ نَافِذٍ كَانَ لِأَصْحَابِ الطَّرِيقِ أَنْ يَضَعُوا فِيهِ الْخَشَبَ وَأَنْ يَرْبِطُوا فِيهِ الدَّوَابَّ وَأَنْ يَتَوَضَّئُوا فِيهِ، وَإِنْ عَطِبَ إنْسَانٌ بِالْوُضُوءِ وَالْخَشَبِ لَا يَضْمَنُ وَاضِعُ الْخَشَبِ، وَإِنْ حَفَرَ فِيهَا بِئْرًا أَوْ بَنَى فِيهَا بِنَاءً فَعَطِبَ إنْسَانٌ بِذَلِكَ يَضْمَنُ وَيُؤَاخَذُ بِأَنْ يَطِمَّ الْبِئْرَ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ فِيمَا يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْمُشْتَرَكِ.

سُئِلَ) فِي دَخْلَةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى عِدَّةِ دُورٍ وَضَعَ وَاحِدٌ مِنْ أَرْبَابِ الدَّخْلَةِ أَوْسَاخَ دَارِهِ لِضِيقِ جِدَارِ جَارِهِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَهْلِ الدَّخْلَةِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْهُ وَلَا مِنْ بَقِيَّةِ أَهْلِهَا وَتَضَرَّرَ صَاحِبُ الْجِدَارِ بِذَلِكَ ضَرَرًا بَيِّنًا فَهَلْ يُؤْمَرُ الْوَاضِعُ بِإِزَالَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ التَّنْوِيرِ وَمِثْلُهُ فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ (أَقُولُ) هَذَا إذَا وَضَعَ مَا ذُكِرَ لَصِيقُ جِدَارِ الْجَارِ أَمَّا لَوْ وَضَعَ ذَلِكَ لَصِيقُ جِدَارِهِ بِلَا إضْرَارٍ لِغَيْرِهِ فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ عَلَى جَارِي الْعَادَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ بِدَلِيلِ مَا قَدَّمَهُ آنِفًا عَنْ الْخَانِيَّةِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ طِينًا فِي طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ فَلَوْ تَرَكَ مِنْ الطَّرِيقِ قَدْرَ الْمُرُورِ وَيَتَّخِذَ فِي الْأَحَايِينِ مَرَّةً وَيَرْفَعَهُ سَرِيعًا فَلَهُ ذَلِكَ وَلِكُلٍّ إمْسَاكُ الدَّوَابِّ عَلَى بَابِ دَارِهِ؛ لِأَنَّ السِّكَّةَ الَّتِي لَا تَنْفُذُ كَدَارٍ مُشْتَرَكَةٍ وَلِكُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَسْكُنَ فِي بَعْضِ الدَّارِ لَا أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا وَإِمْسَاكُ الدَّوَابِّ فِي بِلَادِنَا مِنْ السُّكْنَى. اهـ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ إنْ فَعَلَ فِي غَيْرِ النَّافِذَةِ مَا لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ السُّكْنَى لَا يَضْمَنُ حِصَّةَ نَفْسِهِ وَيَضْمَنُ حِصَّةَ شُرَكَائِهِ، وَإِنْ مِنْ جُمْلَةِ السُّكْنَى فَالْقِيَاسُ كَذَلِكَ وَالِاسْتِحْسَانُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْكِفَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِمَا يُحْدِثُهُ مَعْنَاهُ يَضْمَنُ مَا عَدَا حِصَّتَهُ، فَإِنَّ السِّكَّةَ الْغَيْرَ النَّافِذَةِ لَمَّا كَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ أَهْلِهَا كَانَ بِإِحْدَاثِهِ فِيهَا بِئْرًا أَوْ نَحْوَهَا شَاغِلًا لِمِلْكِهِ وَمِلْكِ غَيْرِهِ فَيَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهَا بِقَدْرِ حِصَّةِ شُرَكَائِهِ تَأَمَّلْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي دَخْلَةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فِيهَا بُيُوتٌ لِجَمَاعَةٍ مَخْصُوصِينَ وَفِي سَاحَةِ الدَّخْلَةِ مَوْضِعٌ مُعَدٌّ لِإِلْقَاءِ الْقُمَامَاتِ وَالْأَوْسَاخِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَيَتَصَرَّفُونَ بِذَلِكَ كَذَلِكَ قَامَ رَجُلٌ مِنْ الْجَمَاعَةِ يُعَارِضُ الْبَقِيَّةَ فِي التَّصَرُّفِ بِالسَّاحَةِ الْمَزْبُورَةِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ يَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ وَيُمْنَعُ مِنْ مُعَارَضَةِ الْجَمَاعَةِ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ ثُمَّ الْأَصْلُ أَنَّ مَا كَانَ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ وَلَمْ يُعْرَفْ حَالُهُ يُجْعَلُ حَدِيثًا وَكَانَ لِلْإِمَامِ رَفْعُهُ وَمَا كَانَ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَلَمْ يُعْرَفْ يُجْعَلُ قَدِيمًا حَتَّى لَا يَكُونَ لِأَحَدٍ رَفْعُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ تَوْحِيدِيٌّ عَلَى النُّقَايَةِ فَفِي مَسْأَلَتِنَا فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَعُلِمَ أَنَّهَا قَدِيمَةٌ فَبِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ رَفْعُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَنَى فِي دَارِهِ طَبَقَةً وَقَاعَةً مُلَاصِقَتَيْنِ لِقَاعَةٍ وَطَبَقَةٍ مِنْ جُمْلَةِ مَسَاكِنِ دَارٍ مَوْقُوفَةٍ فَسَدَّ بِسَبَبِ ذَلِكَ قَمَرِيَّتَيْنِ وَشِبَاكًا لِلضَّوْءِ قَدِيمَيْنِ لِلْقَاعَةِ وَالطَّبَقَةِ الْمَرْقُومَتَيْنِ وَمَنَعَ الضَّوْءَ عَنْهُمَا بِالْكُلِّيَّةِ وَرَكِبَ بِجِسْرَيْنِ عَلَى حَائِطِ الْقَاعَةِ الْخَاصِّ بِهَا وَحَصَلَ بِذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى الْوَقْفِ وَطَلَبَ نَاظِرُ الْوَقْفِ رَفْعَ مَا سَدَّ بِهِ الْقَمَرِيَّتَيْنِ وَالشِّبَاكِ وَرَفْعَ الْجِسْرَيْنِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْوَقْفِ فَهَلْ يُجَابُ النَّاظِرُ إلَى ذَلِكَ وَيَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَهَذَا أَعْنِي سَدَّ الضَّوْءِ بِالْكُلِّيَّةِ مِنْ الضَّرَرِ الْبَيِّنِ وَالْفَتْوَى عَلَى مَنْعِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالتَّنْوِيرِ وَحَوَاشِي الْأَشْبَاهِ لِلسَّيِّدِ الْحَمَوِيِّ نَاقِلًا عَنْ شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ وَنَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ قَائِلًا فِي ذَلِكَ وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ وَكَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ مُعْتَبَرَاتِ مَذْهَبِ الْإِمَامِ النُّعْمَانِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ فَسِيحَ الْجَنَّاتِ مُمَتَّعًا بِالرُّوحِ وَالرَّيْحَانِ (أَقُولُ) قَدَّمْنَا فِي مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ قُبَيْلَ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ نَقْلَ عِبَارَاتِهِمْ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مُرَبَّعٌ فِي دَارِهِ وَلَهُ طَاقَاتٌ لِلضَّوْءِ فِي حَائِطِهِ تُسَمَّى بِالْقَمَارِيِّ يَأْتِي إلَيْهَا الضَّوْءُ مِنْ دَارِ جَارِهِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَلِجَارِهِ فِي دَارِهِ مُرَبَّعٌ أَيْضًا أَسْفَلُ مِنْ الْأَوَّلِ وَسَطْحُهُ أَسْفَلُ مِنْ الْقَمَارِيِّ يُرِيدُ الْجَارُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى مُرَبَّعِهِ الْمَزْبُورِ طَبَقَةً مُسَقَّفَةً بِسَقْفٍ فَوْقَ الْقَمَارِيِّ بِحَيْثُ يَكُونُ الْحَائِطُ وَالْقَمَارِيُّ دَاخِلَيْنِ فِيهَا وَيَنْسَدُّ بِسَبَبِ ذَلِكَ الضَّوْءُ الْمَزْبُورُ بِالْكُلِّيَّةِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ لِزَيْدٍ وَيُرِيدُ زَيْدٌ مَنْعَ الْجَارِ عَنْ ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ مَنْعُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، فَإِنْ سَدَّ الضَّوْءَ بِالْكُلِّيَّةِ بِأَنْ يَمْنَعَ مِنْ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَالْكِتَابَةِ ضَرَرٌ فَاحِشٌ فَيُمْنَعُ مِنْهُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الْمُفْتِي أَبُو السُّعُودِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ. (أَقُولُ) قَدَّمْنَا فِي

مُتَفَرِّقَاتِ الْقَضَاءِ إذَا كَانَ لَهُ قَمَرِيَّتَانِ فَسَدَ ضَوْءُ إحْدَاهُمَا بِالْكُلِّيَّةِ مَعَ إمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِالْأُخْرَى لَا يُمْنَعُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ضَوْءَ الْبَابِ لَا يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَضْطَرُّ إلَى غَلْقِهِ لِبَرْدٍ وَنَحْوِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشُّبَّاكَ كَالْبَابِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَنَى زَيْدٌ فِي دَارِهِ عَلَى حَائِطِهِ الْخَاصِّ بِهِ طَبَقَةً تُجَاهَ طَبَقَةٍ لِجَارِهِ وَبَيْنَهُمَا فَاصِلٌ وَيُعَارِضُهُ جَارُهُ فِي ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّ لِطَبَقَتِهِ شِبَاكًا مَنَعَ نِصْفَ إشْرَاقِهِ بِسَبَبِ طَبَقَةِ زَيْدٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي بِنَاءِ الطَّبَقَةِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ لِلْجَارِ فَهَلْ لَيْسَ لِلْجَارِ مَنْعُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ حَانُوتٌ قَدِيمٌ مُعَدٌّ لِحِيَاكَةِ عَبِيِّ الصُّوفِ وَبِحَائِطِ الْحَانُوتِ طَاقَةٌ قَدِيمَةٌ لِلضَّوْءِ وَلِدَارِ عَمْرٍو خَلْفَ الْحَائِطِ بَيْنَ مُحَاذٍ لِلطَّاقَةِ يُرِيدُ عَمْرٌو تَعْلِيَتَهُ إلَى فَوْقِ الطَّاقَةِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ لِزَيْدٍ لِانْسِدَادِ ضَوْءِ الطَّاقَةِ بِالْكُلِّيَّةِ فَهَلْ لَيْسَ لِعَمْرٍو ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَنَقْلُهَا مَا تَقَدَّمَ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَنَى فِي دَارِهِ قَصْرًا لَهُ شَبَابِيكُ مُطِلَّةٌ عَلَى سَاحَةِ دَارِ جَارِهِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ قَرَارِ نِسَائِهِ وَجُلُوسِهِنَّ وَبَنَى سُلَّمًا مِنْ حَجَرٍ يَصْعَدُ مِنْهُ لِلْقَصْرِ مُشْرِفًا عَلَى السَّاحَةِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ بَنَى طَبْلَةً عَلَى طَبْلَةِ جَارِهِ لِمَنْعِ الْإِشْرَافِ بِدُونِ إذْنِ جَارِهِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُ الْجَارُ تَكْلِيفَ الرَّجُلِ رَفْعَ الطَّبْلَةِ وَسَدَّ الشَّبَابِيكِ وَمَنْعَهُ مِنْ الصُّعُودِ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يَسُوغُ لِلْجَارِ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَبْنِيَ الرَّجُلُ سَاتِرًا فِي مِلْكِهِ يَمْنَعُ الْإِشْرَافَ وَفِي مَجْمُوعَةِ عَطَاءِ اللَّهِ أَفَنْدِي نَقْلًا عَنْ حِيطَانِ الْمُضْمَرَاتِ وَالسَّاحَةُ إذَا كَانَتْ مَجْلِسَ النِّسَاءِ وَالْكُوَّةُ تُشْرِفُ عَلَيْهَا يُؤْمَرُ صَاحِبُهَا بِسَدِّهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا عَمَّرَ زَيْدٌ فِي دَارِهِ قَصْرًا جَعَلَ لَهُ شَبَابِيكَ يُكَلِّفُهُ جَارُهُ سَدَّهَا مُتَعَلِّلًا بِأَنَّهَا تُشْرِفُ عَلَى مُشْرِقَةٍ فِي دَارِهِ وَعَلَى بَابِ قَصْرٍ فِيهَا وَالْحَالُ أَنَّ الْمُشْرِقَةَ وَالْقَصْرَ لَيْسَا مَحَلَّ جُلُوسِ نِسَائِهِ وَقَرَارِهِنَّ بَلْ فِي الدَّارِ سُفْلٌ فِيهِ صَحْنُهَا وَهُوَ مَحَلُّ قَرَارِهِنَّ وَجُلُوسِهِنَّ وَأَعْمَالِهِنَّ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ لَا يُجْبَرُ زَيْدٌ عَلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْقَصْرُ الْمَذْكُورُ لَا يَجْلِسُ فِيهِ النِّسَاءُ أَصْلًا أَمَّا لَوْ كَانَ النِّسَاءُ يَسْكُنَّ فِيهِ فِي الصَّيْفِ مَثَلًا أَوْ فِي اللَّيْلِ دُونَ النَّهَارِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ الضَّرَرِ الْبَيِّنِ تَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْ جَارَيْنِ سَطْحُ بَيْتٍ فِي دَارِهِ مُسَاوٍ لِسَطْحِ الْآخَرِ وَصَارَ الْآنَ أَحَدُهُمَا يَصْعَدُ إلَى سَطْحِهِ، وَإِذَا صَعِدَ يَقَعُ بَصَرُهُ فِي دَارِ جَارِهِ عَلَى حَرِيمِهِ وَيُرِيدُ الْجَارُ مَنْعَهُ عَنْ الصُّعُودِ حَتَّى يَتَّخِذَ سُتْرَةً فَهَلْ لِلْجَارِ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ رَجُلٌ اشْتَرَى حُجْرَةً سَطْحُهَا مَعَ سَطْحِ جَارِهِ مُسْتَوِيَانِ فَآخَذَ الْمُشْتَرِي جَارَهُ حَتَّى يَتَّخِذَ حَائِطًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَارِ قَالُوا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ فِي مِلْكِهِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَمْنَعَ جَارَهُ مِنْ صُعُودِ السَّطْحِ حَتَّى يَتَّخِذَ سُتْرَةً قَالُوا إنْ كَانَ يَقَعُ بَصَرُهُ فِي دَارِ الْجَارِ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقَعُ بَصَرُهُ فِي دَارِهِ لَكِنْ يَقَعُ عَلَيْهِمْ إذَا كَانُوا عَلَى السَّطْحِ لَا يَمْنَعُهُ عَنْ الصُّعُودِ؛ لِأَنَّهُ كَمَا يَتَضَرَّرُ هُوَ يَتَضَرَّرُ الْآخَرُ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِلَا ذِكْرٍ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْحِيطَانِ مِنْ الثَّانِي فِي الْحَائِطِ وَعِمَارَتِهِ. (سُئِلَ) عَنْ الذِّمِّيِّ إذَا بَنَى دَارًا عَالِيَةً بَيْنَ دُورِ الْمُسْلِمِينَ وَجَعَلَ لَهَا طَاقَاتٍ وَشَبَابِيكَ تُشْرِفُ عَلَى جِيرَانِهِ هَلْ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : أَهْلُ الذِّمَّةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالْمُسْلِمِينَ مَا جَازَ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَفْعَلَهُ فِي مِلْكِهِ جَازَ لَهُمْ وَمَا لَمْ يَجُزْ لِلْمُسْلِمِ لَمْ يَجُزْ لَهُمْ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ تَعْلِيَتِهِ بِنَاءَهُ إذَا حَصَلَ ضَرَرٌ لِجَارِهِ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ أَهْلَ الذِّمَّةِ أَنْ يَسْكُنُوا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بَلْ يَسْكُنُونَ مُنْعَزِلِينَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ الَّذِي أُفْتِي بِهِ أَنَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ وَأَفْتَى فِي سُؤَالٍ آخَرَ بِمَنْعِهِمْ مِنْ السُّكْنَى فِي مَحَلَّاتِ الْمُسْلِمِينَ وَبِمَنْعِهِمْ مِنْ إحْدَاثِ بَيْتٍ يَجْتَمِعُونَ فِيهِ كَالْكَنِيسَةِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي ذِمِّيٍّ يُرِيدُ فَتْحَ كُوَّةٍ فِي حَانُوتِهِ مُشْرِفَةٍ عَلَى دَارِ جَارِهِ الذِّمِّيِّ وَعَلَى عَوْرَاتِهِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ عَلَى الْجَارِ وَيَزْعُمُ أَنَّهَا قَدِيمَةٌ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَدِيمِ

وَالْحَادِثِ حَيْثُ كَانَ الضَّرَرُ بَيِّنًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ حَيْثُ كَانَ الضَّرَرُ بَيِّنًا كَتَبَهُ الْفَقِيرُ أَحْمَدُ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ عَفَا عَنْهُ وَفِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ مِنْ الْقَضَاءِ لِلشَّيْخِ خَيْرِ الدِّينِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ حَيْثُ كَانَتْ الْعِلَّةُ الضَّرَرَ الْبَيِّنَ لِوُجُودِهَا فِيهِمَا تَأَمَّلْ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ طَبَقَةٌ فِي دَارِهِ لَهَا شُبَّاكٌ قَدِيمٌ مُشْرِفٌ عَلَى حَوْشِ هِنْدٍ وَأَسْطِحَتِهِ وَتُرِيدُ هِنْدٌ بِنَاءَ حَائِطٍ فِي الْحَوْشِ مُلَاصِقٍ لِحَائِطِ الطَّبَقَةِ مُنْتَهِيًا إلَى حَافَّةِ الشُّبَّاكِ مِنْ أَسْفَلِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَعْتَمِدَ عَلَى حَائِطِ الطَّبَقَةِ وَلَا تَسُدُّ شَيْئًا مِنْ الشُّبَّاكِ أَصْلًا وَيُعَارِضُهَا زَيْدٌ فِي ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يُمْنَعُ زَيْدٌ مِنْ مُعَارَضَتِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ بَيْتٌ لَهُ حَائِطٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَارِهِ أَرَادَ جَارُهُ أَنْ يَتَّخِذَ غُرْفَةً بِجَنْبِ الْبَيْتِ وَلَا يَضَعُ الْخَشَبَةَ عَلَى الْجِدَارِ الْمُشْتَرَكِ وَلَا يَبْنِي مُعْتَمِدًا عَلَى جِدَارِ غَيْرِهِ بَلْ عَلَى مِلْكِ نَفْسِهِ لَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْحِيطَانِ مِنْ نَوْعٍ فِيمَنْ يُحْدِثُ عِمَارَةً تَضُرُّ بِصَاحِبِهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَنَى حَائِطًا فَوْقَ حَائِطٍ قَدِيمٍ مُخْتَصٍّ بِهِ فِي دَارِهِ فَقَامَ جَارُهُ يُعَارِضُهُ فِي ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّهُ يَسُدُّ بِسَبَبِ ذَلِكَ عَنْهُ الرِّيحَ وَالشَّمْسَ فَهَلْ يُمْنَعُ جَارُهُ مِنْ مُعَارَضَتِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَالْمَرْحُومُ الْعَمُّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ فِي دَارِهِ قَوْسَ حَجَرٍ مُلَاصِقًا لِجِدَارِ جَارِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَنِدَ لِلْجِدَارِ الْمَذْكُورِ وَأَنْ يَضَعَ عَلَى الْقَوْسِ جُذُوعًا يَرْكَبُ عَلَيْهَا بِطَبَقَةٍ تَعْلُوهَا وَجَارُهُ يُعَارِضُهُ فِي ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ زَاعِمًا أَنَّهُ يَسُدُّ مِنْ دَارِهِ الْهَوَاءَ الْقِبْلِيَّ فَهَلْ يُمْنَعُ جَارُهُ مِنْ مُعَارَضَتِهِ فِي ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ طَبَقَةٌ عَالِيَةً فِي دَارِهِ وَلِلطَّبَقَةِ طَاقَاتٌ فَفَتَحَ بِحِذَائِهِنَّ طَاقَةً أُخْرَى فَقَامَ عَمْرٌو يُعَارِضُهُ وَيُكَلِّفُهُ سَدَّهَا بِلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّهَا تُشْرِفُ عَلَى بَابِ طَبَقَةٍ لَهُ فِي دَارِهِ إذَا صَعِدَ أَحَدٌ إلَيْهَا وَالْحَالُ أَنَّ مَا تُشْرِفُ الطَّاقَةُ عَلَيْهِ لَيْسَ مَحَلَّ جُلُوسِ نِسَاءِ عَمْرٍو وَقَرَارِهِنَّ وَيَفْصِلُ بَيْنَ الدَّارَيْنِ دُورٌ كَثِيرَةٌ لِلنَّاسِ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ يُمْنَعُ عَمْرٌو مِنْ مُعَارَضَةِ زَيْدٍ وَتَكْلِيفِهِ مَا ذُكِرَ؟ (الْجَوَابُ) : الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْكُوَّةَ حَيْثُ كَانَتْ لِلنَّظَرِ وَالْمَوْضِعُ مَوْضِعُ النِّسَاءِ تُسَدُّ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ الطَّرِيقِ الْفَاصِلِ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ وَغَيْرِهِ فَحَيْثُ كَانَتْ لَيْسَتْ كَذَلِكَ يُمْنَعُ عَمْرٌو مِنْ مُعَارَضَةِ زَيْدٍ وَتَكْلِيفِهِ مَا ذُكِرَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ فِي دَارِهِ طَبَقَةً عَلَى مُرَبَّعِهِ الْخَاصِّ بِهِ وَيُعَارِضُهُ جَارُهُ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّ أَخْذَ حِيطَانِ الطَّبَقَةِ إذَا بُنِيَتْ يَقَعُ تُجَاهَ شَبَابِيكِ قَصْرِهِ وَبَيْنَهُمَا فَاصِلٌ نَحْوُ ذِرَاعٍ وَنِصْفٍ فَيَقِلُّ الضَّوْءُ عَنْهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَأَحَدُ حِيطَانِهَا يَلْزَمُ مِنْهُ سَدُّ بَعْضِ الْهَوَاءِ وَالشَّمْسِ عَنْ دَارِهِ فَهَلْ يُمْنَعُ الْجَارُ عَنْ مُعَارَضَتِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَتْ ذِمِّيَّةٌ دَارًا فِيهَا قَصْرٌ لَهُ شَبَابِيكُ قَدِيمَةٌ مُشْرِفَةٌ عَلَى أَسْطِحَةِ جَمَاعَةٍ يَفْصِلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشَّبَابِيكِ طَرِيقٌ عَامٌّ فَقَامَ رَجُلٌ يُكَلِّفُهَا سَدَّ جَمِيعِ الشَّبَابِيكِ الْمَزْبُورَةِ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّ بَعْضَهَا يُشْرِفُ عَلَى أَسْطِحَتِهِ وَعَلَى رَأْسِ دَرَجٍ لَهُ فِي دَارِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَحَلَّ جُلُوسِ نِسَائِهِ وَقَرَارِهِنَّ فَهَلْ يُمْنَعُ الرَّجُلُ مِنْ تَكْلِيفِ الذِّمِّيَّةِ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يُرِيدُ أَنْ يُعْلِيَ سَطْحَ مَطْبَخِهِ الَّذِي فِي دَارِهِ وَيُعَارِضُهُ جَارُهُ فِي ذَلِكَ مُتَعَلِّلًا أَنَّ السَّطْحَ بِسَبَبِ التَّعْلِيَةِ يَقْرَبُ مِنْ سَطْحِ بَيْتِ الْجَارِ وَيُسَهِّلُ الصُّعُودَ إلَى سَطْحِ الْجَارِ وَالْحَالُ أَنَّهُ بَعْدَ التَّعْلِيَةِ الْمَزْبُورَةِ يَبْقَى بَيْنَ سَطْحِ الْمَطْبَخِ وَسَطْحِ الْجَارِ أَكْثَرُ مِنْ قَامَتَيْ رَجُلٍ فَهَلْ لَهُ تَعْلِيَةُ سَطْحِهِ كَمَا ذُكِرَ وَيُمْنَعُ الْجَارُ مِنْ مُعَارَضَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي جُنَيْنَةِ جَارِيَةٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ مُلَاصِقَةٍ لِحَوَانِيتِ جَارِيَةٍ فِي وَقْفٍ أَهْلِيٍّ فَفَتَحَ نَاظِرُهُ شَبَابِيكَ لِلْحَوَانِيتِ مِظَلَّةً عَلَى الْجُنَيْنَةِ وَيُرِيدُ نَاظِرُ وَقْفِ الْجُنَيْنَةِ أَنْ يَبْنِيَ بَيْتًا تُجَاهَ الشَّبَابِيكِ يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا

فَاصِلٌ وَفِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلْوَقْفِ لِكَوْنِ غَلَّةِ الْبَيْتِ فَوْقَ غَلَّةِ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ وَالْأَرْضُ مُتَّصِلَةٌ بِبُيُوتِ الْمِصْرِ يَرْغَبُ النَّاسُ فِي اسْتِئْجَارِ بُيُوتِهَا وَيُعَارِضُهُ فِي ذَلِكَ نَاظِرُ الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَسُوغُ لِنَاظِرِ وَقْفِ الْجُنَيْنَةِ ذَلِكَ وَيُمْنَعُ نَاظِرُ الْوَقْفِ الْأَهْلِيِّ مِنْ مُعَارَضَتِهِ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَإِنْ أَرَادَ قَيِّمُ الْوَقْفِ أَنْ يَبْنِيَ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ بُيُوتًا يَسْتَغِلُّهَا بِالْإِجَارَةِ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اسْتِغْلَالَ أَرْضِ الْوَقْفِ يَكُونُ بِالزَّرْعِ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُتَّصِلَةً بِبُيُوتِ الْمِصْرِ يَرْغَبُ النَّاسُ فِي اسْتِئْجَارِ بُيُوتِهَا وَتَكُونُ غَلَّةُ ذَلِكَ فَوْقَ غَلَّةِ الزَّرْعِ وَالنَّخْلِ كَانَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا بُيُوتًا فَيُؤَجِّرَهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِغْلَالَ بِهَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ بَحْرٌ مِنْ الْوَقْفِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ حَائِطٌ مُخْتَصٌّ بِهِ فَاصِلٌ بَيْنَ دَارِهِ وَدَارِ جَارِهِ يُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يَفْتَحَ فِي أَعْلَى الْحَائِطِ الْمَزْبُورِ كُوَّةً لِيَضَعَ فِيهَا قَمَرِيَّةً لِلضَّوْءِ فَوْقَ قَامَةِ الرَّجُلِ وَلَا تَكْشِفُ عَلَى مَحَلِّ نِسَاءِ أَحَدٍ أَصْلًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي طَبْلَةٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَاصِلَةٍ بَيْنَ دَارَيْهِمَا انْهَدَمَتْ وَلِأَحَدِهِمَا بَنَاتٌ وَنِسْوَةٌ فَأَرَادَ أَنْ يَبْنِيَهَا وَأَبَى الْآخَرُ فَهَلْ يُؤْمَرُ بِالْبِنَاءِ مَعَهُ؟ (الْجَوَابُ) : إنْ كَانَ أَصْلُ الطَّبْلَةِ الْمَذْكُورَةِ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ بِأَنْ يُمْكِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَبْنِيَ فِي نَصِيبِهِ سُتْرَةً لَا يُجْبَرُ الْآبِي عَلَى الْبِنَاءِ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الطَّبْلَةِ الْمَزْبُورَةِ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ يُؤْمَرُ الْآبِي بِالْبِنَاءِ عَلَى قَوْلِ أَبِي اللَّيْثِ لِفَسَادِ الزَّمَانِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ جِدَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ انْهَدَمَ وَلِأَحَدِهِمَا بَنَاتٌ وَنِسْوَةٌ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْعِيَالِ أَنْ يَبْنِيَهُ وَأَبَى الْآخَرُ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُجْبَرُ الْآبِي وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي زَمَانِنَا يُجْبَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا سُتْرَةٌ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ أَصْلُ الْجِدَارِ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ يُمْكِنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَبْنِيَ فِي نَصِيبِهِ سُتْرَةً لَا يُجْبَرُ الْآبِي عَلَى الْبِنَاءِ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْحَائِطِ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يُؤْمَرُ الْآبِي بِالْبِنَاءِ قَاضِي خَانْ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ فَصْلٍ فِي مَسَائِلِ الْحِيطَانِ فَارْجِعْ إلَيْهِ، فَإِنَّ فِيهِ فَوَائِدَ غَيْرَ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُ قَاضِي خَانْ وَهُوَ حَسَنٌ جِدًّا، وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ فِي السُّؤَالِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ لَا يَكُونُ أُسُّ الطَّبْلَةِ مُحْتَمِلًا لِلْقِسْمَةِ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ اقْتَسَمُوهَا بَيْنَهُمْ بِالتَّرَاضِي وَالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَقَالَ أَحَدُهُمْ نَبْنِي حَائِطًا حَاجِزًا بَيْنَنَا دَفْعًا لِاطِّلَاعِ الْبَاقِينَ عَلَيْهِ فِي حَالٍ لَا يَجُوزُ لَهُمْ الِاطِّلَاعُ وَلِدَفْعِ أَذِيَّتِهِمْ عَنْهُ فَهَلْ يَأْمُرُهُمْ الْقَاضِي بِبِنَاءِ حَائِطٍ بَيْنَهُمْ وَيُخْرِجُ كُلٌّ مِنْ النَّفَقَةِ بِحِصَّتِهِ يَفْعَلُهُ الْقَاضِي لِلْمَصْلَحَةِ؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ اقْتَسَمَاهَا وَقَالَ أَحَدُهُمَا نَبْنِي حَائِطًا حَاجِزًا بَيْنَنَا فَلَيْسَ عَلَى الْآخَرِ إجَابَتُهُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يُؤْذِي صَاحِبَهُ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ فِي حَالٍ لَا يَجُوزُ لَهُ الِاطِّلَاعُ كَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُمَا بِبِنَاءِ حَائِطٍ بَيْنَهُمَا وَيُخْرِجُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ النَّفَقَةِ بِحِصَّتِهِ يَفْعَلُهُ الْقَاضِي لِلْمَصْلَحَةِ. اهـ. وَقَدْ حَصَلَ بِمَا ذَكَرْنَا الْجَوَابُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. (سُئِلَ) فِي حَائِطٍ فَاصِلٍ بَيْنَ دَارِ زَيْدٍ وَدَارِ عَمْرٍو مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ جُذُوعٌ وَيُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهِ جُذُوعًا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ عَمْرٍو أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ وَيُقَالُ لَهُ ضَعْ أَنْتَ مِثْلَ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ خَشَبٌ فَأَرَادَ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهِ خَشَبًا لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَمْنَعَهُ وَيُقَالُ لَهُ ضَعْ أَنْتَ مِثْلَ ذَلِكَ إنْ شِئْت هَكَذَا حُكِيَ عَنْ الْقَاضِي الْإِمَامِ صَاعِدٍ النَّيْسَابُورِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَكَانَ يُفَرِّقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ لَهُمَا عَلَيْهِ خَشَبٌ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَزِيدَ خَشَبًا عَلَى خَشَبِ صَاحِبِهِ أَوْ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ عَلَيْهِ سُتْرَةً أَوْ يَفْتَحَ كُوَّةً أَوْ بَابًا حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ وَكَانَ لِصَاحِبِهِ وِلَايَةُ الْمَنْعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ

صَاحِبِهِ إلَّا أَنَّا تَرَكْنَا الْقِيَاسَ لِضَرُورَةِ أَنَّا لَوْ مَنَعْنَاهُ عَنْ وَضْعِ الْخَشَبِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ رُبَّمَا لَا يَأْذَنُ شَرِيكُهُ فِي ذَلِكَ فَتَتَعَطَّلُ عَلَيْهِ مَنْفَعَةُ الْحَائِطِ وَهَذِهِ الضَّرُورَةُ مُنْعَدِمَةٌ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي عَدَدْنَاهَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْحِيطَانِ فِي. (سُئِلَ) فِي حَائِطٍ فَاصِلٍ بَيْنَ دَارِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ وَيُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ طَبْلَةً بِدُونِ إذْنٍ مِنْ شَرِيكِهِ وَلَا رِضًا مِنْهُ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ قَاضِي خَانْ جِدَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَزِيدَ فِي الْبِنَاءِ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ أَضَرَّ الشَّرِيكُ بِذَلِكَ أَمْ لَمْ يَضُرَّ. اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ جِدَارٌ بَيْنَهُمَا لَهُمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا زِيَادَةَ حَمْلٍ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي حَائِطٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَاصِلٍ بَيْنَ دَارَيْهِمَا وَلَهُمَا عَلَيْهِ خَشَبٌ يُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يَفْتَحَ فِي الْحَائِطِ كُوَّاتٍ وَيَضَعَ فِيهَا أَخْشَابًا زَائِدَةً عَلَى أَخْشَابِ جَارِهِ عَمْرٍو كُلُّ ذَلِكَ بِلَا إذْنٍ مِنْ عَمْرٍو فَهَلْ لَيْسَ لِزَيْدٍ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ عَمْرٍو؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ كَانَ جُذُوعُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَزِيدَ فِي جُذُوعِهِ إذَا كَانَ الْحَائِطُ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ وَلَمْ يَفْصِلُوا بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ. فُصُولُ عِمَادِيَّةٍ فِي وَحَدُّ الْقَدِيمِ أَنْ لَا يَحْفَظَ الْأَقْرَانُ وَرَاءَ هَذَا الْوَقْتِ كَيْفَ كَانَ يُجْعَلُ أَقْصَى الْوَقْتِ الَّذِي يَحْفَظُهُ النَّاسُ حَدُّ الْقَدِيمِ وَمَا ذُكِرَ فِي حَدِّ الْقَدِيمِ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْقِدَمِ وَالْآخَرُ عَلَى أَنَّهُ مُحْدَثٌ فَبَيِّنَةُ الْقِدَمِ أَوْلَى وَشَهَادَةُ أَهْلِ السِّكَّةِ فِي هَذَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ خُلَاصَةٌ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ (أَقُولُ) قَوْلُهُ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَزِيدَ فِي جُذُوعِهِ إلَخْ أَيْ إلَى أَنْ يَبْلُغَ مِقْدَارَ جُذُوعِ الْآخَرِ أَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي صُورَةِ السُّؤَالِ فَلَا بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ فِي السُّؤَالِ السَّابِقِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْخَانِيَّةِ كَمَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ وَنَصُّهُ: وَلَوْ كَانَ الْحَائِطُ بَيْنَ دَارَيْ رَجُلَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِيهِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ يَقْضِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ هُوَ الْمُخْتَارُ، فَإِنْ كَانَ جُذُوعُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَزِيدَ فِي جُذُوعِهِ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ جُذُوعِ صَاحِبِهِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَهَذَا إذَا كَانَ الْحَائِطُ يَحْتَمِلُ الزِّيَادَةَ، فَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَمِلُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ خَانِيَّةٌ مِنْ بَابٍ فِي دَعْوَى الْحَائِطِ وَالطَّرِيقِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الْقِدَمِ وَالْحُدُوثِ وَلَمْ يُقِمْ مُدَّعِي الْحُدُوثِ بَيِّنَةً عَلَى مُدَّعَاهُ وَجَحَدَ الْقِدَمَ وَثَبَتَ الْقِدَمُ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ لَدَى قَاضٍ شَرْعِيٍّ قَضَى بِهَا فَهَلْ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ بَعْدَ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الْقِدَمِ وَالْحُدُوثِ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ بَيِّنَةُ الْقِدَمِ أَوْلَى وَفِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَاتِ لِلْبَغْدَادِيِّ عَنْ الْقُنْيَةِ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ أَوْلَى وَذَكَرَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى أَنَّ بَيِّنَةَ الْقِدَمِ أَوْلَى فِي الْبِنَاءِ وَبَيِّنَةَ الْحُدُوثِ أَوْلَى فِي الْكَنِيفِ. اهـ. قَالَ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِي لَهُ كَنِيفٌ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَزَعَمَ غَيْرُهُ أَنَّهُ مُحْدَثٌ وَزَعَمَ صَاحِبُهُ أَنَّهُ قَدِيمٌ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ مُحْدَثٌ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ وِلَايَةَ النَّقْضِ ثُمَّ رَقْمٌ لِآخَرَ الْقَوْلُ فِي هَذَا قَوْلُ الْمُدَّعِي بِالْقِدَمِ لِكَوْنِهِ مُتَمَسِّكًا بِالْأَصْلِ. اهـ. وَفِي رِسَالَةِ الْحُجَجِ وَالْبَيِّنَاتِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي تَرْجِيحِ الْبَيِّنَةِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْأُصُولِ إنَّمَا هُوَ كَوْنُهَا مُثْبِتَةً خِلَافَ الظَّاهِرِ إذْ الْبَيِّنَةُ إنَّمَا شُرِعَتْ لِإِثْبَاتِ أَمْرٍ حَادِثٍ وَالْيَمِينُ لِإِبْقَائِهِ عَلَى مَا كَانَ. اهـ. فَعَلَى هَذَا بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ تُقَدَّمُ وَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْخُلَاصَةِ مِنْ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْقِدَمِ فَذَاكَ فِي الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ صَدْرَ عِبَارَتِهِمَا فِي الْبِنَاءِ وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى وَفِي غَيْرِ الْبِنَاءِ بَيِّنَةُ الْحُدُوثِ مُقَدَّمَةٌ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ أَمْرًا حَادِثًا فَتَأَمَّلْ وَقَدْ أَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ سَابِقًا بِتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْحُدُوثِ عَلَى بَيِّنَةِ الْقِدَمِ وَقَالَ كَمَا هُوَ مَنْقُولُ الْمَذْهَبِ وَذَلِكَ فِي حَادِثَةِ الشُّرْبِ مِنْ نَهْرٍ مَخْصُوصٍ كَمَا هُوَ مَسْطُورٌ فِي فَتَاوَاهُ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ، فَإِنْ قَضَى بِأَحَدِهِمَا أَوَّلًا بَطَلَتْ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الْأُولَى

تَرَجَّحَتْ بِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهَا فَلَا يَقْضِي بِالثَّانِيَةِ وَنَظِيرُهُ لَوْ كَانَ مَعَ رَجُلٍ ثَوْبَانِ أَحَدُهُمَا نَجَسٌ فَتَحَرَّى وَصَلَّى بِأَحَدِهِمَا ثُمَّ وَقَعَ تَحَرِّيه عَلَى طَهَارَةِ الْآخَرِ لَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ اتَّصَلَ بِهِ حُكْمُ الشَّرْعِ فَلَا يُنْقَضُ بِوُقُوعِ التَّحَرِّي فِي الْآخَرِ كَذَا فِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَاتِنِ وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ قَتَلَ زَيْدًا يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ إلَى أَنْ قَالَ، فَإِنْ قَضَى بِأَحَدِهِمَا أَوَّلًا بَطَلَتْ الْأُخْرَى وَنَقَلَهَا الْعَلَائِيُّ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا عِنْدَ قَوْلِهِ فُرُوعٌ وَتَعَارُضُ الْبَيِّنَاتِ إلَخْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (أَقُولُ) ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ مَسْأَلَةَ بَيِّنَةِ الْحُدُوثِ وَالْقِدَمِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَفِي كِتَابِ الشُّرْبِ أَيْضًا وَقَدَّمْنَا مَا تَحَرَّرَ لَنَا فِيهَا وَأَنَّ الْمُؤَلِّفَ قَيَّدَ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا لَمْ يَذْكُرَا تَارِيخًا، فَإِنْ أَرَّخَا قُدِّمَ الْأَسْبَقُ تَارِيخًا كَمَا هُوَ مَنْصُوصُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ. (سُئِلَ) فِي حَائِطٍ فَاصِلٍ بَيْنَ دَارٍ زَيْدٍ وَدَارِ هِنْدٍ لِزَيْدٍ عَلَيْهِ ثَمَانِ خَشَبَاتٍ وَلِهِنْدٍ عَلَيْهِ خَشَبَةٌ وَاحِدَةٌ لَا غَيْرُ فَوَهِيَ الْحَائِطُ وَاحْتَاجَ إلَى الْعِمَارَةِ فَهَلْ تَكُونُ عِمَارَتُهُ عَلَى زَيْدٍ وَعَلَى هِنْدٍ مَوْضِعَ خَشَبَتِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ جِدَارٌ بَيْنَهُمَا لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ عَشْرَةُ جُذُوعٍ وَلِلْآخَرِ جِذْعٌ فَلِصَاحِبِ الْجِذْعِ مَوْضِعُ جِذْعِهِ وَالْحَائِطُ لِلْآخَرِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الثَّانِي فِي الْحَائِطِ وَعِمَارَتِهِ. (سُئِلَ) فِي حَائِطٍ فَاصِلٍ بَيْنَ دَارِ زَيْدٍ وَدَارِ عَمْرٍو وَلِزَيْدٍ عَلَيْهِ أَخْشَابٌ نَحْوُ الْعَشَرَةِ وَمُتَّصِلٌ بِحَائِطِهِ اتِّصَالَ تَرْبِيعٍ وَلَيْسَ لِعَمْرٍو عَلَيْهِ سِوَى جِذْعٍ وَاحِدٍ وَاحْتَاجَ لِلتَّعْمِيرِ وَتَنَازَعَا فِيهِ فَلِمَنْ يُقْضَى بِهِ وَعَلَى مَنْ يَكُونُ تَعْمِيرُهُ؟ (الْجَوَابُ) : يُقْضَى بِهِ لِزَيْدٍ، وَلِعَمْرٍو مَوْضِعُ خَشَبَتِهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جِذْعٌ أَوْ جِذْعَانِ دُونَ الثَّلَاثِ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَجْذَاعٍ أَوْ أَكْثَرُ ذَكَرَ فِي النَّوَازِلِ أَنَّ الْحَائِطَ يَكُونُ لِصَاحِبِ الثَّلَاثِ وَلِصَاحِبِ مَا دُونَ الثَّلَاثِ مَوْضِعُ جُذُوعِهِ قَالَ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ آخِرًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْحَائِطُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَبِهِ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَا إلَى الِاسْتِحْسَانِ خَانِيَّةٌ مِنْ بَابِ دَعْوَى الْحَائِطِ وَالطَّرِيقِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَمِثْلُهُ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ. (سُئِلَ) فِي حَائِطٍ مَعْلُومٍ مُتَّصِلٍ بِدَارِ زَيْدٍ مِنْ الطَّرَفَيْنِ اتِّصَالَ تَرْبِيعٍ وَلِهِنْدٍ عَلَيْهِ جُذُوعٌ مِنْ غَيْرِ اتِّصَالٍ فَهَلْ يَكُونُ صَاحِبُ الِاتِّصَالِ أَوْلَى وَلَا يَرْفَعُ جُذُوعَ هِنْدٍ؟ (الْجَوَابُ) : إنْ كَانَ الِاتِّصَالُ فِي طَرَفَيْ الْحَائِطِ فَصَاحِبُ الِاتِّصَالِ أَوْلَى وَلَا يَرْفَعُ جُذُوعَهَا وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا اتِّصَالُ تَرْبِيعٍ وَلِلْآخَرِ جُذُوعٌ، فَإِنْ كَانَ الِاتِّصَالُ فِي طَرَفَيْ الْحَائِطِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ فَصَاحِبُ الِاتِّصَالِ أَوْلَى، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ. وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْأَمَالِي فَقَدْ رُجِّحَ صَاحِبُ الِاتِّصَالِ عَلَى صَاحِبِ الْجُذُوعِ؛ لِأَنَّ لِلتَّرْبِيعِ سَبْقًا عَلَى الِاسْتِعْمَالِ بِوَضْعِ الْجُذُوعِ فَكَانَ صَاحِبُ الِاتِّصَالِ أَوْلَى إلَّا أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ جُذُوعَ الْآخَرِ عِمَادِيَّةٌ. (سُئِلَ) فِي حَائِطٍ فَاصِلٍ بَيْنَ دَارِ زَيْدٍ وَدَارِ عَمْرٍو وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا لِزَيْدٍ عَلَيْهِ جُذُوعٌ فِي أَعْلَاهُ وَلِعَمْرٍو عَلَيْهِ جُذُوعٌ فِي أَسْفَلِهِ، يُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يُسْفِلَ جُذُوعَهُ وَلَا يَضُرَّ بِالْحَائِطِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَإِنْ أَرَادَ صَاحِبُ الْأَعْلَى أَنْ يُسْفِلَ جُذُوعَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ بِالْحَائِطِ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا. وَفِي الْحَاوِي: حَائِطٌ بَيْنَهُمَا لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ جُذُوعٌ فِي أَعْلَاهُ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُسْفِلَهُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ ضَرَرًا، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْفَعَ مِنْ الْأَسْفَلِ إلَى الْأَعْلَى لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ جُذُوعٌ فَلِلَّذِي هُوَ صَاحِبُ السُّفْلِ أَنْ يَرْفَعَهُ بِحِذَاءِ صَاحِبِ الْأَعْلَى إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْحَائِطِ. وَفِي الذَّخِيرَةِ: سُئِلَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ جِدَارٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ لَهُمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ وَحُمُولَةُ أَحَدِهِمَا أَسْفَلُ مِنْ حُمُولَةِ الْآخَرِ وَأَرَادَ هُوَ أَنْ يَرْفَعَ حُمُولَتَهُ وَيَضَعَهَا بِإِزَاءِ حُمُولَةِ صَاحِبِهِ، قَالَ: لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ مَنْعُهُ وَلَوْ كَانَتْ حُمُولَةُ أَحَدِهِمَا فِي وَسَطِ الْجِدَارِ وَحُمُولَةُ الْآخَرِ فِي أَعْلَاهُ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْأَوْسَطِ أَنْ يَضَعَ حُمُولَتَهُ فِي أَعْلَى الْجِدَارِ، فَإِنْ كَانَ الْجِدَارُ مِنْ أَسْفَلِهِ إلَى

أَعْلَاهُ بَيْنَهُمَا وَلَا يُدْخِلُ عَلَى صَاحِبِ الْأَعْلَى مَضَرَّةً فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ يُدْخِلُ عَلَيْهِ مَضَرَّةً فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِمَادِيَّةٌ مِنْ الْحِيطَانِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَفِي صُلْحِ النَّوَازِلِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا مَرَّ أَنَّ صَاحِبَ الْأَوْسَطِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ؛ لِأَنَّهُ أَضَرَّ بِالْحَائِطِ. أَمَّا لَوْ أَرَادَ أَنْ يُسْفِلَ الْجُذُوعَ مِنْ أَعْلَى الْحَائِطِ إلَى أَسْفَلِهِ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُحَوِّلَهَا مِنْ الْأَيْمَنِ إلَى الْأَيْسَرِ أَوْ مِنْ الْأَيْسَرِ إلَى الْأَيْمَنِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ خُلَاصَةٌ وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِي حَائِطَيْنِ فَاصِلَيْنِ بَيْنَ دَارَيْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَلَهُمَا عَلَى أَحَدِ الْحَائِطَيْنِ رُكُوبٌ وَالْحَائِطُ الْآخَرُ مُتَّصِلٌ بِبِنَاءِ زَيْدٍ اتِّصَالَ تَرْبِيعٍ مِنْ جَانِبِ دَارِ زَيْدٍ وَاتِّصَالَ مُلَازَقَةٍ مِنْ جَانِبِ دَارِ عَمْرٍو وَعَلَيْهِ خَشَبَةٌ وَاحِدَةٌ لِعَمْرٍو، وَيُرِيدُ عَمْرٌو أَنْ يَرْكَبَ عَلَى الْأَوَّلِ بِرُكُوبٍ آخَرَ لَا يَحْتَمِلُهُ الْحَائِطُ وَأَنْ يَرْكَبَ عَلَى جَمِيعِ الْآخَرِ بِأَخْشَابٍ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ زَيْدٍ وَلَا رِضَاهُ، فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ جِدَارٌ بَيْنَهُمَا لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ عَشْرَةُ جُذُوعٍ وَلِلْآخَرِ جِذْعٌ فَلِصَاحِبِ الْجِذْعِ مَوْضِعُ جِذْعِهِ وَالْحَائِطُ لِلْآخَرِ بَزَّازِيَّةٌ وَفِيهَا أَيْضًا جِدَارٌ بَيْنَهُمَا لَهُمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ أَرَادَ أَحَدُهُمَا زِيَادَةَ حَمْلٍ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُهُ بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ. اهـ. وَفِيهَا أَيْضًا جِدَارٌ بَيْنَهُمَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ سَقْفًا آخَرَ وَغُرْفَةً يُمْنَعُ، وَكَذَا إذَا أَرَادَ أَحَدُهُمَا وَضْعَ السُّلَّمِ يُمْنَعُ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْقَدِيمِ كَذَلِكَ. اهـ. وَإِنْ كَانَ كِلَا الِاتِّصَالَيْنِ اتِّصَالَ تَرْبِيعٍ أَوْ اتِّصَالَ مُجَاوَرَةٍ يُقْضَى بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا تَرْبِيعٌ وَلِلْآخَرِ مُلَازَقَةٌ يُقْضَى لِصَاحِبِ التَّرْبِيعِ، وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا تَرْبِيعٌ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ جُذُوعٌ فَصَاحِبُ الِاتِّصَالِ أَوْلَى ثُمَّ فِي اتِّصَالِ التَّرْبِيعِ هَلْ يَكْفِي مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ فَعَلَى رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ يَكْفِي وَهَذَا أَظْهَرُ، وَإِنْ كَانَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يُشْتَرَطُ مِنْ جَوَانِبِهِ الْأَرْبَعِ وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ قُضِيَ لَهُمَا وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ قُضِيَ لَهُ خُلَاصَةٌ مِنْ الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْحَائِطُ مُتَّصِلًا بِبِنَائِهِمَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ، فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ بَيْنَهُمَا. هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الدَّعْوَى وَلَيْسَ ثَمَّةَ مَنْ يُنَازِعُهُمَا فِيهِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَيُقْضَى بَيْنَهُمَا إلَخْ عِمَادِيَّةٌ (أَقُولُ) وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ جُذُوعُ أَحَدِهِمَا فِي أَحَدِ النِّصْفَيْنِ وَجُذُوعُ الْآخَرِ فِي النِّصْفِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا عَلَيْهِ جُذُوعُهُ وَمَا بَيْنَ النِّصْفَيْنِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا. اهـ. (سُئِلَ) فِي جِدَارٍ بَيْنَ دَارَيْ رَجُلَيْنِ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ وَجُذُوعُ أَحَدِهِمَا أَسْفَلُ مِنْ جُذُوعِ الْآخَرِ فَأَرَادَ هُوَ رَفْعَ جُذُوعِهِ وَوَضْعَهَا بِإِزَاءِ جُذُوعِ صَاحِبِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ مَنْعُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ. (سُئِلَ) فِي حَائِطٍ فَاصِلٍ بَيْنَ مَكَانِ جَارٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ وَبَيْنَ دَارٍ جَارِيَةٍ فِي وَقْفِ بِرٍّ آخَرَ وَهُوَ مُتَّصِلٌ بِحَائِطَيْنِ آخَرَيْنِ لِلْمَكَانِ اتِّصَالَ تَرْبِيعٍ وَعَلَيْهِ أَيْضًا حُمُولَةٌ لِلْمَكَانِ فِي وَسَطِهِ وَلِلدَّارِ الْمَزْبُورَةِ عَلَيْهِ جُذُوعٌ فِي أَعْلَاهُ وَتَنَازَعَ فِيهِ كُلٌّ مِنْ مُتَوَلِّي الْوَقْفَيْنِ فَلِمَنْ يُقْضَى بِهِ؟ (الْجَوَابُ) : يُقْضَى بِهِ لِمَنْ كَانَ لَهُ اتِّصَالُ تَرْبِيعٍ وَعَلَيْهِ حُمُولَةٌ فِي وَسَطِهِ لَا لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ جُذُوعٌ فِي أَعْلَاهُ وَلَا تُرْفَعُ جُذُوعُ الْأَعْلَى كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْخَانِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ. وَعِبَارَةُ الذَّخِيرَةِ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا اتِّصَالُ تَرْبِيعٍ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ جُذُوعٌ، فَإِنْ كَانَ الِاتِّصَالُ فِي طَرَفِ الْحَائِطِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ فَصَاحِبُ الِاتِّصَالِ أَوْلَى وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ. وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْأَمَالِي فَقَدْ رَجَّحَ صَاحِبَ الِاتِّصَالِ عَلَى صَاحِبِ الْجُذُوعِ، وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْحَائِطِ يَدُ اسْتِعْمَالٍ؛ لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ بِالتَّرْبِيعِ سَابِقٌ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ بِالْجُذُوعِ لِأَنَّ التَّرْبِيعَ يَكُونُ حَالَةَ الْبِنَاءِ وَالْبِنَاءُ يَكُونُ سَابِقًا عَلَى وَضْعِ الْجُذُوعِ فَكَانَ صَاحِبُ الِاتِّصَالِ أَوْلَى بِهَذَا إلَّا أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ جُذُوعَ الْآخَرِ. اهـ. خُصُوصًا وَلَهُ عَلَيْهِ حُمُولَةٌ فِي وَسَطِهِ فَقَدْ نَقَلَ فِي الْعِمَادِيَّةِ مَا نَصُّهُ: وَإِنْ كَانَ جُذُوعُ أَحَدِهِمَا أَسْفَلَ وَجُذُوعُ الْآخَرِ أَعْلَى بِطَبَقَةٍ وَتَنَازَعَا فِي الْحَائِطِ، فَإِنَّهُ لِصَاحِبِ الْأَسْفَلِ

لِسَبْقِ يَدِهِ وَلَا تُرْفَعُ جُذُوعُ الْأَعْلَى. اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بَيْتٌ يَعْلُوهُ مُشْرِقَةٌ لِعَمْرٍو يَنْتَفِعُ بِهَا عَمْرٌو مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ وَإِلَى الْآنَ، وَيُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يَبْنِيَ مَكَانَ الْمُشْرِقَةِ طَبَقَةً وَيَمْنَعَ عَمْرًا مِنْ الِانْتِفَاعِ بِذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ عَمْرٍو وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لِزَيْدٍ ذَلِكَ وَيَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ أَشْجَارٌ تَدَلَّتْ أَغْصَانُهَا إلَى أَرْضِ عَمْرٍو وَأَضَرَّتْ بِهَا وَطَلَبَ عَمْرٌو تَحْوِيلَهَا فَهَلْ يُؤْمَرُ زَيْدٌ بِتَحْوِيلِهَا عَنْ أَرْضِ عَمْرٍو وَتَفْرِيغِ هَوَائِهِ بِحَبْلٍ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا يُجْبَرُ عَلَى الْقَطْعِ إنْ أَبَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَعِبَارَتُهُ: بَاعَ ضَيْعَةً وَلِلْبَائِعِ أَشْجَارٌ فِي ضَيْعَةٍ أُخْرَى بِجَنْبِ هَذِهِ الضَّيْعَةِ أَغْصَانُهَا مُتَدَلِّيَةٌ فِي الْمَبِيعَةِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَهُ بِتَفْرِيغِ الْمَبِيعَةِ مِنْ الْأَغْصَانِ الْمُتَدَلِّيَةِ فِيهَا، وَكَذَا لَوْ وَرِثَهَا وَفِي جَنْبِهَا ضَيْعَةٌ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَمُوَرِّثِهِ فَلَهُ تَفْرِيغُ ضَيْعَتِهِ مِنْ تِلْكَ الْأَغْصَانِ فَكَذَا وَارِثُهُ. فِيهِ وَقَعَتْ شَجَرَةٌ فِي نَصِيبِ أَحَدِ الْمُتَقَاسِمَيْنِ مُتَدَلِّيَةً إلَى نَصِيبِ الْآخَرِ يُجْبَرُ صَاحِبُهَا عَلَى قَطْعِ الْأَغْصَانِ فِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَنْهُ يُتْرَكُ كَذَلِكَ. وَفِي كِتَابِ الصُّلْحِ خَرَجَ شِعْبُ نَخْلَتِهِ إلَى جَارِهِ فَلِلْجَارِ قَطْعُهَا لِتَفْرِيغِ هَوَائِهِ. قَالُوا هَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: فَلَوْ كَانَ تَفْرِيغُهُ بِشَدِّ الشِّعْبِ عَلَى النَّخْلَةِ أَوْ تَفْرِيغِ بَعْضِهِ بِشَدِّ بَعْضِهَا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ رَبَّ النَّخْلَةِ بِالشَّدِّ لَا بِالْقَطْعِ فِيمَا أَمْكَنَ التَّفْرِيغُ بِشَدِّهِ، وَأَمَّا مَا لَا يُمْكِنُ تَفْرِيغُهُ إلَّا بِقَطْعِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتَأْذِنَ رَبَّهَا فَيَقْطَعَ بِنَفْسِهِ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ بِهِ وَلَوْ أَبَى يَرْفَعُ إلَى الْقَاضِي فَيُجْبِرُهُ عَلَى الْقَطْعِ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ خَرِبَةً فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ لَهَا بَابٌ قَدِيمٌ فِي السِّكَّةِ فَبَنَى فِيهَا بِنَاءً وَجَعَلَهَا دَارًا وَأَخَذَ بَيْتًا مِنْ دَارٍ أُخْرَى بَابُهَا فِي سِكَّةٍ أُخْرَى وَضَمَّهُ لِلدَّارِ الَّتِي بَنَاهَا وَفَتَحَ لَهُ بَابًا فِي الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ وَصَارَ يَدْخُلُ مِنْهُ فِي دَارِهِ وَيَسْتَطْرِقُ مِنْ دَارِهِ إلَى السِّكَّةِ الْأُولَى فَقَامَ بَعْضُ أَصْحَابِ السِّكَّةِ الْمَزْبُورَةِ يُعَارِضُونَ زَيْدًا فِي فَتْحِ الْبَابِ الْمَرْقُومِ مُتَعَلِّلِينَ بِأَنَّ الْبَيْتَ لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ بُيُوتِ أَهْلِ السِّكَّةِ فَهَلْ لَهُ الْفَتْحُ وَيُمْنَعُونَ مِنْ الْمُعَارَضَةِ؟ (الْجَوَابُ) : لَهُ فَتْحُ بَابٍ لِدَارِهِ الَّتِي كَانَتْ خَرِبَةً كَمَا كَانَ فِي الْقَدِيمِ وَمِنْهَا إلَى الْبَيْتِ الْمَذْكُورِ وَيُمْنَعُونَ مِنْ مُعَارَضَتِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. لَهُ دَارٌ فِي سِكَّةٍ لَا تَنْفُذُ فَشَرَى بِجَنْبِ دَارِهِ بَيْتًا ظَهْرُهُ فِي هَذِهِ السِّكَّةِ، قِيلَ: لَهُ أَنْ يَفْتَحَ مِنْ ظَهْرِهِ بَابًا فِي السِّكَّةِ وَقِيلَ: لَا وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا لِلْبَيْتِ فِي دَارِهِ لِيَدْخُلَ مِنْهُ فِي دَارِهِ وَيَتَطَرَّقَ مِنْ دَارِهِ إلَى السِّكَّةِ، فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَوْ فَتَحَ لِلْبَيْتِ بَابًا فِي السِّكَّةِ يَصِيرُ طَرِيقُ السِّكَّةِ طَرِيقًا لِلْبَيْتِ إذْ الدُّخُولُ فِي الْبَيْتِ يَكُونُ مِنْ طَرِيقِ السِّكَّةِ وَفِيهِ ضَرَرٌ لِأَهْلِ السِّكَّةِ إذْ رَبُّ الدَّارِ مَتَى بَاعَ هَذَا الْبَيْتَ بِحُقُوقِهِ دَخَلَ هَذَا الطَّرِيقُ فِي الْبَيْعِ فَيَزْدَادُ شَرِيكًا آخَرَ فِي طَرِيقِ السِّكَّةِ وَفِيهِ ضَرَرٌ فِي الْحَالِ بِأَنْ يَضِيقَ الطَّرِيقُ بِكَثْرَةِ الْمَارَّةِ، وَفِي الْمَآلِ بِأَنَّهُ رُبَّمَا يُشْتَبَهُ مَقَادِيرُ الْأَنْصِبَاءِ فِي الطَّرِيقِ بِطُولِ الْعَهْدِ فَيَحْتَاجُ إلَى قِسْمَةِ الطَّرِيقِ فَيَنْقَسِمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ فَيُصِيبُ مُشْتَرِي الْبَيْتِ شَيْءٌ مِنْ الطَّرِيقِ فَيَنْقُصُ حَقُّ أَهْلِ السِّكَّةِ، وَأَمَّا لَوْ فَتَحَ لِلْبَيْتِ بَابًا فِي دَارِهِ فَطَرِيقُ السِّكَّةِ لَا يَصِيرُ طَرِيقًا لِلْبَيْتِ إذْ لَا يَدْخُلُ لِلْبَيْتِ مِنْ طَرِيقِ السِّكَّةِ إنَّمَا يَدْخُلُ مِنْ دَارِهِ بِحُكْمِ الْمِلْكِ لَا بِحُكْمِ الطَّرِيقِ فَلَا يَصِيرُ طَرِيقُ الدَّارِ طَرِيقًا لِلْبَيْتِ فَلَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْبَيْتِ إذَا بِيعَ بِحُقُوقِهِ فَلَا يَزْدَادُ الشَّرِيكُ فِي الطَّرِيقِ بِبَيْعِ الْبَيْتِ فُصُولَيْنِ فِي وَمِثْلُهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ فِي دَخْلَةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَبَابُهَا فِي أَعْلَى الدَّخْلَةِ وَلِهِنْدٍ دَارٌ بَابُهَا فِي الْجِهَةِ السُّفْلَى لَيْسَ تَحْتَهُ بَابٌ لِأَحَدٍ وَيُرِيدُ زَيْدٌ تَحْوِيلَ بَابِهِ لِلْجِهَةِ السُّفْلَى مِنْ الدَّخْلَةِ تُجَاهَ بَابِ هِنْدٍ بِدُونِ إذْنِهَا وَلَا إذْنِ مَنْ بِالْقُرْبِ مِنْهَا مِنْ أَهْلِ الْجِهَةِ السُّفْلَى وَيُرِيدُ أَيْضًا بِنَاءَ طَبْلَةٍ فَوْقَ الْبَابِ الَّذِي يُرِيدُ فَتْحَهُ وَإِخْرَاجَ بُرُوزٍ لَهَا إلَى الدَّخْلَةِ تُجَاهَ بَابِ هِنْدٍ بِدُونِ إذْنِهَا وَلَا إذْنِ بَقِيَّةِ أَهْلِ الدَّخْلَةِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ

(الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي مَسْأَلَةِ السِّكَّةِ أَنَّ صَاحِبَ الدَّارِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا عَلَى الْجِدَارِ أَعْلَى مِنْ الْبَابِ الْقَدِيمِ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا أَسْفَلَ مِنْ الْبَابِ الْقَدِيمِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ: لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ وَرَاءَ بَابِ دَارِهِ وَهَكَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ عِمَادِيَّةٌ فِي وَهَكَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فِي وَفِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافٌ، وَإِنْ رُمْت اسْتِقْصَاءَهُ فَعَلَيْكَ بِهِمَا وَبِمَا ذَكَرْنَا أَجَابَ الشَّيْخُ الرَّمْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ الْخَيْرِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الْحِيطَانِ إلَى أَنْ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافَ التَّصْحِيحِ وَالْفَتْوَى وَلَكِنَّ الْمُتُونَ عَلَى الْمَنْعِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَلْيَكُنْ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ. وَلَوْ كَانَتْ الظُّلَّةُ عَلَى طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذٍ فَلَهُ أَنْ يُعِيدَهَا وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَهْدِمَهَا، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الظُّلَّةَ مُحْدَثَةٌ فَهَذَا وَمَا إذَا كَانَتْ الظُّلَّةُ عَلَى طَرِيقٍ نَافِذٍ سَوَاءٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعِيدَهَا وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي الدَّارِ وَطُرُقِهَا وَهُوَ إنَّمَا اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّ الْحَقَّ فِيهَا أَنْ يَهْدِمَهَا عِمَادِيَّةٌ فِي. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ فِي دَخْلَةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَلِدَارِهِ بَابٌ فِي الدَّخْلَةِ الْمَزْبُورَةِ فِي أَسْفَلِهَا يُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يَفْتَحَ لَهَا بَابًا آخَرَ فِي وَسَطِ الدَّخْلَةِ أَعْلَى مِنْ بَابِهِ الْأَوَّلِ فِي جِدَارِهِ الْخَاصِّ بِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ رَجُلٌ لَهُ دَارٌ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ لَهَا بَابٌ أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ لَهَا بَابًا آخَرَ أَسْفَلَ مِنْ بَابِهَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا آخَرَ أَعْلَى مِنْ بَابِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ خَانِيَّةٌ مِنْ بَابِ الْحِيطَانِ وَالطُّرُقِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ فِي شَارِعٍ دَارٌ لَهَا بَابٌ فَفَتَحَ لَهَا بِحِذَائِهِ بَابًا آخَرَ فِي الشَّارِعِ النَّافِذِ الْمَذْكُورِ وَصَارَ يَنْتَفِعُ بِهِ مُدَّةً قَامَ رَجُلٌ يُكَلِّفُهُ سَدَّهُ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لِلرَّجُلِ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ فِي السِّكَّةِ النَّافِذَةِ لَيْسَ لِلرَّجُلِ الْمَذْكُورِ تَكْلِيفُهُ بِسَدِّهِ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْبَحْرِ فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ تَحْتَ قَوْلِ الْكَنْزِ زَائِغَةٌ مُسْتَطِيلَةٌ إلَخْ إلَى أَنْ قَالَ: بِخِلَافِ النَّافِذَةِ، فَإِنَّ الْمُرُورَ فِيهَا حَقُّ الْعَامَّةِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ إلَخْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمُتُونِ وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى: رَجُلٌ لَهُ دَارٌ فِي زُقَاقٍ غَيْرِ نَافِذٍ وَأَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ لِدَارِهِ بَابًا آخَرَ إنْ كَانَ أَعْلَى مِمَّا كَانَ يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ أَسْفَلَ مِمَّا كَانَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ أَسْفَلَ مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الزُّقَاقُ نَافِذًا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُرُورِ ثَابِتٌ لِلْعَامَّةِ وَلَهُ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا آخَرَ كَيْفَمَا كَانَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ لَهَا بَابٌ قَدِيمٌ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فَسَدَّهُ وَفَتَحَ لَهَا بَابًا فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ وَمَضَى لِذَلِكَ مُدَّةٌ وَالْآنَ يُرِيدُ سَدَّ الْجَدِيدِ وَفَتْحَ الْقَدِيمِ وَأَهْلُ السِّكَّةِ مُقِرُّونَ بِهِ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ دَارًا بَابُهَا فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ وَقَدْ كَانَ بَابُ تِلْكَ الدَّارِ فِي الْقَدِيمِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَأَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَفْتَحَ بَابًا إلَى تِلْكَ السِّكَّةِ وَمَنَعَهُ الْجِيرَانُ عَنْ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ أَقَرَّ أَهْلُ السِّكَّةِ بِذَلِكَ الْبَابِ فَلَهُ أَنْ يَفْتَحَهُ وَيَمُرَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْبَائِعِ وَكَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَفْتَحَ ذَلِكَ الْبَابَ فَكَذَا لِمَنْ قَامَ مَقَامَهُ، وَإِنْ جَحَدَ أَهْلُ السِّكَّةِ ذَلِكَ الْبَابَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ مَعَ الْيَمِينِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي بَيِّنَةٌ، وَإِذَا حَلَّفَهُمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ إنْ حَلَفَ الْأَوَّلُ سَقَطَ الْأَيْمَانُ عَنْ الْبَاقِينَ؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ الْيَمِينِ النُّكُولُ وَلَوْ نَكَلُوا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ؛ لِأَنَّ لِلْأَوَّلِ أَنْ يَمْنَعَهُ لَمَّا حَلَفَ أَنَّهُ لَا طَرِيقَ لَهُ، وَإِنْ نَكَلَ الْأَوَّلُ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ غَيْرَهُ ثُمَّ وَثُمَّ، فَإِنْ نَكَلُوا جُمْلَةً كَانَ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ؛ لِأَنَّهُ كَالْإِقْرَارِ مِنْهُمْ. الْمَسْأَلَةُ فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فُصُولٌ عِمَادِيَّةٌ فِي. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ عَلَى طَرِيقٍ عَامٍّ فَاسْتَخْرَجَ زَيْدٌ مِنْ دَارِهِ الْمَزْبُورَةِ حَانُوتًا وَفَتَحَ بَابَهَا تُجَاهَ بَابِ عَمْرٍو وَيُعَارِضُهُ عَمْرٌو فِي ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ فَتْحُ الْبَابِ حَيْثُ كَانَ الطَّرِيقُ عَامًّا وَلَيْسَ لِعَمْرٍو مُعَارَضَتُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي سُفْلٍ انْهَدَمَ وَامْتَنَعَ صَاحِبُهُ مِنْ بِنَائِهِ وَعُلُوُّهُ طَبَقَةٌ يُرِيدُ صَاحِبُ الْعُلُوِّ الْبِنَاءَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : يُقَالُ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ لَيْسَ لَك طَرِيقٌ إلَى حَقِّكَ سِوَى أَنْ تَبْنِيَ السُّفْلَ بِنَفْسِك إنْ شِئْت

