العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين

التقي الفاسي

[مقدمة المحقق]

بسم الله الرّحمن الرحيم [مقدمة المحقق] الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، الحمد لله الذى منّ علينا بالأنبياء والرسل، ليرسموا لنا معالم الطريق إلى النجاة، فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وترى الناس سكارى، وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد. وصلاة وسلاما على خير من أشرقت عليه الشمس منذ أن خلقها الله، خاتم الأنبياء والمرسلين، محمد صلى الله عليه وسلم المبعوث رحمة للعالمين. أما بعد: فإن أخبار السابقين وآثارهم ما تزال تحتل رأس الموضوعات الأكثر جاذبية لجموع الباحثين؛ لشغفهم بمعرفة ما كان فى حياتهم من جلائل الأعمال وما صادفهم فى حياتهم من معضلات، علّهم يهتدون بهم فى كيفية تعاملهم معها وتغلبهم عليها .. ولا يمل السّمّاع فى كل عصر من سماع تلك الأحداث، وبما فيها من أخبار الأجداد. ومن هذا القبيل الكتاب الذى بين أيدينا: «العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين» لمؤلفه، الإمام تقى الدين أبى الطيب محمد بن أحمد الفاسى الحسنى المكى، إمام الحرم، المتوفى (سنة 832 هـ‍) رحمه الله. يعد هذا الكتاب المرجع الوافى لتراجم أعيان أهل مكة، ومن سكنها أو مات بها، من الصحابة والرواة والفقهاء والولاة والأعيان وغيرهم، فى مدة ثمانية قرون. نهج المؤلف فى كتابه نهج السابقين من العلماء الذين أفردوا مصنفات خاصة لتراجم أهل بلد بذاته، كالخطيب البغدادى فى «تاريخ بغداد» وأبى القاسم بن عساكر فى «تاريخ دمشق» وأبى نعيم الأصفهانى فى «أخبار أصفهان» وعبد الكريم القزوينى فى «التدوين فى أخبار قزوين» والحاكم النيسابورى فى «تاريخ نيسابور» والشمس السخاوى فى «التحفة اللطيفة فى أخبار المدينة الشريفة» وغيرهم. وللمؤلف ـ تقى الدين الفاسى ـ عناية خاصة بالتأريخ لمكة المشرفة، وترجمة أعلامها، ومن حلّ بها من أهل العلم والفضل مستكملا ما بدأه ـ عمدة مؤرخى البلد

نسخ الكتاب

الحرام ـ أبو الوليد الأزرقى، المتوفى نحو سنة 250 هـ‍، فى كتابه «أخبار مكة» وأبو عبد الله الفاكهى، المتوفى نحو سنة 280 هـ‍، فى كتابه «تاريخ مكة» ومن تبعهما من المؤرخين فى هذا الموضوع، حتى عصر المؤلف. فقد استفاد أبو الطيب محمد بن أحمد الفاسى من جميع هؤلاء المؤرخين، وما تلقاه من الأخبار عن الثقات، وما شاهده مسجلا على الرخام والأخشاب وغير ذلك، وأمكنه أن ينسق هذا التراث تنسيقا علميّا مرتبا ظهر واضحا فيما تركه لنا من مصنفات فى تاريخ مكة، وهى: شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام، وتحفة الكرام بأخبار البلد الحرام (مختصر شفاء الغرام) والزهور المقتطفة من تاريخ مكة المشرفة، وعجالة القرى للراغب فى تاريخ أم القرى، والعقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين، كتابه الذى بين أيدينا اليوم. وقد جعله المؤلف أساس كتبه المذكورة، وهى منه بمثابة المختصرات أو المستخرجات، وقسمه على أربعة مجلدات، وهى: الأول: الكلام على مكة وتاريخها وفضائلها وآثارها ومعالمها وتحديدها ومساحتها، ورتب ذلك على أربعين بابا، ثم بدأ بعد ذلك بسيرة موجزة للنبى صلى الله عليه وسلم سماها الجواهر السنية فى السيرة النبوية، أتبعها بتراجم الكتاب، مبتدئا بالمحمدين، تبركا باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم. الثانى: التراجم من حرف الألف إلى نهاية حرف الظاء. الثالث: التراجم من حرف العين إلى نهايته. الرابع: التراجم من حرف الغين إلى حرف الياء ... ثم ذيل الكتاب بأبواب فى الكنى والألقاب والأنساب وتراجم النساء. نسخ الكتاب: يوجد من هذا الكتاب نسخ متعددة، اعتمدنا فى عملنا على مخطوطتين منها: الأولى: مخطوط، يرجع تاريخه إلى عام 867 هـ‍، بخط جيد، ترجع ملكيتها إلى عالم مكة فى عصره سراج الدين أبى القاسم محمد، الشهير بابن فهد الهاشمى المكى (المتوفى سنة 885 هـ‍). وكان من أقرب تلااميذ تقى الدين الفاسى وألصقهم به، روى عنه هذا

الكتاب، وأجاز بروايته عنه. وقد علق ابن فهد على حواشى هذا النسخة كثيرا من التعليقات المفيدة والاستدراكات، وكلها بخطه. الثانية: نسخة أخرى جيدة محفوظة بدار الكتب المصرية، تحت رقم 6 تاريخ ق. وتقع فى أربعة مجلدات مكتوبة بخط جيد، وعناوين الأبواب والفصول وبداية أسماء التراجم مكتوبة باللون الأحمر، ولم يذكر فيها اسم الناسخ أو تاريخ النسخ، ومن المرجع أنها كتبت فى القرن العاشر الهجرى، وقد نسخت من أصل كتبه العلامة أبو الخير عبد العزيز ابن عمر بن محمد بن محمد بن فهد المكى الهاشمى الشافعى سنة 874 هـ‍، نجل سراج الدين صاحب النسخة السابقة. وعدد أوراقها: 214، و 249، و 204، و 157، وعدد الأسطر فى كل صفحة 25 سطرا. إلى جانب نسخة مطبوعة من الكتاب، طبعت بالقاهرة، 1379 هـ‍، بتحقيق الأستاذ محمد الطيب حامد الفقى، والتى جاءت فى ثمانية أجزاء، وتابعناها فى التبويب غير أن نسختنا تأتى فى ستة أجزاء. وقد حرصنا حين العرض لهذا المرجع بالتحقيق على ما يلى: * تخريج آيات القرآن الكريم. * تخريج الأحاديث الشريفة على كتب السنة. * مطابقة النسخ، والمقارنة بين النصوص التى أوردها المصنف نقلا عن مؤرخين سبقوه، ومقارنتها بالأصل المنقولة عنه، وبيان الاختلاف بينهما، إن وجد. * ضبط الأبيات الشعرية، التى جاءت كثيرة فى هذا المرجع، وذكر الميزان العروضى لها. * ترجمة الأعلام الذين وردت أسماؤهم، غير من ذكرهم المصنف. * ترجمة البلدان، التى ربما خفيت على الكثيرين منا الآن بسبب تغير أسماؤها الآن. * عمل فهارس مفصلة، تسهل على جميع من يلتمس هذا الكتاب مرجعا له، أن يصل إلى ما يريد دون أدنى قدر من الجهد. * أوردنا بعد ختم هذا المدخل فصلا فيه بعض مقتطفات مما جاء ب «أخبار مكة» وملحقاته، بتحقيق الأستاذ رشدى الصالح ملحس، طبعة دار الثقافة، مكة

المكرمة، 1404 هـ‍، ورسالة صغيرة للمؤرخ الكبير المقريزى، بشأن من حج من الخلفاء والملوك. وما أوردناه من مقتطفات بعضها مما أغفله تقى الدين الفاسى وبعضها مما لم يخصه بكبير عناية، وأورده فى عجالة لا تفى بالمقصود، فأتينا به زيادة فى الفائدة. أما ما لا يمكن أن ننساه، فهو ذلك الدور الرائد الذى تلعبه دار الكتب العلمية ـ بيروت، وعلى رأسها السيد الأستاذ محمد على عبد الحفيظ بيضون، ذلك الرجل الذى آلى على نفسه منذ زمن بعيد أن يحفظ للأجيال القادمة تراث أجدادها العرب وأن يضعه بين أيديهم فى أبهى صوره وأدقها، فله كل الشكر، ليس منا فحسب، ولكن من كل عربى ومسلم. والله العلى الرحيم يهدينا سواء السبيل، وهو سبحانه نعم المولى ونعم النصير. محمد عبد القادر عطا القاهرة فى: العشرين من شوال 1419 هـ‍. السابع عشر من فبراير 1998 م. * * *

فصل فيه بعض مقتطفات مما جاء ب «أخبار مكة» وملحقاته

فصل فيه بعض مقتطفات مما جاء ب «أخبار مكة» وملحقاته ذكر الأبار التى بمكة قبل زمزم قال الأزرقى: حدثنا أبو الوليد وحدثنى محمد بن يحيى، قال: سمعت عبد العزيز بن عمران، يقول: بئر كر آدم: بلغنى أن آدم عليه السلام حين أهبط إلى مكة حفر بيرا تسمى كر آدم المفجر فى شعب حواء. وأخبرنى عن الثقة عن ابن عباس رضى الله عنه قال: لما انتشرت قريش بمكة وكثر ساكنها، قلّت عليهم المياه، واشتدت المؤنة فى الماء حفرت بمكة، آبارا: بئر رم: فحفر مرة بن كعب بن لؤى بيرا يقال لها: رم، وبلغنى أن موضعها عند طرف الموقف بعرنة قريبا من عرفة. بئر خم: قال إسحاق: وحفر كلاب بن مرة بيرا يقال لها: خمّ، كانت مشربا للناس فى الجاهلية، ويقال: إنها كانت لبنى مخزوم. وقال بعض أهل العلم: كان قصى بن كلاب حفر بيرا بمكة. بئر العجول: لم يحفر أول منها، وكان يقال لها: العجول، كان موضعها فى دار أم هانى بنت أبى طالب بالحزورة، وهى البير التى دفع هاشم بن عبد مناف أخا بنى ظويلم ابن عمرو النضرى فيها فمات، وكانت العرب إذا قدموا مكة يردونها ويتراجزون عليها فقال قايل فيها: أروى من العجول ثمت انطلق إن قصيا قد وفى وقد صدق ... بالشبع للحى روى المغتبق بئر: وبيرا عند الردم الأعلى، ردم عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى أصل الردم فى أعلى الوادى، خلف دار آل جحش بن رياب الأسدى، التى يقال لها: دار أبان بن عثمان يقال: إن قصيّا حفرها، فدثرت، وإن جبير بن مطعم بن عدى نثلها وأحياها، وعندها مسجد يقال: إن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فيه، بناه عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن محمد. بئر بذر: قال ابن إسحاق: وحفر هاشم بن عبد مناف «بذر» وقال حين حفرها: لأجعلنها للناس بلاغا، وهى البير التى فى حق المقوم بن عبد المطلب فى ظهر دار طلوب مولاة زبيدة فى أصل المستنذر ويقال إن قصيّا حفرها، فنثلها أبو لهب، وهى التى تقول فيها بعض بنات عبد المطلب: نحن حفرنا بذر ... بجانب المستنذر نسقى الحجيج الأكبر

بئر سجلة

بئر سجلة: وذكروا أيضا إن هاشما حفر سجلة، وهى البير التى يقال لها: بير جبير ابن مطعم بن عدى بن نوفل بن عبد مناف، دخلت فى دار أمير المؤمنين التى بين الصفا والمروة فى أصل المسجد الحرام التى يقال لها: دار القوارير، أدخلها حماد البربرى حين بنى الدار للرشيد هارون أمير المؤمنين، وكانت البير شارعة فى المسعى يقال: إن جبير بن مطعم ابتاعها من ولد هاشم، وقال بعض المكيين: وهبها له أسد بن هاشم حين ظهرت زمزم، ويقال: وهبها عبد المطلب حين حفر زمزم، واستغنى عنها للمطعم بن عدى وأذن له أن يضع حوضا عند زمزم من أدم، يسقى فيه منها ويسقى الحاج، وهو أثبت الأقاويل عندنا. بئر الطوى: وحفر عبد شمس بن عبد مناف بيرا يقال لها: الطوى، وموضعها فى دار ابن يوسف بالبطحاء. بئر الجفر: وحفر أمية بن عبد شمس بيرا يقال لها: الجفر، وهى فى وجه المسكن الذى كان لبنى عبد الله بن عكرمة بن خالد بن عكرمة المخزومى بطرف أجياد الكبير واشترى ذلك المسكن ياسر خادم زبيدة، فأدخله فى المتوضأة التى عملها على باب أجياد الكبير. بئر أم جعلان: وكانت لبنى عبد شمس بير يقال لها: أم جعلان، موضعها دخل فى المسجد الحرام. بئر العلوى: وكانت لهم أيضا بير يقال لها: العلوق بأعلى مكة عند دار أبان بن عثمان. بئر شفية: وكانت لبنى أسد بن عبد العزى بير يقال لها: شفية، موضعها فى دار أم جعفر يقال لها: بئر الأسود. بئر السنبلة: وكانت لبنى جمح بير يقال لها: السنبلة كانت لخلف بن وهب فى خط الحزامية بأسفل مكة، قبالة دار الزبير بن العوام، يقال لها اليوم: بئر أبى ويقال: أن النبىصلى الله عليه وسلم بصق فيها، وأن ماءها جيد من الصداع. بئر أم حردان: وكانت عند ردم بنى جمح بير يقال لها: أم حردان، ذكر أنه لا يدرى من حفرها ثم صارت لبنى جمح. بئر رمرم: وكانت لبنى سهم بير يقال لها: رمرم، يقال: أنها دخلت فى المسجد الحرام حين وسعه أبو جعفر أمير المؤمنين فى ناحية بنى سهم. بئر الغمر: وكانت لبنى سهم أيضا بير يقال لها: الغمر لم يذكر موضعها.

بئر السيرة

وقد سمعنا فى البيار حديثا جامعا، حدثنا أبو الوليد قال: حدثنى محمد بن يحيى عن الواقدى عن هشام بن عمارة عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم، قال: أخبرنى أبى قال: سألنى عبد الملك بن مروان: من أين كانت أولية قريش تشرب الماء قبل قصى، وكعب بن لوى، وعامر بن لوى، قال: فقال أبى: لا تسأل عن هذا أحدا أبدا أعلم به منى، سألت عن ذلك مشيخة جلة دخل الإسلام على أحدهم. بئر السيرة: وقد أفند فقال: كان أول من حفر بيرا مرة، حفر بيرا يقال لها: السيرة خارجة من الحرام، فكانوا يشربون منها دهرا إذا كثرت الأمطار شربوا، وإذا أقحطوا ذهب ماؤها، وكانوا يشربون من أغادير فى رءوس الجبال، ثم كان مرة حفر: بئر الروا: بيرا أخرى يقال لها: بير الروا، وهما خارجتان من مكة، وهما فى بواديهما مما يلى عرفة وهم يومئذ حول مكة، وخزاعة تلى البيت وأمر مكة، ثم حفر كلاب بن مرة: خم ورم والجفر، وهذه أبيار كلاب بن مرة كلها خارجا من مكة، ثم كان قصى حين جمع قريشا وسميت قريش لتقرشها، وهو التجمع بعد التفرق وأهل مكة على ما كان عليه الآباء من الشرب من رءوس الجبال، ومن هذه الآبار التى خارج من مكة فلم يزل الأمر على ذلك حتى هلك قصى ثم ولده من بعده يفعلون ذلك حتى هلك أعيان بنى قصى: عبد الدار، وعبد مناف، وعبد العزى، وعبد بنو قصى فخلف أبناؤهم فى قومهم على ما كان من فعلهم، فلما انتشرت قريش وكثر ساكن مكة قلت عليهم المياه واشتدت عليهم المؤنة، وعطش الناس بمكة أشد العطش فكان أول من حفر عبد شمس بن عبد مناف بن قصى فحفر الطوى وهى التى بأعلى مكة عند الببضاء دار محمد بن يوسف، وحفر هاشم بن عبد مناف بذر وهى البير التى عند المستنذر فى خطم الخندمة على فم شعب أبى طالب وقال حين حفرها: لأجعلنها بلاغا للناس، وحفر هاشم سجلة وهى بير مطعم بن عدى بن نوفل بن عبد مناف التى يسقنى عليها اليوم، قال عبد الملك: والله القديم، ما تحريت الصدق لك وعليك، قال: ثم ماذا؟ قال: ثم ابتاعها مطعم بن عدى من أسد بن هاشم وبنو هاشم، تزعم أن عبد المطلب بن هاشم وهبها له حين حفر زمزم واستغنى عنها، وسأله مطعم بن عدى أن يضع حوضا من آدم إلى جنب زمزم يسقى فيه من ماء بيره، فإذن له فى ذلك، وكان يفعل ذلك. قال محمد بن جبير: فكثرت المياه بمكة بعد ما حفرت زمزم حتى روى القاطن والبادى، ودنت لها بكر وخزاعة، فارتووا منها لا تنزح، قال عبد الملك: بئر الجفر: ثم ماذا؟ قال محمد بن جبير: ثم حفر أمية بن عبد شمس الجفر لنفسه.

بئر ميمون

بئر ميمون: وحفر ميمون بن الحضرمى حليفك بيره، وكانت آخر بير حفرت من هذه الآبار فى الجاهلية، قال: رأيت قول الله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً) قال: يعنى تلك الآبار التى كانت تغور فيذهب ماؤها (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) زمزم ماؤها معين، قال غير محمد بن جبير: مجاهد وعطاء وغيرهما من أهل العلم فى قوله تعالى: (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) قالوا: زمزم، وبير ميمون بن الحضرمى، قال محمد ابن جبير: فلما حفرت بنو عبد مناف آبارها سقوا الناس واستقوا الناس عليها، فشق ذلك على قبايل قريش ورأوا أنهم لا ذكر لهم فى تلك الآبار، حفرت قريش آبارا وجعلوا يبتارون بها فى الرى والعذوبة حتى كاد أن يكون فى ذلك شر طويل، فمشت فى ذلك كبراء قريش فاقصر الشر، وحفرت بنو أسد بن عبد العزى «شفية» بير بنى أسد ابن عبد العزى. بئر أم احراد: وحفرت بنو عبد الدار «أم احراد» وحفرت بنو جمح «السنبلة» وهى بير خلف بن وهب، وحفرت بنو سهم «الغمر». بئر السقيا: وحفرت بنو مخزوم «السقيا» بير هشام بن المغيرة. بئر الثريا: وحفرت بنو تيم «الثريا» وهى بير عبد الله بن جدعان. بئر النقع: وحفرت بنو عامر بن لؤى النقع قال عبد الملك: يأبا سعيد إن هذا العلم لو سألت عنه جميع قومك ما عرفوه. قال محمد بن جبير: ليأتين عليهم زمان لا يعرفون ما هو أظهر من هذا، قال عبد الملك: أى والله. * * * باب الآبار التى حفرت بعد زمزم فى الجاهلية قال أبو الوليد: الآبار التى حفرت فى الجاهلية بعد زمزم بير فى دار محمد بن يوسف البيضاء، حفرها عقيل بن أبى طالب ويقال: حفرها عبد شمس بن عبد مناف ونثلها عقيل بن أبى طاب يقال لها: الطوى. بنو الأسود: وبير الأسود بن البخترى كانت على باب دار الأسود عند قايمة فى أسفل الدار إلى اليوم. ركايا قدامة: وركايا قدامة بن مظعون حذاء أضاة النبط بعرنة فى شقها الذى يلى مكة قريبا من السيرة.

بئر حويطب

بئر حويطب: وبير حويطب بن عبد العزى فى بطن وادى مكة بفناء دار حويطب. بئر خالصة: والبير التى نثلت خالصة مولاة الخيزران بالسقيا فى المسيل الذى يفرغ بين مازمى عرفة ومسجد إبراهيم إلى هنا. بئر زهير: وبير بأجياد فى دار زهير بن أبى أمية بن المغيرة المخزومى. * * * ذكر الآبار الإسلامية بئر الياقوتة: قال أبو الوليد: الياقوتة التى بمنى حفرها أبو بكر الصديق رضى الله عنه فى خلافته فعملها الحجاج بن يوسف بعد مقتل ابن الزبير وضرب فيها وأحكمها. بئر عمرو: وبير عمر بن عثمان بن عفان التى بمنى فى شعب آل عمرو. بئر الشركاء: بئر الشركاء بأجياد لبنى مخزوم. بئر عكرمة: وبير عكرمة بإجياد الصغير فى الشعب الذى يقال له: الأيسر. بئر الصلا: وبيار الأسود بن سفيان بن عبد الأسد المخزومى «الصلا» فى أصل ثنية أم قردان. بئر الطلوب: وبير يقال لها: الطلوب كانت لعمرو بن عبد الله بن صفوان الجمحى فى شعب عمرو بالرمضة دون الميثب. بئر أبى موسى: وبير أبى موسى الأشعرى بالمعلاة على قم أبى دب بالحجون حفرها حين انصرف من الحكمين إلى مكة. بئر شوذب: وبير شوذب كانت عند باب المسجد عند باب بنى شيبة، فدخلت فى المسجد الحرام حين وسعه المهدى فى خلافته فى الزيادة الأولى سنة إحدى وستين ومائة وشوذب مولى لمعاوية بن أبى سفيان. بئر البرود: والبرود بفخ حفرها خراش بن أمية الخزاعى الكعبى وله يقول الشاعر: بين البرود وبين بلد نلتقى بئر بكار: بير بكار بذى طوى عند ممادر بكار، وبكار رجب من أهل العراق كان سكن مكة وأقام بها.

بئر وردان

بئر وردان: وبير وردان، ووردان مولى المطلب بن أبى وداعة بذى طوى عند سقاية سراج بفخ، وسراج مولى بنى هاشم. بئر الصلاصل: وبير الصلاصل بفم شعب البيعة عند العقبة، عن منى، ولها يقول أبو طالب: ونسلمه حتى نصرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلايل وينهض قوم فى الحديد إليكم ... نهوض الروايا تحت ذات الصلاصل بئر السقيا: وبير السقيا عند المازمين، مازمى عرفة، عملها عبد الله بن الزبير بن العوام رحمه الله تعالى. * * * ما جاء فى العيون التى أجريت فى الحرم قال أبو الوليد: كان معاوية بن أبى سفيان، رحمه الله، قد أجرى فى الحرم عيونا، وأتخذها أخيافا فكانت حوايط. حايط الحمام: وفيها النخل والزرع، منها حايط الحمام، وله عين وهو من حمام معاوية الذى بالمعلاة إلى موضع بركة أم جعفر، وذلك الموضع الساعة يقال له: حايط الحمام، وإنما سمى حايط الحمام؛ لأن الحمام كان فى أسفله. حدثنا أبو الوليد قال: وحدثنى جدى حدثنا عبد الرحمن بن الحسن بن القاسم عن أبيه عن علقمة بن نضلة قال: قال رجل من بنى سليم لعمر بن الخطاب بمكة: يا أمير المؤمنين أقطعنى خيف الأرين حتى أملأه عجوة، فقال له عمر: نعم، فبلغ ذلك أبا سفيان بن حرب، فقال: دعوه فليملأه، ثم لينظر أينا يأكل جناه، فبلغ ذلك السلمى فتركه، وكان أبو سفيان يدعيه، فكان معاوية بعد هو الذى عمله وملأه عجوة، قال: وكان له مشرع يرده الناس. حايط عوف: ومنها حايط عوف موضعه من زقاق خشبة دار مبارك التركى ودار جعفر بن سليمان وهما اليوم من حق أم جعفر، ودار مال الله، وموضع الماجلين ماجلى أمير المؤمنين هارون الذى بأصل الحجون، فهذا كله موضع حايط عوف إلى الجبل وكانت له عين تسقيه، وكان فيه النخل، وكان له مشرع يرده الناس. حايط الصفى: ومنها حايط يقال له: الصفى موضع، من دار زينب بنت سليمان

حايط مورس

التى صارت لعمرو بن مسعدة، والدار التى فوقها إلى دار العباس بن محمد التى بأصل نزاعة المشوى، وكانت له عين، وكان له مشرع يرده الناس، يقول فيه الشاعر: سكنوا الجزع جزع بيت أبى مو ... سى إلى النخل من صفى السباب حايط مورس: ومنها حايط يقال له: حايط مورش، ومورش كان قيّما عليه فى موضع دار محمد بن سليمان بن على، ودار لبابة بنت على، ودار ابن قثم، اللواتى بفم شعب الخوز، وكان فيه النخل، وكانت له عين ومشرع يرده الناس إلى اليوم، وكان فيه النخل والزرع حديثا من الدهر على طريق منى وطريق العراق. حايط خرمان: منها حايط وهو من ثنية أذاخر إلى بيوت جعفر العلقمى وبيوت ابن أبى الرزام وما جله قايم إلى اليوم، وكان فيه النخل والزرع حديثا من الدهر، وكانت له عين ومشرع يرده الناس. حايط مقيصرة: ومنها حايط مقيصرة وكان موضعه نحو بركتى سليمان بن جعفر إلى قصر أمير المؤمنين المنصور أبى جعفر، وكانت له عين ومشرع، وكان فيه النخل. حايط حراء: ومنها حايط حراء وضفيرته قائمة إلى اليوم، وكان فيه النخل، وكان له مشرع يرده الناس. حايط ابن طارق: ومنها حايط ابن طارق بأسفل مكة، وكانت له عين تمر فى بطن وادى مكة تحت الأرض وكانت له عين ومشرع وكان فيه النخل. حايط فخ: ومنها حايط وهو قايم إلى اليوم. حايط بلدح: ومنها حايط بلدح. فهذه العيون العشرة أجراها معاوية، رحمه الله تعالى، واتخذها بمكة، واتخذت بعد ذلك ببلدح عيون سواها منها. حايط ابن العاص: عين سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص ببلدح، وهى قايمة إلى اليوم. حايط سفيان: وحايط سفيان والخيف الذى أسفل منه، وهما اليوم لأم جعفر. وكانت عيون معاوية تلك قد انقطعت وذهبت فأمر أمير المؤمنين الرشيد بعيون منها فعملت وأحييت وصرفت فى عين واحدة يقال لها: الرشا تسكب فى الماجلين اللذين

أحدهما لأمير المؤمنين الرشيد بالمعلاة ثم تسكب فى البركة التى عند المسجد الحرام ثم كان الناس بعد يقطع هذه العيون فى شدة من الماء، وكان أهل مكة والحاج يلقون من ذلك المشقة حتى إن الراوية لتبلغ فى الموسم عشرة دراهم وأكثر وأقل الماء، فبلغ ذلك أم جعفر بنت أبى الفضل جعفر بن أمير المؤمنين المنصور، فأمرت فى سنة أربع وتسعين وماية بعمل بركتها التى بمكة فأجرت لها عينا من الحرم فجرت بماء قليل لم يكن فيه رى لأهل مكة، وقد غرمت فى ذلك غرما عظيما فبلغها فأمرت جماعة من المهندسين أن يجروا لها عيونا من الحل. وكان الناس يقولون: إن ماء الحل لا يدخل الحرم، لأنه يمر على عقاب وجبال، فأرسلت بأموال عظام ثم أمرت من يزن عينها الأولى فوجدوا فيها فسادا، فانشأت عينا أخرى إلى جانبها وأبطلت تلك العيون، فعملت عينها هذه بأحكم ما يكون من العمل، وعظمت فى ذلك رغبتها وحسنت نيتها فلم تزل تعمل فيها حتى بلغت ثنية خل، فإذا الماء لا يظهر فى ذلك الجبل، فأمرت بالجبل فضرب فيه، وانفقت فى ذلك من الأموال ما لم يكن تطيب به نفس كثير من الناس حتى أجراها الله عزوجل لها. وأجرت فيها عيونا من الحل منها عين من المشاش واتخذت لها بركا تكون السيول إذا جاءت تجتمع فيها، ثم أجرت لها عيونا من حنين واشترت حايط حنين فصرفت عينه إلى البركة وجعلت حايطه سدا يجتمع فيه السيل، فصارت لها مكرمة لم تكن لأحد قبلها وطابت نفسها بالنفقة فيها بما لم تكن تطيب نفس أحد غيرها به، فأهل مكة والحاج إنما يعيشون بها بعد الله عزوجل. ثم أمر أمير المؤمنين المأمون صالح بن العباس فى سنة عشر ومايتين أن يتخذ له بركا فى السوق خمسا لئلا يتعنى أهل أسفل مكة والثنية وأجيادين والوسط إلى بركة أم جعفر فأجرى عينا من بركة أم جعفر من فضل مائها فى عين تسكب فى بركة البطحاء عند شعب ابن يوسف فى وجه دار ابن يوسف، ثم يمضى إلى بركة عند الصفا ثم يمضى إلى بركة عند الحناطين ثم يمضى إلى بركة بفوهة سكة الثنية دون دار أويس ثم يمضى إلى بركة عند سوق الحطب بأسفل مكة ثم يمضى فى سرب ذلك إلى ماجل أبى صلاية ثم إلى الماجلين اللذين فى حايط ابن طارق بأسفل مكة، وكان صالح بن العباس لما فرغ منها ركب بوجوه الناس إليها، فوقف عليها حين جرى فيها الماء ونحر عند كل بركة جزورا، وقسم لحمها على الناس. * * *

ما ذكر من أمر الرباع: رباع قريش وحلفائها

ما ذكر من أمر الرباع: رباع قريش وحلفائها أولها: رباع بنى عبد المطلب بن هاشم قال أبو الوليد: الدار التى صارت لابن سليم الأزرق وهى إلى جنب دار بنى مرحب صارت لإسماعيل بن إبراهيم الحجى وهى قبالة دار حويطب بن عبد العزى إلى منتهى دار إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبد الله فلولده الحارث بن عبد المطلب أول ذلك الحق وهى الدار التى اشتراها ابن أبى الكلوح البصرى، والحق الذى يليه وهو الشعب شعب ابن يوسف وبعض دار ابن يوسف لأبى طالب، والحق الذى يليه، وبعض دار ابن يوسف المولد مولد النى صلى الله عليه وسلم وما حوله لأبى النبى صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عبد المطلب، والحق الذى يليه حق العباس بن عبد المطلب، وهى دار خالصة مولاة الخيزران، ثم حق المقوم ابن عبد المطلب وهى دار الطلوب مولاة زبيدة ثم حق أبى لهب وهى دار أبى يزيد اللهبى. فهذا آخر حقهم فى هذا الموضع، وذكر غير واحد من المكيين إن الشعب الذى يقال له: شعب ابن يوسف كان لهاشم بنى عبد مناف دون الناس، قالوا: وكان عبد المطلب قد قسم حقه بين ولده ودفع إليهم ذلك فى حياته حين ذهب بصره فمن ثم صار للنبى صلى الله عليه وسلم حق أبيه عبد الله بن عبد المطلب، وللعباس بن عبد المطلب أيضا الدار التى بين الصفا والمروة التى بيد ولد موسى بن عيسى التى إلى جنب الدار التى بيد جعفر ابن سليمان ودار العباس هى الدار المنقوشة التى عندها العلم الذى يسعى منه من جاء من المروة إلى الصفا بأصلها ويزعمون أنها كانت لهاشم بن عبد مناف، وفى دار العباس هذه حجران عظيمان يقال لهما: أساف ونائلة صنمان كانا يعبدان فى الجاهلية هما فى ركن الدار، ولهم أيضا دار أم هانى بنت أبى طالب التى كانت عند الحناطين عند المنارة فدخلت فى المسجد الحرام حين وسعه المهدى الهدم الآخر سنة سبع وستين وماية. * * * رباع حلفاء بنى هاشم دار الأسود بن خلف الخزاعى وهى دار طلحة الطلحات باعها عبد الله بن القاسم ابن عبيدة بن خلف الخزاعى من جعفر بن يحيى البرمكى بماية ألف دينار: وهى دار الإمارة التى عند الحذائين بناها حماد البريرى للرشيد هارون أمير المؤمنين، ولهم أيضا دار القدر التى هى فى زقاق أصحاب الشيرق، باعها عبد الرحمن بن القاسم بن عبيدة بن

رباع بنى عبد المطلب بن عبد مناف

خلف الخزاعى من الفضل بن الربيع بعشرين ألف دينار، ولآل حكيم بن الأوقص السلمى حلفاء بنى هاشم دار حمزة فى السويقة ودار درهم فى السويقة، وللملحيين الخزاعيين أيضا دار أم إبراهيم التى فى زقاق الحذائين اشتراها معاوية منهم، وكان يقال لها: دار أوس، وللملحيين أيضا دار ابن ماهان فى زقاق الحذائين. ولبنى عتوارة من بنى بكر بن عبد مناة بن كنانة، دار عمرو بن سعيد بن العاص الأشدق، ومن دار الطلحيين التى بالبطحاء إلى باب شعب بن عامر، فذلك الربع لهم أيضا. * * * رباع بنى عبد المطلب بن عبد مناف الدار التى بفوهة شعب ابن عامر يقال لها: دار قيس بن مخرمة كانت لهم جاهلية، وزعم بعض الناس أن دار عمرو بن سعيد بن العاص التى فى ظهر دار سعيد كانت لهم فخرجت من أيديهم؛ وقال غير هؤلاء: بل كانت هذه الدار لقوم من بنى بكر وهم أخوال سعيد بن العاص فاشتراها منهم وهو أشهر القولين. * * * رباع حلفائهم لآل عتبة بن فرقد السلمى دراهم وربعهم التى عند المروة، وهو شق المروة السوداء دار الحرشى المنقوشة وزقاق آل أبى ميسرة يقال لها: دار ابن فرقد. * * * رباع بنى عبد شمس بن عبد مناف لآل حرب بن أمية بن عبد شمس دار أبى سفيان بن حرب التى بين الدارين يقال لها: دار ريطة ابنة أبى العباس، وهى الدار التى قال النبى صلى الله عليه وسلم يوم الفتح: من دخل دار أبى سفيان فهو آمن. حدثنا أبو الوليد قال: حدثنى جدى عبد الرحمن بن حسن بن القاسم عن أبيه عن علقمة بن نضلة قال: أصعد عمر بن الخطاب رضى الله عنه المعلاة فى بعض حاجته فمر بأبى سفيان بن حرب يهنى جملا له فنظر إلى أحجار قد بناها أبو سفيان شبه الدكان فى

وجه داره يجلس عليه فى فئ الغداة، فقال له عمر: يأبا سفيان ما هذا البناء الذى أحدثته فى طريق الحاج؟ فقال أبو سفيان: دكان نجلس عليه فى فئ الغداة، فقال له عمر: لا ارجع من وجهى هذا حتى تقلعه وترفعه، فبلغ عمر حاجته، فجاء والدكان على حاله، فقال له عمر: ألم أقل لك لا أرجع حتى تقلعه؟ قال أبو سفيان: انتظرت يا أمير المؤمنين أن يأتينا بعض أهل مهنتنا فيقلعه ويرفعه، فقال عمر رضى الله عنه: عزمت عليك لتقلعنه بيدك ولتنقلنه على عنقك، فلم يراجعه أبو سفيان حتى قلعه بيده ونقل الحجارة على عنقه وجعل يطرحها فى الدار فخرجت إليه هند ابنة عقبة، فقالت: يا عمر أمثل أبى سفيان تكلفه هذا وتعجله عن أن يأتيه بعض أهل مهنته فطعن بمخصرة كانت فى يده فى خمارها، فقالت هند ونقحتها بيدها: إليك عنى يا بن الخطاب فلو فى غير هذا اليوم تفعل هذا لأضطمت عليك الأخاشب. قال: فلما قلع أبو سفيان الحجارة ونقلها استقبل عمر القبلة وقال: الحمد لله الذى أعز الإسلام وأهله، عمر بن الخطاب رجل من بنى عدى بن كعب يأمر أبا سفيان بن حرب سيد بنى عبد مناف بمكة فيطيعه ثم ولى عمر بن الخطاب رضى الله عنه. حدثنا أبو الوليد قال: حدثنى سليمان بن حرب بإسناد له، قال: كان المسلمون يرون للسلطان عزمة، فلقب أهل الكوفة سعيد بن العاص فى إمارة عثمان بن عفان أشعر بركا فقام فصعد المنبر، فقال: عزمت على من كان لى عليه سمع وطاعة، سمانى أشعر بركا، إلا قام، فقام الذى سماه، فقال: أيها الأمير من الذى يجترئ أن يقوم فيقول: أنا الذى سميتك أشعر بركا، وأشار إلى صدره أو إلى نفسه. حدثنا أبو الوليد، وحدثنى جدى، حدثنا عبد الرحمن بن حسن بن القاسم بن عقبة عن أبيه عن علقمة بن نضلة قال: وقف أبو سفيان بن حرب على ردم الحذائين فضرب برجله فقال سنام الأرض أن لها سناما، زعم ابن فرقد ـ يعنى عتبة بن فرقد السلمى ـ إنى لأعرف حقى من حقه، له سواد المروة، ولى بياضها، ولى ما بين مقامى هذا إلى تجنى ـ وتجنى ثنية قريبة من الطايف، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فقال: إن أبا سفيان لقديم الظلم ليس لأحد حق إلا ما أحاطت عليه جدرانه. حدثنا أبو الوليد، قال: حدثنى جدى، قال: ابتنى معاوية بمكة دورا منها الست المتقاطرة ليس لأحد بينهما فصل، أولها دار البيضاء التى على المروة وبابها من ناحية المروة ووجهها شارع على الطريق العظمى بين الدارين وكانت فيها طريق إلى جبل الديلمى فلم تزل حتى أقطعها العباس بن محمد بن على فسد تلك الطريق فهى مسدودة

إلى اليوم، ثم قبضت بعد من العباس بن محمد، فهى فى الصوافى وإنما سميت دار البيضاء أنها بنيت بالجص ثم طليت به فكانت كلها بيضاء، وجدر الدار الرقطاء إلى جنبها وإنما سميت الرقطاء لأنها بنيت بالآجر الأحمر والجص الأبيض فكانت رقطاء ثم كانت قد أقطعها الغطريف بن عطاء ثم قبضت منه، فهى اليوم فى الصوافى. ودار المراجل تلى دار الرقطاء بينهما الطريق إلى جبل الديلمى وإنما سميت دار المراجل لأنها كانت فيها قدور من صفر لمعاوية يطبخ فيها طعام الحاج، وطعام شهر رمضان، فصارت دار المراجل لولد سليمان بن على بن عبد الله بن عباس أقطعها، ويقال: أنها كانت لآل المؤمل العدويين فابتاعها منهم معاوية، ويقال: إن دار الرقطاء والبيضاء كانتا لآل أسيد بن أبى العيص بن أمية فابتاعها منهم معاوية، ودار ببة إلى جنب دار المراجل على رأس الردم، ردم عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وببة عبد الله ابن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وهى الدار التى صارت لعيسى بن موسى، ودار سلمة بن زياد وهى التى إلى جنب دار ببة، وسلم بن زياد كان قيما عليها وكان يسكنها، ودار الحمام وهى التى إلى جنب دار سلمة بينهما زقاق النار يقال: إن دار الحمام كانت لعبد الله بن عامر بن كريز فناقله بها معاوية إلى دار ابن عامر التى فى الشعب، شعب ابن عامر، ودار رابغة وهى مقابل دار الحمام وهى التى فى وجهها دور بنى غزوان بأصل قرن مسقلة، ودار أوس وهى الدار التى يدخل إليها من زقاق الحذائين يقال لها اليوم: دار سلسبيل ـ يعنى أم زبيدة ـ كانت لآل أوس الخزاعى فابتاعها منهم معاوية وبناها، ودار سعد، وسعد هذا هو سعد القصير غلام معاوية كان بناها سعد بالحجارة المنقوشة فيها التماثيل مصورة فى الحجارة وكانت فيها طريق تمرها المحامل والقباب من السويقة إلى المروة وكان بينهما وبين دار عيسى بن على ودار سلسبيل طريق فى زقاق ضيق فصارت لعبد الله بن مالك بن الهيثم الخزاعى فهدمها وسد الطريق التى كانت فى بطنها وأخرج للناس طريقا تمر بها المحامل والقباب فكان الزقاق الضيق بينهما وبين دار سلسبيل أم زبيدة، ودار عيسى بن على وهى دار عبد الله بن مالك التى إلى جنب دار عيسى بن على فى زقاق الجزارين. وقد زعم بعض الناس أنها كانت لسعد بن أبى طلحة بن عبد العزى العبدرى وكان معاوية اشتراها منهم، ودار الشعب بالثنية عند الدارين يقال لها اليوم: دار الزنج، ويقال: أنها كانت من حق بنى عدى ويقال: أنها كانت لبنى جمح فابتاعها منهم معاوية وبناها، ودار جعفر بالثنية أيضا إلى جنب دار عمرو بن عثمان فيها طريق مسلوكة

رباع آل سعيد بن العاص بن أمية

يقال: أنها لبنى عدى ويقال: لبنى هاشم فابتاعها منهم وبناها، ودار البخاتى فى خط الحزامية كانت فيها بخاتى معاوية إذا حج وفيها بير وهى اليوم لولد أبى عبد الله الكاتب، ودار الحدادين التى بسوق الفاكهة وسوق الرطب فى الزقاق الذى بين دار حويطب ودار ابن أخى سفيان ابن عيينة التى بناها، ودار الحدادين هذه كانت فى ما مضى يقال لها دار مال الله كان يكون فيها المرضى وطعام مال الله. حدثنى أبو الوليد قال: حدثنى حمزة بن عبد الله بن حمزة بن عتبة عن أبيه قال: أدركت فيها المرضى وما نعرفها إلا بدار مال الله، وهى من رباع بنى عامر ابن عباس التى عند القواسين كانت لحنظلة بن أبى سفيان وهى لهم ربع جاهلى، ودار زياد وكان موضعها رحبة بين دار أبى سفيان فى وجه دار سعيد بن العاص، ودار الحكم بن أبى العاص وكانت تلك الرحبة يقال لها: بين الدارين، يعنون دار أبى سفيان ودار حنظلة بن أبى سفيان، وكانت إذا قدمت العير من السراة والطايف وغير ذلك، تحمل الحنظلة والحبوب والسمن والعسل تحط بين الدارين وتباع فيها، فلما استلحق معاوية زياد بن سمية، خطب إلى سعيد بن العاص أخته فرده، فشكاه إلى معاوية، فقال معاوية لزياد بن سمية: لأقطعنك أشرف ربع مكة ولأسدن عليه وجه داره، فأقطعه هذه الرحبة فسدت وجه دار سعيد، ووجه دار الحكم، فتكلم مروان فى دار الحكم حين سدوا وجهها وبقيت بغير طريق فترك له تسعة أذرع قدر ما يمر فيه حمل حطب، ولم يترك لسعيد من الطريق إلا نحوا من ثلاثة أذرع لا يمرها حمل حطب، وكان يقال: لدار زياد هذه دار الصرارة، وكانت من دور معاوية دار الديلمى التى على الجبل الديلمى أن غلاما لمعاوية يقال له: الديلمى وإنما سميت دار الديلمى هو الذى بناها والدار التى فى السويقة يقال لها: دار حمزة تصل حق آل نافع بن عبد الحارث الخزاعى اشتراها من آل أبى الأعور السلمى فكانت له حتى كانت فتنة ابن الزبير فاصطفاها ووهبها لابنه حمزة بن عبد الله ابن الزبير، فيه تعرف اليوم بدار حمزة، وهى اليوم فى الصوافى. * * * رباع آل سعيد بن العاص بن أمية قال أبو الوليد: دار أبى أحيحة سعيد بن العاص التى إلى جنب دار الحكم وهى لهم ربع جاهلى ولهم دار عمرو بن سعيد الأشدق وهى شرى، كانت لقوم من بنى بكر، وهم أخوال سعيد بن العاص. * * *

ربع آل أبى العاص بن أمية

ربع آل أبى العاص بن أمية لآل عثمان بن عفان دار الحناطين التى يقال لها: دار عمرو بن عثمان، ذكر بعض المكيين أنها كانت لآل السباق بن عبد الدار، وقال بعضهم: كانت لآل أمية بن المغيرة، ودار عمرو بن عثمان التى بالثنية يقال: أنها كانت لآل قدامة بن مظعون الجمحى، ولآل الحكم بن أبى العاص دار الحكم التى إلى جنب دار سعيد بن العاص بين الدارين بنحر طريق من سلك من زقاق الحكم، ويقال: إن دار الحكم هذه كانت لوهب بن عبد مناف بن زهرة جد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبى أمه فصارت لأمية بن عبد شمس أخذها عقلا فى ضرب إليته، ولتلك الضربة قصة مكتوبة، ولهم دار عمر بن عبد العزيز كانت لناس من بنى الحارث بن عبد مناف ثم اشتراها عمر، وأمر ببنائها وهو والى على مكة والمدينة فى خلافة الوليد بن عبد الملك فمات الوليد بن عبد الملك، قبل أن يفرغ منها فأمر عمر بن عبد العزيز بإتمام بنائها، وكان بناؤها للوليد من ماله، فلما أن فرغ منها عمر بن عبد العزيز، قدم فى الموسم وهو والى الحج فى خلافة سليمان، فلما نظر إليها لم ينزلها ثم تصدق بها على الحجاج والمعتمرين وكتب فى صدقتها كتابا وأشهد عليه شهودا ووضعه فى خزانة الكعبة عند الحجبة وأمرهم بالقيام عليها وأسكنها الحاج والمعتمرين، فكانوا يفعلون ذلك. حدثنا أبو الوليد قال: حدثنى جدى قال: أخبرنى عبد الرحمن بن الحسن بن القاسم ابن عقبة بن أبيه بهذه القصة كلها، وكان صديقا لعمر بن عبد العزيز عالما بأمره. قال أبو الوليد: قال لى جدى: فلم تزل تلك الدار فى يد الحجبة يلونها ويقومون عليها حتى قبضت أموال بنى أمية، فقبضت فيما قبض فاقطعها أبو جعفر أمير المؤمنين يزيد بن منصور الحجى الحميرى خال المهدى، فلما استخلف المهدى قبضها من يزيد من منصور وردها على ولد عمر بن عبد العزيز فأسلموها إلى الحجبة، فلم تزل بأيديهم على ما كانت عليه. قال أبو الوليد: وأخبرنى جدى قال: ففيها عمل تابوت الكعبة الكبير، وهى فى أيدى الحجبة ثم تكلم فيها ولد يزيد من منصور فى خلافة الرشيد هارون أمير المؤمنين، فردت عليهم ثم باعوها، فاشتراها أمير المؤمنين الرشيد، ثم ردت أيضا فى خلافة الرشيد إلى الحجبة، فكانت فى أيديهم حتى قبضها حماد البربرى، فلم تزل فى الصوافى حتى ردها المعتصم بالله أبو إسحاق أمير المؤمنين على ولد عمر بن عبد العزيز فى سنة سبع

ربع آل أسيد بن أبى العيص

وعشرين وما يتين، وهى فى يد ولد عمر بن عبد العزيز اليوم، ودار مروان بن محمد بن مروان بالثنية كانت شرى من بنى سهم. * * * ربع آل أسيد بن أبى العيص لهم دار عبد الله بن خالد بن أسيد التى كانت على الردم الأدنى، ردم آل عبد الله وهى لهم ربع جاهلى، ولهم الدار التى فوقها على رأس الردم، بينها وبين دار عبد الله رقاق بن هربذ، وهذه الدار لأبى عثمان بن عبد الله بن خالد بن أسيد، وهو ربع عتاب ابن أسيد، والدار التى وراء دار عثمان فى الزقاق، وكان على بابها كتاب أبى عمر المعلم لهم أيضا شرى، ولهم دار حماد البربرى التى إلى جنب دار لبابة كانت لولد عثمان ابن عبد الله بن خالد بن أسيد فباعوها، ولهم دار الحارث، ودار الحصين اللتان بالمعلاة فى سوق ساعة عند فوهة شعب ابن عامر، والحصين بن عبد الله بن خالد بن أسيد. * * * ربع آل ربيعة بن عبد شمس لهم دار عتبة بن ربيعة بن عبد شمس التى بين دار أبى سفيان ودار ابن علقمة، ثم كانت قد صارت للوليد بن عتبة بن أبى سفيان، فبناها بناءها الذى هو قايم إلى اليوم، ويقال: كان فيها حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمى الذى كانت قريش أمرته على سقائها، وهو الذى يقول فيه الحارث بن أمية الأصغر: أقرر بالأباطح كل يوم ... مخافة أن يشردنى حكيم قال أبو الوليد: قال جدى: هذه الدار هى دار عتبة بن ربيعة التى كان يسكن فى الجاهلية، ودار عتبة بن ربيعة أيضا بأجياد الكبير فى ظهر دار خالد بن العاص بن هشام المخزومى وهى دار موسى بن عيسى التى عملت متوضيات لأمير المؤمنين يقال: أنها كانت لعبد شمس بن عبد مناف. * * * ولآل عدى بن ربيعة بن عبد شمس الدار التى صارت لجعفر بن يحيى بن خالد بن برمك بفوهة أجياد الكبير، عمرها جعفر بن يحيى بالحجر المنقوش والساج، اشتراها جعفر بن يحيى من أم السايب بنت

ربع آل عقبة بن أبى معيط

جميع الأموية بثمانين ألف دينار، وكانت هذه الدار لأبى العاص بن الربيع بن عبد العزى ابن عبد شمس زوج زينب بنت النبى صلى الله عليه وسلم وفيها ابتنى بزينب ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدتها إليها أمها خديجة بنت خويلد، وفيها ولدت ابنته أمامة بنت زينب، فلما أسلم وهاجر أخذها بنو عمه مع ما أخذوا من رباع المهاجرين. * * * ربع آل عقبة بن أبى معيط الدار التى يقال لها: دار الهرابذة من الزقاق الذى يخرج على النجار رين يلى ربع كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس إلى المسكن الذى صار لعبد المجيد بن عبد العزيز ابن أبى رواد إلى الزقاق الآخر الأسفل الذى يخرج على البطحاء أيضا عند حمام ابن عمران العطار، فذلك الربع يقال له: ربع أبى معيط. * * * ربع كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس قال أبو الوليد: الدار التى فى ظهر دار أبان بن عثمان مما يلى الوادى عند النجارين إلى زقاق ابن هربذ، وإلى ربع أبى معيط، فذلك الربع ربع كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس فى الجاهلية، ولعبد الله بن عامر بن كريز داره التى فى الشعب، والشعب كله من ربعه، من دار قيس بن مخرمة إلى دار حجير، ما وراء دار حجير إلى ثنية أبى مرحب إلى موضع نادر من الجبل كالمنحوت، وهو قايم إلى اليوم شبه الميل يقال: إن كان ذلك علما بين معاوية وبين عبد الله بن عامر فما وراء ذلك إلى الشعب هو لعبد الله بن عامر، وما كان فى وجهه مما يلى حايط عوف بن مالك لمعاوية، رحمه الله. * * * ولولد أمية بن عبد شمس الأصغر الدار التى بأجياد الكبير عند الحواتين يقال لها: دار عبلة، فى ظهرها دار الدومة، فهذه الدار للحارث بن أمية الأصغر بن عبد شمس، زعم بعض المكيين أنها كانت لأبى جهل بن هشام فوهبها للحارث بن أمية على شعر قاله فيه، وقال بعضهم: اشتراها منه بزق خمر، وللعبلات أيضا حق بالثنية فى حق بنى عدى فى مهبط الحزنة، ولآل سمرة بن حبيب بن عبد شمس داران بأسفل مكة عند خيام عنقود، وعنقود إنسان كان يبيع

رباع حلفاء بنى عبد شمس

الروس هنالك، ولهم أيضا دار بأعلى مكة فى وجه شعب ابن عامر مقابل زقاق النار فى موضع سوق الغنم القديم يقال لها اليوم: دار سمرة. * * * رباع حلفاء بنى عبد شمس دار جحش بن رياب الأسدى هى الدار التى بالمعلاة عند ردم عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقال لها: دار أبان بن عثمان عندها الرواسون، فلم تزل هذه الدار فى أيدى ولد جحش وهم بنو عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهم أمية بنت عبد المطلب، فلما أذن الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه فى الهجرة إلى المدينة، خرج آل جحش جميعا الرجال والنساء إلى المدينة مهاجرين، وتركوا دارهم خالية، وهم حلفاء حرب بن أمية بن عبد شمس، فعمد أبو سفيان بن حرب إلى دارهم هذه فباعها بأربع ماية دينار من عمرو بن علقمة العامرى من بنى عامر بن لوى، فلما بلغ آل جحش إن أبا سفيان قد باع دارهم أنشأ أبو أحمد بن جحش يهجو أبا سفيان ويعيره ببيعها وكانت تحته الفارعة بنت أبى سفيان. أبلغ أبا سفيان أمرا ... فى عواقبه ندامه دار ابن أختك بعتها ... تقضى بها عنك الغرامه وحليفكم بالله رب ... الناس مجتهد القسامه اذهب بها اذهب بها ... طوقتها طوق الحمامه فلما كان يوم فتح مكة، أتى أبو أحمد بن جحش وقد ذهب بصره إلى رسول اللهصلى الله عليه وسلم فكلمه فيها، وقال: يا رسول الله، إن أبا سفيان عمد إلى دارنا فباعها، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فساره بشئ، فما سمع أبو أحمد بعد ذلك ذكرها بشئ، فقيل لأبى أحمد بعد ذلك: ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال لى: إن صبرت كان خيرا وكانت لك بها دار فى الجنة، قال: قلت: أنا أصبر، فتركها أبو أحمد، ثم اشتراها بعد ذلك يعلى بن منبه التميمى حليف بنى نوفل بن عبد مناف فكانت له، وكان عثمان بن عفان قد استعمله على صنعاء ثم عزله وقاسمه ماله كله، كما كان عمر يفعل بالعمال إذا عزلهم، قاسمهم أموالهم، فقال له عثمان حين عزله: يأبا عبد الله كم لك بمكة من الدور؟ فقال: لى بها دور أربع. قال: فإنى مخيرك ثم أختار. قال: افعل ما شئت يا أمير المؤمنين، فاختار يعلى دار غزوان بن جابر بن شبيب بن عتبة بن غزوان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات الوجهين التى كانت بباب المسجد الأعظم الذى يقال له: باب بنى شيبة، وكان عتبة بن غزوان

لما هاجر دفعها إلى أمية بن أبى عبيدة بن همام بن يعلى بن منبه، فلما كان عام الفتح وكلم بنو جحش بن رياب الأسدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى دارهم، فكره لهم أن يرجعوا فى شيء من أموالهم، أخذ منهم فى الله تعالى وهجروه لله، أمسك عتبة بن غزوان عن كلام رسول اللهصلى الله عليه وسلم فى داره هذه ذات الوجهين، وسكن المهاجرون، فلم يتكلم أحد منهم فى دار هجرها لله سبحانه. وسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مسكنيه كليهما، مسكنه الذى ولد فيه، وسكنه الذى ابتنى فيه بخديجة بنت خويلد وولد فيه ولده جميعا. وكان عقيل بن أبى طالب أخذ مسكنه الذى ولد فيه، وأما بيت خديجة فأخذه معتب بن أبى لهب وكان أقرب الناس جوارا فباعه بعد من معاوية بماية ألف درهم، وكان عتبة بن غزوان يبلغه عن يعلى أنه يفخر بداره فيقول: والله لا ظنى سآتى دل بن على، فآخذ دارى منه، فصارت دار آل جحش بن رياب لعثمان بن عفان حين قاسم يعلى دوره، فكانت فى يد عثمان وولده لم تخرج من أيديهم من يومئذ، وإنما سميت دار أبان لأن أبان بن عثمان كان ينزلها فى الحج والعمرة إذا قدم مكة، فلذلك سميت به، وقال أبو أحمد بن جحش بن رياب يذكر الذى بينه وبين بنى أمية من الرخم والصهر والحلف وكان حليفهم، وأمه أميمة بنت عبد المطلب، وكانت تحته الفارعة بنت أبى سفيان، فقال أبو أحمد بن جحش بن رياب: ابنى أمية كيف أظلم فيكم ... وأنا ابنكم وحليفكم فى العسر لا تنقضوا حلفى وقد حالفتكم ... عند الجمار عشية النفر وعقدت حبلكم بحبلى جاهدا ... وأخذت منكم أوثق النذر ولقد دعانى غيركم فأبيتهم ... وذخرتكم لنوايب الدهر فوصلتم رحمى بحقن دمى ... ومنعتم عظمى من الكسر لكم الوفاء وأنتم أهل له ... إذ فى سواكم أقبح الغدر منع الرقاد فما أغمض ساعة ... هم يضيق بذكره صدرى قال: ولآل جحش بن رياب أيضا الدار التى بالثنية فى حق آل مطيع بن الأسود ويقال لها: دار كثير بن الصلت، دار الطاقة، وابتاعها كثير بن الصلت من آل جحش بن رياب فى الأسود. * * *

ربع آل الأزرق بن عمرو بن الحارث بن أبى شمر الغسانى حليف المغيرة بن أبى العاص بن أمية

ربع آل الأزرق بن عمرو بن الحارث بن أبى شمر الغسانى حليف المغيرة بن أبى العاص بن أمية دار الأزرق، دخلت فى المسجد الحرام، كانت إلى جنب المسجد جدرها وجدر المسجد واحد، وكان وجهها شارعا على باب بنى شيبة إذ كان المسجد متقدما لاصقا بالكعبة وكانت على يسار من دخل المسجد بجنب دار خيرة بنت سباع الخزاعية، دار خيرة فى ظهرها. وكان عقبة بن الأزرق يضع على جدرها مما يلى الكعبة مصباحا عظيما، فكان أول من استصبح لأهل الطواف حتى استخلف معاوية فأجرى للمسجد قناديل وزيتا من بيت المال، فكانوا يثقبون تحت الظلال وهذا المصباح يضئ لأهل الطواف، فلم يزالوا يستصبحون فيه لأهل الطواف حتى ولى خالد بن عبد الله القسرى لعبد الملك بن مروان، فكان قد وضع مصباح زمزم الذى مقابل الركن الأسود، وهو أول من ووضعه. فلما وضعه منع آل عقبة بن الأزرق أن يصبحوا على دارهم، فنزع ذلك المصباح، فلم تزل تلك الدار بأيديهم، وهى لهم ربع جاهلى حتى وسع ابن الزبير المسجد ليالى فتنة ابن الزبير، فأدخل بعض دارهم فى المسجد، واشتراه منهم بثمانية عشر ألف دينار وكتب لهم بالثمن كتابا إلى مصعب بن الزبير بالعراق، فخرج بعض آل عقبة بن الأزرق إلى مصعب فوجدوا عبد الملك بن مروان قد نزل به يقاتله، فلم يلبث أن قتل مصعب، فرجعوا إلى مكة، فكلموا عبد الله بن الزبير فكان يعدهم حتى نزل به الحجاج فحاصره وشغل عن إعطائهم فقتل قبل أن يأخذوا شيئا من ثمنها، فلما قتل كلموا الحجاج فى ثمن دارهم وقالوا: أن ابن الزبير اشتراها للمسجد، فأبى أن يعطيهم شيئا، وقال: لا والله، لا بردت عن ابن الزبير، هو ظلمكم فادعوا عليه، فلو شاء أن يعطيكم لفعل. فلم تزل بقيتها فى أيديهم حتى وسع المهدى أمير المؤمنين المسجد الحرام، فدخلت فيه فاشتراها منهم بنحو من عشرين ألف دينار، فاشتروا بثمنها دورا بمكة عوضا منها وكانت صدقة محرمة فتلك الدور اليوم فى أيديهم. وكان دخولها فى المسجد الحرام فى سنة إحدى وستين وماية. ولآل الأزرق بن عمرو أيضا دارهم التى عند المروة إلى جنب دار طلحة بن دار

ربع أبى الأعور

الحضرمى يقال لها: دار الأزرق وهى فى أيديهم إلى اليوم، وهى لهم ربع جاهلى، وهم يروون أن النبى صلى الله عليه وسلم دخلها على الأزرق بن عمرو عام الفتح، وجاءه فى حاجة، فقضاها له وكتب له كتابا أن يتزوج الأزرق فى أى قبائل قريش شاء وولده، وذلك الكتاب مكتوب فى أديم أحمر، فلم يزل ذلك الكتاب عندهم حتى دخل عليهم السيل فى دارهم التى دخلت فى المسجد الحرام سيل الجحاف فى سنة ثمانين فذهب بمتاعهم وذهب ذلك الكتاب فى السيل، وذلك أن الأزرق قال له: يا رسول الله، بأبى أنت وأمى، إنى رجل لا عشيرة لى بمكة، وإنما قدمت من الشام وبها أصلى وعشيرتى، وقد اخترت المقام بمكة فكتب له ذلك الكتاب. * * * ربع أبى الأعور قال أبو الوليد: ربع أبى الأعور السلمى، واسمه عمرو بن سفيان بن قايف بن الأوقص الدار التى تصل حق آل نافع بن عبد الحارث الخزاعى، وهذه الدار شارعة فى السويقة البير التى فى بطن السويقة بأصلها، يقال لها: دار حمزة، وهى من دور معاوية كان اشتراها من آل أبى الأعور السلمى، فلما كانت فتنة ابن الزبير اصطفاها فى أموال معاوية فوهبها لابنه حمزة بن عبد الله بن الزبير، فبه تعرف اليوم، وهى اليوم فى الصوافى، ودار يعلى بن منبه كانت فى فناء المسجد الحرام يقال لها ذات الوجهين كان لها بابان، وكان فيها العطارون، وكانت مما يلى دار بنى شيبة، دخلت فى المسجد الحرام حين وسعه المهدى سنة إحدى وستين وماية، وكانت هذه الدار لعتبة بن غزوان حليف بنى نوفل، فلما هاجروا أخذها يعلى بن منبه، وكان استوصاه بها حين هاجر. فلما قدم النبى صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، فتكلم أبو أحمد بن جحش فى داره، فقال النبى صلى الله عليه وسلم ما قال، وكره أن يرجعوا فى شيء هجروه لله تعالى وتركوه، فسكت عنها عتبة بن غزوان، وكان ليعلى بن منبه أيضا داره التى فى الحناطين ابتاعها من آل صيفى، فأخرجه منها الذر، وهى الدار التى صارت لزبيدة بلصق المسجد الحرام عند الحناطين. * * * ربع آل داود بن الحضرمى، واسم الحضرمى عبد الله بن عمار حليف عتبة بن ربيعة قال أبو الوليد: لهم دارهم التى عند المروة يقال لها: دار طلحة بين دار الأزرق بن

رباع بنى نوفل بن عبد مناف

عمرو الغسانى، ودار عتبة بن فرقد السلمى، ولهم أيضا الدار التى إلى جنب هذه الدار عند باب دار الأزرق أيضا يقال لها: دار حفصة، ويقال لها: دار الزوراء، ومن رباعهم أيضا الدار التى عند المروة فى صف دار عمر بن عبد العزيز، ووجهها شارع على المروة، الحجامون فى وجهها، وهى اليوم فى الصوافى اشتراها بعض السلاطين، اشترتها رملة بنت عبد الله بن عبد الملك بن مروان وزوجها عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان، فتصدقت بها ليسكنها الحاج والمعتمرون. وكان فى دهليز هذه شراب من أسوقة محلاة ومحمضة تسقى فيها فى الموسم، وكان لهشام بن عبد الملك، وهو خليفة شراب من أسوقة محمضة ومحلاة، يسقى فى الموسم على المروة فى فسطاط فى موضع الجنبذ الذى يسقى فيه الماء على المروة، فمنع محمد بن هشام بن إسماعيل المخزومى خال هشام بن عبد الملك بن مروان، وهو أمير على مكة رملة بنت عبد الله بن عبد الملك أن تسقى على المروة شرابها، فشكت ذلك إلى عمها هشام بن عبد الملك فكتب لها: إذا انقضى الحاج أن تسقى فى الصدر، فلم تزل تلك الدار يسقى فيها شراب رملة من وقوف وقفتها عليها بالشام. ويسكن هذه الدار الحاج والمعتمرون حتى اصطفيت حين خرجت الخلافة من بنى مروان، وهذه الدار من دار عمر بن عبد العزيز إلى حق أم أنمار القارية، والدار التى على ردم آل عبد الله عندها الحمارون بلصق دار آل جحش بن رياب، وهى بيوت صفار كانت لقوم من الأزد يقال لهم: البراهمة، ومسكنهم السراة، وهم حلفاء آل حرب بن أمية، فاشتراها منهم خالد بن عبد الله القسرى، فهى تعرف اليوم بدار القسرى ثم اصطفيت. * * * رباع بنى نوفل بن عبد مناف قال أبو الوليد: كانت لهم دار جبير بن مطعم عند موضع دار القوارير اللاصقة بالمسجد الحرام بين الصفا والمروة، اشتريت منهم فى خلافة المهدى أمير المؤمنين حين وسع المسجد الحرام، قال: فأقطعت تلك الرحبة جعفر بن يحيى فى خلافة الرشيد هارون أمير المؤمنين، ثم قبضت فى أموال جعفر بن يحيى فى فبناها حماد البريرى للرشيد بالرخام والفسيفساء من خارجها، وبنى باطنها بالقوارير والمينا الأصفر والأحمر وكانت لهم أيضا دار دخلت فى المسجد الحرام يقال لها: دار بنت قرضة، وكانت لهم الدار التى

رباع حلفاء بنى نوفل بن عبد مناف

إلى جنب دار ابن علقمة صارت للفضل بن الربيع، اشتراها من أهل نافع بن جبير بن مطعم وبناها، وهى الدار التى احترقت على الصيادلة، كانت لنافع بن جبير خاصة من بين ولد جبير، ولهم دار عدى بن الخيار، كانت عند العلم الذى على باب المسجد الذى يسعى منه من أقبل من المروة إلى الصفا، وكانت صدقة، فاشترى لهم بثمنها دورا، فهى فى أيدى ولد خيار بن عدى إلى اليوم، ولهم دار ابن أبى حسين بن الحارث بن عامر بن نوفل دخلت فى المسجد الحرام، وكانت صدقة، فاشترى لهم بثمنها دورا فهى فى أيديهم إلى اليوم. * * * رباع حلفاء بنى نوفل بن عبد مناف قال أبو الوليد: دار عتبة بن غزوان من بنى مازن بن منصور كانت إلى جنب المسجد الحرام يقال لها: ذات الوجهين، قد كتبت قصتها فى رباع يعلى بن منبه، ودخلت هذه الدار فى المسجد الحرام ودار حجير بن أبى أهاب بن عزيز بن قيس بن عبد الله بن دارم التميمى، وكانت قبلهم لآل معمر بن خطل الجمحى، وهى الدار التى لها بابان، باب شارع على فوهة سكة قعيقعان، وباب إلى السكة التى تخرج إلى المسجد إلى باب قعيقعان، ثم صارت ليحيى بن خالد بن برمك اشتراها من آل حجير بستة وثلاثين ألف دينار، ثم هى اليوم فى الصوافى وهى الدار التى صارت للصفار ثم صارت للسلطان بعد. * * * رباع بنى الحارث بن فهر قال أبو الوليد: قال جدى: لهم ربع دبر قرن القرظ بين ربع آل مرة بن عمرو الجمحيين وبين الطريق التى لآل وابصة مما يلى الخليج، وللضحاك بن قيس الفهرى دار عند دار آل عفيف السهميين، بينها وبين حق آل المرتفع، وعلى ردم بنى جمح دار يقال لها: دار قراد فنسب الردم إليهم بذلك، وكان الذى عمل ذلك الردم عبد الملك بن مروان عام سيل الجحاف مع ما عمل من الضفاير، والردم هو الذى يقول فيه الشاعر: سأملك عبرة وأفيض أخرى ... إذا جاوزت ردم بنى قراد * * *

رباع بن أسد بنى عبد العزى

رباع بن أسد بنى عبد العزى قال أبو الوليد: كانت لهم دار حميد بن زهير اللاصقة بالمسجد الحرام فى ظهر الكعبة كانت تفئ على الكعبة بالعشى، وتفئ الكعبة عليها بالبكر، فدخلت فى المسجد الحرام فى خلافة أبى جعفر، ولهم دار أبى البخترى بن هاشم بن أسد، وقد دخلت فى دار زبيدة التى عند الحناطين، ولهم فى سكة الحزامية دار الزبير بن العوام، ودار حكيم ابن حزام، والبيت الذى تزوج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد فى دار حكيم بن حزام، وسقيفة فيما هنالك، وخير مما يلى دار الزبير، وفى الخير باب يأخذ إلى دار الزبير ولعبد الله بن الزبير الدور التى بقعيقعان الثلاث المصطفة يقال لها: دور الزبير، ولم يكن الزبير ملكها، ولكن عبد الله ابتاعها من آل عفيف بن نبيه السهميين، ومن ولد منبه، وفيها دار يقال لها: در الزنج، وإنما سميت دار الزنج لأن ابن الزبير كان له فيها رقيق زنج، وفى الدار العظمى منهن بير حفرها عبد الله بن الزبير، وفى هذه الدار طريق إلى الجبل الأحمر وإلى قراره المدحا موضع كان أهل مكة يتداحون فيه بالمداحى والمراصع، وكانت لعبد الله بن الزبير أيضا دار بقعيقعان يقال لها: دار الحشنى، وكانت له دار البخاتى بين دار العجلة ودار الندوة، وكانت إلى جنبها دار فيها بيت مال مكة كانت من دور بنى سهم. ثم كان عبد الملك بن مروان قبضها بعد من ابن الزبير، ثم دخلت الدار التى كان فيها بيت المال فى دار العجلة حين بناها يقطين بن موسى للمهدى أمير المؤمنين، وصارت الأخرى للربيع ثم هى اليوم فى الصوافى وهى التى يسكنها صاحب البريد، وإنما سميت تلك الدار دار البخاتى لأن ابن الزبير جعل فيها بخاتيا كان أتى بها من العراق. ولهم دارا مصعب بن الزبير اللتان عند دار العجلة كانتا للخطاب بن نفيل العدوى، ولهم دار العجلة ابتاعها عبد الله بن الزبير من آل سمير بن موهبة السهميين، وإنما سميت دار العجلة لأن ابن الزبير حين بناها عجل وبادر فى بنائها، فكانت تبنى بالليل والنهار حتى فرغ منها سريعا، وقال بعض المكيين: إنما سميت دار العجلة لأن ابن الزبير كان ينقل حجارتها على عجلة اتخذها على البخت والبقر. * * * رباع بنى عبد الدار بن قصى كانت لهم دار الندوة وهى دار قصى بن كلاب التى كانت قريش لا تشاور، ولا

رباع حلفاء بن عبد الدار بن قصى

تناظر، ولا يعقدون لواء الحرب، ولا يبرمون إلا فيها، يفتحها لهم بعض ولد قصى، فإذا بلغت الجارية منهم أدخلت دار الندوة فجاب عليها فيها درعها عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصى، ثم انصرفت إلى أهلها فحجبوها أو بعض ولده، وكانت بيده من بين ولد عبد الدار، وإنما كانت قريش تفعل هذا فى دار قصى تيمنا بأمره، وتبركا به، وكان عندهم كالدين المتبع، وكان قصى الذى جمع قريشا وأسكنهم مكة وخط لهم الرباع. ولم يكن يدخل دار الندوة من غير بنى قصى إلا ابن أربعين سنة ويدخلها بنو قصى جميعا وحلفاؤهم كبيرهم وصغيرهم، فلم تزل تلك بأيدى ولد عامر بن هاشم حتى باعها ابن الرهين العبدرى ـ وهو من ولده ـ من معاوية بماية ألف درهم، وقد دخل أكثر دار الندرة فى المسجد الحرام، وقد بقيت منها بقية هى قايمة إلى اليوم على حالها. وقال أبو محمد الخزاعى: قد جعلت مسجدا وصل بالمسجد الكبير فى خلافة المعتضد بالله، وقد كتبت قصتها فى موضعه، ولهم دار شيبة بن عثمان وهى إلى جنب دار الندوة وفيها خزانة الكعبة وهى دار أبى طلحة عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار، ولها باب فى المسجد الحرام؛ ولهم ربع فى جبل شيبة ما وراء دار عبد الله بن مالك بن الهيثم الخزاعى إلى دار الأزرق بن عمرو بن الحارث الغسانى إلى ما سال من قرارة جبل شيبة إلى دار درهم، وربع بنى المرتفع فذلك كله لبنى شيبة بن عثمان، وزعم بعض الناس أن دار عبد الله بن مالك كانت لهم يقال: كانت لسعد بن أبى طلحة، ثم صارت لمعاوية، ولهم ربع بنى المرتفع فى السويقة إلى دار ابن الزبير، الدنيا بقعيقعان يقال: إن ذلك الربع كان لآل النباش بن زرارة التميمى، وقال بعض أهل العلم: كان ذلك الربع لأبى الحجاج بن علاط السلمى، وكان عنده امرأة منهم يقال لها: فاطمة ابنة الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد الدار فخرج مهاجرا فأخذوا ربعه، وزعم بعض المكيين أنه كانت لهم الدار التى عند الخياطين التى يقال لها: دار عمرو بن عثمان كانت لآل السباق بن عبد الدار، وزعم غير هؤلاء أنها كانت لأبى أمية بن المغيرة المخزومى. * * * رباع حلفاء بن عبد الدار بن قصى قال أبو الوليد: رباع آل نافع بن عبد الحارث الخزاعيين، الربع المتصل بدار شيبة بن عثمان ودار الندوة إلى السويقة إلى دار حمزة التى بالسويقة، إلى ما دون السويقة،

رباع بنى زهرة

والزقاق الذى يسلك منه إلى دار عبد الله بن مالك، وإلى المروة، وينقطع ربعهم من ذلك الزقاق عند دار أم إبراهيم التى فى دار أوس ومعهم فيه حق الملحيين، وهو الربع الذى صار لابن ماهان. * * * رباع بنى زهرة قال أبو الوليد: كانت لهم بفناء المسجد الحرام دار دخلت فى المسجد الحرام، كانت عند دار يعلى بن منبه ذات الوجهين، وكانت لهم دار مخرمة بن نوفل التى بين الصفا والمروة التى صارت لعيسى بن على عند المروة، ولهم حق آل أزهر بن عبد عوف على فوهة زقاق العطارين، فيها العطارون وهى فى أيديهم إلى اليوم، ولهم دار جعفر بن سليمان التى فى زقاق العطارين، كانت لعوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة، وهو أبو عبد الرحمن بن عوف. * * * رباع حلفاء بنى زهرة قال أبو الوليد: دار خيرة بنت سباع بن عبد العزى الخزاعية الملحية، كانت فى أصل المسجد الحرام تصل دار جبير بن مطعم، ودار الأزرق بن عمرو الغسانى، فدخلت فى المسجد الحرام، وللغسانيين أيضا الدار التى تصل دار أوس ودار عيسى بن على فيها الحذائون، يقال لها: دار ابن عاصم، وصار وجهها لجعفر بن أبى جعفر أمير المؤمنين، ثم اشتراها الرشيد هارون أمير المؤمنين، وأما مؤخر الدار فهى فى أيدى العاصميين إلى اليوم. * * * ربع آل قارظ القاريين وهى الدار التى يقال لها دار الخلد على الصيادلة بين الصفا والمروة بناها بناءها هذا حماد البربرى، قال الأزرقى: وأما بناؤها هذا مما عمل لأم جعفر المقتدر بالله، وقد أقطعها فى أيامه واشتراها الرشيد هارون أمير المؤمنين بين دار آل الأزهر، وبين دار الفضل بن الربيع التى كانت لنافع بن جبير بن مطعم. * * *

ربع آل أنمار القاريين

ربع آل أنمار القاريين الربع الشارع على المروة على أصحاب الأدم من ربع آل الحضرمى إلى رحبة عمر بن الخطاب رضى الله عنه مقابل زقاق الخرازين الذى يسلك على دار عبد الله بن مالك، ووجه هذا الربع بين الدارين مما يلى البرامين، فيه دار أم أنمار القارية، كانت برزة من النساء، وكانت رجال قريش يجلسون بفناء بيتها يتحدثون؛ وزعموا أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يجلس فى ذلك المجلس ويتحدث بفناء بيتها، وفى هذا الربع بيت قديم جاهلى على بنيانه الأول يقال: أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل هذا البيت، وفى وجه هذا الربع مسجد صغير بين الدارين عند البرامين، زعم بعض المكيين أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فيه فاشترى السرى بن عبد الله بن كثير بن عباس بعض هذا الربع وهو أمير مكة، فلما عزل وسخط عليه اصطفاه أمير المؤمنين أبو جعفر وكان فيه حق قد كان بعض بنى أمية اشتراه فاصطفى منهم، ثم اشترى أمير المؤمنين أبو جعفر بقيته من ناس من القاريين، فهو فى الصوافى إلى اليوم إلا القطعة التى كانت لابن حماد البربرى، وليحيى بن سليم الكاتب فاشتراها ابن عمران النخعى ثم صارت لعبد الرحمن بن إسحاق قاضى بغداد. * * * ربع آل الأخنس بن شريق دار الأخنس التى فى زقاق العطارين من الدار التى بناها حماد البربرى لهارون أمير المؤمنين إلى دار القدر التى للفضل بن الربيع، وهذا الربع لهم جاهلى، ولآل الأخنس أيضا الحلق الذى بسوق الليل على الحدادين مقابل دار الحوار، شراء من بنى عامر بن لوى. * * * ربع آل عدى بن أبى الحمراء الثقفى لهم الدار التى فى ظهر دار ابن علقمة فى زقاق أصحاب الشيرق، يقال لها: دار العاصميين من دار القدر التى للفضل بن الربيع إلى بيت النبى صلى الله عليه وسلم الذى يقال له: بيت خديجة، وهو لهم ربع جاهلى. * * * ربع بنى تيم قال أبو الوليد: دار أبى بكر الصديق فى خط بنى جمح بيت أبى بكر رضى الله عنه

رباع بنى مخزوم وحلفائهم

الذى دخله عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو على ذلك البناء إلى اليوم، ومنه خرج النبى صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر الصديق رضى الله عنه إلى ثور مهاجرا، ولهم دار عبد الله بن جدعان كانت شارعة على الوادى على فوهتى سكتى أجيادين، أجياد الكبير، وأجياد الصغير، وهى الدار التى قال النبى صلى الله عليه وسلم: لقد حضرت فى دار ابن جدعان حلفا لو دعيت إليه الآن لأجبت، وهو حلف الفضول، كان فى دار ابن جدعان، وقد دخلت هذه الدار فى وادى مكة حين وسع المهدى المسجد الحرام، ودخل الوادى القديم فى المسجد، وحول الوادى فى موضعه الذى هو فيه اليوم، وكان فى موضعه دور من دور الناس إلا قطعة فضلت فى دار ابن جدعان وهى دار ابن عزارة، ودار المليكيين التى عند الغزالين إلى جنب دار العباس بن محمد التى على الصيارفة، ولهم حق أبى معاذ عند المروة، ولهم حق كان لعثمان بن عبد الله بن عثمان بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة عند سكة أجياد، دخلت فى الوادى، ولهم دار درهم بالسويقة شراء. * * * رباع بنى مخزوم وحلفائهم قال أبو الوليد: لهم أجيادان الكبير والصغير، ما قبل منهما على الوادى إلى منتهى آخرهما إلا حق بنى جدعان، وآل عثمان التيمى، وأجيادان جميعا لبنى المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، إلا دار السايب التى يقال لها سقيفة، ودار العباس بن محمد التى على الصيارفة، فإنها من ربع العايذيين، ولأهل هبار من الأزد معهم حق بأجياد الصغير، وهبار رجل من الأزد كان الوليد بن المغيرة تبناه صغيرا فى الجاهلية، فأحبه وأقطعه. وحق آل هبار هذا بين ربع خالد بن العاص بن هشام، وبين دار زهير بن أبى أمية، ومعهم أيضا بأجياد الكبير حق الحارث بن أمية الأصغر عبد شمس بن عبد مناف يقال له: دار عبلة، ولآل هشام بن المغيرة من ذلك دار خالد بن العاص بن هشام، ودار الدومة وفى دار الدومة كان منزل أبى جهل بن هشام؛ وإنما سميت دار الدومة أن ابنة لمولى لخالد بن العاص بن هشام يقال له: أبو العدا، كانت تلعب بلعب لها من مقل، فدفنت مقلة فيها وجعلت تقول: قبر ابنتى، وتصب عليها الماء حتى خرجت الدومة وكبرت، فسميت دار الدومة، ومنزل أبى جهل الذى كان فيه هشام بن سليمان. ولآل هشام بن سليمان دار الساج بأجياد الصغير أيضا، وحق آل عبد الرحمن بن الحارث الموضع الذى يقال له: المربد، ودار الشركاء لآل هشام بن المغيرة أيضا، وإنما

رباع بنى بنى عايذ من بنى مخزوم

سميت دار الشركاء لأن الماء كان قليلا بأجياد فتخارج آل سلمة بن هشام وآخرون معهم فاحتفروا بير الشركاء فى الدار، فقيل: بير الشركاء، ثم قيل: دار الشركاء، وهى لآل سلمة بن هشام، وهم يزعمون أنهم حفروا البير، ودار العلوج بمجتمع أجيادين، كانت لخالد بن العاص بن هشام وإنما سميت دار العلوج أنه كان فيها علوج له، ولهم دار الأوقص عند دار زهير بأجياد الصغير أيضا، ولهم دار الشطوى كانت لآل عياش بن أبى ربيعة بن المغيرة. ولآل هشام بن المغيرة أيضا حق بأسفل مكة عند دار سمرة بن حبيب، يقال: دفن فيها هشام بن المغيرة، وقد اختصم فيها آل هشام بن المغيرة، وآل مرة بن عمرو الجمحيون إلى الأوقص محمد بن عبد الرحمن بن هشام، وهو قاضى أهل مكة فشهد عثمان بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أن خالد بن سلمة أخبره أن معاوية بن أبى سفيان ساوم خالد بن العاص بن هشام بذلك الربع فقال: وهل يبيع الرجل موضع قبر أبيه فقسمه الأوقص بين آل مرة، وبين المخزوميين، بعث مسلم بن خالد الزنجى فقسمه بينهم، ولآل زهير بن أبى أمية بن المغيرة دار زهير بأجياد، وقد زعم بعض المكيين أن الدار التى عند الخياطين يقال لها: دار عمر بن عثمان، كانت لأبى أمية بن المغيرة، وحق آل حفص بن المغيرة عند الضفيرة بأجياد الكبير، وحق آل أبى ربيعة بن المغيرة دار الحارث بن عبد الله بن أبى ربيعة، وقد زعم بعض المكيين أنه كان للواصبيين فاشتراه الحارث بن عبد الله؛ ويقال: كان فى الجاهلية لمولى لخزاعة يقال له: رافع، فباعه ولده. * * * رباع بنى بنى عايذ من بنى مخزوم قال أبو الوليد: دار أبى نهيك، وقد دخل أكثرها فى الوادى، وبقيتها دار العباس بن محمد التى بفوهة أجياد الصغير على الصيارفة، باعها بعض ولد المتوكل بن أبى نهيك، ودار السايب بن أبى السايب العايذى، وقد دخل بعضها فى الوادى، وبقيتها فى الدار التى يقال لها: دار سقيفة، فيها البزازون عند الصيارفة، فيها حق عبد العزيز بن المغيرة بن عطاء بن أبى السايب، وصار وجهها لمحمد بن يحيى بن خالد بن برمك. وفى هذه الدار البيت الذى كانت فيه تجارة النبى صلى الله عليه وسلم، والسايب بن أبى السايب فى الجاهلية، وكان السايب شريكا للنبى صلى الله عليه وسلم، وله يقول النبى صلى الله عليه وسلم: نعم الشريك السايب، لا مشارى ولا ممارى ولا صخاب فى الأسواق.

ومن حق آل عايذ دار عباد بن جعفر بن رفاعة بن أمية بن عايذ فى أصل جبل أبى قبيس من دار القاضى محمد بن عبد الرحمن السفيانى إلى دار صيفى التى صارت ليحيى ابن خالد بن برمك إلى منارة المسجد الحرام الشارعة على المسعى، وكان بابها، عند المنارة ومن بابها كان يسعى من أقبل من الصفا يريد المروة. فلما أن وسع المهدى المسجد الحرام فى سنة سبع وستين وماية وأدخل الوادى فى المسجد الحرام، أدخلت دار عباد بن جعفر هذه فى الوادى، اشتريت منهم، وصيرت بطن الوادى اليوم إلا ما لصق منها بالجبل، جبل أبى قبيس، وهو دار ابن روح، ودار ابن حنظلة إلى دار ابن برمك. ومن رباع بنى عايذ، دار ابن صيفى، وهى الدار التى صارت ليحيى بن خالد بن برمك فيها البزازون، ومن رباع بنى مخزوم حق آل حنطب وهو الحق المتصل بدار السايب من الصيارفة إلى الصفا، تلك المساكن كلها إلى الصفا حق ولد المطلب بن حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم، ولهم حق السفيانيين دار القاضى محمد ابن عبد الرحمن من دار الأرقم إلى دار ابن روح العايذى، فذلك الربع لسفيان، والأسود ابنى عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وللسفيانيين أيضا حق فى زقاق العطارين، الدار التى مقابل دار الأخنس بن شريق، فيها ابن أخى الصمة يقال لها: دار الحارث لناس من السفيانيين يقال لهم: آل أبى قزعة، ومسكنهم السراة. وربع آل الأرقم بن أبى الأرقم، واسم أبى الأرقم عبد مناف بن أبى جندب أسد ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم الدار التى عند الصفا يقال لها: دار الخيزران، وفيها مسجد يصلى فيه كان ذلك المسجد بيتا كان يكون فيه النبى صلى الله عليه وسلم يتوارى فيه من المشركين، ويجتمع هو وأصحابه فيه عند الأرقم بن أبى الأرقم ويقرئهم القرآن، ويعلمهم فيه، وفيه أسلم عمر بن الخطاب رضى الله عنه. ولبنى مخزوم حق الوابصين الذى فى خط الحزامية بين دار الحارث بن عبد الله بن أبى ربيعة وبين دار الزبير بن العوام، ولبنى مخزوم دار خرابة وهى الدار التى عند اللبانين بفوهة خط الحزامية شارعة فى الوادى صار بعضها لخالصة وبعضها لعيسى بن محمد بن إسماعيل المخزومى، وبعضها لابن غزوان الجندى. * * *

رباع بنى عدى بن كعب

رباع بنى عدى بن كعب قال أبو الوليد: كان بين بنى عبد شمس بن عبد مناف وبين بنى عدى بن كعب حرب فى الجاهلية، وكانت بنو عدى تدعى لعقة الدم، وكانوا لا يزالون يقتتلون بمكة، وكانت مساكن بنى عدى ما بين الصفا إلى الكعبة، وكانت بنو عبد شمس يظفرون عليهم ويظهرون، فأصابت بنو عبد شمس منهم ناسا، وأصابوا من بنى عبد شمس ناسا، فلما رأت ذلك بنو عدى علموا أن لا طاقة لهم بهم، حالفوا بنى سهم، وباعوا رباعهم إلا قليلا، وذكروا أن ممن لم يبع آل صداد، فقطعت لهم بنو سهم كل حق أصبح لبنى عدى فى بنى سهم حق نفيل بن عبد العزى، وهو حق عمر بن الخطاب، وحق زيد بن الخطاب بالثنية، وحق مطيع بن الأسود، هؤلاء الذين باعوا مساكنهم، وكانت بنو سهم من أعز بطن فى قريش، وأمنعه، وأكثره فقال الخطاب بن نفيل بن عبد العزى وهو يذكر ذلك ويتشكر لبنى سهم: أسكننى قوم لهم نايل ... أجود بالعرف من اللافظه سهم فما مثلهم معشر ... عند مثيل الأنفس الفايظه كنت إذا ما خفت ضيما حنت ... درنى رماح للعدى غايظه وقال الخطاب بن نفيل بن عبد العزى أيضا وبلغه أن أبا عمرو بن أمية يتوعده: أيو عدنى أبو عمرو ودونى ... رجال لا ينهنهها الوعيد رجال من بنى سهم بن عمرو ... إلى أبياتهم يأوى الطريد جحاجحة شياظمة كرام ... مراججة إذا قرع الحديد خضارمة ملاوثة ليوث ... خلال بيوتهم كرم وجود ربيع المعدمين وكل جار ... إذا نزلت بهم سنة كؤود هم الرأس المقدم من قريش ... وعند بيوتهم تلقى الوفود فكيف أخاف أو أخشى عدوا ... ونصرهم إذا ادعوا عتيد فلست بعادل عنهم سواهم ... طوال الدهر ما اختلف الجديد ولبنى عدى خط «ثنية كدا» على يمين الخارج من مكة إلى حق الشافعيين على رأس كدا، ولهم من الشق الأيسر حق آل أبى طرفة الهذليين الذى على رأس كدا، فيه آراكة ناتئة شارعة على الطريق يقال لها: دار الآراكة، ومعهم فى هذا الشق الأيسر حقوق ليست لهم معروفة منها حق آل كثير بن الصلت الكندى إلى جنب دار مطيع، كانت لآل جحش بن رياب الأسدى ومعهم حق لآل عبلة بأصل الحزنة، وكان للخطاب بن

ربع بنى جمح

نفيل الداران اللتان صارتا لمصعب بن الزبير دخلتا فى دار العجلة، وفى المسجد الحرام بعضها، وزعم بعض المكيين أن دار المراجل كانت لآل المؤمل العدوى باعوها فاشتراها معاوية وبناها. وكانت للخطاب بن نفيل دار صارت لعمر بن الخطاب رضى الله عنه كانت بين دار مخرمة بن نوفل التى صارت لعيسى بن على، وبين دار الوليد بن عتبة بين الصفا والمروة، وكان لها وجهان، وجه على ما بين الصفا والمروة، ووجه على فج بين الدارين فهدمها عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى خلافته وجعلها رحبة ومناخا للحاج تصدق بها على المسلمين وقد بقيت منها حوانيت فيها أصحاب الأدم، فسمعت جدى أحمد بن محمد يذكر أن تلك الحوانيت كانت أيضا رحبة من هذه الرحبة، ثم كانت مقاعد يكون فيه قوم يبيعون فى مقاعدهم، وفى المقاعد صناديق يكون فيها متاعهم بالليل، وكانت الصناديق بلصق الجدر ثم صارت تلك المقاعد خياما بالجريد والسعف، فلبثت تلك الخيام ما شاء الله، وجعلوا يبنونها باللبن النئ وكسار الآجر حتى صارت بيوتا صغارا يكرونها من أصحاب المقاعد فى الموسم من أصحاب الأدم بالدنانير الكثيرة، فجاءهم قوم من ولد عمر بن الخطاب من المدينة فخاصموا أولئك القوم فيها إلى قاض من قضاة أهل مكة، فقضى بها للعمريين وأعطى أصحاب المقاعد قيمة بعض ما بنوا، فصارت حوانيت تكرى من أصحاب الأدم، وهى فى أيدى ولد عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى اليوم. * * * ربع بنى جمح لهم خط بنى جمح عند الردم الذى ينسب إليهم، وكان يقال له: ردم بنى قراد، دار أبى بن خلف ودار السجن، سجن مكة، كانت لصفوان بن أمية فابتاعها منه نافع بن عبد الحارث الخزاعى وهو أمير مكة، ابتاعها لعمر بن الخطاب رضى الله عنه بأربعة آلاف درهم، ولهم دار صفوان التى عند دار المنذر بن الزبير، ولهم دار صفوان السفلى عند دار سمرة، ولهم دار مصر بأسفل مكة، فيها الوارقون كانت لصفوان بن أمية، ولهم حنبتا خط بنى جمح يمينا وشمالا، وكانت لهم دار حجير بن أبى أهاب فباعوها من أبى أهاب بن عزيز التميمى حليف المطعم بن عدى بن نوفل، ولهم دار قدامة بن مظعون فى حق بنى سهم، ولهم دار عمر بن عثمان التى بالثنية، ولهم حق آل جذيم فى حق بنى

رباع بنى سهم

سهم، ويقال: إن تلك الدار كانت لآل مظعون، فلما هاجروا خلوها فغلب عليها آل جذيم، ولهم دار أبى محذورة فى بنى سهم. * * * رباع بنى سهم لهم دار عفيف التى فى السويقة إلى قعيقعان إلى ما جاز سيل قعيقعان من دار عمرو ابن العاص إلى دار غباة السهمى إلى ما جاز الزقاق الذى يخرج على دار أبى محذورة إلى الثنية، وكانت لهم دار العجلة ومعهم لآل هبيرة الجشميين حق فى سند جبل زرزر، ودار قيس بن عدى جد ابن الزبعرى هى الدار التى كانت أتخذت متوضئات ثم صارت ليعقوب بن داود المطبقى ودار ياسر خادم زبيدة، ما بين دار عبيد الله بن الحسن إلى دار غباة السهمى، ولهم حق آل قمطة. * * * رباع حلفاء بنى سهم قال أبو الوليد: دار بديل بن ورقاء الخزاعى التى فى طرف الثنية. * * * رباع بنى عامر بن لوى قال أبو الوليد: لهم فى وادى مكة على يسار المصعد فى الوادى من دار العباس بن عبد المطلب التى فى المسعى دار جعفر بن سليمان، ودار ابن حوار، مصعدا إلى دار أبى أحيحة سعيد بن العاص، ومعهم فيه حق لآل أبى طرفة الهذليين، وهو دار الربيع، ودار الطلحيين، والحمام، ودار أبى طرفة فأول حقهم من أعلى الوادى دار هند بنت سهيل وهو ربع سهيل بن عمرو، وهذه الدار أول دار بمكة عمل لها بابان. وذلك أن هند بنت سهيل استأذنت عمر رضى الله عنه أن تجعل على دارها بابين، فأبى أن يأذن لها، وقال: إنما تريدون أن تغلقوا دوركم دون الحاج والمعتمرين، وكان الحاج والمعتمرون ينزلون فى عرصات دور مكة، فقالت هند: والله يا أمير المؤمنين ما أريد إلا أن أحفظ على الحاج متاعهم، فأغلقها عليهم من السرق، فأذن لها فبوبتها، وأسفل منها دار الغطريف بن عطاء، والرحبة التى خلفها فى ظهر دار الحكم، كانت لعمرو بن عبدود، ثم صارت لآل حويطب، وأسفل من هذه الدار دار حويطب بن

ذكر حد المعلاة وما يليها من ذلك

عبد العزى، فى أسفل من هذه الدار دار الحدادين، كانت لبعض بنى عامر، فاشتراها معاوية وبناها، والدار التى أسفل منها فيها الحمام، ودار السلمانى فوق دار الربيع كانت لرجل من بنى عامر بن لوى يقال له: العباس بن علقمة، وأسفل من هذه الدار دار الربيع وحمام العايذيين. ودار أبى طرفة ودار الطلحيين كانت لآل أبى طرفة الهذليين وأسفل من هذه الدار دار محمد بن سليمان كانت لمخرمة بن عبد العزى أخى حويطب بن عبد العزى، ودار ابن الحوار من رباع بنى عامر، وابن الحوار من موالى بنى عامر فى الجاهلية، وربعهم جاهلى، وأسفل من دار ابن الحوار دار جعفر بن سليمان كانت من رباع بنى عامر بن لوى، ودار ابن الحوار لولد عبد الرحمن بن زمعة اليوم، ولبنى عامر بن لوى من شق وادى مكة اللاصق بجبل أبى قبيس فى سوق الليل من حق الحارث بن عبد المطلب الذى على باب شعب ابن يوسف منحدرا إلى دار ابن صيفى التى صارت ليحيى بن خالد بن برمك، وفيه حق لآل الأخنس بن شريق، شرى من بنى عامر بن لوى، دار الحصين عند المروة فى زقاق الخرازين، ولهم دار أبى سبرة بن أبى رهم بن عبد العزى، وهى الدار التى بين دار أبى لهب، ودار حويطب بن عبد العزى ودار الحدادين، ودار الحكم بن أبى العاص، فيها الدقاقون والمزوقون، ولهم دار ابن أبى ذيب التى أسفل من دار أبى لهب فى زقاق مسجد خديجة ابنة خويلد وهى فى أيديهم إلى اليوم. * * * ذكر حد المعلاة وما يليها من ذلك قال أبو الوليد: حد المعلاة من شق مكة الأيمن ما جازت دار الأرقم بن أبى الأرقم، والزقاق الذى على الصفا يصعد منه إلى جبل أبى قبيس مصعدا فى الوادى فذلك كله من المعلاة ووجه الكعبة والمقام، وزمزم، وأعلى المسجد، وحد المعلاة من الشق الأيسر من زقاق الذى عند الطاحونة ودار عبد الصمد بن على، اللتان مقابل دار يزيد بن منصور الحميرى خال المهدى يقال لها: دار العروس مصعد إلى قعيقعان، ودار جعفر بن محمد، ودار العجلة، وما حاز سيل قعيقعان إلى السويقة وقعيقعان مصعدا، فذلك كله من المعلاة. * * * حد المسفلة قال أبو الوليد: من الشق الأيمن من الصفا إلى أجيادين فما أسفل منه، فذلك كله من

ذكر أخشبى مكة

المسفلة وحد المسفلة من الشق الأيسر من زقاق البقر منحدرا إلى دار عمرو بن العاص، ودار ابن عبد الرزاق الجمحى، ودار زبيدة، فذلك كله من المسفلة، فهذه حدود المعلاة والمسفلة. * * * ذكر أخشبى مكة قال أبو الوليد: أخشبا مكة أبو قبيس وهو الجبل المشرف على الصفا إلى السويدا إلى الخندمة وكان يسمى فى الجاهلية الأمين ويقال: إنما سمى الأمين لأن الركن الأسود كان فيه مستودعا عام الطوفان، فلما بنى إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام البيت نادى أن الركن منى فى موضع كذا وكذا وقد كتبت ذلك فى موضعه من هذا الكتاب عند بناء إبراهيم البيت الحرام قال أبو الوليد: وبلغنى عن بعض أهل العلم من أهل مكة أنه قال: إنما سمى أبا قبيس أن رجلا أول من نهض البناء فيه كان يقال له: أبو قبيس، فلما صعد فيه بالبناء سمى جبل أبى قبيس، ويقال: كان الرجل من إياد ويقال: اقتبس منه الركن فسمى أبا قبيس، والأول أشهر هما عند أهل مكة. حدثنا أبو الوليد قال: وحدثنى جدى عن سليم بن مسلم عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه أنه قال: أول جبل وضعه الله عزوجل على الأرض حين مادت: أبو قبيس، والأخشب الآخر الجبل الذى يقال له: الأحمر وكان يسمى فى الجاهلية الأعرف وهو الجبل المشرف وجهه على قعيقعان وعلى دور عبد الله بن الزبير، وفيه موضع يقال له: «الجر والميزاب» إنما سمى «الجر والميزاب» أن فيه موضعين يمسكان الماء إذا جاء المطر، يصب أحدهما فى الآخر فسمى الأعلى منهما الذى يفرع فى الأسفل الجر والأسفل منهما الميزاب وفى ظهره موضع يقال له: قرن أبى ريش وعلى رأسه صخرات مشرقات يقال لهن: الكبش عندها موضع فوق الجبل الأحمر يقال له: قرارة المدحى، كان أهل مكة يتداحون هنالك بالمداحى والمراصع. * * *

ذكر شق مكة اليمانى وما فيه

ذكر شق مكة اليمانى وما فيه مما يعرف اسمه من المواضع والجبال والشعاب مما أحاط به الحرم. فاضح: قال أبو الوليد: فاضح بأصل جبل أبى قبيس ما أقبل على المسجد الحرام والمسعى، كان الناس يتغوطون هنالك، فإذا جلسوا لذلك كشف أحدهم ثوبه، فسمى ما هنالك فاضحا، وقال بعض المكيين: فاضح من حق آل نوفل بن الحارث بن عبد المطلب إلى حد دار محمد بن يوسف فم الزقاق الذى فيه مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما سمى فاضحا لأن جرهم وقطورا اقتتلوا دون دار ابن يوسف عند حق آل نوفل بن الحارث فغلبت جرهم قطورا وأخرجتهم من الحرم وتناولوا النساء ففضحن، فسمى بذلك فاضحا، قال جدى: وهذا أثبت القولين عندنا وأشهر هما. الخندمة: الخندمة الجبل الذى ما بين حرف السويداء إلى الثنية التى عندها بير ابن أبى السمير فى شعب عمرو، مشرفة على أجياد الصغير، وعلى شعب ابن عامر، وعلى دار محمد بن سليمان فى طريق منى إذا جاوزت المقبرة على يمين الذاهب إلى منى، وفى الخندمة قال رجل من قريش لزوجته وهو يبرى نبلا له، وكانت أسلمت سرا، فقالت له: لم تبرى هذا النبل؟ قال: بلغنى أن محمدا يريد أن يفتتح مكة ويغرونا، فلئن جاءونا لأخدمنك خادما من بعض من نستأسر، فقالت: والله لكأنى بك قد جئت تطلب محشا أحشك فيه، لو رأيت خيل محمد، فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح أقبل إليها فقال: ويحك هل من محش؟ فقالت: فأين الخادم؟ قال لها: دعينى عنك، وأنشأ يقول: وأنت لو أبصرتنا بالخندمه إذ فر صفوان وفر عكرمه ... وأبو يزيد كالعجوز المؤتمه قد ضربونا بالسيوف المسلمه ... لم تنطقى باللوم أدنى كلمه قال: وأبو يزيد سهيل بن عمرو، قال: وخبأته فى مخدع لها حتى أومن الناس. الأبيض: والأبيض الجبل المشرف على حق أبى لهب وحق إبراهيم بن محمد بن طلحة ابن عبيد الله. المستنذر: وكان يسمى فى الجاهلية المستنذر، وله يقول بعض بنات عبد المطلب: نحن حفرنا بذر ... بجانب المستنذر جبل مرازم: جبل مرازم الجبل المشرف على حق آل سعيد بن العاص، وهو منقطع حق أبى لهب إلى منتهى حق ابن عامر الذى يصل حق آل عبد الله بن خالد بن أسيد، ومرازم رجل كان يسكنه من بنى سعد بن بكر بن هوازن.

قرن مسقلة

قرن مسقلة: قرن مسقلة: وهو قرن قد بقيت منه بقية بأعلى مكة فى دبر دار سمرة عند موقف الغنم بين شعب ابن عامر وحرف دار رابغة فى أصله، ومسقلة رجل كان يسكنه فى الجاهلية. حدثنا أبو الوليد، قال: حدثنى جدى، عن الزنجى، عن ابن جريج، قال: لما كان يوم الفتح فتح مكة جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على قرن مسقلة، فجاءه الناس يبايعونه بأعلى مكة عند سوق الغنم. جبل نبهان: جبل نبهان: الجبل المشرف على شعب أبى زياد فى حق آل عبد الله بن عامر، ونبهان، وأبو زياد موليان لآل عبد الله بن عامر. جبل زيقيا: جبل زيقيا، الجبل المتصل بجبل نبهان إلى حايط عوف، وزيقيا مولى لآل أبى ربيعة المخزوميين كان أول من بنى فيه فسمى به، ويقال له اليوم جبل الزيقى. جبل الأعرج: جبل الأعرج، فى حق آل عبد الله بن عارم مشرف على شعب أبى زياد وشعب بن عامر والأعرج مولى لأبى بكر الصديق رضى الله عنه، كان فيه فسمى به، ونسب إليه. المطابخ: المطابخ، شعب ابن عامر كله يقال له: المطابخ، كانت فيه مطابخ تبع حين جاء مكة، وكسا الكعبة، ونحر البدن، فسمى المطابخ، ويقال: بل نحر فيه مضاض بن عمرو الجرهمى وجمع الناس به حين غلبوا قطورا، فسمى المطابخ. ثنية أبى مرحب: ثنية أبى مرحب، الثنية المشرفة على شعب أبى زياد وحق ابن عامر التى يهبط منها على حايط عوف يختصر من شعب ابن عامر إلى المعلاة وإلى منى. شعب أبى دب: شعب أبى دب، هو الشعب الذى فيه الجزارون وأبو دب رجل من بنى سواة بن عامر وعلى فم الشعب سقيفة لأبى موسى الأشعرى وله يقول كثير بن كثير السهمى: سكنوا الجزع جزع بيت أبى موسى ... إلى النخل من صفى السباب وعلى باب الشعب بير لأبى موسى، وكانت تلك البير قد دثرت واندفنت حتى نثلها بغا الكبير أبو موسى مولى أمير المؤمنين، ونفض عامتها، وبناها بنيانا محكما، وضرب فى جبلها حتى انبط ماءها، وبنى بحذائها سقاية، وجنابذ يسقى فيها الماء، واتخذ عندها مسجدا، وكان نزوله هذا الشعب حين انصرف عن الحكمين، وكانت فيه قبور أهل

الحجون

الجاهلية، فلما جاء الإسلام حولوا قبورهم إلى الشعب الذى بأصل ثنية المدنيين الذى هو اليوم فيه، فقال أبو موسى حين نزله: أجاور قوما لا يغدرون، يعنى أهل المقابر، وقد زعم بعض المكيين أن قبر آمنة ابنة وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شعب أبى دب هذا، وقال بعضهم: قبرها فى دار رابغة، وقال بعض المدنيين: قبرها بالأبواء. حدثنا أبو الوليد، حدثنى محمد بن يحيى، عن عبد العزيز بن عمران عن هشام بن عاصم، قال: لما خرجت قريش إلى النبى صلى الله عليه وسلم فى غزوة أحد فنزلوا بالأبواء، قالت هند بنت عتبة لأبى سفيان بن حرب: لو بحثتم قبر آمنة أم محمد، فإنه بالأبواء، فإن أسر أحد منكم افتديتم به كل إنسان بأرب من آرابها، فذكر ذلك أبو سفيان لقريش، وقال: أن هند قالت: كذا وكذا، وهو الرأى، فقالت قريش: لا تفتح علينا هذا الباب، إذا تبحث بنو بكر موتانا، وأنشد لابن هرمة: إذا الناس غطونى تغطيت عنهم ... وإن بحثوا عنى ففيهم مباحث وإن بحثوا بيرى بحثت بيارهم ... إلا فانظروا ماذا تثير البحايث حدثنا أبو الوليد: حدثنا محمد بن يحيى، عن عبد العزيز بن عمران، عن محمد بن عمر، عن عمر بن عبد العزيز، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أنه قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأبواء فعدل إلى شعب هناك فيه قبر آمنة فآتاه فاستغفر لها، واستغفر الناس لموتاهم، فأنزل الله عزوجل: (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) الآية، إلى قوله عز وجل: (وَعَدَها إِيَّاهُ). الحجون: الحجون، الجبل المشرف حذاء مسجد البيعة الذى يقال له: مسجد الحرس، وفيه ثنية، تسلك من حايط عوف من عن الماجلين اللذين فوق دار منال الله إلى شعب الجزارين وبأصله فى شعب الجزارين كانت المقبرة فى الجاهلية، وفيه يقول كثير بن كثير: كم بذاك الحجون من حى صدق ... من كهول أعفة وشباب شعب الصفى: شعب الصفى، وهو الشعب الذى يقال له: صفى السباب، وهو ما بين الراحة والراحة، الجبل الذى يشرف على دار الوادى عليه المنارة وبين نزاعة الشوى وهو الجبل الذى عليه بيوت ابن قطر، والبيوت اليوم لعبد الله بن عبيد الله بن العباس وله يقول الشاعر: إذا ما نزلت حذو نزاعة الشوى ... بيوت ابن قطر فاحذروا أيها الركب

شعب الخوز

وإنما سمى الراحة لأن قريشا كانت فى الجاهلية تخرج من شعب الصفى فتبيت فيه فى الصيف تعظيما للمسجد الحرام، ثم يخرجون فيجلسون فيستريحون فى الجبل فسمى ذلك الجبل الراحة، وقال بعض المكيين: إنما سمى صفى السباب أن ناسا فى الجاهلية كانوا إذا فرغوا من مناسكهم نزلوا المحصب ليلة الحصبة، فوقفت قبايل العرب بفم الشعب شعب الصفى، فتفاخرت بآبائها وأيامها ووقايعها فى الجاهلية، فيقوم من كل بطن شاعر وخطيب، فيقول: منا فلان ولنا يوم كذا وكذا، فلا يترك فيه شيئا من الشرف إلا ذكره، ثم يقول: من كان ينكر ما يقول، أو له يوم كيومنا، أو له فخر مثل فخرنا، فيأت به ثم يقوم الشاعر فينشد ما قيل فيهم من الشعر، فمن كان يفاخر تلك القبيلة، أو كان بينه وبينها منافرة أو مفاخرة، قام فذكر مثالب تلك القبيلة، وما فيها من المساوى، وما هجيت به من الشعر ثم فخر هو بما فيه، فلما جاء الله تعالى بالإسلام أنزل فى كتابه العزيز (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) يعنى هذه المفاخرة والمنافرة أو أشد ذكرا، وله يقول كثير بن كثير السهمى: سكنوا الجزع جزع بيت أبى موسى ... إلى النخل من صفى السباب وكان فيه حايط لمعاوية يقال له: حايط الصفى من أموال معاوية التى كان اتخذها فى الحرم، وشعب الصفى أيضا يقال له: خيف بنى كنانة، وذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم وعد المشركين فقال: موعدكم خيف بنى كنانة، ويزعم بعض العلماء أن شعب عمرو بن عثمان بن عبد الله بن خالد بن أسيد ما بين شعب الخوز إلى نزاعة الشوى إلى الثنية التى تهبط فى شعب الخوز، يعرف اليوم بشعب التوبة، وإنما سمى شعب الخوز لأن نافع بن الخوزى مولى نافع بن عبد الحارث الخزاعى نزله، وكان أول من بنى فيه، فسمى به، وشعب بنى كنانة من المسجد الذى صلى فيه على بن أبى جعفر أمير المؤمنين إلى الثنية التى تهبط على شعب الخوز فى وجهه دار محمد بن سليمان بن على. شعب الخوز: شعب الخوز، يقال له: خيف بنى المصطلق ما بين الثنية التى بين شعب الخوز بأصلها بيوت سعيد بن عمر بن إبراهيم الخيبرى، وبين شعب بنى كنانة الذى فيه بيوت ابن صيفى إلى الثنية التى تهبط على شعب عمرو الذى فيه بير ابن أبى سمير، وإنما سمى شعب الخوز أن قوما من أهل مكة موالى لعبد الرحمن بن نافع بن عبد الحارث الخزاعى كانوا تجارا، وكانت لهم دقة نظر فى التجارة، وتشدد فى الإمساك والضبط لما فى أيديهم فكان يقال لهم: الخوز، وكان رجل منهم يقال له: نافع بن الخوزى، وكانوا يسكنون هذا الشعب فنسب إليهم وكان أول من بنى فيه.

شعب عثمان

شعب عثمان: شعب عثمان هو الشعب الذى فيه طريق منى، من سلك شعب الخوز بين شعب الخوز وبين الخضراء ومسيلة يفرع فى أصل العيرة، وفيه بير ابن أبى سمير، والفداحية فيما بين شعب عثمان، وشعب الخوز، وهى مختصر طريق منى سوى الطريق العظمى وطريق شعب الخوز. العيرة: العيرة، الجبل الذى عند الميل على يمين الذاهب إلى منى وجهة قصر محمد بن داود، ومقابله جبل يقال له: العير الذى قصر صالح بن العباس بن محمد بأصله، الدار التى كانت لخالصة، وقال بعض الناس: هو العيرة أيضا، وفيه يقول الحارث بن خالد المخزومى: أقوى من آل فطيمة الحزم ... فالعيرتان فأوحش الخطم خطم الحجون: خطم الحجون، يقال له: الخطم، والذى أراد الحارث الخطم دون سدرة آل أسيد، والحزم سدرة أمامه تتياسر عن طريق العراق. ذباب: ذباب، القرن المنقطع فى أصل الخندمة بين بيوت عثمان بن عبد الله وبين العيرة، ويقال: لذلك الشعب شعب: عثمان بن عبد الله بن خالد بن أسيد. المفجر: المفجر، ما بين الثنية التى يقال لها: الخضراء إلى خلف دار يزيد بن منصور يهبط على حياض ابن هشام التى بمفضى المازمين، مازمى منى إلى الفج الذى يلقاك على يمينك إذا أردت منى، يفضى بك إلى بير نافع بن علقمة وبيوته حتى تخرج على ثور، وبالمفجر موضع يقال له: بطحاء قريش، كانت قريش فى الجاهلية وأول الإسلام يتنزهون به ويخرجون إليه بالغداة والعشى ذلك الموضع بذنب المفجر فى مؤخره يصب فيه ما جاء من سيل الفدفدة. شعب حوا: شعب حوا، فى طرف المفجر على يسارك وأنت ذاهب إلى المزدلفة من المفجر، وفى ذلك الشعب البير التى يقال لها: كر آدم. واسط: واسط: قرن كان أسفل من جمرة العقبة بين المازمين، مازمى منى، فضرب حتى ذهب، وقال بعض المكيين: واسط، الجبلان دون العقبة، وقال بعضهم: تلك الناحية من بير القسرى إلى العقبة يسمى واسطا، وقال بعضهم: واسط، القرن الذى على يسار من ذهب إلى منى دون الخضراء فى وجهه مما يلى طريق منى، بيوت مبارك ابن يزيد مولى الأزرق بن عمرو، وفى ظهره دار محمد بن عمر بن إبراهيم الخيبرى، فذلك الجبل يسمى واسطا، وهو أثبت الأقاويل عند جدى فيما ذكر وهو الذى يقول فيه مضاض الجرهمى:

الرباب

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر ولم يتربع واسطا فجنوبه ... إلى المنحنى من ذى الآراكة حاضر الرباب: الرباب، القرن الذى عند الثنية الخضراء بأصل ثبير غيناء عند بيوت ابن لا حق مولى لآل الأزرق بن عمرو مشرفة عليها، وهى التى عند القصر الذى بنى محمد ابن خالد بن برمك أسفل من بير ميمون الحضرمى، وأسفل من قصر أمير المؤمنين أبى جعفر. ذو الآراكة: ذو الآراكة: عرض بين الثنية الخضراء وبين بيوت أبى ميسرة الزيات. شعب الرخم: شعب الرخم: الذى بين الرباب وبين أصل ثبير غيناء. 1 ـ ثبير غيناء: الأثبرة: ثبير غيناء وهو المشرف على بير ميمون وقلته المشرفة على شعب على عليه السلام، وعلى شعب الحضارمة بمنى، وكان يسمى فى الجاهلية سميرا ويقال: لقلته ذات القتادة، وكان فوقه قتادة ولها يقول الحارث بن خالد: إلى طرف الجمار فما يليها ... إلى ذات القتادة من ثبير 2 ـ ثبير: وثبير الذى يقال له: جبل الزنج، وإنما سمى جبل الزنج لأن زنوج مكة كانوا يحتطبون منه ويلعبون فيه. 3 ـ ثبير النخيل: وهو من ثبير النخيل، ثبير النخيل ويقال له الأقحوانة، الجبل الذى به الثنية الخضراء وبأصله بيوت الهاشميين يمر سيل منى بينه وبين وادى ثبير، وله يقول الحارث بن خالد: من ذا يسايل عنا أين منزلنا ... فالأقحوانة منا منزل قمن إذ نلبس العيش صفوا ما يكدره ... طعن الوشاة ولا ينبو بنا الزمن وقال بعض المكيين: الأقحوانة عند الليط كان مجلسا يجلس فيه من خرج من مكة يتحدثون فيه بالعشى ويلبسون الثياب المحمرة، والموردة، والمطيبة وكان مجلسهم من حسن ثيابهم، يقال له: الأقحوانة. حدثنا أبو الوليد قال: حدثنى محمد بن أبى عمر، عن القاضى محمد بن عبد الرحمن ابن محمد المخزومى، عن القاضى الأوقص محمد بن عبد الرحمن بن هشام قال: خرجت غازيا فى خلافة بنى مروان، فقفلنا من بلاد الروم، فأصابنا مطر، فأوينا إلى قصر فاستذرينا به من المطر، فلما أمسينا خرجت جارية مولدة من القصر فتذكرت مكة وبكت عليها وأنشأت تقول:

ثبير النصع

من كان ذا شجن بالشام يحبسه ... فإن فى غيره أمسى لى الشجن وإن ذا القصر حقا ما به وطنى ... لكن بمكة أمسى الأهل والوطن من ذا يسايل عنا أين منزلنا ... فالأقحوانة منا منزل قمن إذا نلبس صفوا ما يكدره ... طعن الوشاة ولا ينبو بنا الزمن فلما أصبحنا لقيت صاحب القصر فقلت له: رأيت جارية خرجت من قصرك فسمعتها تنشد كذا وكذا، فقال: هذه جارية مولدة مكية، اشتريتها وخرجت بها إلى الشام، فو الله ما ترى عيشنا ولا ما نحن فيه شيئا، فقلت: تبيعها؟ قال: إذا أفارق روحى. ثبير النصع: وثبير النصع: الذى فيه سداد الحجاج، وهو جبل المزدلفة الذى على يسار الذاهب إلى منى، وهو الذى كانوا يقولون فى الجاهلية إذا أرادوا أن يدفعوا من المزدلفة: أشرق ثبير، كيما نغير، ولا يدفعون حتى يرون الشمس عليه. ثبير الأعرج: وثبير الأعرج، المشرف على حق الطارقيين بين المغمس والنخيل. حدثنا أبو الوليد، وحدثنى محمد بن يحيى، حدثنا عبد العزيز بن عمران عن معاوية، ابن عبد الله الأزدى، عن معاوية بن قرة، عن الخلد بن أيوب، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما تجلى الله عزوجل للجبل تشظى فطارت لطلعته ثلاثة أجبل، فوقعت بمكة، وثلاثة أجبل فوقعت بالمدينة، فوقع بمكة حراء، وثبير وثور، ووقع بالمدينة أحد، وورقان، ورضوى. الثقبة: الثقبة، تصب من ثبير غيناء، وهو الفج الذى فيه قصر الفضل بن الربيع إلى طريق العراق إلى بيوت ابن جريج. السرر: السرر، من بطن السرر، الأفيعية من السرر مجارى الماء، منه ماء سيل مكة من السرر وأعلى مجارى السرر. حدثنا أبو الوليد، حدثنى محمد بن يحيى، حدثنى عبد العزيز بن عمران، عن عبد الله ابن جعفر أن السيل أبرز عن حجر عند قبر المرأتين، فإذا فيه كتاب أنا أسيد بن أبى العيص يرحم الله على بنى عبد مناف. حدثنا أبو الوليد قال: حدثنى جدى، عن سليم بن مسلم، عن ابن جريج أنه روى عن بعض المكيين أنه قال: الثقبة بين حراء وثبير فيها بطحاء من بطحاء الجنة. السداد: السداد ثلاثة أسدة بشعب عمرو بن عبد الله بن خالد، وصدرها يقال له:

سدرة خالد

ثبير النصع عملها الحجاج بن يوسف تحبس الماء، والكبير منها يدعى أثال، وهو سد عمله الحجاج فى صدر شعب ابن عمرو، وجعله حبسا على وادى مكة، وجعل مغيضه يسكب فى سدرة خالد، وهو على يسار من أقبل من شعب عمرو، والسدان الآخران على يمين من أقبل من شعب عمرو، وهما يسكبان فى أسفل منى بسدرة خالد، وهى صدر وادى مكة، ومن شقها واد يقال له: الأفيعية ويسكب فيه أيضا شعب على بمنى، وشعب عمارة الذى فيه منازل سعيد بن سلم، وفى ظهره شعب الرخم، ويسكب فيه أيضا المنحر من منى، والجمار كلها تسكب فى بكة. وبكة الوادى الذى به الكعبة قال الله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ) قال: وبطن مكة الوادى الذى فيه بيوت سراج، والمربع حايط ابن برمك. فخ: وفخ، وهو وادى مكة الأعظم، وصدره شعب بنى عبد الله بن خالد بن أسيد. الغميم: والغميم ما أقبل على المقطع، ويلتقى وادى مكة ووادى بكة بقرب البحر. السداد: السداد بالنصع من الأفيعية فى طرف النخيل، عملها الحجاج لحبس الماء، والأوسط منها يدعى أثال. سدرة خالد: سدرة خالد: هى صدر وادى مكة من بطن السرر منها يأتى سيل مكة إذا أعظم الذى يقال له: سيل السدرة، وهو سيل عظيم عارم إذا عظم، وهو خالد بن أسيد بن أبى العيص ويقال: بل خالد بن عبد العزيز بن عبد الله. المقطع: المقطع منتهى الحرم من طريق العراق على تسعة أميال، وهو مقلع الكعبة ويقال: إنما سمى المقطع أن البناء حين بنى ابن الزبير الكعبة، وجدوا هنالك حجرا صليبا فقطعوه بالزبر والنار فسمى ذلك الموضع المقطع، قال أبو محمد الخزاعى: أنشدنى أبو الخطاب فى المقطع: طريت إلى هند وتربين مرة ... لها إذا تواقفنا بفرع المقطع وقول فتاة كنت أحسب أنها ... منعمة فى ميزر لم تدرع حدثنا أبو الوليد قال: حدثنى جدى، حدثنا سليم بن مسلم، عن ابن جريج، عن مجاهد قال: إنما سمى المقطع أن أهل الجاهلية كانوا إذا خرجوا من الحرم للتجارة أو لغيرها علقوا فى رقاب أبلهم لحاء من لحاء شجر الحرم، وإن كان راجلا علق فى عنقه ذلك اللحاء فأمنوا به حيث توجهوا فقالوا: هؤلاء أهل الله إعظاما للحرم، فإذا رجعوا

ثنية الخل

ودخلوا الحرم، قطعوا ذلك اللحاء من رقابهم، ورقاب أباعرهم هنالك، فسمى المقطع لذلك. ثنية الخل: ثنية الخل بطرف المقطع منتهى الحرم من طريق العراق. السقيا: السقيا المسيل الذى يفرع بين مأزمى عرفة ونمرة على مسجد إبراهيم خليل الرحمن، وهو الشعب الذى على يمين المقبل من عرفة إلى منى، وفى هذا الشعب بير عظيمة لابن الزبير كان ابن الزبير، عملها وعمل عندها بستانا وعلى باب شعب السقيا بير جاهلية قد عمرتها خالصة، فهى تعرف بها اليوم. الستار: الستار ثنية من فوق الأنصاب، وإنما سمى الستار لأنه ستر بين الحل والحرم. * * * ذكر شق معلاة مكة الشامى وما فيه مما يعرف اسمه من المواضع والجبال والشعاب مما أحاط به الحرم شعب قعيقعان: قال أبو الوليد: شعب قعيقعان، وهو ما بين دار يزيد بن منصور التى بالسويقة يقال لها: دار العروس إلى دور ابن الزبير إلى الشعب الذى منتهاه فى أصل الأحمر إلى فلق ابن الزبير الذى يسلك منه إلى الأبطح والسويقة على فوهة قعيقعان، وعند السويقة ردم عمله ابن الزبير حين دوره بقعيقعان ليرد السيل عن دار حجير بن أبى أهاب وغيرها وفوق ذلك ردم بين دار عفيف وربع آل المرتفع، ردم عن السويقة، وربع الخزاعيين، ودار الندوة، ودار شيبة بن عثمان. جبل شيبة: جبل شيبة: هو الجبل الذى يطل على جبل الديلمى، وكان جبل شيبة وجبل الديلمى يسميان فى الجاهلية واسطا، وكان جبل شيبة للنباش بن زرارة التميمى ثم صار بعد ذلك لشيبة. جبل الديلمى: جبل الديلمى، هو الجبل المشرف على المروة وكان يسمى فى الجاهلية سميرا، والديلمى مولى لمعاوية كان بنى فى ذلك الجبل دارا لمعاوية فسمى به، والدار اليوم لخزيمة بن حازم. الجبل الأبيض: الجبل الأبيض هو الجبل المشرف على فلق ابن الزبير. الحافض: الحافض، أسفل من الفلق اسمه السايل، وهو المشرف على دار الحمام وإنما

جبل تفاجة

سهل ابن الزبير الفلق وضربه حتى فلقه فى الجبل، أن المال كان يأتى من العراق فيدخل به مكة فيعلم به الناس فكره ذلك فسهل طريق الفلق ودرجه فكان إذا جاءه المال دخل به ليلا ثم يسلك به المعلاة، وفى الفلق حتى يخرج به على دوره بقعيقعان، فيدخل ذلك المال ولا يدرى به أحد، وعلى رأس الفلق موضع يقال له: رحا الريح كان عولج فيه موضع رحا الريح حديثا من الدهر فلم يستقم، وهو موضع قل ما تفارقه الريح. جبل تفاجة: جبل تفاجة الجبل المشرف على دار سليم بن زياد، ودار الحمام، بزقاق النار، وتفاجة مولاة لمعاوية، كانت أول من بنى فى ذلك الجبل. الجبل الحبشى: الجبل الحبشى، الجبل المشرف على دار السرى بن عبد الله التى صارت للحرانى واسم الجبل الحبشى يعنى لم ينسب إلى رجل حبشى إنما هو اسم الجبل. آلات يحاميم: آلات يحاميم، الأحداب التى بين دار السرى إلى ثنية المقبرة وهى التى قبر أمير المؤمنين أبو جعفر بأصلها، قال: يعرفها باليحاميم وأولها القرن الذى بثنية المدنيين على رأس على رأس بيوت ابن أبى حسين النوفلى، والذى يليه القرن المشرف على منارة الحبشى فيما بين ثنية المدنيين وفلق ابن الزبير ومقابر أهل مكة بأصل ثنية المدنيين، وهى التى كان ابن الزبير مصلوبا عليها، وكان أول من سهلها معاوية ثم عملها عبد الملك بن مروان ثم كان آخر من بنى ضفايرها ودرجها وحددها المهدى. شعب المقبرة: شعب المقبرة قال بعض أهل العلم من أهل مكة: وليس بينهم اختلاف أنه ليس بمكة شعب يستقبل الكعبة كله ليس فيه انحراف إلا شعب المقبرة، فإنه يستقبل الكعبة ليس فيه انحراف مستقيما. ثنية المقبرة: ثنية المقبرة، هذه هى التى دخل منها الزبير بن العوام يوم الفتح، ومنها دخل النبى صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع. أبو دجانة: أبو دجانة، هو الجبل الذى خلف المقبرة شارعا على الوادى، ويقال له: جبل البرم، وأبو دجانة، والأحداب التى خلفه تسمى ذات أعاصير. شعب آل قنفد: شعب آل قنفد، هو الشعب الذى فيه دار آل خلف بن عبد ربه بن السايب مستقبل قصر محمد بن سليمان، وكان يسمى شعب اللثام، وهو قنفد بن زهير من بنى أسد بن خزيمة، وهو الشعب الذى على يسارك وأنت ذاهب إلى منى من مكة فوق حايط خرمان، وفيه اليوم دار الخلفيين من بنى مخزوم، وفى هذا الشعب مسجد مبنى يقال: أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فيه، وينزله اليوم فى الموسم الحضارمة.

غراب

غراب: غراب القرن الذى عليه بيوت خالد بن عكرمة، بين حايط خرمان وبين شعب آل قنفد مسكن ابن أبى الرزام ومسكن أبى جعفر العلقمى بطرف حايط خرمان عنده. سقر: سقر، هو الجبل المشرف على قصر جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك وهو بأصله وكان عليه لقوم من أهل مكة يقال لهم: آل قريش بن عباد مولى لبنى شيبة قصر ثم ابتاعه صالح بن العباس بن محمد، فابتنى عليه وعمر القصر وزاد فيه، وهو اليوم لصالح ابن العباس، ثم صار اليوم للمنتصر بالله أمير المؤمنين، وكان سقر يسمى فى الجاهلية الستار، وكان يقال له جبل كنانة، وكنانة رجل من العبلات من ولد الحارث بن أمية ابن عبد شمس الأصغر. شعب آل الأخنس: شعب آل الأخنس، وهو الشعب الذى كان بين حراء وبين سقر، وفيه حق آل زارويه موالى القارة حلفاء بنى زهرة، وحق الزارويين منه بين العير وسقر إلى ظهر شعب آل الأخنس يقال له: شعب الخوارج وذلك أن نجدة الحرورى عسكر فيه عام حج، ويقال له أيضا: شعب العيشوم، نبات يكثر فيه، والأخنس بن شريق الثقفى حليف بنى زهرة، واسم الأخنس أبى، وإنما سمى الأخنس أنه خنس ببنى زهرة فلم يشهدوا بدرا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك الشعب يخرج إلى أذاخر، وأذاخر بينه وبين فخ ومن هذا الشعب دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح حتى مر فى أذاخر حتى خرج على بير ميمون بن الحضرمى ثم انحدر فى الوادى. جبل حراء: جبل حراء، وهو الجبل الطويل الذى بأصل شعب آل الأخنس مشرف على حايط مورش، والحايط الذى يقال له: حايط حراء على يسار الذاهب إلى العراق وهو المشرف القلة مقابل ثبير غيناء محجة العراق بينه وبينه، وقد كان رسول اللهصلى الله عليه وسلم أتاه واختبى فيه من المشركين من أهل مكة فى غار فى رأسه مشرف مما يلى القبلة، وقد كتبت ذكر ما جاء فى حراء وفضله فى صدر الكتاب مع آثار النبى صلى الله عليه وسلم. قال مسلم بن خالد: حراء، جبل مبارك قد كان يؤتى، قال أبو محمد الخزاعى: وفى حراء يقول الشاعر: تفرج عنها الهم لما بدا لها ... حرء كرأس الفارسى المتوج منعمة لم تدر ما عيش شقوة ... ولم تعترر يوما على عود عوسج القاعد: قال أبو الوليد: القاعد، الجبل الساقط أسفل من حراء على الطريق على يمين من أقبل من العراق أسفل من بيوت أبى الرزام الشيبى.

أظلم

أظلم: أظلم هو الجبل الأسود بين ذات جليلين وبين الأكمة. ضنك: ضنك: هو شعب من أظلم وهو بينه وبين أذاخر فى محجة العراق وإنما سمى ضنكا أن فى ذلك الشعب كتابا فى عرق أبيض مستطيرا فى الجبل مصورا صورة ضنك مكتوب الضاد والنون والكاف متصلا بعضه ببعض كما كتبت ضنك، فسمى بذلك ضنكا. مكة السدر: مكة السدر من بطن فخ إلى المحدث. شعب بنى عبد الله: شعب بنى عبد الله، ما بين الجعرانة إلى المحدث. الحضرمتين: الحضرمتين على يمين شعب آل عبد الله بن خالد بن أسيد بحذاء أرض ابن هربذ. القمعة: القمعة، قرن دون شعب بنى عبد الله بن خالد عن يمين الطريق فى أسفله حجر عظيم مفترش أعلاه مستدق أصله حدا كهيئة القمع. القنينة: القنينة، شعب بنى عبد الله بن خالد بن أسيد، وهو الشعب الذى يصب على بيوت مكتومة مولاة محمد بن سليمان. ثنية أذاخر: ثنية أذاخر، الثنية التى تشرف على حايط خرمان، ومن ثنية أذاخر دخل النبى صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، وقبر عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنه بأصلها مما يلى مكة فى قبور آل عبد الله بن خالد بن أسيد، وذلك أنه مات عندهم فى دارهم فدفنوه فى قبورهم ليلا. النقوى: النقوى، ثنية شعب تسلك إلى نخلة من شعب بنى عبد الله. المستوفرة: المستوفرة، ثنية تظهر على حايط يقال له: حايط ثرير، وهو اليوم للبوشجانى، وعلى رأسها أنصاب الحرم، فما سال منها على ثرير فهو حل، وما سال منها على الشعب فهو حرم. * * * ذكر شق مسفلة مكة اليمانى وما فيه مما يعرف اسمه من المواضع والجبال والشعاب مما أحاط به الحرم أجياد الصغير: قال أبو الوليد: أجياد الصغير، الشعب الصغير اللاصق بأبى قبيس

رأس الإنسان

ويستقبله أجياد الكبير على فم الشعب دار هشام بن العاص بن هشام بن المغيرة، ودار زهير بن أبى أمية بن المغيرة إلى المتكأ مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما سمى أجياد أجيادا أن خيل تبع كانت فيه فسمى أجياد بالخيل الجياد. رأس الإنسان: رأس الإنسان: الجبل الذى بين أجياد الكبير وبين أبى قبيس. حدثنا أبو الوليد قال: سمعت جدى أحمد بن محمد بن الوليد يقول: اسمه الإنسان. أنصاب الأسد: أنصاب الأسد: جبل بأجياد الصغير فى أقصى الشعب وفى أقصى أجياد الصغير بأصل الخندمة بير يقال لها: بير عكرمة، وعلى باب شعب المتكا بير حفرتها زينب بنت سليمان بن على، وحفر جعفر بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن سليمان بن على فى هذا الشعب بيرا، وهو أمير مكة سنة سبع عشرة ومايتين. شعب الخاتم: شعب الخاتم، بين أجياد الكبير والصغير. جبل نفيع: جبل نفيع، ما بين بير زينب حتى تأتى أنصاب الأسد، وإنما سمى نفيعا أنه كان فيه أدهم للحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم كان يحبس فيه سفهاء بنى مخزوم، وكان ذلك الأدهم يسمى نفيعا. جبل خليفة: جبل خليفة، وهو الجبل المشرف على أجياد الكبير وعلى الخليج والحزامية وخليفة بن عمير رجل من بنى بكر ثم أحد من بنى جندع، وكان أول من سكن فيه وابتنى. وسيله يمر فى موضع يقال له: الخليج يمر فى دار حكيم بن حزام، وقد خلج هذا الخليج تحت بيوت الناس وابتنوا فوقه، وهو الجبل الذى صعد فيه المشركون يوم فتح مكة ينظرون إلى النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وكان هذا الجبل يسمى فى الجاهلية كيد، وكان ما بين دار الحارث الصغيرة إلى موقف البقرة بأصل جبل خليفة سوق فى الجاهلية، وكان يقال له: الكثيب، وأسفل من جبل خليفة ال غراب ات التى يرفعها آل مرة من بنى جمح إلى الثنية كلها. غراب: غراب جبل بأسفل مكة بعضه فى الحل وبعضه فى الحرم. حدثنا أبو الوليد وحدثنى جدى حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار قال: اسم الجبل الأسود الذى بأسفل مكة غراب. النبعة: النبعة، نصب فى أسفل غراب.

الميثب

الميثب: الميثب من الثنية التى بأسفل مكة إلى الرمضة، ثم بير خم حفرها مرة بن كعب بن لوى؛ قال الشاعر: لا نستقى إلا بخمّ أو الحفر قال أبو الوليد: وكان ماء للمغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم على باب دار قيس ابن سالم بير عادية قديمة، وكانت بير قصى بن كلاب الأولى التى احتفرها فى دار أم هانى ابنة أبى طالب. جبل عمر: جبل عمر، الطويل المشرف على ربع عمر، اسمه العافر وقد قال الشاعر: هيهات منها إن ألم خيالها ... سلمى إذا نزلت بسفح العافر عدافة: عدافة، الجبل الذى خلف المسروح من وراء الطلوب. المقنعة: المقنعة الجبل الذى عند الطلوب. اللاحجة: اللاحجة، من ظهر الرمضة وظهر أجياد الكبير إلى بيوت رزيق بن وهب المخزومى. القدفدة: القدفدة، من مؤخر المفجر، واللاحجة ذات اللها، تصب فى ظهر القدفدة. ذو مراخ: ذو مراخ، بين مزدلفة وبين أرض ابن عامر. السلفان اليمانى والشامى: السلفان اليمانى والشامى: متنان بين اللاحجة وعرنة، وله يقول الشاعر: ألم تسأل التناضب عن سليمى ... نناضب مقطع السلف اليمانى الضحاضح: الضحاضح، ثنية ابن كرز، ثنية من وراء السلفيين، تصب فى النبعة بعضها فى الحل وبعضها فى الحرم. ذو السدير: ذو السدير، من منقطع اللاحجة إلى المزدلفة. ذات السليم: ذات السليم، الجبل الذى بين مزدلفة، وبين ذى مراخ. بشائم: بشائم، ردهة تمسك الماء فيما بين أضاة لبن بعضها فى الحل وبعضها فى الحرم. أضاة النبط: أضاة النبط، بعرنة فى الحرم كان يعمل فيها الآجر، وإنما سميت أضاة النبط أنه كان فيها نبط بعث بهم معاوية بن أبى سفيان يعملون الآجر لدوره بمكة، فسميت بهم.

ثنية أم قردان

ثنية أم قردان: ثنية أم قردان، مشرفة على الصلا موضع آبار الأسود بن سفيان المخزومى. يرمرم: يرمرم: أسفل من ذلك وفيها يقول الأشجعى: فإن يك ظنى صادق بمحمد ... تروا خيله بين الصلا ويرمرم ذات اللجب: ذات اللجب، ردهة بأسفل اللاحجة تمسك الماء. ذات أرحاء: ذات أرحاء، بير بين الغرابات وبين ذات اللجب. النسوة: النسوة، أحجار تطأها محجة مكة إلى عرنة، يفرع عليها سيل القفيلة من ثور يقال أن امرأة فجرت فى الجاهلية فحملت، فلما دنت ولادتها خرجت حتى جاءت ذلك المكان، فلما حضرتها الولادة قبلتها امرأة، وكانت خلف ظهرها امرأة أخرى، فيقال أنهن مسخن جميعا حجارة فى ذلك المكان، فهى تلك الحجارة. القفيلة: القفيلة، قيعة كبيرة تمسك الماء عند النسوة وهى من ثور. ثور: ثور، جبل بأسفل مكة على طريق عرنة، فيه الغار الذى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مختبيا فيه هو وأبو بكر، وهو الذى أنزل الله سبحانه فيه: (ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ) ومنه هاجر النبى صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إلى المدينة. شعب البانة: شعب البانة، شعب فى ثور وهو الذى يقول فيه الهذلى: أفى الآيات والدمن المنول ... بمفضى بين بانة فالغليل * * * ذكر شق مسفلة مكة الشامى وما فيه مما يعرف اسمه من المواضع والجبال والشعاب مما أحاط به الحرب الحزورة: قال أبو الوليد: الحزورة، وهى كانت سوق مكة، كانت بفناء دار أم هانى ابنة أبى طالب التى كانت عند الحناطين، فدخلت فى المسجد الحرام، كانت فى أصل المنارة إلى الحثمة، والحزاور، والجباجب الأسواق، وقال بعض المكيين: بل كانت الحزورة فى موضع السقاية التى عملت الخيزران بفناء دار الأرقم، وقال بعضهم: كانت بحذاء الردم فى الوادى والأولى أنها كانت عند الحناطين أثبت وأشهر عند أهل مكة. وروى سفيان عن ابن شهاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحزورة: أما والله

الحثمة

إنك لأحب البلاد إلى الله سبحانه، ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت. قال سفيان: وقد دخلت الحزورة فى المسجد الحرام، وفى الحزورة يقول الجرهمى: وبداها قوم أشحا أشدة ... على ما بهم يشرونه بالحزاور الحثمة: الحثمة، بأسفل مكة، صخرات فى ربع عمر بن الخطاب رضى الله عنه وقال بعض المكيين: كانت عند دار أويس بأسفل مكة على باب دار يسار مولى بنى أسد بن عبد العزى، وفيها يقول خالد بن المهاجر بن خالد بن أسد: لنساء بين الحجون إلى الحثمة ... فى ليالى مقمرات وشرق ساكنات البطاح أشهى إلى القلب ... من الساكنات دور دمشق يتضمخن بالعبير وبالمسك ... ضماخا كأنه ريح مرق زقاق النار: زقاق النار، بأسفل مكة مما يلى دار بشر بن فاتك الخزاعى، وإنما سمى زقاق النار لما كان يكون فيه من الشرور. بيت الأزلام: بيت الأزلام: حدثنا أبو الوليد قال: حدثنى جدى عن سليم بن مسلم عن ابن جريج أن بيت الأزلام كان لمقيس بن عبد قيس السهمى، وكان بالحثمة مما يلى دار أويس التى فى مبطح السيل بأسفل مكة التى صارت لجعفر بن سليمان بن على. جبل زرزر: جبل زرزر: الجبل المشرف على دار يزيد بن منصور الحميرى خال المهدى بالسويقة على حق آل نبيه بن الحجاج السهميين، وكان يسمى فى الجاهلية القايم، وزرزر حايك كان بمكة، كان أول من بنى فيه فسمى به. جبل النار: جبل النار، الذى يلى جبل زرزر، وإنما سمى جبل النار، أنه كان أصاب أهله حريق متوالى. جبل أبى يزيد: جبل أبى يزيد، الجبل الذى يصل حق زرزر مشرفا على حق آل عمرو بن عثمان الذى يلى زقاق مهر، ومهر إنسان كان يعلم الكتاب هنالك، وأبو يزيد هو من أهل سواد الكوفة، كان أميرا على الحاكة بمكة، كان أول من بنى فيه فنسب إليه، وهو يتولى آل هشام بن المغيرة. جبل عمر: جبل عمر، الجبل المشرف على حق آل عمر، وحق آل مطيع بن الأسود وآل كثير بن الصلت الكندى، وعمر الذى ينسب إليه عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وكان يسمى فى الجاهلية ذا أعاصير.

جبل الأذاخر

جبل الأذاخر: جبل الأذاخر، التى تلى جبل عمر، تشرف على وادى مكة بالمسفلة وكانت تسمى فى الجاهلية المذهبات، وكانت تسمى الأعصاد. الحزنة: الحزنة الثنية التى تهبط من حق آل عمر، وبنى مطيع، ودار كثير إلى الممادر، وبير بكار، وهى ثنية قد ضرب فيها، وفلق الجبل، فصار فلقا فى الجبل يسلك فيه إلى الممادر، وكان الذى ضرب فيها وسهلها يحيى بن خالد بن برمك يحتضر منها إلى عين كان أجراها فى المغش، والليط؛ من فخ وعمل هنالك بستانا. شعب أرنى: شعب أرنى، فى الثنية فى حق آل الأسود، وقالوا: إنما سمى شعب أرنى لمولاة لحفصة بنت عمر أم المؤمنين، يقال لها: أرنى، وقالوا: بل كان فيه فواجر فى الجاهلية فكان إذا دخل عليهن إنسان قلن: أرنى أرنى، يقلن: أعطنى، فسمى الشعب شعب أرنى. ثنية كداء: ثنية كداء، التى يهبط منها إلى ذى طوى، وهى التى دخل منها قيس بن سعد بن عبادة يوم الفتح، وخرج منها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وعليها بيوت يوسف ابن يعقوب الشافعى، ودار آل طرفة الهذليين يقال لها: دار الآراكة، فيها آراكة خارجة من الدار على الطريق، وهى الدار التى يقول فيها حسان بن ثابت الأنصارى: عند ما خلينا إن لم تروها ... تثير النقع موعدها كداء الأبيض: الأبيض، الجبل المشرف على كداء على شعب أرنى على يسار الخارج من مكة. قرن أبى الأشعث: قرن أبى الأشعث، وهو الجبل المشرف على كداء على يمين الخارج من مكة، وهو من الجبل الأحمر، وأبو الأشعث رجل من بنى أسد بن خزيمة يقال له: كثير بن عبد الله بن بشر. بطن ذى طوى: بطن ذى طوى ما بين مهبط ثنية المقبرة التى بالمعلاة إلى الثنية القصوى التى يقال لها: الخضراء تهبط على قبور المهاجرين دون فخ. بطن مكة: بطن مكة، مما يلى ذا طوى ما بين الثنية البيضاء التى تسلك إلى التنعيم إلى ثنية الحصحاص، التى بين ذى طوى وبين الحصحاص. المقلع: المقلع، الجبل الذى بأسفل مكة على يمين الخارج إلى المدينة، عليه بيت لعبد الله بن يزيد مولى السرى بن عبد الله.

فخ

فخ: فخ، الوادى الذى بأصل الثنية البيضاء إلى بلدح الوادى الذى تطأه فى طريق جده على يسار ذى طوى، وما بين الليط ظهر الممدرة إلى ذى طوى إلى الرمضة بأسفل مكة. الممدرة: الممدرة، بذى طوى عند بير بكار ينقل منها الطين الذى يبنى به أهل مكة، إذا جاء المطر استنقع الماء فيها. المغش: المغش، من طرف الليط إلى خيف الشيرق بعرنة. خزرورع: خزرورع، بطرف الليط مما يلى المغش. أستار: أستار، الجبل المشرف على فخ ما يلى طريق المحدث، أرض كانت لأهل يوسف بن الحكم الثقفى. مقبرة النصارى: مقبرة النصارى، دبر المقلع على طريق بير عنبسة بذى طوى. جبل البرود: جبل البرود، وهو الجبل الذى قتل الحسين بن على بن حسين بن حسن ابن على بن أبى طالب وأصحابه يوم فخ عنده بفخ. الثنية البيضاء: الثنية البيضاء، التى فوق البرود التى قتل حسين وأصحابه بينها وبين البرود. الحصحاص: الحصحاص، الجبل المشرف على ظهر ذى طوى إلى بطن مكة مما يلى بيوت أحمد المخزومى عند البرود. المدور: المدور، متن من الأرض فيما بين الحصحاص وسقاية أهيب بن ميمون. مسلم: مسلم، الجبل المشرف على بيت حمران بذى طوى على طريق جدة، وادى ذى طوى، بينه وبين قصر ابن أبى محمود عند مفضى مهبط الحرتين الكبيرة والصغيرة. ثنية أم الحارث: ثنية أم الحارث، هى الثنية التى على يسارك إذا هبطت ذا طوى تريد فخا بين الحصحاص وطريق جدة، وهى أم الحارث بنت نوفل بن الحارث بن عبد المطلب. متن ابن عليا: متن ابن عليا، ما بين المقبرة والثنية التى خلفها إلى المحجة التى يقال لها: الخضراء، وابن عليا رجل من خزاعة. جبل أبى لقيط: جبل أبى لقيط، هو الجبل الذى حايط ابن الشهيد بأصله بفخ.

ثنية أذاخر

ثنية أذاخر: ثنية أذاخر، وليست بالثنية التى دخل منها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند حائط خرمان ولكن المشرفة على مال ابن الشهيد بفخ وأذاخر. شعب أشرس: شعب أشرس، الشعب الذى يفرغ على بيوت ابن وردان مولى السايب بن أبى وداعة السهمى بذى طوى، وأشرس مولى المطلب بن السايب بن أبى وداعة، وأشرس الذى روى سفيان عن أبيه حديث المقام والمقاط حين رده عمر. غراب: غراب، الجبل الذى بمؤخر شعب الأخنس بن شريق إلى أذاخر. شعب المطلب: شعب المطلب، الشعب الذى خلف شعب الأخنس بن شريق يفرع فى بطن ذى طوى، والمطلب هو ابن السايب بن أبى وداعة. ذات الجليلين: ذات الجليلين، ما بين مكة، والسدر، وفخ. شعب زريق: شعب زريق، يفرع فى الوادى الذى يقال له: ذو طوى، وزريق مولى كان فى الحرس مع نافع بن علقمة ففجر بامرأة يقال لها: درة مولاة كانت بمكة فرجما فى ذلك الشعب، فسمى شعب زريق. كتد: كتد، الجبل الذى بطرف المغش غير أن حلحلة بين الممدرة وبين كتد. جبل المغش: جبل المغش، ومنه تقطع الحجارة البيض التى يبنى بها، وهى الحجارة المنقوشة البيض بمكة، ويقال: إنها من مقلعات الكعبة، ومنه بنيت دار العباس بن محمد التى على الصيارفة. ذو الأبرق: ذو الأبريق: ما بين المغش إلى ذات الجيش. الشيق: الشيق، طرف بلدح الذى يسلك منه إلى ذات الحنظل عن يمين طريق جدة قد عمل الدروقى حايطا وعينا بفوهة ذلك الشعب، وذات الحنظل ثنية فى مؤخر هذا الشعب يفرع على بلدح. أنصاب الحرم: أنصاب الحرم: على رأس الثنية ما كان من وجهها فى هذا الشق فهو حرم، وما كان فى ظهرها فهو حل. العقلة: العقلة، ردهة تمسك الماء فى أقصى الشيق. الأرنبة: الأرنبة: شعب يفرع فى ذات الحنظل وما بين ثنية أم رباب إلى الثنية التى بين الليط، وبين شعب عمر بن عبد الله بن أبى ربيعة.

ذات الحنظل

ذات الحنظل: ذات الحنظل، هو الفج الذى من عين الدورقى إلى ثنية الحرم. العبلاء: العبلاء، بين ذى طوى والليط. الثنية البيضاء: الثنية البيضاء، التى بين بلدح وفخ. شعب اللبن: شعب اللبن الشعب الذى يفرع على حايط ابن خرشة فى بلدح. ملحة العراب: ملحة العراب، شعب فى بلدح يفرع على حايط الطايفى. ملحة الحروب: ملحة الحروب، شعب يفرع على حايط ابن سعيد ببلدح. العشيرة: العشيرة، حذاء أرض ابن أبى مليكة إذا جاوزت طرف الحديبية على يسار الطريق. قبر العبد: قبر العبد، بذنب الحديبية على يسار الذاهب إلى جدة، وإنما سمى قبر العبد أن عبد البعض أهل مكة أبق فدخل غارا هنالك فمات فيه فرضمت عليه الحجارة فكان فى ذلك الغار قبره. التخابر: التخابر، بعضها فى الحل وبعضها فى الحرم، وهو على يمين الذاهب إلى جدة، إلى نصب الأعشاش، وبعض الأعشاش فى الحل، وبعضها فى الحرم، وهى بحيرة البهيما وبحيرة الأصفر والرغباء، ما أقبل على بطن مر منهن فهو حل، وما أقبل على المريرا منهن فهو حرم. كبش: كبش: الجبل الذى دون نعيلة فى طرف الحرم. رحا: رحا، فى الحرم وهو ما بين أنصاب المصانيع إلى ذات الجيش، ورحا هى ردهة الراحة. والراحة: والراحة، دون الحديبية على يسار الذاهب إلى جدة. البغيبغة: البغيبغة: والبغيبغة بأذاخر * * *

سيول مكة المكرمة

سيول مكة المكرمة ورد فى ملحقات كتاب «أخبار مكة»: أما السيول التى وقعت فى عهد الأزرقى والخزاعى ولم يرد ذكرها فى أخبار مكة. والتى وقعت فيها بعد إلى عهدنا هذا فهى: 1 ـ ذكر الطبرى أيضا فى حوادث سنة 88، فقال: خرج عمر بن عبد العزيز تلك السنة ـ يعنى سنة 88 ـ بعدة من قريش أرسل إليهم بصلات، وظهر للحمولة، وأحرموا معه من ذى الحليفة وساق معه بدنا، فلما كان بالتنعيم لقيهم نفر من قريش، منهم ابن أبى مليكة وغيره، فأخبروه أن مكة قليلة الماء وأنهم يخافون على الحاج العطش، وذلك أن المطر قل، فقال عمر: فالمطلب هاهنا بيّن، تعالوا ندع الله، قال: فرأيتهم دعوا ودعا معهم، فألحوا فى الدعاء. قال صالح: فلا والله أن وصلنا إلى البيت ذلك اليوم إلا مع المطر، حتى كان مع الليل وسكبت السماء وجاء سيل الوادى فجاء أمر خافة أهل مكة، ومطرت عرفة، ومنى، وجمع، فما كانت إلا عبرا قال: ونبتت مكة تلك السنة للخصب، وأما أبو معشر، فإنه قال: حج بالناس سنة 88 عمر بن الوليد بن عبد الملك. 2 ـ سيل المخيل: وذكر السنجارى أنه فى عام 104، وقع سيل المخيل، لأنه أصاب الناس بعده مثل خبال لمرض، حدث بهم عقبه فى أجسامهم وألسنتهم، وكان سيلا عظيما دخل المسجد الحرام، وذهب بالناس وأحاط بالكعبة، وعقبه سيل آخر مثله فى هذه السنة، وذلك فى ولاية عبد الواحد بن عبد الله النصرى على مكة. 3 ـ سيل أبى شاكر: ذكر الفاكهى هذا السيل، فقال: ومنها سيل أبى شاكر فى ولاية هشام بن عبد الملك فى أبتداء سنة عشرين وماية ودخل المسجد الحرام. وأبو شاكر المنسوب إليه هذا السيل هو مسلمة بن هشام بن عبد الملك، وكان أبو شاكر حج بالناس فى عام تسعة عشر وماية، وجاء هذا السيل عقب حج أبو شاكر فسمى به. 4 ـ وقال أيضا: فى عام ستين وماية وقع سيل عظيم ودخل الحرم ليومين بقيا من المحرم.

5 ـ سيل عام

5 ـ سيل عام 253: دخل المسجد سيل عظيم أحاط بالكعبة وبلغ إلى قريب من الحجر الأسود وهدم دورا كثيرة بمكة، وذهب بأمتعة الناس، وملأ المسجد غثا وترابا، حتى حرف بالعجلات، وكان ذلك فى خلافة المعتز بالله. 6 ـ سيل عام 262: جاء فى هذا العام سيل عظيم ذهب بحصباء المسجد حتى عرا عنها. 7 ـ سيل عام 297: ذكر المسعودى أنه ورد الخبر فى هذا العام إلى دار السلام بأن أركان البيت الحرام الأربعة غرقت، حين جرى الغرق فى الطواف، وفاضت بئر زمزم، وأن ذلك لم يعهد فيما سلف من الزمن. 8 ـ سيل عام 349: لما برز الحج قافلا، ونزلوا واديا، جاءهم سيل فأخذهم عن آخرهم وألقى بهم فى البحر. 9 ـ سيل عام 417: جاء سيل فى هذا العام، ودخل الحرم، ووصل إلى خزائن الكتب فاتلف منها الشيء الكثير. 10 ـ سيل عام 489: جاء سيل فى هذا العام بقرب وادى نخلة، وكان الحجاج نازلون بالقرب منه، فذهب بكثير من الأموال، والأنفس، ولم ينج منهم إلا من تعلق بالجبال. 11 ـ سيل عام 528: وقع فى شهر جمادى الأولى من هذا العام بمكة مطر فمات تحت الردم جماعة، وتضرر الناس كثيرا. 12 ـ سيل عام 549: وقع بمكة مطر سال منه وادى إبراهيم ونزل مع الماء برد بقدر البيض. 13 ـ سيل عام 569: وقع بمكة مطر، وجاء سيل كبير إلى أن دخل من باب بنى شيبة، ودخل دار الإمارة، ولم ير سيل قط قبله دخل دار الإمارة. 14 ـ سيل عام 570: كثرت الأمطار والسيول بمكة فى هذا العام، وسال وادى إبراهيم خمس مرات. 15 ـ سيل عام 593: وقد جاء ذكره فى بعض الكتب أنه عام 573 فى يوم الاثنين لثمان خلون من صفر سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة جاء سيل عظيم، ودخل المسجد الحرام، وعلا على الحجر الأسود ذراعين، ودخل الكعبة فبلغ قريبا من الذراع

16 ـ سيل عام

وأخذ فرضتى باب إبراهيم وحمل منابر الخطبة ودرجة الكعبة، ووصل الماء إلى فوق القناديل التى فى وسط الحرم بكثير، وطاف الناس وهم يعرمون، وهدم دورا على حافتى وادى مكة. 16 ـ سيل عام 630: وفى منتصف شهر ذى القعدة من سنة 620 جاء سيل عظيم، ودخل الكعبة ومات منه جماعة بعضهم حمله السيل، والآخر طاحت عليه الدور. وقيل أنه كان فى منتصف شهر شعبان. 17 ـ سيل عام 651: جاء سيل فى هذا العام ولم يذكر المؤرخون عنه تفاصيل وافية. 18 ـ سيل عام 669: فى سنة تسعة وستين وستماية أتى سيل لم يسمع بمثله فى هذه الأعصار كان حصوله فى صبح يوم الجمعة رابع عشر شعبان، دخل البيت الحرام كالبحر، وألقى كل التراب التى كانت فى المعلاة فى البيت، وبقى الحرم كالبحر يموج منبره فيه، ولم تصل الناس تلك الليلة، ولم ير طائف إلا رجل طاف سحرا يعوم. 19 ـ سيل عام 730: وفى سنة ثلاثين وسبعماية فى ليلة الأربعاء سادس وعشرين من ذى الحجة جاء الناس سيل عظيم بلا مطر ملأ الفسقيات التى فى المعلاة والأبطح، وخرب البساتين وملأ الحرم، وأقام الماء فيه يومين والعمل مستمر فيه، واشتغل الناس مدة طويلة به. 20 ـ سيل سنة 732: فى أواخر ذى الحجة سنة اثنتين وثلاثين وسبعماية وقع بمكة أمطار وسيول وصواعق، وقعت صاعقة على أبى قبيس فقتلت رجلا، ووقعت ثانية فى مسجد الخيف بمنى فقتلت آخر، ووقعت ثالثة فى الجعرانة فقتلت رجلين. 21 ـ سيل عام 738: وفى ليلة الخميس العاشر من شهر جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين وسبعماية جاء سيل وغيم، ورعود مزعجة، وبروق مخيفة، ومطر وابل كأفواه القرب ثم دفعت السيول من كل جهة، وكان وابل بمكة، وكان معظم السيل من جهة البطحاء فدخل الحرم الشريف من جميع الأبواب وحفر فيها، وجعل حول الأعمدة التى فى طريقه جورا مقدار قامتين وأكثر، ولو لم يكن أساسات الأعمدة محكمة لكان رماها، وقلع من أبواب الحرم أماكن وطاف بها الماء، وطاف بالمنابر كل واحدة إلى جهة وبلغ عند الكعبة المعظمة قامة وبسطة ودخلها من خلل الباب، وعلا الماء فرق عتبتها أكثر من نصف ذراع بل شبرين، ووصل إلى قناديل المطاف، وعبر فى بعضها من

22 ـ سيل عام

فوقها طفاها وغرق بعض أهلها ومات نحو ستين نفرا تحت الردم، وبلّ جميع الكتب التى كانت فى قبة الكتب، فقعد الناس فى تنظيفه مدة، وأفسد للناس من الأمتعة شيئا كثيرا. 22 ـ سيل عام 750: نزل مطر وصاعقة وريح سوداء أوقعت جميع الأعمدة المتجددة حول المطاف التى جددها فارس المدين سنة 749، ولم يبق منها إلا عمودان. 23 ـ سيل عام 771: جاء فى هذا العام مطر وسول دخلت إلى البيت الحرام وكان علو الماء إلى قفل باب الكعبة وهو أكثر من قامتين واستمر جريانه من العشاء إلى ظهر اليوم التالى وقد نزل معه برد بحجم كبير، وهدم بيوتا كثيرة تربو على ألف بيت ومات فيه خلق كثير نحو ألف نسمة وحمل قافلة بأربعين جملا، وجرف حيوانات وأمتعة لا تحصى. 24 ـ سيل عام 802: فى اليوم الثامن من شهر جمادى الأولى سنة اثنتين وثمانمائة جاء مطر شديد استمر ثلاثة أيام، وكان المطر كأفواه القرب وقويا، وسبب ذلك أنه هجم سيل وادى إبراهيم بمكة، فلما حاذى وادى أجياد خالط السيل الذى منه فصار ذلك بحرا زاخرا، فدخل السيل المسجد الحرام من على أبوابه كله، وكان عمقه من جهة باب إبراهيم فوق قامة وبسطة وفى المطاف كذلك، وقد علا عتبة باب الكعبة المعظمة قدر ذراع أو أكثر واحتمل درجة الكعبة المعظمة فألقاها عند باب إبراهيم ولولا صد بعض العواميد لها لحملها إلى حيث ينتهى، وخرب عمودين فى المسجد الحرام عند باب العجلة بما عليها من العقود وللسقف، وخرب دورا كثيرة بمكة، وسقط بعضها على سكانها فماتوا، وجملة من قتل بسببه على ما قيل نحو ستين نفرا، وأفسد للناس من الأمتعة شيئا كثيرا، وقد مكث الناس مدة يومين لا يتمكنون من الطواف إلا بالمشقة. 25 ـ سيل عام 814: فى اليوم الثانى والعشرين من شهر ذى الحجة فى هذا العام ظهر السيل وقت الظهيرة، فهدم سدود العيون، ثم أنساب إلى البلدة فدخل المسجد الحرام، ووصل إلى ثلثى منبر الخطابة. 26 ـ سيل عام 825: عقيب صلاة الصبح من يوم السبت سابع وعشرين من ذى الحجة سنة 825 دخل السيل إلى المسجد الحرام، فارتفع إلى فوق الحجر الأسود حتى بلغ باب الكعبة الشريفة، وألقى درجتها عند منارة باب الحزورة، وهدم عتبة باب إبراهيم، وأفسد للناس دورا كثيرة وهدم دورا فى جهات سوق الليل والصفا والمسفلة، وخرب سور المعلاة.

27 ـ سيل

27 ـ سيل 827: بعد غروب ليلة ثالث جمادى الأولى سنة 827 جاء سيل وادى إبراهيم عقب مطر غرير، وكان ابتداؤه بعد العصر من ثانى شهر المذكور، ودخل السيل المسجد الحرام من أبوابه التى بالجانب اليمانى، وقارب الحجر الأسود وألقى بالمسجد من الأوساخ شيئا كثيرا، وقد خرب باب الماجن وجانبا من سوره. 28 ـ سيل عام 837: فى ليلة الجمعة سادس عشر جمادى الأولى عام 837 وقعت أمطار غزيرة سالت على أثرها الأودية، وجاء سيل وادى إبراهيم فتلاقى مع سيل أجياد عند باب الحزورة فدخل المسجد الحرام وبلغ علو باب الكعبة لمحاذاة عتبة الباب الشريف، فلما أصبح الناس ورأوا كثرة المياه فى المسجد أزالوا عتبة باب إبراهيم حتى خرج الماء وقد خرب هذا السيل ما يقرب من ألف دار، ومات تحت الردم اثنا عشر إنسانا، وغرق ثمانية ووكف سقف الكعبة، فابتلت الكسوة الداخلية وامتلأت قناديلها ماء. 29 ـ سيل القناديل: حصل ليلة الخميس عاشر جمادى الأولى عام 838، مطر ورعود وبروق مزعجة وكان المطر كأفواه القرب، ثم اندفع السيل من كل جهة، وكان أعظمه من جهة البطحاء فدخل المسجد من جميع الأبواب، فكسر باب زمزم، وباب موضع الأذان، فبلغ علو الماء قامة ونصف، وخرب ما يقرب من ثمانمائة دار ويسمى هذا السيل سيل القناديل. 30 ـ سيل عام 865: فى يوم السيت تاسع شوال سنة خمس وستين وثمانماية وقع بين الظهر والعصر مطر وعقبه سيل جاء من وادى إبراهيم فدخل المسجد الحرام من جميع أبوابه الشرقية واليمانية وملأ المسجد بالأوساخ، ودخل الكعبة المشرفة من الخرق الذى تحت الباب وبلغ الماء نحو نصف ذارع من عتبة الكعبة، وعلا على خرزة بئر زمزم مقدار ذراع صحن زيادة دار الندوة، وبلغ إلى الباب المنفرد من أبواب زيادة دار الندوة وهذا لم يعهد فيما مضى. 31 ـ سيل عام 867: فى ضحى يوم الأربعاء ثامن وعشرين ربيع الآخر سنة سبع وستين سبع وستين وثمانماية وقع مطر غزير عقبه سيل فى وادى إبراهيم، فدخل المسجد الحرام من جميع أبوابه الشرقية واليمانية وملأ المسجد الحرام بالأوساخ ودخل الكعبة المشرفة من خرق الباب وعلا الماء على عتبة الكعبة ذراع ونصف، وغمر الأخشاب التى تعلق بها القناديل بالمطاف وبلغ الماء إلى أن خرج من باب العمرة، وقد هدمت الأمطار والسيول عدة من دور مكة المشرفة بالمعلاة وسوق الليل.

32 ـ سيل عام

32 ـ سيل عام 871: فى الهزيع الأخير من ليلة الأحد رابع عشر ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين وثمانماية وقع سيل فدخل المسجد الحرام، وعلا على الركن اليمانى ودخل البيت الشريف وزمزم، وقد خرب دورا كثيرة. 33 ـ سيل عام 880: كان هذا السيل من أعظم السيول التى وقعت ولا يضارعه فى قوته أى سيل من سيول مكة المكرمة إن فى الجاهلية أو الإسلام، وكان ظهوره قبيل وصول الحجاج إلى مكة المكرمة، فامتلأت الشوارع بالماء وعلا على بعض أسطحة بيوت المعلاة، ثم دخل المسجد الحرام وقد كانت الخسائر فى النفس والنفيس كبيرة، وأحصى ما أخرج من البيت الحرام من الأموات فبلغ عددهم مائة وثمانين نسمة، وقد انفرد أيوب صبرى باشا صاحب مرآة الحرمين بذكر هذا السيل نقلا عن السمنهودى ج 1 ص 682. 34 ـ سيل عام 883: فى يوم الخميس خامس عشر شهر رمضان المبارك سنة ثلاث وثمانين وثمانمائة وقع مطر جاء على أثره سيل وادى إبراهيم فتلاقى مع سيل أجياد ودخل السيل من غالب أبواب المسجد اليمانية وباب أبواب وباب السلام ومن جميع الأبواب الشامية خلا باب الزيادة ومن الشبابيك التى بأسفل مدرسة السلطان قايتباى، ومن بابها الذى إلى المسجد، وفى ظهر يوم الجمعة ثالث عشرين من الشهر المذكور وقع بمكة مطر فجاء السيل مرة ثانية أشد من الأول لكنه لم يصادف سيل وادى أجياد. وقد بلغ إلى حيث بلغ السيل السابق ودخل المسجد الحرام من جميع الأبواب التى دخل منها السيل الأول. 35 ـ سيل عام 887: وقعت بمكة أمطار شديدة يوم الأربعاء رابع عشر ذى القعدة سنة سبع وثمانين وثمانمائة، عقبها سيل جاء وقت الظهر فتلاقى مع سيل أجياد فدخل المسجد من جميع أبوابه وعلا من داخله نحو قامة ومن خارجه سبعة أذرع تقريبا، ودخل القبب فاتلف قبة الفراشين وقبة السقاية وغيرها، ودخل أيضا جميع البيوت المطلة على المسجد الحرام من شبابيكها وبعض من أبوابها، وغطى قسما من أساطين المطاف، وملا زمزم وذهب بمنبر الخطابة وببعض قناديل المطاف وأخشابه. وقد دام السيل مدة غير يسيرة فمات به خلائق لا تحصى، وتهدمت دور كثيرة. 36 ـ سيل عام 888: قال أيوب صبرى: أنه فى هذا العام جاء سيل عظيم ملأ البطاح والأودية ودخل المسجد الحرام، وخرب بيوتا كثيرة، ومخازن عديدة، ومات فيه مائة نسمة.

37 ـ سيل عام

37 ـ سيل عام 889: ذكر أيوب صبرى أنه جاء فى هذا العام أيضا سيل شديدا سفر عن خسائر فادحة فى مكة المكرمة. 38 ـ سيل عام 895: فى ليلة الاثنين خامس شهر صفر سنة خمس وتسعين وثمانمائة وقع مطر غزير فى مكة المكرمة يرافقه رعود وبرق ثم جاء سيل كبير ودخل المسجد من غالب أبوابه فملأ المسجد وأروقته إلا زيادة دار الندوة، وارتفع على حايط الحجر، ووصل إلى بعض الحجر الأسود، وقد ذهب هذا السيل بحوايج القشاشين التى أمام البيوت الواقعة إلى جهة جبل أبى قبيس، وطاح فى هذه الليلة ويومها دور كثيرة ومات ثلاثة أنفس وكان هذا المطر عاما ملأ صهاريج جدة، وهدم دورا بمنى. وفى يوم الاثنين عاشر ذى الحجة من هذا العام أيضا وقع مطر غزير بمكة وادى إبراهيم وجر السيل ثلاثة جمال وجرف حوائج كثيرة للقشاشين بالمسعى. 39 ـ سيل عامة 897: فى يوم الأربعاء حادى عشر شهر ربيع الأول سنة سبع وتسعين وثمانمائة أمطرت مكة المكرمة وبواديها مطرا شديدا سألت على أثرها الوديان، وكان سيل وادى إبراهيم قويا فدخل المسجد الحرام من أبواب كثيرة. 40 ـ سيل عام 900: فى يوم الأربعاء رابع شهر ربيع الأول سنة تسمائة غامت السماء ثم أمطرت مطرا غزيرا، وذلك وقت العصر، سألت على أثرها الأرض من كل جهة، وجاء السيل الكبير من أعلى مكة والتقى مع سيل أجياد فدخل المسجد الحرام من كل أبوابه غير بابين ـ باب الزيادة وباب العمرة ـ وانسابت المياة إلى الكعبة المشرفة، وقد حمل درجتها ومنابر الوعاظ ودكة الحنفية وطاح للناس دور كثيرة وتلفت أمتعة وقد سقط بعض مسجد نمرة بعرفة، وكان المطر والسيل عاما. 41 ـ سيل عام 901: يوم الاثنين سادس عشر شهر ربيع الأول سنة 901 ومع مطر بمكة ثم اشتد فى المساء، وجاء على أثره سيل وادى إبراهيم فدخل المسجد الحرام من جميع أبوابه إلا باب العمرة وعلا إلى أن خرج منه، وأنسابت المياه إلى الكعبة المشرفة فوصلت إلى ما بين الفعل والحلق وغمرت قناديل المطاف وارتفعت إلى ما فوق عوارضها، ودخل السيل القبب فأتلف بعض الكتب وعلا على دكك الزيادة بنحو شبر، وأظهر عند باب الحزورة الساسات التى بين الأساطين وطاح بعض جدر الزيادة الغربى، وهدم دورا كثيرة. وكان المطر عاما حينذاك سقط منه بعض مسجد نمرة بعرفة. 42 ـ سيل عام 920: نزلت صبيحة يوم الجمعة عاشر صفر سنة 920، أمطار

43 ـ سيل عام

شديدة بمكة استمرت إلى الغداة ثم انقطعت، وبعد صلاة العصر عاد المطر ثانية جاء على أثره سيل وادى إبراهيم ودخل المسجد الحرام من أبوابه اليمانية والشرقية والغربية خلا باب العمرة، ودخل أيضا من باب سويقة وعلا باب الكعبة نحو ذراع، وملأ قناديل المطاف، وزمزم واستمر فى ازدياد إلى المغرب فتناقص رويدا رويدا، ولكن المياه بقيت إلى اليوم التالى. وقد هدم دورا كثيرة بسوق الليل، وعقدى درب باب المعلاة القديم. ثم جاء سيل آخر: يوم الأربعاء من هذا الأسبوع ودخل المسجد الحرام أيضا. 43 ـ سيل عام 931: فى يوم السبت سابع عشر شهر شوال سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة وقع مطر بمكة سالت على أثرها وديانها، فدخلت المياه إلى المسجد الحرام من باب إبراهيم، وغمر المطاف وقد وقع فى هذا اليوم برد كبير الحجم فوق العمرة فى طريق الوادى، فتكدس حتى صار أكواما، وكان الجمالون يجلبونه للبيع فى أسواق مكة، فاستمروا مدة أسبوعين وهم يجلبون منه لما انتهى. 44 ـ سيل عام 971: جاء سيل فى هذا العام فدخل المسجد الحرام إلى أن بلغ باب الكعبة باب الكعبة وعلا إلى أن قرب من قفل الباب وبقى يوما وليلة. 45 ـ سيل عام 983: فى ليلة الأربعاء عاشر جمادى الأولى سنة 983، جاء سيل عظيم، فدخل المسجد الحرام وملأ المطاف وبلغ محاذيا لقفل الكعبة. وقد بقيت المياه فى المسجد يوما وليلة؛ بسبب وجود الطين والتراب لعمارته. وعلى أثر ذلك قطع مسيل وادى إبراهيم من الجانب الجنوبى إلى أن ظهرت عشر درجات كانت مدفونة فصار السيل إذا أتى انحدر بسهولة إلى المسفلة وكذلك قطع من جهة باب الزيادة من الجانب الشمالى وجعل للسيل سردابا من باب الزيادة إلى باب إبراهيم. 46 ـ سيل عام 984: ظهر فى هذا العام سيل بمكة المكرمة ودخل المسجد الحرام، وقد ارتفع حتى قرب من باب الكعبة ثم انحدر عنها وانساب إلى أسفل مكة. 47 ـ سيل عام 989: بينما كان الناس والحجاج بمنى فى منتصف شهر ذى الحجة من عام تسع وثمانين وتسعمائة نزلت أمطار غزيزة، فانحدرت السيول من كل جانب، فذهب بكثير من الحجاج وبأمتعتهم وجمالهم. 48 ـ سيل عام 1009: فى اليوم الرابع من شهر جمادى الأولى عام 1009 وقع

49 ـ سيل عام

مطر غزير يرافقه سيل عظيم وقد استمر ذلك من ضحوة يومه إلى الهزيع الأول من الليل. 49 ـ سيل عام 1019: جاء فى هذا العام سيل وادى إبراهيم عقيب مطر قوى، فدخل البيت الحرام، وكان المطر شديدا فانهلت المياه إلى داخل الكعبة من سطحها. 50 ـ سيل عام 1021: أشار إلى هذا السيل إبراهيم رفعت باشا صاحب مرآة الحرمين ولم يذكر تفاصيله. 51 ـ سيل عام 1023: جاء فى هذا العام سيل عقيب مطر غزير، ثم نزل معه برد كبير. 52 ـ سيل عام 1024: فى يوم النفر الثانى من عام 1024، وقع بمكة مطر وعقبه سيل قوى أسفر عن هدم بعض البيوت فيها. 53 ـ سيل عام 1033: فى يوم الأحد سابع شهر جمادى الثانية عام 1023، وقع بمكة المكرمة مطر عقبه سيل عظيم دخل المسجد الحرام ووصل المطاف وبلغ الماء الحجر الأسود، ودخل زمزم أيضا. وكان مجرى السيل آتيا من جهة السدود. 54 ـ سيل عام 1039: فى صباح يوم الأربعاء تاسع عشر من شهر شعبان سنة 1039، وقع مطر غزير بمكة المكرمة وضواحيها لم يسبق له مثيل، ونزل معه برد وتغير ماء زمزم بملوحة شديدة. وفيما بين العصرين جرى السيل فى وادى إبراهيم، فجرف ما وجده أمامه من بيوت ودكاكين وأخشاب وأتربة، ثم دخل الحرم الشريف، وبقى جريان السيل إلى قرب العشاء، فبلغ الماء إلى طرق القناديل المعلقة حول المطاف، ودخل الكعبة المشرفة بارتفاع مترين عن قبل بابها، وقد أحصى من مات فى السيل المذكور فبلغ نحو ألف نسمة. وفى عصر اليوم التالى سقط من تأثير السيل الجدار الشامى بوجهيه، وانجبذ من الجدار الشرقى إلى حد الباب الشامى ولم يبق سواه، ومن الجدار الغربى من الوجهين نحو السدس وسقطت درجة السطح، وقد بقيت المياه فى الحرم نحو ثلاثة أيام، ثم انسابت فى السراديب إلى أسفل مكة وبقيت الأحجار والأتربة مما كان السيل جرفها أمامه، فتألفت منها كثبان فى داخل وخارجه توازى باتفاعها قامة الإنسان.

55 ـ سيل عام

وعلى أثر هذا الانهدام الواقع فى الكعبة تم بناؤها للمرة الحادية عشرة كما ذكرنا ذلك مفصلا فى هامش بحث بناء الكعبة. 55 ـ سيل عام 1053: فى اليوم التاسع من شهر ذى الحجة سنة 1053، وقع سيل عظيم بعرفة والحجاج وقوف هنالك، فاستمر من وقت الظهر إلى الغروب، ولما نفر الناس عاقهم السيل المعترض من تحت العلمين عن المرور ودخول الحرم، فاستمر الناس وقوفا إلى آخر الليل حيث خف السيل، فقطعوه بالمشقة. 56 ـ سيل عام 1055: فى أواخر شهر شوال من سنة 1055، جاء المطر يرافقه برق ورعد، ثم جرى السيل فى الليل فدخل المسجد الحرام من خلف وأمام، وعلا على عتبة الكعبة بارتفاع ذارع، وأتلف ما فى قبة الفراشين من الكتب، وعلا على بئر ومزم بقدر قامة، وصار المسجد كالبحر الزاخر، ولم يحدث ضرر ما بالأنفس. 57 ـ سيل عام 1073: بعد الظهر من يوم السبت الثامن من شهر شعبان عام 1073، أمطرت السماء ثم جاء سيل عظيم، فهجم على المسجد الحرام إلى أن ارتفع عن قفل باب الكعبة بمقدار ذراع، فوقع خراب فى سقفها، وبلغ القناديل، ودخل بئر زمزم فغمرها، وبقيت المياه فى المسجد الحرام إلى صباح اليوم التالى، حيث فتحت مسايل باب إبراهيم، فانسابت إلى أسفل مكة، ثم نظف المسجد وغسلت الكعبة ومات فى هذا السيل أربعة أشخاص. 58 ـ سيل عام 1081: فى اليوم الثالث من شهر شوال 1081، جاء سيل وادى إبراهيم عقيب مطر غزير فدخل المسجد الحرام وبلغ باب الكعبة ثم فتحت سراديب باب إبراهيم، فانسابت المياه منه. 59 ـ سيل عام 1090: ذكر هذا السيل أيوب صبرى، فقال: إنه كان عظيما أسفر عن وقوع وفيات عديدة من الحجاج وخسارة جمة للأهلين. 60 ـ سيل عام 1091: فى يوم الاثنين ثانى عشر من شهر شذى الحجة سنة 1091، تلبدت الغيوم فى السماء وأمطرت قبل الظهر، فاستمر نزول المطر إلى وقت العصر، وجاء على أثره سيل وادى إبراهيم فدخل المسجد الحرام إلى أن بلغ إلى نصف الكعبة وعلا على العواميد التى فى الرواق من الجهة الغربية، واستمر الماء إلى الصباح حيث فتحت سراديب باب إبراهيم، فانحدرت منها. فأما فى خارج المسجد فقد أحدث أضرارا جسيمة بالبيوت والأشياء، لا سيما ما

61 ـ سيل عام

كان منها بسوق الليل والمسفلة. ومما هو جدير بالذكر ما رواه أيوب صبرى حيث قال: إنه كان فى جهة المعلاة شجرة جوز كبيرة، تقوم على جوانبها مقاه، ولما جاء السيل كان فى تلك المقاهى نحو 150 نسمة فتسلقوا الشجرة خوف الغرق، ولكن السيل كان قويا فاقتلع الشجرة ومن عليها فجرفهم حتى باب الصفا، وأن السيل خرب أيضا ما يقرب من مائة دكان، وامتلأت البركة اليمانية فى المسفلة بالحيوانات، وجرف السيل أيضا غير هذا نحو خمسة آلاف حيوان. 61 ـ سيل عام 1108: لما كان ليلة الأحد خامس جمادى الثانية سنة 1108، أمطرت السماء مطرا غزيرا كأفواه القرب وأصبح الناس والحرم المكى ملآن بالماء، واتفق أن كانت البلاليع مسدودة هذه الليلة فبقى الماء فى المسجد الحرام إلى قرب الظهر حيث فتحت السراديب، فانسابت مياهه إلى أسفل مكة، بعد أن بلغت المياه إلى باب الكعبة وغطت الحجر الأسود. 62 ـ سيل عام 1153: فى هذه السنة حصل بمكة سيل عظيم ملأ المسجد الحرام فوصل إلى باب الكعبة، واتفق أن كان حصوله يوم الجمعة فلم يحصل للخطيب طريق إلى المنبر فخطب على دكة شيخ الحرم التى فى باب زيادة. 63 ـ سيل عام 1159: فى هذا العام حصل مطر غزير أيام منى والحجاج فيها، وقد جرى على أثره سيل عظيم ذهب بفريق من الحجاج وبحوائج وأشياء لا تحصى، وكان ذلك آخر الليل وأظلمت الدنيا حتى لم يعد فى طاقة الإنسان أن يرى من بجانبه، فأصبح الناس نافرين إلى مكة بعد جهد جهيد. 64 ـ سيل أبو قرنين: فى سنة 1208، جاء سيل عظيم دخل المسجد الحرام وبلغ قفل الباب وهدم دورا كثيرة ويسمى هذا السيل عند أهل مكة سيل أو قرنين. 65 ـ سيل عام 1242: وقعت هذا العام أمطار غزيرة جاء على أثرها السيل فخرب بعض دبول عين زبيدة وشح الماء عن مكة أياما قلائل بسببها. 66 ـ سيل عام 1278: فى سنة ألف ومائتين وثمان وسبعين فى شهر جمادى الأولى لثمان خلون منه، أتى سيل قبل صلاة الصبح ومعه مطر كأفواه القرب ودام المطر نحو ساعة ثم هجم السيل ودخل المسجد الحرام دفعة واحدة، وكان دخوله المسجد الحرام قبل صلاة الصبح فامتلأ المسجد الحرام، وصار يموج كالبحر، ووصل الماء قناديل الحرم وغمر مقام المالكى، وطفحت بئر زمزم، وغرقت الكتب التى بالحرم، وتعطلت

67 ـ سيل عام

الجماعة خمسة أوقات، ولم يصلها إلا ناس جهة باب الزيادة، وقد أغرق جماعة فى الحرم وخارجه وهدم دورا بأسفل مكة وطاف بعض الناس سباحة فى ذلك اليوم. يقول أيوب صبرى: أن هذا السيل يشبه سيل عام 1901، من حيث فداحة الخسائر فى النفوس والأموال، وأن آثار المياه بقيت مدة أسبوع فى المسجد. 67 ـ سيل عام 1293: فى هذا العام وقع مطر بمكة المكرمة جاء على أثر سيل وادى إبراهيم فكان قويا، ولكنه كان أقل شأنا من سابقه. 68 ـ سيل عام 1325: ذكره إبراهيم رفعت باشا فقال: فى يوم السبت 21 ذى الحجة سنة 1325، نزل مطر شديد وجرى السيل من كل جهات مكة بشكل لم يسبق له نظير وكان السيل أشبه بالبحر الخضم فكان عمقه فى شارع وادى إبراهيم مترين تقريبا ثم دخل المسجد الحرام من أبوابه وكنت ترى الشقادف ورحال الإبل سابحة فى الماء. 69 ـ سيل الخديوى: فى اليوم الثالث والعشرين من شهر ذى الحجة عام 1327، جاء سيل عظيم ودخل الحرم الشريف، وامتلأ المسجد بالتراب والماء، وارتفع إلى ما يوازى قامتين، وسد دبل عين زبيدة بالأتربة حتى انقطع الماء عن مكة المكرمة. وقد كان مجئ هذا السيل من أعلاها من جهة سدود القسرى على غير انتظار، ويسمى الأهلون هذا السيل سيل الخديوى لأن الخديوى عباس حلمى باشا كان حج فى هذا العام. 70 ـ سيل عام 1328: فى اليوم الرابع والعشرين من شهر ذى الحجة عام 1328، جاء سيل عظيم من وادى رهجان وهجم على وادى نعمان بقوة ودخل فى دبل عين زبيدة، فهدم عدة من الخرزات القديمة، ووصل إلى مكة المكرمة بقوة نحو يومين ثم وقف بالكلية بسبب انسداد كثير من الدبول فى عرفة وما بعدها إلى جهة مكة بالتراب. 71 ـ سيل عام 1330: فى اليوم الثامن من شهر محرم الحرام من هذا العام جاء سيل عظيم من وادى رهجان ونعمان ودخل فى دبوا عين زبيدة وسدها بالتراب ومنع جريان الماء فانقطع عن مكة مدة إلى أن تم إصلاحها. 72 ـ سيل عام 1335: فى مساء يوم الاثنين الثالث من شهر محرم الحرام عام

73 ـ سيل عام

1335 جادت السماء بأمطار غزيرة يصحبها البرق والرعد، ثم ما لبثت أن سالت بها بطاح مكة وشعابها، فدخلت السيول إلى مكة المكرمة بشكل نهر عظيم متدفق الأمواج. وفى عصارى يوم الثلاثاء من شهر شعبان هذا العام هطلت الأمطار الغزيرة أيضا ثم ما لبثت أن اجتمعت منها السيول الكثيرة فسأل بها وادى إبراهيم، وارتفعت حتى بلغت أبواب المسجد الحرام، وطفى الماء حتى دخله وامتلأ به على اتساعه. 73 ـ سيل عام 1344: فى اليوم السادس عشر من شهر ربيع الأول من عام 1344، وقع مطر غزير فى وادى نعمان دام خمس ساعات عقبة سيول خربت بعض خرزات عين زبيدة، فانقطعت المياه بسببها مدة ثم عمرت. 74 ـ سيل عام 1350: فى الساعة العاشرة والربع من عصر يوم الأحد ثامن وعشرين من شوال سنة 1350، جادت السماء بوابل هطال فى مكة المكرمة فكان يتدفق كأفواه القرب، واستمر نزوله ثلاث ساعات ونصف سال على أثره وادى إبراهيم بسيل عظيم، وقد دام فى مسيره إلى الساعة الثامنة ليلا وبلغ ارتفاعه فى بعض الأماكن ثلاثة أمتار ودخل المسجد الحرام من أبوابه الشرقية، وبلغ ارتفاعه فى صحن الكعبة ما يقرب من متر ونصف. وقد أحدث المطر والسيل أضرارا جمة فى الأموال والمنازل والبيوت، أما فى الأنفس فقد كانت الإصابات لا تتجاوز الأربعة. * * *

بناء الكعبة

بناء الكعبة (1) حصلنا مما أوضحه الأزرقى واتفق عيه المؤرخون الآخرون: أن الكعبة بنيت عشر مرات وهى بناية الملائكة، بناية آدم، بناية شيت، بناية إبراهيم وإسماعيل، بناية العمالقة، بناية جرهم، بناية قصى، بناية قريش، بناية ابن الزبير، بناية الحجاج. قلنا: وقد بنيت للمرة الحادية عشر عام 1039 هجرية فى عهد السلطان مراد بن السلطان أحمد، من سلاطين آل عثمان، وإلى القارئ تفصيل نبأ هذه البناية: ذكر الأسدى أنه: حصل فى أوائل القرن الحادى عشر تشقق بالجدار الشامى ازداد عام 1019، حيث وقع مطر بمكة، جاء على أثره السيل، فدخل المسجد الحرام، فانهلت مياه الأمطار إلى داخل الكعبة من سطحها، وأصاب الجدارين الشرقى والغربى وجدران الحجر تصدع، فأراد السلطان أحمد بن السلطان محمد هدم البيت الشريف، وجعل هذه الجدران حجارة الكعبة المعظمة ملبسة واحدا بالذهب وواحدا بالفضة، فمنعه العلماء من ذلك وقالوا له: يمكن حفظ بنطاق يلم هذا التشعث، فعمل لها نطاقا من النحاس الأصفر مغلفا بالذهب، ورجى تركيبه فى أواخر عام 1020 وأوائل عام 1021، وقد انفق عليه نحو ثمانين ألف دينار. وفى الساعة الثانية من صباح يوم الأربعاء التاسع عشر من شهر شعبان عام 1039، وقع مطر عظيم بمكة المكرمة وضواحيها لم يسبق له مثيل؛ ونزل معه برد كثير ثم جرى السيل فى وادى إبراهيم فيما بين العصرين، فجرف ما وجده أمامه من البيوت والدكاكين والأخشاب والأتربة، ودخل بها بيت الله الحرام. وبقى السيل إلى قريب العشاء، فبلغ الماء إلى طوق القناديل المعلقة حول المطاف، ودخل الكعبة المشرفة بارتفاع مترين عن قفل باب الكعبة. وفى صباح اليوم التالى: فتحت سراديب باب إبراهيم فانسابت المياه منها إلى أسفل مكة. وأحصى من مات فى السيل المذكور فكانوا نحو ألف نسمة. وفى عصر اليوم المذكور ـ أى يوم الخميس ـ: سقط الجدار الشامى من الكعبة بوجهيه وانجذب معه من الجدار الشرقى إلى حد الباب الشامى، ولم يبق سواه وعليه قوام الباب، ومن الجدار الغربى من الوجهين نحو السدس، ومن هذا الوجه الظاهر فقط

_ (1) انظر: (أخبار مكة للأزرقى، ملحقاته، 10/ 355 ـ 373).

منه نحو الثلثين، وبعض السقف، وهو الموالى للجدار الشامى، ويقول الغازى: وهذا الذى سقط من الجانب الشامى هو الذى بناه الحجاج بن يوسف الثقفى، وسقطت أيضا درجة السطح. وعلى أثر ذلك نزل الشريف مسعود بن إدريس شريف مكة والعلماء والأهلون إلى بيت الله الحرام حيث رفعوا الميزاب ومعاليق الكعبة ووضعوها فى غرفة فى بيت السادن الشيخ جمال الدين بن قاسم الشيبى الحجبى وكانت عشرين قنديلا، أحدها مرصعة باللؤلؤ والأحجار الكريمة والبقية مموهة بالذهب، وثلاثة وثلاثين قنديلا من الفضة وغيرها، ثم أرسلوا هذا النبأ إلى استانبول عن طريق مصر. وبعد بضعة أيام شرع المهندس على بن شمس الدين يستر حول الكعبة بأخشاب من جذوع النخل، واستمر العمل بذلك سبعة عشر عاما من 26 رمضان ـ 13 شوال ثم ألبست ثوبا باللون الأخضر. ولما وصل النبأ إلى الخارج أحدث هياجا شديدا، كما أن موسم الحج كان قد قرب، فرأى والى مصر محمد باشا الألبانى أن لا ينتظر ورود الأمر السلطانى من الاستانة خوفا من ازدياد التصدع فى الكعبة المشرفة فأرسل رضوان أغا من حاشية البلاط العثمانى، مندوبا من قبله إلى مكة لمكرمة، وخوّله صلاحية تامة لاتخاذ التدابير المستعجلة، فوصلها يوم 26 شوال من السنة المذكورة، وشرع يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من الشهر المذكور بمهمته، حيث عقد مجلسا فى بيت الله الحرام للمذاكرة فى تنظيف المسجد، مما قد تراكم فيه من أطمار السيل، وكانت الأتربة قد تحجرت من تأثير حرارة الشمس، فكانت أكثرية الآراء بجانب رضوان أغا بالموافقة على التنظيف، أما الأقلية، وعلى رأسها محمد بن على بن علان، فكانت مخالفة لذلك، طالبة الانتظار لورود الأمر من السلطان الذى هو ولى الأمر، ولم تقف مخالفة الأقلية عند هذا الحد، بل كانت تظهر مخالفتها فى كثير من الأوقات، أثناء عمارة الكعبة، فاضطر رضوان أغا مراجعة العلماء واستفتائهم فى المسائل التى يعلن محمد بن على بن علان مخالفته لها مرات عديدة، وقد ذكر أيوب صبرى باشا هذه الفتاوى وأجوبة العلماء عليها فى كتابه مرآة الحرمين بنصها باللغتين العربية والتركية. وأخيرا تغلب رضوان أغا على رأى مخالفيه وشرع فى العمل، فأحضر كافة الوسائط النقلية الموجودة فى جدة والمدينة والقنفدة، ونظف الحرم والشوارع المطيفة به من الطين الذى غشيه، وكان كالجبال الراسيات، فكان ينقل 30 ـ 40 ألف حمل يوما، إلى أن انتهى والعمل يوم الثلاثاء

الموافق 19 ذى القعدة، ثم انصرف رضوان أغا بعد ذلك إلى تصليح ما خربه السيل فى الشوارع والبرك، والعيون، ومدرج منى، فانتهى من ذلك يوم الخميس تاسع ربيع الثانى من عام ألف وأربعين، وكان وصل خلال هذه المدة آلات ومؤن من مصر لعمل بناء الكعبة، تحتوى على ما يأتى كما ذكرها ابن علان: (98) سواحى مجوزة، و (67) سواحى مفردة، و (24) سوبرا، (49) زنارا وعشرة قرابا وقاضن، و (12) لوح خشب بكر ودوامس، ومحمسات، ومائة عصى شون، وكورتان كبار بلدى محلول، و (13) حبلا بهروزيا وسحيلا و (200) مكتل أعلاف، و (100) صرفانية، وهى المكائل التى تحمل على ظهر الجمال، و (23) قتبا للجمال، وسبع أفراد ليف سلب مفتول، وأربع ربطات قتب، وخمسة قرمان تركية، و (25) مسحاة، و (80) لوجة، وهى نحاس مدور للبكر، و (13) قفة مسامير، و (22) قضيب حديد. والآن نذكر فيما يلى تاريخ عمارة الكعبة المشرفة بالترتيب مقتطفة من يوميات الشيخ محمد بن على بن علان الصديقى من عملاء مكة المذكورة فى كتابه (أنباء المؤيد الجليل مراد، ببناء بيت الوهاب الجواد) ومن يوميات نقلها أيوب صبرى باشا فى كتابه (مرآة الحرمين) عن المؤرخ التركى (سهيلى) وكلاهما ـ ابن علان وسهيلى ـ كانا شاهدى عيان للبناء المذكور. فى أوائل شهر ربيع الثانى، ورد فرمان من السلطان مراد خان إلى عامله بمصر محمد باشا الألبانى ينبئه بانتدابه السيد محمد بن السيد محمود الحسينى الأنقروى المعين حديثا قاضيا للمدينة المنورة ناظرا من قبل جلالته على عمارة بيت الله الحرام، وأجاز السلطان لوالى مصر بانتخاب شخص آخر من قبله يساعد السيد المذكور، وأمر بإرسال المؤن والأموال لإنفاقها فى سبيل ذلك. وقد ثبت والى مصر مندوبه رضوان أغا لمساعدة السيد محمد، وشحن المؤن والأموال على السنابيك التى أبحرت من مصر بقيادة محمد بيك سويدان تقل السيد محمد مندوب السلطان. وفى يوم الثلاثاء 21 ربيع الثانى: رست السنابيك المذكورة فى ميناء جدة، وأخرجت أحملها وهى كما ذكر ابن علان: 500 لوح دبسى، و 100 زنار، و 15 كرك غشم، و 300 لاطة، و 4 تراكه، و 80 سواحى مجوز، [ .... ] (1) شواحى مفردة

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

وقرايا واحدة، 200 تمساح رصاص، و 15 قنطار حديد خام، و 10 قناطير مسامير، و 8 سحل ليف، و 1400 عصى شون، و 140 قتب جمال، و 5 قناطير صلب، و 300 طشت وسطل نحاس. يوم الأربعاء 22 ربيع الثانى: شرع النجارون بإحاطة الكعبة بسياج من الخشب يطيفون به على قدر حاجتهم، ووضع صفايح من الخشب عليه ما يمنع وصول الناس للعملة. وفى اليوم التالى وصل مندوب السلطان إلى مكة وباشر العمل بالاشتراك مع رضوان أغا مندوب والى مصر. يوم الاثنين 27 منه: وقع مطر بمكة فسقط على أثره حجران من الجدار الغربى، وأحجار صغار أيضا، وجاء العمال فى هذا اليوم بالأحجار الكبيرة التى اقتطعوها للكعبة الشريفة من جبل الشبيكة قرب الشيخ محمود، وقد كان طول كل منها نحو ذراع ونصف، وسمكه نحو ذراع. يوم الأربعاء 29 منه: جرى الكشف على بناية الكعبة من قبل السيد محمد الناظر ورضوان أغا وشمس الدين عتاقى شيخ الحرم وعلى بن شمس الدين المهندس. يوم الجمعة غرة جمادى الأول: جمعت أحجار الكعبة المتناثرة فى صحنة الحرم وشرع النحاتون فى نحت الأحجار الجديدة المارة الذكر، كما سلمت معاليق الكعبة التى كانت وضعت فى بيت السادن إلى رضوان أغا. يوم السبت 2 منه: رفعت الأحجار الرخامية التى بالمطاف ووضعت بمكان قريب من باب السد، وصقل النحاتون أحجار الكعبة الساقطة، وفى خلال الأيام العشرة التالية أعد العمال الأماكن لوضع النورة وتجهيزها، ومد السرادقات للحجارين. يوم الجمعة 15 منه ـ 23 منه: قام النجارون فى هذا الأسبوع بإصلاح باب سقاية العباس ونشر الأخشاب، والحجارون بقطع الأحجار من جبل الشبيكة، والنحاتون بنحتها وجاءت الأنباء بأن الباخرتين التى سيرهما والى مصر من السويس حاملة بقية مؤون البناء قد غرقتا فى ساحل حسان قرب ينبع. يوم الأحد 24 ـ 29 منه: وضعت فى هذا الأسبوع ستارة ثانية حول الكعبة بارتفاع ستة أمتار منعا لوصول الناس إلى مكان البناية، واتخذ طريق يسلك منه إلى

الحجر الأسود، فكان الطائفون يطوفون بين هذه الستارة وبين الستارة التى وضعت حول المطاف، وعين لمباشرة البناء على بن شمس الدين المكى مهندس الحكومة، ومحمد ابن زين المكى المهندس، وأخوه المعلم عبد الرحمن والمعلم سليما الصحراوى المصرى رئيس النجارين، ومن البنائين أيضا فاتح عبد السيد الطباطبى المكى، وسالم القرشى، والمعلم سليمان بن محمد البجع وابن حاتم ونور الدين، وهؤلاء الأربعة مصريون، وقد صنع النجارون أيضا سقالة من الخشب لصعود البنائين عليها إلى جدر الكعبة. يوم الأحد غرة جمادى الثانية: قلع الحزام الذى كان على أعلى الحجر الأسود وكان الطوق الكبير قد سقط حين سقط الجدر، ورفع الميزاب، والصحيفة الذهبية المكتوب عليها باللازورد تاريخ وضع الحزام. يوم الاثنين 2 منه: اجتمع فى الحطيم رجال الحكومة والناظر والعلماء ومعهم المهندسون والبناءون حيث أجروا الكشف على الجدر الباقية والسقف، فأعلن المهندسون أنها مائلة إلى الانهدام وأنه يقتضى تجديد بنائها. يوم الثلاثاء 3 منه: رفعت الأخشاب التى كانت وضعت بدل الجدر الساقطة من السيل ورفع أيضا الرخام التى لا تزال قائمة، أما رخام الأرض فقد كبسوا عليه من الجباب ما يمنع تأثره من الأحجار حال انهدامها. يوم الأربعاء 4 منه: نقض العمال سقف الكعبة ونقلوا الرصاص والرخام وخشبة الكسوة إلى سقاية العباس، وفى اليوم التالى أتموا عملهم هذا. يوم السبت 7 ـ 22 منه: هدم العمال خلال هذين الأسبوعين الأحجار الباقية من الأبنية وغيرها. يوم الأحد 23 منه: شرعوا فى وضع الأحجار فى بناء الكعبة، فوضعوها على الأساس من بعض الأطراف وعمل البناءون فى الجانب الشامى، وهذا المدماك غير معدود فى مداميك الكعبة؛ لأنه وراء الشاذروان والمداميك التى فوقه إلى منتهى سمكها فى بناء الزبير هى خمسة وعشرون، وقد بنيت كذلك فى هذا البناء. يوم الاثنين 24 منه: وضعت العتبة السفلى التى بسمت الشاذروان، وتبين أنه فى أسفل جدار البيت الشرقى دبل صغير فدك فى هذا البناء. يوم الأربعاء 26 منه: عمل البناة أحجار وجه المدماك الأول المنحوت وذرع سمكه

24 قيراطا بذرع العمل، ونصبوا تلك الأحجار فى الجدر الأربعة، وقد اشترك فى البناء ونقل المؤون فى هذا اليوم خاصة وفى الأيام التالية رؤساء الحكومة والعلماء والأعيان وغيرهم. يوم الأحد 29 منه: شرعوا فى وضع المدماك الثانى وسمكه 22 قيراطا ثم صبوا الرصاص على وجه أسفل الجدار اليمانى ليساوى المتأكل منه باقى الجدار فى سمته. يوم الاثنين غرة رجب: وضعوا الحجر الذى بطرفه محل استلام الطائفين من الركن اليمانى وكان طرف الحجر الذى بطرفه محل استلام الطائفين من الركن اليمانى وكان طرف الحجر الذى تحته انكسر من أعلاه فوضع فى محل ذلك من الرصاص المذاب ما يساوى به باقى الأحجار سمتا، ووضعوا حجر الركن الغربى الشامى، ونصبوا أحجار الجدار الشامى. يوم الثلاثاء 2 منه: تم نصب أحجار المدماك الثانى من جوانبه الأربعة، وشرعوا فى دك ما وراء ذلك. يوم الأربعاء 3 منه: حملت النورة والأحجار، ودك بها الجدار اليمانى، ووضعوا حجرا فى خد باب الكعبة على يمين الداخل إليها. يوم الخميس 4 منه: وضعت عتبة الباب الشريف بمحلها وألبس الصاغة النحاس المعجول غلافا للحجر الأسود فضة. يوم السبت 6 منه: عمل البناءون الأحجار على المدماك الثالث وذرع سمك أحجاره 20 قيراطا، ورسموا باب الكعبة الغربى، وهو بحذاء الباب الشرقى فى الجدار الغربى. يوم الأحد 7 منه: ثم نصب الأحجار المنحوتة فى المدماك الثالث من جميع جوانبه ماعدا محل الحجر الأسود، وموه الصاغة غلاف الحجر الأسود بالذهب. يوم الاثنين 8 منه: انتهى الدك بين الجدار وما فى أصل الكعبة من الرضم وعلى وجهه الرخام المفروش من جانب اليمن، وشرعوا فى المدماك الرابع، وذرع سمكه 18 قيراطا. يوم الثلاثاء 9 منه: احضر ما أعد للحجر الأسود من الغلافات المصفحة بالفضة المموهة بالذهب، وعددها عشرة لوحات، ثم جاءوا بصفائح من خشب مسمر بعضها فى بعض فى أعواد من ورائها، فشدوا بذلك ما كان مفتوحا بحذاء الحجر الأسود

لتقبيله، وقلع الحجر الذى على الحجر الأسود المطبق على أعلاه والمطيف به طرف من الجانب اليمانى، فوضعوا أخشابا على طرف جدر الكعبة، ودحرجوا عليها ذلك الحجر حتى نزل إلى حذاء باب الكعبة فحمله العتالة وأبرزوه، فلما رفع الحجر الكبير الذى على ظهر الحجر الأسود، وقصد ابن شمس الدين رفعه من محله ورفع الحجر تحته أخذ عبد الرحمن بن زين البنا وصار يقلع به ما على ظهر الحجر الأسود من فضة وجير، فقوس به فى وسط الحجر والتكى، فإذا يقطع وجه الحجر الأسود انقشر ما كان تحتها، وتفارق ما كان بينها وكادت تسقط، ولكن القائمون بأمر العمارة أمروا فى الحال برد الحجر الذى تحته بعزقة، وأن يجعل من فوق الحجر، حجر يعزقه ويكون عليه مدار العمل، وقد اشتغل العمال فى إلصاق فلق الحجر بضعة أيام. يوم الأربعاء 10 منه: حدث نتوء فى بعض الأحجار حال وضعها فصار خارجا عن سطح الحجر وفيه بنى البناءون فى المدماك الثالث من الجانب اليمانى والجانب الغربى وأتموا بناء المدماك الثانى بأعلى دكة البيت سوى الحجر المحاذى للحجر الأسود. يوم الخميس 11 منه: جاءوا ليلا بحرف لسد ما بين الحجر الأسود والذى فوقه وسمك ذلك نحو أربع أصابع وعليها فضة وأرادوا لحم طرف الفضة بطرف الحجر الأسود، ولكن العامل المخصص أبى ذلك خوفا من تفكك الأحجار وعدم تمكنه من اعادته فيما بعد، فتركوا ذلك وأخذوا فى حك الفضة من أطراف الحجر، واستمر العمل فى هذا اليوم أيضا، وأخذ البناءون فى بناء الأحجار التى فوق الحجر التى فوق الأسود وبجوانبه، فأتموا به المداميك الموازية لها، وشرع قسم من البنائين من الركن الغربى إلى اليمانى فبنوا باقى الجدار ودكوا باطنه. وفى مساء هذا اليوم ثم تمويه الحجر الأسود بصفائح الفضة. يوم السبت 13 منه: شرعوا فى وضع أحجار المدماك الخامس، وذرع سمكه 18 قيراطا، وعمل النجارون من أعلاها تحت السقف قواعد توضع على العمد. يوم الاثنين 15 منه: شرعوا فى بناء المدماك السادس، وذرع سمكه 18 قيراطا. يوم الأربعاء 17 منه: شرعوا فى بناء المدماك السابع، وذرع سمكه 17 قيراطا. يوم السبت 20 منه: عمل المبيضون فى بياض قبب سطح المسجد، وذكر ابن علان أن كل قبة تبيض بثلاثة أرادب من الجص، وأن جملة ما أنفق فى ثمن الجص فى عمارة الكعبة وتبييض المنابر والقبب فوق أربعة آلاف دينار، وفى الخشب فوق سبعة آلاف

دينار. وشرع البناءون فى بناء المدماك الثامن، وذرع سمكه سبعة عشر قيراطا ونصف قيراط. يوم الاثنين 22 منه: ألصق فى هذا لليوم خدا باب الكعبة المصفح بالفضة، وهو من عمل السلطان سليمان، وجاءوا بالباب الشريف الذى كان أولا، وهو من عمل السلطان بيبرس، وتصفيحه بالفضة المموهة بالذهب من عمل السلطان سليمان، وشرع البناءون أيضا فى بناء المدماك التاسع، وذرع سمكه 17 قيراطا. يوم الثلاثاء 23 منه: ثم وضع الباب، وردف الباب العليا وقفله. يوم الأربعاء 24 منه: شرعوا فى المدماك العاشر، وذرع سمكه ستة عشر قيراطا ونصف قيراط. يوم الخميس 25 منه: شرعوا فى المدماك الحادى عشر، وذرع سمكه ثمانية عشر قيراطا. يوم السبت 27 منه: شرعوا فى المدماك الثانى عشر، وذرع سمكه ستة عشر قيراطا؛ ومن هذا المدماك إلى منتهى العمل عادوا إلى الأحجار التى كانت فى الكعبة وتركوا تحت الأحجار بل بنوا بها كما كانت. يوم الأحد 28 منه: شرعوا فى عمل خشب السقف ونشر صفايحه، وهو أربع فجوات، وكل فجوة اثنان وعشرون عودا، فيكون مجموع أعواده (88) عودا عدد ما كان فيها أولا، وعلى الأعواد صفايح أخشاب مسمرة عليها من ظهرها. يوم الاثنين 29 منه: شرعوا فى المدماك الثالث عشر، وذرع سمكه ستة عشر قيراطا. يوم الثلاثاء 30 منه: أتموا المدماك الثالث عشر، ومنه الشروع فى النصف الثانى من مداميك الكعبة. يوم السبت 4 شعبان: أتموا خلال الأيام الماضية المداميك الرابع عشر، وسمكه 14 قيراطا ونصف، والخامس عشر وسمكه (14) قيراطا ونصف؛ والسادس عشر وسمكه (15) قيراطا، وشرعوا فى المدماك السابع عشر وذرع سمكه (15) قيراطا. يوم الثلاثاء 7 منه: وصلوا إلى المدماك الذى عليه بساتل أخشاب السقف الأول وهى ثلاثة.

يوم الأربعاء 8 منه: كشف الجباب المفروش على وجه رخامة الكعبة وحفروا مكان الأعمدة ووضع لها قواعد من الحجر الشبيكى (وعلى رواية أيوب صبرى من الحجر الشميسى) عوضا عما نشر من أسفل العمد، وبقى من مداميك البيت نحو ستة وذرع سمك كل من المدماك الثامن عشر والتاسع عشر (15) قيراطا. يوم الجمعة 10 منه: شرع المرخمون فى ترصيص رخام الوزرة من الكعبة. يوم السبت 11 منه: شرعوا فى بناء الشاذروان، وأقاموا واحدا من العمد للكعبة، وأجلسوه على القاعدة من الحجر وجعلوا على الحجر الذى تحته طوقا من حديد صبوا فيه الرصاص المذاب ليربطوا بينه وبين العمود الخشب. يوم الأحد 12 منه: أقاموا العمودين الثانى فى محلها من الجرد، وبنوا على المدماك المحيط بها وهو المدماك العشرون وذرع سمكه تسعة قراريط وهو أصغرها ذرعا. يوم الخميس 16 منه: بنى المدماك الحادى والعشرون. يوم السبت 18 منه: بنى المدماك الثانى والعشرون والثالث والعشرون، وذرع سمك كل من المدماك الحادى والعشرين إلى الرابع والعشرين (14) قيراطا. يوم الثلاثاء 21 منه: وضعوا البساتل الثلاثة للسقف الثانى على أعلى الجدار للكعبة، وبينه وبين السقف تحته نحو ذراع بالعمل، وبنى المدماك الرابع والعشرون الذى فيه البساتل العليا. يوم الأربعاء 22 منه: بدأوا بوضع الأهلة النحاس المموهة بالذهب على قبب سطح المسجد وعدتها نحو الثلاثين. يوم الخميس 23 منه: بدأ النجارون فى عمل المدماك الخامس والعشرين وذرع سمكه (13) قيراطا. يوم السبت 25 منه: بدأ النجارون فى عمل قطع درج السطح للكعبة وهى ست مراق، تدور دوران درج المنارة. يوم الأحد 26 منه: دكوا السطح بالآجر. يوم الثلاثاء 28 منه: بيضوا داخل البيت من تحت سقفه إلى محل الوزرة. يوم الأربعاء 29 منه: جاء العملة بالميزاب، وهو من خشب فى ذرع نحو ثلاثة

أذرع ونصف البارز منه مصفح بالفضة المحلاة بالذهب واللازورد مكتوب فيه اسم مهديه السلطان أحمد خان عام 1020 مع حزام البيت. يوم الخميس 30 منه: بيضوا طنف سطح الكعبة الآخر. يوم الجمعة غرة رمضان: ألبسوا الكعبة كسوتها باحتفال مهيب. يوم الأحد 3 منه: اتموا بناء الشاذروان وكان قد تكسر من رخامه عشرة، فأبدلوها برخام جديد وضعوه فى الجانب الغربى. يوم الثلاثاء 5 منه: شرع المرخمون فى نصب رخام الوزرة. يوم السبت 9 منه: تم نصب درجة سطح الكعبة. يوم الأحد 10 منه: نظفوا باطن الحجر وجانبه عما كان فيه شرعوا فى بناء جداره، وابتدأوا فى عمله من الجانب العراقى، فهدموا منه أربع تركينات إلى الأرض وانكشف تحت الرخام حجر صوان شبيكى، يقول ابن علان: لعله من أحجار الكعبة التى أخرجت من بناء الزبير لها فى عمل الحجاج، فإن الأزرقى ذكر أنه دفن ذلك فى جوف الكعبة، والذى وجد فى باطنها أحجار صغار مرضومة. يوم الثلاثاء 12 منه: عمل البناة فى الحجر وهدم جداره شيئا فشيئا، وكلما هدموا شيئا بنوا ما وراءه وألقوا ما أخرجوا من جيابه وبعض أحجاره بباطنه مع أحجار الكعبة عند المقام، وعمل المرخمون أيضا فى ترخيم الوزرة. يوم الخميس 14 منه: تم بناء وجه جدار الحجر. يوم السبت 16 منه: وضعوا أحجار رفرف الحجر بمكانها، وهى منقورة فيها أسماء من له فى الحجر عمارة من خليفة أو ملك، وكان الجدار الذى تم بناؤه من عمارة الملك الأشرف قانصوه الغورى فى أوائل القرن العاشر، وقد فقد منه رخامة فأبدلت برخامة ملساء. يوم الأحد 17 منه: شرع البناءون فى هدم وجه الجدار الباطنى المحاذى للكعبة، وقد تبين أن رخاما من رخام الطواف تكسر بما سقط عليه من أحجار الكعبة حال سقوطها من السيل. يوم الاثنين 18 منه: شرعوا فى بناء جدار قدر قامة فى أسفل درجة سطح الكعبة، وتم وجه جدار الحجر الباطنى.

يوم الأربعاء 20 منه: شرع المرخمون فى ترخيم وزرة الجدار الشرقى وعمل الحدادون لدرجة باب سطح بابا. يوم الخميس 21 منه: كحل المهندس ما بين سافات جدار الحجر، وألصق المعلم محمود الهندى قطع الحجر الأسود. يوم الجمعة 22 منه: عمل المرخمون فى جوف الكعبة، وكتب محضر أرسل إلى والى مصر فيه شهادة المكيين بحسن عمارة البيت المعادة. يوم السبت 23 منه: سدوا الباب الغربى بحجارة شبيكية. يوم الأحد 24 منه: تم دك الباب الغربى وترخيم الوزرة، وما بقى إلا ترخيم أرضها؛ فإن رخامها وإن لم يقلع من محله إلا أنه تأثر فى الجملة، فشرع فيه المرخمون. يوم الأربعاء 27 منه: أتم المرخمون عملهم، وأخرجوا قواعد العمد التحتية ومشاحب العمد القديمة من سقاية العباس، ودخل بها الكعبة لتعاد لمكانها ثم رؤى استبدالها بجديد منها. يوم الخميس 28 منه: ارسلوا إلى الأرض ثوب الكعبة بعد أن فكوا منه الحبال المربوطة وأعادوا الصفيحة الذهب التى بأعلى الباب مكتوبا فيها باللازورد قوله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) [آل عمران: 96] وتحته ثلاثة أبيات فيها تاريخ عمل الحزام للسلطان أحمد خان وهو عام عشرين وألف وهى: اللوح ذا لما استرم فجددا ... قد بدل السلطان أحمد عسجدا قيدا له من حديد ذو جدا ... الله أنعم بالمجدد وأيدا ألهمت فى تاريخه لما بدا ... اللوح ذا السلطان أحمد جددا وفيه عمل المرخمون فى سطح جدار الحجر ثم تركوه وعادوا إلى باطن الكعبة. يوم السبت 8 شوال: رخموا وجه جدار الحجر، وشرعوا فى ترميم المتكسر من رخام الطواف بإخراج القطع المتكسرة وإبدالها بسالم من ذلك، وشرعوا فى صنع أخشاب لإبدال بعض أخشاب رئت فى المقام الإبراهيمى عند بابه، وعملوا ذلك من خشب الصنوبر.

يوم الأحد 9 منه: قلع المرخمون المتكسر من الأحجار والمنخسف من باطن الحجر وقربوا القدر ووضعوها عند مقام المالكية ورفعوا باب المقام الإبراهيمى وستروا على محله بستارة وشرعوا فى عملها حالا، وشرع المنقلون فى تكحيل صفة المطاف وأبواب المسجد، وعاد فى هذا اليوم المعلم محمود الهندى، فأصلح فى الحجر الأسود كما فعل فى شهر رمضان. يوم الاثنين 10 منه: وضعت الحديدات بين العمد التى هى محل تعليق قناديل الكعبة وهداياها. يوم الخميس 13 منه: أبدل المرخمون من رخام الحجر ما تكسر منه، وفيه نقل العملة ما اجتمع مما رث من خشب الكعبة إلى الدكة الموالية لبيت ميزار مخدوم إلى حذاء السليمانية، وفيه جددوا للعمد مشاحب وقواعد. يوم الجمعة 14 منه: تم دهان الأخشاب التى بين شبابيك المقام الإبراهيمى بالزنجفر وبالأخضر وجلى الذهب المكتوب فيه اسم الآمر بتجديده السلطان مراد الرابع بن سليم خان. يوم السبت 15 منه: أصلح درابزين درجة رئيس المؤذنين وكان سقط نصفها التحتى منذ سنة، فقلع الباقى وأصلح الجميع وكان العمل الأول للسلطان أحمد. يوم الأحد 16 منه: أصلح أسفل باب الكعبة وأعلاه وسمر ما يحتاج للإصلاح. يوم الثلاثاء 18 منه: أعاد الدهان دهان ما بين شبابيك المقام الإبراهيمى وأتم المنقلون المقام بالحديد المطيف به بالنورة. يوم الخميس 20 منه: تم فرش جباب الكعبة فى جميع المعد له من الدكة المارة الذكر. يوم الجمعة 21 منه: جلا المرخمون رخام الحجر البيض والسود ودهنوها بالدهان الأسود والسندروس. يوم الأحد 23 منه: أجرى النجارون إصلاحا بالدرجة التى يصعد منها لباب الكعبة، وفيه وزنت ثمانية مثاقيل ذهب تصفح بها مشاحب العمد الجديدة. يوم الأربعاء 26 منه: أصلح المرخمون رخام باب الحجر الشرقى بقلعه وإبدال الخراب بالصالح وقلعوا الرخام المتكسر فى المعجنة.

يوم الأحد غرة ذى القعدة: فتحت الكعبة وصعد المرخمون لجلاء رخام الوزرة وركب النجارون مشاحبها الجديدة على العمد وأخشاب القواعد من تحتها وصفحوها بصفائح الذهب. يوم الخميس 4 منه: صعد المرخمون لجلاء رخام سطح الكعبة وإصلاحه، فإنه من عجلهم فى وضعه وقع بعضه فى غير موضعه، فاقتلعوا ذلك وعملوه على وجه أتم. يوم الجمعة 5 منه: شرع المرخم ينقر فى حجر من رخام الكعبة تاريخا لعمارة الكعبة صاغ الفاظه السيد محمد الأنقروى قاضى المدينة وناظر العمارة هذا نصه: «بسم الله الرحمن الرحيم. ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم. تقرب بتجديد هذا البيت العتيق إلى الله سبحانه وتعالى، خادم الحرمين الشريفين، وسائق الحجاج بين البرين والبحرين السلطان بن السلطان، السلطان مراد خان بن السلطان أحمد خان بن السلطان محمد خان خلد الله تعالى ملكه وأيد سلطنته فى أواخر شهر رمضان المبارك المنتظم فى سلك شهور سنة أربعين وألف من الهجرة النبوية، على صاحبها أفضل التحية. سنة 1040». يوم الأربعاء 10 منه: أتموا قلع رخام السطح وأعادوه على ما ينبغى وأخذوا الأقونة جعلوها تحت جدر طنف السطح لئلا يدخل ماء المطر فيها إلى الخشب تحتها فتعمل فيه الأرضة. يوم السبت 13 منه: عمل المرخمون فى جلاء رخام الشاذروان وجعلوا معها الوزرة التى تحت بيت زمزم بحذاء الكعبة. وقد تم أمس نقر التاريخ، فأعطى اليوم الحجر المنقور فيه التاريخ للدهان فحلاه بالذهب وأتم عمله. وقام العمال فى الأيام التالية فى تبيض بعض جهات المسجد، وفى دفن الحفر التى كانت تلى بعض الأبواب. يوم الاثنين 21 منه: أحضرت معاليق الكعبة، وكانت كما ذكر فى السابق عشرون قنديلا من الذهب العين، واحدة منها مصطنعة باللؤلؤ، وثلاثون قنديلا من الفضة، فسلمت إلى سادن البيت الشيخ محمد الشيبى بحضرة الجمع وأشهد عليه أنه تسلم ذلك، ثم دعى بشيخ الوقادين فعلقها فى أماكنها، وفيه بنى المرخمون الحجر الذى نقر فيه التاريخ قبالة الباب الشرقى. وفى الأيام التالية غسلوا الكعبة بماء زمزم وبخروها، وجلا المرخمون من وجه الحجر.

يوم الجمعة 25 منه: جاء ابن شمس الدين والسادن فكحلوا بالنورة ما بين الفضة المصفح بها الخشب فى خدى الباب. يوم هلال ذى الحجة: أصلحوا الحجر ودهنوه سواد وسندروس. يوم 2 ذى الحجة: عملوا محل شعل النار عند الأهلة والأعياد من أعلى مقام الشافعى، وهو آخر عملهم فى هذا البيت والمسجد الحرام. وقد تم خلال شهر رمضان وشوال والقعدة إصلاحات جمة فى أبواب الحرم ومقامات الأئمة وغيرها ورد ذكرها أيضا فى اليوميات التى نقلنا عنها هذا. قال أيوب صبرى: وبعد مضى سنتان على العمارة المارة الذكر نزلت أمطار غزيرة فى مكة المكرمة أثرت على سقف الكعبة، فصدر أمر السلطان مراد إلى عامله فى مصر أحمد باشا بانتداب شخص يتولى إصلاح السقف، ومقام إبراهيم، وتجديد باب الكعبة، فانتدب الوالى المشار إليه، رضوان أغا للمرة الثانية للقيام بهذه الخدمة، فحضر إلى مكة المكرمة ومعه المهندس عبد الرحمن، وكان وصوله إليها فى أوائل ذى الحجة من عام 1044 وبعد النزول من منى شرع فى العمل، وكان جمع قبل ذلك مجلسا من العلماء تلى عليهم الفرمان السلطانى، فاعترض ابن علان وحزبه على ذلك وخالفوه، ثم انصاعوا فيما بعد ووافقوه على القيام بالإصلاحات المذكورة. وقد تم إصلاح الخراب الحادث فى سطح الكعبة خلال بضعة أسابيع ثم شرع فى تجديد باب الكعبة فى شهر ربيع الأول وانتهى من صنعه فى شهر رمضان المبارك وعمل الصاغة الفضة للباب ووزن ذلك مائة وستة وستون رطلا وطلى بالذهب البندقى مما قدره ألف دينار، وجعلوا فيه ما فى الأول من الكتابة وكتب عليه «بسم الله الرحمن الرحيم. رب أدخلنى مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا» الآية وتحتها: «تشرف بتجديد هذا الباب، من سبقت له العناية من رب الهداية، مولانا السلطان مراد خان بن السلطان أحمد خان بن السلطان محمد خان بن عثمان، عز نصره فى سنة خمس وأربعين وألف». وتم خلال ذلك بناء المقام الشريف، وفرش المسجد بالحصباء وسط الكعبة بالرخام الأبيض وأصلحت المماشى. وبعد أن انتهى رضوان أغا من عمله عاد إلى مصر فاستانبول ومعه درفتى باب الكعبة القديم حيث قد سلمها إلى السلطان مراد.

وقبل أن تختم هذا البحث نذكر فيما يلى أبياتا ذكرها الفاسى فى شفاء الغرام أجمل فيها تاريخ الكعبة لعهده قال: بنى الكعبة الغراء عشر ذكرتهم ... ورتبتهم حسب الذى أخبر الثقه ملائكة الرحمن آدم ابنه ... كذاك خليل الرحمن ثم العمالقة وجرهم يتولهم قصى قريشهم ... كذا ابن الزبير ثم حجاج لا حقه وذيله بعضهم بقوله: وخاتمهم من آل عثمان بدرهم ... مراد المعالى أسعد الله شارقه وقال آخر: ومن بعدهم من آل عثمان قد بنى ... مراد حماه الله من كل طارقه وذكر على الطبرى فى الأرج المسكى أبياتا نظمها فى تاريخ عمارة البيت فقال: بنى البيت خلق وبيت الاله ... مدى الدهر من سابق يكرم ملائكة آدم ولده ... خليل عمالقة جرهم قصى قريش ونجل الزبير ... وحجاج بعدهم يعلم وسلطاننا الملك المرتضى ... مراد هو الماجد المنعم ادام الأله لنا ملكه ... وابقاه خالقنا الأعظم ونظم محمد بن على بن علان ثلاثة أبيات جمع فيها بناء الكعبة فقال: بنى الكعبة الأملاك آدم ولده ... شيث فإبراهيم ثم العمالقه وجرهم قصى مع قريش وتلوهم ... هو ابن زبير ثم حجاج لا حقه ومن بعد هذا قد بنى البيت كله ... مراد بنى عثمان فشيد رونقه * * *

ذكر من حج من الخلفاء والملوك إلى بيت الله الحرام

بسم الله الرّحمن الرحيم ذكر من حج من الخلفاء والملوك إلى بيت الله الحرام الحمد لله، وبه المستعان، على كل ما عزّ وهان، وصلى الله على نبينا محمد خاتم النبين، وعلى آله وصحبه والتابعين، صلاة باقية إلى يوم الدين. وبعد، فأسأل الله مبتهلا إليه، مادّا يدى له، أن يتبع أيام المقرّ المخدوم (1) بأخواتها الباقيات الصالحات، والزيادات الغامرات، ليكون كل دهر يستقبله، وأمل يستأنفه، موفيا على المتقدم له، قاصرا عن المتأخر عنه؛ ويؤتيه من العمر أطوله وأبعده، ومن العيش أعذبه وأرغده، عزيزا منصورا، محميّا موفورا، باسطا يده فلا يقبضها إلا على نواصى أعداء وحساد، ساميّا طرفه فلا يغضه إلا على لذة غمض ورقاد، مستريحة ركابه فلا يعمل إلا لاستضافة عزّ وملك، حائزة قداحه فلا يجلها مال حتى ينال أقصى ما تتوجه إليه أمنية جامحة، وتسمو إليه همة طامحة. وقد استفاض أن العزم الشريف قد قوى على الحجّ، والتحلّى بالعجّ والنجّ، وجرت العادة، بألطاف العبيد للسادة؛ فتأملت حال الأتباع الذين يجب عليهم الهدايا فى مثل هذه الحركة، فأردت التأسى بهم، ورأيتنى إن أهديت نفسى فهى فى ملك المقرّ المخدوم، وإن أهديت مالى فهو منه، وإن أهديت مودّتى وشكرى فهما خالصين له غير مشتركين، وكرهت أن أخلى هذا العزم من سنته فأكون من المقصرّين، أو أدّعى فى ملكى ما يفى بحق المقرّ المخدوم فأكون من الكاذبين؛ قلت: إن أهد نفسى فهو مالكها ... ولها أصون كرائم الذّخر أو أهد مالا فهو واهبه ... وأنا الحقيق عليه بالشّكر أو أهد شكرى فهو مرتهن ... بجميل فعلك آخر الدّهر والشّمس تستغنى إذا طلعت ... أن تستضئ بطلعة البدر ولما كان العلم أنفس الذخائر وأعلاها قدرا، وأعظم المآثر وأبقاها ذكرا، جمعت برسم الخزانة الشريفة المخدومية ـ عمّرها الله ببقاء مالكها ـ جزءا يحتوى على ذكر

_ (1) لم يوضح المقريزى المؤرخ الكبير ـ صاحب هذا النص ـ زمن كتابة هذه الرسالة، ولذلك لم يتضح لنا من هو المقصود من حكام مصر بكتابة هذه الرسالة، هدية له.

فصل فى حجة الرسول صلى الله عليه وسلم

من حجّ من الخلفاء والملوك، وسميته: «الذهب المسبوك فى ذكر من حجّ من الخلفاء والملوك»، تذكرة للخاطر الشريف بما هو منّى أدرى، وأحق بإفادته وأحرى، وأنى ـ فيما فعلت وصنعت ـ كمن أهدى القطر إلى البحر، أو بعث النور إلى القمر، والأرج إلى الزهر، بل كالذى أرسل الضياء إلى الشمس، وروح الحياة إلى النفس؛ غير أن فى كريم أخلاقه الزكية، وزاكى أعراقه المرضية، ما يقبل اليسير، ويتجاوز عن الخطأ والتقصير. رعى الله المخدوم من حيث لا يرتقب، وحرسه من حيث لا يحتسب، وكان له فى سفره خفيرا، وفى حضره عونا ونصيرا. * * * فصل فى حجة الرسول صلى الله عليه وسلم افتتحت بها هذا الجزء إذ كان صلى الله عليه وسلم هو الذى بيّن للناس معالم دينهم، وقال: «خذوا عنّى مناسككم» (1) وقد امتلأت كتب الحديث بذكر حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفرد فيها الفقيه الحافظ أبو محمد بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسى مصنفا جليلا، قد اعترض عليه فى مواضع منه، أجبت عنها فى كتاب «شارع النجاة». وملخص حجة الوداع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل ذو القعدة تجهّز للحج، وأمر الناس بالجهاز له، وأذّن فيهم، فاجتمعوا (2) ثم صلى الظهر ـ يوم الخميس لست بقين من ذى القعدة سنة عشر من الهجرة بالمدينة ـ أربعا (3)، وخرج منها بمن معه من المسلمين من أهل المدينة ومن تجمّع من الأعراب، وهم عشرة آلاف، بعد ما استعمل على المدينة، أبا دجانة الساعدى، ويقال: سباع بن عرفطة الغفارى، فصلى العصر ـ بذى الحليفة ـ ركعتين (4)، وبات بها. وأتاه آت (5) من ربه تعالى فى ذلك الموضع ـ وهو وادى العقيق (6) ـ وأمره ـ عن

_ (1) أخرجه أحمد ومسلم والنسائى من حديث جابر. انظر: نيل الأوطار 5/ 65. (2) انظر: زاد المعاد 2/ 102. (3) روى عن أنس بن مالك قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن معه الظهر بالمدينة أربعا والعصر بذى الحليفة ركعتين. ورواه أحمد والبخارى ومسلم وأبو داود والنسائى. انظر: البداية 5/ 101، 102، زاد المعاد 2/ 106. (4) انظر: زاد المعاد 2/ 106. (5) هو جبريل كما فى الفتح. انظر: البداية والنهاية 5/ 106، نيل الأوطار 4/ 315 (6) وادى العقيق: هو بقرب العقيق بينه وبين المدينة أربعة أميال، وروى الزبير بن بكار فى أخبار المدينة: أن تبعا لما انحدر فى مكان عند رجوعه من المدينة. قال: هذا عقيق الأرض فسمى العقيق.

ربه عزوجل ـ أن يقول فى حجته: «هذه حجّة فى عمرة» (1) ومعنى هذا أن الله ـ سبحانه ـ أمره أن يقرن (2) الحجّ مع العمرة فأصبح ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأخبر الناس بذلك؛ وطاف على نسائه يومئذ (3) بغسل واحد ـ وهن تسع وقيل إحدى عشرة ـ ثم اغتسل وصلى عند المسجد ركعتين، وأهل بحجّة وعمرة معا. هذا الذى رواه بلفظه ومعناه عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ستة عشر صحابيا، منهم: خادمه أنس ابن مالك ـ رضى الله عنه ـ وقد رواه عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ستة عشر تابعيا، وقد ذكرتهم فى كتاب «شارع النجاة»، وهذا صريح لا يحتمل التأويل إلا أن يكون بعيدا، وما عدا ذلك مما جاء من الأحاديث الموهمة التمتّع (4)، أو ما يدل على الإفراد (5) فليس هذا محل ذكرها. والقران فى الحج هو مذهب إمامنا أبى عبد الله محمد بن إدريس الشافعى ـ رحمه الله تعالى ـ وقد نصره جماعة من محققى أصحابه، وهو الذى يحصل به الجمع بين الأحاديث كلها (6) ومن العلماء من أوجبه وممن قال بأفضليته الإمام أبو حنيفة النعمان

_ (1) عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بوادى العقيق يقول: «أتانى الليلة آت من ربى، فقال: صلى فى هذا الوادى المبارك، وقل عمرة فى حجة». رواه أحمد والبخارى وابن ماجة وأبو داود، وفى رواية البخارى: «وقل عمرة وحجة». انظر: زاد المعاد 2/ 116، 152. (2) القران: هو الإهلال بالحج والعمرة معا وهو متفق على جوازه، أو الإهلال بالعمرة ثم يدخل عليها الحج أو عكسه وهذا مختلف فيه. (3) أخرجه البخارى 1/ 327، ومسلم (1192) (48) من حديث عائشة. انظر: زاد المعاد 2/ 106. (4) التمتع: هو الاعتمار فى أشهر الحج ثم التحلل من تلك العمرة والإهلال بالحج فى تلك السنة ويطلق التمتع فى عرف السلف على القران. قال ابن عبد البر: ومن التمتع ـ أيضا ـ القران ومن التمتع ـ أيضا ـ فسخ الحج إلى العمرة. انتهى. وقد أجاب ابن القيم فى زاد المعاد عن أعذار الذين وهموا فى صفة حجته عن ذلك، فليراجع 2/ 131 وما بعدها. (5) الإفراد: هو الإهلال بالحج وحده والاعتمار بعد الفراغ من أعمال الحج لمن شاء ولا خلاف فى جوازه. وقد أجاب ابن القيم عن ذلك أيضا فليراجع فى زاد المعاد 2/ 127 وما بعدها. (6) اختلفت الأنظار واضطربت الأقوال لاختلاف هذه الأحاديث فمن أهل العلم من جمع بين الروايات كالخطابى الذى رجح أنه صلى الله عليه وسلم أفرد الحج. وكذا قال عياض، وزاد فقال: وأما إحرامه فقد تضافرت الروايات الصحيحة بأنه كان مفردا وأما روايات من روى التمتع فمعناه أنه أمر به؛ لأنه صرح بقوله: «ولولا أن معى الهدى لأحللت» فصح أنه لم يتحلل. وأما رواية من روى القران فهو إخبار عن آخر أحواله؛ لأنه أدخل العمرة على الحج لما جاء إلى الوادى، وقيل: قل ـ

ابن ثابت ـ رحمه الله تعالى ـ وهو رواية عن الإمام أبى عبد الله أحمد بن حنبل الشيبانىرحمه الله تعالى. وساق ـ صلى الله عليه وسلم ـ الهدى من ذى الحليفة (1) وأمر من كان معه أن يهلّ كما أهلّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسار ـ صلى الله عليه وسلم ـ والناس بين يديه وخلفه وعن يمينه وشماله مما لا يحصون كثرة، كلهم قدم ليأتّم به ـ صلى الله عليه وسلم. فلما قدم ـ صلى الله عليه وسلم ـ مكة لأربع ليال خلون من ذى الحجة (2) وطاف للقدوم (3) ثم سعى بين الصفا والمروة وأمر الذين لم يسوقوا هديا أن يفسخوا

_ ـ عمرة فى حجة، قال الحافظ: وهذا الجمع هو المعتمد، وقد سبق إليه قديما ابن المنذر وبينه ابن حزم فى حجة الوداع بيانا شافيا ومهده المحب الطبرى تمهيدا بالغا يطول ذكره. ومحصله أن كل من روى عنه القران أراد ما استقر عليه الأمر وجمع شيخ الإسلام ابن تيمية جمعا حسنا فقال ما حاصله: إن التمتع عند الصحابة يتناول القران فتحمل عليه رواية من روى أنه حج تمتعا وكل من روى الإفراد قد روى أنه صلى الله عليه وسلم حج تمتعا وقرانا فيتعين الحمل على القران، وأنه أفرد أعمال الحج ثم فرغ منها وأتى بالعمرة، ومن أهل العلم من صار إلى التعارض فرجح نوعا وأجاب عن الأحاديث القاضية بما يخالفه وهى جوابات طويلة أكثرها متعسفة وأورد كل منهم لما اختاره مرجحات أقواها وأولاها مرجحات القران فإنه لا يقاومها شيء من مرجحات غيره. منها أن أحاديثه مشتملة على زيادة، على من روى الإفراد وغيره، والزيادة مقبولة إذا خرجت من مخرج صحيح، فكيف إذا ثبتت من طرق كثيرة عن جمع من الصحابة، ومنها أن من روى الإفراد والتمتع اختلف عليه فى ذلك، لأنهم جميعا روى عنهم أنهصلى الله عليه وسلم حج قرانا. ومنها أن روايات القران لا تحتمل التأويل بخلاف روايات الإفراد والتمتع فإنها تحتمله كما تقدم، ومنها أن رواة القران أكثر كما تقدم. ومنها أن فيهم من أخبر عن سماعه لفظا صريحا وفيهم من أخبر عن إخباره صلى الله عليه وسلم بأنه فعل ذلك وفيهم من أخبر عن أمر ربه بذلك. ومنها أنه النسك الذى أمر به كل من ساق الهدى فلم يكن ليأمرهم به إذا ساقوا الهدى ثم يسوق هو الهدى ويخالفه. انظر: نيل الأوطار 4/ 310، 311، زاد المعاد 2/ 133 وما بعدها. (1) انظر: (زاد المعاد 2/ 153). (2) عن عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم لما جاء مكة دخل من أعلاها وخرج من أسفلها. وفى رواية: دخل عام الفتح من كداء التى بأعلى مكة. متفق عليهما وروى الثانى أبو داود: ودخل فى العمرة من كدى. انظر: (نيل الأوطار 5/ 37، سبل السلام 2/ 736، زاد المعاد 2/ 223، 224). (3) انظر: (زاد المعاد 2/ 225). روى ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثا، ومشى أربعا، وكان يسعى ببطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة، وفى رواية: رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجر إلى الحجر ثلاثا، ومشى أربعا. وفى رواية: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طاف فى الحج والعمرة أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أطواف بالبيت ويمشى أربعة. متفق عليهن. انظر: (نيل الأوطار 5/ 37).

حجهم إلى عمرة، ويتحللوا حلا تاما، ثم يهلّوا بالحج وقت خروجهم إلى منى؛ وقال: «ثم لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما سقت الهدى، ولجعلتها عمرة» (1)؛ وهذا دليل ظاهر أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يكن متمتعا ـ كما ذهب إليه بعض أصحاب الإمام أحمد وغيرهم. وقدم على بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ من اليمن، فقال له النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «إنى سقت الهدى وقرنت»؛ روى هذا اللفظ أبو داود وغيره من الأئمة بإسناد صحيح، وهو صريح فى القران. وقدم مع على ـ رضى الله عنه ـ من اليمن هدايا، فأشركه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى هديه أيضا، فكان حاصلهما مائة بدنة (2) ثم خرج ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى منى (3)، فبات بها، وكانت ليلة الجمعة التاسع من ذى الحجة؛ ثم أصبح فسار إلى عرفة، وخطب بنمرة خطبة عظيمة، شهدها من أصحابه نحو من أربعين ألفا ـ رضى الله عنهم ـ وجمع بين الظهر والعصر؛ ثم وقف بعرفة فحج على رحل، وكانت زاملته، ثم بات بالمزدلفة، وجمع بين المغرب والعشاء ليلة إذ، ثم أصبح فصلى الفجر فى أول وقتها، ثم سار قبل طلوع الشمس إلى منى (4)، فرمى جمرة العقبة، ونحر (5) وحلق (6)، ثم أفاض فطاف بالبيت

_ (1) أخرجه البخارى 3/ 402، 403 من حديث جابر، وقد جاء عن أنس قال: خرجنا نصرخ بالحج، فلما قدمنا مكة أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعلها عمرة وقال: «لو استقبلت من أمرى ما استدبرت لجعلتها عمرة ولكن سقت الهدى، وقرنت بين الحج والعمرة» رواه أحمد. قال: الشوكانى: وهو متفق على مثل معناه من حديث جابر، وبه استدل من قال بأن التمتع أفضل أنواع الحج. انظر: (نيل الأوطار 4/ 314، 315، زاد المعاد 2/ 184، 232، 215). (2) البدنة: الناقة أو البقرة، تنحر بمكة قربانا وكانوا يسمنونها لذلك. جمع بدن وبدن. وفى التنزيل العزيز: (وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ). (3) فعن ابن عباس قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر يوم التروية والفجر يوم عرفة بمنى. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة، وأخرجه أيضا الترمذى والحاكم، لأحمد فى رواية: قال: صلى النبى صلى الله عليه وسلم بمنى خمس صلوات. انظر: (نيل الأوطار 5/ 55). وفى حديث جابر قال: لما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول اللهصلى الله عليه وسلم بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر. انظر: (نيل الأوطار 5/ 55، سبل السلام 2/ 728). (4) انظر: زاد المعاد 2/ 256. (5) قال ابن القيم: فنحر ثلاثا وستين بيده، وكان ينحرها قائمة، معقولة يدها اليسرى. أخرجه أبو داود (1767) من حديث جابر وكان عدد هذا الذى نحره عدد سنين عمره، ثم أمسك وأمر عليّا أن ينحر ما غبر من المائة. انظر: (زاد المعاد 2/ 259). (6) انظر: (زاد المعاد 2/ 268 وما بعدها).

لطيفة

طواف الفرض (1) ـ وهو طواف الزيارة (2) ـ واختلف أين صلى الظهر يومئذ، وقد أشكل ذلك على كثير من الحفاظ؛ ثم حلّ من كل شيء حرم منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثانى يوم النحر، ثم خطب خطبة عظيمة أيضا، ووصّى وحذّر وأنذر، وأشهدهم على أنفسهم بأنه بلّغهم الرسالة؛ فنحن نشهد أنه بلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمّة صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين. ثم أقبل ـ صلى الله عليه وسلم ـ منصرفا إلى المدينة وقد أكمل الله له دينه. * * * لطيفة النداء بالحج سنة للمسلمين: وينادى بديار مصر فى رجب، وهو قياس ندائه عليه الصلاة والسلام أول ذى القعدة، لأن مسافة الحج من المدينة عشرة أيام، فقدّم النداء بثلاثة أمثالها، ومسافة الحج فى البر من مصر أربعون يوما، فقدّم النداء بثلاثة أمثالها؛ فكانت الجملة من أول رجب إلى انقضاء عشر ذى الحجة خمسة أشهر وعشرة أيام؛ وكذلك بدمشق؛ وأول من أدار المحمل الملك الظاهر بيبرس البندقدارى (3) رحمه الله تعالى. فصل فى ذكر من حج من الخلفاء فى مدة خلافته أبو بكر الصديق (رضى الله عنه) اسمه: عبد الله بن أبى قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم ابن مرّة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك القرشى التيمى، خليفة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (4). بويع له بعد وفاة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بيعة العامة يوم الثلاثاء ثالث عشر ربيع الأول

_ (1) هو طواف الإفاضة، وهو طواف الزيارة، وهو طواف الصدر. انظر: زاد المعاد 2/ 270. (2) ثم أتى زمزم بعد أن قضى طوافه وهم يسقون. انظر تفصيل ذلك فى: زاد المعاد 2/ 278 وما بعدها. (3) انظر ترجمته فى: (فوات الوفيات 1/ 85، النجوم الزاهرة 7/ 94، ابن إياس 1/ 98، 112 ابن الوردى 2/ 224، النعيمى 1/ 349، السلوك 1/ 636 ـ 646، الأعلام 2/ 79). (4) انظر: (تاريخ الخلفاء ص 19).

عمر بن الخطاب (رضى الله عنه)

سنة إحدى عشرة من الهجرة؛ فحج بالناس فى هذه السنة عتاب بن أسيد (1)، وقيل عبد الرحمن بن عوف رضى الله تعالى عنهما. وحج أبو بكر ـ رضى الله عنه ـ بالناس سنة اثنتى عشرة، واستخلف على المدينة عثمان بن عفان، رضى الله تعالى عنه. وقيل: حج بالناس عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه، أو عبد الرحمن بن عوف، رضى الله عنه. والأول أصح (2). وتوفى أبو بكر ـ رضى الله عنه ـ على رأس سنتين وثلاثة أشهر واثنتى عشر يوما، وقيل غير ذلك. * * * عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) ابن نفيل بن عبد العزّى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاخ بن عدىّ بن كعب القرشىّ العدوىّ أبو حفص، أمير المؤمنين، رضى الله عنه. ولى الخلافة بعد أبى بكر الصديق ـ رضى الله عنه ـ بويع له بها باستخلافه له فى جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة، واختلف فى اليوم، كما اختلف فى يوم وفاة أبى بكر، رضى الله عنه، وقتل مطعونا بيد أبى لؤلؤة ـ غلام المغيرة بن شعبة (3) ـ لثلاث بقين من ذى الحجة سنة ثلاث وعشرين، فكانت خلافته عشر سنين ونصف، حج فى جميعها إلا السنة الأولى فقط (4)، فإنه حج بالناس فيها عتّاب بن أسيد؛ وقيل: بل حج عمر بالناس سنيه كلها. وفى سنة سبع عشرة اعتمر عمر ـ رضى الله عنه ـ وبنى المسجد الحرام ووسّع

_ (1) انظر: (الإصابة ترجمة 5393، تاريخ الإسلام 1/ 380، خلاصة الكلام 3، شذرات الذهب 1/ 26، اللباب 2/ 118، الأسامى والكنى ـ خ ـ للحاكم الكبير، الأعلام 4/ 199، 200). (2) قال ابن كثير: وفيها، أى: (سنة اثنتا عشرة) حج بالناس أبو بكر الصديق رضى الله عنه، واستخلف على المدينة عثمان بن عفان. رواه ابن إسحاق، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرة، عن رجل من بنى سهم، قال: حج بنا أبو بكر فى خلافته سنة ثنتى عشرة، قال ابن إسحاق: وقال بعض الناس: لم يحج أبو بكر فى خلافته، وأنه بعث على الموسم سنة ثنتى عشرة عمر بن الخطاب، أو عبد الرحمن بن عوف. انظر: البداية والنهاية 5/ 357، الطبرى 4/ 27. (3) انظر: الإصابة ترجمة 8181، أسد الغابة 4/ 406، الطبرى 6/ 131، ذيل المذيل 15، ابن الأثير 3/ 182، رغبة الآمل 4/ 202، والمحبر 184، الأعلام 7/ 277. (4) فى الطبرى: إن عمر استعمل على الحج عبد الرحمن بن عوف فى السنة الأولى من خلافته. انظر: تاريخ الطبرى 4/ 82.

فيه (1)، وأقام بمكة عشرين ليلة، وهدم على قوم أبوا أن يبيعوا دورهم، وعوّضهم أثمانها من بيت المال، وجدّد أنصاب الحرم على يد مخرمة بن نوفل فى آخرين؛ واستأذنه أهل المياه فى أن يبنوا منازل بين مكة والمدينة، فأذن لهم، وشرط عليهم أن ابن السبيل أحقّ بالظل والماء (2). ثم خرج من المدينة عام الرمادة (3) حاجا أو معتمرا، فأتى الجار ليرى السفن التى قدمت من مصر فى الخليج الذى احتفره عمرو بن العاص ـ كما ذكرت خبره فى كتاب «المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (4)» ـ وقال للناس: «سيروا بنا ننظر إلى السفن التى سيرّها الله تعالى إلينا من أرض فرعون»؛ وأكل فى سفره هذا ـ وهو محرم لحم ظبى أصابه قوم حلال، فلما نزل على البحر قال: «اغتسلوا من ماء البحر، فإنه مبارك». ثم صك للناس بذلك الطعام صكوكا، فتبايع التجار الصكوك بينهم قبل أن يقبضوها، فلقى عمر العلاء بن الأسود، فقال: «كم ربح حكيم بن حزام؟ (5)» فقال: «ابتاع من صكوك الجار بمائة ألف درهم، وربح عليها مائة ألف»، فلقيه عمر، فقال: «يا حكيم: كم ربحت؟ »، فأخبره بمثل خبر العلاء، قال: «فبعته قبل أن تقبضه؟ »، قال: «نعم»، قال: «فإن هذا بيع لا يصلح، فاردده»، قال: «ما علمت أن هذا لا يصلح، وما أقدر على ردّه»، قال عمر: «ما بدّ»، قال: «والله ما اقدر على ذلك، وقد تفرّق وذهب، ولكن رأس مالى وربحى صدقة» (6). واتفق فى آخر حجّة حجّها عمر ـ رضى الله عنه ـ أنه لما رمى الجمرة أتاه حجر فوقع على صلعته، فأدماه، وثمّ رجل من بنى لهب، فقال: «أشعر أمير المؤمنين لا يحج بعدها»، ثم جاء إلى الجمرة الثانية، فصاح رجل: «يا خليفة رسول الله»، فقال: «لا يحج أمير المؤمنين بعد عامه هذا»، فقتل عمر ـ رضى الله عنه ـ بعد رجوعه من الحج.

_ (1) انظر: (أخبار مكة للأزرقى 2/ 25 ـ 27). (2) انظر: (الطبرى 4/ 206). (3) انظر: (الطبرى 4/ 222 وما بعدها). (4) انظر: (المواعظ والاعتبار 3/ 299 ـ 232). (5) انظر: (تهذيب التهذيب 2/ 447 الإصابة 2/ 349، كشف النقاب ـ خ، الجمع 105، صفة الصفوة 1/ 304، ذيل المذيل 16، شذرات الذهب 1/ 60، الأعلام 2/ 269). (6) انظر: (فتوح مصر لابن عبد الحكم 162 ـ 164، المواعظ والاعتبار 3/ 299 ـ 232).

لهب مكسورة اللام: قبيلة من قبائل الأزد تعرف بها العيافة والزجر. عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ أنّ عمر أذن لأزواج النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يحججن فى آخر حجّة حجها، قالت: «فلما ارتحل من الحصبة أقبل رجل متلثم، فقال، وأنا أسمع: «أين كان منزل أمير المؤمنين؟ »، فقال قائل وأنا أسمع: «هذا كان منزله»، فأناخ فى منزل عمر، ثم رفع عقيرته يتغنى: عليك سلام من أمير وباركت ... يد الله فى ذاك الأديم الممزّق فمن يجر أو يركب جناحى نعامة ... ليدرك ما قدّمت بالأمس يسبق قضيت أمورا ثمّ غادرت بعدها ... بوائق فى أكمامها لم تفتّق قالت عائشة: فقلت لبعض أهلى: «اعلموا لى من هذا الرجل» فذهبوا فلم يجدوا فى مناخه أحدا؛ قالت عائشة: «فو الله إنى لأحسبه من الجن». فلما قتل عمر ـ رضى الله عنه ـ نحل الناس هذه الأبيات للشماخ بن ضرار (1)، أو لأخيه مزرد (2). هكذا روى هذا الخبر الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البرّ النمرى، وذكر محمد بن عمر الواقدى (3) فى «كتاب الفتوح» هذه الأبيات بزيادة فى عدتها. وقال أبو عثمان النهدى: «رأيت عمر يرمى الجمرة وعليه إزار مرقوع بقطعة جراب»؛ وقال علىّ بن أبى طالب: «رأيت عمر يطوف بالكعبة وعليه إزار فيه إحدى وعشرون رقعة فيها من أدم». (4) وعن سعيد بن المسيّب (5) قال: «حجّ عمر، فلما كان بضجنان قال: «لا إله إلا الله العظيم المعطى من شاء ما شاء، كنت أرعى إبل الخطاب بهذا الوادى فى مدرعة

_ (1) انظر: (الإصابة الترجمة 3913، الأغانى 8/ 97، خزانة الأدب 1/ 526، المحبر 381، الجمحى 32، 103، 110، الكامل 2/ 82، رغبة الآمل 2/ 94، 162، التبريزى 3، 65، 4/ 133، الأعلام 3/ 175). (2) انظر: (الآمدى 190، المزربانى 426، رغبة الآمل 8/ 225، الجمحى 111، الإصابة 7921، خزانة البغدادى 2/ 117، أسد الغابة 4/ 351، الشعر والشعراء 274، الأعلام 7/ 212). (3) محمد بن عمر بن واقد الأسلمى، الواقدى، المدنى القاضى، نزيل بغداد، متروك مع سعة علمه، من التاسعة، مات سنة سبع ومائتين، وله ثمانى وستون. انظر: تقريب التهذيب 2/ 117. (4) انظر: (الكامل 3/ 29). (5) انظر: (طبقات ابن سعد 5/ 88، الوفيات 1/ 206، صفة الصفوة 2/ 44، حلية الأولياء 2/ 161، الأعلام 3/ 102).

عثمان بن عفان رضى الله عنه

صوف، وكان فظّا يتبعنى إذا عملت، ويضربنى إذا قصّرت، وقد أمسيت وليس بينى وبين الله أحد، ثم تمثّل: لا شيء فيما ترى تبقى بشاشته ... يبقى الإله ويودى المال والولد لم تغن عن هرمز يوما خزائنه ... والخلد قد حاولت عاد، فما خلدو ولا سليمان إذ تجرى الرياح له ... والإنس والجن فيما بينها برد أين الملوك التى كانت نوافلها ... من كلّ أوب إليها راكب يفد حوض هنالك مورود بلا كدر ... لا بدّ من ورده يوما كما وردوا (1) * * * عثمان بن عفان رضى الله عنه ابن أبى العاص بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصىّ القرشى الأموى، أبو عبد الله، وأبو عمرو، وذو النورين أمير المؤمنين رضى الله عنه، بويع بالخلافة يوم السبت غرة المحرم سنة أربع وعشرين (2)، بعد دفن عمر بن الخطاب رضى الله عنه بثلاثة أيام، باجتماع الناس عليه. وقتل بالمدينة يوم الجمعة لثمانى عشرة أو سبع عشرة خلت من ذى الحجة سنة خمس وثلاثين، وذلك على رأس إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهرا واثنين وعشرين يوما من مقتل عمر ـ رضى الله عنه ـ حج فيها كلها إلا السنة الأولى والأخيرة. وذكر ابن الأثير أنه حجّ بالناس فى السنة الأولى، وقيل: بل حجّ بالناس عبد الرحمن ابن عوف بأمر عثمان ـ رضى الله عنه ـ. ولما حج فى سنة تسع وعشرين ضرب فسطاطه بمنى، فكان أول فسطاط ضربه عثمان بمنى، وأتم الصلاة بها وبعرفة، فكان أول ما تكلم به الناس فى عثمان ظاهرا حين أتم الصلاة بمنى، فعاب ذلك غير واحد من الصحابة، وقال له علىّ رضى الله عنه: «ما حدث أمر، ولا قدم عهد، ولقد عهدت النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبا بكر وعمر يصلون ركعتين، وأنت صليت ركعتين صدرا من خلافتك»، فما درى ما يرجع إليه، وقال: «رأى رأيته». وبلغ الخبر عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه، وكان معه، فجاءه وقال: «ألم تصلّ فى هذا المكان مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبى بكر وعمر ركعتين؟ »، قال: «بلى، ولكن

_ (1) انظر: (تاريخ عمر بن الخطاب من 134، الكامل 3/ 30). (2) انظر: (الكامل 3/ 26، 28).

معاوية بن أبى سفيان

أخبرت أن بعض من حجّ من اليمن وجفاة الناس قالوا: إن الصلاة للمقيم ركعتان، واحتجوا بصلاتى، وقد اتخذت بمكة أهلا، ولى بالطائف مال»، فقال عبد الرحمن بن عوف: «ما فى هذا عذر، أما قولك: اتخذت بها أهلا، فإن زوجتك بالمدينة تخرج لها إذ شئت، وإنما تسكن بسكناك، وأما ما لك بالطائف فبينك وبينه مسيرة ثلاث ليال، وأما قولك عن حاج اليمن وغيرهم فقد كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ينزل عليه الوحى والإسلام قليل، ثم أبو بكر وعمر، فصلوا ركعتين وقد ضرب الإسلام بجرانه»، فقال عثمان: «هذا رأى رأيته»، فخرج عبد الرحمن فلقى عبد الله بن مسعود، فقال: «يا أبا محمد قد غيّر ما تعلم»، قال: «فما أصنع؟ » قال: «اعمل بما ترى وتعلم»، فقال عبد الرحمن: «قد صليت بأصحابى ركعتين، وأما الآن فسوف أصلى أربعا» ـ وقيل: كان ذلك سنة ثلاثين. * * * ولم يحج أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ فى خلافته، لاشتغاله بحرب الجمل وصفّين. * * * معاوية بن أبى سفيان (1) واسمه صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى الأموى، أبو عبد الرحمن، أمير المؤمنين، كان أميرا بالشام نحو عشرين سنة. وبايع له أهل الشام خاصة بالخلافة سنة ثمان أو تسع (2)، واجتمع الناس عليه حين بايع له الحسن بن على ـ رضى الله عنهما ـ وجماعة من معه فى ربيع الآخر أو جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين، وقيل سنة أربعين، فأقام فى الخلافة تسع عشرة سنة وتسعة أشهر وثمانية وعشرين يوما، وقيل غير ذلك. وحجّ بالناس عدة سنين أولها سنة أربع وأربعين، ولم يحج سنة خمس وأربعين، فحجّ بالناس مروان بن الحكم (3)، ثم حجّ معاوية سنة خمسين، وقيل بل حجّ بالناس ابنه يزيد،

_ (1) انظر: (ابن الأثير 4/ 2، الطبرى 6/ 180، منهاج السنة 2/ 201 ـ 226، اليعقوبى 2/ 192، تاريخ الخميس 2/ 291، 292، البدء والتاريخ 6/ 5، شذور العقود 6، المرزبانى 393، المسعودى 2/ 42، الأعلام 7/ 262). (2) يقصد: وثلاثين. (3) انظر: (الإصابة ترجمة 8320، أسد الغابة 4/ 348، الجمع 501، ابن الأثير 4/ 74، الطبرى 7/ 24، 83، البدء والتاريخ 6/ 19، السالمى 1/ 173، تاريخ الخميس 2/ 306، الأعلام 7/ 207).

عبد الله بن الزبير

وقيل: حجّ معاوية عدة سنين أكثر من هذه (1). * * * عبد الله بن الزبير (2) ابن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصىّ، القرشى الأسدى، أبو بكر ـ وقيل أبو بكير، وأبو خبيب ـ أمير المؤمنين رضى الله عنه (3). بويع له بالخلافة سنة أربع ـ وقيل خمس ـ وستين بعد موت معاوية بن أبى سفيان، وكان قبل ذلك لا يدعى بالخلافة، واجتمع على طاعته أهل الحجاز واليمن والعراق وخراسان. وحجّ بالناس ثمانى حجج، وقتل ـ رحمه الله تعالى ـ على يد الحجاج بن يوسف الثقفى (4) فى أيام عبد الملك بن مروان بن الحكم (5) يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من جمادى الأولى وقيل: جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين، وصلب بعد قتله بمكة. وبدأ الحجاج بحصاره من أول ليلة من ذى الحجة سنة اثنتين وسبعين وحجّ بالناس الحجاج فى ذلك العام، ووقف على عرفة وعليه درع ومغفر (6) ولم يطوفوا بالبيت فى تلك السنة، فحاصره الحجّاج ستة أشهر وسبعة عشر يوما إلى أن قتل. ولما غزاه أهل الشام فى أيام يزيد بن معاوية احترقت الكعبة فى سنة أربع وستين، فتركها ابن الزبير ليشنّع بذلك على أهل الشام، فلما مات يزيد، واستقرّ الأمر له،

_ (1) انظر: (تاريخ الخلفاء ص 219). (2) انظر: (ابن الأثير 4/ 135، فوات الوفيات 1/ 210، تاريخ الخميس 2/ 301، حلية الأولياء 1/ 329، اليعقوبى 3/ 2، صفة الصفوة 1/ 322، الطبرى 7/ 202، تهذيب ابن عساكر 7/ 296، شذور العقود 6، جمهرة الأنساب 113، 114، تاريخ الخلفاء، 237 وما بعدها). (3) انظر: (تاريخ الخلفاء 237). (4) انظر: (معجم البلدان 8/ 382، وفيات الأعيان 123، المسعودى 2/ 103 ـ 119، تهذيب التهذيب 2/ 210، تهذيب ابن عساكر 4/ 48، ابن الأثير 4/ 222، البدء والتاريخ 6/ 28. الأعلام 2/ 198). (5) انظر: (ابن الأثير 2/ 198، الطبرى 8/ 56، اليعقوبى 3/ 14، ميزان الاعتدال 2/ 15، المحبر 377، تاريخ الخميس 2/ 308، 311، المسعودى 2/ 86 ـ 103، تاريخ بغداد 10/ 388، فوات الوفيات 2/ 14، الأعلاق النفيسة 192، الأعلام 4/ 165). (6) المغفر: زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة، وقيل هو البيطة.

عبد الملك بن مروان

هدمها إلى الأرض، وبناها على قواعد إبراهيم ـ عليه السلام ـ وأدخل فيها الحجر، وجعل لها بابين (1). فلما قتل الحجاج عبد الله بن الزبير هدم بناء ابن الزبير من الكعبة فى سنة أربع وسبعين، وجعلها على ما هى عليه الآن ـ كما قد ذكرت ذلك فى كتاب «الإشارة والإعلام ببناء الكعبة البيت الحرام» ذكرا شافيا. * * * عبد الملك بن مروان ابن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى. قام بدمشق بعد موت أبيه فى شهر رمضان سنة خمس وستين، وبمكة عبد الله بن الزبير يدعى له بالخلافة، وعلى العراق المختار بن أبى عبيد الثقفى (2) يدعو لمحمد بن الحنفيّة (3)، والأرض تستعر حربا منذ قتل الحسين بن على بن أبى طالب ـ رضى الله عنهما ـ فساعدت الأقدار عبد الملك بن مروان وقتل جميع من خالفه، وأقام فى الخلافة بعد ابن الزبير ثلاث عشرة سنة وأربعة أشهر إلا سبع ليال ـ كما قد ذكرت ترجمته وترجمة أبيه فى التاريخ الكبير لمصر ـ فإنهما دخلاها. وحجّ عبد الملك فى خلافته سنتين، إحدهما سنة خمس وسبعين فهمّ شبيب بن يزيد (4) ـ أحد الخوارج ـ أن يفتك به، فبلغه ذلك فاحترس وكتب إلى الحجاج بن يوسف ـ بعد انصرافه ـ يأمره بطلب صالح بن مسرّح (5) وغيره من الخوارج، فكان من أخبارهم ما قد ذكر فى موضعه.

_ (1) انظر: (تاريخ مكة 2/ 45، 57، تاريخ الإسلام 2/ 365، 371). (2) انظر: (الإصابة ترجمة 8547، الفرق بين الفرق 31 ـ 37، ابن الأثير 4/ 82 ـ 108، الطبرى 7/ 146، الحور العين 182، ثمار القلوب 70، فرق الشيعة 23، المزربانى 408، الأخبار الطوال 82 ـ 300، الذريعة 1/ 348، 349، الغدير 2/ 342، 345، الأعلام 7/ 192). (3) انظر: (طبقات ابن سعد 5/ 66، وفيات الأعيان 1/ 449، صفة الصفوة 2/ 42، حلية الأولياء 3/ 174، البدء والتاريخ 5/ 75، نزهة الجليس 2/ 254، الأعلام 6/ 270). (4) انظر: (وفيات الأعيان 1/ 223، البيان والتبين 1/ 74، المقريزى 1/ 355، جمهرة الأنساب 307، ابن الأثير 4/ 151، 167، الطبرى 7/ 255، وما قبلها، اليعقوبى 3/ 19، البدية والنهاية 9/ 20، المعارف 180، الأعلام 3/ 157). (5) انظر: (ابن الأثير 4/ 152، الطبرى 7/ 217، الأعلام 3/ 197).

الوليد بن عبد الملك بن مروان

وخطب عبد الملك الناس بالمدينة النبوية، فقال، بعد حمد الله والثناء عليه: «أما بعد، فإنى لست بالخليفة المستضعف ـ يعنى عثمان بن عفّان ـ ولا بالخليفة المداهن ـ يعنى معاوية ـ ولا بالخليفة المأفون ـ يعنى يزيد بن معاوية ـ ألا وإنى لا أدواى هذه الأمة إلا بالسيف حتى تستقيم لى قناتكم، وإنكم تكلفونا أعمال المهاجرين الأولين، ولا تعملون مثل أعمالهم، وأنكم تأمروننا بتقوى الله وتنسون ذلك من أنفسكم، والله لا يأمرنى أحد بتقوى الله بعد مقامى هذا إلا ضربت عنقه». ثم نزل. * * * الوليد بن عبد الملك بن مروان (1) بويع بعد موت أبيه بعهده إليه، النصف من شوّال سنة ست وثمانين، وكانت خلافته تسع سنين وسبعة أشهر. وعمّر مسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سنة ثمان، وكان على يد عمر بن عبد العزيز ـ وهو على المدينة ـ فكتب إليه فى ربيع الأول يأمره بإدخال حجر أزواج النبى فى مسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأن يشترى ما فى نواحيه حتى يكون مائتى ذراع فى مثلها، وأن يقدّم القبلة، فقوّم عمر الأملاك قيمة عدل، وأعطى الناس أثمانها، وهدم بيوت أزواج النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبنى المسجد، وأتته الفعلة من الشام. وبعث الوليد بما عزم عليه إلى ملك الروم، فبعث إليه مائة ألف مثقال ذهبا، ومائة عامل، وأربعين حملا من الفسيفساء، فحمل الوليد ذلك إلى عمر بن عبد العزيز (2)، فحضر عمر ومعه الناس فوضعوا أساس المسجد، وابتدأوا بعمارته، وكتب أيضا إلى عمر أن يسهل الثنايا، ويحفر الآبار، ويصل الفوارة بالمدينة، فعملها وأجرى ماءها، ولما حج الوليد ورآها أعجبته، فأمر لها بقوّام يقومون عليها، وأمر أهل المسجد أن يسقفوا منها، وكتب إلى جميع البلاد بإصلاح الطرق وعمل الآبار بطريق الحجاز، ومنع المجذومين من الخروج على الناس، وأجرى لهم الأزراق.

_ (1) انظر ترجمته فى: (تاريخ الخلفاء 215 وما بعدها). (2) انظر ترجمته فى: (فوات الوفيات 2/ 105، تهذيب التهذيب 7/ 475، المحبر 27، حلية الأولياء 5/ 203، 353، ابن الأثير 5/ 22، اليعقوبى 3/ 44، صفة الصفوة 2/ 63، ابن خلدون 3/ 76، تاريخ الخميس 2/ 31، الطبرى 8/ 137، الأغانى 2579، ، المسعودى 2/ 131، 137، النجوم الزاهرة 1/ 246، الجرح والتعديل 3/ 122، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 19، شذرات الذهب 1/ 119 الأعلام 5/ 50).

سليمان بن عبد الله بن مروان

وكان حجه فى سنة إحدى وتسعين، فلما دخل المدينة غدا إلى المسجد ينظر إلى بنائه، وأخرج الناس منه، ولم يبق غير سعيد بن المسيب، فلم يجسر أحد من الحرس يخرجه، فقيل له: «لو قمت»، فقال: «لا أقوم حتى يأتى الوقت الذى كنت أقوم فيه»، فقيل: «لو سلّمت على أمير المؤمنين»، قال عمر بن عبد العزيز: «فجلست أعدل بالوليد فى ناحية المسجد لئلا يراه»، فالتفت الوليد إلى القبلة فقال: «من ذلك الشيخ، أهو سعيد؟ »، قال عمر: «نعم، ومن حاله كذا وكذا، ولو علم بمكانك لقام فسلم عليك، هو ضعيف البصر»، فقال الوليد: «قد علمت حاله، ونحن نأتيه، فدار فى المسجد ثم أتاه، فقال: «كيف أنت أيها الشيخ؟ »، فو الله ما تحرك سعيد بل قال: «بخير والحمد لله، فكيف أمير المؤمنين وكيف حاله؟ »، فانصرف الوليد وهو يقول لعمر: «هذا بقية الناس». وقسم الوليد بالمدينة أموالا كثيرة وصلّى بها الجمعة، فخطب الناس الخطبة الأولى جالسا، ثم قام فخطب الثانية قائما، فقال رجل لرجاء بن حيوة (1): «أهكذا يصنعون؟ »، قال: «نعم وهكذا صنع معاوية، وهلم جرّا»، فقيل له: «ألا تكلمه؟ »، فقال: «أخبرنى قبيصة بن ذؤيب (2) أنه كلّم عبد الملك بن مروان فى القعود فلم يتركه وقال: هكذا خطب عثمان»، قال: فقلت: «والله ما خطب عثمان إلا قائما»، قال رجاء: «روى لهم شيء فأخذوا به». * * * سليمان بن عبد الله بن مروان (3) بويع بعد موت أخيه الوليد فى نصف جمادى الآخرة سنة ست وتسعين وهو بالرملة، فأقام بالخلافة سنتين وثمانية أشهر وخمسة أيام. وحج بالناس سنة سبع وتسعين، وكتب إلى خالد بن عبد الله القسرى (4) ـ وهو على مكة ـ «أن أجر لى عينا يخرج من مائها العذب الزلال، حتى تخرج من بين زمزم والمقام، فعمل خالد بركة بأصل ثبير من حجارة، وأحكمها وأنبط ماءها وشق لها فلجا

_ (1) انظر: (تذكرة الحفاظ 1/ 111، تهذيب التهذيب 3/ 265، حلية الأولياء 5/ 170، ابن خلدون 3/ 71، ابن خلكان 1/ 187، الأعلام 3/ 17). (2) انظر: (تهذيب الأسماء 2/ 56، الأعلام 5/ 189). (3) انظر: (ابن الأثير 5/ 14، الطبرى 8/ 126، ابن شاكر 1/ 177، اليعقوبى 3/ 36، ابن خلدون 3/ 74، المسعودى 2/ 127، تاريخ الخميس 2/ 314، 315، الأعلام 3/ 130). (4) انظر: (الأغانى 19/ 53 ـ 64، تهذيب ابن عساكر 5/ 67 ـ 80، الوفيات 1/ 169، ابن خلدون 3/ 105، ابن الأثير 4/ 205، 5/ 101، الأعلام 2/ 297).

هشام بن عبد الملك بن مروان

يكسب فيها من شعب فى الجبل، ثم شقّ من البركة عينا تخرج إلى المسجد الحرام، تجرى فى قصب من رصاص، حتى أظهره من فوّارة تسكب فى فسقيّة من رخام بين زمزم والمقام، فلما جرت وظهر ماؤها أمر القسرىّ بجزور فنحرت بمكة، وقسّمت بين الناس، وعمل طعاما دعى إليه الناس، ثم أمر صائحا فصاح: «الصلاة جامعة»، وأمر بالمنبر فوضع فى وجه الكعبة، ثم صعد فحمد الله وأثنى عليه، وقال: «أيها الناس: احمدوا الله، وادعوا لأمير المؤمنين الذى سقاكم الماء العذب الزلال النقاخ». فكانت تفرغ تلك الفسقية فى سرب من رصاص يخرج إلى موضع وضوء كان عند باب الصفا، وفى بركة كانت فى السوق، وكان الناس لا يقفون على تلك الفسقيّة، ولا يكاد أحد يقربها، وكانوا على شرب ماء زمزم أحرص، وفيه أرغب، فصعد خالد المنبر، وأنّب الناس وأقذع فى كلامه. فلم تزل البركة حتى هدمها داود بن على بن عبد الله بن عباس (1) فى خلافة أبى العباس السفّاح وصرف العين إلى بركة بباب المسجد، وبقى السرب من الرصاص حتى قدم بشر الخادم من بغداد إلى مكة فى سنة ست وخمسين ومائتين فعمل القبة بجانب الشراب، وأخرج قصب خالد فجعلها فى سرب الفوّارة التى يخرج منها الماء إلى حياض زمزم، فتصب فى هذه البركة. * * * هشام بن عبد الملك بن مروان استخلف بعد موت أخيه يزيد بن عبد الملك لليال بقين من شعبان سنة خمس ومائة، فقام فى الخلافة تسع عشرة سنة وتسعة أشهر وأحد وعشرين يوما، وقيل ثمانية أشهر ونصف. وحجّ فيها مرة واحدة سنة ست ومائة، وكتب له أبو الزناد (2) سنن الحج، قال أبو الزناد: «لقيت هشاما، فإنى لفى الموكب إذ لقيه سعيد بن عبد الله بن الوليد بن عثمان، فسار إلى جنبه، فسمعته يقول له: يا أمير المؤمنين، إن الله لم يزل ينعم على أهل بيت أمير المؤمنين، وينصر خليفته المظلوم، ولم يزالوا يلعنون فى هذه المواطن أبا تراب، فإنها مواطن صالحة، وأمير المؤمنين ينبغى له أن يلعنه فيها؛ فشق على هشام قوله، وقال: ما

_ (1) انظر: (تهذيب ابن عساكر 5/ 203، المحبر 23، ميزان الاعتدال 1/ 321، الطبرى 9/ 147، الأعلام 1/ 233). (2) انظر: (تذكرة الحفاظ 1/ 126، تهذيب ابن عساكر 7/ 382، الأعلام 4/ 85، 86).

ثم كانت دولة بنى العباس

قدمنا لشتم أحد ولا للعنه، قدمنا حجاجا؛ ثم قطع كلامه، وأقبل علىّ فسألنى عن الحج، فأخبرته بما كتبت له»، قال: «وشق على سعيد أنى سمعته تكلم بذلك، فكان منكسرا كلما رآنى». وكلم إبراهيم بن محمد بن طلحة هشاما وهو فى الحجر بمكة، فقال له: «أسألك بالله وبحرمة هذا البيت الذى خرجت معظما له إلا رددت علىّ ظلامتى؟ »؛ قال: «أى ظلامة؟ »، قال: «دارى» قال: «فأين كنت عن أمير المؤمنين عبد الملك؟ »، قال: «ظلمنى»، قال: فالوليد وسليمان؟ »، قال: «ظلمانى»، قال: «فعمر؟ »، قال: «يرحمه الله، ردها علىّ»، قال: «فيزيد بن عبد الملك؟ »، قال: «ظلمنى وقبضها منى بعد قبضى لها، وهى فى يدك»، قال هشام: «لو كان فيك ضرب لضربتك»، فقال: «فىّ والله ضرب بالسيف والسوط»؛ فانصرف هشام، وقال لمن معه: «كيف سمعت هذا اللسان؟ »، قال: «ما أجوده! »، قال: «هى قريش وألسنتها، ولا يزال فى الناس بقايا، ما رأيت مثل هذا». ولم يحج بعد هشام أحد من بنى أمية وهو خليفة. والله المعين الهادى إلى طريق الرشاد. * * * ثم كانت دولة بنى العباس وأول من حج منهم وهو خليفة: أبو جعفر المنصور (1) واسمه: عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، أمير المؤمنين العباسى الهاشمى، بويع له بعد موت أخيه أبى العباس السفاح عبد الله ـ وهو بطريق مكة ـ سنة ست وثلاثين ومائة، فقدم الكوفة. ثم حج فى سنة أربعين ومائة، فأحرم من الحيرة، ولما قضى حجه توجه إلى بيت المقدس، وسار منها إلى الرقة، ومضى إلى هاشمية الكوفة. وحج ثانيا سنة أربع وأربعين ومائة؛ فلما حج بالناس ورجع لم يدخل المدينة، ومضى إلى الربذة، وأحضر بنى حسن بن على إليه فى القيود والأغلال، فسار بهم إلى الكوفة، وعتى عتوا كبيرا فى ظلمهم.

_ (1) انظر: (ابن الأثير 5، 172، 6/ 6، الطبرى 9/ 292 ـ 322، البدء والتاريخ 6/ 90، اليعقوبى 3/ 100، تاريخ الخميس 2/ 324، 329 المسعودى 2/ 180 ـ 164، تاريخ بغداد 10، 23، ابن الساعى 11 ـ 23، فوات الوفيات 1/ 232).

ثم حج بالناس فى سنة سبع وأربعين ومائة. وحج رابعا فى سنة ثمان وأربعين ومائة. وحج خامسا سنة اثنتين وخمسين. وسار فى سنة أربع وخمسين إلى الشام وبيت المقدس. ثم سار فى سنة ثمان وخمسين ومائة من بغداد إلى الكوفة؛ ليحج، واستخلف ابنه المهدى (1)، ووصاه وصية بليغة جّا، لولا طولها لذكرتها، وودعه وبكى، وأعلمه أنه ميت فى سفره هذا، ثم سار إلى الكوفة، وجمع بين الحج والعمرة، وساق الهدى وأشعره وقلده لأيام خلت من ذى القعدة، فعرض له ـ وهو سائر ـ وجع اشتد به حتى مات فى بئر ميمون خارج مكة لست خلون من ذى الحجة؛ فكتم الربيع الحاجب موته حتى بايع المهدى. فكانت خلافة أبى جعفر اثنتين وعشرين سنة تنقص أياما قد اختلف فى عدتها. واتفق أنه لما نزل آخر منزل بطريق مكة نظر فى صدر البيت فإذا فيه بعد البسملة: أبا جعفر حانت وفاتك وانقضت ... سنوك وأمر الله لابد واقع أبا جعفر هل كاهن أو منجم ... لك اليوم من حر المنيّة مانع فأحضر متولى المنازل، وقال له: «ألم آمرك الله أن لا يدخل المنازل أحد من الناس»، وكانت الخلفاء يبنى لهم فى كل منزلة ينزلونها بطريق مكة دار، ويعد لهم فيها سائر ما بحتاج إليه من الستور والفرش والأوانى وغير ذلك فقال: «والله ما دخله أحد منذ فرغ»، فقال: «اقرأ ما فى صدر البيت»، فقال: «ما أرى شيئا»؛ فأحضر غيره، فلم ير شيئا، فقال: «يا ربيع، قف بينى بين الحائط»، فقام الربيع بينه وبين الجدار، فرأى البيتين كما كان يراهما قبل وقوف الربيع، فعلم أنه قد نعيت إليه نفسه؛ فقال: «يا ربيع، اقرأ آية من كتاب الله»، فقرأ: «وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون» فأمر به فضرب ورحل من المنزل، وتطير، فسقط عن دابته فاندق ـ عنقه ـ وقيل: بل مات من مرضه، ودفن ببئر ميمون. ومن بديع ما يحكى عنه: أنه لما حج وأشرف على المدينة النبوية ترجّل الناس له لما استقبلوه، إلا محمد بن عمران ـ قاضى المدينة ـ فقال المنصور: «يا ربيع، ما له لا يترجل لى؟ يتجالد علىّ ويمتنع مما فعله بنو عبد المطلب وبنو على، فلم ينزل إلى الأرض لما بصر بى؟ »، فقال الربيع: «يا أمير المؤمنين، لو رأيته على الأرض لرحمته ورثيت له من ثقله وعظمه»، فأمره بالدنو منه، فدنا منه راكبا عند تمهيد الربيع له العذر، فسأله عن حاله، ثم قال: «يا ابن عمران، أيما رجل أنت؟ لولا خصال فيك ثلاث كنت أنت الرجل،

_ (1) انظر: (تاريخ الخلفاء 313 وما بعدها).

فقال: «وما هن يا أمير المؤمنين؟ » قال: «قعودك عن الصلاة فى مسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى جماعة، فتصلى وحدك، والثانية أنك لا تكلم أحدا فى الطريق تيها وعظمة، والثالثة أنك رجل بخيل فيك ضيق شديد». فقال: «يا أمير المؤمنين: أما الأولى فإنى أكره أن أصلى بصلاة الإمام، فما يدخل من فسادها أعظم عندى من تركى إياها لشغل، وإنى لا أدرك معهم ركوعا ولا سجودا، فأرى أن أصلى وحدى أفضل، وأما الثانية: «فإنى قاض، ولا يجوز أن أعطى من نفسى التسليم عليهم والابتذال لنفسى، فيكون فى ذلك مفسدة للخصوم، وأما الثانية: فإنى لا أجمد ولا أذرب فى باطل». قال: «خرجت منهن يا بن عمران؟ ! يا ربيع: ادفع إليه ثلاثة آلاف درهم». قال: «يا أمير المؤمنين: بالباب مستعدون عليك يذكرون أن فى يدك حقا من دار كذا»، قال: «فأنصفهم منى»، قال: «وكّل وكيلا يقوم مقامك، أو أحضر معهم مجلس القضاء»، قال: «قد وكّلت الربيع»، قال: «أشهد على وكالتك إياه عيسى بن على، والعباس بن محمد (1) ففعل، ثم أخرج حدود الدار التى ينازعون فيها، ودعا بالربيع وخصمائه، وأحضر شهادته على الوكالة وأنفذها، ثم سأل القوم عن دعواهم وشهودهم، ثم قضى لهم عليه. واستعدى أيضا الجمّالون على المنصور بالمدينة، فقال القاضى محمد بن عمران للشبلى: «اكتب إليه فى ذلك»، فأبى عليه، وقال: «تعفينى»، فقال: «لتكتبن»، فكتب، فلما استتم الكتاب وختمه، قال له: «لا يمضى به سواك»، فمضى، ووافى إلى باب المنصور، وسلم الكتاب إلى الربيع، فأوصله إلى المنصور، فقرأه. وعاد الشبلى إلى محمد بن عمران، فعرّفه أنه سلّم ما كتب إلى الربيع، فأوصله، فقرأه المنصور وأجاب إلى الحضور. ثم خرج المنصور مؤتزرا ببردة، مرنديا بأخرى، ومشى إلى أن قارب مجلس محمد بن عمران، ووقعت عينه عليه ـ والربيع بين يديه ـ فقال له: «يا ربيع، نفيت عن العباس، لئن تحرك محمد بن عمران عن مجلسه هيبة لى، ولا ولى ولاية أبدا»، ثم صار إلى محمد ابن عمران، فلما رأى المنصور وكان أطلق ردائه على عاتقه، ثم احتبى، ودعى بالخصوم فحكم لهم عليه، وأمره بإنصافهم.

_ (1) انظر: (تاريخ بغداد 1/ 95، 12، 124، تهذيب ابن عساكر 7/ 203، النجوم الزاهرة 2/ 120، الأعلام 3/ 264، 265).

المهدى أبو عبد الله محمد

وانصرف أبو جعفر، وأمر الربيع بإحضار محمد بن عمران، فلما دخل عليه قال له: «يا بن عمران: جزاك الله عن دينك، وعن نبيك، وعن هيبتك، وعن خليفتك أحسن الجزاء»، وأمر له بعشرة آلاف درهم. * * * المهدى أبو عبد الله محمد ابن أبى جعفر عبد الله بن محمد المنصور، أمير المؤمنين، ولى بعد وفاة أبيه، بعهد إليه، فقام فى الخلافة عشر سنين وتسعة وأربعين يوما. وحجّ فى سنة ستين ومائة، واستخلف ببغداد ابنه موسى ومعه خاله يزيد بن منصور، وحجّ معه ابنه هارون بن محمد (1) فى جماعة من أهله. فلما قدم مكة نزع الكسوة عن الكعبة عند ما رفع إليه سدنة البيت أنهم يخافون على الكعبة أن تنهدم لكثرة ما عليها من الكسوة، فوجد كسوة هشام بن عبد الملك من الديباج الثخين، وكانت الكسوة لا تنزع من الكعبة فى كل سنة كما هو العمل الآن، بل تلبس كل سنة كسوة فوق تلك الكسوة، فلما تكاثر العهد ذلك خافت السّدنة على الأركان أن تنهدم لثقل ما صار عليها من الكسوة. وكانت كسوة الكعبة تعمل من الديباج المذهب. وأنفق المهدى فى هذه الحجة مالا عظيما قدم به معه من العراق، يبلغ ثلاثين ألف ألف درهم، سوى ما وصل إليه من مصر، وهو مبلغ ثلاثمائة ألف دينار عينا، ومن اليمن مبلغ مائتى ألف دينار عينا، فرّق ذلك كله، ومعه مائة ألف وخمسون ألف ثوب. ووسّع مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذ خمسمائة من الأنصار جعلهم حرسا له، وأقطعهم بالعراق الإقطاعات، وأجرى عليهم الأرزاق. وحمل محمد بن سليمان (2) الثلج إلى مكة، وهو أول خليفة حمل إليه الثلج إلى مكة.

_ (1) انظر: (البداية والنهاية 10/ 213، اليعقوبى 3/ 139، ابن الأثير 6/ 69، الطبرى 10/ 47، 110، تاريخ الخميس 2/ 331، المرزبانى 213، البدء والتاريخ 6/ 101، ثمار القلوب 78 / النبراس 36 ـ 42، المسعودى 2/ 207 ـ 213، تاريخ بغداد 14/ 5، الديارات 144 ـ 136، بلغة الظرف 49، الأعلام 8/ 62). (2) انظر: (تاريخ بغداد 5/ 291، المحبر 61، 305، الوافى بالوفيات 3/ 121، النجوم الزاهرة 2/ 47، 70، 37، الكامل 6/ 17، البيان والتبيين 1/ 295، 2/ 129، الأعلام 6/ 149).

هارون الرشيد

وأمر ببناء القصور بطريق مكة أوسع من القصور التى بناها السفّاح، وأمر باتخاذ المصانع (1) فى كل منها، وتجديد الأميال وحفر الرّكايا (2). وبعث ابنه موسى الهادى فحجّ بالناس سنة إحدى وستين وأمر فى سنة ست وستين ومائة بإقامة البريد بين مكة والمدينة واليمن ـ بغالا وإبلا ـ ولم يكن هناك بريد قبل ذلك. وحكى محمد بن عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن جعفر بن أبى طالب رضى الله عنه، قال: «رأيت فيما يرى النائم ـ فى آخر سلطان بنى أمية ـ كأنى دخلت مسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فرفعت رأسى، فرأيت الكتاب الذى فى المسجد بالفسيفساء، فإذا فيه: مما أمر به أمير المؤمنين الوليد بن عبد الملك، إذا قائل يقول: يمحى هذا الكتاب ويكتب مكانه اسم رجل من بنى هاشم يقال له محمد، قلت: فأنا من بنى هاشم واسمى محمد، فابن من؟ قال: ابن عبد الله، قلت: فأنا ابن عبد الله، فابن من؟ قال: ابن محمد، قلت: فأنا ابن محمد، فابن من؟ قال: ابن على، قلت: فأنا ابن على، فابن من؟ قال: ابن عبد الله، قلت: فأنا ابن عبد الله، فابن من؟ قال: ابن عباس، فلو لم يبلغ العباس ما شككت أنى صاحب الأمر». فتحدث بها ذلك الزمان، ونحن لا نعرف المهدى، حتى ولى المهدى، فدخل مسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فرأى اسم الوليد، فقال: «أرى اسم الوليد إلى اليوم؟ » فدعا بكرسى، فألقى فى صحن المسجد، وقال: «ما أنا ببارح حتى يمحى ويكتب اسمى مكانه»، ففعل ذلك، وهو جالس. وطاف بالبيت مرة ليلا، فسمع أعرابية تقول: «قومى مقترون، ونبت عنهم العيون، وفدحتهم الديون، وعضّتهم السنون، فبادت رجالهم، وذهبت أموالهم، وكثرت عيالهم، أبناء سبيل، وأنضاء طريق، وصية الله، ووصية الرسول، فهل من آمر لى بخير كلأه الله فى نفسه وخلفه فى أهله»، فأمر لها بخمسمائة درهم. * * * هارون الرشيد ابن محمد بن أبى جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس رضى الله عنهم. بويع بالخلافة بعد موت أخيه موسى الهادى فى ليلة الجمعة النصف من ربيع الأول ـ

_ (1) المصنعة مكان كالحوض يجمع فيه ماء المطر. (2) الركية هى البئر تحفر.

وقيل لأربع عشرة خلت منه ـ سنة سبعين ومائة، فأقام فى الخلافة ثلاثا وعشرين سنة وشهرين وثمانية عشر يوما، يغز وسنة ويحج سنة، فحج تسع حجج، ولم يحج بعده خليفة من بغداد. فأول ما حج وهو خليفة سنة سبعين وقسّم فى أهل الحرمين عطاء كثيرا، وقيل إنه غزا أيضا فيها بنفسه. وحجّ ثانيا فى سنة ثلاث وسبعين، وأحرم من بغداد. وحجّ بالناس سنة أربع وسبعين، وقسّم فى الناس مالا كثيرا. ثم حجّ فى سنة سبع وسبعين، وخرج عليه الوليد بن طريف (1) الشارى ـ أحد الخوارج من بنى تغلب ـ بنصيبين، وأخذ أرمينية وحصر خلاط، وعاث فى بلاد الجزيرة، فسيّر إليه الرشيد يزيد بن مزيد ابن زائدة الشيبانى ـ وهو ابن أخى معن بن زائدة (2) ـ على العسكر، فلم يزل يحاربه حتى قتله، وفيه تقول أخته ليلى بنت طريف (3) ترثيه بالأبيات المشهورة التى منها قولها: فيا شجر الخابور مالك مورقا ... كأنّك لم تجزع على ابن طريف الأبيات: فاعتمر الرشيد فى شهر رمضان سنة تسع وسبعين ومائة. وشكر الله تعالى على قتل الوليد، وعاد إلى المدينة فأقام بها الى وقت الحج بالناس، ومشى من مكة إلى منى إلى عرفات، وشهد المشاعر كلها ماشيا، ورجع على طريق البصرة، ولا يعرف من ملوك الدنيا ملك حج ماشيا سوى ملكين هرقل بن هرقل بن انتونيس ـ من أهل صلوقيا ـ حجّ من حمص إلى إيليا ـ التى هى بيت المقدس ـ ماشيا، ووافاه كتاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى سفرته هذه يدعوه إلى الإسلام ـ كما وقع فى الصحيحين وغيرهما ـ والملك الثانى هارون الرشيد. وذكر محمد بن حزم فى كتاب «جمهرة الأنساب» أن موسى الهادى بن محمد المهدى كان له أم ولد تسمى «أمة العزيز»، تزوجها أخوه هارون من بعده، وهى التى كان

_ (1) انظر: (وفيات الأعيان 2/ 179، النجوم 2/ 95، 3/ 161، الطبرى 10/ 65، الكامل 6/ 47، مرآة الجنان 1/ 370، الأعلام 8/ 120). (2) انظر: (وفيات الأعيان 2/ 108، تاريخ بغداد 13/ 235، ابن الأثير 5/ 221، المرزبانى 400، آمالى المرتضى 1/ 161، نزهة الجليس 2/ 226، خزانة الأرب 1/ 182، رغبة الآمل 8/ 168، الأعلام 7/ 173). (3) انظر: (النجوم الزاهرة 2/ 95، جمهرة الأنساب 2890، الوفيات 2/ 176، مجلة لغة العرب 8/ 92، الأعلام 5/ 128).

حلف الرشيد لأخيه بالمشى إلى الكعبة، أن لا يتزوجها، فلما مات الهادى تزوجها، ومشى راجلا من بغداد إلى مكة ـ وهو خليفة ـ فولدت له عليّا، وكان أقبح الناس صورة. ولما دخل الرشيد مكة وهو خليفة كان يطرح له الرمل حول البيت ومقدار عرضه ذراعان، ويرشّ بالماء، ويقوم الحرس بينه وبين الناس، وكان يطوف بين المغرب والعشاء ثلاثة عشر أسبوعا، ولا يطيق ذلك أحد ممن كان معه، وكان إذا سعى شمر إزاره وجعل له ذنبين، فكان يفتن من يراه. وكذلك حجّت زبيدة أم جعفر بنت جعفر بن أبى جعفر ـ زوج هارون الرشيد ـ ماشية أيضا، وكانت حجة عظيمة، غير أن ذكرها ليس من شرط هذا الجزء، فلذلك تركت ذكرها. وحجّ الرشيد أيضا بالناس فى سنة إحدى وثمانين ومائة. وحجّ فى سنة ست وثمانين ومائة من الأنبار، ومعه ابناه عبد الله المأمون ومحمد الأمين، فبدأ بالمدينة فأعطى فيها ثلاث أعطيات، وأعطى هو عطاء، وكل من ولديه عطاء، وسار إلى مكة فأعطى أهلها ألف ألف دينار وخمسين ألف دينار، وكان قد ولىّ الأمين العراق والشام إلى آخر المغرب، وجعله ولىّ عهده، وضّم إلى المأمون من همذان إلى آخر المشرق، وعهد إليه بعد الأمين، ثم بايع لابنه القاسم بولاية العهد بعد المأمون، ولقّبه المؤتمن، وضّم إليه الجزيرة والثغور والعواصم، فجمع بمكة القضاة والفقهاء، وكتب كتابا أشهدهم فيه على الأمين بالوفاء للمأمون وكتب كتابا أشهدهم فيه على المأمون بالوفاء للأمين، وعلق الكتابين بالكعبة، وقد ذكرت خبر ذلك مبسوطا فى ترجمة المأمون من «تاريخ مصر الكبير المقفا»، فإنه قدم مصر فى سنة سبع عشرة ومائتين، وفى عود الرشيد من هذه الحجة نكب البرامكة النكبة المشهورة بالأنبار سلخ المحرم سنة سبع وثمانين ومائة ثم حجّ الرشيد سنة ثمان وثمانين راجلا، وقسّم أموالا كثيرة وهى آخر حجة حجّها. وكان إذا حجّ حجّ معه مائة من الفقهاء وأبنائهم، فإذا لم يحج أحجّ ثلاثمائة رجل بالنفقة السابغة والكسوة الظاهرة الفاخرة، ولم ير خليفة قبله أكثر عطاء منه، وقيل لو قيل للدنيا: متى أيام شبابك، لقالت: أيام هارون الرشيد. ومن فضائل الرشيد ما أخرجه الحافظ أبو نعيم فى «كتاب الحلية»: «حدثنا سليمان

ابن أحمد ـ يعنى الطبرانى (1) ـ أخبرنا محمد بن زكريا الغلابى (2)، أخبرنا أبو عمر الحرمى النحوى، أخبرنا الفضل بن الربيع (3)، قال: حجّ أمير المؤمنين ـ يعنى هارون الرشيد ـ فأتانى، فخرجت مسرعا، فقلت: يا أمير المؤمنين لو أرسلت إلىّ أتيتك، فقال: ويحك، قد حاك فى نفسى شئ، فانظر لى رجلا أسأله، فقلت: هاهنا سفيان بن عيينة (4) فقال: امضى بنا إليه، فأتيناه، فقرعت الباب، فقال: من ذا؟ قلت: أجب أمير المؤمنين. فخرج مسرعا، فقال: يا أمير المؤمنين، لو أرسلت إلىّ أتيتك، فقال له: خذ لما جئناك له، رحمك الله، فحدّثه ساعة، ثم قال له: عليك دين؟ قال: نعم، قال: أبا عباس، اقض دينه. فلما خرجنا، قال: ما أغنى عنى صاحبك. انظر لى رجلا أسأله، قلت هاهنا عبد الرزاق بن همام (5)، قال: امضى بنا إليه، فأتيناه، فقرعت الباب، فقال: من هذا؟ قلت: أجب أمير المؤمنين، فخرج مسرعا، فقال: يا أمير المؤمنين، لو أرسلت إلىّ أتيتك، فقال: خذ لما جئناك له، فحادثه ساعة، ثم قال له: عليك دين؟ قال: نعم، قال: أبا العباس، قض دينه. فلما خرجنا، قال: ما أغنى عنى صاحبك شيئا، انظر لى رجلا أسأله، قلت: هاهنا الفضيل بن عياض (6)، قال: امض بنا إليه، فأتيناه، فإذا هو قائم يصلى، يتلو آية من القرآن يرددها، فقال: اقرع الباب فقرعت الباب، فقال: من هذا؟ قلت: أجب أمير المؤمنين، قال: ما لى ولأمير المؤمنين، فقلت: سبحان الله! أما عليك طاعة؟ أليس قد

_ (1) انظر: (وفيات الأعيان 1/ 215، النجوم الزاهرة 4/ 59، تهذيب ابن عساكر 6/ 210 مناقب الإمام أحمد 513، وفى مخطوطة المنح البارية. توفى بطبرية الشام، الأعلام 3/ 121). (2) انظر: (النجاشى 244، الأعلام 6/ 130). (3) انظر: (ابن خلكان 1/ 412، البداية والنهاية 10/ 263، تاريخ بغداد 12/ 343، المرزبانى 312، مفتاح السعادة 2/ 194، مرآة الجنان 2/ 42، الأعلام 5/ 148). (4) انظر: (تذكرة الحفاظ 1/ 242، الرسالة المستطرفة 31، صفة الصفوة 2/ 130، ابن خلكان 1/ 210، ميزان الاعتدال 1/ 397، حلية الأولياء 7/ 270، ذيل المذيل 108، الشعرانى 1/ 40، تاريخ بغداد 9/ 172، الأعلام 3/ 105). (5) انظر: (تهذيب التهذيب 6/ 310، ابن خلكان 1/ 303، طبقات الحنابلة 152، ميزان الاعتدال 2/ 126، نكت الهميان 191، الرسالة المستطرفة 31، تذكرة النوادر 33، 34، أخبار التراث العدد 46، الأعلام 3/ 353). (6) انظر: (تذكرة الحفاظ 1/ 225، تهذيب التهذيب 8/ 294، الجواهر المضية 1/ 409، صفة الصفوة 2/ 134، حلية الأولياء 8/ 84، ابن خلكان 1/ 415، الأعلام 5/ 153).

روى عن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: «ليس للمؤمن أن يذلّ نفسه»، فنزل ففتح الباب، ثم ارتقى إلى الغرفة، فأطفأ السراج ثم التجأ إلى زاوية من زوايا البيت، فدخلنا، فجعلنا نجول عليه بأيدينا، فسبقت كفّ هارون قبلى إليه، فقال: يالها من كف! ما ألينها إن نجت غدا من عذاب الله عزوجل، فقلت فى نفسى: ليكلمنّه الليلة بكلام من قلب تقى، فقال له: خذ لما جئناك له رحمك الله، فقال: إن عمر بن عبد العزيز لما ولى الخلافة دعا سالم بن عبد الله (1) ومحمد بن كعب القرظى، ورجاء بن حيوة، فقال لهم: إنى قد ابتليت بهذا البلاء فأشيروا علىّ، فعدّ الخلافة بلاء، وعددتها أنت وأصحابك نعمة، فقال له سالم بن عبد الله: إن أردت النجاة من عذاب الله فصم الدنيا، وليكن إفطارك منها الموت، وقال له محمد بن كعب: إن أردت النجاة من عذاب الله فليكن كبير المسلمين عندك أبا، وأوسطهم عندك أخا، وأصغرهم عندك ولدا، فوقر أباك، وأكرم أخاك، وتحنن على ولدك، وقال رجاء بن حيوه: إن أردت النجاة من عذاب الله تعالى فأحبّ للمسلمين ما تحب لنفسك، واكره لهم ما تكره لنفسك، ثم مت إذا شئت، إنى أقول لك بأنى أخاف عليك أشد الخوف يوم تزلّ فيه الأقدام، فهل معك، رحمك الله، مثل هذا، أو من يشير عليك مثل هذا؟ . فبكى هارون بكاء شديدا حتى غشى عليه، فقلت له: ارفق بأمير المؤمنين. قال: يا ابن الربيع، تقتله أنت وأصحابك، وأرفق به أنا؟ . ثم أفاق هارون فقال له: زدنى ـ رحمك الله ـ فقال: أمير المؤمنين، بلغنى أن عاملا لعمر بن عبد العزيز شكى إليه، فكتب إليه عمر: «يا ابن أخى، أذكرك طول سهر أهل النار فى النار مع خلود الأبد، وإياك أن ينصرف بك من عند الله إلى عذاب الله، فيكون آخر العهد وانقطاع الرجاء»، فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدم على عمر بن عبد العزيز، فقال له: ما أقدمك؟ فقال: خلعت قلبى بكتابك، لا أعود إلى ولاية حتى ألقى الله. فبكى هارون بكاء شديدا، ثم قال له: زدنى، رحمك الله، فقال: يا أمير المؤمنين، إن العباس، عم المصطفى صلى الله عليه وسلم قال: «يا رسول الله، أمّرنى على إمارة»، فقال له النبىصلى الله عليه وسلم: «إن الإمارة حسرة وندامة يوم القيامة، فإن استطعت أن لا تكون أميرا فافعل». فبكى هارون بكاء شديدا، وقال: زدنى رحمك الله قال: يا حسن الوجه، أنت الذى يسألك الله ـ عزوجل ـ عن هذا الخلق يوم القيامة، فإن استطعت أن تقى هذا

_ (1) انظر: (تهذيب التهذيب 3/ 346، تهذيب ابن عساكر 6/ 50، غاية النهاية 1/ 301، صفة الصفوة 2/ 50، حلية الأولياء 2/ 193، الأعلام 3/ 71).