وَتَحْبِسَهُ عَنْ صَاحِبِهِ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَك قِيمَةَ الْبِنَاءِ. وَكَتَبَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى سُؤَالٍ آخَرَ: لَا يُجْبَرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى بِنَائِهِ أَمَّا صَاحِبُ الْعُلُوِّ فَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِعُلُوِّهِ فَقَطْ وَلَيْسَ بِمَالِكٍ، وَأَمَّا صَاحِبُ السُّفْلِ فَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لِذِي الْعُلُوِّ لَيْسَ لَك طَرِيقٌ إلَى حَقِّك سِوَى أَنْ تَبْنِيَ السُّفْلَ بِنَفْسِك إنْ شِئْت حَتَّى تَبْلُغَ مَوْضِعَ عُلُوِّك ثُمَّ ابْنِ عُلُوَّك وَامْنَعْ صَاحِبَ السُّفْلِ مِنْ الِانْتِفَاعِ وَلَك السُّكْنَى فِي عُلُوِّك وَالسُّفْلُ كَالرَّهْنِ فِي يَدِك حَتَّى يُؤَدِّيَ قِيمَةَ بِنَاءِ السُّفْلِ وَقَالَ الْخَصَّافُ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا أَنْفَقَ وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ إنْ بَنَى بِأَمْرِ الْقَاضِي يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ، وَإِنْ بَنَى بِغَيْرِ أَمْرِهِ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ثُمَّ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْبِنَاءِ لَا وَقْتَ الرُّجُوعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَقَاضِي خَانْ وَالْعَيْنِيِّ عَلَى الْكَنْزِ وَالْمُنْيَةِ وَغَيْرِهَا وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْحَانُوتِيُّ مُفَصَّلًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (أَقُولُ) بَقِيَ مَا لَوْ تَرَكَ صَاحِبُ السُّفْلِ الِانْتِفَاعَ بِسُفْلِهِ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الْقِيمَةِ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى الْأَدَاءِ؟ فَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ، لَكِنْ فِي حَاشِيَتِهِ لِلْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ أَنَّ هَذَا لَوْ بَنَى ذُو الْعُلُوِّ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي فَلَوْ بِإِذْنِهِ يُجْبَرُ عَلَى أَدَاءِ حِصَّتِهِ وَيُحْبَسُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ كَإِذْنِهِ بِنَفْسِهِ فَيَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الدُّيُونِ تَأَمَّلْ. اهـ. (سُئِلَ) فِي سُفْلٍ هَدَمَهُ صَاحِبُهُ وَامْتَنَعَ مِنْ بِنَائِهِ وَلِزَيْدٍ جَارِهِ حَقُّ الِانْتِفَاعِ بِعُلُوِّ ذَلِكَ السُّفْلِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى بِنَائِهِ لِتَعَدِّيهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي شَهَادَاتِ فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ لَوْ هَدَمَاهُ وَامْتَنَعَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْبِنَاءِ يُجْبَرُ وَلَوْ انْهَدَمَ لَا يُجْبَرُ وَلَكِنْ يُمْنَعُ مِنْ الِانْتِفَاعِ مَا لَمْ يَسْتَوْفِ نَصِيبَ مَا أَنْفَقَ فِيهِ مِنْهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي خُلَاصَةٌ مِنْ الْحِيطَانِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَالْعِمَادِيَّةِ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ هَدَمَ ذُو السُّفْلِ سُفْلَهُ وَذُو الْعُلُوِّ عُلُوَّهُ أَخَذَ ذُو السُّفْلِ بِبِنَاءِ سُفْلِهِ إذْ فَوَّتَ عَلَيْهِ حَقًّا أُلْحِقَ بِالْمِلْكِ فَيَضْمَنُ كَمَا لَوْ فَوَّتَ عَلَيْهِ مِلْكًا. اهـ. فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا جَبْرَ عَلَى ذِي الْعُلُوِّ وَظَاهِرُ مَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ خِلَافُهُ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا بَنَى صَاحِبُ السُّفْلِ سُفْلَهُ وَطَلَبَ مِنْ ذِي الْعُلُوِّ بِنَاءَ عُلُوِّهِ، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ وَلَوْ انْهَدَمَ السُّفْلُ بِغَيْرِ صُنْعِ صَاحِبِهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي إلَخْ بَحْرٌ مِنْ شَتَّى الْقَضَاءِ (أَقُولُ) قَدَّمْنَا فِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ الْكَلَامَ عَلَى عِبَارَةِ الْبَحْرِ هَذِهِ فَرَاجِعْهُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَضَعَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ فِي عُلُوِّهِ جِذْعًا لَمْ يَكُنْ فِي الْقَدِيمِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ صَاحِبِ السُّفْلِ وَتَضَرَّرَ مِنْ ذَلِكَ صَاحِبُ السُّفْلِ وَيُرِيدُ أَنْ يُكَلِّفَهُ رَفْعَهُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : إذَا أَرَادَ صَاحِبُ السُّفْلِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي السُّفْلِ تَصَرُّفًا نَحْوُ أَنْ يَفْتَحَ فِيهِ بَابًا أَوْ يَنْقُبَ فِيهِ كُوَّةً أَوْ يُدْخِلَ فِيهِ جِذْعًا لَمْ يَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِ الْعُلُوِّ سَوَاءٌ كَانَ يَضُرُّ ذَلِكَ صَاحِبَ الْعُلُوِّ أَوْ لَا يَضُرُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا فِيمَا لَا يَضُرُّ بِهِ، وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ فِي الْعُلُوِّ بِنَاءً أَوْ يَضَعَ عَلَيْهِ جُذُوعًا أَوْ يُحْدِثَ فِيهِ كَنِيفًا فَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ عِمَادِيَّةٌ فِي مَسَائِلِ الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ وَأَطَالَ فِي دَلِيلِهِمَا مُؤَخِّرًا دَلِيلَ الْإِمَامِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَالْبَحْرِ وَالْعَلَائِيِّ مِنْ الْقَضَاءِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَحْدَثَ ذُو الْعُلُوِّ فِيهِ بِنَاءً يَضُرُّ بِالسُّفْلِ بِدُونِ رِضَا صَاحِبِهِ وَلَا إذْنٍ مِنْهُ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَطَلَبَ ذُو السُّفْلِ هَدْمَ الْبِنَاءِ لِإِضْرَارِهِ بِسُفْلِهِ فَهَلْ يُجَابُ وَيُهْدَمُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ آخِرِ كِتَابِ الْحِيطَانِ: إذَا ثَبَتَ حُدُوثُهُ وَوَضْعُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلِصَاحِبِ السُّفْلِ هَدْمُهُ وَيَحْكُمُ لَهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ إلَخْ. اهـ. . (سُئِلَ) فِيمَا إذَا تَحَقَّقَ الضَّرَرُ بِمَالِكِ الْبَيْتِ السُّفْلِيِّ وَكَانَ ذَلِكَ بِسَبَبِ مَالِكِ الْعُلُوِّ فَهَلْ يُمْنَعُ ذُو الْعُلُوِّ مِنْهُ؟ (الْجَوَابُ) : الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ يُمْنَعُ ذُو الْعُلُوِّ مِنْ إلْحَاقِ الضَّرَرِ بِمَالِكِ الْبَيْتِ السُّفْلِيِّ إنْ عُلِمَ يَقِينًا، وَإِنْ عُلِمَ عَدَمُهُ يَقِينًا لَا يُمْنَعُ، وَإِنْ أُشْكِلَ يُمْنَعُ إلَّا بِرِضَا ذِي السُّفْلِ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِقَوْلِ رَجُلَيْنِ لَهُمَا بَصَارَةٌ فِي ذَلِكَ وَالسَّقْفُ السُّفْلِيُّ وَجُذُوعُهُ وَهَرَاوِيهِ وَبِوَارِيهِ وَطِينُهُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ غَيْرَ أَنَّ

لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ سَكَنَهُ فِي ذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَتَطْيِينُهُ لَا يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَمَّا ذُو الْعُلُوِّ فَلِعَدَمِ وُجُوبِ إصْلَاحِ مِلْكِ الْغَيْرِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا ذُو السُّفْلِ فَلِعَدَمِ إجْبَارِهِ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ، وَإِنْ زَالَ الطِّينُ عَنْهُ بِتَعَدِّي السَّاكِنِ وَجَبَ الضَّمَانُ وَإِلَّا لَا، كَذَا أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي فَتَاوِيهِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ. (سُئِلَ) فِي سُفْلٍ لِهِنْدٍ عَلَيْهِ عُلُوٌّ لِدَعْدٍ أَرَادَتْ هِنْدٌ أَنْ تَجْعَلَ السُّفْلَ حَانُوتًا وَتَفْتَحَ لَهُ فِي السُّفْلِ بَابًا بِدُونِ إذْنِ صَاحِبَةِ الْعُلُوِّ وَهُوَ يَضُرُّ بِالْعُلُوِّ فَهَلْ لَيْسَ لِهِنْدٍ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَحْرِ أَشَارَ يَعْنِي صَاحِبَ الْكَنْزِ إلَى مَنْعِهِ مِنْ فَتْحِ الْبَابِ وَوَضْعِ الْجِذْعِ وَهَدْمِ سُفْلِهِ. اهـ. وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ كَمَا فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْحَائِطِ الْمَائِلِ. (سُئِلَ) فِي سَطْحِ بَيْتٍ سُفْلِيٍّ هُوَ مَحَلُّ انْتِفَاعِ زَيْدٍ ذِي الْعُلُوِّ قَامَ ذُو السُّفْلِ يُطَالِبُ زَيْدًا بِتَطْيِينِهِ لِدَفْعِ وَكْفِ الْمَطَرِ عَنْهُ فَهَلْ لَا يُجْبَرُ ذُو الْعُلُوِّ عَلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ الْخَيْرِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَحْدَثَ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ الْخَاصِّ بِهِ رُكُوبًا بِأَخْشَابٍ عَدِيدَةٍ بِدُونِ إذْنِ الْجَارِ وَلَا رِضًا مِنْهُ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُطَالِبُهُ الْجَارُ بِرَفْعِ ذَلِكَ فَهَلْ يُؤْمَرُ بِرَفْعِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَمِثْلُهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْحِيطَانِ مُعَلَّلًا بِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِهِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بِطَرِيقِ الْمِلْكِ بَيْنَ هِنْدٍ وَإِخْوَتِهَا وَلِهِنْدٍ زَوْجٌ أَجْنَبِيٌّ عَنْ زَوْجَاتِ الْإِخْوَةِ تُرِيدُ هِنْدٌ إدْخَالَهُ الدَّارَ عَلَى الْأَجَانِبِ بِدُونِ إذْنِ الْإِخْوَةِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ وَالْقُنْيَةِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَجَمَاعَةٍ وَكُلُّهُمْ سَاكِنُونَ فِيهَا غَيْرَ أَنَّ الْجَمَاعَةَ يُدْخِلُونَ الْأَجَانِبَ فِيهَا بِدُونِ إذْنٍ مِنْ زَيْدٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا يَجُوزُ لَهُمْ ذَلِكَ. (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِقَوْلِهِ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا وَهُوَ حَرَامٌ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ وَبِنْتِهَا دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا فَعَمَّرَ زَوْجُ هِنْدٍ فِي الدَّارِ بُيُوتًا بِدُونِ إذْنٍ مِنْهُمَا وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ، وَرَفْعُ الْعِمَارَةِ لَا يَضُرُّ بِالدَّارِ فَهَلْ تَكُونُ الْعِمَارَةُ لِلْمُعَمِّرِ وَيُؤْمَرُ بِالتَّفْرِيغِ بِطَلَبِهِمَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْحِيطَانِ مِنْ الْعِدَّةِ: كُلُّ مَنْ بَنَى فِي دَارِ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ يَكُونُ الْبِنَاءُ لِلْآمِرِ، وَإِنْ بَنَى بِغَيْرِ أَمْرِهِ يَكُونُ لَهُ وَلَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ إلَّا أَنْ يَضُرَّ بِالْبِنَاءِ فَحِينَئِذٍ يُمْنَعُ يَعْنِي إذَا بَنَى لِنَفْسِهِ بِدُونِ أَمْرٍ، أَمَّا إذَا بَنَى لِرَبِّ الْأَرْضِ بِدُونِ الْأَمْرِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُتَطَوِّعًا عِمَادِيَّةٌ مِنْ أَحْكَامِ الْعِمَارَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ. وَقَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ هُوَ قَوْلُهُ: وَإِنْ عَمَّرَهَا لَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ: الْعِمَارَةُ لَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا مِنْ النَّفَقَةِ وَأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ فِي ذَلِكَ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْوَقْفِ وَكَذَا فِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ مِنْ شَتَّى الْفَرَائِضِ. (سُئِلَ) فِي حَائِطٍ لِزَيْدٍ خَاصٍّ بِهِ عَمَدَ جَارُهُ عَمْرٌو وَرَكِبَ عَلَى الْحَائِطِ بِعِضَادَتَيْنِ مِنْ الْأَحْجَارِ الثِّقَالِ وَأَدْخَلَهُمَا فِي بَاطِنِهِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ زَيْدٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَوَهَى الْحَائِطُ وَآلَ إلَى السُّقُوطِ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَهَلْ يَضْمَنُهُ عَمْرٌو؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ هَدَمَ بَيْتَهُ وَأَلْقَى تُرَابًا كَثِيرًا لَزِيقَ الْجِدَارِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَارِهِ وَوَضَعَ فَوْقَهُ لَبِنًا كَثِيرًا فَانْهَدَمَ الْحَائِطُ، فَإِنْ كَانَ اللَّبِنُ مُشْرِفًا عَلَى الْحَائِطِ مُتَّصِلًا بِهِ بِحَيْثُ دَخَلَ الْوَهْنُ فِي الْحَائِطِ مِنْ فِعْلِهِ ضَمِنَ فَتَاوَى مُؤَيَّدِ زَادَهْ فِي ضَمَانِ الْبِئْرِ وَالْجِدَارِ عَنْ الْمُنْيَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْغَصْبِ: هَدَمَ بَيْتَهُ وَأَلْقَى تُرَابًا كَثِيرًا لَزِيقَ جِدَارِ جَارِهِ وَوَضَعَ فَوْقَهُ لَبِنًا كَثِيرًا حَتَّى انْهَدَمَ جِدَارُ الْجَارِ إنْ دَخَلَ الْوَهْنُ بِسَبَبِ مَا أَلْقَى وَحَمَلَ ضَمِنَ هَدْمَ دَارِهِ فَانْهَدَمَ مِنْ ذَلِكَ بِنَاءُ جَارِهِ لَا يَضْمَنُ. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ هَدَمَ حَائِطَ جَارِهِ مُتَعَدِّيًا فَمَاذَا يَلْزَمُهُ؟ (الْجَوَابُ) : الْجَارُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ الْحَائِطِ وَالنَّقْضُ لِلضَّامِنِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ النَّقْضَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ كَذَا فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ وَفِي الْعَلَائِيِّ عَلَى التَّنْوِيرِ فِي أَوَّلِ بَابِ الْغَصْبِ: وَلَا يُؤْمَرُ بِعِمَارَتِهِ إلَّا فِي حَائِطِ الْمَسْجِدِ وَبِاَللَّهِ

التَّوْفِيقُ (أَقُولُ) الْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ مَا يَشْمَلُ الْوَقْفَ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ وَقَدَّمْنَا شَيْئًا مِنْهُ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَرَاجِعْهُ. (سُئِلَ) فِي حَائِطٍ فَاصِلٍ بَيْنَ دَارِ زَيْدٍ وَدَارِ وَقْفٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ الْجِهَتَيْنِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ رُكُوبٌ فَوَهَنَ وَتَلِفَ وَسَقَطَ وَطَلَبَ زَيْدٌ تَعْمِيرَهُ وَامْتَنَعَ النَّاظِرُ مِنْ تَعْمِيرِهِ مَعَ زَيْدٍ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَلِلْوَقْفِ غَلَّةٌ فَهَلْ يُجْبَرُ النَّاظِرُ عَلَى تَعْمِيرِهِ مَعَ زَيْدٍ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ بِحَسَبِ مَا يَخُصُّهُ مِنْهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ حَائِطٌ مُشْتَرَكٌ انْهَدَمَ وَأَبَى الْآخَرُ أَنْ يَبْنِيَ إنْ كَانَ أَسَاسُ الْحَائِطِ عَرِيضًا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبْنِيَ حَائِطًا فِي نَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ الْآبِي، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ يُجْبَرُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَمَعْنَى الْجَبْرِ إذَا كَانَ أَسَاسُ الْحَائِطِ لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَلَا يُوَافِقُهُ الشَّرِيكُ، لَهُ أَنْ يُنْفِقَ هُوَ فِي الْعِمَارَةِ وَيَرْجِعَ عَلَى الشَّرِيكِ بِنِصْفِ مَا أَنْفَقَ. وَفِي النَّوَادِرِ جِدَارٌ بَيْنَهُمَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ حُمُولَةٌ فَانْهَدَمَ وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ فَبَنَاهُ الْآخَرُ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ الْآخَرَ مِنْ الْحَمْلِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْقَاضِي بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فَيَرْجِعُ، وَإِنْ بَنَى بِلَبِنٍ أَوْ خَشَبٍ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ لِلَّذِي لَمْ يَبْنِ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ قِيمَتَهُ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي طَاحُونَةٍ مُشْتَرَكَةٍ أَنْفَقَ أَحَدُهُمَا فِي عِمَارَتِهَا بِلَا إذْنِ الْآخَرِ لَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَصَّلُ إلَى الِانْتِفَاعِ بِنَصِيبِ نَفْسِهِ إلَّا بِذَلِكَ، أَحَدُ شَرِيكَيْ زَرْعٍ أَبَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ لَمْ يُجْبَرْ لَكِنْ يُقَالُ لِلْآخَرِ أَنْفِقْ أَنْتَ وَارْجِعْ بِنِصْفِ النَّفَقَةِ فِي حِصَّةِ شَرِيكِك جَامِعُ الْفَتَاوَى مِنْ الْقِسْمَةِ. (سُئِلَ) فِي مَجْرَى مَاءٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَجَمَاعَةٍ قَرِيبٍ مِنْ حَائِطٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو الْمَذْكُورَيْنِ: تَعَطَّلَ الْمَجْرَى وَاحْتَاجَ لِلتَّعْمِيرِ وَالْإِصْلَاحِ وَتَوَافَقَ الشُّرَكَاءُ عَلَى تَعْمِيرِهِ وَأَذِنَ زَيْدٌ مَعَ الْجَمَاعَةِ لِعَمْرٍو بِحَفْرِ الْأَرْضِ وَتَعْمِيرِهِ فَحَفَرَ فَسَقَطَ الْحَائِطُ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ مِنْ عَمْرٍو، وَيُرِيدُ زَيْدٌ أَنْ يُضَمِّنَ عَمْرًا نَصِيبَهُ مِنْ الْحَائِطِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ هَدَمَ بَيْتَ نَفْسِهِ فَانْهَدَمَ مِنْ ذَلِكَ مَنْزِلُ جَارِهِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِيهِ عِمَادِيَّةٌ وَفُصُولَيْنِ وَمُؤَيَّدَةٌ وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ وَفِي الْخَانِيَّةِ: أَرَادَ نَقْضَ جِدَارٍ مُشْتَرَكٍ وَأَبَى الْآخَرُ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ أَنَا أَضْمَنُ لَك كُلَّ مَا يَنْهَدِمُ مِنْ بَيْتِك وَضَمِنَ ثُمَّ نَقَضَ الْجِدَارَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ فَانْهَدَمَ مِنْ مَنْزِلِ الْمَضْمُونِ لَهُ شَيْءٌ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ ذَلِكَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ ضَمِنْت لَك مَا هَلَكَ مِنْ مَالِكِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَذِنَ كُلٌّ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو لِلْآخَرِ بِالرُّكُوبِ عَلَى حَائِطِهِ وَرَكِبَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حَائِطِ الْآخَرِ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ رَجَعَ زَيْدٌ عَنْ الْإِذْنِ وَرَفَعَ رُكُوبَ عَمْرٍو وَيُرِيدُ عَمْرٌو أَيْضًا الرُّجُوعَ عَنْ الْإِذْنِ وَتَكْلِيفَ زَيْدٍ رَفْعَ رُكُوبِهِ فَهَلْ يَسُوغُ لِعَمْرٍو ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الِابْتِدَاءِ أَنْ يَضَعَ الْخَشَبَ عَلَى حَائِطِهِ وَأَنْ يُلْقِيَ الدَّابَّةَ الْمَيِّتَةَ فِي أَرْضِهِ كَانَ هَذَا إعَارَةً مِنْهُ فَمَتَى بَدَا لَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالرَّفْعِ عَنْ أَرْضِهِ، وَإِنْ بَاعَ مِنْهُ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ هَذَا بَيْعُ الْحَقِّ وَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ صَالَحَ عَنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ آجَرَ الْأَرْضَ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ. بِيرِيٌّ مِنْ الْأَمَانَاتِ عَنْ الولوالجية مِنْ الْقَضَاءِ: وَضَعَ جُذُوعَهُ عَلَى حَائِطِ جَارِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ حَفَرَ سِرْدَابًا فِي دَارِهِ بِإِذْنِهِ ثُمَّ بَاعَ الْجَارُ دَارِهِ وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي رَفْعَ الْجُذُوعِ وَسِرْدَابَه لَهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ شَرَطَ وَقْتَ الْبَيْعِ بَقَاءَ الْجُذُوعِ وَالْوَارِثُ فِيهِ كَالْمُشْتَرِي لَكِنْ لِلْوَارِثِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِرَفْعِ الْجُذُوعِ وَالسِّرْدَابِ بِكُلِّ حَالٍ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْقِسْمَةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ دَارًا مِنْ هِنْدٍ ثُمَّ رَكَّبَ فِيهَا بَابًا وَغَلَقًا بِدُونِ إذْنِ هِنْدٍ وَهِيَ مُقِرَّةٌ بِمَا فَعَلَ وَيُرِيدُ الرَّجُلُ قَلْعَ ذَلِكَ وَقَلْعُهُ لَا يَضُرُّ فَهَلْ لَهُ قَلْعُهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ اسْتَأْجَرَ دَارًا فَجَصَّصَهَا أَوْ فَرَشَهَا بِآجُرٍّ أَوْ رَكَّبَ فِيهَا بَابًا أَوْ غَلَقًا أَوْ نَحْوَهُ وَأَقَرَّ بِهِ الْمُؤَجِّرُ فَأَرَادَ الْمُسْتَأْجِرُ قَلْعَهُ فَلَهُ قَلْعُهُ لَوْ لَمْ يَضُرَّ، لَا لَوْ أَضَرَّ فَلَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ فُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْعِمَارَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ مَجْرَى مَاءٍ مَطَرٍ عَلَى سَطْحِ دَارِ جَارِهِ عَمْرٍو مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ فَخَرِبَ السَّطْحُ وَيُرِيدُ عَمْرٌو أَنْ يُكَلِّفَ زَيْدًا

بِتَكْلِيسِ الْمَسِيلِ الَّذِي فِي سَطْحِهِ وَإِصْلَاحِهِ فَهَلْ يَكُونُ إصْلَاحُ السَّطْحِ عَلَى صَاحِبِهِ عَمْرٍو مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ عَلَيْهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ مَجْرَى مَاءٍ عَلَى سَطْحِ دَارٍ فَخَرِبَ السَّطْحُ فَإِصْلَاحُهُ عَلَى رَبِّ السَّطْحِ كَالسُّفْلِ وَالْعُلُوِّ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْعِمَارَةِ وَيُقَالُ لِلَّذِي لَهُ حَقُّ الْإِجْرَاءِ ضَعْ نَاوِقًا فِي مَقَامِ الْجَرْيِ عَلَى سَطْحِ الْجَارِ لِيَنْفُذَ الْمَاءُ إلَى مَصَبِّهِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ كِتَابِ الشُّرْبِ وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ الْفَصْلِ الْعَاشِرِ فِي إصْلَاحِ الْمَسِيلِ وَالْمَجْرَى مِنْ كِتَابِ الشُّرْبِ وَالنَّاوِقُ مُعَرَّبٌ وَالْجَمْعُ النَّاوِقَاتُ وَهُوَ الْخَشَبَةُ الْمَنْقُورَةُ الَّتِي يَجْرِي عَلَيْهَا الْمَاءُ فِي الدَّوَالِيبِ أَوْ تُعْرَضُ عَلَى النَّهْرِ أَوْ الْجَدْوَلِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ وَمَسِيلُ مَاءٍ سَطْحُهَا عَلَى بِنَاءِ جَارِهِ عَمْرٍو فَأَرَادَ عَمْرٌو رَفْعَ بِنَائِهِ فَهَلْ لِزَيْدٍ مُطَالَبَتُهُ بِتَسْيِيلِ مَاءِ سَطْحِهِ إلَى طَرَفِ الْمِيزَابِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ دَارَانِ لِجَارَيْنِ سَطْحُ إحْدَاهُمَا أَعْلَى وَمَسِيلُ مَاءٍ الْعُلْيَا عَلَى الْأُخْرَى فَأَرَادَ صَاحِبُ السُّفْلِ أَنْ يَرْفَعَ سَطْحَهُ أَوْ يَبْنِيَ عَلَى سُفْلِهِ، لَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْجَارِ مَنْعُهُ لَكِنْ يُطَالِبُهُ حَتَّى يَسِيلَ مَاؤُهُ إلَى طَرَفِ الْمِيزَابِ، وَإِنْ انْهَدَمَ السُّفْلُ أَوْ هَدَمَهُ الْمَالِكُ لَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يُكَلِّفَهُ بِالْعِمَارَةِ لِأَجْلِ إسَالَةِ الْمَاءِ لَكِنْ يَبْنِي هُوَ وَيَمْنَعُ صَاحِبَهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ خُلَاصَةٌ مِنْ الْحِيطَانِ مِنْ نَوْعِ مَسِيلِ الْمَاءِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ (أَقُولُ) تَقَدَّمَ قَبْلَ نَحْوِ وَرَقَتَيْنِ أَنَّ صَاحِبَ السُّفْلِ لَوْ هَدَمَ سُفْلَهُ فَلِمَنْ لَهُ حَقُّ الِانْتِفَاعِ فِي عُلُوِّهِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى بِنَاءِ السُّفْلِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ حَقَّ الِانْتِفَاعِ الْمُلْحَقِ بِالْمِلْكِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْهَدَمَ السُّفْلُ بِدُونِ فِعْلِهِ. فَقَوْلُهُ هُنَا: أَوْ هَدَمَهُ الْمَالِكُ إلَخْ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ حَيْثُ سَوَّى هُنَا بَيْنَ الْهَدْمِ وَالِانْهِدَامِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَا هُنَا قَوْلًا آخَرَ أَوْ يَخُصَّ مَا مَرَّ بِغَيْرِ الْمَسِيلِ فَتَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ سُفْلٌ فَوْقَهُ عُلُوٌّ لِعَمْرٍو مُشْتَمِلٌ عَلَى مَطْبَخٍ وَمُشْرِفَةٍ فِي طَرَفِهَا مُرْتَفَقٌ قَدِيمٌ لِعَمْرٍو وَتَنْزِلُ أَوْسَاخُهُ فِي قَسَاطِلَ قَدِيمَةٍ دَاخِلَ حَائِطِ السُّفْلِ وَلِزَيْدٍ أَيْضًا مِيَاهٌ تَنْزِلُ فِي الْقَسَاطِلِ الْمَذْكُورَةِ وَالْآنَ قَامَ زَيْدٌ يُعَارِضُ عَمْرًا فِي الْمُرْتَفَقِ الْمَذْكُورِ وَيُكَلِّفُهُ رَفْعَهُ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لِزَيْدٍ ذَلِكَ وَيَبْقَى الْقَدِيمُ عَلَى قِدَمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِهِنْدٍ دَرَجٌ مِنْ حَجَرٍ مَبْنِيٌّ فِي أَرْضِ دَارِهَا وَلِزَيْدٍ طَرِيقُ مَاءٍ تَحْتَ الدَّرَجِ أَرَادَ تَعْمِيرَهُ فَهَدَمَ الدَّرَجَ بِدُونِ إذْنِهَا فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : هِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ ضَمَّنَتْهُ قِيمَتَهُ وَالنَّقْضُ لِلضَّامِنِ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ النَّقْضَ وَضَمَّنَتْهُ النُّقْصَانَ كَمَا فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ (أَقُولُ) وَجْهُهُ أَنَّ الْبِنَاءَ لَيْسَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَبْنِيَ لَهَا مِثْلَهُ وَيُعِيدَهُ كَمَا كَانَ بَلْ هُوَ قِيَمِيٌّ فَيَضْمَنُ بِالْقِيمَةِ لَوْ بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ لَكِنْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ لَهَا مَنْعُهُ مِنْ إصْلَاحِ طَرِيقِ مَائِهِ لِمَا نَقَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ وَنَصُّهُ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ نَهْرٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ وَلَا يُمْكِنُهُ الْمُرُورُ فِي بَطْنِ النَّهْرِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ يُقَالُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ إمَّا أَنْ تَدَعَهُ أَنْ يَدْخُلَ الْأَرْضَ وَيُصْلِحَ مِلْكَهُ أَوْ تُصْلِحَهُ أَنْتَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ بِهَذَا نَأْخُذُ،. وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْحَائِطِ قَاضِي خَانْ مِنْ بَابِ الْحِيطَانِ وَالطُّرُقِ وَمَجَارِي الْمَاءِ: رَجُلٌ لَهُ حَائِطٌ وَوَجْهُهُ فِي دَارِ رَجُلٍ فَأَرَادَ أَنْ يُطَيِّنَ حَائِطَهُ وَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى ذَلِكَ إلَّا بِدُخُولِ دَارِ جَارِهِ وَصَاحِبُهُ يَمْنَعُهُ مِنْ الدُّخُولِ أَوْ انْهَدَمَ الْحَائِطُ وَوَقَعَ الطِّينُ فِي دَارِ جَارِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ وَيَبُلَّ الطِّينَ فَمَنَعَهُ صَاحِبُ الدَّارِ أَوْ لَهُ مَجْرَى مَاءٍ فِي دَارِ جَارِهِ فَأَرَادَ حَفْرَهُ وَإِصْلَاحَهُ وَلَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إلَّا بِدُخُولِ دَارِهِ وَهُوَ يَمْنَعُهُ يُقَالُ لِصَاحِبِ الدَّارِ إمَّا أَنْ تَتْرُكَهُ يَدْخُلَ وَيُصْلِحَ أَوْ يَفْعَلَ صَاحِبُ الدَّارِ بِمَالِهِ خُلَاصَةٌ مِنْ أَوَائِلِ كِتَابِ الْحِيطَانِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي. اهـ. فَحَيْثُ امْتَنَعَ صَاحِبُ الدَّارِ مِنْ إصْلَاحِهِ مِنْ مَالِهِ وَأَجْبَرْنَاهُ عَلَى أَنْ يُمَكِّنَ الْآخَرَ مِنْ الدُّخُولِ لِإِصْلَاحِ مِلْكِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ صَاحِبَ الْمِلْكِ يُجْبَرُ أَيْضًا عَلَى إصْلَاحِ مَا خَرَّبَهُ لِصَاحِبِ الدَّارِ مِنْ حَفْرٍ أَوْ هَدْمٍ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يُجْبَرَ صَاحِبُ الدَّارِ

عَلَى تَمْكِينِ الْآخَرِ مِنْ إفْسَادِ دَارِهِ وَإِلْحَاقِ الضَّرَرِ بِهِ لِأَجْلِ مَنْفَعَةِ غَيْرِهِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِقَوَاعِد الشَّرْعِ الشَّرِيفِ، وَقَدْ قَالُوا: الضَّرَرُ الْخَاصُّ يُتَحَمَّلُ لِأَجْلِ الضَّرَرِ الْعَامِّ وَلَا يُتَحَمَّلُ لِأَجْلِ الضَّرَرِ الْخَاصِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْأَشْبَاهِ، فَإِنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اتَّخَذَ فِي دَارِهِ جُنَيْنَةً مُلَاصِقَةً لِجِدَارِ دَارِ جَارِهِ وَصَارَ يَسْقِيهَا بِالْمَاءِ وَيَتَعَدَّى الضَّرَرُ إلَى الْجِدَارِ الْمَذْكُورِ لِكَوْنِ الْأَرْضِ رَخْوَةً وَيُرِيدُ الْجَارُ مَنْعَهُ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ مَنْعُهُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَتْ الْأَرْضُ رَخْوَةً لَهُ مَنْعُهُ. غَرْسٌ بِجَنْبِ دَارِ جَارِهِ يُبَاعِدُ عَنْ حَائِطِ الْجَارِ قَدْرَ مَا لَا يَضُرُّهُ وَلَمْ يُقَدِّرْهُ بِالْمِقْدَارِ الْمُعَيَّنِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الْقِسْمَةِ وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفَتَاوَى مِنْ الْقِسْمَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بَالُوعَةٌ فِي دَارِهِ انْهَدَمَ بَعْضُ حَافَّتَيْ الْبَالُوعَةِ وَصَارَ يَجْرِي مِنْهَا الْمَاءُ إلَى أَرْضِ دَارِ جَارِهِ عَمْرٍو وَحِيطَانِهَا وَتَضَرَّرَ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرًا بَيِّنًا وَطَلَبَ عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ إصْلَاحَهَا وَحَسْمَهَا وَمَنْعَ الضَّرَرِ عَنْهُ فَهَلْ يُجَابُ عَمْرٌو إلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : لِلْمَالِكِ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ تَضَرَّرَ جَارُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَالْمُخْتَارُ لِلْمُتَأَخِّرَيْنِ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرًا بَيِّنًا وَهُوَ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْهَدْمِ أَوْ يُوهِنُ الْبِنَاءَ أَوْ يَخْرُجُ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ كَسَدِّ الضَّوْءِ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْبِيرِيِّ مِنْ الْقِسْمَةِ فَيُجَابُ عَمْرٌو إلَى ذَلِكَ قَالَ فِي الولوالجية مِنْ آخِرِ الصُّلْحِ رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ فِي دَارِهِ بُسْتَانًا لَيْسَ لِجَارِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ صُلْبَةً وَلَا يَتَعَدَّى ضَرَرُ الْمَاءِ إلَى جِدَارِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ رَخْوَةً ذَاتَ نَزْوٍ يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ إلَى جِدَارِهِ فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الضَّرَرَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا عِبْرَةَ لِلْقُرْبِ وَالْبُعْدِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. نَهْرٌ جَرَى فِي أَرْضِ قَوْمٍ فَانْبَثَقَ وَخَرَّبَ بَعْضَ الْأَرَاضِيِ لِمُلَّاكِ الْأَرَاضِيِ مُطَالَبَةُ أَرْبَابِ النَّهْرِ بِإِصْلَاحِ نَهْرِهِمْ دُونَ عِمَارَةِ الْأَرَاضِيِ بَزَّازِيَّةٌ مِنْ الشُّرْبِ وَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ النَّوَازِلِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةٍ مَجْرَى أَوْسَاخٍ قَدِيمٍ لِدُورِهِمْ فِي بَاطِنِ الْأَرْضِ فِي طَرِيقِ مَحَلَّتِهِمْ وَانْهَدَمَتْ إحْدَى حَافَّتَيْهِ وَصَارَ الْوَسَخُ يَنْزِلُ إلَى بِئْرِ مَاءٍ لِذِمِّيٍّ فِي دَارِهِ الْقَرِيبَةِ مِنْ الْمَجْرَى وَتَضَرَّرَ مِنْ ذَلِكَ وَطَلَبَ مَنْعَ ذَلِكَ عَنْ بِئْرِهِ وَحَسْمَهُ عَنْهُ فَهَلْ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ يُجَابُ إلَى دَفْعِ الضَّرَرِ الْمَذْكُورِ عَنْهُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ فَصْلِ النَّفَقَةِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ عَمَّرَ فِي دَارِهِ حَانُوتًا وَأَعَدَّهُ لِحِيَاكَةِ عَبِيِّ الصُّوفِ دَائِمًا وَجَعَلَ فِيهِ لِذَلِكَ أَنْوَالًا فِي الْأَرْضِ بِجَانِبِ حِيطَانِ جَارِهِ وَصَارَ عُمَّالُ الرَّجُلِ يَحِيكُونَ الْعَبِيَّ الْمَزْبُورَةَ وَحَصَلَ مِنْ ذَلِكَ وَهَنٌ لِبِنَاءِ حَائِطِ الْجَارِ وَدَارِهِ بِكَثْرَةِ الدَّقِّ الشَّدِيدِ الْعَنِيفِ الْمُوهِنِ لِلْبِنَاءِ الْمُضِرِّ لِلْجَارِ ضَرَرًا بَيِّنًا وَيُرِيدُ الْجَارُ مَنْعَ الرَّجُلِ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ إثْبَاتِ الضَّرَرِ الْبَيِّنِ الْحَاصِلِ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَسُوغُ لِلْجَارِ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ دَارِهِ تَنُّورًا لِلْخُبْزِ الدَّائِمِ أَوْ رَحًى لِلطَّحْنِ أَوْ مِدَقَّةً لِلْقَصَّارِينَ يُمْنَعُ عَنْهُ لِتَضَرُّرِ جِيرَانِهِ ضَرَرًا فَاحِشًا مُؤَيَّدُ زَادَهْ عَنْ الْفُصُولَيْنِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ مِنْ شَتَّى الْقَضَاءِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا فِي مَحَلَّةٍ لِصَبْغِ الثِّيَابِ وَأَحْدَثَ فِي الْحَانُوتِ مِدَقَّةً لِلثِّيَابِ وَصَارَ يُبَاشِرُ ذَلِكَ فِي الْحَانُوتِ وَتَضَرَّرَ جِيرَانُهُ بِذَلِكَ ضَرَرًا بَيِّنًا فَاحِشًا بِسَبَبِ كَثْرَةِ الدَّقِّ الشَّدِيدِ الْمُوهِنِ لِبِنَاءِ دُورِهِمْ ضَرَرًا بَيِّنًا فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ الْحَالُ مَا ذُكِرَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَحْدَثَ زَيْدٌ فِي دَارِهِ إصْطَبْلًا وَكَانَ فِي الْقَدِيمِ مَسْكَنًا وَرَبَطَ فِي الْإِصْطَبْلِ دَوَابَّ وَجَعَلَ حَوَافِرَهَا إلَى دَارِ الْجَارِ الْمُلَاصِقَةِ لِدَارِ زَيْدٍ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ لِحَائِطِ الْجَارِ فَهَلْ لِلْجَارِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَفِي مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ النَّوَازِلِ دَارَانِ مُتَلَاصِقَتَانِ جَعَلَ أَحَدُ صَاحِبَيْ الدَّارَيْنِ فِي دَارِهِ إصْطَبْلًا وَكَانَ فِي الْقَدِيمِ مَسْكَنًا وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ لِصَاحِبِ الدَّارِ الْأُخْرَى قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنْ كَانَ وُجُوهُ الدَّوَابِّ إلَى الْجَارِ لَا يُمْنَعُ، وَإِنْ كَانَ حَوَافِرُهَا

إلَيْهِ فَلِلْجَارِ أَنْ يَمْنَعَهُ ثُمَّ إذَا أَدْخَلَ الدَّوَابَّ فِي الْإِصْطَبْلِ وَخَرَّبَتْ الدَّوَابُّ جِدَارَ الْجَارِ بِحَوَافِرِهَا هَلْ يَضْمَنُ صَاحِبُ الدَّوَابِّ؟ قِيلَ: لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُبَاشِرٍ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الدَّوَابِّ لَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ جُبَارٌ فَلَوْ ضَمِنَ إنَّمَا يَضْمَنُ بِإِدْخَالِ الدَّوَابِّ فِي الْإِصْطَبْلِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَسَبَّبَ إلَى التَّخْرِيبِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَعَدٍّ فِي هَذَا التَّسَبُّبِ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَهَا فِي مِلْكِهِ وَالتَّسَبُّبُ إنَّمَا يُوجِبُ الضَّمَانَ عِنْدَ التَّعَدِّي عِمَادِيَّةٌ فِي وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ. (سُئِلَ) فِي مَجْرَى مَاءٍ قَدِيمٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فِي مَحَلَّةٍ يَجْرِي فِيهِ مَاءُ أَوْسَاخِ دُورِهِمْ فَأَحْدَثَ زَيْدٌ لَهُ مَجْرَى مَاءٍ وَسِخَ دَارِهِ بِبَاطِنِ الْأَرْضِ وَصَارَ يَنْزِلُ مِنْ دَارِهِ عَلَى الْمَجْرَى الْمُشْتَرَكِ الْمَزْبُورِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ فِي الْقَدِيمِ وَيُرِيدُ الْجَمَاعَةُ مَنْعَهُ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُمْ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اتَّخَذَ زَيْدٌ فِي دَارِهِ الْجَارِيَةِ فِي مِلْكِهِ بَالُوعَةً فَنَزَلَ مِنْ مَاءَهَا حَائِطُ جَارِهِ وَيُعَارِضُهُ جَارُهُ فِي ذَلِكَ وَيُكَلِّفُهُ تَحْوِيلَهَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا يُكَلَّفُ إلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَتْ فِي مِلْكِ زَيْدٍ الْمَذْكُورِ لَا يُكَلَّفُ إلَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَمَنْ اتَّخَذَ بِئْرًا أَوْ بَالُوعَةً فِي دَارِهِ فَنَزَّ مِنْهَا حَائِطُ جَارِهِ وَطَلَبَ جَارُهُ تَحْوِيلَهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ سَقَطَ الْحَائِطُ مِنْهُ لَا يَضْمَنُهُ مُلْتَقًى مِنْ شَتَّى الْفَرَائِضِ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ. (أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي الصَّحِيفَةِ السَّابِقَةِ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لِمَالِكِ السَّاحَةِ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا حَمَّامًا أَوْ تَنُّورًا أَوْ بَالُوعَةً أَوْ بِئْرَ مَاءٍ لِتَصَرُّفِهِ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ فَلَا يُمْنَعُ عَنْهُ وَلَوْ أَضَرَّ بِجَارِهِ إلَى أَنْ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقِيَاسَ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ مَنْ تَصَرَّفَ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ وَلَوْ أَضَرَّ بِجَارِهِ لَكِنْ تُرِكَ الْقِيَاسُ فِي مَحَلٍّ يَضُرُّ بِغَيْرِهِ ضَرَرًا بَيِّنًا. وَقِيلَ: بِالْمَنْعِ، وَبِهِ أَخَذَ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ. وَتَقَدَّمَ أَنَّ الضَّرَرَ الْبَيِّنَ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْهَدْمِ أَوْ يُوهِنُ الْبِنَاءَ أَوْ يُخْرِجُ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ كَسَدِّ الضَّوْءِ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ. اهـ. وَلَوْ كَانَ يَمْتَنِعُ الضَّرَرُ بِإِحْكَامِ الْبِنَاءِ بِالْمُؤَنِ وَالْكِلْسِ يَنْبَغِي أَنْ يُؤْمَرَ بِهِ فَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ أُمِرَ بِرَفْعِهِ. قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: فَلَوْ أَجْرَى الْمَاءَ فِي أَرْضِهِ إجْرَاءً لَا يَسْتَقِرُّ فِيهَا ضَمِنَ وَلَوْ يَسْتَقِرُّ فِيهَا ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ فَلَوْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ جَارُهُ بِالسَّكْرِ وَالْإِحْكَامِ وَلَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ كَالْإِشْهَادِ عَلَى الْحَائِطِ الْمَائِلِ وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ. اهـ. قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ أَقُولُ يُعْلَمُ مِنْهُ جَوَابُ حَادِثَةِ الْفَتْوَى اتَّخَذَ فِي دَارِهِ بَالُوعَةً أَوْهَنَتْ بِنَاءَ جَارِهِ لِسَرَيَانِ الْمَاءِ إلَى أُسِّهِ فَتَقَدَّمَ إلَيْهِ بِإِحْكَامِ الْبِنَاءِ حَتَّى لَا يَسْرِيَ الْمَاءُ. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يُرِيد أَنْ يَحْفِرَ فِي أَرْضِ دَارِهِ بِئْرًا لِأَجْلِ الْمَطْهَرَةِ وَيُعَارِضُهُ فِي ذَلِكَ جَارُهُ مُتَعَلِّلًا بِأَنَّ حَائِطَهُ يَنَزُّ مِنْهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِهِ الْمَذْكُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَنَقْلُهَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ التَّنْوِيرِ (أَقُولُ) وَفِيهِ مَا عَلِمْت آنِفًا. (سُئِلَ) فِي دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَ زَيْدٍ وَوَرَثَةِ أَخِيهِ فَاحْتَاجَتْ لِلْعِمَارَةِ فَعَمَّرَهَا زَيْدٌ بِدُونِ إذْنِ وَرَثَةِ أَخِيهِ وَلَا أَمْرِ الْقَاضِي وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى الْوَرَثَةِ الْمَرْقُومِينَ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيَكُونُ مُتَطَوِّعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الدَّارُ الْمُشْتَرَكَةُ إذَا اسْتَرَمَّتْ فَأَنْفَقَ أَحَدُهُمَا فِي مَرَمَّتِهَا بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِهِ وَبِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ صُوَرُ الْمَسَائِلِ عَنْ الْخُلَاصَةِ فِي النَّفَقَاتِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ. (أَقُولُ) وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ بَابِ الْحِيطَانِ: دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ انْهَدَمَتْ أَوْ بَيْتٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ انْهَدَمَ فَبَنَاهُ أَحَدُهُمَا لَا يَرْجِعُ هُوَ عَلَى شَرِيكِهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الدَّارَ تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، فَإِذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَقْسِمَ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِي الْبِنَاءِ وَالْبَيْتُ كَذَلِكَ إذَا كَانَ كَبِيرًا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَكَذَلِكَ الْحَمَّامُ إذَا خَرِبَ وَصَارَ سَاحَةً وَكَذَلِكَ الْبِئْرُ أَرَادَ بِهِ إذَا امْتَلَأَتْ مِنْ الْحَمْأَةِ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ شَرِيكَهُ بِالْبِنَاءِ، فَإِذَا لَمْ يُطَالِبْهُ وَأَصْلَحَهَا وَفَرَّغَهَا كَانَ مُتَبَرِّعًا. اهـ. وَمُفَادُ هَذَا أَنَّ الدَّارَ لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُمْكِنُ قِسْمَتُهَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُضْطَرًّا إلَى الْبِنَاءِ لِيَتَوَصَّلَ إلَى الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا

كتاب الوصايا

كَانَتْ كَبِيرَةً؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْسِمَ حِصَّتَهُ مِنْهَا ثُمَّ يَبْنِيَ فِي حِصَّتِهِ، فَإِذَا بَنَى قَبْلَ الْقِسْمَةِ لَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا وَلِذَا قَيَّدَ الْحَمَّامَ بِمَا إذَا خَرِبَ وَصَارَ سَاحَةً؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تُمْكِنُ قِسْمَتُهُ، فَإِذَا لَمْ يُقْسَمْ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا لَكِنْ فِي الْبِئْرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مُتَبَرِّعًا لِكَوْنِهِ مِمَّا لَا يُقْسَمُ. لَكِنْ أَشَارَ صَاحِبُ الْخَانِيَّةِ إلَى الْفَرْقِ بِأَنَّهُ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ شَرِيكَهُ بِالْبِنَاءِ أَيْ فَيُجْبَرُ شَرِيكُهُ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ، وَإِذَا أُجْبِرَ لَمْ يَكُنْ الْآخَرُ مُضْطَرًّا فَصَارَ الْأَصْلُ أَنَّ مَا اُضْطُرَّ إلَى بِنَائِهِ بِأَنْ كَانَ مِمَّا لَا يُقْسَمُ أَوْ مِمَّا لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ عَلَى بِنَائِهِ فَبَنَاهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَكُنْ مُتَبَرِّعًا وَإِلَّا فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ لَكِنْ اُسْتُشْكِلَ هَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِأَنَّ مَنْ لَهُ حُمُولَةٌ عَلَى حَائِطٍ لَوْ بَنَى الْحَائِطَ يَرْجِعُ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إذْ لَا يَتَوَصَّلُ إلَى حَقِّهِ إلَّا بِهِ مَعَ أَنَّ الشَّرِيكَ يُجْبَرُ أَيْضًا كَالْبِئْرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَّحِدَ حُكْمُهُمَا. ثُمَّ قَالَ: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الِاضْطِرَارَ يَثْبُتُ فِيمَا لَا يُجْبَرُ صَاحِبُهُ كَمَا سَيَجِيءُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَدُورَ التَّبَرُّعُ وَالرُّجُوعُ عَلَى الْجَبْرِ وَعَدَمِهِ إلَى أَنْ قَالَ: وَهَذَا يُخَلِّصُك عَنْ التَّحَيُّرِ بِمَا وَقَعَ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ الِاضْطِرَابِ وَيُرْشِدُك إلَى الصَّوَابِ. اهـ. لَكِنَّ عِبَارَةَ الْخُلَاصَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِبِنَاءِ الدَّارِ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا إلَى الْبِنَاءِ إذَا أَبَى شَرِيكُهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ اسْتِئْذَانُ الْقَاضِي وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ لِلْقَاضِي ذَلِكَ إذَا كَانَ الشَّرِيكُ غَائِبًا مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُمْكِنُ طَلَبُ الْبِنَاءِ مِنْهُ وَلَا الْقِسْمَةُ مَعَهُ. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الدَّارُ تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ بَنَى وَإِلَّا قَسَمَهَا جَبْرًا عَلَيْهِ ثُمَّ بَنَى فِي حِصَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ اسْتِئْذَانُهُ يَبْنِي بِإِذْنِ الْقَاضِي وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّ فِي غَيْرِ مُحْتَمِلِ الْقِسْمَةِ لِلطَّالِبِ أَنْ يَبْنِيَ ثُمَّ يُؤَجِّرَ ثُمَّ يَأْخُذَ نِصْفَ مَا أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ مِنْ الْغَلَّةِ وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ عَنْ الْأَشْبَاهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ لَوْ بَنَى بِأَمْرِ قَاضٍ وَإِلَّا فَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَقْتَ الْبِنَاءِ. اهـ. وَهَذَا هُوَ الْمُحَرَّرُ كَمَا قَالَ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ لَكِنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ إنَّمَا ذَكَرُوهُ فِي السُّفْلِ إذَا انْهَدَمَ وَعِبَارَةُ الْأَشْبَاهِ مُطْلَقَةٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْإِطْلَاقُ إذْ لَا فَرْقَ يَظْهَرُ فَيَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا يُضْطَرُّ فِيهِ أَحَدُهُمَا إلَى الْبِنَاءِ كَالسُّفْلِ وَالْجِدَارِ وَالرَّحَى وَالْحَمَّامِ وَالْبَيْتِ وَالدَّارِ الصَّغِيرَةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي حَائِطٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ يُرِيدُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَزِيدَ فِي الْبِنَاءِ عَلَيْهِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ وَلَا رِضَاهُ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، جِدَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَزِيدَ فِي الْبِنَاءِ عَلَيْهِ لَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ الشَّرِيكِ أَضَرَّ الشَّرِيكُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَضُرَّ خَانِيَّةٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ قَصْرٌ فِي دَارِهِ لَهُ طَاقَةٌ غَيْرُ مُشْرِفَةٍ عَلَى مَحَلِّ نِسَاءِ أَحَدٍ مِنْ مَحَلَّتِهِ وَلِعَمْرٍو الَّذِي مِنْ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ دَارٌ فِيهَا طَبْلَةٌ حَاجِزَةٌ عَنْ النَّظَرِ مِنْ دَارِهَا فَأَزَالَهَا عَمْرٌو حَتَّى صَارَ زَيْدٌ يُشْرِفُ مِنْ طَاقَةِ قَصْرِهِ الْمَزْبُورِ عَلَى دَرَجِ قَصْرِ عَمْرٍو وَلَيْسَ الدَّرَجُ مَحَلَّ قَرَارِ نِسَاءِ عَمْرٍو وَجُلُوسِهِنَّ فَقَامَ عَمْرٌو يُكَلِّفُ زَيْدًا عَمَلَ حَاجِزٍ يَمْنَعُ النَّظَرَ تُجَاهَ قَصْرِهِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَا يَلْزَمُ زَيْدًا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ مُلَاصِقَةٌ لِدَارِ عَمْرٍو وَفِي دَارِ زَيْدٍ قَاعَةٌ لَهَا مِيزَابَانِ فِي سَطْحِهَا يَصُبَّانِ فِي سَطْحِ إيوَانٍ فِي دَارِ عَمْرٍو مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ فَرَفَعَ عَمْرٌو الْمِيزَابَيْنِ وَعَمِلَ عِوَضَهُمَا سَيَّالَتَيْنِ يَصُبُّ مَاؤُهُمَا عَلَى جِدَارِ الْقَاعَةِ ثُمَّ عَلَى سَطْحِ الْإِيوَانِ وَرَكَّبَ عَلَى جِدَارِ الْقَاعَةِ بِخَشَبَتَيْنِ وَعَمِلَ عَلَى سَطْحِ الْإِيوَانِ مُشْرِفَةً لِأَجْلِ الْجُلُوسِ وَصَارَ إذَا جَلَسَ يَرَى دَاخِلَ الْقَاعَةِ مِنْ قِمَارَيْهَا وَهُوَ مَحَلُّ جُلُوسِ نِسَاءِ زَيْدٍ كُلُّ ذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ زَيْدٍ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَتَضَرَّرَ زَيْدٌ مِنْ ذَلِكَ وَيُرِيدُ مَنْعَ عَمْرٍو مِنْ ذَلِكَ وَإِعَادَةَ الْمِيزَابَيْنِ وَرَفْعَ الْخَشَبَتَيْنِ فَهَلْ يُسَوَّغُ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. [كِتَابُ الْوَصَايَا]

(سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْصَتْ هِنْدٌ مِنْ مَالِهَا لِزَيْدٍ بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَمَاتَتْ عَنْ أُمٍّ، وَعَنْ وَرَثَةٍ غَيْرِهَا بَعْدَمَا سَلَّمَتْ الْمَبْلَغَ لِلْأُمِّ لِتَدْفَعَهُ لِزَيْدٍ وَخَلَفَتْ تَرِكَةً لَا يَخْرُجُ الْمَبْلَغُ مِنْ ثُلُثِهَا، وَقَبِلَ الرَّجُلُ الْوَصِيَّةَ وَأَجَازَهَا كُلُّ الْوَرَثَةِ ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ قَبْلَ دَفْعِ الْمَبْلَغِ لِزَيْدٍ عَنْ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ، وَعَنْ ابْنِ عَمٍّ عَصَبَةٍ يُعَارِضُ فِي الْوَصِيَّةِ يُرِيدُ إدْخَالَ الْمَبْلَغِ فِي تَرِكَةِ الْأُمِّ زَاعِمًا أَنَّهُ لِلْأُمِّ مُخَلَّفٌ عَنْهَا لَا عَنْ بِنْتِهَا وَلِزَيْدٍ بَيِّنَةٌ شَرْعِيَّةٌ تَشْهَدُ بِكَوْنِهِ لِلْبِنْتِ أَوْصَتْ بِهِ لَهُ وَقَبِلَ ذَلِكَ وَأَجَازَهُ كُلُّ الْوَرَثَةِ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيُمْنَعُ ابْنُ الْعَمِّ مِنْ الْمُعَارَضَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي الْمَلِكِ الْمُوصَى لَهُ يَمْلِكُ الْمُوصَى بِهِ بِالْقَبُولِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ. . . إلَخْ. اهـ. (سُئِلَ) فِي مَفْلُوجٍ تَطَاوَلَ بِهِ فَلْجُهُ قَدْرَ ثَلَاثِ سِنِينَ فَوَهَبَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جَمِيعَ مَالِهِ مِنْ زَيْدٍ وَارِثِهِ وَسَلَّمَهُ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ عِدَّةِ أَشْهُرٍ عَنْهُ لَا غَيْرُ فَهَلْ تَكُونُ الْهِبَةُ صَحِيحَةً ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَالْمَفْلُوجُ الَّذِي لَا يَزْدَادُ مَرَضُهُ كُلَّ يَوْمٍ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ ابْنٍ بَالِغٍ، وَعَنْ زَوْجَةٍ وَثَلَاثِ بَنَاتٍ وَخَلَفَ أَمْتِعَةً فَزَعَمَتْ الْبَنَاتُ أَنَّ وَالِدَهُنَّ مَلَّكَهُنَّ الْأَمْتِعَةَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَلَمْ يُجِزْ الِابْنُ، وَالزَّوْجَةُ ذَلِكَ فَهَلْ حَيْثُ لَمْ يُجِيزَا ذَلِكَ فَالتَّمْلِيكُ غَيْرُ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ وَهَبَ شَيْئًا لِوَارِثِهِ فِي مَرَضِهِ وَأَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ وَأَمَرَ بِتَنْفِيذِهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ كِلَاهُمَا بَاطِلَانِ، فَإِنْ أَجَازَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ مَا فَعَلَ وَقَالُوا: أَجَزْنَا مَا أَمَرَ بِهِ الْمَيِّتُ تَنْصَرِفُ الْإِجَازَةُ إلَى الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ لَا إلَى الْهِبَةِ وَلَوْ قَالَتْ الْوَرَثَةُ: أَجَزْنَا مَا فَعَلَهُ الْمَيِّتُ صَحَّتْ الْإِجَازَةُ فِي الْهِبَةِ، وَالْوَصِيَّةِ جَمِيعًا خَانِيَّةٌ مِنْ الْوَصَايَا فِي فَصْلٍ فِي مَسَائِلَ مُخْتَلِفَةٍ إعْتَاقُهُ وَمُحَابَاتُهُ وَهِبَتُهُ وَوَقْفُهُ وَضَمَانُهُ وَوَصِيَّتُهُ تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ تَنْوِيرٌ مِنْ بَابِ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ أَيْ حُكْمُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ كَحُكْمِ الْوَصِيَّةِ حَتَّى تُعْتَبَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَمُزَاحَمَةِ أَصْحَابِ الْوَصَايَا فِي الضَّرْبِ لَا حَقِيقَةَ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إيجَابٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ مُنَجَّزَةٌ فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ مِنْ الثُّلُثِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوَرَثَةِ بِمَالِهِ فَصَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي حَقِّ الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَرَضٍ بَرِئَ مِنْهُ فَهُوَ مُلْحَقٌ بِحَالِ الصِّحَّةِ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ، وَالْغُرَمَاءَ لَا يَتَعَلَّقُ حَقُّهُمْ بِمَالِهِ إلَّا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَبِالْبُرْءِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَرَضِ الْمَوْتِ فَلَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِي مَالِهِ مِنَحُ الْغَفَّارِ إذَا قَالَ: أَوْصَيْت أَنْ يُوهَبَ لِفُلَانٍ سُدُسُ دَارِي بَعْدَ مَوْتِي كَانَ ذَلِكَ وَصِيَّةً عَمَلًا بِقَوْلِهِ: بَعْدَ مَوْتِي فَالْهِبَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهِيَ الْوَصِيَّةُ فَتَصِحُّ مَعَ الشُّيُوعِ وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي تَتَارْخَانِيَّةٌ أَوَّلُ كِتَابِ الْوَصَايَا: وَهَبَ الْمَرِيضُ شَيْئًا لِوَارِثِهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ وَلَوْ لَمْ يَمُتْ مِنْهُ جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ، وَالْإِبْقَاءُ فِيهِ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ كِتَابِ الْهِبَةِ. (أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ جَازَ لَهُ الرُّجُوعُ مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِ الْهِبَةِ فِي الْمَرَضِ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ وَمِنْ أَحْكَامِ الْوَصِيَّةِ جَوَازُ الرُّجُوعِ عَنْهَا وَإِلَّا فَالْهِبَةُ لِلْوَارِثِ إنْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ أَوْ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ وَكَانَتْ مُسْلِمَةً مُفْرَزَةً لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهَا تَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْصَى زَيْدٌ بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مِنْ مَالِهِ لِأَخَوَاتِهِ الْمَعْلُومَاتِ وَأَوْصَى لِلْعَازِبَاتِ مِنْهُنَّ بِالسُّكْنَى فِي دَارِهِ مَا دُمْنَ عَازِبَاتٍ فَإِذَا تَزَوَّجْنَ لَيْسَ لَهُنَّ الْعَوْدُ وَلَهُ أُخْتٌ شَقِيقَةٌ وَأَخَوَاتٌ لِأَبٍ ثُمَّ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَأَوْلَادٍ قَاصِرِينَ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُنَّ الْوَصِيَّةَ وَخَلَفَ زَيْدٌ تَرِكَةً تَخْرُجُ الْوَصِيَّةُ مِنْ ثُلُثِهَا فَهَلْ تَكُونُ الْوَصِيَّةُ صَحِيحَةً لِجَمِيعِ أَخَوَاتِهِ بِالسَّوِيَّةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَوْصَى لِإِخْوَتِهِ وَلَهُ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ مُتَفَرِّقِينَ فَإِنْ كَانَ لَهُ أَبٌ أَوْ ابْنٌ صَحَّتْ لَهُمْ الْوَصِيَّةُ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ بَطَلَتْ حِصَّةُ الْأَخِ مِنْ الْأَبِ، وَالْأُمِّ وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ مُسْتَوْفًى فِي الْمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ مِنْ الْوَصَايَا مِنْ فَصْلِ أَوْصَى لِإِخْوَتِهِ وَمِثْلُهُ فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ. (سُئِلَ) فِي ذِمِّيَّةٍ أَوْصَتْ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا لَبِنْتِهَا الْمُسْلِمَةِ الْفَقِيرَةِ بِسُكْنَى مَسْكَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ دَارِهَا الْمَعْلُومَةِ مُؤَبَّدًا ثُمَّ هَلَكَتْ عَنْهَا

وَعَنْ وَرَثَةٍ ذِمِّيِّينَ لَمْ يُجِيزُوا الْوَصِيَّةَ الْمَزْبُورَةَ وَخَلَفَتْ تَرِكَةً يَخْرُجُ الْمَسْكَنُ الْمَزْبُورُ مِنْ ثُلُثِهَا فَهَلْ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ الْمَزْبُورَةُ وَيُسَلَّمُ الْمَسْكَنُ لَهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فَإِنْ خَرَجَتْ الرَّقَبَةُ أَيْ رَقَبَةُ الْعَبْدِ أَوْ الدَّارِ مِنْ الثُّلُثِ سُلِّمَتْ إلَيْهِ أَيْ إلَى الْمُوصَى لَهُ لَهَا أَيْ لِلْخِدْمَةِ، وَالسُّكْنَى وَإِلَّا تَخْرُجُ الرَّقَبَةُ مِنْ الثُّلُثِ تُقْسَمُ الدَّارُ أَثْلَاثًا وَيَتَهَايَأُ الْعَبْدُ، مِنْ التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْمُصَنِّفِ وَلِلْعَلَائِيِّ مِنْ بَابِ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ، وَالسُّكْنَى وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ أَبْرَأَتْ زَوْجَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهَا مِنْ مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا الْمَعْلُومِ لَهَا عَلَيْهِ وَأَوْصَتْ بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ مَالِهَا لِتَجْهِيزِهَا وَتَكْفِينِهَا وَمَاتَتْ مِنْ مَرَضِهَا الْمَذْكُورِ عَنْ الزَّوْجِ وَأَخٍ شَقِيقٍ لَمْ يُجِزْ الْإِبْرَاءَ، وَالْوَصِيَّةَ وَلَمْ يُصَدِّقْ عَلَيْهَا فَهَلْ لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ، وَالْوَصِيَّةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهَا كَمَا فِي إقْرَارِ التَّنْوِيرِ وَكَذَا لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ مِنْ الْفَصْلِ التَّاسِعِ، وَالْعِشْرِينَ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْكَفَنِ، وَالدَّفْنِ سُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ امْرَأَةٍ أَوْصَتْ إلَى زَوْجِهَا أَنْ يُكَفِّنَهَا مِنْ مَهْرِهَا الَّذِي لَهَا عَلَيْهِ قَالَ أَمْرُهَا وَنَهْيُهَا فِي بَابِ الْكَفَنِ بَاطِلٌ، وَفِي الْخُلَاصَةِ قَالَ: وَصِيَّتُهَا فِي تَكْفِينِهَا بَاطِلَةٌ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ عَنْ فَتَاوَى أَهْلِ الْعِرَاقِ، والولوالجية مُعَلِّلًا بِأَنَّ قَدْرَ الْكَفَنِ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ فَلَا يُفِيدُ، التَّبْيِينُ. اهـ. (قُلْت) وَهَذَا التَّعْلِيلُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ فِي مَالِهَا لَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ وُجُوبُ كَفَنِهَا عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ تَرَكَتْ مَالًا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ وَرَجَّحَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ الظَّاهِرُ لِأَنَّهُ كَكِسْوَتِهَا وَبِهِ نَأْخُذُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْعُيُونِ فَيُعَلَّلُ بِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ. وَقَدْ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ أَلَا لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ زَيْدٌ الْمُوصَى لَهُ بِسُكْنَى دَارٍ مَعْلُومَةٍ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَهَلْ تَعُودُ الدَّارُ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي لَا إلَى وَرَثَةِ الْمُوصَى لَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرَرِ مِنْ بَابِ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ، وَالسُّكْنَى " وَبَعْدَ مَوْتِهِ أَيْ مَوْتِ الْمُوصَى لَهُ يَعُودُ أَيْ الْمُوصَى بِهِ إلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّ الْمُوصِيَ أَوْجَبَ الْحَقَّ لِلْمُوصَى لَهُ لِيَسْتَوْفِيَ الْمَنَافِعَ عَلَى حُكْمِ مِلْكِهِ فَلَوْ انْتَقَلَ إلَى وَارِثِ الْمُوصَى لَهُ اسْتَحَقَّهَا ابْتِدَاءً مِنْ مِلْكِ الْمُوصِي بِلَا رِضَاهُ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ، وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ لَهَا حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي دَارٍ مَعْلُومَةٍ أَوْصَتْ إلَى زَيْدٍ بِأَنْ يَبِيعَهَا وَيَصْرِفَ ثَمَنَهَا فِي تَجْهِيزِهَا وَتَكْفِينِهَا وَثَمَنِ قَبْرٍ جَدِيدٍ لَهَا وَأَنْ يَصْرِفَ قَدْرًا مَعْلُومًا فِي صَدَقَةٍ، وَفِي إسْقَاطِ صَلَاةٍ وَمَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ لِزَوْجِهَا ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ زَوْجِهَا لَا غَيْرُ وَقَبِلَ الْوَصِيُّ الْوِصَايَةَ وَأَنْفَذَ الْوَصَايَا وَقَدْ بَلَغَتْ ثُلُثَ مَالِ الْوَصِيَّةِ وَيُرِيدُ دَفْعَ الْبَاقِي لِلزَّوْجِ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا: وَلَا لِوَارِثِهِ وَقَاتِلِهِ مُبَاشَرَةٌ إلَّا بِإِجَارَةِ وَرَثَتِهِ وَهُمْ كِبَارٌ أَوْ يَكُونُ الْقَاتِلُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ سِوَاهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ أَيْ سِوَى الْمُوصَى لَهُ الْقَاتِلِ أَوْ الْوَارِثِ حَتَّى لَوْ أَوْصَى لِزَوْجَتِهِ أَوْ هِيَ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ وَارِثٌ آخَرُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ ابْنُ كَمَالٍ. . . إلَخْ. اهـ. إذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأَوْصَتْ بِنِصْفِ مَالِهَا لِلْأَجْنَبِيِّ كَانَ لِلْأَجْنَبِيِّ نِصْفُ مَالِهَا وَلِلزَّوْجِ ثُلُثُ الْمَالِ وَسُدُسُ الْمَالِ لِبَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَأْخُذُ ثُلُثَ الْمَالِ بِلَا مُنَازَعَةٍ يَبْقَى ثُلُثَا الْمَالِ يَأْخُذُ الزَّوْجُ نِصْفَ مَا بَقِيَ، وَهُوَ الثُّلُثُ يَبْقَى ثُلُثُ الْمَالِ يَأْخُذُ الْأَجْنَبِيُّ تَمَامَ وَصِيَّتِهِ وَهُوَ السُّدُسُ يَبْقَى السُّدُسُ فَيَكُونُ لِبَيْتِ الْمَالِ. وَلَوْ أَوْصَتْ الْمَرْأَةُ بِنِصْفِ مَالِهَا لِزَوْجِهَا وَلَمْ تُوصِ بِوَصِيَّةٍ أُخْرَى كَانَ جَمِيعُ مَالِهَا لِلزَّوْجِ النِّصْفُ بِحُكْمِ الْمِيرَاثِ، وَالنِّصْفُ بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ خَانِيَّةٌ فِي فَصْلِ مَنْ تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ وَمَنْ لَا تَجُوزُ مِنْ الْوَصَايَا وَمِثْلُهُ فِي وَصَايَا الولوالجية فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَكَذَا فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَتَمَامُ تَفْصِيلِهِ فِيهِ فَتَاوَى أَنْقِرْوِيٍّ مِنْ الْوَصَايَا وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْجَوْهَرَةِ أَيْضًا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْصَى زَيْدٌ بِجَمِيعِ مَالِهِ لِأَجْنَبِيٍّ وَمَاتَ