الوجه من النار، فإياك أن تصبح وتمسى وفى قلبك غش لأحد من رعيتك، فإن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «من أصبح لهم غاشا لم يرح رائحة الجنة». فبكى هارون، وقال له: عليك دين؟ قال: نعم، دين لربى لم يحاسبنى عليه، فالويل لى إن سألنى، والويل لى إن ناقشنى، والويل لى إن لم ألهم حجتى، قال: إنما أعنى دين العباد، قال: إن ربى ـ عزوجل ـ لم يأمرنى بهذا، وإنما أمرنى أن أصدق وعده وأطيع أمره، فقال: (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ. ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ. إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) [الذاريات: 56 ـ 58] فقال له: هذا ألف دينار خذها فانفقها على عيالك، وتقوبها على عبادتك، فقال: سبحان الله، أنا أدلك على طريق النجاة وأنت تكافئنى بمثل هذا؟ سلّمك الله ووفّقك. ثم صمت فلم يكلمنا، فخرجنا من عنده، فلما صرنا على الباب، قال هارون: أبا عباس، إذا دللتنى على رجل، فدلنى على مثل هذا، هذا سيّد المسلمين. فدخلت عليه امرأة من نسائه فقالت: «يا هذا، قد ترى ما نحن فيه من ضيق، فلو قبلت هذا المال فتفرجنا به؟ » فقال لها: «مثلى ومثلكم كمثل قوم كان لهم بعير يأكلون من كسبه، فلما كبر نحروه، فأكلوا لحمه»، فلما سمع هارون الرشيد هذا الكلام، قال: «تدخل فعسى أن يقبل المال»، فلما علم الفضيل خرج فجلس فى السطح على باب الغرفة فجاء هارون فجلس إلى جنبه، فجعل يكلمه فلا يجيبه، فبينا نحن كذلك إذ خرجت جارية سوداء فقالت: «يا هذا، قد آذيت الشيخ منذ الليلة فانصرف، رحمك الله»، فانصرفنا. أخبرنا إبراهيم بن عبد الله، حدثنا محمد بن إسحاق قال: حدثنى إسماعيل بن عبد الله أبو النضر، أخبرنا يحيى بن يوسف الزمّى، عن الفضيل بن عياض ـ رحمه الله ـ قال: «لما دخل علىّ هارون أمير المؤمنين، قال: أيكم هو؟ فأشاروا إلى أمير المؤمنين، فقال: أنت هو يا حسن الوجه لقد كلّفت أمرا عظيما، إنى ما رأيت أحدا أحسن وجها منك، فإن قدرت أن لا تسوّد هذا الوجه بلفحة من النار فافعل، فقال لى: عظنى، فقلت: ماذا أعظك؟ هذا كتاب الله تعالى بين الدفتين، انظر ماذا عمل بمن أطاعه، وماذا عمل بمن عصاه، وقال: إنى رأيت الناس يعرضون على النار عرضا شديدا، ويطلبونها طلبا حثيثا، أما والله لو طلبوا الجنة بمثلها أو أيسر لنالوها، فقال: عد إلىّ، فقال: لو لم تبعث إلىّ لم آتك، وإن انتفعت بما سمعت منى عدت إليك. * * *

الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد بن محمد بن الحسن ابن أبى بكر بن على القبى بن الحسن الخليفة الراشد بالله

الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد بن محمد بن الحسن ابن أبى بكر بن على القبّى بن الحسن الخليفة الراشد بالله على خلاف فى نسبه، ثانى خلفاء بنى العباس بمصر. خرح من بغداد فى واقعة هولاكو، وجمع طائفة من الناس، ولقى الإمام المستنصر بالله أبا العباس أحمد بن الخليفة الظاهر بأمر الله أبى نصر محمد بن الخليفة الناصر لدين الله العباسى ـ المجهز من ديار مصر بقتال الططر وصار فى جملته، فلما قتل المستنصر فى وقائع الططر قدم إلى القاهرة فى سابع عشرين ربيع الأول سنة ستين وستمائة، فبايعه الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقدارى فى يوم الخميس ثامن المحرم سنة إحدى وستين وستمائة، فلم يزل خليفة لا أمر له ولا نهى ولا نفوذ كلمة حتى مات بمناظر الكبش ـ خارج القاهرة ـ ليلة الجمعة ثامن عشر جماد الأول سنة إحدى وسبعمائة، فكانت خلافته أربعين سنة، وهو أول خليفة عباسى مات بمصر، واستمرت الخلافة فى عقبه إلى اليوم. وحجّ فى سنة سبع وتسعين وستمائة، والسلطان يومئذ الملك المنصور لاجين (1)، أعطاه مبلغ سبعمائة ألف درهم فضة، ولما قدم مكة أراد من الشريف أبى نمى ـ أمير مكة ـ أن يدعو له على منبر مكة، فامتنع من ذلك، وجرت بينهما مفاوضة ترفّع فيها عليه أبو نمىّ تفاخرا بنسبة الشريف. واستمر الأمر على ذلك إلى اليوم لم يخطب قط بمكة لأحد من خلفاء مصر العباسيين سوى الخليفة المستعين بالله أبى الفضل العباس بن محمد أياما فى سنة خمس عشرة وثمانمائة. * * * ذكر من حجّ من الملوك الملك الصليحى واسمه: على بن محمد بن على (2) أحد ثوار العالم، كنيته أبو الحسن بن محمد، كان أبوه على قضاء اليمن، ومن أهل

_ (1) انظر: (مورد اللطافة 49، ابن إياس 1/ 136، النجوم الزاهرة 8/ 85، السلوك 1/ 820 ـ 865، الأعلام 5/ 238). (2) انظر: (وفيات الأعيان 1/ 368، اللطائف السنية ـ خ ـ وسير النبلاء ـ خ، بلوغ المرام 24، شذارت الذهب 3/ 346، أعلام الإسماعيلية 402 ـ 407، كشف أسرار الباطنية 42، الأعلام 4/ 328).

وملك بعد ثم حج الملك العادل نور الدين محمود

السنة، وكان فى عشيرة من قومه، فصحب علىّ داعى اليمن عامر بن عبد الله الزواحى (1) ـ أحد دعاة الدولة الفاطمية ـ ومال إلى مذهب التشيع، وتضلع من علوم الشيعة حتى صار إماما فيه، ثم ثار سنة تسع وعشرين وأربعمائة بستين رجلا أصحاب عشاير، فصار فى عشرين ألف ضارب سيف من يومه. ودعا للإمام المستنصر بالله أبى تميم معد بن الظاهر بن الحاكم ـ أحد الخلفاء الفاطمية بالقاهرة ـ وملك اليمن كله، سهله وجبله، ووعره وبره وبحره، وخطب بنفسه، وكانت قاعدة ملكه صنعاء. وحجّ سنة خمس وخمسين وأربعمائة، وملك مكة فى سادس ذى الحجة منها، ونشر بها العدل، وأكثر فيها من الإحسان، ومنع المفسدين، وأمّن الناس أمنا لم يعهدوه قبله، ورخصت بها الأسعار لكثرة ما جلب إليها بأمره، فأحبّه الناس حبّا زائدا، وكسى الكعبة الديباج الأبيض ـ وهو كان شعار الدولة الفاطمية ـ وأقام بها دعوتهم. ثم حجّ فى سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة، فلما نزل ظاهر المهجم قتل فى ثانى عشر ذى الحجة بيد سعيد الأحول بن نجاح (2)، والله سبحانه وتعالى أعلم. * * * وملك بعد ثم حجّ الملك العادل نور الدين محمود (3) ابن أتابك عماد الدين زنكى بن أبى سعيد قسيم الدولة آق سنقر ـ المعروف بالحاجب ـ بن عبد الله. كان جده آق مملوكا تركيا للسلطان ملكشاه بن ألب أرسلان السلجوقى، وترقى إلى أن استنابه تاج الدولة تتش بن أرسلان فى حلب لما ملكها فى سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، فعصى عليه وحاربه، فقتل فى جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وأربعمائة،

_ (1) الزواحى: نسبة إلى الزواح، وهى قرية من أعمال مخلاف حراز ثم من أعمال النجم فى أوائل اليمن. انظر معجم البلدان 3/ 155. (2) انظر: (غاية الأمانى فى أخبار القطر اليمانى 253 ـ 272، بهجة الزمن 63، أنباء الزمن فى تاريخ اليمن ـ خ ـ حوادث سنة 481 هـ‍، المخلاف السليمانى 1/ 116، 1232، الأعلام 3/ 103). (3) انظر: (كتاب الروضتين 1/ 227 ـ 229، ابن الأثير 11/ 151، ابن خلدون 5/ 253، ابن الوردى 2/ 83 ابن خلكان 2/ 87، مرآة الزمان 8/ 302، مفرج الكروب 1/ 103، الأعلام 7/ 170).

وصار ابنه عماد الدين زنكى من الأمراء ببغداد، ثم ولى الموصل سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة، وأخذ الرّها، وقتل فى جعبر (1) فى ربيع الآخر فى سنة إحدى وأربعين وخمسمائة وهو على فراشه. وولد نور الدين محمود فى سابع عشر شوال سنة إحدى عشرة وخمسمائة، فقام بعد قتل أبيه وأخذ قلعة حلب، وجدّ فى قتال الفرنج ـ وبيدهم حينئذ من الرّها إلى السوادة من حدود أرض مصر، وافتتح عدة حصون، وأظهر بحلب مذهب أهل السنة ـ وكان أهلها من الرافضة ـ وأبطل الأذان «بحى على خير العمل» وأنشأ بها المدارس على مذاهب الأئمة الأربعة. ثم ملك دمشق بعد ما أشرف الفرنج على أخذها، وضبط أمورها، وأنشا بها المدارس والمساجد والبيمارستان، وعمّرها، وأبطل المكوس كلها، ومنع المنكرات بأسرها وعاقب عليها، واستنقذ من الفرنج عدة معاقل، وبنى فى أكثر ممالكه دار العدل، وأحضر بها القضاة والفقهاء وجلس فيها بنفسه لإزالة المظالم. وبالغ فى الإحسان لأهل مكة والمدينة، وبعث العساكر لحفظ المدينة النبوية، وأقطع أمير مكة إقطاعا، وأقطع أمراء العربان إقطاعات لحفظ الحاج فيما بين دمشق والحجاز، وأكمل سور المدينة النبوية، واستخرج لها العين، فدعى له بالحرمين على منبريهما. وبعث الأمير أسد الدين شيركوه (2) بالغز إلى مصر، واستنقذ القاهرة من الفرنج بعد ما حاصرها مرّى ـ لعنه الله ـ بعساكر الفرنج أياما، ولم يبق إلا أن يملكها، فلما استولى شيركوه على القاهرة دعا لنور الدين على منابر القاهرة ومصر. ومات فى حادى عشر شوال سنة تسع وستين وخمسمائة بدمشق بعد ما حجّ فى سنة ست وخمسين وخمسمائة، وأكثر من فعل الخير بالحرمين الشريفين، وبالغ فى الإحسان إليهم رحمه الله تعالى. * * *

_ (1) جعبر: قلعة على الفرات بين بالس والرقة قرب صفين. انظر: معجم البلدان (3/ 142). (2) انظر: (مورد اللطافة 23 ـ 24، ابن خلكان 1/ 227، ابن عساكر 6/ 308، ابن خلدون 5/ 282، ابن الأثير 11/ 128، أعلام النبلاء 4/ 258، مفرج الكرب 1/ 148، الأعلام 3/ 183).

الملك المعظم شمس الدين توارن شاه

الملك المعظم شمس الدين توارن شاه (1) ابن والد الملوك نجم الدين أيوب بن شاذى بن مروان الكردى. نشأ بدمشق، وقدم إلى القاهرة مع أهله فى سنة أربع وستين وخمسمائة، وقد تقلد أخوه الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وزارة مصر للخليفة العاضد لدين الله أبى محمد عبد الله ابن الأمير يوسف بن الحافظ لدين الله (2)، فكان من أعظم الأسباب فى نصرة أخيه صلاح الدين يوم وقعة السودان حتى هزمهم وأفناهم بالسيف، فأقطعه قوص وأسوان وعيذاب، وعبرتها يومئذ مائتا ألف دينار وستة وستون ألف دينار مصرية فى كل سنة. ثم غزا النوبة فى سنة ثمان وستين، وأخذ قلعة إبريم، وعاد غانما، ثم صار إلى بلاد اليمن فى سنة تسع وستين، وعلى ملك زبيد أبو الحسن على بن مهدى الملقب عبد النبى (3)، وقدم مكة معتمرا، وتوجه إلى زبيد، واستولى على ممالك اليمن، وتلقب بالملك المعظم، وخطب لنفسه بعد الخليفة العباسى. ثم توجه فى سنة إحدى وسبعين إلى الشام، فملّكه أخوه صلاح الدين دمشق فى ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين. ثم جهّزه إلى القاهرة فى ذى القعدة سنة أربع وسبعين، وأنعم عليه بالإسكندرية، فأقام بها إلى أن مات هناك أول صفر سنة ست وسبعين وخمسمائة، فوجد عليه مبلغ مائتى ألف دينار مصرية دينا قضاها عنه السلطان صلاح الدين، وسبب هذا الدين كثرة جوده، وسعة عطائه. ومن غريب ما يحكى عنه أن الأديب الفاضل مهذب الدين أبا طالب محمد بن على الخيمى قال: «رأيت فى النوم المعظم شمس الدولة توران شاه، وقد مدحته وهو فى القبر ميت، فلفّ كفنه ورماه إلىّ وأنشدنى: لا تستقلنّ معروفا سمحت به ... ميتا وأمسيت منه عاريا بدنى ولا تظنّنّ جودى شانه بخل ... من بعد بذلى ملك الشام واليمن إنى خرجت من الدنيا وليس معى ... من كل ما ملكت كفى سوى الكفن

_ (1) انظر: (صلة التكملة ـ خ، أعلام النبلاء 4/ 452، ترويح القلوب 100، العبر 5/ 145). (2) انظر: (ابن خلدوان 4/ 76، 81، 82، ابن الأثير 11/ 99، 137، النجوم الزاهرة 5/ 307، 334، 357، ابن إياس 1/ 67، حلى القاهرة 93، الأعلام 4/ 147). (3) انظر: (تاريخ عدن ـ خ، بلوغ المرام 18، مفرج الكروب 238 ـ 243، مرآة الجنان 3/ 390، الأعلام 4/ 171).

الملك المعظم شرف الدين أبو الفتح عيسى بن الملك العادل سيف الدين أبى بكر محمد

وإليه ينسب درب شمس الدولة بالقاهرة. وقد ذكرت ترجمته مبسوطة فى كتاب «المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار»، وكتاب «التاريخ الكبير المقفى لمصر». * * * الملك المعظم شرف الدين أبو الفتح عيسى بن الملك العادل سيف الدين أبى بكر محمد (1) ابن نجم الدين أيوب بن شادى بن مروان، الكردى، الأيوبى، الفقيه الحنفى، النحوى، الأديب، الشاعر. ولد بالقاهرة فى سنة ست وسبعين وخمسمائة، وتفقه على مذهب الإمام أبى حنيفة على جمال الدين أبى المحامد محمود بن أحمد الحصيرى البخارى الحنفى، وأخذ العربية عن التاج أبى اليمن زيد بن الحسن الكندى، وكان يسعى إلى منزليهما على قدميه لأخذه العلم عنهما، وأفرط فى العصبية لمذهب الحنفية، وشرح الجامع الكبير فى الفقه، وصنّف «السهم المصيب فى الرد على الحافظ أبى بكر الخطيب»، ورؤى بخطه على «كتب سيبويه»: «إننى قطعته حفظا من خاطرى»، وعلى كتاب «النكت فى الفقه على مذهب أبى حنيفة» إننى قطعته حفظا، وهو فى مجلدين. واعتنى بالعلم وأهله عناية تامة، وسمع الحديث عن حنبل، وعمر بن طبرزد، وغيره، وحدّث. وأعطاه أبوه الملك العادل دمشق، وجعل فى ولايته غزة والكرك والشّوبك، وذلك فى سنة ست وتسعين وخمسمائة، فلم يزل حتى مات بدمشق آخر ذى القعدة سنة أربع وعشرين وستمائة. وحجّ فخرج من دمشق فى حادى عشر ذى القعدة سنة إحدى عشرة وستمائة على الهجن، وسار على طريق تبوك، وبنى البركة وعدة مصانع، وتصدق على أهل الحرمين بصدقات جليلة، وقدم منها إلى القاهرة وافدا على أبيه ومعه الشريف سالم بن قاسم ـ أمير المدينة ـ شافعا فيه، فأكرمه العادل، وبعث معه عسكرا إلى المدينة وعاد المعظم إلى دمشق. وقد ذكرت ترجمته مستوفاة فى «تاريخ المقفى لمصر». * * *

_ (1) انظر: (مرآة الزمان 8/ 649 ـ 652، الأعلام ـ خ، البداية والنهاية 13/ 121، ابن خلكان 1/ 396، ذيل الروضتين 152، النجوم الزاهرة 6/ 265، ابن الأثير 12/ 183، الجواهر المضية 1/ 402، هدية العارفين 1/ 808، السلوك 1/ 224، الأعلام 5/ 108).

الملك المسعود صلاح الدين أبو المظفر يوسف

الملك المسعود صلاح الدين أبو المظفر يوسف ويقال له: «أطسز»، ويقال: «أقسيس»، ابن السلطان الملك الكامل ناصر الدين أبى المظفر محمد بن السلطان الملك العادل سيف الدين أبى بكر محمد بن والد الملوك نجم الدين أبى الشكر أيوب بن شادى بن مروان (1)، الكردى الأيوبى. ولد فى ربيع الآخر سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وولّاه أبوه مملكة اليمن فى أيام جده سنة إحدى عشرة وستمائة، فسار إليها فى ألف فارس ومن الجاندارية والرماة خمسمائة، وقدم مكة، وتوجه منها إلى زبيد وملكها، واستولى على تهامة وتعز وصنعاء وسائر ممالك اليمن. وحجّ فى سنة تسع عشرة وستمائة، وقاتل أمير مكة الشريف حسن بن قتادة الحسنى (2)، وهزمه ونهب مكة، فلما كان يوم عرفة منع أعلام الخليفة من التقدم على أعلام أبيه، وأظهر من الجرأة على الله قبائح، منها أنه كان يصعد على زمزم فيرمى حمام الحرم بالبندق، ويستخف بحرمة الكعبة، وأكثر من سفك الدماء، وكان إذا نام فى داره بالمسعى ضربت الجاندارية الطائفين بالمسعى بأطراف السيوف، لئلا يشوّشوا عليه وهو فى النوم من شدة سكره بالخمر. ثم عاد إلى اليمن، وخرج منها بعد ما استخلف عليها نور الدين عمر بن على بن رسول الكردى (3) فى سنة اثنتين وعشرين، وقدم القاهرة بهدايا جليلة، ونزل بالقصر، وأقام حرمة وافرة، فخافته الأمراء والأجناد، وخشوا سطوته. ثم توجه إلى اليمن بعد ما أتاه التشريف الخليفى من بغداد، فأقام بها إلى أن بلغه أن أباه أخذ دمشق، فتاق إلى أخذها عوضا عن اليمن، وخرج بأمواله وأثقاله، فمات بمكة فى ثالث عشر جمادى الأولى سنة ست وعشرين وستمائة، فدفن بالمعلاة. وقام بأمر اليمن بعده نائبه عمر بن على بن رسول، وقد استوفيت أخباره فى «تاريخ مصر المقفى»، وإليه تنسب الدارهم المسعودية بمكة المشرفة. * * *

_ (1) انظر: (وفيات الأعيان 1/ 84، خطط مبارك 6/ 47، كتاب الروضتين 1/ 209، مرآة الزمان 8/ 295، الأعلام 2/ 38). (2) انظر: (ابن الوردى 2/ 143، خلاصة الكلام 24، الأعلام 2/ 211). (3) انظر: (العقود اللؤلؤية 1/ 42 ـ 88، بغية المستفيد ـ خ، الأعلام 5/ 56).

الملك المنصور نور الدين عمر بن على بن رسول الكردى

الملك المنصور نور الدين عمر بن على بن رسول الكردى ملك اليمن بعد موت الملك المسعود، وبعث إلى الملك الكامل هدية جليلة، وقال: «أنا نائب السلطان على البلاد»، فأقرّه عليها. وعمر هذا أول من ملك اليمن من بنى رسول، وبويع له بها سنة تسع وعشرين، وخطب له بمكة فيها أيضا، ودامت مملكته إلى أن قتل فى سنة سبع وأربعين وستمائة. وملك بعده ابنه الملك المظفر شمس الدين يوسف. وحجّ نور الدين هذا فى سنة إحدى وثلاثين وستمائة على النجب. وبعث فى سنة ثنتى وثلاثين إلى الكعبة قناديل من ذهب وفضة، وحجّ أيضا فى سنة تسع وثلاثين، وأبطل المكوس والجبايات من مكة، وكتب ذلك تجاه الحجر الأسود، فاستمر ذلك حتى أزاله ابن المسيب لما تولى مكة سنة ست وأربعين وستمائة، وأعاد المكوس والجبايات، وصام شهر رمضان بمكة. واتفق فى سنة ثلاث وأربعين وستمائة، وقيل أربع وأربعين وستمائة، أن هاجت ريح شديدة مزّقت كسوة الكعبة وألقتها، وبقيت الكعبة عارية، فأراد عمر بن رسول أن يكسوها، فامتنع من ذلك شيخ الحرم عفيف الدين منصور بن منعة البغدادى، وقال: «لا يكون ذلك إلا من الديوان» ـ يعنى الخليفة ـ وكساها ثيابا من قطن مصبوغة بالسواد، وركب عليها الطرز القديمة. والله سبحانه وتعالى أعلم. * * * الملك الناصر أبو شادى داود ابن الملك المعظم أبى الفتح عيسى بن الملك العادل سيف الدين أبى بكر محمد بن نجم الدين أبى الشكر أيوب بن شادى بن مروان الكردى الأيوبى. ولد فى تاسع عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وستمائة، وحفظ القرآن وعمره تسع سنين، وقال الشعر وهو ابن عشر سنين، وبرع فى كل فن من علوم الأدب والحكمة وغير ذلك. وولى سلطنة دمشق بعد موت أبيه ـ وهو فى الحادية عشرة من عمره ـ أول ذى الحجة سنة أربع وعشرين وستمائة، وأقبل على اللهو، فطلب منه عمه السلطان الملك الكامل قلعة الشّوبك، فامتنع، فتنكر عليه، وعزم على المسير إليه ونزعه من سلطنته.

وأخذ الناصر فى ظلم الرعية وأخذ أموالهم، والانهماك فى اللعب، واستدعى عمه الملك الأشرف شاه أرمن موسى، فقدم عليه من الشرق وحكّمه فى المملكة، فآل الأمر أن حاصر الملك الكامل دمشق حتى أخذ الناصر، وعوضه عن دمشق بالكرك والشوبك والصلت والبلقاء والأغوار جميعها، ونابلس وأعمال القدس وبيت جبريل، وكانت هذه الأعمال يومئذ عامرة جليلة القدر، ثم نزل الناصر عن الشوبك لعمه الكامل، وتسلم الكامل دمشق أول شعبان سنة ست وعشرين. فأقام الناصر بالكرك، وكانت له قصص وأنباء، ذكرتها فى «التاريخ الكبير المقفى»، آلت به أن تشتت فى البلاد، وموته فى إحدى قرى دمشق يوم السادس والعشرين من جمادى الأولى سنة ست وخمسين وستمائة، فدفن بصالحية دمشق. وحجّ فى سنة ثلاث وخمسين وستمائة، وسبب حجه أنه لما تنكّر له الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل (1)، بعث إليه الأمير فخر الدين يوسف بن شيخ الشيوخ صدر الدين بن حمويه على العساكر، فهزمه وأوقع الحوطة على بلاده، ونازل الكرك حتى طلب منه الأمان فرحل عنه وقد ضاقت الأمور بالناصر، فخرج إلى حلب ومعه جواهر جليلة قيمتها ما ينيف على مائة ألف دينار، فبعثها إلى الخليفة المستعصم بالله ببغداد، لتكون عنده وديعة، فقبضت من رسوله، وكتب الخط الشريف بقبضها، فشقّ ذلك على أولاده، وخرجوا عن طاعته، ولحق بعضهم بالملك الصالح نجم الدين أيوب بمصر، وسلمه الكرك. فجرت أمور آلت بالناصر إلى مسيره إلى بغداد لطلب وديعته، فمنعه الخليفة من الدخول إليها، ومطله بالجوهر، لما أيس من ذلك سار إلى مكة من طريق العراق، وحجّ، فلما قدم المدينة النبوية تعلق بأستار الحجرة بحضرة الناس، وقال: «اشهدوا أن هذا مقامى من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ داخلا عليه، مستشفعا به إلى ابن عمه المستعصم فى أن يرد علىّ وديعتى، فأعظم الناس ذلك، وجرت عبراتهم، وارتفع ضجيجهم بالبكاء، وكتب بصورة ما جرى مكتوب فى يوم السبت ثامن عشر من ذى الحجة، وتسلمه أمير حاج العراق، ومضى الناصر معه إلى بغداد، فعوّض عن الجوهر بشيء تافه، وعاد إلى الشام مقهورا. * * *

_ (1) انظر: (خطط المقريزى 2/ 236، ابن إياس 1/ 96، السلوك 1/ 296. 342، تاريخ الإسحاقى 189).

الملك المظفر شمس الدين يوسف بن الملك المنصور نور الدين عمر بن على بن رسول

الملك المظفر شمس الدين يوسف بن الملك المنصور نور الدين عمر بن على بن رسول قام بعد أبيه بملك اليمن فى سنة سبع وأربعين وستمائة. وحجّ سنة تسع وخمسين، وغسل الكعبة بنفسه، وطيّبها، وكساها من داخلها، وهو أول من كسى الكعبة بعد قتل الخليفة المستعصم ببغداد من الملوك، وذلك أن الحاج انقطع من العراق عن مكة من سنة خمس وخمسين وستمائة إلى سنة ست وستين، فلم يرد من هناك حاج فى هذه المدة، وقام المظفر بمصالح الحرم وأهله، وأكثر من الصداقات ونثر على الكعبة الذهب والفضة، وخطب له بمكة، واستمر يخطب بعده لملوك اليمن على منبر مكة إلى يومنا هذا بعد الخطبة لسلطان مصر. ولم تزل كسوة الكعبة التى كساها المظفر من داخلها باقية إلى أن كساها الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون هذه الكسوة ـ الموجودة اليوم ـ فى سنة إحدى وستين وسبعمائة. * * * السلطان الملك الظاهر ركن الدين أبو الفتح بيبرس البند قدارى الصالحى النجمى اشتراه السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل ناصر الدين محمد بن الملك العادل سيف الدين أبى بكر محمد بن نجم الدين أيوب، وعمله أحد المماليك البحرية بقلعة الروضة، فترقى فى خدمته واستفاد من أخلاقه، وتنقّلت به الأحوال حتى ملك مصر بعد قتل الملك المظفر سيف الدين قطز (1)، وتسلم قلعة الجبل ليلة الاثنين تاسع عشر ذى القعدة سنة ثمان وخمسين وستمائة، واستمر ملكه حتى مات بدمشق فى سابع عشر من المحرم سنة ست وسبعين وستمائة، وقد ملك مدة سبع عشرة سنة وشهرين واثنى عشر يوما. وحجّ سنة سبع وستين وستمائة، ولذلك خبر طويل قد ذكرته فى ترجمته من «كتاب التاريخ الكبير المقفى»، و «كتاب أخبار ملوك مصر» وملخص ذلك أنه أجلس

_ (1) انظر: (مورد اللطافة 35 ـ 38، ابن إياس 1/ 96، السلوك 1/ 417 ـ 435، النجوم الزاهرة 7/ 72، فوات الوفيات 2/ 132، الأعلام 5/ 201).

ابنه الملك السعيد محمد بركة خان (1) فى مرتبة الملك وحضر الأمراء فقبلوا الأرض بين يديه، وجلس الأمير عز الدين أيدمر الحلى ـ نائب السلطنة ـ وجلس الأتابك، والصاحب بهاء الدين على بن حنّا وكتاب الإنشاء، والقضاة، والشهود، وحلّف له الأمراء وسائر العساكر فى تاسع صفر منها، وركب فى ثالث عشره فى الموكب كما يركب والده، وجلس فى الإيوان، وقرئت عليه القصص، وقرئ فى العشرين منه تقليد بتفويض السلطنة له فى الإيوان، واستمر جلوسه فيه لقضاء الأشغال، ووقّع، وأطلق وركب فى المواكب. وأقام السلطان الأمير بدر الدين بيليك الخازندار نائبا عنه عوضا عن الحلى، وسار إلى الشام فى ثانى عشر جمادى الآخرة بحصة من العساكر وترك أكثرها مع ولده الملك السعيد، ونزل بخربة اللصوص ـ خارج دمشق ـ وسار متنكرا إلى القاهرة ليشاهد أحوال ولده، فخفى ذلك على جميع من معه من العسكر حتى عاد إليهم، وفى حكاية ذلك هنا طول ليس من قصد هذا الجزء. واتفق الاختلاف بين الشريف نحم الدين أبى نمى وبين عمه الشريف بهاء الدين إدريس أميرى مكة، فرتّب السلطان لهما عشرين ألف درهم نقرة فى كل سنة عوضا عما يؤخذ بمكة من المكوس، وأن لا يمنع أحد من دخول الكعبة، وأن يخطب له بمكة والمشاعر، وتضرب السكة باسمه، فأجاباه، وكتب لهما تقليد الإمارة، وسلمت أوقاف الحرم بمصر والشام لنوابهما. وسلم للشريف قاضى المدينة النبوية وخطيبها ووزيرها ـ عندما حضر برسالة الأمير عز الدين جماز أمير المدينة ـ الجمال التى نهبها الأمير أحمد بن حجى (2) لأشراف المدينة ـ وهى ثلاثة آلاف بعير ـ ليوصلها لأربابها. وأنعم على الطواشى جمال الدين محسن الصالحى ـ شيخ الخدام بالحجرة الشريفة ـ بمائتى ألف درهم، وأعاده مع القاضى صحبة الركب الشامى وقدم الأمير شرف الدين

_ (1) انظر: (تاريخ سلاطين المماليك 452، 455، 470، السلوك 2/ 238، أبو الفداء 3/ 12، مورد اللطافة 40، ابن الفرات 7/ 165، ابن إياس 1/ 112، النجوم الزاهرة 7/ 259، ابن الوردى 2/ 227، الأعلام 7/ 52). (2) انظر: (الضوء اللامع 1/ 296، المنتخب من شذرات الذهب ـ خ، القلائد الجواهرية 112 النعيمى 1/ 138، التبيان ـ خ، شذرات الذهب 7/ 116، الأعلام 1/ 110).

عيسى بن مهنا (1) إلى الدهليز بالخربة، فأوهم السلطان أنه يريد الحركة إلى العراق، وأمره بالتأهب ليركب إذا وعى وردّه لبلاده، وكان السلطان فى الباطن إنما يريد الحركة للحجاز لكنه ورّى بالعراق. فلما دخل شوّال أنفق فى العساكر جميعها، وجرّد طائفة مع الأمير أقوش الرومى السلاح دار ليكونوا صحبة الركاب السلطانى، وجرّد طائفة مع الأمير شمس آق سنقر الفارقانى الأستادار إلى دمشق ليقيموا ظاهرها. وتوجه السلطان للحج ومعه الأمير بدر الدين الخازندار، وقاضى القضاة صدر الدين سليمان الحنفى، وفخر الدين إبراهيم بن لقمان (2) كاتب السر، وتاج الدين بن الأثير، ونحو ثلاثمائة مملوك، وعدة من أجناد الحلقة. وسار من الغور يوم خامس شوال كأنه يتوجه إلى الكرك كأنه يتصيد، ولم يجسر أحد أن يتحدث بأنه متوجه إلى الحجاز وذلك أن الحاجب جمال الدين بن الداية كتب إلى السلطان يسأله: «إنى أشتهى أن أتوجه صحبة السلطان إلى الحجاز»، فأمر بقطع لسانه، فلم يتفوه أحد بعدها بذلك، فوصل إلى الكرك أول يوم من ذى القعدة، وكان قد دبر أموره خفية من غير أن يطلع أحد على شيء مما فعله، بحيث أنه جهّز البشماط والدقيق والروايا والقرب والأشربة، وعين العربان المتوجهين معه والمرتبين فى المنازل من غير أن يشعر أحد من الخاصة فضلا عن العامة بذلك، ففرّق فى المجردين معه الشعير، وبعث الثقل فى رابعه، وتبعه فى سادسه، فنزل الشّوبك، ورسم بإخفاء خبره. واستقل بالمسير فى حادى عشره، وأنفذ البريد إلى قلعة الجبل لمهمات له، فجهزت الكتب مع العربان، وقدم المدينة فى خامس عشريه فلم يقابله الأمير جماز ولا مالك، أميرا المدينة، وفرّا منه، فأعرض عنهما. ورحل فى سابع عشريه وأحرم فدخل مكة فى خامس ذى الحجة، وأعطى خواصه جملة أموال لتفرق فى الناس سرا، وعم أهل الحرمين بالكسوة التى فرّقها، وصار كآحاد الناس لا يحجبه أحد، ولا يحرسه إلا الله تعالى، وبقى منفردا يصلى وحده، ويطوف وحده، ويسعى وحده، فلا يعرفه إلا من يعرفه، وغسل الكعبة بيده بماء الورد، وصار بين جميع الناس على اختلاف طبقاتهم

_ (1) انظر: (غربال الزمان ـ خ، السلوك 1/ 726، النجوم الزاهرة 7/ 363، تاريخ ابن الفرات 8/ 12، ابن خلدون 5/ 438، صبح الأعشى 4/ 206، الأعلام 5/ 109). (2) انظر: (النجوم الزاهرة 6/ 366، 8/ 50، 51، البداية والنهاية 13/ 337، السلوك 1/ 356 7822، 804، مرآة الزمان 8/ 778 ـ 779، الأعلام 1/ 58).

وتباين أجناسهم، وما منهم إلا من يرمى إليه إحرامه فيغسله بيده ويناوله صاحبه، وجلس على باب الكعبة، وأخذ بأيدى الناس ليطلعهم إليها، فتعلق بعض العامة بإحرامه ليطلع فقطعه، وكاد يرمى السلطان عن العتبة إلى الأرض، وهو مستبشر بجميع ذلك وعلّق كسوة الكعبة بيده ـ ومعه خواصه ـ وتردّد إلى من بمكة والمدينة من أهل الخير يلتمس بركتهم، ويسأل دعاءهم، هذا وقاضى القضاة صدر الدين سليمان بن عبد الحق الحنفى معه طول طريقه يستفتيه، ويتفهم منه أمور دينه، ولم يغفل مع ذلك عن تدبير الممالك، وكتّاب الإنشاء تكتب عنه فى المهمات. وكتب إلى صاحب اليمن ينكر عليه أمورا ويقول: «سطرتها من مكة المشرفة وقد أخذت طريقها فى سبع عشرة خطوة» ـ يعنى بالخطوة المنزلة ـ ويقول: «الملك هو الذى يجاهد فى الله حق جهاده، ويبذل نفسه فى الذبّ عن حوزة الدين، فإن كنت ملكا فاخرج والق التتر». وأحسن إلى أميرى مكة، وإلى أمير ينبع، وأمير خليص، وأكابر الحجاز. وكتب منشورين لأميرى مكة، ورتب معهما الأمير شمس الدين مروان نائب أمير جاندار بمكة حسب سؤالهما، ليكون مرجع الأمور إليه، والحل والعقد على يديه، وزاد أميرى مكة مالا وغلالا فى كل سنة لأجل تسبيل الكعبة للناس. وسار من مكة بعد قضاء النسك فى ثالث عشره، وقدم المدينة النبوية ثانيا فى عشرينه، فبات بها، وسار من غده، فجدّ فى السير ومعه عدة يسيرة، فقدم الكرك بكرة يوم الخميس سلخه من غير أن يعلم أحد بوصوله حتى نزل مشهد جعفر الطيار رضى الله عنه بقرية مؤتة، فتلقاه الناس بها، ودخل المدينة وعليه عباءته التى سار بها، وهو راكب راحلته، فبات بها. ورحل من الغد بعد ما صلى الجمعة، مستهل المحرم سنة ثمان وستين وستمائة، ومعه مائة فارس، بيد كل فارس منهم فرس وساق إلى دمشق سائر من ببلاد مصر والشام من الأمراء ومن دونهم لا يعرفون شيئا من خبر السلطان، هل هو فى الشام أو الحجاز أو غير ذلك من بلاد الله ولا يجسر أحد من شدة مهابته والخوف منه أن يتكلم بشيء من خبره، ولا يسأل عنه. فلما قارب دمشق بعث أحد خاصته على البريد بكتب البشارة إلى دمشق بالسلامة بعد قضاء الحج، فلما دخل الأمير جمال الدين التجيبى ـ نائب دمشق ـ جمع الأمراء

السلطان الملك الناصر ناصر الدين أبو المعالى محمد بن الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفى الصالحى النجمى

لقراءة الكتب السلطانية، فبينما هم فى القراءة إذ قيل لهم «قد نزل السلطان بالميدان»، فبادروا إلى لقائه، فإذا به وحده وقد أعطى لبعض دلالى سوق الخيل لينادى عليه وهو لا يعرف أنه السلطان، فعند ما شاهدوه قبّل النائب الأرض، وتلاه الأمراء. وحضر الأمير آق سنقر الفارقانى ومن معه من عسكر مصر، فأكل السلطان شيئا، وقام ليستريح، وانصرف الناس. فركب فى نفر يسير، وتوجه خفية يريد حلب، فلما حضر الأمراء خدمة العصر لم يجد السلطان ولا عرف له خبر، فبينما نائب حلب والأمراء فى الموكب تحت قلعة حلب وإذا بالسلطان قد ساق ووقف ساعة فلم يعرفه أحد، حتى فطن به بعضهم، فنزل عن فرسه وقبّل له الأرض، فبادر الجميع ونزلوا وقبّلوا الأرض، وساروا فى ركابه حتى دخل دار نائب حلب، ثم كشف القلعة، وخرج من حلب ولم يعرف أحد به، فدخل دمشق فى ثالث عشره على حين غفلة، ولعب بالكرة، وسار ليلا إلى القدس، وسار إلى الخليل، وتصدّق بعدة صدقات. وكان الأمير آق سنقر قد سار بمن معه من عساكر مصر ونزل تل العجول، فوافاه السلطان هناك ـ وعليه عباءته التى حجّ بها لم يغيرها وسار من تل العجول بالعسكر فى حادى عشرينه. وقدم القاهرة أول صفر، وعليه عباءته التى حجّ بها لم يغيرها نحو خمسة وسبعين يوما، فخرج الملك السعيد إلى لقائه، وصعد قلعة الجبل. * * * السلطان الملك الناصر ناصر الدين أبو المعالى محمد بن الملك المنصور سيف الدين قلاوون الألفى الصالحى النجمى (1) ولد يوم السبت نصف المحرم سنة أربع وثمانين وستمائة، وأقيم فى السلطنة بعد قتل أخيه الأشرف صلاح الدين بن قلاوون (2) فى رابع عشر المحرم سنة ثلاث وتسعين، وعمره تسع سنين تنقص يوما واحدا، وأقام سنة إلا ثلاثة أيام، خلع بمملوك أبيه

_ (1) انظر: (مورد اللطافة 44، ابن الوردى 2/ 330، فوات الوفيات 2/ 263، ابن إياس 1/ 129، الدرر الكامنة 4/ 144، النجوم الزاهرة 8/ 41، 115، 9/ 3، الأعلام 7/ 11). (2) انظر: (فوات الوفيات 1/ 151، ابن الوردى 2/ 238، النجوم الزاهرة 8/ 3، السلوك 1/ 756 ـ 793، ابن إياس 1/ 121، وليم موير 62، الإعلام 2/ 321).

زين الدين كتبغا ـ الملك العادل (1) ـ فى حادى عشر المحرم سنة أربع وتسعين. وأخرج مع أمه أشلون بنت سكناى إلى الكرك، فثار الأمير حسام الدين لاجين المنصورى نائب السلطنة على العادل كتبغا، وتسلطن عوضه، فثار عليه طغى وكرجى، فقتلاه وقتلا أيضا. واستدعى الناصر من الكرك فتقدم إلى الجبل، وأعيد إلى السلطنة مرة ثانية فى سادس جمادى الأولى سنة ثمان وتسعين، فأقام عشر سنين وخمسة أشهر وستة عشر يوما، محجورا عليه لا يملك التصرف فى أكلة طعام يشتهيه، والقائم بتدبير الدولة الأميران: بيبرس الجاشنكير أستادار السلطان (2)، وسلار نائب السلطنة، فدبر لنفسه فى سنة ثمان وسبعمائة، وأظهر أنه يريد الحج بعياله، فوافقه الأميران على ذلك وشرعوا فى تجهيزه، وكتب إلى دمشق والكرك برمى الإقامات، وألزم عرب الشرقية بحمل الشعير. فلما تهيأ ذلك أحضر الأمراء تقادمهم من الخيل والجمال فى العشرين من شهر رمضان فقبلها، وركب فى خامس عشر منه من القلعة ومعه الأمراء إلى بركة الحج. وتعيّن معه للسفر أيدمر الخطيرى، والحاج آل ملك الجو كندار، وقرا لاجين أمير مجلس، وبلبان أمير جاندار، وأيبك الرومى أمير سلاح وبيبرس الأحمدى، وسنجر الجمقدار، ويقطاى الساقى، وسنقر السعدى النقيب، وخمسة وسبعون مملوكا، وعاد بيبرس وسلار من غير أن يترجلا له عند نزوله بالبركة، فرحل من ليلته، وعرّج على الصالحية وعيّد بها. وتوجه إلى الكرك فقدمها فى عاشر شوال، وبها الأمير جمال الدين أقوش الأشرفى نائبا، فنزل بقلعتها، وصرح بأنه قد انثنى عزمه عن الحج واختار الإقامة بالكرك، وترك السلطنة ليستريح، وكتب إلى الأمراء بذلك، وسأل أن ينعم عليه بالكرك والشوبك. وأعاد من كان معه من الأمراء، وأسلمهم الهجن ـ وعدتهم خمسمائة هجين ـ والمال والجمال وجميع ما قدمه له الأمراء، وأخذ ما كان من المال بالكرك ـ وهو ستمائة ألف درهم فضة وعشرون ألف دينار ـ وأمر نائب الكرك أيضا بالمسير عنه فسار إلى مصر. وتسلطن بيبرس الجاشنكير، وتلقب بالملك المظفر، وكتب للناصر تقليدا بنيابة الكرك،

_ (1) انظر: (ابن إياس 1/ 133، السلوك 1/ 806، 820، 826، النجوم الزاهرة 8/ 55، فوات الوفيات 2/ 138، الأعلام 5/ 219). (2) انظر: (النجوم الزاهرة 8/ 232 ـ 276، السلوك 2/ 47 ـ 71، 80، الأعلام 2/ 79، 80).

وجهزه مع الحاج آل ملك، فأظهر الملك الناصر البشر، وخطب باسم المظفر على منبر الكرك، وأنعم على الحاج آل ملك وأعاده، فلم يتركه المظفر، وأخذ يناكده، ويطلب منه من معه من المماليك الذين اختارهم للإقامة عنده، والخيول التى أخذها من قلعة الجبل، والمال الذى أخذه من الكرك، وهدده بتجهيز العساكر إليه وأخذه، فحنق لذلك، وكتب لنواب الشام يشكو ما هو فيه، فحثوه على القيام لأخذ ملكه، ووعدوه بالنصر، فتحرك لذلك، وصار إلى دمشق، وأتته النواب. وقدم إلى مصر، ففر بيبرس، وطلع الناصر القلعة يوم عيد الفطر سنة تسع وسبعمائة، فأقام فى الملك اثنتين وثلاثين سنة وشهرين وعشرين يوما. ومات فى ليلة الخميس حادى عشرين ذى الحجة سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، وعمره سبع وخمسون سنة وأحد عشر شهرا وخمسة أيام. ومدة سلطنته فى المدد الثلاث ثلاث وأربعون سنة وثمانمائة أشهر وتسعة أيام، وحجّ فيها ثلاث مرات. الأولى فى سنة ثنتى عشرة وسبعمائة، وسببها أن خربندا تحرك لأخذ الشام، ونزل على الفرات، فخرج السلطان بعساكر مصر فى ثالث شوال، وسار إلى الصالحية، فقدم البريد من حلب ودمشق برحيل خربندا عن الرحبة يوم عيد الفطر يريد بلاده، فسرّ السلطان بذلك وعزم على الحج، ودخل دمشق فى ثالث عشرينه، وفرّق العساكر فى الجهات، وركب فى أربعين أميرا وستة آلاف مملوك على الهجن فى أول ذى القعدة وأخذ معه مائة فرس، فقضى نسكه، وعاد إلى الشام بعد مروره بالمدينة النبوية ودخوله الكرك، فدخل فى حادى عشر المحرم سنة ثلاث عشرة وهو راكب ناقة لطيفة القد بعمامة مدّورة ولثام، وعليه بشت من أبشات العرب، وفى يده حربة. وتلقاه شيخ الإسلام تقى الدين أحمد بن تيمية وسائر الفقهاء وجميع الناس، فكان يوما مشهودا، وبلغ كرادار التفرج على السلطان ستمائة درهم فضة، ثم سار إلى مصر، وصعد قلعة الجبل فى ثانى عشر صفر. ثم حجّ فى سنة تسع وعشرة وسبعمائة، فلما تحرك لذلك أتته تقادم الأمراء وسائر نواب الشام وأمراء دمشق وحلب، وأول من بعث تقدمته الأمير تنكز ـ نائب الشام ـ وفيها الخيل والهجن بأكوار الذهب، والسلاسل من الذهب والفضة، وجميع المقاود والمخاطم والآلات من الحرير الملون المحكم الصنعة، ثم تقادم الملك المؤيد عماد الدين ـ صاحب حماة ـ ثم تلاه الأمراء.

وشرع القاضى كريم الدين عبد الكريم ـ ناظر الخاص ـ فى تجهيز ما يحتاج إليه، وخرج إلى ناحية سرياقوس وصار يقف وهو مشدود الوسط أو يجلس على كرسى، وسائر أرباب الوظائف فى خدمته وهو يرقب الأمور، فعمل عدة قدور من فضة ونحاس تحمل على البخاتى ليطبخ فيها، وأحضر الخولة لعمل مباقل وخضروات ورياحين ومشمومات فى أحواض خشب لتحمل على الجمال وتسقى طول الطريق، ويؤخذ منها كل يوم ما يحتاج إليه، ورتب الأفران وقلائى الجبن وصنّاع الكماج (1) والسميذ وغير ذلك مما يحتاج إليه، وأعطى العربان أجر الجمال التى تحمل الشعير والبشماط والدقيق، وجهز مركبين فى البحر إلى الينبع ومركبين إلى جدة، بعد ما اعتبر كلفة العليق بأوراق كتب فيها أسماء اثنين وخمسين أميرا، منهم من له فى اليوم مائة عليقة، ومنهم من له خمسون، وأقلّهم من له عشرون عليقة، فكانت جملة الشعير المحمول مائة ألف أردب وثلاثين ألف أردب. وجهز من الشام خمسمائة جمل تحمل الحلوى والسكردانات (2) والفواكه وحضرت أيضا حوائج خاناه على مائة وثمانين جملا تحمل الحب رمّان واللوز وما يحتاج إليه فى الطبخ، سوى ما حمل من الحوائج خاناه من القاهرة، وجهز ألف طائر أوز وثلاثة آلاف طائر دجاج. فلما تهيأ ذلك ركب السلطان مستهل ذى القعدة، ومعه المؤيد ـ صاحب حماة ـ وقاضى القضاة بدر الدين محمد بن جماعة الشافعى بعد ما مهدت عقبة أيلة من الصخور، ووسع مضيقها بعد ما كان سلوكه صعبا، وفتح مغارة شعيب. فلما قدم مكة أظهر من التواضع والذلة والمسكنة أمرا زائدا، وسجد عند معاينته البيت سجود عبد ذليل، ثم التفت إلى الأمير بدر الدين جنكلى بن البابا، وقال: «لا زلت أعظّم نفسى حتى رأيت البيت فذكرت تقبيل الناس الأرض لى، فدخل قلبى مهابة عظيمة لم تزل حتى سجدت لله تعالى شكرا». وتقدم إليه ابن جماعة وحسّن له أن يطوف راكبا فإن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ طاف راكبا، فقال: «يا قاضى، ومن أنا حتى أتشبه بالنبى صلى الله عليه وسلم؟ والله لا طفت إلا كما يطوف الناس»، فطاف من غير أن يكون معه أحد من الحجاب، فصار الناس يزحموانه ويزاحمهم كواحد منهم حتى قضى طوافه وسعيه.

_ (1) مفرده كماجة، وهى لفظ فارسى، يعنى الخبز الشديد البياض يعجن بغير خميرة ويخبز على الرماد. (2) لفظ فارسى مركب، يعنى الوعاء المستعمل لحفظ الحلوى.

وكان قد حجّ جماعة من المغل فأحضرهم وأنعم عليهم إنعاما زائدا وأمر أن تكسى الكعبة بالحرير الأطلس، وأخرج الثياب للصناع فعملوها. وفرّق فى أهل مكة مالا عظيما، وأفاض التشاريف على أمراء مكة وأرباب وظائفها وأمير ينبع وأمير خليص، وأنعم عليه بخمسة آلاف درهم برسم عمارة خليص، وكان لها عدة سنين قد انقطعت وجعل ذلك مقررا فى كل سنة برسم عمارتها. واجتمع عند السلطان من العربان ما لم يجتمع لملك قبله، وهم: سائر بنى مهدى وأمرائها، وشطا، وأخوه عساف، وأولاده، وأمراء مكة وأشرافها، وأمراء المدينة، وصاحبا ينبع وخليص، وبنى لام وعرب حوارن وكبارها، وأولاد مهنا، وصاروا يعملون عليه إدلالا زائدا بحيث قام ابن لموسى بن مهنا (1). وقال للسلطان: «يابا على بحياة هذه ـ ومدّ يده إلى لحية السلطان ومسكها ـ إلا أعطيتنى الضعية الفلانية؟ ». فصرخ فيه الفخر ناظر الجيش وقال: «ارفع يدك، قطع الله يدك والك يا ولد الزنا، تمد يدك إلى السلطان! ». فتبسم السلطان وقال: «يا قاضى، هذه عادة العرب إذا قصدوا كبيرا فى شيء يكون عظمته عندهم مسك ذقنه ـ يعنى أنه قد استجار به ـ فهو عندهم سنّة» فقام الفخر مغضبا وهو يقول: «والله إن هؤلاء مناحيس، وسنّتهم أنحس منهم، لا بارك الله فيهم». وصلى السلطان الجمعة بمكة، فدعى له وللشريف فقط، ولم يدع لصاحب اليمن تأدبا مع السلطان. وقضى نسكه، وسار إلى المدينة النبوية، وصلى بها الجمعة أيضا، وأقام يومين حتى قدم الركب، وبعث المبشرين إلى مصر والشام، وسار إلى ينبع فلم يجد المراكب وصلت، فحصلت مشقة زائدة من قلة العليق، ومشى أكثر المماليك لوقوف الجمال حتى أتت الإقامات من مصر والشام ونزل السلطان بركة الحاج فى ثانى عشر المحرم سنة عشرين وسبعمائة، فعمل له سماط عظيم جدّا، وركب فى موكب جليل إلى القلعة فكان يوما مشهودا. وجلس يوم الخميس نصف المحرم بدار العدل، فخلع على سائر الأمراء وأرباب الوظائف وأمراء العربان.

_ (1) انظر: (ابن خلدون 5/ 439، البداية والنهاية 14/ 193، النجوم الزاهرة 10/ 76، الأعلام 7/ 329).

وحجّ ثالثا فى سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، ورسم بسفر الخواتين وبعض السرارى، وكتب لنائب الشام بتجهيز ما يحتاج إليه فوصلت التقادم على العادة من النواب وأمراء الشام وأمراء العربان، وطلب سائر صناع مصر لعمل الاحتياجات. وخرج المحمل على العادة، وأمير الركب الأمير عز الدين أيدمر الخطيرى، فرحل فى عشرين شوال. وركب السلطان فى سبعين أميرا من قلعة الجبل يوم الخامس والعشرين منه، وسفّر الحريم مع الأمير سيف الدين طقزتمر، فلما قارب عقبة أيلة بلغه أن الأمير بكتمر الساقى على نية المخامرة فهم بالرجوع وبعث ابنه أنوك وأمه إلى الكرك. ثم قوى عزمه على المسير، فسار وهو محترز، ورسم أن كلا من الأمراء يحضر باب الدهليز بثلاثين مملوكا، فصار الجميع ينامون وعددهم تحت رءوسهم، وكل أحد مشتمل عليه زردية، وسيفه متقلد به وترسه على كتفه، وترك السلطان النوم فى مبيته. فلما وصل إلى ينبع تلقاه الشريف أسد الدين رميثة (1) ـ أمير مكة ـ بينبع ومعه القواد والأشرف، فأكرمه ورحّب به، وتوجّه حتى نزل خليص، ففر عند الرحيل ثلاثون مملوك، فاهتم السلطان لذلك وصار حتى قدم مكة، وجرى على عادته فى التواضع لله تعالى وكثرت الصدقات على أهل مكة والإنعام على الأمراء والأجناد، وقضى نسكه، وبعث الأمير أيتمش المحمدى ومعه مائة حجار إلى العقبة. فوسّعها ونظّمها. ودخل السلطان المدينة النبوية، فهبت بها رياح عاصفة قلعت الخيم، وأظلم الجو، وصار كل أحد يهجم على غير خيمته ولا يعرف موضعه، فانزعج السلطان انزعاجا زائدا، وخاف من أن يفتك به أحد ويغتاله ووقع الصياح فى الوطاقات (2)، وكان أمرا مهولا طول الليل حتى طلع الفجر فانجلى ذلك. وحضر أمراء العربان بالمماليك الهاربين عن آخرهم، ورحل عن المدينة، فتوعك أحمد بن الأمير بكتمر الساقى، ومات بعد أيام، ولم يقم بعده بكتمر إلا ثلاثة أيام، ومات أيضا بالقرب من عيون القصب، فتحدث الناس أن السلطان سقاهما، فدفنا بعيون القصب، ثم نقلا إلى تربة بكتمر بالقرافة.

_ (1) انظر: (شذرات الذهب 6/ 149، الدرر الكامنة 2/ 111، خلاصة الكلام 28 ـ 30، النجوم الزاهرة 10/ 141، الأعلام 3/ 33). (2) جمع الوطاق، وهو لفظ تركى، يعنى: الخيمة أو مجموعة الخيام أو المعسكر أو الغرفة.

منسا موسى ملك التكرور

وسار السلطان وقد اطمأن بعد ما كان خائفا فزعا، فقدم بركة الحاج يوم السبت ثانى عشر المحرم سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، وصعد القلعة فى موكب عظيم لم ير مثله، ومشى على شقاق الحرير بفرسه وهو ضارب اللثام. وفرح الناس به فرحا زائدا، ودقّت البشائر وطبلخانات الأمراء ثلاثة أيام، وعملت الأفراح. وجلس فى يوم الاثنين، وخلع على سائر الأمراء والمقدمين، وأنعم إنعاما عظيما. * * * منسا موسى ملك التّكرور أول من حج من ملوك التّكرور. ويقال إن أول من أسلم منهم ملك اسمه سرمندانه، ويقال برمندانه. ثم حج منساولى بن مارى بن جاظة فى أيام الملك الظاهر بيبرس، ثم حجّ ساكبوره، وكان قد تغلب على ملكهم، وفتح بلاد كوكو ثم حج منسا موسى لما قدم إلى مصر سنة أربع وعشرين وسبعمائة بهدايا جليلة وذهب كثير، فأرسل السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون المهمندار لتلقيه، وركب به إلى القلعة فى يوم الخدمة، فامتنع أن يقبّل الأرض، وقال للترجمان: «أنا مالكى المذهب، ولا أسجد لغير الله» فأعفاه السلطان من ذلك، وقرّبه وأكرمه، وسأله عن سبب مجيئه، فقال: «أردت الحج»، فرسم للوزير أن يجهزه بكل ما يحتاج إليه. ويقال إنه قدم معه أربعة عشر ألف جارية برسم خدمته خاصة فأقبل أصحابه على شراء الجوارى من الترك والحبوش والمغنيات والثياب، فانحط سعر الذهب ستة دارهم. وقدّم منسا موسى هديته، وخرج مع الركب بعد ما أوصى به السلطان الأمير سيف الدين أيتمش ـ أمير الركب ـ فسار ركبا وحده فى ساقة الحاج حتى قضى حجه. وتأخر بمكة بعد الموسم أياما وعاد، فهلك كثير من أصحابه وجماله بالبرد حتى لم يصل معه إلا نحو الثلث منهم، فاحتاج إلى قرض مال كثير من التجار، واشترى عدة كتب من فقه المالكية، وأنعم السلطان عليه بخيول وجمال. وسافر إلى بلاده بعد ما تصدق فى الحرمين بمال كثير. وكان إذا حدثه أصحابه فى أمر كشفوا رءوسهم عند مخاطبته عادة لهم. * * *

الملك المجاهد على بن الملك المؤيد داود بن الملك المظفر يوسف بن الملك المنصور عمر بن على بن رسول صاحب اليمن

الملك المجاهد على بن الملك المؤيد داود بن الملك المظفر يوسف بن الملك المنصور عمر بن على بن رسول صاحب اليمن (1) حجّ سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، واطلع علمه جبل عرفة وقد وقف بنو حسن فى خدمته حتى قضى حجه. وعزم على كسوة الكعبة، فلم يمكنه من ذلك أمير مكة، فسار وهو حنق. ثم حجّ ثانيا فى سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة، وقد قدم عليه الشريف ثقبة بن رميثة (2)، وأغراه بأخيه عجلان (3)، وأطمعه فى مكة وكسوة الكعبة، فسار فى عسكر كبير، فبلغ ذلك الشريف عجلان. وكان الأمير طاز قد حج فى جماعة من الأمراء، فبلغهم قدوم صاحب اليمن فى جحفل عظيم، وأنه يريد يدخل مكة بلامة الحرب وحوله سلاح داريته وطبر داريته (4) ليقيم فتنة، فبعثوا إليه: «أنه من يريد الحج إنما يدخل مكة بذل ومسكنة، وأنت تريد تبتدع بدعة فاحشة، ونحن لا نمكنك من الدخول على هذه الصفة، فإن أردت السلامة فابعث إلينا الشريف ثقبة يكون عندنا حتى تقضى الحج». فلم يجد بدا من الإذعان، وبعث ثقبة، فأكرمه الأمراء. وبعث الأمير طاز إلى صاحب اليمن بالأمير طقطاى فى جماعة من المماليك ليكونوا فى خدمته حتى يقضى حجه، فساروا إليه، وأبطلوا السلاحدارية وحمل الغاشية وسائر ما كان اهتم به، ومشوا فى خدمته حتى دخل الحرم وسلم على الأمراء واعتذر إليهم، وأضمر أنه يصبر حتى يرحل الأمير طاز، ويثور هو وثقبة على من بقى مع أمير الركب، ويأخذ عجلان، ويملكان مكة. فلما كان يوم منى ركب الأمير بزلار ـ أمير الركب ـ من مكة فرأى خادم صاحب اليمن، فاستدعاه إليه، فامتنع من الحضور، وضرب مملوك بزلار وبعض جنده

_ (1) انظر: (العقود اللؤلؤية 2/ 2، 83/ 123، الدرر الكامنة 3/ 49، البدر الطالع 1/ 444 ابن خلدون 5/ 513، البداية والنهاية 14/ 237، 240، الأعلام 4/ 286، 287). (2) انظر: (الدرر الكامنة 1/ 530، البدر الطالع 1/ 181، النجوم الزاهرة 10/ 226، 264، الأعلام 2/ 100). (3) انظر: الدرر الكامنة 2/ 453، خلاصة الكلام 3، الأعلام 4/ 216). (4) وهو الذى يحمل الطبر حول السلطان عند ركوبه فى المواكب وغيرها. انظر: صبح الأعشى 1/ 458.

الملك الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون

بحربة، ووقع الصوت فى الركب، وركب بزلار إلى طاز، وثار أهل اليمن بالسلاح، فركب أمراء مصر وقت الظهر، واقتتلوا مع اليمنيين، وهزموا بزلار هزيمة قبيحة، وأقبل عجلان ـ أمير مكة ـ بجيش كبير، فأمره طاز أن يحفظ الحاج، واستمرت الحرب إلى العصر، وانكسر جيش اليمن، وقتل منهم جماعة، وقطع دهليز المجاهد، وقبض عليه، ونهبت أثقاله. وقضى الناس حجتهم، وسار الأمير طاز بالمجاهد معه، ورتّب فى خدمته جماعة من مماليكه، وبالغ فى إكرامه، ووصّى الأمير عجلان بأمه وحرمه، وكتب إلى السلطان يعرّفه بما وقع، وتوجّه إلى مصر فقدم فى العشرين من المحرم سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة، وصعد به إلى القلعة مقيدا فى يوم الخدمة، فأوقف تجاه النائب، والأمراء قعود، حتى خرج أمير جاندار، ودخل الأمراء إلى الخدمة بالإيوان، وهو معهم، فقبّل الأرض بين يدى السلطان الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون، ثم فكّ قيده، وأنزل بالأشرفية من القلعة، وأطلق له راتب، وأقيم له من يخدمه، ثم رسم بسفره إلى بلاده، فخرج معه الأمير قشتمر ـ شاد الدواوين ـ وكتب للشريف عجلان ـ أمير مكة ـ أن يجهّزه، وخلع عليه أطلسان، وركب فى الموكب، واستأنس السلطان به، وتردد إليه الناس، واقترض مالا كثيرا، واشترى المماليك والخيل والجمال، وأتته الإنعامات من السلطان، والتقادم من الأمراء، والتزم بحمل المال كل سنة على العادة. وسار أول ربيع الأول، فبعث قشتمر بالشكوى منه، فرسم له أن يقبض عليه ويسيّره إلى الكرك، ففعل ذلك، وقبض عليه بالينبع، وبعث به إلى الكرك. وأقام الملك المجاهد بالكرك قليلا، ثم أفرج عنه، وأحضر إلى القاهرة، ووبّخ وعنّف تعنيفا كبيرا من الأمراء، ثم خلع عليه، وجهّز فى النيل ليتوجه إلى بلاده من عيذاب فى البحر، وأنعم عليه الأمراء والسلطان بأشياء كثيرة، ووصل إلى بلاده، وقد ضبطت له أمه المملكة، وأقام بها حتى مات فى سنة تسع وستين وسبعمائة، وملك بعده ابنه الأفضل عباس. * * * الملك الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون (1) جلس على تخت الملك وعمره عشر سنين فى نصف شعبان سنة أربع وستين

_ (1) انظر: (مورد اللطافة 87، ابن إياس 1/ 212، حسن المحاضرة 2/ 104، الدرر الكامنة 2/ 190، البداية والنهاية 14/ 302 ـ 324، الأعلام 3/ 164).

وسبعمائة، وقام بأمر الملك الأمير يلبغا العمرى الخاصكى إلى أن قتل فى ربيع الآخر سنة ثمان وستين وسبعمائة، فقوى أمره قليلا، ثم قتل أسندمر بعد يلبغا، واشتد أمره، وأوقع باليلبغاوّية الأجلاب (1) وشرع بالاهتمام بالحج فى سنة ثمان وسبعين، وخرج أطلاب السلطان يوم الأحد ثالث عشره فجر عشرين قطار هجن بقماش ذهب، وخمسة عشر قطارا بعبى حريرا، وقطارا ملبس خليفتى، وقطارا بقماش أبيض برسم الإحرام، ومائة رأس خيل مشهورة، وكجاوّتين، وتسع محفات، كلها بأغشية حرير مزركش، وستة وأربعين زوج محاير، وخزانة عشرين جملا، وقطارين جمالا تحمل خضرا مزدرعة ومن الجمال المحملة شيئا كثيرا. وركب يوم الاثنين رابع عشره، فأقام بسرياقوس إلى يوم الثلاثاء ثانى عشرينه، واستقل بالمسير ومعه من الأمراء المقدمين تسعة، ومن الطبلخانات خمسة وعشرون، ومن العشراوات خمسة عشر. فركب قشتمر المحمدى اللفاف ـ أحد العشرات ـ وقرطاى ـ رأس نوبة ـ وجماعة يوم السبت ثالث ذى القعدة خارج القاهرة وسلطنوا أمير على بن السلطان (2) فقدم الخبر يوم الأحد رابعه بأن السلطان وصل إلى عقبة أيلة يوم الثلاثاء، وأقام إلى ليلة الخميس، فركب عليه المماليك بسبب تأخير النفقة، فانهزم السلطان فى نفر يسير، فخرج إلى قبة النصر، فقبضوا على الأمير صرغمتش وغيره من الأمراء وقتلوهم. وقبض على الأشرف من بيت امرأة فى ليلة الاثنين خامس ذى القعدة، فكان آخر العهد به، قتل خنقا. والله سبحانه أعلم بالصوب، وإليه المرجع والمآب. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. والحمد لله رب العالمين * * *

_ (1) الأجلاب هم المماليك الجدد الذين يشتريهم السلطان الجديد بعد توليته، أو الأمير. (2) انظر: (ابن إياس 1/ 238، الأعلام 4/ 293).

مراجع التحقيق

مراجع التحقيق 1 ـ خير ما ابتدئ به القرآن الكريم. 2 ـ آثار الأدهار: تأليف سليم بن جبرائيل الخوري وسليم ميخائيل شحاتة. الجزء الأول منه، وقسم من الثانى. طبع فى بيروت 1875 ـ 1877. 3 ـ آثار البلاد وأخبار العباد، لزكريا بن محمد القزوينى المتوفى (628 هـ‍). ط دار صادر ببيروت. 4 ـ الآثار الباقية عن القرون الخالية: لمحمد بن أحمد البيرونى. طبع فى ليبسك 1923. 5 ـ آثار المدينة المنورة: لعبد القدوس الأنصارى. طبع بدمشق 1935. 6 ـ آداب العصر فى شعراء الشام والعراق ومصر: لسعد ميخائيل. 7 ـ آداب الشافعى ومناقبه، لابن أبى حاتم أبى محمد عبد الرحمن المتوفى (327 هـ‍). تحقيق عبد الغنى عبد الخالق. نشر مكتبة التراث بحلب. 8 ـ أبجد العلوم: لصديق حسن خان القنوجى. طبع فى بهوبال 1295 هـ‍. ودار الكتب العلمية. بيروت. 9 ـ الأبحاث المسددة فى فنون متعددة: للمقبلى؛ صاحب العلم الشامخ. مخطوط. 10 ـ إتحاف فضلاء الزمن بتاريخ ولاية بنى الحسن: لمحمد بن على، ابن المحب الطبرى. مخطوط فى مكتبة محمد ماجد الكردى، بمكة. 11 ـ إتحاف فضلاء البشر فى القراءات الأربع عشرة، لأحمد الدمياطى البنا، ط. عبد الحميد حنفى بالقاهرة. 12 ـ إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين، للزبيدى. 13 ـ إتحاف المطالع: لعبد السلام بن سودة: مخطوط. 14 ـ إتمام الوفاء فى سيرة الخلفاء: للسيوطى. بدار الكتب العلمية. بيروت. 15 ـ الإحاطة فى أخبار غرناطة: لابن الخطيب. طبع فى مصر 1319 هـ‍.

16 ـ أحسن الأثر، فيمن أدركناه فى القرن الرابع عشر: لمحمد صالح الكاظمى. طبع بغداد. 17 ـ أحسن التقاسيم فى معرفة الأقاليم: للبشارى. طبع فى ليدن 1909. 18 ـ أحسن الوديعة فى تراجم أشهر مشاهير مجتهدى الشيعة: لمحمد مهدى الكاظمى. جزآن. تتمة لكتاب «روضات الجنات» طبع ببغداد 1347 هـ‍. 19 ـ أخبار الأعيان فى جبل لبنان: لطنوس بن يوسف الشدياق الحدثى المارونى. طبع ببيروت 1859. 20 ـ أخبار أهل عمان من أول إسلامهم إلى اختلاف كلمتهم. طبع فى همبورغ 1357/ 1938. 21 ـ أخبار الأول فيمن تصرف فى مصر من أرباب الدول: لمحمد بن عبد المعطى الإسحاقى طبع فى مصر (على الحجر) 1276 هـ‍. 22 ـ أخبار الدول وآثار الأول: للقرمانى. طبع على هامش الكامل لابن الأثير (بولاق) 1290 هـ‍. 23 ـ أخبار الدولة السلجوقية: لعلى بن ناصر بن على الحسينى. طبع فى لاهور 1933. 24 ـ أخبار الراضى بالله والمتقى لله، من كتاب الأوراق لأبى بكر محمد بن يحيى الصولى طبع بمصر 1935. 25 ـ الأخبار السنية فى الحروب الصليبية: لسيد على الحريرى. طبع فى مصر 1317 هـ‍. 26 ـ الأخبار الطوال: للدينورى. طبعة مصر 1330 هـ‍. 27 ـ أخبار العصر فى انقضاء دولة بنى نصر: نظر «آخر بنى سراج». 28 ـ إخبار العلماء بأخبار الحكماء: للقفطى. طبع فى مصر 1326 هـ‍. 29 ـ أخبار القضاة: لوكيع. طبع فى القاهرة سنة 1366 ـ 1369 هـ‍. 30 ـ أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار: للأزرقى. مجلد، فى جزآن. طبع بمكة 1403 هـ‍.

31 ـ أخبار النحويين البصريين: لأبى سعيد السيرافى. من مطبوعات معهد المباحث الشرقية بالجزائر 1936. 32 ـ أدب الإملاء والاستملاء: لعبد الكريم بن محمد السمعانى. طبع فى لندن 1952. ودار الكتب العلمية بيروت. 33 ـ أدباء حلب ذوو الأثر فى القرن التاسع عشر: لقسطاكى الحمصى. طبع بحلب 1925. 34 ـ الأرج المسكى والتاريخ المكى: لعلى بن عبد القادر الطبرى المكى. مخطوط. 35 ـ إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب، المعروف بمعجم الأدباء: لياقوت الحموى. سبعة أجزاء، طبعة مرجليوث، بمصر 1907 ـ 1925. ودار الكتب العلمية. بيروت. 36 ـ أزهار الرياض فى أخبار عياض: لأحمد بن محمد المقرى. أربعة أجزاء، طبع ثلاثة منها بمصر 1358 ـ 1361 هـ‍. 37 ـ الأزهار الرياضية فى أئمة وملوك الإباضية: لسليمان بن عبد الله البارونى، الجزء الثانى طبع بمطبعة الأزهار البارونية. 38 ـ الاستقصا لأخبار المغرب الأقصى: لأحمد بن خالد الناصرى السلاوى أربعة أجزاء طبع بمصر 1312 هـ‍. 39 ـ الاستيعاب فى أسماء الأصحاب: ليوسف بن عبد الله بن عبد البر، أربعة أجزاء طبعت على هامش «الإصابة» بمصر 1358/ 1939. ودار الكتب العلمية. بيروت. 40 ـ أسد الغابة فى معرفة الصحابة: لابن الأثير. خمسة مجلدات. طبع بمصر 1280 هـ‍. ودار الكتب العلمية. بيروت. 41 ـ إسعاف المبطأ برجال الموطأ: لجلال الدين السيوطى. طبعة الهند 1320 هـ‍. بآخر تنوير الحوالك شرح موطأ مالك للسيوطى أيضا. طبعة مصر 1344. ودار الكتب العلمية. بيروت. 42 ـ الإسلام والتجديد فى مصر: للمستشرق تشارلز آدمس. نقله إلى العربية عباس محمود. طبع بمصر 1353/ 1935.

43 ـ أسماء جبال تهامة وسكانها: لعرام بن الأصبغ السلمى. طبع بمصر 1373 هـ‍. ودار الكتب العلمية بيروت. 44 ـ أسماء خيل العرب وفرسانها: للجواليقى. طبع مع نسب الخيل للكلبى، بليدن 1928. 45 ـ أسماء الصحابة الرواة: لابن حزم. طبع مع «جوامع السيرة». دار الكتب العلمية. بيروت. 46 ـ أسماء المغتالين من الأشراف: لمحمد بن حبيب. طبع فى نوادر المخطوطات 2: 105. 47 ـ الأسماء المفردة: لأبى بكر أحمد بن هارون بن روح، البرديجى، المتوفى سنة 300. رسالة مخطوطة فى المكتبة الخالدية بالقدس. 48 ـ الأسماء والكنى: للحافظ الحاكم محمد بن محمد النيسابورى. 49 ـ أسواق العرب فى الجاهلية والإسلام: لسعيد الأفغانى. طبع فى دمشق 1356/ 1937. 50 ـ الاستدراك، لأبى بكر محمد بن عبد الغنى بن نقطة، المتوفى 629 هـ‍. نسخة الظاهرية (429) ونسخة دار الكتب المصرية (10). 51 ـ الاشتقاق: لابن دريد الأزدى. طبع فى جوتنجن 1854. 52 ـ الإشراف فى منازل الأشراف: لابن أبى الدنيا. دار الكتب العلمية. بيروت. تحقيق مصطفى عبد القادر عطا. 53 ـ إشراق التواريخ: لمحمد البركوى. مخطوط فى مكتبة البلدية بالإسكندرية. 54 ـ الإصابة فى تمييز الصحابة: لابن حجر العسقلانى. أربعة مجلدات. طبع بمصر 1358/ 1939. ودار الكتب العلمية. بيروت. 55 ـ الأصمعيات: اختيار الأصمعى. طبع فى مصر 1375/ 1955. 56 ـ إعجام الأعلام: لمحمود مصطفى. طبع فى مصر 1354/ 1935. ودار الكتب العلمية. بيروت. 57 ـ الأعلام الخطيرة فى ذكر أمراء الشام والجزيرة: لمحمد بن على بن شداد. والجزء الثانى منه فى «تاريخ مدينة دمشق». طبع بها 1375/ 1956).

58 ـ الأعلاق النفيسة: لابن رسته. طبع فى ليدن 1891. 59 ـ أعلام الأدب والفن: لأدهم الجندى. طبع بدمشق 1954. 60 ـ الإعلام بتاريخ الإسلام: لأبى بكر بن أحمد، ابن قاضى شهبة الأسدى، المتوفى سنة 851 هـ‍. 61 ـ الإعلام بفضائل الشام: لأحمد بن على المنينى. طبع فى القدس. 62 ـ الإعلام بما وقع فى مشتبه الذهبى من الأوهام: جردها من توضيح المشتبه مؤلفهما محمد بن أبى بكر عبد الله بن محمد، المعروف بابن ناصر الدين. مخطوط كتب سنة 829. فى المكتبة العربية بدمشق. 63 ـ الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام: لعباس (بن محمد بن محمد) بن إبراهيم المراكشى. خمسة مجلدات منه، طبعت بفاس ابتداء من سنة 1936. 64 ـ الإحسان فى ترتيب صحيح ابن حبان، لأبى الحسن على بن بلبان الفارسى المتوفى (739 هـ‍)، طبع دار الكتب العلمية. بيروت. 65 ـ إعلام السائلين عن كتب سيد المرسلين: لمحمد بن على بن طولون. رسالة طبعت فى دمشق 1348 هـ‍. 66 ـ إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء: لمحمد راغب الطباخ الحلبى. سبعة مجلدات. طبع فى حلب 1342 هـ‍. 67 ـ أعلام النساء: لعمر رضا كحالة. ثلاثة مجلدات. طبع فى دمشق 1359 هـ‍. 68 ـ الإعلان بالتواريخ لمن ذم التاريخ: للسخاوى. طبع بدمشق 1349 هـ‍. ودار الكتب العلمية. بيروت. 69 ـ أعمار الأعيان: لأبى الفرج ابن الجوزى. رسالة مخطوطة، كتبت سنة 592 وقرئت على مؤلفها. 70 ـ أعمال الأعلام فيمن بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام وما يجر ذلك من شجون الكلام: للسان الدين ابن الخطيب. فصل منه نشره حسن حسنى عبد الوهاب. طبع فى باليرمو 1910. 71 ـ الأغانى: لأبى الفرج الأصفهانى. طبعة الساسى بمصر 21 جزءا، عدا الفهارس وهى 4 أجزاء. سنة 1323. ودار الكتب العلمية. بيروت.

72 ـ الآداب، للإمام البيهقى، المتوفى (458 هـ‍) تحقيق محمد عبد القادر عطا، طبع دار الكتب العلمية، بيروت. 73 ـ الاغتباط بتراجم أعلام الرباط: لأبى عبد الله محمد بوجندار الرباطى. خطوط، جزآن فى مجلد واحد. نسخة عبد الله بن العباس الجرارى، فى الرباط. 74 ـ اكتفاء القنوع بما هو مطبوع: لإدوارد فنديك. طبع بمصر 1313/ 1896. 75 ـ الإكليل: للهمدانى. الجزء الثامن. طبع فى بغداد 1931 وفى برنستن 1940. 76 ـ الإكمال فى رفع الارتياب عن المختلف والمؤتلف من الأسماء والكنى والأنساب: للأمير على بن هبة الله بن ماكولا. مخطوط فى مجلدين ضخمين. كتب سنة 591 هـ‍. وطبع بدار الكتب العلمية. بيروت. 77 ـ أحكام القرآن لابن العربى، تحقيق محمد عبد القادر عطا. دار الكتب العلمية. بيروت. 78 ـ أحوال الرجال، لأبى إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجانى المتوفى سنة 259 هـ‍، تحقيق صبحى السامرائى مؤسسة الرسالة 1405 هـ‍/ 1985 م. 79 ـ ألقاب الشعراء ومن يعرف منهم بأمه: لمحمد بن حبيب. طبع بمصر 1374/ 1954 (فى نوادر المخطوطات 2: 279). 80 ـ الأمالى: لإسماعيل بن القاسم القالى. جزآن. طبع فى مصر 1344/ 1926. ودار الكتب العلمية. بيروت. 81 ـ إمتاع الأسماع: للمقريزى. المجلد الأول منه. طبع فى القاهرة 1941. 82 ـ الإمتاع والمؤانسة: لأبى حيان التوحيدى. ثلاثة أجزاء. طبع بمصر 1939. 83 ـ أمراء دمشق فى الإسلام: لصلاح الدين الصفدى. من مطبوعات المجمع العلمى العربى بدمشق 1374/ 1955. 84 ـ أنباء الزمن فى تاريخ اليمن: ليحيى بن الحسين بن الإمام القاسم، المتوفى بعد سنة 1099 هـ‍. مخطوط مرتب على السنين. فى دار الكتب المصرية. تجد وصفه فى فهرسها (5: 39) باسم «أنباء الزمن» كذا، والذى فى نهايته: «المسمى بأنباء الزمن» ابتدأه بمولد النبى صلى الله عليه وسلم وختمه بأخبار سنة 1046 هـ‍، وأنجز تأليفه سنة 1065.

85 ـ الأنساب: للسمعانى. طبع بالزنكوغراف، بليدن 1912. ودار الكتب العلمية. بيروت. 86 ـ أنساب الخيل: لابن الكلبى. طبع فى مصر 1946. 87 ـ الأنساب المتفقة فى الخط، المتماثلة فى النقط والضبط: لابن القيسرانى. طبع فى ليدن 1865. 88 ـ إنسان العيون فى سيرة الأمين المأمون: لعلى بن برهان الدين الحلبى. يعرف بالسيرة الحلبية. ثلاث مجلدات. طبع بمصر 1292 هـ‍. 89 ـ الأنيس المطرب القرطاس فى أخبار ملوك المغرب وتاج مدينة فاس: لأبى عبد الله محمد بن عبد الحليم المعروف بابن أبى زرع. مطبوع على الحجر بفاس 1305 هـ‍. 90 ـ أيام العرب فى الجاهلية: لمحمد أحمد جاد المولى، وعلى البجاوى، ومحمد أبى الفضل إبراهيم. طبع فى مصر 1361/ 1942. 91 ـ إيضاح المكنون فى الذيل على كشف الظنون: لإسماعيل باشا بن محمد أمين البابانى البغدادى. مجلدان. طبع فى استانبول، الأول 1364/ 1945 والثانى 1366/ 1947. 92 ـ بحر الأنساب، المسمى بالمشجر الكشاف لأصول السادة الأشراف: لمحمد بن أحمد بن عميد الدين الحسينى النجفى. طبع بمصر، على الحجر 1356 هـ‍. 93 ـ البحر الزاخر فى تاريخ العالم وأخبار الأوائل والأواخر: لمحمود فهمى المهندس. أربعة أجزاء. طبع فى بولاق 1312 ـ 1313 هـ‍. 94 ـ البخلاء: للجاحظ. طبع بمصر 1948. ودار الكتب العلمية. بيروت. 95 ـ البدء والتاريخ: المنسوب لأحمد بن سهل البلخى، وهو لمطهر بن طاهر المقدسى. ستة أجزاء. طبع فى شالون 1916. 96 ـ بدائع الزهور فى وقائع الدهور: لابن إياس. ثلاثة أجزاء. طبع بمصر 1311 هـ‍. والرابع والخامس منه: طبعا فى استامبول 1931 و 1932. 97 ـ البداية والنهاية فى التاريخ: لابن كثير. أربعة عشر جزءا. طبع فى مصر 1351 ـ 1358 هـ‍. ودار الكتب العلمية. بيروت.

98 ـ البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع: للشوكانى مجلدان. طبع بمصر 1348 هـ‍. 99 ـ بغية الرواد فى ذكر الملوك من بنى عبد الواد: ليحيى بن محمد بن خلدون. مجلدان. طبع فى الجزائر مع ترجمة فرنسية 1321/ 1903. 100 ـ بغية المستفيد فى أخبار مدينة زبيد: لعبد الرحمن بن على الشيبانى المعروف بابن الديبع. مطبوع بالكويت. 101 ـ بغية الملتمس فى تاريخ رجال أهل الأندلس: لابن عميرة الضبى. طبع فى مجريط 1884. ودار الكتب العلمية. بيروت. 102 ـ بغية الوعاة فى طبقات اللغويين والنحاة: لجلال الدين السيوطى. طبع بمصر 1326 هـ‍. 103 ـ بلاغات النساء: لأحمد بن طيفور. طبع بمصر 1326/ 1908. 104 ـ بلوغ الأرب فى معرفة أحوال العرب: لمحمود شكرى الآلوسى البغدادى. الطبعة الثانية، بمصر 1342/ 1924 ثلاثة أجزاء. ودار الكتب العلمية. بيروت. 105 ـ بلوغ المرام، فى شرح مسك الختام، فى من تولى ملك اليمن من ملك وإمام: لحسين بن أحمد العرشى. ختم حوادثه سنة 1318 هـ‍، وزاد عليه الأب أنستاس مارى الكرملى، فأوصله إلى 1358 هـ‍. طبع بمصر 1939. 106 ـ بهجة الناظرين إلى تراجم المتأخرين من الشافعية البارعين: لمحمد بن أحمد بن عبد الله الغزى الشافعى الدمشقى. مخطوط. فى الظاهرية بدمشق. 107 ـ البيان والتبيين: للجاحظ. أربعة أجزاء. طبع فى مصر 1367 ـ 1369 هـ‍. ودار الكتب العلمية. بيروت. 108 ـ البيان المغرب فى أخبار الأندلس والمغرب: لابن عذارى المراكشى. أربعة أجزاء، الأول والثانى طبعة ليدن 1948 و 1951 والثالث طبعة باريس 1930 والرابع طبعة تطوان 1956. 109 ـ تاج التراجم: لقاسم بن قطلوبغا الحنفى. مخطوط ناقص الآخر. فى المكتبة الخالدية بالقدس. (طبع فى ليبسيك 1862).

110 ـ تاج العروس من جواهر القاموس: لمحمد مرتضى الزبيدى. عشر مجلدات. طبع بمصر 1306 ـ 1307 هـ‍. ودار الكتب العلمية. بيروت. 111 ـ تاج اللغة وصحاح العربية: للجوهرى. مجلدان. طبع بمصر 1282 هـ‍. 112 ـ تاريخ دمشق، لأبى القاسم على بن الحسين بن هبة الله المعروف بابن عساكر المتوفى 571 هـ‍، نسخة الظاهرية (تاريخ 1، 2). 113 ـ تاريخ الآداب العربية من الجاهلية حتى عصر بنى أمية: محاضرات لكارلو نالينو. نسقتها وترجمت بعض حواشيها الإيطالية إلى العربية، ابنته مريم نالينو. طبع فى مصر 1954. 114 ـ تاريخ الإسلام وطبقات المشاهير والأعلام: للذهبى طبع منه بمصر، خمسة أجزاء. 115 ـ تاريخ الأمم والملوك: لابن جرير الطبرى. ودار الكتب العلمية. بيروت. 116 ـ تاريخ الأمير حيدر أحمد الشهابى: المسمى بالغرر الحسان فى تواريخ حوادث الأزمان ثلاثة أجزاء. طبع بمصر 1900. 117 ـ تاريخ الأندلس فى عهد المرابطين والموحدين: ليوسف أشباخ (الألمانى). ترجمه وعلق عليه محمد عبد الله عنان. جزآن. طبع بمصر 1359/ 1940. 118 ـ تاريخ بغداد: للخطيب البغدادى. أربعة عشر مجلدا. طبع بمصر 1349 هـ‍. ودار الكتب العلمية. بيروت. 119 ـ تاريخ حماة: لأحمد الصابونى. طبع فى حماة 1332 هـ‍. وأعيد طبعه فيها 1956 معلقا عليه، ومصدرا بترجمة لمؤلفه. 120 ـ تاريخ الخميس فى أحوال أنفس نفيس: لحسين بن محمد الديار بكرى. مجلدان. طبع فى مصر 1283 هـ‍. 121 ـ تاريخ دولة المماليك فى مصر: لوليم موير. ترجمه إلى العربية محمود عابدين وسليم حسن. طبع بمصر 1342 هـ‍. 122 ـ تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية: لمحمد بن ابراهيم اللؤلؤى المعروف بالزركشى. طبع بتونس 1289 هـ‍.

123 ـ تاريخ السلطان سليم مع قانصوه الغورى: لأحمد بن زنبل الرمال. طبع بمصر 1278. 124 ـ تاريخ السليمانية: لمحمد أمين زكى. طبع ببغداد 1370/ 1951. 125 ـ تاريخ سنى ملوك الأرض والأنبياء: لحمزة بن الحسن الأصفهانى. طبع فى برلين 1340 هـ‍. 126 ـ تاريخ السودان: لعبد الرحمن عبد الله بن عمر السعدى. طبع فى باريس 1898. 127 ـ تاريخ الشعراء الحضرميين: لعبد الله بن محمد بن حامد السقاف. خمسة أجزاء. طبع بمصر ابتداء من 1353 هـ‍. 128 ـ تاريخ الشعوب الإسلامية: لكارل بروكلن. نقله إلى العربية نبيه أمين فارس ومنير البعلبكى. خمسة أجزاء. طبع فى بيروت 1948 ـ 1950. 129 ـ تاريخ طرابلس الغرب، المسمى التذكار فيمن ملك طرابلس، وما كان بها من الأخبار: وهو شرح لمحمد بن خليل غلبون الطرابلسى، على قصيدة أحمد بن عبد الدائم الأنصارى. طبع فى مصر 1349 هـ‍. 130 ـ تاريخ العرب قبل الإسلام: لجواد على. طبع منه سبعة مجلدات، ببغداد 1950 ـ 1958. 131 ـ تاريخ علماء الأندلس: لابن الفرضى. جزآن. طبع فى مدريد 1890. ودار الكتب العلمية. بيروت. 132 ـ تاريخ علماء أهل مصر: لأبى القاسم يحيى بن على بن الطحان. جزء صغير منه. مخطوط فى المكتبة الظاهرية بدمشق. 133 ـ تاريخ علماء بغداد، المسمى منتخب المختار: لمحمد بن رافع السلامى، ذيل به على تاريخ ابن النجار. انتخبه التقى الفاسى المكى. طبع ببغداد 1357/ 1938. 134 ـ تاريخ فتح الأندلس: لابن القوطية. قطعة منه طبعت بمصر. 135 ـ تاريخ ابن الفرات: لمحمد بن عبد الرحيم بن الفرات. المجلدات 7، 8، 9 وطبعت فى بيروت 1936 ـ 1942.

136 ـ تاريخ القادرى: لمحمد بن الطيب القادرى الحسنى. مخطوط فى جزء واحد، مرتب على السنين. اختصره من كتابه «التقاط الدرر ومستفاد المواعظ والعبر فى أخبار أعيان أهل المائة الحادية والثانية عشر» الذى جعله ذيلا لكتاب لقط الفرائد لابن القاضى ذيل كتاب شرف الطالب لابن الخطيب القسنطينى. فى الخزانة العامة بالرباط، رقم د 184. 137 ـ تاريخ ابن قاضى شهبة: لتقى الدين أبى بكر ابن قاضى شهبة الأسدى. مرتب على السنين لحوادث والوفيات، يبدأ بحوادث 741 وينتهى بنهاية 785 هـ‍. ومخطوط فى مجلدين. كتب سنة 480 على يد على بن موسى بن محمد بن القابونى. أوله بعد البسملة: «رب يسر وأعن يا كريم الحمد لله مميت الأحياء ومحيى الأموات، ومبدى الأشياء ومبيد البريات». مخطوط محفوظ فى معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية. 138 ـ تاريخ القضاء فى الإسلام: لمحمود عرنوس. طبع فى مصر 1352/ 1934. 139 ـ تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل أو اجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها. مخطوط. 140 ـ تاريخ المساجد الأثرية (فى مصر): لحسن عبد الوهاب. طبع بمصر 1946. 141 ـ تاريخ مصر: لعمر الإسكندرى وسفدج. جزآن. طبع بمصر 1915. 142 ـ تاريخ مصر فى عهد الخديوى إسماعيل: لإلياس الأيوبى. مجلدان. طبع بمصر 1341/ 1923. 143 ـ تاريخ الموصل: لابن إياس الأزدى. مخطوط. 144 ـ تاريخ الموصل: لسليمان صائغ الموصلى. جزآن. طبع الأول فى مصر 1923 والثانى فى بيروت 1928. 145 ـ تاريخ نجد الحديث وملحقاته: تأليف أمين الريحانى. طبع فى بيروت 1928. 146 ـ تاريخ نصارى العراق: لرفائيل أبو إسحاق. طبع فى بغداد 1948. 147 ـ تاريخ اليعقوبى: لأحمد بن إسحاق بن واضح اليعقوبى. ثلاثة أجزاء. طبعة النجف 1358 هـ‍.

148 ـ التبر المسبوك فى ذيل السلوك: للسخاوى. طبع بمصر 1896. 149 ـ التبيان فى تخطيط البلدان: لإسماعيل رأفت. طبع بمصر 1329 هـ‍. 150 ـ تتمة اليتيمة: لأبى منصور الثعالبى. جزآن صغيران. طبع فى طهران 1353 هـ‍. 151 ـ تحفة الأحباب وبغية الطلاب فى الخطط والمزارات: لعلى بن أحمد السخاوى. طبع بمصر 1356 هـ‍. 152 ـ تحفة الإخوان: لعبد الله بن عبد الكريم الجرافى. طبع بمصر 1365 هـ‍. 153 ـ تحفة الأعيان فى سيرة أهل عمان: لعبد الله بن حميد السالمى. جزآن طبع أولهما سنة 1332 والثانى 1347 بمصر. 154 ـ تحفة الأمراء فى تاريخ الوزراء: لهلال بن المحسن الصابى. طبع فى بيروت 1904. 155 ـ تحفة الدهر ونفحة الزهر فى أعيان المدينة من أهل العصر: لعمر بن المدرس عبد السلام الداغستانى المدنى. مخطوط. 156 ـ تحفة ذوى الأرب: لابن خطيب الدهشة. طبع بليدن 1905. 157 ـ تحفة الناظرين فيمن ولى مصر من الولاة والسلاطين: لعبد الله الشرقاوى. طبع بمصر على هامش «أخبار الأول» للإسحاقى 1303 هـ‍. 158 ـ تذكرة الحفاظ: للذهبى. أربعة أجزاء. طبع فى حيدر آباد 1333 ـ 1334 هـ‍. ودار الكتب العلمية. بيروت. 159 ـ التذكرة الكمالية مخطوط فى الخزانة التيمورية بدار الكتب بمصر. 160 ـ تذكرة النسيان، فى أخبار ملوك السودان: طبع مع ترجمة فرنسية، فى باريس 1899 ـ 1901. 161 ـ تذكرة النوادر من المخطوطات العربية: رتبت وطبعت بأمر جمعية دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن 1350 هـ‍. 162 ـ تراث الإسلام: لجمهرة من المستشرقين، بإشراف توماس أرنولد. ترجمه إلى العربية جرجيس فتح الله. جزآن. طبع فى الموصل 1954.

163 ـ تراجم الأعيان، من أبناء الزمان: للحسن بن محمد البورينى. مخطوط، فى دار الكتب المصرية. 164 ـ تراجم بعض أعيان دمشق: لعبد الرحمن بن شاشو. طبع ببيروت 1886. 165 ـ تراجم علماء طرابلس وأدبائها: لعبد الله حبيب نوفل، طبع فى طرابلس 1929. 166 ـ تراجم مشاهير الشرق فى القرن التاسع عشر: لجرجى زيدان. جزآن. طبع فى مصر 1922. 167 ـ ترتيب المدارك، وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك: للقاضى عياض، مجلدان. 168 ـ تقريب التهذيب: لابن حجر العسقلانى. طبع فى دلهى 1290 هـ‍. ودار الكتب العلمية. بيروت. 169 ـ تقويم البلدان: للملك المؤيد أبى الفداء إسماعيل بن على بن أيوب. طبع فى باريس 1840. 170 ـ التكملة لوفيات النقلة: إملاء الحافظ زكى الدين عبد العظيم بن عبد القوى المنذرى. مخطوط. 171 ـ تلخيص مجمع الآداب: لابن الفوطى. مخطوطة بمعهد المخطوطات بجامعة الدول العربية، عن نسخة فى الظاهرية بدمشق، بخط المؤلف. 172 ـ تلفيق الأخبار، وتلقيح الآثار، فى وقائع قزان وبلغار وملوك التتار: تأليف م. م. الرمزى. مجلدان. طبع فى أورنبورغ 1908. 173 ـ تلقيح فهوم أهل الأثر، فى عيون التاريخ والسير: لابن الجوزى. طبع مختصرا فى ليدن 1892 وكاملا فى دلهى 1286/ 1869. 174 ـ تمام المتون، فى شرح رسالة ابن زيدون: لصلاح الدين الصفدى. طبع فى دمشق 1327 هـ‍. 175 ـ التنبيه، على أوهام أبى على فى أماليه: لأبى عبيد، عبد الله بن عبد العزيز البكرى. طبع بمصر مع كتاب «ذيل الأمالى والنوادر» 1344/ 1926.

176 ـ التنبيه والإشراف: للمسعودى. طبع بمصر 1357/ 1938. 177 ـ التنبيه والإيقاظ، لما فى ذيول تذكرة الحفاظ: لأحمد رافع الطهطاوى. طبع بدمشق 1348 هـ‍. 178 ـ التنقيح، لألفاظ الجامع الصحيح: لبدر الدين الزركشى مطبوع. 179 ـ تهذيب الأسماء واللغات: لأبى زكريا النووى. طبع بمصر. أربعة أجزاء. ودار الكتب العلمية. بيروت. 180 ـ تهذيب الكمال، لأبى الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزى، المتوفى 742 هـ‍. النسخة المصورة بواسطة دار المأمون للتراث بدمشق، عن نسخة دار الكتب المصرية المخطوطة. 181 ـ تهذيب مستمر الأوهام، لأبى نصر على بن هبة الله بن جعفر الأمير ابن ماكولا، المتوفى 478 هـ‍، نسخة معهد المخطوطات بالقاهرة (تاريخ 190) عن نسخة تركيا. 182 ـ تهذيب تاريخ ابن عساكر: لعبد القادر بدران. طبع منه سبعة أجزاء، فى دمشق 1329 ـ 1351 هـ‍. 183 ـ تهذيب التهذيب: لابن حجر العسقلانى. اثنا عشر جزءا. طبع فى حيدر آباد الدكن 1325 ـ 1327 هـ‍. 184 ـ التوفيقات الإلهامية: فى مقارنة التواريخ الهجرية بالسنين الإفرنكية والقبطية: لمحمد مختار باشا. طبع فى بولاق 1311 هـ‍. 185 ـ الثمرة البهية: لمحمد بن سالم الحنفى. رسالة فى أسماء أهل بدر. طبعت بمصر. 186 ـ الجامع لأحكام القرآن، المعروف بتفسير القرطبى: عشرون جزءا. طبع فى مصر 1354 ـ 1369 هـ‍. ودار الكتب العلمية بيروت. 187 ـ جامع التصانيف المصرية الحديثة، من 1301 إلى 1310 هـ‍: لعبد الله الأنصارى. رسالة طبعت بمصر 1312 هـ‍. 188 ـ جامع التواريخ، المسمى بكتاب «نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة»: للمحسن ابن على بن أبى الفهم التنوخى. طبع الأول منه بمصر 1921 والثانى والثامن بدمشق 1348/ 1930.

189 ـ جامع العلوم، الملقب بدستور العلماء فى اصطلاحات العلوم والفنون: لعبد النبى بن عبد الرسول الأحمد نكرى: أربعة إجزاء. طبع فى حيدر آباد 1329 ـ 1331 هـ‍. 190 ـ جامع كرامات الأولياء: ليوسف النبهانى. مجلدان. طبع بمصر 1329 هـ‍. 191 ـ جامع مسانيد الإمام الأعظم أبى حنيفة: لمحمد بن محمود الخوارزمى. جزآن. طبع فى حيدر آباد 1332 هـ‍. 192 ـ جذوة الاقتباس، فيمن حل من الأعلام مدينة فاس: لابن القاضى. طبع بفاس، على الحجر 1309 هـ‍. 193 ـ جذوة المقتبس، فى ذكر ولاة الأندلس: للحميدى. طبع بمصر 1372/ 1952. ودار الكتب العلمية. بيروت. 194 ـ الجرح والتعديل: لعبد الرحمن بن محمد الرازى. أربعة مجلدات ضخمة. طبع فى ثمانية أجزاء، فى حيدر آباد 1371/ 1952 ـ 1373/ 1953. ودار الكتب العلمية بيروت. 195 ـ الجمل، أو النصرة فى حرب البصرة: لمحمد بن محمد بن النعمان العكبرى، المعروف بالشيخ المفيد. طبع فى النجف 1368 هـ‍. 196 ـ جمهرة أشعار العرب: لابن أبى الخطاب. طبع بمصر 1308 هـ‍. 197 ـ جمهرة اللغة: لابن دريد، أربعة مجلدات، الأخير منها فهارس. طبع فى حيدر آباد 1344 ـ 1351 هـ‍. 198 ـ الجواهر المضية فى طبقات الحنفية: لعبد القادر بن محمد القرشى. مجلدان. طبع فى حيدر آباد 1332 هـ‍. 199 ـ حديقة الأفراح، لإزالة الأتراح: لأحمد بن محمد الشروانى اليمنى. طبع فى بولاق 1282 هـ‍. 200 ـ حسن البيان، عما بلغته إفريقية فى الإسلام من السطوة والعمران: لمحمد النيفر. الجزء الأول. طبع فى تونس 1353 هـ‍. 201 ـ حسن الصحابة، فى شرح أشعار الصحابة: لعلى فهمى الموستارى. طبع الأول منه بالآستانة 1324 رومية.

202 ـ حسن المحاضرة، فى أخبار مصر والقاهرة: لجلال الدين السيوطى. جزآن. طبع بمصر 1299 هـ‍. 203 ـ حضارة الإسلام، فى دار السلام: لجميل نخلة المدور. طبع بمصر 1323 هـ‍. 204 ـ الحضارة الإسلامية، فى القرن الرابع الهجرى: لأدم متز. ترجمه إلى العربية محمد عبد الهادى أبو ريدة. جزءان. طبع بمصر 1366/ 1947. 205 ـ حضارة العرب: لجوستاف لوبون. نقله إلى العربية عادل زعيتر. طبع بمصر 1367/ 1948. 206 ـ حقائق الأخبار، عن دول البحار: لإسماعيل سرهنك. مجلدان وقسم من الثالث. طبع بمصر 1314 ـ 1341 هـ‍. 207 ـ الحقيقة والمجاز، فى رحلة بلاد الشام ومصر والحجاز: لعبد الغنى النابلسى. مخطوط فى ثلاثة أجزاء، الأول فى بقاع الشام، والثانى فى زيادات مصر، والثالث فى ديار الحجاز. 208 ـ الحلل السندسية، فى الأخبار والآثار الأندلسية: لشكيب أرسلان. طبع منه ثلاثة مجلدات بمصر 1355 ـ 1358 هـ‍. 209 ـ الحلل السندسية، فى الأخبار التونسية: لمحمد بن محمد الوزير. قطعة من الجزء الأول منه. طبعت فى تونس 1287 هـ‍. 210 ـ الحلل الموشية، فى ذكر الأخبار المراكشية: للسان الدين ابن الخطيب (كذا) طبع فى تونس 1329/ 1911. 211 ـ الحلة السيراء: لابن الأبار. قطعة منه. طبعت فى ليدن 1847 ـ 1851. 212 ـ حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: لأبى نعيم الأصبهانى. عشرة مجلدات. طبع بمصر 1351 هـ‍. ودار الكتب العلمية. بيروت. 213 ـ حلية البشر، فى تاريخ القرن الثالث عشر: لعبد الرزاق البيطار. مخطوط فى مكتبته بدمشق ثلاثة مجلدات. 214 ـ الحماسة: لابن الشجرى. طبع فى حيدر آباد 1345 هـ‍. 215 ـ حوادث الدهور، فى مدى الأيام والشهور: لابن تغرى بردى. منتخبات منه. أربعة أجزاء. طبعت فى بر كلى (كليفورنيا) 1930.

216 ـ الحور العين: لنشوان الحميرى. طبع بمصر 1948. 217 ـ الحيوان: للجاحظ. جزآن طبع بمصر 1323 ـ 1324 هـ‍. ودار الكتب العلمية بيروت. 218 ـ الخطط التوفيقية الجديدة: لعلى مبارك. عشرون جزءا. طبع بمصر 1304 ـ 1306 هـ‍. 219 ـ خطط الشام: لمحمد كرد على. ستة أجزاء. طبع فى دمشق 1343 ـ 1347 هـ‍. 220 ـ خلاصة الأثر، فى أعيان القرن الحادى عشر: للمحبى. أربعة مجلدات. طبع بمصر 1284 هـ‍. 221 ـ خلاصة تاريخ تونس: لحسن حسنى عبد الوهاب. طبع بتونس 1373 هـ‍. 222 ـ خلاصة تاريخ العرب فى الأندلس: لشكيب أرسلان. انظر «آخر بنى سراج». 223 ـ دائرة المعارف: وتعرف بدائرة المعارف البستانية. أحد عشر مجلدا. طبعت فى بيروت 1876 ـ 1900. 224 ـ دائرة المعارف الإسلامية: نقلها إلى العربية محمد ثابت الفندى، وأحمد الشنتناوى، وإبراهيم زكى خورشيد، وعبد الحميد يونس. طبع منها أحد عشر مجلدا، فى مصر 1933 ـ 1957. 225 ـ دائرة معارف القرن الرابع عشر (العشرين): لمحمد فريد وجدى. عشرة أجزاء، طبعت فى مصر 1356/ 1937. 226 ـ الدارس فى تاريخ المدارس: لعبد القادر النعيمى الدمشقى. مجلدان. من مطبوعات المجمع العلمى العربى بدمشق 1367 ـ 1370 هـ‍. ودار الكتب العلمية بيروت. 227 ـ الدر الثمين، فى أدباء القرن العشرين: لعيسى إسكندر المعلوف. مخطوط. 228 ـ در الحبب، فى تاريخ أعيان حلب: لرضىّ الدين ابن الحنبلى. مخطوط، مصور فى الخزانة التيمورية بمصر.

229 ـ الدر الفريد، الجامع لمتفرقات الأسانيد: لعبد الواسع بن يحيى الواسعى. طبع فى مصر 1357 هـ‍. 230 ـ الدر المنتخب، فى تاريخ المصريين والعرب: لإتربى أبى العز. الجزء الأول منه، طبع بمصر 1311/ 1894. 231 ـ الدرر البهية، والجواهر النبوية فى الفروع الحسنية والحسينية: لإدريس بن أحمد الحسنى العلوى. مجلدان. مطبوع على الحجر بفاس، بالخط المغربى، فى حياة مؤلفه 1314 هـ‍. 232 ـ الدرر السنية، فى أخبار السلالة الإدريسية: لمحمد بن على السنوسى الخطابى. طبع بمصر 1349 هـ‍. 233 ـ الدرر الفاخرة، بمآثر الملوك العلويين بفاس الزاهرة: لعبد الرحمن بن زيدان الحسنى العلوى. طبع فى الرباط 1356/ 1937. 234 ـ الدرر الكامنة، فى أعيان المائة الثامنة: لابن حجر العسقلانى: أربعة أجزاء. طبع فى حيدرآباد 1945 ـ 1950. ودار الكتب العلمية. بيروت. 235 ـ دمية القصر، وعصرة أهل العصر: لعلى بن الحسن الباخرزى. طبع فى حلب 1349 هـ‍. 236 ـ دول الإسلام للذهبى: جزآن فى مجلد. طبع فى حيدر آباد 1337 هـ‍. 237 ـ الديباج المذهب فى معرفة أعيان علماء المذهب (المالكى): لابن فرحون. طبع بمصر 1329 و 1351 هـ‍. 238 ـ ديوان الإسلام: لشمس الدين الغزى. مخطوط. فى الخزانة التيمورية بمصر. 239 ـ ديوان الحماسة: لأبى تمام. جزآن. طبعة مصر 1335 هـ‍. 240 ـ ديوان المعانى: لأبى هلال العسكرى. جزآن. طبع بمصر 1352 هـ‍. 241 ـ ديوان المفضليات: لأبى العباس المفضل بن محمد الضبى، مع شرحه لأبى محمد القاسم بن محمد بن بشار الأنبارى. طبعة كارلوس يعقوب لايل. فى بيروت 1920 مجلدان. 242 ـ ذخائر العقبى، فى مناقب ذوى القربى: لمحب الدين أحمد بن عبد الله الطبرى. طبع بمصر 1356 هـ‍.

243 ـ ذخائر القصر، فى تراجم أبناء العصر: لابن طولون. مخطوط بمعهد المخطوطات فى جامعة الدول العربية. 244 ـ الذخيرة، فى محاسن أهل الجزيرة: لعلى بن بسام. أقسام منه فى ثلاثة أجزاء، طبعت بمصر 1358 ـ 1364 هـ‍. 245 ـ ذخيرة الدارين، فيما يتعلق بسيدنا الحسين: للسيد عبد المجيد. طبع فى النجف (على الحجر) 1345 هـ‍. 246 ـ الذخيرة السنية، فى تاريخ الدولة المرينية: مجهول المصنف. كتب فى عصر السلطان يعقوب بن عبد الحق (فى القرن السابع للهجرة) طبع فى الجزائر 1339 هـ‍. 247 ـ ذكر أخبار أصبهان: للحافظ أبى نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهانى. مجلدان. طبع فى ليدن 1931. 248 ـ ذكريات مشاهير المغرب: لعبد الله كنون. سبع عشرة رسالة. طبعت فى تطوان. 249 ـ الذهب المسبوك، فى ذكر من حج من الخلفاء والملوك: رسالة للمقريزى. نشرت فى المجلد السادس من مجلة الحج بمكة. ثم طبعت مستقلة فى مصر 1955. 250 ـ الذيل على طبقات الحنابلة: لابن رجب. الجزء الأول منه. طبع فى بيروت 1370/ 1951 ونشر كاملا فى جزأين بمصر 1372 هـ‍. 251 ـ ذيل المذيّل فى تاريخ الصحابة والتابعين: لابن جرير الطبرى. مختارات منه. طبعت فى مصر 1326 هـ‍، فى آخر كتابه «تاريخ الأمم والملوك». 252 ـ الذيل والتكملة لكتابى الموصول والصلة: لمحمد بن محمد بن عبد الملك. ثلاثة أجزاء مخطوطة منه. 253 ـ الرسالة القشيرية: لعبد الكريم بن هوزان القشيرى. طبعت بمصر 1284 هـ. 254 ـ رفع نقاب الخفا عمن انتمى إلى وفا وأبى الوفا: لمرتضى الحسينى الزبيدى. مخطوط فى عشرين ورقة. 255 ـ الروض الأنف، فى تفسير ما اشتمل عليه حديث السيرة النبوية لابن هشام: لعبد الرحمن بن عبد الله السهيلى. جزآن. طبع بمصر 1332/ 1914.

256 ـ الروض الباسم فى حوادث العمر والتراجم: لعبد الباسط بن خليل الملطى. طبعت فى الجزائر 1936. 257 ـ الروض المعطار فى أخبار الأقطار: لأبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد المنعم الحميرى. 258 ـ روض المناظر، فى علم الأوائل والأواخر: لابن الشحنة. طبع على هامش الجزئين 11، 12 من الكامل لابن الأثير، فى مصر 1303 هـ‍، باسم «روضة المناظر». 259 ـ الروض الهتون، فى أخبار مكناسة الزيتون: لمحمد بن أحمد بن غازى العثمانى المكناسى مطبوع على الحجر، بفاس 1331 هـ‍. 260 ـ روضات الجنات فى أحوال العلماء والسادات: لمحمد باقر الموسوى الخوانسارى الأصبهانى أربعة أجزاء فى مجلد واحد. الطبعة الثانية على الحجر 1347 هـ‍. 261 ـ روضة الأفكار والأفهام، لمرتاد حال الإمام، وتعداد غزوات ذوى الإسلام: لحسين بن غنام. جزآن فى مجلد. طبع على الحجر فى بمى (غير مؤرخ) وأعادت المكتبة الأهلية (فى الرياض) طبعه بالحروف 1368. 262 ـ الروضة الفيحاء، فى تاريخ النساء: لياسين الخطيب العمرى. مخطوط فى الخزانة التيمورية بمصر. 263 ـ الرياض النضرة فى مناقب العشرة: للمحب الطبرى. جزآن. طبع فى مصر 1327 هـ‍. 264 ـ رياض النفوس فى طبقات علماء القيروان وإفريقية (إلخ): للمالكى. الجزء الأول منه، طبع فى مصر 1951. 265 ـ ريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا: للخفاجى. طبع فى مصر 1273 هـ‍. 266 ـ زهرة الآس فى بناء مدينة فاس: لأبى الحسن على الجزنائى. طبع فى الجزائر 1341/ 1923. 267 ـ سراج الملوك: للطرطوشى. طبع بمصر 1289 هـ‍. 268 ـ سلك الدرر، فى أعيان القرن الثانى عشر: للمرادى. أربعة أجزاء. طبع بمصر 1301 هـ‍.

269 ـ السلوك فى طبقات العلماء والملوك، ويعرف بطبقات الجندى: لمحمد بن يوسف الجندى اليمانى. مخطوط. 270 ـ سلوة الأنفاس، ومحادثة الأكباس، فيمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس: لمحمد بن جعفر الكتانى. ثلاثة أجزاء. طبع بفاس 1316 هـ‍. 271 ـ سمط اللآلى: يحتوى على «اللآلى فى شرح أمالى القالى» لأبى عبيد البكرى، جزآن فى مجلد متسلسل الأرقام، و «شرح ذيل الأمالى وصلة ذيله والتنبيه على الأغلاط المعدودة فيهما» فى جزء ثالث منفرد، و «فهارس سمط اللآلى» فى جزء آخر. نسّقه وأكثر من التعليق عليه عبد العزيز الميمنى (الراجكوتى). طبع فى مصر 1354/ 1936. 272 ـ سير أعلام النبلاء: للذهبى. مخطوط فى 15 مجلدا. 273 ـ سيرة أحمد بن طولون: لعبد الله بن محمد المدينى البلوى. طبع فى دمشق 1358 هـ‍. 274 ـ السيرة النبوية: لابن هشام. «شرحها مصطفى السقا وإبراهيم الأبيارى وعبد الحفيظ شلبى». ودار الكتب العلمية. بيروت. 275 ـ شذا الند، فى تاريخ نجد: لمطلق بن صالح. مخطوط صغير. 276 ـ الشقائق النعمانية فى علماء الدولة العثمانية: لطاشكبرى زاده. مطبوع على هامش وفيات الأعيان، طبعة مصر 1310 هـ‍. 277 ـ صاحب الأغانى: لمحمد أحمد خلف الله. طبع فى مصر 1953. 278 ـ صبح الأعشى: للقلقشندى. أربعة عشر مجلدا. طبع فى مصر 1331 ـ 1338 هـ‍. ودار الكتب العلمية. بيروت. 279 ـ صحيح الأخبار عما فى بلاد العرب من الآثار: لمحمد بن عبد الله بن بليهد النجدى. خمسة أجزاء. طبع فى مصر 1370 ـ 1372 هـ‍. 280 ـ صفة جزيرة الأندلس: منتخبة من كتاب الروض المعطار، لمحمد بن عبد الله ابن عبد المنعم الحميرى. طبع بمصر 1937. 281 ـ صفة جزيرة العرب: للهمدانى. طبع فى ليدن 1884 ثم بمصر. 282 ـ صفوة الاعتبار، بمستودع الأمصار والأقطار: لمحمد بيرم (الخامس) خمسة أجزاء طبع بمصر 1302 ـ 1311 هـ‍.

283 ـ صفوة العصر، فى تاريخ ورسوم مشاهير رجال مصر: لزكى فهمى. الجزء الأول. طبع بمصر 1344/ 1926. 284 ـ صلة تاريخ الطبرى: لغريب بن سعد القرطبى. طبع فى مصر 1326 باسم «الجزء الثانى عشر» من تاريخ الطبرى. 285 ـ صلة التكملة، فى وفيات النقلة: للحافظ أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسينى: مخطوط. 286 ـ صلة الصلة: لابن الزبير. مخطوط فى مجلد. 287 ـ صورة الأرض: لابن حوقل. طبع القسم الأول منه، فى ليدن 1938. 288 ـ الضوء اللامع لأهل القرن التاسع: للسخاوى. اثنا عشر جزءا. طبع فى مصر 1353. 289 ـ الطالع السعيد، الجامع لأسماء الفضلاء والرواة بأعلى الصعيد: للأدفوى. طبع فى مصر 1332/ 1914. 290 ـ طبقات الأطباء والحكماء: لأبى داود سليمان بن حسان الأندلسى، المعروف بابن جلجل. 291 ـ طبقات الحفاظ: للسيوطى. ودار الكتب العلمية بيروت. 292 ـ طبقات الحنابلة: لابن أبى يعلى. جزآن. طبعة الفقى بمصر 1371/ 1952. 293 ـ طبقات الشافعية: لأبى بكر بن هداية الله الحسينى الملقب بالمصنف. طبع فى بغداد. 294 ـ الطبقات الصغرى: لتاج الدين عبد الوهاب السبكى. مخطوط فى جزء واحد. 295 ـ طبقات فحول الشعراء: لمحمد بن سلام الجمحى. شرحه محمود محمد شاكر. طبع فى مصر 1952. ودار الكتب العلمية. بيروت. 296 ـ طبقات المفسرين: لمحمد بن على الداودى المالكى. طبع بدار الكتب العلمية. بيروت. 297 ـ طبقات النحاة واللغويين: لابن قاضى شهبة. مخطوط فى معهد المخطوطات.

298 ـ الطبقات الوسطى: لمحمد بن إبراهيم المناوى. مخطوط. 299 ـ عدة الأديب: لسليم الجندى ومحمد الداودى. ثلاثة أجزاء صغير. طبع فى دمشق 1345/ 1926. 300 ـ العسجد المسبوك فى من تولى اليمن من الملوك: لأبى الحسن على بن الحسن الخزرجى الأنصارى. مخطوط. 301 ـ عصر سلاطين المماليك: لمحمود رزق سليم. أربعة أجزاء. طبع بمصر 1366 م ـ 1369 هـ‍. 302 ـ العقد الفريد: لابن عبد ربه. سبعة أجزاء. سابعها للفهارس. طبع بمصر 1359 ـ 1372 هـ‍. 303 ـ العقد المفصل: لحيدر الحسينى الحلى. جزآن. طبع فى بغداد 1331 ـ 1332 هـ‍. 304 ـ العقد المنظوم فى ذكر أفاضل الروم: للشقائق النعمانية. مطبوع على هامش الجزء الثانى من «وفيات الأعيان» فى مصر 1310 هـ‍. 305 ـ عقود الجمان، فى شعراء هذا الزمان (أى عصر المؤلف): لابن الشعار، من أهل أواخر القرن السادس وأوائل السابع. مخطوط فى معهد المخطوطات بالقاهرة. 306 ـ عمدة الأخبار، فى مدينة المختار: لحمد بن عبد الحميد العباسى. نشره أسعد درابزونى، بمكة. 307 ـ عنوان الأريب، عما نشأ بالمملكة التونسية من عالم أديب: لمحمد النيفر. جزآن. طبع فى تونس 1351 هـ‍. 308 ـ عيون الأخبار: لابن قتيبة. أربعة مجلدات. طبع بمصر 1343 ـ 1349 هـ‍. ودار الكتب العلمية. بيروت. 309 ـ غاية الأرب، فى خلاصة تاريخ العرب: ترجمه عن الفرنسية محمد بن أحمد ابن عبد الرزاق. طبع بمصر 1289 هـ‍. 310 ـ غاية المرام، فى رجال البخارى إلى سيد الأنام: لمحمد بن داود البازلى. مخطوط.

311 ـ غاية النهاية فى طبقات القراء: لشمس الدين أبى الخير ابن الجزرى. مجلدان. طبع بمصر 1351 هـ‍. ويسمى «طبقات القراء». 312 ـ الفلك المشحون فى أحوال محمد بن طولون: من تأليفه. طبع فى دمشق 1348 هـ‍. 313 ـ الفهرست: لأبى جعفر الطوسى. طبع فى النجف 1356 هـ‍. 314 ـ القاموس: للفيروز آبادى. أربعة أجزاء. طبع بمصر 1330 هـ‍. 315 ـ القاموس الجغرافى للبلاد المصرية: لمحمد رمزى. ثلاثة أجزاء منه. طبع فى مصر 1953 ـ 1958. 316 ـ فنون العجائب، للنقاش، نسخة دار الكتب المصرية. 317 ـ قبول الأخبار ومعرفة الرجال: لأبى القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود (الكعبى) البلخى. مخطوط. 318 ـ قصص الأنبياء، المسمى بالعرائس (أو عرائس المجالس): لأحمد بن محمد الثعلبى. طبع فى مصر 1282 هـ‍. 319 ـ القلائد الجوهرية، فى تاريخ الصالحية: لابن طولون. جزآن. طبع فى دمشق 1368/ 1949. 320 ـ قلائد العقيان، للفتح بن خاقان: طبعه سليمان الحرائرى، بباريس 1277 هـ‍. طبع مصر 1283 هـ‍). 321 ـ قلائد العقيان فى مفاخر دولة آل عثمان: لإبراهيم بن عامر بن على العبيدى المالكى. 322 ـ الكافى، فى تاريخ مصر القديم والحديث: لميخائيل شاروبيم. أربعة اجزاء. طبع فى مصر 1315/ 1898. 323 ـ الكامل: لابن الأثير 12 جزءا. طبع فى مصر 1303 هـ‍. ودار الكتب العلمية. بيروت. 324 ـ كتاب الروضتين، فى أخبار الدولتين: لأبى شامة. جزآن. طبع بمصر 1287 هـ‍.

325 ـ كتاب المعانى الكبير فى أبيات المعانى لابن قتيبة. مجلدان، متسلسلا الأرقام. طبع فى حيدر آباد 1368/ 1949. 326 ـ كتاب المعمرين: لسهل بن محمد السجستانى. طبع بمصر 1323 هـ‍. 327 ـ كشاف اصطلاحات الفنون: للتهانوى. مجلدان. طبع بالهند 1862. 328 ـ كشف الأستار عن رجال معانى الآثار: للطحاوى. تلخيص رشد الله شاه السندهى. طبع على الحجر فى دهلى 1349 هـ‍. 329 ـ كشف الحجب والأستار، عن أسماء الكتب والأسفار: لإعجاز حسين النيسابورى الكنتورى. طبع فى كلكتا 1330 هـ‍. 330 ـ كشف الظنون، عن أسامى الكتب والفنون: لمصطفى بن عبد الله الشهير بحاجى خليفة وبكاتب جلبى. مجلدان طبع فى استامبول 1360/ 1941. 331 ـ كشف النقاب، عما روى الشيخان للأصحاب: للحافظ خليل العلائى الشافعى، رسالة مخطوطة فى الخزانة البديرية بالقدس. 332 ـ كشف النقاب عن وجه التلفظ بالكنى والألقاب: لمحمد بن إسماعيل الصفايحى التونسى. 333 ـ الكنى والأسماء: للدولابى. جزآن. طبع فى حيدر آباد 1322 هـ‍. 334 ـ الكواكب الدرية، فى تراجم السادة الصوفية: لعبد الرءوف المناوى. الجزء الأول. طبع فى مصر 1357 هـ‍. 335 ـ الكواكب السائرة، فى أعيان المائة العاشرة: لنجم الدين الغزى. مخطوط فى مجلد ضخم. كتب سنة 1173 هـ‍. 336 ـ لب الألباب: لمحمد صالح السهروردى. جزآن فى مجلد واحد متسلسل الأرقام. طبع فى بغداد 1351/ 1933. 337 ـ لب اللباب، فى تحرير الأنساب: للسيوطى. طبع فى ليدن 1860 ـ 1862. ودار الكتب العلمية. بيروت. 338 ـ لب الآداب: لأسامة بن منقذ. طبع بمصر 1354/ 1935. 339 ـ اللباب، فى تهذيب الأنساب: لابن الأثير (المؤرخ). ثلاثة أجزاء. طبع بمصر 1356 ـ 1369 هـ‍.

340 ـ لسان العرب: لابن منظور. عشرون جزءا. طبعة بولاق 1300 ـ 1308 هـ‍. 341 ـ لسان الميزان: لابن حجر العسقلانى. ستة أجزاء. طبع فى حيدر آباد 1331 هـ‍. 342 ـ اللطائف، فى تاريخ الطائف: لحمد بن محمد بن أحمد الحضراوى. رسالة فى خمسة كراريس، مخطوط. 343 ـ لطف السمر، وقطف الثمر، من تراجم أعيان الطبقة الأولى من القرن الحادى عشر: لنجم الدين الغزى. ذيل على كتابه «الكواكب السائرة» مخطوط فى 116 ورقة. فى معهد المخطوطات عن الأصل المحفوظ فى مكتبة أحمد عارف، بالمدينة. 344 ـ لقط الفرائد: لابن القاضى. مخطوط مختصر. 345 ـ مثير الوجد، فى معرفة أنساب ملوك نجد: لراشد بن على بن جريس النجدى النعامى الحنبلى. رسالة مخطوطة. 346 ـ مرآة الجنان: لليافعى. أربعة أجزاء. طبع فى حيدر آباد 1337 ـ 1339 هـ‍. 347 ـ مرآة الزمان فى تاريخ الأعيان: لسبط ابن الجوزى. مخطوط. 348 ـ مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع: لعبد المؤمن بن عبد الحق. ثلاثة مجلدات. طبعة بريل 1852 ـ 1854. 349 ـ المرادفات من قريش: لأبى الحسن، على بن محمد المدائنى. رسالة طبعت بمصر 1370/ 1951 (فى نوادر المخطوطات 1/ 57). 350 ـ المزهر: لجلال الدين السيوطى. جزآن. طبعة بولاق 1282 هـ‍. 351 ـ مسالك الممالك: للاصطخرى. طبع فى ليدن 1927. 352 ـ مختصر المنتظم، (1990 تاريخ) نسخة معهد المخطوطات بالقاهرة وكذلك (1744 تاريخ). 353 ـ مسامرات الظريف بحسن التعريف، تاريخ فقهاء الدولة الحسينية بتونس: لمحمد السنوسى. النصف الأول منه، مطبوع فى تونس.

354 ـ المستطرف فى كل فن مستظرف: للأبشيهى. جزآن. طبع بمصر 1272 هـ‍. ودار الكتب العلمية. بيروت. 355 ـ مطالع البدور فى منازل السرور: لعلاء الدين البهائى الغزولى. جزآن. طبع فى مصر 1299 - 1300 هـ. 356 ـ المعارف: لابن قتيبة الدينورى. طبع فى مصر 1353/ 1934. ودار الكتب العلمية. بيروت. 357 ـ معجم الأنساب والأسرات الحاكمة فى التاريخ الإسلامى: للمستشرق زامباور. أخرجه جماعة برئاسة زكى محمد حسن. جزآن، متسلسلا الأرقام. طبع فى مصر 1951. 358 ـ معجم البلدان: لياقوت الحموى. ثمانية أجزاء. طبع فى مصر 1323 ـ 1325 هـ‍ودار الكتب العلمية. بيروت. 359 ـ معجم الشعراء: للمرزبانى. طبع فى مصر 1354 هـ‍، ملحقا بكتاب «المؤتلف والمختلف» للآمدى. 360 ـ معجم الشيوخ، المسمى رياض الجنة أو المدهش المطرب: لعبد الحفيظ الفاسى. جزآن. طبع فى الرباط 1350 هـ‍. 361 ـ المغنى، فى أسماء رجال الحديث: لمحمد طاهر الفتنى. طبع فى دلهى، على هامش «تقريب التهذيب» 1290 هـ‍. 362 ـ مقاتل الطالبيين: لأبى الفرج الأصفهانى. طبع فى مصر 1368/ 1949 (وسبق الأخذ عن طبعة النجف 1353 هـ‍). 363 ـ المقتطف من تاريخ اليمن: لعبد الله بن عبد الكريم الجرافى. طبع فى مصر 1370/ 1951. 364 ـ المقصد الأرشد فى ذكر أصحاب الإمام أحمد: لبرهان الدين إبراهيم بن محمد، ابن مفلح الحنبلى. مخطوط فى مجلد. فى المكتبة العربية بدمشق. 365 ـ المنتظم فى تاريخ الملوك والأمم: لأبى الفرج ابن الجوزى. طبع دار الكتب العلمية. بيروت. تحقيق محمد عبد القادر عطا، ومصطفى عبد القادر عطا.

366 ـ المنهل الصافى، والمستوفى بعد الوافى: لابن تغرى بردى. طبع فى مصر 1375/ 1956. 367 ـ المنهل العذب، فى تاريخ طرابلس الغرب: لأحمد بن حسين النائب الأوسى الأنصارى. طبع فى الآستانة 1317 هـ‍. 368 ـ المهدية فى الإسلام: لسعد محمد حسن. طبع فى مصر 1373/ 1953. 369 ـ المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، ويعرف بخطط المقريزى: طبع فى مصر 1327 هـ‍. 370 ـ المؤتلف والمختلف: للآمدى. طبع فى مصر 1354 هـ‍. 371 ـ المؤتلف والمختلف، فى أسماء نقلة الحديث: لعبد الغنى الأزدى. طبع فى الهند 1327 هـ‍. 372 ـ ميزان الاعتدال فى نقد الرجال: للذهبى. ثلاثة مجلدات. طبع فى مصر 1325 هـ‍. 373 ـ نثار الأفكار: جزآن، أصدرتهما جريدة الهدى فى نيويورك 1913. 374 ـ النجوم الزاهرة، فى ملوك مصر والقاهرة: لابن تغرى بردى. طبع فى دار الكتب المصرية. 375 ـ النزاع والتخاصم، فيما بين بنى أمية وبنى هاشم: للمقريزى. رسالة. طبعت فى مصر 1937. 376 ـ نزهة الألباب، فى تاريخ مصر وشعراء العصر ومراسلات الأحباب: لمحمد حسنى العامرى. طبع بمصر 1314 هـ‍. 377 ـ نزهة الأنام، فى محاسن الشام: لعبد الله بن محمد البدرى. طبع بمصر 1341 هـ‍. 378 ـ نزهة الأنظار، فى فضل علم التاريخ والأخبار، ويعرف بالرحلة والورثيلانية: للحسن بن محمد الورثيلانى. طبع فى الجزائر 1326/ 1908. 379 ـ نزهة الجليس، ومنية الأديب الأنيس: للعباس بن على الموسوى. مجلدان طبع فى مصر 1293 هـ‍.

380 ـ نزهة الخواطر، وبهجة المسامع والنواظر: للشريف عبد الحى بن فخر الدين الحسنى. ثلاثة أجزاء طبعت فى حيدر آباد. 381 ـ نسب قريش: للمصعب بن عبد الله الزبيرى. طبع فى مصر 1953. 382 ـ نشر اللطائف فى قطر الطائف: لابن عراق. مخطوط بدار الكتب المصرية. 383 ـ نشر المثانى لأهل القرن الحادى عشر والثانى عشر: لمحمد بن الطيب القادرى. جزآن فى مجلد. طبع بفاس 1315 هـ‍. 384 ـ نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب: للمقرى. أربعة مجلدات. طبع فى مصر 1302 هـ‍. 385 ـ نفحة البشام فى رحلة الشام: لمحمد عبد الجواد القاياتى. طبع فى مصر 1319 هـ‍. 386 ـ نكت الهميان، فى نكت العميان: لصلاح الدين خليل بن أيبك الصفدى. طبع فى مصر 1329/ 1911. 387 ـ نهاية الأرب، فى معرفة أنساب العرب: للقلقشندى. طبع فى بغداد. 388 ـ نهاية الأندلس: لمحمد عبد الله عنان. طبع فى مصر 1368/ 1949. 389 ـ نهاية الإيجاز، فى سيرة ساكن الحجاز: لرفاعة رافع (الطهطاوى) طبع فى مصر 1291 هـ‍. 390 ـ النهج السديد، والدر الفريد، فيما بعد تاريخ ابن العميد: لمفضل بن أبى الفضائل. طبع مع ترجمة إلى الفرنسية 1912. 391 ـ النوادر السلطانية، والمحاسن اليوسفية، المسمى سيرة صلاح الدين الأيوبى: لابن شداد. طبع فى مصر 1317. 392 ـ النور السافر عن أخبار القرن العاشر: لعبد القادر بن شيخ العيدروس. طبع فى بغداد 1353/ 1934. 393 ـ هدى السارى، مقدمة فتح البارى: لابن حجر العسقلانى. جزآن. طبع بمصر 1347 هـ‍. 394 ـ هدية العارفين، أسماء المؤلفين وآثار المصنفين: لإسماعيل «باشا» البغدادى. مجلدان. طبع فى استامبول 1591 ـ 1955.

395 ـ الوافى بالوفيات: للصفدى. طبع منه أربعة أجزاء، أولها استامبول 1931. 396 ـ الوسيط، فى الأدب العربى وتاريخه: لأحمد الإسكندرى ومصطفى عنانى. طبع فى مصر. 1347/ 1928. 397 ـ الوسيط، فى تراجم أدباء شنقيط: لأحمد بن الأمين الشنقيطى. طبع فى مصر 1329/ 1911. 398 ـ وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى: لعلى بن عبد الله السهروردى. جزآن. طبع فى مصر 1326 هـ‍. 399 ـ وفيات الأعيان: لابن خلكان. مجلدان. طبع فى مصر 1310 هـ‍. 400 ـ الولاة والقضاة: لمحمد بن يوسف الكندى. طبع فى بيروت 1908. 401 ـ يتيمة الدهر: للثعالبى. أربعة أجزاء. طبع فى دمشق 1303 هـ‍. 402 ـ اليواقيت الثمينة، فى أعيان مذهب عالم المدينة: لمحمد البشير ظافر الأزهرى. طبع فى مصر 1324 هـ‍. * * *

[مقدمه المصنف]

[مقدمه المصنف] بسم الله الرّحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآل سيدنا محمد، وسلم تسليما كثيرا. الحمد لله الذى أوسع لمن شاء من خلقه فى الرزق والأجل. وأسعف من أراد منهم بنيل الأمل. وأطاب عمن أحب منهم الثناء. وحكم على جميعهم ـ بعد الوجود ـ بالفناء. أحمده على أن جعلنى من سكان الحرم، وجيران بيته المكرم. وأشهد أن لا إله إلا الله الذى جعل للحسنة بمكة فى الفضل مزية، وخصها ببيته الذى أوجب حجه واستقباله على البرية، وغفر لمن طاف به من الأنام، ما اقترفه من الآثام. وأشهد أن نبيه سيدنا محمدا أفضل من وقف بعرفة، وبات بمزدلفة، ورمى بمنى الجمار، وطاف بالكعبة العظيمة المقدار صلى الله عليه وسلم ما صلى مصل خلف المقام، وجمع فى الحجر الأسود بين التقبيل والاستلام، ورضى الله عن آله وأصحابه، الذين بهم أضاء الإسلام. أما بعد: فإنى ـ لما وفقنى الله تعالى للاشتغال بالعلم ـ تشوفت نفسى كثيرا إلى معرفة تراجم الأعيان من أهل مكة وغيرهم، ممن سكنها مدة سنين، أو مات بها، وتراجم ولاة مكة، وقضاتها وخطبائها، وأئمتها ومؤذنيها، من أهلها وغيرهم، وتراجم من وسع المسجد الحرام أو عمره، أو عمر شيئا منه، أو من الأماكن الشريفة التى ينبغى زيارتها بمكة وحرمها، أو عمل المآثر الحسنة الكائنة بمكة وحرمها ـ كالمدارس، والربط، والسقايات، والبرك، والآبار، والعيون، والمطاهر، وغير ذلك من المآثر ـ لما فى معرفة ذلك من النفع التام، عند ذوى الأفهام. وفتشت عن تأليف فى ذلك، فلم أر له أثرا، ولا سمعت عنه خبرا. فعظم منى ـ لأجل ذلك ـ الألم، وسألت رب البيت والحرم: أن يسعفنى فيه ببلوغ المراد، وأن يوفقنى فيه للسداد.

فقدر الله تعالى بالرحلة الثانية، من مكة للديار المصرية والشامية. فنظرت فيما وقع لى من التواريخ، والطبقات، والمعاجم، والمشيخات، والوفيات، والتعاليق، التى سنشير إليها، وغير ذلك من الكتب التى سنشير إليها قريبا. فظفرت ببعض المراد، وعلق ذلك بذهنى، وقيدته ـ خيفة نسيانه ـ بالكتابة إذ هى قيد، لما رويناه عن أبى حمزة أنس بن مالك الأنصارى رضى الله عنه، خادم النبىصلى الله عليه وسلم، وذلك: فيما أخبرنى به: شيخنا العلامة المفتى المصنف، أبو حفص عمر بن الإمام أبى الحسن على بن أحمد بن محمد الأنصارى، الأندلسى، ثم المصرى الشافعى ـ بقراءتى عليه بالقاهرة فى الرحلة الأولى ـ وآخرون بمكة، وديار مصر والشام، قالوا: أخبرنا أحمد بن على بن أيوب المشتولى. قال: أخبرنا النجيب عبد اللطيف بن عبد المنعم الحرانى، قال: أخبرنا أبو طاهر المبارك بن المبارك بن المعطوش الحريمى، قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد بن المهتدى بالله، قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر أحمد الحنبلى، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم البزار، قال: أخبرنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكج، قال: أخبرنا القاضى أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأنصارى، قال: حدثنى أبى عن عمه ثمامة بن عبد الله بن أنس: أن أنسا رضى الله عنه كان يقول لهم: «يا بنى، قيدوا العلم، بالكتاب». وكنت كتبت ما تيسر من ذلك، من غير ترتيب ولا تهذيب، ثم رغبت فى ترتيبه وتهذيبه، ليسهل نفعى به، ويكون تاريخا على النمط الذى قصدته، وإن لم يف بما أردته. فرتبت ما ظفرت به من التراجم، على ترتيب حروف المعجم ـ خلا المحمدين والأحمدين ـ فإنهم مقدمون على غيرهم، لشرف هذين الاسمين على غيرهما من الأسماء. وأضفت إلى هذه التراجم: ما كان منها على ذهنى من قبل. وهى تراجم جماعة لم أدركهم، وتراجم جماعة أدركتهم، ملاءمة للتراجم التى ظفرت بها، تكملة للفائدة. وذكرت فى أثناء كثير من التراجم: أحاديث، وآثارا، وحكايات، وأشعار، اقتداء بأئمة الحديث الأخيار. وبدأت ـ قبل التراجم ـ بذكر شيء من سيرة نبينا المصطفى محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، على وجه الاختصار، تبركا بذلك، وتشريفا لهذا التأليف بذكرهصلى الله عليه وسلم

فيه، مع ما فى ذلك من المناسبة المقتضية لذكره صلى الله عليه وسلم فى هذا التأليف، باعتبار كونه من البلد الأمين، وسيادته للخلق أجمعين وبدأت فى هذه التراجم بتراجم الرجال، الذين أسماؤهم معروفة. ثم بعد انقضاء تراجمهم، أتبعتها بباب فيه تراجم الرجال المعروفين بكناهم، ممن عرف بكنيته ولم يعرف له اسم، أو عرف اسمه ولكن اختلف فيه. وذكرت معهم أناسا مشهورين بكناهم، وأسماؤهم معروفة، ليس فيها اختلاف، إلا فى يسير منها. وهؤلاء لم أترجمهم ـ كما ترجمت المذكورين فى هذا الباب ـ لتقدم تراجمهم فى محلها من الكتاب، وإنما أذكر كنية الإنسان منهم، وما يعرف به، من نسبته إلى قبيلة أو بلد، ثم أذكر اسمه واسم أبيه وجده فى الغالب، وقد ترجمت بعضهم لفائدة زائدة. وذكرت فى آخر هذا الباب أربعة فصول. الأول: فيمن اشتهر بلقبه، مضافا إلى الدين، مثل: محب الدين، وغيره من الألقاب. والثانى: فيمن اشتهر بالنسبة إلى أبيه أو جده، مثل ابن جريج، وابن أبى حرمى، وشبه ذلك. والثالث: فيمن اشتهر بالنسبة إلى قبيلة أو بلد، أو لقب مفرد، مثل: الإخشيد. وكل من ذكرناه فى هذه الثلاثة الفصول: ذكرناه على صفة من ذكرناه فى هذا الباب، ممن اشتهر بكنيته، ولم يختلف فى اسمه إلا قليلا. ولن أستوعب فى هذه الفصول كل ما فى هذا الكتاب، وإنما ذكرت فى كل فصل نبذة كبيرة تناسبه. وكل من ذكرته فى هذه الثلاثة الفصول: ذكرته فيما سبق من الأسماء فى محل يناسبه. وموجب ذكرى لهم فى هذا الباب ـ وكذا من ذكرته فيه ممن اشتهر بكنيته، ولم يختلف فى اسمه إلا قليلا ـ: أن ذلك يهتدى به إلى كشف أسمائهم من لا يعرف أسماءهم، وإنما يعرف الإنسان منهم بكنيته، أو لقبه المضاف إلى الدين، أو النسبة إلى أبيه أو جده، أو إلى قبيلة أو بلد. والفصل الرابع: فيمن اشتهر بالنسبة إلى أبيه أو جده، ولم أعرف اسمه، أو اشتهر بصفة، مثل: أسود، أو شاب، أو شاعر.

ثم أتبعت هذا الباب بتراجم النساء المعروفات بأسمائهن، ثم بتراجم النساء المعروفات بكناهن، ممن لم يعرف لها اسم، أو عرف اسمها، ولكن اختلف فيه. وذكرت معهن نسوة مشهورات بكناهن، وأسماؤهن معروفة؛ ليسهل بذلك الكشف عن أسمائهن. ثم أتبعت ذلك بنسوة لا تعرف أسماؤهن، وإنما يعرفن بالنسبة إلى آبائهن وغير ذلك. وسميت ذلك: «العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين» وجعلت فى أول هذا الكتاب مقدمة. فيها: ذكر «مكة» المشرفة، وحكمها فى البيع والإجارة، وأسمائها وحرمها، وشيء من الأحاديث الدالة على حرمة ذلك، وشيء من المسائل المختصة بذلك، وشيء من الأحاديث الدالة على أفضلية «مكة» على غيرها من البلاد، وحكم المجاورة بها، والموت فيها، وفضل أهلها، وشيء من أخبار «الكعبة» المعظمة، وفضائلها، وفضائل الحجر الأسود، والركن اليمانى، وفضائل الأعمال المتعلقة بها، كالطواف بها، والنظر إليها، والحج والعمرة، وغير ذلك، وشيء من أخبار الحجر الأسود، وملتزم الذمام، والمستجار والحطيم، والمقام مقام الخليل عليه السلام، وحجر النبى إسماعيل عليه السلام، وما جاء فى استجابة الدعاء فى هذه الأماكن وغيرها بمكة وحرمها. وذكر مواضع حول الكعبة، صلى فيها النبى صلى الله عليه وسلم. وذكر شيء من أخبار المسجد الحرام، وزمزم، وسقاية العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه، والأماكن المباركة بمكة المشرفة وحرمها، وأماكن أخر لها تعلق بالمناسك. وما بمكة من المدارس، والربط والسقايات، والبرك المسبّلة، والآبار، والعيون، والمطاهر، وغير ذلك من المآثر. ومما فى حرمها من ذلك. وأخبار جاهلية، وأخبار إسلامية، لها تعلق بمكة وأهلها والحجاج. وما علمته من ولاة مكة فى الإسلام، على سبيل الإجمال. وهذه المقدمة لخصتها من تأليفى المسمى «شفاء الغرام، بأخبار البلد الحرام» الذى جمعت فيه: بين ما ذكره الأزرقى ـ من أخبار عمارة الكعبة المعظمة، وخبر حليتها، ومعاليقها وكسوتها، وخبر الحجر الأسود، والحجر ـ بسكون الجيم ـ والمقام، والمسجد الحرام، وزمزم، وسقاية العباس، والصفا، والمروة، وحدود الحرم، والأماكن المباركة بمكة المشرفة وحرمها، المعروف بعضها بالمسجد، وبعضها بالدور، وبعضها

بالمواليد، وأمطار مكة فى الجاهلية والإسلام، وغير ذلك ـ وبين ما كان بعد أبى الوليد الأزرقى، من الأخبار الملائمة لذلك كله، لما فى ذلك من كمال الفائدة. وفيه فوائد أخر، لم يذكرها الأزرقى، مع إمكانة لذكر بعضها. وكما هو مذكور فى التأليف المشار إليه. ولم يعن الأزرقى بجمع ولاة مكة فى الإسلام. وما ذكر من المسائل والمآثر، والأخبار الإسلامية إلا يسيرا جدّا، بالنسبة إلى ما ذكرته. وذكر كثيرا من الأخبار الجاهلية. وسبب جمعى له: أن نفسى تشوفت أيضا كثيرا إلى معرفة ما كان بعد أبى الوليد الأزرقى: من أخبار هذه الأمور، وإلى معرفة ما وقع بعده من الأوقاف بمكة على الفقهاء والفقراء، وغير ذلك من المدارس والربط، وغير ذلك. فعرفت من ذلك طرفا جيدا، بعضه من كتب التاريخ التى نظرتها لأجل التراجم، وبعضه من أحجار ورخام وأخشاب مكتوب فيها ذلك، ثابتة فى بعض الأماكن المشار إليها، وبعضه علمته من أخبار الثقات، وبعضه شاهدته. وعلقت ذلك فى أوراق مفردة خيفة نسيانه من غير ترتيب. ثم بدا لى تأليف ذلك، مع ملاءمة من الأمور التى ذكرها الأزرقى، ففعلت ذلك. وإنما جعلت هذه المقدمة مع التراجم المشار إليها، ليحصل للناظر فى ذلك معرفة ما اشتملت عليه المقدمة، مع معرفة التراجم. ولما سمع الأصحاب بجمعى لهذا الكتاب: كثر اشتياقهم إليه، وعظمت رغبتهم فى الوقوف عليه، للإحاطة بفوائده، واستطراق فرائده، وألحوا علىّ فى أن أبيضه لهم، فلم يسعنى معهم إلا امتثال أمرهم، وكنت ترددت فى ذلك، لعدم وفائه بالمقصود، ثم قلت: لا لوم على المقل فى بذل المجهود. وسبب هذا الاخلال: أن مكة ليس لها تاريخ على هذا المنوال. لأنى لا أعلم أحدا جمع لمكة تاريخا إلا الأزرقى (1)، والفاكهى، وشريف ـ يقال له «زيد بن هاشم بن على

_ (1) هو محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة بن الأزرق، أبو الوليد الأزرقى: مؤرخ، يمانى الأصل، من أهل مكة. له «أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار ـ ط» جزآن. انظر: (الأعلام 6/ 222، فى أكثر المصادر، ومنها اللباب لابن الأثير 1: 37 أن نسبه الأزرقى إلى جده الأزرق أبى عقبة، من غسان؛ وقال ابن خلدون: وعنه أخذ القلقشندى فى نهاية الأرب 79 إنه من نسل «الأزرق» العمليقى. توفى سنة 223 هـ‍. ونبه صاحب الرسالة المستطرفة ص 100 إلى أن جده «أحمد بن محمد» توفى (سنة 222) كما فى تهذيب التهذيب 1: 79 نقلا ـ

ابن المرتضى، العلوى الحسنى» ـ هكذا نسبة الشيخ أبو العباس أحمد بن على الميورقى، فيما وجدت بخطه وترجمه بوزير مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم. فأما الأزرقى، والفاكهى: فلم يعفيا إلا بما يلائم ما فى مقدمة هذا الكتاب من أخبار الكعبة، والمسجد، وشبه ذلك. وأما زيد المذكور: فما عرفت: هل تاريخه تراجم، أو حوادث؟ مثل ما ذكرناه من الفتن التى كانت بمكة فى الإسلام، وأخبار المطر، والفناء، والغلاء والرخص. وهذا إلى ظنى أقرب. وسبب عدم معرفتى لما اشتمل عليه كتاب زيد المذكور: أنى لم أقف عليه. وإنما علمت ذلك من رسالة كتبها زيد لسيدى أبى العباس الميورقى، رأيتها فى كتاب الجواهر ـ لابن شاش المذكور ـ بخط الميورقى فى وقفه بوج الطائف. وفيها مكتوب بعد البسملة: زيد بن هاشم بن على. ثم قال: وبعد: فقد خدم بها الضعيف فى الثلاثاء، منتصف شعبان. وبخط الميورقى ـ فوق شعبان ـ من سنة ست وسبعين وستمائة، وذكر أشياء، ثم قال: وقد خطر للضعيف ـ مع المتاعب التى يعانيها من كل وجه ـ إثبات تواريخ لمكة المعظمة، وقد أثبت منه إلى الآن: نحو خمس كراريس. انتهى. وأظن أنى رأيت بخط بعض أصحابنا من حفاظ الحديث: أن لعمر بن شبة تأليفا فى أخبار مكة. وأظن أنى رأيت فى بعض التواريخ: ما يقتضى أن للحافظ محب الدين بن النجار البغدادى ـ صاحب ذيل تاريخ بغداد ـ مؤلفا فى أخبار مكة. وأظن أن ذلك على نمط التاريخ الذى ألفه لمدينة النبى صلى الله عليه وسلم. وتاريخه للمدينة ليس فيه تراجم. وإنما فيه خبر المسجد النبوى، وما فى المدينة من المساجد النبوية، والآثار الشريفة، وشبه ذلك. وأظن أن كتاب عمر بن شبة فى أخبار مكة ـ إن صح ما رأيته فى ذلك ـ على نمط تاريخ الأزرقى، والفاكهى. والله أعلم منى.

_ ـ عن خط الذهبى، فلا يصح أن يكون وفاة الجد والحفيد فى مثل هذا القرب. وجعلت دائرة المعارف الإسلامية 2/ 40 وفاته (سنة 244) إلا أن السيد رشيدى الصالح ملحس، فى مقدمة الطبعة المكية من كتاب «أخبار مكة» وأحمد تيمور باشا، فى الخزانة التيمورية 3: 14 نقلا عن العقد الثمين ـ خ. للفاسى قوله: «وبلغنى أن الأزرقى كان حيا فى خلافة المنتصر العباسى» وكانت خلافة المنتصر (سنة 247 ـ 248) هـ. وتخلص السخاوى، فى الإعلان بالتوبيخ 112 وديوان الإسلام ـ خ ومفتاح السعادة 2/ 154).

أما فضائل مكة للجندى: فهو على نمط تاريخ الأزرقى والفاكهى. وكذلك أخبار مكة لرزين العبدلى صاحب الجمع. وإنى لأعجب من إهمال فضلاء مكة فى جمع تاريخ لها على المنوال الذى جمعته، خصوصا من الشيخ قطب الدين القسطلانى؛ لأنه جمع شيئا يتعلق بتاريخ اليمن، ولعمرى لو جمع ذلك لبلده كان أحسن، فإن الحاجة إليه داعية، وفى ذلك فوائد غير خافية، وعليه مضى الأئمة من أهل مصر، والشام وبغداد، وغير ذلك من البلاد، كتاريخ بغداد للخطيب، وذيوله لابن السمعانى، وابن الدبيثى، والقطيعى، وابن النجار، وابن رافع وغيرهم، وتاريخ دمشق لابن عساكر، وتاريخ مصر للقطب الحلبى، وغير ذلك. فإن قيل: لعل الحامل لمن أهمل من فضلاء مكة التأليف فى هذا المعنى المشار إليه: تخيلهم العجز عن الوفاء بالمقصود فى هذا الأمر، لعدم الإحاطة بالمقصود. فالجواب: أن هذا العذر حق، ولكن يلزم من اعتمده محذور، وهو أن المعلوم عندهم يصير مجهولا عند من بعدهم كما جرى، واللائق فى هذا: إثبات المعلوم وإن قل. وقد قيل فى ذلك: ما أنشدتناه مسندة العصر أم عبد الله عائشة بنت المحتسب محمد ابن عبد الهادى الصالحية ـ بقراءتى عليها ـ فى الرحلة الرابعة، عن أبى العباس أحمد بن أبى طالب الحجار ـ إجازة، إن لم يكن سماعا. وتفردت فى الدنيا بالسماع منه ـ أن أبا الحسن محمد بن عمر القطيعى أنبأنا، قال: أنشدنى على بن أحمد الواسطى المقرئ، قال: أنشدنى أبو جعفر هبة الله بن السوقى، قال: أنشدنا أبو الحسن العمرانى، قال: افعل الخير ما استطعت وإن كا ... ن قليلا فلن تطيق لكله ومتى تفعل الكثير من الخي ... ر إذا كنت تاركا لأقله وأسأل من كل من وقف على هذا الكتاب: المسامحة عما فيه من التقصير، وإصلاح ما فيه من الغلط بعد التحرير. وسبب الغلط ـ فى الغالب ـ النسيان، وقد جبل عليه كل إنسان. وسبب التقصير: ما ذكرته، من أنى لم أر مؤلفا فى المعنى الذى قصدت جمعه فأستضئ به. وإنما ظفرت من ذلك بأشياء قليلة مفرقة، بذلت فى تحصيلها جهدى لأنتفع بها، والمعاصرون لى، ومن بعدى. وبسبب إهمال التأليف فى ذلك: حصل الجهل بكثير من التراجم، وبما وقع بعد الأزرقى والفاكهى من الأمور التى قصدا جمعها فى كتابيهما، وبكثير مما ذكراه فى كتابيهما. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.

وأسأله المغفرة لى ولمن قبل منى هذه المعذرة. ولله در القائل: «والعذر عند كرام الناس مقبول». * * * وقد اشتمل: هذا الكتاب على علامات. وهى (خ) للبخارى. ولمسلم (م) ولأبى داود (د) وللترمذى (ت) وللنسائى (س) ولابن ماجة القزوينى (ق). فإن اتفقوا على الإخراج لشخص: فالعلامة عليه (ع) هكذا. وإن اتفق الأربعة أصحاب السنن على شخص: فالعلامة عليه (عل) هكذا. ومن ذكره محمد بن سعد كاتب الواقدى فى طبقاته: أنه مكى، فالعلامة عليه (سع) هكذا. ومن ذكره مسلم صاحب الصحيح فى طبقاته: أنه مكى، فالعلامة عليه (مس) هكذا. ومن ذكره ابن حبان فى ثقاته: أنه مكى، فالعلامة عليه (حب) هكذا. وذكرت جماعة من الصحابة، لم يذكرهم المذكورون فى المكيين، مع كونهم ذكروهم فى غير أهل مكة لسكناهم غيرها. وسبب ذكرى لهم: كونهم مكيين: لأن مكة دارهم بلا ريب، وسكناهم غيرها إنما كان بأخرة، ولا يخرجهم ذلك عن كونهم مكيين، وهم الصحابة رضى الله عنهم من قريش وأبناؤهم، وإن لم يثبت لبعض الأبناء صحبة، أو ولد بغير مكة؛ لأنهم تبع لآبائهم. وكذلك الصحابة من بنى كنانة وخزاعة، لمشاركتهم قريشا فى الدار ـ وهى مكة أو باديتها ـ على ما سيأتى بيانه إن شاء الله تعالى، وإن كانوا عدوا مع غير أهل مكة؛ لأن المعنى فى عدهم مع غير أهل مكة: ما ذكرناه فى قريش. وكذلك الصحابة من موالى قريش وكنانة وخزاعة؛ لأنهم فى حكمهم، وكذلك الصحابة من حلفاء قريش، وكذلك الصحابة من أهل الطائف من ثقيف ومواليهم، ومن غيرهم؛ لأن الطائف من عمل مكة من قديم الزمان حتى الآن. فأما مشاركة بنى كنانة وخزاعة لقريش فى الدار: فسيأتى فى مقدمة هذا الكتاب أخبار تدل لذلك. ونشير هنا لشيء منها: فمن الأخبار الدالة على اشتراك قريش وكنانة فى النزول ببادية مكة: قول ابن إسحاق فى السيرة ـ تهذيب ابن هشام ـ لما ذكر ولاية غبشان من خزاعة للكعبة، دون بنى بكر بن عبد مناة «وقريش إذ ذاك حلول وصرم وبيوتات متفرقون فى قومهم من بنى كنانة». انتهى.

ووجه الدلالة من هذا الكلام: أنه يقتضى أن قريشا كانوا نزولا مع قومهم من كنانة، حين انفراد غبشان من خزاعة بولاية الكعبة، والمنازل التى كانت تنزل بها كنانة وقريش إذ ذاك: خارج الحرم؛ لأن أول عربى نزل الحرم بقومه: هو قصى بن كلاب، على ما ذكره الفاكهى فى خبر قصى؛ لأنه قال: وحدثنا الزبير بن أبى بكر قال: قال أبو الحسن الأثرم، قال أبو عبيدة، قال محمد بن حفص: «قدم رزاح، وقد نفى قصى خزاعة. وقال بعض مشيخة قريش: وإن مكة لم يكن بها بيت فى الحرم، إنما كانوا يكونون بها، حتى إذا أمسوا خرجوا لا يستحلون أن يصيبوا فيها جنابة، ولم يكن بها بيت قائم، فلما جمع قصى قريشا ـ وكان أدهى من رؤى من العرب ـ قال لهم: أرى أن تصحبوا بأجمعكم فى الحرم حول البيت، فو الله لا تستحل العرب قتالكم، ولا يستطيعون إخراجكم منه، وتسكنونه، فتسودوا العرب أبدا. فقالوا له: أنت سيدنا، رأينا لرأيناك تبع. فجمعهم، ثم أصبح بهم فى الحرم حول البيت، فمشت إليه أشراف كنانة، وقالوا: إن هذا عند العرب عظيم، ولو تركناك ما تركتك العرب. فقال: «والله لا أخرج منه. وثبت». انتهى. ومن ذلك: قوله بعد ذلك ـ بعد أن ذكر ما رأى قصى ـ من أنه أولى بالكعبة، وبأمر مكة من خزاعة وبنى بكر ـ: «فكلم رجالا من قريش وبنى كنانة ودعاهم إلى إخراج خزاعة وبنى بكر من مكة. فأجابوه». ووجه الدلالة من هذا: أن كلام قصى لكنانة، فيما طلب، وإجابتهم له: يقتضى قربهم منه فى الدار. وسيأتى إن شاء الله تعالى ما يوافق ذلك. ومن ذلك: قول ابن إسحاق فى خبر قصى «فولى قصى البيت وأمر مكة، وجمع قومه من منازلهم إلى مكة». انتهى. ووجه الدلالة من هذا: أنه يقتضى أن قصيا جمع قومه إلى مكة، وكنانة من قومه، فيكونون ممن جمعهم إلى مكة. ولا يعارض ذلك قوله ـ فى الخبر الذى ذكره الزبير «فمشت إليه أشراف كنانة، وقالوا: هذا عند العرب عظيم» ـ لإمكان أن يكونوا قالوا له ذلك ليرجع عن فعله، لكونهم لا يألفونه. فلما رأوه لم يرجع وثبت: سكنوا معه فيه، لما فى ذلك من تحصنهم، وبقاء الألفة بينهم وبينه، لما يخشونه من حصول ضرر بهم فى المفارقة فى افتراقهم عنه. والله أعلم.

وبتقدير أن لا تكون كنانة انتقلت مع قصى إلى الحرم: فهم على منازلهم التى كانوا ينزلونها مع قريش، قبل أن تنتقل قريش عنهم إلى الحرم. ولم يرد خبر بخروج كنانة عن منازلهم ببادية مكة. والله أعلم. ومن ذلك: قول ابن إسحاق فى سيرته ـ تهذيب ابن هشام ـ فى خبر الأصنام: «وكانت لقريش، وبنى كنانة: العزى بنخلة». انتهى. ووجه الدلالة من هذا: أن إضافة «العزى» لقريش وكنانة: تقتضى أن لهم بها اختصاصا. وذلك ـ والله أعلم ـ لكونها بنخلة، وهى من بادية مكة التى ينزلون فيها. ولا يقال: إضافة «العزى» لقريش وكنانة: لأجل أنهم أول من وضعها، ولا لأجل أنهم انفردوا بعبادتها وتعظيمها، ولا لأجل أنهم حجابها. أما الأول: فلأن عمر بن لحىّ: هو الذى اتخذ العزى. وأما الثانى: فلأن جميع مضر كانوا يعظمون العزى. وأما الثالث: فلأن حجابها بنو شيبان من سليم. وقد روينا عن ابن إسحاق ما يدل لذلك فى تاريخ الأزرقى، ولفظه: حدثنى جدى، قال: حدثنا سعيد بن سليم عن عثمان بن ساج، قال: أخبرنا ابن إسحاق «أن عمرو بن لحى اتخذ العزى بنخلة. وكانوا إذا فرغوا من حجهم وطوافهم بالكعبة: لم يحلوا حتى يأتوا العزى، فيطوفوا بها، ويحلون عندها، ويعتكفون عندها يوما وليلة. وكانت لخزاعة، وكانت قريش وبنو كنانة كلها تعظم العزى مع خزاعة، وجميع مضر. وكان سدنتها ـ الذين يحجبونها ـ بنى شيبان من بنى سليم، حلفاء بنى هاشم». انتهى. وإذا لم يكن إضافة «العزى» لقريش وكنانة لأجل هذه الأمور الثلاثة: صح ما ذكرناه، من أن إضافتها لهم باعتبار كونها فى دارهم. والله أعلم. ولا يعارض ذلك قوله فى هذا الخبر «وكانت لخزاعة» لأن إضافتها لخزاعة لكونها فى دارهم، فإن خزاعة تشارك قريشا فى الدار. على ما سيأتى بيانه إن شاء الله. ومن ذلك: قوله فى خبر قصى ـ الذى سبق ذكره قريبا من كتاب الفاكهى ـ: «فأصبح بهم فى الحرم حول البيت، فمشت إليه أشراف كنانة، وقالوا: إن هذا عند العرب عظيم». انتهى. ووجه الدلالة فى هذا: أنه يقتضى أن أشراف كنانة مشوا إلى قصى بإثر إصباحه بقومه فى الحرم. وذلك يدل على قرب كنانة من الحرم. والله أعلم.

ومن أرض كنانة ببادية مكة «مجنة» التى عناها بلال رضى الله عنه بقوله: وهل أردن يوما مياه مجنة ... وهل يبدون لى شامة وطفيل لأن الأزرقى: قال ـ فى تفسير هذا الموضع، فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله: «حج الجاهلية، وإنساء الشهور، ومواسمهم، وما جاء فى ذلك» ـ ومجنة: سوق بأسفل مكة، على بريد منها، وهى سوق لكنانة، وأرضها من أرض كنانة، وهى التى يقول فيها بلال رضى الله عنه: ألا ليت شعرى هل أبيتن ليلة ... بفخ وحولى إذخر وجليل وهل أردن يوما مياه مجنة ... وهل يبدون لى شامة وطفيل و«شامة» و «طفيل» جبلان مشرفان على «مجنة». انتهى. ومن الأخبار الدالة على مشاركة خزاعة لقريش فى سكنى مكة وباديتها: ما ذكره الأزرقى؛ لأنه روى عن جده عن سعيد بن سالم عن عثمان بن ساج، عن ابن جريج، وعن أبى إسحاق ـ يزيد أحدهما على الآخر ـ فذكر خبرا طويلا فى ولاية قصى بن كلاب البيت الحرام وأمر مكة، بعد خزاعة. وفيه «أن يعمر بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة: حكم لقصى بحجابة الكعبة، وولاية أمر مكة، دون خزاعة، لما جعل له جليل، وأن يخلى بينه وبين ذلك، وأن لا يخرج خزاعة من مساكنها من مكة» وفيه «وخزاعة مقيمة بمكة على رباعهم وسكناهم، لم يحركوا، ولم يخرجوا منها، فلم يزالوا على ذلك حتى الآن». انتهى. وأما سكنى خزاعة بمكة ـ قبل ولاية قصى ـ: فلا يحتاج إلى استدلال، لشهرته. ومن منازل: خزاعة ببادية مكة «الوتير» ماء لهم بأسفل مكة؛ لأن فى خبر فتح مكة ـ الذى ذكره ابن إسحاق فى سيرته، تهذيب ابن هشام ـ «ثم إن بنى بكر بن عبد مناة بن كنانة: عدت على خزاعة، وهم على ماء لهم بأسفل مكة يقال له: الوتير». انتهى. وهذا الموضع معروف الآن، ويقال له: «الوتيرين» وهو بناحية ملكان، والله أعلم. وفيما أشرنا إليه ـ من الأخبار الدالة على اشتراك قريش وكنانة وخزاعة فى الدار ـ: كفاية. وذكر الإمام أبو الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكى ـ عالم مكة، وبلاد الحجاز ـ ما يقتضى: أن خزاعة وكنانة من أهل مكة، ولم يقل ذلك إلا عن يقين من

العلم. وكان من أوعية العلم، على ما قال أحمد بن حنبل. وإذا كان ذلك كذلك اتجه ذكر خزاعة وكنانة فى أهل مكة، كما اتجه ذكر قريش فيهم. وهذا ـ الذى ذكره ابن جريج ـ نقله عنه الأزرقى فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله: «ما جاء فى الكعبة، ومتى كانوا يفتحونها» لأنه نقل عن ابن جريج خبرا طويلا فى خبر الحمس. قال فيه «والحمس: أهل مكة: قريش، وكنانة، وخزاعة، ومن دان بدينهم ممن ولدوا، ومن حلفائهم. وإن كان من ساكنى الحل». انتهى. ووجه دلالة ذلك على ما ذكرناه ـ من أن خزاعة وكنانة من أهل مكة ـ: أن كلام ابن جريج يقتضى: أن الحمس من أهل مكة وغيرهم. وفسر «الحمس» من أهل مكة بقوله: «قريش، وكنانة، وخزاعة» وفسر «الحمس» من غير أهل مكة بقوله: «ومن دان بدينهم ـ إلى آخره» وهذا الذى ذكره ابن جريج ـ من أن خزاعة وكنانة من أهل مكة ـ صحيح، يدل لذلك: ما ذكرناه من مشاركتهم لقريش فى دارهم. والله أعلم. ونشير: إلى الكتب التى نظرتها لأجل هذا الكتاب. فمن ذلك: كتاب «السيرة» لمحمد بن إسحاق. «تهذيب ابن هشام». وروايته عن زياد البكائى عنه. أخبرنى به: البدر محمد بن محمد بن قوام البالسى، وأم أحمد فاطمة بنت القاضى عز الدين محمد أحمد بن المنجا التنوخى ـ قراءة عليهما، وأنا أسمع ـ بدمشق فى الرحلة الثانية. قال الأول: أخبرنا به الملك أسد الدين عبد القادر بن عبد العزيز بن الملك المعظم عيسى بن العادل أبى بكر بن أيوب، سماعا لجميعه. وقالت المرأة: أخبرنا به محمد بن أحمد بن أبى الهيجاء، المعروف بابن الزراد قالا: أخبرنا به محمد بن إسماعيل المقدسى خطيب مردان، قال: أخبرنا به صنيعة الملك هبة الله ابن يحيى بن على بن حيدرة سماعا، قال: أخبرنا به أبو محمد عبد الله بن رفاعة السعدى الفرضى. وأخبرتنى به ـ أعلى من هذا ـ أم أحمد بنت المنجا المذكورة ـ سماعا ـ عن القاضى تقى الدين سليمان بن حمزة، ويحيى بن محمد بن سعد، وأبى القاسم بن عساكر ـ وتفردت عن القاضى ـ قالوا: أنبأنا به أبو صادق الحسن بن يحيى بن صباح المخزومى ـ إجازة ـ عن ابن رفاعة ـ إجازة ـ قال: أخبرنا به القاضى أبو الحسن على بن الحسن الخلعى، قال: أخبرنا به أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن النحاس البزاز، قال: أخبرنا به

أبو محمد عبد الله بن جعفر بن الورد بن زنجويه البغدادى، قال: حدثنا به أبو سعيد عبد الرحيم بن عبد الله بن البرقى، قال: حدثنا به أبو محمد عبد الملك بن هشام النحوى، قال: حدثنا به زياد بن عبد الله البكائى، عن محمد بن إسحاق ـ فذكره. ومن ذلك: شرح هذا الكتاب، المسمى «بالروض الأنف» لأبى القاسم عبد الرحمن ابن عبد الله بن أحمد، المعروف بالسهيلى. أخبرنى به: الإمامان ـ أبو أحمد إبراهيم بن محمد بن عبد الرحيم، وأبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد ـ المصريان، عن يونس بن إبراهيم العسقلانى، عن عبد المنعم بن رضوان، المعروف بابن مناد، عن مؤلفه ـ فذكره. ومن ذلك: كتاب «النسب» للزبير بن بكار قاضى مكة. أنبأنى به أبو بكر محمد بن عبد الله الحافظ وغيره عن الحافظ أبى الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزى ـ إجازة، إن لم يكن سماعا ـ قال: أخبرتنا به زينب بنت مكى، قالت: أخبرنا به عمر بن محمد ابن طبرزد البغدادى، قال: أخبرنا به على بن طراد الزينبى عن أبى جعفر بن المسلمة، قال: أخبرنا به أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص، قال: أخبرنا به أحمد بن سليمان ابن موسى، قال: أخبرنا به مؤلفه الزبير بن بكار ـ فذكره. ومن ذلك: «أخبار مكة» لأبى عبد الله محمد بن إسحاق بن العباس المكى، المعروف بالفاكهى، وما أكثر فوائده. أخبرنى به جمع من الشيوخ، منهم: الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد التنوخى ـ إذنا مشافهة ـ عن أبى العباس أحمد بن أبى طالب الصالحى أنبأنا أبو الفضل جعفر بن على الهمدانى عن أبى محمد عبد الله بن عبد الرحمن العثمانى، أنبأنا عبد الله بن محمد بن محمد الباهلى، عن الحافظ أبى على الحسين بن محمد الجيانى أنبأنا به الحكم بن محمد الجذامى، عن أبى القاسم بن أبى غالب البزار، أبنأنا به أبو الحسن الأنصارى عن مؤلفه: الإمام أبى عبد الله محمد بن إسحاق بن العباس الفاكهى ـ فذكره. ومن ذلك «أخبار مكة» لأبى الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقى المكى أخبرنى به: أبو المعالى الصوفى ـ بقراءتى عليه ـ عن يحيى بن المصرى عن ابن الجميزى وابن رواح، عن الحافظ السلفى، قال: أخبرنا به ابن الطيورى، قال: أخبرنا به العشارى، قال: أخبرنا به ابن أبى موسى الهاشمى، قال: أخبرنا به إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى، قال: أخبرنا به مؤلفه الأزرقى ـ فذكره. ومن ذلك: كتاب «الاستيعاب فى معرفة الأصحاب» لأبى عمر يوسف بن عبد البر

النمرى. أخبرنى به أبو العباس أحمد بن على بن محمد بن عبد الحق الحنفى ـ قراءة عليه، وأنا أسمع ـ من أول الكتاب إلى قوله: من اسمه عمر. وإجازة لباقيه. قال: أخبرنا به الإمام أبو عبد الله محمد بن جابر الودياشى أنبأنى ـ سماعا فى الثالثة، وإجازة منه ـ قال: أخبرنا به القاضى أبو العباس أحمد بن محمد بن حسن بن الغماز ـ سماعا لجميعه، خلا من أوله إلى قوله: حرف الحاء، فإجازة ـ قال: أخبرنا به الحافظ أبو الربيع سليمان ابن موسى الكلاعى، قال: أخبرنا به الفقيه أبو محمد عبد الله بن أحمد بن جهور القيسى ـ وأنا أسمع ـ عن أبى على الحسين بن محمد بن أحمد الغسانى: قال: قرأته على مؤلفه. قال الحافظ أبو الربيع: وأجازنيه أبو عبد الله محمد بن سعيد بن زرقون عن أبى عمران موسى بن أبى تليد عن مؤلفه. ومن ذلك: كتاب «تهذيب الكمال» للحافظ المعتمد أبى الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزى. أنبأنى به: الحافظ شمس الدين محمد بن عبد الله بن أحمد الصالحى فى أذنة، قال: أخبرنا به مؤلفه الحافظ المزى ـ فذكره. ومن ذلك: «مختصره» لصاحبنا الحافظ الناقد أبى الفضل أحمد بن على بن حجر الشافعى. تغمده الله تعالى برحمته. وقد أحسن فى اختصاره، وزاد فيه فوائد كثيرة. ولم أقف إلا على بعضه. ومن ذلك: كتاب «الميزان» للحافظ الذهبى، و «مختصر تاريخ دمشق» له، و «مختصر تهذيب الكمال» له، و «طبقات الحفاظ» له، و «وطبقات القراء» له، و «تاريخ الإسلام» له، و «العبر» له، و «معجمه» و «ذيل سير النبلاء» له. وغير ذلك من تآليفه. أخبرنى بذلك عنه: جماعة من شيوخى. ومن ذلك: «تهذيب الأسماء واللغات» للنووى. أخبرنى به: إبراهيم بن أحمد البعلى عن على بن إبراهيم بن العطار عن النووى. ومن ذلك: أكثر «تاريخ بغداد» للخطيب. أخبرنى به: أحمد بن عمر البغدادى سماعا ـ من أوله إلى ترجمة ابن أبى ذئب، وإجازة لباقيه ـ عن الحافظ أبى الحجاج المزى ـ إجازة إن لم يكن سماعا ـ قال: أخبرنا به يوسف بن يعقوب بن المجاور، قال: أخبرنا به أبو اليمن زيد بن الحسن الكندى، قال: أخبرنا به أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز ـ سماعا، سوى الجزء السادس والثلاثين، فأخبرنا به محمد بن أحمد بن صرماء ـ قال: أخبرنا به مؤلفه. قال القزاز: سماعا. وقال ابن صرما: إجازة.

ومن ذلك: أكثر «ذيل تاريخ بغداد» لأبى سعد بن السمعانى. وفى كتاب «الأنساب» له، و «معجمه». أخبرنى بذلك: أبو هريرة عبد الرحمن بن الحافظ الذهبى ـ إذنا ـ عن القاضى تقى الدين سليمان بن حمزة المقدسى عن عيسى بن عبد العزيز اللخمى الحافظ عن أبى سعد السمعانى. ومن ذلك: «ذيل تاريخ بغداد» للحافظ أبى عبد الله محمد بن سعيد بن الدبيثى. أخبرنى به: أبو هريرة بن الذهبى ـ إذنا ـ عن القاضى تقى الدين سليمان بن حمزة عن ابن الدبيثى. ومن ذلك: «ذيل تاريخ بغداد» لأبى الحسن محمد بن أحمد بن عمر القطيعى. ومن ذلك: أكثر «ذيل تاريخ بغداد» للحافظ محب الدين محمد بن محمود بن النجار. أنبأنى بهما: إبراهيم بن محمد الصوفى وآخرون عن أبى العباس أحمد بن أبى طالب الصالحى، عن القطيعى وابن النجار. ومن ذلك: «ذيل تاريخ بغداد» للحافظ تقى الدين بن رافع، و «معجمه» و «وفياته».أخبرنى بذلك عنه: جماعة من شيوخنا، منهم: الحافظ صدر الدين أبو الربيع سليمان ابن يوسف المقدسى. ومن ذلك: «تاريخ إربل». أنبأنى به: أبو هريرة عبد الرحمن بن الذهبى عن أبى نصر محمد بن محمد الشيرازى عن مؤلفه ابن المستوفى. ومن ذلك: أكثر «تاريخ مصر» للحافظ قطب الدين الحلبى. أنبأنى به: أبو العباس أحمد بن حسن الشاهد عنه، إجازة إن لم يكن سماعا. ومن ذلك: بعض «تاريخ دمشق» لأبى القاسم بن عساكر. أنبأنى به: أبو هريرة بن الذهبى عن أبى نصر بن الشيرازى، عن جده القاضى أبى نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازى، عن أبى القاسم بن عساكر مؤلفه. ومن ذلك: «الكامل» لابن الأثير. و «اللباب» له فى الأنساب، و «أسد الغابة» له. أخبرنى بذلك: أبو هريرة بن الذهبى، وآخرون ـ إذنا ـ عن أبى نصر بن الشيرازى، عن العلامة عز الدين أبى الحسن على بن محمد المعروف بابن الأثير المؤلف. ومن ذلك: كتاب «مرآة الزمان» لأبى المظفر يوسف بن قزغلى، سبط الحافظ أبى الفرج بن الجوزى.

أنبأنى به: محمد بن أبى هريرة بن الذهبى، وآخرون، عن أبى بكر بن محمد بن أحمد السلمى، عن أبى المظفر المؤلف ـ فذكره. ومن ذلك: «ذيل مرآة الزمان» للإمام قطب الدين موسى بن محمد بن أحمد اليونينى. أنبأنى به: الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد البعلى، وآخرون، إذنا عنه إجازة. ومن ذلك: «الروضتين فى أخبار الدولتين، النورية والصلاحية» وذيلهما لأبى شامة. أخبرنى به المشايخ: محمد بن محمد بن عبد الله، وإبراهيم بن أبى بكر بن عمر، ومحمد بن محمد بن داود الصالحيون ـ إذنا ـ عن الحافظ شرف الدين أبى محمد عبد المؤمن بن خلف الدمياطى. أنبأنا به: مؤلفه العلامة شهاب الدين أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل ابن إبراهيم بن عثمان المقدسى الدمشقى ـ فذكره. ومن ذلك: «ذيل المنتظم». أنبأنى به: جمع عن المحدث أبى الثناء محمود بن خليفة المنبجى. أنبأنا به مؤلفه الإمام عز الدين أبو بكر محفوظ بن معتوق بن البزورى ـ فذكره. ومن ذلك: «تاريخ ابن خلكان القاضى». أخبرنى به: الكمال أحمد بن على بن محمد بن عبد الحق الدمشقى الحنفى، عن الحافظين: جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن القضاعى، وعلم الدين القاسم بن محمد الإشبيلى، قالا: أنبأنا به مؤلفه القاضى شمس الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر بن خلكان الإربلى ـ فذكره. ومن ذلك: تاريخ البرزالى، المسمى «بالمكتفى» الذى ذيل به على تاريخ أبى شامة ومعجمه، وغير ذلك من تعاليقه المفيدة. أخبرنى بذلك: جماعة من شيوخنا، منهم: أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد الصالحى. عنه إجازة. ومن ذلك: «تاريخ الشيخ شمس الدين محمد بن إبراهيم، المعروف بابن الجزرى» أخبرنى به عنه. ومن ذلك: «أعوان النصر وأعيان العصر» للإمام صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدى. ومن ذلك: أكثر «تاريخ الصلاح» محمد بن شاكر الكتبى. ومن ذلك: «تاريخ الشيخ عماد الدين بن كثير». أخبرنى به عنه غير واحد من شيوخى.

ومن ذلك: كثير من تاريخ الأمير بيبرس الدوادار الناصرى. ومن ذلك: كثير من تاريخ الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب النويرى. ومن ذلك: مختصر تاريخ هذا النويرى. ومن ذلك: تاريخ الملك المؤيد صاحب حماة. ومن ذلك: «معجم السفر» للسلفى. أنبأنى به: أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد التنوخى، عن أبى الحسن على بن يحيى الشاطبى، أنبأنا أبو عمرو عثمان بن على بن عبد الوهاب بن خطيب القرافة ـ سماعا ـ عن مؤلفه الحافظ أبى طاهر أحمد بن محمد ابن أحمد السلفى ـ فذكره. ومن ذلك: «معجم الحافظ عز الدين بن الحاجب الأمينى». أنبأنى به: على بن محمد الخطيب عن القاضى تقى الدين سليمان بن حمزة عنه. ومن ذلك: «معجم الحافظ زكى الدين المنذرى» و «التكملة» له. أنبأنى بذلك عبد الرحمن بن أحمد الشافعى وغيره عن على بن عمر الصوفى، ويوسف بن عمر الختنى إذنا عنه. ومن ذلك: «معجم الحافظ ابن مسدى». أنبأنى به: أحمد بن محمد الطبرى عن الإمام أبى إسحاق إبراهيم بن محمد الشافعى عن ابن مسدى. ومن ذلك: «معجم الإمام علاء الدين على بن إبراهيم بن داود بن العطار». تخريج الذهبى له. أنبأنى به عنه جماعة من شيوخنا. ومن ذلك: «مشيخة الحافظ رشيد الدين» أبى الحسين يحيى بن على القرشى المعروف بابن العطار. أنبأنى بها: شيخنا أبو الفضل الحافظ وغيره، عن أبى شاهد الجيش وغيره عن الرشيد العطار ـ فذكرها. ومن ذلك: «وفيات شيخنا الحافظ العراقى» التى ذيل بها على «العبر» للذهبى. أنبأنا بها إجازة. ومن ذلك: «تاريخ الحافظ شيخنا أبى زرعة» أحمد بن شيخنا الحافظ العراقى أنبأنى به إجازة. وهو فى معنى «الذيل» على وفيات أبيه. وأوله سنة اثنتين وستين وسبعمائة، وآخر ما رأيته منه: سنة ثلاث وتسعين. وكتب سنين بعد ذلك لم أقف على كلها.

ومن ذلك: أكثر «وفيات» شيخنا مفتى الشام شهاب الدين أحمد بن حجى بن الحسبانى. أنبأنى بها إجازة. ومن ذلك: «وفيات» الشيخ محيى الدين عبد القادر الحنفى، و «طبقات الحنفية» له. ومن ذلك: «طبقات الحنفية» لشيخنا القاضى مجد الدين الشيرازى. أنبأنى بها إجازة. ومن ذلك: «وفيات ابن قانع» و «وفيات ابن زبر» و «وفيان الأكفانى» و «وفيات ابن المفضل المقدسى» و «وفيات الشريف أبى القاسم الحسينى» التى ذيل بها على «وفيات» شيخه الحافظ زكى الدين المنذرى المسماة «بالتكملة» التى ذيل بها المنذرى على «وفيات» شيخه الحافظ ابن المفضل و «وفيات ابن أيبك الدمياطى» ووفيات أخر. ومن ذلك: «تاريخ شيخنا العدل ناصر الدين بن الفرات» فى مجلدات كثيرة. وتاريخ «الصارم إبراهيم المعروف» بابن دقماق. وغير ذلك كثيرا من كتب التاريخ وغيرها. ومنه «رحلة ابن جبير». * * * ولنذكر من كتابنا «شفاء الغرام» ما أشرنا إلى أن نذكره هنا، فنقول: الحمد لله الذى جعل لمكة فى الفضل مزايا، وخصها ببيته الذى هو قبلة للبرايا، وبحجه الذنب مغفور، وبالطواف به تكثر الأجور. أحمده على ما منّ به من النزول فى حماه، وأسأله دوام ذلك مدة المحياة. وأشهد أن لا إله إلا الله الذى منح شارب ماء زمزم نبيل المنى، وأشهد أن نبينا محمدا، أفضل من حج ورمى الجمار بمنى، صلى الله وسلم عليه ما وقف واقف بعرفات والمشعر، ورضى الله عن آله وأصحابه ما سعى ساع بين الصفا والمروة، وبين الميلين الأخضرين أحضر. أما بعد: فهذا ما وعدت بذكره فى كتابى «العقد الثمين، فى تاريخ البلد الأمين» من أخبار مكة المشرفة، وحكم بيع دورها، وإجارتها، وأسمائها، وحرمها، وحدوده، وشيء مما يختص بذلك من المسائل، وفضل الحرم ومكة، والصلاة فيها على غيرها، وغير ذلك من فضلها، وحكم المجاورة بها، وفضل الموت فيها، وفضل أهلها. وفضل جدة، والطائف، وغير ذلك من خبرهما. وأخبار الكعبة المعظمة وفضلها. وفضل الحجر الأسود، والركن اليمانى، وفضل الأعمال المتعلقة بالكعبة، وخبر الحجر الأسود،

والحجر ـ بسكون الجيم ـ ومقام الخليل عليه السلام، والأماكن التى صلى النبى صلى الله عليه وسلم فيها حول الكعبة، والأماكن التى يستجاب الدعاء فيها بمكة، وحرمها. وخبر المسجد الحرام وزمزم، وسقاية العباس رضى الله عنه، والأماكن المباركة بمكة وحرمها، والأماكن التى تتعلق بها المناسك، وما علمته من المآثر بمكة، وحرمها. وأخبار جاهلية وإسلامية، لها تعلق بالحجاج، وغير ذلك. وما علمته من ولاة مكة فى الإسلام على سبيل الإجمال. وهذا الأمر لم أر من عنى بجمعه قبلى. وجميع ذلك ملخص من تأليفى «شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام» وجعلته أربعين بابا كأصله، وسميته «الزهور المقتطفة من تاريخ مكة المشرفة». * * *

الباب الأول فى ذكر مكة المشرفة

الباب الأول فى ذكر مكة المشرفة، وحكم بيع دورها وإجارتها (1) مكة المشرفة: بلدة مستطيلة كبيرة، تسع من الخلائق ما لا يحصيهم إلا الله تعالى، فى بطن واد مقدس، والجبال محدقة بها كالسور لها. ولها ـ مع ذلك ـ ثلاثة أسوار: سور فى جهة المشرق، يعرف بسور باب المعلاة؛ لأنه فى أعلاها، وسور فى جهة المغرب والمدينة النبوية، يعرف بسور باب الشبيكة، وسور فى جهة اليمن، ويعرف بسور باب اليمن وباب الماجن. وكان جدر هذا السور وجدر سور باب المعلاة: غير كاملين بالبناء، وكانا قصيرين عن القامة، فعمرا حتى زادا على القامة، وتكمل بناؤهما إلا موضعا فى سور باب المعلاة؛ لأن ما تحته مهواة. وهذه العمارة فى النصف الثانى من سنة ست عشرة وثمانمائة، من قبل السيد حسن ابن عجلان، بعد أن هجم مكة ـ فى غيبته عنها ـ ابن أخيه السيد رميثة بن محمد بن عجلان فى جمادى الآخرة من السنة المذكورة. ثم أخربت من سور باب المعلاة مواضع، وأحرق بابه؛ لفتنة كانت بين أميريها المذكورين، فى خامس عشرين من شوال سنة تسع عشرة وثمانمائة. ثم أعيد بناء ما تخرب، وعمل باب حديد، وذلك فى شوال وذى القعدة من السنة المذكورة. ثم خرب جانب من سور باب المعلاة بين البابين اللذين فى السور المذكور، ثم جانب من سور باب الماجن، من سيل كان بمكة فى سنة سبع وعشرين وثمانمائة. وعمر ذلك كله فى أوائل سنة ثمان وعشرين وثمانمائة. وكان الخراب فى سور باب المعلاة فى آخر سنة خمس وعشرين وثمانمائة من سيل. ذرع مكة من باب المعلاة إلى باب الماجن: أربعة آلاف ذراع وأربعمائة ذراع واثنان

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 10).

ومن الجبال المحدقة بمكة

وسبعون ذراعا ـ بتقديم السين ـ بذراع اليد، وذلك على خط الردم والمسعى وسوق العلافة. ومن باب المعلاة إلى الشبيكة: مثل ذلك، بزيادة مائتى ذراع وعشرين ذراعا باليد، وذلك فى الطريق المشار إليها، إلا أنه يعدل منها إلى الشبيكة من الزقاق المعروف بابن عرفة. ومن الجبال المحدقة بمكة: أخشباها، وهما: أبو قبيس (1)، والأحمر المقابل له، على ما ذكر الأزرقى والفاكهى. وقيل: أبو قبيس وقعيقعان (2). ذكر ذلك ياقوت. وعرف أبو قبيس بالأخشب الشرقى، وقعيقعان بالغربى، و «الأخشب» الجبل الغليظ. وفى تسمية أبى قبيس أقوال (3). أحدها: أنه يسمى برجل من إياد. وذكر الوراق: أنه يقال له: أبو قابوس، وشيخ الجبال. انتهى. و«أبو قبيس» اسم لحصن بحلب قبالة شيزر (4)، على ما ذكر ياقوت.

_ (1) أبو قبيس: اسم لجبل مكة، ويقال: شيخ الجبال أبو قبيس، وقيل ثبير. ثبير: هو أعلى جبال مكة وأعظمها يكون ارتفاعه علوا نحو ميل ونصف، وهو من الناحية المتصلة بمنى، وثبير وحراء ما بين الشرق والشمال من مكة وهو الذى كانت قريش تعنى بقولها: أشرف ثبير كيما نغير. قال البكرى: هى أربعة أثبرة: ثبير بمكة وهو هذا، وثبير غينا، والثالث ثبير الأعرج، والرابع ثبير الأحدب، وفى ثبير هذا خلا إبراهيم عليه السلام بابنه وأضجعه للذبح وذلك فى الشعب من ثبير. انظر: (الروض المعطار 452، 149، معجم ما استعجم 1/ 335، البكرى 74، الأزرقى 1/ 486). (2) قعيقعان جبل بأعلى مكة نزل به مضاض بن عمرو ومن معه من جرهم فكان يعشر من دخل مكة من أعلاها. قالوا: وسمى قعيقعان لأن مضاض بن عمرو لما سار إلى السميدع معه كتيبة فيها عدتها من الرماح والدرق والسيوف تقعقع بذلك فسمى بذلك قعيقعان، والقصة طويلة. انظر: (الروض المعطار 477، السيرة 1/ 112، معجم ما استعجم 3: 1086، ياقوت «قعيقعان»). (3) انظر: (المنتظم 1/ 138، مرآة الزمان 1/ 84، الصحاح 2/ 957، معجم ما استعجم 1040، الروض المعطار 452، الاستبصار 5).

و «قعيقعان» اسم لمواضع ذكرها ياقوت (1)، ولموضعين لم يذكرهما. أحدهما: بلية من عمل الطائف. والآخر: باليمن. وسيأتى إن شاء الله تعالى شيء فى سبب تسميته بقعيقعان. وبمكة أبنية كثيرة، وعين جارية، وآبار غالبها مسبل، وبرك مسبّلة، وحمامان. وكان بها ستة عشر حماما، على ما ذكر الفاكهى. وبعض الدور التى بمكة: علامة لحد المعلاة والمسفلة؛ لأن دار الخيزران ـ عند الصفا ـ علامة لحد المعلاة من شق مكة الأيمن، ودار العجلة: علامة لحد المعلاة من شق مكة الأيسر. وذكر الفاكهى خبرا يقتضى بفضل المعلاة على المسفلة. وذكر الفاكهى شيئا مفيدا فى مخاليف مكة؛ لأنه قال: فآخر أعمالها ـ مما يلى طريق المدينة ـ موضع يقال له: جنابذ بن صفى فيما بين عسفان ومر. وذلك على يوم وبعض يوم. وآخر أعمالها ـ مما يلى طريق الجادة فى طريق العراق ـ العمير، وهو قريب من ذات عرق، وذلك على يوم وبعض يوم. وآخر أعمالها ـ مما يلى اليمن على طريق تهامة اليوم ـ موضع يقال له: ضنكان (2).

_ (4) شيزر: بتقديم الزاى على الراء، وفتح أوله: قلعة تشتمل على كورة بالشام قرب المعرّة، بينها وبين حماة يوم، فى وسطها نهر الأردن عليه قنطرة فى وسط المدينة أوله من جبل لبنان تعدّ فى كورة حمص وهى قديمة. انظر: معجم البلدان «شيزر». (1) قعيقعان: بالضم ثم الفتح، بلفظ تصغير: سمى بذلك لأن قطوراء وجرهم لما تحاربوا قعقعت الأسلحة فيه، وعن السّدّىّ أنه قال: سمّى الجبل الذى بمكة قعيقعان لأن جرهم كانت تجعل فيه قسيّها وجعابها ودرقها فكانت نقعقع فيه، قال عرّام: ومن قعيقعان إلى مكة اثنا عشر ميلا على طريق الحوف إلى اليمن. وقعيقعان: قرية بها مياه وزروع ونخيل وفواكه وهى اليمانية، والواقف على قعيقعان يشرف على الركن العراقى إلا أن الأبنية قد حالت بينهما. وبالأهواز جبل يقال له قعيقعان منه نحتت أساطين مسجد البصرة، سمى بذلك لأن عبد الله بن الزبير بن العوّام ولّى ابنه حمزة البصرة فخرج إلى الأهواز فلما رأى جبلها قال: كأنه قعيقعان، فلزمه ذلك. انظر: معجم البلدان «قعيقعان». (2) ضنكان: بالفتح ثم السكون، ويروى بالكسر، ثم كاف، وآخره نون، فعلان من الضنك وهو الضيق: وهو واد فى أسافل السراة يصب إلى البحر وهو من مخاليف اليمن. انظر: معجم البلدان «ضنكان».

وذلك على عشرة أيام من مكة. وقد كان آخر أعمالها فيما مضى: بلاد عكّ. وآخر أعمالها ـ مما يلى اليمن فى طريق نجد، وطريق صنعاء ـ موضع يقال له «نجران» على عشرين يوما من مكة. انتهى. وذكر ابن خرداذبة فى «مخاليف مكة» ما يوافق ما ذكره الفاكهى. وصرح فيهما بما لم يصرح به الفاكهى. وليس كل ما ذكراه معدودا اليوم فى أعمال مكة؛ لأن كثيرا من ذلك ليس لأمير مكة الآن فيه كلام. وأبعد مكان عن مكة لأميرها الآن فيه كلام «الحسنة» (1) وهى بلدة بينها وبين «قنونا» (2) يوم، وبين «حلى» (3) يومان. وكلامه فيها باعتبار أن له على مزارعها كل سنة مائة غرارة مكية فيما قيل. وله أيضا رسم على أهل «ذوقة» والواديين، و «الليث». وأبعد مكان ـ بعد هذه الأماكن عن مكة لأميرها فيه كلام الآن ـ وادى الطائف ووادى «ليّة» (4). ولأمير مكة فيهما من الكلمة والعادة على أهلها أكثر مما له فى الأماكن السابق ذكرها. ولقاضى مكة نواب بوادى الطائف، و «لية». ومن أعمال مكة فى صوب الطائف: وادى نخلة الشامية، واليمانية. ونخلة على ليلة من مكة.

_ (1) حسنة: بالهاء: من قرى إصطخر. وحسنة أيضا: جبال بين صعدة وعثّر من أرض اليمن فى الطريق. انظر: معجم البلدان «حسنة». (2) قنونى: بالفتح ونونين، بوزن فعوعل من القنا أو فعولى من القنّ: من أودية السراة يصبّ إلى البحر فى أوائل أرض اليمن من جهة مكة قرب حلى وبالقرب منها قرية يقال لها يبت. انظر: معجم البلدان «قنونى». (3) حلى: بالفتح ثم السكون، بوزن ظبى. قال عمارة اليمنى: حلى مدينة باليمن على ساحل البحر، بينها وبين السرّين يوم واحد، وبينها وبين مكة ثمانية أيام، وهى حلية المقدّم ذكرها. انظر: معجم البلدان «حلى». (4) لية: بالكسر، وتخفيف الياء: وهو واد لثقيف، قال الأصمعى: لية واد قرب الطائف أعلاه لثقيف وأسفله لنصر بن معاوية. انظر: معجم البلدان «لية».

وأبعد مكان عن مكة فى صوب المدينة لأمير مكة الآن فيه كلام كثير: وادى «الهدة» (1) ـ هدة بنى جابر ـ وهى على مرحلة من «مرّ الظهران» (2) ومر الظهران على مرحلة من مكة. وهو والهدة معدودان من أعمالها. وولاة مكة الآن يأخذون ما يغرق فى البحر فيما بين جدة ورابغ (3)، ويرون أن ذلك يدخل فى عملهم. و«جدة» من أعمال مكة فى تاريخه وفيما قبله. وهى على مرحلتين من مكة. وليس كل ما ذكره ابن خرداذبة والفاكهى فى مخاليف مكة: داخلا فى الحجاز، الذى هو: مكة، والمدينة، واليمامة، ومخاليفها. وقد عرّف الحجاز بذلك الإمام الشافعى ـ رضى الله عنه ـ وغيره. وقيل: فى الحجاز غير ذلك. وسمى حجازا لحجزه بين تهامة ونجد. وقيل: فيه غير ذلك (4). والله أعلم.

_ (1) الهدّة: بالفتح ثم التشديد، وهو الخسفة فى الأرض، والهدّ الهدم: وهو موضع بين مكة والطائف، والنسبة إليها هدوىّ، وهو موضع القرود، وقد خفّف بعضهم داله. انظر: معجم البلدان «هدة». (2) مرّ الظّهران بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، مضاف إلى الظهران، بالظاء المعجمة المفتوحة. وبين مر والبيت ستّة ميلا. قال سعيد بن المسبّب: كانت منازل عك مرّ الظهران. وقال كثيّر عزّة: سمّيت مرّا لمرارتها. وقال أبو غسّان: سمّيت بذلك لأنّ فى بطن الوادى بين مرّ ونخلة كتابا بعرق من الأرض أبيض: هجاء مرّ، إلّا أنّ الميم غير موصولة بالراء. انظر: معجم البلدان «مر». (3) رابغ: بعد الألف باء موحّدة، وآخره غين معجمة: واد يقطعه الحاج بين البزواء والجحفة دون عزور. وقال ابن السكيت: رابغ بين الحجفة وودّان، وقال فى موضع آخر: رابغ واد من دون الجحفة يقطعه طريق الحاجّ من دون عزور، وقال الحازمىّ: بطن رابغ واد من الجحفة له ذكر فى المغازى وفى أيّام العرب، وقال الواقدى: هو على عشرة أميال من الجحفة فيما بين الأبواء والجحفة. انظر: معجم البلدان «رابغ». (4) الحجاز: بالكسر، وآخره زاى. قال أبو بكر الأنبارى: فى الحجاز وجهان: يجوز أن يكون مأخوذا من قول العرب حجز الرجل بعيره يحجزه إذا شدّه شدّا يقيده به، ويقال للحبل حجاز، ويجوز أن يكون سم حجازا لأنه يحتجز بالجبال، يقال: احتجزت المرأة إذا شدّت ثيابها على وسطها واتّزرت، ومنه قيل حجزة السراويل، وقول العامة حزّة السراويل خطأ. والحجاز: جبل ممتدّ حالّ بين الغور غور تهامة ونجد فكأنه منع كلّ واحد منهما أن يختلط بالآخر فهو حاجز بينهما، وهذه حكاية أقوال العلماء.

ذكر حكم بيع دور مكة وإجارتها

ذكر حكم بيع دور مكة وإجارتها (1)

_ ـ قال الخليل: سمى الحجاز حجازا لأنه فصل بين الغور والشام وبين البادية. وقال عمارة بن عقيل: ما سأل من حرّة بن سليم وحرّة ليلى فهو الغور حتى يقطعه البحر، وما سال من ذات عرق مغربا فهو الحجاز إلى أن تقطعه تهامة، وهو حجاز أسود حجز بين نجد وتهامة، وما سال من ذات عرق مقبلا فهو نجد إلى أن يقطعه العراق. وقال الأصمعى: ما احتزمت به الحرار حرّة شوران وحرّة ليلى وحرّة واقم وحرّة النار وعامة منازل بنى سليم إلى المدينة، فذلك الشقّ كله حجاز. وقال الأصمعى أيضا فى كتاب جزيرة العرب: الحجاز اثنتا عشرة دارا: المدينة وخيبر وفدك وذو المروة ودار بلىّ ودار أشجع ودار مزينة ودار جهينة ونفر من هوازن وجلّ سليم وجلّ هلال وظهر حرّة ليلى، ومما يلى الشام شغب وبدا. وقال الأصمعى فى موضع آخر من كتابه: الحجاز من تخوم صنعاء من العبلاء وتبالة إلى تخوم الشام، وإنما سمى حجازا لأنه حجز بين تهامة ونجد، فمكة تهامية والمدينة حجازية والطائف حجازية. وقال غيره: حدّ الحجاز من معدن النقرة إلى المدينة، فنصف المدينة حجازىّ ونصفها تهامىّ، وبطن نخل حجازى وبحذائه جبل يقال له الأسود نصفه حجازى ونصفه نجدىّ. وذكر ابن أبى شبّة أن المدينة حجازية. (1) ذهب جمهور الأئمة من السلف والخلف، إلى أنه لا يجوز بيع أراضى مكة، ولا إجارة بيوتها، هذا مذهب مجاهد وعطاء فى أهل مكة، ومالك فى أهل المدينة، وأبى حنيفة فى أهل العراق، وسفيان الثورى، والإمام أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه. وروى الإمام أحمد رحمه الله، عن علقمة بن نضلة، قال: كانت رباع مكة تدعى السوائب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر، من احتاج سكن، ومن استغنى أسكن. وروى أيضا عن عبد الله بن عمر: «من أكل أجور بيوت مكة، فإنما يأكل فى بطنه نار جهنم» رواه الدار قطنى مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم، وفيه: «إن الله حرم مكة، فحرام بيع رباعها وأكل ثمنها». وقال الإمام أحمد: حدثنا معمر، عن ليث، عن عطاء، وطاوس ومجاهد، أنهم قالوا: يكره أن تباع رباع مكة أو تكرى بيوتها. وذكر الإمام أحمد، عن القاسم بن عبد الرحمن، قال: من أكل من كراء بيوت مكة، فإنما يأكل فى بطنه نارا. وقال أحمد: حدثنا هشيم، حدثنا حجاج، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمر، قال: نهى عن إجارة بيوت مكة، وعن بيع رباعها. وذكر عن عطاء، قال: نهى عن إجازة بيوت مكة. وقال أحمد: حدثنا إسحاق بن يوسف قال: حدثنا عبد الملك، قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى أمير أهل مكة ينهاهم عن إجازة بيوت مكة، وقال: إنه حرام. وحكى أحمد عن عمر، أنه نهى أن يتخذ أهل مكة للدور أبوابا، لينزل البادى حيث شاء. ـ

_ ـ وحكى عن عبد الله بن عمر، عن أبيه: أنه نهى أن تغلق أبواب دور مكة، فنهى من لا باب لداره أن يتخذ لها بابا، ومن لداره باب أن يغلقه، وهذا فى أيام الموسم. قال المجوزون للبيع والإجارة: الدليل على جواز ذلك، كتاب الله وسنة رسوله، وعمل أصحابه وخلفائه الراشدين. قال الله تعالى: (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ) [الحشر: 8]. وقال: (فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) [آل عمران: 195]. وقال: (إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ) [الممتحنة: 9] فأضاف الدور إليهم، وهذه إضافة تمليك. وقال النبى صلى الله عليه وسلم، وقد قيل له: أين تنزل غدا بدارك بمكة؟ فقال: «وهل ترك لنا عقيل من رباع» (1)، ولم يقل: إنه لا دار لى، بل أقرهم على الإضافة، وأخبر أن عقيلا استولى عليها ولم ينزعها من يده، وإضافة دورهم إليهم فى الأحاديث أكثر من أن تذكر، كدار أم هانئ، ودار خديجة، ودار أبى أحمد بن جحش وغيرها، وكانوا يتوارثونها كما يتوارثون المنقول، ولهذا قال النبى صلى الله عليه وسلم: «وهل ترك لنا عقيل من منزل»، وكان عقيل هو ورث دور أبى طالب، فإنه كان كافرا، ولم يرثه على رضى الله عنه، لاختلاف الدين بينهما، فاستولى عقيل على الدور. ولم يزالوا قبل الهجرة وبعدها، بل قبل المبعث وبعده، من مات، ورث ورثته داره إلى الآن. وقد باع صفوان بن أمية دارا لعمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ بأربعة آلاف درهم، فاتخذها سجنا، وإذا جاز البيع، والميراث، فالإجارة أجوز وأجوز، فهذا موقف أقدام الفريقين كما ترى، وحججهم فى القوة والظهور لا تدفع، وحجج الله وبيناته لا يبطل بعضها بعضا بل يصدق بعضها بعضا، ويجب العمل بموجبها كلها، والواجب اتباع الحق أين كان. فالصواب القول بموجب الأدلة من الجانبين، وأن الدور تملك، وتوهب، وتورث، وتباع، ويكون نقل الملك فى البناء لا فى الأرض والعرصة، فلو زال بناؤه، لم يكن له أن يبيع الأرض، وله أن يبنيها ويعيدها كما كانت، وهو أحق بها يسكنها ويسكن فيها من شاء، وليس له أن يعاوض على منفعة السكنى بعقد الإجارة، فإن هذه المنفعة إنما يستحق أن يقدم فيها على غيره، ويختص بها لسبقه وحاجته، فإذا استغنى عنها، لم يكن له أن يعاوض عليها، كالجلوس فى الرحاب، والطرق الواسعة، والإقامة على المعادن وغيرها من المنافع والأعيان المشتركة التى من سبق إليها، فهو أحق بها ما دام ينتفع، فإذا استغنى، لم يكن له أن يعاوض، وقد صرح أرباب هذا القول بأن البيع ونقل الملك فى رباعها إنما يقع على البناء لا على الأرض، فذكره أصحاب أبى حنيفة. فإن قيل: فقد منعتم الإجارة، وجوزتم البيع، فهل لهذا نظير فى الشريعة، والمعهود فى الشريعة أن الإجارة أوسع من البيع، فقد يمتنع البيع، وتجوز الإجارة، كالوقف والحر، فأما العكس، فلا عهد لنا به؟ . قيل: كلّ واحد من البيع والإجارة عقد مستقل غير مستلزم للآخر فى جوازه وامتناعه، وموردهما مختلف، وأحكامهما مختلفة، وإنما جاز البيع، لأنه وارد على المحل الذى كان البائع ـ

اختلف فى ذلك قول مالك. فروى عنه: أنه كره بيعها وكراء دورها، فإن بيعت أو أكريت: لم يفسخ. وروى عنه منع ذلك. وليس سبب الخلاف عند المالكية: الخلاف فى مكة: هل فتحت عنوة، أو صلحا؟ لأنهم لم يختلفوا فى أنها فتحت عنوة. وإنما سبب الخلاف عندهم فى ذلك: الخلاف فى مكة: هل منّ النبى صلى الله عليه وسلم بها على

_ ـ أخص به من غيره، وهو البناء، وأما الإجارة فإنما ترد على المنفعة، وهى مشتركة، وللسابق إليها حق التقدم دون المعاوضة، فلهذا أجزنا البيع دون الإجارة، فإن أبيتم إلا النظير، قيل: هذا المكاتب يجوز لسيده بيعه، ويصير مكاتبا عند مشتريه، ولا يجوز له إجارته إذ فيها إبطال منافعه وأكسابه التى ملكها بعقد الكتابة والله أعلم. على أنه لا يمنع البيع، وإن كانت منافع أرضها ورباعها مشتركة بين المسلمين، فإنها تكون عند المشترى كذلك مشتركة المنفعة، إن احتاج سكن، وإن استغنى أسكن كما كانت عند البائع، فليس فى بيعها إبطال اشتراك المسلمين فى هذه المنفعة، كما أنه ليس فى بيع المكاتب إبطال ملكه لمنافعه التى ملكها بعقد المكاتبة، ونظير هذا جواز بيع أرض الخراج التى وقفها عمر رضى الله عنه على الصحيح الذى استقر الحال عليه من عمل الأمة قديما وحديثا، فإنها تنتقل إلى المشترى خراجية، كما كانت عند البائع، وحق المقاتلة إنما هو فى خراجها، وهو لا يبطل بالبيع، وقد اتفقت الأمة على أنها تورث، فإن كان بطلان بيعها لكونها وقفا، فكذلك ينبغى أن تكون وقفيتها مبطلة لميراثها، وقد نص أحمد على جواز جعلها صداقا فى النكاح، فإذا جاز نقل الملك فيها بالصداق والميراث والهبة، جاز البيع فيها قياسا وعملا، وفقها. والله أعلم. فإذا كانت قد فتحت عنوة، فهل يضرب الخراج على مزارعها كسائر أرض العنوة، وهل يجوز لكم أن تفعلوا ذلك أم لا؟ . قيل: فى هذه المسألة قولان لأصحاب العنوة. أحدهما: المنصوص المنصور الذى لا يجوز القول بغيره، أنه لا خراج على مزارعها وإن فتحت عنوة، فإنها أجل وأعظم من أن يضرب عليها الخراج، لا سيما والخراج هو جزية الأرض، وهو على الأرض كالجزية على الرءوس، وحرم الرب أجل قدرا وأكبر من أن تضرب عليه جزية، ومكة بفتحها عادت إلى ما وضعها الله عليه من كونها حرما آمنا يشترك فيه أهل الإسلام، إذ هو موضع مناسكهم ومتعبدهم وقبلة أهل الأرض. والثانى ـ وهو قول بعض أصحاب أحمد: أن على مزارعها الخراج، كما هو على مزارع غيرها من أرض العنوة، وهذا فاسد مخالف لنص أحمد رحمه الله ومذهبه، ولفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين من بعده رضى الله عنهم، فلا التفات إليه، والله أعلم. وقد بنى بعض الأصحاب تحريم بيع رباع مكة على كونها فتحت عنوة، وهذا بناء غير صحيح، فإن مساكن أرض العنوة تباع قولا واحدا، فظهر بطلان هذا البناء والله أعلم. انظر: (زاد المعاد 3/ 315 وما بعدها).

أهلها، فلم تقسم، ولا سبى أهلها، لما عظّم الله من حرمتها، أو أقرت للمسلمين؟ أشار إلى ذلك ابن رشد. وعلى الأول: ينبنى جواز بيع دورها وإجارتها، وينبنى منع ذلك على القول بأنها أقرت للمسلمين. وفى هذا القول نظر. فقد بيعت دور مكة فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم، وعمر وعثمان رضى الله عنهما، وبأمرهما اشتريت دور مكة لتوسعة المسجد الحرام، وكذلك فعل ابن الزبير رضى الله عنهما. وفعل ذلك غير واحد من الصحابة رضى الله عنهم. وهم أعرف الناس بما يصلح فى مكة. وهذا مذكور فى تاريخ الأزرقى، ما عدا بيعها فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم فإن ذلك مذكور فى كتاب الفاكهى عن عبد الرحمن بن مهدى. ولا يعارض هذا حديث علقمة بن نضلة الكنانى ـ وقيل الكندى ـ «كانت الدور والمساكن على عهد النبى صلى الله عليه وسلم، وأبى بكر، وعمر، وعثمان رضى الله عنهم ـ لا تكرى ولا تباع، ولا تدعى إلا السوائب، من احتاج سكن، ومن استغنى أسكن». وهذا لفظ الأزرقى. وفى ابن ماجة معناه (1). لأن حاصل حديث علقمة: شهادة على النفى. وفى مثل هذا يقدم المثبت. والله أعلم. واختلف الحنفية فى جواز بيع دور مكة، فاختار الصاحبان ـ أبو يوسف ومحمد بن الحسن ـ جواز ذلك. وعلى قولهما الفتوى، فيما ذكر الصدر الشهيد، ومقتضى قولهما بجواز البيع، جواز الكراء. والله أعلم. واختلف رأى الإمام أحمد رضى الله عنه فى ذلك. فعنه روايتان فى جواز بيع دور مكة وإجارتها. ورجح كلا منهما مرجح من أتباعه المتأخرين. ولم يختلف مذهب الشافعى رضى الله عنه فى جواز بيع دور مكة وكرائها؛ لأنها عنده فتحت صلحا. وقال بعضهم عنه: فتحت بأمان، وهو فى معنى الصلح.

_ (1) أخرجه ابن ماجة فى سننه (3107) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة، حدثنا عيسى بن يونس، عن عمر بن سعيد بن أبى حسين، عن عثمان بن أبى سليمان، عن علقمة بن نضلة، قال: «توفى رسول اللهصلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وعمر وما تدعى رباع مكة إلا السوائب، من احتاج سكن ومن استغنى أسكن».

وقال الماوردى، من أئمة الشافعية: عندى أن أسفلها دخله خالد بن الوليد رضى الله عنه عنوة، وأعلاها فتح صلحا. قال النووى: والصحيح الأول. يعنى أنها فتحت صلحا كلها. وفى صحته نظر؛ لأن الفتح صلحا إنما يكون بالتزام أهل البلد المفتتحة ترك القتال. والواقع من أهل مكة عند فتحها خلاف ذلك؛ لأن فى مسلم من حديث أبى هريرة رضى الله عنه حديثا فى فتح مكة. قال فيه: «ووبّشت قريش أوباشا لها وأتباعا، فقالوا: نقدم هؤلاء. فإن كان لهم شيء كنا معهم، وإن أصيبوا أعطينا الذى سئلنا» (1).

_ (1) أخرجه مسلم فى صحيحه (1780) من طريق شيبان بن فروخ، حدثنا سليمان بن المغيرة، حدثنا ثابت البنانى، عن عبد الله بن رباح، عن أبى هريرة، قال: وفدت وفود إلى معاوية وذلك فى رمضان، فكان يصنع بعضنا لبعض الطعام، فكان أبو هريرة مما يكثر أن يدعونا إلى رحله، فقلت: ألا أصنع طعاما فأدعوهم إلى رحلى، فأمرت بطعام يصنع ثم لقيت أبا هريرة من العشى، فقلت: الدعوة عندى الليلة، فقال: سبقتنى، قلت: نعم، فدعوتهم، فقال أبو هريرة: ألا أعلمكم بحديث من حديثكم يا معشر الأنصار ثم ذكر فتح مكة، فقال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدم مكة، فبعث الزبير على إحدى المجنبتين، وبعث خالدا على المجنبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الحسر فأخذوا بطن الوادى ورسول الله صلى الله عليه وسلم فى كتيبة، قال: فنظر فرآنى، فقال أبو هريرة: قلت: لبيك يا رسول الله، فقال: «لا يأتينى إلا أنصارى ـ زاد غير شيبان فقال ـ اهتف لى بالأنصار» قال: فأطافوا به ووبشت قريش أوباشا لها وأتباعا، فقالوا: نقدم هؤلاء فإن كان لهم شيء كنا معهم وإن أصيبوا أعطينا الذى سئلنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم» ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى ثم قال: «حتى توافونى بالصفا» قال: فانطلقنا فما شاء أحد منا أن يقتل أحدا إلا قتله وما أحد منهم يوجه إلينا شيئا، قال: فجاء أبو سفيان فقال: يا رسول الله أبيحت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم، ثم قال: من دخل دار أبى سفيان فهو آمن، فقالت: الأنصار بعضهم لبعض أما الرجل فأدركته رغبة فى قريته ورأفة بعشيرته. قال أبو هريرة: وجاء الوحى وكان إذا جاء الوحى لا يخفى علينا فإذا جاء فليس أحد يرفع طرفه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ينقضى الوحى، فلما انقضى الوحى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر الأنصار» قالوا: لبيك يا رسول الله، قال: «قلتم أما الرجل فأدركته رغبة فى قريته» قالوا: قد كان ذاك، قال: «كلا إنى عبد الله ورسوله هاجرت إلى الله وإليكم والمحيا محياكم والممات مماتكم، فأقبلوا إليه يبكون ويقولون: والله ما قلنا الذى قلنا إلا الضن بالله وبرسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم» قال: فأقبل الناس إلى دار أبى سفيان وأغلق الناس أبوابهم، قال: وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبل إلى الحجر فاستلمه ثم طاف بالبيت، قال: فأتى على صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه، قال: وفى يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قوس وهو آخذ بسية القوس، فلما أتى على الصنم جعل يطعنه فى عينه ويقول: (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ) فلما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو. وأخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده (10565).

وفيه ما يقتضى أمر النبى صلى الله عليه وسلم بقتالهم ووقوع القتل. وذلك: ينافى الصلح. وفيه دليل على أن فتح مكة عنوة. والله أعلم. ومن الأخبار الدالة على أن فتح مكة عنوة: قوله صلى الله عليه وسلم فى خطبته بمكة يوم فتحها: «يا معشر قريش، ما ترون أنى فاعل بكم؟ قالوا: خيرا، أخ كريم، وابن أخ كريم. قالصلى الله عليه وسلم: اذهبوا، فأنتم الطلقاء» (1) وهذه الخطبة فى سيرة ابن إسحاق، تهذيب ابن هشام (2). قال ابن الأثير فى النهاية، فى حديث حنين: «خرج إليها ومعها الطلقاء الذين خلّى عنهم يوم فتح مكة، أطلقهم ولم يسترقهم» إلى آخر كلامه.

_ (1) أخرجه أبو داود (4547)، (4588) قال: حدثنا سليمان بن حرب ومسدد، قال: حدثنا حماد. و (4548)، (4589) قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا وهيب. و «ابن ماجة» 2627 قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا سليمان بن حرب: قال: حدثنا حماد بن زيد. و «النسائى» 8/ 41 قال: أخبرنى يحيى بن حبيب بن عربى، قال: أنبأنا حماد. كلاهما (حماد بن زيد، ووهيب) عن خالد الحذاء، عن القاسم بن ربيعة، عن عقبة بن أوس، فذكره. أخرجه أحمد 2/ 164 (6533)، 2/ 166 (6552) قال: حدثنا محمد بن جعفر. و «الدارمى» 2388 قال: أخبرنا سليمان بن حرب. و «ابن ماجة» 2627 قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدى، ومحمد بن جعفر. و «النسائى» 8/ 40 قال: أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، ثلاثتهم (محمد بن جعفر، وسليمان، وعبد الرحمن) قالوا: حدثنا شعبة، عن أيوب، قال: سمعت القاسم بن ربيعة يحدث عن عبد الله بن عمرو، فذكره مختصرا. وليس فيه (عقبة بن أوس). أخرجه أحمد 3/ 410 قال: حدثنا هشيم. و «النسائى» 8/ 41 قال: حدثنا محمد بن كامل، قال: حدثنا هشيم. وفى 8/ 41 قال: أخبرنا إسماعيل بن مسعود، قال: حدثنا بشر بن المفضل. وفى 8/ 42 قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن بزيع، قال: حدثنا يزيد، ثلاثتهم (هشيم، وبشر، ويزيد بن زريع) عن خالد الحذاء، عن القاسم بن ربيعة، عن عقبة بن أوس، عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، قال: خطب النبى صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه. وفى رواية بشر. ورواية يزيد (يعقوب ابن أوس) بدل (عقبة بن أوس). أخرجه النسائى 8/ 41 قال: أخبرنا محمد بن بشار عن ابن أبى عدى، عن خالد، عن القاسم، عن عقبة بن أوس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، فذكره مرسلا. أخرجه أحمد 3/ 410 قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا يونس. و «النسائى» 8/ 40 قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا يونس، قال: حدثنا حماد، عن أيوب. وفى 8/ 42 قال: أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا سهل بن يوسف، قال: حدثنا حميد، ثلاثتهم (يونس، وأيوب، وحميد) عن القاسم بن ربيعة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب يوم الفتح، فذكره مرسلا. (2) انظر: (السيرة النبوية، لابن هشام 2/ 412، الطبقات الكبرى، لابن سعد 2/ 136، 137).

وإذا كان هذا معنى الطلقاء، فخطاب النبى صلى الله عليه وسلم لقريش ـ هذا الخطاب ـ يقتضى أنهم كانوا حين خوطبوا بذلك فى الأسر، المقتضى للاسترقاق، لولا أن النبىصلى الله عليه وسلم تفضل عليهم بالإطلاق، ولولا ذلك لم يكن لاستعلامه قريشا عما يتوقعونه منه محل، كما لا محل لخطاب قريش بذلك بعد تأمينهم. ويبعد الانفصال عن هذا الدليل بجواب شاف، إلا أن يقال: إنه مرسل. وفى أصل هذا الكتاب ـ فيما يتعلق بفتح مكة ـ فوائد أخر، مع بيان النظر فيما أجاب به النووى رحمه الله عن الأحاديث المقتضية لفتح مكة عنوة. وفيما ذكره حجة للإمام الشافعى رضى الله عنه فى فتح مكة صلحا، وفى أن دورها مملوكة لأهلها. والله أعلم بالصواب. وهذا من النووى: تأييد لقول الشافعى رضى الله عنه: أن مكة فتحت صلحا. وفى شرح مسلم للقاضى عياض، والمازرى: ما يقتضى أنه انفرد بذلك. ولم ينفرد به، لموافقة مجاهد وغيره له على ذلك، على ما وجدت بخط سليمان بن خليل إمام المقام الشريف بمكة فى حاشية فى المهذب. نقلها عن الشامل، ولم يقل فيها «لابن الصباغ» وهو له. والله أعلم. * * *

الباب الثانى فى أسماء مكة المشرفة

الباب الثانى فى أسماء مكة المشرفة (1) لمكة المشرفة: أسماء كثيرة. بعضها مأخوذ من القرآن العظيم (2). وذلك: ثمانية «مكة» بالميم، و «بكة» بالباء، و «أم القرى» و «القرية» و «البلد» و «البلد الأمين» و «البلدة» و «معاد». ومواضعها من القرآن العظيم ظاهرة. وقد جمع شيخنا القاضى مجد الدين الشيرازى قاضى اليمن: فى أسماء مكة أكثر مما جمعه غيره. وذكرنا ذلك فى أصله، وقد أغرب فى كثير مما ذكر. وفاته مع ذلك أسماء أخر. منها: «برة». ذكره سليمان بن خليل. ومنها: «بساق». ذكره ابن رشيق فى العمدة فى الأدب. ومنها: «البيت العتيق». ذكره الأزرقى. ومنها: «الرأس». ذكره السهيلى وغيره. ومنها: «القادسية». ذكره ابن جماعة فى منسكه، ولم يعزه. ومنها: «المسجد الحرام». ومنها: «المعطشة». ذكرهما ابن خليل. ومنها: «المكتان». ذكره القيراطى فى ديوانه، وذكر السهيلى ما يشهد له فى غير موضع. ومنها: «النابية» بالنون والباء. ذكره الشيخ عماد الدين ابن كثير فى تفسيره.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 47). (2) قال ابن كثير فى تفسيره: وقد ذكروا لمكة أسماء كثيرة: مكة، وبكة، والبيت العتيق، والبيت الحرام، والبلد الأمين، والمأمون، وأم رحم، وأم القرى، وصلاح، والعرش على وزن بدر، والقادسية لأنها تطهر من الذنوب، والمقدسة، والناسة بالنون، وبالباء أيضا والحاطمة، والنسّاسة، والرأس، وكوثاء والبلدة، والبنية، والكعبة. تفسير ابن كثير، سورة آل عمران الآية 96.

ومنها: «أم روح». ذكره ابن الأثير فى كتابه المرصع. ومنها: «أم الرحمن». ومنها: «أم كوتى». ذكرهما عبد الله بن عبد الملك المرجانى فى تاريخه للمدينة النبوية. وعزا الأول لابن العزى، وقال فيه ـ بعد ذكره لأسماء مكة ـ ومن الخواص، قيل: إذا كتب بالدم على الجبين «مكة وسط الدنيا، والله رءوف بالعباد» انقطع الدم. انتهى. وقد اختلف فى «مكة» و «بكة» هل هما بمعنيين، أو بمعنى واحد؟ واختلف القائلون بالأول. فقيل: بكة ـ بالباء ـ موضع البيت ـ وبالميم ـ القرية. وقيل: بالباء موضع البيت، وبالميم: الحرم كله. وقيل: غير ذلك (1). * * *

_ (1) و «بكة» موضع البيت، ومكة سائر البلد. عن مالك بن أنس. وقال محمد بن شهاب: بكّة المسجد، ومكة الحرم كله، تدخل فيه البيوت. قال مجاهد: بكة هى مكة، فالميم على هذا مبدلة من الباء.، كما قالوا: طين لازب ولازم. وقاله الضحاك والمؤرّج. ثم قيل: بكة مشتقة من البكّ وهو الازدحام. تباك القوم ازدحموا. وسميت بكة لازدحام الناس فى موضع طوافهم. والبك دقّ العنق. وقيل: سميت بذلك لأنها كانت تدق رقاب الجبابرة إذا ألحدوا فيها بظلم. قال عبد الله ابن الزبير: لم يقصدها جبار قطّ بسوء إلا وقصه الله عزوجل. وأما مكة فقيل: إنها سميت بذلك (لقلة مائها وقيل: سميت بذلك)؛ لأنها تمكّ المخّ من العظم مما ينال قاصدها من المشقة، من قولهم: مككت العظم إذا أخرجت ما فيه. ومكّ الفصيل ضرع أمّه وامتكّه إذا امتصّ كل ما فيه من اللبن وشربه. وقيل: سميت بذلك لأنها تمكّ من ظلم فيها، أى تهلكه وتنقصه. وقيل: سميت بذلك لأن الناس كانوا يمكّون ويضحكون فيها، من قوله: (وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً) [الأنفال: 35] أى تصفيقا وتصفيرا. وهذا لا يوجبه التصريف؛ لأن «مكة» ثنائىّ مضاعف و «مكاء» ثلاثىّ معتلّ. انظر تفسير القرطبى الآية رقم 96 سورة آل عمران. وروى عن ابن عباس رضى الله عنه، قال: مكة من الفج إلى التنعيم، وبكة من البيت إلى البطحاء، وقال شعبة، عن المغيرة، عن إبراهيم: بكة البيت والمسجد، وكذا قال الزهرى. وقال عكرمة، فى رواية، وميمون بن مهران: البيت وما حوله بكة، وما وراء ذلك مكة. وقال أبو صالح وإبراهيم النخعى وعطية العوفى ومقاتل بن حيان: بكة موضع البيت وما سوى ذلك مكة. تفسير ابن كثير، الموضع السابق.

الباب الثالث فى ذكر حرم مكة

الباب الثالث فى ذكر حرم مكة (1) وسبب تحريمه، وتحديده، وعلاماته، وحدوده، وما يتعلق بذلك من ضبط ألفاظ فى حدوده، ومعانى بعض أسمائها. حرم مكة: ما أحاط بها، وأطاف بها من جوانبها، جعل الله تعالى حكمه حكمها فى الحرمة؛ تشريفا لها. أشار إلى ذلك الماوردى، وابن خليل، والنووى. وسبب تحريمه ـ على ما قيل ـ: أن آدم عليه السلام خاف على نفسه حين أهبط إلى الأرض، فبعث الله تعالى ملائكة لحراسته، فوقفت فى مواضع أنصاب الحرم من كل جانب. فصار ما بين آدم وموقف الملائكة حرما، وغير ذلك فى سبب تحريمه. وللحرم علامات بينة، وهى أنصاب مبنية من جميع جوانبه، إلا من جهة الجعرانة، وجدة، فلا بناء فيهما. والخليل عليه السلام أول من نصبها، بدلالة جبريل عليه السلام، ثم قصى بن كلاب، ثم نصبتها قريش، بعد أن نزعتها قبل هجرة النبى صلى الله عليه وسلم. وأمر عليه الصلاة والسلام بنصبها عام الفتح، ثم عمر، ثم عثمان، ثم معاوية، رضى الله عنهم، ثم عبد الملك بن مروان. هذا ما ذكره الأزرقى فيمن نصبها. وقيل: إن إسماعيل نصبها. وقيل: إن عدنان بن أدد أو من نصبها، ونصبها المهدى العباسى. وفى خلافة الراضى العباسى: عمر العلمان الكبيران، اللذان فى جهة التّنعيم بالأرض لا بالجبل، وذلك: فى سنة خمس وعشرين وثلاثمائة. وفى سنة ست عشرة وستمائة: عمر العلمان ـ اللذان هما حد الحرم من جهة عرفة، من قبل المظفر ـ صاحب إربل. وعمرا فى سنة ثلاث وثمانين وستمائة من قبل المظفر صاحب اليمن.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 54).

وجميع حدود الحرم مختلف فيها؛ لأن فى حده من جهة الطائف على طريق عرفة من بطن «نمرة» أربعة أقوال: نحو ثمانية عشر ميلا، على ما ذكر أبو الوليد الباجى المالكىرحمه الله تعالى. وأحد عشر ميلا على ما ذكره الأزرقى، والفاكهى، وابن خرداذبة الخراسانى فى كتابه «المسالك والممالك». وتسعة أميال ـ بتقديم التاء ـ ذكره ابن أبى زيد فى النوادر. وسبعة ـ بتقديم السين ـ ذكره الماوردى، والشيخ أبو إسحاق الشيرازى، والنووى. وفيما قالوا: نظر قوى. يقتضى بعد استقامة قولهم، كما سيأتى بيانه إن شاء الله تعالى. وذكر النووى: أن الأزرقى تفرد بما قاله فى ذلك. ولم يتفرد به؛ لموافقة الفاكهى، وابن خرداذبة له عليه. ولا أعلم له فى ذلك مخالفا قبل من ذكرنا. والله أعلم. وفى حده من جهة العراق: أربعة أقوال: سبعة أميال ـ بتقديم السين ـ وثمانية، وعشرة، وستة. وفى حده من جهة الجعرانة (1): قولان: تسعة ـ بتقديم التاء ـ وبريد. وفى حده من جهة التنعيم (2) أربعة أقوال: ثلاثة، ونحو أربعة، وأربعة، وخمسة. وفى حده من جهة جدة قولان: عشرة، ونحو ثمانية عشر، على ما ذكره الباجى.

_ (1) الجعرانة: بكسر أوله إجماعا ثم إن أصحاب الحديث يكسرون عينه ويشدّدون راءه، وأهل الإتقان والأدب يخطئونهم ويسكّنون العين ويخّففون الراء، وقد حكى عن الشافعى أنه قال: المحدّثون يخطئون فى تشديد الجعرانة وتخفيف الحديبية وقال أبو العباس القاضى: أفضل العمرة لأهل مكة ومن جاورها من الجعرانة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر منها، وهى من مكة على بريد من طريق العراق، فإن أخطأ ذلك فمن التنعيم. انظر: معجم البلدان «الجعرانة». (2) التنعيم: بالفتح ثم السكون، وكسر العين المهملة، وياء ساكنة، وميم: موضع بمكة فى الحل، وهو بين مكة وسرف، على فرسخين من مكة وقيل على أربعة، وسمى بذلك لأن جبلا عن يمينه يقال له نعيم وآخر عن شماله يقال له ناعم، والوادى نعمان. وبالتنعيم مساجد حول مسجد عائشة وسقايا على طريق المدينة، منه يحرم المكيون بالعمرة.

وفى حده من جهة اليمن قولان: سبعة ـ بتقديم السين ـ وستة، على ما وجدت بخط المحب الطبرى فى كتابه «القرى» رأيته فى غير نسخة منه. ووقع لبعض الحنفية فى حدود الحرم ما يستغرب جدّا وذلك مذكور فى أصله. وقد اعتبرت: مقدار الحرم من جهاته المعروفة بحبل مقدر على ذراع اليد. وهو المعتبر فى مسافة القصر، على ما ذكره المحب الطبرى، فنذكر ذلك. وهو: أن من جدر باب المسجد الحرام ـ المعروف بباب بنى شيبة ـ إلى العلمين اللذين هما علامة حد الحرم فى جهة عرفة: سبعة ـ بتقديم السين ـ وثلاثين ألف ذراع ومائتى ذراع وعشرة أذرع وسبعى ذراع باليد. ومن عتبة باب المعلاة إلى العلمين المشار إليهما خمسة وثلاثون ألف ذراع وثلاثة وثمانون ذراعا وثلاثة أسباع ذراع بذراع اليد. وأما حد الحرم من جهة العراق: فإن من جدر باب بنى شيبة إلى العلمين اللذين بجادة طريق وادى نخلة: سبعة وعشرون ألف ذراع ومائة ذراع واثنين وخمسين ذراعا باليد. ومن عتبة باب المعلاة إلى العلمين المشار إليهما: خمسة وعشرون ألف ذراع وخمسة وعشرون ذراعا باليد. وأما حد الحرم من جهة التنعيم: فإن من جدر باب المسجد الحرام ـ المعروف بباب العمرة ـ إلى أعلام الحرم فى هذه الجهة التى بالأرض، لا التى بالجبل: اثنى عشر ألف ذراع وأربعمائة ذراع وعشرين ذراعا باليد. ومن عتبة باب الشبيكة إلى الأعلام المشار إليها: عشرة آلاف ذراع وثمانمائة ذراع واثنا عشر ذراعا. وأما حد الحرم من جهة اليمن: فإنه من جدر باب المسجد الحرام ـ المعروف بباب إبراهيم ـ إلى علامة حد الحرم فى جهة اليمن: أربعة وعشرين ألف ذراع وخمسمائة ذراع وتسعة أذرع ـ بتقديم التاء ـ وأربعة أسباع ذراع. ومن عتبة باب الماجن إلى حد الحرم فى هذه الجهة: اثنان وعشرون ألف ذراع وثمانمائة ذراع وستة وسبعون ذراعا ـ بتقديم السين ـ وأربعة أسباع ذراع. وقال ابن خرداذبة: طول الحرم حول مكة ـ كما يدور ـ سبعة وثلاثون ميلا. وهى التى تدور بأنصاب الحرم. انتهى. وهى فائدة حسنة، إن صحت. والله تعالى أعلم.

و «نفار» المذكورة فى حد الحرم من جهة التنعيم: بنون وفاء وألف وراء مهملة. ووقع فى حد الحرم من جهة العراق «خل» بخاء معجمة. وقال النووى: فيه «جل» بجيم. ولعله تصحيف. ووقع فى حد الحرم «لبر» وهى بكسر اللام وإسكان الباء الموحدة وضبطها ابن خليل بفتح اللام والباء. * * *

الباب الرابع فى ذكر شيء من الأحاديث والآثار الدالة على حرمة «مكة» وحرمها، وشيء من الأحكام المختصة بذلك

الباب الرابع فى ذكر شيء من الأحاديث والآثار الدالة على حرمة «مكة» وحرمها، وشيء من الأحكام المختصة بذلك (1). وذكر شيء مما ورد فى تعظيم الناس بمكة وحرمها. وفى تعظيم الذنب فى ذلك، وفى فضل الحرم (2). روينا عن مجاهد قال: «إن هذا الحرم حرم، حدّاه من السموات والأرضين السبع» أخرجه الأزرقى. وروينا من حديث ابن عباس، وأبى هريرة، وأبى شريح الخزاعى رضى الله عنهم عن النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث تقتضى «أن الله عز وجل حرم مكة يوم خلق السموات والأرض، وأنه لا يحل اختلاء خلاها، ولا عضد شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا تلتقط لقطتها إلا لمعرف». وهذه الأمور مما اختصت بها مكة. إلا أن الصحيح من مذهب مالك رحمه الله: أن لقطة مكة كغيرها. وإليه ذهب أبو حنيفة وأحمد رحمهما الله. ومن تنفير صيد مكة: أن يصاح عليه، فينفر. قاله المحب الطبرى. ونقل عن عكرمة أنه قال لرجل: «أتدرى ما تنفير صيدها؟ هو أن تنحيه من الظل، وتنزل مكانه». انتهى. وإذا امتنع تنفير صيدها فيمتنع اصطياده من باب أولى. والمدينة النبوية تشارك مكة فى تحريم صيدها، ولكن لا جزاء فى صيد المدينة على مشهور المذهب. وأما مكة فلا خلاف فى وجوب الجزاء فى صيدها، فتمتاز بذلك، وبما سبق. وبأن صلاة العيد تقام بمكة فى المسجد الحرام، وفى غيرها تقام فى الصحراء.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 67). (2) انظر: (شفاء الغرام 1/ 72).

ومما تمتاز به

وبأن الإنسان يؤاخذ بهمه بالسيئة فيها، وإن كان نائيا عنها، كما هو مقتضى حديث ابن مسعود رضى الله عنه فى مسند ابن حنبل وغيره. وأشار إلى ذلك ابن أبى حاتم وغيره. وتمتاز عند الشافعى وطائفة من العلماء: بتضاعف الصلاة فيها على غيرها. وبعدم كراهية صلاة النافلة فيها فى وقت الكراهة وغير ذلك. ومما تمتاز به: تضاعف السيئة بها، عند مجاهد وابن حنبل. والصحيح: خلافه. ولمكة أحكام أخر تخصها، وأحكام أخر تشاركها فيها المدينة. وقد استوفينا ذلك كله فى أصله. وحرم مكة فيما ذكر مساو لها، ويستثنى من نباته: الإذخر والسنا، والإذخر فى الحديث، والسنا مقيس عليه، للحاجة إليه فى الدواء. نص عليه فى المدونة والموازية. ويستثنى من عصد شجر الحرم: العصا والعصاوين. فإن مالكا أرخص فى ذلك. وأما تعظيم الناس لمكة وحرمها: ففى الأزرقى من ذلك أخبار. منها: أن الرجل كان يلقى قاتل أبيه وأخيه فى الكعبة، أو فى الحرم، فى الشهر الحرام، فلا يعرض له. ومنها: أن احتكار الطعام بها للبيع إلحاد. وهذا يروى عن عمر وابنه رضى الله عنهما. ومنها: ما يروى عن عمر رضى الله عنه «لأن أخطئ سبعين خطيئة بركبة أحب إلىّ من أن أخطئ خطيئة واحدة بمكة». ومنها: أن الشيخ أبا عمرو الزجاجى أحد كبار مشايخ الصوفية أقام بمكة أربعين سنة لم يبل ولم يتغوط فى الحرم. وجاء فى النجاة من الذنوب بالالتجاء إلى الحرم حديث لجابر فى نجاة أبى رغال والد ثقيف، مما أصاب قوم ثمود بعقرهم الناقة، فلما خرج من الحرم أصيب. وهذا الحديث فى مسلم وغيره. * * *

الباب الخامس فى الأحاديث الدالة على أن مكة المشرفة أفضل من غيرها من البلاد، وأن الصلاة فيها أفضل من غيرها، وغير ذلك من فضلها

الباب الخامس فى الأحاديث الدالة على أن مكة المشرفة أفضل من غيرها من البلاد، وأن الصلاة فيها أفضل من غيرها، وغير ذلك من فضلها (1). أما الأخبار الواردة فى تفضيل مكة: فإن منها ما روينا عن عبد الله بن عدى بن الحمراء رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وهو على راحلته بالحزورة بمكة ـ يقول لمكة: «والله إنك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أنى أخرجت منك ما خرجت». أخرجه الترمذى، وصححه (2). وأخرجه ابن حبان فى صحيحه. وروينا نحوه من حديث أبى هريرة، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو ابن العاص رضى الله عنهم. فأما حديث أبى هريرة: ففى سنن النسائى، وأنكر صحته مولانا شيخ الإسلام قاضى القضاة شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن حجر، وبرهن على ذلك. وذكرنا برهانه فى الأصل. وحديث ابن عباس رضى الله عنهما: فى الترمذى، وقال: حسن صحيح غريب. وحديث عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما: فى كتاب الفاكهى بإسناد فيه من لم أعرفه. و «الحزورة» مخففة على وزن قسورة. وأما الأحاديث الواردة فى تفضيل الصلاة فى المسجد الحرام على غيره من المساجد:

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 74 ـ 79). (2) أخرجه الترمذى فى السنن حديث (3925) من طريق قتيبة، حدثنا الليث، عن عقيل، عن الزهرى، عن أبى سلمة، عن عبد الله بن عدى بن حمراء الزهرى، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا على الحزورة فقال: «والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أنى أخرجت منك ما خرجت». قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح، وقد رواه يونس عن الزهرى نحوه. ورواه محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم، وحديث الزهرى عن أبى سلمة عن عبد الله بن عدى بن حمراء عندى أصح. وأخرجه ابن ماجة فى سننه، المناسك 3108، والدارمى فى سننه، السير 2510، وأحمد فى المسند، مسند الكوفيين حديث رقم 18240.

فعدة أحاديث، ومن أصحها: حديثان: حديث جابر بن عبد الله الأنصارى، وحديث عبد الله بن الزبير رضى الله عنهم. وحديث جابر فى ابن ماجة بإسناد صحيح (1). وفى مسند أحمد (2). وحديث ابن الزبير فى مسند الطيالسى، وفيه: «أن الصلاة فى المسجد الحرام تفضل على الصلاة فى غيره بمائة ألف» وفى بعض طرقه: «تفضل بمائة صلاة» وفى بعضها «بألف صلاة». وحديث جابر: كحديث ابن الزبير الذى فى الطيالسى. وحديث ابن الزبير: فى صحيح ابن حبان. وصححه ابن عبد البر. وقال: إنه الحجة عند التنازع. وقد حسب النقاش المفسر فضل الصلاة فى المسجد الحرام: عمر خمس وخمسين سنة وستة أشهر وعشرين ليلة، وصلاة يوم وليلة ـ وهى خمس صلوات فى المسجد الحرام ـ عمر مائتى سنة وسبع وسبعين سنة وتسعة أشهر وعشر ليال. انتهى. وهذا الفضل يعم الفرض والنفل بمكة، كما هو مذهب الشافعى. ويختص بالفرض على مشهور المذهب. ولا يسقط هذا التضاعف شيئا من الفوائت، كما يتخيله كثير من الجهال، نبه على ذلك النووى. وللعلماء خلاف فى المسجد الحرام: هل المراد به مسجد الجماعة الذى يحرم على الجنب الإقامة فيه، أو المراد به الحرم كله، أو الكعبة؟ . ذكر هذه الأقوال المحب الطبرى.

_ (1) أخرجه ابن ماجة فى سننه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، حديث رقم (1406) من طريق إسماعيل بن أسد، حدثنا زكريا بن عدى، أنبأنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم، عن عطاء، عن جابر أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال: «صلاة فى مسجدى أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة فى المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه». (2) أخرجه أحمد بن حنبل فى المسند، حديث رقم (14847) من طريق أحمد بن عبد الملك، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم، عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة فى مسجدى هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام، وصلاة فى المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه.

وجاء حديث فى تفضيل الصوم بمكة على غيرها من البلاد. رويناه فى سنن ابن ماجة وغيرها بإسناد غير ثابت من حديث ابن عباس رضى الله عنهما (1). ورويناه من حديثه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «من حج من مكة ماشيا حتى يرجع إليها كتب الله له بكل خطوة سبعمائة حسنة من حسنات الحرم». فقال بعضهم لابن عباس: «وما حسنات الحرم؟ قال: كل حسنة بمائة ألف حسنة» أخرجه الحاكم. وصحح إسناده. وروينا عن الحسن البصرى: أنه قال: «صوم يوم بمكة بمائة ألف يوم، وصدقة درهم بمائة ألف، وكل حسنة بمائة ألف». انتهى. وقال المحب الطبرى: إن فيما تقدم من أحاديث مضاعفة الصلاة والصوم بمكة دليلا على اطراد التضعيف فى جميع الحسنات، إلحاقا بهما، قال: ويؤيد ذلك قول الحسن. انتهى. * * *

_ (1) أخرجه ابن ماجة فى سننه، كتاب المناسك، حديث رقم (3117) من طريق محمد بن أبى عمر العدنى، حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمى، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «من أدرك رمضان بمكة فصام وقام منه ما تيسر له كتب الله له مائة ألف شهر رمضان فيما سواها وكتب الله له بكل يوم عتق رقبة وكل ليلة عتق رقبة وكل يوم حملان فرس فى سبيل الله وفى كل يوم حسنة وفى كل ليلة حسنة». وفى سنده عبد الرحيم بن زيد العمى، ضعفه على بن المدينى، وقال يحيى بن معين: كذاب خبيث، وقال البخارى: تركوه، وقال أبو زرعة: واه، ضعيف الحديث، وقال أبو حاتم الرازى: يترك حديثه، منكر الحديث، وقال أبو داود: ضعيف. وزيد العمى أبوه قال يحيى بن معين: يكتب حديثه وهو ضعيف، وقال ابن المدينى: ضعيف، وقال أبو داود: ليس بذاك، وقال أحمد والدار قطنى: صالح.

الباب السادس فى المجاورة بمكة، والموت فيها، وشيء من فضل أهلها، وفضل جدة ساحل مكة، وشيء من خبرها، وفضل الطائف وشيء من خبره

الباب السادس فى المجاورة بمكة، والموت فيها، وشيء من فضل أهلها، وفضل جدة ساحل مكة، وشيء من خبرها، وفضل الطائف وشيء من خبره (1). اختلف العلماء فى استحباب المجاورة بمكة. فذهب إلى استحبابها الشافعى، وأحمد، وأبو يوسف ومحمد بن الحسن، صاحبا أبى حنيفة، وابن القاسم صاحب مالك، فيما نقله عنه ابن الحاج، وذهب أبو حنيفة إلى عدم استحبابها. وفهم ذلك ابن رشد من كلام وقع لمالك، وذلك لخوف الملل، وقلة الاحترام لمداومة الأنس بالمكان، وخوف ارتكاب ذنب هنالك. وذكر النووى فى الإيضاح: أن المختار استحباب المجاورة بمكة. انتهى. وأما الموت بمكة: فروى من حديث ابن عمر رضى الله عنهما، قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «من مات بمكة فكأنما مات فى سماء الدنيا». وإسناده ضعيف. وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم ـ مرسلا ـ أنه قال: «من مات بمكة بعثه الله فى الآمنين يوم القيامة». وسيأتى شيء من فضل مقبرة المعلاة عند ذكرها. وأما فضل أهل مكة: فروينا من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عتّاب بن أسيد على مكة، فقال له: هل تدرى إلى من أبعثك؟ أبعثك إلى أهل الله». أخرجه الزبير بن بكار فى كتاب النسب، والفاكهى. ورواه الأزرقى مرسلا. وزاد فيه: «فاستوص بهم خيرا» يقولها ثلاثا. ووجدت بخط بعض أصحابنا ـ فيما نقله من خط الشيخ أبى العباس الميورقى ـ وزاد: «إن سفهاء مكة حشو الجنة». واتفق بين عالمين فى الحرم منازعة فى تأويل الحديث وسنده، فأصبح الذى طعن فى الحديث ومعناه: قد طعن أنفه واعوج. وقيل له: إى والله، سفهاء مكة من أهل الجنة، سفهاء مكة من أهل الجنة، سفهاء مكة من أهل الجنة. فأدركه روع، وخرج إلى الذى

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 84 ـ 88).

وأما فضل جدة

كان يكابره فى الحديث من علماء عصره، وأقر على نفسه بالكلام فيما لا يعنيه، وفيما لم يحط به خبرا. انتهى. وأما فضل جدة: فيروى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مكة رباط، وجدة جهاد». إسناده ضعيف. وعن عباد بن كثير: أنه قال: «إن الصلاة فيها بسبعة عشر ألف ألف صلاة، والدرهم فيها بمائة ألف درهم، وأعمالها بقدر ذلك، يغفر للناظر فيها مد بصره مما يلى البحر». ذكرهما الفاكهى بسنده. وذكر عن ابن عباس رضى الله عنهما: «إن فيها قبر حواء». ونقل ابن جبير: أن بجدة موضعا يقال: إنه الموضع الذى نزلت فيه حواء. وأما فضل الطائف: فروينا عن الزبير بن العوام رضى الله عنه: أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال: «إن صيد وج وعضاهه حرم محرم». أخرجه أحمد وأبو داود. وإسناده ضعيف على ما قال النواوى (1). ونقل عن الحازمى أن «وجا» اسم لحصون الطائف. وقيل: لواحد منها. انتهى. ومذهب الشافعى رحمه الله تعالى: تحريم صيد «وج» ونفى الضمان فيه. ولا أعلم فى تحريمه نصا فى المذهب. والله تعالى أعلم. * * *

_ (1) أخرجه أحمد فى مسنده، حديث رقم 1419، وأبو داود فى سننه، فى المناسك حديث رقم 2032.

الباب السابع فى أخبار عمارة الكعبة المعظمة

الباب السابع فى أخبار عمارة الكعبة المعظمة (1) بنيت الكعبة المعظمة مرات. وفى عدد بنائها خلاف (2). ويتحصل من مجموع ما قيل فى ذلك: أنها بنيت عشر مرات. منها: بناء الملائكة. ومنها: بناء آدم. ومنها: بناء أولاده. ومنها: بناء الخليل. على جميعهم السلام. ومنها: بناء العمالقة. ومنها: بناء جرهم. ومنها: بناء قصى بن كلاب. ومنها: بناء قريش. ومنها: بناء عبد الله بن الزبير رضى الله عنهما. ومنها: بناء الحجاج بن يوسف الثقفى. وفى إطلاق العبارة بأنه بنى الكعبة تجوز؛ لأنه ما بنى إلا بعضها. ولولا أن السهيلى والنواوى ذكرا ذلك لما ذكرته. وجميع ما ذكرناه من بناء الكعبة ذكره الأزرقى، إلا بناء قصى، فإنه لم يذكره. وذكره الزبير بن بكار فى موضعين من كتابه، والفاكهى، وابن عابد وغيرهم. وهو أول من سقفها. وقريش أول من رفع بابها ليدخلوا من شاءوا، ويمنعوا من شاءوا.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 91 ـ 100). (2) انظر: (تاريخ الخميس 1/ 117، مرآة الزمان 1/ 285، تاريخ الطبرى 1/ 274، الأزرقى 1/ 25، زاد المسير 1/ 129، 424، البداية والنهاية 1/ 163، طبقات ابن سعد 1/ 52).

وابن الزبير رضى الله عنهما أول من جعل لها بابين. وبناؤه لها ثابت. وكذلك بناء قريش والخليل. وما عدا ذلك غير ثابت، لضعف سند الأخبار الواردة به. وكلام السهيلى يقتضى: أن شيث بن آدم أول من بناها. وفى الأزرقى: ما يدل لتقدم بناء آدم على بناء الملائكة. وسبب بناء ابن الزبير: أنها أصابها حريق من جهة فى المسجد أيام حصره الحصين ابن نمير السكونى لمعاندته الخليفة يزيد بن معاوية، وما أصابها من حجر المنجنيق الذى كان يرمى به الحصين ابن الزبير فى حال حصره، فإنه كان يصيب الكعبة، وذلك فى أوائل سنة أربع وستين من الهجرة. فلما أدبر الحصين بن نمير من مكة راجعا إلى الشام ـ فى ربيع الآخر من هذه السنة، بعد أن بلغه موت يزيد ـ استشار ابن الزبير الناس فى هدم الكعبة وبنائها، فأشار بذلك قوم، وكرهه آخرون، منهم: ابن عباس رضى الله عنهما. فلما اجتمع له ما يحتاج إليه من آلات العمارة: هدمها وبناها على أساس إبراهيمعليه السلام؛ لأنه أدخل فيها ما كانت قريش أخرجته منها فى الحجر، بعد أن كشف عن أساس إبراهيم حتى ظهر له، وأوقف عليه الناس، وجعل لها بابين متقابلين لاصقين بالأرض، أحدهما: شرقى، والآخر: غربى. واعتمد فى ذلك وفى إدخاله فيها ما أخرجته منها قريش: على حديث يقتضى ذلك، أخبرته به خالته أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها عن النبىصلى الله عليه وسلم. وزاد فى طولها تسعة أذرع. هذا هو المشهور فيما زاد. وقيل: زاد فيه عشرا. وهذا فى مسلم عن عطاء. وعبد الله بن الزبير رضى الله عنهما هو الذى وضع الحجر الأسود فى الكعبة، لما بنيت فى زمنه. وقيل: وضعه ابنه عباد. وقيل: ابنه حمزة. وقيل: الحجبة مع ابنه حمزة. والله أعلم. والذى بناه الحجاج فى الكعبة: هو الجدر الذى يلى الحجر، بسكون الجيم. والباب الذى صنعه ابن الزبير رضى الله عنهما: فى دبر الكعبة، وما تحت عتبة الباب

الشرقى. وكبس أرضها بالحجارة التى فضلت من أحجارها، وباقيها على بناء ابن الزبير رضى الله عنهما. وقد صنعت فيها أمور بعد ابن الزبير والحجاج. فمن ذلك: عمارة فى الجزء الذى بناه الحجاج، لانفتاحه. وهذا لم يذكره الأزرقى. وذكره الخزاعى. ومن ذلك: عمارة رخام غير مرة فى سنة إحدى ـ أو اثنتين ـ وأربعين ومائتين. وفى عشر الخمسين وخمسمائة ـ فى غالب الظن ـ من قبل الجواد الأصبهانى وزير صاحب الموصل. وفى سنة تسع وعشرين وستمائة ـ فى غالب الظن ـ من قبل المستنصر العباسى. وفى سنة ثمانين وستمائة: من قبل الملك المظفر صاحب اليمن. وفيما بعد ذلك وقبله. ومن ذلك: عمارة فى سطحها بعد سنة مائتين. ذكر ذلك الأزرقى. ومن ذلك: عمارة سقفها والدرجة التى بباطنها فى سنة اثنتين وأربعين خمسمائة. ومن ذلك: مواضع فى سقفها فى رمضان فى سنة أربع عشرة وثمانمائة. ومن ذلك: فى آخر سنة خمس وعشرين وثمانمائة: إصلاح رخام كثير بجوفها، وإصلاح الروازن بسطحها، ورخامة تلى ميزابها، لتخرب ما تحتها. والأخشاب التى بسطحها المعدة لشد كسوة الكعبة، قلعت لتخربها وعوضت بخشب غيرها، وأحكم وضعها بسطحها. ومن ذلك: فى صفر سنة ست وعشرين ثمانمائة: إصلاح رخام كثير بأرض الكعبة بين جانبها الغربى وأساطينها، وفى جدرانها، وإقامة الأسطوانة التى تلى باب الكعبة لميلها، وأحكمت فى موضعها وتنقلها. ومن ذلك: عتبة الباب السفلى لرثاثتها، وجعل عوضها عتبة قطعة ساج فى سنة إحدى وأربعين ومائتين، أو فى التى بعدها، ثم غير ذلك بعتبة حجر منحوت. وهى الآن على ذلك، وما علمت متى جرى ذلك. ومن ذلك: أسطوانة فيها؛ لأن الفاكهى قال: حدثنى أبو على الحسن بن مكرم، قال: حدثنا عبد الله بن بكر، قال: حدثنى أبو بكر بن خبيب، قال: جاورت بمكة،

فغابت أسطوانة من أساطين البيت. فأخرجت، وجئ بأخرى ليدخلوها مكانها، وطالت عن الوضع، فأدركهم الليل، والكعبة لا تفتح ليلا، فتركوها مائلة ليعودوا من غد فيصلحوها. فجاءوا من غد فأصابوها أقوم من القدح. انتهى. وهذا غريب، وفيه للبيت كرامة. ومن ذلك: ميزاب عمله رامشت، وصل به خادمه مثقال فى سنة تسع وثلاثين وخمسمائة. وميزاب عمله المقتفى العباسى. وركب فى الكعبة بعد قلع ميزاب رامشت، فى سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، أو فى التى بعدها. وميزاب عمله الناصر العباسى، وهو الآن فى الكعبة، وظاهره فيما يبدو للناس محلى بفضة، وأحدث عهد حلى فيه: سنة إحدى وثمانين وسبعمائة. ومن ذلك: باب عمله الجواد الوزير فى سنة خمسين وخمسمائة، وركب فيها سنة إحدى وخمسين، وكتب عليه اسم المقتفى، وحلاه حلية حسنة. وكلام ابن الأثير يوهم: أن المقتفى عمل للكعبة بابا، وما عمله إلا الجواد. والله أعلم. وباب عمله الملك المظفر صاحب اليمن، وكانت عليه صفائح فضة زنتها ستون رطلا، فأخذها السدنة. وباب عمله الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر من السنط الأحمر، وحلاه بخمسة وثلاثين ألف درهم وثلاثمائة درهم، وركب فى الكعبة فى ثامن عشرى ذى القعدة سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة. وباب عمله ابنه الملك الناصر حسن فى سنة إحدى وستين وسبعمائة، وركب عليها فى التاريخ المذكور. فهو فيها إلى الآن. واسم مولانا السلطان الملك الأشرف برسباى، صاحب الديار المصرية والشامية والحرمين الشريفين ـ زاده الله نصرا وتأييدا ـ مكتوب بحائط الكعبة اليمانى بسبب ما أنفق فى سلطنته من العمارة فى الكعبة الشريفة. واسم الأشرف شعبان بن حسين صاحب مصر مكتوب فى إحدى جانبى باب الكعبة فى الفيارين، لتحليته فى زمنه.

واسم الملك المؤيد صاحب مصر ـ أبى النصر شيخ ـ مكتوب فى أحد فيارين الباب، لتحليته فى زمنه. وفى باب الكعبة مكتوب اسم الملك الناصر محمد بن قلاوون. وفى مفتاحها مكتوب اسم الملك المظفر صاحب اليمن. هذا ما علمته ما عمل فى الكعبة بعد ابن الزبير والحجاج. ولا أعلم أن أحدا غير بناءهما. ونختم هذا الباب بفائدة تتعلق بباب الكعبة. وهى: أنه اختلف فى أول من بوب الكعبة؛ فقيل: أنوش بن شيث بن آدم عليهم السلام، وقيل: تبّع الثالث، الذى كساها ونحر لها، وقيل: جرهم بوبته. والله تعالى أعلم. * * *

الباب الثامن فى صفة الكعبة المعظمة، وذرعها، وشاذروانها، وحليتها، ومعاليقها، وكسوتها، وطيبها، وخدامها، وأسمائها، وهدم الحبشى لها، ووقت فتحها فى الجاهلية والإسلام. وبيان جهة المصلين إلى الكعبة من سائر الآفاق، ومعرفة أدلة القبلة بالآفاق ال

الباب الثامن فى صفة الكعبة المعظمة، وذرعها، وشاذروانها، وحليتها، ومعاليقها، وكسوتها، وطيبها، وخدامها، وأسمائها، وهدم الحبشى لها، ووقت فتحها فى الجاهلية والإسلام. وبيان جهة المصلين إلى الكعبة من سائر الآفاق، ومعرفة أدلة القبلة بالآفاق ال مشار إليها (1). أما صفة الكعبة: فإن أرضها مرخمة برخام ملون، وكذلك جدرانها. وأول من رخم ذلك: الوليد بن عبد الملك بن مروان، فيما ذكر الأزرقى، نقلا عن ابن جريج، ثم غير ما توهن منه بعد ذلك مرات. وفيها ثلاث دعائم من ساج على ثلاثة كراسى، وفوقها ثلاث كراسى، وعلى هذه الكراسى ثلاث جوايز من ساج، ولها سقفان بينهما فرجة، وفى السقف أربعة روازن للضوء نافذة إلى أسفلها. وفى ركنها الشامى: درجة يصعد منها إلى سطحها، وعدد درجها: ثمان وثلاثون درجة. وسقفها الأعلى مما يلى السماء: مرخم برخام أبيض، وكان طلى بالنورة فى سنة إحدى وثمانين وسبعمائة، ثم كشط ذلك فى سنة إحدى وثمانمائة. وبطرف سطحها إفريز مبنى بحجارة، ويتصل بهذا الإفريز أخشاب فيها حلق من حديد تربط فيها كسوة الكعبة. وبابها من ظاهر مصفح بصفائح فضة مموهة بالذهب، وكذلك فيارين الباب وعتبته العليا مطلية بفضة. وأما أذرع الكعبة (2): فقد ذكره الأزرقى، وابن جماعة. وحررت أنا ذلك أيضا. فكان من سقفها الأسفل إلى أرضها: سبعة عشر ذراعا ـ

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 106 ـ 130). (2) انظر: (تاريخ الخميس 1/ 119، 120، مرآة الزمان 1/ 288، الأزرقى 1/ 6، 301، القرى لقاصد أم القرى 602، 603).

وأما ذرع الكعبة (1) من خارجها

بتقديم السين ـ ونصف ذراع إلا قيراطا فى الجهة الشرقية، وكذلك باقى الجهات، إلا أن الجهة الشامية: تنقص عن الشرقية نصفا إلا قيراطا، والجهة الغربية تنقص عن الشرقية: قيراطين، واليمانية تزيد على الشرقية: ثمن ذراع. وعرض الجهة الشرقية ـ على التقريب ـ ثمانية عشر ذراعا وسدس. والجهة الشامية على ـ التقريب أيضا ـ أربعة عشر ذراعا إلا قيراطين. والجهة الغربية: ثمانية عشر ذراعا وثلث ذراع. واليمانية أربعة عشر ذراعا وثلثا ذراع. وطول فتحة الباب من داخله مع الفيارين: ستة أذرع. وطوله من خارجه بغير الفيارين: ستة أذرع إلا ربع. وذرع فتحة الباب من داخل الكعبة ـ مع الفيارين ـ ثلاثة أذرع وثلث إلا قيراط. وطول كل من فردتى الباب: ستة أذرع إلا ثمن، وعرض كل منها ذراعان إلا ثلث. وأما ذرع الكعبة (1) من خارجها: فإن من أعلى الشاخص فى سطحها فى الجهة الشرقية إلى أرض المطاف: ثلاثة وعشرين ذراعا وثمن ذراع. وكذلك الجهة اليمانية، والجهة الغربية، إلا أن الغربية تنقص ثمن ذراع. وأما الجهة الشامية: فتنقص عن الشرقية واليمانية ربع ذراع. وعرض الجهة الشرقية: أحد وعشرون ذراعا وثلث. وكذلك الغربية بزيادة ثلث. وأما الشامية: فعرضها ثمانية عشر ذراعا إلا ربع ذراع. وكذلك اليمانية بزيادة نصف إلا قيراطين. ومن عتبة باب الكعبة إلى أرض الشاذروان صحتها: ثلاثة أذرع ونصف، وارتفاع الشاذروان تحتها: ربع ذراع وقيراط. والذراع الذى حررنا به: هو ذراع الحديد المستعمل فى القماش بالقاهرة. وكذلك ما حرر به ابن جماعة، وبين ما ذكره وذكرناه اختلاف، بيناه فى أصله.

_ (1) انظر: (تاريخ الخميس 1/ 119، 120).

وأما شاذروان الكعبة

والذراع الذى حرر به الأزرقى: ذراع اليد. وأما شاذروان الكعبة (1): فهو الأحجار الملاصقة بها التى فوقها مسنم مرخم فى الجانب الشرقى والغربى واليمانى. وفى الجانب الشرقى: حجارة لا بناء عليها، هى شاذروان. وأما الأحجار التى تلى جدار الكعبة الشامى: فليست شاذروانا؛ لكون موضعها من البيت، بلا ريب. والشاذروان: هو ما نقصته قريش من عرض أساس جدار البيت حين ظهر على الأرض، كما هو عادة الأبنية. أشار إلى ذلك الشيخ أبو حامد الإسفراينى، وغيره من أئمة الشافعية. وأما حكمه: فإن طواف من كان لشيء من بدنه: فهو غير صحيح على مذهب الشافعى رضى الله عنه. وصرح بذلك ابن شاس، وابن الحاجب، وشارحه خليل. وللميدة صاحب الشامل وغيرهم من متأخرى المالكية. وأنكر ذلك بعض متأخريهم، ولم يثبته فى المذهب. ويصح طواف من لم يخير منه فى طوافه عند الحنفية والحنابلة. والله أعلم. وطول الشاذروان فى السماء: ستة عشر إصبعا، وعرضه: ذراع. ذكره الأزرقى. وقد نقص عرضه فى بعض الجهات عما ذكره الأزرقى. فأفتى عالم الحجاز المحب الطبرى بإيجاب إعادة مقداره على ما ذكره الأزرقى. وأما حلية الكعبة المعظمة: فأول من حلاها فى الجاهلية ـ على ما قيل ـ عبد المطلب جد النبى صلى الله عليه وسلم. وأما فى الإسلام، فقيل: الوليد بن عبد الملك. وقيل: أبوه. وقيل: ابن الزبير رضى الله عنهما. والله أعلم.

_ (1) انظر: (تاريخ الخميس 1/ 121).

وأما معاليق الكعبة

وحلاها الأمين العباسى، وحلاها المتوكل العباسى. هذا ما ذكره الأزرقى من حلية الكعبة. وحلاها بعده المعتضد العباسى فى سنة إحدى وثمانين ومائتين. وأمر المقتدر العباسى ـ فى سنة عشر وثلاثمائة ـ والوزير الجواد، فى سنة تسع وأربعين وخمسمائة، وحلاها الملك المجاهد صاحب اليمن. وأما معاليق الكعبة، وما أهدى لها فى معنى الحلية: فذكر الأزرقى منها جانبا ذكرناه فى أصله، مع أشياء لم يذكرها الأزرقى، بعضها كان فى عصره، وأكثر ذلك بعده، ونشير هنا بشيء منه. فمما أهدى لها فى عصر الأزرقى، ولم يذكره: قفل فيه ألف دينار، أهداه المعتصم العباسى فى سنة تسع عشرة ومائتين على ما ذكره الفاكهى. ومن ذلك: طوق ذهب فيه مائة مثقال مكلل بالزمرد والياقوت والماسب، وياقوتة خضراء وزنها أربعة وعشرون مثقالا، بعث بذلك ملك من ملوك السند لما أسلم فى سنة تسع وخمسين ومائتين. ومن ذلك: حلقتان من ذهب مرصعتان باللؤلؤ والبلخش، كل حلقة وزنها ألف مثقال، وفى كل حلقة ستة لؤلؤات فاخرات، وفيها ست قطع بلخش فاخر. بعث بذلك الوزير على شاه وزير السلطان أبى سعيد بن خربندا ملك التتار، فى موسم سنة ثمان عشرة وسبعمائة. وكان أمير الركب المصرى عارض فى تعليق ذلك، فلوطف حتى أذن فى تعليقهما، ثم أزيلا بعد قليل. ومن ذلك ـ على ما ذكره بعض فقهاء مكة ـ: أربعة قناديل، كل قنديل منها قدر الدورق بمكة، اثنان ذهب واثنان فضة. بعث بذلك السلطان شيخ أوس صاحب بغداد. وعلق ذلك فى الكعبة، ثم أخذ عن قريب. وكان إرساله بذلك فى أثناء عشر السبعين وسبعمائة، على مقتضى ما أخبرنى به الفقيه المذكور. وقد أهدى لها من هذا المعنى بعد ذلك أشياء. وبالجملة: فلا يجوز أخذ شيء من حلية الكعبة، لا للحاجة، ولا للتبرك؛ لأن ما جعل لها وسبل لها تجرى مجرى الأوقاف، ولا يجوز تغييرها عن وجهها.

وأما كسوة الكعبة

أشار إلى ذلك المحب الطبرى فى كتابه «القرى (1)» قال: وفيه تعظيم للإسلام وترهيب على العدو (2). انتهى. وأما كسوة الكعبة (3): فإنها كسيت فى الجاهلية والإسلام أنواعا من الكسى وذكر الأزرقى من ذلك جانبا ذكرناه فى أصله. وقد كساها قبل الإسلام جماعة، ولم يذكرهم الأزرقى. وذكرنا ذلك فى أصله. وكسيت الكعبة ـ بعد الأزرقى ـ أنواعا من الكسى. فمن ذلك: الديباج الأبيض الخراسانى، والديباج الأحمر الخراسانى، على ما ذكر صاحب العقد. ومن ذلك: الديباج الأبيض، فى ز من الحاكم العبيدى، وحفيده المستنصر، كساها ذلك فى ز من المستنصر الصليحى صاحب اليمن ومكة. وكسيت فى سنة ست وستين وأربعمائة الديباج الأصفر، وهذه الكسوة عملها السلطان محمود بن سبكتكين، صاحب الهند. ثم ظفر بها نظام الملك وزير السلطان ملك شاه السلجوقى، فأنفذها إلى مكة وجعلت فوق كسوة كساها لها فى هذه السنة أبو النصر الأسترابادى. وكانت كسوته بيضاء من عمل الهند. وكسيت فى خلافة الناصر العباس كسوة خضراء وسوداء. واستمرت تكسى السواد حتى الآن، وفيها طراز أصفر، وكان قبل ذلك أبيض. وقد أحدث: فى كسوة الكعبة من الجانب الشرقى جامات منقوشة بالحرير الأبيض فى سنة عشر وثمانمائة. ثم ترك ذلك فى سنة خمس عشرة وثمانمائة، وثلاث سنين بعدها متوالية بعدها. ثم أعيدت الجامات البيض فى سنة تسع عشرة وثمانمائة، وفى خمس سنين متوالية بعدها.

_ (1) انظر: (القرى لقاصد أم القرى 521). (2) وفيه أيضا: فيه ترك خلاف من يقتدى به، والاقتداء بهم فى أفعالهم، وذلك فعل سلف الأمة رضى الله عنهم. انظر: القرى لقاصد أم القرى (521). (3) انظر: تاريخ الخميس (119).

وممن كساها

ثم ترك ذلك فى سنة خمس وعشرين وثمانمائة. وكسيت ثيابا من القطن مصبوغة بالسواد؛ لأنها عريت من ريح عاصفة هاجت بمكة فى سنة ثلاث وأربعين وستمائة. وقيل: فى سنة أربع وأربعين. ولم يكن عند شيخ الحرم ـ العفيف منصور بن منعة البغدادى ـ شيء يقوم بكسوتها، فاقترض ثلاثمائة دينار واشترى بها ثيابا بيضاء وصبغها بالسواد، وكب عليها الطرز العتيقة. وممن كساها: رامشت صاحب الرباط بمكة فى سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة. كساها من الحبرات وغيرها، وقومت كسوته بثمانية عشر ألف دينار مصرية، على ما ذكر ابن الزبير. وقيل: بأربعة آلاف. وأول من كساها: من الملوك ـ بعد انقضاء الخلافة من بغداد ـ: المظفر يوسف صاحب اليمن فى سنة تسع وخمسين وستمائة. وأول من كساها من ملوك الترك بمصر: الملك الظاهر بيبرس فى سنة إحدى وستين وستمائة. وكان المظفر يكسوها معه، ومع من عاصره من ملوك مصر، وربما انفرد بذلك. ثم انفرد ملوك مصر بكسوتها بعد المظفر ـ فيما أحسبه ـ وإلى تاريخه. وكسوتها ـ فى تاريخه، وفيما قبله من نيف وسبعين سنة ـ من وقف وقفه صاحب مصر الصالح إسماعيل بن الناصر محمد بن قلاوون على كسوة الكعبة فى كل سنة، والحجرة النبوية والمنبر النبوى فى كل خمسين سنة مرة. وكساها أخوة الناصر حسن، وكانت تصل إلى الأرض والباقى منها نحو نصفها الأعلى، وهى كسوة حسنة، وهى حرير مذهب. وكان ذلك فى سنة إحدى وستين وسبعمائة. وكان قبلها فى جوفها كسوة للمظفر ـ صاحب اليمن ـ فيما بلغنى. وقد أزيلت كسوة الكعبة بجوفها التى عملها الناصر حسن، وعوضت بكسوة حرير أحمر أنفذها مولانا السلطان الملك الأشرف برسباى صاحب مصر والشام ـ نصره الله ـ

وأما طيب الكعبة

على يد المقر الأشرف الكريمى الزينى عبد الباسط، ناظر الجيوش المنصورة بالمماليك الشريفة. أجزل الله علينا أفضاله، وبلغه آماله فى سنة ست وعشرين وثمانمائة. وجعلت فى جوف الكعبة فى موسم هذه السنة. وللعلماء من الشافعية وغيرهم خلاف فى جواز بيع كسوة الكعبة. وذكر الحافظ صلاح الدين العلائى فى قواعده: أنه لا يتردد فى جواز ذلك. وأما طيب الكعبة: فروينا عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت: طيبوا البيت، فإن ذلك من تطهيره. وروينا عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت: «طيبوا البيت، فإن ذلك من تطهيره» (1) وروينا عنها أنها قالت: «لأن أطيب الكعبة أحب إلىّ من أهدى لها ذهبا وفضة». ولا يجوز أخذ شيء من طيب الكعبة، لا للتبرك ولا لغيره. نص عليه النووى. وأما خدام الكعبة: فإن معاوية بن أبى سفيان رضى الله عنه أخدمها عبيدا ثم أتبعت ذلك الولاة بعده. وأما أسماء الكعبة: فالكعبة، وبكة ـ بالباء ـ والبيت الحرام، والبيت العتيق، وقادس، ونادر، والقرية القديمة. وهذه الأسماء الثلاثة الأخيرة مذكورة فى تاريخ الأزرقى. ومن أسمائها: البنية. ذكره القاضى عياض فى المشارق. وأما هدم الحبشى للكعبة: فروينا فى ذلك حديثا عن النبى صلى الله عليه وسلم ـ من رواية أبى هريرة رضى الله عنه فى الصحيحين ـ وحدثنا من رواية ابن عباس رضى الله عنهما فى صحيح البخارى، وتخريبه لها يكون بعد رفع القرآن على ما ذكر السهيلى. وذلك بعد موت عيسىعليه السلام. وقيل: فى زمن عيسى. والله أعلم. وأما وقت فتح الكعبة فى الجاهلية: فيوم الاثنين والخميس والجمعة. وأما فى الإسلام: فيوم الجمعة، وكانت تفتح يوم الاثنين. وفعل ذلك فى عصرنا فى رمضان وشوال وذى القعدة من سنة إحدى وثمانمائة.

_ (1) انظر: (القرى لقاصد أم القرى 492).

وأما بيان جهة المصلين إلى الكعبة من سائر الآفاق

وتفتح فى أوقات أخر من كل سنة. منها: فى بكرة الثانى عشر من ربيع الأول، وفى بكرة تاسع عشرين رجب الفرد لغسلها. وتفتح فى سادس عشرى ذى القعدة لغسلها. وفى بعض أيام المواسم فى الثمان من ذى الحجة وفى لياليها. وفتحها فى التاريخ لأجل البر المأخوذ ممن يدخلها من الحجاج، وهو لا يحل إلا بطيب نفس ممن يدفعه. وذكر المحب الطبرى: أنه لا يحل منع أحد من دخول البيت. وأما بيان جهة المصلين إلى الكعبة من سائر الآفاق، ومعرفة أدلة القبلة بالآفاق المشار إليها: فأخبرنى به خالى قاضى الحرمين محب الدين النويرى رحمه الله تعالى ـ سماعا ـ عن القاضى عز الدين بن جماعة ـ سماعا ـ أنه نقل ذلك من خط والده القاضى بدر الدين فى الدائرة التى ذكر فيها صفة الكعبة، وما يحتاج إلى معرفة تصويره وأن والده قال: إنه كتبها فى شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وستين وستمائة. وذكرنا كلامه فى أصله بزيادة فوائد. * * *

الباب التاسع فى بيان مصلى النبى صلى الله عليه وسلم فى الكعبة المعظمة، وقدر صلاته فيها ووقتها،

الباب التاسع فى بيان مصلى النبى صلى الله عليه وسلم فى الكعبة المعظمة، وقدر صلاته فيها ووقتها، ومن رواها من الصحابة، ومن نفاها منهم رضى الله عنهم أجمعين، وترجيح رواية من أثبتها على رواية من نفاها، وما قيل من الجمع بين ذلك (1). وعدد دخوله صلى الله عليه وسلم الكعبة بعد هجرته إلى المدينة، وأول وقت دخلها فيه بعد هجرته صلى الله عليه وسلم (2). أما موضع صلاته فى الكعبة: فقد بينه ابن عمر رضى الله عنهما؛ لأن فى البخارى من رواية موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما ـ «أنه كان إذا دخل الكعبة مشى قبل وجهه حتى يدخل، ويجعل الباب قبل الظهر، يمشى حتى يكون بينه وبين الجدار الذى قبل وجهه قريبا من ثلاثة أذرع، فيصلى، يتوخى المكان الذى أخبره بلال رضى الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فيه». وروينا فى الأزرقى: أن معاوية رضى الله عنه «سأل ابن عمر رضى الله عنهما عن مصلى النبى صلى الله عليه وسلم فى الكعبة؟ فقال: بين العمودين المقدمين، اجعل بينك وبين الجدار ذراعين، أو ثلاثة». وأما قدر صلاته هذه: فركعتان، كما فى كتاب الصلاة من صحيح البخارى، من حديث مجاهد عن ابن عمر رضى الله عنهما. وأما من روى صلاة النبى صلى الله عليه وسلم فى الكعبة ـ يوم فتح مكة ـ من الصحابة: فبلال، وشيبة بن عثمان الحجبى، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس ـ ولا يصح عنه ـ وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن صفوان القرشى، وعثمان بن طلحة الحجبى، وعمر بن الخطاب، وأبو هريرة ـ وإسناد حديثه ضعيف ـ وعائشة، رضى الله عنهم أجمعين. وأما الذين نفوها: فأسامة بن زيد، والفضل بن العباس، وأخوه عبد الله، رضى الله عنهم. وأما ترجيح رواية من أثبت صلاة النبى صلى الله عليه وسلم فى الكعبة على رواية من نفاها؛ فلإثباته ما نفاه غيره. وفى مثل هذا يؤخذ بقول المثبت.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 138 ـ 154). (2) انظر: (شفاء الغرام 1/ 155 ـ 157).

وأما عدد دخوله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة بعد هجرته

وقد أشار إلى الترجيح بذلك جماعة، منهم: النووى، رحمهم الله. وأقرب ما قيل فى الجمع بين الاختلاف فى إثبات صلاة النبى صلى الله عليه وسلم فى الكعبة ونفيها، أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى الكعبة لما غاب عنه أسامة من الكعبة لأمر ندبه إليه، وهو: أن يأتى بما يمحو به الصور التى كانت فى الكعبة؛ لأن فى مسند الطيالسى ـ من حديث أسامة ابن زيد ـ: أنه «أتى النبى صلى الله عليه وسلم بدلو من ماء، فجعل يمحو به الصور» وإسناد الطيالسى فيه تقوم به الحجة، فلذلك كان هذا الوجه أقرب ما قيل فى الجمع بين هذا الاختلاف. ويجمع أيضا بين حديث بلال والفضل بمثل هذا الجمع؛ لأن النبى صلى الله عليه وسلم بعث الفضل ـ بعد دخوله معه إلى الكعبة ـ ليأتيه بما يطمس به الصور التى فى الكعبة على ما قيل. فصلى النبى صلى الله عليه وسلم فى غيبته. وهذا رويناه فى تاريخ الأزرقى عن عبد المجيد بن أبى رواد عن الزهرى. وحديث بلال أرجح من حديث عبد الله بن عباس رضى الله عنهما؛ لأن بلالا رضى الله عنه شهد صلاة النبى صلى الله عليه وسلم فى الكعبة، وابن عباس رضى الله عنهما لم يشهدها، وإنما اعتمد فى نفيها على أخيه، وأسامة رضى الله عنهما. والله أعلم. وأما عدد دخوله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة بعد هجرته: فروينا فيه أخبارا يتحصل من مجموعها دخوله إليها أربع مرات يوم فتح مكة. وهذا لا ريب فى صحته. وفى ثانية، كما هو مقتضى حديث ابن عمر رضى الله عنهما، وحديث أسامة رضى الله عنه، الذى جمع به ابن ماجة. وفى حجه الوداع، كما هو مقتضى حديث عائشة رضى الله عنها. وسيأتى ذكره قريبا فى أول الباب الذى بعده. وفى عمرة القضية، كما يقتضيه كلام المحب الطبرى. وفى صحة ذلك نظر. وأما أول وقت دخل فيه النبى صلى الله عليه وسلم الكعبة بعد هجرته: فيوم فتح مكة. وقد نقل الأزرقى عن جده عن سفيان بن عيينة عن غير واحد من أهل العلم، سمع منهم: يذكرون «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما دخل الكعبة مرة واحدة عام الفتح، ثم حج ولم يدخلها». انتهى. وهذا يدل على أنه لم يدخل فى ثانى الفتح، ولا فى حجة الوداع. والله أعلم. * * *

الباب العاشر فى ثواب دخول الكعبة المعظمة، وفيما جاء من الأخبار الموهمة لعدم استحباب ذلك، وفيما يطلب فيها من الأمور التى صنعها فيها النبى صلى الله عليه وسلم، وذكر الصلاة فيها وآداب دخولها

الباب العاشر فى ثواب دخول الكعبة المعظمة، وفيما جاء من الأخبار الموهمة لعدم استحباب ذلك، وفيما يطلب فيها من الأمور التى صنعها فيها النبى صلى الله عليه وسلم، وذكر الصلاة فيها وآداب دخولها (1). وأما ثواب دخولها: فروينا فيه من حديث ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من دخل البيت وصلى فيه، دخل فى حسنة وخرج من سيئة مغفور له». أخرجه الطبرانى. وروى الفاكهى من حديث ابن عمر رضى الله عنهما: «من دخله ـ يعنى البيت ـ فصلى فيه، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه». وقد اتفق الأئمة على استحباب دخولها. واستحسن مالك كثرة دخولها. وأما ما ورد موهما بخلاف ذلك: فحديث عائشة رضى الله عنها قالت: «خرج النبى صلى الله عليه وسلم من عندى، وهو قرير العين، طيب النفس، فرجع إلىّ وهو حزين، فقلت له. فقال: إنى دخلت الكعبة، وودت أنى لم أكن فعلت. إنى أخاف أن أكون أتعبت أمتى من بعدى». أخرجه الترمذى، والحاكم فى مستدركه من حديث إسماعيل بن عبد الله بن عبد الملك بن أبى الصغير المكى، عن ابن أبى مليكة عن عائشة رضى الله عنها. وإسماعيل: وهاه ابن مهدى، وذلك يقتضى توهين حديثه. والله أعلم. وقال المحب الطبرى ـ بعد إخراجه لهذا الحديث ـ: وقد استدل بهذا الحديث من كره دخول البيت، ولا دلالة فيه، بل نقول: دخوله صلى الله عليه وسلم دليل على الاستحباب، وتمنيه عدم الدخول: قد علله بالمشقة على أمته، وذلك لا يرفع حكم الاستحباب. انتهى. وأما ما يطلب فى الكعبة من الأمور التى صنعها النبى صلى الله عليه وسلم: فحمد الله، والثناء عليه، والدعاء والذكر. وغير ذلك مما ذكرناه فى أصله. وأما حكم الصلاة فى الكعبة: فإن النافلة فيها مستحبة عند المالكية، وجمهور

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 158 ـ 165).

وأما آداب دخولها

العلماء، وخالف فى ذلك بعض العلماء، فقال: لا يصح فيها فرض ولا نفل. وهذا ضعيف. والله أعلم. ويستثنى من النوافل فيها ـ على مقتضى مشهور مذهب مالك رحمه الله ـ النفل المؤكد: كالعيدين، والوتر، وركعتى الفجر، والطواف الواجب، فإن ذلك لا يصح فيها. وأما الفرض: فمشهور المذهب عدم صحته فيها، وهو الأصح من مذهب الحنابلة. ويصح على مذهب أبى حنيفة والشافعى. وسطحها فى الفرض كجوفها، على مقتضى ما سبق من مذهب الأئمة الأربعة، إلا أن صحة الصلاة فى سطحها ـ على مذهب الشافعى ـ مشروطة بأن يكون بين يدى المصلى شاخص من نفس الكعبة قدر ثلثى ذراع تقريبا على الصحيح. والشاخص الآن بسطحها يزيد على ثلثى ذراع؛ لأنه فى الجهة الشرقية ذراع إلا ثمن، والشامية ذراع وثمن، وفى الغربية ذراع، واليمانية ثلثا ذراع. وأما آداب دخولها: فالاغتسال، ونزع الخف والنعل، وأن لا يرفع بصره إلى السقف، وأن لا يزاحم زحمة يتأذى بها، أو يؤذى غيره، وأن لا يكلم أحدا إلا لضرورة، أو أمر بمعروف، أو نهى عن منكر، وأن يلزم قلبه الخشوع، وأن يلزم قلبه الخشوع والخضوع، وعينيه الدموع إن استطاع ذلك، وإلا حاول درهما. ذكر ذلك المحب الطبرى: والنساء يساوين الرجال فى دخولها من غير خلاف فيما أعلم. * * *

الباب الحادى عشر فى ذكر شيء من فضائل الكعبة، وفضائل ركنيها: الحجر الأسود واليمانى

الباب الحادى عشر فى ذكر شيء من فضائل الكعبة، وفضائل ركنيها: الحجر الأسود واليمانى (1). فأما فضل الكعبة: فكثير ثابت فى القرآن العظيم، وفى السنة الشريفة، ولم نورده إلا للتبرك. قال الله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) [آل عمران: 96، 97]. وأما الأحاديث: فروينا عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما: أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال: «إن هذا البيت دعامة الإسلام، ومن خرج يؤم هذا البيت ـ من حاج أو معتمر ـ كان مضمونا على الله عزوجل، إن قبضه، أن يدخله الجنة، وإن رده، أن يرده بأجر وغنيمة». أخرجه الأزرقى بإسناد صالح. وأما فضل الحجر الأسود: فكثير؛ لأنا روينا عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الحجر والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة، طمس الله نورهما، ولولا أن طمس نورهما لأضاءا ما بين المشرق والمغرب».أخرجه ابن حبان فى صحيحه، والترمذى (2). وقال: غريب. وذكر إمام المقام، وخطيب المسجد الحرام، سليمان بن خليل: أنه رأى فيه ـ يعنى: الحجر الأسود ـ ثلاث مواضع بيض نقية، ثم قال: إنى أتلمح تلك النقط، فإذا هى كل وقت فى نقص. انتهى.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 166 ـ 174). (2) أخرجه الترمذى فى سننه، كتاب الحج، حديث رقم (878) من طريق قتيبة، حدثنا يزيد بن زريع، عن رجاء أبى يحيى، قال: سمعت مسافعا الحاجب قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله نورهما ولو لم يطمس نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب». قال أبو عيسى: هذا يروى عن عبد الله بن عمرو موقوفا قوله وفيه عن أنس أيضا. وهو حديث غريب. وأخرجه أحمد فى مسنده، حديث رقم 6961، 6969.

ومن فضائله

وبه الآن فى الجهة التى تلى باب الكعبة فى أعلاها نقطة بيضاء مثل حبة سمسة، على ما أخبرنى به ثلاثة نفر يعتمد عليهم من أصحابنا الفقهاء. وكان إخبارهم لى بذلك فى العشر الأخير من جمادى الأولى سنة ثمان عشرة وثمانمائة. وفى هذا التاريخ شاهدوا ذلك على ما ذكرا. ومن فضائله: «أنه يشهد يوم القيامة لمن استلمه بحق». كذا رويناه من حديث ابن عباس رضى الله عنهما مرفوعا فى الترمذى. وله فضائل أخر. وأما الركن اليمانى: فمن فضائله: ما رويناه عن ابن عمر رضى الله عنهما «أنه كان يزاحم على الركنين، فقيل له فى ذلك، فقال: إنه أفضل، فإنى سمعت رسول اللهصلى الله عليه وسلم يقول: «إن مسحهما كفارة للخطايا». أخرجه الترمذى (1). وروينا عن ابن عمر رضى الله عنهما: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «مسح الحجر الأسود، والركن اليمانى: يحط الخطايا حطّا». أخرجه ابن حبان. وهذا فى حق الرجال. وأما النساء: فلا يستحب ذلك لهن إلا فى خلوة. ويكره لهن مزاحمة الرجال على ذلك. * * *

_ (1) أخرجه الترمذى فى سننه، كتاب الحج، حديث رقم (959) من طريق: قتيبة، حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن ابن عبيد بن عمير، عن أبيه أن ابن عمر كان يزاحم على الركنين زحاما ما رأيت أحدا من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم يفعله فقلت: يا أبا عبد الرحمن، إنك تزاحم على الركنين زحاما ما رأيت أحدا من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم يزاحم عليه، فقال: إن أفعل فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن مسحهما كفارة للخطايا». وسمعته يقول: «من طاف بهذا البيت أسبوعا فأحصاه كان كعتق رقبة». وسمعته يقول: «لا يضع قدما ولا يرفع أخرى إلا حط الله عنه خطيئة وكتب له بها حسنة». قال أبو عيسى: وروى حماد بن زيد عن عطاء بن السائب، عن ابن عبيد بن عمير، عن ابن عمر نحوه ولم يذكر فيه عن أبيه، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن.

الباب الثانى عشر فى فضائل الأعمال المتعلقة بالكعبة، كالطواف بها، والنظر إليها، والحج والعمرة، وغير ذلك

الباب الثانى عشر فى فضائل الأعمال المتعلقة بالكعبة، كالطواف بها، والنظر إليها، والحج والعمرة، وغير ذلك (1). أما فضل الطواف من غير تقييد بزمن: فروينا من حديث أنس رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لأنصارى سأله عن الطواف بالبيت: «وأما طوافك بالبيت، فإنك لا تضع قدما ولا ترفعها إلا كتب الله عزوجل لك بها حسنة، ومحا عنك بها خطيئة، ورفعك بها درجة، وأما ركعتيك بعد الطواف: فكعتق رقبة، وأما طوافك بعد ذلك: فإنك تطوف ولا ذنب عليك». أخرجه ابن حبان فى صحيحه مطولا. وروينا فى الطبرانى من حديث ابن عباس رضى الله عنهما مرفوعا: «من طاف بالبيت خمسين أسبوعا: خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه». وهو فى الترمذى إلا أنه قال: «مرة» بدل «أسبوع». والمراد بذلك: وجوده فى صحيفة حسناته، لا الإتيان به فى وقت واحد. نص على ذلك المحب الطبرى فى «القرى» (2). وللعلماء خلاف فى الطواف، والصلاة بمكة: أيهما أفضل؟ . وفى المسألة قول ثالث: أن الطواف للغرباء أفضل، لعدم تأتيه لهم، والصلاة لأهل مكة أفضل، لتمكنهم من الأمرين. ويدل لفضل الطواف على الصلاة (3) حديث ابن عباس رضى الله عنهما فى تنزل الرحمات؛ لأن فيه: «للطائفين ستين، وللمصلين أربعين». وقد ذكر دلالته على ذلك المحب الطبرى. وأفاد فيما ذكر. والله أعلم. واختلف أيضا فى الطواف والعمرة: أيها أفضل؟ . وللمحب الطبرى فى ذلك تأليف، سماه «عواطف النظرة فى تفضيل الطواف على العمرة». وذكر ما يوافق ذلك فى كتابه «القرى».

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 175 ـ 183). (2) انظر: (القرى لقاصد أم القرى 325). (3) انظر: (القرى لقاصد أم القرى 331، 332).

وأما ثواب النظر إلى الكعبة

وافقه على ذلك القاضى عز الدين بن جماعة، والشيخ أبو أمامة بن النقاش، فيما بلغنى عنه. وقال بتفضيل العمرة الشيخ عبد الله اليافعى (1) شيخ مكة، وشيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى (2) وغيرهما. والله أعلم. وجاء فى الطائفين: ما رويناه عن عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى يباهى بالطائفين». وأخرجه الآجرى فى ثمانيته. وأما ثواب النظر إلى الكعبة: ففيه عشرون رحمة، كما فى حديث ابن عباس رضى الله عنهما. وفيه ما رويناه عن سعيد بن المسيب قال: «من نظر إلى الكعبة إيمانا وتصديقا خرج من الخطايا كيوم ولدته أمه». وهذا فى الأزرقى. وفيه غير ذلك. وأما ثواب الحج والعمرة: ففيه ما رويناه عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبىصلى الله عليه وسلم قال: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة». متفق عليه (3). وروينا من حديث عمرو بن العاص رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إن الحج يهدم ما قبله». أخرجه مسلم (4). وفى المعنى أحاديث أخر. * * *

_ (1) هو عبد الله بن أسعد بن على اليافعى عفيف الدين. انظر: (الأعلام 4/ 72، الدرر الكامنة 2/ 247، الفوائد البهية 33 فى التعليقات، شذرات الذهب 6/ 210، معجم المطبوعات 1952، طبقات الشافعية 6: 103، وفيه وفاته سنة 767 ومثله فى مفتاح السعادة 1/ 217). (2) هو عمر بن رسلان بن نصر بن صالح الكنانى، العسقلانى الأصل، ثم البلقينى المصرى الشافعى، أبو حفص، سراج الدين. انظر: (الأعلام 5/ 46، الضوء اللامع 6/ 85، شذرات الذهب 7/ 15، حسن المحاضرة 1/ 183، الخزانة التيمورية 3/ 38، ويقال لقريته: «بلقين» فينسب إليها بفتح القاف وسكون الياء انظر: التاج 9/ 143 وتكرر ذكره فى رفع الإصر 16 فى أرجوزة الهامش بما يفيد أن الكسر أشهر. الأزهرية 2/ 59). (3) أخرجه البخارى فى صحيحه، كتاب الحج، حديث رقم 1773، ومسلم فى الصحيح، كتاب الحج حديث رقم 1349. (4) أخرجه مسلم فى صحيحه من حديث طويل، فى كتاب الإيمان، حديث رقم 121.

الباب الثالث عشر فى الآيات المتعلقة بالكعبة المعظمة

الباب الثالث عشر فى الآيات المتعلقة بالكعبة المعظمة (1) للكعبة آيات بينات: منها: بقاء بنائها الموجود الآن. وهو يقتضى أنه لا يبقى هذه المدة، على ما بلغنى عن بعض مهندسى عصرنا. قال: وإنما بقاؤها آية من آيات الله. انتهى. ولعمرى إنه لصادق، فإن من المعلوم ضرورة: أن الريح والمطر إذا تواليا أياما على بناء يخرب. ومن المعلوم ضرورة: أن الكعبة المعظمة ما زالت الرياح العاصفة والأمطار الكثيرة المهولة تتوالى عليها منذ بنيت وإلى تاريخه. وذلك سبعمائة سنة ونيف وخمسون سنة. ولم يحدث فيها ـ بحمد الله ـ تغير أدى إلى خللها. ومن آياتها: حفظها ممن أرادها بسوء، وهلاك من أرادها بذلك، كما جرى لتبع والهذليين، وأصحاب الفيل. أما قصة تبع (2): فإنه لما أقبل من المدينة حسن له نفر من هذيل هدم الكعبة، وأن يبنى عنده بيتا يصرف إليه الحج، فعزم على ذلك، فدقت بهم دوابهم، وغشيتهم ظلمة شديدة وريح. ثم رجع عن عزمه ونوى تعظيم الكعبة فانحلت عنهم الظلمة، وسكنت الريح وانطلقت بهم دوابهم، وأمر بضرب رقاب الهذليين فضربت، وسار إلى مكة، فأقام بها أياما ينحر كل يوم مائة بدنة للصدقة، وكسى البيت الحرام أنواعا من الكسوة. وهذا الخبر فى الأزرقى مطولا. وفى رواية: أنه لما أصغى لقول الهذليين بات صحيحا، فأصبح وقد سالت عيناه فلما نوى كرامة البيت وأهله رجعت عيناه، فارتد بصيرا. وهذا الخبر فى الفاكهى. وقيل: أصابه غير ذلك.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 185 ـ 186). (2) انظر: (المنتظم 1/ 415، تاريخ الطبرى 1/ 566، شفاء الغرام 187).

وأما أصحاب الفيل

وأما أصحاب الفيل (1): فإن أبرهة بن الصباح الأشرم ـ ملك اليمن من قبل النجاشى ـ سار إلى مكة يريد تخريب الكعبة؛ لأن رجلا من العرب بال فى كنيسة بناها أبرهة بصنعاء، وكان يعظمها، ويريد أن يصرف الحج إليها، وساق معه الفيل. فلما بلغ المغمّس عبّأ جيشه، وقدّم الفيل، فكانوا إذا وجهوه إلى الحرم برك ولم يبرح. وإذا وجهوه إلى اليمن ـ أو إلى غيره من الجهات ـ هرول. فأرسل الله تعالى طيرا سوداء ـ وقيل: خضراء، وقيل: بيضاء ـ مع كل طائر حجر فى منقاره وحجران فى رجليه، أكثر من العدسة وأصغر من الحمصة. فكان يقع على رأس الرجل فيخرج من دبره، ففروا، وهلكوا فى كل طريق، وتساقطت أنامل أبرهة، وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه، وانفلت وزيره أبو مكسوم وطائر يحلق فوقه حتى بلغ النجاشى، فقص عليه القصة. فلما أتمها وقع عليه الحجر، فخر ميتا بين يديه. وخبر أصحاب الفيل أطول من هذا. وهذا ملخص منه. * * *

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 189، 190).

الباب الرابع عشر فى ذكر شيء من أخبار الحجر الأسود

الباب الرابع عشر فى ذكر شيء من أخبار الحجر الأسود (1) روينا فى تاريخ الأزرقى عن ابن إسحاق وغيره: أن الله عزوجل استودع الركن أبا قبيس حين غرق الأرض ز من نوح عليه السلام، وقال: «إذا رأيت خليلى يبنى بيتى فأخرجه له». فلما بنى الخليل البيت جاءه جبريل عليه السلام بالحجر الأسود، فوضعه موضعه من البيت. انتهى. وقيل: إن إلياس بن مضر أول من وضع الحجر للناس بعد الغرق. ذكره الزبير بن بكار. وهذا مخالف لما سبق. ولما خرجت جرهم من مكة، خرج عمرو بن الحارث بن مضاضة بغزالى الكعبة وبحجر الركن، فدفنهما فى زمزم. وفى بعض الأخبار: أن جرهما لما خرجت دفنت الحجر بأسفل مكة، وأن قصى بن كلاب بحث عنه حتى أظهره للناس. وفى بعض الأخبار: أن بنى إياد دفنوه لما خرجوا من مكة. هذا ما علمت من خبره فى الجاهلية. وأما خبره فى الإسلام: فإنه أزيل من موضعه اثنتين وعشرين سنة، إلا أربعة أيام. والمزيل له القرامطة، وشد بالفضة لتصدعه. وكان تصدعه ثلاث مرات. الأولى: من الحريق الذى أصابه فى ز من ابن الزبير، وانشطبت منه شطبة فشدت بالفضة. ثم تغيرت هذه الفضة، فأحكمت فى سنة تسع وثمانين ومائة. والمرة الثانية: أن بعض القرامطة ضرب الحجر الأسود بدبوس فتكسر، ثم قلع يوم الاثنين لأربع عشرة ليلة خلت من ذى الحجة سنة سبع عشرة وثلاثمائة بأمر أبى طاهر

_ (1) انظر: (المنتظم 1، تاريخ الطبرى 1/ 251، زاد المسير 1/ 129، 424، الأزرقى 1/ 25، 31 ـ 32، البداية والنهاية 1/ 163، طبقات ابن سعد 1/ 52، مرآة الزمان 1/ 285، شفاء الغرام 1/ 191 ـ 195).

القرمطى. وذهب به معه إلى هجر. فأقام عند القرامطة إلى أن رده فى يوم الثلاثاء يوم النحر من سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة. وكان الذى وضعه فى الكعبة ـ بعد رده ـ شبر بن الحسن القرمطى، وشده الصائغ بجص أحضره شبر. وكان على الحجر ـ حين أحضر فى هذا التاريخ ـ ضبات فضة قد عملت من طوله وعرضه، تضبط شقوقا حدثت عليه بعد انقلاعه. ثم قلع فى سنة أربعين وثلاثمائة، وعمل له طوق محكم من فضة ليشده. والمرة الثالثة: أن بعض الملاحدة أيضا: ضرب الحجر الأسود ثلاث ضربات بدبوس، فتنجش، وتساقطت منه شظايا، ثم أصلح ما تشعث منه وطلى. وكانت هذه الحادثة فى يوم النفر الأول سنة ثلاث عشرة وأربعمائة. وقيل: سنة أربع عشرة. والله أعلم. ومن آيات الحجر الأسود: بقاؤه مع ما عرض له من الذهاب غير مرة، وغير ذلك. وقد ذكرناه فى أصله. * * *

الباب الخامس عشر فى الملتزم، والمستجاب، والحطيم، وما جاء فى ذلك من استجابة الدعاء فى هذه المواضع، وغيرها من الأماكن بمكة المشرفة وحرمها

الباب الخامس عشر فى الملتزم، والمستجاب، والحطيم، وما جاء فى ذلك من استجابة الدعاء فى هذه المواضع، وغيرها من الأماكن بمكة المشرفة وحرمها (1). أما الملتزم: فهو ما بين الباب ـ باب الكعبة ـ والحجر الأسود، على ما روينا عن ابن عباس رضى الله عنهما. وروينا عنه حديثا مرفوعا مسلسلا فى استجابة الدعاء فيه. وجرب ذلك من زمنه إلى عصرنا. وأما المستجاب: فهو ما بين الركن اليمانى والباب المسدود فى دبر الكعبة. وروينا فى استجابة الدعاء فيه خبرا فى مجابى الدعوة لابن أبى الدنيا. وأما الحطيم: فهو ما بين الحجر الأسود ومقام إبراهيم وزمزم. والحجر، بسكون الجيم. وقيل: إن «الحطيم» هو الموضع الذى فيه الميزاب. وهذا فى كتب الحنفية. وعليه فيكون «الحطيم» الحجر ـ بسكون الجيم ـ وقيل فيه غير ذلك. وسمى «الحطيم» لأن الناس كانوا يحطمون هنالك بالأيمان؛ فقل من دعى هنالك على ظالم إلا هلك، وقل من حلف هنالك آثما إلا عجلت له العقوبة. وقيل: فى سبب تسميته بالحطيم غير ذلك. وأما بقية المواضع التى يستجاب فيها الدعاء: فكثير منها مذكور فى رسالة الحسن البصرى؛ لأن فيها أن الدعاء يستجاب فى خمسة عشر موضعا. أولها: عند الملتزم، وتحت الميزاب، وعند الركن اليمانى، وعلى الصفا وعلى المروة، وبين الصفا والمروة، وبين الركن والمقام، وفى جوف الكعبة، وبمنى، وبجمع، وبعرفات، وعند الجمرات الثلاث، هكذا وجدت فى نسختى من هذه الرسالة. وهى تقتضى أن تكون المواضع أربعة عشر. والظاهر: أنه سقط منها موضع، لعله أن يكون خلف المقام.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 196 ـ 198).

ويحتمل أن يكون فى الطواف؛ لأنه روى عن الحسن البصرى رحمه الله تعالى (1): أن الحجر الأسود يستجاب عنده الدعاء، فتصير المواضع ستة عشر. انتهى. وذكر شيخنا القاضى مجد الدين الشيرازى مواضع أخر بمكة وحرمها وقربه يستجاب فيها الدعاء. وذكرنا ذلك فى أصله. وبينا ما فى ذلك من الوهم والإجمال. ومن المواضع التى يرجى فيها استجابة الدعاء فى المسجد الحرام: باب بنى شيبة، وباب إبراهيم، وباب النبى صلى الله عليه وسلم. وهو باب المسجد الذى يعرف الآن بباب الجنائز. * * *

_ (1) انظر: (القرى القاصد أم القرى 317).

الباب السادس عشر فى ذكر شيء من أخبار المقام، مقام الخليل عليه السلام

الباب السادس عشر فى ذكر شيء من أخبار المقام، مقام الخليل عليه السلام (1) هذا المقام: هو الحجر الذى وقف عليه الخليل لما بنى الكعبة. وقيل: لما أذن بالحج. وقيل: لما غسلت زوجة ابنه إسماعيل رأسه. وقال القاضى عز الدين بن جماعة ـ فيما أخبرنى به عنه خالى ـ: مقدار ارتفاعه من الأرض نصف ذراع وربع ذراع. قال: وأعلى المقام مربع من كل جهة نصف ذراع وربع ذراع. وموضع عرض القدمين: ملبس بفضة، وعمقه من فوق الفضة سبع قراريط. انتهى. والذراع المشار إليه ذراع الحديد. وأول ما حلى المقام: فى خلافة المهدى، فى سنة إحدى وستين ومائة، ثم فى خلافة المتوكل فى مصدر الحاج سنة ست وثلاثين ومائتين. وفى خلافة المهدى سنة ست وخمسين ومائتين، وكان قد توهن فى هذه السنة كثيرا. فأحكم الطاقة فى المقام الآن فى قبة من حديد ثابت فيها، والقبة ثابتة فى الأرض، وهى قائمة على أربعة شبابيك من حديد، وفوق الشبابيك قبة من خشب مبنى فوقها، ويتصل بهذه القبة ساباط يصلى فيه الإمام الشافعى. وظاهره ـ كظاهر القبة ـ مبنى بحجارة منورة، وباطنه وباطن القبة ـ فيما يبدو للناس ـ من خزف بالذهب. وأحدث عهد صنع فيه ذلك سنة عشر وثمانمائة. وموضع المقام اليوم: هو موضعه فى الجاهلية، وفى عهد النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر رضى الله عنهما، إلا أن السيل ذهب به فى خلافة عمر رضى الله عنه. فجعل فى وجه الكعبة، حتى قدم عمر رضى الله عنه، فرده بمحضر الناس. ذكر ذلك الأزرقى عن ابن أبى مليكة، وذكر عن عمرو بن دينار عن ابن عيينة ما يوافقه.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 202 ـ 210).

وذكر الفاكهى أخبارا تدل على أن المقام كان عند الكعبة. وفى بعضها ما يشعر بتقريب بيان موضعه عند الكعبة. وصرح ابن سراقة بموضعه عند الكعبة. وهو على مقتضى ما ذكر: يكون على ذراعين وثلثى ذراع بالحديد من طرف الحفرة المرخمة عند الكعبة إلى جهة الحجر، بسكون الجيم. وعلى مقتضى الخبر الذى ذكره الفاكهى: يكون موضع المقام عند الكعبة فى مقدار نصف الحفرة المذكورة التى تلى الحجر ـ بسكون الجيم ـ والله أعلم بالصواب. وذكر ابن سراقة: أن مقدار ما بين موضع المقام الآن ووجه الكعبة عشرون ذراعا، وذلك غير مستقيم؛ لأن من وسط جدر الكعبة الشرقى إلى وسط الصندوق، الذى المقام فى جوفه ـ المقابل لوجه الكعبة ـ اثنين وعشرين ذراعا إلا ربع ذراع بالحديد. وهو أزيد من ذراع اليد الذى ذكره ابن سراقة، بثمن ذراع. وللمقام فضائل سبق ذكرها فى فضل البيت، وفضل الحجر الأسود، فى الباب الحادى عشر. وروينا عن مجاهد، قال. «يأتى الركن والمقام يوم القيامة كل واحد منهما مثل أبى قبيس يشهدان لمن وافاهما بالموافاة». أخرجه الأزرقى. والله أعلم. * * *

الباب السابع عشر فى ذكر شيء من أخبار الحجر المكرم ـ حجر إسماعيل عليه السلام ـ وفيه بيان المواضع التى صلى فيها النبى صلى الله عليه وسلم حول الكعبة

الباب السابع عشر فى ذكر شيء من أخبار الحجر المكرم ـ حجر إسماعيل عليه السلام ـ وفيه بيان المواضع التى صلى فيها النبى صلى الله عليه وسلم حول الكعبة (1). روينا فى تاريخ الأزرقى عن أبى إسحاق قال: وجعل إبراهيم الحجر ـ أى: جنب البيت ـ عريشا من أراك تقتحمه العنز. وكان زريبا لغنم إسماعيل. انتهى. وقد تقدم فى خبر عمارة الكعبة: أن قريشا أدخلت فى الحجر منها أذرعا لقصر النفقة الحلال التى أعدوها لعمارتها، وأن ابن الزبير أدخل ذلك فيها. وأن الحجاج أخرج ذلك منها، ورده إلى ما كان عليه فى عهد قريش والنبى صلى الله عليه وسلم. واستمر ذلك إلى الآن، فصار بعض الحجر من الكعبة وبعضه ليس منها. وقد اختلفت الروايات عن عائشة رضى الله تعالى عنها فى مقدار ما فى الحجر من الكعبة. ففى رواية: قريب من تسعة أذرع. وفى رواية: ستة أذرع أو نحوها. وفى رواية: ستة أذرع. وفى رواية: خمسة أذرع. وفى رواية: أربعة أذرع. وهذه الرواية الأخيرة فى كتاب الفاكهى بإسناد فيه من لم أعرفه. وما عدا ذلك من الروايات صحيح الإسناد. واختلاف الروايات عن عائشة رضى الله عنها فى قدر ما فى الحجر من الكعبة لا يقتضى ترك العمل بما روى عنها من أن بعض الحجر من البيت، وإنما يقتضى أن يعمل فى مقدار ما فى الحجر من الكعبة بأكثر الروايات فى ذلك. والله أعلم. وقد جزم بصحة طواف من طاف فى الحجر خارجا عن ستة أذرع من البيت إمام الحرمين والده الشيخ أبو محمد الجوينى والبغوى.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 211 ـ 219).

والحجر

وذكر الرافعى: أن هذا المذهب هو الصحيح. وقال به اللخمى من المالكية. وجزم به الشيخ خليل الجندى المالكى فى مختصره الذى صنفه لبيان ما به الفتوى، والله أعلم. والحجر: هو ما بين الركن الشامى الذى يقال له: العراقى، والركن الغربى، وهو عرضه فى مرخمة لها جدار منقوش على نصف دائرة. وقد ذكرنا ذرعه من داخله وخارجه، وشيء من خبر عمارته فى أصل هذا الكتاب. وجاء فى فضله وفضل الصلاة فيه والدعاء فيه أخبار. منها: ما رواه الفاكهى بسنده عن على رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبى هريرة: «يا أبا هريرة، إن على باب الحجر ملكا يقول لمن دخل فصلى ركعتين: مغفورا لك ما مضى، فاستأنف العمل، وعلى باب الحجر الآخر ملك منذ خلق الله الدنيا إلى يوم يرفع البيت يقول لمن صلى وخرج: مرحوما إن كنت من أمة محمد صلى الله عليه وسلم تقيا». انتهى. وروينا عن ابن عباس رضى الله عنهما: «صلوا فى مصلى الأخيار» وسئل عن ذلك، فقال: «تحت الميزاب». أخرجه الأزرقى. وحكم الصلاة فيها فى الحجر من الكعبة: حكم الصلاة فيها، لكون ذلك منها، فلا يصح فيه على مشهور مذهب مالك فرض ولا نفل مؤكد. والله أعلم. وروينا عن عطاء، قال: من قام تحت ميزاب الكعبة فدعا: استجيب له. وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. وروينا عنه: من قام تحت مثعب الكعبة، يعنى ميزابها، أخرجه الأزرقى. وروى عن عثمان رضى الله عنه: أنه وقف تحت الميزاب يدعو، وقال: مازلت قائما على باب الجنة. وفى الحجر قبر إسماعيل عليه السلام مع أمه هاجر. وقيل: إنه فى الحطيم. والله أعلم. وينبغى توقى النوم فيه والاحتراز من بدعتين أحدثهما الناس لا أصل لهما على ما ذكر ابن جماعة. إحداهما: فى وقوفهم فى فتحتى الحجر للصلاة والسلام على النبى صلى الله عليه وسلم. والأخرى: استقبالهم جهة النبى صلى الله عليه وسلم فى فتحتى الحجر للدعاء واستدبارهم للقبلة.

وأما الحفرة المرخمة فى وجه الكعبة

والمعروف فى آداب الدعاء: استقبالها. هذا معنى كلامه. قال: والله يوفقنا لاجتناب البدعة وإتباع السنة بمنه وكرمه. وأما المواضع التى صلى فيها النبى صلى الله عليه وسلم حول الكعبة: فذكرها المحب الطبرى فى كتابه «القرى» بدلالتها. ونشير هنا لشيء من ذلك. الموضع الأول: خلف مقام إبراهيم عليه السلام. الثانى: تلقاء الحجر الأسود على حاشية المطاف. الثالث: قريب من الركن الشامى مما يلى الحجر، بسكون الجيم. الرابع: عند باب الكعبة. الخامس: تلقاء الركن الذى يلى الحجر من جهة المغرب جانحا إلى جهة المغرب قليلا، بحيث يكون باب المسجد ـ الذى يقال له اليوم باب العمرة ـ خلف ظهره. السادس: فى وجه الكعبة. السابع: بين الركنين اليمانيين. الثامن: الحجر. واستدل المحب الطبرى للمصلى الثالث، بحديث عبد الله بن السائب رضى الله عنه. واستدل للسادس بحديث لأسامة بن زيد رضى الله عنهما. والمصلى الذى ذكره ابن السائب، والذى ذكره أسامة: واحد ـ فيما أحسب ـ لأنهما فى وجه الكعبة، فيما بين الباب والحجر ـ بسكون الجيم ـ وقد أوضحنا ذلك فى أصله. والله أعلم. وأما الحفرة المرخمة فى وجه الكعبة: فقد سبق فى الباب الذى قبله ما يقتضى أن نصفها الذى يلى الحجر ـ بسكون الجيم ـ موضع المقام عند البيت. ويقال: إنها الموضع الذى صلى فيه جبريل عليه السلام بالنبى صلى الله عليه وسلم لما فرضت الصلاة. واستبعد ذلك القاضى عز الدين بن جماعة. ويقال: إنها موضع مصلى آدم عليه السلام. ذكر ذلك الآقشهرى ـ رحمه الله ـ عن شيخه الشيخ رضى الدين الطبرى إمام المقام.

وسبق فى الباب الثامن: أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى بين الركنين اليمانيين، وهو موضع الرخامة فى وسط هذا الجانب المكتوب فيها «عمارة المنصور لاجين» للمطاف. وهذا لا يفهم مما ذكره المحب الطبرى فى هذا المصلى. * * *

الباب الثامن عشر فى ذكر شيء من أخبار توسعة المسجد الحرام وعمارته وذرعه

الباب الثامن عشر فى ذكر شيء من أخبار توسعة المسجد الحرام وعمارته وذرعه (1) أما خبر توسعة المسجد الحرام: فإن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، أول من وسعه بدور اشتراها ودور هدمها على من أبى البيع وترك ثمنها لأربابها فى خزانة الكعبة. وكان فعله لذلك فى سنة سبع عشرة، وكذلك فعل عثمان رضى الله عنه. وكان فعله لذلك فى سنة ستة وعشرين من الهجرة. وسعه عبد الله بن الزبير رضى الله عنهما من جانبه الشرقى والشامى واليمانى. ثم وسعه المنصور العباسى من جانبه الشامى، ومن جانبه الغربى. وكان ما زاده مثل ما كان من قبل. وكان ابتداء عمله فى المحرم سنة سبع وثلاثين ومائة، والفراغ منه فى ذى الحجة سنة أربعين. ثم وسعه المهدى بن المنصور من أعلاه ومن الجانب اليمانى، ومن الجانب الغربى حتى صار على ما هو عليه اليوم خلا الزيادتين، فإنهما أحدثتا بعده. وكانت توسعته له فى نوبتين: الأولى: فى سنة إحدى وستين ومائة. والثانية: فى سنة سبع وستين. وليس لأحد من الأثر فى النفقة فى عمارته مثل ما للمهدى، فا لله يثبته. واسمه إلى الآن فى سقف المسجد الحرام قريبا من منارة الميل. ومن عمره من غير توسعة عبد الملك بن مروان، رفع جدرانه وسقفه بالساج. وعمره ابنه الوليد، وسقفه بالساج المزخرف، وأزره من داخله بالرخام. وذكر السهيلى فى خبر عمارته ما يستغرب؛ لأنه قال: فلما كان ابن الزبير، زاد فى إتقانه لا فى سعته.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 224 ـ 232).

والمستغرب من هذا كون ابن الزبير لم يوسع المسجد الحرام. ومما زيد فى المسجد الحرام بعد المهدى زيادة دار الندوة، وبالجانب الشمالى، والزيادة المعروفة بزيادة باب إبراهيم بالجانب الغربى. وكان إنشاء زيادة دار الندوة فى زمن المعتضد العباسى. وكان ابتداء الكتابة إليه فيها فى سنة إحدى وثمانين ومائتين، والفراغ منها فى سنة أربع وثمانين فيما أظن. وكان أبوابها إلى المسجد الكبير على غير صفتها اليوم، ثم عملت على الصفة التى عليها اليوم فى سنة ست وثلاثمائة. وكان عمل زيادة باب إبراهيم فى سنة ست وسبع وثلاثمائة. ووقع فى المسجد الحرام بعد الأزرقى عمارات كبيرة جدا. وقد ذكرنا من ذلك طرف فى أصله وعمر منه فى عصرنا جانب كبير. وسبب ذلك أن فى ليلة السبت الثامن والعشرين من شوال سنة اثنتين وثمانمائة ظهرت نار من رباط رامشت، فتعلقت بسقف المسجد الحرام، وعمت بالحريق الجانب الغربى، ونقص الرواقين المقدمين من الجانب الشامى إلى محاذاة باب دار العجلة لما فى ذلك من السقوف والأساطين، وصارت قطعا، ثم عمر ذلك كما كان فى مدة يسيرة على يد الأمير بيستى المالكى الظاهرى. وكان ابتداء العمارة فى ذلك بعد الحج من سنة ثلاث وثمانمائة. وفرغ منه فى شعبان سنة أربع وثمانمائة إلا سقف ذلك، فإنه لم يعمل إلا فى سنة سبع وثمانمائة لتعذر خشب الساج ولما لم يحصل سقف بخشب العرعر ولتكسر أساطين الرخام عمل عرضها أساطين من حجارة منحوتة واستحسنت. وعمرت بعد ذلك أماكن بالمسجد الحرام، وسقوفه. فمن ذلك: فى سنة خمس عشرة وثمانمائة عقدان يليان سطح المسجد قبالة المدرسة البجالية، وأماكن فى سقفه. ومن ذلك: فى سنة خمس وعشرين وثمانمائة باب الجنائز على صفته اليوم لانهدام بعضه قبل ذلك، فهدم ما بقى منه. والحاجز الذى بين البابين مع ما انهدام من جدر المسجد الحرام المتصل بهذا الباب، وإلى منتهى رباط المراغى بهذا الجانب وهو الشرقى.

وعمر ذلك واستحسنت عمارته. وكتب فيه اسم مولانا السلطان الملك الأشرف بر سباى صاحب مصر والشام. زاده الله نصرا وتأييدا وخلد ملكه. وعمر من هذا الجانب أماكن بين باب على والعباس. وفى باب العباس وعند المدرسة الأفضلية. وعمر فى سنة ست وعشرين وثمانمائة عدة عقود بالرواق المقدم من الجانب الشرقى. وفى المؤخر، وهى: سبعة فى المؤخر، وسبعة فى المقدم، وثمانية فى الذى يلى المقدم، وثلاثة فى الذى يليه. وهى تلى المؤخر. وعمر ما تحتها من الأساطين لخللها حتى أحكم ذلك. وعمر سقوف المسجد الحرام ما كان متخربا، ونور سطحه أو أكثره. وعملت أبواب المسجد الحرام حديد، منها: بابان فى باب الجنائز، وثلاثة فى باب العباس، وثلاثة فى باب على، والباب الأوسط من باب الصفا وباب العجلة، وباب زيادة دار الندوة المنفرد، وأصلح غير ذلك من باقى الأبواب. ومن المعمور فى هذه السنة عقدان عند باب الجنائز. وكل ذلك مع ما ذكر من عمارة الكعبة المعظمة على يد الأمير سيف الدين مقبل القريرى المكى الأشرفى، أثابه الله تعالى. وفى سنة ثلاثين وثمانمائة عمرت عدة عقود بالجانب الشمالى، مما يلى صحن المسجد، وهى ثمانية: ستة تلى الاسطوانة الحمراء إلى صوب باب العمرة، واثنان يليانها إلى صوب باب بنى شيبة. وفرغ من ذلك فى شعبان من السنة المذكورة. وأما ذرع المسجد الحرام غير الزيادتين: فذكره الأزرقى باعتبار ذرع اليد. وحررت أنا ذلك بذراع الحديد، ومنه يظهر تحريره بذراع اليد لما سبق بيانه. فكان طوله من جدره الغربى إلى جدره الشرقى المقابل له ثلاثمائة ذراع وستة وخمسين ذراعا وثمن ذراع بالحديد. ويكون ذلك بذراع اليد أربعمائة ذراع وسبعة أذرع. وذلك من وسط جدره الغربى الذى هو جدر رباط الخوزى إلى وسط جدره الشرقى عند باب الجنائز يمر به فى الحجر ملاصقا لجدر الكعبة الشامى. وكان عرضه من جدره الشامى إلى جدره اليمانى مائتى ذراع وستة وستين ذراعا بذراع الحديد.

يكون ذلك بذراع اليد ثلاثمائة ذراع وأربعة أذرع. وذلك من وسط جدره القديم عند العقود إلى وسط جدره اليمانى فيما بين الصفا وباب أجياد تمر به فيما بين مقام إبراهيم والكعبة، وهو إلى المقام أقرب. حرر لى ذلك من أعتمد عليهم من أصحابنا. أثابهم الله تعالى. وذرع المسجد الحرام الآن مكسرا مائة ألف ذراع وعشرون ألف ذراع. هكذا قال الأزرقى. وأما ذرع زيادة دار الندوة: فهو أربعة وسبعون ذراعا ـ بتقديم السين ـ إلا ربع ذراع بالحديد. وذلك من جدر المسجد الكبير إلى الجدر المقابل له الشامى منها. وعنده باب مغارتها هذا ذرعها طولا. وأما ذرعها عرضا، فسبعون ذراعا ـ بتقديم السين ـ ونصف ذراع. وذلك من وسط جدرها الشرقى إلى وسط جدرها الغربى. وأما زيادة باب إبراهيم: فذرعها طولا تسعة وخمسون ذراعا إلا سدس. وذلك من الأساطين التى فى وزان جدر المسجد الكبير إلى العتبة التى فى باب هذه الزيادة. وأما ذرعها عرضا: فاثنان وخمسون ذراعا وربع ذراع. وذلك من جدر حائط رباط الخوزى إلى جدر رباط رامشت. وذكرنا فى أصله ذرع صحن هاتين الزيادتين طولا وعرضا. وحرر ذلك بحضورى. * * *

الباب التاسع عشر فى عدد أساطين المسجد الحرام وصفتها، وعدد عقودها وشرفاته، وقناديله وأبوابه وأسمائها ومنايره، وفيما صنع لمصلحته، أو لنفع الناس فيه، وفيما فيه الآن من المقامات، وكيفية صلاة الأئمة بها وحكمها

الباب التاسع عشر فى عدد أساطين المسجد الحرام وصفتها، وعدد عقودها وشرفاته، وقناديله وأبوابه وأسمائها ومنايره، وفيما صنع لمصلحته، أو لنفع الناس فيه، وفيما فيه الآن من المقامات، وكيفية صلاة الأئمة بها وحكمها (1). وأما عدد أساطين المسجد الحرام وغير ما فى الزيادتين ـ فأربعمائة أسطوانة وتسعة وستون أسطوانة فى جوانبه الأربع، وعلى أبوابه من داخله وخارجه تسعة وعشرون أسطوانة. فيصير الجميع أربعمائة اسطوانة وستة وتسعين أسطوانة، بتقديم التاء. وهذه الأساطين رخام إلا مائة وتسعة وعشرون أسطوانة، فهى حجارة منحوتة، إلا ثلاثة أساطين، فهى آجر مجصص، وفى صحن المسجد حول المطاف أساطين، وهى اثنان وثلاثون أسطوانة. وأما عدد أساطين زيادة دار الندوة، فستة ستون أسطوانة حجارة منحوتة. وأما عدد أساطين زيادة باب إبراهيم: فسبعة وعشرون أسطوانة حجارة منحوتة. وأما عدد طاقات المسجد الحرام التى بجوانبه الأربعة غير الزيادتين، فأربعمائة طاقة وأربعة وثمانون طاقا. وأما عدد طاقات زيادة دار الندوة: فثمانية وستون طاقا. وأما عدد طاقات زيادة باب إبراهيم: فستة وثلاثون طاقا، والطاقات هى العقود التى على الأساطين. وأما عدد شرفاته التى تلى بطن المسجد: فأربعمائة وثلاثة عشر شرفة، وسبعة أنصاف شرافات. وأما عدد الشرفات التى بزيادة دار الندوة: فاثنان وسبعون شرافة. وأما عدد الشرفات التى بزيادة باب إبراهيم: فبضع وأربعون شرافة. وأما عدد قناديله الآن المرتبة فيها غالبا ـ فثلاثة وتسعون قنديلا ـ بتقديم التاء ـ وهى نحو الخمس من عدد قناديله التى ذكرها الأزرقى.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 233 ـ 246).

ومقام الشافعى

وأما عدد أبوابه: فتسعة عشر ـ بتقديد التاء ـ تفتح على ثمانية وثلاثين طاقا. وأما أسماؤها الآن: فذكرناها فى أصله، وفى أصل هذا الكتاب زيادة بيان فيما يتعلق بالصلاة على الموتى فى المسجد الحرام، وفى الخروج بهم منه. وأما عدد منايره: فخمس: أربع فى جوانبه الأربع، والخامسة: بزيادة دار الندوة. وبزيادة باب إبراهيم منارة مهدوم أعلاها: وقد أشار إليها ابن جبير. وأشار إلى منارة أخرى كانت على باب الصفا، ولا أثر لها الآن. وأما ما صنع فى المسجد الحرام لمصلحته: فقبة كبيرة بين زمزم وسقاية العباس رضى الله عنه، وكانت موجودة فى القرن الرابع على مقتضى ما ذكر ابن عبد ربه فى العقد. ومزولة بصحن المسجد يعرف بها الوقت: عملها الوزير الجواد، وتسمى ميزان الشمس. ومنابر للخطبة. وقد ذكرنا منها جملة فى أصله. وأول من خطب على منبر بمكة معاوية رضى الله عنه. والمنبر الذى يخطب عليه الآن بمكة أنفذه الملك المؤيد أبو النصر صاحب مصر فى موسم سنة ثمان عشرة وثمانمائة مع درجة الكعبة الموجودة الآن. وأما المقامات التى هى الآن بالمسجد الحرام: فأربعة. وهى أسطوانتان من حجارة عليهما عقد مشرف من أعلاها، وفيه خشبة معترضة فيها خطاطيف للقناديل، إلا مقام الخليل: فإنه أربعة أساطين عليها سقف مدهون مزخرف. وكان عمله على هذه الصفة فى آخر سنة إحدى وثمانمائة، وكمل فى أول التى تليها، وكان عمل المقامات الأخرى على ما ذكر فى سنة سبع وثمانمائة رغبة فى بقائها. وما ذكر من صفاتها الآن هى غير صفاتها السابقة. وقد أفتى جماعة من العلماء من المذاهب الأربعة. منهم: شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى، وابنه مولانا شيخ الإسلام قاضى القضاة جلال الدين: بوجوب هدم مقام الحنفية المشار إليه لما فيه من الحدث وغير ذلك، ورسم ولى الأمر بهدمه، ثم ترك لمعارضة حصلت فى ذلك. ومقام الشافعى: يلى مقام إبراهيم.

ومقام الحنفى

ومقام الحنفى: يلى الحجر بسكون الجيم. ومقام المالكى: يلى دبر الكعبة. ومقام الحنبلى: يلى الحجر الأسود. وفى أصل هذا الكتاب ذرع ما بين كل مقام والكعبة. وأما كيفية صلاة الأئمة بها: فإن الشافعى يصلى أولا، ثم الحنفى، ثم المالكى، ثم الحنبلى. وتقدم الحنفى على المالكى: حدث بعد التسعين وسبعمائة، إلا صلاة المغرب فإنهم يصلونها مجتمعين. وقد انفرد الشافعى بصلاة المغرب فى أيام الموسم من سنة إحدى عشرة وثمانمائة إلى موسم سنة عشر (1) وثمانمائة. وأما حكم صلاة الأئمة ما عدا الشافعى على الترتيب الذى يفعلونه، فإن ذلك لا يجوز على ما أفتى به أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسين بن الجباب المالكى. وله فى ذلك تأليف حسن، وأفتى بجواز ذلك شداد بن المقدم، وعبد السلام بن عتيق، وأبو الطاهر بن عوف الزهرى، وهم من فقهاء المالكية بالإسكندرية. ورد عليهم ابن الجباب ذلك فى تأليفه. ونقل ما يوافق فتواه عن جماعة من الشافعية والحنفية والمالكية. وفى أصل هذا الكتاب زيادة فوائد فى هذا المعنى. * * *

_ (1) هكذا بالأصل، وربما قصد «موسم سنة عشرين».

الباب العشرون فى ذكر شيء من خبر زمزم وسقاية العباس رضى الله عنه

الباب العشرون فى ذكر شيء من خبر زمزم وسقاية العباس رضى الله عنه (1) أما زمزم فإن أول من أظهرها الأمين جبريل عليه السلام سقيا لإسماعيل عليه السلام عند ما ظمى، ولو لم تحوض عليه أم إسماعيل كانت عينا تجرى على ما فى البخارى. وذكر الفاكهى أن الخليل عليه السلام حضر زمزم بعد جبريل عليه السلام ثم غلبه عليها ذو الفرس وقد غيبت بعد ذلك زمزم لاندراس موضعها، ثم منحها الله تعالى عبد المطلب جد النبىصلى الله عليه وسلم لكرامته، فحفرها بعد أن أعلمت له فى المنام بعلامات استبان له بها موضعها. فلم تزل ظاهرة حتى الآن، وعولجت فى الإسلام غير مرة. وذلك مذكور فى أصله. وزمزم الآن فى بيت مربع فى جدرانه تسعة أحواض يملأ من زمزم المتوضئ منها. وأعلا البيت مسقوف ما خلا الموضع الذى يحاذى البئر. وهذه الصفة تخالف الصفة التى ذكرها الأزرقى فى صفة موضع زمزم. وفى سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة هدمت ظلة المؤذنين التى فوق البيت الذى فيه زمزم لإفساد الأرضة لها، وسلخ من هذا البيت الجدران الغربى والشامى من أعلاها إلى أسفلها، وبنى ذلك بنورة وحجارة منحوتة وغيرها. وسلخ من أعلا جدر هذا البيت الشرقى إلى عتبة الباب العليا فى هذا الجدر. وبنى ذلك من آجر ونورة، وأخرجوا من سقف هذا البيت الخشب المتخرب وأبدلوه بغيره، وبنوا فوق هذا الجدار أسطوانتين من آخر ونورة، لشد الدرابزين فى ذلك، وأصلحوا جميع سقف هذا البيت بالنورة والآجر، وجعلوا له درابزين من خشب مخروط نظيف بجوانبه خلا اليمانى. وجعلوا فوق بئر زمزم شباكا من حديد، ولم يكن قبله هناك شباك من حديد وبنوا خمسة أساطين دقيقة من آجر بالنورة: ثلاثة فى الجدار الذى بالكعبة، وواحدة فى الشامى، وواحدة فى اليمانى، وجعلوا بين هاتين الأسطوانتين أسطوانة من خشب، وأخشابا بين هذين الأساطين، وسقفا من خشب مدهون ساترا لما بين هذه الأساطين

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 247 ـ 259).

الست، يكون ظلة للمؤذنين، خلا بعض ما بين الأسطوانة الوسطى والخشب، فجعلوا فيه قبة من خشب مدهونة وطلوها من أعلاها بالجبس، وجعلوا فوق السقف المدهون سقفا آخر ودكوه بالآجر والنورة، ورفرفا من خشب مدهون نظيف بجوانب هذا السقف، وأحكمو شده وشد السقف والقبة بالمسامير والكلاليب الحديد. وجعلوا درابزين من خشب نظيف بجوانب هذا البيت خلا اليمانى، ودرابزين آخر نظيف بجانبى ظلة المؤذنين اليمانى والشرقى. ولم يكن فى هذين الجانبين درابزين قبل ذلك. وأوسعوا فى الأحواض التى فى الجدارين الغربى والشامى من داخل بئر زمزم، وأوسعوا فى الدرجة التى يصعد منها إلى سقف بيت زمزم فاستحسنت، وكذا ظلة المؤذنين، وكذا ما عمل فى سطح هذا البيت وجدرانه. وفرغ من ذلك فى أثناء رجب سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة. والمتولى لهذه العمارة الجناب العالى العلائى خواجا شيخ على الكيلانى نزيل مكة المشرفة. زاده الله رفعة وتوفيقا. وكان إلى جانب هذا الموضع خلوة فيها بركة تملّأ من ماء زمزم، ويشرب منها من دخل إلى الخلوة. وكان لها باب إلى جهة الصفا، ثم سد وجعل فى موضع الخلوة بركة مقبوة. وفى جدرها الذى يلى الصفا زبازيب يتوضأ منها الناس على أحجار نصبت عند الزبازيب، وفوق البركة المقبوة خلوة فيها شباك إلى الكعبة، وشباك إلى جهة الصفا، وطابق صغير إلى البركة. وكان عمل ذلك على هذه الصفة فى سنة سبع وثمانمائة. ثم هدم ذلك حتى بلغ الأرض فى العشر الأول من ذى الحجة سنة سبع عشرة وثمانمائة لما قيل: إن بعض الجهلة يستنجى هنالك. وعمّر عوض ذلك سبيل للسلطان الملك المؤيد أبى النصر شيخ، ينتفع الناس بالشرب منه. وجاءت عمارته حسنة. وفرغ منها فى رجب سنة ثمان عشرة وثمانمائة. وابتدئ فى عمله بإثر سفر الحاج. وفى موضع هذه الخلوة: كان مجلس عبد الله بن عباس رضى الله عنهما، على مقتضى ما ذكر الأزرقى والفاكهى.

ولزمزم أسماء كثيرة ذكرها الفاكهى. منها: ستة وعشرون اسما ذكرناها فى أصله، مع أحد عشر اسما لزمزم لم يذكرها الفاكهى. وفى أصله فوائد تتعلق بأسماء زمزم. ولزمزم فضائل مروية عن النبى صلى الله عليه وسلم. منها: «خير ماء على الأرض، ماء زمزم». أخرجه ابن حبان فى صحيحه والطبرانى بإسناد جيد. وصح له عن شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى أنه قال: إن ماء زمزم أفضل من الكوثر؛ لأنه غسل صدر النبى صلى الله عليه وسلم به. ولم يكن يغسل إلا بأفضل المياه. انتهى بالمعنى. ومنها: ما رويناه عن ابن عباس رضى الله عنهما «أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يتحف الرجل بتحفة سقاه من ماء زمزم». أخرجه الحافظ شرف الدين الدمياطى بسنده. وقال ـ فيما أنبئت به عنه ـ إسناد صحيح. ومنها: «أنه لما شرب له» وهذا مروى من حديث ابن عباس، وجابر رضى الله عنهم عن النبى صلى الله عليه وسلم. وحديث ابن عباس، رويناه فى سنن الدار قطنى، وقد حسن شيخنا الحافظ العراقى حديث ابن عباس رضى الله عنهما. من هذه الطريق. وقال فى نكته على ابن الصلاح: إن حديث ابن عباس أصح من حديث جابر. انتهى. وقد شربه جماعة من السلف والخلف لمقاصد جليلة فنالوها. وروينا فى ذلك أخبار. منها: أن أحمد بن عبد الله الشريفى الفراش بالحرم الشريف المكى شربه للشفاء من العمى، فشفى. على ما أخبرنى به شيخنا المفتى عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى. وفى هذا دليل لصحته. ولزمزم خواص. منها: أن ما ماءها يبرد الحمى. ومنها: أنه يذهب بالصداع وغير ذلك. وفى أصله زيادة فى فضل ماء زمزم وخواصه.

ويصح التطهر بماء زمزم بالإجماع، على ما ذكر الرويانى فى البحر، والماوردى فى الحاوى، والنواوى فى شرح المهذب. وقد اتفق العلماء الأئمة الأربعة على جواز نقله. وأما سقاية العباس رضى الله عنه. فهى الآن على غير الصفة التى ذكرها الأرزقى. وصفتها الآن والأولى مذكورتان فى أصله. وأحدث عهد عمرت فيه هذه السقاية سنة سبع وثمانمائة بعد سقوط القبة التى كانت بها. وكانت من خشب من عمل الجواد الأصفهانى، فعملت من حجر. وممن عمرها الملك الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر. والله أعلم. * * *

الباب الحادى والعشرون فى ذكر الأماكن المباركة التى ينبغى زيارتها الكائنة بمكة المشرفة، وحرمها وقربه

الباب الحادى والعشرون فى ذكر الأماكن المباركة التى ينبغى زيارتها الكائنة بمكة المشرفة، وحرمها وقربه (1). هذه الأماكن: مساجد، ودور، وجبال، ومقابر. والمساجد أكثر من غيرها، إلا أن بعضها مشتهر باسم المولد، وبعضها باسم الدور. وسيأتى ذكر هذين الأمرين قريبا. والمقصود، ذكره هنا: ما اشتهر من ذلك بالمسجد. فمن ذلك: مسجد بقرب المجزرة الكبيرة من أعلاها، يقال: إن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فيه المغرب على ما وجدت بخط عبد الرحمن بن أبى حرمى مسند مكة وموثقها. وفيه: أنه عمر فى رجب سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، وعمر سنة سبع وأربعين وستمائة. ومن ذلك: مسجد فوقه، يقال له: مسجد الراية. يقال: إن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فيه. وعمره عبد الله بن العباس بن محمد بن على بن عبد الله بن العباس، ثم عمر فى سنة أربعين وستمائة، وفى سنة إحدى وثمانمائة. ومن ذلك: مسجد بسوق الليل بقرب المولد النبوى: يقال له المختبى، يزوره الناس فى يوم المواليد. ومن ذلك: مسجد بأسفل مكة ينسب للصديق رضى الله عنه، يقال: إنه من داره التى هاجر منها. ومن ذلك: مساجد خارج مكة من أعلاها. منها: المسجد الذى يقال له مسجد الإجابة فى شعب بقرب ثنية أذاخر، يقال: إن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فيه. ومن ذلك: مسجد البيعة، وهى بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار. وهذا المسجد بقرب عقبة منى، بينه وبين العقبة غلوة أو أكثر، وهو على يسار الذاهب إلى منى.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 260 ـ 287).

وعمر فى سنة أربع وأربعين ومائة، وفى سنة تسع وعشرين وستمائة. ومن ذلك: مسجد بمنى عند الدار المعروفة بدار النحر، بين الجمرة الأولى والوسطى على يمين الصاعد إلى عرفة، يقال: إن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فيه الضحى ونحر هديه. وما عرفت من خبر عمارته سوى أنه بنى فى سنة خمس وأربعين وستمائة بعد. ومن ذلك: مسجد بلحف ثبير بمنى، يقال له: مسجد الكبش ـ وهو الكبش الذى فدى به إسماعيل بن إبراهيم، أو إسحاق بن إبراهيم على الخلاف فى أيهما الذبيح. وذكر الفاكهى خبرا يقتضى أن هذا الكبش نحر بين الجمرتين بمنى. وهذا يخالف ما سبق. والله أعلم. ومن ذلك: مسجد الخيف بمنى، وهو مشهور عظيم الفضل، لأن فيه صلى سبعون نبيا، وفيه قبر سبعين نبيا، على ما رويناه مرفوعا فى البزار. والأول من الطبرانى الكبير مرفوعا. وممن قبر فيه على ما قيل: آدم عليه السلام. وفى رواية أبى هريرة رضى الله عنه أنه أحد المساجد التى تشد إليها الرحال وإسناد الحديث إليه ضعيف. وجاء عنه ما يقتضى استحباب زيارته كل سبت. ومصلى النبى صلى الله عليه وسلم فيه أمام المنارة قريبا منها، وعمر مرات. وفى أصله طرف من ذلك. ومن ذلك: المسجد الذى اعتمرت منه عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها فى حجة الوداع. وهذا المسجد بالتنعيم. واختلف فيه. فقيل: إنه المسجد الذى يقال له مسجد الهليلجة بشجرة كانت فيه. وهو المتعارف عند أهل مكة على ما ذكر سليمان بن خليل. وقيل: إنه المسجد الذى أمامه إلى طريق الوادى، وبقربه بئر. ورجح هذا القول: المحب الطبرى. وفى كل منهما أحجار قديمة بسبب عمارته مكتوب فيها ما يدل على أنه مسجد عائشة رضى الله عنها. وفى أصله طرف من خبر عمارتهما.

وبين مسجد الهليلجة والأعلام التى هى حد الحرم من جهة التنعيم فى الأرض ـ لا التى فى الجبل ـ سبعمائة ذراع وأربعة وعشرون ذراعا بالحديد. ومن ذلك: مسجد يقال له مسجد الفتح بقرب الحموم من وادى مر، يقال: إن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فيه. والله أعلم. وأما المواضع المشهورة بالمواليد. فمنها: مولد النبى صلى الله عليه وسلم بسوق الليل. وهو مشهور. وذكر السهيلى فى خبر مولد النبى صلى الله عليه وسلم ما يستغرب. وذكرنا ذلك فى أصله. وأغرب منه ما قيل: إن النبى صلى الله عليه وسلم ولد بالرّدم. وقيل: بعسفان. ذكره مغلطاى فى سيرته. والمراد بالردم: ردم بنى جمح، لا الردم الذى بأعلى مكة. فإنه لم يكن إلا فى خلافة عمر رضى الله عنه. ومنها: مولد السيدة فاطمة الزهراء بنت المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهو مكان مشهور من دار أمها خديجة أم المؤمنين رضى الله عنها. ومنها: مولد على بن أبى طالب رضى الله عنه بالشعب، فوق مولد النبىصلى الله عليه وسلم. وهذا الموضع لم يذكره الأزرقى. وذكره ابن جبير، وعلى بابه حجر مكتوب فيه: إنه مولد على بن أبى طالب رضى الله عنه. وفيه ربى النبى صلى الله عليه وسلم. ومنها: مولد حمزة عم النبى صلى الله عليه وسلم بأسفل مكة قريبا من باب اليمن. ومنها: مولد عمر رضى الله عنه بالجبل الذى تسميه أهل مكة التوبى بأسفل مكة. ولم أر ما يدل بصحة ما قيل فيه، وفى الذى قبله. والله أعلم. ومنها: مولد جعفر رضى الله عنه فى دار أبى سعيد عند دار العجلة. وبعض الناس ينسب هذا المولد إلى جعفر بن أبى طالب. وعلى بابه حجر مكتوب فيه: إنه مولد جعفر الصادق، ودخله النبى صلى الله عليه وسلم. ولا منافاة بين كونه جعفر الصادق، وبين دخول النبى صلى الله عليه وسلم إليه لإمكان أن يكون النبى صلى الله عليه وسلم دخله قبل أن يولد فيه جعفر. والله أعلم. وأما الدور المباركة بمكة. فمنها: دار أم المؤمنين رضى الله عنها. ويقال لها الآن مولد فاطمة رضى الله عنها. وفيها ثلاث مواضع تقصد بالزيارة متلاصقة.

أحدها: الموضع الذى يقال له: مولد فاطمة. والموضع الذى يقال له: قبة الوحى. والموضع الذى يقال له: المختبأ. وبها مواضع أخر على هيئة المسجد. وهذه الدار أفضل الأماكن بمكة بعد المسجد الحرام، على ما ذكر المحب الطبرى. ولعل ذلك لسكنى النبى صلى الله عليه وسلم فيها سنين كثيرة، من حين تزوج خديجة، وإلى حين هاجر، ولكثرة نزول الوحى عليه فيها. وفيها: بنى النبى صلى الله عليه وسلم بخديجة. وفيها: ولدت أولادها منه. وفيها: ماتت رضى الله عنها. ومنها: دار تنسب للصديق رضى الله عنه بالزقاق الذى فيه دار خديجة رضى الله عنها. ويعرف الآن بزقاق الحجر، ويقال له فيما مضى: زقاق العطارين. ذكر ذلك الأزرقى. وفى هذه الدار مسجد عمره المنصور صاحب اليمن قبل سلطنته فى حال نيابته على مكة للمسعود سنة ثلاث وعشرين وستمائة. ومقابل هذه الدار حجر ناتئ فى جدار من الدار المقابلة لها يقال: إنه الذى كلم النبى صلى الله عليه وسلم، على ما حكى الميانشى عن كل من لقيه بمكة. وذكر ذلك ابن جبير. فإن صح كلامه للنبى صلى الله عليه وسلم: فلعله الحجر الذى كان يسلم عليه ليالى بعث بمكة. وقيل: إن الذى كان يسلم عليه فى هذا التاريخ: هو الحجر الأسود. والله أعلم. ومنها: دار الخيزران عند باب الصفا، وهى دار الأرقم المخزومى. والمقصود بالزيارة منها: مسجد مشهور فيها، ويقال له: المختبأ لأن فيه كان النبىصلى الله عليه وسلم يدعو إلى الإسلام مستخفيا. وهناك أسلم جماعة من جملة الصحابة، منهم: عمر الفاروق رضى الله عنه. ولعل دار الأرقم هذه أفضل الأماكن بمكة بعد دار خديجة أم المؤمنين رضى الله عنها. ومنها: دار العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه. وهى الآن رباط للفقراء وبها علم يهرول منه وإليه الساعى.

ومنها: رباط الموفق بأسفل مكة لأنه بلغنى عن الشيخ خليل المالكى: أن الدعاء مستجاب فيه أو عند بابه. ومنها: معبد الجنيد شيخ الطائفة الصوفية. وهو بلحف الجبل الأحمر، أحد أخشبى مكة: وأما الجبال المباركة بمكة وحرمها: فأبو قبيس؛ لأن الركن الأسود كان مستودعا فيه عام الطوفان. فلما بنى الخليل الكعبة نادى أبو قبيس: الركن منى بمكان كذا وكذا. فجاء به جبريل إلى الخليل، فوضعه موضعه فى الكعبة. ولذلك قيل لأبى قبيس: الأمين. وفيه على ما يقال: قبر آدم عليه السلام فى غار يقال له: غار الكنز، فيما قال وهب ابن منبه. وهذا الغار غير معروف. وقد سبق أن قبر آدم بمسجد الخيف. وقيل: قبره عند مسجد الخيف. وقيل: فى الهند فى الموضع الذى نزل فيه من الجنة. وصححه ابن كثير. وفى تاريخ الأزرقى: ما يوهم أنه بيت المقدس، فيتحصل فى موضع قبره خمسة أقوال. وفى أبى قبيس، على ما قيل: قبر شيث، وأمه حواء، على ما وجدت بخط الذهبى. وفى أبى قبيس: انشق القمر للنبى صلى الله عليه وسلم، على ما يروى عن ابن مسعود رضى الله عنه، فيما ذكر الفاكهى. ولم أر ما يدل على ما يقال فى موضع الانشقاق بأبى قبيس. والله أعلم. ويروى من حديث ابن مسعود «أن القمر انشق بمنى» وهذا فى مسلم فى روايته عن منجاب بن الحارث. والله أعلم. ومن فضائل أبى قبيس: أن الدعاء يستجاب فيه. وهذا فى الفاكهى. وهو أول جبل وضع فى الأرض. وهذا فى الأرزقى عن ابن عباس رضى الله عنهما. ومن خواصه ـ على ما ذكر القزوينى فى عجائب المخلوقات ـ ما قيل: إن من أكل عليه الرأس المشوى يأمن من أوجاع الرأس.

قال القزوينى: وكثير من الناس يفعل ذلك. انتهى. وكان بعض مشايخنا يفضل جبل أبى قبيس على جبل حراء، ويحتج فى ذلك: بكونه أقرب إلى الكعبة من حراء. وفى النفس من ذلك شيء لكثرة مجاورة النبى صلى الله عليه وسلم لحراء، وما نزل فيه من الوحى عليه. ولم يتفق له مثل ذلك فى أبى قبيس، فلا يكون أفضل من حراء. والله أعلم. ومنها: جبل الخندمة؛ لأن الفاكهى روى بسنده إلى ابن عباس رضى الله عنهما. قال: «ما نظرت مكة قط إلا كان للخندمة عزة. وذلك أن فيها قبر سبعين نبيا» والخندمة معروفة عند الناس بقرب أبى قبيس. ومنها: جبل حراء بأعلى مكة، لكثرة مجاورة النبى صلى الله عليه وسلم فيه. وما خصه الله به فيه من الكرامة بالرسالة إليه ونزول الوحى فيه عليه. وذلك فى غار مشهور فى هذا الجبل يأثره الخلف عن السلف ويقصدونه بالزيارة، وبين حراء ومكة ثلاث أميال. قاله صاحب المطالع وغيره. وقيل: ميل ونصف. قاله البكرى ـ وهو بعيد. وقيل: أربعة أميال. كذا فى تفسير ابن عطية، والله تعالى أعلم. ومنها: جبل ثور بأسفل مكة لاختفاء النبى صلى الله عليه وسلم والصديق رضى الله عنه فى غار به. وهذا الغار مشهور عند الناس ويدخلونه من باب المتسع والضيق، وقد وسع بابه الضيق لانحباس بعض الناس فيه، وذلك فى سنة ثمانمائة أو قبلها أو بعدها بيسير. وما ذكرناه فى تسمية هذا الجبل «بثور» هو المعروف. وسماه البكرى «بأبى ثور». وذكر أنه على ميلين من مكة، وأن ارتفاعه نحو ميل، وذكر ابن الحاج أنه من مكة على ثلاثة أميال. ومنها: جبل ثبير بمنى؛ لأنا روينا من حديث أنس رضى الله عنه مرفوعا «أن الله سبحانه وتعالى لما تجلى للجبل تشطى فطارت لطلعته ثلاثة أجبل فوقعت بمكة، وثلاث أجبل فوقعت بالمدينة، فوقع بمكة حراء وثبير وثور، وبالمدينة أحد وورقان ورضوى» أخرجه الأزرقى. وقال القزوينى: إنه جبل مبارك يقصده الزوار. ذكر النقاش المفسر: أن الدعاء مستجاب فى ثبير.

ومنها: الجبل الذى يلحقه مسجد الخيف، لأن فيه غارا يقال له: غار المرسلات يأثره الخلف عن السلف. ويدل له حديث ابن مسعود رضى الله عنه «بينا نحن مع النبىصلى الله عليه وسلم فى غار بمنى، إذ نزلت عليه سورة المرسلات ـ الحديث». أخرجه البخارى فى باب ما يقتل المحرم من الدواب. وفى بعض نسخ مسند ابن حنبل من مسند ابن مسعود رضى الله عنه، ما يقتضى أن هذه السورة نزلت بحراء، فإن لم يكن فى ذلك تصحيفا فهو مخالف لما قيل فى هذا الغار. والله أعلم. وأما مقابر مكة، فمنها: المقبرة المعروفة بالمعلاة، وهى مشهورة كثيرة الفضل والبركة لما حوته من سادات الصحابة والتابعين، وكبار العلماء والصالحين، ولما جاء فيها من الفضل عن النبى صلى الله عليه وسلم لأنا روينا من حديث ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «نعم المقبرة هذه، مقبرة أهل مكة». أخرجه الأزرقى. قال: وكان أهل مكة يدفنون موتاهم فى جنبى الوادى يمنه وشامه فى الجاهلية وفى الإسلام، ثم حول الناس قبورهم إلى الشعب الأيسر لما فيه من الرواية. انتهى. والرواية التى جاءت فيه، ما يروى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «نعم الشعب ونعم المقبرة». انتهى. ومن فضائل مقبرة المعلاة: ما حكاه بعض الصالحين عن بعض الموتى بالمعلاة أنهم قالوا: ما يقف حال أحد فى هذا المكان، وأنهم غير محتاجين إلى ما يهدى إليهم من قراءة أو نحوها. ومنها: المقبرة العليا، وهى على ما ذكر الأزرقى عند ثنية أذاخر. وقال فى موضع آخر: آل أسيد، وآل سفيان بن عبد الأسد بن قنون بالمقبرة العليا بحائط خرمان، انتهى. وحائط خرمان هو الموضع المعروف بالخرمانية وهو وديان بأعلى المعابدة وثنية أذاخر فوق ذلك. ومنها: مقبرة المهاجر بالحصحاص، وهى على مقتضى ما ذكر الأزرقى فى تعريفها عند الثنية التى يتوجه منها إلى المعلاة، وتسميها الناس الحجون الأول. والله أعلم.

ومنها: مقبرة بأسفل مكة دون باب الشبيكة، وقريب منه، وهى مشهورة عند الناس لما حوته من أهل الخير الغرباء وغيرهم. وذكر الفاكهى: أن الأحلاف كانوا يدفنون بأسفل مكة، والمطيبين بأعلا مكة، والظاهر أن المقبرة التى كان يدفن بها الأحلاف هى مقبرة الشبيكة. والله أعلم. والأحلاف: طوائف من قريش. وكذلك المطيبون، وهم مذكورون فى أصله. ومن القبور المباركة التى ينبغى زيارتها: قبر ميمونة أم المؤمنين رضى الله عنها بسرف، وهو مشهور عند الناس، يأثره الخلف عن السلف. وكان بناء النبى صلى الله عليه وسلم، لميمونة فى سرف، وسرف من مكة على أميال. قيل: ستة، وقيل: سبعة، وقيل: تسعة ـ بتقديم التاء ـ وقيل: بريد. والله تعالى أعلم. * * *

الباب الثانى والعشرون فى ذكر أماكن بمكة المشرفة وحرمها وقربه لها تعلق بالمناسك وهى ستة وعشرون موضعا، مرتبة على ترتيب حروف المعجم

الباب الثانى والعشرون فى ذكر أماكن بمكة المشرفة وحرمها وقربه لها تعلق بالمناسك وهى ستة وعشرون موضعا، مرتبة على ترتيب حروف المعجم (1). الأول: باب بنى شيبة الذى يستحب للمحرم دخول المسجد الحرام منه، وهو أول باب الجنب الشرقى بين رباط الشراى، ورباط السدرة، وعليه منارة المسجد الحرام. وأما الباب الذى يخرج منه المسافر إلى بلده من المسجد الحرام، فينبغى أن يكون باب الحزورة، أو باب إبراهيم، أو باب العمرة. وقد أو ضحنا دليل ذلك فى أصله، والله أعلم. الثانى: التنعيم المذكور فى حد الحرم من جهة المدينة النبوية هو أمام أدنى الحل، على ما ذكر المحب الطبرى، قال: وليس بطرف الحل. ومن فسره بذلك يجوز، وأطلق اسم الشيء على ما قرب منه. انتهى. وهو أفضل مواقيت العمرة بعد الجعرانة عند الأربعة إلا أبا حنيفة رحمة الله عليه. الثالث: ثبير الذى إذا طلعت عليه الشمس، سار الحاج من منى إلى عرفة هو على ما قال المحب الطبرى فى شرح الثنية ـ بثاء مثلثة مفتوحة، ثم ياء موحدة مكسورة ـ أعلى جبل بمنى. ثم قال: وهو يشرق على منى من جمرة العقبة التى تلقاء مسجد الخيف، وأمامه قليلا على يسار الذاهب إلى عرفة. انتهى. وكلام النووى يقتضى أن ثبير المراد فى مناسك الحج بمزدلفة، وليس ذلك بمستقيم على ما ذكره شيخنا القاضى مجد الدين الشيرازى اللغوى. الرابع: الجعرانة، الموضع الذى أحرم منه النبى صلى الله عليه وسلم لما رجع من الطائف بعد فتح مكة، هو موضع مشهور على بريد من مكة فيما ذكر الفاكهى. وقال الباجى المالكى: إن بينه وبين مكة نحو ثمانية عشر ميلا. والله أعلم.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 288 ـ 327).

الخامس: الجمار المذكور فى صفة الحج

وذكر الواقدى أن النبى صلى الله عليه وسلم، أحرم من المسجد الأقصى الذى تحت الوادى بالعدوة القصوى من الجعرانة، وكان مصلى النبى صلى الله عليه وسلم إذا كان بالجعرانة به. وذكر أن إحرامه ـ من الجعرانة ـ ليلة الأربعاء إلا ثنتى عشرة ليلة بقيت من ذى القعدة. وذكر كاتب محمد بن سعد خبرا فيه: أن اعتمار النبى صلى الله عليه وسلم كان من الجعرانة للثلثين بقيا من شوال، وهذا الخبر ضعيف، والمعروف ما ذكره الواقدى، والله أعلم. ومن فضائل الجعرانة: ما رويناه عن يوسف بن ماهان، قال: «اعتمر من الجعرانة ثلاثمائة نبى». أخرجه الجندى. وهى أفضل مواقيت العمرة من مكة على مقتضى مذهب مالك والشافعى، رحمهما الله تعالى. الخامس: الجمار المذكور فى صفة الحج، هى بمنى. ونقل عن ابن سيده اللغوى، ما يقتضى أنها بعرفة. نقل ذلك عنه السهيلى، وهو وهم ذكرنا التنبيه عليه. وهذه الجمار مشهورة بمنى. السادس: الحجون ـ المذكور فى حد المحصب ـ هو جبل بالمعلاة، مقبرة أهل مكة على يسار الداخل إلى مكة، ويمين الخارج منها إلى منى على مقتضى ما ذكره الأزرقى والفاكهى فى تعريفه؛ لأنهما ذكراه فى شق معلاة مكة اليمانى، وهو الجهة التى ذكرناها. وإذا كان كذلك: فهو مخالف ما يقوله الناس من أن الحجون: الثنية التى يهبط منها إلى مقبرة المعلاة. وكلام المحب الطبرى يوافق ما يقوله الناس. ولعل الحجون على مقتضى قول الأزرقى والفاكهى والخزاعى، الجبل الذى يقال: فيه قبر ابن عمر رضى الله عنهما، أو الجبل المقابل له، الذى بينهما الشعب المعروف: بشعب العفاريت. والله تعالى أعلم. السابع: الحديبية: الموضع الذى نزل عنده النبى صلى الله عليه وسلم لما قدم من المدينة محرما، فعاقه المشركون عن دخول مكة، يقال: إنه الموضع الذى فيه البئر المعروفة ببئر شميس بطريق جدة. والله أعلم. وقد ذكره غير واحد من العلماء، وما قالوه، لا يعرف الآن، وهى بتخفيف الياء

الثامن: ذو طوى

الثانية على الصواب فيها، وقيل: تشديدها، واختلف فى كونها فى الحل أو فى الحرم. وهى أفضل مواقيت العمرة بعد الجعرانة، والتنعيم على ما قال الشافعية، إلا أن الشيخ أبا حامد، منهم، فضلها على التنعيم. والله أعلم. الثامن: ذو طوى، الموضع الذى يستحب الاغتسال فيه للمحرم إذا قدم مكة هو ما بين الثنية التى يهبط منها إلى المعلاة، والثنية الأخرى التى إلى جهة الزاهر على مقتضى ما ذكر الأزرقى فى تعريفه. وفى صحيح البخارى ما يؤيده. وقال النووى: إنه الموضع المعروف بآبار الزاهر بأسفل مكة. انتهى. وقيل: هو الأبطح. نقله صاحب المطالع عن الداودى، وهو بعيد، وطاؤه مثلثة. التاسع: الردم الذى ذكر بعض الشافعية: أن المحرم يقف فيه للدعاء إذا قدم مكة، هو ردم بأعلى مكة مشهور عند الناس، ردمه عمر بن الخطاب رضى الله عنه صونا للمسجد من السيل فى سنة سبع عشرة من الهجرة. العاشر: الصفا، الذى هو مبدأ السعى، هو فى أصل جبل أبى قبيس على ما ذكر البكرى والنووى وغيرهما، وهو مكان مرتفع من جبل له درج، وفيه ثلاثة عقود، والدرج من أعلى العقود وأسفلها، وبعض الدرج التى تحت العقد مدفون، وذلك ثمان درجات، ثم فرشة مثل بعض الفرشات الظاهرة تحت العقود، ثم درجتان، وما عدا ذلك فهو ظاهر، وهو درجة تحت العقود، ثم ثلاث درجات ثم فرشة كبيرة، إلا أن هذه الفرشة السفلى ربما غيبت بما يعلو عليها من التراب. وما ذكرناه من الدرج المدفون شاهدناه بعد حفرنا عنه فى شوال سنة أربع عشرة وثمانمائة، وهذا المدفون ليس محلا للسعى، ومحله: الظاهر. ويتأيد كون الظاهر محلا للسعى بأن الأزرقى قال: ذرع ما بين الركن الأسود إلى الصفا مائتا ذراع، واثنان وستون ذراعا وثمانية عشر إصبعا. انتهى. وحررنا ما بين الحجر الأسود، وبين الفرشة السفلى التى يعلو عليها التراب، فجاء مثل ما ذكر الأزرقى فى ذرع ما بين الحجر الأسود والصفا. ولم يذكر الأزرقى ذرع ذلك إلا ليبين أن ما وراء ذلك محل للسعى.

الحادى عشر: طريق ضب

والفرشة السفلى المشار إليها من وراء الذرع المذكور، ويكون محلا للسعى على هذا. ويصح إن شاء الله: سعى من وقف عليها فلا يقصر الساعى عنها، ولا يجب عليه الرقى على ما وراء هذا. والله أعلم. ومن محاذاة نصف العقد الوسط من عقود الصفا إلى الدرج الذى بالمروة من داخله سبعمائة ذراع وسبعون ذراعا وسبع ذراع ـ بتقديم السين ـ فى السبعمائة، وفى السبعين، وفى السبع، وذلك يزيد على ما ذكره الأزرقى فى ذرع ذلك نحو أربعة أذرع. الحادى عشر: طريق ضب، التى يستحب للحاج سلوكها إذا قصد عرفة، هى طريق مختصرة من المزدلفة إلى عرفة فى أصل المازمين عن يمينك وأنت ذاهب إلى عرفة. هكذا عرفها الأزرقى. وإنما استحب للحاج سلوكها؛ لأن النبى صلى الله عليه وسلم سلكها لما راح من منى إلى عرفة على ما نقل الأزرقى عن بعض المكيين. وروى عن عطاء: أنه سلكها، وقال: هى طريق موسى بن عمران. الثانى عشر: عرفة ـ بالفاء ـ موضع الوقوف، وهى خارج الحرم قريب منه. وقد ذكر حدها ابن عباس رضى الله عنهما؛ لأنه قال: حد عرفة من الجبل المشرف على بطن عرنة على جبال عرفة إلى ملتقى وصيف ووادى عرفة. أخرجه الأزرقى. وقوله: ووادى عرفة: اختلف فى ضبطه، ففى بعض نسخ الأزرقى ـ بالفاء ـ وفى بعضها ـ بالنون ـ وممن ضبط بالنون ابن الصلاح. واعترض عليه فى ذلك المحب الطبرى؛ لأنه قال بعد أن ذكر ضبط ابن الصلاح: قلت: وفيما ذكره نظر؛ لأنه أراد تحديد عرفة ـ بالفاء ـ أولا وآخرا، فجعله من الجبل المشرف على بطن عرفة فيكون آخره ملتقى وصيف وبطن عرفة بالفاء، ولا يصح أن يكون وادى عرفة ـ بالنون ـ لأن وادى عرنة لا ينعطف على عرفة، بل هو ممتد مما يلى مكة يمينا وشمالا، فكان التقييد بوادى عرفة أصح. والله أعلم. قال: وهذا التحديد يدخل عرنة فى عرفة. انتهى. وحد عرفة من جهة مكة الذى فيه هذا الاختلاف، قد صار معروفا بما بنى فى موضعه من الأعلام، وهى ثلاثة سقط منها واحد، وبقى اثنان، وفيها أحجار مكتوبة فى بعضها: أن المظفر إربل أمر بإنشاء هذه الأعلام الثلاثة بين منتهى أرض عرنة ووادى عرفة، لا يجوز لحاج بيت الله العظيم أن يجاوز هذه الأعلام قبل غروب الشمس.

الثالث عشر: عرنة

وفيه مكتوب بتاريخ شعبان سنة خمس وستمائة. والمسجد الذى يصلى فيه الإمام بالناس فى يوم عرفة ليس من عرفة ـ بالفاء ـ على مقتضى ما ذكر ابن الصلاح والنووى، وكلام المحب الطبرى يقتضى أنه منها. وقيل: إن مقدمه من عرنة ـ بالنون ـ ومؤخره [من عرفة]ـ بالفاء ـ ويظهره ثمرة هذا الخلاف فى إجزاء الوقوف بهذا المسجد. وتوقف مالك فى ذلك ولأصحابه قولان فيه بالإجزاء وعدمه. وأفضل المواقف بعرفة الموضع الذى وقف فيه النبى صلى الله عليه وسلم، وهو بقريب فى الموضع الذى تقف فيه المحامل التى تصل من مصر إلى الشام والعراق، وهو مكان معروف عند الناس. وسميت عرفة: عرفة؛ لتعارف آدم وحواء فيه؛ لأن آدم أهبط إلى الهند، وحواء إلى جدة، فتعارفا بالموقف. وقيل: لتعريف جبريل المناسك بها للخليل. وقيل: لاعتراف الناس فيها بذنوبهم. إلى غير ذلك من الأقوال التى ذكرناها فى أصله الأكبر. الثالث عشر: عرنة ـ بالنون ـ الموضع الذى يجتنب الحاج فيه الوقوف هو بين العلمين اللذين هما حد عرفة، والعلمين اللذين هما حد الحرم من هذه الجهة. وقد اختلف فيه فقيل: إنها من الحرم. وهذا يروى عن حبيب المالكى. وقيل: إنها من عرفة. حكاه ابن المنذر عن مالك. وفى صحته عنه نظر لمخالفته ما فى كتب المالكية. والله أعلم. ومذهب الشافعى: أنها ليست من عرفة. وعرنة ـ بضم العين وفتح الراء المهملتين ـ هذا المشهور فيها. الرابع عشر: قزح، الموضع الذى يستحب للحاج أن يقف عنده للدعاء غداة النحر هو مكان مشهور بالمزدلفة، وهو الموضع الذى يسمونه المشعر الحرام. أشار إلى ذلك المحب الطبرى. وذكر ابن الصلاح: أن قزح، جبل صغير فى آخر المزدلفة، ثم قال: وقد استبدل الناس بالوقوف على الموضع الذى ذكرناه بناء محدثا فى وسط المزدلفة، ولا تؤدى فيه هذه السنة.

الخامس عشر: كداء

قال المحب الطبرى: والظاهر أن البناء إنما هو على الجبل كما تقدم، والمشاهدة تشهد بصحة ذلك، ولم أر ما ذكره لغيره. انتهى. وذكر النووى: أن الأظهر أن للحاج تحصيل السنة بالوقوف على البناء المستحدث. قاله فى الإيضاح. الخامس عشر: كداء، الموضع الذى يستحب للمحرم دخول مكة منه هو الثنية التى تهبط منها إلى المقبرة المعروفة بالمعلاة والأبطح، على مقتضى ما ذكره الفاكهى، وسليمان بن خليل، والمحب الطبرى. وقال المحب الطبرى: هى بالفتح والمد تصرف على إرادة الموضع، وتركه على إرادة البقعة. وما ذكره من أنها بالفتح هو المعروف. وقيل: إنها بالضم. وسهل بعض المجاورين طريقا فيها غير الطريق المعتادة، ووسعها بعد أن كانت حزنة ضيقة، وصار الناس يسلكونها أكثر من الأولى، وذلك فى النصف الثانى من سنة سبع عشرة وثمانمائة. السادس عشر: كداء، الموضع الذى يستحب الخروج منه، لمن كان فى طريقه هو الثنية التى بنى عليها باب مكة المعروف بباب الشبيكة، على مقتضى ما ذكر المحب الطبرى فى شرح الثنية. وذكر القاضى بدر الدين بن جماعة: ما يقتضى أنها الثنية التى عندها الرجم المعروف بقبر أبى لهب. والله أعلم بالصواب ـ وهى: بضم الكاف، وبالقصر والتنوين ـ على ما هو مشهور فيه. وقيل: إنها ـ بفتح الكاف ـ وإنما استحب الدخول من كداء ـ ثنية المقبرة ـ والخروج من كداء، التى إلى جهة المدينة؛ لأن النبى صلى الله عليه وسلم فعل ذلك فى حجة الوداع. وأما فى الفتح، فقيل: إنه دخل من كداء ـ ثنية المقبرة ـ وقيل: من ثنية أذاخر. وأما فى عمرة الجعرانة: فدخل وخرج من أسفل مكة. كما فى خبر ذكره الفاكهى بإسناد فيه من لم أعرفه. والله تعالى أعلم. السابع عشر: المأزمان، اللذان يستحب سلوكهما للحاج إذا رجع من عرفة. هو الموضع الذى يسميه أهل مكة الآن المضيق، بين مزدلفة وعرفة. وذكر النووى ما يقتضى أن هذين المأزمين فى غير هذا المحل؛ لأنه قال فى الإيضاح:

الثامن عشر: محسر

والسنة أن يسلك فى طريقه إلى المزدلفة على طريق المأزمين، وهو بين العلمين اللذين هما حد الحرم من تلك الناحية. انتهى. وهذا بعيد لمخالفته فيه قوله وقول غيره كما بيناه فى أصله. والمأزم فى اللغة: الطريق الضيق بين جبلين. الثامن عشر: محسر، الموضع الذى يستحب للحاج الإسراع فيه: هو واد عند المكان الذى يقال له: المهلل؛ لأن الناس إذا وصلوا إليه فى حجهم هللوا وأسرعوا السير فى الوادى المتصل به. والمهلل المشار إليه: مكان مرتفع عنده بركتان معطلتان بلحف قرن جبل عالى، ويتصل بهما آثار حائط. ويكون ذلك كله عن يمين الذاهب إلى عرفة، ويسار الذاهب إلى منى. التاسع عشر: المحصب، الذى يستحب النزول فيه للحاج بعد انصرافه من منى، هو مسيل بين مكة ومنى، وهو أقرب إلى مكة بكثير، وحده من جهة مكة: الحجون. على ما ذكر الأزرقى. ولا يعارض ذلك ما وقع لابن الصلاح، والنووى، والمحب الطبرى، وغيرهم من: أن المقبرة ليست من المحصب؛ لأن مراد هؤلاء الأئمة، والله أعلم ـ استثناء المقبرة من عرض المحصب لا من طوله لحزونة موضعها. وذلك يخالف صفه المحصب، فإن المحصب ما سهل من الأرض على مقتضى ما ذكر ابن الصلاح وغيره، فى تفسير المحصب. وأما حده من جهة منى: فجبل العيرة بقرب السبيل، الذى يقال له: سبيل الست، بطريق منى على ما ذكر الأزرقى فى تعريفه. العشرون: المروة، الموضع الذى هو منتهى السعى هو فى أصل جبل قعيقعان على ما قال أبو عبيد البكرى. وقال النووى: إنها أنف من جبل قعيقعان. وذكر المحب الطبرى: أن العقد الذى بالمروة، جعل علما لحد المروة، ثم قال: فينبغى للساعى أن يمر تحته، ويرقى على البناء المرتفع. انتهى. والعقد الذى بالمروة الآن حدد فى آخر سنة إحدى وثمانمائة، أو فى أول التى بعدها بعد سقوطه.

الحادى والعشرون: المزدلفة

وكان بالمروة خمس عشرة درجة على ما ذكر الأزرقى، وليس بها الآن غير واحدة. الحادى والعشرون: المزدلفة، الموضع الذى يؤمر الحاج بنزوله والمبيت فيه، بعد دفعه من مزدلفة ليلا: هو ما بين مأزمى عرفة الذى يسميها أهل مكة: المضيق وبين محسر. وقد حد مزدلفة بما ذكره غير واحد من الأئمة. وسميت بالمزدلفة: لازدلاف الناس إليها، وهو اقترابهم، وقيل: لمجيئهم إليها فى زلف من الليل، أى ساعات. ويقال لها: جمع، لاجتماع الناس بها، وقيل: لاجتماع آدم وحواء فيها، وقيل: لجمع الصلاتين بها. وطول المزدلفة من طرف وادى محسر الذى يليها إلى أول المأزمين مما يليها: سبعة آلاف ذراع وسبعمائة ذراع وثمانون ذراعا وأربعة أسباع ذراع. ومن جدر باب بنى شيبة إلى حد المزدلفة من جهة منى: عشرون ألف ذراع وخمسمائة ذراع وسبعة أذرع ـ بتقديم السين ـ وثلاثة أسباع ذراع. الثانى والعشرون: المشعر الحرام، الذى يستحب الوقوف عنده للحاج كى يدعو ويذكر عنده غداة النحر: هو موضع معروف من المزدلفة، وهو: قزح، السابق ذكره. وأما قول ابن عمر رضى الله عنهما: المشعر الحرام المزدلفة كلها، ومثله كثير من كتب التفسير، فهو، محمول على المجاز. أشار إلى ذلك المحب الطبرى وغيره. وأحدث وقت بنى فيه المشعر الحرام سنة تسع وخمسين وسبعمائة، أو فى التى بعدها. الثالث والعشرون: المطاف المذكور فى كتب الفقهاء: هو ما بين الكعبة ومقام الخليل عليه السلام، وما يقارب ذلك من جميع جوانب الكعبة. وأشار إلى تعريفه بما ذكرناه الشيخ أبو محمد الجوينى فيما نقله عنه ابن الصلاح. وقد ذكرنا كلامه مع ذرع ذلك فى أصله. وهذا الموضع كله مفروش بحجارة منحوتة. وفى سنة ست وستين وسبعمائة، فرغ من عمله، وفيها عمل منه جانب كبير.

الرابع والعشرون: منى

وهذه العمارة من قبل صاحب مصر الأشرف شعبان، وعمره من الملوك: لاجين المنصورى، ومن الخلفاء: المستنصر العباسى. وأول من فرش الحجارة حول البيت: عبد الله بن الزبير رضى الله عنه، على ما ذكر الفاكهى. وينبغى الطائف أن لا يخرج فى حال طوافه عن هذا المكان؛ لأن فى صحة طواف من خرج عنه مختارا خلافا فى مذهب المالكية. الرابع والعشرون: منى، الموضع الذى يؤمر الحاج بنزوله يوم التروية والإقامة به حتى تطلع الشمس على ثبير من يوم عرفة، وفى يوم النحر وما بعده من أيام التشريق والمبيت بها فى لياليها لأجل رمى الجمار، هو من أعلى العقبة التى فيها الجمرة المعروفة بجمرة العقبة إلى وادى محسر. وقد حد منى بما يوافق ما ذكرناه: عطاء بن أبى رباح، فيما ذكره عنه الفاكهى وما ذكره الفاكهى عن عطاء فى حد منى: يفهم أن أعلى العقبة من منى. وذكر الشافعى والنووى: ليست من منى. وذكر المحب الطبرى ما يقتضى أنها من منى. وطول منى على ما ذكر الأزرقى سبعة آلاف ذراع ومائتا ذراع. ومنى: علم لمكان آخر فى بلاد بنى عامر. ذكره صاحب الأغانى. وجاء حديث فى النهى عن البناء بمنى من رواية عائشة رضى الله عنها. أخرجه الترمذى وحسنه وأبو داود، وسكت عليه، فهو صالح. وجزم النووى فى المنهاج ـ من زوائده ـ بأن منى ومزدلفة لا يجوز إحياء مواتها كعرفة. والله أعلم. وذكر أبو اليمن بن عساكر ما يوافق ذلك. ولمنى آيات: منها رفع ما تقبل من حصى الجمار بمنى، ولولا ذلك: لسد ما بين الجبلين. وممن شاهد رفع ذلك: شيخ الحرم نجم الدين بشير التبريزى، وبلغنى أنه رأى ذلك فيما رمى هو به من الحصى، وهذه منقبة عظيمة. ومنها: اتساعها للحاج فى أيام الحج مع ضيقها فى الأعين عن ذلك.

الخامس والعشرون: الميلان الأخضران

ومنها: كون الحدأة لا تخطف اللحم بمنى أيام التشريق، وذلك على خلاف عادتها فى غير هذه الأيام. ومنها: أن الذباب لا يقع فى الطعام وإن كان لا ينفك عنها غالبا كالعسل. ذكر هاتين الآيتين المحب الطبرى. وذكر الأزرقى الأولتين. ومن باب بنى شيبة إلى أعلى العقبة التى فى حد منى ثلاثة عشر ألف ذراع وثلاثمائة ذراع، وثمان وستون ذراعا باليد. وذكرنا ذلك فى أصله بالأميال. وذكر الرافعى: أن بين منى ومكة ستة أميال. وتعقب النووى عليه فى ذلك، وقال: بينهما ثلاثة. والله أعلم. الخامس والعشرون: الميلان الأخضران اللذان يهرول الساعى بينهما فى سعيه بين الصفا والمروة، هما: العلمان اللذان أحدهما بركنى المسجد الحرام، الذى فيه المنارة التى يقال لها: منارة باب على رضى الله عنه، والآخر فى جدر باب المسجد الذى يقال له: باب العباس رضى الله عنه. والعلمان المقابلان لهذين العلمين: أحدهما: فى دار عباد بن جعفر، ويعرف اليوم بسلمة بنت عقيل. والآخر: فى دار العباس، ويقال له: رباط العباس رضى الله عنه. ويسرع الساعى إذا توجه من الصفا إلى المروة إذا صار بينه وبين العلم الأخضر فى المنارة، والمحاذى له ستة أذرع على ما ذكر صاحب التنبيه وغيره. قال المحب الطبرى: وذلك لأنه أول محل الأنصاب فى بطن الوادى، وكان ذلك الجبل موضوعا على بناء ثم على الأرض فى الموضع الذى يشرع منه ابتداء السعى، وكان السيل يهدمه ويحطمه فرفعوه إلى أعلى ركن المسجد، ولم يجدوا على السنن أقرب من ذلك الركن، فوقع متأخرا عن محل ابتداء السعى بستة أذرع. انتهى. ومقتضى هذا: أن الساعى إذا قصد الصفا من المروة ما يزال يهرول حتى يجاوز هذين العلمين بنحو ستة أذرع، لأجل العلة التى شرع لأجلها الإسراع فى التوجه إلى المروة. والله أعلم. وذكر الأزرقى ما يقتضى: أن موضع السعى فيما الميل بين الذى بالمنارة، والميل المقابل له، لم يكن مسعى إلا فى خلافة المهدى العباسى، لتغيير موضع السعى قبله فى هذه الجهة، وإدخاله فى المسجد الحرام فى توسعة المهدى له ثانيا.

السادس والعشرون: نمرة

والظاهر: إجزاء السعى فيما بين الميلين المشار إليهما لتوالى الناس من العلماء وغيرهم على السعى بينهما، ولا خفاء فى تواليهم على ذلك، ولم يحفظ عن أحد ممن يقتدى به إنكار على من سعى بينهما، ولا أنه سعى خارجا. والله تعالى أعلم. السادس والعشرون: نمرة، الموضع الذى يؤمر الحاج بنزوله إذا توجه من منى فى يوم عرفة هو بطن عرنة ـ بالنون ـ على ما ذكر سليمان بن خليل. ونقل المحب الطبرى عن الصباغ: أنها من عرفة، قال: والمعروف أنها ليست منها. وروينا فى تاريخ الأزرقى ما يقتضى: أن نمرة من الحرم. والله أعلم. * * *

الباب الثالث والعشرون فيما بمكة من المدارس، والربط، والسقايات، والبرك المسبلة، والآبار، والعيون، والمطاهر، وغير ذلك من المآثر، وما فى حرمها من ذلك

الباب الثالث والعشرون فيما بمكة من المدارس، والربط، والسقايات، والبرك المسبلة، والآبار، والعيون، والمطاهر، وغير ذلك من المآثر، وما فى حرمها من ذلك (1). أما المدارس الموقوفة: فإحدى عشر، منها: مدرسة الملك الأفضل العباس بن المجاهد صاحب اليمن بالجانب الشرقى من المسجد الحرام على الفقهاء الشافعية. وقفت قبل سنة سبعين وسبعمائة. وفى هذه السنة ابتدئ التدريس بها. ومنها: مدرسة بدار العجلة القديمة على يسار الداخل إلى المسجد الحرام، عملها الأمير أرغون النائب الناصرى للخليفة قبل العشرين وسبعمائة أو بعدها بقليل. ومنها: مدرسة الأمير الزنجيلى نائب عدن على باب العمرة للحنفية. وقفها سنة تسع وسبعين وخمسمائة، وتعرف اليوم بدار السلسلة. ومنها: مدرسة الملك المنصور عمر بن على بن رسول صاحب اليمن، على الفقهاء الشافعية وبها درس حديث أظنه من عمل ولد المظفر. وتاريخ عمارتها سنة إحدى وأربعين وستمائة. ومنها: مدرسة طاب الزمان الحبشية عتيقة المستضئ العباسى على عشرة من فقهاء الشافعية. تاريخ وقفها سنة ثمانين وخمسمائة فى شعبان، وهى من دار زبيدة. ومنها: مدرسة الملك المنصور غياث الدين بن المظفر أعظم شاه صاحب بنجالة من بلاد الهند على فقهاء المذاهب الأربعة. وكان ابتداء عمارتها فى رمضان سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، والفراغ من ذلك فى جمادى الأولى سنة أربع عشرة. وفى المحرم من هذه السنة وقفت ودرست بها للمالكية، ولها وقف بالركانى، أصيلتان وأربع وجاب ماء.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 328 ـ 351).

ومنها: مدرسة الملك المجاهد صاحب اليمن بالجانب الجنوبى من المسجد الحرام على الفقهاء الشافعية. وتاريخ وقفها فى ذى القعدة سنة تسع وثلاثين وسبعمائة. ومنها: مدرسة أبى على بن أبى زكرى، وهو الموضع المعروف بأبى الطاهر العمرى المؤذن بقرب المدرسة المجاهدية. وتاريخ وقفها سنة خمس وثلاثين وستمائة. ومنها: مدرسة الأرسوفى العفيف عبد الله بن محمد، بقرب باب العمرة، ولعلها وقفت فى تاريخ وقف رباطه الآتى ذكره، وسيأتى تاريخه. ومنها: مدرسة ابن الحداد المهدوى، على المالكية بقرب باب الشبيكة، وتعرف بمدرسة الأدارسة. وتاريخ وقفها سنة ثمان وثلاثين وستمائة. ومنها: مدرسة النهاوندى، بقرب الدريبة، ولها نحو مائتى سنة. وأما الربط: فمنها: رباط السدرة، كان موقوفا فى سنة أربعمائة. ومنها: رباط المراغى إلى جانبه، ويعرف بالقيلانى. وتاريخ وقفه سنة خمس وسبعين وخمسمائة. ومنها: رباط الأمير إقبال الشرابى المستنصر العباسى تحت منارة باب بنى شيبة. وتاريخ عمارته سنة إحدى وأربعين وستمائة. ومنها: رباط أم الخليفة الناصر العباسى. وتاريخ عمارته سنة تسع وسبعين وخمسمائة، ويعرف الآن بالعطيفية. ومنها: رباط الحافظ ابن مندة الأصفهانى، ويعرف بالبرهان الطبرى على باب الزيادة زيادة دار الندوة. ومنها: رباط الميانشى، فى شارع السويقة. ومنها: رباط يعرف برباط صالحة عند باب الزيادة المنفرد. ومنها: رباط عنده أيضا، يعرف بالفقاعية. وقف فى سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة.

ومنها: رباط القزوينى، على باب السدة خارج المسجد الحرام. ومنها: رباط آخر قبالته يعرف بالخاتون، وبابن محمود. وقف سنة سبع وسبعين وخمسمائة. ومنها: رباط الزنجيلى، مقابل مدرسته عند باب العمرة، وتاريخهما واحد. ومنها: رباط الخوزى لسكناه به. وقفه قرامرز الأفرزى الفارسى سنة سبع عشرة وستمائة. ومنها: رباط الشيخ أبى القاسم رامشت عند باب الحزورة. وقف فى سنة تسع وعشرين وخمسمائة. وفى أوائل سنة ثمان وعشرين وثمانمائة: أزيل جميع ما فيه من الشعث، وعمر عمارة حسنة من مال صرفه الشريف حسن بن عجلان صاحب مكة، أثابه الله. ومنها: رباط الشريف حسن بن عجلان صاحب مكة. وهو الذى أنشأ عمارته ووقفه فى سنة ثلاث وثمانمائة، وله عليه أوقاف بمكة ومنى والوادى، وما عرفت مثل هذه الحسنة لغيره من الأشراف ولاة مكة. ومنها: رباط الجمال محمد بن فرج، المعروف بابن بعلجد. وتاريخ وقفه سنة سبع وثمانين وسبعمائة. ومنها: رباط بأول زقاق أجياد الصغير قبالة باب المسجد الحرام. أمر بإنشائه وزير مصر، تقى الدين عبد الوهاب بن أبى شاكر، ومات قبل تمام عمارته، فاستصاره فخر الدين بن أبى الفرج، الأستادار الملكى المؤيدى، وأمر بتكميل عمارته، فعمر من ذلك جانب كبير. ومات الآخر قبل تمام عمارته، فى نصف شوال سنة إحدى وعشرين وثمانمائة والفقراء به ساكنون. ومنها: رباط السلطان شاه شجاع، صاحب بلاد فارس. وقف سنة إحدى وسبعين وسبعمائة، وينسب للشيخ غياث الدين الأبرقوهى لتوليه لأمره وعمارته.

ومنها: رباط البانياسى، بقرب هذا الرباط عند باب الصفا. وقف فى سنة خمس وعشرين وستمائة. ومنها: الدار المعروفة بدار الخيزران. ومنها: الرباط المعروف برباط العباس رضى الله عنه. وكان المنصور لاجين عمله مطهرة، ثم عمله ابن أستاذه الملك الناصر محمد بن قلاوون رباطا. ومنها: رباط أبى القاسم ابن كلالة الطبيبى. وقف سنة أربع وأربعين وستمائة. ومنها: رباط، بقرب المروة. وقفه أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن مطرف التميمى. ووقف عليه الحمام الذى بأجياد. ومنها: رباط على بن أبى بكر بن عمران العطار. وقف سنة إحدى وثمانمائة. ومنها: رباط يعرف برباط أبى سماحة لسكناه به بقرب المجزرة الكبيرة. وقف فى سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. ومنها: ربط الأخلاطى، ثلاثة: بعضها وقف على نساء الحنفية، وبعضها على أهل مدينة أخلاط، وبعضها وقف سنة تسعين وخمسمائة، وبعضها فى التى بعدها. ومنها: رباط الوتش. وقف فى آخر القرن الثامن. ومنها: رباط لعطية بن خليفة المطبيز. أحد تجار مكة فى عصرنا. ومنها: بزاق الحجر، رباطان. أحدهما: للسيدة أم الحسين بنت قاضى مكة شهاب الدين الطبرى. وقفته فى سنة أربع وثمانين وسبعمائة.

والآخر للعز إبراهيم بن محمد الأصفهانى. وقف فى سنة تسع وأربعين وسبعمائة. وبسوق الليل عدة ربط: منها: رباط سعيد الهندى. ومنها: بيت المؤذنين. وواقفه هو واقف رباط الخوزى على شرطه فى تاريخه. ومنها: زاوية أم سليمان المتصوفة، رحمها الله. تاريخها سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة. وبأجياد عدة ربط، منها: رباط الزيت. ومنها: رباط غزى ـ بغين وزاى معجمتين. وقف فى سنة اثنتين وأربعين وستمائة. ومنها: رباط السياحة. وقفه عدة نساء، منهن: أم القطب القسطلانى. ومنها: رباط ربيع، وهو واقفه عن موكله الأفضل على بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب. وتاريخ وقفه سنة أربع وتسعين وخمسمائة. ومنها: رباط بنت التاج، وله أزيد من مائتى سنة. ومنها: رباط بقرب رباط ربيع. أمر بإنشائه الشريف حسن بن عجلان فى سنة ست عشرة وثمانمائة، وقد عمر منه جانب كبير. ومنها: رباط المسيكينة. ومنها: بالحزامية ـ بحاء مهملة وزاى معجمة ـ الرباط المعروف بالدمشقية. وقف سنة تسع وعشرين وخمسمائة. ومنها: رباط الدورى، وله أزيد من ثلاثمائة سنة.

ومنها: رباط السبتية. وكان موجودا فى سنة تسع وعشرين وخمسمائة. ومنها: رباط للنسوة خلف رباط الدورى. كان موجودا فى القرن السابع. ومنها: رباط بيت الحرابى، بمهملتين وموحدة. ومنها: رباط الوراق. بقرب باب إبراهيم. ومنها: رباط الموفق. وقفه الموفق على بن عبد الوهاب الإسكندرى سنة أربع وستمائة. وبأسفل مكة إلى جهة الشبيكة عدة ربط: منها: رباط أبى رقيبة لسكناها به ويقال له: رباط العفيف. وهو عبد الله بن محمد الأرسوفى صاحب المدرسة السابقة. وقفه عنه وعن موكله القاضى الفاضل عبد الرحيم بن على البيشانى وقف من هذا الرباط نصفه عن نفسه، ونصفه الآخر عن موكله القاضى الفاضل فى سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. ومنها: رباط الطويل. بنى فى عشر السبعين وسبعمائة فيما أظن. ومنها: رباط الجهة، جهة السلطان الملك الأشرف إسماعيل بن الأفضل صاحب اليمن، وأم أولاده. ويعرف برباط الشيخ على السعدانى لتوليه لأمره. وقف فى سنة ست وثمانمائة. ومنها: رباطان عند الدريبة: أحدهما: يعرف بابن السوداء لسكناه به. وقف فى سنة تسعين وخمسمائة. والآخر: يعرف بابن غنايم. وقفه السلطان الملك العادل ملك الجبال والغور والهند، محمد بن أبى على فى سنة ستمائة.

وأما السقايات

فهذه الربط المعروفة الآن بمكة ـ فيما علمت ـ أجزل الله ثواب واقفيها. ومن أحسن النظر فيها. وقد ذكرنا كثيرا من شروط واقفيها وأسماء جماعة منهم. وأوضحنا ذلك أكثر فى أصله «شفاء الغرام». وبمكة أوقاف كثيرة على جهات من البر غالبها الآن لا يعرف لتوالى الأيدى عليها. ومن المعروف منها: البيمارستان بالجانب الشمالى من المسجد الحرام. وقفه المستنصر العباسى. وتاريخ وقفه سنة ثمان وعشرين وستمائة، ثم عمره السيد حسن بن عجلان عمارة حسنة وأحدث فيها ما يحصل به النفع، وذلك: إيوانان وصهريج وغير ذلك، بعد استئجاره له مائة عام من القاضى الشافعى. ووقف ما عمره وما يستحقه من منعته على الضعفاء والمجانين فى صفر سنة ست عشر وثمانمائة. وأما السقايات ـ وهى السبل ـ فهى كثيرة. منها بمكة خمسة. ومنها: ما بين مكة ومنى: سبعة. منها: سبيل بالمعلاة للمقر الأشرف الزينى عبد الباسط ناظر الجيوش المنصورة بالمماليك الشريفة والدعاء له بسببه متكاثر من البادى والحاضر؛ لأن النفع به جزيل. عامله الله بلطفه الجميل. وله ـ حفظه الله ـ بديار مصر والشام مآثر حسنة مشهورة، وأفعال مشكورة ومنها: السبيل المعروف بسبيل الست، وهى أخت الملك الناصر حسن. وتاريخ عمارتها له سنة إحدى وستين وسبعمائة. وبمنى: عدة سبل. ومنها: فيما بين منى وعرفة عدة سبل متخربة. ومنها: فى جهة التنعيم فيما بينهما وبين مكة عدة سبل. منها: سبيل للمنصور صاحب اليمن. ومنها: سبيل الجوخى، وهو الآن معطل لخرابه.

وأما البرك المسبلة

ورأيت مكتوبا فى حجر ملقى فيه: المقتدر العباسى ووالدته أمرا بعمارة هذه السقايات والآثار التى وراءها وتصدقا بها فى سنة اثنتين وثلاثمائة. وأما البرك المسبلة: فهى كثيرة بمكة وحرمها وبعرفة. وقد أوضحنا أمر السبل والبرك المشار إليها أكثر من هذا فى أصله. وفى سنة إحدى وعشرين وثمانمائة عمرت البركتان اللتان بالمعلا على يمين الداخل إلى مكة ويسار الخارج منها عمارة حسنة. أما الآبار التى بمكة: فهى ثمانية وخمسون بئرا. وذلك فيما حوته أسوار مكة، وكلها مسبلة، إلا بئرا فى بيت لعطية المطيبين بأعلى مكة، وبئرا فى بيت القائد زين الدين سكر مولى الشريف حسن بن عجلان، وبئرا فى بيت أحمد بن عبد الله الدورى العراس، وبئرا فى بيت بقربه تنسب للينبعى. ولم نذكر الآبار التى لا ماء فيها. وقد أوضحنا أمر الآبار كثيرا فى «شفاء الغرام». وأما الآبار التى فيما بين مكة ومنى: فستة عشر بئرا فيها الماء. منها: البئر المعروفة ببئر ميمون ابن الحضرمى، أخى العلاء بن الحضرمى، وهى التى فى السبيل المعروف بسبيل الست، على ما وجدت بخط عبد الرحمن بن أبى حرمى فى حجر فى هذه البئر، يتضمن عمارتها فى سنة أربع وستمائة. من قبل المظفر صاحب إربل. وأما الآبار التى بمنى: فخمسة عشر بئرا. وذكرنا فى أصله مواضعها، وما تعرف به. وبلغنى أن بمنى غير ذلك فى بعض البيوت. وأما الآبار التى بمزدلفة: فثلاثة. وأما الآبار التى بعرفة: فكثيرة. والذى منها فيه الماء الآن: ثلاثة. وفيما بين عرفة ومزدلفة بئر يقال لها: السقيا، على يسار الذاهب إلى عرفة. وأما الآبار التى بظاهر مكة من أعلاها فيما بين بئر ميمون، والأعلام التى هى حد الحرم فى طريق نخله: فخمسة عشر بئرا. منها: أربعة آبار تعرف بآبار العسيلة، وفى رأس طى بعضها ما يقتضى أن المقتدر العباسى أمر بحفر بئرين منها.

وأما العيون

وفى طى بعضها ما يقتضى: أن العجوز ـ والدة المقتدر العباسى ـ عمرتها مع سقايات هناك، ومسجد لا يعرف منه الآن شئ. وبقية هذه الآبار لا ماء فيها، إلا بئرا لأبى بكر الحصار، وهى تلى آبار العسيلية. وأما الآبار التى بأسفل مكة فى جهة التنعيم: فثلاثة وعشرون بئرا بجادة الطريق. منها بئر الملك المنصور صاحب اليمن عند سبيله، وتعرف بالزاكية. ومنها: الآبار المعروفة بآبار الزاهر الكبير. وبعض هذه الآبار من عمارة المقتدر العباسى. وبقرب باب الشبيكة، من خارجه آبار يقال لها: آبار الزاهر الصغير، وهى ثلاثة آبار. وبقرب هذه الآبار بئر ببطن ذى طوى على مقتضى ما ذكره الأزرقى فى تعريف ذى طوى. وبأسفل مكة بئر يقال لها: الطنبداوية. وبأسفل مكة مما يلى باب الماجن عدة آبار. منها: بئر بقربه من خارجه. وبئر بالشعب الذى يقال له خم، وهو غير خم الذى يروى أن النبى صلى الله عليه وسلم، قال عند غديرة: «من كنت مولاه فعلى مولاه» لأن خمّا هذا عند الجحفة. وأما العيون: التى أجريت بمكة وبظاهرها: فكثيرة، وليس منها الآن جار غير العين المعروفة بعين بازان، وهى فى غالب الظن من عمل زبيدة، ولها فى عينها نفقة عظيمة، يقال: إنها ألف ألف وسبعمائة ألف دينار. نقل ذلك عن المسعودى عن محمد بن على الخراسانى الأخبارى. وقد عمرت عين بازان مرات كثيرة، من قبل جماعة من الخلفاء، والملوك والأعيان. منهم: المستنصر العباسى فى سنة خمس وعشرين وستمائة، وفى أربع وثلاثين وستمائة. ومنهم: الأمير جوبان نائب السلطنة بالعراقين عن السلطان أبى سعيد بن خربندا ملك التتر.

وأما المطاهر

وذلك فى سنة ست وعشرين وسبعمائة. ووصلت إلى مكة فى العشر الأخير من جمادى الأولى منها، وعظم نفعها. وكان الناس بمكة قبل ذلك فى شدة لقلة الماء. وممن عمرها من الملوك: صاحب مصر الملك المؤيد من مال تطوع به على يد علاء الدين القائد. وكانت هذه العمارة فى سنة إحدى وعشرين وثمانمائة. ووصلت إلى مكة فى شعبان منها ثم قل جريان الماء، فوفق الله القائد علاء الدين لعمارتها، فجرت جريا حسنا، وبلغت بركة الماجن بأسفل مكة. وذلك فى سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، وجريانها مستمر إلى سنتين بعد ذلك. ومن العيون التى أجريت بمكة عين أجراها الملك الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر فى مجرى عين بازان، وتعرف العين التى أجراها المذكور: بعين جبل نقبة. وذلك فى سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. وعين أجراها الأمير المعروف بالملك نائب السلطنة بمصر من منى إلى بركة السلم بطريق منى. وذلك فى سنة خمس وأربعين وسبعمائة. وأما المطاهر: فمطهرة الملك الناصر محمد بن قلاوون. عمرت فى سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. وفيها وقفت وهى التى عند باب بنى شيبة. ومطهرة الأمير صرغتمش الناصرى، بين العطيفية والبيمارستان بالجانب الشمالى من المسجد الحرام. وتاريخ عمارتها سنة تسع وخمسين وسبعمائة. ومطهرة طنيفا الطويل بقرب باب العمرة. عمرت فى أول عشر السبعين وسبعمائة فيما أظن. ومطهرة الملك الأشرف شعبان صاحب مصر بالمسعى قبالة باب على. عمرت فى سنة ست وسبعين وسبعمائة.

ومطهرة خلفها للنسوة. عمرتها أم سليمان المتصرفة فى سنة ست وتسعين وسبعمائة. ومطهرة تنسب للواسطى عند باب الحزورة، وما عرفت واقفها ولا متى وقفت. وأعظمهم نفعا: مطهرة الملك الناصر، وبعض هذه المطاهر معطل لخرابه. * * *

الباب الرابع والعشرون فى ذكر شيء من خبر بنى المحض بن جندل، ملوك مكة ونسبهم، وذكر شيء من أخبار العماليق ملوك مكة ونسبهم، وذكر ولاية طسم للبيت الحرام

الباب الرابع والعشرون فى ذكر شيء من خبر بنى المحض بن جندل، ملوك مكة ونسبهم، وذكر شيء من أخبار العماليق ملوك مكة ونسبهم، وذكر ولاية طسم للبيت الحرام (1). أما بنو المحض: فقال المسعودى: وقد كان عدة ملوك تفرقوا فى ممالك متصلة ومنفصلة. فمنهم المسمى: بأبى جاد، وهوز، وحطى، وكلمن، وسعفص، وقرشت، وهم على ما ذكرنا بنو المحض بن جندل. وأحرف الجمل هى أسماء الملوك، وهم الأربعة والعشرون حرفا التى عليها حساب الجمل. ثم قال المسعودى: وكان أبجد ملك مكة وما يليها من الحجاز. وكان هوز، وحطى: ملكين ببلاد وجّ، وهى أرض الطائف، وما اتصل بذلك من أرض نجد. وكلمن وسعفص وقرشت: ملوكا بمدين. وقيل: ببلاد مصر. وكان كلمن على ملك مدين. ومن الناس من رأى: أنه كان ملك جميع من سميناه مشاعا متصلا، على ما ذكرنا. وذكر المسعودى فى نسب بنى المحض أكثر من هذه، إلا أنه قال ـ لما ذكر الخلاف فى نسب قوم شعيب ـ: ومنهم من رأى: أنهم من ولد المحصن بن جندل بن يعصب ابن مدين بن إبراهيم. وأما العماليق: فهم: من ولد عملاق. وقيل: عمليق بن لاود، ويقال: لود بن سام ابن نوح. وقيل: إنهم من ولد العيص، ويقال: عيصو بن إسحاق بن إبراهيم الخليل. وهذا القول ذكره المسعودى.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 352 ـ 356).

وفى تاريخ الأزرقى خبران فيهما: أن العماليق من حمير. وأخذ الخبرين عن ابن عباس رضى الله عنهما. وفى كون العماليق من حمير نظر بيناه فى أصله. وذكر الفاكهى أخبارا تتعلق بالعماليق، فى بعضها: أنهم كانوا بمكة لما قدّم. وقد عاد للاستسقاء. وفى بعضها: أنهم كانوا بعرفة لما أخرج الله زمزم لإسماعيل، وأنهم تحولوا إلى مكة لما علموا بذلك. وفى بعضها: أنهم كانوا ولاة الحكم بمكة، فضيقوا حرمة البيت، واستحلوا منه أمورا عظاما، ونالوا ما لم يكونوا ينالون، فوعظهم رجل منهم يقال له: عملوق، فلم يقبلوا ذلك منه، فأخرجهم قطورا وجرهم من الحرم كله، وكانوا لا يدخلونه. وأما ولاية طسم: فذكرها الأزرقى فيما رواه بسنده إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه. وذكر أنهم استحلوا حرمة البيت فأهلكهم الله. ثم وليه بعدهم جرهم، وطسم أخو عجلان، وقد تقدم نسبه. * * *

الباب الخامس والعشرون فى ذكر شيء من خبر جرهم ولاة مكة ونسبهم، وذكر من ملك مكة من جرهم، ومدة ملكهم لها وما وقع فى نسبهم من الخلاف، وفوائد تتعلق بذلك، وذكر من أخرج جرهما من مكة وكيفية خروجهم منها، وغير ذلك

الباب الخامس والعشرون فى ذكر شيء من خبر جرهم ولاة مكة ونسبهم، وذكر من ملك مكة من جرهم، ومدة ملكهم لها وما وقع فى نسبهم من الخلاف، وفوائد تتعلق بذلك، وذكر من أخرج جرهما من مكة وكيفية خروجهم منها، وغير ذلك (1). أما نسبهم: فقال ابن هشام: إن جرهما هو ابن قحطان بن عابد بن سالح بن أرمخشذ بن سام بن نوح. وقيل: إن جرهما: ابن ملك من الملائكة أذنب ذنبا فأهبط إلى مكة فتزوج امرأة من العماليق، فولدت له جرهما، فذلك قول الحارث بن مضاض الجرهمى: اللهم إن جرهما عبادك ... الناس طرف وهم تلادك وأما من ملك مكة من جرهم ومدة ملكهم له ونسبهم، فذكره المسعودى؛ لأنه قال: ووجدت فى وجه آخر من الروايات: أن أول ملك من ملوك جرهم مضاض بن عمرو ابن سعد بن الرقيب، هو ابن ثبت بن جرهم بن قحطان: مائة سنة. ثم ملك بعده ابنه عمرو بن مضاض: مائة وعشرون سنة. ثم ملك الحارث بن عمرو: مائة سنة. وقيل: دون ذلك. ثم ملك بعده عمرو بن الحارث: مائتى سنة. ثم ملك بعده مضاض بن عمرو بن الأصفر بن الحارث بن عمرو بن مضاض بن عمرو بن سعيد بن الرقيب بن هنما بن ثبت بن جرهم بن قحطان: أربعين سنة. انتهى. وذكر المسعودى ما يقتضى: أن مدة ملك جرهم لمكة دون ذلك. وذكر أيضا ما يقتضى: أن أول ملوكهم غير مضاض بن عمرو بن سعد؛ لأنه ذكر: أن الحارث بن مضاض بن عمرو بن سعد بن الرقيب بن ظالم بن هنما بن ثبت بن جرهم: كان على جرهم حين أتوا من اليمن إلى مكة. وذكر أن قدومهم إليها كان بعد أن سمعوا لما حصل بها من الخصب لمن تقدمهم من العماليق الذى كان عليها السميدع المذكور.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 1/ 357 ـ 378).

ثم قال: فكانت على الجرهميين، فافتضحوا وصارت ولاية البيت إلى العماليق، ثم كانت لجرهم عليهم فأقاموا ولاة البيت نحو ثلاثمائة سنة. انتهى. وذكر ابن إسحاق ما يخالف ذلك؛ لأنه ذكر ما يقتضى: أن جرهما لما قدموا إلى مكة كان عليهم مضاص بن عمرو، وأنه وقومه تقاتلوا مع السميدع وقومه، فقتل السميدع وصار ملك مكة لمضاض. وما ذكره ابن إسحاق هو المعروف. وما ذكره المسعودى غريب. والله أعلم بحقيقة الحال. وما ذكره فى نسب ملوك جرهم، ذكر السهيلى ما يخالفه. وكذلك فتح الأندلس؛ لأنه ذكر خبرا يتعلق بجرهم، وفيه: أن الحارث بن مضاض الذى طالت غربته، قال لإياد بن نزار بعد أن أوصله إلى مكة: أنا الحارث بن مضاض ابن عبد المسيح بن نفيلة بن عبد الدان بن خشرم بن عبد ياليل بن جرهم بن قحطان بن هودعليه السلام. انتهى. والله أعلم. وأما من أخرج جرهما من مكة وكيفية خروجهم منها، فقد اختلفت الأخبار فى ذلك. ففى بعضها: أن بنى بكر بن عبد مناة بن كنانة، وعيشان بن خزاعة، لما رأوا استحلال جرهم لحرمة البيت وظلمهم بها قاتلوا جرهما، فغلبهم بنو بكر وعيشان ونفوا جرهما من مكة. وفى بعضها: أخرجهم ثعلبة بن عمرو بن عامر ماء السماء. وفى بعضها غير ذلك. ومما قيل من الشعر عند خروجهم من مكة الأبيات التى أولها: كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر والأبيات التى أولها: يا أيها الناس سيروا إن مصيركم ... أن تصبحوا ذات يوم لا تسيرونا * * *

الباب السادس والعشرون فى ذكر شيء من خبر إسماعيل، وذكر ذبح إبراهيم لإسماعيل عليهما السلام

الباب السادس والعشرون فى ذكر شيء من خبر إسماعيل، وذكر ذبح إبراهيم لإسماعيل عليهما السلام (1). كان إبراهيم عليه السلام حمل إسماعيل، وهو رضيع مع أمه هاجر إلى مكة وأنزلهما عند الكعبة، وليس بها يومئذ أحد، وليس بها ماء، وفارقهما بعد أن وضع عندهما جوابا فيه تمر، وسقاء فيه ماء، فجعلت أم إسماعيل ترضعه وتشرب من ذلك الماء، حتى نفد ما فى السقاء، عطشت وعطش إسماعيل، وجعلت تنظر إليه تتلوى ـ وقال: تتلبط ـ فمنّ الله عليهما بزمزم، سقيا لهما، فشربت وأرضعت ولدها. وقال لها الملك: لا تخافى الضيعة، فإن هذا بيت الله، يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله. ثم نزل عليهما ناس من جرهم بأمر هاجر على أن لا حق لهم فى الماء. وشب إسماعيل وتعلم العربية منهم، وأنفسهم وأعجبهم حين شبّ، فلما أدرك زوجوه امرأة منهم، ثم طلقها بإشارة من أبيه لشكواها فى المعيشة. تم تزوج منهم أخرى، وزاره أبوه فلم يجده أيضا، وأمره بإمساك زوجته لشكرها فى المعيشة. ثم زاره الثالثة فبنيا البيت، فكان إبراهيم يبنى، وإسماعيل ينقل الحجارة ويناولها له، وهما يقولان: (رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [البقرة: 127]. وما ذكره من خبر إسماعيل وأمه وأبيه. ذكر البخارى ما يوافقه. وفى بعض الأخبار الواردة فى هذا المعنى ما يخالف بعض ذلك. وقد بينا شيئا من ذلك فى أصله. وأما ذبح إبراهيم لإسماعيل عليهما السلام: فذكر الفاكهى فيه خبرا طويلا عن إسحاق يقتضى: أن إبراهيم لما أراد ذبح ابنه قال: أى بنى خذ الحبل والمدية ـ وهى الشفرة ـ ثم امض بنا إلى هذا الشعب لتحطب أهلك منه قبل أن يذكر له ما أمر به. فعرض لهما إبليس ليصدهما عن طاعة الله فى ذلك فلم يقبلا منه. فلما خلا إبراهيم فى الشعب، ويقال ذلك إلى ثبير، قال له: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 2/ 3 ـ 14).

قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) [الصافات: 102] ثم أدخل الشفرة فى حلقه فقلبها جبريل عليه السلام لقفائها فى يده، ثم اجتذبها إليه ونودى: (أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) [الصافات: 104، 105] فهذه ذبيحتك. فداء لابنك فاذبحها دونه. وقد تقدم الخلاف فى موضع ذبح هذا الفداء من منى فى الباب الحادى والعشرين. واختلف فى الذبيح هل هو إسماعيل بن إبراهيم (1)، أو أخوه إسحاق بن إبراهيم والصحيح أنه إسماعيل على ما قال الحافظ عماد الدين بن كثير. ونقل ذلك النووى عن الأكثرين. وكلام السهيلى يقتضى ترجيح: أنه إسحاق. وكذلك المحب الطبرى. والله أعلم. وإسماعيل أول من ذللّت له الخيل العراب. وأول من ركب الخيل، وأول من تكلم بالعربية. وقيل فى أول من تكلم بالعربية غير ذلك. والله أعلم. وقال الفاكهى فى الأوليات بمكة: وأول من أحدث الأرجية يطحن بها بمكة إسماعيل ابن إبراهيم النبى عليه السلام. * * *

_ (1) انظر أوجه الخلاف فى: (مرآة الزمان 1/ 2980، تاريخ الطبرى 1/ 289، 301، زاد المسير 7/ 72، 73، عرائس المجالس 91، 93، البداية والنهاية 1/ 158، 160).

الباب السابع والعشرون فى ذكر شيء من خبر هاجر أم إسماعيل عليه السلام، وذكر أسماء أولاد إسماعيل وفوائد تتعلق بهم وذكر شيء من خبر بنى إسماعيل، وذكر ولاية نابت بن إسماعيل للبيت الحرام

الباب السابع والعشرون فى ذكر شيء من خبر هاجر أم إسماعيل عليه السلام، وذكر أسماء أولاد إسماعيل وفوائد تتعلق بهم وذكر شيء من خبر بنى إسماعيل، وذكر ولاية نابت بن إسماعيل للبيت الحرام (1). أما هاجر (2): فقال ابن هشام ـ بعد أن ذكر أن قبرها وقبر ابنها إسماعيل فى الحجر عند الكعبة ـ تقول العرب: هاجر وآجر، فيبدلون الألف من الهاء، كما قالوا: هراق الماء وأراق الماء وغيره. وهاجر من أهل مصر. وقال السهيلى: وهاجر أول امرأة ثقبت أذناها، وأول من خفض من النساء، وأول من جرت ذيلها. وذلك: أن سارة غضبت عليه، فحلفت أن تقطع ثلاثة أعضاء من أعضائها، فأمرها إبراهيم عليه السلام: أن تبر قسمها بثقب أذنيها، وخفاضها، فصارت سنة فى النساء. وكانت هاجر أمة لبعض الملوك، فوهبها لسارة زوج الخليل، وهى ابنة عمه فوهبتها للخليل، فولدت له إسماعيل، وشجر بين سارة وهاجر أمر وساء ما بينهما فحمل الخليل هاجر مع ابنها إلى مكة على ما سبق. وذكر الفاكهى عن بعضهم: أنه أوحى إليها، وهذا غريب، والله أعلم بصحته. وسن للمحرم السعى بين الصفا والمروة لسعى هاجر بينهما لما طلبت الماء لابنها حين اشتد به الظمأ. وخبرها فى ذلك عن ابن عباس رضى الله عنهما فى صحيح البخارى. وأما أولاد إسماعيل عليه السلام (3): فقال ابن هشام: حدثنا زياد بن عبد الله البكائى عن محمد بن إسحاق قال: ولد إسماعيل بن إبراهيم اثنى عشر رجلا: نابتا، وكان

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 2/ 15 ـ 23). (2) انظر: (عرائس المجالس 100، البداية والنهاية 1/ 191، نهاية الأرب 13/ 115، شفاء الغرام 2/ 3، طبقات ابن سعد 1/ 50، مرآة الزمان 1/ 310). (3) انظر: (مرآة الزمان 1/ 310، شفاء الغرام 2/ 17، الأزرقى 1/ 44، تاريخ الطبرى 1/ 351، طبقات ابن سعد 1/ 50).

وأما خبر بناء إسماعيل عليه السلام

أكبرهم، وقيدار، وأربل، ومشا، وصمعا، وماشى، وذما، وآزر، وطسما وبطور، ونيشا، وقيدما، وأمهم بنت مضاض بن عمرو الجرهمى. انتهى. وذكر الأزرقى والفاكهى وغيرهما فى أسماء أولاد إسماعيل ما يخالف هذا. وذكرنا ذلك مع فوائد تتعلق لمعانى بعض أسمائهم وضبطها وغير ذلك فى أصل هذا الكتاب. وأما خبر بناء إسماعيل عليه السلام (1): فمنه: أن بنى إسماعيل والعماليق من سكان مكة، ضاقت عليهم البلاد، فتفسحوا فى البلاد والتمسوا المعاش، فخلف الخلوف بعد الخلوف، وتبدلوا بدين إسماعيل وغيره، وسلخوا إلى عبادة الأثان، فيزعمون: أن أول ما كانت عبادة الحجارة فى بنى إسماعيل: أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن إلا احتملوا معهم من حجارة الحرم تعظيما للحرم وصبابة لمكة والكعبة حيثما حلوا وضعوه وطافوا به كطوافهم بالكعبة، حتى سلخ ذلك بهم إلى أن كانوا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم وإسماعيل يتمسكون بها من تعظيم البيت والطواف به، والحج والعمرة والوقوف على عرفة والمزدلفة، وهدى البدن مع إدخالهم فيه ما ليس منه. وكان أول من غيّر دين إسماعيل: عمرو بن لحى، وهذا الذى ذكرناه من خبر بنى إسماعيل. ذكره ابن إسحاق. وإلياس بن مضر: هو الذى رد بنى إسماعيل إلى سنن آبائهم حتى رجعت سننهم تامة على أولها. ذكر ذلك الزبير بن بكار. وأما ولاية نابت بن إسماعيل للبيت الحرام: فذكرها ابن إسحاق، وقال: وليه ما شاء الله أن يليه. * * *

_ (1) انظر: (سيرة ابن هشام 1/ 114، تاريخ الطبرى 1/ 320، مروج الذهب 2/ 166، مرآة الزمان 1/ 312، 313).

الباب الثامن والعشرون فى ذكر ولاية إياد بن نزار بن معد بن عدنان للكعبة، وشيء من خبره، وذكر ولاية بنى إياد بن نزار الكعبة، وشيء من خبرهم وخبر مضر، ومن ولى الكعبة من مضر قبل قريش

الباب الثامن والعشرون فى ذكر ولاية إياد بن نزار بن معد بن عدنان للكعبة، وشيء من خبره، وذكر ولاية بنى إياد بن نزار الكعبة، وشيء من خبرهم وخبر مضر، ومن ولى الكعبة من مضر قبل قريش (1). أما ولاية إياد: فقال الزبير بن بكار: حدثنا عمر بن أبى بكر الموصلى عن غير واحد من أهل العلم بالنسب، قالوا: لما حضرت نزار الوفاة، آثر إيادا بولاية الكعبة، وأعطى مضر ناقة حمراء، فسميت: مضر الحمراء، وأعطى ربيعة الفرس فرسه، فسمى: ربيعة الفرس، وأعطى أثمار، جارية تسمى: بجيلة، فحضنت بنيه، فسموا: بجيلة أثمار. ويقال: أعطى إيادا عصاه وحلته. ورأيت لإياد بن نزار وإخوته المشار إليهم خبرا يستظرف فى ذكائهم ومعرفتهم بما أخبروا به من صفة البعير الذى سئلوا عنه مع كونهم لم يروه، وغير ذلك. وأما ولاية بنى إياد بن نزار الكعبة: فذكر الفاكهى فيها خبرا طويلا. فيه: ثم وليت حجابة البيت إياد، وكان أمر البيت إلى رجل منهم يقال له: وكيع بن سلمة بن زهير بن إياد، ثم قال ـ بعد أن ذكر شيئا من خبره ـ: ثم إن مضر أديلت بعد إياد. وكان أول من ديل منهم: عدوان وفهم، وأن رجلا من إياد ورجلا من مضر خرجا يتصيدان فمرت بهما أرنب، فاكتنفاها يرميانها، فرماها الإيادى، فنزل سهمه، فنظم قلب المضرى فقتله. فبلغ الخبر مضر، فاستغاثت بفهم وعدوان يطلبون لهم قود صاحبهم، فقالوا: إنما أخطأه، فأبت فهم وعدوان إلا قتله، فتناوش الناس بينهم بالمدور ـ وهو مكان ـ فسمت مضر من إياد ظفرا، فقالت لهم إياد: أجلونا ثلاثا، فلن نساكنكم أرضكم، فأجلوهم ثلاثا، فظعنوا قبل المشرق. وكانوا حسدوا مضر على ولاية الركن الأسود فدفنوه، بعد أن لم يحملوه على شيء إلا رزح.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 2/ 24 ـ 30).

وافتقدت مضر الركن بعد يومين، فعظم فى نفسها، ثم تخلوا عن حجابة البيت لخزاعة على أن يدلوهم على الركن، فدلوهم عليه؛ لأن امرأة من خزاعة نظرت بنى إياد حين دفنوه وأعادوه فى مكانه. انتهى بالمعنى فى كثير منه. وممن ولى الكعبة من مضر أسيد بن خزيمة بن مدركة جد النبى صلى الله عليه وسلم. * * *

الباب التاسع والعشرون فى ذكر من ولى الإجازة بالناس من عرفة ومزدلفة، ومنى، من العرب فى ولاية خزاعة وقريش على مكة

الباب التاسع والعشرون فى ذكر من ولى الإجازة بالناس من عرفة ومزدلفة، ومنى، من العرب فى ولاية خزاعة وقريش على مكة (1). قال ابن إسحاق: وكان العون بن مدين أو ابن طابخة بن إلياس بن مضر يلى الإجازة للناس بالحج من عرفة، وولده من بعده. وكان يقال له ولوالده صوفه، ثم قال ابن إسحاق: فإذا فرغوا من رمى الجمار فأرادوا النفر من منى أخذت صوفة بجانبى العقبة، فحبسوا الناس، وقالوا: أجيزى بنى صوفة، فلم يجز أحد من الناس حتى يمروا، فإذا نفذت صوفة ومضت خلى سبيل الناس، فانطلقوا بعدهم. فكانوا كذلك حتى انقرضوا، فورثهم ذلك من بعدهم بالقعدة: بنو سعد بن زيد مناة ابن تميم، وكانت من بنى سعد فى الصفوان بن الحارث بن شحنة. قال ابن هشام: صفوان بن خباب بن شحنة بن عطارد بن عوف بن كعب بن سعد ابن زيد مناة بن تميم. قال ابن إسحاق: فكان صفوان هو الذى يجيز الناس بالحج من عرفة ثم بنوه من بعده حتى كان آخرهم الذى قام عليه الإسلام: كرز بن صفوان. وذكر ابن هشام: أن الإفاضة من المزدلفة: كانت فى عدوان فيما حدثنى زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق: يتوارثون ذلك كابرا عن كابر، حتى كان آخرهم الذى قام عليه الإسلام أبو سيارة عميلة بن الأعزل. انتهى باختصار. وذكر الفاكهى خبرا يقتضى: أن أبا سيارة من بنى عبد بن معيص بن عامر بن لؤى، وقيس أخواله. وذكر أيضا ما يقتضى: أن الإجازة صارت من صوفة إلى عدوان، وهذا مع ما قبله يخالفان ما سبق، والله أعلم. وفى أصله فوائد تتعلق بهذه الأخبار. منها: أن الناس إذا نفروا من منى فأجازوا إلى الأبطح اجتمعت كندة إلى بنى بكر ابن وائل فأجازوا بهم حتى يبلغوا البيت. ذكر ذلك الفاكهى وهو غريب. * * *

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 2/ 31 ـ 38).

الباب الثلاثون فى ذكر من ولى إنساء الشهور من العرب بمكة، وذكر صفة الإنساء، وذكر الحمس والحلة، والطلس

الباب الثلاثون فى ذكر من ولى إنساء الشهور من العرب بمكة، وذكر صفة الإنساء، وذكر الحمس والحلة، والطلس (1). اختلف الأخبار فى أول من أنسأ: ففى بعضها: أنه مالك بن كنانة. وهذا فى تاريخ الأزرقى. وفى بعضها: أنه القلمس، وهو حذيفة بن عبد بن فقيم بن عدى بن عامر بن ثعلبة ابن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة. وهذا فى السيرة لابن إسحاق، تهذيب ابن هشام. وفى بعضها غير ذلك. وآخر من أنسأ أبو ثمامة جنادة بن عوف. وقيل: أنه أنسأ أربعين سنة. والله أعلم. وأما صفة الإنساء: فذكر الأزرقى مطولا، والسهيلى مختصرا مفيدا؛ لأنه قال: وأما نسؤهم الشهر الحرام: فكان على ضربين. أحدهما: ما ذكره ابن إسحاق من تأخير شهر المحرم إلى صفر لحاجتهم إلى شن الغارات وطلب الثأر. والثانى: تأخيرهم الحج عن وقته تحريا منهم للسنة الشمسية، فكانوا يؤخرونه فى كل عام أحد عشر يوما أو أكثر قليلا حتى يدور الدور إلى ثلاث وثلاثين سنة، فيعود إلى وقته. انتهى. وفى الأزرقى ما يقتضى أن الحج يستدير فى كل أربع وعشرون سنة. والله أعلم. وأما الحمس: فروى الزبير بسنده إلى مجاهد قال: الحمس: قريش وبنو عامر بن صعصعة، وثقيف وخزاعة، ومدلج وعدوان، والحارث بن عبد مناة، وعضل أتباع قريش. وسائر العرب: الحلة.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 2/ 39 ـ 43).

وفى تاريخ الأزرقى ما يقتضى: أن من الحمس ناسا غير هؤلاء. وذلك مذكور فى أصله. واختلف فى سبب تسميتهم بالحمس، فقيل: سموا بالكعبة؛ لأنها حمسا حجرها أبيض يضرب إلى السواد، وقيل: لشدتهم فى دينهم، وقيل: لشجاعتهم، والله أعلم. وكان للحمس سيرة، منها: أنهم لا يقفون إلا بالمزدلفة، ولا يطوفون بالبيت عراة، وكانت الحلة تقف بعرفة مع وقوفها بالمزدلفة، وتطوف بالبيت عراة. وقد ذكرنا من سيرتهم الباطلة غير هذا. وأما الطلس: فقوم كانوا يأتون من أقصى اليمن طلسا من الغبار فيطوفون بالبيت فى تلك الثياب الطلس، فسموا بذلك. ذكره محمد بن حبيب فيما نقله عنه السهيلى. * * *

الباب الحادى والثلاثون فى ذكر شيء من خبر خزاعة ولاة مكة فى الجاهلية ونسبهم، ومدة ولايتهم لمكة، أول ملوكهم بها، وغير ذلك من خبرهم، وشيء من خبر عمرو بن عامر ماء السماء الذى تنسب إليه خزاعة على ما قيل، وشيء من خبر بنيه وغير ذلك

الباب الحادى والثلاثون فى ذكر شيء من خبر خزاعة ولاة مكة فى الجاهلية ونسبهم، ومدة ولايتهم لمكة، أول ملوكهم بها، وغير ذلك من خبرهم، وشيء من خبر عمرو بن عامر ماء السماء الذى تنسب إليه خزاعة على ما قيل، وشيء من خبر بنيه وغير ذلك (1). أما نسب خزاعة: فمنهم من ولد قمعة بن إلياس بن نضر بن نزار بن معد بن عدنان. هكذا قال جماعة من أهل العلم بالنسب، منهم: ابن حزم، واحتج لذلك بأحاديث تقوم بها الحجة، وقيل: إنهم من ولد الصلت بن النضير بن كنانة. ذكر هذا القول ابن قتيبة وقيل: إنهم من قحطان، وخزاعة تقول ذلك. لأن ابن هشام قال: وتقول خزاعة: نحن بنو عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأسد بن الغوث. وخندف أمناء فيما حدثنى أبو عبيدة وغيره من أهل العلم، فقال: خزاعة بنو حارثة بن عمرو بن عامر. وأنما سميت خزاعة لأنهم يخزعون من ولد عمرو بن عامر حين أقبلوا من اليمن يريدون الشام، فنزلوا بمر الظهران، فأقاموا بها. انتهى. إذا كانت خزاعة من مضر فلا تظهر تسميتها بخزاعة معنى. وإذا كانوا من قحطان، فذلك لانخزاعهم عن قومهم بمكة، والانخزاع: هو المفارقة. ومن ذلك يقول القائل: فلما هبطنا بطن مر تخزعت ... خزاعة منا فى حلول كراكر وأما ولاية خزاعة بمكة: فسبق فى باب أخبار خبرهم، وهو الباب الخامس والعشرون: أن بنى بكر بن عبد مناة وغبشان: من خزاعة، قاتلوا جرهما وأخرجوهم من مكة، وهذا يقتضى: أنهم وليوا البيت ومكة. وسبق فى الباب الثامن والعشرون: أن سبب ولايتهم للبيت إعلامهم مضر بموضع الحجر الأسود لما دفنته بنو إياد. وفى الخبر الذى فيه ذلك: ووليت خزاعة عند ذلك البيت، ولم يبرح فى أيديهم حتى

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 2/ 48 ـ 59).

قدم قصى، فكان من أمره ما كان. وهذا يخالف ما سبق فى سبب ولايتهم. والله أعلم. وذكر ابن إسحاق ما يقتضى أن غبشان من خزاعة انفردت بولاية البيت دون بكر ابن عبد مناة. ولم تزل خزاعة تلى البيت كابرا عن كابر حتى كان آخرهم خليل بن حبشية. وأما مدة ولاية خزاعة بمكة: فروينا عن ابن إسحاق وابن سريج قالا: قامت خزاعة على ما كانت عليه من ولاية البيت والحكم بمكة ثلاثمائة سنة. وروينا عن أبى صالح قال: وكان عمرو بن لحى يلى البيت، وولده من بعده خمسمائة سنة حتى كان آخرهم خليل بن حبشية بن سلول، وكانوا هم حجابه وخزانه والقوام به، وولاة الحكم بمكة. انتهى باختصار. وعمرو بن لحى المذكور فى هذا الخبر: هو عمرو بن لحى، واسمه ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر. كذا فى الخبر الذى فيه ذلك. وأما أول من ولى البيت ومكة: ففى بعض الأخبار أنه عمرو بن لحى المذكور. وفى بعضها: أنه أبو ربيعة، وفى بعضها: أنه عمرو بن الحارث الغبشانى. والله أعلم. وأما آخر من ولى ذلك من خزاعة: فخليل بن حبشية، كما سبق. وذكر الزبير: أن خليلا جعل إلى أبى غبيشان فتح البيت وإغلاقه، وأن قصيا اشترى ولاية البيت من أبى غبشان بزق خمر أو قعود، وقيل: بكبش وزق خمر. فقال الناس: أخسر من صفقة أبى غبشان، فصارت مثلا. وأما خبر عمرو بن عامر، الذى تنسب إليه خزاعة على ما قيل. وخبر بنيه. فمنه أنه كان يقال له: مزيقيا؛ لأنه كان يلبس فى كل يوم حلتين، ثم يمزقهما لئلا يلبسهما غيره. وكان ملك مأرب وهى بلاد سبأ المذكورة فى القرآن العظيم، ثم تحول منها بعد أن باع أمواله بها لما أخبرته به طريفة الكاهنة من خرابها بسيل العرم. وكان تحوله عنها بولده وولد ولده، وساروا حتى نزلوا بلاد عك، وكان بينهم وبين عك حروب، ثم رحلوا عنها، فتفرقوا فى البلاد على ما ذكر ابن هشام. وفى بعض الأخبار ما يقتضى: أن تفرقهم كان بمكة لما أصابهم من الحماء. والله أعلم. وخبر عمرو بن عامر وبنيه وخبر خزاعة أكثر من هذا. * * *

الباب الثانى والثلاثون فى ذكر شيء من أخبار قريش بمكة فى الجاهلية، وشيء من فضلهم، وما وصفوا به، وبيان نسبهم وسبب تسميتهم بقريش وابتداء ولايتهم الكعبة وأمر مكة

الباب الثانى والثلاثون فى ذكر شيء من أخبار قريش بمكة فى الجاهلية، وشيء من فضلهم، وما وصفوا به، وبيان نسبهم وسبب تسميتهم بقريش وابتداء ولايتهم الكعبة وأمر مكة (1). أما فضلهم، فمنه: قول النبى صلى الله عليه وسلم: «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة ـ الحديث». وهو فى مسلم من رواية واثلة بن الأسقع عنه. وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن هذا الأمر فى قريش، ولا يعايهم أحد إلا كبه الله تعالى على وجهه ما أقاموا الدين». وهذا فى صحيح البخارى. وأما ما وصفت به بطون قريش بأن بعضهم يعرف «بقريش البطاح»، وهم «بنو كعب بن لؤى» لأن قريشا حين قسموا بلادهم أصابت كعب الأباطح، وبعضهم يعرف بقريش «الظواهر» وهم: محارب والحارث ابنا فهر، وبنو عامر بن لؤى، والأدرم ابن غالب، وبقية قريش إلا أن الحارث بن فهر دخل مكة من البطاح، وبعضهم يعرف «بقريش العارية»، وهم: ولد سامة بن لؤى بن غالب بن فهر، وبعضهم يعرف «بقريش العائدة» وهم: بنو خزيمة بن لؤى بن غالب بن فهر. وأما نسب قريش: فاختلف فيه، فقيل: إنهم من ولد فهر بن مالك بن النضر بن كنانة. ورجحه الزبير بن بكار وغيره. وقيل: إنهم من ولد النضر بن كنانة. ورجحه النووى. والله تعالى أعلم. وأما سبب تسميتهم: بقريش، فقيل: سموا قريشا من التقرش، والتقرش: التجارة والاكتساب. وقيل: لتفتيشهم عن حاجة الناس، وسدهم لها. وقيل: بتجمعها من تفرقها. وقيل: غير ذلك. والله أعلم. وأما ابتداء ولاية قريش للكعبة المعظمة وأمر مكة: فسببه قصى بن كلاب بن مرة بن لؤى بن غالب. وذلك: أن الحليل بن حبشية جعل ذلك لقصى حين حضرته الوفاة. وكان قصى قد تزوج ابنته حبى، وولد له منها عبد الدار، وعبد مناف، وعبد العزى، وعبد بنو قصى.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 2/ 60 ـ 74).

ولما مات حليل أبت خزاعة أن تدع قصيا وذاك، وأخذوا المفتاح منه فاستنصر قصى برجال من قريش وكنانة فأجابوا، واستنصر أيضا بأخيه لأمه رزاح بن ربيعة، فخرج إليه بإخوته ومن معهم من قضاعة، فقابل بهم قصى خزاعة بعد انقضاء الحج بمفضى مأزمى منى، فسمى ذلك المكان «المفجر» لما فجر فيه وسفك من الدماء، بسبب الجراحات فى الفريقين، وكثرت القتلى فيهما، ثم تداعوا إلى الصلح، فحكموا يعمر بن عوف بن كعب بن الليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة، وكان شريفا، فحكم: بأن لا تباعد لأحد على أحد فى دم، وحكم: بحجابة البيت وولاية أمر مكة لقصى دون خزاعة، لما جعل له حليل، وأن لا تخرج خزاعة من مساكنها من مكة، فسمى يعمر يومئذ: الشداخ؛ لأنه لما حكم قال: ألا إنى قد شدخت ما كان بينكم من دم تحت قدمى هاتين. وولى قصى حجابة البيت وأمر مكة، وجمع قومه من قريش من منازلهم إلى مكة ليستعزبهم، وتملك على قومه فملكوه. وخبر ولايته طويل فى تاريخ الأزرقى. وهذا ملخص منه بالمعنى فيه مقنع. وقد سبق فى الباب الذى قبله أن قصيا اشترى ولاية البيت من أبى غبشان بما سبق ذكره. وذكر الزبير بن بكار خبرا يقتضى أن قصى بن كلاب: أول من ثرد الثريد فأطعم بمكة وسقى اللبن بعد بنت بن إسماعيل. وذكر أيضا خبرا يقتضى أن قصيا كان يعشر من دخل مكة من غير أهلها. ومن خبر قصى بن كلاب: أنه أحدث وقود النار بالمزدلفة، ليراها من دفع من عرفة، وأنه: بنى قزح موضع الوقوف بالمزدلفة، وأنه: اتخذ لنفسه دار الندوة، وجعل بابها إلى مسجد الكعبة، ففيها كانت تقضى قريش أمورها. وأن أمره فى قومه كدين المتبوع لا يعمل بغيره فى حياته ومن بعده. وأنه مات بمكة فدفن بالحجون، فتدافن الناس بالحجون بعده. وأنه أول بنى كعب بن لؤى، أصاب ملكا أطاع له به قومه. والله أعلم. * * *

الباب الثالث والثلاثون فى ذكر شيء من خبر بنى قصى بن كلاب، وتوليتهم لما كان بيده من الحجابة، والسقاية، والرفادة، والندوة، والقيادة، وتفسير ذلك

الباب الثالث والثلاثون فى ذكر شيء من خبر بنى قصى بن كلاب، وتوليتهم لما كان بيده من الحجابة، والسقاية، والرفادة، والندوة، والقيادة، وتفسير ذلك (1). اختلف فيما صنعه قصى فيما كان بيده من الأمور المشار إليها، فقيل: إنه جعل ذلك لابنه عبد الدار بن قصى لتلحقه فى الشرف بأخيه عبد مناف، ثم إن بنى عبد مناف بن قصى: عبد شمس وهاشما والمطلب ونوفلا، أجمعوا على: أن يأخذوا ذلك من أيدى بنى عبد الدار لشرفهم وفضلهم فى قومهم على بنى عبد الدار. وكاد أن يقع بين الفريقين قتال، ثم اصطلحوا على: أن يعطوا بنى عبد مناف السقاية والرفادة، وأن تكون الحجابة واللواء والندوة لبنى عبد الدار. فولى السقاية والرفادة: هاشم بن عبد مناف ليساره، واسمه عمرو، ويقال ما سمى هاشما إلا لهشمه الخبز بمكة لقومه، ويقال: إنه أول من أطعم الثريد بمكة وأنه أول من سنّ لقريش الرحلتين: رحلة الشتاء والصيف. ومات بغزة بالشام تاجرا، فولى السقاية والرفادة بعد: عبد المطلب بن عبد مناف. وكان يسمى: الفيض؛ لسماحته وفضله. ومات بردمان باليمن. فولى ذلك بعده عبد المطلب بن هاشم. هذا ملخص بالمعنى مختصر مما ذكره ابن إسحاق فى خبر هذه الأمور. وذكر الزبير بن بكار خبرا يقتضى أن قصى بن كلاب أعطى ابنه عبد مناف السقاية والندوة، وأعطى عبد الدار: الحجابة واللواء، وأعطى عبد العزى: الرفادة وأيام منى. قال المروانى ـ شيخ الزبير ـ فى هذا الخبر: والرفادة: الضيافة. وأيام منى: كان الناس لا يجوزون إلا بأمره. وأعطى عبد بن قصى: جلهتى الوادى، ولم أسمع فى جلهتى الوادى بشئ. انتهى باختصار. وقيل: إن قصى بن كلاب أعطى عبد مناف: السقاية والرفادة والقيادة، وأعطى عبد

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 2/ 75 ـ 91).

الدار: السدانة، وهى الحجابة، ودار الندوة، واللواء. وهذا فى خبر الأزرقى عن ابن جريج، وابن إسحاق. وفيه شيء من خبر هذه الأمور. وقد ذكرنا ذلك فى أصله. وقد ذكرنا فى أصل هذا الكتاب أخبارا مفيدة تتعلق ببنى عبد مناف وعبد المطلب. ومنها: ما يخالف ما ذكرناه من خبر هذه الأمور. ومنها: ما يوافق والله أعلم. * * *

الباب الرابع والثلاثون فى ذكر شيء من خبر الفجار والأحابيش

الباب الرابع والثلاثون فى ذكر شيء من خبر الفجار والأحابيش (1) كان الذى هاج حرب الفجار: أن عروة الرحال بن عتبة بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصة بن معاوية بن بكر بن هوازن، أجاز لطيمة للنعمان بن المنذر، فقال له ـ البراص بن قيس أحد بنى حمزة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة ـ: أتجيزها على كنانة؟ قال: نعم. وعلى الخلق. فخرج عروة الرحال، وخرج البراض يطلب عزنة، حتى إذا كان يتيمن ذى ظلال بالعالية، قابله عروة فوثب عليه البراض فقتله فى الشهر الحرام، فلذلك سمى: الفجار، فأتى آت قريشا، فقال: إن البراض قد قتل عروة وهم فى الشهر الحرام بعكاظ، فارتحلوا وهوازن لا تشعر، ثم بلغهم الخبر فاتبعوهم فأدركوهم قبل أن يدخلوا الحرم فاقتتلوا حتى جاء الليل، ودخلوا الحرم فأمسكت عنهم هوازن، ثم التقوا بعد هذا اليوم أياما، وهذا الذى ذكرناه من خبر الفجار فى سيرة ابن إسحاق، تهذيب ابن هشام. وذكر ابن هشام: أن حرب الفجار هاجت لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عشرين سنة، أو خمس عشرة سنة. وذكر ابن إسحاق: أنها هاجت ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عشرين سنة. وشهد النبى صلى الله عليه وسلم بعض أيام الفجار. وهى على ـ ما ذكر الفاكهى ـ خمسة أيام فى أربع سنين، وبينها الفاكهى، وذكرنا كلامه فى أصله. وقال مغلطاى فى سيرته: وأيام الفجار أربعة. قاله السهيلى. والصواب: أنها ستة. وأما الأحابيش: فهم بنو الحارث بن عبد مناة بن كنانة، والحيا والمصطلق من خزاعة، والقارة بنو الهون بن خزيمة. وكانوا خلفاء لقريش. وكانت قريش والأحابيش ندا. وقد أوضحنا من خبرهم أكثر من هذا فى أصله. * * *

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 2/ 92 ـ 98).

الباب الخامس والثلاثون فى ذكر حلف الفضول، وخبر ابن جدعان الذى كان هذا الحلف فى داره، وذكر أجواد قريش وحكامهم فى الجاهلية، وملك عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى بن قصى عليهم، وشيء من خبره

الباب الخامس والثلاثون فى ذكر حلف الفضول، وخبر ابن جدعان الذى كان هذا الحلف فى داره، وذكر أجواد قريش وحكامهم فى الجاهلية، وملك عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى بن قصى عليهم، وشيء من خبره (1). كان سبب حلف الفضول: أن رجلا من بنى زبيد قدم مكة معتمرا فى الجاهلية، ومعه تجارة له، فباعها من العاص بن وائل السهمى، فآواها إلى بيته، ثم تغيب وابتغى الزبيدى متاعه فلم يقدر عليه، فجاء إلى بنى سهم يستعين بهم على العاص فأغلظوا عليه، فعرف: أن لا سبيل إلى ماله، فطوف فى قبائل قريش يستعين بهم، فتخاذلوا عنه، فلما رأى ذلك أشرف على أبى قبيس حين أخذت قريش مجالسها، ثم قال أبياتا. فلما نزل من الجبل أعظمت ذلك قريش وتكلموا فيه، ثم اجتمع بنو هاشم، وبنو المطلب، وبنو أسد بن عبد العزى، وبنو زهرة وبنو تميم فى دار عبد الله بن جدعان، وعمل لهم طعاما، وتحالفوا بالله: لا يظلم أحد بمكة إلا كنا جميعا مع المظلوم على الظالم، حتى نأخذ له مظلمته ممن ظلمه شريفا ووضيعا، منا أو من غيرنا. ثم انطلقوا إلى العاص بن وائل، فقالوا: والله لا نفارقك حتى تؤدى إليه حقه، فأعطى الرجل حقه، فمكثوا كذلك لا يظلم أحد حقه بمكة إلا أخذه. وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحلف قبل أن يوحى إليه، واغتبط به فيما قيل. وما ذكرناه من خبر حلف الفضول لخصناه من خبرين. ذكرهما الزبير بن بكار، وذكر ما يوهم: أن سبب حلف الفضول غير ذلك. وقد أشرنا إلى شيء من ذلك فى أصله، والمشهور ما ذكرناه هنا. وكان حلف الفضول فى شوال بعد انصراف قريش من الفجار. كذا فى خبر، ذكره الفاكهى، قال: ويقال بعد فراغهم من بنيان الكعبة. انتهى. وأما ابن جدعان المشار إليه: فهو عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد ابن تميم بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب القرشى التيمى المكى، يكنى أبا زهير من رهط أبى بكر الصديق رضى الله عنه.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 2/ 99 ـ 109).

وكان من رؤساء قريش وأجوادهم. وله فى الجود أخبار مشهورة. منها: أنه كانت له جفنة للأضياف يستظل بظلها فى الهاجرة. ومنها: أنه كان له مناديان بأعلى مكة وبأسفلها، أحدهما يقول: ألا من أراد اللحم والشحم فليأت دار ابن جدعان، وهو أول من أطعم بمكة الفالوذج، وهو: لباب البريلك بالعسل. ولما مات ابن جدعان نعاه بعض الجن بأبيات إلى رفقة من أهل مكة مسافرين إلى الشام. وذلك فى خبر، ذكره الفاكهى. ذكرناه فى أصله. ومن خبر ابن جدعان: أنه دخل شقا فى بعض شعاب مكة يرجو أن يكون فيه حية تقتله، فيستريح من تعب الفقر وغيره، فظفر فيه بكنز عظيم. وكان فى قريش أجواد، منهم المعروفون: بأزواد الركب: لكفايتهم من معهم المؤنة فى السفر، منهم: الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى، وأخوه زمعة بن عبد المطلب، ومسافر بن عمرو بن أمية بن عبد شمس، وأبو أمية بن المغيرة المخزومى. وأما حكام قريش بمكة فى الجاهلية، فمنهم: عبد المطلب بن هاشم، وأبناؤه الزبير، وأبو طالب وآخرون، ذكرناهم فى أصله، ولم يكن أحد منهم متملكا على بقية قريش، وإنما ذلك بتراضيهم عليه حسما لمادة الشر. وسيأتى ما يزيد ذلك قريبا. وأما تملك عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى على قريش: فإن قيصر ملّكه عليهم وكتب له إليهم، فتلطف بهم عثمان وخوفهم فى تجارتهم من قيصر إن لم يطيعوه، فوافقوه على أن يعقدوا التاج على رأسه عشية، وتملكوه، ثم انتفضوا عن ذلك لتنفير ابن عمه أبى زمعة لقريش عن ذلك، فلحق عثمان بقيصر فأعلمه الخبر، فأمر قيصر عمرو بن جفنة الغسانى أن يحبس لعثمان من أراد حبسه من تجار قريش بالشام. ففعل ذلك عمرو. ثم مات عثمان بالشام مسموما، وكان من أظرف قريش وأعقلها. وخبر تملكه وما جرى له بعد رجوعه إلى قيصر، أطول من هذا. * * *

الباب السادس والثلاثون فى ذكر شيء من فتح مكة المشرفة، وفوائد تتعلق بذلك

الباب السادس والثلاثون فى ذكر شيء من فتح مكة المشرفة، وفوائد تتعلق بذلك (1) كان سبب فتح مكة أن بنى بكر بن عبد مناة بن كنانة، عدت على خزاعة، وهم على ماء لهم بأسفل مكة، يقال له: الوتير، فأصابوا منهم رجلا وتحاوروا واقتتلوا، ورفدت قريش بنى بكر بالسلاح وقاتل معهم من قريش من قاتل بالليل مستخفيا حتى حازوا خزاعة إلى الحرم. ثم خرج ناس من خزاعة إلى النبى صلى الله عليه وسلم يستنصرونه؛ لأن خزاعة فى صلح الحديبية: دخلت فى عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخلت بنو بكر فى عقد قريش، فوعد النبى صلى الله عليه وسلم الخزاعيين بالنصر. وقدم المدينة أبو سفيان بن حرب ليشد العقد، ويزيد فى المدة، فلم ينل قصدا، ورجع إلى مكة، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهله أن يجهزوه ثم أعلم الناس أنه سائر إلى مكة وأمرهم بالجد والتأهب، وقال: اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها فى بلادها، فتحفز الناس. ولما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم المسير إلى مكة، كتب حاطب بن أبى بلتعة كتابا إلى قريش: يخبرهم بالذى أجمع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمر فى المسير إليهم، ثم أعطاه امرأة، قيل: إنها مزينة، وقيل: إنها سارة ـ مولاة لبعض بنى عبد المطلب ـ وأعلم الله بذلك رسوله صلى الله عليه وسلم، فبعث على بن أبى طالب، والزبير بن العوام لإحضار الكتاب فأتيا به. ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسفره، وخرج لعشر مضين من شهر رمضان فصام وصام الناس حتى إذا كان بالكديد بين عسفان وأمج أفطر، ثم مضى حتى نزل مر الظهران فى عشرة آلاف من المسلمين، وقريش لا تعلم بذلك. ثم إن أبا سفيان بن حرب حضر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بمر الظهران فأسلم. وكان خرج يتحسس الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأمن النبى صلى الله عليه وسلم من دخل دار أبى سفيان، ومن أغلق عليه بابه، ومن دخل المسجد.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 2/ 110 ـ 161).

فلما جاء قومه أخبرهم الخبر، وأن النبى صلى الله عليه وسلم قد جاءهم بما لا قبل لهم به، فتفرق الناس إلى دورهم، وإلى المسجد. ولما انتهى النبى صلى الله عليه وسلم إلى ذى طوى، أمر الزبير بن العوام: أن يدخل فى بعض الناس من كداء. وكان الزبير على المجنبة اليسرى، وأمر سعد بن عبادة أن يدخل فى بعض الناس من كداء. وأمر النبى صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فدخل من الليط أسفل مكة فى بعض الناس. وكان خالد بن الوليد على المجنبة اليمنى وفيها: أسلم، وسليم، وغفار، ومزينة وجهينة، وقبائل من قبائل العرب. وأقبل أبو عبيدة بن الجراح بالصف من المسلمين ينصب لمكة بين يدى رسول اللهصلى الله عليه وسلم. ودخل النبى صلى الله عليه وسلم من أذاخر، حتى نزل بأعلى مكة، وضربت هنالك قبته. وكان صفوان بن أمية وعكرمة بن أبى جهل وسهيل بن عمرو، وقد جمعوا ناسا بالخندمة ليقاتلوا، فلما لقيهم المسلمون من أصحاب خالد بن الوليد ناوشوهم شيئا من قتال، فقتل كرز بن جابر أحد بنى محارب بن فهر، وحنيش بن خالد بن ربيعة بن أصرم ـ حليف بنى منقذ ـ وكانا فى خيل خالد بن الوليد، فشذا عنه، فسلكا طريقا غير طريقه، فقتلا جميعا. وأصيب من جهينة سلمة الميلا من خيل خالد. وأصيب من المشركين ناس قريب من اثنى عشر، أو ثلاثة عشر، ثم انهزموا. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد عهد إلى أمرائه من المسلمين ـ حين أمرهم أن يدخلوا ـ أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم، إلا قاتلهم. إلا أنه قد عهد فى نفر سماهم: أمر بقتلهم، وإن وجدوا تحت أستار الكعبة، فقتل بعضهم واستؤمن لبعضهم. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل مكة واطمأن الناس: خرج حتى جاء البيت، فطاف به سبعا على راحلته، يستلم الركن بمحجن فى يده، فلما قضى طوافه دعا عثمان بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة، ففتحت له، فدخلها فوجد فيه حمامة من عيدان، فكسرها بيده، ثم طرحها. ثم وقف على باب الكعبة، وقد استكف له الناس فى المسجد، فخطب خطبته المشهورة، وفيها: يا معشر قريش، ما ترون أنى فاعل فيكم؟ قالوا: خير، أخ كريم، وابن أخ كريم. قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء.

وأما الفوائد المتعلقة بخبر فتح مكة

ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المسجد، فقام إليه على بن أبى طالب رضى الله عنه، ومفتاح الكعبة فى يده، فقال: يا رسول الله: اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى الله عليك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أين عثمان بن طلحة؟ فدعى له، فقال: هاك مفتاحك يا عثمان، إن اليوم يوم بر ووفاء. وأمر النبى صلى الله عليه وسلم بلالا أن يؤذن. وكان أبو سفيان بن حرب، وعتاب بن أسيد، والحارث بن هشام جلوسا بفناء الكعبة، فقال عتاب بن أسيد: لقد أكرم الله أسيد: أن لا يكون سمع هذا، فيسمع منه ما يغيظه. وقال الحارث بن هشام: أما والله لو أعلم أنه بحق لاتبعته. فقال أبو سفيان: لا أقول شيئا لو تكلمت لأخبرت عنى هذه الحصا. فخرج عليهم النبى صلى الله عليه وسلم فقال: قد علمت الذى قلتم، ثم ذكر ذلك لهم، فقال الحارث وعتاب: نشهد أنك رسول الله، والله ما اطلع على هذا أحد كان معنا، فنقول: أخبرك. ولما طاف النبى صلى الله عليه وسلم يوم الفتح على راحلته كان حول البيت أصنام مشددة بالرصاص، فجعل النبى صلى الله عليه وسلم يشير بقضيب فى يده إلى الأصنام، ويقول: جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا. فما أشار إلى صنم منها فى وجهه إلا وقع لقفاه، ولا أشار لقفاه إلا وقع لوجهه حتى ما بقى منها صنم إلا وقع. فقال يميم بن أسد الخزاعى: وفى الأصنام معتبر وعلم ... لمن يرجو الثواب أو العقاب وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد فتحها خمس عشر ليلة يقصر الصلاة، وكان فتح مكة لعشر ليال بقين من شهر رمضان سنة ثمان من الهجرة. وخبر فتح مكة أكثر مما ذكرناه، وما ذكرناه ملخص مختصر مما ذكره أبو إسحاق فى سيرته، بعضه بالمعنى وكثير منه باللفظ. وأما الفوائد المتعلقة بخبر فتح مكة: فإن بعضها يخالف ما ذكره ابن إسحاق وابن هشام من خبر الفتح، وبعضها يوضح بعض ما أبهماه فى ذلك. فمنها: أنا الفاكهى، قال: الوتير: ماء بأسفل مكة، فى المشرق عن يمين ملكان على ستة أميال منها. وهذا بيّن الوتير أكثر مما فى كلام ابن إسحاق. ومنها: أن ابن أبى عقبة ذكر فى مقارنة ما يقتضى أن إغارة بنى كنانة على خزاعة التى هى سبب فتح مكة، كانت بعرفة.

وهذا يخالف ما ذكره ابن إسحاق. ومنها: أن الحافظ عبد الغنى بن سعيد المصرى، ذكر فى مبهماته حديثا فيه: «أن النبى صلى الله عليه وسلم، بعث عليا، وعمر بن الخطاب رضى الله عنهما لإحضار كتاب حاطب». وهذا يخالف ما ذكره ابن إسحاق. ومنها: أن فى البخارى: «أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث لإحضار كتاب حاطب، أبا مرثد مع على والزبير». وفى رواية فيه: المقداد، بدل أبى مرثد ـ وكلام ابن إسحاق لا يفهم شيئا من هذا. ومنها: أن الحافظ ابن عبد الغنى ذكر ما يقتضى: أن حاملة كتاب حاطب: أم سارة مولاة لقريش، وكلام ابن إسحاق يقتضى: أنها سارة. وذكر مغلطاى أنها: أم سارة كنود المرينة، والله أعلم. ومنها: إن السهيلى ذكر شيئا فى بيان ما كتبه حاطب؛ لأنه قال: وقد قيل: إنه كان فى الكتاب: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه إليكم بجيش كالليل يسير كالسيل، وأقسم بالله لو سار إليكم وحده لنصره الله عليكم، فإنه منجز له ما وعده». وفى تفسير ابن سلام: أنه كان فى الكتاب الذى كتبه حاطب: أن محمدا قد نفر، إما إليكم وإما إلى غيركم، فعليكم الحذر. انتهى. وكلام ابن إسحاق: ليس فيه شيء من هذا. ومنها: أن كلام ابن إسحاق يقتضى أن النبى صلى الله عليه وسلم صام حتى بلغ الكديد بين عسفان وأمج. وروى الفاكهى عن ابن عباس رضى الله عنهما: أنه صام حتى بلغ عسفان. وروى حديثا عن جابر رضى الله عنه: أنه صام حتى بلغ كراع العميم. وهذان الخبران مخالفان لما ذكره ابن إسحاق. ومنها: أن كلام ابن إسحاق يقتضى أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم فتحها من أذاخر. وذكر ابن عقبة ما يقتضى أنه دخلها من ثنية كداء بأعلى مكة. وذكر الفاكهى عن ابن عمر رضى الله عنهما ما يوافق ذلك.

ومنها: أن ابن عقبة قال: وقتل من بنى بكر قريبا من عشرين، ومن هذيل: ثلاث، أو أربعة، وانهزموا وقتلوا بالحزورة حتى بلغ قتلهم باب المسجد. وقال ابن سعد: قيل أربعة وعشرون رجلا من قريش، وأربعة من هذيل. وروى الفاكهى خبرا فيه: فاندفع خالد فقتل سبعين رجلا بمكة. وجميع هذه الأقوال يخالف ما ذكره ابن إسحاق من: أن المقتولين من المشركين قريب من اثنى عشر، أو ثلاثة عشر. والله أعلم. ومنها: أن ما ذكره ابن إسحاق يقتضى: أن الكعبة فتحت للنبى صلى الله عليه وسلم يوم الفتح. وفى صحيح مسلم ـ رحمه الله تعالى ـ ما يقتضى أن النبى صلى الله عليه وسلم فتحها بنفسه يوم الفتح. ومنها: أن ما ذكره ابن إسحاق يقتضى أن على بن أبى طالب سأل النبى صلى الله عليه وسلم أن يجمع لبنى هاشم الحجابة مع السقاية. وذكر الأزرقى عن الواقدى ما يقتضى: أن العباس بن عبد المطلب هو الذى سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ذلك. ومنها: أن ابن هشام ذكر أن أبا سفيان، وعتاب بن أسيد، والحارث بن هشام، كانوا جلوسا بفناء الكعبة لما أذن بلال، وأن النبى صلى الله عليه وسلم خرج عليهم وأخبرهم بقولهم. وذكر الفاكهى خبرا يقتضى: أنهم كانوا جلوسا فى الحجر، وأن النبى صلى الله عليه وسلم استدعاهم إلى الصفا وأخبرهم بقولهم: إلا أن الخبر الذى ذكره الفاكهى ليس فيه ذكر الحارث بن هشام. وفيه ذكر سهيل بن عمرو، وصفوان بن أمية مع عتاب بن أسيد، وأبى سفيان. ولا يصح ما فيه من: أن صفوان كان معهم لفراره إلى جدة فى يوم الفتح. وفى الأزرقى ما يقتضى: أن عتاب بن أسيد لم يكن معهم، وإنما كان معهم أخوه خالد بن أسيد مع الحارث، وأبى سفيان، وسهيل، والحكم بن أبى العاص، والله أعلم. ومنها: أن ابن عقبة ذكر أنه كان مع النبى صلى الله عليه وسلم فى فتح مكة اثنى عشر ألفا، على ما قيل. ونقل ذلك مغلطاى عن الحاكم جزما. وما ذكره ابن إسحاق يقتضى: أنهم عشرة آلاف. والله أعلم. ومنها: أنه اختلف فى مدة إقامة النبى صلى الله عليه وسلم بعد فتحها. ففى البخارى: وأقام بها خمس عشرة ليلة.

وفى رواية: تسع عشرة. وفى أبى داود: سبع عشرة. وفى الأكمل: أصحها بضع عشرة يصلى ركعتين. انتهى. نقل هذه الروايات مغلطاى هكذا. والذى ذكره ابن إسحاق خمس عشرة ليلة، وذلك يخالف هذه الروايات، إلا الأولى التى فى البخارى. ورأيت فى ذلك غير ما سبق؛ لأن الفاكهى روى بسنده عن أنس رضى الله عنه، قال: أقمنا بمكة عشرا، يعنى زمان الفتح. انتهى. وقد أتينا فيما يتعلق بخبر الفتح الذى ذكره ابن إسحاق وابن هشام بفوائد أكثر من هذا فى أصله، ومثل ذلك لا يوجد مجموعا فى كتاب، ويتعلق به مسائل كثيرة من الفقة واللغة والعربية، تركنا ذكرها لكونها غير مقصودة بالذكر فى هذا التأليف، وخيفة من الطويل. ونسأل الله تعالى أن يهدينا إلى سواء السبيل. * * *

الباب السابع والثلاثون فى ذكر ولاة مكة المشرفة فى الإسلام

الباب السابع والثلاثون فى ذكر ولاة مكة المشرفة فى الإسلام (1) لما فتح الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم مكة ـ استخلف عليها عتاب بن أسيد ـ بفتح الهمزة ـ بن أبى العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى الأموى، أميرا على من تخلف عن النبى صلى الله عليه وسلم من الناس حين خرج إلى حنين، وذلك فى العشر الأول من شوال سنة ثمان من الهجرة. ولم يزل عتاب أميرا على مكة إلى أن توفى بها بعد موت الصديق رضى الله عنه أو يوم جاء نعى الصديق إلى مكة. وفى تاريخ ابن جرير، وابن الأثير ما يقتضى أنه ولى مكة لعمر رضى الله عنه. وفى الاستيعاب ما يقتضى: أن الصديق عزله عن مكة، وولاها للحارث بن الحارث ابن عبد المطلب بن هاشم. وفى مغازى موسى بن عقبة ما يقتضى: أن النبى صلى الله عليه وسلم استخلف معاذ بن جبل على مكة لما خرج إلى حنين. وفى الاستيعاب: أن النبى صلى الله عليه وسلم استخلف على مكة هبيرة بن شبل بن العجلان الثقفى. والمعروف: استخلاف عتّاب ودوام ولايته حتى مات. والله أعلم. وولى مكة: المحرز بن حارثة بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس، نيابة عن عتاب فى سفرة سافرها. ثم وليها فى أول خلافة عمر رضى الله عنه، المحرز المذكور، ثم قنفذ بن عمير بن جدعان التيمى، ثم نافع بن عبد الحارث الخزاعى، ثم خالد بن العاص، ثم هشام بن المغيرة المخزومى. وممن ولى مكة فى خلافة عمر رضى الله عنه: طارق بن المرتفع بن الحارث بن عبد مناة، وعبد الرحمن بن أبزى الخزاعى ـ مولاهم ـ نيابة عن نافع بن عبد الحارث لما خرج

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 2/ 162 ـ 212).

للقاء عمر رضى الله عنه إلى عسفان، وأنكر عليه عمر رضى الله عنه استخلافه لابن أبزى، وعزل نافعا لكونه: استخلف على أهل الله مولى. وقيل: إن الحارث بن نوفل ـ السابق ذكره ـ ولى مكة لعمر رضى الله عنه. ثم ولى مكة فى أول خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه: على بن عدى بن ربيعة ابن عبد العزى بن عبد شمس، ثم خالد بن العاص ـ السابق ـ ودامت ولايته إلى أن عزله منها على بن أبى طالب رضى الله عنه. ووليها لعثمان رضى الله عنه أيضا: الحارث بن نوفل ـ السابق ـ وعبد الله بن خالد ابن أسيد، وهو ابن أخى عتاب، وعبد الله بن عامر الحضرمى. على ما ذكره ابن الأثير. ووليها أيضا فيما قيل: نافع بن عبد الحارث، السابق ذكره. ثم ولى مكة فى خلافة على رضى الله عنه: أبو قتادة الأنصارى، حارس رسول اللهصلى الله عليه وسلم بعد عزل خالد بن العاص، ثم قثم بن العباس بن عبد المطلب، ودامت ولايته إلى أن قتل على رضى الله عنه. وقيل: إن معبد بن العباس بن عبد المطلب وليها لعلى رضى الله عنه. ثم ولى مكة فى خلاف معاوية بن أبى سفيان: أخوه عتبة بن أبى سفيان، ومروان ابن الحكم بن أبى العاص، وسعيد بن العاص بن سعيد بن العاص، وابنه عمرو بن سعيد، المعروف: بالأشدق، وخالد بن العاص، وعبد الله بن خالد بن أسيد ـ السابق ذكرهما. ثم ولى مكة فى خلافة يزيد بن معاوية، جماعة، أولهم: عمرو بن سعيد الأشدق، والوليد بن عتبة بن أبى سفيان بن حرب، وعثمان بن محمد بن أبى سفيان الأمويون، والحارث بن خالد بن العاص المخزومى ـ المقدم ذكر أبيه ـ وعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب العدوى، ابن أخى عمر رضى الله عنه، ويحيى بن حكيم بن صفوان بن أمية الجمحى. ثم ولى مكة: عبد الله بن الزبير بن العوام رضى الله عنهما بعد موت يزيد بن معاوية. وبويع بالخلافة فى الحجاز والعراق واليمن وغير ذلك حتى كادت الأمة تجمع عليه. ودامت ولايته على مكة حتى استشهد فى جمادى الأولى أو الآخرة سنة ثلاث وسبعين من الهجرة، بعد أن حاصره الحجاج بن يوسف الثقفى أزيد من نصف سنة. وابن الزبير ينتصف منهم وتفضل عليهم.

وكان قد حارب قبل أن يلى الخلافة: الحصين بن نمير أشهرا بمكة، ثم تخلى الحصين عن الحرب لوصول نعى يزيد. وولى مكة لعبد الله بن الزبير رضى الله عنهما: الحارث بن حاطب الجمحى. ثم ولى مكة بعد قتل ابن الزبير فى خلافة عبد الملك بن مروان جماعة، أولهم: الحجاج ابن يوسف الثقفى، والحارث بن خالد بن العاص المخزومى، وخالد بن عبد الله القسرى، وعبد الله بن سفيان المخزومى، وعبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبى العيص ـ المقدم ذكر أبيه ـ ومسلمة بن عبد الملك بن مروان، ونافع بن علقمة الكنانى، ويحيى بن الحكم بن أبى العاص الأموى. وولى مكة فى خلافة الوليد بن عبد الملك بن مروان: الإمام العادل عمر بن عبد العزيز ابن مروان، ثم خالد بن عبد الله القسرى. ثم ولى مكة فى خلافة سليمان بن عبد الملك بن مروان: ثلاثة نفر خالد بن عبد الله القسرى، ثم طلحة بن داود الحضرمى، ثم عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد ـ السابق ذكره. ثم ولى مكة فى خلافة عمر بن عبد العزيز بن مروان: عبد العزيز بن عبد الله بن خالد، السابق. وقيل: وليها لعمر بن عبد العزيز: محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق رضى الله عنه، وعروة بن عياض بن عدى بن الخيار النوفلى، وعبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف، وعثمان بن عبد الله بن سراقة العدوى. ووليها: ابن سراقة لغير عمر ـ قبله ـ ولعل ولايتهم لعمر على مكة لما كان واليا عليها للوليد. والله أعلم. ثم ولى مكة فى خلافة يزيد بن عبد الملك بن مروان، ثلاثة نفر، أولهم: عبد العزيز بن عبد الله ـ السابق ـ ثم عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس الفهرى، ثم عبد الواحد بن عبد الله النصرى، بالنون. ثم ولى مكة فى خلافة هشام بن عبد الملك بن مروان جماعة، أولهم: عبد الواحد المذكور، ثم إبراهيم بن هشام بن إسماعيل المخزومى ـ خال هشام بن عبد الملك ـ ثم أخوه محمد بن هشام. وولى مكة فى خلافة هشام: نافع بن علقمة الكنانى.

وممن ولى مكة فى خلافة عبد الملك، أو فى خلافة أحد من أولاده المذكورين أو فى خلافة عمر بن عبد العزيز: أبو حراب محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحارث ابن أمية الأصغر القرشى، وكان على مكة فى زمن عطاء بن أبى رباح. ثم ولى مكة فى خلافة الوليد بن يزيد بن عبد الملك: خاله يوسف بن محمد بن يوسف الثقفى، ودامت ولايته إلى انقضاء خلافته. ثم ولى مكة فى خلافة يزيد بن الوليد بن عبد الملك: عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ـ فيما أظن ـ والله أعلم. ثم وليها فى خلافة مروان بن محمد بن مروان ـ آخر الخلفاء الأمويين ـ عبد العزيز ابن عمر بن عبد العزيز ـ المقدم ذكره ـ ثم عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك، ثم أبو حمزة المختار بن عوف الخارجى الأباضى بالتّغلّب بعد الحج من سنة تسع وعشرين ومائة، وسار أبو حمزة إلى المدينة. واستخلف على مكة أبرهة بن الصباح الحميرى، وسار لحربه من الشام: عبد الملك ابن محمد بن عطية السعدى، فالتقوا بالأبطح واقتتلوا إلى نصف النهار، وقيل: أبرهة، وأبو حمزة وخلق من جيشه. وقيل: إن أبا حمزة قتل بوادى القرى، قتله جيش بن عطية فى آخر هذا العام، وهو عام ثلاثين ومائة، راجعا من اليمن ليقيم الحج بعد قتله لطالب الحق الذى يدعو له أبو حمزة. وكان قد استخلف على مكة ـ إذ سار إلى اليمن ـ رجلا من أهل الشام يقال له ابن ماعز. وولى مكة لمروان: ـ السابق ذكره ـ الوليد بن عروة السعدى ـ ابن أخى عبد الملك ـ ودامت ولايته إلى انقضاء خلافة مروان. ورأيت فى نسخة من كامل ابن الأثير: أن محمد بن عبد الملك بن مروان: كان على مكة والمدينة والطائف فى سنة ثلاثين ومائة، وأنه حج بالناس فيها. ولم أر ما يدل إلا لحجه بالناس دون ولايته. والله أعلم. ثم ولى فى خلافة أبى العباس السفاح ـ أول الخلفاء العباسيين ـ: عمه داود بن على ابن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ثم زياد بن عبد الله الحارثى خال السفاح، ثم العباس بن عبد الله بن معبد بن العباس بن عبد المطلب.

وممن وليها للسفاح على ما قيل: عمر بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن الخطاب. ثم وليها فى خلافة أبى جعفر المنصور: العباس بن عبد الله بن معبد السابق ذكره ـ ثم زياد بن عبد الله الحارثى، ثم السرى بن عبد الله بن الحارث بن العباس بن عبد المطلب، ثم محمد بن الحسن بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبى طالب بالتّغلّب لأن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم، لما خرج بالمدينة على المنصور استعمله على مكة، واستعمل على اليمن القاسم بن إسحاق، فسار إلى مكة، فلقيهما السرى بأذاخر، فهزماه، ودخل محمد مكة، وأقام بها يسيرا، ثم سار عنها إلى المدينة لنصر محمد بن عبد الله بن الحسن، فأتاه بنواحى قديد نعى محمد بن عبد الله. وفى كتاب الزبير بن بكار ما يقتضى: أن الذى ولاه محمد بن عبد الله بن الحسن مكة هو: الحسن بن معاوية ـ والد محمد بن الحسن السابق ذكره ـ والله أعلم. ثم عاد السرى لولاية مكة. ثم وليها بعده عبد الصمد بن على عم المنصور. ثم وليها بعده محمد بن إبراهيم الإمام بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس. ثم وليها فى خلافة المهدى بن المنصور: إبراهيم بن يحيى بن محمد بن على بن عبد الله ابن عباس، بوصية من المنصور، ثم جعفر بن سليمان بن على بن عبد الله بن عباس، ثم عبيد الله بن قثم بن العباس بن عبد الله بن عباس. وممن وليها للمهدى: محمد بن إبراهيم الإمام السابق ذكره ـ وكذا فيما أظن: قثم ابن العباس، والد عبيد الله بن قثم. وولايته لمكة، ذكرها ابن حزم، إلا أنه لم يذكر تاريخها. ثم ولى مكة فى خلافة الهادى بن المهتدى: عبيد الله بن قثم ـ السابق، والحسين بن على بن الحسين بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم بالتغلب؛ لأنه ثار بالمدينة، واستولى عليها، ثم سار إلى مكة واستولى عليها. وقيل: فى حرب كان بينه وبين أصحاب الهادى بفخ ـ وهو وادى الزاهر ـ يوم التروية من سنة تسع وستين ومائة، ولم يسهل بالهادى قتله. وكان كريما شجاعا. وقبره معروف فى قبة عالية. والمقتولون من أصحابه: أزيد من مائة نفر.

وممن ولى أمر مكة فى خلافة الهادى ـ أو خلافة أخيه الرشيد ـ: محمد بن عبد الرحمن السفيانى. ثم ولى مكة فى خلافة الرشيد ابن المهدى جماعة، وهم: أحمد بن إسماعيل بن على ابن عبد الله بن عباس، وحماد البربرى، وسليمان بن جعفر بن سليمان بن على، والعباس ابن موسى بن عيسى بن موسى، والعباس بن محمد بن إبراهيم الإمام، وعبد الله بن محمد ابن عمران بن إبراهيم التيمى، وعبيد الله بن قثم بن العباس ـ السابق، وعبيد الله بن محمد بن إبراهيم الإمام، وعلى بن موسى بن عيسى ـ أخو العباس السابق، والفضل بن العباس بن محمد بن على، ومحمد بن إبراهيم الإمام، ومحمد بن عبيد بن سعيد بن المغيرة ابن عمر بن عثمان بن عفان، وموسى بن عيسى بن موسى بن محمد ابن على. ثم ولى مكة فى خلافة الأمين ابن الرشيد: داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن على. ثم ولى مكة فى خلافة المأمون بن الرشيد: داود بن عيسى ـ المذكور. ثم وليها بالتغلب: الحسين بن الحسن بن على بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب المعروف: بالأفطس فى أيام الحج من سنة تسع وتسعين ومائة، بعد قرار داود ـ المذكور ـ ودامت ولايته إلى أن بلغه قتل مرسله أبى السرايا داعية ابن طباطبا. وبدا من الحسن وأصحابه ما لا يحمد. ثم ولى مكة بعده: محمد بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين على بن الحسين بن على بن أبى طالب الحسينى، الملقب: بالديباجة؛ لجمال وجهه. وبويع فيه بالخلافة فى ربيع الأول سنة مائتين. ودامت ولايته إلى جمادى الآخر سنة مائتين. واستولى عليها أصحاب المأمون بعد قتال جرى بينهم وبين العلويين، انهزم العلويون لأجله. وفارق الديباجة مكة بأمان، ثم عاد إليها بأمان ثانى، وطلع المنبر واعتذر عما وقع منه، واستغفر وخلع نفسه، ولحق بالمأمون، فعفى عنه. وولى مكة ـ بعد هزيمة العلويين ـ عيسى بن يزيد الجلودى. ووليها للجلودى ابنه محمد، ويزيد بن محمد بن حنظلة المخزومى. ووليها بعد عزل الجلودى: هارون بن المسيب.

ووليها فى خلافة المأمون: حمدون بن على بن عيسى بن ماهان، وإبراهيم بن موسى ابن جعفر الحسينى ـ أخو على بن موسى الرضا ـ وعبيد الله بن الحسن بن عبيد الله ابن العباس بن على بن أبى طالب رضى الله عنهم، صالح بن العباس بن محمد بن على ابن عبد الله بن العباس، وسليمان بن عبيد الله بن سليمان بن على بن عبد الله بن العباس، وابنه محمد بن سليمان. وممن وليها للمأمون: الحسن بن سهل، إلا أنه لم يباشر ولايتها، وإنما عقد له عليها الولاية. ثم وليها فى خلافة المعتصم بن الرشيد: صالح بن العباس ـ السابق، ثم محمد بن داود ابن عيسى بن موسى بن محمد بن على بن عبيد الله بن عباس الملقب: ترنجة. ولعل ولايته دامت إلى أثناء خلافة المتوكل. والله أعلم. وأشناس التركى ـ أحد قواد المعتصم ـ وولايته كانت عليها وعلى غيرها عقدا لا مباشرة. ثم وليها فى خلافة المتوكل بن المعتصم: على بن عيسى بن جعفر بن أبى جعفر المنصور، ثم عبد الله بن محمد بن داود بن عيسى ـ المقدم ذكر أبيه، ثم عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم الإمام، ثم محمد بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم الإمام، المعروف: بالزينبى. وولى مكة فى خلافة المتوكل: ابنه محمد المنتصر، وما أظنه باشر ذلك، وإنما عقد له بالولاية عليها مع غيرها، وإيتاخ الخوزى ـ أحد قواد المتوكل ـ وولايته عليها وعلى غيرها عقد لا مباشرة. ثم ولى مكة فى خلافة المنتصر بن المتوكل: محمد بن سليمان الزينبى، السابق فيما أظن. والله أعلم. ووليها فى خلافة المستعين: أحمد بن محمد بن المعتصم عبد الصمد بن موسى ـ السابق، ثم جعفر بن الفضل بن عيسى بن موسى المعروف شاشان، ثم إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب، بالتغلب والإحراق، وحصر أهل مكة حتى ماتوا جوعا وعطشا، وذلك فى سنة إحدى وخمسين ومائتين. وقيل: إن قصته كانت فى سنة اثنتين وخمسين، وفيها أهلكه الله بالجدرى.

وولى مكة فى خلافة المستعين: ابنه العباس، ومحمد بن عبد الله بن طاهر بن الحسين، ولم يباشرا الولاية على مكة وإنما عقد لهما عليها الولاية مع بلاد أخر. ثم ولى مكة فى خلافة المعتز بن المتوكل عيسى محمد بن إسماعيل بن إبراهيم المخزومى. وممن ولى مكة فى خلافة المهتدى محمد بن الواثق ـ أو فى خلافة المعتمد أحمد بن المتوكل محمد بن أحمد بن عيسى بن المنصور الملقب: كعب البقر. وممن ولى مكة فى خلافة المهتدى: على بن الحسن الهاشمى. ثم ولى مكة فى خلافة المعتمد ابن المتوكل جماعة، وهم أخوه: أبو أحمد الموفق بن المتوكل، وإبراهيم بن محمد بن إسماعيل العباسى، الملقب: بزيه، وأبو المغيرة محمد بن عيسى بن محمد المخزومى ـ السابق ذكر أبيه ـ وأبو عيسى محمد بن يحيى بن محمد بن عبد الوهاب المخزومى الفضل بن العباس بن الحسين بن إسماعيل العباسى، وهارون بن محمد بن إسحاق بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن على، وأحمد بن طولون صاحب مصر، ومحمد بن أبى الساج، وأخوه يوسف بن أبى الساج. وباشر من هؤلاء ولاية مكة: إبراهيم، وأبو المغيرة، وأبو عيسى، وهارون، والفضل ويوسف، والشك فى الموفق، هل باشر ولاية مكة أم لا؟ . وأما ابن طولون، ومحمد بن أبى الساج: فلم أر ما يدل على مباشرتهما. ثم ولى مكة فى خلافة المعتضد: ابن أبى أحمد الموفق بن المتوكل. وفى خلافة أولاده: المكتفى، والمقتدر، والقاهر. وفى خلافة الراضى: ابن المقتدر. وفى خلافة المتقى: ابن المقتدر. وفى خلافة المستكفى: ابن المكتفى. وفى خلافة المطيع بن المقتدر جماعة، وما عرفت منهم إلا عج بن حاج، ومؤنس بن المظفر، وابن ملاحظ، وابن مخلب، أو ابن محارب ـ على الشك منى ـ ومحمد بن طغج الأخشيد صاحب مصر، وابنيه أبا القاسم، أو نجور، ومعنى أو نجور: محمود، وأبا الحسن عليا، والقاضى أبا جعفر محمد بن عبد العزيز العباسى وولايته فى زمن ولاية الإخشيد بمكة.

وما عرفت أن أحدا من هؤلاء باشر ولاية مكة غير عج بن حاج، وابن ملاحظ، وابن محارب، أو ابن مخلب ـ على الشك فيما يعرف به. ثم ولى مكة بالتغلب: جعفر بن محمد بن الحسن بن محمد بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى. هكذا نسبه ابن حزم فى الجمهرة. وذكر أنه غلب على مكة أيام الإخشيدية. وأظن ذلك بعد موت كافور الإخشيدى وقبل استيلاء القائد جوهر خادم المعز العبيدى على مصر. والله أعلم. وولى مكة بعد جعفر هذا: ابنه عيسى. ودامت ولايته على مكة إلى سنة أربع وثمانين وثلاثمائة على ما ذكر بعض مشايخنا. وذكر أن أبا الفتوح الحسن بن جعفر ولى مكة فى هذا التاريخ. والله أعلم. وولاية أبى الفتوح بمكة مشهورة، ودامت ولايته عليها فيما علمت إلى أن مات فى سنة ثلاثين وأربعمائة، إلا أن صاحب مصر الحاكم العبيدى عزله. وولى مكة عوضه ابن عم له يقال له ابو الطيب؛ لأن أبا الفتوح خرج عن طاعة الحاكم، وبويع فى الحرمين بالخلافة، ويلقب بالراشد، وسار فى ألف عبد إلى الرملة لأن آل الجراح حملوه على ذلك، ثم تخلوا عنه لاستمالة الحاكم لهم عنه بأموال عظيمة، وشفعوا له عند الحاكم وأعادوه إلى ولاية مكة. وكان ذلك من أبى الفتوح فى سنة إحدى وأربعمائة. وقيل: فى سنة اثنتين وأربعمائة. ووليها بعده: شكر بن أبى الفتوح، ودامت ولايته ـ فيما علمت ـ إلى أن مات سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة، وآل أمر مكة بعد شكر إلى عبد له، على ما ذكر ابن حزم فى الجمهرة. وفى المرآة: ما يقتضى أنه ولى مكة بعد شكر: بنو أبى الطيب الحسنيون، ثم على بن محمد الصليحى صاحب اليمن، ثم محمد بن جعفر بن أبى هاشم عن الصليحى، ومحمد ابن جعفر هذا أحد أمراء مكة المعروفين بالهواشم، وهو أبو هاشم محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن أبى هاشم محمد بن الحسين بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى. وكان تأمير الصليحى له فى سنة ست وخمسين وأربعمائة.

ودامت ولاية ابن أبى هاشم ثلاثين سنة، إلا أن بنى سليمان الحسينيين قصدوه مع حمزة بن وهاس ففر إلى ينبع؛ لأنه لم يكن له بهم طاقة. وذلك بعد سير الصليحى من مكة. وكان سيره بعد يوم عاشوراء، أو فى ربيع الأول من سنة ست وخمسين وأربعمائة. وكان ملك الصليحى بمكة فى سادس ذى الحجة سنة خمس وخمسين، وهرب ابن أبى هاشم فى سنة أربع وثمانين وأربعمائة إلى بغداد لما وصل إلى مكة التركمان، وهو أول من أعاد الخطبة العباسية بمكة بعد قطعها من الحرمين نحو مائة سنة. وولى مكة بعده: ابنه قاسم، ثم أصبهيذ بن سارمتكين. ثم عاد قاسم المذكور لولايتها فى شوال سنة سبع وثمانين وأربعمائة، بعد أن هزم أصبهيذ. واستمر قاسم حتى مات فيما علمت، وكان موته فى سنة ثمان عشرة وخمسمائة. وولى بعده: ابنه فليتة، ويقال: أبو فليتة، واستمر فيما علمت حتى مات سنة سبع وعشرين وخمسمائة. وولى بعده: هاشم ابنه، واستمر فيما علمت إلى سنة تسع وأربعين وخمسمائة. وقيل: إلى سنة إحدى وخمسين. وولى بعده: قاسم ابنه إلى وقت الموسم من سنة ست وخمسين. ثم ولى عوضه: عمه عيسى بن فليتة. ثم ولى قاسم مكة فى شهر رمضان سنة سبع وخمسين، ثم قتل بعد أيام يسيرة وعاد عمه عيسى إلى ولايتها. واستمر فيما علمت حتى مات سنة سبعين وخمسمائة، إلا أن أخاه مالك بن قتيبة استولى على مكة نحو نصف يوم. وخرج من مكة مالك بعد قتال جرى بين عسكره وعسكر أخيه، وذلك يوم عاشوراء من سنة ست وستين وخمسمائة. ووليها بعد عيسى: ابنه داود، ثم أخوه مكثر بن عيسى فى نصف رجب سنة إحدى وسبعين وخمسمائة.

ثم وليها فى هذه السنة: الأمير قاسم بن مهنا الحسينى أمير المدينة ثلاثة أيام بعد الحج من هذه السنة. ثم رأى فى نفسه العجز عن القيام بذلك، فرأى أمير الحاج طاشتكين داود بن عيسى. وكان الأخوان بعد ذلك يتداولان إمرة مكة يليها كل منهما زمنا، ثم انفرد بها مكثر نحو عشر سنين متوالية. وبه انقضت ولاية الهواشم. ووليها ـ فى ولاية أحدهما ـ سيف الإسلام طغتكين بن أيوب أخو السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، صاحب مصر والشام فى سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وولى مكة بعد مكثر: أبو عزيز قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى ابن حسين بن سليمان بن على بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى الينبعى فى سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وقيل: فى سنة ثمان وتسعين، وقيل: سنة تسع وتسعين. واستمر حتى مات فى سنة سبع عشرة وستمائة، وقيل: سنة ثمان عشرة. وامتدت ولايته إلى ينبع وإلى حلى، وحارب صاحب المدينة، وغلب كل منهما الآخر حينا. وولى مكة فى ولاية قتادة أقباش الناصرى العباسى، ولم يباشر ولايتها، وإنما عقد له مولاه الولاية على الحرمين، وإمرة الحجاج. وولى مكة بعد قتادة: ابنه حسين بن قتادة، ودامت ولايته إلى سنة تسع عشرة وستمائة، وقيل: إلى سنة عشرين. ووليها بعده: الملك المسعودى، واسمه يوسف، ويلقب: أقسيس بن الملك الكامل محمد بن الملك العادل أبى بكر بن أيوب صاحب اليمن، بعد أن حارب حسن بن قتادة بالمسعى، وانهزم حسن. ونهب عسكر الملك المسعودى مكة إلى العصر، ودامت ولايته عليها حتى مات فى سنة ست وعشرين وستمائة. ووليها نيابة عنه: نور الدين عمر بن على بن رسول الذى صار سلطانا باليمن بعده، والأمير حسام الدين ياقوت بن عبد الله المسعودى. ووليها بعد المسعودى: والده الكامل صاحب مصر، ودامت ولايته إلى شهر ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وستمائة. ثم وليها الملك المنصور نور الدين ـ المذكور ـ بعد أن بويع بالسلطنة ببلاد اليمن؛ لأنه أنفذ جيشا إليها فيهم راجح بن قتادة، فهرب منها طغتكين متوليها من قبل الكامل.

ثم استولى عليها مع جيش أمده به الكامل فى شهر رمضان سنة تسع وعشرين، وسمى ابن محفوظ المكى أمير مكة الكامل فى هذا التاريخ شجاع الدين الدغدكى وهو تصحيف، إنما هو طغتكين. والله أعلم. وقيل: إن فخر الدين بن الشيخ على، كان على مكة لما وصلها جيش المنصور فى سنة تسع وعشرين. ثم وليها جيش المنصور مع راجح بغير قتال فى صفر سنة ثلاثين. ثم وليها فى آخرها عسكر الكامل، وأقام بها أمير من جهة الكامل يقال له ابن مجلى. ثم وليها: عسكر المنصور مع راجح فى سنة إحدى وثلاثين. ثم وليها فى سنة اثنتين وثلاثين: عسكر الكامل، وكان ألف فارس. وقيل: سبعمائة. وقيل: خمسمائة، وخمسة من الأمراء يقدمهم الأمير جفريل ودامت ولاية الكامل عليها إلى أن استولى عليها المنصور فى سنة خمس وثلاثين وستمائة، وكان قد سار إليها بنفسه فى ألف فارس فيما قيل. ودامت ولايته عليها إلى سنة سبع وثلاثين، وترك بها مائة وخمسين فارسا، قدم عليهم ابن الوليد وابن التغرى. ثم وليها: الملك الصالح أيوب بن الكامل صاحب مصر؛ لأنه أنفذ إليها مع الشريف شيحة صاحب المدينة جيشا فيه ألف فارس، فاستولى على مكة بغير قتال فى سنة سبع وثلاثين. ثم وليها: عسكر المنصور بعد مفارقة شيحة، ومن معه بمكة وفيهم النصرى، وراجح ابن قتادة. وذلك فى سنة سبع وثلاثين، أو ثمان وثلاثين وستمائة. ثم وليها: عسكر الصالح فى سنة ثمان وثلاثين، وممن وليها له الأمير فخر الدين أحمد ابن التركمانى. ثم وليها المنصور فى سنة تسع وثلاثين وستمائة، وسافر إليها بنفسه، ودامت ولايته عليها حتى مات، وأمر عليها فى هذه السنة مملوكه الأمير فخر الدين الشلاح، وابن فيروز، وجعل الشريف أبا سعد بن على بن قتادة بالوادى مساعدا لعسكره. واستمر الشلاح على ولاية مكة إلى سنة ست وأربعين وستمائة، على ما ذكر بعض مؤرخى اليمن فى عصرنا.

ووجدت بخط الميورقى: أن ابن المسيب قدم مكة لعزل الشلاح فى منتصف ربيع الأول سنة خمس وأربعين، والله أعلم بالصواب. وولى مكة بعد ابن المسيب أبو سعد بن على ـ السابق ـ بعد قبضه على ابن المسيب فى ذى القعدة. وقيل: فى شوال سنة سبع وأربعين وستمائة، واستمر إلى أن قتل سنة إحدى وخمسين فى شعبان. وقيل: فى رمضان منها. ثم وليها بعده ـ أحد قتلته ـ: جماز بن حسن بن قتادة، واستمر إلى آخر يوم من الحج سنة إحدى وخمسين. ثم وليها بعده راجح بن قتادة، واستمر إلى ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين. ثم وليها بعده: ابنه غانم بن راجح، واستمر إلى شوال منها. ثم وليها بعده: إدريس بن قتادة، وأبو نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة بعد قتال مات فيه ثلاثة نفر. ثم وليها: المبارز على بن الحسين بن برطاس، وكان المظفر صاحب اليمن قد أنفذه إلى مكة فى مائتى فارس، فقاتل إدريس وأبا نمى، وظهر عليهما فى الخامس والعشرين من ذى القعدة سنة اثنتين وخمسين. ثم وليها: إدريس وأبو نمى فى المحرم سنة ثلاث وخمسين وستمائة بعد قتالهم لابن برطاس، وكان أسر ففدا نفسه وفارق مكة بمن معه. وفى سنة أربع وخمسين وستمائة: انفرد أبو نمى بالإمرة بها، ثم عاد إدريس لمشاركته فى ولايتها. ثم وليها: أولاد حسن بن قتادة بست أيام من سنة ست وخمسين، ثم أخرجهم منها أبو نمى. ودامت ولاية إدريس، وأبو نمى إلى سنة سبع وستين. ثم انفرد بها أبو نمى قليلا ثم عاد إدريس إلى ولايتها واستمر إلى ربيع الأول سنة تسع وستين. ثم انفرد إدريس بولايتها أربعين يوما. ثم قتل فى هذه السنة بخليص فى حرب كان بينه وبين أبى نمى، وانفرد أبو نمى بولايتها إلى سنة سبعين.

ثم وليها فى صفر: جماز بن شيحة صاحب المدينة، وغانم بن إدريس بن حسن بن قتادة صاحب ينبع، ثم عاد أبو نمى إلى ولايتها بعد أربعين يوما، واستمر إلى سنة سبع وثمانين وستمائة. ثم عاد جماز بن شيحة إلى ولاية مكة، وأقام بها إلى آخر السنة. وذلك مدة يسيرة. ثم وليها أبو نمى، واستمر إلى أوائل صفر سنة إحدى وسبعمائة، وفى رابعه مات. وكان وليها فى حال ولاية أبى نمى وإدريس أمير يقال له: شمس الدين مروان نائب الأمير عز الدين أمير خازندار بأمر من الملك الظاهر بيبرس صاحب مصر فى سنة سبع وستين وستمائة، بسؤال من إدريس وأبى نمى للظاهر فى ذلك، ثم أخرج مروان من مكة فى سنة ثمان وستين. ووليها ـ قبل موت أبى نمى بيومين ـ: ابناه حميضة، ورميثة، واستمر إلى أن قبض عليهما فى موسم سنة إحدى وسبعمائة. ووليها بعدهما: أخواهما أبو الغيث، وعطيفة ـ ابنا أبى نمى. وقيل: وليها بعدهما أبو الغيث، ومحمد بن إدريس بن قتادة. ثم وليها: حميضة، ورميثة فى سنة ثلاث وسبعمائة. وقيل: فى سنة أربع وسبعمائة، بولاية من الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر، واستمر إلى موسم سنة ثلاث عشرة وسبعمائة. ثم وليها: أخوهما أبو الغيث، بولاية من الناصر المذكور، وجهز معه جيشا كثيفا، واستمر شهرين وجمعة. ثم وليها: حميضة بعد قتال كان بينه وبين أبى الغيث، ثم ظفر به فى حرب آخر فقتله، واستمر حميضة إلى أن هرب إلى الحلف والخليف فى شعبان سنة خمس عشرة. ووليها بعده: أخوه رميثة بولاية من الناصر المذكور، واستمر إلى أن قبض عليه بعد انقضاء الحج من سنة ثمان عشرة وسبعمائة، إلا أن حميضة استولى على مكة فى أوائل هذه السنة، أو بعد الحج من التى قبلها بموافقة رميثة على ما قيل. ووليها: عطيفة بن أبى نمى فى أوائل سنة تسع عشرة وسبعمائة، بولاية من الناصر المذكور، وجهز معه عسكرا، واستمر فى الولاية إلى أوائل سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، إلا أن رميثة شاركه فى ولاية مكة فى بعض سنى عشر الثلاثين.

ثم وليها: رميثة بمفرده فى ربيع الآخر أو جمادى الأولى، من سنة إحدى وثلاثين، واستمر إلى سنة أربع وثلاثين. ثم وليها: عطيفة شريكا لرميثة. ثم انفرد رميثة بإمرتها ليلة رحيل الحاج من السنة المذكورة. ثم وليها: عطيفة شريكا لرميثة فى الموسم من سنة خمس وثلاثين، واستمر إلى أثناء سنة ست وثلاثين. ثم سافر فأقام عطيفة بمكة، ورميثة بالحديد بوادى مر، فقصد رميثة مكة ودخلها، وخرج منها غير ظافر، وذلك فى رمضان من السنة المذكورة. وفى سنة سبع وثلاثين اصطلحا وتشاركا فى الإمرة. ثم انفرد فيها: رميثة، واستمر متولّيا إلى أن ترك ولايتها فى سنة أربع وأربعين وسبعمائة لولديه عجلان، وثقبة، وأبى ذلك ولاة الأمر بمصر، وكتبوا له بالولاية، فاستمر رميثة إلى سنة ست وأربعين وسبعمائة. ثم وليها فيها: ابنه عجلان فى حياة أبيه. وفيها مات أبوه، واستمر عجلان إلى سنة ثمان وأربعين وسبعمائة. ثم وليها معه أخوه ثقبة، ثم صارا يتداولان ولايتها كل منهما وقتا. ثم ولياها معا باتفاقهما على ذلك فى أيام الموسم من سنة ثمان وخمسين وسبعمائة. ثم وليها بعدهما: أخوهما سند بن رميثة، وابن عمهما محمد بن عطيفة فى أثناء سنة ستين وسبعمائة، بولاية من الناصر حسن بن محمد بن قلاوون صاحب مصر، وجهز من مصر عسكرا لتأييدهما. واستمر على ولايتهما حتى انقضى الحج من سنة إحدى وستين وسبعمائة. ثم وليها ـ عوض ابن عطيفة شريكا لسند ـ: أخوه ثقبة بن رميثة؛ لأن الترك الذين قدموا فى موسم هذه السنة إلى مكة للإقامة بها عوض الأولين خرجوا من مكة على وجه مؤ لم بسبب ما نالهم من بنى حسن من القتل والنهب. وكان ابن عطيفة تخطى عن نصرة الترك فلم يستطع المقام بمكة بعد خروجهم منها، فخرج منها خائفا يترقب. ووجدت بخط بعض الناس من أصحابنا ما يقتضى: أنه أقام بمكة بعد الترك. ولعله أقام قليلا ثم رحل.

ثم ولى عجلان إمرة مكة عوض سند، شريكا لثقبة. وكان بمصر حين ولايته لذلك، فما وصل إلى وادى مر إلا وثقبة عليل مدنف، فلما مات ثقبة فى شوال سنة اثنتين وستين وسبعمائة ولى عجلان عوضه: ابنه أحمد بن عجلان، وجعل له ربع الحاصل، ثم زاده بعد ذلك ربعا آخر، ثم ترك عجلان الإمرة لابنه: أحمد، على أمور اشترطها، منها: دوام الدعاء مدة له حياته، فوفى له بذلك ابنه. واستمر منفردا بالإمرة حتى أشرك معه فيها ابنه محمد بن أحمد بن عجلان فى سنة ثمانين وسبعمائة بولاية من صاحب مصر، ولم يظهر لذلك أثر لصغر ابنه واستبداده هو بالأمور، واستمرا شريكين فى الإمرة، حتى مات الأب فى العشرين من شعبان سنة ثمان وثمانين وسبعمائة. ثم انفرد شريكين فى الإمرة، حتى مات الأب فى العشرين من شعبان سنة ثمان وثمانين وسبعمائة. ثم انفرد بها الولد مائة يوم، ثم قتل فى مستهل الحجة من السنة المذكورة لما حضر لخدمة المحمل المصرى. فوليها عوضه: عنان بن معامس بن رميثة، واستولى على مكة بعد قتال وقع بينه وبين بعض جماعة الأمير المقتول، واستولى على جدة أيضا، ثم انتزعت منه فى أوائل سنة تسع وثمانين، وأشرك معه فى الإمرة: ابنى عميه أحمد بن ثقبة، وعقيل بن مبارك بن رميثة، ثم على بن مبارك ليستظهر بهم على أعدائه. فما وجد بذلك راحة. ونمى الخبر إلى السلطان الملك الظاهر برقوق بمصر فعزله، وولى على بن عجلان بن رميثة. وتحارب عنان وجماعته مع آل عجلان، ومن معهم بأذاخر فى سلخ شعبان سنة تسع وثمانين، فكان الظفر لعنان وأصحابه. ثم استولى على مكة: على بن عجلان فى موسم هذه السنة بعد مفارقة عنان وأصحابه لمكة، ونزلوا بعد الموسم فى الوادى، وكان له أمر بجدة. ثم فارقهم عنان، وتوجه إلى مصر، فأقام بها مدة مطلقا ومعتقلا. ثم ولى بعد إطلاقه: نصف إمرتها شريكا لعلى بن عجلان، ووصل مكة فى نصف شعبان من سنة اثنتين وتسعين. ودخل مكة بموافقة مع على بن عجلان وجماعته. واستمرا على الولاية إلى الرابع والعشرين من صفر سنة أربع وتسعين وسبعمائة.

ثم استبد بها على وأصحابه بعد أن همّ بعضهم بالفتك بعنان بالمسعى فنجى، ثم دخلها بعد أن أخليت له من جماعتهم لما عزم إلى التوجه إلى مصر مطلوبا، وتوجه بعده: على بن عجلان واجتمعا بمصر عند الملك الظاهر، فعزل عنان. وأقام بمصر حتى مات فى ربيع الأول سنة خمس وثمانمائة بالفالج. وولى مكة: على بمفرده، ووصل إلى مكة فى موسم سنة أربع وتسعين وسبعمائة، وقبض فى آخر يوم منها على جماعة من وجوه الأشراف والقواد، ثم خودع فيهم فأطلقهم، ثم شوشوا عليه كثيرا، فقصد التجار ينبع لقلة الأمن بمكة وجدة. وآخر أمره أنه قتل ففاز بالشهادة فى تاسع شوال سنة سبع وسبعمائة. ثم وليها عوضه: أخوه السيد حسن بن عجلان. وكان حين ولايته بمصر، فدخل مكة فى رابع عشرين من ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين وسبعمائة. فوجد المجاورين والحاج بولايته راحة ونفعا؛ لأنه لمصالحهم يرعى. واستمر منفردا بالإمرة إلى أن أشرك معه فيها: ابنه السيد بركات فى سنة تسع وثمانمائة بولاية من الناصر فرج بن الملك الظاهر برقوق صاحب مصر. ثم سعى لابنه السيد أحمد فى نصف الإمرة الذى كان بيده، فأجيب لسؤاله وولى هو نيابة السلطنة ببلاد الحجاز. وذلك فى ربيع الأول سنة إحدى عشرة وثمانمائة. وولى هو فى إمرة المدينة النبوية: عجلان بن نعير بن منصور بن جماز بن شيحة الحسنى. وكان يقدم فى الخطبة بالمدينة على أميرها عجلان، ثم قطعت خطبته منها لما زال عجلان عن ولايتها فى العشر الأخير من ذى القعدة سنة اثنتى عشرة وثمانمائة. وفى شوال من هذه السنة عزل السيد حسن وابناه عن ولايتهم، وأسرّ السلطان بمصر ذلك. ثم رضى عليهم وأعادهم إلى ولايتهم فى ثانى عشر ذى القعدة من السنة المذكورة. وبعث إليهم بالعهد والميثاق والتشاريف مع خادمه الخاص فيروز الساقى، فلبسوا ذلك وقرأ العهد بولايتهم فى أول ذى الحجة من السنة المذكورة. وأحمد الله بذلك فتنة عظيمة كادت أن تقع بين المذكورين، وبين أمير الحاج المصرى بيسق. واستمروا على ولايتهم إلى أوائل سنة ثمان عشرة وثمانمائة، ثم عزلوا عن ذلك. ووليه: السيد رميثة بن محمد بن عجلان بن رميثة فى هذا التاريخ. ودخل مكة فى

مستهل ذى الحجة سنة ثمان عشرة. وفيه قرئ توقيعه ودعى له على المنبر فى الخطبة فى سابع ذى الحجة. ثم عزل عن ذلك فى ثامن عشر رمضان سنة تسع عشرة وثمانمائة. وولى عمه السيد حسن: إمرة مكة ـ عوضة ـ ودخلها لابسا لخلعة الولاية بها بكرة يوم الأربعاء سادس عشرين شوال، بعد حرب كان بين عسكر حسن، وابن أخيه فى اليوم الذى قبله، استظهر فيه عسكر السيد حسن على من قاتلهم وفارقوا مكة. واستمر الشريف حسن فى إمرة مكة حتى عزل منها بالشريف على بن عنان بن مغامس بن رميثة بن أبى نمى. وجهز معه مولانا السلطان الملك الأشرف أبو النصر برسباى ـ نصره الله ـ عسكرا قويا من القاهرة، فاستولوا على مكة بغير قتال فى سادس جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وثمانمائة، ثم على جدة. وتوجه قبل ذلك الشريف حسن لصوب اليمن، ثم أتى إلى مكة بأمان من مولانا السلطان، ودخلها مكرما لابسا لخلعة الولاية فى أول ذى الحجة سنة ثمان وعشرين. وتوجه إلى القاهرة فأكرمه كثيرا مولانا السلطان وقرره فى إمرة مكة. وكان ذلك فى العشرين من جمادى الأولى سنة تسع وعشرين وثمانمائة وهو عليل. واستمر كذلك حتى توفى فى السادس عشر من جمادى الآخرة من السنة المذكورة بالقاهرة بعد أن تجهز للسفر إلى مكة. واستدعى مولانا السلطان ـ نصره الله ـ السيد بركات بن حسن بن عجلان، فوصل إلى الحضرة الشريفة فى الثالث والعشرين من رمضان، وفوضت إليه إمرة مكة فى السادس والعشرين من رمضان من السنة المذكورة. واستقر أخوه السيد إبراهيم نائبا عنه، وخلع عليهما تشريفتين، وتوجها إلى مكة المشرفة فى عاشر شوال من السنة المذكورة، فوصلا إليها فى أوائل العشر الوسط من ذى القعدة منها، وقرئ عهد الشريف بركات بالولاية ولبس الخلعة بذلك. وقد ذكرنا من حال ولاة مكة أكثر من هذا فى أصله، وبسطنا ذلك أكثر فى العقد الثمين، ومختصره عجالة القرى. فمن أراد ذلك فليراجعهما، يرى فيهما من هذا المعنى وفى غيره أخبارا مستعذبة وفوائد مستغربة. ونحمد الله على ما منّ به من ذلك من الإرشاد. ونسأله فى ذلك السداد. * * *

الباب الثامن والثلاثون فى ذكر شيء من الحوادث المتعلقة بمكة فى الإسلام

الباب الثامن والثلاثون فى ذكر شيء من الحوادث المتعلقة بمكة فى الإسلام (1) لا ريب فى كثرة الأخبار فى هذا المعنى، وأكثر ذلك خفى علينا لعدم العناية بتدوينه فى كل وقت، وقد سبق مما علمناه أمور كثيرة فى مواضع من هذا الكتاب، ويأتى إن شاء الله تعالى شيء من ذلك بعد هذا الباب. والمقصود ذكره فى هذا الباب: أخبار تتعلق بالحجاج، لها تعلق بمكة أو باديتها. وحج جماعة من الخلفاء والملوك فى حال ولايتهم، ومن خطب له بمكة من الملوك وغيرهم فى خلافة بنى العباس، وما جرى بسبب الخطبة بمكة بين ملوك مصر والعراق. وما أسقط من المكوسات المتعلقة بمكة. فمن الأخبار المقصود ذكرها هنا: أن أبا بكر الصديق رضى الله عنه، حج بالناس سنة اثنتى عشرة من الهجرة. ومنها: أن الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه حج بالناس فى جميع خلافته إلا السنة الأولى منها. ومنها: أن ذا النورين عثمان بن عفان رضى الله عنه حج بالناس فى جميع خلافته إلا فى السنة الأولى والأخيرة. ومنها: أن فى سنة أربعين من الهجرة: وقف الناس بعرفة فى اليوم الثامن من ذى الحجة، وضحوا فى اليوم التاسع. وليس كل إنسان اتفق له ذلك، والذين اتفق لهم ذلك طائفة كانوا مع المغيرة بن شعبة رضى الله عنه. ومنها: أن معاوية بن أبى سفيان رضى الله عنهما: حج بالناس سنتين. ومنها: أن عبد الله بن الزبير رضى الله عنهما حج بالناس فى جميع خلافته إلا السنة الأخيرة منها، وهى سنة اثنتين وسبعين لحصر الحجاج بن يوسف الثقفى له فيها، وحج بالناس سنة ثلاث وستين، فيكون حجه بالناس تسعا، بتقديم التاء. ومنها: أن عبد الملك بن مروان حج بالناس سنتين.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 2/ 213 ـ 259).

ومنها: أن الوليد بن عبد الملك حج بالناس سنتين على ما قيل. ومنها: أن سليمان بن عبد الملك، حج بالناس مرة. وكذلك أخوه هشام بن عبد الملك. ومنها: أن فى سنة تسع وعشرين ومائة: وافى بعرفة أبو حمزة الخارجى على غفلة من الناس فخافوا منه، فسأله عامل مكة فى المسألة، فوقع الاتفاق على: أنهم جميعا آمنون حتى ينقضى الحج، ثم استولى ـ بغير قتال ـ أبو حمزة على مكة بعد الحج لفرار عاملها عنها. ومنها: أن أبا جعفر المنصور ثانى الخلفاء العباسيين حج بالناس أربع سنين، ورام الحج فى سنة ثمان وخمسين فما ناله لموته ببئر ميمون ظاهر مكة. ومنها: أن المهدى بن المنصور العباسى حج بالناس سنة ستين ومائة. وقيل: إنه حج بالناس سنة أربع وستين أيضا. وفى حجته الأولى: أنفق فى الحرمين أموالا عظيمة، يقال: إنها ثلاثون ألف ألف درهم وصل بها من العراق، وثلاثمائة ألف دينار وصلت إليه من مصر، ومائتا ألف دينار وصلت إليه من اليمن، ومائة ألف ثوب وخمسون ألف ثوب. ومنها: أن الرشيد هارون بن المهدى العباسى حج بالناس تسع حجج ـ بتقديم التاء ـ ولم يحج بعده خليفة من العراق، إلا أن الذهبى ذكر فى العبر فى أخبار سنة اثنتى عشرة ومائتين: أن المأمون بن هارون الرشيد حج فى هذه السنة ولم أر ذلك لغيره. والله أعلم. وفرق الرشيد فى حجاته أموالا كثيرة جدّا فى الحرمين. ومنها: أن فى سنة تسع وتسعين ومائة، وقف الناس بعرفة بلا إمام وصلوا بلا خطبة لفرار أمير مكة عنها، متخوفا من حسين الأفطس العلوى، وكان وصوله إلى مكة فى آخر يوم عرفة، وبها وقف ليلا. ومنها: أن فى سنة مائتين من الهجرة نهب الحاج بستان ابن عامر، وأخذت كسوة الكعبة، ثم استنقذها الجلودى مع كثير من الأموال المنهوبة، وبستان ابن عامر هو: بطن نخلة، على ما ذكر أبو الفتح بن سيد الناس عند ذكر سرية عبد الله بن جحش رضى الله عنه إلى نخلة. ومنها: أن فى سنة إحدى وخمسين ومائتين: لم يقف الناس بعرفة لا ليلا ولا نهارا، إلا أن إسماعيل بن يوسف العلوى وافى الموقف بعرفة فى يومها.

وقتل: من الحجاج نحو ألف ومائة وسلب الناس وهرب الناس إلى مكة. ومنها: أن فى سنة خمس وتسعين ومائتين: وقع بمنى قتال بين الأجناد، وبين عج بن حاج أمير مكة لطلبهم جائزة بيعة المقتدر، فقتل منهم جماعة، وفر الناس إلى بستان ابن عامر. ومنها: أن فى سنة سبع عشرة وثلاثمائة: وافى مكة أبو طاهر القرمطى، فأسرف فى قتل الحاج وأسرهم مع هتكه لحرمة الكعبة. وذلك أنه قتل فى المسجد الحرام نحو ألف وسبعمائة من الرجال والنساء، وهم متعلقون بالكعبة وردم بهم زمزم، وفرش بهم المسجد، وما يليه. وقتل فى سكك مكة وشعابها من أهل خراسان، والمغاربة وغيرهم زهاء ثلاثين ألفا، وسبى من النساء والصبيان مثل ذلك، وقد بطل الحج من العراق بسبب القرمطى ثلاث سنين متوالية من هذه السنة، وبطل بعدها سنين كثيرة فى عشر الثلاثين، وفى عشر الأربعين. وأوضحنا هذه السنين فى أصل هذا الكتاب، وليس كل البطالة فيها لأجل القرمطى. ومنها: أن فى سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة، أو فى التى قبلها جرى قتال بين أصحاب ابن طغج والعراقيين بسبب الخطبة بمكة، وجرى مثل ذلك فى سنة اثنتين وأربعين، وفى سنة ثلاث وأربعين. ومنها: ـ أعنى سنة ثلاث ـ خطب بمكة والحجاز لمعز الدولة، ولولده عز الدين بختيار وبعدهم لابن طغج. وذكر بعضهم أن فى هذه السنة: منع أصحاب معز الدولة أصحاب الإخشيد من الصلاة بمنى والخطبة، وأن أصحاب الإخشيد منعوا أصحاب معز الدولة الدخول إلى مكة والطواف. انتهى بالمعنى. ومنها: أن كافور الإخشيدى صاحب مصر، كان يدعى له على المنابر بمكة والحجاز أجمع. ومنها: أن فى سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة: خطب بالحرمين واليمن لصاحب مصر المعز العبيدى، وقطعت خطبة بنى العباس. وفيها فرق قائد من جهته أموالا عظيمة فى الحرمين. ومنها: أن فى سنة تسع وخمسين وثلاثمائة خطب بمكة للقرامطة الهجرتين مع المطيع

العباسى. وقطعت خطبة المعز من مكة، وخطب له بالمدينة، وخطب للمطيع بظاهرها، ثم خطب للمعز بالحرمين فى الموسم سنة ثلاث وستين. ومنها: أن فى سنة خمس وستين خطب بالحرمين لصاحب مصر العزيز بن المعز العبيدى، وضيق جيشه بالحصار فيها على أهل مكة، ودامت الخطبة له ولولده ولولد ولده ولولد ولد ولده، نحو مائة سنة، كما سيأتى مبينا إن شاء الله تعالى. ومنها: أن فى سنة ست وستين وثلاثمائة: حجت جميلة بنت ناصر الدولة بن حمدان، حجا يضرب به المثل فى التجمل وأفعلا البر؛ لأنه كان معها على ما قيل: أربعمائة كجاوة، فلم يدر فى أيها هى لتساويها فى الحسن والزينة، ونثرت على الكعبة لما رأتها ـ وقيل: لما دخلتها ـ عشرة ألف دينار، وأغنت المجاورين بالحرمين. ومنها: أن فى سنة أربع عشرة وأربعمائة، حصل فى الحجاج قتل ونهب بمكة وبظاهرها، وسبب ذلك: أن بعض الملحدة تجرأ على الحجر الأسود فضربه ثلاث ضربات بدبوس، فقتل وقطع وأحرق، وقتل ممن اتهم بمعاونته جماعة، وكثر النهب فى المغاربة والمصريين وغيرهم. وهذه الحادثة أبسط من هذا فى أصله وذكرها الذهبى فى سنة ثلاث عشرة، ونقل ذلك عن غيره، والله أعلم. ومنها: أن فى سنة خمس وخمسين وأربعمائة: حج على بن محمد الصليحى، صاحب اليمن، وملك فيها مكة، وفعل فيها أفعالا حميدة، من العدل والإحسان ومنع المفسدين، فأمن الناس أمنا لم يعهدوه، ورخصت الأسعار لأمره بجلب الأقوات، وكثر البناء عليه. ومنها: أن فى سنة اثنتين وستين وأربعمائة: أعيدت الخطبة العباسية بمكة وخطب بها للقائم عبد الله العباسى، ثم للسلطان البارسلان السلجوقى. وذكر ابن كثير ما يقتضى: أن الخطبة العباسية: أعيدت بمكة فى سنة سبع وخمسين. وذكر بعض مشايخنا: ما يقتضى أن ذلك وقع فى سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. ومنها: أن فى سنة سبع وستين أعيدت الخطبة بمكة لصاحب مصر المستنصر العبيدى، ثم خطب للمقتدر العباسى بمكة فى ذى الحجة سنة ثمان وستين. ثم أعيدت الخطبة لصاحب مصر فى سنة سبعين. ثم أعيدت الخطبة للمقتدر فى سنة اثنتين وسبعين. ومنها: أنه خطب بمكة للسلطان محمود بن السلطان ملكشاه السلجوقى فى سنة خمس وثمانين وأربعمائة.

ومنها: أنه خطب فى الحرمين لأخيه السلطان سنجر بن السلطان ملكشاه السلجوقى. ومنها: أن فى سنة تسع وثلاثين وخمسمائة: نهب الحجاج العراقيون، وهم يطوفون ويصلون فى المسجد الحرام، لوحشة كانت بين أمير الحاج العراقى فى نظر الخادم وأمير مكة هاشم بن فليتة. ومنها: أن السلطان نور الدين محمد بن زنكى صاحب دمشق وغيرها حج فى سنة ست وخمسين وخمسمائة. ثم خطب له بمكة بعد استيلاء المعظم توران شاه بن أيوب، أخى السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب على اليمن. واستيلاؤه عليه، كان فى سنة ثمان وستين وخمسمائة. وقيل: فى سنة تسع وستين وخمسمائة. ومنها: أن فى سنة سبع وخمسين وخمسمائة: نهب أهل مكة للحجاج العراقيين نحو ألف جمل؛ لفتنة كانت بين الفريقين، قتل فيها جماعة منهما. وعاد جماعة من الحجاج قبل تمام حجهم. ومنها: أن فى سنة إحدى وستين وخمسمائة: أعفى الحجاج من تسليم المكس كرامة لعمران بن محمد بن الذريع اليامى الهمدانى صاحب عدن لوصول تابوته إلى مكة من عدن، وإنما حمل إلى مكة لشغفه فى حياته بالحج، فأحضر فى مشاعره وصلى عليه خلف المقام، ودفن بالمعلاة. ومنها: أن الحجاج مكثوا بعرفة إلى الصباح، خوفا من فتنة كانت بين عيسى بن فليتة ـ أمير مكة ـ وأخيه مالك بن فليتة، وذلك فى سنة خمس وستين وخمسمائة. وبات الحجاج العراقيون بعرفة أيضا فى سنة سبعين وخمسمائة. وهذا لأنهم إنما وصلوا إلى عرفة فى يومها. ومنها: أن فى سنة إحدى وسبعين وخمسمائة: لم يوف أكثر الحجاج العراقى المناسك؛ لأنهم ما باتوا بمزدلفة وما نزلوا بمنى، ونزلوا الأبطح فى يوم النحر. وسبب ذلك فتنة عظيمة كانت بين طاشتكين أمير الحاج العراقى وبين مكثر بن عيسى بن فليتة أمير مكة، ظفر فيه طاشتكين، وأمر بهدم القلعة التى كانت بمكة، لمكثر على أبى قبيس ونهبت أموال كثيرة. ومنها: أن فى سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة: أبطل السلطان صلاح الدين يوسف ابن أيوب المكس المأخوذ من الحجاج فى البحر إلى مكة على طريق عبدان.

وكان ذلك معلوما لأمير مكة، فعوضه السلطان صلاح الدين عن ذلك ألفى دينار، وألف أردب قمح وإقطاعات بصعيد مصر وجهة اليمن. وقيل: إنه عوضه عن ذلك مبلغ ثمانية آلاف أردب قمح يحمل إليه كل عام إلى ساحل جدة. والله أعلم. انتهى. وكان يخطب بمكة للسلطان صلاح الدين المذكور بعد مكثر بن عيسى بن فليتة أمير مكة، وما علمت ابتداء وقت الخطبة له بمكة. والله أعلم. ومنها: أن جماعة من الحجاج. وهم أربعة وثلاثون نفر ماتوا فى الكعبة المعظمة من الزحام فى سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. ومنها: أن فى يوم عرفة من سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، تحارب بعض الحجاج الشاميين والعراقيين فى عرفة، فغلب العراقيون الشاميين، وقتلوا منهم جماعة ونهبوهم. ومنها: أن فى سنة ثمان وستمائة حصل فى الحجاج العراقيين قتل ونهب فاحش، حتى قيل: إنه أخذ من المال والمتاع وغيره ما قيمته ألفا ألف دينار. حكى ذلك أبو شامة، وكانت هذه البلية بمكة ومنى. وهى بمنى أعظم. وذكر ابن محفوظ: أنه كان بين العراقيين وأهل مكة فتنة بمنى فى سنة سبع وستمائة. ولم أر ما يدل لذلك. والله أعلم. ومنها: أن صاحب دمشق المعظم عيسى بن العادل أبى بكر بن أيوب: حج فى سنة إحدى عشرة وستمائة وتصدق فيها بالحرمين صدقة كبيرة. ومنها: أنه كان يخطب بمكة لوالده الملك السلطان العادل أبى بكر بن أيوب أخى السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب صاحب مصر والشام. ومنها: أن فى سنة سبع عشرة وستمائة: منع صاحب مكة حسن بن قتادة الحجاج العراقيين من دخول مكة، ثم أذن لهم فى ذلك بعد قتل أصحابه لأمير الحاج العراقى أقباش الناصرى مملوك الخليفة الناصر لدين الله لاتهامه بأنه يريد أن يولى راجح بن قتادة أخا حسن مكة عوضه. وكان حسن متوليا لها بعد أبيهما قتادة. وفيها مات قتادة ونصب رأس أقباش بالمسعى عند دار العباس، ثم دفن مع جسده بالمعلاة. ومنها: أن جماعة من الحجاج ماتوا بالمسعى من الزحام فى سنة سبع عشرة وستمائة. ومنها: أن المسعود صاحب اليمن: حج من اليمن فى سنة تسع عشرة وستمائة وبدا

منه ما لا يحمد، من رميه حمام مكة بالبندق فوق زمزم، ومن منعه اطلاع علم الخليفة الناصر العباسى جبل الرحمة بعرفة. وقيل: إنه أذن فى ذلك اليوم قبيل الغروب وغير ذلك من الأمور المنسوبة إليه. وذكر ابن الأثير ما يقتضى: أنه حج سنة ثمان عشرة. والله أعلم. وسبق فى الباب قبله أنه ولى مكة، وكان حال الناس بها حسنا فى ولايته لهيبته، وإليه ينسب الدرهم المسعودى المتعامل به بمكة. ومنها: أنه كان يخطب بها لوالده الملك الكامل ناصر الدين أبى المعالى محمد بن الملك العادل أبى بكر بن أيوب صاحب مصر. ولعل ذلك بعد ملك ولده المسعود لمكة. والله أعلم. ومنها: أن الملك المنصور نور الدين عمر بن على بن رسول صاحب اليمن: خطب له بمكة فى سنة تسع وعشرين وستمائة. وفيها: ولى مكة بعد مبايعته بالسلطنة فى بلاد اليمن فى هذه السنة. وحج الملك المنصور المذكور فى سنة إحدى وثلاثين وستمائة على النجب حجا هينا. وحج أيضا فى سنة تسع وثلاثين وستمائة. وصام رمضان فى هذه السنة بمكة. ومنها: أن فى سنة سبع وثلاثين وستمائة: خطب بمكة لصاحب مصر الصالح أيوب ابن الكامل. وممن خطب له بمكة من بنى أيوب: صاحب مصر الأشرف موسى بن الناصر يوسف ابن المسعود أقسيس بن الكامل فى سنة اثنتين وخمسين وستمائة. وفيها: خطب معه لأتابكه المعز أيبك التركمانى الصالحى. وفيه: تسلطن المعز المذكور فى شعبان. وممن خطب له بمكة من ملوك مصر: الظاهر بيبرس الصالحى، ومن بعده من ملوك مصر، إلى تاريخه، إلا المنصور عبد العزيز بن الظاهر برقوق لكونه لم يصل له نجاب وأشك فى الخطبة بمكة لابنى الظاهر بيبرس والعادل كتبغا، والمنصور لاجين. وأكبر ظنى أنه خطب لهم. والله أعلم. وكان للناصر محمد بن قلاوون من نفوذ الكلمة بمكة واستبداده بأمر الولاية فيها ما لم يكن لمن قبله من ملوك الترك بمصر. واستبد من بعده من ملوك مصر بالولاية بمكة.

ومنها: أن فى سنة تسع وثلاثين وستمائة: أسقط السلطان الملك المنصور صاحب اليمن عن مكة سائر المكوسات والجنايات والمظالم. وكتب بذلك مربعة وجعلت قبالة الحجر الأسود، ودامت هذه المربعة إلى أن قلعها ابن المسيب لما ولى مكة فى سنة ست وأربعين وستمائة، وأعاد الجنايات والمكوسات بمكة. ومنها: على ما وجدت بخط الميورقى: لم يحج سنة خمس وخمسين وستمائة من الآفاق ركب، سوى حجاج الحجاز. انتهى. ومنها: أن الملك المظفر يوسف بن المنصور صاحب اليمن: حج فى سنة تسع وخمسين وستمائة، وغسل الكعبة بنفسه وطيبها، وما كساها بعد انقضاء الخلافة من بغداد ملك قبله. وقام أيضا بمصالح الحرم وأهله، وأوسع فى الصدقة حين حج. ومن أفعاله الجميلة بمكة: أنه نثر على الكعبة الذهب والفضة. وكان يخطب له بمكة فى غالب سلطنته. وخطب من بعده لملوك اليمن من ذريته بعد الخطبة لصاحب مصر. ومنها: على ما قال الميورقى: لم ترفع راية لملك من الملوك سنة ستين وستمائة. كسنة خمس وخمسين وستمائة. انتهى منقولا من خطه. وأراد بذلك: وقت الوقوف بعرفة. ومنها: أن الحجاج العراقيين توجهوا إلى مكة فى سنة ست وستين وستمائة. وما علمت لهم بتوجه لهم قبل ذلك من بغداد بعد غلبة التتار عليها. ومنها: أن الملك الظاهر بيبرس الصالحى، صاحب مصر: حج سنة سبع وستين وستمائة، وغسل الكعبة وأمر بتسبيلها فى كل سنة وأحسن كثيرا إلى أميرى مكة بسبب ذلك وعظمت صدقته فى الحرمين. ومنها: أن العراقيين حجوا من بغداد فى سنة تسع وستين وستمائة، ولم يحج فيها من مصر أحد وحج من العراق ركب كبير فى سنة ثمان وثمانين وستمائة. ومنها: أن الحجاج ازدحموا فى خروجهم إلى العمرة من باب المسجد الحرام المعروف بباب العمرة. فمات فى الزحمة منهم جمع كبير يبلغون ثمانين نفرا على ما قيل. وذلك بعد الحج من سنة سبع وسبعين وسبعمائة. ومنها: أن فى سنة ثلاث وثمانين وستمائة: صد الحجاج عن دخول مكة، ثم دخلوها هجما فى يوم التروية، بعد ثقبهم السور وإحراقهم لباب المعلاة، وفرار أبى نمى أمير مكة منها، وهو: الصاد لهم، لوحشة كانت بينه وبين أمير الحاج المصرى، ثم اصطلحا. وقيل: فى سبب هذه الفتنة غير ذلك. والله أعلم.

ومنها: أن الحاج وأهل مكة تقاتلوا فى المسجد الحرام، فقتل من الفريقين على ما قيل: فوق أربعين نفرا، وشهر فيها فى المسجد الحرام من السيوف: نحو عشرة آلاف، وانتهبت الأموال، وتثبت أبو نمى فى الأخذ، ولو قصد الجميع لتم له ذلك. ذكر هذه الحادثة بمعنى ما ذكرناه الشيخ تاج الدين بن الفركاح. وذلك فى سنة تسع وثمانين وستمائة. ومنها: أن الخليفة بمصر، الملقب: بالحاكم أحمد العباسى: حج فى سنة سبع وتسعين وستمائة. وهو أول خليفة عباسى حج من مصر، وثانى خليفة عباسى بعد المستعصم، ونسبته تتصل بالمسترشد، فإنه: أحمد بن أبى على بن على بن أبى بكر المسترشد، وأعطاه لاجين المنصورى صاحب مصر سبعمائة ألف درهم لأجل حجه. ومنها: أن صاحبى مكة حميضة ورميثة ابنى أبى نمى: أسقطا بعض المكوس فى سنة أربع وسبعمائة، وفى التى قبلها. ومنها: أن الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر: حج فى سنة اثنتى عشرة وسبعمائة، ومعه نحو أربعين أميرا، وستة آلاف مملوك على الهجن، ومائة فرس. وحج أيضا فى سنة تسع عشرة وسبعمائة، وفى سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة. وكان معه لما حج فى سنة تسع عشرة وسبعمائة: نحو خمسين أميرا، وأكثر فيها من فعل المعروف فى الحرمين. وفيها: غسل الكعبة بيده. وكان معه لما حج فى سنة اثنتين وثلاثين: نحو سبعين أميرا وتصدق فيها بعد حجه. ويقال: إن خطبته قطعت من مكة، وخطب عوضه بها لأبى سعيد بن خربندا ملك العراقيين، بأمر حميضة بن أبى نمى، بعد أن رجع من العراق فى آخر سنة ست عشرة وسبعمائة، أو فى التى بعدها. والله أعلم. ومنها: أن الحجاج فى سنة عشرين وسبعمائة: صلوا خمس صلوات بمنى، أولها: الظهر من يوم التروية، وآخرها: الصبح من يوم عرفة. وساروا إليها بعد طلوع الشمس، وأحيوا هذه السنة بعد تركها. وفعل مثل ذلك: الشاميون فى سنة سبع وعشرين وسبعمائة. ومنها: أن فى سنة عشرين وسبعمائة: شهد الموقف بعرفة عالم عظيم من جميع البلاد. وكان مع العراقيين محمل عليه حلى من الجوهر واللؤلؤ والذهب، ما قوم بمائتى ألف دينار وخمسين ألف دينار من الذهب المصرى.

ذكر ذلك: الحافظ علم الدين البرزالى. ومنها: أن الناصر محمد بن قلاوون، صاحب مصر: أسقط المكس المتعلق بالمأكول بمكة، وعوض أميرها عطيفة بن أبى نمى عن ذلك: ثلثى دماميل من صعيد مصر وذلك: سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة. ومنها: أن ملك التكرور موسى: حج فى سنة أربع وعشرين وسبعمائة فى أزيد من خمسة عشر ألف تكروريا. ومنها: أن العراقيين: حجوا فى سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، ومعهم تابوت جوبان نائب السلطنة بالعراقيين ـ الذى أجرى عين بازان إلى مكة ـ وأحضر تابوته: الموقف بعرفة وطيف به حول الكعبة ليلا. ومنها: أن فى يوم الجمعة الرابع عشر من ذى الحج سنة ثلاثين وسبعمائة: قتل أمير الحاج المصريين: ألدمر وابنه خليل وغيرهما، ونهبت للناس أموالا كثيرة. وذكر النويرى فى تاريخه: أن الخبر بهذه الحادثة وقع بمصر فى يوم وقوعها بمكة. ومنها: أن فى سنة ثلاثين وسبعمائة: حج العراقيون بفيل بعث به ملكهم أبو سعيد ابن خربندا. فحضروا به المواقف كلها ومضوا به إلى المدينة. فمات بالفرش الصغير بقرب المدينة بعد أن لم يستطع التقدم إليها خطوة. ومنها: أن صاحب اليمن، الملك المجاهد على بن الملك المؤيد داود بن الملك المظفر: حج فى سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، فأطلع علمه جبل عرفات. وكان بنو حسن فى خدمته حتى انقضى الحج. وحج الملك المجاهد أيضا: فى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، وقبض عليه المصريون بمنى فى النفر الأول بعد حرب كان بينهم وبين بعض عسكره، وتوقف هو عن الحرب رعاية لحرمة الزمان والمكان، وسلم إليهم نفسه بأمان. فساروا به إلى مصر، فأكرمه متوليها الناصر حسن بن محمد بن قلاوون، ورده إلى بلاده. ثم رد من الدهنا من وادى ينبع، واعتقل بالكرك ببلاد الشام، ثم أطلق وتوجه إلى مصر، وتوجه منها على طريق عيذاب إلى اليمن. فوصل فى آخر سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة. ومنها: أن الحجاج وأهل مكة تحاربوا كثيرا بعرفة فى يومها من سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، فقتل من الترك نحو ستة عشر، ومن بنى حسن ناس قليل، ولم يتعرض للحاج بنهب، وسافر الحاج أجمع فى النفر الأول، وسلك أهل مكة فى نفرهم بعد عرفة طريق البئر المعروفة بالمظلمة. فعرفت هذه الوقعة عندهم: بسنة المظلمة.

ومنها: أن الحجاج العراقيين كانوا كثيرا فى سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، وكان لهم أحد عشر سنة لم يحجوا من العراق، ولم يحجوا أيضا سنة خمس وخمسين وسبعمائة. وحجوا بعد ذلك خمس سنين متوالية. وكانوا كثيرين جدّا فى سنة سبع وخمسين. وتصدق فيها بعض الحجاج من العجم على أهل الحرمين بذهب كثير. وفى سنة ثمان وخمسين: كان مع الحجاج العراقيين محملان، واحد من بغداد وواحد من شيراز. ومنها: أن فى آخر جمادى الآخرة، أو فى رجب من سنة ستين وسبعمائة: أسقط المكس المأخوذ من المأكولات بمكة بعد وصول العسكر المجهز من مصر إلى مكة لتأييد أميرها مسند بن رميثة، ومحمد بن عطيفة. ودام هذا الحال إلى رحيل الحاج من سنة إحدى وستين وسبعمائة. ومنها: أن فى سنة ست وستين وسبعمائة: أسقط المكس المأخوذ بمكة فى المأكولات جميعا، وعوض صاحب مكة عن ذلك، بمائة وستين ألف درهم من بيت المال، وألف أردب قمح. ومنها: أن فى أثناء عشر السبعين ـ بتقديم السين ـ وسبعمائة: خطب بمكة للسلطان شيخ أويس بن الشيخ حسن الكبير صاحب بغداد وغيرها، بعد أن وصلت منه قناديل حسنة للكعبة وهدية طائلة إلى أمير مكة عجلان، وهو الآمر لخطيب مكة بالخطبة له. ثم تركت الخطبة لصاحب العراق. وما عرفت وقت ابتداء تركها. ومنها: أن الحجاج المصريين: قلوا كثيرا جدّا فى ثمان وسبعين وسبعمائة لرجوع جزيلهم من عقبة أيلة إلى مصر، بسبب قيام الترك بها على صاحب مصر الملك الأشرف شعبان بن حسين. وكان قد توجه فيها للحج فى أبهة عظيمة. وكان من خبره: أنه رجع إلى مصر واختفى بها؛ لأن الذين تركهم بها قاموا عليه بمصر وسلطنوا ولده عليّا ولقبوه بالمنصور. وظفر به بعد ذلك فأذهبت روحه، وفاز بالشهادة فى ثامن ذى القعدة منها. ومنها: أن فى سنة إحدى وثمانين وسبعمائة: حج بالناس من اليمن فى البر ـ مع محمل جهزه صاحب اليمن ـ الملك الأشرف إسماعيل بن الملك الأفضل العباس بن المجاهد. وجهز الملك الأشرف أيضا محملا إلى مكة فى سنة ثمانمائة، وحج الناس معه

أيضا، وأصاب بعضهم شدة من العطش بقرب مكة، ومات بها جماعة ولم يصل بعدها إلى مكة محمل من اليمن. وكان محمل اليمن منقطعا عن مكة فيما علمت نحو ثمانين سنة قبل سنة إحدى وثمانين وسبعمائة. ومنها: أن فى يوم التروية من سنة سبع وتسعين وسبعمائة: حصل فى المسجد الحرام جفلة، بسبب منافرة حصلت من بعض أهل مكة والحجاج، فثارت الفتنة فنهبت أموال كثيرة للحجاج وقتل بعضهم، وتعرض الحرامية للحجاج، فنهبوهم فى طريق عرفة عند مأزميها وغير ذلك، ونفر الحاج أجمع فى النفر الأول. وفيها: وصل مع الحجاج الحلبيين: محمل على صفة المحامل، ولم يعهد ذلك إلا فى سنة سبع وثمانين وسبعمائة، ولم يعهد ذلك قبلها. وفيها: حج العراقيون فى غاية القلة بمحمل على العادة بعد انقطاعهم مدة يسيرة. ومنها: أن فى سنة ثلاث وثمانمائة: لم يحج أحد من الشام على طريقتهم المعتادة لما أصاب أهل دمشق من القتل والعذاب، والأسر، وإحراق دمشق. والفاعل لذلك: أصحاب تيمور لنك صاحب الشرق. ودام انقطاع الحجاج الشاميين من هذه الطريق سنتين، ثم حجوا منها بمحمل على العادة فى سنة ست وثمانمائة وفى سنة سبع. وانقطعوا عن الحج منها فى سنة ثمان وثمانمائة. ثم حجوا منها بمحمل على العادة فى سنة تسع وثمانمائة، واستمر ذلك إلى تاريخه. ومنها: أن الحجاج العراقيين: حجوا من بغداد بمحمل على العادة فى سنة سبع وثمانمائة بعد انقطاعهم عن الحج منها تسع سنين ـ بتقديم التاء ـ متوالية. والذى جهزهم فى هذه السنة متوليها من قبل تيمور لنك. وفى شعبان منها: مات تيمور لنك. وحج العراقيون من هذه الطريق بعد هذه السنة خمس سنين متوالية بمحمل على العادة، ثم انقطعوا منها ثلاث سنين متوالية. أولها: سنة ثلاث عشرة وثمانمائة بموت سلطان بغداد: أحمد بن أويس، فى هذه السنة مقتولا، وهو الذى جهز الحجاج من بغداد فى بعض السنين السابقة بعد سنة سبع

وثمانمائة، ثم حج الناس من بغداد بمحمل على العادة سنة ست عشرة وثمانمائة. وفى أربع سنين متوالية بعدها، ولم يحجوا من بغداد فى سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، ولا فيما بعدها. والذى جهزهم فى هذه السنين: متولى بغداد من قبل قرا يوسف التركمانى. وهو المنتزع الملك من أحمد بن أويس. ومنها: أن الحجاج المصريين غير قليل منهم: تخلفوا عن زيارة رسول اللهصلى الله عليه وسلم، لمبادرة أميرهم بيسق بالمسير إلى مصر، متخوفا من أن يلحقه أحد من أمراء الشام بين عقبة أيلة ومصر، فإنه كان قبض بمكة على أمير الركب الشامى فى موسم هذه السنة، وهى سنة عشر وثمانمائة. وفيه: نفر الحاج أجمع فى النفر الأول. ومنها: أن فى سنة اثنتى عشرة وثمانمائة: حصل فى الحجاج المصريين قتل ونهب، وتعدى النهب إلى غيرهم، ومعظم النهب وقع فى حال توجه الناس إلى عرفة. وفى ليلة النحر بمنى: عقرت جمال كثيرة وعند مأزمى عرفة، والفاعل لذلك: جماعة من غوغاء العرب. والذى جرأهم على ذلك: أن صاحب مكة السيد حسن بن عجلان رحمه الله تعالى، لم يحج فى هذه السنة. وإنما لم يحج فيها: لوحشة كانت بينه وبين أمير الركب المصرى بيسق، فإنه أعلن للناس فى الينبوع: أن صاحب مكة معزول، وأنه يريد محاربته. ثم إن صاحب مصر: الناصر فرج، منعه من حرب صاحب مكة. وأعاده وأعاد بنيه إلى ولايتهم. ولولا أمر صاحب مكة بالكف عن إذاء الحاج لكان أكثرهم رفاتا، وأموالهم أشتاتا. وهذه الحادثة أبسط من هذا بكثير فى أصله. ومنها: أن هذه السنة: أقام الحاج بعرفة يومين لاختلاف وقع فى أول ذى الحجة وأوقفت المحامل بعرفة على العادة. ونفروا بها وقت النفر المعتاد إلى قرب العلمين، ثم ردت إلى مواضعها. وهذا الوقوف فى اليوم الأول، وفيه وصلوا عرفة، وهو يوم التروية على مقتضى رؤية أهل مكة لذى الحجة. ومنها: أن الحجاج لم ينفروا من منى فى سنة ثلاث عشرة: إلا وقت الزوال من اليوم

الرابع عشر من ذى الحجة لرغبة التجار فى ذلك، فازدادوا فى الإقامة بمنى يوما ملفقا. وفى هذه السنة: حج صاحب كلوه، وأحسن إلى أعيان الحرم وغيرهم، وزار المدينة النبوية. ومنها: أن فى يوم الجمعة الثانى والعشرين من جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وثمانمائة: خطب بمكة للإمام المستعين بالله أبى الفضل العباس بن المتوكل محمد بن المعتضد أبى بكر بن المستكفى سليمان بن الحاكم أحمد ـ المقدم ذكر جده ـ لما أقيم فى مقام السلطنة بالديار المصرية والشامية، بعد قتل الملك الناصر فرج بن الملك الظاهر برقوق صاحب مصر، ودعى له على زمزم فى ليلة الخميس الحادى والعشرين من الشهر المذكور، عوض صاحب مصر. ودام الدعاء له عوض السلطان بمصر إلى أن وصل الخبر بأن الملك المؤيد أبا النصر شيخ: بويع بالسلطنة بالديار المصرية فى مستهل شعبان من سنة خمس عشرة وثمانمائة، فدعى للملك المؤيد فى الخطبة وعلى زمزم فى شوال من السنة المذكورة. ودعى قبله للمستعين: دعاء مختصر بالصلاح. ثم قطع الدعاء للمستعين بعد سنة، ثم أعيد بعد أربعين يوما، ثم قطع بعد نحو خمسة أشهر. ومنها: أن فى يوم الجمعة خامس ذى الحجة سنة سبع عشرة وثمانمائة: حصل بين أمير الحاج المصريين جقمق المؤيدى ومن انضم إليه، وبين القواد العمرة: قتال فى المسجد الحرام، وخارجه بالمسفلة، واستظهر الترك على القواد، وأدخل أمير الحاج خيله إلى المسجد الحرام، وجعلها بالجانب الشرقى قريبا من منزله، وأوقدت فيه مشاعله، وأوقدت أيضا مشاعل المقامات، ودام الحال على ذلك إلى الصباح. وفى ضحوة يوم السبت: سكنت الفتنة واطمأن الناس. وسبب هذه الفتنة: أن أمير الحاج المصرى، أدّب غلاما للقواد على حمله السلاح بمكة، لنهى الأمير عن ذلك. فطلب مواليه أن يطلقه من السجن فأبى. فكان من الفتنة ما ذكرناه. فلما أطلقه: سكنت الفتنة. ومات بسببها جماعة من الفريقين. وكثر بسببها انتهاك حرمة المسجد الحرام لما حصل فيه من القتال والدم، وروث الخيل، وسمرت أبوابه إلا باب بنى شيبة والدريبة، والمجاهدية. ومنها: أن فى هذه السنة أيضا حصل خلاف فى هلال ذى الحجة، هل أوله الاثنين

أو الثلاثاء؟ فحصل الاتفاق على أن الناس يخرجون إلى عرفة فى بكرة يوم الثلاثاء تاسع ذى الحجة، على مقتضى قول من قال: إنه رئى بالاثنين، وأن يقيموا بها ليلة الأربعاء، ويوم الأربعاء، ففعل معظم الناس ذلك، ودفعوا من عرفة بعد الغروب ليلة الخميس إلى المزدلفة، وباتوا بها إلى قرب الفجر، ثم رحلوا إلى منى بعد رحيل المحامل. والمعهود أنها لا ترحل إلا بعد الفجر، وكذا غالب الناس، ففاتهم الفضيلة. وما تعرض لهم فى سيرهم من عرفة إلى منى أحد بسوء مما علمناه لعناية أمير الحاج لحراستهم، وتعرض الحرامية للحجاج المكيين وغيرهم عند مأزمى عرفة فى توجههم إليها. وحصل للحجاج هؤلاء قتل ونهب وعقر فى جمالهم، وحصل بمنى نهب كثير فى ليلة الأربعاء وليلة الخميس. ومنها: أن فى سنة ثمان عشرة وثمانمائة: أقام الحجاج بمنى غالب يوم التروية وليلة التاسع، ثم مضوا من منى بعد طلوع الشمس إلى عرفة، وأحيوا هذه السنة بعد إماتتها دهرا طويلا. ومنها: أن فى سنة أربع وعشرين وثمانمائة: مات كثير من الحجاج بمنى فى ليلة التاسع، ومضوا منها إلى عرفات بعد طلوع الشمس صحبة محمل مصر والشام. والفاعل لذلك: أكثرهم من حجاج مصر والشام، وأحيوا هذه السنة، أثابهم الله. ومما ينبغى إحياؤه من السنن بمنى: الخطبة بها فى أيام الحج، فالله يثيب الساعى فى ذلك. ومنها: أنه لم يخطب بمكة ولا فى غيرها لملك أصغر سنا من الملك المظفر أحمد بن الملك المؤيد شيخ؛ لأنه بويع له بالسلطنة بمصر والشام، وله من العمر سنة وثمانية أشهر وسبعة أيام ـ بتقديم السين ـ على ما وجدت فى تاريخ بعض أصحابنا. وكانت البيعة له: فى ثامن المحرم، سنة أربع وعشرين وثمانمائة، بعد موت أبيه. واستمر حتى خلع فى السابع والعشرين من شعبان، من السنة المذكورة بدمشق. ومنها: أن الملك الظاهر أبا الفتح ططر، لم يخطب له بمكة وهو حى، إلا جمعة واحدة؛ لأنه خطب له بمكة فى يوم الجمعة ثانى ذى الحجة أو ثالثه، سنة أربع وعشرين وثمانمائة. ومات فى الرابع من ذى الحجة، من السنة المذكورة. واستمرت الخطبة له بمكة حتى وصل الخبر بموته فى أثناء شهر ربيع الأول سنة خمس وعشرين وثمانمائة، ولم يتفق ذلك لغيره.

وخطب بعد ذلك بمكة لولده الملك الصالح محمد. وفى موسم سنة أربع وعشرين وثمانمائة، أبطل الملك الظاهر ططر بعض المكوسات المأخوذة بمكة فى الخضر وغير ذلك من المأكولات وغيرها. وألزم به أمير مكة الشريف حسن بن عجلان، فوافق على ذلك، وكتب ذلك فى أساطين المسجد الحرام، قبالة باب بنى شيبة وغيره. ومنها: أن مولانا السلطان الملك الأشرف برسباى ـ نصره الله وأيده ـ انفرد بالخطبة بمكة أشهرا، ولم يخطب معه لصاحب اليمن ولا لغيره من الملوك، وكانت العادة جارية بالخطبة بعده لصاحب اليمن، فترك ذكر صاحب اليمن فى الخطبة بمكة فى أيام الموسم، فى سنة ست وعشرين وثمانمائة إلى جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وثمانمائة. وفى سابعه: أعيدت الخطبة بمكة لصاحب اليمن المشار إليه، وهو الملك الناصر أحمد ابن الملك الأشرف إسماعيل صاحب اليمن. وأول ما خطب لمولانا السلطان الملك الأشرف برسباى بمكة فى الثامن والعشرين من جمادى الأولى سنة خمس وعشرين وثمانمائة. وكانت مبايعته بالسلطنة فى ثامن ربيع الآخر من السنة المذكورة بعد خلع الصالح محمد بن الظاهر ططر. وكان الصالح ولى بعد أبيه، وله من العمر عشر سنين فيما قيل، وهو والمظفر حيان، وابتدأ مولانا السلطان الملك الأشرف ـ نصر الله دولته الشريفة ـ بشيء حسن، وهو: أنه منع من تقبيل الناس له الأرض بين يديه، تدينا وتعظيما لله سبحانه وتعالى، ولم يتفق ذلك لغيره من ملوك مصر. وامتاز أيضا ـ نصره الله ـ بغزوه الفرنج فى بلادها بنواحى قبرص وغيرها، وأظفره الله بهم؛ لأن عسكر المنصور أسروا كثيرا من الفرنج، وغنموا من أموالهم طائلا، ووصلوا بذلك إلى مصر فى شوال سنة ثمان وعشرين وثمانمائة. وهابه الفرنج كثيرا، ورغبوا أن يكون لهم من السوء مجيرا، وبعثوا إليه بالهدية ليسعفهم بالأمنية. ومن مزاياه على ملوك مصر ـ بعد الناصر حسن بن محمد بن قلاوون ـ: أنه أرسل إلى مكة المشرفة عدة عساكر برا وبحرا، واستولوا عليها، ولم يقاومهم أحد من بنى حسن ولا غيرهم. وساروا من مكة حتى قاربوا بلاد حلى، فلم يتعرض لقتالهم أحد من الناس هيبة له. وعادوا إلى مكة المشرفة سالمين. وذلك سنة ثمان وعشرين وثمانمائة.

وفى ربيع الآخر منها: وصل طائفة من عسكره المنصور من مصر إلى مكة. وفى سادس جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وثمانمائة: كان وصول طائفة من عسكره المنصور إلى مكة. فاستولوا عليها كما سبق ذكره فى آخر الباب قبله. وفى شوال سنة ثمان وعشرين وثمانمائة: وصل طائفة من عسكره المنصور فى موكبين عظيمين إلى مرسى زبيد باليمن، على ليلة منها وفى أحدهما هدية لصاحب اليمن، فقوبل الرسول بالكرامة. ومنها: أن فى سنة تسع وعشرين وثمانمائة: تخوف الناس فى أيام الموسم حصول فتنة بمكة، وفى أيام الحج. وسلم الله وله الحمد. وسبب ذلك: أنه قدم إلى مكة جماعة من الأمراء المقدمين وغيرهم من المماليك السلطانية الأشرفية فى أوائل العشر الأخير من ذى القعدة. وكان الشريف حسن بن عجلان غائبا عن مكة بناحية الخريفين فى جهة اليمن، واستدعوه إلى مكة فلم يحضر لتخوفه، وحضر إليهم ولده الشريف بركات وأكرموه. ولما أيسوا من حضور الشريف حسن استدعوا سرّا إلى مكة الشريف رميثة بن محمد ابن عجلان، وأطمعوه ولاية مكة. وذلك فى يوم عرفة أو يوم التروية، فلم يستطع الوصول إليهم؛ لأنه كان مقيما عند عمه، ولعظم هيبة الأمراء جماعتهم لم يتظاهر الحرامية بنهب فى طرقات الحج بمكة. وخرج الأمراء والترك والحجاج من مكة إلى منى فى يوم التروية، وباتوا بها إلى الفجر من اليوم التاسع أو قربه وساروا إلى عرفة فأقاموا بها إلى الغروب، ودفعوا إلى مزدلفة، فلم يستطع أحد من الحرامية التعرض للحاج بسوء فى مأزمى عرفة ولا غيره لعناية الأمراء وجماعتهم بحراسة الحاج، وانقضت أيام الحج وأحوال الناس من الحجاج وغيرهم مستقيم. وكان الأمراء يرجعون فى مصالح الحاج والرعية بمكة إلى رأى مولانا المقر الأشرف الكريم الزينى عبد الباسط ناظر الجيوش المنصورة بالمماليك الشريفة ـ أعلى الله قدره وبلغه وطره ـ لحسن تدبيره وجودة رأيه. وكان مولانا السلطان الملك الأشرف برسباى صاحب مصر والشام ـ نصره الله: قد فوض إليه أمر مكة، وعمل المصلحة فيها، لكفايته وعظم رتبته، فمشت الأحوال

بمكة على السداد ـ بلغه الله المراد ـ وبدت منه على عادته بمكة صدقات مبرورة وأفعال مشكورة. وهذه حجته الثانية. وحج قبلها فى سنة سبع عشرة وثمانمائة ـ تقبل الله منه العمل، وبلغه الأمل وفسح له فى الأجل. وهذا آخر ما قصدنا ذكره من الحوادث فى هذا الباب. ونسأل الله تعالى أن يجزل لنا على ذلك الثواب. ولولا مراعتنا للاختصار فى ذكرها، لطال شرح أمرها. * * *

الباب التاسع والثلاثون فى ذكر شيء من أمطار مكة وسيولها، فى الجاهلية والإسلام، وشيء من أخبار الصواعق بمكة، وذكر شيء من أخبار الرخص والغلاء والوباء بمكة

الباب التاسع والثلاثون فى ذكر شيء من أمطار مكة وسيولها، فى الجاهلية والإسلام، وشيء من أخبار الصواعق بمكة، وذكر شيء من أخبار الرخص والغلاء والوباء بمكة (1). أما: أمطار مكة، وسيولها، فى الجاهلية، والإسلام. فذكر الأزرقى شيئا من ذلك: منها: فى الجاهلية: سيلان. أحدهما: كان عظيما، ويعرف بسيل فارة، على عهد خزاعة. والآخر: كسى ما بين الجبلين، ولم يبين زمنه. ومنها: سيول فى الإسلام، وهى السيل المعروف: بأم نهشل، وهو الذى ذهب بالمقام من موضعه إلى أسفل مكة. وكان فى زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، بعده عمل الردم الذى بأعلى مكة صونا للمسجد الحرام. والسيل المعروف: بسيل الحجاف فى يوم التروية سنة ثمانين من الهجرة، ذهب بناس من الحجاج وبمتاعهم، وخرب دورا كبيرة شارعة على الوادى، فهلك فيها أناس كثيرة. وسيلان عظيمان: أحدهما: يعرف بالمخبل؛ لأنه أصاب الناس بعده شبه الخبل، وكانا فى سنة أربع وثمانين ومائة. وسيلان عظيمان كانا فى خلافة المأمون: أحدهما: يعرف: بسيل ابن حنظلة، فى سنة اثنين ومائتين. والآخر: فى شوال سنة ثمان ومائتين. وكل هذه السيول دخلت المسجد الحرام، وحالها أبسط من هذا فى أصله. وفى تاريخ الأزرقى من سيول مكة فى الجاهلية والإسلام سوى ما ذكرناه.

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 2/ 260 ـ 277).

ومن سيولها فى الإسلام مما كان قبل الأزرقى، ولم يذكره: سيل عظيم كان فى سنة ثمان وثمانين من الهجرة. ذكره ابن جرير الطبرى. وسيل يعرف: بأبى شاكر مسلمة بن هشام بن عبد الملك؛ لأنه جاء فى سنة عشرين ومائة، عقيب حجه بالناس. وحج أبو شاكر فى التى قبلها. وسيل اللبيرى فى آخر المحرم سنة ستين ومائة. ذكر هذين السيلين: الفاكهى. وذكر سيولا أخر ثلاثة، تحتمل أن تكون فى زمن الأزرقى، وأن يكون بعده واحد فى سنة ثلاث وخمسين ومائتين. وواحد فى سنة اثنتين وستين ومائتين. وواحد فى سنة ثلاث وستين ومائتين. وكلها دخلت المسجد الحرام وأثرت فيه. وأوضحنا من خبرها فى أصله أكثر من هذا. ومن أمطار مكة وسيولها بعد الأزرقى: أمطار كثيرة. سال بها وادى مكة أسيالا عظيمة، وكثر فى بعضها ماء زمزم، حتى لم يبق بينه وبين شفتها العليا إلا سبعة أذرع أو نحوها، وعذبت جدّا، حتى كانت أعذب مياه مكة إذ ذاك. وذلك فى سنة تسع وسبعين ومائتين، وسنة ثمانين ومائتين. ذكر ذلك: إسحاق الخزاعى راوى تاريخ الأزرقى، وأدخله فيه. ومنها: ما ذكره المسعودى؛ لأنه قال فى أخبار سنة سبع وتسعين ومائتين: ورد الخبر إلى مدينة السلام: بأن أركان البيت الحرام الأربع غرقت حتى جرى الغرق فى الطوّاف، وفاض بئر زمزم. وذلك لم يعهد فيما سلف من الزمان. انتهى. ومنها: مطر فى جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، أقام سبعة أيام. فسقطت الدور وتضرر الناس به كثيرا. ومنها: مطر فى سنة تسع وأربعين وخمسمائة، سال منه وادى إبراهيم، ونزل برد بقدر البيض وزن مائة درهم. ومنها: مطر فى سنة تسع وستين وخمسمائة، جاء سيل كثير، ودخل السيل من باب بنى شيبة، ودخل دار الإمارة عنده. ولم ير مثله فى دخوله من هذه الجهة.

ومنها: فى سنة تسعين وخمسمائة: أمطار كثيرة وسيول، سال منها وادى إبراهيم خمس مرات. ومنها: فى ثامن صفر سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة: سيل دخل الكعبة، وأخذ أحد فرضتى باب إبراهيم، وحمل المنبر ودرجة الكعبة. ورأيت بخط بعضهم: ما يقتضى أن هذا السيل دخل الكعبة، فبلغ قريبا من الذراع، وحمل فرضتى باب إبراهيم وسار بهما، وهذا لا يفهم مما ذكرناه أولا. ومنها: فى منتصف ذى القعدة سنة عشرين وستمائة: سيل عظيم قارب دخول الكعبة ولم يدخلها. ومنها: سيل كبير فى سنة إحدى وخمسين وستمائة. ومنها: سيل دخل الكعبة، ومات منه عالم عظيم، بعضهم حملهم وبعضهم طاحت الدور عليهم. ذكره الميورقى بمعنى هذا. وذكر: أنه كان سنة تسع وستين وستمائة، فى ليلة منتصف شعبان. ومنها: سيل عظيم بلا مطر فى سنة ثلاثين وسبعمائة بعد الحج. ومنها: فى سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة: أمطار وصواعق. منها: صاعقة على أبى قبيس فقتلت رجلا، وصاعقة بالخيف فقتلت رجلا، وأخرى بالجعرانة، فقتلت رجلا. ومنها: فى ليلة الخميس عاشر جمادى الأولى سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة: مطر عظيم، وسيل هائل دخل الكعبة، وعلا الماء فوق عتبتها شبرين، وعبر فى ببعض قناديل المطاف منه فوقها، فأطفأها، وقلع من أبواب الحرم أماكن، وطاف بها الماء، وطاف بالمنابر كل واحد إلى جهة. وفعل أمورا أخر عجيبة. وخبره: أبسط من هذا فى أصله، ويعرف: بسيل القناديل. ولم يأت بعده سيل يشبهه فيما علمت، إلا سيل اتفق فى ليلة الخميس عاشر جمادى الأولى سنة اثنتين وثمانمائة؛ لأنه دخل الكعبة وعلا فوق عتبتها ذراعا أو أكثر على ما قيل. ورمى بدرجة الكعبة إلى باب إبراهيم، وهدم عمودين فى المسجد، ودور للناس كثيرة. ومات تحت الهدم وفى الغرف منه نحو ستين نفرا على ما قيل. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.

وكان بعد مطر هائل كأفواه القرب. ومن العجيب: اتفاق هذين السيلين باعتبار الليلة والشهر بأن كليهما فى ليلة الخميس عاشر جمادى الأولى. فسبحان الفعال لما يريد. ومنها: فى آخر ذى الحجة سنة خمس وعشرين وثمانمائة سحرا: سيل هائل دخل المسجد الحرام من عدة أبواب، وقارب باب الكعبة المعظمة، وعام فيه بعض المنابر. وألقى فى المسجد الحرام من الأوساخ شيئا عظيما، جمع: فصار أكواما كبيرة، وأخرب فى سور باب المعلاة، جانبا كبيرا بين البابين اللذين فى هذا السور. ومنها: سيل كان فى ليلة ثالث جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وثمانمائة: دخل المسجد الحرام، وقارب الحجر الأسود، وأخرب جانبا من سور باب الماجن، وموضع الباب فى هذا السور. وقد خفى علينا أشياء فى هذا المعنى لعدم ظفرنا بتأليف فى ذلك. وأما أخبار الرخص والغلاء والوباء بمكة: فقد ذكرنا فى أصله أشياء كثيرة من ذلك لا يوجد مثلها مجموعا فى كتاب. ونشير هنا لشيء من ذلك. فمن أخبار الرخاء: أن القمح المصرى بيع الأردب منه بثمانية عشر درهما كاملية وذلك فى سنة خمس وعشرين وسبعمائة بساحل جدة، على ما ذكر ابن العديسة فيما نقله عنه المؤرخ شمس الدين الجزرى الدمشقى. ومن ذلك: أن الغرارة المكية من الحنطة ـ المعروفة: باللقيمية ـ بيعت بأربعين درهما كاملية. وهذا أرخص شيء سمعناه فى سعر اللقيمية. وما عرفت متى كان ذلك. وأرخص ما بيعت به الذرة: الغرارة ثلاثة وثلاثين درهما كاملية وثلث درهم. وربما بيعت بثلاثين درهم كاملية فيما بلغنى. والأول شاهدناه. وبيع المن السمن: باثنى عشر درهما كاملية، وهو اثنى عشر أوقية، كل أوقية رطلان مصريان، ونصف رطل. والعسل: كل منّ بدرهمين كاملين وهو ثلاثة أرطال مصرية. واللحم: كل منّ بأربعة مسعودية، وهو سبعة أرطال مصرية، إلا ثلث. ومن أخبار الغلاء بمكة: أن الخبر بمكة بيع ثلاث أواق بدرهم، واللحم بأربعة دراهم الرطل، وكل شربة ماء بثلاثة دراهم. وذلك فى سنة إحدى وخمسين ومائتين. ومن ذلك: أن الخبر بلغ عشرة أرطال بدينار مغربى. ثم تعذر وجوده وأشرف الحجاج والناس على الهلاك. وذلك سنة سبع وأربعين وأربعمائة.

ومن ذلك: أن الناس أكلوا الدم والجلود بمكة لغلاء شديد كان بها فى سنة تسع وستين وخمسمائة. ومات كثير من الناس بسببه. ومنها: أن بعض الناس بمكة أكلوا لحم بعض الحمير الميتة على ما قيل، لغلاء شديد جدا بمكة. وذلك فى سنة ست وستين وسبعمائة. وتعرف هذه السنة عند المكيين بسنة أم جرب؛ لأن المواشى عمها الجرب فيها. وأدخلت المسجد الحرام وقت الاستسقاء فيه. وجعلت فى صوب مقام المالكية، وما يسر الله لهم سقيا، ولكن وفق مدير المملكة بمصر الأمير يلبغا الخاصكى، فجهز إلى مكة من القمح الطيب برا وبحرا ما أنعشهم به. فالله تعالى يثيبه ويثيب من نبه على ذلك. ومن ذلك: غلاء فى سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة: بلغت الغرارة الحنطة خمسمائة درهم كاملية، واختبز الناس القطانى وحب الثمام وأكلوهما. وهذا أعظم غلاء شاهدناه بمكة. ومن ذلك: أن الغرارة الحنطة بيعت بعشرين أفرنتيا ذهبا قبيل الموسم من سنة خمس عشرة وثمانمائة وبإثره. ومن ذلك: غلاء فى النصف الثانى من سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، بلغت الغرارة عشرين أفلوريا وأزيد، والذرة قريبا من ذلك. وعم الغلاء سائر المأكولات وفحش فى السمن كثيرا؛ لأن المن منه بلغ سبعة أفرنتية ونصف، فى آخر ذى القعدة. وفى ذى القعدة من سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة: عظم الغلاء جدّا فى السمن بلغ المن أحد عشر أفلوريا وأزيد. ولم يعلم مثل ذلك. ومن أخبار الوباء: أنه وقع الوباء على رأس سنة ستمائة من الهجرة. ومن ذلك: أن فى سنة إحدى وسبعين وستمائة: كان الفناء عظيما بمكة بلغت الموتى فى بعض الأيام اثنتين وعشرين جنازة، وفى بعض خمسين. وعد أهل مكة ما بين العمرتين من أول رجب إلى السابع والعشرين منه: ألف جنازة. ذكر هذه الحادثة بهذا اللفظ غير قليل. فبالمعنى الميورقى. وكذا الأولى. ومن ذلك: وباء فى سنة تسع وأربعين وستمائة. وكان عاما فى الغلاء، وأعظم ما كان بديار مصر.

ومن ذلك: أن فى بعض الأيام على ما قيل: فى سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة: بلغ الموتى بمكة أربعين نفرا. ومنها: فى سنة سبع وعشرين وثمانمائة وباء عظيم عام، لعل الموتى فيه ممن يعرف باسمه أو مكانه يزيدون على ألفين أو يقاربون ذلك. وكان كثيرا ما يجتمع من الجنائز عقيب صلاة الصبح أو العصر سبع أو أكثر. وكان يموت فى كثير من الأيام بضع وعشرين فى كل يوم أو أكثر غير الموتى الذى يؤتى به من بادية مكة إليها. وقد اتضح بما ذكرناه من أخبار الرخص والغلاء والوباء أمور كثيرة. * * *

الباب الأربعون فى ذكر الأصنام التى كانت بمكة وحولها، وشيء من خبرها، وذكر شيء من خبر أسواق مكة فى الجاهلية والإسلام، وذكر شيء مما قيل من الشعر فى الشوق إلى مكة الشريفة، وذكر معالمها المنيفة

الباب الأربعون فى ذكر الأصنام التى كانت بمكة وحولها، وشيء من خبرها، وذكر شيء من خبر أسواق مكة فى الجاهلية والإسلام، وذكر شيء مما قيل من الشعر فى الشوق إلى مكة الشريفة، وذكر معالمها المنيفة (1). أما الأصنام المشار إليها: فإن منها الصنم المعروف: بهبل، وكان من أعظم أصنام قريش. ومنها: أساف ونائلة، وهما رجل وأمرأة من جرهم مسخا حجرين؛ لأن الرجل فجر بالمرأة فى الكعبة. وقيل: بل قبلها. ثم كسرهما النبى صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة مع ما كسر من الأصنام فى هذا اليوم. ومنها: الخلصة بأسفل مكة ونهيك. ويقال له: محاذر الريح على الصفا، ومطعم الطير على المروة. وكان الذى نصب هذه الأصنام الثلاثة: عمرو بن لحى. وكان جملة ما بمكة من الأصنام حول الكعبة فى يوم الفتح ثلاثمائة وستون صنما، على ما رويناه عن ابن عباس رضى الله عنهما. ونص حديثه، قال: «دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما، منها ما قد شد بالرصاص، وطاف على راحلته، وهو يقول: (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) [الإسراء: 81] ويشير إليها. فما من صنم أشار إلى وجهه إلا وقع على دبره، ولا أشار إلى دبره إلا وقع على وجهه، حتى وقعت كلها». هذا نص حديثه فى تاريخ الأزرقى، ومنه: لخصنا باختصار ما ذكرناه من خبر الأصنام. وفيه: عن ابن إسحاق «لما صلى النبى صلى الله عليه وسلم الظهر يوم الفتح، أمر بالأصنام التى حول الكعبة كلها فجمعت، ثم حرقت». ومنها: العزى، وكانت ثلاث شجرات بنخلة، وكان أهل الجاهلية إذا فرغوا من

_ (1) انظر: (شفاء الغرام 278 ـ 285).

وأما أسواق مكة فى الجاهلية

حجهم وطوافهم بالكعبة، لم يحلوا حتى يأتوا العزى، فيطوفون بها ويحلون عندها، ويعكفون عندها يوما. ثم أزال خالد بن الوليد رضى الله عنه العزى، بأمر النبى صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة. وذلك: لخمس ليال بقين من رمضان سنة ثمان. وخبر العزى، وما ذكرناه من الأصنام: أبسط من هذا فى أصله، مع كون ذلك مختصرا من تاريخ الأزرقى وغيره. * * * وأما أسواق مكة فى الجاهلية فذكر الأزرقى فيها خبرا طويلا. ذكرنا طرفا منه فى أصله. ونشير هنا إلى ما نبين به المقصود منه بلفظه فى البعض، وبمعناه فى البعض. وذلك: أن أهل الجاهلية كانوا يصبحون بعكاظ يوم هلال ذى القعدة، ثم يذهبون منه إلى مجنة بعد مضى عشرين يوما من ذى القعدة، فإذا رأوا هلال ذى الحجة: ذهبوا من مجنة، إلى ذى المجاز، فلبثوا به ثمان ليال، ثم يذهبون إلى عرفة. وكانوا لا يتبايعون فى عرفة ولا أيام منى، فلما أن جاء الله بالإسلام: أحل الله عزوجل ذلك لهم بقوله: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) [البقرة: 189] وفى قراءة أبى بن كعب «فى مواسم الحج» يعنى: منى وعرفة، وعكاظ، ومجنة، وذى المجاز، فهذه مواسم الحج. ثم قال: وكانت هذه الأسواق بعكاظ ومجنة وذى المجاز: قائمة فى الإسلام حتى كان حديثا من الدهر. فأما عكاظ: فإنها تركت عام حج الحرورى بمكة مع أبى حمزة المختار بن عوف الأزدى الأباطى فى سنة تسع وعشرين ومائة، وخاف الناس أن ينتهبوا، وخافوا الفتنة، فتركت حتى الآن. ثم تركت مجنة وذو المجاز بعد ذلك، واستغنوا بالأسواق بمكة ومنى وعرفة. قال أبو الوليد الأزرقى: وعكاظ وراء قرن المنازل بمرحلة على طريق صنعاء فى عمل الطائف على بريد منها، وهى سوق لقيس غيلان، وثقيف، وأرضها: لنضر. ومجنة: سوق بأسفل مكة على بريد منها، وهى سوق لكنانة، وأرضها من أرض كنانة، وهى التى يقول فيها بلال رضى الله عنه:

وأما ما قيل من الشعر فى التشوق إلى مكة الشريفة

ألا ليت شعرى هل أبيتن ليلة ... بواد وحولى إذ خر وجليل وهل أردن يوما مياه مجنة ... وهل يبدون لى شامة وطفيل وشامة وطفيل: جبلان مشرفان على مجنة. وذو المجاز: سوق لهذيل عن يمين الموقف من عرفة، قريب من كبكب على فرسخ من عرفة. انتهى. وقد خولف الأزرقى فيما ذكره فى مجنة وشامة، وطفيل من أوجه. منها: أن فى كتاب الفاكهى عن ابن إسحاق: وكانت مجنة بمر الظهران إلى جبل يقال له: الأصغر. ومر الظهران: لا يقال له: أسفل مكة. انتهى. ومنها: أن القاضى عياض ـ رحمه الله ـ قال فى المشارق: طفيل وشامة، جبلان على نحو من ثلاثين ميلا. انتهى. وكلام الأزرقى يقتضى: أن مجنة على بريد من مكة، فيكون الجبلان كذلك من مكة على مقتضى قوله. وذلك يخالف ما قاله القاضى. والعيان يشهد لما قاله القاضى. والله أعلم. ومنها: أن الخطابى قال فى شامة وطفيل: كنت أحسبهما جبلين حتى أثبت لى أنهما عينان. انتهى. وكلام الأزرقى: يقتضى أنهما جبلان. ومنها: أن الأزرقى قال: شامة ـ بالميم ـ وقيل فيها شابة ـ بالباء ـ ذكره ابن الأثير، ورجحه الرضى الصنعانى اللغوى. ومجنة ـ بفتح الميم وكسرها، والفتح أكثر ـ على ما ذكر المحب الطبرى. وألفيت فى القرى ما صورته: ومجنة: موضع بأعلى مكة ـ إلى آخر كلامه ـ وقوله: بأعلى مكة: مشكل لمخالفته ما ذكره الناس. والله تعالى أعلم. * * * وأما ما قيل من الشعر فى التشوق إلى مكة الشريفة وذكر معالمها المنيفة، فكثير جدا، وقد ذكرنا منه طرفا فى أصله. ونشير هنا لشيء من ذلك. فمنه ما أنشدناه المسندان: محمد بن محمد بن داود الصالحى فى كتابه، وأم الحسن

بنت المفتى أبى العباس أحمد بن قاسم مشافهة: أن الإمام فخر الدين عثمان بن محمد ابن عثمان الأفريقى. أنشدهما إذنا، قال: أنشدنا أبو بكر بن محمد بن عبد الله بن رشيد البغدادى من قصيدة طويلة لنفسه، قال فيها: على عرفات قد وقفنا بموقف ... به الذنب مغفور وفيه محوناه ومنها: فظل حجيج الله لليل واقفا فقي ... ـل انفروا فالكل منكم قبلناه أفيضوا وأنتم حامدون إلهكم ... إلى مشعر جاء الكتاب بذكراه وسيروا إليه واذكروا الله عنده ... فسرنا ومن بعد العشا نزلناه وفيه جمعنا مغربا بعشائنا ... ترى عابد جمع بجمع جمعناه وبتنا به منه التقطنا جمارنا ... وربا ذكرناه على ما هداناه ومنه أفضنا حيث ما الناس قبلنا ... أفاضوا وغفران الإله طلبناه ونحو منى ملنا بها كان عيدنا ... ونلنا بها ما القلب كان تمناه فمن منكم بالله عيد عيدنا ... فعيد منى رب البرية أعلاه وفيها رمينا للعقاب جمارنا ... ولا جرم إلا مع جمار رميناه ومنها: وبالخيف أعطانا الإله أماننا ... وأذهب عنا كل ما نحن خفناه وردت إلى البيت الحرام وفودنا ... رجعنا لها كالطير حنّ لمأواه وطفنا طوافا للإفاضة حوله ... ولذنا به بعد الجمار وزرناه ومن بعد ما زرنا دخلناه دخلة ... كأنا دخلنا الخلد حين دخلناه ونلنا أمان الله عند دخوله ... كذا أخبر القرآن فيما قرأناه ومنها: وبالحجر الميمون لذنا فإنه ... لرب السما فى الأرض للخلق يمناه نقبله من حبنا لإلهنا ... فكم لثمة حال الطواف لثمناه على لثمة للشعث والغبر رحمة ... فكم أشعث كم أغبر قد رحمناه وذاك لنا يوم القيامة شاهد ... وفيه لنا عهد قديم عهدناه ونستلم الركن اليمانى طاعة ... ونستغفر المولى إذا ما لمسناه وملتزم فيه التزمنا لذنبنا ... عهودا وعفو الله فيه لزمناه وكم موقف فيه يجاب لنا الدعا ... دعونا به والقصد فيه نويناه

وصلى بأركان المقام حجيجنا ... وفى زمزم ماء طهور وردناه وفيه الشفا فيه بلوغ مرادنا ... لما نحن ننويه إذا ما شربناه وبين الصفا والمروة الحاج قد سعى ... فإن تمام الحج تكميل مسعاه وأنشدنى محمد وفاطمة المذكوران أولا إذنا، قالا: أنشدنا الإمام فخر الدين المالكى إجازة، قال: أنشدنا الإمام أبو اليمن بن عساكر الدمشقى، نزيل مكة لنفسه بقراءتى عليه بمسجد الخيف من منى: يا حيرتى بين الحجون إلى الصفا ... شوقى إليكم مجمل ومفضل أهوى دياركم ولى بربوعها ... وجد يثبطنى وعهد أول ويزيدنى فيها العدول صبابة ... فيظل يغرينى إذا ما يعدل ويقول لى لو قد تبدلت الهوى ... فأقول قد عز العزاة تبدل بالله قل لى كيف يحسن سلوتى ... عنها وحسن تصبرى هل يحمل هل فى البلاد محلة معروفة ... مثل المعرف أو محل تحلل أم فى الزمان كليلة النفر التى ... فيها من الله العوارف تجزل أم مثل أيام تقضت فى منى ... عمر الزمان بها أغر محجل فى جنب مجتمع الرفاق ومنزع ... الأشواق حياها السحاب المسبل وأنشدنى الإمام الأديب بدر الدين أحمد بن محمد بن الصاحب المصرى الأثارى إذنا لنفسه: بمكة قد طابت مجاورتى فيا ... إلهى فاجعلها مدى العمر سرمدا فأنت الذى أحللتنى ساحة الهوى ... وعودت قلبى عادة فتعودا والأشعار فى التشوق إلى هذه المشاعر الشريفة كثيرة. ونسأل الله أن يجعل أعيننا بدوام مشاهدتها قريرة. وقد انتهى العرض الذى أردنا جمعه فى هذا الكتاب. ونسأل الله أن يجزل لنا فيه الثواب، بمحمد سيد المرسلين، وآله وصحبه الأكرمين. * * *

[السيرة النبوية]

[السيرة النبوية] (1) ولنذكر فيه ما أشرنا إليه من السيرة النبوية: فنقول: بعد حمد الله الذى لا يخيب من سأله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير نبى أرسله. فهذا ما وعدت بذكره فى كتابى «العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين» من سيرة نبينا محمد المصطفى، زاده الله شرفا. وذلك: فيما لخصته واختصرته من السيرة الصغرى للحافظ علاء الدين مغلطاى المصرى رحمه الله وأكده بلفظه. وقد أخبرنى بكتابه المذكور: شيخنا القاضى الإمام زين الدين أبو بكر بن الحسين الشافعى سماعا وأجازه عن الحافظ علاء الدين مغلطاى سماعا كذلك، وإنما عولت على كتابه دون غيره من الكتب المصنفة فى هذا المعنى على كثرتها: لأن كتابه أكثرها فوائد، وفيه من الفوائد النفيسة ما لا يوجد فى كثير من الكتب المبسوطة فى هذا المعنى، وأضفت إلى ما ذكرته من كتابه فوائد لم يذكرها، وأكثر ذلك مما ذكره شيخنا الحافظ زين الدين العراقى ـ سقى الله ثراه ـ فى كتابه الذى نظمه فى السيرة النبوية. وهو ألف بيت بدا فى كتاب مغلطاى فى كثرة الفوائد. وقد رويت ذلك عن شيخنا العراقى إجازة. وكل ما أوردته من كتابه وغيره أجيزه بقولى: قلت فى ابتدائه، وأجيز آخره بقولى: انتهى. وسميت تأليفى هذا «الجواهر السنية فى السيرة النبوية». * * *

_ (1) ما بين المعقوفتين إضافة ليست فى الأصل.

ذكر أسمائه ونسبه وشيء من حاله من حين ولادته وإلى وفاته وغير ذلك من حال عمله

ذكر أسمائه ونسبه وشيء من حاله من حين ولادته وإلى وفاته وغير ذلك من حال عمله للمصطفى: صلى الله عليه وسلم أسماء كثيرة تقرب من الثلاثمائة على ما قال ابن دحية، وانتهى بها بعض المتصوفة إلى ألف (1). وأشهرها: محمد، وأحمد، وبهما سماه الله فى القرآن العظيم، الماحى، الحاشر، العاقب، يكنى: أبا القاسم، وأبا إبراهيم. ابن: عبد الله بن عبد المطلب، واسمه: شيبة الحمد، وقيل: عامر بن هاشم، واسمه عمرو بن عبد مناف، واسمه المغيرة بن قصى، واسمه: زيد، وقال الشافعى: يزيد ـ فيما حكاه الحاكم أبو أحمد بن كلاب ـ واسمه حكيم، وقيل: عروة بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر. وهو جماع قريش فى قول الكلبى، وغيره. ابن: مالك بن النضر، واسمه قيس، وهو: قريش فى قول ابن إسحاق. ابن: كنانة بن خزيمة بن مدركة، واسمه: عمرو. وقال ابن إسحاق: عامر بن إلياس، واسمه: حبيب بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، إلى هنا مجمع عليه، وما فوق ذلك: مختلف فيه (2). وأشهره: ابن أدد ويقال: أد بن أدد بن مقوم، بن ناجور، بن تيرح، بن يعرب، بن يشجب، وقيل: يشجب بن يعرب، بن يشجب، بن نابت، بن إسماعيل، وتفسيره: مطيع

_ (1) راجع أسماؤه صلى الله عليه وسلم فى: (الوفا 99، وصحيح البخارى، كتاب المناقب باب 17 ما جاء من أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم، صحيح مسلم، كتاب الفضائل باب أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم سنن الترمذى كتاب الأدب باب ما جاء فى أسماء الرسول الله صلى الله عليه وسلم 5/ 135، سنن الدارمى، كتاب الرقاق باب فى أسماء النبى صلى الله عليه وسلم 2، 317، مسند أحمد 4/ 80، 81، 84، دلائل النبوة للبيهقى 1، 152، 153، ، دلائل النبوة لأبى نعيم 26، تفسير ابن كثير 5/ 382، 6/ 425، 8/ 135، إمتاع الأسماع 1/ 30، تلقيح فهوم أهل الأثر لابن الجوزى 9، طبقات ابن سعد 1/ 55، تاريخ الخميس 1/ 206). (2) صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه انتسب إلى عدنان ولم يتجاوزه، بل روى من طريق ابن عباس أنه لما بلغ عدنان، قال: «كذب النسابون». مرتين أو ثلاثا. انظر: (سيرة ابن هشام 1/ 1، 2، دلائل النبوة للبيهقى 1/ 179، 180، تاريخ الطبرى 2/ 272، البداية والنهاية 2/ 272، الروض الأنف 1/ 8، الوفا لابن الجوزى 70).

الله الذبيح، ويلقب: أعراق الثرى، بن إبراهيم خليل الرحمن، ويكنى: أبا الضيفان، وتفسيره: أب راحم، بن تارح، وهو: آزر، بن ناحور بن ساروح، بن راعوا، ويقال: أرغوا، ومعناه: قاسم بن فالح، ويقال: فالع بن عيبر، ويقال عابر، وهو: هود عليه السلام، بن شالح، ومعناه: الرسول، ويقال: الوكيل، بن إرفخشد، ويقال: الفخشيد، ويقال: الفخشد، ومعناه: مصباح مضئ، بن سام، بن نوح، واسمه: عبد الغفار بن لامك، ويقال: لمكان بن متوشلخ بن خنوخ، ويقال: أخنخ، ويقال: أخنوخ، ويقال: أهنخ، وهو: إدريس عليه السلام بن يرد، ويقال: يارد، ويقال: الزايد، ومعناه: الضابط، ابن مهليل، ويقال: مهلابيل، ومعناه: الممدح، بن قينن، ويقال: قينان. ومعناه: المستولى، ابن يانش، ومعناه: الصادق، بن شيث، ويقال: شاث، ومعناه: هبة الله، ويقال: عطية الله، بن آدم أبى البشر، ويقال: أبو محمد لمحمد ابنه عليهما السلام. أمه عليه السلام: آمنة ابنة وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، ويقال: عبد مناف بن كلاب وزهرة: أمه. فيما قاله ابن قتيبة. والجوهرى. وفى ذلك نظر (1). ولد صلى الله عليه وسلم بمكة فى الدار التى كانت لمحمد بن يوسف أخى الحجاج بن يوسف، ويقال: بالشعب، ويقال بالروم، ويقال: بعسفان. قلت: قال السهيلى: ولد بالشعب، وقيل: بالدار التى عند الصفا، وكانت بعد لمحمد ابن يوسف أخى الحجاج، ثم بنتها زبيدة مسجدا حين حجت. انتهى. والدار التى عند الصفا: هى دار الخيزران، ودار ابن يوسف بسوق الليل، وهى الموضع المعروف بمولده عليه الصلاة والسلام. وهذا الذى قاله السهيلى فى ولادته بالدار التى عند باب الصفا غريب. والله أعلم. انتهى (2). يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول، وقيل: لثمان، وقيل: لعشر، وقيل: لثنتى عشر. وحكى فيه ابن الجزار الإجماع. وفيه نظر. وقيل: لثمان عشرة. وقيل: لسبع عشرة. وقيل: لثمان بقين منه. وقيل: فى أوله حين طلع الفجر يوم أرسل الله الأبابيل ـ وهى: الجماعات. واحدها: أبول. وقيل: لا واحد لها ـ على أهل الفيل. وقيل: عام الفيل. وحكى ابن الجزار فيه الإجماع. وفيه نظر. وقيل بعد الفيل بشهر، وقيل: بأربعين

_ (1) انظر: (سيرة ابن هشام 1/ 144، إمتاع الأسماع 1/ 30). (2) انظر: (تاريخ الخميس 1/ 198، إمتاع الأسماع 1/ 31، الوفا 86، دلائل النبوة للبيهقى 1/ 72، سيرة ابن هشام 1/ 171).

يوما، وقيل: بشهرين وستة أيام، وقيل: بخمسين يوما، وقيل: بخمسة وخمسين يوما، وقيل: بعشر سنين، وقيل: بثلاثين عاما، وقيل: بأربعين عاما، وقيل بسبعين، وقيل: لثنتى عشرة خلت من شهر رمضان سنة ثلاث وعشرين، من غزوة أصحاب الفيل، وقيل: ولد يوم عاشوراء، وقيل: فى صفر، وقيل: فى ربيع الآخر (1). لم تجد لحمله ثقلا ولاحما. وفى حديث شداد عكسه. وجمع بأن: الثقل فى ابتداء العلوق، والخفة عند استمرار الحمل، ليكون فى ذلك خارجا عن المعتاد، مختونا، مسرورا، مقبوضة أصابع يده، مشيرا بالسبابة كالمسبح بها (2). وقيل: إن جده ختنه صلى الله عليه وسلم يوم سابعه. وقيل: جبريل، وختم حين وضعه بالخاتم. ذكره ابن عابد. وسماه الله محمدا، قالته أمه. وقيل: إن جده سماه فى سابعه (3). واختلف فى مدة الحمل به صلى الله عليه وسلم. فقيل: تسعة أشهر، وقيل: عشرة، وقيل: ثمانية. وقيل: سبعة، وقيل: ستة (4). وتوفى أبوه وهو صلى الله عليه وسلم حمل. وقيل: بعد ولادته بشهرين، وقيل: بأكثر من ذلك (5).

_ (1) اتفق أن ولادته صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لحديث أبى قتادة أن رجلا سأل رسول صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الاثنين، فقال: «ذلك يوم ولدت فيه وأنزل علىّ فيه». أخرجه مسلم فى صحيحه كتاب الصيام باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، حديث 197. انظر: (تاريخ الخميس 1/ 196، 197، إمتاع الأسماع 1/ 3، الوفا 86، 87، دلائل النبوة 1/ 74، سيرة ابن هشام 1/ 171). (2) اختلف فيه على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه ولد مختونا مسرورا، وروى فى ذلك حديث لا يصح، ذكره ابن الجوزى فى الموضوعات، وليس فيه حديث ثابت، وليس هذا من خواصه صلى الله عليه وسلم، فإن كثيرا من الناس يولد مختونا. القول الثانى: أنه صلى الله عليه وسلم شق قلبه الملائكة عند ظئره حليمة. القول الثالث: أن جده عبد المطلب ختنه يوم سابعه وصنع له مأدبة وسماه محمدا. ومعنى مختونا: أى مقطوع الختان، ومسرورا أى مقطوع السّرّة من بطن أمه. انظر: البداية والنهاية 2/ 265، إمتاع الأسماع 1/ 32، تاريخ الخميس 1/ 204، 205، دلائل النبوة للبيهقى 1/ 114، تاريخ ابن عساكر 1/ 282 (تهذيبه)، طبقات ابن سعد 1/ 103، مجمع الزوائد 8224، ميزان الاعتدال 2/ 172، الخصائص الكبرى للسيوطى 1/ 132، الوفا 94). (3) انظر: (طبقات ابن سعد 1/ 103، صفة الصفوة 1/ 53، البداية والنهاية 2/ 265، الروض الأنف 1/ 184، سيرة ابن هشام 1/ 147، إمتاع الأسماع 1/ 32). (4) كذا فى تاريخ الخميس 1/ 186 نقلا عن المواهب اللدنية. راجع أيضا: (إمتاع الأسماع 1/ 32). (5) فى تاريخ الخميس 1/ 186: «فى أسد الغابة لابن الأثير: توفى أبوه عبد الله وأمه حامل به. ـ

وأرضعته صلى الله عليه وسلم: ثويبة عتيقة عمه أبى لهب بلبن ابنها مسروح (1) وأرضعته صلى الله عليه وسلم أيضا: حليمة بنت أبى ذؤيب السعدية (2). وصحح ابن حبان وغيره: حديثا دل على إسلامها بلبان ابنها عبد الله أخى أنيسة، وجذامة (3). وهى الشيماء القادمة عليه عليه السلام بحنين. وقيل: بل كانت أمه صلى الله عليه وسلم حليمة أولا عند الحارث بن عبد العزى. واختلف فى إسلامه: روى خالد بن معدان «أن نفرا من الصحابة رضى الله عنهم، قالوا: يا رسول الله، أخبرنا عن نفسك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: نعم. أنا دعوة أبى إبراهيم، بشر بى عيسى ابن مريم، ورأت أمى حين وضعتنى خرج منها نور أضاءت له قصور الشام ـ وذكر ابن حبان: أن ذلك كان فى المنام. وفيه نظر ـ واسترضعت فى بنى سعد بن بكر، فبينا أنا مع أخ لى خلف بيوتنا نرعى بهما لنا: أتانى رجلان عليهما ثياب بيض بطست من ذهب مملوء ثلجا، فأخذانى فشقا بطنى، فاستخرجا قلبى، فاستخرجا منه علقة سوداء فطرحاها، ثم غسلا بطنى وقلبى بذلك الثلج، ثم قال: زنه بمائة من أمته، فوزنانى بهم، فوزنتهم، ثم قال: زنه بألف من أمته فوزنتهم، ثم قال: دعه، فلو وزنته بأمته لوزنها».

_ ـ وفى المواهب اللدنية: ولها من حملها شهران، وقيل: قبل ولادته بشهرين. كذا فى سيرة مغلطاى. وقيل: توفى وهو فى المهد. قاله الدولابى. وعن أبى، وعن خيثمة: وهو ابن شهرين، وقيل ابن سبعة أشهر، وقيل: وهو ابن ثمانية وعشرين شهرا. وكذا فى سيرة اليعمرى. والراجح المشهور هو الأول». انظر أيضا: (إمتاع الأسماع 1/ 32، 33، الوفا 85، 86، وقال ابن الجوزى: وقد قيل إن عبد الله توفى بعد ولادة رسول الله، ولا يصح. (1) قال أهل السير: أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أمه آمنة ثلاثة أيام، وقيل سبعة، ثم أرضعته ثويبة الأسلمية جارية أبى لهب أياما قبل قدوم حليمة من قبيلتها، ثم أرضعته حليمة. وروى أنها أرضعت النبى صلى الله عليه وسلم ثمان نسوة غير آمنة ثويبة، وحليمة وخولة بنت المنذر ـ ذكرها أبو الفتح اليعمرى ـ وأم أيمن ـ ذكرها أبو الفتح عن بعضهم والمعروف أنها من الخواص ـ وامرأة سعدية غير حليمة ـ ذكرها ابن القيم فى الهدى ـ وثلاثة نسوة اسم كل واحدة منهن عاتكة: إحداهن: عاتكة بنت هلال بن فالح، وهى أم هاشم بن عبد مناف بن قصى، والثانية: عاتكة بنت مرة بن هلال بن فالح، وهى أم هاشم بن عبد مناف. والثالثة: عاتكة بنت الأوقص بن مرة بن هلال. (2) انظر: (تاريخ الخميس 1/ 22، الوفا 104، إمتاع الأسماع 1/ 33، سيرة ابن هشام 1/ 173، دلائل النبوة 1/ 131). (3) هكذا فى الأصل. وفى سيرة ابن هشام «خذامة بكسر الخاء». وفى إمتاع الأسماع: «حذافة». انظر: (سيرة ابن هشام 1/ 149، إمتاع الأسماع 1/ 33).

وذكر أبو نعيم: أن ذلك كان وعمره صلى الله عليه وسلم عشر سنين. وختم بخاتم النبوة بين كتفيه. وكان ينم مسكا، مثل زر الحجلة (1). ذكره البخارى. وفى مسلم: جمع عليه خيلان (2)، كأنها الثآليل السود عند بعض طرفيه. ويروى غضروف: وفى كتفه الأيسر. وفى كتاب أبى نعيم: الأيمن. وفى مسلم أيضا: كبيضة حمامة. وفى صفة الخاتم: اختلاف كبير. ذكره مغلطاى. وماتت أمه صلى الله عليه وسلم، وهو ابن أربع. وقيل: ست. وقيل: سبع وقيل: غير ذلك. قلت: جزم شيخنا العراقى: بأن أمه صلى الله عليه وسلم توفيت وله ست سنين ومائة يوم. وهذا القول لم يذكره مغلطاى. وحكى شيخنا القول بوفاتها: وله صلى الله عليه وسلم أربع سنين. ولم يحك غير ذلك. وذكر شيخنا أيضا: ما يقتضى: أن أباه توفى، وهو صلى الله عليه وسلم حمل على الصحيح. والله اعلم. وهذا لا يفهم مما ذكره مغلطاى. انتهى. وكانت وفاتها: بالأبواء (3). وقيل: بشعب أبى دب بالحجون (4). وكانت أم أيمن بركة: دايته وحاضنته صلى الله عليه وسلم بعد موت أمه. ومات جده عبد المطلب كافله، وله ثمان سنين. وقيل: غير ذلك. فكفله أبو طالب، واسمه: عبد مناف. وقيل: اسمه كنيته، فيما ذكره الحاكم. وفيه نظر. بوصية أبيه عبد المطلب، ولكونه شقيق عبد الله (5). فلما بلغ صلى الله عليه وسلم، اثنتى عشرة سنة. وقيل: تسعا. وقيل اثنتى عشرة سنة وشهرا وعشرة أيام. وقيل: لعشر خلون من ربيع الأول سنة ثلاث عشرة من الفيل: خرج مع عمه أبى طالب إلى الشام حتى بلغ بصرى، فرآه بحيرا، واسمه: جرجيس. فعرفه بصفته. فقال: وهو آخذ بيده: هذا سيد العالمين، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين (6).

_ (1) زر الحجلة: بالحاء المهملة والجيم. قال النووى: هو واحد الحجال، وهو بيت كالقبة لها أزرار كبار وعرى، هذا هو الصواب. قيل: المراد بالحجلة الطائر المعروف، وزرها بيضها. وأشار إليه الترمذى وأنكره عليه العلماء. (2) الخيلان: جمع خال، وهو الشامة على الجسد. (3) الأبواء بالفتح ثم السكون وواو وألف ممدودة، قرية من أعمال الفرع من المدينة بينها وبين الجحفة مما يلى المدينة ثلاثة وعشرون ميلا. انظر: معجم البلدان (أبواء). (4) قال ابن سعد: «هنا غلط ليس قبرها بمكة، إنما قبرها بالأبواء. انظر: (طبقات ابن سعد 1/ 74، دلائل النبوة 1/ 189، الوفا 113، 114، تاريخ الخميس 1/ 229، إمتاع الأسماع 1/ 34، سيرة ابن هشام 1/ 155، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 24، تلقيح فهوم أهل الأثر 13). (5) انظر: (طبقات ابن سعد 1/ 188، سيرة ابن هشام 1/ 156، البداية والنهاية 2/ 282، إمتاع الأسماع 1/ 34، دلائل النبوة 2/ 20 ـ 22، الوفا 116، تاريخ الخميس 1/ 239). (6) انظر: (تاريخ الخميس 1/ 239، إمتاع الأسماع 1/ 35، الوفا 116، 117).

فقيل له: وما علمك بذلك؟ فقال: إنكم حين أشرفتم به من العقبة، لم يبق شجر ولا حجر إلا خرّ ساجدا، ولا يسجدان إلا لنبى. وإنا نجده فى كتبنا. وسأل أبا طالب أن يرده خوفا عليه من اليهود (1). وخرج الترمذى وحسنه، والحاكم وصححه: أن فى هذه السفرة: أقبل سبعة من الروم يقصدون قتله صلى الله عليه وسلم. فاستقبلهم بحيرا. فقال: ما جاء بكم؟ فقالوا: إن هذا النبى خارج فى هذا الشهر. فلم يبق طريق إلا بعث إليه ناس. فقال: أرأيتم أمرا أراد الله أن يقضيه. هل يستطيع أحد من الناس رده؟ قالوا: لا. قال: فبايعوه وأقاموا معه. ورده أبو طالب، وبعث معه أبو بكر بلالا. وفيه: وهمان. الأول: بايعوه على أى شئ. والثانى: أبو بكر رضى الله عنه لم يكن حاضرا، ولا كان فى حال من يملك، ولا ملك بلالا إلا بعد ذلك بنحو ثلاثين عاما. ولما بلغ صلى الله عليه وسلم عشرين سنة. وقيل: أربع عشرة. حضر مع عمومته حرب الفجار (2). ورمى فيه بأسهم. وحضر حلف الفضول. وهو حلف عقدته قريش على نصر كل مظلوم بمكة (3). وكان يرعى غنم أهله بأجياد على قراريط (4). ثم خرج صلى الله عليه وسلم ثانيا مع ميسرة ـ غلام خديجة ابنة خويلد بن أسد ـ فى تجارة لها. وكانت رضى الله عنها استأجرته على أربع بكرات. ويقال استأجرت معه رجلا آخر من قريش حتى بلغ سوق بصرى. وقيل: سوق حباشة بتهامة. وله صلى الله عليه وسلم إذ ذاك خمس وعشرون سنة لأربع عشرة ليلة بقيت من ذى الحجة، فنزل صلى الله عليه وسلم تحت ظل شجرة، فقال

_ (1) انظر خبر بحيرا فى: (صفة الصفوة 1/ 67، سيرة ابن هشام 1/ 165، تاريخ الطبرى 2/ 277، البداية والنهاية 2/ 282، عيون الأثر لابن سيد الناس 1/ 40، دلائل النبوة لأبى نعيم 52، تاريخ الخميس 1/ 240). (2) انظر: (البداية والنهاية لابن كثير 2/ 290، الوفا 132، الروض الأنف 1/ 209، تاريخ الخميس 1/ 255). (3) انظر: (سيرة ابن هشام 1/ 122، الوفا 133، البداية والنهاية 2/ 291، تاريخ الخميس 261). (4) روى البخارى فى كتاب الإجارة (1/ 32): عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما بعث نبيا إلا رعى الغنم. فقال أصحابه: وأنت؟ قال: نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة». وأخرجه ابن ماجة فى سننه 2149، وابن سعد فى الطبقات 1/ 80، وابن كثير فى البداية 2/ 295، وأبو نعيم فى الدلائل 1/ 55، والبيهقى فى الدلائل 2/ 65).

نسطور الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبى، واستشكل. وفى رواية: بعد عيسى (1). وكان ميسرة رضى الله عنه يرى فى الهاجرة ملكين يظلانه من الشمس. وتزوجها بعد ذلك بشهرين وخمسة وعشرين يوما فى عقب صفر وكان سنه ست وعشرين. وقيل: كان سنه صلى الله عليه وسلم إحدى وعشرين سنة. وقيل: ثلاثين. وقال ابن جريج: وله سبع وثلاثون سنة. وقال البرقى: تسع وعشرون، قد راهق الثلاثين. وخديجة رضى الله عنها يومئذ ابنة أربعين سنة. وقيل: خمس وأربعين. وقيل: ثلاثين. وقيل: ثمان وعشرين. وأصدقها صلى الله عليه وسلم اثنى عشر أوقية ونشا. وقيل: عشرين بكرة (2). ولما بلغ النبى صلى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة بنت قريش الكعبة (3). وفى تاريخ يعقوب: كان بناؤه فى سنة خمس وعشرين من الفيل. ووضع عليه الصلاة والسلام: الركن اليمانى بيده يوم الاثنين. فلما بلغ عليه السلام أربعين سنة. وقيل: وأربعين يوما. وقيل: وعشرة أيام. وقيل: وشهرين، يوم الاثنين لسبع عشرة خلت من شهر رمضان. وقيل: لسبع. وقيل: لأربع وعشرين ليلة. وقال ابن عبد البر: يوم الاثنين لثمان من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين من الفيل. وقيل: فى أول ربيع. وفى تاريخ النسائى: على رأس خمس عشرة سنة من بنيان الكعبة وضعفه. وعن مكحول: بعد ثنتين وأربعين: جاءه جبريل بغار حراء. قالت عائشة رضى الله عنها: «أول ما بدئ به عليه السلام من الوحى: الرؤيا الصادقة. وقال الواقدى، وابن أبى عاصم، والدولابى فى تاريخه: نزل عليه القرآن، وهو ابن ثلاث وأربعين.

_ (1) انظر: (طبقات ابن سعد 1/ 83، 101، دلائل النبوة 1/ 54، تاريخ ابن عساكر 1/ 274، الوفا 140، إمتاع الأسماع 1/ 36). (2) انظر: (سيرة ابن هشام 1/ 171، عيون الأثر 1/ 47، طبقات ابن سعد 1/ 133، البداية والنهاية 2/ 296، الروض الأنف 1/ 213، إمتاع الأسماع 1/ 37، الوفا 142، تاريخ الخميس 1/ 263). (3) انظر: (سيرة ابن هشام 1/ 182، إمتاع الأسماع 1/ 38، الوفا 143).

وفى كتاب العتيقى: ابن خمس وأربعين، لتسع وعشرين من رجب. قاله الحسين، وجمع: بأن ذلك حين حمى الوحى وتتابع. وقيل: إسرافيل عليه السلام وكل به صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين قبل جبريل عليه السلام (1). وأنكر ذلك الواقدى، وصححه الحاكم. فقال: «أبشر يا محمد، وأنا جبريل أرسلت إليك، وأنت رسول هذه الأمة. ثم أخرج لى قطعة نمط، فقال: اقرأ. قلت: والله ما قرأت شيئا قط. فقال: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) [العلق: 1 ـ 5] ثم قال: انزل عن الجبل. فنزلت معه إلى قرار الأرض، فأجلسنى على درنوك وعليه ثوبان أخضران، ثم ضرب برجله الأرض فنبعت عين ماء، فتوضأ منها جبريل عليه السلام، ثم أمر النبى صلى الله عليه وسلم، فتوضأ كذلك. ثم قام وصلى بالنبى صلى الله عليه وسلم. ثم انصرف جبريل. وجاء عليه السلام إلى خديجة رضى الله عنها. فأمرها فتوضأت وصلى بها كما صلى به جبريل عليه السلام». وكان ذلك أول فرض الصلاة ركعتين، ثم إن الله تعالى أقرها فى السفر ركعتين كذلك وأتمها فى الحضر. وقال مقاتل: كانت الصلاة أول فرضها ركعتين بالغداة، وركعتين بالعشى. وذكر أبو نعيم «أن جبريل وميكائيل عليهما السلام: شقا صدره وغسلاه، ثم قالا: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ)». وعن ابن عباس رضى الله عنهما «أول شيء رأى النبى صلى الله عليه وسلم من النبوة أنه قيل: له استتر ـ وهو غلام ـ فما رؤيت عورته صلى الله عليه وسلم بعد». وكان أول من آمن بالله وصدق: خديجة رضى الله عنها. ثم فتر الوحى فترة حتى شق عليه صلى الله عليه وسلم وأحزنه، فجاءه جبريل بسورة الضحى (2). وكان أول ذكر آمن بعدها: أبو بكر رضى الله عنه، وقيل: على رضى الله عنه، ثم زيد بن حارثة رضى الله عنه، ثم أسلم عثمان بن عفان رضى الله عنه.

_ (1) انظر: (سيرة ابن هشام 1/ 216، البداية والنهاية 3/ 4، إمتاع الأسماع 1/ 39، الوفا 147، دلائل النبوة للبيهقى 2/ 248). (2) انظر: (صفة الصفوة 1/ 80، البداية والنهاية 3/ 17، تفسير الطبرى 3/ 232، إمتاع الأسماع 1/ 40، الوفا 157).

وذكر مغلطاى: إسلام جماعة من جلة الصحابة رضى الله عنهم. ثم قال: ودخل الناس فى الإسلام أرسالا من الرجال والنساء. ثم إن الله أمر رسوله بأن يصدع بما جاء به، وكان ذلك بعد ثلاث سنين من النبوة. فبينا سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه فى نفر يصلون فى شعب من شعاب مكة، إذ ظهر عليهم نفر من المشركين وهم يصلون، فعابوا عليهم ما يصنعون حتى قاتلوهم، فضرب سعد يومئذ بلحى بعير، فشجه فكان أول دم هريق فى الإسلام. فلما نادى النبى صلى الله عليه وسلم قومه بالإسلام لم تبعد منه قومه ولم يردوا عليه حتى ذكر آلهتهم وعابها. قال العتيقى: وكان ذلك فى سنة أربع، فلما فعل أجمعوا على صلى الله عليه وسلم خلافه وعداوته إلا من عصم الله. وحدب عليه أبو طالب فخف الأمر وتنابذ القوم، ونادى بعضهم بعضا، وتآمرت قريش على من أسلم منهم يعذبونهم ويفتنونهم عن دينهم. ومنع الله رسوله بعمه أبى طالب، وبنى هاشم، غير أبى لهب وبنى المطلب. فرماه الوليد بن المغيرة: بالسحر، وتبعه قومه على ذلك. فنزل فيه: (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) الآيات [المدثر: 1]. وفى النفر الذين تابعوه على قوله: (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) [الحجر: 91]. ثم إن قريشا اشتد عليهم الأمر، فكذبوه وآذوه، ورموه بالسحر والشعر والكهانة والجنون، وأغروا به سفهاؤهم، حتى أخذ رجل منهم يوما بمجمع ردائه فقام أبو بكر دونه، وهو يبكى ويقول: أتقتلون رجلا أن يقول: ربى الله؟ (1). ثم أسلم حمزة بن عبد المطلب عمه رضى الله عنه، وكان أعز فتى فى قريش، وأشد شكيمة، فعزّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم وكف عنه قريش قليلا. قال العتيقى: وكان إسلامه رضى الله عنه سنة ست، وسألوه إن كنت تطلب مالا جمعنا لك ما لا تكون به أكثرنا مالا، وإن كنت تريد الشرف فينا فنحن نسوّدك علينا، وإن كنت تريد ملكا ملّكناك علينا، وإن كان هذا الذى يأتيك رئيا قد غلب عليك بذلنا أموالنا فى طلب الطب لك حتى نبرئك منه أو نعذر فيك. فقال لهم عليه السلام: ما بى ما تقولون، ولكن الله بعثنى رسولا، وأنزل علىّ كتابه، وأمرنى أن أكون لكم بشيرا ونذيرا، فبلغتكم رسالات ربى ونصحت لكم، فإن تقلبوا

_ (1) انظر: (تاريخ الخميس 1/ 29، إمتاع الأسماع 1/ 43، الروض الأنف 1/ 84).

منى ما جئتكم به فهو حظكم فى الدنيا والآخرة، وإن تردوه علىّ أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بينى وبينكم. واشترى أبو بكر رضى الله عنه بلالا رضى الله عنه فأعتقه، وكان يعذب فى الله. وقتلت أم عمار بن ياسر: سمية رضى الله عنها فى الله، فهى أول قتيل فى الإسلام. وقيل: أول قتيل الحارث بن أبى هالة بن خديجة فيما ذكر العسكرى. ثم أذن النبى صلى الله عليه وسلم لأصحابه فى الهجرة إلى الحبشة فى رجب سنة خمس من النبوة، وعدتهم: اثنى عشر رجلا وأربع نسوة. وقيل: أحد عشر وامرأتان. وقال الحاكم: بعد موت أبى طالب. وفى كتاب الاقتصار على صحيح الأخبار: كانوا عشرة رجال وأربع نسوة، وأميرهم: عثمان بن مظعون رضى الله عنه، وأنكر ذلك الزهرى فقال: لم يكن لهم أمير غير ملكها النجاشى، واسمه: أصحمة بن بحرى. وقيل: مكحول بن صصة، فخرج المسلمون وهى أول هجرة فى الإسلام. فلما رأت قريش استقرارهم فى الحبشة وأمرهم أرسلوا فيهم إلى النجاشى عمرو بن العاص، وعبد الله بن أبى ربيعة ليردهم إلى قومهم، فأبى ذلك وردهما خائبين وكان حين ذلك مشركا، ثم أسلم سنة سبع، وتوفى فى رجب سنة تسع، وصلى عليه النبىصلى الله عليه وسلم، ورفع إليه سريره حتى رآه. وقيل: لأنه كان عند الكفار الذين لا يصلون عليه، فلذلك صلى عليه. وأسلم عمر بن الخطاب بعد حمزة رضى الله عنهما بثلاثة أيام، فيما قاله أبو نعيم بدعوة النبى صلى الله عليه وسلم: «اللهم أيد الإسلام بأبى جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب». وفى كتاب الحاكم: «اللهم أيد الإسلام بعمر الخطاب» لم يذكر أبا جهل وكان رجلا لا يرام ماوراء ظهره، فامتنع به وبحمزة الصحابة رضى الله عنهم. وكان ابن مسعود رضى الله عنه يقول: ما كنا نقدر على أن نصلى عند الكعبة حتى أسلم عمر رضى الله عنه. فلما رأت قريش عزة النبى صلى الله عليه وسلم وعزة أصحابه فى الحبشة وفشو الإسلام فى القبائل: اجتمعوا وائتمروا أن يكتبوا كتابا يتعاقدوا فيه على بنى هاشم وبنى المطلب: أن لا ينكحوا إليهم ولا ينكحوهم، ولا يبيعوا منهم شيئا، ولا يبتاعوا منهم. وكتبوه فى

صحيفة بخط منصور بن عكرمة. وقيل: بغيض بن عامر، فشلت يده. وعلقوا الصحيفة فى جوف الكعبة هلال المحرم سنة سبع، فانحاز الهاشميون غير أبى لهب، والمطلبيون إلى أبى طالب، فدخلوا معه فى شعبه، فأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثا. وقال ابن سعد: سنتين حتى جهدوا، وكانوا لا يصل إليهم شيء إلا سرّا. ثم هاجر المسلمون الثانية إلى أرض الحبشة، وعدتهم: ثلاثة وثمانون رجلا إن كان عمار بن ياسر فيهم، وثمانى عشرة امرأة. ثم قام رجال فى نقض الصحيفة فأطلع الله عزوجل نبيه على: أن الأرضة أكلت ما فيها من القطيعة والظلم، فلم يدع إلا اسم الله فقط. فلما أنزلت لتمزق، وجدت كما قالصلى الله عليه وسلم. وذلك فى السنة العاشرة. ولما أتت عليه صلى الله عليه وسلم تسع وأربعون سنة وثمانية أشهر وأحد عشر يوما، مات عمه أبو طالب. وقيل: فى النصف من شوال من السنة العاشرة. وقال ابن الجزار: قبل هجرته بثلاث سنين. وماتت خديجة رضى الله عنها بعد ذلك بثلاثة أيام. وقيل: بخمسة فى رمضان. وقيل: ماتت قبل الهجرة بخمس، وقيل: بأربع سنين. وقيل: بعد الإسراء. فكان عليه السلام يسمى ذلك العام: عام الحزن، فيما ذكره صاعد. وبعد أيام تزوج صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة سنة عشر. وقيل: بعد موت خديجة رضى الله عنها بسنة. وقال ابن عقيل: تزوجها بعد عائشة رضى الله عنها. ثم خرج صلى الله عليه وسلم إلى الطائف بعد موت خديجة رضى الله عنها بثلاثة أشهر، فى ليال بقين من شوال سنة عشر، ومعه زيد بن حارثة رضى الله عنه، فأقام به شهرا يدعوهم إلى الله تعالى فلم يجيبوه، وأغروا به سفهاءهم، فجعلوا يرمونه بالحجارة، حتى إن رجليه صلى الله عليه وسلم لتدميان وزيد رضى الله عنه يقيه بنفسه، حتى لقد شج فى رأسه، ثم رجع فى جوار المطعم بن عدى، ولم يستجب له إنسان. فلما نزل صلى الله عليه وسلم نخلة، وهو موضع على ليلة من مكة صرف إليه سبعة من جنّ نصيبين، فاستمعوا له، وهو يقرأ سورة الجن. وقيل: كان قدوم الجن بعد خمسين سنة وثلاثة أشهر من مولده صلى الله عليه وسلم. فلما كانت ليلة السبت لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان قبل الهجرة بثمانية عشر شهرا، وهو نائم فى بيته، أتاه جبريل وميكائيل عليهما السلام، فقالا: انطلق إلى ما

كنت تسأل. وذلك أنه كان يسأل: أن يرى الجنة والنار. فانطلقا به إلى ما بين المقام وزمزم، فأتى بالمعراج، فعرجا به إلى السماء السابعة وفرضت عليه الصلوات. وقيل: كان المعراج قبل الهجرة بثلاث سنين. وقيل: ستة. وكان بعد النبوة بخمسة أعوام. وقيل بعام ونصف عام. وقال عياض: بعد مبعثه بخمسة عشر شهرا. وقال الحربى: ليلة سبع وعشرين من ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة. وقيل: لسبع عشرة خلت من ربيع الأول. وقال ابن قتيبة: بعد سنة ونصف من رجوعه من الطائف. وقال الواقدى: ليلة سبع عشرة من ربيع الأول قبل الهجرة بستة أشهر. وقال ابن فارس: فلما أتت عليه صلى الله عليه وسلم إحدى وخمسون سنة وتسعة أشهر: أسرى به من زمزم إلى القدس. وفى البخارى «بينا أنا نائم فى الحطيم ـ وربما قال: فى الحجر. ومنهم من قال: بين النائم واليقظان ـ إذا أتانى آت فشق ما بين هذه إلى هذه ـ يعنى: من ثغرة نحره إلى مراقه ـ فاستخرج قلبى، ثم أتيت بطست من ذهب مملوء إيمانا، فغسل قلبى، ثم حشى، ثم أعيد. ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض، وهو البراق، يضع خطوه عند أقصى طرفه، فحملت عليه. فانطلق بى جبريل إلى السماء ـ وذكر الأنبياء الذين رآهم فى بيت المقدس والسماء. وذكر الجنة والنار وسدرة المنتهى والأنهار الأربعة، والآنية الثلاثة: الماء، والخمر، واللبن، وفرض الصلوات (1)». واختلف فى المعراج والإسراء: هل كانا فى ليلة واحدة، أم لا؟ وهل كانا أو أحدهما: يقظة أو مناما؟ وهل كان المعراج قبل الإسراء؟ وهل كان المعراج مرة أو مرات؟ . والصحيح: أن االإسراء، كان فى اليقظة بجسده صلى الله عليه وسلم، وأنه مرات متعددة، وأنه رأى ربه عزوجل بعين رأسه صلى الله عليه وسلم. ولما أصبح أخبر قريشا بالإسراء فكذبوه.