مُصِرًّا عَلَى ذَلِكَ عَنْ زَوْجَةٍ لَا غَيْرُ وَلَمْ تُجِزْ الزَّوْجَةُ الْوَصِيَّةَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : الْوَصِيَّةُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ غَيْرُ جَائِزَةٍ إذَا كَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّ جَمِيعَ الْمَالِ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ كَالزَّوْجِ، وَالزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُوصِيَ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَحَيْثُ لَمْ تُجِزْ الزَّوْجَةُ الْوَصِيَّةَ تَرِثُ سُدُسَ تَرِكَتِهِ وَلِلْمُوصَى لَهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهَا لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ مِنْ الْمِيرَاثِ شَيْئًا حَتَّى يَخْرُجَ ثُلُثُ الْوَصِيَّةِ فَإِذَا خَرَجَ الثُّلُثُ اسْتَحَقَّتْ رُبُعَ الْبَاقِي وَمَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْجَمِيعِ وَأَصْلُهُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ أَرْبَعَةٌ وَهُوَ الثُّلُثُ بَقِيَ الثُّلُثَانِ ثَمَانِيَةٌ لِلزَّوْجَةِ رُبُعُهَا اثْنَانِ بَقِيَ سِتَّةٌ تَعُودُ لِلْمُوصَى لَهُ فَتَكُونُ عَشَرَةً مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَذَلِكَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْجَوْهَرَةِ، وَالنَّوَازِلِ وَغَيْرِهِمَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ جَارِيَتَانِ كَبِيرَةٌ وَصَغِيرَةٌ أَعْتَقَ الْكَبِيرَةَ فِي صِحَّتِهِ ثُمَّ مَرِضَ وَأَعْتَقَ الصَّغِيرَةَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ثُمَّ أَوْصَى لَهَا وَلِلْكَبِيرَةِ بِمِائَةِ قِرْشٍ وَبِأَمْتِعَةٍ قِيمَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ قِرْشًا لِلصَّغِيرَةِ وَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الْمَذْكُورِ عَنْ زَوْجَةٍ وَأَخٍ شَقِيقٍ لَمْ يُجِيزَا الْوَصِيَّةَ وَخَلَّفَ دَارًا قِيمَتُهَا ثَلَثُمِائَةِ قِرْشٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ قَدْرُهُ مِائَةُ قِرْشٍ وَقِيمَةُ الْجَارِيَةِ الصَّغِيرَةِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ قِرْشًا فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : يُوَفِّي الدَّيْنَ مِنْ كُلِّ الْمَالِ وَتُعْتَقُ الصَّغِيرَةُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي وَتَسْعَى فِي بَقِيَّةِ قِيمَتِهَا وَيُقَدَّمُ عِتْقُهَا عَلَى الْوَصِيَّةِ حَيْثُ قَدَّمَهَا الْمُوصِي، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْصَى بِهِ إنْسَانٌ وَكَانَ الثُّلُثُ لَا يَبْلُغُهُ فَإِنْ كَانَ كُلُّهُ فَرْضًا أَوْ كُلُّهُ تَطَوُّعًا يَبْدَأُ بِاَلَّذِي نَطَقَ بِهِ أَوَّلًا وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا فَرْضًا وَبَعْضُهَا تَطَوُّعًا بُدِئَ بِالْفَرْضِ وَإِنْ كَانَ أَخَّرَهُ فِي النُّطْقِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا تَطَوُّعًا وَبَعْضُهَا وَاجِبًا بُدِئَ بِاَلَّذِي أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ آخِرَ النُّطْقِ بِهِ تَتَارْخَانِيَّةٌ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي الْوَصَايَا إذَا اجْتَمَعَتْ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ يُقَدَّمُ بَعْضُ الْوَاجِبَاتِ عَلَى الْبَعْضِ وَمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ يُقَدَّمُ مِنْهُ مَا قَدَّمَهُ الْمُوصِي هِدَايَةٌ مِنْ فَصْلِ وَمَنْ أَوْصَى بِوَصَايَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى قُدِّمَتْ الْفَرَائِضُ مِنْهَا وَإِنْ اجْتَمَعَ الْوَصَايَا قَدَّمَ الْفَرْضَ أَيْ الْأَقْوَى مِنْهَا وَإِنْ أَخَّرَهُ الْمُوصِي وَإِنْ تَسَاوَتْ الْوَصَايَا قُوَّةً بِأَنْ يَكُونَ الْكُلُّ فَرَائِضَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ حَقِّ الْعَبْدِ أَوْ وَاجِبَاتٍ أَوْ نَوَافِلَ فَإِذَا ضَاقَ الثُّلُثُ قَدَّمَ مَا قَدَّمَ الْمُوصِي إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ بَدَأَ بِالْأَهَمِّ، وَعَنْهُ لَوْ كَانَ الْكُلُّ فَرْضًا حَقًّا لِلَّهِ بُدِئَ بِالْحَجِّ ثُمَّ بِالزَّكَاةِ ثُمَّ بِالْكَفَّارَةِ. وَلَوْ كَانَ نَفْلًا كَالْوَصِيَّةِ، وَالْعِتْقِ، وَالصَّدَقَةِ بُدِئَ بِمَا بَدَأَ بِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَنْهُ بُدِئَ بِالْأَفْضَلِ الصَّدَقَةُ ثُمَّ الْحَجُّ ثُمَّ الْعِتْقُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ قُهُسْتَانِيٌّ مِنْ الْوَصَايَا بِاخْتِصَارٍ وَمِثْلُهُ فِي التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُتُونِ، وَالشُّرُوحِ. (أَقُولُ) الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَالْعِتْقُ عِتْقُ عَبْدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ بِأَنْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْتَقَ عَنْهُ أَمَّا لَوْ نَجَّزَ عِتْقَ عَبْدِهِ فِي مَرَضِهِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْجَمِيعِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ بَاعَ بِمُحَابَاةٍ فِي مَرَضِهِ وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذَا الْمَحَلَّ فِي حَاشِيَتِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عِنْدَ قَوْلِ التَّنْوِيرِ وَإِذَا اجْتَمَعَ الْوَصَايَا. . . إلَخْ فَقُلْت: اعْلَمْ أَنَّ الْوَصَايَا إمَّا أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْعِبَادِ أَوْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ اعْتِبَارَ التَّقْدِيمِ مُخْتَصٌّ بِحُقُوقِهِ تَعَالَى لِكَوْنِ صَاحِبِ الْحَقِّ وَاحِدًا وَأَمَّا إذَا تَعَدَّدَ فَلَا يُعْتَبَرُ التَّقْدِيمُ فَمَا لِلْعِبَادِ خَاصَّةً لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا التَّقْدِيمُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ بِهِ لِآخَرَ إلَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَى التَّقْدِيمِ أَوْ يَكُونَ الْبَعْضُ عِتْقًا أَوْ مُحَابَاةً وَمَا لِلَّهِ تَعَالَى فَإِنْ كَانَ كُلُّهُ فَرَائِضَ كَالزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ أَوْ وَاجِبَاتٍ كَالْكَفَّارَاتِ، وَالنَّذْرِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ أَوْ تَطَوُّعَاتٍ كَالْحَجِّ التَّطَوُّعِ، وَالصَّدَقَةِ لِلْفُقَرَاءِ يَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ بِهِ الْمَيِّتُ وَإِنْ اخْتَلَطَتْ يَبْدَأُ بِالْفَرَائِضِ قَدَّمَهَا الْمُوصِي أَوْ أَخَّرَهَا ثُمَّ بِالْوَاجِبَاتِ وَمَا جُمِعَ فِيهِ بَيْنَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ حَقِّ الْعِبَادِ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ الثُّلُثُ عَلَى جَمِيعِهَا وَتُجْعَلُ كُلُّ جِهَةٍ مِنْ جِهَادِ الْقُرْبِ مُفْرَدَةً بِالضَّرْبِ وَلَا تُجْعَلُ كُلُّهَا جِهَةً وَاحِدَةً لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ بِجَمِيعِهَا وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا

فِي نَفْسِهَا مَقْصُودَةٌ فَتُفْرَدُ كَوَصَايَا الْآدَمِيِّينَ. ثُمَّ تُجْمَعُ فَيُقَدَّمُ فِيهَا الْأَهَمُّ فَالْأَهَمُّ فَلَوْ قَالَ: ثُلُثُ مَالِي فِي الْحَجِّ، وَالزَّكَاةِ وَلِزَيْدٍ، وَالْكَفَّارَاتِ قُسِمَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ وَلَا يُقَدَّمُ الْفَرْضُ عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ لِحَاجَتِهِ وَإِنْ كَانَ الْآدَمِيُّ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بِأَنْ أَوْصَى بِالصَّدَقَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَلَا يُقْسَمُ بَلْ يُقَدَّمُ الْأَقْوَى فَالْأَقْوَى لِأَنَّ الْكُلَّ يَبْقَى حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ مُسْتَحِقٌّ مُعَيَّنٌ هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَصِيَّةِ عِتْقٌ مُنَفَّذٌ فِي الْمَرَضِ أَوْ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ كَالتَّدْبِيرِ وَلَا مُحَابَاةٌ مُنَجَّزَةٌ فِي الْمَرَضِ فَإِنْ كَانَ بُدِئَ بِهِمَا عَلَى مَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي بَابِ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ ثُمَّ يَصْرِفُ الْبَاقِيَ إلَى سَائِرِ الْوَصَايَا. اهـ. مُلَخَّصًا جَمِيعُ ذَلِكَ مِنْ الْعِنَايَةِ، وَالنِّهَايَةِ، وَالتَّبْيِينِ. اهـ. مَا فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ هَذَا وَقَدْ سُئِلْتُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي سَنَةِ 1242 أَحْبَبْت إلْحَاقَهَا هُنَا لِتَوْضِيحِ هَذَا الْمَحَلِّ فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِوَصَايَا مِنْهَا لِمُعَيَّنِينَ، وَمِنْهَا حَجَّةُ فَرْضٍ وَكَفَّارَةُ صَلَاةٍ وَصَدَقَاتٌ لِغَيْرِ مُعَيَّنِينَ ثُمَّ وَقَفَ حِصَّةً لَهُ مِنْ دَارٍ عَلَى مَسْجِدٍ ثُمَّ مَاتَ وَضَاقَ الثُّلُثُ عَنْ الْوَصَايَا فَأَجَبْت بِأَنَّهُ يُقْسَمُ الثُّلُثُ عَلَيْهِمْ فَمَا أَصَابَ الْمُعَيَّنِينَ أَخَذُوهُ أَوَّلًا لِأَنَّهُ حَقُّ عَبْدٍ وَمَا أَصَابَ غَيْرَهُمْ قُدِّمَ فِيهِ الْحَجُّ لِكَوْنِهِ فَرْضًا ثُمَّ كَفَّارَةُ الصَّلَاةِ لِكَوْنِهَا وَاجِبَةً ثُمَّ يَدْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ مَا أَوْصَى لَهُمْ بِهِ لِكَوْنِ الْوَقْفِ صَدَقَةً أَيْضًا فَيُقَدَّمُ مَا لِلْفُقَرَاءِ لِتَقْدِيمِ الْمُوصِي لَهُمْ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الولوالجية وَغَيْرِهَا. وَكَيْفِيَّةُ الْقِسْمَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الثُّلُثُ أَلْفًا مَثَلًا وَأَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ وَلِعَمْرٍو بِمِائَةٍ وَلِلْحَجِّ بِخَمْسِمِائَةٍ وَلِلْكَفَّارَةِ بِمِائَةٍ وَلِلْفُقَرَاءِ بِمِائَتَيْنِ وَقَفَ دَارًا بِخَمْسِمِائَةٍ فَسِهَامُ الْوَصَايَا خَمْسَةَ عَشَرَ يُقْسَمُ الثُّلُثُ عَلَيْهَا فَيُعْطَى زَيْدٌ وَعَمْرٌو سَهْمَيْنِ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ الْأَلْفِ وَذَلِكَ مِائَةُ قِرْشٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ قِرْشًا، وَثُلُثُ قِرْشٍ يَبْقَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَيُعْطَى مِنْهُ خَمْسَمِائَةٍ لِلْحَجِّ لِأَنَّهُ فَرْضٌ ثُمَّ يُعْطِي مِائَةً لِلْكَفَّارَةِ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ ثُمَّ يُعْطَى مِائَتَانِ لِلْفُقَرَاءِ لِأَنَّ الْمُوصِيَ قَدَّمَهُمْ عَلَى الْوَقْفِ يَبْقَى سِتَّةٌ وَسِتُّونَ قِرْشًا وَثُلُثَا قِرْشٍ يُوقَفُ مِنْ الدَّارِ بِقَدْرِهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. قَالَ فِي الْمُجْتَبَى مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا: وَقَفَ أَرْضَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَأَوْصَى بِوَصَايَا قُسِمَ الثُّلُثُ بَيْنَ الْوَقْفِ وَسَائِرِ الْوَصَايَا فَمَا أَصَابَ قِيمَةَ الْوَقْفِ مِنْهُ بَقِيَ بِقَدْرِهِ وَقْفًا وَلَا يَكُونُ الْوَقْفُ الْمُنَفَّذُ أَوْلَى. اهـ. ثُمَّ سَأَلْت بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى بِأَلْفٍ يُخْرَجُ مِنْهَا تَجْهِيزُهُ وَتَكْفِينُهُ، وَالْبَاقِي مِنْهَا لِعَمَلِ مَبَرَّاتٍ وَأَوْصَى بِخَمْسِمِائَةٍ لِزَيْدٍ وَبِمِثْلِهَا لِعِمَارَةِ مَسْجِدِ كَذَا وَبِمِثْلِهَا لِعِمَارَةِ مَسْجِدِ كَذَا أَيْضًا وَلَهُ مَمْلُوكٌ قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ أَيْضًا أَعْتَقَهُ مُنَجَّزًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَأَوْصَى لَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَبَلَغَ ثُلُثُ تَرِكَتِهِ ثَلَاثَ آلَافٍ وَثَمَانَمِائَةٍ وَبَلَغَتْ نَفَقَةُ تَجْهِيزَةِ ثَلَثَمِائَةٍ فَكَيْفَ تُقْسَمُ، فَأَجَبْت كُلْفَةُ التَّجْهِيزِ الشَّرْعِيِّ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَاهَا مِنْ الْأَلْفِ فَيَكُونُ الْبَاقِي مِنْ الْأَلْفِ لِعَمَلِ الْمَبَرَّاتِ سَبْعَمِائَةٍ، وَتَصِيرُ جُمْلَةُ الْوَصِيَّةِ أَرْبَعَةَ آلَافٍ وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَقَدْ ضَاقَ الثُّلُثُ عَنْهَا فَيَنْفُذُ الثُّلُثُ فَقَطْ ثُمَّ نَقُولُ: الْعِتْقُ الْمُنَجَّزُ فِي الْمَرَضِ مُقَدَّمٌ فَيَبْدَأُ بِهِ أَوَّلًا فَيَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ الْمَذْكُورِ خَمْسُمِائَةٍ قِيمَةُ الْمَمْلُوكِ يَبْقَى مِنْ الثُّلُثِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَثَلَثُمِائَةٍ تُقْسَمُ عَلَى أَرْبَابِ الْوَصَايَا بِلَا تَقْدِيمٍ لِأَحَدٍ أَمَّا زَيْدٌ، وَالْمَمْلُوكُ فَلِأَنَّهُمَا مُعَيَّنَانِ، وَأَمَّا الْمَسْجِدَانِ فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ يُطَالِبُ بِوَصِيَّةِ مَسْجِدِهِ الْخَاصَّةِ بِهِ لِعِمَارَتِهِ فَهُوَ حَقٌّ لَهُ مُطَالِبٌ مُعَيَّنٌ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي السُّؤَالِ السَّابِقِ مِنْ الْوَقْفِ عَلَى مَسْجِدٍ فَإِنَّ الْوَقْفَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ صَدَقَةً عَلَى جِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً أَوْ انْتِهَاءً فَقَطْ وَإِنْ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ عَيَّنَ لَهُ جِهَةً خَاصَّةً، وَالْمُعْتَبَرُ انْتِهَاؤُهُ وَلِذَا صَحَّ تَعْيِينُهُ ابْتِدَاءً لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْأَغْنِيَاءِ. لَكِنَّهُ صَحَّ لِكَوْنِ آخِرِهِ صَدَقَةً دَائِمَةً كَمَا قُرِّرَ فِي مَحَلِّهِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَحَيْثُ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْعِمَارَةِ كَالْوَصِيَّةِ لِمُعَيَّنٍ تُقَدَّمُ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِعَمَلِ مَبَرَّاتٍ وَحِينَئِذٍ فَيُقْسَمُ الْبَاقِي مِنْ الثُّلُثِ عَلَى سِهَامِ الْوَصَايَا وَهِيَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ سَهْمًا كُلُّ سَهْمٍ مِنْهَا خَمْسُونَ قِرْشًا لِأَنَّ جُمْلَةَ الْوَصِيَّةِ أَرْبَعَةُ

آلَافٍ وَمِائَتَانِ وَخَمْسُونَ أُخْرِجَ مِنْهَا أَوَّلًا قِيمَةُ الْمَمْلُوكِ بَقِيَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَسَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ وَسِهَامُهَا مَا ذَكَرْنَا فَاقْسِمْ الْبَاقِيَ مِنْ الثُّلُثِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَثَلَثُمِائَةٍ كَمَا ذَكَرْنَا عَلَى خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ سَهْمًا يَخْرُجُ كُلُّ سَهْمٍ أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ قِرْشًا فَالْوَصِيَّةُ لِلْمَبَرَّاتِ كَانَتْ سَبْعَمِائَةٍ وَهِيَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا يَخُصُّهَا مِنْ الثُّلُثِ سِتُّمِائَةٍ وَسِتَّةَ عَشَرَ وَوَصِيَّةُ كُلٌّ مِنْ زَيْدٍ، وَالْمَسْجِدَيْنِ كَانَتْ خَمْسَمِائَةٍ فَيَخُصُّ كُلَّ وَاحِدَةٍ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ وَذَلِكَ أَرْبَعُمِائَةٍ وَأَرْبَعُونَ وَوَصِيَّةُ الْمَمْلُوكِ كَانَتْ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَهِيَ إحْدَى وَثَلَاثُونَ سَهْمًا فَيَخُصُّهَا أَلْفٌ وَثَلَثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِذِمِّيٍّ ثَلَاثَةُ بَنِينَ وَلَهُ ابْنُ ابْنٍ، وَالْكُلُّ ذِمِّيُّونَ فَأَوْصَى لِابْنِ ابْنِهِ الْمَذْكُورِ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ مِنْ أَبْنَائِهِ الْمَزْبُورِينَ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ هَلَكَ عَنْ الْجَمِيعِ وَخَلَفَ تَرِكَةً فَهَلْ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلِابْنِ الِابْنِ مِثْلُ نَصِيبِ ابْنٍ مِنْ أَبْنَائِهِ الثَّلَاثَةِ فَيَكُونُ لَهُ الرُّبُعُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَبِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ صَحَّتْ لَهُ ابْنٌ أَوْ لَا وَبِنَصِيبِ ابْنِهِ لَا لَوْ لَهُ ابْنٌ مَوْجُودٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ابْنٌ صَحَّتْ عِنَايَةٌ وَجَوْهَرَةٌ. . . إلَخْ شَرْحُ التَّنْوِيرِ مِنْ بَابِ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ مَالِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْصَى زَيْدٌ بِجَمِيعِ مَالِهِ لِعَمْرٍو الْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ مَاتَ عَنْ تَرِكَةٍ وَوَرَثَةٍ لَمْ يُجِيزُوا الْوَصِيَّةَ وَقَبِلَ عَمْرٌو الْوَصِيَّةَ فَهَلْ تَنْفُذُ فِي ثُلُثِ مَالِهِ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ أَوْصَتْ لِزَيْدٍ الْفَقِيرِ بِعَشَرَةِ قُرُوشٍ نَظِيرُ إسْقَاطِ صَلَاتِهَا ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ تَخْرُجُ الْوَصِيَّةُ مِنْ ثُلُثِهَا وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ فَهَلْ تَصِحُّ وَتَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ مَبْلَغٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ مُرْصَدٌ عَلَى حَانُوتِ وَقْفٍ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بَيِّنَةً أَنَّهُ إنْ مَاتَ يَكُنْ لَا حَقَّ لَهُ عَلَى رَقَبَةِ الْحَانُوتِ ثُمَّ مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا سِوَى الْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ، وَالْوَرَثَةُ لَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فَهَلْ يَسْقُطُ ثُلُثُ الْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ لِلْوَقْفِ عَلَى أَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِلْوَقْفِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَفِي الْمُجْتَبَى أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلْكَعْبَةِ جَازَ وَيُصْرَفُ لِفُقَرَاءِ الْكَعْبَةِ لَا غَيْرُ وَكَذَا لِلْمَسْجِدِ، وَالْقُدْسِ عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ مِنْ آخِرِ كِتَابِ الْوَصَايَا (أَقُولُ) تَأَمَّلْ هَذَا مَعَ مَا سَيَأْتِي عَنْ الْمِنَحِ فِي الْوَرَقَةِ الثَّالِثَةِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ أَوْصَتْ بِأَسْوِرَةٍ ثَلَاثَةٍ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ وَوَسَطٍ لِنِسْوَةٍ ثَلَاثَةٍ أَجْنَبِيَّاتٍ وَضَاعَ وَاحِدٌ مِنْهَا وَلَمْ يُدْرَ أَيٌّ هُوَ، وَالْوَارِثُ يَجْحَدُ ذَلِكَ وَيَقُولُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ هَلَكَ حَقُّك وَلَا أَدْرِي مَنْ هِيَ وَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثَتِهِ فَمَا الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ الْوَارِثُ مَا بَقِيَ مِنْهَا فَيُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ أَثْلَاثًا لِصَاحِبَةِ الْجَيِّدِ ثُلُثَاهُ وَلِصَاحِبَةِ الرَّدِيءِ ثُلُثَاهُ وَلِصَاحِبَةِ الْوَسَطِ ثُلُثٌ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا فِي وَصَايَا التَّنْوِيرِ، وَالْمُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَلَوْ أَوْصَى بِثِيَابٍ مُتَفَاوِتَةٍ جَيِّدٍ وَوَسَطٍ وَرَدِيءٍ لِثَلَاثَةِ أَنْفُسٍ لِكُلٍّ مِنْهُمْ بِثَوْبٍ فَضَاعَ مِنْهَا ثَوْبٌ وَلَمْ يُدْرَ أَيٌّ هُوَ، وَالْوَارِثُ يَقُولُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ: هَلَكَ حَقُّك بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِجَهَالَةِ الْمُسْتَحِقِّ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ مَجْهُولٌ وَجَهَالَتُهُ تَمْنَعُ الْقَضَاءَ وَتَحْصِيلُ غَرَضِ الْمُوصِي كَوَصِيَّتِهِ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إلَّا أَنْ يُسَامِحُوا وَيُسَلِّمُوا مَا بَقِيَ مِنْهَا فَتَعُودُ صَحِيحَةً لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَهُوَ الْجُحُودُ فَتُقْسَمُ لِذِي الْجَيِّدِ ثُلُثَاهُ وَلِذِي الرَّدِيءِ ثُلُثَاهُ وَلِذِي الْوَسَطِ ثُلُثٌ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ التَّسْوِيَةَ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ مِنَحٌ. (أَقُولُ) قَوْلُهُ فَتُقْسَمُ لِذِي الْجَيِّدِ. . . إلَخْ أَيْ الْجَيِّدِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَوْلُهُ ثُلُثَاهُ الْجَيِّدُ مِنْ الثَّوْبَيْنِ الْمَوْجُودَيْنِ الْآنَ فَفِيهِ شَبَهُ اسْتِخْدَامٍ وَكَذَا فِيمَا بَعْدَهُ وَوَجْهُ هَذِهِ الْقِسْمَةِ كَمَا فِي شَرْحِ قَاضِي خَانْ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ ذَا الْوَسَطِ حَقُّهُ فِي الْجَيِّدِ مِنْ الْبَاقِيَيْنِ إنْ كَانَ الْهَالِكُ أَرْفَعَ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ أَرْدَأَ مِنْهُمَا فَحَقُّهُ فِي الرَّدِيءِ مِنْهُمَا فَتَعَلَّقَ حَقُّهُ مَرَّةً بِهَذَا وَمَرَّةً بِالْآخَرِ وَإِنْ كَانَ الْهَالِكُ هُوَ الْوَسَطُ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهِمَا فَقَدْ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَاقِيَيْنِ فِي حَالٍ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ فِي حَالَيْنِ فَيَأْخُذُ ثُلُثَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَذُو الْجَيِّدِ يَدَّعِي الْجَيِّدَ مِنْهُمَا لَا الرَّدِيءَ

إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ قَطْعًا وَذُو الرَّدِيءِ يَدَّعِي الرَّدِيءَ لَا الْجَيِّدَ فَيُسَلَّمُ ثُلُثَا الْجَيِّدِ لِذِي الْجَيِّدِ وَثُلُثَا الرَّدِيءِ لِذِي الرَّدِيءِ. اهـ. وَبَيَانُهُ أَنَّ الثَّوْبَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَحْسَنُ مِنْ الْآخَرِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْوَسَطُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْهَالِكُ هُوَ أَعْلَى الثَّلَاثَةِ فَأَحْسَنُ الِاثْنَيْنِ هُوَ الْوَسَطُ وَإِنْ كَانَ الْهَالِكُ أَدْنَى الثَّلَاثَةِ فَأَرْدَأُ الِاثْنَيْنِ هُوَ الْوَسَطُ فَتَعَلَّقَ حَقُّ ذِي الْوَسَطِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَقُّهُ هُوَ الْأَحْسَنُ مِنْهُمَا أَوْ هُوَ الْأَرْدَأُ فَيُعْطَى ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَبَقِيَ الثُّلُثَانِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيُعْطَى الثُّلُثَانِ مِنْ الْأَحْسَنِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْأَعْلَى إذْ لَا مُنَازَعَةَ لَهُ فِي الْأَدْنَى وَيُعْطَى الثُّلُثَانِ مِنْ الْأَرْدَأِ مِنْهُمَا لِلْمُوصَى لَهُ بِالرَّدِيءِ إذْ لَا مُنَازَعَةَ لَهُ فِي الْأَعْلَى لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّوْبَيْنِ لَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْأَعْلَى بِعَيْنِهِ وَلَا هُوَ الْأَدْنَى بِعَيْنِهِ فَلَا يَتَعَلَّقُ حَقُّ ذِي الْأَعْلَى أَوْ الْأَدْنَى إلَّا بِوَاحِدٍ بِخِلَافِ ذِي الْوَسَطِ كَمَا قُلْنَا وَعَلَى هَذَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي عِبَارَةِ قَاضِي خَانْ قَلْبًا، وَالْأَصْلُ فَقَدْ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَاقِيَيْنِ فِي حَالَيْنِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ فِي حَالٍ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْصَى زَيْدٌ بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِرَجُلٍ مُعَيَّنٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَالصَّلَاحِ لِإِسْقَاطِ صَلَاتِهِ وَكَفَّارَةِ يَمِينِهِ وَمَاتَ وَخَلَفَ تَرِكَةً تَخْرُجُ الْوَصِيَّةُ مِنْ ثُلُثِهَا فَهَلْ تَكُونُ الْوَصِيَّةُ صَحِيحَةً وَيَتَعَيَّنُ الرَّجُلُ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَصْرِفَهَا لِغَيْرِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى مِنْ كِتَابِ الصَّوْمِ " أَوْصَى بِكَفَّارَةِ صَلَاتِهِ لِرَجُلٍ مُعَيَّنٍ لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَصْرِفَهَا إلَى غَيْرِهِ. اهـ. وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي حَاوِي الزَّاهِدِيِّ ثُمَّ رَمَزَ، وَقَالَ: يَتَعَيَّنُ وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ، وَالْقَاضِي أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى غَيْرِهِ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَا يُفْتَى إلَّا بِهَذَا لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَطَمَعِ الْقُضَاةِ وَغَيْرِهِمْ فِيهَا. اهـ. وَنَقَلَهُ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ عَنْ الْقُنْيَةِ قُبَيْلَ بَابِ الْوَصِيِّ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِشَجَرَةٍ مَعْلُومَةٍ فِي بُسْتَانٍ لَهُ وَمَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ وَتَخْرُجُ الْوَصِيَّةُ مِنْ ثُلُثِهَا وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ فَهَلْ تَصِحُّ وَتَنْفُذُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَوْصَى لِأَوْلَادِ ابْنِهِ الْغَيْرِ الْوَارِثِينَ بِحِصَّةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ أَرْضٍ لَهُ مَشْغُولَةٍ بِزَرْعِهِ وَمَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ تَخْرُجُ الْوَصِيَّةُ مِنْ ثُلُثِهَا وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُمْ الْوَصِيَّةَ وَيُرِيدُونَ أَخْذَ الزَّرْعِ زَاعِمِينَ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ تَبَعًا لِأَرْضِهِ فَهَلْ لَا يَدْخُلُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا يَدْخُلُ، وَفِي الزِّيَادَاتِ لَوْ وَهَبَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ لَا يَصِحُّ وَلَوْ أَوْصَى بِأَرْضٍ فِيهَا زَرْعٌ لَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ وَكَذَا لَا يَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ خُلَاصَةٌ مِنْ الْبُيُوعِ فِي الرَّابِعَ عَشَرَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْصَى ذِمِّيٌّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ ثُمَّ هَلَكَ عَنْ وَرَثَةٍ ذِمِّيِّينَ وَخَلَّفَ تَرِكَةً، وَالْوَرَثَةُ لَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فَهَلْ تَصِحُّ وَتَنْفُذُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَصَحَّتْ مِنْ الْمُسْلِمِ لِلذِّمِّيِّ وَبِالْعَكْسِ وَهُوَ وَصِيَّةُ الذِّمِّيِّ لِلْمُسْلِمِ تَنْوِيرٌ مِنْ الْوَصَايَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَوْصَى لِفُلَانٍ وَفُلَانٍ الْيَتِيمَيْنِ بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ مَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ تَخْرُجُ الْوَصِيَّةُ مِنْ ثُلُثِهَا فَهَلْ تَصِحُّ وَتَنْفُذُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَالْقَبُولُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْأَيْتَامِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَكَذَا إذَا أَوْصَى لِلْجَنِينِ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ اسْتِحْسَانًا لِعَدَمِ مَنْ يَلِي عَلَيْهِ لِيَقْبَلَ عَنْهُ أَشْبَاهٌ مِنْ الْقَوْلِ فِي الْمِلْكِ مِنْ الْفَنِّ الثَّالِثِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَوْصَى لِأُمِّهِ بِمَبْلَغٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مِنْ مَالِهِ وَمَاتَ عَنْهَا، وَعَنْ أَوْلَادٍ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ وَزَوْجَةٍ أَجَازُوهَا وَرَدَّتْ الْأُمُّ الْوَصِيَّةَ وَلَمْ تَقْبَلْهَا وَطَلَبَتْ سُدُسَهَا مِنْ التَّرِكَةِ هَلْ تُجَابُ إلَى ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَيُعْتَبَرُ قَبُولُهَا أَيْ قَبُولُ الْوَصِيَّةِ وَرَدُّهَا بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَيُعْتَبَرُ قَبُولُهَا بَعْدَهُ شَرْحُ الْمَجْمَعِ لِابْنِ مَالِكٍ. (سُئِلَ) فِي مَرِيضِ مَرَضِ الْمَوْتِ أَوْصَى فِيهِ بِوَصَايَا لِوُجُوهِ بِرٍّ مَعْلُومَةٍ تَزِيدُ عَلَى ثُلُثِ مَالِهِ وَمَاتَ عَنْ تَرِكَةٍ وَوَرَثَةٍ كِبَارٍ أَجَازُوا الْوَصِيَّةَ الْمَذْكُورَةَ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَيُرِيدُونَ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّجُوعَ عَنْ الْإِجَازَةِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ

لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ أَجَازُوا ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ لَيْسَ لَهُمْ الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ فِي مَبْسُوطِ السَّرَخْسِيِّ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» إلَّا أَنْ يُجِيزَهَا الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ إنَّمَا لَمْ تَجُزْ لِحَقِّ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ لَا لِحَقِّ الشَّرْعِ كَالْوَصِيَّةِ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لِلْأَجْنَبِيِّ لَمْ تَجُزْ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ لِأَنَّ حَقَّهُمْ تَعَلَّقَ بِثُلُثَيْ الْمَالِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُمْ أَنْ يَنْقُضُوا تَصَرُّفَهُ شَرْعًا فِي ثُلُثَيْ مَالِهِ وَنَقْضُ التَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ يَدُلُّ عَلَى تَعَلُّقِ الْحَقِّ لَهُمْ بِهِ وَلَا تَصِحُّ إجَازَتُهُمْ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي وَتَصِحُّ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا بَعْدَ الْإِجَازَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْمُوصَى لَهُ وَصِيَّتَهُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي غَيْرُ لَازِمَةٍ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَبِالْإِجَازَةِ لَا تَصِيرُ لَازِمَةً مُنْبَرِمَةً فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْإِجَازَةُ بِمَثَابَتِهَا غَيْرَ لَازِمَةٍ يُمْكِنُ لِلْوَرَثَةِ الرُّجُوعُ عَنْهَا كَأَصْلِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّهَا صَارَتْ لَازِمَةً مُنْبَرِمَةً وَكَذَلِكَ الْإِجَازَةُ الصَّادِرَةُ مِنْ الْوَرَثَةِ تَصِيرُ لَازِمَةً وَلِأَنَّ الْإِجَازَةَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي صَدَرَتْ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ حَقِيقَةً وَحَقًّا لِأَنَّ الْوَرَثَةَ لَا يَمْلِكُونَ التَّرِكَةَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ حَقِيقَةً وَحَقًّا بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُوَرِّثَ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ بَيْعًا وَوَطْئًا وَاسْتِمْتَاعًا وَاسْتِخْدَامًا وَاسْتِغْلَالًا، وَالْإِجَازَةُ الصَّادِرَةُ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ وَلَا حَقُّ الْمِلْكِ لَا تَصِحُّ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَمَا يَجُوزُ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ فَالْمُوصَى لَهُ يَمْلِكُهُ مِنْ جِهَةِ الْمُوصِي لَا مِنْ جِهَةِ الْوَارِثِ حَتَّى يُجْبَرَ الْوَارِثُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَعْتَقَ الْمَرِيضُ عَبْدَهُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ عِتْقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ يَنْفُذُ الْعِتْقُ مِنْ جِهَةِ الْمَيِّتِ حَتَّى يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُ. اهـ. ، وَفِي الْعِمَادِيَّةِ فِي أَحْكَامِ الْمَرْضَى مِنْ كِتَابِ الْعِتْقِ أَقَرَّ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ لِامْرَأَتِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْوَرَثَةُ فَعِتْقُهُ بَاطِلٌ وَإِنْ كَذَّبُوهُ جَازَ عِتْقُهُ مِنْ الثُّلُثِ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي إقْرَارِ الصُّغْرَى (قُلْت) ، وَالْمَسْأَلَةُ بِإِطْلَاقِهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا أَقَرَّ لِوَارِثِهِ بِعَيْنٍ وَصَدَّقَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ فِي حَيَاتِهِ بِذَلِكَ لَا حَاجَةَ إلَى التَّصْدِيقِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفُذُ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَدْ أَجَابَ عَمِّي نِظَامُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ لِوَارِثِهِ كَذَلِكَ وَصُورَتُهَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِوَارِثِهِ بِدَيْنٍ فَصَدَّقَهُ الْوَارِثُ الْآخَرُ فِيهِ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ هَلْ يَكْفِي التَّصْدِيقُ الَّذِي كَانَ فِي حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ أَوْ يَحْتَاجُ إلَى تَصْدِيقٍ آخَرَ أَجَابَ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّصْدِيقِ الْجَدِيدِ وَذَكَرَ قَاضِي ظَهِيرٍ فِي فَتَاوِيهِ الْوَصَايَا التَّصَرُّفَاتِ الْمُفِيدَةَ لِأَحْكَامِهَا قَبْلَ الْمَوْتِ فِي الْمَرَضِ هَلْ تُعْتَبَرُ فِيهَا إجَازَةُ الْوَارِثِ قَبْلَ الْمَوْتِ لَا رِوَايَةَ فِيهَا وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ السَّمَرْقَنْدِيُّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ الْمَرِيضَ مَرَضَ الْمَوْتِ إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا وَرَضِيَ بِهِ الْوَرَثَةُ قَبْلَ الْمَوْتِ فَالْعَبْدُ لَا يَسْعَى فِي شَيْءٍ. اهـ. وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ مَرِيضٌ يَصْرِفُ مَالَهُ فِي خَيْرَاتٍ وَوَارِثُهُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ سُكُوتَهُ لَيْسَ بِإِجَازَةٍ وَلَوْ أَعْطَى فَقِيرًا شَيْئًا مِنْ تَرِكَتِهِ فَاسْتَأْذَنَ الْفَقِيرُ مِنْهُ فَأَذِنَ يَجُوزُ مِنْ كُلِّ الْمَالِ. اهـ. عِمَادِيَّةٌ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَوْصَى لِمَدْيُونِهِ الْأَجْنَبِيِّ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَمَاتَ الْمُوصِي عَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ تَخْرُجُ الْوَصِيَّةُ مِنْ ثُلُثِهَا وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ فَهَلْ تَصِحُّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَاطِلٌ إلَّا فِي ثَلَاثٍ حَوَالَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَإِذَا سَلَّطَهُ أَيْ سَلَّطَ الْمُمَلَّكَ غَيْرَ الْمَدْيُونِ عَلَى قَبْضِهِ أَيْ قَبْضِ الدَّيْنِ فَيَصِحُّ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ أَوَاخِرُ كِتَابِ الْهِبَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الدَّيْنِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ لَهَا أَمْتِعَةٌ قَالَتْ فِي صِحَّتِهَا لِوَالِدَتِهَا: إنْ مِتّ قَبْلَكِ فَهِيَ لَكِ وَقَالَتْ، وَالِدَتُهَا مِثْلَ ذَلِكَ وَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ الْآنَ عَنْهَا، وَعَنْ وَرَثَةٍ لَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فَهَلْ هَذِهِ وَصِيَّةٌ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا كَمَا فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ

وَالْوَصِيَّةُ لِوَارِثٍ لَا تَصِحُّ وَمِنْ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ مَا فِي الْمَبْسُوطِ قَالَ الطَّالِبُ لِمَدْيُونِهِ إنْ حَلَفْتَ فَأَنْتَ بَرِيءٌ كَانَ بَاطِلًا لِأَنَّ هَذَا تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ بِخَطَرٍ وَهَذَا لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا عَلَّقَهُ بِالْمَوْتِ لِإِخْرَاجِهِ حِينَئِذٍ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ وَعَلَى هَذَا تَفَرَّعَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ قَالَ لِمَدْيُونِهِ: إنْ مِتُّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الدَّيْنِ لَا يَبْرَأُ وَيَكُونُ وَصِيَّةً مِنْ الطَّالِبِ لَهُ وَلَوْ قَالَ: إنْ مِتَّ بِفَتْحِ التَّاءِ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ لَا يَبْرَأُ وَهُوَ مُخَاطَرَةٌ كَقَوْلِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِمَّا لِي عَلَيْك لَا يَبْرَأُ وَلَوْ قَالَتْ الْمَرِيضَةُ لِزَوْجِهَا إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَأَنْتِ فِي حِلٍّ مِنْ مَهْرِي فَمَاتَتْ كَانَ مَهْرُهَا عَلَيْهِ. اهـ. وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ تَصِحُّ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ كَوْنُهُ وَارِثًا " نَهْرٌ " تَحْتَ قَوْلِ الْكَنْزِ مَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عِنْدِ قَوْلِهِ، وَالْإِبْرَاءُ مِنْ الدَّيْنِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ آخَرُ كِتَابِ الْوَصِيَّةِ. (أَقُولُ) : وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنَاطَ الْفَرْقِ هُوَ ضَمُّ التَّاءِ وَفَتْحُهَا فِي " مِتّ " لَا التَّعْلِيقُ " بِأَنْ " أَوْ " إذَا " وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّهُ إذَا ضَمَّ التَّاءَ يَكُونُ تَمْلِيكًا مُعَلَّقًا عَلَى مَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُمَلَّكِ فَيَصِحُّ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ بِخِلَافِ فَتْحِهَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَصِيَّةً لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ مَوْتُ الْمَدْيُونِ لَا الدَّائِنِ الْمُمَلَّكِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ إبْرَاءً مُعَلَّقًا، وَالْإِبْرَاءُ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ بِالْخَطَرِ، وَالْمُرَادُ بِالْخَطَرِ هُنَا الْمَعْدُومُ الْمُتَرَقَّبُ الْوُقُوعِ وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ كَالْمَوْتِ وَمَجِيءِ الْغَدِ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ عَلَّقَ الْإِبْرَاءَ بِشَرْطٍ كَائِنٍ كَقَوْلِهِ لِمَدْيُونِهِ: إنْ كَانَ لِي عَلَيْك دَيْنٌ فَقَدْ أَبْرَأْتُك عَنْهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَائِيُّ فِي آخَرِ كِتَابِ الْهِبَةِ هَذَا مَا ظَهَرَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْصَى رَجُلٌ بِجَمِيعِ مَالِهِ يُنْفَقُ فِي مَصَالِحِ مَسْجِدٍ كَذَا ثُمَّ مَاتَ عَنْ تَرِكَةٍ وَوَرَثَةٍ لَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فَهَلْ تَصِحُّ وَتَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِلْمَسْجِدِ لَمْ تَجُزْ الْوَصِيَّةُ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْمُوصِي: يُنْفِقُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلتَّمْلِيكِ، وَالْوَصِيَّةُ تَمْلِيكٌ وَذِكْرُ النَّفَقَةِ بِمَنْزِلَةِ الْوَقْفِ عَلَى مَصَالِحِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْأَمْرِ بِالصَّرْفِ إلَى مَصَالِحِهِ تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ وَبِقَوْلِ مُحَمَّدٍ أَفْتَى مَوْلَانَا صَاحِبُ الْبَحْرِ مِنَحٌ مِنْ بَابِ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ. (سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ إذَا اسْتَقْرَضَ فِي مَرَضِهِ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً بِمُعَايَنَةِ الشُّهُودِ فَهَلْ يَكُونُ كَدَيْنِ الصِّحَّةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْعِمَادِيَّةِ فِي الْوَصَايَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْصَى رَجُلٌ لِجَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلَهُ دَيْنٌ وَعَيْنٌ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : لَهُمْ أَخْذُ ثُلُثِ الْعَيْنِ وَمَا خَرَجَ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ أَخَذُوا مِنْهُ ثُلُثَهُ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّيْنُ كُلُّهُ كَذَا فِي صُوَرِ الْمَسَائِلِ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ أَوْصَتْ لِوَلَدَيْهَا زَيْدٍ وَهِنْدٍ وَلِإِخْوَتِهَا الثَّلَاثَةِ بِجَمِيعِ مَا تَمْلِكُهُ ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ وَلَدَيْهَا الْمَذْكُورَيْنِ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً وَلَمْ يُجِيزَا وَصِيَّتَهَا لَهُمْ فَهَلْ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ لِلْإِخْوَةِ مِنْ الثُّلُثِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ أَوْصَى لِوَارِثِهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ صَحَّتْ فِي حِصَّةِ الْأَجْنَبِيِّ وَتَتَوَقَّفُ فِي حِصَّةِ الْوَارِثِ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ إنْ أَجَازُوا جَازَ وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوا بَطَلَ وَلَا تُعْتَبَرُ إجَازَتُهُمْ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي حَتَّى كَانَ لَهُمْ الرُّجُوعُ بَعْدَ ذَلِكَ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ مَنْ تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ وَمَنْ لَا تَجُوزُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَارٌ وَأَوْلَادٌ فَمَرِضَ مَرَضَ الْمَوْتِ وَصَارَ غَالِبُ حَالِهِ الضَّنَا وَلُزُومَ الْفِرَاشِ وَقِيَامَهُ عَنْ تَكَلُّفٍ وَمَشَقَّةٍ فَبَاعَ دَارِهِ الْمَذْكُورَةَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ أَوْلَادِهِ الْمَذْكُورِينَ بِثَمَنٍ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ مِنْهُ فِي الْمَرَضِ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ، وَالْإِقْرَارُ غَيْرَ صَحِيحَيْنِ إلَّا بِإِجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ؟ (الْجَوَابُ) : الْبَيْعُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ لِلْوَارِثِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا بِرِضَا الْوَرَثَةِ وَإِنْ كَانَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الزِّيَادَاتِ نَفْسُ الْبَيْعِ مِنْ الْوَارِثِ لَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ يَعْنِي فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ لَكِنْ إذَا كَانَ فِيهِ غَبْنٌ أَوْ مُحَابَاةٌ يُخَيِّرُ الْوَارِثُ الْمُشْتَرِيَ بَيْنَ الْفَسْخِ وَإِتْمَامِ قِيمَةِ الْمِثْلِ قَلَّتْ الْمُحَابَاةُ أَوْ كَثُرَتْ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ وَأَمَّا إقْرَارُ الْمَرِيضِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ

لِلْوَارِثِ وَلَوْ بِقَبْضِ دَيْنِهِ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ غَيْرِهِ فَبَاطِلٌ إلَّا أَنْ تُصَدِّقَهُ الْوَرَثَةُ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْمُعْتَبَرَاتِ وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْصَى زَيْدٌ لِجَارِيَتِهِ الَّتِي هِيَ أُمُّ وَلَدِهِ بِمَبْلَغٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا، وَعَنْ وَرَثَةٍ وَتَرِكَةٍ تَخْرُجُ الْوَصِيَّةُ مِنْ ثُلُثِهَا وَقَبِلَتْ الْمُوصَى لَهَا ذَلِكَ فَهَلْ تَكُونُ الْوَصِيَّةُ الْمَزْبُورَةُ صَحِيحَةً؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَصَحَّتْ لِمُكَاتَبِ نَفْسِهِ وَلِمُدَبَّرِهِ أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ اسْتِحْسَانًا لَا لِمُكَاتَبِ وَارِثِهِ شَرْحُ التَّنْوِيرِ لِلْعَلَائِيِّ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ، وَالْوَصِيَّةُ لِغَيْرِ الْوَارِثِ صَحِيحَةٌ، وَفِي شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ لِلسَّيِّدِ الشَّرِيفِ، وَالْمَانِعُ مِنْ الْإِرْثِ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ: الرِّقُّ وَافِرًا أَيْ كَامِلًا كَانَ كَالْقِنِّ أَوْ نَاقِصًا كَالْمُكَاتَبِ، وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِيهِ. (أَقُولُ) وَهَذَا بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ لَهَا بِدَيْنٍ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ إنْ كَانَ لِوَارِثٍ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ نَفَذَ مِنْ كُلِّ مَالِهِ عَلَى مَا مَرَّ تَحْقِيقُهُ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ لِأُمِّ وَلَدِهِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِلْمِلْكِ فِي وَقْتِ الْإِقْرَارِ بِسَبَبِ رِقِّهَا أَمَّا الْوَصِيَّةُ فَهِيَ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَهِيَ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ وَقَدْ كَتَبَ الْمُؤَلِّفُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ عَنْ فَتَاوَى الطَّرَابُلْسِيِّ مَا صُورَتُهُ سُئِلَ فِي شَخْصٍ أَقَرَّ فِي وَصِيَّتِهِ الَّتِي فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِمُسْتَوْلَدَتِهِ الَّتِي لَمْ يُنْجِزْ عِتْقَهَا بِمَبْلَغِ دَيْنٍ فِي ذِمَّةٍ ثُمَّ مَاتَ فَهَلْ الْإِقْرَارُ لِلْمُسْتَوْلَدَةِ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَأَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْحَنْبَلِيُّ عَلَى نُسْخَةٍ ثَانِيَةٍ لَيْسَ صَحِيحًا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَرُفِعَتْ نُسْخَةٌ ثَالِثَةٌ مِنْ هَذَا السُّؤَالِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ الْكَمَالِ فَأَجَابَ حُكْمُ الْمُسْتَوْلَدَةِ فِي عَدَمِ الْمِلْكِ حُكْمُ الرَّقِيقَةِ، وَالْإِقْرَارُ لَا يَصِحُّ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَكَتَبَ الْعَلَّامَةُ الشِّهَابُ عَلَى نُسْخَةٍ رَابِعَةٍ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ لَاغٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الْمُقَرِّ لَهُ لِلِاسْتِحْقَاقِ فَتَاوَى الطَّرَابُلْسِيِّ مِنْ مَسَائِلِ الْإِقْرَارِ جَمْعُ الْعَلَّامَةِ الشَّلَبِيِّ. (سُئِلَ) فِي مَرِيضٍ مَرَضَ الْمَوْتِ بَاعَ فِيهِ لِابْنِ أُخْتِهِ حِصَّةً مَعْلُومَةً مِنْ دَارٍ وَكَرْمٍ وَأَرْضٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ دُونَ نِصْفِ قِيمَةِ الْمَبِيعِ ثُمَّ وَهَبَهُ الثَّمَنَ الْمَزْبُورَ وَأَوْصَى لِزَوْجَتِهِ بِبَقِيَّةِ الدَّارِ، وَالْكَرْمِ، وَالْأَرْضِ وَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الْمَزْبُورِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَنْ زَوْجَتِهِ الْمَزْبُورَةِ، وَعَنْ ابْنِ عَمٍّ عَصَبَةً لَمْ يُجِزْ الْوَصِيَّةَ الْمَزْبُورَةَ وَلَا الْمُحَابَاةَ وَلَا الْهِبَةَ فَهَلْ تَنْفُذُ الْمُحَابَاةُ، وَالْهِبَةُ مِنْ الثُّلُثِ، وَالْوَصِيَّةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْصَى زَيْدٌ لِجَمَاعَةٍ بِثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ مَاتَ عَنْ تَرِكَةٍ وَلَهُ أَيْضًا مَالٌ فِي يَدِ رَجُلٍ فَادَّعَتْ الْجَمَاعَةُ أَنَّ الْمَالَ لِلْمُتَوَفَّى فَأَنْكَرَ الرَّجُلُ ذَلِكَ قَائِلًا لَيْسَ عِنْدِي مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ شَيْءٌ وَتُرِيدُ الْجَمَاعَةُ إثْبَاتَ مُدَّعَاهُمْ فِي وَجْهِهِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَالْمُودَعُ، وَالْغَاصِبُ، وَالْمَدْيُونُ لَا يَكُونُ خَصْمًا لِلْمُوصَى لَهُ إذَا كَانَ الَّذِي قِبَلُهُ الْمَالُ مُقِرًّا بِأَنَّ الْمَالَ لِلْمَيِّتِ، وَالْخَصْمُ فِي ذَلِكَ وَارِثُهُ أَوْ وَصِيُّهُ فَإِنْ قَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ الْمَالُ هَذَا مِلْكِي وَلَيْسَ عِنْدِي مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ شَيْءٌ صَارَ خَصْمًا وَإِذَا جَعَلَهُ الْقَاضِي خَصْمًا يَقْضِي لَهُ بِثُلُثِ مَا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ أَوَائِلِ الْفَصْلِ الثَّالِثِ فِيمَنْ يَصْلُحُ خَصْمًا لِغَيْرِهِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَقَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ: رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ كَانَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ قَائِمَةً أَوْ اسْتَوْدَعَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَهِيَ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا فِي يَدِ الْمُودَعِ فَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ تُوُفِّيَ وَأَوْصَى لَهُ بِهَذَا الَّذِي قِبَلَ هَذَا الرَّجُلِ، وَالرَّجُلُ مُقِرٌّ بِالْمَالِ لَكِنَّهُ يَقُولُ: لَا أَدْرِي أَمَاتَ فُلَانٌ أَوْ لَمْ يَمُتْ لَمْ يَجْعَلْ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا خُصُومَةً حَتَّى يَحْضُرَ وَارِثٌ أَوْ وَصِيٌّ، هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إذَا كَانَ الَّذِي قِبَلُهُ الْمَالُ مُقِرًّا بِالْمَالِ فَإِنْ قَالَ مَنْ فِي يَدِهِ الْمَالُ: هَذَا مِلْكِي وَلَيْسَ عِنْدِي مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ شَيْءٌ صَارَ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي وَصَارَ كَرَجُلٍ ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَصَاحِبُهُ يَقُولُ هُوَ لِي فَإِنَّهُ يَنْتَصِبُ خَصْمًا لِلْمُدَّعِي وَإِذَا جَعَلَهُ الْقَاضِي خَصْمًا.

باب الوصي

فِي هَذَا الْوَجْهِ يَقْضِي بِثُلُثِ مَا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُوصَى لَهُ لَا يَنْتَصِبُ خَصْمًا لِلْغَرِيمِ لَكِنْ إذَا كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ لَا غَيْرُ فَإِنْ كَانَ مُوصًى لَهُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ وَارِثٌ فَالْمُوصَى لَهُ خَصْمٌ لِلْغَرِيمِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَيَصِيرُ الْمُوصَى لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَنْزِلَةِ الْوَارِثِ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ خَصَائِصِ الْوَارِثِ، وَالْوَارِثُ يَنْتَصِبُ خَصْمًا لِلْغَرِيمِ فَكَذَا الْمُوصَى لَهُ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ. اهـ. [بَابُ الْوَصِيِّ] (بَابُ الْوَصِيِّ) (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِصَغِيرَتَيْنِ مَالٌ تَحْتَ يَدِ أَبِيهِمَا مُخَلَّفٌ عَنْ، وَالِدَتِهِمَا وَكَانَ الْأَبُ مُبَذِّرًا مُتْلِفًا مَالَهُمَا فَهَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ وَلِيًّا يَنْزِعُ الْمَالَ عَنْ يَدِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذَكَرَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَفِي الولوالجية، وَالْخُلَاصَةِ لَوْ كَانَ الْأَبُ مُبَذِّرًا مُتْلِفًا مَالَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ فَالْقَاضِي يَنْصِبُ وَصِيًّا يَنْزِعُ مَالَ الِابْنِ عَنْ يَدِهِ وَيَحْفَظُهُ أَدَبُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ النَّصْبِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَرِضَ زَيْدٌ مَرَضَ الْمَوْتِ وَأَقَامَ عَمْرًا وَصِيًّا مِنْ بَعْدِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ الْقَاصِرِينَ وَأَوْصَى بِمَبْلَغٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ مِنْ مَالِهِ يَصْرِفُهُ الْوَصِيُّ فِي تَجْهِيزِ زَيْدٍ وَتَكْفِينِهِ، وَفِي مَبَرَّاتٍ عَيَّنَهَا وَمَاتَ زَيْدٌ وَخَلَّفَ تَرِكَةً تَخْرُجُ الْمَبَرَّاتُ مِنْ ثُلُثِهَا وَقَبِلَ عَمْرٌو الْوَصِيَّةَ وَأَنْفَذَ الْوَصَايَا الْمَزْبُورَةَ عَلَى وَفْقِ مَا أَوْصَى بِهِ زَيْدٌ ثُمَّ بَلَغَ أَوْلَادُ زَيْدٍ رَشِيدِينَ وَيُكَلِّفُونَ الْوَصِيَّ إثْبَاتَ تَنْفِيذِ الْوَصَايَا وَدَفْعَهَا لِأَرْبَابِهَا بِالْبَيِّنَةِ فَهَلْ يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ بِيَمِينِهِ وَلَا يُكَلَّفُ إلَّا الْإِثْبَاتُ بِالْبَيِّنَةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَفِي فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْوَصِيَّ يُصَدَّقُ فِيمَا سُلِّطَ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فَإِنَّهُ قَالَ الْأَصْلُ أَنَّ الْوَصِيَّ مَتَى أَقَرَّ بِتَصَرُّفٍ فِي مَالِ الصَّغِيرِ بَعْدَ بُلُوغِهِ، وَالصَّغِيرُ مُنْكِرٌ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ تَصَرُّفًا هُوَ مُسَلَّطٌ عَلَى ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ فِيهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ تَصَرُّفًا لَمْ يَكُنْ هُوَ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَإِنَّهُ لَا يَصْدُقُ فِيهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ قَالَ أَنْفَقْت عَلَيْك مَالَك فِي صِغَرِك، وَالنَّفَقَةُ نَفَقَةُ مِثْلِهِ فِي الْمُدَّةِ وَأَنْكَرَ الصَّغِيرُ صُدِّقَ الْوَصِيُّ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُسَلَّطٌ عَلَى الْإِنْفَاقِ بِنَفَقَةِ الْمِثْلِ شَرْعًا أَمَّا لَوْ لَمْ تَكُنْ النَّفَقَةُ نَفَقَةَ الْمِثْلِ وَكَانَ زَائِدًا عَلَيْهِ بِكَثِيرٍ لَا يُصَدَّقُ فِي الْفَضْلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسَلَّطٍ عَلَيْهِ شَرْعًا لِأَنَّهُ إسْرَافٌ فَلَا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ. . . إلَخْ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْإِنْفَاقِ وَمِثْلُهُ فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ مِنْ مَسَائِلِ الْوَصَايَا. (سُئِلَ) فِي وَصِيٍّ مُخْتَارٍ عَلَى قَاصِرِينَ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِمْ عَلَيْهِمْ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَلَمْ يُعَامِلْ الْوَصِيُّ عَلَى الْمَالِ حَتَّى بَلَغَ الْقَاصِرُونَ رَشِيدِينَ قَامُوا الْآنَ يَطْلُبُونَ رِبْحَ مَالِهِمْ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ فَهَلْ لَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ شَيْءٌ مِنْ الرِّبْحِ بِلَا مُرَابَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي قَدْرِ الْإِنْفَاقِ فِي الْمُدَّةِ الْمَزْبُورَةِ حَيْثُ ادَّعَى نَفَقَةَ الْمِثْلِ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ وَلَا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ لَمْ يُعَامِلْ الْوَصِيُّ الْمَزْبُورُ عَلَى الْمَالِ الْمَذْكُورِ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ فَلَا يَلْزَمُهُ رِبْحُهُ لِأَنَّهُ رِبًا كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّمُرْتَاشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى مِنْ بَابِ تَصَرُّفِ الْوَصِيِّ، وَالْأَبِ، وَالْقَاضِي قُلْت لَوْ لَمْ يَتَّجِرْ الْوَصِيُّ بِمَالِ الصَّبِيِّ فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى التِّجَارَةِ، وَالتَّصَرُّفِ قَالَ لَا. اهـ. وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ الْإِنْفَاقِ حَيْثُ كَانَ نَفَقَةُ الْمِثْلِ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ وَلَا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ عُلَمَاؤُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا فِي بُيُوعِ أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ وَدَعْوَى الْأَشْبَاهِ. وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ ابْنِ نُجَيْمٍ مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ الْوَصَايَا سُئِلَ فِي الْوَصِيِّ إذَا أَنْفَقَ عَلَى الْيَتِيمِ مِنْ مَالِهِ بِلَا تَقْدِيرٍ مِنْ الْحَاكِمِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ أَجَابَ نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِيمَا يُصَدِّقُهُ الظَّاهِرُ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا فَرَضَ الْقَاضِي لِأَيْتَامٍ فِي حِجْرِ أُمِّهِمْ الْوَصِيَّةَ الْمُخْتَارَةَ عَلَيْهِمْ.

فِي كُلِّ يَوْمٍ قَدْرًا مَعْلُومًا وَأَذِنَ لَهَا فِي صَرْفِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فِي لَوَازِمِهِمْ الضَّرُورِيَّةِ مِنْ رِيعِ مَالِهِمْ الْمُسْتَقِرِّ تَحْتَ يَدِهَا وَمَضَى لِذَلِكَ عِدَّةُ سِنِينَ فَصَرَفَتْ وَأَنْفَقَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَصْلِ مَالِهِمْ قَدْرًا زَائِدًا لِعَدَمِ كِفَايَةِ الْمَفْرُوضِ لَهُمْ نَفَقَةَ الْمِثْلِ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ، وَالظَّاهِرُ لَا يُكَذِّبُهَا فِي ذَلِكَ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا فِي ذَلِكَ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ أَيْضًا الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ خَيْرُ الدِّينِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي فَتَاوَاهُ مِنْ أَثْنَاءِ الْوَصَايَا وَرَأَيْت نَقْلَ الْمَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ رَامِزًا إلَى عِدَّةِ كُتُبٍ مُعْتَمَدَةٍ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ لَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ رُشْدَهُ وَمَضَتْ مُدَّةٌ، وَالْآنَ يُنْكِرُ الدَّفْعَ، وَالْوَصِيُّ يَدَّعِيهِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الدَّفْعِ مَعَ يَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَصَايَا وَصَرَّحَ بِهَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَغَيْرِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي وَصِيَّةٍ مُخْتَارَةٍ عَلَى ابْنِهَا الْقَاصِرِ صَرَفَتْ فِي أَشْيَاءَ مُتَعَلِّقَةٍ بِالْيَتِيمِ مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ مِنْ مَالِ الْقَاصِرِ دُونَ مَالِ نَفْسِهَا بِمَا فِيهِ الْحَظُّ، وَالْمَصْلَحَةُ مَصْرِفَ الْمِثْلِ وَلَا يُكَذِّبُهَا الظَّاهِرُ فِيهِ ثُمَّ مَاتَ الْقَاصِرُ عَنْهَا، وَعَنْ وَرَثَةٍ غَيْرِهَا يُرِيدُونَ تَغْرِيمَهَا ذَلِكَ مِنْ مَالِهَا فَهَلْ تُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهَا وَلَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ مِنْ مَالِهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْمِنَحِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْخُنْثَى نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ مَا نَصُّهُ " وَذَكَرَ ضَابِطًا أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيهِ وَمَا لَا فَلَا. اهـ وَتَمَامُ ذَلِكَ تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِصَغِيرٍ مَالٌ تَحْتَ يَدِ أَبِيهِ فَأَنْفَقَهُ عَلَيْهِ نَفَقَةَ الْمِثْلِ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ، وَالظَّاهِرُ لَا يُكَذِّبُهُ فِيهِ فَهَلْ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فَلَوْ ادَّعَى الْأَبُ بَعْدَمَا طَلَبَ مِنْهُ الْمَالَ بَعْدَ الْبُلُوغِ ضَيَاعَهُ أَوْ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ وَهُوَ نَفَقَةُ الْمِثْلِ فِي مُدَّتِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْبَيْعِ. (سُئِلَ) فِي مَعْتُوهٍ لَهُ وَصِيٌّ شَرْعِيٌّ وَلِلْمَعْتُوهِ مَالٌ فَوَكَّلَ الْوَصِيُّ الْمَزْبُورُ رَجُلًا فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى الْمَعْتُوهِ مِنْ مَالِهِ فِي كِسْوَتِهِ اللَّازِمَةِ الضَّرُورِيَّةِ وَصَرَفَ عَلَى ذَلِكَ مَصْرِفَ الْمِثْلِ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ، وَالظَّاهِرُ لَا يُكَذِّبُهُ فِيهِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ مِنْ الْوَكَالَةِ لِأَنَّ الْوَصِيَّ يَمْلِكُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِكُلِّ مَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ فِي أُمُورِ الْيَتِيمِ كَمَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ وَالْأَنْقِرْوِيِّ، وَالْمَعْتُوهُ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ كَمَا فِي الْأَنْقِرْوِيِّ، وَفِي الْبَحْرِ مِنْ شَتَّى الْقَضَاءِ نَائِبُ النَّاظِرِ كَهُوَ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ. اهـ. وَالْوَصِيُّ كَالنَّاظِرِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ، وَالْوَقْفَ أَخَوَانِ يَسْتَسْقِي كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. وَفِي وَكَالَةِ الْمُخْتَصَرِ الْوَصِيُّ يَمْلِكُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِكُلِّ مَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ فِي أُمُورِ الْيَتِيمِ فَإِنْ بَلَغَ الْيَتِيمُ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ الْوَكِيلُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ، وَالْوَصِيُّ مِثْلُ الْقَيِّمِ لِقَوْلِهِمْ الْوَصِيَّةُ، وَالْوَقْفُ أَخَوَانِ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْوَصَايَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَتْ امْرَأَةٌ وَصِيَّةً شَرْعِيَّةً عَلَى أَوْلَادِهَا الْأَيْتَامِ وَلَهُمْ مَالٌ تَحْتَ يَدِهَا فَادَّعَتْ الْأُمُّ أَنَّهَا أَنْفَقَتْ عَلَيْهِمْ فِي مُدَّةِ كَذَا مَبْلَغًا مَعْلُومًا مِنْ الدَّرَاهِمِ مِنْ مَالِهِمْ، وَالظَّاهِرُ يُكَذِّبُهَا فِي ذَلِكَ فَهَلْ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الظَّاهِرُ يُكَذِّبُهَا فِي ذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِيهِ وَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي تَلْخِيصِ الْخَلَّاطِيِّ وَإِنْ زَادَ يَسِيرًا صُدِّقَ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ إنْ اتَّهَمُوهُ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ، وَفِي تَلْخِيصِ الْخَلَّاطِيِّ وَنَفَقَةُ الْمِثْلِ مَا يَكُونُ بَيْنَ الْإِسْرَافِ، وَالتَّقْتِيرِ، وَفِي أَحْكَامِ الْأَوْصِيَاءِ الْقَوْلُ فِي الْأَمَانَةِ قَوْلُ الْأَمِينِ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَمْرًا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ فَحِينَئِذٍ تَزُولُ الْأَمَانَةُ وَتَظْهَرُ الْخِيَانَةُ فَلَا يُصَدَّقُ. اهـ. كَذَا فِي حَاشِيَةِ بِيرِيٌّ (أَقُولُ) : يَنْبَغِي لَك أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ نَفَقَةَ الْمِثْلِ تَخْتَلِفُ بِقِلَّةِ الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ وَلِذَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: يَنْبَغِي لِلْوَصِيِّ أَنْ لَا يُضَيِّقَ عَلَى الصَّغِيرِ فِي النَّفَقَةِ بَلْ يُوَسِّعُ عَلَيْهِ بِلَا إسْرَافٍ وَذَلِكَ يَتَفَاوَتُ بِقِلَّةِ الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ فَيَنْظُرُ إلَى مَالِهِ وَيُنْفِقُ بِحَسَبِ حَالِهِ. اهـ. ثُمَّ إذَا ادَّعَى الزَّائِدَ عَلَى نَفَقَةِ الْمِثْلِ إنَّمَا لَا يُصَدَّقُ إذَا لَمْ يُفَسِّرْ دَعْوَاهُ بِتَفْسِيرٍ مُحْتَمَلٍ كَقَوْلِهِ: اشْتَرَيْت طَعَامًا فَسُرِقَ ثُمَّ اشْتَرَيْت ثَانِيًا

وَثَالِثًا فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ كَمَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ عَنْ شَرْحِ الْأَصْلِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا احْتَاجَ الْيَتِيمُ لِلنَّفَقَةِ الضَّرُورِيَّةِ وَلَهُ مَالٌ غَائِبٌ فَصَرَفَ وَصِيُّهُ الْمُخْتَارُ عَلَيْهِ لِنَفَقَتِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ لِيَرْجِعَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ بِنَظِيرِ ذَلِكَ إذَا حَضَرَ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً شَرْعِيَّةً ثُمَّ حَضَرَ مَالُ الْيَتِيمِ وَيُرِيدُ وَصِيُّهُ الرُّجُوعَ فِي الْمَالِ الْمَذْكُورِ بِنَظِيرِ مَا صَرَفَهُ فِي نَفَقَتِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ مَا ذَكَرَ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ يَسُوغُ لِلْوَصِيِّ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَصِيٌّ أَنْفَقَ مِنْ مَالِهِ، وَالْحَالُ أَنَّ مَالَ الْيَتِيمِ غَائِبٌ فَهُوَ أَيْ الْوَصِيُّ كَالْأَبِ مُتَطَوِّعٌ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ أَنَّهُ قَرَضَ عَلَيْهِ أَوْ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ تَنْوِيرٌ مِنْ بَابِ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ، وَالْقَبْضِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَتْ هِنْدٌ وَصِيَّةً شَرْعِيَّةً عَلَى ابْنِهَا الصَّغِيرِ الْيَتِيمِ وَأَنْفَقَتْ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهَا مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فِي لَوَازِمِهِ الضَّرُورِيَّةِ لِعَدَمِ مَالٍ حَاصِلٍ لَهُ لِتَرْجِعَ بِنَظِيرِ مَا أَنْفَقَتْهُ فِي مَالِهِ عِنْدَ حُصُولِهِ وَأَشْهَدَتْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ حَصَلَ لَهُ مَالٌ بِالْإِرْثِ وَتُرِيدُ الْأُمُّ الرُّجُوعُ فِي مَالِهِ بِمَا أَنْفَقَتْهُ فَهَلْ يَسُوغُ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَفِي الْإِحْكَامَاتِ أَنْفَقَ الْوَصِيُّ عَلَى الصَّبِيِّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَرْجِعُ بِهِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَأَيْضًا فِيهَا، وَفِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ ادَّعَى الْوَصِيُّ أَوْ قَيِّمُ الْوَقْفِ الْإِنْفَاقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِالْإِشْهَادِ لِأَنَّهُمَا يَدَّعِيَانِ لِأَنْفُسِهِمَا دَيْنًا فَلَا يَسْتَحِقَّانِهِ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْإِنْفَاقِ فَلَمْ يَشْتَرِطْ غَيْبَةَ الْمَالِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ النَّقْلِ، وَفِي أَكْثَرِ الْعِبَارَاتِ أَيْضًا لَمْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ، وَالْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ حُصُولِ مَالِ الْيَتِيمِ الْآنَ لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ أُمُورُهُ فَمَا فِي وَكَالَةِ التَّنْوِيرِ عَنْ الْفُصُولَيْنِ، وَالْمَالُ غَائِبٌ مَعْنَاهُ غَيْرُ حَاصِلٍ الْآنَ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. (أَقُولُ) رَأَيْت هُنَا عَلَى هَامِشِ الْأَصْلِ بِخَطِّ شَيْخِ مَشَايِخِنَا السَّائِحَانِيِّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ يَسُوغُ لَهَا ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ شَرَى لِوَلَدِهِ ثَوْبًا أَوْ طَعَامًا وَأَشْهَدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ لَوْ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا لَا لِوُجُوبِهِمَا عَلَيْهِ وَلِهَذَا أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ فِي آخَرِ الْجَوَابِ. اهـ. مَا رَأَيْته لَكِنْ التَّعْلِيلُ يُفِيدُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ الْفَقِيرِ وَاجِبَةٌ عَلَى أَبِيهِ فَلِهَذَا لَا يَرْجِعُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَيَرْجِعُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ أَمَّا الْوَصِيُّ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْوَلَدِ مَا لَمْ يَكُنْ رَحِمًا مَحْرَمًا مِنْهُ فَعَدَمُ رُجُوعِ الْأَبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ رُجُوعِ الْوَصِيِّ مُطْلَقًا أَيْ وَلَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ النَّظَرَ بِالنِّسْبَةِ إلَى خُصُوصِ مَا وَقَعَ فِي السُّؤَالِ لِأَنَّ الْوَصِيَّ فِيهِ هِيَ الْأُمُّ وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الصَّغِيرِ عَلَيْهَا. وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ أَجْنَبِيًّا فَلَا يَرِدُ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ وَجْهِ الْفَرْقِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ذَكَرَ عَقِبَ عِبَارَتِهِ الْمَذْكُورَةِ مَا نَصُّهُ وَلَوْ قِنًّا أَوْ شَيْئًا لَا يَلْزَمُهُ رَجَعَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَوْ أَشْهَدَ وَإِلَّا لَا. اهـ. أَيْ وَلَوْ شَرَى الْأَبُ لِوَلَدِهِ عَبْدًا أَوْ شَيْئًا آخَرَ مِمَّا لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِوَلَدِهِ رَجَعَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ مَالٌ لَكِنْ يَرْجِعُ لَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ اشْتَرَى لَهُ ذَلِكَ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ فِيمَا يَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْمَالِ بِإِرْثٍ أَوْ نَحْوِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ فَلَا رُجُوعَ فَهَذَا يُرْشِدُك إلَى أَنَّ رُجُوعَ الْأَبِ هُنَا عِنْدَ الْإِشْهَادِ لِكَوْنِ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْأَبِ فَقَدْ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ الْأَجْنَبِيِّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْأَبِ فَإِنَّ الْأَبَ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ أَشْهَدَ لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ لِلْوَلَدِ مَالٌ فَيَرْجِعُ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ، وَالْوَصِيُّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أَصْلًا فَيَرْجِعُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ كَالْكِسْوَةِ، وَالطَّعَامِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَالْعَبْدِ، وَالْحَانُوتِ فَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا بَحَثَهُ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَكِنْ ذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا مَا نَصُّهُ " وَلَوْ أَنْفَقَ وَصِيُّ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ عَلَى الْيَتِيمِ ثُمَّ اسْتَقْرَضَ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ لَا يُطَالِبُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَكَذَا الْأَبُ لَوْ اسْتَقْرَضَ وَأَنْفَقَ عَلَى الصَّبِيِّ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ. اهـ. وَكَتَبَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ وَصِيَّ الْمَيِّتِ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي

الْأَشْبَاهِ ذَكَرَ أَنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ فِي مَسَائِلَ وَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا. اهـ. وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيمَا يُنْفِقُهُ عَلَى الْوَلَدِ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْغَيْبَةِ فِي قَوْلِهِمْ وَلَهُ مَالٌ غَائِبٌ رَجَعَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الرُّجُوعِ وَمِثْلُهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ بِالْأَوْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَصْلًا وَلَعَلَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ وَإِلَّا فَبَيْنَ الْكَلَامَيْنِ مُنَاقَضَةٌ ظَاهِرَةٌ وَيَنْبَغِي الْإِفْتَاءُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ الْوَصِيُّ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ يَمْتَنِعُ مِنْ الْإِنْفَاقِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ ضَيَاعُ الْوَلَدِ وَهَلَاكُهُ بِلَا نَفَقَةٍ، وَفِي ذَلِكَ حَرَجٌ عَظِيمٌ وَمَنْعٌ مِنْ الْإِحْسَانِ إلَى هَذَا الْوَلَدِ الْعَاجِزِ، وَالْحَرَجُ مَدْفُوعٌ بِالنَّصِّ وَعَلَى ذَلِكَ مَدَارُ عَامَّةِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِشْهَادِ لِلرُّجُوعِ فِيهِ قَوْلَانِ وَنَقَلَ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ عَنْ عِدَّةِ كُتُبٍ حَتَّى فِي الْخَانِيَّةِ مَرَّةً ذَكَرَ أَنَّ الْإِشْهَادَ شَرْطٌ وَمَرَّةً ذَكَرَ أَنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى بِالنُّونِ أَنَّ عَدَمَ الرُّجُوعِ بِلَا إشْهَادٍ اسْتِحْسَانٌ وَذَكَرَ فِي الْعَتَّابِيَّةِ أَنَّهُ تَكْفِيهِ النِّيَّةُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَأَفَادَ أَنَّ الْقَوْلَ بِالِاشْتِرَاطِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَضَاءِ لَا الدِّيَانَةِ وَقَدْ أَوْضَحْتُ الْمَسْأَلَةَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ ثُمَّ ذَكَرْت مَا نَصُّهُ " قُلْت فَقَدْ تَحَرَّرَ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ عَدَمَ الرُّجُوعِ بِلَا إشْهَادٍ فِي كُلٍّ مِنْ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ، وَالثَّانِيَ اشْتِرَاطُ الْإِشْهَادِ فِي الْأَبِ فَقَطْ وَمِثْلُهُ الْأُمُّ الْوَصِيُّ عَلَى أَوْلَادِهَا وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الْغَالِبِ مِنْ شَفَقَةِ الْوَالِدَيْنِ الْإِنْفَاقُ عَلَى الْأَوْلَادِ لِلْبِرِّ، وَالصِّلَةِ لَا لِلرُّجُوعِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ الْأَجْنَبِيِّ فَلَا يَحْتَاجُ فِي الرُّجُوعِ إلَى الْإِشْهَادِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ اسْتِحْسَانٌ. وَالثَّانِيَ قِيَاسٌ وَمُقْتَضَاهُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ يَعْنِي صَاحِبَ التَّنْوِيرِ قُبَيْلَ بَابِ عَزْلِ الْوَكِيلِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْقَضَاءِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ فَاغْتَنِمْ هَذِهِ التَّحْرِيرَاتِ الْمُفِيدَةَ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِنِسْوَةٍ وَيَتِيمَيْنِ وَأُمِّهِمَا وَالْوَصِيِّ عَلَيْهِمَا دَارٌ احْتَاجَتْ لِلتَّعْمِيرِ الضَّرُورِيِّ فَأَذِنَتْ النِّسْوَةُ وَأُمُّ الْيَتِيمَيْنِ بِالْأَصَالَةِ، وَالْوِصَايَةِ عَلَيْهِمَا لِزَيْدٍ بِتَعْمِيرِهَا، وَالصَّرْفِ عَلَى ذَلِكَ، وَالرُّجُوعِ بِنَظِيرِ مَا سَيَصْرِفُهُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْآذِنَاتِ وَجِهَةَ الْيَتِيمَيْنِ حَيْثُ لَا مَالَ حَاصِلٌ لَهُمَا يُصْرَفُ فِي ذَلِكَ وَلَا مَنْ يَرْغَبُ فِي اسْتِئْجَارِ حِصَّتِهِمَا مُدَّةً مُسْتَقْبَلَةً بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ تُصْرَفُ فِي التَّعْمِيرِ وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَظِّ، وَالْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ فَعَمَّرَهَا زَيْدٌ كَمَا ذَكَرَ وَصَرَفَ فِي ذَلِكَ مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ عَلَى الْآذِنَاتِ، وَالْيَتِيمَيْنِ وَحَصَلَ لِلْيَتِيمَيْنِ مَالٌ تَحْتَ يَدِ أُمِّهِمَا وَيُرِيدُ زَيْدٌ الرُّجُوعَ بِنَظِيرِ ذَلِكَ عَلَى الْآذِنَاتِ وَوَصِيِّ الْيَتِيمَيْنِ لِتَدْفَعَ مَا عَلَيْهِمَا مِنْ مَالِهِمَا فَهَلْ يَسُوغُ لِزَيْدٍ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ أَنْفَقَ رَجُلٌ عَلَى الصَّغِيرِ وَقَالَ أَمَرَنِي الْوَصِيُّ بِذَلِكَ وَصَدَّقَهُ الْوَصِيُّ صُدِّقَ الرَّجُلُ أَدَبُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْإِنْفَاقِ. وَفِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِيِّ أَرَادَ الْوَصِيُّ الِاسْتِدَانَةَ عَلَى الصَّغِيرِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِهِ وَإِلَّا فَالْمُخْتَارُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي فَيَأْمُرُهُ بِهِ، وَفِي فَتَاوَى ظَهِيرِ الدِّينِ أَنَّ الرَّفْعَ هُوَ الْأَحْوَطُ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ لِبُعْدِ الْحَاكِمِ فَيَسْتَدِينُ بِدُونِ الْأَمْرِ وَقِيلَ لَهُ الِاسْتِدَانَةُ بِدُونِ الرَّفْعِ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْقُرُوضِ، وَفِيهِ ذَكَرَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ، وَالْمُحِيطِ الْوَصِيُّ لَوْ اسْتَدَانَ لِأَجَلِ الْيَتِيمِ جَازَ وَلَوْ أَقَرَّ بِالِاسْتِدَانَةِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ إجْمَاعًا، وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى اسْتَقْرَضَ الْأَبُ لِصَغِيرِهِ جَازَ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِالِاسْتِقْرَاضِ. اهـ. وَمَسْأَلَةُ اسْتِدَانَةِ الْوَصِيِّ ذَكَرَهَا فِي الْأَشْبَاهِ أَوَائِلَ الْإِقْرَارِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَتْ هِنْدٌ وَصِيًّا مُخْتَارَةً مِنْ قِبَلِ زَوْجِهَا الْمُتَوَفَّى عَلَى أَوْلَادِهِ مِنْهَا الصِّغَارِ فَمَرِضَتْ وَفَوَّضَتْ أَمْرَ الْوِصَايَةِ لِزَيْدِ ابْنِ عَمِّهَا الْأَمِينِ الْأَهْلِ لِذَلِكَ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ وَقَبِلَ زَيْدٌ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ أَوْلَادِهَا الْمَذْكُورِينَ وَلَهُمْ مَالٌ تَحْتَ يَدِهَا وَخَلَفَتْ تَرِكَةً فَقَامَ عَمُّ الْأَوْلَادِ يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ زَاعِمًا أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْوِصَايَةِ مِنْ زَيْدٍ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ الْمُعَارَضَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مِنْ بَابِ الْوَصِيِّ وَوَصِيِّ الْوَصِيِّ سَوَاءٌ أَوْصَى إلَيْهِ فِي مَالِهِ

أَوْ مَالِ مُوصِيهِ وِقَايَةٌ وَصِيٌّ فِي التَّرِكَتَيْنِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ. اهـ. وَفِيهِ مِنْ الْوَكَالَةِ، وَالْوِلَايَةِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ إلَى الْأَبِ ثُمَّ وَصِيِّهِ ثُمَّ وَصِيِّ وَصِيِّهِ إذْ الْوَصِيُّ يَمْلِكُ الْإِيصَاءَ. . . إلَخْ. وَفِي الْأَشْبَاهِ وَصِيُّ الْقَاضِي إذَا جُعِلَ وَصِيًّا عِنْدَ مَوْتِهِ لَا يَصِيرُ الثَّانِي وَصِيًّا بِخِلَافِ وَصِيِّ الْمَيِّتِ كَذَا فِي التَّتِمَّةِ، وَفِي الْخِزَانَةِ وَصِيُّ وَصِيِّ الْقَاضِي كَوَصِيِّهِ إذَا كَانَتْ الْوِصَايَةُ عَامَّةً. اهـ. وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ. اهـ. وَقَدْ عَقَدَ فِي كِتَابِ الْأَوْصِيَاءِ آخِرَ الْكِتَابِ فَصْلًا فِي إيصَاءِ الْوَصِيِّ فَمَنْ رَامَ تَمَامَ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ فَلْيَرْجِعْ إلَيْهِ. (أَقُولُ) أَيْ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ قَوْلِهِ لَا يَصِيرُ الثَّانِي وَصِيًّا وَقَوْلُ الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا الْوَصِيُّ يَمْلِكُ الْإِيصَاءَ سَوَاءٌ كَانَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ أَوْ وَصِيَّ الْقَاضِي. اهـ. بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا نَصَّبَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا خَاصًّا فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ فَقَطْ فَإِنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ عَلَى مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا وَيُحْمَلُ الثَّانِي عَلَى مَا إذَا نَصَّبَهُ وَصِيًّا عَامًّا كَمَا فِي الْخِزَانَةِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ وَصِيَّ الْوَصِيِّ لَهُ أَنْ يُوصِيَ أَيْضًا وَهَكَذَا وَإِنْ تَعَدَّدَتْ. كَمَا أَفَادَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا وَقَدْ سُئِلْتُ عَمَّا لَوْ أَقَامَ زَيْدٌ أَخَاهُ عَمْرًا وَصِيًّا ثُمَّ أَقَامَ بِكْرٌ زَيْدًا وَصِيًّا ثُمَّ مَاتَ بَكْرٌ وَمَاتَ بَعْدَهُ زَيْدٌ فَهَلْ يَصِيرُ عَمْرٌو وَصِيًّا عَلَى تَرِكَةِ بَكْرٍ أَيْضًا اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْمَوْتِ أَمْ لَا اعْتِبَارًا بِحَالَةِ النَّصْبِ لِأَنَّ زَيْدًا حِينَ نَصَبَ أَخَاهُ عَمْرًا لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا عَلَى تَرِكَةِ بَكْرٍ لَمْ أَجِدْ فِي ذَلِكَ نَصًّا صَرِيحًا، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي الْأَوَّلُ إذْ لَوْ اُعْتُبِرَتْ حَالَةُ النَّصْبِ لَزِمَ أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ نَصَبَ وَصِيًّا عَلَى أَوْلَادِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ وُلِدَ لَهُ أَوْلَادٌ وَاكْتَسَبَ مَالًا آخَرَ أَنْ لَا يَكُونَ لِذَلِكَ الْوَصِيِّ وِلَايَةٌ عَلَى مَا حَدَثَ لِلْمُوصِي بَعْدَ النَّصْبِ فَعُلِمَ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِحَالَةِ الْمَوْتِ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ خِلَافَةٌ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ الْوَصِيَّةُ طَلَبُ فِعْلٍ يَفْعَلُهُ الْمُوصَى إلَيْهِ بَعْدَ غَيْبَتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى مَصَالِحِهِ كَقَضَاءِ دُيُونِهِ، وَالْقِيَامِ بِحَوَائِجِهِ وَمَصَالِحِ وَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَتَنْفِيذِ وَصَايَاهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ يُقَالُ فُلَانٌ سَافَرَ فَأَوْصَى بِكَذَا وَفُلَانٌ مَاتَ فَأَوْصَى بِكَذَا. . . إلَخْ وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى قَوْلِهِمْ إنَّ وَصِيَّ الْوَصِيِّ وَصِيٌّ فِي التَّرِكَتَيْنِ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ إقَامَةُ الْغَيْرِ مَقَامَهُ فِيمَا لَهُ وِلَايَتُهُ وَعِنْدَ الْمَوْتِ كَانَتْ لَهُ وِلَايَةٌ فِي التَّرِكَتَيْنِ فَيُنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ فِيهِمَا. اهـ. وَلِأَنَّ تَرِكَةَ مُوصِيهِ تَرِكَتُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الِاخْتِيَارِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ الْوَصِيُّ لِآخَرَ: أَنْتَ وَصِيٌّ فِي تَرِكَتِي صَارَ وَصِيًّا فِي التَّرِكَتَيْنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَحَيْثُ كَانَتْ تَرِكَةُ الْأَوَّلِ تَرِكَةً لِلثَّانِي، وَالتَّرِكَةُ اسْمٌ لِمَا يَتْرُكُهُ الْإِنْسَانُ بَعْدَ مَوْتِهِ عُلِمَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالَةُ الْمَوْتِ فَيَصِيرُ الثَّانِي وَصِيًّا عَلَى التَّرِكَتَيْنِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُوصِيهِ وَصِيًّا حِينَ نَصَبَهُ اعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْمَوْتِ لِأَنَّ مُوصِيَهُ وَهُوَ زَيْدٌ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ كَانَتْ وِلَايَتُهُ عِنْدَ مَوْتِهِ ثَابِتَةً عَلَى تَرِكَةِ نَفْسِهِ وَعَلَى تَرِكَةِ بَكْرٍ قَطْعًا فَيَخْلُفُهُ وَصِيُّهُ عَمْرٌو بَعْدَ مَوْتِهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَيْضًا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَامَ زَيْدٌ عَمْرًا وَصِيًّا عَلَى أَمْتِعَتِهِ وَدَابَّتِهِ لِيَأْخُذَهَا وَيُوَصِّلَهَا إلَى وَرَثَتِهِ الْغَائِبِينَ بِبَلْدَتِهِ وَهُمْ كِبَارٌ وَصِغَارٌ وَمَاتَ زَيْدٌ وَيُرِيدُ عَمْرٌو بَيْعَ الدَّابَّةِ لِلْحَظِّ، وَالْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ لِاحْتِيَاجِهَا لِلنَّفَقَةِ وَأَخْذَ ثَمَنِهَا لِوَرَثَتِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ عَلَى الْكَبِيرِ الْغَائِبِ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِي الْعَقَارِ وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الْوَصِيُّ يَمْلِكُ بَيْعَ عُرُوضِ الصَّغِيرِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا يَمْلِكُ بَيْعَ عَقَارِهِ إلَّا لِحَاجَةٍ اهـ، وَفِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ أَيْضًا لِأَنَّ وَظِيفَتَهُ إذْ ذَاكَ حِفْظُ الْأَمْوَالِ وَبَيْعُ الْعُرُوضِ مِنْ الْحِفْظِ لِمَا أَنَّ حِفْظَ الثَّمَنِ أَهْوَنُ أَمَّا الْعَقَارُ فَهُوَ مُحَصَّنٌ بِذَاتِهِ مَحْفُوظٌ بِنَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ بَيْعُهُ مِنْ بَابِ الْحِفْظِ إلَّا إذَا كَانَ الْعَقَارُ فِي مَعْرِضِ الْهَلَاكِ فَبَيْعُهُ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْعُرُوضِ. اهـ. وَهُوَ وَإِنْ جَعَلَهُ وَصِيًّا عَلَى الْأَمْتِعَةِ فَقَطْ فَإِنَّهُ صَارَ وَصِيًّا فِي كُلِّ مَالِهِ لِمَا ذَكَرُوا أَنَّهُ إذَا أَوْصَى إلَيْهِ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ يَكُونُ وَصِيًّا فِي كُلِّ مَالِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَالْخَانِيَّةِ وَبِهِ يُفْتَى ذَكَرَهُ نَجْمُ الدِّينِ الْخَاصِّيُّ كَذَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ وَذَكَرُوا أَنَّ الْوَصِيَّ فِي الْفِعْلِ فِي

حَيَاتِهِ وَكِيلٌ، وَالْوَكِيلُ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَصِيٌّ فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ نَهَاهُ عَنْهُ لِمَا فِي وَصَايَا الْأَشْبَاهِ يَعْمَلُ نَهْيُ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ التَّصَرُّفَاتِ وَلَا يَعْمَلُ نَهْيُ الْمَيِّتِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَهِيَ رَاجِعَةٌ إلَى قَبُولِ التَّخْصِيصِ وَعَدَمِهِ. اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ أَدَبِ الْقَضَاءِ قُبَيْلَ الْعَاشِرِ فِي الْحَبْسِ جَعَلَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا فِي مَالِ الْيَتِيمِ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِي مَالِهِ مَا يَفْعَلُهُ وَصِيُّ الْأَبِ غَيْرَ أَنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي لَا يَمْلِكُ أَنْ يَتَصَرَّفَ تَصَرُّفًا اسْتَثْنَاهُ الْقَاضِي كَمَا إذَا نَهَاهُ عَنْ بَيْعِ الْعَقَارِ مَثَلًا بِخِلَافِ وَصِيِّ الْأَبِ فَإِنَّ اسْتِثْنَاءَ الْأَبِ لَا يَعْمَلُ فَيَمْلِكُ وَصِيُّهُ التَّصَرُّفَ فِي عَمَلٍ نَهَاهُ. اهـ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (أَقُولُ) ذَكَرْت فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ مَا نَصُّهُ " وَمِمَّا يَجِبُ التَّنَبُّهُ لَهُ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلٍ بِتَفْرِيقِ ثُلُثِ مَالِهِ فِي وُجُوهِ الْخَيْرِ مَثَلًا صَارَ وَصِيًّا عَامًّا عَلَى أَوْلَادِهِ وَتَرِكَتِهِ وَإِنْ أَوْصَى فِي ذَلِكَ إلَى غَيْرِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ الْمُفْتِي بِهِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ أَحَدِهِمَا بِانْفِرَادِهِ، وَالنَّاسُ عَنْهَا فِي زَمَانِنَا غَافِلُونَ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهَا فِي الْخَانِيَّةِ فَقَالَ: وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ بِدَيْنٍ وَإِلَى آخَرَ أَنْ يَعْتِقَ عَبْدَهُ أَوْ يَنْفُذَ وَصِيَّتَهُ فَهُمَا وَصِيَّانِ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَقَالَا: كُلُّ وَاحِدٍ وَصِيٌّ عَلَى مَا يُسَمَّى لَا يَدْخُلُ الْآخَرُ مَعَهُ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَاعَ زَيْدٌ حِصَّةَ ابْنَتَهُ الْقَاصِرَةِ مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ جَمَاعَةٍ بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَهُوَ مَسْتُورُ الْحَالِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ بَيْعُ الْعَقَارِ إلَّا بِالْمُسَوِّغَاتِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي ذَكَرُوهَا وَنَقَلَ السَّيِّدُ أَحْمَدُ الْحَمَوِيُّ فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْوَصَايَا أَنَّ الْأَبَ كَالْوَصِيِّ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ الْعَقَارِ إلَّا فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْحَانُوتِيُّ. اهـ. فَرَاجِعْهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ مَا فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَسْتَنِدْ الْحَانُوتِيُّ لِنَقْلٍ صَحِيحٍ وَلَكِنْ إذَا صَارَتْ الْمُسَوِّغَاتُ فِي بَيْعِ الْأَبِ أَيْضًا كَمَا فِي الْوَصِيِّ صَارَ حَسَنًا مُفِيدًا أَيْضًا فَإِنَّ الْأَخْذَ بِالِاتِّفَاقِ أَوْفَقُ، وَفِي الْعِمَادِيَّةِ فِي 37 الْحَاصِلُ أَنَّ بَيْعَ الْأَبِ عَقَارَ الصَّغِيرِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ يَجُوزُ إذَا كَانَ مَحْمُودًا أَوْ مَسْتُورًا وَإِذَا كَانَ مُفْسِدًا لَا يَجُوزُ إلَّا بِضِعْفِ الْقِيمَةِ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِيَتِيمَةٍ أُمٌّ وَصِيٌّ عَلَيْهَا وَحِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي دَارٍ لَيْسَ لَهَا غَيْرُهَا وَاحْتَاجَتْ لِلنَّفَقَةِ وَتُرِيدُ أُمُّهَا بَيْعَ الْحِصَّةِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ لِأَجْلِ نَفَقَتِهَا فَهَلْ يَسُوغُ لَهَا ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِأَيْتَامٍ عَقَارٌ وَدَرَاهِمُ تَحْتَ يَدِ وَصِيِّهِمْ الشَّرْعِيِّ وَيُرِيدُ الْوَصِيُّ بَيْعَ الْعَقَارِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ يَمْلِكُ الْوَصِيُّ بَيْعَ عَقَارِهِ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ كَمَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ سُئِلَ فِيمَا لَوْ بَاعَ الْقَيِّمُ عَقَارَ الْيَتِيمِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ ثُمَّ بَلَغَ الْيَتِيمُ وَادَّعَى بُطْلَانَهُ لِوُجُودِ مَنْقُولٍ مَعَهُ فِيهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ وَبَرْهَنَ عَلَى دَعْوَاهُ فَدَفَعَهُ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ أَجَازَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَمَا الْحُكْمُ أَجَابَ قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ عَقَارِهِ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ إلَّا لِحَاجَةٍ إلَى ثَمَنِهِ لَا قَضَاءَ لَهَا إلَّا مِنْ ثَمَنِهِ كَنَفَقَةٍ أَوْ دَيْنٍ لَا يُقْضَى إلَّا مِنْهُ أَوْ وَقَعَ فِي يَدِ مُتَغَلِّبٍ أَوْ كَانَتْ غَلَّتُهُ لَا تَفِي بِمُؤْنَتِهِ أَوْ بِيعَ بِضِعْفِ قِيمَتِهِ وَقَدْ صَرَّحُوا عَنْ الْمُنْتَقَى بِأَنَّ بَيْعَهُ بِلَا مُسَوِّغٍ بَاطِلٌ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَعِنْدَ الثَّانِي أَنَّ فِي قِيمَةِ الْعُرُوضِ وَفَاءً فَبَيْعُهُ بَاطِلٌ وَأَفْتَى الْعَلَّامَةُ الْغَزِّيُّ بِبُطْلَانِهِ حَيْثُ لَا حَاجَةَ مُعَلِّلًا لَهُ بِأَنَّهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ يَكُونُ فُضُولِيًّا وَإِذَا كَانَ فُضُولِيًّا وَلَا مُجِيزَ لِعَقْدِهِ فَلَا يَنْعَقِدُ مَوْقُوفًا بَلْ يَبْطُلُ وَإِذَا بَطَلَ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ. اهـ. وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَالْوِلَايَةُ فِي مَالِهِ إلَى أَبِيهِ ثُمَّ وَصِيِّهِ إلَى أَنْ قَالَ وَأَنَا أَقُولُ مَا لَا يَمْلِكُهُ الْوَلِيُّ لَا يَجُوزُ وَلَا يَتَوَقَّفُ إلَى مَا بَعْدَ الْإِدْرَاكِ لِأَنَّهُ لَا مُجِيزَ لَهُ حَالَةَ الْعَقْدِ. اهـ. ثُمَّ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُجِيزٌ حَالَةَ الْعَقْدِ فَهُوَ بَاطِلٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ فَلَا عِبْرَةَ بِلَفْظِ الْإِجَازَةِ بَعْدَ الْبُلُوغِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَلَا تَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ بَعْدَ الْبُلُوغِ إلَّا بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْإِنْشَاءِ فَمُجَرَّدُ الْإِجَازَةِ فِي الْوَاقِعَةِ لَا يَكْفِي وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ بِصِيغَةٍ إنْشَائِيَّةٍ فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَيْعَ هُنَا لَا يَكُونُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ فَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ مِنْ الْوَصَايَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا

كَانَ لِأَيْتَامٍ غِرَاسُ كَرْمٍ وَسُمَّاقٌ قَائِمٌ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ مُخَلَّفٌ لَهُمْ عَنْ أَبِيهِمْ فَبَاعَهُ وَصِيُّهُمْ مِنْ رَجُلٍ بِثَمَنٍ فِيهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ وَتَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فَهَلْ يَكُونُ الْمَبِيعُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ صَحِيحٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَفِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ وَشِرَاؤُهُ بِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ وَلَا يَجُوزُ بِالْفَاحِشِ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ نَظَرِيَّةٌ، وَفِي الْقُنْيَةِ لِلزَّاهِدِيِّ وَلَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ مَالَ الصَّبِيِّ بِفَاحِشِ الْغَبْنِ قَالَ الْقَاضِي عَلَاءُ الدِّينِ الْمَرْوَزِيُّ يَبْطُلُ الْبَيْعُ حَتَّى لَا يَمْلِكَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِالْقَبْضِ وَقَالَ نَجْمُ الدِّينِ الْحَلِيمِيُّ بَلْ يَفْسُدُ الْبَيْعُ قُلْت فَيَمْلِكُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِالْقَبْضِ وَيَكُونُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْفَسْخُ مَا دَامَ الْمَبِيعُ قَائِمًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْبَيْعِ وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَفِي أَحْكَامِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ الْمُتُونِ. (سُئِلَ) فِي وَصِيٍّ بَاعَ شَجَرَ الْيَتِيمِ الْقَائِمَ فِي أَرْضِ وَقْفٍ مُحْتَكَرَةٍ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى مُسَوِّغٍ كَمَا يَحْتَاجُ عَقَارُهُ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الشَّجَرَ مِنْ قِسْمِ الْمَنْقُولِ وَبَيْعُ الْوَصِيِّ مَنْقُولً الْيَتِيمِ جَائِزٌ وَلَيْسَ كَالْعَقَارِ لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ بِنَفْسِهِ، وَالشَّجَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْوَصَايَا، وَفِي الذَّخِيرَةِ الْوَصِيُّ يَمْلِكُ بَيْعَ عُرُوضِ الصَّغِيرِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا يَمْلِكُ بَيْعَ عَقَارِهِ إلَّا لِحَاجَةٍ اهـ، وَفِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ يَمْلِكُ الْوَصِيُّ بَيْعَ الْمَنْقُولِ دُونَ الْعَقَارِ. اهـ. وَفِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْأَئِمَّةِ الْأَخْيَارِ أَنَّ الشَّجَرَ مِنْ قَبِيلِ الْمَنْقُولِ لَا مِنْ قَبِيلِ الْعَقَارِ ثُمَّ أَبْطَلَ قَوْلَ مَنْ جَعَلَ الْبِنَاءَ، وَالنَّخْلَ مِنْ الْعَقَارِ حَيْثُ قَالَ وَقَدْ غَلِطَ بَعْضُ الْمِصْرِيِّينَ فَجَعَلَ النَّخِيلَ مِنْ الْعَقَارِ وَأَفْتَى بِهِ وَنُبِّهَ فَلَمْ يَرْجِعْ كَعَادَتِهِ اهـ، وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ الْبِنَاءُ لَيْسَ مِنْ الْعَقَارِ فِي شَيْءٍ كَمَا لَا يَخْفَى، وَالْغِرَاسُ أَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ الْعَقَارِ، وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ بَابِ مَا يَجِبُ مِنْ الشُّفْعَةِ وَمَا لَا يَجِبُ وَلَا شُفْعَةَ فِي الْبِنَاءِ، وَالنَّخْلِ إنْ بِيعَ دُونَ الْعَرْصَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مَذْكُورٌ فِي الْأَصْلِ لِأَنَّهُ لَا قَرَارَ لَهُ فَكَانَ نَقْلِيًّا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِيَتِيمَةٍ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي بِنَاءِ خَانٍ، وَفِي بِنَاءِ حَوَانِيتَ قَائِمُ الْبِنَاءِ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فِي أَرْضِ وَقْفٍ فَبَاعَ الْحِصَّةَ وَصِيُّهَا الشَّرْعِيُّ الْمُخْتَارُ بِضِعْفِ قِيمَتِهَا وَلِلْيَتِيمَةِ الْمَزْبُورَةِ مَالٌ تَحْتَ يَدِ وَصِيِّهَا الْمَزْبُورِ غَيْرُ الْحِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) صِحَّةُ الْبَيْعِ لِكَوْنِ الْبِنَاءِ مِنْ الْمَنْقُولِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ وَلِكَوْنِ الثَّمَنِ ضِعْفَ الْقِيمَةِ أَيْضًا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِصَغِيرَيْنِ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي بِنَاءِ دَارٍ جَارِيَةٍ فِي مِلْكِهِمَا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ عَنْ أُمِّهِمَا فَاشْتَرَاهَا أَبُوهُمَا لِنَفْسِهِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، وَفِي ذَلِكَ حَظٌّ وَمَصْلَحَةٌ لِلصَّغِيرَيْنِ، وَالْأَبُ مَسْتُورٌ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَبَيْعُ الْأَبِ مَالَ صَغِيرٍ مِنْ نَفْسِهِ جَائِزٌ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَبِمَا يُتَغَابَنُ فِيهِ وَهُوَ الْيَسِيرُ وَإِلَّا لَا وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمَنْقُولِ أَمَّا الْعَقَارُ فَسَيَجِيءُ عَلَائِيٌّ عَلَى التَّنْوِيرِ مِنْ بَابِ الْوَصِيِّ، وَالْبِنَاءُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَنْقُولِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِأَيْتَامٍ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي بِنَاءِ حَانُوتٍ وَلَهُمْ أُمٌّ تَعُولُهُمْ وَتُنْفِقُ عَلَيْهِمْ وَهُمْ فِي حِجْرِهَا وَكَنَفِهَا فَبَاعَتْ الْحِصَّةَ الْمَزْبُورَةَ مِنْ رَجُلٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ قَبَضَتْهُ مِنْهُ لِحَاجَتِهِمْ لِلنَّفَقَةِ وَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ جَائِزًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَيَجُوزُ شِرَاءُ مَا لَا بُدَّ لِلطِّفْلِ مِنْهُ وَبَيْعُهُ لِأَخِيهِ وَعَمِّهِ وَأُمِّهِ مُلْتَقِطٍ إنْ هُوَ فِي حِجْرِهِمْ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ وَتُؤَخِّرُهُ أُمُّهُ فَقَطْ وَكَذَا مُلْتَقِطٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَى التَّنْوِيرِ شَرْحُ الْمُلْتَقَى لِلْعَلَائِيِّ مِنْ فَصْلِ بَيْعِ الْعَذِرَةِ مِنْ الْكَرَاهِيَةِ وَالِاسْتِحْسَانِ وَجَازَ أَيْضًا شِرَاءُ مَا لَا بُدَّ لِلصَّغِيرِ مِنْهُ كَالنَّفَقَةِ، وَالْكِسْوَةِ وَاسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَبَيْعُهُ أَيْ بَيْعُ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ أَيْضًا لِلصَّغِيرِ لِأَخٍ وَعَمٍّ وَأُمٍّ هُوَ أَيْ الصَّغِيرُ فِي حِجْرِهِمْ دَفْعًا لِلضَّرَرِ وَجَازَ أَيْضًا إجَارَتُهُ أَيْ الصَّغِيرِ لِأُمِّهِ فَقَطْ يَعْنِي لَا يُؤَجِّرُهُ الْعَمُّ وَلَا الْمُلْتَقِطُ وَلَا الْأَخُ وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَفِي رِوَايَةِ الْقُدُورِيِّ يَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ الْمُلْتَقِطُ وَيُسَلِّمُهُ فِي صِنَاعَةٍ وَهُوَ أَقْرَبُ لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا مَحْضًا لِلصَّغِيرِ وَهُوَ

الْأَصَحُّ كَمَا فِي شَرْحِ ابْنِ مَالِكٍ لِلْمَجْمَعِ. . . إلَخْ مِنَحٌ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِصَغِيرٍ يَتِيمٍ هُوَ فِي حِجْرِ عَمِّهِ شَقِيقِ أَبِيهِ حِنْطَةٌ خَرَجَتْ مِنْ أَرْضِهِ أَنْفَقَهَا عَمُّهُ عَلَى الصَّغِيرِ نَفَقَةَ الْمِثْلِ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ حَتَّى بَلَغَ رَشِيدًا يُرِيدُ مُطَالَبَةَ الْعَمِّ بِذَلِكَ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَفِي الْهِدَايَةِ مِنْ مُتَفَرِّقَاتِ الْكَرَاهِيَةِ الْأَصْلُ أَنَّ التَّصَرُّفَ عَلَى الصِّغَارِ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ ثُمَّ قَالَ وَنَوْعٌ مِنْ ضَرُورَةِ حَالِهِ كَشِرَاءِ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَبَيْعِهِ وَإِجَارَةِ الصَّغِيرِ نَفْسَهُ وَيَمْلِكُهُ كُلُّ مَنْ يَعُولُهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ كَالْأَخِ، وَالْعَمِّ، وَالْمُلْتَقِطِ إذَا كَانَ هُوَ فِي حِجْرِهِمْ. اهـ. مُلَخَّصًا وَمِثْلُهُ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ الْبُيُوعِ مِنْ فَصْلٍ فِي الْأَبِ، وَالْجَدِّ، وَالْعَمِّ لِلصَّغِيرِ وَلَوْ تَصَرَّفَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ السِّكَّةِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مِنْ الْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ وَلَيْسَ لِلْيَتِيمِ وَصِيٌّ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ إنْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي يَأْخُذُ الْمَالَ وَيُفْسِدُهُ فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ جَائِزٌ لِلضَّرُورَةِ هَكَذَا فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ وَلْوَالِجِيَّةٌ قُبَيْلَ كِتَابِ الْفَرَائِضِ (أَقُولُ) رَأَيْت مَنْقُولًا عَنْ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ وَأَفْتَى الْقَاضِي الدَّبُوسِيُّ بِأَنَّ تَصَرُّفَهُ جَائِزٌ لِلضَّرُورَةِ قَالَ قَاضِي خَانْ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَبِهِ يُفْتَى. اهـ. وَذَكَرَ نَحْوَ ذَلِكَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْتَقَى عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ ثُمَّ إنَّ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ عَائِلَ الْيَتِيمِ يَمْلِكُ بَيْعَ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ خَاصٌّ بِغَيْرِ الْعَقَارِ مِنْ نَحْوِ الْمَنْقُولَاتِ أَمَّا الْعَقَارُ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْمُسَوِّغَاتِ لِمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ حَيْثُ قَالَ قُلْتُ وَهَذَا أَيْ بَيْعُ الْعَقَارِ لِلْمُسَوِّغِ لَوْ الْبَائِعُ وَصِيًّا لَا مِنْ قِبَلِ أُمٍّ أَوْ أَخٍ فَإِنَّهُمَا لَا يَمْلِكَانِ بَيْعَ الْعَقَارِ مُطْلَقًا وَلَا شِرَاءَ غَيْرِ طَعَامٍ وَكِسْوَةٍ. . . إلَخْ تَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَيِّتٍ وَلِلْمَيِّتِ وَرَثَةٌ كِبَارٌ غُيَّبٌ وَصَغِيرٌ حَاضِرٌ فَنَصَبَ الْقَاضِي وَكِيلًا عَنْ الصَّغِيرِ وَقَضَى بِذَلِكَ عَلَيْهِ وَيُرِيدُ الرَّجُلُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ مِنْ نَصِيبِ الْحَاضِرِ حَيْثُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَصِيبِ الْكِبَارِ وَإِذَا حَضَرَ الْكِبَارُ يَرْجِعُ أَيْ الْحَاضِرُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا ادَّعَى عَلَى مَيِّتٍ، وَالْوَرَثَةُ الْكِبَارُ غُيَّبٌ، وَالصَّغِيرُ حَاضِرٌ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ عَنْ هَذَا الصَّغِيرِ وَكِيلًا يَدَّعِي عَلَيْهِ فَإِذَا قَضَى عَلَى الْوَكِيلِ يَكُونُ قَضَاءً عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ كَذَا ذَكَرَهُ رَشِيدُ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قُلْت غَيْرَ أَنَّ الْغَرِيمَ يَسْتَوْفِي دَيْنَهُ مِنْ نَصِيبِ الْحَاضِرِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَصِيبِ الْكِبَارِ فَإِذَا حَضَرَ الْكِبَارُ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ ذَكَرَ هَذَا شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ عِمَادِيَّةٌ فِي 38 فِي مَسَائِلِ التَّرِكَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ. (سُئِلَ) فِي الْوَارِثِ إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ مِنْ التَّرِكَةِ بِالْبَيِّنَةِ، وَالْقَضَاءِ، وَالْيَمِينِ ثُمَّ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ وَلَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ مَالٌ غَيْرُ مَا دَفَعَهُ لِلْغَرِيمِ الْأَوَّلِ فَهَلْ يُشَارِكُ هَذَا الْغَرِيمُ الْأَوَّلَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَذَكَرَ رَشِيدُ الدِّينِ الْوَارِثُ إذَا قَضَى الدَّيْنَ مِنْ التَّرِكَةِ بِإِقْرَارِهِ فَلَوْ جَاءَ غَرِيمٌ آخَرُ يَضْمَنُ لَهُ وَلَوْ أَدَّى بِالْقَضَاءِ لَا يَضْمَنُ وَيُشَارِكُ هَذَا الْغَرِيمُ الْأَوَّلَ عِمَادِيَّةٌ فِي 38. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْصَتْ هِنْدٌ بِثُلُثِ مَالِهَا لِجَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ فُقَرَاءَ وَأَقَامَتْ زَوْجَهَا وَصَارَ مُخْتَارًا فِي ضَبْطِ مُخَلِّفَاتِهَا وَبَيْعِهَا وَإِيفَاءِ دَيْنِهَا الثَّابِتِ عَلَيْهَا لِأَرْبَابِهِ، وَفِي صَرْفِ الثُّلُثِ كَمَا ذَكَرَ وَمَاتَتْ مُصِرَّةً عَلَى ذَلِكَ عَنْ زَوْجِهَا، وَعَنْ بِنْتِ أَخٍ غَائِبَةٍ فَوْقَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَقَبِلَ الزَّوْجُ، وَالْمُوصَى لَهُمْ الْوَصِيَّةَ وَخَلَفَتْ تَرِكَةً مُشْتَمِلَةً عَلَى مَتَاعٍ وَنِصْفِ دَارٍ مَعْلُومَةٍ لَا تُقْسَمُ قِسْمَةَ إجْبَارٍ، وَفِي بَيْعِ بَعْضِهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ عَلَيْهِ فَبَاعَ الْوَصِيُّ النِّصْفَ الْمَزْبُورَ مِنْ عَمْرٍو الشَّرِيكِ بَيْعًا بَاتًّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَبَضَهُ مِنْهُ وَصَدَرَ ذَلِكَ لَدَى قَاضٍ حَنْبَلِيٍّ أَذِنَ لِلْوَصِيِّ بِذَلِكَ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ مِنْ وَصِيٍّ عَلَى كَبِيرٍ فِي حَادِثَةِ ذَلِكَ مُوَافِقًا مَذْهَبَهُ مُسْتَوْفِيًا شَرَائِطَهُ وَأَفْتَى مُفْتِي مَذْهَبِهِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً فَهَلْ يَعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ شَرْعًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَأَمَّا عِنْدَنَا فَفِي التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ لِلْعَلَائِيِّ: وَجَازَ بَيْعُهُ أَيْ الْوَصِيِّ عَلَى الْكَبِيرِ الْغَائِبِ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ إلَّا لِدَيْنٍ أَوْ خَوْفِ هَلَاكٍ ذَكَرَهُ عَزْمِي زَادَهْ مَعْزِيًّا لِلْخَانِيَّةِ قُلْت، وَفِي الزَّيْلَعِيِّ والقهستاني الْأَصَحُّ لَا لِأَنَّهُ نَادِرٌ. اهـ. فَفِي الْحَادِثَةِ بَاعَ

الْوَصِيُّ الْمُخْتَارُ حِصَّةَ الْوَارِثِ الْكَبِيرِ مِنْ الْعَقَارِ لَدَى حَنْبَلِيٍّ يَرَى ذَلِكَ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ الْمَزْبُورُ. فَارْتَفَعَ الْخِلَافُ (أَقُولُ) قَوْلُهُ الْأَصَحُّ لَا لِأَنَّهُ نَادِرٌ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ أَوْ خَوْفِ هَلَاكٍ أَيْ لَيْسَ لَهُ بَيْعُ الْعَقَارِ عِنْدَ خَوْفِ هَلَاكِهِ إذَا كَانَ الْوَارِثُ الْكَبِيرُ غَائِبًا لِأَنَّ هَلَاكَ الْعَقَارِ نَادِرٌ فَبَقِيَ قَوْلُهُ إلَّا لِدَيْنٍ صَرِيحًا فِي أَنَّ الْوَصِيَّ لَهُ بَيْعُ الْعَقَارِ لِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ، وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ الْكَبِيرُ حَاضِرًا لِمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ إنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ أَوْصَى بِدَرَاهِمَ وَلَا دَرَاهِمَ فِي التَّرِكَةِ، وَالْوَرَثَةُ كِبَارٌ حُضُورٌ فَعِنْدَهُ يَبِيعُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إلَّا بَيْعُ حِصَّةِ الدَّيْنِ. اهـ. وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ: قَيَّدَ بِالْغَيْبَةِ لِأَنَّهُمْ إذَا كَانُوا حُضُورًا لَيْسَ لِلْوَصِيِّ التَّصَرُّفُ فِي التَّرِكَةِ أَصْلًا إلَّا إذَا كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ وَلَمْ تَقْضِ الْوَرَثَةُ الدُّيُونَ وَلَمْ يَنْفُذُوا الْوَصِيَّةَ مِنْ مَالِهِمْ فَإِنَّهُ يَبِيعُ التَّرِكَةَ كُلَّهَا إنْ كَانَ الدَّيْنُ مُحِيطًا وَبِمِقْدَارِ الدَّيْنِ إنْ لَمْ يُحِطْ وَلَهُ بَيْعُ مَا زَادَ عَلَى الدَّيْنِ أَيْضًا عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَيُنَفِّذُ الْوَصِيَّةَ بِمِقْدَارِ الثُّلُثِ وَلَوْ بَاعَ لِتَنْفِيذِهَا شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ جَازَ بِمِقْدَارِهَا بِالْإِجْمَاعِ، وَفِي الزِّيَادَةِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الدَّيْنِ اهـ. قَالَ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ " وَبِقَوْلِهِمَا يُفْتَى كَمَا فِي الْحَافِظِيَّةِ، وَالْغُنْيَةِ وَسَائِرِ الْكُتُبِ. اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ مُسْتَغْرِقَةً فَلَهُ بَيْعُ كُلِّهَا مِنْ عَقَارٍ وَمَنْقُولٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَغْرِقَةً وَلَا دَرَاهِمَ فِيهَا يُوَفِّي مِنْهَا الدَّيْنَ أَوْ تَنْفُذُ مِنْهَا الْوَصِيَّةُ فَلَهُ بَيْعُ قَدْرِ الدَّيْنِ أَوْ الْوَصِيَّةِ اتِّفَاقًا وَكَذَا لَهُ بَيْعُ الزَّائِدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِمَا قَالَهُ الْأُسْرُوشَنِيُّ فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَهُ أَنَّهُ مَتَى ثَبَتَ لِلْوَصِيِّ وِلَايَةُ بَيْعِ بَعْضِ التَّرِكَةِ لَهُ وِلَايَةُ بَيْعِ الْبَاقِي وَتَمَامُ بَيَانِ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ وَقَدْ ظَهَرَ لَك مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّهُ فِي حَادِثَةِ الْفَتْوَى إذَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَرَاهِمُ تَنْفُذُ مِنْهَا الْوَصِيَّةُ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ الْعَقَارِ بِقَدْرِ الْوَصِيَّةِ اتِّفَاقًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمِ الْقَاضِي الْحَنْبَلِيِّ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ غَيْرُ الْعَقَارِ فَلَوْ كَانَ فِيهَا مَنْقُولٌ بِقَدْرِ الْوَصِيَّةِ يَبِيعُهُ فَقَطْ وَيَنْفُذُهَا مِنْ ثَمَنِهِ إلَّا إذَا لَمْ يَفِ ثَمَنُهُ فَيَبِيعُ مِنْ الْعَقَارِ بِقَدْرِ الْبَاقِي وَلَا يَبِيعُ الزَّائِدَ عَلَى ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِمَا الْمُفْتَى بِهِ، وَالدَّيْنُ كَالْوَصِيَّةِ كَمَا مَرَّ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ثَبَتَ عَلَى مَيِّتٍ دَيْنٌ لِزَيْدٍ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ ثُبُوتًا شَرْعِيًّا وَقَضَاهُ الْوَارِثُ مِنْ مَالِهِ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ بِذَلِكَ فِي التَّرِكَةِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ: الْوَصِيُّ أَوْ الْوَرَثَةُ إذَا نَقَدُوا ثَمَنَ كَفَنِ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِ أَنْفُسِهِمْ يَرْجِعُونَ بِهِ فِي التَّرِكَةِ وَلَمْ يَكُونُوا مُتَطَوِّعِينَ وَكَذَا إذَا قَضَى الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ دَيْنَ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِهِمَا. اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: إذَا قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ يَرْجِعُ بِهِ فِي التَّرِكَةِ كَمَا فِي التَّكْفِينِ اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَفَّنَ الْوَصِيُّ الْمَيِّتَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ كَفَنَ الْمِثْلِ لِيَرْجِعَ فِي تَرِكَتِهِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَكَذَا الْوَصِيُّ إذَا اشْتَرَى كِسْوَةً لِلصَّغِيرِ أَوْ مَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ قَضَى دَيْنَ الْمَيِّتِ أَوْ كَفَّنَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ أَوْ اشْتَرَى الْوَارِثُ الْكَبِيرُ طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً لِلصَّغِيرِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَلَا يَكُونُ مُتَطَوِّعًا وَلَوْ كَفَّنَ الْوَصِيُّ الْمَيِّتَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ قُبِلَ قَوْلُهُ تَنْوِيرٌ مِنْ فَصْلِ شَهَادَةِ الْأَوْصِيَاءِ وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ، وَعَنْ وَرَثَةٍ غَيْرِهِ وَخَلَفَتْ تَرِكَةً فَأَنْفَقَتْ مِنْهَا وَرَثَتُهَا مَبْلَغًا فِي ثَمَنِ طَعَامٍ أَطْعَمُوهُ لِلنَّاسِ فِي أَيَّامِ مَوْتِهَا، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ النَّفَقَاتِ الْغَيْرِ اللَّازِمَةِ بِلَا إذْنِ الزَّوْجِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَيُرِيدُونَ احْتِسَابَ الْمَبْلَغِ مِنْ التَّرِكَةِ عَلَى الزَّوْجِ فَهَلْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ أَحَدُ الْوَرَثَةِ أَنْفَقَ فِي تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ مِنْ التَّرِكَةِ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَاقِينَ يُحْسَبُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِخِلَافِ الْإِنْفَاقِ لِلْمَأْتَمِ وَشِرَاءِ الشَّمْعِ وَنَحْوِهِ بِلَا وَصِيَّةٍ وَلَا إذْنٍ مِنْ بَاقِي الْوَرَثَةِ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ نَصِيبِهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا فِيهِ حَاوِي الزَّاهِدِيِّ مِنْ فَصْلِ تَصَرُّفَاتِ الْوَارِثِ فِي التَّرِكَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ زَوْجَةٍ وَأَخٍ شَقِيقٍ وَكَفَّنَهُ الْأَخُ مِنْ

مَالِ نَفْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَنِ الْمِثْلِ هَلْ يَرْجِعُ بِنَظِيرِ ذَلِكَ فِي التَّرِكَةِ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَرْجِعُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ إذَا كَفَّنَ الْمَيِّتَ بِمَالِهِ كَفَنَ الْمِثْلِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَرَثَةِ يَرْجِعُ فِي التَّرِكَةِ فَإِنْ كَفَّنَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَنِ الْمِثْلِ لَا يَرْجِعُ لِأَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ لَا يَمْلِكُهُ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي التَّرِكَةِ بِقَدْرِ كَفَنِ الْمِثْلِ قَالُوا: لَا يَرْجِعُ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ ذَلِكَ دَلِيلُ التَّبَرُّعِ مَجْمَعُ الْفَتَاوَى فِي فَصْلِ تَصَرُّفَاتِ الْوَصِيِّ بِنَوْعِ تَلْخِيصٍ أَنْقِرْوِيٌّ مِنْ الْوَصَايَا وَإِنْ كَفَّنَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَنِ الْمِثْلِ لَا يَرْجِعُ وَلَا يَرْجِعُ بِقَدْرِ كَفَنِ الْمِثْلِ وَإِنْ قِيلَ يَرْجِعُ بِقَدْرِ كَفَنِ الْمِثْلِ فَلَهُ وَجْهٌ بَزَّازِيَّةٌ وَمِثْلُهُ فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي الْعُيُونِ إذَا كَفَّنَ الْوَارِثُ الْمَيِّتَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَرْجِعُ، وَالْأَجْنَبِيُّ لَا يَرْجِعُ تَتَارْخَانِيَّةٌ مِنْ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَةٍ مِنْ الْفَرَائِضِ وَلَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ غَيْرُ الْوَارِثِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ فِي تَرِكَتِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْوَارِثِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ أَشْهَدَ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ. وَلَوْ كَفَّنَ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ، وَفِي مُعِينِ الْمُفْتِي إذَا زَادَ فِي عَدَدِ الْكَفَنِ ضَمِنَ الزِّيَادَةَ فَإِنْ زَادَ فِي قِيمَةِ الْكَفَنِ ضَمِنَ الْكُلَّ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ قُلْت وَقَدْ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ إذَا زَادَ فِي الْقِيمَةِ يَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَالِ الْمَيِّتِ. اهـ. نَهْجُ النَّجَاةِ مِنْ الْوَصَايَا (أَقُولُ) مَا ذَكَرَهُ فِي مُعِينِ الْمُفْتِي ذَكَرَهُ فِي التَّنْوِيرِ فِي بَابِ الْوَصِيِّ وَوَجْهُ كَوْنِهِ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا زَادَ فِي الْقِيمَةِ صَارَ مُتَعَدِّيًا فِي الزِّيَادَةِ وَهِيَ غَيْرُ مُمَيَّزَةٍ فَيَكُونُ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ مُتَبَرِّعًا فِي تَكْفِينِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَادَ فِي عَدَدِ الْكَفَنِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ فَقَطْ لِأَنَّهَا مُتَمَيِّزَةٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَصِيَّ أَوْ الْوَارِثَ إذَا كَفَّنَ الْمَيِّتَ بِأَكْثَرَ مِنْ كَفَنِ الْمِثْلِ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةُ يَضْمَنُ الْكُلَّ لَا مَا زَادَ عَلَى كَفَنِ الْمِثْلِ فَقَطْ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَبَرِّعًا بِالْكُلِّ لِعَدَمِ التَّمَيُّزِ وَهَذَا إذَا كَفَّنَهُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ ضَمِنَ، وَأَمَّا إنْ كَفَّنَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ عَلَى قَصْدِ الرُّجُوعِ فَهُوَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى وَغَيْرِهِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ إنْ زَادَ عَلَى كَفَنِ الْمِثْلِ لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ التَّبَرُّعِ وَلَمْ يَذْكُرُوا هُنَا الْفَرْقَ بَيْنَ الزِّيَادَةِ فِي الْقِيمَةِ أَوْ الْعَدَدِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ مُطْلَقًا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا دَلِيلُ التَّبَرُّعِ وَقَوْلُ الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنْ قِيلَ: يَرْجِعُ بِقَدْرِ كَفَنِ الْمِثْلِ فَلَهُ وَجْهٌ فَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِالْوَجْهِ هُوَ مَنْعُ كَوْنِ ذَلِكَ دَلِيلَ التَّبَرُّعِ فِي الْكُلِّ بَلْ هُوَ دَلِيلٌ عَلَى التَّبَرُّعِ فِي الزِّيَادَةِ فَقَطْ تَأَمَّلْ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْوَصِيِّ، وَالْوَارِثِ وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَلَا رُجُوعَ لَهُ مُطْلَقًا إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ الْوَارِثُ ثُمَّ هَذَا كُلُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ وَإِلَّا فَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ لَوْ مَاتَ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَوَجَبَ كَفَنُهُ عَلَى وَرَثَتِهِ فَكَفَّنَهُ الْحَاضِرُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لِيَرْجِعَ عَلَى الْغَائِبِ مِنْهُمْ بِحِصَّتِهِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ لَوْ أَنْفَقَ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي كَالْعَبْدِ أَوْ الزَّرْعِ أَوْ النَّخْلِ الْمُشْتَرَكِ إذَا أَنْفَقَ أَحَدُهُمَا عَلَيْهِ لِيَرْجِعَ عَلَى الْغَائِبِ لَا يَرْجِعُ إذَا فَعَلَهُ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْفُصُولَيْنِ " يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَوَجَبَ كَفَنُهُ عَلَى وَرَثَتِهِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ كَتَكْفِينِ الزَّوْجَةِ إذَا صَرَفَهُ مِنْ مَالِهِ غَيْرُ الزَّوْجِ بِلَا إذْنِهِ أَوْ إذْنِ الْقَاضِي فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ كَالْأَجْنَبِيِّ فَيُسْتَثْنَى تَكْفِينُهَا بِلَا إذْنٍ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى الْمُفْتَى بِهِ مِنْ أَنَّهُ عَلَى زَوْجِهَا وَلَوْ غَنِيَّةً لِأَنَّهُ قَدْ أَدَّى عَنْ الْغَيْرِ مَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. أَيْ يُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ: لَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ الْوَصِيُّ أَوْ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِكَفَنِ الْمِثْلِ يَرْجِعُ لِأَنَّ كَفَنَ الزَّوْجَةِ لَيْسَ وَاجِبًا فِي تَرِكَتِهَا حَتَّى يَصِحَّ تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ أَوْ الْوَارِثِ بَلْ هُوَ وَاجِبٌ عَلَى زَوْجِهَا فَيَكُونُ الْمُكَفِّنُ مُتَبَرِّعًا فِي إسْقَاطِهِ وَاجِبًا عَلَى غَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِأَدَاءِ دَيْنِهِ هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْفُصُولَيْنِ أَيْضًا أَنَّ هَذَا كُلُّهُ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ لَا بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: قَوْلُ الْوَصِيِّ مُعْتَبَرٌ فِي الْإِنْفَاقِ وَلَكِنْ لَا يُقْبَلُ فِي الرُّجُوعِ فِي مَالِ الْمَيِّتِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ اهـ وَمِثْلُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ تَنَبَّهْ. اهـ. مَا ذَكَرَهُ الرَّمْلِيُّ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي السُّؤَالِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا عَنْ التَّنْوِيرِ وَذَكَرْت فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ

حَكَاهُمَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ وَنَظِيرُهُ الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ الْإِشْهَادِ لِأَجْلِ رُجُوعِ الْوَصِيِّ بِمَا أَنْفَقَهُ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْيَتِيمِ وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ فِيهِ فَاغْتَنِمْ تَحْرِيرَ هَذَا الْمَقَامِ وَعَلَيْك السَّلَامُ. (سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ إذَا كَانَ لَهُ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَبَاعَ فِي دَيْنِ الْمَيِّتِ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ بِدُونِ أَمْرِ الْقَاضِي فَهَلْ يَكُونُ جَائِزًا وَيُوَزِّعُ ذَلِكَ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَيَأْخُذُ مَعَهُمْ بِالْحِصَّةِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَفِي وَصَايَا الْمُنْتَقَى رَجُلٌ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَلِلْوَصِيِّ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ فَبَاعَ الْوَصِيُّ فِي دَيْنِ الْمَيِّتِ شَيْئًا مِنْ تَرِكَتِهِ بِدُونِ أَمْرِ الْقَاضِي فَهُوَ جَائِزٌ ثُمَّ يُوَزِّعُ ذَلِكَ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَيَأْخُذُ مَعَهُمْ بِالْحِصَّةِ عِمَادِيَّةٌ فِي 38 مِنْ مَسَائِلِ التَّرِكَةِ، وَالْوَرَثَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَنُورِ الْعَيْنِ عَنْ الْمُنْتَقَى. (سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ إذَا مَاتَ مُجْهِلًا مَالَ الْيَتِيمِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي تَرِكَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ بِمَوْتِهِ مُجْهِلًا وَلَوْ خَلَطَهُ بِمَالِهِ ضَمِنَ خَيْرِيَّةٌ مِنْ الْوَصَايَا وَأَفْتَى بِمِثْلِهِ أَيْضًا فِي الْوَدِيعَةِ وَعَزَاهُ لِفَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ فَارْجِعْ إلَى مَا أَفْتَى بِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَإِنَّ فِيهِمَا فَوَائِدَ. (سُئِلَ) فِي الْأَبِ إذَا مَاتَ مُجْهِلًا مَالَ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي تَرِكَتِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ الْوَدِيعَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِصَغِيرَةٍ أَبٌ مَسْتُورٌ وَحِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ مِنْ دَارٍ بَاعَهَا الْأَبُ لَهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَقَبَضَهُ لَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا، وَعَنْ وَرَثَةٍ غَيْرِهَا وَتَرِكَةٍ مُبَيِّنًا لِلثَّمَنِ الْمَزْبُورِ فِي صِحَّتِهِ غَيْرَ مُجْهِلٍ لَهُ فَهَلْ يَضْمَنُهُ فِي تَرِكَتِهِ لَهَا بَعْدَ الثُّبُوتِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي يَتِيمٍ آجَرَهُ جَدُّهُ أَبُو أَبِيهِ مِنْ عَمْرٍو مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِأَعْمَالٍ شَتَّى إجَارَةً شَرْعِيَّةً وَعَمِلَ الْيَتِيمُ الْأَعْمَالَ الْمَزْبُورَةَ لِعَمْرٍو فِي الْمُدَّةِ طَالَبَهُ الْجَدُّ بِالْأُجْرَةِ فَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لِلْجَدِّ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي الْخَانِيَّةِ، وَالذَّخِيرَةِ، وَالْخُلَاصَةِ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَ الْيَتِيمِ وَعَبِيدَهُ وَدَوَابَّهُ وَعَقَارَاتِهِ وَأَرَاضِيَهُ وَسَائِرَ أَمْوَالِهِ وَلَوْ بِيَسِيرِ الْغَبْنِ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ اسْتِعْمَالِ الصَّغِيرِ بِطَرِيقِ الرِّيَاضَةِ، وَالتَّهْذِيبِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ فَمَعَ الْعِوَضِ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ بَيْعَ سَائِرِ أَمْوَالِهِ فَكَذَا يَمْلِكُ إجَارَتَهُ وَمِثْلُهُ الْأَبُ وَكَذَا الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ وَلَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِمْ مَعَ قِيَامِ أَحَدِهِمْ أَنْ يُؤَجِّرَ الْيَتِيمَ وَلَا شَيْئًا مِنْ مَالِهِ وَلَوْ كَانَ هُوَ فِي حِجْرِهِ وَعِيَالِهِ لِانْتِفَاءِ وِلَايَةِ غَيْرِهِمْ بِوُجُودِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَمَّا لَوْ عُدِمُوا فَآجَرَهُ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ فِي حِجْرِهِ صَحَّ وِفَاقًا لِأَنَّهُ يَمْلِكُ تَأْدِيبَهُ فَيَمْلِكُ إجَارَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ أَقْرَبَ إلَيْهِ مِمَّنْ هُوَ فِي عِيَالِهِ كَمَا إذَا كَانَ عِنْدَ الْعَمَّةِ فَآجَرَتْهُ الْأُمُّ جَازَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ. . . إلَخْ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِأَيْتَامٍ مَالٌ وَوَصِيٌّ مُخْتَارٌ وَأُمٌّ نَاظِرَةٌ عَلَيْهِمْ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِمْ فَأَقْرَضَ الْوَصِيُّ قَدْرًا مِنْ الْمَالِ مِنْ آخَرَ بِدُونِ إذْنِ النَّاظِرَةِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ ثُمَّ تَلِفَ الْمَالُ عِنْدَ الْمُسْتَقْرِضِ فَهَلْ يَضْمَنُهُ الْوَصِيُّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَفِي جَامِعِ الْفِقْهِ وَلَا يُقْرِضُ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ لَا مِنْ نَفْسِهِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ فَعَلَ مِنْ غَيْرِهِ ضَمِنَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ جَازَ أَنْ يَسْتَقْرِضَ لِنَفْسِهِ إنْ احْتَاجَ وَلَهُ وَفَاءٌ أَدَبُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْقَرْضِ. (سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ إذَا رَهَنَ مَالَ الْيَتِيمِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ مِنْ آخَرَ رَهْنًا شَرْعِيًّا مُسْلَمًا فَهَلْ يَكُونُ الرَّهْنُ جَائِزًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ رَهَنَ الْوَصِيُّ أَوْ الْأَبُ مَالَ الْيَتِيمِ بِدَيْنِ نَفْسِهِ فِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ وَيَجُوزُ اسْتِحْسَانًا، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ أَخَذَ بِالْقِيَاسِ خَانِيَّةٌ مِنْ تَصَرُّفِ الْوَصِيِّ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ وَغَيْرِهِ وَكَذَا فِي التَّنْوِيرِ مِنْ الرَّهْنِ وَكَذَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ مُفَصَّلًا. (سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ هَلْ لَهُ إعَارَةُ مَالِ الْيَتِيمِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَذَكَرَ فِي التَّجْنِيسِ عَنْ النَّوَازِلِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ ذَلِكَ، وَفِي الذَّخِيرَةِ لِلْأَبِ إعَارَةُ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَمَّا إعَارَةُ مَالِهِ فَعِنْدَ الْبَعْضِ لَهُ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا وَعِنْدَ الْبَعْضِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ إنَّمَا يَجُوزُ لَهُ إعَارَةُ الْوَلَدِ إذَا كَانَ لِخِدْمَةِ الْأُسْتَاذِ لِتَعَلُّمِ الْحِرْفَةِ أَمَّا لَوْ كَانَ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ، وَفِي الْحَافِظِيَّةِ لَا يُعِيرُ

مَالَ الْيَتِيمِ وَيُودِعُهُ وَمِثْلُهُ الْأَبُ، وَالْقَاضِي. اهـ. وَفِي الْخُلَاصَةِ فِي تَصَرُّفَاتِ الْوَصِيِّ، وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي الْوَصِيُّ يُودِعُ مَالَ الْيَتِيمِ وَيُعِيرُ وَيُبْضِعُ. اهـ. (قُلْت) يَنْبَغِي أَنْ يُفَصِّلَ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ ثِقَةً أَمِينًا لَا يَخْشَى عَلَيْهِ مِنْ ضَيَاعِ الْمَالِ وَلَا تَلَفِهِ وَلَا إنْكَارِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَرُبَّمَا يَتَضَمَّنُ ثَوَابًا كَإِعَارَةِ كِتَابٍ لِعَالِمٍ يَنْتَفِعُ بِهِ وَيَنْتَفِعُ النَّاسُ وَكَانَ الْعَالِمُ بِالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِيَتِيمَةٍ بِذِمَّةِ جَمَاعَةٍ مَعْلُومِينَ مَبْلَغُ دَيْنٍ مَعْلُومٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ آلَ إلَيْهَا بِالْإِرْثِ عَنْ أَبِيهَا فَحَطَّ وَصِيُّهَا عَنْ الْجَمَاعَةِ بَعْضَ الْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ وَأَبْرَأَهُمْ عَنْهُ فَهَلْ يَكُونُ الْحَطُّ، وَالْإِبْرَاءُ غَيْرَ صَحِيحَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الْوَصِيُّ لَا يَمْلِكُ إبْرَاءَ غَرِيمِ الْمَيِّتِ وَلَا أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ شَيْئًا وَلَا يُؤَجِّلَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ وَاجِبًا بِعَقْدِهِ فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا بِعَقْدِهِ صَحَّ التَّأْجِيلُ، وَالْحَطُّ، وَالْإِبْرَاءُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَيَكُونُ ضَامِنًا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ وَلَا يَصِيرُ ضَامِنًا قَاضِي خَانْ، وَالْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا أَبْرَأَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ. اهـ. وَالْحُكْمُ فِي الْأَبِ كَالْوَصِيِّ فِيمَا ذُكِرَ كُلُّهُ مِنْ الْإِبْرَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ اسْتِحْسَانٌ لَكِنْ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِقَوْلِهِ حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ. (سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ الْمُخْتَارِ إذَا بَاعَ مَنْقُولَ الْيَتِيمِ مِنْ رَجُلٍ بِثَمَنِ الْمِثْلِ مُؤَجَّلًا إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ غَيْرِ فَاحِشٍ وَلَا يَخَافُ مِنْ الرَّجُلِ تَلَفَهُ بِالْجُحُودِ وَلَا الْمَنْعَ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَهَلْ يَكُونُ الْبَيْعُ الْمَزْبُورُ جَائِزًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ الْوَصِيُّ إذَا بَاعَ مَالَ الْيَتِيمِ بِأَجَلٍ جَازَ وَمِثْلُهُ الْأَبُ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُنْيَةِ عَنْ السِّرَاجِيَّةِ لِلْوَصِيِّ الْبَيْعُ بِالنَّسِيئَةِ إنْ لَمْ يَخَفْ تَلَفَهُ بِالْجُحُودِ، وَالْإِنْكَارِ وَلَا الْمَنْعَ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَانْقِضَائِهِ وَلَمْ يَكُنْ الْأَجَلُ فَاحِشًا ذَكَرَهُ فِي الولوالجية وَالْخَانِيَّةِ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْبَيْعِ الْوَصِيُّ إذَا أَخَّرَ دَيْنَ الْيَتِيمِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْوَصِيُّ تَوَلَّى الْعَقْدَ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ وَإِنْ كَانَ تَوَلَّاهُ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَضْمَنُ عِمَادِيَّةٌ فِي 37 الْأَبُ وَالْوَصِيُّ إذَا أَجَّلَا أَوْ أَبْرَآ مَا هُوَ وَاجِبٌ لِلصَّبِيِّ بِعَقْدِهِمَا جَازَ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا بِعَقْدِهِمَا لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ أَحْكَامُ الصِّغَارِ مِنْ مَسَائِلِ الْبُيُوعِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَامَ زَيْدٌ عَمْرًا وَصِيًّا عَلَى حَمْلِ زَوْجَتِهِ مِنْهُ وَمَاتَ زَيْدٌ فَهَلْ تَكُونُ الْوِصَايَةُ الْمَزْبُورَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : الَّذِي صَرَّحُوا بِهِ أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَلِي وَلَا يُولَى عَلَيْهِ، وَفِي الْمِنَحِ مِنْ الْوَصَايَا: أَنَّ شَخْصًا نَصَبَ وَصِيًّا فِي تَرِكَتِهِ ثُمَّ مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ صِغَارٍ، وَعَنْ حَمْلٍ فَهَلْ يَمْلِكُ الْوَصِيُّ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الْمَالِ الْمَوْقُوفِ لِلْحَمْلِ أَوْ لَا وَجَوَابُهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْأَبِ عَلَى الْجَنِينِ فَضْلًا عَنْ الْوَصِيِّ لِقَوْلِ الزَّيْلَعِيِّ وَلَا يَلِي عَلَى الْحَمْلِ أَحَدٌ وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِي الْمِنَحِ فَظَهَرَ بِمَا ذَكَرْنَا الْجَوَابُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ. (أَقُولُ) أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الشَّلَبِيُّ بِأَنَّهُ يَصِحُّ نَصْبُ وَصِيٍّ عَلَى الْحَمْلِ مُسْتَنِدًا إلَى قَوْلِهِمْ إنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْحَادِثِينَ مِنْ أَوْلَادِهِ صَحِيحٌ وَقَوْلِهِمْ إنَّ الْوَقْفَ أَخُو الْوَصِيَّةِ فَحَيْثُ دَخَلُوا فِي الْوَقْفِ دَخَلُوا فِيهَا أَيْضًا. اهـ. وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ مُرَادَهُمْ الْوَصِيَّةُ الَّتِي هِيَ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَيْ تَمْلِيكُ عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ مِنْ التَّرِكَةِ. فَهَذِهِ أُخْتُ الْوَقْفِ لِأَنَّهُ تَصَدَّقَ بِالْمَنْفَعَةِ وَكَلَامُنَا فِي الْوِصَايَةِ الَّتِي هِيَ إقَامَةُ الْغَيْرِ مَقَامَهُ وَهَذِهِ لَا تُشْبِهُ الْوَقْفَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الْوَصِيَّةِ لِلْحَمْلِ جَوَازُ إقَامَةِ وَصِيٍّ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ أَبُو الْحَمْلِ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ فَوَصِيُّهُ بِالْأَوْلَى هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فِي بَابِ اللِّعَانِ أَنَّ تَوْرِيثَ الْحَمْلِ، وَالْوَصِيَّةَ بِهِ وَلَهُ يَثْبُتَانِ إلَّا بَعْدَ الِانْفِصَالِ فَيَثْبُتَانِ لِلْوَلَدِ لَا لِلْحَمْلِ. اهـ. وَكَتَبْت فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ أَنَّ الْمُرَادَ ثُبُوتُ حُكْمِهِمَا وَإِلَّا فَهُمَا ثَابِتَانِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ فَلَا يُنَافِي تَصْرِيحَهُمْ بِإِرْثِهِ وَبِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لَهُ وَبِهِ أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُوقَفُ الْحُكْمُ بِذَلِكَ عَلَى الْوِلَادَةِ فَيَظْهَرُ بِهَا أَنَّ مِلْكَهُ لِمَا وَرِثَهُ كَانَ ثَابِتًا مِنْ حِينِ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى لَهُ أَوْ أَوْصَى

بِهِ سَيِّدُهُ لِغَيْرِهِ، وَالْمَعْنَى الْأَوَّلُ أَنْسَبُ لِقَوْلِهِ: فَيَثْبُتَانِ لِلْوَلَدِ لَا لِلْحَمْلِ وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْوِصَايَةَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ فَهِيَ صَحِيحَةٌ لَكِنْ لَا يَثْبُتُ حُكْمُهَا إلَّا بَعْدَ الِانْفِصَالِ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ التَّافِلَانِيُّ مُفْتِي الْقُدْسِ الشَّرِيفِ فِي رِسَالَةٍ أَلَّفَهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَوُفِّقَ فِيهَا بِذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ فَعَلَى هَذَا فَالنَّصْبُ صَحِيحٌ وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ إلَّا بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى نَصْبٍ جَدِيدٍ بَعْدَهَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي يَتِيمَيْنِ لَهُمَا مَالٌ عَنْ أَبِيهِمَا وَلَهُمَا جَدٌّ أَبُو أَبٍ مُبَذِّرٌ مُتْلِفٌ لِلْمَالِ غَيْرُ أَمِينٍ وَلَهُمَا أُمٌّ أَمِينَةٌ أَهْلٌ لِلْوِصَايَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَهَلْ لِلْقَاضِي نَزْعُ الْمَالِ مِنْ يَدِ الْجَدِّ وَنَصْبُ أُمِّهِمَا الْمَزْبُورَةِ وَصِيًّا، وَالْحَالَةُ هَذِهِ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَتَقَدَّمَ نَقْلُهَا أَوَّلَ الْبَابِ رَجُلٌ أَوْصَى إلَى أَعْمَى أَوْ مَحْدُودٍ فِي قَذْفٍ جَازَ وَلَوْ أَوْصَى إلَى فَاسِقٍ مَخُوفٍ فِي مَالِهِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ قَالُوا مَعْنَاهُ يُخْرِجُهُ الْقَاضِي مِنْ الْوَصِيَّةِ وَيَجْعَلُ غَيْرَهُ وَصِيًّا إذَا كَانَ هَذَا الْفَاسِقُ مِمَّنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَصِيًّا مَجْمَعِ الْفَتَاوَى، وَفِيهِ وَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ أَنْفَذَ الْوَصِيَّةَ فَقَضَى هَذَا الْوَصِيُّ دَيْنَ الْمَيِّتِ وَبَاعَ كَمَا يَبِيعُ الْأَوْصِيَاءُ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ كَانَ جَمِيعُ مَا صَنَعَ جَائِزًا وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ حَتَّى تَابَ وَأَصْلَحَ تَرَكَهُ وَصِيًّا عَلَى حَالِهِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ الْمُخْتَارِ إذَا ادَّعَى دَيْنًا لِنَفْسِهِ بِذِمَّةِ الْمَيِّتِ وَلَمْ يَثْبُتْ وَلَمْ يُبْرِئْهُ مِنْهُ وَاتَّهَمَهُ الْقَاضِي وَيُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ الْوِصَايَةِ وَيَنْصِبَ غَيْرَهُ مِمَّنْ هُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ فَهَلْ لِلْقَاضِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَذَكَرَ فِي وَصَايَا النَّوَازِلِ: وَصِيٌّ ادَّعَى دَيْنًا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى إثْبَاتِهِ يُعْزَلُ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحٍ وَصَوَّبَهُ مُحَمَّدٌ، وَفِي الْخُلَاصَةِ: قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ الْمُخْتَارُ فِي الدَّيْنِ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ الْقَاضِي: إمَّا أَنْ تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ أَوْ تُبْرِئَهُ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ نَخْرُجَك عَنْ الْوِصَايَةِ فَإِنْ أَبْرَأَهُ وَإِلَّا أَخْرَجَهُ عَنْ الْوِصَايَةِ وَجَعَلَ مَكَانَهُ آخَرَ. اهـ. وَفِي الْحَافِظِيَّةِ: وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الولوالجية كَذَا فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ، وَفِيهِ فَاللَّائِقُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْ الْوِصَايَةِ وَيُقْصِرَ يَدَهُ عَنْ الْمَالِ احْتِيَاطًا وَنَظَرًا لِلْمَيِّتِ، وَالْيَتِيمِ وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ. اهـ. وَتَمَامُهُ فِيهِ مِنْ فَصْلِ الدَّعْوَى، وَفِي التَّتِمَّةِ وَصِيٌّ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا وَلَمْ يَثْبُتْ يُعْزَلُ وَهُوَ حِيلَةُ الْعَزْلِ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَنْصِبُ مَنْ يُقِيمُ الْوَصِيُّ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ أَوْ الْغَصْبِ إنْ ادَّعَى الْغَصْبَ وَإِلَّا فَيَتَّهِمُهُ الْقَاضِي فَيُخْرِجُهُ كَذَا فِي الولوالجية. وَفِي الْخَانِيَّةِ الْقَاضِي إذَا اتَّهَمَ الْوَصِيَّ لَا يُخْرِجُهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنَّمَا يَضُمُّ إلَيْهِ آخَرَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُخْرِجُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ. وَأَفْتَى بِذَلِكَ الْمَرْحُومُ الْعَمُّ، وَالْعَلَّامَةُ الْجَدُّ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي فَتَاوِيهِمَا وَمَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَضُمُّ إلَيْهِ آخَرَ وَلَا يُخْرِجُهُ مَذْكُورٌ فِي أَدَبِ الْخَصَّافِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّيْنِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَمْ يُبْرِئْ الْمَيِّتَ فَيُخْرِجُهُ الْقَاضِي لِلتُّهْمَةِ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا اتَّهَمَ الْوَصِيَّ يُخْرِجُهُ فَيُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الولوالجية عَلَى هَذَا. اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. قَالَ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ الْمَشْهُورَةِ مِنْ فَصْلٍ فِي تَصَرُّفَاتِ الْوَصِيِّ مَا نَصُّهُ: " وَصِيٌّ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْقَاضِيَ هَلْ يُخْرِجُ الْمَالَ مِنْ يَدِهِ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّيْنِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُخْرِجُهُ مِنْ الْوِصَايَةِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي إمَّا أَنْ تُبْرِئَهُ عَنْ الدَّيْنِ الَّذِي تَدَّعِي أَوْ تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ الدَّيْنَ وَإِلَّا أُخْرِجُك عَنْ الْوِصَايَةِ فَإِنْ لَمْ يُقِمْ أَخْرَجَهُ عَنْ الْوِصَايَةِ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَلَيْسَ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَعْزِلُهُ عَنْ الْوِصَايَةِ. وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَنْصِبُ لِلْمَيِّتِ وَصِيًّا حَتَّى يُقِيمَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ ثُمَّ الْقَاضِي بِالْخِيَارِ بَعْدَ ذَلِكَ

إنْ شَاءَ تَرَكَ الثَّانِيَ وَصِيًّا وَصَارَ الْأَوَّلُ خَارِجًا عَنْ الْوِصَايَةِ وَإِنْ شَاءَ أَعَادَ الْأَوَّلَ إلَى الْوِصَايَةِ بَعْدَمَا قُضِيَ دَيْنُهُ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْقَاضِيَ يَجْعَلُ لِلْمَيِّتِ وَصِيًّا فِي مِقْدَارِ الدَّيْنِ الَّذِي يَدَّعِيهِ صَاحِبُهُ وَلَا يُخْرِجُهُ الْقَاضِي عَنْ الْوِصَايَةِ وَبِهِ أَخَذَ الْمَشَايِخُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى الْقَاضِي إذَا اتَّهَمَ الْوَصِيَّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجْعَلُ الْقَاضِي مَعَهُ غَيْرَهُ وَلَا يُخْرِجُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُخْرِجُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّ الْوَصِيَّ قَائِمٌ مَقَامَ الْمَيِّتِ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ حَيًّا وَخِيفَ مِنْهُ عَلَى مَالِ الصَّغِيرِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُخْرِجُ الْمَالَ مِنْ يَدِهِ فَالْوَصِيُّ أَوْلَى. اهـ. وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ آخَرِ الْفَصْلِ الْخَامِسِ الْوَصِيُّ إذَا ادَّعَى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ لَا يُخْرِجُهُ الْقَاضِي عَنْ الْوِصَايَةِ وَلَوْ ادَّعَى شَيْئًا مِنْ الْأَعْيَانِ يُخْرِجُهُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ الْمُخْتَارُ فِي الدَّيْنِ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي: إمَّا أَنْ تُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدَّيْنِ أَوْ تُبْرِئَهُ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ أُخْرِجَك عَنْ الْوِصَايَةِ فَإِنْ أَبْرَأَهُ وَإِلَّا أَخْرَجَهُ عَنْ الْوِصَايَةِ وَجَعَلَ مَكَانَهُ آخَرَ. اهـ. فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى دَيْنًا وَعَيْنًا يَكُونُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ وَإِنْ ادَّعَى دَيْنًا فَقَطْ فَعَلَى الْخِلَافِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُخْرِجُهُ وَإِنْ ادَّعَى عَيْنًا فَقَطْ يَكُونُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. (سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ الْمُخْتَارِ إذَا عَمِلَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مُدَّةً فِيمَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْيَتِيمِ مِنْ قَبْضٍ وَصَرْفٍ وَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَسَفَرٍ لِتَحْصِيلِ مَالِ الْيَتِيمِ الْكَائِنِ فِي غَيْرِ بَلْدَتِهِ ثُمَّ قَبَضَ مِنْ مَدْيُونِهِ بَعْضَ الدَّيْنِ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَخْذُ الْبَاقِي لِعُسْرِ الْمَدْيُونِ فَهَلْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِمَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِمَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَفِيهِ قِيَاسٌ وَاسْتِحْسَانٌ أَمَّا الْقِيَاسُ فَلَا يَأْكُلُ وَلَوْ مُحْتَاجًا إلَّا إذَا كَانَ لَهُ أُجْرَةٌ فَيَأْكُلُ قَدْرَ أُجْرَتِهِ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ، وَالْعِمَادِيَّةِ وَصُحِّحَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَا أَجْرَ لَهُ وَأَمَّا الِاسْتِحْسَانُ فَلَهُ ذَلِكَ لَوْ مُحْتَاجًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ، وَفِي الْخَيْرِيَّةِ وَحَوَاشِي الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ الْمَأْخُوذُ بِهِ الِاسْتِحْسَانُ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا وَنَقْلُ الْقُنْيَةِ لَا يُعَارِضُ نَقْلَ الْخَانِيَّةِ فَإِنَّ قَاضِي خَانْ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي تَصْحِيحِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ الْمُخْتَارِ إذَا عَمِلَ فِي تَرِكَةِ الْمُوصِي أَعْمَالًا شَتَّى وَلَمْ يَكُنْ الْمُوصِي جَعَلَ لَهُ شَيْئًا فَهَلْ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ اسْتِحْسَانًا لَوْ مُحْتَاجًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ وَحَوَاشِي الْأَشْبَاهِ لِلْحَمَوِيِّ. (أَقُولُ) تَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ لَوْ مُحْتَاجًا مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْآيَةِ الشَّرِيفَةِ {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] وَنَصُّ عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ هَكَذَا " وَعَنْ نُصَيْرٍ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ وَيَرْكَبَ دَوَابَّهُ إذَا ذَهَبَ فِي حَوَائِجِ الْيَتِيمِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ بِالْمَعْرُوفِ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا بِقَدْرِ مَا سَعَى. اهـ ". وَنَحْوُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ أَنَّ لَهُ قَدْرَ أَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ لَوْ مُحْتَاجًا وَظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَفْرِضْ لَهُ الْقَاضِي أُجْرَةً لَكِنْ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَا يَأْكُلُ الْوَصِيُّ وَلَوْ مُحْتَاجًا إلَّا إذَا كَانَ لَهُ أُجْرَةٌ فَيَأْكُلُ قَدْرَ أُجْرَتِهِ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقِيَاسِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْأَكْلُ قَالَ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ: وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَأْكُلَ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ} [النساء: 10] . . . إلَخْ. قَالَ الْفَقِيهُ وَلَعَلَّ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا} [النساء: 6] نُسِخَ بِهَذِهِ الْآيَةِ قُلْتُ فَكَأَنَّهُ يَمِيلُ إلَى اخْتِيَارِ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ قَالَ أَبُو ذَرٍّ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الْوِصَايَةِ مُتَبَرِّعًا فَلَا يُوجِبُ ضَمَانًا. اهـ. قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِهِ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ أَجْرٌ مَعْلُومٌ فَيَأْكُلُ بِقَدْرِهِ. اهـ. فَقَدْ ظَهَرَ بِهَذَا أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ هُوَ أَنَّ لَهُ الْأَكْلَ لَوْ مُحْتَاجًا وَلَوْ لَمْ يُفْرَضْ لَهُ أَجْرٌ وَأَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مُطْلَقًا إلَّا إذَا فُرِضَ لَهُ أَجْرٌ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَأَنَّ الْقِيَاسَ هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَصَحَّحَهُ أَبُو ذَرٍّ وَمَالَ إلَيْهِ الْفَقِيهُ وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ حَيْثُ

سُئِلَ فِي رَجُلٍ أَقَامَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا عَلَى يَتِيمٍ وَلَمْ يَفْرِضْ لَهُ إذْ ذَاكَ نَفَقَةً ثُمَّ فَرَضَ لَهُ أَجْرًا فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ فَتَنَاوَلَهُ عَنْ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ الْخَالِيَةِ عَنْ الْفَرْضِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ (أَجَابَ) : لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِشُرُوعِهِ مُتَبَرِّعًا وَهَذَا مِمَّا لَا يَشُكُّ فِي حُرْمَتِهِ ذُو فَهْمٍ سَلِيمٍ وَانْظُرْ إلَى قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ} [الإسراء: 34] ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ. لَكِنْ قَالَ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ آخَرَ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا اخْتِلَافُ قِيَاسٍ وَاسْتِحْسَانٍ فَفِي الْخَانِيَّةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ لَهُ ذَلِكَ لَوْ مُحْتَاجًا اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقُنْيَةِ صَحَّحَ أَنْ لَا أَجْرَ لَهُ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَأْخُوذَ بِهِ الِاسْتِحْسَانُ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا وَإِذَا كَانَ الِاسْتِحْسَانُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ بِدُونِ تَعْيِينِ الْقَاضِي فَبِتَعْيِينِهِ أَوْلَى وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ نَقْلَ الْقُنْيَةِ لَا يُعَارِضُ نَقْلَ قَاضِي خَانْ فَإِنَّ قَاضِي خَانْ مِنْ أَهْلِ التَّرْجِيحِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي تَصْحِيحِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا فِي الْقُنْيَةِ لَمْ يُقَيَّدْ بِالِاحْتِيَاجِ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى أَنَّ الَّذِي فِي الْقُنْيَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى الْقِيَاسِ الَّذِي هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَمَالَ إلَيْهِ الْفَقِيهُ فَهُوَ تَصْحِيحٌ لِلْقَوْلِ الْآخَرِ نَقَلَهُ عَنْ غَيْرِهِ تَأَمَّلْ، وَقَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَيْضًا فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْأَشْبَاهِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْأَمَانَاتِ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ وَصِيَّ الْمَيِّتِ إذَا امْتَنَعَ عَنْ الْقِيَامِ بِالْوَصِيَّةِ إلَّا بِأَجْرٍ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ وَلَا جَبْرَ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ فَإِذَا رَأَى الْقَاضِي أَنْ يَعْمَلَ لَهُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَمَا الْمَانِعُ مِنْهُ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى، وَقَدْ أَفْتَيْت بِهِ مِرَارًا. اهـ. وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ مُحْتَاجًا لَا مُطْلَقًا فَغَيْرُ الْمُحْتَاجِ لَا أَجْرَ لَهُ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي الْوِصَايَةِ مُتَبَرِّعًا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ لَا يُجْبَرُ عَلَى التِّجَارَةِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَعَلَى اقْتِضَاءِ دُيُونِهِ لَكِنَّهُ إذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ قَدْ فَعَلَ مَا الْتَزَمَ أَنْ يَفْعَلَهُ مُتَبَرِّعًا حِينَ قَبُولِهِ الْوِصَايَةَ مِنْ الْمَيِّتِ حَتَّى كَانَتْ لَازِمَةً لَهُ فَلَا يَمْلِكُ عَزْلَ نَفْسِهِ وَلَا يَمْلِكُ الْقَاضِي عَزْلَهُ فِي الصَّحِيحِ إلَّا بِخِيَانَةٍ ظَاهِرَةٍ أَوْ فِسْقٍ ظَاهِرٍ وَهَذَا فِي وَصِيِّ الْمَيِّتِ أَمَّا وَصِيُّ الْقَاضِي فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِطَ عِلْمَ الْقَاضِي بِعَزْلِهِ وَلِلْقَاضِي عَزْلُهُ أَيْضًا وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ بِأَنْ يُقَالَ: إنَّ وَصِيَّ الْمَيِّتِ لَا أَجْرَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ مُحْتَاجًا فَلَهُ الْأَكْلُ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ بِقَدْرِ عَمَلِهِ وَلِلْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهُ ذَلِكَ لَكِنْ لِلْمُسْتَقْبَلِ لَا لِمَا مَضَى لِشُرُوعِهِ فِيهِ مُتَبَرِّعًا، وَأَمَّا وَصِيُّ الْقَاضِي فَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَإِنْ نَصَبَهُ الْقَاضِي وَجَعَلَ لَهُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ جَازَ وَكَذَا إذَا امْتَنَعَ بَعْدَ النَّصْبِ عَنْ الْعَمَلِ حَتَّى يَجْعَلَ لَهُ أُجْرَةً لِأَنَّ وِصَايَتَهُ غَيْرُ لَازِمَةٍ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ كَمَا عَلِمْت فَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْمُضِيِّ فِي الْعَمَلِ إلَّا بِأَجْرٍ. وَفِي الْقُنْيَةِ الْوَصِيُّ إذَا نَصَبَهُ الْقَاضِي وَعَيَّنَ لَهُ أَجْرًا بِقَدْرِ أَجْرِ الْمِثْلِ جَازَ وَأَمَّا وَصِيُّ الْمَيِّتِ فَلَا أَجْرَ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ. اهـ. فَقَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ إمَّا مَبْنِيٌّ عَلَى تَصْحِيحِ مَا هُوَ الْقِيَاسُ كَمَا قَدَّمْنَا أَوْ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ وَأَنَّ الْمُرَادَ لَا أَجْرَ لَهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ وَعَلَى كُلٍّ فَلَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْخَانِيَّةِ كَمَا مَرَّ هَذَا وَقَدْ صَحَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ آجَرَ نَفْسَهُ مِنْ الْيَتِيمِ لَمْ يَصِحَّ، وَفِيهَا أَيْضًا قَالَ لَك أَجْرُ مِائَةٍ عَلَى أَنْ تَكُونَ وَصِيِّي اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ نُصَيْرٌ الْإِجَارَةُ بَاطِلَةٌ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: الشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَالْمِائَةُ وَصِيَّةٌ لَهُ وَيَكُونُ وَصِيًّا وَبِهِ أَخَذَ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو اللَّيْثِ. اهـ. فَإِذَا كَانَ اسْتِئْجَارُ الْأَبِ لَهُ بَاطِلًا فَاسْتِئْجَارُ الْقَاضِي أَوْلَى إلَّا إذَا كَانَ مُحْتَاجًا لَكِنْ الظَّاهِرُ أَنَّ بُطْلَانَ الْإِجَارَةِ إنَّمَا هُوَ لِمَوْتِ الْأَبِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ هَذَا غَايَةُ مَا تَحَرَّرَ لِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ وَصِيًّا مُخْتَارًا عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْقَاصِرِ الْيَتِيمِ بِمُوجِبِ حُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ وَهُوَ أَمِينٌ كَافٍ لِمَصَالِحِ الْيَتِيمِ أَهْلٌ لِلْوِصَايَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مُبَاشِرٌ لِأُمُورِ الْيَتِيمِ بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ، وَالنَّفْعُ لَهُ فَنَصَبَ الْقَاضِي أُمَّ الْيَتِيمِ نَاظِرَةً عَلَى الْوَصِيِّ بِدُونِ مَصْلَحَةٍ لِلْيَتِيمِ وَلَا خِيَانَةٍ ظَهَرَتْ مِنْ الْوَصِيِّ فَقَامَتْ تُعَارِضُ الْوَصِيَّ فِي تَعَاطِي أُمُورِ الْيَتِيمِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ زَاعِمَةً أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ

إلَّا بِمَعْرِفَتِهَا وَرَأْيِهَا فَهَلْ تُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَفِي الْقُنْيَةِ: لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مَعَ وُجُودِ وَصِيِّهِ وَلَوْ كَانَ مَنْصُوبَهُ. اهـ. وَعَلَى هَذَا لَا يَمْلِكُ الْقَاضِي التَّصَرُّفَ فِي الْوَقْفِ مَعَ وُجُودِ نَاظِرِهِ وَلَوْ مِنْ قِبَلِهِ أَشْبَاهٌ مِنْ الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةَ عَشَرَ الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ أَقْوَى مِنْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْبُيُوعِ فِي فَصْلِ بَيْعِ الْوَصِيِّ وَشِرَائِهِ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ لِقَاضٍ أَنْ يُخْرِجَ الْوَصِيَّ مِنْ الْوِصَايَةِ وَلَا يُدْخِلَ غَيْرَهُ مَعَهُ فَإِنْ ظَهَرَتْ مِنْهُ خِيَانَةٌ أَوْ كَانَ فَاسِقًا مَعْرُوفًا بِالشَّرِّ أَخْرَجَهُ أَوْ نَصَبَ غَيْرَهُ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً إلَّا أَنَّهُ ضَعِيفٌ عَاجِزٌ عَنْ التَّصَرُّفِ أَدْخَلَ مَعَهُ غَيْرَهُ. اهـ. (أَقُولُ) ، وَفِي الولوالجية وَصِيُّ الْمَيِّتِ إذَا كَانَ عَدْلًا غَيْرَ كَافٍ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَعْزِلَهُ لَكِنْ يَضُمُّ إلَيْهِ آخَرَ كَافِيًا وَمَعَ هَذَا لَوْ عَزَلَهُ يَنْعَزِلُ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِأَيْتَامٍ أَخٌ وَصِيٌّ مُخْتَارٌ عَلَيْهِمْ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِمْ أَهْلٌ لِلْوِصَايَةِ وَلَهُمْ مَالٌ تَحْتَ يَدِهِ ثُمَّ وَرِثُوا مِنْ أُمِّهِمْ مَالًا فَزَعَمَ أَخٌ آخَرُ لَهُمْ أَنَّ أُمَّهُمْ جَعَلَتْهُ وَصِيًّا وَيُرِيدُ التَّصَرُّفَ فِيمَا وَرِثُوهُ مِنْ أُمِّهِمْ مَعَ وُجُودِ وَصِيِّ أَبِيهِمْ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لِوَصِيِّ الْأُمِّ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ فِي وَكَالَةِ التَّنْوِيرِ وَغَيْرِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا دَفَعَ زَيْدٌ الْوَصِيُّ الدَّرَاهِمَ إلَى رَجُلٍ لِيَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ وَيُرِيدُ الْوَصِيُّ اسْتِرْدَادَ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ مِنْ الرَّجُلِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَلَدِهِ وَقَبْلَ الْإِحْرَامِ فَهَلْ لِلْوَصِيِّ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ الدَّرَاهِمَ لِرَجُلٍ لِيَحُجَّ عَنْ الْمَيِّتِ فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّ كَانَ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يُحْرِمْ لِأَنَّ الْمَالَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ فَإِنْ اسْتَرَدَّهُ فَنَفَقَتُهُ إلَى بَلَدِهِ عَلَى مَنْ تَكُونُ إنْ اسْتَرَدَّهُ بِخِيَانَةٍ ظَهَرَتْ مِنْهُ فَالنَّفَقَةُ فِي مَالِهِ خَاصَّةً وَإِنْ اسْتَرَدَّهُ لَا لِخِيَانَةٍ وَلَا تُهْمَةٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْوَصِيِّ فِي مَالِهِ خَاصَّةً وَإِنْ اسْتَرَدَّهُ لِضَعْفِ رَأْيٍ فِيهِ أَوْ لِجَهْلِهِ بِأُمُورِ النُّسُكِ فَأَرَادَ الدَّفْعَ إلَى أَصْلَحَ مِنْهُ فَنَفَقَتُهُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ اسْتَرَدَّ لِمَنْفَعَةِ الْمَيِّتِ. اهـ. بَحْرٌ مِنْ بَابِ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا ثَبَتَ خِيَانَةُ وَصِيٍّ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَهَلْ يُعْزَلُ وَتَزُولُ الْأَمَانَةُ فَلَا يُصَدَّقُ بَعْدَ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْإِنْفَاقِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ عَرَضَ عَلَيْهِ جُنُونٌ فَصَرَفَ أَبُوهُ مَالَهُ عَلَيْهِ فِي نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وَلَوَازِمِهِ الشَّرْعِيَّةِ الضَّرُورِيَّةِ مَصْرِفَ الْمِثْلِ فِي مُدَّةٍ تَحْتَمِلُهُ، وَالظَّاهِرُ لَا يُكَذِّبُهُ فِيهِ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ إذَا بَلَغَ الِابْنُ مَعْتُوهًا أَوْ مَجْنُونًا تَبْقَى وِلَايَةُ الْأَبِ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَنَفْسِهِ وَإِنْ بَلَغَ عَاقِلًا ثُمَّ جُنَّ أَوْ عَتِهَ هَلْ تَعُودُ وِلَايَةُ الْأَبِ فِيهِمَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَلْخِيُّ لَا تَعُودُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَتَكُونُ الْوِلَايَةُ لِلسُّلْطَانِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَعُودُ وِلَايَةُ الْأَبِ فِي النَّفْسِ، وَالْمَالِ جَمِيعًا اسْتِحْسَانًا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَيْدَانِيُّ عِنْدَنَا تَعُودُ وِلَايَةُ الْأَبِ، وَعِنْدَ زُفَرَ تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ لِلسُّلْطَانِ عِمَادِيَّةٌ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ آخِرَ الْكِتَابِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ أَوْلَادٌ قَاصِرُونَ وَأَخَوَانِ بَالِغَانِ أَقَامَ أَحَدُهُمَا وَصِيًّا عَلَى أَوْلَادِهِ، وَالْآخَرُ مُشْرِفًا عَلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ أَوْلَادِهِ الْمَذْكُورِينَ وَخَلَفَ تَرِكَةً فَصَارَ الْوَصِيُّ يَتَصَرَّفُ بِمُفْرَدِهِ بِدُونِ رَأْيِ الْمُشْرِفِ وَعِلْمِهِ فَهَلْ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ التَّصَرُّفُ بِدُونِ رَأْيِ الْمُشْرِفِ وَعِلْمِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ ذَكَرَ الْفَضْلِيُّ فِي فَتَاوِيهِ فِي وَصِيٍّ وَمُشْرِفٍ أَنَّ الْوَصِيَّ أَوْلَى بِإِمْسَاكِ الْمَالِ، وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ إذَا أَوْصَى إلَى رَجُلٍ وَجَعَلَ رَجُلًا آخَرَ مُشْرِفًا عَلَيْهِ فَالْمُشْرِفُ وَصِيُّ الْمَيِّتِ كَأَنَّهُ قَالَ جَعَلَتْكُمَا وَصِيَّيْنِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ دُونَ الْآخَرِ فِيمَا لَا يَنْفَرِدُ بِهِ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ تَتَارْخَانِيَّةٌ، وَفِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ تَعَدُّدِ الْأَوْصِيَاءِ قَالَ الْإِمَامُ الْفَضْلِيُّ الْمُشْرِفُ لَيْسَ بِوَصِيٍّ فَلَا يَكُونُ الْمَالُ عِنْدَهُ وَإِنَّمَا لَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِدُونِ رَأْيِ الْمُشْرِفِ وَعِلْمِهِ، وَفِي الْخَاصِّيِّ وَبِقَوْلِ الْفَضْلِيِّ يُفْتَى. اهـ. وَأَفْتَى الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ مُفْتِي دِمَشْقَ

بِأَنَّ الْوَصِيَّ إذَا تَصَرَّفَ فِي أَمْوَالِ الْيَتِيمِ بِدُونِ عِلْمِ النَّاظِرِ فَهَلَكَتْ يَضْمَنُهَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا نَصَبَ قَاضِي الْبَرِّ امْرَأَةً مِنْ قُرَى الْبَرِّ وَصِيًّا عَلَى أَوْلَادِهَا الْأَيْتَامِ وَلَمْ يُفَوَّضْ إلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ قَاضِي الْقُضَاةِ الَّذِي وَلَّاهُ ذَلِكَ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ فَهَلْ يَكُونُ النَّصْبُ الْمَذْكُورُ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أَقَامَ زَوْجَتَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَصِيًّا عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ ثُمَّ مَاتَ مُصِرًّا عَلَى ذَلِكَ وَلِلصَّغِيرِ جَدٌّ لِأَبٍ فَهَلْ يَكُونُ وَصِيُّ الْأَبِ أَحَقَّ بِذَلِكَ مِنْ جَدِّهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التَّنْوِيرِ فِي آخِرِ بَابِ الْوَصِيِّ. (سُئِلَ) فِي الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ الْقَادِرِ الْأَمِين هَلْ تَكُونُ الْوِلَايَةُ لَهُ حَيْثُ لَمْ يُوصِ أَبُو الصِّغَارِ إلَى أَحَدٍ وَيَكُونُ أَوْلَى مِنْ الْأُمِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ كَمَا فِي الْخَيْرِيَّةِ مِنْ بَابِ الْوَصِيِّ مُفَصَّلًا وَمِثْلُهُ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَقَامَ الْقَاضِي وَصِيًّا شَرْعِيًّا عَلَى أَيْتَامِ ابْنِ أَخِيهِ وَلَهُمْ اسْتِحْقَاقٌ مِنْ أَوْقَافِ أَجْدَادِهِمْ تَحْتَ يَدِهِ يَقْبِضُهُ مِنْ النُّظَّارِ، وَفِي كُلِّ سَنَةٍ يُحَاسِبُهُ الْقَاضِي الْعَامُّ عَلَى إيرَادِهِ وَمَصْرِفِهِ بِمُوجِبِ دَفْتَرٍ مَمْضِيٍّ بِإِمْضَائِهِ مُخَلَّدٍ بِيَدِهِ، وَالْآنَ تَزْعُمُ أُمُّ الْأَيْتَامِ أَنَّ لَهَا مُحَاسَبَةَ الْوَصِيِّ ثَانِيًا بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ تَكُونُ وِلَايَةُ الْمُحَاسَبَةِ لِلْقَاضِي لَا لَهَا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُحَاسِبَ الْأُمَنَاءَ عَلَى مَا جَرَى عَلَى أَيْدِيهِمْ مِنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَغَلَّاتِهِمْ فَإِنْ أَحَسَّ بِخِيَانَةٍ عَزَلَهُ وَاسْتَبْدَلَهُ بِغَيْرِهِ وَإِنْ وَجَدَهُ أَمِينًا قَرَّرَهُ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ أَوَاخِرِ فَصْلِ الْإِنْفَاقِ وَتَمَامُ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ فَرَاجِعْهُ، وَفِي 38 مِنْ الْعِمَادِيَّةِ وَذَكَرَ الْقَاضِي جَلَالُ الدِّينِ فِي سِجِلَّاتِهِ إذَا كَبُرَ الصِّغَارُ وَأَرَادُوا أَنْ يُحَاسِبُوا وَصِيَّهُمْ لِيَنْظُرُوا هَلْ أَنْفَقَ عَلَيْهِمْ بِالْمَعْرُوفِ أَمْ لَا وَطَلَبُوا أَنْ يُحَاسِبُوهُ كَانَ لِلْقَاضِي وَلَهُمْ الْمُطَالَبَةُ بِالْحِسَابِ لَكِنْ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ لَوْ امْتَنَعَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الْخُرْجِ، وَفِيمَا أَنْفَقَ. . . إلَخْ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِصَغِيرٍ أَبٌ وَحِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ فِي دَارِ شَرِكَةِ خَالِهِ زَيْدٍ بِبَاقِيهَا فَآجَرَ خَالُهُ جَمِيعَ الدَّارِ مِنْ آخَرَ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ هِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ قَبَضَهَا وَتَصَرَّفَ بِهَا بِدُونِ وَكَالَةٍ عَنْ أَبِي الصَّغِيرِ وَلَا وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَمْ يَدْفَعْ مِنْ أُجْرَتِهَا شَيْئًا لِجِهَةِ الصَّغِيرِ ثُمَّ بَلَغَ الصَّغِيرُ رَشِيدًا وَطَالَبَ خَالَهُ بِأُجْرَةِ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّارِ الَّتِي قَبَضَهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَفِي مَسَائِلِ الْبُيُوعِ مِنْ فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ إذَا اشْتَرَى دَارًا وَسَكَنَهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا وَقْفٌ أَوْ كَانَتْ لِصَغِيرٍ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ صِيَانَةً لِلْوَقْفِ وَلِلصَّغِيرِ، وَفِي أَوَاخِرِ الْفَصْلِ الثَّامِنِ مِنْ إجَارَاتِ الذَّخِيرَةِ وَهَكَذَا نَقُولُ فِيمَنْ سَكَنَ دَارَ صَغِيرٍ أَوْ حَانُوتَ صَغِيرٍ وَأَنَّهُ مُعَدٌّ لِلِاسْتِغْلَالِ أَنَّهُ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ إلَّا إذَا انْتَقَصَ بِسَبَبِ سُكْنَاهُ وَضَمَانُ النُّقْصَانِ أَنْفَعُ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ ضَمَانُ النُّقْصَانِ جَامِعُ أَحْكَامِ الصِّغَارِ فِي مَسَائِلِ الْإِجَارَاتِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِيَتِيمٍ مَبْلَغُ دَيْنٍ مَعْلُومٍ بِذِمَّةِ زَيْدٍ فَدَفَعَهُ لِوَصِيِّهِ الشَّرْعِيِّ وَبَلَغَ الْيَتِيمُ الْآنَ رَشِيدًا وَقَامَ يُطَالِبُ الْمَدْيُونَ بِالْمَبْلَغِ الْمَذْكُورِ زَاعِمًا أَنَّ قَبْضَ الْوَصِيِّ غَيْرُ صَحِيحٍ فَهَلْ لَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ وَيَبْرَأُ الْمَدْيُونُ بِدَفْعِهِ إلَى الْوَصِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ دَفَعَ غَرِيمُ الْمَيِّتِ إلَى الْوَصِيِّ بَرِئَ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْإِبْرَاءِ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا أَدَّى مَدْيُونُ الْمَيِّتِ إلَى وَصِيِّ الْمَيِّتِ يَبْرَأُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ فَدَفَعَ إلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ يَبْرَأُ عَنْ حِصَّتِهِ خَاصَّةً بَزَّازِيَّةٌ آخِرَ الْكِتَابِ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ، وَالْقَاضِي، وَفِيهَا. وَفِي الزِّيَادَاتِ لِلْوَارِثِ أَنْ يُخَاصِمَ غُرَمَاءَ الْمَيِّتِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ لَا؟ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يُخَاصِمُ وَلَا يَقْبِضُ بَلْ يَقْبِضُهُ الْوَصِيُّ. اهـ. وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِمَّا هُنَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا تُوُفِّيَ عَنْ صِغَارٍ وَكِبَارٍ لِلصِّغَارِ وَصِيٌّ وَلَهُ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ يَكُونُ قَبْضُ دُيُونِهِ لِلْوَصِيِّ لَا لِلْوَرَثَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ زَوْجَةٍ وَابْنٍ صَغِيرٍ مِنْهَا، وَعَنْ أَخٍ وَصِيٍّ عَلَى الصَّغِيرِ وَخَلَفَ تَرِكَةً تَحْتَ يَدِ الْوَصِيِّ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ عَمَّنْ فِي الْمَسْأَلَةِ وَطَلَبَتْ الْأُمُّ نَصِيبَهَا مِنْ التَّرِكَةِ مِنْ الْوَصِيِّ فَادَّعَى

أَنَّهُ قَضَى بِهِ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَلَمْ تُصَدِّقْهُ الْأُمُّ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ تَرَكَ أَلْفًا فَجَاءَ آخَرُ يَدَّعِي عَلَيْهِ أَلْفًا فَدَفَعَهُ الْوَصِيُّ إلَيْهِ قَضَاءً لِلدَّيْنِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَكَبُرَ الْيَتِيمُ وَأَنْكَرَ الدَّيْنَ عَلَى أَبِيهِ يَضْمَنُ الْوَصِيُّ مَا دَفَعَهُ إلَى الْغَرِيمِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْغَرِيمِ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِ قُلْتُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَصِيِّ بَيِّنَةٌ عَلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ وَحَلَفَ الْوَارِثُ حِينَ حَلَّفَهُ الْوَصِيُّ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ بِدَيْنِ الْمُوَرِّثِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ مَوْلَانَا نِظَامُ الدِّينِ فِي فَوَائِدِهِ أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا أَدَّى دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ ثُبُوتَهُ عَلَى الْمُوَرِّثِ فَلِلْوَصِيِّ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَصِيِّ بَيِّنَةٌ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُمْ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الضَّمَانِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ أَوْصَتْ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا بِوَصَايَا وَأَقَامَتْ زَيْدًا وَصِيًّا مُخْتَارًا عَلَى تَنْفِيذِهَا مِنْ ثُلُثِ مَالِهَا وَقَبِلَ زَيْدٌ ذَلِكَ لَدَى بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ ثُمَّ مَاتَتْ فَادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَنَّهَا أَقَامَتْهُ وَصِيًّا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهَا وَيُرِيدُ إثْبَاتَ مَا يَدَّعِيهِ أَيْضًا فَهَلْ إذَا ثَبَتَ دَعْوَاهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ يَكُونَانِ وَصِيَّيْنِ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ بِدُونِ رَأْيِ الْآخَرِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ مِنْ بَابِ الْوَصِيِّ، وَبَطَلَ فِعْلُ أَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ كَالْمُتَوَلَّيَيْنِ وَلَوْ كَانَ إيصَاؤُهُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ. اهـ. وَفِي الدُّرَرِ: أَوْصَى إلَى اثْنَيْنِ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ بِدُونِ الْآخَرِ وَلَوْ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِالِانْفِرَادِ. اهـ. وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِيهَا، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ ثُمَّ مَكَثَ زَمَانًا فَأَوْصَى بِوَصَايَا إلَى آخَرَ فَهُمَا وَصِيَّانِ فِي كُلِّ وَصَايَاهُ تَذَكَّرَ إيصَاءَهُ لِلْأَوَّلِ أَوْ نَسِيَ لِأَنَّ الْوَصِيَّ عِنْدَنَا لَا يَنْعَزِلُ مَا لَمْ يَعْزِلْهُ الْمُوصِي وَيُخْرِجُهُ عَنْ الْوِصَايَةِ بِأَنْ يَقُولَ أَخْرَجْتُهُ عَنْ الْوِصَايَةِ أَوْ يَقُولَ رَجَعْت عَنْ وِصَايَتِي إلَيْهِ حَتَّى لَوْ كَانَ بَيْنَ وَصِيَّتَيْهِ مُدَّةُ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ لَا يَنْعَزِلُ الْأَوَّلُ عَنْ الْوِصَايَةِ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ تَعَدُّدِ الْأَوْصِيَاءِ وَتَمَامُ نُقُولِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ، وَفِيهِ أَيْضًا وَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ الْآخَرَ جَازَ انْفِرَادُ الْوَكِيلِ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ وِفَاقًا لِأَنَّ رَأْيَ الْوَكِيلِ رَأْيُ الْمُوَكِّلِ فَيَجْتَمِعُ حِينَئِذٍ فِي تَصَرُّفِهِ الرَّأْيَانِ فَيَجُوزُ عِنْدَهُمَا أَيْضًا. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِيَتِيمَيْنِ نِصْفُ آلَةِ حِلَاقَةٍ مَعْلُومَةٍ لَيْسَ لَهُمَا غَيْرُهَا وَلَهُمَا أُمٌّ وَجَدٌّ لِأَبٍ يُرِيدُ الْجَدُّ بَيْعَ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ بِثَمَنِ الْمِثْلِ لِأَجْلِ نَفَقَتِهِمَا فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بَيْعَ الْجَدِّ لِلنَّفَقَةِ لِأَنَّ بَيْعَ الْعُرُوضِ، وَالْعَقَارِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ لَا يَجُوزُ لِلْجَدِّ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلْوَصِيِّ وَلْتَكُنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ذِكْرٍ مِنْك فَإِنَّهَا دَقِيقَةٌ، وَفِي أَدَبِ الْقَاضِي لِوَصِيِّ الْأَبِ بَيْعُ التَّرِكَةِ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ وَلَيْسَ لِلْجَدِّ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ لِلصَّغِيرِ وَبِهِ يُفْتَى آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ فِي أَوَاسِطِ فَصْلِ الْبَيْعِ مُلَخَّصًا، وَفَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَ الْوَصِيِّ، وَالْجَدِّ فَقَالَ: لِوَصِيِّ الْمَيِّتِ بَيْعُ التَّرِكَةِ لِلدَّيْنِ، وَالْوَصِيَّةِ أَمَّا أَبُو الْمَيِّتِ فَلَهُ بَيْعُ التَّرِكَةِ لِدَيْنِ الصَّغِيرِ لَا لِدَيْنِ ابْنِهِ الْمَيِّتِ. قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: هَذِهِ الْفَائِدَةُ تُحْفَظُ عَنْ الْخَصَّافِ وَبِهِ يُفْتِي نُورُ الْعَيْنِ فِي 26 نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَصِيٌّ فَلِأَبِيهِ وَهُوَ الْجَدُّ بَيْعُ الْعُرُوضِ إلَّا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ التَّرِكَةَ لِدَيْنٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لَمْ يَجُزْ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْأَبِ مِنْ وَصَايَا جَامِعِ الْمُضْمَرَاتِ وَكَذَا فِي 27 مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِعِبَارَتِهِ أَنْقِرْوِيٌّ مِنْ الْوَصَايَا وَنَقَلَ ذَلِكَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ مِنْ آخِرِ بَابِ الْوَصِيِّ عَنْ الْمُنْيَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ آخِرَ الْكِتَابِ (أَقُولُ) ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَصِيَّ الْجَدِّ كَالْجَدِّ فَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ أَيْضًا بِالْأَوْلَى قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فَيَرْفَعُ الدَّائِنُ أَوْ الْمُوصَى لَهُ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَبِيعَ لَهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ أَوْ الْوَصِيَّةِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ غِرَاسَاتٌ قَائِمَاتٌ فِي أَرْضِ وَقْفٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ وَلَهُ أَوْلَادٌ قَاصِرُونَ فَاشْتَرَتْ ذَلِكَ أُمُّهُمْ لَهُمْ بِمَالِهَا مِنْ أَبِيهِمْ زَيْدٍ الْمَزْبُورِ، وَقَالَ أَبُوهُمْ بِعْتُهَا بَعْدَ مَا سَمَّتْ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً فَهَلْ يَجُوزُ الْبَيْعُ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا قَبِلَ الْبَيْعَ فَقَدْ أَجَازَ شِرَاءَهَا لِلصَّغِيرِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ، وَالتَّجْنِيسِ امْرَأَةٌ اشْتَرَتْ ضَيْعَةً لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ مِنْ

مَالِهَا وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْأُمِّ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِلْوَلَدِ لِأَنَّ الْأُمَّ تَصِيرُ وَاهِبَةً، وَالْأُمُّ تَمْلِكُ ذَلِكَ وَيَقَعُ قَبْضًا عَنْهُ أَحْكَامُ الصِّغَارِ مِنْ الْبُيُوعِ. وَفِيهَا أَيْضًا امْرَأَةٌ اشْتَرَتْ ضَيْعَةً لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ بِمَالِهَا عَلَى أَنْ تَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْوَلَدِ جَازَ اسْتِحْسَانًا وَتَكُونُ مُشْتَرِيَةً لِنَفْسِهَا ثُمَّ تَصِيرُ هِبَةً مِنْهَا لِلصَّغِيرِ، امْرَأَةٌ قَالَتْ لِزَوْجِهَا وَبَيْنَهُمَا وَلَدٌ صَغِيرٌ: اشْتَرَيْتُ مِنْك دَارَك هَذِهِ لِابْنِنَا بِكَذَا فَقَالَ الْأَبُ: بِعْتهَا جَازَ لِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا قَبِلَ الْبَيْعَ فَقَدْ أَجَازَ شِرَاءَهَا لِلصَّغِيرِ فَيَجُوزُ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْأَبِ، وَالْأَجْنَبِيِّ فَقَالَتْ الْأُمُّ لَهُمَا: اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الدَّارَ مِنْكُمَا لِابْنِي بِمَالِهِ فَقَالَا بِعْنَا جَازَ لِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا جَوَّزَ شِرَاءَهَا جُمْلَةَ الدَّارِ فَقَدْ أَذِنَ لَهَا بِشِرَاءِ جُمْلَةِ الدَّارِ. اهـ. وَفِيهِ فَوَائِدُ فَارْجِعْ إلَيْهِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ وَصِيًّا عَلَى ابْنَةِ أَخِيهِ الْيَتِيمَةِ وَصَرَفَ فِي بَابِ الْقَاضِي مَبْلَغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فِي مَنْعِ دَعْوَى تَوَجَّهَتْ عَلَى الْيَتِيمَةِ بِمُوجِبِ حُجَّةٍ كَتَبَهَا الْقَاضِي لَهُ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَفْعِ الْمَبْلَغِ الْمَزْبُورِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمَةِ فَهَلْ يُحْسَبُ ذَلِكَ لَهُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إسْمَاعِيلُ أَفَنْدِي مُفْتِي دِمَشْقَ سَابِقًا فِيمَا يَأْخُذُهُ قُضَاةُ الْجَوْرِ مِنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى مِنْ أَوْصِيَائِهِمْ جَبْرًا فِي كُلِّ سَنَةٍ وَيُسَمُّونَهُ بِأَسْمَاءٍ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ وَيَقُولُونَ: هَذَا مُحَاسَبَةٌ فَهَلْ لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ فِي مَالِهِ فَأَجَابَ: نَعَمْ لَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10] نَسْأَلُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ التَّوْفِيقَ، وَالْهِدَايَةَ إلَى أَقْوَمِ طَرِيقٍ. اهـ. (سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ إذَا أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ بِمَالِ الْيَتِيمِ وَكَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا فَهَلْ يَضْمَنُ الْمَالَ إذَا هَلَكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ لِكُلٍّ مِنْ الْأَبِ، وَالْجَدِّ، وَالْقَاضِي وَأَوْصِيَائِهِمْ أَنْ يُسَافِرُوا بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى إذَا كَانَ الطَّرِيقُ آمِنًا فَإِذَا أُصِيبُوا فِي الطَّرِيقِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ وَلَهُمْ أَنْ يَتَّجِرُوا فِي أَمْوَالِهِمْ بِالْمَعْرُوفِ قَالَ الْعَتَّابِيُّ: وَلَوْ اتَّجَرَ وَصِيُّ الْأَخِ، وَالْعَمِّ فَإِنْ رَبِحَ جَازَ اسْتِحْسَانًا قَالَ وَلَهُمْ وِلَايَةُ بَيْعِ أَمْوَالِهِمْ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَبِأَكْثَرَ مِنْهَا وَبِأَقَلَّ بِقَدْرٍ يَتَغَابَنُ فِيهِ النَّاسُ أَمَّا لَوْ كَانَ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ تَبْطُلُ عُقُودُهُمْ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ بَعْدَ الْبُلُوغِ لِأَنَّهُ لَا مُجِيزَ لَهُ حَالَةَ الْعَقْدِ وَلَا يَنْعَقِدُ حَتَّى يَتَوَقَّفَ وَأَمَّا شِرَاؤُهُمْ فَكَذَلِكَ لَكِنْ إذَا كَانَ بِفَاحِشِ الْغَبْنِ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ لِصُدُورِهِ عَنْ أَهْلِ فِي مَحَلِّهِ فَلَا يَبْطُلُ كَالْبَيْعِ. . . إلَخْ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْبَيْعِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ زَيْدٌ وَصِيًّا عَلَى يَتِيمَيْنِ فِي حِجْرِهِ وَلَهُمَا مَالٌ تَحْتَ يَدِهِ مَفْرُوضٌ فِيهِ مَبْلَغٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِنَفَقَتِهِمَا فِي كُلِّ يَوْمٍ فَكَانَ يُخْلَطُ ذَلِكَ فِي مَالِهِ وَيُنْفِقُهُ عَلَيْهِمَا، وَفِي ذَلِكَ خَيْرٌ لَهُمَا حَتَّى بَلَغَا رَشِيدَيْنِ فَامْتَنَعَا مِنْ احْتِسَابِ الْقَدْرِ الْمَفْرُوضِ لَهُ عَلَيْهِمَا زَاعِمَيْنِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ خَلْطُ النَّفَقَةِ بِنَفَقَتِهِمَا فَهَلْ لِلْوَصِيِّ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِلْوَصِيِّ خَلْطُ النَّفَقَةِ الْمَفْرُوضَةِ لِلْيَتِيمَيْنِ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ خَيْرًا لَهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ فِي فَصْلِ الضَّمَانِ عَنْ الْقُنْيَةِ. (سُئِلَ) فِي إقْرَارِ الْوَصِيِّ لِغَيْرِ الْوَارِثِ عَلَى الْمَيِّتِ بِشَيْءٍ مِنْ تَرِكَتِهِ أَنَّهُ لِفُلَانٍ هَلْ يَكُونُ غَيْرَ جَائِزٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ عَلَى الْمَيِّتِ بِالدَّيْنِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لَكِنْ لَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ أَنْ يَكُونَ خَصْمًا لِلْغَرِيمِ فَإِنْ أَقَامَ عَلَيْهِ الْغَرِيمُ بَيِّنَةً بِالدَّيْنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ. . . إلَخْ، وَفِي مَبْسُوطِ الْحَلْوَانِيِّ، والولوالجية، وَالْعَتَّابِيَّةِ، وَفِي الْعِمَادِيَّةِ، وَالْحَافِظِيَّةِ إقْرَارُ الْوَصِيِّ عَلَى الْمَيِّتِ بِالدَّيْنِ أَوْ الْغَبْنِ أَوْ الْوَصِيَّةِ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْمَيِّتِ وَإِقْرَارُ الْغَيْرِ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ جَائِزٍ وَإِنْ اُعْتُبِرَ شَهَادَةً فَهُوَ شَهَادَةُ فَرْدٍ فَلَا يُعْتَبَرُ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ وَارِثًا فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ فَقَطْ فِي نَصِيبِهِ فَحَسْبُ اعْتِبَارًا لِلْوَرَثَةِ فَيُسْتَوْفَى مِنْهُ أَوْ يُشْهِدُ مَعَهُ آخَرَ فَيَصِحُّ مَا أَقَرَّ بِهِ مُطْلَقًا فِي الْأَنْصِبَاءِ كُلًّا اعْتِبَارًا لِلشَّهَادَةِ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلِ الْإِقْرَارِ وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ عَلَى الْمَيِّتِ، وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ تَرِكَتِهِ أَنَّهُ لِفُلَانٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ وَارِثًا فَيَصِحُّ فِي حِصَّتِهِ تَنْوِيرٌ مِنْ الْوَصَايَا مِنْ بَابِ الْوَصِيِّ.

سُئِلَ) فِيمَا إذَا ظَهَرَ لِلْقَاضِي عَجْزُ الْوَصِيِّ أَصْلًا بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَاسْتَدَلَّ بِهِ غَيْرُهُ وَتَسَلَّمَ الْغَيْرُ مَالَ الْيَتِيمِ فَهَلْ يَكُونُ مَا ذَكَرَ صَحِيحًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ وَلَوْ ظَهَرَ لِلْقَاضِي عَجْزُهُ أَصْلًا اسْتَبْدَلَ غَيْرَهُ تَنْوِيرٌ مِنْ بَابِ الْوَصِيِّ وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ وَأَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ وَغَيْرِهِمَا. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا أَوْصَى زَيْدٌ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إلَى عَمْرٍو بِأَنْ يَقْضِيَ دُيُونَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَيَدْفَعَ جَمِيعَ مَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ لِرَجُلٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ عَنْ تَرِكَةٍ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ وَارِثٌ شَرْعِيٌّ فَهَلْ يَكُونُ عَمْرٌو وَصِيًّا وَجَمِيعُ الْفَاضِلِ مِنْ التَّرِكَةِ لِلْمُوصَى لَهُ لَا يُزَاحِمُهُ فِيهِ أَحَدٌ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ قَالَ فِي مَرَضِهِ: اقْضِ دُيُونِي وَنَفِّذْ وَصَايَايَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ وَصِيًّا إجْمَاعًا. . . إلَخْ آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ فَصْلٍ فِي الْإِيصَاءِ، وَفِي الْمِنَحِ وَإِذَا عَدِمَ مِنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ يَبْدَأُ بِمَنْ أَوْصَى لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ فَتَكْمُلُ لَهُ وَصِيَّتُهُ لِأَنَّ مَنْعَهُ عَمَّا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ كَانَ لِأَجْلِ الْوَرَثَةِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ أَحَدٌ فَلَهُ عِنْدَنَا مَا عُيِّنَ لَهُ كَامِلًا. . . إلَخْ وَمِثْلُهُ فِي سَائِرِ الْمُتُونِ، وَالشُّرُوحِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لِزَوْجَتِهِ أُمِّ أَوْلَادِهِ الْأَمِينَةِ سَلَّمْت إلَيْك أَوْلَادِي وَقُومِي بِلَوَازِمِهِمْ بَعْدَ مَوْتِي ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا، وَعَنْ أَوْلَادِهَا الْمَزْبُورِينَ وَلِلْمُتَوَفَّى ابْنُ عَمٍّ يُعَارِضُ الْأُمَّ فِي ضَبْطِ أَمْوَالِ أَوْلَادِهَا فَهَلْ إذَا ثَبَتَ مَا ذَكَرَ تَكُونُ الْأُمُّ وَصِيًّا عَلَى أَوْلَادِهَا الْمَزْبُورِينَ وَلَيْسَ لِابْنِ الْعَمِّ مُعَارَضَتُهَا فِي ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْحَافِظِيَّةِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ وَصِيَّةٌ وَلَمْ يَزِدْ أَوْ قَالَ: أَنْتِ وَصِيَّتِي فِي مَالِي أَوْ قَالَ: سَلَّمْت إلَيْك الْأَوْلَادَ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ تَعَهَّدِي أَوْلَادِي بَعْدَ مَوْتِي أَوْ قُومِي بِلَوَازِمِهِمْ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ مَا يَجْرِي مَجْرَى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ يَكُونُ وَصِيًّا آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ. (سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ الْمُخْتَارِ هَلْ لَهُ قَبْضُ وَدِيعَةِ الْمُوصِي؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَفِي الْحَافِظِيَّةِ الْوَصِيُّ لَوْ أَمَرَ مُودَعَ الْمَيِّتِ بِإِقْرَاضِ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْوَدِيعَةِ أَوْ هِبَتِهَا لِآخَرَ فَأَقْرَضَهَا أَوْ وَهَبَهَا فَضَاعَتْ ضَمِنَ الْمُودَعُ لَا الْوَصِيُّ لِأَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَمْلِكُ الْإِقْرَاضَ وَلَا الْهِبَةَ فَلَا يُفِيدُ أَمْرُهُ شَيْئًا أَمَّا لَوْ أَمَرَ الْمُودَعَ بِدَفْعِهَا إلَى آخَرَ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَضَاعَتْ لَمْ يَضْمَنْ الْمُودَعُ لِأَنَّ لِلْوَصِيِّ قَبْضَهَا مِنْهُ فَلَهُ تَوْكِيلُ غَيْرِهِ بِالْقَبْضِ وَقَدْ وُجِدَ بِأَمْرِهِ فَيَكُونُ قَبْضُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ كَقَبْضِ الْوَصِيِّ وَلَوْ قَبَضَهَا الْوَصِيُّ مِنْ الْمُودَعِ لَكَانَ إبْرَاءً فَكَذَا هُنَا آدَابُ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ الْقَرْضِ. (سُئِلَ) فِي الْوَارِثِ إذَا كَانَ غَائِبًا هَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يَنْصِبَ وَصِيًّا عَنْهُ وَيَكْتُبَ فِي نُسْخَةِ الْوِصَايَةِ أَنَّهُ أَقَامَهُ وَصِيًّا لِغَيْبَتِهِ مُدَّةَ السَّفَرِ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ. (سُئِلَ) فِي الْوَصِيِّ إذَا أَقْرَضَ مَالَ الْيَتِيمِ مِنْ آخَرَ فَهَلْ يَضْمَنُهُ إذَا هَلَكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ، وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَلَا يَمْلِكُ الْوَصِيُّ إقْرَاضَ مَالِ الْيَتِيمِ فَإِنْ أَقْرَضَ كَانَ ضَامِنًا، وَالْقَاضِي يَمْلِكُ الْإِقْرَاضَ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي الْأَبِ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْأَبَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ لَا بِمَنْزِلَةِ الْقَاضِي وَلَوْ أَخَذَ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ قَرْضًا لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ وَيَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَسْتَقْرِضَ مَالَ الْيَتِيمِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَنَا أَرْجُو أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْقَضَاءِ لَا بَأْسَ بِهِ خَانِيَّةٌ مِنْ فَصْلِ تَصَرُّفَاتِ الْوَصِيِّ وَلَا يُقْرِضُ أَيْ الْوَصِيُّ مَالَ الْيَتِيمِ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ اسْتِخْلَاصِهِ بِخِلَافِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ وَلِذَا يُقْرِضُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ، وَالْغَائِبِ دُرَرٌ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي فِي الْإِيصَاءِ. (أَقُولُ) فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْقَاضِي إنَّمَا يَمْلِكُ الْإِقْرَاضَ إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَشْتَرِيهِ يَكُونُ غَلَّةً لِلْيَتِيمِ لَا لَوْ وَجَدَهُ أَوْ وَجَدَ مَنْ يُضَارِبُ، وَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ الْقَاضِي يَأْمُرُ الْوَصِيَّ بِالِاتِّجَارِ، وَالشَّرِكَةِ فِي مَالِ الْيَتِيمِ دُونَ الْمُعَامَلَةِ لِأَجْلِ الرِّبْحِ. اهـ. وَأَفَادَ الرَّمْلِيُّ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ جَهَلَةِ الْقُضَاةِ مِنْ أَنَّهُمْ يَقْضُونَ بِالرِّبْحِ مِنْ غَيْرِ مُعَامَلَةٍ فِي مَالِهِ إذَا عُومِلَ فِيهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَيَسْتَنِدُونَ فِي ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَعْبَأْ بِكَلَامِهِ فِي الْمَذْهَبِ فَهُوَ قَضَاءٌ بِالرِّبَا الْمُحَرَّمِ فِي سَائِرِ

كتاب الفرائض

الْأَدْيَانِ بِمُجَرَّدِ خَيَالَاتٍ فَاسِدَةٍ وَهِيَ النَّظَرُ إلَى الْيَتِيمِ وَهَلْ فِيمَا حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى نَظَرٌ مَا هَذَا إلَّا ضَلَالٌ بَعِيدٌ. اهـ. مُلَخَّصًا، وَفِي نُورِ الْعَيْنِ عَنْ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى لَا يُجْبَرُ الْوَصِيُّ عَلَى التِّجَارَةِ، وَالتَّصَرُّفِ بِمَالِ الْيَتِيمِ. اهـ. فَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْحَاوِي الْقَاضِي يَأْمُرُهُ بِالِاتِّجَارِ هُوَ أَمْرُ إرْشَادٍ لَا أَمْرُ إجْبَارٍ فَتَدَبَّرْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ الْمَرِيضِ وَظَائِفُ فَرَغَ عَنْهَا لِابْنِهِ الْقَاصِرِ ثُمَّ مَاتَ فَدَفَعَ وَصِيُّ الْيَتِيمِ لِكِتَابَةِ صَكِّ الْفَرَاغِ وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ أُجْرَةً مَعْلُومَةً مِنْ الدَّرَاهِمِ هِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا رَأَى الْوَصِيُّ فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَظِّ، وَالْمَصْلَحَةِ لِلْيَتِيمِ فَهَلْ لَهُ احْتِسَابُ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى عَمَلٍ لِأَجْلِ الْيَتِيمِ وَيَمْلِكُهُ الْوَصِيُّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ وَغَيْرِهِ [كِتَابُ الْفَرَائِضِ] (كِتَابُ الْفَرَائِضِ) (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ، وَعَنْ ابْنِ ابْنٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً فَوَضَعَ ابْنُ الِابْنِ يَدَهُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَدْفَعْ لِلزَّوْجَةِ شَيْئًا مِنْهَا حَتَّى مَاتَتْ عَنْ بِنْتِ عَمٍّ عَصَبَةٍ، وَعَنْ ابْنِ خَالٍ لِأَبَوَيْنِ فَهَلْ تُرْفَعُ يَدُ ابْنِ الِابْنِ عَنْ نَصِيبِ الزَّوْجَةِ مِنْ التَّرِكَةِ وَمَنْ يَرِثُ نَصِيبَهَا الْمَزْبُورَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تُرْفَعُ يَدُ ابْنِ الِابْنِ عَنْ نَصِيبِ الزَّوْجَةِ مِنْ التَّرِكَةِ وَهُوَ الثَّمَنُ وَيُقْسَمُ أَثْلَاثًا لِبِنْتِ الْعَمِّ الْعَصَبَةِ الثُّلُثَانِ وَلِابْنِ الْخَالِ لِأَبَوَيْنِ الثُّلُثُ عَلَى مَا فِي الْمُلْتَقَى فَإِنَّهُ قَالَ: وَيُرَجَّحُونَ بِقُرْبِ الدَّرَجَةِ ثُمَّ بِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ ثُمَّ بِكَوْنِ الْأَصْلِ وَارِثًا عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ فَلِقَرَابَةِ الْأَبِ الثُّلُثَانِ وَلِقَرَابَةِ الْأُمِّ الثُّلُثُ. اهـ. وَقَدْ أَفْتَى الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخِلَافِهِ حَيْثُ سُئِلَ فِي هَالِكٍ هَلَكَ عَنْ بِنْتِ عَمٍّ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَابْنِ خَالٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَمَا الْحُكْمُ (الْجَوَابُ) : هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ اخْتَلَفَ فِيهَا جَعَلَ بَعْضُهُمْ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ أَنَّ الثُّلُثَيْنِ لِبِنْتِ الْعَمِّ، وَالثُّلُثَ لِابْنِ الْخَالِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي فَرَائِضِ السِّرَاجِيِّ وَعَلَيْهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَمَتْنُ الْكَنْزِ وَمُلْتَقَى الْأَبْحُرِ وَغَالِبُ شُرُوحِ الْكَنْزِ، وَالْهِدَايَةِ وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ أَنْ لَا شَيْءَ لِابْنِ الْخَالِ وَأَنَّ الْكُلَّ لِبِنْتِ الْعَمِّ لِكَوْنِهَا وَلَدَ الْعَصَبَةِ وَجَعَلَ فِي الضَّوْءِ عَلَيْهِ الْفَتْوَى وَأَنَّهُ رِوَايَةُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَأَنَّهُ وَافَقَ رِوَايَةُ التُّمُرْتَاشِيِّ رِوَايَتَهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُضْمَرَاتِ وَعَلَيْهِ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ قَالَ فِي الضَّوْءِ شَرْحُ السِّرَاجِيَّةِ فَالْأَخْذُ لِلْفَتْوَى بِرِوَايَتِهِ يَعْنِي شَمْسَ الْأَئِمَّةِ أَوْلَى مِنْ الْأَخْذِ بِرِوَايَتِهِمَا يَعْنِي صَاحِبَ الْهِدَايَةِ وَصَاحِبَ السِّرَاجِيَّةِ. اهـ. وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ جِهَةَ الْقَرَابَةِ إذَا اخْتَلَفَتْ كَمَا فِي وَاقِعَةِ الْحَالِ هَلْ يُقَدَّمُ وَلَدُ الْعَصَبَةِ أَمْ لَا قِيلَ وَقِيلَ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي تَرْجِيحُهُ مَا رَوَاهُ السَّرَخْسِيُّ فَإِنَّ لَفْظَ الْفَتْوَى آكَدُ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ أَلْفَاظِ التَّصْحِيحِ كَالْمُخْتَارِ وَالصَّحِيحِ مَعَ أَنِّي لَمْ أَرَ مَنْ اقْتَصَرَ عَلَى مُقَابِلِ مَا رَوَاهُ السَّرَخْسِيُّ مُصَرِّحًا بِكَوْنِهِ الصَّحِيحَ أَوْ الْأَشْبَهَ أَوْ الْمُخْتَارَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَلْفَاظِ التَّصْحِيحِ وَإِنَّمَا يُرْسِلُهُ أَوْ يَقُولُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَأَمَّا هُوَ أَيْ مَا رَوَاهُ السَّرَخْسِيُّ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ الصَّحِيحُ وَأَنَّ الْأَخْذَ لِلْفَتْوَى بِهِ أَوْلَى وَأَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فَلْيَكُنْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَسُئِلَ عَنْهُ ثَانِيًا بِمَا صُورَتُهُ فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَبِنْتِ عَمٍّ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأَوْلَادِ أَخْوَالٍ كَذَلِكَ هَلْ يَكُونُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجِ لِبِنْتِ الْعَمِّ وَلَا شَيْءَ لِأَوْلَادِ الْأَخْوَالِ أَمْ لَا أَجَابَ قَدْ رُفِعَ لِي هَذَا السُّؤَالُ سَابِقًا وَذَكَرْتُ فِي جَوَابِهِ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الصَّحِيحَ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ أَنْ لَا شَيْءَ لِوَلَدِ الْخَالِ مَعَ بِنْتِ الْعَمِّ وَهُوَ الْأَوْلَى بِالْأَخْذِ لِلْفَتْوَى كَمَا فِي الضَّوْءِ، وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى: وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ وَلَدَ الْعَصَبَةِ أَوْلَى سَوَاءٌ اتَّحَدَتْ الْجِهَةُ أَوْ اخْتَلَفَتْ لِأَنَّ وَلَدَ الْعَصَبَةِ أَقْرَبُ اتِّصَالًا بِوَارِثِ الْمَيِّتِ وَكَأَنَّهُ أَقْرَبُ اتِّصَالًا بِالْمَيِّتِ مَبْسُوطٌ، وَفِي فَرَائِضِ الْخُلَاصَةِ بِنْتُ عَمٍّ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ وَبِنْتُ عَمَّةٍ الْمَالُ كُلُّهُ لِبِنْتِ الْعَمِّ بِنْتُ عَمٍّ وَبِنْتُ خَالٍ أَوْ بِنْتُ خَالَةٍ كَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَوَلَدُ الْعَصَبَةِ أَوْلَى اتَّحَدَتْ الْجِهَةُ أَوْ اخْتَلَفَتْ، وَعَنْ

أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ التَّرْجِيحَ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ. اهـ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ اُخْتُلِفَ فِيهَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّ وَلَدَ الْعَصَبَةِ أَوْلَى بِالتَّرْجِيحِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَيَكُونُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجِ لِبِنْتِ الْعَمِّ لِكَوْنِهَا وَلَدَ الْعَصَبَةِ وَلَا شَيْءَ لِأَوْلَادِ الْأَخْوَالِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ. كَلَامُ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَفِي مَوَارِيثِ الْمُلْتَقَطِ لِنَاصِرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي بِنْتِ عَمٍّ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَبِنْتِ خَالٍ الْمَالُ لِابْنَةِ الْعَمِّ وَوَلَدُ الْعَصَبَةِ وَوَلَدُ صَاحِبِ الْفَرْضِ أَوْلَى مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ. اهـ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ مَتَى اجْتَمَعَ فِي مِيرَاثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ مِنْ بَعْضِهِمْ أَوْلَادُ عَصَبَةٍ وَبَعْضُهُمْ أَوْلَادُ ذَوِي الْأَرْحَامِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَتْ دَرَجَتُهُمْ مُخْتَلِفَةً فَالْأَقْرَبُ مِنْهُمْ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ وَإِنْ كَانَتْ دَرَجَتُهُمْ بِالسَّوِيَّةِ فَأَوْلَادُ ذَوِي الْأَرْحَامِ لَا يَرِثُونَ مَعَ أَوْلَادِ الْعَصَبَةِ وَأَوْلَادِ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ وَأَوْلَادُ الْعَصَبَةِ يَرِثُونَ مَعَ أَوْلَادِ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ بَيَانُهُ رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَ عَمَّةٍ وَبِنْتَ عَمِّهِ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِابْنَةِ الْعَمِّ لِأَنَّهَا مِنْ أَوْلَادِ الْعَصَبَةِ، وَالْآخَرُ مِنْ أَوْلَادِ ذَوِي الْأَرْحَامِ. اهـ. قُلْتُ لَكِنْ الْمُعْتَبَرُ مَا فِي الْمُتُونِ لِأَنَّهَا الْمَوْضُوعَةُ لِنَقْلِ الْمَذْهَبِ. وَذَكَرَ فِي الْكَوَاكِبِ الْمُضِيئَةِ فِي فَرَائِضِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي أَوْلَادِ الصِّنْفِ الرَّابِعِ وَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ وَاخْتَلَفَ حَيِّزُ قَرَابَتِهِمْ فَلَا اعْتِبَارَ لِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ وَلَا لِلتَّوَلُّدِ مِنْ الْعَصَبَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَلَا يَكُونُ وَلَدُ الْعَمَّةِ لِأَبَوَيْنِ أَوْلَى مِنْ وَلَدِ الْخَالِ أَوْ الْخَالَةِ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ التَّوَلُّدِ مِنْ الْعَصَبَةِ حِينَئِذٍ كَالْعَمَّةِ لِأَبَوَيْنِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ أَوْلَى مِنْ الْخَالَةِ لِأَبٍ أَوْ أُمٍّ بَلْ الثُّلُثَانِ لِمَنْ يُدْلِي بِقَرَابَةِ الْأَبِ، وَالثُّلُثُ لِمَنْ يُدْلِي بِقَرَابَةِ الْأُمِّ وَيُعْتَبَرُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا قُوَّةُ الْقَرَابَةِ عَلَى حِدَةٍ، وَفِي جَانِبِ أَوْلَادِ الْأَعْمَامِ، وَالْعَمَّاتِ يُعْتَبَرُ التَّوَلُّدُ مِنْ الْعَصَبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ اهـ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (أَقُولُ) قَدْ ذَكَرُوا أَنَّ مَا فِي الْمُتُونِ مُصَحَّحٌ الْتِزَامًا أَيْ الْتَزَمَ أَصْحَابُ الْمُتُونِ أَنْ يَذْكُرُوا فِيهَا الصَّحِيحَ وَأَنَّ التَّصْحِيحَ الصَّرِيحَ أَقْوَى مِنْ التَّصْحِيحِ الِالْتِزَامِيِّ وَمَا أَفْتَى بِهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ صَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي الْمُضْمَرَاتِ وَقَالَ فِي شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ الْمُسَمَّى بِالضَّوْءِ إنَّ الْأَخْذَ بِهِ أَوْلَى كَمَا مَرَّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ أَيْضًا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْمُتُونَ مَوْضُوعَةٌ لِنَقْلِ الْمَذْهَبِ لَا يَدُلُّ عَلَى تَرْجِيحِ مَا فِيهَا فِي مَسْأَلَتِنَا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَذْهَبِ مَا يُذْكَرُ فِي كُتُبِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْخَمْسَةِ الَّتِي هِيَ الْمَبْسُوطُ، وَالسِّيَرُ الْكَبِيرُ، وَالسِّيَرُ الصَّغِيرُ، وَالْجَامِعُ الْكَبِيرُ، وَالْجَامِعُ الصَّغِيرُ مِنْ كُتُبِ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ فَعَلَيْنَا اتِّبَاعُ مَا صَرَّحُوا لَنَا بِتَصْحِيحِهِ وَهُوَ تَقْدِيمُ وَلَدِ الْوَارِثِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ وَلَدَ عَصَبَةٍ أَوْ وَلَدَ صَاحِبِ الْفَرْضِ. وَسَوَاءٌ اتَّحَدَتْ الْجِهَةُ كَبِنْتِ عَمٍّ وَابْنِ عَمَّةٍ أَوْ اخْتَلَفَتْ كَبِنْتِ عَمٍّ وَابْنِ خَالٍ لَكِنْ صَرَّحُوا بِتَقْدِيمِ وَلَدِ الْعَصَبَةِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ إلَّا إذَا كَانَ وَلَدُ الرَّحِمِ أَقْوَى قَرَابَةً فَبِنْتُ عَمٍّ شَقِيقٍ أَوْلَى مِنْ ابْنِ عَمَّةٍ شَقِيقَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْعَمُّ لِأَبٍ فَإِنَّ ابْنَ الْعَمَّةِ الشَّقِيقَةِ أَوْلَى لِأَنَّ تَرْجِيحَ شَخْصٍ بِمَعْنًى فِيهِ وَهُوَ قُوَّةُ الْقَرَابَةِ هُنَا أَوْلَى مِنْ التَّرْجِيحِ بِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ وَهُوَ كَوْنُ الْأَصْلِ عَصَبَةً وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِنْتُ الْعَمِّ لِأَبٍ أَوْلَى وَرَجَّحَ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ لِلسَّيِّدِ لَكِنْ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ أَنَّ الْأَوَّلَ بِهِ يُفْتَى. اهـ. وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ إطْلَاقِ قَوْلِ الْمُلْتَقَى وَيُرَجَّحُونَ بِقُرْبِ الدَّرَجَةِ ثُمَّ بِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ ثُمَّ بِكَوْنِ الْأَصْلِ وَارِثًا عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِهَةِ. . . إلَخْ فَجَعَلَ قُوَّةَ الْقَرَابَةِ مُقَدَّمَةً فِي التَّرْجِيحِ عَلَى كَوْنِ الْأَصْلِ وَارِثًا بَقِيَ مَا إذَا اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ فَهَلْ يُرَجَّحُ بِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ أَمْ لَا أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ أَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ لِوَلَدِ الْعَصَبَةِ عَلَى وَلَدِ الرَّحِمِ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ أَيْضًا بِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ فَلَا يُرَجَّحُ وَلَدُ الْعَمَّةِ لِأَبَوَيْنِ عَلَى وَلَدِ الْخَالِ أَوْ الْخَالَةِ لِأَبٍ قَالُوا: وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي كُلِّ فَرِيقٍ بِخُصُوصِهِ فَالْمُدْلُونَ بِقَرَابَةِ الْأَبِ يُعْتَبَرُ فِيمَا بَيْنَهُمْ قُوَّةُ الْقَرَابَةِ ثُمَّ وَلَدُ الْعَصَبَةِ أَيْ فَيُقَدَّمُ وَلَدُ الْعَمَّةِ لِأَبَوَيْنِ عَلَى وَلَدِ الْعَمَّةِ

أَوْ الْعَمِّ لِأَبٍ وَكَذَا الْمُدْلُونَ بِقَرَابَةِ الْأُمِّ فَيُعْتَبَرُ فِيهِمْ قُوَّةُ الْقَرَابَةِ وَلَا تُتَصَوَّرُ عُصُوبَةٌ فِي قَرَابَةِ الْأُمِّ فَوَلَدُ الْخَالَةِ لِأَبَوَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى وَلَدِ الْخَالِ لِأَبٍ، وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ تَرْجِيحِ وَلَدِ الْعَصَبَةِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ فَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ يُرَجَّحُ بِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ بَلْ ظَاهِرُ إطْلَاقِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ تَرْجِيحُ بِنْتِ الْعَمِّ لِأَبٍ عَلَى ابْنِ الْخَالِ لِأَبَوَيْنِ وَإِنْ كَانَ ابْنُ الْخَالِ أَقْوَى مِنْهَا وَمُقْتَضَى مَا مَرَّ عَنْ السَّيِّدِ مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ تَرْجِيحَ شَخْصٍ بِمَعْنًى فِيهِ أَقْوَى مِنْ التَّرْجِيحِ بِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ ابْنِ الْخَالِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ التَّرْجِيحَ بِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ أَقْوَى مِنْ التَّرْجِيحِ بِكَوْنِ الْأَصْلِ وَارِثًا فَمَنْ قَالَ يُرَجَّحُ وَلَدُ الْعَصَبَةِ عَلَى وَلَدِ ذِي الرَّحِمِ يَلْزَمُهُ أَنْ يُرَجِّحَ بِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ أَيْضًا لِأَنَّهَا أَقْوَى فَتَأَمَّلْ وَرَاجِعْ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ، وَعَنْ ابْنِ أَخٍ لِأُمٍّ، وَعَنْ بِنْتَيْ عَمٍّ عَصَبَةٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : تُقْسَمُ التَّرِكَةُ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ شَرْعًا مِنْ أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ: لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ سَهْمٌ وَاحِدٌ، وَالْبَاقِي لِابْنِ الْأَخِ لِأُمٍّ وَلَا شَيْءَ لَبِنْتَيْ الْعَمِّ الْعَصَبَةِ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ لِأَنَّهُ يُقَدَّمُ جُزْءُ الْمَيِّتِ ثُمَّ أَصْلُهُ ثُمَّ جُزْءُ أَبِيهِ ثُمَّ جُزْءُ جَدِّهِ فَابْنُ الْأَخِ لِأُمٍّ مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ وَبِنْتَا الْعَمِّ الْعَصَبَةِ مِنْ الْقِسْمِ الرَّابِعِ وَهُمَا وَإِنْ كَانَتَا بِنْتَيْ وَارِثٍ لَكِنْ لَمْ يَسْتَوِيَا مَعَ ابْنِ الْأَخِ فِي الْجِهَةِ وَإِنَّمَا يُقَدَّمُ وَلَدُ الْوَارِثِ بِالْفَرْضِ أَوْ التَّعْصِيبِ إذَا اسْتَوَوْا فِي الدَّرَجَةِ وَاتَّحَدَتْ الْجِهَةُ كَمَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ، وَالْمُلْتَقَى، وَالتَّنْوِيرِ وَغَيْرِهَا. (أَقُولُ) الْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّ التَّرْجِيحَ بِكَوْنِ الْأَصْلِ وَارِثًا إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي أَفْرَادِ كُلِّ قِسْمٍ مِنْ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ لَا فِي أَفْرَادِ قِسْمٍ مَعَ أَفْرَادِ قِسْمٍ آخَرَ فَالْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ الْمُتَرَتِّبَةُ وَهِيَ جُزْءُ الْمَيِّتِ ثُمَّ أَصْلُهُ. . . إلَخْ يُرَجَّحُ أَفْرَادُ كُلِّ قِسْمٍ مِنْهَا بِقُرْبِ الدَّرَجَةِ ثُمَّ بِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ ثُمَّ بِكَوْنِ الْأَصْلِ وَارِثًا وَلَا يُرَجَّحُ أَفْرَادُ كُلِّ قِسْمٍ مِنْهَا عَلَى أَفْرَادِ قِسْمٍ آخَرَ فَيُرَجَّحُ أَوَّلًا جُزْءُ الْمَيِّتِ بِمَا ذُكِرَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَنْتَقِلُ إلَى الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ أَصْلُهُ فَتُرَجَّحُ أَفْرَادُهُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ بِقُرْبِ الدَّرَجَةِ ثُمَّ بِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ ثُمَّ بِكَوْنِ الْأَصْلِ وَارِثًا ثُمَّ جُزْءُ أَبِيهِ كَذَلِكَ ثُمَّ جُزْءُ جَدِّهِ كَذَلِكَ فَلَوْ كَانَ لَهُ بِنْتُ بِنْتِ بِنْتٍ وَبِنْتُ أَخٍ شَقِيقٍ فَلَا شَيْءَ لِبِنْتِ الْأَخِ لِأَنَّهَا مِنْ الصِّنْفِ الثَّالِثِ مَعَ أَنَّهَا أَقْرَبُ دَرَجَةً وَتُدْلِي بِوَارِثٍ، وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْتَقَى أَنَّ تَرْتِيبَ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَتَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ فَلَا يُعْطَى أَحَدٌ مِنْ الصِّنْفِ الثَّانِي وَإِنْ قَرُبَ وَهُنَاكَ أَحَدٌ مِنْ الصِّنْفِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ بَعُدَ وَهَكَذَا الثَّالِثُ مَعَ الثَّانِي، وَالرَّابِعُ مَعَ الثَّالِثِ. اهـ. وَسَيَأْتِي تَوْضِيحُهُ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ، وَعَنْ ابْنِ أَخٍ لِأُمٍّ وَابْنَيْ أَخٍ آخَرَ لِأُمٍّ وَثَلَاثِ بَنَاتِ أَخٍ لِأُمٍّ أَيْضًا وَخَلَّفَ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ ؟ (الْجَوَابُ) : لِلزَّوْجَةِ: الرُّبُعُ، وَالْبَاقِي بَيْنَ أَوْلَادِ الْإِخْوَةِ بِالسَّوِيَّةِ الذَّكَرُ، وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ لِأَنَّ أَوْلَادَ الْإِخْوَةِ، وَالْأَخَوَاتِ لِأُمٍّ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ سَوَاءٌ اعْتِبَارًا بِأُصُولِهِمْ بِلَا خِلَافٍ إلَّا مَا رُوِيَ شَاذًّا عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يُقْسَمُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ، وَعَنْ أَوْلَادِ أَخِيهِ لِأُمِّهِ وَهُمْ ابْنٌ وَثَلَاثُ بَنَاتٍ، وَعَنْ أَوْلَادِ أُخْتِهِ لِأُمِّهِ وَهُمْ ابْنٌ وَبِنْتَانِ وَخَلَّفَ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ، وَالْبَاقِي بَعْدَ الرُّبُعِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ بِالسَّوِيَّةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ لَا تَفْضِيلَ لِلذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي السِّرَاجِيَّةِ وَشَرْحِهَا لِلسَّيِّدِ الشَّرِيفِ قُدِّسَ سِرُّهُ فَتُقْسَمُ مِنْ سَبْعَةِ أَسْهُمٍ. (أَقُولُ) أَيْ يُقْسَمُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجَةِ مِنْ سَبْعَةِ أَسْهُمٍ وَإِلَّا فَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ وَاحِدٌ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ عَلَى سَبْعَةٍ لَا تَنْقَسِمُ وَتَبَايَنَ فَتُضْرَبُ السَّبْعَةُ عَدَدُ الرُّءُوسِ الْمُنْكَسِرِ عَلَيْهَا فِي أَرْبَعَةٍ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ يَحْصُلُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَمِنْهَا تَصِحُّ لِلزَّوْجَةِ وَاحِدٌ مَضْرُوبٌ فِي سَبْعَةٍ يَحْصُلُ لَهَا سَبْعَةٌ وَيَبْقَى أَحَدٌ وَعِشْرُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَوْلَادِ الْأَخِ، وَالْأُخْتِ ثَلَاثَةٌ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ، وَعَنْ بِنْتِ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ، وَعَنْ بِنْتِ أُخْتٍ

لِأُمٍّ وَخَلَّفَ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ، وَالْبَاقِي لِبِنْتِ الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ لِأَنَّهَا أَقْوَى، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُقْسَمُ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا لِلزَّوْجَةِ: الرُّبُعُ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَلِبِنْتِ الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ: تِسْعَةُ أَسْهُمٍ وَلِبِنْتِ الْأُخْتِ لِأُمٍّ: ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ الصِّفَةَ مِنْ الْأُصُولِ فَكَأَنَّهُ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ وَأُخْتٍ لِأُمٍّ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ، وَالْبَاقِي يُقْسَمُ أَرْبَاعًا فَرْضًا وَرَدًّا فَمَا أَصَابَ كُلَّ أَصْلٍ يَعُودُ إلَى فَرْعِهِ كَمَا قَسَمْنَا قَالَ فِي الْمُلْتَقَى: وَبِقَوْلِ مُحَمَّدٍ يُفْتَى، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي جَمِيعِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ. هَذَا مَا ظَهَرَ لَنَا الْآنَ مِنْ كُتُبِ الْفَرَائِضِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ بِنْتِ أَخٍ شَقِيقٍ، وَعَنْ بِنْتِ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ لَا غَيْرُ وَخَلَّفَ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : لِبِنْتِ الْأَخِ الشَّقِيقِ الثُّلُثَانِ وَلِبِنْتِ الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ الثُّلُثُ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ التَّنْزِيلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ قَالَ فِي الْمُلْتَقَى وَبِقَوْلِ مُحَمَّدٍ يُفْتَى، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ بِنْتِ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ، وَعَنْ ابْنِ أَخٍ وَبِنْتِ أَخٍ لِأُمٍّ خَلَّفَ تَرِكَةً كَيْفَ يُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : تُقْسَمُ مِنْ خَمْسَةِ أَسْهُمٍ لِبِنْتِ الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ابْنِ الْأَخِ وَبِنْتِ الْأَخِ سَهْمٌ وَاحِدٌ، الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ وَهَذَا الْحُكْمُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلِ الصَّاحِبِ الثَّانِي الْعَالِمِ الرَّبَّانِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيِّ وَبِقَوْلِ مُحَمَّدٍ يُفْتَى كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ فَعِنْدَهُ تُؤْخَذُ الصِّفَةُ مِنْ الْأُصُولِ، وَالْعَدَدُ مِنْ الْفُرُوعِ فَكَأَنَّهُ مَاتَ عَنْ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ فَلَهَا النِّصْفُ، وَعَنْ أَخَوَيْنِ لِأُمٍّ فَلَهُمَا الثُّلُثُ، وَالْبَاقِي يُرَدُّ عَلَيْهِمْ فَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ سِتَّةٍ لِلْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأَخَوَيْنِ الثُّلُثُ اثْنَانِ، وَالسَّهْمُ الْبَاقِي يُرَدُّ عَلَيْهِمْ فَتَكُونُ مِنْ خَمْسَةٍ كَمَا قَسَمْنَا. (أَقُولُ) سُئِلَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ السَّائِحَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ مَاتَ عَنْ ثَلَاثَةِ أَوْلَادِ أَخٍ لِأُمٍّ، وَعَنْ ابْنٍ وَبِنْتِ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ، وَعَنْ بِنْتَيْ أَخٍ شَقِيقٍ، وَعَنْ أَوْلَادِ أُخْتٍ لِأَبٍ وَبَنَاتِ أَخٍ لِأَبٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً فَكَيْفَ تُقْسَمُ؟ (أَجَابَ) : تُقْسَمُ لِأَوْلَادِ الْأَخِ لِأُمٍّ الثُّلُثُ أَثْلَاثًا ذُكُورُهُمْ مِثْلُ إنَاثِهِمْ وَلِوَلَدَيْ الشَّقِيقَةِ ثُلُثُ الْبَاقِي لِأَنَّهُمَا كَشَقِيقَتَيْنِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلِبِنْتَيْ الشَّقِيقِ الْبَاقِي لِأَنَّهُمَا كَشَقِيقَيْنِ وَلَا شَيْءَ لِأَوْلَادِ الْعِلَّاتِ لِسُقُوطِهِمْ بِبَنِي الْأَعْيَانِ. اهـ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَابْنِ خَالٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَابْنٍ وَبِنْتَيْ خَالَةٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَخَلَّفَ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : تُقْسَمُ التَّرِكَةُ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ شَرْعًا مِنْ عِشْرِينَ سَهْمًا لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ وَلِابْنِ الْخَالِ سِتَّةُ أَسْهُمٍ وَلِابْنِ الْخَالَةِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفُ سَهْمٍ وَلِأُخْتَيْهِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفُ سَهْمٍ لِكُلِّ أُخْتٍ سَهْمَانِ وَرُبُعُ سَهْمٍ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ الصِّفَةَ فِي الْأُصُولِ، وَالْعَدَدَ فِي الْفُرُوعِ فَكَأَنَّهُ مَاتَ عَنْ خَالٍ وَثَلَاثِ خَالَاتٍ بِاعْتِبَارِ عَدَدِ فُرُوعِهِمْ وَصِفَةِ أُصُولِهِمْ فَمَا أَصَابَ كُلَّ أَصْلٍ يُعْطَى لِفَرْعِهِ وَإِذَا اجْتَمَعَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ يُعْطَى الذَّكَرُ بِمِقْدَارِ الْأُنْثَى مَرَّتَيْنِ فَاَلَّذِي أَصَابَ الْخَالَ الْخُمُسَانِ سِتَّةُ أَسْهُمٍ بَعْدَ إخْرَاجِ حِصَّةِ الزَّوْجَةِ يُعْطَى لِابْنِهِ وَمَا أَصَابَ الْخَالَةَ بِاعْتِبَارِ تَعَدُّدِ فُرُوعِهَا تِسْعَةٌ بَعْدَ إخْرَاجِ حِصَّةِ الزَّوْجَةِ تُعْطَى لِفُرُوعِهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِلِابْنِ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ وَلِلْبِنْتَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (أَقُولُ) وَتَصْحِيحُ الْمَسْأَلَةِ مِنْ ثَمَانِينَ لِانْكِسَارِ التِّسْعَةِ حِصَّةِ الْخَالَةِ عَلَى

أَوْلَادِهَا وَرُءُوسُهُمْ أَرْبَعَةٌ بِعَدِّ الِابْنِ بِنْتَيْنِ وَبَيْنَ السِّهَامِ، وَالرُّءُوسِ مُبَايَنَةٌ فَتُضْرَبُ الْأَرْبَعَةُ فِي الْعِشْرِينَ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ تَبْلُغُ ثَمَانِينَ وَمِنْهَا تُصْبِحُ لِلزَّوْجَةِ رُبُعُهَا عِشْرُونَ يَبْقَى سِتُّونَ تُقْسَمُ عَلَى خَالٍ ذَكَرٍ وَثَلَاثِ خَالَاتٍ فَكَأَنَّهُمْ خَمْسُ خَالَاتٍ فَلِلْخَالِ خُمُسَا السِّتِّينَ وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ تُدْفَعُ لِابْنِهِ وَلِلْخَالَةِ الَّتِي بِمَنْزِلَةِ ثَلَاثِ خَالَاتٍ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ السِّتِّينَ وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ تُدْفَعُ إلَى أَوْلَادِهَا فَيَأْخُذُ ابْنُهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَكُلُّ بِنْتٍ تِسْعَةً وَإِذَا قَسَمَتْهَا عَلَى مَخْرَجِ الْقِيرَاطِ يَخْرُجُ لِلزَّوْجَةِ سِتَّةُ قَرَارِيطَ وَلِابْنِ الْخَالِ سَبْعَةُ قَرَارِيطَ وَخُمُسُ قِيرَاطٍ وَلِابْنِ الْخَالَةِ خَمْسَةُ قَرَارِيطَ وَخُمُسَا قِيرَاطٍ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ أُخْتَيْهِ قِيرَاطَانِ وَسَبْعَةُ أَعْشَارِ قِيرَاطٍ. (سُئِلَ) فِي ذِمِّيٍّ مَاتَ عَنْ ابْنِ ابْنِ عَمَّةٍ شَقِيقَةٍ وَابْنِ بِنْتِ عَمَّةٍ شَقِيقَةٍ أُخْرَى، وَعَنْ أَوْلَادِ ابْنِ خَالٍ شَقِيقٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً، وَالْكُلُّ ذِمِّيُّونَ فَكَيْفَ تُقْسَمُ تَرِكَتُهُ؟ (الْجَوَابُ) : لِذُرِّيَّةِ الْعَمَّتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَلِذُرِّيَّةِ الْخَالِ الثُّلُثُ فَتُقْسَمُ مِنْ تِسْعَةِ أَسْهُمٍ لِابْنِ ابْنِ الْعَمَّةِ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَلِابْنِ بِنْتِ الْعَمَّةِ الْأُخْرَى سَهْمَانِ وَلِأَوْلَادِ ابْنِ الْخَالِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (أَقُولُ) وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يُعْطَى لِقَرَابَةِ الْأَبِ الثُّلُثَانِ وَلِقَرَابَةِ الْأُمِّ الثُّلُثُ فَالْعَمَّتَانِ قَرَابَةُ الْأَبِ، وَالْخَالُ قَرَابَةُ الْأُمِّ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَمَا أَصَابَ كُلَّ قَرَابَةٍ يُعْطَى إلَى فُرُوعِهَا لَكِنْ إنْ وَقَعَ اخْتِلَافٌ فِي الْبُطُونِ يُقْسَمُ عَلَى أَوَّلِ بَطْنٍ اخْتَلَفَ وَهُنَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْبَطْنِ الثَّانِي مِنْ قَرَابَةِ الْأَبِ وَقَدْ كَانَ لِقَرَابَةِ الْأَبِ سَهْمَانِ فَيُقْسَمَانِ عَلَى أَوَّلِ بَطْنٍ اخْتَلَفَ، وَهُوَ هُنَا ابْنُ عَمَّةٍ وَبِنْتُ عَمَّةٍ وَرُءُوسُهُمَا بِالْبَسْطِ ثَلَاثَةٌ وَاثْنَانِ عَلَى ثَلَاثَةٍ لَا تَنْقَسِمُ وَتَبَايَنَ فَتُضْرَبُ الثَّلَاثَةُ عَدَدُ الرُّءُوسِ فِي ثَلَاثَةٍ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ تَبْلُغُ تِسْعَةً لِقَرَابَةِ الْأُمِّ ثُلُثُهَا ثَلَاثَةٌ وَلِقَرَابَةِ الْأَبِ الثُّلُثَانِ سِتَّةٌ فَتُقْسَمُ السِّتَّةُ عَلَى أَوَّلِ بَطْنٍ اخْتَلَفَ فَيُعْطَى لِابْنِ الْعَمَّةِ أَرْبَعَةٌ تُدْفَعُ لِابْنِهِ وَلِبِنْتِ الْعَمَّةِ اثْنَانِ يُدْفَعَانِ لِابْنِهَا. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ ابْنِ خَالَةٍ شَقِيقَةٍ وَبِنْتِ خَالٍ شَقِيقٍ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : لِابْنِ الْخَالَةِ الشَّقِيقَةِ الثُّلُثُ وَلِبِنْتِ الْخَالِ الشَّقِيقِ الثُّلُثَانِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اعْتِبَارًا لِلْأُصُولِ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْخَيْرِيَّةِ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ، وَعَنْ بِنْتِ ابْنِ عَمٍّ شَقِيقٍ، وَعَنْ بِنْتِ بِنْتِ الْعَمِّ الْمَزْبُورِ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ اسْتَوَتَا فِي الْقُرْبِ، وَالْقَرَابَةِ وَكَانَ حَيِّزُ قَرَابَتِهِمَا مُتَّحِدًا فَوَلَدُ الْعَصَبَةِ أَوْلَى مِمَّنْ لَا يَكُونُ وَلَدَ الْعَصَبَةِ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِبِنْتِ ابْنِ الْعَمِّ النِّصْفُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ ابْنِ بِنْتِ عَمَّتِهِ شَقِيقَةِ أَبِيهِ، وَعَنْ ابْنِ وَبِنْتِ بِنْتِ خَالَتِهِ شَقِيقَةِ أُمِّهِ، وَعَنْ أَوْلَادِ ابْنِ جَدَّةِ أُمِّهِ، وَعَنْ أَوْلَادِ بِنْتِ جَدَّةِ أَبِيهِ وَخَلَّفَ تَرِكَةً مَنْ يَرِثُهَا؟ (الْجَوَابُ) : يَرِثُهَا ابْنُ بِنْتِ عَمَّتِهِ وَلَهُ الثُّلُثَانِ وَابْنُ وَبِنْتُ بِنْتِ خَالَتِهِ وَلَهُمَا الثُّلُثُ لِلِابْنِ ثُلُثَاهُ وَلِلْبِنْتِ ثُلُثُهُ. (أَقُولُ) وَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تِسْعَةٍ لِلِابْنِ الْأَوَّلِ سِتَّةٌ وَلِلِابْنِ الثَّانِي اثْنَانِ وَلِأُخْتِهِ وَاحِدٌ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ خَالٍ وَخَالَةٍ هُمَا شَقِيقَا أُمِّهِ، وَعَنْ أَوْلَادِ عَمِّ أُمِّ الْأُمِّ وَخَلَّفَ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : التَّرِكَةُ لِلْخَالِ، وَالْخَالَةِ أَثْلَاثًا وَالْحَالَةُ هَذِهِ، الْأَخْوَالُ وَالْخَالَاتُ إذَا تَسَاوَوْا فِي الْقَرَابَةِ وَهُمْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ اخْتِيَارٌ وَإِنْ تَرَكَ خَالًا وَخَالَةً فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ خُلَاصَةٌ وَإِنْ اجْتَمَعُوا وَكَانَ حَيِّزُ قَرَابَتِهِمْ مُتَّحِدًا كَالْأَعْمَامِ لِأُمٍّ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ فَالْأَقْوَى مِنْهُمْ أَوْلَى بِالْإِجْمَاعِ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا فَعَمَّةٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْلَى مِنْ عَمَّةٍ لِأَبٍ وَمِنْ عَمٍّ وَعَمَّةٍ لِأُمٍّ وَكَذَا الْخَالُ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْ خَالٍ أَوْ خَالَةٍ لِأَبٍ وَإِنْ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا وَاسْتَوَتْ قَرَابَتُهُمْ فِي الْقُوَّةِ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ كَعَمَّةٍ وَعَمٍّ كِلَاهُمَا لِأُمٍّ أَوْ خَالَةٍ وَخَالٍ كِلَاهُمَا لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأُمٍّ شَرْحُ سِرَاجِيَّةٍ لِلسَّيِّدِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ وَابْنَيْ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ وَبِنْتَيْ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ.

وَخَلَّفَ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : تُقْسَمُ بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَعِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْقُرْبِ وَالْقُوَّةِ وَالْجِهَةِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَيُعْتَبَرُ أَبْدَانُ الْفُرُوعِ إنْ اتَّحَدَتْ الْأُصُولُ كَذَا فِي الْمُلْتَقَى. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ بِنْتَيْ أَخٍ شَقِيقٍ وَبِنْتَيْ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : لَبِنْتَيْ الْأَخِ الشَّقِيقِ الثُّلُثَانِ وَلِبِنْتَيْ الْأُخْتِ الثُّلُثُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ هِيَ بِنْتُ عَمِّهِ الْعَصَبِيِّ، وَعَنْ ابْنَيْ عَمَّتِهِ وَابْنِ خَالَتِهِ وَبِنْتِ خَالِهِ وَخَلَّفَ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : تُقْسَمُ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ شَرْعًا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا لِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ يَبْقَى تِسْعَةُ أَسْهُمٍ لَهَا أَيْضًا سِتَّةُ أَسْهُمٍ لِكَوْنِهَا بِنْتَ عَمٍّ وَلَا شَيْءَ لِابْنَيْ الْعَمَّةِ لِكَوْنِهَا بِنْتَ عَصَبَةٍ فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِمَا وَلِابْنِ الْخَالَةِ وَبِنْتِ الْخَالِ ثُلُثُ الْبَاقِي وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ لِابْنِ الْخَالَةِ سَهْمٌ وَاحِدٌ وَلِبِنْتِ الْخَالِ سَهْمَانِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ أَخْذُ الصِّفَةِ مِنْ الْأُصُولِ، وَالْعَدَدِ مِنْ الْفُرُوعِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِبِنْتِ الْخَالِ سَهْمٌ، وَلِابْنِ الْخَالَةِ سَهْمَانِ وَبِقَوْلِ مُحَمَّدٍ: يُفْتَى كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُسْتَعَانُ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ ثَلَاثِ بَنَاتِ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ، وَعَنْ بِنْتِ أُخْتٍ لِأَبٍ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ التَّرِكَةُ كُلُّهَا لِبَنَاتِ الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ لِقُوَّةِ قَرَابَتِهَا وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ الْمُفْتَى بِهِ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ الْعَدَدَ فِي الْفُرُوعِ، وَالصِّفَةَ فِي الْأُصُولِ فَكَأَنَّهَا مَاتَتْ عَنْ ثَلَاثِ أَخَوَاتٍ شَقَائِقَ وَأُخْتٍ لِأَبٍ فَحِينَئِذٍ لَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ لِأَبٍ، وَالتَّرِكَةُ كُلُّهَا لِلْأَخَوَاتِ الشَّقَائِقِ فَرْضًا وَرَدًّا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ أَرْبَعِ بَنَاتِ أَخٍ شَقِيقٍ، وَعَنْ بِنْتِ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ وَخَلَفَ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : تُقْسَمُ مِنْ تِسْعَةِ أَسْهُمٍ لِبِنْتِ الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ سَهْمٌ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ بَنَاتِ الْأَخِ الشَّقِيقَةِ الْأَرْبَعِ سَهْمَانِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ الَّذِي هُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الصِّفَةَ مِنْ الْأُصُولِ، وَالْعَدَدَ مِنْ الْفُرُوعِ فَكَأَنَّ الْمَيِّتَ مَاتَ عَنْ أَرْبَعِ إخْوَةٍ أَشِقَّاءَ، وَعَنْ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ تِسْعَةٍ كَمَا قَسَمْنَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ بِنْتَيْ أَخٍ شَقِيقٍ وَأَرْبَعِ بَنَاتِ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ وَخَلَفَتْ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : لَبِنْتَيْ الْأَخِ الشَّقِيقِ النِّصْفُ وَلِبَنَاتِ الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ النِّصْفُ الثَّانِي. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ ابْنِ عَمِّهِ لِأَبَوَيْنِ، وَعَنْ بِنْتِ خَالَةٍ لِأُمٍّ وَخَلَّفَ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ وَاخْتَلَفَ حَيِّزُ قَرَابَتِهِمَا فَلِابْنِ الْعَمَّةِ لِأَبَوَيْنِ الثُّلُثَانِ وَلِبِنْتِ الْخَالَةِ لِأُمٍّ الثُّلُثُ وَلَا اعْتِبَارَ لِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي السِّرَاجِيَّةِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ ابْنِ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ وَبِنْتِ أَخٍ شَقِيقٍ وَأَوْلَادِ بِنْتِ ابْنِ ابْنِ أَخٍ شَقِيقٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ وَهُوَ أَنْ تُؤْخَذَ الصِّفَةُ مِنْ الْأُصُولِ، وَالْعَدَدُ مِنْ الْفُرُوعِ فَمَا أَصَابَ كُلَّ أَصْلٍ دُفِعَ إلَى فَرْعِهِ فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُجْعَلُ كَأَنَّهُ مَاتَ عَنْ أَخٍ شَقِيقٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ فَلِلْأَخِ الشَّقِيقِ الثُّلُثَانِ وَيُدْفَعُ إلَى بِنْتِهِ وَلِلْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ الثُّلُثُ فَيُدْفَعُ إلَى ابْنِهَا وَلَا شَيْءَ لِأَوْلَادِ بِنْتِ ابْنِ ابْنِ الْأَخِ الشَّقِيقِ لِأَنَّهُمْ أَنْزَلُ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ ابْنِ ابْنِ بِنْتِ أَخِيهَا، وَعَنْ بِنْتَيْ ابْنِ عَمِّ أَبِيهَا وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً مَنْ يَرِثُهَا؟ (الْجَوَابُ) : يَرِثُهَا ابْنُ ابْنِ بِنْتِ أَخِيهَا دُونَ مَنْ ذُكِرَ لِأَنَّ أَصْنَافَ ذَوِي الْأَرْحَامِ أَرْبَعَةٌ فَيُقَدَّمُ جُزْءُ الْمَيِّتِ وَهُمْ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ وَأَوْلَادُ بَنَاتِ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلْنَ وَهُمْ الصِّنْفُ الْأَوَّلُ ثُمَّ أَصْلُهُ وَهُمْ الْأَجْدَادُ الْفَاسِدُونَ، وَالْجَدَّاتُ الْفَاسِدَاتُ وَهُمْ الصِّنْفُ الثَّانِي ثُمَّ جُزْءُ أَبِيهِ وَهُمْ أَوْلَادُ الْأَخَوَاتِ وَبَنُو الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ وَبَنَاتُ الْأَخَوَاتِ وَهُمْ الصِّنْفُ الثَّالِثُ ثُمَّ الصِّنْفُ

الرَّابِعُ جُزْءُ جَدِّهِ وَهُمْ الْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ وَالْأَخْوَالُ وَالْأَعْمَامُ لِأُمٍّ وَبَنَاتُ الْأَعْمَامِ ثُمَّ أَوْلَادُ هَؤُلَاءِ ثُمَّ جُزْءُ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ وَهُمْ عَمَّاتُ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ وَخَالَاتُهُمَا وَأَخْوَالُهُمَا وَأَعْمَامُ الْأَبِ لِأُمٍّ وَأَعْمَامُ الْأُمِّ وَبَنَاتُ أَعْمَامِهِمَا وَأَوْلَادُ أَعْمَامِ الْأُمِّ كَذَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُلْتَقَى، وَالسِّرَاجِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ فَابْنُ ابْنِ بِنْتِ أَخِيهَا مِنْ الصِّنْفِ الثَّالِثِ، وَالْبِنْتَانِ الْمَذْكُورَتَانِ مِنْ الصِّنْفِ الرَّابِعِ فَلَا يُقَدَّمَانِ عَلَى الصِّنْفِ الثَّالِثِ قَالَ الشَّيْخُ الْبَاقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُنْتَقَى ذَكَرَ الشَّيْخُ رَضِيُّ الدِّينِ النَّيْسَابُورِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَرَائِضِهِ أَنَّهُ لَا يَرِثُ أَحَدٌ مِنْ الصِّنْفِ الثَّانِي وَإِنْ قَرُبَ وَهُنَاكَ أَحَدٌ مِنْ الصِّنْفِ الْأَوَّلِ وَإِنْ بَعُدَ وَكَذَا الثَّالِثُ مَعَ الثَّانِي، وَالرَّابِعُ مَعَ الثَّالِثِ قَالَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى. اهـ. وَهَذَا بِاعْتِبَارِ تَقْدِيمِ الصِّنْفِ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي فَإِنَّهُ قِيلَ: إنَّهُ يُقَدَّمُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ وَأَمَّا تَقْدِيمُ الرَّابِعِ عَلَى صِنْفٍ مِنْ الْأَصْنَافِ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَدْ ذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ مَعَ كَثْرَةِ اطِّلَاعِهِ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ فِيهِ عَلَى رِوَايَةٍ قَوِيَّةٍ وَلَا ضَعِيفَةٍ. اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ خَالَةٍ لِأَبَوَيْنِ، وَعَنْ أَوْلَادِ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ ذَكَرٍ وَثَلَاثِ إنَاثٍ، وَعَنْ ابْنِ عَمٍّ لِأُمٍّ وَخَلَّفَ تَرِكَةً مَنْ يَرِثُهَا مِنْ الْمَذْكُورِينَ؟ (الْجَوَابُ) : يَرِثُهُ أَوْلَادُ أُخْتِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ بِنْتِ عَمَّةٍ لِأَبَوَيْنِ وَبِنْتَيْ ابْنِ أُخْتٍ لِأُمٍّ مَنْ يَرِثُهُ مِنْهُنَّ؟ (الْجَوَابُ) : يَرِثُهُ بِنْتَا ابْنِ الْأُخْتِ لِأُمٍّ قَالَ الْعَلَائِيُّ وَأَوْلَادُهُمْ بِالْمِيرَاثِ الصِّنْفُ الْأَوَّلُ ثُمَّ الثَّانِي ثُمَّ الثَّالِثُ ثُمَّ الرَّابِعُ كَتَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ وَهَذَا هُوَ الْمَأْخُوذُ لِلْفَتْوَى. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ ابْنِ ابْنِ أُخْتٍ، وَعَنْ عَمَّةٍ شَقِيقَةِ وَالِدِهِ فَمَنْ يَرِثُهُ؟ (الْجَوَابُ) : يَرِثُهُ ابْنُ ابْنِ أُخْتِهِ دُونَ عَمَّتِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ الصِّنْفِ الثَّالِثِ وَهِيَ مِنْ الصِّنْفِ الرَّابِعِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ بِنْتِ عَمَّةٍ وَعَنْ بِنْتَيْ خَالٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : لِبِنْتِ الْعَمَّةِ الثُّلُثَانِ وَلِبِنْتَيْ الْخَالِ الثُّلُثُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقُرْبِ لَكِنْ اخْتَلَفَ حَيِّزُ قَرَابَتِهِمْ فَالثُّلُثَانِ لِمَنْ يُدْلِي بِقَرَابَةِ الْأَبِ، وَالثُّلُثُ لِمَنْ يُدْلِي بِقَرَابَةِ الْأُمِّ قَالَ السَّرَخْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَيْسَ اسْتِحْقَاقُ الثُّلُثَيْنِ وَالثُّلُثِ مِمَّا يَتَغَيَّرُ بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَقِلَّتِهِ فِي الْآخَرِ لِأَنَّ هَذَا الِاسْتِحْقَاقَ إنَّمَا هُوَ بِالْمُدْلَى بِهِ أَعْنِي الْأَبَ، وَالْأُمَّ وَلَا اخْتِلَافَ فِيهِمَا بِالْكَثْرَةِ، وَالْقِلَّةِ وَهُوَ سُؤَالُ أَبِي يُوسُفَ عَلَى مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - فِي أَوْلَادِ الْبَنَاتِ. اهـ. مُلَخَّصًا مِنْ شَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ لِلسَّيِّدِ الشَّرِيفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَابْنِ خَالٍ هُوَ شَقِيقُ أُمِّهَا وَابْنِ خَالَةٍ وَثَلَاثِ بَنَاتِ خَالَةٍ أُخْرَى هُمَا أُخْتَا أُمِّ الْمَيِّتَةِ لِأُمٍّ فَمَنْ يَرِثُهَا؟ (الْجَوَابُ) : لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِابْنِ الْخَالِ الشَّقِيقِ الْبَاقِي وَلَا شَيْءَ لِلْبَاقِي، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي ذِمِّيٍّ هَلَكَ عَنْ بَنَاتِ أَخَوَاتٍ شَقِيقَاتٍ، وَعَنْ بِنْتِ عَمٍّ عَصَبَةٍ، وَعَنْ خَالٍ وَخَالَةٍ، وَالْكُلُّ ذِمِّيُّونَ وَخَلَّفَ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : تُقْسَمُ بَيْنَ بَنَاتِ الْأَخَوَاتِ الْخَمْسَةِ الشَّقِيقَاتِ وَلَا شَيْءَ لِلْبَاقِينَ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْمُلْتَقَى، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ بِنْتَيْ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ، وَعَنْ ابْنِ ابْنِ بِنْتٍ، وَعَنْ ابْنِ خَالٍ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً مَنْ يَرِثُهَا؟ (الْجَوَابُ) : بِنْتُ الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ مِنْ الصِّنْفِ الثَّالِثِ وَابْنُ ابْنِ الْبِنْتِ مِنْ الصِّنْفِ الْأَوَّلِ وَابْنُ الْخَالِ مِنْ الصِّنْفِ الْخَامِسِ وَأَهْلُ الصِّنْفِ الْأَوَّلِ يُرَجَّحُونَ عَلَى غَيْرِهِمْ بِقَرَابَةِ الْوِلَادَةِ فَلَا يَرِثُ أَحَدٌ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ وَإِنْ قَرُبَ وَهُنَاكَ أَحَدٌ مِنْ الصِّنْفِ الْأَوَّلِ وَإِنْ بَعُدَ وَهُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ الْمُآخَذُ الْمُفْتَى بِهِ فَيَرِثُهَا ابْنُ ابْنِ بِنْتِهَا دُونَ مَنْ ذُكِرَ قَالَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى: وَيُرَجَّحُونَ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ بِقُرْبِ الدَّرَجَةِ ثُمَّ بَعْدَهُ بِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ كَتَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ فَلَا يَرِثُ أَحَدٌ مِنْ الصِّنْفِ الثَّانِي، وَإِنْ قَرُبَ وَهُنَاكَ أَحَدٌ مِنْ الصِّنْفِ الْأَوَّلِ وَإِنْ بَعُدَ وَكَذَا الثَّالِثُ مَعَ الثَّانِي، وَالرَّابِعُ مَعَ الثَّالِثِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَمَا قَدَّمَهُ فِي الِاخْتِيَارِ لَيْسَ

بِالْمُخْتَارِ. اهـ. وَفِي السِّرَاجِيَّةِ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بِهِ فِي الْكَوَاكِبِ الْمُضِيئَةِ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْمُفْتَى بِهِ وَرَوَى أَبُو سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الصِّنْفَ الثَّانِيَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَوَّلِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ الْمُفْتَى بِهِ. اهـ. وَقَوْلُهُمْ يُرَجَّحُونَ بِقُرْبِ الدَّرَجَةِ يَعْنِي يَحْجُبُ الْأَقْرَبُ مِنْ أَيِّ صِنْفٍ كَانَ الْأَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ فَقَطْ لِأَنَّ حُكْمَهُمْ كَالْعَصَبَاتِ لَا أَنَّ الْأَقْرَبَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَبْعَدِ مِنْ أَيِّ صِنْفٍ كَانَ فَإِنَّهُ قَوْلٌ مَتْرُوكٌ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ هُوَ ابْنُ ابْنِ ابْنِ خَالِهَا الشَّقِيقِ، وَعَنْ بِنْتِ خَالَةٍ لِأُمٍّ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِبِنْتِ الْخَالَةِ لِأُمٍّ النِّصْفُ الْبَاقِي لِكَوْنِهَا أَقْرَبَ مِنْهُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ ابْنِ عَمَّةٍ لِأَبَوَيْنِ، وَعَنْ بِنْتِ خَالَةٍ لِأُمٍّ وَخَلَّفَ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ وَاخْتَلَفَ حَيِّزُ قَرَابَتِهِمَا فَلِابْنِ الْعَمَّةِ لِأَبَوَيْنِ الثُّلُثَانِ وَلِبِنْتِ الْخَالَةِ لِأُمٍّ الثُّلُثُ وَلَا اعْتِبَارَ لِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي السِّرَاجِيَّةِ وَغَيْرِهَا. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ هُوَ ابْنُ خَالِهَا لِأَبَوَيْنِ، وَعَنْ ابْنٍ وَبِنْتِ خَالٍ آخَرَ لِأَبَوَيْنِ، وَعَنْ ابْنَيْ خَالٍ آخَرَ لِأَبَوَيْنِ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ اتَّفَقَتْ صِفَةُ الْأُصُولِ ذُكُورَةً يُعْتَبَرُ أَبْدَانُ الْفُرُوعِ اتِّفَاقًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا فِي شُرُوحِ السِّرَاجِيَّةِ وَغَيْرِهَا فَتُقْسَمُ التَّرِكَةُ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ شَرْعًا مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِلزَّوْجِ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ابْنَيْ الْخَالِ وَابْنِ الْخَالِ الْآخَرِ سَهْمَانِ وَلِبِنْتِ الْخَالِ سَهْمٌ وَاحِدٌ. (أَقُولُ) إنَّمَا كَانَ لِلزَّوْجِ أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا لِأَنَّ لَهُ النِّصْفَ بِكَوْنِهِ زَوْجًا وَلَمَّا كَانَ ابْنَ خَالٍ أَيْضًا شَارَكَ أَوْلَادَ الْخَالَيْنِ الْآخَرَيْنِ فَصَارَتْ رُءُوسُهُمْ بِالْبَسْطِ تِسْعَةً فَاحْتَجْنَا إلَى أَقَلِّ عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ وَنِصْفُهُ مُنْقَسِمٌ عَلَى تِسْعَةٍ وَذَلِكَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لَا غَيْرُ فَأَخَذَ الزَّوْجُ تِسْعَةً بِالزَّوْجِيَّةِ وَاثْنَيْنِ بِالْقَرَابَةِ الرَّحِمِيَّةِ وَإِنْ قُسِمَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى مَخْرَجِ الْقِيرَاطِ حَصَلَ لَهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قِيرَاطًا وَثُلُثَا قِيرَاطٍ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَبْنَاءِ الْخَالِ الْبَاقِينَ قِيرَاطًا وَثُلُثَا قِيرَاطٍ وَلِبِنْتِ الْخَالِ قِيرَاطٌ وَاحِدٌ وَثُلُثُ قِيرَاطٍ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ ثَلَاثَةِ أَبْنَاءِ خَالٍ لِأَبَوَيْنِ أَحَدُهُمْ زَوْجُهَا، وَعَنْ بِنْتِ بِنْتِ عَمٍّ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : لِزَوْجِهَا النِّصْفُ فَرْضًا، وَالنِّصْفُ الثَّانِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخَوَيْهِ بِالسَّوِيَّةِ فَيَصِيرُ لَهُ الثُّلُثَانِ وَلِأَخَوَيْهِ الثُّلُثُ وَلَا شَيْءَ لِبِنْتِ بِنْتِ الْعَمِّ حَيْثُ كَانَتْ أَبْعَدَ مِنْ أَوْلَادِ الْخَالِ. (أَقُولُ) وَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِأَنَّهَا أَقَلُّ عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ وَنِصْفُهُ مُنْقَسِمٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ بِنْتَيْنِ وَابْنِ أَخٍ شَقِيقٍ، وَعَنْ بِنْتَيْ ابْنٍ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : لِلْبِنْتَيْنِ الثُّلُثَانِ، وَالْبَاقِي لِابْنِ الْأَخِ الشَّقِيقِ وَهُوَ لَا يَعْصِبُ بِنْتَيْ الِابْنِ لِأَنَّهُ أَعْلَى مِنْهُمَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِحِذَائِهِنَّ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُنَّ فَإِنَّهُ يَعْصِبُهُنَّ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمُدَقِّقُ الْعَلَائِيُّ الْبُخَارِيُّ فِي شَرْحِهِ لِلسِّرَاجِيَّةِ الْمُسَمَّى بِالتَّحْقِيقِ (أَقُولُ) ابْنُ الْأَخِ لَا يَعْصِبُ أُخْتَهُ وَلَا مَنْ هِيَ أَعْلَى مِنْهُ أَوْ أَسْفَلُ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ يَعْصِبُ بِنْتَيْ الِابْنِ وَلَيْسَ ابْنُ الْأَخِ بِالْمُعَصَّبِ مِنْ مِثْلِهِ أَوْ فَوْقَهُ فِي النَّسَبِ نَعَمْ ابْنُ الِابْنِ يَعْصِبُ بِنْتَ الِابْنِ إذَا كَانَتْ بِحِذَائِهِ أَوْ أَسْفَلَ مِنْهُ لِأَنَّهَا صَاحِبَةُ فَرْضٍ فَيَعْصِبُهَا أَخُوهَا كَالْبِنْتِ الصُّلْبِيَّةِ يَعْصِبُهَا أَخُوهَا لِمَا قُلْنَا بِخِلَافِ بِنْتِ الْأَخِ فَإِنَّهَا لَا فَرْضَ لَهَا فَلَا يَعْصِبُهَا أَحَدٌ فَإِنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَنْ لَا فَرْضَ لَهَا مِنْ الْإِنَاثِ لَا تَصِيرُ عَصَبَةً بِأَخِيهَا وَتَمَامُهُ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ وَأَخٍ لِأَبٍ فَكَيْفَ تُقْسَمُ تَرِكَتُهُ؟ (الْجَوَابُ) : لِلْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ النِّصْفُ وَلِلْأَخِ لِأَبٍ الْبَاقِي لِأَنَّ الشَّقِيقَةَ إنَّمَا تَصِيرُ عَصَبَةً مَعَ أَخِيهَا الشَّقِيقِ لَا مَعَ الْأَخِ لِأَبٍ بَلْ يُفْرَضُ لَهَا مَعَهُ وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْتَقَى، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (أَقُولُ) أَيْ لِأَنَّ الشَّقِيقِيَّةَ أَقْوَى مِنْهُ

فِي النَّسَبِ فَلَا تَتْبَعُهُ فِي التَّعْصِيبِ بَلْ تَأْخُذُ فَرْضَهَا كَمَا فِي كَشْفِ الْغَوَامِضِ ثُمَّ قَالَ وَلَا يَعْصِبُ الْأُخْتَ لِأَبٍ أَخٌ شَقِيقٌ بَلْ يَحْجُبُهَا لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهَا إجْمَاعًا. اهـ. فَلْتَحْفَظْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ فَإِنَّهُ قَلَّ مَنْ صَرَّحَ بِهَا وَإِنْ فَهِمْت مِنْ كَلَامِهِمْ وَقَدْ أَخْطَأَ فِيهَا بَعْضُهُمْ وَنَظَمَهَا الْعَلَّامَةُ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي مَنْظُومَتِهِ الْمُسَمَّاةِ تُحْفَةُ الْأَقْرَانِ فَقَالَ: وَلَا تَرِثُ أُخْتٌ لَهُ مِنْ الْأَبِ ... مَعَ صِنْوِهِ الشَّقِيقِ فَاحْفَظْ تُصِبْ وَنَقَلَ فِي شَرْحِهَا عَنْ الْجَوَاهِرِ أَنَّ بَعْضَهُمْ ظَنَّ أَنَّ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ. اهـ. . (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ إخْوَةٍ لِأَبٍ، وَعَنْ أُمٍّ حَامِلٍ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ تَدَّعِي الْأُمُّ أَنَّ الْحَمْلَ كَانَ مَوْجُودًا فِي الْبَطْنِ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَأَنَّهُ كَانَ ظَاهِرًا وَأَخْبَرَ النِّسَاءُ بِذَلِكَ فَهَلْ يَرِثُ السُّدُسَ لَوْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا بِاعْتِبَارِ إخْبَارِ النِّسَاءِ بِذَلِكَ وَدَعْوَةِ الْأُمِّ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : الَّذِي تَحَرَّرَ فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ التَّنْقِيرِ عَلَيْهَا فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا إنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِتَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ تَحْقِيقًا مِنْ يَوْمِ مَوْتِ الْمَيِّتِ وَكَانَ الْحَمْلُ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ جَدِّهِ فَإِنَّهُ يَرِثُ وَيُورَثُ عَنْهُ لِتَحَقُّقِ وُجُودِهِ يَوْمَ الْمَوْتِ وَإِنْ جَاءَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ لِأَنَّ وُجُودَهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ حِينَ الْمَوْتِ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدَهُ فَلَا يَرِثُ لِلشَّكِّ إلَّا أَنْ تُقِرَّ الْوَرَثَةُ بِوُجُودِهِ حِينَ الْمَوْتِ أَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُعْتَدَّةً وَلَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ يَرِثُ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَمَّا كَوْنُهَا ادَّعَتْ وُجُودَهُ وَأَخْبَرَ النِّسَاءُ بِذَلِكَ فَلَمْ نَرَ لَهُ نَقْلًا، وَالْقَوَاعِدُ تَقْتَضِي عَدَمَ فَائِدَةِ إخْبَارِهِنَّ فِي حَقِّ الْإِرْثِ لِأَنَّ إخْبَارَهُنَّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْحَدْسِ، وَالتَّخْمِينِ وَهُمَا لَا يَقْتَضِيَانِهِ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّيَقُّنِ وَلَمْ يُوجَدْ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِ الْوَلَدِ بَعْدَهُ فَإِنَّ الْمُدَّةَ تَحْتَمِلُهُ وَمَا ظَنَّ كَوْنَهُ حَبَلًا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ نَفْخًا أَوْ رِيحًا وَأَمَّا إذَا كَانَ الْوَلَدُ مِنْ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ فَإِنَّهُ يَرِثُ إنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ لِثُبُوتِ نَسَبِهِ وَإِخْبَارُ النِّسَاءِ لَهُ أَثَرٌ فِي إيقَافِ حِصَّةٍ لِلْحَمْلِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْأَمْرُ لَا فِي الْحُكْمِ بِوُجُودِ الْحَمْلِ وَتَوْرِيثِهِ قَالَ فِي النَّوَازِلِ: لَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَامْرَأَةً فَادَّعَتْ أَنَّهَا حَامِلٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ تُعْرَضُ الْمَرْأَةُ عَلَى ثِقَةٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ حَتَّى يَمَسَّ جَنْبَهَا فَإِنْ لَمْ يُوقَفْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ عَلَامَاتِ الْحَمْلِ قَسَمَ مِيرَاثَهُ وَإِنْ وَقَفَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا يُوقِفُ نَصِيبَ ابْنٍ. اهـ. فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ فَائِدَةَ إخْبَارِ النِّسَاءِ وَدَعْوَى الْحَامِلِ قِسْمَةَ التَّرِكَةِ وَتَأْخِيرَ حِصَّةٍ لِلْحَمْلِ فَقَطْ لِأَجْلِ إرْثِهِ. وَقَالَ فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ فِي فَصْلِ الْحَمْلِ يَرِثُ وَيُوقَفُ نَصِيبُهُ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَأَنَّهُ يُحْتَمَلُ وُجُوهٌ فَيَرِثُ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ فَلَا يَرِثُ فَيُوقَفُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ بِالْوِلَادَةِ احْتِيَاطًا فَإِنْ وُلِدَ إلَى سَنَتَيْنِ حَيًّا وَرِثَ لِأَنَّهُ عُرِفَ وُجُودُهُ وَإِنْ احْتَمَلَ حُدُوثُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَكِنْ جُعِلَ مَوْجُودًا قَبْلَ الْمَوْتِ حُكْمًا حَتَّى يَثْبُتَ نَسَبُهُ لِقِيَامِ الْفِرَاشِ فِي الْعِدَّةِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْحَمْلُ مِنْ الْمَيِّتِ فَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ الْمَيِّتِ كَمَا إذَا مَاتَ وَأُمُّهُ حَامِلٌ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ وَزَوْجُهَا حَيٌّ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا يَرِثُ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يَرِثُ بِالشَّكِّ إلَّا أَنْ تُقِرَّ الْوَرَثَةُ بِحَمْلِهَا يَوْمَ الْمَوْتِ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يَرِثُ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِوُجُودِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ وَشَرْحِ السِّرَاجِيَّةِ لِلسَّيِّدِ فِي فَصْلِ الْحَمْلِ وَمَفْهُومُ هَذِهِ الْعِبَارَاتِ أَنَّ تَحَقُّقَ وُجُودِ الْحَمْلِ لَا يَحْصُلُ إلَّا إذَا جَاءَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَقَلَّ وَأَمَّا إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَا يَرِثُ لِاحْتِمَالِ حُدُوثِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يَرِثُ بِالشَّكِّ إلَّا أَنْ تَعْتَرِفَ الْوَرَثَةُ بِحَمْلِهَا يَوْمَ الْمَوْتِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَبِنْتَيْنِ وَأَبٍ وَخَلَّفَتْ تَرِكَةً كَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : تُقْسَمُ التَّرِكَةُ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ شَرْعًا مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا عَائِلَةً لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْبِنْتَيْنِ ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْأَبِ السُّدُسُ عَائِلًا سَهْمَانِ وَإِرْثُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ السُّدُسُ فَقَطْ وَمَنْ أَفْتَى

بِخِلَافِ ذَلِكَ فَقَدْ سَهَا وَقَدْ أَجْمَعَ عَلَى ذَلِكَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ وَأَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعِ عَلَى الْعَوْلِ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي كُتُبِ الْفَرَائِضِ وَإِنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَكِنَّهُ لَمْ يُتَابِعْ، وَالْمَسْأَلَةُ شَهِيرَةٌ، وَفِي كُتُبِ الْفَرَائِضِ مَذْكُورَةٌ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ. (سُئِلَ) فِي صَغِيرٍ مَاتَ عَنْ أَبٍ وَجَدَّةٍ أُمِّ أَبٍ وَجَدَّةٍ أُمِّ أُمِّ أُمٍّ وَخَلَّفَ تَرِكَةً مَنْ يَرِثُهَا؟ (الْجَوَابُ) : يَرِثُ الْأَبُ فَقَطْ لِأَنَّ الْجَدَّةَ لِأَبٍ مَحْجُوبَةٌ بِالْأَبِ، وَالْجَدَّةَ أُمِّ أُمِّ الْأُمِّ مَحْجُوبَةٌ بِأُمِّ الْأَبِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ وَارِثٍ مَعْرُوفٍ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ هُوَ ابْنُ ابْنِ خَالَتِهِ وَخَلَّفَ تَرِكَةً عَارَضَ فِيهَا رَجُلٌ آخَرُ يُرِيدُ الِاخْتِصَاصَ بِهَا زَاعِمًا أَنَّ الْمُتَوَفَّى كَانَ أَقَرَّ أَنَّ الرَّجُلَ ابْنُ عَمَّتِهِ وَبِمُقْتَضَى ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِهَا لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ، وَالْحَالُ أَنَّهُ مُقِرٌّ لَهُ بِنَسَبٍ عَلَى الْغَيْرِ لَمْ يَثْبُتْ بِوَجْهٍ مِنْ الْأَوْجُهِ الْمُقَرَّرَةِ فَهَلْ حَيْثُ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ يُمْنَعُ الْمُعَارِضُ وَيُقَدَّمُ الْمَعْرُوفُ نَسَبُهُ الثَّابِتُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ (الْجَوَابُ) : حَيْثُ كَانَ الْحَالُ مَا ذُكِرَ يُمْنَعُ الْمُعَارِضُ لِأَنَّ نَسَبَهُ لَمْ يَثْبُتْ فَلَا يُزَاحِمُ الْوَارِثَ الْمَعْرُوفَ وَيُقَدَّمُ الْمَعْرُوفُ نَسَبُهُ الثَّابِتُ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. وَالْمَسْأَلَةُ فِي التَّنْوِيرِ، وَالْمُلْتَقَى فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ وَإِقْرَارِ الْمَرِيضِ قَالَ الْبَاقَانِيُّ أَقَرَّ بِأَخٍ وَلِلْمُقِرِّ عَمَّةٌ أَوْ خَالَةٌ فَالْإِرْثُ لِلْعَمَّةِ، وَالْخَالَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ فَلَا يُزَاحِمُ الْوَارِثَ الْمَعْرُوفَ نَسَبُهُ سُئِلَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَمَّنْ مَاتَ عَنْ ثَلَاثِ أَخَوَاتٍ شَقِيقَاتٍ، وَعَنْ ابْنِ ابْنِ عَمٍّ عَصَبَةً ثَبَتَ نَسَبُهُ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَأَخَذَ الْأَخَوَاتُ الثُّلُثَيْنِ وَابْنُ ابْنِ الْعَمِّ الثُّلُثَ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَأَثْبَتَ أَنَّهُ عَمُّ زَيْدٍ الْمَيِّتِ أَخُو، وَالِدِهِ لِأَبِيهِ وَهُوَ وَأَبُو زَيْدٍ وَلَدَا أَبٍ وَاحِدٍ بِالْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ فَأَجَابَ بِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِحِصَّتِهِ فِي عَيْنِ التَّرِكَةِ فَيَأْخُذُ مِنْ الْأَخَوَاتِ ثُلُثَ مَا تَنَاوَلْنَ وَيَأْخُذُ مِنْ ابْنِ ابْنِ الْعَمِّ الْمَحْجُوبِ ثُلُثَ مَا تَنَاوَلَهُ ثُمَّ تَرْجِعُ الْأَخَوَاتُ عَلَى ابْنِ ابْنِ الْعَمِّ بِثُلُثِ مَا تَنَاوَلَهُ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ زَوْجَةٍ حَامِلٍ مِنْهُ، وَعَنْ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ، وَعَنْ أَخَوَيْنِ لِأَبٍ وَخَلَّفَ تَرِكَةً تَدَّعِي الزَّوْجَةُ أَنَّ فِيهَا أَمْتِعَةً مَعْلُومَةً مَلَّكَهَا الزَّوْجُ وَوَهَبَهَا لَهَا وَسَلَّمَهَا مِنْهَا فِي صِحَّتِهِ وَسَلَامَتِهِ وَأَنَّهَا قَبِلَتْ ذَلِكَ مِنْهُ وَلَهَا بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا وَكَيْفَ تُقْسَمُ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا عَلَى الِانْتِقَالِ إلَيْهَا مِنْهُ بِالْهِبَةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَدَائِعِ، وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا وَتُقْسَمُ التَّرِكَةُ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا يَجِبُ إخْرَاجُهُ شَرْعًا مِنْ ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ لِلزَّوْجَةِ مِنْ ذَلِكَ الثُّمُنُ سَهْمٌ وَاحِدٌ وَيُوقَفُ الْبَاقِي حَتَّى يَظْهَرَ حَالُ الْحَمْلِ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ ذَكَرٌ يَسْتَحِقُّهُ لِأَنَّهُ يُوقَفُ لِلْحَمْلِ نَصِيبُ ابْنٍ وَاحِدٍ عَلَى الْمُخْتَارِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي مُلْتَقَى الْأَبْحُرِ أَوْ بِنْتٍ وَاحِدَةٍ أَيُّهُمَا كَانَ أَكْثَرَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَيَكْفُلُونَ احْتِيَاطًا كَمَا ذَكَرَهُ الْعَلَائِيُّ فَعَلَى هَذَا يُوقَفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَصِيبُ ذَكَرٍ كَمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ أُنْثَى فَلَهَا النِّصْفُ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ، وَالْبَاقِي وَقَدْرُهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ لِلْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ لِأَنَّهَا تَصِيرُ عَصَبَةً بِالْبِنْتِ لِقَوْلِ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ اجْعَلُوا الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةً وَلَا شَيْءَ لِأَخَوَيْهِ لِأَبٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. قَالَ فِي الْبَحْرِ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ، وَفِي الْبَدَائِعِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تُقِرَّ الْمَرْأَةُ أَنَّ هَذَا الْمَتَاعَ اشْتَرَاهُ فَإِنْ أَقَرَّتْ بِذَلِكَ سَقَطَ قَوْلُهَا لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ بِالْمِلْكِ لِزَوْجِهَا ثُمَّ ادَّعَتْ الِانْتِقَالَ إلَيْهَا فَلَا يَثْبُتُ الِانْتِقَالُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ. اهـ. وَكَذَا إذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا اشْتَرَتْهُ مِنْهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَوْ بَرْهَنَ عَلَى شِرَائِهِ كَانَ كَإِقْرَارِهَا بِشِرَائِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَى الِانْتِقَالِ إلَيْهَا مِنْهُ بِهِبَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ اسْتِمْتَاعُهَا بِمُشْرِيهِ وَرِضَاهُ بِذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ مَلَّكَهَا ذَلِكَ كَمَا تَفْهَمُهُ النِّسَاءُ، وَالْعَوَامُّ وَقَدْ أَفْتَيْتُ بِذَلِكَ مِرَارًا. اهـ. كَلَامُ الْبَحْرِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (أَقُولُ) وَكَتَبْتُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الْبَحْرِ مِنْ هَذَا الْمَحَلِّ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْبَدَائِعِ سُقُوطُ قَوْلِهَا وَلَوْ كَانَ مَا تَدَّعِيهِ مَا يَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ ثِيَابِ الْكِسْوَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الزَّوْجِ

تَأَمَّلْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَقَعَ سَقْفُ بَيْتٍ عَلَى زَوْجَيْنِ ذِمِّيَّيْنِ وَمَاتَا وَلَمْ يُدْرَ أَيُّهُمَا مَاتَ أَوَّلًا وَخَلَّفَا تَرِكَةً وَلِلزَّوْجَةِ بِذِمَّةِ الزَّوْجِ مُؤَخَّرُ صَدَاقٍ مَعْلُومٍ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَرِثُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ وَيُقْسَمُ مَالُ كُلٍّ عَلَى وَرَثَتِهِ دُونَ الزَّوْجِيَّةِ وَتَأْخُذُ وَرَثَةُ الزَّوْجَةِ مُؤَخَّرَ الصَّدَاقِ مِنْ تَرِكَةِ الزَّوْجِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي عَتِيقٍ مَاتَ عَنْ زَوْجَةِ مُعْتَقِهِ، وَعَنْ أُخْتٍ مُعْتَقِهِ، وَعَنْ أُمِّ مُعْتَقِهِ، وَعَنْ ابْنِ أَخِي مُعْتَقِهِ لِأَبَوَيْنِ وَخَلَّفَ تَرِكَةً مَنْ يَرِثُهُ؟ (الْجَوَابُ) : يَرِثُهُ ابْنُ أَخِي مُعْتَقِهِ الْعَصَبَةُ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي مُدَبَّرٍ مَاتَ عَنْ أُمٍّ لَهُ مُعْتَقَةٍ، وَعَنْ سَيِّدِهِ وَكَانَ بِيَدِهِ مَالٌ فَهَلْ يَكُونُ مَا بِيَدِهِ لِسَيِّدِهِ وَلَا تَرِثُ أُمُّهُ مِنْهُ شَيْئًا؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ عَنْ أَبْنَاءٍ مُسْلِمِينَ مُتَوَطِّنِينَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَعَنْ أُمٍّ مُسْلِمَةٍ مُتَوَطِّنَةٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَخَلَفَ تَرِكَةً فَهَلْ يَرِثُهُ الْجَمِيعُ بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ؟ (الْجَوَابُ) : يَرِثُهَا جَمِيعُ أَوْلَادِهِ وَأُمُّهُ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الدَّارِ مَانِعٌ فِي حَقِّ الْكَفَرَةِ دُونَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ مَا يُسْتَحَقُّ بِهِ الْإِرْثُ وَكَذَلِكَ اخْتِلَافُ الدَّارَيْنِ سَبَبٌ لِحِرْمَانِ الْمِيرَاثِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالنُّصْرَةِ وَلَا يَنْتَصِرُ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ وَلَكِنْ هَذَا الْحُكْمُ فِي حَقِّ أَهْلِ الْكُفْرِ لَا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا مَاتَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَهُ ابْنٌ مُسْلِمٌ فِي دَارِ الْهِنْدِ أَوْ التُّرْكِ يَرِثُ. اهـ. وَقَدْ أَوْضَحَهُ فِي الْمِنَحِ فَرَاجِعْهَا. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ أُمُّهُ حُرَّةُ الْأَصْلِ مَاتَ عَنْ أَخٍ وَأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ لَا غَيْرُ وَخَلَّفَ تَرِكَةً وَيَزْعُمُ زَيْدٌ أَنَّ الْمُتَوَفَّى ابْنُ ابْنِ مُعْتَقِ أَبِيهِ وَأَنَّهُ يَرِثُ الْبَاقِي بَعْدَ فَرْضِ الْأُخْتَيْنِ، وَالْأَخِ بِطَرِيقِ الْوَلَاءِ فَهَلْ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ حَيْثُ كَانَتْ أُمُّهُ حُرَّةَ الْأَصْلِ وَتَرِكَتُهُ مُخْتَصَّةٌ بِإِخْوَتِهِ لِأُمِّهِ أَثْلَاثًا وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِ زَيْدٍ؟ (الْجَوَابُ) : يَخْتَصُّ بِتَرِكَتِهِ إخْوَتُهُ لِأُمِّهِ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا فَرْضًا وَرَدًّا الذَّكَرُ مِثْلُ الْأُنْثَى فَإِنَّهُ حَيْثُ كَانَتْ أُمُّهُ حُرَّةَ الْأَصْلِ فَلَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَى وَلَدِهَا وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُعْتَقًا لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الرِّقِّ، وَالْحُرِّيَّةِ وَلَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَى أُمِّهِ فَلَا وَلَاءَ عَلَى وَلَدِهَا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا، وَالْمَسْأَلَةُ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ أَيْضًا، وَفِي الْعَلَائِيِّ مِنْ الْوَلَاءِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا مَاتَ رَجُلٌ عَنْ بِنْتٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ، وَعَنْ ابْنِ عَمٍّ عَصَبَةٍ وَلَهُ جَارِيَةٌ كَانَ أَعْتَقَهَا فِي صِحَّتِهِ فَهَلْ يَنْتَقِلُ وَلَاؤُهَا لِابْنِ الْعَمِّ الْعَصَبَةِ دُونَ الْبِنْتِ، وَالْأُخْتِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ (أَقُولُ) أَيْ لِأَنَّ الْعَتِيقَ إنَّمَا يَرِثُهُ مُعْتِقُهُ وَعَصَبَةُ مُعْتِقِهِ الْمُعْتَصِبُونَ بِأَنْفُسِهِمْ فَلَا تَرِثُهُ بِنْتُ الْمُعْتِقِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَصَبَةً وَلَا الْأُخْتُ وَإِنْ كَانَتْ تَصِيرُ عَصَبَةً مَعَ الْبِنْتِ لِأَنَّهَا عَصَبَةٌ مَعَ الْغَيْرِ لَا عَصَبَةٌ بِنَفْسِهَا هَذَا. وَقَدْ كَتَبْتُ فِي حَاشِيَتِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مَا نَصُّهُ " تَنْبِيهٌ اقْتِصَارُهُ عَلَى الْمُعْتِقِ وَعَصَبَتِهِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِعَصَبَةِ الْمُعْتِقِ عَصَبَةٌ فَلَا مِيرَاثَ لَهُ، بَيَانُهُ امْرَأَةٌ أَعْتَقَتْ عَبْدًا ثُمَّ مَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَابْنٍ مِنْهُ ثُمَّ مَاتَ الْعَتِيقُ فَالْمِيرَاثُ لِابْنِهَا لِأَنَّهُ عَصَبَتُهَا فَلَوْ مَاتَ الِابْنُ قَبْلَ الْعَتِيقِ فَلَا مِيرَاثَ لِزَوْجِهَا لِأَنَّهُ عَصَبَةُ عَصَبَتِهَا وَأَمَّا إذَا أَعْتَقَ رَجُلٌ عَبْدًا ثُمَّ الْعَبْدُ أَعْتَقَ آخَرَ ثُمَّ الْآخَرُ أَعْتَقَ آخَرَ وَمَاتَ الْعَتِيقُ الثَّالِثُ وَتَرَكَ عَصَبَةَ الْمُعْتَقِ الْأَوَّلِ. فَإِنَّهُ يَرِثُهُ وَإِنْ كَانَ فِي صُورَةِ عَصَبَةِ عَصَبَةِ الْمُعْتَقِ لَكِنْ لَا لِذَلِكَ بَلْ لِأَنَّ الْعِتْقَ الْأَوَّلَ جَرَّ وَلَاءَ هَذَا الْمَيِّتِ فَيَرِثُهُ عَصَبَةُ الْعَتِيقِ الْأَوَّلِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْمُعْتَقِ الْأَوَّلِ لِلْحَدِيثِ. اهـ. مُلَخَّصًا مِنْ الذَّخِيرَةِ فِي بَابِ الْوَلَاءِ. اهـ. فَاحْفَظْ هَذِهِ الْفَائِدَةَ السَّنِيَّةَ فَإِنِّي لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهَا فِي الْكُتُبِ الْفَرْضِيَّةِ وَقَدْ أَخَّرْت مَسَائِلَ الْإِرْثِ بِالْعَتَاقَةِ رَجَاءَ أَنْ يُعْتِقَ الْمَوْلَى الْغَفَّارُ رَقَبَةَ عَبِيدِهِ أَسِيرِ الذُّنُوبِ، وَالْأَوْزَارِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ وَأَنْ يَفْعَلَ كَذَلِكَ بِوَالِدَيْهِ وَمَشَايِخِهِ وَأَهْلِهِ وَمَنْ كَانَ السَّبَبُ فِي جَمْعِ هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي فَاقَ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَوْنِهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ كُتُبِ الْمُتَأَخِّرِينَ بِمَا حَوَاهُ مِنْ تَحْرِيرِ الْمَسَائِلِ الْمُشْكِلَةِ، وَالْوَقَائِعِ الْمُعْضِلَةِ بِحَيْثُ صَارَ نُزْهَةً لِلنَّاظِرِينَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هَذَا وَقَدْ خَتَمَ الْمُؤَلِّفُ كِتَابَهُ بِذِكْرِ

مسائل وفوائد شتى من الحظر والإباحة وغير ذلك

مَسَائِلَ سُئِلَ عَنْهَا وَقَدْ ذَكَرْتُهَا فِي مَحَلَّاتِهَا وَذَكَرَ فَوَائِدَ مُتَفَرِّقَةً كَعَادَةِ الْمَشَايِخِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَذَكَرَ أَيْضًا كَثِيرًا مِنْهَا فِي الْحَظْرِ، وَالْإِبَاحَةِ فَانْتَخَبْتُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ شَيْئًا مُهِمًّا خَتَمْتُ بِهِ هَذَا الْكِتَابَ تَتْمِيمًا لِلْفَوَائِدِ عَلَى الطُّلَّابِ وَقَدْ قَدَّرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنِّي لَمْ أَذْكُرْ كِتَابَ الْحَظْرِ، وَالْإِبَاحَةِ فِي مَحَلِّهِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِ الْمُؤَلِّفُ فَنَاسَبَ ذِكْرُهُ هُنَا لِيَنْتَظِمَ شَمْلُ مَا تَفَرَّقَ مِنْ تِلْكَ الْفَوَائِدِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْمَحَلَّيْنِ. [مَسَائِلُ وَفَوَائِدُ شَتَّى مِنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ] (مَسَائِلُ وَفَوَائِدُ شَتَّى مِنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ) (سُئِلَ) فِي جَمَاعَةٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ سَيِّدِ التَّابِعِينَ الْعَارِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ - قُدِّسَ سِرُّهُ الْعَزِيزُ وَنَفَعَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ - وَهُمْ سَاكِنُونَ فِي دُورِهِمْ قُرْبَ قَرْيَةٍ مُشْتَغِلُونَ بِالصَّلَوَاتِ وَذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِطْعَامِ الْفُقَرَاءِ الْوَارِدِينَ عَلَيْهِمْ وَلَهُمْ فِيهَا فِلَاحَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى أَرَاضِي وَقْفٍ وَعَلَى أَهَالِي الْقَرْيَةِ دُيُونٌ قَدِيمَةٌ وَحَدِيثَةٌ قَامَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ يُكَلِّفُونَ الْجَمَاعَةَ دَفْعَ شَيْءٍ مِنْ الدُّيُونِ الْمَرْقُومَةِ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ وَلَا كَفَالَةٍ لِذَلِكَ وَإِلَى دَفْعِ غَرَامَاتٍ غَيْرِ لَازِمَةٍ عَلَيْهِمْ شَرْعًا وَلَمْ يَسْبِقْ لَهُمْ دَفْعُهَا فِي الْقَدِيمِ وَيَقْصِدُونَ أَذِيَّتَهُمْ بِذَلِكَ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ: لَيْسَ لَهُمْ طَلَبُ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَيُمْنَعُونَ مِنْ مُعَارَضَتِهِمْ فِي ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُمْ دَفْعُ شَيْءٍ غَيْرِ لَازِمٍ عَلَيْهِمْ شَرْعًا وَتَحْرُمُ أَذِيَّتُهُمْ لَا سِيَّمَا وَهُمْ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ هَذَا السَّيِّدِ الْجَلِيلِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَصَلَاحُ الْآبَاءِ يَنْفَعُ الْأَبْنَاءَ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} [الكهف: 82] فَيُحْتَرَمُونَ كَمَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ خُصُوصًا لِأَجْلِ جَدِّهِمْ الَّذِي كَرَامَاتُهُ شَهِيرَةٌ فِي طَيِّ الْكُتُبِ مَنْشُورَةٌ وَمِمَّنْ تَرْجَمَهُ جَدِّي الْمَرْحُومُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمُحَقِّقُ الْهُمَامُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ فِي رِسَالَتِهِ الَّتِي سَمَّاهَا الرَّوْضَةَ الرَّيَّا فِيمَنْ دُفِنَ فِي دَارَيَّا. وَذَكَرَ لَهُ مَنَاقِبَ كَثِيرَةً وَكَرَامَاتٍ مُنِيرَةً مِنْ جُمْلَتِهَا مَا رَوَى الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، وَالْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَالْإِمَامُ ابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ وَالْحَافِظُ، ابْنُ كَثِيرٍ وَغَيْرُهُمْ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ قَالَ حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ الْأَسْوَدَ الْعَنْسِيَّ يَعْنِي مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ تَنَبَّأَ بِالْيَمَنِ فَأَرْسَلَ إلَى أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ فَأُتِيَ بِهِ فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: مَا أَسْمَعُ قَالَ أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: نَعَمْ قَالَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: مَا أَسْمَعُ قَالَ أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: نَعَمْ فَرَدَّدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ مِرَارًا وَهُوَ يُجِيبُهُ بِمَا ذَكَرَ ثُمَّ أَمَرَ بِنَارٍ عَظِيمَةٍ فَأُجِّجَتْ وَأُلْقِي فِيهَا فَلَمْ تَضُرَّهُ فَقِيلَ لِلْأَسْوَدِ انْفِهِ مِنْ بِلَادِك وَإِلَّا أَفْسَدَ عَلَيْك مَنْ اتَّبَعَك فَأَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ مِنْ بِلَادِهِ فَارْتَحَلَ أَبُو مُسْلِمٍ فَأَتَى الْمَدِينَةَ وَقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنَاخَ أَبُو مُسْلِمٍ رَاحِلَتَهُ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَقَامَ يُصَلِّي إلَى سَارِيَةٍ فَبَصُرَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَقَالَ مِمَّنْ الرَّجُلُ فَقَالَ: مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ مَا فَعَلَ الَّذِي أَحْرَقَهُ الْكَذَّابُ بِالنَّارِ فَقَالَ ذَاكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَوْبٍ فَقَالَ أَنْشُدُك اللَّهَ أَنْتَ هُوَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ فَاعْتَنَقَهُ ثُمَّ بَكَى وَذَهَبَ بِهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى أَرَانِي فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ فُعِلَ بِهِ كَمَا فُعِلَ بِإِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ وَعَلَى نَبِيِّنَا وَبَقِيَّةِ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْمُرْسَلِينَ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ، وَعَلَى الصَّحَابَةِ، وَالْقَرَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ إلَى يَوْمِ الدِّينِ. (سُئِلَ) فِي بَيْطَارٍ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا فِي سُوقٍ مُلَازِقَةٍ لِحَانُوتِ بَيْطَارٍ آخَرَ لِيُبَاشِرَ أَمْرَ الصِّنَاعَةِ فِيهَا وَيُرِيدُ الْآخَرُ مَنْعَهُ مِنْ ذَلِكَ بِدُونِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَهَلْ لَيْسَ لَهُ مُعَارَضَتُهُ وَلَا مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ بَنَى حَانُوتًا بِجَنْبِ حَانُوتِ غَيْرِهِ فَكَسَدَتْ الْأُولَى بِسَبَبِهِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ شَرْحُ التَّنْوِيرِ مِنْ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا بَعَثَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ فِي

شَهْرِ رَمَضَانَ إلَى مَسْجِدٍ شَرِيفٍ مِقْدَارًا مِنْ الشَّمْعِ الْعَسَلِيِّ لِيُوقَدَ فِي الْمَسْجِدِ لِلِاسْتِصْبَاحِ فَاحْتَرَقَ وَبَقِيَ مِنْهُ مِقْدَارٌ قَلِيلٌ، وَالْعُرْفُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَنَّ الْإِمَامَ يَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِ صَرِيحِ الْإِذْنِ لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الدَّافِعِ فَأَخَذَهُ الْإِمَامُ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْعُرْفُ أَنَّ الْإِمَامَ يَأْخُذُهُ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ فِي الْبَحْثِ الثَّانِي مِنْ الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ الْعَادَةُ مُحَكَّمَةٌ مَا نَصُّهُ وَمِنْهَا مَا فِي وَقْفِ الْقُنْيَةِ بَعَثَ شَمْعًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إلَى مَسْجِدٍ فَاحْتَرَقَ وَبَقِيَ مِنْهُ ثُلُثُهُ أَوْ دُونَهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَوْ الْمُؤَذِّنِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الدَّافِعِ وَلَوْ كَانَ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَنَّ الْإِمَامَ أَوْ الْمُؤَذِّنَ يَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِ صَرِيحِ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ فَلَهُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. (أَقُولُ) هَذَا إذَا لَمْ يُوجَدْ نَهْيٌ صَرِيحٌ مِنْ الدَّافِعِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالثُّلُثِ وَمَا دُونَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُسَامِحُ بِهِ عَادَةً بِخِلَافِ الْأَكْثَرِ تَأَمَّلْ وَبَقِيَ هَلْ يَشْمَلُ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ الشَّمْعُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ زَمَنُ الْوَاقِفِ فَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ فِي زَمَنِهِ ذَلِكَ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا سَأَلْنَا عَنْهَا فِي شَمْعِ الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ لَهُ وَقْفٌ مُرَتَّبٌ خَاصٌّ بِهِ، وَالْعَادَةُ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ عَلَى الْجَامِعِ يَأْخُذُ الْفَاضِلَ فِي آخِرِ السَّنَةِ لَكِنْ الَّذِي يَبْقَى شَيْءٌ كَثِيرٌ لَهُ قِيمَةٌ مُعْتَبَرَةٌ ثُمَّ تَذَكَّرْت أَنِّي قَدَّمْت عَنْ الْمُؤَلِّفِ سُؤَالًا فِي ذَلِكَ ذَكَرْته فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِمَامَ تَصَرَّفَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ بِأَخْذِ بَاقِي الشَّمْعِ وَرَضِيَ الْوَاقِفُ بِذَلِكَ فَأَفْتَى الْمُؤَلِّفُ بِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ الْآنَ مِنْ أَخْذِهِ وَاسْتَدَلَّ بِعِبَارَةِ الْقُنْيَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْحَالَ فِي زَمَنِ الْوَاقِفِ يُعْتَبَرُ الْعُرْفُ الْقَدِيمُ تَأَمَّلْ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا وَعَدَ زَيْدٌ عَمْرًا أَنْ يُعْطِيَهُ غِلَالَ أَرْضِهِ الْفُلَانِيَّةِ فَاسْتَغَلَّهَا وَامْتَنَعَ مِنْ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ الْغَلَّةِ شَيْئًا فَهَلْ يَلْزَمُ زَيْدًا شَيْءٌ بِمُجَرَّدِ الْوَعْدِ الْمَزْبُورِ؟ (الْجَوَابُ) : لَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِوَعْدِهِ شَرْعًا وَإِنْ وَفَّى فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْحَظْرِ، وَالْإِبَاحَةِ وَتَفْصِيلُهَا فِي حَوَاشِيهِ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ يَدْخُلُ عَلَى امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَيَخْتَلِي بِهَا مُتَعَلِّلًا بِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهَا فِي مَصَالِحِهَا وَيَمْنَعُهُ أَبُوهَا مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِتَعَلُّلِ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْحَظْرِ، وَالْإِبَاحَةِ الْخَلْوَةُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ حَرَامٌ إلَّا لِمُلَازَمَةِ مَدْيُونَةٍ هَرَبَتْ وَدَخَلَتْ خَرِبَةً، وَفِيمَا إذَا كَانَتْ عَجُوزًا شَوْهَاءَ، وَفِيمَا إذْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ. اهـ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا زَوَّجَ زَيْدٌ بِنْتَهُ مِنْ عَمْرٍو تَزْوِيجًا شَرْعِيًّا وَلِزَيْدٍ أُمٌّ وَزَوْجَةٌ هِيَ أُمُّ الْبِنْتِ الْمَزْبُورَةِ وَلَهُ جِوَارٌ فَهَلْ يَجُوزُ لِعَمْرٍو الْمَرْقُومِ النَّظَرُ إلَى الْمَذْكُورَاتِ إنْ أَمِنَ الشَّهْوَةَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ؟ (الْجَوَابُ) : يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى الْمَحَارِمِ وَكُلِّ مَنْ لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ كَأُمِّ زَوْجَتِهِ وَجَدَّتِهَا إنْ أَمِنَ الشَّهْوَةَ إلَى الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَالصَّدْرِ وَالسَّاقِ وَالْعَضُدِ وَحُكْمُ أَمَةِ غَيْرِهِ فِي النَّظَرِ حُكْمُ مَحَارِمِهِ وَلَا يَنْظُرُ إلَى الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَالْفَخِذِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَوَاضِعَ الزِّينَةِ وَهَذَا كُلُّهُ إنْ أَمِنَ الشَّهْوَةَ وَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ الشَّهْوَةَ لَا يَنْظُرُ لِجَمِيعِ مَا ذُكِرَ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي التَّنْوِيرِ، وَالْمِنَحِ وَغَيْرِهِمَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي الرَّجُلِ هَلْ يَنْظُرُ مِنْ مَحْرَمِهِ رِضَاعًا إلَى وَجْهِهَا وَرَأْسِهَا مَعَ أَمْنِ الشَّهْوَةِ مِنْهُمَا؟ (الْجَوَابُ) : لَهُ أَنْ يَنْظُرَ مِنْ مَحَارِمِهِ بِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ كَالرَّضَاعِ إلَى الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَالصَّدْرِ، وَالسَّاقِ، وَالْعَضُدِ بِشَرْطِ أَمْنِ الشَّهْوَةِ مِنْهُمَا كَمَا فِي النِّهَايَةِ فَمَنْ قَصَرَ نَظَرَهُ عَلَى الرِّجْلِ فَقَدْ قَصَّرَ كَمَا فِي الْعَلَائِيِّ عَنْ ابْنِ كَمَالٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُلْتَقَى، وَالْمِنَحِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ فَصْلٍ فِي النَّظَرِ مِنْ بَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ. (سُئِلَ) فِيمَا إذَا اشْتَرَى زَيْدٌ جَارِيَةً وَاسْتَوْلَدَهَا ثُمَّ اشْتَرَى جَارِيَةً أُخْرَى لِلتَّسَرِّي فَزَعَمَتَا أَنَّهُمَا أُخْتَانِ فَكَيْفَ الْحُكْمُ؟ (الْجَوَابُ) : إنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُمَا صَادِقَتَانِ فَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا لِحُرْمَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ نِكَاحًا وَوَطْئًا بِمِلْكِ يَمِينٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 23] وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

«مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْمَعَنَّ مَاءً فِي رَحِمِ أُخْتَيْنِ» وَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُمَا كَاذِبَتَانِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي التَّسَرِّي بِهِمَا عَلَى مَا نَقَلَهُ الْعَلَّامَةُ بِيرِيٌّ زَادَهْ فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ بِمَا نَصُّهُ " خُلِفَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيمَنْ اشْتَرَى جَارِيَتَيْنِ زَعَمَتَا أَنَّهُمَا أُخْتَانِ فَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُمَا صَادِقَتَانِ فَلَا يَقْرَبُهُمَا وَإِنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُمَا كَاذِبَتَانِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَمَا فِي الْحَاوِي الْحَصِيرِيِّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (سُئِلَ) فِي مُؤَذِّنِ جَامِعٍ يُؤَذِّنُ فِي مَنَارَتِهِ وَيُبَلِّغُ لِإِمَامِهِ فِي صَلَوَاتِ الْجَمَاعَةِ وَهُوَ مُتَعَمِّمٌ بِشَدٍّ مِنْ حَرِيرٍ عَلَى رَأْسِهِ فَهَلْ يُمْنَعُ مِنْ لُبْسِهِ؟ (الْجَوَابُ) : يَحْرُمُ لُبْسُ الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ وَلَوْ بِحَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَدَنِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ كِتَابِ الْعِيدَيْنِ قَالَ «لَقِيَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا فِي الْعِيدِ وَالْوُفُودِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فَلَبِثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ ثُمَّ أَرْسَلَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجُبَّةِ دِيبَاجٍ فَأَقْبَلَ بِهَا عُمَرُ فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّك قُلْتُ إنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ وَأَرْسَلْت إلَيَّ بِهَذِهِ الْجُبَّةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَبِيعُهَا أَوْ تُصِيبُ بِهَا حَاجَتَك» . اهـ. الْإِسْتَبْرَقُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ مِنْ الدِّيبَاجِ وَالدِّيبَاجُ الثِّيَابُ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ عَيْنِيٌّ. (سُئِلَ) فِي رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ مِنْ جَمَاعَةٍ عِدَّةَ آلَاتٍ مُعَدَّةً لِلَّهْوِ وَاللَّعِبِ يُسَمُّونَهَا بِالْمَنَاقِلِ وَالطَّابِ وَالدَّكِّ لِأَجَلِ اللَّعِبِ بِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ دَفَعَهَا لِلْمُؤَجِّرِينَ وَتَعَطَّلَ عَلَيْهِ مَنَافِعُ الْمَأْجُورِ يُعَارِضُ وَيُرِيدُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُؤَجِّرِينَ بِنَظِيرِ الْأُجْرَةِ الْمَدْفُوعَةِ لَهُمْ فَهَلْ يَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ، وَالْإِجَارَةُ الْمَذْكُورَةُ غَيْرُ جَائِزَةٍ؟ (الْجَوَابُ) : نَعَمْ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةَ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنْ كَانَتْ مَحْظُورَةَ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ تَجُزْ الْإِجَارَةُ، وَقَالَ فِي الْمُلْتَقَى بَعْدَ ذِكْرِ كَسْرِ آلَةِ اللَّهْوِ وَيَصِحُّ بَيْعُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَقَالَا لَا يَضْمَنُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ. قَالَ فِي الْكَافِي لَهُمَا أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ أُعِدَّتْ لِلْمَعْصِيَةِ فَبَطَلَ تَقَوُّمُهَا كَالْخَمْرِ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا لِكَثْرَةِ الْفَسَادِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ. اهـ. وَالْإِجَارَةُ، وَالْبَيْعُ أَخَوَانِ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْمَعَاصِي وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ غَيْرِ مَقْدُورَةِ الِاسْتِيفَاءِ شَرْعًا كَاسْتِئْجَارِ الْإِنْسَانِ لِلَّعِبِ وَاللَّهْوِ وَكَاسْتِئْجَارِ الْمُغَنِّيَةِ وَالنَّائِحَةِ لِلْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ بِخِلَافِ الِاسْتِئْجَارِ لِكِتَابَةِ الْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِأَنَّ الْمَمْنُوعَ عَنْهُ نَفْسُ الْغِنَاءِ، وَالنَّوْحِ لَا كِتَابَتُهُمَا بَدَائِعُ مِنْ الْإِجَارَةِ، وَفِيهَا أَيْضًا وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْإِمَاءِ لِلزِّنَا لِأَنَّهَا إجَارَةٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَإِنْ شِئْت أَفْرَدْت لِجِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ شَرْطًا وَخَرَّجْتهَا عَلَيْهِ فَقُلْت: وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ مُبَاحَةَ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنْ كَانَتْ مَحْظُورَةَ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ تَجُزْ الْإِجَارَةُ. اهـ. (سُئِلَ) الْعَلَّامَةُ الْجَدُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ عَنْ السَّمَاعِ بِمَا صُورَتُهُ فِيمَا إذَا سَمِعَ مِنْ الْآلَاتِ الْمُطْرِبَةِ كَالْيَرَاعِ وَغَيْرِهِ وَمَا لِذَلِكَ شَبِيهٌ هَلْ ذَلِكَ حَلَالٌ أَوْ حَرَامٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الشَّرِيعَةِ، وَالْحَقِيقَةِ وَهَلْ لِذَلِكَ سَبِيلٌ وَإِلَى سَمَاعِهِ طَرِيقَةٌ أَمْ لَا؟ (فَأَجَابَ) الْمَوْلَى الْمَذْكُورُ عَلَيْهِ رَحْمَةُ الرَّحِيمِ الْغَفُورِ: قَدْ حَرَّمَهُ مَنْ لَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ لِصِدْقِ مَقَالِهِ وَأَبَاحَهُ مَنْ لَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ لِقُوَّةِ حَالِهِ فَمَنْ وَجَدَ فِي قَلْبِهِ شَيْئًا مِنْ نُورِ الْمَعْرِفَةِ فَلْيَتَقَدَّمْ وَإِلَّا فَرُجُوعُهُ عَمَّا نَهَاهُ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ عَنْهُ أَحْكَمُ وَأَسْلَمُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ كَتَبَهُ الْفَقِيرُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْعِمَادِيُّ الْمُفْتِي بِدِمَشْقِ الشَّامِ عُفِيَ عَنْهُ. قَالَ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَرَأَيْتُ بِخَطِّهِ الشَّرِيفِ مَا صُورَتُهُ سُئِلَ الْمُنْلَا مُصْلِحُ الدِّينِ اللَّارِيُّ الْعَالِمُ الْمَشْهُورُ وَهُوَ حِينَئِذٍ مُقِيمٌ بِحَلَبِ عَنْ جَوَازِ جَمْعِ الدُّفِّ، وَالشَّبَّابَةِ، وَالسَّمَاعِ (فَأَجَابَ) أَنَّ كُلًّا مِنْهَا مُبَاحٌ فَاجْتِمَاعُهَا أَيْضًا مُبَاحٌ

مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ: أَنَّ أَفْرَادَ الْمُبَاحَاتِ وَمَجْمُوعَهَا عَنْ السَّوَاءِ إلَّا إذَا تَضَمَّنَ الْمَجْمُوعُ مَحْظُورًا لَا يَتَضَمَّنُهُ الْآحَادُ قَالَ قَدْ وَقَعَ الْمَنْعُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ زَمَانِنَا وَأَفْتَى جَدِّي بِالْجَوَازِ وَصَحَّحَ فَتْوَاهُ أَكَابِرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ مُعَاصِرِيهِ بِبِلَادِ فَارِسَ ثُمَّ نَقَلَ فَتْوَى جَدِّهِ بِطُولِهَا وَنَقَلَ قَوْلَ الْعَارِفِينَ وَتَحْرِيمَ النَّوَوِيِّ الشَّبَّابَةَ، وَقَالَ وَلَمْ يُقِمْ النَّوَوِيُّ دَلِيلًا عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ نَقَلَ تَصْحِيحَ الْجَلَالِ الدَّوَانِي فَتْوَى جَدِّهِ ثُمَّ كَلَامَ الدَّوَانِي فِي شَرْحِ الْهَيَاكِلِ حَيْثُ قَالَ الْإِنْسَانُ يَسْتَعِدُّ بِالْحَرَكَاتِ الْعِبَادِيَّةِ الْوَضِيعَةِ الشَّرْعِيَّةِ لِلشَّوَارِقِ الْقُدْسِيَّةِ بَلْ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَهْلِ التَّجْرِيدِ قَدْ يُشَاهِدُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ طَرَبًا قُدْسِيًّا مُزْعِجًا فَيَتَحَرَّكُونَ بِالرَّقْصِ، وَالتَّصْفِيقِ، وَالدَّوَرَانِ وَيَسْتَعِدُّونَ بِتِلْكَ الْحَرَكَةِ لِشُرُوقِ أَنْوَارٍ أُخَرَ إلَى أَنْ يَنْقَضِيَ ذَلِكَ الْحَالُ عَنْهُمْ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ كَمَا عَلَيْهِ تَجَارِبُ السَّالِكِينَ وَذَلِكَ سِرُّ السَّمَاعِ وَأَصْلُهُ الْبَاعِثُ لِلْمُتَأَهِّلِينَ عَلَى وَضْعِهِ حَتَّى قَالَ بَعْضُ أَعْيَانِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ: إنَّهُ قَدْ يَنْفَتِحُ لِلسَّالِكِينَ فِي مَجْلِسِ السَّمَاعِ مَا لَا يَنْفَتِحُ فِي الْأَرْبَعِينَاتِ. اهـ. وَقَدْ أَفْتَى أَيْضًا مُصْلِحٌ الْمَذْكُورُ بِإِبَاحَةِ الرَّقْصِ أَيْضًا بِشَرْطِ عَدَمِ التَّثَنِّي، وَالتَّكَسُّرِ. اهـ. قُلْت، وَالْحَقُّ الَّذِي هُوَ أَحَقُّ أَنْ يُتْبَعَ وَأَحْرَى أَنْ يُدَانَ بِهِ وَيُسْتَمَعَ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ سَيِّئَاتِ الْبِدَعِ حَيْثُ لَمْ يُنْقَلْ فِعْلُهُ عَنْ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ وَلَمْ يَقُلْ بِحِلِّهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ الْمُجْتَهِدِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ قَالَ الْأُسْتَاذُ السُّهْرَوَرْدِيُّ فِي عَوَارِفِ الْمَعَارِفِ وَنَاهِيك بِهِ مِنْ كِتَابٍ وَقَدْ تَكَلَّمَ عَلَى السَّمَاعِ فِي خَمْسَةِ أَبْوَابٍ مِنْهُ بِمَا هُوَ حَقُّ التَّحْقِيقِ وَلُبُّ اللُّبَابِ وَإِنْ أَنْصَفَ الْمُنْصِفُ وَتَفَكَّرَ فِي اجْتِمَاعِ أَهْلِ الزَّمَانِ وَقُعُودِ الْمُغَنِّي بِدُفِّهِ، وَالْمُشَبِّبِ بِشَبَّابَتِهِ وَتَصَوَّرَ فِي نَفْسِهِ هَلْ وَقَعَ مِثْلُ هَذَا الْجُلُوسِ، وَالْهَيْئَةِ بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ. وَهَلْ اسْتَحْضَرُوا أَقْوَالًا وَقَعَدُوا مُجْتَمَعِينَ لِاسْتِمَاعِهِ لَا شَكَّ بِأَنْ يُنْكَرَ ذَلِكَ مِنْ حَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَلَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ فَضِيلَةٌ تُطْلَبُ مَا أَهْمَلُوهَا فَمَنْ يُشِيرُ بِأَنَّهُ فَضِيلَةٌ تُطْلَبُ وَيُجْتَمَعُ لَهَا لَمْ يَحْظَ بِذَوْقِ مَعْرِفَةِ أَحْوَالِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابِهِ، وَالتَّابِعِينَ وَيَسْتَرْوِحُ إلَى اسْتِحْسَانِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَكَثِيرٌ يَغْلَطُ النَّاسُ بِهَذَا كُلَّمَا احْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِالسَّلَفِ الْمَاضِينَ يَحْتَجُّ بِالْمُتَأَخِّرِينَ فَكَانَ السَّلَفُ أَقْرَبَ إلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَدْيُهُمْ أَشْبَهَ بِهَدْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكُرِهَ لُبْسُ الْمُعَصْفَرِ، وَالْمُزَعْفَرِ الْأَحْمَرِ وَالْأَصْفَرِ لِلرِّجَالِ وَلَا بَأْسَ لِلنِّسَاءِ بِسَائِرِ الْأَلْوَانِ تَنْوِيرٌ مِنْ الْحَظْرِ وَيُكْرَهُ تَحْرِيمًا لِلرِّجَالِ الْأَحْمَرُ وَالْمُعَصْفَرُ وَقِيلَ تَنْزِيهًا عَلَائِيٌّ عَلَى الْمُلْتَقَى وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ كَرَاهِيَةَ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ وَالْمُزَعْفَرِ الْأَحْمَرِ لِلرِّجَالِ. اهـ. وَمَا فِي الْمُجْتَبَى وَشَرْحِ النُّقَايَةِ لِأَبِي الْمَكَارِمِ الْحَنَفِيِّ لَا بَأْسَ بِلُبْسِ الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ يُفِيدُ كَرَاهَةَ التَّنْزِيَةِ لَكِنْ صَرَّحَ صَاحِبُ تُحْفَةِ الْمُلُوكِ بِالْحُرْمَةِ فَأَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ وَهُوَ الْمَحْمَلُ عِنْدَ إطْلَاقٍ كَمَا تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ كَذَا فِي الْمِنَحِ وَمِثْلُهُ فِي مُعِينِ الْمُفْتِي، وَفِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَيُكْرَهُ الْأَحْمَرُ وَالْمُعَصْفَرُ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَهَى عَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ. اهـ. وَفِي الْمُحِيطِ وَيُكْرَهُ لُبْسُ الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ، وَالْمُعَصْفَرِ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إيَّاكُمْ، وَالْحُمْرَةَ فَإِنَّهَا زِيُّ الشَّيْطَانِ» وَلِأَنَّهَا كِسْوَةُ النِّسَاءِ وَيُكْرَهُ التَّشَبُّهُ بِهِنَّ. اهـ. وَلِلْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ فَتْوَى مُفَصَّلَةٌ طَوِيلَةٌ فِي حُرْمَةِ لُبْسِ الْأَحْمَرِ كَمَا فِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ، وَفِي الذَّخِيرَةِ. وَرَوَى مُحَمَّدٌ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ نَهْيَ الرِّجَالِ عَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ قِيلَ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنْ يَلْبَسَ الْمُعَصْفَرَ لِيُحَبِّبَ نَفْسَهُ إلَى النِّسَاءِ وَقِيلَ: النَّهْيُ عَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ وَالْمُزَعْفَرِ مُطْلَقًا فَقَدْ جَاءَ عَنْ «ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ وَإِيَّاكُمْ وَالْحُمْرَةَ فَإِنَّهَا لُبْسُ الشَّيْطَانِ» تَتَارْخَانِيَّةٌ مِنْ الِاسْتِحْسَانِ مِنْ الْفَصْلِ الْعَاشِرِ فِي اللِّبَاسِ، وَنَقَلَ الْأَنْقِرَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مِنْ الْكَرَاهِيَةِ فِي كِتَابِ الْكَسْبِ عَنْ الْوَجِيزِ هَكَذَا

فائدة وضع الستور والعمائم والثياب على قبور الصالحين الأولياء

وَيُكْرَهُ لُبْسُ الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ وَالْمُعَصْفَرِ. اهـ. وَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَشَرْحِ النُّقَايَةِ لِأَبِي الْمَكَارِمِ الْحَنَفِيِّ لَا بَأْسَ بِلُبْسِ الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ كَمَا تَقَدَّمَ يُفِيدُ كَرَاهَةَ التَّنْزِيَةِ (قُلْت) مَرْجِعُ نَقْلِ الْقُهُسْتَانِيِّ إلَى الزَّاهِدِيِّ فِي مُجْتَبَاهُ وَحَاوِيهِ وَنَقْلُ الزَّاهِدِيِّ لَا يُعَارِضُ نَقْلَ الْمُعْتَبَرَاتِ النُّعْمَانِيَّةِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ ابْنُ وَهْبَانَ أَنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ إلَى مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْقُنْيَةِ يَعْنِي الزَّاهِدَيَّ مُخَالِفًا لِلْقَوَاعِدِ مَا لَمْ يُعَضِّدْهُ نَقْلٌ مِنْ غَيْرِهِ وَمِثْلُهُ فِي النَّهْرِ أَيْضًا، وَفِي الرَّسَائِلِ الزَّيْنِيَّةِ فِي رِسَالَةِ رَفْعِ الْغِشَاءِ عَنْ وَقْتَيْ الْعَصْرِ، وَالْعِشَاءِ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِنُقُولِ الْفَتَاوَى إذَا عَارَضَهَا نَقُولُ الْمَذْهَبُ إنَّمَا يُسْتَأْنَسُ بِمَا فِي الْفَتَاوَى إذَا لَمْ يُوجَدْ مَا يُخَالِفُهَا مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ، وَفِي الرَّسَائِلِ الزَّيْنِيَّةِ أَيْضًا وَلَا يَحِلُّ الْإِفْتَاءُ مِنْ الْكُتُبِ الْغَرِيبَةِ. اهـ. وَاَلَّذِينَ اخْتَارُوا الْكَرَاهَةَ الْأَكْثَرُ فَسَقَطَ بِهَذَا مَا قَالَهُ الشرنبلالي فِي رِسَالَتِهِ الْمَشْهُورَةِ فِي لُبْسِ الْأَحْمَرِ مِنْ جَوَازِ لُبْسِ الْأَحْمَرِ عَنْ الْأَكْمَلِ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَ فِي عِبَارَتِهِ النَّصُّ عَلَى لُبْسِ الْأَحْمَرِ بَلْ لَيْسَ الْمُعَصْفَرُ وَعِبَارَتُهُ هَكَذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ، وَالتَّابِعُونَ فِي لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - يَجُوزُ لَكِنْ قَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُمْ أَفْضَلُ. اهـ. فَأَيْنَ النَّصُّ عَلَى جَوَازِ لُبْسِ الْأَحْمَرِ، وَقَوْلُ الْكَمَالِ كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَلْبَسُ يَوْمَ الْعِيدِ بُرْدَةً حَمْرَاءَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ فِيهَا خُطُوطًا حُمْرًا وَخُضْرًا كَمَا تَأَوَّلَ ذَلِكَ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَمَا نَقَلَهُ الشرنبلالي عَنْ الْعَيْنِيِّ فِي اسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ مِنْ جَوَازِ لُبْسِ الْأَحْمَرِ مِنْ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ فَذَاكَ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِنْبَاطُ لَا مِنْ حَيْثُ نَقْلُ الْمَذْهَبِ وَإِلَّا فَنَاقِلُ الْكَرَاهَةِ كَثِيرٌ بَلْ أَكْثَرُ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَعْمَلَ بِمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ كَمَا نَقَلَهُ الشرنبلالي نَفْسُهُ فِي شَرْحِ إمْدَادِ الْفَتَّاحِ مِنْ بَابِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ وَمِمَّا نَقَلَ الْكَرَاهَةَ الْحَدَّادِيُّ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَفِي الْمُحِيطِ وَالِاخْتِيَارِ وَالتَّنْوِيرِ وَالْمُلْتَقَى، وَفِي الذَّخِيرَةِ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَالْوَجِيزِ وَأَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ وَصَرَّحَ بِالْحُرْمَةِ فِي تُحْفَةِ الْمُلُوكِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِهِ بِالْحَدِيثِ الشَّرِيفِ وَنَصَّ فِي مَتْنِ مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ عَلَى الْحُرْمَةِ أَيْضًا وَعِبَارَتُهُ كَمَا نَقَلَهُ الشرنبلالي فِي رِسَالَتِهِ وَيَحْرُمُ لُبْسُ الْأَحْمَرِ، وَالْمُعَصْفَرِ. اهـ. عَلَى أَنَّ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْمُقَلِّدِ اتِّبَاعُ مَذْهَبِ إمَامِهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا نَقَلَهُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ هُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ لَا مَا نَقَلَهُ أَبُو الْمَكَارِمِ فَإِنَّهُ رَجُلٌ مَجْهُولٌ وَكِتَابُهُ كَذَلِكَ والقهستاني كَجَارِفِ سَيْلٍ وَحَاطِبِ لَيْلٍ خُصُوصًا وَاسْتِنَادُهُ إلَى كُتُبِ الزَّاهِدِيِّ الْمُعْتَزِلِيِّ فَكَانَ الْأَلْيَقُ فِي حَقِّهِ أَنْ يَقُولَ الِاخْتِلَافُ يُوصِلُهُ إلَى الْكَرَاهِيَةِ التَّنْزِيهِيَّةِ فَلَمْ يَبْقَ التَّحْرِيمُ كَمَا قِيلَ وَهَذِهِ عُجَالَةٌ سَمَحَ لِي بِهَا الْفَيَّاضُ الْعَلِيمُ بِبَرَكَةِ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا ثُمَّ رَأَيْت الْعَلَّامَةَ الْحَمَوِيَّ مِحَشِّي الْأَشْبَاهِ نَقَلَ فِي حَاشِيَتِهِ مِنْ أَحْكَامِ الْجُمُعَةِ أَنَّهُ رَوَى الْبَيْهَقِيّ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَلْبَسُ يَوْمَ الْعِيدِ بُرْدَةً حَمْرَاءَ» وَهِيَ كَمَا فِي فَتْحٍ عِبَارَةٌ عَنْ ثَوْبَيْنِ مِنْ الْيَمَنِ فِيهِمَا خُطُوطٌ حُمْرٌ وَخُضْرٌ لَا أَنَّهَا حَمْرَاءُ بَحْتٌ فَلْيَكُنْ مَحْمَلُ الْبُرْدَةِ أَحَدَهُمَا بِدَلِيلِ نَهْيِهِ عَنْ لُبْسِ الْأَحْمَرِ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالْقَوْلُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْفِعْلِ، وَالْحَاظِرُ عَلَى الْمُبِيحِ وَتَعَارَضَا فَكَيْفَ إذَا لَمْ يَتَعَارَضَا بِالْحَمْلِ الْمَذْكُورِ. اهـ. [فَائِدَةٌ وَضْعُ السُّتُورِ وَالْعَمَائِمِ وَالثِّيَابِ عَلَى قُبُورِ الصَّالِحِينَ الْأَوْلِيَاءِ] (فَائِدَةٌ) وَضْعُ السُّتُورِ، وَالْعَمَائِمِ، وَالثِّيَابِ عَلَى قُبُورِ الصَّالِحِينَ الْأَوْلِيَاءِ كَرِهَهُ الْفُقَهَاءُ حَتَّى قَالَ فِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ: وَتُكْرَهُ السُّتُورُ عَلَى الْقُبُورِ. اهـ. وَلَكِنْ نَحْنُ الْآنَ نَقُولُ إنْ كَانَ الْقَصْدُ بِذَلِكَ التَّعْظِيمَ فِي أَعْيُنِ الْعَامَّةِ حَتَّى لَا يَحْتَقِرُوا صَاحِبَ هَذَا الْقَبْرِ الَّذِي وُضِعَتْ عَلَيْهِ الثِّيَابُ، وَالْعَمَائِمُ وَلِجَلْبِ الْخُشُوعِ، وَالْأَدَبِ لِقُلُوبِ الْغَافِلِينَ الزَّائِرِينَ لِأَنَّ قُلُوبَهُمْ نَافِرَةٌ عِنْدَ الْحُضُورِ فِي التَّأَدُّبِ بَيْنَ يَدَيْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَدْفُونِينَ فِي تِلْكَ الْقُبُورِ كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ حُضُورِ رُوحَانِيَّتِهِمْ الْمُبَارَكَةِ عِنْدَ قُبُورِهِمْ فَهُوَ أَمْرٌ جَائِزٌ لَا يَنْبَغِي النَّهْيُ عَنْهُ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ بِدْعَةً عَلَى

فائدة في تيسير الوقوف

خِلَافِ مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ وَلَكِنْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ أَنَّهُ بَعْدَ طَوَافِ الْوَدَاعِ يَرْجِعُ الْقَهْقَرَى حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إجْلَالَ الْبَيْتِ حَتَّى قَالَ فِي مِنْهَاجِ السَّالِكِينَ: " وَمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ مِنْ الرُّجُوعِ الْقَهْقَرَى بَعْدَ الْوَدَاعِ فَلَيْسَ فِيهِ سُنَّةٌ مَرْوِيَّةٌ وَلَا أَثَرٌ مَحْكِيٌّ وَقَدْ فَعَلَهُ أَصْحَابُنَا. . . إلَخْ. اهـ. مِنْ كَشْفِ النُّورِ عَنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ لِلشَّيْخِ عَبْدِ الْغَنِيِّ النَّابُلُسِيِّ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ آمِينَ. [فَائِدَةٌ فِي تَيْسِيرِ الْوُقُوفِ] (فَائِدَةٌ) فِي تَيْسِيرِ الْوُقُوفِ لِلْمُنَاوِيِّ مِنْ آخِرِ الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ الْعِمَادُ بْنُ كَثِيرٍ فِي تَارِيخِهِ أَنَّ عُلَمَاءَ بَغْدَادَ مَنَعُوا فِي بَعْضِ السِّنِينَ تَعْلِيمَ الْأَطْفَالِ فِي الْمَسَاجِدِ إلَّا شَخْصًا وَاحِدًا كَانَ مَوْصُوفًا بِالصَّلَاحِ، وَالْخَيْرِ فَاسْتَثْنَوْهُ مِنْ الْمَنْعِ وَاسْتَفْتَوْا الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ أَئِمَّتِنَا وَالْقُدُورِيَّ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرَهُمَا فَأَفْتَوْا بِاسْتِثْنَائِهِ مُسْتَدِلِّينَ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِسَدِّ كُلِّ خَوْخَةٍ إلَّا خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَقَاسُوا اسْتِثْنَاءَهُمْ لِذَلِكَ الرَّجُلِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ وَهَذَا اسْتِنْبَاطٌ دَقِيقٌ لَا يُدْرِكُهُ إلَّا الْأَئِمَّةُ الْمُجْتَهِدُونَ. اهـ. [فَائِدَةٌ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ لِلْأَمْوَاتِ] (فَائِدَةٌ) أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ لِلْأَمْوَاتِ يَنْفَعُهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} [الحشر: 10] ، وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ» وَقَوْلِهِ «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا» وَاخْتَلَفُوا فِي وُصُولِ ثَوَابِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ إذَا قَالَ الْقَارِئُ: اللَّهُمَّ أَوْصِلْ ثَوَابَ مَا قَرَأْته إلَى فُلَانٍ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَصِلُ لِأَنَّهُ مَا هُوَ مِنْ سَعْيِ الْمَيِّتِ، وَالْإِنْسَانُ لَيْسَ لَهُ إلَّا مَا سَعَى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَصِلُ إلَيْهِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ إذَا مَاتَ الْعَبْدُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ وَوَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ وَعِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَهُ» ، وَعَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ سَبْعٌ يَجْرِي ثَوَابُهَا لِلْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا أَوْ أَجْرَى نَهْرًا أَوْ حَفَرَ بِئْرًا أَوْ غَرَسَ نَخْلًا أَوْ بَنَى مَسْجِدًا أَوْ كَتَبَ مُصْحَفًا أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ مِنْ السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ آخِرَ الْهِبَةِ قُبَيْلَ الْوَقْفِ. وَفِي الْإِتْقَانِ لِلسُّيُوطِيِّ: الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ اجْتَمَعُوا عَلَى وُصُولِ ثَوَابِ الْقِرَاءَةِ لِلْمَيِّتِ وَمَذْهَبُنَا خِلَافُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] . اهـ. سُئِلَ الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ عَمَّنْ قَرَأَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ وَقَالَ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ ثَوَابَ مَا قَرَأْته أَوْ مِثْلَ ثَوَابِ مَا قَرَأْته زِيَادَةً فِي شَرَفِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا مَعْنَى الزِّيَادَةُ مَعَ كَمَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ) : هَذَا مُخْتَرَعٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْقُرَّاءِ لَا أَعْرِفُ لَهُمْ سَلَفًا فِيهِ وَلَكِنْ هُوَ لَيْسَ بِمُحَالٍ كَمَا تَخَيَّلَهُ السَّائِلُ فَقَدْ وَرَدَ فِي رُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا. . . إلَخْ، فَلَعَلَّ الْمُخْتَرِعَ الْمَذْكُورَ قَاسَهُ عَلَى ذَلِكَ وَكَأَنَّهُ لَحَظَ أَنَّ مَعْنَى طَلَبِ الزِّيَادَةِ أَنْ تُتَقَبَّلَ قِرَاءَتُهُ فَيُثِيبُهُ عَلَيْهَا وَإِذَا أُثِيبَ أَحَدٌ مِنْ الْأُمَّةِ عَلَى فِعْلِ طَاعَةٍ مِنْ الطَّاعَاتِ كَانَ لِلَّذِي عَلَّمَهُ نَظِيرُ أَجْرِهِ وَلِلْمُعَلِّمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الشَّارِعُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمِيعُ ذَلِكَ فَهَذَا مَعْنَى الزِّيَادَةِ فِي شَرَفِهِ وَإِنْ كَانَ شَرَفُهُ مُسْتَقِرًّا حَاصِلًا وَإِذَا عُرِفَ هَذَا عُرِفَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الدَّاعِي اجْعَلْ مِثْلَ ثَوَابِ ذَلِكَ تَقَبَّلْ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ لِيَحْصُلَ مِثْلُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّا قَوْلُهُ: اجْعَلْ ثَوَابَ ذَلِكَ بِغَيْرِ لَفْظِ مِثْلَ فَلَهُ أَصْلٌ وَهُوَ الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ «عَنْ كَعْبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَجْعَلُ لَك صَلَاتِي كُلَّهَا قَالَ: إذًا تُكْفَى هَمَّك» . وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْمُرَادَ بِالصَّلَاةِ هُنَا الدُّعَاءُ وَقِيلَ: الصَّلَاةُ حَقِيقَةٌ، وَالْمُرَادُ نَفْسُ ثَوَابِهَا. اهـ. مِنْ الْجَوَاهِرِ وَالدُّرَرِ فِي تَرْجَمَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ حَجَرٍ، وَفِي الْفَتَاوَى الْحَدِيثِيَّةِ لِابْنِ حَجَرٍ الْهَيْثَمِيِّ وَمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ الْآنَ مِنْ سُؤَالِهِمْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُوَصِّلَ مِثْلَ ثَوَابِ مَا يَقْرَءُونَ إلَى النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَتَابِعِيهِمْ حَسَنٌ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ كَمَا بَيَّنْته فِي إفْتَاءٍ طَوِيلٍ غَيْرِ هَذَا، وَالْأَوْلَى لِلْقَارِئِ فِعْلُ ذَلِكَ مَعَ، وَالِدَيْهِ وَلَهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا وَتَفْضِيلُ أَحَدِهِمَا لَكِنَّ الْأَبَ أَوْلَى أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ

فائدة من البدع المنكرة

وَفَرَّقَهُمْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّفَقَةِ بِأَنَّ الْمَلْحَظَ مِنْ الزَّكَاةِ التَّطْهِيرُ، وَالْأَبُ أَحَقُّ وَمِنْ النَّفَقَةِ الْحَاجَةُ، وَالْأُمُّ أَحْوَجُ وَكَذَا يُقَالُ فِي الصَّدَقَةِ. اهـ. وَقَدْ أَجَازَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَالسُّبْكِيِّ وَالْبَازِرِيِّ وَبَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ الْحَنَابِلَةِ كَابْنِ عَقِيلٍ تَبَعًا لِعَلِيِّ بْنِ الْمُوَفَّقِ وَكَانَ فِي طَبَقَةِ الْجُنَيْدِ وَلِأَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ السَّرَّاجِ النَّيْسَابُورِيِّ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ إهْدَاءَ ثَوَابِ الْقُرْآنِ لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الَّذِي هُوَ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ وَالْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ الْمُجِيزِينَ وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: لَا يُسْتَحَبُّ بَلْ هُوَ بِدْعَةٌ. وَقَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ يُمْنَعُ وَابْنُ الْعَطَّارِ يَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ وَقَالَ ابْنُ الْجَزَرِيِّ لَا يُرْوَى عَنْ السَّلَفِ وَنَحْنُ بِهِمْ نَفْتَدِي ثُمَّ قَالَ: وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِجَوَازِهِ بَلْ بِاسْتِحْبَابِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا كَانَ يُهْدَى إلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ مِنْ الدُّنْيَا وَلِمَا طَلَبَ الدُّعَاءَ مِنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَحَثَّ الْأُمَّةَ عَلَى الدُّعَاءِ لَهُ بِالْوَسِيلَةِ عِنْدَ الْأَذَانِ ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ اتَّبَعْت وَإِنْ فَعَلْت فَقَدْ قِيلَ بِهِ. اهـ. كَلَامُ ابْنِ الْجَزَرِيِّ وَقَالَ الْكَمَالُ بْنُ حَمْزَةَ الْحُسَيْنِيُّ الْأَحْوَطُ التَّرْكُ مِنْ كَنْزِ الرَّاغِبِينَ لِلْبُرْهَانِ النَّاجِي مُلَخَّصًا. [فَائِدَةٌ مِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ] (فَائِدَةٌ) مِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ مَا يُفْعَلُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْبُلْدَانِ مِنْ إيقَادِ الْقَنَادِيلِ الْكَثِيرَةِ الْعَظِيمَةِ السَّرَفِ فِي لَيَالٍ مَعْرُوفَةٍ مِنْ السَّنَةِ كَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ مَفَاسِدُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا مُضَاهَاةُ الْمَجُوسِ فِي الِاعْتِنَاءِ بِالنَّارِ فِي الْإِكْثَارِ مِنْهَا وَمِنْهَا إضَاعَةُ الْمَالِ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ وَمِنْهَا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْمَفَاسِدِ مِنْ اجْتِمَاعِ الصِّبْيَانِ وَأَهْلِ الْبَطَالَةِ وَلَعِبِهِمْ وَرَفْعِ أَصْوَاتِهِمْ وَامْتِهَانِهِمْ الْمَسَاجِدَ وَانْتِهَاكِ حُرْمَتِهَا وَحُصُولِ أَوْسَاخٍ فِيهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَفَاسِدِ الَّتِي يَجِبُ صِيَانَةُ الْمَسْجِدِ عَنْهَا شَرْحُ الْمُهَذَّبِ لِلْإِمَامِ النَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَصَرَّحَ أَئِمَّتُنَا الْأَعْلَامُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُزَادَ عَلَى سِرَاجِ الْمَسْجِدِ سَوَاءٌ كَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ فِيهِ إسْرَافًا كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا قَالَ الْعَلَّامَةُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي رَبِيعِ الْأَبْرَارِ مِنْ بَابِ الطَّعَامِ وَأَلْوَانِهِ مَا نَصُّهُ " كَانَتْ سُنَّةُ السَّلَفِ أَنْ يُقَدِّمُوا جُمْلَةَ الْأَلْوَانِ دَفْعَةً لِيَأْكُلَ مَا يَشْتَهِيهِ. اهـ. فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ تَقْدِيمَ الْأَلْوَانِ جُمْلَةً مِنْ سُنَّةِ السَّلَفِ كَمَا هُوَ عَادَةُ الْعَرَبِ وَمَا يَفْعَلُهُ الْأَرْوَامُ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَلْوَانِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ مُسْتَدِلِّينَ بِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ لَوْنَيْنِ» فَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَا كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ لَوْنَيْنِ فِي لُقْمَةٍ وَاحِدَةٍ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ أَيْضًا فِي رَبِيعِ الْأَبْرَارِ مِنْ الْبَابِ الْمَزْبُورِ عَنْ «عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - مَا كَانَ يَجْتَمِعُ لَوْنَانِ فِي لُقْمَةٍ فِي فَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ كَانَ لَحْمًا لَمْ يَكُنْ خُبْزًا وَإِنْ كَانَ خُبْزًا لَمْ يَكُنْ لَحْمًا» . اهـ. (فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ) لِلْعَيْنِيِّ مِنْ كِتَابِ الْعِيدَيْنِ مِنْ بَابِ الْحِرَابِ، وَالدَّرَقِ يَوْمَ الْعِيدِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَمَّا الْغِنَاءُ فَلَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِهِ لِأَنَّهُ مِنْ اللَّهْوِ، وَاللَّعِبِ الْمَذْمُومِ بِالِاتِّفَاقِ أَمَّا مَا يَسْلَمُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فَيَجُوزُ الْقَلِيلُ مِنْهُ فِي الْأَعْرَاسِ، وَالْأَعْيَادِ وَشِبْهِهِمَا وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ تَحْرِيمُهُ وَبِهِ يَقُولُ أَهْلُ الْعِرَاقِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ كَرَاهَتُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَاسْتَدَلَّ جَمَاعَةٌ مِنْ الصُّوفِيَّةِ بِحَدِيثِ الْبَابِ عَلَى إبَاحَةِ الْغِنَاءِ وَسَمَاعِهِ بِآلَةٍ وَبِغَيْرِ آلَةٍ وَيُرَدُّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ غِنَاءَ الْجَارِيَتَيْنِ لَمْ يَكُنْ إلَّا فِي وَصْفِ الْحَرْبِ، وَالشَّجَاعَةِ وَمَا يَجْرِي فِي الْقِتَالِ فَلِذَلِكَ رَخَّصَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيهِ وَأَمَّا الْغِنَاءُ الْمُعْتَادُ الَّذِي يُحَرِّكُ السَّاكِنَ وَيُهَيِّجُ الْكَامِنَ الَّذِي فِيهِ وَصْفُ مَحَاسِنِ الصِّبْيَانِ، وَالنِّسَاءِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأُمُورِ الْمُحَرَّمَةِ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي تَحْرِيمِهِ وَلَا اعْتِبَارَ لِمَا أَبْدَعَهُ الْجَهَلَةُ مِنْ الصُّوفِيَّةِ فَإِنَّك إذَا تَحَقَّقْتَ أَقْوَالَهُمْ فِي ذَلِكَ وَرَأَيْت أَفْعَالَهُمْ وَقَفْتَ عَلَى آثَارِ الزَّنْدَقَةِ مِنْهُمْ وَسُئِلَ أَبُو يُوسُفَ عَنْ الدُّفِّ أَتَكْرَهُهُ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ لِمِثْلِ الْمَرْأَةِ فِي مَنْزِلِهَا، وَالصَّبِيِّ (قَالَ) : لَا أَكْرَهُهُ وَأَمَّا الَّذِي يَجِيءُ مِنْهُ اللَّعِبُ الْفَاحِشُ، وَالْغِنَاءُ فَإِنِّي أَكْرَهُهُ إلَى أَنْ قَالَ أَيْ الْعَيْنِيُّ وَقَالَ الْمُهَلَّبُ الَّذِي أَنْكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَثْرَةُ التَّنْغِيمِ وَإِخْرَاجُ الْإِنْشَادِ عَنْ وَجْهِهِ إلَى مَعْنَى

فائدة يخاصم ضارب الحيوان

التَّطْرِيبِ بِالْأَلْحَانِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ الْإِنْشَادَ وَإِنَّمَا أَنْكَرَ مُشَابَهَتَهُ الزَّمْرَ بِمَا كَانَ فِي الْغِنَاءِ الَّذِي فِيهِ اخْتِلَافُ النَّغَمَاتِ وَطَلَبُ الْإِطْرَابِ فَهُوَ الَّذِي يُخْشَى مِنْهُ وَقَطْعُ الذَّرِيعَةِ فِيهِ أَحْسَنُ وَمَا كَانَ دُونَ ذَلِكَ مِنْ الْإِنْشَادِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ حَتَّى لَا يَخْفَى مَعْنَى الْبَيْتِ وَمَا أَرَادَهُ الشَّاعِرُ بِشَعْرِهِ فَغَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ رَخَّصَ فِي غِنَاءِ الْأَعْرَابِ وَهُوَ صَوْتٌ كَالْحِدَاءِ يُسَمَّى النَّصَبُ إلَّا أَنَّهُ رَقِيقٌ. اهـ. [فَائِدَةٌ يُخَاصَمُ ضَارِبُ الْحَيَوَانِ] (فَائِدَةٌ) فِي الْبَزَّازِيَّةِ يُخَاصَمُ ضَارِبُ الْحَيَوَانِ لَا بِوَجْهِهِ لَا بِوَجْهِهِ إلَّا بِوَجْهِهِ وَلَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَدَرِّبِ الْمُتَدَبِّرِ، وَالْمُتَتَبِّعِ الْمُتَّجِرِ أَنَّ فِي هَذَا إيمَاءً إلَى مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ تُضْرَبُ الدَّابَّةُ عَلَى النِّفَارِ وَلَا تُضْرَبُ عَلَى الْعِثَارِ وَعَلَى هَذَا فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: أَوَّلًا لَا بِوَجْهِهِ عَائِدٌ إلَى الضَّرْبِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ ضَارِبٌ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] أَيْ الْعَدْلُ فَمَعْنَاهُ حِينَئِذٍ يُخَاصَمُ ضَارِبُ الْحَيَوَانِ أَيْ يُنْهَى عَنْ ضَرْبِهِ حَالَ كَوْنِ ضَرْبِهِ لَا عَلَى وَجْهِهِ الَّذِي أَبَاحَهُ الشَّارِعُ بِأَنْ ضَرَبَ الدَّابَّةَ عَلَى الْعِثَارِ مَثَلًا لِأَنَّ الْعِثَارَ مِنْ سُوءِ إمْسَاكِ الرَّاكِبِ اللِّجَامَ لَا مِنْ الدَّابَّةِ فَيُنْهَى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ضَارِبُ الْحَيَوَانِ عَنْ ضَرْبِهِ وَقَوْلُهُ: ثَانِيًا لَا بِوَجْهِهِ أَيْ لَا يُخَاصَمُ ضَارِبُ الْحَيَوَانِ إذَا كَانَ ضَرَبَهُ عَلَى وَجْهِ الضَّرْبِ الَّذِي أَبَاحَهُ الشَّارِعُ بِأَنْ كَانَ ضَرَبَهُ عَلَى النِّفَارِ مَثَلًا لِأَنَّ النِّفَارَ مِنْ سُوءِ خُلُقِ الدَّابَّةِ فَتُؤَدَّبُ عَلَى ذَلِكَ فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ ثَانِيًا لَا بِوَجْهِهِ عَائِدٌ إلَى الضَّرْبِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِضَارِبٍ أَيْضًا وَقَدْ أَشْبَهَ هَذَا النَّفْيُ مِنْ النَّفْيِ مَا وَقَعَ فِي الْكَافِيَةِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ حَيْثُ قَالَ: فَيُطَابِقُ فِيهِمَا مَا قَصَدَ إلَّا إذَا كَانَ جِنْسًا إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْأَنْوَاعَ وَقَوْلُهُ إلَّا بِوَجْهِهِ الضَّمِيرُ فِيهِ عَائِدٌ إلَى الْحَيَوَانِ، وَالْمُرَادُ بِهِ حِينَئِذٍ الْعُضْوُ وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ النَّفْيِ الثَّانِي الَّذِي دَلَّ مَفْهُومُهُ عَلَى عَدَمِ مُخَاصَمَةِ ضَارِبِ الْحَيَوَانِ حَيْثُ ضَرَبَهُ مَثَلًا عَلَى النِّفَارِ الَّذِي أَبَاحَهُ الشَّارِعُ أَيْ لَا تَجُوزُ مُخَاصَمَتُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْ لَا يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ إلَّا إذَا ضَرَبَهُ عَلَى وَجْهِهِ أَيْ عُضْوِهِ فَإِنَّهُ يُنْهَى عَنْ ذَلِكَ لِنَهْيِ الشَّارِعِ عَنْ الضَّرْبِ عَلَى الْوَجْهِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الَّذِي قَصَدَهُ صَاحِبُ الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ عِبَارَتِهِ الَّتِي أَغْرَبَ فِيهَا وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا كَذَا رَأَيْته بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ. قَالَ فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى: لَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ بَرِئَ مِنْ مَذْهَبِهِ فِي مَسْأَلَةٍ أَوْ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا بِاجْتِهَادٍ لِمَا وَضَحَ لَهُ مِنْ دَلِيلِ الْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ الْحِجَجِ لَمْ يَكُنْ مَلُومًا وَلَا مَذْمُومًا بَلْ كَانَ مَأْجُورًا مَحْمُودًا وَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْهُ وَهَكَذَا أَفْعَالُ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ فَأَمَّا الَّذِي لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فَانْتَقَلَ مِنْ قَوْلٍ إلَى قَوْلٍ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ لَكِنْ لِمَا يَرْغَبُ مِنْ غَرَضِ الدُّنْيَا وَشَهْوَتِهَا فَهُوَ مَذْمُومٌ آثِمٌ مُسْتَوْجِبٌ لِلتَّأْدِيبِ، وَالتَّعْزِيرِ لِارْتِكَابِهِ الْمُنْكَرَ فِي الدِّينِ وَاسْتِخْفَافِهِ بِدِينِهِ وَمَذْهَبِهِ. اهـ. وَنَقَلَ السُّيُوطِيّ فِي رِسَالَتِهِ الْمُسَمَّاةِ بِجَزِيلِ الْمَوَاهِبِ فِي اخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ مِنْ فَصْلِ الِانْتِقَالِ مِنْ مَذْهَبٍ إلَى مَذْهَبٍ وَهُوَ جَائِزٌ إلَى أَنْ قَالَ وَأَقُولُ: لِلْمُنْتَقِلِ أَحْوَالٌ: الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ الْحَامِلُ لَهُ عَلَى الِانْتِقَالِ أَمْرًا دُنْيَوِيًّا كَحُصُولِ وَظِيفَةٍ أَوْ مُرَتَّبٍ أَوْ قُرْبٍ مِنْ الْمُلُوكِ وَأَهْلِ الدُّنْيَا فَهَذَا حُكْمُهُ كَمُهَاجِرِ أُمِّ قَيْسٍ لِأَنَّ الْأُمُورَ بِمَقَاصِدِهَا ثُمَّ لَهُ حَالَانِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ عَارِيًّا مِنْ مَعْرِفَةِ الْفِقْهِ لَيْسَ لَهُ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ سِوَى اسْمِ شَافِعِيٍّ أَوْ حَنَفِيٍّ كَغَالِبِ مُتَعَمِّمِي زَمَانِنَا أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ فِي الْمَدَارِسِ حَتَّى أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ شَيْخَنَا الْعَلَّامَةَ الْكَافِيجِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَرَّةً يَكْتُبُ لَهُ عَلَى قِصَّةٍ تَعْلِيقًا بِوِلَايَةِ أَوَّلِ وَظِيفَةٍ تَشْغَرُ بالشيخونية فَقَالَ لَهُ: مَا مَذْهَبُك فَقَالَ: مَذْهَبِي خُبْزٌ وَطَعَامٌ يَعْنِي وَظِيفَةً أَمَّا فِي الشَّافِعِيَّةِ أَوْ الْمَالِكِيَّةِ أَوْ الْحَنَابِلَةِ فَإِنَّ الْحَنَفِيَّةَ فِي الشَّيْخُونِيَّةِ لَا خُبْزَ لَهُمْ وَلَا طَعَامَ فَهَذَا أَمْرُهُ فِي الِانْتِقَالِ أَخَفُّ لَا يَصِلُ إلَى حَدِّ التَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ إلَى الْآنَ عَامِّيٌّ لَا مَذْهَبَ لَهُ يُحَقِّقُهُ فَهُوَ يَسْتَأْنِفُ مَذْهَبًا جَدِيدًا ثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا فِي مَذْهَبٍ وَيُرِيدَ الِانْتِقَالَ لِهَذَا الْغَرَضِ فَهَذَا أَمْرُهُ أَشَدُّ وَعِنْدِي.