_ (1) أخرجه: البخارى فى صحيحه كتاب المناقب، باب المعراج حديث 3887، وكتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة. وأخرجه مسلم فى صحيحه، كتاب الإعيان حديث 265، والبيهقى فى الدلائل 2/ 373 ـ 377.

وارتد جماعة ممن كان أسلم وسألوه أمارة. فأخبرهم بقدوم العير يوم الأربعاء. فلما كان ذلك اليوم لم يقدموا حتى كادت الشمس أن تغرب، فدعا الله، فحبس الشمس حتى قدموا، كما وصف. قال ابن إسحاق: ولم تحبس الشمس إلا له ذلك اليوم، وليوشع بن النون. قال الواقدى: مكث صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين من أول نبوته مستخفيا، ثم أعلن فى الرابعة، فدعى الناس إلى الإسلام عشر سنين، يوافى الموسم كل عام يتبع الحاج إلى منازلهم بعكاظ، ومجنة، وذى المجاز، يدعوهم إلى أن يمنعوه، حتى يبلغ رسالات ربه، فلم يجد أحدا ينصره ولا يجيبه، إلى أن أراد الله عزوجل إظهار دينه، ساقه الله عزوجل إلى هذا الحى من الأنصار ـ وهو لقب إسلامى لنصرتهم النبى صلى الله عليه وسلم، وإنما كانوا يسمون: أولاد قيلة، والأوس، والخزرج ـ فأسلم اثنان، أسعد بن زرارة، وذكوان بن عبد قيس. فلما كان من العام المقبل فى رجب: أسلم منهم ستة. وقيل: ثمانية. فقال لهم النبىصلى الله عليه وسلم: تمنعون ظهرى حتى أبلغ رسالة ربى. فقالوا: يا رسول الله: إنما كانت بعاث عام الأول يوم من أيامنا، اقتتلنا به، فإن تقدم، ونحن كذا لا يكون لنا عليك اجتماع، فدعنا حتى نرجع إلى عشائرنا لعل الله أن يصلح ذات بيننا، وموعدك الموسم العام المقبل. فكان أول مسجد قرئ فيه القرآن بالمدينة: مسجد بنى زريق. فلما كان العام المقبل لقيه اثنى عشر رجلا، وفى الإكليل: أحد عشر. وهى العقبة الأولى، فأسلموا وبايعوا على بيعة النساء وغير ذلك. ولم يفرض يومئذ القتال، ثم انصرفوا إلى المدينة. فأظهر الله الإسلام. وكان أسعد بن زرارة رضى الله عنه يجتمع بالمدينة بمن أسلم. وكتبت الأوس والخزرج إلى النبى صلى الله عليه وسلم: ابعث إلينا من يقرئنا القرآن، فبعث صلى الله عليه وسلم إليهم مصعب بن عمير. وقال ابن إسحاق: أرسله معهم، وكان يسمى المقرئ. وهو أول من سمى به. ثم قدم عليهم عبد الله، ويقال: عامر بن أم مكتوم. ثم قدم على النبى صلى الله عليه وسلم فى العام المقبل فى ذى الحجة أوسط أيام التشريق منهم سبعون رجلا. وقال ابن سعد: يزيدون رجلا أو رجلين وامرأتان. وقال ابن إسحاق: ثلاثة وسبعون وامرأتان.

وقال الحاكم: خمسة وسبعون نفسا فى نفر من قومهم وهم خمسمائة. فكان أول من ضرب على يده عليه السلام البراء بن معرور رضى الله عنه ويقال: أبو الهيثم رضى الله عنه، ويقال: أسعد بن زرارة، على: أنهم يمنعوه ما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم، وعلى حرب الأحمر والأسود. فكانت أول آية نزلت فى الإذن بالقتال: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) [الحج: 39]. وفى الإكليل: (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ) [التوبة: 111]. ونقب عليهم اثنى عشر منهم. ثم إن النبى صلى الله عليه وسلم أذن لأصحابه فى الهجرة إلى المدينة عند إخوانهم الأنصار. وأقام بمكة ينتظر أن يؤذن له فى الخروج. ثم ذكر مغلطاى هجرة جماعة من جلة الصحابة رضى الله عنهم إلى المدينة، ثم قال: حتى لم يبق معه، عليه السلام، بمكة إلا على بن أبى طالب، والصديق رضى الله عنهما. كذا قاله ابن إسحاق وغيره. وفيه نظر لما يأتى بعد. فلما رأت ذلك قريش اجتمعوا ومعهم إبليس فى صورة شيخ نجدى فى دار الندوة، يتشاورون فيما يصنعون فى أمره، عليه السلام، حين خافوه، فأجمعوا على قتله. فأتاه جبريل. فقال: لا تبت هذه الليلة على فراشك. فأمر عليا رضى الله عنه فنام مكانه، وغطى ببرد أخضر. فكان أول من شرى نفسه، ثم خرج صلى الله عليه وسلم عليهم وقد أخذ الله أبصارهم عنه فلم يره منهم أحد، ونثر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رءوسهم كلهم ترابا كان فى يده. وأذن الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم فى الهجرة، وأمره جبريل، عليه السلام، أن يستصحب أبا بكر رضى الله عنه واستأجر عبد الله بن الأريقط دليلا وهو على شركه، وعامر بن فهيرة خادما، وذلك بعد العقبة بشهرين وليال. وقال الحاكم: بثلاثة أشهر أو قريبا منها. وكان مدة مقامه صلى الله عليه وسلم بمكة من حين النبوة إلى ذلك الوقت بضع عشرة سنة. وفى ذلك يقول صرمة: ثوى فى قريش بضع عشرة حجة ... يذكر لو يلقى صديقا مواتيا وقال عروة: عشرا. وقال ابن عباس خمسة عشر سنة. وفى رواية عنه: ثلاث عشرة سنة. قال الخوارزمى: ينقص يوما واحدا.

ولم يعلم بخروجه عليه السلام إلا على وآل أبى بكر رضى عنهم. فدخل غارا بثور جبل بأسفل مكة، فأقام فيه ثلاثا. وقيل: بضعه عشر يوما. فأمر الله العنكبوت فنسجت على بابه، والراة فنبتت، وحمامتين وحشيتين فعششتا على بابه. قال السهيلى: وحمام الحرم من نسلهما. ثم خرج منه ليلة الاثنين لأربع ليال خلون من ربيع الأول على ناقته الجدعاء. قالت أسماء رضى الله عنهما: فمكثنا ثلاث ليال لا ندرى أين وجه النبى صلى الله عليه وسلم حتى أنشد رجل من الجن شعرا سمعه الناس وما يرونه: جزى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين حلا خيمتى أم معبد هما نزلا بالبر ثم تروحا ... فأفلح من أمسى رفيق محمد ليهن بنى كعب مكان فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد سلوا أختكم عن شاتها وإنائها ... فإنكم إن تسلوا الشاة تشهد دعاها بشاة حائل فتحلبت ... له بصريح ضرة الشاة مزبد فغادره رهنا لديها لحالب ... يدر لها فى مصدر ثم مورد وكان النبى صلى الله عليه وسلم نزل بقديد على أم معبد عاتكة بنت خالد، فمسح ضرع شاة مجهودة وشرب من لبنها وسقى أصحابه، واستمرت تلك البركة فيها. ولما مر بها قريش سألوها عنه ووصفوه. فقالت: ما أدرى ما تقولون قد ضافنى حالب الحائل. فقالوا: ذاك الذى نريد. وفى الإكليل قصة أخرى شبيهة بقصة أم معبد. قال الحاكم: فلا أدرى أهى هى أم غيرها؟ . فلما راحوا من قديد تعرض لهما سراقة بن مالك بن جعشم المدلجى، فدعا عليه النبىصلى الله عليه وسلم فساخت قوائم فرسه، فطلب الأمان فأطلق ورد من وراءه. وأقام على رضى الله عنه بعد مخرجه صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام، ثم أدركهم بقباء، وقد نزل صلى الله عليه وسلم على كلثوم بن الهدم ـ وقيل: سعد بن خيثمة ـ يوم الاثنين سابع، وقيل: ثامن عشر ربيع. وكان مدة مقامه هناك مع النبى صلى الله عليه وسلم ليلة أو ليلتين. وأمر صلى الله عليه وسلم بالتاريخ، فكتب من حين الهجرة. قال ابن الجزار: ويعرف بعام الأول. وقيل: إن عمر رضى الله عنه أول من أرخ وجعله من المحرم، وقيل: يعلى بن أمية: إذ كان باليمن. وقيل: بل أرخ بوفاته صلى الله عليه وسلم. وكان نزوله صلى الله عليه وسلم بقباء يوم الاثنين لثمان خلون من ربيع الأول وهو الرابع من برماه،

والعاشر من أيلول سنة تسعمائة وثلاثة وثلاثين لذى القرنين ويقال: لاثنتى عشرة ليلة خلت منه حين اشتد الضحى، ويقال: لهلال ربيع. ويقال فى أوله. فأقام بها أربع عشر ليلة، ويقال: خمسا، ويقال: أربعا، ويقال: ثلاثا، فيما ذكره الدولابى، ويقال: اثنتين وعشرين ليلة. وأسس به مسجدا، وهو أول مسجد أسس فى الإسلام. وفى كتاب ابن البرقى: قدمها ليلا، ثم خرج صلى الله عليه وسلم من قباء يوم الجمعة لاثنتى عشرة ليلة خلت من ربيع فى قول ابن الكلبى. وقال ابن الجوزى: لليلتين خلتا منه. وفيهما نظر. فجمع فى بنى سالم بن عوف ببطن الوادى. ثم قدم المدينة. فبركت ناقتهصلى الله عليه وسلم على باب مسجده ثلاث مرات، وهو يومئذ مربد لسهل وسهيل ابنى عمرو، يتيمين فى حجر أسعد بن زراة. ويقال معاذ بن عفراء، فاشتراه صلى الله عليه وسلم بعشرة دنانير. ونزل برحله صلى الله عليه وسلم على أبى أيوب لكونه من أخوال عبد المطلب فأقام صلى الله عليه وسلم عنده سبعة أشهر، وقيل: إلى صفر من السنة الثانية. وقال الدولابى: شهرا. فكان أول كلمة سمعت منه عليه الصلاة والسلام: «أفشو السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» (1). وكان بالمدينة أوثان يعبدها رجال، فأقبل حينئذ قومهم عليها فهدموها. وبعث النبىصلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة، وأبا رافع ببعيرين وخمسمائة درهم إلى مكة، فقدما بفاطمة، وأم كلثوم، وسودة بنت زمعة، وأسامة بن زيد، وأمة بركة، المكناة: أم أيمن رضى الله عنهم. وخرج عبد الله بن أبى بكر رضى الله عنهما معهم بعيال أبيه. وكان صلى الله عليه وسلم يصلى حيث أدركته الصلاة حتى بنى المسجد باللبن، وسقفه بالجريد، وجعل عمده خشب النخل، وجعل قبلته إلى بيت المقدس، وجعل له ثلاثة أبواب: بابا فى مؤخره، وبابا يقال له: باب الرحمة، والباب الذى يدخل منه. وكان صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذع فى المسجد. فلما اتخذ صلى الله عليه وسلم المنبر ثلاث درجات بينه وبين الحائط ممر الشاة: خار عند ذلك الجذع كالبقرة أو الناقة: فنزل صلى الله عليه وسلم واحتضنه حتى سكن، وقال: «لو لم ألتزمه لحن إلى يوم القيامة» (2).

_ (1) أخرجه الترمذى فى الأطعمة حديث رقم 1854، 1855، 2485، 2510، 2688، وابن ماجة فى سننه كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، حديث رقم 1334، 2251، 3252، وأحمد ابن حنبل فى المسند 6809. (2) حديث حنين الجزع أخرجه البخارى فى صحيحه، كتاب المناقب، باب علامات النبوة فى ـ

[الغزوات والسرايا]

وكانت المدينة أوبأ أرض الله بالحمى، فأصاب أصحابه رضى الله عنهم منها بلاء وسقم، فدعى بنقل ذلك الوباء إلى مهيعة، وهى الجحفة. وبعد مقدمه بخمسة أشهر، وقال أبو عمر: بثمانية: آخى صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، وكانوا تسعين رجلا من كل طائفة أربعون. وقيل: مائة على الحق والمواساة والتوارث. وكانوا كذلك إلى أن نزل بعد بدر: (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً) [الأحزاب: 6]. وكتب كتابا بين المهاجرين وادع فيه يهود، وعاهدهم وأقرهم على دينهم وأموالهم. واشترط عليهم، وشرط لهم صلى الله عليه وسلم. وبنى بعائشة رضى الله عنها على رأس تسعة أشهر. وقيل: ثمانية عشر شهرا فى شوال. وأرى عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه الأذان. وقيل: كان ذلك فى السنة الثانية. وبعد شهر من مقدمه صلى الله عليه وسلم المدينة زيد فى صلاة الحضر، لاثنى عشر خلت من ربيع الأول. قال الدولابى: يوم الثلاثاء. وقال السهيلى: بعد الهجرة بعام أو نحوه. وكانت الصلاة قبل الإسراء: صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروبها. قال الدولابى: وروى عن عائشة وأكثر الفقهاء: أن الصلاة نزلت بتمامها. [الغزوات والسرايا] [سرية حمزة إلى سيف البحر] (1) وعلى رأس سبعة أشهر عقد صلى الله عليه وسلم لعمه حمزة رضى الله عنه فى شهر رمضان لواء أبيض، وأمره على ثلاثين رجلا من المهاجرين. وقيل: ومن الأنصار. وقيل: فى ربيع الأول سنة اثنتين. وقيل: بعد انصرافه صلى الله عليه وسلم من الأبواء. وقيل: بعد ربيع الآخر يعترض عيرا

_ ـ الإسلام، والبيهقى فى الدلائل 2/ 557، 3/ 421، والترمذى فى سننه، كتاب صلاة الجمعة، باب ما جاء فى الخطبة على المنبر 2/ 379، وابن خزيمة فى صحيحه 776، والخطيب فى تاريخه 1/ 131، 4/ 131، والإمام أحمد فى المسند 4/ 303). (1) ما بين المعقوفتين إضافة ليست فى الأصل انظر: (تاريخ الطبرى 2/ 404، سيرة ابن هشام 2/ 55، طبقات ابن سعد 2/ 4، تاريخ الخميس 1/ 256، إمتاع الأسماع 1/ 66، المنتظم 3/ 80، البداية والنهاية 3/ 234).

[سرية عبيدة بن الحارث إلى بطن رابغ]

لقريش، فيها أبو جهل فى ثلاثمائة رجل، فبلغوا سيف البحر من ناحية العيص، فلما تصافوا حجز بينهم نجدى بن عمرو الجهنى. [سرية عبيدة بن الحارث إلى بطن رابغ] (1) ثم سرية عبيدة بن الحارث إلى بطن رابغ فى شوال، وتعرف: بودان، فى ستين رجلا تلقى أبا سفيان، وكان على المشركين. وقيل: مكرز بن حفص. وقيل: عكرمة ابن أبى جهل. ورمى فيها سعد بن أبى وقاص بسهم، فكان أول سهم رمى فى الإسلام. وأما ابن إسحاق: فيزعم أن هذه أول راية عقدت. قال: وإنما أشكل أمرهما؛ لأن النبى صلى الله عليه وسلم شيعهما جميعا. وذكر أبو عمر: أن أول راية عقدت لعبد الله بن جحش. [سرية سعد بن أبى وقاص إلى الخرار] (2) ثم سرية ابن أبى وقاص إلى الخرار: واد بالحجاز نصب فى الجحفة فى ذى القعدة فى عشرين رجلا. وقال أبو عمر: كانت بعد بدر. وقال ابن حزم نحوه. وقال: كانوا ثمانية يعترض عيرا لقريش، فخرجوا على أقدامهم فصبحوها صبح خامسة، فوجدوا العير قد مرت بالأمس. [غزوة الأبواء] (3) ثم غزوة الأبواء: جبل بين مكة والمدينة. ويقال لها: ودان، فى صفر سنة اثنتين يعترض عيرا لقريش، فغاب خمسة عشر يوما، ولم يلق صلى الله عليه وسلم كيدا. ووادع صلى الله عليه وسلم بنى ضمرة. [غزوة بواط] (4) ثم غزوة بواط: جبل لجهينة من ناحية رضوى بينه وبين المدينة أربعة برد فى ربيع

_ (1) انظر: (تاريخ الطبرى 2/ 404، سيرة ابن هشام 2/ 55، طبقات ابن سعد 2/ 4، تاريخ الخميس 1/ 257، إمتاع الأسماع 1/ 66، المنتظم 3/ 80، البداية والنهاية 3/ 234، الوفا). (2) انظر: (تاريخ الطبرى 2/ 403، سيرة ابن هشام 1/ 600، طبقات ابن سعد 2/ 4، تاريخ الخميس 1/ 258، إمتاع الأسماع 1/ 22، المنتظم 3/ 81، البداية والنهاية 3/ 234، الوفا). (3) انظر: (تاريخ الطبرى 2/ 407، سيرة ابن هشام 1/ 598، طبقات ابن سعد 2/ 5، تاريخ الخميس 1/ 263، إمتاع الأسماع 1/ 67، المنتظم 3/ 89، البداية والنهاية 3/ 246، الوفا 697). (4) انظر: (تاريخ الطبرى 3/ 407، سيرة ابن هشام 3/ 246، طبقات ابن سعد 2/ 5، تاريخ الخميس 1/ 363، إمتاع الأسماع 1/ 68، المنتظم 3/ 89، البداية والنهاية 3/ 246، الوفا 697).

[غزوة بدر الأولى

الأول. وقيل: الآخر، فى مائتين يعترض عيرا فيها أمية بن خلف، فرجع ولم يلق كيدا. [غزوة بدر الأولى (1)] ثم غزا صلى الله عليه وسلم فى ربيع الأول يطلب كرز بن جابر الفهرى لإغارته على سرح المدينة، حتى بلغ صفوان من ناحية بدر فلم يلحقه. وتسمى: بدر الأولى. وذكرها ابن إسحاق بعد العشيرة بليال. قال ابن حزم: بعشرة أيام. [غزوة ذات العشيرة (2)] ثم غزا صلى الله عليه وسلم ذات العشيرة، موضعا لبنى مدلج بناحية ينبع فى جمادى الآخرة. وقيل: الأولى، فى خمسين ومائة. وقيل: مائتى رجل، ومعهم ثلاثون بعيرا يعتقبونها يعترض عيرا لقريش ففاتته بأيام، ووادع صلى الله عليه وسلم بنى مدلج. ورجع ولم يلق كيدا. [سرية عبد الله بن جحش إلى نخلة] (3) ثم سرية أمير المؤمنين المخدع فى الله، عبد الله بن جحش رضى الله عنه، إلى نخلة على ليلة من مكة فى رجب فى اثنى عشر مهاجرا. ويقال: ثمانين يترصد قريشا، فمرت به عيرهم تحمل زبيبا وأدما من الطائف فيها عمرو بن الحضرمى، فتشاور المسلمون، وقالوا: نحن فى آخر يوم من رجب، فإن نحن قاتلناهم هتكنا حرمة الشهر، وإن تركناهم الليلة دخلوا حرم مكة. فأجمعوا على قتلهم، فقتلوا عمرا واستأسروا أسيرين، وهرب من هرب. واستاقوا العير، فكانت أول غنيمة فى الإسلام. فقسمها ابن جحش، وعزل الخمس وذلك قبل أن تفرض. ويقال: بل قدموا بالغنيمة كلها. فقال النبى صلى الله عليه وسلم: «ما أمرتكم بالقتال فى الشهر الحرام». فأخر أمر الأسيرين والغنيمة حتى رجع من بدر، فقسمها مع غنائمها. وتكلمت قريش: بأن محمدا سفك الدم، وأخذ المال فى الشهر الحرام، فأنزل الله

_ (1) انظر: (تاريخ الطبرى 2/ 407، سيرة ابن هشام 1/ 601 وسماها غزوة صفوان، طبقات ابن سعد 2/ 6 وسماها غزوة طلب كرز بن جابر الفهرى، تاريخ الخميس 1/ 365، إمتاع الأسماع 1/ 68، المنتظم 3/ 89، دلائل النبوة للبيهقى 3/ 8، الوفا 698). (2) ما بين المعقوفتين إضافة ليست فى الأصل. انظر: (تاريخ الطبرى 2/ 408، سيرة ابن هشام 1/ 598، طبقات ابن سعد 2/ 6، تاريخ الخميس 1/ 363، إمتاع الأسماع 1/ 68، المنتظم 3/ 90، البداية والنهاية 3/ 246، الوفا 698). (3) انظر: (تاريخ الطبرى 2/ 410، سيرة ابن هشام 1/ 601، طبقات ابن سعد 2/ 7، تاريخ الخميس 1/ 563، إمتاع الأسماع 1/ 69، المنتظم 3/ 91، البداية والنهاية 3/ 248، الوفا).

[غزوة بدر الكبرى]

تعالى: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) [البقرة: 7]. فلما كان يوم الثلاثاء، الظهر، نصف شعبان: حولت القبلة إلى الكعبة. وقيل يوم الاثنين بعد رجب. وفرض صيام رمضان. وزكاة الفطر قبل العيد بيومين. وقال ابن سعد: قبل فرض زكاة الأموال. وقيل: إن الزكاة فرضت فيها. وقيل: قبل الهجرة. [غزوة بدر الكبرى] (1) ثم غزا صلى الله عليه وسلم بدر الكبرى: وتسمى: العظمى، وتسمى: الثانية، وتسمى: بدر القتال. يتلقى عيرا لقريش فيها أبو سفيان بن حرب، يوم السبت لثنتى عشرة خلت من رمضان. ويقال: لثلاث خلون منه ومعه الأنصار. ولم يكن قبل ذلك خرجت معه وعدتهم ثلاثمائة وخمسين، وثمانية لم يحضروها، إنما ضرب بسهمهم وأجرهم فكانوا كمن حضرها. ويقال: كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر. ويقال: وتسعة عشر. ويقال: وخمسة عشر. ويقال: وثمانية عشر. ويقال: وأربعة عشر. ويقال: وستة عشر. معهم ثلاثة أفراس. وكان المشركون ألفا. ويقال: تسعمائة وخمسين رجلا، معهم مائة فرس وسبعمائة بعير. وكان قتالهم يوم الجمعة لسبع عشرة مضت من رمضان. وقيل: يوم الاثنين. وقيل: لإحدى عشرة بقيت أو لتسع عشرة خلت. ويقال: لاثنتى عشرة خلت ويقال: لثلاث خلون منه. واستشهد من المسلمين أربعة عشر رجلا. ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار. وقتل من المشركين سبعون، وأسر سبعون، وانهزم الباقون. وغنم صلى الله عليه وسلم متاعهم.

_ (1) انظر: (تاريخ الطبرى 2/ 421، سيرة ابن هشام 1/ 606، طبقات ابن سعد 2/ 8، تاريخ الخميس 1/ 368، إمتاع الأسماع 1/ 72، المنتظم 3/ 96، البداية والنهاية 3/ 256، الكامل لابن الأثير 2/ 14، دلائل النبوة 3/ 25، الوفا 698، السيرة النبوية الصحيحة 354).

سرية عمير

وأرسل زيد بن حارثة رضى الله عنه بشيرا. فوصل المدينة يوم الأحد ضحى، وقد نفضوا أيديهم من تراب رقية ابنته صلى الله عليه وسلم. وفودى بالأسرى بأربعة آلاف فما دونها. سرية عمير (1) ثم سرية عمير بن عدى الخطمى لخمس ليال بقين من رمضان إلى عصماء بنت مروان، زوج يزيد بن زيد الخطمى. وكانت تعيب الإسلام، وتؤذيه صلى الله عليه وسلم وتحرض عليه. فجاءها ليلا، وكان أعمى فبعج بطنها بالسيف. وأخبره صلى الله عليه وسلم بذلك، وقال: لا تنتطح فيها عنزان. وفى أول شوال صلى صلاة الفطر. غزوة بنى سليم (2) وفى أوله أيضا، ويقال: بعد بدر بتسعة أيام. ويقال: فى نصف المحرم سنة ثلاث. ويقال: لست خلون من جمادى الأولى من السنة المذكورة: خرج صلى الله عليه وسلم يريد بنى سليم، فبلغ ماء يقال له: الكدر. ويعرف: بغزوة قرقرة. ويقال: قرارة الكدر. ويقال: نجران. فأقام عليه ثلاثا. ويقال: عشرا، فلم يلق أحدا. ويقال: كانت غيبته خمس عشرة ليلة. وذكرها ابن سعد بعد غزوة السويق. سرية أبى عفك ثم سرية سالم بن عمير، فى شوال إلى أبى عفك اليهودى. وكان شيخا كبيرا يقول الشعر، ويحرض على النبى صلى الله عليه وسلم، فقتله. غزوة بنى قينقاع (3) ثم غزوة بنى قينقاع ـ بطن من يهود المدينة، لهم شجاعة وصبر ـ وكانوا حلفاء عبد الله بن أبى، وأول يهود نقضوا العهد وأظهروا البغى والحسد يوم السبت نصف شوال، فحاصرهم خمس عشرة ليلة إلى هلال ذى القعدة. فقذف الله فى قلوبهم

_ (1) انظر: (طبقات ابن سعد 2/ 20، وسماها سرية عمير بن عدى، تاريخ الخميس 1/ 406، إمتاع الأسماع 1/ 100، المنتظم 3/ 135). (2) انظر: (المغازى للواقدى 1/ 196، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 24، تاريخ الطبرى 20/ 487، ابن سيرة هشام 2/ 445، ابن حزم 153، عيون الأثر 1/ 363، البداية والنهاية 4/ 3، دلائل النبوة 3/ 172، النويرى 17/ 79، السيرة الحلبية 2/ 280). (3) انظر: (تاريخ الطبرى 2/ 479 ـ 480، مغازى الواقدى 1/ 176، السيرة النبوية الصحيحة 299).

غزوة السويق

الرعب، ونزلوا على حكمه صلى الله عليه وسلم، وأن له أموالهم ولهم النساء والذرية فلحقوا بأذرعات، فما كان أقل بقائهم بها. وأخذ من حصنهم سلاحا، وآلة كثيرة. قال الحاكم: هذه وبنى النضير واحدة، وربما اشتبها على من لا يتأمل. غزوة السويق (1) ثم غزوة السويق؛ لأنه كان أكثر زاد المشركين، وغنمه منهم المسلمون يوم الأحد لخمس خلون من ذى الحجة. وقال ابن إسحاق فى صفر، يطلب أبا سفيان فى ثمانين راكبا، لحلفه: أن لا يمس النساء والدهن حتى يغزو محمدا. فخرج فى مائتى راكب، وقيل: أربعين، حتى أتى العريض ـ ناحية من المدينة على ثلاثة أميال ـ فحرق نخلا، وقتل رجلا من الأنصار وأجيرا له، ورأى أن يمينه قد حلت، ففاته ورجع صلى الله عليه وسلم بعد غيبته خمسة أيام. ثم سرية [ ............. ] (2) وفى ذى الحجة صلى صلاة العيد وأمر بالأضحية. سرية كعب بن الأشرف (3) ثم سرية محمد بن سلمة، وأربعة معه إلى كعب بن الأشرف النضيرى. ويقال: النبهانى الشاعر، لأربع عشرة ليلة مضت من ربيع الأول، وكان يؤذى النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه. فقتله الله فى داره ليلا. فأصاب الحارث بن أوس ليلتئذ جراحة، فتفل عليها النبى صلى الله عليه وسلم فلم تؤذه بعد. وخافت عند ذلك يهود.

_ (1) انظر: (المغازى للواقدى 1/ 181، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 20، تاريخ الطبرى 2/ 483، الكامل لابن الأثير 2/ 36، الاكتفا 2/ 77، البداية والنهاية 3/ 344، ابن سيد الناس 1/ 296، دلائل النبوة 3/ 164، الدرر 139، ابن حزم 152، عيون الأثر 1/ 354، النويرى 17/ 70، السيرة الحلبية 2/ 277، السيرة النبوية الصحيحة 374). (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (3) انظر: (المغازى للواقدى 1/ 184، طبقات ابن سعد 1/ 2 / 21، تاريخ الطبرى 2/ 487، سيرة ابن هشام 2/ 51، الكامل لابن الأثير 2/ 38، الاكتفا 2/ 82، البداية والنهاية 4/ 5، دلائل النبوة 3/ 187، المحبر لابن حبيب 282، الدرر فى اختصار المغازى والسير 142، ابن حزم 154، عيون الأثر 1/ 356، النويرى 17/ 72).

غزوة غطفان

غزوة غطفان (1) ثم غزا صلى الله عليه وسلم غطفان إلى نجد لثنتى عشرة مضت من ربيع الأول فى أربعمائة وخمسين فارسا. قال ابن إسحاق: فى صفر، وهى غزوة ذات آمر، وسماها الحاكم: غزوة أنمار. وفيها أراد دعثور بن الحارث المحاربى: الفتك به صلى الله عليه وسلم، فمنعه الله منه، ووقع السيف من يده، فأخذه النبى صلى الله عليه وسلم، فأسلم دعثور. وقيل: كان ذلك فى ذات الرقاع. والله أعلم. ثم رجع النبى صلى الله عليه وسلم بعد غيبته إحدى عشرة ليلة، ولم يلق كيدا. سرية القردة (2) ثم سرية زيد بن حارثة: فى مائة راكب إلى القردة. ويقال: بألف ـ ماء من مياه نجد، بها مات زيد الخيل لهلال جمادى الآخرة. ذكرها ابن إسحاق قبل قتل ابن الأشرف ـ يعترض عيرا لقريش فيها صفوان بن أمية فأصابوها، فبلغ خمسة وعشرين ألف درهم وأسر فرات ابن حيان، فأسلم. وتزوج صلى الله عليه وسلم حفصة بنت عمر رضى الله عنهما فى شعبان. وقال ابن عبيدة: سنة اثنتين. ويقال: بعد أحد؛ لأن زوجها خنيس بن حذافة شهد أحدا، ومات فى تلك الأيام من جراحه. وتزوج صلى الله عليه وسلم زينب بنت خزيمة أم المساكين فى رمضان قبل أحد بشهر. غزوة أحد (3) ثم غزوة أحد: جبل بالمدينة على أقل من فرسخ منها، به قبر هارون عليه السلام. ويقال له: ذو عينين، يوم السبت لسبع ليال خلون من شوال.

_ (1) انظر: (المغازى للواقدى 1/ 193، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 23، تاريخ الطبرى 2/ 487، سيرة ابن هشام 2/ 45، الكامل لابن الأثير 2/ 38، الاكتفا 2/ 78، دلائل النبوة 3/ 167، البداية والنهاية 4/ 2، النويرى 17/ 77، السيرة الحلبية 2/ 279، عيون الأثر 1/ 362). (2) انظر: (المغازى للواقدى 1/ 197، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 24، تاريخ الطبرى 2/ 492، الاكتفا 2/ 81، سيرة ابن هشام 2/ 50، البداية والنهاية 4/ 5، السيرة النبوية الصحيحة 375). (3) انظر: (المغازى للواقدى 1/ 199، طبقات ابن سعد 1/ 2 / 25، تاريخ الطبرى 2/ 499، الكامل 2/ 44، البداية والنهاية 4/ 9، الاكتفا 2/ 87، سيرة ابن هشام 2/ 60، دلائل للبيهقى 3/ 201، الأغانى 15/ 179 ـ 207، السيرة الشامية 4/ 271، والمنتظم، لابن الجوزى 3/ 161 ـ 172، السيرة النبوية الصحيحة 378).

غزوة حمراء الأسد

ويقال: لإحدى عشرة ليلة خلت منه. ويقال: للنصف منه. قال مالك: كانت بعد بدر بسنة. وعنه: كانت على أحد وثلاثين شهرا من الهجرة. وذلك أن قريشا تجمعت لقتاله صلى الله عليه وسلم فى ثلاثة آلاف رجل منهم، فمنهم: سبعمائة دارع، ومائتا فارس، وثلاثة آلاف بعير، وخمس عشرة امرأة. والمسلمون ألف رجل. ويقال: تسعمائة. فانخزل ابن أبى فى ثلاثمائة. ويقال: إن النبى صلى الله عليه وسلم أمرهم بالانصراف لكفرهم، بمكان يقال له: الشوط. ويقال: بأحد عند التصاف. وقال النبى صلى الله عليه وسلم للرماة: «لا تتغيروا من مكانكم» فلما تغيروا هزموا. وقتل من المسلمين سبعون، منهم: حمزة رضى الله عنه بحربة وحشى. وأسر سبعون. ويقال: خمسة وستون. وأصيب صلى الله عليه وسلم، وشج جبينه وكسرت رباعيته إلى غير ذلك مما أصابه صلى الله عليه وسلم، ولم يثبت معه صلى الله عليه وسلم يومئذ إلا أربعة عشر رجلا. وقتل صلى الله عليه وسلم بيده أبى بن خلف. وصلى الظهر يومئذ قاعدا. وانقطع سيف عبد الله بن جحش يومئذ فأعطاه النبى صلى الله عليه وسلم عرجونا فصار فى يده سيفا، ولم يتناول حتى اشتراه بغا التركى. وكذا جرى لعكاشة وسلمة بن أسلمة فى بدر. وقتل من المشركين ثلاثة. ويقال: اثنين وعشرين رجلا. وكان صلى الله عليه وسلم قد رد جماعة من المسلمين لصغرهم. وصلى صلى الله عليه وسلم على حمزة والشهداء من غير غسل. وهذا إجماع إلا ما شذ به بعض التابعين. ويقال: بل غسلوا. وفى الكامل لأبى عدى: أمرهم النبى صلى الله عليه وسلم بذلك. ورجع النبى صلى الله عليه وسلم فى يومه آخر النهار. غزوة حمراء الأسد (1) ثم غزا صلى الله عليه وسلم حمراء الأسد. وهى ثلاثة أميال من المدينة عن يسار الطريق إذا أردت ذا الحليفة لطلب عدوهم بالأمس. ونادى صلى الله عليه وسلم أن لا يخرج إلا من شهدا أحدا. فأقام بها يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء، ودخل المدينة يوم الجمعة. وقد غاب خمسا.

_ (1) انظر: (المغازى للواقدى 1/ 334، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 34، تاريخ الطبرى 2/ 534، الكامل 2/ 57، الاكتفا 2/ 112، البداية والنهاية 4/ 48، سيرة ابن هشام 3/ 44، دلائل النبوة 30/ 312، ابن حزم 175، عيون الأثر 2/ 52، النويرى 17/ 126، السيرة الحلبية 2/ 336، السيرة الشامية 4/ 438).

سرية قطن

وحرمت الخمر فى شوال، ويقال: سنة أربع. سرية قطن ثم سرية أبى سلمة عبد الله بن عبد الأسد، هلال المحرم إلى قطن ـ جبل بناحية فيد. وقيل: ماء من مياه بنى أسيد بنجد ـ معه مائة وخمسون رجلا لطلب طليحة، وسلمة ابنى خويلد الأسديين فلم يجدوهما، ووجدوا إبلا وشاء ولم يلقوا كيدا. قال أبو عبيد البكرى: وقتل بها عروة بن مسعود. سرية عرنة ثم سرية عبد الله بن أنيس وحده إلى سفيان بن خالد الهذلى بعرنة، وهو وادى عرفة يوم الاثنين لخمس خلون من المحرم؛ لأنه بلغه صلى الله عليه وسلم أنه يجمع لحربه. فقال له عبد الله: جئتك لأكون معك. ثم اغتره فقتله، وغاب ثمان عشرة ليلة. وقدم يوم السبت لسبع بقين منه. سرية بئر معونة (1) ثم سرية المنذر بن عمرو إلى بئر معونة لبنى عامر بن صعصعة. وقيل: قرب حرة بنى سليم فى صفر على رأس ستة ثلاثين شهرا من الهجرة. وقيل: أربعون معه القراء وهم سبعون. وقيل: أربعون. وقيل: ثلاثون، أرسلهم مع أبى براء ملاعب الأسنة ليدعوا أهل نجد إلى الإسلام. فخرج عليهم عامر بن الطفيل بجمع من بنى عامر ورعل وذكوان وعصية، فقتلوهم من عند آخرهم، إلا كعب بن زيد وعمرو بن أمية الضمرى، فكان عليه السلام يدعو عليهم فى صلاته حينا. غزوة الرجيع (2) ثم سرية مرثد بن أبى مرثد الغنوى إلى الرجيع ـ ماء لهذيل بين مكة وعسفان بناحية الحجاز ـ فى صفر. وعدتهم: عشرة. ويقال: ستة.

_ (1) انظر: (المغازى للواقدى 1/ 346، تاريخ الطبرى 2/ 545، سيرة ابن هشام 2/ 183، الكامل 2/ 63، الاكتفا 2/ 142، البداية والنهاية 4/ 71، دلائل النبوة 3/ 338، النويرى 17/ 130، عيون الأثر 2/ 61، الطبقات الكبرى 2/ 1 / 39، المنتظم، لابن الجوزى 3/ 198 ـ 200). (2) انظر: (المغازى للواقدى 1/ 354، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 29، تاريخ الطبرى 2/ 238، سيرة ابن هشام 2/ 169، الكامل 2/ 59، الاكتفا 2/ 134، البداية والنهاية 4/ 62، دلائل النبوة 3/ 323، صحيح البخارى 4/ 67، ابن حزم 176، عيون الأثر 2/ 56، النويرى 17/ 133، الأغانى 4/ 225).

غزوة بنى النضير

وذلك أن رهطا من عضل والقارة سألوا النبى صلى الله عليه وسلم أن يرسل معهم من يعلمهم شرائع الإسلام. فلما كانوا بين عسفان ومكة غدروا بهم فقتلوهم إلا خبيب بن عدى، وزيد ابن الدثنة، فإنهم أسروهما وباعوهما فى مكة، فقتلا بها. وصلى خبيب قبل قتله ركعتين. فكان أول من سنهما. وقيل: بل أسامة بن زيد حين أراد المكرى الغدر به. قلت: روى ابن عبد البر فى الاستيعاب بسنده إلى الليث بن سعد قال: بلغنى أن زيد ابن حارثة اكترى من رجل بغلا من الطائف، فاشترط عليه المكرى أن ينزله حيث شاء، قال: فمال به إلى خربة، فقال: أنزل، فإذا فى الخربة قتلى كثيرة، قال: فلما أراد أن يقتله، قال له: دعنى أصلى ركعتين، قال: صل، فقد صلاهما قبلك هؤلاء فلم تنفعهم صلاتهم شيئا. انتهى. وفى الخبر: أنه نجا بعد أن قال: يا أرحم الراحمين ثلاث مرات. وليس فيه ذكر لأسامة، فتكون القصة لأبيه، ولا يعرف لأسامة فى هذا قصة. والله أعلم. غزوة بنى النضير (1) ثم غزوة بنى النضير: فى ربيع الأول سنة أربع وجعلها ابن إسحاق بعد بئر معونة، والزهرى بعد بدر بستة أشهر. فحاصرهم خمسة عشر يوما. وقيل: ستة أيام؛ لأنهم نقضوا عهده وأرادوا قتله. فخرب وحرق، وقذف الله فى قلوبهم الرعب. فأجلاهم إلى خيبر. غزوة بدر الصغرى (2) ثم غزوة بدر الموعد، وهى الصغرى هلال ذى القعدة. ويقال: فى شعبان بعد ذات الرقاع. وذلك: أن أبا سفيان قال يوم أحد: الموعد بيننا وبينكم بدر رأس الحول. فقال النبىصلى الله عليه وسلم: نعم.

_ (1) انظر: (المغازى للواقدى 1/ 363، طبقات ابن سعد 1/ 2 / 40، سيرة ابن هشام 2/ 190، تاريخ الطبرى 2/ 550، الكامل 2/ 64، الاكتفا 2/ 146، عيون الأثر 2/ 61، البداية والنهاية 4/ 74، النويرى 17/ 137، السيرة الحلبية 2/ 344، السيرة الشامية 4/ 9، دلائل النبوة للبيهقى 3/ 176، 354، المنتظم، لابن الجوزى 3/ 203). (2) انظر: (المغازى للواقدى 1/ 384، طبقات ابن سعد 1/ 2 / 42، تاريخ الطبرى 2/ 559، سيرة ابن هشام 2/ 209، الكامل 2/ 68، الاكتفا 2/ 155، البداية والنهاية 4/ 78، أنساب الأشراف 1/ 163، ابن حزم 184، عيون الأثر 2/ 74، السيرة الحلبية 2/ 360، السيرة الشامية 4/ 478، دلائل النبوة 3/ 384، السيرة النبوية الصحيحة 401).

غزوة ذات الرقاع

فخرج ومعه ألف وخمسمائة وعشرة أفراس، فأقاموا بها ثمانية أيام، وباعوا ما معهم من التجارة، فربحوا الردهم درهمين. وخرج أبو سفيان ومعه ألفان حتى إذا انتهى إلى مر الظهران. وقيل: عسفان رجع؛ لأنه كان عام جدب، فأنزل الله تعالى فى المؤمنين فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) [آل عمران: 174]. غزوة ذات الرقاع (1) ثم غزوة ذات الرقاع وسميت بذلك: لأنهم رقعوا راياتهم. وقيل: شجرة تعرف بذات الرقاع. وقيل: بجبل أرضه متلونة. وفى البخارى: لأنهم لفوا على أرجلهم الخرق لما نقبت. قال الداودى: لأن صلاة الخوف كانت فيها. فسميت بذلك لترقيع الصلاة فيها. وكانت الغزوة فى المحرم يوم السبت لعشر خلون منه. وقيل سنة خمس. وقيل: فى جمادى الأولى سنة أربع. وذكرها البخارى بعد غزوة خيبر مستدلا بحضور أبى موسى الأشعرى فيها. وفى ذلك نظر، لإجماع أهل السير على خلافه. ويقال: قبل بدر الموعد. وقيل: فى ربيع الأول. وذلك: أن النبى صلى الله عليه وسلم بلغه أن أنمار بن ثعلبة قد جمع الجموع فخرج فى أربعمائة. وقيل: سبعمائة. فوجد أعرابا هربوا فى الجبال ونسوة فأخذهن وغاب خمسة عشر يوما. غزوة دومة الجندل (2) ثم غزوة دومة الجندل ـ مدينة بينها وبين دمشق خمس ليال، وبعدها من المدينة: خمس أو ست عشرة ليلة ـ سميت بدومة بن إسماعيل، لخمس ليال بقين من ربيع الأول،

_ (1) انظر: (المغازى للواقدى 1/ 395، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 43، سيرة ابن هشام 2/ 203، تاريخ الطبرى 2/ 55، الاكتفا 2/ 152، الكامل 2/ 66، دلائل النبوة للبيهقى 3/ 369، أنساب الأشراف 1/ 163، عيون الأثر 2/ 72، البداية والنهاية 4/ 83، السيرة الحلبية 2/ 353، النويرى 17/ 158، المنتظم 3/ 214، 215). (2) انظر: (المغازى للواقدى 1/ 402، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 44، تاريخ الطبرى 2/ 564، البداية والنهاية 4/ 92، دلائل النبوة للبيهقى 3/ 389، أنساب الأشراف 1/ 164، عيون الأثر 2/ 75، النويرى 17/ 162، السيرة الحلبية 2/ 362، السيرة الشامية 4/ 484، المنتظم، لابن الجوزى 3/ 215).

غزوة المريسيع

لما بلغه صلى الله عليه وسلم أن بها جمعا كبيرا يظلمون الناس فلم يجد بها إلا نعما وشاه، فأصاب منهم، وأقام بها أياما، وبث السرايا فرجعوا، ولم يصب منهم أحد. ووادع صلى الله عليه وسلم عيينة بن حصن الفزارى. وكان دخوله المدينة فى العشرين من ربيع الآخر. وماتت أم عائشة، رضى الله عنها. وفى ليال بقين من شوال تزوج صلى الله عليه وسلم أم سلمة هند ابنة أبى أمية بن المغيرة. ويقال: تزوجها سنة اثنتين بعد بدر. ويقال: قبل بدر. وفى ذى القعدة من هذه السنة تزوج ابنة عمته زينب بنت جحش. ويقال: تزوجها سنة ثلاث، ويقال: سنة خمس. قلت: جزم شيخنا العراقى بأنه تزوجها سنة ثلاث مع زينب بنت خزيمة. والله أعلم. انتهى. ونزلت آية الحجاب. وفى هذه السنة: أمر زيد بن ثابت بتعليم كتاب اليهود، ورجم اليهودى واليهودية. وفى جمادى الآخرة: خسف القمر وصلى صلى الله عليه وسلم صلاة الخسوف وزلزلت المدينة. وسابق بين الخيل. وقيل فى سنة ست وجعل بينهما سبقا ومحللا. غزوة المريسيع (1) ثم غزوة المريسيع، ماء لخزاعة بينه وبين الفرع نحو من يوم، وبين الفرع والمدينة نحو ثمانية برد. ويقال لها: غزوة بنى المصطلق، وهم بنو جذيمة بن سعد بطن من خزاعة يوم الاثنين لليلتين خلتا من شعبان سنة خمس. وقال البخارى: كانت سنة ست. وقال عقبة: كانت سنة أربع. وكان الحارث بن أبى ضرار، وكان معه صلى الله عليه وسلم بشر كثير، ومعهم ثلاثون فرسا، وأم سلمة وعكاشة، وتكلم أهل الإفك، وأسر من الكفار جمع عظيم.

_ (1) انظر: (المغازى للواقدى 1/ 404، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 45، سيرة ابن هشام 2/ 289، تاريخ الطبرى 2/ 593، الكامل 2/ 81، الاكتفا 2/ 217، البداية والنهاية 4/ 156، السيرة النبوية الصحيحة 404).

غزوة الخندق

وتزوج جويرية بنت الحارث رئيسهم حين جاءته تستعينه فى كتابتها، فأعتق الناس ما بأيديهم من الأسرى بمكان جويرية. وكانت غيبته صلى الله عليه وسلم ثمانين وعشرون يوما. غزوة الخندق (1) ثم غزوة الخندق. وتسمى الأحزاب: فى ذى القعدة. وقال ابن عقبة: فى شوال سنة أربع. وقال ابن إسحاق: فى شوال سنة خمس. وذكرها البخارى قبل غزوة ذات الرقاع. وكان المشركون عشرة آلاف عليهم الحارث بن عوف النضرى، والمسلمون ثلاثة آلاف. وحفر النبى صلى الله عليه وسلم الخندق فى ستة أيام بمشورة سلمان. وتداعوا إلى البراز وأقاموا على ذلك بضع عشرة ليلة، فمشى نعيم بن مسعود الأشجعى إلى الكفار ـ وهو مخف إسلامه ـ فثبط قوما عن قوم، وأوقع بينهم شرّا لقول النبى صلى الله عليه وسلم له: «الحرب خدعة». وأرسل الله تعالى ريحا هزمهم بها. وأقام صلى الله عليه وسلم بالخندق خمسة عشر يوما، وقيل: أربعا وعشرين يوما. وفرغ منه لسبع ليال بقين من ذى القعدة. وقال: «لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا» ودخل المدينة يوم الأربعاء. غزوة بنى قريظة (2) ولما انصرف ووضع السلاح جاءه جبريل عليه السلام الظهر. فقال: إن الملائكة ما وضعت السلاح بعد، إن الله تعالى يأمرك أن تسير إلى بنى قريظة، فإنى عامد إليهم

_ (1) انظر: (المغازى للواقدى 2/ 440، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 47، سيرة ابن هشام 2/ 214، إمتاع الأسماع 1/ 217، الاكتفا 2/ 158، تاريخ الطبرى 2/ 564، الكامل 2/ 70، البداية والنهاية 4/ 92، أنساب الأشراف 1/ 165، عيون الأثر 2/ 76، النويرى 17/ 166، السيرة الحلبية 2/ 401، السيرة الشامية 4/ 512، دلائل النبوة 13/ 392، المنتظم 3/ 227 ـ 238، السيرة النبوية الصحيحة 418). (2) انظر: (المغازى للواقدى 2/ 496، طبقات بن سعد 2/ 1 / 53، سيرة ابن هشام 2/ 233، تاريخ الطبرى 2/ 581، الاكتفا 2/ 176، البداية والنهاية 4/ 116، الكامل 2/ 75، المنتظم 3/ 238 ـ 240).

سرية القرطاء

فمزلزل بهم فحاصرهم خمسة عشر يوما: وقيل: خمسا وعشرين، ونزلوا على حكم النبىصلى الله عليه وسلم. فحكم فيهم سعد بن معاذ وكان ضعيفا. فحكم بقتل الرجال، وقسم الأموال، وسبى الذرارى والنساء. فقال عليه السلام: «لقد حكمت فيهم بحكم الملك». وفرغ منهم يوم الخميس لخمس ليال خلون من ذى الحجة، واصطفى لنفسه منهم ريحانة فتزوجها. وقيل: كان يطؤها بملك اليمن. وفى هذه السنة فرض الحج. وقيل: سنة ست. وقيل: سنة سبع، وقيل: سنة ثمان. ورجحه جماعة من العلماء. وقيل: غير ذلك. سرية القرطاء ثم سرية محمد بن مسلمة فى ثلاثين راكبا إلى القرطاء من بنى أبى بكر بن كلاب بناحية ضرية بالبكرات، على سبع ليال من المدينة، لعشر ليال خلون من المحرم سنة ست، ويقال: على رأس تسعة وخمسين شهرا من الهجرة. فلما أغار عليهم هرب سائرهم، وغنم منهم غنائم. وقدم المدينة لليلة بقيت من المحرم، ومعه ثمامة بن أثال الحنفى أسيرا. وكانت غيبته تسع عشرة ليلة. غزوة بنى لحيان (1) ثم غزوة بنى لحيان فى مائة رجل فى ربيع الأول. وذكرها ابن إسحاق فى جمادى الأولى على رأس ستة أشهر من قريظة. قال ابن حزم: الصحيح أنها فى الخامسة، حتى انتهى إلى غران ـ واد بين أمج وعسفان ـ وهناك أصيب أهل الرجيع، فرحم عليهم. وسمعت به صلى الله عليه وسلم بنو لحيان فهربوا فلم يقدر منهم على أحد. فأقام يوما أو يومين يبعث السرايا فى كل ناحية، فأتى عسفان فبعثصلى الله عليه وسلم أبا بكر إلى كراع الغمة، فلم يلق أحدا فانصرف إلى المدينة. وقد غاب تسع عشرة ليلة، وهو يقول: «آيبون تائبون، لربنا حامدون». غزوة الغابة (2) ثم غزوة الغابة، وتعرف بذى قرد، ماء على بريد من المدينة فى ربيع الأول.

_ (1) انظر: (السيرة النبوية لابن هشام 2/ 279، الطبقات الكبرى لابن سعد 2/ 78، والبداية والنهاية 3/ 156، زاد المعاد 3/ 202). (2) انظر: (السيرة النبوية لابن هشام 2/ 281 ـ 289، طبقات ابن سعد 2/ 80 ـ 84، البداية والنهاية 3/ 286 ـ 296 زاد المعاد 3/ 203).

سرية غمر مرزوق

وقال أبو عمر: بعد بنى لحيان بليال. فأغار على المدينة عيينة بن حصن الفزارى ليلة الأربعاء فى أربعين فارسا، فاستاق نعما. وقتل ابن أبى ذر وآخر من غفار وسبوا امرأته. وقال البخارى: كانت قبل خيبر بثلاثة أيام. وفى مسلم نحوه. وفى ذلك نظر لإجماع أهل السير على خلافهما. فخرج عليه السلام فى خمسمائة. وقيل: سبعمائة. وخلف صلى الله عليه وسلم سعد بن عبادة فى ثلاثمائة يحرسون المدينة. وصلى صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف. وأقام يوما وليلة. ورجع وقد غاب خمس ليال. سرية غمر مرزوق (1) ثم سرية عكاشة بن محصن إلى غمر مرزوق، ماء لبنى أسد على ليلتين من فيد فى ربيع الأول ومعه أربعون رجلا. فغنم ولم يلحق كيدا. سرية ذى القصة (2) ثم سرية محمد بن مسلمة إلى ذى القصة موضع بينه وبين المدينة أربعة وعشرون ميلا فى ربيع الأول، ومعه عشرة إلى بنى ثعلبة، وكانوا مائة، فقتلوهم إلا ابن مسلمة. فبعث النبى صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح فى ربيع الآخر. ومعه أربعون رجلا إلى مصارعهم فوجد هناك رجلا أسلم حين أسر ونعما وشاء فغنموه. سرية بنى سليم (3) ثم سرية زيد بن حارثة إلى بنى سليم بالجموم. ويقال: بالجموح ـ ناحية ببطن نخل ـ من المدينة على أربعة أميال فى ربيع الآخر. فغنموا نعما وشاء. ثم أرسله أيضا إلى العيص على أربعة أميال من المدينة فى جمادى الأولى، ومعه

_ (1) انظر: (المغازى للواقدى 2/ 550، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 61، تاريخ الطبرى 2/ 640، الكامل 2/ 92، البداية والنهاية 4/ 178). (2) انظر: (المغازى للواقدى 2/ 551، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 61، 62، تاريخ الطبرى 2/ 641، الكامل 2/ 92، البداية والنهاية 4/ 178). (3) انظر: (طبقات ابن سعد 2/ 1 / 62، تاريخ الطبرى 2/ 641، الكامل 2/ 92، البداية والنهاية 4/ 178، المنتظم 3/ 256).

سرية دومة الجندل

سبعون راكبا يعترض عيرا لصفوان بن أمية فأسر منهم ناسا، منهم: أبو العاص بن الربيع فأجازته زوجته زينب ابنة النبى صلى الله عليه وسلم. ورد عليه ما أخذه. وذكر ابن عقبة: أن أسره كان على يد أبى نصير بعد الحديبية. وقد تقدم. ثم أرسله إلى الطرف ماء على ستة وثلاثين ميلا من المدينة فى جمادى الآخرة. ومعه خمسة عشر رجلا إلى بنى ثعلبة. فأصاب نعما وشاء. ثم أرسله أيضا إلى حسمى ـ وراء ذات القرى ـ فى جمادى الآخرة، ومعه خمسمائة رجل إلى قوم من جذام قطعوا على دحية بن خليفة الطريق. فقتل فيهم زيد قتلا ذريعا، وأصاب مغانم كثيرة. فرحل زيد بن رفاعة الجذامى إلى النبى صلى الله عليه وسلم فذكره بكتابه الذى كان كتبه لقومه. فرد النبى صلى الله عليه وسلم ما أخذ زيد كله عليهم. ثم أرسله إلى وادى القرى فى رجب فقتل من المسلمين قتلى وارتث زيد. سرية دومة الجندل ثم سرية عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل فى شعبان يدعو أهلها إلى الإسلام فأسلم أناس كثير، منهم: الأصبغ بن عمرو الكلبى وكان نصرانيا، فتزوج ابنته تماضر، فولدت له أبا سلمة ومن لم يسلم ضرب عليه الجزية. سرية بنى سعد (1) ثم سرية على بن أبى طالب رضى الله عنه فى شعبان، ومعه مائة رجل إلى بنى سعد ابن بكر بفدك لتجمعهم لإمداد اليهود. فغنم نعما وشاء. سرية أم قرمة (2) ثم سرية زيد بن حارثة إلى أم قرمة فاطمة بنت ربيعة بن بدر الفزارية بناحية وادى القرى على سبع ليال من المدينة فى رمضان، فأخذها فربطها بين بعيرين حتى ماتت. وفى مسلم: كان أمير هذه السرية أبو بكر رضى الله عنه.

_ (1) انظر: (المغازى للواقدى 2/ 562، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 65، تاريخ الطبرى 2/ 642، الكامل 2/ 93، البداية والنهاية 4/ 178). (2) وهى فى المنتظم: «أم قرفة». انظر: (المنتظم 3/ 260، المغازى للواقدى 2/ 1 / 65، تاريخ الطبرى 2/ 642، الكامل 2/ 94).

سرية ابن أبى الحقيق

سرية ابن أبى الحقيق (1) ثم سرية عبد الله بن عتيك لقتل أبى رافع عبد الله. ويقال: سلام بن أبى الحقيق فى رمضان. وقيل: فى ذى الحجة سنة خمس. وقيل: فى جمادى الآخرة سنة ثلاث. وقال الزهرى: بعد قتل ابن الأشرف. ومعه أربعة منهم: عبد الله بن عتبة فيما ذكره البخارى. قيل: فيه نظر. وصوابه عبد الله بن أنيس. فقتلوه فى داره ليلا بخيبر. ويقال: بحصنه بالحجاز. سرية ابن رزام (2) ثم سرية عبد الله بن رواحة فى ثلاثين رجلا إلى أسير بن رزام اليهودى بخيبر فى شوال؛ لأنه سار فى غطفان لجمعهم لحرب النبى صلى الله عليه وسلم. فقتل وقتل معه نحو ثلاثون. سرية العرنيين (3) ثم سرية كرز بن جابر فى عشرين رجلا، ويقال: جرير بن عبد الله البجلى وفيه نظر؛ لأن إسلام جرير كان بعد هذا بنحو أربع سنين. وقال ابن قتيبة: كان أميرهم سعيد بن زيد، فى شوال إلى العرنيين الذين قتلوا يسار راعى النبى صلى الله عليه وسلم واستاقوا اللقاح، فأتى بهم ـ بعد قربهم من بلادهم ـ فقطع أيديهم وسبل أعينهم. وكانوا ثمانية. ويقال: سبعة. فأنزل الله تعالى: (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً) ـ الآية [المائدة: 33]. سرية أبى سفيان (4) ثم سرية عمرو بن أمية الضمرى، ومعه سلمة بن أسلم. ويقال: جبار بن صخر إلى أبى سفيان ليغتراه فيقتلاه، بفعله مثل ذلك مع النبى صلى الله عليه وسلم قبل. وفطن بعمرو فهرب وقتل فى طريقه أربعة رجال.

_ (1) انظر: (المنتظم 3/ 261، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 66). (2) وهى فى المنتظم: «زرام». انظر: (المنتظم 3/ 262، مغازى الواقدى 2/ 566، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 66). (3) انظر: (المنتظم 3/ 263، المغازى للواقدى 2/ 568، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 67، تاريخ الطبرى 2/ 644، الكامل 2/ 94). (4) انظر: (المنتظم 3/ 265، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 68، تاريخ الطبرى 2/ 542، الكامل 2/ 60، البداية والنهاية 4/ 69، السيرة 2/ 633 ـ 635).

غزوة الحديبية

غزوة الحديبية (1) ثم غزوة الحديبية على مقربة من مكة يوم الاثنين هلال ذى القعدة فى ألف وأربعمائة ويقال: خمسمائة وخمسة وعشرون رجلا. ويقال: ثلاثمائة. ويقال: ستمائة. وبعث عثمان بن عفان رضى الله عنه إلى مكة رسولا ليعرفهم أن النبىصلى الله عليه وسلم لم يأت إلا للزيارة. فاحتبسته قريش عندها. فبلغ النبى صلى الله عليه وسلم أن عثمان رضى الله عنه قد قتل. فدعا الناس إلى بيعة الرضوان تحت الشجرة على الموت، وقيل: على أن لا يفروا. وجاء سهيل بن عمرو فوادع النبى صلى الله عليه وسلم على صلح عشرة أعوام، وأن لا يدخل البيت إلا العام القابل. ويقال: إنه كتب هذه الموادعة بيده. وحلق النبى صلى الله عليه وسلم هناك والناس، فأرسل الله تعالى ريحا حملت شعورهم فألقتها فى الحرم. وأقام بالحديبية بضعة عشر يوما. وقيل: عشرون يوما ثم قفل. فلما كان بين مكة والمدينة نزلت سورة الفتح. غزوة خيبر (2) ثم غزوة خيبر وبينها وبين المدينة ثمانية برد فى جمادى الأولى سنة سبع. قال ابن إسحاق: وأقام بعد الحديبية ذا الحجة وبعض المحرم، وخرج فى بقية منه إليها، ولم يبق من السنة السادسة من الهجرة إلا شهر وأيام، واستخلف نميلة بن عبد الله الليثى، ومعه ألف وأربعمائة راجل ومائتا فارس، وفرق الرايات، ولم تكن الرايات إلا بها، وإنما كانت الألوية. وقاتل بها النبى صلى الله عليه وسلم أشد القتال. وقتل من أصحابه عدة. وفتحها الله عليه حصنا حصينا. وقلع على رضى الله عنه باب خيبر. ولم يفعله سبعون رجلا إلا بعد جهد. واستشهد من المسلمين خمسة عشر. وقتل من اليهود ثلاثة وتسعون. وفى هذه الغزوة: سمّت النبى صلى الله عليه وسلم زينب ابنة الحارث امرأة سلام بن مشكم. فقتلهاصلى الله عليه وسلم

_ (1) انظر: (المنتظم 3/ 267، مغازى الواقدى 2/ 517، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 69، سيرة ابن هشام 2/ 308، تاريخ الطبرى 2/ 620، الكامل فى التاريخ 2/ 86، الاكتفا 2/ 223، البداية والنهاية 4/ 164، السيرة النبوية الصحيحة 434 ـ 453). (2) انظر: (المغازى للواقدى 2/ 633، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 77، تاريخ الطبرى 3/ 9، الكامل 2/ 99، البداية والنهاية 4/ 181، الاكتفا 2/ 251، سيرة ابن هشام 2/ 328، المنتظم 3/ 293 ـ 297).

غزوة وادى القرى

ببشير بن البراء بن معرور الآكل معه. وقيل: لم يقتلها، وأمر بلحم الشاة فأحرق. وفيها نام صلى الله عليه وسلم عن صلاة الفجر لما وكل به بلالا. قال البيهقى: كان ذلك فى تبوك. وقدم جعفر ومن معه من الحبشة. وتزج صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيى. وكانت عند كنانة بن الربيع بن أبى الحقيق. وكانت قبل رأت أن القمر قد سقط فى حجرها. فتؤول بذلك. وقال الحاكم: كذا جرى لجويرية رضى الله عنها. وسأل أهل فدك النبى صلى الله عليه وسلم أن يحقن لهم دماءهم ويخلوا له الأموال. ففعل فكانت خالصة له، وقسمها نصفين: الأول: له وللمسلمين. والثانى: لمن نزل به من الوفود والنوائب. غزوة وادى القرى (1) ثم فتح وادى القرى فى جمادى الآخرة بعد ما أقام بها أربعا يحاصرهم. ويقال: أكثر من ذلك وصالحه أهل تيما على الجزية. سرية بدنة (2) وأرسل عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى بدنة على أربعة أميال من المدينة فى شعبان فى ثلاثين راجلا، فلم يلق بها أحدا. سرية بنى فزارة (3) ثم سرية أبى بكر رضى الله عنه إلى بنى كلاب. ويقال: فزارة، بناحية ضرية فى شعبان، فسبى منهم جماعة وقتل آخرين.

_ (1) انظر: (المنتظم 3/ 297، تاريخ الطبرى 3/ 16، سيرة ابن هشام 2/ 338، الاكتفا 2/ 261، البداية والنهاية 4/ 218). (2) ذكر فى المنتظم سرية عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقال: «أن رسول الله بعث عمر رضى الله عنه إلى تربة فى شعبان فى ثلاثين رجلا إلى عجز هوازن بتربة وهى بناحية العبلاء على أربع ليال من مكة». انتهى باختصار. انظر: (المنتظم 3/ 301، المغازى للواقدى 2/ 722، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 85، تاريخ الطبرى 3/ 22، الكامل 2/ 106). (3) انظر: (المنتظم 3/ 301، مغازى الواقدى 2/ 722، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 85، تاريخ الطبرى 3/ 22، البداية والنهاية 4/ 220).

سرية بنى مرة

سرية بنى مرة (1) ثم سرية بشير بن سعد إلى بنى مرة بفدك فى شعبان، ومعه ثلاثون رجلا فقتلوا وارتث بشير. سرية المنفعة (2) ثم سرية غالب بن عبد الله الليثى إلى المنفعة ـ بناحية نجد ـ من المدينة على ثمانية برد فى مائة وثلاثين رجلا فى رمضان. فقتل أسامة بن زيد نهيك بن مرداس بعد قوله: لا إله إلا الله. وفى الإكليل: فعل أسامة ذلك فى سرية كان هو أميرا عليها سنة ثمان. سرية يمن وجبار (3) ثم سرية بشير أيضا: إلى يمن وجبار ـ أرض لغطفان ـ ويقال: لفزارة وعذرة فى شوال. ومعه ثلاثمائة رجل لجمع تجمعوا بالحباب للإغارة على المدينة. فلما بلغهم مسير بشير هربوا. فغنم منهم غنائم، وأسر رجلين فأسلما. عمرة القضية (4) ثم عمرة القضية. وتسمى: عمرة القضاء، وغزوة القضاء، وعمرة الصلح (5)، فى هلال ذى القعدة. ومعه صلى الله عليه وسلم ألفان، وساق ستين بدنة، وأقام بمكة ثلاثة أيام. وتزوج بميمونة بنت الحارث الهلالية بسرف، وهو محرم.

_ (1) انظر: (المنتظم 3/ 302، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 86، مغازى الواقدى 2/ 723، البداية والنهاية 4/ 221، الكامل 2/ 106). (2) فى المنتظم: «الميفعة» وقال: هى وراء بطن نخل إلى النقرة قليلا بناحية نجد بينها وبين المدينة ثمانية برد». انظر: (المنتظم 3/ 303، مغازى الواقدى 2/ 726، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 86، الكامل 2/ 106). (3) انظر: (المنتظم 3/ 303، مغازى الواقدى 2/ 727، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 87، الكامل 2/ 106). (4) انظر: (المنتظم 3/ 304، مغازى الواقدى 2/ 731، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 87، سيرة ابن هشام 2/ 370، الاكتفا 2/ 272، الكامل 2/ 106، البداية والنهاية 4/ 226، السيرة النبوية الصحيحة 464). (5) وتسمى أيضا عمرة القصاص، وهذا الاسم أولى بها لقول تعالى: (الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ). انظر: (الروض الأنف 2/ 87).

سرية بنى سليم

سرية بنى سليم (1) ثم سرية الأحزم. الذى يقال له: ابن أبى العوجاء السلمى إلى بنى سليم فى ذى الحجة. ومعه خمسون رجلا. فأحدق بهم الكفار وقتلوهم عن آخرهم. وخرج ابن أبى العوجاء. كتبه صلى الله عليه وسلم إلى الملوك (2) وقدم حاطب من عند المقوقس ملك مصر، واسمه: جريج بن مينا، وأهدى هدايا إلى النبى صلى الله عليه وسلم، منها: مارية. وأرسل صلى الله عليه وسلم الرسل إلى الملوك، فبعث ابن حذافة إلى كسرى، فمزق كتابه، فدعى عليه بتمزيق ملكه. وعمرو بن العاص إلى ملكى عمان عبد وحبقر ابنى الجلندى، فأسلما. وسليط بن عمرو إلى هوذة بن على باليمامة. وشجاع بن وهب إلى الحارث بن أبى شمر الغسانى ملك البلقاء. والعلاء بن الحضرمى إلى المنذر بن ساوى بالبحرين، فأسلم. وأبا موسى الأشعرى، ومعاذا إلى اليمن بعد. وعمرا الضمرى إلى مسيلمة، وأردفه بكتاب آخر مع السائب بن العوام. وعياش بن أبى ربيعة إلى الحارث، ومسروح، ونعيم بن عبد كلال. وكتب أيضا إلى جماعة كثيرة يدعوهم إلى الإسلام. سرية الكديد (3) ثم سرية غالب إلى بنى الملوح بالكديد فى صفر سنة ثمان. فغنم غنائم. وقال الحاكم: سنة سبع.

_ (1) انظر: (المنتظم 3/ 306، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 89). (2) انظر كتبه ورسله إلى الملوك فى: (زاد المعاد 1/ 77 وما بعدها، المنتظم 3/ 274، طبقات ابن سعد 1/ 2 / 16، تاريخ الطبرى 2/ 645، البداية 4/ 255، 268، الكامل 2/ 95، السيرة النبوية الصحيحة 454). (3) انظر: (زاد المعاد 3/ 262).

سرية مصاب

سرية مصاب ثم سرية غالب أيضا إلى مصاب: أصحاب بشير بفدك فى صفر ومعه مائتا رجل فقتلوا قتلى، وأصابوا نعما. سرية بنى عامر (1) ثم سرية شجاع بن وهب الأسدى إلى بنى عامر بالسبى: ماء من ذات عرق إلى وجرة، على ثلاث مراحل من مكة إلى البصرة، وخمس من المدينة، فى أربعة وعشرين رجلا إلى جمع من هوازن. فغنموا غنائم. سرية ذات الطلاع (2) ثم سرية كعب بن عمير الغفارى إلى ذات الطلاع ـ وراء ذات القرى ـ فى ربيع الأول، ومعه خمسة عشرة رجلا. فقتلهم كفار قضاعة إلا رجلا واحدا، قيل: هو الأمير. سرية مؤتة (3) ثم سرية مؤتة ـ من عمل البلقاء بالشام ـ دون دمشق فى جمادى الأولى. وذلك: أن النبى صلى الله عليه وسلم كان أرسل الحارث بن عمير بكتاب إلى ملك بصرى، فعرض له شر حبيل بن عمرو الغسانى فقتله. فأمر النبى صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة على ثلاثة آلاف رجل. وقال: إن قتل فجعفر، فإن قتل فعبد الله بن رواحة، فإن قتل فليرتض المسلمون رجلا من بينهم. فلما وصلوا إلى مؤتة وجدوا بها نحو مائة ألف رجل، فلما تصافوا قتلوا كما رتبهم النبى صلى الله عليه وسلم. فأخذ الراية ثابت بن أقرم العجلانى إلى أن اصطلحوا على خالد بن الوليد رضى الله عنه. قال الحاكم: فلما قاتلهم خالد قتل منهم مقتلة عظيمة، وأصاب غنيمة. وقال ابن سعد: إنما انهزم بالمسلمين.

_ (1) انظر: (المنتظم 3/ 316، طبقات ابن سعد 1/ 2 / 91 ـ 92). (2) فى المنتظم: «سرية ذات أطلاح». انظر: (المنتظم 3/ 316، مغازى الواقدى 2/ 752، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 92). (3) انظر: (المغازى للواقدى 2/ 755، طبقات ابن سعد 1/ 2 / 92، تاريخ الطبرى 3/ 36، سيرة ابن هشام 2/ 273، الاكتفا 2/ 275، البداية والنهاية 4/ 241، المنتظم 3/ 318 ـ 322، السيرة النبوية الصحيحة 467).

سرية ذات السلاسل

وقال ابن إسحاق: انحازت كل طائفة من غير هزيمة. ورفعت الأرض للنبى صلى الله عليه وسلم حتى رأى معترك القوم وأخبر به. سرية ذات السلاسل (1) ثم سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل ـ ويقال: السلسل، ماء وراء وادى القرى، من المدينة على عشرة أيام ـ فى جمادى الآخرة، ومعه ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار إلى جمع من قضاعة تجمعوا للإغارة، ثم أمده بأبى عبيدة فى مائتين. فهزم الله عدوهم حين الحملة. سرية الحبط (2) ثم سرية أبى عبيدة بن الجراح رضى الله عنه فى ثلاثمائة، فيهم: عمر بن الخطاب رضى الله عنهم، وتعرف: بسرية الحبط، فى رجب تلتقى عيرا لقريش. ويقال: إلى حى من جهينة بساحل البحر على خمس ليال من المدينة: وزودهم جرابا من تمر، فلما نفذ أكلوا الحبط، فأخرج الله تعالى لهم من البحر دابة تسمى العنبر، فأكلوا منها وتزودوا ورجعوا ولم يلقوا كيدا. سرية خضرة (3) ثم سرية أبى قتادة رضى الله عنه إلى خضرة: أرض محارب بنجد فى شعبان، ومعه خمسة عشر رجلا. فقتل منهم وسبى وغنم. وكانت غيبته خمس عشرة ليلة. سرية بطن أضم (4) ثم أرسله إلى بطن أضم فيما بين ذى خشب وذى المروة ـ من المدينة على ثلاثة برد ـ أول رمضان، فى ثمانية نفر. فلقوا عامر بن الأضبط، فسلم عليهم بتحية الإسلام، فقتله محلم بن جثامة. فأنزل الله تعالى: (فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) [النساء 94] فلما وصلوا إلى حيث أمروا بلغهم خروج النبىصلى الله عليه وسلم إلى مكة فساروا إليه.

_ (1) انظر: (المنتظم 3/ 321، طبقات ابن سعد 2/ 2 / 95، السيرة النبوية الصحيحة 471، 472). (2) فى المنتظم: «الخبط» وسميت بهذا الاسم لأنهم أصابهم جوع شديد، فأكلوا الخبط. انظر: (المنتظم 3/ 322، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 95، تاريخ الطبري 2/ 147 ـ 148). (3) انظر: (المنتظم 3/ 323، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 95، تاريخ الطبرى 2/ 148). (4) انظر: (المنتظم 3/ 323، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 96، تاريخ الطبرى 2/ 148، 149).

فتح مكة

ونسبها ابن إسحاق لابن أبى حدرد ومعه رجلان إلى الغابة لما بلغه صلى الله عليه وسلم أن رفاعة بن قيس تجمع لحربه، فقتلوا رفاعة وهزموا عسكره، وغنموا غنيمة عظيمة. فتح مكة (1) ثم فتح مكة فى رمضان، لنقض قريش العهد من غير إعلام أحد بذلك. فكتب حاطب كتابا وأرسله مع أم سارة كنود المزنية، فأطلع الله رسوله على ذلك، فبعث عليا والزبير والمقداد، فاستخرج الكتاب من قرون رأسها. وخرج من المدينة ومعه عشرة آلاف رجل. وقال الحاكم: اثنا عشر، يوم الأربعاء بعد العصر لعشر مضين من رمضان، فلما بلغ صلى الله عليه وسلم الكديد أفطر. قال: فلما نزل صلى الله عليه وسلم مر الظهران رقت نفس العباس رضى الله عنه لأهل مكة، فخرج ليلا راكبا بغلة النبى صلى الله عليه وسلم لكى يجد أحدا، فيعلم أهل مكة بمجئ النبى صلى الله عليه وسلم ليستأمنوه. فسمع صوت أبى سفيان بن حرب، وحكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء فأركب أبا سفيان خلفه، وأتى به النبى صلى الله عليه وسلم فأسلم، وانصرف الآخران ليعلما أهل مكة بمجئ النبى صلى الله عليه وسلم. ونادى مناديه صلى الله عليه وسلم: «من دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل دار أبى سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن إلا المستثنين». وذكرهم مغلطاى. وطاف النبى صلى الله عليه وسلم بالبيت يوم الجمعة لعشر بقين من رمضان، وحوله ثلاثمائة وستون صنما، فكلما مرّ بصنم أشار إليه بقضيبه قائلا: (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) [الإسراء: 81]. فيقع الصنم لوجهه. قال البخارى: وأقام صلى الله عليه وسلم بها خمس عشرة ليلة. وفى رواية: تسع عشرة. وفى أبى داود: سبع عشرة. وفى الترمذى: ثمان عشرة. وفى الإكليل: أصحها: بضع عشرة، يصلى ركعتين. قلت: رأيت فى مدة مقام النبى صلى الله عليه وسلم بمكة غير هذا؛ لأن الفاكهى روى بسنده عن أنس رضى الله عنه قال: «أقمنا بمكة عشرا ـ يعنى: زمان الفتح». انتهى.

_ (1) انظر: (المنتظم 3/ 324، مغازى الواقدى 2/ 780، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 96، تاريخ الطبرى 3/ 38، سيرة ابن هشام 2/ 389، الاكتفا 2/ 2 / 287، الكامل 2/ 116، البداية والنهاية 4/ 278، السيرة النبوية الصحيحة 473 ـ 488).

سرية خالد

وبث صلى الله عليه وسلم السرايا خارج الحرم، وكانوا يغنمون. وبعث صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد لخمس ليال بقين من رمضان إلى العزى بنخلة، ومعه ثمانون فارسا فهدمها (1). وبعث صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى صواع ـ صنم لهذيل برهط ـ على ثلاثة أميال من مكة. فهدمه (2). وبعث صلى الله عليه وسلم سعد بن زيد الأشهلى إلى مناة ـ صنم للأوس والخزرج ـ بالمشلل، فى عشرين فارسا فهدمها (3). سرية خالد (4) ثم سرية خالد إلى بنى جذيمة ـ بناحية يلملم ـ فى شوال، ويعرف بيوم العميصاء، ومعه ثلاثمائة وخمسون رجلا، داعيا لا مقاتلا، فقتل بعضهم. وبعث صلى الله عليه وسلم عليا رضى الله عنه، فودى لهم قتلاهم. غزوة حنين (5) ثم خرج صلى الله عليه وسلم لست ليال خلون من شوال. ويقال: لليلتين بقيتا من رمضان إلى حنين ـ واد. ويقال: ما بينه وبين مكة ثلاث ليال قرب الطائف ـ سمى بحنين بن قانية بن مهلابيل. قلت: حنين على أقل من ليلة من مكة، وهو إليها أقرب من الطائف على ما هو المعروف عند الناس فى حنين، إلا أن يكون الموضع المعروف بحنين غير هذا المذكور فى هذه الغزوة، ويكون حنين اسما لموضعين فلا إشكال له. قاله مغلطاى والله أعلم. انتهى. واستعمل صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد رضى الله عنه. وذلك: أن النبى صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة مشت أشراف هوازن وثقيف بعضها إلى بعض

_ (1) انظر: (المنتظم 3/ 329، مغازى الواقدى 3/ 873، طبقات ابن سعد 2/ 2 / 151، سيرة ابن هشام 2/ 436، تاريخ الطبرى 3/ 65، البداية والنهاية 42/ 314). (2) انظر: (المنتظم 3/ 330). (3) انظر: (المنتظم 3/ 330، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 160). (4) انظر: (المنتظم 3/ 331، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 106، البداية والنهاية 4/ 311). (5) انظر: (المنتظم 3/ 331 ـ 340، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 106، البداية والنهاية 4/ 311، السيرة النبوية الصحيحة 489 ـ 506).

سرية ذى الكفين

وحشدوا، وكان رئيسهم مالك بن عوف النضرى، وله ثلاثون سنة. فوصلها صلى الله عليه وسلم مساء ليلة الثلاثاء لعشر خلون من شوال. ورأى أبو بكر رضى الله عنه ـ وقيل: غيره ـ كثرة العساكر، فقال: لن نغلب اليوم من قلة. ولما تصافوا للقتال ظاهر صلى الله عليه وسلم بين درعين وركب بغلة له بيضاء تسمى: دلدل. فشد عليهم الكفار شدة واحدة، فانكشفت خيل بنى سليم وتبعهم أهل مكة والناس، ولم يثبت معه حين ذاك إلا عشرة، وقيل: ثمانية. ونادى العباس رضى الله عنه بالناس فأقبلوا، وتناول صلى الله عليه وسلم قبضة من التراب، وهو على ظهر بغلته فاستقبل بها وجوه الكفار، فلم يبق عين إلا دخل فيها من ذلك التراب. فأنزل الله تعالى: (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) [الأنفال: 17]. واستشهد من المسلمين أربعة. وقتل من المشركين أكثر من سبعين قتيلا وأفضى المسلمون فى القتل إلى الذرية. فنهاهم عن ذلك. ونادى مناديه صلى الله عليه وسلم: «من قتل قتيلا فله سلبه». وبعث صلى الله عليه وسلم عبيدا أبا عامر الأشعرى، حين فرغ من حنين إلى أوطاس، لطلب دريد ابن الصمة وأصحابه، فهزمهم وقتلهم، وقتل أبو عامر بعد قتله جماعة منهم. وكان فى السبى: الشيماء أخته صلى الله عليه وسلم من الرضاعة. سرية ذى الكفين ثم سرية الطفيل بن عمرو الدوسى، فى شوال إلى ذى الكفين ـ صنم من خشب، كان لعمرو بن حممة ـ فهدمه. وقدم معه من قومه أربعة مسلمين على النبى صلى الله عليه وسلم بالطائف. غزوة الطائف (1) ثم غزوة الطائف فى شوال، فمر فى طريقه بقبر أبى رغال، وهو أبو ثقيف، فيما يقال. فاستخرج منه غصنا من ذهب. وحاصر صلى الله عليه وسلم الطائف ثمانية عشر يوما. وقيل: خمسة عشر يوما. وقيل: عشرون. وقال ابن حزم: بضع عشرة ليلة. ونصب عليهم المنجنيق، وهو أول منجنيق رمى به فى الإسلام. وكان قدم به الطفيل الدوسى معه.

_ (1) انظر: (المنتظم 3/ 341، مغازى الواقدى 3/ 922، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 114، تاريخ الطبرى 3/ 82، سيرة ابن هشام 2/ 478، السيرة النبوية الصحيحة 507 ـ 521).

سرية اليمن

وتدلى ثلاثة وعشرون عبدا من سوره إلى النبى صلى الله عليه وسلم، منهم: أبو بكرة. واستشهد من المسلمين اثنا عشر رجلا. وقاتل النبى صلى الله عليه وسلم فيه بنفسه، ولم يؤذن له فى فتحه. فرجع صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، بعد غيبة شهرين وستة عشر يوما. فقدم عليه وفدهم وهو بها. فأسلموا. سرية اليمن وبعث قيس بن سعد بن عبادة إلى ناحية اليمن فى أربعمائة فارس وأمره أن يطأ صدا. فقدم زياد بن الحارث الصدائى، فسأل عن ذلك البعث فأخبر. فقال: يا رسول الله، أنا وافدهم، فاردد الجيش وأنا لك بقومى. فردهم النبى صلى الله عليه وسلم من قناه. وقدم الصدائيون بعد خمسة عشر يوما فأسلموا. واتخذ النبى صلى الله عليه وسلم زياد مؤذنا مع بلال، وابن أم مكتوم، وسعد القرظ. سرية القرطا وبعث الضحاك بن سفيان الكلابى فى آخر سنة ثمان فيما ذكره الحاكم. وفى الطبقات: كانت فى ربيع الأول سنة تسع، إلى القرطا، فهزموهم وغنموا. وفى هذه السنة: أراد صلى الله عليه وسلم طلاق سودة لكبرها، فوهبت يومها لعائشة رضى الله عنها. وأخذ صلى الله عليه وسلم الجزية من مجوس هجر. وعمل له منبر، فخطب عليه، وهو أول منبر فى الإسلام. فلما رأى صلى الله عليه وسلم هلال المحرم سنة تسع بعث المصدقين لأخذ الصدقات. سرية خثعم ثم سرية قطبة بن عامر بن حديدة إلى خثعم، بناحية بيشة من مخاليف مكة فى صفر ومعه عشرون رجلا. فقتلوا منهم وغنموا. سرية الحبشة ثم سرية علقمة بن محرز المدلجى إلى الحبشة، فهربوا منه، وكانت فى ربيع الآخر.

سرية القلمس

وقال الحاكم: فى صفر، فى ثلاثمائة. سرية القلمس ثم سرية على رضى الله عنه: فى ربيع الآخر إلى القلمس ـ صنم طى ـ ومعه مائة وخمسون رجلا. وقال ابن سعد: مائتان. فهدمه وغنم غنائم. منها: سفانة بنت حاتم أخت عدى، فمنّ عليها النبىصلى الله عليه وسلم، فكان ذلك: سبب إسلام أخيها. وقال ابن سعد: الذى سباها كان خالد بن الوليد رضى الله عنه. سرية الجباب ثم سرية عكاشة فى ربيع الآخر إلى الجباب ـ أرض عذرة وبلى ـ وقيل: أرض غطفان. وقيل: أرض فزارة وكلب، ولعذره فيها شركة. ثم قدم وفد بنى أسد، فقالوا: جئنا قبل أن يرسل إلينا رسولا، فنزلت (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا) [الحجرات: 17]. غزوة تبوك (1) غزوة تبوك، وتعرف بغزوة العسرة، وبالفاضحة. من المدينة على أربع عشرة مرحلة فى رجب يوم الخميس، وكان الحر شديدا والجدب كثيرا، فلذلك لم يورّ عنها كعادته فى سائر الغزوات. وذلك أنه بلغه صلى الله عليه وسلم: أن الروم تجمعت بالشام مع هرقل، وتخلف كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية، من غير شك حصل لهم، وفيه نزل (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) [التوبة: 118] وأبو ذر وأبو خيثمة ثم لحقاه صلى الله عليه وسلم بعد. ولما رأى أبا ذر قال صلى الله عليه وسلم: يمشى وحده، ويعيش وحده، ويموت وحده. فكان كذلك. وكان معه صلى الله عليه وسلم ثلاثون ألفا.

_ (1) انظر: (المغازى للواقدى 3/ 989، طبقات ابن سعد 2/ 1 / 118، 119، سيرة ابن هشام 2/ 515، تاريخ الطبرى 3/ 100، البداية والنهاية 5/ 2، الكامل 2/ 149، المنتظم 3/ 362 ـ 370، السيرة النبوية الصحيحة 522 ـ 538).

سرية اليمن

وفى الإكليل: أكثر من ثلاثين. وقال أبو ذرعة: سبعون ألفا، وفى رواية عنه: أربعون ألفا. ولما انتهى إلى تبوك وجد هرقل بحمص، فأرسل خالد إلى أكيدر بن عبد الملك النصرانى، وقال: إنك ستجده ليلا يصيد البقر، فوجده كذلك فأسره، وقتل أخاه حسانا، وصالح أكيدر على فتح الحصن. وصالحه صلى الله عليه وسلم يوحنا بن رؤبة صاحب أيلة على الجزية، وعلى أهل جرباء وأذرح ـ بلدين بالشام ـ وأهدى له صلى الله عليه وسلم بغلة، وأقام بتبوك بضع عشرة ليلة. وقال ابن سعد: عشرون. وبها مات عبد الله ذو البجادين رضى الله عنه. وانصرفصلى الله عليه وسلم ولم يلق كيدا، وبنى فى طريقه مساجد. فلما قدم صلى الله عليه وسلم فى رمضان أمر بمسجد الضرار أن يحرق، وقدم عليه وفد ثقيف، وتتابعت الوفود، وسماهم مغلطاى، ثم قال: ومن الوفود، السباع والذئاب. وبعث صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب، والمغيرة بن شعبة رضى الله عنهما لهدم الطاغية وغيرها، فهدماها، وأخذا مالها. ثم حج أبو بكر ومعه ثلاثمائة رجل وعشرون بدنة بسورة براءة، لينبذ إلى كل ذى عهد عهده، وأن لا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان. فلما نزل العرج أدركه على رضى الله عنه مبلغا لا أميرا. وكان حجهم فى ذلك العام فى ذى القعدة. وآلا صلى الله عليه وسلم من نسائه شهرا. ثم أرسل صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فى ربيع الأول سنة عشر. وفى الإكليل: ربيع الآخر. وقيل: جمادى الأولى، إلى بنى عبد المدان بنجران. فأسلموا. سرية اليمن ثم سرية على رضى الله عنه إلى اليمن فى رمضان، ومعه ثلاثمائة رجل، فقتل وغنم. حجة الوداع ثم حجة الوداع. قال ابن الجزار: وتسمى البلاغ وحجة الإسلام. يوم السبت لخمس ليال بقين من ذى القعدة.

سرية أبنا

وقال ابن حزم: الصحيح لست بقين، ومعه سبعون ألفا. ويقال: مائة وأربعة عشر ألفا. ويقال: أكثر من ذلك. حكاه البيهقى. سرية أبنا (1) ثم سرية أسامة رضى الله عنه إلى أهل أبنا، بالسراة ـ ناحية بالبلقاء ـ يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة، لغزو الروم مكان قتل أبيه. وفاته صلى الله عليه وسلم فلما كان يوم الأربعاء: بدأ بالنبى صلى الله عليه وسلم وجعه، فحم وصدع. فتوفى عليه الصلاة والسلام شهيدا حين زاغت الشمس من ذلك اليوم يوم الاثنين لاثنتى عشرة ليلة خلت من ربيع الأول حين اشتد الضحى. وقال ابن سعد: حين زاغت الشمس. قال السهيلى: لا يصح أن يكون وفاته يوم الاثنين إلا فى ثانى الشهر أو ثالث عشره، أو رابع عشره، أو خامس عشره. واستدل على ذلك بتاريخ الوقفة فى العام العاشر. وهو دليل صحيح. وذكر الكلبى وأبو مخنف أنه توفى صلى الله عليه وسلم فى الثامن من ربيع. وقال الخوارزمى: توفى أول ربيع. قلت: قيل: إنه توفى فى ثامن ربيع الأول، وصححه ابن حزم، وإلى ذلك أشار شيخنا العراقى بقوله. وقيل: بل فى ثامن بالجزم. وهو الذى صححه ابن حزم. انتهى. ودفن ليلة الأربعاء. وقيل: ليلة الثلاثاء. وقيل: يوم الاثنين عند الزوال. قاله الحاكم وصححه. وكانت مدة علته صلى الله عليه وسلم اثنا عشر يوما. وقيل أربعة عشر يوما. وقيل: ثلاثة عشر: وقيل: عشرة أيام. وغسّله على والعباس وابنه الفضل يعينانه، وقثم وأسامة وشقران يصبون الماء. وغسل صلى الله عليه وسلم فى قميص من بئر يقال لها: بئر الفرس، ثلاث غسلات بماء وسدر. وجعل على رضى الله عنه على يده خرقة، وأدخلها تحت القميص.

_ (1) انظر: (الفتح الربانى 21/ 221 ـ 223، سيرة ابن هشام 4/ 328، فتح البارى 8/ 152).

وكفن فى ثلاث أثواب بيض سحولية ـ بلدة باليمن ـ ليس فيه قميص ولا عمامة. وروى: أن واحدا منها حبرة. وفى رواية: فى حلة حبرة وقميص. وفى رواية: فى حلة حمراء نجرانية وقميص. وقيل: إن الحلة اشتريت له صلى الله عليه وسلم فلم يكفن فيها. وفى الإكليل: كفن فى سبعة أثواب، وجمع بأنه ليس فيها قميص ولا عمامة محسوب. قلت: ذكر شيخنا العراقى أن ما ذكره الحاكم شاذ، وأشار إلى ذلك بقوله: وقد روى الحاكم أنه قد كفن فى سبعة وبالشذوذ هنا. انتهى. وفى حديث تفرد به يزيد بن أبى زياد. وهو ضعيف «كفن صلى الله عليه وسلم فى ثلاثة أثواب: قميصه الذى مات فيه، وحلة نجرانية». وحنط صلى الله عليه وسلم بكافور. وقيل: بمسك. وصلى عليه المسلمون أفرادا. وقيل: بل كانوا يدعون وينصرفون. قلت: ذكر شيخنا العراقى أن هذا القول ضعيف. والله تعالى أعلم: انتهى. وقال ابن الماجشون: لما سئل كم صلى صلى الله عليه وسلم عليه صلاة؟ . فقال: اثنتان وسبعون صلاة. كحمزة رضى الله عنه. فقيل: من أين لك هذا؟ فقال: من الصندوق الذى تركه مالك بخطه عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما. وفرش تحته قطيفة نجرانية كان يتغطى بها. قال أبو عمر: ثم أخرجت؟ لما فرغوا من وضع اللبنات التسع. ودخل قبره صلى الله عليه وسلم العباس، وعلى، والفضل، وقثم، وشقران، وابن عوف، وعقيل، وأسامة، وأوس رضى الله عنهم. قال الحاكم: فكان آخرهم عهدا به قثم. وقيل: على رضى الله عنهما. وأما حديث المغيرة: فضعيف. وكان الذى حفر له صلى الله عليه وسلم أبو طلحة؛ لأنه كان رضى الله عنه يلحد.

فصل فى أولاده صلى الله عليه وسلم

وكان عمره صلى الله عليه وسلم إذ توفى: ثلاث وستون فيما ذكره البخارى. وثبته ابن سعد وغيره. وفى مسلم: خمس وستون. وصححه أبو حاتم فى تاريخه. وفى الإكليل: ستون. وفى تاريخ ابن عساكر: ثنتان وستون ونصف. وفى كتاب ابن أبى شيبة: إحدى أو اثنتان، لا أراه بلغ ثلاثا وستين. * * * فصل فى أولاده صلى الله عليه وسلم كان له صلى الله عليه وسلم من الولد: القاسم، ولد قبل النبوة، ومات وله سنتان. وقيل: غير ذلك. وفى مسند الفريابى: ما يدل على أنه توفى فى الإسلام. ثم زينب رضى الله عنها. قال الكلبى: هى أول ولده. قال السراج: ولدت سنة ثلاثين وماتت سنة ثمان من الهجرة عند زوجها، وابن خالتها أبى العاص، يعنى ابن الربيع. ثم رقية رضى الله عنها: تزوجها عثمان بن عفان رضى الله عنه، فماتت عنده، وتوفيت رضى الله عنها والنبى صلى الله عليه وسلم ببدر. وفى كتاب التفرد ليعقوب: ما يخالف ذلك. وفيه نظر. ثم فاطمة رضى الله عنها، وكنيتها: أم أبيها: تزوجها على رضى الله عنهما. ولدت سنة إحدى وأربعين، وتزوجها ولها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر ونصف. وقال ابن الجوزى: ولدت قبل النبوة بخمس سنين ـ أيام بناء البيت ـ وتوفيت بعدهصلى الله عليه وسلم بستة أشهر. وقيل: غير ذلك. ولها تسع وعشرون سنة. وقيل: غير ذلك. ثم أم كلثوم رضى الله عنها: تزوجها عثمان سنة ثلاث فى جمادى الآخرة. وتوفيت فى شعبان سنة تسع. ثم عبد الله: وهو الطيب والطاهر. مات بمكة. قال القاضى بن وائل: قد انقطع ولده. فهو أبتر. فأنزل الله تعالى (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) [الكوثر: 3]. وروى الهيثم بن عدى ـ وهو مهتم بالكذب ـ أنه كان له صلى الله عليه وسلم ابن يقال له عبد العزى، وطهره الله منه وأعاذه.

فصل فى أعمامه وعماته صلى الله عليه وسلم

ثم إبراهيم ـ فمن مارية ـ توفى وله سبعون يوما. وقيل: غير ذلك. وكان مولده فى السنة الثامنة من الهجرة فى ذى الحجة. * * * فصل فى أعمامه وعماته صلى الله عليه وسلم أما أعمامه: فهم: حمزة والعباس رضى الله عنهما: أسلما، والحارث وأبو طالب، والزبير، وعبد الكعبة، والمقوم، ويقال: هما واحد، وحجل، واسمه: المغيرة، والفيداق، ويقال: هما واحد، وقثم، ومنهم من أسقطه، وضرار، وأبو لهب، واسمه: عبد العزى، وكنى بذلك لجماله، وصار فى الآخرة لماله. وعماته صلى الله عليه وسلم: صفية، وعاتكة، وأروى: أسلمن. وفى ذلك خلاف إلا صفية، وأميمة، وبرة، وأم حكيم البيضاء. * * * فصل فى زوجاته صلى الله عليه وسلم نقدم اللاتى دخل بهن صلى الله عليه وسلم. وأولهن: خديجة، ثم سودة، ثم عائشة، ثم حفصة، ثم زينب بنت خزيمة، ثم أم سلمة، ثم زينب بنت جحش، ثم جويرية بنت الحارث، ثم ريحانة القريظية. وقيل: كان صلى الله عليه وسلم يطؤها بملك اليمين، ثم صفية بنت حيى، ثم ميمونة الهلالية. وفى بعض هذا الترتيب خلاف. قلت: لم أر فى سيرة مغلطاى تزويجه صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة بنت أبى سفيان، ولعله سقط من النسخة التى رأيتها منها. وتزويجه صلى الله عليه وسلم لها: متفق عليه. ومن زوجاته صلى الله عليه وسلم اللاتى دخل بهن فيما قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: فاطمة بنت شريح. وذكر أنها الواهبة نفسها للنبى صلى الله عليه وسلم. نقل ذلك عنه: شيخنا العراقى. وذكر: أنه لم يجدها فى شيء من كتب الصحابة. قال شيخنا: ولعلها التى استعاذت منه. وذكر: أنها ابنة الضحاك، وأنها بانت عنه. والله أعلم. انتهى. وأما زوجاته ـ صلى الله عليه وسلم اللاتى عقد عليهن أو خطبهن، أو عرضن عليه. ولم يدخل صلى الله عليه وسلم

فصل فى خدامه صلى الله عليه وسلم

بهن: فخمسة وثلاثون منهن: مليكة بنت كعب. وقال الواقدى: دخل بها وتوفيت عنده فى شهر رمضان سنة ثمان. انتهى. قلت: قال شيخنا العراقى: إن عدة هذه النسوة نحو ثلاثين يختلف. انتهى. * * * فصل فى خدامه صلى الله عليه وسلم كان له صلى الله عليه وسلم من الخدام: ثمانية وعشرون رجلا، أو سبعة وعشرون. ومن النساء: إحدى عشرة. فمن الرجال: أنس بن مالك الأنصارى، وربيعة بن كعب صاحب وضوئه، وأبو مسعود صاحب نعليه، وعقبة بن عامر يقود بغلته، وبلال مولى أبى بكر، وأبو ذر الغفارى، وأيمن بن أم أيمن صاحب مطهرته. ومن النساء: بركة أم أيمن هذا. قلت: قال شيخنا العراقى: إن من خدامه من النساء: خمسة، ذكرن فى مواليه. وبينهم شيخنا فى نظمه. انتهى. * * * فصل فى مواليه صلى الله عليه وسلم كان له صلى الله عليه وسلم من الموالى: ثلاثة وستون رجلا. منهم: أسامة بن زيد، وأبوه زيد بن حارثة، وثوبان، وشقران، وأبو رافع قبطى، كان على ثقله صلى الله عليه وسلم. وكذلك كركرة، وسفينة، وسلمان الفارسى. * * * فصل فى إمائه صلى الله عليه وسلم كان له صلى الله عليه وسلم من الإماء: عشر، منهم: ربيحة. ويقال: هى ريحانة السرية. * * * فصل فى خيله، وبغاله، وحميره، ولقاحه، وغنمه صلى الله عليه وسلم كان له صلى الله عليه وسلم من الخيل ثلاث وعشرون. ومن البغال: ست، منها: واحدة، أهداها إليه كسرى.

فصل فى سلاحه صلى الله عليه وسلم

قلت: قال شيخنا العراقى: فى التى من كسرى نظر. وذلك لما عد بغاله قال: خمسة أو ست. وذكر شيخنا خلافا فى خيله إلا سبعة فلا خلاف فيها، وأشار إليها بقوله: سكب، لزاز، طرف، سبحة ... مرتجز، ورد، لحيف: سبعة وليس فيها عندهم من خلف ... والخلف فى ملاوح والطرف ومن الحمير: ثلاثة. وقيل: اثنان. ومن اللقاح: اثنا عشر. وقيل: أربعة عشر. ومن الغنم المعروفة أسماؤها: عشرة. وذكر له ابن حبان: مائة شاة. * * * فصل فى سلاحه صلى الله عليه وسلم كان له صلى الله عليه وسلم من الرماح: أربعة. ومن القسى: ستة. ومن الأتراس: ثلاثة. ومن الأسياف: تسعة، وقيل: ثمانية. ومن الأدراع: ستة. قلت: ذكر شيخنا العراقى: أن أدراعه: سبعة، وأن قسيه: خمسة. انتهى. وله صلى الله عليه وسلم سلاح غير ذلك، وثياب وأمتعة وغير ذلك مذكور فى سيرة مغلطاى. * * * فصل فى كتّابه صلى الله عليه وسلم كان له صلى الله عليه وسلم من الكتاب: اثنان وأربعون كاتبا، منهم: الخلفاء الأربعة، ومعاوية بن أبى سفيان، وزيد بن ثابت رضى الله عنهم. قلت: ذكر الحافظ عبد الغنى المقدسى: أن معاوية وزيد بن ثابت ألزمهم لذلك، وأخصهم به. وذكر شيخنا العراقى: أن زيد بن ثابت أكثرهم عنه كتابة، ثم معاوية. انتهى. * * * فصل فى عدد رسله صلى الله عليه وسلم للنبى صلى الله عليه وسلم من الرسل إلى الملوك: أربعة عشر رسولا معروفة أسماؤهم. وله رسل أخر أسماؤهم غير معروفة.

فصل فى عدد أمرائه صلى الله عليه وسلم على البلاد

ولم يذكر مغلطاى من رسله المعروفة أسماؤهم إلا أحد عشر، وما ذكرناه من عددهم: ذكره شيخنا العراقى. * * * فصل فى عدد أمرائه صلى الله عليه وسلم على البلاد للنبى صلى الله عليه وسلم من الأمراء على البلاد خمسة عشر أميرا، وهؤلاء غير أمراء السرايا والبعوث، وغير من ولى الأخماس، والقضاء، والصدقة، وغير من أمره على المدينة النبوية فى غزوة. وما ذكرناه فى عدد أمراء البلاد وذكره شيخنا العراقى، ولم أر لغيره عناية بذلك. وقد رأيت زيادة فى ذلك، وهى اثنان، وهما: معاذ بن جبل الأنصارى رضى الله عنه، قيل: إنه ولى مكة للنبى صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى حنين، وهبيرة بن شبل بن العجلان الثقفى، ذكر ابن عبد البر عن الطبرانى: أن النبى صلى الله عليه وسلم استخلفه على مكة لما خرج إلى الطائف. وذكر ابن عقبة ولاية معاذ على مكة. والمعروف: ولاية النبى صلى الله عليه وسلم لعتاب بن أسيد على مكة بعد الفتح حين خرج إلى حنين. والله أعلم. * * * فصل فى عدد مغازيه صلى الله عليه وسلم للنبى صلى الله عليه وسلم خمس وعشرون غزوة على المشهور، فيما قال الحافظ عبد الغنى المقدسى. وقيل: سبع وعشرون غزوة. وسبق فى هذا التأليف ما يوافق هذا القول بزيادة واحدة. وسبب الزيادة: الخلاف فى بنى النضير، وبنى قينقاع هل هما واحدة؟ ورجحه الحاكم، أو اثنتان. وفى كل هذه الغزوات: خرج فيها النبى صلى الله عليه وسلم بنفسه، وقاتل فيها فى بدر، وأحد، والخندق، وبنى قريظة، وبنى المصطلق، وخيبر، والفتح، وحنين، والطائف. وقيل: إنه صلى الله عليه وسلم قاتل فى بنى النضير، وفى الغابة، ووادى القرى. والله أعلم. * * * فصل فى عدد بعوثه وسراياه صلى الله عليه وسلم عدد بعوثه وسراياه صلى الله عليه وسلم: ستون.

فصل فى حجه وعمره صلى الله عليه وسلم

وقال ابن نصر: إن ذلك فوق سبعين. وفى الإكليل: أن البعوث فوق المائة. قال شيخنا العراقى: ولم أجد ذا لسواه. ومن كلام شيخنا: لخصت هذا الفصل. * * * فصل فى حجه وعمره صلى الله عليه وسلم أما حجه صلى الله عليه وسلم ـ بعد هجرته إلى المدينة ـ: فواحدة فى سنة عشر، وتعرف: بحجة الوداع. وأما حجه قبل الهجرة: فثنتان. وقيل: أكثر، وقيل: واحدة، ولا يصح شيء فى عدد حجه قبل الهجرة، ولا فى عمره قبل الهجرة. وأما عمره ـ بعد الهجرة ـ: فثلاث. الأولى: عمرة الحديبية فى سنة ست. والثانية: عمرة القضية فى سنة سبع. والثالثة: عمرة الجعرانة فى سنة ثمان. وكلها فى ذى القعدة. وقيل: إنه اعتمر مع الحج فى سنة عشر، فتصير عمره أربعا. والله أعلم. * * * فصل فى أخلاقه صلى الله عليه وسلم للنبى صلى الله عليه وسلم أخلاق شريفة جميلة. منها: ما رواه أنس عنه صلى الله عليه وسلم قال: «فضلت على الناس بأربع: بالسماحة، والشجاعة، وكثرة الجماع، وشدة البطش». قالت عائشة رضى الله عنها: «كان خلقه القرآن يغضب لغضبه، ويرضى لرضاه»: انتهى. وكان صلى الله عليه وسلم: يألف أهل الشرف، ويكرم أهل الفضل، ولا يطوى بشره عن أحد ولا يجفو عنه، ولا يستنكف أن يمشى مع الأرملة والعبد، ويحب الطيب، ويكره الريح الكريهة. وكان صلى الله عليه وسلم: يحب الحلواء والعسل، وما عاب صلى الله عليه وسلم طعاما قط، إن اشتهاه أكله، فإن لم يشتهه تركه. وكان صلى الله عليه وسلم يخصف النعل، ويرقع الثوب، ويخدم فى مهنة أهله، إلى غير ذلك من أخلاقة الطيبة. * * *

فصل فى فضائله صلى الله عليه وسلم

فصل فى فضائله صلى الله عليه وسلم للنبى صلى الله عليه وسلم فضائل عظيمة لا تحصى. منها: أن الله تعالى أعطاه الكوثر، واصطفاه: بالمحبة، والخلة، والقرب، والدنو، والمعراج، والصلاة بالأنبياء عليهم السلام، والشهادة بينهم، ولواء الحمد، والبشارة والنذارة، والهداية، والإمامة، ورحمة للعالمين، وأعطى العفو عما تقدم وتأخر، وأوتى الكتاب والحكمة، وصلاة الله والملائكة، وإجابة دعوته، وإحياء الموتى، وإسماع الصم، والاطلاع على الغيب، إلى غير ذلك مما أعد الله تعالى له فى الدار الآخرة من الكرامة والسعادة. * * * فصل فى معجزاته صلى الله عليه وسلم للمصطفى محمد عليه أفضل الصلاة والسلام: معجزات باهرات. وقد سبق منها أشياء. ومما لم يسبق: نبع الماء، وكفاية الكثير من الخلق بالقليل من الماء والطعام. ففى البخارى من حديث جابر رضى الله عنه. «نبع الماء من بين أصابعه بالحديبية فتوضئوا وشربوا منه. وهم: خمس عشرة مائة». وأطعم أهل الخندق، وهم: ألف من صاع شعير وبهمة فى بيت جابر فشبعوا وانصرفوا. والطعام أكثر ما كان، وعند أبى نعيم: «وأطعمهم أيضا من تمر يسير لم يملأ كفيه صلى الله عليه وسلم أتت به ابنة بشير بن سعد إلى أبيها وخالها». ومنها: أنه أطعم فى منزل أبى طلحة ثمانين رجلا أقراص شعير جعلها أنس تحت إبطه حتى شبعوا، وبقى كما هو. وعند أبى نعيم: «وأطعم الجيش من مزود أبى هريرة رضى الله عنه حتى شبعوا كلهم، ثم رد ما بقى فيه. ودعا له» فأكل منه مدة حياة النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم. فلما قتل عثمان ذهب وحمل منه نحو خمسين وسقا فى سبيل الله. ومنها: تسبيح الحصى فى كفه. وكذلك الطعام كان يسمع تسبيحه، وهو يؤكل. ومنها: أنه رد عين قتادة بن النعمان بعد ذهابها. فكانت أصح عينيه وأحدّهما. قال السهيلى: فكانت لا ترمد إذا رمدت الأخرى.

إلى غير ذلك من معجزاته الكثيرة العدد. ومن أجلّها: القرآن العظيم. وله صلى الله عليه وسلم خصائص، وهى على أضرب: الأول: الواجبات: الضحى، والأضحية، والوتر، والتهجد، وغير ذلك. الثانى: ما اختص به من المحرمات، فيكون الأجر فى اجتنابه أكثر، وهو قسمان: أحدهما: فى غير النكاح، فمنه: الشعر والخط والزكاة وغير ذلك. الثانى: فى النكاح وغيره: فمنه: إمساك من كرهت نكاحه. وقيل: تكرما. ونكاح الكتابية، والأمة المسلمة وفيها خلاف. الثالث: المباحات، فمنه: الوصال فى الصوم، واصطفاء ما أبيح له من الغنيمة قبل القسمة، ودخول مكة بلا إحرام، وإباحة القتال فيها ساعة، والقضاء بالعلم والحكم لنفسه وولده وغير ذلك. الرابع: ما اختص به من الفضائل والإكرام، فمنه: أن أزواجه اللاتى توفى عنهن محرمات على غيره أبدا. وفيمن فارقها فى حياته أوجه، أصحها: التحريم وغير ذلك. قال مؤلفه محمد بن أحمد الحسينى الفاسى المكى: وهذا آخر ما أردنا اختصاره من السيرة النبوية. وهذا أوان الشروع فى التراجم التى أشرنا إليها على الترتيب السابق ذكره. * * *

المحمدون

بسم الله الرّحمن الرحيم المحمدون من اسمه محمد بن أحمد بن إبراهيم 1 ـ محمد بن أحمد بن الرضى بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم: يلقب: بالرضى الطبرى المكى الشافعى، إمام مقام الخليل عليه السلام بالمسجد الحرام. ولد: فى سنة عشرين وسبعمائة. سمع من: عيسى الحجى، وجماعة من شيوخ أخيه شيخنا محب الدين الآتى ذكره. وأجاز له معه جماعة من شيوخه الشاميين والمصريين. وخلف أباه فى الإمامة بالمقام فيها. وخطب بالمسجد الحرام فى المدة التى صد عنها الضياء الحموى عن الخطابة. وهى من موسم سنة تسع وخمسين وسبعمائة إلى وصول العسكر فى جمادى الآخرة سنة ستين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة عن سبع وثلاثين سنة أو نحوها. 2 ـ محمد بن أحمد بن الرضى إبراهيم بن محمد الطبرى المكى: أخو الرضى السابق، شيخنا الإمام محب الدين أبو البركات إمام المقام. ولد سنة سبع وعشرين وسبعمائة. وأجاز له من دمشق: أبو العباس الحجار، وأحمد بن المحب المقدسى، وأحمد بن الفخر عبد الرحمن البعلى، وأيوب الكحال، وآخرون من دمشق ومصر، يأتى إن شاء الله تعالى بعضه فى ترجمة أخيه شيخنا أبى اليمن، والشريف أبى الفتح الفاسى. وأجاز له من ثغر الإسكندرية جماعة منهم: وجيهة بنت على الإسكندرية.

_ 2 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 8/ 582).

وسمع على: عيسى بن عبد الله الحجى صحيح البخارى، وعلى الزين الطبرى، وعثمان بن الصفى، وأبى طيبة محمد بن أحمد بن أمين الأفهرى: سنن أبى داود بفوت من باب التختم فى اليمن أو اليسار إلى آخرها. ثم سمعها كاملة على عثمان بمفرده. وعلى أبى عبد الله الوادياشى: أكثر الموطأ رواية يحيى بن يحيى، والتيسير للدانى. وعلى المعظم عيسى بن عمر بن أبى بكر الأيوبى: الأحاديث السباعية والثمانية، تخريج ابن الظاهرى لمؤنسة خاتون بنت العادل أبى بكر بن أيوب. وغير ذلك على جماعة، وبعض ذلك بقراءته وحدث. سمع منه الأعيان، منهم: شيخنا القاضى جمال الدين ابن ظهيرة، وحدث عنه وقرأت عليه، وسمعت منه أشياء. وخلف أخاه الرضى فى الإمامة، ثم تركها لابنه الإمام رضى الدين أبى السعادات محمد فى أواخر عمره بنزول منه. وخطب فى وقت نيابة عن صهره القاضى كمال الدين أبى الفضل النويرى، وناب عنه فى العقود وعن أبيه القاضى محب الدين النويرى، ثم ترك. وكان فيه خير وإحسان إلى جيرانه، وكان يتأثر على تشييع الجنائز. ثم حصل له بآخره كسر من فرس رفسته، وتعلل بذلك مدة، ثم شفى على عرج أصابه، صار بسببه يمشى على عصاتين. وتوفى ليلة الأحد العشرين من ذى القعدة سنة خمس وتسعين وسبعمائة بمكة ودفن صبيحتها بالمعلاة. أخبرنى الإمام محب الدين أبو البركات محمد بن أحمد بن الشيخ رضى الدين الطبرى، بقراءتى عليه بمنزله بالسويقة بمكة: أن أبا العباس أحمد بن أبى طالب الصالحى أنبأه إذنا مكاتبة. وقرأت على مسند العصر أبى إسحاق إبراهيم بن محمد بن صديق الدمشقى بها وبالمسجد الحرام: أخبرنا أبو العباس الحجار سماعا، وأقر به عن أبى إسحاق إبراهيم بن عثمان الكاشغرى، والأنجب بن أبى السعادات الحمامى، وثامر بن مسعود بن مطلق، وأبى طالب عبد اللطيف بن محمد بن القبيطى، وأبى الحسن على بن محمد بن كبه، وأبى الفضل محمد بن محمد بن السباك، وزهرة بن محمد بن أحمد البغدادى، قالوا: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقى.

3 ـ محمد بن أحمد بن الرضى إبراهيم الطبرى

زاد الكاشغرى، وأبو الحسن على بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا مالك بن أحمد البانياسى، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن المجبر، قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى، قال: حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبى بكر الزهرى عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر رضى الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ على رجل، وهو يعظ أخاه فى الحياء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الحياء من الإيمان». أخرجه البخارى عن عبد الله بن يوسف التنيسى. وأبو داود عن عبد الله بن مسلمة القعنبى عن مالك. وأخرجه النسائى عن هارون بن عبد الله الحمال، عن معن ابن عيسى، وعن الحارث بن مسكين المصرى عن عبد الرحمن بن القاسم الفقيه، كلاهما عن مالك، فوقع لنا بدلا للبخارى عاليا بدرجة، ولأبى داود بدرجتين وغالبا بدرجتين بالنسبة إلى رواية النسائىرحمهم الله تعالى. 3 ـ محمد بن أحمد بن الرضى إبراهيم الطبرى: أخو الرضى والمحب المقدم ذكرهما. يكنى: أبا اليمن، ويلقب أمين الدين. سألته عن مولده فذكر ما يقتضى: أنه فى سنة ثلاثين وسبعمائة. وأجاز له من مصر مع إخوانه: مسندها يحيى بن يوسف بن المصرى، وأحمد بن أحمد الشارعى، وإبراهيم بن الخيمى وآخرون من أصحاب النجيب الحرانى، وأخيه العز، والمعين الدمشقى، وابن عزون وغيرهم. ومن الشام: أبو بكر بن الرضى، وزينب بنت الكمال والحافظان البرزالى والمزى وآخرون من أصحاب ابن عبد الدايم وغيره، يأتى ذكر بعضهم فى ترجمة شيخنا الشريف أبى الفتح الفاسى وغيره من شيوخنا. ومن مكة: جماعة، منهم: عيسى بن عبد الله الحجى. وسمع منه بعض الترمذى غير معين. وسمع من عثمان بن الصفى الطبرى: سنن أبى داود فى سنة سبع وأربعين. وسمع على الزين الطبرى والأفهرى، وابن المكرم: سنن النسائى بفوت غير معين. وسمع على ابن المكرم: فضل رجب للقطب القسطلانى، بسماعه منه وغير ذلك. وعلى عثمان بن شجاع الدمياطى: سيرة الحافظ الدمياطى عنه. وسمع عليه أيضا: المسلسل بالأولية، بسماعه من الدمياطى. وعلى الفخر النويرى،

_ 3 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 9/ 127).

والسراج الدمنهورى: موطأ بن بكير. وعلى أبيه الإمام شهاب الدين الطبرى، والحمال الواسطى: مسند الشافعى. وعلى المشايخ الأربعة: القاضى عز الدين بن جماعة، وتاج الدين ابن بنت أبى سعد، والشيخ نور الدين الهمدانى، والشيخ شهاب الدين الهكارى: بعض الترمذى، بسندهم الآتى ذكره. وتفرد بالسماع من الحجى والآقشهرى، والزين الطبرى، وعثمان الدمياطى، وعبد الوهاب الواسطى. وتفرد بإجازتهم خلا الحجى، وبإجازة جماعة منهم: قاضى المدينة شرف الدين الأميوطى، ومؤذنها الجمال المطرى، وبرهان الدين المسرورى، وخالص البهائى، وعلى بن عمر بن حمزة الحجار، والحسن بن على بن إسماعيل الواسطى، والعلامة مصلح الدين موسى بن أمير حاج الرومى، المعروف بملك العلماء شارح «البديع» لابن الساعاتى، وخضر بن حسن النابتى وغيرهم، وحدث. قرأت عليه كثيرا من الكتب والأجزاء، وسمعت منه. وسمع منه: صاحبنا الحافظ أبو الفضل بن حجر وغيره من المحدثين. وكان مشهورا بالخير يقصد للزيارة والتبرك. له وقع فى قلوب الناس مع الانقباض عنهم. وصحب جماعة من الفقراء والصالحين، وعادت عليه بركتهم. وكان منور الوجه. وأخبرنى صاحبنا الفقيه شهاب الدين أحمد بن إبراهيم المرشدى عن الفقيه أبى المسعود محمد بن حسين بن على بن ظهيرة الآتى ذكره أنه قال له ـ ما معناه ـ: رأيت النبىصلى الله عليه وسلم فى النوم بالحطيم حول الكعبة، فقال صلى الله عليه وسلم: «سلم على هذا ـ وأشار بيده إلى أبى اليمن الطبرى المذكور، وهو يطوف ـ فإنه من أهل الجنة». أو قال: «من سلم عليه دخل الجنة» هذا معنى ما حكاه لى شهاب الدين المرشدى عن أبى السعود. وفى ذلك منقبة للشيخ أبى اليمن المذكور. دخل أبو اليمن ديار مصر غير مرة، منها: فى سنة سبع وتسعين وسبعمائة، وفيها: ولى الإمامة بمقام إبراهيم بعد أخيه المحب شريكا لابن أخيه الرضى بن المحب وكان ينوب عن أخيه المحب فى الإمامة، ويؤم الناس فى صلاة التراويح فى كل سنة غالبا. واستمر على ذلك حتى نزل عن الإمامة عند وفاته لابنه الإمام أبى الخير. توفى فى تاسع عشر صفر سنة تسع وثمانمائة بمكة المشرفة، ودفن بالمعلاة.

4 ـ محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يعقوب بن أبى بكر جمال الدين، المعروف بابن البرهانى، الطبرى، المكى، الشافعى، الفقيه، المفتى

أخبرنى الشيخ الصالح الإمام أبو اليمن محمد بن أحمد بن الشيخ رضى الدين الطبرى قراءة عليه، وأنا أسمع: بانتخاب صاحبنا الإمام صلاح الدين خليل بن محمد الأقفهسى. 4 ـ محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يعقوب بن أبى بكر جمال الدين، المعروف بابن البرهانى، الطبرى، المكى، الشافعى، الفقيه، المفتى: سمع من الصفى والرضى الطبريين: صحيح البخارى، وغير ذلك على الرضى وغيره. وتفقه على الشيخ نجم الأصفوانى وغيره. وأخذ الفرائض عن الشيخ عبد الله اليافعى. ومن شيوخه فى العلم: العلامة مصلح الدين موسى بن أمير حاج الرومى، المعروف بملك العلماء. وكان فقيها فاضلا ديّنا، صالحا مباركا مشهورا بالخير. درس بالحرم الشريف وأفتى وحدث. سمع منه المحدث جمال الدين بن عبد الله بن حديدة فى سنة سبع وأربعين وسبعمائة. وشيخنا ابن شكر بعد ذلك وغيره من شيوخنا. وناب فى الخطابة عن التاج الخطيب الطبرى. وعن القاضى تقى الدين الحرازى. وناب فى العقود عن القاضى شهاب الدين الطبرى، والقاضى أبى الفضل النويرى. توفى ظهر يوم الخميس الثانى عشر من ذى القعدة سنة خمس وستين وسبعمائة بمكة ودفن بالمعلاة. هكذا وجدت تاريخ وفاته بخط شيخنا ابن شكر. 5 ـ محمد بن أحمد بن أحمد، يلقب بالجمال بن الشهاب بن الشهاب، ويعرف بقمر الدولة: نقلت هذا كله من حجر قبره بالمعلاة، وترجم فيه كل من والده وجده: بالقاضى. وفيه: أنه توفى يوم الأربعاء سابع شوال سنة ست وخمسين وسبعمائة. 6 ـ محمد بن أحمد بن إدريس بن عمر أبو بكر: ذكره ابن زبر فى وفياته. وذكر أنه توفى فى ذى الحجة سنة سبع وستين ومائتين بمكة. ولم يذكر من حاله سوى هذا، وما عرفت من حاله غير ذلك. 7 ـ محمد بن أحمد بن إسماعيل بن أحمد، يلقب بشرف الدين، ويعرف بالبدماصى المصرى: نزيل مكة. ذكر لنا: أنه من ولد أبى بكر الصديق رضى الله عنه، وأنه تعدل

8 ـ محمد بن أحمد بن إسماعيل الدمشقى، يلقب شمس الدين، ويعرف بابن الصعيدى، وبالأحدب المقرئ

بالقاهرة، وجلس للشهادة فى بعض الحوانيت بظاهرها، وجلس لذلك بمكة، وكتب الوثائق كثيرا ولم يحمد فى ذلك. وسمع بمكة من شيخنا ابن صديق وغيره من شيوخنا بمكة. وبها توفى فى حادى عشر ذى الحجة من سنة ثمان وثمانمائة بمكة ودفن بالمعلاة بعد أن جاور بمكة نحو عشر سنين متصلة بموته، وقد جاوز الأربعين فيما أحسب. 8 ـ محمد بن أحمد بن إسماعيل الدمشقى، يلقب شمس الدين، ويعرف بابن الصعيدى، وبالأحدب المقرئ: جاور بمكة مدة سنين، وانتصب للإقراء بالمسجد الحرام. وكان خيّرا مباركا. توفى يوم الجمعة السادس عشر من جمادى الأولى سنة تسع وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة، وقد بلغ الخمسين أو قاربها. 9 ـ محمد بن أحمد بن أمين بن معاذ بن سعاد الآقشهرى، يلقب، بالجلال، ويكنى: أبا عبد الله وأبا طيبة: روى عن الأستاذين: أبى جعفر بن الزبير الغرناطى، وناصر الدين أبى على المسدالى، وجماعة من أهل المغرب سماعا وإجازة عن جماعة من أهل المشرق منهم: العز الفاروقى. وسمع الكثير بالحرمين على الصفى والرضى، ومن جماعة كثيرين. عاش منهم بعده غير واحد. وخرّج لبعضهم. وله عناية كبيرة بهذا الشأن، إلا أنه لم يكن فيه نجيبا؛ لأن له تعاليق مشتملة على أوهام فاحشة. وله مجاميع كثيرة، وإلمام بالأدب، وحظ وافر من الخير. وقد حدثنا عنه غير واحد من شيوخنا. وجاور سنين كثيرة بمكة والمدينة، وبها مات فى سنة تسع وثلاثين وسبعمائة. وهو فى أثناء عشر الثمانين؛ لأنه ولد سنة أربع وستين وستمائة. كذا وجدت مولده بخط الذهبى. وترجمه: بنزيل مكة. 10 ـ محمد بن أحمد بن أبى بكر بن محمد بن سالم بن إبراهيم وقيل: أبو بكر بن أحمد بن سالم الحرانى شمس الدين المعروف: بابن القزاز: سمع من: عبد الأول بن على الواسطى جزءا من حديث طلحة بن يوسف. ومن محمد بن مقبل بن المنى: جزء ابن مقسم. ومن ابن الخيّر، ويحيى بن قميرة ببغداد. وبمصر: من ابن رواح، وابن الحميرى، والمرسى. وبحلب: من الحافظ يوسف بن خليل. وبحرّان: من المجد ابن تيمية. وبالحجاز وديار بكر، وحدث.

11 ـ محمد بن أحمد بن أبى بكر الخراسانى، أبو بكر، الصوفى، النجار

سمع منه: أبو العلاء الفرضى، والمزى، والبرزالى. وذكره فى معجمه وأثنى عليه. فقال: كان من أهل القرآن وكثير التلاوة، يتلوه فى غالب أيامه كل يوم ختمة، متعبدا حسن السمت، مليح الشيبة، ذا وقار وسكون. جاور بمكة زمانا وحج مرات. وقال: قرأت داخل الكعبة ألف وثلاثمائة وأربعا وخمسين ختمة. انتهى. وذكره الذهبى فى معجمه، وقال: كان حفظه للحكايات والملح، إلا أنه لا يوثق بنقله وسماعاته فصحيحة. انتهى باختصار. وتوفى فى العشر الأخير من ذى الحجة سنة خمس وسبعمائة بمكة برباط رامشت. ومولده بحران سنة ثمان عشرة وستمائة. ولشيخنا محمد بن أحمد بن عبد الله المعروف بابن عوض البيطار الصالحى منه إجازة. 11 ـ محمد بن أحمد بن أبى بكر الخراسانى، أبو بكر، الصوفى، النجار: نزيل بغداد، وسمع بمكة شيئا فى سنة أربع وخمسمائة: وروى عنه: أبو سعد السمعانى، وقال: كان رفيقى فى سفره إلى الشام، وخرجنا صحبته إلى زيارة القدس، وما افترقنا إلى أن رجعنا إلى العراق. وكان نعم الرفيق، شيخ، صالح، قيم بكتاب الله، دائم البكاء، كثير الحزن، جاور بمكة مدة. توفى فى ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. وله ثمانون سنة، انتهى. 12 ـ محمد بن أحمد بن جار الله بن زائد السنبسى المكى، يلقب بالجمال ابن الشهاب: ولد ـ فيما بلغنى ـ سنة ثمانين وسبعمائة، وعنى بحفظ القرآن الكريم، وتعلم الكتابة حتى انصلح خطه، وصار يكتب به الوثائق لنفسه وغيره. وعنى بالتجارة فحصل نقدا طائلا فيما قيل، وعقارا، وناله تعب فى بعض الأحايين ـ لغناه ـ من الدولة. ولما مرض مرضه الذى مات به: لقى فيه ألما عظيما لحرارة عظيمة اعترته فى جوفه. وأقام لذلك أياما وليالى منغمسا فى الماء، جالسا فى قدر من نحاس يسع جزورا فيما

13 ـ محمد بن أحمد بن جعفر بن على الديوانى المكى

قيل، وهو مع ذلك لا يستطيع شرب الماء، وامتنع من شربه اثنى عشر يوما، يؤتى به إليه ينظره ولا يكاد يسيغه. وفى مرضه هذا: طلق إحدى زوجتيه ثلاثا، قاصدا بذلك حرمانها الميراث من مخلفه، وتخصيص زوجته الأخرى بذلك. وبعد وفاته: ادعى عندى وكيل شرعى لزوجته التى طلقها بما صدر منه. فأجاب وكيل الزوجة الأخرى بإنكار ما ادعاه، وقال: طلقها فى صحته. فشهد عندى جماعة من الفقهاء: بطلاقه لزوجته ثلاثا فى حال مرضه، قاصدا بذلك حرمان المطلقة من الميراث. فحكمت لها بالميراث من مخلفه. ورام وكيل الزوجة الأخرى دفعها عن الميراث بزعمه أن المذكور كان طلق زوجته المشار إليها ثلاثا فى صحته، وأن عنده بذلك بينة. فلم يفده ذلك؛ لأن فى شرح ابن الحاجب الفرعى تحليل الجندى المالكى ما نصه: فرع: قال الباجى: لو مات فشهد الشهود أنه كان طلقها البتة فى صحته، فقد جعله ابن القاسم كالمطلق فى المرض؛ لأن الطلاق إنما يقع يوم الحكم، ولو لم يقع يوم الحكم لكان فيه الحد إذا أقر بالوطء وأنكر الطلاق. وهذا الذى علل به الباجى فى المدونة نحوه. انتهى باختصار. وكانت وفاة المذكور فى أوائل النصف الثانى من يوم الجمعة الرابع والعشرين من جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة بمكة المشرفة، ودفن بالمعلاة بكرة يوم السبت. سامحه الله تعالى. 13 ـ محمد بن أحمد بن جعفر بن على الديوانى المكى: كان خدم عنان بن مغامس بن رميثة أمير مكة فى ولايته الثانية على مكة. وخدم غيره من أمراء مكة. وبها توفى فى سنة ست وثمانمائة فى غالب الظن، وإلا ففى التى بعدها. ودفن بالمعلاة. * * * من اسمه محمد بن أحمد بن الحسن 14 ـ محمد بن أحمد بن الحسن بن عتبة بن إبراهيم بن أبى خداش بن عتبة بن أبى لهب القرشى الهاشمى: هكذا نسبه ابن حزم فى الجمهرة، وقال: ولى الصلاة بمكة. انتهى.

15 ـ محمد بن أحمد بن الحسن السجزى، أبو عبد الله المكى المقرى، ويعرف: بجو بكار

15 ـ محمد بن أحمد بن الحسن السجزى، أبو عبد الله المكى المقرى، ويعرف: بجو بكار: روى عن: الحافظ أبى موسى المدينى وغيره. سمع منه: ابن أبى الصيف. وحدث بالحرمين، وجاور بها حتى مات. ذكره ابن الدبيثى فى تاريخ بغداد. فإنه لم يذكر متى كانت وفاته ولا محلها وما عرفت وقتها، إلا أنه كان حيا فى سنة ست وتسعين وخمسمائة؛ لأن سليمان بن خليل العسقلانى قرأ فيها عليه رواية حفص عن عاصم، وأجاز له. كذا ذكر ابن مسدى فى معجم شيوخه. وهو معدود فى مشيخة الحرم بمكة، وبها توفى؛ لأنى وجدت بالمعلاة حجرا ملقى مكتوب فيه: هذا قبر الشيخ الصالح الإمام فخر الدين محمد بن أحمد بن حسين يعرف بجو بكار السجزى رحمه الله تعالى وهو المذكور. وتسمية جده: بحسين فى هذا الحجر تخالف ما ذكرناه أولا، والله أعلم بالصواب. 16 ـ محمد بن أحمد بن الحسن بن الزين محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد القسطلانى المكى، الحنفى، يلقب بالجمال: سمع بمكة: من الشيخ جمال الدين الأميوطى، وعبد الله النشاورى وغير هما. وسمع بمصر: من بعض شيوخنا بالسماع، وبالشام من بعض شيوخنا بالإجازة وأظنه سمع بمكة من عبد الرحمن بن الثعلبى. وله اشتغال بالعلم ونباهة. وكتب بخطه عدة كتب، وكتب الوثائق أيضا. توفى فى حادى عشر ذى الحجة سنة إحدى وثمانمائة بمنى، ودفن بالمعلاة فى صبيحة اليوم الثانى فى مقبرة أسلافه، وقد بلغ الأربعين أو قاربها. 17 ـ محمد بن أحمد بن سالم بن ياقوت المكى: المؤذن بالحرم الشريف. سمع من: عيسى الحجى به، والزين الطبرى. ومات فى حياة أبيه فى عشر السبعين وسبعمائة بالقاهرة بالخانقاة الصالحية، سعيد السعداء. سامحه الله تعالى. 18 ـ محمد بن أحمد بن أسعد، الإمام أبو عبد الله بن الفراء المعافرى، الأندلسى، الجيانى، المقرئ: أخذ القراءات عن مكى بن أبى طالب، وقرأ عليه جماعة. ومات بمكة سنة تسع وستين

19 ـ محمد بن أحمد بن سعيد بن فرقد أبو عمرو المخزومى

وأربعمائة بعد الحج والمجاورة. ذكره الذهبى فى طبقات القراء وتاريخ الإسلام، ومنها لخصت هذه الترجمة. 19 ـ محمد بن أحمد بن سعيد بن فرقد أبو عمرو المخزومى: مؤذن مسجد جدة. عن: عمر بن حفص البصرى. وعنه: ابن الأعرابى فى معجمه. 20 ـ محمد بن أحمد بن أبى سعيد المكى: أظن ظنا غالبا: أن المكى اسم لا صفة. وعليه قد لا تكون الترجمة هذه من شرط كتابنا هذا. فيحرر. الإمام أبو الفرج الأعرجى، شمس الأئمة، الخطيب، الفقيه، الحاسب، المدرس، المفتى، المناظر، الواعظ، الرئيس، المقدم، ذو المحاسن العديدة. وكان شيخ العلماء بخوارزم غير منازع، أكثر من خمسين سنة. وكان مائلا إلى الحديث. سمع من: شيخ القضاة إسماعيل بن البيهقى، ومن الزمخشرى وغيره. وكان ثقة عدلا. مات فى ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، وتزاحموا على سريره، وجاوز الثمانين. نقلت هذه الترجمة هكذا من خط الحافظ الذهبى، فيما انتقاه من المجلد الأول من تاريخ خوارزم للحافظ الرحال محمود بن محمد بن عباس بن أرسلان الخوارزمى. وذكر أنه نحو من ثمان مجلدات كبار. انتهى. 21 ـ محمد بن أحمد بن سنان بن عبد الله بن عمر بن مسعود العمرى، المكى: كان من أعيان القواد العمرة. توفى فى آخر سنة أربع، أو فى سنة خمس وثمانين وسبعمائة مقتولا فى الحمام بمكة، قتله بعض الأشراف. 22 ـ محمد بن أحمد بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى المخزومى، المكى الخطيب كمال الدين أبو الفضل بن قاضى مكة وخطيبها شهاب الدين: ولد فى حادى عشر ربيع الأول سنة ست وخمسين وسبعمائة بمكة.

_ 22 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 9/ 277).

من اسمه محمد بن أحمد بن عبد الله

وسمع بها على الفقيه خليل المالكى: جانبا معينا من آخر الموطأ، رواية يحيى بن يحيى. وعلى القاضى عز الدين بن جماعة: منسكه الكبير على المذاهب الأربعة والأربعين التساعية له، وجزء ابن نجيد، والبردة للبوصيرى عنه إجازة. وعلى ابن جماعة، والقاضى موفق الدين عبد الله الحنبلى: مسند عبد بن حميد بفوت، وعلى محمد بن أحمد بن عبد المعطى: صحيح ابن حبان. وأجاز له من مصر: ابن القطروانى، وابن الرصاص، والجزائرى، وناصر الدين الفارقى، وناصر الدين التونسى، وفتح الدين القلانسى، وآخرون. ومن دمشق: عبد الله ابن قيم الضيائية وآخرون. وحدث بمسموعاته أو أكثرها، وبأشياء كثيرة عن شيوخه بالإجازة. وناب فى الخطابة بمكة عن أبيه، وعن القاضى عز الدين النويرى. وباشر فى الحرم. وأضر بأخرة سنين، وكان دائم الدهر ملازما لبيته، كافيا للناس خيره وشره. وتوفى فى آخر ليلة الأحد خامس صفر سنة تسع وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. * * * من اسمه محمد بن أحمد بن عبد الله 23 ـ محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم، قاضى مكة، جمال الدين بن الشيخ محب الدين الطبرى المكى الشافعى، يكنى أبا عبد الله، وأبا محمد، وأبا أحمد: ولد يوم السبت سادس صفر سنة ست وثلاثين وستمائة بمكة. وسمع بها من ابن أبى حربى: صحيح البخارى. ومن شعيب الزعفرانى، وابن الحميرى: الأربعين الثقفية، والأربعين البلدانية للنسفى. وعلى ابن الحميرى: معجم الإسماعيلى، وسنن الشافعى رواية المزنى، وغير ذلك. وعلى جماعة. وحدث، أفتى، ودرس. وله تآليف، منها: «التشويق إلى البيت العتيق» فى المناسك، و «نظم كفاية المتحفظ» فى اللغة. وله نظم حسن. وناب فى الحكم بمكة عن قاضيها عمران بن ثابت الفهرى. ثم ولى قضاءها بعد

عمران فى صفر سنة ثلاث وسبعين وستمائة. ثم عزل نفسه سنة خمس وسبعين. ثم جاء أمر الملك المظفر صاحب اليمن بعوده فى سنة ست وسبعين. واستمر حتى مات فى غالب الظن، وولايته لبعض هذه المدة مخففة. وقد أثنى عليه غير واحد، منهم: البرزالى؛ لأنه ترجمه: بالقاضى العلامة. قال: وكان فقيها فاضلا، وله شعر جيد. ومنهم: الحافظ الذهبى؛ لأنه قال: كان متقنا للفقه والعربية. ومنهم: أحمد بن أيبك الدمياطى؛ لأنه قال: كان فاضلا فى علوم وترجح على والده. وذكر أنه توفى فى ذى القعدة سنة أربع وتسعين وستمائة. وهكذا ذكر وفاته البرزالى نقلا عن الشيخ عبد الله بن خليل المكى. وذكر أنه توفى بمكة، وأنه كان قاضيا بها مدة سنين. انتهى. وأرخ وفاته بهذه السنة الذهبى فى العبر، وفى تاريخ الإسلام، إلا أنه قال فى تاريخ الإسلام: مات فى ذى القعدة أو قبلها بعد أبيه بيسير. وقال فيه أيضا: أصابه فالج جده. وجزم فى العبر بوفاته قبل أبيه، وتبعه على ذلك الإسنائى فى طبقاته، وهو وهم منهما؛ لأنى وجدت بخط القاضى نجم الدين بن القاضى جمال الدين الطبرى المذكور كتابا ذكر فيه: أن المظفر صاحب اليمن زاد جده المحب الطبرى والد المذكور فى معلوم التدريس فى المدرسة المنصورية بمكة. ولم يزل ذلك مستمرا إلى أن مات أخذها الولد كذلك. والدلالة من هذا الكلام على أن المذكور توفى بعد أبيه ظاهرة. أنشدنى القاضيان أبو محمد بن أحمد بن عبد العزيز، وأبو العباس أحمد بن أبى عبد الله القرشيان إذنا بخطهما عن القاضى نجم الدين محمد بن القاضى جمال الدين محمد بن الشيخ محب الدين الطبرى، إجازة إن لم يكن سماعا. قال: أنشدنا والدى لنفسه قصيدة نبوية أولها: أنخ أيها الصادى الشديد ظماؤه ... ورد منهلا أحلا من الشهد ماؤه وسل عند باب المصطفى أى حاجة ... أردت وما تهوى فرحب فناؤه ولا تخش إذ أصبحت جارا لمن غدا ... كفيلا بأمن الخائفين التجاؤه ومنها: ليهنك يا قلبى فذا ثمر المنى ... بساحة خير المرسلين اجتناؤه

24 ـ محمد بن أحمد بن عبد الله بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى، المكى، جمال الدين، يكنى أبا الفضائل، وأبا عبد الله، المعروف بابن الصفى

وبشراك يا من حل فى ذاك الحمى ... وبل غليلا وانجلت بر حاؤه فيا قاصدنه قم أمام ضريحه ... وحسبك فخرا أن حواك إزاؤه وقبل وضع فى الترب خدك خاضعا ... ولذ عائذا واطلب وسل ما تشاؤه ففى ذلك النادى منى كل آمل ... وفيه لمن وافى عليلا شفاؤه لعمرك قد حلت مفاخر أحمد ... ونمت أياديه وعم ثناؤه ولم لا وهذا المجتبى من ذرى العلا ... وبيت لمحض المكرمات بناؤه خلاصة عز من لؤى بن غالب ... وجوهر إفضال تبدّا صفاؤه تغذى لبان المجد طفلا فأصدرت ... موارده ما كان منه ارتواؤه سما فى سموات السمو فأشرقت ... شموس سناه واستبان بهاؤه 24 ـ محمد بن أحمد بن عبد الله بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى، المكى، جمال الدين، يكنى أبا الفضائل، وأبا عبد الله، المعروف بابن الصفى: ولد فى سادس صفر سنة اثنتين وسبعمائة بمكة. وأجاز له من شيوخها فى سنة ثلاث وسبعمائة: أمين الدين بن القطب القسطلانى، والشرف يحيى بن محمد بن على الطبرى، وتفرد بإجازتهما وغيرهما من شيوخ مكة وغيرها. وسمع بها على الفخر التوزرى: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، ورواية أبى مصعب وصحيح مسلم، وجامع الترمذى، والشمائل له، والملخص للقابسى، والشفا للقاضى عياض، والثقفيات، والخلعيات، والقبلانيات، والقصائد الوترية لابن رشيد عنه، ومشيخة ابن الحميرى، والفوائد المدنية من حديثه عنه. وعلى جده لأمه الصفى الطبرى ـ وبه عرف ـ وأخيه الرضى: صحيح البخارى، وصحيح ابن حبان، خلا من قوله: ذكر البيان بأن عند وقوع الفتن على المرء محبة غيره ما يحبه لنفسه، إلى آخر الكتاب. فعلى الرضى فقط وعليهما: الثقفيات، والسادس، والسابع، والثامن من المحامليات، وثانى حديث سعدان، وجزء سفيان بن عيينة. وراجع الإعراب للنسائى، وفوائد العرائس للنقاش وغير ذلك. وعلى الرضى فقط جامع الترمذى بفوت، وتاريخ مكة للأزرقى وغير ذلك. وعلى أبى عبد الله بن محمد بن على بن قطرال، وأبى عبد الله محمد بن محمد بن حريث: كتاب الشفا للقاضى عياض. وعلى فاطمة وعائشة بنتى القطب القسطلانى: سداسيات الرازى وغير ذلك.

25 ـ محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد القاشانى الفقيه أبو زيد، المروزى، الشافعى

وعلى الرضى على بن بجير الشيبى: فضل رمضان لأبى اليمن بن عساكر، وغير ذلك على جماعة آخرين. وحدث بكثير من مسموعاته. وتفرد منها بأشياء. سمع منه جماعة من شيوخنا، منهم: الحافظان العراقى، والهيثمى، ونور الدين الفوى، وابن شكر، ووالدى، والقاضى جمال الدين بن ظهيرة وجماعة. وكان رجلا صالحا ديّنا. ولزم الشيخ عبد الله اليافعى مدة، وأخذ عنه الفرائض، وبرع فيها. واشتغل بالفقه كثيرا، ولم يتميز فيه. توفى فى تاسع عشر شهر رجب، سنة ست وسبعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 25 ـ محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد القاشانى الفقيه أبو زيد، المروزى، الشافعى: روى عن محمد بن يوسف الفربرى: صحيح البخارى. وحدث عنه بمكة. وجاور بها سبع سنين. وسمع من أصحاب على بن حجر. روى عنه: الدارقطنى وغيره. وأخذ الفقه عن أبى إسحاق المروزى. وعنه أخذ القفال المروزى. قال الخطيب: كان أحد أئمة المسلمين، حافظا لمذهب الشافعى، حسن النظر، مشهورا فى الزهد والورع. توفى يوم الخميس ثالث عشر شهر رجب سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة بمرو، قاله أبو نعيم. ومولده سنة إحدى وثلاثمائة، انتهى. وما ذكرناه من مجاورته بمكة سبع سنين ذكره صاحب المرآة نقلا عن الخطيب البغدادى، ولم أره فى تاريخه. وكذلك ذكره أيضا الإسنائى.

_ 25 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 3/ 76، 4/ 385 ـ 386، طبقات العبادى 93، تاريخ بغداد 1/ 314، طبقات الشيرازى 115، تبيين كذب المفترى 188 ـ 190، المنتظم 7/ 112، وفيات الأعيان 4/ 208 ـ 209، دول الإسلام 1/ 229، تاريخ الإسلام 4/ 4، العبر 2/ 360، الوافى بالوفيات 2/ 71 ـ 72، طبقات السبكى 3/ 71 ـ 77، طبقات الإسنوى 2/ 379 ـ 380، البداية والنهاية 11/ 299، طبقات ابن هداية الله 96 ـ 97، هدية العارفين 2/ 50، سير أعلام النبلاء 16/ 313).

26 ـ محمد بن أحمد بن عبد الرحمن القرشى، العلامة الكبير، شمس الدين، المعروف بابن خطيب بيرود، الدمشقى، الشافعى

26 ـ محمد بن أحمد بن عبد الرحمن القرشى، العلامة الكبير، شمس الدين، المعروف بابن خطيب بيرود، الدمشقى، الشافعى: ولد سنة إحدى وسبعمائة. سمع على ما ذكر من الحجار ووزيره: صحيح البخارى. وتفقه على فقيه الشام البرهان بن الفركاح وغيره. وأخذ الأصول عن الشيخ شمس الدين الأصبهانى، شارح مختصر ابن الحاجب وكانت له فيه يد طولى مع معرفة جيدة بالفقه والأدب. وأفتى ودرس بمشهد الإمام الشافعى رضى الله عنه، بالقرافة وبالجامع الحاكمى، بعد الشيخ شمس الدين بن اللبان. ثم ترك ذلك للشيخ بهاء الدين أحمد بن الشيخ تقى الدين السبكى. وعوضه عنه أخوه القاضى حسين بن القاضى تقى الدين السبكى بدرس الشامية البرانية ظاهر دمشق. فباشرها مدة سنين، ثم تركها. وتوجه إلى الحجاز فى موسم سنة ستين وسبعمائة. وجاور بمكة نحو ثلاث سنين، على ما أخبرنى به بعض أقاربه. وكان جاور بها قبل ذلك فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة. ثم توجه إلى مصر، ثم عاد إلى مكة وجاور بها، ثم عاد إلى مصر، ثم توجه إلى مكة. وقد ولى قضاء المدينة بعد الحكرى، وباشره نحو سنتين ثم عاد إلى مصر بعد الحج من سنة ثمان وستين. وولى بها تدريس مدرسة أم الملك الأشرف صاحب مصر. ثم توجه إلى دمشق فى سنة إحدى وسبعين، وعاد فى آخرها إلى تدريس الشامية البرانية بعد موت القاضى تاج الدين السبكى، واستمرت معه حتى مات. وكان سئل فى تركها لمن فيه أهلية وافرة من جهة العلم على عوض. فتوقف تورعا. وكانت وفاته فى سادس عشر شوال سنة سبع وسبعين وسبعمائة بدمشق، ودفن بباب الصغير. سامحه الله تعالى. 27 ـ محمد بن أحمد بن عبد الرحمن، الدمشقى الأصل، المدنى المولد والدار، الشافعى الإمام، المفنن، أبو الفضائل جمال الدين، المعروف بابن الشامى: سمع بالمدينة من العفيف المطرى، وتخرج به، وبدمشق من عمر بن أميلة. وبمصر من جويرية بنت الهكارى وغيرها. وله عناية بهذا الشأن، وكتب فيه طباقا عديدة.

_ 26 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 8/ 437).

28 ـ محمد بن أحمد بن الوجيه عبد الرحمن بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى، الخزرجى، المكى، المعروف بالوجيه. وهى شهرة جده

وأخذ الفقه عن العلامة عماد الدين إسماعيل بن خليفة الجبائى بدمشق، وأذن له فى الإفتاء والتدريس. وكان فاضلا فى فنون، وله خط حسن. وتوفى فى يوم الثلاثاء فى نصف صفر سنة تسع وسبعين بمكة. ودفن بالمعلاة، ولم يكمل الأربعين. 28 ـ محمد بن أحمد بن الوجيه عبد الرحمن بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى، الخزرجى، المكى، المعروف بالوجيه. وهى شهرة جده: سمع على الشيخ خليل المالكى وغيره بمكة. وتوفى بها فى أوائل شعبان سنة ست وثمانمائة، ودفن بالمعلاة عن أربع وثمانين سنة؛ لأنه ولد فى سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة، على ما أخبرت به عنه، وكان يدعى بآخره سنا أعلا من هذا. والله أعلم. 29 ـ محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن بن القاسم بن عبد الله، الهاشمى، العقيلى: قاضى مكة، وخطيبها، وعالمها، كمال الدين أبو الفضل، النويرى، الشافعى. ولد ليلة الأحد مستهل شعبان سنة اثنين وعشرين وسبعمائة بمكة. وسمع بها من جده لأمه القاضى نجم الدين الطبرى: بعض السيرة لابن إسحاق، تهذيب ابن هشام. وأجاز له ومنه القاضى زين الدين الطبرى، وعيسى الحجى، وغيرهما: جامع الترمذى، وعلى الحجى: صحيح البخارى، فى سنة ثلاث وثلاثين. وبالمدينة من الزبير الأسوانى: الشفا للقاضى عياض، وغير ذلك على غيرهم بالحرمين. كما سيأتى فى ترجمة أخيه القاضى نور الدين النويرى. ثم رحل فى طلب العلم. فسمع بدمشق من مسندها أحمد بن على الجزرى: جزء آدم بن أبى إياس، وعلى الحافظ أبى الحجاج المزى: مجلسا من أماليه، فيه حديث «الأعمال بالنيات» (1). ومقطوعان له أحدهما: فى ثواب عيادة المريض. والآخر: فى

_ 29 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 8/ 502). (1) أخرجه البخارى فى صحيحه حديث رقم (1) من طريق: حدثنا الحميدى عبد الله بن الزبير، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأنصارى، قال: أخبرنى محمد بن ـ

مذاكرة العلم. وحدث عنه بصحيح البخارى سماعا، خلا فوتا شملته الإجازة، وعلى القاضى شمس الدين محمد بن أبى بكر النقيب: الأربعين الحديثية، لشيخه شيخ الإسلام محيى الدين النواوى عنه. وتفقه عليه، وعلى قاضى دمشق العلامة تقى الدين على بن الكافى السبكى. وأخذ العلم أيضا عن التاج المراكشى بدمشق. وبمكة عن: الشيخ جمال الدين بن هشام، أخذ عنه العربية. والشيخ ولى الدين المعروف بالمنفلوطى، أخذ عنه فنونا من العلم، وانتفع به فى ذلك كثيرا، وبالتاج المراكشى. وحصل من العلم على أوفر نصيب، رقى به أعلا الذروة، واشتهر ذكره، وبعد صيته، وصار المنظور إليه ببلده، بل بالحجاز كله، ودرس، وأفتى، وناظر، وحدث. وناب فى الحكم عن خاله القاضى شهاب الدين الطبرى. ثم ولى قضاء مكة بعد صرف القاضى تقى الدين الحرازى، فى أثناء سنة ثلاث وستين وسبعمائة. وباشر ذلك من استقبال رمضان هذه السنة، واستمر على ذلك حتى مات. وولى مع ذلك خطابة الحرم ونظره. وكان يعبر عن نظره فيما مضى بمشيخة الحرم وحسبة مكة، وتدريس الثلاثة مدارس التى لملوك اليمن بمكة، وهى المنصورية، والمجاهدية، والأفضلية. وهو أول من درس بالأفضلية، وكان يسكن بها، وإليه نظر هذه المدارس. وولى تدريس درس بشير الحمدار مشافهة منه. ودرس الحديث لوزير بغداد، ودرس

_ ـ إبراهيم التيمى أنه سمع علقمة بن وقاص الليثى يقول: سمعت عمر بن الخطاب رضى الله عنه المنبر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه». وأخرجه مسلم فى صحيحه حديث رقم (4880) باختلاف فى اللفظ، من طريق: حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب، حدثنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن علقمة ابن وقاص، عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه». وأخرجه ابن ماجة فى سننه باب النية حديث رقم (4315). وأخرجه الترمذى فى سننه حديث رقم (1652).

الفقه للملك الأشرف شعبان، صاحب مصر. ولم تجتمع هذه الوظائف لأحد قبله من قضاة مكة، وبعضها لم يكن إلا فى زمنه. واستمر على ولايته لجميع ذلك إلى أن مات، إلا أنه صرف عن المدارس قبيل وفاته، ولم يصل الخبر بذلك إلا بعد مماته. وكان السبب الأعظم فى عزله عن المدارس: أنه منع القاضى زكى الدين الخروبى تاجر الخواص السلطانية بالديار المصرية؛ إذ كان مجاورا بمكة فى سنة خمس وثمانين وسبعمائة من تحصيب المسجد الحرام، وقال له: لا يكون هذا إلا من مال السلطان، يعنى: صاحب مصر. وعارضه أيضا فى غير ذلك من مراده بمكة، فشق ذلك على الخروبى كثيرا وأحب إيذاء المذكور، وما وجد إلى ذلك سبيلا إلا من جهة المدارس بمكة، وأمرها لصاحب اليمن. وكان إذ ذاك الملك الأشرف إسماعيل بن الأفضل عباس بن مجاهد على بن المؤيد داود بن المظفر يوسف بن المنصور عمر بن على بن رسول. وكان للخروبى عند الأشرف مكانة لقيامه بمصالحه فى التجارة وغيرها بمصر. ولما عرف الأشرف رغبته فى ذلك، عزل المذكور عن ذلك. وكان قبل ذلك وشى إليه بعض الناس بهذا القاضى. فما قبل فيه قول الواشى، وكتب إليه بخطه يقول له: أنت على نظرك وتدارسك، لا يقبل فيك نقل ناقل، كيف والقول فيه مكذوب. هذا معنى ما بلغنى من كتابة الأشرف إلى القاضى. وكان يصل إليه من الأشرف صلة طائلة فى موسم كل سنة، بسبب خطبته له بمكة، وقيامه بالهدى عنه بمنى، وهدية يهديها القاضى إليه. وبلغنى: أنه وصل إليه من الأشرف بسبب ذلك فى بعض السنن سبعة وعشرون ألف درهم. وما ظفر بذلك من صاحب اليمن قاض بعده. وغاية ما ظفر به بعضهم نحو ثلث ذلك وأقل. ثم انقطع ذلك مع ما كان يصل لأمير مكة والمؤذنين، وما جرت به العادة من مدة خمس سنين متوالية، أولها: سنة أربع عشرة وثمانمائة، لتغير صاحب اليمن الملك الناصر أحمد بن الأشرف على صاحب مكة.

وكان أميرا بمكة فى عصر عجلان وابنه أحمد يراعيانه كثيرا، لتحققهما أن له عند المصريين قدرا خطيرا وكان يراعيهما فيما ليس فيه ملامة؛ لأنهما سألاه فى الخطبة بمكة لصاحب العراق شيخ أويسى لما وصلهما منه هدية سنية، ففعل ذلك وقتا، ثم ترك ذلك حتى الآن. وكان يقول ولاة الحكم بمكة: أمر أهل الحرم إلىّ، فلا يعرضوا لهم بحكومة، ويكفهم عن ذلك كثيرا. فعز أهل الحرم عند الدولة بذلك. وكان السيد أحمد بن عجلان يتردد إليه كثيرا لما يعرض له من الحوائج عنده، فيجتمعان بأسفل الأفضلية، وربما أمر القاضى باطلاعه إليه إلى مجلسه بوسط الأفضلية، فيفعل ذلك السيد أحمد بن عجلان بمشقة عظيمة لثقله باللحم. وأثر ذلك فى نفسه شيئا مع تأثيره من معارضة القاضى له فى بعض مقاصده، وحمله ما فى نفسه من الأثر على أن مكن بعض الناس من الإساءة بالقول على القاضى بحضرتهما وحضرة ملأ من الناس، فعرف القاضى أن ذلك أمر صنع بليل، وأنه عليه كثير الميل. فألزم نفسه الصبر، ليفوز بما فيه من الأجر، وكان على الأداء صبورا، وعند الناس مشكورا، ولم يكن يطمع بوظيفة القضاء فيما مضى. وبلغنى أنه قال للنجاب حين جاءه مبشرا بذلك: المراد غيرى ـ يعنى الحرازى ـ لأنه ظن أن الذى مع النجاب استمرار الحرازى. فما كان إلا له، وصدق بذلك ما بشره به خطيب دمشق جمال الدين محمود بن جملة؛ لأنه كان قال له فى حياة خاله: بينا أنا بين الركنين خطر لى أنك تكون قاضيا بمكة، فاستبعد ذلك لضعف حاله فلما مات خاله جاءه كتاب المذكور من دمشق يقول له فيه: بلغنا موت القاضى شهاب الدين الطبرى، وصلينا عليه صلاة الغائب، وما كان لك سوف يصلك على ضعفك وإن كرهت، أو قال: وإن عجزت. هذا معنى ما بلغنى من كتابه. وأول ما سعى له فى الخطابة بمكة، وكتب له محضرا ليقف عليه من له الكلام فى الولاية فيعرف أهليته لذلك، وكتب فيه جماعة من جلة علماء الديار المصرية ـ إذ ذاك ـ وهم: الشيخ شهاب الدين أحمد بن النقيب صاحب مختصر الكفاية، والشيخ جمال الدين عبد الرحيم الأسنوى صاحب المهمات وغيرها، والشيخ بهاء الدين بن الشيخ تقى الدين السبكى، وهو المحرك لهذه القضية.

ولما سعى له فى الخطابة عند من له الكلام، قال: إن كان يصلح لجميع الوظائف فيولاها، فعرف بأهليته لذلك، فأشار بولايته لجميع ذلك، فتم ذلك. وكان ذا يد طولى فى فنون من العلوم مع الذكاء المفرط والفصاحة والإجادة فى التدريس والإفتاء والخطبة، ووفور العقل والجلالة عند الخاصة والعامة. ومع ذلك فهو كثير التواضع مع الفقراء وأهل الخير، مكرما لهم. وحصل له بذلك خير كثير ولأولاده. وكان كثير المروءة والمكارم؛ لأنه كان يخدم الأعيان الواردين إلى مكة بما يليق بجلالهم، وربما هادى بعضهم إلى بلده. وكان يديم البر لجماعة من أقاربه وغيرهم من أهل الخير. وكان يقوم بكلفة كثير ممن يسافر معه إلى الطائف وإن كثروا، وتكرر ذلك منه مرات. وقام أيضا عمن سافر معه إلى المدينة النبوية بكثير من الكلف، وآخر قدماته إليها فى موسم سنة ثمانين وسبعمائة، وجاور بها إلى أثناء السنة التى بعدها وخطب فى بعض هذه المدة بالحرم النبوى، وأم الناس به نيابة عن ولده خال قاضى الحرمين محب الدين النويرى. وكان إذ ذاك قاضى المدينة وخطيبها وإمامها، وقل أن اتفق ذلك لغيرهما، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. وتيسر لكل منهما ما لم يتيسر للآخر. فما تيسر للأب سعة الرزق عليه بأخرة، بحيث أنه مات ولا دين عليه، وهذه نعمة عظيمة، سيما ببلاد الحجاز، فقل أن اتفق ذلك فيه لرئيس، وخلف تركة غير طائلة، وهو جدى لأمى. توفى يوم الثلاثاء ثالث عشر شهر رجب سنة ست وثمانين وسبعمائة، وهو متوجه من الطائف إلى مكة، فنقل إليها، ودفن بالمعلاة بعد الصلاة عليه بالحرم الشريف. وكان يخيل له: أنه يموت فى مرضه هذا؛ لأن منجما بالشام أخبره بنيله رياسة بلده فنال ما سبق، وبمبلغ سنه. فذكر قوله لما ابتدأ به المرض، وحسب عمره فإذا هو موافق لقول المنجم، فتم عليه الفناء المتحتم. أخبرنى جدى لأمى قاضى القضاة كمال الدين أبو الفضل النويرى إذنا، وأخوه القاضى نور الدين على بن أحمد سماعا غير مرة: أن المعظم عيسى بن المغيث عمر بن العادل أبى بكر بن الكامل محمد بن العادل أبى بكر بن أيوب أخبرهما سماعا بالحرم

الشريف، قال: أخبرتنا السيدة مؤنسة خاتون بنت الملك العادل أبى بكر بن أيوب سماعا، قالت: أخبرتنا أم هانى عفيفة بنت أبى بكر أحمد بن أبى عبد الرحمن بن أبى بكر محمد الأصبهانية إجازة من أصبهان قالت: أخبرتنا أم إبراهيم فاطمة بنت أحمد بن القاسم الجوزدانية، قراءة عليها وأنا أسمع، قالت: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ربذة التاجر، قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير الطبرانى الحافظ، قال: حدثنا أبو مسلم الكشى قال: حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد عن أيمن ابن نايل عن قدامة بن عبد الله رضى الله عنه، قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمى جمرة العقبة على ناقة صهباء لا ضرب ولا طرد ولا جلد ولا إليك إليك». وبه إلى مؤنسة قالت: وأخبرنا أبو الحسن المؤيد بن محمد بن على الطوسى النيسابورى فى كتابه إلينا من نيسابور، قال: أخبرنا فقيه الحرم الشريف أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد بن محمد الصاعدى الفراوى، قراءة عليه وأنا أسمع بنيسابور. وبه إلى مؤنسة قالت: وأخبرنا أبو روح عبد العزيز بن محمد بن أبى الفضل الهروى البزاز فى كتابه إلينا من هراة. قال: أخبرنا أبو القاسم تميم أبى سعيد الجرجانى، قراءة عليه وأنا أسمع بهراة. وبه إلى مؤنسة، قالت: وأخبرتنا أم المؤيد زينب بنت أبى القاسم عبد الرحيم بن الحسن الشعرى الجرجانى فى كتابها إلينا من نيسابور، قالت: أخبرنا أبو محمد إسماعيل ابن أبى القاسم بن أبى بكر بن عبد الرحمن بن القارئ، قراءة عليه وأنا أسمع بنيسابور، قالوا: أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد بن مسرور الزاهد، قال: أخبرنا أبو عمرو إسماعيل بن مجيد بن أحمد السلمى، قال: حدثنا أبو مسلم الكجى، قال: حدثنا أبو عاصم عن أيمن بن نايل عن قدامة بن عبد الله رضى الله عنه، قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة صهباء يرمى الجمرة ولا ضرب ولا طرد ولا جلد ولا إليك إليك».

_ (2) أخرجه أحمد فى المسند حديث رقم (15044) باختلاف فى اللفظ، من طريق عبد الله: حدثنى أبى، ثنا موسى بن طارق أبو قرة الزبيدى من أهل الحصيب وإلى جانبها رمع وهى قرية أبى موسى الأشعرى، قال أبى: كان أبو قرة قاضيا لهم باليمن، قال: ثنا أيمن بن نايل أبو عمران، قال: سمعت رجلا من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم يقال له: قدامة ـ يعنى ابن عبد الله ـ يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة يوم النحر، قال أبو قرة: وزادنى سفيان الثورى فى حديث أيمن هذا على ناقة صهباء بلا زجر ولا طرد ولا إليك إليك. وأخرجه الدارمى فى سننه حديث رقم (1902).

30 ـ محمد بن أحمد بن عبد القوى نجم الدين بن ضياء الدين الإسنائى

وأخبرنيه بهذا العلو مع الاتصال: أم عيسى مريم بنت أحمد بن محمد الأذرعى بقراءتى عليها بمنزلها ظاهر القاهرة فى الرحلة الأولى: أن أبا الحسن على بن عمر بن أبى بكر الصوفى أخبرها سماعا فى الخامسة وتفردت عنه، قال: أخبرنا العلامة شرف الدين محمد بن عبد الله بن أبى الفضل المرسى، قال: أخبرنا الأشياخ الثلاثة المؤيد بن محمد الطوسى، وأبو روح عبد العزيز محمد الهروى، وأم المؤيد زينب عبد الرحمن الشعرى بسندهم السابق. أخرجه الترمذى فى الحج من جامعه عن أحمد بن منيع عن مروان بن معاوية. وأخرجه النسائى فيه من سننه عن إسحاق بن إبراهيم. وأخرجه ابن ماجة فيه من سننه عن أبى بكر بن أبى شيبة كلاهما عن وكيع كلاهما عن أيمن بن نايل. فوقع لنا عاليا بحمد الله ومنه. أنشدنى جدى لأمى القاضى أبو الفضل النويرى إجازة، وأبو عبد الله محمد بن على البكرى بقراءتى عليه: أن الحافظ أبا الحجاج المزى أنشدهما لنفسه، سماعا لجدى وإجازة للبكرى: من حاز العلم وذاكره ... صلحت دنياه وآخرته فأدم للعلم مذاكرة ... فحياة العلم مذاكرة وأنشدنى المذكوران كما سبق ذكره: أن الحافظ أبا الحجاج المزى أنشدهما لنفسه: إن عاد يوما رجل مسلم ... أخا له فى الله أو زاره فهو جدير عند أهل النهى ... بأن يحط الله أو زاره 30 ـ محمد بن أحمد بن عبد القوى نجم الدين بن ضياء الدين الإسنائى: ذكره الشيخ جمال الدين الإسنائى فى طبقاته، فقال: كان عالما فاضلا فى علوم كثيرة، صالحا، زاهدا، قواما فى الحق. قرأ فى صباه بقوص على قاضيها نور الدين الإسنائى، ثم رحل إلى القاهرة، فلازم الاشتغال (1) بها ملازمة كثيرة شديدة، بحيث كان يبحث فى اليوم والليلة على المشايخ نحو اثنا عشر درسا فى عدة من العلوم، ويحرر فى باقى الليل ما كان قد بحثه فى ذلك اليوم.

_ ـ 30 (1) يقصد الإقبال على التعليم.

31 ـ محمد بن أحمد بن عثمان بن عجلان ـ بكسر العين ـ القيسى الأشبيلى

وأقام على ذلك مدة، ثم عاد إلى بلده ودرس فيها بالمدرسة الإفرمية المعزية، وبالمدرسة المحدثة، وبجامعها العتيق. وانتصب للاقراء والتصنيف، فانتفع به كثيرون. وصنف تصانيف كثيرة فى علوم متعددة، منها: كتاب جامع الأصول على أبواب الفقه، ثم ترك ذلك. وجاور بمكة ـ شرفها الله تعالى ـ ولزم العبادة، وخشونة العيش، ومجاهدة النفس، ومجالسة أهل القلوب. إلى أن توفى بمنى ليلة الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من ذى الحجة سنة ثلاث وستين وسبعمائة عن نحو سبعين سنة. ونقل إلى المعلاة وشهد جنازته خلق كثير. انتهى. وذكره الشيخ زين الدين العراقى فى ذيله على ذيل والده على العبر للذهبى. 31 ـ محمد بن أحمد بن عثمان بن عجلان ـ بكسر العين ـ القيسى الأشبيلى: ولد سنة ثمان وأربعين وستمائة فى صفر. وأجاز له ـ باستدعاء أبيه ـ مسند تونس أبو الحسين أحمد بن محمد بن السراج، وحدث عنه ببعض الروض الأنف للسهيلى عنه. سمع ذلك منه بمصر الحافظ أبو الفتح بن سيد الناس اليعمرى بقراءته. وحكى عنه: أنه قيد جده عجلان ـ بكسر العين. وذكر ابن سيد الناس أنه توفى سنة أربع وعشرين وسبعمائة بمكة بعد الحج. وذكر القطب الحلبى فى تاريخه: أنه توفى بمكة فى آخر عام أربع وعشرين وسبعمائة أو فى أوائل عام خمسة وعشرين وسبعمائة. ووجدت بخط المحدث جمال الدين إبراهيم بن القطب الحلبى، فى تاريخ أبيه فى ترجمة المذكور: أنه توفى وهو متوجه إلى الحج قريبا من عقبة أيلة (1)، فى سنة أربع وعشرين. ونقل ذلك عن أبى البركات الفاسى. 32 ـ محمد بن أحمد بن عثمان بن عمر التونسى، العلامة، المفنن، البارع، أبو عبد الله، المعروف بالوانوغى: نزيل الحرمين الشريفين. ولد ـ فى غالب ظنى ـ سنة تسع وخمسين وسبعمائة بتونس، ونشأ بها.

_ 31 ـ (1) أيلة: بالفتح: مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلى الشام، وقيل: هى آخر الحجاز وأول الشام. انظر: معجم البلدان، (إيلة)، الروض المعطار 70، 71، رحلة الناصرى 201، 202. 32 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 9/ 203، بغية الوعاة 13، الضوء اللامع 7/ 3، الأعلام 5/ 331).

وسمع بها من مسندها ومقرئها أبى الحسن بن أبى العباس البطرنى فى خاتمة أصحاب الأستاذ أبى جعفر بن الزبير بالإجازة. وله من البطرنى إجازة بجميع ما يرويه. وسمع من مفتى تونس وعالمها الشيخ أبى عبد الله محمد بن عرفة الورغمى، وأخذ عنه: التفسير والفقه فى التهذيب للبرادعى، وفى مختصرى ابن الجلاب وابن الحاجب، وفى تأليف شيخه ابن عرفة فى الفقه. سمع عليه أكثره، وأخذ عنه: المنطق والأصلين. وأخذ عن القاضى ولى الدين عبد الرحمن بن خلدون، المنطق والأصلين وعلوم الحساب والهندسة. وأخذ عن الشيخ أبى العباس: القضاء، والنحو فى عدة كتب، وأخذه عن غيره. وله بالعلم أتم عناية. وكان ذا معرفة بالتفسير، والأصلين، والمنطق، والعربية، والفرائض، والحساب، والجبر، والمقابلة وأما الفقه: فمعرفته به دون ما سبق. وكان إذا رأى شيئا وعاه وقرره، وإن لم يسبق له به عناية. وكان يعينه على ذلك ما منحه من شدة الذكاء وسرعة الفهم. وكان حسن الإيراد للتدريس والفتوى، وعلى كثير من الكلام يقوى. ويحفظ نكتا ظريفة وأشعارا لطيفة، وينشدها بصوت حسن. وفيه مروءة ولطف فى المعاشرة. وله تأليف على قواعد شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام الشافعى. ذكر أنه زاد عليه فيما أصله فوائد كثيرة، ورد عليه كثيرا مما قاله، وأوقفنى على موضع من ذلك يتعلق بفضل مكة والمدينة، فرأيت فيه ما ينتقد فى مواضع منه، ولا أبعد أن يكون فيه كثير من هذا المعنى. وله سؤالات فى فنون من العلم، تشهد بفضله، وهى عشرون سؤالا بعثها من المدينة يتعرف جواب علماء الديار المصرية عنها، فتصدى للجواب عنها مولانا وشيخنا قاضى القضاة شيخ الإسلام جلال الدين بن مولانا شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى، أمتع الله بحياته، ورد عليه كثيرا مما قاله فيها. ووصل ذلك إلى المذكور. فذكر لى أنه رد ما ذكره شيخ الإسلام. وله فتاوى كثيرة متفرقة لم يسدد فى كثير منها لمخالفته فى ذلك المنقول، ومقتضى القواعد.

وقد بينت أشياء من ذلك فى عدة من أجوبته، وما وقف إلا على بعض ذلك. وأجاب عنه بما لا يخلو من نظر، وثم عليه فى بعضها تناقض ظاهر لاختلاف جوابه فى الواقعة الواحدة. ويقال: إنه كان يقصد بذلك مراعاة خواطر السائلين. وهذا مما عيب عليه. وعيب عليه أيضا كثرة إطلاقه للسانه فى أعيان من العلماء. وقد سمعت منه أشياء من ذلك. منها: أنه قال: إن شراح مختصر ابن الحاجب فى الفقه لم يفهموه. وسمعت بعض الناس يذكر له كلاما للشيخ أبى محمد بن أبى حمزة فى الإعراض عن كتاب الزمخشرى فى التفسير والإقبال على تفسير ابن عطية وغيره من علماء السنة. فقال: هذا الكلام ما يسوى حبة. وسألته عن كلام العراقى فى الأصول فلم يحمده. وسمعته كثيرا لا يثبت لشيخه ابن عرفة فى أكثر الفنون كثير معرفة. وكان لتآليف ابن عرفة يعيب. وأكثر ظنى: أنه فى ذلك غير مصيب. ووجدت بخط الوانوغى من الزلل فى حق العلماء أكثر مما سمعت منه. وذلك فى وريقات ذكر فيها اشتغاله بالعلوم لسؤال بعض الناس له عن ذلك. فمما فيها ـ بعد ذكره مختصر ابن الحاجب الفرعى ـ: ولم يوفق أحد من شراحه إلى شرحه كما ينبغى، بل كلها أفسده وأفسد مسائله. وبادر إلى الاعتراض عليه وإلى تخطئته، ولم يقع على الغرض الذى قصده المصنف، ثم قال: وله اصطلاحات وعبارات شرحها الشراح مفرقة، وشرحها بعضهم مجموعة لم يصادفوا فيها المقرر، ولا أصابوا شاكلة الرمى. وقد سمعت قراءة هذا الكتاب على الشيخ ابن عرفة مرارا. وكانت قراءته فيه هينة، وقراءته للمدونة أحسن، وكان مولعا بالرد عليه وعلى شارحه ابن عبد السلام. وسمعت على الشيخ ابن عرفة كتاب مسلم، سماع تفهم وبحث. ولم يكن له اشتغال بعلم الحديث، فلم ينظر فيه نظر المحدث باصطلاح المعروف إنما يتكلم عليه ببعض ما ذكره صاحب الإكمال، وهو أحسن ما عليه. وبعده القرطبى على مختصره. وأما شرح النووى: فقليل الفائدة مع الطول المسئم.

وسمعت ابن عرفة يقول: لقد أتعب الناس فى نسخه، فهلا كتب كراسة فقط بما زاد على القاضى من ضبط الأسماء المشكلة، وكفى الناس المؤنة. وفيه مواضع كنت أنبه عليها وقت القراءة. ثم قرأت مختصر ابن الحاجب فى الأصول على أشياخ، وما رأيت منهم من شق له غبارا، وإنما يقرؤنه بالسلاطة وقوة الجأش. ثم قال: وعلى كثرة شروحاته، فهو محتاج إلى الشرح؛ لأنهم فى مواضع لا يفصحون بشرحها، بل يتركونها كما هى بينهم عموم وخصوص فى تفسير المسائل. وقد تكلمنا على كثير من مسائله المشكلة المهملة عند الشراح. وقد ألف الناس بعده فلم يبلغوا شأوه. ألف البيضاوى: كتاب المنهاج، سلك فيه طريقة الإمام الرازى على عادته. وألف ابن الساعاتى، وتبع فى ذلك طريقة الآمدى، وقصد حل كثير من أسئلة ابن الحاجب والرد عليه فى كثير من الأدلة بزعمه، فلم يصادف الغرض. وأصعب الطرق فى الأصول طريقة الحنفية. قرأت فيه كتاب ابن الساعاتى وأقرأته، وللتفتازانى على كتاب التوضيح لصدر الشريعة كتاب جليل. وإنما أتوا فى طريقهم من النظر فى الألفاظ مجردة عن اعتبار ما سيقت له، ومن عدم مساعدة الطبع والذوق، وليحترز الناظر فى البرهان من زلة ذكرها فى أول كتابه يقول: إنه اجتمع يوما مع ابن سينا، فتكلم معه فى تعليق العلم القديم بالجزئيات، فأورد عليه شبهة عجز عن حلها. فألزمه إنكار ذلك فأنكره، وكتبه هناك. ولعلها دست عليه فى كتابه. وقد اختصره ابن المنير فأبدع. وكذلك يحترز الناظر فى شراح ابن الحاجب، وفى كتب المتأخرين فى علم أصول الدين من زلة أطبقوا عليها لسبب مخالطتهم لكتب الفلاسفة. ومن ذلك كان يقول بعض الأشياخ فيهم: أفراخ الفلاسفة. وقد أوضحت فساد قولهم وزللهم فيما كتبت على المختصر. ثم قال بعد ذكره: قرأته فى علم أصول الدين والمدخل لقراءة هذا العلم عند أشياخنا: كتاب الإرشاد، وليس فيه شفاء العليل. ثم قال ـ بعد ذكره لعلم البيان، وما قرأ فيه ـ: وكان الشيخ أبو حيان على جلالته فى علم العربية ينبو عنه طبعه.

ثم قال ـ بعد ذكره لتلخيص المفتاح ـ: وعليه شروحات كثيرة، منها شرح السبكى وهو اسم شرح بلا مسمى. وفيما كتب المذكور بخطه غير هذا من هذا المعنى. وفيه أسطر مسودة لا يعرف ما فيها. وأخبرنى المكتوب إليه ذلك: أن فى المواضع المسودة كلاما نال فيه كثيرا من شيخه ابن عرفة. وكل ما رأينا من السواد هو عند ذكره ابن عرفة. وذكر لى الشيخ خليل بن هارون الجزائرى نزيل مكة، وهو المكتوب إليه على ما ذكر لى: أنه الذى سود ذلك؛ لأنه لم يستطع أن يرى ذما فى ابن عرفة لجلالة قدره. وليس كل ما نقلناه من خط الوانوغى فى كتبه مجتمعا على ما ذكرناه وإنما أكثره مفرق بخطه، ومراده بالبرهان: البرهان إمام الحرمين، وبالإرشاد: الإرشاد له. ووجدت بخطه على سؤال ذكر لى فيه: أن الشيخ الإمام تقى الدين السبكى يرى أن من يقدمه الأب على ابنه عند غيبة الجد أولى من الحاكم ما نصه بعد رده لكلام السبكى: والحاصل: أن فهم الشيخ مخالف للقواعد، وإطلاقات الأئمة، وتأويل على المذهب، أو مذهب على خلاف القواعد المجمع عليها، فلا يعتمده الحاكم، ولا يراعى ما وافقه من الحكم. والله أعلم. انتهى. فانظر إلى ما فى هذا اللفظ من عدم تحسين الخطاب فى حق الإمام السبكى وإلى ما فيه من التكرار بلا فائدة، أو عدم استقامة قوله، فإنه قال: والحاصل أن فهم الشيخ مخالف للقواعد. ثم قال: أو مذهب على خلاف القواعد المجمع عليها. فإن أراد بقوله: القواعد فى الموضعين: قواعد الشافعية، كان أحد اللفظين تكرار بلا فائدة، وإن أراد بذلك: قواعد الشافعية وغيرهم لم يكن ذلك مستقيما؛ لأن مذهب مالك لا ولاية للجد على ابن ابنه، وسبب تجريه بالولاية عليه لوصيه إن كان وإلا فللحاكم، على الزلل فى حق العلماء، فإنه كان كثير العجب بنفسه؛ بحيث يرى أنه لو لقى مالكا وغيره من الأئمة لحاجهم. وبلغنى عنه أنه كان يقول: لى أن أفتى بالشيء وضده، ولا أسأل عن ذلك، ونحى فى ذلك إلى نيله لرتبة الاجتهاد. ولم يكن لأهل عصره بكثير فضل معترفا، ولا كان فى البحث منصفا لحرصه على ترويج حجته، وإعلاء رتبته.

وكان يسارع إلى دعوى اتفاق أهل مذهبه ولدعوى الإجماع، ولا يخلو فى ذلك من نزاع، ولو أعرض عن جميع هذه الأمور، وعن إدخال نفسه فيما بين الناس من الشرور، وعما ينسب إليه من اتباع الهوى فى الفتن؛ لكان الثناء عليه أكثر وأجمل، ولعل لخدمته للعلم يعفى عنه كل زلل. وقد درس بالحرمين، وأفتى فيهما كثيرا. وكنت أتعرف رأيه فى كثير من مسائل الفقه، لما فى كثير منها من الغموض. وكان يستحسن تقريرى للسؤال عنها، وما أشير إليه من أثناء السؤال من الجواب عنه. وقد سوغ لى الإفتاء والتدريس فى المذهب، ورواية ما له من مروى ومصنف. وكتب لى خطه بذلك، وصورة ما كتبه: بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم، يقول كاتبه العبد الفقير إلى ربه، محمد بن أحمد الوانوغى: إنه لما منّ الله سبحانه علىّ بالتردد إلى مكة المشرفة حاجا ومعتمرا ومجاورا، وطلبت الاجتماع بعلمائها وفضلائها وصلحائها وحكامها، كان ممن اجتمعت به وذاكرته وباحثته مرارا عديدة فى مسائل كثيرة من مسائل الفقه وغوامضه، وما يتعلق بها. وتكررت أسئلته عن ذلك كله، وباحثته فيها مرة بعد أخرى، السيد الفقيه الفاضل، الأعدل، الأكمل، الجامع للصفات الكاملة الحسنى، الأصيل، القاضى تقى الدين محمد ابن الشيخ الحسيب، الأصيل شهاب الدين أحمد بن على الفاسى، نفع الله بفوائده وعلومه الجليلة. وقد ورد علينا بالمدينة المشرفة، وحضر معنا درس الفقه والأصول، وأبدى فيه من فوائده ومباحثه الجليلة ما يليق بعلمه وفضله على طريقة أهل الفنون والمباحثة، فرأيته بذلك كله أهلا للتدريس، والفتوى، والحكم، وإفادة الطالبين مع ما جبل عليه من حسن الفهم، وحسن الإيراد، وسعة التأنى فى البحث والمراجعة فيه، فأوجب ذلك كله الإذن له فى التدريس، والفتوى، وإفادة الطلبة وحثه على الاشتغال بذلك كله، والملازمة له؛ لينتفع به الناس عموما وأهل بلده خصوصا، فإنى لم أر فى فقهاء المالكية بالحجاز كله من يقاربه فى جميع ما ذكر ـ نفع الله به ـ ولا فى اتصافه فى العلم، ولا فى الفهم عن الأئمة ـ زاده الله وإيانا فقها وعلما ـ فليتجرد ـ أعزه الله تعالى ـ لذلك، ويأخذ فيه بالحزم، والعزم لمسيس الحاجة فى ذلك، وافتقار الناس إليه زمانا ومكانا. والله سبحانه يسدده، ويوفقه للخير، والفهم، والجد فى العلم بمنه وكرمه.

وقد أجزت له مع ذلك أن يروى عنى جميع ما يصح لى روايته من مروى ومصنف بشرطه. قال: وكتبه العبد المسمى أوله: محمد بن أحمد الوانوغى المالكى، نزيل الحرمين الشريفين بتاريخ ثانى عشر من ذى الحجة الحرام سنة ثلاث عشرة وثمانمائة. انتهى. وكان حوى كتبا كثيرة ودنيا فيها سعة، بالنسبة إلى مثله فأذهبها بتسليفها لمن لا يتيسر منه كثير خلاص لفقره مع معرفته بحاله، ولكن يحمله على ذلك ما يلتزم له به المتسلف من الربح الكثير، وما حصل له من ذلك إلا اليسير. واتفق له فى طلب ذلك ما لا يليق بأهل العلم من كثرة التردد للباعة للمطالبة وإعراض بعضهم عنه فى حال طلبه واتفق ذلك له بالحرمين. وأول قدومه إليها سنة ثمانمائة فحج فيها وعاد إلى مصر، ثم عاد قبيل رمضان من التى بعدها إلى مكة، فجاور وحج فيها. وسار إلى المدينة، وتوصل منها إلى مصر بعد الحاج بمدة، فى أثناء سنة اثنتين وثمانمائة، وحج فيها، ومضى إلى المدينة واستوطنها. وصار يتردد إلى مكة فى كثير من السنين. ثم قدم مكة بأهله فى سنة خمس عشرة، فجاور بها نحو أربعة أشهر قبل الموسم وقبل فيها ما يقبله الحجازيون من الفتوح لضيق حاله. ومضى بعد الحج إلى المدينة وترك أهله بمكة، وصار يتردد إلى المدينة لما يعرض له فيها من الحوائج. وأدركه الأجل بمكة ـ بعد علة طويلة بالإسهال والاستسقاء ـ فى سحر يوم الجمعة تاسع عشر من شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة وثمانمائة. وصلى عليه بالحرم الشريف عند باب الكعبة، وذهب به إلى المعلاة من باب بنى شيبة. ودفن بها قريبا من قبر الشيخ أبى الحسن الشولى فى ضحى اليوم المذكور. سامحه الله تعالى. ووجدت بخطه تنبيهات تتعلق بكتب فى المذهب وغيره. منها: وفى ابتداء قراءتى لعلم النحو ابتدأت قراءة الفقه على الشيخ أبى عبد الله بن عرفة، فقرأت عليه كتاب ابن الجلاب فى أول العام، وكان يكره منا مطالعة شيء من مشروحاته كما كان يكره مطالعة شيء من مشروحات الرسالة عدا شرح القاضى عبد الوهاب.

ويحكى عن الشيخ ابن عبد السلام وغيره من الأشياخ: أنهم لا يعتمدون على شيء من مشروحات الكتابين، ولا على ما ينقلونه، ويقولون: إنه لو لم يثبت عندهم: أن أحدا منهم فى طبقة من يعتمد عليه فى الفهم والنقل. انتهى. وفى هذا نظر بالنسبة إلى بعض شراح الكتابين، فإن الشيخ شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافى، ممن شرح ابن الجلاب، والشيخ تاج الدين عمر بن على الفاكهانى: ممن شرح الرسالة، وهما بالفضل مشهوران، لا سيما القرافى. ولعل شرحاهما لم يبلغا المغرب فى زمن من قال ذلك، وليس على الرسالة أحسن من شرح الفاكهانى وكثرة فوائده، وقل أن لا يعزوها. والله أعلم. ومنها: وكان الشيخ ابن عبد السلام يقول: من لا يختم المدونة فى كل سنة لا تحل له الفتوى منها. ومنها: وكان الشيخ ابن عبد السلام يقول: ينبغى للطالب أن يحترز فى نظر كتاب ابن عطية أكثر من كتاب الزمخشرى، فإن الزمخشرى عدو ظاهر، ينفر الناس من قبول كلامه ببادئ الرأى، فلا يسكن إليه إلا بعد العلم بحاله. وأما ابن عطية: فالنفس سريعة القبول بكلامه ببادئ الرأى، وفيه كثير من تفاسير المعتزلة ينقلها، ويظن أن ليس فيها شيء وتحتها السم القاتل. انتهى. ووجدت بخطه فى سؤال يسأل فيه عما نقله ابن عبد الرفيع عن الشيخين أبى عمران الفاسى، وأبى بكر بن عبد الرحمن من انفساخ الإجازة بالبيع الواقع بعدها فى المستأجر ـ بفتح الجيم ـ وعما فى الجواهر لابن شاس من عدم الفسخ فى ذلك ما نصه: وأما صاحب الجواهر، فالظاهر أن ما لا يقف على نص فيه ويجده منصوصا للشافعية ولا يظهر له مخالفته للمذهب ينقله نصا فى المذهب. والظاهر: أن أمره فى هذه المسألة كذلك؛ لأنه لو وقف على النص فلا يتركه. وأشياخنا ينقلون عن أشياخهم: أنه ينقل عن الشافعية كثيرا، وأنه لا يبلغ رتبة من يعتمد على فهمه فى المذهب وإن عزاه، ويصرحون بمنع الفتيا والحكم منه، وما لا يعزوه أشد فى ذلك، والله أعلم. انتهى.

33 ـ محمد بن أحمد بن عجلان ـ بفتح العين ـ ابن رميثة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى بن حسين بن سليمان بن على بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى ابن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن

33 ـ محمد بن أحمد بن عجلان ـ بفتح العين ـ ابن رميثة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى بن حسين بن سليمان بن على بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى ابن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب، الحسنى، المكى، يلقب جمال الدين: أمير مكة. ولى إمرة مكة ثمان سنين شريكا لأبيه، غير مائة يوم من آخرها، فإنه استقل بها بعد أبيه. وأول ولايته فى سنة ثمانين وسبعمائة. وكان يصل إليه من صاحب مصر سبب ذلك: تقليد وخلعة فى كل موسم، على ما ذكر لى والدى، وهو المخبر لى بولايته فى سنة ثمانين. ولم يكن لولايته فى حياة أبيه أثر؛ لأن أباه كان يقوم بمصالح العسكر، وهو الذى ينظر فى الأمور إلى أن مات، فعند ذلك نظر فيها ولده مع عمه كبيش وكان لا يفصل أمرا دون كبيش، وإلى كبيش معظم النظر فى الأمور. وبعث محمد ـ بعد موت أبيه ـ إلى الملك الظاهر صاحب مصر كتابا يخبر فيه بموت أبيه، ويسأل استقراره عوضه فى إمرة مكة، ومحضرا فيه خطوط أعيان أهل الحرم بسؤال ولايته. فأجاب السلطان إلى ذلك وبعث إليه تقليدا وخلعة بالولاية مع رسوله عطيفة بن محمد بن عطيفة بن أبى نمى، فبلغ مكة فى آخر شوال سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، أو فى أول ذى القعدة منها. وفى ليلة العشرين من شعبان هذه السنة، مات أحمد، فلبس ابنه خلعة الولاية وقرأ تقليده بالإمرة بالحرم الشريف على رءوس الأشهاد. وكان السلطان ولاه ذلك وهو متغير عليه لما بلغه عنه من موافقته على كحل الأشراف الذين مات أبوه، وهم فى سجنه، وهم: عمه محمد بن عجلان، وخالاه: أحمد، وحسن ابنا ثقبة، وابن خاله على بن أحمد بن ثقبة؛ لأن السلطان المذكور كان سأل أباه فى إطلاقهم فامتنع، فأضمر السلطان ولاية عنان بن مغامس بن رميثة لإمرة مكة عوض محمد هذا، وسيره مع الحاج المصرى، ولم يطلعه على ذلك، وأمر أمير

_ 33 ـ انظر ترجمته فى: (العقود اللؤلؤية 2/ 189، النجوم الزاهرة 11/ 245، الأعلام 5/ 329).

الحاج بعدم الاحتفال به لئلا يشوش من إكرامه محمد بن أحمد فينفر، فيفوت المراد منه. وعرف السلطان الأمير جركس الخليلى أمير أخور المالكى الظاهرى بما فى نفسه فى حق محمد وعنان، وكان من الحجاج فى هذه السنة ـ وهى حجته الأولى وحجته الثانية فى سنة تسعين وسبعمائة ـ فلما وصل إلى مكة خدمه محمد وأمه السيدة فاطمة بنت ثقية كثيرا. وبعثت إليه أمه تسأله عن حال ابنها وعنان، فذكر لها أنه لا يعلم على ابنها سوءا، وربما قيل: إنه حلف لها على ذلك، فانشرح لذلك خاطرها وحسنت لابنها الإقدام على ملاقاة المحمل المصرى لخدمته على عادة أمراء الحجاز، وكان محجما عن ذلك لإشارة كبيش عليه بعدم ملاقاة المحمل، وما زالت به أمه حتى وافقها على مرادها. فخرج فى عسكره إلى أن حضر عند المحمل، فلما أخذ يقبل خف الجمل على العادة، وثب عليه باطنيان فجرحاه جرحات مات بها من فوره. وذلك فى يوم الاثنين مستهل الحجة سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، وله نحو عشرين سنة، ونقل إلى المعلاة، ودفن بها بعد الصلاة عليه وغسله وتكفينه. وتوجع الناس عليه كثيرا، سيما أمه. ويقال: إنها كانت دعت عليه بالهلاك بعد أن عرفت بكحل أخويها، ومن ذكر معهما لعظم ألمها لذلك وألم الناس أيضا لكحلهم، فإن صح عنها ذلك، فقد استجيب دعاؤها وما خطر لها ببال قتله. وكان كبيش يتوقع له ذلك، ولذلك نهاه عن ملاقاة المحمل. وكانت أمه لا تظن يصيبه من السوء فى ملاقاة المحمل غير اعتقاله، وغلب على ظنها سلامته لما ذكر لها الخليلى. ويقال: إن الخليلى عوتب على ما ذكره لأمه؛ لأنه ظهر بعد ذلك ما يدل على علمه للسوء فيه، فاعتذر بعدم قدرته على إفشاء السر، وقال: كان ينبغى لهم أن يفطنوا لملازمة جماعتنا لحمل السلاح، وما كان لمحمد فى كحل المذكورين راحة؛ لأنه ابتلى بفقد الحياة، ويستبعد أن يكون للمذكورين على ذلك قدرة إلا أن يشاء الله وكل ما يسدونه إليه من الأذى يسير بالنسبة إلى ما أصابه من البلاء. ويقال: إنه لم يوافق على كحلهم، حتى عظم عليه فى التخويف من شرهم، فما نفعه الحذر من القدر، ولكنه فاز بالشهادة.

34 ـ محمد بن أحمد بن عطية بن ظهيرة بن مرزوق، القرشى، المكى، المخزومى

ولما قتل أعلنت ولاية عنان بمكة عوض المذكور، ودخل مكة مع الترك، وهم متسلحون حتى انتهوا إلى أجياد، فحاربوا من ثبت لهم من جماعة محمد، ثم ولوا، وترك الترك الحرب مع التيقظ مخافة العدو، وانقطع بقتل محمد ولاية أولاد أحمد. ويقال: إن أحمد بن عجلان، رأى فى المنام أن عنانا جب ذكره. فذكر ذلك أحمد لبعض الناس، فقال له: يقطع عنان ذكر ولدك المذكور، فكان كذلك؛ لأن محمدا قتل ولم يترك ولدا ذكرا، وما ترك أبوه ذكرا غيره. وكان أحمد قد منح ابنه محمدا هذا ثلاثة خيول، أحياها بوادى مر وهى: البثنى، والبحرين، والحميمة. وثبت إقرار أحمد بملك ابنه محمد لذلك عند قاضى مكة محب الدين النويرى بشهادة عمه القاضى نور الدين النويرى على أحمد بن عجلان بذلك، ويمين ابنه محمد على صحة ذلك عند الحجر الأسود. وكان أبوه زوجه على ابنة على بن مبارك بن رميثة بن سعدانة بنت عجلان. واحتفل أحمد بالنفقة فى عرس ولده عليها احتفالا عظيما، ورزق منها بنتا تسمى شمسية، هى الآن زوجة السيد رميثة بن محمد بن عجلان أمير مكة، فى سنة تسع عشرة وثمانمائة. فالله يسدده وإلى الخير يرشده. 34 ـ محمد بن أحمد بن عطية بن ظهيرة بن مرزوق، القرشى، المكى، المخزومى: سمع من: عيسى الحجى، والآقشهرى، والشريف أبى الخير الفارسى، وموسى الزهرانى. وما علمته حدث. وأجاز له من دمشق القاضى سليمان بن حمزة وجماعة. وذكر لى شيخنا أبو حامد بن ظهيرة: أنه توفى فى أواخر ذى الحجة سنة تسع وأربعين وسبعمائة بمكة. 35 ـ محمد بن أحمد بن على بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون ابن راشد القبسى، الشيخ قطب الدين، أبو بكر بن الشيخ أبى العباس القسطلانى، المكى، الشافعى: ولد فى السابع والعشرين من ذى الحجة سنة أربع عشرة وستمائة بمصر. وحمل فى موسم سنة تسع عشرة إلى مكة، فنشأ بها.

_ 35 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات الشافعية 5/ 18، فوات الوفيات 2/ 181، الرسالة المستطرفة 92، شذرات الذهب 5/ 397، النجوم الزاهرة 7/ 373، حسن المحاضرة 1/ 236، المغرب 1/ 269، التاج 8/ 80، الأعلام 5/ 323، 324).

وأجاز له من شيوخها: الحافظ أبو الفتح الحصرى، إمام الحنابلة. وسمع بها من: أبى الحسن بن البنا جامع الترمذى، ومن أبى طالب عبد المحسن بن أبى العميد الحقيقى، إمام مقام إبراهيم بمكة أربعين عبد المنعم الفراوى عنه. وعلى الشيخ شهاب الدين السهروردى كتابه: عوارف المعارف فى التصوف ولبس منه خرقة التصوف، وعلى جماعة من شيوخ ولده أبى المعالى، الآتى ذكره بطلبه. ثم رحل فسمع بدمشق من: إسماعيل بن أحمد العراقى، وأحمد بن المفرح بن مسلمة الأموى، وغيرهما. وببغداد فى سنة خمسين وستمائة من: إبراهيم بن أبى بكر الزغبى، وأبى السعادات عبد الله بن عمر البندنيجى، وفضل الله بن عبد الرزاق الجيلى، وموهوب بن أحمد الجواليقى، ويحيى بن قميرة، وغيرهم. وسمع أيضا بالكوفة (1)، ومنيح (2)، وحران (3)، وحمص (4)، والمعرة، ودنيس، والقدس، ومصر، والمدينة، واليمن. وعنى بهذا الشأن، فكان فيه من ذوى الحفظ والإتقان. وقرأ الشيخ قطب الدين القسطلانى ـ على ما ذكر ـ الفقه والتفسير والخلاف، وأنواع العلوم، على: شيخ الحرم نجم الدين بشير بن حامد التبريزى.

_ (1) الكوفة: بالضم: المصر المشهور بأرض بابل من سواد العراق ويسميها قوم خد العذراء، قال أبو بكر محمد بن القاسم: سميت الكوفة لاستدارتها أخذا من قول العرب: رأيت كوفانا وكوفانا، بضم الكاف وفتحها، للرميلة المستديرة، وقيل: سميت الكوفة كوفة لاجتماع الناس بها من قولهم: تكوّف الرمل. انظر: معجم البلدان (الكوفة). (2) منيح: جبل لبنى سعد بالدهناء. انظر: معجم البلدان (منيح). (3) حرّان: بتشديد الراء، وآخره نون، يجوز أن يكون فعّالا من حرن الفرس إذا لم ينقد، ويجوز أن يكون فعلان من الحرّ، وهى مدينة عظيمة مشهورة من جزيرة أقور، وهى قصبة ديار مضر. بينها وبين الرّها يوم وبين الرّقّة يومان، وهى على طريق الموصل والشام والروم، وحرّان أيضا: من قرى حلب. وحرّان الكبرى وحرّان الصغرى: قريتان بالبحرين لبنى عامر بن الحارث بن أنمار بن عمرو بن وديعة بن لكيز بن أفصى بن عبد القيس. وحرّان أيضا: قرية بغوطة دمشق. انظر: معجم البلدان، معجم ما استعجم (حران). (4) حمص: مدينة بالشام مشهورة، لا يجوز فيها الصرف كما يجوز فى هند، لأنه اسم أعجمى، سميت برجل من العماليق يسمى حمص، ويقال رجل من عاملة، هو أول من نزلها. انظر: الروض المعطار 198، 199، معجم البلدان 2/ 302.

ودرس ـ على ما ذكر ـ بمدرسة دار زبيدة بالحرم بحضرة والده. وأفتى فى سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، وأفتى فيما بعد ذلك كثيرا، وحدث بكثير من مسموعاته، وببعض تآليفه. ومن تآليفه شيء يتعلق بتاريخ اليمن، ومختصر فى علم الحديث سماه: «المنهج المبهج عند الاستماع لمن رغب فى علوم الحديث على الاطلاع» ومختصر فى الأسماء المبهمة فى الحديث، و «ارتقاء الرتبة فى اللباس والصحبة»، ومجلس فى فضل رمضان، ومجلس فى فضل ذى القعدة. ومن تآليفه على ما ذكره ابن رشيد الفهرى فى رحلته: كتاب فى المناسك. ذكر أنه وقف عليه، وعقيدة سماها: «لسان البيان عن اعتقاد الجنان» واختصر هذه العقيدة، وحمل الإيجاز فى الإعجاز بنار الحجاز، وفواضل الزمن فى فضائل اليمن، ولعله الذى ذكرناه أولا، ومنهاج النبراس فى فضائل بنى العباس، ورسالة الحمالة جزء، وجلالة الدلالة على إقامة العدالة، وتأنيس النضارة على إقامة الوزارة، وكتاب النصح من موارد المتالف فى الاقتداء والمخالف، ومسألة تكلم فيها على مسألة عز الدين ـ يعنى ابن عبد السلام ـ فى تفضيل الأنبياء. ثم قال: ألفيت أسماء هذه «التصانيف» بخط أبى إسحاق البلقينى. وذكر ابن رشيد أيضا: أن من تصانيف القطب: كتاب «الورد الزائد فى بر الوالدين». وذكر أنه قرأ عليه مختصر العقيدة له، انتهى. وحدث الشيخ قطب الدين القسطلانى قديما. سمع منه فى تسع وأربعين وستمائة بدمشق جماعة كبار من محدثيها إذ ذاك منهم: شقيشقة، والمعين الدمشقى، والزين النابلسى، وغيرهم. وسمع منه: رفيقه الحافظ شرف الدين الدمياطى، والحافظ قطب الدين الحلبى. وقال: كان إماما، عالما محدثا، حافظا، مفتيا، ثقة، حجة، حسن الأخلاق، سخيا، عفيفا، مكرما للواردين عليه، حسن الاستماع لما يقرأ عليه، كثير السعى فى حوائج الناس، وذكر ثناء آخر. وسمع منه أيضا: الحافظ أبو الفتح ابن سيد الناس. وقال فى جواب مسائل، سئل عنها: وأما المسئول عن أحفظ من لقيت، فأولهم فى التقديم، وأولاهم بالتعظيم: الشيخ

الإمام، قدوة الناسكين، عمدة السالكين، قطب الدين بقية العلماء العاملين. وسمع منه غيرهم من الأعيان، وأثنوا عليه كثيرا، وهو حرى بذلك. فقد ذكر جد أبى: الشريف أبى عبد الله الفاسى، أحد تلامذة القطب القسطلانى هذا: أن الشيخ قطب الدين القسطلانى هذا قال: كنت أقرأ على شيخنا أبى عبد الله محمد بن عمر بن يوسف القرطبى بالمدينة النبوية، فجئته يوما وأنا فى وقت خلوة، وأنا يومئذ حديث السن، فخرج إلىّ وقال: من أدبك بهذا الأدب وعاب علىّ؟ فذهبت عنه، وأنا منكسر، فدخلت المسجد، وقعدت عند قبر النبى صلى الله عليه وسلم، فبينا أنا جالس على تلك الحال، وإذا الشيخ ـ رضى الله عنه ـ قد جاءنى وقال: قم. فقد جاء فيك شفيع لا يرد. انتهى. وهذه منقبة عظيمة. وذكر جدى أنه سمعه أيضا يقول: عاهدت الله تعالى أن لا أرد سائلا. انتهى. وهذه خصلة حسنة مستلزمة لمحبته ومدحه. وكان عين لقضاء مكة فى سنة خمس وأربعين وستمائة، فتوقف. وفضائله كثيرة. وتوفى ليلة السبت الثامن والعشرين من المحرم سنة ست وثمانين وستمائة بمنزله بالكاملية، ودفن بالقرافة، وشهد جنازته خلق كثير وضجوا عليه بالبكاء. وكان طلب من مكة بعد موت أخيه التاج القسطلانى لمشيخة دار الحديث الكاملية بالقاهرة، فوليها حتى مات. وقال الأديب ناصر الدين أبو على شاور طرخان الكنانى، المعروف بابن النقيب فى القطب القسطلانى لما توجه إلى القاهرة بعد موت أخيه التاج: استوحشت مكة من قطبها ... واستأنست مصر به والديار شيخ شيوخ الحرم المقتدى برأيه ... عند الأمور الكبار فيا له قطب مدار العلا عليه ... والقطب عليه المدار أنشدنى إبراهيم بن محمد الصوفى بقراءتى عليه بالحرم الشريف سابع عشر رجب سنة خمس وثمانمائة: أن الحافظ قطب الدين عبد الكريم بن عبد النور الحلبى أنشده إذنا وجماعة، قالوا: أنشدنا الشيخ قطب الدين القسطلانى لنفسه إجازة إن لم يكن سماعا فى لزوم ما لا يلزم، وكتب ذلك عنه الحافظ الدمياطى: ألا هل لظل بالأراك معاد ... وهل ذلك العيش الهنى يعاد

وهل زائر الزوراء زائر أبطح ... وخيف منى دار تحل سعاد وهل لطوى والمأزمين ومشعر ... تدان فقد أضنى الفؤاد بعاد وهل مدنف باك تكدر عيشه ... وأقلقه داعى الغرام يعاد وهل ذلك السر الذى كان بيننا ... وما فطن الواشى لذاك يعاد ومن شعره ما رويناه بالإسناد المذكور، وسمعه منه أيضا الدمياطى: أراعك وشك البين أم أنت غافل ... أم القلب فى إثر الظعائن راحل لقد لج هذا الوجد حتى كأنه ... يحاول ثأرا عند من هو قاتل تحيرت حتى لو سئلت عن الهوى ... لفرط الجوى لم أدر ما أنا قائل أجبنا بنا بالجزع عن أيمن الحمى ... ترى هل لما أدرى من الشوق ناقل تمنع من أهوى علىّ بوصله ... فعندى من الوجد المبرح شاغل كتمت هواه برهة فنمت به ... دموع على خدى هوام هوامل رعى الله هاتيك المعاهد كم بها ... عهود بقلب أحرقته البلابل ومن شعره أيضا ما رويناه عنه بالإسناد المذكور: ألا هل عشيات الأراك رواجع ... فتنعم عينا والعيون هواجع ونرفل فى ذيل من القرب سابل ... ويسكن نصب حركته القواطع ونرفع جرم الهجر عنا بوصلها ... عوامل لما أن عداها التقاطع غريب له مذ بان بان برامه ... فؤاد معنى أزعجته المطامع يبيت يناجى النجم والطرف ساهر ... بجنب قريح قد جفته المضاجع له مذ رأى الأحباب سفح مدامع ... وزفرة مصمود وهل ذاك نافع؟ تشاغل دهرا بالحديث يظنه ... يشتت هما وهو للهم جامع ولم يثنه قول الوشاة بأنه ... وإن ظن عاص فهو بالقطع طائع تبدل من مر التصابى حلاوة ... فلذ له ما طال فيه التنازع دعوا العتب فيما قد مضى وتصدقوا ... ببذل الرضى فالعمر لولاه ضائع ومن لى بوصل أرتجيه وإننى ... بطيف خيال فى المنام لقانع أجيروا من الجور المفرق للمنى ... بجمع على مر الدهور يطاوع ومنه بهذا الإسناد: إذا طاب أصل المرء طابت فروعه ... ومن عجب جاءت يد الشوك بالورد وقد يخبث الفرع الذى طاب أصله ... ليظهر صنع الله فى العكس والطرد

ومنه بهذا الإسناد: ألا هل لهجر العامرية إقصار ... فيقضى من الوجد المبرح أوطار ويشفى غليلا من عليل مولّه ... له النجم والجوزاء فى الليل سمار أغار عليه السقم من جنباته ... وأغراه بالأحباب نأى وتذكار ورق له مما يلاقى عذوله ... وأرقه دمع ترقرق مدرار يحن إلى برق الأثير وقلبه ... ويخفق إن ناحت حمام وأطيار عسى ما مضى من خفض عيش على الحمى ... يعود فلى فيه نجوم وأقمار ومنه بهذا الإسناد: حقيق على المشتاق تعفير خده ... بباب الذى يهواه فى السر والجهر وإيثار ما يرضاه فى السخط والرضى ... وإيثار ما يرضيه فى النفع والضر ومنه بهذا الإسناد: علم الحديث مفيد كل مكرمة ... فادأب فديتك يا ذا الجد والأدب واعكف على الدرس ليلا إن أردت علا ... فالعلم يعلى دنى الأصل فى الرتب ومنه بهذا الإسناد: ستأتى من الرب الرحيم لطائف ... توسع ما قد ضاق فى السر والجهر فكن واثقا بالله وارص نواله ... تنل ما تشا من مالك الخلق والأمر ومنه بهذا الإسناد: إذا كان أنسى فى التزامى لخلوتى ... وقلبى عن كل البرية خالى فما ضرنى من كان لى الدهر قاليا ... ولا سرنى من كان فىّ موالى ومنه بهذا الإسناد: لأجهدن على أن لا أرى أحدا ... وأنثنى خاليا عن قرب من بعدا وأعمل الفكر فيما أستفيد به ... يوم النشور غدا عند الإله يدا إنى اعتبرت بنى الدنيا فما ظفرت ... كفى بود امرئ ألقاه معتمدا ولا فى الشدائد أعوان على زمن ... ولا الرخاء أياديهم تمد يدا ومن تصدى إلى إتيان بابهم ... أهين حينا وألفى منهم نكدا

والحر يأنف عن ذل يفيد به ... عزا فكيف بذل قاصرا بدا العز ترك بنى الدنيا بأجمعهم ... لا عن هوان بهم بل ترك من زهدا وقد كتب هذه الأبيات عنه ابن رشيد، وذكرها فى رحلته مع تخميسها للشيخ قطب الدين القسطلانى. وذكر فى رحلته سؤالا سئل عنه الشيخ قطب الدين القسطلانى، وأجاب عنه بجواب مفيد، وقد رأيت أن أذكره لما فى ذلك من الفائدة، كما هو فى رحلة ابن رشيد. قال فى ترجمة الشيخ قطب الدين أبى بكر بن القسطلانى: وحضرت شيخنا الإمام أبى بكر، وقد ورد عليه هذا السؤال، فأجاب عليه، وقرأت عليه السؤال والجواب، وكتبته عنه، وكتب لى خطه عليه، ونص ذلك: ما يقول السادة الفقهاء ـ وفقهم الله لطاعته، وأعانهم على مرضاته ـ فى الدروزة، هل هى مباحة مطلقا أو لا تباح إلا مع الضرورة؟ وهل تباح مع القدرة على الكسب أم لا؟ وهل تباح مع استغراق الزمان فى العلم، ما يعنى به العلم الذى هو فرض عين، وإنما يعنى به العلم الذى هو فرض كفاية أم لا؟ وإذا قلنا بإباحتها، فهل يقتصر على الكفاية؟ أم يجوز الإدخار؟ وهل يجوز فيها أكل الطيبات ولبس الناعم من الثياب؟ أم يجوز فيها الاقتصار على الخشن من الثياب وأكل الخبز الخشكار بلا أدم، أم يجوز معه إدام؟ وهل إذا كان له عائلة ولا يطيقون الفاقة وكسبه ما يفى بأودهم، فهل له أن يدروز بحقهم أو حق من تلزمه نفقتهم؟ أفتونا وأوضحوا إيضاحا شافيا أوضح الله لكم الطريق ورزقكم فيها التوفيق. الجواب: الله الموفق والمعين. أصل السؤال عند الضرورة مشروع، وعند الاستغناء عنه ممنوع، هذا إذا كان يسأل لنفسه، أما من كان يسأل لغيره فيجوز له السؤال، وقد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المسجد لغيره. وأما الدروزة فى مصطلح أهل الطريق: فهى لأجل الغير مباحة، بل مندوب إليها مع الغنى والفقر فى الطالب لها تأسيا بفعله عليه السلام. وأما لنفسه: فإن كان لضرورة، فهى مباحة، وإن كان مع غنى فحرام فى أخذ فرض الزكاة مكروه فى صدقة التطوع.

وأما أخذ صدقة الفرض مع الغنى بالمال أو القوة على الكسب ممن له بالمهنة عادة: فحرام. وأما إذا تعارض الاشتغال بالعبادة مع السؤال، أو الاشتغال بالكسب: فبين أهل الطريق فيه اختلاف. والذى يظهر لى أن عمارة الزمن بالعبادة مع تضييع زمن يسير فى السؤال لتحصيل قيام النية أولى. وأما الاشتغال بعلم فرض الكفاية: فإنه أولى من الاشتغال بالسبب مع الجهل، وإذا أبيح السؤال، وحصل ما يزيد على الكفاية، فإن ادخره لغيره فلا بأس. وأما لنفسه، فحكمه فى طريق القوم: المنع، كان عليه السلام لا يدخر شيئا لغد. وأما أكل الطيب، ولبس الناعم: فعند قصده لذلك، فهو ممنوع منه، وإن وقع شيء من ذلك، فإن اختار التقشف وإيثار الغيرية، كان فى حقه أولى، وإن وافق وأخذ بقدر الضرورة، فلا بأس. وله أن يأكل بإدام، وله أن يدروز لعائلته ما يتم به كفايتهم، وكذلك لمن يرد عليه من الفقراء. وحمل الزنبيل له فى الطريق شروط: أحدها: خلوه عن الخط فيه، بل يمتثل ما يؤمر به من المتقدم عليه. وثانيها: إحضار ما طرح فيه بين يدى من أقامه فى تلك الخدمة. وثالثها: وجود الأمانة فيما يحمله إلى الجماعة حتى يأتى به موفرا لا يخرج شيئا منه لا لنفسه ولا لغيره. ورابعها: أن يخرج وهو آيس من تعلق الأمل لجهة معينة، بل يقصد الله تعالى فى تيسير طلبه. وخامسها: إن سأل شخصا معينا فلا يقف عنده بعد رده، إما بإباحة أو منع، ولا يفعل كما يفعل العوام من السؤال، ويقول: عاودوهم، فإن القلوب بيد الله تعالى. وسادسها: إن سأل وهو مار فى طريقه فليأخذ ما يعطاه وهو مقبل، ولا يرجع لمن يريد أن يعطيه شيئا إذا ولى عنه، بل إن أراد المعطى يتبعه حتى يعطيه ذلك القدر، فإن رجع وأخذ منه كان خللا فيما التزمه من طريقه.

36 ـ محمد بن أحمد بن على بن عمر الأنصارى، المصرى، شمس الدين، المعروف بابن جن البير

وسابعها: أن يقصد بسعيه ذلك: وجه الله وإدخال الراحة والمسرة على قلوب إخوانه. وثامنها: أن يرى لهم الفضل عليه فيما أقاموه فيه، فإنهم اعتقدوا فيه أهلية لما أقاموه فيه. وتاسعها: أن لا يلتفت إذا مشى، بل يجعل نظره إلى أمامه حيث يضع قدمه. وعاشرها: إن اختار أن يذكر عند حمل الزنبيل ذكرا معينا، كقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، شيء لله، أو غيره من الأذكار مع قوله: شيء لله، أو يمشى، وهو ساكت. وصورة المشى فيه كافية فى الطلب، أو يجعل الزنبيل على كتفه ويتمشى، فمن وقع له فيه خاطر أن يسأله سأله، فكل ذلك واسع الاعتبار فيه بالعوائد والنيات. والله الموفق. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» (5). انتهى السؤال والجواب. وقال ابن رشيد: وكان كثير البدار إلى الفتوى، فكثرت أجوبته. 36 ـ محمد بن أحمد بن على بن عمر الأنصارى، المصرى، شمس الدين، المعروف بابن جن البير: نزيل مكة المشرفة. سمع من: ابن عبد المعطى، وابن حبيب، وغيرهما بمكة. جاور بمكة مدة مستوطنا فيها. وكان يتجر بها، ويتولى صدقة الخبز للأمير جر كس الخليلى وأمثاله على حواصله. وكان بينه وبين الشريف أحمد بن عجلان ـ صاحب مكة المشرفة ـ ملاءمة كثيرة. فلما ولى مكة عنان بن مغامس بعد محمد بن أحمد بن عجلان، نهبت داره بمكة، وخرج هو إلى نخلة، ثم عاد إلى مكة بعد ذلك بأشهر فى السنة التى جرى عليه فيها ما ذكرناه، وهى سنة تسع وثمانين وسبعمائة. وحضر الوقعة التى كانت بأذاخر (1) فى آخر شعبان من هذه السنة بين عنان وآل

_ (5) سبق تخريجه فى الترجمة رقم 29. 36 ـ (1) أذاخر: بالفتح، والخاء المعجمة مكسورة، كأنه جمع الجمع، يقال: ذخر وأذخر وأذاخر، ـ

37 ـ محمد بن أحمد بن على المكى، المعروف بالغنومى

عجلان، فلما حصل الظفر فيها لعنان، قبض على المذكور؛ لأنه لم يستطع الهزيمة، وتمت عليه فى هذا اليوم إهانة عظيمة. وتوفى يوم الأحد تاسع عشرين من المحرم سنة خمس وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. نقلت نسبة هذا من خط الشيخ نور الدين الفيومى. 37 ـ محمد بن أحمد بن على المكى، المعروف بالغنومى: سمع من الشيخ خليل المالكى. ولم يحدث فيما علمت. وكان نجارا خيرا. توفى فى سنة ست وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 38 ـ محمد بن أحمد بن على بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن على بن عبد الرحمن بن سعيد بن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن على بن حمود بن ميمون بن إبراهيم بن على بن عبد الله بن إدريس بن الحسن بن الحسين بن على بن أبى طالب، يكنى أبا عبد الله، وأبا الطيب ـ وبها اشتهر أخيرا ـ ويلقب تقى الدين الحسينى، الفاسى، المكى، المالكى، قاضى المالكية بمكة، مؤلف هذا الكتاب: ولد فى ليلة الجمعة العشرين من ربيع الأول سنة خمس وسبعين وسبعمائة بمكة. ونقل مع والدته وأخيه نجم الدين بن عبد اللطيف ـ الآتى ذكره ـ إلى المدينة النبوية؛ لأن خالهما قاضى الحرمين محب الدين النويرى كان بها ـ إذا ذاك ـ قاضيا فى سنة تسع وسبعين أو فى سنة ثمانين. وسمع بها المذكور الحديث على أم الحسن فاطمة بنت الشيخ شهاب الدين الحرازى فى سنة ثلاث وثمانين. ومن مسموعه عليها: الثقفيات العشرة. ودرس القرآن العظيم، حتى جود حفظه. ثم قرأ فى سنة سبع وثمانين: الأربعين للنووى، وباب الإشارات معها، ثم كتاب الرسالة لابن أبى زيد المالكى، وأكمل حفظه فى سنة ثمان وثمانين وعرضهما بالمدينة النبوية.

_ ـ نحو أرهط وأراهط. قال ابن إسحاق: لما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم، مكة، عام الفتح، دخل من أذاخر حتى نزل بأعلى مكة، وضربت هناك قبّته. انظر: معجم البلدان (أذاخر). 38 ـ انظر ترجمته فى: (ذيل طبقات الحفاظ 291، 377، ثغر عدن 199، الضوء اللامع 7/ 18، معجم المطبوعات 1429، المنهل الصافى 7/ 542، آداب اللغة 3/ 201، الأعلام 5/ 331).

وفى شوال من سنة ثمان وثمانين، انتقل المذكور وأخوه ووالدتهما من المدينة إلى مكة، بعد وصول خالهما إليها قاضيا بها وخطيبا. وقرأ المذكور بها عمدة الأحكام، حتى حفظها وعرضها فى سنة تسع وثمانين. وفيها صلى بالناس التراويح بمقام الحنابلة بالمسجد الحرام. وفيها ابتدأ يدرس مختصر ابن الحاجب الفرعى، وأكمل حفظه فى سنة اثنين وتسعين وسبعمائة. وفيها عرضه، وحبب إليه فيها سماع الحديث النبوى، فسمع بها على المسند أبى إسحاق إبراهيم بن محمد بن صديق الدمشقى، المعروف بابن الرسام: المنتخب من مسند عبد بن حميد، ثم صحيح البخارى، ومسند الدارمى. وعلى القاضى نور الدين على بن أحمد النويرى: الموطا لمالك، رواية يحيى بن يحيى، والشفا للقاضى عياض، وغير ذلك. وسمع فى سنة ثلاث وتسعين، على الشيخ القدوة شهاب الدين بن الناصح القرافى المصرى، لما جاور بمكة: صحيح مسلم، وجامع الترمذى، وسنن أبى داود وغير ذلك على غيره. وفيها أكمل حفظ الألفية فى النحو لابن مالك، وعرضها ودرس حفظا جانبا كبيرا من مختصر ابن الحاجب الأصلى. وفيها قرأ بحثا: الورقات فى أصول الفقه، لإمام الحرمين، على فتح الدين صدقة الترمنتى المصرى. وفيها أو فى التى قبلها: قرأ فى الرسالة تفقها على ابن عم أبيه الشريف عبد الرحمن ابن أبى الخير الفاسى. وحضر دروسه فى ابن الحاجب الفرعى، وابن الجلاب وغير ذلك. وسمع فى سنة أربع وتسعين: على ابن صديق عدة أجزاء وغير ذلك. وفى سنة خمس وتسعين: قرأ فى التنقيح للقرافى بحثا على الشيخ شمس الدين القليوبى، وحضر دروسه فى العربية، وغير ذلك بمكة. وفيها: قرأ على ابن صديق سنن ابن ماجة.

وفى سنة ست وتسعين: سمع على المحدث شمس الدين بن سكر أجزاء كثيرة، وسمع عليه قبل ذلك. وفيها: قرأ سنن النسائى على ابن صديق. وفيها: خرج جزءا حديثيا لشمس الدين بن الحبشى، ثم خرج جزءا آخر لابن سكر فى سنة سبع وتسعين، وخرج قبل ذلك لغيرهما. وفى سنة ست وتسعين: سمع بالمدينة على قاضيها برهان الدين إبراهيم بن فرحون: تاريخ المدينة للمطرى، بسماعه منه، وعلى عبد القادر الحجار المدنى عدة أجزاء. وفيها: سمع وقرأ أكثر مختصر الشيخ خليل الجندى فى الفقه على مذهب مالك رحمه الله، على تلميذه القاضى زين الدين خلف بن أبى بكر التحريرى المالكى بحثا. وسمع عليه دروسا فى مختصر ابن الحاجب الفرعى، ومنهاج البيضاوى بالحرم النبوى فى مدة أشهر. وفى سنة سبع وتسعين: قرأ على مفتى الحرم وقاضيه جمال الدين أبى حامد محمد بن عبد الله بن ظهيرة، القرشى، الشافعى، أحاديث مشيخة ابن البخارى عن ابن أميلة، وابن أبى عمر عنه، ومعجم ابن جميع عن ابن أميلة والإسكندرى وغير ذلك من الأجزاء العوالى وغيرها، وتبصر بها فى متعلقات الحديث. وفيها رحل وأخوه عبد اللطيف بعد الحج إلى الديار المصرية، وقرأ بها، وأخوه يسمع شيئا كثيرا على: البرهان إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد البعلى، المعروف بالشامى، والزين عبد الرحمن بن أحمد العربى المعروف: بابن الشيخة، وأم عيسى مريم بنت أحمد ابن القاضى شمس الدين محمد بن إبراهيم الأذرعى، وشيخ الإسلام سراج الدين عمر البلقينى، والإمام سراج الدين عمر بن أبى الحسن الأنصارى، المعروف بابن النحوى، وابن الملقن، والحافظين: زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقى، ونور الدين على بن أبى بكر الهيثمى، وأبى المعالى عبد الله بن عمر الحلاوى، وأحمد بن حسن، المعروف بالسويداوى، وخلق. وقرأ على العراقى شرحه لألفيته فى الحديث، المسماة بالتبصرة، حتى أكمل قراءته بحثا وفهما فى سابع عشر جمادى الآخرة من سنة ثمانمائة. وأذن له الحافظ زين الدين العراقى فى أن يدرس ويفيد فى علم الحديث، وكتب له بذلك خطه.

وفى شعبان سنة ثمان وتسعين، رحل من القاهرة إلى دمشق لسماع الحديث. وفى العشر الأخير من المحرم منها: كان قدومه إلى القاهرة من مكة. وقدم دمشق فى آخر شعبان، وقرأ بها وبصالحيتها وغير ذلك من غوطتها أشياء كثيرة من الكتب والأجزاء على جماعة كثيرين من أصحاب الحجار، وغيره منهم: على ابن محمد بن أبى المجد الدمشقى، قرأ عليه صحيح البخارى بسماعه له على وزيره، ومن كتابه: الإكراه إلى آخره، على الحجار، وغير ذلك من الأجزاء. ومنهم: مسند الدنيا أبو هريرة عبد الرحمن بن الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبى، قرأ عليه بكفر بطنا (1): الأربعين، التى خرجها له أبوه، وعدة أجزاء متصلة بالسماع من حديث أبى الوقت السجزى، والحافظ أبى طاهر السلفى، وأجزاء أخر عالية من حديث غيرهما. فمن ذلك: المائة الشريحية، وجزء بنى الهرثمية، وثانى حديث ابن مسعود لابن صاعد، وأحاديث الترمذى، من ذم الكلام للهروى، والبعث والنشور لابن أبى داود، والثقفيات العشر، وبعض الشيرازيات، وجميع الخلعيات بسماعه لأجزاء منها على يحيى ابن سعد عن ابن صباح، وإجازته لباقيها من ابن سعد عن ابن صباح، وجزء مأمون بن هارون، ومشيخة السهروردى، عن ابن الشيرازى عنه، ومجلس رزق الله التميمى وغير ذلك. ثم توجه إلى القاهرة فى صفر من سنة تسع وتسعين وسبعمائة، وزار المسجد الأقصى، وسمع به على مسنده أبى الخير أحمد بن الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدى العلائى الأربعين، التى خرجها له المحدث أبو حمزة أنس بن على الأنصارى، والنصف الأول من الجزء الأول الكبير من حديث المخلص بسماعه على الحجار عن القطيعى وغير ذلك، وعلى غيره. وبغزة (2) على أحمد بن محمد بن عثمان الخليلى: المسلسل بالأولية، وجزء ابن عرفة، والبطاقة، بسماعه لذلك كله على الميدومى.

_ (1) كفر بطنا: بفتح أوّله، وسكون ثانيه وبعض يفتحها أيضا ثمّ راء، وفتح الباء الموحدة، وطاء مهملة ساكنة، ونون، من قرى غوطة دمشق من إقليم داعية. انظر: معجم البلدان (كفر بطنا). (2) غزة: بفتح أوله، وتشديد ثانيه وفتحه، مدينة فى أقصى الشام من ناحية مصر، بينها وبين عسقلان فرسخان أو أقل، وهى من نواحى فلسطين غربى عسقلان، انظر: معجم البلدان 202/ 4، الروض المعطار 428، معجم ما استعجم 3/ 997.

وقدم القاهرة فى ربيع الأول منها. فسمع بها على: على بن أبى المجد وغيره أشياء كثيرة، منها على ابن أبى المجد: العوارف للسهروردى بإجازته من القاضى سليمان بن حمزة، وأبى نصر بن الشيرازى عنه. وحضر دروس القاضى تاج الدين بهرام بن عبد الله بن عبد العزيز المالكى بالحجازية مدة. وأذن له فى سنة ثمانمائة فى جمادى الآخرة فى الإفتاء والتدريس. وفى هذه السنة: رحل إلى دمشق، وسمع بها أشياء كثيرة من الكتب والأجزاء لم يكن سمعها قبل ذلك، وسمع بها فى هذه الرحلة على شيوخ لم يكن سمع عليهم، منهم: أم القاسم خديجة بنت إبراهيم بن سلطان البعلى، روت له عن القاسم بن عساكر حضورا، وتفردت عنه وغيرها من أصحاب الحجار وغيره. وعاد منها إلى القاهرة فى رمضان من سنة ثمانمائة وحج فيها. وحضر فى سنة إحدى وثمانمائة مجلس الشريف عبد الرحمن الفاسى فى الفقه، وأذن له فى التدريس والإفتاء فى هذه السنة، وقرأ فيها: صحيح البخارى، والموطأ رواية يحيى ابن يحيى، على الإمام برهان الدين إبراهيم بن موسى بن أيوب الإنباسى الشافعى. وقرأ عليه قبل ذلك بزاويته بالمقسم ظاهر القاهرة شيئا من الحديث، ومن منهاج البيضاوى فى الأصول بحثا. وتوجه بعد الحج من سنة إحدى وثمانمائة إلى القاهرة، فوصلها فى العشر الأخير من المحرم سنة اثنتين وثمانمائة. وسمع بها فى هذه السنة: غالب مسند الإمام أحمد بن حنبل بقراءة صاحبه الحافظ الحجة شهاب الدين أحمد بن على بن حجر، على أبى المعالى عبد الله بن عمر الحلاوى، ثم أكمل عليه ما فاته منه، ورحل فى هذه السنة إلى الإسكندرية، ولم يقدر له بها سماع. وكان رحل إليها فى رمضان سنة تسع وتسعين وسبعمائة. وسمع بها على الهزبر رئيس المؤذنين بالجامع الغربى بقراءته: مشيخة الرازى عن ابن المصفى. ورحل أيضا فى سنة اثنين وثمانمائة إلى دمشق، صحبة الحافظ الحجة ابن حجر. فسمع بسرياقوس (3)، على الإمام صدر الدين الأبشيطى جزء البطاقة.

_ (3) سرياقوس: بليدة فى نواحى القاهرة بمصر. انظر: معجم البلدان، 5/ 214، 215.

وبغزة على أحمد بن عثمان الخليلى، السابق ذكره. وبالرملة على المحدث شهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد، المعروف بالمهندس. وبزغلش: المسلسل بالأولية، وما فى مشيخة ابن البخارى من جزء الأنصارى. وعلى المفتى عبد الله بن سلمان المصرى المالكى، المعروف بابن شحادة: حديث ابن ماسى فى جزء الأنصارى، بسماعهما لذلك من الميدومى. ثم سمع بدمشق وصالحيتها: بقراءة ابن حجر، والإمام خليل بن محمد بن محمد الآقفهسى، وبقراءة غيرهما وقراءة نفسه أشياء كثيرة جدا من الكتب والأجزاء والمنتخبات على فاطمة بنت ابن المنجا وغيرها من أصحاب الحجار وغيره. وكان مبدأ ذلك فى رمضان سنة اثنتين وثمانمائة. وفى أوائل المحرم من سنة ثلاث: توجه إلى القاهرة فى صحبة الحافظ ابن حجر وخليل الآقفهسى، ووصلوا إليها فى آخر المحرم فى سنة ثلاث، بعد أن سمع أشياء بنابلس (4) والقدس وغيره. وسمع بالقاهرة فى سنة ثلاث، وفى سنة أربع، أشياء كثيرة. وفى سنة أربع: أذن له القاضى زين الدين خلف فى الإفتاء والتدريس، وكذلك القاضى تاج الدين بهرام المالكى، بعد قراءته عليه جميع كتابه الفائق المسمى بالشامل، الذى اختصر فيه شرح ابن الحاجب الفرعى، لشيخه الشيخ خليل الجندى المالكى، المسمى بالتوضيح، قراءة تصحيح وبحث لما أشكل. وكتب له بهرام عليه إجازة قال فيها: إنه قرأ عليه كتابه «الشامل» قراءة بحث وتفهم. وقد أفاد فى ذلك أكثر مما استفاد. وقد أذنت له أن يرويه عنى، مع جميع ما ألفته فى الفقه والنحو، والأصول من منظوم ومنثور، وفى الفرائض، والعروض وغير ذلك، وما قرأته على الأشياخ، أو سمعته من حديث وتفسير، وغير ذلك من العلوم، وأجزته بالفتيا والتدريس فى جميع ذلك، لعلمى أنه أهل لذلك، مستحق لأن ينظم فى سلك أهل العلم. انتهى باختصار.

_ (4) نابلس: بضم الباء الموحدة واللام، والسين مهملة، وهى مدينة مشهورة بأرض فلسطين بين جبلين مستطيلة لا عرض لها، بينها وبين بيت المقدس عشرة فراسخ. انظر: معجم البلدان (نابلس).

وحج فى هذه السنة، وأقام بمكة حتى حج فى سنة خمس وثمانمائة. وقرأ فى هذه السنة: صحيح مسلم، على قاضى الحرم جمال الدين بن ظهيرة، وأذن له فى التدريس فى علم الحديث، ثم توجه بعد الحج من سنة خمس وثمانمائة إلى اليمن. وسمع بها بعدن على الوجيه عبد الرحمن بن حيدر الشيرازى، من حديث الفخر ابن البخارى يسيرا. وتوجه منها إلى مكة، فبلغها فى أواخر ذى القعدة فى سنة ست وثمانمائة. ومضى بعد الحج إلى المدينة النبوية، ثم إلى دمشق فى الدرب الشامى، على طريق تبوك (5). فبلغها فى الرابع والعشرين من المحرم سنة سبع وثمانمائة. وسمع بها على: خطيبها ومفتيها شهاب الدين أحمد بن حجى. وأذن له ابن حجى فى التدريس فى علم الحديث، ونحويها نور الدين الأنبارى وغيرهما، وعلق بها واستفاد. وتوجه منها فى يوم الجمعة، الرابع والعشرين من جمادى الأولى سنة سبع وثمانمائة إلى القاهرة على طريق الغور (6) وبيسان (7)، ووصل القاهرة فى جمادى الآخرة. وسمع بها على الحافظ نور الدين الهيثمى جانبا كبيرا من كتابه مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، وغير ذلك.

_ (5) تبوك: بالفتح ثم الضم، وواو ساكنة، وكاف: موضع بين وادى القرى والشام، وقيل: بركة لأبناء سعد من بنى عذرة، وقال أبو زيد: تبوك بين الحجر وأول الشام على أربع مراحل من الحجر نحو نصف طريق الشام. انظر: معجم البلدان (تبوك). (6) قال الأزهرى: الغور تهامة وما يلى اليمن، وقال الأصمعى: ما بين ذات عرق إلى البحر غور تهامة، وطرف تهامة: من قبل الحجاز مدارج العرج وأولها من قبل نجد مدارج ذات عرق، والمدارج: الثنايا الغلاظ، وقال الباهلى: كل ما انحدر سيله مغرّبا عن تهامة فهو غور، وقال الأصمعى: يقال غار الرجل يغور إذا سار فى بلاد الغور، وهكذا قال الكسائى. انظر: معجم البلدان، معجم ما استعجم (غور). (7) بيسان: بالفتح ثم السكون، وسين مهملة، ونون: مدينة بالأردنّ بالغور الشامى، ويقال هى لسان الأرض، وهى بين حوران وفلسطين، وبها عين الفلوس يقال إنها من الجنة، وهى عين فيها ملوحة يسيرة، جاء ذكرها فى حديث الجساسة. انظر: معجم البلدان، معجم ما استعجم (بيسان).

وفى شوال منها: ولى قضاء المالكية بمكة، من قبل الملك الناصر فرج بن الملك الظاهر برقوق. ولم يل القضاء بمكة قبله أحد مستقلا، ورتب له على ذلك معلوم. وتوجه مع الحجاج المصريين إلى مكة، فبلغها فى آخر ذى القعدة من سنة سبع وثمانمائة. وفى أوائل ذى الحجة قرئ توقيعه بالولاية بالمسجد الحرام خلف مقام الحنفى بعد صلاة العصر بحضرة أمير الحاج المصرى الأمير كزل العجمى وغيره من أعيان الحجاج وأهل مكة. وفى سنة اثنتى عشر وثمانمائة زار المدينة النبوية، وحضر بها مجلس الإمام أبى عبد الله محمد بن أحمد الوانوغى فى الأصول والفقه وغير ذلك. وأذن له الوانوغى فى الإفتاء والتدريس، وكتب له خطه بذلك بمنى فى أيامها من سنة ثلاث عشرة. ومما كتبه الوانوغى فى إجازته للمذكور ـ بعد أن ذكر طلبه للاجتماع بعلماء مكة ـ: كان ممن اجتمعت به وذاكرته، وباحثته مرارا عديدة فى مسائل كثيرة من مسائل الفقه وغوامضه، وما يتعلق بها، وتكررت أسئلته عن ذلك كله ومباحثه فيها، مرة بعد أخرى السيد الفقيه، الفاضل، الأعدل، الأكمل الجامع للصفات الفاضلة، الحسيب الأصيل، القاضى تقى الدين محمد بن الشيخ الحسيب الأصيل شهاب الدين أحمد بن على الفاسى، نفع الله بفوائده وعلومه الجليلة. وقد ورد علينا بالمدينة الشريفة، وحضر معنا درس الفقه والأصول، وأبدى فيه من فوائده ومباحثه الجليلة ما يليق بعلمه وفضله على طريقة أهل الفنون والمباحث، فرأيته فى ذلك كله أهلا للتدريس، والفتوى، والحكم، وإفادة الطالبين، مع ما جبل عليه من حسن الفهم، وحسن الإيراد، وسعة البال فى البحث والمراجعة فيه. فأوجب ذلك كله الإذن له فى التدريس، والفتوى، وإفادة الطلبة، وحثه على الاشتغال بذلك كله، والملازمة له؛ لينتفع به الناس عموما، وأهل بلده خصوصا، فإنى لم أر من فقهاء المالكية بالحجاز كله من يقاربه فى جميع ما ذكرناه ـ نفع الله به ـ ولا فى اتصافه فى العلم ولا فى الفهم عن الأئمة. انتهى. بنصه باختصار من أوله وآخره. وسبق صورة جميع ما كتبه الوانوغى فى ترجمة الوانوغى.

وفى سنة أربع عشرة وثمانمائة درس للمالكية بالمدرسة السلطانية الغياثية البنجالية، التى بالجانب اليمانى من المسجد الحرام عند باب الحزورة. ودرس قبل ذلك بالمسجد الحرام مدة. وأفتى كثيرا من سنة ثمان وثمانمائة وإلى تاريخه. واستمر متوليا لتدريس البنجالية ولقضاء المالكية، حتى صرف عن ذلك فى الرابع والعشرين من شوال سنة سبع عشرة وثمانمائة بقريبه الشريف أبى حامد بن الشريف عبد الرحمن الفاسى. وفى ابتداء العشر الأول من ذى القعدة منها: عاد إلى ولاية قضاء المالكية بمكة وأتى الخبر بذلك والتوقيع فى ليلة الخامس عشر من ذى الحجة، فباشر الأحكام، وامتنع منها قريبه المذكور. وكان مدة مباشرة قريبه لذلك نحو اثنى عشر يوما. واستمر صاحب هذه الترجمة مباشرا إلى سابع عشر المحرم سنة عشرين وثمانمائة لوصول توقيع بوظيفة قضاء المالكية للإمام شهاب الدين أحمد بن القاضى نور الدين على النويرى، مبينا على إنهاء فاسد بسعى بعض أهل الهوى. وتاريخ التوقيع عاشر ذى الحجة سنة تسع عشرة وثمانمائة. ولم يباشر ذلك شهاب الدين النويرى المذكور لاختفائه خوفا من تعب يناله من وجه آخر. فلما كان الرابع من جمادى الأولى سنة عشرين وثمانمائة: وصل توقيع شريف يتضمن استقرار صاحب هذه الترجمة، واستمراره فى وظيفته قضاء المالكية بمكة وأعمالها، وما كان معه قبل ذلك، فباشر الأحكام وغيرها إلى تاريخه وهو شهر رجب سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، ولم يخل فى خلال مباشرته من خيّر منصف يحمده ويذكر محاسنه، ولا من بذئ متحامل يغض منه بالهوى. وقد بلى بمثل ذلك الأخيار فى جميع الأعصار. وشيوخ صاحب هذه الترجمة كثيرون جدا، ولعلهم نحو خمسمائة شيخ بالسماع والإجازة. ومن شيوخه بالإجازة: التاج أحمد بن محمد بن عبد الله بن محبوب، والزين عبد الرحمن بن الأستاذ الحلبى. وقد سمع المذكور بالحرمين، وديار مصر، والشام، واليمن. ومن شيوخه باليمن: المقرئ شهاب الدين أحمد بن محمد بن محمد بن عياش

الدمشقى، سمع منه أحاديث من جزء ابن عرفة عن على بن العز عمر، حضورا عن أحمد ابن عبد الدايم بزبيد فى سنة إحدى وعشرين وثمانمائة. وسمع بها أيضا فى سنة ثمان عشرة وثمانمائة. ومن مؤلفات صاحب هذه الترجمة: أربعون حديثا متباينة الإسناد والمتون بالسماع المتصل من حديث العشرة المشهود لهم بالجنة، والصحابة الذين انتهى إليهم العلم، والصحابة المكثرين، والعبادلة الأربعة، والأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتبعة، وفيها من النفائس غير ذلك. وكان ابتداء تخريجه لها فى سنة تسع وتسعين وسبعمائة بالقاهرة. ومنها: فهرست تشتمل على ذكر أشياء من مروياته بالسماع والإجازة، ولم يذكر فيها من الأجزاء إلا ما كان مترجما باسم الكتاب، وهو قليل. وذكر فى أوائلها أحاديث عالية من مروياته. وكان تأليفه لها فى أوائل سنة اثنتى عشرة وثمانمائة، وهى فى عدة كراريس؛ وسبب تأليفه لها: أن الشيخ الإمام البارع عطا الله الهندى الحنفى سأله فى ذلك، وسأله أن يسوغ له التدريس والفتوى فى مذهب مالك، فأجابه صاحب هذه الترجمة لسؤاله. ومنها: تواريخ لمكة المشرفة، بعضها على نمط تاريخ الأزرقى، جمع فيها بين ما ذكره الأزرقى من أخبار عمارة الكعبة المعظمة، وخبر حليتها، ومعاليقها وكسوتها، وخبر الحجر الأسود والحجر ـ بسكون الجيم ـ والمقام مقام إبراهيم الخليل عليه السلام، والمسجد الحرام، وزمزم، وسقاية العباس بن عبد المطلب رضى الله تعالى عنه، والصفا والمروة، وحدود الحرم، والأماكن المباركة بمكة المشرفة، وحرمها المعروف بعضها بالمساجد، وبعضها بالمواليد، وبعضها بالدور، وأمطار مكة فى الجاهلية والإسلام وغير ذلك. وبين ما كان بعد الأزرقى من الأخبار الملائمة لذلك. وأضاف إلى ذلك أحاديث وآثارا فى فضائل الكعبة والأعمال المتعلقة بها، وفى فضل الحجر الأسود والركن اليمانى، والحجر ـ بسكون الجيم ـ والمقام، والمسجد الحرام، ومكة، والحرم، وزمزم، وغير ذلك من المواضع المباركة بمكة وحرمها، مما ذكره الأزرقى. وأضاف إلى ذلك أمورا كثيرة مفيدة لم يذكرها الأزرقى، فى بعضها ما عنى بجمعه الأزرقى، وبعضها لم يعن به. فمن الأول: أحاديث نبوية، وآثار عن الصحابة والسلف، وأخبار جاهلية لها تعلق بمكة وأهلها، وولاتها، وملوكها.

ومن الثانى: مسائل فقهية وحديثية، وما علمه من المآثر بمكة وحرمها، كالمدارس والربط وغير ذلك، وما علمه من ولاة مكة فى الإسلام على سبيل الإجمال، وأخبار إسلامية تتعلق بمكة وأهلها وولاتها والحجاج، ويسير من هذه الأخبار ذكرها الأزرقى. وذكر أيضا بعض المآثر، وبعض المسائل الفقهية. وهذا القسم مما يكثر الاغتباط به لأن غالبه لم يحوه كتاب، وإليه تشرق ذوو الألباب. وهذه التآليف خمسة، أكبرها: «شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام» فى مجلدين. ثم مختصره المسمى: «تحفة الكرام بأخبار البلد الحرام». فى نحو نصف أصله. وإلى الآن لم يكمل تأليفهما بالكتابة. ثم مختصره: «تحصيل المرام، من تاريخ البلد الحرام». ثم مختصره: «هادى ذوى الأفهام، إلى تاريخ البلد الحرام». ثم مختصره: «الزهور المقتطفة، من تاريخ مكة المشرفة». ومنها، تاريخ يسمى: «العقد الثمين، فى تاريخ البلد الأمين»، يشتمل بعد خطبته على الزهور المقتطفة، ثم سيرة نبوية مختصرة من سيرة مغلطاى. وفيها زيادات عليها كثيرة مفيدة. ثم تراجم جماعة من ولاة مكة، وقضاتها، وخطبائها، وأئمتها، ومؤذنيها، وتراجم جماعة من العلماء والرواة من أهل مكة وغيرهم، ممن سكنها مدة سنين، أو مات بها. وتراجم جماعة وسعوا المسجد الحرام، أو عمروه. وتراجم جماعة عمروا أشياء من الأماكن المباركة بمكة وحرمها، كالمساجد والمواليد وغير ذلك. وتراجم جماعة عمروا أشياء من المآثر بمكة، كالمدارس، والربط، والآثار، والسبل، والبرك، والمطاهر، وغير ذلك. وتراجم جماعة من الصحابة رضى الله عنهم ذكروا مع غير أهل مكة لسكناهم غيرها. وإنما ذكرهم فى تأليفه لكونهم مكيين؛ لأن مكة دارهم ـ بلا ريب ـ وسكناهم غيرها إنما كان بأخرة، ولا يخرجهم ذلك عن كونهم مكيين، وهم الصحابة رضى الله عنهم من قريش وأبناؤهم، وإن لم يثبت لبعض الأبناء صحبة، أو ولد بغير مكة؛ لأنهم تبع لآبائهم.

وكذلك الصحابة من بنى كنانة وخزاعة لمشاركتهم قريشا فى الدار، وهى مكة، أو باديتها، كما بينه فى تأليفه، وإن كانوا عدوا مع غير أهل مكة؛ لأن المعنى فى عدهم مع غير أهل مكة ما ذكره فى قريش. وكذلك الصحابة من موالى قريش وكنانة وخزاعة؛ لأنهم فى حكمهم، وكذلك الصحابة من خلفاء قريش. وكذلك الصحابة من أهل الطائف من ثقيف ومواليهم، ومن غيرهم؛ لأن الطائف من عمل مكة من قديم الزمان، حتى الآن. وكان ابتداء تأليف التراجم المذكورة فى العقد الثمين على الوجه المذكور فى سنة اثنتى عشرة وثمانمائة، وإلى الآن لم يكمل تأليفها؛ لأن أكثر أهل الكنى من الرجال والنساء المسميات والمكنيات لم يكتب تراجمهم، وكذلك عدة تراجم فى حرف الياء المثناة من تحت ـ يسر الله تأليف ذلك كله وتحريره. وهذا التأليف: يكون فى خمس مجلدات، مع مراعاة الاختصار، بترك إخراج الأحاديث فى كل ترجمة وغير ذلك. ولم يخل هذا التأليف من أحاديث وآثار وحكايات وأشعار. وكل ذلك بالإسناد والتراجم المذكورة على ترتيب حروف المعجم، خلا المحمدين والأحمدين فإنهم مقدمون على غيرهم لشرف هذين الاسمين على غيرهما من الأسماء. وكان قد ألف فى سنة خمس وثمانمائة مجلدا فى هذا المعنى، غير أنه لم يذكر فيه من الصحابة المشار إليهم إلا نفرا يسيرا جدا، ثم اختصره باليمن فى سنة ست وثمانمائة. ثم اختصر المختصر وأكمل تأليفه بدمشق فى سنة سبع وثمانمائة. وجعل فى أوله مقدمة لطيفة تتضمن أشياء من أخبار الكعبة المعظمة، والمسجد الحرام، والأماكن المباركة بمكة وحرمها، وحدود الحرم وغير ذلك. ووقف عليه خطيب دمشق ومفتيها القاضى الإمام شهاب الدين أحمد بن حجى وغيره من فضلاء دمشق. وكتب كل منهم بخطه ثناء على ذلك المختصر ومؤلفه. ثم وقف عليه الحافظان العلامة ولى الدين أبو زرعة أحمد بن حافظ الإسلام زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقى، وأبو الفضل أحمد بن على بن حجر العسقلانى بالقاهرة فى سنة سبع وثمانمائة. وكتب كل منهما ثناء على ذلك المختصر ومؤلفه.

وكان ابتداء عنايته بتحصيل تراجم غير الصحابة فى سنة اثنتين وثمانمائة بالقاهرة، ثم ظفر منها بجانب كبير بدمشق فى هذه السنة، ثم صار يزداد معرفة فى ذلك، وعلق جميع ما علمه من ذلك من غير ترتيب، ثم ألفه ورتبه كما سبق بيانه. وكان أراد أن يجعل التاريخ الكبير الذى ألفه على نمط تاريخ الأزرقى مقدمة للعقد الثمين، فلما عرف أنه يجئ كبيرا، وأنه يكون مع التراجم فى مجلدات كثيرة، أفرد التاريخ الذى على نمط تاريخ الأزرقى عن التاريخ الذى فيه التراجم، وضم إلى الذى فيه التراجم المختصر الأصغر المسمى، بالزهور، ليحصل للناظر فى التاريخ الذى فيه التراجم معرفة ما اشتمل عليه الزهور والتراجم. وكان تأليفه للزهور فى سنة تسع عشرة وثمانمائة. وكان ـ لما استطال التاريخ الذى على نمط تاريخ الأزرقى ـ اختصر منه قبل أن يفرده عن التراجم مختصرا سماه تحفة الكرام بأخبار البلد الحرام، يكون فى مجلد، ورتبه على أربعة وعشرين بابا، وجاء الباب الأخير منه قدر ثلث الكتاب لكون الكلام انجر فيه من شيء إلى شئ، ثم جعل الباب الأخير بما ضمه إليه من الفوائد الكبيرة، والأخبار المتعلقة بفتح مكة وولاتها والحجاج وغير ذلك، خمسة عشر بابا فى شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام، ومختصره المسمى تحفة الكرام، بأخبار البلد الحرام. فلما اختصر المختصرات بعد ذلك، جاءت أبوابها أربعين بابا. وفى كل من هذه المختصرات من الفوائد والأخبار ما ليس فى الآخر. ومنها: تأليف يسمى: «عجالة القرى للراغب فى تاريخ أم القرى»، اختصره من العقد الثمين ولم يكمله. وأكثر تراجمه مؤلفة. ويكون ـ إن شاء الله تعالى ـ فى مجلدين أو أكثر. ومنها: فى التاريخ الذى لا يختص لمكة تأليف، سماه: «بغية أهل البصارة فى ذيل الإشارة». فى خمسة عشر كراسا صغارا. والإشارة المذكورة: تأليف للحافظ. أبى عبد الله الذهبى، ذكر فيه جماعة من أعيان العلماء والرواة وغيرهم، واختصر فيه فى الغالب على اسم الإنسان، وأبيه وجده، وما يعرف به، وقد يذكر شهر وفاته، وابتدأ فيه من السنة الأولى من الهجرة، وانتهى فيه إلى سنة إحدى وسبعمائة. فذيل عليه صاحب هذه الترجمة من سنة إحدى وسبعمائة وإلى تاريخه على النمط

الذى ذكره الذهبى، وأبسط قليلا وجاهد الذيل فى قدر الإشارة، ثم أوضح التراجم المذكورة فى هذا الذيل إيضاحا مناسبا بزيادة تراجم، وإلى الآن لم يكمل تأليفه لذلك. والباقى منه أكثر التراجم من سنة إحدى وسبعمائة، وإلى سنة إحدى وأربعين وسبعمائة؛ لأنه ابتدأ من أول القرن التاسع، ثم ما قبله حتى انتهى إلى سنة أربعين. ومنها: تأليف لطيف نحو ثلاثة كراريس، سماه: «إرشاد ذوى الأفهام إلى تكميل كتاب الأعلام بوفيات الأعلام للحافظ الذهبى»، ويسمى أيضا: «درة التاريخ». ابتدأ فيه الذهبى من السنة الأولى من الهجرة، وانتهى فيه إلى سنة إحدى وأربعين وسبعمائة. واختصر فيه الذهبى فى الغالب على ما يعرف به الإنسان، وذيل عليه صاحب هذه الترجمة ذيلا أبسط منه مناسبا له. ومنها: اختصار كتاب «حياة الحيوان» للشيخ كمال الدين موسى بن محمد الدميرى، الآتى ذكره، ونبه فيه على أشياء كثيرة مفيدة تتعلق بما ذكره الدميرى فى ذلك. وفرغ من اختصاره مع الشبهات المشار إليه من غير استقصاء فى آخر ذى القعدة سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، وسمى هذا المختصر «مطلب اليقظان، من كتاب حياة الحيوان». ومنها: فى الفقه عدة تآليف، منها فى المناسك: ثلاثة تآليف، الأصغر منها: كراس صغير، والأوسط: كراسان صغيران، وكلاهما على مذهب مالك والشافعى رضى الله عنهما، والأكبر لم يكمل تأليفه. وسنذكر فيه إن شاء الله تعالى مذهب أبى حنيفة وابن حنبل رحمهما الله تعالى واسمه: «إرشاد الناسك إلى معرفة المناسك». ومنها: عدة تآليف فى مسائل مفردة، حصل فيها نزاع بينه وبين غيره من المعاصرين له، منها: الإيقاظ من الغفلة والحيرة فى مسألة إقرار ظهيرة، وهى: أن ظهيرة حصل منه إقرار مولح، فحكم نائب صاحب هذه الترجمة ببطلان ذلك الإقرار. فأفتى الشيخ أبو عبد الله الوانوغى ـ السابق ذكره ـ فى ذلك الحكم بما لم يسدد فيه. وألف صاحب هذه الترجمة فى الرد على الوانوغى التأليف المشار إليه، ثم اختصره فى مختصرين.

ووقف على المختصر الأصغر من ذلك قاضى القضاة بالقاهرة، وشيخ المالكية بها: جمال الدين عبد الله الآقفهسى رحمه الله. وكتب عليه ما نصه: لقد حقق وأجاد فيما آتى به من السداد، كل ذلك بفضل الكريم الجواد. وكتبه عبد الله الآقفهسى المالكى. ثم وقف عليه الإمام عالم فاس (8) وابن عالمها: أبو القاسم بن موسى بن محمد بن موسى العبدوسى، الفاسى المالكى بمكة، لما قدمها حاجا فى سنة عشرين وثمانمائة وكتب عليه ما نصه: الحمد لله، يقول كاتبها أبو القاسم العبدوسى ـ لطف الله تعالى به ـ وقفت على ما أفتى به سيدنا الإمام، العالم، العامل، الحافظ، القدوة، تقى الدين محمد بن أحمد بن على الحسنى، فوجدته الحق الذى لا يشك فيه، وما سواه من الجواب غيره هذيان لا أدرى كيف صدر من كاتبه. والله يرشد من يشاء إلى فضله بمنه ورحمته. وكتب الإمام أبو القاسم العبدوسى المذكور بعد أن مر على شفاء الغرام، تأليف صاحب هذه الترجمة ثناء كثيرا على نحو صافحه. وسمع على صاحب الترجمة أربعة أحاديث من أول أربعينه المتباينة، وهى أحاديث الخلفاء الأربعة الراشدين، وسيأتى ما كتبه على شفاء الغرام إن شاء الله تعالى. وكتب العلامة الكبير الحافظ ولى الدين أبو زرعة أحمد بن الحافظ زين الدين العراقى فى سنة سبع وثمانمائة على المختصر الأصغر من كتاب التراجم الذى فى أوله: المقدمة اللطيفة المشار إليها ما نصه فى أول ورقة منه ترجمة له «عجالة القرى، فى مختصر تاريخ أم القرى» تأليف الشيخ الإمام العالم الحافظ زين المحدثين، مفيد الطالبين، مفتى المسلمين، ذى الفوائد العديدة، والمناقب الحميدة تقى الدين محمد بن أحمد بن على الحسنى الفاسى المكى المالكى. أمتع الله ببقائه، وزاد فى علوه وارتقائه آمين. ثم كتب أيضا على التأليف المذكور فى ورقة غير هذه الورقة ما نصه: أما بعد حمد الله الذى شرف ما شاء من البقاع، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذى شرفت بمنشئه ومدفنه تلك الأصقاع، وعلى آله وصحبه الذين جمعوا بين شرفى العلوم والاتضاع.

_ (8) فاس: بالسين المهملة، بلفظ فاس النجّار: مدينة مشهورة كبيرة على برّ المغرب من بلاد البربر، وهى حاضرة البحر وأجلّ مدنه قبل أن تختطّ مرّاكش. انظر: معجم البلدان (فاس).

فقد وقفت على هذا التأليف الجارى على القوانين والأوضاع، والتصنيف البديع الذى ليس فيه ابتداع، والجمع الذى يشهد لجامعه بحسن الاختراع، والمجموع الجامع لصدق النقل وحسن الانتزاع، والتاريخ الذى انعقد على فضيلة الإجماع، والروض الذى ضاع نشره وما ضاع منه بل حفظ وذاع، فانتفعت به أحسن الانتفاع، والتقطت من فوائده ما ليس فى حسنه نزاع، واعترفت لجامعه بحسن الجمع وكثرة الاطلاع، وسعة المعرفة والاضطلاع. فهو إمام له فى المشكلات انبساط، وعلى العلم انجماع، وحافظ فى حفظه اتساع، وثقة فيما ينقله عن كتاب أو سماع، وعالم له مع تواضعه ارتفاع، ومتقن ضم إلى حضور القلب حسن الاستماع. والله تعالى يحفظ عليه ما من به عليه من التقى فهو خير زاد، وغنى النفس فهو خير متاع، ويديم النفع به حتى يأتى أمر الله الذى ليس له دفاع. كتبه أحمد بن عبد الرحيم العراقى الشافعى ـ لطف الله به وبوالديه ومشايخه ـ حامدا ومصليا ومسلما فى ليلة الأربعاء الثانى والعشرين من شوال سنة سبع وثمانمائة بمنزلى بشاطئ النيل المبارك بظاهر القاهرة. وحسبنا الله ونعم الوكيل. وكتب الحافظ شهاب الدين ابن حجر على هذا التأليف، ما نصه: الحمد لله الذى جعل من تولاه بعنايته تقيا، وفضل بعض خلقه على بعض، فرقى منهم سعيدا وأردى منهم شقيا، وشرف بعض الأمكنة على بعض، فاختص البلد الحرام بالأمن والمحبة والبركة، وكفى بذلك فخرا مرضيا. وصلى الله على سيدنا محمد أرفع العالمين قدرا عليا، وعلى آل محمد وصحبه الأبرار الذين حفظوا السنن ونقلوها، وعرفوا معانيها وعقلوها، ونظروا إلى الدنيا بعين الازدراء فما مقلوها، صلى الله عليهم أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فقد وقفت على هذا التأليف البديع وصفا، الغريب صنفا، فوجدته فاق المصنفات فى هذا الفن، لصدق معزاه، وتخصص بالشرف المطلق لفظه ومعناه، فهو تصنيف شريف، فى معنى شريف، لبلد شريف، اختاره الله وارتضاه. حبّره وأجاد فى تأنيقه السيد الإمام الأوحد، البارع المتقن، ذو الأصل الزكى، والذهن الوقاد الذكى، تقى الدين، مفتى المسلمين، حامى حمى الفقه والحديث، مع ما انضاف إلى ذلك من تقوى صدقت لاسمه مسماه، وعبادة وزهادة، وتواضع لائق بمن

اصطفاه الله، فالله تعالى يلهمه شكر هذه المنة، ويبقيه لحفظ السنة. قاله وكتبه أحمد بن على العسقلانى. وكتب عليه خطيب دمشق ومفتيها: القاضى شهاب الدين أحمد بن الإمام علاء الدين حجى السعدى الشافعى ما نصه: الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد: فقد وقفت على مختصر التاريخ لمكة المشرفة، الذى جمعه السيد الشريف، الإمام، المحدث، الفقيه، العالم، البارع فى فنون العلم، المفيد، المؤرخ الأوحد، الضابط، المتقن، الثقة، اليقظ، جمال المحدثين، تقى الدين أبو عبد الله محمد بن السيد الشريف، الإمام العالم شهاب الدين أبى العباس أحمد الحسنى، الفاسى المكى المالكى، متع الله به ونفعه، وأعلاه ورفعه. فرأيته قد أبان فيه عن حفظ واطلاع، ومعرفة واضطلاع، وضبط لما يكتبه ويمليه، وتحرير لما ينقله ويرويه، فأفدت منه أشياء مفيدة، وعلقت منه تراجم وأسماء عديدة، وذاكرنى بمواضع من لفظه، معتمدا على فهمه وحفظه، وإنى لأرجو إن طال أجله، ودام عمله: أن يصير ممن يعتمد عليه، ويشار بالأصابع إليه والله تعالى المسئول أن يزيد فى حياته ويوفقنى وإياه لمرضاته. قال ذلك وكتبه: أحمد بن حجى بن موسى بن أحمد بن سعد السعدى الشافعى، حامدا لله تعالى مصليا على نبيه محمد وآله وصحبه ومسلما، فى الثامن من جمادى الأولى سنة سبع وثمانمائة. وحسبنا الله ونعم الوكيل. وقد أحسن فى الثناء على هذا التأليف، وعلى مؤلفه من فضلاء المحدثين: بدر الدين أبو حمزة أنس بن على بن محمد بن أحمد الأنصارى الدمشقى، وصلاح الدين ـ ويقال: غرس الدين ـ خليل بن محمد بن محمد بن عبد الرحيم الآقفهسى المصرى، وشمس الدين محمد بن أبى بكر عبد الله بن محمد بن أحمد بن مجاهد القيسى الدمشقى، المعروف بابن ناصر الدين. وكتب كل منهم خطة بذلك. وصورة ما كتبوه موجود فى التاريخ المذكور، وترك ذكره اقتصارا. وكتابة: أنس، وابن ناصر الدين فى سنة سبع وثمانمائة. وكتابة: غرس الدين خليل فى سنة ثمان وثمانمائة، بعد أن قرأ التأليف المذكور على مؤلفه.

وكتب العلامة ولى الدين أبو زرعة بن العراقى على ما وقف عليه من إيضاح ذيل الإشارة، المسمى «بغية أهل البصارة» تأليف صاحب هذه الترجمة. وذلك فى سنة إحدى وسبعمائة، وإلى سنة عشرين وثمانمائة ما نصه: وقفت على هذا التاريخ المفيد، والتأليف الفريد، فوجدته قد اشتمل على نبأ من حضرنا ومن غاب عنا، وملك قلب كل تاريخى منا، واستوجب الثناء الجميل منا، واستفدت من فوائده وعلقت بعض ما احتجب إليه من فرائده. وكيف لا، وجامعه محدث كبير، وحافظ خطير، يعتمد على ما قال، ويتلقى بالقبول، ولا يطرح كطرح القيل والقال، هذا مع تفنن فى العلوم، وبراعة فى المنطوق والمفهوم، وكم له من إفادة مشتملة على الحسنى وزيادة، فالله يشكر سعيه، ويديم رعيه، ويمتع بحياته ويعيد من بركاته. كتبه أحمد بن العراقى. غفر الله له. انتهى. وكتب تحت ذلك: الحافظ شهاب الدين بن حجر. أحسن الله إليه ما صورته كذلك: يقول فقير رحمة ربه أحمد بن على العسقلانى. وكتب على ذلك أديب اليمن، وفخر العلماء به، القاضى شرف الدين إسماعيل بن أبى بكر، المعروف: بابن المقرى اليمنى، ما نصه: الحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. وقفت على هذا التأليف التالى فوائد العبر، والآتى بأحاديث الموعظة الحسان بأصح خبر، فلله در مصنفه من إمام حافظ، وبحر بجواهر العلوم لافظ ولا حق برز على السابق، وبذل فى علو المرتبة الأعلام الحفاظ موافق، بلغه الله غاية الأمنية وأجزل ثوابه على هذا المقرون بحسن النية، آمين آمين. كتبه العبد الفقير إلى الله تعالى إسماعيل بن أبى بكر المقرى اليمنى. عفا الله عنه. وكتب الحافظ أبو زرعة، على الزهور المقتطفة تأليف صاحب هذه الترجمة ما صورته: الحمد لله، وبه نستعين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. وبعد: فقد وقفت على هذا التأليف البارع، والمختصر الجامع، فرأيته قد حوى من العلم فنونا، وفجر من بحار العلم عيونا، وسلك فيه أحسن طريقة، وغرس فيه رياضا أنيقة، وقام بما يجب من حق البلد الحرام، وبلغ طالب ذلك مع اختصاره أقصى المرام، إن تكلم فى الفقه فبحر زاخر، وإن حرر التاريخ حوى أقوال الأوائل والأواخر.

وقد وقفت قديما على تاريخه الكبير، واعترفت له بالفضل الكثير، فشكر الله سعيه وأدام رعيه، وحمى به تلك البقاع الشريفة، فقد صار بها بعد أصحابنا الماضين أحسن خليفة. كتبه أحمد بن عبد الرحيم بن العراقى الشافعى، غفر الله له ولوالديه ولمشايخه. آمين. وكتب الحافظ شهاب الدين ابن حجر ـ أبقاه الله تعالى ـ على هذا التأليف أيضا ما صورته: الزهور المقتطفة من تاريخ مكة المشرفة، للشيخ الإمام الحافظ الأوحد الشريف، تقى الدين محمد بن الشيخ شهاب الدين أحمد بن على الفاسى، ثم المكى، قاضى المالكية بمكة المشرفة. وكتب أيضا: الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى. أما بعد: فقد وقفت على هذا التصنيف المفيد، والعقد الفريد، فرأيته قد أجاد تلخيصا وتهذيبا، وفاق ترتيبا وتبويبا، جمع جامعه ـ حفظه الله ـ فيه أشتات الفوائد، ومزج الأخبار التاريخية بالمسائل الحكمية، مزج العقيان بالجواهر فى القلائد، فلقد أبقى لما ألف البلد الأمين ذكر مخلدا، وارتقى بما انتقى درجا يعسر على من رام اللحاق بها المدى، فالله المسئول أن يحرسه بعينه، ويمده بعونه، ويحفظ نفسه، ويحمى حماه، ويوليه الثواب الجزيل على من تولاه. قال ذلك محبه: الصادق أحمد بن على العسقلانى حامدا لله تعالى، مصليا على محمد المصطفى وعلى آله وأصحابه، مسلما. وكان ذلك فى شعبان سنة عشرين وثمانمائة. وكتب القاضى شرف الدين إسماعيل المقرى اليمنى، على هذا التأليف ما نصه: الحمد لله وحده، وصلى الله على رسوله وآله وصحبه وسلم. وقفت على هذا التصنيف البديع، والترصيف الذى تضمنت فصوله زهر الربيع المشتمل على فرائد الفوائد، وفوائد الفرائد، الجامع لنوادر المحاسن، المفيد منها للأوابد، فرأيت عقود لآل أو نجوم ليال، تشهد أن مصنفها الإمام الذى كل فضل خلفه يصلى جار بيت الله الحرام، الذى هو لذخائر المشكلات مجلى، فلقد أبدع وأغرب، وذهب فى الإحسان كل مذهب، وأبقى له فى الصالحات ذكرا، ومن الحمد والأجر كنزا وذخرا، جعله الله للمتقين إماما، وبلغه من كل خير مراما آمين. كتبه العبد الفقير إلى الله تعالى إسماعيل بن أبى بكر المقرى اليمنى. ألهمه الله رشده.

وكتب الحافظ ولى الدين أبو زرعة بن العراقى الشافعى، على تحصيل المرام، تأليف صاحب هذه الترجمة، ما صورته: تحصيل المرام، من تاريخ البلد الحرام، تأليف الشيخ الإمام العلامة الحافظ قاضى القضاة، مفتى المسلمين تقى الدين محمد بن الإمام العلامة شهاب الدين أحمد الحسنى الفاسى الأصل، ثم المكى المالكى، أدام الله فوائده ونفع به آمين. كتب هذا على ظهره فى أول ورقة منها. وكتب أيضا: الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى. وبعد: فقد وقفت على هذا التأليف البديع، المحتوى على أحسن الترتيب وجودة الترصيع، فوجدته جامعا للمعارف، يجتمع على قبوله الموافق والمخالف، إن طلبت منه تحقيق التاريخ ظفرت بالمطلوب، وإن رمت معرفة الأحكام الشرعية وجدتها على أحسن أسلوب، وإن رغبت فى نقل الأحاديث وتمييز صحيحها من سقيمها حصلت على ذلك المرغوب، فهو لكل فن جامع، ولفضائله على كل ذى فضل خاضع. والله يشكر سعى مفيده فيا نعم ما أفاد، ويا حسن ما أبدى وأعاد، وكيف لا، وهو الإمام الحافظ الجامع لأنواع الفضائل، والآخذ من كل علم بسهم غير عائل، جمع الله له خيرى الدنيا والأخرى وجعل نعمه عليه تترى. كتبه فقير رحمة الله تعالى أحمد بن عبد الرحيم بن العراقى، الشافعى، غفر الله له. انتهى. وكانت كتابته لذلك فى سنة عشرين وثمانمائة. وكتب الحافظ أبو زرعة أيضا على تحفة الكرام الأولى، وهى التى أبوابها أربعة وعشرون بابا فى سنة ثلاث عشرة وثمانمائة ما نصه: كتاب: «تحفة الكرام بأخبار البلد الحرام» تصنيف الشيخ، الإمام، العالم، العلامة، الحافظ، مفتى المسلمين، قاضى القضاة السيد الشريف تقى الدين أبى الطيب محمد بن أحمد بن على الحسنى الفاسى المكى المالكى، أدام الله النفع بفوائده آمين. كتب ذلك فى أول ورقة منه بظهره. ثم كتب فى الورقة نفسها، ما نصه: الحمد لله، وقفت على هذا التأليف البديع، المنسوج على هذا المنوال المنيع، ومررت عليه سطرا سطرا، فوجدته فى معناه بحرا، قد أتى فيه مصنفه بكل غريب، ورصعه بكل معنى عجيب، وكيف لا، وهو إمام له بهذا الفن أتم إلمام قد رحل فيه وجال، ولقى أعلام الرجال، وفى هذا النوع الخاص قد سمع وطالع وحرر وراجع، فشكر الله سعيه وأحسن رعيه، وأدام النفع بفوائده، وأجزاه منه على أجمل عوائده.

قد قلت إذ رأيته نخبة هذا الزمن، لا تحسبن حسنه قد جاء سوى من حسن. كتبه أحمد بن عبد الرحيم بن العراقى فى شهر ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة وثمانمائة. وكتب عليه الحافظ شهاب الدين ابن حجر ما نصه: الحمد لله، وسلام على عباده الذين اصطفى. وقفت على هذا التأليف الشريف، وعرفت فضل ما فيه من التنويع والتصريف، فوجدت مجموعا جامعا، وأعجوبة حوت الحسن والحسنى معا، قد حرر مؤلفه وأتقن، وغاص على الدر من مظانه فأمعن، فجزاه الله عن بلده الحرام، ومشاعره العظام: أحسن جزاء، وكفاه جميع ما يتوقاه من الأسواء، آمين آمين. قاله الفقير المعترف بالتقصير: أحمد بن على القسطلانى، الشهير: بابن حجر. وكتبه فى الشهر المذكور أعلاه من سنته، حامدا لله تعالى، ومصليا على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، ومسلما. وكتب الإمام العلامة المفنن أبو الفضل محمد بن إبراهيم التلمسانى الشهير: باب الإمام المالكى، نزيل القاهرة المحروسة فى سنة ثلاث عشرة وثمانمائة بالقاهرة على نسخة من هذا، ومن تحفة الكرام الأولى ما نصه: يا روض آداب ومعدن حكمة ... وصباح إرشاد وبحر علوم يا شمس ذاك القطر نورك قد جلا ... من أفق ذاك القطر كل بهيم جمعت فضائلك الفضائل كلها ... من حادث لك فى العلا وقديم خذها أبا عبد الإله وسيلة ... لنظام حب كان غير زنيم وعليكم منى السلام مرددا ... عن محض ود فى الفؤاد مقيم ما عسى أن يطنب فى وصف هذا الموضوع ألسنة الأقلام، أو يعبر عن هذا الكلام فنون الكلام، فهذا هو الفرا الذى فى جوفه كل الصيد، والأمنية التى لا يتعاطاها عمرو ولا زيد، وهذه هى الموهبة التى حسبناها على صنائع الله تميمة لا تقلع بعدها عين، وقلادة على حلل المفاخر لا تحتاج معها زين، رأينا منه إنشاء أخدم اليراع بين يديه وشاء، وسئل عن معاينة الاختراع، فقال: (56: 35 إنا أنشأناهن إنشاء) فأهلا به من عربى عراف يصف السانح والبانه، ويبين فيحسن الإبانة، أدى الأمانة، وحاز بخدمة التعريف شرف السدانة، فلله دره من قلم دبج تلك الحلل، ونقع محاج الدواة من المسترشدين العلل، وجمح بفرط تحصيله وفهامته، وذهب حيث لا حيث لمضاء ذهنه

وشهامته، وأجاد فى الأوصاف، واعتمد التحقيق والإنصاف، وجاء بما ليس فى طوق غيره من الوطاف، فما لك أيها الفاضل من مساجل ولا مفاضل، ولا منازع، ولا مناضل، لقد وصلت المنازل الوسام، الوافرة الحظوظ فى الفخر والأقسام، كيف لا، وثمر الجنة ليس من سائر الثمر، ولا ينظر السها إلا من سها عن القمر، وإذا ذكر الصالحون فحيهلا عمر، وإن ذكرت المدن والقرى، قلنا: هذه أم القرى، فليس كل الخطب خطبة المنبر، ولا لسائر الأيام كيوم الحج الأكبر، وإذا وصف قطرا من وصفه أو عرفه من عرفه، فقل له: إنما الحج عرفه، والسلام على سيادة من يقف عليه. قال ذلك وكتبه أبو الفضل محمد بن إبراهيم الإمام المغربى التلمسانى مولدا. كان الله له ولطف به وتاب عليه آمين. وكتب قاضى مكة وخطيبها ومفتيها وحافظها: جمال الدين أبو حامد محمد بن عبد الله بن ظهيرة القرشى الشافعى على هذا التأليف ما نصه: الحمد لله الذى منح الفتوحات المكية من كان تقيا، وفتح له أبوابا كانت مغلقة فولجها، وأظهر منها جواهر وحليا، وادخر لمن اختاره من المتأخرين ما عجز عنه كثير من المتقدمين، وكان عليهم خفيا. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، وما كان ربك نسيا. والصلاة والسلام على خير الخلائق سيدنا محمد الذى ختم الله به الأنبياء، فلم يبعث بعده نبيا، وعلى آل سيدنا محمد الطيبين وأصحابه المنتخبين. صلاة وسلاما يتعاقبان بكرة وعشيا. أما بعد: فقد وقفت على هذا التأليف العظيم، والتصنيف الذى لم ينسخ على منواله فى الحديث والقديم، فألفيته قد احتوى على أنواع العجائب، واشتمل على الفوائد النفيسة، وجمع أشتات الغرائب، واجتمع لمؤلفه ـ أبقاه الله تعالى ـ فيه ما لم يجتمع لمؤرخ من المفاخر، وأذكرنى قول من قال من أهل الأدب: كم ترك الأول للآخر. وذكرت قول ابن مالك ـ رحمه الله ـ فى خطبه الجميلة. وناهيك بأثر عبد الله فى دقيق العلم وجليله، وإذا كانت العلوم منحا إلهية، ومواهب اختصاصية: فغير مستبعد أن يدخر لبعض المتأخرين ما عسر على كثير من المتقدمين. وكيف لا، ومؤلفه كما قيل: «ابن جلا وطلاع ثنايا العلا» فاق أهل زمانه فى الفضائل، وجمع أشتات العلوم ونفائس العقائل، ورحل إلى البلاد

الشاسعة، فحصل العلوم النافعة، وعاد بأشرف الوسائل، وأفاد من علومه الجمة وفوائده المهمة، ما سار فى البلدان والقبائل، مضافا إلى النسب الشريف العالى، والحسب المنيف الغالى، والأخلاق الجميلة، والصفات الحسنة الجليلة والسجايا الطاهرة، والمزايا الباطنة والظاهرة (19: 63 تلك الجنة التى نورث من عبادنا من كان تقيا). أبقاه الله تعالى للمسلمين، وأدام به النفع للمستفيدين، بمنه وكرمه آمين. كتبه العبد الفقير إلى عفو الله تعالى ولطفه: محمد بن عبد الله بن ظهيرة القرشى الشافعى لطف الله تعالى به آمين، بالمسجد الحرام، تجاه الكعبة المعظمة فى يوم الثلاثاء التاسع من شهر ربيع الأول من سنة اثنتى عشرة وثمانمائة. أحسن الله عاقبتها. والحمد لله، اللهم صل على سيدنا محمد النبى الأمى، وعلى آل سيدنا محمد وصحبه وسلم. حسبنا الله ونعم الوكيل. انتهى. وكتب السيد الإمام البارع عز الدين محمد بن إبراهيم بن على بن المرتضى الحسنى الصنعانى ـ أبقاه الله تعالى ـ إذ كان مجاورا بمكة على هذا التأليف ما نصه: يا تقى الدين أحسنت قرى أم البلاد ... وحزت الثنا بالعقد الثمين المستجاد بتواريخ ملاح شافيات كل صاد ... وأحاديث فصلت ذات جياد لو درى الركب بهذا ما سرى الركب بحادى ... أو درى ماذا جمادها أشواق الجماد زادنى شكرا على جيرتها بعد البعادى ... فامتلا قلبى بحبى وفؤادى بودادى فهى سعداى وسعدى وسعودى وسعاد ... فهنيا لتقى الدين تشويق العبادى بعبادات وفضل وصلاح ورشاد ... قلت لما أن هدانى وهو عندى خير هادى أبلغ العلم وأشفاه لأدواء الفؤادى ... اختصار فى جلاء وبلوغ فى مرادى

كتبه مطالعة العبد الداعى ومستمد الدعاء محمد بن إبراهيم الحسنى السنى. سامحه الله تعالى. انتهى بحروفه. وكتب على هذا التأليف أيضا بمدينة شيراز: قاضيها الإمام المفنن المقرئ المحدث شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد الدمشقى، المعروف بالجزيرى الشافعى، ما نصه: قد وقف العبد على فرائدى ... لحسنها يا صاح ألف زائد فقلت من شوقى إذ وقفت ... وقد ذكرت معهدا غرست يا حبذا من تحفة الكرام ... حوت حديث البلد الحرام فقف على ساكن ذاك المربع ... واعطف على مرفوع ذاك الموضع فإنها منازل الأحباب ... وموطن الوحى من الكتاب ما مثل ذا فى نوعه مصنف ... لله ما أحرزه المؤلف العالم العلامة الإمام ... الكامل الأعجوبة الهمام قاضى القضاة العادل الزكى ... محمد بن أحمد التقى العلوى الحسنى المالكى ... أحسن به من سيد ومالكى بيض وجهه به هذا التقى ... شتان بينه وبين الأزرقى أود لو يتحفنى بنسخه ... منها لأبقى من كرام العترة وإن تكن تشرفنى بالذكرى ... فيها فغاية ارتفاع قدرى بالله ما ألف شخص مثله ... فالله يبقيه ويبقى فضله ويجمع الشمل به فى الحرم ... رب أجب فأنت أهل الكرم والطف بنا وارحم ومنّ واسترى ... كتبه محمد بن الجزرى محمد لا مصليا محسبلا ... بديهة بلا ترو عجلا خامس شوال ضحى من عام ... ضوء يرى هدى لذى الأفهام وكتب الإمام أبو القاسم بن الإمام موسى العبدوسى الفاسى المالكى ـ السابق ذكره ـ على شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام، لصاحب هذه الترجمة ما نصه: الحمد لله: يقول كاتبه أبو القاسم بن موسى بن محمد بن موسى بن معطى، عرف: بالعبدوسى، لطف الله تعالى به. وقفت على ما ألفه سيدنا، الإمام، العالم، العامل، القدوة، المصنف، قاضى قضاة المالكية: تقى الدين أبو الطيب محمد بن أحمد بن على الحسنى المالكى ـ نفع الله تعالى

به ـ فى تعريفه بحال مكة المعظمة، ومشاعرها المكرمة، وجميع أحوالها المحترمة ومجاورة نبيه العظيم، فوجدته أسأم نفسه، وقطع وقته فى طاعة الله الكاملة وما يقربه من ربه فى جنة عالية. وكيف لا، وهو فرع النبوة المعظمة، وسليل السيادة المحترمة، ومجاور بيته العظيم، وسيادة كل من هو به من عالم وحكيم، أكمل الله تعالى عليه نعمه، ووالى عليه فضله وكرمه. والله تعالى يرشد الجميع إلى طاعته، ويحملنا على ما يرضيه بمنه وكرامته، جمع بما ألفه بين المختلفات، ووفق بين المفترقات وبين ما أشكل من المشتبهات، وسرد من أحاديث سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم ما أبلج القلب باليقين، ويوجب على كل عاقل أن يشد عليه باليمين، ويجعله فى ذخائره العقد الثمين. انتهى بنصه. وكتب على تحصيل المرام قاضى الحنابلة بدمشق: الإمام عز الدين محمد بن علاء الدين على بن بهاء الدين عبد الرحمن بن قاضى القضاة عز الدين محمد بن قاضى القضاة تقى الدين سليمان بن حمزة القدسى الصالحى ما نصه: الحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين. أتى الشريف التقى المشهور كالعلم ... فى مكة وبيت الله والحرم بكل معنى بديع غير منكتم ... يهدى إلى الرشد بل يشفى من السقم أبرزت فى الكون تأليفا به ائتلفت ... قلوبنا شغفا يا طاهر الشيم رمت العلا لتحصيل المرام به ... فنلت ما رمت من فضل ومن نعم لله درك كم در نظمت به ... قلدت جيد أولى الأفضال والكرم وكم علوم حيت من بعد ما درست ... نشرتها طى ما رصعت بالقلم وكم أفدت وكم أسندت من حكم ... وكم أعدت وكم أبديت للفهم وكم وكم ما عسى بالوصف أذكره ... وليس يأتى عليه الوصف بالكلم أذكرتنا سلفا حدثتنا بهم ... يا حافظ الوقت من عرب ومن عجم بالحفظ يرعاك جل الله خالقنا ... ونسأل الله أن يبقيك للأمم قال ذلك وكتبه: أقل العبيد محمد بن على الحنبلى، لطف الله تعالى به بتاريخ سلخ شهر صفر الخير سنة ثمان عشرة وثمانمائة بمكة المشرفة، زادها الله تعالى شرفا وتعظيما. وحسبنا الله ونعم الوكيل. انتهى.

وكتب عليه أيضا: الشيخ الإمام العلامة المفتى شمس الدين محمد بن أحمد بن موسى الكفيرى الدمشقى الشافعى، أحد نواب الحكم بدمشق، والمفتين بها ما نصه: الحمد لله حمدا يليق بجلاله. والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله. وبعد: فقد وقفت على هذا التأليف البديع، وتأملت ما أودع فيه من حسن الترصيع، فوجدت مؤلفه ـ أدام الله تعالى له التأييد، وأجزل له من نعمه المزيد ـ قد أحسن فى ترصيعه وأجاد، وأوضح فيه المشكلات وأفاد، وهذب ونقح ما حاوله من متعلقات أشرف البلاد، وأكثر فى تأليفه هذا من الفوائد العجيبة، والملح المطربة الغريبة، التى لم يقف الخادم فى هذا الباب على مثالها، ولم أر من نسج فيه على منوالها، فنزهت فى رياضه الناظر، وروحت بالتفكر فى محاسنه الخاطر، واجتنيت من ثماره الرائقة، ولخصت من فرائد فوائده الفائقة، ما يطرب السامع ويوجب المدح والثناء على الجامع: فلا زال محروس الجناب مؤيدا ... مدى الدهر لا يخشى عيون الحواسد بيت على الطلاب من بحر علمه ... جواهر قد أضحت أعز الفوائد ويوضح منها كل صعب ممنع ... ويمنح منها بالعتاق الشوارد أدام لنا الله الكريم حياته ... وأجرى عليه منه أسنى العوايد وأبقاه فى عز وسعد وسؤدد ... وأمن على رغم العدو المعاند والعبد يعتذر إلى جنابه فى التقصير فى الإطناب، فماذا عسى أن يقول من ذهل حين رأى العجب العجاب؟ خرس عند ذلك لسانه عن المقال، وأغرب قلمه عما فى ضميره بلسان الحال مع اشتغال باله، فقال: ماذا أقول وماذا قال من سبقت ... أقواله فى التقى الطاهر الشيم قاضى القضاة وبحر العلم ذو نسب ... يسود كل نسيب ساد من قدم من غير أسلافه من كل طائفة ... سادت على الغير من عرب ومن عجم فكم غريب حوى تأليفه ولقد ... أبان عن فضله المشهور كالعلم وعن عوالى أسانيد محررة ... تضئ كالبدر يجلو خندس الظلم فليبق ذا العالى المقدار فى دعة ... وفى سرور وفى عز وفى نعم على تطاول أيام الزمان بلا ... خوف ولا فتنة تخشى ولا نقم على أنى لو أطنب فى مدحه لاعتذرت إليه من التقصير، وكان الذى أظن أنى قد بالغت فيه بالنسبة إلى فضله يسير، وليعلم ـ أبقاه الله تعالى ـ أن لسان التقصير قصير:

فما هو إلا نخبة العصر فى الورى ... وإنسان عين للزمان ومنطق وبحر علوم فاق كل مصنف ... فهل هو إلا العالم العارف التقى فلا زال يعلو شأنه فى سيادة ... ويسمو إلى أعلا المعالى ويرتقى قال ذلك وكتب أقل الخدام والمحب على الدوام: محمد بن أحمد بن موسى الكفيرى بلدا، الدمشقى منشأ، الشافعى مذهبا، الأشعرى معتقدا، نزيل المسجد الحرام حامدا الله تعالى ومصليا على نبيه، ومسلما، ومحوقلا، ومحسبلا. وكان ذلك فى خامس شهر الله المحرم سنة عشرين وثمانمائة بمكة المشرفة، تجاه الكعبة الشريفة، زادها الله تعالى شرفا. آمين. وكتب عليه قاضى عدن: جمال الدين محمد بن سعيد كبن ما نصه، بعد الحمدلة والصلاة: يقول راجى ربه المقتدر ... محمد نجل سعيد الطبرى وبابن كبن قد غدا بين الورى ... جد له أبو أب مشتهرا أحمد رب البيت والمشاعر ... والركن والحجر الرفيع الطاهر ثم الصلاة مع سلام دائم ... على النبى المصطفى من هاشم وآله وصحبه الأخيار ... وزوجه وتابعى الآثار وقد رأت عيناى فى هذا الزمن ... تصنيف مولاى التقى المؤتمن قاضى القضاة المالكى الفاسى ... أكرم به من حافظ للناس أفادهم من علمه غرائبا ... وجمع الفنون والعجائبا وجاء بالتحصيل للمرام ... تاريخه للبلد الحرام حاو به أخبار حال الحرم ... من حادث فيه وعهد القدم وجامع أحكامه وحدّه ... ومنجز والله فيه وعده محرك لكل عزم ساكن ... مشوق لأشرف الأماكن ما الأزرقى والفاكهى والإتحاف ... كمثله لمن يرى بالإنصاف قلت لمن عن وصفه يسألنى ... والله هذا حسن من حسن نظمت بعض وصفه بذا الرجز ... ومن أراد نعته كلا عجز ولم أكن أهلا لذا وإنما ... معنى طفيلى به تهجما فى شهر صوم واجب فى عام ... ضوء يزين بهجة الختام (تمت)

39 ـ محمد بن أحمد بن عمر الجعفرى المريمينى، الخطيب شرف الدين أبو بكر الحلبى

مات المؤلف رحمة الله عليه فى ليلة الأربعاء ثالث شوال سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة بمكة المشرفة. وصلى عليه بعد صلاة الصبح عند باب الكعبة، ودفن بالمعلاة بقبر سيدى الشيخ على بن أبى الكرم السولى رحمه الله عليهما، ولله در القائل حين قال: ما زلت تلهج بالأموات تكتبها ... حتى رأيتك فى الأموات مكتوبا ولقد ـ والله العظيم ـ أحيى مكة وأهلها مؤلفاته الحسنة. 39 ـ محمد بن أحمد بن عمر الجعفرى المريمينى، الخطيب شرف الدين أبو بكر الحلبى: هكذا أملى علينا نسبه لما قدم علينا مكة. وروى لنا عن الأديب أبى عبد الله محمد ابن أحمد بن على بن جابر الهوارى الأندلسى قصيدته البديعية التى أولها: بطيبة انزل ويمم سيد الأمم سمعتها عليه مرة. وسمعت منه بيتين ذكر: أنهما للعلامة صدر الدين أبى الربيع سليمان بن يوسف بن مفلح الياسوفى، وأنشدنيهما من لفظه عنه، سماعا على ما ذكروهما: ليس الطريق سوى طريق محمد ... فهى الصراط المستقيم لمن سلك من يمش فى طرقاته فقد اهتدى ... سبل الرشاد ومن يزغ عنها هلك وأنشدنيهما العلامة صدر الدين الياسوفى إجازة مكاتبة بخطه. وكان قدومه علينا مكة فى موسم سنة أربع وتسعين. وجاور بها حتى سافر مع الحجاج فى موسم سنة ست وتسعين إلى حلب. ثم قدم إلى مكة فى موسم سنة تسع وتسعين، واستمر بها حتى مات، غير أنه خرج إلى الطائف زائرا، وكان فى مدة إقامته بمكة يقرأ الحديث على المشايخ. توفى صاحب هذه الترجمة بمكة، بعد أن جاور بها سنين كثيرة فى عصر يوم الخميس سادس عشرين صفر سنة إحدى وثمانمائة. ودفن فى صبيحة يوم الجمعة بالمعلاة. وقد بلغ الستين أو جاوزها. وكان يعانى الوعظ بمكة، ولديه فضيلة. وله إلمام بقراءة الصحيحين، وعلى ذهنه فوائد تتعلق بهما.

40 ـ محمد بن أحمد بن عيسى بن المنصور أبى جعفر عبد الله بن على بن عبد الله بن عباس العباسى

40 ـ محمد بن أحمد بن عيسى بن المنصور أبى جعفر عبد الله بن على بن عبد الله بن عباس العباسى: أمير مكة. ذكر الفاكهى ما يدل لولايته عليها؛ لأنه قال: وأول من استصبح فى المسجد الحرام فى القناديل فى الصحن: محمد بن أحمد المنصورى، جعل عمدا من خشب فى وسط المسجد، وجعل بينهما حبالا، وجعل فيها قناديل يستصبح فيها. وكان كذلك فى ولايته حتى عزل محمد بن أحمد، فعلقها عيسى بن محمد فى إمارته الآخرة. انتهى. وذكر العتيقى: أنه حج بالناس سنين؛ لأنه قال: وحج بالناس سنة ثلاث وخمسين ومائتين: محمد بن أحمد بن عيسى بن المنصور، يعرف بكعب البقر. وقال: وحج بالناس سنة ست وخمسين، محمد بن أحمد بن عيسى بن المنصور. وقال أيضا: وحج بالناس سبع سنة وخمسين ومائتين، محمد بن أحمد بن عيسى بن المنصور كعب البقر. انتهى. فاستفدنا مما ذكره العتيقى حجه بالناس فى هذه السنين، ولعله كان فى أحدها واليا على مكة. والله أعلم. وقال العتيقى: وولى الموسم سنة إحدى وخمسين ـ يعنى: ومائتين ـ محمد بن أحمد ابن عيسى بن المنصور. انتهى. وذكر ابن الأثير: أن المعتز العباسى أنفذه، وعيسى بن محمد المخزومى إلى مكة بعد أن خرج بها إسماعيل بن يوسف العلوى، وأن إسماعيل وافى عرفة وبها محمد وعيسى المذكوران فقاتلهما إسماعيل. ورأيت فى نسخة من كتاب ابن الأثير ما يقتضى: أن اسم والد محمد هذا: إسماعيل. وذلك ـ فيما أظن ـ تصحيف؛ لأن النسخة التى رأيت ذلك فيها كثيرة السقم والله أعلم. 41 ـ محمد بن أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن بن أبى بكر العمرى، يكنى أبى البركات: ابن مفتى مكة شهاب الدين الحرازى المكى. سمع بمكة من: جده لأمه الرضى

_ 41 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 8/ 350).

42 ـ محمد بن أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن العمرى، أبو الفضل، المعروف: بابن الحرازى، المكى الشافعى ـ أخو السابق

الطبرى وغيره، وبدمشق من: الحجار وغيره فى سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. وما عرفت من حاله سوى هذا. ذكره البرزالى فى تاريخه فى المتوفين فى سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة. 42 ـ محمد بن أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن العمرى، أبو الفضل، المعروف: بابن الحرازى، المكى الشافعى ـ أخو السابق: حضر على جده لأمه الرضى الطبرى، وفاطمة بنت القطب القسطلانى. وسمع من: جماعة بعد ذلك بطلبه وطلب العلم، وحصل منه نصيبا وافرا، أعانه عليه شدة ذكائه. وأخذ الفقه عن والده الشيخ شهاب الدين الحرازى، والشيخ نجم الدين الأصفوانى. ودرس، وأفتى، ووعظ. وكان يعمل ميعادا فى آخر النهار عند الإسطوانة الحمراء. فلما وقع الطاعون العام فى ذى القعدة سنة تسع وأربعين وسبعمائة. كان يعلم الناس دعاء ليسلموا به منه. فكان ممن قضى الله له فيه بالشهادة. وكانت وفاته فى أوائل ذى الحجة من السنة المذكورة بمكة. وهو فى أثناء عشر الأربعين. 43 ـ محمد بن أحمد بن قاسم العمرى، أبو عبد الله بن الشيخ شهاب الدين الحرازى المكى، يلقب بالمحب: سمع من جده لأمه الرضى الطبرى: الصحيحين وغير ذلك. وما علمته حدث وبحث على والده كتبا فى الفقه. ومات سنة أربع وستين وسبعمائة بالقاهرة. 44 ـ محمد بن أحمد قاسم بن عبد الرحمن بن أبى بكر العمرى: قاضى مكة، وخطيبها تقى الدين الحرازى المكى الشافعى، يكنى أبا اليمن: ولد سنة ست وسبعمائة بمكة. وسمع بها على جده لأمه الرضى الطبرى، وأخيه الصفى: صحيح البخارى، وعلى جده لأمه بمفرده جامع الترمذى، وسنن أبى داود والنسائى، وأحاديث صحيح ابن حبان، واختلاف الحديث للشافعى وغير ذلك من الكتب والأجزاء، وعلى الفخر عثمان بن محمد التوزرى: الموطأ رواية يحيى بن يحيى، والشمائل وغير ذلك عليهم وعلى غيرهم من شيوخ مكة، والواردين إليها، منهم: الصدر إسماعيل بن يوسف بن مكتوم القبسى.

45 ـ محمد بن أحمد بن قيس الساوى، أبو جعفر، مقرئ مكة

سمع منه: جزء أبى الجهم الباهلى، ومشيخته تخريج الفخر بن البعلبكى بمنى فى سنة إحدى عشرة وسبعمائة. وتفقه على أبيه وغيره من شيوخ مكة. ورحل إلى الشام فأخذ بها الفقه عن: قاضى حماة شرف الدين البارزى، وأذن له فى الفتوى والتدريس، فدرس وأفتى كثيرا. وانتفع الناس به فى ذلك. وكان يجلس للتدريس قرب باب العجلة. وحدث، سمع منه: الشيخ نور الدين الفوى بقراءته، ووالدى وغيرهما من شيوخنا. وولى قضاء مكة بعد موت ابن خالته القاضى شهاب الدين الطبرى. ثم ولى ـ مع القضاء بعد ذلك ـ: خطابة الحرم لما صرف عنها الضياء الحموى فى سنة إحدى وستين وسبعمائة، وباشرها من استقبال رمضان من هذه السنة. وكان جهورى الصوت يرتج المسجد له إذا خطب. واستمر على ذلك حتى صرف عنه فى أثناء شعبان سنة ثلاث وستين وسبعمائة بجدى القاضى أبى الفضل النويرى. وكانت مباشرته للقضاء سنتين وتسعة أشهر تقريبا، واستمر مصروفا حتى مات. ولزم بيته فى حال صرفه، بحيث كان لا يخرج منه غالبا إلا يوم الجمعة مع ملازمة الاشتغال بالعلم والعبادة والمصالح الدينية. وكان فى قضائه نزيها عفيفا، بحيث: أنه فرق صدقة لؤلؤ لها صورة جاءت من الهند فلم يصرف منها لأحد من جهته شيئا. ومع ذلك فما سلم من الكلام. وكانت وفاته فى جمادى الأولى سنة خمس وستين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة بجوار والده وأخيه. وكان ذا معرفة بالفقه، مشاركا فى غيره من فنون العلم. وله خط جيد. 45 ـ محمد بن أحمد بن قيس الساوى، أبو جعفر، مقرئ مكة: روى عن إبراهيم بن الحسين الهمدانى. وسمع منه: أبو بكر بن المقرئ بالمسجد الحرام، وروى عنه فى معجمه. 46 ـ محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر محمد ابن إبراهيم، يلقب زين الدين بن القاضى زين الدين بن القاضى جمال الدين بن الحافظ محب الدين الطبرى، المكى الشافعى مسند مكة: ولد فى يوم الخميس العاشر من جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وسبعمائة بالمدينة النبوية.

وأجاز له فى سنة إحدى وأربعين، من مصر: القاضى شمس الدين بن القماح وأحمد ابن كتغدى، ومحمد بن غالى، وأحمد بن على المستولى، وأبو نعيم الإسعردى، والبدر الفارقى، وأحمد بن محمد بن عمر بن أبى الفرج الحلبى، وأحمد بن محمد بن أحمد الشهير: بابن الإخوة، والحسن بن السديد، وعليك الخازندار، وأبو الفتح الميدومى ويوسف بن أحمد بن عبيد الله بن جبريل الموقع، وإبراهيم بن محمد الفيومى وعبد الرحيم بن شاهد الجيش، وعبد الباقى اليمانى، والأستاذ أبو حيان، والتاج التبريزى، وعمر بن حسين الشطنوفى وجماعة. ومن أهل دمشق: الحافظان جمال الدين المزى، وشمس الدين الذهبى، وأحمد بن على ابن حسن الجزرى، ومحمد بن أبى بكر بن أحمد بن عبد الدايم، وأحمد بن عمر بن عفاف الموشى، وعبد الرحمن بن مناع البكريتى، وعبد الرحمن بن عبد الهادى، وعلى ابن العز عمر، ومحمد بن إبراهيم بن أبى عمر، وأخته فاطمة، ومحمد بن أبى على بن مكارم ابن البلوط، وعلى بن عيسى بن المظفر بن الشيرجى ومحمد بن عمر السلاوى، ومحمد بن الخباز، وأخته زينب، وعمتهما نفيسة، ومحمد بن أحمد بن محمود بن راشد المرداوى، وأخوه عبد الرحمن، وعبد الرحيم بن أبى اليسر، وعلى بن عبد المؤمن بن عبد الحارثى، وعبد الله بن على بن هلال الأزدى، وعيسى بن عبد الكريم بن عساكر، ويوسف بن يحيى بن الحنبلى، والعلامة شمس الدين بن النقيب، والعلامة تقى الدين السبكى، وآخرون من أصحاب ابن البخارى وغيره. وسمع بمكة من السراج الدمنهورى، وفخر الدين عثمان بن يوسف النويرى: موطأ ابن بكير سنة أربع وأربعين وسبعمائة. ومن ابن بنت أبى سعد، وشهاب الدين الهكارى، ونور الدين الهمدانى، وعز الدين ابن جماعة: جانبا كبيرا مع جامع الترمذى، وهو من أول الكتاب إلى آخر الميعاد الرابع والعشرين، من ثلاثين ميعادا، وآخره آخر تفسير سورة (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ)، وعلى فخر الدين النويرى، وابن جماعة: غالب النسائى. وعلى ابن جماعة: كثيرا من الكتب والأجزاء. وعلى الحافظ صلاح الدين العلائى: الجزء الأول من الأجزاء العشرة المشتمل على المسلسلات بشرط التسلسل، والأربعين المعنية بعيون فنونها عن المبعير، فى اثنى عشر جزءا، والأربعين الإلهية فى ثلاثة أجزاء، وبيان نوابغ الكرم على ساكنى أرض الحرام، وكل ذلك من تأليفه. وذلك فى سنة خمس وخمسين.

وعلى العفيف المطرى: تاريخ المدينة لوالده، والقصائد الوتريات لمحمد بن على الغرناطى، جد زين الدين المذكور لأمه. ومن محمد بن سالم الحضرمى، والكمال بن حبيب، وغير واحد. وتلى بالسبع على المقرئ ناصر الدين العقيبى، وأبى عبد الله محمد بن سليمان الحكرى. وأذنا له فى الإقراء بذلك. وحفظ كتبا علمية فى فنون. وحضر مجالس العلم عند القاضى أبى الفضل النويرى وغيره، وكان يقرأ عليه البخارى فى غالب السنين. وكان ذا مكانة عنده، وأمينا له على أموال الأيتام، ونائبا له فى عقود الأنكحة، وفى تنذير الجراحات. وولى بعض هذه الأمور عن ابن أخته القاضى محب الدين بن القاضى أبى الفضل النويرى، وحكم فى بعض القضايا نيابة عن القاضى عز الدين بن القاضى محب الدين النويرى. وكان معيدا بالمدرسة بمكة. وله نباهة فى العلم ومروءة طائلة. ورث وراثات كثيرة من أقاربه، من أولاد القاضى شهاب الدين الطبرى ومواليه. وامتحق ذلك منه حتى احتاج كثيرا بآخره، وناله من ذلك مشقة عظيمة، ولما قاساه من ضيق حاله وحال عياله بعد التوسع الكثير. ومع ذلك، فلم يخل من المروءة. وحدث فى آخر عمره بكثير من الكتب والأجزاء سمعت منه. وبلغنى أنه لما مات أبوه حضر عند من حضر إليه من الرجال. فقيل له: ما اسمك؟ فقال: زين الدين، فلقب بذلك. واستحسن ذلك منه؛ لأنه كان ابن سنتين وثمانية أشهر وأربعة أيام. وهو سبط الشيخ أبى عبد الله الغرناطى ابن ابنته أم كلثوم، وكان بها بارا. توفى وقت العصر من يوم الأربعاء سادس عشر شهر رمضان سنة خمس عشرة وثمانمائة. ودفن فى صبيحة يوم الخميس السابع عشر منه بالمعلاة، بعد صلاة عليه بالحرم الشريف، حضرت الصلاة عليه ودفنه، وهو خال والدتى، وأخو أمها لأبيها.

47 ـ محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن القرشى العقيلى، قاضى مكة، وخطيبها عز الدين أبو المفاخر بن قاضى الحرمين وخطيبهما محب الدين أبى البركات بن قاضى مكة كمال الدين أبى الفضل النويرى، المكى الشافعى

47 ـ محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن القرشى العقيلى، قاضى مكة، وخطيبها عز الدين أبو المفاخر بن قاضى الحرمين وخطيبهما محب الدين أبى البركات بن قاضى مكة كمال الدين أبى الفضل النويرى، المكى الشافعى: ولد فى سحر ليلة الاثنين حادى عشر رمضان سنة خمس وسبعين وسبعمائة بطيبة. وبها نشأ. وكان أبوه بها قاضيا. وأجاز له من دمشق المسندون: عمر بن الحسن بن أميلة المراغى المزى، وصلاح الدين محمد بن أحمد بن أبى عمر، وحسن بن أحمد بن هلال الطحان، وجماعة فى سنة ست وسبعين. وسمع بالمدينة ـ فيما أظن ـ من شيختنا أم الحسن بنت الفقيه أحمد بن قاسم الحرازى. وبمكة من شيخنا إبراهيم بن صديق: الصحيح وغيره. وروى عنه الصحيح، وعنى بالفقه كثيرا. وكان فيه نبيها، وحفظ فيه التنبيه والحاوى أو أكثره، وكان يذاكر بالحاوى. وتفقه مدة طويلة بشيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. وتفقه قليلا بشيخنا الشيخ برهان الدين الأنباسى، أحد أعيان الشافعية بالديار المصرية، لما قدم إلى مكة فى سنة إحدى وثمانمائة، قرأ عليه فى الحاوى، وأجازه بالتدريس والإفتاء. وناب لأبيه فى الخطابة فى سنة ست وتسعين وفيما بعدها. وناب عنه فى الحكم فى سنة سبع وتسعين، وفى درس بشير. وباشر جميع وظائف أبيه بأثر موته، لأن أباه استنجز له توقيعا من الملك الظاهر بأن يكون نائبا عنه فى حياته مستقلا بعد وفاته. وأنهى خبر موت أبيه إلى السلطان الظاهر بمصر، فولاه السلطان قضاء مكة وخطابتها وحسبتها، ونظر المسجد الحرام والأوقاف والربط المشرفة فى أثناء شهر رمضان سنة تسع وتسعين. وفى رجب منها: كانت وفاة أبيه، ووصل إليه العهد والتشريف بذلك فى الثانى

والعشرين من شوال من السنة المذكورة. واستمر مباشرا لذلك من هذا التاريخ إلى أوائل ذى الحجة سنة ست وثمانمائة. وكان عزل عن ذلك بمصر أياما قليلة، وقت سفر الحاج من مصر، فى سنة ثلاث وثمانمائة، ثم عاد لولاية ذلك، ووصل له عهد بذلك كتب بعد سفر الحاج عن مصر. وكان بعض الحجاج ذكر عزله بمكة، وأرجف بذلك أعداؤه فما راعهم إلا وصول العهد بولايته. وكان عزله فى موسم سنة ست وثمانمائة بالتحامل عليه؛ لأن أمير الحاج المصرى طولون ذكر: أن السلطان فوض إليه أمر عزله وتولية من يصلح. وكان قد وصل إليه عهد باستقراره على ولايته كتب بعد سفر الحاج من مصر، ولم يذكر ذلك لأمير الحاج، ولا للقائمين عليه لما اجتمعوا للكشف عن أمره، وقام من المجلس حنقا. وغلب على ظنه أنهم لا يقدمون على ولاية غيره، فلم يصب ظنه، وأشاع عنه بعض أعدائه أنه عزل نفسه واستدعى شيخنا القاضى جمال الدين إلى مجلس أمير الحاج فشافهه بالولاية، وخلع عليه وولاه أيضا صاحب مكة. وباشر ما كان يباشره القاضى عز الدين من الوظائف. وتوجه القاضى عز الدين بعد الحج إلى المدينة النبوية، وأقام بها إلى أن وصل عهد بولايته لوظائفه فى ربيع الأول أو الثانى من سنة سبع وثمانمائة. ووصل لشيخنا القاضى جمال الدين عهدا بالولاية لذلك. ووصل كتاب السلطان: بأن يجتمع الناس ويستقر من يختارونه من الرجلين فتحامل بعض العوام كثيرا على القاضى عز الدين لعلمهم: أن أمير البلد لا يرغب فى ولايته. واستمر القاضى جمال الدين مباشرا إلى الموسم من هذه السنة. وفى هذا الموسم: قرئ توقيع القاضى عز الدين بعوده للولاية، وقرئ فيه توقيعى بولايتى لقضاء المالكية بمكة، ولبسنا جميعا تشريفا بذلك. والذى أعان على تنفيذ ولاية القاضى عز الدين بمكة فى هذا التاريخ أمير الركب المصرى كزل العجمى. وكان أعداؤه عارضوا ولايته بكتاب وصل من الأمير السالمى مدير الدولة بمصر

يتضمن: أن القاضى جمال الدين متولى؛ لأن ولاية القاضى عز الدين كانت قد اشتهرت بمصر. وتوصل أعداؤه بكتاب السالمى إلى معارضته بعد الموسم فى الخطابة، وأمر الحرم والحكم، فتم لهم ذلك فيما عدا الحكم لأن القاضى عز الدين لم يوافق على اجتنابه. وتوقف شيخنا القاضى جمال الدين عن مباشرة ذلك كله. فلما كانت ليلة الثانى من ربيع الثانى وصل إلى القاضى جمال الدين عهد وتشريف بولايته للوظائف المذكورة، فباشر ذلك إلى النصف الثانى من شعبان سنة عشر وثمانمائة. وفى آخر الشهر المذكور: وصل عهد للقاضى عز الدين وتشريف بولايته للوظائف المذكورة. وباشر ذلك فى أوائل رمضان من هذه السنة إلى آخر رجب سنة اثنتى عشرة وثمانمائة. وفى أثناء العشر الأوسط من شعبان قبيل نصفه من هذه السنة وصل توقيع وخلعة للقاضى جمال الدين بولايته للوظائف المذكورة، فباشر ذلك إلى العشرين من ربيع الثانى سنة ثلاث عشرة وثمانمائة. وفى هذا التاريخ، وصل للقاضى عز الدين توقيع وخلعة بولايته للوظائف المذكورة، وقرئ توقيعه بذلك، وكانت قراءته يوم الجمعة، فخطب بالناس. وكان القاضى جمال الدين قد عمر المنبر ليخطب فى يوم الجمعة المذكور، فخطب عليه غيره. فتعجب الناس من هذا الإتقان. واستمر القاضى عز الدين مباشرا للوظائف المذكورة إلى أوائل ذى الحجة سنة ثلاث عشرة. وفى هذا التاريخ: وصل للقاضى جمال الدين عهد بولايته للوظائف المذكورة، كتب بدمشق، ووصل مع بعض الحجاج منها. واستمر القاضى جمال الدين مباشرا لذلك إلى الرابع عشر من شوال سنة ست عشرة وثمانمائة. وفى هذا التاريخ: وصل للقاضى عز الدين عهد بولايته للخطابة، ونظر الحرم والحسبة بمكة، فقرئ عهده بذلك، ولبس التشريف بحضرة القاضى جمال الدين.

فلما كان الموسم من هذه السنة: وصل إلى القاضى جمال الدين عهد بالخطابة دون النظر والحسبة، وباشرها مع القضاء وما معه إلى أثناء ربيع الآخر سنة سبع عشرة وثمانمائة، ثم وصل إلى القاضى عز الدين توقيع بالخطابة، ونظر الحرم والحسبة فى هذا التاريخ، وباشر ذلك القاضى عز الدين. ثم سعى للقاضى جمال الدين فى الخطابة، فوليها واتفق أن ولايته لها كانت بعد وفاته؛ لأنه توفى فى سابع عشر رمضان من هذه السنة. ولما وصل خبر وفاته إلى القاهرة، قرر القاضى عز الدين فى الخطابة مع نظر الحرم والحسبة. وكان أمير الحاج المصرى فى سنة سبع عشرة أبقاه على الخطابة، وما زال مباشرا لها ولنظر الحرم والحسبة من ربيع الآخر سنة سبع عشرة، وإلى أن عرض له من المرض ما منعه من المباشرة فى ذى القعدة سنة تسع عشرة، فباشر ذلك نوابه. وقدر أنه صرف عن الخطابة والحسبة فى عاشر ذى الحجة سنة تسع عشرة وثمانمائة بأبى البركات بن أبى السعود بن ظهيرة. وما وصل الخبر بولايته لذلك إلا بعد موته بنحو خمسة وعشرين يوما: لأن أبا البركات مات فى الثانى والعشرين من ذى الحجة سنة تسع عشرة وثمانمائة، فباشر نائب القاضى عز الدين الخطابة والحسبة مع نظر الحرم إلى أن توفى القاضى عز الدين. ومما وليه القاضى عز الدين، تدريس المدرسة الأفضلية بمكة، ودرس بشير وغير ذلك. وكان صارما فى الأحكام، وله بها معرفة، وقل أن يستكبر شيئا، وفيه احتمال كثير للأذى، ومروعة كثيرة. وكان جيد الحفظ للقرآن، سريع التلاوة، مديما لها غالبا ليلا ونهارا. وصح لى أنه سمع يتلو ليلا قبيل موته بنحو عشرة أيام. وكان وهنه فى هذه المدة شديدا. وكان ابتداء مرضه الذى مات به الفالج، ثم أمورا أخر يرجى له بها كثرة الثواب. وتوفى ليلة الأحد الحادى والعشرين من شهر ربيع الأول سنة عشرين وثمانمائة بمكة. وصلى عليه عقب صلاة الصبح عند باب الكعبة. ودفن بالمعلاة على جده القاضى أبى الفضل. وكثر عليه البكاء والأسف، ممن لم يعرفه، وممن له عرف. وهو ابن خالى وأخى من الرضاع، تغمده الله برحمته.

48 ـ محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز العقيلى الهاشمى، خطيب مكة، ومحتسبها، كمال الدين أبو الفضل بن قاضى الحرمين، وخطيبهما محب الدين أبى البركات بن قاضى مكة كمال الدين أبى الفضل النويرى، المكى الشافعى

48 ـ محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز العقيلى الهاشمى، خطيب مكة، ومحتسبها، كمال الدين أبو الفضل بن قاضى الحرمين، وخطيبهما محب الدين أبى البركات بن قاضى مكة كمال الدين أبى الفضل النويرى، المكى الشافعى: ولد فى الخامس والعشرين من المحرم سنة سبع وتسعين وسبعمائة، وحفظ القرآن، وقرأ فى التنبيه وغيره، وحضر دروس شيخنا قاضى مكة جمال الدين محمد بن عبد الله ابن ظهيرة الشافعى. وقرأ فى الفقه بمكة على الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الله الغزى أحد نواب الحكم والمفتين بدمشق. وأذن له فى الإفتاء والتدريس، كما أخبر به العزى وأنا حاضر فى مجلس حافل بسطح زمزم بعد عمارتها، وقد اجتمعنا لقراءة ختمة هناك للملك المؤيد صاحب مصر وكتب إشارته على بعض الفتاوى، وألقى قبل ذلك بحضرته درسا بالمدرسة الأفضلية بمكة، ودرس بها مدة سنين، ثم انتزعها منه صاحبنا الفقيه وجيه الدين عبد الرحمن بن الجمال المصرى. وناب عن أخيه القاضى عز الدين بن محب الدين النويرى فى الخطابة بمكة فى موسم سنة تسع عشرة وثمانمائة. وفيها سافر لمصر وعاد لمكة مع الحجاج. وناب فى نظر الحرم، ووليه مع الخطابة وحسبة مكة، بعد موت أخيه فى سنة عشرين وثمانمائة. وفى شوال من سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة: جاء توقيع بعزله عن نظر الحرم والحسبة بمكة، وولاية القاضى جلال الدين بن أبى السعادات بن القاضى أبى البركات ابن أبى السعود لذلك عوضه، وباشر ذلك أبو السعادات إلى أول ذى الحجة من هذه السنة، ثم باشر ذلك أبو الفضل لوصول توقيع له بذلك مع الخطابة إلى الرابع عشر من صفر سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، ثم وصل لجلال الدين أبى السعادات بالخطابة، ونظر الحرم والحسبة، فباشر ذلك إلى أول ربيع الآخر من هذه السنة. وفى هذا التاريخ: عاد أبو الفضل لمباشرة الوظائف الثلاثة، واستمر مباشرا لها إلى جمادى الأولى، أو الآخرة سنة أربع وعشرين وثمانمائة.

49 ـ محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر، يلقب بالجمال ابن الصفى، الطبرى، المكى

وباشرها معه فى هذا التاريخ: أبو السعادات لوصول توقيع لأبى السعادات يقتضى شتراكهما فى الوظائف الثلاثة من الملك المظفر أحمد بن المؤيد. واستمر على مباشرة الخطابة إلى شعبان من هذه السنة، ثم أشار أمير مكة الشريف حسن بن عجلان بتركهما للمباشرة حتى يكاتب الدولة بمصر فى أمرهما ومن قرر باشر، فباشر عوضهما الخطابة الإمام عبد الهادى بن الشيخ أبى اليمن محمد بن أحمد بن الرضى الطبرى إلى آخر ذى القعدة من هذه السنة. وفى هذا التاريخ: باشر أبو الفضل الخطابة، ونظر الحرم والحسبة بمفرده لوصول توقيع إليه من الملك الظاهر ططر (1) الذى كان يدبر دولة المظفر بن المؤيد يقتضى استقرار أبى الفضل فى الوظائف المذكورة بمفرده. وفى سنة ثلاث وعشرين: وصله توقيع مؤيدى بأن يحكم بمكة، فباشر ذلك شيئا قليلا، ثم ترك لعدم رضى القاضى الشافعى محب الدين بن ظهيرة ـ الآتى ذكره ـ بذلك. ثم توالفا بعد ذلك كثيرا، وعرض لهما مرض منع كلا منهما من زيارة الآخر حتى ماتا. وكان موت أبى الفضل فى ليلة الثلاثاء سابع أو ثامن عشرين شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة. وصلى عليه عقب صلاة الصبح. ونادى المؤذن بالصلاة عليه فوق زمزم. ودفن بالمعلاة فى قبر أبيه. وخلف زوجته حاملا، فولدت بعده بنحو عشرة أيام ولدا ذكرا سمى بأبى الفضل. 49 ـ محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر، يلقب بالجمال ابن الصفى، الطبرى، المكى: سمع جامع الترمذى من يوسف بن إسحاق الطبرى. وسمع من جماعة، وحدث. سمع منه جماعة من شيوخنا، وقرأت الجامع على بعضهم عنه.

_ 48 ـ (1) ططر الظاهرى الجركسى المكنى بسيف الدين أبى سعيد، الملك الظاهر. من ملوك دولة الجراكسة بمصر والشام، أصله من مماليك الظاهر برقوق، اشتراه بمصر، وأعتقه واستخدمه ولما آلت السلطنة إلى الناصر فرج توجه ططر إلى حلب ولحق بأهل الشغب والعصيان، ثم جعله المؤيد شيخ بن عبد الله مقدم ألف، فأمير مجلس. وتولى ططر إدارة المملكة عند ما تسلطن ابن المؤيد المملكة وتزوج أم المظفر ثم خلع المظفر، وطلق أمه، بدمشق؛ ونادى بنفسه سلطانا، وتلقب بالظاهر سنة 824 هـ‍وعاد إلى مصر مريضا، فلم يلبث أن مات بالقاهرة، ويقال: أن أم المظفر دست له سما بطيئا بعد خلعه ابنها، فمات من أثره.

50 ـ محمد بن أحمد بن محمد بن أبى بكر المقدومى

ومات فى ليلة الجمعة الحادى والعشرين من صفر سنة خمس وثلاثين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. هكذا وجدت وفاته بخط إبراهيم بن يونس البعلبكى. 50 ـ محمد بن أحمد بن محمد بن أبى بكر المقدومى: قاضى مكة. حدث عن عبد الله بن شبيب المدنى. وسمع منه أبو القاسم الطبرانى فى سنة ثلاث وثمانين ومائتين، وروى عنه فى معجمه الصغير. كان على قضاء مكة فى سنة ثمانين ومائتين، ولم أدر متى كان ابتداء ولايته، ولا انتهاؤها، ولا متى مات رحمة الله عليه. 51 ـ محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن ظهيرة القرشى المخزومى الشافعى، يكنى أبا الفتح، ويلقب تقى الدين بن قاضى مكة محب الدين بن قاضيها جمال الدين: ولد قبيل الظهر بنحو ساعة فى سابع عشر ذى القعدة سنة ثمان وثمانمائة بمكة. وحفظ القرآن، والمنهاج للنووى، وجمع الجوامع للسبكى، والألفية فى النحو وغير ذلك. وحضر دروس والده بالمدرستين المجاهدية والبنجالية بمكة، وكان طالبا فيهما. وسمع الحديث على جده القاضى جمال الدين بن ظهيرة، وشيخنا زين الدين ابن حسين المراغى وغيرهما. وكان ذا فهم وذكاء. رام أن يلى تداريس أبيه بعده. وعاجلته المنية فمات بعد أبيه بخمسة وخمسين يوما بعد العصر من يوم الجمعة ثالث عشر جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، وصلى عليه بعد صلاة الصبح بالمسجد الحرام عند الحجر الأسود. ودفن بالمعلاة إلى جانب أبيه عند قبر مقرئ الحرم عفيف الدين عبد الله الدلاصى، رحمه الله تعالى. 52 ـ محمد بن أحمد بن محمد بن عبد المعطى الأنصارى المكى، أبو عبد الله بن الشيخ أبى العباس النحوى: سمع من القاضى عز الدين بن جماعة كثيرا وغيره. وقرأ النحو على أبيه، وقرأ فى الفقه على شيخنا الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى.

53 ـ محمد بن أحمد بن محمد بن عبيد بن يقطين الأسدى، أبو بكر اليقطينى المقرئ

ودرس بعد أبيه فى درس فى الفقه كان قرره لابنه القاضى ناصر الدين بن سلام الإسكندرى. توفى فى أوائل صفر سنة ثمان وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وقد قارب الأربعين. وهو خالى من الرضاع. 53 ـ محمد بن أحمد بن محمد بن عبيد بن يقطين الأسدى، أبو بكر اليقطينى المقرئ: حدث عن محمد بن إسحاق الثقفى وجماعة. وذكر الخطيب البغدادى: أن أبا الفتح ابن مسرور القواس ذكر: أنه قدم عليهم مصر وحدثهم بها قال. وتوفى بمكة سنة خمسين وثلاثمائة. وكان ثقة. ذكره القطب الحلبى فى تاريخ مصر. ومنه لخصت هذه الترجمة. 54 ـ محمد بن أحمد بن محمد بن على، يلقب بشمس الدين، ويعرف بابن النجم الصوفى المصرى: نزيل مكة. سمع بمصر ـ فيما أحسب ـ من قاضيها أبى البقاء السبكى صحيح البخارى. وصحب الشيخ يوسف الكورانى، المعروف بالعجمى، وصار من مريديه. ونظر فى كتب الصوفية وغيرها من كتب العلم. وكان ـ على ما بلغنى ـ يميل إلى ابن عربى الصوفى. وكتب بخطه كتبا وفوائد، منها على ما ذكر لحفظ النفس والمال: الله حفيظ، قديم، أزلى، حى، قيوم، لا ينام. وذكر: أن من قال ذلك إلى جهة مال له غائب حفظ. وجاور بمكة نحو ثمانية عشر عاما. وتأهل بها وولد له. وسمع الحديث بها من بعض شيوخنا بالسماع والإجازة. وتعبد كثيرا واشتهر. ثم انتقل إلى المدينة فسكنها عامين وأشهرا. ثم توفى بها فى شهر ربيع الأول سنة إحدى وثمانمائة، ودفن بالبقيع. أملى على نسبه هكذا: ولده محمد سبط يوسف بن القروى. 55 ـ محمد بن أحمد بن محمد بن عمار، الحافظ الشهيد، أبو الفضل بن أبى الحسين الجارودى: سمع من عثمان بن سعيد الدارمى، وهو أقدم شيخ له، وأحمد بن نجدة، ومعاذ بن منى وغيرهم.

56 ـ محمد بن أحمد بن محمد بن عمر التحيوى، أبو أحمد اليمنى

وحدث عنه: الحافظ أبو على، ومحمد بن المظفر، ومحمد بن أحمد بن حماد بن حماد الكوفى وغيرهم. وتوفى بمكة شهيدا فى فتنة القرامطة التى كان مقدمهم فيها أبو طاهر القرمطى. وكانوا وافوا مكة يوم الاثنين لسبع خلون من ذى الحجة سنة سبع عشرة وثلاثمائة. وقيل: فى ثامن الشهر. وقتل فيها زهاء ثلاثين ألفا من الحجاج وغيرهم. وقد شرحنا شيئا من خبر هذه الفتنة فى تأليفنا «شفاء الغرام» ومختصراته الثلاثة. 56 ـ محمد بن أحمد بن محمد بن عمر التحيوى، أبو أحمد اليمنى: كان ينوب عن عمه الوزير على بن محمد فى فصل قضاء الناس. وما فعله لم يعارضه فيه، وهو مع ذلك فى الغالب سالكا طريق الزهد. وكان عالى الهمة. جاور بمكة مدة سنين. توفى يوم الخميس تاسع عشر ذى القعدة سنة اثنتى عشرة وسبعمائة. ذكره الملك الأفضل عباس بن المجاهد صاحب اليمن فى كتابه «العطايا السنية» ومنه لخصت هذه الترجمة. 57 ـ محمد بن أحمد بن محمد بن الصدر عمر القاضى تقى الدين: توفى يوم الجمعة ثالث جمادى الآخرة سنة خمس وستين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره لخصت هذه الترجمة. 58 ـ محمد بن أحمد بن محمد بن القاسم الهروى، أبو أسامة المقرى: نزيل مكة. تلى على: أبى أحمد السامرى، وأبى الطيب بن غليون، وأقرأ. قال الدانى: رأيته يقرأ بمكة، وربما أملى الحديث من حفظه، فقلب الأسانيد وغير المتون. انتهى. وكان سمع بها من: ابن عبد السلام بن محمد بن موسى، وإسحاق بن زوران. وبمصر من: أبى طاهر الذهلى، وأبى محمد بن حنونة. وبدمشق من الفضل بن جعفر، وجماعة، وحدث.

59 ـ محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر نجم الدين بن القاضى شهاب الدين أبى الفضل بن القاضى نجم الدين بن القاضى جمال الدين بن الشيخ محب الدين الطبرى المكى

روى عنه ولده: عبد السلام، وأبو منصور محمد بن أحمد بن عبد كوبة، وأبو سعد إسماعيل بن على السمان، سمعا منه بمكة. وبها توفى سنة سبع عشرة وأربعمائة عن ثمان وثمانين سنة. كما ذكر الذهبى فى الميزان. ومنه، ومن تاريخ مصر للقطب الحلبى لخصت هذه الترجمة. 59 ـ محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر نجم الدين بن القاضى شهاب الدين أبى الفضل بن القاضى نجم الدين بن القاضى جمال الدين بن الشيخ محب الدين الطبرى المكى: سمع من عثمان بن الصفى وغيره. ودرس ـ بعد أبيه ـ بالمدرسة المنصورية والمجاهدية بمكة، ورام المنصب، فاخترمته المنية دونه. توفى فى أحد الجمادين سنة خمس وستين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة بجوار ضريح والده وجده بعد خاله القاضى تقى الدين الحرازى بيسير. وكان حسن الشكالة صينا. 60 ـ محمد بن أحمد بن أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن على الحسنى، أبو الفتح الفاسى، يلقب ولى الدين: سمع بمكة من: عثمان بن الصفى: سنن أبى داود، ومن عمه أبى الخير الفاسى: بعض الملخص للقابسى، ومن جماعة. وسمع بالمدينة ـ فى الخامسة ـ على الزبير الأسوانى: الشفا للقاضى عياض، وعلى الجمال المطرى، وخالص البهائى: إتحاف الزائر، لأبى اليمن بن عساكر عنه، وعن على ابن عمر بن حمزة الحجار عدة أجزاء. وأجاز له من دمشق: أبو بكر بن الرضى، وزينب بنت الكمال، وعبد الرحمن بن عبد الهادى، ومحمد بن عمر السلاوى، وعلى بن العز عمر، وأحمد بن محمد بن سلمان، المعروف بابن غانم، والحافظان: المزى، والبرزالى، ويحيى بن فضل الله العمرى، وآخرون. ومن مصر: مسندها يحيى بن المصرى، وإبراهيم بن الخيمى، وأحمد بن أحمد الشارعى، وأحمد بن منصور الجوهرى، وأحمد بن على المشتولى، وأحمد بن محمد بن عمر الحلبى، وأبو نعيم بن الإسعردى، والقاضى شمس الدين بن القماح، والأستاذ أبو

حيان النحوى، وبدر الدين الفارقى، ومحمد بن عالى الدمياطى، وعائشة بنت الصنهاجى، وزهرة بنت الخننى، وآخرون. وحدث بقراءتى، وطلب العلم، وحفظ فى الفقه: مختصر ابن الجلاب، وفى النحو: الكافية الشافعية لابن مالك. وكان يحضر مجلس عمه الشريف أبى الخير الفاسى. وكان عالما فاضلا، وله نظم كبير. وكان ظريفا إلى الغاية نستحسن مجالسته لما يذكره من الحكايات والأشعار المستظرفة، مع ديانة وخير وعبادة كثيرة. توفى ـ رحمه الله ـ فى عصر يوم الأربعاء خامس صفر من سنة ست وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن ـ صبيحة يوم الخميس ـ بالمعلاة. ومولده فى ليلة الجمعة سابع عشرين من ذى القعدة سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة بمكة. وهو سبط البهاء الخطيب الطبرى. أخبرنا الشريف العالم أبو الفتح محمد بن أحمد الحسنى، بقراءتى عليه بالمسجد الحرام عن يحيى بن يوسف بن المصرى إذنا: أن أبا الحسن على بن هبة الله الخطيب أخبره إذنا، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن نسيم العيشونى. وقرأت على أبى هريرة بن الذهبى بغوطة دمشق فى الرحلة الأولى، أخبرك الأمين محمد بن أبى بكر النحاس حضورا، قال: أخبرنا يوسف بن محمود الساوى، قال: أخبرنا أبو طاهر السلفى، قال: أخبرنا على بن محمد بن العلاف، قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران، قال: أخبرنا أبو بكر الآجرى، قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد الحميد الواسطى، قال: حدثنا عبد الوهاب بن الحكم الوراق النسائى، قال: حدثنا يزيد ابن هارون، قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن ثابت البنانى عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن صهيب رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أهل الجنة إذا دخلوا الجنة نودوا: أن يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا لم تروه. قالوا: وما هو؟ ألم يبيض وجوهنا ويزحزحنا عن النار ويدخلنا الجنة؟ قال: فيكشف الحجاب، فينظرون إليه. فو الله ما أعطاهم شيئا هو أحب إليهم منه. ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) (1).

_ 60 ـ (1) أخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده حديث رقم (18512) من طريق: حدثنا عبد الله حدّثنى أبى حدثنا يزيد بن هارون، أنبانا حماد بن سلمة، عن ثابت البنانى، عن عبد الرحمن ابن أبى ليلى، عن صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أهل الجنة الجنة نودوا: يا أهل ـ

61 ـ محمد بن أحمد بن محمد القزوينى الصوفى

وأخبرنا أعلا من هذا جماعة كثيرون، من طرق كثيرة من أحسنها: ما أخبرتناه أم عيسى بنت أحمد الحنفى: أن على بن عمر أخبرها، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن مكى، قال: أخبرنا جدى أبو طاهر السلفى، قال: أخبرنا أبو القاسم على بن الحسين الربعى، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزار، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار. قال: أخبرنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن صهيب رضى الله عنه، قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أهل الجنة الجنة نودوا: أن يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا لم تروه، فيقولون: ما هو؟ ألم يبيض وجوهنا، ويزحزحنا عن النار، ويدخلنا الجنة؟ قال: فيكشف الحجاب عزوجل، وينظرون إليه تبارك وتعالى. قال: فو الله ما أعطاهم الله شيئا هو أحب إليهم منه. قال: ثم قرأ: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ)». هذا حديث صحيح أخرجه مسلم فى صحيحه عن أبى بكر بن أبى شيبة الحافظ عن يزيد بن هارون فوقع لنا بدلا له عاليا بدرجتين، ولله الحمد والمنة. وأنشدنى الشريف الفاضل أبو الفتح الفاسى لنفسه إجازة من قصيدة نبوية: يا حاديا يحدو بزمزم والصفا ... عرج فديتك نحو قبر المصطفى وانزل على ذاك الضريح ولذ به ... فهناك تلقى ما تروم من الشفا وارتع هديت بروضة من جنة ... وادع فثم يجاب من قد أسرفا واقرأ سلامى عند رؤية قبره ... وقل الكئيب المستهام على شفا 61 ـ محمد بن أحمد بن محمد القزوينى الصوفى: ذكر لنا: أنه سمع من مظفر الدين محمد بن محمد بن يحيى العطار المصرى، ولم يحرر ما سمعه منه. وسمع ـ وهو كبير ـ على جماعة من شيوخنا وغيرهم، بديار مصر والحجاز. وصحبه الشيخ يوسف العجمى. وأخذ عنه الطريق وجماعة من أهل الخير. وكانت له معرفة بطريق الصوفية، ومواظبة على العبادة، مع حسن الطريق.

_ ـ الجنة إن لكم موعدا عند الله لم تروه، فقالوا: وما هو؟ ألم تبيض وجوهنا ونزحنا عن النار وتدخلنا الجنة؟ قال: فيكشف الحجاب فينظرون إليه، فو الله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم منه، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ)».

62 ـ محمد بن أحمد بن المسيب اليمنى

جاور بالحرمين الشريفين غير مرة، منها: نحو خمس سنين متوالية متصلة بوفاته أو أزيد. وكان يسكن برباط ربيع، ثم انتقل عنه قبيل وفاته لحاجته إلى من يمرضه. وتوفى فى ثانى عشرين شعبان سنة إحدى عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة وقد جاوز الستين. وكان خيرا صالحا حسن العقيدة، قاله ابن حجر فى معجمه. 62 ـ محمد بن أحمد بن المسيب اليمنى: أمير مكة. وجدت بخط بعض العصريين: أن فى سنة ست وأربعين عزل الملك المنصور عمر بن على بن رسول صاحب اليمن الأمير فخر الدين السلاح عن مكة وأعمالها، وأمر ابن المسيب عوضه بعد أن ألزم نفسه ما لا يؤديه من الحجاز بعد كفاية الجند، وقود مائة فرس فى كل سنة. فتقدم إلى مكة بمرسوم السلطان نور الدين، فدخلها وخرج عنها الأمير فخر الدين السلاح. فأقام ابن المسيب أميرا بمكة سنة ست وأربعين، والتى بعدها فغير فى هذه المدة جميع الخير الذى وضعه مولانا السلطان نور الدين، وأعاد الجبايات والمكوس بمكة، وقلع المربعة التى كان السلطان كتبها، وجعلها على زمزم. واستولى على الصدقة التى كانت تصل من اليمن، وأخذ من المجد بن أبى المال المال الذى كان تحت يديه لمولانا السلطان الملك المظفر، وبنى حصنا بنخلة يسمى العطشان، واستخلف هذيلا لنفسه، ومنع الجند النفقة. فتفرقوا عنه، ومكر مكرا، فمكر الله به. ولما تحقق الشريف أبو سعد منه الخلاف على السلطان، وثب عليه، وأخذ ما كان معه من خيل وعدد ومماليك وقيده، وأحضر أعيان أهل الحرم، وقال: ما لزمته إلا لتحقيقى خلافه على مولانا السلطان. وعلمت أنه أراد الهرب بهذا المال الذى معه إلى العراق، وأنا غلام مولانا السلطان، والمال عندى محفوظ، والخيل والعدد إلى أن يصل مرسوم السلطان. فوردت الأخبار بعد أيام يسيرة بوفاة السلطان. انتهى. وما عرفت شيئا من حاله زيادة على هذا سوى: أنه كان استدار الملك المنصور، على ما وجدت فى حجر قبره ولده بالمعلاة. ومنه نقلت نسبه هذا. 63 ـ محمد بن أحمد بن ميمون بن قاسم التونسى، المالكى، المعروف: بابن المغربى: أخو: حسن وزينب ـ الآتى ذكرهما. رأيت بخط بعضهم قصيدة فى مدح الشريف

64 ـ محمد بن أحمد بن أبى نصر الشيخ شمس الدين، المعروف: بالدباهى، البغدادى

رميثة بن أبى نمى الحسنى صاحب مكة. ذكر: أنها لمحمد بن المغربى هذا، وهى: السعد قارن وجهك المسعودا ... والله ملك ملكك التخليدا وجيوش نصرك يا رميثة أقبلت ... تسعى إليك عساكرا وجنودا منها: لا زال سعدك بالدوام موفقا ... وسديد رأيك فى الأمور رشيدا يا طاعن اللبات وخزا بالقنا ... والحرب شب شراره الموقودا يا بهجة الدنيا وعين زمانها ... وسخيها ومليها المقصودا أمّنت خوف المسلمين وروعهم ... ولممت شملهم فصار نضيدا لا زلت ذخرا للأنام وملجأ ... وعميم ملكك للورى ممدودا وبقيت فى النعم التى أوتيتها ... متقلبا وعلى العلا محسودا وتركت سائرها لكون ما ذكرته أصلح شيء فيها. 64 ـ محمد بن أحمد بن أبى نصر الشيخ شمس الدين، المعروف: بالدباهى، البغدادى: ذكره الذهبى فى معجمه، وترجمه، بالإمام، الزاهد، القدوة. وحكى عنه أنه قال: إن النشتبرى أجاز له من ماردين (1). وأنه صحب الشيخ عبد الله كتيلة مدة، وسافر معه قال: وكان الدباهى حسن الجملة، عديم التكلف، وافر الإخلاص، رأسا فى متابعة السنة، فصيحا، واعظا، حسن المشاركة فى العلم ومعاملات القلوب. دخل البلاد وجاور عشر سنين، ثم تحول إلى دمشق، فانتفعنا بمجالسته، وبآدابه أنشدنا بمكة سنين، وبالمدينة أشياء حسنة، وحكايات نافعة. انتهى. وذكره البزرالى فى تاريخه، وقال: كان سيدا من السادات. وجاور بمكة سنين، وبالمدينة أيضا.

_ 64 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 8/ 50). (1) مدينة من ديار ربيعة بعمل الموصل، بينها وبين مدينة دارا نصف مرحلة، وهى فى سفح جبل فى قمته قلعة كبيرة، وهى من قلاع الدنيا الشهيرة. انظر: معجم البلدان 5/ 39، الروض المعطار 518، الكرخى 53، نزهة المشتاق 199، 200، آثار البلاد 259.

65 ـ محمد بن أحمد بن هبة الله محمد بن الخزرجى القاضى زين الدين، الشهير بابن الأنصارى

وذكر: أنه توفى قبل المغرب من نهار يوم الخميس الرابع والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وسبعمائة. ودفن بسفح قاسيون. ومولده سنة ست أو سبع وثلاثين. انتهى. 65 ـ محمد بن أحمد بن هبة الله محمد بن الخزرجى القاضى زين الدين، الشهير بابن الأنصارى: ولى القضاء بدمنهور وغيرها من الوجه البحرى مدة. وتردد إلى مكة مرات وجاور بها وتعبد بها. توفى يوم الثلاثاء ثالث عشر من جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين وسبعمائة. ودفن بالمعلاة. وكان ذا ثروة بمكة ونعمة ظاهرة. وكانت له مكارم وصدقة وافرة، وإحسان جزيل إلى الرؤساء. وله فى ذلك أخبار: منها: أنه أهدى لقاضى القضاة برهان الدين بن جماعة بالقدس خرجا مملوءا قماشا حسنا. ونال بذلك خيرا ومكانة من ابن جماعة لما ولى قضاء الديار المصرية. ومنها: أنه أهدى للقاضى أبى البقاء السبكى ـ لما عزم على التوجه إلى دمشق قاضيا بها بعد صرفه عن قضاء مصر بابن جماعة ـ خمسمائة مثقال ذهبا، بعد أن أتى مودعا له من بلده دمنهور. ومنها: أنه لما مات شرف الدين المناوى والد شيخنا القاضى صدر الدين، أتى لأخيه القاضى تاج الدين المناوى، وهو إذ ذاك عبارة عن قاضى القضاة عز الدين بن جماعة لتفويضه الأمور إليه، وقال ابن الأنصارى لتاج الدين المناوى: عندى للقاضى شرف الدين المناوى عشرة آلاف درهم، فقال لتاج الدين المناوى: بمسطور؟ فقال: مثلى لا يكتب عليه مسطور، فهل ترسمون آتيكم بها أو أتسبب فيها، كما كنت أو لا؟ فقال: لا تسببوا فيها. فعجب من ذلك تاج الدين، ولم يكن عند ابن الأنصارى لشرف الدين المناوى شيء البتة. وإنما قصد التقرب إلى أخيه القاضى تاج الدين؛ ولذلك صار مكينا عنده. وله فى الإحسان إلى القاضى محب الدين ناصر الجيش، والشيخ بهاء الدين السبكى وغيرهم من الأعيان أخبار كثيرة.

66 ـ محمد بن أحمد بن يزيد، أبو يونس الجمحى

وكان مع ذلك: لا يقبل ممن يهدى إليه شيئا ولو كان مأكولا. وله فيما بلغنى إحسان كثير لقصد وجه الله لناس كثير من الفقراء وغيرهم. وأخبرنى بعض أصحابنا أنه رآه بمكة فى النوم بعد وفاته، وقال له: ما فعل الله بك يا سيدى؟ فقال له ابن الأنصارى: والله مشى الحال على خير بكرمى. والمخبر لى بهذه الحكاية من خواص ابن الأنصارى العارفين بخفايا أمره. وأخبرنى عن ابن الأنصارى بما ذكرته من خبره مع المناوى وأبى البقاء وابن جماعة وغير ذلك. ومما حكاه لى من سعادة ابن الأنصارى: أنه أسلم فى شيء يقال له: التيلة مائة درهم فى الأردب، وأنه باع ذلك بعد مدة بألف درهم ومائة درهم الأردب. وأنهم وجدوا له بعد موته فى مخزن له بالفارقانية: خمسة آلاف مثقال ذهب، وخمسة وستين ألف درهم فضة. وأنه لما توجه من القاهرة لقصد الحج والمجاورة، استدان من مال الأيتام بالقاهرة عشرة آلاف درهم باثنى عشر ألف درهم إلى سنة برهن وثيق. وقصد بذلك خفاء أمره فى الغناء، وإظهار احتياجه، وذلك مما يقصده العقلاء. وله فى مثل ذلك أخبار أخر. وله معرفة بالوراقة والمكاتيب الحكمية وحفظ الحاوى. ومن خطه نقلت نسبه هذا. 66 ـ محمد بن أحمد بن يزيد، أبو يونس الجمحى: من أهل مكة، وكان يسكن المدينة. روى عن محمد بن المنذر بن الزبير بن هشام بن عروة. ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات، قال: وروى عنه أصحابنا. 67 ـ محمد بن أحمد بن يونس المكى، المعروف بالكركى، لقب بالجمال: كان عاقلا، خيّرا، ذا مروءة وصيانة، وأخلاق حسنة. كتبت عنه بمكة دعاء، ذكر لى أنه للنفع من الأعداء، على ما بلغه عن شيخ اليمن

_ 66 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 7/ 183، تذهيب التهذيب 3/ 180، تهذيب التهذيب 9/ 24، خلاصة الخزرجى ترجمة 1038).

68 ـ محمد بن أحمد الخلاوى، أبو بشير

علما وعملا: أحمد بن العجيل، يقال ثلاثا عند الصباح وعند المساء، وهو: اللهم يا مخلص المولود من ضيق مخاض أمه، ويا معافى الملدوغ من شدة حمة سمه، ويا قادرا على كل شيء بعلمه: أسألك بمحمد واسمه أن تكفينى كل ظالم بظلمه. توفى فى العشر الأخير من شوال سنة تسع وثمانمائة بالقاهرة. وقد بلغ الخمسين أو قاربها. 68 ـ محمد بن أحمد الخلاوى، أبو بشير: أحد مشايخ الحرم فى وقته. ذكره أبو عبد الرحمن السلمى فى طبقاته. وذكر: أنه جاور بمكة فى آخر سفرة سافرها عشرين سنة متوالية. مات بمكة سنة ست، ونعى إليهم سنة سبع وثمانين وستمائة. 69 ـ محمد بن أحمد شمس الدين، المعروف بابن المؤذن، القدسى: نزيل الحرمين الشريفين. ولد بالقدس، ونشأ بها فيما أظن ـ وخدم بها الوالى العارف الشيخ محمد، المعروف بالقرمى مدة، ثم تغير عليه القرمى؛ لأنه صار يتأكل من الناس بالقرمى. وحصل له بخدمة القرمى شهرة عند الناس، استفاد بها صحبة جماعة من الأكابر منهم القاضى زكى الدين الخروبى. وندبه إلى اليمن فى بعض حوائجه. ودخل اليمن غير مرة، وأكرم مورده فيها القاضى سراج الدين عبد اللطيف بن سالم لمودة بينهما من مكة. وتوفى، وهو قافل من اليمن فى العشر الوسط من شعبان سنة ثمان وتسعين وسبعمائة، بموضع بقال له: ملكان، أو قريبا منه على أميال من مكة، ودفن هناك. وذهبت دنياه التى قفل بها من اليمن، ولم يحسن مواراته بعد موته. وأومل قدومه إلى الحجاز فى حدود سنة سبعين وسبعمائة، وصار يتردد إليه، وانقطع به بعد ذلك، وصار يتردد إلى مصر وغيرها من البلاد الشامية طلبا للرزق. سامحه الله تعالى. 70 ـ محمد بن أحمد ناصر الدين، المعروف بالسخاوى، المصرى، الشافعى: حفظ فى صغره كتبا علمية، وعرضها على جماعة من أعيان العلماء بالقاهرة فى

من اسمه محمد بن إبراهيم

عشر السبعين وسبعمائة، منهم الشيخ جمال الدين عبد الرحيم الإسنائى، وحضر دروسه، ودروس جماعة من أهل العلم. وكانت لديه نباهة وتذاكر بفوائد حسنة. جاور بمكة غير مرة، وبها توفى فى شعبان سنة عشر وثمانمائة، ودفن بالمعلاة عن بضع وستين سنة. * * * من اسمه محمد بن إبراهيم 71 ـ محمد بن إبراهيم بن أحمد بن طاهر، الشيخ فخر الدين أبو عبد الله، الفارسى، الفقيه، الصوفى: سمع بهمدان (1) من أبى العلاء العطار وغيره، وبأصبهان من الحافظ أبى موسى المدينى، وبدمشق من الحافظ أبى القاسم بن عساكر، وبالإسكندرية من الحافظ السلفى، وأكثر عنه. وسمع من غيرهم بهذه البلاد وغيرها، على ما ذكره ابن مسدى، قال: وتفقه على مذهب الشافعى بجماعة من الأكابر، ختمهم بأبى البركات محمد بن الموفق الخيوشانى. وأفتى، وذكر، وحدث، وفسر، وحج مرات؛ وجاور كرات، ولزم بآخره قرافة مصر، وانقطع فيها بمعبد ذى النون المصرى، وكان مكينا مكانه موطنا على الديانة. انتهى. وقال ابن الحاجب الأمينى: كان صاحب مقامات ومعاملات، إلا أنه كان بذئ اللسان، كثير الوقيعة فى الناس، من عرف ومن لم يعرف، لا يفكر فى عاقبة ما يقول. وكان ميله إلى الكلام أكثر من الحديث. وذكر ابن نقطة: أنه قرأ عليه يوما حكاية عن يحيى بن معين، فسبه ونال منه، انتهى.

_ 71 ـ انظر ترجمته فى: (تكملة المنذرى ترجمة 2080، تلخيص ابن الفوطى 2307، تاريخ الإسلام للذهبى، الورقة 24، العبر 5/ 91، المشتبه 183، 15، الوافى بالوفيات 2/ 9، النجوم الزاهرة 6/ 263، تاريخ ابن الفرات 10/ 66، معجم الشافعية لابن عبد الهادى 28، حسن المحاضرة 1/ 259، شذرات الذهب 5/ 101 وسير أعلام النبلاء 22/ 179). (1) همذان: بالذال المعجمة، مدينة من عراق العجم من كور الجبل، كبيرة جدا فرسخ فى مثله، محدثة إسلامية، ولها أربعة أبواب. انظر معجم البلدان 5/ 410، 417، الروض المعطار 596، ابن حوقل 308، الكرخى 117، اليعقوبى 272، نزهة المشتاق 203.

72 ـ محمد بن إبراهيم بن أبى العباس أحمد بن عبد الله التونسى الأصل، المكى، المعروف والده بالزعبلى

وذكر الذهبى: أنه كان مغرما بوصف القدود والخدود، والنهود، قال: وله شعر منه وقوله: اسقنى طاب الصبوح ... ما ترى النجم يلوح اسقنى كاسات راح ... هى للأرواح روح غن لى باسم حبيبى ... فلعلى أستريح نحن قوم فى سبيل العشق ... نغدو ونروح نحن قوم نكتم الأسرار ... والدمع يبوح وذكر له تآليف؛ ومنها «مطية النقل، وعطية العقل» فى علم الكلام، قال: وكان كثير الميل إليه، وتأليفه على طريقة الصوفية الفلاسفة. انتهى. قلت: بلغنى عنه أنه قال: سألت الله أربعين سنة أن يزيل بغض العرب من قلبى حتى فعل، وآخر أصحابه الرئيس بهاء الدين على بن عيسى، المعروف بابن القيم. وتوفى فى ليلة الجمعة الرابع عشر ذى الحجة سنة اثنتين وعشرين وستمائة. وكان مولده ـ تقريبا ـ فى سنة عشرين وخمسمائة. وذكر وفاته ومولده هكذا ابن مسدى. وذكر التاج السبكى فى طبقاته: أنه جاور بمكة زمانا. 72 ـ محمد بن إبراهيم بن أبى العباس أحمد بن عبد الله التونسى الأصل، المكى، المعروف والده بالزعبلى: ولد بمكة، وحفظ بها القرآن، ورغب فى الاشتغال بالعلم، وحضر فيه دروسا كثيرة عند الشيخ جلال الدين عبد الواحد بن إبراهيم المرشدى الحنفى، وتصدى للشهادة مدة. وتوفى فى السادس عشر من ذى القعدة سنة خمس وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وقد قارب الأربعين ـ ظنا. وكان فى خير وأصيب به أبوه. 73 ـ محمد بن إبراهيم بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى، يلقب بالجمال: يروى جامع الترمذى عن ابن البنا، يرويه عنه ابنه الرضى إبراهيم إمام المقام إجازة. ولم أدر متى مات، إلا أنه كان حيا فى سنة إحدى وخمسين وستمائة. 74 ـ محمد بن إبراهيم بن بدر بن بدران بن عبد القادر بن عمر بن الشيخ موفق الدين الكواشى السلامى، يلقب شمس الدين، ويعرف: بابن الحبشى ـ بحاء مهملة مفتوحة وباء موحدة مفتوحة وشين معجمة مكسورة ـ للنسبة: هكذا كتب لنا هذا النسب بخطه. وذكر: أنه ولد سنة خمس وعشرين وسبعمائة ببيت المقدس.

75 ـ محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن الفضل المكى أبو جعفر الديبلى

وروى لنا عن: أحمد بن عبد الرحمن الصرخدى، وعبد الله بن أبى التائب، وعلى ابن محمد البندنيجى، وأسماء بنت ابن صصرى، وزينب بنت الكمال، وجماعة من العلماء والرواة، بمقتضى: أن هؤلاء الشيوخ أجازوا فى استدعاء كتب ببيت المقدس فى شعبان سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، بخط موسى بن على الزهرانى ـ نزيل مكة ـ لجماعة مذكورين فيه، منهم: محمد بن إبراهيم بن بدر الحبشى، بهذا النص. وغلب على ظنى أنه صاحب هذه الترجمة، ثم تشككت فى ذلك بعد موته. والله أعلم بحقيقة ذلك. ووجدت فى بعض طبقات السماعات على فاطمة بنت العز إبراهيم المقدسى ما صورته: محمد بن إبراهيم بن بدر الحبشى، مع جماعة فى سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة فى بيت المقدس. فإن كان المذكور فى الطبقة هو المذكور فى هذه الترجمة، فهذا سماع له، وأظن: أن ذلك فى طبقة سماع على فاطمة المذكورة لانتخاب الطبرانى لابنه على بن فارس، وإلا ففى جزء ابن عرفة، وإلا ففى نسخة أبى مسهر الغسانى. وجاور ابن الحبشى ـ هذا ـ بمكة سنينا كثيرة، حتى توفى بها فى أوائل سنة ثمان وتسعين وسبعمائة، بالموضع الذى يقال: بيت أبى بكر الصديق رضى الله عنه بأسفل مكة. ولم يعلم موته إلا بعد تغيره. وكان يدعى معرفة أسرار الحروف والكيمياء واتهم بعملها. وله حظ وافر من العبادة، وفى لسانه بدارة. 75 ـ محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن الفضل المكى أبو جعفر الديبلى: محدث مكة. روى عن محمد بن زنبور: نسخة إسماعيل بن جعفر المدنى عنه، وعن محمد بن على الصايغ، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومى. وروى عنه: ابن المقرى فى معجمه، وأبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن فراس المكى العطار، وغيرهما.

_ 75 ـ انظر ترجمته فى: (الأنساب 5/ 393، معجم البلدان 2/ 495، العبر 2/ 194، شذرات الذهب 2/ 295، سير أعلام النبلاء 15/ 9).

وتوفى بعد العصر من يوم السبت ليومين خليا من جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. ودفن يوم الأحد ضحوة بمكة. هكذا ذكر وفاته ابن زبر فى وفياته. وقد ذكره: العز ابن الأثير فى اختصاره لأنساب ابن السمعانى، وأفاد فيه غير ما سبق، لأنه قال: الديبلى هو ـ بفتح الدال وسكون الياء المثناة من تحتها وضم الباء الموحدة، وفى آخرها لام ـ هذه النسبة إلى ديبل، وهى مدينة على ساحل الهند، قريبة من السند (1)، ينسب إليها جماعة كثيرة من العلماء، منهم أبو جعفر محمد بن إبراهيم ابن عبد الله الديبلى، جاور بمكة. روى عن: أبى عبد الله سعيد بن عبد الرحمن المخزومى، وأبى عبد الله الحسين بن الحسن المروزى. روى عنه: أبو بكر بن المقرى، وأبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن فراس المكى، وغيرهما. انتهى. قرأت على فاطمة وعائشة بنتى محمد بن عبد الهادى بالسفح فى الرحلة الأولى: أن أبا العباس أحمد بن أبى طالب الحجار أخبرهما عن أبى الحسن محمد بن أحمد بن عمر القطيعى، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسى، قال: أخبرنا الحسن بن عبد الرحمن الشافعى، قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم العطار، قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم الديبلى، قال: أخبرنا محمد بن زنبور، قال: أخبرنا إسماعيل بن جعفر، قال: أخبرنا عبد الله بن دينار: أنه سمع ابن عمر رضى الله عنهما يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم «نهى عن بيع الولاء وعن هبته» (2).

_ (1) السّند: بكسر أوله، وسكون ثانيه، وآخره دال مهملة، بلاد بين بلاد الهند وكرمان وسجستان. وقال: السّند: بفتح أوّله، وسكون ثانيه، كذا وجدته بخط بعض أهل غرناطة فى تصنيف له خطط الأندلس مضبوطا، وقال: هو من إقليم باجة. انظر: معجم البلدان (السند). (2) أخرجه البخارى فى صحيحه فى باب بيع الولاء وهبته حديث رقم (2446) من طريق: حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة، قال: أخبرنى عبد الله بن دينار سمعت عبد الله بن عمر رضى الله عنهما يقول: «نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء وعن هبته». وأخرجه مسلم فى صحيحه فى باب النهى عن بيع الولاء وهبته حديث رقم (3745) من طريق: حدثنا يحيى بن يحيى التميمى: أخبرنا سليمان بن بلال، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «نهى عن بيع الولاء وعن هبته». قال مسلم: الناس كلهم عيال، على عبد الله بن دينار، فى هذا الحديث. ـ

76 ـ محمد بن إبراهيم بن عبد الله الأسدى الحجازى

وأخبرنا أبو هريرة بن الحافظ الذهبى بقراءتى عليه فى الرحلة الأولى: أن عيسى بن عبد الرحمن المطعم أخبره سماعا فى الثالثة، وأجاز له. أخبرنا أبو المنجا عبد الله بن عمر البغدادى، قال: أخبرنا أبو الوقت السجزى، قال: أخبرتنا أم الفضل بنتى بنت عبد الصمد الهرثمية، قالت: أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد المعروف بابن أبى شريح، قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوى. قال: حدثنا مصعب، قال: حدثنى مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «نهى عن بيع الولاء وعن هبته». أخرجه النسائى فى البيوع عن قتيبة بن سعيد الثقفى عن مالك، وعن على بن حجر عن إسماعيل بن جعفر، فوقع لنا بدلا عاليا. 76 ـ محمد بن إبراهيم بن عبد الله الأسدى الحجازى: من أهل مكة. هكذا ذكره صاحب الخريدة، وذكر: أنه لقى أبا الحسن التهامى، وتوجه إلى العراق واتصل بخدمة الوزير المغربى بمرو وخراسان (1) وغزنة (2). وبها مات مستهل المحرم سنة خسمائة. مولده بمكة فى المحرم سنة إحدى وأربعين وأربعمائة. ومن شعره: قلت ثقلت إذ أتيت مرارا ... قال ثقلت كاهلى بالأيادى قلت طولت قال لا بل تطولت ... وأبرمت قال حبل الودادى 77 ـ محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن سالم بن الحسن بن هبة الله بن صصرى الثعلبى، يلقب بالشرف، ويعرف بابن صصرى الدمشقى: سمع على الفخر بن البخارى مشيخته بكمالها.

_ ـ وأخرجه الترمذى فى سننه باب ما جاء فى كراهية بيع الولاء وهبته برقم (1233). وأخرجه أحمد بالمسند برقم (4545). 76 ـ (1) خراسان: بلاد واسعة، أول حدودها ممايلى العراق أزاذوا قصبة جوين وبيهى، وآخر حدودها مما يلى الهند طخارستان وغزنة وسجتان وكرمان، وليس ذلك منها إنما هو أطراف حدودها، وتشتمل على أمهات من البلاد منها نيسابور وهراة ومرو، وهى كانت قصبتها، وبلخ وطالقان ونيسابور وسرخس. انظر: معجم البلدان 2/ 350 وما بعدها. (2) غزنة: بفتح أوله، وسكون ثانيه ثم نون، هكذا يتلفظ بها العامة، والصحيح عند العلماء غزنين ويعربونها فيقولون جزنة، ويقال لمجموع بلادها زابلستان، وغزنة قصبتها، وغزن فى وجوهه الستة مهمل فى كرم العرب، وهى مدينة عظيمة وولاية واسعة فى طرف خراسان، وهى الحد بين خراسان والهند. انظر: معجم البلدان 4/ 201.

78 ـ محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الدمشقى القاضى أمين الدين، المعروف بابن الشماع

وباشر وظائف بدمشق، منها نظر جامعها الأموى، وغير ذلك. توفى فى سابع ذى الحجة سنة سبع عشرة وسبعمائة بظاهر مكة. ودفن بالمعلاة عن خمسة وثلاثين سنة. 78 ـ محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الدمشقى القاضى أمين الدين، المعروف بابن الشماع: نزيل مكة. سمع بدمشق من وزيرة بنت أبى المنجا: صحيح البخارى، ومسند الشافعى، بفوت يسير فى المسند. وسمع على التقى محمد بن عمر الجزرى: تفسير الكواشى، بسماعه من مؤلفه خلا من سورة البلد إلى آخره، فأجازه، وسمع عليه أيضا: جامع الأصول لمجد الدين بن المبارك بن الأثير على ابن أخت المؤلف عنه، وغير ذلك على جماعة بدمشق، ومصر، والإسكندرية. وحدث بمكة بالمسند، وتفسير الكواشى. سمع منه جماعة من شيوخنا، منهم: المحب محمد بن أحمد بن الرضى الطبرى، وابن شكر وغيرهما بمكة، ودرس بها. وله اشتغال بالعلم ونباهة. وأذن له فى الفتوى القاضى شرف الدين البارزى، قاضى حماة (1)، ثم القاضى عز الدين بن جماعة، وناب عنه فى الحكم فى بعض ضواحى القاهرة. ثم ولى القدس والخليل (2) استقلالا من مصر مدة مديدة فى زمن القاضى تقى الدين السبكى، قاضى دمشق. وكان مولده سنة ثمان وتسعين وستمائة. وتوفى خامس صفر سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة بعد أن جاور بمكة سنين كثيرة. ولى من القاضى أمين الدين الشماع هذا إجازة باستدعاء شيخنا ابن شكر.

_ 78 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 8/ 483). (1) حماة: من كور حمص بالشام، وهى مدينة طيبة فى وسطها نهر يسمى العاصى. انظر الروض المعطار 199، معجم البلدان 300/ 2، صبح الأعشى 4/ 140. (2) الخليل: اسم موضع وبلدة فيها حصن وعمارة وسوق بقرب البيت المقدس، بينهما مسيرة يوم، فيه قبر الخليل إبراهيم، عليه السلام، فى مغارة تحت الأرض، وهناك مشهد وزوار وقوام فى الموضع وضيافة للزوار، وبالخليل سمى الموضع واسمه الأصلى حبرون، وقيل حبرى. انظر: معجم البلدان (الخليل).

79 ـ محمد بن إبراهيم بن عبد الحميد بن على الموغانى الأصل، تقى الدين، المعروف بابن عبد الحميد المدنى

أخبرنى القاضى أمين الدين محمد بن إبراهيم عبد الرحمن الشماع، نزيل مكة إجازة. وقرأت على الخطيب على بن محمد بن أبى المجد الدمشقى بظاهرها، قالا: أخبرتنا أم محمد وزيرة بنت عمر بن المنجا التنوخية، قالت: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن المبارك ابن الزبيدى، قال: أخبرنا أبو الوقت عن عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزى، قال: أخبرنا جمال الإسلام أبو الحسن بن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودى، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد الحموى، قال: أخبرنا محمد بن يوسف الفربرى، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الحافظ، قال: حدثنا أبو عاصم عن يزيد بن أبى عبيدة عن سلمة بن الأكوع رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وفى بيته منه شئ» فلما كان العام المقبل، قالوا: يا رسول الله، نفعل كما فعلنا عام الماضى؟ قال صلى الله عليه وسلم «كلوا وأطعموا، وادخروا، فإن ذلك العام كان بالناس جهد، فأردت أن تعينوا فيها» (3). أخرجه مسلم عن الحافظ أبى يعقوب إسحاق بن منصور الكوسج عن أبى عاصم، فوقع لنا بدلا عاليا له. 79 ـ محمد بن إبراهيم بن عبد الحميد بن على الموغانى الأصل، تقى الدين، المعروف بابن عبد الحميد المدنى: سمع بمصر من: جويرية بنت الهكارى، وعبد الله بن الإمام علاء الدين الباجى وغيرهما. وذكر أنه سمع بدمشق من: ابن أميلة، وصلاح الدين بن أبى عمر. وله اشتغال بالعلم، ونباهة فى الأدب وغيره، وذكاء مفرط، بحيث إنه لما أصابه الصمم، كان يكتب له فى الهواء، وفى يده ليلا، فلا يفوته شيء من فهمه غالبا. وكان الناس يتعجبون من ذلك. وكانت له مكانة عند أمير المدينة ثابت بن نعير بن منصور بن جماز بن شيحة. ثم نال مكانة عند صاحب مكة الشريف حسن بن عجلان (1)، وأعيان جماعته، وكان

_ (3) أخرجه البخارى فى صحيحه حديث رقم (5365) من طريق: حدثنا أبو عاصم، عن يزيد بن أبى عبيد، عن سلمة بن الأكوع قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم: «من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وبقى فى بيته منه شئ». فلما كان العام المقبل قالوا: يا رسول الله، نفعل كما فعلنا العام الماضى؟ قال: «كلوا، وأطعموا، وادخروا؛ فإن ذلك العام كان بالناس جهد، فأردت أن تعينوا فيها». 79 ـ (1) هو: حسن بن عجلان بن رميثة بن أبى نمى بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى المكى، يلقب بدر الدين. وسيأتى فى الترجمة (995).

80 ـ محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، ويلقب بالجمال، ابن العز، الأصبهانى، المكى

يكتب عنه إلى مصر وغيرها، وأقام عنده إلى ذلك مدة سنين، وله ترداد كثير إلى مكة من قبل ولايته. ودخل اليمن فنال فيه خيرا. وترافقنا فى سفرة سافرناها إلى الطائف لقصد الزيارة، وسمعت من لفظه بالسلامة من وادى الطائف ـ حديث: «الأعمال بالنيات» من الغيلانيات عن ابن أميلة، وابن أبى عمر، إجازة إلىّ لم يكن سماعا. وسمعت منه حكايات. وتوفى فى أول يوم الأحد الحادى والعشرين من المحرم سنة ست عشرة وثمانمائة، ودفن بالمعلاة، وقد بلغ السبعين أو قاربها. شهدت الصلاة عليه ودفنه، شهد ذلك الشريف حسن، صاحب مكة. 80 ـ محمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، ويلقب بالجمال، ابن العز، الأصبهانى، المكى: كان ذا نظم وعناية بالشعر، وجمع فى ذلك مجاميع. وورث مالا جزيلا عن أبيه، وبالغ فى الإسراف فيه حتى احتاج فى آخر عمره وصار يتكسب من عمل يده بالتجارة وغيرها. ثم توجه إلى مصر. ومات بالبيمارستان المنصورى سنة خمس أو ست وسبعين وسبعمائة. وكان صاهر القاضى شهاب الدين الطبرى على ابنته السيدة خديجة. 81 ـ محمد بن إبراهيم الإمام بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس العباسى: أمير مكة والطائف، ولى ذلك بعد عزل عبد الصمد بن على فى سنة تسع وأربعين ومائة، وحج بالناس فيها، كما ذكر ابن جرير الطبرى. ثم عزل عن ذلك فى سنة ثمان وخمسين ومائة بإبراهيم بن يحيى ـ الآتى ذكره. وذكر الفاكهى: أنه ولى مكة للمنصور، وابنه المهدى. وذكره ابن الأثير فى: ولاية مكة للرشيد. ولم يبين تاريخ ولايته للرشيد، وبين ذلك ابن كثير؛ لأنه ذكر: أنه حج بالناس فى سنة ثمان وسبعين، وهو أمير مكة.

_ 81 ـ انظر ترجمته فى: (المعارف 376، تاريخ بغداد 1/ 384، الكامل لابن الأثير 6/ 171، العبر 1/ 292، شذرات الذهب 1/ 309، سير أعلام النبلاء 9/ 88).

وذكر الذهبى: أنه ولى دمشق للمهدى، ولابنه الرشيد. وروى عن: أبى جعفر المنصور، وجعفر بن محمد الصادق. وروى عنه: ابنه موسى، وحفيده إبراهيم بن عبد الصمد. وكان كبير القدر. توفى سنة خمس وثمانين ومائة. انتهى. ولمحمد بن إبراهيم ـ هذا ـ يقول العنبرى: إنى أتيت بأمر يقشعر له ... أعلا الذؤابة أمرا مفظعا عجبا لما عمدت كتاب الله أرهنه ... أيقنت أن زمان الناس قد كلبا وما عمدت كتاب الله أرهنه ... إلا ولم يبق هذا الدهر لى نشبا فافتك طه وياسينا فإنهما ... للسبع من محكم الفرقان قد نسبا وقال ـ أيضا ـ العنبرى لمحمد بن إبراهيم: اقض عنى يا ابن عم المصطفى ... أنا بالله من الدين وبك من غريم فاحش يقذرنى ... أشوه الوجه لعرض منتهك أنا والظل وهو ثالثنا ... أين ما زلت من الأرض سلك ذكر ذلك الزبير بن بكار. وقد أثنى عليه الفاكهى، وذكر له أخبارا حسنة. فتذكر ذلك لما فيه من الفائدة ونص ما ذكره: وكان محمد بن إبراهيم من أفاضل بنى هاشم، ممن ولى مكة. كان وليها لأبى جعفر المنصور، ثم للمهدى أمير المؤمنين. فحدثنا محمد بن أبى عمر عن بعض أشياخه، قال: كتب أمير المؤمنين المهدى إلى محمد بن إبراهيم يقول له: بلغنى أن سفيان فيما قبلك، فإذا جاءك كتابى فادفعه إلىّ. فلما ورد عليه الكتاب أخفاه أياما. وكان سفيان يخرج فى الليل فيطوف، فتحينه محمد بن إبراهيم فى ذلك الوقت من الليل، وكان لمحمد بن إبراهيم وقت من الليل يطوف ويلى خلف المقام، فلصق بسفيان، فقرأ بهذه الآية: (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) [القصص: 20] فعرف سفيان ما أراد، فخرج من ليلته. فلما كان بعد ذلك أظهر الكتاب فى الناس، وأمر بطلبه فلم يوجد. وسمعت عبد

الرحمن الحائى يقول: رأيت محمد بن إبراهيم يصلى فى أيام الموسم بلا جند ولا أعوان. انتهى. وذكر ابن الأثير خبرا على تقوى محمد بن إبراهيم ـ هذا ـ لأنه قال فى أخبار سنة ثمان وخمسين ومائة من الهجرة: وفيها: حبس محمد بن إبراهيم الإمام، وهو أمير مكة جماعة، أمر المنصور بحبسهم. وهم: رجل من آل على بن أبى طالب ـ كان بمكة ـ وابن جريج، وعباد بن كثير، وسفيان الثورى، ثم أطلقهم من الحبس بغير إذن المنصور. فغضب عليه. وكان سبب إطلاقهم: أنه نظر، وقال: عمدت إلى ذى رحم فحبسته ـ يعنى: بعض ولد على ـ وإلى نفر من أعلام المسلمين فحبستهم، ويقدم أمير المؤمنين، فلعله يأمر بقتلهم فيشتد سلطانه وأهلك، فأطلقهم وتحلل. فلما قارب المنصور مكة، أرسل إليه محمد بن إبراهيم بهدايا فردها عليه. انتهى. قلت: وقع لنا حديثه عاليا فى جزء البانياسى. أخبرنى به محمد بن إبراهيم الصوفى قراءة وسماعا بمكة ودمشق: أن أبا العباس الحجار أخبره عن الكاشغرى، والأنجب الحمامى، وعامر بن مسعود، وعبد اللطيف بن القبيطى، وعلى بن محمد بن كبة، وابن السباك، وزهرة بنت محمد، إذنا، قالوا: أخبرنا ابن البطى. زاد الكاشغرى، وابن تاج الفراء، قالا: أخبرنا مالك البانياسى، قال: أخبرنا أحمد بن محمد المجبر، قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى، قال: حدثنى أبى، قال: حدثنا جدى محمد بن إبراهيم عن جعفر بن محمد عن خالد بن علقمة عن عبد خير عن على رضى الله عنه أنه «دعا بماء فتوضأ ثلاثا ثلاثا. وقال: هكذا كان وضوء رسول اللهصلى الله عليه وسلم» (2).

_ (2) أخرجه أحمد فى المسند حديث رقم (1353) باختلاف فى اللفظ، من طريق: عبد الله، حدثنا إسحاق بن إسماعيل، حدثنا وكيع، حدثنا إسرائيل، عن أبى إسحاق، عن أبى حية الوادعى، قال: «رأيت عليّا رضى الله عنه بال فى الرحبة ثم دعا بماء فتوضأ فغسل كفيه ثلاثا وتمضمض واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا وغسل ذراعيه ثلاثا ثلاثا ومسح برأسه وغسل قدميه ثلاثا ثلاثا، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كالذى رأيتمونى فعلت».

82 ـ محمد بن إبراهيم بن محمد المقرى، أبو عبد الله، البغدادى

82 ـ محمد بن إبراهيم بن محمد المقرى، أبو عبد الله، البغدادى: ذكره ابن النجار فى تاريخه، قال: بغدادى، أقام بمكة، وحدث بها. وكان دينا، زاهدا، من أهل القرآن والحديث والفقه والخلاف والنحو. حدث بمكة عن أبى على بن أحمد التسترى وجماعة من الغرباء. روى عنه أبو المظفر محمد بن على الشيبانى الطبرى، قاضى مكة. وحكى أنه مات بالكوفة بعد انصرافه من الحج لسنة ست عشرة وخمسمائة. 83 ـ محمد بن إبراهيم بن محمد، يلقب بالظهير، الأصبهانى: كان من بقايا الصالحين بمكة، على ما وجدت فى بعض مجاميع الشيخ أبى العباس الميورقى بخطه أو بخط غيره، إلا أنه لم يسمعه، وإنما قال: شيخ الرباط الظهير، الأصبهانى. انتهى. وهو والد: العز إبراهيم الأصبهانى ـ الآتى ذكره ـ وجد ابنه محمد ـ المقدم ذكره. 84 ـ محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران القرشى، المؤذن، الكوفى، أبو جعفر، ويقال أبو إبراهيم: سمع: جده مسلم بن مهران، وحماد بن أبى سليمان، وسلمة بن كهيل، وعلى بن بذيمة. روى عنه: مسلم بن قتيبة، وأبو داود سليمان بن داود الطيالسى، فقال: محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران، وشعبة بن الحجاج، فكناه: أبا جعفر، ولم يسمه، وموسى ابن إسماعيل، فقال: محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران، ويحيى بن سعيد القطان. وقال: محمد بن مهران، وأبو الوليد الطيالسى. روى عنه: أبو داود، والترمذى، والنسائى: حديثين. قال يحيى بن معين: محمد بن مسلم بن المثنى: ليس به بأس.

_ 84 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 70/ 184، تاريخ الدورى 2/ 539، علل أحمد بن حنبل 1/ 157، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 20، الثقات لابن حبان 7/ 371، الكامل لابن عدى 3/ 88، سؤالات البرقانى للدارقطنى، ترجمة 457، الكاشف ترجمة 4768، المغنى 2/ 5984، تاريخ الإسلام 6/ 285، تهذيب التهذيب 9/ 16، تقريب التهذيب 2/ 41، خلاصة الخزرجى ترجمة 6023، تهذيب الكمال 5033).

85 ـ محمد بن إبراهيم بن الفخار الأصبهانى، أبو نصر

وذكره ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات. ونسبه كما ذكرنا، وقال: من أهل مكة، كنيته أبو إبراهيم. انتهى. وقد اختلف فى نسبه، فقيل: محمد بن إبراهيم بن مهران بن المثنى القرشى، مولاهم، أبو جعفر. ويقال: أبو إبراهيم الكوفى. ويقال: البصرى ـ مؤذن مسجد العريان ـ ويقال: محمد بن مسلم بن مهران بن المثنى. ويقال: محمد بن أبى المثنى. ويقال: محمد ابن المثنى. ويقال: محمد بن مهران، وكنية جده: مسلم أبو المثنى. ويقال: كنيته: مهران أبو المثنى. كتبت أكثر هذه الترجمة من التهذيب للحافظ المزى. 85 ـ محمد بن إبراهيم بن الفخار الأصبهانى، أبو نصر: سمع من أبى الحسن الهكارى وغيره. وحدث عنه بأصبهان بشيء يسير. وروى عنه أبو زكريا بن منده. وذكر: أنه مات فى سنة تسع وتسعين وأربعمائة بأصبهان، بعد أن جاور بمكة سنين. وكان كثير العبادة والصلاح، حسن الوجه، سليم القلب. ذكره ابن السمعانى فى ذيل تاريخ بغداد. ومنه لخصت هذه الترجمة. وقد روى عنه حكاية فى فضل مقبرة مكة؛ لأنه ذكر: أن أبا زكريا بن مندة الحافظ، سمع محمد بن أبى منصور بن عليك التاجر، قال: سمعت من ثقات المجاورين بمكة، قالوا: سمعنا أبا نصر بن أبى الفخار بمكة يحدث: أنه رأى فى المنام كأن إنسانا مدفونا بمقبرة المعلاة: استخرج ومروا به إلى موضع آخر، قال: فسألت عن حاله: لم استخرجتم هذا الميت؟ قالوا: هذه المقبرة منزهة عن قبور أهل البدعة فلا تقبل أرضها مبتدعا. انتهى. وهذا إن صح فيستخرج منها من دفن فيها من أهل البدعة. ويقرب من هذه الحكاية ما يحكى من: أن شخصا يقال له: الشر يشير من كبار الرافضة بالمدينة النبوية توفى بها، ودفن بالبقيع، ثم بعد مدة رؤى بعض أهل الخير الغرباء يقرأ على قبره ويلازم عليه القراءة. فليم على ذلك. فقال لهم: كان لى شيخ توفى فى غير المدينة. فرأيته فى المنام، فقال لى: أنا نقلت إلى قبر الشر يشير بالمدينة. ونقل الشر يشير إلى قبرى، وأنا ألازم القراءة على هذا القبر لهذا المعنى.

86 ـ محمد بن إبراهيم بن المنذر، شيخ الحرم الشريف، أبو بكر النيسابورى، الفقيه، المجتهد، الحافظ

هذا معنى هذه الحكاية، وهى مشهورة عند أهل المدينة وغيرهم. والله أعلم. 86 ـ محمد بن إبراهيم بن المنذر، شيخ الحرم الشريف، أبو بكر النيسابورى، الفقيه، المجتهد، الحافظ: سمع: محمد بن ميمون، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، والربيع بن سليمان المرادى، وخلقا كثيرا. وحدث عنه: أبو بكر بن المقرى، ومحمد بن يحيى بن عمار الدمياطى، والحسن بن على بن شعبان، وأخوه الحسين بن على وآخرون. ولا يلتفت إلى تكذيب العقيلى له فى دعواه السماع من الربيع بن سليمان صاحب الشافعى؛ لأنه ثقة حجة. ولا إلى قول مسلمة بن قاسم عنه: أنه لا يحسن الحديث؛ لأنه إمام متبحر فيه، وتآليفه تشهد بذلك. وكان فقيها مجتهدا، إلا أنه كان كثير الميل إلى مذهب الشافعى، وهو معدود فى أصحابه. وذكره الشيخ أبو إسحاق الشيرازى فى طبقات الفقهاء الشافعية، وقال: صنف فى اختلاف العلماء كتبا لم يصنف أحد مثلها، واحتاج إلى كتبه الموافق والمخالف. ولم أعلم عمن أخذ الفقه. انتهى. وترجمه الذهبى: بالحافظ، العلامة، الفقيه، الأوحد، شيخ الحرم، وقال: صاحب الكتب التى لم تصنف ككتاب «المبسوط فى الفقه» وكتاب «الإشراف فى اختلاف العلماء» وكتاب «الإجماع» وغير ذلك. وكان غاية فى معرفة الخلاف والدليل. وكان مجتهدا لا يقلد أحدا. وذكر فى طبقات الحفاظ: أن ابن القطان القابسى: أرخ وفاته سنة ثمان عشرة وثلاثمائة.

_ 86 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات العبادى 67، طبقات الشيرازى 108، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 196 ـ 197، وفيات الأعيان 4/ 207، تذكرة الحفاظ 3/ 782 ـ 783، ميزان الاعتدال 3/ 450، 451، الوافى بالوفيات 1/ 336، مرآة الجنان 2/ 261 262، طبقات الشافعية للسبكى 3/ 102 ـ 108، لسان الميزان 5/ 27 ـ 28، طبقات المفسرين للسيوطى 28، طبقات الحفاظ 328، طبقات المفسرين للداودى 2/ 50 ـ 51، شذرات الذهب 2/ 280، الرسالة المستطرفة 770، طبقات الأصوليين 1/ 168 ـ 169، سير أعلام النبلاء 14/ 490).

87 ـ محمد بن إبراهيم بن يوسف بن محمد النيسابورى، أبو عمرو، الزجاجى، الصوفى، أحد مشايخ الصوفية الكبار

وقال: ما ذكره أبو إسحاق ـ يعنى الشيرازى ـ من وفاته: لم يصح، فإن محمدا بن عمار لقيه، وسمع منه فى سنة ست عشرة وثلاثمائة. انتهى. قلت: الذى ذكره الشيخ أبو إسحاق فى طبقاته: أنه توفى بمكة المشرفة سنة تسع أو عشر وثلاثمائة. وذكره ابن الجوزى، لما تكلم على حديث «طبقات أمتى» فى الطبقة الثانية وهى من سنة عشرين وثلاثمائة إلى سنة ستين وثلاثمائة. فمقتضى ذلك: أن يكون حيا فى سنة عشرين وثلاثمائة، وليس ذلك بمستقيم لما سبق فى تاريخ موته. والله أعلم. أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد بن سلمان الصالحى، بقراءتى عليه بدار السنة الظاهرية بدمشق فى الرحلة الأولى: أن أبا بكر بن محمد بن الرضى المقدسى، أخبره سماعا فى الرابعة وإجازة له: قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل الخطيب، قال: أخبرنا يحيى بن محمود الثقفى، قال: أخبرنا إسماعيل بن الفضل الإخشيد وجماعة، قالوا: أخبرنا عبد الرزاق بن عمر القاضى، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرى، الحافظ، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرنى مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة عن رافع بن إسحاق: أنه سمع أبا أيوب الأنصارى رضى الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا ذهب أحدكم إلى الغائط أو البول فلا يستقبل القبلة بفرجه ولا يستدبرها» (1). قال الحافظ الذهبى: لم يخرجوه فى الكتب وإسناده جيد. وقد روى النسائى لرافع هذا حديثا. انتهى. 87 ـ محمد بن إبراهيم بن يوسف بن محمد النيسابورى، أبو عمرو، الزجاجى، الصوفى، أحد مشايخ الصوفية الكبار: ذكره أبو عبد الرحمن السلمى فى طبقات الصوفية له، وقال: صحب أبا عثمان

_ (1) أخرجه أحمد فى المسند حديث رقم (23062) من طريق: عبد الله، حدّثنى أبى، حدثنا إسحاق بن عيسى، أنبانا مالك، عن إسحاق بن عبد الله، عن رافع بن إسحاق ـ مولى أبى طلحة ـ أنه سمع أبا أيوب الأنصارى يقول ـ وهو بمصر ـ: والله ما أدرى كيف أصنع بهذه الكرابيس ـ يعنى الكنف ـ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا ذهب أحدكم إلى الغائط أو البول فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها».

من اسمه محمد بن إسحاق

والجنيد، والثورى، والخواص. دخل مكة، وأقام بها، وصار شيخها، والمنظور إليه فيها. حج قريبا من ستين حجة. وقيل: إنه لم يبل ولم يتغوط فى الحرم أربعين سنة. وهو بها مقيم. توفى سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة. وذكره صاحب المرآة، وحكى عنه أنه قال: ماتت أمى فورثت منها دارا، فبعتها بخمسين دينارا، وخرجت إلى الحج، وإذا برجل فى البرية راكب على فرس، قال: إيش معك؟ قلت: ـ الصدق أنجى ـ معى خمسون دينارا، فأخذها فعدها، فوجدها كما قلت. فرمى بها إلىّ، وقال: قد أخذنى صدقك. ثم نزل من الدابة، وقال: اركبها فإنى على أثرك، ولحقنى إلى مكة. وجاور بها حتى مات. * * * من اسمه محمد بن إسحاق 88 ـ محمد بن إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن أبى بكر الشيرازى، الشيخ، غياث الدين، الأبرقوهى، نزيل مكة، يكنى أبا المعالى، بن أبى الفضل الشيرازى، ويعرف بالكتبى: ولد بأبرقوه (1) فى سنة خمس وعشرين وسبعمائة. وكان من جماعة السلطان شاه شجاع صاحب بلاد فارس. وجرت له على يده صدقات بمكة ومآثر، منها: الرباط الذى قبالة باب الصفا، وأوقاف عليه وعلى غيره بمكة ومنى. وفى هذا الرباط حجر مكتوب فيه: أن الواقف شرط أنه: يسكنه الفقراء الأعجام المجردون المتقون دون الهنود، ومن لا سكن له بمكة المشرفة إلا فى الموسم، أو لا بيوت لهم. وتاريخ وقفه سنة إحدى وسبعين وسبعمائة. وفيه حجر آخر مؤرخ بسنة ست وسبعين. وكان الشيخ غياث الدين هذا دخل إلى بلاد الشام، وسمع بها من ست العرب بنت

_ 88 ـ (1) أبرقوه: بفتح أوله وثانيه وسكون الراء وضم القاف والواو ساكنة وهاء محضة: هكذا ضبطه أبو سعد، ويكتبها بعضهم أبرقويه، أهل فارس يسمّونها وركوه، ومعناه: فوق الجبل، وهو بلد مشهور بأرض فارس من كورة اصطخر قرب يزد. انظر: معجم البلدان (أبرقوه).

89 ـ محمد بن إسحاق بن شبويه الخراسانى، ثم البيكندى، أبو عبد الله

محمد بن الفخر على، المعروف بابن البخارى: الشمائل للترمذى. وما علمته حدث. وأظنه أجاز لنا. والله أعلم. وله معرفة بالطب، وله فيه تأليف حسن، وانتفع به الناس فى ذلك كثيرا بمكة. وكان يحسن إليهم بما يحتاجونه من الأدوية وغير ذلك. وجاور بمكة نحو ثلاثين سنة على طريقة حميدة من الإقبال على العبادة والخير وكف الأذى. وضعف بآخره، وعجز عن الحركة، وانقطع فى بيته حتى توفى فى تاسع عشرين جمادى الأولى سنة خمس وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. وكان والده قاضى شيراز (2)، ويلقب عز الدين. 89 ـ محمد بن إسحاق بن شبويه الخراسانى، ثم البيكندى، أبو عبد الله: ذكر ابن يونس: أنه قدم مصر، وحدث بها عن عبد الرزاق بن همام وغيره. ثم خرج إلى مكة، فتوفى بها. وقال غنجار فى تاريخ بخارى: إنه توفى فى شوال سنة اثنتين وستين ومائتين بمكة. وضبط شبويه ـ بشين معجمة ـ. وأما الأمير أبو نصر بن ماكولا، فقالها بسين مهملة بعدها باء موحدة. وذكر ذلك القطب الحلبى فى تاريخ مصر، ومنه لخصت هذه الترجمة. 90 ـ محمد بن إسحاق بن العباس الفاكهى، المكى، مؤلف أخبار مكة: روى فيه عن: ابن أبى عمر العدنى، وبكر بن خلف، وحسين بن حسن المروزى، وجماعة. وكتابه فى أخبار مكة، كتاب حسن جدا لكثرة ما فيه من الفوائد النفيسة وفيه غنية عن كتاب الأزرقى. وكتاب الأزرقى لا يغنى عنه؛ لأنه ذكر فيه أشياء كثيرة حسنة مفيدة جدا لم يذكرها الأزرقى. وأفاد فى المعنى الذى ذكره الأزرقى أشياء كثيرة، لم يفدها الأزرقى.

_ (2) شيراز: بالكسر، وآخره زاى: بلد عظيم مشهورة معروف مذكور، وهو قصبة بلاد فارس فى الإقليم الثالث. انظر: معجم البلدان 3/ 380

91 ـ محمد بن إسحاق بن وهب بن أعين، الإمام، أبو ربيعة، الربعى، المكى، المقرى

وما عرفت متى مات، إلا أنه كان حيا فى سنة اثنتين وسبعين ومائتين؛ لأنه ذكر فيها قضية تتعلق بالمسجد الحرام، وما عرفت من حاله سوى هذا. وإنى لأعجب من إهمال الفضلاء لترجمته، فإن كتابه يدل على أنه من أهل الفضل، فاستحق الذكر، وأن يوصف بما يليق به من الفضل والعدالة، أو الجرح، وحاشاه من ذلك. وشابهه فى إهمال الترجمة الأزرقى صاحب أخبار مكة ـ الآتى ذكره. وهذا عجب أيضا، فإنه بمثابة الفاكهى فى الفضل. وما هما فيما أحسب بدون الجندى صاحب فضائل مكة، فإن له ترجمة فى كتب العلماء، والله أعلم بحقيقة ذلك. 91 ـ محمد بن إسحاق بن وهب بن أعين، الإمام، أبو ربيعة، الربعى، المكى، المقرى: مؤذن المسجد الحرام. هكذا ذكره الذهبى فى طبقات القراء، وقال: قرأ على البزى، وعرض على قبل أيضا قديما. وألف قراءة ابن كثير. وأقرأ فى حياة شيخه ـ قراءة عليه ـ محمد بن الصباح، ومحمد بن عيسى بن بندار، وعبد الله بن أحمد النخلى، وإبراهيم ابن عبد الرزاق، وأبو بكر النقاش المفسر، وهبة الله بن جعفر، وهو أنبل أصحاب البزى فى وقته. توفى فى رمضان سنة أربع وتسعين ومائتين. انتهى. 92 ـ محمد بن إسحاق الخوارزمى شمس الدين الحنفى: نزيل مكة، ونائب الإمامة بمقام الحنفية. كان ذا فضل فى العربية ومتعلقاتها وغير ذلك، كثير التصدى للاشتغال والإفادة، والنظر والكتابة. وأظنه أخذ العربية عن صهره إمام الحنفية شمس الدين، المعروف بالمعيد. وناب عنه فى الإمامة بالمسجد الحرام، وعن ابنه شهاب الدين أحمد بن شمس الدين المعيد فى غيبتهما وحضورهما فى مدة سنين كثيرة. ودخل من مكة للهند طلبا للرزق، وعاد لمكة، وجمع شيئا فى فضائلها، وفضائل الكعبة وغير ذلك. وجل ذلك غير قليل من تاريخ الأزرقى، وكتب المناسك. وكان يكتب صفة الكعبة المعظمة، والمسجد الحرام فى أوراق، ويهادى بها الناس فى الهند، وغيرها. وفيه دين وخير وسكون وانجماع عن الناس.

من اسمه محمد بن إسماعيل

وتوفى فى آخر يوم من ربيع الأول يوم الخميس سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة بكرة يوم الجمعة مستهل ربيع الآخر. وهو فى عشر الستين ظنا أو جاوزها. * * * من اسمه محمد بن إسماعيل 93 ـ محمد بن إسماعيل بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى، يلقب جمال الدين: ذكره الرضى فيما نقلته من خطه فى أسانيده لمروياته، وذكر: أنه يروى عنه جامع الترمذى. أجازه مكاتبة بالمسجد الحرام عن ابن البنا سماعا. ونقلت من خطه أيضا: استدعاءات نقلها من خط قريبه المجد عبد الله بن محمد بن محمد بن أبى بكر الطبرى: سأل فيها الإجازة لجمال الدين محمد بن إسماعيل الطبرى هذا، وغيره من أولاد أبى بكر الطبرى. وبعضها مؤرخ بيوم الثلاثاء عشرين شهر رجب سنة إحدى وخمسين وستمائة. فاستفدنا من هذا حياته فى هذا التاريخ. 94 ـ محمد بن إسماعيل بن حسين بن عبد الله، الشيرازى الأصل، المكى المولد والدار، المؤدب بالحرم الشريف: سمع على: أحمد بن سالم المؤذن، وعبد الوهاب القروى الإسكندرى: بعض الموطأ رواية يحيى بن يحيى، على ما وجدت بخط شيخنا ابن شكر. ونسبه بخطه كما ذكرنا. وكان خيرا. أدب الأطفال مدة فى الحرم الشريف تحت مأذنة باب العمرة. وتوفى بعد التسعين ـ بتقديم التاء على السين ـ وسبعمائة بيسير بمكة. ودفن بالمعلاة. 95 ـ محمد بن إسماعيل بن سالم الصايغ، أبو جعفر: من أهل مكة. هكذا ذكره ابن حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات، وقال: يروى

_ 95 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 7/ 190، سير أعلام النبلاء 13/ 161، الثقات لابن حبان 9/ 133، المنتظم لابن الجوزى 12/ 279، تهذيب التهذيب 9/ 58، تقريب التهذيب 2/ 145، خلاصة الخزرجى ترجمة 6056، شذرات الذهب 2/ 170).

96 ـ محمد بن إسماعيل بن عبد الرحمن الشيبى

عن أبى عاصم، وأهل العراق. حدثنا عنه أصحابنا محمد بن عبد الرحمن الدوغلى وغيره. انتهى. وروى محمد بن إسماعيل هذا عن: أبيه، وأبى أسامة، وحجاج الأعور، وعبد الله بن بكر السهمى، وخلق بالعراق والحجاز. وروى عنه: أبو داود، على ما قال صاحب الكمال ـ وتعقب ذلك عليه الحافظ أبو الحجاج المزى، وقال: لم أقف ذلك، وإنما وجدنا لابن الأعرابى صاحب أبى داود رواية عنه فى بعض الروايات التى رواها فى سنن أبى داود فى الوضوء وغيره. انتهى. وروى عن الصايغ هذا خلق منهم: العقيلى، وابن صاعد، وأحمد بن المنادى، وابن أبى حاتم، وأبو القاسم البغوى، وقال: صدوق. وقال ابن خراش: هو من أهل الفهم والأمانة. وقال ابن المنادى: مات فى جمادى الأولى سنة ست وسبعين ومائتين. 96 ـ محمد بن إسماعيل بن عبد الرحمن الشيبى: زعيم الشيبيين، وصاحب حجابة الكعبة. هكذا ذكره ابن جبير فى حلته. وكتب عنه شيئا فى طول الكعبة. ذكرناه فى محله من تأليفنا «شفاء الغرام» ومختصراته، وهو لا يصح، والله أعلم. وذكر ابن جبير: أنه عزل عن الحجابة لهناة نسبت إليه، ثم أعيد سريعا؛ لأنه صودر عنها بخمسمائة دينار مكية. وذلك فى ذى القعدة سنة تسع وسبعين وخمسائة. فاستفدنا من هذا حياته فى هذا التاريخ. وجده عبد الرحمن؛ هو ابن ديلم. 97 ـ محمد بن إسماعيل بن على اليمنى، تقى الدين، أبو عبد الله، المعروف بابن أبى الصيف ـ بالصاد المهملة ـ الشافعى، فقيه مكة: حدث عن ابن عمار الأطرابلسى: بصحيح البخارى، وعن أبى على الحسنى بن على البطليوسى: بصحيح مسلم، وعن الميانشى: بجامع الترمذى.

98 ـ محمد بن إسماعيل بن مخلب

وسمع من جماعة آخرين بمكة. وحدث، ودرس، وأفتى كثيرا. وله نكت على التنبيه مفيدة، ومجاميع حديثية، منها: أربعون حديثا عن أربعين شيخا من أربعين مدينة وغير ذلك. وكان حريصا على تحصيل الرواية؛ لأنه أحب أن يروى شيئا عن الحافظ المنذرى. فسمع شيئا من رواية المنذرى، عن عمر بن طبرزاد على شخص سمع ذلك من المنذرى. وهذا مذكور فى التكملة بمعنى ما ذكرناه. ووجدت بخط بعض أصحابنا فيما نقله الشيخ أبى العباس الميورقى: ورد أن سفهاء مكة من أهل الجنة، واتفق بين عالمين بالحرم منازعة فى تأويل الحديث وسنده، فأصبح الذى طعن فيه، وقد اعوج أنفه. وقيل له: أى والله سفهاء مكة من أهل الجنة. وكرر عليه ذلك الذى كان ينازعه. انتهى. بالمعنى باختصار. وبلغنى: أن هذا الرجل هو ابن أبى الصيف المذكور، وأنه كان يقول: معنى الحديث: أسفاء مكة، أى المحزونون على تقصيرهم، والله أعلم. وتوفى فى ذى الحجة سنة سبع وستمائة. هكذا ذكر وفاته الزكى المنذرى فى التكملة. وذكرناه أيضا فى المتوفين فى سنة تسع عشرة وستمائة. وتبعه على ذلك الذهبى فى تاريخ الإسلام. وهذا عجيب منه، وأعجب من ذلك ما ذكره الإسنائى من: أنه توفى سنة سبع عشرة. والصواب: أنه توفى سنة تسع وستمائة. كما ذكر غير واحد منهم: الميورقى والجندى فى تاريخ فى اليمن. وذكر: أنه انتهت إليه رياسة الفقه بمكة بعد محمد بن مقبل الأبينى العجيبى ـ الآتى ذكره، والله أعلم. 98 ـ محمد بن إسماعيل بن مخلب: متولى مؤتة (1) بالحجاز. هكذا ذكره الحافظ رشيد الدين محمد بن الحافظ زكى الدين المنذرى فى مختصره لتاريخ المسبحى.

_ 98 ـ (1) مؤتة: بالضم ثم واو مهموزة ساكنة، وتاء مثناة من فوقها، وبعضهم لا يهمزه، وأما ثعلب فإنه قال فى الفصيح: موتة بمعنى الجنون غير مهموز، ومؤتة: قرية من قرى البلقاء فى حدود الشام، وقيل: موتة من مشارف الشام. انظر: معجم البلدان (مؤتة).

99 ـ محمد بن إسماعيل بن يوسف بن عثمان المقرى، شمس الدين، الشهير بالحلبى

وذكر: أنه التقى مع أحمد بن الحسين الحسنى، وقتل من الطائفتين جماعة، وأخذ ابن مخلب أسيرا فى يدى أبى الحسين أحمد بن الحسين، ثم قتل أحمد بن الحسين، وقتل ابن مخلب بعده، وذلك فى سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، انتهى. ورأيت فى أخبار فتنة أبى طاهر القرمطى بمكة: أن أميرها ابن محارب، أو ابن مخلب ـ الشك منى حارب أبا طاهر ـ: فإن كان ابن مخلب هو المحارب، فلعله هذا، والله أعلم. 99 ـ محمد بن إسماعيل بن يوسف بن عثمان المقرى، شمس الدين، الشهير بالحلبى: نزيل مكة المشرفة. وجدت بخطه: أنه قرأ القرآن العظيم بالقراءات السبعة على نيف وعشرين شيخا، أولهم: الشيخ شمس الدين الأربلى ببلدة حلب (1)، وآخرهم: شمس الدين العسقلانى. ووجدت بخطه أيضا: أنه قرأ القرآن العظيم على ابن السلار، يعنى أمين الدين عبد الوهاب بن يوسف بن إبراهيم الدمشقى. وأخبرنى عنه ـ من اعتمده ـ: أنه قرأ على المقرى شمس الدين بن اللبان ـ يعنى محمد بن أحمد بن على ـ وما عرفت: هل قراءته على ابن اللبان وابن السلار بالسبع، أو ببعضها؟ ووجدت بخطه أيضا: أنه قرأ القرآن بالروايات العشر، وضمن ذلك أبياتا له نظمها. وكان ذا معرفة بالقراءات، مجيدا للكتابة، كتب بخطه كثيرا، وأقرأ كثيرا. وكان فى بعض الأحايين يقرأ فى موضع من القرآن، ويقرأ عليه فى موضع آخر، ويكتب فى موضع آخر، فيصيب فيما يقرأه ويكتبه، وفى الرد على من يقرأ عليه، بحيث لا يفوته شيء فى الرد عليه على ما بلغنى. وهذا نحو مما حكى عن بعض القراء من: أنه كان يسمع لثلاثة نفر يقرءون عليه دفعة واحدة فى أماكن مختلفة. وعيب ذلك على هذا المقرئ، والذى عاب ذلك هو. ووجدت بخط المذكور شيئا من أحواله، وفيه أمور تستغرب. من ذلك: أنه كتب مصحفا على الرسم العثمانى، فى ثمانية عشر يوما ولياليها بالجامع الأزهر بالقاهرة فى سنة خمس وستين وسبعمائة. ووجدت بخطه: أنه كتب مائة وأربعة وثمانين مصحفا، وربعة، بقطع لطيف وكبير. جميعها مكتوبا على الرسم العثمانى. وأنه كتب ذلك من صدره، وأن بعض ما كتبه من هذا العدد، وذلك أريد من الربع مكتوب بالقراءات السبع، وعدة علوم.

_ 99 ـ (1) حلب: مدينة بالشام، بينها وبين قنسرين اثنا عشر ميلا، وسميت بحلب رجل من العمالقة. انظر: تقويم البلدان 1/ 299، الروض المعطار 196، 197، صبح الأعشى 4/ 116.

من اسمه محمد بن إدريس

وذكر: أنه كتب لتلك العلوم ديباجة لكل مصحف عدة أوراق بين فيها ما وضعه فيه من العلوم. ووجدت بخطه: أنه لما بلغ من العمر سبع عشرة سنة: حببه الله فى كتابة القرآن ووفقه لذلك حتى كتب مدة فى كل أربعين يوما مصحفا، ثم كتب مدة فى كل ثلاثين يوما مصحفا، وأنه حفظ عدة كتب وعرضها، واشتغل بعدة علوم، وبكتابة الخط المنسوب على عدة مشايخ، وبالقراءات السبع على عدة مشايخ، كل ذلك ببلدة حلب، قبل سنة ثلاث وستين، وأنه رحل إلى مصر من بلده لطلب العلم والقراءات، والكتابة على الشهاب غارى، فعاد بقصده. ووجدت بخطه: أنه روى الشاطبية عن عدة مشايخ، منهم العسقلانى. انتهى بالمعنى. وقد جاور المذكور بالحرمين عدة سنين. ومقامه بمكة نحو خمس عشرة ـ فيما أظن ـ وسافر منها إلى بلاد اليمن، وعاد إليها، وذلك فى سنة خمس وثمانمائة. ولم يزل بها حتى توفى فى السادس والعشرين من ربيع الآخر سنة أربع عشرة وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. وله من العمر سبعون سنة أو أزيد. * * * من اسمه محمد بن إدريس 100 ـ محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد ابن عبد بن زيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى، الإمام، البحر، المجتهد، أبو عبد الله، الشافعى، المكى: ولد سنة خمسين ومائة بغرة من أرض الشام، على الصحيح. وقيل: بعسقلان (1).

_ 100 ـ انظر ترجمته فى: (تذكرة الحفاظ 1/ 329، تهذيب التهذيب 9/ 25، الوفيات 1/ 447، إرشاد الأريب 6/ 367 ـ 398، غاية النهاية 2/ 95، صفة الصفوة 2/ 140، تاريخ بغداد 2/ 56، حلية الأولياء 9/ 63، نزهة الجليس 2/ 153، تاريخ الخميس 2/ 335، تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول من الجزء الأول 44 ـ 67، طبقات الحنابلة 1/ 280 ـ 284، كشف الظنون 1397، طبقات الشافعية 1/ 185، البداية والنهاية 10/ 251، الأعلام 6/ 27، التاريخ الكبير للبخارى 1/ 73، التاريخ الصغير 2/ 302، سؤالات الآجرى لأبى داود 3/ 190، المعرفة ليعقوب 1/ 213، 3/ 138، تاريخ واسط 90، الجرح والتعديل ترجمة 1130، الثقات لابن حبان 9/ 30، الأنساب للسمعانى 7/ 251، المنتظم لابن الجوزى 9/ 66، 111، 10/ 134 ـ 140، معجم الأدباء 6/ 367، الكامل فى التاريخ لابن الأثير 6/ 359، الكاشف ترجمة 4777، تهذيب التهذيب 9/ 25 ـ 31، تقريب التهذيب 2/ 143، خلاصة الخزرجى 2/ 6040، شذرات الذهب 2/ 9، تهذيب الكمال 049). (1) عسقلان: هى مدينة بالشام، بينها وبين فلسطين مرحلة، وبينها وبين الرملة ستة فراسخ، ـ

وقيل: باليمن. وهذان القولان حكيا عنه. وقيل: ولد بمنى، حكاه ابن معين فى التنقيب. ثم حمل إلى مكة وله سنتان. وحكى عنه: أنه قدم مكة، وهو ابن عشر أو نحوها. وحكى عنه: أنه حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين، والموطأ وهو ابن عشر سنين. وسمع الحديث بمكة على جماعة، منهم: سفيان بن عيينة، وسعيد بن سالم القداح، ومسلم بن خالد الزنجى، فقيه مكة. وأذن له فى الإفتاء، وله دون العشرين سنة. وقيل: إنه أفتى، وهو ابن خمس عشرة سنة، ثم رحل إلى المدينة، ولازم بها الإمام مالك بن أنس رضى الله عنه مدة، يأخذ عنه العلم. وسمع بالمدينة من إسماعيل بن جعفر، وجماعته. ثم رحل إلى العراق، فقدم بغداد سنة خمس وتسعين، وأقام بها حولين، واجتمع عليه علماؤها، وأخذوا عنه. وصنف كتابه القديم. ثم خرج إلى مكة، ثم عاد إلى بغداد سنة ثمان وتسعين وأقام بها شهرا. ثم خرج إلى مصر، وصنف بها كتبه الجديدة، ونشر بها العلم، وأقام بها حتى مات آخر يوم من رجب سنة أربع ومائتين. ودفن بالقرافة. وقد زرت قبره ـ بحمد الله ـ مرارا. وله كرامات ظاهرة. منها: أنه قال للبويطى: تموت فى قيودك. فمات فيها. وقال للمزنى: يكون لك بعدى سوق يعظم به شأنك عند الملوك وغيرهم. وقال لابن عبد الحكم: تنتقل إلى مذهب أبيك. وكان مالكيا، فانتقل إليه. وقال للربيع المرادى: أنت رواية كتبى. فعاش بعده قريبا من سبعين سنة، ورحل الناس إليه من أقطار الأرض لسماعها. ومناقبه كثيرة. وقد صنف فيها جماعة منهم الحاكم والبيهقى.

_ ـ وبينها وبين غزة أربعة فراسخ، وهى معدودة فى أرض فلسطين. انظر: معجم البلدان 4/ 122، الروض المعطار 420.

101 ـ محمد بن إدريس بن عمر، المكى، أبو بكر، وراق الحميدى

101 ـ محمد بن إدريس بن عمر، المكى، أبو بكر، وراق الحميدى: روى عن: بكر بن خلف ـ ختن أبى عبد الرحمن المقرى ـ وعثمان بن يمان الحدانى، ومحرز بن سلمة العدنى. وذكر ابن زبر فى وفياته: أنه توفى فى ذى الحجة سنة سبع وستين ومائتين. 102 ـ محمد بن إدريس بن غانم بن مفرح العبدرى، الشيبى، المكى، المعروف بأبى راجح: شيخ الحجبة، وفاتح الكعبة. ذكر لى غير واحد من أهله، وغيرهم: أنه ولى مشيخة الحجبة، يعنى فتح الكعبة أربعين سنة. وعندى فى ذلك نظر، فإنه كان فى أوائل القرن الماضى. وكان أحمد بن ديلم فى أوائل القرن شيخا، بل كان شيخا فى آخر القرن الذى قبله، وولى بعده علىّ بن بجير، ومن المستبعد: أن يكون أبو راجح ولى قبلهما، أو فى حياتهما. وأما بعدهما فلا يمكن أن يكون ولى هذه المدة؛ لأنه يلزم من ذلك أن يكون عاش إلى أواخر عشر الستين وسبعمائة. وكان الشيخ فى هذا التاريخ: محمد بن أبى بكر الشيبى ـ الآتى ذكره. ولعل المذكور: باشر حجابة الكعبة أربعين سنة بعضها شيخا، وبعضها من جملة الحجبة. ولم أدر متى مات إلا أن بعض أقاربه ذكر لى ما يدل على: أنه كان فى عشر الأربعين وسبعمائة والله أعلم. 103 ـ محمد بن إدريس بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم، الحسنى، المكى: أمير مكة. ذكر الشيخ تاج الدين عبد الباقى بن عبد المجيد اليمنى، فى كتاب «بهجة الزمن فى تاريخ اليمن» أن الأمير بيبرس الجاشنكير (1) لما حج فى سنة إحدى وسبعمائة

_ 103 ـ (1) الملك المظفر ركن الدين بيبرس البرجى المنصورى الجاشنكير. أصله من مماليك الملك المنصور قلاوون وعتقائه، وتنقل فى الخدم حتى صار من جملة الأمراء بالديار المصرية. وتولى الأستادارية للملك الناصر محمد بن قلاوون. وكان إقطاعه كبير، فيه عدة إقطاعات لأمراء. ولما كان أستادارا كان سلار نائبا بالديار المصرية، فحكما فى البلاد وتصرفا فى المماليك، وصار ـ

أمر بمكة أبا الغيث، ومحمد بن إدريس وخلفهما لصاحب مصر. فأقام أبو الغيث أياما، وأخرج من مكة محمد بن إدريس، واستبد بالإمرة، وجرت بينهما حروب كثيرة، وقتل فيها جماعة من الأشراف. وكاتب أبو الغيث السلطان ـ يعنى المؤيد صاحب اليمن ـ وبذل الخدمة والنصيحة والرهينة، فقبل ذلك منه. انتهى. ولم يزد الشيخ تاج الدين المذكور فى نسب محمد بن إدريس المذكور على اسم أبيه. ورأيت ما يخالف ما ذكره فى تأمير الجاشنكير لمحمد بن إدريس هذا بمكة؛ لأن كلام بيبرس الدوادار فى تاريخه يدل على: أن الأمير بيبرس إنما أمر بمكة فى هذا التاريخ أبا الغيث، وأخاه عطيفة ابنى أبى نمى. والله أعلم بالصواب. وبلغنى: أن أبا نمى أمير مكة جعل لمحمد بن إدريس هذا ربع ما يتحصل لأمير مكة فى كل سنة، ولكنه لم يجعل له ولاية بمكة، وأن أبا نمى كان كثير الاغتباط بمحمد بن إدريس هذا. ويقول فيه ـ لكثره اغتباطه به إذا رآه ـ: هنيئا لمن هذا ولده. وأن بعد موت أبى نمى: أشار بعض الناس على أولاد أبى نمى بقتل محمد بن إدريس هذا. وقال لهم: لا يتم لكم معه أمر إلا إن قتلتموه. فتشاوروا فى ذلك، وذكروه لحميضة بن أبى نمى، فلم يوافق على ذلك حميضة، وأعرضوا عن قتل محمد بن إدريس. وكان بعد ذلك بين إخوته أولاد إدريس، وأولاد أبى نمى حروب كثيرة، منها، فى شهر واحد، شهر رمضان: بضع وعشرون لقية. والله أعلم بحقيقة ذلك.

_ ـ الملك الناصر ليس له من السلطنة إلا الاسم فقط. وكان نواب البلاد الشامية خداشية الجاشنكير من البرجية، فقوى أمره بهم، إلى أن توجه الملك الناصر إلى الحجاز ورد من الطريق إلى الكرك وأقام بها وأرسل يعلم أمراء الديار المصرية، ليقيمو سلطانا. لعب الأمير سيف الدين سلار بالجاشنكير هذا، وحسن له السلطنة حتى تسلطن، ولقب بالملك المظفر بعد أن أفتى له جماعة من القضاة والفقهاء بذلك وكتب محضرا مثبوتا على القضاة، وناب سلار له، واستوفى له الأمر. وكانت سلطنته فى يوم السبت بعد العصر ثالث عشرين شوال سنة ثمان وسبعمائة، وقيل فى ذى الحجة فى بيت سلار، وكتب من بيت سلار بخلعة السلطنة إلى القلعة، ومشوا الأمراء بين يديه، ودقت البشائر، وسارت البريدية بذلك إلى سائر الممالك، وكتب له الخليفة المستكفى بالله على تقليده بخطه. انظر ترجمته فى: (المنهل الصافى 3/ 467 وما بعدها، الدليل 1/ 203، النجوم، 8/ 22: 277، مورد اللطافة ق 780، الدرر 2/ 36، الوافى 10/ 348، تذكرة النبيه 2/ 17، البداية 14/ 55، الخطط 2/ 316 ـ 417، كنز الدرر 9/ 156: 205، بدائع الزهور 1/ 423 ـ 435).

104 ـ محمد بن أسعد الثعلبى، أبو سعيد، المكى، ثم المصيصى

104 ـ محمد بن أسعد الثعلبى، أبو سعيد، المكى، ثم المصيصى: روى عن: زهير بن معاوية، وأبى إسحاق الفزارى، وعبثر بن القاسم، وابن المبارك. روى عنه: عبد الله بن عبد الرحمن، ومحمد بن المثنى وغيرهم. قال أبو زرعة: منكر الحديث. ذكره الذهبى، فى تاريخ الإسلام. 105 ـ محمد بن أيوب المكى: أخذ مع جماعة فى الزندقة، فأقروا، فاستتابه المهدى العباسى، وذلك فى سنة ست وستين ومائة. 106 ـ محمد بن الأسود بن خلف بن بياضة الخزاعى: من أهل مكة. يروى عن عمرو بن العاص. روى عنه عمرو بن عبيد الله بن صفوان الجمحى. ذكره ابن حبان فى الطبقة الثانية من الثقات. 107 ـ محمد بن أصلم الناصرى، الأمير، ناصر الدين، ابن الأمير بهاء الدين: أظنه كان من العسكر الذى أنفذه الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون ـ صاحب الديار المصرية والشامية ـ فى سنة ستين وسبعمائة إلى مكة لحسم مواد الفساد منها، وتقوية لمن ولاه إمرتها، وهو محمد بن عطيفة بن أبى نمى، وسند بن رميثة بن أبى نمى. وكان مقدم هذا العسكر: الأمير جركتمر المازونى حاجب الحجاب بالقاهرة. وفيه عدة أمراء سواه، منهم شهاب الدين أحمد بن أصلم ـ أخو المذكور. وكانت وفاة المذكور فى يوم السبت تاسع عشرين جمادى الآخرة سنة إحدى وستين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. نقلت وفاته من حجر قبره بالمعلاة. وترجم فيه بتراجم كثيرة.

_ 104 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 7/ 208، الثقات لابن حبان 9/ 68، ديون الضعفاء لابن الجوزى ترجمة 3595، المغنى ترجمة 5289، ميزان الاعتدال ترجمة 7216، تهذيب التهذيب 9/ 46، تقريب التهذيب 2/ 144، خلاصة الخزرجى 2/ 6050، تهذيب الكمال 5058). 106 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 7/ 205).

108 ـ محمد بن بركات بن أبى حزمى فتوح بن بنين بن عبد الرحمن بن عبد الجبار بن محمد المكى، المعروف بابن أبى حزمى

108 ـ محمد بن بركات بن أبى حزمى فتوح بن بنين بن عبد الرحمن بن عبد الجبار بن محمد المكى، المعروف بابن أبى حزمى: ابن أخى: عبد الرحمن بن أبى حزمى ـ الآتى ذكره. كان كعمه يكتب الوثائق، وينقش أحجار القبور وغيرها. وعلى خطهما وضاءة. ولم أدر متى مات، إلا أنه كان حيا فى شهر رمضان سنة اثنتى عشرة وستمائة؛ لأنى رأيت بخطه حجرا نقشه فى هذا التاريخ. 109 ـ محمد بن أبى البركات بن أبى الخير بن حمد الهمدانى، أبو عبد الله، الصوفى: هكذا ذكره ابن مسدى فى معجمه قال: وذكر لى أنه قرأ فى صغره سورة الفاتحة على أبى العلاء الحافظ بهمدان، وأنه سافر وقد ترعرع، فقرأ القراءات بواسط على بعض المؤذنين، حتى حفظ الشواذ. وصحب الشيخ أحمد بن على الرفاعى. ولبس منه، وأذن له يلبس عنه. هذا الذى سمعت منه قديما بديار مصر، ثم قال: وعلى ما ذكره من رواية أبى العلاء: يكون مولده بعد الخمس والخمسين وخمسمائة، فإنه قال: توفى وقد ترعرعت. وكانت وفاة أبى العلاء بهمدان فى جمادى الأولى من سنة تسع وستين. فادعى بمكة أن مولده فى ربيع الآخر من سنة ست وأربعين وخمسمائة. وأحسب أن الذى أخذه من عشر الستين جعله من عشر الخمسين. ثم سمعته بمكة يقول: فى سنة ثمان وخمسين زدت على المائة ثلاث عشرة سنة. وأسمع فى هذه السنة صحيح البخارى بالإجازة العامة من أبى الوقت لمن أدرك حياته. وسمع ذلك جماعة من العوام الذين لا يفهمون. فإنا لله وإنا إليه راجعون. يسمع هذا الكتاب الذى هو عمدة الإسلام بمثل هذا التلفيق إبراء إلى الله تعالى من عهدة الطريق. انتهى. باختصار لشيء من حال بن أبى البركات، يأتى ذكره. والسامعون عليه: جماعة من أهل مكة وغيرهم، والقارئ لهم عليه لذلك الفخر التوزرى ـ الآتى ذكره. ووجدت بخط الميورقى: أن ابن أبى الخير ـ هذا ـ قال له: سمعت على أبى الوقت. ورأيت فى أربعين الملك المظفر صاحب اليمن: أن ابن أبى الخير هذا دخل اليمن.

من اسمه محمد بن أبى بكر

وادعى أنه حضر عند أبى الوقت السجزى، وسمع منه شيئا من صحيح البخارى، وأنه أجاز له. انتهى. وإنما ذكرت هذا تعجبا لكونه فى البطلان أعجب من دعواه إجازة أبى الوقت العامة، وكيف تصح إذ ذاك إجازة أبى الوقت العامة فضلا عن السماع منه؟ وهو قد قال ما ينافى ذلك؛ لأن ابن مسدى نقل عنه: أنه كان حين مات الحافظ أبو العلاء العطار مترعرعا، والترعرع هو قرب البلوغ، وبين وفاة أبى الوقت ووفاة أبى العلاء العطار أزيد من سن الترعرع الذى ذكر ابن أبى البركات: أنه سنة حين مات الحافظ أبو العلاء. وهو مؤاخذ بقوله هذا، فيعمل بمقتضاه. وينتج ذلك: عدم إدراكه إجازة أبى الوقت العامة، فضلا عن السماع منه؛ لتقدم وفاة أبى الوقت على وفاة أبى العلاء بخمسة عشر عاما وتسعة أشهر وأيام. وهذا مما لا ريب فيه عند الحذاق. والله أعلم. وذكر ابن مسدى شيئا من حال ابن أبى البركات هذا؛ لأنه قال: وكان قد سكن دمياط، وتمشيخ فيها للنساء وملن إليه. وكان الجماعة من أهل الطريق ينكرون ذلك عليه، منهم أبو الحسن، المعروف بابن قفل وغيره. ثم تردد إلى مكة مرات لم يخل بيته قط من مجتمع نسائيات، لا يلتفت فى شيء من ذلك إلى كثرة الشناعة عليه. والله أعلم بما لديه. ثم قال: وسافر عن مكة نحو الديار المصرية فى صدر سنة تسع وخمسين، ثم عاد إلى مكة فى آخر سنة ستين. انتهى. ولم يذكر ابن مسدى وفاته. ووجدت بخط الميورقى: أنه توفى سنة اثنتين وستين وستمائة. ووجدت بخط جد أبى الشريف أبى عبد الله الفاسى: أنه توفى سنة تسع وستين. وما ذكره الميورقى فى وفاته: أقرب إلى الصواب. والله أعلم. * * * من اسمه محمد بن أبى بكر 110 ـ محمد بن أبى بكر بن أحمد بن عمر بن عبد الله الذوالى، اليمنى الزبيدى، الشيخ جمال الدين، أبو عبد الله المعروف بالزوكى ـ بزاى مضمومة: ولد فى رمضان سنة خمس وعشرين وسبعمائة، كان إماما فاضلا متفننا، وإليه انتهت

الرياسة باليمن فى علم الأدب. وكان حسن الخلق، سليم الصدر، مشهورا بالخير والصلاح. وذكر: أنه أرى النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام، وقال له ما معناه: أن من قرأ عليه دخل الجنة. وقد أخذ عنه لذلك غير واحد من أهل العلم، منهم شيخنا الشريف تقى الدين عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى. وكان يذكر له مكاشفة، وهى: أنه لما بلغه خبر هذه الرؤيا: عزم على الذهاب إليه ليقرأ عليه، فقصده الشيخ محمد الزوكى ـ هذا ـ إلى موضعه، وقرأ عليه شيخنا ـ المذكور ـ جانبا من مختصر ابن الحاجب الفرعى. وسمعت شيخنا عبد الرحمن ـ المذكور ـ يقول: إنه سمع الشيخ محمد الزوكى ـ هذا ـ يقول: إنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام وسأله عن وقوع الطلاق المنجز فى مسألة: كلما وقع عليك طلاقى، فأنت طالق قبله ثلاثا، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: يقع الطلاق المنجز. وهذه المسألة مقررة فى كتب الفقه، وتعرف بالسريجية؛ لأن أبا العباس بن سريج وغيره من الأئمة الشافعية، يقولون بعدم الطلاق المنجز، باعتبار التعليق المتقدم .. وفى هذه الرؤية رد عليهم وتأييد لقول من خالفهم، وهم أكثر العلماء، فإنهم: قالوا بوقوع المنجز. والله أعلم. وذكر بعض العصريين: أن المذكور حج فى سنة تسع وستين وسبعمائة، ثم فى سنة اثنتين وسبعين، وجاور سنتين، ثم فى سنة إحدى وثمانين وسبعمائة. ومات بمكة فى آخر شهر ذى الحجة سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة، ودفن ـ بعد صلاة الجمعة ـ بالمعلاة، بقرب خديجة رضى الله عنها. وأخبرنى صاحبنا العفيف عبد الله بن محمد بن على العجمى، المكى: أن أباه مرض بالإسهال يرمى الدم، وأفرط به ذلك حتى صار يقوم فى اليوم والليلة نحو ستين مرة. وأن بعض أصحاب أبيه أتى إليه بالشيخ محمد الزوكى هذا، يزوره ويدعو له بالعافية، لاشتهاره عند أهل مكة بالخير والصلاح. فدعا الزوكى لأبيه، ولازمه أبوه فى الدعاء له بالعافية. ثم إن الزوكى قال له: اكشف عن بطنك فكشف عنه، وكشف الزوكى عن بطنه، وألصق كل منهما بطنه بالآخر وتواخيا، وخرج الزوكى من عند المشار إليه، وبإثر خروجه عنه: قل رميه الدم وشفى عن قرب.

111 ـ محمد بن أبى بكر الصديق رضى الله عنهما

هذا معنى ما أخبرنى به العفيف العجمى. ومن أحواله الجميلة ما حدثنى به مولانا القاضى الإمام تقى الدين عمر بن القاضى جمال الدين محمد بن عيسى اليافعى، قاضى عدن أبين بها، قال: بلغنى أن بعض أصحاب الفقيه الزوكى المذكور، كان عليه دين للقاضى جمال الدين بن الجلاد، أحد الحكام بعدن، وأن وكيله شوش بالطلب على من عليه الدين، فاستمهل المديان الوكيل أياما، وكلف المديان الفقيه الزوكى، السفر إلى عدن ليشفع له عند ابن الجلاد. فأتى الزوكى إلى عدن وشفع عند ابن الجلاد فى حاجة صاحبه، فقبل شفاعته. وصرف ابن الجلاد للزوكى خمسمائة دينار فضة معاملة عدن كرامة للزوكى، فأبى أن يقبلها، وقال: إنما جئت للشفاعة، ولا أحب أن أنال فى سفرى غير ذلك. هذا معنى ما حكاه لى القاضى تقى الدين اليافعى من خبر الزوكى فى هذه القصة. وحكى أيضا: أن ابن الجلاد بعث بالدراهم للزوكى إلى زبيد. وحكى لى أيضا: خبر رؤية الزوكى للنبى صلى الله عليه وسلم وسؤاله من مسأله الطلاق، وجوابه فيها بما يوافق ما ذكرناه. وذكر لى القاضى تقى الدين اليافعى: أن هذه الرؤيا كانت بعدن. وأن من جملة رؤيا الزوكى: أنه سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن الذين يفضلون عليا رضى الله عنه على أبى بكر رضى الله عنه، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: ليسوا على شئ. هذا معنى ما ذكر لى القاضى تقى الدين فى هذه النكتة أيضا. 111 ـ محمد بن أبى بكر الصديق رضى الله عنهما: يأتى فى باب محمد بن عبد الله؛ لأن اسم أبى بكر الصديق عبد الله. 112 ـ محمد بن أبى بكر بن خليل الملقب بالرضى: أحد فقهاء مكة. يأتى ذكره فى باب محمد بن عبد الله؛ لأن اسم والده أبى بكر عبد الله.

_ 111 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2348، أسد الغابة ترجمة 4751، الإصابة ترجمة 8313، تاريخ الإسلام 3/ 364، الثقات 3/ 368، أزمنة التاريخ الإسلامى 1/ 837، تهذيب التهذيب 9/ 80، تهذيب الكمال 3/ 1179، تقريب التهذيب 2/ 148، الكاشف 3/ 25، الاستبصار 97، 104، البداية والنهاية 7/ 319، الجرح والتعديل 7/ 31، التحفة اللطيفة 3/ 545، الوافى بالوفيات 2/ 258، شذرات الذهب 1/ 48، سير أعلام النبلاء 2/ 481، العبر 1/ 44، 45).

113 ـ محمد بن أبى بكر بن على بن يوسف، الذورى الأصل، المكى المولد والدار، أبو الفضل، المعروف، بابن المصرى

113 ـ محمد بن أبى بكر بن علىّ بن يوسف، الذورى الأصل، المكى المولد والدار، أبو الفضل، المعروف، بابن المصرى: سمع بمكة وبالقاهرة من شيخنا ابن الملقن وغيره. وتوفى بالقاهرة فى سنة خمس وتسعين وسبعمائة. وكان حسن القراءة فى الصلاة. 114 ـ محمد بن أبى بكر بن علىّ بن يوسف، الذورى الأصل، الملقب: بالجمال المصرى: نزيل زبيد، وحاكمها. ولد بالذورة (1) ـ من صعيد مصر ـ فى سنة تسع وأربعين وسبعمائة، أو قبلها بسنة أو بعدها بسنة. ونشأ بها حتى بلغ أو راهق، ثم قدم مكة فى عشر السبعين وسبعمائة ولا يم قاضيها أبا الفضل النويرى وخدمه كثيرا. ولما ظهرت له نجابته صار يرسله على مصالحه وهديته لصاحب اليمن، فاشتهر ذكره، ثم تغير على القاضى أبى الفضل بقرب مؤتة. وسكن زبيد واستوطنها وداخل الأعيان من أهلها، فنما أمره إلى الملك الأشرف صاحب اليمن، فاستظرفه لكثرة مجونه وأقبل عليه وصار يحضر مجلسه، وولاه حسبة زبيد. وصحب القاضى سراج الدين عبد اللطيف بن سالم لما ولى سد زبيد بعد عوده من مكة. وحصل دنيا وأملاكا، ثم عظم أمره فى مبادئ دولة الملك الناصر بن الأشرف؛ لأنه صار يرسله إلى عدن وغيرها لإحضار الأموال منها. وكان يقيم الحرمة، ودخل رعبه فى القلوب. وولى إمرة زبيد فى بعض السنين، ثم صرف عن ذلك، وكان أمره بعد ذلك بها أنفذ من أمر أميرها، وقلة حرمته عن ذلك فى بعض السنين لوشى بعض أهل الدولة به عند الملك الناصر.

_ 114 ـ (1) ذورة: بفتح الذال، وسكون الواو، موضع عند ابن دريد وصاحب التكملة، وقال نصر: ذورة، بتقديم الواو على الراء، ناحية من شمنصير، وهو جبل بناحية حرة بنى سليم وقيل: واد يفرغ فى نخل ويخرج من حرة النار مشرقا تلقاء الحرة فينحدر على وادى نخل. وقال ابن الأعرابى: ذورة ثماد لبنى بدر وبنى مازن بن فزارة. وقال ابن السكيت: ذورة واد ينحدر من حرة النار على نخل فإذا خالط الوادى شدخا سقط اسم ذورة وصار الاسم لشدخ. انظر: معجم البلدان (ذورة).

115 ـ محمد بن أبى بكر بن على بن يوسف الذورى الأصل، المكى المولد والدار، نحوى مكة، الإمام البارع نجم الدين، المعروف بالمرجانى

وولى نظر أوقاف المدارس التى بمكة مدة سنين، ودام ذلك معه حتى مات. وكان إليه أمانة المعاقيب السلطانية بزبيد، ورزق من الأولاد الذكور أزيد من عشرين ذكرا. وكان كثير التلاوة، وفيه مرورءة وإحسان إلى من نفذ إليه من أهل مكة. روى لنا بزبيد عن: القاضى عز الدين بن جماعة: حديث ابن مسعود فى القضاء والقدر من معجم ابن جميع، سمعه عليه بمكة. وابتلى بقرب موته بكثرة البرد، فكان يحمل إلى الحمام فيلبث فيه الزمن الطويل. وربما قيل: إنه كان إذا خرج منه يوضع فى قدر فيه ماء حار لشدة ما يجده من البرد. توفى فى ليلة الجمعة الخامس عشر من ذى القعدة الحرام سنة عشرين وثمانمائة بزبيد، ودفن بمقبرة الشيخ إسماعيل الجبرتى. وكان الذى ناله من الخير بسبب خدمته للشيخ إسماعيل المذكور، رحمهما الله تعالى. 115 ـ محمد بن أبى بكر بن علىّ بن يوسف الذورى الأصل، المكى المولد والدار، نحوى مكة، الإمام البارع نجم الدين، المعروف بالمرجانى: ولد فى سنة ستين وسبعمائة بمكة، وسمع بها على قاضى الديار المصرية عز الدين بن جماعة: جانبا من منسكه الكبير فى المذاهب الأربعة، وحديث عبد الله بن مسعود رضى الله عنه: «يجمع خلق أحدكم فى بطن أمه ... » (1). الحديث من معجم ابن جميع، والبردة للبوصيرى.

_ 115 ـ (1) أخرجه أحمد فى المسند حديث رقم (3923) من طريق: عبد الله، حدثنى أبى، ثنا حسين بن محمد، ثنا فطر، عن سلمة بن كهيل، عن زيد بن وهب الجهنى، عن عبد الله بن مسعود، قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ـ وهو الصادق المصدوق ـ: «يجمع خلق أحدكم فى بطن أمه أربعين ليلة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله عزوجل إليه ملكان من الملائكة، فيقول: اكتب عمله وأجله ورزقه واكتبه شقيا أو سعيدا، ثم قال: والذى نفس عبد الله بيده إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبين الجنة غير ذراع، ثم يدركه الشقاء فيعمل بعمل أهل النار، فيموت فيدخل النار، ثم قال: والذى نفس عبد الله بيده إن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبين النار غير ذراع، ثم تدركه السعادة فيعمل بعمل أهل الجنة فيموت فيدخل الجنة». وأخرجه البخارى فى صحيحه حديث رقم (3076)، ومسلم فى صحيحه حديث رقم (6669)، وابن ماجة فى سنن باب القدر حديث رقم (80).

وسمع بعنايته بمكة. وقرأ كثيرا من الكتب الكبار، والأجزاء على: الشيخ جمال الدين إبراهيم بن محمد الأميوطى، والعفيف عبد الله بن محمد النشاورى، خاتمة أصحاب الرضى الطبرى بالسماع، وعلى غيرهما. وروى الثقفيات عن النشاورى سماعا. ورحل إلى دمشق فقرأ على المسند شمس الدين محمد بن أحمد الأسمرى المنبجى، خطيب المزة، وابن خطيبها: الموطأ لمالك، رواية يحيى بن بكير، ومسند الشافعى، ومسند الدارمى، ومسند عبد بن حميد. وقرأ مسند عبد على جماعة من أصحاب الحجار. وسمع على الحافظ شمس الدين بن المحب الصامت وغيره، من أصحاب القاضى سليمان. واستجاز لى من المذكورين، ومن محمد بن عمر بن عوض البيطار، وإبراهيم ابن أبى بكر السلار، وأبى الهول على بن عمر الجوزى، ويوسف بن محمد الصيرفى وغيرهم. وعنى بفنون من العلم، ومهر فى العربية ومتعلقاتها، وله معرفة بالأدب ونظم ونثر. ومن نظمه قصيدة مفيدة سماها «مساعد الطلاب فى الكشف عن قواعد الإعراب» ضمنها ما ذكره الشيخ جمال الدين بن هشام فى تأليفه «مغنى اللبيب»، «وقواعد الإعراب فى معانى الحروف»، وما لغيره فى المعنى. وله عليها شرح، وقد سمعتها عليه، وكثيرا من شرحها لما كنا نشتغل عليه. وكان حسن الإيراد والدرس لجودة عبارته وقوة معرفته بالعربية. وقد أخذها عن جماعة منهم: نحوى مكة الشيخ أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد المعطى المالكى، والشيخ أبو عبد الله الغمارى، المغربى قدم عليهم مكة. وكان فاضلا فى فنون على ما ذكر لنا المرجانى، وأخذ عن غير واحد من الفضلاء. وحضر فى الفقه والأصلين، وغير ذلك عند: الشيخ جمال الدين الأميوطى، وجدى قاضى مكة كمال الدين أبى الفضل النويرى، وكان يلائمه كثيرا. وله عناية بالفقه، ودرس فيه بالمدرسة المنصورية بمكة فى ست وعشرين سنة، فإنه ولى تدريسها فى سنة إحدى وثمانمائة مع نظر المدارس الرسولية بمكة. وقيل موته بأشهر: نزل عن تدريس المنصورية لولده كمال الدين أبى الفضل، ودرس فى حياة أبيه.

116 ـ محمد بن أبى بكر بن عيسى بن عثمان الأشعرى، المعروف بابن حنكاش

وخرج عنه نظر المدارس نحو سنة فى آخر سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، وعاد إليه فى آخر التى بعدها. وعرض له قبل موته بنصف سنة مرض توهن له بدنه ورأيه. وقد سمعت عليه: المنسك الصغير للقاضى عز الدين بن جماعة بإجازته منه. وحدث عنه بالمنسك الكبير غير مرة، وبالثقفيات عن النشاورى، وحدثت بها معه. وكان مليح الكتابة سريعها، ذا مروءة كثيرة، وحياء، وتواضع، وإنصاف. وكان لى موادا. ودخل اليمن غير مرة، ومصر مرتين، الأولى: فى سنة ثمان وثمانين، والثانية: فى سنة تسع وتسعين وسبعمائة، لتحصيل كتب للملك الأشرف صاحب اليمن. وكان محسنا له. وعانى بمكة: كتابة الوثائق والسجلات على خالى قاضى مكة محب الدين بن القاضى أبى الفضل النويرى، وقرأ عليه بعض كتب الحديث، وكانت المودة بينهما كبيرة. واستفاد بعد الفقر عقارا ودنيا بسعى جميل. وملك كتبا كثيرة نفيسة، وكان محسنا بعاريتها، وربما أحسن مرات بمعلومه على نظر المدارس، ومعلوم التدريس بالمنصورية لمن ليس له فى المدارس اسم من الطلبة وغيرهم. وجمع شيئا فى طبقات الفقهاء الشافعية، وكان اختصره من طبقات الإسنائى، ونظم شيئا فى دماء الحج. وتوفى وقت العصر من يوم السبت خامس شهر رجب سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة بكرة يوم الأحد سادسه، رحمه الله، وجزاه خيرا. 116 ـ محمد بن أبى بكر بن عيسى بن عثمان الأشعرى، المعروف بابن حنكاش: ذكره الجندى فى تاريخه. وذكر: أنه ولد سنة تسع وثلاثين وستمائة. وتفقه، وغلب عليه الشعر. وسكن مكة، إذ نال من أبى نمى ـ صاحبها ـ حظوة. وكان أبوه من صدور العلماء باليمن.

117 ـ محمد بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى

117 ـ محمد بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى: سمع كثيرا من: يونس الهاشمى، وزاهر بن رستم، وابن أبى الصيف، وتفقه عليه. ومات فى حياته بأثر قدومه مكة، من زيارة النبى صلى الله عليه وسلم فأمر بدفنه على حاله محرما. كذا ذكر الميورقى، ولم يذكر تاريخ وفاته. وكانت فى الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة خمس وستمائة بمكة. ومولده بعد العصر آخر يوم من جمادى الأولى سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. نقلت مولده ووفاته من خط شيخنا ابن شكر، وذكر: أنه نقل ذلك من خط المحب الطبرى. 118 ـ محمد بن أبى بكر بن محمود بن يوسف بن علىّ الكرانى، الهندى، المكى، والحنفى: كان يزوق السقوف بالدهان. وفيه قوة وشهامة. توفى بالقاهرة سنة تسعين وسبعمائة. 119 ـ محمد بن أبى بكر بن مسعود بن يحيى اليمنى، المعروف: بالحبيشى: المؤدب بمكة. سمع بها من: الشيخ فخر الدين النويرى، والقاضى عز الدين بن جماعة فى سنة ثلاث وخمسين. وأدب بها جماعة من الأعيان، منهم: شيخنا السيد تقى الدين عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى، وسألته عنه. فقال: كان صالحا عابدا. جاور بمكة مدة طويلة تزيد على عشرين سنة، ومات بها بعد الستين وسبعمائة. وذكر: أنه كان يؤدب عند بعض الأمراء باليمن، فراودته على نفسه بعض حريم الأمير؛ لأنه كان جميلا، فقطع مذاكيره، وأرسل بها إليها. انتهى. والحبيشى ـ بضم الحاء المهملة وباء موحدة مفتوحة، وياء مثناة ساكنة، وشين معجمة ـ وبالنسبة: تصغير حبشى، وهم قبيلة باليمن، يقال لهم: بنى حبيش، منهم علماء أعيان فى جبال اليمن. 120 ـ محمد بن أبى بكر بن ناصر بن أحمد العبدرى، الشيبى، المكى، يلقب بالجمال: شيخ الحجبة، وفاتح الكعبة. ذكر شيخنا ابن شكر، على ما وجدت بخطه: أنه ولى

121 ـ محمد بن أبى بكر بن أبى الحسن الطوسى

ذلك بعد محمد بن يوسف الشيبى فى أوائل جمادى الأولى سنة تسع وأربعين وسبعمائة قبل موت محمد بن يوسف. واستمر على ذلك حتى مات. إلا أنه صرف عن ذلك فى أوائل سنة سبع وخمسين وسبعمائة، وهو غائب بمصر بأبى الفضل الشيبى ـ الآتى ذكره. واستنجز محمد بن أبى بكر ـ هذا ـ مرسوما سلطانيا بعوده كما كان، لكون صهره يوسف بن محمد بن أبى راجح ـ الآتى ذكره ـ ينوب عنه فى ذلك إلى حين حضوره إلى مكة. فباشر يوسف ذلك فى آخر شعبان أو فى أول رمضان من السنة المذكورة. انتهى. وكانت وفاته فى سنة سبع وسبعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وهو فى عشر السبعين. وكان الناس يراعونه لإقدامه فى الكلام. ونافر القاضى شهاب الدين الطبرى، قاضى مكة، وهو من أسباب عزله من الحجابة. وكان ذا مروءة وهمة عالية. سمع بآخره من: القاضى عز الدين بن جماعة، والفخر النويرى. ومولده ـ فيما بلغنى ـ ببلاد مقدشوه (1)، وكان يتردد إليها، وولد له فيها بعض أولاده. 121 ـ محمد بن أبى بكر بن أبى الحسن الطوسى: إمام مقام الخليل عليه السلام. حدث عن عبد الرحمن بن ديلم الشيبى بكتاب تاريخ مكة للأزرقى. رواه عنه الشريف يونس بن يحيى الهاشمى. توفى يوم الجمعة ثامن عشر رجب سنة ثمان وتسعين وخمسمائة. نقلت وفاته من حجر قبره بالمعلاة، وهو بخط عبد الرحمن بن أبى حرمى، إلا أنه لم يذكر الطوسى، وهو هو لأنه إمام مقام إبراهيم الخليل عليه السلام. 122 ـ محمد بن ثابت بن سباع المكى: روى عن: عائشة رضى الله عنها، وأم كرز الكعبية. روت عنه بنته خيرة. روى عنه: ابن عمه سباع بن ثابت.

_ 120 ـ (1) مقدشو: بالفتح ثم السكون، وفتح الدال، وشين معجمة، مدينة فى أول بلاد الزنج فى جنوب اليمن فى بر البربر فى وسط بلادهم. انظر: معجم البلدان (مقدشو). 122 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ الكبير للبخارى 1/ 106، الجرح والتعديل ترجمة 1200، الثقات لابن حبان 5/ 369، الكاشف ترجمة 4822، تهذيب التهذيب 9/ 83، تقريب التهذيب 2/ 148، خلاصة الخزرجى ترجمة 6093، تهذيب الكمال 5101).

123 ـ محمد بن ثابت الأنصارى، المراكشى

روى له الترمذى. وذكره ابن حبان فى ثقاته. وذكره مسلم فى: الطبقة الثانية من تابعى أهل مكة. 123 ـ محمد بن ثابت الأنصارى، المراكشى: كانت له معرفة بالقراءات السبع، قرأها على: الشيخ برهان الدين المسرورى، وسراج الدين الدمنهورى بمكة، ولم يكمل عليه. وكان يؤدب الأطفال بمكة عند باب أجياد من الحرم الشريف. توفى سنة تسع وأربعين وسبعمائة بمكة. ذكره لى شيخنا أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطى، بمعنى هذا. وأخبرنى صاحبنا العفيف عبد الله بن الجمال محمد بن علىّ العجمى المكى، عن أبيه، عن محمد بن ثابت ـ المذكور ـ: أنه نذر للشيخ أبى العباس السبتى بدرهم كان معه فيه خرق، وتصدق به عنه؛ لأن العادة جرت عندهم ببلادهم بالنذر للمذكور والصدقة عنه بالمنذور، وأنهم يفعلون ذلك لقضاء الحوائج، ويجدون له أثرا. وكان ابن ثابت فعل ما فعل رجاء لحصول ملبوس يتدفأ به. فما مضى عليه غير قليل حتى وهب له برنوس، أو كساء فيه خرق. فكره ذلك، وقال: ليته كان صحيحا. فنام فرأى فى المنام قائلا يقول له: لو تصدقت بدرهم غير مخروق لكان ما أعطيته كذلك. هذا معنى ما أخبرنى به صاحبنا العفيف، وهى قضية عجيبة. والرجل المنذور له مشهور بعظيم الصلاح. أعاد الله علينا من بركاته وبركات الصالحين. والسبتى، بسين مهملة، ثم باء موحدة، ثم تاء مثناة من فوق وياء للنسبة. 124 ـ محمد بن جابر بن عبد الله، المعروف بالحراشى، اليمنى: سكن مكة مدة فى حال ولاية أبيه لأمر جدّه. ثم دخل بعد ذلك بمدة إلى اليمن فأكرمه صاحب اليمن، ووقع بينه وبين أهل الشرجة (1) فتنة قتل فيها بعضهم.

_ 123 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 7/ 216). 124 ـ (1) شرجة: بفتح أوله، وسكون ثانيه ثم جيم، وهو واحدة الذى قبله، موضع بنواحى مكة، وشرجة: من أوائل أرض اليمن وهو أول كورة عثّر. انظر: معجم البلدان (شرجة).

125 ـ محمد بن جار الله بن حمزة بن راجح بن أبى نمى الحسنى، المكى

ثم استدعاه أبوه إلى مكة بعد أن لايم صاحبها، فوصل إلى مكة فى الموسم من سنة ست عشرة وثمانمائة، ثم قبض عليهما بمنى، وشنقا بعد المغرب من ليلة نصف ذى الحجة سنة ست عشرة وثمانمائة. وكان شنقه بباب الشبيكة، وشنق أبيه بباب المعلاة. وبلغنى: أن محمدا ـ هذا ـ لما استأذن صاحب اليمن فى القدوم إلى مكة، وأخبره باستدعاء أبيه له، قال له كلاما معناه: إنكما تشنقان أو تكحلان. فكان من أمرهما ما كان. وبلغنى: أن محمدا ـ هذا ـ فاضت روحه من خوف القتل قبل شنقه، فالله يغفر له. وقبره بالمعلاة. وعمره ثلاثون ـ ظنا ـ والله أعلم. 125 ـ محمد بن جار الله بن حمزة بن راجح بن أبى نمى الحسنى، المكى: كان من أعيان الأشرف ذوى أبى نمى. توفى فى آخر اليوم السابع من ذى القعدة سنة ست عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وقد بلغ الثلاثين أو جاوزها. 126 ـ محمد بن جار الله بن صالح بن أحمد الشيبانى، المكى: سمع من بعض شيوخه بمكة، وحفظ بعض المختصرات فى فقه الحنفية، واشتغل بالعلم. وسافر مع أبيه إلى مصر فى موسم سنة أربع عشرة وثمانمائة، فأقام بها إلى أن توفى فى سنة خمس عشرة وثمانمائة فى ذى الحجة ـ فيما أحسب ـ بخانقاه سعيد السعداء. ودفن بمقبرة الصوفية. وقد جاوز العشرين، وكان خيرا. * * * من اسمه محمد بن جعفر بن أحمد 127 ـ محمد بن جعفر بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسى قاضى مكة، وخطيبها عماد الدين، ويقال: فخر الدين أبو جعفر، ويقال: أبو الحسن البغدادى: ذكر المنذرى: أنه ولد فى الرابع عشر من رجب، سنة أربع وعشرين وخمسمائة. وأجاز له: أبو القاسم بن الحصين، والقاضى أبو بكر الأنصارى، والشروطى، وجماعة. وسمع من: جده أبى جعفر أحمد بن محمد العباسى، وأبى الوقت السجزى، وغيرهم.

وتفقه على الإمام أبى الحسن بن الخل ببغداد، وسمع منه، وحدث، وأجاز له. وتولى القضاء بمكة والخطابة بها. وولى قضاء القضاة ببغداد، وتوفى بها ليلة التاسع عشر من جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين وخمسمائة، ودفن بالعطافية عند جده. وذكره ابن الدبيثى فى ذيل تاريخ بغداد. وذكر من حاله ما ذكره المنذرى بزيادة فى ذلك وغيره، فقال: وتولى القضاء بمكة والخطابة بها فى سنة تسع وسبعين وخمسمائة، وخرج إليها فى هذه السنة. وخطب فى أيام الموسم، وصلى بنا الجمعة، وكنت فى هذه السنة حاجا. ولما عزل قاضى القضاة أبو طالب علىّ بن علىّ بن النجارى، عن قضاء القضاة يوم الجمعة، رابع شهر رمضان سنة أربع وثمانين وخمسمائة ولى أبو الحسن محمد بن جعفر العباسى ـ هذا ـ قضاء القضاة فى هذا اليوم. وشافهه بالولاية الوزير أبو المعالى سعيد بن علىّ بن حديدة، فحضر الجمعة، ومعه العدول، وأتباع مجلس الحكم ممن كتب عهده وقرئ. وخلع عليه فى الشهر المذكور. فلم يزل على حكمه وقضائه، يسمع الشهادات، ويثبت الحقوق، ويقبل الشهود، إلى أن عزل يوم الاثنين ثانى عشر جمادى الآخرة من سنة ثمان وثمانين وخمسمائة بمحضر من القضاة والعدول والفقهاء عند أستاذ الدار العزيزة ـ شيد الله قواعدها بالعز ـ أبى المظفر عبيد الله بن يونس، بسبب كتاب أثبته باسم الحسن بن زركل الاسترابادى التاجر، على فاطمة بنت محمد بن حديدة زوجة أبى المعالى بن حديدة ـ الذى كان وزيرا ـ بشهادة أحمد بن علىّ بن كردى، ومحمد بن محمد بن المهتدى. وكان الكتاب مزورا على المرأة المذكورة، وتولى إثباته أبو الفتح محمد بن محمود بن الحرانى، وكان أحد العدول، وأقر أنه مزور، وأن قاضى القضاة ارتشى على إثباته من الحسن الاسترابادى، خمسين دينارا وثيابا. فسئل العباسى عن ذلك، فأنكر وقال: هذا سجلى، وثبت عندى بشهادة الشاهدين المذكورين، فحضر محمد بن محمد بن المهتدى وأنكر: أنه شهد على المرأة المذكورة، وأنه شهد عند العباسى به. فاستفتى الفقهاء الحاضرون: إذا أنكر الشاهد أنه شهد عند الحاكم بشئ، هل القول قوله أو قول الحاكم؟ .

128 ـ محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن أبى هاشم بن محمد بن الحسين ابن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ابن على ابن أبى طالب الحسنى، المكى، أبو هاشم، أمير مكة

فأفتوا أن القول قول الشاهد. وأكد ذلك شهادة ابن الحرانى عليه: أنه مزور، وأنه ارتشى على إثباته للزور. فعزل أستاذ الدار ـ يومئذ ـ بمحضر من الجمع، وأمر برفع طيلسانه وانفصل الجمع ووكل به أياما، ثم أفرج عنه. وحضر الشاهد الآخر، وهو أحمد بن علىّ بن كردى، فأنكر شهادته كما أنكرها ابن المهتدى. وعزل ابن الحرانى المذكور أيضا، وشاهدان كان خطهما على ظهر السجل بمعارضة بأصله، ولزم العباسى بيته إلى أن مات. انتهى. 128 ـ محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن أبى هاشم بن محمد بن الحسين ابن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ابن علىّ ابن أبى طالب الحسنى، المكى، أبو هاشم، أمير مكة: ذكر صاحب المرآة فى أخبار سنة خمس وخمسين وأربعمائة: أن محمد بن هلال الصابى نقل عمن ورد من الحج أنهم: ذكروا دخول الصليحى صاحب اليمن إلى مكة، واستيلاؤه عليها، وما فعله من الجميل فيها، وأن الأشراف الحسنيين راسلوه. وكانوا قد نهدوا (1) عن مكة، فسألوه: أن يرتب منهم من يختاره، فرتب فى الإمارة: محمد بن أبى هاشم، وكان صهر شكر ـ يعنى ابن أبى الفتوح ـ على ابنته، وأمرّه على الجماعة، وأصلح بين العشائر، واستخدم له العساكر، وأعطاه مالا وخمسين فرسا وسلاحا. ولما رحل الصليحى إلى اليمن متخوفا من الأشراف لموت سبعمائة رجل من أصحابه، أقام نائبا عنه بمكة، محمد بن أبى هاشم. فقصده الحسينيون بنو سليمان، مع حمزة بن أبى وهاس، فلم يكن لأبى هاشم بهم طاقة، وحاربهم وخرج من مكة، فتبعوه فرجع وضرب واحدا منهم ضربة، فقطع درعه وفرسه وجسده، ووصل إلى الأرض. فدهشوا ورجعوا عنه. وكان تحت فرس تسمى دنانير، لا يكل ولا يمل، وليس له فى الدنيا شيبه. فمضى إلى وادى الينبع، وقطع الطريق عن مكة، والقافلة.

_ 128 ـ (1) نهدوا: أى نهضوا، ونهد القوم لعدوّهم، إذا صمدوا له وشرعوا فى قتاله. انظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر (نهد).

ونهب بنو سليمان مكة، ومنع الصليحى الحج من اليمن؛ فغلت الأسعار وزادت البلية. انتهى بلفظه إلا يسيرا فبالمعنى. وذكر صاحب المرآة ما يقتضى: أن بنى أبى الطيب الحسنيين: ملكوا مكة بعد شكر. وكان من خبره بعد ذلك: أنه عاد إلى الإمرة، وقطع خطبة المستنصر العبيدى صاحب مصر، وسبب ذلك: ذلة المصريين بالقحط المفرط، واشتغالهم بأنفسهم، حتى أكل بعضهم بعضا، وتشتتوا فى البلاد، وكاد الخراب أن يستولى على سائر الأقاليم حتى بيع الكلب بخمسة دنانير، والهر بثلاثة دنانير، وبلغ الأردب مائة دينار. وأعاد الخطبة العباسية بعد قطعها من الحجاز من نحو مائة سنة، وخطب للخليفة القائم بأمر الله أبى جعفر عبد الله بن عبد القادر أحمد بن إسحاق بن المقتدر العباسى، وللسلطان ألب أرسلان السلجوقى. وذكر بعضهم: أنه لما افتتح الخطبة العباسية، قال: الحمد لله الذى هدى بأهل بيته إلى الرأى المصيب، وعوض بنيه بلبسه الشباب بعد المشيب، وأمال قلوبنا إلى الطاعة، ومتابعة أهل الجماعة، وترك الأذان بحى على خير العمل، انتهى. وكان فعله لذلك فى سنة اثنتين وستين وأربعمائة، على ما ذكر غير واحد، منهم ابن الأثير؛ لأنه قال ـ فى أخبار هذه السنة ـ: وفيها ورد رسول صاحب مكة محمد ابن أبى هاشم، ومعه ولده إلى السلطان ألب أرسلان يخبره بإقامة الخطبة للخليفة القائم، وللسلطان بمكة، وإسقاط خطبة العلوى صاحب مصر، وترك الأذان بحى على خير العمل، فأعطاه السلطان ثلاثين ألف دينار وخلعا نفيسة، وأجرى له كل سنة عشرة آلاف دينار. وقال: إذا فعل مهنا أمير المدينة كذلك أعطيناه عشرين ألف دينار، وفى كل سنة خمسة آلاف دينار. انتهى. وذكر شيخنا ابن خلدون فى تاريخه: أن أبا الغنائم النقيب لما جاور بمكة سنة سبع وخمسين وأربعمائة استقال أميرها ابن أبى هاشم ـ هذا ـ حتى قطع خطبة المستنصر صاحب مصر، وخطب للقائم العباسى. ثم قطع خطبته فى سنة ثمان وخمسين لما قطع المستنصر الميرة عن مكة. ثم أعاد خطبة القائم فى سنة تسع وخمسين ثم قطع خطبته، فأرسل إلى أمير مكة مالا وعاتبه على قطع خطبته. فخطب له فى أيام الموسم سنة اثنتين وستين، واعتذر إلى المستنصر. انتهى. وهذا لم أر من ذكره سواه.

وكان المستنصر العبيدى صاحب مصر، أرسل رسولين فى سنة ست وستين وأربعمائة إلى ابن أبى هاشم أمير مكة ـ هذا ـ: ففتحا عليه خطبته للخليفة العباسى، والسلطان ألب أرسلان، وبذلا له مالا على قطع الخطبة لهما. فلم يلتفت إليهما، وأقصاهما؛ لأنه كان وصل له ولأصحابه صحبة السلار من المال ما ملأ عينه وقلبه. وأخذ السلار من الحاج الذين اتبعوه دنانير فدفعها إليه وإلى العبيد، فلما لم يصل فى سنة سبع وستين من جهة الخليفة العباسى ما كان يصل لأمير مكة قطع خطبة المهتدى العباسى. وصادف مع ذلك: أن المستنصر أرسل إليه بهدايا وتحف ليخطب له، وقال له: إنما كانت أيمانك وعهودك للقائم وللسلطان ألب أرسلان، وقد ماتا. فخطب للمستنصر، ثم قطع خطبته فى سنة ثمان وستين. وخطب للمهتدى عبد الله بن محمد الذخيرة بن القائم الخليفة العباسى. وصار يخطب تارة لبنى العباس، وتارة لبنى عبيد. وما ذكره من خبر ابن أبى هاشم ورسولى المستنصر وما وصل إليه مع السلار، وما جمع له السلار: ذكر صاحب المرآة ما يوافقه. وما ذكرناه من خطبة ابن أبى هاشم فى سنة سبع وستين للمستنصر، وقطع خطبته فى سنة ثمان وستين؛ ذكر ابن الأثير ما يوافقه. وذكر: أن قطع خطبته فى سنة ثمان وستين كان فى ذى الحجة منها، وقال ـ لما ذكر خطبة ابن أبى هاشم للمستنصر فى سنة سبع وستين، وقطع خطبة المهتدى: وكانت مدة الخطابة العباسية بمكة أربعا وستين وخمسة أشهر ـ يعنى من حين إعادتها إلى حين قطعها فى سنة سبع وستين. وذكر ما يوافق ما ذكرناه من إهداء المستنصر لابن أبى هاشم فى هذه السنة. ثم هرب ابن أبى هاشم من مكة فى سنة أربع وثمانين وأربعمائة إلى بغداد، لما استولى عليها التركمان الذين أرسلهم السلطان ملك شاه بن ألب أرسلان السلجوقى للاستيلاء على الحجاز واليمن، وإقامة الدعوة له هناك. وكان توجههم إلى اليمن فى سنة خمس وثمانين، وملكوا عدن واستولوا على كثير من البلاد وعاثوا فيها، وأساءوا السيرة.

وأصاب مقدمهم جدرى فمات، فحملوه إلى بغداد ودفنوه بها. وما ذكرناه من خبر التركمان ومقدمهم، ذكره بعض من عاصرناه فى تاريخه، وأكثر ظنى أنه شيخنا ابن خلدون. والله أعلم. وما ذكرناه من هرب ابن أبى هاشم منهم ذكره ابن الأثير؛ لأنه قال ـ فى أخبار سنة أربع وثمانين وأربعمائة ـ: فيها وصل ابن أبى هاشم أمير مكة مستغيثا من التركمان. انتهى. وذكر ابن الأثير فى كامله: أن محمد بن أبى هاشم ـ هذا ـ فى سنة ست وثمانين وأربعمائة، سير عسكرا لينهبوا الحاج، فلحقوهم بالقرب من مكة، فنهبوا كثيرا من أموالهم وجمالهم، فعادوا إليها وأخبروه وسألوه أن يعيد إليهم ما أخذ منهم، وشكوا إليه بعد ديارهم، فأعاد بعض ما أخذه منهم، فلما أيسوا منه ساروا من مكة عائدين على أقبح صفة. فلما بعدوا عنها ظهر عليهم جموع من العرب فى عدة جهات، فصانعوهم على مال أخذوه من الحاج بعد أن قتل منهم جماعة وافرة، وهلك كثير بالضعف والانقطاع، وعاد السالم منهم على أقبح صورة. انتهى. وهؤلاء الحجاج من حجاج الشام على ما ذكر ابن الأثير. وذكر صاحب المرآة: أن ابن أبى هاشم ـ هذا ـ: كان فى سنة اثنتين وستين وأربعمائة: أخذ قناديل الكعبة وستورها وصفائح الباب، وصادر أهل مكة حتى هربوا منه. انتهى. وذكر ابن الأثير: أنه توفى فى سنة سبع وثمانين وأربعمائة، وقد جاوز سبعين سنة، قال: ولم يكن له ما يمدح به. وذكر الذهبى وفاته وسنه: بمعنى ما ذكره ابن الأثير، وقال: كان ظالما قليل الخير. انتهى. وذكر شيخنا ابن خلدون: أن ابن أبى هاشم ـ هذا ـ: جمع أنجادا (2) من الترك،

_ (2) النّجدة: الشّجاعة. ورجل نجد ونجد: أى شديد البأس، وقيل: أنجاد: جمع الجمع، كأنه جمع نجدا على نجاد، أو نجود، ثم نجد، قاله أبو موسى. ولا حاجة إلى ذلك، لأن أفعالا فى فعل وفعل مطّرد، نحو عضد وأعضاد، وكتف وأكتاف. انظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر (نجد).

129 ـ محمد بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين على بن الحسين بن على بن أبى طالب العلوى، الملقب بالديباجة

وزحف بهم إلى المدينة، وأخرج منها بنى حسين وملكها، وجمع بين الحرمين. وأن ولايته كانت ثلاثا وثلاثين سنة. ووقع فى النسخة التى رأيتها من تاريخ شيخنا ابن خلدون فى نسب ابن أبى هاشم ـ هذا ـ: سقط وتخبيط فى نسبه؛ لأنه أسقط بين جعفر، وأبى هاشم محمد بن عبد الله، وصحف الحسين والد أبى هاشم بالحسن. والصواب ما ذكرناه. والله أعلم. 129 ـ محمد بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين علىّ بن الحسين بن علىّ بن أبى طالب العلوى، الملقب بالديباجة: له رواية عن أبيه. وروى: عنه إبراهيم بن المنذر، ومحمد بن يحيى بن أبى عمر العدنى، ويعقوب بن حميد بن كاسب. وكان بطلا شجاعا عاقلا، يصوم يوما ويفطر يوما. وكان العلويون بايعوه بمكة أيام المأمون، وذلك فى يوم الجمعة فى ربيع الأول سنة مائتين، بعد إبائه لذلك. وجمع الناس لبيعته، طوعا وكرها، ابنه على بن محمد بن جعفر، وحسين بن حسن الأفطس لما بلغه موت أبى السرايا، الذى أنفذ الحسين إلى مكة للاستيلاء عليها. ولم يكن لمحمد بن جعفر هذا مع ابنه على والحسين والأفطس من الأمر شئ. وسار ابنه على والحسين وجماعتهم بمكة، أقبح سيرة، بحيث وثب على بن محمد بن جعفر على غلام أمرد، وهو ابن قاضى مكة، يقال له: إسحاق بن محمد، وكان جميلا، فأخذه قهرا. فلما رأى ذلك أهل مكة ومن بها من المجاورين: اجتمعوا بالحرم الشريف، واجتمع منهم جمع كثير. فأتوا محمد بن جعفر، وقالوا له: لنخلعنك ولنقتلنك، أو لتردن إلينا هذا الغلام. فأغلق بابه وكلمهم من شباك، وطلب منهم الأمان ليركب إلى ابنه ويأخذ الغلام، وحلف لهم أنه لم يعلم بذلك، فأمنوه. وركب إلى ابنه، وأخذ الغلام منه وسلمه إلى أهله، ولم يلبثوا إلا يسيرا حتى قدم

_ 129 ـ انظر ترجمته فى: (مقاتل الطالبين 353، تاريخ بغداد 2/ 113 ـ 115، الكامل لابن الأثير 6/ 311، العبر 1/ 342، عيون التواريخ 7/ 170، 171، تاريخ ابن خلدون 3/ 244، شذرات الذهب 2/ 7، سير أعلام النبلاء 10/ 104).

إسحاق بن موسى العباسى عامل اليمن، فارا منها لتغلب إبراهيم بن موسى بن جعفر، ونزل المشاش. واجتمع العلويون إلى محمد بن جعفر الديباجة، وقالوا: قد رأينا أن تخندق علينا بأعلا مكة. ثم حشدوا الأعراب، فقاتلهم إسحاق أياما، ثم كره الحرب، وطلب العراق، فلقيه الجند للذين نفذهم: هزيمة، ومعهم الجلودى، وورقاء بن جميل، فقالوا لإسحاق: ارجع معنا، ونحن نكفيك القتال، فرجع معهم. واجتمع إلى محمد هذا غوغاء أهل مكة، وسودان أهل البادية، والأعراب، فعبأهم ببئر ميمون. وأقبل ورقاء وإسحاق بن موسى بمن معهما من القواد والجند فالتقوا وقتل جماعة، ثم تحاجزوا، ثم التقوا من الغد، فانهزم محمد وأهل مكة، وطلب محمد الديباجة منهم الأمان، فأجلوه ثلاثا، ثم نزح عن مكة. ودخلها إسحاق وورقاء فى جمادى الآخرة. وتفرق الطالبيون عن مكة كل قوم ناحية. فأخذ محمد ناحية جده، ثم طلب الجحفة. فخرج عليه محمد بن حكيم من موالى آل العباس، ومعه عبيد ليدركوه؛ لأن الطالبيين كانوا نهبوا داره، وبالغوا فى أذاه. فلحقه بقرب عسفان، وانتهب جميع ما معه، حتى لم يبق فى وسطه إلا سراويل، وهمّ بقتله، ثم رحمه وطرح عليه ثوبا وعمامة، وأعطاه دريهمات، فمضى وتوصل إلى بلاد جهينة (1) على الساحل، فأقام هناك أشهرا يجمع الجموع. وكان بينه وبين والى المدينة هارون بن المسيب، وقعات عند الشجرة وغيرها فهزم وفقئت عينه بسهم، وقتل من أصحابه خلق كثيرون، ورد إلى موضعه. فلما انقضى الموسم طلب الأمان من الجلودى، ومن ورقاء بن جميل، وهو ابن عم الفضل بن سهل، فأمناه، وضمن له ورقاء عن المأمون، وعن الفضل بالأمان. فقبل ذلك.

_ (1) جهينة: بلفظ التصغير، قرية كبيرة من نواحى الموصل على دجلة، وهى أول منزل لمن يريد بغداد من الموصل، وعندها مرجّ يقال له مرج جهينة. انظر معجم البلدان 2/ 194.

وأتى مكة لعشر بقين من ذى الحجة، فخطب الناس وقال: إنى بلغنى أن المأمون مات، وكان له فى عنقى بيعة، وكانت فتنته عمت الأرض فبايعنى الناس، ثم إنه بلغنى: أن المأمون حى صحيح، وأنا أستغفر الله من البيعة، وقد خلعت نفسى من بيعتى التى بايعتمونى عليها، كما خلعت خاتمى هذا من أصبعى، فلا بيعة لى فى رقابكم. ثم نزل وسار سنة إحدى ومائتين إلى العراق، فسيره الحسن بن سهل إلى مرو. فلما سار المأمون إلى العراق صحبه، فمات بجرجان (2). وفى تاريخ الذهبى ـ بعد أن ذكر قدوم الديباجة إلى مكة بالأمان ـ: فصعد عيسى ابن يزيد الجلودى المنبر بمكة، وصعد دونه محمد بن جعفر عليه قباء أسود، فخلع نفسه، واعتذر عن خروجه: بأنه بلغه موت المأمون، وقد صح عندى الآن أنه حى، وأستغفر الله من فعله. ثم خرج به عيسى الجلودى إلى العراق، فبعث به الحسن بن سهل إلى المأمون وبقى قليلا. ثم مات فى شعبان سنة ثلاث ومائتين. فصلى عليه المأمون، ونزل فى لحده، وقال: هذه رحم قطعت من سنين. وقيل: إن سبب موته: أنه جامع ودخل الحمام، وافتصد فى يوم واحد، فمات فجأة. كتبت هذه الترجمة من تاريخ ابن الأثير، المسمى بالكامل، وتاريخ الإسلام للحافظ الذهبى، وجمعت بين ما ذكراه، وكل منهما: ذكر ما لم يذكر الآخر. وقال فى حقه ابن الأثير: وكان شيخا محببا فى الناس، مفارقا لما عليه كثير من أهل بيته من قبح السيرة. وكان يروى العلم عن أبيه جعفر، وكان الناس يكتبون عنه. وكان يظهر زهدا. فلما أتوه، قالوا: نعلم منزلتك فى الناس، فهلم نبايع لك بالخلافة، فإن فعلت لم يتخلف عليك رجلان. فامتنع من ذلك، فلم يزل به ابنه على وحسين بن حسن الأفطس، حتى غلباه على رأيه، وأجابهم. فأقاموا فى ربيع الآخر، فبايعوه بالخلافة، وجمعوا الناس فبايعوه طوعا كرها، وسموه: أمير المؤمنين، فبقى شهورا وليس له من الأمر شئ. انتهى. وبعض هذا ذكرناه فيما سبق.

_ (2) جرجان: بالضم، وآخره نون، وجرجان: مدينة مشهورة عظيمة بين طبرستان وخراسان، فالبعض يعدها من هذه والبعض يعدها من هذه. انظر: معجم البلدان 2/ 119 وما بعدها.

130 ـ محمد بن جعفر بن محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس، الخليفة، المستنصر بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدى بن المنصور العباسى

130 ـ محمد بن جعفر بن محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس، الخليفة، المستنصر بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدى بن المنصور العباسى: ولاه أبوه الحرمين والطائف واليمن، فى سنة ثلاث وثلاثين ومائتين فى رمضان، ثم عزل بمحمد بن داود بن عيسى العباسى. ثم ولى الخلافة بعد أبيه، فلم تطل مدته، ومات بالخوانيق فى ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين ومائتين عن ست وعشرين سنة. وكانت مدة خلافته سبعة أشهر. قال الذهبى: كان ربعة حسنا أعين أقنا بطينا، مليح الصورة، مهيبا. وكان كامل العقل محببا فى الخير، محسنا إلى آل على، بارا لهم. وقيل: إن أمراء الترك خانوه، فلما حمّ دسوا إلى طبيبه ثلاثين ألف دينار، ففصده بريشة مسمومة. وقيل: سم فى كمثرى. وقيل: إنه قال: يا أماه ذهبت منى الدنيا والآخرة، عاجلت أبى فعوجلت. 131 ـ محمد بن جعفر بن أبى الأزهر، مولى بنى هاشم، أبو صالح، المكى، المعروف، بابن زنبور: روى عن إسماعيل بن جعفر: نسخة وقعت لنا عالية إليه. وروى عن: حماد بن زيد وفضيل بن عياض، والدراوردى، وابن أبى حازم وجماعة. روى عنه: النسائى، وأحمد بن عمر، والبزار، وعمر بن مجير، وأبو عروبة، وابن صاعد، ومحمد بن إبراهيم الديبلى، وطائفة.

_ 130 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ الطبرى 9/ 234، 237، تاريخ بغداد 4/ 119، 121، الكامل الجزء السابع، العبر 1/ 452، 453، فوات الوفيات 3/ 317، الوافى 2/ 289، الزركشى 270، النجوم الزاهرة 2/ 327، تاريخ الخلفاء 356، 358، شذرات الذهب 2/ 118، سير أعلام النبلاء 12/ 42). 131 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 7/ 209، ثقات ابن حبان 9/ 116، موضح أوهام الجمع والتفريق 2/ 369، المعجم المشتمل ترجمة 823، الكاشف 3/ 204، ميزان الاعتدال ترجمة 5739، تاريخ الإسلام 188، نهاية السول 326، تذهيب التهذيب 9/ 167 ـ 168، شذرات الذهب 2/ 119، تهذيب الكمال 25/ 213).

132 ـ محمد بن جعفر بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمى

وثقه النسائى، وقال: لا بأس به. وقال: مات سنة ثمان وأربعين ومائتين. وذكره ابن حبان فى الثقات. وقال أبو أحمد والحاكم: ليس بالمتين عندهم، تركه ابن خزيمة. وقال صاحب الكمال: يقال: إنه حج ثمانين حجة. وذكر الذهبى: أنه مات فى ذى الحجة سنة ثمان وأربعين يعنى، ومائتين. قرأت على فاطمة وعائشة بنتى محمد بن عبد الهادى بالسفح فى الرحلة الأولى: أن أبا العباس أحمد بن أبى طالب الحجار، أخبرهما عن أبى الحسن محمد بن أحمد بن عمر المؤرخ، قال: أخبرنا الشريف أبو جعفر أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسى، قال أخبرنا أبو على الحسن بن عبد الرحمن الشافعى، قال أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن فراس العبقسى المكى، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم الديبلى، قال: حدثنا أبو صالح محمد بن أبى الأزهر، المكى، المعروف بابن زنبور، قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن دينار: أنه سمع ابن عمر رضى الله عنهما، يقول: «كنا نبايع رسول اللهصلى الله عليه وسلم، على السمع والطاعة. يقول لنا: فيما استطعتم» (1). أخرجه مسلم، والترمذى، والنسائى، عن على بن حجر. ومسلم أيضا عن يحيى بن أيوب، وقتيبة، كلهم عن إسماعيل بن جعفر. فوقع لنا بدلا لهم عاليا (2). 132 ـ محمد بن جعفر بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمى: ولد بالحبشة. وحلق النبى صلى الله عليه وسلم رأسه ورءوس إخوته، حين جاءوا مع ابنى جعفر،

_ (1) أخرجه البخارى فى صحيحه كتاب الأحكام حديث رقم (7202)، والترمذى فى سننه كتاب السير حديث رقم (1593)، وأخرجه النسائى فى الصغرى كتاب البيعة حديث رقم (4187، 4188)، وابن ماجة فى سننه كتاب الجهاد حديث رقم (2868)، وأحمد فى المسند مسند المكثرين من الصحابة حديث رقم (6207، 11793)، ومالك فى الموطأ كتاب الجامع حديث رقم (1555). (2) أخرجه مسلم فى صحيحه كتاب الإمارة حديث رقم (1867) من طريق: يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر واللفظ لابن أيوب، قالوا: حدثنا إسماعيل وهو ابن جعفر أخبرنى عبد الله بن دينار أنه سمع عبد الله بن عمر يقول: كنا نبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة يقول لنا: «فيما استطعت». 132 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2350، الإصابة ترجمة 7780، أسد الغابة ترجمة 4715، تاريخ الإسلام 3/ 204، أزمنة التاريخ الإسلامى 1/ 841، الأعلام 6/ 69، الجرح والتعديل 7/ 224، الوافى بالوفيات 2/ 287، المصباح المضئ 2/ 32، تجريد أسماء الصحابة 2/ 55، سير أعلام النبلاء 1/ 66).

133 ـ محمد بن أبى جهم بن حذيفة بن غانم، القرشى، العدوى

ودعا لهم، وقال: «أنا وليهم فى الدنيا والآخرة» وقال: «أما محمد، فشبيه عمنا أبى طالب». وكان صغيرا فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم، وتزوج أم كلثوم بنت على، بعد تأيمها من عمر بن الخطاب رضى الله عنه. وذكر الأموى فى مغازيه: أنه كان مع محمد بن أبى بكر الصديق رضى الله عنهما، حين بعثه على بن أبى طالب إلى مصر، فلما قتل، هرب محمد بن جعفر إلى فلسطين، واستجار بأخواله من خثعم، فمنعوه من معاوية لما طلبه، ولم يزل عندهم حتى مات. وذكر الواقدى: أنه استشهد بتستر (1). وأمه: أسماء بنت عميس رضى الله عنها. 133 ـ محمد بن أبى جهم بن حذيفة بن غانم، القرشى، العدوى: يأتى فى محله، وهو: محمد بن عامر، ومحمد بن عبيد؛ لأنه اختلف فى اسم أبى جهم، فقيل: عامر. وقيل: عبيد. 134 ـ محمد بن الحارث بن قيس، المخزومى. المكى: روى عن على الأزدى. وروى عنه: ابن جريج، وابن عيينة. هكذا ذكره ابن حبان فى الثقات. 135 ـ محمد بن حازم بن شميلة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة، الحسنى، المكى: كان من أعيان الأشراف آل أبى نمى. وله مكانة عند أمير مكة الشريف عجلان. وكان يتشبه به فى خصال الإمرة. توفى سنة سبع وسبعين وسبعمائة.

_ (1) تستر: بالضم ثم السكون، وفتح التاء الأخرى، وراء: أعظم مدينة بخوزستان اليوم، وهو تعريب شوشتر. انظر: معجم البلدان (تستر). 133 ـ ذكره ابن عبد البر فى باب حرف الميم باسم: «محمد بن أبى جهم بن حذيفة بن غنم العدوى»، وذكره فى كتاب الكنى باسم «أبى جهم بن حذيفة العدوى» ولم يشر أنه واحد. وسيأتى ذكره فى الترجمة رقم (200) فى اسم محمد بن أبى جهم بن عامر. 134 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 7/ 231).

136 ـ محمد بن حاطب بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، القرشى، الجمحى، المكى

136 ـ محمد بن حاطب بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، القرشى، الجمحى، المكى: قال الزبير: وولد محمد بن حاطب بأرض الحبشة. وقال: حدثنى محمد بن سلام الجمحى، قال: حدثنى بعض أصحابنا: أن أول من سمى فى الإسلام بالنبى صلى الله عليه وسلم: محمد ابن حاطب. ولد بأرض الحبشة. وأرضعته: أسماء بنت عميس، وأرضعت أمه: عبد الله بن جعفر، فكانا يتواصلان على ذلك حتى ماتا. وقال الزبير: حدثنى محمد بن سلام، قال: جاءت عمر حلل من اليمن، فأعطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو أيوب الأنصارى غائب، فرفع له حلة، وأخذ لنفسه حلة. فقدم أبو أيوب وحلة عمر عليه، فقال: ما هذه الحلة؟ قالوا: حلل أتت من اليمن. قال ـ جازما ـ: افتعلها. قال: فسمعها عمر رضى الله عنه، فقال: قد رفعنا لك حلة. فإن شئت: فهى بها. قال: نعم. فدخل عمر رضى الله عنه فلبس حلة أبى أيوب وأرسل إلى أبى أيوب بحلته. فجعل أبو أيوب ينظر إليها، فإذا هى أجود من حلة عمر رضى الله عنه. فقال: هل لك فى الأولة؟ قال: نعم. قال له زيد بن ثابت: يا أمير المؤمنين، هل لك فى المحمديين؟ قال: ومن هم؟ قال محمد بن حاطب، ومحمد بن جعفر، ومحمد بن أبى بكر. قال: نعم. وعند زيد: أم محمد ابن حاطب جويرية ـ إحدى بنى عامر بن لؤى ـ فقال: أعطهم.

_ 136 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2352، الإصابة ترجمة 7781، أسد الغابة ترجمة 4717، طبقات خليفة ترجمة 141، 2513، المحبر 153، 379، التاريخ الكبير 1/ 17، المعرفة والتاريخ 1/ 306، الجرح والتعديل 7/ 224، جمهرة أنساب العرب 162، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 1 / 79، تهذيب الكمال 1184، تاريخ الإسلام 3/ 207، تذهيب التهذيب 3/ 195، 196، الوافى بالوفيات 2/ 217، تاريخ أبى زرعة 1/ 561، الكامل فى التاريخ 4/ 373، تحفة الأشراف 8/ 355، الكاشف 3/ 28، سير أعلام النبلاء 3/ 435، مرآة الجنان 1/ 155، تهذيب التهذيب 9/ 106، خلاصة تذهيب الكمال 282، شذرات الذهب 1/ 82).

137 ـ محمد بن حامد بن الحارث البغدادى، نزيل مكة، أبو رجاء

فأخذ زيد أجود حلة، فأعطاها محمد بن حاطب. فقال عمر رضى الله عنه: أى هات، أى هات، وتمثل بشعر عمارة بن الوليد: أسرّك لما صرع القوم وانتبشوا ... أن أخرج منها سالما غير غارم بريا كأنى لم أكن كنت فيهم ... وليس الخداع من تصافى التنادم ردها، فغطاها بثوب، فقال: أدخل يدك وأنت لا تراها فأعطهم. قال الزبير: وحدثنى مصعب بن عبد الله، قال: كان محمد بن حاطب عند قدومه من أرض الحبشة، وهو صبى، قد أصابه حرق نار فى إحدى يديه. فذهبت به أم جميل بنت المحلل إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فرقاه النبى صلى الله عليه وسلم ولمحمد بن حاطب محبة ورواية عن النبى صلى الله عليه وسلم والصحابة، منهم: أمه أم جميل بنت المحلل، وعلى بن أبى طالب. روى عنه: ابناه إبراهيم، والحارث، وحفيده عثمان بن إبراهيم، وسماك بن حرب، وغيرهم. ومات بمكة سنة أربع وسبعين من الهجرة، على ما قال أبو عمر بن عبد البر. قال النووى: وهو الأشبه. وانكفأت عليه ـ بقرب المدينة ـ قدر كانت على النار، فاحترق ذراعه. فذهبت به أمه إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فتفل عليه، ودعا له بالشفاء. فلم تقم به أمه حتى برئ، ودعا له بالبركة، ومسح رأسه. وذكر النووى: أنه شهد مع على الجمل وصفين، والنهروان (1)، وأنه أول من سمى محمدا فى الإسلام. وروى ذلك أبو عمر من حديث أمه فاطمة بنت المحلل. وقيل: جويرية بنت المحلل. وذكر أبو عمر: أن عداده فى الكوفيين. 137 ـ محمد بن حامد بن الحارث البغدادى، نزيل مكة، أبو رجاء: حدث عن: أحمد بن خيثمة، ومحمد بن الجهم وعبد الله بن مسلم بن قتيبة.

_ (1) نهروان: وأكثر ما يجرى على الألسنة بكسر النون، وهى ثلاثة نهروانات: الأعلى والأوسط والأسفل، وهى كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقى حدها الأعلى متصل ببغداد وفيها عدة بلاد متوسطة. انظر: معجم البلدان (نهروان).

138 ـ محمد بن حجاج بن إبراهيم الحضرمى، أبو بكر، وأبو عبد الله، وبها اشتهر، بن الوزير أبى محمد، المعروف بابن مطرف الإشبيلى

وسمع منه جماعة، منهم أبو محمد النحاس بمكة، سمع منه حديثين، قال: ما سمعت منه سواهما. رواهما عنه عن الحسن بن عرفة. حدثنا على بن قدامة عن ميسرة بن عبد ربه عن عبد الكريم الجزرى، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى الله عنهما رفعهما أحدهما: «يا على خلقت أنا وأنت من نور الله وشيعتنا من نورنا». والآخر: «نجم بأعلى العقيق، فإنه أقر لله بالوحدانية ولك بالإمامة». قال الذهبى: هما ـ والله العظيم ـ: موضوعان، والآفة من ميسره، فإنه يضع الحديث. انتهى. وقد وثق أبا رجاء هذا، أبو عمرو الدانى فيما نقله عنه الذهبى فى الميزان، وقال: ما أرى هذا الشيخ ممن يعتمد عليه. انتهى. وذكر الذهبى: أنه مات سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة. وقيل: فى آخر سنة أربعين. وذكر: أنه ولد سنة خمس وأربعين ومائتين. 138 ـ محمد بن حجاج بن إبراهيم الحضرمى، أبو بكر، وأبو عبد الله، وبها اشتهر، بن الوزير أبى محمد، المعروف بابن مطرف الإشبيلى: نزيل مكة، وشيخها، الولى العارف، ذو الكرامات الشهيرة. ذكر جدى أبو عبد الله الفاسى: أنه ولد سنة ثمان عشر وستمائة، وحج سنة ثلاث وخمسين. وسمع من ابن مسدى: الشفا للقاضى عياض، والشمائل للترمذى. ثم عاد إلى الإسكندرية. ثم عاد إلى مكة فى سنة ستين، ثم توجه إلى عدن، وأقرأ بها العربية، ولم يزل مقيما بها إلى سنة تسع وستين. فتوجه إلى مكة وأقام بها إلى أن مات. غير أنه جاور بالمدينة فى سنة خمس وتسعين. انتهى. وذكر الذهبى: أنه جاور بمكة نحو ستين عاما، وكان يطوف فى اليوم والليلة ستين أسبوعا، وأن حميضة بن أبى نمى ـ صاحب مكة ـ حمل نعشه. إلا أن الذهبى وهم فى تاريخ وفاته؛ لأنه ذكره فى المتوفين فى سنة سبع وسبعمائة. وتبعه على ذلك اليافعى فى تاريخه.

ووجدت بخط العفيف المطرى أنه: توفى فى سنة أربع وسبعمائة، وذلك وهم أيضا؛ لأنه إنما توفى فى ليلة الخميس ثالث شهر رمضان سنة ست وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. كذا وجدت وفاته على حجر قبره بالمعلاة. ووجدتها كذلك بخط جدى أبى عبد الله الفاسى، وذكر: أنه نزل قبره مع بعض أصحابه. وله كرامات مشهورات، منها ـ على ما ذكر اليافعى فى تاريخه ـ: أنه قال للشيخ أبى محمد عبد الله بن عمران البسكرى ـ بباء موحدة وسين مهملة، وكاف مفتوحة وراء مهملة مكسورة وياء للنسبة ـ لما جاء إلى ابن مطرف مودعا له، وقد عزم على الزيارة فى طريق الماشى: تلقون شدة، ثم تغاثون. وكان الأمر كما قال ابن مطرف. وله على ما ذكر جدى، تقييد على جمل الزجاجى. وذكر العفيف المطرى: أنه قرأ النحو على أبى على الشلوبين. وأنه كان يحفظ كتاب سيبويه قال: وكان من الصالحين الأولياء العاملين الزهاد. انتهى. وذكر جدى: أن ابن مطرف ـ هذا ـ سكن برباط الموفق سنينا كثيرة، قال جدى: أظن من سنة ثلاث وثمانين وستمائة إلى أن انتقل منه فى شهر رمضان سنة ثمان وتسعين بسبب تسلط متسلط. قال: وكان سكناه قبل ذلك فى مدرسة المالكية التى بناها ابن الحداد المهدوى فى الثنية (1) من مكة. وكتب جدى عنه: بيتين حسنين؛ لأنى وجدت بخط جدى: أنشدنى الشيخ الصالح، القدوة أبو عبد الله محمد بن أبى محمد حجاج بن إبراهيم بن مطرف الحضرمى الإشبيلى، نزيل مكة ـ شرفها الله تعالى ـ بها لإبراهيم بن سهل الإشبيلى الشاعر: أخاف عليك أن أشكو بثى ... مشافهة فيخجلك السماع وإن عبرت عن شوقى بكتب ... تلهب فى أناملى اليراع وكتب جدى عنه غير ذلك؛ لأنه قال فى تعاليقه: وسمعت الشيخ أبا عبد الله بن

_ 38 ـ (1) الثنيّة البيضاء: عقبة قرب مكة تهبطك إلى فخّ وأنت مقبل من المدينة تريد مكة أسفل مكة من قبل ذى طوى. انظر: معجم البلدان (الثنية).

139 ـ محمد بن أبى حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب، القرشى، العبشمى، أبو القاسم

مطرف الإشبيلى يقول: كان الإمام الإبيارى يقول: لو رأيت منكرا، فأردت أن أغيره، فقال لى الذى يغير عليه: يا إبيارى أى شيء أدخلك فى هذا الفضول؟ لرأيت أن يسقط عنى وجوب تغيير المنكر. انتهى. والإبيارى ـ هذا ـ من كبار أئمة المالكية المصريين. 139 ـ محمد بن أبى حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب، القرشى، العبشمى، أبو القاسم: ولد بالحبشة، وكفله عثمان بعد قتل أبيه، وبقى فى كفالته ونفقته سنين. وكان أشد الناس تأليبا على عثمان. وكان خرج إلى مصر، وعبد الله بن أبى سرح وال لها. فلما وفد عبد الله على عثمان رضى الله عنه انتزى محمد بن أبى حذيفة على مصر، ومنعه من دخولها لما عاد إليها، ثم ولاها له على بن طالب رضى الله عنه لما ولى، ثم عزله عنها بقيس بن سعد بن عبادة، ثم قتله مولى لمعاوية بن أبى سفيان حين خرج محمد إلى الشام. 140 ـ محمد بن حرب بن سليمان، المكى، أبو عبد الله: روى عن، مالك بن أنس. وروى عنه: عبد بن حميد، ومحمد بن أحمد بن الجنيد. 141 ـ محمد بن حسب الله، القرشى، الأموى، المكى، يلقب بالجمال، ويعرف بالزعيم: كان وافر الملاءة، يقال: إن تركته بلغت ثلاثمائة ألف ألف. وقيل: ثمانمائة ألف ألف ومائتى ألف درهم. وقيل: ثلاثمائة ألف ألف وستمائة ألف درهم. وهو الذى اكتسب ذلك. وكان لا يبالى فى إعطاء المال على وجه السلف بالفائدة، ويعيب على من يطلب منه القليل.

_ 139 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2354، الإصابة ترجمة 7783، أسد الغابة ترجمة 4720، التاريخ الصغير 1/ 81، تاريخ الطبرى 5/ 105، الولاة والقضاة 14، جمهرة أنساب العرب 77، الكامل 3/ 265، الوافى بالوفيات 2/ 328). 140 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 7/ 470، طبقات خليفة تفرد به: 3051، التاريخ الكبير 1/ 69، التاريخ الصغير 2/ 275، الجرح والتعديل 7/ 237، تهذيب الكمال 1185، العبر 1/ 315، تذكرة الحفاظ 1/ 310، الكاشف 3/ 31، النجوم الزاهرة 2/ 146، شذرات الذهب 1/ 341، سير أعلام النبلاء 9/ 57).

من اسمه محمد بن الحسن

وكان ينال من غرمائه كثيرا بالقول والفعل، وربما حبس بعضهم بغير مؤامرة الحكام، بسبب إدلاله عليهم بإحسانه إليهم، والله يغفر له. توفى فى ليلة الجمعة الثالث من جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. * * * من اسمه محمد بن الحسن 142 ـ محمد بن الحسن بن محمد بن سعد بن الخشاب المخزومى، أبو العباس، الصوفى: ذكره الخطيب فى تاريخ بغداد، وقال: صاحب حكايات عن محمد بن جعفر عن أبى جعفر محمد بن عبد الله الفرغانى، وأبى بكر الشبلى. ورى عنه: أبو عبد الرحمن السلمى، وأبو عبد الله الحاكم، وذكر: أنه نزل بنيسابور، وخرج إلى مكة، فحج وجاور. وتوفى بمكة سنة إحدى وستين وثلاثمائة. 143 ـ محمد بن الحسن بن عبد الله بن على بن محمد بن عبد الملك الأموى، قاضى الحرمين، أبو الحسن بن أبى الشوارب: ولد سنة اثنتين وتسعين ومائتين. وقلده المطيع قضاء الشرقية، والحرمين، واليمن ومصر، وغير ذلك، فى رجب سنة أربع وثلاثين. ثم صرف عن ذلك فى رجب سنة خمس وثلاثين؛ لأنه كان ينسب إلى الاسترشاء فى الأحكام. وتوفى فى رمضان سنة تسع وأربعين وثلاثمائة. ذكره الخطيب فى تاريخه، ومنه لخصت هذه الترجمة. 144 ـ محمد بن حسن بن على بن قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسنى. الشريف أبو نمى، ويقال: أبو مهدى بن أبى سعد، صاحب مكة وابن صاحبها، يلقب نجم الدين: ولى إمرة مكة نحو خمسين سنة، إلا أوقاتا يسيرة زالت ولايته عنها فيها ـ يأتى ذكرها.

_ 144 ـ انظر ترجمته فى: (الجداول المرضية 114، خلاصة الكلام 26، شذرات الذهب 6/ 2، النجوم الزاهرة 8/ 199، الدرر الكامنة 3/ 422، البداية والنهاية 14/ 21، الأعلام 6/ 86).

وذكر صاحب «بهجة الزمن» فى مدة ولايته لمكة، ما ذكرناه فى مدة ولايته لها، بزيادة فى ذلك لأنه قال: واستمرت إمرته على مكة ونواحيها ما ينيف على خمسين سنة. انتهى. وما ذكره من أن ولاية أبى نمى على مكة ونواحيها ينيف على خمسين سنة، فيه نظر؛ لأنه لم يل إلا بعد أبيه، وبين وفاتيهما تسع وأربعون سنة وأشهر. وغايتها خمسين على الخلاف فى تاريخ شهر موت والده أبى سعد، إلا أن يكون أبو نمى ولى إمرة مكة نيابة عن أبيه، ويضاف ذلك إلى ولايته بعده، فلا إشكال. والله أعلم. واستقل أبو نمى بإمرة مكة فى أكثر المدة المشار إليها، وشارك عنه إدريس بن قتادة فى بعضها. وولايته المشتركة سبع عشرة سنة أو نحوها، وولايته المستقلة إحدى وثلاثون سنة أو نحوها. وقال الذهبى فى ذيل سير النبلاء له فى ترجمة أبى نمى ـ هذا ـ: وكانت ولايته نحوا من أربعين سنة بعد عمه ـ الذى قتله ـ انتهى. وفيما ذكره الذهبى نظر؛ لأن عمه المشار إليه هو إدريس بن قتادة، وكانت وفاته فى سنة تسع وستين وستمائة، على ما وجدت بخط الميورقى، وذكر ذلك غير واحد من المؤرخين. ومقتضى ما ذكرناه من تاريخ وفاة إدريس بن قتادة: أن تكون ولاية أبى نمى بعده إحدى وثلاثين سنة وأشهرا، إلا أن أبا نمى لم يعش بعد عمه إدريس إلا المدة التى أشرنا إليها كما سيأتى فى تاريخ وفاة أبى نمى. وقد وجدت ما يوهم الاختلاف فى ابتداء ولايته؛ لأن ابن محفوظ ذكر ـ فيما وجدت بخطه ـ أن فى شوال سنة اثنتين وخمسين، جاء الشريفان أبو نمى وإدريس، وأخذا مكة من غانم بن راجح بن قتادة بالقتال، ولم يقتل بينهم إلا ثلاثة أنفس، منهم عالى شيخ المبارك. وأقاما بها إلى الخامس والعشرين من ذى القعدة، فجاء ابن برطاس المبارز بن على من اليمن، فأخذها منهم، وتقاتلوا بالسرجة من قوز المكاسة. وكان معهما جماز بن شيحة صاحب المدينة.

وحج بالناس تلك السنة ابن برطاس، ولم يزل مقيما بمكة إلى آخر السنة. انتهى. ووجدت بخط الميورقى: وولى أبو نمى بعد قتل أبيه أبى سعد فى المحرم سنة ثلاث وخمسين وستمائة. انتهى. وهذا وإن أوهم الخلاف فى تاريخ ابتداء ولاية أبى نمى بمكة، فليس خلافا فى الحقيقة، لإمكان الجمع بين ما ذكره ابن محفوظ فى ابتداء ولايته، وبين ما ذكره الميورقى فى ابتدائها. وذلك: أن يحمل كلام الميورقى على أنه أراد ولاية أبى نمى بمكة بعد خروج ابن برطاس منها. ويحمل ما ذكره ابن محفوظ على: ولاية أبى نمى التى بعد غانم بن راجح. ويؤيد ذلك: أن الميورقى، وابن محفوظ، ذكر كل منهما ما يقتضى: أن أبا نمى ولى مكة بعد ابن برطاس فى سنة ثلاث وخمسين وستمائة؛ لأن الميورقى قال: ثم استحكم أبو نمى وعمه إدريس على مكة، فأخرج الشرفا الغز بسفك دماء خيل ابن برطاس الوالى لها من جهة اليمن، وامتلأ الناس رعبا، وسفكت الدماء بالحجر يوم السبت لأربع ليال بقين من المحرم سنة ثلاث وخمسين وستمائة. انتهى. وذكر فى موضع آخر نحو ذلك باختصار بالمعنى. انتهى. وقال ابن محفوظ ـ فيما وجدت بخطه ـ: سنة ثلاث وخمسين وستمائة جاء أبو نمى وإدريس ومعهما جماز بن شيحة صاحب المدينة، فدخلوا مكة، وأخذوها من ابن برطاس بعد القتال. انتهى. وذكر بعض العصريين حرب بين ابن برطاس، وأبى نمى، وإدريس الحرب الأول والحرب الثانى. وذكر: أنه أسر فى الثانى، ثم خلص لافتدائه نفسه. وسنوضح ذلك أكثر من هذا فى ترجمته. وجرى بين أبى نمى وعمه إدريس بسبب مكة أمور، منها: أن أبا نمى فى سنة أربع وخمسين وستمائة: أخذ مكة من عمه إدريس، وكان شريكه فيها، لما راح إدريس إلى أخيه راجح بن قتادة، ثم جاء إدريس مع راجح بن قتادة، وأصلح راجح بين إدريس وأبى نمى.

ومنها: أن أبا نمى ـ فى سنة سبع وستين ـ: أخرج عمه إدريس من مكة، وانفرد بالإمرة، وخطب لصاحب مصر الملك الظاهر بيبرس الصالحى البندقدارى. وكتب إليه أبو نمى ـ يذكر له ـ: أنه لما شاهد من عمه إدريس ميلا إلى صاحب اليمن، وتحاملا على دولته، أخرجه من مكة، وانفرد بالإمرة، وخطب له، وسأل مرسومه إلى أمراء المدينة: ألا يتخذوا عمه عليه. فاشترط عليه صاحب مصر: تسبيل بيت الله للعاكف والباد، وأن لا يؤخذ عنه حق، ولا يمنع زائر فى ليل أو نهار، وأن لا يتعرض إلى تاجر ولا حاج بظلم، وأن تكون الخطبة والسكة له، ولأبى نمى على ذلك عشرون ألف درهم فى كل سنة. فلما ورد جواب أبى نمى إلى صاحب مصر بالتزام ذلك، كتب له تقليدا بالإمرة بمفرده. ومنها: أن إدريس بن قتادة بعد إخراج أبى نمى له من مكة: حشد وجمع، وتوجه إلى مكة المشرفة، ثم اصطلح مع أبى نمى، واتفقا على طاعة صاحب مصر. وكتب إليه إدريس يعرفه بذلك، فسلمت الأوقاف لنوابهما. ذكر هاتين الحادثتين ابن عبد الظاهر كاتب الملك الظاهر بيبرس صاحب مصر فى السيرة التى جمعها للملك الظاهر. ومنها: أنه فى سنة تسع وستين وستمائة: وقع بين أبى نمى وعمه خلف، فاستظهر إدريس على أبى نمى، وخرج أبو نمى هاربا من بين يدى عمه، ووصل ينبع (1)، واستنجد بصاحبها، وجمع، وحشد، وقصد مكة. فالتقى هو وعمه إدريس وتحاربا، فطعن أبو نمى إدريس ألقاه عن جواده، ونزل إليه، وحز رأسه، واستبد بالإمرة. ذكر هذه الحادثة بمعنى ما ذكرناه القطب اليونينى فى ذيل المرآة. وذكر: أن فى آخر جمادى الأولى من السنة المذكورة: وصل النجابون إلى مصر من عند أبى نمى، وأخبروا بذلك.

_ (1) ينبع: بالفتح ثم السكون، والباء الموحدة مضمومة، وعين مهملة: هى عن يمين رضوى لمن كان منحدرا من المدينة إلى البحر على ليلة من رضوى من المدينة على سبع مراحل. انظر معجم البلدان 450/ 5، الروض المعطار 621، رحلة الناصرى 216.

ووجدت بخط الميورقى: ما يشهد لبعض هذه القضية بزيادة فائدة؛ لأنه ذكر: أن فى ربيع الأول سنة تسع وستين قتل ولد لأبى نمى وطرد أبوه، وبعد قتله بأربعين يوما قتل أبوه عمه إدريس. وجرى بين أبى نمى، وجماز بن شيحة صاحب المدينة أمور تتعلق بولاية مكة. منها ـ على ما وجدت بخط الميورقى ـ أن عيسى بن الشيخ جرير، قال: أخرج الأمير جماز بن شيخة الحسنى أبا نمى من مكة ـ شرفها الله تعالى ـ فى آخر صفر سنة سبعين وستمائة. وجاءت مواليه سنة سبعين وستمائة، وأبو نمى مطرود، وأكمل لقتل ولده سنة، ثم رجع أبو نمى إلى مكة فى ربيع وهزم جماز بن شيحة الحسنى، ثم جاء الحسينى لإخراج أبى نمى فى شعبان سنة ثلاث وسبعين. فأعطاه أبو نمى ورجع، وخلى بينه وبين قتلة أبيه أبى سعد. انتهى. ووجدت بخط ابن محفوظ: ما يشهد للقضية التى كانت بين أبى نمى، وجماز بن شيحة فى سنة سبعين بزيادة فائدة؛ لأنه ذكر: أن فى سنة سبعين وستمائة، وصل جماز ـ يعنى صاحب المدينة ـ وغانم بن إدريس، وأخذ مكة، وبعد أربعين يوما أخذها منهم أبو نمى. انتهى. وفى هذا فائدة لا تفهم من كلام الميورقى، وهى: أن مدة إخراج أبى نمى من مكة أربعين يوما. وفيه فائدة أخرى، وهى: أن غانم بن إدريس كان مع جماز فى هذه القضية، وغانم ابن إدريس، هو: غانم بن حسن بن قتادة. ويدل لذلك: ما وقع فى الخبر الذى ذكره الميورقى من: أن جماز بن شيحة خلى بن أبى نمى وقتلة ابنه. انتهى. وقتلة ابنه هم: أولاد حسن بن قتادة، ومنهم إدريس بن حسن، والد غانم بن إدريس المحارب لأبى نمى. ومنها: ـ على ما وجدت بخط المؤرخ شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزرى الدمشقى ـ: أن فى التاسع عشر من شهر ربيع الآخر سنة خمس وسبعين كانت وقعة بين أبى نمى صاحب مكة، وبين جماز بن شيخة صاحب المدينة، وبين صاحب ينبع إدريس ابن حسن بن قتادة، فظهر عليهما أبو نمى، وأسر إدريس، وهرب جماز.

وكانت الوقعة فى مر الظهران (2). وكانت عدة من مع أبى نمى مائتى فارس ومائة وثمانين راجلا، ومع إدريس وجماز مائتين وخمسة عشر فارسا، وستمائة راجل. انتهى. ومنها: ـ على ما وجدت بخط ابن محفوظ ـ: أن فى سنة سبع وثمانين، جاء جماز ابن شيحة وأخذ مكة، وأقام بها إلى آخر السنة، وأخذها منه نواب أبى نمى. وقد اختصر ابن محفوظ هذه الواقعة. وقد وجدتها أبسط من هذا فى وريقة وقعت لى ـ لا أعرف كاتبها ـ فيها: أن جماز بن شيحة أمير المدينة تزوج خزيمة بنت أبى نمى، وبنى بها فى ليلة السابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة اثنتين وثمانين وستمائة، ثم حاربه جماز ـ المذكور ـ بعد ذلك، وطلب من السلطان الملك المنصور عسكرا، فسير عسكرا تقدمه أمير، يقال له: الجكاجكى. فتوجهوا إلى مكة وأخذوها، وأخرجوا أبا نمى منها. وخطب لجماز، وضربت السكة باسمه. وذلك فى سنة سبع وثمانين، وبقيت فى يده مدة يسيرة. ثم إن امرأة يقال لها: أم هجرس، من صبايا خزيمة، سقت الأمير جماز سمّا، فاضطرب له جسمه، وحصل من الجكاجكى مراسلة إلى أبى نمى فى الباطن، فعرف جماز أنه مغلوب، فرحل عن مكة. ووصل إلى المدينة، وهو عليل من السم، فلم يزالوا يعالجونه حتى برئ. وأرسل الأمير جماز بالجكاجكى مقيدا إلى السلطان، فحبسه، ولم يزل فى يد أبى نمى إلى أن توفى. قلت: الملك المنصور ـ المشار إليه ـ هو: قلاوون الصالحى. ولعل سبب إنجاده لجماز على أبى نمى: عدم وفاء أبى نمى باليمين التى حلفها للمنصور قلاوون. ويبعد جدا أن يعين أحدا على أبى نمى مع وفاء أبى نمى باليمين المذكورة؛ لأن الملوك تقنع من نوابهم بالطاعة، وإظهار الحرمة، سيما نواب الحجاز. وهذه نسختها على ما وجدت فى تاريخ شيخنا ناصر الدين بن الفرات العدل الحنفى، وهى: أخلصت يقينى، وأصفيت طويتى، وساويت بين باطنى وظاهرى فى

_ (2) مرّ الظّهران بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، مضاف إلى الظهران، بالظاء المعجمة المفتوحة. وبين مر والبيت ستّة ميلا. انظر: معجم ما استعجم (مر الظهران).

طاعة مولانا السلطان الملك المنصور وولده السلطان الملك الصالح، وطاعة أولادهما ووارثى ملكهما، لا أضمر لهم سوءا ولا غدرا فى نفس، ولا مال، ولا سلطنة. وأنى عدو لمن عاداهم، صديق لمن صادقهم، حرب لمن حاربهم، سلم لمن سالمهم. وأننى لا يخرجنى عن طاعتهم طاعة أحد غيرهما، ولا ألتفت فى ذلك إلى جهة غير جهتهما، ولا أفعل أمرا مخالفا لما استقر من هذا الأمر، ولا أشرك فى تحكيمهما علىّ ولا على مكة المشرفة، وحرمها، وموقف حلها زيدا ولا عمرا. وأننى ألتزم ما اشترطته لمولانا السلطان، وولده فى أمر الكسوة الشريفة المنصورية الواصلة من مصر المحروسة، وتعليقها على الكعبة المشرفة فى كل موسم وأن لا يتقدم علمه علم غيره. وأننى أسبل زيارة البيت الحرام أيام موسم الحج وغيرها للزائرين، والطائفين، والبادين، والعاكفين اللائذين بحرمه، والحاجين الواقفين. وأننى أجتهد فى حراسثهم من كل عاد بفعله، وقوله (29: 67 ويتخطف الناس من حوله). وأننى أو منهم فى شربهم، وأعذب لهم مناهل شربهم. وأننى ـ والله ـ أستمر بتفرد الخطبة والسكة بالاسم الشريف المنصورى، وأفعل فى الخدمة فعل المخلص الولى. وأننى ـ والله ـ أمتثل مراسيمه امتثال النائب للمستنيب، وأكون لداعى أمره أول سامع مجيب. وأننى ألتزم بشروط هذه اليمين من أولها إلى آخرها، لا أنقضها. انتهى. وكان حلف أبى نمى لهذه اليمين فى سنة إحدى وثمانين وستمائة، على ما ذكره شيخنا العدل ناصر الدين بن الفرات. وقد رأيت ما يدل على أن أبا نمى لم يف ببعض هذه اليمين؛ لأنى وجدت بخط ابن محفوظ: أن فى آخر يوم من ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وستمائة، خطب للملك المظفر صاحب اليمن، وقطعت خطبة خليل بن المنصور بعد أن خطب له فى أولها. وهذا إنما يصدر عن أبى نمى، ولعل أبا نمى تأول أن الأشرف خليل بن المنصور

قلاوون لم يدخل فى يمينه المنصور وابنه الصالح، لكون الأشرف لم يسم فيها فإن كان تأول ذلك، فهو تأويل غير مستقيم لدخوله فى قوله فى اليمين: وطاعة أولادهما. وأظن أن الحامل لأبى نمى على تقديم صاحب اليمن على صاحب مصر: كون صلته أعظم من صلة صاحب مصر؛ لأن العاقل لا يفعل أمرا يلحقه فيه ضرر إلا لنفع أكبر. وكانت صلة صاحب اليمن لأبى نمى عظيمة، على ما وجدت فى مقدارها؛ لأن بعض الناس ذكرها، وذكر شيئا من حال صاحب اليمن بمكة، وحال أبى نمى معه. وذلك مما يحسن ذكره هنا. ونص ذلك: وقد كان الملك المؤيد لما تسلطن: جهز تلك السنة علمه المنصور، ومحمل الحج السعيد، صحبة القائد ابن زاكى، فتلقاه الشريف أبو نمى صاحب مكة بالإجلال والإكرم، وخفقت ذوائب العلم المنصور على جبل التعريف بعرفة، وأعلن مؤذنه على قبة زمزم بمناقب السلطان على رءوس الأشهاد. وسمع تلك الأوصاف من ضمه ذلك المقام الشريف، وحلف للسلطان الملك المؤيد الأيمان الغليظة، وكتب على قميصه، ما يقتضى ما جرت به العادة. ووصل إلى الشريف ـ المذكور ـ ما اقتضته المواهب السلطانية مما كان قرره الخليفة: من العين، والغلة، والكساوى، والطيب من المسك، والعود، والصندل، والعنبر، والثياب الملونة، والخلع النفيسة. وكان مبلغ العين: ثمانون ألف درهم، ومبلغ الغلة: أربعمائة مد. انتهى من كتاب «العقود اللؤلؤية فى أخبار الدولة الرسولية» لبعض مؤرخى اليمن فى عصرنا. والذى يصل لصاحب مكة من صاحب اليمن: نحو ربع ذلك أو أقل، ومبلغ الطعام المذكور بكيل مكة: ألف غرارة ومائتا غرارة مكية. وذلك فى عصرنا. والخليفة ـ المشار إليه ـ هو الملك المظفر، والد الملك المؤيد. ووجدت بخط ابن محفوظ أيضا: أن أمير الركب فى سنة اثنتين وتسعين وستمائة: استحلف أبا نمى على الرواح إلى مصر، فأعطاه ألف دينار. فعزم فى سنة ثلاث وتسعين، ثم رجع من ينبع لما بلغه موت الأشرف. انتهى. ووقع من أبى نمى فى حق الملك الظاهر بيبرس صاحب مصر ما أوجب انحرافه منه غير مرة.

منها: أن أبا نمى وعمه إدريس: أخرجا نائبا كان للملك الظاهر، يقال له: مروان، نائب أمير جاندار فى سنة ثمان وستين وستمائة. وكتب إليه الملك الظاهر غير مرة بالرضا عما ارتكبه أبو نمى مما لا ينبغى فعله. منها: فى سنة خمس وسبعين وستمائة؛ لأنى وجدت بخط الميورقى: أهان الله ولاة مكة بكتاب من والى مصر يزجرهم فيه عن الجور فى آخر سنة خمس وسبعين وستمائة. قلت: ووالى مصر فى هذا التاريخ هو الظاهر بيبرس، ووالى مكة فى هذا التاريخ هو أبو نمى. ووجدت فى تاريخ شيخنا ابن خلدون: أنه كان بين أبى نمى، وبين الملك الظاهر بيبرس صاحب مصر منافرة، فكتب إليه الظاهر كتابا منه: من بيبرس سلطان مصر إلى الشريف الحسيب النسيب أبى نمى محمد بن أبى سعد. أما بعد: فإن الحسنة فى نفسها حسنة، وهى من بيت النبوة أحسن، والسيئة فى نفسها سيئة، وهى من بيت النبوة أوحش. وقد بلغنا عنك أيها السيد: أنك آويت المجرم، واستحللت دم المحرم، ومن يهن الله فما له من مكرم، فإن لم تقف عند حدك وإلا أغمدنا فيك سيف جدك، والسلام. فكتب إليه نمى: من محمد بن أبى سعد إلى بيبرس سلطان مصر. أما بعد: فإن المملوك معترف بذنبه تائب إلى ربه، فإن تأخذ، فيدك الأقوى، وإن تعفو، فهو أقرب للتقوى، والسلام. انتهى. وبعض الناس يذكر فى كتاب بيبرس إلى أبى نمى غير ما سبق. وذكر: أنه كتب إليه يقول له: إنه بلغنا عنك أيها السيد: أنك أبدلت حرم الله بعد الأمن بالخيفة، وفعلت ما يحمر الوجه، ويسود الصحيفة. انتهى. ولعل ذلك كتب مع الألفاظ السابق ذكرها، فحفظ بعضهم الأول فقط، وحفظ بعضهم الثانى فقد، وظن ظان أنهما كتابان وهما واحد. والله أعلم. ووقع فى زمن أبى نمى فتن بعضها بينه وبين أمير الحاج، وبعضها بين الحجاج وأهل مكة ذكرناها فى تأليفنا: «شفاء الغرام ومختصراته» ونشير هنا لشيء منها باختصار.

فمنها: أن أبا نمى صدّ الحاج عن دخول مكة، لوحشة بينه وبين أمير الحاج، فنقب الحجاج السور، وأحرقوا باب المعلاة، ودخلوا مكة هجما بعد فرار أبى نمى منها. وذلك فى موسم سنة ثلاث وثمانين وستمائة. ومنها: أن فى سنة تسع وثمانين: حصل بين أهل مكة والحجاج فتنة فى المسجد الحرام، قتل فيها من الفريقين فوق أربعين نفرا ـ فيما قيل ـ ونهبت الأموال. ولو أراد أبو نمى نهب الجميع لفعل إلا أنه تثبت. وقد أثنى على أبى نمى غير واحد من العلماء مع ذكرهم لشيء من أخباره. منهم: الحافظ الذهبى؛ لأنه قال فى «ذيل سير النبلاء» فى ترجمة أبى نمى: شيخ ضخم، أسمر، عاقل، سايس، فارس، شجاع، محتشم، تملك مدة طويلة، وله عدة أولاد، وفيه مكارم وسؤدد. وذكره لى أبو عبد الله الدباهى، فأثنى، وقال: لولا المذهب لصلح للخلافة، كان زيديا كأهل بيته، انتهى. وقال القاضى: تاج الدين عبد الباقى اليمانى فى كتابه «بهجة الزمن فى تاريخ اليمن» بعد أن ذكر وفاة أبى نمى: وكان أميرا، كبيرا، زعيما، ذا بخت، وحظ فى الإمرة، يرغب إلى الأدب وسماعه، وله الإجازات السنية للشعراء الوافدين عليه بإطلاق الخيل الأصايد فى مقابلة القصائد. انتهى. وللأديب موفق الدين على بن محمد الحندودى فى أبى نمى ـ هذا ـ من قصيدة يمدحه بها، أولها: أقاتلتى بغير دم ظلامه ... أما قود لديك ولا غرامه بخلت علىّ منك بدرّ ثغر ... تقبله الأراكة والبشامه ولو أن الفريق أطاع أمرى ... لما اختار الرحيل على الإقامة وكم بالطعن يوم مضاحكات ... عدمنا من قلوب مستهامه وبين أكلّة الحادين شمس ... قرعت لبينها سنى ندامه ومنها: لقد جربت هذا الدهر حتى ... عرفت به السماح من الملامه يريد إقامتى فيهم قويم ... وما لى بين أظهرهم إقامه

خداع ثمامة بن أثال فيهم ... معاينة وكذب أبى ثمامه منها فى المدح: وفى الحرم الشريف خضم جود ... كأن البحر أنحله النظامه أما والحجر والحجرات منى ... وبيت الله ثالثه قسامه لئن نزلت بسوح أبى نمى ... لقد نزلت على كعب بن مامه بأبلج أين منه البدر نورا ... وحسنا فى الجمال وفى الوسامه وذو كرم وزنت الناس طرا ... بخنصره فما وزنوا قلامه منها: أبا المهدى كم لك من إياد ... كشفت بها عن الصادى أوامه وكم لك من وقائع ذكرتنا ... بوقعة خالد يوم اليمامه عمرت تهامة بالعدل حتى ... تمنت نجد لو كانت تهامه حقيق أن يسال بك المصلى ... ويدعو فى الأذان وفى الإقامه وأن تعطى القضيب وأى حق ... لغيرك فى القضيب وفى الإمامه وفى مدحه الأديب عبد الواحد القيروانى ـ الآتى ذكره ـ بأشعار حسنة، أجاد فيها عنه. ونظم كثيرا، على ما نقله الصلاح الصفدى، عن أبى حيان. ووقفت له فى بعض المجاميع على قصيدة جيدة يمدحه بها، أولها: خليلى هيا فانظر ذلك اليرقا ... تبدى لنا يهفو على طرف البرقا فمن مبلغ عنى بلادى وأهلها ... ولم تأل لى عنهم غوادى النوى سحقا بأنى لم أنفك للخرق قاطعا ... إلى أن وصلت السيد الملك الخرقا وأن صروف الدهر عنى تماسكت ... لأنى قد استمسكت بالعروة الوثقا ندا لأبى المهدى هديت لنيله ... وأحرزت ما قد جل منه وما دقا وطلقت أمرا لهم حين لقيته ... وقابلت فى ساحته وجهه الطلقا هو ابن أبى سعد الزكى ولاده ... ولم يزك فرعا غير من قد زكا عرقا من القوم يستشفى بمسح أكفهم ... لداء ومنها أو بها الغيث يستسقا لهم كرم سهل المنال وإنما لهم ... شرف وعر المسالك والمرقا وسيأتى غزلها فى ترجمته.

ومدحه قاضى مكة نجم الدين الطبرى بقصيدتين. إحداهما نونية بليغة ـ على ما بلغنى ـ ولم أقف عليها. والأخرى عينية. سيأتى ذكرها فى ترجمة القاضى نجم الدين الطبرى، أولها: أمفرقا جمع الخزاين إذ عدا ... كرما لمفترق المحامد يجمع وبلغنى: أنه لما مات أبو نمى، امتنع الشيخ عفيف الدين الدلاصى من الصلاة عليه: فرأى فى المنام السيدة فاطمة بنت النبى صلى الله عليه وسلم رضى الله عنها، وهى بالمسجد الحرام يسلمون عليها، فجاء ليسلم، فأعرضت عنه ـ ثلاث مرات ـ ثم إنه تحامل عليها، وسألها عن سبب إعراضها عنه، فقالت له: يموت ولدى ولا تصلى عليه؟ فقال لها ـ ما معناه ـ: أنه ظالم. انتهى بالمعنى. وذكر اليافعى فى تاريخه نقلا عن حميضة بن أبى نمى أنه قال: إن لأبيه خمس خصال: العز، والعلم، والكرم، والشجاعة، والشعر. انتهى. ومن شعر أبى نمى على ما ذكر بيبرس الدوادار فى تاريخه. وذكر: أنه كتب به إلى الملك المنصورى لما تسلطن بعد الملك العادل كتبغا (3) المنصورى فى سنة ست وتسعين وستمائة. أما وتعادى المقريات الشوارب ... بفرسانها فى ضيق ضنك المقانب وبالجحفل الجرار أفرط جمعه ... كأسراب كدرى فى سوار قوارب وبالزرد الموصوف ضمت عصوبه ... على كل ماضى العزم خيف المحارب وبالبيض والبيض الرقاق ألية ... لبتر عداتى حلفه غير كاذب لقد نصر الإسلام بالملك الذى ... ترعرع من شيم الملوك السناجب حسام الهدى والدين منصوره الذى ... رقا فى سماء المجد أعلى المراتب ملوك جهات الأرض يعفو لعزه ... فمرهوبها من سيفه أى راهب تفرد بالملك العظيم فلم تزل ... له خضعا صيد الملوك الأغالب

_ (3) كتبغا بن عبد الله المنصورى، زين الدين، الملقب بالملك العادل: من ملوك المماليك البحرية فى مصر والشام، أصله من سبى التتار من عسكر «هولاكو» أخذه الملك المنصور «قلاوون» فى وقعة حمص الأولى سنة 659 هـ‍وجعله من مماليكه، وتسلطن كتبغا سنة 694 هـ‍وتلقب بالملك العادل، وانتقل إلى مملكة حماة سنة 699 هـ‍واستمر إلى أن توفى بها ثم نقلت جثته إلى دمشق. وكان شجاعا دينا. انظر ترجمته فى: (ابن إياس 1/ 133، النجوم الزاهرة 8/ 55، الأعلام 5/ 219).

مضى كتبغا خوف الحمام وقد أتت ... إليه أسود الخيل من كل جانب وأحييته بالعفو منك وزدته ... لباس أمان من عقاب العواقب وأحرزت ملك الأرض بالسيف عنوة ... وعبدت من فى شرقها والمغارب توليت هذا الأمر فى خير طالع ... لأسعد نجم فى السعادة ثاقب وكان لأبى نمى هذا من الأولاد الذكور: أحد وعشرون ذكرا، واثنى عشر أثنى. على ما ذكر الشهاب أحمد بن عبد الوهاب النويرى فى تاريخه. وذكر: أنه مات عن هذا العدد، وعن أربع زوجات لم يسم أحدا من الأولاد. والذى عرفت اسمه من أولاد أبى نمى: حسان، وحمزة، وحميضة، وراجح، ورميثة، وزيد، وزيد آخر، وسيف، وشميلة الشاعر، وعبد الله، له ذرية بالعراق، وعبد الكريم، وعاطف، وعطاف، وعطيفة، ومقبل، ولبيدة، ومنصور، ومهدى، ونمى، وأبو دعيج، وأبو سعد، وأبو سويد، وأبو الغيث. وآخرهم وفاة: سيف. وهى تدل على: أنهم ثلاثة وعشرون ذكرا. وأظن: أن نمى ليس ولدا لأبى نمى، وإنما كنى به لمعنى آخر، فظن ظان: أنه كنى بذلك؛ لأن له ولدا يسمى: نميا. والله أعلم. وما ذكرناه فى عددهم يوهم خلاف ما ذكره النويرى فى عددهم، ويمكن التوفيق: بأن يكون الزائد على ما ذكره النويرى: مات قبل أبى نمى والله أعلم. أخبرنى بمجموع ما ذكرته من أسماء أولاد أبى نمى غير واحد من أشياخنا وغيرهم. وليس كل منهم أخبرنى بهذه الأسماء، وإنما كل منهم ذكر لى بعضها، فتحصل لى من مجموع ما قالوه هذه الأسماء. وذكر النويرى: أنه توفى فى رابع صفر سنة إحدى وسبعمائة. وذكر وفاته فى هذا التاريخ قاضى مكة نجم الدين الطبرى، بزيادة فوائد تتعلق بأبى نمى هذا. ولنذكر كلامه بنصه لذلك. قال ـ فى كتاب كتبه إلى بعض أهل اليمن بخطه، يخبر فيه بوفاة أبى نمى، وغير ذلك ـ: أن أبا نمى حم فى ليلة الأحد العشرين من المحرم، وكان معه خرّاج فى مقاعده، وفى مواضع من بدنه، فلم يزل مريضا حتى مات فى يوم الأحد رابع صفر وغسل بالحديد،

145 ـ محمد بن حسن بن عيسى بن محمد بن أحمد بن مسلم ـ بتشديد اللام ـ العدنانى، الحلوى، يلقب بالجمال، ويعرف بابن العليف الشاعر

وحمل فى محمل. ودخل به إلى مكة من درب الثنية، وطيف به حول البيت، وخرج به من درب المعلاة، ودفن خارجا عن قبة أبيه وجده الأعلى، وهو قتادة. وكان أميرا عظيما. وحصل بالوادى وبمكة من الحزن والبكاء والضجيج ما لم ير مثله. فسبحان الحى الذى لا يموت، لا إله إلا الله الحى القيوم. انتهى. ورأيت فى «ذيل سير النبلاء» للذهبى فى ترجمة أبى نمى: أنه توفى فى ذى الحجة سنة إحدى وسبعمائة. انتهى. وهذا وهم من الذهبى إن لم يكن من الناسخ؛ لأن القاضى نجم الدين قاضى مكة قال: إنه توفى فى يوم الأحد رابع صفر سنة إحدى وسبعمائة. وهو أقعد الناس بمعرفة ذلك، فيعتمد قوله فيه. كيف وما ذكره النويرى فى تاريخ وفاة أبى نمى يعضد قول نجم الدين الطبرى. وذكر الذهبى: أنه كان فى أثناء السبعين. انتهى. 145 ـ محمد بن حسن بن عيسى بن محمد بن أحمد بن مسلّم ـ بتشديد اللام ـ العدنانى، الحلوى، يلقب بالجمال، ويعرف بابن العليف الشاعر: نزيل مكة. وكان كثير الشعر يقع له فيه أشياء مستحسنة، وكانوا يغلو فى استحسانها، بحيث يفضل نفسه فيها على المتنبى وأبى تمام. وعيب عليه ذلك مع أشعار له تدل على غلوه فى التشيع. وكان بينه وبين يحيى النشوشا، شاعر مكة مهاجاة، أقرع فيها النشوشا عليه. وله مدائح كثيرة فى جماعة من الأعيان، منهم: الأشرف صاحب اليمن، والإمام صلاح بن على الزيدى صاحب صنعاء، وأمراء مكة: الشريف عجلان بن رميثة، وأولاده الأمراء شهاب الدين أحمد، وعلاء الدين على، وبدر الدين حسن، وابن عمهم عنان بن مغامس. وأجازه عنان على بعض قصائده فيه، وهى التى أولها: بروج زاهرات أو مغانى بثمانية وعشرين ألف درهم على ما بلغنى. ونال ـ أيضا ـ من الشريف حسن صلات جيدة. وله فيه مدائح كثيرة حسنة.

146 ـ محمد بن الحسن الفهرى أبو عبد الله المكى، الشاعر، المنجم

وانقطع إليه فى آخر عمره نحو اثنتى عشرة سنة، حتى مات بمكة فى ليلة الجمعة سابع رجب سنة خمس عشرة وثمانمائة، ودفن فى صبيحتها بالمعلاة. ومولده سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة بحلى. وكان يتردد إلى مكة، وسمع بها فى بعض قدماته من القاضى عز الدين بن جماعة: بعض أربعينه المتباينة، ولم يحدث. كتبت عنه أشياء من شعره غاب عنى الآن أكثرها، منها ـ فى غالب الظن ـ قوله فى الإمام صلاح بن على من قصيدة، وأنشدنى ذلك عنه غير واحد ممن سمعه منه: يا وجه آل محمد فى وقته ... لم يبق بعدك منهم الأفقا لو كانت الأبرار آل محمد ... كتب العلوم لكنت منها المصحفا أو كانت الأبرار آل محمد ... الأنبياء لكنت منها المصطفا أو كانت الأسباط آل محمد ... يابن الرسول لكنت فيهم يوسفا 146 ـ محمد بن الحسن الفهرى أبو عبد الله المكى، الشاعر، المنجم: ذكره القطب الحلبى فى تاريخ مصر، وقال: قدم مصر. وروى بسنده إلى أبى الفرج غيث بن على المنصورى: أنه سأله عن مولده، فقال: سنة تسعين. وأراده أهل مصر أن يحدث، فقال: شاعر منجم، لا يصلح لى هذا. ولم يحدث. وأنشد له غيث شعرا. توفى فى رجب سنة أربع وستين وأربعمائة. ذكره ابن ميسر. انتهى. 147 ـ محمد بن حسن بن محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن على القيسى، يكنى أبا عبد الله، ويعرف بابن الزين القسطلانى: سمع من الزين الطبرى وغيره من شيوخ أخيه شيخنا أحمد بن حسن بن الزين القسطلانى ـ الآتى ذكره. وأجاز له أيضا جماعة من شيوخه. وما علمته حدث. وتوفى فى سنة سبعين وسبعمائة. 148 ـ محمد بن حسن بن الزين القسطلانى المكى: أخو أبى عبد الله السابق، يلقب محب، كذا سماه محمد بن أبيك السروجى فى إجازة فيها اسمه واسم أخويه أبى عبد الله وأحمد.

149 ـ محمد بن الحسن، الناصح، الحنفى، الطبرى، يكنى أبا جعفر، ويلقب ركن الدين

أجاز لهما فيها جماعة من شيوخ مصر والشام، سبق ذكرهم فى ترجمة شيخنا الشريف أبى الفتح الفاسى. ووجدت بخط أبيه فى بعض سماعاته: تسميته بعمر. فسمع من الزين الطبرى وغيره من شيوخ أخيه أحمد. وتوفى سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة. 149 ـ محمد بن الحسن، الناصح، الحنفى، الطبرى، يكنى أبا جعفر، ويلقب ركن الدين: توفى يوم الجمعة عاشر ذى الحجة سنة أربع وعشرين وخمسمائة بمنى. ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره نقلت ما ذكرته، وترجم فيه بالغريب، الشهيد، الشيخ، الإمام. * * * من اسمه محمد بن الحسين 150 ـ محمد بن الحسين بن سعيد بن أبان بن عبد الله بن بشر بن عقبة بن عامر الجهنى: هكذا نسبه صاحب الجمهرة، وقال: محدّث، سكناه همدان. مات بمكة سنة سنة ست وعشرين وثلاثمائة. 151 ـ محمد بن الحسين بن عبد الله، البغدادى، أبو بكر الآجرىّ: نزيل مكة. سمع أبا مسلم الكجى، وأبا خليفة الفضل بن الحباب، وجعفرا الفريابى وغيرهم. وروى عنه: أبو الحسين بن بشران، وأخوه أبو القاسم، وأبو نعيم وغيرهم. قال الخطيب: كان دينا ثقة، له تصانيف. وقال ابن خلكان: كان فقيها شافعيا، صالحا، عابدا، ذا تصانيف كثيرة، حج

_ 151 ـ انظر ترجمته فى: (وفيات الأعيان 1/ 488، الرسالة المستطرفة 32، صفة الصفوة 2/ 265، كشف الظنون 1/ 37، النجوم الزاهرة 4/ 60، تاريخ بغداد 2/ 243، الأعلام 6/ 97، الفهرست 301 ـ 304، طبقات الحنابلة 332 ـ 333، الأنساب 1/ 94، فهرسة ابن خير 285 ـ 286، المنتظم 7/ 55، الكامل لابن الأثير 8/ 617، وفيات الأعيان 4/ 292 ـ 293، تذكرة الحفاظ 3/ 936، العبر 2/ 318، الوافى بالوفيات 2/ 373 ـ 374، مرآة الجنان 2/ 373، طبقات السبكى 3/ 149، البداية والنهاية 11/ 270، طبقات الحفاظ 378، شذرات الذهب 3/ 35، هدية العارفين 2/ 46 ـ 47، سير أعلام النبلاء 16/ 133).

فأعجبته مكة. فقال: «اللهم ارزقنى الإمامة بها سنة»، فسمع هاتفا يقول: «بل ثلاثين سنة»، فكان كذلك. توفى بمكة فى أوائل المحرم سنة ستين وثلاثمائة. انتهى. وقال ابن رشيد فى رحلته: وقرأت بخط شيخنا الخطيب الصالح أبى عبد الله بن صالح ما نصه: وجد بخط أبى جعفر أحمد بن محمد بن ميمون الطليطلى ما نصه: سألنا أبا الفضل محمد بن أحمد البزار: متى توفى الآجرى؟ فقال: توفى ـ رحمه الله ـ يوم الجمعة أول يوم من المحرم سنة ستين وثلاثمائة بمكة، ودفن بها. وكان بلغ من العمر ـ ستّا وتسعين سنة أو نحوها. وقال غيره: وجاور بمكة ثلاثين سنة، رحل من بغداد إليها فاستوطنها إلى أن توفى. وكان يدعو كثيرا أن لا تبلغه سنة ستين، فما مضى من أول يوم من السنة إلا ساعة أو نحوها، حتى توفى. ونسب إلى قرية من قرى بغداد، يقال لها: آجر. انتهى ما نقلته من خط الخطيب أبى عبد الله محمد بن صالح. وفيما ذكره ابن خلكان: من أن الآجرى كان شافعيا نظر؛ لأنه حنبلى. ومن تصانيفه: «كتاب الشريعة»، وكتاب «التفرد والعزلة»، و «الأربعون»، و «الثمانون»، وغير ذلك. ووقع لنا حديثه عاليا. أخبرناه أبو هريرة عبد الرحمن بن أبى عبد الله الذهبى، وعلى بن محمد بن أحمد بن منصور السلمى، بقراءتى عليه بجامع دمشق فى الرحلة الأولى، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد الدمشقى، قراءة وسماعا بالمسجد الحرام: أن أبا العباس أحمد بن أبى طالب الصالحى أخبرهم، قال: أخبرنا أبو النجا عبد الله بن عمر البغدادى سماعا، قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقى، قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران، قال: أخبرنا أبو بكر الآجرى، قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن يحيى الحلوانى، قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: حدثنا زهير، يعنى: ابن معاوية، قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمى، قال: سمعت علقمة بن وقاص الليثى، يقول: سمعت عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.

152 ـ محمد بن حسين بن عبد المؤمن بن محمد بن ذاكر بن عبد المؤمن بن أبى المعالى بن أبى الخير بن ذاكر بن أحمد بن الحسين بن شهريار الكازرونى المكى، جمال الدين

فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه». هذا حديث صحيح (1). 152 ـ محمد بن حسين بن عبد المؤمن بن محمد بن ذاكر بن عبد المؤمن بن أبى المعالى بن أبى الخير بن ذاكر بن أحمد بن الحسين بن شهريار الكازرونى المكى، جمال الدين: مؤذن المسجد الحرام بقبة بئر زمزم، ورئيس المؤذنين بمكة، المسند الخير. حضر فى الثالثة، سنة تسع وأربعين وسبعمائة بالمسجد الحرام، على قاضى القضاة عز الدين عبد العزيز بن قاضى القضاة بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة الكنانى، والشيخ شهاب الدين أحمد بن الحسين الهكارى، والشيخ تاج الدين أحمد بن عثمان بن بنت أبى سعد الأنصارى، والشيخ نور الدين على بن محمد الهمدانى، والسماع من لفظه جانبا جيدا من «جامع الترمذى»، وهو من «كتاب البيوع»، إلى «باب ما جاء فى كم نقطع يد السارق»، ومن «باب ما جاء بقطع يد السارق فى خمسة دراهم»، إلى «باب ما جاء فى الشفا وغير ذلك»، وحدث، سمعت منه. وكان خيّرا ملازما لحفظ الوقت والأذان مع علو سنه وضعف بدنه. وكان إليه أمر الأذان بمنارة الميل الأخضر بالمسعى، ثم جعل رئيسا على المؤذنين بعد موت الرئيس بهاء الدين عبد الله بن على، الآتى ذكره، فى سنة ثمان وثمانمائة، حتى مات فى ليلة الجمعة ثامن عشرى ربيع الأول () سنة ست (1) وعشرين وثمانمائة بمكة، عن نحو تسع وسبعين سنة. 153 ـ محمد بن حسين بن على بن أحمد بن عطية بن ظهيرة، المخزومى، أبو السعود المكى: سمع بمكة من القاضيين: موفق الدين الحنبلى، وعز الدين بن جماعة وغيرهما، وما علمته حدث، وطلب العلم، وبرع فى الفرائض والحساب. وناب فى الحكم بمكة عن خاله القاضى شهاب الدين بن ظهيرة.

_ (1) سبق تخريجه فى الترجمة 29. 152 ـ (1) على هامش التيمورية: «سنة خمس» عن نسخة أخرى. 153 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 9/ 34. وذكر أنه شافعى).

154 ـ محمد بن حسين بن محمد بن آذر بهرام الفارسى، أبو عبد الله الكارزينى (1) ـ بتقديم الراء ـ مقرئ مكة

ومات فى صفر سنة اثنتين وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. ومولده بعد صلاة المغرب من ليلة الجمعة خامس عشرى شعبان سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة بمكة. 154 ـ محمد بن حسين بن محمد بن آذر بهرام الفارسى، أبو عبد الله الكارزينى (1) ـ بتقديم الراء ـ مقرئ مكة: قرأ على الحسن بن سعيد المطوعى. وقرأ عليه خلق، منهم الشريف عبد القاهر العباسى، بما فى «المبهج» لسبط الخياط فى سنة أربعين وأربعمائة ومات فيها أو بعدها. وكان الأستاذ أبو على عمر بن عبد المجيد الترمذى يصحف فيه، يقول: الكازرينى ـ بتقديم الزاى. 155 ـ محمد بن الحسين بن محمد الحافظ، أبو سعد الحرمى: نزيل هراة (1). ذكره الحافظ أبو سعد السمعانى فى الأنساب فى «الحرمى» ـ بفتح الحاء المهملة والراء ـ نسبة إلى حرم الله تعالى. وقال: له رحلة إلى الهند. وقال [الذهبى فى التذكرة]: قرأت بخط محمد بن على بن محمد الهمدانى: الحافظ أبو سعد الحرمى، كان من الأوتاد، لم أر بعينى أحفظ منه. سمعت الشيوخ بهراة يقولون: له عشرون ـ يعنى سنة ـ هاهنا قاطن، تحيرنا فى أمره. كان يعيش على طريقة لا يعرفه أحد، ولا يخالط الناس، منزو عنهم. قال: وذكر أبو جعفر الحافظ بهمذان، قال: سمعت أبا حامد الخيام الواعظ يقول: إن كان لله بهراة أحد من أوليائه فهو هذا الرجل، يعنى أبا سعد الحرمى. سمع أبو سعد الحرمى هذا، بمكة من أبى نصر السجزى، وعبد العزيز بن بندار الشيرازى، وببغداد من أبى بكر الخطيب، وبمصر من ابن الطفال وابن حمصة وغيرهما.

_ 154 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات القراء لابن الجزرى 2/ 133). (1) الكارزين نسبة إلى كارزين وهى: بفتح الراء، وكسر الزاى، وياء ثم نون: بلد بفارس. انظر معجم البلدان (كارزين). 155 ـ انظر ترجمته فى: (الأنساب 4/ 116، المنتظم 9/ 107، اللباب 1/ 359، تذكرة الحفاظ 4/ 1228، طبقات الحفاظ 449، شذرات الذهب 2/ 397، سير أعلام النبلاء 19/ 202). (1) هراة: بالفتح، مدينة عظيمة مشهورة من امهات مدن خراسان. انظر: معجم البلدان (هراة).

156 ـ محمد بن حسين بن الزين محمد بن الأمين محمد بن القطب محمد بن أبى العباس أحمد بن على بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون، يكنى أبا الخير، ويعرف بابن الزين القسطلانى المكى

وتوفى فى شعبان سنة إحدى وتسعين وأربعمائة. ودفن بجبل كازياركاه (2). 156 ـ محمد بن حسين بن الزين محمد بن الأمين محمد بن القطب محمد بن أبى العباس أحمد بن على بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون، يكنى أبا الخير، ويعرف بابن الزين القسطلانى المكى: سمع من عثمان بن الصفى الطبرى بعض سنن أبى داود. وسمع على المشايخ الأربعة: تاج الدين أحمد بن عثمان بن بنت أبى سعيد، ونور الدين على بن محمد بن عبد القادر الهمدانى، وشهاب بن أحمد بن أحمد بن الحسين الهكارى، والقاضى عز الدين بن جماعة، من أول الترمذى إلى باب: «ما جاء فى الحث على الوصية»، بسماع ابن بنت أبى سعيد، لجميعه، وبسماع الهكارى، لنصفه، الثانى من ابن ترجم، بسماعه من ابن البنا، وبإجازة الهمدانى من ابن البخارى بسماعه من ابن طبررد، وبإجازة ابن جماعة من ابن وريدة بإجازته من ابن طبرزد بسماعه وابن البنا من الكروخى. وسمع على القاضى عز الدين بن جماعة أيضا، والشيخ فخر الدين النويرى بعض «سنن النسائى» وحدث، سمعت منه أحاديث من «سنن أبى داود»، وحدثنا واحدا من الترمذى، وسمع منه أصحابنا. وتوفى [فى] (1) ربيع الأول سنة إحدى عشرة وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. وسألته عن مولده، فقال: فى سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة بمكة. أخبرنى أبو الخير محمد بن حسين بن الزين القسطلانى بقراءتى عليه، قال: أخبرنا الإمام تاج الدين أحمد بن عثمان بن بنت أبى سعد، قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن ترجم المازنى، قال: أخبرنا أبو الحسن على بن نصر بن المبارك، المعروف بابن البنا. (ح) وأخبرنى الإمام برهان الدين إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد البعلى، قراءة عليه، وأنا أسمع، قال: أنا أبو الحسن على بن محمد بن ممدود البندنيجى سماعا، قال: أنا محمد بن على بن عبد الصمد، المعروف بابن الهنى، قال: أنا عبد العزيز بن محمد بن الأحصر.

_ (2) كازياركاه: بعد الألف زاى، وياء مثناة، وألف، وراء، جبل وقرية بهراة. انظر: معجم البلدان (كازياركاه). (1) ما بين المعقوفتين: بياض فى الأصل وأضفناها لاستقامة المعنى.

157 ـ محمد بن الحسين محمود، يلقب بالشرف، المعروف بابن الكويك

(ح) قال البندنيجى: وأنبأنا عاليا: عبد الخالق بن الأنجب النشتبرى، قالوا: ثلاثتهم، أنا أبو الفتح عبد الملك بن أبى القاسم الكروخى سماعا ـ إلا النشتبرى، فقال إجازة ـ قال: أنا أبو عامر محمود بن القاسم بن محمد الأزدى، وأبو بكر أحمد بن عبد الصمد بن أبى الفضل الغورجى، وأبو نصر عبد العزيز بن على الترياقى. قالوا: أخبرنا عبد الجبار بن محمد الجراحى، قال: أنا محمد بن أحمد بن محبوب التاجر، قال: أنا أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذى، قال: ثنا قتيبة وهناد، قالا: ثنا بن الأحوص عن سماك بن حرب عن موسى بن طلحة عن أبيه، قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبالى من مرّ من وراء ذلك» (2). 157 ـ محمد بن الحسين محمود، يلقب بالشرف، المعروف بابن الكويك: صدر التجار بمصر توفى بمكة سنة أربع وستين وسبعمائة، على ما ذكر شيخنا العلامة أبو زرعة فى تاريخه. وذكر لى بعض أصحابنا: أنه مات فى الطريق، وحمل إلى مكة فدفن بها. ووقف دار حديث بمصر. 158 ـ محمد بن حطاب بن الحارث بن عمر الجمحى: ولد قبل خروج أبيه إلى الحبشة، وخرج به معه إليها، ثم أتى به منها عمه حاطب ابن الحارث؛ لأن أباه مات بطريق الحبشة. قال الذهبى: ولعله أول من سمى فى الإسلام محمدا. وقبل ذلك ابن عمه محمد بن حاطب، وحطاب ـ بالحاء المهملة ـ على ما ذكر الأكثرون. وقيل: بالخاء المعجمة. ذكره الكاشغرى، وهو أسن من ابن عمه محمد بن حاطب، المتقدم ذكره. 159 ـ محمد بن أبى حكيم المخزومى، أبو الحسين: من أهل مكة. هكذا ذكره ابن النجار فى ذيل تاريخ بغداد (1). وقال: شاعر، مليح القول.

_ (2) أخرجه مسلم فى صحيحه كتاب الصلاة حديث رقم (499)، والترمذى فى سننه كتاب الصلاة حديث رقم (335). 157 ـ انظر ترجمته فى: (الدر الكامنة 3/ 429). 158 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2355، تجريد أسماء الصحابة 2/ 61، الإصابة ترجمة 7785، أسد الغابة ترجمة 4722). 159 ـ (1) فى الأجزاء الضائعة من الكتاب.

160 ـ محمد بن حمدان بن سلمة بن مسعود بن محمد بن على القحطانى المكى العطار

ذكره محمد بن داود بن الجراح الكاتب فى كتاب «الورقة فى أخبار شعراء المحدثين» وقال: نزل بغداد شاعر صالح الشعر، متعجرف، يتبع غرائب الكلام فى شعره. حدثنى محمد بن القاسم قال: سمعته يقول: أنا أشعر من امرئ القيس، أو خفى أشعر منه. حدثنى على بن العباس الرومى، قال: كان ابن أبى حكيم يقول جيد الشعر ويحظره، فلم يخرج شعره. ومات بموته. أنشدنى محمد بن الأزهرى بن عيسى، قال: أنشدنى ابن أبى حكيم لنفسه: شادن يملك القلوب هواه ... حسن الوجه حسنه أطغاه أهيف لو يقال للحسن يا حسن ... تخبر مستوطنا ما عداه وإذا ما بدا لعينك قلت ال ... بدر يجلو دجا الظلام سناه صيغ فردا فلو ذكرت جميع الن ... اس الشعر ما عنيت سواه 160 ـ محمد بن حمدان بن سلمة بن مسعود بن محمد بن على القحطانى المكى العطار: سمع من أبى الحسن على بن المقير: السادس من حديث «المخلص» عن ابن الزغوانى إجازة، ومجلسا من إملاء الحافظ أبى أحمد معمر بن الفاخر. وأجاز له الكاشغرى، وابن القبيطى، وجماعة من بغداد وغيرها من البلاد، وحدث. سمع منه المحدث نجم الدين بن عبد الحميد. وأجاز فى استدعاء بخطه، مؤرخ بمحرم سنة سبع وثمانين وستمائة، لجماعة من شيوخ شيوخنا وهو من شيوخ الأستاذ أبى حيان النحوى بالإجازة ومن خطه نقلت نسبة هذا فى ترجمته، إلا أنه أسقط مسعود بين سلمة ومحمدا، وأثبته فى نسب أخيه أحمد الآتى ذكره، وهو سهو. والله أعلم. ومولده سنة اثنتين وعشرين وستمائة، على ما وجدت بخط أبى حيان. ولم أدر متى مات. 161 ـ محمد بن حمود بن أحمد بن سعيد بن عبد الله، أمين الدين أبو عبد الله المصرى الأصل، المكى المولد: ذكره القطب الحلبى فى تاريخ مصر، وقال: كان فاضلا يشعر شعرا حسنا. وذكر أن شيخه القطب القسطلانى ذكره فيما جمعه مما يتعلق بتاريخ اليمن.

162 ـ محمد بن حويطب القرشى

فقال: من التجار المترددين إلى اليمن وإلى مصر، ولكثر إقامته بمكة خرج إلى اليمن، فأقام بها إلى أن توفى بزبيد، يوم السبت خامس عشر جمادى الأولى سنة تسع وستين وستمائة. انتهى. وأخبرنى أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الصوفى، بقراءتى عليه بحرم الله، أن الحافظ قطب الدين عبد الكريم بن عبد النور الحلبى، أخبره إجازة مكاتبة من مصر، قال: أنبأنا شيخنا أبو بكر بن القسطلانى، يعنى الحافظ قطب الدين ونقلت من خطه، أن أمين الدين بن العالمة أنشده لنفسه بمكة: ترحلت عنى فارتحلت بمهجتى ... وفارقتنى كرها فراق حياتى وما كانت الدنيا سواك فأظلمت ... لبعدك فى عينى جميع جهاتى 162 ـ محمد بن حويطب القرشى: ذكره هكذا ابن عبد البر، وقال: روى عن النبى صلى الله عليه وسلم حديثه عند خصيف الجزرى (1). انتهى. وذكره الذهبى فى التجريد، وقال: حديثه عند خصيف الجزرى. كذا قال ابن عبد البر وابن أبى حاتم. 163 ـ محمد بن خالد بن حمدون بن محمد، مجد الدين أبو المعالى الهكارى الهذبانى، الجوينى الحموى الشافعى الكتبى: سمع من ابن بهروز، ومن إبراهيم بن الخير، ومن ابن المنى فى آخرين ببغداد، وبحلب من ابن رواحة، ويعيش النحوى، والحافظ ابن خليل، وبدمشق من ابن مسلمة، ومكى ابن علان، وبمصر من ابن الجميزى، وابن الحباب، وبمكة من شعيب الزعفرانى. وحدث بأماكن، منها مكة، سمع منه بها، الرضى الطبرى إمام المقام. وجاور بمكة مدة. وسمع منه أيضا الحافظان: المزى، والبزرالى، وأثنيا عليه. وكان يتجر فى الكتب. وتوفى فى المحرم سنة سبع وثمانين وستمائة بحلب.

_ 162 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2356، الإصابة ترجمة 8535، أسد الغابة 4724). (1) فى الاستيعاب ترجمة 2356، والتجريد: «الخزرجى». 163 ـ انظر ترجمته فى: (الوافى بالوفيات 3/ 36).

164 ـ محمد بن خالد بن الحويرث القرشى

كتب هذه الترجمة من ذيل ابن رافع باختصار. 164 ـ محمد بن خالد بن الحويرث القرشى: من أهل مكة. هكذا ذكره ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات، قال: يروى عن أبيه عن عبد الله بن عمر رضى الله عنه. روى عنه عبد الواحد، وروح بن عبادة. انتهى. وذكره صاحب الكمال، وقال: سمع أبوه عبد الله بن عمر. روى عنه: روح بن عبادة، وأبو نعيم. روى له أبو داود. 165 ـ محمد بن خالد بن محمد بن عبد الله بن زهير بن أبى أمية ـ واسم أبى أمية حذيفة ـ بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى المكى: ذكره الزبير بن بكار، ونسبه كما ذكرنا؛ لأنه قال لما ذكر ولد زهير بن أبى أمية ابن المغيرة، قال: وهم ينزلون بمكة، منهم: أبو بكر ومحمد ابنا خالد بن محمد بن عبد الله بن زهير بن أبى أمية، كانا من وجوه قريش بمكة، لهما قدر وسن. 166 ـ محمد بن خالد بن يزيد البردعى: نزيل مكة. روى عن رزق الله بن موسى، وعطية بن بقية، ويونس بن عبد الأعلى، وعبد الله بن خلف، وعصام بن رواد بن الجراح. سمع منه أبو بكر بن المقرى، فى المسجد الحرام. روى له فى معجمه. ومنه لخصت هذه الترجمة. وروى عنه أيضا: أبو محمد الحسن بن رشيق العسكرى، وأبو جعفر العقيلى، وأبو على النيسابورى، وأبو القاسم الطبرانى، ومحمد بن سعيد بن عبد بن العربى، قال مسلمة بن خالد: كان شيخا ثقة كثير الرواية، وكان ينكر عليه حديث تفرد به وسألت العقيلى عنه، فقال: شيخ صدوق لا بأس به إن شاء الله، قتل من فتنة القرمطى، بمكة سنة سبع عشرة وثلاثمائة.

_ 164 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 25/ 134 والتاريخ البخارى الكبير ترجمة 178، الجرح والتعديل ترجمة 1333، ثقات ابن حبان 7/ 407، الكاشف ترجمة 4886، تذهيب التهذيب 100، التقريب 2/ 7، 2/ 157، نهاية السول 323، خلاصة الخزرجى ترجمة 6176). 165 ـ انظر ترجمته فى: (جمهره الأنساب 135). 166 ـ انظر ترجمته فى: (لسان الميزان 5/ 153).

167 ـ محمد بن خليفة

167 ـ محمد بن خليفة: ذكره هكذا الذهبى فى تجريد الصحابة، وقال: شهد الفتح فيما يقال، كان اسمه عبد مناف، فغيره النبى صلى الله عليه وسلم. 168 ـ محمد بن داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن على بن عبد الله ابن عباس، الهاشمى العباسى، أمير مكة والمدينة: ذكر ابن جرير: أنه كان واليا على مكة سنة إحدى وعشرين ومائتين، وحج بالناس فيها، وفيما بعدها من السنين إلى سنة ست وثلاثين ومائتين، إلا سنة سبع وعشرين ومائتين، فإنه لم يحج بالناس فيها؛ لأن الذى حج بالناس فيها المتوكل جعفر بن المعتضد، قبل أن يلى الخلافة على ما ذكر العتيقى. وذكر العتيقى ما يوافق ما ذكره ابن جرير، فى حج محمد بن داود بالناس، فى جميع السنين المشار إليها، إلا سنة إحدى وعشرين، فإنه ذكر أن صالح بن العباس حج بالناس فيها. وعلى ما ذكر العتيقى، يكون محمد بن داود، حج بالناس ثلاث عشرة سنة. وعلى ما ذكر ابن جرير: يكون حج بالناس أربع عشرة سنة (1). ولعله كان الوالى على مكة فى هذه السنين، وفى أكثرها. والله أعلم. وولايته لمكة فى بعض هذه السنين محققة. وذكر الرشيد محمد بن الزكى المنذرى فى مختصره لتاريخ المسبحى: أن محمد بن داود هذا: حج بالناس فى سنة اثنتين وعشرين ومائتين، وهو والى مكة والطائف. انتهى. وولايته للمدينة. ذكرها الفاكهى؛ لأنه قال فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله: «ذكر

_ 168 ـ انظر: (المنتظم 11/ 66 وما بعدها). (1) أما ابن الجوزى فذكر فى المنتظم أنه حج بالناس سنة 221 هـ‍حتى سنة 230 هـ‍ما عدا سنة 227 هـ‍فذكر أن جعفر بن المعتصم هو الذى حج بالناس، لم يذكر من حج بالناس سنة 231، 232 هـ‍. ثم ذكر أن الذى حج بالناس سنة 233 هـ‍حتى 235 هـ‍محمد بن داود. ولم يذكر أنه حج بالناس بعد ذلك فيكون مجموع السنوات التى حج فيها بالناس اثنى عشر سنة. انظر: (المنتظم لابن الجوزى 11/ 66 وما بعدها، تاريخ الطبرى 9/ 23 ـ 82، البداية والنهاية 10/ 314).

169 ـ محمد بن داود بن ناصر السنبسى الدمشقى، يلقب ناصر الدين، ويعرف بالصالحى الشافعى الصوفى

منبر مكة»، ويقال: إن أول من خطب على المنبر ـ منبر مكة والمدينة ـ وجمع له ذلك فى الولاية فى خلافة بنى هاشم: جعفر بن سليمان بن على، ومن بعده داود بن عيسى، ثم ابنه محمد بن داود. انتهى. 169 ـ محمد بن داود بن ناصر السّنبسى الدمشقى، يلقب ناصر الدين، ويعرف بالصالحى الشافعى الصوفى: نزيل مكة. سمع من القاضى سليمان بن حمزة المقدسى، على ما أخبرنى به بعض أصحابنا، وحدث بمكة عن أحمد بن على الجزرى، بمسلسلات أبى القاسم التيمى سماعا، بشرط التسلسل، سمعها عليه جماعة من شيوخنا منهم ابن سكر، ورواها لنا عنه. ولما قدر الله تعالى بالرحلة إلى دمشق، قرأتها على حسن بن محمد بن العلامة شمس الدين محمد بن أبى الفتح البعلى الحنبلى، وتسلسلت لى عليه بسماعه لها حضورا بشرط التسلسل، على أحمد بن على الجزرى، شيخ الصالحى هذا، فعلت لى درجة. وكنت قرأتها قبل ذلك على أبى هريرة بن الذهبى، وتسلسلت لى عليه عن أحمد ابن عبد الرحمن البعلى سماعا بشرط التسلسل، عن خطيب مردا أحد شيوخ الجزرى، عن يحيى بن محمود الثقفى عن التيمى. وكان الصالحى رجلا صالحا معتقدا. جاور بمكة مدة. وكان يسكن برباط ربيع بمكة، وبها توفى فى ليلة الأربعاء الثانى من شهر ربيع الأول سنة سبع وستين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره نقلت وفاته. ووجدت بخط بعض أهل العصر، أنه توفى فى مستهل صفر سنة تسع وستين. وهذا يخالف ما وجدته فى حجر قبره من تاريخ وفاته. والله أعلم بالصواب. 170 ـ محمد بن ربيعة بن الحارث بن حمزة الهاشمى: ذكره هكذا الذهبى فى التجريد، وقال: قيل: إنه أدرك النبى صلى الله عليه وسلم. له عن عمر رضى الله عنه. وعنه الأعرج. 171 ـ محمد بن ركانة: ذكره البغوى فى الصحابة، وهو تابعى، ذكره ـ هكذا ـ الذهبى فى التجريد. ولعله

_ 170 ـ انظر ترجمته فى: (تجريد أسماء الصحابة 2، 61). 171 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 25/ 202، تاريخ ابن حبان 5/ 360، الكاشف ترجمة 4918، تجريد أسماء الصحابة 2/ 627، تذهيب التهذيب 326، تهذيب التهذيب 9/ 146، التقريب 2/ 161، خلاصة الخزرجى ترجمة 5617).

172 ـ محمد بن أبى زفر الواسطى

محمد بن ركانة بن عبد يزيد المطلبى، الراوى عن أبيه. وعنه ولده أبو جعفر، الذى روى له الترمذى وأبو داود. 172 ـ محمد بن أبى زفر الواسطى: هكذا ذكره ابن حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات، وقال: شيخ كان بمكة. روى عن إسحاق الأزرق، ويزيد بن هارون. حدثنا عنه شيوخنا. مستقيم الحديث انتهى. 173 ـ محمد بن زنبور المكى: هو محمد بن جعفر بن أبى الأزهر، مولى بنى هاشم. تقدم فيمن اسمه محمد بن جعفر. 174 ـ محمد بن زياد المكى: عن ابن أبى مليكة. تفرد عنه المعافى بن عمران. قال ابن مندة: مجهول. ذكره الذهبى فى الميزان والمغنى. 175 ـ محمد بن زياد المكى: روى عن محمد بن عمران بن آدم، قال: الدارقطنى: ليس بالقوى. ذكره الذهبى ـ هكذا ـ فى الميزان. 176 ـ محمد بن زيد أبو عبد الله المكى. هكذا ذكره ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات. وقال: يروى عن عبد الله بن عثمان بن خيثم. وقد سمع عبد الله أبا الطفيل. روى عن ابن أبى فديك. انتهى. وقال الذهبى فى اختصار التهذيب: محمد بن أبى الصيف زيد، مولى بنى مخزوم، مكى، عن عبد الله بن عثمان بن خيثم، وابن أبى نجيح وجماعة. وعنه: محمد بن ميمون الخياط، وبكر بن خلف، ختن المقرى، انتهى. 177 ـ محمد بن السائب بركة: من أهل مكة ذكره ـ هكذا ـ ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات، وقال: يروى عن ميمون، عن أبى ذر. روى عنه ابن جريج.

_ 173 ـ سبق فى الترجمة (131). 175 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 3/ 553). 177 ـ انظر ترجمته فى: (سير أعلام النبلاء 9/ 248، تهذيب الكمال 25/ 244، تاريخ الدورى 2/ 517، تاريخ البخارى الكبير ترجمة 280، الجرح والتعديل ترجمة 1477، ثقات ابن حبان 7/ 418، الكاشف ترجمة 4936، تذهيب التهذيب 3/ 205، تاريخ الإسلام 5/ 295، ميزان الاعتدال ترجمة 7576، نهاية السول 327، تهذيب التهذيب 9/ 178، التقريب 2/ 163).

178 ـ محمد بن سالم بن إبراهيم بن على الحضرمى، جمال الدين، أبو عبد الله المكى الشافعى

وقال المزى فى التهذيب: محمد بن السائب بن بركة حجازى يعد فى المكيين. روى عن عمرو بن ميمون الأودى، عن أمه عن عائشة. وعنه: ابن جريج، ومسلم بن خالد، وابن عيينة، وابن علية، ويحيى بن سليم وجماعة. وثقه ابن معين وأبو داود النسائى. وروى له الترمذى (1)، وابن ماجة (2). وله عندهما حديثان (3). وذكره الذهبى فى الميزان للتمييز؛ لأنه ذكر فيه اثنين كل منهما يسمى محمد بن السائب، أحدهما: الكلبى المفسر الأخبارى. والآخر: البكرى شيخ الوليد بن مسلم. قال: الأودى يتكلمون فيه. ونقل عن الخطيب: أنه الكلبى. وغلط من جعلهما اثنين. انتهى. والبكرى يروى عن أبيه. ويروى له أبو داود فى المراسيل. 178 ـ محمد بن سالم بن إبراهيم بن على الحضرمى، جمال الدين، أبو عبد الله المكى الشافعى: وجدت بخطه: أنه ولد سنة ست وثمانين وستمائة بمكة، وسمع بها. قرأ القرآن بالروايات، على العفيف الدلاصى، مقرئ مكة.

_ (1) أخرجه الترمذى فى سننه حديث رقم (1963) من طريق: أحمد بن منيع، أخبرنا إسماعيل ابن إبراهيم، حدثنا محمد بن السائب بن بركة، عن أمه، عن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ أهله الوعك أمر بالحساء فصنع ثم أمرهم فحسوا منه. وكان يقول: «إنه ليرتق فؤاد الحزين ويسرو عن فؤاد السقيم كما تسرو إحداكن الوسخ بالماء عن وجهها». قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وقد رواه ابن المبارك عن يونس عن الزهرى عن عروة عن عائشة عن النبى صلى الله عليه وسلم حدثنا بذلك الحسين بن محمد حدثنا به أبو إسحاق الطالقانى عن ابن المبارك. (2) أخرجه ابن ماجة فى سننه حديث رقم (3521) من طريق: إبراهيم بن سعيد الجوهرى، حدثنا إسماعيل بن علية، حدثنا محمد بن السائب، عن بركة، عن أمه، عن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ أهله الوعك، أمر بالحساء». قالت: وكان يقول: «إنه ليرتو فؤاد الحزين، ويسرو عن فؤاد السقيم، كما تسرو إحداكن الوسخ عن وجهها بالماء». (3) ذكر المزى أن النسائى روى له أيضا. وحديثه عند النسائى فى الكبرى حديث رقم (7591) من طريق: زياد بن أيوب قال: ثنا إسماعيل بن علية قال: ثنا محمد بن السائب، عن أبيه، عن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ أهله الوعك أمر بالحساء فتصنع لهم وأمرهم فحسوا منه، ويقول: «إنه ليرتو فؤاد المريض ويسرر عن فؤاد السقيم كما يسرو أحدكم الوسخ بالماء عن وجهه». 178 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 2/ 477).

وسمع بها من الشريف يحيى المدعو محمد بن على الطبرى: الأربعين فى المحمدين للجيانى وغير ذلك، وعلى الفخر التوزرى: الموطأ رواية يحيى بن يحيى، والصحيحين، والسنن الأربعة، خلا سنن ابن ماجة وغير ذلك، وعلى الصفى والرضى الطبريين: الثقفيات وغير ذلك، وعلى الرضى فقط: الوسيط فى التفسير للواحدى وغير ذلك، وعليه وعلى أبى عبد الله الشريف الفاسى: العوارف للسهروردى. وسمع بمكة من آخرين، وسمع بمصر على: على بن هارون الثعلبى: مسند الدرامى، وجزء أبى الجهم، وعلى علىّ بن نصر الله بن الصواف مسموعه من سنن النسائى، وعلى محمد بن عبد الحميد الأنصارى: صحيح مسلم، وعلى أبى عبد الله بن محمد بن محمد بن أبى الفتوح القرشى: الموطأ رواية يحيى بن يحيى. وعلى الجمال محمد بن المكرم الأنصارى: الناسخ والمنسوخ للحازمى وعلى حسن ابن عبد الكريم الغمارى، سبط زيادة: المحدث الفاصل، والتيسير للدانى، والشاطبية والرائية، وعلى أبى الحسن على بن عيسى بن القيم: الأول من حديث سفيان بن عيينة رواية الثقفى. وعلى آخرين بمصر. وسمع بالإسكندرية: على عبد الرحمن بن مخلوف: المحدث الفاصل وغير ذلك عليه وعلى غيره. وحدث بكثير من مسموعاته. وسمع منه جماعة من شيوخنا، منهم: القاضى مجد الدين الشيرازى وغيره، والحافظان: العراقى، والهيثمى، وابن سكر. وذكر أنه توفى فى ليلة السبت سادس المحرم سنة اثنتين وستين وسبعمائة. وهذا وهم، لأنه كان حيا فى يوم الجمعة رابع جمادى الأولى من هذه السنة. وجدت فى هذا اليوم بجزء فيه مسلسلات وغير ذلك بقراءة ابن سكر، والسماع بخطه على ما وجدته بخط بعض أصحابنا. وذكر لى وفاته فى هذه السنة، شيخنا قاضى القضاة جمال الدين بن ظهيرة، إلا أنه لم يذكر تاريخ شهر وفاته، وقال: فى آخر السنة. انتهى. وذكر ابن فرحون فى تاريخه: أنه توفى ـ فيما يغلب على ظنه ـ سنة أربع وستين وسبعمائة بمكة. وقد أثنى عليه ابن فرحون فى كتابه «نصيحة المشاور» قال: كان أخا صدق وورع وعلم واجتهاد فى الصلاة والصيام والقيام، مع طهارة اللسان والعرض، حتى لو أو ذى صبر، ومتى جرى منه هفوة أو غيبة هبّ إلى ذلك الشخص، وتحلل منه، ووصف بكرم وخدمة لأصحابه، انتهى.

179 ـ محمد بن سعيد المغربى، المعروف بالمجرد

179 ـ محمد بن سعيد المغربى، المعروف بالمجرد: نزيل مكة. كان متعبدا، وفيه سماح وكرم نفس. وبلغنى عنه: أنه دخل إلى بلاد العجم، وجال نحو أربع عشرة سنة، وضاق خاطره بها، لكونه لا يعرف لسانهم فتعلمه، ونسى كلام العرب. وأنه أراد بعد ذلك استعلامهم، فما عرف ما قالوه له. هذا معنى ما بلغنى عنه فى هذه الحكاية. وقد تردد لليمن مرات، وصحب بها جماعة من الصالحين، وأهل الدنيا، ونال فيها برا طائلا غير مرة. وأدركه الأجل بتعز (1) باليمن، بعد قدومه إليها من مكة بقليل فى ليلة الحادى والعشرين من جمادى الآخرة سنة ست وعشرين وثمانمائة. ودفن بمقبرة الأجناد. وقد بلغ السبعين أو جاوزها. لقيته غير مرة يتكلم بكلام العرب. * * * من اسمه محمد بن سليمان 180 ـ محمد بن سليمان بن عبد الله بن سليمان بن على بن عبد الله بن عباس العباسى، أمير مكة: قال يعقوب بن سفيان: ولى سليمان ـ يعنى والد محمد هذا ـ مكة والمدينة سنة أربع عشرة ومائتين. وكان ابنه ـ يعنى محمدا هذا ـ على مكة مرة، وعلى المدينة مرة. وكان هو وأبوه يتداولان على المدينة ومكة. انتهى. وذكر الأزرقى ما يدل لولاية محمد بن سليمان هذا على مكة؛ لأنه قال فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله: ما جاء فى أول من استصبح حول الكعبة، وفى المسجد الحرام بمكة، وليلة هلال المحرم: فلم يزل مصباح زمزم على عمود طويل مقابل الركن الأسود الذى وضعه خالد القسرى.

_ 179 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 7/ 253) وفيه: «محمد بن سعيد الغزى». 180 ـ (1) تعزّ: بالفتح ثم الكسر، والزاى مشددة: قلعة عظيمة، من قلاع اليمن المشهورات. انظر: معجم البلدان (تعز).

181 ـ محمد بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم الإمام بن محمد ابن على بن عبد الله بن العباس، المعروف بالزينبى

فلما كان محمد بن سليمان على مكة فى خلافة المأمون فى سنة ست عشرة ومائتين، وضع عمودا طويلا مقابله بحذاء الركن الغربى. انتهى. ومحمد بن سليمان الذى ذكره الأزرقى، هو محمد بن سليمان الذى ذكرناه والله أعلم. وليس هو محمد بن سليمان بن على بن عبد الله بن عباس، الذى أمره الهادى على حرب الحسين صاحب فخ (2)، لكونه توفى سنة ثلاث وسبعين ومائة على ما ذكر المسبحى وغيره، وهو عم أبى محمد بن سليمان الذى ترجمناه، ولا هو محمد بن سليمان الزينبى الآتى ذكره. والله أعلم. 181 ـ محمد بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم الإمام بن محمد ابن على بن عبد الله بن العباس، المعروف بالزينبى (1): أمير مكة. ذكر ابن جرير فى أخبار سنة خمس وأربعين ومائتين ما نصه: وحج بالناس محمد بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم، الإمام، ويعرف بالزينبى، وهو والى مكة (2). وذكر أنه حج بالناس سنة ست وأربعين، وسنة سبع وأربعين، وسنة تسع وأربعين. انتهى. ولعله كان الوالى على مكة هذه السنين (3). والله أعلم. وقال الفاكهى فى الأوليات بمكة: وأول من أحدث القناديل على زمزم من السنة إلى السنة: محمد بن سليمان بن عبد الله. انتهى. وقال أيضا فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله: ذكر عيون زمزم وغير ذلك بعد أن ذكر عمارة موضع زمزم فى زمن المعتصم: ولم تزل الأمراء بعد ذلك تسرج فى قناديل زمزم فى المواسم، حتى كان محمد بن سليمان الزينبى فأسرج فيها من السنة إلى السنة بقناديل بيض كبار، وهو يومئذ والى مكة، فامتثل ذلك من فعله، وجرى ذلك إلى اليوم. انتهى.

_ (2) فخّ: بفتح أوله، وتشديد ثانيه، والفخ: الذى يصاد به الطير معرب وليس بعربى واسمه بالعربية طرق: وهو واد بمكة، وقال السيد على: الفخ وادى الزاهر. انظر: معجم البلدان (فخ). 181 ـ انظر ترجمته فى: (الأرج المسكى 355). (1) فى الأرج المسكى: «المعروف بالزينى». (2) تاريخ الطبرى 9/ 218، والمنتظم 11/ 330. (3) تاريخ الطبرى 9/ 265، والمنتظم 12/ 23، والكامل 6/ 155.

182 ـ محمد بن سليمان بن مسمول المخزومى

182 ـ محمد بن سليمان بن مسمول المخزومى: يروى عن نافع، عن القاسم بن مخول (1). ويروى عن عبيد الله بن سلمة بن وهرام. روى عنه إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدى، وإسحاق بن أبى إسرائيل. قال البخارى: سمعت الحميدى يتكلم فى محمد بن سليمان بن مسمول المسمولى المخزومى، سكن مكة. وقال النسائى: مكى ضعيف. وقال أبو حاتم: ضعيف (2). 183 ـ محمد بن سليمان: من ولد سليمان بن داود، المسمى بالناهض القائم فى أيام المأمون. هكذا ذكره شيخنا ابن خلدون فى تاريخه، فى ولاة مكة من الأشراف. وذكر أنه خطب لنفسه بالإمامة أيام المقتدر، وخلع طاعة العباسيين. وذلك فى سنة إحدى وثلاثمائة فى الموسم، فقال: الحمد لله الذى أعاد الحق إلى نظامه، وأبرز زهر الإسلام من كمامه، وكمل دعوة خير الرسل بأسباطه لا ببنى أعمامه، صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين، وكف عنهم ببركته أيدى المعتدين. وجعلها كلمة باقية إلى يوم الدين، ثم أنشد: لأطلبن بسيفى ... من كان للجور بنا وأسطون بقوم ... بغوا وجاروا علينا يهدون كل بلاء ... من العراق إلينا وكان يلقب بالزيدى لاتباعه بعض مذاهب الإمامية. انتهى. 184 ـ محمد بن سلامة، المكى: كان من أعيان أهل مكة، مقدما على أهل المسفلة. توفى فى خامس رجب من سنة إحدى وأربعين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة.

_ 182 ـ انظر ترجمته فى: (الضعفاء للنسائى 517، الجرح والتعديل 7/ 267، التاريخ الكبير للبخارى 1/ 97، ميزان الاعتدال 3/ 569 ترجمة 7622). (1) وروى أيضا عن ابن عمر، وأدركه الحميدى. (2) وقال ابن عدى: عامة ما يرويه لا يتابع عليه متنا وإسنادا.

185 ـ محمد بن سيف بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى، المكى

185 ـ محمد بن سيف بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى، المكى: كان من أعيان الأشراف آل أبى نمى، وأقربهم نسبا إليه قبل موته بعشر سنين؛ فإنه لم يكن بينه وبين أبى نمى إلا والده سيف. ودخل العراق طلبا للرزق، ولم ينل طائلا، وعرض له بأخرة بياض. ومات فى جمادى الأولى سنة ست وعشرين وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. وهو فى عشر السبعين ظنا. 186 ـ محمد بن أبى الساج، الملقب بالأفشين، أمير الحرمين: ذكر ابن حمدون فى التذكرة: أن عمرو بن الليث، ولاه بعده إمرة الحرمين، وطريق مكة، وذلك فى سنة ست وستين ومائتين. وذكر الرشيد المنذرى: أنه توفى سنة ثمان وثمانين ومائتين. 187 ـ محمد بن أبى سعد على بن عبد الله بن عمر بن أبى المعالى يحيى بن عبد الرحمن بن الحسين بن على الشيبانى، الطبرى، المكى: توفى ليلة الاثنين سادس محرم سنة ثمان عشرة وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره كتبت هذا، وترجم فيه بالشاب المقتول ظلما جمال الدين بن القاضى بهاء الدين. 188 ـ محمد بن أبى سلمة المكى: قال العقيلى: لا يتابع على حديثه. حدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا محمد بن مهران الجمال، قال: ذكر محمد بن أبى سلمة عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة رضى الله عنه، قال: أهديت لعائشة وحفصة هدية، وهما صائمتان فأكلتا منها. فذكرتا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «اقضيا يوما مكانه ولا تعودا». كتبت هذه الترجمة من الميزان (1).

_ 185 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 7/ 263). 186 ـ انظر: (الأرج المسكى 355)، وله ذكر فى (المنتظم 12/ 207، 220). 188 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 3/ 569 ترجمة 8618، لسان الميزان 5/ 184). (1) على هامش نسخة ابن فهد: «وزاد شيخنا أبو الفضل بن محمد فى كتاب لسان الميزان فقال: قال العقيلى: يروى بإسناد أصلح منه. وقال ابن أبى حاتم عن أبيه: مجهول».

189 ـ محمد بن أبى سويد بن أبى دعيج بن أبى نمى الحسنى المكى

189 ـ محمد بن أبى سويد بن أبى دعيج بن أبى نمى الحسنى المكى: [ ............................................. ] (1). 190 ـ محمد بن شريك، أبو عثمان المكى: سمع عمرو بن دينار، وعبد الله بن أبى مليكة، وعكرمة بن خالد، وابن أبى نجيح. روى عنه: أبو نعيم، ووكيع، وأبو معاوية الضرير، وأبو أسامة، وأبو أحمد الزبيرى، وجعفر بن عون. قال أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو زرعة: هو ثقة. وقال أبو حاتم: لا بأس به. روى له أبو داود (1). ذكره هكذا صاحب الكمال. 191 ـ محمد بن صالح بن أحمد القاضى بدر الدين بن القاضى علم الدين الإسنائى (1) المصرى ناظر الأوقاف بالقاهرة: تردد إلى مكة مرات (2)، وجاور بها، إلى أن مات فى العشر الأوسط من ذى الحجة

_ 189 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 190 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 257/ 369، طبقات ابن سعد 5/ 490، تاريخ الدورى 2/ 522، تاريخ البخارى الكبير ترجمة 321، ثقات العجلى 47، الجرح والتعديل ترجمة 1536، ثقات ابن حبان 7/ 419، 422، سؤالات البرقانى ترجمة 438، ثقات ابن شاهين ترجمة 1213، الكاشف ترجمة 4977، تذهيب التهذيب 3/ 213، ميزان الاعتدال 3/ 579 ترجمة 7670، التقريب 2/ 170). (1) أخرجه أبو داود فى سننه حديث رقم (3800) من طريق: محمد بن داود بن صبيح، حدثنا الفضل بن دكين، حدثنا محمد، يعنى ابن شريك المكى، عن عمرو بن دينار، عن أبى الشعثاء، عن ابن عباس قال: كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذرا، فبعث الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وأنزل كتابه وأحل حلاله وحرم حرامه، فما أحل فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو. وتلا: (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً) إلى آخر الآية. (191) ـ وقال الذهبى فى الميزان: ذكره البخارى، وقال: فيه جهالة، قال الذهبى: هذا الرجل ليس بمجهول قد وثقه ابن معين والإمام أحمد. (1) نسبة إلى مدينة إسنا: بالكسر ثم السكون، ونون، وألف مقصورة: مدينة بأقصى صعيد مصر، وليس وراءها إلا أدفو وأسوان ثم بلاد النوبة، وهى على شاطئ النيل من الجانب الغربى فى الإقليم الثانى، وهى مدينة عامرة طيبة كثيرة النخل والبساتين والتجارة وقد نسب إليها قوم. (2) على هامش نسخة ابن فهد: «باشر جهات الدول، وكان فيه خير وبر وخدمة لأهل ـ

192 ـ محمد بن صالح بن عبد الرحمن الأنماطى، أبو بكر المعروف بكيلجة

سنة تسع وسبعين وسبعمائة. ودفن بالمعلاة. ذكره شيخنا العلامة الحافظ أبو زرعة بن العراقى فى تاريخه. 192 ـ محمد بن صالح بن عبد الرحمن الأنماطى، أبو بكر المعروف بكيلجة: ذكره الخطيب البغدادى فى تاريخه قال: «وسمع مسلم بن إبراهيم، وعفان بن مسلم، وأبا سلمة التبوذكى، وأبا عمر المقعد، وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبى، وسعد بن أبى مريم المقرى، ومحبوب بن موسى بن محبوب القزاز. روى عنه يحيى بن محمد بن صالح، وعبيد الله بن عبد الرحمن السكرى والقاضى أبو عبد الله المحاملى ومحمد بن مخلد الدورى ـ وكان يسميه أحمد فى بعض رواياته عنه ـ وإسماعيل بن محمد وغيرهم. وكان حافظا متقنا ثقة. قرأت بخط محمد بن مجالد: سنة اثنتين وسبعين ومائتين فيها، يعنى: أن محمد بن صالح كيلجة: مات بمكة. قلت: الصحيح: أنه مات سنة إحدى وسبعين. انتهى كلام الخطيب مختصرا ملخصا. 193 ـ محمد بن صالح بن أبى حرمى فتوح بن بنين، المكى العطار: توفى شهيدا محرما يوم الاثنين ثانى عشر جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وخمسمائة. ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره بها لخصت هذه الترجمة. وفيه: أنه دفن يوم الخامس عشر من الشهر المذكور. 194 ـ محمد بن صبيح بن عبد الله، الحسامى، المكى، أبو عبد الله، يلقب بالجمال شيخ رباط غزى (1): ولد فى ذى القعدة سنة ثلاث وثمانين وستمائة بمكة.

_ ـ الخير، وكان يجتهد فى براءة ذمته لعمامة الأوقات ومباشرة ذلك بنفسه ـ وانقطع فى هذه السنة ـ يعنى سنة تسع وسبعين ـ للمجاورة، فتوفى بمكة بعد انصراف الحجاج، ودفن بها رحمه الله». 192 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ بغداد 4/ 203، 204، تهذيب الكمال 1210، تذهيب التهذيب 3/ 213، تذكرة الحفاظ 2/ 607، 608، تهذيب التهذيب 9/ 226، 227، طبقات الحفاظ 264، خلاصة تذهيب الكمال 341، شذرات الذهب 2/ 161، سير أعلام النبلاء 12/ 524). 194 ـ انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 3/ 458). (1) رباط غزى: رباط مكة المشرفة، وقفه على بن محمد المصرى على الفقراء والمحرومين من أى جنس، بداية من عام 622 هـ‍. انظر (شفاء الغرام 1/ 334).

195 ـ محمد بن أبى الضوء التونسى

هكذا رأيت بخط ابن سكر، ثم رأيت بخطه أيضا: أنه ولد فى سنة ثلاث وسبعين وستمائة. سمع على الفخر التوزرى: الموطأ رواية يحيى بن يحيى، وصحيح مسلم، بفوت ميعاد، وسمع على الرضى الطبرى: صحيح البخارى، وسمع على القاضى جمال الدين الحنبلى بعض صحيح البخارى، وعلى الزين الطبرى، وقريبه محمد بن الصفى، والجمال المطرى، وعيسى بن عبد الله الحجى، وبلال عتيق ابن العجمى: جامع الترمذى، وسمع على العفيف الدلاصى، وهذه الطبقة، ومن دونها كثيرا. وحدث بالبخارى، قرأه عليه شيخنا عبد الله بن الزين الطبرى المكى. وسمع منه شيخنا ابن سكر بعض مسموعاته، وسمع عليه بإجازته العامة من الفخر بن البخارى. وذكر أنه توفى آخر سنة ثلاث وستين وسبعمائة. والله أعلم (2). ومولده سنة اثنتين وثمانين وستمائة. قال: ابن شكر فيما رأيته بخطه: وكان شيخا صالحا، صابرا فقيرا، أضر فى آخر عمره، واحتسب، حتى لقى الله. وكان ملازما لسماع الحديث وإسماعه، وأكثر من الاستماع لكل ما يقرأ فى الحرم. وكان والده مولى القائد حسن بن إبراهيم الهاشمى المكثرى، وسيأتى التعريف ببعض حالهما فى محله. 195 ـ محمد بن أبى الضوء التونسى: جاور بمكة، وبها توفى [ ................................ ] (1). وحدث عن أبى الوليد محمد بن عبد الله بن حزم. سمع منه بمكة عن أبى بحر سفيان ابن العاص الأسدى. سمع منه بقراءته ابنه أبو الحجاج يوسف بقوص. وكان مشهورا بالخير والزهد. ذكره ـ هكذا ـ القطب الحلبى فى تاريخ مصر.

_ (2) على هامش نسخة ابن فهد: «رأيت بخط ابن سكر، أن محمد بن صبيح توفى فى اليوم الأخير من سنة أربعة وستين وستمائة». 195 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

196 ـ محمد بن طارق المكى

196 ـ محمد بن طارق المكى: عن ابن عمر ومجاهد وطاوس. وعنه: ليث بن أبى سليم والسفيانان. وثقه النسائى. وقال أبو حاتم: كان رجلا صالحا. وقال ابن شبرمة: لو شئت كنت ككرز فى تعبده ... أو كابن طارق حول البيت والحرم (1) قد حال دون لذيذ العيش خوفهما ... وسارعا فى طلاب الفوز والكرم قال نصر الرومى: كان محمد بن طارق هذا جاور بمكة، وكان يطوف فى اليوم اليوم والليلة سبعين أسبوعا، فكان يعدل ذلك بعشرة فراسخ. روى له ابن ماجة حديثا واحدا (2)، وهو من روايته عن طاوس عن عائشة، وابن عباس، أن النبى صلى الله عليه وسلم: أخّر طواف الزيارة إلى الليل. وهو حديث مرسل على ما قاله البخارى. ورواه أبو داود، والترمذى، والنسائى من رواية أبى الزبير عن عائشة وابن عباس. 197 ـ محمد بن طغج بن جف بن يلتكين الإخشيد، أبو بكر، أمير الحرمين والديار المصرية، والشامية: كان طغج من القواد الطولونية. وولى الشام لخمارويه بن أحمد بن طولون. فترك

_ 196 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 25/ 404، تاريخ البخارى الكبير ترجمة 352، الجرح والتعديل ترجمة 1583، الكاشف ترجمة 4991، تاريخ الإسلام 5/ 296، نهاية السول 333، تهذيب التهذيب 9/ 234 ـ 235، التقريب 2/ 172، خلاصة الخزرجى ترجمة 6322). (1) البيتان فى تهذيب الكمال 25/ 404، وفيه: «حول البيت فى الحرم». (2) أخرجه ابن ماجة فى سننه فى باب زيارة البيت حديث رقم (3130) من طريق: حدثنا بكر بن خلف أبو بشر، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا سفيان، حدثنى محمد بن طارق، عن طاوس وأبى الزبير، عن عائشة وابن عباس أن النبىصلى الله عليه وسلم أخر طواف الزيارة إلى الليل. وأخرجه الترمذى فى سننه حديث رقم (915). 197 ـ انظر ترجمته فى: (تجارب الأمم 6/ 104، ابن الأثير 8/ 150، الوافى بالوفيات 3/ 171، المغرب فى حلى المغرب 2/ 148 ـ 197، ابن الوردى 1/ 267 ـ 279، الأعلام 6/ 174، ولاة مصر 299، تاريخ ابن عساكر 15/ 243 ـ 244، المنتظم 6/ 1347، وفيات الأعيان 5/ 56 ـ 63، العبر 2/ 239 ـ 240، مرآة الجنان 2/ 314 ـ 316، البداية والنهاية 11/ 215، النجوم الزاهرة 3/ 235 ـ 237، شذرات الذهب 2/ 337، سير أعلام النبلاء 15/ 365).

بعد موته أولادا أكبرهم محمد هذا. فولى الولايات، وتنقل فى المراتب إلى أن ملك مصر والشام. وكان ابتداء ولايته الديار المصرية والدعاء له بها، فى يوم الجمعة لاثنتى عشرة ليلة خلت من رمضان سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، ولم تثبت ولايته هذه. ثم ولى مصر فى خلافة الراضى بالله سنة ثلاث وعشرين. وكانت فى ابتدائها مفتعلة. وجد تقليدا جاء من دار الخلافة ببغداد باسم ابن تكين، فكشط تكين، وكتب طغج وأنفذه إلى مصر، وكان بالساحل. فتوقف أهل مصر، فسار إليها وتقاتلوا، فغلب الإخشيد. ودخل مصر يوم الأربعاء لسبع بقين من رمضان من السنة، ثم وصل له التقليد من دار الخلافة سنة أربع وعشرين. وفى سنة ثمان وعشرين، لقبه الخليفة الراضى بالله بالإخشيد، بسؤال منه فى ذلك. وفى سنة إحدى وثلاثين، خرج الإخشيد إلى المتقى الخليفة العباسى أخى الراضى، فولاه مصر والشام والحرمين؛ وعقد على ذلك من بعده لولديه: أبى القاسم أنوجور. ومعنى أنوجور بالعربى ـ محمود ـ وأبى الحسن على، على أن يكفلهما كافور الخصى. وكان عوده إلى مصر يوم الأحد الثالث والعشرين من جمادى الآخرة. وأخذ البيعة لابنه أبى القاسم أنوجور لليلتين بقيتا من ذى القعدة منها. وفى خامس شعبان سنة ثلاث وثلاثين، خرج إلى الشام، والتقى بأصحاب ابن حمدان، على لدّ (1) وهزمهم، ثم صار إلى حمص وقاتل سيف الدولة ابن حمدان، ومضى إلى حلب، ثم وقع الصلح بيهما، وتسلم الإخشيد من سيف الدولة حلب وحمص وإنطاكية (2). وتزوج سيف الدولة، بنت عبد الله بن طغج أخى الإخشيد.

_ (1) لدّ: بالضم، والتشديد، وهو جمع ألد، والألد الشديد الخصومة، قرية قرب بيت المقدس من نواحى فلسطين. انظر: معجم البلدان (لد). (2) أنطاكية: قصبة العواصم من الثغور الشامية، وهى من أعيان البلاد وأمهاتها، موصوفة بالنزاهة والحسن وطيب الهواء وعذوبة الماء وكثرة الفواكه وسعة الخير. انظر معجم البلدان 1/ 266 وما بعدها.

ثم عاد الإخشيد إلى دمشق، فتوفى بها فى يوم الجمعة لثمان بقين من ذى الحجة سنة أربع وثلاثين. وكان عمره ستا وستين سنة وخمسة أشهر وسبعة أيام. وكانت مدة ولايته الأولى من لدن دخوله إلى مصر إلى حين وفاته أحد عشر سنة وثلاثة أشهر إلا يوما واحد. لخصت هذه الترجمة من نهاية الأرب للنويرى. وذكر القطب الحلبى فى تاريخ مصر. وحكى عن أبى محمد الفرغانى: أن مولده فى نصف رجب سنة ثمان وستين ومائتين بمدينة السلام، وأنه حمل بعد موته بدمشق فى تابوت إلى بيت المقدس فدفن هناك. وذكر القطب: أن أبا الحسين الرازى، ذكر أن الإخشيد هذا: توفى سنة خمس وثلاثين. وذكر قولا أيضا: أنه توفى بمصر وحمل إلى بيت المقدس. وقال النويرى فى نهاية الأرب: قال: التنوخى: كان الإخشيد حازما شديد التيقظ فى حروبه، حسن التدبير، مكرما للأجناد أيّدا فى نفسه، لا يكاد يحر قوسه إلا الأفراد من الناس لقوته، حسن السيرة فى رعيته. وكان جيشه يحتوى على أربعة آلاف رجل، وله ثمانية آلاف مملوك بحربة، يحرسه فى كل ليلة منها ألف مملوك. وكان إذا سافر يتنقل فى الخيام عند النوم، حتى كان ينام فى خيمة الفراشين قال: وترك الإخشيد سبع بيوت مال، فى كل بيت منها ألف ألف دينار من سكة واحدة. وذكر النويرى: أن بعد موت الإخشيد، بويع لابنه أبى القاسم، أنوجور، ومعنى ذلك: محمود، وعمره اثنا عشر سنة بالشام، ثم بمصر فى ثانى المحرم سنة خمس وثلاثين. وتوفى لسبع خلون من ذى القعدة سنة تسع وأربعين وثلاثمائة. وكان كافور الإخشيدى الغالب على أمره، والحاكم على دولته، وليس معه إلا مجرد الاسم. وعقدت البيعة بعده لأخيه أبى الحسن علىّ، فى يوم الأحد لثمان خلون من ذى القعدة، فجرى كافور معه على عادته مع أخيه، وزاد على ذلك بأن سجنه ومنعه من الظهور إلى الناس إلا معه. ولم يزل على ذلك حتى مات لإحدى عشرة ليلة خلت من المحرم سنة خمس وخمسين وثلاثمائة.

وقيل: إن وفاته كانت فى هذا التاريخ من سنة أربع وخمسين. وخلف ولدا واحدا، وهو أبو الفوارس أحمد. وملك بعد أبى الحسن على، الأستاذ أبو المسك كافور الخصى الإخشيدى، مستقلا دون شريك ولا منازع، حتى مات فى يوم الثلاثاء لعشر بقين من جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وثلاثمائة مسموما، سمته جارية له فى لوزينج ـ وقتلت الجارية بعده ـ وله خمس وستون سنة على التقدير. فإنه جلب فى سنة ثنتى عشرة وثلاثمائة، وعمره أربع عشرة سنة وبيع باثنى عشر دينارا. وذكر المؤيد ـ صاحب حماة ـ أنه كان يدعى لكافور الإخشيد هذا، على المنابر بمكة والحجاز الشريف. انتهى. وفى أيام أبى مولاه محمد بن طغج الإخشيد: كادت تقع فتن فى مكة بين الإخشيدية وجماعة بنى بويه، بسبب الخطبة بمكة لكل من بنى بويه والإخشيدية كما سبق ذكره فى الفصل الثانى عشر من الباب الرابع والعشرين من مقدمة هذا الكتاب. وذكر القطب الحلبى فى تاريخه: أن طغج والد الإخشيد هذا ـ بطاء مهملة وغين معجمة ساكنة بعدها جيم مخففة، وقيل: بضم الغين ـ ومعناه: عبد الرحمن وجف: والد طغج ـ بجيم ـ قاله ابن ماكولا. وقال ابن عساكر: قرأت فى كتاب عتيق: جف ـ بفتح الجيم ـ والإخشيد ـ بكسر الهمزة، ومعناه بلسان أهل فرغانة (3) ملك الملوك. انتهى. وذكر الحافظ علاء الدين، مغلطاى: أن الإخشيد يقال لمن ملك فرغانة. وذكر ألقابا لملوك البلاد، وقد رأيت أن أثبت ذلك هنا للفائدة. قال فيما أنبئت به عنه: «والنجاشى: اسم لكل من ملك الحبشة، ويسميه المتأخرون الأمحرى وكذلك خاقان: لمن ملك الترك، وقيصر لمن ملك الروم، وتبع لمن ملك اليمن، فإن ترشح للملك سمى قيلا، وبطليموس لمن ملك اليونان، والفطيون لمن ملك اليهود ـ هكذا قاله بن خرداذبة ـ والمعروف مالخ، ثم رأس الجالوت، والنمرود: لمن ملك الصابئة، ودهمن، وفعفور: لمن مالك الهند، وغانة لمن ملك الزنج، وفرعون: لمن ملك

_ (3) فرغانة: بالفتح ثم السكون، وغين معجمة، وبعد الألف نون: مدينة وكورة واسعة بما وراء النهر متاخمة لبلاد تركستان فى زاوية من ناحية هيطل من جهة مطلع الشمس على يمين القاصد لبلاد الترك. انظر معجم البلدان (فرغانة)، الروض المعطار 440.

198 ـ محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق، المدنى أمير مكة

مصر والشام، فإن أضيف إليها الاسكندرية: سمى العزيز، ويقال: المقوقس، وكسرى: لمن ملك العجم، والإخشيد: لمن ملك فرغانة، والنعمان لمن ملك العرب من قبل العجم، وجالوت: لمن ملك البربر». انتهى. 198 ـ محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق، المدنى أمير مكة: ذكره ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات، وقال: يروى عن أبيه عن معاوية بن جاهمة. روى عنه ابن جريج، وعبد الرحمن بن أبى بكر، وكان عاملا لعمر بن عبد العزيز على مكة. انتهى. وذكره المزى فى التهذيب، ونسبه كما نسبه ابن حبان. وقال المزى: روى عن أبيه طلحة بن عبد الله، ومعاوية بن جاهمة. وقيل: عن أبيه عن معاوية بن جاهمة. وروى عنه داود بن عبد الرحمن العطار، وعبد الرحمن بن أبى بكر المليكى، وعبد الملك بن جريج، ومحمد بن إسحاق، وقال: روى له النسائى، وابن ماجة. ووهم صاحب الكمال فى موضعين من ترجمته، لأنه لما نسبه أسقط: عبد الله بن طلحة وعبد الرحمن. كذا وجدته فى نسخة معتمدة من الكمال، ولعل ذلك من ناسخها. والآخر: ما ذكره من رواية أبى داود له. وهو لم يرو له. وإنما روى له النسائى وابن ماجة على ما يقتضيه كلام المزى. 199 ـ محمد بن طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى، المعروف بالسجاد: يكنى أبا القاسم، وأبا سليمان، والصحيح: أبو القاسم، على ما ذكر ابن عبد البر.

_ 198 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 25/ 413، تاريخ البخارى الكبير 1/ 413، الجرح والتعديل ترجمة 1580، ثقات ابن حبان 7/ 267، الكاشف ترجمة 3996، تذهيب التهذيب 3/ 315، نهاية السول 333، التقريب 2/ 172، خلاصة الخزرجى 2/ 2328). 199 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 7797، الوافى بالوفيات 3/ 174، الأعلام 6/ 157، طبقات ابن سعد 5/ 52، نسب قريش لمصعب 281، المعارف 231، الاستيعاب ترجمة 2362، أسد الغابة ترجمة 4745، تعجيل المنفعة 366، شذرات الذهب 1/ 43، سير أعلام النبلاء 4/ 368).

قال الزبير بن بكار: وحدثنى محمد بن يحيى عن إبراهيم بن أبى يحيى، عن محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ عن إبراهيم بن محمد بن طلحة قال: لما ولد محمد بن طلحة بن عبيد الله، أتى به طلحة إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فقال له اسمه. فقال: محمدا. قال: يا رسول الله أكنه أبا القاسم؟ قال: لا أجمعها له. هو أبو سليمان. قال الزبير: وحدثنى هارون بن صالح بن إبراهيم قال: حدثنى عبيد الله بن محمد بن عمران بن عمه يونس بن إبراهيم، قال: أسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن طلحة: محمدا. وكناه أبا القاسم. قال الزبير: وحدثنى أبو بكر بن يزيد بن جعدية، فقال: حدثنى أشياخ من ولد طلحة بن عبيد الله، منهم: عبيد الله بن محمد بن عمران، قالوا: لما ولد محمد بن طلحة ابن عبيد الله، أتى به طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجره، ثم حنكه، ثم مسح على رأسه، وبرك عليه وأسماه باسمه محمدا، وكناه بكنيته أبا القاسم ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال عبد الله: فكنا نقول: لا يصلح من ولده أحد، يمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسه، قال: ثم صلعنا بعد. وقال الزبير: قتل محمد بن طلحة يوم الجمل. حدثنى عمى مصعب بن عبد الله قال: فمر به على بن أبى طالب رضى الله عنه فى القتلى. فقال: هذا السجاد ورب الكعبة، هذا الذى قتله بر أبيه. وكان طلحة أمره يوم الجمل أن يتقدم أن يتقدم باللواء، فتقدم، ونثل درعه بين رجليه، وقام عليها. فجعل كلما حمل عليه يقول: نشدتكم بحاميم، فيصرف الرجل عنه، حتى شد عليه رجل من بنى أسد بن خزيمة يقال له: حديدة، فنشده بحاميم فلم ينته لذلك، فطعنه فقتله. وقال الزبير: حدثنى محمد بن الضحاك بن عثمان الخزامى عن أبيه، قال: كان هوى محمد بن طلحة بن عبيد الله مع على بن أبى طالب رضى الله عنه. ونهى على عن قتله وقال: من رأى البرنس الأسود فلا يقتله، يعنى: محمدا. فقال لعائشة رضى الله عنها يومئذ: يا أمه ما تأمرينى؟ قالت: أرى أن تكون كخير بنى آدم، أن تكف يدك، فكف يده فقتله رجل من بنى أسد بن خزيمة يقال له: كعب بن مدلج من بنى منقذ بن طريف. ويقال: قتله شداد بن معاوية العبسى ويقال: بل قتله عصام بن مقشر البصرى،

200 ـ محمد بن أبى جهم عامر

وعليه كثرة الحديث. وهو الذى يقول فى قتله (1): وأشعث قوام بآيات ربه ... قليل الأذى فيما ترى العين مسلم دلفت له بالرمح من تحت بزه (2) ... فخر صريعا لليدين وللفم شككت إليه بالسنان قميصه ... فأرديته عن ظهر طرف مسوم أقمت له فى دفعه مثل قد ... امى النسر حران لهذم (3) يذكرنى حم لما طعنته ... فهلا تلا حم قبل التقدم (4) على غير شيء غير أن ليس تابعا ... عليا ومن لا يتبع الحق يظلم ويروى فى رواية أخرى: خرقت له بالرمح جيب قميصه. فقال على رضوان الله عليه حين رآه صريعا: صرعه هذا المصرع بره بأبيه. ويروى أن عليا لما أخبر بقتله قال: (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) إن كان لما علمت شابا صالحا، ثم قعد كئيبا حزينا، وأمه: حمنة بنت جحش، أخت زينب زوج النبىصلى الله عليه وسلم. 200 ـ محمد بن أبى جهم عامر: قال ابن عبد البر: وقيل: عبيد. قال الزبير بن بكار: ابن حذيفة بن غانم بن عامر بن عبد الله بن عبيد بن عويج بن عدى بن كعب القرشى العدوى. ولد فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم، على ما ذكر الذهبى. وذكر الزبير بن بكار: أن أمه خولة بنت القعقاع بن معبد بن زرارة. وقال: قتله مسرف بن عقبة يوم الحرّة. وقال: حدثنى عمى مصعب بن عبد الله قال: كان ابن عقبة

_ (1) انظر: الاستيعاب ترجمة 2362. (2) فى الاستيعاب ترجمة 2362: ذلقت له بالرمح من تحت نحره (3) فى الاستيعاب ترجمة 2362: أقمت له فى دفعه الخيل صلبه ... بمثل قدامى النسر حران لهذم (4) فى الاستيعاب ترجمة: 2362. يذكرنى حاميم لما طعنته ... فهلا تلا حاميم قبل التقدم 200 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2351، 2929، الإصابة ترجمة 8315، 9703، أسد الغابة ترجمة 4716، 5780، المحن 148، الجرح والتعديل 7/ 224، مقاتل الطالبيين 567، التحفة اللطيفة 3/ 554، الوافى بالوفيات 2/ 314، الطبقات الكبرى 5/ 146، شذرات الذهب 1/ 71، تجريد أسماء الصحابة 2/ 56، العبر 1/ 86).

201 ـ محمد بن عباد بن جعفر بن رعانة بن أمية بن عائذ بن عبد الله بن عمر ابن مخزوم المخزومى المكى

بعد ما أوقع بأهل المدينة يوم الحرة فى إمرة يزيد بن معاوية، فأنهبها ثلاثا، أتى بقوم من أهل المدينة، وكان أول من قدم إليه محمد بن أبى جهم، قال: تبايع أمير المؤمنين، على أنك عبد قن إن شاء أعتقك وإن شاء استرقك. قال: فقال: بل أبايع على أنى ابن عم كريم حر. فقال: اضربوا عنقه. انتهى. وكانت قصة مسرف بن عقبة بالمدينة فى آخر ذى الحجة سنة ثلاث وستين من الهجرة. وقد ذكر هذه القصة غير واحد من أهل الأخبار، منهم الزبير بن بكار؛ لأنه قال بعد أن ذكر شيئا من خبر يزيد بن معاوية: ويزيد الذى أوقع بأهل المدينة، بعث إليهم مسلم بن عقبة المرى، أحد بنى مرة بن عمرو بن سعد بن ذبيان، فأصابهم بالحرة بموضع يقال له: واقم، من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ميل، فقتل أهل المدينة مقتلة عظيمة، فسمى ذلك اليوم يوم الحرة. وأنهب المدينة ثلاثة أيام، وهو الذى يسميه أهل المدينة مسرفا، ثم خرج يريد مكة وبها ابن الزبير، فمات فى طريق مكة، فدفن على ثنية يقال لها: المشلل مشرفة على قديد (1). فلما ولى عنه الجيش، انحدرت إليه ليلى أم ولد يزيد بن عبد الله بن زمعة من أستاره، فنبشته وصلبته على ثنية المشلل (2). وكان مشرف قتل يزيد بن عبد الله بن زمعة بن الأسود أبا ولدها. 201 ـ محمد بن عباد بن جعفر بن رعانة بن أمية بن عائذ بن عبد الله بن عمر ابن مخزوم المخزومى المكى: وأمه زينب بنت عبد الله بن السائب بن أبى السائب المخزومى.

_ (1) قديد: تصغير القد من قولهم قددت الجلد، أو من القد، بالكسر، وهو جلد السخلة، أو يكون تصغير القدد من قول تعالى: (كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً)، وهى الفرق، وهى اسم موضع قرب مكة. انظر: معجم البلدان، ومعجم ما استعجم (قديد). (2) المشلّل: المشلّل بضمّ أوله، وفتح ثانيه، وفتح اللام وتشديدها، والشلّ الطّرد: وهو جبل يهبط منه إلى قديد من ناحية البحر. انظر: معجم البلدان، ومعجم ما استعجم (مشلل). 201 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 475، طبقات خليفة 281، تاريخ البخارى 1/ 175، التاريخ الصغير 2/ 365، الجرح والتعديل 8/ 63، تهذيب الكمال 1198، تذهيب التهذيب 4/ 84، تاريخ الإسلام 4/ 199 وتهذيب التهذيب 9/ 243، سير أعلام النبلاء 5/ 106).

202 ـ محمد بن عباد بن الزبرقان المكى

سمع أبا هريرة، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وجابر بن عبد الله، وعائشة، وجماعة. روى عنه ابنه جعفر، والزهرى، والأوزاعى، وابن جريج، وزياد بن إسماعيل، وعبد الحميد بن جبير بن شيبة. قال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث. ووثقه أبو زرعة، وابن معين، وقال: مشهور. وقال أبو حاتم: لا بأس بحديثه، روى له الجماعة. 202 ـ محمد بن عباد بن الزبرقان المكى: سكن بغداد. وسمع سفيان بن عيينة، وصحبه، وحاتم بن إسماعيل، وأبا ضمرة أنس ابن عياض، وأبا صفوان عبد الله بن سعيد الأموى (1)، وطلحة بن يحيى الزرقى، وعبد العزيز بن محمد الدراوردى، ومروان بن معاوية وجماعة. روى عنه: البخارى، ومسلم، وأبو يعلى الموصلى، والبغوى وجماعة. قال محمد بن سعد: توفى فى آخر ذى الحجة سنة أربع وثلاثين ومائتين بعسكر الخليفة بسر من رأى (2). وكذا قال البخارى، وزاد: ببغداد: وقال البغوى وغيره: مات أول يوم من سنة خمس وثلاثين (3). وقال موسى بن هارون (4): مات يوم الخميس. وسئل عنه أحمد بن حنبل، فقال: حديثه حديث أهل الصدق. وقال ابن معين: لا بأس به.