أَنَّهُ يَصِلُ إلَى حَدِّ التَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ تَلَاعُبٌ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ لِمُجَرَّدِ غَرَضِ الدُّنْيَا. الْحَالُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الِانْتِقَالُ لِغَرَضٍ دِينِيٍّ وَلَهُ صُورَتَانِ: الْأُولَى أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا فِي مَذْهَبِهِ وَقَدْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ الْمَذْهَبُ الْآخَرُ لِمَا رَآهُ مِنْ وُضُوحِ أَدِلَّتِهِ وَقُوَّةِ مَدَارِكِهِ فَهَذَا مَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِانْتِقَالُ أَوْ يَجُوزُ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَلِهَذَا لَمَّا قَدِمَ الشَّافِعِيُّ مِصْرَ تَحَوَّلَ أَكْثَرُ أَهْلِهَا شَافِعِيَّةً بَعْدَ أَنْ كَانُوا مَالِكِيَّةً، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ عَارِيًّا مِنْ الْفِقْهِ وَقَدْ اشْتَغَلَ بِمَذْهَبِهِ فَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ وَوَجَدَ مَذْهَبَ غَيْرِهِ سَهْلًا عَلَيْهِ سَرِيعًا إدْرَاكَهُ بِحَيْثُ يَرْجُو التَّفَقُّهَ فِيهِ فَهَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِانْتِقَالُ قَطْعًا وَيَحْرُمُ التَّخَلُّفُ لِأَنَّ التَّفَقُّهَ عَلَى مَذْهَبِ إمَامٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ خَيْرٌ مِنْ الِاسْتِمْرَارِ عَلَى الْجَهْلِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ التَّمَذْهُبِ سِوَى اسْمِ حَنَفِيٍّ أَوْ شَافِعِيٍّ أَوْ مَالِكِيٍّ فَالتَّمَذْهُبُ عَلَى مَذْهَبِ أَيِّ إمَامٍ كَانَ خَيْرٌ مِنْ الْجَهْلِ بِالْفِقْهِ عَلَى كُلِّ الْمَذَاهِبِ فَإِنَّ الْجَهْلَ بِالْفِقْهِ تَقْصِيرٌ كَبِيرٌ، وَقَلَّ أَنْ تَصِحَّ مَعَهُ عِبَادَةٌ وَأَظُنُّ هَذَا هُوَ السَّبَبُ لِتَحَوُّلِ الطَّحَاوِيِّ حَنَفِيًّا بَعْدَ أَنْ كَانَ شَافِعِيًّا فَإِنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ عَلَى خَالِهِ الْمُزَنِيِّ فَاعْتَاصَ عَلَيْهِ الْفَهْمُ يَوْمًا فَحَلَفَ الْمُزَنِيّ أَنَّهُ لَا يَجِيءُ مِنْهُ فَانْتَقَلَ حَنَفِيًّا فَفُتِحَ عَلَيْهِ وَصَنَّفَ كِتَابَهُ شَرْحَ مَعَانِي الْآثَارِ فَكَانَ إذَا قُرِئَ عَلَيْهِ يَقُولُ لَوْ عَاشَ خَالِي كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ حَكَى هَذِهِ الْحِكَايَةَ لَا حِنْثَ عَلَى الْمُزَنِيِّ لِأَنَّ مُرَادَهُ لَا يَجِيءُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ قُلْتُ: وَلَا يُسْتَنْكَرُ ذَلِكَ فَرُبَّ شَخْصٍ يُفْتَحُ عَلَيْهِ فِي عِلْمٍ دُونَ عِلْمٍ، وَفِي مَذْهَبٍ دُونَ مَذْهَبٍ وَهِيَ قِسْمَةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ وَعَلَامَةُ الْإِذْنِ التَّيْسِيرُ. الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الِانْتِقَالُ لَا لِغَرَضٍ دِينِيٍّ وَلَا لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ بَلْ مُجَرَّدًا عَنْ الْقَصْدِ فَهَذَا يَجُوزُ لِلْعَامِّيِّ وَيُكْرَهُ أَوْ يُمْنَعُ لِلْفَقِيهِ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ فِقْهُ ذَلِكَ الْمَذْهَبِ وَيَحْتَاجُ إلَى زَمَنٍ آخَرَ لِتَحْصِيلِ فِقْهِ هَذَا الْمَذْهَبِ فَيَشْغَلُهُ ذَلِكَ عَمَّا هُوَ الْأَهَمُّ مِنْ الْعَمَلِ بِمَا تَعَلَّمَهُ وَقَدْ يَنْقَضِي الْعُمُرُ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْمَذْهَبِ الثَّانِي فَالْأَوْلَى تَرْكُ ذَلِكَ انْتَهَتْ عِبَارَةُ الرِّسَالَةِ. قَالَ الْإِمَامُ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي الثُّومِ النِّيءِ وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ قُلْتُ: الْعِلَّةُ أَذَى الْمَلَائِكَةِ وَأَذَى الْمُسْلِمِينَ فَيَخْتَصُّ النَّهْيُ بِالْمَسَاجِدِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا وَلَا يَخْتَصُّ بِمَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بَلْ الْمَسَاجِدُ كُلُّهَا سَوَاءٌ عَمَلًا بِرِوَايَةِ مَسَاجِدَنَا بِالْجَمْعِ وَشَذَّ مَنْ خَصَّهُ بِمَسْجِدِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَيُلْحَقُ بِمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ كُلُّ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ مِنْ الْمَأْكُولَاتِ وَغَيْرِهَا وَإِنَّمَا خَصَّ الثُّومَ هُنَا بِالذِّكْرِ، وَفِي غَيْرِهِ أَيْضًا بِالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ لِكَثْرَةِ أَكْلِهِمْ لَهَا وَكَذَلِكَ أُلْحَقَ بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ مَنْ بِفِيهِ بَخْرٌ أَوْ بِهِ جُرْحٌ لَهُ رَائِحَةٌ وَكَذَلِكَ الْقَصَّابُ، وَالسَّمَّاكُ وَالْمَجْذُومُ وَالْأَبْرَصُ أَوْلَى بِالْإِلْحَاقِ. وَصَرَّحَ بِالْمَجْذُومِ ابْنُ بَطَّالٍ وَنَقَلَ عَنْ سَحْنُونٍ لَا أَرَى الْجُمُعَةَ عَلَيْهِمَا وَاحْتَجَّ بِالْحَدِيثِ وَأَلْحَقَ بِالْحَدِيثِ كُلَّ مَنْ آذَى النَّاسَ بِلِسَانِهِ فِي الْمَسْجِدِ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَهُوَ أَصْلٌ فِي نَفْيِ كُلِّ مَا يَتَأَذَّى بِهِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُعْذَرَ مَنْ كَانَ مَعْذُورًا بِأَكْلِ مَا لَهُ رِيحٌ كَرِيهَةٌ لِمَا رَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ «الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ انْتَهَيْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَجَدَ مِنِّي رِيحَ الثُّومِ فَقَالَ: مَنْ أَكَلَ الثُّومَ؟ قَالَ فَأَخَذْتُ يَدَهُ فَأَدْخَلْتهَا فَوَجَدَ صَدْرِي مَعْصُوبًا فَقَالَ: إنَّ لَك عُذْرًا» ، وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ «اشْتَكَيْتُ صَدْرِي فَأَكَلْته» ، وَفِيهِ «فَلَمْ يُعَنِّفْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . اهـ. وَفِيهِ مِنْ الْبَابِ الْمَذْكُورِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَكْلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عُذْرٌ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ الْجَمَاعَةِ وَأَيْضًا هُنَا عِلَّتَانِ إحْدَاهُمَا أَذَى الْمُسْلِمِينَ، وَالثَّانِيَةُ أَذَى الْمَلَائِكَةِ فَبِالنَّظَرِ إلَى الْعِلَّةِ الْأُولَى يُعْذَرُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَحُضُورِ الْمَسْجِدِ وَبِالنَّظَرِ إلَى الثَّانِيَةِ يُعْذَرُ فِي تَرْكِ حُضُورِ الْمَسْجِدِ وَلَوْ كَانَ وَحْدَهُ. اهـ. وَرَأَيْتُ فِي شَرْحِ الْعَلَائِيِّ عَلَى التَّنْوِيرِ مِنْ شَتَّى الْفَرَائِضِ نَقْلًا عَنْ الْمُبْتَغَى بِالْمُعْجَمَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ حَرْقُ جَرَادٍ وَقَمْلَةٍ وَعَقْرَبٍ وَلَا بَأْسَ بِإِحْرَاقِ حَطَبٍ فِيهِ نَمْلٌ. اهـ.

فائدة الأمر بالمعروف على وجوه

وَقَالَ فِي التَّنْوِيرِ أَيْضًا مِنْ الْمَحَلِّ الْمَزْبُورِ وَيَجُوزُ فَصْدُ الْبَهَائِمِ وَكَيُّهَا وَكُلُّ عِلَاجٍ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهَا وَجَازَ قَتْلُ مَا يَضُرُّ مِنْهَا كَكَلْبٍ عَقُورٍ وَهِرَّةٍ وَيَذْبَحُهَا ذَبْحًا قَالَ الْعَلَائِيُّ وَلَا يَضُرُّ بِهَا لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ وَلَا يَحْرِقُهَا اهـ. قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَالْبَهِيمَةُ كُلُّ ذَوَاتِ أَرْبَعٍ مِنْ دَوَابِّ الْبَرِّ، وَالْبَحْرِ وَكُلُّ حَيَوَانٍ لَا يُمَيِّزُ فَهُوَ بَهِيمَةٌ. اهـ. فَمُقْتَضَاهُ أَنْ يُقَالَ لِلْجَرَادِ بَهِيمَةٌ لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ لَا يُمَيِّزُ وَأَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُهُ بِمَا سِوَى الْإِحْرَاقِ إنْ أَضَرَّ، وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى مِنْ آخِرِ الْبَابِ السَّادِسِ مِنْ الْجِنَايَاتِ قَالَ: مَلِكُ الْمُلُوكِ لَمَّا سُئِلَ عَنْ قَتْلِ الزُّنْبُورِ، وَالْحَشَرَاتِ الْمُؤْذِيَةِ كَالْكَلْبِ وَغَيْرِهِ هَلْ يَجُوزُ قَالَ: يَجِبُ قَتْلُ الْآدَمِيِّ الْمُؤْذِي فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ إذَا كَانَ مُؤْذِيًا. اهـ. قَالَ الْعَلَّامَةُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ مِنْ بَابِ التَّعْزِيرِ: قَوْلُهُ " وَالْحَشَرَاتِ الْمُؤْذِيَةِ قَيَّدَ بِهَا لِأَنَّ مَا لَا يُؤْذِي مِنْ الْحَيَوَانَاتِ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ، قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ يُكْرَهُ أَنْ يَقْتُلَ مَا لَا يُؤْذِيهِ اهـ. وَالْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ لِأَنَّهَا إذَا أُطْلِقَتْ فِي بَابِهَا يُرَادُ بِهَا ذَلِكَ. اهـ. كَلَامُ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَقَالَ الْعَلَائِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْوِيرِ مِنْ بَابِ التَّعْزِيرِ: وَأَفْتَى النَّاصِحِيُّ بِوُجُوبِ قَتْلِ كُلِّ مُؤْذٍ. اهـ. وَأَفْتَى الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهُ إلَّا بِالْحَرْقِ جَازَ وَعِبَارَتُهُ فِي التُّحْفَةِ " وَقَضِيَّةُ جَوَازِ قَلْيِ وَشَيِّ الْجَرَادِ حِلُّ حَرْقِهِ مُطْلَقًا لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي يُدْفَعُ عَنْ نَحْوِ زَرْعٍ بِالْأَخَفِّ فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ إلَّا بِالْحَرْقِ جَازَ. اهـ. وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ يَجُوزُ حَرْقُ النَّمْلِ الصَّغِيرِ وَلَوْ تَضَرَّرَ بِجَرَادٍ أَوْ نَمْلٍ دُفِعَ كَالصَّائِلِ فَإِنْ تَعَيَّنَ إحْرَاقُهُ طَرِيقًا لِدَفْعِهِ جَازَ. اهـ. وَفِي كِتَابِ مَطْلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ كُتُبِ أَئِمَّتِنَا الْحَنَفِيَّةِ لِلشَّيْخِ بَدْرِ الدِّينِ بْنِ تَاجِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ اللَّاهُورِيِّ مِنْ فَصْلٍ فِي إحْرَاقِ وَقَتْلِ الْحَيَوَانَاتِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي قَتْلِ الْجَرَادِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ، وَقَالَ أَهْلُ الْفِقْهِ كُلُّهُمْ لَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ مَنْ كَرِهَ قَتْلَهُ قَالَ لِأَنَّهُ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ يَأْكُلُ مِنْ رِزْقِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَجْرِي عَلَيْهِ الْقَلَمُ وَأَمَّا مَنْ قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ فَلِأَنَّ فِي تَرْكِهِ إفْسَادَ الْأَمْوَالِ وَقَدْ رَخَّصَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتْلَ الْمُسْلِمِ إذَا أَرَادَ أَخْذَ مَالِهِ فَالْجَرَادُ إذَا أَرَادَ إفْسَادَ مَالِهِ فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يَجُوزَ قَتْلُهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا أَنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُ الْحَيَّةِ، وَالْعَقْرَبِ لِأَنَّهُمَا يُؤْذِيَانِ الْإِنْسَانَ وَكَذَلِكَ الْجَرَادُ كَذَا فِي بُسْتَانِ أَبِي اللَّيْثِ. اهـ. فَصَرِيحُ عِبَارَةِ هَذَيْنِ الْإِمَامَيْنِ أَنَّهُ إذَا تَعَيَّنَ إحْرَاقُهُ طَرِيقًا لِدَفْعِهِ جَازَ إحْرَاقُهُ عِنْدَ السَّادَةِ الشَّافِعِيَّةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -، وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَعْنِي سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ وَأَلْفٍ جَاءَ مِنْ الْجَرَادِ شَيْءٌ كَثِيرٌ بِدِمَشْقَ وَقَدْ قَتَلَ أَهْلُ دِمَشْقَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنْهُ فِي السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ اللَّهُمَّ: اُقْتُلْ كِبَارَهَا وَأَمِتْ صِغَارَهَا وَأَفْسِدْ بِيضَهَا وَادْفَعْ شَرَّهَا عَنْ أَرْزَاقِ الْمُسْلِمِينَ بِجَاهِ النَّبِيِّ الْأَمِينِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَقَدْ رَأَيْت مُؤَلَّفًا حَسَنًا فِي الْجَرَادِ لِلشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْحَنْبَلِيِّ الرَّجَحِيِّ الدِّمَشْقِيِّ الشَّيْبَانِيِّ أَتَى فِيهِ بِالْفَوَائِدِ الْحِسَانِ عَلَيْهِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى الرَّحْمَةُ وَالرِّضْوَانُ، سَمَّاهُ " الْإِرْشَادُ فِي الْجَرَادِ ". [فَائِدَةٌ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى وُجُوهٍ] (فَائِدَةٌ) فِي الذَّخِيرَةِ، وَالْمُغْنِي وَبُسْتَانِ أَبِي اللَّيْثِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى وُجُوهٍ إنْ كَانَ يَعْلَمُ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ يَتَّعِظُونَ وَيَمْتَنِعُونَ عَنْ الْمُنْكَرِ فَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ لَا يَسَعُهُ تَرْكُهُ لَوْ عَلِمَ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَوْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ يَقْذِفُونَهُ وَيَشْتُمُونَهُ فَتَرْكُهُ أَفْضَلُ وَكَذَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يَضْرِبُونَهُ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى ذَلِكَ وَتَقَعُ بَيْنَهُمْ الْعَدَاوَةُ أَوْ يَهِيجُ مِنْهُمْ الْقِتَالُ فَتَرْكُهُ أَفْضَلُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَصْبِرُ عَلَى ضَرْبِهِمْ وَلَمْ يَشْكُ إلَى أَحَدٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَهُوَ مُجَاهِدٌ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ مِنْهُ وَلَا يَخَافُ ضَرْبًا وَلَا شَتْمًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ أَفْضَلُ وَذَكَرَهُ الْمَحْبُوبِيُّ مُطْلَقًا فَقَالَ: الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَاجِبٌ أَوْ فَرْضٌ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُمْ يَتْرُكُونَ الْفِسْقَ بِالْأَمْرِ وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَ لَا يَكُونُ إثْمًا فِي تَرْكِهِ مِنْ الْبِنَايَةِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ الْعَيْنِيِّ مِنْ أَوَاخِرِ كِتَابِ الْغَصْبِ. [فَائِدَةٌ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ] (فَائِدَةٌ) أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ

فائدة من مات على الكفر أبيح لعنه إلا والدي رسول الله صلى الله عليه وسلم

عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ» قَالَ فِي النِّهَايَةِ إحْفَاءُ الشَّوَارِبِ أَنْ يُبَالِغَ فِي قَصِّهَا قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ سُنَنِ أَبِي دَاوُد الْحِكْمَةُ فِي قَصِّ الشَّوَارِبِ أَمْرٌ دِينِيٌّ وَهُوَ مُخَالَفَةُ شِعَارِ الْمَجُوسِ فِي إعْفَائِهِ كَمَا ثَبَتَ التَّعْلِيلُ بِهِ فِي الصَّحِيحِ وَأَمْرٌ دُنْيَوِيٌّ وَهُوَ تَحْسِينُ الْهَيْئَةِ، وَالتَّنْظِيفُ مِمَّا يَعْلُقُ بِهِ مِنْ الدُّهْنِ، وَالْأَشْيَاءِ الَّتِي تَلْصَقُ بِالْمَحَلِّ كَالْعَسَلِ، وَالْأَشْرِبَةِ وَنَحْوِهَا وَقَدْ يَرْجِعُ تَحْسِينُ الْهَيْئَةِ إلَى الدِّينِ أَيْضًا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قَبُولِ قَوْلِ صَاحِبِهِ وَامْتِثَالِ أَمْرِهِ مِنْ أَرْبَابِ الْأَمْرِ كَالسُّلْطَانِ، وَالْمُفْتِي، وَالْخَطِيبِ وَنَحْوِهِمْ وَلَعَلَّ فِي قَوْله تَعَالَى {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [غافر: 64] إشَارَةً إلَيْهَا فَإِنَّهُ يُنَاسِبُ الْأَمْرَ بِمَا يَزِيدُ فِي هَذَا كَأَنَّهُ قَالَ قَدْ أَحْسَنَ صُوَرَكُمْ فَلَا تُشَوِّهُوهَا بِمَا يُقَبِّحُهَا وَكَذَا قَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ إبْلِيسَ {وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء: 119] فَإِنْ إبْقَاءَ مَا يُشَوِّهُ الْخِلْقَةَ تَغْيِيرٌ لَهَا لِكَوْنِهِ تَغْيِيرًا لِحُسْنِهَا ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيّ وَمُقْتَضَاهُ تَأَدِّي السُّنَّةَ بِحُصُولِ مُسَمَّى الْقَصِّ لَكِنْ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عُمَيْرٍ «أَحْفُوا الشَّوَارِبَ» وَهُوَ دَالٌّ عَلَى اسْتِحْبَابِ قَدْرٍ زَائِدٍ عَلَى الْقَصِّ وَيُسَاعِدُهُ الْمَعْنَى الَّذِي شُرِعَ قَصُّ الشَّوَارِبِ لِأَجْلِهِ وَهُوَ إمَّا مُخَالَفَةُ شِعَارِ الْمَجُوسِ أَوْ زَوَالُ الْمَفَاسِدِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِبَقَائِهِ فَأَخَذَ بَعْضُهُمْ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ: أَحْفُوا وَذَهَبَ إلَى اسْتِئْصَالِهِ وَحَلَقَهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ وَبَعْضُ التَّابِعِينَ وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ وَمَنَعَ آخَرُونَ الْحَلْقَ، وَالِاسْتِئْصَالَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ. اهـ. وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَرَدَ الْخَبَرُ بِلَفْظِ الْقَصِّ فِي أَكْثَرِ الْأَحَادِيثِ وَوَرَدَ بِلَفْظِ الْحَلْقِ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ وَوَرَدَ بِلَفْظِ جُزُّوا عِنْدَ مُسْلِمٍ وَبِلَفْظِ أَحْفُوا وَبِلَفْظِ انْهَكُوا. وَكُلُّ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ الْمُبَالَغَةُ فِي الْإِزَالَةِ لِأَنَّ الْجَزَّ وَهُوَ بِالْجِيمِ، وَالزَّايِ الثَّقِيلَةِ قَصُّ الشَّعْرِ، وَالصُّوفِ إلَى أَنْ يَبْلُغَ الْجِلْدَ، وَالْإِحْفَاءُ بِالْمُهْمَلَةِ، وَالْفَاءِ الِاسْتِقْصَاءُ وَمِنْهُ حَتَّى أَحَفُّوهُ بِالْمَسْأَلَةِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ: مَعْنَاهُ أَلْزَقُوا الْجَزَّ بِالْبَشَرَةِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ مَعْنَى الِاسْتِقْصَاءِ، وَالنَّهْكُ بِالنُّونِ، وَالْكَافِ الْمُبَالَغَةُ فِي الْإِزَالَةِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ لَمْ أَرَ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ شَيْئًا مَنْصُوصًا وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ رَأَيْنَاهُمْ كَالْمُزَنِيِّ وَالرَّبِيعِ كَانُوا يَحُفُّونَ وَمَا أَظُنُّهُمْ أَخَذُوا ذَلِكَ إلَّا عَنْهُ وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَقُولُ إنَّ الْإِحْفَاءَ أَفْضَلُ مِنْ الْقَصِّ وَأَغْرَبَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فَنَقَلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ حَلْقُ الشَّارِبِ، وَقَالَ الْأَثْرَمُ كَانَ أَحْمَدُ يُحْفِي شَارِبَهُ إحْفَاءً شَدِيدًا وَنَصَّ عَلَى أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْقَصِّ وَلَا تَعَارُضَ فَإِنَّ الْقَصَّ يَدُلُّ عَلَى أَخْذِ الْبَعْضِ، وَالْإِحْفَاءَ يَدُلُّ عَلَى أَخْذِ الْكُلِّ وَكِلَاهُمَا ثَابِتٌ فَيَتَخَيَّرُ فِيمَا شَاءَ مِنْ بُلُوغِ الْمَآرِبِ فِي قَصِّ الشَّارِبِ لِلْعَلَّامَةِ السُّيُوطِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَسُئِلَ الْمُؤَلِّفُ نَظْمًا أَيَا مَجْمَعَ الْآدَابِ وَالْعِلْمِ وَالْحِجَا ... وَمَنْ قَدْ حَوَى مِنْ كُلِّ فَنٍّ بِلَامَيْنِ لَمَا شَارِبٌ قَدْ قُصَّ مَعَ شَعْرِ لِحْيَةٍ ... وَأَبْقَى شَعْرَ الْجَفْنِ مَعَ قَابَ قَوْسَيْنِ فَأَجَابَ لَعَمْرُك لَمَّا طَالَ عَنْ حَدِّ قَدْرِهِ ... فَأَوْجَبَ أَنْ يُلْقَى بِحَدٍّ وَحَدَّيْنِ وَذَلِكَ لِمَا طَابَ فِي الْحُسْنِ وَاكْتَفَى ... بِمَوْضِعِهِ حُبًّا فَلُوحِظَ بِالْعَيْنِ. [فَائِدَةٌ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ أُبِيحَ لَعْنُهُ إلَّا وَالِدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (فَائِدَةٌ) مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ أُبِيحَ لَعْنُهُ إلَّا وَالِدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِثُبُوتِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحْيَاهُمَا لَهُ حَتَّى آمَنَا بِهِ كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ مَنَاقِبِ الْكَرْدَرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ طَائِفَةٌ مِنْ الْحُفَّاظِ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا لِمَنْ طَعَنَ فِيهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لَا مَوْضُوعٌ حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ حَبَا اللَّهُ النَّبِيَّ مَزِيدَ فَضْلٍ ... عَلَى فَضْلٍ وَكَانَ بِهِ رَءُوفَا

مسألة أفتى أئمة أعلام بتحريم شرب الدخان

فَأَحْيَا أُمَّهُ وَكَذَا أَبَاهُ ... لِإِيمَانٍ بِهِ فَضْلًا لَطِيفًا فَسَلِّمْ فَالْقَدِيمُ بِذَا قَدِيرٌ ... وَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ بِهِ ضَعِيفًا فَيُعْمَلُ بِهِ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ وَمِنْ جُمْلَتِهَا هَذَا كَيْفَ وَقَدْ وَرَدَ أَحَادِيثُ دَالَّةٌ عَلَى طَهَارَةِ نَسَبِهِ الشَّرِيفِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ دَنَسِ الشِّرْكِ وَشَيْنِ الْكُفْرِ وَمَحَلُّ كَوْنِ الْإِيمَانِ لَا يَنْفَعُ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي غَيْرِ الْخُصُوصِيَّةِ وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رُدَّتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ بَعْدَ مَغِيبِهَا فَعَادَ الْوَقْتُ حَتَّى صَلَّى فِي الْوَقْتِ الْعَصْرَ كَرَامَةً لَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَسُئِلَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ رَجُلٍ قَالَ: إنَّ أَبَا النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّارِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ مَلْعُونٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [الأحزاب: 57] قَالَ وَلَا أَذَى أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُقَالَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ فِي النَّارِ وَقَالَ الْإِمَامُ السُّهَيْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الرَّوْضِ الْأُنُفِ وَلَيْسَ لَنَا نَحْنُ أَنْ نَقُولَ ذَلِكَ فِي أَبَوَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا تُؤْذُوا الْأَحْيَاءَ بِسَبِّ الْأَمْوَاتِ» ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [الأحزاب: 57] . وَقَدْ أَمَرَنَا أَنْ نُمْسِكَ اللِّسَانَ إذَا ذُكِرَ أَصْحَابُهُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - بِشَيْءٍ يَرْجِعُ إلَى الْعَيْبِ أَوْ النَّقْصِ فِيهِمْ فَلَأَنْ نُمْسِكَ وَنَكُفَّ عَنْ أَبَوَيْهِ أَحَقُّ وَأَحْرَى إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَحَقُّ الْمُسْلِمِ أَنْ يُمْسِكَ لِسَانَهُ عَمَّا يُخِلُّ بِشَرَفِ نَسَبِ نَبِيِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَلَا خَفَاءَ فِي أَنَّ إثْبَاتَ الشِّرْكِ فِي أَبَوَيْهِ إخْلَالٌ ظَاهِرٌ بِشَرَفِ نَسَبِ نَبِيِّهِ الطَّاهِرِ وَجُمْلَةُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَيْسَتْ مِنْ الِاعْتِقَادِيَّاتِ فَلَا حَظَّ لِلْقَلْبِ فِيهَا وَأَمَّا اللِّسَانُ فَحَقُّهُ الْإِمْسَاكُ عَمَّا يَتَبَادَرُ مِنْهُ النُّقْصَانُ خُصُوصًا عِنْدَ الْعَامَّةِ لِأَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى دَفْعِهِ وَتَدَارُكِهِ هَذَا خُلَاصَةُ مَا فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ الْمَقَالِ وَقَدْ أَتَى الْعَلَّامَةُ الْخَفَاجِيُّ بِوَجْهٍ آخَرَ نَظَمَهُ، وَفِيهِ أَيْضًا الصَّوَابُ فَقَالَ لِوَالِدَيْ طَه مَقَامٌ عَلَا ... فِي جَنَّةِ الْخُلْدِ وَدَارِ الثَّوَابِ وَقَطْرَةٌ مِنْ فَضَلَاتٍ لَهُ ... فِي الْجَوْفِ تُنْجِي مِنْ أَلِيمِ الْعِقَابِ فَكَيْفَ أَرْحَامٌ لَهُ قَدْ غَدَتْ ... حَامِلَةٌ تُصْلَى بِنَارِ الْعَذَابِ لِأَنَّ فَضَلَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - طَاهِرَةٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ أُمَّ أَيْمَنَ بَرَكَةَ الْحَبَشِيَّةَ شَرِبَتْ بَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَنْ يَلِجَ النَّارَ بَطْنُكِ صَحَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ التِّرْمِذِيُّ دَمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَاهِرٌ لِأَنَّ أَبَا طَيْبَةَ شَرِبَهُ وَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَهُوَ غُلَامٌ حِينَ أَعْطَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَمَ حِجَامَتِهِ لِيَدْفِنَهُ فَشَرِبَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ خَالَطَ دَمُهُ دَمِي لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ» وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ مَذْكُورَةٌ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحَةِ وَذَكَرَهَا فُقَهَاؤُنَا وَتَبِعَهُمْ الشَّافِعِيَّةُ كَالشِّرْبِينِيِّ فِي شَرْحِ الْغَايَةِ وَفُقَهَاءُ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ فَكَانَتْ كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهَا فَحَيْثُ ثَبَتَ أَنَّ فَضَلَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تُنْجِي مِنْ النَّارِ فَكَيْفَ مَنْ رُبِّيَ مِنْ دَمِهَا وَلَحْمِهَا وَرُبِّيَ فِي بَطْنِهَا وَمَنْ كَانَ أَصْلُ خِلْقَتِهِ الشَّرِيفَةِ مِنْهُ يَدْخُلُ النَّارَ هَذَا مَا جَرَى بِهِ لِسَانُ الْقَلَمِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [مَسْأَلَةٌ أَفْتَى أَئِمَّةٌ أَعْلَامٌ بِتَحْرِيمِ شُرْبِ الدُّخَانِ] ِ الْمَشْهُورِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْنَا تَقْلِيدُهُمْ وَإِفْتَاءُ النَّاسِ بِحُرْمَتِهِ أَمْ لَا؟ فَلْنُبَيِّنْ لَك مَا يُزِيلُ غَرِيبَ الشَّكِّ عَنْ حَقِّ الْيَقِينِ بَعْدَ تَمْهِيدِ مَا حَقَّقَهُ أَئِمَّةُ أُصُولِ الدِّينِ قَالَ شَارِحُ مِنْهَاجِ الْوُصُولِ إلَى عِلْمِ الْأُصُولِ لِلْإِمَامِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ عَلِيِّ بْنِ عُمَرَ الْبَيْضَاوِيِّ وَيَجُوزُ الْإِفْتَاءُ لِلْمُجْتَهِدِينَ بِلَا خِلَافٍ وَكَذَا الْمُقَلِّدُ الْمُجْتَهِدُ وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ تَقْلِيدِ الْمَيِّتِ الْمُجْتَهِدِ فَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إلَى أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْقَاضِي الْبَيْضَاوِيِّ الْجَوَازُ وَاسْتَدَلَّ الْإِمَامُ عَلَيْهِ فِي الْمَحْصُولِ بِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ بِهَذَا

النَّوْعِ مِنْ الْفَتْوَى إذْ لَيْسَ فِي زَمَانِهِ مُجْتَهِدٌ اهـ وَكَلَامُ الْإِمَامِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ مُجْتَهِدٌ فَكَيْفَ زَمَانُنَا الْآنَ فَإِنَّ شُرُوطَ الِاجْتِهَادِ لَا تَكَادُ تُوجَدُ لِهَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ أَفْتَوْا بِتَحْرِيمِ التُّنْبَاكِ إنْ كَانَ فَتْوَاهُمْ عَنْ اجْتِهَادٍ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْنَا تَقْلِيدُهُمْ فَاجْتِهَادُهُمْ لَيْسَ بِثَابِتٍ وَإِنْ كَانَ عَنْ تَقْلِيدِ غَيْرِهِمْ فَأَمَّا عَنْ مُجْتَهِدٍ آخَرَ حَتَّى سَمِعُوا مِنْ فِيهِ مُشَافَهَةٌ فَهُوَ أَيْضًا لَيْسَ بِثَابِتٍ وَأَمَّا عَنْ مُجْتَهِدٍ ثَبَتَ إفْتَاؤُهُ فِي الْكُتُبِ فَهُوَ أَيْضًا كَذَلِكَ إذْ لَمْ يَرِدْ فِي كِتَابٍ وَلَمْ يَنْقُلُوا عَنْ دَفْتَرٍ فِي إفْتَائِهِمْ مَا يَدُلُّ عَلَى حُرْمَتِهِ فَكَيْفَ سَاغَ لَهُمْ الْفَتْوَى وَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْنَا تَقْلِيدُهُمْ، وَالْحَقُّ فِي إفْتَاءِ التَّحْلِيلِ، وَالتَّحْرِيمِ فِي هَذَا الزَّمَانِ التَّمَسُّكُ بِالْأَصْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْبَيْضَاوِيُّ فِي الْأُصُولِ، وَوَصَفَهُمَا بِأَنَّهُمَا نَافِعَانِ فِي الشَّرْعِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَنَافِعِ الْإِبَاحَةُ، وَالْمَأْخَذُ الشَّرْعِيُّ آيَاتٌ ثَلَاثٌ الْأُولَى قَوْله تَعَالَى {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] ، وَاللَّامُ لِلنَّفْعِ فَتَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْمُنْتَفَعِ بِهِ مَأْذُونٌ شَرْعًا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ، الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} [الأعراف: 32] ، وَالزِّينَةُ تَدُلُّ عَلَى الِانْتِفَاعِ الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4] ، وَالْمُرَادُ بِالطَّيِّبَاتِ الْمُسْتَطَابَاتُ طَبْعًا وَذَلِكَ يَقْتَضِي حِلَّ الْمَنَافِعِ بِأَسْرِهَا ، وَالثَّانِي أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَضَارِّ التَّحْرِيمُ، وَالْمَنْعُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ» وَأَيْضًا ضَبَطَ أَهْلُ الْفِقْهِ حُرْمَةَ التَّنَاوُلِ إمَّا بِالْإِسْكَارِ كَالْبَنْجِ وَإِمَّا بِالْإِضْرَارِ بِالْبَدَنِ كَالتُّرَابِ، وَالتِّرْيَاقِ أَوْ بِالِاسْتِقْذَارِ كَالْمُخَاطِ، وَالْبُزَاقِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا كَانَ طَاهِرًا وَبِالْجُمْلَةِ إنْ ثَبَتَ فِي هَذَا الدُّخَانِ إضْرَارٌ صِرْفٌ خَالٍ عَنْ الْمَنَافِعِ فَيَجُوزُ الْإِفْتَاءُ بِتَحْرِيمِهِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ انْتِفَاعُهُ فَالْأَصْلُ حِلُّهُ مَعَ أَنَّ فِي الْإِفْتَاءِ بِحِلِّهِ دَفْعَ الْحَرَجِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ مُبْتَلُونَ بِتَنَاوُلِهِ مَعَ أَنَّ تَحْلِيلَهُ أَيْسَرُ مِنْ تَحْرِيمِهِ وَمَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَمْرَيْنِ إلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا وَأَمَّا كَوْنُهُ بِدْعَةً فَلَا ضَرَرَ فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ فِي التَّنَاوُلِ لَا فِي الدِّينِ فَإِثْبَاتُ حُرْمَتِهِ أَمْرٌ عَسِيرٌ لَا يَكَادُ يُوجَدُ لَهُ نَصِيرٌ نَعَمْ لَوْ أَضَرَّ بِبَعْضِ الطَّبَائِعِ فَهُوَ عَلَيْهِ حَرَامٌ وَلَوْ نَفَعَ بِبَعْضٍ وَقَصَدَ بِهِ التَّدَاوِي فَهُوَ مَرْغُوبٌ وَلَوْ لَمْ يَنْفَعْ وَلَمْ يَضُرَّ هَذَا مَا سَنَحَ فِي الْخَاطِرِ إظْهَارًا لِلصَّوَابِ مِنْ غَيْرِ تَعَنُّتٍ وَلَا عِنَادٍ فِي الْجَوَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ كَذَا أَجَابَ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ مُحْيِي الدِّينِ بْنِ حَيْدَرٍ الْكُرْدِيُّ الْجَزَرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. سُئِلَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ الْمَكِّيُّ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَا نَصُّهُ أَيُّمَا أَفْضَلُ السَّمَاءُ أَوْ الْأَرْضُ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ الْأَصْلُ عِنْدَ أَئِمَّتِنَا وَنَقَلُوهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ السَّمَاءُ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْصَ اللَّهَ تَعَالَى فِيهَا وَمَعْصِيَةُ إبْلِيسَ لَمْ تَكُنْ فِيهَا أَوْ وَقَعَتْ نَادِرًا فَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهَا وَقِيلَ الْأَرْضُ وَنُقِلَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَيْضًا لِأَنَّهَا مُسْتَقَرُّ الْأَنْبِيَاءِ وَمَدْفِنُهُمْ اهـ كَلَامُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَفِي خُلَاصَةِ الْوَفَاءِ لِلسَّمْهُودِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَقَلَ عِيَاضٌ وَقَبْلَهُ أَبُو الْوَلِيدِ وَغَيْرُهُمَا الْإِجْمَاعَ عَلَى تَفْضِيلِ مَا ضَمَّ الْأَعْضَاءَ الشَّرِيفَةَ حَتَّى عَلَى الْكَعْبَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تُحْفَتِهِ وَغَيْرِهِ بَلْ نَقَلَ التَّاجُ السُّبْكِيّ عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ الْحَنْبَلِيِّ أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ الْعَرْشِ وَصَرَّحَ التَّاجُ الْفَاكِهِيُّ بِتَفْضِيلِهَا عَلَى السَّمَوَاتِ بَلْ قَالَ الظَّاهِرُ الْمُتَعَيَّنُ تَفْضِيلُ جَمِيعِ الْأَرْضِ عَلَى السَّمَاءِ لِحُلُولِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيهَا وَحَكَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ الْأَكْثَرِينَ لِخَلْقِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْهَا وَدَفْنِهِمْ بِهَا لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى تَفْضِيلِ السَّمَاءِ عَلَى الْأَرْضِ مَا عَدَا مَا ضَمَّ الْأَعْضَاءَ الشَّرِيفَةَ. اهـ. وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ، وَفِي الْفَتَاوَى الْحَدِيثِيَّةِ لِابْنِ حَجَرٍ سُئِلَ هَلْ اللَّيْلُ أَفْضَلُ مِنْ النَّهَارِ فَأَجَابَ قَالَ جَمَاعَةٌ: النَّهَارُ أَفْضَلُ مِنْ اللَّيْلِ لِمَا فِيهِ مِنْ فَضْلِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الْقُرْآنِ، وَالذِّكْرِ وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ اللَّيْلُ أَفْضَلُ إذْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ وَلَيْسَ لَنَا يَوْمٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ لَوْ قَالَ: طَالِقٌ فِي أَفْضَلِ الْأَوْقَاتِ طَلُقَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَاخْتِصَاصُهُ بِالتَّجَلِّي الْأَكْبَرِ وَبِالْمِعْرَاجِ وَسُئِلَ هَلْ الْعَرْشُ أَفْضَلُ مِنْ الْكُرْسِيِّ (أَجَابَ) نَعَمْ

فائدة فخر الإسلام لما سئل عن التعصب قال الصلابة في المذهب واجبة

كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَصَرَّحَ أَيْضًا بِأَنَّ الْكُرْسِيَّ أَفْضَلُ مِنْ السَّمَاءِ وَأَنَّ الشَّامَ أَفْضَلُ مِنْ الْعِرَاقِ وَبِأَنَّ الْحَجَرَ أَفْضَلُ مِنْ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَهُوَ أَفْضَلُ الْقَوَاعِدِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. وَسُئِلَ مَا يَكُونُ السُّؤَالُ عَنْ النَّحْسِ، وَالسَّعْدِ، وَعَنْ الْأَيَّامِ، وَاللَّيَالِيِ الَّتِي تَصْلُحُ لِنَحْوِ السَّفَرِ وَالِانْتِقَالِ مَا يَكُونُ جَوَابُهُ؟ (أَجَابَ) مَنْ يَسْأَلُ عَنْ النَّحْسِ وَمَا بَعْدَهُ لَا يُجَابُ إلَّا بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ وَتَسْفِيهِ مَا فَعَلَهُ وَيُبَيِّنُ لَهُ قُبْحَهُ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ الْيَهُودِ لَا مِنْ هُدَى الْمُسْلِمِينَ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَى خَالِقِهِمْ وَبَارِئِهِمْ الَّذِينَ لَا يَحْسِبُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ وَمَا يُنْقَلُ مِنْ الْأَيَّامِ الْمَنْقُوطَةِ وَنَحْوِهَا عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ بَاطِلٌ كَذِبٌ لَا أَصْلَ لَهُ فَلْيُحْذَرْ مِنْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. ، وَفِي مَجْمُوعَةِ الْحَفِيدِ فَائِدَةٌ إذَا ذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فَالرَّاجِحُ هُوَ الْأَوَّلُ أَوْ الْآخِرُ لَا الْوَسَطُ كَذَا فِي آخِرِ الْمُسْتَصْفَى فَائِدَةٌ، كُلُّ مُبَاحٍ يُؤَدِّي إلَى زَعْمِ الْجُهَّالِ سُنِّيَّةَ أَمْرٍ أَوْ وُجُوبَهُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَتَعْيِينِ السُّورَةِ لِلصَّلَاةِ وَتَعْيِينِ الْقِرَاءَةِ لِوَقْتٍ وَنَحْوِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْقُنْيَةِ قُبَيْلَ بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ. فَائِدَةٌ لَفْظُ قَالُوا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي النِّهَايَةِ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ فِي قَوْلِهِ: إذَا تَخَلَّلَ الْخَمْرُ بِإِلْقَاءِ الْمِلْحِ. . . إلَخْ وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ فِي قَوْلِهِ: لِلصَّبِيِّ أَنْ يَنْوِيَ التَّطَوُّعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ دُونَ الْكَافِرِ عَلَى مَا قَالُوا وَقَدْ أَفَادَ جَدِّي يَعْنِي السَّعْدَ التَّفْتَازَانِيَّ فِي شَرْحِ الْكَشَّافِ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ} [البقرة: 187] أَنَّ فِي لَفْظِ قَالُوا: إشَارَةً إلَى ضَعْفِ مَا قَالُوا، فَائِدَةٌ: وَظِيفَةُ الْعَوَامّ التَّمَسُّكُ بِقَوْلِ الْفُقَهَاءِ وَاتِّبَاعُهُمْ فِي أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ دُونَ التَّمَسُّكِ بِالْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ كَذَا فِي الْعُمَانِ فِي آخِرِ الصَّوْمِ لَا اخْتِيَارَ لِلْعَامِّيِّ فِي أَقْوَالِ الْمَاضِينَ وَلَهُ الِاخْتِيَارُ فِي أَقَاوِيلِ عُلَمَاءِ عَصْرِهِ إذَا اسْتَوَوْا فِي الْعِلْمِ، وَالصِّدْقِ، وَالْأَمَانَةِ كَذَا فِي دِيَاتِ الْمُلْتَقَطِ الْمُبْتَلَى بِالْحَادِثَةِ أَخْبَرَهُ عُلَمَاءُ عَصْرِهِ بِأَقَاوِيلِ الصَّحَابَةِ لَا يَسَعُ لِلْجَاهِلِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهَا حَتَّى يَخْتَارَ لَهُ الْعَالِمُ بِالدَّلِيلِ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ كُلُّ آيَةٍ أَوْ خَبَرٍ يُخَالِفُ قَوْلَ أَصْحَابِنَا يُحْمَلُ عَلَى النَّسْخِ أَوْ التَّأْوِيلِ أَوْ التَّرْجِيحِ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَشْفِ الْكَبِيرِ إذَا كَانَ الْحَدِيثُ مُخَالِفًا لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ قَالُوا لَا لِأَنَّهُ وَجَدَهُ غَيْرَ صَحِيحٍ أَوْ مُؤَوَّلًا، فَائِدَةٌ: يُقَالُ يَجُوزُ بِمَعْنَى يَصِحُّ وَبِمَعْنَى يَحِلُّ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِلْإِمَامِ النَّوَوِيِّ. اهـ. مَا فِي مَجْمُوعَةِ الْحَفِيدِ مِنْ الْعَقْدِ السَّادِسِ فِي عِلْمِ الْفِقْهِ وَأُصُولِهِ. [فَائِدَةٌ فَخْرُ الْإِسْلَامِ لَمَّا سُئِلَ عَنْ التَّعَصُّبِ قَالَ الصَّلَابَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَاجِبَةٌ] (فَائِدَةٌ) قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ لَمَّا سُئِلَ عَنْ التَّعَصُّبِ قَالَ الصَّلَابَةُ فِي الْمَذْهَبِ وَاجِبَةٌ، وَالتَّعَصُّبُ لَا يَجُوزُ، وَالصَّلَابَةُ أَنْ يَعْمَلَ بِمَا هُوَ مَذْهَبُهُ وَيَرَاهُ حَقًّا وَصَوَابًا، وَالتَّعَصُّبُ السَّفَاهَةُ، وَالْجَفَاءُ فِي صَاحِبِ الْمَذْهَبِ الْآخَرِ وَمَا يَرْجِعُ إلَى نَقْصِهِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فَإِنَّ أَئِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا فِي طَلَبِ الْحَقِّ وَهُمْ عَلَى الصَّوَابِ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى مِنْ السَّادِسِ فِي الْكَرَاهِيَةِ. [فَائِدَةٌ الْكَذِبُ مُبَاحٌ لِإِحْيَاءِ حَقِّهِ لِدَفْعِ ظَالِمٍ عَنْ نَفْسِهِ] (فَائِدَةٌ) الْكَذِبُ مُبَاحٌ لِإِحْيَاءِ حَقِّهِ لِدَفْعِ ظَالِمٍ عَنْ نَفْسِهِ كَالشَّفِيعِ يَعْلَمُ بِالْبَيْعِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الْإِشْهَادُ فَإِنْ أَصْبَحَ يُشْهِدُ وَيَقُولُ: عَلِمْت الْآنَ وَكَذَا الصَّغِيرَةُ تَبْلُغُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ وَتَخْتَارُ نَفْسَهَا مِنْ الزَّوْجِ مَجْمَعُ الْفَتَاوَى مِنْ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ عَنْ صُلْحِ الْمُحِيطِ. [فَائِدَةٌ الِاعْتِمَاد عَلَى مَا وَقَعَ فِي كُتُبِنَا مِنْ الْعِبَارَاتِ الْفَارِسِيَّةِ] (فَائِدَةٌ) قَالَ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا فِي كِتَابِ الْمُهِمَّاتِ لَا يُعْتَمَدُ عَلَى مَا وَقَعَ فِي كُتُبِنَا مِنْ الْعِبَارَاتِ الْفَارِسِيَّةِ وَلَا يُفْتَى بِهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْكَاتِبُ قَدْ صَحَّفَهَا وَهُوَ لَا يَعْرِفُ اللُّغَةَ الْفَارِسِيَّةَ أَوْ يُصَحِّفُهَا الْقَارِئُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ اللُّغَةَ الْفَارِسِيَّةَ (فَائِدَةٌ) قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ الْأَذْكَارِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ مُرَاعَاةُ الْعَدَدِ الْمَخْصُوصِ فِي الْأَذْكَارِ مُعْتَبَرَةٌ وَإِلَّا لَكَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَهُمْ أَضِيفُوا التَّهْلِيلَ إلَيْهَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَقُولُ: إنَّ الْأَعْدَادَ الْوَارِدَةَ كَالذِّكْرِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ إذَا رُتِّبَ عَلَيْهَا ثَوَابٌ مَخْصُوصٌ فَزَادَ الْآتِي بِهَا عَلَى الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ لَا يَحْصُلُ لَهُ ذَلِكَ الثَّوَابُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِتِلْكَ الْأَعْدَادِ حِكْمَةٌ وَخَاصِّيَّةٌ تَفُوتُ بِمُجَاوَزَةِ ذَلِكَ الْعَدَدِ، قَالَ

فائدة تقبيل الخبز

شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْفَضْلِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمِقْدَارِ الَّذِي رُتِّبَ الثَّوَابُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ فَحَصَلَ لَهُ الثَّوَابُ بِذَلِكَ فَإِذَا زَادَ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِهِ كَيْفَ تَكُونُ الزِّيَادَةُ مُزِيلَةً لِذَلِكَ الثَّوَابِ بَعْدَ حُصُولِهِ. اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَفْتَرِقَ الْحَالُ فِيهِ بِالنِّيَّةِ فَإِنْ نَوَى عِنْدَ الِانْتِهَاءِ إلَيْهِ امْتِثَالَ الْأَمْرِ الْوَارِدِ ثُمَّ أَتَى بِالزِّيَادَةِ فَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا لَا مَحَالَةَ وَإِنْ زَادَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ بِأَنْ يَكُونَ الثَّوَابُ رُتِّبَ عَلَى عَشَرَةٍ مَثَلًا فَرَتَّبَهُ هُوَ عَلَى مِائَةٍ فَيُتَّجَهُ الْقَوْلُ الْمَاضِي وَقَدْ بَالَغَ الْقَرَافِيُّ فِي الْقَوَاعِدِ فَقَالَ مِنْ الْبِدَعِ الْمَكْرُوهَةِ الزِّيَادَةُ فِي الْمَنْدُوبَاتِ الْمَحْدُودَةِ شَرْعًا لِأَنَّ شَأْنَ الْعُظَمَاءِ إنْ حَدُّوا شَيْئًا أَنْ يُوقَفَ عِنْدَهُ وَيُعَدُّ الْخَارِجُ عَنْهُ مُسِيئًا لِلْأَدَبِ. اهـ. وَقَدْ مَثَّلَهُ الْعُلَمَاءُ بِالدَّوَاءِ يَكُونُ فِيهِ مَثَلًا أُوقِيَّةُ سُكَّرٍ فَلَوْ زَيْدَ فِيهِ أُوقِيَّةً أُخْرَى لَتَخَلَّفَ الِانْتِفَاعُ بِهِ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأُوقِيَّةِ فِي الدَّوَاءِ ثُمَّ اسْتَعْمَلَ مِنْ السُّكَّرِ بَعْدَ ذَلِكَ مَا شَاءَ لَمْ يَتَخَلَّفْ الِانْتِفَاعُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَذْكَارَ الْمُتَغَايِرَةَ إذَا وَرَدَ لِكُلٍّ مِنْهَا عَدَدٌ مَخْصُوصٌ مَعَ طَلَبِ الْإِتْيَانِ بِجَمِيعِهَا مُتَوَالِيَةً لَمْ تَحْسُنْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْعَدَدِ الْمَخْصُوصِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ قَطْعِ الْمُوَالَاةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِلْمُوَالَاةِ فِي ذَلِكَ حِكْمَةٌ خَاصَّةٌ تَفُوتُ بِفَوَاتِهَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ. . [فَائِدَةٌ تَقْبِيلِ الْخُبْزِ] (فَائِدَةٌ) : فِي الْحَاوِي لِلْإِمَامِ السُّيُوطِيّ مِنْ كِتَابِ الصَّدَاقِ ضِمْنَ سُؤَالٍ طَوِيلٍ مَا نَصُّهُ: الْجَوَابُ أَمَّا كَوْنُ تَقْبِيلِ الْخُبْزِ بِدْعَةً فَصَحِيحٌ وَلَكِنَّ الْبِدْعَةَ لَا تَنْحَصِرُ فِي الْحَرَامِ بَلْ تَنْقَسِمُ إلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا بِالتَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَلَا بِالْكَرَاهَةِ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ مَا وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ خَاصٌّ وَلَمْ يَرِدْ فِي ذَلِكَ نَهْيٌ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا مِنْ الْبِدَعِ الْمُبَاحَةِ فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ إكْرَامَهُ لِأَجَلِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي إكْرَامِهِ فَحَسَنٌ وَدَوْسُهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً شَدِيدَةً بَلْ مُجَرَّدُ إلْقَائِهِ فِي الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ دَوْسٍ مَكْرُوهٌ لِحَدِيثٍ وَرَدَ فِي ذَلِكَ. اهـ. وَفِيهِ مَسْأَلَةُ رَجُلٍ مِنْ الصُّوفِيَّةِ أَخَذَ الْعَهْدَ عَلَى رَجُلٍ ثُمَّ اخْتَارَ الرَّجُلُ شَيْخًا آخَرَ وَأَخَذَ عَلَيْهِ الْعَهْدَ فَهَلْ الْعَهْدُ الْأَوَّلُ لَازِمٌ أَمْ الثَّانِي؟ الْجَوَابُ: لَا يَلْزَمُهُ الْعَهْدُ الْأَوَّلُ وَلَا الثَّانِي وَلَا أَصْلَ لِذَلِكَ. ، وَفِيهِ مَسْأَلَةٌ فِي شَخْصٍ يُدْعَى فَقِيهًا يَقُولُ إنَّ تَوْحِيدَ اللَّهِ تَعَالَى مُتَوَقِّفٌ عَلَى مَعْرِفَةِ عِلْمِ الْمَنْطِقِ وَأَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ وَإِنَّ لِتَعَلُّمِهِ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشَرُ حَسَنَاتٍ وَقَالَ: إنَّ أَبَا حَامِدٍ الْغَزَالِيَّ لَيْسَ بِفَقِيهٍ وَإِنَّمَا كَانَ زَاهِدًا،؟ (الْجَوَابُ) : فَنُّ الْمَنْطِقِ فَنٌّ خَبِيثٌ مَذْمُومٌ يَحْرُمُ الِاشْتِغَالُ بِهِ لِأَنَّ مَبْنَى بَعْضِ مَا فِيهِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْهَيُولَى الَّذِي هُوَ كُفْرٌ يَجُرُّ إلَى الْفَلْسَفَةِ، وَالزَّنْدَقَةِ وَلَيْسَ لَهُ ثَمَرَةٌ دِينِيَّةٌ أَصْلًا بَلْ وَلَا دُنْيَوِيَّةٌ نَصَّ عَلَى مَجْمُوعِ مَا ذَكَرَتْهُ أَئِمَّةُ الدِّينِ وَعُلَمَاءُ الشَّرِيعَةِ فَأَوَّلُ مَنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَنَصَّ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ فِي آخِرِ أَمْرِهِ وَابْنُ الصَّلَاحِ، وَالسَّلَفِيُّ وَابْنُ عَسَاكِرَ وَابْنُ الْأَثِيرِ وَالنَّوَوِيُّ وَابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَالذَّهَبِيُّ وَالطِّيبِيُّ وَنَصَّ عَلَيْهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ أَبُو سَعِيدٍ السِّيرَافِيُّ وَالسَّرَّاجُ الْقَزْوِينِيُّ وَأَلَّفَ فِي ذَمِّهِ كِتَابًا نَصِيحَةُ الْمُسْلِمِ الْمُشْفِقِ لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِحُبِّ عِلْمِ الْمَنْطِقِ وَنَقَلَ تَحْرِيمَهُ أَيْضًا عَنْ الْحَنَابِلَةِ وَقَوْلُ هَذَا الْجَاهِلِ: إنَّ الْغَزَالِيَّ لَيْسَ بِفَقِيهٍ فَهُوَ مِنْ أَجْهَلِ الْجَاهِلِينَ وَأَفْسَقِ الْفَاسِقِينَ وَلَقَدْ كَانَ الْغَزَالِيُّ فِي عَصْرِهِ حُجَّةَ الْإِسْلَامِ وَسَيِّدَ الْفُقَهَاءِ وَلَهُ فِي الْفِقْهِ الْمُؤَلَّفَاتِ الْجَلِيلَةِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ الْآنَ مَدَارُهُ عَلَى كُتُبِهِ فَإِنَّهُ فَتَحَ الْمَذْهَبَ وَلَخَّصَهُ بِالْبَسِيطِ، وَالْوَسِيطِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْخُلَاصَةِ وَكُتُبُ الشَّيْخَيْنِ إنَّمَا هِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ كُتُبِهِ. اهـ. بِاخْتِصَارِهِ. (فَائِدَةٌ) إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْمَسْأَلَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةٌ أُخِذَ بِظَاهِرِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ثُمَّ بِظَاهِرِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ بِظَاهِرِ قَوْلِ زُفَرَ، وَالْحَسَنِ وَغَيْرِهِمْ الْأَكْبَرُ فَالْأَكْبَرُ هَكَذَا إلَى آخِرِ مَنْ كَانَ مِنْ كِبَارِ الْأَصْحَابِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْحَادِثَةِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَوَابٌ ظَاهِرٌ وَتَكَلَّمَ فِيهِ الْمَشَايِخُ الْمُتَأَخِّرُونَ قَوْلًا وَاحِدًا يُؤْخَذُ بِهِ فَإِنْ اخْتَلَفُوا يُؤْخَذُ بِقَوْلِ الْأَكْبَرِ فَالْأَكْبَرِ ثُمَّ الْأَكْثَرِينَ مَا اعْتَمَدَ عَلَيْهِ الْكِبَارُ الْمَعْرُوفُونَ مِنْهُمْ كَأَبِي حَفْصٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ

فائدة لا يجب على الفقيه الإجابة عن كل ما يسأل عنه

وَأَبِي اللَّيْثِ، وَالطَّحَاوِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ جَوَابٌ أَلْبَتَّةَ نَصًّا يَنْظُرُ الْمُفْتِي فِيهَا نَظَرَ تَأَمُّلٍ وَتَدَبُّرٍ وَاجْتِهَادٍ لِيَجِدَ فِيهَا مَا يَقْرُبُ إلَى الْخُرُوجِ عَنْ الْعُهْدَةِ وَلَا يَتَكَلَّمُ فِيهِ جُزَافًا بِجَاهِهِ لِمَنْصِبِهِ وَحُرْمَتِهِ وَلِيَخْشَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَيُرَاقِبَهُ فَإِنَّهُ أَمْرٌ عَظِيمٌ لَا يَتَجَاسَرُ عَلَيْهِ إلَّا كُلُّ جَاهِلٍ شَقِيٍّ وَمَتَى أَخَذَ بِقَوْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُ يَكُونُ آخِذًا بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ جَمِيعِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْكِبَارِ كَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ، وَالْحَسَنِ أَنَّهُمْ قَالُوا: مَا قُلْنَا فِي مَسْأَلَةٍ قَوْلًا إلَّا وَهُوَ رِوَايَتُنَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَقْسَمُوا عَلَيْهِ أَيْمَانًا غِلَاظًا فَلَمْ يَتَحَقَّقْ إذًا فِي الْفِقْهِ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى جَوَابٌ وَلَا مَذْهَبٌ إلَّا لَهُ كَيْفَمَا كَانَ وَمَا نُسِبَ إلَى غَيْرِهِ إلَّا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ لِلْمُوَافَقَةِ وَهُوَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ قَوْلِي قَوْلُهُ وَمَذْهَبِي مَذْهَبُهُ وَتَمَامُهُ فِي مُعِينِ الْمُفْتِي مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ. [فَائِدَةٌ لَا يَجِبُ عَلَى الْفَقِيهِ الْإِجَابَةُ عَنْ كُلِّ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ] (فَائِدَةٌ) لَا يَجِبُ عَلَى الْفَقِيهِ الْإِجَابَةُ عَنْ كُلِّ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُجِيبُهُ غَيْرُهُ فَيَلْزَمُهُ جَوَابُهُ لِأَنَّ الْفَتْوَى وَالتَّعْلِيمَ فَرْضُ كِفَايَةٍ مُبْتَغَى مِنْ كِتَابِ الْكَسْبِ (فَائِدَةٌ) كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - رُبَّمَا لَا يُجِيبُ عَنْ مَسْأَلَةٍ سَنَةً وَقَالَ: " لَأَنْ يُخْطِئَ الرَّجُلُ عَنْ فَهْمٍ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُصِيبَ بِغَيْرِ فَهْمٍ. نَوَازِلُ أَبِي اللَّيْثِ وَكَانَ الْمُسْتَفْتِي إذَا أَلَحَّ عَلَى أَبِي نَصْرٍ وَقَالَ: جِئْت مِنْ مَكَان بَعِيدٍ يَقُولُ شِعْرًا فَلَا نَحْنُ نَادَيْنَاك مِنْ حَيْثُ جِئْتنَا ... وَلَا نَحْنُ عَمَّيْنَا عَلَيْك الْمَذَاهِبَا مُلْتَقَطٌ أَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ، وَالدَّارِمِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ مَنْ أَفْتَى النَّاسَ فِي كُلِّ مَا يَسْتَفْتُونَهُ فَهُوَ مَجْنُونٌ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ مَنْ أَفْتَى النَّاسَ فِي كُلِّ مَا يَسْأَلُونَهُ فَهُوَ مَجْنُونٌ أَدَبُ الْفُتْيَا لِلْحَافِظِ السُّيُوطِيّ. وَفِيهِ أَيْضًا فِي بَابِ مَنْ تَرَكَ الْفُتْيَا فِي الطَّلَاقِ أَخْرَجَ الدَّارِمِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إيَاسٍ قَالَ قُلْت لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مَا لَكَ لَا تَقُولُ فِي الطَّلَاقِ شَيْئًا؟ قَالَ: مَا مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا وَقَدْ سُئِلْت عَنْهُ وَلَكِنِّي كَرِهْت أَنْ أُحِلَّ حَرَامًا أَوْ أُحَرِّمَ حَلَالًا. اهـ. [فَائِدَةٌ سَبَبُ وَضْعِ التَّارِيخِ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ] (فَائِدَةٌ) سَبَبُ وَضْعِ التَّارِيخِ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أُتِيَ بِصَكٍّ مَكْتُوبٍ إلَى شَعْبَانَ فَقَالَ أَهُوَ شَعْبَانُ الْمَاضِي أَوْ شَعْبَانُ الْقَابِلُ؟ ثُمَّ أَمَرَ بِوَضْعِ التَّارِيخِ وَاتَّفَقَتْ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - عَلَى ابْتِدَاءِ التَّارِيخِ مِنْ هِجْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْمَدِينَةِ وَجَعَلُوا أَوَّلَ السَّنَةِ الْمُحَرَّمَ وَيُعْتَبَرُ التَّارِيخُ بِاللَّيَالِيِ لِأَنَّ اللَّيْلَ عِنْدَ الْعَرَبِ سَابِقٌ عَلَى النَّهَارِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أُمِّيِّينَ لَا يُحْسِنُونَ الْكِتَابَةَ وَلَمْ يَعْرِفُوا حِسَابَ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأُمَمِ فَتَمَسَّكُوا بِظُهُورِ الْهِلَالِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ بِاللَّيْلِ فَجَعَلُوهُ ابْتِدَاءَ التَّارِيخِ، وَالْأَحْسَنُ ذِكْرُ الْأَقَلِّ مَاضِيًا كَانَ أَوْ بَاقِيًا مِنْ الْمِصْبَاحِ الْمُنِيرِ [خَاتِمَة الْكتاب] (وَهَذَا) آخِرُ مَا يَسَّرَهُ الْمَوْلَى الْقَدِيرُ عَلَى عَبْدِهِ الْعَاجِزِ الْحَقِيرِ مِنْ الْعُقُودِ الدُّرِّيَّةِ فِي تَنْقِيحِ الْفَتَاوَى الْحَامِدِيَّةِ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا عَلَّامَةُ عَصْرِهِ وَنَتِيجَةُ دَهْرِهِ صَدْرُ الْأَفَاضِلِ، وَالْأَكَابِرِ مَنْ وَرِثَ الْعِلْمَ وَالْمَجْدَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ مَوْلَانَا الْمَرْحُومُ حَامِد أَفَنْدِي بْنُ عَلِيّ أَفَنْدِي الْعِمَادِيُّ سَقَى اللَّهُ تَعَالَى ثَرَاهُ صَوْبَ غَمَامِ الرَّحْمَةِ الْغَادِي وَهِيَ الَّتِي أَفْتَى بِهَا وَجُمِعَتْ فِي حَيَاتِهِ فِي مُدَّةِ قِيَامِهِ بِمَنْصِبِ الْإِفْتَاءِ فِي دِمَشْقَ الشَّامِ ذَاتِ الثَّغْرِ الْبَسَّامِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَنَةً مِنْ سَنَةِ 1137 إلَى سَنَةِ 1155 وَلَمَّا اُبْتُلِيت بِمُعَانَاتِ أَمَانَةِ الْفَتْوَى الَّتِي هِيَ فِي زَمَانِنَا مِنْ أَعْظَمِ الْبَلْوَى رَأَيْت هَذِهِ الْفَتَاوَى مِنْ أَحْسَنِ مَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَمِنْ أَنْفَعِ مَا يَجْنَحُ عِنْدَ الْمُرَاجَعَةِ إلَيْهِ لِتَأَخُّرِ جَامِعِهَا وَسَعَةِ اطِّلَاعِ وَاضِعِهَا وَتَحْرِيرِهِ مَا اعْتَمَدَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ الثِّقَاتُ وَذِكْرِهِ لِعَامَّةِ الْحَوَادِثِ الْوَاقِعَاتِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ إلَّا أَنَّهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَلْتَزِمْ فِيهَا التَّرْتِيبَ الْمُعْتَبَرَ وَلَمْ يُسْقِطْ مِنْهَا مَا تَكَرَّرَ أَوْ اشْتَهَرَ وَكَثِيرًا مَا يَذْكُرُ الْجَوَابَ فِي مَحَلٍّ وَيَذْكُرُ النَّقْلَ الْمُنَاسِبَ لَهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ. فَلِذَا صَرَفْتُ عَنَانَ الْعِنَايَةِ نَحْوَ تَنْقِيحِهَا وَاخْتِصَارِهَا، وَالِاقْتِصَارِ عَلَى مَا يَفُوحُ مِنْ طِيبِ عِرَارِهَا بِتَرْكِ مَا اُشْتُهِرَ مِنْ

الْأَسْئِلَةِ وَظَهَرَ وَإِسْقَاطِ مَا أُعِيدَ مِنْهَا وَتَكَرَّرَ وَاخْتِصَارِ بَعْضِ الْأَلْفَاظِ بِعِبَارَاتٍ مُحَرَّرَةٍ وَحَذْفِ بَعْضِ النُّقُولِ الْمُعَادَةِ الْمُكَرَّرَةِ حَتَّى جَاءَ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ الْأَصْلِ حَجْمًا وَأَكْثَرُ مِنْهُ ثَمَرَةً وَإِفَادَةً وَنُعْمَى بِمَا حَوَاهُ زِيَادَةً عَلَى الْأَصْلِ فِي كُلِّ بَابٍ وَفَصْلٍ مِنْ التَّنْبِيهِ عَلَى مَوَاضِعَ هِيَ مَحَلُّ وَهْمٍ أَوْ كَبَا فِيهَا جَوَادُ الْقَلَمِ وَتَحْقِيقَاتٍ بَدِيعَةٍ وَتَحْرِيرَاتٍ مَنِيعَةٍ وَحَلِّ إشْكَالَاتٍ عَوِيصَةٍ وَاسْتِخْرَاجِ خَفِيَّاتٍ عَوِيصَةٍ أَنَا أَبُو عُذْرِهَا وَمَعَانِي حُلْوِهَا وَمُرِّهَا لَمْ يَحُمْ حَوْلَ كَشْفِهَا سَابِقٌ وَلَمْ تُفْتَحْ مُقْفَلَاتُهَا قَبْلِي لِطَارِقٍ قَدْ خَبَّأَ الْمَوْلَى اسْتِخْرَاجَ كُنُوزِهَا لِعَبْدِهِ الضَّعِيفِ وَأَظْهَرَ إشَارَاتِ رُمُوزِهَا عَلَى يَدِ هَذَا الْعَاجِزِ النَّحِيفِ حَتَّى حَقَّ أَنْ يَنْشُدَ النَّاظِرُ كَمْ تَرَكَ الْأَوَّلُ لِلْآخِرِ وَاعْتِقَادِي أَنَّ حِكْمَةَ ذَلِكَ الظَّاهِرَةَ هِيَ إظْهَارُ الْقُدْرَةِ الْبَاهِرَةِ فَإِنَّ هَذَا الْعَبْدَ فِكْرَتُهُ كَلِيلَةٌ وَقَرِيحَتُهُ قَرِيحَةٌ عَلِيلَةٌ وَبِضَاعَتُهُ مُزْجَاةٌ قَلِيلَةٌ مَعَ مَا امْتَزَجَ بِالْبَالِ مِنْ عَظَائِمِ الْبِلْبَالِ وَتَرَاكُمِ الْهُمُومِ، وَالْأَهْوَالِ وَفَقْدِ الْمُسْعِفِ وَعَدَمِ الْمُنْصِفِ وَتَسَلُّطِ الْحُسَّادِ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُورِثُ الْوَهَنَ وَكَلَالَ الذِّهْنِ وَلَكِنْ لِلَّهِ دَرُّ مَنْ قَالَ وَأَبْدَعَ فِي الْمَقَالِ إنَّ الْمَقَادِيرَ إذَا سَاعَدَتْ أَلْحَقَتْ الْعَاجِزَ بِالْقَادِرِ فَدُونُك كِتَابًا قَدْ أَعْمَلْت فِيهِ الْفِكْرَ وَأَلْزَمْت فِيهِ الْجَفْنَ السَّهَرَ قَدْ غَرَسْت لَك فِيهِ مِنْ فُنُونِ التَّحْرِيرَاتِ أَفْنَانًا وَفَتَقْتُ لَك فِيهِ عَنْ عُيُونِ الْمُشْكِلَاتِ أَجْفَانًا وَأَوْدَعْت فِيهِ مِنْ كُنُوزِ الْفَوَائِدِ عُقُودَ الدُّرَرِ الْفَرَائِدِ وَبَسَطْت فِيهِ مِنْ أَعْظَمِ الْمَقَاصِدِ أَحْسَنَ الْمَوَائِدِ وَجَلَوْت فِيهِ عَلَى مِنَصَّةِ الْأَنْظَارِ عَرَائِسَ أَبْكَارِ الْأَفْكَارِ وَكَشَفْتُ فِيهِ بِتَوْضِيحِ الْعِبَارَاتِ قِنَاعَ مُخَدَّرَاتِهِ وَلَمْ أَكْتَفِ بِتَلْوِيحِ الْإِشَارَاتِ لِأَجْلِ تَحْرِيرِ خَفِيَّاتِهِ وَلَيْسَ يَدْرِي فَضْلَهُ سِوَى عَالِمٍ فَقِيهٍ فَاضِلٍ نَبِيهٍ أَجْرَى سُفُنَ أَنْظَارِهِ فِي لُجَجِ بَحْرِهِ وَأَجْرَى جَوَادَ أَفْكَارِهِ فِي شَيْحِ بَرِّهِ وَإِنِّي أُعِيذُهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنْ شَرِّ كُلِّ غَمْرٍ جَاهِلٍ أَوْ حَاسِدٍ مُتَغَافِلٍ. عَلَى أَنِّي لَا أُبَرِّئُ نَفْسِي فَإِنِّي مُقِرٌّ بِعَجْزِي وَبَخْسِي أَرْتَجِي مِمَّنْ وَقَفَ فِيهِ عَلَى عَثْرَةٍ أَنْ يَتَدَارَكَهَا بِالْعَفْوِ، وَالْإِحْسَانِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ مَحَلُّ الْخَطَأِ، وَالنِّسْيَانِ وَإِنِّي أَلْجَأُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي امْتَنَّ عَلَيَّ بِذَلِكَ وَتَفَضَّلَ وَمِنْ فَيْضِ فَضْلِهِ أَطْلُبُ وَأَسْأَلُ وَبِنَبِيِّهِ الْوَجِيهِ النَّبِيهِ أَتَوَسَّلُ أَنْ يَجْعَلَهُ خَالِصًا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ مُوجِبًا لِلْفَوْزِ لَدَيْهِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَأَنْ يَنْفَعَ بِهِ كُلَّ قَاصٍ وَدَانٍ وَيُهَيِّئَ لِخُرُدِهِ الْحِسَانِ كُلَّ كُفْءٍ مِحْسَانٍ وَأَنْ يَغْفِرَ لِي مَا طَغَى بِهِ الْقَلَمُ أَوْ زَلَّتْ بِهِ الْقَدَمُ وَأَنْ يَتَجَاوَزَ عَنْ عَثَرَاتِي وَيَعْفُوَ عَنْ سَيِّئَاتِي وَيَغْفِرَ لِمَشَايِخِي وَوَالِدَيْ وَلِمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَيَّ وَلِأَوْلَادِي وَأَهْلِي وَالْأَحْبَابِ وَلِمَنْ كَانَ الْحَامِلُ عَلَى جَمْعِ هَذَا الْكِتَابِ وَأَنْ يَمُنَّ عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ بِبُلُوغِ الْمُنَى وَالْأَمَلِ وَأَنْ يُطْلِقَ أَلْسِنَتَنَا بِالشَّهَادَتَيْنِ عِنْدَ انْتِهَاءِ الْأَجَلِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ. وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَاحِبِ الْمُعْجِزَاتِ، وَالْآيَاتِ الْوَاضِحَاتِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ السَّادَاتِ وَزَوْجَاتِهِ الطَّاهِرَاتِ وَعَلَى التَّابِعِينَ، وَالْعُلَمَاءِ الْعَامِلِينَ الْأَثْبَاتِ لَا سِيَّمَا إمَامُنَا الْأَعْظَمُ وَأَصْحَابُهُ الْأَئِمَّةُ الثِّقَاتُ سُبْحَانَ رَبِّك رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَلَّامَةُ الْحَبْرُ الْبَحْرُ الْفَهَّامَةُ مُؤَلِّفُ هَذِهِ الْفَتَاوَى الشَّرِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَنَفَعَنَا بِهِ فِي الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ: وَقَدْ فَرَغْت مِنْ تَحْرِيرِهِ وَتَنْمِيقِهِ وَتَحْبِيرِهِ لِثَمَانِي عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَة 1238 ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَأَلْفٍ.

§1/1