_ 202 ـ انظر ترجمته فى: (سير أعلام النبلاء 5/ 344، طبقات ابن سعد 7/ 358، سؤالات ابن الجنيد 3، تاريخ البخارى الكبير ترجمة 530، علل أحمد 1/ 222، 407، الجرح والتعديل ترجمة 60، ثقات ابن حبان 9/ 90، ثقات ابن شاهين ترجمة 1250، رجال صحيح مسلم 160، تاريخ الخطيب 3/ 1178 ت 899، رجال البخارى 2/ 665، الجمع 2/ 445، الكاشف 3/ 5006 وتهذيب التهذيب 9/ 244 وتذهيب التهذيب 3/ 216 وتهذيب الكمال 25/ 435، 436). (1) فى تهذيب التهذيب «الآمدى»، وفى تهذيب الكمال: «الأموى». (2) سر من رأى: بضم أوله وثانيه، وهى مدينة بالعراق، وتسمى أيضا سامرا. انظر: معجم البلدان، معجم ما استعجم (سر من رأى)، الروض المعطار 300، 301، اليعقوبى 255 ـ 268. (3) فى تاريخ بغداد عن عبيد بن محمد بن خلف البزار: مات محمد بن عباد المكى غرة المحرم فى سنة خمس وثلاثين ومائتين. (4) انظر: (تاريخ بغداد 3/ 180).

203 ـ محمد بن العباس بن عثمان بن شافع الشافعى المكى

203 ـ محمد بن العباس بن عثمان بن شافع الشافعى المكى: عم الإمام الشافعى. روى عن أبيه. وعنه ابنه إبراهيم بن محمد الشافعى، وحديثه عزيز. روى له ابن ماجة، وقال: يروى عن أبيه والحجازيين المقاطيع. ذكره المزى فى التهذيب، ولم أره فى الكمال. * * * من اسمه محمد بن عبد الله 204 ـ محمد بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد شمس الدين الإستجى (1) المصرى الشافعى: نزيل مكة. جاور بها مدة سنين، مستوطنا بها متأهلا فيها. ولى مباشرة فى الحرم، وله نظم كبير، ويقع له فيه الحسن، غير أنه كان يتهم بانتحال معانيه، والله أعلم. وكان سمع بمكة صحيح البخارى على محمد بن صبيح المكى شيخ رباط غزى، والقاضى أبى الفضل النويرى قبل ولايته، ثم صحبه، واشتهر بصحبته ومدحه بقصائد، ورثاه بعد موته بمرثية بليغة. وسمع بمكة من الكمال بن حبيب الحلبى وبالمدينة من: قاضيها بدر الدين بن الخشاب، وبدمشق فى سنة وثمانين وسبعمائة من [ ........ ] (2) وتوفى فى العشرين من شعبان سنة ثمان ثمانين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. أنشدنى الإمام النحوى نجم الدين محمد بن أبى بكر المكى المعروف بالمرجانى من

_ 203 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 25/ 448، تاريخ البخارى الكبير ترجمة 605، تاريخ واسط 300، ثقات ابن حبان 9/ 54، الكاشف 5009، تذهيب التهذيب 3/ 216، نهاية السول 334، تهذيب التهذيب 9/ 247، التقريب 2/ 174). 204 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 8/ 521). (1) ذكر محقق المطبوعة أن «الإستجى» جاءت فى الشذرات «الآصجى»، وهو خطأ مطبعى فى الطبعة التى اعتمد عليها. والإستجى نسبة إلى إستجة: بالكسر ثم السكون، وكسر التاء فوقها نقطتان، وجيم، وهاء: اسم لكورة بالأندلس متصلة بأعمال ريّة بين القبلة والمغرب من قرطبة، وهى كورة قديمة واسعة الرساتيق والأراضى على نهر سنجل، وهو نهر غرناطة. بينها وبين قرطبة عشرة فراسخ وأعمالها متصلة بأعمال قرطبة. معجم البلدان (إستجة). (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

لفظه، أن الأديب شمس الدين محمد بن عبد الله بن أحمد الإستجى أنشده لنفسه. أم النواظر فى محراب حاجبها ... طرف تلا من معانى حسنها سورا فلو ملكت فؤادى كنت أجعله ... وقفا له ولطرفى أجعل النظرا وأنشدنى الإمام نجم الدين المرجانى أيضا أن الإستجى، أنشده لنفسه أيضا: وشادن قسنا على ريقه ... سلافنا والجامع السكر فقام فى العشاق تحلابه ... يتلو علينا إنما الخمر ومن شعره أيضا قصيدة يمدح فيها النبى صلى الله عليه وسلم، أولها: فى القلب منى للأحبة منزل ... لسوى الأحبة ليس فيه مدخل قلب على التوحيد قد أسسته ... فلذاك بالأهواء لا يتزلزل ورفعت بالتفويض ما شيدته ... منه براحات الرضى كى يكمل وجعلت من كتمان حالى فوقه ... سقفا علا وإليه لا يتوصل وأقمت فيه من رجائى سلما ... أرقى به عن ظن ما لا يجمل ولبابه السامى طبعت من الحجى ... قفلا بأيدى الحزم منى يقفل ولديه حراس به وكلتهم ... وعلى الطريق إليه ستر مسبل وخلوت فيه بمن أحب فقال لى ... وكل بباب السر من لا يغفل ففعلت فأنتظمت فنون مسوتى ... وغدوت فى بردى هناء أرفل فسكرت ثم رأيت سكرى يقتضى ... سكرا ويلزم من أداه تسلسل فرقيت من ذاك المقام لمرتقى ... لم يرقه إلا رجال كمل قوم برحمة ربهم وبفضله ... ومعونة منه إليه توصل لم لا ومرشدهم وهاديهم إلى ... سبل الهدى الهادى النبى المرسل المصطفى الأوفى المراد المجتبى ... الأرشد الأتقى الأخص الأكمل ومنها: بالسبق فاز وإن تأخر بعثه ... فهو الأخير عناية والأول أفلت بمبعثه شموس شرائع ... وبشرعه شمس به لا تأفل ومنها: فبنانه عند العطاء ووجهه ... ينهل ذا كرما وذا يتهلل وله أيضا من قصيدة نبوية أولها:

نام الخلى وذو الغرام مسهد ... وله النجوم بما يكابد تشهد نادى الأحبة لو سمحتم بالكرى ... فلعل طيفكم المفدى يسعد قالوا ألم تعلم بأن أخا الهوى ... حكم الغرام بأنه لا يرقد فأجاب سمعا للغرام وطاعة ... إن الغرام على المحب له اليد قسما بعزة من أحب وذلتى ... إنى وإنى العبد وهو السيد قد لذ لى ذلى لديه ولم أزل ... عذب لدى عذابه وتعبد ووحق نور سنا جلال جماله ... وقديم إحسان له لا يجحد ذل المريد بلا مراء عزة ... وحياته فى موته لا يشهد كم ذا أصرح بالمقال لعلهم ... يحنوا وحالى حين أسكت ينشد يا سادة عتقوا الرقاب وبرهم ... أبدا لأحرار الورى يستعبد الأمر أمركم فقولوا امتثل ... واقضوا فرأيكم الكريم مسدد ومنها: وأتى العذول لما رأى من حالتى ... يثنى عنانى عنكم ويفند ويقول إن لم تسل عشت معذبا ... سترى فتشكر ما أقول وتحمد فأجبته دعنى عدمتك ناصحا ... ما فى جنوبك لا رعيت تردد إن المنية فيهم أمنيتى ... فبأى شيء بعدها تتهدد عنى إليك فلو عدلت عدلت عن ... عذلى وكنت إلى المحبة ترشد لكن ظلمت وزاد قلبك قسوة ... صبرا عليه فقد يلين الجامد ومنها: تالله لو أدركت معنى حسن من ... أهواه لم تبرح به تتوجد إن الذى ببديع حسن صفاته ... يا صاح همت هو النبى محمد المصطفى الهادى الرسول المجتبى ... الطاهر النور المشفع أحمد العاقب الماحى المقفى من له ... فضل عظيم لا تطاوله يد والقصيدة الأولى اللامية، وجدتها بخطه. والثانية: بخط غيره. وصرح فيها وفى الأولى، بأن ناظمها الإستجى. ومن شعره أيضا، قوله من قصيدة أولها: أما والعيون السود ما أنا بالسالى ... ولا والقدود الهيف لا حلت عن حالى

205 ـ محمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى المكى الشافعى، المعروف بالبهاء الخطيب، خطيب مكة وابن خطيبها

فيا أيها اللاحى رويدك إننى ... ولا فخر صب قد رضيت بإذلالى وقد شاع بين الناس أنى متيم ... فما لى وقد باح الخفاء لعذالى ولله برق لاح من جانب الحمى ... فهيج أشواقى وأنعش بلبالى وأذكرنى ثغر المليحة باسما ... كدر حباب لاح من كاس جريالى ولم أك بالناسى ولكنه بدا ... وذكرى قد ألقى إلى قدها بالى وماذا على صب تنعم باله ... فطورا بمعسول وطورا بعسالى ومن لى بثغر قد حمته مناظرا ... علىّ كما شاء الهوى لحظه والى ألمياء هل بى فى وصالك مطمع ... تلوذ به عند اشتياقك آمالى فلولا الرجا يا غاية السول والمنى ... لمت ولم أبلغ مناى بأوجالى وقائلة مهلا فحسبك ما جرى ... من الدمع والشكوى على الطلل البالى فقلت لها كفى فتلك منازل ... نزلت بها قدما على خير نزال بها كنت أمشى من سرور لمثله ... بمنعرج بها اللذات مشية مختال وكنت بها للهو أدعى فأنثنى ... كأنى على الأفلاك أسحب أذيالى وكم نلت من لبنى بها من لبانة ... بلا منة تخشى ولا ذل تسآلى وكم بت أجلو والمديرة مقلتى ... سلاف جمال مازجته بإجمالى وكم بت لا أخشى رقيبا سوى الدجى ... ولا واشيا إلا شذا طيبها الغالى فما لى لا أبكى الغداة لبينها ... وأندب ربعا من شمائلها خالى وأنشد من فرط الصبابة والأسى ... بذل كسانيه الهوى وبإذلالى محبك لم يسأم وإن دام وصله ... وإن صد يا لبنى فما هو بالسالى 205 ـ محمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى المكى الشافعى، المعروف بالبهاء الخطيب، خطيب مكة وابن خطيبها: ذكر أنه ولد سنة ثمان وسبعين وستمائة بمكة، وأنه سمع بها على يوسف بن إسحاق الطبرى، ولم يصرح بما سمعه عليه، ولعله سمع عليه الترمذى، أو بعضه فإنه كان يرويه عاليا. وسمع المذكور من جده المحب الطبرى، سنن النسائى رواية ابن السنى، وأربعين البامنجى (1)، وعلى الفقيه التوزرى: الموطأ رواية يحيى بن يحيى وغير ذلك. وحدث.

_ 205 ـ انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 3/ 466). (1) البامنجى: نسبة لبلدة بامنج من أعمال هراة.

وسمع من أبيه بعض صحيح البخارى. وعنه أخذ خطابة الحرم سنة أربع وسبعمائة، ودامت ولايته لها. وكان فاضلا، له نظم ونثر وخطب، وفيه كيس ومروءة وكرم وحسن خلق. سمع منه البرزالى شيئا من نظمه، وما علمته حدث إلا بنظمه. وذكر أنه توفى يوم الجمعة السادس والعشرين من ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة. ودفن من يومه بالمعلاة بعد الصلاة عليه عند باب الكعبة، وكان له مشهد عظيم. وبلغنى عن الشيخ خليل المالكى أنه رأى ـ بعد موت البهاء الخطيب ـ امرأة من أقاربه فى المنام، فقالت للشيخ: هذا البهاء مسكين ما أحد يقرأ له شيئا، ما أحد يهدى له شيئا، فقرأت له بعد ذلك شيئا من القرآن وأهديته إليه ونمت، فرأيت المرأة التى رأيتها فى المنام، فقالت لى: جزاك الله عنه خيرا، أحسنت إليه. هذا معنى ما بلغنى عن الشيخ خليل. أنشدنى الإمام أبو اليمن محمد بن أحمد بن إبراهيم الطبرى، بقراءتى عليه بالحرم الشريف، قلت له: أنشدك الحافظ علم الدين القاسم بن محمد البرزالى إجازة، أن خطيب مكة بهاء الدين محمد بن عبد الله بن المحب الطبرى، أنشده لنفسه بمنزله بمكة فى يوم الجمعة السادس عشر من الحجة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، فقال: أرانى اليوم للأحباب شاك ... وقدما كنت للأحباب شاكر وما لى منهم أصبحت باك ... أباكر بالمدامع كل باكر نهارى لا يزال القلب ساه ... وليلى لا يزال الطرف ساهر أذاقونى عنادا طعم صاب ... وقالوا كن على الهجران صابر وها قلبى إلى الأحباب صاغ ... يميل إلى رضاهم وهو صاغر أحن إلى لقاهم كل عام ... وأرجو وصلهم فى شعب عامر أهيل الجود مقصد كل حاج ... وليس لهم عن الأحباب حاجر سقى ربعا حواهم كل غاد ... وصين جمالهم من كل غادر ومن شعره ـ على ما بلغنى عن جدى القاضى أبى الفضل النويرى هذه الأبيات الثمانية، وهى أربعة مقاطيع. منها: مقطوع أنشده للسلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون بمصر، وأظن ذلك لما

206 ـ محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة النسائى

توجه إليها طلبا للرزق ووفاء للدين، صحبة أمير مكة الشريف رميثة بن أبى نمى الحسنى، فى سنة ست وعشرين وسبعمائة، قال: محا محياك كل بوس ... من سفر فيه قد شقينا ولم نكن بعد إذ رأينا ... وجهك نتلو لقد لقينا ومنها: لما سأل بعض الأكابر عن ملوحة ماء زمزم: هو الحظ أما العير ترتع فى الفلا رطيبا ... وأنف العود بالعود يخزم لك الحمد أمواه البلاد كثيرة ... عذاب وخصت بالملوحة زمزم البيتان مشهوران للمعرى أبى العلاء (2). ومنها قوله لما اجتمع مع جماعة، منهم ابن عمه القاضى نجم الدين، لقراءة ختمة، وقد سقط طائر فى حجره فأصغى إليه بأذنه، وقال: هذا الطائر يقول: وأنشد على لسانه فقال: إنى سررت بقربكم وقدومكم ... وقراءة القرآن فى ناديكم ونزلت فى وكرى إليكم آمنا ... ومؤمنا لما دعى داعيكم ومنها: قوله مخاطبا لأرغون الدوادار نائب السلطنة بمصر، لما حج فى بعض السنين، وحضر خطبته بمكة، فتوقف فقال: من ذا يراك ولا يها ... ب إذا قرا وإذا خطب إن التثبت للخطي ... ب إذا رآك من العجب 206 ـ محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة النسائى: أبو الوليد الأزرقى المكى، مؤلف «أخبار مكة». حدث فيه عن جماعة، منهم: جده أحمد بن محمد الأزرقى، وإبراهيم بن محمد الشافعى، ومحمد بن يحيى بن أبى عمر بن الأزرق بن عمرو بن الحارث بن أبى شمر العدنى.

_ (2) فى ديوان المعرى: لزوم ما لا يلزم (2/ 220): هو الحظ غير البيد ساف بأنفه ... خزامى وأنف العود بالذل يجزم تباركت أنهار البلاد سوائح ... بعذب وخصت بالملوحة زمزم 206 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ ابن الأثير 1/ 37، تهذيب التهذيب 1/ 79، دائرة المعارف الإسلامية 2/ 40، الخزانة التيمورية 3/ 14، فهرست ابن النديم 112 مفتاح السعادة 2/ 54، الأعلام 6/ 222).

روى عنه: إسحاق بن أحمد الخزاعى، وإبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى، ووقع لنا حديثه من طريقه عاليا. وما علمت متى مات، إلا أنه كان حيا فى خلافة المنتصر محمد ابن جعفر المتوكل العباسى، وقد تقدم ذكرها فى ترجمته؛ لأنه ذكر فى الخطط: أن القصر المسمى سقر والستار، فى الجاهلية، صار للمنتصر، وترجمه بأمير المؤمنين، ولم أر من ترجمه، وإنى لأعجب من ذلك. ووهم النووى ـ رحمه الله ـ فى قوله فى شرح المهذب بعد أن ذكر حدود الحرم، نقلا عن أبى الوليد الأزرقى هذا، أنه أخذ عن الشافعى وصحبه، وروى عنه، وإنما كان ذلك وهما لأمرين: أحدهما: أن الذين صنفوا فى طبقات الفقهاء الشافعية لم يذكروا فى أصحاب الشافعى إلا أحمد بن محمد بن الوليد جد أبى الوليد هذا. الأمر الثانى: لو أن أبا الوليد هذا روى عن الإمام الشافعى لأخرج عنه فى تاريخه لما له من الجلالة والعظمة، كما أخرج عن جده وابن أبى عمر العدنى، وإبراهيم بن محمد الشافعى، ابن عم الإمام الشافعى. والسبب الذى أوقع النووى فى هذا الوهم، أن أحمد الأزرقى جد أبى الوليد هذا، يكنى بأبى الوليد، فظنه النووى هو، والله أعلم، وإنما نبهت على ذلك لئلا يغتر بكلام النووى، فإنه ممن يعتمد عليه، وهذا مما لا ريب فيه. أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن صديق الدمشقى، بقراءتى عليه: أن أبا العباس أحمد بن أبى طالب الحجار أخبره وغيره عن أبى إسحاق إبراهيم بن عثمان الكاشغرى، وأبى محمد الأنجب بن أبى السعادات الحمامى، وثامر بن مسعود بن مطلق، وعبد اللطيف بن محمد بن القبيطى، وعلى بن محمد بن كبة، وأبى الفضل محمد ابن محمد بن السباك، وزهرة بنت محمد بن أحمد بن حاضر، قالوا: أخبرنا أبو الفتح بن البطى ـ زاد الكاشغرى ـ: أبو الحسن بن تاج القراء، قالا: أخبرنا مالك بن أحمد البانياسى، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت المجير، قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم ابن عبد الصمد الهاشمى، قال: حدثنا أبو الوليد محمد بن عبد الله الأزرقى، قال: حدثنا جدى، قال: حدثنا سفيان عن أبى الزبير عن عبد الله بن باباه عن جبير بن مطعم رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا بنى عبد مناف، إن وليتم من هذا الأمر شيئا، فلا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى، أية ساعة شاء من ليل أو نهار (1)».

_ (1) أخرجه الترمذى فى سننه، باب ما جاء فى الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف ـ

207 ـ محمد بن عبد الله بن أحمد، التونسى الأصل، المكى المولد والدار، المعروف بابن المرجانى

207 ـ محمد بن عبد الله بن أحمد، التونسى الأصل، المكى المولد والدار، المعروف بابن المرجانى: سمع من شيخنا ابن صديق وغيره من شيوخنا، واشتغل فى الفقه والعربية وتنبه فى ذلك، وله نظم وخط جيد، وكتب به أشياء كثيرة، وكان دينا خيرا ساكنا. توفى فى ليلة السبت ثانى ذى الحجة سنة عشر وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة فى صبيحتها عن أربع وعشرين سنة تقريبا.

_ ـ حديث رقم (863) من طريق: أبو عمار، وعلى بن خشرم قالا: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن أبى الزبير، عن عبد الله بن باباه، عن جبير بن مطعم: «أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «يا بنى عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار». وفى الباب عن ابن عباس وأبى ذر. قال أبو عيسى: حديث جبير حديث حسن صحيح. وقد رواه عبد الله بن أبى نجيح، عن عبد الله بن باباه أيضا. وقد اختلف أهل العلم فى الصلاة بعد العصر وبعد الصبح بمكة، فقال بعضهم: لا بأس فى الصلاة والطواف بعد العصر وبعد الصبح، وهو قول الشافعى وأحمد وإسحاق، واحتجوا بحديث النبى صلى الله عليه وسلم هذا. وقال بعضهم: إذا طاف بعد العصر لم يصل حتى تغرب الشمس، وكذلك إن طاف بعد صلاة الصبح أيضا لم يصل حتى تطلع الشمس. واحتجوا بحديث عمر أنه طاف بعد صلاة الصبح فلم يصل، وخرج من مكة حتى نزل بذى طوى فصلى بعد ما طلعت الشمس، وهو قول سفيان الثورى ومالك بن أنس. وأخرجه أبو داود فى سننه، باب الطواف بعد العصر حديث رقم (1859) من طريق: ابن السرح والفضل ابن يعقوب وهذا لفظه، قالا: أخبرنا سفيان، عن أبى الزبير، عن عبد الله بن باباه، عن جبير بن مطعم يبلغ به النبىصلى الله عليه وسلم قال: «لا تمنعوا أحدا يطوف بهذا البيت ويصلى أى ساعة شاء من ليل أو نهار». قال الفضل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا بنى عبد مناف لا تمنعوا أحدا». وأخرجه ابن ماجة فى سننه، باب ما جاء فى الرخصة فى الصلاة بمكة فى كل وقت حديث رقم (1290) من طريق: يحيى بن حكيم، حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبى الزبير، عن عبد الله بن باباه، عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا بنى عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من الليل والنهار». وأخرجه النسائى فى الكبرى، باب إباحة الصلاة فى الساعات كلها حديث رقم (1566) من طريق: محمد بن منصور قال: حدثنا سفيان قال: سمعته من أبى الزبير قال: سمعت عبد الله بن باباه يحدث، عن جبير بن مطعم: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «يا بنى عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار». 207 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 8/ 82).

208 ـ محمد بن عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدى، أسد خزيمة

208 ـ محمد بن عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدى، أسد خزيمة: ولد قبل الهجرة بخمس سنين على ما قال الواقدى، وهاجر مع أبيه إلى الحبشة، ثم إلى المدينة وأوصى به النبى صلى الله عليه وسلم، فاشترى له مالا بخيبر، وأقطعه دارا بسوق الرقيق بالمدينة. وروى عنه وعن عمتيه: حمنة بنت جحش، وزينب بنت جحش، وعائشة الصديقة. وروى عنه ابنه إبراهيم، والمعلى بن عرفان وغيرهما، روى له أحمد والنسائى، وابن ماجة، قال المزى: مختلف فى صحبته. ومن حديثه: «أن المؤمن لا يدخل الجنة، وإن رزق الشهادة، حتى يقضى دينه» (1)، وبنو جحش حلفاء بنى عبد شمس، وقيل: حلفاء حرب بن أمية. 209 ـ محمد بن عبد الله بن الحسين بن على بن أبى طلحة، البرمكى الهروى أبو عبد الله، ويقال: أبو الفتح الحنبلى، إمام الحنابلة بالحرم الشريف: سمع من أبى المعالى بن النحاس، وأبى الوقت السجزى، وغيرهم ببغداد، ومصر، والإسكندرية، ثم صار إلى مكة واستوطنها إلى حين وفاته، وأمّ فيها بمقام الحنابلة سنين، وحدث فيها بالكثير. وكان حيا فى سنة تسعين وخمسمائة بمكة، وفيها توفى أو بعدها بيسير. ودفن بالمعلاة.

_ 208 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات خليفة 12، التاريخ الكبير للبخارى 1/ 2، المعرفة ليعقوب 1/ 306، الجرح والتعديل ترجمة 1599، الثقات لابن حبان 3/ 363، الاستيعاب ترجمة 2363، أنساب القرشيين 453، الكاشف 3/ 5014، تجريد أسماء الصحابة 2/ 648، نهاية السول 334، تهذيب التهذيب 9/ 250، تقريب التهذيب 2/ 175، الإصابة ترجمة 7801، تهذيب الكمال 25/ 458، أسد الغابة ترجمة 4748). (1) لم أجده بهذا اللفظ من روايته. والذى رواه أخرجه النسائى فى الصغرى حديث رقم (4684) من طريق: على بن حجر عن إسماعيل قال: حدثنا العلاء، عن أبى كثير مولى محمد ابن جحش، عن محمد بن جحش، قال: كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع رأسه إلى السماء ثم وضع راحته على جبهته ثم قال: «سبحان الله ماذا نزل من التشديد» فسكتنا وفزعنا فلما كان من الغد سألته: يا رسول الله ما هذا التشديد الذى نزل؟ فقال: «والذى نفسى بيده لو أن رجلا قتل فى سبيل الله ثم أحيى ثم قتل ثم أحيى ثم قتل وعليه دين ما دخل الجنة حتى يقضى عنه دينه».

210 ـ محمد بن عبد الله بن خطاب بن جعيد بن عبد الملك القرشى السهمى

ومولده سنة ثمان وعشرين وخمسمائة. ذكره المنذرى فى التكملة، ومنه لخصت هذه الترجمة. 210 ـ محمد بن عبد الله بن خطاب بن جعيد بن عبد الملك القرشى السهمى: توفى فى ربيع الأول سنة سبع وثلاثين وستمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره لخصت هذه الترجمة. 211 ـ محمد بن عبد الله بن زكريا البعدانى: نزيل الحرمين الشريفين. كان خيرا صالحا مؤثرا، منور الوجه، كثير العبادة، له إلمام بالفقه والتصوف، وجاور بالحرمين نحو ثلاثين سنة، على طريقة حسنة من العبادة وسماع الحديث والاشتغال بالعلم. وكان قدم إلى مكة فى أول عشر السبعين وسبعمائة، وأقام بها إلى سنة تسع وثمانين وسبعمائة أو بعدها بقليل، إلا أنه كان يتردد إلى المدينة، ثم انتقل إليها فى هذا التاريخ، وصار يتردد إلى مكة، ويتمشيخ على الفقراء برباط دكالة بالمدينة، وعمره من مال سعى فيه عند بعض أرباب الدنيا. وبها توفى فى العشر الأخير من ذى الحجة سنة عشر وثمانمائة، ودفن بالبقيع، وهو فى عشر الستين، وكان من وجوه أهل بلده بعدان أصحاب الشوكة بها، وبعدان (1) ـ بباء موحدة وعين ودال مهملتين وألف ونون ـ ـ بلدة من مخلاف جعفر باليمن. 212 ـ محمد بن عبد الله بن سارة القرشى: من أهل مكة. يروى عن سالم بن عبد الله، وزيد بن أسلم. روى عنه ابن المبارك. ذكره ابن حبان هكذا فى الطبقة الثالثة من الثقات. 213 ـ محمد بن عبد الله بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى المكى، قاضى مكة وخطيبها ومفتيها، جمال الدين أبو حامد بن الشيخ عفيف الدين الشافعى: ولد ليلة عيد الفطر سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بمكة. وسمع بها على الشيخ

_ 211 ـ (1) انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 2/ 493). وفى معجم البلدان: بعدان: بالفتح ثم السكون، ودال مهملة، وألف ونون: مخلاف باليمن يقال لها البعدانية من مخلاف السّحول. 212 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ الكبير للبخارى 1/ 131، الجرح والتعديل 7/ 298). 213 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 8/ 92).

خليل المالكى الموطأ، رواية يحيى بن يحيى وغير ذلك، وعلى القاضى تقى الدين الحرازى، بعض ثمانين الآجرى، وعلى محمد بن سالم الحضرمى [ .... ] (1) وعلى القاضى عز الدين بن جماعة أربعينه التساعية، والمنسك الكبير له، وجزء ابن نجيد عن أحمد بن عساكر، وزينب بنت كندى، كلاهما عن المؤيد الطوسى. وسمعه على القاضى موفق الدين الحنبلى قاضى الحنابلة بمصر، مع ابن جماعة بمكة، وسمع عليهما مسند عبد، بفوت، وعلى الشيخ عبد الله اليافعى فهرسته، وصحيح البخارى. وسمعه على محمد بن أحمد بن عبد المعطى، وأحمد بن سالم المؤذن وغيرهما، وأكثر عنهما بعنايته، وعلى الكمال محمد بن عمر بن حبيب الحلبى صحيح البخارى، وسنن ابن ماجة، ومسند الشافعى، ومعجم ابن قانع، وأسباب النزول للواحدى، ومقامات الحريرى وغير ذلك، عليه وعلى غيره من الغرباء وأهل مكة. ورحل إلى مصر، فسمع بها من مسندها الزين عبد الرحمن بن على بن هارون الثعلبى جزء ابن الطلاية، ومسموعه من سنن النسائى، رواية ابن السنى وهو مسموع ابن الصواف عنه سماعا. ومن محمد بن على الحراوى، سمع منه «فضل الخيل» للدمياطى عنه، والعلم للمرهبى، ومن البهاء عبد الله بن خليل المكى، وأكثر عنه، ومن خلق. وبدمشق من عمر بن حسن بن أميلة جامع الترمذى، وسنن أبى داود. وكان قرأهما قبل ذلك بمكة بنزول درجة، ومشيخة ابن البخارى تخريج ابن الظاهرى، وسمعها على صلاح الدين بن أبى عمر، مع مسند ابن حنبل بقراءته له غير قليل، فبقراءة غيره، والشمائل للترمذى، والمنتقى الكبير من الغيلانيات، والمنتقى الصغير منها، ومن المسند. وعلى الرئيس بدر الدين محمد بن على بن قواليح، صحيح مسلم عن أحمد بن عساكر سماعا فى الثالثة عن المؤيد، وعلى البرهان إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن فلاح الدمشقى الإسكندرى: معجم بن جميع، عن عمر بن القواس حضورا. وسمع على ابن أميلة مسموعه من هذا المعجم ومن خلق بدمشق، وسمع ببعلبك من مسندها أحمد بن عبد الكريم البعلى صحيح مسلم عن زينب بنت كندى عن المؤيد وغير ذلك، عليه وعلى جماعة ببعلبك، وحمص، وحماة، وحلب، وبيت المقدس، وغزة.

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض بالأصل.

وأجاز له جماعة كثيرون من شيوخ البلاد التى سمع بها وغيرها. وخرج له عن شيوخه بالسماع والإجازة: صاحبنا الإمام صلاح الدين خليل بن محمد الأقفهسى معجما حسنا، حدث به وبكثير من مروياته، ودرس وأفتى كثيرا. ومن شيوخه فى العلم بمكة: القاضى أبو الفضل، وعمه القاضى شهاب الدين، والشيخ جمال الدين الأميوطى، والشيخ برهان الدين الأبناسى، والشيخ زين الدين العراقى، والشيخ أبو العباس بن عبد المعطى وغيرهم. ومن شيوخه فى ذلك بمصر: قاضيها أبو البقاء محمد بن عبد البر السبكى، وشيخ الإسلام سراج الدين البلقينى، والعلامة سراج الدين المعروف بابن الملقن، وابن النحوى وغيرهم. ومن شيوخه فى ذلك بدمشق: القاضى أبو البقاء السبكى، والعلامة عماد الدين إسماعيل بن خليفة الحسبانى. وقد أخذ عنه الفقه كثيرا، وكذلك عن القاضى أبى البقاء، وأخذ عن أبى البقاء غير ذلك من فنون العلم، وأبو العباس العنابى تلميذ أبى حيان. ومن شيوخه فى ذلك بحلب، مفتيها الشيخ شهاب الدين أحمد بن حمدان الأذرعى، أخذ عنه جانبا من الفقه فى المنهاج، وأخذ عن غيره بحلب. وسوغ له الإفتاء والتدريس من هؤلاء الشيوخ: القاضى أبو الفضل، وشيخ الإسلام البلقينى، وابن الملقن والحسبانى، والأميوطى والأبناسى. وأباح له البلقينى التدريس فى الحديث وأصول الفقه والعربية. وأباح له التدريس فى العربية، أبو العباس بن عبد المعطى، وأخذها أيضا، عن العنابى، وكانت له معرفة حسنة بالعربية. وأما الفقه، فكان كثير الاستحضار له، وكذلك الحديث متونا وأسماء ولغة وفقها، وله مشاركة حسنة فى غير ذلك من فنون العلم، ويذاكر بأشياء كثيرة مستحسنة من التاريخ والشعر. وصنف شرحا على «الحاوى الصغير» حرر منه من كتاب البيع إلى الوصايا، وله جزء فى زمزم، وله نظم صالح، وتصدى للإفادة والتدريس نحو أربعين سنة.

وكان أكثر من يفتى بمكة، والفتاوى ترد كثيرا إليه من بلاد الطائف ولية (3)، وربما أتته من بلاد زهران، وكتب على ما أتاه منها أجوبة مفيدة، قيدت عنه فى كراريس، ووردت عليه من عدن أسئلة نحو مائة، فأجاب عنها بما يسع كراريس، ووردت عليه مسائل من بلاد اليمن غير عدن، فأجاب عنها. وأول ولايته مباشرة فى الحرم الشريف، تلقاها عن الجمال التعكرى (4) وتدريس درس بشير الجمدار الناصرى، تلقاه عن القاضى أبى الفضل بحكم وفاته، ولم ينازعه فيه عمه، ثم نازعه فيه خالى قاضى الحرمين محب الدين النويرى لما ولى قضاء مكة، بحجة أن العادة جرت بولاية القضاة بمكة له، فانتزع منه ووليه خالى، ثم عاد إليه فى ولاية القاضى عز الدين بن القاضى محب الدين وولى عوضه قضاء مكة، وما كان بيده من الوظائف فى موسم سنة ست وثمانمائة بتفويض من أمير الركب المصرى طولو الناصرى؛ لأنه ذكر أن السلطان بمصر جعل له ذلك مع تفويض من صاحب مكة وباشر ذلك إلى موسم سنة سبع وثمانمائة. ثم ولى ذلك القاضى عز الدين ولم يتمكن كل التمكن، لورود كتاب الأمير السالمى مدبر الدولة بمصر، بأن القاضى جمال الدين على ولايته. وكان قد اشتهر عزله بمصر، ثم جاءته الولاية فى ليلة ثانى ربيع الآخر سنة ثمان وثمانمائة، وباشر ذلك إلى أواخر شعبان سنة عشر وثمانمائة، ثم باشر ذلك القاضى عز الدين فى أوائل رمضان إلى قبيل النصف من شعبان سنة اثنتى عشرة، ثم باشر ذلك القاضى جمال الدين إلى العشرين من ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، ثم باشر ذلك القاضى عز الدين، إلى موسم هذه السنة، ثم باشر ذلك القاضى جمال الدين إلى أن شغله المرض الذى مات فيه عن ذلك. وكان عزل عن ذلك بنائب له من أقاربه، وهو القاضى كمال الدين أبو البركات

_ (3) ليّة: بتشديد الياء، وكسر اللام، ولها معنيان: الليّة قرابة الرجل وخاصته، واللّية: العود الذى يستجمر به، وهو الالوّ. وليّة: من نواحى الطائف مرّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرافه من حنين يريد الطائف وأمر وهو بليّة بهدم حصن مالك بن عوف قائد غطفان. قال الأصمعى: لية واد قرب الطائف أعلاه لثقيف وأسفله لنصر بن معاوية. انظر: معجم البلدان، ومعجم ما استعجم (لية). (4) نسبته إلى تعكر: بضم الكاف، وراء: قلعة حصينة عظيمة مكينة باليمن من مخلاف جعفر مطلّة على ذى جبلة، ليس باليمن قلعة أحصن منها. معجم البلدان (تعكر).

ابن أبى مسعود، السابق ذكر والده غير مرة، منها فى سنة أربع عشرة وخمس عشرة، وما تم لأبى البركات أمر لعزله، بالقاهرة قبل خروج ولايته منها. وكان القاضى جمال الدين عزل عن الخطابة ونظر الحرم والحسبة، فى سنة ست عشرة وثمانمائة بالقاضى عز الدين. وباشر ذلك فى النصف الثانى من شوال هذه السنة إلى موسمها، فعادت الخطابة فقط للقاضى جمال الدين، وباشرها من موسم هذه السنة، إلى أثناء شهر ربيع الآخر سنة سبع عشرة، ثم عادت للقاضى عز الدين، وباشرها حتى مات القاضى جمال الدين، وكانت فوضت إليه بعد موته، وقبل العلم به. وولى القاضى جمال الدين تصديرين لبشير الجمدار، كان أحدهما مع الشيخ جمال الدين الأميوطى، والآخر مع عمه القاضى شهاب الدين بن ظهيرة. وولى تدريس المدرسة المجاهدية سبع عشرة سنة ـ بتقديم السين ـ وولى تدريس المدرسة الغياثية، مدرسة السلطان غياث الدين صاحب بنجالة. وأظنه ولى تصديرا ببعض المدارس الرسولية بمكة، قبل أن يلى تدريس المجاهدية بتقرير الناظر على ذلك، القاضى سراج الدين عبد اللطيف بن سالم، وبعد موته كانت ولايته للمدرسة المجاهدية، وقد نزل عنها وعن البنجالية، لولده القاضى محب الدين، فباشر ذلك مباشرة حسنة، وباشر بعد أبيه قضاء مكة وأعمالها، ونظر الأوقاف والربط بها. ولكن بعد أن سبقه إلى ذلك، قريبه القاضى أبو البركات، فإنه ولى ذلك، بعد وفاة القاضى جمال الدين، وباشر ذلك أحد عشر شهرا متوالية تزيد أياما. فأول مباشرة القاضى محب الدين، فى العشر الأخير من ذى القعدة سنة ثمان عشرة، وآخرها خامس شوال سنة تسع عشرة وثمانمائة. ثم عاد إلى مباشرة ذلك فى خامس ذى الحجة سنة تسع عشرة، بعد صرف أبى البركات عن ذلك. ثم مات أبو البركات بذات الجنب فى ليلة ثالث عشرى ذى الحجة، والقاضى محب الدين مستمر على المباشرة إلى سنة عشرين وثمانمائة، وقد خرجنا عن المقصود، ولكن لفوائد. وكان القاضى جمال الدين، ذا حظ عظيم من الخير والعبادة والعفاف والصيانة، وما يدخل تحت يده من الصدقات يصرفه فى غالب الناس وإن قل، وفقد فى معناه. وكان موته فى ليلة الجمعة السادس عشر من شهر رمضان سنة سبع عشرة وثمانمائة

214 ـ محمد بن أبى بكر عبد الله بن خليل بن إبراهيم بن يحيى بن فارس بن أبى عبد الله العسقلانى المكى، شيخ الحرم ومفتيه، رضى الدين أبو عبد الله، المعروف بابن خليل الشافعى

بمكة، ودفن بالمعلاة على جد أبيه لأمة العفيف الدلاصى (5)، مقرئ الحرم، بعد أن تعلل مدة طويلة بالإسهال. فالله يتغمده برحمته. وما ذكرناه من أن وفاته فى ليلة السادس عشر من شهر رمضان، موافق لرؤية أهل مكة لهذا الشهر. وأما على رؤية أهل عدن وغيرهم له، فهى ليلة السابع عشر من شهر رمضان، والله أعلم بحقيقة ذلك. وقد سمعت منه معجمه، وقرأت عليه كثيرا من مروياته، منها: صحيح مسلم، ومشيخة ابن البخارى، ومعجم ابن جميع وغير ذلك. وما سمعته أجمع من غيره، وأباح لى التدريس فى علم الحديث والإفادة فيه. وكان يتفضل بكثير من الثناء، وذلك مما اكتسبناه من صفاته الحسنى. وقد سمعنا منه ببلاد الفرع (6)، ونحن متوجهون فى خدمته لزيارة الحضرة النبوية. وما أطيب تلك الأوقات. ولله در القائل: وتلك الليالى الماضيات خلاعة ... فما غيرها بالله فى العمر يحسب 214 ـ محمد بن أبى بكر عبد الله بن خليل بن إبراهيم بن يحيى بن فارس بن أبى عبد الله العسقلانى المكى، شيخ الحرم ومفتيه، رضى الدين أبو عبد الله، المعروف بابن خليل الشافعى: سمع من أبى الحسن على بن الجميزى: الثقفيات. وعلى ابن أبى الفضل المرسى: صحيح ابن حبان. وعلى محمد بن على الطبرى، وابن مسدى، وأبى اليمن بن عساكر وأكثر عنهما.

_ (5) نسبته إلى دلاص: بفتح أوله، وآخره صاد مهملة: كورة بصعيد مصر على غربى النيل أخذت من البر تشتمل على قرى وولاية واسعة، ودلاص مدينتها معدودة فى كورة البهنسا. انظر: معجم البلدان (دلاص). (6) الفرع: بضم أوله، وسكون ثانيه، وآخره عين مهملة، هو جمع إما للفرع مثل سقف وسقف وهو المال الطائل المعدّ، وإما جمع الفارع مثل بازل وبزل وهو العالى من كل شيء الحسن. والفرع: قرية من نواحى المدينة عن يسار السقيا بينها وبين المدينة ثمانية برد على طريق مكة، وقيل أربع ليال، بها منبر ونخل ومياه كثيرة، وهى قرية غنّاء كبيرة، وهى لقريش الأنصار ومزينة، وبين الفرع والمريسيع ساعة من نهار، وهى كالكورة وفيها عدة قرى ومنابر ومساجد لرسول اللهصلى الله عليه وسلم. انظر: معجم البلدان (فرع).

سمع منه جماعة من الأئمة. منهم: نجم الدين بن عبد الحميد، ومات قبله. وأبو عبد الله بن رشيد خطيب سبتة (1)، وذكره فى رحلته. وذكر أنه لقيه بمنزله من الحرم الشريف، وسمع منه المسلسل بالأولية، قال: وتذاكرت مع رضى الدين فى مسائل فقهية وأصلية. وكان شديد العارضة، حديد النظر، متعرضا لإيراد الشبه. وقد كانت جرت بينه وبين الشيخ الصالح الفقيه أبى محمد المرجانى، قبل قدومى، مذاكرة، كان عنها بعض تغير، إذا كان أبوه بعيدا عن طرق المناظرة. كان فى رضى الدين فضل حد وفى المناظرة، ثم قال: ورضى الدين هذا، هو أحد العلماء العاملين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر. وله فى ذلك مع أمير مكة أبى نمى محمد بن أبى سعد، حكايات ونوادر تحكى وتذكر، وقد انتهى الأمر به ـ فيما بلغنى ـ إلى أن سجنه، فرأى أبو نمى فيما يرى النائم كأن الكعبة ـ شرفها الله تعالى ـ تطوف بالمحل الذى سجن فيه رضى الدين بن خليل، فوجه إليه وأطلقه واعتذر إليه. ورضى الدين هذا، هو الذى تدور عليه الفتيا أيام الموسم. انتهى. وممن سمع عليه أيضا. الشيخان: علاء الدين العطار، وعلم الدين البرزالى، وذكره فى معجمه، فقال: كان شيخا جليل القدر، عالما متدينا، له معرفة بالفقه على مذهب الشافعى، وعليه مدار القتوى بمكة معتمدا فيها؛ وإن كان الشيخ محب الدين الطبرى شيخ الجماعة قوالا بالحق، آمرا بالمعروف، ناه عن المنكر، له فى القلوب الجلالة، ويتوسل به فى الحوائج، ناسكا صالحا، دائم الصيام والطواف، قاضيا لحوائج الناس، من قصده مشى معه متواضعا. وكان يعرف «التنبيه» مسألة مسألة، ويحفظ «المفصل»، ويعرف طرفا من العربية. انتهى. وذكره الذهبى فى تاريخ الإسلام، وقال: كان فقيها عالما، مفتيا، ذا فضل ومعارف وعبادة وصلاح، وحسن أخلاق. وقد سمع منه ابن العطار، والبرزالى، وجماعة. وأجاز لى مروياته وترجمه: شيخ الحرم.

_ 214 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 2/ 492). (1) سبتة: بلفظ الفعلة الواحدة من الإسبات، أعنى التزام اليهود بفريضة السبت المشهور، بفتح أوّله. وضبطه الحازمى بكسر أوّله: وهى بلدة مشهورة من قواعد بلاد المغرب ومرساها أجود مرسى على البحر، وهى على برّ البربر تقابل جزيرة الأندلس على طرف الزقاق الذى هو أقرب ما بين البّر والجزيرة. معجم البلدان (سبته).

وذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة: أنه وجد للفقيه جمال الدين بن خشيش الآتى ذكره كتابا ألفه سماه «المقتضب» قرأه عليه الرضى بن خليل وكتب له بخطه بسبب قراءته له عليه ألقابا منها: مفتى الحرمين، وذلك فى سنة أربع وستين وستمائة. قلت: هذه مزية للرضى، ومع ذلك فما سلم من الأذى. فقد وجدت بخط أبى العباس الميورقى: خرق الشرفاء هيبة الرضى محمد بن أبى بكر بن خليل فى شوال سنة خمس وسبعين، ولم يزد على ذلك، ولم يذكر سبب ذلك. ولعل سبب هذه القضية إنكاره المنكر، كما ذكر ابن رشيد فيما سبق. ووجدت ذلك بخط أبى عبد الله بن قطرال فى تعاليقه، فى أثناء ترجمة الرضى بن خليل هذا؛ لأنه قال: أخبرنى ثقة، أنه سجن مرة على تغيير منكر قام به. فرأى صاحب مكة أبو نمى الكعبة المشرفة تطوف بالسجن الذى كان فيه، فأخرجه واستعطفه وسأل المغفرة. انتهى. وهذه منقبة عظيمة. وللرضى بن خليل هذا نظم، فمنه ما أنشدناه الشيخ أبو اليمن محمد بن أحمد بن الرضى إبراهيم الطبرى بقراءتى عليه الحرم الشريف، أن أباه وعثمان بن الصفى أنشداه إجازة عنه. ونقلت من خطه هذه الأبيات: إن الحليفة للمدينة محرم ... ويلملم يمن وشام جحفة عرق عراق ثم نجد قرنها ... هذى المواقيت الشريفة جمة فحليفة عشر وجحفة أربع ... ومراحل التالى اثنتان ريحة ومنه بهذا الإسناد، وأنشد ذلك له ابن الجزرى فى تاريخه: يا نازحين ودمع العين ينزحه ... من بعد بعدهم عودوا ولى عود ترى لييلات سلع هل تعود بكم ... وذاوى الحب هل ينشق له عود أفنى جميعى هواكم لا عدمتكم ... سوى أنين ووجد فهو موجود وحق حبكم لا خنت عهدكم ... فعللونى بوصل أو به جودوا لله وقت قضيناه على دعة ... والشمل مجتمع والبين مطرود ومنه به: أيها النازح المقيم بقلبى ... فى أمان أنى حللت ورحب جمع الله بيننا عن قريب ... فهو أقصى مناى منك وحبى

215 ـ محمد بن عبد الله بن عبد الله الدمشقى القلعى المقرى، ناصر الدين المعروف بالعقيبى

وأنشد له ابن الجزرى هذين البيتين، ولا أدرى هل هما له أم لا؟ فقال: وكتب من مكة إلى الشام: وما أبتدأ العبد فى كتبه ... سلام لأمر تظننونه ولكنه إذا رأى كونه ... تحيتهم يوم يلقونه وتوفى الرضى بن خليل هذا، فى الحادى والعشرين من ذى الحجة سنة خمس وتسعين وستمائة بمكة، ودفن بالمعلاة بالقرب من سفيان بن عيينة. هكذا ذكر وفاته البرزالى فى معجمه، نقلا عن الشيخ بهاء الدين عبد الله بن الشيخ رضى الدين المذكور. وذكر الذهبى فى تاريخ الإسلام: أنه توفى فى الحادى والعشرين من ذى الحجة سنة ست وتسعين. كذا وجدت بخطى فيما نقلته من التاريخ المذكور، وهو وهم منى إن لم يكن منه. والظاهر أن الوهم منه، لأنه ذكره فى «العبر» فى المتوفين سنة ست، إلا أنه لم يذكر الشهر، وإنما كان ذلك وهما؛ لأنى وجدت بخط جدى أبى عبد الله الفاسى: أنه توفى فى آخر شهر ذى الحجة سنة خمس وتسعين بمكة. وذكر أنه عاده فى مرضه، وحضر الصلاة عليه، ودفنه بالمعلاة. وما ذكره جدى موافق لما ذكره البرزالى، وهو إنما نقل وفاته عن الشيخ بهاء الدين عبد الله بن الشيخ رضى الدين المذكور، وهما أقعد بمعرفة ذلك من غيرهما. ومولده ـ على نل ذكر البرزالى ـ بمنى فى حادى عشر ذى الحجة فى آخر أيام التشريق، سنة ثلاث وثلاثين وستمائة. 215 ـ محمد بن عبد الله بن عبد الله الدمشقى القلعى المقرى، ناصر الدين المعروف بالعقيبى: نسبة إلى العقيبة، موضع بدمشق، المتصدر بالحرم الشريف. هكذا وجدت نسبه بخطه. ووجدت بخطه: أنه قرأ القرآن الكريم ختمة كاملة بما احتوته قصيدة الإمام الشاطبى من مذاهب القراء، على المقرئين بدر الدين محمد بن أحمد بن بصحان الدمشقى، وشمس الدين محمد بن أحمد بن على الرقى، وحدث عنهما بالقصيدة المذكورة، بقراءة ابن بصحان لها، على الرضى جعفر بن القاسم بن دبوقا، وقراءة الرقى لها، على الجمال إبراهيم بن داود الفاضلى، والشهاب أبى بكر بن عثمان بن عبد الخالق بن مزهر الأنصارى.

_ 215 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 2/ 497).

216 ـ محمد بن عبد الله بن عبد الحق بن عبد الله بن عبد الأحد بن على المخزومى المكى المقرئ، قطب الدين بن الشيخ عفيف الدين الدلاصى المكى

وعنهما أخذ القراءة بقرائتهما لها على العلم السخاوى، عن الناظم، تلا عليه لأبى عمرو بن العلاء من طريق الدورى، والسوسى عن اليزيدى عنه ختمة، جمع فيها بين الطريقين، شيخنا القدوة تفى الدين عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى. وكتب له الإجازة بخطه. ومنها نقلت ما ذكرت. وسألت شيخنا المذكور عنه. فقال: تصدر للإقراء بدمشق وبالمدينة. ومات بها أو بمكة، وأقام بها مدة طويلة. وكان مستجاب الدعوة. وكان يقرأ غالبا فى كل يوم ختمة. وذكر أنه سمعه يقول: كنت أقرأ فى كل يوم من رمضان ختمتين، فلما كان آخر الشهر، صرت أرى مكتوبا: الله، الله، الله، على جميع ما يقع عليه بصرى من الأرض والسماء والجبال، فانقطعت عن المسجد وحضور الجماعة ودخول الخلاء وغير ذلك، وتركت التصرف، وأقمت على ذلك يومين، ثم زال عنى فى الثالث. وذكر لى شيخنا: أن بعض الناس حسّن للشيخ ناصر الدين هذا، أن يصطرف دراهم، بمسعودية، فى وقت رخصها، ليستفيد فيها وقت غلوها، فاتفق أنه فعل. فلما تبين له تحريم ذلك، تصدق بالجميع. وكان مبلغا له صورة. وذكر أنه كان شديد المراقبة لنفسه. وقد ذكره ابن فرحون فى كتابه «نصيحة المشاور»، فقال: كان إماما فى القراءات وموادها، ملازما للمشتغلين، انتفع الناس عليه بدمشق ورأس فيها. انفرد بمكة ثم بالمدينة. وكان من الأولياء، وأهل الفراسة. وكذا عنده حدة عظيمة على الطلبة وهيبة عليهم. توفى رحمه الله سنة أربع وستين وسبعمائة. انتهى. 216 ـ محمد بن عبد الله بن عبد الحق بن عبد الله بن عبد الأحد بن على المخزومى المكى المقرئ، قطب الدين بن الشيخ عفيف الدين الدلاصى المكى: سمع على الفخر التوزرى، الموطأ رواية يحيى بن يحيى. وسمع على والده، وخلفه فى التصدر للإقرار بالحرم الشريف. ومات شابا فى مستهل صفر، سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة بمكة، كما ذكر البرزالى فى تاريخه. وذكر أنه اجتمع به بعرفة، وسمع بقراءته، وسأله عن تاريخ وفاة والده. وله على ما بلغنى إجازة من العز الفاروثى.

217 ـ محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد بن صابر السلمى الدمشقى، أبو طالب بن أبى المعالى

وبلغنى عن صهره، زوج أخته، ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى، أنه لما مات صهره محمد هذا، نظر فى قبره، فتخيل أنه ضيق عليه، فنام فرأى الميت فى النوم. فقال له: خاطرى معك لضيق قبرك عليك. فقال: ما هو ضيق، وأنا أرى منه الحجر الأسود. فتعال انظر، فنظر إليه، فرأى الحجر الأسود، ورأى كأنه فى مرجة خضراء كأنها بستان، وفيه أشجار. فقال له: أنا أقيم عندك. فقال له: الله يستر بك أهلك. فاستيقظ وهو يجد طعم التفاح فى فمه. هذا معنى ما بلغنى فى ذلك. 217 ـ محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أحمد بن صابر السلمى الدمشقى، أبو طالب بن أبى المعالى: المعروف جده بابن سيدة ـ بسين مفتوحة وياء آخر الحروف مشددة مكسورة بعدها دال مهملة وتاء تأنيث ـ هكذا ذكره المنذرى فى التكملة (1). وذكر أنه سمع أباه. وذكر القطب الحلبى فى تاريخ مصر: أنه سمع أباه وأبا طاهر الخشوعى، وأبا محمد ابن عساكر. وسافر إلى مصر، وسمع بها من إسماعيل بن صالح بن ياسين، وأبى القاسم البوصيرى، مربعة ابن دريد. أخبرنا ابن بركات، أخبرنا القضاعى، أخبرنا أبو مسلم عنه: سمعها منه أبو حامد بن الصابونى، وسمع منه الحسن الخلال، وعلى بن هارون الثعلبى. وجاور بمكة سنين، وكانت له دنيا واسعة، وحال حسن، فتزهد فى عنفوان شبابه فيها وطرحها، وصحب الصالحين، وأهل الخير. وتوفى لسبع خلون من محرم سنة سبع وثلاثين وستمائة، وقد جاوز السبعين ودفن فى يومه بمقبرة ابن أوراب. انتهى باختصار. 218 ـ محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم، القاضى صدر الدين أبو بكر المراغى: كان من أعيان أهل زمانه فضلا وتقدما. قدم بغداد فى صباه فى سنة اثنتين وثلاثين

_ 217 ـ انظر ترجمته فى: (سير أعلام النبلاء 23/ 70). (1) هو كتاب «التكملة فى وفيات النقلة» للمنذرى. 218 ـ انظر ترجمته فى: (المختصر المحتاج إليه، للدبيثى 109، الكامل لابن الأثير حوادث سنة 570).

219 ـ محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير

وخمسمائة، فسمع بها من شيخ الشيوخ أبى البركات إسماعيل بن أبى سعد النيسابورى وغيره. وعاد إلى بلده وتولى القضاء، وعلت حاله وكثر جاهه وماله. وقدم بغداد حاجا فى سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، وتلقاه الموكب وعلماء بغداد، على ما ذكر ابن الجزرى، قال: وكان شيخا كثير المال، حسن الهيئة، يلبس الحرير، ويجعل الذهب على دابته، وحج وعاد إلى بلده، وواصل جماعة من أهل بغداد بعطائه لما قدمها، وله آثار حسنة ببلده. توفى هناك فى سنة تسعين وخمسمائة أو نحوها. ونقل إلى مدينة النبى صلى الله عليه وسلم، فدفن برباط أنشأه مجاور لحرم النبى صلى الله عليه وسلم. ذكره ابن الدبيثى فى ذيل تاريخ بغداد. ومنه كتبت الترجمة مختصرة. وهو صاحب الرباط الذى على باب الجنائز بمكة، المعروف ببيت الكيلانى، كما فى الحجر الذى على بابه، وفيه أنه أوقفه على الغرباء الواصلين إلى محروسة مكة، حرسها الله تعالى، النازلين فيه، والمجتازين وغيرهم من العرب والعجم، فى ذى الحجة سنة خمس وسبعين وخمسمائة. 219 ـ محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير: ويقال له: محمد المحرم ـ بالحاء المهملة ـ لكونه كان يحرم بالحج بمنصرفه إلى بلده، ويبقى السنة محرما. روى عن عطاء وابن أبى مليكة. وعنه: النفيلى، وداود بن عمرو الضبى، وشبابة، ومنصور بن مهاجر، وعدة. ضعفه ابن معين، وقال: ليس بثقة. وقال البخارى: منكر الحديث. وقال النسائى: متروك. وقال أبو حاتم: واه. ضمرة عن ابن شوذب، قال: قال عكرمة: ما أعلم أحدا شرا منك؟ قال: وكيف؟ قال: لأن الناس يستقبلون هذا البيت بالتلبية وأنت تستدبره بها (1).

_ 219 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 7/ 300، التاريخ الكبير 1/ 1 / 163، الضعفاء والمتروكين للنسائى 522، الضعفاء الصغير للبخارى 328، الضعفاء والمتروكين للدارقطنى 450، ميزان الاعتدال 3/ 590). (1) هذا النص فى لسان الميزان (3/ 591).

220 ـ محمد بن أبى بكر الصديق، واسم عبد الله بن أبى قحافة عثمان بن عامر، القرشى التيمى، أبو القاسم

وكان محمد يحرم السنة كلها، إذا انصرف إلى أهله لبى بالحج. كتبت هذه الترجمة ملخصة من الميزان للذهبى. 220 ـ محمد بن أبى بكر الصديق، واسم عبد الله بن أبى قحافة عثمان بن عامر، القرشى التيمى، أبو القاسم: ولد عام حجة الوداع بذى الحليفة ـ أو بالشجرة ـ وخلف على بن أبى طالب أباه على أمه أسماء بنت عميس، وتربى فى حجره. وكان على رجالته يوم الجمل، وشهد معه صفين. وكان على ـ رضى الله عنه ـ يثنى عليه ويفضله؛ لأنه كان ذا عبادة واجتهاد. وولاه مصر، فسار إليه عمرو بن العاص رضى الله عنه، واقتتلوا، فانهزم محمد بن أبى بكر، ودخل خربة فيها حمار ميت، ودخل جوف الحمار، فأحرق فى جوفه وقتل قبل تأمر عمر بن العاص. وقيل: قتله معاوية بن خديج فى المعركة صبرا. ثم أحرق فى جوف حمار. وكان قتله فى سنة ثمان وثلاثين، وفيها: ولى مصر بعد الأشتر النخعى، على ما قال أبو عمر بن عبد البر. وكلام الذهبى يدل على أنه وليها قبل الأشتر، ووافق على أنه توفى سنة ثمان وثلاثين، وهو ممن اتهم بقتل عثمان. وقيل: إنه شارك فيه. 221 ـ محمد بن عبد الله بن على بن محمد بن عبد السلام بن أبى المعالى ابن أبى الخير الكازرونى، المكى، جمال الدين: رئيس المؤذنين بالحرم الشريف سمع من الرضى الطبرى: سنن أبى داود، والنسائى، وعلوم الحديث لابن الصلاح، وحدث.

_ 220 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2348، الإصابة ترجمة 8313، أسد الغابة ترجمة 4751، نسب قريش 277، التاريخ الكبير 1/ 124، التاريخ الصغير 1/ 253، الجرح والتعديل 7/ 301، تاريخ الطبرى 5/ 94، مروج الذهب 3/ 160، 197، الولاة والقضاة 26، جمهرة أنساب العرب 138، الكامل 3/ 352، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 85، تهذيب الكمال 1178، العبر 1/ 44، تذهيب التهذيب 3/ 192، البداية والنهاية 9/ 80، النجوم الزاهرة 1/ 106، شذرات الذهب 1/ 48، سير أعلام النبلاء 3/ 482). 221 ـ انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 4/ 478).

222 ـ محمد بن عبد الله بن على بن يوسف بن عبد الله بن بندار الدمشقى، ثم المصرى شمس الدين، أبو عبد الله بن الكمال أبى بكر بن قاضى القضاة أبى الحسن بن أبى المحاسن، المعروف بابن شاهد القيمة

سمع منه جماعة من شيوخنا وغيرهم، منهم شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، وقال: كان له معرفة بعلم الميقات. وصنف فى ذلك أرجوزة، أولها: قال ابن عبد الله والسلام ... مؤذن الكعبة والمقام وسافر إلى بلاد الهند، ومكث بها مدة طويلة. ثم عاد إلى مكة فى أواخر عمره، واستمر بها حتى مات فى سنة سبع وسبعين وسبعمائة. انتهى. وذكر لى ابن أخيه الرئيس بهاء الدين عبد الله بن على: أن عمه هذا، توفى فى شوال منها، وأن مولده فى رمضان سنة إحدى عشرة وسبعمائة. وذكر لى أن أباه كان فى فاقة شديدة عند ولادته، ففتح عليه بسنجة ذهب، زنتها ثلاثون مثقالا. انتهى. (1) وكان المذكور يعانى تجبير الأعضاء. 222 ـ محمد بن عبد الله بن على بن يوسف بن عبد الله بن بندار الدمشقى، ثم المصرى شمس الدين، أبو عبد الله بن الكمال أبى بكر بن قاضى القضاة أبى الحسن بن أبى المحاسن، المعروف بابن شاهد القيمة: نزيل مكة. سمع من عمه المعين أحمد بن على الدمشقى، كتاب: فضل الصلاة لإسماعيل القاضى ومشيخته، ومجلس البطاقة، وسمع من أبى مضر الواسطى. وحدث عنه ببعض صحيح مسلم، ولعله سمعه كله. رواه عنه الآقشهرى. وسمع منه البرزالى، وذكره فى معجمه. وقال: ولد بالقاهرة سنة أربع وأربعين وستمائة وتزوج بها وجاءته بها أولاد، ثم قدم مكة. وأقام من عشرين، وتزوج بها وجاءته بها أولاد، وتوفى بها فى سنة تسع وعشرين وسبعمائة. وذكر القطب الحلبى فى تاريخ مصر: أنه توفى أوائل سنة تسع وعشرين وسبعمائة بمكة. وأنه ولد بدرب الأتراك بالقاهرة، فى مستهل ربيع الأول سنة أربع وأربعين وستمائة.

_ (1) على هامش نسخة «ف» ابن فهد: «وولى جمال الدين رئاسة المؤذنين بالحرم الشريف بمأذنة باب قبر شيبة بعد أخيه نور الدين على. وكانت له الوظيفة المذكورة قبل سفره إلى بلاد العجم وبلاد الهند وقد نزل عنها لولده عبد اللطيف، فباشرها مدة سفر. واستقر ولده بعد وصوله ثم تولى جمال الدين الوظيفة مستقلا من القاهرة بمعلوم زائد عن معلوم ولده وإخوته وباشر الوظيفة حتى توفى بمكة ودفن بالمعلاة».

223 ـ محمد بن عبد الله بن عليات بن فضالة بن هاشم بن هانى بن خرز القرشى العثمانى، أبو عبد الله المكى

223 ـ محمد بن عبد الله بن عليات بن فضالة بن هاشم بن هانى بن خرز القرشى العثمانى، أبو عبد الله المكى: خادم الشيخ أبى محمد عبد الرحمن المغربى. هكذا نسبه الشريف أبو القاسم الحسينى فى وفياته. وذكر أنه سمع من الحافظ أبى الفتوح الحصرى: سنن النسائى، رواية بن السنى وحدث بها. سمعها منه الفخر التوزرى. وتوفى فى ليلة الخميس الثامن عشر من صفر سنة خمس وستين وستمائة بمكة، شرفها الله تعالى. ومولده فى سنة خمس وسبعين وخمسمائة. وذكر القطب الحلبى فى نسبه، ما يخالف ما ذكره الشريف أبو القاسم. فقال لما ذكر ابنه أبا حامد الآتى ذكره: محمد بن محمد بن عبد الله بن فضالة بن عبد الله المعروف بعلياش بن هانى بن فضالة بن هانى بن خزر. ووجدت بخط يعقوب بن أبى بكر الطبرى فى استدعاء مؤرخ بجمادى الأولى سنة تسع وخمسين وستمائة ما مثاله: أجاز لهم الشيخ الصالح أبو عبد الله محمد بن ماخوخ المعروف بالخادم. وكتب عنه بحضوره، من غرة ربيع الأول سنة ستين وستمائة. وهذا كما ترى مخالف لما ذكره القطب الحلبى وشيخه، وهو المذكور، لأنى رأيت فى محاذاة اسمه بخط القطب القسطلانى، والاستدعاء بخطه: ووفاته كما ذكره الشريف أبو القاسم، إلا أنه ذكرها أبين، فقال: ليلة الخميس. ووجدت بخط جدى أبى عبد الله الفاسى: أنه نقل من خط أبى المعالى محمد بن القطب القسطلانى: توفى أبو عبد الله محمد بن ماخوخ، المعروف بالخادم، وهو خادم الشيخ عبد الرحمن الغمارى سنة أربع وستين وستمائة، فهذا كما تراه مخالف فى النسب، اللهم إلا أن يكون ماخوخ لقبا لأبيه والله أعلم. ومن الوفاة ـ والصواب وفاته ـ: فى سنة خمس وستين وستمائة. وخزر ـ بخاء معجمة وزاى ثم راء ـ على ما يقتضيه ضبط الشريف أبى القاسم الحسينى بخطه، سبق بيانه.

224 ـ محمد بن عبد الله بن عمر بن مسعود، العمرى المكى

224 ـ محمد بن عبد الله بن عمر بن مسعود، العمرى المكى: كان من أعيان القواد العمرية. توفى ـ مقتولا من سهم أصابه، رماه به مبارك بن عطيفة بن أبى نمى ـ سنة سبع وثلاثين وسبعمائة بظاهر مكة؛ وسبب قتله: أن مباركا وجد عليه، لأنه كان فيمن خرج إلى مبارك، لخلاص محمد بن الزين القسطلانى من مبارك، لما قبض على ابن الزين. والعمرى: نسبة إلى جده عمر، ومسعود ـ والد عمر ـ مولى أبى سعد حسن بن على بن قتادة، صاحب مكة الآتى ذكره. 225 ـ محمد بن عبد الله بن عمر بن عبد الله بن عمر بن مسعود القائد العمرى المكى: كان من أعيان القواد العمرية. وممن جسّر السيد رميثة بن محمد بن عجلان بن رميثة الحسنى، على هجم مكة، فى آخر جمادى الآخرة سنة ست عشرة وثمانمائة. وتوفى فى آخر سنة أربع وعشرين ثمانمائة، أو فى أول سنة خمس وعشرين وثمانمائة، وقد بلغ الخمسين، أو قاربها ظنا. 226 ـ محمد بن عبد الله بن عمرو بن محمد بن زياد بن إسماعيل بن عبد الله بن المطلب بن أبى وداعة القرشى السهمى، أبو عمرو، قاضى مكة: ذكره صاحب الجمهرة ابن حزم. وذكر أنه كان على قضاء مكة أيام المطيع، وأن له ابنا محدثا اسمه على. انتهى. قلت: والمطيع: هو المطيع لله أبو القاسم الفضل بن جعفر بن المقتدر العباسى، وأيامه المشار إليها هى أيام خلافته، وكانت من سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، إلى ذى القعدة سنة ثلاث وستين وثلاثمائة. 227 ـ محمد بن عبد الله بن الفتوح بن محمد المكناسى المحاصر (1) جمال الدين أبو عبد الله، إمام المالكية بالحرم الشريف: هكذا نسبه الميورقى تعاليقه، وذكر أنه تولى إمام مقام المالكية بمكة، سنة ثمان وثمانين

_ 224 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 8/ 100). 225 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 8/ 100). 226 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ الكبير 4/ 218، تهذيب الكمال 167، سير أعلام النبلاء 5/ 181). 227 ـ (1) هكذا فى الأصل.

228 ـ محمد بن عبد الله بن أبى الفضل بن أبى على بن عبد الكريم الطائى، شيخ الحرم، ظهير الدين أبو عبد الله بن منعة البغدادى الزعفرانى

وخمسمائة. وذكر أنه وقف فى هذا العام «المقرب» لابن أبى زمنين المالكى، بست مجلدات، على المالكية والشافعية والحنيفة، الذين يكونون بمكة. وجعل مقره بخزانة المالكية بمكة. ولم يذكر الميورقى وفاته. ووجدتها على حجر قبره بالمعلاة عند حائط قبر الشولى، بخط عبد الرحمن بن أبى حرمى، وترجمه: بالفقيه الإمام العالم العامل الزاهد الورع. وذكر كنيته ولقبه كما ذكرنا، وكذلك نسبه، إلا أنه لم يذكر محمد بعد فتوح. وأرخ وفاته بيوم الخميس العاشر من جمادى الأولى سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة. 228 ـ محمد بن عبد الله بن أبى الفضل بن أبى على بن عبد الكريم الطائى، شيخ الحرم، ظهير الدين أبو عبد الله بن منعة البغدادى الزعفرانى: سمع من الشرف بن أبى الفضل المرسى: الأربعين للفراوى، تخريج ولده، وجزء ابن نجيد. وسمع من سليمان بن خليل، ويعقوب بن أبى بكر الطبرى: جامع الترمذى. وحدث. سمع منه جماعة، منهم: الشريف أبو عبد الله الفاسى، والحافظ قطب الدين الحلبى، وذكره فى معجمه، فقال: كان ينسب إلى بعض تشيع، وكان شيخ الحرم فى وقته، من بقية السلف، ولديه فضيلة. وسمع منه: الحافظ علم الدين البرزالى، وذكره فى معجمه وتاريخه، وقال: إنه شيخ حسن. أقام بمكة ثمانيا وخمسين سنة، وكان دخلها شابا مع الشيخ عفيف الدين منصور بن منعة. وكان عمه شيخ الحرم، وله مكانة كبيرة من جهة الخلافة. فلما مات، استمر شيخنا هذا بها على وظيفة عمه إلى أن توفى بالمهجم ـ من بلاد اليمن ـ فى السادس من رمضان سنة ثمان وسبعمائة. وصلى عليه من الغد عقب صلاة الصبح، ودفن بالمقبرة الشامية بالبلد المذكور. وكان توجه فى هذه السنة إلى بلاد اليمن، متوفدا صاحبها الملك المؤيد فناله منه بر ورفد، ثم عاد فأدركه الأجل بالمهجم من تهامة (1).

_ 228 ـ (1) تهامة: فى «مختصر العين» تهامة: مكة، والنازل متهم، والصحيح أن مكة من تهامة ـ

229 ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس الهاشمى الخليفة، أبو عبد الله المهدى بن أبى جعفر المنصور العباسى

ومولده: سنة ثلاث وثلاثين وستمائة ببغداد. انتهى. قلت: الزعفرانى: نسبة إلى قرية من أعمال نهر عيسى من بغداد، هكذا وجدت بخط ابن مسدى فى الأربعين التى خرجها لعمه؛ ومن خطه نقلت هذا النسب، وذكر أنه سأل عمه عنه. 229 ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس الهاشمى الخليفة، أبو عبد الله المهدى بن أبى جعفر المنصور العباسى: ذكرناه فى هذا الكتاب، لكونه ممن وسع المسجد الحرام وعمره. بويع بمكة بالخلافة بعد موت أبيه بها، وبلغه الخبر بذلك فى أحد عشر يوما، وكان أبوه عهد إليه بالخلافة، واستمر حتى مات فى العشر الأخير من المحرم، سنة تسع وستين ومائة، عن ثلاث وأربعين سنة بماسبذان (1). وسبب موته: أنه ساق خلف صيد، فدخل الوحش خربة، فدخل الكلاب خلفه وتبعهم المهدى، فدق ظهره فى باب الخربة لشدة سوقه، فتلف لساعته. وقيل بل أكل طعاما سمته جاريته لضرتها، فلما وضع يده فيه، ما جسرت أن تقول هيأته لضرتى. ويقال كان «إنجاص» فأكل واحدة وصاح من جوفه، ومات من الغد، وكانت خلافته عشر سنين وشهرا.

_ ـ كما أن المدينة من نجد. وقيل: أرض تهامة قطعة من اليمن وهى جبال مشتبكة أولها فى البحر القلزمى ومشرفة عليه وحدودها فى غربيها بحر القلزم وفى شرقيها جبال متصلة من الجنوب إلى الشمال. انظر: الروض المعطار 141، 142، ابن حوقل 43، الكرخى 26، النزهة 52، ومعجم البلدان (تهامة). 229 ـ انظر ترجمته فى: (فوات الوفيات 2/ 225، دول الإسلام للذهبى 1/ 86، البدء والتاريخ 6/ 9، اليعقوبى 3/ 125، النبراس 31 ـ 35، ثمانمائة المسعودى 2/ 194 ـ 201، تاريخ بغداد 5/ 391، ابن الساعى 23، الوافى بالوفيات 3/ 300، الأعلام 6/ 221، المعارف 379 ـ 380، الوزراء والكتاب 141 ـ 166، مروج الذهب 2/ 246 ـ 255، تاريخ بغداد 5/ 391 ـ 401، الكامل لابن الأثير 6/ 32 ـ 34، 81 ـ 87، الوافى بالوفيات 3/ 300 ـ 302، البداية والنهاية 10/ 129 ـ 131، تاريخ الخلفاء 271 ـ 279، شذرات الذهب 1/ 230، 245، 247، 248، 266 ـ 269، سير أعلام النبلاء 7/ 400). (1) ماسبذان: هى أحد فروج الكوفة، وهى بالقرب من هيت. انظر: الروض المعطار 519، معجم البلدان (ماسبذان).

230 ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن قاسم، تقى الدين بن الشيخ عفيف الدين بن قاضى مكة تقى الدين، بن مفتى مكة شهاب الدين، الحرازى المكى

وكان طويلا أبيض مليحا، حسن الأخلاق، حليما فضا بالزنادقة، جوادا ممدحا، محببا إلى الناس، وصولا لأصحابه، ولم يل الخلافة أحد أكرم منه ولا أبخل من ابنه. ويقال: إنه أعطى شاعرا مرة خمسين ألف دينار. ويقال: إن المنصور خلا فى الخزائن مائة ألف ألف وستين ألف ألف درهم، ففرقها المهدى. ولما حج فى سنة ستين ومائة، قسم فى أهل مكة والمدينة، ثلاثين ألف ألف درهم، على ما قيل، وأربعمائة ألف دينار، وصلت إليه من مصر واليمن، ومائة ألف ثوب وخمسين ألفا، وكسا الكعبة، ووسع المسجد الحرام، ثم زاد فيه مرة أخرى، وأنفق فى ذلك أموالا عظيمة. وقد ذكرنا ذلك أبسط من هذا فى كتابنا «شفاء الغرام» ومختصراته. ولما حج حمل إليه الثلج إلى مكة، ولم يتم ذلك لأحد قبله. وأمر فى سنة إحدى وستين، بعمارة طريق مكة، وبنائه القصور فيها، أوسع من القصور التى بناها السفاح، وأمر باتخاذ البرك، وإصلاح المياه وتجديد الأميال. وفى سنة ست وستين ومائة أمر بإقامة البريد بين مكة واليمن، وبين المدينة النبوية ومكة، فأقيم لذلك بغال وإبل، وهو أول ما أقيم فى تلك الأراضى. 230 ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن قاسم، تقى الدين بن الشيخ عفيف الدين بن قاضى مكة تقى الدين، بن مفتى مكة شهاب الدين، الحرازى المكى: سمع من عمة أبيه شيختنا أم الحسن فاطمة، والعفيف النشاورى، وأجاز له جماعة من شيوخنا الشاميين بالإجازة، واشتغل بالعلم فعاجلته المنية. توفى فى صفر سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. 231 ـ محمد بن عبد الله بن أحمد بن قاسم الحرازى، أخو السابق شقيقه، يكنى أبا الفضل: حضر على عمه فيما أحسب، وسمع من شيخنا ابن صديق وغيره. وعنى بالعلم فتنبه. ودخل اليمن والهند طلبا للرزق. فأدركه الأجل بكلبرجة ـ ببلاد الهند ـ فى سنة عشرة وثمانمائة، ووصل نعيه فى سنة أربع عشرة وثمانمائة. وعاش نيفا وثلاثين سنة.

_ 231 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 8/ 102، وقد دخلت ترجمة الذى قبله فى هذه الترجمة).

232 ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحارث بن أمية الأصغر ابن عبد شمس بن عبد مناف القرشى، أمير مكة

232 ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحارث بن أمية الأصغر ابن عبد شمس بن عبد مناف القرشى، أمير مكة: ذكره الفاكهى فقال: ومن ولاة مكة أيضا: أبو جراب الأموى، وهو محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحارث بن أمية الأصغر. كان على مكة فى زمن عطاء بن أبى رباح. فحدثنا سعيد بن عبد الرحمن قال: حدثنا بن أبى رواد عن بن جريج، قال: أمر أبو جراب عطاء ـ وهو أمير مكة ـ أن يحرم فى الهلال، وكان يلبى بين أظهرنا، وهو حلال، ويعلن التلبية. انتهى. وولاية أبى جراب لمكة، تكون فى خلافة عبد الملك بن مروان، أو خلافة أحد من أولاده الأربعة. والله أعلم. وذكره بن حزم فى الجمهرة، وأنه يلقب أبا جراب، ونسبه كما نسبه الفاكهى. وقال: قتله داود بن على بن عبد الله بن العباس. انتهى. وذكر الزبير بن بكار: أن أمه رملة بنت العلاء بن طارق بن المرقع من كنانة. 233 ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله، القاضى جمال الدين بن فهد القرشى، الهاشمى المكى: سمع على المفتى عماد الدين عبد الرحمن بن محمد الطبرى: صحيح مسلم، عن المرسى، وعلى أخيه الشرف يحيى بن محمد الطبرى: أربعى المحمدين للجيانى وغير ذلك، وعلى الأمين محمد بن القطب القسطلانى: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، وعلى التوزرى الموطأ أيضا، وصحيح البخارى، ومسند الدارمى، ومسند الشافعى، والشفا، وعلى الصفى الطبرى، وأخيه الرضى: صحيح البخارى وغير ذلك، وعلى الظهير بن منعة: جزء ابن نجيد، وعلى أحمد بن ديلم الشيبى: الأربعين المختارة لابن مسدى، وعلى بنتى القسطلانى: سداسيات الرازى، وغير ذلك من الكتب والأجزاء، بقراءته وقراءة غيره.

_ 232 ـ انظر: (جمهرة أنساب العرب 69). 233 ـ (1) على هامش نسخة ابن فهد: «وهم المؤلف رحمه الله تعالى فى السنة، لأن البرزالى إنما ذكره فى المتوفين سنة ست وثلاثين وسبعمائة».

234 ـ محمد بن عبد الله بن محمد الأندلسى، أبو عبد الله، العلامة المفسر، شرف الدين، المعروف بابن أبى الفضل المرسى السلمى

وتفقه على قاضى مكة نجم الدين الطبرى وصحبه، وانتفع به، وناب عنه فى الحكم، وعن القاضى شهاب الدين أحمد بن القاضى نجم الدين الطبرى، حتى مات، وهو القائم بولاية القاضى شهاب الدين، وكان فاضلا فى الفقه وغيره. وكان يفتى ويعانى التجارة فى كثير من الأشياء، وحصل دنيا طائلة، وخلف تركة لها صورة من العقار وغيره. وكان طارحا للتكلف، يجلس للحكم فى السوق فى غالب النهار. وذكره البرزالى فى تاريخه، نقلا عن العفيف المطرى، فقال: كان فقيها مفننا معظما، نزها قوالا بالحق، لم يخلف بعده ببلده مثله؛ وذكر أنه توفى فى يوم الثلاثاء رابع شعبان سنة خمس وثلاثين وسبعمائة بمكة. وأن مولده فى أوائل شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين وستمائة. انتهى. ووجدت بخط ابن البرهان الفقيه جمال الدين، أنه توفى يوم الأربعاء الرابع من شعبان سنة ست وثلاثين، وأنه ناب عن القاضى نجم الدين الطبرى. انتهى. والصحيح فى وفاته، ما ذكره ابن البرهان؛ لأنى وقفت له على إجازة كتبها لجدى القاضى أبى الفضل النويرى، فى عرضه عليه لجميع كتاب «التنبيه» فى الفقه لأبى إسحاق الشيرازى، تاريخها سلخ رمضان سنة خمس وثلاثين. وأجاز له جميع مروياته. 234 ـ محمد بن عبد الله بن محمد الأندلسى، أبو عبد الله، العلامة المفسر، شرف الدين، المعروف بابن أبى الفضل المرسى السلمى: سئل عن مولده، فذكر أنه فى ذى الحجة سنة تسع وستين وخمسمائة بمرسية. وقيل: سنة سبعين. وسمع بالمغرب من جماعة، منهم أبو محمد عبد الله الحجرى. سمع عليه: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، ثم رحل من المغرب فى سنة ثلاث وستمائة.

_ 234 ـ انظر ترجمته فى: (بغية الوعاة 60، إرشاد الأريب 7/ 16، نفح الطيب 1/ 443، الوافى بالوفيات 3/ 354، الأعلام 6/ 81، معجم الأدباء لياقوت 18/ 209، التكملة لابن الأبار 2/ 663 ـ 664، ذيل الروضتين لأبى شامة 195 ـ 196، صلة التكملة للحسينى 26 ـ 27، ذيل مرآة الزمان لليونينى 1/ 76 ـ 79، تاريخ الإسلام للذهبى 20/ 142 ـ 143، دول الإسلام 2/ 120، العبر 5/ 224، عيون التواريخ 20/ 117 ـ 119، طبقات الشافعية الكبرى للسبكى 8/ 69 ـ 72، طبقات الشافعية للإسنوى 2/ 451 ـ 452، مرآة الجنان لليافعى 4/ 137).

فسمع بمصر، من الحافظ أبى الحسن على بن على بن المفضل المقدسى، وبدمشق من قضاتها: أبى القاسم بن الحرستانى، وأبى اليمن الكندى، وابن ملاعب. وبواسط: من أبى الفتح الميدانى، مشيخته، وببغداد من أبى أحمد عبد الوهاب بن سكينة جزءا وغيره. وبنيسابور: من أبى الحسن المؤيد بن محمد الطوسى، صحيح مسلم، وجزء بن نجيد. وروى عنه الموطأ، رواية أبى مصعب، ومن منصور بن المنعم الفراوى، سنن البيهقى الكبير، وعوالى جده أبى عبد الله الفراوى، والأربعين له، ومن زينب الشعرية جزء ابن نجيد وغيره. وبهراة: من أبى روح عبد المعز بن محمد بن الهروى: صحيح ابن حبان بفوت يسير، تشمله الإجازة، وأربعى الأستاذ أبى القاسم القشيرى، عن زاهر السرخسى عنه، وجزء ابن نجيد. وبمكة: من الشريف يونس بن يحيى الهاشمى وطبقته. وحدث بالكثير بأماكن عدة، منها مكة. وتردد إليها مرات، وجاور بها كرات. سمع منه الحفاظ والأعيان من العلماء، وبالغوا فى الثناء عليه. قال ابن النجار فى تاريخ بغداد: هو من الأئمة الفضلاء فى فنون العلم: الحديث، وعلوم القراءات، والفقه، والخلاف، والأصلين، والنحو، واللغة. وله قريحة حسنة، وذهن ثاقب، وتدقيق فى المعانى، وله مصنفات فى جميع ما ذكرناه. وله النظم والنثر الحسن. وكان زاهدا، متورعا، حسن الطريق، كثير العبادة، ما رأيت فى فنه مثله. انتهى. وذكره المحب الطبرى فى «التعريف بمشيخة الحرم الشريف»، الذى جمعه على لسان الملك المظفر صاحب اليمن. وذكر من تآليفه تفسيرا كبيرا يزيد على عشرين سفرا، وأوسط عشرة أسفار، وصغيرا ثلاثة أسفار، ومختصر مسلم سفران، والضوابط الكلية فى علم العربية، وكتاب الكافى فى النحو، فى غاية الحسن، قال: ولم يتم، بقى منه يسير. قال: وله التعاليق الرائقة فى كل فن. وذكره أيضا فى كتاب «العقود الدرية والمشيخة المكية المظفرية». وترجمه بالشيخ

الفقيه، الإمام العالم الماهد، المحدث المسن فخر الزمان، علم العلماء زين الرؤساء إمام النظار، رئيس المتكلمين، أحد علماء الزمان، المتصرف أحسن التصرف فى كل فن. أصله من مرسية (1)، من بلاد الأندلس، لم يزل مشتغلا من صغره إلى كبره. وله المباحث العجيبة والتصانيف الغريبة، وجمع الأقطار فى رحلته، ارتحل إلى غرب بلاده، ثم إلى الإسكندرية، والديار المصرية، والشام، والعراقين. ودخل بلاد العجم، وناظر، وقرأ وأقرأ، واستفاد وأفاد. ولم يزل يقرى ويدرس حيث حل، ويقر له بعلمه وفضله كل محل، ثم قال: وجاور بمكة سنين كثيرة. انتهى. وذكره القطب اليونينى، فى ذيل المرآة، وأثنى عليه، ثم قال: وجاور بمكة مدة. وذكر أنه كان مالكيا. وما ذكره من كونه مالكيا، يرد على قاضى دمشق تاج الدين السبكى، حيث ذكره فى كتابه «طبقات الفقهاء الشافعية». ويؤيد ذلك: أن المغاربة كلهم مالكيون إلا النادر منهم. نعم كثير منهم ينتحلون الأثر، ولعل هذا منهم. ووقع للقاضى تاج الدين فى ترجمة المذكور، شيء يتعجب منه، لفرط ذكائه وفطنته، وهو قوله بعد أن ذكر كلام ابن النجار الذى ذكرناه: لم يذكر ابن النجار وفاته. ووجه العجب، أنه لا يمكن ابن النجار أن يذكر وفاة شخص تأخر بعده اثنى عشر سنة، فإن ابن أبى الفضل توفى فى النصف من شهر ربيع الأول سنة خمس وستمائة بين الزعقة والعريش (2) من منازل الرمل وهو متوجه من مصر إلى دمشق. ودفن من يومه بتل الزعقة. هكذا ذكره الشريف أبو القاسم الحسينى فى وفياته. وأرخ وفاته هكذا، غير واحد. منهم: القطب الحلبى، فى تاريخ مصر. وزاد تعيين اليوم الذى مات فيه، قال: يوم الاثنين، وقال: كان كريما. قال شيخنا أبو حيان: أخبرنى شرف الدين الجزايرى ـ بتونس ـ أنه دخل على

_ (1) مرسية: بضم أوله، والسكون، وكسر السين المهملة، وياء مفتوحة خفيفة، وهاء، وهى مدينة بالأندلس من أعمال تدمير. انظر: معجم البلدان (مرسية). (2) العريش: بفتح أوله، وكسر ثانيه، ثم شين معجمة بعد الياء المثناة من تحت: وهى مدينة كانت أول عمل مصر من ناحية الشام على ساحل بحر الروم فى وسط الرمل. انظر معجم البلدان (عريش)، الروض المعطار 410، صبح الأعشى 3/ 382.

شرف الدين بن أبى الفضل هذا، وكان ضعيفا، فقال له: خذ ما تحت ذلك، وأشار إلى بساط أو سجادة، قال: فرفعت ذلك: فوجدته نحوا من أربعين دينارا ذهبا، فأخذتها. قال: وكان يحكى عن ابن أبى الفضل، أنه كان له فى البلاد التى ينتقل إليها من الكتب، بحيث أنه لا يستصحب كتبا، اكتفاء بما له من الكتب فى البلد الذى يسافر إليها. انتهى. ووجدت بخط الذهبى فى تاريخ الإسلام، قال: وجدت بخط العلاء الكندى، يعنى على يد المظفر الوداعى: أن كتب المرسى كانت مودوعة بدمشق، فرسم السلطان ببيعها. وكانوا فى كل ثلاثاء، يحملون منها جملة إلى دار السعادة لأجل البادرائى، ويحضر الفقهاء، فاشترى البادرائى منها جملة كثيرة. وبيعت فى نحو من سنة. وكانت فيها نفائس، وحرزت كتبه ثمنا عظيما. وصنف تفسيرا كبيرا لم يتمه. انتهى. وآخر أصحابه بالسماع: أيوب الكحال، وبالإجازة: أحمد بن على الجزرى، وهما من شيوخ شيوخنا. وقد أخرجنا حديثه فى ترجمة جدى القاضى أبى الفضل النويرى لأمر اقتضاه الحال. أنشدتنى الأصلية أم عيسى مريم بنت أحمد بن القاضى شمس الدين محمد بن إبراهيم الأذرعى، بقراءتى عليها فى الرحلة الأولى بمنزلها بظاهر القاهرة. قالت: أنشدنا أبو النون يونس بن إبراهيم بن عبد القوى الكنانى سماعا، أن العلامة الكبير شرف الدين أبا عبد الله محمد بن عبد الله بن أبى الفضل المرسى، أنشده لنفسه إجازة، وكتب ذلك عنه الحافظ ابن مسدى فى معجمه. قالوا محمد قد كبرت وقد أتى ... داعى المنون وما اهتممت بزاد قلت الكريم من القبيح لضيفه ... عند القدوم مجيئه بالزاد ومن شعره أيضا: ما أنشدناه القاضى المفتى أبو بكر بن الحسين الشافعى، بقراءتى عليه بطيبة: أن أحمد بن على بن حسن الجزرى أنشده إذنا مكاتبة، قال: أنشدنا ابن أبى الفضل المرسى إجازة، قال: من كان يرغب فى النجاة فما له ... غير اتباع المصطفى فيما أتى

235 ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن أبى المكارم ـ خطيب الحرم ـ ضياء الدين أبو الغنايم بن نجم الدين أبى محمد الحموى المكى الشافعى

ذاك السبيل المستقيم وغيره ... سبل الضلالة والغواية والردى فاتبع كتاب الله والسنن التى ... صحت فذاك إذا اتبعت هو الهدى ودع السؤال بكم وكيف فإنه ... باب يجر ذوى البصيرة للعمى الدين ما قال الرسول وصحبه ... والتابعون ومن مناهجهم قفا ومن شعره أيضا: ما رويناه عنه بهذا الإسناد، وهو ما قاله، وقد دخل بعض بلاد العجم، فلم يعبا به: أيجهل قدرى فى الورى ومكانتى ... تزيد على مرقى السماكين والنسر ولى حسب لو أنه منقسم ... على أهل هذا العصر تاهوا على العصر كما أن فخرى ظاهر لذوى النهى ... وهل يختفى عند الهدو سنا البدر وأعجب أن الغرب يبكى لفرقتى ... أسى ومحيا الشرق يلقى بلا نشر ومنه أيضا بهذا الإسناد، والبيت الثانى مضمن لغيره: دخلت هراة أستفيد علومها ... فألفيت من فيها حمير الورى فهما يمرون بى لا يعرفون مكانتى ... كأنى دينار يمر به أعمى 235 ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن أبى المكارم ـ خطيب الحرم ـ ضياء الدين أبو الغنايم بن نجم الدين أبى محمد الحموى المكى الشافعى: سمع من جده لأمه الرضى إبراهيم بن محمد الطبرى: الصحيحين، وجامع الترمذى، والشمائل له، وسنن أبى داود والنسائى، وأحاديث صحيح ابن حبان، واختلاف الحديث للشافعى، وعلوم الحديث لابن الصلاح، والملخص للقابسى، وتاريخ مكة للأزرقى، وعدة أجزاء، منها: الثقفيات العشرة، سمعها عليه وعلى أخيه الصفى الطبرى، وعلى الشريف أبى عبد الله الفاسى: العوارف للسهروردى، وعلى أبى عبد الله بن حريث: الشفاء للقاضى عياض، وعلى العفيف الدلاصى: الشاطبية، وعلى فاطمة بنت القطب القسطلانى: ثلاثة مجالس من أمالى الجوهرى، وعلى الصدر إسماعيل بن يوسف ابن مكتوم الدمشقى، لما قدم حاجا: جزء أبى الجهم، ومشيخته، تخريج ابن الفخر البعلبكى، بمنى، فى أيامها سنة إحدى عشرة وسبعمائة وعلى الأمين عبد القادر بن محمد الصعبى: جزء البطاقة، وعلى جماعة من القادمين إلى مكة بعد ذلك. وحدث بقليل من مروياته، وله اشتغال بالعلم ونباهة، وصحب الشيخ سراج الدين

_ 235 ـ انظر ترجمته فى: (الدر الكامنة 3/ 485).

الدمنهورى، وأخذ عنه. وصحب الشيخ عبد الله اليافعى، وأخذ عنه: الفرائض والحساب، وكان يقرأ له «مواعيده» بين يديه قراءة حسنة، يكثر بكاء الحاضرين لها، ثم وقع بينهما، بسبب بيت قاله الشيخ اليافعى. وهو قوله: فيا ليلة فيها السعادات والمنى ... لقد صغرت فى جنبها ليلة القدر أنكره عليه الضياء، وبالغ فى النكارة، حتى كفر اليافعى بذلك، وتهاجرا على ذلك مدة سنين، ثم رغب الضياء فى ملايمة اليافعى والاستغفار له، فأبى اليافعى إلا أن يطلع الضياء المنبر ويعترف بخطأ نفسه على رءوس الناس، فأبى الضياء من ذلك. وكان الضياء فى شبابه يسافر للتجارة لليمن، وحصل دنيا طائلة، ثم ذهب كثير منها، لما احترق منزله ليلة عرفة، من سنة ستين وسبعمائة. وكان ولى خطابة الحرم فى سنة تسع وخمسين وسبعمائة، وجاءه بذلك توقيع من صاحب مصر، وصده مع ذلك عنه الشريف عجلان، بوساطة أصحاب القاضى شهاب الدين الطبرى، لما بينهم من العداوة، بعد أن خرج فى شعار الخطبة إلى أفناء المسجد الحرام فى الموسم، ثم باشرها بعد عزل الشريف عجلان، وأخيه ثقبة، ووصول العسكر فى جمادى الآخرة، من سنة ستين، ولم يحمد فى أدائه للخطبة، وعجب الناس منه فى ذلك، ومن إجادته عمل «المواعيد» عند اليافعى، جل من لا يتغير. وبلغنى: أنه لما شرع فى الصلاة أول مرة، قرأ السورة قبل الفاتحة، ثم فطن، فقرأ الفاتحة. وولى مع ذلك، المشاركة فى نظر الحرم ومشيخته، واستمر مباشرا لذلك حتى وصلت الرجبية فى سنة إحدى وستين، فصرف عن ذلك بالتقى الحرازى قاضى مكة واستمر مصروفا، حتى مات شهيدا مبطونا. وكان بأخرة كثير الطواف، وملازمة المسجد، وينطوى على ديانة. وبلغنى: أنه بذل خمسة وثلاثين ألف درهم، لصهره عبد الكريم النهاوندى الآتى ذكره، ليفتدى بها يمينا وجبت عليه، فأبى صهره إلا يمينه، ففعل. وكان عالى الهمة، ولم يل ـ على ما بلغنى ـ فى شبابه، ما وليه أمثاله من وظائف الأشباع وشبههما فى الحرم.

236 ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن الضياء محمد بن عبد الله بن محمد ابن محمد بن أبى المكارم، يكنى أبا الخير، ويعرف بابن الضياء الحموى الأصل، المكى

وكان موته فى ليلة الثلاثاء حادى عشرى المحرم سنة سبعين وسبعمائة بمكة. ودفن صبح ذلك اليوم بقبر والده بالمعلاة. ومولده فى رمضان سنة ثمان وسبعمائة، على ما ذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين ابن ظهيرة، وأنه رأى خط جده الرضى الطبرى، أنه ولد سنة ست وسبعمائة، والله أعلم. 236 ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن الضياء محمد بن عبد الله بن محمد ابن محمد بن أبى المكارم، يكنى أبا الخير، ويعرف بابن الضياء الحموى الأصل، المكى: سمع على شيخنا زين الدين بن حسين المراغى، لما قدم إلى مكة، أشياء كثيرة من الحديث، وقرأ فى «التنبيه» حفظا، وبحث منه جانبا على قاضى مكة محب الدين أحمد ابن شيخنا قاضى مكة جمال الدين بن ظهيرة. وكان كثير الملازمة له، ويكتب عنه بعض السجلات، وتبصر به فى الفقه، وفيه حياء وخير ودين. توفى ضحى يوم الأربعاء مستهل شهر جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة بمكة المشرفة، ودفن بالمعلاة، عن نحو ثلاثين سنة. 237 ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن مقبل العجيبى، أبو عبد الله المكى: سمع من يونس الهاشمى: صحيح البخارى، ومن زاهر بن رستم، ومن أبى الفتوح الحصرى: مسند الشافعى، وحدث. سمع منه: أبو محمد عبد الله بن عبد العزيز المهدوى. وأجاز لفاطمة بنت القطب القسطلانى وإخوتها باستدعاء أبيهم، فى استدعاء مؤرخ بذى القعدة سنة ثلاث وأربعين وستمائة، فاستقدنا من هذا حياته فى هذا التاريخ. والعجيبى: بجيم وياء مثناة من تحت وياء موحدة وباء للنسبة. وسمع منه الحافظ الدمياطى بمكة، ووصفه بالفقيه. وكان حج الدمياطى هذا التاريخ، عام ثلاث وأربعين. 238 ـ محمد بن عبد الله بن محمد بن يوسف العبدرى، أو عبد الله المكى، المعروف بغسّانى، إمام جامع القلزم: حدث عن الحسن بن محمد. سمع منه بالقلزم أبو الفضل جعفر بن أحمد بن سليمان السعدى النحوى.

_ 236 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 7/ 111).

239 ـ محمد بن عبد الله بن ماهان، أبو بكر

روى عنه: عبد الله بن محمد بن يحيى بن الضريس. ذكر القطب الحلبى فى تاريخ مصر هكذا. ونقلت من خط ولده إبراهيم تلو ذلك. ذكره مسلمة بن قاسم، قال: يعرف بغسان بن أبى غسان، سكن القلزم، وكان خطيبها، وكان ضعيفا فى الحديث، متشيعا، كتبت عنه. انتهى. وذكره ابن طاهر فى مختصره «لألقاب» الشيرازى، فقال: غسان: محمد بن عبد الله ابن محمد يوسف المكى. انتهى. 239 ـ محمد بن عبد الله بن ماهان، أبو بكر: ذكره أبو الشيخ فى طبقات أصبهان، وقال: كان كثير الحديث، يخرج فى كل سنة إلى الحج. ومات بمكة. وروى عنه حديثا عن القاسم بن موسى بن الحسن الأشيب. 240 ـ محمد بن عبد الله بن موهوب بن جامع بن عبدون البغدادى أبو عبد الله الصوفى، المعروف بابن البنا: ذكره الرشيد العطار فى مشيخته، فقال ـ بعد أن أخرج عنه حديثا ـ: شيخنا أبو عبد الله هذا، من أعيان المشايخ الصلحاء أرباب التصوف، صحب الشيخ أبا النجيب السهروردى وغيره. وروى لنا عن الحافظ أبى الفضل بن ناصر، وأبى الكرم الشهرزورى، ونصر بن نصر العكبرى، وأبى بكر بن الزاغونى، وروى عن غيرهم. وجاور بمكة سنين. وكان حسن الأخلاق، جميل المنظر والمخبر. سمعت منه بمصر والشام، سئل عن مولده. فقال: فى سنة ست وثلاثين ببغداد. وتوفى فى منتصف ذى القعدة سنة اثنتى عشرة وستمائة بدمشق، رضى الله عنه. وذكر المنذرى فى «التكملة» أنه سمع منه بمكة سنة ستمائة. قلت: آخر الرواة عنه: أبو حفص عمر بن القواس، له منه إجازة، حدث بها عنه.

_ 240 ـ انظر ترجمته فى: (التكملة للمنذرى 2/ 438، النجوم الزاهرة 6/ 215، شذرات الذهب 5/ 52، سير أعلام النبلاء 22/ 58).

241 ـ محمد بن عبد الله بن نجيح المكى

241 ـ محمد بن عبد الله بن نجيح المكى: روى عن هشيم، وفضيل بن عياض، وسفيان بن عيينة، وعيسى بن يونس. وعنه: أحمد بن الفرات وعبيد بن الحسن، وعبيد الله بن بندار الضبى، وجماعة. وله غرائب. وكان قدم أصبهان. وتوفى فى حدود الأربعين ومائتين. ذكره الذهبى فى تاريخ الإسلام. ومنه كتبت هذه الترجمة. 242 ـ محمد بن عبد الله بن يزيد العدوى، مولى آل عمر بن الخطاب رضى الله عنهم، أبو يحيى بن أبى عبد الرحمن المقرى المكى: سمع أباه، وسفيان بن عيينة، وسعيد بن سالم القداح، ومروان بن معاوية وغيرهم. روى عنه: النسائى، وابن ماجة، وابن خزيمة، وابن جوصا، وابن صاعد، وأبو قريش محمد بن جمعة، وأبو عروبة، وأبو حاتم، وحفيده عبد الرحمن بن عبيد الله بن محمد بن أبى عبد الرحمن المقرى، وإبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى. ووقع لنا حديثه من طريقه عالية وغيرهم. وثقه النسائى وغيره. وقال ابن أبى حاتم: سمع منه أبى، سنة خمس وخمسين ومائتين، وهو صدوق ثقة، سئل أبى عنه. فقال: صدوق. انتهى. وذكر ابن زبر: أنه مات فى شعبان سنة ست وخمسين ومائتين بمكة. وقاله الدولابى وغيره. قرأت على إبراهيم بن محمد الدمشقى بجامعها، وبالمسجد الحرام: أن أبا العباس الحجار أخبره عن إبراهيم بن عثمان الكاشغرى، والأنجب الحمامى، وتامر بن مسعود، وعبد اللطيف بن القبيطى، وعلى بن محمد بن كبة، وأبى الفضل محمد بن محمد السباك، وزهرة بنت محمد بن أحمد بن حاضر، قالوا: أخبرنا أبو الفتح بن البطى ـ زاد الكاشغرى وأبو الحسن بن تاج القراء ـ قالا: أخبرنا مالك بن أحمد البانياسى، قال:

_ 241 ـ انظر ترجمته فى: (سير أعلام النبلاء 9/ 69). 242 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل ترجمة 1668، ثقات ابن حبان 9/ 118 / 121، السابق واللاحق 77، المعجم المشتمل ترجمة 877، الكاشف ترجمة 5054، تذهيب التهذيب 3/ 222، تاريخ الإسلام 275، نهاية السول 337، تهذيب التهذيب 9/ 284، التقريب 2/ 181، خلاصة الخزرجى ترجمة 6403، تهذيب الكمال 25/ 571).

243 ـ محمد بن عبد الله المعروف بالحلبى الحنفى، والمعروف بأبى شامة

أخبرنا أحمد بن محمد المجير، قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى، قال: حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد الله بن يزيد بن أبى عبد الرحمن المقرى بمكة، قال: حدثنا أبى، قال: حدثنا الربيع بن صبيح عن يزيد الرقاشى عن أنس بن مالك رضى الله عنه، أن النبىصلى الله عليه وسلم قال: «من كانت نيته طلب الآخرة، جعل الله تبارك وتعالى غناه فى قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهى راغمة، ومن كانت نيته طلب الدنيا، جعل الله تبارك وتعالى الفقر بين عينيه، وشتت عليه أمره، فلم يأته من الدنيا إلا ما كتب له» (1). أخرجه الترمذى عن هناد بن السرى التميمى الحافظ الزاهد، عن وكيع بن الجراح الراسبى، أحد الأعلام، عن الربيع بن صبيح. وضعفه النسائى. قال أبو زرعة: صدوق عن أبان الرقاشى، وهو ضعيف، فوقع لنا عاليا. 243 ـ محمد بن عبد الله المعروف بالحلبى الحنفى، والمعروف بأبى شامة: ولد بمكة ونشأ بها، وسافر إلى ديار مصر والشام غير مرة. وكان ينتسب إلى بنى شيبة ـ حجبة الكعبة ـ طلبا للرزق، وربما انتسب إلى غيرهم من أعيان مكة، طلبا للزرق فى بعض البلاد. وتوفى بالإسكندرية فى حدود سنة تسعين وسبعمائة، سامحه الله. 244 ـ محمد بن عبد الله الشاطبى، ويكنى أبا عبد الله: كان رجلا صالحا جليلا. ذكره القطب القسطلانى فى «ارتقاء الرتبة» وقال: كان كثير الخدمة للفقراء، والإيثار لهم. وجاور بمكة فى آخر عمره حتى مات بها. ولم يذكر له وفاة. توفى يوم الثلاثاء الثالث من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين وستمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. نقلت وفاته واسم أبيه من حجر قبره، وترجم بالشيخ الصالح السعيد الشهيد.

_ (1) أخرجه الترمذى فى سننه حديث رقم (2514) من طريق: حدثنا هناد، حدثنا وكيع، عن الربيع بن صبيح، عن يزيد بن أبان ـ وهو الرقاشى ـ عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانت الآخرة همه جعل الله غناه فى قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهى راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له».

245 ـ محمد بن عبد الله [ ......... ] (1) القاضى ناصر الدين المحلى

245 ـ محمد بن عبد الله [ ......... ] (1) القاضى ناصر الدين المحلى: نزيل مكة. أظنه حفظ «المنهاج» فى الفقه للنواوى. وكان يذاكر بمسائل منه، وعانى الشهادة والوثائق، وناب فى بعض أعمال المحلة الكبرى عن صهره قاضيها عز الدين بن سليم، وعانى التجارة وتردد لأجلها مرات إلى عدن، وجاور بمكة سنين كثيرة، وبالمدينة النبوية أشهرا، وتوجه من مكة قاصدا وادى الطائف، فسقط من البعير الذى كان عليه راكبا، فحمل إلى مكة، ومات قبل وصوله إليها، وغسل بالأبطح ودفن بالمعلاة وذلك فى شهر ربيع (2) سنة عشرين وثمانمائة، وأظنه بلغ الستين، وفيه دين وخير رحمه الله تعالى. 246 ـ محمد بن عبد الله بن أبى مليكة: 247 ـ محمد بن عبيد الله بن أبى يزيد المكى: يروى عن أبيه عن ابن عباس. روى عنه: ابن جريج. هكذا ذكره ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات. 248 ـ محمد بن عبد الحميد بن عبد الله بن خلف بن عبد الكريم بن حسين القرشى المصرى المالكى المحدث، نجم الدين أبو بكر، المعروف بابن عبد الحميد: نزيل مكة. ذكر القطب الحلبى أنه ولد سنة خمس وأربعين وستمائة. وأجاز له سبط السلفى (1). ثم طلب، فسمع من جماعة من أصحاب البوصيرى (2)، والأرتاحى، ويحيى ابن محمود الثقفى، وأبى طاهر الخشوعى، وبالغ حتى صار إذا وقع فى يده كتاب يجتهد فى اتصاله ولو بإجازة أو سماع نازل.

_ 245 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 18/ 119). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل وفى الضوء اللامع: «فى إحدى الربيعين» 246 ـ هكذا فى الأصل، دون ذكر ترجمته، وعلى هامش التيمورية: «كذا بياض فى أصله». 247 ـ انظر ترجمته فى: (ثقات ابن حبان 9/ 80، طبقات ابن سعد 5/ 441، الدارقطنى 9/ 325، تهذيب الكمال 26/ 47، 48). 248 ـ (1) على هامش نسخة ابن فهد: «ومنصور بن سليم، وأحمد بن عبد الدايم». (2) على هامش نفس النسخة: «سمع بالقاهرة من الجنسية الدانى، ومحمد بن موسى بن النعمان، وإبراهيم بن عمر بن مضر الواسطى، وزكى الدين المنذرى، وبدمشق من أحمد بن عبد الدائم».

ورحل إلى دمشق والإسكندرية، وكتب بخطه كثيرا. وكان ثقة كثير الإفادة. وكان له معرفة بهذا الشأن، ومن العلماء العاملين، وعباد الله الصالحين. كتبت عنه بمصر، وبمكة وبدر. انتهى. وقد سمع ابن عبد الحميد هذا بقراءته غالبا بمكة، على من سمع من ابن بنت الجميزى، وابن الفضل المرسى وغيرهما. وكتب عنه جدى أبو عبد الله الفاسى أشياء، وترجمه فى بعض ما كتبه عنه: بصاحبنا ومفيدنا. ومما كتب عنه جدى: سمعت الفقيه نجم الدين أبا بكر محمد بن عبد الحميد القرشى المصرى يقول: سمعت شيخنا أبا عبد الله محمد بن موسى بن النعمان الفاسى يقول فى قولهصلى الله عليه وسلم: «لا يصبر أحد على لأواء المدينة وشدتها إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة» (3). قال «أو»: هاهنا بمعنى التنويع، معناه: أن الناس رجلان: طائع، وغير طائع، فمن كان طائعا: فرسول الله صلى الله عليه وسلم شاهد له، وغير الطائع: يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم شافعا له. بمعناه، انتهى. وذكر القطب الحلبى أن ابن عبد الحميد هذا، توفى يوم الأحد الرابع والعشرين من شهر رجب سنة ثلاث وتسعين وستمائة بمكة، ودفن بالمعلاة.

_ (3) أخرجه مسلم فى صحيحه حديث رقم (3310) من طريق: حدثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك عن قطن بن وهب بن عويمر بن الأجدع، عن يحنس مولى الزبير أخبره أنه كان جالسا عند عبد الله بن عمر فى الفتنة، فأتته مولاة له تسلم عليه، فقالت: إنى أردت الخروج، يا أبا عبد الرحمن اشتد علينا الزمان، فقال لها عبد الله: اقعدى، لكاع فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد، إلا كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة». وأخرجه الترمذى فى سننه حديث رقم (4090) من طريق: حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا الفضل بن موسى، حدثنا هشام بن عروة، عن صالح بن أبى صالح، عن أبيه، عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يصبر على لأواء المدينة وشدتها أحد إلا كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة». قال: وفى الباب عن أبى سعيد وسفيان بن أبى زهير وسبيعة الأسلمية. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، قال: وصالح بن أبى صالح أخو سهيل بن أبى صالح.

من اسمه محمد بن عبد الرحمن

ووجدت فى حجر قبره بالمعلاة: أنه توفى يوم الأحد الرابع من رجب من السنة. * * * من اسمه محمد بن عبد الرحمن 249 ـ محمد بن عبد الرحمن بن محمد الصنهاجى أبو عبد الله الفاسى، المعروف بابن الحداد: ذكره القطب الحلبى فى تاريخ مصر، وقال: مولده فى النصف من جمادى الآخرة سنة اثنتين وسبعين وستمائة بفاس وتفقه بتونس وسمع على جماعة. وكتب عن صاحبنا أبى عبد الله محمد بن عمر بن رشيد، ورحل وقدم إلى ديار مصر. وسمع بها على بعض شيوخنا المتأخرين، ورحل إلى دمشق، فسمع بها، وحصل أصولا وكتبا، وكتب بخطه. وكان له قليل معرفة بالحديث وغيره، مائلا إلى طريقة التصوف، عارفا بكلام أهل الطريق. انتهى. وذكر الذهبى: أنه كان مجازفا فيما ينقله. ولشيخنا أبى هريرة بن الذهبى منه إجازة. وتوفى بعلة الإسهال ـ فى يوم التروية ـ سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. ذكر وفاته هكذا العفيف المطرى وغيره. أخبرنى أبو هريرة بن الحافظ الذهبى إذنا مشافهة فى آخرين، عن ابن الحداد هذا، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عمر بن رشيد، قال: قال الشيخ الصالح أبو الحسن على بن عبد الكريم الدمشقى ـ مقيم برباط مصر ـ: رأيت فى المنام رشيد الدين محمد ابن عبد العظيم المنذرى بعد موته، عند وصول الملك الصالح نجم الدين أيوب (1) بن الكامل، وقد زينت القاهرة ومصر. فقال لى: فرحتم بالسلطان لما دخل؟ . فقلت له:

_ 249 ـ انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 3/ 496). (1) أيوب (الملك الصالح) بن محمد (الملك الكامل) بن أبى بكر (العادل) بن أيوب، أبو الفتوح نجم الدين: من كبار الملوك الأيوبيين بمصر. ولد ونشأ بالقاهرة. وولى بعد خلع أخيه (العادل) سنة 637 هـ‍. وضبط الدولة بحزم وكان شجاعا مهيبا عفيفا صموتا، عمر بمصر ما لم يعمره أحد من ملوك بنى أيوب وفى أواخر أيامه أغار الإفرنج على دمياط (سنة 647 هـ‍) واحتلوها وأصاب البلاد ضيق شديد، وكان الصالح غائبا فى دمشق، فقدم ونزل أمام الفرنج وهو مريض بالسل فمات بناحية المنصورة، ونقل إلى القاهرة. من آثاره قلعة الروضة بالقاهرة. انظر ترجمة فى: (خطط المقريزى 2/ 236، ابن إياس 1/ 83، تاريخ الإسحاقى 189، مرآة الزمان 8/ 775).

250 ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر بن عبيد الله بن أبى مليكة القرشى التيمى المليكى المكى، أبو غرارة

الناس فرحوا به. فقال: أما نحن، فإنا دخلنا الجنة، ورأينا النبى صلى الله عليه وسلم وقبلنا يده، وقال: أبشروا كل من كتب بيده ـ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ فهو معنا فى الجنة. 250 ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر بن عبيد الله بن أبى مليكة القرشى التيمى المليكى المكى، أبو غرارة: روى عن أبيه، وعم أبيه عبد الله بن عبيد الله بن أبى مليكة، وموسى بن عقبة، وعبيد الله بن عمر، ومحمد بن المنكدر، والقاسم بن محمد. روى عنه: إسماعيل بن أبى أويس، وأخوه عبد الحميد، إبراهيم بن محمد الشافعى، ومسدد بن مسرهد، وأبو عاصم النبيل، وأبو حومل العامرى، ومحمد بن أبى بكر المقدمى. قال أبو زرعة: مكى، لا بأس به. وقال البخارى: محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر الجدعانى: منكر الحديث. وقال النسائى: ليس بثقة. روى له أبو داود، وابن ماجة، كما ذكر صاحب الكمال. وقال المزى: والذى روى له أبو داود، أقدم من هذا. وقد ذكرنا حديثه فى ترجمة أبيه عبد الرحمن بن أبى بكر، ويحتمل أن يكون أبا الثورين المذكور بعد هذا، والله أعلم. وقد فرق البخارى، وأبو حاتم وغيرهما بينهما، كما حكى ابن عدى. 251 ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر القرشى الجمحى أبو الثورين المكى: روى عن عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر بن الخطاب.

_ 250 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير ترجمة 468، تاريخه الصغير 2/ 215، 176، ضعفاء النسائى ترجمة 524، ضعفاء العقيلى 196، الجرح والتعديل ترجمة 1696، المجروحين لابن حبان 2/ 261، الكامل لابن عدى 3/ 63، ضعفاء الدارقطنى ترجمة 454، ضعفاء ابن الجوزى 144، المغنى ترجمة 5732، ميزان الاعتدال ترجمة 7834، تذهيب التهذيب 3/ 223، تاريخ الإسلام 12، نهاية السول 337، التقريب 2/ 182، تهذيب التهذيب 9/ 291 ـ 292، تهذيب الكمال 25/ 590، 591). 251 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ الدورى 2/ 528، علل أحمد 1/ 182، 186، تاريخ البخارى الكبير ترجمة 445، الكنى لمسلم 17، ثقات ابن حبان 5/ 375، الكاشف 3/ 223، ميزان الاعتدال ترجمة 7838، رجال ابن ماجة 3، نهاية السول 338، تهذيب التهذيب 9/ 292، 293، التقريب 2/ 182، تهذيب الكمال 25/ 293).

252 ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى سلمة بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى

روى عنه: عثمان بن الأسود، وعمرو بن دينار. روى له: ابن ماجة. ويحتمل أن يكون الذى روى له أبو داود من رواية أبى حومل العامرى عنه عن أبيه عن جابر. والله أعلم. انتهى. من تهذيب الكمال. قلت: وأبو الثورين ـ بالثاء المثلثة ـ تثنية ثور. وهو صدوق. كما قال الذهبى فى الميزان. وقال غيره: مات مع عطاء بن أبى رباح. 252 ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى سلمة بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى: قاضى مكة وأميرها. ذكر نسبه هكذا الزبير بن بكار، وابن حزم فى الجمهرة، إلا أنه زاد فى نسبه «محمدا» بين عبد الرحمن وأبى سلمة ويحتمل أن ذلك سقط فى كتاب الزبير من الناسخ، أو ما زاد فى الجمهرة من الناسخ. والله أعلم. وولاية المذكور لإمرة مكة وقضائها. ذكرها الفاكهى؛ لأنه قال: وكان ممن ولى مكة بعد ذلك: محمد بن عبد الرحمن السفيانى، كان على قضاية مكة وإمارتها. انتهى. وذكر معنى ذلك فى غير موضع، ولم يذكر الزبير إلا ولايته لقضاء مكة، وأفاد من خبره ما لم يذكر الفاكهى، فنذكره لما فيه من الفائدة. قال الزبير: استقضاه أمير المؤمنين موسى ـ يعنى الهادى ـ على مكة. وكان قد استخلفه على القصاء بمكة: محمد بن عبد الرحمن المخزومى، المعروف بالأوقص حين توفى، فولاه أمير المؤمنين موسى القضاء، وأقره أمير المؤمنين هارون الرشيد حتى صرفه المأمون. فولاه قضاء بغداد شهرا، ثم صرفه. انتهى. ومقتضى ما ذكره الزبير بن بكار، من أن الهادى ولى محمد بن عبد الرحمن هذا قضاء مكة، وأن الرشيد أقره، وأن المأمون صرفه عن ذلك، أن تكون ولايته لقضاء مكة ثمانية وعشرين سنة أو أزيد؛ لأن الهادى إنما ولى الخلافة فى سنة تسع وستين ومائة، والمأمون إنما ولى الخلافة سنة ثمان وتسعين ومائة. وقال الزبير: حدثنى عمى مصعب بن عبد الله، عن جدى عبد الله بن مصعب قال: كنت عند أمير المؤمنين الرشيد، فقال له بعض جلسائه فى محمد بن عبد الرحمن: هو حدث السن، وليس مثله يلى القضاء، فقلت: لن يضيع فتى من قريش فى مجلس أنا

_ 252 ـ انظر ترجمته فى: (جمهرة الأنساب 131).

253 ـ محمد بن عبد الرحمن بن طلحة بن الحارث بن طلحة بن أبى طلحة ابن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصى القرشى العبدرى الحجبى، أبو عبد الله، وقيل: أبو القاسم المكى، أخو منصور بن عبد الرحمن الحجبى

فيه، فأقبلت عليهم، فقلت لهم: وهل عاب الله أحدا بالحداثة؟ . أمير المؤمنين حديث الس، أفتعيبونه؟ . وقد قال الله عزوجل: (سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ) [الأنبياء: 60] فقال لهم أمير المؤمنين الرشيد: صدق. أنا حديث السن. أفتعيبوننى بالحداثة؟ . وأقره على القضاء. 253 ـ محمد بن عبد الرحمن بن طلحة بن الحارث بن طلحة بن أبى طلحة ابن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصى القرشى العبدرى الحجبى، أبو عبد الله، وقيل: أبو القاسم المكى، أخو منصور بن عبد الرحمن الحجبى: روى عن أخيه منصور، وصفية بنت شيبة، وهى أمه. وقيل: جدته. روى عنه: شعبة بن الحجاج، وأبو عاصم، وأبو جعفر النفيلى، وابن المبارك، ووكيع ابن الجراح. روى له أبو داود. وذكره ابن حبان فى الثقات. ذكره صاحب الكمال وتهذيبه. وصرح بأنه مكى. ولم يصرح بذلك صاحب الكمال. 254 ـ محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن أبى عبد الرحمن عبد الله ابن يزيد المقرى، أبو يحيى المكى: ذكره الحافظ رشيد الدين المنذرى فى «مختصره لتاريخ المسبحى». وذكر أنه توفى فى يوم الأحد لسبع بقين من ذى القعدة سنة أربع وأربعين وثلاثمائة بمكة، قال: وكان أحد مشايخها، مقبول الشهادة، معروفا بالأمانة عند القضاة وغيرهم. وكان يحدث عن على بن عبد العزيز، بكتاب القراءات لأبى عبيد، وكان عنده، عن محمد بن على الصايغ الصغير وغيره.

_ 253 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 25/ 611، تاريخ البخارى الكبير ترجمة 461، ثقات ابن حبان 7/ 422، الكامل لابن عدى 3/ 65، سؤالات البرقانى 444، أنساب السمعانى 4/ 64، ضعفاء ابن الجوزى 144، الكاشف ترجمة 5068، المغنى ترجمة 5741، تذهيب التهذيب 3/ 224، ميزان الاعتدال ترجمة 7843، نهاية السول 338، تهذيب التهذيب 9/ 298، التقريب 2/ 183).

255 ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق، عبد الله بن أبى قحافة، عثمان بن عامر القرشى التيمى، أبو عتيق

255 ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق، عبد الله بن أبى قحافة، عثمان بن عامر القرشى التيمى، أبو عتيق: ذكر أبو عمر: أنه هو وأباه وجده أبيه أبا قحافة: أدركوا النبى صلى الله عليه وسلم، قال: وليست هذه المنقبة لغيرهم. ونقل ذلك عن موسى بن عقبة. وله رواية. 256 ـ محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن الصفى أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم، يلقب بالمحب، ويعرف بابن عثمان الطبرى المكى: سمع من الزين الطبرى «التنبيه» للشيخ أبى إسحاق الشيرازى، عن جده المحب الطبرى، عن الشيخ بشير التبريزى، عن ابن سكينة، عن الأرموى، عن المؤلف. وعلى السراج عمر الدمنهورى، والفخر النويرى: الموطأ، رواية يحيى بن بكير، فى سنة ست وأربعين وسبعمائة، وعلى غيرهم، ورغب فى السماع كثيرا. وسمع أولاده، وسمع معهم، وبالغ حتى سمع من شيخنا جمال الدين الأميوطى، وما علمته حدث، وسكن بأخرة، قرية التنضب (1) ـ من وادى نخلة الشامية ـ مدة سنين، وأم بها، وخطب وباشر العقود بها، نيابة عن جدى القاضى أبى الفضل النويرى، ومن بعده من قضاة مكة. ولم يزل على ذلك حتى مات فى أثناء النصف الأول من سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. مولده فى سنة خمس وثلاثين وسبعمائة. 257 ـ محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن الصفى أحمد الطبرى يلقب بالمجد: أخو المحب السابق، سمع من جده عثمان: سنن أبى داود [ .......... ] (1). 258 ـ محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن الصفى الطبرى أخو المحب السابق، يكنى أبا الخير: سمع من جده عثمان وغيره. وما علمت من حاله سوى هذا.

_ 255 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2365، أسد الغابة ترجمة 4752). 256 ـ (1) التنضب قرية من أعمال مكة بأعلى نخلة فيها عين جارية. انظر معجم البلدان (تنضب). 257 ـ (1) ما بين المعقوفتين: بياض بالأصل. وعلى هامش التيمورية: «مبيض فى أصله منقول».

259 ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى الفتح، كمال الدين أبو الطاهر العمرى المصرى، المؤذن بالحرم الشريف

259 ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى الفتح، كمال الدين أبو الطاهر العمرى المصرى، المؤذن بالحرم الشريف: سمع من ابن علاق: جزء البطاقة، ومن ابن عبد الهادى القيسى، خطيب المقياس، والعز الحرانى، وأبى بكر بن الأنماطى وغيرهم. وحدث. سمع منه الحافظ علم الدين البرزالى، وكتب عنه الآقشهرى. وأجاز لشيخنا أبى هريرة بن الذهبى. وتوفى يوم الاثنين رابع عشرى رجب سنة تسع وعشرين وسبعمائة بمكة، ودفن من يومه بالمعلاة. ووجدت بخطى فيما نقلته من تاريخ مصر للقطب الحلبى: أن أبا الطاهر المؤذن هذا، توفى رابع شهر رجب سنة أربع وعشرين وسبعمائة. وهذا وهم. وهو أخو المحدث تاج الدين عتيق بن عبد الرحمن العمرى الصوفى. وذكر البرزالى: أن أبا الطاهر هذا، كان رجلا خيرا، مليح الكتابة، حسن الهيئة. انتهى. ووجدت بخط الشيخ أبى طيبة محمد بن أحمد بن أمين الآقشهرى. أخبرنى الشيخ أبو الطاهر محمد بن عبد الرحمن بن أبى الفتح العمرى: أنه ارتكب عليه الدين، وضاق نفسه من ذلك، ولازم الدعاء فى [ ... ] (1). قال: فأتيت بالسحر إلى مقام الحنبلى واستقبلت، فرأيت شخصا يقول: ما لك. قل هذا الدعاء يقضى الله عنك الدين، قل: اللهم يا من بيده خزائن السماوات والأرض، ومن يقول للشيء كن فيكون، أسالك أن تصلى على محمد وعلى آل محمد، وأن تغنينى من الفقر، وأن تعافينى من الدين، وأن توسع علىّ من رزقك الحلال الطيب الواسع المبارك فيه. انتهى. 260 ـ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن خليف الأنصارى الخزرجى المدنى، يلقب بالشمس بن التقى بن الجمال المطرى: سمع بالمدينة من القاضى عز الدين: جزءه الكبير الذى خرجه لنفسه، ومن القاضى بدر الدين إبراهيم بن الخشاب: صحيح البخارى، وغير ذلك بالمدينة، وله اشتغال

_ 259 ـ انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 4/ 6). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

261 ـ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن خليف بن عيسى بن عساس ابن بدر بن يوسف بن على بن عثمان الأنصارى الخزرجى، يكنى أبا حامد، ويعرف بابن المطرى المدنى، يلقب بالرضى بن التقى بن الجمال، قاضى المدينة بالنبوية وخطيبها وإمامها. وهو أخو السابق

بالعلم ونباهة. وكان يؤذن بالحرم النبوى كأبيه وجده بمأذنة الرئاسة، ودخل ديار مصر والشام واليمن. وتوفى بمكة فى آخر ذى الحجة سنة ست وثمانمائة. ودفن بالمعلاة. 261 ـ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن خليف بن عيسى بن عساس ابن بدر بن يوسف بن على بن عثمان الأنصارى الخزرجى، يكنى أبا حامد، ويعرف بابن المطرى المدنى، يلقب بالرضى بن التقى بن الجمال، قاضى المدينة بالنبوية وخطيبها وإمامها. وهو أخو السابق: ولد بها سنة تسع وأربعين وسبعمائة، وأجاز له فيها يوسف بن محمد الدلاصى، راوى الشفاء، وأبو الفتح الميدومى، وابن اللبان، وأجاز له فيها بعد ذلك من دمشق مسندها: محمد بن إسماعيل بن الخباز، وآخرون من شيوخ شيخنا الحافظ زين الدين العراقى باستدعائه على ما بلغنى. وسمع بالمدينة: صحيح البخارى، من عمه العفيف المطرى، وسمع من القاضى عز الدين بن جماعة الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، عن الجلال بن عبد السلام الإسكندرى سماعا بسنده، وعن ابن الزبير إجازة عن الطوسى، عن ابن خليل القيسى، عن ابن الطلاع بسنده، والجزء المعروف بجزء البيتوتة، وجزءا كبيرا من حديثه، خرجه لنفسه، وغير ذلك كثيرا. وسمع من غيرهما وحدث. سمعت منه بمكة، وبالريمة (1) من وادى نخلة اليمانية، وبالطائف. وكان له بالعلم عناية، ولد معرفة حسنة بالفقه والعربية وغير ذلك. وله نظم وخط جيد، وإقبال على أهل الخير، وعناية بالعبادة. درس وأفتى، وأذن بالحرم النبوى بمأذنة الرئاسة، ثم ولى قضاء المدينة وخطابتها وإمامتها، على عادة من تقدمه من قضاة المدينة، فى أول سنة إحدى عشرة وثمانمائة. ولم يزل على ذلك، حتى توفى فى ليلة الخميس سادس عشر ذى الحجة سنة إحدى عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة.

_ 261 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 2/ 512). (1) ريمة: بكسر أوّله، بوزن ديمة: واد لبنى شيبة قرب المدينة بأعلاه نخل لهم. وريمة أيضا: ناحية باليمن. انظر معجم البلدان (ريمة).

وكان قدم إليها حاجا ـ وهو متعلل ـ فأقام بها حتى توفى فى التاريخ المذكور، وكان أقام بها غير مرة، منها: سنة وسبعة أشهر متوالية قبل مجئ الولاية إليه بمكة، وكان مجيئها إليه، وهو بالطائف فى النصف الثانى من ربيع الآخر من سنة إحدى عشرة. وتوجه من مكة إلى المدينة فى أوائل جمادى الأولى من هذه السنة، وباشر الوظائف المذكورة، وحمدت مباشرته لها. أخبرنى القاضى أبو حامد محمد بن القاضى تقى الدين عبد الرحمن بن القاضى جمال الدين محمد بن أحمد المطرى قراءة عليه، وأنا أسمع بالمسجد الحرام: أن القاضى عز الدين عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن جماعة، أخبره سماعا عن أبى الفضل أحمد بن هبة الله ابن عساكر الدمشقى حضورا قال: أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروى، وزينب بنت عبد الرحمن الشعرى، قال أبو روح: أخبرنا زاهر بن طاهر الشحامى، قال: أخبرنا أبو عثمان بن أبى سعيد العيار. وحدثنا: وقرأت على يوسف بن عثمان بن مسلم الكتانى ـ بالتاء ـ أخبرك عبد الله ابن الحسن بن الحافظ سماعا. قال: أخبرنا أبو الحسن على بن يوسف الصورى، قال: أخبرتنا زينب بنت عبد الرحمن الشعرى. وحدثنا: وأخبرنى عاليا: يوسف بن عثمان المذكور، وأبو حفص عمر بن محمد بن عمر البالسى، بقراءتى عليهما، قالا: أخبرتنا زينب ابنة الكمال أحمد بن عبد الرحيم المقدسية، قال الأول: سماعا، وقال الثانى: حضورا ـ فى الرابعة ـ قالت: أنبأنا عبد الخالق بن الأنجب النشتبرى، قال هو وزينب الشعرية: أخبرنا وجيه بن طاهر الشحامى ـ قالت زينب: سماعا، وقال النشتبرى: إجازة ـ قال: أخبرنا أبو حامد أحمد ابن الحسن الأزهرى. وحدثنا: وقرأت على أبى هريرة بن الذهبى، أخبرك أحمد بن أبى طالب الصالحى سماعا، عن داود بن معمر عموما، قال: أخبرتنا فاطمة بنت محمد بن أحمد بن البغدادية، قالت: أخبرنا العيار، قال هو والزهرى: أخبرنا الحسن بن أحمد المخلدى، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا الليث عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: «من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وترا، فإن رسول اللهصلى الله عليه وسلم كان يأمر بذلك».

262 ـ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن خالد بن سعيد بن جرجة المخزومى مولاهم، أبو عمر المكى المقرئ مقرئ أهل مكة، الملقب قنبل

وأخبرناه بهذا العلو مع اتصال السماع: أبو هريرة عبد الرحمن بن الحافظ أبى عبد الله الذهبى، بقراءتى عليه: أن أبا العباس أحمد بن نعمة الصالحى ـ أخبره سماعا ـ وعيسى بن معالى المطعم ـ حضورا ـ قالا: أخبرنا أبو المنجا بن اللتى، قال: أخبرنا أبو الوقت السجزى قال: أخبرنا محمد بن مسعود الفارسى، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبى شريح، قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوى، قال: حدثنا أبو الجهم العلاء بن موسى، قال: حدثنا الليث بن سعد عن نافع، أن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال: «من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وترا، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بذلك». أخرجه مسلم والنسائى (2) عن قتيبة، فوقع لنا موافقة لهما وبدلا عاليين، ولله الحمد ومن شعره. إذ غاب قومى حبيبى قلت منتصرا ... هل نقص البدر ما فيه من الكلف قالوا ثناياه سود قلت ويحكم ... لله فى ذاك سر غامض وخفى أشار للخلق أن الريق منه شفا ... سم الأوساد فاستشفوا من التلف 262 ـ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن خالد بن سعيد بن جرجة المخزومى مولاهم، أبو عمر المكى المقرئ مقرئ أهل مكة، الملقب قنبل: ذكره الذهبى فى طبقات القراء، فقال: الإمام شيخ المقرئين. ولد سنة خمس وتسعين ومائة، وجوّد القرآن على أبى الحسن الفواس. وأخذ عن البزى، وانتهت إليه رئاسة الإقراء لعلو إسناده، وتلا عليه: ابن مجاهد، وابن شنبوذ. وذكر جماعة، ثم قال: قيل إنه كان يستعمل دواء لشفاء البصر يسمى قنبيلا، فلما أكثر من استعماله، عرف به، ثم خفف، وقيل له: قنبل. وقيل. بل هو من قوم يقال لهم: القنابلة.

_ (2) أخرجه مسلم فى صحيحه حديث رقم (1704، 1706) والنسائى فى الكبرى (1392)، وفى الصغرى (1672). 262 ـ انظر ترجمته فى: (الوافى بالوفيات 3/ 226، غاية النهاية 2/ 165، إرشاد الأريب 6/ 206، الأعلام 6/ 190، معجم الأدباء 17/ 17 ـ 18، وفيات الأعيان 3/ 42، العبر 2/ 89، طبقات القراء للذهبى 1/ 186 ـ 187، دول الإسلام 1/ 176، الوافى بالوفيات 3/ 226 ـ 227، البداية والنهاية 11/ 99، طبقات القراء للجزرى 2/ 165 ـ 166، النشر فى القراءات العشر 1/ 120 ـ 121، شذرات الذهب 2/ 208، سير أعلام النبلاء 14/ 84).

263 ـ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الملك الأزدى (1) يلقب بالجمال، ويعرف بابن الملجوم المكى أبو عبد الله

وكان قد ولى فى وسط عمره شرطة مكة، فحمدت سيرته، ثم إنه طعن فى السن وشاخ، وقطع الإقراء قبل موته بسبع ستين. توفى سنة إحدى وتسعين ومائتين. وقد رماه ابن المنادى، بأنه اختلط فى آخر عمره، وتفرد ابن مجاهد عنه بأحرف فيها كلام، ذكرناه فى ترجمة ابن مجاهد، والله أعلم 263 ـ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الملك الأزدى (1) يلقب بالجمال، ويعرف بابن الملجوم المكى أبو عبد الله: سمع من ابن الجميزى، وابن أبى الفضل المرسى، ثم رحل فسمع بدمشق وحلب، ومنبج (2)، وحران، وبغداد، من بعض شيوخ الحافظين: قطب الدين العسقلانى، وشرف الدين الدمياطى، لأنه كان رافقهما فى الرحلة. وسمع منه الدمياطى ببغداد وبها مات، سنة خمسين وستمائة، على ما قال الدمياطى فى معجمه. 264 ـ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن على بن الحسين بن عبد الملك بن أبى النصر الطبرى المكى، يلقب بالجمال بن العماد: سمع من أبى اليمن بن عساكر، ومن المحب الطبرى، وقرأ «التنبيه» للشيخ أبى إسحاق، على أبيه المفتى عماد الدين الطبرى، عن جده لأمه سليمان بن خليل، عن الشيخ بشير التبريزى، عن ابن سكينة، عن الأموى عنه. وقرأه على شيخ اليمن أحمد بن موسى بن العجيل، بإسناد نازل، ولكن قراءته عليه قراءة تفهم وضبط، واجتهاد وتحصيل، على ما وجدت بخط ابن العجيل، وترجمة: بالفقيه الأجل العالم العامل. وتاريخ انقضاء القراءة على ابن العجيل، عشية الثلاثاء لعشر ليال بقين من جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وستمائة.

_ 263 ـ (1) على هامش نسخة ابن فهد: «ابن هشام بن يوسف بن مصعب بن عمير». (2) منبج: بالفتح ثم السكون، وباء موحدة مكسورة، وجيم: هو بلد قديم وما أظنه إلا روميّا إلا أن اشتقاقه فى العربية يجوز أن يكون من أشياء. وهى مدينة كبيرة واسعة ذات خيرات كثيرة وأرزاق واسعة فى فضاء من الأرض، كان عليها سور مبنى بالحجارة محكم، بينها وبين الفرات ثلاثة فراسخ، وبينها وبين حلب عشرة فراسخ. انظر: معجم البلدان، معجم ما استعجم (منبج).

265 ـ محمد بن عبد الرحمن بن محمد الهاشمى، أبو عبد الله الصقلى إمام المالكية بالحرم الشريف

ولم أدر متى مات، إلا أنه كان حيا سبع وتسعين وستمائة، وعاش بعد ذلك فى غالب ظنى. وقد اتفق لمحمد هذا وابن له، حكاية عجبية إلى الغاية. ذكرها لى شيخنا قاضى الحرم جمال الدين بن ظهيرة، ذكر أنه سمعها من الناس، وملخصها: أنهما كانا بالشام، فحصل لهما مرض شديد، فدخل عليهما شخص، وقال لهما: أتشتهيان أن أحمل عنكما المرض؟ . فقالا: نعم، فانتفض انتفاضة، فقاما يمسيان، فأعطاهما درهمين، وقال لهما: إذا اشتريتما حاجة فاشترياها بأحدهما فقط، وأتركا الآخر عندكما، وأمرهما بالتوجه إلى القاضى بدمشق. فلما وصلا إلى موضعه، عرفا بأنه طلبهما، فدخلا إليه، فأحسن إليهما، فتوجها مع الحجاج، فكانا يشتريان الحاجة بأحد الدرهمين، ثم يعود إليهما الدرهم بعينه. فاتفق أنهما اشتريا حاجة بهما فلم يعودا. 265 ـ محمد بن عبد الرحمن بن محمد الهاشمى، أبو عبد الله الصقلى إمام المالكية بالحرم الشريف: ولى الإمامة مدة سنين، فى آخر القرن السادس، وفى أوائل القرن السابع ولم أدر متى مات؛ إلا أنه كان حيا فى سنة سبع وستمائة بمكة. وسمع بها من يونس الهاشمى، وزاهر بن رستم، إمام المقام. وترجم فى سماعه عليهما: بإمام المالكية وبالحرم الشريف. 266 ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى الخير بن أبى عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحسنى، الشريف أبو الخير الفاسى المكى المالكى: حضر على القاضى عز الدين بن جماعة، وسمع من ابن عبد المعطى، وابن حبيب الحلبى بمكة وغيرها. وتفقه على الشيخ موسى المراكشى، وعلى أبيه، وخلفه فى تصديره بالمسجد الحرام، فأجاد وأفاد، وكان من الفضلاء الأخيار، وله حظ من العبادة والخير، والثناء عليه جميل. وتوفى فى ثالث شوال سنة ست وثمانمائة بطيبة، ودفن بالبقيع. وقد جاوز الأربعين بيسير، وعظمت الرزية بفقده، فإنه لم يعش بعد أبيه إلا نحو سنة.

_ 265 ـ انظر ترجمته فى: (أعلام النبلاء 9/ 69). 266 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 8/ 40).

267 ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى الخير محمد بن أبى عبد الله محمد بن محمد ابن عبد الرحمن الحسنى، الشريف أبو عبد الله الفاسى المكى المالكى، أخو أبى الخير السابق، وهو أبو عبد الله الصغير، لأنه كنى بكنية جد أبيه أبى عبد الله الفاسى الكبير، الآتى ذكره، يلقب

وبلغنى أنه رأى فى المنام ـ وأبوه مريض ـ أن شخصا ـ أظنه مغربيا ـ أعطاه كساء، وقال له: بعه بثلاثة عشر درهما، اعط أباك منها ثلاثة، والباقى لك فأول ذلك بمقدار حياتهما، وتردد فى الدرهم هل هو شهر أو سنة، فقدر أن أباه مات بعد ثلاثة أشهر بعد الرؤية، فغلب على ظنه أنه لا يعيش بعد أبيه إلا عشرة أشهر، فعاش بعد أبيه عشرة أشهر وسبعة عشر يوما، لأن أباه توفى فى ليلة نصف ذى القعدة سنة خمس وثمانمائة. وهذه الرؤية مما حملته على اهتمامه بزيارة النبى صلى الله عليه وسلم، ورغب مع ذلك فى الوفاة فى جواره عليه السلام. فحقق الله له قصده. 267 ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى الخير محمد بن أبى عبد الله محمد بن محمد ابن عبد الرحمن الحسنى، الشريف أبو عبد الله الفاسى المكى المالكى، أخو أبى الخير السابق، وهو أبو عبد الله الصغير، لأنه كنى بكنية جد أبيه أبى عبد الله الفاسى الكبير، الآتى ذكره، يلقب محب الدين: ولد فى سنة أربع وسبعين وسبعمائة بمكة، وسمع بها على غير واحد من شيوخها. منهم العفيف عبد الله النشاورى، وغير واحد من القادمين إليها، منهم عبد الوهاب القروى الإسكندرى، شيئا من آخر «المحدث الفاصل» للرامهرمزى، والشيخ جمال الدين الأميوطى، وإبراهيم بن صديق، وبعض ما سمعه على ابن صديق معى وبقراءتى. وسمع معى بالقاهرة وبقراءتى على جماعة من شيوخنا، منهم: على بن أبى المجد الدمشقى، وعبد الله بن عمر الحلاوى، وأحمد بن حسن السويداوى، والبرهان إبراهيم ابن أحمد الشامى. وله إجازة من عمر بن أميلة، وصلاح الدين بن أبى عمر، ومن عاصرهم من شيوخ دمشق وغيرها. وحدث عن بعض شيوخه بالإجازة، المشار إليهم، وعن غيرهم ممن سمع منهم، وحفظ «مختصر» ابن الحاجب فى الفقه و «الرسالة» لابن أبى زيد، وغير ذلك من المختصرات. وكان يحضر تدريس أبيه بمكة كثيرا. وقرأ فى الفقه بالقاهرة على بعض شيوخها من المالكية، وتبصر فى الفقه قليلا، ودرس فيه قليلا.

_ 267 ـ انظر المرجع السابق والصفحة.

268 ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى الخير بن أبى عبد الله محمد بن عبد الرحمن، الحسنى الفاسى المكى المالكى، الشريف القاضى رضى الدين أبو حامد، شقيق أبى الخير، وأبى عبد الله

وعرض له قولنج تعلل به سنين كثيرة، ولم يغارفه حتى توفى فى آخر ليلة الاثنين الثامن لشهر ربيع الآخر، سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة بمكة، بدار زبيدة، وصلى عليه عقيب طلوع الشمس بالمسجد الحرام، عند قبة الفراشين كأبيه، ودفن بالمعلاة على أبيه، بقبر أبى لكوط. ولم يوجد ـ فيما بلغنى ـ لأبيه أثر فى القبر، وبين وفاتيهما سبعة عشر سنة ونحو خمسة أشهر، رحمها الله تعالى. وعرض له قبيل موته إسهال كثير بالدم، ولعله مات بذلك، فيكون شهيدا باعتبار أنه مبطون، وقد دخل لأجل الرزق إلى القاهرة مرتين، ومرتين إلى اليمن، وأقام بالقاهرة فى القدمة الأولى أزيد من عامين، وفى الثانية: نحو عام ونصف، ودخل فيها الإسكندرية، وهو ابن عمتى، وابن ابن عم أبى، رحمه الله تعالى. 268 ـ محمد بن عبد الرحمن بن أبى الخير بن أبى عبد الله محمد بن عبد الرحمن، الحسنى الفاسى المكى المالكى، الشريف القاضى رضى الدين أبو حامد، شقيق أبى الخير، وأبى عبد الله: ولد فى رجب سنة خمس وثمانين وسبعمائة، وقيل فى سادس رجب سنة أربع وثمانين بمكة. وسمع بها ـ ظنا ـ على العفيف عبد الله بن محمد النشاورى، والشيخ جمال الدين إبراهيم الأميوطى. وسمع ـ يقينا ـ على جماعة من شيوخنا بالحرمين، منهم: مسند الحجاز إبراهيم بن محمد بن صديق الرشام، والشيخ زين الدين أبو بكر بن الحسين المراغى، أشياء كثيرة من مروياتهما. وأجاز له باستدعائى، واستدعاء غيرى، جماعة من شيوخنا الشاميين وغيرهم، وحفظ عدة من المختصرات فى فنون من العلم، وثقه بوالده، وشيخنا القاضى زين الدين خلف النحريرى المالكى، فى «مختصر» الشيخ الجليل وغيره، والشيخ أبى عبد الله الوانوغى، وقرأ عليه فى «مختصر» ابن الحاجب الأصلى، وحضر درسه فى فنون من العلم بمكة وغيرها.

_ 268 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 8/ 41).

وأخذ العربية عن إمام الحنفية بمكة الشيخ شمس الدين الخوارزمى، المعروف بالمعيد، والشيخ شمس الدين محمد بن جامع البوصيرى، لما جاور بمكة، وكثرت عنايته بالفقه، فتبصر فيه وفى غيره. وكتب بخطه ـ ولا بأس به ـ عدة كثيرة من المؤلفات، وبعضها مجلدات، وأذن له شيخنا القاضى زين الدين خلف فى التدريس، ورأيت خطه له بذلك. وذكر لى صاحب الترجمة، أنه أذن له فى الإفتاء، وذلك فى سنة سبع وثمانمائة، بعد أن رحل من مكة إلى المدينة، وللأخذ عن شيخنا المذكور. وجلس من بعد هذه السنة للتدريس فى موضع تدريس والده، وصار لا يترك ذلك إذا كان بمكة، إلا لشغل أو مرض، أو فى الأوقات التى يترك الناس فيها التدريس، كرمضان وأيام المراسم. وكان يدرس بغير هذا الموضع، بزيادة باب إبراهيم، عند دار زبيدة، وكان كثير الجلوس هناك، وكان يفتى الناس كثيرا فى المدة المشار إليها، ومدة تصديه للتدريس والإفتاء، نحو خمس عشرة سنة، وكثير من فتاويه يقصد فيه المعارضة فيما رفع إلىّ من الأحكام، ويتم عليه فى ذلك أشياء كثيرة على غير السداد، وبينت له ذلك، وقف عليه مرات. وكان قبل ذلك مائلا إلىّ فاستنبته فى العقود والفسوخ، ثم تكدر لبعض القضايا الواقعة عندى لبعض قرابته، فرغب عن ذلك، وتصدى للمعارضة بالفتوى وحب الولاية لمنصب قضاء المالكية الذى بيدى، ووليه فى حال غيبتى باليمن، بإعانة جماعة كان فى نفسهم منى شئ. وكتب له بذلك توقيع مؤرخ بالرابع والعشرين من شوال سنة عشرة وثمانمائة، ووصل هذا التوقيع لمكة، وقرئ فى أوائل ذى الحجة منها، بمجلس أمير الحاج المصرى، ولبس لأجل ذلك خلعة وباشر الأحكام. فلما رحل الحجاج المصريون عن مكة ليلة (1)، أتانى توقيع ـ بالولاية على عادتى ـ مؤرخ بسابع ذى القعدة منها فباشرت، وترك هو المباشرة، واستمر شديد الحرص على عوده للولاية، فلم يتم له ذلك حتى مات، مع عدم إجماله فى طلب ذلك، فلا حول

_ (1) على هامش نسخة التيمورية: «صوابه: ليلة الخامس عشر من ذى الحجة، لأنه كذا فى ترجمة المؤلف».

269 ـ محمد بن عبد الرحمن بن هشام بن يحيى بن هشام بن العاص بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى، قاضى مكة، والملقب بالأوقص

ولا قوة إلا بالله، ورام جماعة من أهل الخير الإصلاح بينى وبينه، على أن أستنيبه وأعطيه نصف المعلوم، فأجبتهم لسؤالهم، ولم يوافق هو على ذلك، لإشارة كثير من أهل الهوى عليه بعدم الموافقة على ذلك، قدر شيء لكان، وبلغنى أنه جمع شيئا يتعلق بابن الحاجب الفرعى، ذكر فيه الراجح مما فيه الخلاف، وسماه «الأداء الواجب فى تصحيح ابن الحاجب» وهذا أو غالبه موجود فى شرح ابن الحاجب، ولكن لجمعه فائدة فى الجملة، ولم أقف على شيء من ذلك، ووقفت له على شيء جمعه فى قدر ثلاث كراريس، تتعلق «بمختصر» الشيخ خليل الجندى، وشارحيه الإمامين: صدر الدين عبد الخالق بن الفرات، وشيخنا القاضى تاج الدين بهرام لذكرهما فى شرحهما أشياء انتقدها عليهما، وبعث بذلك إلى فضلاء المالكية بالقاهرة لينظروا فيه، فوقف على ذلك ـ فيما بلغنى ـ من المعتبرين: شيخنا قاضى القضاة جمال الدين عبد الله بن مقداد الأقفهسى، وقاضى القضاة شمس الدين البساطى، ولم يكتبا ولا غيرهما عليه حرفا، ولم يحمداه على ذلك فيما بلغنى، ولعل ذلك لعدم ورود أكثر ما أورده، وإساءته فى العبارة فى بعض ذلك. وقد ناب فى الحكم بمكة عن قاضيها شيخنا العلامة جمال الدين بن ظهيرة، وحكم فى قضايا لم يخل فيها من انتقاد، ولديه فى الجملة خير. توفى وقت العصر من يوم الخميس خامس عشر ربيع الأول سنة أربع وعشرين وثمانمائة، ودفن فى بكرة الجمعة بالمعلاة، عند قبر أبى لكوط (2). وكانت مدة علته ثمانية أيام، وهى حمى حادة دموية، ولعله فاز بسببها بالشهادة، فإنها نوع من الطاعون فيما قيل. 269 ـ محمد بن عبد الرحمن بن هشام بن يحيى بن هشام بن العاص بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى، قاضى مكة، والملقب بالأوقص: روى عن ابن جريج، وعيسى بن طهمان. روى عنه معن بن عيسى، ومحمد بن الحسن بن زبالة، وذكره ابن حبان فى الثقات. قال العقيلى: يخالف فى حديثه، وقال أبو القاسم بن عساكر: ضعيف.

_ (2) على هامش المطبوعة: «هو الولى الصالح: عبد الله بن عبد الرحمن الدكالى المتوفى سنة 629، وقبره بالحجون مشهور». 269 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 3/ 625 ترجمة 7855).

وذكر الأزرقى: أنه كان على قضاء مكة، لما أمر المهدى بشراء الدور، لتوسعة المسجد عام حج، وهو عام ستين ومائة. وذكره الزبير بن بكار، فقال: ومن ولد هشام بن العاص بن هشام: الأوقص، وهو محمد بن عبد الرحمن بن هشام بن يحيى بن هشام بن العاص بن هشام بن المغيرة. وكان على قضاء مكة فى أيام المهدى أمير المؤمنين، ومات فى خلافة أمير المؤمنين موسى الهادى، وأمه أم أبان بنت عبد الحميد بن عباد بن مطرف بن سلامة، من بنى مخربة. وقال: قال الدارمى: يمدح محمد بن عبد الرحمن المعروف بالأوقص (1): أبا خالد أشكو غريما مشوها ... ببابى لا يحيا ولا يتوجه له مقلتا كلب ومنخر ثعلب ... وبالضبع إن شبهته هو أشبه إذا قلت أقبل زادك الله بغضة ... وثنى وجهه لا بل غريمى أشوه ولو كنت إن ماطلته مل وأنثنى ... ولكنه يشرى على ويسفه وذكره الفاكهى فى قضاة مكة؛ لأنه قال فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله «ذكر من ولى قضاء مكة من أهلها من قريش» وكان منهم: محمد بن عبد الرحمن بن هشام الأوقص، قضى للمهدى، وخلف عنده أموال المسجد الحرام ليعمر المسجد، ففعل. انتهى. وذكره الذهبى فى الميزان. ومنه كتبت من روى عنه، ومن يروى عنه، والكلام فيه، وعرّفه بقاضى المدينة، ولعله قضاها أيضا، والله أعلم. وروينا عن الأزرقى قال: حدثنى محمد بن أبى عمر، عن القاضى محمد بن عبد الرحمن بن محمد المخزومى، عن القاضى الأوقص محمد بن عبد الرحمن بن هشام، قال: خرجت غازيا فى خلافة بنى مروان، فقفلنا من بلاد الروم، فأصابنا مطر فأوينا إلى قصر، فاستدرينا به من المطر، فلما أمسينا، صرخت جارية مولدة من القصر، فتذكرت مكة وبكت عليها، وأنشأت تقول: من كان ذا بالشام يحبسه ... فإن فى غيره أمسى لى الشجن فإن ذا القصر حقا ما به وطنى ... لكن بمكة أمسى الأهل والوطن من ذا يسائل عنا أين منزلنا ... فالأقحوانة منا منزل قمن إذ نلبس العيش صفوا ما يكدره ... طعن الوشاة ولا ينبو بنا الزمن

_ (1) الأبيات فى: (جمهرة نسب قريش 1812).

270 ـ محمد بن عبد الرحمن بن يوسف بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم القرشى الأصفونى الأصل، المكى المولد والدار

فلما أصبحنا لقيت صاحب القصر، فقلت له: رأيت جارية خرجت من قصرك، فسمعتها تنشد كذا وكذا، فقال: هذه جارية مولدة مكية، اشتريتها وخرجت بها إلى الشام، فوالله ما ترى عيشنا ولا ما نحن فيه شيئا. فقلت: تبيعها؟ . قال: إذا أفارق روحى. انتهى. 270 ـ محمد بن عبد الرحمن بن يوسف بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم القرشى الأصفونى الأصل، المكى المولد والدار: سمع بمكة من الحافظ صلاح الدين العلائى وغيره بمكة. وتوفى بعد الستين وسبعمائة، ببلد أبيه الشيخ نجم الدين الأصفونى، مفتى مكة الآتى ذكره، وهى أصفون (1) ـ من صعيد مصر الأعلى ـ وهو سبط الشيخ ظهيرة بن أحمد ابن عطية بن ظهيرة المخزومى، الآتى ذكره. 271 ـ محمد بن عبد السلام بن أبى المعالى بن أبى الخير ذاكر بن أحمد بن الحسن ابن شهريار الكازرونى، أبو عبد الله المكى، يلقب بالجلال: مؤذن الحرم الشريف. سمع من زاهر بن رستم: جامع الترمذى، وسمع من يحيى بن ياقوت البغدادى: فضائل العباس لابن السمرقندى، وحدث. سمع منه: عبد الله بن عبد العزيز المهدوى، ومات قبله بسنتين (1)، وجماعة آخرهم: أبو نصر بن الشيرازى، شيخ شيوخنا (2). توفى ليلة الثامن والعشرين من ذى الحجة، سنة خمس وخمسين وستمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. ومولده فى نحو سنة تسعين وخمسمائة. نقلت مولده ووفاته ونسبه هذا، من وفيات الشريف أبى القاسم الحسينى. 272 ـ محمد بن عبد الصمد بن [ ...... ] (1) المغربى المعروف بالتازى: جاور بمكة سنين كثيرة، تقارب العشرين أو أزيد، واشتغل بالفقه قليلا، وكان يذاكر من حفظه بمواضع من موطأ مالك، رواية يحيى بن يحيى، ويفهم أنه يحفظه.

_ 270 ـ (1) أصفون: بضم الفاء، وسكون الواو، ونون: قرية بالصعيد الأعلى على شاطئ غربى النيل تحت إسنا وهى على تل عال مشرف. انظر: معجم البلدان (أصفون). 271 ـ (1) على هامش نسخة ابن فهد: «والشرف الدمياطى». (2) على هامش نسخة ابن فهد: «سمع منه فضائل العباس للسمرقندى». 272 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء 8/ 58). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

273 ـ محمد بن عبد العزيز بن الحسين بن عبد الله التميمى السعدى الأنصارى، القاضى أبو عبد الله بن القاضى الجليس أبى المعالى، المعروف بابن الحباب المالكى

وسمع بمكة على النشاورى، وشيخنا ابن صديق، وغيرهما من شيوخنا. ولم يكن بالمرضى فى دينه، والله يغفر له. توفى فى آخر ذى الحجة سنة خمس وثمانمائة، أو أول التى بعدها، برباط السدرة بمكة، وكان يسكن به، ودفن بالمعلاة. 273 ـ محمد بن عبد العزيز بن الحسين بن عبد الله التميمى السعدى الأنصارى، القاضى أبو عبد الله بن القاضى الجليس أبى المعالى، المعروف بابن الحباب المالكى: ذكره المنذرى فى التكملة، وذكر أنه سمع من الحافظ السلفى، وأبى الطاهر بن عوف بالإسكندرية. وسمع بمصر من جماعة، منهم الشريف أبو الفتوح ناصر بن الحسين الزيدى، وقرأ عليه القرآن بالروايات، وقرأ الأدب على العلامة أبى محمد بن برى، وأجاز له. وحدث. ولى ولايات رفيعة. وتوفى ليلة سلخ المحرم سنة خمس وستمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. ومولده فى ذى القعدة سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة، وهو من بيت رواية، وتقدم فى الولايات والفضيلة، حدث منهم جماعة. 274 ـ محمد بن عبد الكريم بن أحمد بن عطية بن ظهيرة، المخزومى، محب الدين أبو عبد الله المكى: سمع من الآقشهرى، والزين الطبرى، وعثمان بن الصفى وغيرهم. وذكر لى شيخنا أبو بكر بن عبد المعطى: أنه حفظ الحاوى فى الفقه، والكافية فى النحو لابن الحاجب. وكان رجلا حسنا، وسألت عنه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. فقال: كان رئيسا محتشما حسن الشكل. توفى سنة أربع وستين وسبعمائة بالقاهرة. 275 ـ محمد بن عبد الكريم بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى المخزومى المكى، أخو السابق، يلقب بالجمال وبأبو سمنطح: ولد فى آخر حياة أبيه أو بعد وفاته بمكة، وبها نشأ. فلما بلغ وملك أمره، باع كثيرا

_ 274 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 8/ 73). 275 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 8/ 73).

276 ـ محمد بن عبد الكريم بن محمد بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى المكى، يلقب بالجمال، ويعرف بالطويل

مما ورثه من أبيه، وصار يتردد إلى اليمن فى غالب السنين، ويكثر من التزويج بزبيد وغيرها، ويحج فى غالب السنين، وعرض له بعد الحج من سنة اثنتين وثمانمائة ـ مرض تعلل به حتى مات فى المحرم سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وقد جاوز الخمسين بسنين يسيرة. وله إجازة من متأخرى أصحاب الفخر بن أميلة ومن عاصره، رحمه الله. 276 ـ محمد بن عبد الكريم بن محمد بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى المكى، يلقب بالجمال، ويعرف بالطويل: كان من الطلبة الشافعية بالمدرسة البنجالية الجديدة بمكة، وعانى بأخرة الشهادة، ودخل ديار مصر طلبا للرزق غير مرة. ومات فى جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. 277 ـ محمد بن عبد الكريم بن عبد الغفار بن عبد الكريم ابن عبد الرحمن النهاوندى، القاضى شمس الدين: هكذا وجدته منسوبا بخط الشيخ أبى حيان فى شيوخه بالإجازة. وذكر أن مولده فى تاسع عشرى رمضان، سنة ثلاث وثلاثين وستمائة بمكة، وأنه سمع الثقفيات من ابن بنت الجميزى. انتهى ما ذكره أبو حيان، ولم يصرح بأنه مكى، وهو من بيت مشهور، كان بمكة. 278 ـ محمد بن عبد المحسن بن سلمان بن عبد المرتفع، المخزومى الأبوتيجى: نزيل مكة. سمع على الفخر التوزرى، والرضى الطبرى. وذكر لى سبطه شيخنا السيد تقى الدين عبد الرحمن الفاسى: أنه كان دائم الصيام لا يفطر إلا العيدين، وكانت له ملاة، وكان كثير الإيثار. توفى بمكة. 279 ـ محمد بن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى الهاشمى: ذكر الزبير بن بكار: أن أمه بنت حمزة الهمدانى. قال: وكان له قدر وشرف. 280 ـ محمد بن عبد المعطى بن أحمد بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى الخزرجى، يلقب بالجمال: ذكره ابن أخيه شيخنا أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطى، وقال: قرأ على الصفى بن

_ 276 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 8/ 74).

281 ـ محمد بن عبد الملك بن عبد الله بن محمد بن محمد القرشى البكرى، جمال الدين بن الشيخ الصالح أبى مروان بن الشيخ العلامة العارف أبى محمد، المعروف بالمرجانى، التونسى الأصل، الإسكندرى المولد، المكى الدار

أبى المنصور، والقطب القسطلانى، وأبى العباس المرسى، واجتمع ببعض أصحاب ابن الرفاعى، وصحب أصحاب الشيخ أبى السعود، وأبى الحسن الشاذلى. وتوفى سنة خمس وأربعين سبعمائة تقريبا بمصر، ودفن بالقرافة. وقد نيف على المائة، وهو والد شيخنا أبى العباس النحوى. ووجدت سماعه على مؤنسة خاتون، بنت الملك العادل. 281 ـ محمد بن عبد الملك بن عبد الله بن محمد بن محمد القرشى البكرى، جمال الدين بن الشيخ الصالح أبى مروان بن الشيخ العلامة العارف أبى محمد، المعروف بالمرجانى، التونسى الأصل، الإسكندرى المولد، المكى الدار: ولد بالإسكندرية، وأجاز له جماعة، فى استدعاء مؤرخ سنة سبع وعشرين وسبعمائة، من مصر والإسكندرية، منهم: إبراهيم بن أحمد بن عبد المحسن الغرافى، ووجيهة بنت على الصعيدى، وأبو الحسن على بن إسماعيل بن قريش، وأبو المحاسن يوسف بن عمر الختنى، وأبو النون يونس بن إبراهيم الدبوسى، والركن بن القويع الشيخ، وأبو حيان، والقاضى فخر الدين عبد الواحد بن المنير، وجماعة. وسمع بمكة من الفخر عثمان بن الصفى الطبرى: سنن أبى داود، ومن القطب بن المكرم وجماعة، وما علمته حدث. وأجاز لى فى استدعاء بخط شيخنا ابن شكر. ومن خط المذكور نقلت نسبه هذا. ووجدت بخط شيخنا ابن شكر: أنه ولد بمكة. وذكر لى غيره من شيوخنا: أنه ولد بالإسكندرية. ومولده ـ على ما وجدت بخط شيخنا ابن شكر ـ فى سنة أربع وعشرين وسبعمائة. وتوفى فى شوال سنة إحدى وثمانين وسبعمائة (1) ودفن بالجبل الذى يقال إن فيه قبر عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما، بوصية منه فى ذلك، ولا يصح أن ابن عمر، دفن فى هذا الجبل، كما أوضحناه فى كتابنا «شفاء الغرام ومختصراته». وكان رجلا صالحا، دينا خيرا، ذا عبادة كثيرة، وانفراد عن الناس، وله اشتغال فى الفقه، وعناية بالتفسير، وعلم الحرف والأسماء والأوفاق.

_ 281 ـ (1) على هامش نسخة ابن فهد: «رأيت بخط ابن شكر أنه توفى سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة».

282 ـ محمد بن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكى

282 ـ محمد بن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكى: روى عن أبيه. روى عنه روح بن عبادة. ذكره ابن حبان فى كتاب الثقات. روى له ابن ماجة فى كتاب التفسير. كتبت هذه الترجمة من التهذيب للمزى. 283 ـ محمد بن عبد الملك بن أبى محذورة الجمحى المكى: روى عن أبيه، عن جده. وعنه سفيان الثورى، وأبو قدامة الحارث بن عبيد الإيامى. روى له أبو داود. وذكره ابن حبان فى الثقات. 284 ـ محمد بن عبد الملك بن محمد، الأمير شمس الدين المعروف بابن المقدم: كان من أكبر الأمراء النورية، ثم الصلاحية، واستنابه السلطان صلاح الدين يوسف ابن أيوب (1) بدمشق. ووقف بها مدرسة على الحنفية داخل باب الفراديس (3)، وشهد معه فتح بيت المقدس. فلما انقضى الفتح، توجه إلى الحجاز، وفى صحبته خلق كثير من بلاد شتى، فلما وقفوا بعرفة، وقع بينه وبين طاشتكين أمير الحاج العراقى قتال، لأنه أراد التقدم بالإفاضة قبل طاشتكين، ورفع علم السلطان صلاح الدين، وقال طاشتكين: لا يرفع هنا إلا علم الخليفة، ولا يتقدمه أحد بالإضافة، فجرى بسبب ذلك قتال بين الفريقين، فقتل جماعة

_ 282 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 25/ 21، تاريخ البخارى الكبير ترجمة 490، الجرح والتعديل ترجمة 16، ثقات ابن حبان 9/ 56، تذهيب التهذيب 3/ 227، ميزان الاعتدال ترجمة 7892، تهذيب التهذيب 9/ 317، التقريب 2/ 186). 283 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير 1/ 486، الجرح والتعديل ترجمة 14، ثقات ابن حبان 7/ 234، الكاشف ترجمة 5092، تذهيب التهذيب 3/ 227، ميزان الاعتدال ترجمة 7888، نهاية السول 339، تهذيب التهذيب 9/ 317، التقريب 2/ 176، تهذيب الكمال 26/ 22). 284 ـ انظر ترجمته فى: (الكامل لابن الأثير 11/ 212، الروضتين 2/ 123، الأعلام 6/ 249). (1) انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 6/ 488). (3) الفراديس: جمع فردوس، وأصله رومى عرب، وهو البستان، هكذا قال المفسرون، وقد قيل إن الفردوس تعرفه العرب وتسمّى الموضع الذى فيه كرم فردوسا، وقيل: كل موضع فى فضاء فردوس، وباب الفراديس: باب من أبواب دمشق. انظر معجم البلدان (فراديس).

285 ـ محمد بن عبد الملك الحضرمى

من أصحاب ابن المقدم، ونهبت أموالهم، ولولا كفه لهم عن القتال؛ مراقبة لحرمة الزمان والمكان، لانتصفوا من أهل العراق، وجرح هو عدة جراحات، وقضى الله تعالى له بالشهادة فى يوم النحر، سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة بمنى. ونقل إلى المعلاة فدفن بها، هكذا ذكر فى تاريخ ابن الأثير وغيره. ورأيت فى حجر قبره بالمعلاة: أنه توفى يوم الخميس الحادى عشر من ذى الحجة من السنة المذكورة، وهو يخالف ما سبق. والله أعلم. وفيه فى نسبه زيادة «محمد» بعد عبد الملك، وقبره بقرب القبر الذى يقال له قبر خديجة بنت خويلد رضى الله عنهما. وفى تاريخ ابن الأثير أكثر مما ذكرناه من حاله. 285 ـ محمد بن عبد الملك الحضرمى: نزيل مكة. هكذا ذكره القطب الحلبى فى تاريخ مصر، فى شيوخ شجاع بن محمد ابن سيدهم، المدلجى، المتصدر بالجامع العتيق. 286 ـ محمد بن عبد المهدى بن على بن جعفر المكى: كان من جملة المشارفين فى ديوان الشريف حسن بن عجلان فى بعض ولايته على مكة. توفى فى سنة اثنتى عشرة وثمانمائة [ ........ ] (1). من بلاد اليمن، ووصل نعيه إلى مكة فى شهر رجب منها، أو فى جمادى الآخرة. 287 ـ محمد بن عبد المؤمن بن خليفة الدكالى (1)، الملقب بالبهاء المكى: أجاز له فى سنة ثمان وعشرين وسبعمائة: أبو العباس الحجار، وجماعة من دمشق، باستدعاء خاله الشريف أبى الخير الفاسى. وسمع منه: الموطأ، وعلى الزين الطبرى وعثمان بن الصفى والآقشهرى: سنن أبى داود، وعلى جماعة بمكة، وبالمدينة: على الزبير بن على الأسوانى: الشفا للقاضى عياض، وعلى المطرى، وخالص البهائى: الإتحاف، لأبى اليمن بن عساكر.

_ 286 ـ وانظر ترجمته: (فى الضوء اللامع 8/ 126). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل قدر بقية السطر. 287 ـ (1) نسبة إلى دكّالة: بفتح أوله، وتشديد ثانيه: بلد بالمغرب يسكنه البربر. انظر: معجم البلدان (دكالة)

288 ـ محمد بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مصعب الزبيرى، أبو البركات المكى

وسمع من القاضى ناصر الدين التونسى بالقاهرة، وتردد إليها مرات. وبها توفى سنة تسع وستين وسبعمائة. وكان باشر الحسبة بمكة نيابة. 288 ـ محمد بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مصعب الزبيرى، أبو البركات المكى: رحل إلى العراق والشام ومصر والأندلس. وروى عن أبى زيد المروزى، والدارقطنى، والقاضى أبى بكر الأبهرى، وغيرهم، حدث عنه أبو محمد بن حزم، وأبى محمد بن جراح. وقال: كان ثقة، متحريا فيما ينقله، لقيته بإشبيلية فى سنة أربع وثلاثين وأربعمائة، وفيها توفى. وأخبرنى أن مولده سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، وكان ممتعا بحواسه. ذكره الذهبى فى تاريخ الإسلام، ومنه اختصرت هذه الترجمة. 289 ـ محمد بن عبد الوهاب بن أحمد العجلى، أبو بكر المكى: روى عن إبراهيم بن محمد التيمى القاضى. سمع منه فى جامع البصرة: الحافظ أبو بكر الإسماعيلى، وذكره فى معجمه. 290 ـ محمد بن عبد الله بن عبد الغفار القزاز المكى أبو عبيد الله: حدث عن إبراهيم بن محمد الشافعى. وسمع منه: ابن المقرى بمكة، وذكره فى معجمه. 291 ـ محمد بن عبيد بن أبى صالح المكى: سكن بيت المقدس. يروى عن صفية بنت شيبة، ومجاهد بن جبر، وعدى بن عدى الكندرى. روى عنه: ثور بن يزيد الحمصى، وعبيد الله بن أبى جعفر المصرى. قال أبو حاتم: هو ضعيف الحديث. وذكره ابن حبان فى الثقات.

_ 288 ـ انظر ترجمته فى: (الصلة لابن بشكوال 563، تاريخ الإسلام للذهبى 410). 291 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير 1/ 514، الجرح والتعديل 8/ 37، الثقات لابن حبان 7/ 371، تهذيب الكمال 26/ 62 ت 5442، ميزان الاعتدال 3/ 796، تهذيب التهذيب 9/ 330، تقريب التهذيب 2/ 188).

من اسمه محمد بن عثمان

روى له أبو داود حديثا واحدا، ورواه ابن ماجة، إلا أنه سمى فى روايته: عبيد الله ابن أبى صالح، وهو وهم على ما قال المزى. والله أعلم. * * * من اسمه محمد بن عثمان 292 ـ محمد بن عثمان بن الصفى أحمد بن محمد بن إبراهيم الطبرى المكى: سمع من جده الصفى، وعم أبيه الرضى الطبرى، والفخر عثمان التوزرى، وغيرهم كثيرا، وما علمته حدث. وتوفى فى ثالث عشرى شوال، سنة إحدى وأربعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وكان يعرف بأبى عكاز ـ بعين مهملة وكاف وألف وزاى معجمة ـ وما عرفت تحقيق سبب هذه الشهرة. 293 ـ محمد بن عثمان بن إبراهيم الحجى: قال: كان شجر الحرم حصيدا لا شوك فيه: فلما أحدثت خزاعة المعاصى فى الحرم، اقشعر الشجر من معاصيهم، فخرج له هذا الشوك. روى ذلك الزبير بن بكار فى نسب قريش، عن حمزة بن عتبة اللهبى عنه. 294 ـ محمد بن عثمان بن أبى بكر الملقب بالشمس، ويعرف بالطنبداوى: نزيل مكة. ولد بطنبدى (1) من ديار مصر، ونشأ فيها، ثم انتقل إلى مكة وسكنها مدة سنين، وحصل له بها أولاد وعقار. وكان بزازا فى القيسارية التى بسوق العطارين عند رباط الشرابى. توفى فى النصف الثانى من ذى الحجة، سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، بعد رحيل الحجاج من مكة بثلاثة أيام أو نحوها. 295 ـ محمد بن عثمان بن خالد بن عمر بن عبد الله بن الوليد بن عثمان بن عفان الأموى، أبو مروان المدنى: نزيل مكة وقاضيها. روى عن أبيه، وإبراهيم بن سعد، وعبد العزيز بن أبى حازم، وعبد العزيز بن محمد الدراورى وغيرهم.

_ 294 ـ (1) طنبذة: ثانيه ساكن، والباء مفتوحة موحدة، وآخره ذال معجمة: قرية من أعمال البهنسا من صعيد مصر. انظر: معجم البلدان (طنبذة). 295 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ الكبير 1/ 181، التاريخ الصغير 2/ 376، الجرح والتعديل 8/ 25، تهذيب الكمال 1239، ميزان الاعتدال 3/ 640، 641، تذهيب التهذيب 3/ 230، 231، غاية النهاية فى طبقات القراء 2/ 196، تهذيب التهذيب 9/ 336، خلاصة تهذيب الكمال 351، سير أعلام النبلاء 11/ 441).

296 ـ محمد بن عثمان بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحى المكى

روى عنه جماعة، منهم: ابن ماجة، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وقال: ثقة، وإسحاق بن أحمد الخزاعى. وقال صالح بن محمد: ثقة صدوق، إلا أنه يروى عن أبيه المناكير، ولا يعرف أباه. وذكره ابن حبان الثقات، وقال: يخطئ ويخالف. وروى له النسائى فى الخصائص. وذكر ابن حزم فى الجمهرة: أنه ولى قضاء مكة للمعتصم والواثق. انتهى. والمعتصم: هو أبو إسحاق محمد بن الرشيد، ولى بعد أخيه المأمون بعهد منه فى رجب سنة ثمان عشرة ومائتين، إلى أن مات فى ربيع الأول سنة سبع وعشرين، فهذه أيامه. والواثق (1): هو هارون بن المعتصم، ولى بعد أبيه بعهد منه، إلى أن مات فى ذى الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين فهذه أيامه، فولاية أبى مروان هذا لقضاء مكة، تحتمل أن تكون هذه المدة أو بعضها، والله أعلم. وتوفى ابن حبان: مات بمكة فى آخر سنة أربعين، وأول سنة إحدى وأربعين. 296 ـ محمد بن عثمان بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحى المكى: عن حميد بن قيس المكى، وهشام بن عروة، وعبد السلام بن أبى الجنوب، والحكم ابن أبان، وغيرهم.

_ (1) هارون (الواثق بالله) بن محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد العباس، أبو جعفر: من خلفاء الدولة العباسية بالعراق. ولد ببغداد، وولى الخلافة بعد وفاة أبيه (سنة 227 هـ‍) فامتحن الناس فى خلق القرآن وسجن جماعة، وقتل فى ذلك أحمد بن نصر الخزاعى، بيده (سنة 231 هـ‍) .. ومات فى سامراء، قيل: بعلة الاستسقاء. انظر ترجمته فى: (ابن الأثير 7/ 10، الطبرى 11/ 24، اليعقوبى 3/ 204، الأغانى 9/ 276 ـ 200، تاريخ الخميس 2/ 337، المرزبانى 484، النبراس 80073، مروج الذهب 2/ 278 ـ 288، تاريخ بغداد 14/ 15، الأعلام 8/ 62، 63). 296 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ أبى زرعة الدمشقى 86، الجرح والتعديل ترجمة 112، ثقات ابن حبان 9/ 114، الكاشف ترجمة 5117، تذهيب التهذيب 3/ 231، تاريخ الإسلام 136، نهاية السول 341، تهذيب التهذيب 9/ 337 ـ 338، التقريب 2/ 190، تهذيب الكمال 26/ 86).

297 ـ محمد بن عثمان بن موسى بن عبد الله الآمدى، ثم المكى القاضى جمال الدين الحنبلى

وعنه: أحمد بن حنبل، والحميدى، ويعقوب بن حميد بن كاسب، وأحمد بن محمد ابن عون القواس. قال أبو حاتم: منكر الحديث، ضعيف الحديث. وذكره ابن حبان فى الثقات. كتبت هذه الترجمة من تهذيب الكمال؛ لأنى لم أرها فى الكمال. 297 ـ محمد بن عثمان بن موسى بن عبد الله الآمدى، ثم المكى القاضى جمال الدين الحنبلى: إمام الحنابلة بالحرم الشريف. أجاز له التاج عبد الوهاب بن عساكر، وابن مسدى، وسليمان بن خليل، ويعقوب الطبرى، وابن مضر الواسطى، وأحمد بن عبد الدايم، وجماعة. وسمع من أبى اليمن بن عساكر: صحيح البخارى، ورواه عن أبيه عن ابن أبى حرمى. وسمع على أبيه: صحيح مسلم، بفوت شملته الإجازة، عن المرسى. وسمع على المحب الطبرى: سنن أبى داود بفوت من أولها، إلى كتاب المسح على الخفين، وسنن النسائى، وكتابه: الرياض النضرة. وسمع ببغداد من الرشيد بن أبى القاسم: مسند الشافعى وصحيح البخارى، وسمع بدمشق على جماعة، وحدث. سمع منه الآقشهرى وغير واحد من شيوخنا، وروى لنا بعضهم عنه. وناب فى الحكم بمكة، عن القاضى نجم الدين الطبرى، وابنه القاضى شهاب الدين، وباشر الحسبة بمكة ـ على ما بلغنى ـ وما عرفت هل ذلك نيابة أو استقلالا، وكان فيه صرامة، وله همة. وكان خلف أباه فى الإمامة، حتى توفى فى ضحوة يوم الأحد العشرين من جمادى الآخرة، سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة بمكة. ودفن بعد العصر بالمعلاة. وكانت ولايته للإمامة سبعا وخمسين سنة، ونحو نصف سنة. نقلت وفاته من خط الآقشهرى. ووجدت بخطه فى نسبه: القرشى الفهرى.

_ 297 ـ انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 4/ 44).

298 ـ محمد بن عثمان بن يوسف بن أبى بكر، يلقب بالعلم، ويكنى أبا ذر، ابن الشيخ فخر الدين النويرى المالكى

ووجدت بخط بعض العصريين حكاية عن أبيه، وقال فى تعريفه: الطائى. والله أعلم بالصواب. 298 ـ محمد بن عثمان بن يوسف بن أبى بكر، يلقب بالعلم، ويكنى أبا ذر، ابن الشيخ فخر الدين النويرى المالكى: توفى فى يوم الأربعاء سابع عشر شوال سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة من يومه. وكان أبوه مجاورا بمكة فى هذه السنة، وحصل عنده ألم لفقده. تغمدهما الله برحمته. 299 ـ محمد بن عثمان المكى: عن عمرو بن دينار المكى. شيخ مجهول. ذكره الذهبى فى المغنى والميزان. وقال فى الميزان فى ترجمة محمد بن شريك المكى: وقال: إنما هو عثمان بن عبد الله. قاله الدارقطنى. 300 ـ محمد بن عثمان المكى: يروى عن على بن سلم، عن مكحول. روى عنه: أبو عاصم النبيل. ذكره ـ هكذا ـ ابن حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات. 301 ـ محمد بن عجلان بن رميثة بن أبى نمى الحسنى، المكى: ولى إمرة مكة نيابة عن أخيه على بن عجلان، نحو نصف سنة، فى سنة أربع وتسعين وسبعمائة، لما توجه أخوه علىّ فيها إلى مصر. وولى إمره مكة ـ بعد قتل أخيه علىّ ـ إلى حين قدوم أخيه الشريف حسن بن عجلان من مصر، فى آخر ربيع الأول سنة ثمان وتسعين وسبعمائة. وذلك أزيد من نصف سنة يسيرا. ووليها نيابة عنه بعد قدومه إلى مكة من مصر [ .......... ] (1).

_ 299 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 3/ 642). 301 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 8/ 150). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

وكان ابن عمه عنان بن مغامس بن رميثة، لما ولى إمرة مكة فى ولايته الأولى، لاءم محمد بن عجلان هذا، وأقبل كل منهما على الآخر كثيرا. واستخلف عنان محمدا هذا بجدة، وترك معه فيها من لاءمه من عبيد أحمد بن عجلان، وبعض موالى أبيه مغامس، يكون عينا على محمد، فأنهى هذا المولى إلى عنان، عن محمد تقصيرا، فكتب عنان إليه يزجره ويغلظ له، فاستشاط محمد غضبا، واستدعى كبيشا ومن معه من آل عجلان وغيرهم، فقدموا عليه جدة، واستولوا على ما فيها من أموال الكارم، وغلال المصريين بالنهب، وما قدر عنان على إزالتهم من جده، ولا استنقاذ ذلك منهم. وكان ذلك من أعظم أسباب عزله. وكان عجلان يرغب فى أن يكون ابنه محمد هذا، ضدا لولده أحمد بن عجلان، بأن يفعل فى البلاد فعلا يظهر به محمد، ويغضب لفعله أحمد، فيلين بذلك جانب أحمد لأبيه ـ لأنه كان قوى عليه ـ وينال بذلك مقاصد من ولده أحمد، وينال بذلك محمد أمرا فى البلاد، فلم ينهض محمد بمراد أبيه مع تيسر سبب ذلك، وصورة الحال فى ذلك: أن عجلان كتب ورقة إلى ابنه محمد، يأمره بأن يشغب هو وأصهاره الأشراف على أحمد بن عجلان، وأن يأخذ من خيل أبيه ما شاء، ويذهب إلى نخلة، ويأخذ منها أدرعا هناك مودعة له، ويأخذ ممن هى مودعة عنده ما يحتاج إليه من المصروف، ووصلت ورقته إلى ابنه محمد، وهو فى لهو مع بعض أصدقاء أخيه أحمد، فأوقفهم على ورقة أبيه، فاستغلوه وبعثوا بها إلى أخيه أحمد، وأشغلوه باللهو إلى أن بلغ أخاه الخبر، وقصد أحمد أباه فى جمع كثير، معاتبا له على ما فعل، وكان قد بلغه ما كان من ابنه محمد، فشق عليه كثير، واعتذر لأحمد، وأعرض عن محمد لقلة حزمه. وكان محمد قصد قافلة متوجهة من مكة إلى المدينة (2) فيها قاضى مكة أبو الفضل النويرى، فنهب محمد جمال القافلة ببدر، وتوصل من فيها إلى المدينة، وبلغ الخبر أباه عجلان، فجد فى السير حتى أتاهم بالمدينة، فاستعطفهم وأرضاهم برد الجمال، أو بمال ـ الشك منى ـ والله أعلم. وكان محمد ـ بعد ذلك ملائما لأخيه أحمد، وأخوه مكرم له، ثم نفر منه محمد، فتوجه من مكة بعد الحج، فى سنة ست وثمانين وسبعمائة، قاصدا مصر، طالبا لخبر. فلما كان بينبع أشار عليه أمير الحاج المصرى، أبو بكر بن سنقر الجمالى، بأن يرجع إلى

_ (2) على هامش من نسخة ابن فهد: «فى سنة ثلاث وسبعين».

302 ـ محمد بن عرفة بن محمد الأصبهانى المكى، المؤذن على قبة بئر زمزم، عرف بعبود

مكة، ويرجع معه بعنان بن مغامس، وحسن بن ثقبة، وكانا قاصدين مصر لشكوى أحمد، لكونه لم يجبهما إلى ما رسم لهما به عليه السلطان بمصر، وكان أمير الحاج قد أشار على المذكورين بالرجوع إلى مكة، وضمن لهما عن أحمد، الموافقة على قصدهما إذا رجعا إليه، وضمن لمحمد عن أحمد، إسعافه لما يرومه من أحمد، وأطمعه بالمزية فى الإحسان من أحمد، إذا وصل إليه بالمذكورين. فرجع الثلاثة إلى أحمد، ولم يتوثق محمد لنفسه ولا لمن معه من أحمد، اغترارا من بنفسه، لظنه أن أحمد لا يسوءه فى نفسه ولا من معه، فلم يصب ظنه؛ لأن أحمد قبض عليه وعلى المذكورين لما اجتمعوا به، وضمّ إليهم أحمد بن ثقبة، وابنه عليا، وقيد الخمسة. ومن الناس من يقول: إن أحمد ندب محمدا لإحضار عنان وحسن، فلما حضرا إليه قبض عليهما، فأنكر ذلك محمد على أحمد، فضمه إليهما، وسجن الخمسة بالعلقمية عند المروة، فلما مات أحمد، كحلوا ـ غير عنان ـ فإنه كان نجا من السجن قبل موت أحمد بيسير، وكان من أمرهم وأمر محمد، ثم سعى محمد، فى اعتقال عنان بمصر. فأجيب سؤاله. وكان محمد قدمها فى سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، بعد ثورة منطاش (3) على الناصرى (4)، ومصير الأمر إليه بعد قبضه على الناصرى وسجنه. وهو الذى أجاب محمدا لسجن عنان. وكان محمد هذا فى سنة ثمانمائة، دخل إلى اليمن، فأكرمه صاحب اليمن الأشرف وجهز معه محملا إلى مكة فى سنة ثمانمائة، بعد انقطاع محمله نحو عشرين سنة، وتوجه به محمد بعد الحج؛ ليأتى به ثانية إلى مكة، فاقتضى رأى صاحب اليمن عدم إرساله، فتوجه محمد إلى مكة وأقام بها، حتى مات فى الثانى عشر من ربيع الأول سنة اثنتين وثمانمائة، ودفن بالمعلاة. 302 ـ محمد بن عرفة بن محمد الأصبهانى المكى، المؤذن على قبة بئر زمزم، عرف بعبود (1): سمع على أبى المظفر بن علوان: أربعى المحمدين للجيانى، وما علمته حدث. وأجاز

_ (3) أحد مماليك السلطان الأشرف شعبان بن حسين انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 4/ 365). (4) هو الأمير يلبغا، سيف الدين الناصرى. انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 4/ 440). 302 ـ (1) على هامش نسخة ابن فهد «سمع من نصر بن على المصرى فى سنة خمس عشرة وستمائة السنن الصغرى للنسائى، وسمعها معه ولده عرفة».

303 ـ محمد بن عطيفة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة ابن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم الحسنى المكى

للقطب القسطلانى، وابنه أبى المعالى، فى استدعاء مؤرخ بشهر ربيع الأول سنة ست وثلاثين وستمائة، وتاريخ خطه يوم السبت سلخ الحجة، سنة سبع وثلاثين وستمائة. ولم أدر متى مات، غير أنه يستفاد حياته فى هذا التاريخ. ومولده ـ على ما وجدت بخطه ـ ليلة خامس رمضان سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. 303 ـ محمد بن عطيفة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة ابن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم الحسنى المكى: أمير مكة، وليها بعد أن عزل ابنا عمه: عجلان، وثقبة، ابنا رميثة بن أبى نمى، شريكا لابن عمه سند بن رميثة. ويقال: إن ولاية مكة عرضت عليه بمفرده، فأبى إلا أن يليها شريكا لبعض أولاد رميثة، فولى معه سند بن رميثة. وبلغنى أنه لما وصل الخبر بولايتهما إلى مكة، أشار عجلان إلى ثقبة، بأن يعطى كل منهما أربعمائة بعير، لبنى حسن، ليساعدوهما على بقاء ولايتهما. ومنع ابن عطيفة ومن معه، فلم يوافق على ذلك ثقبة، واحتج بعجزه عن الإبل المطلوبة منه، ولما بينه وبين سند من كثرة الألفة، ومعاضدة سند له. وكان صاحب مصر، الملك الناصر حسن، لما ولى مكة سندا، وابن عطيفة، جهز من مصر مع ابن عطيفة عسكرا فيه أربعة من الأمراء، وهم: جركتمر الماردينى حاجب الحجاب بالقاهرة، وهو مقدم العسكر، وقطلوبغا المنصورى، وعلم دار، وابن أصلم (1). وذكر ابن محفوظ: أن هذا العسكر، كان نحوا من مائتى مملوك، ومعهم تسعون فرسا، وأنهم وصلوا إلى مكة فى الثامن من جمادى الآخرة، سنة تسعين وسبعمائة. انتهى. وذكر لى بعض الناس، أن هذا العسكر وصل إلى مكة فى رجب من السنة المذكورة، والله أعلم بالصواب فى ذلك. ولما وصل هذا العسكر إلى مكة، وصل إليهم سند بن رميثة، فأعطوه تقليده وخلع عليه، وعلى ابن عطيفة، ودعى لهما على زمزم، وانصلح بالعسكر حال مكة، وارتفع منها الجور وانتشر العدل بها، وأسقط المكس من المأكولات، وجلبت الأقوات،

_ 303 ـ (1) هو الأمير محمد بن أصلم الناصرى.

فرخصت فيها الأسعار إلى الغاية، وانقمع أهل الفساد، بحيث لم يتجاسر أحد منهم على حمل السلاح بمكة؛ لأن مقدّم العسكر أمر بذلك. واستمر هذا الحال بمكة ـ على ما ذكرناه ـ إلى انقضاء الحج من سنة إحدى وستين وسبعمائة، ثم تغير ذلك لفتنة عظيمة وقعت بين بنى حسن من أهل مكة، والعسكر الذى بها، وهذا العسكر غير العسكر الذى قدم إلى مكة مع ابن عطيفة، ومقدم هذا العسكر أميران، أمير يقال له: قندس، قدم من القاهرة فى جماعة، وأمير يقال له ناصر الدين بن قراسنقر المنصورى، قدم من الشام فى جماعة، ليقيموا بمكة، عوض العسكر الذى قدم مع ابن عطيفة، وكان قدوم العسكر الذى مع قندس، وابن قراسنقر إلى مكة فى الموسم من سنة إحدى وستين وسبعمائة. وسبب الفتنة بين هذا العسكر، وأهل مكة، أن بعض العسكر رام النزول بدار المضيف عند الصفا، فمنعه من ذلك بعض الأشراف، من ذوى علىّ، فتضاربوا، وبلغ ذلك بنى حسن والترك، فثارت الفتنة بينهم. وقيل إن سبب الفتنة: أن بعض الترك نزل بدار المضيف، فطالبه بعض الأشراف بالكراء، فضرب بعض الترك الشريف، فقتل الشريف التركى، فثار جماعة من الترك على الشريف، فصاح الشريف، فاجتمع إليه بعض الشرفاء واقتتلوا، وبلغ ذلك الترك وبنى حسن، فقصد الأشراف أجيادا. ووجدوا فى ذهابهم إلى أجياد (2)، خيلا على باب الصفا (3)، للأمير ابن قراسنقر، ليسقى عليها بعد طوافه، فإنه كان ذلك اليوم، ذهب للعمرة من التنعيم، فركبها الأشراف، وبلغ ابن قراسنقر الخبر، وهو يطوف، فقطع طوافه، وتقدم للمدرسة المجاهدية ليحفظها، فإنه كان نازلا بها، وتحصن هو وبعض الترك فى المسجد الحرام، وأغلقوا أبوابه، وهدموا الظلة التى على رأس أجياد الصغير، ليروا من يقصدهم من بنى حسن، ويمنعوه من الوصول إليهم بالنشاب وغيره، وعملوا فى الطريق عند المجاهدية أخشابا كثيرة، لتحول بينهم وبين من يقصدهم من الفرسان، من أجياد الكبير، هذا ما كان من خبر الترك.

_ (2) أجياد بفتح أوله، وإسكان ثانيه، وبالياء أخت الواو، والدال المهملة، كأنه جمع جيد: موضع من بطحاء مكة، من منازل قريش البطاح. انظر: معجم البلدان، ومعجم ما استعجم (أجياد). (3) باب الصفا: وهو باب الأندلس، وهو موجود بتاهرت وهى مدينة مشهورة من مدن الغرب الأوسط على طريق المسيلة من تلمسان. انظر: الروض المعطار 126.

وأما ما كان من خبر بنى حسن، فإنهم لما توجهوا لأجياد، استولوا على اصطبل ابن قراسنقر، وقصدوا الأمير قندس، وكان نازلا ببيت الزباع بأجياد، فقاتلوه من خارجه حتى غلبوه، ودخلوا عليه الدار، فقتلوا جماعة من أصحابه، وهرب هو من جانب منها، فاستجار ببعض الشرائف، فأجارته. ونهب منزله بنو حسن، وقصد طائفة منهم الترك الذين بالمسجد، فقتلوا من سراة بنى حسن: مغامس بن رميثة، أخا سند، وغيره. وكان من أمر الترك بعد ذلك، أنهم خرجوا من مكة، بعد أن استجاروا ببعض بنى حسن على أنفسهم وأهلهم وأموالهم، ولم يخرجوا من مكة إلا بما خف من أموالهم، وخرج بعدهم من مكة ابن عطيفة، قاصدا مصر خائفا يترقب، بسبب ما كان بين ذوى عطيفة والقواد العمرة من القتل، وكان تخلى فى وقت الفتنة عن نصرة الترك، بإشارة بعض بنى حسن عليه بذلك، وقوى عزمه على ذلك، قتل الترك لمغامس بن رميثة. ووجدت بخط بعض أصحابنا فيما نقله من خط ابن محفوظ: أن ابن عطيفة أراد أن يتعصب للترك، فتهدده لذلك بعض بنى حسن بالقتل، وأنه وسندا، قعدا فى البلاد بعد سفر الترك، وفى كون ابن عطيفة أقام بمكة بعد سفر الترك منها نظر، لأن المعروف عند الناس أنه سافر بعد الفتنة إلى مصر، اللهم إلا أن يكون مراد ابن محفوظ، أنه أقام بمكة أياما يسيرة بعد سفر الترك، ثم سافر من مكة، فلا منافاة حينئذ. والله أعلم. ولما وصل ابن عطيفة مصر، لم يكن له بها وجه؛ لأن العسكر لم يحمده. وكذا أهل مكة، لتقصيره فى نصره كل من الفريقين، ولم يزل بمصر مقيما، حتى مات فى أثناء سنة ثلاث وستين وسبعمائة أو بعدها بقليل. وكانت مدة ولايته سنة ونصفا، تزيد أياما أو تنقص أياما، للاختلاف فى تاريخ قدومه إلى مكة، مع العسكر الذى جهز معه إلى مكة، حين ولايته لها. ولشيخنا ـ بالإجازة ـ الأديب يحيى بن يوسف المكى، المعروف بالنشو، مدايح فى ابن عطيفة هذا، منها ما أنشدناه ـ إجازة ـ من قصيدة له يمدحه بها سنة تسع وثلاثين وسبعمائة أولها (3): تذيب فؤادى بالغرام وتجحد ... وترضى بإتلافى وما لى منجد أمالك نفسى وهى نفس أبية ... وما عنده من رحمة لى توجد أتنقض عهدى والعهود وفية ... ألست على العهد الذى أنت تعهد

304 ـ محمد بن عقبة بن إدريس بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم الحسنى، المكى

وتنكر ما بينى وبينك فى الهوى ... ولى فيك أشجان تقيم وتقعد فحبك لى دين ووجهك قبلة ... وحالك ركن للمقبل أسود ومنها فى المدح: إمام له فضل عظيم على الورى ... كريم الأيادى بالسماحة أوحد يجود بما تحوى يداه تكرما ... ويعلم أن المال ليس يخلد فتى لم ير الراؤون مثل صفاته ... إذا قيل هذا حاتم فهو أجود أجلّ الورى قدرا وجاها ورفعة ... وأكرم من يرجى عطاه ويقصد وله فيه من أخرى، وأنشدناه إجازة: أترضى بإتلاف المحب ظلامة ... فتأخذه بالعنف والرفق أليق أعندك علم أنه بك هائم ... وأكباده من لوعة الهجر تحرق فأحواله تنبى بما فى ضميره ... إذا لم يكن للقول منه مصدق ومنها فى المدح: بلوت بنى الدنيا جميعا بأسرهم ... وجربتهم إن التجارب تصدق فلم أر فى ذا العصر مثل محمد ... إمام به الدنيا تضئ وتشرق جوادا إذا جار الزمان على الورى ... يجود بما تحوى يداه وينفق لقد جلّ عن قدر الملوك الذى مضوا ... إلى الغاية القصوى من الفضل يسبق يجود على العافى ويبدى اعتذاره ... فأوراقه بالجود والبذل تورق لقد أعجز المداح فى بعض وصفه ... عليهم بأنواع المكارم يغدق ومنها: على أنه والله واحد عصره ... وهل مثله من بغداد ذا العصر يخلق ومن لامنى فى مدحه فهو جاهل ... فجيدى بالإحسان منه مطوق وإن كان مدح الغير عندى سنة ... فمدحى له فرض علىّ محقق 304 ـ محمد بن عقبة بن إدريس بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم الحسنى، المكى: كان من جملة من أصيب فى الفتنة التى كانت بعرفة، بين الحجاج المصريين وأهل مكة، وسبب ذلك ـ على ما بلغنى ـ أن رميثة بن أبى نمى صاحب مكة، شكا إلى أمير الحاج المصرى، ما يلقاه من بنى حسن، فاقتضى رأى الأمير الركوب عليهم، فركب

305 ـ محمد بن علوان بن هبة الله التكريتى الحوطى ـ بفتح الحاء وسكون الواو بعدها طاء مهملة مكسورة ـ أبو عبد الله الصوفى الشافعى

والتقى مع بنى حسن، فقتل من الترك قريب من ستة عشر نفرا، وقتل من أتباع الأشراف غير واحد، وظفر الأشراف على الترك، ولم يتعرضوا للحجاج بنهب على ما قيل، ونفر الناس من عرفة خائفين، وأخذ بعضهم طريق المظلمة، وربما عرفت هذه الحادثة بسنة المظلمة، ولم يحضر بنو حسن بمنى على العادة تخوفا من الحجاج، ورحل الحجاج جميعهم فى النفر الأول، ونزلوا الزاهر، ولم يصبحوا فيه، وكانت الوقعة بعرفة فى يومها، من سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة. وتوفى محمد بن عقبة، من جرح أصابه فى هذه الفتنة، فى يوم الثلاثاء، حادى عشر ذى الحجة من السنة المذكورة. 305 ـ محمد بن علوان بن هبة الله التكريتى الحوطى ـ بفتح الحاء وسكون الواو بعدها طاء مهملة مكسورة ـ أبو عبد الله الصوفى الشافعى: إمام مقام إبراهيم الخليل عليه السلام بالحرم الشريف. سمع ببغداد من النقيب أبى جعفر الفارسى، وأبى المظفر بن الشبلى، وأبى الوقت السجزى، وأبى الفتوح الطائى وغيرهم، وخرج منها ـ وهو شاب ـ إلى مكة، فأقام بها مجاورا أكثر من خمسين سنة، وحدث بها. سمع منه بها ابن أبى الصيف، وأمّ بمقام إبراهيم، بعد محمد بن أبى بكر الطوسى مديدة، إلى أن توفى فى شعبان سنة ثلاث وستمائة. ودفن بالمعلاة. كتبت هذه الترجمة مختصرة من تاريخ ابن الدبيثى باختصار. وذكر صاحب هذه الترجمة، المنذرى فى التكملة، وقال: لنا منه إجازة كتب بها إلينا من مكة. وذكر أنه توفى فى شعبان، سنة أربع وستمائة، قال: ويقال: كانت وفاته فى شعبان من سنة ثلاث. انتهى. وما ذكره المنذرى من وفاته فى سنة أربع، رأيته مكتوبا فى حجر قبره بالمعلاة. وفيه: أنه توفى يوم الأحد ثالث عشر شعبان، سنة أربع وستمائة. انتهى. وما ذكرناه فى ضبط الحوطى، ذكره المنذرى فى التكملة. * * *

_ 305 ـ انظر ترجمته فى: (المختصر المحتاج إليه 201).

من اسمه محمد بن على

من اسمه محمد بن على 306 ـ محمد بن على بن أحمد بن إسماعيل المدلجى، أبو الطيب بن الشيخ نور الدين الفوى، يلقب ولى الدين: عنى به أبوه، فأسمعه الكثير بالحجاز وبالشام، على غير واحد من أصحاب ابن البخارى، وابن شيبان وطبقتهم، منهم: ست العرب بنت محمد بن البخارى، وزغلش، ومحمود بن خليفة. وهو فى غالب ذلك حاضر، وما علمته حدث. وحفظ كتبا علمية، وله اشتغال ونباهة قليلة، مع لعب ودخول فيما لا يعنيه من متعلقات ولاة الأمر. وأفضى به الحال فى ذلك، إلى أن قتل فى أوائل سنة خمس وتسعين وسبعمائة، بظاهر المدينة النبوية، وهو متوجه منها إلى الديار المصرية. وبلغنى أنه عذب عذابا عظيما، قطع لسانه، ثم قطعت آرابه، ثم أزهقت روحه، وعسى الله أن يكفر بذلك عنه. وكان سكن مكة ـ فى صباه ـ سنين كثيرة مع أبيه. ودخل مصر والشام غير مرة، وحصل له بها شهرة. 307 ـ محمد بن على بن جعفر البغدادى، أبو عبد الله، ويقال: أبو بكر ـ وهو أصح ـ الكتانى: ذكره أبو عبد الرحمن السلمى فى طبقات الصوفية، وقال: صحب الجنيد، وأبا سعيد الخراز، وأبا الحسن النورى. أقام بمكة، وجاور بها إلى أن مات، وكان أحد الأئمة. وحكى عن أبى محمد المرتعش أنه كان يقول: الكتانى سراج الحرم. مات سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. كذلك ذكره أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن جعفر الرازى. وذكره الخطيب فى تاريخ بغداد، فقال: أحد مشايخ الصوفية، سكن مكة. وكان فاضلا نبيلا، حسن الإشارة.

_ 307 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات الصوفية 373 ـ 377، حلية الأولياء 10/ 357 ـ 358، تاريخ بغداد 3/ 74 ـ 76، الرسالة القشيرية 26 ـ 27، الأنساب 475، صفة الصفوة 2/ 257، العبر 2/ 194 ـ 195، الوافى بالوفيات 4/ 111 ـ 112، طبقات الأولياء 144 ـ 148، النجوم الزاهرة 3/ 248، شذرات الذهب 2/ 296، سير أعلام النبلاء 14/ 522).

308 ـ محمد بن على بن الحسين بن الحسن بن القاسم بن محمد بن القاسم بن الحسين بن زيد بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى، أبو الحسن بن أبى إسماعيل الهمدانى الصوفى

وذكر أن أبا عبد الرحمن السلمى قال: وسمعت محمد بن عبد الله بن شاذان يقول: وكان يقال: إن الكتانى ختم فى الطواف اثنى عشر ألف ختمة. وذكر أيضا: أن أبا عبد الرحمن السلمى قال: سمعت محمد بن عبد الله بن شاذان يقول: سمعت محمد بن على الكتانى يقول: من طلب الراحة بالراحة، عدم الراحة. 308 ـ محمد بن على بن الحسين بن الحسن بن القاسم بن محمد بن القاسم بن الحسين بن زيد بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى، أبو الحسن بن أبى إسماعيل الهمدانى الصوفى: ذكر القطب الحلبى: أنه سمع بنيسابور من الأصم، وأبى على الحافظ، وبغيرها من خيثمة بن سليمان، وجعفر بن محمد الخلدى، وجماعة، بهمذان، وبغداد، وهيت (1)، والرقة، ومعرة النعمان (2)، ودمشق، ومصر، وبمكة من ابن الأعرابى، وجاور بها مدة، وحج مرات. وروى عنه: أبو عبد الله الحاكم، وأبو عبد الرحمن السلمى، وأثنى عليه كثيرا فى تاريخ الصوفية. وذكر الخطيب: أنه ولد بهمذان، ونشأ ببغداد، وسافر إلى الشام. وصحب الصوفية. وصار كبيرا شهيرا. وحج مرات على الوحدة، وجاور بمكة، ودرس فقه الشافعى، على أبى على بن أبى هريرة ببغداد، وكان فى آخر عمره يجازف فى الرواية، على ما حكى عنه. وحكى الخطيب عن شيخه أبى حازم العبدرى، أنه توفى فى المحرم سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، وهو ابن ثلاث وثمانين سنة، ببلخ.

_ 308 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ بغداد 3/ 90، الرسالة القشيرية 196، طبقات الأولياء لابن الملقن 62). (1) هيت: مدينة بين الرحبة وبغداد، وهى على شاطئ الفرات، والهيت الهوة، وسميت لأنها فى هوة، وهى الأرض المنخفضة، وقيل سميت باسم بانيها هيت بن البلندى ملك من ولد مدين ابن إبراهيم عليه السلام. وهى فى غربى الفرات، وعليها حصن، وهى من أعمر البلاد. وبأرض هيت عيون تسيل بالقار. انظر معجم البلدان 5/ 421، والروض المعطار 597. (2) معرة النعمان: بالشام مدينة قديمة فيها خراب، بينها وبين حلب خمسة أيام. انظر: الروض المعطار 555، نزهة المشتاق 197، اليعقوبى 324، الكرخى 46، ابن حوقل 164، معجم البلدان (معرة النعمان) صبح الأعشى 4/ 124، فتوح البلدان 156، رحلة ابن جبير 254.

309 ـ محمد بن على بن الحسين بن على بن عبد الملك بن أبى النضر الطبرى المكى، المعروف بابن النجار، يكنى أبا عبد الله

وقيل: توفى فى سنة أربع وتسعين. قاله أبو سعد الإدريسى. كتبت هذه الترجمة مختصرة، من تاريخ مصر للقطب الحلبى. 309 ـ محمد بن على بن الحسين بن على بن عبد الملك بن أبى النضر الطبرى المكى، المعروف بابن النجار، يكنى أبا عبد الله: سمع من المفتى شرف الدين أبى المظفر محمد بن علوان بن مهاجر الموصلى: الأربعين من رواية المحمدين، المخرجة من صحيح البخارى، تخريج الحافظ أبى بكر محمد بن ياسر الجيانى، مع الزيادة بها عنه، فى يوم الثلاثاء سادس صفر سنة ثلاث وستمائة بالحرم الشريف، بقراءة سليمان بن خليل العسقلانى. وصاهر محمد بن على الطبرى هذا، سليمان بن خليل على ابنته، وولد له منها أولاده الأربعة، الآتى ذكرهم، وحدث بالأربعين المذكورة، بقراءة جماعة من الأئمة غير مرة. منهم: المحدث أبو الفتح الأبيوردى، وفقهاء مكة: ابن خشيش، والمحب الطبرى، والرضى بن خليل العسقلانى، وترجمه: بالشيخ الصالح الورع الزاهد، وآخر من سمعها منه وفاة، ولده يحيى. وتوفى يوم الثلاثاء ثانى رجب، سنة ستين وستمائة بمكة، وصلى عليه ولده الفقيه عبد الرحمن، ودفن بالمعلاة. وجدت وفاته بمكة، هكذا، بخط جدى أبى عبد الله الفاسى، ونقلها من خط شيخه القطب القسطلانى. ووجدت أيضا بخط الشريف أبى القاسم الحسينى فى وفياته هكذا، إلا أنه لم يقل يوم الثلاثاء. 310 ـ محمد بن على بن الحسين بن على بن الحسين، قاضى الحرمين، تاج الخطباء، ركن الدين أبو المظفر الشيبانى الطبرى المكى: حدث عن أبى الحسين بن محمد الطريثيثى الصاهلى، والمفتى أبى الطاهر يحيى بن محمد بن أحمد المحاملى، وشيخ الحرمين، أبو الوفا محمد بن عبد الله الطوسى، المعروف بالمقدسى وغيرهم.

_ 310 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 2/ 543).

311 ـ محمد بن على بن حسين، المصرى الأصل، المكى المولد والدار؛ المعروف بابن جوشن

روى عنه: أبو حفص الميانشى، فى مجالسه المكية، عن شيوخه هؤلاء. وروى عنه أيضا، عن جده الحسين بن على، عن عبد الغافر الفارسى، حديثا من صحيح مسلم، وهذا يدل على أنه حفيد الحسين بن على الطبرى، فقيه مكة، الآتى ذكره، فإنه يروى صحيح مسلم عن عبد الغافر الفارسى، والله أعلم. ووجدت بخط بعض المحدثين من أصحابنا زيادة فى نسبه، وأنه أجاز للحافظ ابن بشكوال، ونص ما رأيته: محمد بن على بن الحسين بن على بن الحسين بن محمد بن شيبة بن إياد بن عمر بن العلاء الشيبانى، قاضى الحرمين المعظمين، أبو المظفر. قال ابن بشكوال: كتب إلينا بإجازة ما رواه بخطه من مكة ـ حرسها الله تعالى ـ انتهى. توفى أبو المظفر هذا، يوم الجمعة سابع عشر ربيع الأول سنة خمس وأربعين وخمسمائة بمكة. نقلت وفاته من حجر قبره بالمعلاة، بالمقبرة المعروفة بيت ابن فهد والشيبانيين. 311 ـ محمد بن على بن حسين، المصرى الأصل، المكى المولد والدار؛ المعروف بابن جوشن: كان من جملة تجار مكة، وخلف عقارا طائلا [ ............................. ] (1). توفى [ .......... ] (1) من سنة ست وثمانمائة [ ......... ] (1) من وادى الهدة (2) المعروفة بهدة بنى جابر مقتولا. 312 ـ محمد بن على بن خليل، المقرئ الفاضل شمس الدين، المعروف بالشيرجى المقرئ نزيل مكة: عنى بالقراءات السبع، وكانت له بها خبرة، وعلى ذهنه حكايات وأخبار حسنة.

_ 311 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 8/ 181). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (2) الهدّة: بالفتح ثم التشديد، وهو الخسفة فى الأرض، والهدّ الهدم: وهو موضع بين مكة والطائف، والنسبة إليها هدوى، وهو موضع القرود، وقد خفّف بعضهم داله. والهدة: بتخفيف الدال، من الهدى أو الهدى بزيادة هاء: بأعلى مرّ الظهران. انظر: معجم البلدان (الهدة).

313 ـ محمد بن على بن زيد الصائغ، أبو عبد الله المكى، محدث مكة

وكان حسن الصوت بالقراءة، وحين كان يصلى التراويح بالمسجد الحرام. كان الجمع يكثر لسماع قراءته، ودام على ذلك سنين، ثم ترك، قبيل موته لضعفه. وكان من القراء الملازمين للقراءة عند قبر الليث بن سعد، فقيه مصر بالقرافة، وعادتهم يقرءون عند قبره ختمة، يبتدئونها فى كل يوم جمعة، بعد صلاة الجمعة، ويختمونها فى آخر ليلة السبت. وقد تردد إلى مكة غير مرة، آخرها فى سنة أربع وثمانمائة، فى رسالة لصاحب مكة، وحبب الله له سكناها، فانقطع بمكة حتى مات، وسكن بدار خديجة أم المؤمنين بنت خويلد رضى الله عنها، بزقاق الحجر بمكة، ويعرف بمولد السيدة فاطمة، حتى مات بها. وكان ابتداء سكناه بها فى آخر سنة خمس وثمانمائة، بعد موت عمر النجار المؤذن، وكان أمرها إليه قبله. وكان يجتمع إليه بها فى كل ليلة سبت، جماعة من المداح ويقرءون شيئا من القرآن العظيم، ويذكرون الله تعالى ويمدحون، وكان ملازما للتلاوة. وبلغنى أنه كان يقرأ فى كل يوم وليلة ختمة، وفى مرض موته ثلث ختمة. وتوفى فى ليلة الخميس ثالث عشرى ربيع الأول، سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة. ودفن فى صبيحتها بالمعلاة، وقد تأهل بمكة، بابنة الشيخ جمال الدين الأميوطى، ورزق منها أولادا. 313 ـ محمد بن على بن زيد الصائغ، أبو عبد الله المكى، محدث مكة: ذكره ابن حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات، فقال: يروى عن أبى نعيم، وأحمد بن شبيب. روى عنه الحجازيون. انتهى. وذكر ابن نقطة فى «التقييد»: أنه حدث عن سعيد بن منصور الخراسانى بسننه، وأن دعلج بن أحمد السجزى، رواها عنه، قال: توفى سنة إحدى وتسعين ومائتين فى ربيعها الأول. وحكى ابن نقطة عن الدارقطنى: أنه قرأ بخط أبى جعفر الطحاوى، أنه توفى فى النصف الأول من ذى القعدة.

_ 313 ـ انظر ترجمته فى: (تذكرة الحفاظ 2/ 659، العبر 2/ 90، شذرات الذهب 2/ 209، سير أعلام النبلاء 13/ 428).

314 ـ محمد بن على بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف القرشى المطلبى المكى

وجزم الذهبى فى «العبر»، بوفاته فى ذى القعدة، وقال: وهو فى عشر المائة. 314 ـ محمد بن على بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف القرشى المطلبى المكى: روى عن ابن أبيه: عبد الله بن على بن السائب، والزهرى. روى عنه: ابن بنته: محمد بن إبراهيم الشافعى، والحسن بن محمد بن أعين الحرانى، والإمام محمد بن إدريس الشافعى، وهو ابن عم جده، ويونس بن محمد المؤدب. قال الشافعى: ثقة. روى له أبو داود والنسائى. كتبت هذه الترجمة من التهذيب. 315 ـ محمد بن على بن صخر، القاضى أبو الحسن الحارثى البصرى: نزيل مكة الشافعى. حدث عن أبى محمد الحسن بن على، المعروف بابن غلام الزهرى الحافظ، وعثمان بن عمر بن السباك، ويوسف بن يعقوب البخترى وغيرهم، وانتقى عليه أبو نصر السجزى خمسة مجالس بمصر، فسمعها منه الحافظ أبو إسحاق الحبال، وأخوه عبد الرزاق، بقرافة مصر الكبرى. وسمع منه بمكة هياج بن عبيد الحطينى. وأجاز فى سنة خمس وثلاثين، لأبى صادق مرشد بن القاسم المدينى وحدث عنه بالإجازة كثيرا. وذكر الذهبى: أنه توفى فى جمادى الآخرة، سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة بزبيد. 316 ـ محمد بن على بن عبد الله بن على بن محمد بن عبد السلام بن أبى المعالى الكازرونى، المكى أبو الخير المؤذن بالحرم الشريف: كذا سماه لى أخوه رئيس المؤذنين بالحرم، عبد الله. وذكر لى أن أخاه أبا الخير هذا، ولد سنة أربع وخمسين وسبعمائة. وقد أجاز لهما ـ باستدعاء شيخنا ابن سكر من دمشق ـ ابن أميلة، وأحمد بن

_ 314 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكامل 26/ 146، المعرفة ليعقوب 1/ 467، 953، التهذيب 1/ 88، الكاشف ترجمة 5141، نهاية السول 343، تهذيب التهذيب 9/ 353 ـ 354، التقريب 2/ 192).

317 ـ محمد بن على بن الخالق اليمانى

النجم، وقريبه صلاح الدين بن أبى عمر وآخرون، وما علمت له سماعا، وباشر رئاسة الحرم فى غيبة أخيه المذكور. وتوفى فى شعبان سنة تسع وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، سامحه الله تعالى. 317 ـ محمد بن على بن الخالق اليمانى: كذا وجدته مذكورا فى جزء بخط الشيخ تقى الدين محمد بن رافع السلامى. ذكر أن فيها أحاديث مخرجة من أصول سماعات جماعة من أهل مكة. كتبه عن المسند بدر الدين أبى المحاسن يوسف بن محمد الكردى الدمشقى عنهم، وترجمة: بالشيخ الإمام شمس الدين، وأخرج عنه حديث أنس: «لا هجرة بين المسلمين فوق ثلاث» (1) من جزء الأنصارى، عن أبى اليمن ريحان بن عبد الله الشرقى السكينى سماعا، فى ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وستمائة، عن الحافظ بن الأخضر، عن القاضى أبى بكر الأنصارى بسنده. وهذا الجزء هو سماع شيخنا جمال الدين الأميوطى الآتى ذكره، على يوسف المذكور من ابن رافع. 318 ـ محمد بن على بن أبى طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف، القرشى الهاشمى، أبو القاسم المعروف بابن الحنفية: [وروى عن: عبد الله بن عباس، وعثمان بن عفان، وأبيه على بن أبى طالب، وعمار بن ياسر، ومعاوية بن أبى سفيان، وأبى هريرة.

_ 317 ـ (1) أخرج حديث أنس البخارى فى صحيحه فى كتاب الأدب حديث رقم (6065) من طريق: أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهرى، قال: حدثنى أنس بن مالك رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام». وأخرجه مسلم فى صحيحه كتاب البر والصلة حديث رقم (2559)، والترمذى فى سننه كتاب البر والصلة حديث رقم (1935)، وأبو داود فى سننه كتاب الأدب حديث رقم (490)، أخرجه أحمد فى المسند باقى مسند المكثرين حديث رقم (1163). 318 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 66، نسب قريش 41، طبقات خليفة 1971، تاريخ البخارى 1/ 182، المعرفة والتاريخ 1/ 544، الجرح والتعديل 26، البدء والتاريخ 5/ 75، الحلية 3/ 174، طبقات الشيرازى 62، تاريخ ابن عساكر 15/ 364، تهذيب الأسماء 1/ 88، وفيات الأعيان 4/ 169، تهذيب الكمال 1245، تاريخ الإسلام 3/ 294، العبر 1/ 93، البداية والنهاية 9/ 38، طبقات القراء لابن الجزرى 3262، تهذيب التهذيب 9/ 354، خلاصة تذهيب الكمال 352، شذرات الذهب 1/ 88، نزهة الجليس 2/ 254، سير أعلام النبلاء 4/ 110).

319 ـ محمد بن على بن عثمان الأصبهانى المكى، يلقب بالجمال، ويعرف بالعجمى العطار

روى عنه: ابناه إبراهيم بن محمد بن الحنفية، والحسن بن محمد بن الحنفية، وسالم بن أبى الجعد، وابنه عبد الله بن محمد بن الحنفية، وعبد الله بن محمد بن عقيل بن أبى طالب، وعبد الأعلى بن عامر الثعلبى، وعطاء بن أبى رباح، وابنه عمر بن محمد بن الحنفية. وقال أحمد بن عبد الله العجلى: تابعى، ثقة، كان رجلا صالحا وثلاثة يكنون بأبى القاسم رخص لهم: محمد بن الحنفية، ومحمد بن أبى بكر، ومحمد بن طلحة بن عبيد الله. وقال إبراهيم بن عبد الله بن عبد الله بن الجنيد: لا نعلم أحدا أسند عن على عن النبىصلى الله عليه وسلم أكثر ولا أصح مما أسند محمد بن الحنفية. وقال الزبير بن بكار: وتسميه الشيعة: المهدى، أخبرنى عمى مصعب بن عبد الله، قال كثير: قيل: إنه ولد فى خلافة أبى بكر، وقيل: فى خلافة عمر، ومات برضوى (1) سنة ثلاث وسبعين، ودفن بالبقيع، وقيل: مات سنة ثمانين، وقيل: سنة إحدى وثمانين، وقيل: سنة اثنتين وثمانين، وقيل: سنة اثنتين وتسعين، وقيل: سنة ثلاث وتسعين، وهو ابن خمس وستين، وقيل غير ذلك فى تاريخ وفاته ومبلغ سنه. روى له جماعة]. 319 ـ محمد بن على بن عثمان الأصبهانى المكى، يلقب بالجمال، ويعرف بالعجمى العطار: سمع بأخرة على الفخر النويرى، والقاضى عز الدين بن جماعة، شيئا يسيرا من سنن النسائى، رواية ابن السنى. كان له دكان بسوق العطارين، عند باب بنى شيبة، وفيه خير ومروءة. توفى فى رجب أو شعبان، من سنة تسع وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وقد بلغ الثمانين. وبلغنى أنه جاوزها، وكان رجلا جيدا مقبول الشهادة عند الحكام. انتهى. 320 ـ محمد بن على بن عطية، الحارثى، أبو طالب المكى، صاحب «قوت القلوب»: ذكره الخطيب فى تاريخ بغداد، وقال بعد أن نسبه: صنف كتابا سماه «قوت

_ (1) رضوى: بفتح أوله، وسكون ثانيه، وهو جبل بالمدينة، وبالنسبة إليه رضّوىّ، بالفتح والتحريك. انظر: معجم البلدان، معجم ما استعجم (رضوى). 320 ـ انظر ترجمته فى: (وفيات الأعيان 1/ 491، ميزان الاعتدال 3/ 107، تاريخ بغداد 3/ 89، لسان الميزان 5/ 300، الكتبخانة 2/ 96، الأعلام 6/ 274، المنتظم 7/ 189 ـ 190، المختصر فى أخبار البشر 2/ 131، العبر 3/ 33 ـ 34، تاريخ الإسلام 4/ 62، الوافى بالوفيات 4/ 116، مرآة الجنان 2/ 430، البداية والنهاية 11/ 319 ـ 320، النجوم الزاهرة 4/ 175، شذرات الذهب 3/ 120، سير أعلام النبلاء 16/ 536).

321 ـ محمد بن على بن عطية المكناسى، أبو عبد الله

القلوب» على لسان الصوفية، ذكر فيه أشياء منكرة مستبشعة فى الصفات. وحدث عن أحمد بن على المصيصى، وأبى بكر المفيد وغيرهما. حدثنى عنه: محمد بن المظفر الخياط، وعلى بن عبد العزيز الأزجى، قال: وقال لى أبو طاهر محمد بن على ابن العلاف: كان أبو طالب المكى، من أهل الجبل، ونشأ بمكة، ودخل البصرة بعد وفاة أبى الحسن بن سالم فانتمى إلى مقالته، وقدم بغداد، واجتمع الناس عليه فى مجلس الوعظ، فخلط فى كلامه، وحفظ عنه أنه قال: ليس على المخلوقين أضر من الخالق. فقذعه الناس وهجروه، وامتنع من الكلام على الناس بعد ذلك. حدثنى أبو القاسم الأزجى، وأحمد بن محمد العتيقى قالا: توفى أبو طالب المكى فى جمادى الآخرة سنة ست وثمانين وثلاثمائة. قال العتيقى: وكان رجلا صالحا مجتهدا فى العبادة، وله مصنفات فى التوحيد. انتهى. وقال ابن خلكان فى ترجمته: كان رجلا صالحا مجتهدا، وكان يستعمل الرياضة كثيرا، حتى قيل إنه هجر الطعام زمانا، فاقتصر على أكل الحشائش المباحة، فاخضر جلده من كثرة تناولها، ولم يكن من أهل مكة ـ وإنما كان من الجبل، وسكن مكة، فنسب إليها 321 ـ محمد بن على بن عطية المكناسى، أبو عبد الله: ذكره القطب الحلبى فى تاريخ مصر، فبما أخبرنى به عنه، شيخنا ابن صديق بقراءتى عليه، وقال: قال لى شيخنا القطب القسطلانى: هذا ابن عطية، سافر وساح، وجاور بمكة دفعات، ودخل الشام والحجاز واليمن، وكان فيه صدق وإيثار. انتهى. أخبرنى إبراهيم بن محمد الدمشقى، فيما قرأت عليه بالحرم الشريف، أن الحافظ قطب الدين عبد الكريم بن عبد النور، أخبره إجازة قال: حدثنى شيخنا الإمام قطب الدين أبو بكر محمد بن أحمد بن على القسطلانى من لفظه فى صفر سنة خمس وثمانين وستمائة بالمدرسة الكاملية من القاهرة، قال: أخبرنى الشيخ أبو عبد الله محمد بن على ابن عطية المكناسى بالحرم الشريف، فى سنة سبع وخمسين وستمائة، قال: كنت حاضرا عند الشيخ العارف فخر الدين الفارسى بقرافة مصر، فأنشد فقير بين يديه:

322 ـ محمد بن على بن محمد بن أحمد بن عبد الله الطائى الحاتمى الأندلسى المرسى، أبو بكر، الملقب محيى الدين، المعروف بابن العربى الصوفى

وما صد عنى أنه لى مبغض ... ولا أن قتلى فى الهوى من مراده ولكن رأى أن الدنو يزيدنى ... غراما فأحبيى مهجتى ببعاده فصاح عليه صيحة منكرة، وقال: لا. وأنشد الشيخ: يمثّله فكرى وإن غاب شخصه ... فما هو إلا غائب مثل حاضر وتشغلنى ذكراه عن ذكر غيره ... فما لسواه أن يمر بخاطرى 322 ـ محمد بن على بن محمد بن أحمد بن عبد الله الطائى الحاتمى الأندلسى المرسى، أبو بكر، الملقب محيى الدين، المعروف بابن العربى الصوفى: هكذا نسبه الحافظ ابن مسدى فى معجمه. وذكر أنه قرأ القرآن بالروايات، على نجية بن يحيى، واختص به. سمع من: أبى عبد الله محمد بن سعيد بن زرقون، وأبى بكر بن الجد، ومن أبى بكر محمد بن خلف بن صاف المقرى، ومن أبى الوليد جابر بن أبى أيوب الحضرمى، وغيرهم. وبسبتة من أبى محمد بن عبيد الله ـ يعنى الحجرى ـ وغيره، وبإشبيلية من أبى محمد عبد المنعم بن محمد الخزرجى لما قدم عليهم، والقاضى أبى جعفر بن مضاء، وبمرسية من القاضى أبى بكر بن أبى حمزة وغيره. وذكر أنه لقى عبد الحق بن عبد الرحمن الأزدى ببجاية (1). قال: وفى ذلك نظر، وأن الحافظ السلفى، أجاز له، وأحسنها الإجازة العامة.

_ 322 ـ انظر ترجمته فى: (فوات الوفيات 2/ 241، جذوة الاقتباس 175، مفتاح السعادة 1/ 187، ميزان الاعتدال 3/ 108، لسان الميزان 5/ 311، جامع كرامات الأولياء 1/ 811، نفح الطيب 1/ 404، شذرات الطيب 1/ 404، شذرات الذهب 5/ 190، آداب اللغة 3/ 100، دائرة المعارف الإسلامية 1/ 321، التكملة لابن الأبار 1/ 356، الأعلام 6/ 281 ـ 282، تاريخ ابن الدبيثى 92، عقود الجمان للموصلى 7/ 79، التكملة لوفيات النقلة للمنذرى 2972، تاريخ الإسلام للذهبى 19/ 204 ـ 206، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 111، نثر الجمان للفيومى 2/ 124 ـ 125، طبقات الأولياء لابن الملقن 36، نزهة الأنام لابن دقماق 50 ـ 53، عقد الجمان للعينى 18/ 243 ـ 244، سير أعلام النبلاء 23/ 4). (1) بجاية: بالكسر، وتخفيف الجيم، وألف، وياء، وهاء، مدينة على ساحل البحر بين إفريقية، والمغرب، كان أول من اختطها الناصر بن علناس بن حماد بن زيرى بن مناد بن بلكين، فى حدود سنة 457. انظر: معجم البلدان (بجاية).

وذكر أنه سمع من أبى الخير أحمد بن إسماعيل الطالقانى، ومن أبى المكارم فضل الله ابن محمد النوقانى. انتهى ما ذكره ابن مسدى من شيوخه. وقد طعن الحافظ الذهبى فى سماع ابن عربى من الطالقانى. وقال: هذا إفك بين، ما لحقه. وذكر أنه سمع بدمشق من قاضيها الجمال بن الحرستانى. وذكر غير الذهبى: أن ابن عربى سمع بمكة: جامع الترمذى، من زاهر بن رستم، ورأيت ما يدل لسماعه من زاهر، ورأيت سماعه من يونس الهاشمى لشيء من صحيح البخارى، فى نسخة بيت الطبرى، بخط ابن عربى، وسماعه لذلك بمكة. وكان جاور بمكة مدة سنين، وألف فيها كتابه الذى سماه: «بالفتوحات المكية» وله تواليف أخر، منها: كتاب فصوص الحكم، وشعر كثير جيد من حيث الفصاحة، إلا أنه شابه بتصريحه فيه بالوحدة المطلقة، وصرح بذلك فى كتبه. وقد بين الشيخ تقى الدين ابن تيمية الحنبلى، شيئا من حال الطائفة القائلين بالوحدة. وحال ابن عربى منهم بالخصوص، وبين بعض ما فى كلامه من الكفر، ووافق على تكفيره بذلك جماعة من أعيان علماء عصره، من الشافعية والمالكية والحنابلة، لما سئلوا عن ذلك. وقد رأيت أن أذكر شيئا من ذلك، مع شيء آخر من كلام الناس فى ابن العربى هذا، لما فى أمره من الالتباس على كثير من الناس، نعوذ بالله من الضلال، ونسأله التوفيق لما فيه صلاح الحال. ونص السؤال الذى أفتى فيه ابن تيمية، ومن أشرنا إليه من الأئمة: ما يقول السادة أئمة الدين وهداة المسلمين فى كتاب بين أظهر الناس، زعم مصنفه أنه وضعه وأخرجه للناس، بإذن النبى صلى الله عليه وسلم، فى منام زعم أنه رآه، وأكثر كتابه ضد لما أنزل الله من كتبه المنزلة، وعكس وضد لما قاله أنبياؤه. فما قال فيه: إن آدم إنما سمى إنسانا، لأنه من الحق بمنزلة إنسان العين من العين، الذى يكون به النظر، وقال فى موضع آخر: إن الحق المنزه، هو الخلق المشبه. وقال فى قوم نوح: إنهم لو تركوا عبادتهم لود وسواع ويغوث ويعوق، لجهلوا من الحق أكثر مما تركوا. ثم قال: إن للحق فى كل معبود، وجها يعرفه، ويجهله من يجهله، فالعالم يعلم من

ذكر جواب من ذكرنا من الأئمة عن هذا السؤال

عبد، وفى أى صورة ظهر حين عبد، وإن التفريق والكثرة، كالأعضاء فى الصورة المحسوسة. ثم قال فى قوم هود: إنهم حصلوا فى عين القرب، فزال البعد، فزال به حرّ جهنم فى حقهم، ففازوا بنعيم القرب من جهة الاستحقاق، فما أعطاهم هذا الذوقى اللذيذ من جهة المنة، وإنما استحقته حقائقهم من أعمالهم التى كانوا عليها، وكانوا على صراط مستقيم. ثم أنكر فيه حكم الوعيد فى حق من حقت عليه كلمة العذاب من سائر العبيد. فهل يكفر من يصدقه فى ذلك، أو يرضى به منه، أو لا؟ وهل يأثم سامعه إذا كان بالغا عاقلا، ولم ينكره بلسانه أو بقلبه، أم لا؟ . أفتونا بالوضوح والبيان، كما أخذ الله على العلماء الميثاق بذلك، فقد أضر الإهمال بالجهال. ذكر جواب من ذكرنا من الأئمة عن هذا السؤال: جواب ابن تيمية: «الحمد لله رب العالمين. هذه الكلمات المذكورة المنكرة، كل كلمة منها من الكفر الذى لا نزاع فيه بين أهل الملل، من المسلمين واليهود والنصارى، فضلا عن كونه كفرا فى شريعة الإسلام، فإن قول القائل: إن آدم للحق بمنزلة إنسان العين من العين الذى يكون به النظر، يقتضى أن آدم جزء من الحق ـ تعالى وتقدس ـ وبعض، وأنه أفضل أجزائه وأبعاضه، وهذا هو حقيقة مذهب هؤلاء القوم، وهو معروف من أقوالهم، والكلمة الثانية توافق ذلك، وهو قوله: إن الحق المنزه هو الخلق المشبه. وذكر ابن تيمية كلاما لابن العربى ـ ليس فى السؤال ـ فى هذا المعنى. قال فيه ابن عربى: فهو عين ما ظهر، وعين ما بطن فى حال ظهوره، وما ثم من يراه غيره، وما ثم من يبطن عنه سواه، فهو ظاهر لنفسه باطن عنه، وهو المسمى أبو سعيد الخراز وغير ذلك من الأسماء المحدثات. ثم قال ابن تيمية بعد ذكره كلاما آخر لابن عربى فى المعنى: فإن صاحب هذا الكتاب المذكور، الذى هو «فصوص الحكم» وأمثاله، مثل صاحبه الصدر القونوى التلمسانى، وابن سبعين، والششترى، وأتباعهم.

مذهبهم الذى هم عليه: أن الوجود واحد، ويسمون أهل وحدة الوجود، ويدعون التحقيق والعرفان، وهم يجعلون وجود الخالق، عين وجود المخلوقات. فكل ما تتصف به المخلوقات من حسن وقبيح، ومدح وذم، إنما المتصف به عندهم عين الخالق. ثم قال ابن تيمية: ويكفيك بكفرهم، أن من أخف أقوالهم: إن فرعون مات مؤمنا بريئا من الذنوب، كما قال ـ يعنى ابن عربى ـ وكان موسى قرة عين لفرعون، بالإيمان الذى أعطاه الله عند الغرق، فقبضه طاهرا مطهرا، ليس فيه شيء من الخبث، قبل أن كتب عليه شيء من الآثام، والإسلام يجب ما قبله. وقد علم بالاضطرار، من دين أهل الملل: المسلمين واليهود والنصارى؛ أن فرعون من أكفر الخلق. واستدل ابن تيمية على ذلك، بما تقوم به الحجة، ثم قال: فإذا جاءوا إلى أعظم عدو لله من الإنس والجن، أو من هو من أعظم أعدائه، فجعلوه مصيبا محقا فيما كفره به الله، علم أن ما قالوه أعظم من كفر اليهود والنصارى، فكيف بسائر مقالاتهم؟ . وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها، على أن الخالق تعالى بائن من مخلوقاته، ليس فى ذاته شيء من مخلوقاته، ولا فى مخلوقاته شيء من ذاته، والسلف والأئمة كفروا الجهمية لما قالوا: إنه حال فى كل مكان، فكان مما أنكروه عليهم، أنه كيف يكون فى البطون والحشوش والأخلية، تعالى عن ذلك علوا كبيرا. فكيف من جعله نفس وجود البطون والحشوش والأخلية والنجاسات والأقذار؟ . ثم قال ابن تيمية: وأين المشبهة المجسمة من هؤلاء؟ فإن أولئك غاية كفرهم أن جعلوه مثل المخلوقات، لكن يقولون: هو قديم، وهى محدثة، وهؤلاء جعلوه عين المحدثات، وجعلوه نفس المصنوعات، ووصفوه بجميع النقائص والآفات، التى يوصف بها كل فاجر وكافر، وكل شيطان وكل سبع، وكل حية من الحيات. فتعالى الله عن إفكهم وضلالهم، ثم قال: وهؤلاء يقولون: إن النصارى إنما كفروا لتخصيصهم، حيث قالوا: إن الله هو المسيح. فكل ما قالته النصارى فى المسيح، يقولونه فى الله سبحانه وتعالى، ومعلوم شتم النصارى لله وكفرهم به، وكفر النصارى جزء من كفر هؤلاء. ولما قرأوا هذا الكتاب المذكور، على أفضل متأخريهم، قال له قائل: إن هذا الكتاب يخالف القرآن، فقال:

القرآن كله شرك، وإنما التوحيد فى كلامنا هذا، يعنى أن القرآن يفرق بين الرب والعبد، وحقيقة التوحيد عندهم: أن الرب هو العبد. فقال له قائل: فأى فرق بين زوجتى وبنتى؟ قال: لا فرق، لكن هؤلاء المحجوبون. قالوا: حرام. فقلنا: حرام عليكم. وهؤلاء إذا قيل مقالتهم: إنها كفر، لم يفهم هذا اللفظ حالها، فإن الكفر جنس تحته أنواع متفاوتة، بل كفر كل كافر جزء من كفرهم، ولهذا قيل لرئيسهم: أنت نصيرى. قال: نصير جزء منى. ثم قال ابن تيمية: وقد علم المسلمون واليهود والنصارى بالاضطرار من دين المسلمين، أن من قال عن أحد من البشر: إنه جزء من الله، فإنه كافر فى جميع الملل؛ إذ النصارى لم تقل هذا، وإن كان قولهم من أعظم الكفر، لم يقل أحد إن عين المخلوقات هى أجزاء الخالق، ولا إن الخالق هو المخلوق، ولا إن الحق المنزه هو الخلق المشبه، وكذلك قوله: إن المشركين لو تركوا عبادة الأصنام، لجهلوا من الخلق المشبه، وكذلك قوله: إن المشركين لو تركوا عبادة الأصنام، لجهلوا من الحق بقدر ما تركوا منها، هو من الكفر المعلوم بالاضطرار بين جميع الملل، فإن أهل الملل، متفقون على أن الرسل جميعهم نهوا عن عبادة الأصنام، وكفروا من يفعل ذلك، وأن المؤمن لا يكون مؤمنا حتى يتبرأ من عبادة الأصنام، وكل معبود سوى الله. كما قال تعالى (قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ) [الممتحنة: 4] واستدل على ذلك بآيات أخر. ثم قال: فمن قال: إن عباد الأصنام، لو تركوهم لجهلوا من الحق بقدر ما تركوا منها، أكفر من اليهود والنصارى، ومن لم يكفرهم، فهو أكفر من اليهود والنصارى، فإن اليهود والنصارى يكفرون عباد الأصنام، فكيف من يجعل تارك عبادة الأصنام جاهلا من الحق، بقدر ما ترك منها، مع قوله: فإن العالم يعلم من عبد، وفى أى صورة ظهر حين عبد، فإن التفريق والكثرة كالأعضاء فى الصورة المحسوسة، وكالقوة المعنوية فى الصورة الروحانية، فما عبد غير الله فى كل معبود، بل هو أعظم كفرا من كفر عباد الأصنام، فإن أولئك اتخذوهم شفعاء ووسائط، كما قالوا: (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) [الزمر: 3]. وقال تعالى: (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ) [الزمر: 43] وكانوا مقرين بأن الله خالق السماوات والأرض، وخالق

الأصنام، كما قال تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) [الزمر: 38]. واستدل على ذلك بغير هذه الآية. ثم قال: وهؤلاء أعظم كفرا من جهة أن هؤلاء جعلوا عابد الأصنام عابدا لله لا عابدا لغيره، وأن الأصنام من الله تعالى، بمنزلة أعضاء الإنسان من الإنسان، ومنزلة قوى النفس من النفس، وعباد الأصنام اعترفوا بأنها غيره، وأنها مخلوقة. ومن جهة، أن عباد الأصنام من العرب كانوا مقرين بأن للسماوات والأرض وسائر المخلوقات مغاير للسماوات والأرض وسائر المخلوقات. بل المخلوق هو الخالق. ولهذا جعل أهل قوم عاد وغيرهم من الكفار على صراط مستقيم، وجعلهم فى القرب. وجعل أهل النار يتنعمون فى النار، كما يتنعم أهل الجنة فى الجنة. وقد علم بالاضطرار من دين الإسلام، أن قوم عاد وثمود وفرعون وقومه، وسائر من قص الله تعالى قصته من أعداء الله تعالى، وأنهم معذبون فى الآخرة، وأن الله لعنهم وغضب عليهم، فمن أثنى عليهم وجعلهم من المقربين ومن أهل النعيم، فهو أكفر من اليهود والنصارى. وهذه الفتوى لا تحتمل بسط كلام هؤلاء وبيان كفرهم وإلحادهم، فإنهم من جنس القرامطة الباطنية الإسماعيلية، الذين كانوا أكفر من اليهود والنصارى، وأن قولهم يتضمن الكفر بجميع الكتب والرسل، كما قال الشيخ إبراهيم الجعبرى، لما اجتمع بابن عربى صاحب هذا الكتاب قال: رأيته شيخا نحسا يكذب بكل كتاب أنزله الله تعالى، وبكل نبى أرسله. وقال الفقيه أبو محمد بن عبد السلام، لما قدم القاهرة، وسألوه عن ابن عربى، فقال: هو شيخ سوء مقبوح، يقول بقدم العالم، ولا يحرم فرجا. فقوله بقدم العالم؛ لأن هذا قوله. وهو كفر معروف. فكفره الفقيه أبو محمد بذلك. ولم يكن بعد، ظهر من قوله: إن العالم هو الله، وإن العالم صورة الله وهوية الله، فإن هذا أعظم من كفر القائلين بقدم العالم الذين يثبتون واجب الوجود. ويقولون: إنه صدر عنه الوجود الممكن. وقال عنه من عاينه من الشيوخ: إنه كان كذابا مفتريا. وفى كتبه مثل «الفتوحات المكية» وأمثالها، من الأكاذيب ما لا يخفى على لبيب. ثم قال: لم أصف عشر ما يذكرونه من الكفر، ولكن هؤلاء التبس أمرهم على من لا يعرف حالهم، ما التبس أمر القرامطة الباطنية، لما ادعو أنهم فاطميون.

ذكر جواب من وافقه فى إنكار المقالات المذكورة فى هذا السؤال، وتكفير قائلها

وانتبسوا إلى التشيع، فصار المتشيعون مائلين إليهم، غير عالمين بباطن كفرهم. ولهذا كان من مال إليهم أحد رجلين: إما زنديقا منافقا، أو جاهلا ضالا. وهكذا هؤلاء الاتحادية، فرءوسهم هم أئمة كفر يجب قتلهم، ولا تقبل توبة أحد منهم، إذا أخذ قبل التوبة، فإنه من أعظم الزنادقة، الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، وهم الذين يبهمون قولهم ومخالفتهم لدين الإسلام، ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم، أو ذب عنهم، أو أثنى عليهم أو عظم كتبهم، أو عرف بمساعدتهم ومعاونتهم، أو كره الكلام فيهم، وأخذ يعتذر عنهم أو لهم، بأن هذا الكلام لا يدرى ما هو، ومن قال: إنه صنف هذا الكتاب، وأمثال هذه المعاذير التى لا يقولها إلا جاهل أو منافق، بل تجب عقوبة كل من عرف حالهم، ولم يعاون على القيام عليهم. فإن القيام على هؤلاء من أعظم الواجبات؛ لأنهم أفسدوا العقول والأديان، على خلق من المشايخ والعلماء والملوك والأمراء. وهم يسعون فى الأرض فسادا، ويصدون عن سبيل الله، فضررهم فى الدين، أعظم من ضرر من يفسد على المسلمين دنياهم، ويترك دينهم، كقطاع الطرق، وكالتتار الذين يأخذون أموالهم ويبقون على دينهم، ولا يستهين بهم من لم يعرفهم، فضلالهم وإضلالهم أطم وأعظم من أن يوصف. ثم قال: ومن كان محسنا للظن بهم وادعى أنه لم يعرف حالهم، عرف حالهم، فإن لم يباينهم ويظهر لهم الإنكار، وإلا ألحق بهم وجعل منهم، وأما من قال: لكلامهم تأويل يوافق الشريعة، فإنه من رءوسهم وأئمتهم، فإنه إن كان ذكيا، فإنه يعرف كذب نفسه، فيما قال، وإن كان معتقدا لهذا باطنا وظاهرا، فهو أكفر من النصارى. انتهى باختصار. وقد كتبنا جواب ابن تيمية هذا بكماله فى موضع غير هذا. ذكر جواب من وافقه فى إنكار المقالات المذكورة فى هذا السؤال، وتكفير قائلها: ذكر جواب القاضى بدر الدين بن جماعة: «هذه الفصول المذكورة، وما أشبهها من هذا الباب بدعة وضلالة ومنكر وجهالة، لا يصغى إليها ولا يعرج عليها ذو دين، ثم قال: وحاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يأذن فى المنام بما يخالف ويعاند الإسلام، بل ذلك من وسواس الشيطان ومحنته، وتلاعبه برأيه وفتنته. وقوله فى آدم: إنه إنسان العين، تشبيه لله تعالى بخلقه.

ذكر جواب القاضى سعد الدين الحارثى، قاضى الحنابلة بالقاهرة

وكذلك قوله: الحق المنزه، هو الخلق المشبه، إن أراد بالحق رب العالمين، فقد صرح بالتشبيه وتغالى فيه. وأما إنكاره ما ورد فى الكتاب والسنة من الوعيد، فهو كافر به عند علماء أهل التوحيد. وكذلك قوله فى قوم نوح وهود، قول لغو باطل مردود. وإعدام ذلك، وما شابه هذه الأبواب من نسخ هذا الكتاب، من أوضح طرق الصواب، فإنها ألفاظ مزوقة، وعبارات عن معان غير محققة، وإحداث فى الدين ما ليس منه. فحكمه رده، والإعراض عنه». ثم قال: كتبه محمد بن إبراهيم الشافعى. انتهى باختصار. ذكر جواب القاضى سعد الدين الحارثى، قاضى الحنابلة بالقاهرة: «الحمد لله، ما ذكر من الكلام المنسوب إلى الكتاب المذكور، يتضمن الكفر، ومن صدق به، فقد تضمن تصديقه بما هو كفر، يجب فى ذلك الرجوع عنه والتلفظ بالشهادتين عنده، وحق على كل من سمع ذلك إنكاره، ويجب محو ذلك وما كان مثله وقريبا منه، من هذا الكتاب، ولا يترك بحيث يطلع عليه، فإن فى ذلك ضررا عظيما، على من لم يستحكم الإيمان فى قلبه، وربما كان فى الكتاب تمويهات وعبارات مزخرفة، وإشارات إلى ذلك، لا يعرفه كل أحد، فيعظم الضرر. وكل هذه التمويهات ضلالات وزندقة. والحق إنما هو فى اتباع كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقول القائل: إنه أخرج الكتاب بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمنام رآه، فكذب منه على رؤياه للنبى صلى الله عليه وسلم». كتبه عبد الله: مسعود بن أحمد الحارثى. ذكر جواب خطيب القلعة الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف الجزرى الشافعى: «الحمد لله. قوله: فإن آدم عليه السلام، إنما سمى إنسانا، تشبيه وكذب باطل. وحكمه بصحة عبادة قوم نوح للأصنام كفر، لا يقر قائله عليه. وقوله: إن الحق المنزه: هو الخلق المشبه، كلام باطل متناقص وهو كفر. وقوله فى قوم هود: إنهم حصلوا فى عين القرب، افتراء على الله ورد لقوله فيهم. وقوله: زال البعد، وصيرورية جهنم فى حقهم نعيما، كذب وتكذيب للشرائع، بل الحق ما أخبر الله به من بقائهم فى العذاب. وأما من يصدقه فيما قاله، لعلمه بما قال، فحكمه كحكمه من التضليل والتكفير إن كان عالما، فإن كان ممن لا علم له، فإن قال ذلك جهلا عرف بحقيقة ذلك ويجب

ذكر جواب القاضى زين الدين الكنتانى الشافعى، مدرس الفخرية والمنصورية بالقاهرة

تعليمه وردعه عنه مهما أمكن، وإنكاره الوعيد فى حق سائر العبيد، كذب وردّ لإجماع المسلمين، وإنجاز من الله عزوجل للعقوبة، فقد دلت الشريعة دلالة ناطقة، أن لابد من عذاب طائفة من عصاة المؤمنين، ومنكر ذلك يكفر. عصمنا الله من سوء الاعتقاد، وإنكار المعاد. والله أعلم». وكتب محمد بن يوسف الشافعى. ذكر جواب القاضى زين الدين الكنتانى الشافعى، مدرس الفخرية والمنصورية بالقاهرة: «الله الموفق، زعم المذكور أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أذن له فى وضع الكتاب المذكور، كذب منه على النبى صلى الله عليه وسلم، فإن الله تعالى بعث النبى صلى الله عليه وسلم هاديا (وَداعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً) [الأحزاب: 43]، هذا فى هذه الدار، فكيف أحواله فى دار الحق؟ . أما قوله فى آدم: فكذب من جهة الاسم، وكفر من جهة المعنى، إن أراد بالحق مالك الملك الغنى عن العالمين. وأما قوله: الحق هو الخلق. فهو قول معتقد الوحدة، وهو قول كأقوال المجانين، بل أسحاق من هذا، للعلم الضرورى بأن الصانع غير المصنوع. وأما قوله: إن التفريق والكثرة. فهذا قول القائلين بالوحدة أيضا، الذين ظاهر كلامهم لا يعتقده عاقل، فإن أجلى الضروريات، كون كل أحد يعلم أن غيره ليس هو هو، وأنه هو ليس غيره. وقوله فى قوم هود، كفر؛ لأن الله تعالى أخبر فى القرآن عن عاد، أنهم كفروا بربهم، والكفار ليسوا على صراط مستقيم. فالقول بأنهم كانوا عليه [كذب] (2) بصريح القرآن، وإنكار الوعيد فى حق من حقت عليه الكلمة من تحقيق الوعيد فى القرآن، تكذيب للقرآن، فهو كفر أيضا، ومن صدق المذكور فى هذه الأمور أو بعضها مما هو كفر، يكفر، ويأثم من سمعه ولم ينكره، إذا كان مكلفا، وإن رضى به كفر، والحالة هذه». وكتب عمر بن أبى الحرم الشافعى.

_ (2) ما بين المعقوفتين أضيف ليستقيم المعنى.

ذكر جواب الشيخ نور الدين البكرى الشافعى

ذكر جواب الشيخ نور الدين البكرى الشافعى «الحمد لله رب العالمين، من رأى النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام فقد رآه حقا، وإذا كان قد أتى شخص من المصنفين بتصنيف ابتدع فيه وألحد فى الحقائق الشرعية، وظهر فيه أن مفسدته أكثر من مصلحته، تحقق بذلك كذبه فيما أخبر به فى رؤياه النبى صلى الله عليه وسلم، أنه أمره بذلك الكتاب، وأذن له فيه؛ فإن النبى صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا الحق فى اليقظة والمنام. وأحسن أحوال من قال إنه رآه فى مثل تلك الحال، وأنه أمره أو أذن له فى مثل هذا المصنف، أن يكون قد سمع من النبى صلى الله عليه وسلم كلاما فهمه على خلاف المراد، أو وقع له غلط بطريق آخر. هذا فيمن ادعى ذلك فى تصنيف ظاهره الغلط والفساد. وأما تصنيف تذكر فيه هذه الأقوال المتقدمة فى الاستفتاء، ويكون المراد بها ظاهرها، فصاحبها ألعن وأقبح من أن يتأول له ذلك، بل هو كاذب فاجر، كافر فى القول والاعتقاد، ظاهرا وباطنا، وإن كان قائلها لم يرد ظاهرها، فهو كافر بقوله، ضال بجهله، ولا يعذر فى تأويله لتلك الألفاظ، إلا أن يكون جاهلا بالأحكام جهلا تاما عاما، ولم يعذر فى جهله بمعصيته لعدم مراجعته العلماء. والتصانيف على الوجه الواجب من المعرفة فى حق من يخوض من أمر الرسل ومتبعيهم، أعنى معرفة الأدب فى التعبيرات، على أن فى هذه الألفاظ ما يتعذر أو يتعسر تأويلها كلها كذلك». انتهى باختصار. ذكر جواب الشيخ شرف الدين عيسى الزواوى المالكى «الحمد لله وحده. أما هذا التصنيف الذى هو ضد لما أنزله عزوجل فى كتبه المنزلة، وضد أقوال الأنبياء المرسلة، فهو افتراء على الله، وافتراء على رسوله صلى الله عليه وسلم. ثم قال: وما تضمنه هذا التصنيف، من الهذيان والكفر والبهتان، فكله تلبيس وضلال وتحريف وتبديل، ومن صدق بذلك أو اعتقد صحته، كان كافرا ملحدا صادا عن سبيل الله تعالى، مخالفا لملة رسول اللهصلى الله عليه وسلم، ملحدا فى آيات الله، مبدلا لكلمات الله، فإن أظهر ذلك وناظر عليه، كان كافرا يستتاب، فإن تاب وإلا قتل وعجل الله بروحه إلى الهاوية والنار الحامية. وإن أخفى ذلك وأسره، كان زنديقا، فيقتل متى ظهر عليه، ولا تقبل توبته إن تاب، لأن حقيقة توبته لا تعرف. ثم قال: فيقتل مثل هؤلاء، ويراح المسلمون من شرهم، وإفشاء الفساد فى دينهم. وهؤلاء قوم يسمون الباطنية، لم يزالوا من قديم الزمان ضلالا فى الأمة، معروفين بالخروج من الملة، يقتلون متى ظهر عليهم،

وينفون من الأرض، متى اتهموا بذلك، ولم يثبت عليهم، وعادتهم التصلح والتدين، وادعاء التحقيق وهم على أسوأ طريق. فالحذر كل الحذر منهم، فإنهم أعداء الله وشر من اليهود والنصارى، لأنهم قوم لا دين لهم يتبعونه، ولا رب يعبدونه، وواجب على كل من ظهر على أحد منهم، أن ينهى أمره إلى ولاة المسلمين، ليحكموا فيه بحكم الله. ثم قال: فمن لم يقدر على ذلك غيّر بلسانه، وبين للناس بطلان مذهبهم وشر طويتهم، ونبه عليهم بقوله مهما قدر، وحذر منهم مهما استطاع. ومن عجز عن ذلك: غيّر بقلبه وهو أضعف المراتب. ويجب على ولى الأمر، إذا سمع بمثل هذا التصنيف، البحث عنه، وجمع نسخه حيث وجدها وإحراقها، وأدب من اتهم بهذا المذهب أو نسب إليه أو عرف به، على قدر قوة التهمة عليه، إذا لم يثبت عليه، حتى يعرفه الناس ويحذروه، والله ولى الهداية بمنه وفضله». كتبه عيسى الزواوى المالكى. انتهى باختصار. وهذا السؤال، أظنه كان فى آخر العشر الأول من القرن الثامن، أو أول سنة من العشر الثانى منه. وجرى نحو من هذا السؤال، فى آخر القرن الثامن، فى دولة الملك الظاهر برقوق (3) صاحب الديار المصرية والشامية. وأجاب عليه جماعة من العلماء المعتبرين من أرباب المذاهب، بأن الكلام المسئول عنه كفر، إلى غير ذلك مما تضمنه جوابهم، وأسماء جميعهم لا تحضرنى الآن، ولكن منهم مولانا شيخ الإسلام سراج الدين أبو حفص عمر بن رسلان بن نصير البلقينى الشافعى، أحد المجتهدين فى مذهبه، ومن طبق ذكره الأرض علما.

_ (3) برقوق بن أنص ـ أو أنس ـ العثمانى، أبو سعيد، سيف الدين، الملك الظاهر: أول من ملك مصر فى الشراكسة جلبه إليها أحد تجار الرقيق واسمه عثمان فباعه فيها منسوبا إليه ثم أعتق وذهب إلى الشام فخدم نائب السلطنة وعاد إلى مصر فكان أمير عشرة وتقدم فى دولة المنصور القلاوونى (على بن شعبان) فولى أتابكية العساكر، وانتزع السلطنة من آخر بنى قلاوون الصالح أمير حاج سنة 784 هـ‍وتلقب بالملك الظاهر وانقادت إليه مصر والشام، وقام بأعمال من الإصلاح، وبنى المدرسة البرقوقية ببين القصرين بمصر. انظر ترجمته فى: (ابن إياس 1/ 258، 290، وليم موير 111، الضوء اللامع 3/ 10، سوبر نهيم فى دائرة المعارف الإسلامية 3/ 558، الأعلام 2/ 48).

وقد سمعت صاحبنا الحافظ الحجة القاضى شهاب الدين أبا الفضل أحمد بن على بن حجر العسقلانى الشافعى، وهو الآن المشار إليه بالتقدم فى علم الحديث، أمتع الله بحياته، يقول: إنه ذكر لمولانا شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى، شيئا من كلام ابن عربى المشكل، وسأله عن ابن عربى. فقال له شيخنا البلقينى: هو كافر. وقد سئل عنه وعن شيء من كلامه، شيخنا العلامة أبو عبد الله محمد بن عرفة الورغمى التونسى المالكى، عالم أفريقية بالمغرب. فقال ما معناه: من نسب إليه هذا الكلام، لا يشك مسلم منصف فى فسقه وضلاله وزندقته. وهذا مما أرويه عن شيخنا ابن عرفة إجازة. وسئل عنه شيخنا الإمام البارع، قاضى الجماعة بالديار المصرية، أبو زيد عبد الرحمن ابن محمد، المعروف بابن خلدون الحضرمى المالكى، فذكر فى جوابه أشياء من حال ابن عربى وأشباهه، ونذكر شيئا من ذلك لما فيه من الفوائد. أنبأنى القاضى أبو زيد عبد الرحمن بن خلدون الأصولى قال: أعلم أرشدنا الله وإياك للصواب، وكفانا شر البدع والضلال، أن طريق المتصوفة منحصرة فى طريقين: الطريقة الأولى: وهى طريقة السنة، طريقة سلفهم الجارية على الكتاب والسنة، والاقتداء بالسلف الصالح من الصحابة والتابعين. ثم قال: والطريقة الثانية: وهى مشوبة بالبدع، وهى طريقة قوم من المتأخرين، يجعلون الطريقة الأولى وسيلة إلى كشف حجاب الحس لأنها من نتائجها. ثم قال: ومن هؤلاء المتصوفة: ابن عربى، وابن سبعين، وابن برجان، وأتباعهم، ممن سلك سبيلهم ودان بنحلتهم، ولهم تواليف كثيرة يتداولونها، مشحونة من صريح الكفر، ومستهجن البدع، وتأويل الظواهر لذلك على أبعد الوجوه وأقبحها، مما يستغرب الناظر فيها من نسبتها إلى الملة أو عدها فى الشريعة. ثم قال: وليس ثناء أحد على هؤلاء، حجة للقول بفضله، ولو بلغ المثنى ما عسى أن يبلغ من الفضل؛ لأن الكتاب والسنة، أبلغ فضلا وشهادة من كل أحد. ثم قال: وأما حكم هذه الكتب المتضمنة لتلك العقائد المضلة، وما يوجد من نسخها بأيدى الناس، مثل: الفصوص، والفتوحات لابن عربى، والبد لابن سبعين، وخلع النعلين لابن قسى، وعين اليقين لابن برجان، وما أجدر الكثير من شعر ابن الفارض، والعفيف التلمسانى وأمثالها، أن تلحق بهذه الكتب، وكذا شرح ابن الفرغانى للقصيدة التائية من نظم ابن الفارض.

ذكر شيء مما رأيته للناس فى أمر ابن عربى، غير ما سبق فى هذا السؤال

فالحكم فى هذه الكتب كلها وأمثالها، إذهاب أعيانها متى وجدت، بالتحريق بالنار والغسل بالماء، حتى ينمحى أثر الكتابة، لما فى ذلك من المصلحة العامة فى الدين، بمحو العقائد المضلة، ثم قال: فيتعين على ولى الأمر، إحراق هذه الكتب دفعا للمفسدة العامة، ويتعين على من كانت عنده التمكين منها للإحراق، وإلا فينزعها منه ولى الأمر، ويؤدبه على معارضته فى منعها؛ لأن ولى الأمر لا يعارض فى المصالح العامة. انتهى باختصار. وقوله: وليس ثناء أحد على هؤلاء حجة، إنما ذكره؛ لأن فى السؤال الذى أجاب عنه: وهل ثناء الشيخ أبى الحسن الشاذلى إن صح، حجة تنهض على فضل مصنف هذا الكتاب؟ ، يعنى الفصوص لابن عربى، فيلتمس له أحسن المخارج أولا. ذكر شيء مما رأيته للناس فى أمر ابن عربى، غير ما سبق فى هذا السؤال أنبئت عن الأديب المؤرخ، صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدى قال: سمعت أبا الفتح بن سيد الناس يقول: سمعت ابن دقيق العيد يقول: سألت ابن عبد السلام عن ابن عربى. فقال: شيخ سوء كذاب، يقول بقدم العالم، ولا يحرم فرجا. انتهى. ووجدت بخط الحافظ أبى الفتح بن سيد الناس، وأنبأنى عنه غير واحد، سمعت الشيخ الإمام الحافظ الزاهد العلامة أبا الفتح محمد بن على بن وهب القشيرى يقول: سمعت شيخنا الإمام أبا محمد بن عبد السلام وجرى ذكر أبى عبد الله محمد بن العربى، فقال: شيخ سوء مقبوح كذاب. فقلت له: وكذاب أيضا. قال: نعم. تذاكرنا يوما بمسجد الجامع بدمشق، التزويج بجوارى الجن. فقال: هذا فرض محال، لأن الإنس جسم كثيف، والجن روح لطيف، ولن يعلو الجسم الكثيف الروح اللطيف. ثم بعد قليل رأيت به شجة، فسألته عن سببها. قال: تزوجت امرأة من الجن ورزقت منها ثلاثة أولاد. فاتفق يوما أن تفاوضنا فأغضبتها؛ فضربتنى بعظم، حصلت منه هذه الشجة وانصرفت، فلم أرها بعدها، أو معناه. انتهى. وما ذكره الإمام ابن عبد السلام من أوصاف ابن عربى المذمومة، لا تلائم صفات أولياء الله تعالى. ووجه تكذيبه فى الحكاية التى ذكرناها عنه: أنه لا يستقيم أن يتزوج امرأة جنية ولا إنسية، ويرزق منها ثلاثة أولاد فى مدة قليلة.

ولا يعارض ما صح عن ابن عبد السلام، فى ذم ابن عربى، ما حكاه عنه الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعى فى كتابه «الإرشاد والتطريز» لأنه قال: وسمعت أن الشيخ الفقيه الإمام عز الدين بن عبد السلام، كان يطعن فى ابن العربى ويقول: هو زنديق. فقال له يوما بعض أصحابه: أريد أن ترينى القطب. فأشار إلى ابن عربى، وقال: هذاك هو. فقيل: فأنت تطعن فيه؟ فقال: حتى أصون ظاهر الشرع، أو كما قال، رضى الله عنهما. أخبرنى بذلك غير واحد ما بين مشهور بالصلاح والفضل، ومعروف بالدين، ثقة عدل، من أهل الشام ومن أهل مصر، إلا أن بعضهم روى: أريد أن ترينى وليا، وبعضهم روى القطب. انتهى. وإنما لم يكن ما حكاه اليافعى معارضا لما سبق من ذم ابن عربى؛ لأن ما حكاه اليافعى، بغير إسناد إلى ابن عبد السلام، وحكم ذلك الإطراح، والعمل بما صح إسناده فى ذمه. والله أعلم. وأظن ظنا قويا، أن هذه الحكاية من انتحال غلاة الصوفية، المعتقدين لابن عربى، فانتشرت حتى نقلت إلى أهل الخير، فتلقوها بسلامة صدر. وكان اليافعى ـ رحمه الله ـ سليم الصدر فيما بلغنا، وإنما قوى ظنى بعدم صحة هذه الحكاية، لأنها توهم اتحاد زمان مدح ابن عبد السلام لابن عربى، وذم ابن عبد السلام له. فإن تعليل ابن عبد السلام ذمه لابن عربى لصيانته للشرع، يقتضى أن ابن عربى، عالى الرتبة فى نفس الأمر، حال ذم ابن عبد السلام له. وهذا لا يصدر من عالم متق. فكيف بمن كان عظيم المقدار فى العلم والتقوى، كابن عبد السلام؟ ومن ظن به ذلك، فقد أخطأ وأثم، لما فى ذلك من تناقض القول. ولا يعارض ذلك ما يحكى من اختلاف المحدثين فى جرح الراوى وتوثيقه؛ لأن الراوى يكون ثقة فى نفسه، ولكنه مع ذلك يلابس أمرا كبدعة، وللمحدثين فى ذلك خلاف، هل هو جرح أو لا؟ فمن عدله من المحدثين، نظر إلى أن ذلك الأمر غير قادح فى الراوى، ومن جرحه رأى ذلك الأمر قادحا. وربما كان الراوى يخطئ أحيانا أو يقل ضبطه بالنسبة إلى غيره، فيرى بعض المحدثين

ذلك فيه جرحا، ويرى بعضهم ذلك لا يجرحه، لقلة الخطأ ووجود الضبط فى الجملة، إلى غير ذلك من الوجوه التى حصل بسببها الخلاف فى الجرح، وليس منها وجه فيه ما يدل على اتحاد زمن ذلك، من قائل واحد فى راو، إنما ذلك لاختلاف الرأى فى حال الراوى. والله أعلم. ويمكن تأويل ما فى هذه الحكاية من ثناء ابن عبد السلام على ابن عربى ـ إن صح ثناؤه عليه ـ بأن يكون بين طعن ابن عبد السلام وثنائه عليه، زمن يصلح فيه حال ابن عربى، وليس فى مثل ذلك تعارض. وما ذكر فى الحكاية من ثناء ابن عبد السلام على ابن عربى، على تقدير صحته. منسوخ بما ذكره ابن دقيق العيد عن ابن عبد السلام فى ذمه لابن عربى. فإن ابن دقيق العيد لم يسمع ذلك من ابن عبد السلام إلا بمصر، بعد موت ابن عربى بسنين، لأن ابن دقيق العيد، ولد فى شعبان سنة خمس وعشرين وستمائة، ونشأ ببلدة قوص، واشتغل بها فى مذهب الشافعى وغيره من العلوم، على ابن عبد السلام، فبلوغه واشتغاله بالعلم فى بلده، ثم قدومه إلى القاهرة، لا يكون إلا بعد سنة أربعين وستمائة، وابن عربى مات فى ربيع الآخر، سنة ثمان وثلاثين وستمائة بدمشق، وثناء ابن عبد السلام على ابن عربى المذكور، كان فى حياة ابن عربى، بدليل ما فيها، من أنه أراه لمن يسأله عن القطب أو الولى. وفى السنة التى مات فيها ابن عربى، أو فى التى بعدها، كان خروج ابن عبد السلام من دمشق، لتعب ناله من صاحبها، الصالح إسماعيل بن العادل أبى بكر بن أيوب؛ لأنه سلم قلعة الشقيف (4) للفرنج، فأنكر ذلك عليه ابن عبد السلام، فعزل ابن عبد السلام عن خطابة دمشق وسجنه، ثم أطلقه، وتوجه من دمشق إلى الكرك (5)، فتلقاه صاحب الكرك، الناصر داود بن المعظم عيسى، وسأله أن يقيم عنده فلم يفعل، واعتذر بأنها لا تسع نشر علمه، فقصد مصر، فتلقاه صاحبها الصالح نجم الدين أيوب

_ (4) قلعة الشقيف: قلعة حصينة فى كهف من الجبل قرب بانياس من أرض دمشق. انظر: معجم البلدان (الشقيف). (5) الكرك: هو من أعظم حصون النصارى معترض فى طريق الحجاز وهو من القدس على مسافة يوم أو أقل، وأهله يقطعون على المسلمين الطريق فى البر وهو حصن ومعقل مشهور بناحية الشام. انظر: الروض المعطار فى خبر الأقطار 202، 203، 492، 493، معجم البلدان (الكرك).

ابن الكامل، وأكرمه وولاه الخطابة بالجامع العتيق بمصر، والقضاء بها مع الوجه القبلى، وتصدى لنشر العلم والإفادة على أحسن سبيل. وهذا كله لا يخفى على أحد من أهل التحصيل. وقال ابن مسدى فى ترجمة ابن عربى فى معجمه، بعد أن ذكر ما نقلناه عنه من شيوخ ابن عربى: يلقب بالقشيرى، لقبا غلب عليه لما كان يشير من التصوف إليه، ولقد خاض فى بحر تلك الإشارات، وتحقق بمحيى تلك العبارات، وتكون فى تلك الأطوار، حتى قضى ما شاء من لبانات وأوطار، ثم قال: وله تواليف كثيرة، تشهد له بالتقدم والإقدام، ومواقف النهايات ومزالق الأقدام. وكان مقتدرا على الكلام، ولعله ما سلم من الكلام، وعندى من أخباره عجائب، ومن صحيح منقولاته غرائب. وكان ظاهرى المذهب فى العبادات، باطنى النظر فى الاعتقادات، ولهذا ما ارتبت فى أمره، والله أعلم بسره. قال: ومن شعره المحكم الفصول، السالم من الفضول قوله (1): يا غاية السول والمأمول يا سندى ... شوقى إليك شديد لا إلى أحد ذبت اشتياقا ووجدا من محبتكم ... فآه من فرط شوقى آه من كمدى يدى وضعت على قلبى مخافة أن ... ينشق صدرى لما خاننى جلدى ما زال يرفعها طورا ويخفضها ... حتى وضعت يدى الأخرى لشديدى انتهى. وأنشدنى هذه الأبيات وغيرها من شعر ابن عربى أبو هريرة بن الذهبى، إذنا عن القاسم بن مظفر بن عساكر، عن ابن عربى إجازة. وذكره القطب القسطلانى ـ على ما ذكر الأستاذ أبو حيان النحوى ـ فى كتاب ألفه القطب، فى ذكر الطائفة القائلة بالوحدة المطلقة فى الموجودات، ابتدأ فيه بالحلاج، وختم فيه بابن سبعين. فقال: انتقل ـ يعنى ابن عربى ـ من بلاد الأندلس إلى هذه البلاد بعد التسعين وخمسمائة. وجاور بمكة، وسمع بها الحديث، وصنف «الفتوحات المكية» بها. وكان له لسان فى التصوف، ومعرفة لما انتحاه من هذه المقالات، وصنف بها كتبا كثيرة على مقاصده التى اعتقدها، ونهج فى كثير منها مناهج تلك الطائفة، ونظم فيها أشعارا كثيرة، وأقام بدمشق مدة، ثم انتقل إلى الروم، وحصل له فيها قبول وأموال جزيلة، ثم عاد إلى دمشق، وبها توفى. انتهى.

ومن خط أبى حيان نقلت ذلك، وذكره الذهبى فى العبر، فقال: صاحب التصانيف، وقدوة القائلين بوحدة الوجود، ثم قال: وقد اتهم بأمر عظيم. وقد وصف شيخ الإسلام تقى الدين على بن عبد الكافى السبكى، ابن عربى هذا وأتباعه، بأنهم ضلال جهال، خارجون عن طريقة الإسلام؛ لأنه قال فيما أنبأنى به عنه الحافظان: زين الدين العراقى، ونور الدين الهيثمى، فى شرحه على «المنهاج» للنووى، فى باب الوصية، بعد ذكره للمتكلم: وهكذا الصوفية منقسمون كانقسام المتكلمين؛ فإنهما من واد واحد، فمن كان مقصوده معرفة الرب سبحانه وتعالى وصفاته وأسمائه، والتخلق بما يجوز التخلق به منها، والتجلى بأحوالها، وإشراق المعارف الإلهية عليه، والأحوال السنية عنده، فذلك من أعظم العلماء، ويصرف إليه من الوصية للعلماء والوقف عليهم، ومن كان من هؤلاء الصوفية المتأخرين، كابن العربى وأتباعه، فهم ضلال جهال، خارجون عن طريقة الإسلام، فضلا عن العلماء. انتهى. وذكره الذهبى فى الميزان، فقال: صنف التصانيف فى تصوف الفلاسفة وأهل الوحدة، وقال أشياء منكرة، عدها طائفة من العلماء مروقا وزندقة، وعدها طائفة من العلماء، من إشارات العارفين ورموز السالكين، وعدها طائفة، من متشابه القول، وأن ظاهرها كفر وضلال، وباطنها حق وعرفان، وأنه صحيح فى نفسه كبير القدر. وآخرون يقولون: قد قال هذا الكفر والضلال، فمن ذا الذى قال: إنه مات عليه. فالظاهر عندهم من حاله، أنه رجع وأناب إلى الله، فإنه كان عالما بالآثار والسنن، قوى المشاركة فى العلوم. قال: وقولى أنا فيه: أنه يجوز أن يكون من أولياء الله تعالى، الذين اجتذبهم الحق إلى جنابه عند الموت، وختم له بالحسنى. وأما كلامه، فمن فهمه وعرفه على قواعد الاتحادية وعلم محط القوم، وجمع بين أطراف عبارتهم، تبين له الحق فى خلاف قولهم، وكذلك من أمعن النظر فى «فصوص الحكم» أو أنعم التأمل، لاح له العجب، فإن الذكى إذا تأمل من ذلك، الأقوال والنظائر والأشباه، فهو أحد رجلين، إما من الاتحادية فى الباطن، وإما من المؤمنين بالله، الذين يعدون أن أهل هذه النحلة من أكفر الكفرة. انتهى. وقال فى تاريخ الإسلام، على ما أخبرنى به ابن المحب الحافظ، إذنا عنه سماعا: هذا الرجل كان قد تصوف وانعزل وجاع وسهر، وفتح عليه بأشياء امتزجت بعالم الخيال

والخطرات والفكرة، واستحكم ذلك، حتى شاهد بقوة الخيال أشياء، ظنها موجودة فى الخارج، وسمع من طيش دماغه خطابا، اعتقده من الله، ولا وجود لذلك أبدا فى الخارج، حتى إنه قال: لم يكن الحق أوقفنى على ما سطره لى فى توقيع ولايتى أمور العالم، حتى أعلمنى بأنى خاتم الولاية المحمدية بمدينة فاس، سنة خمس وتسعين. فلما كانت ليلة الخميس فى سنة ثلاثين وستمائة، أوقفنى الحق على التوقيع بورقة بيضاء فرسمته بنصه: هذا توقيع إلهى كريم، من الرءوف الرحيم إلى فلان. وقد أجزل له رفده، وما خيبنا قصده، فلينهض إلى ما فوض إليه، ولا تشغله الولاية عن المثول بين أيدينا شهرا بشهر، إلى انقضاء العمر. انتهى. وهذا الكلام فيه مؤاخذات على ابن عربى. منها: إن كان المراد بما ذكره من أنه خاتم الولاية المحمدية، أنه خاتم الأولياء، كما أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، فليس بصحيح، لوجود جمع كثير من أولياء الله تعالى العلماء العاملين فى عصر ابن عربى، وفيما بعده على سبيل القطع، وإن كان المراد أنه خاتم الأنبياء بمدينة فاس، فهو غير صحيح أيضا، لوجود الأولياء الأخيار بها بعد ابن عربى. وهذا من الأمر المشهور. أنشدنى شيخنا المحدث، شمس الدين محمد بن المحدث ظهير الدين إبراهيم الجزرى، سماعا من لفظه فى الرحلة الأولى بظاهر دمشق، أن الحافظ الزاهد شمس الدين محمد بن المحب عبد الله بن أحمد المقدسى الصالحى، أنشده لنفسه سماعا، وأنشدنى ذلك إجازة، شيخنا ابن المحب المذكور: دعى ابن العريبى الأنام ليقتدوا ... بأعورة الدجال فى بعض كتبه وفرعون أسماه لكل محقق ... إماما ألا تباله ولحزبه وسئل عنه شيخنا العلامة المحقق الحافظ المفتى المصنف، أبو زرعة أحمد بن شيخنا الحافظ العراقى الشافعى، أبقاه الله تعالى، فقال: لا شك فى اشتمال «الفصوص» المشهورة على الكفر الصريح الذى لا يشك فيه. وكذلك «فتوحاته المكية» فإن صح صدور ذلك عنه، واستمر عليه إلى وفاته، فهو كافر مخلد فى النار بلا شك. وقد صح عندى عن الحافظ جمال الدين المزى، أنه نقل من خطه فى تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) [البقرة: 6] كلاما ينبو عنه السمع، ويقتضى الكفر، وبعض كلماته لا يمكن تأويلها، والذى يمكن تأويله منها، كيف يصار إليه مع مرجوحية التأويل، والحكم إنما يترتب على الظاهر.

وقد بلغنى عن الشيخ علاء الدين القونوى ـ وأدركت أصحابه ـ أنه قال فى مثل ذلك: إنما يؤول كلام المعصومين، وهو كما قال، وينبغى أن لا يحكم على ابن عربى نفسه بشئ، فإنى لست على يقين من صدور هذا الكلام منه، ولا من استمراره عليه إلى وفاته. ولكنا نحكم على هذا الكلام بأنه كفر. انتهى. وما ذكره شيخنا من أنه لا يحكم على ابن العربى نفسه بشئ، خالفه فيه شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى لتصريحه بكفر ابن عربى كما سبق عنه. وقد صرح بكفر ابن العربى، واشتمال كتبه على الكفر الصريح، الإمام رضى الدين أبو بكر بن محمد بن صالح، المعروف بابن الخياط، والقاضى شهاب الدين أحمد بن على الناشرى الشافعيان، وهما ممن يقتدى به من علماء اليمن فى عصرنا، ويؤيد ذلك فتوى من ذكرنا من العلماء وإن كانوا لم يصرحوا باسمه، إلا ابن تيمية، فإنه صرح باسمه؛ لأنهم كفروا قائل المقالات المذكورة فى السؤال، وابن عربى هو قائلها لأنها موجودة فى كتبه التى صنفها، واشتهرت عنه شهرة يقتضى القطع بنسبتها إليه. والله أعلم. والقونوى المشار إليه فى كلام شيخنا أبى زرعة، هو شارح الحاوى الصغير فى الفقه. ووجدت ذلك فى ذيل تاريخ الإسلام للذهبى، فإنه قال فى ترجمة القونوى: وحدثنى ابن كثير يعنى: الشيخ عماد الدين صاحب التاريخ والتفسير، أنه حضر مع المزى عنده ـ يعنى القونوى ـ فجرى ذكر «الفصوص» لابن عربى، فقال: لا ريب أن هذا الكلام الذى فيه كفر وضلال. فقال صاحبه الجمال المالكى: أفلا تتأول يا مولانا؟ . فقال: لا، إنما يتأول قول العصوم. انتهى. والمزى: هو الحافظ جمال الدين صاحب تهذيب الكمال، والأطراف. وفى سكوته إشعار برضاه بكلام القونوى. والله أعلم. وأما الكلام الذى لابن عربى على تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) *) الآية التى أشار إليها شيخنا الحافظ أبو زرعة فى كلامه، فهو ما حدثنى به شيخنا أبو زرعة بعدما كتبه لى بخطه من حفظه بالمعنى على ما ذكر، وربما فاته بعض المعنى، فذكره باللفظ. قال: سمعت والدى ـ رحمه الله ـ غير مرة يقول: سمعت قاضى القضاة برهان الدين بن جماعة يقول: نقلت من خط الحافظ جمال الدين المزى، قال: نقلت من خط ابن عربى فى الكلام على قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) الآية، ستروا محبتهم، سواء عليهم

أنذرتهم أم لم تنذرهم: استوى عندهم إنذارك وعدم إنذارك، لما جعلنا عندهم، لا يؤمنون بك، ولا يأخذون عنك، إنما يأخذون عنا. ختم الله على قلوبهم فلا يعقلون إلا عنه. وعلى سمعهم، فلا يسمعون إلا منه. وعلى أبصارهم غشاوة، فلا يبصرون إلا منه. ولا يلتفتون إليك ولا إلى ما عندك، بما جعلناه عندهم وألقينا إليهم. وقد بين شيخنا فاضل اليمن شرف الدين إسماعيل بن أبى بكر، المعروف بابن المقرى الشافعى، من حال ابن عربى ما لم يبينه غيره؛ لأن جماعة من صوفية زبيد: أوهموا من ليس له كثير نباهة، علو مرتبة ابن عربى، ونفى العيب عن كلامه. وذكر ذلك شيخنا ابن المقرى مع شيء من حال الصوفية المشار إليهم، فى قصيدة طويلة من نظمه. فقال فيما أنشدنيه إجازة: ألا يا رسول الله غارة ثائر ... غيور على حرماته والشعائر يحاط بها الإسلام ممن يكيده ... ويرميه من تلبيسه بالفواقر فقد حدثت بالمسلمين حوادث ... كبار المعاصى عندها كالصغائر حوتهن كتب حارب الله ربها ... وغربها من غربين الحواضر بحاسر فيها ابن العريبى واجترى ... على الله فيما قال كل التجاسر فقال بأن الرب والعبد واحد ... فربى مربوبى بغير تغاير وأنكر تكليفا إذ العبد عنده ... إله وعبد فهو إنكار حائر وخطأ إلا من يرى الخلق صورة ... وهوية لله عند التناظر وقال تجلى الحق فى كل صورة ... تجلى عليها فهى إحدى المظاهر وأنكر أن الله يغنى عن الورى ... ويغنون عنه لاستواء المقادر كما ظل فى التهليل يهزا بنفيه ... وإثباته مستجملا للمغاير وقال الذى ينفيه عين الذى ... أتى به مثبتا لا غير عند التجاور فأفسد معنى ما به الناس أسلموا ... وألغاه إلغا بينات التهاتر فسبحان رب العرش عما يقوله ... أعاديه من أمثال هذى الكبائر فقال عذاب الله عذب وربنا ... ينعم فى نيرانه كل فاجر وقال بأن الله لم يعص فى الورى ... فما ثم محتاج لعاف وغافر وقال مراد الله وفق لأمره ... فما كافر إلا مطيع الأوامر وكل امرئ عند المهيمن مرتضى ... سعيد فما عاص لديه بخاسر وقال يموت الكافرون جميعهم ... وقد آمنوا غير المفاجا المبادر وما خص بالإيمان فرعون وحده ... لدى موته بل عم كل الكوافر

فكذبه يا هذا تكن خير مؤمن ... وإلا فصدقه تكن شر كافر وأثنى على من لم يجب نوح إذ دعا ... إلى ترك ود أو سواع وناسر وسمى جهولا من يطاوع أمره ... على تركها قول الكفور المجاهر ولم ير بالطوفان إغراق قومه ... ورد على من قال رد المناكر وقال بلى قد أغرقوا فى معارف ... من العلم والبارى لهم خير ناصر كما قال فازت عاد بالقرب واللقا ... من الله فى الدنيا وفى اليوم الآخر وقد أخبر البارى بلعنته لهم ... وإبعادهم فاعجب له من مكابر وصدق فرعونا وصحح قوله ... أنا الرب الأعلى وارتضى كل سامر وأثنى على فرعون بالعلم والذكا ... وقال بموسى عجلة المتبادر وقال خليل الله فى الذبح واهم ... ورؤيا أبنه تحتاج تعبير عابر يعظم أهل الكفر والأنبياء لا ... يعاملهم إلا بحط المقادر ويثنى على الأصنام خيرا ولا يرى ... لها عابدا ممن عصى أمر آمر وكم من جراءات على الله قالها ... وتحريف آيات لسوء تفاسر ولم يبق كفر لم يلابسه عامدا ... ولم يتورط فيه غير محاذر وقال سيأتينا من الصين خاتم ... من الأولياء للأولياء الأكابر له رتبة فوق النبى ورتبة ... له دونه فاعجب لهذا التنافر فرتبته العليا تقول لأخذه ... عن الله لا وحيا بتوسيط آخر ورتبته الدنيا تقول لأنه ... من التابعية فى الأمور الظواهر وقال اتباع المصطفى ليس واضعا ... لمقداره الأعلى وليس بحاقر فإن تدن منه لاتباع فإنه ... يرى منه أعلى من وجوه أواخر ترى حال نقصان له فى اتباعه ... لأحمد حتى جا بهذى المعاذر فلا قدس الرحمن شخصا يحبه ... على ما يرى من قبح هذى المخابر وقال بأن الأنبياء جميعهم ... بمشكاة هذا تستضى فى الدياجر وقال فقال الله لى بعد مدة ... بأنك أنت الختم رب المفاخر أتانى ابتدا بيضاء سطر ربنا ... بإنفاذه فى العالمين أو امرى وقال فلا تشغلك عنى ولاية ... وكن كل شهر طول عمرك زائرى فرفدك أجزلنا وقصدك لم يخب ... لدينا فهل أبصرت يا ابن الأخاير بأكذب من هذا وأكفر فى الورى ... وأجرا على غشيان هذى الفواطر فلا يدّعوا من صدقوه ولاية ... وقد ختمت فليؤخذوا بالأقادر

فيا لعباد الله ما ثم ذو حجا ... له بعض تمييز بقلب وناظر إذا كان ذو كفر مطيعا كمؤمن ... فلا فرق فينا بين بر وفاجر كما قال هذا إن كل أوامر ... من الله جاءت فهى وفق المقادر فلم بعثت رسل وسنت شرائع ... وأنزل قرآن بهذى الزواجر أيخلع منكم ربقة الدين عاقل ... بقول غريق فى الضلالة حائر ويترك ما جاءت به الرسل من هدى ... لأقوال هذا الفيلسوف المغادر فيا محسنى ظنا بما فى فصوصه ... وما فى فتوحات الشرور الدوائر عليكم بدين الله لا تصبحوا غدا ... مساعر نار قبحت من مساعر فليس عذاب الله عذبا كمثل ما ... يمنيكم بعض الشيوخ المدابر ولكن أليم مثل ما قال ربنا ... به الجلد إن ينضج يبدل بآخر غدا يعلمون الصادق القول منهما ... إذا لم يتوبوا اليوم علم مباشر ويبدو لكم غير الذى يعدونكم ... بأن عذاب الله ليس بضائر ويحكم رب العرش بين محمد ... ومن سن علم الباطل المتهاتر ومن جا بدين مفترى غير دينه ... فأهلك أغمارا به كالأباقر فلا تخدعن المسلمين عن الهدى ... وما للنبى المصطفى من مآثر ولا تؤثروا غير النبى على النبى ... فليس كنور الصبح ظلما الدياجر دعوا كل ذى قول لقول محمد ... فما آمن فى دينه كمخاطر وأما رجالات الفصوص فإنهم ... يعومون فى بحر من الكفر زاخر إذا راح بالريح المتابع أحمدا ... على هديه راحوا بصفقة خاسر سيحكى لهم فرعون فى دار خلده ... بإسلامه المقبول عند التجاور ويا أيها الصوفى خف من فصوصه ... خواتم سوء غيرها فى الخناصر وخذ نهج سهل والجنيد وصالح ... وقوم مضوا مثل النجوم الزواهر على الشرع كانوا ليس فيهم لوحدة ... ولا لحلول الحق ذكر لذاكر رجال رأوا ما الدار دار إقامة ... لقوم ولكن بلغة للمسافر فأحيوا لياليهم صلاة وبيتوا ... بما خوف رب العرش صوم البواكر مخافة يوم مستطير بشره ... عبوس المحيا قمطرير المظاهر فقد نحلت أجسادهم وأذابها ... قيام لياليهم وصوم الهواجر أولئك أهل الله فالزم طريقهم ... وعد عن دواعى الابتداع الكوافر انتهى باختصار.

وكثير من هذه المنكرات فى كلام ابن عربى، لا سبيل إلى صحة تأويل فيها، فإذا لا يستقيم اعتقاد أنه من أولياء الله، مع اعتقاد صدور هذه الكلمات منه، إلا باعتقاد ابن عربى، خلاف ما صدر منه، ورجوعه إلى ما يعتقده أهل الإسلام فى ذلك، ولم يجئ بذلك عنه خبر؛ لأنه لا يرى ما صدر منه موجبا لذلك، ولأجل كلامه المنكر، ذمه جماعة من أعيان العلماء وقتا بعد وقت. وأما من أثنى عليه، فلفضله وزهده وإيثاره واجتهاده فى العبادة، واشتهر ذلك عنه، حتى عرفه جماعة من الصالحين عصرا بعد عصر، فأثنوا عليه بهذا الاعتبار، ولم يعرفوا ما فى كلامه من المنكرات، لاشتغالهم عنها بالعبادات، والنظر فى غير ذلك من كتب القوم، لكونها أقرب لفهمهم، مع ما وفقهم الله تعالى من حسن الظن بآحاد المسلمين، فكيف بابن عربى؟ . وبعض المثنين عليه، يعرفون ما فى كلامه، ولكنهم يزعمون أن لها تأويلا وحملهم على ذلك كونهم تابعين لابن عربى فى طريقته، فثناؤهم على ابن عربى مطرح لتزكيتهم معتقدهم. وقد بان بما ذكرناه، سبب ذم الناس لابن عربى ومدحه، والذم فيه مقدم. وهو ممن كبه لسانه، نسأل الله المغفرة. وأما ما يحكى فى المنام، من نهى ابن عربى لشخص من إعدام كتبه، ممن يصنع ذلك فى الحياة، وكذا ما يرى فى النوم من خصوص عذاب لشخص، بسبب ذمه لابن عربى أو لكتبه، فهو من تخويف الشيطان. وقد بلغنى نحو ذلك، عن الإمام البارع زين الدين عمر بن مسلم القرشى الشافعى، خطيب دمشق، وصح لى ذلك عنه. وسمعت صاحبنا الحافظ الحجة، القاضى شهاب الدين أحمد بن على بن حجر، الشافعى يقول: جرى بينى وبين بعض المحبين لابن عربى، منازعة كثيرة فى أمر ابن عربى، حتى نلت منه لسوء مقالته، فلم يسهل ذلك بالرجل المنازع لى فى أمره، وهددنى بالشكوى إلى السلطان بمصر، بأمر غير الذى تنازعنا فيه، ليتعب خاطرى. فقلت له: ما للسلطان فى هذا مدخل، ألا تعال نتباهل، فقل أن تباهل اثنان، فكان أحدهما كاذبا، إلا وأصيب. قال: فقال لى: بسم الله. قال: فقلت له: قل اللهم إن كان ابن عربى على ضلال، فالعنى بلعتك، فقال ذلك. وقلت أنا: اللهم إن كان ابن عربى على هدى، فالعنى

323 ـ محمد بن على بن أبى راجح بن محمد بن إدريس العبدرى، الشيبى الحجبى المكى، جمال الدين بن نور الدين

بلعنتك، وافترقنا. قال: ثم اجتمعنا فى بعض متنزهات مصر فى ليلة مقمرة. فقال لنا: مر على رجلى شيء ناعم، فانظروا. فنظرنا فقلنا: ما رأينا شيئا. قال: ثم التمس بصره، فلم ير شيئا. هذا معنى ما حكاه لى الحافظ شهاب الدين بن حجر العسقلانى. وقد عاب تصوف ابن عربى بعض الصوفية، الموافقين له فى القول بالوحدة؛ لأن عبد الحق بن سبعين الآتى ذكره، قال: إن تصوف ابن عربى فلسفة جمحة، وهذا مشهور عن ابن سبعين، ويا ويح من بالت عليه الثعالب. وقد أتينا فى ترجمة ابن عربى، بما لا يوجد مثله مجموعا فى كتاب. وقد عنى بعض أهل العصر، الذى ليس لهم كثير نباهة ولا تحصيل، بتأليف ترجمة لابن عربى، ذكر فيها أشياء ساقطة، وبينا شيئا من ذلك، فى الترجمة التى أفردناها لابن عربى، بسؤال بعض الأصحاب لى فى ذلك، وهى مختصرة مما فى هذا الكتاب، وفيها زيادات قليلة، ولكنها على غير ترتيبه. وتوفى ابن عربى فى ليلة الجمعة، الثانى والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وستمائة بدمشق. ودفن بصالحيتها ـ وقبره بها يعرف ـ بتربة بنى الزكى. 323 ـ محمد بن على بن أبى راجح بن محمد بن إدريس العبدرى، الشيبى الحجبى المكى، جمال الدين بن نور الدين: شيخ الحجبة، وفاتح الكعبة المعظمة. ولى فتح الكعبة المعظمة بعد موت قريبه، فخر الدين أبى بكر بن محمد، بن أبى بكر الشيبى، فى صفر أو ربيع الأول، سنة سبع عشرة وثمانمائة. ولم يزل متوليا لذلك، حتى مات، وكان فيه خير وسكون. وجود الكتابة، وسكن زبيد مدة سنين، وصار يتردد منها إلى مكة، ثم استقر بها من حين ولى فتح الكعبة إلى حين وفاته. وكانت وفاته قبيل الظهر من يوم الخميس ثالث عشر جمادى الأولى، سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة. وصلى عليه فى الساباط، الذى خلف مقام إبراهيم الخليل عليه السلام، ونادى المؤذن للصلاة عليه فوق زمزم، بعد صلاة العصر، ودفن بالمعلاة، وقد بلغ الستين، ظنا غالبا.

_ 323 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 8/ 182، البدر الطالع 2/ 214، شذرات الذهب 7/ 223، الأعلام 6/ 287 ـ 288).

324 ـ محمد بن على بن محمد بن عبد الكريم بن حسن، الخواجا جمال الدين ابن الخواجا الكبير علاء الدين، المعروف بالشيخ على الجيلانى التاجر الكارمى

وأخبرنى بعض أصحابنا: أنه اجتمع معه، وقد انصرفوا من دفن ميت بالمعلاة، فقال لصاحبنا: فى وجهك الموت، لمرضه قبل ذلك. فقدر أن المذكور مات، وعاش صاحبنا المخبر لى بهذه المقالة، وصار مفتاح الكعبة المعظمة بعده، لقريبه نور الدين على بن أحمد الشيبى، المعروف بالعراقى. 324 ـ محمد بن على بن محمد بن عبد الكريم بن حسن، الخواجا جمال الدين ابن الخواجا الكبير علاء الدين، المعروف بالشيخ على الجيلانى التاجر الكارمى: نزيل مكة (1). عنى بحفظ القرآن الكريم، وصلى به التراويح فى مقام الحنفية، سنة ست عشرة وثمانمائة. ثم جوده ببعض الروايات، على شيخنا صدر القراء، قاضى شيراز، شمس الدين محمد بن محمد بن الجزرى بمكة، لما قدمها فى سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، وعلى غيره قبل ذلك، وكان خيرا ساكنا عفيفا. أقام بمكة فى كفالة والده سنين كثيرة تزيد على العشر. ثم توفى فى جمادى الأولى سنة أربع وعشرين وثمانمائة، ودفن بالمعلاة، بتربة عمرها والده، وكثر أسفه عليه؛ لأن والدته توفيت فى آخر المحرم من هذه السنة، وأخته شقيقته، توفيت فى آخر شوال من السنة التى قبلها، وكلتاهما بمكة. 325 ـ محمد بن على بن محمد بن على بن ضرغام بن على بن عبد الكافى البكرى المصرى، والمحدث المقرئ الفقيه، شمس الدين أبو عبد الله، المعروف بابن سكر (بسين مهملة): نزيل مكة الحنفى. ولد فى تاسع عشر، شهر ربيع الأول، سنة تسع عشرة وسبعمائة بالقاهرة ـ على ما أخبرنى به ـ وعنى بالحديث، فقرأ وسمع على الموفق أحمد بن أحمد ابن عثمان الشارعى: سداسيات الرازى، عن جد أبيه، فسمعها على الملك أسد الدين عبد القادر ابن عبد العزيز (ابن الملوك) الأيوبى، عن خطيب مردا، وسمع على عبد القادر هذا: التوكل لابن أبى الدنيا، وجزء منتقى من الحكايات والأخبار، فى ذكر المحدثين الأبرار، تخريج البردانى، انتقاء الحافظ السلفى وروايته عنه، والمجالس السلماسيات للسلفى، وجزء من حديثه عن الأئمة الخمسة، وهم: البخارى، ومسلم، وأبو داود، والترمذى، والنسائى.

_ 324 ـ (1) على هامش نسخة ابن فهد: «ولد بها سنة ثلاث وثمانمائة». 325 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات القراء لابن الجزرى 2/ 207).

كل ذلك عن محمد بن عبد الهادى المقدسى إجازة، عن السلفى إجازة. وجزء من غرائب مالك لابن المقرى، عن الكفرطابى، إجازة، عن يحيى بن محمود الثقفى. وعلى صالح بن مختار الأشنهى (1): الأول من فوائد حاجب بن حاجب الطوسى، عن محمد بن عبد الهادى، عن السلفى، وعلى مسند مصر يحيى بن يوسف المصرى: أربعى بن أسلم الطوسى، ومجلس السلمى، وابن بالويه، وجزء من حديث أبى صادق المدينى، وأبى الحسن بن الفراء، انتقاها السلفى عنهما، وفى آخره حكايات وأشعار من روايته، كل ذلك عن ابن رواج، عن السلفى. ومن أول مشيخة ابن الجميزى، إلى الشعر الذى فى ترجمة على بن قينان الدمشقى، خلا تراجم الشيوخ، والكلام على الأحاديث، إلا الخطبة التى فى ترجمة ابن المرحب عن ابن الجميزى، إجازة، ومجلسا من حديث خرجه له التقى بن رافع. وعلى عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحميد بن عبد الهادى: صحيح مسلم، والدعاء للمحاملى، لما قدم عليهم مصر، وعلى يوسف بن محمد الدلاصى: الشفا للقاضى عياض، عن ابن تامتيت عن ابن الصائغ، عن مؤلفه. وغير ذلك كثيرا، على غير واحد من أصحاب ابن عبد الدايم، والنجيب الحرانى، وابن علاق، والمعين الدمشقى، وابن عزون. وغيرهم بمصر والقاهرة. وسمع بالإسكندرية من جماعته، وسمع وقرأ النازل غالبا بالحرمين واليمن على جماعة كثيرين. وبالغ فى ذلك، وحرص حرصا لم ير ولم يسمع مثله؛ لأن صاحبنا المحدث بدر الدين حسن بن على الإسعردى، أخبرنى بدمشق، أن ابن سكر هذا، سأله أن يسمع عليه شيئا سمعه صاحبنا على شيخنا بالإجازة، الحافظ شمس الدين بن المحب المقدسى، المتوفى فى ذى القعدة سنة تسع وثمانين وسبعمائة. وأجاز له من دمشق: أبو بكر بن الرضى، ومحمد بن أبى بكر بن أحمد بن عبد الدايم، وزينب بنت الكمال وآخرون. وكان عنى بالقراءات، فقرأ على الأستاذ أبى حيان الأندلسى، وشمس الدين محمد ابن محمد بن نمير المعروف بابن السراج، الكاتب المجود وأجازاه.

_ (1) نسبة لقرية من أذربيجان. انظر: (الدرر الكامنة 2/ 205).

على من لم يثبتهم، فإن عرفه بفعلهم، اتهمه وعارضه بقوله: إنهم سمعوا. وقد شاهد ذلك منه جماعة غيرى من أصحابنا وغيرهم. توفى سحر يوم الأربعاء الخامس والعشرين من صفر، سنة إحدى وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة عند سيدى الشيخ خليل المالكى، بوصية منه فى ذلك. وكان قدم مكة فى سنة تسع وأربعين وسبعمائة حاجا، ثم بدا له استيطانها، فاستوطنها حتى مات. إلا أنه خرج منها فى بعض السنين إلى اليمن وإلى المدينة وإلى جيلة (3). أخبرنى المحدث المقرئ، شمس الدين محمد بن على البكرى، قراءة وسماعا، أن يحيى ابن يوسف، المعروف بابن المصرى، أخبره سماعا عن أبى الحسن بن الجميزى إجازة. وقرأت على أبى هريرة بن الذهبى بغوطة دمشق، أخبرنى الأمين محمد بن أبى بكر النحاس، وأبو الفتح محمد بن عبد الرحيم المقدسى، حدثنا: وأخبرتنى فاطمة بنت أحمد الفقيه سماعا بطيبة، أن جدها الرضى الطبرى، أخبرها، قالوا: أخبرنا ابن الجميزى سماعا قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفى الحافظ، قال: أخبرنا أبو عبد الله القاسم ابن الفضل الثقفى، قال: أخبرنا أبو الفتح هلال ابن محمد بن جعفر، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن يحيى بن عياش القطان، قال: حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلى، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن عاصم بن سليمان، عن عبد الله بن سرجس رضى الله عنه، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس فى أصحابه، فدرت من خلفه، فعرف الذى أريد، فألقى الرداء عن ظهره، فرأيت موضع الخاتم على نغض كتفه، مثل الجمع، حوله خيلان كأنها الأثاليل، فرجعت حتى استقبلته، ثم قلت: غفر الله لك يا رسول الله. فقال القوم: استغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: نعم، ولكم. ثم تلا الآية: (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) (4) [محمد: 19].

_ (3) جيلة: بالفتح: من حصون أبين باليمن. انظر: معجم البلدان (جيلة). (4) أخرجه النسائى فى الكبرى حديث رقم (11397) من طريق: يحيى بن حبيب بن عربى، نا حماد، نا عاصم، عن عبد الله بن سرجس، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس فى ناس من أصحابه، فدرت خلفه هكذا، فعرف الذى أريد، فألقى الرداء عن ظهره، فرأيت موضع الخاتم على نغص كتفه مثل الجمع حوله خيلان، كأنها الثآليل، فجئت حتى استقبلته، فقلت له: غفر الله لك يا رسول الله، قال: «ولك» قال بعض القوم: أستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم ولكم، ثم تلا (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ).

وانتصب للإقراء بالحرم الشريف، عند أسطوانة فى محاذاة باب أجياد، وأخذ خطوط من عاصره من أمراء مكة وقضاتها، بالجلوس عندها. وذكر لنا، أنه كان يتأثر ممن يجلس عندها، حتى فى غيبته، لخيال وهمى قام فى ذهنه فى ذلك، وقام هذا الخيال بذهنه، حتى فى تحديثه، فإنه لم يحدث إلا باليسير من مروياته، متسترا فى منزله غالبا، مع تبرم يظهر منه غالبا فى ذلك. وخرج لنفسه جزءا صغيرا، ولغيره مشيخات وغيرها، على غير اصطلاح الناس، وسلك فى التخريج طريقة لا تحمد، وهى أنه يدرج فى الإسناد ما لم يقع به الإخبار. ومثال ذلك: أن الرضى الطبرى مثلا، سمع جزء سفيان بن عيينة على ابن الجميزى، وله إجازة من سبط السلفى، وهما سمعاه من السلفى، لكن لم يحدث به الرضى، إلا عن ابن الجميزى فقط، فسمعه منه جماعة كذلك، فيأتى ابن سكر، فيخرج منه شيئا لمن سمعه على الرضى، ويقول له: أخبرك الرضى الطبرى سماعا، قال: أخبرنا ابن الجميزى سماعا، وسبط السلفى إجازة، قالا: أخبرنا السلفى، وإنما لم يحسن هذا، لكونه على خلاف عمل أهل الحديث من أهل عصرنا، وغير [ .... ] (2) فإنهم مازلوا ينبهون على ما يقع به الإخبار فى السماع والرواية. ومثال ذلك فى السماع: أن يكون لإنسان إسناد متعدد، فيقرأ، ثم يأتى شخص بعد قراءته، ويسمع بعض المقروء بهذا الإسناد، ويعاد له بعض طرق الإسناد، فينبهون على ما سمع من الإسناد. ومثال ذلك فى الرواية: أن يكون لإنسان شيخان مثلا فى جزء، فيحدث به مرة عنهما، ويسمعه بذلك شخص، ويحدث به مرة عن أحدهما، ويسمعه بذلك آخر، ثم يجمع بين السامعين عليه فى الرواية. ولمم يقع الإخبار فى رواية فلان عن فلان، إلا عن فلان فقط. ومثل هذا كثير، لا يخفى على من له أدنى نباهة، ولا يحتاج إلى استدلال. وشاهدنا منه أيضا تساهلا آخر فى تسميعه لأهل بيته، فإنهم يكونون غالبا من وراء حجاب، ويقومون ويبعدون عن مجلس السماع، بحيث لا يسمعون إلا صوتا غفلا، وربما لا يسمعون شيئا، فيأمر بكتابتهم فى الطباق، من غير تنبيه على ذلك، ويغضب

_ (2) ما بين المعقوفتين. بياض فى الأصل.

326 ـ محمد بن على بن محمد بن على بن عبد الله بن محمد بن يوسف بن يوسف بن أحمد الأنصارى الحارثى الخزرجى، أبو عبد الله، المعروف بابن قطرال الأندلسى، ثم المراكشى

هذا حديث صحيح أخرجه الترمذى عن أبى الأشعث هذا، فوافقناه مع العلو بدرجتين. فلله الحمد والمنة. وهو من الأحاديث التى رويناها عالية، من حديث حماد ابن زيد. أنشدنى المحدث شمس الدين بن سكر من لفظه بعرفات فى يومها، قال: أنشدنى الأستاذ أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسى النحوى، والمقرى شمس الدين محمد بن محمد بن نمير بن السراج، أن العلامة شيخ النحاة بمصر، بهاء الدين محمد بن إبراهيم ابن النحاس أنشدهما لنفسه: اليوم شيء وغدا مثله ... من نخب العلم التى تلتقط يحصل المرء بها حكمة ... وإنما السيل اجتماع النقط 326 ـ محمد بن على بن محمد بن على بن عبد الله بن محمد بن يوسف بن يوسف بن أحمد الأنصارى الحارثى الخزرجى، أبو عبد الله، المعروف بابن قطرال الأندلسى، ثم المراكشى: نزيل مكة. هكذا وجدت نسبه بخطه، ووجدت بخطه: أنه يروى عن المسند أبى على الحسن بن الحسين بن عتيق المهدوى: الشفا للقاضى عياض سماعا، خلا شيئا يسيرا من آخره، وحدث به عنه، وعن العلامة أبى على الحسين بن عبد العزيز بن الأحوص الفهرى، وعن جماعة من أهل المغرب والمشرق إجازة، منهم محمد بن عبد الخالق ابن طرخان الإسكندرى. ووجدت بخطه أسماء جماعة من شيوخه بالإخبار من أهل المشرق، ومنهم: الفخر على بن البخارى، وابن شيبان، والتقى الواسطى، وعبد الرحمن بن الزين، وابن الكمال، وابن الأنماطى، وابن فارس، والعز الحرانى، وغازى الحلاوى. انتهى. وسمع بمصر من على بن هارون الثعلبى، وسمع بمكة الكثير، بقراءته غالبا على الفخر التوزرى، والرضى الطبرى، وأخيه الصفى وغيرهم. وحدث. سمع منه جماعة من الأعيان، وأثنوا عليه، منهم الجد أبو عبد الله الفاسى. ووجدت بخطه: سمعت الشيخ الصالح، أبا عبد الله محمد بن على بن قطرال، الأنصارى المحصل الفاضل رحمه الله، يقول: سمعت الإمام الإستاذ أبا جعفر بن الزبير،

بمدينة غرناطة (1)، رحمه الله، يقول: كان بمدينة مرسية رجل من الموثقين، وكان له فى الوقائع فهم عجيب. فما اتفق، أن إنسانا جاءه، فقال: يا سيدى، ذهب من بيتى ثوب حرير أحمر ـ ويسمونه الجلدى ـ فنظر ساعة، ثم قال له المؤذن: جاركم أخذه، فذهب الرجل إلى المؤذن وكلمه، فحلف له ما أخذه، وأدخله داره، ففتشها فلم يجد شيئا، فرجع الرجل إلى ذلك الفقيه الموثق، فأخبره أن المؤذن حلف له، وأدخله داره وفتشها فلم يجد شيئا، فنظر ذلك الفقيه، ثم قال للرجل: هل رأيت فى بيت المؤذن شيئا من الطعام؟ فقال: نعم، رأيت شيئا من الشعير. فقال: اطلب الثوب فيه، فرجع الرجل فطلب الثوب فى ذلك الشعير، فوجده، فسئل ذلك الفقيه، من أين لك هذا؟ . فقال: لما أخبرنى بذهاب الثوب، فرأيت ديكا يتطاول بعنقه، فوقع لى أن المؤذن أخذ، فلما أنكر، نظرت فرأيت شخصا فى يده حزمة من سنبلة شعير، وفى وسطها نوار من شقائق النعمان، ففهمت أن الثوب الحرير الأحمر فى وسط الشعير، فكان كذلك. انتهى. وهذه حكاية عجيبة، لم يسمع فى الفطنة لها بنظير، مع كون الحكايات فى هذا المعنى كثير. وقال جدى أيضا: وأخبرنى الشيخ الصالح الأصيل، أبو عبد الله محمد بن على ابن قطرال المراكشى قال: أخبرنى الفقيه القاضى بمدينة فاس ـ كلأها الله ـ أبو غالب بن الفقيه القاضى أبى عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن المغيلى: أن والده مرض مرضا شديدا أشفاه، وكان يعالجه رجل يهودى، طبيب حاذق، يعرف بالعنكبوت، قال: فلم يزل يعالجه إلى أن عجز، وقال لأهله: ترفقوا بهذا الرجل ما استطعتم، فإنه ليس فيه طمع. قال: فأرسلت والدتى رسولا إلى الشيخ أبى عثمان، تعرفه حال الفقيه، وتسأله الدعاء له، أو مثل هذا. قال: فأرسل الشيخ أبو عثمان بإناء فيه ماء، وقال: اسقوه هذا الماء، قال: فسقوه ذلك الماء، قال: فما هو إلا أن شرب ذلك الماء، رمى من بطنه شيئا أسود لا يدرى ما

_ 326 ـ (1) غرناطة ـ وأغرناطة ـ: مدينة بالأندلس بينها وبين وادى آش أربعون ميلا وهى من مدن إلبيرة. انظر: الروض المعطار 45، 46، معجم البلدان (غرناطة)، الإدريسى 203.

هو، فأرسلوا إلى الطبيب العنكبوت، وأطلعوه على ذلك الذى رماه الفقيه، فقال: هذا شيء ما يخرج على يد طبيب أصلا، وإنما يخرج هذا بوجه (1)، إلى أن أخبروه بشرب ذلك الماء، الذى أرسل به الشيخ أبو عثمان، فاعترف بذلك. قال جدى: والشيخ أبو عثمان هذا، يعرف بالورياجلى، وهو من صنهاجة، وكان قد صحب سيدى أبا محمد عبد الرزاق، وعبد الرزاق صحب سيدنا أبا مدين رضى الله عنه. وكان لأبى عثمان فى مدينة فاس، العجائب من خوارق العادات، وبقى أبو عبد الرحمن المغيلى، قاضيا بمدينة فاس، إلى أن دخلها بنو مرين، قريب الخمسين والستمائة، فقتلوه هو وولده وجماعة آخرين من أكابر البلد. انتهى. ولأبى عبد الله بن قطرال هذا نظم، فمنه ما أنشدناه إبراهيم بن أبى بكر بن عمر، ومحمد بن محمد بن عبد الله الصالحيان، إذنا مكاتبة منهما: أن أبا عبد الله بن قطرال هذا، أنشدها لنفسه إجازة مكاتبة، وتفردا بها عنه: حمى الله دار العامرية بالحمى ... وروى بريا ذلك الشعب والشعبا ألا هل لهاتيك الظلال إفاءة ... وذاك النسيم الحاجرى ألا هبا أما وعشايا بالعميم يديرها ... علىّ نديمى كالمشعشعة الصهبا لقد أصبحت نآى حقيقة هابها ... لدن أوطنت منى محبتها القلبا فلا أدعى شيئا ولا أشتكى نوى ... ولا أختشى فصلا ولا أتقى حجبا ومن شعره أيضا، ما أنشدناه الشيخان المذكوران إجازة عنه، قال: إن أيام الرضا معدودة ... فالرضا أجمل شيء بالعبيد لا تظنوا عنكم لى سلوة ... ما على شوقى إليكم من مزيد راجعوا أنفسكم تستيقنوا ... أنكم فى الوقت أقصى ما أريد إن يوما يجمع الله بكم ... فيه شملى هو عندى يوم عيد وقد كتب عنه هذه الأبيات، المحدث فخر الدين عثمان بن بلبان المقاتلى، وكتبها عن المقاتلى: القاضى عز الدين بن جماعة. وأنشدناها عنه شيخنا الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى. وكان ابن قطرال هذا، صالحا كبير القدر، عالما نحويا أديبا. توفى بمكة، فى سادس جمادى الأولى سنة عشر وسبعمائة برباط الخوزى ـ بخاء معجمة ـ طلع أعلاه لنشر ثيابه، فوقع به الدرابزين، فسقط إلى الأرض، فمات.

_ (1) هكذا فى الأصل، ويبدو أن هناك سقط.

327 ـ محمد بن على بن أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى، الفاسى، المكى، يلقب بالمحب وبالجمال

ومولده ـ فيما نقلته من خطه ـ فى سحر يوم الاثنين حادى عشر الحجة سنة خمس وخمسين وستمائة بمراكش. نقلت تاريخ وفاته وسببها، من خط جدى أبى عبد الله الفاسى. 327 ـ محمد بن على بن أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى، الفاسى، المكى، يلقب بالمحب وبالجمال: سمع من إبراهيم بن النحاس الدمشقى، والحافظ العلائى بمكة. وعلى غير واحد من شيوخهما، منهم: عثمان بن الصفى، والشيخ خليل المالكى، وتفقه عليه وتميز ـ على ما ذكر لى شيخنا الشريف عبد الرحمن الفاسى ـ وذكر أنه كان كريما، ذا مكارم وإحسان إلى الفقراء، مع التفقد لأحوالهم. وباشر فى الحرم نيابة عن أبيه، حتى توفى فى شوال سنة ثلاث وستين وسبعمائة بمكة، عن أربع وعشرين سنة. وسبب موته ـ على ما قيل ـ: إنه شرب شيئا وضع له فى ماء وهو لا يشعر. 328 ـ محمد بن على بن الزين محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن على القسطلانى المكى: سمع من الجمال المطرى، والزين الطبرى وغيرهما، واشتغل بالعلم كثيرا، وحصل، وصحب جدى القاضى أبا الفضل النويرى كثيرا، وانتفع به فى ذلك، وكتب بخطه أشياء كثيرة، وكان فقيها نبيها، جيدا صالحا خيرا، حسن الثناء، كثير البر بأبيه. توفى ـ على ما وجدت بخط شيخنا ابن سكر ـ فى أوائل رمضان، سنة سبع وخمسين وسبعمائة بمكة. 329 ـ محمد بن على بن محمد المكى، المعروف بالبادى: سمع بالمدينة من قاضيها بدر الدين بن الخشاب: بعض صحيح البخارى، ودخل بلاد الهند، وديار مصر، وبها مات، قبل سنة تسعين ـ بتقديم التاء على السين ـ وسبعمائة، أو بعدها بيسير. 330 ـ محمد بن على بن أبى منصور الأصبهانى، الوزير جمال الدين أبو جعفر، المعروف بالجواد، لجوده: ذكرناه فى هذا الكتاب، لما صنع من المآثر الحسنة بمكة، كما سبق فى المقدمة.

_ 329 ـ انظر ترجمته فى: (مرآة الزمان 8/ 153، وفيات الأعيان 2/ 72).

وقد ذكره صاحب مرآة الزمان فقال بعد نسبه: وزير الموصل، وكانت الموصل فى أيامه ملجأ لكل ملهوف، ومفزعا لكل مكروب، ولم يكن فى زمانه من يضاهيه ولا يقاربه فى الجود والنوال، والإحسان والإفضال. وكان كثير الصلات، عزيز البر والصدقات، بنى مسجد الخيف بمنى، وغرم عليه أموالا كثيرة، وجدد الحجر إلى جانب الكعبة، وزخرف البيت بالذهب، وبنى أبواب الحرم، وشيدها ورفع أعتابها صيانة للحرم، وبنى المسجد الذى على جبل عرفة، والدرج التى يطلع فيها إليه. وكان الناس يعانون فى صعود شدة، وأجرى الماء إلى عرفات، وعمل البرك والمصانع، وأجرى الماء فى قنوات، وكان يعطى أهل مكة فى كل سنة مالا عظيما، ليجروا الماء إلى عرفات. وبنى على مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم سورا، وكانت الأعراب تنهبها وتغير عليها. فكان الخطيب يقول على المنبر: اللهم صن حرم من صان حرم نبيك صلى الله عليه وسلم، وهو محمد ابن على الأصبهانى. وكانت صدقته وصلاته فى المشرق والمغرب، يبعث بها إلى خراسان والعراق والبصرة والكوفة وبغداد والشام ومصر والحجاز واليمن، فيعم الفقهاء والعلماء والزهاد وأرباب البيوت وغيرهم. وما خيب من قصده. وكان له فى كل يوم خارج عن أرباب البيوت: مائة دينار، يتصدق بها على باب بنى شيبة، ولأجل هذا الخرج العظيم، كان ينسب إلى عمل الكيمياء، وحوشى من ذلك وبنى الجسور والقناظر، والربط، والجسر الذى بناه على دجلة عند جزيرة ابن عمر، بالحجر المنحوت والرصاص، وأوثقه بالحديد بين البنيان. وبنى الرباط بالموصل وسنجار (1) ونصيبين. وكان إذا قل ما بيده باع بسط داره وثيابه، ويتصدق بها. وكان يبعث إلى عمر الملا بالأموال فيتصدق بها. وكان قد وقع بالموصل قحط، فكان يقول: هذه أيام المواساة.

_ 330 ـ (1) سنجار: هى برية الثرثار، ومدينتها الحضر، وهى كلها من الجزيرة، وفى سنجار فوهة نهر الخابور، ويمر حتى يصب فى الفرات. انظر: معجم البلدان (سنجار)، الروض المعطار 326، معجم ما استعجم 3/ 760، آثار البلاد 393.

ذكر وفاته: لما سارت الركبان بجوده، وعم بمعروفه أهل الدنيا، حسده أقوام، فكذبوا عليه عند قطب الدين، وقالوا: إنه يأخذ أموالك فيتصدق بها، وما كان قطب الدين يقدر على قبضه، لما كان بينه وبين زين الدين من المصافاة، فوضع من أغرى بينه وبين زين الدين، فتغير عليه، فقبض عليه قطب الدين، واعتقله فى قلعة الموصل فقال ابن المعلم الشاعر (2): إن يعزلوك لمعروف سمحت به ... على ذوى الأرض ذات العرض والطول فأنت يا واحد الدنيا وسيدها ... بذلك الجود فيها غير معزول ثم ندم زين الدين، على موافقته لقطب الدين على قبضه؛ لأن خواص قطب الدين، الذين كانت أيديهم مقبوضة عن التصرف، لما قبض جمال الدين، انبسطوا فى الأمر والنهى على خلاف غرض زين الدين. وأقام فى الحبس سنة، ثم توفى. وحكى أبو القاسم الصوفى ـ وكان صاحبه ـ قال: قال لى جمال الدين: كنت أخشى أن أنقل من الدست إلى القبر، فلو جاء الموت الآن ما كرهته، ثم قال لى: يا أبا القاسم، إذا جاء طائر أبيض إلى الدار فعرفنى. فقلت فى نفسى: قد اختلط الرجل. فلما كان من الغد، سقط طائر أبيض لم أر مثله، فعرفته، فاستبشر وقال: جاء الحق. ثم قال: بينى وبين أسد الدين شيركوه عهد: من مات منا قبل صاحبه حمله إلى المدينة، وعملا قبرين ـ فاذهب إلى أسد الدين وذكره. وأقبل على ذكر الله وتشهد حتى مات. وطار الطائر، ودفن فى تابوت بالموصل وذلك فى رمضان. ومضى أبو القاسم إلى أسد الدين، فأخبره، فقال: صدق. وأعطاه مالا صالحا يحمله به، ويقرئ بين يدى تابوته عند النزول وعند الرحيل، وأن ينادى بالصلاة عليه فى كل بلد. فخرجوا بتابوته على هذه الهيئة، فقدموا به بغداد، ونزلوا به الشونيزية، ولم يبق ببغداد أحد إلا خرج، وخصوصا من كان له إليه إحسان. فصلوا عليه وبكوا وترحموا. ثم خرجوا به إلى الحلة والكوفة، وزاروا به المشهدين. فقام بعض العلويين بالكوفة على تل عال. فلما مر بجنازته رفع صوته وقال: سرى نعشه فوق الرقاب وطال ما ... سرى بره فى العالمين ونائله (3)

_ (2) انظر: (مرآة الزمان حوادث سنة 559). (3) فى وفيات الأعيان (5/ 146): سرى نعشه فوق الرقاب وطالما ... سرى جوده فوق الركاب ونائله

يمر على الوادى فتثنى رماله ... عليه وبالنادى فتبكى أرامله فلم ير باكيا أكثر من ذلك اليوم. ثم ساروا به مع الحاج، فلما وصلوا إلى وادى المحرم، ألقى على تابوته شقة كأنه محرم، ثم أتوا به عرفات، وخرج أهل مكة باكين وصعدوا به إلى الجبل. ثم نزلوا به إلى منى، واشتروا جمالا ونحروها عنه، ثم دخلوا به مكة، وطافوا به حول البيت، واشتغل الناس به عن البيت، من كثرة البكاء والصراخ، وخرج النساء المجاورات، التى كان يصل إليهن بره، بين يدى تابوته يبكين ويصرخن، وكان يوما عظيما، وساروا به إلى المدينة، فخرج أهلها وفعلوا كما فعل أهل مكة، ودخلوا به إلى الروضة، فصلوا عليه وحملوه إلى رباطه، فدفنوه به، وبين رباطه وبين مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أذرع، عرض الطريق. وكان فصيحا، ولما حبس قال: أين اليمين وأين ما عاهدتنى ... ما كان أسرع فى الهوى ما خنتنى وتركتنى حيران صبا مدنفا ... أرعى النجوم وأنت ترقد هاهنى فلأرفعن إلى إلهى قصة ... بلسان مظلوم وأنت ظلمتنى ولأدعون عليك فى غسق الدجى ... فعساك تبلى بالذى أبليتنى ولم يحمل إلى مكة ميت قبله، سوى الحرة ملكة عدن، وابن رزيك أخو الصالح طلائع، والخادم أرهست صاحب عمان، انتهى. قلت: وما ذكره صاحب المرآة، من أنه لم يحمل إلى مكة ميت قبل الجواد سوى من ذكرهم ـ وهم بلا ريب ـ لأنه حمل إلى مكة قبل الجواد هذا، الوزير أبو الفضل جعفر ابن الفضل بن الفرات، المعروف بابن حنزابة. ومن العجب أن صاحب المرآة ذكر ذلك، وذكر أنه فعل له ما فعل بالجواد، من الطواف بالبيت، وإحضاره عرفة، والذهاب به إلى المدينة، ودفنه فى تربة هناك. وذلك فى سنة إحدى وتسعين وثملاثمائة. وفيها مات فى شهر ربيع الأول بمصر. وذكر أنه كان يبعث فى كل سنة لأهل الحرمين مالا وكسوة وطعاما. ووهم أيضا الذهبى فى قوله فى ترجمة الجواد: إنه دفن بالبقيع؛ لأنه إنما دفن برباطه، كما ذكر صاحب المرآة وغيره. قال الذهبى: ولقد حكى ابن الأثير فى ترجمة الجواد: مآثر ومحاسن لم يسمع بمثلها فى الأعمار.

331 ـ محمد بن على بن يحيى بن على الأندلسى، أبو عبد الله الغرناطى، المعروف بالشامى لقدوم والده الشام

331 ـ محمد بن على بن يحيى بن على الأندلسى، أبو عبد الله الغرناطى، المعروف بالشامى لقدوم والده الشام: ولد سنة إحدى وسبعين وستمائة بأحواز غرناطة. وسمع بها، وتلا بالسبع على أبى جعفر بن الزبير. وسمع بتونس من أبى محمد عبد الله بن هارون الطائى: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، ثم قدم القاهرة فى سنة سبعمائة، ولم يقم. وحج، وتوجه إلى الحجاز، فسمع بالمدينة من أبى القاسم خلف بن عبد العزيز القتبورى: الشفا للقاضى عياض، ومن الكمال عبد الله بن محمد الغرناطى: الشاطبية، وبمكة الكثير على الفخر التوزرى. وتلا عليه بالسبع، وعلى الصفى والرضى الطبريين. وأقرأ وحدث بالموطأ، والشفا، وشيء من نظمه، كتب عنه منه أبياتا، جدى أبو عبد الله الفاسى ووصفه بنزيل حرم الله تعالى. وهذا يدل على أنه استوطن مكة، ولا ريب فى ذلك؛ لأنه تأهل فيها بابنة النفيس البهنسى، ورزق منها بنتين، إحداهما: تزوجها جدى على الفاسى، وأولدها عمى محمدا، وعمتى منصورة، وهى أم الحسين (1). والأخرى: تزوجها القاضى شهاب الدين الطبرى وعمه الزين الطبرى، وهى أم كلثوم، وسيأتى ذكرهما فى النساء. وذكر البرزالى: أنه أقام بالحرمين نحو خمسة عشر سنة. ومعظم إقامته بالمدينة. وذكر أنه توفى بها، يوم الاثنين سادس صفر سنة خمس عشرة وسبعمائة. وكذا وجدت وفاته بخط جدّى، إلا أنه قال: يوم الاثنين السابع من صفر، وقد ذكره غير واحد وأثنوا عليه، منهم: الذهبى فى طبقات القراء، وترجمه: بالإمام العلامة المتفنن، وقال: كان بارعا فى مذهبى مالك والشافعى، عارفا بالنحو وعلم الفلك. وله شعر رائق، واشتغل بالعربية زمانا. وله دنيا يتجر فيها، ولذلك كان فيه قوة نفس وتيه، والله يغفر له. وقال فى آخر الترجمة: أملى علىّ أكثر هذا، ابن المطرى صاحبى، يعنى العفيف بن

_ 331 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات القراء للفراء 2/ 212، الدرر الكامنة 4/ 96). (1) على هامش نسخة ابن فهد: أم الحسين لم يأت لها ذكر فى النساء وإنما ذكرت فى أواخر ترجمة أختها أم كلثوم.

332 ـ محمد بن على بن يوسف بن خواجا المكى

الجمال. أنشدنى مفتى المسلمين، تقى الدين عبد الرحمن بن السيد القدوة أبى الخير بن أبى عبد الله الفاسى، بقراءتى عليه، أن والده أنشده إجازة قال: أنشدنا أبو عبد الله محمد ابن على الغرناطى لنفسه أبياتا: جرمى عظيم يا عفو وإننى ... بمحمد أرجو التسامح فيه فبه توسل آدم فى ذنبه ... وقد اهتدى من يقتدى بأبيه ومنها: إذا المرء لم يرو العلوم فيرتوى ... ولم يلبس التقوى فذاك الصدى العارى وإن هو لم تصقله صحبة عارف ... تربيه لم ينفك عنه صدا العار ومنها: سلوا ما عندكم من محض ودى ... لكم تجدوه مرعيا أكيدا ولا والله أبرح طول عمرى ... بكم مستكثرا ولكم ودودا 332 ـ محمد بن على بن يوسف بن خواجا المكى: ذكر لى شيخنا أبو بكر بن عبد المعطى: أنه حفظ التنبيه، والعمدة، والشاطبية، ثم لعب. ومات بمصر أو باليمن. وأمه أم هانئ بنت أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى. وكان أبوه خياطا، قدم من العراق، وأدعى أنه شريف حسينى. وهجا يحيى النشو المكى، محمد بن خواجا هذا، بأبيات منها: مشوف يشكو من ابن خواجه ... قال ما لى بانتسابك من حاجة انتهى. وأنشدنى بعض أصحابنا، قال: أنشدنى يحيى النشو لنفسه، يهجو محمد بن خواجا: رأيت فى النوم إمام الهدى ... أعنى على بن أبى طالب فقلت هذا النحس من نسلكم ... فقال لا والطالب الغالب وما عرفت متى مات، إلا أنه كان حيا، فى ثالث عشر شوال، سنة إحدى وخمسين وسبعمائة؛ لأنه سمع فى هذا التاريخ بمصر، على قاضيها عز الدين بن جماعة، والمسند فتح الدين محمد بن محمد بن أبى الحرم القلانسى، بقراءة المحدث، شرف الدين المزى، على ما وجدت بخطه: سنن ابن ماجة، فى مجالس آخرها التاريخ الذى ذكرناه.

333 ـ محمد بن على بن يحيى جمال الدين بن القاضى الكبير نور الدين ابن جميع العدنى

333 ـ محمد بن على بن يحيى جمال الدين بن القاضى الكبير نور الدين ابن جميع العدنى: ولد سنة إحدى وسبعين وسبعمائة، أو فى التى قبلها، بعدن، وبها نشأ وقدم منها إلى مكة، للحج والمجاورة، فى سنة ثمان وثمانمائة، فحج وجاور إلى أوائل سنة أربع عشرة وثمانمائة، وتوجه بعد ذلك إلى عدن، راجيا حصول رزق يتجمل به حاله، من أخيه لأبيه، القاضى الكبير وجيه الدين عبد الرحمن، لتوليه ما كان يليه أبوها بعدن، فأدركه الأجل فى أثناء سنة أربع عشرة وثمانمائة بعدن، وبلغنا نعيه بمكة، فى رمضان منها. وكان ظفر من مال أبيه بجانب يسير، ثم ذهب من يده فى غير لهو، وكان أبوه وافر الملاءة والحشمة، وإليه أمر المتاجر السلطانية بعدن. توفى فى بكرة عيد الفطر، سنة ثلاث وثمانمائة بعدن. 334 ـ محمد بن على بن يوسف بن سالم بن عطية بن صالح بن عبد النبى الجهنى المكى، المعروف بابن أبى الإصبع، يلقب بالجمال: سمع من بعض شيوخنا بمكة، وكان أحد الطلبة بدرس يلبغا، بالمسجد الحرام، ويتردد إلى اليمين للتجارة (1). توفى فى سادس عشر صفر، سنة خمس عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة فى صبيحة السابع عشر. 335 ـ محمد بن على بن عبد الكريم المصرى: نزيل مكة، المعروف باليمنى وبالكتبى، شيخ الفراشين بالحرم الشريف. كان من سكان القاهرة، وصوفيا بخانكة بيبرس بالقاهرة، وولى فراشة بالمسجد الحرام. وكان يتردد من القاهرة إلى مكة ويقيم بها أوقاتا، ثم بأخرة، كثرت إقامته بمكة، وصار يتردد إلى القاهرة قليلا، وتمشيخ بأخرة على الفراشين، ودخل اليمن للتجارة، واشترى بمكة دارا، ثم وقفها على نفسه وأولاده، وخلف أولادا صغارا وحملا.

_ 333 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 8/ 225). 334 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 8/ 226). (1) اليمين: كأنه تصغير اليمن، حصن فى جبل جبر، من أعمال تعز استخدمه على بن زريع. 335 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 8/ 191).

336 ـ محمد بن على أبو عبد الله الحافظ، يعرف بقرطمة

وتوفى فى آخر يوم الاثنين، تاسع عشرى الحجة، سنة خمس وعشرين وثمانمائة بمكة. ودفن فى صبيحتها بالمعلاة، وقد بلغ السبعين أو قاربها. وبلغنى عنه: أنه سمع بالقاهرة على قاضيها أبى البقاء السبكى، بعض صحيح البخارى. والله أعلم. 336 ـ محمد بن على أبو عبد الله الحافظ، يعرف بقرطمة: بغدادى كبير حافظ مقدم فى العلم. ذكره هكذا الخطيب. قال: سمع محمد بن حميد الرازى، وأبا سعيد الأشج والحسن ابن محمد بن الصباح الزعفرانى وأحمد بن منصور الرمادى. ورحل إلى خراسان، فكتب عن محمد بن يحيى الذهلى بنيسابور، وعن غيره. وله رحلة أيضا إلى الشام والحجاز، ومصر، وأحسبه سكن الكوفة وحدث بها. روى عنه: أبو بكر بن أبى دارم الكوفى وغيره. وروى الخطيب بسنده إلى داود بن يحيى بن يمان أنه قال: والله ما رأيت أحفظ من قرطمة. وذكر حكاية عجيبة فى حفظه. قال الخطيب: بلغنى أن قرطمه هذا، توفى بمكة سنة تسعين ومائتين. 337 ـ محمد بن أبى على [ ..... ] (1) هو واقف الدار المعروفة بابن غنايم بمكة بالقرب من الدريبة؛ لأن على بابها حجرا مكتوب فيه: وقف وحبس وسبل وتصدق بهذا الرباط: الملك العادل بهاء الدولة والدين شرقا وغربا، ملك الجبال والغور (2) والهند، محمد بن أبى على. وذكر دعاء، ثم قال: على الصوفية الرجال العرب والعجم، على أن يكون عدد الساكنين فيه عشرة لا غير، سواء كانوا مجاورين أو مجتازين، أو بعضهم مقيم، وبعضهم مجتاز. وذلك فى سنة ستمائة. * * *

_ 336 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ بغداد 3/ 65، ترجمة 1338). 337 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (2) الغور: جبال وولاية بين هراة وغزنة. انظر: معجم البلدان (غور).

من اسمه محمد بن عمران

من اسمه محمد بن عمران 338 ـ محمد بن عمران بن عبد الرحمن بن الحارث الهذلىّ: ذكره يعقوب بن سفيان الفسوى فى رجال مكة، فى الأول من مشيخته. وروى عنه، عن أبيه عمران، عن مجاهد، مسائل سأله عنها. أخبرنى بذلك أبو هريرة بن الذهبى، قال: أخبرنا يحيى بن محمد بن سعد، قال: أخبرنا ابن اللتى، قال: أخبرنا عمر بن عبد الله الحربى، قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن محمد العطار، قال: أخبرنا أبو على الحسن بن شاذان البزار، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوى، قال: أخبرنا يعقوب بن سفيان الفسوى، قال: حدثنا محمد ابن عمران بن أبى الحارث الهذلى، قال: حدثنى عمران بن عبد الرحمن أنه ذكر أنه خرج يوم الجمعة رائحا إلى الصلاة، فى يوم صائف شديد حره، حتى أدرك مجاهد بن جبر، حذو دار عمر بن عبد العزيز، فماشاه وسأل به. فأقميت الصلاة يوم الجمعة. فخرج أهل الصنائع من تحت ظلالهم وأستارهم، منهم الذى يرمل على رجليه، ومنهم الذى يسعى. قال: فقلت له: يا أبا الحجاج، عافاك الله، ما هذا العمل الذى أرى؟ قال: ليس هذا بشئ، إنما السعى القصد، وليس السعى على الأقدام. قلت: يا أبا الحجاج، ما رأيك فى السائل ببابى، فربما قلت للحىّ أطمعوه، وربما قلت لهم: باركوا عليه. قال: ابدأ بمن تعول، إبدأ بمن تعول، مرتين، فإن كان فضل فأرضخ منه. قلت: فما رأيك فى الخادم، يكون طعامى وطعام عيالى سوى طعامه؟ . قال: أطت السماء الدنيا وحق لها، ما منها موضع أربع أصابع إلا وعليه جبهة ملك ساجد لله، فيها خولكم، من أحسن منهم، فأطعموه مما تأكلون، واكسوهم مما تلبسون، ومن خالفكم منهم، فلا تعذبوا خلق الله عزوجل. 339 ـ محمد بن عمران بن موسى الحجبى، أبو عبد الله المكى: يروى عن أبى المظفر بن علوان أربعى المحمدين للجيانى عنه. وما علمته حدث، وهو من شيوخ الملك المظفر صاحب اليمن بالإجازة. وقد ذكره المحب الطبرى فى مشيخة المظفر. * * *

_ 339 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 2/ 550).

من اسمه محمد بن عمر

من اسمه محمد بن عمر 340 ـ محمد بن عمر بن خليل بن إبراهيم بن يحيى العسقلانى المكى، يلقب بالكمال: حدث عن أبى الفتوح الحصرى بمسند الدارمى، عن أبى الوقت السجزى، سمعه عليه جماعة، منهم: الفخر التوزرى، والرضى الطبرى، وهو خاتمة أصحابه بالسماع. وأما بالإجازة: فعيسى بن عبد الله الحجبى، الآتى ذكره. ولم أدر متى مات، إلا أنه كان حيا فى سنة ستين وستمائة، فى ربيعها الآخر. وسئل عن مولده، فقال: بعد صلاة العصر، يوم الجمعة لسبع خلون من ربيع الأول سنة سبع وستمائة. 341 ـ محمد بن عمر بن عثمان بن عبد العزيز بن طاهر البخارى، أبو بكر، وأبو الفضل الحنفى، إمام الحنفية بالحرم الشريف، الملقب كاك: سمع ببلده بخارى (1): أبا الحسن على بن محمد بن جذام الفقيه وغيره بها، وبنسف (2)، وبسمرقند (3)، وبنيسابور، والرى (4)، وهمذان، على جماعة، منهم: أبو على محمد بن سعيد بن نبهان، وأبو الغنائم محمد بن محمد بن على النرسى ببغداد. وحدث بها.

_ 341 ـ (1) بخارى: بالضم من أعظم مدن ما وراء النهر وأجلها يعبر إليها من أمل الشط وبينها وبين جيحون يومان من هذا الوجه وكانت قاعدة ملك السامانية ... وهى مدينة قديمة كثيرة البساتين واسعة الفواكه مهدى بفواكهها تحمل إلى مرو وبينهما اثنتا عشرة مرحلة وإلى خوارزم وبينهما أكثر من خمس عشرة يوما وبينها وبين سمرقند سبعة أياما أو سبعة وثلاثون فرسخا بينهما بلاد الصغد. انظر معجم البلدان (بخارى). (2) نسف: بفتح أوله وثانيه ثم فاء، هى مدينة كبيرة كثيرة الأهل والرستاق بين جيحون وسمرقند، خرج منها جماعة كثيرة من أهل العلم فى كل فن، وهى تخشب نفسها. انظر: معجم البلدان (نسف). (3) سمرقند: قيل: أنها من أبنية ذى القرنين بماوراء النهر، وإلى قصبة الصغد مبنية على جنوبى وادى الصغد مرتفعة عليه. انظر معجم البلدان (سمرقند). (4) الرى: بفتح أوله، وتشديد ثانيه، فإن كان عربيّا فأصله من رويت على الرواية أروى ريّا فأنا راو إذا شددت عليها الرّواء، وهى مدينة مشهورة من أمّهات البلاد وأعلام المدن كثيرة الفواكه والخيرات. انظر معجم البلدان (الرى).

342 ـ محمد بن عمر بن على بن إبراهيم الحلوى المكى، المعابدى يلقب بالجمال، ويعرف بالوكيل

ذكره ابن النجار فى تاريخها وقال: نزلها مدة، وجاور بمكة سنين، كان إماما لأصحاب أبى حنيفة بالمسجد الحرام، وكان شيخنا دينا فاضلا صالحا متدينا مكثرا من الحديث. وذكر ابن النجار: أن الحسن بن أبى معشر اللباد أخبره بأصبهان، أن الحافظ أبا موسى المدينى، قال: خرج كاك من مكة معنا، راجعا إلى بلاده، فمات بأجفر (5) ـ منزل بين فيد (6) والثعلبية (7) ـ يوم الأحد الرابع والعشرين، من المحرم سنة خمس وعشرين وخمسمائة، وصلينا عليه، ودفن هناك، وحديثه فى «نزهة الحفاظ» لأبى موسى. وذكر ابن النجار: أنه سأله عن مولده فقال: سنة إحدى وخمسين وأربعمائة. انتهى. وقد أجاز كاك هذا، للحافظ السلفى، وذكره فى كتابه «الوجيز» وقال فى ترجمته: وخرج لنفسه فوائد، وجمع ما وفق له من المسلسلات، ورأيت فيما رواه غرائب. انتهى. 342 ـ محمد بن عمر بن على بن إبراهيم الحلوى المكى، المعابدى يلقب بالجمال، ويعرف بالوكيل: كان أحد تجار مكة المعتبرين، ملك عقارا طائلا بحيف بنى شديد وغيره. وبلغنى أن الذى ملكه فى الخيف من الماء، أربعة وثمانون ساعة، وأنه كان يشترى الساعة بخمسة آلاف درهم، وملك فى البرقة نحو خمسين ساعة ماء فيما بلغنى. وكان ذا مروءة كثير القرى للأضياف إن كثروا، وأوصى عند موته بالتصدق بثلث ماله، وجعله ثلاثة أقسام: قسم لأقاربه الفقراء، وقسم لمعتقيه وخدامه، وقسم للفقراء والمساكين، من غير تعيين. وأنه توفى وهو فى عشر الخمسين.

_ (5) الأجفر: بضم الفاء، جمع جفر، وهو البئر الواسعة لم تطو: موضع بين فيد والخزيمية، بينه وبين فيد ستة وثلاثون فرسخا نحو مكة. وقال الزمخشرى: الأجفر ماء لبنى يربوع، انتزعته منهم بنو جذيمة. (6) فيد: بالفتح ثم السكون، ودال مهملة. قال ابن الأعرابى: الفيد الموت، والفيد: الشعرات فوق جحفلة الفرس، فيد منزل بطريق مكة. وفيد: بليدة فى نصف طريق مكة من الكوفة عامرة إلى الآن يودع الحاجّ فيها أزوادهم وما يثقل من أمتعتهم عند أهلها، فإذا رجعوا أخذوا أزوادهم ووهبوا لمن أودعوها شيئا من ذلك، وهم مغوثة للحاجّ فى مثل ذلك الموضع المنقطع. وقال السكونى: فيد نصف طريق الحاجّ من الكوفة إلى مكة. انظر: معجم البلدان (فيد). (7) الثّعلبيّة: منسوب، بفتح أوله: من منازل طريق مكة من الكوفة بعد الشّقوق وقبل الخزيمية، وهى ثلثا الطريق. انظر: معجم البلدان، معجم ما استعجم (الثعلبية). 342 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 8/ 250).

343 ـ محمد بن عمر بن على بن عمر المكى، أبو الطيب، المعروف بالسحولى، نسبة إلى السحول من بلاد اليمن

توفى فى يوم الأربعاء الثامن من شهر ربيع الآخر، سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة ودفن بالمعلاة. والمعابدى: نسبة إلى موضع بظاهر مكة، فوق مقبرة المعلاة. والحلوى: نسبة إلى البلدة المعروفة بحلى ابن يعقوب. 343 ـ محمد بن عمر بن على بن عمر المكى، أبو الطيب، المعروف بالسحولى، نسبة إلى السحول من بلاد اليمن: ولد ليلة الخميس، مستهل شهر رمضان، سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، على ما ذكر بمكة، وأجاز له من شيوخها: عيسى الحجى، والزين الطبرى، والآقشهرى وغيرهم. ومن شيوخ المدينة: الجمال المطرى، وخالص البهائى، وعلى بن عمر بن حمزة الحجار، وسمع منه عدة أجزاء بالمدينة، وسمع بها على الزبير بن على الأسوانى: الشفا للقاضى عياض، فى آخر الخامسة، وحدث به غير مرة بمكة. سمعت عليه قطعة منه، وغير ذلك، وأجاز لى مروياته، وكان حسن الطريقة بأخرة. وكان فقيها بالمدارس بمكة، وله خط جيد، ونظم. وأضر قبل موته بسنين. وتوفى يوم السبت ثامن ذى الحجة، سنة سبع وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة بعد أن مرض أياما يسيرة، ودخل مصر والشام مرات. أخبرنى أبو الطيب محمد بن عمر بن على السحولى، بقراءتى عليه بالمسجد الحرام: أن أبا الحسن على بن عمر بن حمزة الحجار، أخبره سماعا بالحرم النبوى قال: أخبرنا الحافظ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطى سماعا بالقاهرة قال: أخبرنا أبو البقاء محمد بن على بن السباك وأبو الفضل محمد بن على بن أبى السهل الواسطى، وموهوب ابن أحمد الجواليقى، وإبراهيم بن أبى بكر الرعينى، بقراءتى عليهم ببغداد قالوا: أخبرنا أبو الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل قال: أخبرنا الحسين بن على بن البسرى، وعلى بن الحسين الربعى، قالا: أخبرنا محمد بن محمد بن مخلد البزار، قال: حدثنا القاضى أبو الحسين عمر بن الحسين الأشنانى الشيبانى، إملاء فى رجب سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة. قال: وحدثنا محمد بن عيسى بن حبان المدائنى، قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن منصور، عن إبراهيم، عن همام، عن حذيفة رضى الله عنه قال: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يدخل الجنة قتات» (1).

_ 343 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 8/ 250). (1) أخرجه البخارى فى صحيحه حديث رقم (5832) من طريق: حدثنا أبو نعيم حدثنا ـ

344 ـ محمد بن عمر بن محمد بن بليق الحرانى الخياط المجاور، يكنى أبا عبد الله، وينعت بالمحب

وأخبرناه أعلا من هذا: أحمد بن محمد بن عبد الله الحميرى، وإبراهيم بن عمر بن أبى بكر الصالحى، إذنا عن الحافظ الدمياطى بسنده. وأخبرناه عاليا أحسن من هذا: العماد أبو بكر بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن أبى عمر، وآخرون، بقراءتى عليهم قالوا: أخبرنا أبو الحسن على بن محمد ابن ممدود البندنيجى سماعا، عن أبى عبد الله محمد بن أبى الفتوح نصر بن أبى الفتوح الحصرى إجازة قال: أخبرنا ابن شاتيل بسنده. 344 ـ محمد بن عمر بن محمد بن بليق الحرانى الخياط المجاور، يكنى أبا عبد الله، وينعت بالمحب: ذكره هكذا ابن الحاجب الأمينى فى معجمه، قال: من مجاورى رباط الزنجيلى بمكة شرفها الله، وكان أولا من ساكنى حران، ثم انتقل إلى مكة، جاور بها سنين، مع قلة ذات اليد، والتقنع بالكفاف وأظن أصله تركيا. سمع بدمشق حنبلا وابن طبرزد، والكندى، سألت عنه الحافظ بن عبد الواحد، فقال: رجل خير. انتهى. 345 ـ محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن الحسن بن عبد الله بن أحمد التوزرى: الإمام ضياء الدين أبو عبد الله بن الإمام تقى الدين أبى البركات القسطلانى المكى المالكى، إمام المالكية بالحرم الشريف. ولد بتوزر (1) سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، وقدم مكة قبل العشرين وستمائة، وسمع

_ ـ سفيان عن منصور عن إبراهيم: عن همام قال: كنا مع حذيفة فقيل له: إن رجلا يرفع الحديث إلى عثمان، فقال حذيفة: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يدخل الجنة قتات». وأخرجه مسلم فى صحيحه (251) من طريق: حدثنا على بن حجر السعدى وإسحاق بن إبراهيم قال إسحاق: أخبرنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن همام بن الحارث قال: كان رجل ينقل الحديث إلى الأمير، فكنا جلوسا فى المسجد، فقال القوم: هذا ممن ينقل الحديث إلى الأمير، قال: فجاء حتى جلس إلينا، فقال حذيفة: سمعت رسول اللهصلى الله عليه وسلم يقول: «لا يدخل الجنة قتات». (1) توزر: بالفتح ثم السكون، وفتح الزاى، وراء: مدينة فى أقصى إفريقية من نواحى الزاب الكبير من أعمال الجريد، معمورة، بينها وبين نفطة عشرة فراسخ. انظر: معجم البلدان (توزر).

بها (1) من أبى الحسن بن البنا: جامع الترمذى، وصحب الشيخ شهاب الدين السهروردى بمكة، وقرأ عليه كتابه: عوارف المعارف، وحدث وأفتى ودرس. ووجدت بخط الميورقى: أنه درس بمدرسة المالكية التى لابن الحداد المهدوى بالشبيكة، أسفل مكة. ووجدت بخط جدى أبى عبد الله الفاسى: أنه درس بالمنصورية بمكة، ولم يذكر هل ذلك فى الفقه أو الحديث؟ والظاهر أن ذلك فى الحديث؛ لأن درس الفقه بهذه المدرسة، هو على مذهب الإمام الشافعى، ومدرسه المحب الطبرى. ووجدت بخط الميورقى ما يؤيد ذلك؛ لأنه ترجمه بإمام الحديث بالمدرسة النورية بمكة، والنورية: هى المنصورية؛ لأن نور الدين المنسوبة إليه: هو السلطان الملك المنصور صاحب اليمن والمدرسة المشار إليها، ولا معنى لإمام الحديث بها، إلا مدرسه فيها. وولى الإمامة بعد أبيه ـ على ما وجدت بخط الميورقى، والقطب القسطلانى فى تاريخ وفاة أبى البركات والد ضياء الدين هذا ـ واستمر على ذلك حتى مات. وقد أثنى عليه غير واحد من الفضلاء، منهم: الشريف أبو القاسم الحسينى فى وفياته، فقال: كان شيخا فاضلا، وفقيها حسنا، وله نظم جيد، انتهى. وذكره المحب الطبرى، فى مشيخة الملك المظفر، فقال: إمام المالكية بالحرم الشريف، ومفتيها ومدرسها، قرأ وأقرأ وأفاد واستفاد، وروى الكثير، وارتحل إلى مدينة السلام، وغيرها من البلاد. وغلب عليه الفقه والفتيا، وإظهار الخمول والتواضع. وذكره جدى فى تعاليقه، فقال: كان من فضلاء أهل زمانه علما ونزاهة وعفافا، وكان عالما بالأصول والفقه والعربية والحديث. سمع وحدث ودرس بالمنصورية إلى حين وفاته، وكان شاعرا حسنا، انتهى. ومما بلغنا من أخباره الحسنة، أنه لما حضره الأجل، أمر أهله أن لا يبكوا عليه إذا مات، ففعلوا ذلك، وكان عبد له عند موته غائبا عنه بمكة، فى حاجة يقضيها، فلما جاء العبد إليه، وعرف بموته، صرخ العبد باكيا، فأسكت العبد، وعد ذلك كرامة لمولاه.

_ (1) على هامش نسخة ابن فهد: «من الشرف محمد بن عبد الله وأبى الفضل النرسى صحيح مسلم بسماعه فى مجالس آخرها عشر شوال سنة اثنتين وستين وستمائة».

ومما حكى لنا من كراماته، أنه كان يقول لأهله: أين عينى تراكم بعد ثمان؟ ، فكانوا يتعجبون من قوله، ولا يعرفون مراده، فلما مضت ثمان سنين من موته، وجدوا حالهم فى الدنيا، قد تغير وذهب منهم ما كان خلفه لهم من الميراث، أو غالبه بالبيع وغيره، بتولى ولده «أحمد» ذلك، وكان أحمد هذا ولى الإمامة بعده، ومات بعد ثمان سنين من موت أبيه، وأنزل فى قبر أبيه، وكان الذى أنزل «أحمد» فى القبر، أخوه عمر، فرأى أباه ضياء الدين القسطلانى هذا، جالسا فى قبره، فتغير لذلك عقل عمر، هذا معنى ما بلغنا فى ذلك. ومن شعره: الناس خدام من أثرى وإن أمروا ... وهم عدو لمن قد خانه القدر ذنب المقل كطود لا يحركه ... ريح التنصل مهما جاء يعتذر وصاحب المال مكروم وإن عظمت ... منه الإساءة مقبول ومغتفر تبارك الله مازال الورى خدما ... لذى اليسار وإن لم يحصل الوطر ومن شعره أيضا: حسدونى وليس عندى مما ... حسدونى عليه غير الكفاف ولحونى على انفرادى عنهم ... وانفرادى أن لا أرى من أصافى بذلوا أوجها رجاء ازدياد ... وحمانى عن بذل وجهى عفافى قل لمن أعمل المطى مجدا ... راجيا للغنى بقطع الفيافى أنا فى نعمة وأحمد ربى ... روضتى مسجدى وزهرى طوافى لا أبالى ما صان وجهى قليل ... أن ينال الغنى العدو المنافى ومن شعره أيضا: لا يدرك السودد العالى بلا نصب ... ما المجد فى طول أكمام وأردان وليس يرفع ذا جهل سمو أب ... ولو علت قدماه رأس كيوان إن رمت نيل المعالى فاستفد أدبا ... جودا وحلما وصفحا عن أذى الجانى فمر تقى المجد وعر ليس تدركه ... إلا بعفو وإغضاء وإحسان وبذل مال لمنتاب له أمل ... راج بذاك محبا كان أو شانى سيان عندك فى بذل الندى أبدا ... قاص أتاك لنيل البر أو دانى حسب العدو إذا أبدى خضاعته ... ذل السؤال على مطلوبه الفانى

وله شعر سوى ما ذكرناه، وقد كتب عنه من شعره: القطب القسطلانى وأبو العباس الميورقى، والرضى بن خليل وغيرهم. وكتب عنه الميورقى أشياء مفيدة منها: دعاء ألهمه الإمام ضياء الدين القسطلانى هذا لقضاء الدين، وقد رأيت أن أذكره لما فى ذلك من الفائدة. قال الميورقى ـ مما وجدت بخطه ـ حدثت إمام المالكية بالحرم الشريف، عن منامة عجيبة لى رأيتها فى الرزق، بوج الطائف، فى تلك الشدائد التى اتفقت بعد الخمسين والستمائة، قمت منها وأنا قد حفظت شيئا عجيبا، ما كنت سمعته قط. فقال لى الإمام بالحرم الشريف، مفتى المالكية: ارتكبنى ـ بمكة شرفها الله تعالى ـ دين فقدم رجل بمال كثير للصدقة، فلم أتعرض له، ولا هو أيضا سأل عن أمثالى. فبت مهموما، فإذا فى النوم بشيخ قد قال لى: اكتب، وإن الله قد خار لك فى ذلك المال، فما يصلح لأمثالك، فكتب عنه ما لم أسمعه قط قبل تلك الليلة: اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، وهب لى من رزقك الحلال الواسع المبارك، ما تصون به وجوهنا عن التعرض إلى أحد من خلقك، واجعل لنا اللهم إليه طريقا سهلا من غير نصب، ولا تعب، ولا منة، ولا تبعة، وجنبنا اللهم الحرام حيث كان وأين كان وعند من كان، وحل بيننا وبين أهله، واقبض عنا أيديهم، واصرف عنا قلوبهم، حتى لا تتقلب إلا فيما يرضيك ولا تستعين برحمتك إلا على ما تحب، يا أرحم الراحمين. قال: فاستيقظت وأنا أحفظه، فلزمت الدعاء سنة بعد صلاة الصبح، فإذا بسلطان تونس قد بعث لى من بيت مال المسلمين ألف دينار، فبلغ الدعاء إلى مدرس المالكية بقوص، الشيخ الصالح العالم أبى الحسن على بن وهب المعروف بابن دقيق العيد، رضى الله عنه، وكان عليه دين أثقل ظهره، مثل ما كان علىّ، فكاتبنى فى الرؤيا، وطلب منى الدعاء. قال: فكتبت إليه بذلك، فدعا به أيضا نحو السنة، وكتب لى بقضاء دينه من حيث لا يحتسب، أو كما حدثنى به، حتى انتشر هذا الدعاء فى العصر، وبقى العمل به عند الفضلاء، حتى سمعت بعض هداة العصر، يعظمه، فسألته عن أصله، فقال: لا أدرى، وأظنه نبويا. قيل إن المالكى يرويه. انتهى ما وجدته بخط الميورقى. وذكر لى بعض أقاربى: أن عنده تأليفا للإمام ضياء الدين القسطلانى هذا، فى رجال الموطأ لمالك.

346 ـ محمد بن عمر بن مسعود بن على اليمنى، المكى، يلقب بالجمال ويعرف بالتعكرى

وما ذكرناه فى نسبه هو المعتمد؛ لأنه يناسب الشيخ تاج الدين القسطلانى، أخى الشيخ قطب الدين القسطلانى، على ما ذكر الذهبى؛ لأنه ذكر فى ترجمة الضياء هذا: أنه يجتمع هو والشيخ تاج الدين القسطلانى، فى جدهما الأعلى الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون، وإنما نبهت على ذلك، لأنى وجدت بخط بعض الطلبة، نقلا عن خط الميورقى ما يخالف ذلك؛ لأنه كتب عن الضياء القسطلانى هذا أبياتا. وقال: القرشى المنتسب إلى خالد بن الوليد. وقال: لم يصح عندنا إلى الآن، ولعله صح عند أبى البركات ـ يعنى والد الضياء ـ والله أعلم. وكانت وفاة الضياء القسطلانى، فى يوم الأربعاء ثامن عشرى شوال، سنة ثلاث وستين وستمائة، ودفن فى صبيحة يوم الخميس. هكذا وجدت وفاته بخط القطب القسطلانى، والشريف أبى القاسم الحسينى فى وفياته وغيرهما، وكذا هى فى حجر قبره بالمعلاة، إلا أن فيه يوم الاثنين، مكان يوم الأربعاء. والله أعلم. وما ذكرناه فى مولده وقدومه إلى مكة، ذكره القطب الحلبى، نقلا عن شيخه القطب القسطلانى، وكذا وجدت مولده بخط القطب القسطلانى. ووجدت بخط أبى الفتح بن سيد الناس، فيما انتخبه من معجم الحافظ ابن مسدى: أن الضياء القسطلانى، ولد فى أواخر سنة تسع وتسعين وخمسمائة. 346 ـ محمد بن عمر بن مسعود بن على اليمنى، المكى، يلقب بالجمال ويعرف بالتعكرى: سمع فى سنة خمس وثلاثين وسبعمائة، من الزين الطبرى، وعثمان بن الصفى، والآقشهرى: سنن أبى داود، بفوت، وسمع فى سنة ست وثلاثين وسبعمائة، على الحجى، والزين الطبرى: الجزء الأول من جامع الترمذى، من تجزئة ثلاثة، بفوت غير معين، ومن جماعة بعد ذلك، وما علمته حدث. وذكر لى شيخنا أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطى: أنه حفظ التنبيه، والألفية، ومنهاج البيضاوى، وأنه اشتغل على القاضى تقى الدين الحرازى. انتهى. وباشر الجمال التعكرى هذا، فى الحرم الشريف، وناب فى الحسبة بمكة عن قاضيها أبى الفضل النويرى حتى توفى. وكانت وفاته ـ على ما أخبرنى به والدى أعزه الله تعالى ـ فى محرم سنة ست وثمانين وسبعمائة.

347 ـ محمد بن عمر بن يوسف بن عمر بن نعيم الأنصارى، أبو عبد الله القرطبى، الفقيه المالكى المقرى

347 ـ محمد بن عمر بن يوسف بن عمر بن نعيم الأنصارى، أبو عبد الله القرطبى، الفقيه المالكى المقرى: أخذ القراءات بالمغرب عن جماعة، منهم: أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبيد الله الحجرى، وبمصر عن أبى القاسم الشاطبى، وبدمشق من أبى جعفر العتكى، وسمع منهم ومن أبى القاسم بن موقا، وأبى الفضل بن الدليل وغيرهما بالإسكندرية، ومن أبى القاسم البوصيرى، وأبى عبد الله الأرتاحى، وأبى محمد بن برى بمصر، وبمكة من أبى المعالى عبد المنعم بن عبد الله الفراوى، وأقرأ بعد وفاة الشاطبى، وروى عنه قصدتيه، رواهما عنه الحسن بن عبد الكريم الغمارى، سبط زيادة، وهو خاتمة أصحابه. وقد أجاز لشيخنا بالإجازة: ابن السلار، وابن عوض. قرأ عليه القطب القسطلانى رحمه الله، ختمة واحدة بالمدينة. وسمع منه، وقد سمع عليه جماعة من الأعيان، منهم: الحافظ عز الدين أبو الفتح بن الحاجب الأمينى؛ وذكره فى معجمه، وقال بعد أن نسبه كما ذكرنا: كان شيخ الحرمين فى زمانه، لزهده وعلمه ورفعة مكانه، وذكر أنه كان كثير الاعتكاف والمجاورة لبيت الله الحرام، وزيارة قبر نبيه عليه السلام. انتهى. وقد أم بالحرم الشريف النبوى. وتوفى فى مستهل صفر، سنة إحدى وثلاثين وستمائة، ودفن بالبقيع. هكذا أرخ وفاته المنذرى، والرشيد العطار، وابن مسدى، والحافظ الذهبى فى تواليفه. ووجدت بخط جدى أبى عبد الله الفاسى: أنه توفى سنة تسع وعشرين وستمائة. وذكر أن شيخه قطب الدين القسطلانى أملاه عليه، وهذا مخالف لما ذكره الجماعة، وهو وهم، والله أعلم. ووجدت بخط جدى الشريف أبى عبد الله الفاسى، أشياء حسنة منقولة عن القرطبى هذا، فحسن ببالى إثباتها هنا.

_ 347 ـ انظر ترجمته فى: (ترتيب المدارك 4/ 724 ـ 726، الصلة 2/ 510 ـ 512، العبر 3/ 132، دول الإسلام 1/ 249، الوافى بالوفيات 4/ 245، الديباج المذهب 2/ 235، 236، النجوم الزاهرة 45/ 268، نفح الطيب 2/ 60، 61، شذرات الذهب 3/ 213، شجرة النور 1/ 112، سير أعلام النبلاء 17/ 372).

منها: أن جدى قال: أخبرنى الشيخ الإمام رضى الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد ابن إبراهيم الطبرى، إمام مقام إبراهيم عليه السلام قال: أخبرنى الإمام الزاهد تقى الدين أبو العباس أحمد بن عبد الواحد بن مرا الحورانى: أن الشيخ القرطبى، وهو الإمام علم العلماء والزهاد، أبو عبد الله محمد بن عمر بن يوسف الأنصارى، الفاسى المولد، القرطبى الأصل، رأى النبىصلى الله عليه وسلم فى المنام، فسأله أن يعلمه كلمات فى الاستخارة، فعلمه النبى صلى الله عليه وسلم هذه الكلمات: اللهم رب محمد، أسألك بترابه الطيب الطاهر، وما ضمه من أعضائه، ورفعته به إلى ملكوتك الأعلى، أن تعزم لى على أحب الأمور إليك منى، ولا تكلنى إلى نفسى طرفة عين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقوله ثلاثا. انتهى. وقال جدى: أنشدنا شيخنا قطب الدين رحمه الله، قال: أنشدنا شيخنا أبو عبد الله محمد بن عمر بن يوسف القرطبى الأصل، الفاسى المولد، رحمه الله ورضى عنه (1). لو كنت أعقل ما أطبقت مقلتى ... وكان دمعى على الخدين يستبق كأننى شمعة يبدو توقدها ... لمن أراد اهتداء وهى تحترق ووجدت بخطه: سمعت شيخنا أبا بكر محمد بن أحمد القسطلانى رحمه الله يقول: كان شيخنا أبو عبد الله القرطبى، إذا جاءه أحد من الأشراف، يقوم له قائما، ولا يزال قائما حتى يقضى ذلك الشريف حاجته، أو ينصرف، أو يجلس، وله أخبار مع السلطان الملك الكامل فى حق شرفاء المدينة وتعظيمهم. انتهى. وبلغنى أن سبب كثرة تعظيم الشيخ أبى عبد الله القرطبى للأشراف: أنه مات منهم شخص، فتوقف عن الصلاة عليه؛ لكونه كان يلعب بالحمام، فرأى النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام، ومعه ابنته السيدة الزهراء فاطمة رضى الله عنها، وهى معرضة عن القرطبى فاستعطفها، فقالت تعاتبه: أما يسع جاهنا مطيرا؟ . وبلغنى: أنه بعد هذه الرؤيا، سافر مع بعض الأشراف إلى مصر، لقصد قضاء حوائجهم هناك، فإن الكامل صاحب مصر، كان يأتى إليه ويزوره. فكان الشيخ أبو عبد الله يخدهم بنفسه، فلما وصلوا إلى مصر، سعى فى حوائجهم حتى قضيت سريعا. وذكر جدى حكايتين فى تعظيم القرطبى هذا، لذرية الأولياء:

_ (1) البيتان فى التحفة اللطيفة (2/ 557). وفيها: «وكان دمعى على الحديث يستبق»، وفى الثانى: «كأنه شمعة يبدو».

إحداهما: أنه لما توجه إلى الحجاز، على طريق الصعيد، قصد بقنا، بنت سيدى الشيخ عبد الرحيم القنائى، زوجة الشيخ أبى الحسن بن الصباغ ليزورها، فسلم عليها وهى فى حجابها، فلما أراد الانفصال أرسلت إليه بسجادة، وفيها أقراص خبز، وقطع سكر، وقوالب جبن، ثم رآه بعض من كان معه، يدق الخبز، فتعجب من ذلك لشدة الرخص، فسأل عن ذلك الشيخ، فقال: هذا أدقه يكون شفاء يستشفى به، وكحلا للأعين. والأخرى: أنه لما بلغه موت الشيخ عبد الرزاق، صاحب الشيخ أبى مدين، قصد عزاء أصحاب الشيخ وولده بالإسكندرية، فسمع أصحاب الشيخ عبد الرزاق بمجئ القرطبى معزيا فخرجوا للقائه، فاجتمعوا خارج الإسكندرية. وكان مع أصحاب الشيخ عبد الرزاق ولد له صغير. فسلم القرطبى على ولد الشيخ وقبل قعر قدمه، وقال له: إكراما لأبيك. انتهى بالمعنى. ومما يحسن ذكره هنا، ذكر شيء من حال الشيخ عبد الرزاق المذكور فى هذه الحكاية، فمن ذلك: أن جدى قال: وأخبرنى ـ يعنى أبا عبد الله محمد بن شعيب بن عبد الله الفشتانى ـ أن الشيخ أبا عثمان ـ يعنى الورياجلى ـ خرج من مدينة فاس وبلادها، قاصدا سيدنا أبا مدين رضى الله عنه، ليصحبه. قال: فلما قدم بجاية، جاء إلى منزل الشيخ، فأستأذن عليه، فكلمه من وراء الباب ولم يظهر له، وقال له: عليك بعبد الرزاق، وكان عبد الرزاق فى الإسكندرية، فسافر من ثم إلى الإسكندرية، وصحب عبد الرزاق، ونال منه نصيبه، نفع الله بهم، ثم رجع إلى مدينة فاس، وانتفع به، وأشهر من ظهر من أصحابه، أبو محمد الفشتانى. ورأيت على قبر سيدنا عبد الرزاق بالإسكندرية ـ وقبره مشهور بالديماس ـ توفى سنة خمس وتسعين وخمسمائة. وقال رحمه الله: سمعت الشيخ أبا العباس أحمد بن الإمام العارف القدوة أبى الحسن الشاذلى رحمه الله، يقول غيره مرة: كنت أتكرّر إلى قبر سيدى أبى محمد عبد الرزاق، صاحب أبى مدين، ومهما عرض لى أمر جئته. قال رحمه الله: فعرضت لى حاجة ضرورية. قال: فجئت إلى قبره، وقرأت ما تيسر من القرآن، وذكرت حاجتى. قال: ثم التفت إلى القبر، وكان عليه الرمل، فإذا عليه مكتوب: أحمد قضيت حاجته. انتهى. ولهم ثلاثة قرطبيون علماء، عاصر بعضهم المذكور، وبعضهم تأخر عنه، وهم: أبو

348 ـ محمد بن عمر بن الشيخ [ ..... ] (1) أبو عبد الله الدبسى

العباس أحمد بن عمر القرطبى صاحب «المفهم» المتوفى فى ذى القعدة سنة ست وخمسين وستمائة، شيخ الدبوسى، وزينب بنت عبد السلام بالإجازة، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبى بكر بن فرح ـ بالحاء المهملة ـ الأنصارى القرطبى، مؤلف «التفسير» و «التذكرة» المتوفى فى أوائل سنة إحدى وسبعين وستمائة، بمنية ابن خصيب (2) من صعيد مصر، وأبو العباس أحمد بن فرح ـ بالحاء المهملة ـ القرطبى. 348 ـ محمد بن عمر بن الشيخ [ ..... ] (1) أبو عبد الله الدبسى: توفى يوم الأربعاء تاسع عشر جمادى الأولى سنة خمسين وستمائة. كتبت هذه الترجمة من خط عبد الله بن عبد الملك المرجانى، إلا أنه وقع فى خطه: خمس وستمائة، وهو سبق قلم، يدل عليه أنه حكى عن أبيه عن الدلاصى عنه، الحكاية المتقدمة فى المقدمة، فى فضل مقبرة المعلاة وأهلها، ولا يستقيم حكايتها بهذا الإسناد، إلا أن يكون الدبسى توفى سنة خمسين ـ بياء بعد السين ـ وأما بإسقاطها فلا؛ لأن الدلاصى صرح فى الإسناد بسماعه من الدبسى. نعم لو لم يصرح بذلك، على أنه يصح أن يكون توفى سنة خمس ـ بلا ياء ـ وتكون رواية الدلاصى لها بواسطة، ثم بنفسه لوثوقه به. والله أعلم. ولم يتعرض المرجانى لضبط الدبسى، وأظنه بالباء الموحدة، نسبة إلى الدبس. والله أعلم. 349 ـ محمد بن عمرو بن العاص بن وائل السهمى: قال العدوى: صحب النبى صلى الله عليه وسلم، وتوفى النبى صلى الله عليه وسلم وهو حدث. وذكر الواقدى: أنه شهد صفين، وقاتل فيها، ولم يقاتل فيها أخوه عبد الله. وكذلك قال الزبير بن بكار، وقال: لا عقب له. وذكره ابن قدامة وقال: كان شجاعا شاعرا، وهو الذى يقول يوم صفين:

_ (2) منية ابن الخصيب: بينها وبين مدينة القيس نصف يوم، وهى فى الضفة الشرقية من النيل. انظر: الروض المعطار 548، رحلة ابن جبير 57، ابن بطوطة 48، معجم البلدان (منية ابن الخصيب). 348 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 349 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 7812، الاستيعاب ترجمة 2368، أسد الغابة ترجمة 4759).

350 ـ محمد بن عمرو بن موسى بن محمد بن حماد، المكى، الحافظ أبو جعفر العقيلى. مؤلف كتاب «الضعفاء»

ولو شهدت جمل مقامى ومشهدى الأبيات المشهورة. وذكرها له أبو عمر، وبينهما اختلاف فى بعض ألفاظها. وذكرها الزبير بن بكار أيضا فقال: حدثنى عمر بن أبى بكر المؤملى عن زكريا بن عيسى، عن ابن شهاب قال: إن محمد بن عمرو بن العاص، شهد القتال يوم صفين، وكان أهل الشام يوم صفين، خمسة وثلاثين ألفا، وكان أهل العراق عشرين أو ثلاثين ومائة ألف. فلما التقوا بصفين، قال محمد بن عمرو فى ذلك أبيات شعر، وأبلى ذلك اليوم: ولو شهدت جمل مقامى ومشهدى ... بصفين يوما شاب فيه الذوائب (1) غداة أتى أهل العراق كأنهم ... من البحر لج موجه متراكب وجئناهم نمشى كأن صفوفنا ... شهاب حريق رفعته الجنائب (2) فقالوا لنا إنا نرى أن تبايعوا ... عليا فقلنا بل نرى أن تضاربوا فطاروا إلينا بالرماح كماتهم ... وطرنا إليهم بالأكف قواضب (3) إذا ما أقول استهزموا عرضت لنا ... كتائب منهم وارجحنت كتائب فلا هم يولون الظهور فيدبروا ... فرارا كفعل الخادرات الذوائب (4) قال ابن شهاب: وأنشدت عائشة رضى الله عنها أبياته هذه. فقالت: ما سمعت شاعرا أصدق شعرا منه. 350 ـ محمد بن عمرو بن موسى بن محمد بن حماد، المكى، الحافظ أبو جعفر العقيلى. مؤلف كتاب «الضعفاء»: سمع بمصر: أحمد بن داود المكى، والمقدام بن داود الرعينى، وجماعة.

_ (1) فى الاستيعاب ترجمة 2368: بصفين يوما شاب منها الذوائب (2) فى الاستيعاب ترجمة 2368: وجئناهم تمشى كأن صفوتنا ... سمائب جون رقفتها الجنائب (3) فى الاستيعاب ترجمة 2368: وطرنا إليهم فى الأكف قواضب (4) فى الاستيعاب ترجمة 2368: فلا هم يولون الظهور فيدبروا ... ونحن كما هم نلتقى ونضارب 350 ـ انظر ترجمته فى: (تذكرة الحفاظ 3/ 50، الرسالة المستطرقة 108، شذرات الذهب 2: 295، الفهرس التمهيدى 403، مخطوطات الظاهرية 236، الأعلام 319/ 6).

351 ـ محمد بن عياض الزهرى

وروى عن إسحاق الدبرى، وبشر بن موسى الأسدى، ومحمد بن إسماعيل الترمذى وجماعة. ذكره مسلم بن قاسم، فقال: ثقة جليل القدر عظيم الخطر، عالم بالحديث، ما رأيت أحدا من أهل زماننا، أعرف بالحديث منه، ولا أكثر جمعا. وكان حسن التأليف، عارفا بالتصنيف. وذكر أنه امتحنه مع جماعة من أصحابه، فى أحاديث من مروياته، بدلوا فيها ألفاظا، وزادوا ألفاظا، وتركوا منها أحاديث صحيحة، فلما قرأها عليه، فطن لذلك، وأخذة منه الكتاب والقلم، وأصلحها من حفظه. توفى فى ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة بمكة، كما ذكر ابن زبر فى وفياته، وذكر أنه شهد جنازته. 351 ـ محمد بن عياض الزهرى: ذكره ـ هكذا ـ الذهبى فى التجريد، وقال: ذكره الحاكم فى مستدركه فى الصحابة، قال: رفعت إلى النبى صلى الله عليه وسلم فى صغرى، وأنا فى خرقة. * * * من اسمه محمد بن عيسى 352 ـ محمد بن عيسى بن سالم بن على بن محمد الأزدى الدوسى اليمنى الشريشى منشأ، ثم المكى الدار، الفقيه الإمام مفتى الحرمين، المفتى جمال الدين أبو أحمد، المعروف بابن خشيش (بخاء معجمة) الشافعى: وجدت سماعه على ابن أبى الفضل المرسى لأجزاء من صحيح ابن حبان، ولعله سمعه كله، وعلى محمد بن على بن الحسين الطبرى، أربعى المحمدين للجيانى، وحدث وأجاز. وذكر أبو العباس الميورقى (1) فيما وجدت بخطه، أنه رأى بخطه فى إجازة: أن مولده سنة إحدى وستمائة. وذكر أنه قال له بمنى فى سنة سبعين، وقد سأله عن حاله: ما

_ 351 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 2/ 558). 352 ـ انظر ترجمته فى: (بغية الوعاة 88، الأعلام 6/ 323). (1) على هامش نسخة ابن فهد: «رأيت بخط أبى العباس الميورقى ما صورته: توفى محدث مكة بعد السبعين والستمائة جمال الدين محمد بن عيسى بن خشيش اليمنى، مولده سنة إحدى وستمائة. ورأيت بخط الميورقى أيضا ما مثاله: توفى مفتى الحرمين ابن خشيش بالمدينة فى رجب سنة أربع وسبعين وستمائة».

353 ـ محمد بن عيسى بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الحميد بن عبد الله بن أبى عمر بن حفص بن المغيرة المخزومى

حال ما سنه سبعون؟ . وذكر أنه توفى بالمدينة سنة أربع وسبعين وستمائة، وترجمه: بالإمام المدرس المفتى بمكة ـ شرفها الله تعالى ـ الفرضى النحوى اللغوى الأصولى. وذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة: أن عنده كتابا حسنا فى الفقه، يسمى: «المقتضب» لابن خشيش هذا، قرأه عليه الرضى بن خليل العسقلانى. ومن مؤلفاته: نظمه للتنبيه للشيخ أبى إسحاق الشيرازى، وشرحه لذلك فى أربعة مجلدات، وقفا برباط ربيع بمكة المشرفة، وأسند فيه أحاديث كثيرة الاستدلال بها عن جماعة. 353 ـ محمد بن عيسى بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الحميد بن عبد الله بن أبى عمر بن حفص بن المغيرة المخزومى: أمير مكة، هكذا نسبه صاحب الجمهرة. وذكر أنه ولى مكة للمعتمد، بعد عزل ابن عمه أبى عيسى محمد بن يحيى المخزومى، فقتل أبو المغيرة أبا عيسى، ودخل مكة ورأسه بين يديه. انتهى. والمعتمد: هو المعتمد على الله أحمد بن جعفر المتوكل العباسى. ولى الخلافة بعد ابن عمه المهتدى، أبى إسحاق محمد بن الواثق بن المعتصم، لأربع عشرة ليلة بقيت من رجب، سنة ست وخمسين ومائتين، حتى مات سنة تسع وسبعين ومائتين، فهذه أيامه. ولم يبين ابن حزم السنة التى ولى أبو المغيرة فيها مكة. وما عرفت أنا ذلك، والذى عرفته من تاريخ ولايته على مكة، سنة ثلاث وستين ومائتين؛ لأن الفاكهى قال فى الترجمة، التى ترجم عليها بقوله، تجريد الكعبة: فكانت الكسوة على الكعبة على ما وصفنا، حتى كانت سنة ثلاث وستين ومائتين، فورد كتاب من أحمد الموفق بالله، على محمد بن عيسى، وهو يومئذ على مكة، يأمره بتجريد الكعبة. فقرأ الكتاب فى دار الإمارة، لتسع ليال بقين من ذى الحجة، ثم أمر بإحضار التجار والعامة، حتى سمعوا ذلك، يأمره بتجريد الكعبة، وأن يقسم كسوتها التى تطرح عليها، على ثلاثة أثلاث، ثلث للقرشيين، لقرابتهم من النبى صلى الله عليه وسلم، وثلث للحجبة، وثلث على أهل الحلة من أهل مكة. فأمر العامل بتجريدها، فجردت يوم الخميس، لثمان ليال بقين من ذى الحجة.

_ 353 ـ انظر ترجمته فى: (جمهرة أنساب العرب 49، الكامل لابن الأثير، تاريخ الطبرى حوادث سنة خمس وستين ومائتين وما بعدها).

354 ـ محمد بن عيسى بن الزين محمد بن الأمين محمد بن القطب القسطلانى ابن أبى العباس القسطلانى المكى

ثم قال: فصار إلى القرشيين ثلثهم، وصار إلى الحجبة ثلثهم، وبقى ثلث العامة، على يدى صاحب المعونة، ليقسمه بينهم. انتهى. وما ذكرناه من كلام الفاكهى، يشعر بأن أبا المغيرة ولى مكة، عن أبى أحمد الموفق. وذكر ابن الأثير، ما يدل على أنه وليها بعد ذلك لصاحب الزنج؛ لأن ابن الأثير قال فى أخبار سنة خمس وستين ومائتين: وفيها كانت موافاة أبى المغيرة عيسى بن محمد المخزومى إلى مكة لصاحب الزنج. انتهى. وما ذكره ابن الأثير، فى اسم أبى المغيرة وأبيه، عكس ما ذكره ابن حزم فى ذلك، ولعله سقط من كتاب ابن الأثير «ابن» بين ابن المغيرة وعيسى. وبذلك يتفق ما ذكره، مع ما ذكره ابن حزم، الله أعلم. وصاحب الزنج، وهو على بن أحمد العلوى، بزعمه؛ لأنه كان ينتمى إلى يحيى بن زيد بن علىّ بن الحسين بن علىّ بن أبى طالب، وهو ممن أكثر فى الأرض الفساد. وأخبار فى ذلك مشهورة. وذكر ابن الأثير شيئا من حال أبى المغيرة؛ لأنه قال فى أخبار سنة ست وستين ومائتين: وفيها قدم محمد بن أبى الساج مكة، فحاربه ابن المخرومى فهزمه محمد. واستباح ماله، وذلك يوم التروية. انتهى. وقال أيضا فى أخبار سنة ثمان وستين ومائتين: وفيها صار أبو المغيرة إلى مكة، وعاملها هارون بن محمد الهاشمى، فجمع هارون جمعا احتمى بهم، فصار المخزومى إلى مشاش (1) فغور ماءها، وأتى جدة، فنهب الطعام، وأحرق بيوت أهلها. وصار الخبز فى مكة أوقيتين بدرهم، ثم قال: وحج بالناس فيها هارون بن محمد بن إسحاق الهاشمى، ابن أبى الساج على الأحداث والطريق. وقال فى أخبار سنة تسع وستين ومائتين: وفيها وجه ابن أبى الساج جيشا بعد ما انصرف من مكة، فسيره إلى جدة. وأخذ المخزومى مركبين فيهما مال وسلاح. انتهى. 354 ـ محمد بن عيسى بن الزين محمد بن الأمين محمد بن القطب القسطلانى ابن أبى العباس القسطلانى المكى: سمع من عثمان بن الصفى الطبرى: سنن أبى داود بفوت، وما علمته حدث، وما

_ (1) يتصل بجبال عرفات جبال الطائف، وفيها مياه كثيرة أوشال، وعظائم قنى منها المشاش، وهو الذى يجرى بعرفات ويصل إلى مكة.

355 ـ محمد بن عيسى بن محمود العلوى الهندى الأصل، المكى المولد والمنشأ

عرفت متى ولد، ولا متى مات تحقيقا؛ إلا أنى أظن، أنه مات فى عشر السبعين وسبعمائة بمكة. وكانت أمه بنت أخت الشيخ ضياء الدين الحموى. 355 ـ محمد بن عيسى بن محمود العلوى الهندى الأصل، المكى المولد والمنشأ: ذكره لى شيخنا أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطى. وذكر أنه صحبه اثنتى عشرة سنة، ودخل إلى بلاد السودان، وحصل دنيا، ثم ذهبت منه. ومات بالمدينة النبوية سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة. 356 ـ محمد بن عيسى بن يزيد الجلودى، أمير مكة: ذكر الذهبى فى تاريخ الإسلام: أن محمد بن جعفر الديباجة، لما خلع نفسه، ودخل فى طاعة المأمون، خرج به عيسى الجلودى إلى العراق، واستخلف على مكة ابنه محمد. وكان ذلك فى أواخر سنة مائتين. 357 ـ محمد بن غالب بن يونس بن محمد بن غالب الأنصارى الأندلسى الجيانى، شمس الدين أبو عبد الله، المعروف بابن شعبة: سمع من أحمد بن عبد الدايم مشيخته، تخريج ابن الظاهرى، وحدث بها وبالأربعين للنووى عنه. ثم رأيت له ثبتا بسماعات كثيرة على جماعة كثيرين، منهم: أحمد بن أبى الخير الحداد الدمشقى، سمع عليه المعجم الكبير للطبرانى. وذكره القطب الحلبى فى تاريخ مصر، وقال: أخذ النحو عن العلامة محمد بن أبى الفضل الثعلبى، وقال: كان دينا ثقة ورعا زاهدا، اجتمعت به بمكة سنة ثلاث وسبعمائة. ووجدت بخط جدى أبى عبد الله الفاسى، أنه توفى فى أول شهر الله المحرم، سنة اثنتين وسبعمائة. وهذا أصح إن شاء الله تعالى، لأن جدى أقعد بمعرفته لسكونه بالحجاز. وأما مولده، فذكر القطب، أنه فى سنة سبع وعشرين، وقيل: سنة خمس وثلاثين بجيان. وكتب عنه جدى بيتين لغيره وهما:

_ 355 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 2/ 559). 357 ـ انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 4/ 133).

358 ـ محمد بن غانم بن صهبانة بن حمزة بن بلدح بن أبى الفرج بن أبى الليل ابن يحيى بن عبد الله بن محمد تغلب بن عبد الله الأكبر بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب، الحسنى البلدحى، الشريف شرف الدين أبو غا

ومن يحمد الدنيا لعيش يسره ... فذاك لعمرى عن قليل يلومها إذا أقبلت كانت على المرء فتنة ... وإن أدبرت كانت كثير همومها 358 ـ محمد بن غانم بن صهبانة بن حمزة بن بلدح بن أبى الفرج بن أبى الليل ابن يحيى بن عبد الله بن محمد تغلب بن عبد الله الأكبر بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب، الحسنى البلدحى، الشريف شرف الدين أبو غا نم بن أبى محمد المكى: مولده ـ على ما ذكر الدمياطى فى معجمه ـ فى ليلة الاثنين رابع عشر جمادى الأولى، سنة ثمان وستمائة. وسمع من سليمان بن خليل، مجلدات من صحيح البخارى، وقرأ عليه وعلى صهره محمد بن على بن الحسين الطبرى: أربعى المحمدين للجيانى وغير ذلك، وكتب الطباق، وكان له شعر. سمع عليه منه الحافظ الدمياطى. أنشدنا الشيخان: إبراهيم بن السلار، ومحمد بن محمد بن عبد الله المقدسى، إذنا مكاتبة من الشام، أن الحافظ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطى، أنشدهما إجازة مكاتبة من مصر، وتفردا بها عنه، قال: أنشدنا الشريف الفاضل محمد بن غانم ابن صهبانة لنفسه: أترى المطى بما نحاول تشعر ... أم راقها ما نحن فيه فتسكر أم قد تفرست المطى فتنثنى ... فى حالنا فبدا لها ما تستر يا سعد إن لألاء برق لاح من ... أرض العراق فراعها لا تنفر لا تزجرنها تستزدها سرعة ... فلومض هذا البرق زجر آخر خذها بتجذاب البرى من جلعد ... ضخم وجعلدة أمون تحضر ومنها: وإلى أمير المؤمنين فنصها ... نصا فإنك بالمراد ستظفر وذكر الحافظ الدمياطى: أنه ولد ليلة الاثنين، الرابع عشر من جمادى الأولى سنة ثمان وستمائة بمكة. وقد ذكره ابن رافع فى ذيل تاريخ بغداد، وساق نسبه إلى على بن أبى طالب رضى الله عنه هكذا. ومنه نقلته ونقلت مولده والأبيات، ولم يذكر متى مات. وقد وجدت بخطه طبقة السماع لأربعى الجيانى على الطبرى، بقراءته بالحرم

359 ـ محمد بن غانم بن مفرج بن محمد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن عبيد بن حمزة بن بركات بن عبد الله بن شيبة بن نبيه بن شيبة بن شعيب بن وهب بن عثمان ابن أبى طلحة بن عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار

الشريف، وتاريخها يوم الخميس تاسع شوال سنة ثلاث وخمسين وستمائة، فيستفاد من هذا، حياته فى هذا التاريخ. 359 ـ محمد بن غانم بن مفرج بن محمد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن عبيد بن حمزة بن بركات بن عبد الله بن شيبة بن نبيه بن شيبة بن شعيب بن وهب بن عثمان ابن أبى طلحة بن عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار: هكذا وجدته منسوبا فى حجر قبره بالمعلاة. وفيه: أنه توفى يوم الأحد سابع عشرى ربيع الآخر سنة تسع وعشرين وستمائة. 360 ـ محمد بن غانم بن محمد بن عطية بن ظهيرة القرشى المخزومى: سمع من عيسى الحجى، والزين الطبرى، ومحمد بن الصفى، وبلال عتيق ابن العجمى، والجمال المطرى: بعض الترمذى، وعلى الآقشهرى: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى. وما علمته حدث. وسألت عنه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، فذكر أنه انتقل من مكة إلى اليمن، وأقام بها حتى مات فى حدود سنة تسعين وسبعمائة، بزبيد. 361 ـ محمد بن غانم بن يوسف بن إدريس بن غانم بن مفرج الشيبى الحجبى المكى: سمع على الحجى، والآقشهرى، وموسى الزهرانى: جامع الترمذى، بفوت ثلاثة مجالس من أوله، وعلى الآقشهرى: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، سنة خمس وثلاثين وسبعمائة، وعلى المقرى برهان الدين المسرورى: جزءا جمعه القاضى شمس الدين بن العماد الحلبى، جوابا لسائل سائل عن قوله: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ)، بإجازة منه. وحدث به شيخنا ابن سكر، وأجاز له سنة نيف وستين وسبعمائة، ولم أدر متى مات. وبلغنى أنه ولى فتح الكعبة، نيابة عن يوسف بن أبى راجح الشيبى، إما فى آخر عشر الثمانين وسبعمائة، وإلا فى أوائل عشر التسعين وسبعمائة. وبلغنى أن منجما أخبره بدمشق، أنه يلى فتح الكعبة، ففرح، وقال: استقلالا أو نيابة؟ . قال له المنجم: لا أدرى. 362 ـ محمد بن فتح الله الطائفى: كان إماما بقرية السلامة (1)، وله ترداد كثير إلى مكة، ويقيم بها أوقاتا كثيرة، وكان

_ 362 ـ (1) السّلامة: بلفظ السلامة ضد العطب: قرية من قرى الطائف بها مسجد للنبى صلى الله عليه وسلم وفى جانبه قبّة فيها قبر ابن عبّاس وجماعة من أولاده ومشهد للصحابة، رضى الله عنهم. انظر: معجم البلدان (السلامة).

363 ـ محمد بن فرج المكى، يلقب بالجمال، ويعرف بابن بعلجد

كثير الزيارة للنبى صلى الله عليه وسلم فى طريق الماشى. توفى فى أوائل سنة ثمان وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وقد بلغ الستين أو جاوزها. وسبب موته: أنه سقط فى البئر التى عند باب الحزورة. وكان خيرا. 363 ـ محمد بن فرج المكى، يلقب بالجمال، ويعرف بابن بعلجد: كان بتردد إلى اليمن كثيرا، فى دولة ابن سيده الشريف أحمد بن عجلان بن رميثة، لتوليه لأمر العلم الذى ينفذه صاحب اليمن كل سنة إلى مكة، وحصل دنيا، وتقرب منها بقربات، منها: الرباط الذى بقرب باب الحزورة، والسبيل الذى عند عين بازان بالمسعى. وله على ذلك وقف، وتاريخ وقف الرباط، سنة سبع وثمانين وسبعمائة. كذا فى حجر فيه. وفى حجر آخر: أنه وقفه على الفقراء المنقطعين بمكة فى شهر رجب سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، وشرط النظر فيه لنفسه مدة حياته، ومن بعده لأولاده الذكور، ومن بعدهم لقاضى مكة الشافعى، وعمر بعض الرباط، المعروف برباط السبيل بالمدينة النبوية، وهو رباط القاضى كمال الدين، المعروف بابن السهروردى. وفارق مكة لما قتل محمد بن أحمد بن عجلان، فى موسم سنة ثمان وثمانين وسبعمائة. وولى عوضه إمرة مكة: عنان بن مغامس، ثم التأم على محمد بن عجلان بن رميثة، لما تباين محمد بن عجلان وعنان، وألف بين كبيش بن عجلان، ومحمد بن عجلان، حتى اجتمعا بجدة، وصار شريكهما فى الأمر بها والرأى، وأنفق هو وكبيش على بنى حسن، أموالا جزيلة بجدة ليمكنوهم من إخراج عنان وأصحابه من مكة، وخرجوا من جدة بعد نهبها قاصدين مكة، ففارقهم جماعة من رءوس الأشراف وانحازوا إلى عنان، وأقام مع آل عجلان بوادى مر، حتى جاء الخبر بولاية على بن عجلان لإمره مكة، عوض عنان، وأنفق حينئذ هو وكبيش على القواد العمرة والحميضات وبعض الأشراف أموالا جزيلة. وسار مع العسكر إلى مكة، فقتل كبيش فى جماعة من القواد والعبيد، فى سلخ شعبان سنة تسع وثمانين، ورجع ابن بعلجد فيمن رجع، إلى الموضع الذى توجهوا منه إلى مكة، وأقاموا به، حتى وصل على بن عجلان من الديار المصرية متوليا لإمرة مكة.

_ 363 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 2/ 561).

364 ـ محمد بن فرج المكى، القائد جمال الدين

فدخلها ابن بعلجد، هو وآل عجلان، خلا محمد بن عجلان، فإنه توجه إلى جدة لحفظها، فى موسم سنة تسع وثمانين، وصار ابن بعلجد متوليا لتدبير أمر علىّ بمكة مدة قليلة، ثم اخترمته المنية فى الحادى والعشرين من المحرم سنة تسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وفى حجر قبره: أنه توفى فى هذا التاريخ من سنة تسع وثمانين وسبعمائة، وهو غلط بلا ريب، سبق إليه قلم الكاتب، فليعلم ذلك. 364 ـ محمد بن فرج المكى، القائد جمال الدين: كان أبوه مولى لبعض الأعراب المعروفين بالتبيتات: ولد المذكور بمكة، ونشأ بها وبباديتها، وخدم السيد محمد بن محمود بن أحمد بن رميثة سنين كثيرة. وكثر إقباله عليه، لما رأى فيه من الأمانة والصدق والمروءة والعقل والأدب. فلما مات لاءم السيد حسن بن عجلان بن رميثة صاحب مكة، فعظم إقباله عليه، ودخل معه فى أمور خاصة لم يدخلها غيره، وقطع عليه بأشياء بغير مشاورته. فأمضاها الشريف حسن، فكثر اعتباره عند الناس لذلك. واستفاد نقدا وعقارا وإبلا وغير ذلك. وكانت فيه مروءة وعصبية كثيرة لأصحابه. وفيه تواضع، وينسب لتشيع. وتوفى فى ليلة نصف شعبان سنة سبع وعشرين وثمانمائة، بقرب الواديين؛ وكان أتى إليه من مكة، لما تحقق بولاية السيد على بن عنان بن مغامس بن رميثة الحسنى لإمرة مكة، عوض السيد حسن. وكان هيأ لنفسه قبرا بناه بالمعلاة، وفى غيبته عن مكة، أدخل فيه ابن لمقدم العسكر الواصل إلى مكة، مع على بن عنان، ثم امتنع أبوه من دفنه فيه. 365 ـ محمد بن فرقد بن هوشاب، ظهير الدين الشيبانى الإسكندرى، نزيل مكة العمرى: كان يكتب العمر ويبيعها. هكذا ذكره القطب الحلبى. ووجدت بخط سليمان بن خليل العسقلانى: أنه سمع بقراءة ظهير الدين هذا، على أبى الحسن بن البنا، خمسة عشر جزءا من جامع الترمذى، فى مجالس آخرها فى العشر الأول من جمادى الأولى سنة عشرين وستمائة، بالحرم الشريف، ولعله قرأ الكتاب كله، فإن سليمان بن خليل، سمعه بكماله، وحدث به عن ابن البنا.

366 ـ محمد بن أبى الفتح الواسطى، ، المحدث أبو عبد الله، ويعرف بالنقاش

أخبرنى أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الدمشقى، بقراءتى عليه، تجاه الكعبة، أن الحافظ قطب الدين عبد الكريم بن عبد النور الحلبى، أجازه مكاتبة، وتفرد بها عنه. قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن أحمد بن على القسطلانى، قال: أنشدنى الفقيه محمد بن فرقد بن هوشاب الشيبانى الإسكندرى، قال: أنشدنى أبو بكر بن أبى عبد الله الهاشمى الواعظ: يا نعمة تدرا إلى شاكر ... تعمه جودا وإحسانا أفضل منها عند بيت الذى ... ما شاء فى عالمه كانا وكيف لا وهى التى لم تزل ... تسعد دنيانا وأخرانا 366 ـ محمد بن أبى الفتح الواسطى، ، المحدث أبو عبد الله، ويعرف بالنقاش: ذكره ـ هكذا ـ ابن الحاجب الأمينى فى معجمه، وقال: سمع الكثير، وطاف البلاد، وجال فى الآفاق. وكان طوافه على مذهب الصوفية والسياح، لا على مذهب المحدثين، وكان يسمع فى ضمن ذلك. وجاور بمكة شرفها الله، مدة سنين، سمعت عليه بها. وكان معه بعض أصول سماعاته العالية، وأثباته وقفت عليها، وشاهدت خطوط عدة مشايخ وحفاظ، سمع بقراءتهم وأثبتوا له. وسمعت من بعض الطلبة، أنه كان يدعى أكثر مما سمع، والله أعلم بحاله. توفى بمكة. انتهى. 367 ـ محمد بن فضيل: 368 ـ محمد بن قاسم بن قاسم بن مخلوف الحسنى الصقلى، الشريف أبو عبد الله، المعروف بالبنزرتى المالكى، نزيل الحرمين الشريفين: هكذا أملى علىّ نسبه. وذكر لى أنه ولد سنة ست وثلاثين وسبعمائة، وأنه سمع بدمشق: جامع الترمذى، وسنن أبى داود، على عمر بن أميلة، وعلى محمود بن خليفة المنبجى: سنن النسائى بفوت معين، فى أصل السماع، وعلى إبراهيم بن عبد الله الزيتاوى: سنن ابن ماجة بنابلس.

_ 367 ـ هكذا فى الأصل الاسم بلا ترجمة، وترك بعده بياض.

369 ـ محمد بن القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد الرزاق الجمحى المكى

وقد رأيت أصل سماعه له لما ذكر، خلا سنن ابن ماجة، فإنى لم أر أصله فيها، ورأيت فوته معينا فى سنن النسائى، وهو من كتاب الصيام إلى كتاب الزكاة. وقد حدثنا بسنن أبى داود وجامع الترمذى لما قرأتهما بمكة على شيخنا القدوة، شهاب الدين بن الناصح، وحدثنا ببعض سنن النسائى، لما قرأ ذلك على شيخنا ابن صديق، وحدثنا بسنن ابن ماجة بمفرده، واعتمدنا على قوله فى ذلك؛ لأنه ثقة خير دين. كان له إلمام بالحديث من كثرة قراءته، وعلى ذهنه منه فوائد. وله حظ وافر من العبادة، مع حسن الطريقة. وكان قدم إلى المدينة، فى حدود سنة سبعين وسبعمائة، وسكنها مدة سنين، ولازم قراءة الحديث النبوى عند الحجرة النبوية، وصار يتردد إلى مكة، فأدركه الأجل، فى شوال سنة أربع وتسعين وسبعمائة ودفن بالمعلاة، وشهدت الصلاة عليه ودفنه. 369 ـ محمد بن القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد الرزاق الجمحى المكى: حدث عن أبى حمة محمد بن يوسف الزبيدى، وسمع من ابن منصور الجوّاز المكى. سمع منه الحافظ أبو بكر الإسماعيلى، سنة ست وتسعين ومائتين، روى عنه فى معجمه. 370 ـ محمد بن أبى القاسم بن أحمد بن عبد الصمد الخزرجى، المعروف باليمانى: كان له اشتغال بالعلم، مع قراءة حسنة بالمحراب. وكان رام الإمامة بمقام الحنفية بالمسجد الحرام، بعد خاله أبى الفتح الحنفى، وتهيّأ له ذلك من جهة السلطان صاحب مصر، فمنعه من ذلك قاضى مكة أبو الفضل النويرى، لأمر فيه اقتضى ذلك، سامحه الله. وتوفى فى آخر سنة أربع وتسعين وسبعمائة بدمشق، بعد أن أقام بديار مصر مدة سنين. 371 ـ محمد بن أبى القاسم، المعروف بابن الأجل الدمشقى، يلقب شمس الدين: نزيل مكة. ذكر أنه ولد سنة ثلاثين وسبعمائة، وأنه قرأ الفقه على العلامة فخر الدين

_ 371 ـ ستأتى ترجمته فى باب الكنى الترجمة (3119).

372 ـ محمد بن قلاوون الصالحى

المصرى الشافعى، وقاضى القضاة تقى الدين السبكى وغيرهما. وكان فقيها فاضلا، وعلى ذهنه فوائد. كانت له دنيا فتركها، وآثر الإقامة بمكة على طريقة حميدة، حتى توفى بها. وكان عنده زهد وتخيل من الناس، وانحراف عنهم، وملك دنيا طائلة، ثم ذهبت منه، وانقطع بمكة نحو خمسة عشر سنة قبل موته. ثم مات فى النصف الثانى من ربيع الأول سنة خمس وثمانمائة. ودفن بالمعلاة. 372 ـ محمد بن قلاوون الصالحى: الملك الناصر بن الملك المنصور، صاحب الديار المصرية والشامية والحجازية، وغير ذلك من البلاد الإسلامية، ذكرناه فى هذا الكتاب، لأنه عمر أماكن بالمسجد الحرام والحجر والمقام وزمزم، وسقاية العباس، وعمل للكعبة بابا حلاه بخمسة وثلاثين ألف درهم وثلاثمائة درهم. وأجرى إلى مكة عينا من جهة جبل ثقبة (1) فى مجرى عين بازان، وعمل مطهرة بالمسعى، مقابلة لباب بنى شيبة. ولى السلطنة ثلاث مرات، الأولى: نحو سنة. والثانية: نحو عشر سنين. والثالثة: نحو اثنتين وثلاثين سنة. وصورة الحال فى ذلك: أنه بويع بالسلطنة بعد قتل أخيه الأشرف خليل، فى المحرم سنة ثلاث وتسعين وستمائة، وهو ابن تسع سنين، واستمر إلى أن خلع فى المحرم سنة أربع وتسعين. وولى عوضه نائبه الملك العادل كتبغا المنصورى، مملوك أبيه، وبعث الناصر المذكور إلى الكرك، ليتعلم هناك القرآن والخط. فلبث هناك إلى أن قتل المنصور حسام الدين لاجين (2) المنصورى، الذى انتزع الملك من كتبغا، ولما قتل لاجين، بويع الناصر المذكور

_ 372 ـ انظر ترجمته فى: (السلوك للمقريزى القسمان الأول والثانى من الجزء الثانى، ابن الوردى 2/ 330، فوات الوفيات 2/ 263، ابن إياس 1/ 129، الدرر الكامنة 4/ 144، وليم مولير 65، 95، النجوم الزاهرة 8/ 41، 115، 9/ 3). (1) ثقبة: بالتحريك: جبل بين حراء وثبير بمكة وتحته مزارع. انظر: معجم البلدان (ثقبة). (2) لاجين (المنصور) حسام الدين بن عبد الله المنصورى: من ملوك البحرية بمصر والشام، وهو الحادى عشر من ملوك الترك، ويسمى «لروك» الحسامى. كان مملوكا للمنصور قلاوون، وإليه نسبته. وتقدم إلى أن ولى نيابة السلطنة فى أيام العادل «كتبغا» ثم خلع العادل وولى السلطنة سنة 695 هـ‍وتلقب بالملك بالمنصور. قتله بعض مماليك الأشرف خليل فى قصره. كانت مدته سنتان وأحد عشر شهرا. انظر ترجمته فى: (مورد اللطافة 49، ابن إياس 1/ 136، النجوم الزاهرة 8/ 85، الأعلام 5/ 238).

بالسلطنة، وخطب له بالديار المصرية، وهو إذ ذاك بالكرك، فى ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين، ثم أحضر إليها، واستمر سلطانا إلى أن أظهر التخلى عن الملك، لما تم عليه من كثرة الحجر من نائبه سلار، وأستاداره بيبرس الجاشنكير، حتى قيل إنه منع من خروف مشوى اشتهاه. وكان تخليه عن الملك، فى آخر سنة ثمان وسبعمائة، بعد أن صار بالكرك، وكان توجه إليها مظهرا لقصد الحج منها، ولما عرف الأمراء بمصر بإعراضه، تسلطن عوضه بيبرس الجاشنكير، وتلقب بالمظفر، وناب له سلار، واستوسق (3) له الأمر، وأقام الناصر إلى أثناء سنة تسع وسبعمائة، ثم توجه منها إلى دمشق، راجيا للملك، وحرك عزمه على ذلك، جماعة من المماليك هربوا إليه من مصر، وراسل الناصر الأفرم نائب دمشق؛ ليكون معه فتوقف. وقال ما معناه: كيف يكون هذا وقد أمرنا بالطاعة لغيره ـ يعنى المظفر ـ لأن الناصر كان كتب من الكرك لما تخلى عن الملك إلى نواب البلاد، يأمرهم بالطاعة لمن يتسلطن عوضه، ثم إن الأفرم خذل وفرّ إلى الشقيف؛ ووصل إلى الناصر، قراسنقر المنصورى وغيره من نواب البلاد الشامية، وسار بمن انضم إليه إلى الديار المصرية، فوصلها سالما، وجلس على سرير الملك بها، فى يوم عيد الفطر من سنة تسع وسبعمائة، وكان المظفر بيبرس قد توجّه من مصر لقصد الناصر؛ فبان عن المظفر جماعة من أمرائه، وقصدوا الناصر، فخذل المظفر. ورجع إلى مصر، بعد أن تفرق عنه عسكره، ثم أرسل إلى الناصر يطلب منه الأمان، وأن ينعم عليه بمكان يأوى إليه فى غلمانه، فأجابه إلى ذلك، وعين له مكانا، ثم تغير عن ذلك الناصر بعد قليل، واستدعى المظفر إليه فقتله، وأباد الناصر جماعة من أعدائه. وقيل: إنه قبض ـ لما عاد إلى مصر ـ على السماط اثنين وثلاثين أميرا، وتمهد له الأمر حتى مات، وهادته الملوك، وفعل أفعالا جميلة. منها: جامع أنشأه على شاطئ النيل بمصر، يعرف الآن بالجامع الجديد، ومدرسة بالقاهرة، بين القصرين، وتعرف بالناصرية، وقرّر بها دروسا فى المذاهب الأربعة، والقراءات، والتفسير، والعربية، وطلبة وتصادير وغير ذلك، وخانقاه للصوفية بسرياقوس، وغير ذلك، وحج ثلاث مرات، الأولى: فى سنة اثنتى عشرة، والثانية: فى سنة تسع عشرة، والثالثة: فى سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، وجهزّ إلى مكة العساكر غير مرة، لتمهيد أمرها، ولتأييد من يوليه إمرتها من أولاد أبى نمىّ، واتفق له من نفوذ

_ (3) وسقه: جمعه وحمله. أى: اجتمع له أمور الحكم. انظر القاموس المحيط (مادة: وسق).

الأمر بمكة والحجاز، ما لم يتفق لأحد من مملوك الترك بمصر، وأنجد الملك المجاهد صاحب اليمن بعسكر، أيام حرب المجاهد، والظاهر بن المنصور أيوب بن المظفر. ومن محاسنه: أنه كان معظما لمنصب الشرع، وقد صحّ لى عن قاضى القضاة عز الدين بن جماعة أنه قال: كان الملك الناصر ـ يعنى المذكور ـ يدعونى فى دار العدل بحضرة الأمراء، ويذكر لى سرا ما ليس فى السرّية كبير فائدة، وظهر لى أن الذى يحمله على ذلك، تعظيم منصب الشرع عند الحاضرين. ومما اتفق له ولم يتفق لملك من بعده، أنه أجاز الصفى الحلى على قصيدة مدحه بها بمائة ألف درهم، وعدد أبياتها مائة بيت. وولى السلطنة من أولاده لصلبه ثمانية، وهم: المنصور أبو بكر، ثم الأشرف كجك، ثم الناصر أحمد صاحب الكرك، ثم الصالح إسماعيل، ثم الكامل شعبان، ثم المظفر حاجى، ثم الناصر حسن، ثم الصالح صالح، ولم يتفق ذلك لملك سواه ولا لخليفة. وأكثر ما يعرف فى ذلك أربعة لرجل واحد، وهم: الوليد، وسليمان، ويزيد وهشام، أولاد عبد الملك بن مروان، وثلاثة، وهم: الأمين، والمأمون، والمعتصم، أولاد الرشيد العباسى، والراضى، والمتقى، والمطيع، بنو المقتدر. ويقال: إن جيش مصر، كان فى أيام الناصر المذكور، أربعة وعشرون ألف مقاتل. ولم يتفق ذلك بعده. وسببه: أن الناصر كان يرى تكثير المقاتلة، فلا يعطى كلا منهم إلا قدر كفايته أو أزيد بقليل، ولم ير ذلك الولاة بعده، وأعطوا لكل من يحبونه أضعاف ما كان يعطيه الناصر. ووجدت بخط الحافظ شهاب الدين أحمد بن أيبك الدمياطى فى وفياته، ترجمة للملك الناصر هذا، ذكر فيها من حاله قليلا مما ذكرناه، ثم قال: وكان من المعرفة لسياسة الملك على أمر عظيم، لا يكاد أحد يعرف ما فى باطنه. وكان كثير التحيل، يقرب من يقرب ممن يختاره من مماليكه إلى منزلة لم يبلغها أحد، ثم يسلبه تلك النعمة فى ساعة واحدة، ويهلكه غير محتفل به. انتهى. وقال ابن شاكر فى ترجمته: وكان راتبه من اللحم لمطبخه ولمماليكه وغيرهم: ستة وثلاثين ألف رطل مصرى، وبالغ فى شراء الخيل، حتى اشترى بيت الكرمدى بمائتى ألف. وبالغ فى شراء المماليك، حتى اشترى بخمسة وثلاثين ألف درهم. انتهى. يعنى: الواحد من المماليك.

373 ـ محمد بن قيس بن شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار

توفى فى ليلة الخميس حادى عشرى ذى الحجة سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، بقلعة الجبل، وحمل فى محفة ليلة الجمعة ثانى عشرى الحجة، إلى المدرسة المنصورية بالقاهرة فغسل بها، وصلى عليه، ودفن عند أبيه. وذكر ابن شاكر الكتبى فى تاريخه: أنه توفى تاسع عشر الحجة. وذكر الشريف الحسينى، أنه توفى فى يوم الأربعاء العشرين من ذى الحجة، والأول أصوب إن شاء الله، لأن ابن أيبك الدمياطى، ذكره فى وفياته، وهو بذلك أعرف. وله من العمر ثمان وخمسون سنة، تنقص نحو عشرين يوما. 373 ـ محمد بن قيس بن شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار: ذكره ـ هكذا ـ الذهبى فى التجريد. وقال: من مهاجرة الحبشة، أورده (س) (1). 374 ـ محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف المطلبى المكى: أرسل عن النبى صلى الله عليه وسلم. وروى عن أبى هريرة وعائشة. وروى عنه: ابنه حكيم، وعبد الله بن كثير، وعمر بن محيصن. وثقه أبو داود، وروى له فى المراسيل. وروى له الترمذى، والنسائى، ومسلم، ولم يصرح المزى فى التهذيب بأنه مكى، إنما قال: حجازى. نعم قال الذهبى فى مختصر التهذيب: إنه مكى. 375 ـ محمد بن قيس المكى: روى عن عمرو بن قيس السلوى. روى عنه: هشام بن حسان. ذكره ـ هكذا ـ ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات.

_ 373 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 6/ 30، التجريد 2/ 66). (1) المصنف ينقل بالنص، والرمز (س) أوضح الذهبى فى مقدمة التجريد أنه يعنى: أبو موسى المدينى. 374 ـ انظر ترجمته فى: (سير أعلام النبلاء 2/ 600، 616، تهذيب الكمال 26/ 317، تاريخ الدورى 2/ 535، تاريخ خليفة 323، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 665، المعرفة ليعقوب 3/ 75، الجرح والتعديل الترجمة 280، ثقات ابن حبان 5/ 369، رجال صحيح مسلم 161، الجمع لابن القيسرانى 2/ 476، الكاشف الترجمة 5203، تجريد أسماء الصحابة الترجمة 668، تاريخ الإسلام 4/ 301، ميزان الاعتدال الترجمة 8093، جامع التحصيل الترجمة 705، نهاية السول 348، تهذيب التهذيب 9/ 412، التقريب 2/ 202، خلاصة الخزرجى الترجمة 16605).

376 ـ محمد بن كثير

376 ـ محمد بن كثير: المقرئ بالحرم الشريف. هكذا وجدته بخط ابن عبد الحميد، فى عدة طباق، على جماعة سمع عليهم، منهم: عز الدين الفاروثى بمكة، فى حدود سنة تسعين وستمائة. 377 ـ محمد بن كحل العزى، المكى، يلقب بالجمال: كان أبوه من موالى السيد عز الدين حميضة بن أبى نمى، صاحب مكة. ولذلك قيل له: العزى، ونشأ ملائما لجماعة من أعيان الأشراف وغيرهم، وظهرت منه خصال جميلة، واشتهر ذكره، وصار مقبول الشهادة عند الحكام، وغيرهم. ورزق جانبا من الدنيا وعدة أولاد، وكان زيدى المذهب، وينسب إليه الغلو فيه، مع قوة فى الرمى بالنشاب، وكان طويل الشكالة، غليط الجسم، شديد السمرة. توفى فى المحرم سنة عشرين وثمانمائة. وقد جاوز الثمانين بسنة أو بسنتين. وكان على ذهنه فوائد من أخبار بنى حسن ولاة مكة وغيرهم. 378 ـ محمد بن كمال بن على بن أبى بكر، الهندى الدهلوى، شمس الدين الحنفى: هكذا وجدته منسوبا بخط شيخنا ابن سكر. ووجدت بخطه أيضا: أنه سمع على شيختنا أم الحسن فاطمة بنت الحرازى. وكان أحد الطلبة بدرس يلبغا. وكان يؤم بمقام الحنفية نيابة عن إمامه، شبخنا الشيخ شمس الدين محمد بن محمود بن محمود الخوارزمى، المعروف بالمعيد، ولازمة مدة، وأخذ عنه علم العربية وغيرها. وكان جاور بمكة سنين كثيرة متأهلا بها، حتى توفى فى طاعون كان سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وكانت وفاته قبل شهر رجب. * * * من اسمه محمد بن محمد بن أحمد 379 ـ محمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم أبى بن بكر الطبرى، أبو عبد الله بن الشيخ أبى اليمن: سمع من أبيه وعمه وشيخنا ابن صديق وغيرهم من شيوخنا.

_ 377 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 8/ 294، وفيه: «محمد بن كجك»). 378 ـ على هامش نسخة ابن فهد: «محمد بن كمال بن على بن أبى بكر بن حسن بن يعقوب بن شهاب بن عمر بن عبد الرحمن. 379 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 9/ 2).

380 ـ محمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر الطبرى، المكى، الإمام رضى الدين أبو السعادات بن الإمام محب الدين أبى البركات الشافعى

وناب فى الإمامة عن أبيه حينا، واخترمته المنية، وهو فى عشر الثلاثين. وكانت وفاته فى جمادى الأولى من سنة سبع وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وهو سبط الفقيه جمال الدين بن البرهان الطبرى، المقدم ذكره. 380 ـ محمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر الطبرى، المكى، الإمام رضى الدين أبو السعادات بن الإمام محب الدين أبى البركات الشافعى: إمام مقام الخليل عليه السلام بالمسجد الحرام. ولد فى سنة سبعين وسبعمائة فى هلال ذى الحجة، أو قبل ذلك بمكة. وسمع بها على الجمال محمد بن أحمد بن عبد الله بن عبد المعطى شيئا من الثقفيات. وسمع من الجمال محمد بن عمر بن حبيب الحلبى ـ فيما بلغنى ـ شيئا من سنن ابن ماجة، وعنى بحفظ القرآن والفقه. وناب عن أبيه فى الإمامة فى مدة سنين، ثم نزل أبوه عن الإمامة له قبيل وفاته. فشاركه فيها عمه الشيخ أبو اليمن محمد بن أحمد الطبرى، السابق ذكره، مدة سنين، وشاركه فيها بعد أبى اليمن، ابنا عمه أبى اليمن، الإمامان: أبو الخير، وعبد الهادى. وكان يصلى وقتا، وعمه وأولاده وقتا. ونزل قبل وفاته بثلاثة أيام أو أكثر، عما بيده من الإمامة لابنه محب الدين محمد، وهو فى مبدأ سن الشبوبية. وفقه الله. ولم يعش له ولد ذكر كما عاش ابنه محب الدين هذا. ولعله ما رزق ذكرا سواه، ورزق عدة بنات، زوج منهن ثلاثا، ومات بعضهن قبل ذلك. وكان يتخيل من الناس كثيرا، ولا يأكل من طعام بعض بناته تخيلا. وكان أبوه قد أوصى لبعضهن بثلث ماله، فعاد ذلك عليه بنفع. وكان بيد أبيه عدة منازل بمكة ومنى. وقل احتيال ولده المذكور بعمارة ما صار إليه من ذلك، فخربت وقل نفعه بها، فتعب لذلك. توفى ليلة الأحد سلخ جمادى الأولى ـ والظاهر أنها ليلة مستهلّ جمادى الآخرة ـ سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة بمكة. وصلى عليه عقيب صلاة الصبح فى الساباط المتصل بقبة المقام، ودفن بالمعلاة. وكان الجمع وافرا وقت تشييعه ودفنه.

_ 380 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 9/ 2).

381 ـ محمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يعقوب بن أبى بكر الطبرى المكى، أبو المكارم بن الفقيه جمال الدين، المعروف بابن البرهان الطبرى

وكان قد انقطع بمنزله قبل موته بشهرين أو أكثر، لما عرض له من الضعف بعسر الإراقة، ثم تعلل بغير ذلك، ورام تقديم ابنه فى الإمامة فى مدة انقطاعه، فما تم له قصد. وكان أبى تزوج بأمه، وقام بكثير من مصالح المذكور. وأمه هى أم الحسن فاطمة بنت الشيخ أبى العباس أحمد بن محمد بن عبد المعطى، الآتى ذكره. وعاشت بعده وعظمت عليها البلية بوفاته، فإن أخته شقيقته أم الحسين ماتت قبله، ثم تلتها أخته لأمه، أم هانئ، وهى أختى لأبى، رحمهم الله أجمعين. 381 ـ محمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يعقوب بن أبى بكر الطبرى المكى، أبو المكارم بن الفقيه جمال الدين، المعروف بابن البرهان الطبرى: سمع بمكة من الحجى، والزين الطبرى وعبد الوهاب الواسطى وغيرهم، وبالقاهرة من فتح الدين القلانسى، والقاضى عز الدين بن جماعة، فى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، وما عرفت متى مات، إلا أنه كان حيا فى سنة ثمان وخمسين وسبعمائة. 382 ـ محمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يعقوب الطبرى أبو المحاسن ابن البرهان المكى، أخوه: سمع بمكة من الحجى، والزين الطبرى، وعبد الوهاب الواسطى: بعض الترمذى. وبالقاهرة من: القلانسى، وابن جماعة فى التاريخ السابق. وما علمته حدث، وله اشتغال فى العلم. وتوفى سنة ست وثمانين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. 383 ـ محمد بن محمد بن أحمد بن الحسن بن عتبة بن إبراهيم بن أبى خداش ابن عبد المطلب بن هاشم القرشى الهاشمى، إمام المسجد الحرام: هكذا نسبه ابن المقرى، وفى هذا النسب نظر، لأن فيه سقطا وتخبيطا، وصوابه: محمد بن محمد بن أحمد بن الحسن بن عتبة بن إبراهيم بن أبى خداش بن عتبة بن أبى لهب، واسمه: عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم. كما ذكر صاحب الجمهرة أبو محمد بن حزم الحافظ النسابة، كما نسب أباه محمد بن أحمد، المقدم ذكره.

_ 382 ـ انظر ترجمته فى: (جمهرة الأنساب 67).

384 ـ محمد بن محمد بن أحمد بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة، يكنى أبا السعود بن أبى الفضل بن القاضى شهاب الدين، المعروف بابن ظهيرة

وقد حدث هذا، عن بحر بن نصر بن سابق الخولانى. 384 ـ محمد بن محمد بن أحمد بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة، يكنى أبا السعود بن أبى الفضل بن القاضى شهاب الدين، المعروف بابن ظهيرة: سمع بمكة من شيخنا ابن صديق وغيره من شيوخنا، وسمع بالقاهرة بقراءتى على شيختنا مريم بنت الأذرعى، وحفظ كتبا علمية، وحضر دروس شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، ثم اخترمته المنية، وهو ابن عشرين سنة أو نحوها فى سنة اثنتين وثمانمائة بمكة. 385 ـ محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم، قاضى مكة ومفتيها، نجم الدين أبو حامد بن القاضى جمال الدين ابن الشيخ محب الدين الطبرى المكى الشافعى: ولد فى شوال سنة ثمان وخمسين وستمائة، كما وجدت بخط جدّى أبى عبد الله الفاسى، وقيل فى سنة تسع وخمسين. وأجاز له فى استدعاء مؤرخ بهذه السنة: نجم الدين سليمان بن خليل، والحافظ ابن مسدى، والكمال محمد بن عمر بن خليل، وأبو عبد الله بن الخادم، والتاج بن عساكر، وجماعة، منهم: عم جدّه يعقوب بن أبى بكر الطبرى، وسمع عليه جامع الترمذى، وأبو اليمن بن عساكر، وسمع عليه صحيح مسلم بفوت وغير ذلك، وعلى العز أحمد بن إبراهيم الفاروثى، خطيب دمشق، مسند الشافعى، وفضائل القرآن لأبى عبيد، وجزء البانياسى، والحاوى فى الفقه عن مؤلفه الإمام عبد الغفار بن عبد الكريم ابن عبد الغفار القزوينى، وبحثه عليه. وسمع على جدّه المحب سنن أبى داود، وتفقه عليه، ودرس وأفتى مدة، وولى قضاء مكة بعد أبيه مدة، تزيد على خمسة وثلاثين عاما حتى مات، وحدث. وسمع منه جماعة، منهم: البرزالى، وذكره فى معجمه وقال: كان شيخا فاضلا، فقيها مشهورا بمعرفة الفقه، يقصد بالفتوى من بلاد اليمن والحجاز. وحكى عن العفيف المطرى أنه قال: كان صدوقا معظما كبيرا، رأسا فى الفقهاء الشافعية، مع النظر الفائق، والشعر الرائق، ولم يخلق بعده فى الحرمين مثله. وذكر أنه

_ 384 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 9/ 5).

توفى فى ضحوة يوم الجمعة ثانى جمادى الآخرة سنة ثلاثين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة بعد العصر، وقد رثاه جماعة من أهل مكة بقصائد، نذكر شيئا منها فى تراجمهم، ويقال: إن الجن بكته، ومدحه غير واحد، منهم: النجم الطوفى العالم المشهور، بثلاثة أبيات لها موجب، وهو أنه حضر بالمدينة النبوية، عند قاضيها عمر بن أحمد بن الخضر الأنصارى الشافعى المعروف بالسراج فى درسه، فتكلم معه فى العلم، فلم ينصفه السراج، ثم قدم النجم الطوفى إلى مكة عند قاضيها نجم الدين الطبرى، وتكلم معه فى العلم فأنصفه وأكرمه، فقال فى الرجلين: سراج بالمدينة ثم نجم ... بمكة أصبحا متناقضين فهذا ما علمت له بزين ... وهذا ما علمت له بشين فأطفأه المهيمن من سراج ... وأبقى النجم نور المشرقين أخبرنى بذلك بعض مشايخنا عن العفيف المطرى. وقد أخبرنى شيخنا العلامة القاضى جمال الدين بن ظهيرة، أن الشيخ عفيف الدين عبد الله بن الزين الطبرى، أخبره أن القاضى نجم الدين كان جالسا فى جمع حفل، فقام رجل من المجلس فأنشد: يا أيها الجمع المنظم شمله ... بشيوخه وكهوله وشبابه هل فيكم من منتم إلا له ... أو فيكم متجمل إلا به ومن محفوظات القاضى نجم الدين: المحرر للرافعى. وبلغنى: أنه دخل إلى اليمن، مع جدّه الشيخ محب الدين الطبرى، وأن الملك المظفر أو غيره من الأعيان، التمس من الشيخ محب الدين نسخة من المحرر فقال: ليس معى منه نسخة، وإنما ابنى هذا ـ يعنى القاضى نجم الدين يحفظه، وهو يمليه عليكم، فأملاه عليهم القاضى نجم الدين، ثم عارضوا ما أملاه عليهم على نسخة ظفروا بها، فلم يجدوا خلافا إلا بالعطف بالواو والفاء، فى مسائل قليلة. هذا ما بلغنى فى هذه الحكاية بالمعنى. ورأيت جوابا للقاضى نجم الدين الطبرى، على فتيا يحسن ذكرها لما فيه من الفائدة بالنسبة إلى أهل مكة. ونص السؤال بعد البسملة: ما تقول السادة الفقهاء أئمة الدين، وعلماء المسلمين، فسح الله فى مدتهم، ونفع ببركتهم: فى رجل باع من رجل مبيعا بدراهم مسعودية، فى نخلة، ونقدها يخالف نقد مكة المشرفة، هل يلزمه نقد نخلة أو نقد مكة، ولو أنه شرط له حالة البيع، نقد مكة وجوازها، فبطلت تلك السكة الأولى، وظهرت سكة أخرى. هل يلزمه القديمة أم الجديدة؟ .

فلو أنه شرط له جواز مكة، الذى سيظهر بعد، على ما جرت به عادة مكة، هل يصح ذلك؟ . ويلزمه من السكة الجديدة أم لا يصح؟ . ولو أن المديون أشهد على نفسه فى ظاهر الأمر، بما يلزمه جميع ما يدعيه خصمه، والأمر فى الباطن على خلاف ذلك، هل يحل له أخذ ذلك، بناء على إقرار خصمه فيما بينه وبين الله عزوجل، أم هو حرام عليه؟ . وإذا كان الشهود عالمين بباطن الحال، وأشهدهم المديون بما يعضد خصمه، مع علمهم بأن الأمر على خلاف ما أشهدهم به، هل تجوز لهم الشهادة أم لا؟ . أفتونا مأجورين مثابين إن شاء الله، وصلى الله على رسوله سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما. ونص الجواب: الجواب ـ والله الموفق ـ: أنهما إذا تبايعا فى نخلة، ولم يعينا نقد مكة، لزم نقد نخلة، وإن عيناه فحدثت سكة غير التى كانت حالة البيع، فلا تلزم إلا السكة التى كانت حالة البيع، ولو شرطا السكة التى ستحدث، كعادة مكة، لم يصح ذلك، وكان البيع باطلا، ولو أشهد المديون على نفسه بما يلزمه فى ظاهر الشرع مطلوب خصمه، ولا مستند له فى الباطن؛ فلا يحل لخصمه إلا ما كان حلالا له قبل إشهاده، ومتى أخذ منه غير ذلك، كان حراما عليه، ومتى علم الشهود خلاف ما أشهدهم المشهد، حرمت عليهم الشهادة. والله سبحانه أعلم. وكتب محمد بن محمد الطبرى، حامدا مصليا مسلما. انتهى. وقد كتب بموافقته على الجواب: الرضى إبراهيم بن محمد الطبرى إمام المقام، والشيخ شهاب الدين أحمد بن قاسم الحرازى، والفقيه على بن إبراهيم بن محمد بن حسين البجلى، وأخوه عمر بن إبراهيم بن محمد بن حسين البجلى، والفقيه على بن محمد الحكمى، رحمهم الله تعالى. ومن شعر القاضى نجم الدين الطبرى، ما أنشدناه القاضى شهاب الدين أحمد بن ظهيرة، أجاز عنه إجازة: أشبيهة البدر التمام إذا انتهى ... حسنا وليس البدر من أشباهك مأسور حسنك إن يكن مستشفعا ... فإليك فى الحسن البديع بجاهك

أشفى أسى أعيى الأساة دواؤه ... وشفاه يحصل بارتشاف شفاهك فصليه واغتنمى بقاء حياته ... لا تقتليه جوى بحق إلهك ومن شعره ما رويناه عنه بهذا الإسناد، فى مدح الشريف أبى نمى محمد بن أبى سعد الحسنى، صاحب مكة، وكتب ذلك عنه، القاضى عز الدين بن جماعة، قال: أمفرقا جمع الخزائن إذ غدا ... كرما لمفترق المحامد يجمع أنا من ولاه لبيتكم طبع وما ... ذو الطبع فى حال كمن يتطبع أعددت حبكم وسيلتى التى ... ما راح يفزع من إليها يفزع وحلت حلاك لمنطقى فنظمتها ... دررا بها تاج الفخار مرصع فإذا دفعت إلى الخطوب رجوتها ... بالله ثم بحد عزمك تدفع وإذا رأيت غمام خطب مطبقا ... بى من سواك رجوته بك يقشع فإذا أتانى الضيم منك وأصبحت ... من فيض جودك غلتى لا تنقع فبمن ألوذ وأين مثلك آخر ... فى القوم يستسقى حياه فيهمع أنا من أطال لك المديح وما له ... فى كسب شيء غير ودك مطمع وفرت مالك وهو غير موفر ... ووقفت عنه وفيه كل يكرع وحميت نفسى ورده مع أننى ... ظام إليه وهو طام مترع كيلا يقال مودة موصولة ... بحقير دنيا حيث يقطع تقطع فأقل ما لى لا عدمتك أننى ... أحمى المضرة حيث لا أنا أنفع أأكون ممن لا يزال بجهده ... يرعاك وهو بما يشاء يروع حاشا لمثلك أن يضيع حافظا ... ما زال فيك ثناؤه يتضوع ولئن فعلت ولا أراك وحق ما ... لا كان منك بحالة يتوقع فلتخبرن بما يقال إذا غدت ... مدحى تشنف من حواه المجمع ولتسمعن وقيت كل رذيلة ... ما قد يسرك أنه لا يسمع ممن إذا أنشدت مدحك قال لى ... أين الصنيع ومثل ذا بك يصنع ما بعد مدحك واعتقادك فيهم ... فإذا خفضت فمن لديهم يرفع أما فمى فوحق جدك لا يرى ... أبدا لغير مديحكم يتطلع يا ماجدا لا منع يوجد عنده ... أبدا وليس لديه جود يمنع أيليق أن تثنى العنان مخيبا ... فى القصد من قدام بابك يقرع وكان أكبر أولاد الملك الكامل، وملك الملك المسعود مكة ـ شرفها الله تعالى ـ وبلاد الحجاز مضافة إلى اليمن، واتسعت المملكة للملك الكامل.

ولقد حكى من حضر الخطبة يوم الجمعة بمكة، لما وصل الخطيب الدعاء للملك الكامل، قال: صاحب مكة وعبيدها، واليمن وزبيدها، ومصر وصعيدها، والشام وصناديدها، والجزيرة ووليدها، سلطان القبلتين، ورب العلامتين، وخادم الحرمين الشريفين، أبو المعالى محمد الملك الكامل ناصر الدين، خليل أمير المؤمنين. انتهى من تاريخ ابن خلكان. وكان من خبر الملك الكامل فيما يتعلق بملكه لمكة، أنها لم تزل فى ولايته، من حين مات ابنه الملك المسعود صاحب اليمن ومكة بها، فى سنة ست وعشرين إلى سنة تسع وعشرين. فلما كان فى هذه السنة، نازعه فيها الملك المنصور نور الدين عمر بن على بن رسول صاحب اليمن، وكان بعد أن دعا لنفسه بالسلطنة ببلاد اليمن وكان قبل ذلك يظهر أنه نائب للملك الكامل باليمن؛ لأن الملك المسعود بن الملك الكامل، كان استناب الملك المنصور هذا، على بلاد اليمن، لما توجه منها لقصد دمشق، حين سمع بموت عمه الملك المعظم. فمات الملك المسعود بمكة. وبقى الملك المنصور باليمن، يظهر الطاعة للكامل، إلى أن تمكن من إظهار الدعوة لنفسه ببلاد اليمن، كما يأتى فى ترجمته. فعند ذلك بعث إلى مكة فى سنة تسع وعشرين، أميرا يقال له: ابن عبدان مع الشريف راجح بن قتادة. وبعث معهما خزانة كبيرة، فنزلوا الأبطح، وحصروا الأمير الذى بمكة، من جهة الملك الكامل. وكان يقال له: الطغتكين، وأرسل الشريف راجح ابن قتادة إلى من مع طغتكين. وذكرهم إحسان نور الدين إليهم، أيام ولايته على مكة، نيابة عن الملك المسعود، فمال إليهم رؤساؤهم. فلما أحس بذلك طغتكين، هرب إلى ينبع، وعرف الكامل الخبر، فجهز جيشا كثيفا من مصر، وأمر الشريف أبا سعد، صاحب ينبع، والأمير شيحة أمير المدينة، أن يكونا مع عسكره، ففعلا. فلما وصل العسكر إلى مكة، قابلوا راجح بن عبدان، فقتل ابن عبدان، وانكسر أهل مكة، واستولى عليها طغتكين، وأظهر حقده فى أهلها. فلما كانت سنة اثنتين وثلاثين، أرسل السلطان نور الدين بخزانة كبيرة إلى راجح، على يد ابن النصيرى، وأمره باستخدام الجند، ليمنعوا العسكر المصرى الواصل إلى مكة

386 ـ محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد المعطى الأنصارى الخزرجى المكى، يلقب قطب الدين، ويعرف بابن الصفى

من دخولها، فوصل ابن النصيرى إلى راجح، فى وقت لم يمكنه فيه استخدام من يقوى على مقاومة العسكر المصرى، وكان العسكر المصرى خمسمائة فارس، فيه خمسة من الأمراء، مقدمهم الأمير جفريل، ففر راجح وابن النصيرى إلى اليمن. فلما كانت سنة ثلاث وثلاثين، أرسل السلطان نور الدين عسكرا مقدمهم الشهاب ابن عبدان، ومعه خزانة إلى راجح، ليستخدم بها عسكرا، ففعل. فلما صاروا قريبا من مكة، خرج إليهم العسكر المصرى، فالتقوا بمكان يقال له: الخريفين بين مكة والسرين (1) فانهزمت الأعراب، وأسر ابن عبدان، وبعث به جفريل إلى الديار المصرية مقيدا. فلما كانت سنة خمس وثلاثين، توجه السلطان نور الدين إلى مكة فى ألف فارس، وأطلق لكل جندى يصل وإليه من أهل مصر المقيمين بمكة، ألف دينار وحصانا وكسوة، فمال إليه كثير من الجند، وأرسل إلى راجح بن قتادة، فواجهه فى أثناء الطريق، وحمل إلى راجح النقارات والكسوات، واستخدم عنه. 386 ـ محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد المعطى الأنصارى الخزرجى المكى، يلقب قطب الدين، ويعرف بابن الصفى: سمع بمكة من أبيه، وأحمد بن سالم، والكمال بن حبيب الحلبى وغيرهم. وحفظ «الحاوى» فى الفقه، واشتغل بالعلم بمكة، على الشيخ عبد الله الكردى فى الحاوى، وبالقاهرة على شيخنا العلامة سراج الدين ابن الملقن. وبلغنى أنه أجاز بالتدريس، ولم يزل بالقاهرة حتى توفى بها، فى أول سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، شهيدا مطعونا، سامحه الله. 387 ـ محمد بن محمد بن أحمد بن على بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون بن راشد القسطلانى القيسى، أمين الدين أبو المعالى بن الشيخ قطب الدين بن الشيخ أبى العباس القسطلانى المكى الشافعى: سئل عن مولده، فذكر أنه فى سلخ جمادى الآخرة، سنة خمس وثلاثين سبعمائة

_ (1) سرّين: بلفظ تثنية السر الذى هو الكتمان مجرورا أو منصوبا: بليد قريب من مكة على ساحل البحر، بينها وبين مكة أربعة أيام أو خمسة قرب جدّة. انظر: معجم البلدان (سرين). 386 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 9/ 6).

388 ـ محمد بن محمد بن أحمد بن الأنصارى، المصرى الأصل، المكى المولد والدار، المعروف والده بابن جن البير

وستمائة، بدار العجلة بمكة، وقد عنى به أبوه، واستجاز له من جماعة من شيوخه بمكة، والشام، ومصر، وبغداد، وأسمعه الكثير على جماعة. وقد تفرد بإجازة جدّه لأبيه أبى العباس القسطلانى، وحدث بها عنه، وجده لأمه الإمام تقى الدين عمر بن محمد القسطلانى إمام المالكية، وسمع على ابن أبى حرمى، صحيح البخارى وغير ذلك، وعلى شعيب بن يحيى الزعفرانى [ ....... ] (1) وعلى ابن بنت الجميزى: الثقفيات ومشيخته، والأربعين له، تخريج الرشيد العطار، وغير ذلك، وعلى ابن أبى الفضل المرسى: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، وصحيح ابن حبان، وعلى أبى محمد بن عبد الله بن لب الشاطبى: الموطأ. وحدث. سمع منه الأعيان، منهم: النجم أبو بكر بن عبد الحميد، ومات قبله بأزيد من عشرة أعوام، والحافظان: قطب الدين الحلبى، وعلم الدين البرزالى، وذكره فى معجمه وترجمه: بالإمام العالم الفقيه، وقال: كان شيخا جليلا كبير القدر، فقيها فاضلا، شيخ الحديث بالحرم بمكة، والمدرسة المظفرية. وذكر أنه توفى ليلة الأربعاء، مستهل المحرم، سنة أربع وسبعمائة ودفن بالمعلاة. 388 ـ محمد بن محمد بن أحمد بن الأنصارى، المصرى الأصل، المكى المولد والدار، المعروف والده بابن جن البير: ورث عن أبيه بعض دنيا وأذهبها، ثم توفى غريقا فى البحر المالح ببلاد اليمن، فى سنة عشر وثمانمائة، سامحه الله تعالى. وأخبرنى بعض الناس أنه رآه فى المنام، فسأله عن حاله، فذكر عفو الله عنه، وسأله عن سبب ذلك، فقال: بالجوع. انتهى بالمعنى وكان ابتلى بفاقة شديدة، وكان يجوع لأجلها. من أصحابه ثلاثمائة فارس، وسار راجح مسايرا للسلطان على الساحل، ثم تقدم إلى مكة. فلما تحقق جفريل وصول الملك المنصور، أحرق ما كان معه من الأثقال، وتقدم إلى الديار المصرية، فلما كان بالمدينة النبوية، بلغه الخبر بوفاة الملك الكامل. وكانت بعد العصر يوم الأربعاء ثانى عشرى شهر رجب، سنة خمس وسبعمائة وستمائة بدمشق. وأخفوا موته إلى يوم الجمعة وقت الصلاة، ثم أعلنوا ذلك، حتى ترحموا عليه على السدة بين المنبر بالجامع بدمشق، ودعا بها لولده الملك العادل، صاحب الديار المصرية.

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 388 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 9/ 27).

389 ـ محمد بن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الدمشقى، المعروف بابن الشماع

وفى أخبار الملك الكامل كثرة كثيرة، وفيما ذكرنا منها كفاية؛ إذ القصد الاختصار، وسيأتى ذكر ولده الملك المسعود فى حرف الياء. 389 ـ محمد بن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الدمشقى، المعروف بابن الشماع: سكن مكة مع أبيه القاضى أمين الدين بن الشماع مدّة سنين، ثم بعد موته، سكن اليمن بزبيد مدة سنين. وكان يتردد إلى مكة، وأدركه بها الأجل، فى أحد الربيعين من سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، ودفن بالمعلاة. 390 ـ محمد بن أبى بكر محمد بن أيوب بن شاذى بن مروان الملك الكامل، ناصر الدين أبو المعالى بن الملك العادل سيف الدين أبو بكر صاحب الديار المصرية والشامية [ ...... ] (1) ومكة المشرفة: ذكر ابن خلكان: أن والده الملك العادل، لما تمهدت له البلاد، قسمها بين أولاده، فأعطى أولاده، فأعطى الملك الكامل الديار المصرية والملك المعظم عيسى البلاد الشامية، والملك الأشرف موسى البلاد الشرقي، والملك الأوحد نجم الدين أيوب ميافارقين (2)، وتلك النواحى، ثم إن جماعة كثيرة من الأمراء بالديار المصرية، منهم

_ 390 ـ انظر ترجمته فى: (السلوك للمقريزى 1/ 267، النجوم الزاهرة 6/ 235، ابن الوردى 2/ 178، ابن إياس 8/ 82 والأعلام 7/ 29، مرآة الزمان 8/ 705 ـ 709، عقود الجمان لابن الشعار 7 / الورقة 240، التكملة للمنذرى الترجمة 2822، ذيل الروضتين 166، وفيات الأعيان 92، 79، تاريخ ابن العبرى 205، الحوادث الجامعة 107، المختصر 3/ 168 ـ 169، تاريخ الإسلام الورقة 166 ـ 167 (أيا صوفيا: 3012)، العبر: 5/ 144، الوافى بالوفيات 1/ 193 ـ 197، نثر الجمان للفيومى 2 / الورقة 93 ـ 94 الورقة 28، النجوم الزاهرة 6/ 227، حسن المحاضرة 2/ 33 ـ 38، شذرات الذهب 5/ 171 ـ 173، سير أعلام النبلاء 22/ 127). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (2) ميّافارقين: بفتح أوله، وتشديد ثانيه ثم فاء، وبعد الألف راء، وقاف مكسورة، وياء، ونون، وهى أشهر مدينة بديار بكر، قالوا: سميت بميابنت لأنها أول من بناها، وفارقين هو الخلاف بالفارسية يقال له: بارجين. لأنها كانت أحسنت خندقها فسميت بذلك. انظر: معجم البلدان (ميافارقين).

عماد الدين أحمد بن المشطوب، اتفقوا مع الملك الفائز سابق الدين إبراهيم بن الملك العادل، وانضموا إليه، وظهر للملك الكامل منهم أمور تدل على أنهم عازمون على تفويض السلطنة إليه، وخلع الملك الكامل، واشتهر ذلك بين الناس. وكان الملك الكامل يداريهم، لكونه فى قبالة العدو، ولا يمكنه المعافرة والمنافرة، وطول روحه معهم، ولم يزل على ذلك حتى وصل إليه الملك المعظم صاحب دمشق، فأطلعه الملك الكامل على صورة الحال فى الباطن، وأن رأس هذه الطائفة، ابن المشطوب المذكور. فجاءه يوما على غفلة إلى خيمته، واستدعاه، فخرج إليه وقال: أريد أن أتحدث معك سرا فى خلوة، فركب فرسه وسار معه وهو جريدة، وكان المعظم جرد جماعة ممن يعتمد عليهم ويثق بهم. وقال لهم: اتبعونا، ولم يزل المعظم يشاغله بالحديث، ويخرج معه من شيء إلى شئ، حتى أبعد عن المخيم، ثم قال: يا عماد الدين هذه البلاد لك، ونشتهى أن تهبها لنا، ثم أعطاه شيئا من النفقة، وقال لأولئك المجردين: تسلموه حتى تخرجوه من الرمل، فلم يسعه إلا امتثال الأمر، لانفراده وعدم القدرة على الممانعة فى تلك الحال، ثم عاد إلى أخيه الكامل، وعرفه صورة ما جرى، ثم جهز أخاه الملك الفائز إلى الموصل، لإحضار النجدة منها، فمات بها. وكان ذلك خديعة لإخراجه من البلاد. فلما خرج هذان الشخصان من العسكر، تحللت عزائم من بقى من الأمراء الموافقين لهما، ودخلوا فى طاعة الكامل كرها لا طوعا. فلما استراح خاطر الملك الكامل، من جهة هذا العدو ـ وهم الفرنج الذين نازلوه بدمياط ـ وتفرغ للأمر الذين كانوا متحاملين عليه، نفاهم عن البلاد، وبدد شملهم وشردهم ودخل القاهرة وشرع فى عمارة البلاد، واستخرج الأموال من جهاتها، وكان سلطانا عظيم القدر، جميل الذكر محبا للعلماء، متمسكا بالسنة النبوية، حسن الاعتقاد، معاشرا لأرباب الفضائل، حازما فى أموره، لا يضع الشيء إلا فى موضعه، من غير إسراف ولا إقتار. وكان ييبت عنده كل ليلة جماعة من الفضلاء ويشاركهم فى مباحثهم وبنى بالقاهرة دار حديث، ورتب لها وقفا جيدا. وكان قد بنى على ضريح الإمام الشافعى قبة عظيمة، ودفن أمه عنده، وأجرى إليها ماء من النيل، ومدده بعيد، وغرم على ذلك جملة عظيمة. ولما مات أخوه الملك المعظم صاحب الشام، وقام ولده الملك الناصر صلاح الدين

داود مقامه، خرج الملك الكامل من الديار المصرية، قاصدا أخذ دمشق منه. وجاء أخوه الملك الأشرف مظفر الدين موسى، واجتمعا على أخذ دمشق، بعد فصول جرت يطول شرحها، وذلك فى أول شعبان، سنة خمس وعشرين وستمائة، فلما ملكها دفعها لأخيه الملك الأشرف، وأخذ عوضها من بلاد الشرق: حرّان والرّها (3) وسروج (4) والرقة (5) ورأس عين (6). وتوجه إليها بنفسه فى تاسع شهر رمضان المعظم من السنة. وفى شوال سنة ست وعشرين وستمائة، كان الملك الكامل مقيما بحران، بعساكر الديار المصرية، وجلال الدين خوارزم شاه، يوم ذاك يحاصر خلاط (7) ـ وكانت لأخيه الملك الأشرف ـ ثم رجع إلى الديار المصرية، وتجهز فى جيش عظيم، وقصد آمد (8)

_ (3) الرّهاء: بضم أوله، والمد، والقصر: مدينة بالجزيرة بين الموصل والشام بينهما ستة فراسخ سميت باسم الذى استحدثها، وهو الراهاء بن البلندى بن مالك بن دعر. وقال قوم: إنها سميت بالرها بن الروم بن نبطى بن سام بن نوح، عليه السلام. انظر: معجم البلدان (الرهاء). (4) سروج: بلد من أرض الجزيرة وبمقربة من ملطية، وهى رستاق كثير القرى والكروم فى بطن بين جبال، ومن سروج إلى حصن كيفا ستة فراسخ، ثم إلى سميساط سبعة فراسخ، ثم إلى ملطية عشرة فراسخ، ثم إلى زبطرة خمسة فراسخ. انظر: الروض المعطار 315، 316، ابن حوقل 207، الكرخى 55. (5) الرقة: مدينة بالعراق مما يلى الجزيرة، وكل أرض إلى جانب واد ينبسط عليها الماء عند المدّ فهى رقة، وبه سميت المدينة. والرقة واسطة بلاد مضر، ومن مدنها الرها وسروج وشمساط ورأس العين وغيرها، والرقة على شارعة الفرات فى الشمال منه، وعليها سوران، وهى فى فحص يبعد عن الجبال على مسافة أكثر من يومين، وفى شرقيها جبلان يسميان المنخرين. انظر: الروض المعطار 270، 271، معجم ما استعجم (الرقة). (6) رأس عين: ويقال رأس العين، والعامة تقوله هكذا، وهى مدينة كبيرة مشهورة من مدن الجزيرة بين حران ونصيبين ودنيسر، وبينها وبين نصيبين خمسة عشر فرسخا وقريب من ذلك بينها وبين حران، وهى إلى دنيسر أقرب. بينهما نحو عشرة فراسخ. انظر: معجم البلدان (رأس عين)، الروض المعطار 264، 265، ابن جبير 242، 244، ابن حوقل 200، الكرخى 53). (7) خلاط: من مدن أرمينية، وتقول: ما خالطت فلانا وأنت تريد: ما سرت معه إلى خلاط. انظر: الروض المعطار 220، ابن حوقل 297، نزهة المشتاق 267، معجم البلدان، معجم ما استعجم (خلاط). (8) آمد: مدينة من كور الجزيرة من أعمال الموصل والجزيرة ما بين دجلة والموصل، وآمد بمقربة من ميافارقين، وهى مدينة كبيرة حصينة على جبل غربى دجلة، ومن آمد إلى ميافارقين خمسة فراسخ. انظر: الروض المعطار 3، 4، 5.

391 ـ محمد بن محمد بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم، نور الدين الطبرى المكى

فى سنة تسع وعشرين وستمائة، فأخذها مع حصن كيفا (9) وتلك البلاد، من الملك المسعود ابن الملك الصالح، من بنى أيوب. ولما مات الملك الأشرف، جعل ولىّ عهده أخاه الملك الصالح إسماعيل بن الملك العادل، فقصده الملك الكامل، وانتزع منه دمشق، بعد مصالحة جرت بينهما، وذلك فى تاسع جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين وستمائة، وأبقى عليه بعلبك (10) وأعمالها، وبصرى (11)، وأرض السواد وتلك البلاد. ولما ملك البلاد الشرقية وآمد وتلك النواحى، واستخلف فيها ولده والملك الصالح نجم الدين أيوب، واستخلف ولده الأصغر الملك العادل سيف الدين أبا بكر بالديار المصرية. وكان الملك الكامل سير ابنه الملك المسعود إلى اليمن. 391 ـ محمد بن محمد بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم، نور الدين الطبرى المكى: روى عن ابن البناء: جامع الترمذى، وحدث. سمع منه أبو العباس بن الظاهرى الحافظ، حديثا سمعه منه بجنين. وكتبه عنه فى أربعينية البلدانية، ولم أدر متى مات، غير أنه أجاز فى استدعاء مؤرخ بسنة اثنتين وستين وستمائة، فاستفدنا من هذا، حياته إلى هذا التاريخ، الاستدعاء بخط أبى العباس الميورقى. وكتب تحت خطه: فقيه مدرس. وذكر ما يدل على أنه ولى القضاء نيابة عن عمه القاضى فخر الدين إسحاق بن أبى بكر الطبرى، الحاكم بمكة واليمن، وما عرفت هل نيابة المذكور عن عمه باليمن أو بمكة؟ والله أعلم.

_ (9) حصن كيفا: ويقال كيبا، وهى بلدة وقلعة عظيمة مشرفة على دجلة بين آمد وجزيرة ابن عمر من ديار بكر. انظر: معجم البلدان (حصن كيفا). (10) بعلبك: بالفتح ثم السكون وفتح اللام والباء الموحدة والكاف مشددة مدينة قديمة بينها وبين دمشق ثلاثة أيام وقيل: اثنا عشر فرسخا من جهة الساحل. وهو اسم مركب من بعل اسم صنم بك أصله من بكّ عنقه أى دقها وتباك القوم أى ازدحموا فأما أن يكون نسب الصنم إلى بك وهو اسم رجل أو جعلوه يبك الأعناق هذا إن كان عربيا وإن كان عجميا فلا اشتقاق. انظر معجم البلدان (بعلبك). (11) بصرى: فى موضعين، بالضم، والقصر: إحداهما بالشام من أعمال دمشق، وهى قصبة كورة حوران، مشهورة عند العرب قديما وحديثا، وبصرى أيضا: من قرى بغداد قرب عكبراء. انظر: معجم البلدان (بصرى).

392 ـ محمد بن محمد بن أبى بكر الرازى، أبو عبد الله المكى

ومولده فى بكرة السادس والعشرين من ذى القعدة سنة ثلاث وستمائة. نقلت مولده من خط شيخنا ابن سكر. وذكر أنه نقله من خط المحب الطبرى. 392 ـ محمد بن محمد بن أبى بكر الرازى، أبو عبد الله المكى: سمع من ابن البنا، وحدث عنه: سمع منه الحافظان: أبو العباس بن الظاهرى، والشريف أبو القاسم الحسينى، وذكره فى وفياته. وذكر أنه توفى فى ثالث رجب سنة خمس وستين وستمائة بقوص ـ من صعيد مصر الأعلى ـ فيما بلغه. 393 ـ محمد بن محمد بن ثابت الأنصارى، المراكشى الأصل، المكى المولد والدار: كان فراشا بالمسجد الحرام. وتوفى فى عشر السبعين وسبعمائة، وكان أبوه يؤدب الأطفال بالمسجد الحرام. 394 ـ محمد بن محمد بن حسين بن على بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى المخزومى، أبو الخير بن أبى السعود، يلقب بالقطب: سمع من بعض شيوخنا بمكة، وكان يحضر معنا درس شيخنا الشريف عبد الرحمن الفاسى ويقرأ عليه فى بعض كتب الفقه وحصل كتبا حسنة. وولى إمامة المالكية بالمسجد الحرام، بعد وفاة القاضى نور الدين على بن أحمد النويرى، من جهة أمير مكة، أربعة أشهر وأياما، ثم عزل عن ذلك، لما وصل الخبر من الديار المصرية، بولاية ابنى المتوفى، وبقى ذلك فى نفسه، مع حب ولاية قضاء المالكية بمكة، حتى اخترمه الحمام دون المرام، فى يوم النفر الثانى من سنة أربع عشرة وثمانمائة، فى آخر النهار بمكة، ودفن فى صبيحة اليوم الرابع عشر من ذى الحجة فى هذه السنة بالمعلاة، عن أربعين سنة أو أزيد بيسير. 395 ـ محمد بن محمد بن حسين بن على بن أحمد بن عطية بن ظهيرة المخزومى، المكى، قاضى مكة، كمال الدين أبو البركات بن أبى السعود: ولد فى سنة خمس وستين وسبعمائة، وحضر فى سنة سبع وستين، على القاضى عز الدين بن جماعة، شيئا من «منسكه» وغيره. وسمع بعد ذلك من غير واحد.

_ 395 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 9/ 77).

وولى قضاء مكة، ونظر الأوقاف بها والربط، بعد موت شيخنا القاضى جمال الدين ابن ظهيرة، وباشر ذلك بها أحد عشر شهرا، ثم عزل عن ذلك بقاضى القضاة محب الدين أحمد بن القاضى جمال الدين بن ظهيرة. وباشر ذلك فى العشر الأخير من ذى القعدة سنة ثمانى عشرة، إلى خامس شوال سنة تسع عشرة، ثم باشر ذلك أبو البركات، إلى أوائل ذى الحجة من هذه السنة. ثم باشر ذلك بعد عزله، القاضى محب الدين. واستمرّ أبو البركات معزولا حتى مات. وكان قبل ذلك ينوب فى الحكم بمكة، عن القاضى جمال الدين بن ظهيرة، ثم حصل بينهما كدر كثير، أوجب سعيه على القاضى جمال الدين فى المنصب غير مرة، ثم توالفا ظاهرا لا باطنا، حتى مات القاضى جمال الدين، وهو على نيابته. وأول نيابته عنه فى ربيع الآخر سنة ثمان وثمانمائة، عقيب وصوله من مصر، بولاية القاضى جمال الدين، وباشر عنه مع نيابة الحكم، نيابة الحسبة بصولة مهيبة، واشتهر ذكره، ثم تغير خاطره على مستنيبه، لاستنابته لولده القاضى محب الدين فى الخطابة والحكم، ولسعيه لولده فى مرسوم بالنيابة، وحمل ذلك القاضى أبا البركات، على السعى فى مرسوم بالنيابة، ونظر بعض الأوقاف، وأتاه هذا المرسوم، وهو متوجه لمصر فى حوائج ندبه لأجلها صاحب مكة، وبلغه فى الطريق عزل مستنيبه، وما نال بمصر قصدا فى أمر مستنيبه، وذلك فى سنة عشر وثمانمائة، وعاد فيها مع الحجاج إلى مكة. ولما عاد مستنيبه إلى القضاء فى سنة اثنتى عشرة وثمانمائة، استناب القاضى أبا البركات فى الحكم والحسبة، فلما كان الموسم من هذه السنة، حصل بينهما كدر؛ لأن ولدا للقاضى أبى البركات، سعى لنفسه فى نيابة القاضى جمال الدين، فى جميع وظائفه، ولأبيه فى نيابة الحكم ونظر الأوقاف بمكة، وتخيل القاضى أبو البركات، أن القاضى جمال الدين لا يعينه على قصده، فنافره وانقطع عنه، ولكنه باشر الحكم والحسبة، حتى جاء عزل القاضى جمال الدين، فى ربيع الآخر، من سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، بالقاضى عز الدين النويرى. وسعى بعض الناس فى أن يستنيب القاضى أبا البركات، لأنه كان قد زوج بعض أولاده، على أخت القاضى عز الدين، فلم يقبل وظهر من أبى البركات شماتة بقريبه وميل عليه. فلما عاد القاضى جمال الدين فى موسم هذه السنة، لم يستنب القاضى أبا البركات،

396 ـ محمد بن محمد بن سالم بن على بن إبراهيم الحضرمى ألأصل، المكى المولد والدار، يلقب بالضياء، ويعرف بابن سالم

فسعى لأبى البركات ابنه فى القضاء وغيره من الوظائف، يبذل فيما قيل، فأجيب سؤاله. ثم فطن الأعيان بمصر لذلك فأنكروه، وأعيد القاضى جمال الدين. وكان ابن أبى البركات، قد أرسل لأبيه بالتوقيع المنسوخ، وعرفه بعود القاضى جمال الدين. فذكر ذلك أبو البركات للناس، وتوقع أن توقيع القاضى جمال الدين بعوده وصل إليه، ثم عرف أن هذا التوقيع لم يصل، فندم على إخباره بعزل نفسه، وذلك فى ربيع الآخر سنة أربع عشرة وثمانمائة، وقويت الوحشة بينه وبين القاضى جمال الدين بعد ذلك. فلما كان المحرم، سنة ست عشرة وثمانمائة، حصل بينهما صلح بسعى بعض جماعة أمير مكة، وحضر الأمير هذا الصلح، ودخل فيه ابن القاضى جمال الدين، وصهره القاضى الحنبلى بمكة. وكان أبو البركات قد حلف بالطلاق من زوجتيه، أنه لا ينوب عن القاضى جمال الدين، فألزمه الساعى فى الصلح بمخالعتها، ففعل ذلك، وناب عن القاضى جمال الدين، وجدد عقده على زوجتيه، وحكم بعدم طلاقهما حاكم يرى أن اليمين لا تعود بعد الطلاق، إذا وقع المحلوف عليه فى العصمة الثانية. وتوالفا ظاهرا لا باطنا، ثم حصل بينهما بعد أيام الحج من هذه السنة منافرة، ثم اجتمعا وتوالفا، حتى مات القاضى جمال الدين، فى رمضان سنة سبع عشرة وثمانمائة. وكان من خبر القاضى أبى البركات بعد ذلك ما سبق ذكره. ومات بمكة معزولا، فى ليلة الأربعاء الثانى والعشرين من ذى الحجة، سنة عشرين وثمانمائة، بعلة ذات الجنب، ودفن فى صبيحتها بالمعلاة، وخلف عدة أولاد، ودنيا من العقار والنقد، وغير ذلك. وقد ناب فى الحسبة بمكة، عن جده لأمه، القاضى شهاب الدين أحمد بن ظهيرة، الآتى ذكره. 396 ـ محمد بن محمد بن سالم بن على بن إبراهيم الحضرمى ألأصل، المكى المولد والدار، يلقب بالضياء، ويعرف بابن سالم: سمع بالمدينة على الزبير بن على الأسوانى: الشفاء للقاضى عياض، عن ابن تامتيت

_ 396 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 9/ 83).

397 ـ محمد بن محمد بن سعيد بن عمر بن على الصغانى، العلامة ضياء الدين الهندى الحنفى

عن ابن الصائغ، عنه، وعلى الجمال المطرى، وخالص البهائى: الإتحاف، لأبى اليمن بن عساكر عنه، وعلى علىّ بن عمر الحجار، عدة أجزاء من مروياته، وأجاز له هؤلاء الشيوخ، وجماعة من مكة منهم: عيسى الحجى، والزين الطبرى، والآقشهرى، وحدث ببعض الشفاء بالقاهرة. سمع منه بها أخى شقيقى المفتى عبد اللطيف، وصاحبنا المحدث شهاب الدين الكلوتاتى. ولم أسمع منه قصدا، لكنه أجاز لى باستدعائى فى مبدأ الطلب، والله يغفر له. وكان سكن القاهرة مدة سنين، مستوطنا لها فى أواخر عمره، وبها توفى سحر يوم الجمعة، السادس والعشرين من شعبان، سنة سبع وثمانمائة. ودفن بتربة الصوفية خارج باب النصر. وقد بلغ الثمانين أو جاوزها بيسير، ولم يكن يحرر تاريخ مولده، إلا أنه يتحصل من كلامه ما ذكرناه. 397 ـ محمد بن محمد بن سعيد بن عمر بن على الصغانى، العلامة ضياء الدين الهندى الحنفى: هكذا وجدت نسبه بخطه فى ثبت له ذكر فيه: أنه سمع على الجمال المطرى: صحيح البخارى عن أبى اليمن بن عساكر، والتوزرى، وقرأ عليه: صحيح مسلم، عن الحافظ الدمياطى، والتوزرى، وجامع الترمذى وغير ذلك، وعلى القطب ابن المكرم: الموطأ رواية يحيى بن يحيى، عن العفيف الدلاصى، ولبس منه الخرقة، وذلك فى عشر الأربعين وسبعمائة، بالمدينة النبوية. وقد سمع بها من أبى الحسن على بن عمر بن حمزة الحجار: عدة أجزاء، وحدث عنه بالخلعيات، وسمع بالقاهرة من بدر الدين الفارقى، وغيره من أصحاب النجيب الحرانى. ولى منه إجازة باستدعاء شيخنا ابن سكر. وكان أقام بالمدينة مدة سنين، يدرس ويفتى ويتاجر، ثم حصل بينه وبين أميرها جماز ابن منصور، منافرة لطلبه منه مالا، وتوقف الضياء فى تسليمه، فسجن فى الجب بالقلعة، ثم أطلق، وحصل بينه وبين أميرها جماز بن منصور منافرة أيضا؛ لأن جمازا اجتمع مع الضياء وغيره من علماء المدينة بالروضة، ووقع من جمازا كلام سيئ فى حق أبى بكر وعمر رضى الله عنهما، فكفره الضياء لذلك، فقال له جماز: تكفرنى؟ . فقال له: نعم، ثم تخوف الضياء وهرب من المدينة إلى ينبع، فاستجار بأميرها أبى الغيث فأجاره، ومنع منه الطلب، وأخفاه وأعانه على الوصول إلى مصر.

398 ـ محمد بن محمد بن صالح بن إسماعيل، الكنانى المدنى، يلقب شمس الدين ابن شمس الدين

وأنهى الضياء ما وقع من جماز إلى الدولة، فرسم بقتل جماز، فقتل لما حضر لخدمة المحمل، وبعد قتله نهبت دار الضياء بالمدينة. وأخذ له دفين، وهو أربعمائة الف درهم فيما قيل، وغير ذلك. وكانت له بنت كبيرة تعلم حاله، فأوذيت حتى سعت فى هلاك نفسها، للراحة من العذاب. وسكن الضياء بعد ذلك مكة، وتولى تدريس الحنفية، الذى قرره بمكة الأمير يلبغا الخاصكى الأتابكى، وباشره فى شوال سنة ثلاث وستين. واستمر مستوطنا بمكة، حتى مات بها فى يوم الجمعة الخامس من ذى الحجة سنة ثمانين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة، وقد جاوز الثمانين فيما بلغنى، وخلف تركة أحصيت بمائة ألف درهم ونيف وثلاثين الف درهم، منها مائة ألف نقد وثمن عروض، والباقى ديون له على الناس. وكان عارفا بمذهبه وأصوله، مع مشاركة فى العربية وغيرها، وعنده لمذهبه عصبية مفرطة عيبت عليه، لما فيها من الغض من الإمام الشافعى وأتباعه. وقد سمعت شيخنا الحافظ زين الدين العراقى يقول: إنه اجتمع مع الضياء هذا، فى بيع تركة كتب بمكة، فعرض منها كتاب من تواليف الخطيب البغدادى، فزاد فى ثمنه شيخنا الحافظ العراقى، فقال له الضياء: تشترى هذا الكتاب وتزيد فيه؟ . فقال له العراقى: وإيش فى هذا؟ فقال الضياء: الخطيب قد تكلم فى أبى حنيفة، فقال له العراقى: ما تكلم فيه، وإنما ذكر كلام الناس فيه. هذا معنى ما سمعته من شيخنا الحافظ العراقى، وكثير من الحنفية يسيئون القول فى الخطيب، وأفرط بعضهم فى ذلك؛ لأنه بلغنى عن بعض الفضلاء من قضاة عصرنا الحنفية، ما معناه، أنه قال: وا عجبا لأهل الحديث، كيف يحتجون بالخطيب، وقاضى القضاة شمس الدين الحريرى قد أسقطه. انتهى. فاعجب لهذا الزلل، ونسأل الله السداد فى القول والعمل. 398 ـ محمد بن محمد بن صالح بن إسماعيل، الكنانى المدنى، يلقب شمس الدين ابن شمس الدين: ولد سنة سبعين وسبعمائة بالمدينة، ونشأ بها، وحفظ كتبا فى فنون من العلم، وقرأ

_ 398 ـ انظر ترجمته فى: (سير أعلام النبلاء 14/ 372، الضوء اللامع 9/ 86).

399 ـ محمد بن محمد بن أبى بكر عبد الله بن خليل بن إبراهيم العسقلانى المكى، أبو عبد الله، المعروف بابن خليل

القرآن بالروايات السبع أو ببعضها، على والده، وأذن له فى الإقرار بذلك، وسمع الحديث من قاضى المدينة بدر الدين ابن الخشاب وغيره، وأجاز له جماعة، وناب عن أخيه القاضى ناصر الدين عبد الرحمن فى الحكم والخطابة والإمامة بالمدينة النبوية. وكان ذا نباهة فى الفقه وغيره، وفيه خير وديانة. قدم مكة غير مرة للحج والعمرة، منها فى المحرم سنة أربع عشرة وثمانمائة فأدركه الأجل بها بعد قضاء نسكه، فى أول صفر، سنة أربع عشرة. ودفن بالمعلاة. 399 ـ محمد بن محمد بن أبى بكر عبد الله بن خليل بن إبراهيم العسقلانى المكى، أبو عبد الله، المعروف بابن خليل: سمع على يحيى الطبرى، وسمع على التوزرى، والصفى، والرضى كثيرا. وأجاز له جماعة من دمشق وغيرها، من شيوخ أخيه الحافظ بهاء الدين، ما علمته حدث، وكان له اشتغال بالعلم، على ما ذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. ووجدت بخط الرضى الطبرى، سماعا عليه، ترجمه فيه: بالفقيه الأجل. وتوفى سنة تسع وأربعين وسبعمائة بمكة، على ما أخبرنى به القاضى جمال الدين ابن ظهيرة، والشريف عبد الرحمن الفاسى. 400 ـ محمد بن محمد بن عبد الله بن عثمان العسقلانى المكى، يكنى أبا عبد الله، ويلقب نجم الدين بن رضى الدين: توفى يوم الاثنين، الثانى من ذى القعدة سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره، نقلت نسبه ووفاته، وهو بخط محمد بن بركات بن أبى حرمى، وترجمه: بالسعيد الشهيد، وترجم أباه: بالفقيه الشهيد. 401 ـ محمد بن محمد بن عبد الله بن فضالة بن عبد الله، المعروف بعلياش بن هانى بن فضالة بن حرب القرشى، العثمانى، أبو حامد بن أبى عبد الله بن أبى محمد، المكى، المعروف بابن الخادم: مولده يوم الاثنين ثانى عشر شهر ربيع الأول سنة ست وعشرين وستمائة بمكة. وسمع بها على أبى الحسن بن المقير، وشعيب الزعفرانى، وابن الجميزى وابن أبى الفضل المرسى وغيرهم، وسمع بغيرها من البلاد. وحدث.

402 ـ محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله الهاشمى، أبو الخير بن القاضى جمال الدين، المعروف بابن فهد المكى

روى عنه أبو الفتح بن سيد الناس. وتوفى فى صفر سنة ثلاث وسبعمائة، ودفن من الغد بمقابر الصوفية بباب النصر. هكذا ذكر نسبه ووفاته ومولده، القطب الحلبى فى تاريخ مصر، وقال: كان خيرا، وأجاز لى ما يرويه، وما ذكره فى نسبه، مخالف لما ذكره شيخه الشريف أبو القاسم الحسينى، فى ترجمة أبى عبد الله بن الخادم، والد أبى حامد هذا، كما سبق ذكره، والله أعلم بالصواب. وجدت بخط أبى بكر الرحبى فى وفياته: أنه توفى فى سادس صفر، وأنه ولد سنة سبع وعشرين. 402 ـ محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله الهاشمى، أبو الخير بن القاضى جمال الدين، المعروف بابن فهد المكى: سمع على الفخر النويرى، والسراج الدمنهورى: الموطأ، رواية يحيى بن بكير، وسألت عنه شيخنا العلامة القاضى جمال الدين بن ظهيرة، فقال: كان رجلا صالحا خيرا متعبدا. ومولده ـ تقريبا ـ سنة خمس وثلاثين وسبعمائة. وتوفى فى ذى الحجة، سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 403 ـ محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن أبى المكارم، يلقب بالجمال بن الضياء الحموى المكى: سمع من الفخر عثمان بن الصفى: السنن لأبى داود، ومن الجمال إبراهيم بن محمد ابن النحاس الدمشقى: مشيخة العشارى، ومن الشيخ خليل المالكى، ومحمد بن صالح الحضرمى، وغيرهم. وما علمته حدث. وسافر إلى بلاد العجم وغيرها طلبا للرزق، وحصل دنيا، وذهبت منه مرات، وتعلل بعدها حتى مات فى محرم سنة ثمان وثمانين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. أفادنى وفاته، ولده صاحبنا الوجيه عبد الرحمن. 404 ـ محمد بن المحب محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن الصفى أحمد بن محمد ابن إبراهيم الطبرى المكى، يلقب بالجمال: ولد فى شوال سنة إحدى وستين وسبعمائة.

_ 404 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 9/ 92).

405 ـ محمد بن أبى الطاهر بن عبد الرحمن بن أبى الفتح العمرى، المؤذن بالحرم الشريف، صدر الدين بن تاج الدين

وسمع من القاضى عز الدين بن جماعة أربعينه التساعية، وعنى به أبوه بعد ذلك، فأسمعه كثيرا من الجمال محمد بن أحمد بن عبد المعطى، والكمال بن حبيب الحلبى، وغيرهما، وحدث. سمعت منه بنخلة بمسجد التنضب منها، بعض الأربعين التساعية، وهو الحديث الحادى والثلاثون والثانى والثلاثون منها. وكان يؤم بمسجد التنضب ويخطب به، ويتولى عقد الأنكحة، نيابة عن قضاة مكة بعد أبيه. وتوفى فى سادس المحرم سنة خمس عشرة وثمانمائة بالتنضب. 405 ـ محمد بن أبى الطاهر بن عبد الرحمن بن أبى الفتح العمرى، المؤذن بالحرم الشريف، صدر الدين بن تاج الدين: سمع من الفخر التوزرى: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، ومن الرضى الطبرى، ووالده أبى الطاهر. وأجاز له من مصر، حافظها شرف الدين الدمياطى وجماعة، باستدعاء عمه، مع جماعة من دمشق، من شيوخ البهاء بن خليل، وما علمته حدث. وأجاز لبعض شيوخنا فى استدعاء مؤرخ بسنة ست وخمسين وسبعمائة. وتوفى بقريب ذلك فى عشر الستين، وإلا ففى عشر السبعين ـ بتقديم السين على الباء ـ وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وكان مشهورا بكثرة الأكل، وله فى ذلك أخبار. منها: أنه تعشى مع رفيق له بوادى مرّ، مرتين، حتى أظهر الشبع، ثم أكل صاعا مكيا من رطب بالليل. ومنها: أنه شرب خمسة أرطال وربع رطل بالمصرى زيتا فى حاصل الحرم. ومنها: أنه شرب بمكة سمنا، لما طالبه البائع بالظرف، ولم يصبر عليه حتى يفرغها فى منزله. وكان يؤذن بمنارة دار الندوة، وأظنه تلقاها عن أبيه، رحمهم الله تعالى.

_ 405 ـ انظر ترجمته فى: (سير أعلام النبلاء 20/ 76).

406 ـ محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن على، الحسنى الإدريسى، أبو عبد الله الفاسى

406 ـ محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن على، الحسنى الإدريسى، أبو عبد الله الفاسى: نزيل مكة. سمع بمصر من القطب القسطلانى: جامع الترمذى، وعوارف المعارف للسهروردى، وكتاب الفصول، فى أخبار الشيخ أبى عبد الله القرشى وغيره من المشايخ، جمع الشيخ أبى العباس القسطلانى، وارتقاء الرتبة فى اللباس والصحبة، من تأليفه هو، وفضائل جامع الترمذى، تخريج الحافظ أبى القاسم الإسعردى، من مروياته، بحضور مخرجه، وغير ذلك، وعلى العز عبد العزيز بن عبد المنعم الحرانى: صحيح البخارى، وعلى غازى بن أبى الفضل الحلاوى الغيلانيات، وعلى الفضل بن نصر بن رواحة الأنصارى مشيخته، تخريج أبى القاسم الإسعردى، وأربعين فى فضل الأنصار ببلبيس (1)، وعلى أبى غالب هبة الله بن غالب السامرى البغدادى جزء البانياسى بالحرم الشريف فى العشرين من ذى الحجة، سنة ست وثمانين وستمائة، عن أبى الوقت محاسن بن عمر الحراسى عن أبى بكر بن الزاغونى عن البانياسى بسنده، وسمعه على غيره. وعلى أبى نصر عبد الله بن محمد بن على الطبرى، سبط سليمان بن خليل: «اليقين» لابن أبى الدنيا، عن ابن المقير وغير ذلك، وعلى أخيه المفتى عماد الدين عبد الرحمن محمد بن الطبرى، فى محرم سنة سبع وثمانين بالحرم. ومن هذا العام، استوطن مكة، وسمع بها على جماعة من شيوخها مع أولاده. وعلى العز الفاروثى: مسند الشافعى، فى محرم سنة تسع وثمانين وكتب عن جماعة، وصحب جماعة من العلماء والصالحين، وأخذ عنهم، وصار قدوة فى العلم والعمل. وحدث، سمع منه حماعة من الأعيان، منهم: المحدث عز الدين يوسف بن الحسن الزرندى؛ نزيل الحرم النبوى، ومات قبله، والحافظ قطب الدين الحلبى، سمع منه بيتين بمصر، عن ناظمهما أبى الحسن على بن إبراهيم التجانى ـ بتاء مثناة من فوق مشددة وجيم ـ وهما:

_ 406 ـ انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 4/ 181). (1) قال ابن إياس فى ذكر مدينة بلبيس: سميت فى التوراة أرض حاشان وفيها نزل يعقوب عليه السلام، وذكر ابن خرداذبة أن بين بلبيس ومدينة فسطاط مصر أربعة وعشرون ميلا، وكانت مدينة كبيرة من أجل مدائن مصر إلى أن خربت فى سنة ست وثمانمائة. انظر: نزهة الأمم 186، معجم البلدان (بلبيس).

بينى وبين خطوب الدهر ملحمة ... سيف القناعة فيها قائم بيدى متى دهانى من دهمائها عدد ... هززته فانثنت مهزومة العدد وذكره فى تاريخه بمصر، وقال: كان خيرا صالحا، دينا. اجتمعت به بمصر وبمكة، ودعا لى، وانتفعت ببركته. انتهى. وسمعت شيخنا العلامة تقى الدين عبد الرحمن بن أبى الخير بن أبى عبد الله الفاسى، يقول: سمعت الشيخ خليل بن عبد الرحمن المالكى، يثنى على الشريف أبى عبد الله الفاسى ثناء بليغا، ويذكر له كرامات. منها: ما حدثنى به شيخنا الشريف تقى الدين المذكور، وكتبت عنه: أنه سمع الشيخ خليل المالكى يقول: أساء شخص على الشريف أبى عبد الله الفاسى إساءة بليغة بالمسجد الحرام، فلم يخرج المسئ من المسجد، حتى عرض له داء؛ مات به سريعا. ومنها: ما حدثنى به شيخنا الشريف تقى الدين أيضا، قال: سمعت الشيخ خليلا يقول: كان الشريف أبو عبد الله الفاسى، أسند وصيته إلى الشيخ أبى عبد الله بن الحاج، مؤلف «المدخل» فاجتمع ابن الحاج بعد موت الشريف أبى عبد الله الفاسى، بجماعة من الأعيان، من التجار وغيرهم، وسألهم فى عمل دائرة لقضاء دين الشريف أبى عبد الله؛ لأنه كان فقيرا. فرأى ابن الحاج، الشريف أبا عبد الله الفاسى فى المنام، فقال له: بع تركتى، واقض دينى. فأعرض ابن الحاج عن هذه الرؤيا، وعدها من حديث النفس، وقال: ما عسى أن تكون تركته فى دينه، وهو فقير وغريب، وصمم على عمل الدائرة. فرآه فى المنام ثانية، فقال له: بع تركنى. ثم رآه الثالثة، وقال له: ما لك ولدينى، بع تركتى واقض دينى. فعرف أنها رؤيا حق، فجمع ابن الحاج الناس، ليبيع تركته، فبيعت بأوفى الأثمان، حتى إن إبريقه الفخار، بيع بثلاثمائة وستين درهما، وسبحته بألف درهم، وكانت ألف حبة، تفرقها الناس، وبيع صاع، مقدر على صاع النبى صلى الله عليه وسلم بمائة وثمانين. قال الشيخ خليل: وصار لى بهذا الثمن، فقضى الله ببركته دينه من تركته، وفضلت منها فضلة لورثته. وكانت وفاته يوم الخميس السابع والعشرين من صفر، وقيل: ثامن عشر منه، من سنة تسع عشرة وسبعمائة بمصر، ودفن بالقرافة، عند الشيخ أبى محمد بن أبى جمرة، وكان قدومه من مكة إلى مصر ليتداوى من مرض عرض له، وهو ضيق النفس، فأدركه الأجل.

ولم أدر متى كان مولده؛ إلا أنى وجدت بخطه ما يقتضى، أنه كان بالغا فى سنة ثلاث وسبعين، ودخل الديار المصرية فى آخر رمضان سنة ثمانين، وحج سنة إحدى وثمانين، وعاد إلى مصر، ثم جاء إلى مكة سنة ست وثمانين، فاستوطنها. وقد رأيت أن أثبت هنا ما علقه جدى عن العلماء وأهل الخير، من الفوائد العلمية والشعر، ومناقب الصالحين، وشيئا مما أبداه جدى من الفوائد المتعلقة ببعض ما ذكره عن العلماء وأهل الخير، على صورة ما وجد بخطه: سمعت الشيخ أبا محمد المرجانى، بمدينة تونس، سنة ثمانين وستمائة، رحمه الله، يقول فى قوله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلى: لا إله إلا الله» (2). قال، رحمه الله: عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته أفضل الأزمان للدعاء، بقوله: «أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة» ثم رفع هممهم عن طلب مصالحهم، والاشتغال بذكر ربهم، فقال: «وأفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلى: لا إله إلا الله» فإذا اشتغل العبد بذكر ربه عن طلب مصالحه، قيل له: من شغله ذكرى عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين. وقال: سمعت الشيخ العارف القدوة، أبا محمد عبد الله بن محمد المرجانى، رحمه الله، يقول فى قوله عليه السلام: «إن قراءة سورة الواقعة أمان من الفاقة». قال الشيخ رحمه الله: سر ذلك فى السورة قوله: (أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ) [الواقعة: 58، 59] الآية (أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) [الواقعة: 63، 64] الآية (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ. أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ) الآية [الواقعة: 71، 72]. فهذه مواد الأسباب. فإذا قرأ القارئ هذه الآيات؛ وانسلخ من الالتفات إليها، واثقا بمسببها وخالقها، تيسرت له الأسباب وسيقت إليه خادمة، فلا تناله فاقة لكونه واثقا بمسبب الأسباب، لا ملتفتا إلى الأسباب. والله المستعان.

_ (2) أخرجه مالك فى الموطأ حديث رقم (500) من طريق: حدثنى عن مالك، عن زياد بن أبى زياد، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلى: لا إله إلا الله وحده لا شريك له». وبرقم (961) من طريق: وحدثنى عن مالك، عن زياد بن أبى زياد مولى عبد الله بن عياش ابن أبى ربيعة، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلى لا اله الا الله وحده لا شريك له».

سمعت معنى هذا الكلام، من الشيخ رضى الله عنه بمدينة تونس، سنة ثمانين وستمائة. وقال: سمعت الإمام أبا محمد عبد الله بن محمد المرجانى يقول: وقد تكلم فى عذاب القبر. وقال رحمه الله: عذاب القبر بحسب تعلق النفس بالعادة. قلت: فعلى هذا، من كان أعرق فى التعلق بالعادة، كان عذاب القبر عليه أشد. وقال: وسمعته يقول فى قول الصحابى: «ومن فاتته قراءة أم القرآن، فقد فاته خير كثيرة»، يعنى فى الصلاة. قال رحمه الله: من فاتته لحظة مع الإمام، فقد فاته خير كثير. وقال: سمعت الشيخ الإمام أبا محمد المرجانى، رحمه الله، يقول فى قوله تعالى: (الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ. وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) [الشعراء: 218، 219] ما من ذرة ساجدة لله فى السماء والأرض، إلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد معها فى مقامها. وقال: وسمعته يقول فى قوله صلى الله عليه وسلم: «ما أخرجك يا أبا بكر؟ قال: الجوع. ما أخرجك يا عمر؟ قال: الجوع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنا أخرجنى الذى أخرجكما» (3). قال الشيخ رضى الله عنه، قوله: «أخرجنى الذى أخرجكما». الذى: لفظ مبهم ظاهره الجوع، والمراد «الله» والله أعلم، وهو الذى أخرجه حقيقة فعبر بلفظ «الذى»

_ (3) أخرجه مسلم فى صحيحه باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك، ويتحققه تحققا تاما، واستحباب الاجتماع على الطعام حديث رقم (5265) حدثنا أبو بكر ابن أبى شيبة، حدثنا خلف بن خليفة عن يزيد بن كيسان، عن أبى حازم، عن أبى هريرة، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم أو ليلة، فإذا هو بأبى بكر وعمر، فقال: «ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟ » قالا: الجوع يا رسول الله. قال: «وأنا والذى نفسى بيده لأخرجنى الذى أخرجكما، قوموا» فقاموا معه، فأتى رجلا من الأنصار، فإذا هو ليس فى بيته، فلما رأته المرأة قالت: مرحبا وأهلا. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين فلان؟ » قالت: ذهب يستعذب لنا من الماء، إذ جاء الأنصارى فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، ثم قال: الحمد لله، ما أحد اليوم أكرم أضيافا منى، قال: فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب، فقال: كلوا من هذه، وأخذ المدية، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياك والحلوب» فذبح لهم، فأكلوا من الشاة، ومن ذلك العذق، وشربوا، فلما أن شبعوا ورووا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى بكر وعمر: «والذى نفسى بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم».

وهو يصدق على السبب وعلى المسبب، فشاركهم فى ظاهر الحال دفعا للوحشة الواقعة فى ذكر الجوع. قلت: وهذا من معالى الأخلاق وكريم الشيم، وهو من معنى قوله تعالى: (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الشعراء: 215]. وقال: سمعت الشيخ الصالح أبا محمد عبد الله بن عمران البكرى، بمدينة رسول اللهصلى الله عليه وسلم يقول: سمعت شيخنا أبا محمد عبد الله بن محمد المرجانى رحمه الله يقول: لا يجوز استنباط معنى من لفظ إلا بخمسة شروط: أن لا يخل بالفصاحة، ولا بالمعقول، ولا بالمنقول، وأن يكون اللفظ يحتمله، وأن يوجد من روحانية ذلك اللفظ. قال لى صاحبنا أبو محمد عبد الله بن عمران، رحمه الله: قال لنا شيخنا أبو محمد المرجانى، رحمه الله ـ لما ذكر هذا الشرط الأخير ـ معنى قولنا: إنه يوجد من روحانية ذلك اللفظ، احترازا من أن يوجد من معنى يشبهه. مثاله: ماء الورد وماء النسرين، فكلاهما مشتبه، ولكن لهذا خاصية، ولهذا خاصية. وقال: سمعت شيخنا أبا محمد عبد الله بن محمد بن أبى جمرة، رحمه الله، يقول: من أهل الله من يطلق له الإذن فى التصرف، ومنهم من يكون إذنه المراجعة فى كل شئ. فقلت له: يا سيدى، أيهما أتم حالا؟ . فقال لى: وأين لذاذة المراجعة؟ . وقال: دخلت أنا وصاحب لى ـ سنة أربع وثمانين وستمائة فى شهر رجب ـ على الإمام تقى الدين أبى عبد الله محمد بن على بن وهب القشيرى زائرين، ونحن عازمان على السفر إلى زيارة بيت المقدس. فقال لى ولصاحبى: اذكرانى فى دعائكما، دعاء قصد وعبادة، لا دعاء عادة، فقلت له أنا: يا سيدى، ما دعاء العادة؟ قال: مثاله الحارس فى السوق يقول: لا إله إلا الله، ويرفع صوته، قصده التعريف بأنه منتبه. قال: وشبهه قول الطالب للشيخ: ويغفر الله لنا ولكم. هى عادة بين الطلبة. وقال: أنشدنى الإمام أوحد زمانه، تقى الدين محمد بن الإمام القدوة مجد الدين أبى الحسن على المذكور أعلاه ـ يعنى ابن دقيق العيد ـ لنفسه: تمنيت أن الشيب عاجل لمتى ... وقرب منى فى صباى مزاره لآخذ من عهد الشباب نشاطه ... وآخذ من عهد المشيب وقاره (4) وأنشدنى أيضا لنفسه:

_ (4) فى فوات الوفيات (3/ 444). فآخذ من عصر الشباب نشاطه ... وآخذ من عهد المشيب وفاره

وما ضرنا بعد المسافة بيننا ... سرائرا تسرى إليكم فنلتقى (5) وقال: سمعت الشيخ أبا يعقوب يوسف بن إبراهيم بن عقاب الجذامى الشاطبى، نزيل تونس، بها، يقول: لما دخل الشيخ أبو مدين رضى الله عه مدينة تونس، كان يجلس فيتكلم على أصحابه، فمر عليه بعض فقهاء تونس، فجلس مع الجماعة فى المجلس، فلما فرغ الشيخ أبو مدين رضى الله عنه من كلامه، خرج ذلك الفقيه، وصار يقول: أبو مدين، أبو مدين رجل لا يحسن العربية، ويلحن فى كلامه، فصار يكثر من هذا المعنى، ثم بعد ذلك بمدة، مرّ على المجلس، فدخل فحضر مع الجماعة، فحين جلس، قال الشيخ أبو مدين رضى الله عنه: ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قطّ، إن اشتهاه أكله وإلا تركه، فوقع فى نفس ذلك الفقيه، أنه مراد بذلك، فاستغفر مما كان منه. وقال بعد أن ذكر شيئا من حال ابن عقاب: وقد حضرت مع جماعة من الطلبة، فى المدة التى كان شيخنا أبو محمد المرجانى رضى الله عنه فيها فى مصر، يتكلم فى جامعها. فذكروا حديث الشيخ أبى محمد، فقال بعض الطلبة الحاضرين: هذا يلحن فى كلامه، فقلت له فى الوقت: لحنها معرب وأعجب من ذا ... أن إعراب غيرها ملحون وسمعت الشيخ أبا محمد عبد الله بن عمران البكرى يقول: سمعت رجلا من أهل تونس يعرف بابن الخارجى ـ وبنو الخارجى بيت فى تونس يعرفون بالفقه والعلم ـ يقول: كنت أجلس مع شهود تونس للتوثيق، فبينا نحن جلوس ذات يوم، إذ جاءنا الشيخ أبو الحسن الشاذلى، ومعه رجل من أصحابه يريد أن يتزوج، فأخذنا نكتب الصداق، والشيخ واقف، رحمه الله، فأخذ الشيخ أبو الحسن يحكى لنا من بعض أخبار الأولياء. فقلت فى نفسى: مد الشيخ الزلاقة، يعنى بذلك إنه يحب أن يكتب له الصداق بغير شئ. فلما فرغنا من كتب الصداق، أعطانا الشيخ دينارا ذهبا. وقال: الشيخ ما يمد الزلاقة. قال: فمن حينئذ صحبته وتركت ما كنت فيه. وكان إذا حكاها يبكى، رحمه الله. وقال: سمعت أم أبى البركات، ميمونة ابنة أبى عبد الله محمد بن ناصر ـ بمدينة

_ (5) البيت فى: (فوات الوفيات 3/ 443).

فاس، رحمها الله ـ تقول: كان لوالدى مخزن فيه شعير، فأصاب الناس سنة شديدة، واشتد الغلاء وكثر الضعيف. قالت لى: وكان ذلك المخزن له منفس غير بابه، فأغلق والدى باب المخزن، وكان يخرج الشعير من ذلك المنفس، وكان كل يوم يأمر أهله أن يخرجوا جانبا من الشعير، ويطحنونه، ويخبز منه بعضه خبز، وبعضه حريرة، ويجتمع الضعفاء من أول النهار. فيأمر من يفرقه عليهم. قالت: فلم يزل كذلك، إلى أن ذهب الشتاء وانجلت تلك الشدة، وتفرق الناس يأكلون من بقول الأرض، ومن أوائل فريك الزرع، وقل الطالب. قالت: فقال والدى: افتحوا هذا المخزن، واكنسوه مما بقى فيه، فقد جاء الحصاد إن شاء الله تعالى. قالت: ففتحوا المخزن، فوجدوه ما نقص منه شيئا أصلا. وقال: وكانت هذه ميمونة لنا مثل الوالدة، وكانت من خيار الناس وفضلائهم. وقال: سمعت الإمام محب الدين أبا العباس أحمد بن عبد الله الطبرى المكى يقول ـ بمكة المشرفة ـ: كنت جالسا يوما مع الجماعة المعروفين بدكتهم المعروفة بهم، عند باب إبراهيم من المسجد الحرام، فنظر أحدهم، فرأى فى الطواف فقيرا من أصحابهم، فقال لمن إلى جنبه من الجماعة: أما ترى فلانا يطوف؟ ـ على معنى الغبطة له على الطواف ـ فقال له صاحبه: إذا أردت تطوف، امش إلى السوق، وخذ مد حب، وأوقية سمن وكل وطف، من يقعد معنا ما يذكر طوافا ولا غيره. ومعنى هذه الحكاية: أن أعمالنا قلبية، لا تتقيّد بالحركات الظاهرة فى كثير من المندوبات، فإن كنت أنت ممن يحب الطواف، فكل الخبز وطف، وكن فيما أنت فيه، ولا تدخل علينا غير ما نحن فيه، فقد قالوا: نفس من ذاكر، خير من ألف ركعة من غيره. وقال: سمعت الشيخ أبا عبد الله الوشيكى ـ رحمه الله ـ يحكى عن بعض مشايخه، أنه كان يقول: إذا أشكلت عليكم المسائل، فعليكم بالصالحين، فإنه تعالى يقول فى كتابه العزيز: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) [التغابن: 11]. ومن هدى الله قلبه، فلا إشكال معه أو عنده. قلت: وهذه الهداية أيضا والله أعلم، فى هداية خاصة، وهى فى قوله تعالى: (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً) [مريم: 76]. وقال: سمعت الفقيه أبا محمد عبد الله بن محمد بن حسن بن عبّاد أيضا، يحكى عن

الإمام الحافظ أبى القاسم بن زانيف، وكان من أكابر علماء زمانه بمدينة فاس، أنه كان يقول: النظر فى وجه الظالم خطيئة، واستعظام ما هو فيه، من الكبائر. ويشبه هذا الكلام، أن يكون مرويا، فإن مثله لا يدرك بالرأى. قال: وسمعت الشيخ أبا البركات المذكور، يعنى: مبارك بن على التنملى المراكشى يقول: كان أبو عبد الله محمد اللمدانى فى أول أمره، مكاسا بمدينة تونس، فلما تاب على يد الشيخ العارف القدوة، أبى محمد عبد الله بن محمد المرجانى، رحمة الله عليهم، جمع جميع ما كان عنده من الأسباب، فاجتمع من ذلك اثنا عشر ألف دينار، ودنانير الغرب، كل دينار عشرة دراهم. فحملها إلى الشيخ رضى الله عنه، فقبض الشيخ ذلك منه، ثم قال له: لابد لك من سبب تقيم به عيالك، ولا شيء معك، فردها عليه على وجه القرض بمثلها، وتسبب أبو عبد الله اللمدانى فى ذلك المال، وصار مهما فضل له شئ، حمله إلى الشيخ حتى وفى جميع المال، وتصرف فيه الشيخ، رحمه الله، على حسب ما يقتضيه نظره الصالح. وقال: سمعت الشيخ الصالح أبا محمد عبد الله بن محمد المرجانى ـ رحمه الله تعالى ـ يقول: كنت فى حال الطلب، أنسخ كتاب: «الإكمال» للقاضى عياض، رحمه الله، وكنت فى حال فاقة شديدة، وكنت إذا نسخت الكراس، أعرض على نفسى: أيما أحب إليك، هذا الكراس أو وزنه دراهم؟ . فكنت أجد عندى أن الكراس أحب إلى من ذلك. وحكى ـ رحمه الله تعالى ـ هذه الحكاية، فى معرض أن العبد إذا كان مرادا بحاله زينها الحق بعينه له، حتى لا يبغى بها بدلا. وقال: سمعت شيخنا أبا بكر محمد بن محمد القسطلانى، رحمه الله، يقول: إن الشباب والفراغ والجدة ... مفسدة للمرء أى مفسدة (6) وسمعته يقول: من لم يؤدبه والداه، أدبه الليل والنهار. من يخف صوله الليالى، أثر فى وجهه الغبار. انتهى. مررت يوما بمدينة فاس، بموضع يقال له حجر معدان، فرأيت براءة مطروحة فى الأرض، فقرأتها، فإذا فيها مكتوب:

_ (6) انظر: (ديوان أبى العتاهية 348).

شغلنا بكسب العلم عن مكسب الغنا ... كما شغلوا عن مكسب العلم بالوفر فصار لهم حظ من الجهل والغنا ... وصار لنا حظ من العلم والفقر وقال: جئتمانى لتعلما سر سعدى ... تجدانى بسر سعدى شحيحا إن سعدى لمنية المتمنى ... جمعت عفة ووجها مليحا وقال: أنشدنى بعض الأصحاب بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن فى بنى سلمة، عند بئر رومة (7)، لبعضهم: لله قوم إذا حلوا بمنزلة ... حل الندى ويسير الجود إن ساروا تحيا بهم كل أرض ينزلون بها ... كأنهم لبقاع الأرض أمطار وقال: أخبرنى الفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن عمر الزبيدى قال: أخبرنى الفقيه محمد الصمعى، وكان شيخا معمرا قد أدرك المتقدمين، قال: أخبرنى والدى أنه كان حاضرا حين أخرج الملك المسعود بن الملك الكامل، الشيخ محمد بن أبى الباطل، من بلاد اليمن، وعزم على تسفيره إلى بلاد الهند، فحضر جماعة لوداعه، فأنشده بعضهم: ليت شعرى أى أرض أجدبت ... فأغيثت بك من بعد تلف ساقك الله إليها رحمة ... وحرمناك بذنب قد سلف فوصل الشيخ إلى ثغر عدن، وتوفى بها إلى رحمة الله تعالى. فكان رحمة لأهل عدن، رحمه الله ورضى عنه، ونفعنا ببركته آمين. وقال: سمعت الأخ الكريم القدوة، أبا أحمد خليفة بن عطيفة، صاحب الشيخ أبى العباس المرسى يقول: سمعت سيدى أبا العباس ـ رضى الله عنه ـ يقول: العارف هو الذى تم له السبيل إلى كل شئ. ودخلت على الشيخ أبى عبد الله الوشيكى ـ رحمه الله تعالى ـ بمنزله بمدينة فاس، مودعا له عند سفرى إلى المشرق، سنة تسع وسبعين وستمائة، فقال لى: أوصيك؟ قلت: نعم. قال: إذا قيل لك هذه مكة شرفها الله تعالى وهذا رجل من أهل الله، فابدأ بالرجل. وليتنى فعلت ما قال لى، فإنه يفوت، ومكة شرفها الله تعالى، لا تفوت.

_ (7) بئر رومة: بضم الراء، وسكون الواو، وفتح الميم: وهى بئر فى عقيق المدينة ولها قصى فى صحيح البخارى فى مناقب عثمان بن عفان حين اشترى البئر من اليهودى. انظر معجم البلدان (بئر رومة).

407 ـ محمد بن أبى الخير محمد بن عبد الرحمن بن أبى الخير محمد بن أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى المكى المالكى، يكنى أبا البركات، ويلقب بالجمال

قال: وسمعت الشيخ شهاب الدين أحمد بن الشيخ العارف بالله، القدوة: أبى الحسن الشاطبى ـ رضى الله عنه ـ يقول: كتب والدى، رحمه الله، إلى بعض أصحابه كتابا، فقال فيه: والخير يطمع فى مثله، ولا يرجى الفضل إلا من محله. قال: وسمعته يقول: لما أقام والدى بالديار المصرية، كتب إلى أصحابه بتونس: كنا عندكم نعبد الله على الصبر، ونحن فى بلد نعبد الله فيها على الشكر. وقال: وسمعته يقول ـ يعنى الشيخ سراج الدين عمر بن الشيخ مجد الدين على بن وهب القشيرى، المعروف بابن دقيق العيد ـ يقول فى مجلس تدريسه بمدينة قوص: كان والدى رحمه الله تعالى فى آخر عمره، تخرج إليه يد فى كل يوم بعد صلاة الصبح من القبلة فتصافحه، ثم ترجع. وقال: أعطانى الشيخ الصالح القدوة زين الدين محمد بن منصور الإسكندرى، عرف بابن القفاص، كتابا كتبه بخطه وناولنيه بثغر الإسكندرية، سنة ست وثمانين وستمائة، وفيه مكتوب، فذكر شيئا، ثم قال: وفى ذلك الكتاب أيضا: جاء رجل من أهل بغداد إلى الشيخ الفقيه العالم محيى الدين أبى الحسن على بن محمد القرميسينى (8) يطلب منه إجازات لأناس من أهل بغداد. فامتنع الشيخ رضى الله عنه من إجابته لذلك. ثم أنشد رضى الله عنه: لعب دعونى نحوه ... والجد أولى بالرجال لا استجيز ولا أجي ... ز ولست أرضى بالمحال كم مظهر طلبا بح ... ق وهو يرتع فى الضلال 407 ـ محمد بن أبى الخير محمد بن عبد الرحمن بن أبى الخير محمد بن أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى المكى المالكى، يكنى أبا البركات، ويلقب بالجمال: ولد فى ليلة مستهل المحرم، سنة إحدى وتسعين وسبعمائة بمكة، وبها نشأ، وحفظ مختصرات فى فنون من العلم، واشتغل بالعلم، وناب عنى فى الحكم مرتين، وولى إمامة المالكية بالمسجد الحرام، بتفويض من السلطان بمصر، لا من قاضى القضاة الشافعى بها،

_ (8) نسبة إلى قرميسين وهى مدينة بجبال العراق على ثلاثين فرسخا من همذان عند الدينور. انظر معجم البلدان (قرميسين). 407 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 9/ 105).

408 ـ محمد بن محمد بن عبد المؤمن بن خليفة الدكالى أبو الخير بن البهاء المكى

عقيب سفر الحاج منها، فى سنة تسع عشرة وثمانمائة، فأتى مكة فى خامس ذى الحجة منها. وفى بكرة سادس ذى الحجة منها قرئ توقيعه بالإمامة، بحضرة أمير الحاج وغيره من الأعيان. وباشر الصلاة من ظهر هذا اليوم، إلى اليوم الرابع أو الخامس من جمادى الأولى، سنة عشرين وثمانمائة، لوصول توقيع شريف سلطانى من مصر، وخط قاضى القضاة بعود من كان قبله للإمامة، وهو الإمام شهاب الدين أحمد بن الإمام نور الدين على بن أحمد النويرى، وأخوه الإمام ولى الدين أبى عبد الله. وكان أبو عبد الله غائبا بمصر، وهو المرسل بولايته وولاية أخيه. وكان أخوه شهاب الدين متواريا بمكة، لأمر اقتضاه الحال، فباشر ذلك نائبهما، ولم يقدر للجمال محمد بن أبى الخير هذا، عود لإمامة المالكية، حتى توفى. وجاءه توقيع بنيابة الحكم عنى، ثم انفسخ حكمه. ومات ـ والأمر على ذلك ـ فى ليلة الاثنين سادس المحرم، سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة بمكة المشرفة، ودفن بالمعلاة فى بكرة هذا اليوم، عقيب الصلاة عليه بالمسجد الحرام، فى صحنه بقرب سقاية العباس رضى الله عنه. وكان أوصى أن لا يصلى عليه إلا خارج المسجد، عند بابه المعروف بباب الجنائز. 408 ـ محمد بن محمد بن عبد المؤمن بن خليفة الدكالى أبو الخير بن البهاء المكى: سمع من القاضى عز الدين بن جماعة، واشتغل بالعربية على الشيخ أبى العباس بن عبد المعطى، بمكة. ثم انتقل إلى مصر، وأقام بها نحو عشرة أعوام، حتى مات فى أوائل سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، سامحه الله. وبلغنى أنه كان شديد الذكاء. 409 ـ محمد بن محمد بن عبد المؤمن بن خليفة الدكالى، أبو الفضل بن البهاء المكى، يلقب بالكمال: ولد فى سنة أربع وستين وسبعمائة أو قبلها بقليل، وهو الظاهر، لما يأتى ذكره. وسمع على القاضى عز الدين بن جماعة بمكة، فى سنة سبع وستين وسبعمائة أربعينه

_ 408 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 9/ 132). 409 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 9/ 134).

410 ـ محمد بن محمد بن عبد الوهاب بن إسماعيل بن صالح بن عيسى الحسنى، السبكى، يلقب بالعماد

التساعية وغير ذلك. وأجاز له ابن أميلة، وصلاح الدين بن أبى عمر، وغيرهما من أصحاب ابن البخارى، وأحمد بن عساكر، وعمر بن القواس وغيرهم، وحدث. سمعت منه شيئا من مروياته بالإجازة عن أصحاب الفخر. سمع منه أصحابنا بقرية المبارك (1)، من وادى نخلة، وأدب الأطفال بمكتب بشير الجمدار بالمسجد الحرام مدة سنين، وعانى الشهادة، ثم الوكالة فى الخصومات وغيرها. وكان منزلا بدروس الحنفية بمكة، وكان طويلا غليظا، وأمه فاطمة بنت الشيخ يعقوب الكورانى. توفى فى أول وقت العصر، يوم الأربعاء ثامن جمادى الأولى ـ ولعله تاسعه ـ سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة بمكة. ودفن فى بكرة يوم الخميس بالمعلاة. وخلف ولدين وثلاث بنات، سامحه الله تعالى. 410 ـ محمد بن محمد بن عبد الوهاب بن إسماعيل بن صالح بن عيسى الحسنى، السبكى، يلقب بالعماد: [ ....................................................................... ] (1) وجدت بخط شيخنا الحافظ أبى زرعة بن العراقى، فى تاريخه: أنه توفى يوم الاثنين سلخ شهر رمضان سنة سبع وسبعين وسبعمائة. وذكر أنه قريب للقاضى نجم الدين حمزة بن على بن محمد بن أبى بكر بن عمر بن عبد الله بن السبكى، وترجمه: بالشريف المقرى. 411 ـ محمد بن محمد بن عثمان بن الصفى أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر، يلقب بالرضى الطبرى: سمع من جده عثمان: سنن أبى داود، وعلى الزين الطبرى. وسألت شيخنا أبا بكر ابن القاسم بن عبد المعطى، فقال لى ما ملخصه: اشتغل بالعلم، وحفظ: التنبيه، والألفية، والعمدة، وعرض ذلك على الشيخ سراج الدين الدمنهورى، وكان يحضر مجلسه بعد زواجه لأخت القاضى أبى الفضل النويرى، طمعا فى الرزق.

_ (1) المبارك: اسم نهر بالبصرة احتفره خالد بن عبد الله القسرى أمير العراقين لهشام بن عبد الملك، والمبارك أيضا: نهر وقرية فوق واسط بينهما ثلاثة فراسخ، وقيل: هو الذى احتفره خالد، وقال هلال بن المحسن: المبارك قرية بين واسط وفم الصلح ينسب إليها كورة، منها فم الصلح جميعه. انظر: معجم البلدان (المبارك). 410 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

412 ـ محمد بن محمد بن عثمان بن الصفى الطبرى المكى ـ أخو الرضى السابق ـ يلقب بالصفى

وكان فى الهند شخص صحبه الرضى بمكة، يقال له: جلال الدين، حصلت له هناك شهرة، فمات هناك. انتهى. وكان توجه إلى بلاد الهند، فى سنة ثمان وخمسين وسبعمائة. وورد كتابه منها إلى صهره القاضى أبى الفضل النويرى، فى سنة ثمان وسبعين وسبعمائة. ومات قريبا من ذلك. وكان تزوج أخت القاضى أبى الفضل، ولازمه فى العلم مدة. 412 ـ محمد بن محمد بن عثمان بن الصفى الطبرى المكى ـ أخو الرضى السابق ـ يلقب بالصفى: سمع من جده عثمان [ .................................................... ] (1) توفى فى أثناء عشر الستين وسبعمائة، على ما وجدت بخط شيخنا ابن سكر. انتهى. وسبب موته: أن بعض من يعاشره، جب ذكره فى داره وأغلقها عليه، قاتله الله، وخفى أمره إلى أن ظهرت رائحة كريهة من داره التى قتل فيها، فتسور عليه منها، فوجد قتيلا، وقد أنتن، فغسل وكفن وصلى عليه ودفن بالمعلاة. سامحه الله تعالى. ولهما أخ اسمه أحمد ما عرفت شيئا من حاله، سوى أنه سمع من جده عثمان بن الصفى. 413 ـ محمد بن محمد بن عثمان بن موسى بن عبد الله، يلقب [ ...... ] (1) الدين بن القاضى الإمام جمال الدين بن الإمام موفق الدين الآمدى المكى: إمام الحنابلة بالحرم الشريف. سمع من والده، والجمال عبد الرحمن بن محمد بن يحيى الواسطى، والإمام أحمد بن الرضى الطبرى، وولى الإمامة تسعا وعشرين سنة ـ بتقديم التاء ـ لأنه كان خلف أباه فى الإمامة. وتوفى فى سنة تسع وخمسين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 414 ـ محمد بن محمد بن عثمان بن بنجير السميرى، الإمام أبو عبد الله: كان إمام مقام إبراهيم عليه السلام بالمسجد الحرام. ذكره القطب القسطلانى، فى «ارتقاء الرتبة».

_ 412 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 413 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى بالأصول.

415 ـ محمد بن محمد بن على الهروى

وذكر أنه لبس الخرقة من ناصر بن عبد الله بن عبد الرحمن العطار، كما لبسها من يد المذكور، كما لبس من شيخه إسماعيل بن الحسن. ولم أدر من حاله، سوى ما ذكرت. 415 ـ محمد بن محمد بن على الهروى: نزيل مكة. روى عن إسحاق الدبرى، وعنه أبو منصور محمد بن محمد القاضى الأزدى. توفى ـ تقريبا ـ فى عشر الستين وثلاثمائة. ذكره الذهبى فى تاريخ الإسلام، وقال: شيخ حسن. وذكر أيضا: أنه توفى فى حدود الخميسن وثلاثمائة. 416 ـ محمد بن محمد بن على الكاشغرى: هكذا نسبه القاضى بهاء الدين محمد بن يوسف الجندى، فى تاريخ أهل اليمن، تأليفه. وذكر أنه أقام بمكة أربع عشرة سنة، وصنف بها كتابا سماه «مجتمع الغرايب، ومنبع العجايب» فى أربع مجلدات. وقدم اليمن، وكان أول قدومه حنفيا، ثم صار شافعيا. وسئل عن ذلك فقال: رأيت كأن القيامة قامت، والناس يدخلون الجنة زمرة زمرة، فصرت مع زمرة منهم، فجذبنى شخص وقال: يدخل الشافعية قبل أصحاب أبى حنيفة؟ فعزمت أن أكون مع المتقدمين فقرأ «المهذب»، وكان ماهرا فى النحو واللغة والتفسير والوعظ، وكان يتظاهر بمذهب الصوفية. وحكم جماعة، ثم ترك ذلك الأمر. وابتنى رباطا فى أماكن، منها: رباط فى ساحل موزع، وكان يختلف إليه فى أيام ثماره. فنزل إليه كجارى عادته، فى سنة خمس وسبعمائة، فأدركته الوفاة هنالك: وقبر إلى وجه الفقيه صالح بن عبد الله بن الخطيب. قلت: ووجدت له تأليفا ببلاد اليمن، ذكر أنه اختصر فيه «أسد الغابة لابن الأثير». 417 ـ محمد بن محمد بن على الوخشى المعروف بكش اسفهسلار وخش: ترجم فى حجر قبره بالمعلاة بتراجم، منها: الغريب السعيد الشهيد الملكى العالمى العادلى، المؤيد المظفر المنصور، المجاهد فى سبيل الله، تاج الدولة والدين اختيار الملوك والسلاطين، ملك الأمراء فى العالمين.

418 ـ محمد بن محمد بن عمر الهندى، الكابلى الحنفى

وفى حجر قبره: أنه توفى فى العشر الأول من ربيع الأول، سنة ثلاث وعشرين وستمائة. 418 ـ محمد بن محمد بن عمر الهندى، الكابلى الحنفى: جاور بمكة مدة حتى مات بها، وسمع بها على الفخر التوزرى، والقاضى عز الدين ابن جماعة، سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة. وذكر لى والدى أنه كان يؤم بمقام الحنفية عن أبى الفتح الحنفى، وأنه حكم بمكة فى وقائع، نيابة عن جدى القاضى أبى الفضل النويرى، منها: فى سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة. وسألت عنه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. قال: كان شيخا مباركا، كتب بخطه كثيرا ووقف جملة. وكان يسكن برباط السدرة، وكان ينوب عن أبى الفتح الحنفى فى الإمامة، ومات قبله بمكة. انتهى. 419 ـ محمد بن محمد بن أبى رعون المكى: هكذا ذكر القطب الحلبى فى تاريخ مصر، وقال: سيره محمد بن عمار، قاضى الشيعة بمصر إلى أسيوط (1) مع محمد بن عبد الله بن إسحاق، والحسين بن الحسن بن عبدويه، وعبد الله بن عبد الله الكراجلى، بسبب شخص أسلم، وأقام مدة يصوم ويصلى، ثم ارتد، وأحضر إلى القاضى فى سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، وقال لمحمد بن محمد هذا: استتبه وعده بمائة ددينار، فان تاب ورجع، فأعطه إياها، وإلا فاضرب عنقه. قال: فجئت إليه وعرضت عليه التوبة فلم يتب، فضربت عنقه. وأقام مطروحا، ثم حمل إلى النيل فغرق. انتهى. قلت: هكذا وجدت فى النسخة التى وقفت عليها من تاريخ مصر للقطب الحلبى: سنة ثمان وخمسين، وهو وهم ـ إن لم يكن من الناسخ ـ فإن القاضى محمد بن النعمان، إنما ولى بعد أخيه أبى الحسن على، فى رجب سنة أربع وسبعين، ولا يقال: إنه كان إذ ذاك قاضيا نيابة عن أخيه؛ لأن أخاه إنما ولى بعد سنة ستين وثلاثمائة كما يأتى فيما بعد.

_ 419 ـ (1) أسيوط: مدينة على الضفة الغربية من نيل مصر، بينها وبين أخميم صاعدا من النيل نصف مجرى. انظر معجم البلدان (أسيوط)، الروض المعطار 58، الإدريسى 48.

420 ـ محمد بن محمد بن محمود الكرانى الهندى، أبو الفضل، المعروف بابن محمود الحنفى

420 ـ محمد بن محمد بن محمود الكرانى الهندى، أبو الفضل، المعروف بابن محمود الحنفى: سمع من التقى الحرازى، قاضى مكة، نحو النصف الأول من ثمانين الآجرى، وعلى القاضى عز الدين بن جماعة، والقاضى موفق الدين الحنبلى: جزء ابن نجيد، وغير ذلك على ابن جماعة وغيره. وكان أحد الطلبة بدرس يلبغا، ويعمل العمر ويعانى حرفا كثيرة. توفى فى أثناء سنة أربع وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 421 ـ محمد بن محمد بن محمود الهندى: نزيل مكة. كان يخدم الشيخ عبد الله اليافعى، ويكتب له تصانيفه، ولازمه مدة طويلة، ثم تركه، ولازم القاضى أبو الفضل النويرى، إلى أن أضرّ. وكان يقرأ عليه فى «الحاوى الصغير» ويلازم درسه ومجالسه ويخدمه، ولم يحصل شيئا. وتوفى قبل القاضى أبى الفضل بسنتين أو نحوهما شهيدا، وقع على رأسه حجر فرضخه. 422 ـ محمد بن محمد بن مسكين، يلقب بالكمال: ذكره القطب الحلبى فى تاريخ مصر، وذكر أنه وجد بخط شيخه قطب الدين القسطلانى: أن ابن مسكين هذا، جاور بمكة سنين، ثم خرج منها فى سنة اثنتين وسبعين وستمائة. ودخل مصر، وبه مرض الاستسقاء. وتوفى بها يوم الجمعة الحادى والعشرين من المحرم من السنة المذكورة. انتهى. ووجدت مجلسا فيه فوائد الحافظ أبى بكر بن مسدى، سمعه عليه جماعة منهم: كمال الدين أبو الفتح محمد بن محمد بن الحسين بن مسكين القرشى. وترجم بالفقيه الأجل، والظاهر أنه المذكور. وتاريخ السماع سادس عشر شوال، سنة إحدى وعشرين وستمائة، بالحرم الشريف، تجاه الكعبة المعظمة.

_ 420 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 10/ 21).

423 ـ محمد ـ ويدعى نسيم ـ بن محمد ـ ويدعى سعيد ـ بن مسعود ـ المدعو بخواجه إمام ـ بن محمد بن على بن أحمد بن عمر بن إسماعيل بن الأستاذ أبى على الحسن بن على بن محمد بن إسحاق بن عبد الرحيم بن أحمد، العلامة الخير، نسيم الدين أبو عبد الله بن العلامة سعيد ال

423 ـ محمد ـ ويدعى نسيم ـ بن محمد ـ ويدعى سعيد ـ بن مسعود ـ المدعو بخواجه إمام ـ بن محمد بن على بن أحمد بن عمر بن إسماعيل بن الأستاذ أبى على الحسن بن على بن محمد بن إسحاق بن عبد الرحيم بن أحمد، العلامة الخير، نسيم الدين أبو عبد الله بن العلامة سعيد ال دين بن ضياء الدين النيسابورى الأصل، الكازرونى المولد والدار، الشافعى: نزيل مكة. هكذا وجدت نسبه لأبى على الدقاق، بخط بعض أصحابنا، ورأيت ذلك بخطه ـ فيما أظن ـ ذكر أنه ولد بكازرون (1) من بلاد فارس، سنة خمس وثلاثين وسبعمائة. ونشأ بها، واشتغل فيها على أبيه بالعلم، وسمع منه بها بعض تصانيفه، وأنه استجاز له من الحافظ أبى الحجاج المزى وغيره من شيوخ دمشق، وأن الإجازة عنده بكازرون. سمعت منه شيئا من كتاب «المولد النبوى» الذى صنفه أبوه، وكان يرويه عنه على ما ذكر. وكان فاضلا فى العربية ومتعلقاتها، مع مشاركة حسنة فى الفقه وغيره، وعبادة كثيرة، وديانة متينة، وأخلاق حسنة. جاور بمكة سنين كثيرة تزيد على العشر، ملازما للعبادة والخير، وإفادة الطلبة. وسمع بها من شيخنا جمال الدين الأميوطى، وعفيف الدين النشاورى. ثم توجه من مكة إلى بلاده بإثر الحج، من سنة ثمان وتسعين وسبعمائة. فوصل إليها، ثم توجه إلى مكة، فأدركه الأجل باللار (2) فى سنة إحدى وثمانمائة، ووصل خبر وفاته إلى مكة فى سنة اثنتين وثمانمائة. وكان زار المدينة النبوية فى طريق الماشى، وسهل فى طريقها أماكن مستصعبة. وفعل مثل ذلك فى جبل حراء وجبل ثور. أجزل الله تعالى على ذلك ثوابه. 424 ـ محمد بن محمد بن المكرم بن أبى الخير رضوان بن أحمد بن القيم، يلقب بالقطب أبو بكر بن الجمال، بن الجلال، ويعرف بابن المكرم المصرى: نزيل مكة. سمع من القطب القسطلانى مجلسا له فى فضل شعبان، على ما وجدت بخط الآقشهرى. وحدث عنه به، وبصحيح ابن حبان إجازة، وسمع على أبيه «السيرة

_ 423 ـ ستأتى ترجمته فى باب الكنى برقم (3116). (1) كازرون: بتقديم الزاى، وآخره نون، مدينة بفارس بين البحر وشيراز، قال البشارى: كازرون بلدة عامرة كبيرة وهى دمياط الأعاجم. انظر: معجم البلدان (كازرون). (2) اللار: أخره راء، جزيرة بين سيراف وقيس. انظر: معجم البلدان (اللار).

425 ـ محمد بن محمد بن موسى، الدمشقى الشوبكى

لابن إسحاق» عن ابن المقير عن ابن ناصر عن الخلعى والحبال، وعلى علىّ بن نصر الله ابن الصواف مسموعه من سنن النسائى، وعلى الحجار، ووزيرة: صحيح البخارى، وعلى الرضى الطبرى بمكة صحيح البخارى، وابن حبان، وغير ذلك. كان جاور بمكة مدة طويلة، ملازما للعبادة، مطرحا للتكلف، وجاور بالمدينة النبوية أيضا، وبالقدس الشريف. ومات به فى شعبان سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة. ومولده فى سنة خمس وسبعين وستمائة، على ما وجدت بخط الآقشهرى. وكان من كتاب الأنساب بالقاهرة، فى دولة السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون الصالحى، ثم ترك واستنجز توقيعا شريفا بأن يصرف له معلومه على ذلك، حيث كان بالمساجد الثلاثة. وجدت بخط الآقشهرى أنه كتب فى دولة المنصور قلاوون، وابنه الأشرف خليل. وذكر لى شيخنا أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطى: أن ابن المكرم هذا، جاور بمكة أزيد من عشرين سنة، وكان يطوف مكشوف الرأس فى الحر الشديد، وكان كثير الوقيعة فى الناس، وكانت داره بمكة، المدرسة الأفضلية. 425 ـ محمد بن محمد بن موسى، الدمشقى الشوبكى: نزيل مكة المشرفة. جاور بها سنين كثيرة على خير، وكان له بالعلم قليل عناية، وتزوج زوجة أخيه الشيخ شهاب الدين ـ الآتى ذكره ـ وولد له منها أولاد. وتوفى فى سادس عشر المحرم، سنة أربع وعشرين وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. 426 ـ محمد بن محمد بن منصور المصرى، الفراش بالحرم الشريف، يلقب ناصر الدين: سمع من الرضى الطبرى: صحيح مسلم، وجامع الترمذى، والسنن لأبى داود، وصحيح ابن حبان، وحدث به عنه مع ابن المكرم، فى مجالس آخرها فى ذى القعدة سنة تسع وثلاثين وسبعمائة. ومن السامعين له عليه، العلامة شمس الدين محمد بن أبى بكر الزرعى، المعروف بابن قيم الجوزية الحنبلى. ويستفاد من هذا حياته فى هذا التاريخ.

_ 425 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 10/ 23، الدرر الكامنة 2/ 129).

427 ـ محمد بن محمد بن ميمون الجزائرى، أبو عبد الله، المعروف بابن الفخار، لكون جده كان يبيع ذلك

427 ـ محمد بن محمد بن ميمون الجزائرى، أبو عبد الله، المعروف بابن الفخار، لكون جدّه كان يبيع ذلك: هكذا ذكره لى صاحبنا أبو الطيب محمد بن الزين القيروانى، نزيل مصر، قال: إن أصله من الأندلس: ومولده بالجزائر من بلاد المغرب. قرأ بها القرآن والفقه، ثم انتقل إلى تلمسان (1)، وأقام بها. وثابر على قراءة العلم على جماعة من شيوخها، كقاضى الجماعة بها، أبى عثمان سعيد العقبانى مدة، ثم وصل إلى تونس، وحضر مجلس الإمام أبى عبد الله بن عرفة، وعظمه وأكرم مثواه وكان يطلب منه الدعاء، وحضر مجلس قاضى الجماعة، أبى مهدى عيسى الغبرينى. وأقام بتونس سنة أو أكثر قليلا، ثم ارتحل إلى مصر، فأقام بها أشهرا، ثم حج. وأقام بالمدينة خمسة أعوام، يؤدب الأطفال. انتهى. وأخبرنى صاحبنا الشيخ خليل بن هارون الجزائرى ـ نزيل مكة ـ غير مرة، عن شخص يقال له الحسن المرينى ـ أثنى عليه الشيخ خليل، ووصفه بصلاح وخير ـ أن الشيخ أبا عبد الله بن الفخار هذا، كان إذا لقيه قال: ما لى أراك مخروطا؟ . قال المرينى: فقلت فى نفسى: كأنه يكاشفى، فعزمت على امتحانه، وخرجت فى الليل إلى باب منزلى عريانا، واستغفرت الله تعالى، فلما أصبحت، غدوت إلى الشيخ أبى عبد الله بن الفخار، فلما رآنى أعرض عنى. قال: فقلت له: إيش جرى؟ . قال: تخرج إلى باب منزلك عريانا؟ . قال: فاستغفرت الله تعالى، وقلت: لا أعود. قال: فقال لى: لولا الأدب مع الشرع، لأخبرت ما يصنع الإنسان على فراشه؟ .

_ 427 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 10/ 23). (1) تلمسان: مدينة بالمغرب، وهى قاعدة المغرب الأوسط، وحد المغرب الأوسط من واد يسمى مجمع وهو فى نصف الطريق من مدينة مليانة إلى أول بلاد تازا من بلاد المغرب، وبلاد المغرب فى الطول والعرض من البحر الذى على ساحله مدينة وهران ومليلة وغيرهما إلى مدينة سول وهى مدينة فى أول الصحراء وهى على الطريق إلى سجلماسة، وواركان وغيرهما من بلاد الصحراء ومدينة تلمسان أول بلاد المغرب. انظر: معجم البلدان (تلمسان)، الروض المعطار 135، 136، الاستبصار 176، البكرى 76.

428 ـ محمد بن محمد بن يوسف الذروى، الشهير بالمصرى

هذه الحكاية كتبتها من حفظى، بالمعنى الذى حدثنى به الشيخ خليل بن هارون، وفيها منقبة للشيخ أبى عبد الله بن الفخار. وكان من العلماء العاملين الصالحين الأخيار. توفى عصر يوم الخميس التاسع والعشرين من رمضان، سنة إحدى وثمانمائة، ودفن فى صبيحة يوم الجمعة ـ وكان يوم العيد ـ قبل صلاة العيد بالمعلاة، رحمه الله. وكان جاور بمكة من عام ثمانمائة. 428 ـ محمد بن محمد بن يوسف الذروى، الشهير بالمصرى: الفراش بالحرم الشريف. سمع من الزين الطبرى، وعثمان بن الصفى، والآقشهرى: السنن لأبى داود، بفوت غير مضبوط، فى سنة [ ......... ] (1) وثلاثين وسبعمائة. وسمع بعد ذلك من جماعة، منهم القاضى عز الدين بن جماعة، فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة، ولم أدر متى مات، إلا أنا استفدنا حياته فى هذا التاريخ. وكان له وجاهة عند الناس بمكة، باعتبار مخالطته لبعض سلطنة مكة. 429 ـ محمد بن محمد السبتى، الفقيه أبو عبد الله المالكى: كان يؤم المالكية نيابة. ولم أدر متى مات، إلا أنه كان حيا فى سنة عشر وسبعمائة. وفيها سمع على التوزرى بمكة، ومن طبقة السماع، استفدت هذه الترجمة. ووجدت فى تعاليق الشيخ أبى العباس الميورقى بخطه أو بخط غيره، ذكر جماعة، ترجمه: بأنه بقايا الصالحين منهم: أبو عبد الله التوزرى السقطى، نائب المالكية، له نحو عشرين سنة مجاورا. انتهى. وأظنه المذكور والله أعلم. 430 ـ محمد بن محمد، بدر الدين أبو عبد الله بن علاء الدين، أبى عبد الله الآقصرائى الحنفى: توفى يوم الجمعة ثالث عشرى ذى القعدة سن ثلاث وسبعين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره لخصت هذه الترجمة، وترجم فيه: بالشيخ العلامة مفتى المسلمين وخطيبهم، وترجم والده: بالعلامة.

_ 428 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض بالأصل.

431 ـ محمد بن محمد الجديدى المالكى، الشيخ الصالح أبو عبد الله القيروانى

431 ـ محمد بن محمد الجديدى المالكى، الشيخ الصالح أبو عبد الله القيروانى: كذا ذكره صاحبنا أبو الطيب بن أبى الزين القيروانى. وقال فيما قرأت بخطه وحدثنى به: ولد بالقيروان (1)، ونشأ بها، وتفقه على الفقيه القاضى أبى عبد الله محمد بن محمد ابن عبد خليل بن فيراز المرادى، وحضرت مجلس قراءته عليه لصحيح. وكان مشتغلا بنفع خلق الله، له كرامات باهرة، وأحوال سنية، ابتنى زاوية بالقيروان، واجتمع عليه خلق كثير من أهل الخير، وانصرفت الأوجه إليه، وعظم شأنه، وانتفع عليه خلق كثير، وسعى فى مصالح العامة، ثم كثر عليه التعب من كلف الناس. فسافر إلى الحج، فحج وأقام بمكة. وكان سفره من القيروان، فى عام اثنتين وثمانين وسبعمائة، فأقام بها على اجتهاد وعبادة، وحضور لمجلس العلم، إلى أن توفى بها فى شهور سنة سبع وثمانين وسبعمائة، وعمره قريب الستين. أخبرنى غير واحد ممن أثق بدينه من أهل القيروان، عن أحمد بن عبد السلام بن هيت: أنه كان عنده ليلة، فتذاكروا ما القيروان فيه من قلة المطر والقحط. قال: فقال لى: يا أحمد، بعنى المطر أو أبيعك؟ . قال: فبهت، فأشار إلى خادمه أن أشترى منه. فقلت له: نعم. قال: بكذا وكذا. قلت: نعم، وغلب عليه النوم. فخرجت من عنده، والسماء صحو والقمر منير. فما بعدت عن بيت الشيخ، حتى غاب القمر، وجاءت السماء بمطر كأفواه القرب، تلك الليلة، حتى خشيت سقوط البيت من كثرة النوء. فلما أصبحت أخذت فى شراء ما اشترط علىّ الشيخ، فجهزت طعامان وأردت أن أمضى، فخرجت من الباب، وإذا به ينادى: يا أحمد، لا تتكلم على بشئ، لئلا يظهر لك منى قطيعة أبدية. فقلت له: يا سيدى، الذى اشترطت تجهز، فقال: ادع فلانا وفلانا وأطعمهم، فإنهم فقراء، فدعوتهم ولم يحضر الشيخ معهم. وسألت أحمد بن عبد السلام عن هذه الحكاية، بعد وفاة الشيخ بمدة، فاعترف لى بذلك.

_ 431 ـ (1) القيروان: قال الأزهرى: القيروان معرب وهو بالفارسية كاروان، وقد تكلمت به العرب قديما، والقيروان فى الإقليم الثالث، طولها إحدى وثلاثون درجة، وعرضها ثلاثون درجة وأربعون دقيقة، وهذه مدينة عظيمة بإفريقية غبرت دهرا. انظر معجم البلدان (قيروان).

من اسمه محمد بن محمد بن محمد (ثلاثة)

كان رحمه الله من الزهد على جانب عظيم، ومن الورع على شيء صالح، مع جلالة مقداره، وطول صمت وحسن سمت، وتحكيم السنة على ظاهره وباطنه، والأمر بتعليم العلم، والإعانة لطلبته، رحمه الله ونفع به. انتهى. والجديدى: نسبة إلى قرية تسمى الجديدة، بساحل القيروان ـ وهى بجيم ودالين مهملتين ـ ذكر لى ذلك صاحبنا أبو الطيب القيروانى. وكتب عنى وفاة الشيخ محمد الجديدى، هذا. وتوفى أبو الطيب القيروانى، المشار عليه، فى أوائل سنة ست وثمانمائة غريقا فى البحر المالح، وهو متوجه إلى اليمن. * * * من اسمه محمد بن محمد بن محمد (ثلاثة) 432 ـ محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن على، يلقب بالزين القسطلانى المكى: أجاز له من مصر ابن الأنماطى، وابن خطيب المزة، وشامية بنت البكرى، وآخرون، منهم: جدّه لأبيه القطب القسطلانى، وآخرون من مكة، منهم: جدّه لأمه المحب الطبرى. وسمع منه سنن أبى داود، وسمع على أبيه أمين الدين القسطلانى: الموطأ، رواية يحيى ابن يحيى، وعلى يوسف بن إسحاق الطبرى: المجلد الثانى من الترمذى، من نسخة بيت الطبرى، وهى من تجزئة ثلاثة، وسمع على أبى اليمن بن عساكر: البخارى، بفوت يسير، على ما ذكر، كما وجدت بخط الآقشهرى نقلا عنه. وذكر أنه أجاز له فى سنة ثلاثين وسبعمائة بمكة. انتهى. وذكر البرزالى أنه توفى فى سابع صفر من السنة المذكورة. وهكذا وجدت وفاته فى مختصر تاريخ النويرى. ووجدت فيه: أنه ولد سنة ثلاث وستين، ومات عن تسعة أولاد ذكور. يأتى ذكرهم إن شار الله تعالى. 433 ـ محمد بن محمد بن محمد بن حسين بن على، يكنى أبا المكارم بن أبى البركات بن أبى السعود بن ظهيرة، القرشى المخزومى، المكىّ، يلقب بالجمال: ولد فى شعبان سنة تسع وثمانين وسبعمائة. سمع بمكة من بعض شيوخنا، وأجاز له

_ 432 ـ انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 4/ 214). 433 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 9/ 214).

434 ـ محمد بن محمد بن محمد بن سعيد، يلقب بالشرف بن الضياء الهندى الحنفى

جماعة من شيوخنا الشاميين، وحفظ كتبا علمية، وحضر دروس شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، وسعى فى نيابة الحكم عنه بمكة وغير ذلك، فما تم له ما أراد، ثم سكن مصر إثر ذلك، ووصل منها إلى مكة فى موسم سنة ست عشرة، وعاد إليها فى التى بعدها، وسعى لأبيه فى قضاء الشافعية بمكة، بعد شيخنا المذكور، فتم له ذلك، وكان سعى فيه قبل ذلك لأبيه غير مرة، فما تم له مراد. 434 ـ محمد بن محمد بن محمد بن سعيد، يلقب بالشرف بن الضياء الهندى الحنفى: سمع بمكة من ابن حبيب، وابن عبد المعطى وغيرهما. وتوفى فى سنة ست وسبعين وسبعمائة بالقاهرة. 435 ـ محمد بن محمد بن محمد بن سعيد الصاغانى. يلقب بالكمال بن الضياء المكى الحنفى، أبو الفضل: ولد بمكة فى النصف الأخير من ليلة ثالث عشر ربيع الآخر سنة تسع وستين وسبعمائة. وسمع بها على بعض شيوخنا، وقرأ على شيخنا شمس الدين بن سكر، أشياء من الحديث، وسمعت ذلك بقراءته، وأجاز له ـ من دمشق ـ ابن أميلة، وصلاح الدين ابن أبى عمر وغيرهما. وما علمته حدث، وعنى بالفقه وغيره. وسكن قبل وفاته بسنين كثيرة، وادى نخلة، ثم استقر منها بخيف بنى عمير. وكان يؤم الناس به، ويخطب، ويعقد الأنكحة، وتعانى التجارة إلى رهاط (1) وشبهها، فى دنيا قليلة. وكان قد حصل على جانب من تركة أبيه، ثم على ثمن عقار، ورثه وابن له، من زوجته فاطمة بنت برهان الدين المرشدى، وأذهب جميع ذلك، وبعد إذهابه لذلك، سكن وادى نخلة، إلى أن توفى فى السادس عشر من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، بخيف بنى عمير، ونقل إلى المعلاة، ودفن بها فى بكرة يوم الأحد سابع عشرة، وهو فى أثناء عشر الستين؛ وهو سبط يوسف القروى.

_ 435 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 9/ 221). (1) رهاط: بضم أوله، وآخره طاء مهملة، موضع على ثلاث ليال من مكة، وقال قوم: وادى رهاط فى بلاد هذيل. وقال عرام فيما يطيف بشمنصير: وهو جبل قرية يقال لها: رهاط بقرب مكة على طريق المدينة، وهى بواد يقال له: غران. انظر: معجم البلدان (رهاط).

436 ـ محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله، نجم الدين ابن فهد القرشى، الهاشمى المكى

436 ـ محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله، نجم الدين ابن فهد القرشى، الهاشمى المكى: سمع من القاضى عز الدين بن جماعة: أربعينه التساعية، وجزءا صغيرا خرّجه لنفسه، والشفاء للقاضى عياض، وسمعه على محمد بن أحمد بن عبد المعطى، وغير ذلك. وسمع من ابن حبيب: سنن ابن ماجة بفوت، ومقامات الحريرى، وغير ذلك. وأجاز له عدة مشايخ من الشام، ومصر، والإسكندرية. وحدث. وكان سكن أصفون ـ من ديار مصر ـ مدة سنين، تعلقه أن جده والد والدته، الشيخ نجم الدين الأصفونى، له بها دور وضياع موقوفة على ذريته، ثم عاد إلى مكة فى سنة خمس وتسعين وسبعمائة، وأقام بها حتى مات فى آخر يوم الاثنين، الثانى عشر من شهر ربيع الأول، سنة إحدى عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. ومولده ـ فيما كتبه بخطه على بعض الاستدعاءات ـ تقريبا، فى سنة ستين وسبعمائة بمكة. وهو والد صاحبنا المحدث البارع المفيد تقىّ الدين بن فهد. 437 ـ محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن على، الحسنى، الشريف أبو الخير بن أبى عبد الله الفاسى، المكى المالكى، يلقب بالمحب: ولد يوم الجمعة الثامن والعشرين من رجب سنة ثمان وسبعين وستمائة بمكة، وسمع بها باعتناء أبيه على يحيى الطبرى: أربعين المحمدين للجيانى، وجزء ابن عرفة، وغير ذلك، وعلى الظهير بن منعة: جزء ابن نجيد، وعلى الفخر التوزرى: الصحيحين، والسنن الأربعة، وعلى الصفى والرضى الطبريين: صحيح البخارى، وصحيح ابن حبان، وغير ذلك كثيرا عليهم، وعلى غيرهم، من شيوخ مكة والقادمين إليها، منهم: الصدر إسماعيل بن يوسف بن مكتوم القيسى، سمع عليه جزء أبى الجهم ومشيخته، تخريج الفخر بن الفخر البعلى، بمنى فى أيامها، سنة إحدى عشرة، وسمع بالمدينة على والده أيضا، والمحدث عز الدين يوسف الحسن الزرندى، كتاب «العوارف للسهروردى» وعلى غيرهما. ورحل به أبوه إلى مصر، فسمع بها على ابن هارون الثعلبى: مسند الدارمى، وجزء أبى الجهم، وعلى ابن أبى الفتوح القرشى: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، وعلى محمد بن عبد الحميد: صحيح مسلم، وغير ذلك، عليهم وعلى غيرهم، بمصر والإسكندرية، ثم

438 ـ محمد بن محمد بن محمد بن على بن إبراهيم بن حريث العبدرى السبتى، خطيب سبتة وإمامها

طلب بنفسه، فسمع بدمشق من أبى العباس الحجار، مسموعه من الكتب والأجزاء، خلا مسند الدارمى، وغير ذلك، وعلى النجم العسقلانى: الموطأ، رواية أبى مصعب. وعلى أيوب الكحال بعض النسائى، وعلى جماعة كثيرين، وتلا بالروايات بمكة، على مقرئها العفيف الدلاصى وسمع منه، وعلى الشيخ أبى عبد الله محمد بن إبراهيم القصرى، وتفقه، وشارك فى العلوم. ومن شيوخه الذين أخذ عنهم العلم بثغر الإسكندرية: الشيخ تاج الدين الفاكهانى، شارح «الرسالة» لابن أبى زيد، والعمدة، والأربعين للنواوى، وغير ذلك، والقاضى وجيه الدين يحيى بن محمد المعروف بابن الجلال، وأذن له فى الإفتاء والتدريس. وصحب بالإسكندرية جماعة من أهل الخير: منهم: الشيخ خليفة، وياقوت تلميذ الشيخ أبى العباس المرسى، فعادت بركتهم عليه، وطاب ذكره، ولازم التدريس والإفادة والفتوى والانزواء إلى أهل الخير، مع الزهد والإيثار والعبادة والجلالة عند الناس. وحدث. روى لنا عنه ابنه مفتى الحرم، تقى الدين عبد الرحمن الفاسى. وسمع منه جماعة من الأعيان، وأثنى عليه ابن فرحون فى «نصيحة المشاور» لأنه قال: وكان ممن رفع الله مكانته وشهر بين الناس منزلته، محل الولد الشيخ الجليل الفقيه العلامة، السيد الشريف أبو الخير، ابن سيدنا وشيخنا أبى عبد الله الفاسى الحسنى، نزيل مكة المشرفة. نشأ فى عبادة الله، وتبتل إلى الاشتغال بالمذهب المالكى، حتى رآه الله أهلا للتدريس والإلقاء والإفادة. فدرس واشتغل، وصحب رجالا من مشايخ الوقت، وارتحل إلى الاسكندرية، وأدرك بها من أهل العلم والصلاح، والأئمة، جماعة كثيرين، فصحبهم وأخذ عنهم، وكسب من أخلاقهم وصفاتهم، ما أظهر عليه نورا وبهاء ورئاسة لم تكن لأحد من نظرائه. وذكر أنه توفى يوم الجمعة، أول جمعة فى شعبان سنة سبع وأربعين وسبعمائة بالمدينة. ودفن بالبقيع، حيال قبر إبراهيم بن النبى صلى الله عليه وسلم. وذكر لى وفاته، كما ذكر ابن فرحون ابنه شيخنا الشريف عبد الرحمن، وأفادنى أنها فى شهر رمضان من السنة المذكورة. 438 ـ محمد بن محمد بن محمد بن على بن إبراهيم بن حريث العبدرى السبتى، خطيب سبتة وإمامها: ذكره العفيف المطرى فيما نقل عنه الحافظ علم الدين البرزالى فى تاريخه، قال:

439 ـ محمد بن محمد بن محمد بن عمرك بن أبى سعيد بن عبد الله بن القاسم ابن عبد الرحمن بن علقمة بن النضر بن معاذ بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق القرشى البكرى، أبو الفتوح الصوفى النيسابورى

مولده فى العشر الأول من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وستمائة بمدينة سبتة، ونشأ بها وحصل وصار خطيبها. ولزم الإقرأ فى الفقه ثلاثين سنة. كان حسن الهيئة منور الوجه كثير البشر، مع كثرة الخشوع والبكاء. خرج من بلده بغية الحج والمجاورة إلى الموت، وباع كتبه بألف دينار، ووقف أملاكه على جامع سبتة، واستصحب معه ما قام بأمره إلى حين وفاته. وكانت إقامته بالحرمين، نحو سبع سنين، ما يتناول فيها من أحد شيئا. وكان كثير الإيثار والشفقة على الغرباء. ومن علومه: القراءات والحديث، والفقه، والنحو. وروى الموطأ عن أبى الحسين عبد الله بن أحمد بن أبى الربيع، عن ابن بقى، وروى الشفاء للقاضى عياض. وحدث بمكة والمدينة، سمع منه أعيان من بهما. وتوفى فى الحادى والعشرين من جمادى الأولى، سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. انتهى. قلت: خاتمة أصحابه بالسماع والإجازة: شيخنا شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان المدنى، المعروف بالششترى، سمع عليه الشفاء بفوت يسير، شملته الإجازة. وتفرد به عنه. وممن سمعه عليه الشيخ خليل المالكى، إمام المالكية بالحرم الشريف. 439 ـ محمد بن محمد بن محمد بن عمرك بن أبى سعيد بن عبد الله بن القاسم ابن عبد الرحمن بن علقمة بن النضر بن معاذ بن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق القرشى البكرى، أبو الفتوح الصوفى النيسابورى: سمع ببلده نيسابور، على أبى الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد القشيرى: أربعينه السباعية، ومن جماعة منهم أبو الفضل [ ..... ] (1) ببغداد، وابن خميس بالموصل،

_ 439 ـ انظر ترجمته فى: (المختصر المحتاج إليه 15/ 251). وفيه: عمروك. قال فى المختصر: خرج منها شابّا وسمع ببغداد فى سنة إحدى وأربعين الحسين بن نصر بن خميس الموصلى وجاور مدة بأهله ثم سكن مصر مدة ثم استوطن دمشق فى رباط صلاح الدين ملك الشام، وسمع بنيسابور من أبى الأسعد هبة الرحمن القشيرى، حدث ببغداد سنة اثنتين وستمائة ولم يقدر لى منه سماع، وأجاز لى. ولد سنة ثمان عشرة وخمسمائة. وتوفى بدمشق فى ربيع الأول سنة خمس عشرة وستمائة. (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

440 ـ محمد بن محمد بن محمد، المعروف بابن هلال الأزدى الدمشقى. يلقب بالعماد بن العماد بن العماد، ويلقب أيضا بالشمس، واشتهر بها عند كثير من الناس

والحافظان: ابن عساكر بدمشق، والسلفى بالإسكندرية. وحدث بدمشق ومصر وبغداد ومكة. وذكر الحافظ ابن النجار: أنه جاور بمكة مدة طويلة بأهله. سمع منه الحافظان: المنذرى، والرشيد العطار وجماعة. وآخر أصحابه: عمر بن القواس، له منه إجازة، حدث بها عنه. وتوفى ليلة الحادى عشر فى جمادى الأولى سنة خمس عشرة وستمائة. وكان مولده بنيسابور، سنة ثمان عشرة وخمسمائة، فى أولها. 440 ـ محمد بن محمد بن محمد، المعروف بابن هلال الأزدى الدمشقى. يلقب بالعماد بن العماد بن العماد، ويلقب أيضا بالشمس، واشتهر بها عند كثير من الناس: كان من تجار الشاميين المترددين إلى مكة، وبها توفى فى حادى عشر المحرم سنة اثنتى عشرة وثمانمائة وقد تكهل. وبلغنى: أنه سمع من ابن قواليج. 441 ـ محمد بن محمد بن محمد بن يوسف الذروى الأصل، المكى المولد والدار، المعروف بالمصرى: كان فراشا بالحرم الشريف. وتوفى بعد التسعين وسبعمائة بالقاهرة. * * * من اسمه محمد بن محمد بن محمد بن محمد (أربعة) 442 ـ محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن على القيسى، أبو عبد الله، الملقب إمام الدين بن الزين القسطلانى المكى: سمع من يحيى الطبرى، أربعى المحمدين للجيانى، وعلى الفخر التوزرى: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، وسنن أبى داود، وعلى الصفى الطبرى، وأخيه الرضى: صحيح البخارى، وغير ذلك، عليهم وعلى غيرهم. وحدث، سمع منه شيخنا ابن سكر، شيئا من سنن أبى داود، وأجاز له. وكان ذا مال وافر. كان يسافر فى التجارة إلى اليمن، وفيه خير. وبلغنى: أنه عزم فى بعض السنين على سفر، فأتاه شخص، فادعى عليه بألف

443 ـ محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن أبى بكر الدمراجى الهندى الدلوى، نجيب الدين الحنفى

درهم، وأحضره إلى الحاكم بمكة، والتمس يمينه، فسلم ذلك القدر للمدعى عليه، ثم جاء بعد ذلك إلى الحاكم أو غيره من أعيان الناس، وحلف بالله يمينا مغلظة، أن المدعى عليه لا يستحق عليه شيئا فيما ادعاه، فليم على كونه لم يخلف ويبرأ. فقال: كنت على سفر وخفت أن يعرض لى فيه سوء، فيقال أصابه هذا لحلفه كاذبا. هذا معنى ما بلغنى فى هذه الحكاية. توفى فى آخر المحرم، سنة أبع وخمسين وسبعمائة بمكة. ومولده على ما كتب بخطه: سنة إحدى وتسعين وستمائة. انتهى. 443 ـ محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن أبى بكر الدمراجى الهندى الدلوى، نجيب الدين الحنفى: هكذا بخط شيخنا ابن سكر فى بعض سماعاته بمكة. ووجدت بخط شيخنا ابن سكر سماع النجيب هذا، على القاضى عز الدين بن جماعة لأربعينه التساعية، تخريج الفخر بن الكويك، فى سنة سبع وستين وسبعمائة بمكة. ووصفه شيخنا ابن سكر: بالمقيم بحرم الله تعالى. وأجاز لى باستدعائه. وكان كتب بخطه كثيرا من كتب العلم، وكان فاضلا فى مذهبه، وكان يعتمر فى كل يوم غالبا، مدة مقامه بمكة. إلى أن ضعف وعجز. توفى بعد التسعين وسبعمائة بيسير بمكة. وهو فى عشر السبعين. سمعت شيخنا قاضى القضاة جمال الدين بن ظهيرة ـ أبقاه الله تعالى ـ يقول: إن الشيخ نجيب الدين هذا، أخبرهم أن شيخا له من أهل الهند، وصفه بالعلامة، وقدم مكة. اجتمع بالعفيف الدلاصى، مقرئ الحرم، ليقرأ عليه، فاعتذر له بأنه لا يقرئ العجم، لكونهم لا يخرجون الحروف من مخارجها. فقال له: لا عليك أن تسمع قراءتى. فإن أرضيتك وإلا تركت. فقال له: اقرأ. فلما شرع فى القراءة قال له: إنى أشم منك رائحة النسب، فإلى من تنسب؟ فقال: أنتسب إلى خالد بن الوليد. فقال له: وأنا أنتسب إليه، وذكر كل منهما، فاجتمعا نسبته فى بعض الأجداد. هذا معنى الحكاية، وهى عجيبة وفيها منقبة للشيخ عفيف الدين الدلاصى.

444 ـ محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن فهد القرشى الهاشمى المكى

وكلام ابن حزم فى الجمهرة، يقتضى أن خالد بن الوليد لا عقب له. وقد انتسب إليه خلق كثير من العلماء، والله أعلم بصحة ذلك. وأخبرنى صاحبنا الخير جمال الدين محمد بن أبى بكر بن على، المعروف بالمرشدى المصرى: أنه كان فى يوم عاشوراء فى بعض السنين بمكة، عند شيخنا القاضى شهاب الدين أحمد بن ظهيرة، قاضى مكة الآتى ذكره، فأمر بعض الناس بالمضى إلى الشيخ نجيب الدين ببيتين من الشعر، يتضمنان ذلك، هما: عشر بعاشورا كتحال توسعة ... صلح الورى مسح اليدين على اليتيم صوم صلاة جنازة صلة الرحم ... غسل زيارة عالم عود السقيم انتهى. وتخيل بعض من لقيناه أن البيتين المشار إليهما، للقاضى شهاب الدين بن ظهيرة وما ذكره لى جمال الدين المرشدى يخالف ذلك. وقد كتب لى بخطه ما نصه: ذكرت هذه الخصال فى يوم عاشوراء، بحضرة القاضى شهاب الدين بن ظهيرة رحمه الله. فأرسل إلى الشيخ نجيب الهندى، رحمه الله، فكتبها من عنده بحضرة الفقيه المرشدى محمد، وذكر البيتين. ومما يحسن ذكره هنا لكونه فى المعنى، وفيه من الفائدة ما ليس فى البيتين. قول شيخنا قاضى القضاة جمال الدين بن ظهيرة، الذى أنشدناه إجازة إن لم يكن سماعا. فى يوم عاشوراء صم ثم اغتسل ... صل اكتحل وعلى العيال فوسع وتصدقن رأس اليتيم امسح وصل ... زر عالما ولذات شحنا فادفع وعلى الجنازة صل واستك وأقرأن ... والعلم فاطلبه تعلم ترفع وقول صاحبنا الفاضل خليل بن هارون بن مهدى الجزائرى المغربى، نزيل مكة، وفيه ما ليس فى الأبيات قبل ذلك، وأعطانيه بخطه فى يوم عاشوراء، سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة. صم صل صل أصلح تصدق واكتحل ... وسع عد امسح زر تعلم واغتسل قل سورة الإخلاص ألفا يوم عا ... شوراء يرحمك الإله فتنتصل 444 ـ محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن فهد القرشى الهاشمى المكى: يكنى أبا زرعة، ويلقب بدر الدين، ابن صاحبنا المحدث البارع المفيد، تقى الدين أبى الفضل بن نجم الدين أبى النصر بن أبى الخير.

ولد فى يوم الأحد، مستهل المحرم، مفتتح سنة ثمان وثمانمائة بمكة. اعتنى به والده، فاستجاز له عدة من مشايخ بلده، والواردين إليها، ومن مشايخ مصر والشام والإسكندرية وغيرهم. وأحضره على جماعة، منهم: الإمام أبو اليمن الطبرى. وأسمعه عدّة من الكتب والأجزاء، من ذلك: الكتب الستة، ومسند الإمام أحمد، وصحيح ابن حبان، على جمع من الشيوخ، منهم: علامة الحجاز، ومسند الدنيا، زين الدين أبو بكر بن الحسين المراغى، وشمس الدين الحنبلى، ويعرف بالشامى، وعبد الرحمن بن طولوبغا الشكرى، والحافظ أبو حامد بن ظهيرة، والإمام أبو الخير بن الجزرى. وحفظ القرآن العظيم، وعدة كتب، منها: كتاب فى الحديث، ألفه له والده ووسمه، بغنية المريد وبغية المستفيد، والحاوى الصغير فى الفقه، والألفية لابن مالك. عرضهم علىّ فأجاد. وأخبرنى والده: أنه قرأ عليه كلا منهم، وهو قائم على رجليه فى مجلس واحد عن ظهر قلبه، لم يغلط غلطة سوى أنه توقف فى موضع من الحاوى، فحزره فوقع مغشيا عليه، فانتهره، فقام وعاد فى قراءته كالسيل الجارى. انتهى. اشتغل وحصل وقرأ وطبق وحضر دروسا عدة، منها فى الفقه، على الوجيه عبد الرحمن المصرى، وفى النحو، على الجلال عبد الواحد المرشدى، وتخرج بوالده. وكان له فهم وذكاء. كتب بخطه جملة فوائد حديثية وغيرها. ذكر لى والده أنه استفاد منه جملة. جمع رباعيات صحيح مسلم، وقد رتبها والده على حروف المعجم، ومناقب الإمام الشافعى مختصرة، ومعجم شيوخه، جميع ذلك مسودات. عاجلته المنية عن تبييضها، فى عشاء ليلة الأحد سابع عشرين جمادى الأولى، سنة ست وعشرين وثمانمائة بمكة المشرفة، وصلى عليه عقيب صلاة الصبح، بالساباط المتصل بقبة مقام إبراهيم الخليل بالمسجد الحرام، ودفن بالمعلاة على جدّ أبيه، رحمهما الله تعالى، وحزن عليه والداه.

445 ـ محمد بن أبى محمد بن ظفر، الفقيه أبو هاشم المغربى الأصل، المكى المولد والمنشأ، الحموى الدار

445 ـ محمد بن أبى محمد بن ظفر، الفقيه أبو هاشم المغربى الأصل، المكى المولد والمنشأ، الحموى الدار: ذكر نسبه هكذا، أبو الحسن القطيعى فى «ذيل تاريخه لبعداد». وقال: قدم بغداد، ولا أعلم له رواية، ثم نزل حماة من بلاد الشام، وهو مشهور بالخير والعلم والعبادة. درس فقه الشافعى بها. توفى سنة سبع وستين وخمسمائة بحماة. وذكر القطيعى فى موضع آخر من تاريخه: أن أبا المحاسن عمر بن على القرشى، سمع منه، وأنه سأل عنه بحماة فى شهر ربيع الأول سنة سبع وستين. فقيل له مات منذ أيام، رحمه الله. فاستفدنا من هذا زيادة فى معرفة تاريخ وفاته. وذكر أنه سأل عن مولده، فقال: فى شعبان سنة سبع وتسعين وأربعمائة بمكة، حرسها الله. وقال فى هذه الترجمة: وقد روى عن أبى عبد الله الحسين بن على الطبرى، وأبهم القطيعى روايته عن الحسين، ولعل ذلك بالإجازة. وأما بالسماع فلا يمكنه؛ لأن الحسين المذكور، مات فى سنة ثمان وتسعين وأربعمائة، كما سيأتى فى ترجمته. وذكره ابن خلكان فى تاريخه، قال: أحد الأدباء الفضلاء، صاحب التصانيف الممتعة، منها: سلوان المطاع فى عداون الأتباع، صنفه لبعض الأمراء بصقلية (1). وخير البشر بخير البشر، وكتاب الينبوع فى تفسير القرآن الكريم، وكتاب أنباء نجباء الأبناء، وكتاب الحاشية على درة الغواص للحريرى، وشرحا المقامات، وهما شرحان كبير وصغير، وغير ذلك من التواليف الظريفة. كان قصير القامة، دميم الخلقة، غير صبيح الوجه، ثم قال: وكانت نشأته بمكة، ومولده بصقلية. وسكن آخر الوقت بمدينة حماة. وتوفى بها سنة خمس وستين وخمسمائة، رحمه الله. انتهى.

_ 445 ـ انظر ترجمته فى: (وفيات الأعيان 1/ 552). (1) صقلية: بثلاث كسرات وتشديد اللام والياء أيضا مشددة، وبعض يقول بالسين، وأكثر أهل صقلية يفتحون الصاد واللام. من جزائر بحر المغرب مقابلة أفريقية، وهى مثلثة الشكل بين كل زواية والأخرى مسيرة سبعة أيام. انظر معجم البلدان (صقلية).

قلت: هذا كما ترى مخالف لما ذكره القطيعى فى تاريخ وفاته، وموضع ولادته. والله أعلم. قال ابن خلكان: ولم يزل يكابد الفقر إلى أن مات، حتى قيل: إنه زوج ابنته بغير كفء من الحاجة والضرورة، وأن الزوج رحل بها من حماة وباعها فى بعض البلاد. قال: وظفر، بضم الظاء المعجمة والفاء بعدها راء ـ وهو المصدر من قولهم: ظفر بالشيء يظفر ظفرا: إذا فاز به. انتهى. وذكره القطب الحلبى فى تاريخ مصر، فقال: محمد بن محمد بن ظفر الحجازى، المكى، الفقيه الواعظ المتكلم المالكى. وقال: رحل من بلده صغيرا فى طلب العلم، ودخل إلى بلاد المغرب، ولقى أبا بكر الطرطوشى بالإسكندرية، وعلماء أفريقية، ولقى بالأندلس أبا بكر بن العربى، وأبا مروان الباجى، وأبا الوليد الدباغ، وابن مسرة. وكان يذكر الناس فى المساجد، ودخل إلى صقلية، ثم إلى دمشق، واستوطن حماة، وبها مات، فى عشر السبعين وخمسمائة، ودفن خارجها. قال القطب الحلبى: نقلت ذلك من الجزء الثالث، فى أوزاع المسالك لتعريف أصحاب مالك. انتهى. قلت: هذا مخالف لما ذكر القطيعى، من أنه درس فقه الشافعى، ولعله جمع بين الأمرين، فتنتفى المعارضة، وفيه مخالفة فى نسبه، وهو أنه سقط بين «محمد» وبين أبيه: «أبو محمد». ولعل ذلك سقط من الناسخ لا من المؤلف. ومن شعره ابن ظفر المذكور، ما أنشده له القطيعى: يا معزّى بالعلم من ذلّ جهلى ... ومريحى بالزهد من كلّ كلّى ما عرفت السرور ما ذقت طعم ال ... روح يوما حتى جعلتك شغلى أنت حسبى من كل شر فكن لى ... هاديا [ ... ] (2) وإلا فمن لى ومما أنشده له ابن خلكان: جعلتك فى قلبى أنت عالم ... بأنك محمول وأنت مقيم ألا إن شخصا فى فؤادى محله ... وأشتاقه شخص علىّ كريم ومنه، مما ذكره ابن خلكان ـ أورده له العماد الأصبهانى فى كتاب الخريدة:

_ (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

446 ـ محمد بن محفوظ بن محمد بن غالى ـ بغين معجمة ـ الجهنى الشبيكى المكى

على قدر فضل المرء تأتى خطوبه ... ويعرف عند الصبر منه نصيبه ومن قل فيما يتقيه اصطباره ... فقد قل فيما يرتجيه نصيبه 446 ـ محمد بن محفوظ بن محمد بن غالى ـ بغين معجمة ـ الجهنى الشبيكى المكى: كانت له عناية بالتاريخ. ووجدت بخطه تاريخا يسيرا، من انقضاء دولة الهواشم، إلى بعد التسعين وستمائة؛ إلا أنه تخلل سنين كثيرة، لم يذكر فيها شيئا، وهو معذور، لما ذكرناه من عدم اعتناء من قبله بهذا الشأن. ووجدت له بخط غيره تاريخا له من سنة خمس وعشرين وسبعمائة، إلى آخر عشر الستين وسبعمائة. وانتفعت بذلك، ووقع له فيه لحن فاحش، وعبارات عامية. ومع ذلك، فبلغنى أن له نظما، وله عناية بدواوين الشعراء والتاريخ. وكتب بخطه كثيرا، وكان خطه جيدا، ونسخ بالأجرة، واشتهر بصحبة ابن العز الأصبهانى، وكتب داودين كثيرة. مات سنة سبعين وسبعمائة، ظنا. 447 ـ محمد بن محمود بن أحمد بن رميثة بن أبى نمى الحسنى المكى: ولى إمرة مكة وقتا، نيابة عن خالد أحمد بن عجلان. فلما ولى عنان بن مغامسا بن رميثة إمرة مكة، بعد قتل محمد بن أحمد بن عجلان، استمال إليه محمد بن محمود هذا، فمال إليه قليلا، ثم فارقه محمد بن محمود، ولاءم أخواله آل عجلان، وحضر معهم الحرب الذى كان بينهم وبين عنان، وأصحاب ذوى أبى نمى، بأذاخر فى تاسع عشرين شعبان، سنة سبع وثمانين وسبعمائة. فلما ولى على بن عجلان بن رميثة أمر مكة فى موسم هذه السنة، صار أمر مكة، إلى محمد بن محمود هذا؛ لأن على بن عجلان، صار لا يقطع أمرا دونه، لنبل رأيه. ودام معه على ذلك حتى قتل. فلما ولى الشريف حسن بن عجلان، إمرة مكة، ناب عنه فى ذلك وقتا. وتوفى فى [ ..... ] (1) شوال سنة ثلاث وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. وكان نبيل الرأى، كثير الإطعام والمروءة. وله شعر.

_ 447 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 10/ 42). (1) ما بين المعقوفتين بياض بالأصل.

448 ـ محمد بن محمود بن محمود بن محمد بن عمر بن فخر الدين بن بون شيخ بن الشيخ طاهر بن عمر الخوارزمى، الشيخ شمس الدين، المعروف بالمعيد ـ بميم مضمومة وعين مهملة مكسورة وياء مثناة من تحت ساكنة بعدها دال مهملة ـ الحنفى

448 ـ محمد بن محمود بن محمود بن محمد بن عمر بن فخر الدين بن بون شيخ بن الشيخ طاهر بن عمر الخوارزمى، الشيخ شمس الدين، المعروف بالمعيد ـ بميم مضمومة وعين مهملة مكسورة وياء مثناة من تحت ساكنة بعدها دال مهملة ـ الحنفى: إمام مقام الحنفية بالمسجد الحرام. ولى ذلك بعد عمر بن محمد بن أبى بكر الشيبى، فى سنة ثمانين وسبعمائة، ودام فى ذلك إلى أن أظهر الترك عنه، لابنه الإمام شهاب الدين أحمد، قبيل وفاته بأيام يسيرة. وكان باشر فى حياته عدة سنين، لعجز أبيه عن الحركة، وسبب شهرته بالمعيد، ولايته الإعادة بدرس الحنفية، الذى قرره بمكة، الأمير يلبغا، المعروف بالخاصكى. وولى تدريس الحنفية بالمسجد الحرام، الذى قرره الأمير أيتمش، الذى جعله الملك الظاهر برقوق أتابكا لولده الملك الناشر فرج، صاحب الديار المصرية. وولى أيضا: مشيخة رباط رامشت بمكة، بعد الشيخ ناصر الدين الخجندى. وكان جيد المعرفة بالنحو والتصريف ومتعلقاتهما. وله مشاركة حسنة فى الفقه، وحظ وافر من الخير والعبادة. سمع من العفيف المطرى، جزءا من حديثه، خرجه له الحافظ الذهبى، حدثنا به عنه، وعن الحجار، بما فيه عنه إذنا عاما. وسمع من العفيف المطرى غير ذلك. وسمع أيضا من اليافعى، بعض «مشارق الأنوار» للصغانى ولعله سمعه كله، وكان يذكر أنه سمع منه صحيح البخارى، وأنه سمع من الكمال بن حبيب الحلبى، وسمع من محمد بن أحمد بن عبد المعطى، وأمين الدين بن الشماع، وغيرهما من شيوخ مكة، الذين عاصرناهم. وسمعته يذكر أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم، وأنه قال له: يا محمد، قل آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره من الله. وقرأت عليه فى تصريف العزى، وفى الملحة للحريرى. وسمعت منه شعرا له، وأخذ منه غير واحد من فقهاء مكة وغيرهم. أنشدنى العلامة المفنن المدرس المفتى، شمس الدين محمد بن محمود الخوارزمى لنفسه:

_ 448 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 10/ 45).

449 ـ محمد بن محمود بن يوسف الكرانى، الهندى، المكى الحنفى

أهواك ولو حرصت من أهواكا ... الروح فداك ربنا أبقاكا إن مت يقول كل من يلقانى ... بشراك قتيل حبه بشراكا وأنشدنى لنفسه: أفنى بكل وجودى فى محبته ... وانثنى ببقاء الحب ما بقيا لا خير فى الحب إن لم يفن صاحبه ... وكيف يوجد صب بعد ما لقيا توفى يوم الثلاثاء ـ قبيل الظهر ـ سلخ جمادى الأولى، سنة ثلاث عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة قريبا من قبر عبد المحسن الخفيفى بعد أن صلى عليه بباب الكعبة. وأخرج إلى المعلاة من باب بنى شيبة. وكان بعض الناس عارض فى إخراجه من هذا الباب، فلم يتم له ذلك. وكان حصل له ضرر قبل وفاته بنحو عشر سنين، ثم عولج فأبصر قليلا، بحيث أنه صار يكتب أسطرا قليلة. 449 ـ محمد بن محمود بن يوسف الكرانى، الهندى، المكى الحنفى: سمع من الزين الطبرى، وعبد الوهاب بن محمد بن يحيى الواسطى: جامع الترمذى، وعلى الجمال بن النحاس مشيخة العشارى، وغير ذلك، عليه وعلى الزين، وغيرهما من شيوخ مكة، والقادمين إليها. 450 ـ محمد بن مختار الزواوى، أبو عبد الله: ذكره هكذا الجندى فى تاريخ اليمن. وذكر أن الثقة، أخبره أنه سئل عن قولهصلى الله عليه وسلم: «الخلافة فى قريش، والقضاء فى الأنصار، والأذان فى الحبشة». فكيف عمل الشافعى بالخبر الأول دون الأخيرين؟ وما الفرق فأجاب الزواوى باثنى عشر فرقا. قال: وكان قدومه اليمن سنة خمسين وستمائة، فقرأ وارتحل إلى مكة، وتوفى بها. قلت: ذكر مؤلف «العطايا السنية» أنه توفى لبضع وستين وستمائة. 451 ـ محمد بن المرتفع بن النضير بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصى بن كلاب القرشى المكى: هكذا ذكر نسبه الزبير بن بكار؛ لأنه قال: ومحمد بن المرتفع بن النضير بن الحارث، صاحب بئر ابن المرتفع بمكة. وأمه أم ولد. ونسب قبل ذلك جد أبيه النضير بن الحارث

452 ـ محمد بن مسلم بن تدرس القرشى الأسدى، مولى حكيم بن حزام، أبو الزبير المكى

كما ذكرنا. وذلك أن الحارث بن علقمة كان رهينة قريش، عند أبى يكسوم الحبشى. وقال فى موضع آخر: إنما سمى ابن الرهين، لأن قريشا رهنت جده النضير بن الحارث فى شيء كان بينهم وبين بعض أحياء العرب. انتهى. وقد ذكر ابن حبان، محمد بن المرتفع هذا، فى الطبقة الثالثة من كتاب الثقات له. فقال: محمد بن المرتفع القرشى من أهل مكة. يروى عن [ ......... ] (1). روى عنه ابن جريج وابن عيينة. انتهى. هكذا ذكره ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات. 452 ـ محمد بن مسلم بن تدرس القرشى الأسدى، مولى حكيم بن حزام، أبو الزبير المكى: سمع من العبادلة الأربعة، وجابر وأبى الطفيل وعائشة رضى الله عنها، وغيرهم. روى عنه هشام بن عروة، وأيوب السختيانى، والسفيانان، ومالك، والليث. قال يحيى بن عطاء: حدثنى أبو الزبير، وكان من أكمل الناس عقلا وأحفظهم. وقال يحيى بن معين: أبو الزبير ثقة، ولم يلق عبد الله بن عمر. ووثقه النسائى. قال أبو حاتم: لا يحتج به. روى له الجماعة، إلا أن البخارى، روى له مقرونا بغيره. وقال البخارى عن على بن المدينى: مات قبل عمرو بن دينار. ومات عمرو سنة ست وعشرين ومائة.

_ 451 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 452 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 481، تاريخ الدورى 2/ 538، تاريخ الدارمى الترجمتان 722، 749، ابن محرز الترجمة 571، ابن طهمان الترجمة 319، علل أحمد 1/ 194، التاريخ الكبير الترجمة 694، ثقات العجلى الورقة 48، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 510، 580، 643، ضعفاء العقيلى الورقة 199، الجرح والتعديل 8/ 319، المراسيل 193، ثقات ابن حبان 5/ 351 ـ 352، الكامل لابن عدى 3 / الورقة 33، علل الدارقطنى 4 / الورقة 79، ضعفاء ابن الجوزى الورقة 148، الكامل فى التاريخ 5/ 352، سير أعلام النبلاء 5/ 380، تذكرة الحفاظ 1/ 126، معرفة التابعين 1/ 3، تاريخ الإسلام 5/ 152، ميزان الاعتدال الترجمة 8169، شرح علل الترمذى لابن رجب 254، شذرات الذهب 1/ 175، تهذيب الكمال 26/ 402).

453 ـ محمد بن مسلم بن سوسن، ويقال: ابن سيس، ويقال: ابن سنين. ويقال: ابن سوير الطائفى المكى

قال عمرو بن على، وأبو عيسى الترمذى: مات سنة ثمان وعشرين ومائة. وقد وقع لنا حديثه عاليا. أخبرنى جماعة، منهم: أبو هريرة بن الحافظ أبى عبد الله الذهبى، قراءة منى عليه فى الرحلة الأولى بغوطة دمشق، أخبرك عيسى بن عبد الرحمن بن معالى المطعم، سماعا فى الثالثة، وأبو العباس الحجار وجماعة إذنا، قالوا: أنا أبو المنجا بن اللتى قال: أنا أبو الوقت السجزى قال: أنا محمد بن أبى مسعود الفارسى، قال: أنا عبد الرحمن بن أبى شريج، قال: أنا أبو القاسم البغوى، قال: أنا أبو الجهم الباهلى، قال: أنا الليث بن سعد، عن أبى الزبير، عن جابر رضى الله عنه، أنه قال: جاء سليك الغطفانى يوم الجمعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فقعد قبل أن يصلى؛ فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: «أركعت ركعتين؟ قال: لا. قال: قم فاركعها». أخرجه مسلم عن محمد بن رمح التجيبى، مولاهم، وأخرجه أيضا النسائى عن قتيبة ابن سعيد الثقفى، كلاهما عن الليث. فوقع لنا بدلا لهما عاليا، بالنسبة إلى مسلم بدرجتين. ولله الحمد. 453 ـ محمد بن مسلم بن سوسن، ويقال: ابن سيس، ويقال: ابن سنين. ويقال: ابن سوير الطائفى المكى: روى عن إبراهيم بن ميسرة، وعمرو بن دينار، وأيوب بن موسى، وعبد الله بن طاوس، وابن أبى نجيح، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبى حسين، وابن جريج. روى عنه: يحيى بن سليم الطائفى، وعبد الوهاب الثقفى، ويزيد بن هارون وعبد الرحمن بن مهدى، وقتيبة بن سعيد، والقعنبى، وأبو نعيم، وأبو مسهر وغيرهم. روى له الجماعة، إلا أن البخارى لم يرو له إلا استشهادا. قال أحمد بن حنبل: ما أضعف حديثه.

_ 453 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 522، تاريخ الدارمى الترجمة 721، علل أحمد 1/ 32، 270، طبقات خليفة 275، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 700، المعرفة ليعقوب 1/ 435، 2/ 214، 240، ضعفاء العقيلى الورقة 200، الجرح والتعديل الترجمة 322، ثقات ابن حبان 7/ 399، الكامل لابن عدى 3/ 36، رجال البخارى للباجى 2/ 641، الجمع لابن القيسرانى 2/ 476، أنساب السمعانى 8/ 184، ديوان الضعفاء الترجمة 3976، المغنى الترجمة 5981، تهذيب التهذيب 9/ 444 ـ 445، تهذيب الكمال 26/ 412).

454 ـ محمد بن مسلم المخزومى، مولاهم

وقال ابن معين: ثقة لا بأس به. وقال أبو داود: ليس به بأس. ذكره ابن حبان فى الثقات، وقال: كان يخطئ. وذكره ابن سعد فى أهل الطائف، وقال: سكن مكة، ومات بها. وقال المزى: يعد فى المكيين. مات سنة سبع وسبعين ومائة. 454 ـ محمد بن مسلم المخزومى، مولاهم: نزيل مكة. ويلقب بالجوسق. روى عن سعيد بن المسيب، وروى عنه: معن بن عيسى. ذكره ابن طاهر فى «مختصر الألقاب» للشيرازى. 455 ـ محمد بن مصفى بن بهلول القرشى، أبو عبد الله الحمصى: روى عن أحمد بن خالد الوهبى وأبى ضمرة أنس بن عياض، وبقية بن الوليد، وأبى اليمان الحكم بن نافع، وسفيان بن عيينة، وعلى بن عياش، وابن أبى فديك، ومحمد بن حرب الخولانى وجماعة. روى عنه: أبو داود والنسائى. قال صالح، وابن ماجة، والدولابى، وأبو حاتم الرازى: صدوق. قال صالح بن محمد البغدادى: كان مخلطا وأرجو أن يكون صدوقا. وقد حدث بأحاديث مناكير. ذكره ابن حبان فى الثقات، وقال: كان يخطئ. وقال أيضا: سمعت محمد بن عبيد الله الكلاعى يقول: عادلت محمد بن المصفى من حمص إلى مكة سنة ست وأربعين ومائتين، فاعتل بالجحفة علة ضعفه. ودخلنا مكة، فطيف به راكبا وخرجنا به إلى منى، فاشتدت عليه علته، فمات، فدفناه بمنى.

_ 455 ـ انظر ترجمته فى: (علل أحمد 1/ 203، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 782، تاريخه الصغير 2/ 385، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 36/ 69، ضعفاء العقيلى 202، الجرح والتعديل الترجمة 446، ثقات ابن حبان 9/ 100، تسمية شيوخ أبى داود للجيانى 93، أنساب السمعانى 4/ 221، المعجم المشتمل الترجمة 957، سير أعلام النبلاء 12/ 94، الكاشف 3/ 1 الترجمة 5239، العبر 1/ 447، ميزان الاعتدال الترجمة 8181، رجال ابن ماجة الورقة 16، نهاية السول 352، تهذيب التهذيب 9/ 460 ـ 461، التقريب 2/ 208، خلاصة الخزرجى الترجمة 666، تهذيب الكمال 26/ 465).

456 ـ محمد بن المطلب القرشى الأسدى

456 ـ محمد بن المطلب القرشى الأسدى: أمير مكة، أظنه من ولد الحصين بن عبد الله بن نوفل بن عدى بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب؛ لأن الزبير بن بكار لما ذكر أولاد نوفل بن أسد: ورقة، وصفوان، وعديا، قال بعد أن ذكر شيئا من خبر عدى بن نوفل: وبقية ولد نوفل، من ولد الحصين بن عبد الله بن نوفل بن عدى بن نوفل بن أسد، ومنهم محمد بن المطلب، كان الجلودى استخلفه على مكة. انتهى. والجلودى ـ المشار إليه ـ هو عيسى بن يزيد الجلودى. ولى مكة للمأمون فى سنة مائتين من الهجرة ـ فيما أظن ـ بعد فتنة العلويين بمكة فى هذه السنة. وقد تقدم خبر هذه الفتنة فى ترجمة محمد بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين على بن الحسين بن على بن أبى طالب، رضى الله عنهم أجمعين. 457 ـ محمد بن معالى بن عمر بن عبد العزيز الحلبى، نزيل مكة، يلقب شمس الدين، ويعرف بابن معالى: سمع على أحمد بن محمد بن الجوخى: بعض سنن النسائى، وهو من كتاب الجنائز إلى الصلاة على القبر، ومن باب: رد السائل إلى باب من لا يقع طلاقه من الأزواج، ومن باب: إذا أوصى لعشيرته الأقربين، إلى كتاب المزارعة، على أن البذر والنفقة على ربع ما يخرج الله منها، والسماع بقراءة ابن سند، فى سنة أربع وستين وسبعمائة بجامع دمشق، وسمع على المحدث شمس الدين محمود بن خليفة المنبجى جزء [ ...... ] (1)، وعلى عمر بن أميلة المائة المنتقاة من مشيخة ابن البخارى انتقاء العلائى، والجزء الخامس والتاسع، والعاشر، والثالث عشر من المشيخة المذكورة. وذيلها للحافظ المزى؛ وعلى صلاح الدين بن أبى عمر، من مسند الإمام أحمد بن حنبل، مسند العشرة وما معه، ومسند أبى هريرة، ومسند النسائى ـ خلا الجزء الثانى عشر منه ـ ومسند عائشة ـ خلا نحو ربعه الأول ـ وعلى ابن قواليج بعض صحيح مسلم، وعلى إبراهيم بن فلاح الإسكندرى، وعلى إبراهيم بن أمين الدولة: مشيخة سنقر الكبرى، وعلى جماعة من أصحاب القاضى سليمان بن حمزة وغيره بدمشق.

_ 457 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 10/ 51). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل

458 ـ محمد بن معاوية بن أعين النيسابورى، أبو على البغدادى

وذكر أنه سمع من إبراهيم بن الشهاب محمود بحلب، وحدث بمكة. سمع منه بعض أصحابنا، ولم يقدر لى السماع منه. وله اشتغال بالعلم ونباهة قلية. ويذاكر بفوائد. وسكن القاهرة مدة سنين، ثم انتقل إلى مكة وجاور بها نحو عشر سنين متوالية، حتى توفى بها فى ليلة السبت ثامن ذى القعدة سنة تسع وثمانمائة. ودفن بالمعلاة. 458 ـ محمد بن معاوية بن أعين النيسابورى، أبو على البغدادى: نزيل مكة. روى عن زهير بن معاوية، وسليمان بن بلال وسلام بن مطيع، والليث ابن سعد وغيرهم. روى عنه: خلف بن عمر بن العكبرى، ويحيى بن حميد الحمانى، وهو من أقرانه، ومحمد بن إسحاق الصفانى، ومحمد بن عبد الله المطين. كذبه ابن معين وقال مسلم: متروك. وقال الدارقطنى: يضع الحديث، وقال أبو زرعة: كان شيخا صدوقا، كلما لقن تلقن. وقال حرب بن إسماعيل: كان ثقة فى نفسه؛ إلا أنه كان يغلط فى الأسانيد، وقال المزى: كان له عبادة وفضل وصلاح. وذكر أنه سكن بغداد مدة، ثم انتقل إلى مكة، فنزلها حتى مات. قال مطين: مات سنة تسع وعشرين ومائتين، بمكة. ولهم محمد بن معاوية، اثنان آخران: أحدهما: الزيادى البصرى، الملقب عصيدة، روى له النسائى فى «اليوم والليلة». وذكره ابن حبان فى الثقات.

_ 458 ـ انظر ترجمته فى: (سؤالات ابن الجبير لابن معين الترجمتان 3، 6، الكنى لمسلم الورقة 73، المعرفة ليعقوب 1/ 306، 2/ 178، ضعفاء النسائى الترجمة 539، ضعفاء العقيلى الورقة 202، الجرح والتعديل 8/ 443، المجروحين لابن حبان 2/ 298، الكامل لابن عدى 3 / الورقة 100، كشف الأستار 1715، ضعفاء الدارقطنى الترجمة 471، تاريخ الخطيب 3/ 270، ميزان الاعتدال الترجمة 8188، نهاية السول الورقة 352، تهذيب التهذيب 9/ 464 ـ 465، التقريب 2/ 209، خلاصة الخزرجى الترجمة 6665، تهذيب الكمال 26/ 478).

459 ـ محمد بن مغامس بن رميثة بن أبى نمى الحسنى المكى

والآخر: الآنماطى المعروف بابن مالج الواسطى البغدادى، روى له النسائى أيضا فى السنن، وقال: لا بأس به. وذكره ابن حبان فى الثقات، فقال: صاحب وهم. وقال مطين: كان واقفيا. 459 ـ محمد بن مغامس بن رميثة بن أبى نمى الحسنى المكى: أخو أمير مكة عنان بن مغامس، الآتى ذكره. كان من أعيان الأشراف، مليح الشكالة. توفى سنة تسع وسبعين وسبعمائة، أو فى سنة ثمانين وسبعمائة، بوادى مر، مقتولا. قتله بعض بنى عمه أيام عرس أخيه عنان بن مغامس، على أم المسعود بنت أحمد بن عجلان، رحمهما الله تعالى. 460 ـ محمد بن مفلح البلينى المكى، يلقب بالجمال: كان أبوه عبدا للشريف ثقبة بن رميثة، أمير مكة، فنشأ مع أولاده خدم عنان بن مغامس فى ولايته الأولى. ولاءم ولاة ينبع: وبير بن نخبار، وأخاه مقبلا، على الكرامة. ونال منهم خيرا. وكان يقيم بينبع كثيرا ويتردد لمكة، وبها مات فى المحرم سنة خمس وعشرين وثمانمائة، أو فى آخر سنة أربع وعشرين، وهو فى عشر الستين ظنا. وكان يلائم الدولة بمكة، ويداين الناس بها. وكان استفاد دنيا وعقارا بمكة، وبعض أوديتها. 461 ـ محمد بن مفلح بن أحمد العجيبى: هكذا ذكره الجندى فى تاريخ اليمن وقال: إنه من قوم يعرفون بالعجيبيين. أقام بمكة مدة يدرس ويفتى، وإليه انتهى ذلك فى مكة. وعنه أخذ الفقيه عمر التباعى. وكانت وفاته بمكة فى آخر المائة السادسة. وانتقل ذلك إلى ابن أبى الصيف. انتهى. قلت: تفرد ابن أبى حرمى بالسماع منه. 462 ـ محمد بن مقاتل الكسائى، أبو الحسن المروزى: سمع سفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك، وعباد بن العوام، ووكيع وهشيما، وأبا عاصم، وأبا ضمرة، وأبا نميلة، وغيرهم.

_ 460 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 10/ 210). 462 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ خليفة 464، علل أحمد 1/ 106، 211، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 767، تاريخه الصغير 2/ 3554، المعرفة ليعقوب 3/ 354، الجرح والتعديل 8 / الترجمة 448، ثقات ابن حبان 9/ 81، تاريخ الخطيب لابن القيروانى 2/ 463، المعجم المشتمل الترجمة 964، الكاشف الترجمة 5247، تهذيب الكمال 26/ 491).

463 ـ محمد بن منصور بن ثابت بن خالد الخزاعى، أبو عبد الله الجواز المكى

روى عنه: أحمد بن حنبل، وإبراهيم الجنيد، وأحمد بن سيار، وأحمد بن منصور المرزبان، والبخارى، وسمويه، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وقال: صدوق. وذكره ابن حبان فى الثقات، وقال: كان متقنا. وقال الخطيب البغدادى: كان ثقة. وقال البخارى: مات سنة ست وعشرين مائتين فى آخرها. وذكر صاحب الكمال: أنه نزيل بغداد. وانتقل بأخرة إلى مكة، وجاور بها حتى مات. وذكر الذهبى فى اختصار التهذيب: أن لقبه رخ، ورخ ـ براء مهملة وخاء معجمة ـ كذا ذكره الذهبى فى الألقاب، له. 463 ـ محمد بن منصور بن ثابت بن خالد الخزاعى، أبو عبد الله الجواز المكى: روى عن بشر بن السرى، وخلاد بن يحيى، وزيد بن الحباب، وسفيان بن عيينة، وعبد الملك بن إبراهيم الجدى وغيرهم. روى عنه النسائى، وأحمد بن عمر الخلال المكى، وزكريا السجزى، وعلى بن عبد العزيز البغوى، وابن خزيمة، وابن صاعد، والدولابى، وقال: مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين. ذكره ابن حبان فى الثقات. وقال الدارقطنى: ثقة. 464 ـ محمد بن منيف المكى، المعروف بالأزرق: [ ......................................... ] (1). توفى أوائل شوال سنة إحدى وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة.

_ 463 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 26/ 497، الكنى لمسلم 65، الجرح والتعديل ترجمة 408، ثقات ابن حبان 9/ 116، المعجم المشتمل ترجمة 966، الكاشف ترجمة 5250، نهاية السول 353، تهذيب التهذيب 9/ 471، التقريب 2/ 210، الألقاب 25). 464 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 10/ 53 وقال: ذكره الفاسى هكذا). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

465 ـ محمد بن موسى بن على بن عبد الصمد بن محمد بن عبد الله المراكشى، الحافظ المفيد، جمال الدين أبو البركات المكى الشافعى

465 ـ محمد بن موسى بن على بن عبد الصمد بن محمد بن عبد الله المراكشى، الحافظ المفيد، جمال الدين أبو البركات المكى الشافعى: سبط الشيخ عبد الله اليافعى. ولد فى ليلة الأحد ثالث رمضان سنة سبع وثمانين وسبعمائة، بمكة المشرفة. ونشأ بها على العفاف والصيانة، والخير والعناية الكثيرة بفنون من العلم والحديث، فقرأ على جماعة فى الفقه والأصول، والعربية، والمعانى والبيان والعروض والفرائض والحساب، وبرع فى هذه العلوم. وتقدم كثيرا فى الأدب، وله فيه النظم الكثير المليح لغوصه على المعانى الحسنة. وتقدم كثيرا فى الحديث لجودة معرفته بالعلل وأسماء المتقدمين، والمتأخرين، والمرويات، والعالى والنازل، مع الحفظ لكثير من المتون، ولم يكن له فى ذلك نظير بالحجاز، وكان حسن الجمع والتأليف، والإيراد لما يحاوله من النكت والأسئلة والإشكالات، وافر الذكاء، سريع الكتابة، مليحها. ومن شيوخه فى العلم بمكة: قاضى قضاتها جمال الدين محمد بن عبد الله بن ظهيرة السابق ذكره، تفقه عليه كثيرا، وقرأ عليه جملة كثيرة من مروياته، والشيخ شمس الدين محمد بن محمود الخوارزمى، المعروف بالمعيد، أخذ عنه كثيرا فى العربية ومتعلقاتها، وانتفع فى العربية كثيرا بزوج والدته، صاحبنا الشيخ الإمام خليل بن هارون الجزائرى. وتفقه أيضا بالمدينة النبوية، على شيخها، مسند الحجاز أبى بكر بن الحسين المراغى، قرأ عليه تأليفه، المسمى بالعمد فى شرح الزبد، فى الفقه، وأذن له فى الإفتاء والتدريس. وقرأ عليه شيئا كثيرا جدا من مروياته بالمدينة ومكة، وهو من أجل شيوخه فى الرواية بالحجاز. وأحسن شيوخه فى الرواية على الإطلاق، شيخنا مسند الحجاز، أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن صديق الرسام، الآتى ذكره، وسمع عليه بمكة شيئا كثيرا من الكتب الكبار، والأجزاء. وقرأ بمكة كثيرا على الشيخين أبى اليمن محمد بن أحمد بن الرضى الطبرى، وزين الدين محمد بن الزين أحمد بن محمد بن المحب الطبرى، وبالمدينة على رقية بنت أبى مزروع، وخلق كثيرين، بمكة وطيبة. ورحل للرواية والدراية من مكة بعد الحج، فى سنة أربع عشرة وثمانمائة، إلى صوب

_ 465 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 10/ 56).

الشام فسمع بدمشق، وقرأ كثيرا على جماعة كثيرين، أحسنهم رواية، مسندة الوقت ـ إذ ذاك ـ أم عبد الله عائشة بنت المحتسب شمس الدين محمد بن عبد الهادى المقدسية الصالحية، شيختنا. وجماعة كثيرين، رووا له عن أصحاب ابن عبد الدايم، وابن أبى اليسر، وابن أبى عمر، وابن البخارى، وطبقتهم، منهم: عبد القادر بن الأرموى، وهو من أصحاب زينب بنت الكمال، وعبد الرحمن بن طولوبغا، وشمس الدين محمد بن محمد بن عياش الجوخى؛ وفاطمة بنت عبد الله الحورانى، وقطو ملك بنت ناصر الدين محمد بن إبراهيم ابن الملوك، ولطيفة بنت عز الدين الأماسى. وسمع ببعلبك، على محمد بن إسماعيل بن بردس، وهو من أصحاب محمد بن إسماعيل ابن الخباز، وبحلب على محدثها الإمام برهان الدين إبراهيم سبط بن العجمى وغيره بحلب، وغيرها من بلاد الشام. وقصد بعد ذلك الديار المصرية، فسمع وقرأ بالقدس، والخليل، على جماعة من أصحاب الميدومى. وبالقاهرة على مسندها شرف الدين أبى الطاهر محمد بن أبى اليمن بن الكويك، قرأ عليه مسموعه أو غالبه، من «الحلية» لأبى نعيم، وغير ذلك كثيرا، وعلى شيخنا شيخ الإسلام ولى الدين أبى زرعة أحمد بن شيخنا حافظ الإسلام زين الدين العراقى أشياء من مروياته، وشرح والده لألفيته فى الحديث المسماة: «بالتبصرة»، وعلى جماعة من أصحاب أصحاب ابن البخارى، منهم: جمال الدين عبد الله بن على العسقلانى الحنبلى، سبط القلانسى. ورحل إلى الإسكندرية، فسمع بها من القاضى كمال الدين عبد الله بن محمد بن محمد بن خير: السداسيات، والمشيخة: للرازى، وهو يروى ذلك عن ابن الصفى، وروى له عن الوادياشى، وقرأ بها: الترمذى على بعض رواته، عن ابن البورى، ولقى صاحبنا الحافظ الناقد الحجة، أبا الفضل أحمد بن على بن حجر العسقلانى، وذاكره فيما يتعلق بالحديث، وانتفع به فى ذلك، وبشيخنا الحافظ ولى الدين أبى زرعة بن العراقى، متع الله بحياتهما، وعاد إلى مكة، وقد حصل من الرواية والدارية فيما يتعلق بالحديث وغيره، على حظ طائل. وخرج فى سنة إحدى عشرة وثمانمائة، مشيخة حسنة لشيخنا زين الدين أبى بكر ابن الحسين المراغى، سمعناها بقراءته عليه بمنى.

وخرج مشيخة أيضا لشيخنا مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازى، الآتى ذكره، قاضى اليمن، وأخذ عنه هناك. وخرج لغير واحد من شيوخه وأصحابه، وشرع فى تخريج «معجم» لى، فألف منه عدة كراريس، فى تراجم المحمدين. وخرج لنفسه أربعين حديثا متباينة الإسناد والمتون؛ وكلها موافقة لأصحاب الكتب الستة، فجاءت فى غاية الحسن، دالة على كثرة حفظه، ولم يبيضها. وكتب شيئا كالشرح على «نخبة الفكر» لصاحبنا الحافظ شهاب الدين أبى الفضل ابن حجر، ولم يكمله، وله تواليف كثيرة لم يكملها، منها: شيء على نمط «الموضوعات» لابن الجوزى، وشيء يتعلق بتاريخ المدينة النبوية، وشيء فى علم الحديث، على طريق ابن الصلاح، ولم يكمل شيئا من هذه التواليف. ودخل اليمن مرات كثيرة، منها: فى سنة عشرين وثمانمائة، وولى بها السماع للحديث بالمدرسة التاجية بزبيد، ومال بعد ذلك إلى استيطان اليمن، فنقل إليه تعاليقه وأجزاءه، وكتبه، وظهر لفضلاء اليمن فضيلته فى الحديث وغيره، فأحبوه ونوهوا بذكره، ونمى خبره إلى الملك الناصر صاحب اليمن، فمال إليه، ونال منه برّ غير مرة، بعد مديحه للملك الناصر بقصائد طنانة. وتوجه من اليمن لقصد الحج، فى النصف الثانى من ذى القعدة، سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، وكان ببعض المراسى القريبة من جدة فى يوم حار. وركب فى وسط هذا النهار فرسا عريا، وركض كثيرا ليدرك الحج، وكان بدنه ضعيفا، فازداد ضعفا، وأدرك أرض عرفة فى آخر ليلة النحر فيما ذكر، وما أتى إلى منى، إلا فى آخر يوم النفر الأول؛ لأنه مشى على قدميه، وهو شديد الضعف فى يومين إلى المزدلفة، فى يوم النفر الأول، علمنا خبره، فمضى إليه من أحضره إلى منى، ونفر منها إلى مكة، ولم يزل عليلا، وربما أفاق قليلا فى بعض الأيام؛ حتى مات بعد صلاة الصبح، من يوم الجمعة الثامن والعشرين من ذى الحجة سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، بمكة المشرفة، بعد أن كتب وصيته بخطه فى هذا اليوم، ودفن بالمعلاة بعد صلاة الجمعة، وتأسف الناس عليه كثيرا، لوفور محاسنه. وكنت عظيم الأسف عليه، لما بينى وبينه من الصداقة الأكيدة، ولما يفيدنيه فى الحديث وغيره. وقل أن اجتمعت به إلا وأفادنى شيئا. وكان مع وفور فضيلته، يذاكرنى بأشياء كثيرة من متعلقات الحديث. فأذكر له فيها ما يعتمده.

وقد سمع منى بوادى الفرع، ونحن متوجهون لزيارة المصطفى عليه السلام، فى سنة اثنتى عشرة وثمانمائة، أحاديث من الثقفيات، وغير ذلك. وسمعت منه شعرا كثيرا، لغيره ولنفسه، فمنه قوله فى مشيخة شيخنا المراغى، بعد ذكره لأسانيده: فى زى ذى قصر بدت ... لكنه عين السمو فاعجب لها وهى القصي ... رة كيف تنسب للعلو ومنه قوله، الذى كتب به على «بديعية» الأديب زين الدين شعبان المصرى: وروضة للزين شعبان قد ... أربت على زهر حلا فى ربيع لو لم تفق نسج الحريرى لما ... حاكت بهذا النظم رقم البديع وكتب بمكة شيئا من شعره، إلى شيخنا العلامة عمدة المقرئين، شمس الدين أبى الخير محمد بن محمد بن محمد بن على بن يوسف، المعروف بابن الجزرى، قاضى شيراز. وكان قدم مكة من شيراز للحج والمجاورة، بعد زيارته للمدينة، وسأل فيها من شيخنا ابن الجزرى، أن يبيح له التدريس والإفتاء فى الفقه والحديث، فأجابه لذلك شيخنا ابن الجزرى نظما. والذى كتب به صاحب هذه الترجمة، هو فيما أنبأنا به، قوله: يا شمس أفق بلاد الشرق كم شهدت ... سيارة بعلاها سرن فى البشر يا سابق العلما فى كل مشكلة ... وكل علم أمنت السبق فانتظر مددت أبحر علم لا يطاق فمذ ... جزرت رفقا دعاك الناس بالجزرى نداء ذى غلة قالت على نبأ ... البحر عذبا هنا فأغنى عن المطر ها قد قصدتك أبغى بالإجازة تش ... ريفا لديك بفتوى العلم والخبر حققتم معنى لفظ الإجازة لل ... طلاب لكن بلا رد لمنتظر قد أسفت على تلك الفضائل لم ... ما كان تسليمها الوديع للسفر طلعت علما علينا والشموس كذا ... تسير عاما فسر بالعز والظفر فأجابه العلامة شمس الدين الجزرى ما نصه: يا عالما ما له فى الناس من شبه ... وناظما جوهرا قد زين بالدرر ويا إماما له فى الحفظ أى يد ... فاق الألى سلفوا فى غابر العصر شرفتنى بقريض لا نظير له ... بسيط بحر أتى صفوا بلا كدر نعم أجزتك ما أروى وما لى من ... نظم ونثر وأن تفتى مع الحذر وعلمنا بك يغنى عن تقيده ... بشرطه فارو ما تبغى بلا خطر

466 ـ محمد بن موسى بن عميرة بن موسى اليبناوى المكى، سبط حسين بن زين الدين القسطلانى

واعذر ضعيفا بعيد الدار مرتحلا ... قد قالها وهو مجتاز على سفر وأنت أصبحت فردا فى الحديث وفى ... أنواع فضل وإفضال بلا نظر والله يبقيك فى خير وكاتبه ... محمد وهو المشهور بالجزرى ومولدى عام «إذن» فى دمشق وذا ... قد قلت عام «أضا حجى» على الكبر والحمد لله ربى والصلاة على ... محمد المصطفى المبعوث من مضر انتهى بنصه. 466 ـ محمد بن موسى بن عميرة بن موسى اليبناوى المكى، سبط حسين بن زين الدين القسطلانى: ولد بمكة ليلة الحادى والعشرين من رمضان سنة إحدى وستين وسبعمائة. وأجاز له من أجاز لأخيه أحمد. سمع بمكة من الشيخ عبد الله اليافعى، والقاضى عز الدين بن جماعة، وغيرهما. ومات شابا فى النصف الأول، من سنة تسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، ومات بعده بأيام، أخوه أحمد بمكة. 467 ـ محمد بن موسى بن عيسى بن على، العلامة المفنن، كمال الدين، المعروف بالدميرى المصرى الشافعى، نزيل مكة، يكنى أبا البقاء: ولد فى أوائل سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة تقريبا، كذا وجدت فى بعض الاستدعاءات التى أجاز فيها بخطه. وأظنه ـ والله أعلم ـ ولد بالقاهرة، وسمع بها على ما بلغنى، جامع الترمذى، على مظفر الدين العطار المصرى، وعلى على بن أحمد العرضى الدمشقى، ولعله سمع على العرضى شيئا من مسند أحمد بن حنبل. وسمع بالقاهرة كثيرا، من عبد الرحمن بن على بن محمد بن هارون الثعلبى، ومن محمد بن على الحراوى: كتاب «الخيل» للحافظ شرف الدين الدمياطى عنه، و «العلم» للمرهبى، ومن غيرهما من شيوخها. وسمع بمكة، من مسندها الجمال محمد بن أحمد بن عبد المعطى: صحيح ابن حبان، وغير ذلك.

_ 467 ـ انظر ترجمته فى: (الفوائد البهية 203، خطط مبارك 11/ 59، مفتاح السعادة 1/ 186، الضوء اللامع 1/ 59، كشف الظنون 696، الأعلام 7/ 118).

وسمع بمكة أيضا، على مسند حلب، كمال الدين محمد بن عمر بن حبيب الحلبى: سنن ابن ماجة، ومسند الطيالسى، ومسند الشافعى، ومعجم ابن قانع، وأسباب النزول للواحدى، والمقامات الحريرية، وغير ذلك. وعنى بالعلم كثيرا، وأخذه عن جماعة، منهم: الشيخ بهاء الدين أحمد بن الشيخ تقى الدين السبكى، أخذ عنه فنونا من العلم، ولازمه كثيرا، وانتفع به. ولما رآه الشيخ بهاء الدين السبكى، أهلا للتدريس والفتوى، تكلم له مع جدى القاضى كمال الدين أبى الفضل النويرى، فى أن يجيز له ذلك، ففعل، وتفقه أيضا بالشيخ جمال الدين عبد الرحيم الإسنائى، وأخذ الأدب عن الشيخ برهان الدين القيراطى وبرع فى التفسير والحديث والفقه وأصوله والعربية والأدب. وله تواليف حسنة منها: الديباجة، فى شرح سنن ابن ماجة، وهو فى نحو خمس مجلدات ـ على ما وجدت بخطه ـ وشرح المنهاج للنواوى، وسماه: النجم الوهاج، وكتاب حياة الحيوان، وهو كتاب نفيس، وقد اختصرته فى سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة. ونبهت فيه على أشياء كثيرة، تتعلق بما ذكره المؤلف. وله تواليف غير ذلك، وله نظم جيد، وحظ وافر من العبادة والخير. وكان بأخرة يسرد الصوم، وأفتى ودرس، وأعاد، بأماكن فى القاهرة، منها: جامع الأزهر، كانت له فيه حلقة يشتغل فيها الطلبة فى يوم السبت غالبا، ومنها: القبة من خانقاه بيبرس، بالقاهرة، كان يدرس فيها الحديث، وكنت أحضر عنده فيها. وكان يذكر الناس بمدرسة ابن البقرى داخل باب النصر فى يوم الجمعة غالبا، ويفيد فى مجلسه هذا أشياء حسنة من فنون العلم. وذكر الناس أيضا بجامع الظاهر بالحسينية، بعد العصر فى يوم الجمعة غالبا. ودرس أيضا بمكة وأفتى. وجاور بمكة مدة سنين مفرقة، وتأهل، ورزق بها أولادا. وأول قدماته إلى مكة، فى موسم سنة اثنتين وستين وسبعمائة، على ما بلغنى عنه. وجاور بها، حتى حج سنة ثلاث وستين. ثم جاور بها فى سنة ثمان وستين، قدمها مع الرجبية فى هذه السنة، وأقام بها حتى حج، ثم قدم إلى مكة فى سنة اثنتين وسبعين، وأقام بها حتى حج من سنة ثلاث وسبعين، وفيها سمع من ابن عبد المعطى، وابن حبيب. ثم قدمها فى موسم سنة خمس وسبعين، وأقام بها حتى حج من سنة ست وسبعين. وفيها تأهل بمكة فيما أحسب.

468 ـ محمد بن موسى القاضى

ثم قدمها فى موسم سنة ثمانين وسبعمائة، وأقام بها حتى حج من سنة إحدى وثمانين وسبعمائة. ثم قدمها فى سنة تسع وتسعين وسبعمائة، وأقام بها حتى حج من سنة ثمانمائة. وتوجه إلى القاهرة، وأقام بها حتى توفى فى ثالث جمادى الأولى سنة ثمان وثمانمائة. ودفن بمقابر الصوفية، بسعيد السعداء، وكان أحد الصوفية بها، وشاهدا فى وقفها. تغمده الله برحمته. سمعت منه فى القاهرة حديثا من سنن ابن ماجة. وسمع منه أصحابنا المحدثون، منهم: الإمام صلاح الدين خليل بن محمد الأقفهسى، فى جوف الكعبة المعظمة. 468 ـ محمد بن موسى القاضى: ذكره هكذا أبو الحسن محمد بن نافع الخزاعى، وذكر أنه غير أبواب زيادة دار الندوة عما كانت عليه فى الابتداء. وذكر أنه غير باب الخياطين، وباب بنى جمح ما بين دارى زبيدة مسجدا، وصله بالمسجد الكبير، يعنى بذلك، الزيادة المعروفة بزيادة باب إبراهيم، وذلك فى سنة ست أو سبع وثلاثمائة. وذلك لما كان إليه أمر البلد، وهذا يفهم منه. ولى قضاء مكة، والنظر فيها. وما علمت من حاله سوى هذا. 469 ـ محمد بن موسى الغمارى المغربى: شيخ رباط الموفق بمكة. كان كثير العناية بالعبادة وأفعال الخير معظما عند الناس متواضعا لهم، قاضيا لحوائجهم. ومن أخباره الجميلة: ما بلغنى عن صاحبنا الشيخ خليل بن هارون الجزائرى ـ الآتى ذكره ـ أن الغمارى هذا، أصابته فاقة بمكة، فخرج بعد ذلك إلى الطواف بالكعبة المشرفة، فلما كان بالمطاف، إذا هو يراه مملوءا ذهبا وفضة، فغاصت رجله فيه إلى فوق قدمه. فقال لها ـ يعنى الدنيا ـ: تغرينى، تغرينى، هكذا؟ ولم يتناول من ذلك شيئا. هذا معنى ما بلغنى فى هذه الحكاية.

_ 469 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 10/ 55).

470 ـ محمد بن المؤمل بن أحمد بن الحارث بن عمر بن عبد الله بن عمرو بن الحارث بن عمرو بن المؤمل بن حبيب بن تميم بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدى بن كعب القرشى العدوى

وكان يأتيه بر من المغرب وغيره، يقوم به أوده وأود عياله، ويبر منه غيره، وتزوج بأخرة فى مكة، وجاءته بها أولاد، وخلف زوجته حاملا، فوضعت بعد موته بيومين أولادا ثلاثة، بعضهم مصور، واثنان مضغة. وكان قدومه إلى مكة، فى سنة ثمانين وسبعمائة، أو قربها، وله من العمر ـ إذ ذاك ـ أربع وعشرون سنة. هذا معنى ما بلغنى عنه فى تاريخ قدومه بمكة وسنه. وبلغنى: أنه دخل بلاد اليمن، وجال فى بلدانها، كصنعاء وما يليها، وشاهدته بمكة بعد سنة تسعين وسبعمائة بقليل، ولم يزل بها حتى مات، إلا أنه فى سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، توجه لزيارة المدينة النبوية، وجاور بها أشهرا، ولا أبعد أن يكون اتفق له مثل ذلك مرة أخرى أو أكثر. وكان يحضر معنا كثيرا، مجلس شيخنا الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى، ويسأل سؤالات كثيرة بسكون وتؤدة. وولى مشيخة رباط الموفق بمكة، والنظر فى مصالحه سنين كثيرة، ولم يكن يعارضه فيما يختاره فى ذلك أحد من قضاة مكة. وكان صاحب مكة الشريف حسن بن عجلان، يكرمه ويشفعه كثيرا، وكذلك نوابه. ولما مات، كثر ازدحام الخلق من القضاة والعلماء والأعيان وغيرهم، على حمل نعشه، لحسن معتقدهم فيه، ودفن بالشبيكة، أسفل مكة، عند بعض أولاده. وهناك صلى عليه، بكرة يوم الجمعة، التاسع عشر لصفر سنة سبع وعشرين وثمانمائة، بوصيته لذلك. وكانت وفاته فى ليلة الجمعة المذكورة بعد العشاء. وخرج لشهود جنازته المخدّرات، وقل أن شاهد الناس مثلها فى كثرة الجمع، رحمه الله. 470 ـ محمد بن المؤمل بن أحمد بن الحارث بن عمر بن عبد الله بن عمرو بن الحارث بن عمرو بن المؤمل بن حبيب بن تميم بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدى بن كعب القرشى العدوى: هكذا نسبه صاحب الجمهرة، وقال: محدث شامى، سكن مكة، وبها مات سنة تسع عشرة وثلاثمائة. وهو ثقة، عالم بالنحو، واسع الرواية. انتهى.

_ 470 ـ انظر ترجمته فى: (جمهرة أنساب العرب 150).

471 ـ محمد بن ميمون الخياط البزاز، أبو عبد الله المكى

قلت: سمع من محمد بن إسماعيل بن علية، والزبير بن بكار. وروى عنه: أبو بكر بن القرشى وغيره. 471 ـ محمد بن ميمون الخياط البزاز، أبو عبد الله المكى: سمع سفيان بن عيينة، وسليمان بن حرب، وشعيب بن حرب، وعبد الملك بن إبراهيم الجدى، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبى رواد، والوليد بن مسلم، وأبا سعيد مولى بنى هاشم، وجماعة. وروى عنه: الترمذى والنسائى، وابن ماجة، وابن أبى عاصم، وأبو عروبة، والزبير ابن بكار، وزكريا الساجى، والبغوى، وابن صاعد، وأبو حاتم، وقال: كان أميا مغفلا. وذكر أنه سمع من ابن سعيد مولى بنى هاشم، عن شعبة، حديثا باطلا. وما أبعد أن يكون وضع للشيخ، فإنه كان أميا. ذكره ابن حبان فى الثقات، وذكر أنه كان بغدادى، سكن مكة. وقال الدولابى: مات سنة اثنتين وخمسين ومائتين. ولهم محمد بن ميمون الزعفرانى: أبو النضر الكوفى المفلوج، غيره على ما قال أبو حاتم. قال: ومن لا يفهم لا يميز بينهما. ولهم: محمد بن ميمون آخران، أحدهما: حجازى، يروى عن أبى الزناد. وعنه: أبو مروان العثمانى. روى له ابن ماجة. والآخر: أبو حمزة السكرى. روى له الجماعة. 472 ـ محمد بن نافع بن أحمد بن إسحاق بن نافع الخزاعى، أبو الحسن المكى: حدث عن عمه إسحاق بن أحمد الخزاعى بتاريخ مكة للأزرقى، وله عليه حاشيتان يتعلقان بزيادة دار الندوة، وزيادة باب إبراهيم. رواه عنه: الحسن بن أحمد بن إبراهيم ابن فراس.

_ 471 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 539، الكنى لمسلم 65، الجرح والتعديل ترجمة 340، ثقات ابن حبان 9/ 117، ضعفاء ابن الجوزى 149، تاريخ الإسلام 281، الكاشف ترجمة 5263، ديوان الضعفاء ترجمة 4012، المغنى 2/ 6035، ميزان الاعتدال ترجمة 8244، نهاية السول 354، تهذيب التهذيب 9/ 485، التقريب 2/ 212، خلاصة الخزرجى ترجمة 6699).

473 ـ محمد بن النعمان بن منصور بن أحمد بن القاضى أبى عبد الله بن أبى حنيفة، قاضى الحرمين وغيرهما.

ونقل المسبحى فى تاريخه عنه: أنه كان فيمن دخل الكعبة، وشاهد الحجر الأسود فيها، عندما عمل له الحجبة طوقا يشد به، بعد إتيان القرامطة به إلى مكة، فى سنة أربعين وثلاثمائة، وكان رده فى موضعه، يوم النحر من سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة. وكان محمد بن نافع هذا حيا فى سنة خمسين وثلاثمائة. وله تآليف فى فضائل الكعبة؛ لأن ياقوتا قال فى معجم البلدان، لما تكلم على قوله: «بلدة» وبلدة (1) أيضا مدينة بالأندلس من أعمال رندة، منها: سعد بن محمد بن سعد الله بن يعقوب الأموى البلدى، أبو عثمان. رحل إلى المشرق سنة خمسين وثلاثمائة، ولقى أبا بكر محمد بن الحسين الآجرى، قرأ عليه جملة من تواليفه بمكة، ولقى أبا الحسن بن نافع الخزاعى، وقرأ عليه «فضائل الكعبة» من تأليفه. انتهى. وما علمت من حال الخزاعى سوى هذا. 473 ـ محمد بن النعمان بن منصور بن أحمد بن القاضى أبى عبد الله بن أبى حنيفة، قاضى الحرمين وغيرهما. ذكر ابن خلكان: أنه ولى القضاء بتقليد من العزيز العبيدى، صاحب مصر، بعد موت أخيه أبى الحسن على، يوم الخميس لثمان بقين من رجب سنة أربع وسبعين وثلاثمائة. وقرئ سجله بعد صلاة الجمعة، وكان كسجل أخيه فى جامع ولايته. وكان فى سجل أخيه: القضاء بالديار المصرية والشام والحرمين والغرب، وجميع مملكة العزيز، والخطابة والإمامة، والعيار بالذهب والفضة، والموازين والمكاييل. ولم يزل على ذلك، حتى مات ليلة الأربعاء، رابع صفر سنة تسع وثمانين وثلاثمائة. ومولده فى صفر سنة أربعين وثلاثمائة بالمغرب وأقامت مصر بعده بغير قاض أكثر من شهر. 474 ـ محمد بن هبة الله بن محمد بن يحيى، أبو نصر الشيرازى. ذكره ـ هكذا ـ الإسنائى فى طبقاته، وقال: كان فقيها بارعا صالحا رئيسا. قدم

_ 472 ـ (1) بلدة: مدينة بالأندلس من أعمال ريّة وقيل: من أعمال قبرة. انظر: معجم البلدان، مادة (بلدة). 473 ـ انظر ترجمته فى: (وفيات الأعيان 1/ 303).

475 ـ محمد بن هبة الله بن ثابت ـ فقيه الحرم ـ أبو نصر البندنيجى الشافعى، مؤلف المعتمد.

بغداد شابا، وتفقه بها على الشيخ أبى إسحاق الشيرازى، إلى أن برع فى المذهب، وأعاد فى المدرسة النظامية. وسمع وحدث وجاور بمكة مدة. مات فى ربيع الأول سنة ست عشرة وخمسمائة، عن أربع وسبعين سنة. قال الإسنائى: وذكر العبادى فى طبقاته، شخصا آخر قديما يقال له: أبو نصر الشيرازى، أخذ عن أبى سهل الصعلوكى. وسيأتيك أيضا شخص آخر يعرف بابن الشيرازى، وهو يشتبه بهما، فليعلم ذلك. وأشار إلى القاضى أبى نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن يحيى بن مميل الشيرازى، المتوفى فى جمادى الأولى سنة خمس وثلاثين وستمائة. وقد لا يشتبهان لتأخر ابن مميل. 475 ـ محمد بن هبة الله بن ثابت ـ فقيه الحرم ـ أبو نصر البندنيجى الشافعى، مؤلف المعتمد. سمع أبا طالب العشارى، وأبا إسحاق الرملى، وأبا محمد الجوهرى وغيرهم. رواه عنه الحافظ أبو القاسم التيمى. وأجاز للحافظ السلفى. وكان قرأ المذهب والخلاف على الشيخ أبى إسحاق الشيرازى. ودرس فى حياته. ثم انتقل إلى مكة وسكنها، حتى توفى بها فى سنة خمس وتسعين وأربعمائة. هكذا ذكر وفاته الحافظ ابن النجار وغير واحد. فعلى هذا ما ذكره الجندى من أنه توفى سنة خمسمائة وهم قطعا. وكذلك ما ذكره الإسنائى فى طبقاته نقلا عن بعضهم، من أنه توفى باليمن، وهم بلا شك؛ لأن السلفى وابن النجار، ذكرا أنه توفى بمكة، وهما من أعرف الناس به. ومولده فى جمادى الآخرة سنة سبع وأربعمائة، وقيل: سنة عشر. وكان قد كف بصره، ومع ذلك فكان يعتمر فى شهر رمضان كل يوم عمرة. وكان يقرأ فى الأسبوع، ستة آلاف مرة: قل هو الله أحد. 476 ـ محمد بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم المخزومى. أمير مكة والمدينة والطائف. ولى ذلك بعد عزل أخيه إبراهيم بن هشام، ولم يل ذلك

_ 475 ـ انظر ترجمته فى: (اللباب 1/ 147، الأعلام 7/ 130). 476 ـ انظر أخباره فى: (ابن الأثير: حوادث سنة 114 وسنة 125، تاريخ الطبرى 4/ 216، رغبة الآمل 2: 228، الأعلام 7/ 131).

بعده دفعة واحدة. وإنما ولى مكة والطائف فى سنة أربع عشرة ومائة، على ما ذكر ابن جرير، وابن الأثير. قال ابن الأثير، بعد ذكره لولاية محمد بن هشام على مكة والطائف فى سنة أربع عشرة ومائة: وقيل: بل ولى محمد سنة ثلاث عشرة. ذكر ابن جرير، وابن الأثير: أنه كان عاملا على مكة والمدينة والطائف، فى سنة سبع عشرة ومائة. وذكر ابن جرير مثل ذلك فى أخبار سنة ثمانى عشرة ومائة، قال: وقيل: كان عامل المدينة فى هذه السنة: خالد بن عبد الملك. انتهى. وخالد بن عبد الملك هذا، هو خالد بن عبد الملك بن الحارث بن الحكم بن أبى العاص الأموى، كان والى المدينة فى سنة أربع عشرة ومائة، بعد عزل إبراهيم بن هشام، أخى محمد بن هشام هذا. وذكر ابن جرير: أن محمد بن هشام هذا، كان عاملا على مكة والمدينة والطائف، فى سنة تسع عشرة ومائة، وفى سنة عشرين ومائة، وفى سنة إحدى وعشرين ومائة. وذكر ابن الأثير ما يوافق ما ذكره ابن جرير، فى ولاية محمد بن هشام، على مكة والمدينة والطائف، فى هذه الثلاث السنين. وقال فى أخبار سنة اثنتين وعشرين ومائة: وحج بالناس هذه السنة، محمد بن هشام المخزومى. وكان عمال الأمصار من تقدم ذكرهم قبل. وقال فى أخبار سنة ثلاث وعشرين ومائة: وكان العمال فى الأمصار، العمال فى السنة التى قبلها. انتهى. وهذا يدل على أن محمد بن هشام، كان على مكة والمدينة والطائف، فى سنة اثنتين وعشرين ومائة، وسنة ثلاث وعشرين ومائة؛ لأنه ذكر أنه كان على ذلك فى ثلاث سنين، قبل هاتين السنتين. والله أعلم. وأظن أن ولايته دامت إلى انقضاء خلافة ابن أخيه هشام بن عبد الملك، وذلك فى شوال سنة خمس وعشرين ومائة. وذكر ابن جرير: أنه حج بالناس سنة أربع عشرة ومائة ـ فى قول ـ وسنة خمس عشرة. وجزم بذلك، وسنة ثمانى عشرة ـ فى قول ـ وسنة إحدى وعشرين.

وذكر ابن الأثير: أنه حج بالناس سنة أربع عشرة ـ فى قول ـ وسنة خمس عشرة، وسنة ثمانى عشرة. وفى سنة عشرين ـ فى قول ـ وفى سنة إحدى وعشرين ـ فى قول ـ وفى سنة إحدى وعشرين، وفى سنة اثنتين وعشرين، وفى سنة أربع وعشرين. وذكر العتيقى فى أمراء الموسم: أن محمد بن هشام حج بالناس، فى سنة خمس عشرة ومائة، وهو أمير مكة، وحج بالناس بعد ذلك خمس حجج متوالية، أولها: سنة عشرين ومائة. وحج بالناس أيضا فى سنة ثمانى عشرة. وحكى قولا: أنه حج بهم فى سنة تسع عشرة، بعد أن جزم بأن الذى حج بالناس فى هذه السنة، مسلمة، أبو شاكر بن هشام ابن عبد الملك أمير المؤمنين. انتهى. وذكر الفاكهى فى ولايته لمكة شعرا هجى به؛ لأنه قال: وكان من ولاة مكة لبنى أمية، محمد بن هشام بن إسماعيل، وله يقول العرجى، كما ذكر الزبير عن عمه، ولم أسمعه منه، حدثنيه ابن شبيب عنه، قال: لما ولى محمد بن هشام الحج، أنشا العرجى يقول: ألا قل لمن أمسى بمكة ثاويا (1) ... ومن جاء من نجد ونقب المشلل دعوا الحج لا تستهلكوا نفقاتكم ... فما حج هذا العام بالمتقبل وكيف يزكى حج من لم يكن له ... إمام لدى تعريفه (2) غير دلدل يظل يرائى بالنهار صلاته (3) ... ويلبس فى الظلماء وشاح القرنفل انتهى. وقال ابن خلكان فى ترجمة [ ....... ] (4) قال ابن إسحاق: وكان الوليد بن يزيد مضطغنا على محمد بن هشام أشياء كانت تبلغه عنه فى حياة هشام. فلما ولى الخلافة قبض عليه وعلى أخيه إبراهيم بن هشام، وأشخصا إليه إلى الشام، ثم دعى له بالسياط، قال له محمد: أسألك بالقرابة. فقال: وأى قرابة بينى وبينك؟ . هل

_ (1) فى ديوان العرجى (424). ألا قل لمن أمسى بمكة قاطنا ... ومن جاء من عمق ونقب المشلل (2) فى الديوان: فكيف يزكى حج من لم يكن له ... إمام لدى تجميره غير دلدل (3) فى الديوان: يظل يرانى الصيام نهاره ... ويلبس فى الظلماء سمى القرنفل (4) ما بين المعقوفتين بياض بالأصل.

477 ـ محمد بن يحيى بن على، سبط الشيخ خالد الواسطى، الشيخ الصالح الزاهد شمس الدين أبو عبد الله بن الشيخ الصالح محيى الدين

أنت إلا من أشجع. قال: فأسألك بصهر عبد الملك. قال: لم تحفظه. قال له: يا أمير المؤمنين، قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أن يضرب فى شيء بالسياط إلا فى حد. قال: وفى حد أضربك وقود، أنت أول من سن ذلك على العرجى، وهو ابن عمى، وابن أمير المؤمنين عثمان، فما رعيت حق جده ولا نسبته لهشام، ولا ذكرت حينئذ هذا الخبر، أنا ولى ثأره، اضرب يا غلام، فضربهما ضربا شديدا، وأثقلا بالحديد، ووجه بهما إلى يوسف بن عمر بالكوفة، وأمره باستضافتها وتعذيبهما حتى يتلفا. وكتب إليه: احبسهما مع ابن النصرانية ـ يعنى خالد القسرى ـ ونفسك نفسك إن عاش أحد منهم، فعذبهم عذابا شديدا، وأخذ منهما مالا عظيما، حتى لم يبق فيهم موضعا للضرب. وكان محمد بن هشام مطروحا، فإذا أرادوا أن يقيموه، أخذوا بلحيته، فحذبوه بها. ولما اشتدت الحال بهما، تحامل إبراهيم لينظر فى وجه محمد، فوقع عليه، فماتا جميعا. ومات خالد القسرى معهما فى يوم واحد. انتهى. قلت: كانت وفاة خالد، فى محرم سنة ست وعشرين ومائة، كما ذكره غير واحد. 477 ـ محمد بن يحيى بن على، سبط الشيخ خالد الواسطى، الشيخ الصالح الزاهد شمس الدين أبو عبد الله بن الشيخ الصالح محيى الدين: توفى ليلة الاثنين خامس المحرم سنة سبعين وستمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره لخصت هذه الترجمة. 478 ـ محمد بن يحيى بن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن عبد الوهاب بن عبد الله بن أبى عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومى أبو عيسى: أمير مكة. هكذا نسبه صاحب الجمهرة، وقال: كان المعتمد قد ولى أبا عيسى هذا مكة، ثم عزله بأبى المغيرة المذكور، فتحاربا، فقتل أبو عيسى. ودخل أبو المغيرة مكة، ورأس أبى عيسى بين يديه. انتهى. وأبو المغيرة هو: محمد بن عيسى السابق ذكره. وذكر ابن حزم: أن أبا عيسى، ابن عمة أبى المغيرة، وزوج أخته وابن عمه. وذكر الفاكهى ما يقتضى أن أبا عيسى محمد بن يحيى المخزومى، ولى مكة نيابة عن

_ 478 ـ انظر ترجمته فى: (جمهرة أنساب العرب 398).

479 ـ محمد بن يحيى بن عياد ـ بمثناه من تحت ـ الصنهاجى المكى

الفضل بن العباس؛ لأنه قال: وكان محمد بن يحيى المخزومى وليها، استخلفه عليها الفضل بن العباس، فقال شاعر من أهل مكة: امعجوا يا بنى المغيرة فيها ... فبنو حفص منكم أمراء انتهى. ولا مانع من أن يكون أبو عيسى ولى مكة عن الفضل بن عباس نيابة كما ذكر الفاكهى، وعن المعتضد استقلالا، كما ذكر ابن حزم. والله أعلم. 479 ـ محمد بن يحيى بن عياد ـ بمثناه من تحت ـ الصنهاجى المكى: سمع على عثمان بن الصفى، والجمال بن النحاس، وجماعة بعده كثيرا، وما علمته حدث، وتردد إلى اليمن بقصد التجارة، وحصل دنيا. فغرقت منه، فذهب وتعلل بعدها، حتى مات فى حدود سنة ثمانين وسبعمائة. 480 ـ محمد بن يحيى بن أبى عمر، ويقال محمد بن أبى عمر، منسوبا إلى جده، وقيل أبو عمر، كنية أبيه يحيى، الحافظ أبو عبد الله العدنى: نزيل مكة. سمع من سفيان بن عيينة، وعبد العزيز بن محمد الدراوردى، وعبد الوهاب الثقفى، وعبد المجيد بن أبى رواد، وعبد الرحمن العمى، وفضيل بن عياض، ومروان بن معاوية، ووكيع بن جراح، ويحيى بن سليم الطائفى، ويزيد بن هارون، وأبى عبد الرحمن المقرى، وأبى معاوية الضرير، وغيرهم. وروى عنه مسلم والترمذى، وابن ماجة، وبقية بن مخلد، وزكريا الساجى ومحمد ابن إسحاق الثقفى، وهلال بن العلاء الرقى، وأبو حاتم، وأبو زرعة الرازى الدمشقى. وإسحاق بن أحمد الخزاعى. روى عنه مسنده، ووقع لنا حديثه من طريقه عاليا، وجماعة، وروى النسائى عن رجل عنه. وذكره ابن حبان فى الثقات. انتهى. وقال الحسن بن أحمد بن الليث الرازى: حج سبعا وسبعين حجة، قال: وبلغنى: أنه لم يقعد عن الطواف (ستين) سنة. وقال البخارى: توفى بمكة لإحدى عشرة ليلة بقيت من ذى الحجة، سنة ثلاث وأربعين ومائتين.

_ 480 ـ انظر ترجمته فى: (تذكرة الحفاظ 2: 76، الرسالة المستطرفة 50، تهذيب التهذيب 9: 518، مرآة الجنان 2/ 280، الأعلام 7/ 135).

481 ـ محمد بن يحيى بن مؤمن بن على الغبرينى الزواوى، أبو عبد الله الملقب منديل المالكى

قرأت على أبى هريرة بن الحافظ الذهبى فى الغوطة، ظاهر دمشق، أن أبا نصر محمد ابن محمد بن الشيرازى، والقاسم بن مظفر الطبيب، أخبراه عن أبى عبد الله محمد ابن عبد الواحد المدينى، قال: أنا إسماعيل بن على الحمامى، قال: أنا الأديب أبو مسلم محمد ابن على بن مهرايرد المقرى، قال: أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرى الحافظ، قال: أنا إسحاق بن أحمد بن نافع الخزاعى بالمسجد الحرام، قال: ثنا محمد بن يحيى بن أبى عمر المعدنى، قال: ثنا بشر بن السرى، قال: ثنا مسعر، عن قتادة، عن أنس رضى الله عنه، قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «سووا صفوفكم، فإن إقامة الصف من حسن الصلاة» (1). 481 ـ محمد بن يحيى بن مؤمن بن على الغبرينى الزواوى، أبو عبد الله الملقب منديل المالكى: قدم مكة، وسمع بها من شيختنا أم الحسن بنت الحرازى، والجمال الأميوطى وغيرهما. ووجدت بخط أبى العباس بن عبد المعطى النحوى، أنه حضر عنده دروسا فى علم العربية، فوجده بحرا فى تحقيق مسائل هذا العلم. انتهى. وكان رجلا صالحا زاهدا ورعا فاضلا مفننا، وكان أبتلى بالوسواس، وتعب به كثيرا. وجاور بمكة سنين، حتى توفى بها فى سنة سبع وثمانين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة.

_ (1) أخرج هذا الحديث عن أنس: البخارى فى صحيحه باب إقامة الصف حديث رقم (708) من طريق: أبو الوليد قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أنس، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة». وأخرجه مسلم فى صحيحه باب تسوية الصفوف حديث رقم (926) من طريق: محمد بن المثنى وابن بشار، قالا حدثنا محمد بن جعفر: حدثنا شعبة، قال: سمعت قتادة يحدث عن أنس ابن مالك، قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة». وأخرجه أحمد فى المسند حديث رقم (12454، 13306)، وابن ماجة فى سننه باب إقامة الصفوف حديث رقم (1024)، والدرامى فى سننه باب إقامة الصفوف حديث رقم (1264)، وأبو داود فى سننه باب تسوية الصفوف حديث رقم (667).

482 ـ محمد بن يحيى بن منصور الجنزى ـ بجيم ونون وزاى ـ أبو سعد النيسابورى

482 ـ محمد بن يحيى بن منصور الجنزى ـ بجيم ونون وزاى ـ أبو سعد النيسابورى: قدم نيسابور بسبب الأستاذ أبى القاسم القشيرى، وصار من مريديه، ثم جاور بمكة مدة. وكان يروض نفسه، ويواصل بين الصيام. وتوفى مقتولا بجامع نيسابور الجديد، فى سنة تسع وأربعين وخمسمائة. ومولده فى سنة ست وتسعين وأربعمائة. وكان والده مشهورا باليسار. كتبت هذه الترجمة ملخصة من تاريخ الإسلام. 483 ـ محمد بن يحيى بن يونس، شرف الدين القرقشندى: تردد إلى مكة مرات، منها فى موسم سنة ثمان وثمانمائة، ثم توجه إلى اليمن، فى سنة تسع عشرة وثمانمائة، بقصد التجارة، وعاد إلى مكة فيها، أو فى التى بعدها. وتوفى يوم الأحد سادس عشر شعبان، سنة عشر وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة عند تربة أم سليمان. 484 ـ محمد بن يحيى المكى: قدم أصبهان، وحدث عنه أبو مسعود وغيره. حدث عن ابن عيينة، والفضيل بن عياض، وعيسى بن يونس، وأبى إسحاق الفزارى. روى عنه: أبو مسعود، حديثا تفرد به. ذكره هكذا أبو الشيخ فى «طبقات المحدثين بأصبهان، والواردين عليها». 485 ـ محمد بن يزيد بن خنيس المخزومى، مولاهم، أبو عبد الله المكى: روى عن أبيه، وسعيد بن حسان المخزومى، وابن جريج، وعبد العزيز بن أبى رواد، وسفيان الثورى وجماعة.

_ 483 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 10/ 76). 485 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 15، تاريخ البخارى الكبير ترجمة 837، الكنى لمسلم 64، الجرح والتعديل ترجمة 573، ثقات ابن حبان 9/ 61، المنتظم 5/ 90، الكاشف ترجمة 5305، تهذيب التهذيب 4/ 11، تاريخ الإسلام 155، ميزان الاعتدال ترجمة 8324، نهاية السول 358، تهذيب التهذيب 9/ 523 ـ 524، التقريب 2/ 219، خلاصة الخزرجى ترجمة 6758).

486 ـ محمد بن يزيد المكى

روى عنه أحمد بن الفرات، وحنبل بن إسحاق، وعبد بن حميد، ومحمد بن سليمان الباغندى، وأبو يحيى بن أبى مسرة، وأبو حاتم. وقال: كان شيخا صالحا، كتبنا عنه بمكة، وكان ممتنعا من التحديث، أدخلنى عليه ابنه. وذكره ابن حبان فى الثقات، وقال: كان من خيار الناس، ربما أخطأ، يجب أن يعتبر بحديثه إذا بين السماع فى خبره. روى له الترمذى وابن ماجة. 486 ـ محمد بن يزيد المكى: يروى عن مجاهد، روى عنه نافع بن يزيد. ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات. 487 ـ محمد بن يعقوب بن إسماعيل بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن محمد بن المعالى الشيبانى الطبرى المكى، يلقب بالجمال، ويعرف بابن زبرق: ولد فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة، ظنا غالبا، وسمع على القاضى موفق الدين الحنبلى، والقاضى عز الدين بن جماعة، جزء ابن نجيد. سمعت عليه منه جانبا بين الحرمين، ونحن متوجهون إلى طيبة. ثم قرأت عليه منه جانبا بسولة من وادى نخلة اليمانية، وكان له بها مال، ودخل ديار مصر غير مرة. وولى النظر على قلشان، وقف السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب على الشيبانيين بالبحيرة من ديار مصر وكان إماما وخطيبا بسولة من وادى نخلة وهو من ذرية القاضى أبى المعالى الشيبانى، الآتى ذكره. وتوفى ليلة الأربعاء ثالث صفر سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفن فى صبيحتها بالمعلاة. وكان مرضه خمس ليال بعد قدومه من جدة. 488 ـ محمد بن يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عمر بن أبى بكر بن أحمد بن محمود بن إدريس بن فضل الله بن الشيخ أبى إسحاق إبراهيم بن على، القاضى مجد الدين أبو الطاهر الفيروزابادى الشيرازى الشافعى اللغوى: نزيل مكة. ولد بشيراز فى سنة تسع وعشرين وسبعمائة. وسمع بها من المحدث شمس

_ 487 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 10/ 79). 488 ـ انظر ترجمته فى: (البدر الطالع 280، الضوء اللامع 79: 10، بغية الوعاة 117، العقود اللؤلوية 264، 278، 297، أزهار الرياض 3/ 38، 53، كشف الظنون 1657، الأعلام 7/ 147).

الدين محمد بن يوسف الزرندى المدنى: صحيح البخارى، وببغداد على بعض أصحاب الرشيد بن أبى القاسم، وبدمشق من مسندها محمد بن إسماعيل بن الخباز: جزء ابن عرفة، وعوالى مالك للخطيب، ومن محمد بن إسماعيل الحموى: السنن الكبرى للبيهقى بفوت، ومن أحمد بن عبد المؤمن المرداوى: المنتقى من أربعين عبد الخالق الشحامى، ومن الإمام شهاب الدين أحمد بن مظفر النابلسى: معجم ابن جميع، ومن عبد الله بن محمد بن إبراهيم المعروف بابن قيم الصيائية: مشيخة الفخر بن البخارى، تخريج ابن الظاهرى عنه، ومن يحيى بن على بن مجلى بن الحداد الحنفى: الأربعين النواوية، عن النواوى سماعا بدعواه وما قبل ذلك منه، وغيرهم. وببيت المقدس، على الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدى العلائى: الأول من مسلسلاته، وغير ذلك. وبمصر من محمد بن إبراهيم البيانى: الصحيحين فيما أحسب، الشك منى فى محل السماع، لا فى المسموع. وسمع بمصر على أبى الحرم محمد بن محمد القلانسى، ومظفر الدين محمد بن محمد ابن يحيى العطار، والقاضى ناصر الدين محمد بن محمد بن أبى القاسم، المعروف بابن التونسى، والمحدث ناصر الدين محمد بن أبى القاسم بن إسماعيل الفارقى: رباعيات الترمذى، والمنتقى الكبير من الغيلانيات. وسمع على الفارقى والقلانسى: ثلاثيات المعجم الصغير للطبرانى، وغير ذلك، وعلى القلانسى فقط: ثمانيات مؤنسة خاتون، بنت الملك العادل، وسباعياتها: تخريج ابن الظاهرى وتسلسل له مطلقا، الحديث المسلسل بالأولية الذى بأولها، لبس منه خرقة التصوف، وعلى مظفر الدين العطار: الجزء الأخير من الغيلانيات، وعلى الأديب جمال الدين محمد بن محمد بن محمد بن الحسن، المعروف بابن نباتة: جزء الحرفى. ومن أحمد بن محمد بن الحسن الإمام الجزائرى: الجزء الثانى من مشيخة يوسف بن المبارك الخفاف، ومن على بن أبو العرضى «الطهور» لأبى عبيد، ومعجم ابن جميع، وبعض المسند لابن حنبل، ومن القاضى عز الدين بن جماعة أربعينه التساعيات، وجزؤه الكبير، ومنسكه الكبير، والبردة للبوصيرى عنه. وبمكة من إمامها خليل بن عبد الرحمن المالكى، وقاضيها تقى الدين الحرازى، ونور الدين على بن الزين القسطلانى، قرأ عليه الموطأ لمالك، رواية يحيى بن يحيى، وغيرهم.

ولقى جمعا كثيرا من الفضلاء، وأخذ عنهم، وأخدوا عنه، منهم: الصلاح الصفدى، وكتب عنه البيتين الآنى ذكرهما أخيرا، وأوسع فى الثناء عليه، وخرج له الإمام جمال الدين محمد بن الشيخ موسى المراكشى المكى، مشيخة حسنة عن شيوخه، ولم يقدر لى قراءتها عليه، ولا سمعها عليه أحد، غير أن بعض أصحابنا المكيين، أخبرنى أنه قرأ عليه أحاديث شيوخ السماع، ببستانه بنخل ربيد. وكانت له بالحديث عناية غير قوية، وكذا بالفقه، وله تحصيل فى فنون من العلم، ولا سيما اللغة، فإن له فيها اليد الطولى، وألف فيها تواليف حسنة، منها: القاموس المحيط، ولا نظير له فى كتب اللغة، لكثرة ما حواه من الزيادات على الكتب المعتمدة، كالصحاح وغيرها. ومن تواليفه: شرح الفاتحة، ألفه فى ليلة واحدة، على ما ذكر. وشرح على البخارى، ما أظنه أكمله. وكتاب فى الأحاديث الضعيفة، مجلدات. وكراس فى علم الحديث، رأيته بخطه. وله الدر الغالى فى الأحاديث العوالى، والصلات والبشر فى الصلاة على خير البشر. والمغانم المطابة فى معالم طابة. والوصل والمنى فى فضائل منى. وشيء فى فضل الحجون، ومن دفن فيه من الصحابة. ولم أر فى تراجمهم فى كتب الصحابة، التصريح بأنهم دفنوا جميعا بالحجون، بل ولا أن كلهم مات بمكة، فإن كان اعتمد فى دفنهم أجمع بالحجون، على من قال: إنهم نزلوا مكة، فيلزم من نزولهم بها، أن يكون جميعهم دفن بالحجون، فإن الناس كانوا يدفنون بمقبرة المهاجرين بأسفل مكة، وبالمقبرة العليا بأعلاها، وربما دفنوا فى دورهم. والله أعلم. والمتفق وضعا والمختلف صقعا والمرقاة الوفية فى طبقات الحنفية، أخذها من طبقات الشيخ محيى الدين عبد القادر الحنفى. والروض المسلوف فيما له إسمان إلى ألوف. وتجبير الموشين فى السين والشين. وأسماء الخمر. وترقيق الأسل فى تصفيق العسل، كراريس، ألفها فى ليلة، عندما سأله بعض الناس عن العسل، هل هو قئ النحلة أو خرؤها. والإسعاد إلى رتبة الاجتهاد. وفضل السلامة على الخبزة، كفضل الدر على الخرزة. والسلامة والخبزة: قريتان بوادى الطائف. وألفيت بخطه فى إجازة لبعض أصحابنا، ذكر تواليف له كثيرة جدا، ومنها بعض ما ذكرناه من تواليفه، وفيما ذكرناه زيادة فائدة فى ذلك. فنذكر ذلك كله لما فيه من الفائدة.

ونص ذلك: وأجزت له أن يروى عنى جميع ما يجوز عنى روايته، وما لى من تأليف وتصنيف فى فنون العلم الشريفة التى منها فى التفسير: كتاب بصائر ذوى التمييز فى لطائف الكتاب العزيز، مجلدان. وكتاب تنوير المقباس فى تفسير ابن عباس، أربع مجلدات. وكتاب تيسير فاتحة الإياب فى تفسير فاتحة الكتاب، مجلد كبير، وكتاب الدر النظيم المشير إلى مقاصد القرآن العظيم. وحاصل كورة الخلاص، فى تفسير سورة الإخلاص. وشرح قطبة الحشاف، شرح خطبة الكشاف. وفى الحديث: كتاب شوارق الأسرار العلية، شرح مشارق الأنوار النبوية، أربع مجلدات. وكتاب منح البارى، بالسيح الفسيح الجارى، فى شرح صحيح البخارى، كمل ربع العبادات منه، فى عشرين مجلدا. وكتاب عمدة الحكام، فى شرح عدة الأحكام، مجلدان وكتاب امتصاص الشهاد فى افتراض الجهاد. وكتاب النفحة العنبرية، فى مولد خير البرية وكتاب الصلات والبشر فى الصلاة على خير البشر. وكتاب الوصل والمنى فى فضائل «منى» وكتاب المغانم المطابة، فى معالم طابة، وكتاب مهيج الغرام إلى البلد الحرام. وكتاب إثارة الحجون، لزيارة الحجون. وكتاب أحاسن اللطائف، فى محاسن الطائف. وكتاب فصل الدرة من الخرزة، فى فضل السلامة على الخبزة. وكتاب روضة الناظر فى ترجمة الشيخ عبد القادر. وكتاب تعين العرفات للمعين على عين عرفات. وكتاب منية السول فى دعوات الرسول. وكتاب الإسعاد بالإصعاد، إلى درجة الاجتهاد، ثلاث مجلدات وكتاب اللامع المعلم العجاب، الجامع بين المحكم والعباب، وزيادات امتلأ بها الوطاب، واعتلى منها الخطاب، فغاق كل مؤلف هذا الكتاب، يقدر تمامه فى مائة مجلد، كل مجلد يقرب من صحاح الجوهرى فى المقدار. وكتاب القاموس المحيط، والقابوس الوسيط، الجامع لما ذهب من لغة العرب شماطيط. وكتاب الروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف. وكتاب الدرر المبثثة فى الغرر المثلثة. وكتاب بلاغ التلغين فى غرائب الملغين وكتاب تحفة القماعيل فيمن يسمى من الملائكة والناس بإسماعيل، وكتاب تسهيل طريق الوصول إلى الإحاديث الزائدة على جامع الأصول، أربع مجلدات. وكتاب أسما البراح فى أسماء النكاح. وكتاب أسماء الغادة فى أسماء العادة. وكتاب الجليس الأنيس، فى أسماء الخندريس. وكتاب أنواء الغيث فى أسماء الليث. وكتاب الفضل الوفى، فى العدل الأشرفى. وكتاب مقصود ذوى الألباب فى علم الإعراب، مجلد. وكتاب نزهة الأذهان فى فضائل أصبهان. وكتاب التجاريح، فى فوائد متعلقة بأحاديث المصابيح. انتهى ما وجد بخطه.

وله شعر كثير، فى بعضه قلق، لجلبه فيه ألفاظا لغوية عويصة. وكان كثير الاستحضار لمستحسنات من الشعر والحكايات، وله خط جيد من الإسراع فى الكتابة. وكان سريع الحفظ. بلغنى عنه أنه قال: ما كنت أنام حتى أحفظ مائتى سطر. أخبرنى عنه بذلك من سمعه منه، من أصحابنا المعتمدين. وحدث بكثير من تصانيفه ومروياته. سمع منه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. وحدث عنه فى حياته، وصاحبنا الحافظ أبو الفضل بن حجر، وغيره من أصحابنا الفضلاء. سمعت منه بمنزله بمنى: جزء ابن عرفة، والمائة المنتقاة من مشيخة ابن البخارى، انتقاء العلائى. وقرأت عليه قبل ذلك فى مبدأ الطلب: السيرة النبوية، لعبد الغنى المقدسى، عن ابن الخباز، عن ابن عبد الدايم، عنه، والأربعين النواوية عن ابن مجلى، عن النواوى، والبردة عن ابن جماعة، عن ناظمها. وولى قضاء الأقضية ببلاد اليمن، عشرين سنة متوالية، تزيد قليلا، متصلا بموته، عن صاحبى اليمن: الملك الأشرف إسماعيل بن الأفضل عباس بن المجاهد، وولده الملك الناصر أحمد، وللملك الناصر ألف الكتاب الذى فيه الأحاديث الضعيفة، ليريحه من التفتيش عليها فى كتب الحديث. وكان دخوله لليمن من بلاد الهند. ولما دخل اليمن أكرمه الملك الأشرف. ونال منه بر ورفعة، وتزوج الأشرف ابنته. ونال كرامة من جماعة من ولاة البلاد، منهم: ابن عثمان ملك الروم، وشاه منصور ابن عم شاه شجاع، وكذلك من تمر لنك، وحصل منهم دنيا طائلة، فما يطول بقاؤها بيده، لتسليمه لها إلى من يمحقها بالإسراف فى صرفها. وقدم إلى مكة مرات، وجاور بها كرات. وأول قدومه إليها ـ فيما علمت ـ قبل سنة ستين وسبعمائة، ثم قدم إليها فى سنة سبعين وسبعمائة، وأقام بها خمس سنين متوالية، أو ست، الشك منى، ثم رحل عنها وعاد إليها غير مرة، منها بعد التسعين ـ بتقديم التاء ـ وسبعمائة، وكان بها مجاورا فى سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، ورحل منها إلى الطائف، وله فيها بستان كان لجدى لأمى، اشتراه فيما أحسب فى هذه السنة. ولما حج فيها، دخل مع الركب العراق، لأن القان أحمد بن أويس صاحب العراق، استدعاه فى كتاب كتبه إليه، وفيه نبأ عظيم عليه، من جملته:

القائل القول لو فاه الزمان به ... كانت لياليه أياما بلا ظلم والفاعل الفعلة الغراء لو مزجت ... بالنار لم يك ما بالنار من حمم وفيه بعد ذكر هدية إليه من مستدعيه: ولو نطيق لنهدى الفرقدين لكم ... والشمس والبدر والعيوق والفلكا وما عرفت خبره مع مستدعيه، ودار فى البلاد حتى وصل إلى عدن، ثم إلى مكة، وما عاد إلى مكة إلا فى سنة اثنتين وثمانمائة، من بلاد اليمن، فحج وجاور بقية السنة، وشيئا من أول السنة التى بعدها، وجعل داره التى أنشأها الصفا، مدرسة للملك الأشراف صاحب اليمن، وقرر بها طلبة وثلاثة مدرسين، فى الحديث، وفى فقه مالك، والشافعى وزار المدينة النبوية، وقرر بها مثل ما قرر بمكة، واشترى حديقتين بظاهرها وجعلها لذلك، ثم عاد إلى مكة، ثم إلى اليمن لقصد الأشرف، فمات الأشرف قبل وصوله إليها، فأعرض عما قرره، ثم قدم إلى مكة، فى سنة خمس وثمانمائة، فى رمضان ـ فيما أحسب ـ وذهب فى بقيتها إلى الطائف قبل الحج، ثم حج وأقام بمكة مدة، وبالطائف، فى سنة ست وثمانمائة، وحج فيها، وتوجه إلى المدينة مع الحاج، لتقريره ما كان اشتراه بها، فإنه نوزع فيه، ثم عاد إلى مكة بعد أن ظفر ببعض قصده، وتوجه إلى اليمن، على طريق السراة (1)، وأقام بالخلف والخليف (2) نحو تسعة أشهر، ثم توصل منه إلى زبيد، وأقام بها غالبا، وبتعز مدة، لما كان فوض إليه من تداريس مدارس بها، منها: المؤيدية والمجاهدية، وغير ذلك. وكان يرغب فى الرجوع إلى مكة، فما قدر له ذلك حتى مات. وكان يحب الانتساب إلى مكة؛ لأنه كان يكتب بخطه: الملتجئ إلى حرم الله تعالى، واقتدى فى كتابة ذلك، بالرضى الصاغانى اللغوى الآتى ذكره. وكان يذكر أنه من ذرية الشيخ أبى إسحاق الشيرازى، مؤلف «التنبيه» وذكر له

_ (1) السّراة: بلفظ جمع السرى، وهو جمع جاء على غير قياس أن يجمع فعيل على فعلة ولا يعرف غيره، وكذا قاله اللغويون. وقال الأصمعى: السراة الجبل الذى فيه طرف الطائف إلى بلاد أرمينية، وفى كتاب الحازمى: السراة الجبال والأرض الحاجزة بين تهامة واليمن ولها سعة، وهى باليمن أخص. انظر: معجم البلدان (السراة). (2) الخليف: بفتح أوله، وكسر ثانيه: شعب فى جبلة الجبل. والخليف: الطريق الذى بين الشعبين يشبه الزقاق، لأن سهمهم تخلّف. وقال الحفصى: خليف صماخ قرية، وصماخ: جبل. وخليف عشيرة: وهو نخل. انظر: معجم البلدان (الخليف).

نسبا إليه، أملاه على بعض أصحابنا، لما كتب سماعنا عليه. تقدم ذكره، واستغرب ذلك الناس منه، واستغربوا منه أكثر، ما كان يذكره من انتسابه إلى أبى بكر الصديق رضى الله عنه، من جهة الشيخ أبى إسحاق. وكان حوى من الكتب شيئا كثيرا، فأذهبها بالبيع، وما وجد له بعد موته منها، ما كان يظن به. ومتعه الله تعالى، بسمعه وبصره، بحيث إنه قرأ خطا دقيقا قبيل موته بيسير. وكان موته فى ليلة الثلاثاء، العشرين من شوال سنة سبع عشرة وثمانمائة بزبيد، ودفن بمقبرة الشيخ إسماعيل الجبرتى، بباب سهام. وما ذكرناه من تاريخ ليلة موته، موافق لرؤية أهل زبيد لهلال شوال، وعلى رؤية أهل عدن وغيرهم، يكون موته فى ليلة تاسع عشر شوال. والله أعلم. أنشدنى العلامة اللغوى، قاضى الأقضية ببلاد اليمن، مجد الدين أبو الطاهر محمد بن يعقوب بن محمد الفيروزابادى بمنى سماعا، وأكبر ظنى أنى سمعته من لفظه لنفسه: أحبتنا الأماجد إن رحلتم ... ولم ترعوا لنا عهدا وإلا نودّعكم ونودعكم قلوبا ... لعل الله يجمعنا وإلا وهذان البيتان هما اللذان كتبهما عنه الصلاح الصفدى، وسمعت من ينتقد عليه قوله فى آخر البيت الثانى «وإلا» بما حاصله: أنه لم يتقدم له ما يوطئ له، وأن مثل هذا لا يحسن إلا مع تقديم توطئة للمقصود. والله أعلم. وأنشدنى شيخنا المذكور إذنا، قال: دخلت على الشيخ تقى الدين ببستانه بالزعفرانية ظاهر دمشق، فأنشدنى من لفظه: مضى عصر الصبا لا فى انشراح ... ولا عيش يطيب مع الملاح ولا فى خدمة المولى تعالى ... ففيه كل أنواع الفلاح وكنت أظن يصلحنى مشيبى ... فشبت فأين آثار الصلاح وأنشدنى هذه الأبيات، صاحبنا الإمام أبو المحاسن محمد بن إبراهيم الحنفى، سماعا من لفظه عن شيخنا القاضى مجد الدين من لفظه، وحكى عنه قصة إنشادها، وفى معنى هذه الأبيات باختصار بليغ، قول القائل: وأضعت عمرك لا خلاعة ماجن ... حصلت فيه ولا وقار مبجل

489 ـ محمد بن يعقوب بن محمد بن أحمد بن على بن عبد الله الجاناتى المكى، يلقب بالجمال، سبط الشيخ عبد الله اليافعى

489 ـ محمد بن يعقوب بن محمد بن أحمد بن على بن عبد الله الجاناتى المكى، يلقب بالجمال، سبط الشيخ عبد الله اليافعى: ولد بمكة ونشأ بها، وعنى بالفقه والعربية وتبصر فيهما، وانتفع فى العربية وغيرها، بزوج والدته صاحبنا الشيخ خليل بن هارون الجزائرى. وسمع كثيرا من الحديث بعناية أخيه لأمه، صاحبنا الحافظ جمال الدين محمد بن موسى المراكشى، السابق ذكره، على جماعة من شيوخ أخيه جمال الدين المذكور، وسافر فى صحبته من مكة المشرفة بعد الحج، من سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة إلى اليمن، فدخل زبيد ثم تعز، ثم عدن، ثم عاد إلى زبيد. فعرض له بها ضعف، حتى مات به فى شوال من سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، وهو فى أثناء عشر الثلاثين، وخلف حملا من امرأة تزوجها بزبيد. وكان كثير الإقبال على العلم والمطالعة فى كتبه، وفيه خير وحياء، وأمه السيدة زينب بنت الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعى، رحمه الله تعالى. * * * من اسمه محمد بن يوسف 490 ـ محمد بن يوسف بن إدريس بن مفرج بن غانم الشيبى المكى: شيخ الحجبة، وفاتج الكعبة. ولى ذلك كما ذكر لى غير واحد، بعد يحيى بن على بن بحير الشيبى. وتوفى سنة تسع وأربعين وسبعمائة. انتهى. ووجدت بخط شيخنا ابن سكر، أنه توفى فى جمادى الأولى من السنة، وقد أجاز له فى سنة ثلاث عشرة: الدشتى، والقاضى سليمان بن حمزه، وابن مكتوم، وابن عبد الدايم، والمطعم، وجماعة، باستدعاء البرزالى وغيره. وما علمت له سماعا. 491 ـ محمد بن يوسف بن عبد الله بن خطاب ـ بخاء معجمة ـ القرشى السهمى العمرى ـ بفتح العين المهملة ـ المكى: أجاز له الدشتى، والقاضى سليمان بن حمزة، وجماعة باستدعاء البرزالى. وما علمت له سماعا، وما علمته حدث.

492 ـ محمد بن يوسف بن على بن محمود بن أبى المعالى، النزارى نسبا الصبرى بلدا، قاضى تعز

وكان من مشايخ قريش، يقيم بأرض خالد بوادى مر، من أعمال مكة المشرفة. 492 ـ محمد بن يوسف بن على بن محمود بن أبى المعالى، النزارى نسبا الصبرى بلدا، قاضى تعز: كان ذا فضل فى الفقه والنحو واللغة، والحديث، والتفسير والقراءات السبع والفرائض. درس بالغرابية، ثم بالمظفرية الكبرى. وكان كثير الصلاح والورع والعبادة، ساعيا فى قضاء حوائج الناس. حج فى سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، مع الملك المجاهد صاحب اليمن. فتوفى فى آخر يوم عرفة من هذه السنة شهيدا مبطونا، وغسل بمنى، ودفن بالأبطح. 493 ـ محمد بن يوسف بن موسى بن يوسف بن موسى بن يوسف بن إبراهيم ابن عبد الله بن المغيرة الأزدى المهلبى، جمال الدين أبو بكر، ويقال: أبو المكارم بن أبى أحمد، الشهير بابن مسدى، ويقال: ابن مسد ـ بضم الميم وسكون السين وحذف الياء ـ الأندلسى الغرناطى: نزيل مكة وخطيبها، وإمام المقام الشريف. ولد يوم عيد الأضحى سنة تسع وخمسمائة بوادى آش (1) من الأندلس. وقرأ على جماعة، منهم: قاضى الجماعة بقرطبة أبو القاسم بن بقى المخلدى، وجماعة بالمغرب، ثم رحل بعد العشرين وستمائة، فسمع بالثغر، من محمد بن عمار الحرانى وغيره، وبمصر من الفخر الفارسى، وأبى القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى اللخمى، وقرأ عليه بالروايات، وأبى الحسن بن المقير وأكثر عنه، وجماعة بمصر، وبدمشق من أبى القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى، وغيره، وبحلب من الموفق عبد اللطيف بن يوسف البغدادى وغيره، ومن أبى البركات عبد الرحمن بن عبد اللطيف الصوفى، وجماعة بمكة. وأجاز له من شيوخها إمامها أبو إسحاق زاهر بن رستم الأصبهانى، والشريف يونس بن يحيى الهاشمى، ومن بغداد: ابن الأخضر وابن سكينة.

_ 493 ـ انظر ترجمته فى: (تذكرة الحفاظ للذهبى 4/ 233). (1) أش: بالفتح، والشين مخففة، وربما مدت همزته، مدينة الأشات بالأندلس من كورة البيرة وتعرف بوادى أش، بينها وبين غرناطة أربعون ميلا، وهى بين غرناطة وبجانة، قال ابن حوقل: بين ماردة ومدلين يومان ومنها الى ترجيلة يومان ومنها إلى قصر أش يومان ومن قصر أش إلى مكناسة يومان. قلت: ولا أدرى قصر أش هو وادى أش أو غيره. انظر: معجم البلدان (أش).

ومن دمشق: قاضيها أبو القاسم الحرستانى، والعلامة أبو اليمن الكندى، وجماعة يجمعهم كلهم معجمه الذى خرجه لنفسه فى ثلاث مجلدات كبار. وكان عنى بهذا الشأن كثيرا، وخرج لنفسه ولغير واحد من شيوخ عصره. ووقع له فى معجمه أوهام قليلة كما ذكره الذهبى، ووقع له وهم فى بعض تخاريجه على ما ذكر أيضا؛ لأنه خرج لابن الجميزى، من رابع المحامليات عن شهدة، قال: وهذا خطأ، وكتب بخطه الكثير، وكان يكتب بالمغربى والمشرقى خطأ حسنا. وكان سريع الكتابة؛ لأنى وجدت بخط الشيخ بهاء الدين عبد الله بن خليل، أنه سمع الرضى الطبرى يقول: إنه سمع ابن مسدى يقول: كنت أكتب قبل أن أتغدى كراسين. انتهى. وله تواليف كثيرة، منها: الأربعون المختارة، فى فضل الحج والزيارة، وغير ذلك فى الحديث، ومنسك ذكر فيه خلاف العلماء. ونظم ونثر حسن، وخطب. وحدث بأشياء من ذلك، ومن مروياته. وآخر الرواة عنه: مسند الشام فى عصره، أحمد بن على الجزرى، له منه إجازة، قرأ عليه بها الشريف أبو المحاسن محمد بن على بن حمزة الحسينى، ومن خطه استفدت ذلك. وقد روى عنه جماعة من الأعيان، منهم: أبو اليمن بن عساكر، وأبو عبد الله بن النعمان، والعفيف بن مزروع، والحافظ الدمياطى، وجماعة كثيرون، وآخرهم وفاة: الرضى الطبرى، إمام المقام، وأشك فى سماع القاضى بدر الدين بن جماعة منه، فإن صح سماعه، فهو آخر أصحابه بالسماع. والله أعلم. وكتب عنه الرشيد العطار، ومات قبله. وذكره جماعة من الحفاظ، ووصفوه بالحفظ، منهم: منصور بن سليم الهمدانى، وقال: كان حافظا متقنا. والشريف أبو القاسم الحسينى، وقال: كان فاضلا حسن المعرفة بالصناعة الحديثية. والقطب الحلبى، وقال: كان يميل إلى الاجتهاد، ويؤثر الحديث. والحافظ الذهبى، وقال فى الميزان: كان من بحور العلم، ومن كبار الحفاظ، له أوهام، وفيه تشيع، ورأيت جماعة يضعفونه، وله معجم فى ثلاث مجلدات كبار، طالعته وعلقت منه كثيرا. قتل بمكة. انتهى. وقال فى طبقات الحفاظ: وله تصانيف كثيرة، وتوسع فى العلوم، وتفنن، وله اليد الطولى فى النظم والنثر، ومعرفة بالفقه وغير ذلك، وفيه تشيع وبدعة. وذكر أن الشيخ رضى الدين الطبرى، كان يمتنع من الرواية عنه. انتهى.

وقد تكلّم فيه من غير ما وجه، منها: أن الحافظ قطب الدين الحلبى قال فى تاريخه: قال: الشيخ أبو حيان الأندلسى: أخبرنى شيخنا الناقد أبو على بن أبى الأحوص، أن بعض شيوخهم عمل أربعين حديثا، فأخذها ابن مسدى ووصل بها أسانيده وأدعاها. ومنها لما فيه من التشيع والبدعة؛ لأنه نظم قصيدة نحوا من ستمائة بيت نال فيها من معاوية ـ رضى الله عنه ـ وذويه، على ما ذكر الذهبى، وذكر أن العفيف المطرى، أراها له، وأنه سمع التقى العمرى يقول: سألت أبا عبد الله بن النعمان عن ابن مسدى، فقال: ما نقمنا عليه غير أنه تكلم فى أم المؤمنين عائشة. انتهى. وقد تكلم ابن مسدى أيضا، فى جماعة كبار، فلا جرم، أنه توفى مقتولا غيلة، مقطوع اللسان، على ما بلغنى بمنزله برباط القزوينى على باب السدة، واتهم الأمير به جماعة وحلفوا، وطل دمه. وكانت وفاته يوم السبت العاشر من شوال، سنة ثلاث وستين وستمائة بمكة، ودفن بالمعلاة من يومه. كذا وجدت وفاته بخط أبى العباس الميورقى والقطب القسطلانى. ووجدت بخط الشريف أبى القاسم الحسينى فى وفياته، وغيرها، أنه توفى فى حادى عشر شوال، وهذا مخالف لما ذكرناه، وهما أعرف بوفاته، والله أعلم. ولعل سبب الخلاف، اختلاف حصل فى مبدأ الشهر، والله أعلم. وأما كلام الإمام رضى الدين محمد بن على بن يوسف الشاطبى اللغوى النحوى المقرئ، نزيل القاهرة، فى ابن مسدى هذا، فمحمول على الممازحة. أشار إلى ذلك الحافظ أبو الفتح بن سيد الناس اليعمرى؛ لأنه سئل عمن تكلم فى ابن مسدى، فذكر له ترجمة، بين فيها أشياء من حاله وفضله، وقال فيها: وذكر لى عبيد ـ يعنى الإسعردى الحافظ ـ: أنه كان جالسا مع الشيخ الإمام الرضى الشاطبى، ينظران فى إجازة، فاجتاز بهما ابن مسدى، وسلم وجلس إليهما يتكلم، فقال: ما هذه؟ ففال له الرضى: إجازة فيها خط ابن يونس وابن الجوزى، فاحذر أن تلحق اسمك فيها، فإن وفاتهما قبل مولدك، ومصدرهما قبل موردك، فتبسما وأفاضا فى غير ذلك وتكلما. وقال الحافظ أبو الفتح بن سيد الناس: إنما هذا من الشاطبى، فعلى الممازحة مقبولة،

وليست على غير المداعبة محمولة، ولو خرجت، مخرج الجد، لكانت جد مقبولة، بدليل التبسم والرضى، وانفصالها، على أنه ليس لهذا الكلام مقتضى. انتهى. ومما يعاب على ابن مسدى حرصه على أخذ الأجرة على التحديث، وقد ذكر هذه القضية عنه ابن رشيد فى رحلته، فقال فيما ذكره من أخبار الذين لقيهم بالمدينة النبوية: وأخبرنى أبو إسحاق المذكور ـ يعنى إبراهيم بن يحيى بن محمد بن يحيى الفاسى ـ أنه سمع الموطأ، رواية يحيى بن يحيى الليثى، على ابن مسدى. وأجاز له. وأخبرنى أنه لما جاء يسمع عليه الموطأ، قال له: لزمتنى يمين أنى لا أسمعه إلا بعشرة دنانير عينا، فقلت له: لو جعلت على الناس فى سماعه عشرة فلوس، لزهدتهم فيه، ولم يكن ما أعطيه، فجاء بعض بنى الدنيا ليسمعه عليه. فبعث ابن مسدى إلىّ فسمعته معه، قال ابن رشيد: وهذه جرحة، إلا أن يتأول عليه أنه قصد بذلك تنفيق العلم، فالله أعلم. فقد كان الرجل معروفا بالدين والفضل. انتهى. وذكر القطب الحلبى: أن ابن مسدى ولى تصدر بالفيوم (2)، وأقام به، وأن القطب القسطلانى، أخبره أن ابن مسدى قدم المدينة سنة ست وأربعين وستمائة من مصر، وكنت مجاورا بها، وتوجه إلى مكة، فحج ذلك العام، وأقام بها، إلى أن توفى بها، بعد أن ولى خطابه الحرم، وإمامة المقام. انتهى. قلت: وليهما فى سنة إحدى وستين، بعد الفقيه سليمان بن خليل العسقلانى. وذكر الذهبى عن العفيف المطرى: أنه كان يداخل الزيدية، فولوه خطابة الحرم، وكان ينشيء الخطب فى الحال. انتهى. ووجدت بخط الشيخ بهاء الدين عبد الله بن خليل: أنه سمع الشيخ رضى الدين الطبرى يقول، وقد ذكرنا له ابن مسدى، فقال: سمعته يقول: كنت أسرج السراج وأتكئ على المخدة قليلا، ثم استيفظ، فأقرأ أربع عشرة قائمة حفظا، وسمعته يقول: أعرف البخارى ومسلما بالفاء والواو. ودخلت عليه يوما وفى يده كتاب، فقال: هذا من عند أبى إسحاق البلفيقى، فقلت له: ما ذكر فيه؟ . فقال ذكر فيه: أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم فى النوم، وعنده جماعة، وهم يذكرون قصائد، ومدح بها النبى صلى الله عليه وسلم: أين أنتم من قصيدة ابن مسدى الدالية. انتهى.

_ (2) الفيوم: فى البلاد المصرية، وهو نظير كبير من قرى كثيرة، يقال إن فيه من القرى عدد ما فى قطر مصر كلها من القرى. انظر: معجم البلدان (الفيوم)، الروض المعطار 445، الاستبصار 90، الإدريسى 146، خطط المقريزى 1/ 245، ابن الوردى 23.

494 ـ محمد بن يوسف بن زكريا بن على بن أبى بكر بن يحيى بن غازى بن الجعفرى المالكى، المعروف بابن السقطى ـ بالقاف ـ يلقب بالشمس، ويكنى أبا عبد الله

قلت: هى القصيدة الموسومة: بأسى المنائح فى أسمى المدائح، التى أولها: أورد ظماك فقد بلغت الموردا ... لن يحمد الإصدار من لا أوردا وسنذكر شيئا منها فيما بعد. ومن مناقب ابن مسدى ـ على ما وجدت بخط الميورقى، بعد ذكره لوفاته ووفاة الضياء المالكى ـ: وأخبرنا أن بعض القراء، كان يقرأ حوله ـ أعنى حول ابن مسدى ـ فوقف، فرد عليه الحافظ ابن مسدى من قبره، بصوته الذى كان القارئ يعرفه، لم يشك فيه أنه كان حيا يسمع ويضبط. انتهى. ومن شعر ابن مسدى، ما أنشدنا الشيخ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن إسماعيل الطبرى، عن قريبه الإمام رضى الدين أبى إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الشافعى إمام مقام إبراهيم الخليل بالمسجد الحرام، قال: أنشدنا الإمام جمال الدين أبو بكر محمد بن يوسف بن موسى بن مسدى الأندلسى إجازة لنفسه: تحوم علينا للمنايا حوائم ... كأنا حبوب والحمام حمائم ولم أر كالدنيا حبالة صائد ... ترى النمل فى أشراكها والضراغم ولو علمت منه البهائم علمنا ... إذا هزلت خوف المنون البهائم حياة وموت ذا لذاك مباين ... وبينهما للنائبات تلازم فيا صاحبى رافق رفيعا يمانيا ... فإنك للبرق الشامى شايم ونادم نداماك التقا وصحابه ... فإنك يوما للمنايا منادم ومن شعره ما رويناه بالإسناد المتقدم إليه: أعفر وجهى فى التراب لعزه ... عسى عطفة منه ترق لذلتى وأطرق تعظيما وأغضى مهابة ... ويحرسنى فرط الحياء لزلتى وأمرج خوفى بالرجاء لأننى ... أرى علتى فى حبه وتعلتى 494 ـ محمد بن يوسف بن زكريا بن على بن أبى بكر بن يحيى بن غازى بن الجعفرى المالكى، المعروف بابن السقطى ـ بالقاف ـ يلقب بالشمس، ويكنى أبا عبد الله: هكذا وجدته منسوبا بخط شيخنا صدر الدين الياسوفى، وترجمه بالشيخ الفقيه العالم الواعظ، وذكر أنه قرأ عليه سنده لصحيح مسلم، فقال: حدثنا شمس الدين محمد بن عمر السلاوى بقراءة أبى زرعة المقدسى بالنورية، سنة ست وأربعين وسبعمائة، لجميع صحيح مسلم، وساق الإسناد إليه.

495 ـ محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الأزدى مولاهم، أبو عمر القاضى

وأنشدنى الأئمة العلماء: صدر الدين أبو الربيع سليمان بن يوسف بن مفلح الياسوفى، وشهاب الدين أحمد بن العلامة عماد الدين إسماعيل بن خليفة الحسبانى وشمس الدين محمد بن الظهير إبراهيم الجزرى، إذنا، مشافهة ومكاتبة، أن الواعظ شمس الدين محمد بن يوسف بن يحيى السقطى المكى، أنشدهم لنفسه هذه الأبيات، وذكر أنه نظمها ارتجالا، بين يدى الشيخ جمال الدين الإسنائى، ذكر فيها أسماء مصنفاته ـ وقد أنشده شخص ثلاثة أبيات فى كتابه «التمهيد» فقال: سناء الإسنائى أبدى لنا ... جواهر «التمهيد» كالكوكب نقح بالعلم «مهماته» ... «تذكرة» للطالب المجتبى فزاد رى فى مدا عمره ... فهو لنا «نهاية المطلب» ولم أدر متى مات، إلا أنه كان حيا فى سنة ست وثمانين وسبعمائة بمصر، وكان وعظ بمكة. 495 ـ محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الأزدى مولاهم، أبو عمر القاضى: قاضى الحرمين واليمن والشام، والجانب الشرقى والشرقية، وعدة نواح من السواد، ولى ذلك بتقليد من المقتدر، بإشارة الوزير أبى على الحسن بن على بن عيسى، فى سنة إحدى وثلاثمائة، ثم قلده قضاء القضاة فى سنة سبع عشرة، وكان من خيار القضاة حلما وعقلا وجلالة وصيانة وذكاء وفضلا وكرما، سمع محمد بن الوليد البسرى، ومحمد بن إسحاق الصاغانى، وجماعة. وروى عنه أبو بكر الأبهرى الفقيه، وأبو الحسن الدارقطنى، وجماعة. وتوفى يوم الأربعاء لخمس بقين، وقيل لسبع بقين، من شهر رمضان سنة عشرين وثلاثمائة، ودفن فى داره، ومولده لسبع خلون من رجب، سنة ثلاث وأربعين ومائتين. 496 ـ محمد بن يوسف بن يعقوب بن المأمون عبد الله بن الرشيد هارون بن المهدى محمد بن المنصور عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس العباسى المكى: أمير مكة، وليها سنة ثمان وستين ومائتين، وقدم مصر، فحدث بها عن على بن عبد العزيز البغوى، بموطأ مالك، وكان ثقة مأمونا.

_ 495 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ بغداد 3/ 401، الأعلام 7/ 148).

497 ـ محمد بن يوسف النهدى

وتوفى فى ذى الحجة سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة، وذكره صاحب البداية والنهاية الحافظ عماد الدين بن كثير. 497 ـ محمد بن يوسف النهدى: سكن مكة. وتوفى سنة ثلاثين وخمسمائة، ذكره ابن المفضل المقدسى فى وفياته هكذا. 498 ـ محمد بن يوسف المكى، المعروف بالمطرز: سمع على عبد الوهاب بن محمد القروى الإسكندرى بمكة: المسلسل بالأولية ومشيخته، وحدث. سمع منه بعض أصحابنا المحدثين بمكة، وبها مات فى أول ذى الحجة سنة ست وعشرين وثمانمائة، ودفن بالمعلاة. وسبب موته أنه سقط عليه بعض منزله فهلك، ففاز بالشهادة، وكان شديد الأدمة، قاضيا لحوائج أصحابه، سامحه الله تعالى. * * * من اسمه محمد «غير منسوب» 499 ـ محمد المكى: أصله من بلخ (1). يروى عن ابن المبارك، روى عنه يعقوب الفارسى. ذكره ابن حبان هكذا، فى الطبقة الرابعة من الثقات. 500 ـ محمد الحرانى: ذكره المؤرخ شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزرى، فقال فيما وجدت بخطه: كان كثير العبادة والطواف والذكر، جاور بمكة مدة، ثم انتقل عنها إلى بلاده، فمات بها. وذكر فى سبب انتقاله حكاية عجيبة ملخصها: أنه شيع جنازة بالمعلاة، فلما كان الليل، رأى فى المنام أنه أتى ذلك القبر، فوجد جماعة ينبشون ذلك الرجل، فقال لهم: لأى

_ 499 ـ (1) بلخ: هى مدينة خراسان العظمى وهى فى مستو منى الأرض. ومن بلخ إلى مدينة مرو مائة وستة وعشرون فرسخا. انظر: معجم البلدان (بلخ).

501 ـ محمد الهورى

شيء تنبشونه؟ فإنه كان رجلا صالحا مباركا كثير العبادة. قالوا لى: صحيح، غير أنا نحن الملائكة النقالة، ونحن ننقله إلى الحفرة التى خلق منها، فقال لهم: بالله عليكم، فالحفرة التى لى من أين هى؟ قالوا: هى بأرض حران، قال: فقلت: إنما جئت إلى هنا، حتى أموت بمكة، وأدفن بها. قالوا: إذا مت، نقلناك إلى الحفرة التى خلقت منها. فانتبهت مرعوبا، ثم تفكرت فى نفسى، قلت: إذا كان ولابد من أن ينقلونى، فدعنى أسافر إلى أهلى، وموت عندهم. 501 ـ محمد الهورى: ذكره ابن فرحون فى كتابه «نصيحة المشاور» وذكر أنه كان من الأولياء والقدماء الذين ينفقون من الغيب، أكثر إقامته بمكة المشرفة، ثم انتقل إلى المدينة فأقام بها، وسكن بيتا فيه شبّاك إلى الحرم فى الحصن العتيق، وصادف غلاء عظيما وعدم التمر، حتى وصل صاعه الخمسين، ولا يوجد، وذلك فى سنة خمس وتسعين وستمائة، وكان يتصدق بالتمر البرنى على الناس، لا يعلم أحد من أين يأتى به، ولا من يشتريه له، لو أراد ذلك ما وجد لقلته وعدمه. وذكر أن جماعة أخبروه عنه، أنه لما أقام بمكة أنفق على أهلها وضعفائها أموالا مستكثرة، فوقع خبره إلى الشريف ـ أظنه حميضة ـ فدخل عليه بيته على غفلة، فرحب به وأجلسه فى وسط بيته، وقدم إليه كسيرات وشيئا من مخللات، فقال له: ما أريد إلا أن أن ترينى ما فى بيتك، أو تعطينى ما يكفينى وحاشيتى. فقال له الشيخ: البيت بين يديك، والله ما أدخر عنك شيئا. فقام الشريف وأعوانه إلى البيت، وفتشوه وحفروه، فلم يجدوا فى بيته شيئا غير برانى المخلل، وشيئا لا يعبأ به، فتركوه وانصرفوا. ولم يزل مستمرا على ذلك الإنفاق، إلى أن توفى، رحمه الله. وذكر أن الشيخ جمال الدين المطرى، قال: إن شيوخ مكة كانوا ينكرون عليه شيئا من أحواله، لأنه كان يطوف بالليل ومعه نساء مخدرات، وغير مخدرات، يعرفهن واحدة واحدة، وربما تكون امرأة لا يعرف أحد اسمها فيسميها، فيأخذ فى مؤانستهن، والكلام معهن، ولا يلتفت إلى كلام المنكرين. 502 ـ محمد الزيلعى: ذكره البرزالى فى تاريخه، وذكر أنه كان رجلا صالحا، يسكن رباط رامشت بمكة، وبها توفى فى سنة إحدى وعشرين وسبعمائة، صلّى عليه صلاة الغائب بجامع دمشق فى أول رمضان.

503 ـ محمد المعروف بأبى طرطور

503 ـ محمد المعروف بأبى طرطور: شيخ اشتهر بالصلاح بمكة، وذكرت له مكاشفات، منها ـ فيما قيل ـ إنه رنق يوما بالحرم الشريف، ورفع رأسه وأخبر بعود السلطان حسن بن الناصر محمد بن قلاوون، صاحب مصر، إلى السلطنة. وكان قد خلع فى سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة، فسمعه القطب الهرماس؛ لأنه كان إلى جانبه فقام من ساعته إلى الأمير أزدمر الخازندار، وكان أميرا على الرجبية الواصلة فى سنة خمس وخمسين وسبعمائة، فجلس عنده ورنق، ثم رفع رأسه وأخبر بما سمع من الشيخ أبى طرطور، وأمرهم بكتابته فأرخوه، فجاءت به الأخبار، وذلك فى شوال من سنة خمس وخمسين. وهذه القضية اتصل الهرماس بها بالسلطان حسن، ونال به وجاهة. وذكر لى شيخنا أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطى أن أبا طرطور هذا، ذكر له أنه من أصحاب الشيخ عبد العزيز الدميرى، وأخذ طريقة التصوف عن الشيخ أبى الفتح الواسطى، والبرهان الدميرى. وكان يعمل الميعاد فى الجامع الظاهرى بحضرة خلق كثير من الناس، أخبرنى بذلك من كان يلازم الجامع، ويحضر مجالس الوعظ. قال: وكان يفسر القرآن عن ظاهر قلبه بين الحجر الأسود والركن اليمانى، وكان لأهل مصر فيه اعتقاد، وله مكاشفات، وكان يخرب على نفسه وربما وجدت الحشيشة معه. انتهى. وذكر لى الشيخ يعقوب بن أحمد الأبيارى المكى أن الشيخ أبا طرطور كاشف أباه بقضية حكاها لى، وهو الذى ذكر لى أن اسمه محمد، وذكر أنه توفى بمكة، قبل القاضى شهاب الدين الطبرى، وكانت وفاة القاضى فى آخر شعبان سنة ستين وسبعمائة. وقد ذكر لى وفاته على نحو من ذلك غير واحد. 504 ـ محمد المعروف بالموات: ذكره لى شيخنا العلامة القاضى جمال الدين بن ظهيرة، وذكر أنه كان رجلا صالحا، كثير الذكر والعبادة، وللناس فيه اعتقاد كثير، ويسألونه الدعاء. وكان إذا سأله أحد الدعاء لقضاء حاجة يقول له: اعمل حظرة للفقراء. فعمل ذلك جماعة منهم، فانقضت حوائجهم. توفى سنة أربع وستين، أو سنة خمس وستين وسبعمائة بمكة. وكان جاور بها سنين كثيرة، وكان له كشف كثير. كان يذكر أنه يجتمع بجماعة من الأموات فى اليقظة.

505 ـ محمد التبريزى

505 ـ محمد التبريزى: المجاور بحرم الله تعالى. كذا وجدته فى حجر قبره بالمعلاة، وترجم فيه بالشيخ الصالح الزاهد العابد شمس الدين. وفيه أنه توفى يوم السبت سابع عشرى رمضان، سنة ثمان وسبعين وسبعمائة. 506 ـ محمد المعروف بحشيش. اشتهر بالصلاح بمكة. وأصله من الحريرة من العراق، على ما أخبرنى عنه، صاحبنا الشيخ صلاح الدين خليل بن محمد الأقفهسى وأخبرنى أنه سمعه يذكر ويترضى عن الشيخين رضى الله عنهما مرارا، من غير ذكر عثمان وعلى رضى الله عنهما، قال: فقلت فى نفسى، قل: وعثمان وعلى. فقال ذلك مرارا بمجرد هذا. انتهى. وذكر لى عن جماعة من المسافرين، أنه كانت تتفق عليهم فى البحر شدة، فيينذرون له، فإذا قدموا مكة طالبهم بالنذر، من غير إطلاعهم له على ذلك. وذكر هو لى أنه بشر والدى، ووالدتى حامل بى، أنها تأتى بولد ذكر، وكان ينام فى أول الليل قليلا، ثم يستيقظ ولا يزال يذكر حتى السحر، لكنه كان يخالط النساء والمردان فى بعض الأوقات مخالطة منكرة، والله أعلم بحاله. وكان يتخيل الأذى من أناس فيقع فيهم. توفى فى سلخ ذى الحجة سنة ثمان وتسعين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة وقد جاوز الستين ـ فيما أحسب ـ أقام بمكة أزيد من ثلاثين سنة. وحشيش: بحاء مهملة وشين معجمة مكسورة وياء مثناة من تحت وشين معجمة. والحريرة: بحاء مهملة وراء. 507 ـ محمد المعروف بالأريصى: نزيل مكة. اشتغل بها كثيرا فى الفقه، على الشيخ موسى المراكشى، وشيخنا الشريف عبد الرحمن. وفى الفرائض، على القاضى شهاب الدين بن ظهيرة، وتنبه فيها وفى الفقه قليلا. وكان رجلا مباركا، كثير العبادة والخير، مع شدة الفاقة. توفى قريبا من سنة ثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، بعد أن جاور بمكة سنين كثيرة تقارب الثلاثين. وكان يسكن برباط الموفق.

508 ـ محمد المعروف بالقدسى

508 ـ محمد المعروف بالقدسى: شيخ مبارك خيرّ، كان يسكن عند قبو مدرسة السلطان حسن صاحب مصر، بقرب القلعة. وتردد منها إلى مكة مرارا. وتعبد فيها كثيرا، على طريقة حسنة. وكانت له معرفة بطريق الصوفية. وبلغنى أنه صحب الشيخ محمد القرمى بالقدس كثيرا، وأنه كان يصوم الدهر، ويقوم الليل، وله على ما ذكر نظم سمعته ينشد منه شيئا، ولكننى لم أحفظه. وكان يسكن فى رباط الخوزى، وبه توفى، فى يوم الجمعة الثامن عشر من ذى القعدة سنة إحدى عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وهو فيما أحسب فى عشر الستين أو أزيد. وكان يعرف بشيخ الخدام؛ لأن الخدام بالقاهرة كانوا يعتقدونه، والله أعلم. وجاء بآخر نسخة «ف» ما نصه: تم الجزء الأول من كتاب «العقد الثمين، فى تاريخ البلد الأمين»، تأليف الشيخ الإمام العالم العلامة الحافظ المؤرخ تقى الدين أبى الطيب محمد بن الشيخ الإمام العلامة أقضى القضاة شهاب الدين أبى العباس أحمد بن على الحسنى الفاسى المكى المالكى، قاضى المسلمين. تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته آمين، فى يوم الاثنين ثامن عشرين شهر ربيع سنة سبع وستين وثمانمائة بمكة المشرفة. والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، وحسبنا الله ونعم الوكليل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم. وجاء بآخر نسخة فقال: ما نصه: قال فى أصله: تم الجزء الأول من كتاب «العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين» تأليف الشريف الإمام العالم العلامة الحافظ المؤرخ تقى الدين أبى الطيب محمد قاضى المسلمين ابن الإمام العلامة أقضى القضاة أبى العباس أحمد شهاب الدين بن على بن أبى عبد الله محمد بن محمد الحسنى الفاسى المكى المالكى، تعمده الله برحمته والرضوان، وأسكنه فسيح الجنان، فى يوم الثلاثاء خامس عشرى شعبان عام أربعة وسبعين وثمانمائة بمنزلنا بمكة المشرفة.

قال فى أصله: على يد أفقر عباد الله إلى عفو الله، أبى فارس وأبى الخير عبد العزيز ابن عمر بن محمد بن محمد بن أبى الخير محمد بن فهد الهاشمى المكى الشافعى، تجاوز الله عنه خطأه وخطاياه. غفر الله له ولوالديه، وللمسلمين أجمعين آمين. وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. والحمد لله رب العالمين. * * * آخر الجزء الثانى، ويليه إن شاء الله الجزء الثالث، وأوله: «حرف الألف».

510 ـ أحمد بن إبراهيم بن عبد الملك بن مطرف القنجيرى، أبو العباس، وأبو جعفر، التميمى المرى

أبى الحسن محمد بن أحمد بن عمر القطيعى، قال: أنا النقيب أبو جعفر أحمد بن محمد العباسى، قال: أنا الحسن بن عبد الرحمن الشافعى، قال: أنا أحمد بن إبراهيم بن فراس المكى، قال: أنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم الديبلى، قال: أنا محمد بن أبى الأزهر بن زنبور، قال: أنا إسماعيل بن جعفر، قال: أخبرنى عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضى الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله» وكانت قريش تحلف بآبائها، فقال: «لا تحلفوا بآبائكم» (2). 510 ـ أحمد بن إبراهيم بن عبد الملك بن مطرف القنجيرى، أبو العباس، وأبو جعفر، التميمى المرى: صاحب الرّباط، الذى بالمروة على يسار الذاهب إليها، والحمام الذى بأجياد، وهو وقف عليه. ذكره ابن الأبّار فى «التكملة». وذكر أنه روى عن أبى محمد بن عبيد الله، يعنى الحجرى، ورحل إلى المشرق أربع مرات، أولها: سنة سبعين وخمسمائة. وسمع بمكة من محمد بن مفلح، وابن الطّباع، والميانشى، والهاشمى، وحضر مجلس أبى الطاهر بن عوف بالإسكندرية، وأجاز له مع عبد الحق الإشبيلى وغيرهما، وجاور بالحرمين، ووقف هناك أوقافا، وكان على طريقة الصوفية. وحل من ملوك عصره ألطف محل، وجرت لهم على يديه من البر أعمال عظيمة. وتوفى بسبتة فى صفر سنة سبع وعشرين وستمائة.

_ ـ الجبل المشرف على مدينة دمشق وفيه عدة مغاور وفيها آثار الأنبياء وكهوف، وفى سفحه مقبرة أهل الصلاح، وهو جبل معظّم مقدّس يروى فيه آثار وللصالحين فيه أخبار. انظر: معجم البلدان (قاسيون). (2) أخرجه البخارى فى صحيحه حديث رقم (3684) من طريق: قتيبة حدثنا إسماعيل ابن جعفر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «ألا من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله». فكانت قريش تحلف بآبائها فقال: «لا تحلفوا بآبائكم». وأخرجه مسلم فى صحيحه حديث رقم (4215) من طريق: يحيى بن يحيى ويحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر (قال يحيى بن يحيى: أخبرنا، وقال الآخرون: حدثنا إسماعيل) (وهو ابن جعفر) عن عبد الله بن دينار أنه سمع ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله». وكانت قريش تحلف بآبائها، فقال: «لا تحلفوا بآبائكم». 510 ـ انظر ترجمته فى: (التكملة لابن الأبار 155، التحفة اللطيفة 1/ 96).

511 ـ أحمد بن إبراهيم بن عمر، القاضى شهاب الدين ابن القاضى برهان الدين، المعروف بابن المحلى المصرى

وذكر ابن الزبير: أنه توفى فى ثالث صفر من السنة، ومولده سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة. كتبت هذه ملخصة من تاريخ مصر للقطب الحلبى، ما خلا ذكر الرباط بمكة، فإنى استفدته من خط جدى، ومن حجر الرباط، وكان مطروحا فيه. ووجدت بخط جدى، سمعت الشيخ أبا زيد عبد الرحمن المهدوى، عرف بالرفا، وكان من قدماء أصحاب الشيخ العارف أبى على يونس بن الصمات المهدوى رضى الله عنه يقول: قدم علينا إلى المهدية الشيخ أبو مروان الدكالى، وكان من أكابر أصحاب الشيخ أبى محمد صالح، فحضرت مجلسه فسمعته يقول: كنت مقيما بمكة، والشيخ أبو العباس أحمد بن إبراهيم القنجيرى المرى صاحب الشيخ أبى مدين رضى الله عنه، مقيم بها إذ ذاك، فنويت زيارته، فخرجت إليه، فبينا أنا فى الطريق لقينى بعض الأصحاب فقال: إلى أين؟ فقلت له: لزيارة الشيخ أبى العباس، فقال: وأنا أيضا أزوره معك. فبينا نحن فى الطريق، قال لى: أحب أن يطعمنى الشيخ حلاوة، فقلت: أنت واختيارك. فلما جئنا إلى منزل الشيخ، استأذنا عليه، فأبطأ عنا ساعة، ثم خرج إلينا، ففتح إحدى البابين، ووقف فى الأخرى، فسلمنا عليه، ثم أخرج دينارا ذهبا فأعطاه صاحبى، ثم أخذ بيدى، وأدخلنى منزله وأغلق الباب فى وجهه. انتهى. وتاريخ وقفه: العشر الأوسط من شوال سنة عشرين وستمائة، على ما فى الحجر الذى فيه. وفيه أنه: وقف وحبس وسبل وتصدق بجميع هذا الرباط الشارع على المروة المعظمة، على جميع الفقراء من أهل الخير والفضل والدين، العرب والعجم، المتأهلين وغير المتأهلين، على ما يليق بكل واحد منهم فى المنازل فى هذا الرباط. 511 ـ أحمد بن إبراهيم بن عمر، القاضى شهاب الدين ابن القاضى برهان الدين، المعروف بابن المحلى المصرى: كان وافر الملاءة إلى الغاية، خبيرا بالتجارة، وفيه انفعال للخير، وكان صاحبنا الحافظ شهاب الدين بن حجر يحضه عليه لمكانته عنده، وجرت له على يده صدقات، وكان يثنى عليه بالعفة، وهى عجيبة من مثله، وكان مبتلى بعلة الصّرع، وبها مات فى ليلة الأربعاء الخامس والعشرين من ذى القعدة، سنة ست وثلاثمائة، بمكة المشرفة، عن ست وعشرين سنة، بعد قدومه إليها بأربعة أيام من اليمن، وكان طلب منه ليفوض إليه أمر

_ 511 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 1/ 197، إنباء الغمر 1/ 642).

512 ـ أحمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم، الإمام شهاب الدين أبو العباس، ويقال أبو المكارم، ابن الإمام رضى الدين الطبرى، المكى الشافعى، إمام المقام الشريف

المتجر السلطانى بمصر بعد موت أبيه، وكان موته فى شهر ربيع الأول من هذه السنة. 512 ـ أحمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم، الإمام شهاب الدين أبو العباس، ويقال أبو المكارم، ابن الإمام رضى الدين الطبرى، المكى الشافعى، إمام المقام الشريف: ولد فى المحرم سنة ست وثمانين وستمائة على ما وجدت بخط الآقشهرى. وأجاز له فى استدعاء مؤرخ بربيع الأول منها: المحب الطبرى، وابنه جمال الدين محمد قاضى مكة، ويوسف بن إسحاق الطبرى، وجماعة من شيوخ مكة، والقادمين إليها، منهم: العز أحمد بن إبراهيم الفاروثى فى سنة تسع وثمانين، وجماعة من مصر، سنة ثلاث وتسعين، منهم: قاضى القضاة بها، تقى الدين بن دقيق العيد، وحافظها شرف الدين الدمياطى، ونحويها بهاء الدين بن النحاس الحلبى، وجماعة سواهم، منهم: المسندة سيدة بنت موسى بن عثمان المارانى، وجماعة من دمشق بعد السبعمائة، من شيوخ البهاء بن خليل، باستدعائه واستدعاء البرزالى وغيرهما. وسمع من والده وعمه: صحيح البخارى، وصحيح ابن حبان، وعلى والده، والفخر التوزرى: سنن أبى داود، وجامع الترمذى منفردين، وسنن النسائى مجتمعين، وعلى التوزرى بمفرده: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، والصحيحين وغير ذلك كثيرا من الكتب والأجزاء، عليهم وعلى غيرهم، من شيوخ مكة، والقادمين إليها، وتلا بالروايات على مقرئ مكة: عفيف الدين الدلاصى، والشيخ أبى عبد الله محمد بن إبراهيم القصرى. وحدث، سمع منه جماعة من شيوخنا وغيرهم. وناب فى القضاء بمكة عن ابن أخته القاضى شهاب الدين الطبرى، وأعاد بالمدرسة المجاهدية بمكة، وخلف أباه فى الإمامة، حتى مات فى ليلة الجمعة، سادس شهر الله المحرم، مفتتح سنة خمسين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. هكذا أرخ وفاته العفيف المطرى فى ذيله على «طبقات الفقهاء الشافعية» لابن كثير، وأرخها بهذا الشهر ابنه شيخنا الإمام أبو اليمن الطبرى، وروى لنا عنه. ووجدت بخط شيخنا ابن سكر: أنه توفى فى سنة سبع وأربعين، ووجدت بخطه أنه توفى فى سنة تسع وأربعين. والصواب ما ذكرناه. والله أعلم.

513 ـ أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن يحيى بن أبى المجد المجدى. يلقب بهاء الدين، ابن الشيخ جمال الدين الأميوطى المكى

513 ـ أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن يحيى بن أبى المجد المجدى. يلقب بهاء الدين، ابن الشيخ جمال الدين الأميوطى المكى: سمع من والده، والجمال بن عبد المعطى، والكمال بن حبيب، وغيرهم من شيوخ مكة والقادمين إليها، واشتغل بالعلم وتنبه. وكان ذكيا ظريفا، سامحه الله تعالى. وتوفى رحمه الله، فى أثناء سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة بدمشق. 514 ـ أحمد بن إبراهيم بن يعقوب بن أبى بكر، يلقب بالمجد، ابن البرهان الطبرى المكى: سمع جامع الترمذى، من جده يعقوب، وسمع بعضه على أبى شرفى يوسف بن إسحاق الطبرى، وحدث بمنتقى منه، بقراءة الشيخ بهاء الدين بن خليل المكى، وسمعه عليه الشيخ نور الدين الهمدانى. وتوفى قبل الموسم من سنة إحدى وعشرين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. نقلت وفاته من تاريخ البرزالى. 515 ـ أحمد بن أحمد بن إسحاق بن موسى الصرفى أبو القسم الدندانقانى: صحب الحافظ أبا طاهر السلفى، وسمع معه بإفادته على جماعة، منهم: أبو الحسن على بن مسلم السلمى، وأبو الحسن على بن أحمد بن منصور بن قيس، ونصر الله بن محمد بن عبد القوى، وأبو عبد الله محمد بن أحمد الرازى، وأبو بكر محمد بن الوليد الطرطوشى، وغيرهم. كتب عنه الحافظ أبو سعد بن السمعانى بمكة، فى المقدمة الأولى سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة، وانتخب عليه جزءا من مسموعاته عن شيوخه. قال: وكان صالحا عفيفا متواضعا حسن السيرة. جاور بمكة أربعين سنة، ولم يذكر له وفاة. وذكر أنه ولد قبل سنة تسعين وأربعمائة. لخصت هذه الترجمة من معجم الحافظ أبى سعد السمعانى. 516 ـ أحمد بن أحمد بن عثمان الدمنهورى، شهاب الدين، المعروف بابن كمال: نزيل مكة المشرفة. ولد بدمنهور الوحش من ديار مصر، وصحب قاضيها القاضى

_ 515 ـ انظر ترجمته فى: (الأنساب للسمعانى 2/ 497).).

517 ـ أحمد بن أحمد المازنى الواسطى

زين الدين الأنصارى، وكان من خواصه، وتردد معه وقبله وبعده، إلى مكة المشرفة مرات، وجاور بها كرات، منها فى سنة إحدى وثمانمائة، مع الرجبية التى كان أميرها بيسق، وأقام بها حتى حج فى سنة ثلاث وثمانمائة، وتوجه فيها صحبة المصريين إلى بلاده؛ وعاد منها إلى مكة فى سنة أربع وثمانمائة، فحج وأقام بها حتى توجه لبلاده بعد الحج من سنة عشر وثمانمائة، وعاد فى السنة التى بعدها فحج وأقام بمكة حتى مات، إلا أنه بعد الحج من سنة ثمان عشرة وثمانمائة، مضى إلى المدينة النبوية زائرا، فأقام بها إلى أثناء سنة تسع عشرة وثمانمائة. وكان يسبح الله ويهلّل، ويمدح فى آخر الليل، بمنارة باب العمرة أوقاتا كثيرة فى سنين كثيرة، ثم امتنع من ذلك لأمر بعض الناس له بالترك، مع كونه لا يختار ذلك، ولم يجد بدا من الموافقة. وناله بسبب ذلك أذى ممن أمره بذلك لمخالفته لأمره، وهو تغرى برمش، الآتى ذكره فى حرف الثاء. وكان كثير الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم إلى الغاية، بحيث كان يصلى على النبى صلى الله عليه وسلم فى اليوم والليلة ـ فيما ذكر ـ مائة ألف مرة أو نحو ذلك، وكانت فى خلقه حدة تفضى به إلى ما لا يحمده منه أحد، والله يغفر له. وتزوج بمكة عند بيت الزمزمى، وولد له أولاد، وخلف ولدا طفلا. وكان قد اجتمع كثيرا على جماعة من الصالحين وأهل الخير وخدمهم، وأحسن لبعضهم كثيرا. وعادت إليه بركتهم. وربما كان يذاكر بأشياء حسنة من الشعر والأذكار، وكان بأخرة يرافقنا فى الحج. وتوفى بعد الحج فى المحرم من سنة أربع وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وقد جاوز السبعين بيسير. وقرأ القرآن فى شبيبته على بعض المقرئين ببلده، ورأيت معه إجازة بذلك لا يحضرنى الآن اسم الذى قرأ عليه، وكان يجلس مع الشهود فى عدة من المراكيز بمصر، وله ترداد إلى القدس ودمشق. 517 ـ أحمد بن أحمد المازنى الواسطى: سمع على الرضى الطبرى: جامع الترمذى بمكة، وعلى صفى الدين السلامى: مشارق الأنوار للصغانى، بقراءة الجمال المطرى، سنة أربع عشرة وسبعمائة بالمدينة. وجاور بمكة

518 ـ أحمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد بن على بن إسماعيل بن أبى طالب الهمذانى، مسند مصر، شهاب الدين أبو المعالى الأبرقوهى

أكثر من عشر سنين، مجتهدا فى العبادة والاستكثار من فعل الخير، مع العفاف والقناعة، حتى أدركه أجله، فى سابع عشر رمضان سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة. كتبت هذه الترجمة من تاريخ الحافظ علم الدين البرزالى. 518 ـ أحمد بن إسحاق بن محمد بن المؤيد بن على بن إسماعيل بن أبى طالب الهمذانى، مسند مصر، شهاب الدين أبو المعالى الأبرقوهى: ولد فى رجب ـ أو شعبان ـ سنة خمس عشرة وستمائة. وسمع من أبى بكر عبد الله بن محمد بن سابور القلانسى: مجلس رزق الله التميمى، عن عبد العزيز بن محمد الشيرازى عنه، وعلى المبارك بن أبى الجود البغدادى: الجزء التاسع من حديث المخلص عن ابن الطلاية، وبه عرف الجزء، عن أبى القاسم الأنماطى عنه، وعلى أبى العباس أحمد بن صرما: الأول من الحربيات على أبى الفضل الأرموى، وعلى الفتح بن عبد السلام: صفة المنافق للفريابى، وعلى الخطيب فخر الدين ابن تيمية خطبه، وعلى أبى البركات عبد القوى بن عبد العزيز بن الجباب: السيرة لابن إسحاق، تهذيب ابن هشام، عن ابن رفاعة، عن الخلعى بسنده، وعلى أبى بكر عبد العزيز بن أحمد بن عمر بن باقا البغدادى: سنن ابن ماجة، وعلى جماعة كثيرين بمصر وغيرها، يجمعهم معجمه، تخريج الحافظ سعد الدين الحارثى الحنبلى. سمع منه جماعة من الأعيان، وآخر أصحابه: عبد الرحمن بن على بن محمد بن هارون الثعلبى، سمع منه جزء ابن الطلاية وتفرد به عنه، وقرأته على من سمعه على ابن هارون عن الأبرقوهى، وعلى من سمعه على غير ابن هارون، ممن سمعه على الأبرقوهى، ثم قرأته بعلو درجة على من أدرك حياة الأبرقوهى؛ لأنه أجاز عاما، على ما وجدت بخط أحمد ابن أيبك الدمياطى. وذكر أنه نقل ذلك من خط أبى شامة. وذكر أن أبا الفتح الأبيوردى سمع من الأبرقوهى، وبين وفاة الأبيوردى، وابن هارون الثعلبى، مائة سنة وتسع سنين، فيصلح أن يكون فى باب السابق واللاحق. توفى الأبرقوهى فى العشرين من ذى الحجة سنة إحدى وسبعمائة بمكة.

_ 518 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 39، النجوم الزاهرة 8/ 198، الوافى بالوفيات 6/ 242، الدرر الكامنة 1/ 109، شذرات الذهب 6/ 4، المنهل الصافى 1/ 235، تاريخ علماء بغداد 20، الأعلام 1/ 96).

519 ـ أحمد بن إسحاق بن نصر بن شبيب البخارى، أبو نصر

هكذا ذكر وفاته أحمد بن أبيك الدمياطى فى وفياته، وقال: كان شيخا. صالحا، تاليا لكتاب الله تعالى، زاهدا ورعا منقطعا عن الناس، صابرا على قراءة أصحاب الحديث. انتهى. وذكره الذهبى فى معجمه، وقال: حج وأدركه الموت بمكة بعد رحيل الحاج بأربعة أيام، فى ذى الحجة سنة إحدى وسبعمائة. وكان يذكر أن النبى صلى الله عليه وسلم، أخبره ـ يعنى فى النوم ـ أنه يحج ويموت بمكة. انتهى. فصح له ذلك. 519 ـ أحمد بن إسحاق بن نصر بن شبيب البخارى، أبو نصر: الفقيه الأديب من بيت العلم. سكن مكة وانتشر علمه، ومات رحمه الله تعالى بالطائف، وله شعر حسن. 520 ـ أحمد بن أسد بن أحمد بن باذل الكوجى: شيخ الحرم الصوفى. سمع أبا الحسين محمد بن الحسين بن الترجمان الصوفى بالرملة (1)، وأبا محمد عبد الله بن المشيع وغيرهما. سمع منه أبو القاسم هبة الله بن عبد الوارث بن الشيرازى وغيره. مات بعد سنة ستين وأربعمائة. والكوجى ـ بضم الكاف وسكون الواو فى آخرها جيم ـ هذه النسبة إلى كوج، وهى لقب لبعض أجداد المنتسب إليه. ذكر ذلك أبو سعد السمعانى فى الأنساب. 521 ـ أحمد بن إقبال القزوينى، المكى، أبو العباس: سمع من أبى الفضل المرسى: الأول من صحيح ابن حبان. ولعله سمعه كله، وعلى

_ 520 ـ انظر ترجمته فى: (الأنساب للسمعانى 5/ 106). (1) الرملة: واحدة الرمل: مدينة عظيمة بفلسطين وكانت قصبتها قد خربت الآن، وكانت رباطا للمسلمين، وهى فى الإقليم الثالث، طولها خمس وخمسون درجة وثلثان، وعرضها اثنتان وثلاثون درجة وثلثان، وقال المهلبى: الرملة فى الإقليم الرابع، وقد نسب إليها من أهل العلم. انظر: معجم البلدان (الرملة).

522 ـ أحمد بن أبى بكر بن أحمد، شهاب الدين الكردى

فاطمة بنت نعمة: سداسيات الرازى، وأخذ عنه الجندى مؤرخ اليمن على ما ذكر؛ لأنه ذكره فى أهل عدن، وقال: شيخى. وذكر أنه ولد فى جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين وستمائة، وأنه أقام مع والده بمكة سنين عديدة، وأدرك بها جمعا من الفضلاء، كابن عساكر، وابن خليل، وابن أبى الفضل المرسى، والفاروثى، والدلاصى. وذكر أنه قل ما رأى مثله فى أهل الوقت، فى صبره على الإقراء، وموافقة الطالب على غرضه. وذكر أنه كان إماما بمسجد هناك، وأنه خرج من عدن، وهو بها، غير أنه قد كبر وهرم. ومقتضى ما ذكره من كبره وهرمه أن يكون بلغ السبعين؛ إذ لا يوصف بذلك إلا من بلغ هذا السن أو جاوزه فى الغالب، ويستفاد من ذلك حياته فى حدود العشرين وسبعمائة؛ لأنه لا يبلغ السبعين إلا فى هذا التاريخ، على مقتضى ما ذكره من مولده. وبالجملة، فكان حيا فى سنة سبع وثمانين؛ لأنه أجاز فيها لجماعة من شيوخ شيوخنا فى استدعاء مؤرخ بالمحرم منها. 522 ـ أحمد بن أبى بكر بن أحمد، شهاب الدين الكردى (1): نزيل مكة، تردد إليها غير مرة، وجاور بها نحو أربع عشرة سنة متوالية متصلة بموته، على طريقة حسنة، وكان له اشتغال فى صباه، وحفظ «الحاوى» وغيره. وسمع بدمشق من ابن أميلة: جامع الترمذى، وسنن أبى داود، وعلى ابن قواليح: صحيح مسلم. وسمع من غيرهما، وما سمعته حدث. وكان فيه مروءة وكياسة ولطف فى العشرة، وكان له أصحاب معتبرون بديار مصر، ويصل إليه منهم فى كل سنة، أو من بعضهم، صلة يستعين بها فى أمره، وكان فى غالب مجاورته فى المدة التى ذكرناها، يسكن برباط العز الأصبهانى الآتى ذكره، وبه توفى فى العشر الأخير من صفر سنة ثمان عشرة وثمانمائة، ودفن بالمعلاة بعد الصلاة عليه بالحرم الشريف. وشهد جنازته جمع كثير، منهم: السيد حسن بن عجلان، نائب السلطنة ببلاد الحجاز.

_ 522 ـ (1) نسبة إلى بلدة كرد وهى: بالضم ثم السكون، ودال مهملة، بلفظ واحد الأكراد اسم القبيلة، قال ابن طاهر المقدسى: اسم قرية من قرى البيضاء.

523 ـ أحمد بن أبى بكر بن على بن عبد الله المكى، المعروف بابن الطواشى، يلقب شهاب الدين

523 ـ أحمد بن أبى بكر بن على بن عبد الله المكى، المعروف بابن الطواشى، يلقب شهاب الدين: كان يتعبد ويتصون، ويتقشف فى لباسه ويتواضع، فمال إليه لذلك جماعة من الناس واعتقدوه، وراعوا فى اعتقاده علو رتبة جده الولى العارف الشيخ على بن عبد الله الطواشى المدفون بالقوز، ظاهر حلى، شيخ الشيخ عبد الله اليافعى. وكان أحمد المذكور يبالغ فى أذى من يعارضه فى حق دنيوى، مع ظهور حجة من يعارضه، سامحه الله تعالى. وأمه أم كلثوم بنت برهان الدين الأردبيلى. واستفاد منها عقارا بمكة، وبها مات فى يوم الجمعة سابع عشر شعبان المكرم، سنة سبع وعشرين وثمانمائة، وصلى عليه عقيب صلاة الجمعة بالمسجد الحرام، ودفن بالشبيكة (1) أسفل مكة، بوصية منه. وكان الجمع كثيرا. ومولده ظنا، فى سنة خمس وستين وسبعمائة بمكة. 524 ـ أحمد بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم، القاضى محيى الدين، أبو جعفر الطبرى المكى الشافعى: سمع بها من زاهر بن رستم، ويونس الهاشمى، وأبى المظفر بن علوان، وأبى بكر بن حرز الله القفصى، وابن أبى الصيف. وتفقه عليه، ودرس وأفتى، وكتب بخطه كتبا علمية. وتولى القضاء بمكة نيابة ـ فى غالب الظن ـ ولم أدر متى ولّى ذلك، إلا أنه كان قاضيا فى صفر سنة أربع عشرة وستمائة، وفيها مات فى يوم الثلاثاء رابع ربيع الآخر. كذا وجدت وفاته على حجر قبره فى المعلاة، بخط عبد الرحمن بن أبى حرمى وترجمه بتراجم منها: القاضى الإمام العالم الزاهد، المدرس بالحرم الشريف، محيى السنة ناصر الشرع، شرف القضاة قاضى الحرمين الشريفين والمفتى بهما. انتهى. ومولده ظهر يوم الخميس الموفّى عشرين من جمادى الآخرة، سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة بمكة.

_ 523 ـ (1) الشبيكة: بالكاف، بين مكة والزاهر على طريق التنعيم ومنزل من منازل حاج البصرة بينه وبين وجرة أميال، والشبيكة: ماء لبنى سلول. انظر معجم البلدان (الشبيكة). 524 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 1/ 104).

525 ـ أحمد بن أبى بكر بن محمد بن أبى بكر الشيبى الحجبى المكى

كذا وجدت مولده بخط شيخنا ابن سكر، وذكر أنه نقله من خط المحب الطبرى. 525 ـ أحمد بن أبى بكر بن محمد بن أبى بكر الشيبى الحجبى المكى: سمع من الكمال ابن حبيب بمكة، وباشر فتح الكعبة نيابة عن أبيه، لما وصل الخبر بولايته لذلك فى العشر الأخير من رمضان سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، إلى حين وفاته، فى شوال أو فى ذى القعدة من هذه السنة. 526 ـ أحمد بن ثعبان بن أبى سعيد بن حرز الكلبى، يعرف بالبكى لطول سكناه بمكة، نزل إشبيلية، وقيل: اسم أبيه عثمان: رحل وحج وسمع من أبى معشر الطبرى كتابه «التلخيص» وصحبه طويلا، ثم قفل إلى إشبيلية، فتصدر بها، وأخذ عنه العلم جماعة، منهم: ابن رزق، وابن خير، وابن حميد. وعمر وأسن وكثر الانتفاع به. توفى بعد الأربعين. نقلت هذه الترجمة هكذا من خط الذهبى، فى اختصاره تكملة الصلة البشكوالية لابن الأبار، قال: وقيل: اسم أبيه عثمان. وقوله: بعد الأربعين، يعنى: وخمسمائة. 527 ـ أحمد بن ثقبة بن رميثة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على ابن قتادة الحسنى المكى: ولى إمرة مكة شريكا لعنان بن مغامس فى ولايته الأولى بتفويض من عنان إليه، ليستظهر به على آل عجلان المنازعين له فى ذلك. وكان الخطيب بمكة يدعو فى خطبته لأحمد بن ثقبة هذا مع عنان، وهو فى هذا كله ضرير؛ لأن ابن عمه أحمد بن عجلان، اعتقله مع ابنه على، وأخيه حسن بن ثقبة، وابن عمهم عنان، ومحمد بن عجلان فى أول سنة سبع وثمانين وسبعمائة، كما يأتى ذكره فى ترجمة أحمد بن عجلان.

_ 526 ـ انظر ترجمته فى: (التكملة لابن الأبار 77). 527 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 42، النجوم الزاهرة 13/ 177، أنباء الغمر 2/ 436 والضوء اللامع 1/ 266 والمنهل الصافى 1/ 258).

528 ـ أحمد بن جار الله بن زايد السنبسى المكى، يلقب شهاب الدين

فلما مات كحلوا كلهم، غير عنان، فإنه هرب فى تاسع عشرى شعبان، سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، وبلغنى أنه لما كحل، أصاب المرود ظاهر إحدى عينيه فلم تذهب، وأصاب جوف الأخرى فأذهبها. فلما كحل ابنه على وصاح، ذهل أبوه، ففتح عينه ينظر إليه، وقال: واولداه، ففطن له بعض الحاضرين، فأشار بكحله ثانيا فكحل، ولم يكن له ذنب يوجب اعتقال أحمد بن عجلان له؛ لأنه كان مظهرا لطاعته، غير موافق لأخيه حسن وعنان، فى مشاققتهم لأحمد بن عجلان، ولكن كان أمر الله قدرا مقدورا. وكان أحمد بن ثقبة أجمل بنى حسن حالا فى حياة أحمد بن عجلان؛ لأنه كان أكثرهم سلاحا وخيلا وإبلا وعقارا وغلة، ولم يكن فى بنى حسن من يناظر أحمد بن عجلان فى الحشمة غيره. ولما توفى خلف أربعة ذكور وبعض بنات، وتوفى فى آخر المحرم سنة اثنتى عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وقد قارب السبعين أو بلغها. 528 ـ أحمد بن جار الله بن زايد السنبسى المكى، يلقب شهاب الدين: ولد فى سنة ست وأربعين وسبعمائة ظنا أو بعدها بقليل. وحضر مجلس تدريس قاضى مكة، شهاب الدين أحمد بن ظهيرة، فعلق بذهنه شيء من مسائل الفرائض والحساب، وعانى التجارة فأثرى وكثر ماله، واستفاد دورا بمكة وعقارا ونخيلا وسقايا كثيرة بالخضراء من وادى مر، وغير ذلك، ولاءم الشريف حسن بن عجلان صاحب مكة، ونظر له فى أمواله بوادى مر وغيرها، فانتفع بذلك وكثرت مراعاة الناس له، ورزق أولادا عدة. ومات فى ليلة الأحد السادس والعشرين من شهر ربيع الأول سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفن من صبيحتها بالمعلاة، سامحه الله تعالى. 529 ـ أحمد بن جعفر بن أحمد بن على الديوانى المكى: كان يخدم السلطنة بمكة، وحصل له بذلك وجاهة عند الناس. توفى فى عشر السبعين وسبعمائة، ظنا.

_ 528 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 42، العقد الثمين 3/ 23، الضوء اللامع 1/ 266، المنهل الصافى 1/ 259).

530 ـ أحمد بن الجوبان الدمشقى، شهاب الدين المعروف بالذهبى

530 ـ أحمد بن الجوبان الدمشقى، شهاب الدين المعروف بالذهبى: ولد بدمشق ونشأ بها، وعنى بصناعة الذهب، وبالكتابة، فجوّد فيها وجلس فى بعض القياسر بدمشق للتجارة فى البز، فعرفه بسبب ذلك أعيان من أهل دمشق، ولاءم جماعة منهم، وشاركهم فى استئجار بعض المزدرعات وغيرها. فحصّل دنيا، واشتهر عند الناس. وكان مع ذلك يحضر مجالس العلم والحديث، وينظر فى بعض كتب الفقه والحديث والأدب، فتنبه ونظم الشعر، وتردد إلى مكة للحج والتجارة مرات، ودخل اليمن فى سنة ست عشرة وثمانمائة للتجارة ولو كالة عن بعض أصحابه، ومعه كتاب من صاحب مصر إلى صاحب اليمن بتجهيز الكارم إلى مصر، فلم ير ما كان يؤمله، وعاد إلى مكة، وهو كثير الألم لذلك، فمرض بعد وصوله إلى مكة بقليل فى أيام الحج، وحج وهو عليل، فأدركه الأجل بمنى بعد الوقوف بعرفة فى ليلة ثانى النحر سنة ست عشرة، ونقل إلى مكة بعد غسله وتكفينه بمنى، ودفن بالمعلاة عن خمسين سنة أو نحوها، وهو ممن عرفناه بدمشق فى الرحلة الأولى، وسمع معنا فيها من بعض شيوخنا، وأمر ابنه بالسماع معنا، فسمع كثيرا، والله ينفعنا أجمعين بذلك. 531 ـ أحمد بن جعفر المعقرى، أبو الحسن البزاز: نزيل مكة، معقر ناحية من اليمن. روى عن إسماعيل بن عبد الكريم الصنعانى، وسعيد بن بشير، وقيس بن الربيع الأسدى، والنضر بن محمد الجرشى اليمامى. روى عنه مسلم بن الحجاج القشيرى، ومحمد بن أحمد بن زهير الطوسى، والمفضل بن محمد الجندى، ومحمد بن إسحاق بن العباس الفاكهى المكى. ذكر هذا كله من حاله المزى فى التهذيب. كان حيّا فى سنة خمس وخمسين ومائتين. 532 ـ أحمد بن حازم بن عبد الكريم بن أبى نمى الحسنى المكى: كان من أعيان الأشراف. توفى يوم الزبارة مقتولا، وسبب قتله، أنه وأخاه أبا سعد اصطدما وهما راكبان، فسقطا إلى الأرض فقتلا، وذلك يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شوال سنة ثمان وتسعين وسبعمائة بالزبارة. * * *

_ 530 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 1/ 268).

من اسمه أحمد بن حسن

من اسمه أحمد بن حسن 533 ـ أحمد بن حسن بن الزين محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن على بن محمد بن الحسن القيسى القسطلانى، شهاب الدين أبو العباس المكى: ذكر لى أن مولده فى ثالث جمادى الأولى سنة عشرين وسبعمائة. سمع بمكة فى سنة ثمان وعشرين، على الجمال المطرى «الإتحاف» لأبى اليمن بن عساكر عنه، وعليه، وعلى القاضى زين الدين الطبرى، وقريبه محمد بن الصفى، وبلال عتيق ابن العجمى، وعيسى بن عبد الله الحجى، جامع الترمذى، وعلى المطرى أيضا، والقاضى جمال الدين الآمدى الحنبلى: النصف الثانى من كتاب «الرياض النضرة» للمحب الطبرى، عنه، وسمع على القاضى جمال الدين أيضا: بعض صحيح البخارى، وأظنه سمعه على عيسى الحجى، وسمع على الزين الطبرى، وعثمان بن الصفى، وأبى طيبة محمد بن أحمد الآقشهرى: سنن أبى داود. وسمع على الآقشهرى، وعلى أبى عبد الله الوادى آشى «التيسير» للدانى المقرى، وغير ذلك. وأجاز له من مصر مسندها يحيى المصرى، ومن الشام أبو بكر بن الرضى، وزينب بنت الكمال، وآخرون سبق ذكرهم فى ترجمة سيدى الشريف، أبى الفتح الفاسى، وحدث. سمع منه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة وغيره من أصحابنا: الرياض، والإتحاف، وغير ذلك. وله اشتغال فى الفقه ونظم كثير. كان يكتب الوثائق. توفى فى العشر الأول من رجب سنة سبع وتسعين وسبعمائة، وجد ميتا بطريق المبارك من وادى نخلة، ضالا عن الطريق، وحمل إلى مكة، ودفن بها عند أسلافه، رحمهم الله. أخبرنى أبو العباس أحمد بن حسن بن الزين القسطلانى المكى سماعا، قال: أنا أبو بكر ابن محمد بن الرضى إذنا، قال: أنا أبو القاسم بن أبى الحرم الأطرابلسى، فيما أذن لنا فى روايته عنه، قال: أنا أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ قراءة عليه، وأنا أسمع، قال: أنا مكى بن منصور الكرجى، قال: أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيرى بنيسابور (1)، قال: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، قال: ثنا زكريا بن يحيى المروزى، قال: ثنا

_ 533 ـ (1) نيسابور: بفتح أوله، والعامة يسمونه نشاوور: وهى مدينة عظيمة ذات فضائل جسيمة معدن الفضلاء ومنبع العلماء. انظر: معجم البلدان (نيسابور).

سفيان عن زياد بن علاقة، سمع جرير بن عبد الله رضى الله عنه يقول: «بايعت النبىصلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم» (2). وأخبرنيه أبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك الغزى، وأم عيسى مريم بنت أحمد بن محمد الأذرعى بقراءتى عليهما منفردين، والقاضى تاج الدين عبد الواحد بن ذى النون بن عبد الغفار الصردى، إجازة كتبها لنا بمكة، ومحمد بن أحمد بن على الصوفى، إذنا مكاتبة من مصر، قالوا: أنا أبو الحسن على بن عمر بن أبى بكر الوانى، قال الآخران: سماعا، وقال الأولان: إجازة، قال: أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن أبى الحرم الأطرابلسى سماعا، قال: أنا جدى أبو طاهر بسنده. أخرجه مسلم عن أبى بكر بن أبى شيبة، وزهير بن حرب، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ثلاثتهم عن ابن عيينة، فوقع لنا بدلا له عاليا بدرجتين. ولله الحمد والمنة. أنشدنى أبو العباس أحمد بن حسن بن الزين القسطلانى لنفسه إذنا من قصيدة [من الطويل]: أأكتم ما ألقاه والدمع قد جرى ... على صفحات الخد من عظم ما جرى وكيف يطيق الصبر صب فؤاده ... غدا سائرا إثر الفريق الذى سرى أخو عبرات لا يمل من البكا ... وذو زفرات حرها قد تسعرا ومن يك ذا شوق إلى من يحبه ... فعار عليه أن يلم به الكرا وكيف ينام الليل من راح قلبه ... غريم غرام حاله قد تغيرا يرجّى من الأيام والدهر عودة ... وكل رجاه والأمانى إلى ورا وأنشدنا أيضا لنفسه إجازة من قصيدة أخرى [من البسيط]: من أين للعاشق الملهوب مصطبر ... والنار بين ضلوع منه تستعر يخفى صبابته ممن يعنفه ... والدمع ما بعده عن عاشق خبر فى كل يوم له وجد يهيم به ... ولم يزل لاجتماع الشمل ينتظر فبلغ الله مشتاقا لذى سلم ... لعل يقضى له من أهلها وطر لولا محبة قوم باللوى نزلوا ... ما شاقه البان والوادى ولا الشجر

_ (2) أخرجه مسلم فى صحيحه كتاب الإيمان حديث رقم (56)، والنسائى فى الصغرى كتاب البيعة حديث رقم (4156). وأحمد بالمسند مسند الكوفيين حديث رقم (18717).

534 ـ أحمد بن الحسن بن يوسف بن محمد بن محمد ـ وقيل: أحمد ـ بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن جعفر بن أحمد بن طلحة ـ

ونسمة من ربا نعمان لو نسمت ... لكان للطيب من أنفاسها أثر ومنها: لو أستطيع على عينى سعيت لها ... عسى يساعدنى فى ذلك القدر 534 ـ أحمد بن الحسن بن يوسف بن محمد بن محمد ـ وقيل: أحمد ـ بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن جعفر بن أحمد بن طلحة ـ وقيل: محمد ـ بن جعفر بن محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس الهاشمى، الإمام الناصر لدين الله أبو العباس بن المستضئ بن المستنجد بن المقتفى بن المستظهر بن المقتدى، الخليفة العباسى: ذكرناه فى هذا الكتاب لما صنع فى أيامه من المآثر بمكة وحرمها، منها عمارة أماكن بالمسجد الحرام، وغير ذلك مما سبق ذكره فى المقدمة. بويع بالخلافة بعد أبيه فى غرة ذى القعدة سنة خمس وسبعين وخمسمائة، واستمر حتى مات فى سلخ رمضان سنة اثنتين وعشرين وستمائة. ووصل أحمد [ ...... ] (1) وله سبعون سنة. وكانت خلافته سبعا وأربعين سنة، ولم يل الخلافة أحد أطول منه مدة إلا المستنصر العبيدى، فإنه أقام ستين سنة، وأبو الحكم عبد الرحمن الأندلسى صاحب الأندلس، بقى خمسين سنة. وكان فيه دهاء وفطنة وتيقظ ونهضة بأعباء الخلافة، وكان له عيون على كل سلطان، يأتونه بالأسرار، حتى كان بعض الكبار يعتقد فيه أن له كشفا واطلاعا على المغيبات، وكان فيه عسف للرعية.

_ 534 ـ انظر ترجمته فى: (تلقيح ابن الجوزى 26، رحلة ابن جبير 206، الكامل لابن الأثير 12/ 108 ـ 181، النبراس لابن دحية 164، تاريخ ابن الدبيثى 168 ـ 170، التاريخ المظفرى لابن أبى الدم 211، تاريخ بغداد للبندارى 28 ـ 29، مرآة الزمان 8/ 635، تكملة المنذرى 3/ 2070، مختصر ابن العبرى 237، مفرج الكروب 4/ 163، مختصر أبى الفداء 3/ 142 ـ 143، تاريخ الإسلام للذهبى حوادث سنة 62 الورقة 10 ـ 15، العبر 5/ 87 ـ 88، المختصر المحتاج إليه 1/ 179 ـ 180، دول الإسلام 2/ 95، الوافى بالوفيات 6/ 310 ـ 316، نكت الهميان 93 ـ 96، فوات الوفيات 1/ 62، الاكتفا لابن نباتة 99، البداية والنهاية 13/ 106 ـ 107، النجوم الزاهرة 6/ 261 ـ 262، المنهل الصافى 1/ 264، سلم الوصول لحاجى خليفة 76، شذرات الذهب 5/ 97 ـ 99، عيون الأخبار للصديقى 158 ـ 159، سير أعلام النبلاء 22/ 192). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

535 ـ أحمد بن حسن بن يوسف بن محمود بن مسكن القرشى الفهرى، شهاب الدين أبو العباس المعروف بابن مسكن المكى

وفى أواخر أيامه بقى سنتين بالفالج، وذهبت عينه، وكان أبيض تركى الوجه، مليحا، نحيف العارضين، أشقر اللحية، رقيق المحاسن. نقش خاتمه: رجائى من الله عفوه. وله إجازة من شهدة، وعبد الحق بن يوسف، وعلى بن عساكر البطائحى. وظهرت فى أيامه الفتوة والبندق، والحمام الهادى، وتفنن الناس فى ذلك، وفيه كرم. 535 ـ أحمد بن حسن بن يوسف بن محمود بن مسكن القرشى الفهرى، شهاب الدين أبو العباس المعروف بابن مسكن المكى: سمع من الفخر التوزرى: الجزء الأول والثانى من الفوائد المدنية لابن الجميزى عنه، وجزءا فيه مسلسلات من روايته، وعلى الرضى الطبرى، مسند الدارمى، وصحيح البخارى بفوت، وغير ذلك عليهما، وما علمته حدث. وسألت عنه شيخنا ابن عبد المعطى فقال: كان فاضلا فى مذهب الشافعى، وله مشاركة فى علم الحديث وغيره. انتهى. وله نظم، فمنه قصيدة رثى بها قاضى مكة نجم الدين الطبرى، منها [من البسيط]: ما للجفون بها التسهيد قد نزلا ... وما لطيب الكرى عن مقلتى رحلا ما بال قلبى بتذكار الهموم له ... شغل ودمعى إن كففته هملا نعم أضاء علينا صبح طرته ... حتى إذا ما انجلت أيامه أفلا مفتاح كنز علوم الدين كم فتحت ... به بصائر قوم للورى ذللا عدت عليه المنايا آه كم قطعت ... عن المقال فصيحا طال ما وصلا توفى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 536 ـ أحمد بن الحسن المكى: هكذا ذكره الذهبى فى «المغنى». وقال: ليس بثقة. 537 ـ أحمد بن أبى الحسن الطوسى: روى عن عبد الله بن أحمد بن أبى صالح «أربعينه»، وحدث بها عنه: أبو الغايات طلائع بن عبد الرحمن الأنصارى. وروى عنه الرشيد العطار منها حديثا فى مشيخته، ووصف أحمد هذا، بإمام مقام الخليل عليه السلام بالمسجد الحرام، إلا أن فى النسخة التى وقفت عليها من المشيخة:

538 ـ أحمد بن الحسين البردعى الفقيه أبو سعيد الحنفى

أحمد بن الحسن الطوسى، وهو ثقة. والله أعلم؛ لأنه قد سماه أحمد بن الحسن، غير واحد. والله أعلم. 538 ـ أحمد بن الحسين البردعى الفقيه أبو سعيد الحنفى: انتهت إليه مشيخة الحنفية ببغداد، وتفقه على أبى على الدقاق، والإمام أبى الحسن على بن موسى بن نصر، وعليه تفقه أبو الحسن الكرخى، وأبو طاهر الدباس القاضى، وأبو عمرو الطبرى، وقطع داود بن على الظاهرى لما ناظره ببغداد. وكان أقام بها سنين كثيرة، ثم خرج إلى الحج، فقتل بمكة فى وقعة القرامطة فى العشر الأول من ذى الحجة سنة سبع عشرة وثلاثمائة. والبردعى ـ بباء موحدة وراء ساكنة ودال مهملة مفتوحة بعدها عين ثم ياء النسبة ـ وهذه إلى بردعة (2)، بلد فى أقصى بلاد أذربيجان. ذكره الخطيب والذهبى فى العبر. وذكر أنه توفى بمكة فى وقعة القرامطة. وقد ذكر مناظرته مع داود الخطيب فيما نقله عنه عبد القادر الحنفى فى طبقاته لأن فيها بعد أن ذكر من شيوخه وتلامذته، ما ذكرناه عن الخطيب. وذكر ـ يعنى الخطيب ـ أنه دخل بغداد حاجا، فوقف على داود بن على صاحب الظاهر، وكان يكلم رجلا من أصحاب أبى حنيفة، رحمه الله، وقد ضعف فى يده الحنفى، فجلس يسأله عن بيع أمهات الأولاد. فقال: يجوز. فقال له: لم قلت؟ قال: لأنا أجمعنا على جواز بيعهن قبل العلوق، فلا نزول عن هذا الإجماع إلا بإجماع مثله. فقال له: أجمعنا بعد العلوق قبل وضع الحمل أنه لا يجوز بيعها، فيجب أن نتمسك بهذا الإجماع، ولا نزول عنه إلا بإجماع مثله، فانقطع داود، وقال: ينظر فى هذا. وقام أبو سعيد، فعزم على القعود ببغداد والتدريس، لما رأى من غلبة أصحاب الظاهر. فلما كان بعد مديدة، رأى فى المنام كأن قائلا يقول له: (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ) [سورة الرعد: 17]، فانتبه بدق الباب فإذا

_ 538 ـ انظر ترجمته فى: (سير أعلام النبلاء 14/ 456). (2) برذعة: وقد رواه أبو سعد بالدال المهملة، والعين مهملة عند الجميع، بلد فى أقصى أذربيجان، قال حمزة: برذعة معرب برده دار، ومعناه بالفارسية موضع السبى. وقال هلال ابن المحسن: برذعة قصبة أذربيجان. وذكر ابن الفقيه أنّ برذعة هى مدينة أران، وهى آخر حدود أذربيجان. انظر: معجم البلدان (برذعة).

539 ـ أحمد بن حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، أبو عمرو المخزومى

قائل يقول: قد مات داود بن على صاحب المذهب. فإن أردت أن تصلى عليه فاحضر. وأقام أبو سعيد ببغداد سنين كثيرة يدرس، ثم خرج إلى الحج، فقتل فى وقعة القرامطة مع الحاج، سنة سبع عشرة وثلاثمائة. انتهى. 539 ـ أحمد بن حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، أبو عمرو المخزومى: وهذا ابن عم خالد بن الوليد، وأبى جهل بن هشام، وخيثمة بنت هاشم بن المغيرة أم عمر بن الخطاب. ذكر أبو عبد الرحمن النسائى، عن إبراهيم بن يعقوب الجوزجانى: أنه سأل أبا هشام المخزومى، وكان علامة بأنساب بنى مخزوم، عن اسم أبى عمرو بن حفص. فقال: أحمد. انتهى. ذكره هكذا ابن الأثير، وسيأتى فى الكنى بأبسط من هذا. وقال ابن الأثير: أخرجه ابن مندة وأبو نعيم (1). 540 ـ أحمد بن حمدان بن سلمة بن مسعود بن محمد بن على القحطانى المكى العطار: أجاز له الكاشغرى، وابن القبيطى من بغداد، وابن الجميزى، وسبط السلفى، وجماعة من مصر والشام ومكة، وحدث. سمع منه يوسف بن محمد الكردى، سبط أبى السيد؛ وأجاز لجماعة من شيوخ شيوخنا، منهم أبو حيان النحوى. ومن خطه نقلت نسبه هكذا، وذكر أن مولده سنة تسع وعشرين وستمائة. ولم أدر متى مات، إلا أنه كان حيّا فى سنة سبع وسبعمائة؛ لأنه أجاز فى استدعاء بخط ابن عبد الحميد، مؤرخ بالمحرم منها.

_ 539 ـ انظر ترجمته فى (الاستيعاب ترجمة 3135، الإصابة ترجمة 10291، أسد الغابة ترجمة 6129، التاريخ الكبير 9/ 54، كتاب الجرح والتعديل 9/ 409، تهذيب الكمال 1630). (1) قال ابن عبد البر: هو أبو عمرو بن حفص بن المغيرة، ويقال: أبو عمرو بن حفص بن عمرو بن حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشى المخزومى. قيل: اسمه عبد الحميد. وقيل: اسمه أحمد. وقيل: بل اسمه كنيته. انظر: (الاستيعاب كتاب الكنى ترجمة 3135).

541 ـ أحمد بن حمدوية بن موسى النيسابورى، أبو حامد، المؤذن القاضى الزاهد

541 ـ أحمد بن حمدوية بن موسى النيسابورى، أبو حامد، المؤذن القاضى الزاهد: ذكره الذهبى فى تاريخ الإسلام، فى المتوفين سنة خمس عشرة وثلاثمائة. وقد جاور بمكة خمس سنين، ورابط بطرسوس ثلاث سنين. وكان كثير الغزو محسنا إلى المحدثين. سمع إبراهيم بن عبد الله السعدى، وأبا حاتم الرازى، وأبا داود السجستانى، وجماعة. وعنه ابنه، وأبو سعيد، وأبو الطيب المذكور. انتهى. 542 ـ أحمد بن حمزة بن راجح بن أبى نمى الحسنى المكى: كان من أعيان الأشراف: توفى فى يوم الزبارة بعد الوقعة ـ وهو قاصد إلى حلة أهله بعد انكسارهم. ففطن له فقتل، وذلك يوم الثلاثاء خامس عشرى شوال سنة ثمان وتسعين وسبعمائة. 543 ـ أحمد بن خليل بن حسن الأنصارى المكى، المعروف والده بالفراء: نشأ بمكة وبها ولد فيما أحسب، وعنى بحفظ القرآن فجوده، وصار يصلى به التراويح إماما فى رمضان، ويخطب ليالى فى بعض المدارس، وعنى بالكتابة، حتى حسن خطه، ثم لاءم الدولة بمكة لأن مقبلا العرامى زوج أمه، كان يخدم الدولة ويسافر لهم إلى مصر، فاستكتبه إليهم، وعرفهم به، فعرفوه. فلما مات عمه صار يسافر للدولة إلى مصر، ويدخل فى أمورهم عند الناس، وحصل فى نفوس بعض أعراب الحجاز منه شئ، لتقصيره فى خدمتهم، فقدر أنه رافق بعضهم فى السفر إلى مكة، فى سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، فقتل فيما بين العقبة (1) وينبع (2)، فى ليلة سابع ربيع الآخر من هذه السنة، ووصل رفيقه بحوائجه.

_ 541 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ الإسلام حوادث ووفيات سنة 315 صفحة 488). 543 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 1/ 295). (1) عقبة: بالتحريك، وهو الجبل يعرض للطريق فيأخذ فيه، وهو طويل صعب إلى صعود الجبل، والعقبة: منزل فى طريق مكة بعد واقصة وقبل القاع لمن يريد مكة، وهو ماء لبنى عكرمة من بكر بن وائل، وعقبة السير: بالثغور قرب الحدث وهى عقبة ضيقة طويلة، والعقبة: وراء نهر عيسى قريبة من دجلة بغداد محلة. انظر: معجم البلدان (عقبة). (2) ينبع: بالفتح ثم السكون، والباء الموحدة مضمومة، وعين مهملة: هى عن يمين رضوى لمن كان منحدرا من المدينة إلى البحر على ليلة من رضوى من المدينة على سبع مراحل. انظر معجم البلدان (ينبع)، الروض المعطار 621، رحلة الناصرى 216).

544 ـ أحمد بن داود بن موسى المكى

وذكر أنه فارقه ليلا لحاجة له فى بعض الطرق، فأتاه من لا يعرفه فقتله، واتّهم به رفيقه، والله أعلم. وكان كثير الإذاية للناس والتسلط عليهم، وعليه اعتمدت فيما ذكرته من نسبته إلى الأنصار، سامحه الله. 544 ـ أحمد بن داود بن موسى المكى: عن إسماعيل بن سالم الصائغ، وأبى عمر حفص بن عمر الحوضى، والربيع بن يحيى ابن مسلم الإسنائى البصرى، وعبد الله بن أبى بكر بن السكن بن الفضل العتكى، وعبد الله بن صالح الأزدى العتكى، وعبد الرحمن بن المبارك العبسى البصرى، وعبد العزيز ابن الخطاب البصرى. سمع منه أبو جعفر العقيلى، وأبو القاسم الطبرانى وغيرهما. وتوفى على ما ذكر ابن زبر، سنة اثنتين وثمانين ومائتين. 545 ـ أحمد بن ديلم بن محمد بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن ديلم بن محمد الشيبى الحجبى، مجد الدين أبو العباس المكى: شيخ الحجبة وفاتح الكعبة. هكذا نسبة أبو حيان فيما وجدت بخطه. ووجدت بخطه: أن مولده فى سنة اثنتين وأربعين وستمائة. سمع من ابن أبى الفضل المرسى: الأربعين للفراوى، وعلى ابن مسدى: السيرة لابن إسحاق، والزهد والرقائق لابن المبارك، والملخص للقابسى، والتقصى لابن عبد البر، والنجم والكوكب للإقليشى، عن محمد بن عبد الحق بن سليمان الدلاصى إجازة، إن لم يكن سماعا، والأربعين المختارة من تأليفه، وشيئا فى فضائل رمضان، وما يترجّى لصائمه من رحمة الرحمن، كلاهما من تأليفه وغير ذلك، وعلى يعقوب بن أبى بكر الطبرى: الجزء الثانى من جامع الترمذى، من تجزئة ثلاثة، وحدث. سمع منه ابن قطرال بقراءته وترجمه فى بعض الطباق: بالشيخ الجليل الفقيه، شيخ الحرم.

_ 545 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 46، النجوم الزاهرة 9/ 223، المنهل الصافى 1/ 295).

546 ـ أحمد بن راشد الينبعى الزيدى

سمع منه جماعة آخرهم وفاة الزاهد بهاء الدين عبد الله بن الرضى بن خليل المكى. وتوفى ابن ديلم فى غرة شهر ذى القعدة سنة اثنتى عشرة وسبعمائة بمكة. نقلت وفاته من خط جدى الشريف على الفاسى. وذكر أنه كان ناظر الحرم الشريف، وهو معنى قول ابن قطرال شيخ الحرم، وأظنه ولى فتح الكعبة نحو أربعين سنة؛ لأنى وجدت بخط البرزالى فيما انتقاه من ذيل الظهير الكازرونى نسخة كتاب كتبه أبو نمى صاحب مكة، فى سنة سبع وسبعين وستمائة، إلى علاء الدين صاحب الديوان ببغداد، يتضمن الدعاء له ولأخيه، وفيها شهادة قاضى مكة الجمال بن المحب الطبرى، وابن منعة وابن ديلم، وإمام الشافعية والحنفية والحنابلة، ووجه الدلالة من هذا على ما ذكرناه، شهادة المذكورين فى الكتاب دون غيرهم من أهل العلم، كالمحب الطبرى وشبهه، إنما هو لكونهم أصحاب وظائف مشهورة بالحرم، والله أعلم. 546 ـ أحمد بن راشد الينبعى الزيدى: قاضى ينبع، كان يتولى الأحكام الشرعية بوادى ينبع من بلاد الحجاز، بولاية من الإمام الزيدى، صاحب صنعاء (1)، ولى ذلك سنين كثيرة حتى مات. وكان يتوقف فى قبول شهادة كثير من المخالفين لمذهب الزيدية. وكان ينسب لمعرفة فى مذهب الزيدية، حج فى سنة تسع عشرة وثمانمائة، فأدركه الأجل بعد الحج فى يوم النفر الأول أو الثانى من هذه السنة، ودفن بالمعلاة، وبنى على قبره نصب. 547 ـ أحمد بن رميثة بن أبى نمى بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى المكى: صاحب الحلة (1)، سافر إلى العراق مرتين فى زمن أبى سعيد بن خربندا، وعظم شأنه

_ 546 ـ (1) صنعاء: منسوبة إلى جودة الصنعة فى ذاتها. وصنعاء: موضعان أحدهما باليمن، وهى العظمى، وأخرى قرية بالغوطة من دمشق. انظر: معجم البلدان (صنعاء). 547 ـ (1) الحلّة: بالكسر ثم التشديد، وهو فى اللغة القوم النزول وفيهم كثرة والحلة: علم لعدة مواضع، وأشهرها حلة بنى مزيد، مدينة كبيرة بين الكوفة وبغداد كانت تسمى الجامعين، طولها سبع وستون درجة وسدس، وعرضها اثنتان وثلاثون درجة. والحلة أيضا: حلة بنى قيلة بشارع ميسان بين واسط البصرة. والحلة أيضا: حلة بنى دبيس بن عفيف الأسدى قرب الحويذة من ميسان واسط والبصرة، والأهواز فى موضع آخر. انظر معجم البلدان (الحلة).

548 ـ أحمد بن زكريا بن الحارث بن أبى مسرة المكى، مفتى مكة

هناك بعده، وملك الحلة وغيرها، واجتمع عليه الأعراب: ربيعة وخفاجة، ثم عملت عليه المغل حتى قتل مع كثرة أصحابه بالحلة، فى ثامن عشر شهر رمضان سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة. 548 ـ أحمد بن زكريا بن الحارث بن أبى مسرة المكى، مفتى مكة: روى عن عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبى رواد، وهشام بن سليمان. روى عنه: ابنه أبو يحيى عبد الله بن أحمد بن أبى مسرة. ذكره الفاكهى فى فقهاء مكة؛ لأنه قال فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله: ذكر فقهاء أهل مكة: ثم مات، فكان مفتيهم يوسف بن محمد العطار، وعبد الله بن قنبل، وأحمد بن زكريا بن أبى مسرة. انتهى. 549 ـ أحمد بن زكريا العابدى المكى: روى عن عبد الوهاب بن فليح. وروى عنه الطبرانى فى معجمه الصغير. 550 ـ أحمد بن زيد الجمحى المكى: هكذا ذكره الذهبى فى «المغنى» و «الميزان». وقال: قال الأزدى: لا يكتب حديثه. 551 ـ أحمد بن سالم بن حسن الجدى، شهاب الدين، المعروف بابن أبى العيون: نزيل مكة وقاضى جدة. تفقه كثيرا بالشيخ نور الدين على بن أحمد بن سلامة السلمى، أحد فقهاء مكة، وحضر دروس شيخنا قاضى مكة جمال الدين محمد بن عبد الله بن ظهيرة، ودروس ابنه القاضى محب الدين. وكان لهما موادا. وجاءه توقيع لقضاء جدة فى سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، ووافقه على ذلك القاضى محب الدين بن ظهيرة، وتوجه لجدة فباشر بها الأحكام على صفة لا يعهد مثلها بجدة، ولم يسهل ذلك بالقاضى محب الدين، فاستدعاه إلى مكة لأمر، فلم يحضر، فعزله، ثم ولاه بعد ذلك الحكم بجدة، وسئل فى صرفه فوافق. وكان يعانى التجارة، وحصّل دنيا وعقارا. وكتب من «المنسك الكبير» للقاضى عز الدين بن جماعة ما يتعلق بمذهب الشافعى، وأفرده فى كراريس. وكان يذكر أنه من ربيعة الفرس.

_ 551 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 1/ 99).

552 ـ أحمد بن سالم بن ياقوت المكى، أبو العباس

وتوفى بمكة فى أوائل ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وثاثمائة ودفن بالمعلاة، وهو فى عشر الخمسين ظنا. 552 ـ أحمد بن سالم بن ياقوت المكى، أبو العباس: المؤذن بالحرم الشريف، وشيخ الفراشين به. وجدت بخطه أنه ولد يوم السبت منتصف جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وستمائة. سمع على الفخر التوزرى: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، والموطأ رواية أبى مصعب، وسنن أبى داود، والنسائى، وعوارف المعارف، والثقفيات، والشاطبية، وغير ذلك، وعلى الصفى الطبرى وأخيه الرضى: صحيح البخارى، وعلى الرضى بمفرده: سنن أبى داود، والنسائى، والعوارف، والثقفيات، وغير ذلك ـ وعلى على بن يحيى الشيبى: الفوائد لابن خزيمة، وعلى الشريف أبى عبد الله الفاسى: العوارف، وعلىّ العفيف الدلاصى: الشاطبية، وتفرد بالسماع من هؤلاء، خلا الرضى. وحدث. سمع منه والدى وجماعة من شيوخنا، منهم: القاضيان: ولى الدين بن العراقى، وجمال الدين بن ظهيرة، وروى لنا عنه. وسألته عنه، فقال: ما رأيناه إلا على خير. وكان سهلا فى التحديث، كثير الإنصاف والبشر لمن يقصده للأخذ عنه. انتهى. وكان يؤذن بمأذنة الحزورة. وكان أمينا على شمع الحرم وزيته. توفى فى المحرم سنة ثمان وسبعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 553 ـ أحمد بن سليمان بن أحمد شهاب الدين، المعروف بالتروجى ـ بتاء مثناة من فوق وراء مهملة مفتوحين وواو ساكنة مخففة وجيم ـ المصرى المالكى: سكن الإسكندرية مدة، ثم جال فى البلاد، ودخل العراق، والهند، وعظم أمره ببنجالة، من بلاد الهند، وحصل له فيها دنيا، ذهبت منه، وانتقل إلى الحجاز، وأقام بالحرمين مدة سنين. وتوفى بمكة فى رابع شوال سنة اثنتى عشرة وثمانمائة، ودفن بالمعلاة عن نحو ستين سنة. وكانت لديه نباهة فى العلم، ويذاكر بأشياء حسنة من الحكايات والشعر، وينطوى على خير.

_ 552 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 1/ 303). 553 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 1/ 108).

554 ـ أحمد بن سليمان بن راشد السالمى المكى

وبلغنى أنه وقف عدة كتب، وجعل مقرها برباط الخوزى من مكة، وبه كان يسكن، وفيه توفى، تغمده الله برحمته. 554 ـ أحمد بن سليمان بن راشد السالمى المكى: كان من أعيان التجار بمكة، وفيه شهامة وقوة نفس. وكان أبوه أوصى عليه وعلى أخوته، زوج ابنته «الزعيم» أحد تجار مكة السابق ذكره. فحصل لهم الزعيم، أربعمائة ألف درهم نقدا صارت لأحمد بن سليمان هذا، وأذهبها. توفى فى المحرم سنة إحدى وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة عن بضع وثلاثين سنة. 555 ـ أحمد بن سليمان بن سلامة المكى: كان من أعيان أهل مكة. وزر للشريف ثقبة بن رميثة صاحب مكة ثم للشريف أحمد بن عجلان، من حين ولايته فى سنة اثنتين وستين وسبعمائة، حتى مات. وكان معظما عنده وعند ثقبة أيضا، وعند الناس، وفيه قوة نفس وشهامة ومروءة، وهو الذى تولى عمارة المدرسة الأفضلية بمكة. وتوفى فى يوم النحر عاشر ذى الحجة سنة سبع وسبعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 556 ـ أحمد بن شعيب بن على بن سنان بن بحر، الحافظ أبو عبد الرحمن النسائى: أحد الأئمة الأعلام، ومؤلف السنن، وغيرها. روى عن إسحاق بن راهويه، وعيسى بن حماد، وقتيبة بن سعيد، وخلق كثيرين.

_ 556 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات العبادى 51، الأنساب 559، المنتظم 6/ 131 ـ 132، الكامل فى التاريخ 8/ 96، وفيات الأعيان 1/ 77 ـ 78، تهذيب الكمال 1/ 23 ـ 25، مختصر طبقات علماء الحديث لابن عبد الهادى 1/ 121، تهذيب التهذيب 1/ 12، تذكرة الحفاظ 2/ 698 ـ 701، العبر 2/ 123 ـ 124، دول الإسلام 1/ 184، الوافى بالوفيات 6/ 416 ـ 417، مرآة الجنان 2/ 240 ـ 241، طبقات الشافعية للسبكى 3/ 14 ـ 16، طبقات الإسنوى 2/ 480 ـ 481، البداية والنهاية 11/ 123 ـ 124، طبقات القراء للجزرى 1/ 61، النجوم الزاهرة 3/ 188، طبقات الحفاظ 303، حسن المحاضرة 1/ 349 ـ 350، خلاصة تهذيب التهذيب 7، مفتاح السعادة 2/ 11 ـ 12، شذرات الذهب 2/ 239 ـ 241، الرسالة المستطرفة 11 ـ 12، سير أعلام النبلاء 14/ 125).

557 ـ أحمد بن صالح المكى الطحان السواق

روى عنه سننه: ابن السنى، وابن الأحمر وابن حيوية، والأسيوطى، وحمزة الكنانى، وبين رواياتهم اختلاف فى اللفظ والقدر. وأكبرها: رواية ابن الأحمر، روى عنه خلق كثير، منهم: الطحاوى، والطبرى، وابن الأعرابى. قال أبو عبد الله الحاكم: حدثنى على بن عمر الحافظ: أن أبا عبد الرحمن، خرج حاجا، فامتحن بدمشق، وأدرك الشهادة، فقال: احملونى إلى مكة، فحمل، وتوفى بها، وهو مدفون بين الصفا والمروة. وكانت وفاته فى شعبان سنة ثلاث وثلاثمائة. قال الدارقطني: وكان أفقه مشايخ مصر فى عصره، وأعلمهم بالحديث والرجال. فلما بلغ هذا المبلغ حسدوه فخرج إلى الرملة، فسئل عن فضائل معاوية، فأمسك عنه، فضربوه فى الجامع، فقال: اخرجونى إلى مكة، فأخرجوه إلى مكة وهو عليل، وتوفى بها مقتولا شهيدا. وقال أبو سعيد بن يونس: أبو عبد الرحمن النسائى، كان إماما فى الحديث، ثقة ثبتا حافظا، وكان خروجه من مصر، فى ذى القعدة سنة اثنتين وثلاثمائة. توفى بفلسطين (1) فى يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة من صفر سنة ثلاث وثلاثمائة. وقال الطحاوى أيضا: توفى بفلسطين فى صفر. فيلخص من هذا أنه اختلف فى وفاته، وموضعها، فقيل: فى صفر بفلسطين، قاله الطحاوى، وابن يونس، وقيل: فى شعبان سنة ثلاث وثلاثمائة بمكة، قاله الدارقطنى. وكان رحمه الله كثير العبادة يصوم يوما ويفطر يوما، ومع ذلك يكثر الجماع وكان يكثر أكل الديوك، تشترى وتسمن، ويذكر أن ذلك منفعة فى باب الجماع. وكان يؤثر لبس البرود الخضر. 557 ـ أحمد بن صالح المكى الطحان السواق: سمع بدمشق سليمان بن عبد الرحمن، وبغيرها مؤمل بن سعيد، ونعيم بن حماد.

_ (1) فلسطين: بالكسر ثم الفتح، وسكون السين، وطاء مهملة، وآخره نون، وهى آخر كور الشام من ناحية مصر، قصبتها البيت المقدس، ومن مشهور مدنها عسقلان والرملة وغزّة وأرسوف وقيسارية ونابلس وأريحا وعمّان ويافا وبيت جبرين. انظر: معجم البلدان (فلسطين). 557 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 1/ 104).

558 ـ أحمد بن صالح الشمومى

روى عنه الحسن بن الليث، ويحيى بن صاعد. قال أبو زرعة: صدوق، لكن يحدث عن الضعفاء. وقال ابن أبى حاتم: روى عن مؤمل مناكير فى الفتن، تدل على توهين أمره. ذكره ابن عساكر فى تاريخ دمشق. ومن مختصره نقلت هذه الترجمة هكذا. وذكره الذهبى فى المغنى، فقال: ليس بشئ. وذكره فى الميزان، وقال: قال أبو زرعة: صدوق، لكنه يحدث عن الضعفاء والمجهولين. وقال ابن أبى حاتم: يحدث عن مؤمل أحاديث فى الفتن تدل على توهين أمره. وضعفه الدارقطنى. 558 ـ أحمد بن صالح الشمومى: عن أبى صالح كاتب الليث، وعبد الله بن نافع صاحب مالك، ويحيى بن هاشم. روى عنه محمد بن إبراهيم بن مقاتل وإسحاق بن أحمد الخزاعى. قال ابن حبان: يأتى عن الأثبات بالموضوعات. وقال أيضا فى الثقات فى ترجمة أحمد ابن صالح المصرى: والذى يروى عن معاوية بن صالح الأبهرى، عبد يحيى بن معين: أن أحمد بن صالح كذاب، فإن ذلك هو أحمد بن صالح الشمومى، كان بمكة يصنع الحديث، سأل معاوية بن صالح يحيى بن معين عنه. فأما هذا، يعنى أحمد بن صالح المصرى الحافظ، فهو يقارب يحيى بن معين فى الحفظ والإتقان. وذكر لى صاحبنا أبو الفضل بن حجر: أن من مصائب الشمومى، ما رواه الحاكم فى تاريخ نيسابور بسنده إليه، قال: ثنا عبد الله بن نافع عن مالك عن نافع عن ابن عمر، رفعه: «ماء زمزم لما شرب له» (1). وذكر أيضا أن من موضوعاته ما رواه أبو نعيم

_ 558 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 1/ 105). (1) أخرجه ابن ماجة فى سننه حديث رقم (3133) من طريق: هشام بن عمار، حدثنا الوليد بن مسلم، قال: قال عبد الله بن المؤمل: إنه سمع أبا الزبير يقول: سمعت جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول اللهصلى الله عليه وسلم يقول: «ماء زمزم لما شرب له». أخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده حديث رقم (14492) من طريق: عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن ثابت، حدثنى عبد الله بن المؤمل، عن أبى الزبير، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ماء زمزم لما شرب له».

559 ـ أحمد بن صالح بن فتح المصرى الأصل، المكى المولد والدار، والمعروف بالقطان

فى الحلية بسنده إليه، قال: ثنا يحيى بن هاشم، قال: ثنا مسعر عن يزيد عن ابن عمر رضى الله عنهما، رفعه: «تفقدوا نعالكم عند أبواب المسجد». والحمل فى هذا على الشمومى، أو شيخه، كما ذكر صاحبنا أبو الفضل بن حجر. ومن مختصره لسان الميزان كتبت هذه الترجمة، وكلام الذهبى فى الميزان يدل على أن أحمد بن صالح الشمومى هو أحمد بن صالح الطحان، وأحمد بن صالح هذا، هو راوى رسالة الحسن البصرى. 559 ـ أحمد بن صالح بن فتح المصرىّ الأصل، المكى المولد والدار، والمعروف بالقطان: سمع من الشيخ خليل المالكى، والقاضى عز الدين ابن جماعة وغيرهما. وخدم جدى القاضى أبا الفضل النويرى مدة. وكان ينفذه إلى مصر فى مصالحه، وحصل له بذلك شهرة عند الناس. توفى فى سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، سامحه الله تعالى. 560 ـ أحمد بن أبى طالب بن أبى بكر بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله البغدادى، أبو العباس، وأبو جعفر الحمامى، المعروف بالزانكى ـ بزاى ونون ـ: نزيل مكة. ذكره ابن رافع فى معجمه؛ لأنه من شيوخه بالإجازة، وذكر أنه سمع من عمه الأنجب بن أبى السعادات جزءا من الفوائد الحسان، من حديث أبى بكر بن أبى الصقر، ويعرف بابن النمط، عن ابن البطى، عن ابن خيرون عنه، وجزءين أول وثانى، فيهما ستة عشر مجلسا من أمالى أبى القاسم الحرفى عن ابن البطى عن ابن أيوب عنه، وكتاب النهى عن الهجران للحربى عن ابن البطى عن ابن خيرون بسنده، وكتاب العمر والشيب؛ لأبى نعيم الحافظ، وثلاثة مجالس، من أمالى ابن البخترى، وجزء دخول الشبه والاعتقاد عن أبى زرعة وأبى حاتم، رواية عبد الرحمن بن حاتم عنهما، وغير ذلك. وحدث، فسمع منه قاضى القضاة شمس الدين محمد بن مسلم الحنبلى وغيره فى سنة ثمان وسبعمائة.

_ 560 ـ انظر ترجمته فى: (النجوم الزاهرة 3/ 128، شذرات الذهب 2/ 199، فوات الوفيات 1/ 45، ابن الأثير 7/ 147 ـ 169، الطبرى 11/ 373، الأغانى 10/ 41، تاريخ الخميس 2/ 343، النبراس 90 ـ 94، المسعودى 2/ 361، 382، تاريخ بغداد 4/ 403، الأعلام 1/ 140).

561 ـ أحمد بن طلحة بن جعفر بن محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس الخليفة المعتضد بن أبى أحمد الموفق بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدى بن المنصور العباسى

وكان سبب ظهوره، أن المحدث أمين الدين ابن الوانى، لما حج فى سنة خمس وسبعمائة، ذكر له أنه سمع كثيرا بالعراق على جماعة منهم عمه الأنجب الحمامى، فلما عاد إلى دمشق نبه عليه، وذكره للطلبة، وفتش فى أجزاء ابن الجوهرى، فوجد اسمه فى عدة أسماء، منها ما وجد فى أصل سماعه، ومنها ما وجد فى ثبته أو ضمنا فى بعض الطباق. وتوفى فى سلخ جمادى الآخرة سنة تسع وسبعمائة بمكة المشرفة، بعد أن أقام بها مدة برباط مراغة. وجدت وفاته هكذا، بخط الجدّ أبى عبد الله الفاسى، وذكر أنها فى يوم الخميس، وأنه صلى عليه بعد العصر ودفن بالمعلاة. وقال: أخبرنى أنه ولد فى وسط سنة اثنتين وعشرين ببغداد، وجاور بمكة أكثر عمره، إلى أن توفى بها، رحمه الله. وذكر أنه سمع من جماعة من المتقدمين، وجد سماعه من بعضهم. وذكر أنه سمع أبا عبد الله الحسين بن الزبيدى وغيره. وكان من أهل الخير والصلاح رحمة الله تعالى عليه، وكناه جدى بأبى جعفر. انتهى. وقد أجاز لشيخنا بالإجازة، ناصر الدين محمد بن محمد بن داود بن حمزة المقدسى بخطه فى استدعاء رأيته، وتفرد بإجازته، ورباط مراغة هو الموضع المعروف ببيت الكيلانى. وذكره الذهبى، فى ذيل سير النبلاء، وأنه جاور بمكة أكثر زمانه. 561 ـ أحمد بن طلحة بن جعفر بن محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس الخليفة المعتضد بن أبى أحمد الموفق بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدى بن المنصور العباسى: بويع بالخلافة بعد عمه المعتمد، واستمر حتى مات فى ربيع الآخر سنة تسع وثمانين

_ 561 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ الخلفاء لابن ماجة 49 ـ 50، تاريخ الطبرى 10/ 20 ـ 2822 8730، مروج الذهب 2/ 462 ـ 490، الأغانى 10/ 41 ـ 42، تاريخ بغداد 4/ 303 ـ 407، المنتظم 5/ 123 ـ 138، الكامل لابن الأثير 7/ 444، 452، 453، 456، 513 ـ 515، فوات الوفيات 1/ 72 / 73، الوافى بالوفيات 6/ 428، 430، البداية والنهاية 11/ 66، 86، 94، النجوم الزاهرة 3/ 126، تاريخ الخلفاء 588 ـ 599، شذرات الذهب 2/ 199 ـ 201، سير أعلام النبلاء 13/ 463).

562 ـ أحمد بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة المخزومى، قاضى مكة وخطيبها، شهاب الدين أبو العباس المكى

ومائتين، وكانت خلافته عشر سنين. وكان ذا سطوة وشجاعة وحزم ورأى وجبروت، وكان أسمر مهيبا معتدل الشكل. تغير مزاجه لإفراطه فى الجماع، وعدم الحمية فى مرضه. وعاش أربعين سنة. ذكرناه فى هذا الكتاب لما صنع فى أيامه من المآثر بمكة، وهى توسعة المسجد الحرام بما بقى من دار الندوة (1)، وتحليته للكعبة، كما ذكرنا فى المقدمة. 562 ـ أحمد بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة المخزومى، قاضى مكة وخطيبها، شهاب الدين أبو العباس المكى: ذكر أنه ولد سنة ثمان عشرة وسبعمائة بمكة. وسمع من قاضيها نجم الدين الطبرى كتاب: ذخائر العقبى، والسمط الثمين، عن جده المحب الطبرى مؤلفهما إجازة إن لم يكن سماعا، وأجاز له، ومن عيسى بن عبد الله الحجى: صحيح البخارى، ومن القاضيين جمال الدين الحنبلى، وجمال الدين المطرى: ثلاثياته، وعلى الزين الطبرى، وعثمان بن الصفى، والآقشهرى: سنن أبى داود، وعلى الآقشهرى، وأبى عبد الله الوادى آشى: التيسير لأبى عمرو الدانى، وعلى أبى محمد عبد الله بن موسى بن عمر ابن الزواوى: الجزء الثانى، من حديث مؤنسة خاتون بنت الملك العادل أبى بكر بن أيوب من أوله إلى حديث: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان» (1) وأجاز له،

_ (1) دار النّدوة: بمكة أحدثها قصى بن كلاب بن مرة لما تملك مكة، وهى دار كانوا يجتمعون فيها للمشاورة، وجعلها بعد وفاته لابنه عبد الدار بن قصى، ولفظه مأخوذ من لفظ الندى والنادى والمنتدى، وهو مجلس القوم الذين يندون حوله أى يذهبون قريبا منه ثم يرجعون. انظر: معجم البلدان (دار الندوة). 562 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 51، إنباء الغمر 1/ 403، الدرر 1/ 153، والمنهل الصافى 1/ 325). (1) أخرجه البخارى فى صحيحه فى باب حلاوة الإيمان حديث رقم (16) من طريق: محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفى قال: حدثنا أيوب عن أبى قلابة عن أنس رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود فى الكفر كما يكره أن يقذف فى النار». أخرجه مسلم فى صحيحه حديث رقم (128) باختلاف فى اللفظ، من طريق: إسحاق ابن إبراهيم، ومحمد بن يحيى بن أبى عمر، ومحمد بن بشار، جميعا عن الثقفى، قال ابن أبى عمر: حدثنا عبد الوهاب، عن أيوب، عن أبى قلابة، عن أنس، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن ـ

وغير ذلك كثيرا، على جماعة غيرهم، وبعض ذلك بقراءته. وطلب العلم، فقرأ الفقه على جماعة من الأئمة، وهم: الشيخ نجم الدين الأصفونى، وبه تخرج وعنه أخذ الفرائض والجبر والمقابلة، والسيد شرف الدين محمد بن الحسين نقيب الأشراف (2) بالقاهرة، والحافظ صلاح الدين العلائى، وأذن له فى الفتوى والتدريس، والشيخ جمال الدين الإسنائى، وعنه أخذ أصول الفقه، وقرأ بالسبع متقنا لذلك على الشيخ برهان الدين المسرورى، وأذن له فى الإقراء، فأقرأ ودرس، وأفتى، وانتفع به الناس. وحدث. سمع منه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، وجماعة من شيوخنا وأصحابنا، ولم يقدر لى السماع منه، لكنه أجازنى غير مرة باستدعاء شيخنا ابن سكر. وأول ولايته أنه باشر فى الحرم، ثم ناب فى الحكم عن صهره القاضى تقى الدين الحرازى، ثم عن جدى القاضى أبى الفضل النويرى فى الخطابة، ثم وليها بعده على ما كان عليه، خلا تدريس «بشير» فإنه صار لابن أخيه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. وناب له فتجمّل به، واستمر حتى صرف عنه لخالى القاضى محب الدين النويرى، فى جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين. وتوجه بعد صرفه إلى مصر طمعا فى المنصب، فعرض عليه مع بعض الوظائف فلم يقنع إلا بالجميع، ففاته الجميع، ثم عاد إلى مكة، واستمر مصروفا حتى مات، غير أنه حكم فى واقعتين نيابة عن خالى. وتوفى فى آخر الثلث الأول من ليلة السبت الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة بمكة، وصلّى عليه بعد طلوع الشمس عند باب الكعبة، ودفن بالمعلاة على أبيه. وكثر الأسف عليه لوفور محاسنه، وكان معظما عند الناس من شبابه، وكان دخل فى مبدأ الكهولة بلاد المغرب واجتمع بأبى عنان بن أبى الحسن المرينى، صاحب فاس (3)، فأكرمه وعظمه.

_ ـ يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود فى الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يقذف فى النار». (2) الأشراف: هم جماعة المنتمين، بالنسب، إلى البيت النبوى الشريف، وكان كبيرهم يلقب بالنقيب، وما زال هذا المنصب موجودا بمصر حتى الآن. (3) فاس: مدينة عظيمة، وهى قاعدة المغرب، وهما مدينتان مقترنتان يشق بينهما نهر كبير يسمى وادى فاس. انظر معجم البلدان (فاس)، الروض المعطار 434، 435، الإدريسى 75/ 50، البكرى 115 وما بعدها، ابن الوردى 14، صبح الأعشى 5/ 154.

563 ـ أحمد بن ظهيرة بن حسين بن على بن أحمد بن عطية بن ظهيرة المخزومى المكى

وكانت مدة مباشرته سنة وتسعة أشهر تقريبا. 563 ـ أحمد بن ظهيرة بن حسين بن على بن أحمد بن عطية بن ظهيرة المخزومى المكى: [ ...... ] (1) واشتغل فاخترمته المنية. وكان صاهر خالى ـ رحمه الله ـ على ابنته. وماتت عنه. ومات هو فى ليلة سادس ذى الحجة سنة ست وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، عن بضع وعشرين سنة. 564 ـ أحمد بن عاطف بن أبى دعيج بن أبى نمى الحسنى المكى: كان من أعيان الأشراف، شجاعا، مليح الشكالة. توفى مقتولا فى يوم الزبارة، وهو يوم الثلاثاء، خامس عشرى شوال سنة ثمان وتسعين وسبعمائة. * * * من اسمه أحمد بن عبد الله 565 ـ أحمد بن عبد الله بن أحمد بن سالم البغدادى، أبو العباس: نزيل مكة. حدث عن البزار. وتوفى سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة. ذكره الذهبى فى تاريخ الإسلام. 566 ـ أحمد بن عبد الله بن بدر بن مفرج بن بدر بن عثمان بن جابر العامرى، الشيخ شهاب الدين الغزى الدمشقى الشافعى: ولد فى ربيع الأول سنة ستين وسبعمائة بغزة من أرض الشام، ونشأ بها، ثم انتقل إلى دمشق واستوطنها، وأخذ بها عن جماعة من فضلائها، منهم: قاضيها شهاب الدين أحمد الزهرى الشافعى، تفقه عليه، وأخذ عنه أصول الفقه.

_ 563 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 51، العبر 5/ 394، الوافى 7/ 11، طبقات الشافعية الكبرى 8/ 35، شذرات الذهب 5/ 444، المنهل الصافى 1/ 328). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 565 ـ انظر ترجمته فى: (الذهبى حوادث سنة 352 الصفحة 67). 566 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 55، إبناء الغمر 3/ 203، نزهة النفوس 2/ 460، الضوء اللامع 1/ 356، شذرات الذهب 7/ 53، المنهل الصافى 1/ 350).

وكان ماهرا فى الفقه وأصوله، مشاركا فى غيرهما، ويذاكر من الحديث ومتعلقاته بأشياء حسنة، وله عدة تواليف منها: شرح الحاوى الصغير، وشرح جمع الجوامع لقاضى دمشق تاج الدين السبكى، ومختصر المهمات، وتأليف على صحيح البخارى، يتعلق برجاله، وغير ذلك، وأظنه سمع من شيوخنا الدمشقيين بالإجازة. وألفيت بخطه شيئا، رواه عن تاج الدين السبكى من طبقات الفقهاء الشافعية له، وأظن ذلك إجازة، وإلا فوجادة. وناب فى الحكم بدمشق عن قاضيها شمس الدين بن الإخنائى فى أواخر ولايته، وعن غيره من قضاتها بعده، ورزق قبولا عند متوليها الأمير نوروز الحافظى، وبإشارته ولى قضاء دمشق تاج الدين عبد الوهاب بن القاضى شهاب الدين الزهرى المقدم ذكر أبيه. وولى نظر البيمارستان النورى بدمشق، ونظر جامعها الأموى وغير ذلك من الأنظار الكبار، كوقف الحرمين والبرج والغازية، وحمد فى مباشرته لتنميته غلال ما ينظر فيه من الأوقاف وقلة طمعه فى ذلك، وعادى فى أمر الأوقاف التى تنظّر فيها جماعة ممن له فيها استحقاق من القضاة والفقهاء وغيرهم، وظهر عليهم فى غير ما قضية. وكان ينطوى على دين وخير وعبادة ومروءة وعناية بأصحابه، وفى خلقه حدة، وعادت عليه هذه الحدة بضرر فى غير ما قضية. وكان بأخرة عند حكام دمشق أعظم قدرا من كثير من قضاتها وفقهائها، وإليه الإشارة فيما يعقد من المجالس، وحكم بجرح غير واحد من القضاة بدمشق، ومنع بعض المفتين والوعاظ من الفتيا والوعظ، وتم له ما أراد فى بعض ذلك. وولى التدريس ببعض مدارس دمشق، ومشيخة بعض الخوانق بها، وتصدى بدمشق للتدريس والإفادة والفتيا، وأتى من دمشق إلى مكة حاجا أربع مرات أو أكثر، وجاور بها ثلاث سنين متفرقة، وهى غالب سنة سبع وثمانين، وسنة تسع وثمانمائة، وسنة موته. وفى سنة تسع وثمانمائة، توجه للطائف لزيارة حبر الأمة عبد الله بن عباس رضى الله عنهما، وعاد إلى مكة بعد أيام قليلة، وأقرأ فى هذه السنة بالمسجد الحرام مختصر ابن الحاجب فى الأصول، فى حلقة حافلة بالنبهاء، وأقرأ غير ذلك بمنزله بشباك رباط السدرة وغيره، وأذن فيها لغير واحد من طلبته فى الفتيا والتدريس ومضى بعد الحج من هذه السنة إلى دمشق، ولم يقدر له بعد ذلك وصول إلى مكة، إلا فى سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، فكان إتيانه إليها مع الحجاج الشاميين بعياله وولده. وكان فى

567 ـ أحمد بن عبد الله بن الحسن بن عطية بن محمد بن المؤيد الزيدى

النوبتين الأوليين مجردا عن العيال، فحج وسكن بدار العجلة الجديدة، إلى أن توفى ـ رحمه الله تعالى ـ وقت الظهر، من يوم الخميس سادس شوال سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة شهيدا مبطونا، وصلى عليه فى عصر يوم موته، عند باب الكعبة الشريفة، ودفن بالمعلاة بجوار قبر جدى لأمى، قاضى مكة وعالمها أبى الفضل النويرى، وابنه قاضى الحرمين محب الدين النويرى، وابنه القاضى عز الدين، بإشارة ابن خالى القاضى الخطيب كمال الدين أبى الفضل بن محب الدين. وقد أذن له الشيخ شهاب الدين المذكور فى الفتوى والتدريس، بعد أن أخذ عنه جانبا من الحاوى الصغير، تغمده الله برحمته. وقد سمعت منه فوائد علمية كثيرة وحكايات مستحسنة. وأجاز لى ما له روايته. 567 ـ أحمد بن عبد الله بن الحسن بن عطية بن محمد بن المؤيد الزيدى: توفى محرما ملبيا فى ليلة الخميس الرابع من ذى الحجة سنة سبع وثمانمائة ودفن بالمعلاة. 568 ـ أحمد بن أبى بكر عبد الله بن خليل بن إبراهيم بن يحيى بن فارس ابن أبى عبد الله العسقلانى، يكنى أبا الفضل، ويلقب بالعلم، ويعرف بابن خليل المكى الشافعى: سمع بمكة من ابن الجميزى: الثقفيات، ومن ابن أبى الفضل المرسى، وعمه سليمان، وابن مسدى، والتاج ابن عساكر، وابنه أبى اليمن كثيرا، ومن غيرهم. وسمع بمصر بعد الستين وستمائة، من ابن سراقة: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، ومن النجيب الحرانى جزء ابن عرفة، ومن الرشيد العطار، وابن علاق، وشيخ الشيوخ الأنصارى، وخطيب المقياس وغيرهم. وحدث، سمع منه نجم الدين بن عبد الحميد: الأربعين الثقفية، وسمع منه خطيب سبتة (1) ابن رشيد الفهرى. وذكر أنه لقيه بمكة، مع أخيه الرضى ابن خليل، وسمع منهما بمنزلهما من الحرم الشريف، وترجمهما بالأخوين الفاضلين، فقيهى الحرم ومفتييه، وترجم العلم صاحبه بالصالح المبارك.

_ 567 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 1/ 359). (1) سبتة: هى بلدة مشهورة من قواعد بلاد المغرب ومرساها أبو دمرس على البحر. انظر معجم البلدان (سبتة).

وذكر أنه لما اجتمع بالعلم كان بحالة ترضى، وأنهما تخفيا وبالغا فى البر والتأنيس، وكتب عن العلم حكاية تتعلق بالحجر المقابل لدار أبى بكر الصديق رضى الله عنه، ذكرناها فى المقدمة، وسمع من الحافظ البرزالى رابع الثقفيات، وذكره فى معجمه، وقال: أحد فقهاء مكة، وكان رجلا صالحا كثير العبادة. ووجدت بخط الميورقى (2) أن العلم ابن خليل هذا، قال له: إن ابن خشيش قال له قبل موته بأشهر: لى إليك حاجة، أتقضيها لى؟ قال: فقلت له: مقضية يا سيدى، أو نحو ذلك. فقال: حاجتى إليك أن تفتى المسلمين بارك الله فيك. انتهى. وهذا إذن من ابن خشيش فى الإفتاء، إن لم يكن أذن له فى ذلك من قبل. وذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، أنه ألف منسكا فى كراريس، وجزءا لطيفا فى الدماء، وغير ذلك. وكان يكتب بخطه فى نسبه القرشى العثمانى، واشتهرت هذه النسبة فى أقاربه من بعده، ورأيت نسبه إلى سيدنا عثمان رضى الله عنه، منقولا بخط ابن أيبك الدمياطى، عن خط شيخ الإسلام تقى الدين السبكى، عن إملاء شيخنا بهاء الدين عبد الله بن خليل ابن أخى المذكور، قال: وكان شيخنا لا يذكر فى نسبته إلا المكى، بغير زيادة، وكذلك والده، ورأيت بخط عمه نجم الدين بن فى نسبته: الكنانى، وذلك مخالف لما ادعاه العلم من النسب إلى عثمان رضى الله عنه، فالله أعلم، ورأيت نسبه إلى عثمان رضى الله عنه، بخط ابن رافع فى معجمه، فى ترجمة الشيخ بهاء الدين، وسيأتى فى ترجمته. وذكره العفيف المطرى فى ذيله لطبقات الفقهاء لابن كثير، وذكر أنه كان فقيها فاضلا، نقالا ثقة، وأنه توفى عشية الثلاثاء الثانى والعشرين من شعبان سنة تسع وثمانين وستمائة، وصلى عليه أخوه الرضى، وأنه ولد يوم السبت منتصف ربيع الأول سنة سبع وثلاثين وستمائة. انتهى. وقال البرزالى: قال الذهبى: مات سنة تسعين، وله ثلاثة وخمسون سنة، وسألت ابن أخيه عبد الله عن وفاته، فلم يحققها، ولكنه قال: قبل والدى بنحو أربع سنين أو أكثر، وكلاهما مات بمكة ودفن بالمعلاة.

_ (2) نسبة إلى ميورقة وهى: بالفتح ثم الضم، وسكون الواو والراء يلتقى فيه ساكنان، وقاف، جزيرة فى شرقى الأندلس بالقرب منها جزيرة يقال لها منورقة، بالنون. كانت قاعدة ملك مجاهد العامرى. انظر: معجم البلدان (ميورقة).

569 ـ أحمد بن عبد الله بن عياض المكى

قال: ثم اجتمعت بشرف الدين خليل بن محمد بن عيسى بن يحيى بن خليل العسقلانى المكى فى شوال سنة ست وعشرين وسبعمائة بجامع دمشق. فذكر أنه توفى سنة ثمان وثمانين فى آخر السنة. قال: وهى سنة مولدى، فإنى ولدت فى رجب منها. وكان والدى يقول: مات العلم فى السنة التى ولد خليل فيها، سنة ثمان وثمانين وستمائة. 569 ـ أحمد بن عبد الله بن عياض المكى: ذكر أبو حاتم: أنه يروى عن عبد الرزاق، ومؤمل بن إسماعيل، وإسماعيل بن عبد الكريم. وقال: سألت أبى عنه، فقال: شيخ قدم علينا فكان يقص وكان حافظا، حدث بأحاديث منكرة. كتب عنه أبى، وقال أبى: كانت له مناكير. لخصت هذه الترجمة من لسان الميزان لصاحبنا الحافظ أبى الفضل العسقلانى، أمتع الله بحياته. وهذا الكتاب اختصر فيه الميزان للذهبى، وزاد عليه زيادات فى أثناء التراجم، وزيادات بتراجم مستقلة، وهو كتاب بديع. 570 ـ أحمد بن عبد الله بن قنبل، وقنبل: بضم القاف، ثم نون ثم باء موحدة ولام، أبو سعيد المكى: من قدماء أصحاب الشافعى، روى عن الإمام الشافعى بيتين من شعره. وروى عنه أبو الوليد بن أبى الجارود، وابن أبى الدنيا عن الشافعى، بيتين له، وهما [من الطويل]: أرى النفس منى قد تتوق إلى مصر ... ومن دونها أرض المهامة والقفر فو الله ما أدرى أساق إلى الفنا ... إليها فأحيا أم أساق إلى قبر قال أبو سعيد: فسيق والله إليهما جميعا. ذكره القطب الحلبى فى تاريخ مصر، هكذا، وقال: ذكره الأموى. 571 ـ أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم، شيخ الحجاز، محب الدين الطبرى المكى الشافعى، يكنى أبا جعفر، وأبا العباس: سمع بمكة، وقرأ على أبى الحسن بن المقير البغدادى: سنن أبى داود، عن الفضل بن

_ 570 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 1/ 109). 571 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 54، النجوم الزاهرة 8/ 74، العبر 5/ 382، طبقات الشافعية الكبرى 8/ 18، الوافى 7/ 135، شذرات الذهب 5/ 455، البداية والنهاية 13/ 340، مرآة الجنان 4/ 224، المنهل الصافى 1/ 342).

سهل الإسفراينى عن الخطيب البغدادى، وسنن النسائى، عن أبى الحسن على بن أحمد اليزدى، عن الدونى، والوسيط للواحدى، سماعا وقراءة عن أبى الفضل أحمد بن طاهر الميهنى عنه، وبعض الجمع بين الصحيحين للحميدى، قراءة لبعضه عن ابن البطى عنه، وبعض الغريب لأبى عبيد، سماعا لبعضه عن شهدة، والفصيح لثعلب عن ابن ناصر عن التبريزى، والغريب للعزيزى عن شهدة، وغير ذلك كثيرا، وعلى عبد الرحمن بن أبى حرمى، من أول صحيح البخارى إلى قصة كعب بن مالك، ولعله سمعه كله، وعلى عمى أبيه: تقى الدين على بن أبى بكر الطبرى، وأخيه يعقوب: صحيح البخارى، وعلى يعقوب بن أبى بكر الطبرى: جامع الترمذى، وعلى شرف الدين بن أبى الفضل المرسى: صحيح مسلم، وصحيح ابن حبان، وعلى أبى الحسن بن الجميزى: الأربعين الثقفية، والأربعين البلدانية للسلفى، وعلى شعيب الزعفرانى الأربعين البلدانية، والأربعين الثقفية، وعلى محيى الدين محمد بن أحمد بن محمد بن أبى جرادة، المعروف بابن العديم، وريحان ابن عبد الله الشرفى السكينى: جزء الأنصارى، وعلى شيخ الحرم نجم الدين بشير بن حامد التبريزى: جزء الأنصارى، عن ابن سكينة وأربعى الضياء عتيق بن على البامنجى عنه، وكتاب التنبيه فى الفقه للشيخ أبى إسحاق الشيرازى، عن ابن سكينة عن الأرموى عن المؤلف وتفقه عليه، وعنه أخذ العلم، وعلى جماعة كثيرين من شيوخ مكة، والقادمين إليها. وأجاز له من بغداد ابن القبيطى، وابن الخازن، وجماعة مع آخرين من الشام ومصر، وحدث، وخرج لنفسه أحاديث عوالى. وذكر أبو حيان: أنه وقع له فى القسم الأول، وهو التساعى، وهم فاحش، وهو إسقاط رجل من الإسناد، حتى صار له الحديث تساعيا فى ظنه. وله تواليف حسنة فى فنون من العلم، إلا أنه وقع له فى بعض كتبه الحديثية شيء لا يستحسن، وهو أنه ضمنها أحاديث ضعيفة وموضوعة فى فضائل الأعمال، وفضائل الصحابة رضى الله عنهم، من غير تنبيه على ذلك، ولا ذكر إسنادها ليعلم منه حالها، وغاية ما صنع، أن يقول: أخرجه فلان، ويسمى الطبرانى مثلا أو غيره من مؤلفى الكتب التى أخرج منها الحديث المشار إليه. وكان من حقه أن يخرج الحديث بسنده فى الكتاب الذى أخرجه منه، ليسلم بذلك من الانتقاد، كما سلم به مؤلف الكتاب الذى أخرج منه المحب الطبرى، الحديث الذى خرجه، أو يقول: أخرجه الطبرانى مثلا بسند ضعيف، كما صنع غير واحد من المحدثين فى بيان حكم سند الحديث، الذى يريدون إخراجه، أو ذكره بإسناد المؤلف، الذى يخرجونه من كتابه.

ومن تواليفه على ما ذكر فى مشيختى المظفر: تخريجه فى التفسير، وكتاب القبس الأسنى، فى كشف الغريب والمعنى، مجلد كبير، وكتاب الكافى فى غريب القرآن الجامع بين العزيزى والبيان، مجلد، وكتاب يتضمن ترتيب العزيزى على السور، مجلد، وكتاب النخبة المدينة، جزء لطيف. وكتاب تفسير جامع، لم يتم. وكتاب مرسوم المصحف العثمانى المدنى. ومن الحديث: كتاب الأحكام الكبرى، مسودة فى خمسة أسفار، وتبلغ ثمانية بخط متوسط، وكتاب الأحكام الوسطى، مجلد كبير، وكتاب الأحكام الصغرى، يتضمن ألف حديث وخمسة عشر حديثا، مجلد، وكتاب سماه: بالمحرر للملك المظفر، جمع فيه أحكام الصحيحين، ومختصره المسمى بالعمدة، وكتاب الرياض النضرة فى فضائل العشرة، مجلدان، وكتاب ذخائر العقبى فى مناقب ذوى القربى، مجلد، وكتاب السمط الثمين فى مناقب أمهات المؤمنين، مجلد، وتقريب المرام فى غريب القاسم بن سلام، مبوبا على حروف المعجم، مجلد مختصر، وكتاب الدر المنثور للملك المنصور، يتضمن ترتيب غريب أبى عبيد القاسم بن سلام، على ترتيب حروف المعجم، وكتاب غريب جامع الأصول، مجلد، وكتاب القرى من ساكن أم القرى، يتضمن تجريد أحاديث المناسك من الكتب الستة وغيرها، مجلد ضخم، وربما عمل مجلدين، وغاية بغية الناسك، من أحكام المناسك، وصفة حجة النبى صلى الله عليه وسلم، على اختلاف طرقها وجمع ألفاظها، والدرر الثمينة فى مدحه صلى الله عليه وسلم، والسيرة النبوية، ووجوه المعانى فى قوله صلى الله عليه وسلم: «من رآنى فى المنام فقد رآنى حقا» (1)، جزء. وغير ذلك. وفى الرقائق: مختصر عوارف المعارف للسهروردى، مجلد. وفى الفقه: مجموع فى الخلاف، على طريق المتأخرين، مجلد ولم يتم، وشرح التنبيه، عشرة أسفار كبار، ونكت كبرى عليه، أربعة أسفار لطيفة، ونكت صغرى، لم يتم منها إلا مجلد، إلى الوكالة، وكتاب مختصر التنبيه الأكبر، مجلد لطيف، ومختصره الأصغر، أربع

_ (1) أخرجه مسلم فى صحيحه فى باب قول النبى عليه الصلاة والسلام: من رآنى فى المنام فقد رآنى حديث رقم (5865) من طريق: أبو الربيع، سليمان بن داود العتكى، حدثنا حماد ـ يعنى ابن زيد ـ حدثنا أيوب وهشام، عن محمد، عن أبى هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من رآنى فى المنام فقد رآنى، فإن الشيطان لا يتمثل بى». أخرجه الترمذى فى سننه باب ما جاء فى قول النبى صلى الله عليه وسلم: «من رآنى فى المنام فقد رآنى» حديث رقم (2313) من طريق: محمد بن بشار، حدثنا عبد الرحمن بن مهدى، حدثنا سفيان، عن أبى إسحاق، عن أبى الأحوص، عن عبد الله عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «من رآنى فى المنام فقد رآنى، فإن الشيطان لا يتمثل بى». قال الترمذى: هذا حديث حسن صحيح.

كراريس، وكتاب المسلك النبيه، فى تلخيص التنبيه، وكتاب تحرير التنبيه لكل طالب نبيه، ولعلهما الأولان، وكتاب مختصر المهذب، مجلدان لطيفان، وكتاب الطراز المذهب المحبر فى تلخيص المذهب للملك المظفر. وذكر أن هذا الكتاب لم ينقح، ولم يخرج من المسودة إلى الآن، ولم يؤلف إلا بمقتضى أمر السلطان، يعنى الملك المظفر. وذكر الشيخ جمال الدين الإسنائى فى طبقاته، للمحب الطبرى، تأليفا فى الألغاز. انتهى. وكانت للمحب الطبرى عند المظفر مكانة عظيمة، وكان يحسن إليه كثيرا، ورتب له فى كل شهر خمسين دينارا، على تدريس مدرسة والده بمكة، المعروفة بالمنصورية. وكانت جامكيتها فى الابتداء مائتين وأربعين دينارا فى السنة، على ما وجدت بخط حفيده القاضى نجم الدين الطبرى، فى كتاب كتبه إلى بعض أهل اليمن بخطه. وكان المحب يسافر اليمن لقصد الملك المظفر، وسمع عليه الملك المظفر هناك بعض مروياته وتواليفه، منها: الأحكام الكبرى، على ما قيل. وقد سمع من المحب غير واحد من الأعيان. منهم: المحدث أبو محمد عبد الله بن عبد العزيز بن عبد القوى المهدوى، مع القطب القسطلانى، والقاضى جمال الدين الطبرى، فى جمادى الأولى سنة سبع وأربعين وستمائة بالروضة من المسجد النبوى، ونجم الدين ابن عبد الحميد، والحافظ الدمياطى وعلاء الدين بن العطار الدمشقى، وعلم الدين البرزالى، والقاضى شمس الدين بن مسلم، وقطب الدين الحلبى، وأبو حيان النحوى، والقاضى نجم الدين الطبرى، وجمع كثير، آخرهم وفاة عثمان بن الصفى الطبرى، وبين وفاته ووفاة المهدوى مائة سنة، فإن المهدوى توفى سنة تسع وأربعين وستمائة، على ما وجدت بخط الميورقى، وآخر أصحابه بالإجازة الشهاب الحنفى فيما أحسب. وقد أثنى على المحب الطبرى غير واحد من الأعيان، وترجموه بتراجم عظيمة، وهو جدير بها، منها على ما وجدت بخط ابن مسدى: الإمام الأجل العالم قطب الشريعة. وترجمه البرزالى فيما وجدت بخطه: شيخ الحجاز واليمن. وترجمه الذهبى: بشيخ الحرم، والفقيه الزاهد المحدث، ثم قال: وكان شيخ الشافعية ومحدث الحجاز. انتهى. وقد سمعت شيخنا مفتى الحجاز، القاضى جمال الدين بن ظهيرة يقول: سمعت

القاضى أبا الفضل يقول: إنه سمع الحافظ صلاح الدين العلائى يقول: ما أخرجت مكة بعد الشافعى، مثل المحب الطبرى. انتهى. وهذه منقبة عظيمة، إلا أنها لا تسلم من الاعتراض، بمثل الحميدى المكى صاحب الشافعى، وبمثل ابن المنذر، وآخرين من الغرباء. ووجدت بخط القطب الحلبى، فى ترجمة المحب الطبرى: أنه لم يكن فى زمانه مثله بالحرم المكى، وهذا مما لا ريب فيه. وقد اختلف فى وفاة المحب الطبرى على أربعة أقوال: فقيل: كانت وفاته فى الثلث الأخير من ليلة الثلاثاء ثانى جمادى الآخرة سنة أربع وتسعين وستمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. كذا وجدت وفاته بخط بعض العصريين. ووجدت بخط القطب الحلبى فى تاريخه أن على بن عمر بن حمزة الحرانى، كتب إليه أنه توفى فى جمادى الآخرة من السنة المذكورة. وقد أرخ وفاته بجمادى الآخرة من السنة المذكورة غير واحد، منهم: البرزالى فى معجمه وتعاليقه، والذهبى فى تاريخ الإسلام، وطبقات الحفاظ، وابن أيبك فى وفياته، وهو الصحيح فى وفاته إن شاء الله تعالى. وقيل: توفى فى أحد الربيعين من السنة، حكاه البرزالى عن أمين الدين ابن الوانى. وقيل: فى رمضان من السنة. ذكره البرزالى فى معجمه، والذهبى فى العبر، والإسنائى فى طبقاته، ولعله قلد الذهبى فى ذلك، وذكر الإسنائى أن المحب الطبرى اشتغل بقوص على الشيخ مجد الدين القشيرى. ورأيت شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة يستبعد ذلك، وقد رأيت ما يدل لما ذكره الإسنائى، وذلك أنى وجدت بخط القطب الحلبى فى تاريخ مصر، أن البهاء عبد الله ابن الرضى بن خليل المكى، أخبره أن الشيخ محب الدين الطبرى ورد إلى قوص (2)، واشتغل بها. انتهى. والله أعلم.

_ (2) قوص: بالضم ثم السكون، وصاد مهملة، وهى قبطية: وهى مدينة كبيرة عظيمة واسعة قصبة صعيد مصر، بينها وبين الفسطاط اثنا عشر يوما، وأهلها أرباب ثروة واسعة. انظر: معجم البلدان (قوص)، نزهة الأمم 225، الروض المعطار 484، 485، الإدريسى 49، الاستبصار 85.

واختلف أيضا فى مولد المحب الطبرى، فقيل: إنه ولد بمكة يوم الخميس السابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وستمائة. كذا ذكر مولده البرزالى فى معجمه. وهكذا وجدته بخط الشيخ بهاء الدين عبد الله بن خليل المكى نقلا عن غيره. ووجدت بخط أبى حيان: أن المحب الطبرى أخبره أن مولده فى خامس عشرى جمادى الآخرة من السنة المذكورة. وذكر البرزالى عن أمين الدين ابن الوانى، أنه كتب لهم من مكة أنه ولد سنة أربع عشرة وستمائة. وقرأ بمكة. انتهى. وكان الشيخ محب الدين الطبرى، يلقب بمحيى الدين قبل أن يلقب بمحب الدين. وكان يكره اللقب الأول، فزار المدينة النبوية، ومدح النبى صلى الله عليه وسلم بقصيدة، وسأل أن تكون جائزته عليها، أن يزول عنه اللقب الأول؛ فزال حتى كأن لم يكن. وهذه الحكاية ذكرها جدى الشريف أبو عبد الله فى تعاليقه؛ لأنه قال: سمعت الإمام محب الدين الطبرى رحمه الله يقول: مشينا إلى المدينة زائرين، وكنا جماعة، فنظمت قصيدة فى مدح النبى صلى الله عليه وسلم؛ فلما قدمنا المدينة، أنشدت القصيدة، فلما فرغت من إنشادها، قلت: يا رسول الله، إن من جائزتى أن يذهب عنى هذا اللقب، وكان لقبى بين الناس: محيى الدين، وكنت أكره هذا اللقب، فلقبت بعد ذلك: محب الدين، وذهب عنى لقب محيى الدين، حتى كأنه لم يكن. انتهى. وللشيخ محب الدين شعر كثير جيد يحويه ديوانه، وهى مجلدة لطيفة على ما رأيت. فمن ذلك قصيدة نحو مائة وستين بيتا، ذكر فيها المنازل بين مكة والمدينة، أولها [من الطويل]: رحلت إلى المختار خير البرية ومن ذلك ما أنشدناه الشيخ أبو اليمن محمد بن أحمد بن الرضى الطبرى بقراءتى عليه بالحرم الشريف، عن أبيه وابن عمه عثمان بن الصفى الطبرى إذنا أن المحب الطبرى أنشدهما لنفسه إجازة [من الوافر]: مريض من صدودك لا يعاد ... به ألم لغيرك لا يعاد وقد ألف التداوى بالتدانى ... فهل أيام وصلكم تعاد لحا الله العواذل كم ألحوا ... ولا أصغى وكم عذلوا وعادوا

ولو لحظوا من الأحباب معنى ... لما أبدوا هناك ولا أعادوا فلا والله لا أسلو ولكن ... أزيد هوى إذا فى العذل زادوا أأسلو من غرامى فيه دين ... أدين به ولى فى الحشر زاد سقى صوب الغوادى جمع جمع ... وحيا معهد الوصل العهاد ربوع لى مع الأحباب فيها ... عهود مالها أبدا نفاد فكم من ليلة بيضاء فيها ... ظفرت بما به يشفى الفؤاد وما زالت ليالى الوصل بيضا ... ويوم الهجر يعلوه السواد ألا يا صاح عيل الصبر منى ... وبان القلب مذ بانت سعاد وكان يزورنى منه خيال ... يسكن بعض ما بى أو يكاد فبان لبينها وجفى جفونى ... كراها واستقر بها السهاد فيا عجبا لحظى من سعاد ... وما زالت عليها الاعتماد أريد وصالها وتريد بعدى ... فما أشقى مريدا لا يراد فوا أسفا على عمر تقضى ... ولما يقض لى منها مراد أجيرتنا أجيروا الجار وارعوا ... فتى بزمام حبكم يقاد عليل يس يشفى دون وصل ... قتيل ما به أحد يقاد حليف جوى كئيب مستهام ... عديم الصبر باينه الفؤاد أجيران العقيق وأهل سلع ... أجيروا من أضر به البعاد فما زال الأحبة أهل عطف ... إذا ما استعطفوا عطفوا وجادوا ومن شعره أيضا ما أنشدناه الشيخ [من الطويل]: وقائلة هل يجمل النوم مع وصلى ... ومثلك محسود على الوصل من مثلى فقلت: وحبى فيك ما نمت إنما ... بحسنك والحسنى غلبت على عقلى ومنه أيضا [من الخفيف]: ما لطرفى عن الجمال براح ... ولقلبى به غذاء وراح كل معنى يلوح فى كل حسن ... لى إليه تلفت وارتياح وغرامى به قديم وشربى ... دائما من سلافه أقداح أجتلى الحسن شاهدا فيه معنى ... هو روح وما سوى أشباح كل حسن يروق مشكاة حسن ... لأهيل الحمى وهم مصباح وهم للوجود روح وراح ... ومغان ونوره الوضاح

وهم السر فى الجمال وعنهم ... ترو أخباره الحسان الصحاح فبهم يعشق الجمال ويهوى ... ويشوق الحمى وتهوى الملاح وبهم يعذب الغرام ويحلو ... ويطيب الثناء والامتداح لا تلم يا خلى قلبى فيهم ... ما على من هوى الملاح جناح ويح قلبى وويح طرفى إلى كم ... يكتم الحب والهوى فضاح صاح عرّج على العقيق وسلع ... وقباب فيها الوجوه الصباح قف بجرعائها وناد بناد ... مشرق الروض عطره فياح يا أهيل الحمى وأهل المصلى ... وربوع تشتاقها الأرواح للمحب المشوق قلب جريح ... وبترب الحمى تداوى الجراح يتمنى يطير شوقا إليكم ... إنما عز مسعد وجناح وإليكم له اختلاف قديم ... وغدو بربعكم ورواح فبعهد الوصال جودوا بعطف ... فإلى الجود طرفه طماح ومنه أيضا [من الكامل]: الوجد يشهد أننى مقتول ... بهوى المحجب والغرام كفيل أسر الفؤاد جميله وجماله ... فالقلب فيه كثيّر وجميل لله أيام الوصال وعيشنا ... مستعذب والحادثات أفول يا معهد الأحباب هل من عودة ... ويضم شملى ظلك المأهول أو هل بتنعيم الحما من وقفة ... أو هل إلى وادى الأراك سبيل أو هل أرى من أرض مكة معلما ... أو تبدون لى شامة وطفيل أو يقبل النكبا جميل تحية ... لمتيم صب براه نحول يحلو له مر الهوى وحديثه ... فيه عريض شرحه وطويل يا ويح قلبى من صدود أحبتى ... ما الصد إلا للمحب قتول كيف الوصول إلى الوصال وعزة ... عزت فعز على المحب وصول أم كيف أسلو وهى غاية مطلبى ... إن الغرام بعزة لجميل أرجو وآمل وصلها وصلاتها ... يا حبذا المرجو والمأمول لا نلت وصلا إن تحدث خاطر ... بسلوها أو أضمر التبديل إن أقبلت فبفضلها أو أدبرت ... فالصد منها والجفا مقبول ومنه أيضا [من البسيط]:

572 ـ أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله المعقلى الهروى، أبو محمد

العامرية لى فى ربعها شغل ... نعم وبين الحشا من صدها شعل لا تعذلا فى هواها صاحبى ول ... كن أسعدانى فقد ضاقت بى الحيل لا بد منها وإن عزت مطالبها ... وإن أساءت وإن أقصانى الزلل ولا وسيلة لى إلا عواطفها ... وليس لى عوض عنها ولا بدل أرجو وآمل أن تدنو مودتها ... يا حبذا ذلك المرجو والأمل أعلل النفس من يوم إلى غده ... وقد ترادفت الأسقام والعلل يقضى الغرام على العشاق أنهم ... ما حمّلوا فى الهوى من ثقله حملوا شرع الأحبة عدل كيف ما صنع ال ... أحباب لا حرج فى كل ما فعلوا هم قرة العين إن يدنوا وإن بعدوا ... وأهل ودى وإن صدوا وإن وصلوا والصبر أجمل عون للمحب إذا ... عز الوصال وعزت منهم الوصل دين الصبابة لا أبغى به بدلا ... وليس لى حول عنه ولا ميل 572 ـ أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله المعقلى الهروى، أبو محمد: قال الحاكم: كان إمام أهل خراسان بلا مدافعة، حج بالناس وخطب بمكة، وقدم إليه المقام وهو قاعد فى جوف الكعبة. ولقد سمعتهم بمكة يذكرون أن هذه الولاية لم تكن قط لغيره. انتهى. وهذه الولاية يحتمل أن تكون ولاية للحج فقط، ويحتمل أن يكون ولاية للخطابة بمكة، وإنما ذكرناه احتياطا. ومات على ما ذكر الحاكم فى سنة ست وخمسين وثلاثمائة. 573 ـ أحمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن أبى بكر، يلقب بالشهاب ابن المجد الطبرى الصوفى: سمع من شيخ الإسلام عبد الرحمن بن أبى عمر جزء ابن زبان، وعلى المسلم بن محمد القيسى جزء الأنصارى، وعلى الفخر بن البخارى مشيخته، وغير ذلك. وحدث. ذكره ابن رافع فى معجمه، وقال: كان لديه معرفة بشيء من الاصطلاح، وله ثبت. وتولى مشيخة رباط الفخر ناظر الجيش بالقدس. وتوفى ثالث ذى الحجة سنة سبع وعشرين وسبعمائة بالقدس، ودفن بما ملا.

_ 572 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات العبادى 87، الأنساب 527، العبر 2/ 204، طبقات السبكى 3/ 17 ـ 19، شذرات الذهب 3/ 18، سير أعلام النبلاء 16/ 181).

574 ـ أحمد بن عبد الله بن محمد بن على، يلقب بالشهاب بن العفيف الهبى

574 ـ أحمد بن عبد الله بن محمد بن على، يلقب بالشهاب بن العفيف الهبى: نزيل مكة، كان أبوه من أعيان التجار بعدن، وبها ولد المذكور ونشأ، ثم انتقل إلى مكة لما استوطنها أبوه، وأقام بها سنين كثيرة، نحو أربعين سنة فى حياة أبيه وبعده، إلا أنه ربما سافر فى بعض السنين إلى اليمن لحاجة، ثم يعود لمكة. وعزم منها للسفر إلى اليمن، فى جمادى الأولى سنة عشرين وثمانمائة، فأدر كه الأجل بجدة فحمل إلى مكة. فدفن بالمعلاة. وكان يعانى الزراعة بعد موت أبيه فيما خلفه أبوه له وأخوته من الأراضى والسقايا بأرض نافع من وادى نخلة (1)، وما مات حتى باع نصيبه فى ذلك وغيره. وكان ينطوى على خير ومروءة، وصاهره القاضى كمال الدين موسى بن القاضى نور الدين بن جميع على ابنته. وكان له ولد اسمه محمد، ويلقب بالجمال، توفى قبله بمكة فى سنة سبع عشرة وثمانمائة فى الحرم، ظنا غالبا. 575 ـ أحمد بن عبد الله، شهاب الدين الشريفى المصرى: نزيل مكة، الفراش بالحرم الشريف. ولد سنة ثلاث وسبعين وستمائة بقوص. سمع بأخميم (1) من الكمال بن عبد الظاهر، وبالقاهرة من الحجاز: صحيح البخارى، وبمكة من القاضى نجم الدين الطبرى وغيره، وبالمدينة من الجمال الطبرى. وتوفى ليلة الجمعة ثالث شوال سنة اثنتين وستين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. هكذا ذكر وفاته ومولده شيخنا ابن سكر، وعليه اعتمدت فيما ذكرته من شيوخه.

_ 574 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 1/ 367). (1) نخلة على لفظ واحدة النّخل: موضع على ليلة من مكّة، وهى التى ينسب إليها بطن نخلة، وقال ابن ولاد: هما نخلة الشامية، ونخلة اليمانية، فالشامية: واد ينصب من الغمير، واليمانية: واد ينصب من بطن قرن المنازل، وهو طريق اليمن إلى مكة. انظر: معجم البلدان (نخلة). 575 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 1/ 116). (1) أخميم: مدينة فى البلاد المصرية فى الجانب الشرقى من النيل لها ساحل، وهى مدينة كبيرة قديمة فيها أسواق وحمامات ومساجد كثيرة وفيها من البرابى وعجائب المبانى والآثار ما يعجز الوصف عنه وهى بصعيد مصر. انظر: الروض المعطار 15، 16، 18، الاستبصار 84، نزهة الأمم 227.

576 ـ أحمد بن عبد الله المكى، المعروف بأبى مغامس

576 ـ أحمد بن عبد الله المكى، المعروف بأبى مغامس: أحد تجار مكة، كان فى مبدأ أمره صيرفيا، ثم حصل دنيا، وصار يداين الناس كثيرا، واشتهر بسبب ذلك عند الناس. وتوفى فى يوم الجمعة رابع شهر ربيع الآخر سنة خمس عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وقد بلغ الستين أو جاوزها. 577 ـ أحمد بن عبد الله المكى، يعرف بالحلبى، المكبّر بالحرم الشريف، يلقب بالشهاب: كان من جملة الطلبة بدرس الأمير يلبغا بمكة، ونزح عنها غير مرة إلى ديار مصر والشام طلبا للرزق، وانقطع لذلك مدة سنين بالقاهرة حتى صار بها خبيرا، ثم أتى مكة وجاور مدة سنين، حتى مات فى يوم النحر من سنة تسع وثمانمائة، وكانت وفاته ـ فيما أحسب ـ بمنى قبل التحلل. ودفن بالمعلاة، سامحه الله. 578 ـ أحمد بن عبد الله الدورى المكى: الفراش بالحرم الشريف. سمع من القاضى عز الدين ابن جماعة، وما علمته حدث، وباشر الفراشة بالحرم الشريف سنين كثيرة جدا، وأمانة الزيت والشمع سنين قليلة، ولم يحمد فيما اوتمن فيه. وكان على ذهنه قليل من الحكايات المضحكة، ويحكيها عند قبة الفراشين بالحرم الشريف، ويجتمع عنده الأطفال لسماعها ويترددون إليه لأجل ذلك. وكان يصلى بالناس صلاة التراويح فى رمضان، ويصلى خلفه الجمع الكثير لكثرة تخفيفه، ويلقبون صلاته بالمسلوقة، وكانت صلاته بالقرب من قبة الفراشين. ورزق عدة أولاد، وفجع بهم وقتا بعد وقت، ونزل قبل موته بقليل عن الفراشة لابن أخته. ووقف جانبا من داره من مكة بالمسفلة على أولاد أخته، فالله يثيبه. وتوفى سحر يوم الجمعة رابع عشر شوال سنة تسع عشرة وثمانمائة. وقد جاوز الستين بسنين فى غالب الظن. وكانت وفاته بمكة ودفن بالمعلاة. * * *

من اسمه أحمد بن عبد الرحمن

من اسمه أحمد بن عبد الرحمن 579 ـ أحمد بن الوجيه عبد الرحمن بن عبد المعطى بن مكى بن طراد، الخزرجى الأنصارى المكى: سمع من الفخر التوزرى: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، وصحيح البخارى. وما علمته حدث. وذكر لى ابن عمه شيخنا أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطى: أنه كان يفسر المنامات تفسيرا حسنا، وأنه توفى بمصر سنة ست وأربعين وسبعمائة. 580 ـ أحمد بن عبد الرحمن بن على بن الحسين الشيبانى الطبرى: ترجم فى حجر قبره بالمعلاة: بالقاضى السعيد العالم عز الدين، وفيه بعد الطبرى: قاضى الحرمين الشريفين. توفى فى جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وخمسمائة. 581 ـ أحمد بن عبد الرحمن بن وهبان، المعروف بابن أفضل الزمان، أبى العباس: ذكره ابن الأثير فى كامله، فقال: كان عالما متبحرا فى علوم كثيرة: الخلاف والفقه، ومذهبه، والأصولين والحساب، والفرائض والنحو والهيئة والمنطق وغير ذلك، وختم أعماله بالزهد ولبس الخشن، وأقام بمكة حرسها الله تعالى مجاورا، حتى توفى بها فى صفر سنة خمس وثمانين وخمسمائة. وقال: كان من أحسن الناس صحبة وخلقا، وهو من شيوخه. 582 ـ أحمد بن عبد الرحمن بن يوسف بن إسحاق بن أبى بكر الطبرى، شهاب الدين بن الشرف بن العز بن فخر المكى ثم الينبعى، لسكناه ينبع من أرض الحجاز: أجاز له على ما وجدت بخط البرزالى: القاضى شمس الدين بن العماد المقدسى، والصفى خليل المراغى، وعبد العزيز بن خليل، والشريف عماد الدين إبراهيم المنقذى، وعبد الصمد بن عساكر.

_ 580 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 1/ 110). 581 ـ انظر ترجمته فى: (الكامل لابن الأثير 12/ 42).

583 ـ أحمد بن عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن، المعروف بالشهيد الناطق، بن القاسم بن عبد الله العقيلى الجزولى، الشيخ شهاب الدين النويرى

ووجدت بخط عبد العزيز بن المؤذن، أربعين حديثا من رواية المذكور وجماعة من أقاربه مخرجة عن القاضى شمس الدين بن العماد، والقاضى تقى الدين بن رزين، وأبى اليمن بن عساكر إجازة، خرجها الآقشهرى فى سنة ست وثلاثين للمذكورين، وما حدث بها منهم سوى الحجى، على ما وجدت فى النسخة التى وقعت لى. وذكر لى صاحبنا الشيخ خليل الأقفهسى أنه وقف على الأصل بخط الآقشهرى، وليس فيها سماع على أحد من المذكورين. 583 ـ أحمد بن عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن، المعروف بالشهيد الناطق، بن القاسم بن عبد الله العقيلى الجزولى، الشيخ شهاب الدين النويرى: تردد إلى مكة مرات، وسمع بها فى سنة ست وتسعين وستمائة على الفخر التوزرى أكثر صحيح البخارى، ثم سمعه بكماله على الصفى والرضى الطبريين فى سنة اثنتى عشرة وسبعمائة، ثم استوطنها وتأهل بها بابنة قاضيها نجم الدين الطبرى. وولى ـ على ما ذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة ـ تدريس الحديث بالمنصورية بمكة، ثم انتقل إلى المدينة، وأقام بها حتى مات فى عصر يوم الأحد سادس عشر المحرم سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، ودفن بعد المغرب بالبقيع (1) قريبا من الإمام مالك بن أنس رضى الله عنه مما يلى الطريق. نقلت خبر وفاته من كتاب «نصيحة المشاور» لابن فرحون، لأنه ذكره فيه، وذكر أنه من إخوانه فى الله، العلماء الربانيين أصحاب الأحوال والمكاشفات، وذكر أنه صلى إلى جانبه يوما لما أضل قدوم الحاج إلى المدينة الشريفة، فكانت صلاته كلها وسوسة بما يجئ به الحاج، وما يكون من وظائفه، وما يجئ منها وغير ذلك. فذكر له الشيخ شهاب الدين مع ما وقع فى خاطره على سبيل الإنكار. قال: وله كرامات لا يسع ذكرها هاهنا. انتهى. وكان جده سيدى الشيخ الولى العارف القاضى رضى الدين أبو القاسم عبد الرحمن، المعروف بالشهيد الناطق فى الصلاح بالمحل الأعلى، وله كرامات كثيرة مشهورة. من أشهرها حكاية البقرة، وهى أن رجلين تداعيا عنده فى بقرة، وكان مع أحدهما محضر

_ 583 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 1/ 112). (1) البقيع: بفتح أوله، وكسر ثانيه، وعين مهملة، هو بقيع الغرقد، مقبرة المدينة. انظر: معجم ما استعجم (البقيع).

بملكها، فيه شهود أدوا فيه عنده، فسأله من بيده المحضر، الحكم به، وتسليم البقرة إليه، فقال له: كيف أسلمها إليك وهى تقول إنها لخصمك، وتخبر أن المحضر زور، فاعترف بذلك وأظهر التوبة وسلمها لخصمه. ولما اتصلت هذه الحكاية بقاضى القضاة عماد الدين عبد الرحمن بن السكرى قاضى الديار المصرية، عزله عن نيابته، وكتب إليه يقول له: كان ينبغى لك أن تعمل فى القضية بظاهر الشرع وتسلم البقرة لمن أثبتها، فلما اتصل به ذلك قال لمن حضر: اشهدوا على أنى قد عزلته وذريته من بعده، فعزل القاضى عماد الدين، ولم يعد إلى القضاء ولا وليه أحد من ذريته، حتى إن حفيده القاضى عماد الدين، نوه له غير مرة بالولاية، وربما وصلت له الخلعة، ورسم بكتابة تقليده، فيعدل عنه إلى غيره، ولا يتم أمر تصديقا لما أخبر به القاضى رضى الدين الشهيد الناطق. وكان ولى القضاء بالبهنسا (2) وغيرها من الصعيد الأدنى، وتوفى فى ذى القعدة سنة ست عشرة وستمائة شهيدا بظاهر دمياط، وبنى عليه مشهد، فيعرف بمشهد الشهيد الناطق. وسبب شهرته بذلك، أنه كان يحرض أصحابه على القتال، ويرغبهم فى الجنة، وتلا عليهم قوله تعالى: (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) [آل عمران: 169] فلما قتل، قال له قاتله: أنت تقول: إن الله قال: (وَلا تَحْسَبَنَ) ـ الآية فها أنت الآن ميت، فاستوى جالسا وقال: نعم أحياء ورب الكعبة، وتلا الآية إلى آخرها، فأسلم. نقلت وفاته من «التكملة» للمنذرى، وذكر أنه تفقه على مذهب الإمام مالك، وصحب جماعة من الصالحين، وانتفع به جماعة. وكان موصوفا بالصلاح والخير والإيثار، محبا للفقراء مكرما لهم، ينقطع إلى ما يفضى براحتهم، مبالغا فى ذلك. وذكر أن العقيلى، بفتح العين، ولم يبين إلى من هذه النسبة، وهى إلى عقيل بن أبى طالب على ما اشتهر عن [ .... ] (3) قال فى تعريفه: الجزولى. وحكاية البقرة وما يتعلق بها، نقلتها من تاريخ الشيخ شهاب الدين أحمد بن

_ (2) البهنسا: مدينة بصعيد مصر فى الجهة الغربية من الخليج الخارج من معظم النيل وهى عامرة بالناس جامعة لأمم شتى ومن هذه المدينة إلى مصر سبعة أيام وبهذه المدينة تعمل الستور البهنسية. انظر: الروض المعطار 114، الإدريسى 50، جنى الأزهار 10، معجم البلدان (البهنسا). (3) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

584 ـ أحمد بن عبد السلام بن عبد الله بن على بن محمد بن عبد السلام ابن أبى المعالى الكازرونى المكى، يلقب بالشهاب، مؤذن المسجد الحرام

عبد الوهاب النويرى. وذكر أنه رواها عن أبيه عن جده: وكان خادما للمذكور. وحكاية سبب شهرة الشيخ عبد الرحمن بالشهيد الناطق، نقلتها من كراس وجدته بخط شيخنا الشريف عبد الرحمن الفاسى، وهو من أجدادى لأمى، أعاد الله علينا من بركته. والله أعلم. 584 ـ أحمد بن عبد السلام بن عبد الله بن على بن محمد بن عبد السلام ابن أبى المعالى الكازرونى المكى، يلقب بالشهاب، مؤذن المسجد الحرام: ولد بمكة وبها نشأ وتزوج، وباشر الأذان بمنارة باب العمرة كأبيه، ثم سافر لليمن وديار مصر غير مرة، ثم انقطع بمصر نحو عشرين سنة حتى مات ببعض قرى الصعيد، وكان يسافر إليها لعمل مصالح الصوفية بخانكة سعيد السعداء (1). وكان صوفيا بها، وربما كان يؤذن بها أحيانا، وكان حسن التأذين صيتا، سامحه الله تعالى. وكانت وفاته فى آخر سنة سبع عشرة وثمانمائة، أو أوائل سنة ثمان عشرة، وفى إحدى الربيعين منها، سمعنا بوفاته. 585 ـ أحمد بن عبد الملك الشيبى، من بنى شيبة، أبو زرارة الحجبى، حجبة بيت الله الحرام: روى عن يونس بن عبد الأعلى. سمع منه الحافظ أبو بكر بن المقرى بالمسجد الحرام، وذكره فى معجمه. ومنه لخصت هذه الترجمة. 586 ـ أحمد بن عبد الواحد بن أحمد البلخى الجريرى ـ من ولد جرير بن عبد الله الصحابى المشهور رضى الله عنه ـ أبو بكر المكى: قدم دمشق، وحدث بها عن محمد بن المظفر، وأبى بكر الإسماعيلى، وعبد الله بن محمد بن السقا الحافظ، وأبى بكر المفيد، وأبى أحمد بن الحاكم، وأحمد بن عبد الله الشيرازى، وجماعة كثيرة.

_ 584 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 1/ 347). (1) أول خانكاه أو خانقاه بنيت فى مصر قريبا فى سنة 400 هـ‍وهى دار مخصصة للصوفية.

587 ـ أحمد بن عبد الواحد بن إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى بن فارس الكنانى العسقلانى المكى، القاضى بهاء الدين أبو حامد

روى عنه: تمام الرازى، وهو أكبر منه، وعلى بن الحسن الربعى، وابن السمان وغيرهم. ذكره ابن عساكر فى تاريخ دمشق، ومن مختصره نقلت هذه الترجمة. 587 ـ أحمد بن عبد الواحد بن إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى بن فارس الكنانى العسقلانى المكى، القاضى بهاء الدين أبو حامد: ذكره المحب الطبرى فى كتاب «الإعلام لمرويات المشيخة الأعلام من سكنه المسجد الحرام» الذى جمعه على لسان الملك المظفر صاحب اليمن. وذكر أنه يروى عن ابن البنا جامع الترمذى، وأخرج عنه فى «العقود الدرية»، و «المشيخة المظفرية» من جمعه، حديثا من جامع الترمذى عن ابن البنا، وترجمه بالفقيه الإمام القاضى بهاء الدين. انتهى. وكان ولى القضاء نيابة عن القاضى عمران بن ثابت، الآتى ذكره، على ما وجدت بخطه فى مكتوب أثبته وأشهد على نفسه بذلك فى الرابع والعشرين من شهر رمضان سنة تسع وأربعين وستمائة. ولم أدر متى مات، إلا أنه يستفاد من هذا حياته فى هذا التاريخ. ووجدت بخط المحدث إبراهيم بن عمر العلوى اليمنى، سندا له فى جامع الترمذى، فيما يرويه عن الرضى الطبرى عن المذكور إجازة. 588 ـ أحمد بن عبد الواحد بن مرى بن عبد الواحد بن نعام السعدى، المقدسى الأصل، تقى الدين أبو العباس الحورانى: نزيل مكة. ولد فى النصف من صفر سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، وسمع بدمشق وحلب وبغداد. وروى عن الشريف أبى هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمى: كتاب الشمائل للترمذى سماعا منه، وحدث به عنه. سمع منه الحافظان: الشريف أبو القاسم الحسينى، وشرف الدين الدمياطى، وذكره فى معجمه، ووصفه بالفقيه الفرضى الزاهد، والعلم سنجر الدوادارى، والفخر التوزرى، والرضى الطبرى، وأحمد بن محمد بن على الحلبى، وهو خاتمة أصحابه. ذكره الشريف أبو القاسم الحسينى فى وفياته فقال: كان أحد المشايخ المشهورين

_ 588 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 58، الوافى 7/ 160، المنهل الصافى 1/ 376).

الجامعين بين الفضل والدين، وعنده جد وإقدام، وقوة نفس وتجرد وانقطاع. انتهى. ووجدت بخط جدى أبى عبد الله الفاسى، أن الحورانى هذا، كان مشهورا بالزهد العظيم، حتى لقد أقام بمكة زمانا لا يرجع إلى مأوى معين، ولا يدخر شيئا من الدنيا. وله فى هذا المعنى أخبار كثيرة، من شدة اطّراحه لنفسه وانسلاخه من الأسباب. ووجدت بخط جدى أيضا، أنه سمع يحيى بن محمد الطبرى: سبط الشيخ سليمان بن خليل يقول: كان الشيخ تقى الدين الحورانى حسن الجواب فيما يسأل عنه. فقلت له فى ذلك، فقال لى: رأيت النبى صلى الله عليه وسلم وتفل فى فمى. فكان يرى أن هذه البركة من ذلك الأثر المبارك. انتهى. وذكر ابن رافع فى ذيل تاريخ بغداد، فقال: كان عارفا بالفقه والفرائض، وكان شافعيا، وذكر ابن رافع فى ترجمته: أن الإمام تقى الدين محمد بن الإمام شرف الدين الحسن بن على الصبرى، حكى له عن والده، أن التقى الحورانى هذا كان حنبليا، وأنه صحب الحورانى هذا بمكة مدة طويلة ليلا ونهارا، وكان ما يخطر بباله خاطر إلا كاشفه عليه، قال: فخطر ببالى يوما ما كان سبب حاله وابتداء أمره فى سرى، فقال: كان بدو أمرى أنى كنت معيدا بالمدرسة المستنصرية ببغداد، وكنت ألازم الصوم، وكنت أفطر على المباحات التى يرمى بها وأغسلها بالماء وأتناولها، وكان خارج بغداد رجل صالح، وله مكتب، فكنت أجتمع له، فحصل لى منه خير كثير. انتهى. وذكره ابن مسدى فى معجمه، فقال بعد نسبه كما ذكرنا: تفقه بالشام والعراق، وتطور فى الآفاق، وسمع شيئا من الحديث بدمشق وحلب وبغداد، ونزل مكة، ولم يكن بالحافظ. وحدث بغير أصول، فوقع فى أمور لتفصيل جملتها غير هذه الفصول، قد أظهر التحلى بالتخلى، وأشار إلى التجلى، وله فى كل مقام مقال ودعوى لا تقال، لقيته بالحرم الشريف، وأنست بظاهره، فلم يتفق لنا خبره مع مخابره، ينسب إلى طلب رياسة ما يقتفيها، ودعوى طريق ما ينتهيها وينتفيها، يعظم الدنيا وأمراها، ويحتقر صعاليكها وفقراها، إلا من يصفق له حين رقصه، ويكمل دعواه بنقصه. وذكر أنه أنشده لنفسه هذه الأبيات [من البسيط]: إن قلت فى اللفظ هذا النطق يجحده ... أو قلت فى الأذن لم أسمع له خبرا أو قلت فى العين قال الطرف لم أره ... أو قلت فى القلب قال القلب ما خطرا وقد تحيرت فى أمرى وأعجبه ... أن ليس أسمع إلا عنهم وأرى

589 ـ أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطى

ووجدت بخط الميورقى، أن الفقهاء أخرجوه من مكة فى جمادى سنة ثلاث وستين، ولم يزد على ذلك. ووجدت بخطه: أنه توفى فى السابع والعشرين من رجب سنة سبع وستين وستمائة بطيبة (1). وقد أرخ وفاته برجب من هذه السنة الشريف الحسينى فى وفياته، وذكر فيها مولده كما سبق. 589 ـ أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطى: روى عن أبيه، وعلى بن عباس. وروى عنه الطبرى، والحافظ أبو الفضل الجارودى. وذكر ابن قانع فى وفياته، أنه توفى سنة إحدى وثلاثين ومائتين بمكة. 590 ـ أحمد بن عبد الناصر بن عبد الله بن عبد الناصر التميمى المكى: روى عن أبى الفتوح الحصرى ـ فيما أظن ـ وأظن أنه كان حيا فى رمضان سنة ثلاث وخمسين وستمائة. 591 ـ أحمد بن عجلان بن رميثة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على ابن قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسنى المكى، يكنى أبا سليمان، ويلقب شهاب الدين: أمير مكة، ورئيس الحجاز، ولى إمرة مكة شريكا لأبيه ومستقلا، ثم شريكا لابنه محمد، ستا وعشرين سنة، تنقص يسيرا نحو شهرين كما سيأتى بيانه، ونشير إلى ما يوضح ذلك مع شيء من حاله. وذلك أنه كان ينظر فى الأمر بمكة نيابة عن أبيه أيام مشاركة أبيه وعمه ثقبة فى إمرة مكة، فى سنة ستين وسبعمائة، ولما عزلا فى هذه السنة بأخيهما سند، وابن عمهما

_ (1) يقصد المدينة المنورة وطيبة أحد أسمائها. 589 ـ انظر ترجمته فى: (اللباب 1/ 402، تهذيب الكمال 31، تذهيب التهذيب 1/ 19، تهذيب التهذيب 1/ 58، خلاصة تهذيب الكمال 9، سير أعلام النبلاء 13/ 152). 591 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 59، النجوم الزاهرة 11/ 308، إنباء الغمر 1/ 320، نزهة النفوس 1/ 146، المنهل الصافى 1/ 389، العقود اللؤلوية 2/ 187، الدرر الكامنة 1/ 202، خلاصة الكلام 33/ 34، الأعلام 1/ 168).

محمد بن عطيفة السابق ذكره، توجه عجلان، وابناه أحمد وكبيش فى جماعة من ألزام عجلان إلى مصر، فلما وصلوها قبض على عجلان وابنيه أحمد وكبيش، واعتقلوا ببرج بقلعة الجبل بمصر، وأقسم صاحب مصر السلطان حسن بن الناصر محمد بن قلاوون أن لا يطلقهم ما دام حيا؛ لأنه كان شديد الحنق على عجلان، وابنه أحمد، لأمور منها: أن أحمد بن عجلان صد الضياء الحموى الآتى ذكره عن الخطابة بالمسجد الحرام، بعد أن برز إلى المسجد فى شعار الخطبة، فى موسم سنة تسع وخمسين وسبعمائة، رعاية للقاضى شهاب الدين الطبرى الآتى ذكره. وكان السلطان قد ولى الخطابة للضياء الحموى، ثم نقل المذكور من برج القلعة إلى الإسكندرية، لما سمع السلطان بفتك بنى حسن فى عسكره الذى ندبه إلى مكة فى موسم سنة إحدى وستين وسبعمائة. ولم يزالوا فى الاعتقال حتى قبض على السلطان المشار إليه، ثم أطلقوا. وولى عجلان إمرة مكة شريكا لأخيه ثقبة، وتوجه عجلان وجماعته إلى مكة، بعد الإعراض عن تجهيز العسكر الذى كان الناصر حسن عزم على إرساله إلى الحجاز لتمهيد أمره والفتك بكل من يوجد فيه من بنى حسن والأعراب. وسبب الإعراض عن ذلك، زوال ملك الملك الناصر المذكور. ولما وصل عجلان وجماعته إلى وادى مر، لقوا به ثقبة عليلا مدنفا، ثم مات ثقبة بعد أيام قليلة فى أوائل شوال سنة اثنتين وستين وسبعمائة، فبادر عجلان وجماعته إلى مكة، وأشرك معه ولده أحمد فى إمرتها، وأمره بالطواف بالبيت، وأمر عبد السلام المؤذن أن يدعو له إذا طاف على زمزم وبعد المغرب، على عادة أمراء مكة فى ذلك، وجعل له ربع المتحصل لأمير مكة يصرفه فى خاصته، وعلى عجلان تكفية العسكر. واستمرا على ذلك مدة، ثم إن بعض بنى حسن، حسنوا لأحمد بن عجلان، أن يسأل أباه فى السماح له بربع آخر من المتحصل، وحملهم على ذلك الحنق على عجلان، لزعمهم أنه قصر فى حقهم، فامتنع عجلان عن موافقة ابنه على ذلك، وهم بمباينته، ثم ترك، لتحققه أن بنى حسن قصدت بذلك تحصيل شيء منه، ورأى أن إسعاف ابنه بمراده أولى من إسعافهم بقصدهم منه، فإنه قد لا يفيده، وصار لأحمد نصف المتحصل ولأبيه مثله، ولكل منهما نواب تقبض ما يخصه واستمرا على ذلك إلى أن ترك عجلان ما كان له لابنه أحمد.

وقيل أن سبب تركه لذلك، أنه كان رغب فى أن يكون ابنه محمد بن عجلان ضدا لولده أحمد، بأن يفعل فى البلاد فعلا يظهر به محمد، ويغضب منه أحمد، فيلين بذلك جانب أحمد لأبيه؛ لأنه كان قوى عليه، وينال بذلك مقاصد من ابنه أحمد، فكتب عجلان ورقة إلى ابنه محمد، يأمره بأن يشغب هو وأصهاره الأشراف على أحمد بن عجلان، وأن يأخذ من خيل أبيه ما شاء، ويذهب إلى نخلة، فيأخذ منها أدرعا له هناك مودعة، ويأخذ ممن هى عنده ما يحتاج إليه من المصروف، فوصلت ورقته إلى ابنه محمد، وهو فى لهو مع بعض أصدقاء أخيه أحمد، فأوقفهم على ورقة أبيه، فاستغفلوه وبعثوا بها إلى أخيه أحمد، وأشغلوه باللهو إلى أن بلغ أخاه الخبر، فقصد أحمد أباه فى جمع كثير، معاتبا له على ما فعل، وكان قد بلغه ما كان من ابنه محمد، وشق عليه ذلك كثيرا، فاعتذر لأحمد، وما وجد شيئا يتنصل به إلا السماح له بترك الإمرة، وظن أنه يعجز عما يشترطه عليه عوضا فى الترك. وكان فى نفسه ثلاثمائة ألف درهم فيما قيل، بعضها فى مقابلة الإمرة، وبعضها فى ثمن خيل يبيعها له أبوه لعدم حاجته إليها، إذ لم يكن أميرا، فالتزم أحمد مقصود أبيه من المال، وأعانه عليه جماعة من التجار. فلما تيسر له المبلغ المطلوب منه، ندم أبوه ورام أن يعرض عن قوله فما قدر عليه، وما وسعه إلا الموافقة، فاشترط على ابنه أيضا أن يكون له بعض الرسوم التى لأمير مكة ـ وبلغنى أنه رسم مصر ـ وأن يديم له ذلك مدة حياته، مع الخطبة له والدعاء على زمزم، فالتزم له ابنه بذلك، وأشهد كل منهما على نفسه بما التزمه، جماعة من أعيان الحرم، وأنهى هذا الحال لصاحب مصر، أن عجلان ترك نصيبه فى الإمرة لابنه أحمد، وأنه والمجاورين يسألون تقرير أحمد فى ولاية مكة بمفرده؛ فأجاب السلطان إلى ذلك. وذكر لى بعض الناس، أن ذلك كان فى سنة أربع وسبعين وسبعمائة، وذكر لى بعضهم ما يدل على أنه قبل ذلك بسنتين أو نحوهما. والله أعلم. واستمر أحمد منفردا بالإمرة، إلى أن أشرك معه فيها ابنه محمد بن أحمد فى سنة ثمانين وسبعمائة، وما كان لمشاركته فى ذلك أثر؛ لأن السيد أحمد هو القائم بمصالح العسكر، وإليه النظر فى جميع الأمور، واشتمل على ذلك إلى أن مات السيد أحمد. وكان بعد موت أبيه عزم على السفر إلى جهة ينبع، فقيل لحرب أميرها، وقيل لإزالة أمر بوادى الصفراء (1) أمر بإزالته لضرر حصل منه للحاج، فلما نزل الهدة هدة بنى

_ (1) الصّفراء: بلفظ تأنيث الأصفر من الألوان، وادى الصفراء: من ناحية المدينة، وهو واد كثير النخل والزرع والخير فى طريق الحاج وسلكه، وبينه وبين بدر مرحلة، قال عرّام بن ـ

جابر، متوجها لقصده، بلغه أن بنى عمه أولاد ثقبة، بانوا عنه، وحالفوا عليه بعض بنى حسن من ذوى عبد الكريم، فأعرض عن قصده، وبعث إلى مكة فرسانا لصونها، وكشف عن خبرهم، فبلغه أنهم توجهوا صوب وادى نخلة، وأنهم لقوا فى طريقهم سليمان بن راشد أحد تجار مكة وابنه حسب الله، واختطفوهما وذهبوا بهما معهم إلى الشرق وساروا فى أثرهم إلى أن بلغ سولة (2) بنخلة اليمانية، فأشير عليه بالمقام هناك، وأن يبعث إليهم فرسانا لاستنقاذ ابن راشد وابنه، فبلغتهم فرسانه وهم فى كثرة وغفلة، فأوهموهم أنه فى الأثر، ففروا وظفروا أصحاب أحمد بابن راشد وابنه، وعادوا بهما إليه، ورجع أحمد بعد ذلك إلى مكة، ثم توصل بنو عمه إلى نخلة ومعهم أفراس عديدة، فقصدهم بعض بنى حسن، وأوهمهم أنه يصل إليهم جماعة من بنى حسن لميلهم إليهم، حنقا على أحمد بن عجلان، وبينما هم على ذلك، وإذا بخيل أحمد بن عجلان قد دهمتهم مع عسكره، ففر بنو ثقبة، وما سلمت أرواحهم إلا بجهد وقبض على بعض جماعتهم، وأعانهم على ذلك أنهم ظفروا بطليعة ذوى ثقبة، فلم يتيقظوا لأصحاب أحمد، ورجع عسكره إلى مكة، ولمّ بنخلة خوفا من البيات بها، بعد أن كان أجمع على ذلك، ثم توصل بنو عمه المشار إليهم إلى مصر، بعد قتل الأشرف شعبان صاحب مصر، وكتب لهم القائمون بعده إلى أحمد بن عجلان بملاطفتهم وإكرامهم، ورسموا لهم بأن يصرف لهم فى كل سنة ستين ألف درهم، وقالوا لهم: إذا لم يرض عزلناه، وأحسنوا إليهم بشيء يتجهزون به. فوصلوا إلى أحمد وأعلموه الخبر، فلاطفهم وأرضاهم فيما رسم لهم به، وتوالفوا مدة، ثم حصل كدر فى نفسه منهم، ومن عنان بن مغامس بن رميثة، ومن أولاد مبارك بن رميثة، لميلهم عليه مع صاحب حلى (3)؛ لأن أحمد بن عجلان رغب فى أن يزيده صاحب حلى فى العادة التى جرت بأن يسلمها إليه صاحب حلى، فلم يوافق على الزيادة لعظمها، واستعان عليه بالقواد العمرة، فما أفادوه، فاستعان القواد بعنان، وبنى

_ ـ الأصبغ السّلمى: الصفراء قرية كثيرة النخل والمزارع وماؤها عيون كلّها، وهى فوق ينبع مما يلى المدينة وماؤها يجرى إلى ينبع. انظر: معجم البلدان (الصفراء). (2) سولة: قلعة على رابية بوادى نخلة تحتها عين جارية ونخل، وهى لبنى مسعود بطن من هذيل. انظر: معجم البلدان (سولة). (3) حلى: بالفتح ثم السكون، بوزن ظبى، قال عمارة اليمنى: حلى مدينة باليمن على ساحل البحر، بينها وبين السرين يوم واحد، وبينها وبين مكة ثمانية أيام. انظر: معجم البلدان (حلى).

ثقبة، فالتزموا لهم بأن يخذلوا أحمد بن عجلان عن قصده لصاحب حلى. وكان قد أجمع على ذلك، فإن لم يطعهم مالوا عنه إلى صاحب حلى. وحلفوا له على ذلك، وحلف معهم عليه بنو مبارك. وبلغ ذلك أحمد بن عجلان وهو بمكان يقال له أم غراب، قريب من الحسبة (4)، ودوقة (5)، وهو على يوم من حلى للمجد فى السير، فلاطف أحمد صاحب حلى، وقنع منه بزيادة دون التى فى نفسه، وأمر عنانا بمباينته، فبان عنه ونهب إبلا كثيرة للأعراب، وحصل أفراسا وسلاحا، فلاطفه أحمد، فاستدعاه إليه، فحضر إليه وأكرمه، ثم أغرى حسن بن ثقبة لعتبهم عليه، فى أمر خفر جوارهم فيه. ومن عادة العرب أن يقتل من خفر جوارهم. فما تم لأحمد مراد فى عنان؛ لأن أحمد بن ثقبة نهى عن قتله. ولما عرف ذلك أحمد، أغرى عنانا بأحمد بن ثقبة؛ لأن أخاه حسن بن ثقبة ممن اتهم بقتل محمد بن مغامس أخى عنان، ومن عادة العرب أن لا يقتصروا فى القصاص على القاتل، بل يقتلوا غيره من جماعته، إذا كان أحشم من القاتل، فكاد عنان أن يفعل ما أمره به، ثم ترك، وعرف عنان وبنو ثقبة بما كان من أحمد بن عجلان فى حقهم؛ فسافر عنان وحسن بن ثقبة إلى مصر، وشكيا من أحمد بن عجلان تقصيرا كثيرا، فرسم لهما صاحب مصر الملك الظاهر بخطام فى الزاملة خمسة وسبعون درهما، وبأبى عروة قرية بوادى مر، بيد أمير مكة، وغير ذلك مما يكون، ربع المتحصل لأمير مكة. وكان أحمد قد اتبعهم بكبيش وهدية سنية للملك الظاهر، فرأى كبيش من الدولة إقبالا على عنان، فالتزم بالموافقة على ما رسم به السلطان لعنان، وحسن بن ثقبة، وسالمهما حتى توصل إلى مكة، فعرف أحمد بن عجلان الخبر، وقال له: لابد من موافقتك على ما رسم به لعنان أو قتله، فمال إلى قتله، وسئل أحمد فى أن يخبر عنانا وحسن بن ثقبة، ففعل، وثوثق الساعى فى ذلك منه. وكان الساعى لعنان فى الجيرة، حسن بن ثقبة. فحضر إليه عنان فى أيام الموسم، ثم فرّ منه عنان والناس بمنى، ولحقه حسن بن ثقبة؛ لأنه لم يوافق على ما وصلا به، ثم إن

_ (4) الحسبة: واد بنيه وبين السرين، سرى ليلة من جهة اليمن. انظر: معجم البلدان (الحسبة). (5) دوقة: واد طريق الحاج من صنعاء فى اتجاه تهامة. انظر: معجم البلدان (دوقة).

أبا بكر بن سنقر الجمالى أمير الحاج المصرى وغيره من أحباب أحمد بن عجلان؛ قالوا لعنان وابن ثقبة: ارجعا إلى أحمد، فإنه يجيب إلى ما طلبتما، ونكتب إليه بذلك فلا يخالف. وهذا أخوه محمد يرجع معكما. وكان توجه إلى مصر مغاضبا لأخيه وطالبا لخير يحصل له بمصر، وحسنوا لمحمد أن يرجع معهما، وأنهم يأمروا أحمد بكرامته؛ فرجعوا إلى أحمد، ولم يتوثق محمد من أحمد لمن قدم به، ظنا منه أنه لا يخفره، وأنه إذا لم يوافق على مقصودهما ردهما إلى مأمنهما. ومن الناس من يقول: إنه ندب أخاه محمدا لإحضارهما، فحضرا معه لذلك، واجتمعوا بالسيد أحمد، وقد جلس لهم مجلسا عامّا فيه الترك والعبيد، وقرر معهم أن يقبضوا على عنان وحسن بن ثقبة إذا أشار إليهم بذلك. فلما أشار بذلك قبضوا عليهما، وركب من فوره إلى أحمد بن ثقبة، وقبض عليه وعلى ولده على بن أحمد. وكان أحمد بن ثقبة مظهرا طاعة أحمد بن عجلان ومعرضا عن موافقة أخيه حسن وعنان، فما أفاده ذلك، وقيد الجميع وضم إليهم أخاه محمد بن عجلان؛ وسجن الخمسة بأجياد (6) مدة يسيرة، ثم بالعلقمية، واستمروا بها إلى موسم سنة سبع وثمانين وسبعمائة، وفى أولها كان القبض عليهم، وفى موسمها نقلهم إلى أجياد، وفى موسمها وصل إليه كتاب السلطان من مصر بإطلاقهم فلم يفعل، ونقلهم بعد الموسم من أجياد إلى العلقمية عند المروة، وكادوا أن يفلتوا منها فى أثناء سنة ثمان وثمانين، ففطن لهم وردوا، غير عنان فإنه نجا وتوصل إلى مصر، وكان من أمره ما يأتى ذكره. وبلغنى أن أحمد بن عجلان كتب إلى الملك الظاهر صاحب مصر، يسأله فى رد عنان إليه، فكتب إليه: وأما ما ذكرت من جهة عنان، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) [التوبة: ]. واستمر المذكورون فى سجن أحمد حتى مات، فكحلوا بعده بنحو عشرة أيام، وألم لذلك الناس، وما حصل للراغب فى ذلك راحة، وكان المتظاهر بذلك محمد بن أحمد بن عجلان، فقتل بعد كحلهم بتسعين يوما، وقتل كبيش بعد كحلهم بسنة، وكانوا ترققوا لمحمد بن أحمد بن عجلان عند كحلهم، فما أفادهم ذلك وترققوا لأبيه بأشعار كتبوها إليه، فما أجدت، فتم على كل منهم ما قضى الله به عليه.

_ (6) أجياد: بفتح أوله وسكون ثانيه، موضع بمكة يلى الصفا. انظر: معجم البلدان (أجياد).

وكان لأحمد بن عجلان سيرة مشكورة ومحاسن مذكورة؛ لأنه كان كثير العدل فى الرعية مكرما للتجار، وسمح لهم بأشياء كثيرة، فكثر ترددهم إليه، فأثرى وكثر ماله مما كان يحصل له منهم من الموجبات والهدايا السنية، وقرر بينه وبينهم ضرائب معروفة فى الزكائب والزوامل، فلم يكن يتعدى ذلك، وقرر أمورا يسمح لهم بها فيما لا يريدون فيه بيعا من الأزواد والقرطلات وغيرها مما يختص بالتاجر وأتباعه، فما خالف ذلك. وكان نوابه بجدة معه فى أرغد عيش؛ لأنهم كانوا يكارمون بالأسقاط ويكارمهم بالهدية، ويعلم بذلك السيد أحمد بن عجلان، فلا ينالهم منه كبير ضرر، وإنما يؤدبهم بغرامة لطيفة، وكان يحسن لبنى عمه ذوى رميثة بأشياء مقررة لهم فى كل شهر تقوم بكفايتهم. وذلك فيما قيل غرارتان فى كل شهر، وأربعمائة درهم، وقيل مائتا درهم، وقيل ثلاثمائة غير ما يزيدهم على ذلك من منافع يسألونها منه. ولهم عليه رسوم فى كل موسم، كل سنة عشرة آلاف درهم لكل نفر، يزيد بعضهم سرا على ذلك، وربما بلغت الزيادة لبعضهم عشرة أخرى. وكان يحسن كثيرا إلى من سواهم من بنى حسن من الأشراف والقواد وعبيده وأتباعه. وما وجد بالإحسان إليهم إلا خيرا؛ لأنه ملك ما لم يملكه غيره من الخيل والسلاح والعبيد، وبلغت خيله نحو أربعمائة وعبيده نحو ثمانمائة، على ما قيل فيهما، وما تأتى ذلك لمن كان قبله من أمراء مكة المقاربين لعصره، ويسر الله تعالى له عقارا طائلا جدا بوادى مر، عظم انتفاعه به، وذلك خيوف (7) أحياها، فملكها من غير شريك فيها، وهى الأصفير، والبحرين (8) والبثنى والحميمة (9)، وأحيا أيضا

_ (7) والمفرد خيف: وهو ما ارتفع عن مجرى السيل وانحدر عن غلظ الجبل. انظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر (خيف). (8) البحرين: هكذا يتلفظ بها فى حال الرفع والنصب والجر ولم يسمع على لفظ المرفوع من أحد منهم إلا أن الزمخشرى قد حكى أنه بلفظ التثنية فيقولون: هذه البحران. وهو اسم جامع لبلاد على ساحل بحر الهند بين البصرة وعمان. قيل: هى قصبة هجر، وقيل: هجر قصبة البحرين وقد عدها قوم من اليمن، وجعلها آخرون قصبة برأسها وفيها عيون ومياه وبلاد واسعة وربما عد بعضهم اليمامة من أعمالها. انظر: معجم البلدان (بحرين). (9) الحميمة: بلد من أرض الشراة من أعمال عمان فى أطراف الشام. وأيضا اسم لقرية ببطن مرّ من نواحى مكة بين سروعة والبريراء فيها عين ونخل. انظر: معجم البلدان (الحميمة).

592 ـ أحمد بن عطية بن ظهيرة بن مرزوق، القرشى المخزومى المكى

أم العيال (10) والبقاع بوادى الهدة، هدة بنى جابر، والريان قرب المبارك. وما وجد له حاصل طائل من النقد لما مات. وكان تعلل قبل موته أياما كثيرة من حبة طلعت عند أذنه، بلغنى أن جده رميثة وجد أبيه أبا نمى ماتا بها، وبعض الناس قال: إنها من سم طيار، وصل إليه فى كتاب من مصر. والله أعلم. وكان يحمل فى بعض الليالى إلى المسجد فيطاف به ويقول: واغوثاه، ويكررها فيكثر بكاء الناس عليه، فلما مات عظم عليه الأسف، وارتجت مكة لموته لكثرة ما كان فيها من الصراخ والعويل. وكانت وفاته ليلة السبت العشرين من شعبان سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، عن نحو ثمان وأربعين سنة، وصلى عليه بالحرم الشريف بعد أن قال المؤذن على زمزم: الصلاة على الملك العادل. ودفن بالمعلاة، وبنيت عليه قبة، وقد مدحه جماعة من الشعراء بقصائد حسنة كثيرة، وأجازهم بعطايا خطيرة. وكان أعيان البلاد الشاسعة من العراق والهند، يحبونه لطيب الثناء عليه ويهادونه، وبعث رسولا إلى صاحب بنجالة، وهدية مع شخص يقال له كمال الدين النهاوندى، فمات قبل عوده. ومن خبره فى العدل، أنه لما مات بعض تجار مكة، أرسل إليه ولده بمائتى ألف درهم، فردها، فظن الرسول بها وجماعته، أن أحمد بن عجلان استقلها، فأعادوا ذلك إليه وضاعفوه بمثله، فرد ذلك وقال: لم أرده استقلالا، وإنما رددته لأنه لا وجه لأخذى له، هذا معنى ما بلغنى عنه فى هذه الحكاية. 592 ـ أحمد بن عطية بن ظهيرة بن مرزوق، القرشى المخزومى المكى: سمع من الفخر التوزرى صحيح البخارى، ومن الرضى الطبرى بعض صحيح ابن حبان. وذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، أنه كان رجلا صالحا، وأنه رأى رسم شهادته عند القاضى عمران فمن بعده وعليه علامة الأداء والقبول، وأن شيخنا الشيخ بهاء الدين عبد الله بن خليل المكى، أخبره أنه كان يجلس إلى جانب الشيخ فخر

_ (10) ام العيال: بكسر العين المهملة، قرية بين سكة والمدينة فى لحف آرة وهو جبل بتهامة. انظر: معجم البلدان (أم العيال).

من اسمه أحمد بن على

الدين التوزرى، قال: وكان الشيخ فخر الدين تزوج بابنته فاطمة، وذكر أن له منها أولادا ذكورا أربعة. قال: ولا أدرى: متى مات. قلت: كان حيا فى سنة ثلاث عشرة وسبعمائة؛ لأنه سمع فيها على الرضى الآقشهرى، على ما وجدت بخطه. * * * من اسمه أحمد بن على 593 ـ أحمد بن على بن أحمد بن عبد العزيز بن القاسم العقيلى، إمام المالكية بالمسجد الحرام، شهاب الدين بن إمام المالكية القاضى نور الدين النويرى المكى المالكى: ولد فى صفر سنة ثمانين وسبعمائة، وسمع على العفيف عبد الله النشاورى، ووالده وغيرهما من شيوخنا، وحفظ القرآن، والرسالة لابن أبى زيد المالكى، وحضر فى الفقه درس شيخنا الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى. ولما مات أبوه فى جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وسبعمائة، قرره ابن عمه قاضى مكة محب الدين أحمد بن القاضى أبى الفضل النويرى، وأخاه بهاء الدين عبد الرحمن الآتى، فى إمامة المالكية، عوض والدهما، فعارض فى ذلك أمير مكة الشريف حسن بن عجلان، وولى إمامة المالكية الفقيه قطب الدين أبا الخير بن القاضى أبى السعود بن ظهيرة، فباشرها أبو الخير إلى آخر شوال من السنة المذكورة. وفى هذا التاريخ باشر شهاب الدين أحمد النويرى المذكور الإمامة، بوصول توقيع من الملك الظاهر بمصر، يقتضى استقراره، وأخيه بهاء الدين عبد الرحمن فى الإمامة. ولما مات عبد الرحمن فى سنة ست وثمانمائة، شارك شهاب الدين أخوه ولى الدين أبو عبد الله بن نور الدين النويرى فى الإمامة عوض أخيه عبد الرحمن، واستمر فيها حتى عزلا عنها بقريبنا أبى البركات محمد بن أبى الخير محمد بن عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى. وكان وقت ولايته بمصر، وتاريخ ولايته لها فى أول ذى القعدة سنة تسع عشرة وثمانمائة، ووصل إلى مكة فى أول ذى الحجة من هذه السنة، وصلى بالناس فى أيام

_ 593 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 61، الضوء اللامع 2/ 8، المنهل الصافى 1/ 400).

594 ـ أحمد بن على بن أحمد العلبى، أبو بكر الزاهد

الموسم، وإلى أول ربيع الآخر من سنة عشرين وثمانمائة، لوصول توقيع بعزله، وولاية الأخوين الإمامة. وفى أوائل النصف الثانى من المحرم سنة عشرين، وصل توقيع لشهاب الدين أحمد النويرى بولاية قضاء المالكية بمكة عوضى، ولم يتمكن من مباشرته؛ لأنه اختفى خوفا من أمير مكة المذكور، لكونه لم يتوسط له بخير عند أمير الركب التكرورى فى سنة تسع عشرة. وكان معه مال كثير للصدقة، وظن أن حاله يمشى بولايته للقضاء، فلم يتفق ذلك. واستمر مختفيا حتى أرضى أمير مكة، ووصل لى قبل ذلك توقيع بعودى لقضاء المالكية فى أول ربيع الآخر سنة عشرين، فباشرت مدة حياة المذكور. وولى نيابة الحكم بمكة عن قريبه قاضى مكة عز الدين بن محب الدين النويرى، فى سنة اثنتى عشرة، وفى سنة ثلاث عشرة وثمانمائة أياما يسيرة، ثم عزل موليه. وتوفى رحمه الله، قبيل العصر من يوم الأربعاء ثالث عشر شهر ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وثمانمائة، ودفن فى صبح يوم الخميس بالمعلاة، وحصل على دنيا طائلة من التكاررة غير مرة، رحمه الله. 594 ـ أحمد بن على بن أحمد العلبى، أبو بكر الزاهد: صحب القاضى أبا يعلى بن الفراء، وقرأ عليه طرفا فى الفقه، وسمع عليه الحديث، وحدث باليسير. روى عنه الحافظ أبو الفضل بن ناصر وغيره. وكان مشهورا بالورع والزهد والعبادة والانقطاع عن الخلق والإقبال على الحق. وتوفى يوم الأربعاء تاسع ذى الحجة سنة ثلاث وخمسمائة بعرفة محرما وصلى عليه أهل الموقف، وحمل إلى مكة وصلى عليه بها فى المقام يوم النحر، ودفن بالمعلاة عند الفضيل بن عياض. وذكر أنه كان إذا حج زار القبور بمكة، ويجئ إلى عند الفضيل، ويخط بعصاه الأرض، ويقول: يارب هاهنا، يارب هاهنا، فاستجاب الله دعوته. لخصت هذه الترجمة من تاريخ ابن النجار.

_ 594 ـ انظر ترجمته فى: (سير أعلام النبلاء 11/ 255).

595 ـ أحمد بن على بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى البهنسى، القاضى تاج الدين بن القاضى علاء الدين، المعروف بابن الظريف المالكى

595 ـ أحمد بن على بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى البهنسى، القاضى تاج الدين بن القاضى علاء الدين، المعروف بابن الظريف المالكى: ولد فى المحرم من سنة ست وأربعين وسبعمائة بالقاهرة، وسمع بها من القاضى ناصر الدين التونسى: سنن أبى داود، بسماعه من ابن خطيب المزة، وعلى القاضى عز الدين ابن جماعة: المسلسل بالأولية والبردة والشقراطيسية، وسمع بمكة فى صفر من القاضى شهاب الدين الطبرى قاضى مكة: التساعيات لجده لأمه الرضى الطبرى، ومن على بن الزين: الموطأ رواية يحيى بن يحيى الليثى، بفوت يسير فى وسطه، وسمع على الشيخ خليل المالكى، ومحمد بن سالم بن على الحضرمى، واشتغل بالعلم وبرع فى الفقه والفرائض والحساب، ومعرفة الوثائق، وكان المشار إليه فى الديار المصرية بمعرفة الوثائق، وحل المترجم، مع ذكاء مفرط. وولى نيابة الحكم العزيز بالقاهرة ولم تحمد سيرته فيه، ولا فى الشهادة، وتردد إلى مكة غير مرة، منها فى موسم سنة عشر وثمانمائة، وأقام بها بعد حجه إلى حين توفى فى يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر رجب سنة إحدى عشرة وثمانمائة، ودفن فى صبيحة يوم السبت بالمعلاة بقرب الفضيل بن عياض، بعد أن تعلل مدة بالاستسقاء. لقيته بالقاهرة ومكة، ولم يقدر لى السماع منه، ولكنه أجاز لى، والله يغفر له. والظريف ـ بظاء معجمة مضمومة وراء مهملة مفتوحة وياء مثناة من تحت مشددة مكسورة وفاء ـ وهذه النسبة تستفاد مع ظريف بالمعجمة مكبر، ومع طريف بالمهملة. 596 ـ أحمد بن على بن أبى بكر بن عيسى بن محمد بن زياد العبدرى، الشيخ الجليل أبو العباس الميورقى: كان عالما فاضلا، كتب بخطه تعاليق كثيرة مشتملة على فوائد جمة، ووقفها مع كتبه بوج الطائف (1)، وكان سكنه مدة سنين، حتى مات. وسكن مكة أيضا، وأخذ عن فضلائها، وأخذوا عنه، وكان جميل الثناء مشهورا بالصلاح والخير كبير القدر، ورأيت كتابا إليه من اليمن، من أبى اليمن بن عساكر يسأله فيه الدعاء، مع تعظيم كثير. ومن كراماته ـ على ما ذكر لنا ـ أن المحب الطبرى شكا إليه فى بعض السنين التى

_ 595 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 2/ 14). (1) وجّ: بفتح أوّله، وتشديد ثانيه، هو الطائف، وقيل: وجّ: هو وادى الطائف. انظر: معجم البلدان، معجم ما استعجم (وج).

597 ـ أحمد بن على بن حسين المصرى الأصل، المكى المولد والدار، المعروف بابن جوشن

حج فيها الملك المظفر صاحب اليمن، أنه كان يعهد من المظفر رغبة كثيرة فى الاجتماع به، وأنه لم يجد ذلك من المظفر فى هذه السنة، فقال الشيخ أبو العباس للمحب: أنا السبب فى ذلك؛ لأنى أحببت أن لا تشتغل به عن العبادة فى زمن الحج، والآن تأتيك رسله. فكان الأمر كذلك. ووجدت بخط محمد بن عيسى قاضى الطائف، أنه توفى بعد الحج من سنة ثمان وسبعين وسبعمائة بوج. ووجدت بخط جدى أبى عبد الله الفاسى، ما يقتضى أنه توفى فى غير هذا التاريخ، والله أعلم. 597 ـ أحمد بن على بن حسين المصرى الأصل، المكى المولد والدار، المعروف بابن جوشن: كان أحد التجار بمكة، وبلغنى أنه وقف على الفقراء، وقفا بالهدة، هدة بنى جابر. توفى فى سنة إحدى وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 598 ـ أحمد بن على بن عبد الكافى، الشيخ بهاء الدين بن الشيخ تقى الدين السبطى الشافعى: يأتى ذكره فى باب التاء؛ لأن اسمه فى الابتداء «تمام» ثم سمى أحمد. 599 ـ أحمد بن على بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الله بن عمر ابن الخطاب، أبو جعفر القرشى العدوى: مكى، قدم مصر، وتوفى بها فى رجب سنة اثنتين وعشرين [ ... ] (1) القطب الحلبى فى تاريخ مصر، وقال: ذكره ابن يونس. 600 ـ أحمد بن على بن أبى القاسم بن محمد بن حسين، اليمنى، المعروف بابن الشقيف المكى الزيدى: عنى قليلا بالعربية والشعر، ونظم الشعر، ومدح السيد حسن، صاحب مكة وغيره. وهجا صاحب ينبع، وأقبل على اللهو واجتماع الناس عنده لذلك، وحصل فى نفس

_ 597 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 2/ 18). 598 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 62، النجوم الزاهرة 11/ 121، إنباء الغمر 1/ 21، الوافى 7/ 246، الدرر 1/ 224، شذرات الذهب 6/ 226، المنهل الصافى 1/ 408). 599 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

601 ـ أحمد بن على بن أبى راجح محمد بن إدريس العبدرى الشيبى، الحجبى المكى، يكنى أبا المكارم

بعض الناس منه حنق لاجتماع بعض الشباب عليه، فقتل لذلك فيما قيل فى ليلة الجمعة الرابع عشر من شوال سنة تسع عشرة وثمانمائة، على نحو ثلاثين سنة أو أزيد بقليل، وطل دمه وأنكر المتهم بقتله ذلك، والموعد القيامة، وقد فاز بالشهادة ولعلها أن تكفر ذنوبه. 601 ـ أحمد بن على بن أبى راجح محمد بن إدريس العبدرى الشيبى، الحجبى المكى، يكنى أبا المكارم: كان من أعيان الحجبة. توفى فى أوائل سنة ثمان وثمانمائة غريقا بالبحر المالح وهو متوجه إلى بلاد اليمن. 602 ـ أحمد بن على بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون بن راشد القيسى، أبو العباس القسطلانى المصرى، المكى المالكى: ولد فى ربيع الأول سنة تسع وخمسين وخمسمائة بمصر، وقرأ بها المذهب على خاله القاضى المرتضى القسطلانى وغيره، وجلس موضعه للتدريس من بعده، والأصول على الفقيه أبى منصور المالكى. وسمع الحديث بمصر من أبى القاسم البوصيرى، وأبى محمد بن برى، وبمكة من جوبكار السجزى، ومن يونس بن يحيى الهاشمى صحيح البخارى، ومن زاهر بن رستم إمام المقام، وأبى عبد الله بن البنا الصوفى، والفقيه تقى الدين بن أبى الصيف، وأبى الفتوح بن الحصرى. وأجاز له الحافظ السلفى والميانشى وجماعة، وصحب جماعة من مشايخ الطريق، منهم: الشيخ أبو الربيع سليمان المالقى، وتلميذه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم القرشى، واختص به، وخلفه على زوجته من بعده، وجمع كتابا فى أخبارهما وحدث به وبغيره. وسمع منه جماعة من الحفاظ، منهم: ابن الحاجب الأمينى، بقبة الشراب من الحرم الشريف، وذكره فى معجمه، وقال: كان زاهد أوانه وشيخ الحرم الشريف فى زمانه، صاحب كرامات ومجاهدات وفقه ورياضات. والزكى المنذرى، وقال: كان قد جمع الفقه والزهد، وكثرة الإيثار مع الإقبال والانقطاع التام، مع مخالطة الناس.

_ 601 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 2/ 32).

والرشيد العطار ذكره فى مشيخته وقال: كان فى وقته عديم النظير مع ثناء كثير، وترجمه بشيخ الحرمين. انتهى. وذكره ابن مسدى فى معجمه، وقال: أحد المشيخة المجاورين بالحرم الشريف، واللائذين بذلك الجناب المنيف، سمع شيئا من الحديث ورواه، ولم يكن ذلك هواه، بل جل عنايته بفروع مذهب مالك رحمه الله، ثم نزع بنفسه إلى خدمة الصالحين، والانضواء إلى أهل الدين. اختص بأبى عبد الله القرشى، وخلفه بعده على زوجته. وانقطع بمكة شرفها الله تعالى، فكان أحد شيوخ الزمان، معروف المكان ووجاهة [ ..... ] (1) من شيوخه فى الرواية الذين ذكرناهم، إلا الحصرى وابن البنا والسلفى. وذكر أنه لقى الميانشى وأجازه، وقد ترجمه ولده قطب الدين ترجمة مبسوطة ذكر فيها من صفاته الجميلة أشياء كثيرة، منها مما يتعلق بحاله فى العلم، أنه درس وأفتى، وهو ابن ثمان عشرة سنة. وذكر أنه قدم مكة سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة حاجا، وحج قبل الستمائة مرارا، ثم قدم مكة بنية المجاورة سنة اثنتين وستمائة، وأقام بها مجاورا إلى سنة الحشيشى، يعنى السنة التى نهب حاج العراق بسبب قتله بمنى، وهى سنة ثمان وستمائة. ثم قدم مكة من مصر مع الحاج فى سنة تسع عشرة أو عشرين، واستوطنها، حتى توفى ليلة الأحد مستهل جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وستمائة، ودفن بالمعلاة. انتهى. وذكره شيخنا ناصر الدين بن الفرات فى تاريخه نقلا عن غيره: أنه توفى سنة ثلاث، وثلاثين وأنه ولد سنة أربع وخمسين، وقيل: سنة ثمان وخمسين. ووجدت بخط ابن سيد الناس فيما انتخبه من معجم ابن مسدى: أنه ولد فى أحد الجمادين من سنة تسع وخمسين، وكل ذلك وهم؛ لأن المنذرى نقل عن أبى العباس القسطلانى: أنه ولد فى ربيع الآخر من سنة تسع وخمسين. وكذا ذكر عنه الرشيد العطار. وأما وفاته فقد ذكرها كما ذكرنا: المنذرى والرشيد العطار، وابن مسدى فى معجمه، على ما وجدت بخط أبى الفتح بن سيد الناس فيما انتخبه من معجم المذكور.

_ 602 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

603 ـ أحمد بن على بن محمد بن داود الزمزمى، يلقب بالشهاب

ومن مناقب الشيخ أبى العباس القسطلانى على ما ذكر الشيخ عبد الله اليافعى فى ترجمته من تاريخه، قال: بلغنى أنهم احتاجوا فى المدينة الشريفة إلى الاستسقاء، وهو بها مجاور، واتفق رأيهم أن يستسقى أهل المدينة يوما، والمجاورون يوما، فبدأ أهل المدينة بالاستسقاء فلم يسقوا، فعمل هو طعاما كثيرا للضعفاء والمساكين، واستسقى مع المجاورين، فسقوا. انتهى. ووجدت بخط جدى أبى عبد الله الفاسى، أن أبا المعالى بن القطب القسطلانى قال له: إن جده أبا العباس كان يعول ثمانين فقيرا كل يوم. 603 ـ أحمد بن على بن محمد بن داود الزمزمى، يلقب بالشهاب: توفى فى أثناء سنة سبع وتسعين وسبعمائة، وهو متوجه إلى اليمن فى البحر، وكان سافر إلى بلاد الهند قبل ذلك. 604 ـ أحمد بن على بن محمد بن عبد السلام بن أبى المعالى الكازرونى، المكى، نجم الدين أبو المعالى، مؤذن الحرم الشريف: سمع مع الجد أبى عبد الله الفاسى، على أبى الحسن على بن محمد بن هارون الثعلبى: العشرة الأول من أربعى الطائى، وما علمته حدث. توفى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة بمكة. أخبرني بوفاته ابن أخيه الرئيس بهاء الدين عبد الله بن على بن عبد الله بن على رئيس المؤذنين بالحرم الشريف. وذكر أن والده أخبره بذلك وغيره، وذكر أنه كان يؤذن بمأذنة باب العمرة، وتركها عند موته لابن عمه عبد السلام وزوجه بابنته. 605 ـ أحمد بن على بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى، السيد الشريف القاضى شهاب الدين أبو العباس بن السيد نور الدين بن السيد القدوة أبى عبيد الله الفاسى المكى المالكى: والدى تغمده الله برحمته. ولد فى الثانى والعشرين من ربيع الأول سنة أربع وخمسين وسبعمائة بمكة، وسمع بها على قاضيها شهاب الدين الطبرى تساعيات جده الرضى الطبرى، وتفرد بها عنه، وعلى الشيخ خليل المالكى: صحيح مسلم، خلا المجلد الرابع، من تجزئة أربعة، وسمعه بكماله على الشيخ عبد الله اليافعى، وعلى القاضى عز الدين بن

_ 605 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 2/ 35، التحفة اللطيفة 1/ 123).

جماعة الأربعين التساعية له، ومنسكه الكبير وغير ذلك، وعليه وعلى القاضى موفق الدين الحنبلى، قاضى الحنابلة بمصر، جزء ابن نجيد، ثم على جماعة من شيوخ مكة بطلبه، وسمع بالقاهرة من قاضيها أبى البقاء السبكى، صحيح البخارى، ومن غيره، وسمع بحلب، وأجاز له جماعة من أصحاب ابن البخارى وطبقته وغيرهم. وحفظ كتبا علمية فى صغره، واشتغل فى الفقه والأصول والعربية، والمعانى والبيان والأدب، وغير ذلك. وكان ذا فضل ومعرفة تامة بالأحكام والوثائق، وله نظم كثير ونثر، ويقع له فى ذلك أشياء حسنة. ومن شيوخه فى الفقه والنحو الشيخ أبو العباس بن عبد المعطى المكى النحوى، وأذن له فى الإفتاء، والشيخ موسى المراكشى، وأخذ عن القاضى أبى الفضل النويرى أشياء من العلم، ومن غير واحد بمصر وغيرها، ودرس وأفتى كثيرا وحدث. أخذت عنه بمنى ومكة، وسمع من الطلبة، وله تواليف فى مسائل. وناب عنى فى الحكم بأخرة، وقبلى عن ابن أخته القاضى سراج الدين عبد اللطيف ابن أبى الفتح الحنبلى، وعن القاضى جمال الدين بن ظهيرة فى وقائع، وناب فى مثل ذلك عن القاضى محب الدين النويرى، ووالده القاضى أبى الفضل، وناب فى العقود عن القاضى محب الدين النويرى وعن ابنه القاضى عز الدين النويرى. وولى مباشرة الحرم بعد أبيه فى سنة إحدى وسبعين، وباشر ذلك من هذا التاريخ إلى حين وفاته ودخل ديار مصر مرات، والشام مرتين، واليمن مرتين. وزار المدينة النبوية مرات كثيرة، وكان فى بعضها ماشيا، وجاور بالمدينة أوقاتا كثيرة وكان معتبرا فى بلده، وله مكانة عند ولاتها وقضاتها، ويدخلونه فى أمورهم وينهض بالمقصود منه، وكان كثير المروءة والإحسان إلى الفقراء وغيرهم. توفى بإثر صلاة الصبح بكرة يوم الجمعة الحادى والعشرين من شوال سنة تسع عشرة وثمانمائة بمكة، وصلى عليه عقيب الجمعة عند باب الكعبة، ودفن بالمعلاة بجوار ابنته السيدة أم هانئ، وكان بها مغرما. وماتت فى مستهل صفر سنة ست عشرة وثمانمائة، وكانت جنازتهما مشهودة. ومن شعره مدائح نبوية، ومدائح فى أمراء مكة، منهم السيد حسن بن عجلان، ورزق منه قبولا وصاهره على ابنته أم هانئ، فمن مدائحه فيه، قوله من قصيدة سمعتها

606 ـ أحمد بن على بن محمد الشيبى، الحجبى، المكى، المعروف بالعراقى

عليه [من الطويل]: عدلت فما يورى الهلالا المشارق (1) ... لتنظره بالمغربين الخلائق فما رامح إلا بخوفك أعزل ... ولا صامت إلا بفضلك ناطق 606 ـ أحمد بن على بن محمد الشيبى، الحجبى، المكى، المعروف بالعراقى: سمع من الشيخ فخر الدين التوزرى، والقاضى عز الدين بن جماعة بعض السنن للنسائى، فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة. وذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، أنه سمع من الشيخ خليل المالكى، ومات بعد الشيخ على بن أبى راجح الشيبى، قبل التسعين بيسير. ووجدت بخط شيخنا ابن سكر: أنه توفى فى أحد شهور سنة تسع وثمانين بمكة. وأنه رام المشيخة بعد على بن أبى راجح، فلم تتهيأ له مع صلاحه لذلك. وله الآن ولدان ذكران، وهما: على ويحيى، وهما من جملة الحجبة. وسبب شهرته بالعراقى، أنه وأبوه سافرا إلى العراق، مع أحمد بن رميثة بن أبى نمى، وأقاما معه مدة. 607 ـ أحمد بن على بن يوسف بن أبى بكر بن أبى الفتح السجزى، يكنى أبا العباس، ويلقب بالشهاب الحنفى المكى: إمام مقام الحنفية بالحرم الشريف، أجاز له من مصر القطب القسطلانى، وابن الأنماطى، وابن خطيب المزة، والقاضى شمس الدين بن العماد المقدسى، والقاضى تقى الدين بن رزين وشامية بنت البكرى والعماد إبراهيم بن محمد الشريف المنقدى، والمجد عبد العزيز الحلبى، والصفى خليل المراغى، والفخر عبد العزيز بن السكرى وآخرون. ومن مكة أبو اليمن بن عساكر، والمحب الطبرى وأولاده: الجمال قاضى مكة، والتقى عبد الله خطيب مكة، وزينب وفاطمة والبرهان إبراهيم بن يعقوب، وإسماعيل بن محمد ابن إسماعيل، والصدر عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن أبى بكر، والشرف عبد الرحمن ابن يوسف بن إسحاق بن أبى بكر، والصفى والرضى الطبريون، والرضى بن خليل، وأخوه العلم، وأمين الدين القسطلانى وإخوته: أبو الهدى حسن، وعبد الحق، وفاطمة،

_ (1) فى التحفة اللطيفة: عدلت فيما يؤدى الهلال المشارق. انظر: (التحفة اللطيفة 1/ 124).

608 ـ أحمد بن عمر بن أبى بكر الهمدانى الأصل، يلقب بالشهاب، ويعرف بابن المرجانى الدمشقى

والمفتى عماد الدين عبد الرحمن بن محمد الطبرى، سبط سليمان بن خليل، ومحمد بن حمدان العطار، وأخوه أحمد بن إقبال القزوينى، وابنه أحمد، وعلى بن محمد بن عبد السلام المؤذن. وسمع بالإسكندرية من محدثها تاج الدين على بن أحمد الغرافى ـ بغين معجمة وراء مهملة وألف وفاء ـ تاريخ المدينة لابن النجار عنه، وتفرد به. سمع عليه جماعة من شيوخنا، منهم: القاضى زين الدين أبو بكر بن حسين المراغى، وروى له عنه شيئا من أول تاريخ المدينة. وولى الإمامة بمقام الحنفية بعد أخيه البدر حسن ـ فيما أظن ـ وولى تدريس المدرسة الزنجيلية بمكة والمدرسة الأرغونية بها، على ما وجدت بخط القطب الحلبى فى تاريخه، إلا أنه وهم فى نسبه، لأنه قال: أحمد بن يوسف بن على بن يوسف، والصواب ما ذكرناه، وذكره الآقشهرى فى وريقات ذكر فيها تراجم جماعة من شيوخ مكة، رأيتها بخطه، وذكر فيها أن المذكور لم يعان علم الحديث، وأنه رجل محسن جواد كثير الخير والعطاء. انتهى. وتوفى سنة ثلاث وستين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، ومولده بمكة سنة ثلاث وسبعين وستمائة، هكذا ذكر وفاته شيخنا ابن سكر، ومن خطه نقلت أسماء شيوخه المكيين. ورأيت فيما ذكر الآقشهرى أسماء جماعة من شيوخه المصريين، وهما القاضيان ابن العماد وابن رزين، والحلبى والمراغى والمنقدى، وابن عساكر. وذكر أنهم أجازوا له فى سنة أربع وسبعين باستدعاء القطب القسطلانى. ووجدت بخط البرزالى، إجازة هؤلاء الشيوخ له، خلا ابن رزين، فإنه لم يذكره. 608 ـ أحمد بن عمر بن أبى بكر الهمدانى الأصل، يلقب بالشهاب، ويعرف بابن المرجانى الدمشقى: سمع على المسلم بن محمد، جزء الأنصارى، وحدث به عنه غير مرة بالحجاز، وعمر مسجد الخيف بمنى فى سنة عشرين وسبعمائة بجملة كثيرة من ماله، تزيد على خمسين ألفا، كما ذكر البرزالى فى تاريخه، ولذلك ذكرناه فى هذا الكتاب. وجاور بالمدينة أيضا.

609 ـ أحمد بن عمر العلاف

وتوفى يوم السبت ثانى عشر المحرم سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، بدار بدرب الغنم بدمشق، ودفن بسفح قاسيون. كتبت هذه الترجمة من تاريخ البرزالى. 609 ـ أحمد بن عمر العلاف: [ ... ]. 610 ـ أحمد بن عمران بن سلامة البصرى، أبو عبد الله الأخفش، المعروف بالألهانى: يروى عن وكيع، ويزيد بن هارون، ويزيد بن الحباب. وحدث عنه عبد الله بن محمد السعدى المروزى، وأبو بكر بن أبى عاصم، ويحيى بن عمر الأندلسى، وسكن مكة مدة، وصنف غريب الموطأ، فى جزئين. وذكره ابن حبان فى الثقات. ومات قبل الخمسين ومائتين. كتبت هذه الترجمة من تاريخ الإسلام، ومن ترتيب ثقات ابن حبان، لشيخنا الحافظ نور الدين الهيثمى. 611 ـ أحمد بن عيسى بن عمران، المكى العطار، عرف بعصارة: كان ذا ملاءة، ووقف أوقافا، وهى ثلث ما يملكه من العقار، بالتنضب من وادى نخلة الشامية، وفى سولة والزيمة من وادى نخلة اليمانية، وفى البرقة من وادى مر، فى [ ..... ] (1) سبعين وسبعمائة. وما عرفت متى مات. 612 ـ أحمد بن غنائم المكى، الشاعر المعروف بابن غنائم، يلقب بالشهاب: أجاز له فى سنة ثلاث عشرة وسبعمائة باستدعاء الشيخ عبد الله بن خليل المكى وغيره: الدشتى والقاضى سليمان بن حمزة، والمطعم، وابن مكتوم، وابن عبد الدايم،

_ 609 ـ لم يرد من هذه الترجمة إلا اسم المترجم له فقط، وكتب بحاشية النسخ «كذا بياض فى أصله». 610 ـ انظر ترجمته فى: (إرشاد الأريب 2/ 5، فهرسة ابن خير الإشبيلى 91، بغية الوعاة 152، اللباب 1/ 66، الأعلام 1/ 189). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 612 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 68، المنهل الصافى 1/ 57).

613 ـ أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن بن أبى بكر العمرى، مفتى مكة، شهاب الدين الحرازى الشافعى، يكنى أبا العباس

وابن سعد، وآخرون. ومدح غير واحد من أمراء مكة، منهم ثقبة بن رميثة بن أبى نمى، بقصيدة أولها: ما خفقت فوق منكب عذبه ... على فتى كابن منجد ثقبه ولم أظفر منها إلا بأبيات يأتى ذكرها فى ترجمة ثقبة. وبلغنى أن بعض الناس ينكر أن تكون هذه القصيدة لابن غنائم، ويزعم أنه انتحلها، وأن بعض الأشراف ولاة مكة، غضب على ابن غنائم غضبا كثيرا بسبب هذه القصيدة؛ لما فيها من تفضيل ثقبة عليهم. وله فى مبارك بن عطيفة بن أبى نمى قصيدة مدحه بها، أولها [من الكامل]: إن شط من قرب الحبيب مزاره ... ونأت بغير رضا المتيم داره وتواصلت أجفانه وسهاده ... وجرى بماق دموعه تياره فغرامه أضحى لديه غريمه ... وحنينه أمسى عليه شعاره ولربما يقضى بأحكام الهوى ... وجدا عليك وما انقضت أوطاره أخفى هواه وما أسر ونفسه ... دمع يحدر سيله تذكاره وقف الهوى بى حيث أنت كما الثنا ... وقف على من طاب منه فخاره توفى ابن غنائم المذكور، سابع عشرى جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وسبعمائة بمكة، وله بها الآن بنت تسمى رحمة. 613 ـ أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن بن أبى بكر العمرى، مفتى مكة، شهاب الدين الحرازى الشافعى، يكنى أبا العباس: ولد سنة خمس وسبعين وستمائة، وقدم مكة، فقرأ بها على الفخر التوزرى: الموطأ رواية يحيى بن يحيى، وصحيح مسلم، وسنن أبى داود، وغير ذلك، وعلى الصفى الطبرى، وأخيه الرضى: صحيح البخارى، وعلى الرضى بمفرده: صحيح مسلم، وسنن أبى داود، والنسائى، وصحيح ابن حبان، وغير ذلك كثيرا، عليهم وعلى غيرهم بمكة. وكرر كثيرا من ذلك على الرضى، لأجل أولاده أسباط الرضى. وسمع بالمدينة من أبى القاسم القتبورى كتاب الشفاء للقاضى عياض، وحدث به. قرأه عليه شيخنا المفتى برهان الدين الأبناسى، وذكر أن عند ختمه وقع المطر، وأن

_ 613 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 69، الدرر 1/ 250، المنهل الصافى 2/ 61).

الشيخ شهاب الدين الحرازى، أخبره أن المطر وقع عند ختمه مرات؛ لأنه سأل الله تعالى فى ذلك. وألفيت منقولا من خط شيخنا برهان الدين الأبناسى فى استدعاء أجاز فيه، وذكر فيه شيئا من مسموعاته، فقال بعد أن ذكر شيئا مما قرأه بمكة: وبها قرأت الشفاء للقاضى عياض على الشيخ شهاب الدين الحرازى. وأخبرنى أنه ما قرئ عليه قط هذا الكتاب، إلا أمطرت مكة. فلما كان يوم ختمه ضعف الشيخ شهاب الدين، فذهب جماعة إلى بيته، وليس فى السماء سحاب ولا قزعة (1) فقرأت عليه المجلس الأخير، فو الله ما ختمت الكتاب إلا وأبواب السماء تفتحت بالأمطار، وجاء السيل حتى دخل الحرم الشريف. انتهى. وهذا أفود مما سمعته من شيخنا؛ ولذلك ذكرته. وقد سمع عليه جماعة من شيوخنا، منهم الحافظان: زين الدين العراقى ـ وانتقى عليه جزء من حديثه ـ وأبو الحسن الهيثمى. وكانت له معرفة تامة بالفقه، مع مشاركة فى غيره وعبادة وديانة. ودرس وأفتى مدة بمكة، وصار شيخها والمعتمد عليه فى الفتوى بها، وكان أذن له فى ذلك قاضى حماة شرف الدين البارزى. وذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، أن الفتيا بمكة بعد القاضى نجم الدين، دارت عليه وعلى الأصفونى، حتى مات الأصفونى، ثم دارت عليه بمفرده حتى مات. وكان يرجح على الأصفونى، وبعضهم يرجح الأصفونى عليه، وهو أقرب. انتهى. توفى ليلة الاثنين ثانى عشر شوال سنة خمس وخمسين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة بعد أن صار يحمل إلى المسجد، عجزا عن المشى. نقلت وفاته من خط شيخنا العراقى. ومولده سنة خمس وسبعين وستمائة، وعلى ما وجدت بخط ولده أبى عبد الله الحرازى فيما أظن. ووجدت بخط شيخنا ابن سكر، أنه ولد سنة ست وسبعين، فى اليوم الذى مات فيه التوزرى، رحمهم الله. والله أعلم بحقيقة ذلك. * * *

_ (1) القزعة: قطعة من الغيم، وجمعها: قزع. انظر: النهاية فى غريب الحديث والأثر (قزع).

من اسمه أحمد بن محمد

من اسمه أحمد بن محمد 614 ـ أحمد بن أبى اليمن محمد بن أحمد بن إبراهيم الطبرى المكى، يلقب بالشهاب: سمع بمكة من عبد الوهاب القروى، وناب عن أبيه فى الإمامة مديدة، أولها فى سنة ست وتسعين وسبعمائة. وتوفى فى شعبان سنة تسع وتسعين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. وكانت فيه مروءة وخير مع حسن الطريقة. وهو أخى من الرضاع. 615 ـ أحمد بن محمد بن أحمد بن سهل بن عبد الرحمن بن رزق الله بن أيوب البغدادى ـ نزيل مكة ـ أبو بكر، المعروف ببكير الحداد: وذكره الخطيب، وقال بعد أن نسبه هكذا: بغدادى، سكن مكة، وحدث بها عن بشر بن موسى، وابن مسلم الكجى، وأبى العباس الكديمى ومحمد بن نعيم البياض، وأبى العباس بن مسروق الطوسى، ويعقوب بن إسحاق البيهسى، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، والحسن بن على المعمرى. روى عنه جماعة، منهم: أبو الحسن الدارقطنى، وأحمد بن إبراهيم بن فراس المكى، وأبو على بن حمكان الفقيه، وأبو يحيى بن النحاس المقرى، وأبو نصر محمد بن أبى بكر الإسماعيلى، وكان ثقة. ذكر لى الصورى أن بكيرا الحداد، مات بعد سنة خمسين وثلاثمائة. 616 ـ أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر، القاضى زين الدين أبو الطاهر بن قاضى مكة جمال الدين، بن الشيخ محب الدين الطبرى المكى: سمع من يونس بن إسحاق الطبرى: جامع الترمذى، ومن جده سنن أبى داود ـ خلا من باب لبس القباطى، إلى آخر السنن، وسنن النسائى عن ابن المقير بسنده فيهما، وكتاب التنبيه للشيخ أبى إسحاق عن الشيخ نجم الدين بشير بن حامد التبريزى، وجزء البانياسى عن ابن القبيطى إجازة، وسمع عليه من مؤلفاته: خلاصة السيرة النبوية، وصفوة القرى، وعلى الكمال أبى غالب هبة الله بن على بن السامرى البغدادى جزء البانياسى

_ 616 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 73، الدرر 1/ 259، المنهل الصافى 2/ 83).

عن أبى الوقت [الحراى؟ ؟ ؟ ] (1) عن أبى بكر بن الزغوانى عن البانياسى، وغير ذلك على جماعة سواهم. وأجاز له جماعة من شيوخ مصر ومكة تقدم ذكرهم فى ترجمة الشهاب الحنفى. وخرج له ولجماعة من بنى الطبرى: الآقشهرى أربعين حديثا عن ابن العماد، وابن رزين، وابن عساكر، ولم يحدثوا بها، نعم حدث هو بغيرها. سمع منه جماعة من شيوخنا منهم: شيخنا أبو اليمن الطبرى، وكتب عنه المحدث جمال الدين إبراهيم بن يوسف البعلبكى أبياتا من نظمه، سمع عليه الحافظ قطب الدين الحلبى بيتين منها. ووجدت بخطه أنه دخل مصر، وله اشتغال وتحصيل، وله محاضرة حسنة ومكارم وشفقة، أحسن الله إليه. انتهى. وقد أخبرنى شيخنا الشريف تقى الدين عبد الرحمن الفاسى بحكايتين يتعلقان بترجمة الزين الطبرى، كتبتهما عنه بمعنى ما حدثنى به. إحداهما: أن شخصا من أعيان الناس ذكر بحضرة الزين الطبرى ووالده الشريف أبى الخير، فنال منه والده، وذكر أنه لم يعطهم كراء منزل لهم سكنه، فسأله الزين عن قدر الكراء، فأخبره به، فلما اجتمعوا ثانية دفع الزين الطبرى إلى والده القدر الذى سماه، فعجب والده من ذلك، وشرع يعتذر للزين الطبرى، وتخيل أن هذا الرجل من أصحابه، فقال له الزين: ما بينى وبينه معرفة، ولكنه من أعيان الناس، فما أحببت الكلام فيه وخصوصا منك. وبلغنى من غير شيخنا الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير، أن الشريف أبا الخير هو الذام للرجل؛ لأنه لم يعطه كراء عما سكن فيه، وأن القدر الذى أعطاه له الزين خمسمائة درهم كاملى. والأخرى قال: قال العفيف المطرى: ما رأت عيناى فى الكرم، مثل الزين الطبرى وطفيل بن منصور. انتهى. قلت: ناهيك بهذه منقبة، فإن العفيف المطرى جال فى الآفاق، ودخل ديار مصر والشام والعراق.

_ (1) الكلمة بين المعقوفتين فى الأصل بدون نقط.

ومن أخباره فى الجود ـ على ما بلغنى ـ أنه أتاه فى بعض السنين فتوح مائة ألف درهم، فظفر بها ابن عمه البهاء، ولم يعطه منها شيئا، وأن جماعة من الناس أتوا الزين الطبرى، وأشاروا عليه بأن يطالب البهاء بما أخذه له، فامتنع من ذلك، وقال: لا كانت دنيا تفرق بينى وبين ابن عمى. ومنها: أنه كان يزيد فى إدامه من اليوم السادس عشر من ذى القعدة إلى انقضاء الشهر، فى كل يوم منين لحم مكة، وكان إدامه كل يوم من لحم مكى، ومقدار هذا المن سبعة أرطال مصرى إلا ثلثا، وأنه كان يأمر غلمانه باستدعاء الغرباء الوافدين إلى مكة، فى كل يوم من الأيام المشار إليها ويطعمهم ذلك ويقول: هؤلاء يردون فى غاية الحاجة، ولا يجدون من يعمل لهم طعاما، فيكفيهم هذا الأمر. فكان يأمر غلمانه بأن لا يقتصروا على من يعرفونه فى استدعائهم للوافدين. وكان يؤخر عشاء عياله إلى أن ييأس من وصول أحد إليه ليلا، وربما عشى عياله بالتمر وشبهه، لفراغ الطعام قبل عشائهم. وله فى الجود أخبار غير ذلك. توفى رحمه الله سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة بمكة. كذا وجدت وفاته بخط المحدث أبى موسى [ ....... ] (2) المقدسى. ووجدت بخطى فى تعاليقى، أنه توفى فى رابع المحرم من السنة المذكورة. وقد سألت عنه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، قال: كان رجلا صالحا خيّرا جوادا ذا مكارم كثيرة، وكان بينه وبين أخيه القاضى نجم الدين الطبرى قاضى مكة عداوة كبيرة، وتهاجرا مدة طويلة، فلما مات القاضى نجم الدين، أنشد الزين الطبرى [من الرمل]: لو علمنا أننا لا نلتقى ... لقضينا من سليمى وطرا وكان لكل منهما أصحاب لا يصحبون الآخر، إلا على بن الزين القسطلانى، فإنه كان يصحبهما. وبلغنى أنه سئل بعد موت أخيه فى قضاء مكة، فكره ذلك، وآثر به ابن أخيه القاضى شهاب الدين أحمد. وبلغنى أنه أضر بإحدى عينيه، وكتم ذلك سنين كثيرة إلى أن أضرت الأخرى، وأنه

_ (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

617 ـ أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن العقيلى، قاضى الحرمين وخطيبهما، محب الدين النويرى المكى الشافعى، يكنى أبا البركات

سئل فى المعالجة، وأطمع بالبرء، فامتنع وقال: أحتسب ذلك عند الله. وكان الناس يعظمونه كثيرا. وبلغنى أن جدى الشريف عليا الفاسى، كان إذا ذكره عبر عنه بسيدى الزين، وهو من أجدادى؛ لأنه جد والدتى لأمها. ومن شعر القاضى زين الدين الطبرى، ما أنشدناه جدى لأمى أبو الفضل النويرى، وجماعة عنه، إذنا إن لم يكن سماعا من أبيات [من الكامل]: بين السلو وبين قلبى معرك ... عمدا دم التعنيف فيه يسفك وعلى للحسن البديع مواثق ... أنى بغير هواه لا أتمسك 617 ـ أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن العقيلى، قاضى الحرمين وخطيبهما، محب الدين النويرى المكى الشافعى، يكنى أبا البركات: ولد فى أوائل شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة بمكة، وأجاز له على ما وجدت بخط شيخنا ابن سكر، شخص يروى عن المحب الطبرى يقال له ابن المدنى من أهل عدن، والشيخ شهاب الدين الحرازى، وعلى بن الزين القسطلانى، وأم الهدى عائشة بنت الخطيب تقى الدين عبد الله بن المحب الطبرى، والشهاب الحنفى، وسمع عليه، على ما ذكر شيخنا ابن سكر. ووجدت سماعه على سيدى الشيخ خليل المالكى للموطأ رواية يحيى بن يحيى، وغير ذلك، وسمع على القاضى عز الدين بن جماعة أربعينه التساعية، ومنسكه الكبير، وجزء ابن نجيد، وغير ذلك، وسمع جزء ابن نجيد على القاضى موفق الدين الحنبلى، وسمع على الكمال بن حبيب سنن ابن ماجة، وسمع على محمد بن أحمد بن عبد المعطى كثيرا من الكتب والأجزاء، وسمع بالمدينة على القاضى بدر الدين بن فرحون: الموطأ. وطلب العلم، وأخذ الفقه عن أبيه، والقاضى شهاب الدين بن ظهيرة، وأخذ عنه الفرائض، وأخذ النحو عن الشيخ أبى العباس بن عبد المعطى، ولازمهما مدة، فحصل كثيرا، ودرس وأفتى وحدث بالحرمين، وولى قضاءهما وخطابتهما، وغير ذلك من الوظائف بهما. وأول ولاياته أنه ناب عن أبيه القاضى أبى الفضل فى الحكم والخطابة بمكة، فى سنة

_ 617 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 74، إنباء الغمر 1/ 532، الدرر 1/ 259، التحفة اللطيفة 1/ 221، شذرات الذهب 6/ 357، المنهل الصافى 2/ 85).

ثلاث وسبعين ثم ولى قضاء المدينة النبوية وخطابتها وإمامتها، على قاعدة من تقدمه، فى سنة خمس وسبعين بعد وفاة القاضى بدر الدين بن الخشاب، وأتاه الخبر بذلك إلى مكة فى سابع عشر رجب من السنة المذكورة، وتوجه إلى المدينة ومعه عمه القاضى نور الدين على بن أحمد النويرى. وبلغوها فى مستهل شعبان، وباشر جميع ما فوض إليه، ولقى من كثير من أهل المدينة أذى كثيرا بالقول، فقابل كثيرا من ذلك بالصفح والإحسان، ثم صرف عن الخطابة والإمامة مديدة يسيرة بالشيخ شهاب الدين الصقلى، ثم عاد إليه، واستمر على ذلك حتى صرف عنه فى جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، لما ولى قضاء مكة وخطابتها بعد عزل القاضى شهاب الدين بن ظهيرة على ما كان عليه، وجاءه الخبر بذلك وهو بالمدينة. وتوجه إلى مكة ودخلها فى أول العشر الآخر من رمضان سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، وباشر ما فوض إليه من الحكم والخطابة وغير ذلك، ثم أضيف إليه فى سنة تسع وثمانين تدريس درس بشير الجمدار، ثم أضيف إليه تدريس المدرسة المجاهدية بمكة. واستمر على ذلك حتى مات فى ليلة الأربعاء تاسع عشر شهر رجب سنة تسع وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة عند أبيه، وكثر الأسف عليه، لما فيه من المحاسن العديدة، فإنه كان كثير التودد للناس مجملا لهم، مع عقل راجح وديانة وصيانة وعفاف، وكان نشأ على ذلك من صغره، ولديه فضائل ومعرفة بالأحكام، ورزق فيها من صغره السداد مع الهيبة والحرمة، وكان نقمة على الرافضة بالمدينة، وله فى إهانتهم لإعزاز السنة أخبار كثيرة، ولم يحترم منهم فى ذلك كبيرا، حتى إنه كان يغلظ لأميرهم عطية بن منصور صاحب المدينة. ومما جرى بينهما فى ذلك، أن عطية قال له يوما ما معناه؛ يا قاضى، أنا مثل هذه المنامة ـ يعنى سارية من سوارى المسجد النبوى ـ إذا طحت على شيء كسرته، وإن طاح على شيء انكسر. فقال له القاضى محب الدين المذكور ما معناه: هذه المنامة إذا رأينا منها خللا أزلناها وأقمنا عوضها أخرى. فأفحم عطية ولم يحر جوابا، وقال: قتلنى ابن النويرى. وكان له حظ وافر من العبادة والذكر وصحبة أهل الخير وخدمتهم والإحسان إليهم،

618 ـ أحمد بن محمد بن أحمد بن على بن محمد القيسى، يلقب بالشرف، ويعرف بابن القسطلانى، يكنى أبا الفتح

وكان ذلك دأبه من الصغر، وفيه مكارم. وله علىّ فضل كثير. تغمده الله برحمته وجزاه عنى خيرا. ومن جميل أخباره، أنه بلغنى عنه ما معناه، أن والده كتب إليه؛ إذ كان قاضيا بالمدينة يقول له: إنى سألت الشيخ طلحة ـ يعنى الهتار (1) ـ أحد كبار صلحاء اليمن أن يدعو لك، فقال لى الشيخ طلحة: إنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم فى حالته، وقال له: يا سيدى يا رسول الله، خاطرك مع أحمد بن أبى الفضل، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: هو فى كنفى، وأرجو يا ولدى أن تكون فى كنفه، صلى الله عليه وسلم فى الدنيا والآخرة، وسبب كتابة أبيه إليه بذلك، يبشره بهذه الحكاية. 618 ـ أحمد بن محمد بن أحمد بن على بن محمد القيسى، يلقب بالشرف، ويعرف بابن القسطلانى، يكنى أبا الفتح: ولد فى جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وستمائة بمكة بدار العجلة. سمع باعتناء أبيه الشيخ قطب الدين القسطلانى على ابن أبى الفضل المرسى جزء ابن نجيد، والأربعين الفراوية، والمائة للفراوى، وبعض صحيح ابن حبان، وسمع فى الرابعة على أبى عبد الله محمد بن معين المنبجى سداسيات الرازى، وعلى فاطمة بنت نعمة الحزام الجمعة للنسائى، وعلى غيرهم كثيرا. وحدث، سمع منه النجم بن عبد الحميد بقراءته، ومات قبله، والحافظ قطب الدين الحلبى بالقاهرة، وبأخميم، قال: وكان خيرا ساكنا. قال: وبلغنى أن أبا نمى أمير مكة أرسله فى رساله إلى مصر، فجاء من مكة إلى مصر فى اثنى عشر يوما، ووهم الحافظ قطب الدين فى تكنيته له بأبى الهدى؛ لأن أبا الهدى هو أخوه حسن. على ما ذكر غير واحد منهم جدى أبو عبد الله الفاسى، وذكر ذلك القطب فى ترجمة المذكور، ولشيخينا بالإجازة: ابن السلال وابن عوض البيطار منه إجازة تفردا بها. توفى ليلة الثلاثاء سادس صفر سنة أربع عشرة وسبعمائة باللؤلؤة على الخليج ظاهر القاهرة ودفن بالقرافة. نقلت مولده ووفاته من المعجم البرزالى، وهو من شيوخه بالإجازة. وكان له ولد اسمه محمد، ويكنى أبا عبد الله. سمع من التوزرى والصفى والرضى، وكتب بخطه طباقا

_ (1) الهتار: أبو محمد طلحة بن عيسى بن إقبال، ولىّ عارف بالله تعالى، وصاحب كرامات، توفى سنة 780.

619 ـ أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد المكى، أبو بكر، المعروف بابن أبى الموت

بعد العشر وسبعمائة، ولم أدر متى مات، إلا أنه كان حيا فى سنة ثلاث عشرة، لأنى وجدت له فيها سماعا على أبيه بقوص، وليس للشرف الآن ذرية، إلا امرأة بمكة؛ ولم أدر ما نسبتها إليه. 619 ـ أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد المكى، أبو بكر، المعروف بابن أبى الموت: سمع من محمد بن على الصائغ، وعلى بن عبد العزيز البغوى، ويوسف بن يزيد القراطيسى، والقاسم بن الليث الرسعنى وغيرهم. روى عنه: أبو محمد النحاس، وأبو العباس بن السحاج، ورشا بن نظيف وآخرون. توفى فى شهر ربيع الأول سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، وله تسعون سنة. ذكره هكذا الذهبى فى تاريخ الإسلام، وذكره فى الميزان: وقال: ضعف قليلا. ووجدت بخط ابن عساكر فيما نقلته من وفيات أبى الحسن أحمد بن محمد بن مرزوق، أنه توفى يوم الخميس لخمس خلون من شهر ربيع الآخر من السنة. 620 ـ أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم، صفى الدين، أبو العباس الطبرى المكى: ولد فى آخر سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، أو فى أوائل سنة أربع وثلاثين. وأجاز له جماعة من شيوخ أخيه الرضى، منهم ابن المقير، وسمع على ابن أبى حرمى صحيح البخارى والمجالس المكية للميانشى عنهم، ونسخة أبى مسهر الغسانى، ويحيى بن صالح والوحاظى وما معها، ونسخة أبى معاوية الضرير، وبكار بن قتيبة البكراوى، وعلى شعيب الزعفرانى: البلدانية للسلفى، وعلى ابن الجميزى: اختلاف الحديث للشافعى، والثقفيات العشرة، والأول من جامع، عبد الرزاق، والأول من غرائب مالك لدعلج، والثانى من حديث سعدان، والرابع من الاغراب للنسائى، والسادس والسابع والثامن من أمالى المحاملى والسابع من حديث ابن السماك، وجزء مطين، وجزء القزاز، وثمانين الآجرى، وفوائد العراقيين للنقاش، وغير ذلك. وعلى ابن أبى الفضل المرسى: صحيح ابن حبان وجزء ابن نجيد.

_ 619 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ الإسلام حوادث سنة 351 صفحة 50، شذرات الذهب 4/ 269). 620 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 70، الوافى بالوفيات 7/ 320، الدرر 1/ 255، المنهل الصافى 2/ 69).

621 ـ أحمد بن محمد بن أبى بكر بن على بن يوسف الذروى الأصل، المكى المولد والدار، المعروف بابن المرشدى المصرى، يلقب بالشهاب بن الجمال

وحدث، سمع منه النجم بن عبد الحميد بقراءته، ومات قبله، وجماعة، منهم البرزالى، ذكره فى معجمه، وقال: كان فقيها صالحا مباركا أضر مده سنين، ثم رد عليه بصره وقال: حكى لى شهاب الدين بن قاسم النقيب ـ كان بالشامية الجوانية فى جمادى الآخرة سنة سبع وسبعمائة ـ أن الشيخ صفى الدين أحمد المذكور، سقط من درج سلم، فوقعت جبهته فى حجر واستلقى على قفاه مغشيا عليه، ثم أفاق وهو يبصر، بعد أن كان مكفوف البصر مدة. فلما اجتمعت به فى سنة عشر وسبعمائة ـ سألته عن عود بصره، فقال: سألت الله تعالى فى ذلك، فرده علىّ، ولم يذكر السبب المذكور. انتهى. قلت: لا منافاة بين كلام الصفى هذا، وبين الحكاية التى حكاها البرزالى؛ لأنه يجوز أنها وقعت ليشفى بها لسؤاله الله تعالى فى الإبصار. وقال البرزالى: توفى فى عصر يوم السبت الحادى عشر من شوال سنة أربع عشرة وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة يوم الأحد، وكانت جنازته حفلة، وقال: كتب إلينا بذلك عبد الله بن خليل. وذكر البرزالى أنه وجد بخط عثمان بن الصفى هذا، أنه ولد فى أواخر سنة ثلاث وثلاثين. 621 ـ أحمد بن محمد بن أبى بكر بن على بن يوسف الذروى الأصل، المكى المولد والدار، المعروف بابن المرشدى المصرى، يلقب بالشهاب بن الجمال: ولد بمكة سنة اثنتين وثمانمائة، وسمع بها معنا كثيرا على شيخنا مسند الحجاز، القاضى زين الدين أبى بكر بن الحسين المراغى وغيره، وحفظ المنهاج للنووى وغيره، وحضر دروس الفقه وغيره، عند غير واحد من الفضلاء بمكة، وزار المدينة النبوية ماشيا فى بعض السنين، وكان ذا خير ودين وعبادة وحياء. ودخل اليمن غير مرة، منها فى صحبة والده، فى سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، وعاد فى أواخرها إلى مكة، فأدركه الأجل فى البحر، على نحو يومين من جدة، فمات غريقا شهيدا فى نصف ذى القعدة من سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة. وما عرف له خبر بعد الغرق، وفاز بالشهادة، رحمه الله تعالى.

_ 621 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 2/ 104).

622 ـ أحمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى، المكى، شهاب الدين أبو العباس

622 ـ أحمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى، المكى، شهاب الدين أبو العباس: سمع من قريبه الرضى الطبرى: صحيح البخارى، وجامع الترمذى، والشمائل له، وسنن أبى داود وسنن النسائى، وصحيح ابن حبان بفوت، وعلوم ابن الصلاح، وعلى فاطمة بنت القطب القسطلانى: جزء من فوائد أبى بكر بن أبى داود السجستانى، وجزء فيه ثلاثة مجالس من أمالى الجوهرى، وسداسيات الرازى، وأجازت له وتفرد بذلك عنها. وسمع على عيسى الحجى، والزين الطبرى، ومحمد بن الصفى الطبرى، وبلال عتيق ابن العجمى، وجمال الدين المطرى: جامع الترمذى. وحدث، سمع منه والدى والمحدث صدر الدين بن إمام المشهد، وشيوخنا الحفاظ: زين الدين العراقى، وابنه ولى الدين، ونور الدين الهيثمى، والقاضى جمال الدين بن ظهيرة، وسألته عنه فقال: كان رجلا صالحا خيرا، وكان ابتلى بالوسواس وتعب به كثيرا. وجماعة غيرهم من شيوخنا، منهم ابن سكر، وقد أجاز لى باستدعائه. ووجدت بخطه تحت خط شيخنا هذا فى الاستدعاء: أنه توفى يوم الحادى عشر من رجب سنة ثمانين وسبعمائة بمكة، بمنزله بقرب باب إبراهيم، ودفن فى عصر يومه ذلك بالمعلاة، بالقرب من ضريح الحافظ محب الدين الطبرى، وكان مولده فى شوال سنة اثنتى عشرة وسبعمائة، بمنزل والده بالسويقة بمكة، رحمهم الله تعالى ورضى عنه. انتهى. أخبرنى الشيخ شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن إسماعيل الطبرى المكى إذنا قال: أخبرتنا أمة الرحيم فاطمة بنت الشيخ قطب الدين محمد بن الشيخ أبى العباس أحمد ابن على القسطلانى سماعا، يوم الجمعة سلخ شوال سنة ثمان عشرة وسبعمائة بمكة، قالت: أنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عيسى المنبجى. (ح): وقرأت على العلامة أبى حفص عمر بن على الأنصارى، والعدل تاج الدين أحمد بن محمد بن أحمد الإسكندرى بالقاهرة منفردين، قال الأول: أنا أحمد بن كشتغدى الخطابى سماعا، وجماعة إجازة، قال: أنا أبو البركات أحمد بن عبد الله النحاس. (ح): وقال الثانى: أنا القاضى شرف الدين أحمد بن أبى الحسن بن الصفى وغيره، قال: أنا أبو البركات هبة الله بن رزين وجماعة إجازة.

_ 622 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 1/ 255).

(ح): وأخبرنى المحدث أبو عبد الله محمد بن على البكرى بقراءتى عليه بمكة، أن الموفق أحمد بن أحمد بن محمد بن عثمان الشارعى، والأسد عبد القادر بن عيسى، المعروف بابن الملوك، أخبراه بقراءته عليهما منفردين وغيرهما. قال الموفق: أنا جد أبى عثمان بن مكى بن عثمان قال: وابن معين، وابن النحاس، وابن رزين، أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن مكى بن موقا الأنصارى. وقال الأسدى: أنا محمد بن إسماعيل الخطيب، قال: أنا أبو طاهر إسماعيل بن صالح الدهان، قال: أنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازى، قال: أنا أبو القاسم على ابن محمد بن على الفارسى بفسطاط مصر، قال: أنا أبو الحسن على بن عبد الله بن الفضل البغدادى بانتقاء الدار قطنى وقراءته، قال: ثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحى، قال: ثنا الوليد بن هشام القحذمى، قال: حدثنا حريز ابن عثمان قال: سألت عبد الله بن بسر رضى الله عنه: أشاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأومأ بيده إلى عنفقته. وقرأت على مسند الشام أبى هريرة عبد الرحمن بن محمد الحافظ أبى عبد الله الذهبى بالغوطة ظاهر دمشق، أخبرك الأمين محمد بن إبراهيم بن أبى بكر بن النحاس سماعا، وأبو الفتح محمد بن عبد الرحيم بن النشو القرشى حضورا، وأبو نصر محمد بن محمد بن القاضى أبى نصر الشيرازى سماعا منفردين قالوا: أنا الخطيب أبو الحسن على بن هبة الله اللخمى، قال: أنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصفهانى، قراءة عليه بالثغر، قال: أنا نصر بن أحمد بن عبد الله بن البطر ببغداد، فيما قرأت عليه، قلت له: أخبركم أبو الحسن محمد بن أحمد بن رزقويه، قال: أنا أبو على إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصفار قال: ثنا محمد بن سنان بن يزيد القزاز قال: ثنا عثمان بن عمر قال: أنا حريز قال: لقيت عبد الله بن بسر السلمى رضى الله عنه فقلت: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم شيخا؟ قال: كان فى عنفقتهصلى الله عليه وسلم شعرات بيض. أخرجه البخارى فى صحيحه (1)، عن عصام بن خالد الحمصى عن حريز ـ بحاء وراء مهملتين، ثم ياء مثناة من تحت، ثم زاى ـ الرحبى، فوقع لنا بدلا له عاليا، وهو من عوالى حديثه؛ لأنه أحد ثلاثياته. أخبرنى أحمد بن محمد بن إسماعيل الطبرى وغيره إذنا، قال: أنا الرضى إبراهيم بن

_ (1) أخرجه البخارى فى صحيحه حديث رقم (3406). وأخرجه أحمد فى المسند حديث رقم (17283).

محمد بن إبراهيم الطبرى إجازة، إن لم يكن سماعا عن الخطيب أبى محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن برطلة قال: أنا الفقيه المحدث أبو الخطاب أحمد بن محمد بن عمر بن واجب القيسى، قراءة منه علينا بحاضرة تدمر (2)، قال: أنا أبو عبد الله محمد بن يوسف ابن سعادة من لفظه، قال: ثنا الفقيه الإمام الحافظ الشهيد أبو على حسين بن محمد بن فيرة ابن حيون بن سكرة الصدفى، قراءة عليه وأنا أسمع. وسمعته مرة أخرى قال: ثنا الفقيه أبو العباس أحمد بن عمر بن أنس بن دلهاث العذرى، قراءة عليه، قال: ثنا أبو الحسن على بن الحسن بن على بن محمد بن العباس بن فهد المصرى الحافظ، قال: ثنا أحمد بن محمد بن الفرج، قال: ثنا عبيد الله بن المنتاب القاضى، قال: ثنا سليمان بن إسحاق قال: ثنا الفروى، قال: كنت جالسا عند عبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون، فجاءه بعض جلسائه فقال: يا أبا مروان: أعجوبة، قال: وما هى؟ قال: خرجت إلى حائطى بالغابة، فلما أصحرت وبعدت عن بيوت المدينة، عرض لى رجل، فقال لى: اخلع ثيابك، فقلت: وما يدعونى إلى خلع ثيابى؟ فقال: أنا أولى بها منك، اخلع. قال: قلت: ومن أين؟ قال: إنا إخوة، وأنا عريان وأنت مكتس، قلت: بالمواساة. قال: كلا، قد لبستها أنت، فأريد ألبسها أنا كما لبستها، قال: قلت: فتعرينى وتبدى عورتى؟ قال: وما بأس بذلك، قد روينا عن مالك بن أنس رضى الله عنه أنه قال: لا بأس بالرجل أن يتطهر عريانا بالعراء، قلت: فيلقونى الناس فيرون عورتى، قال: لو كان الناس يلقونك فى هذا الطريق ما عرضت لك، قال: قلت له: فأراك ظريفا، فدعنى حتى أمضى إلى حائطى فانزع الثياب وأوجه بها إليك قال: كلا، أردت أن توجه إلى بأربعة أعبد من عبيدك، فيقبضون علىّ، ويمضون بى إلى السلطان، فيسجننى ويمزق جلدى ويطرح رجلى فى الغلقة، قال: قلت: كلا، أثلجك بالأيمان، إنى أوفى لك بما وعدتك ولا أسوءك، قال: كلا، إنا روينا عن مالك رحمه الله أنه قال: لا تلزم الأيمان التى يحلف بها اللصوص. قال: قلت: فأحلف أنى لا أحتال فى أيمانى هذه. قال: هذه أيمان مركبة على أيمان اللصوص، الباب فيها واحد، قال: قلت له: دع المناظرة بيننا، فو الله لأوجهن إليك بهذه الثياب طيبة بها نفسى، قال: فأطرق، ثم رفع رأسه، فقال: أتدرى فيما فكرت؟ ، قال: قلت: لا. قال: تصفحت اللصوص من عهد

_ (2) تدمر: مدينة قديمة مشهورة فى برية الشام، ينها وبين حلب خمسة أيام. انظر: معجم البلدان (تدمر).

623 ـ أحمد بن محمد بن حسب الله القرشى الأموى، المعروف بابن الزعيم

عصر النبى صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا هذا، هل أجد لصا بنسيئة فلم أجده، وأكره أن أبتدع فى الإسلام بدعة، اخلع الثياب، قال: فخلعتها ودفعتها إليه. 623 ـ أحمد بن محمد بن حسب الله القرشى الأموى، المعروف بابن الزعيم: مات أبوه وهو صغير، فاستولى على ماله أخوه على، وفات منه وعوضه بيسير من النقد والعقار، فأضاعه الآخر، واحتاج إلى أن صار يتكسب بالحطابة، ثم عاجلته المنية بالاخترام، فتوفى فى نصف جمادى الآخرة سنة تسع وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة عن نحو ثلاثين سنة أو أزيد. 624 ـ أحمد بن أبى الخير محمد بن حسين بن الزين محمد بن الأمين محمد ابن القطب محمد بن أبى العباس القسطلانى المكى: سمع بمكة من العفيف النشاورى وغيره، وأجاز له فى سنة سبعين جماعة واشتغل قليلا، وجوّد الكتابة، وصار يكتب الوثائق، ويسجل على الحكام، مع تأديبه للأطفال بالمسجد الحرام، تحت مأذنة باب على. توفى فى العشر الآخر من شوال سنة ثلاث وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 625 ـ أحمد بن محمد بن زكريا النشوى، أبو العباس: شيخ الحرم. سمع أبا الفضل عبيد الله الزهرى، وأنا بكر بن شاذان، وأحمد بن عطاء الروذبارى وجماعة. روى عنه تمام الرازى، وأبو على الأهوازى، وأبو عبد الرحمن السلمى، وذكر أن بعض البغداديين سعى به إلى أبى المعالى بن سيف الدولة بن حمدان، وقال: إنه ناصبى، وأمر به أن يحمل [ .... ] (1) ويغرق فى الفرات، فعطف الله بقلوب الموكلين به، حتى خرقوا الرقعة التى كانت معهم إلى والى منبج، وخلصه الله. وذكره الخطيب وقال: كان ثقة. توفى بطريق الحجاز، سنة ست وتسعين وثلاثمائة. وقيل سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة.

_ 623 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 2/ 109). 624 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 2/ 109). 625 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ بغداد 5/ 9). (1) ما بين العقوفتين بياض فى الأصل.

626 ـ أحمد بن محمد بن زياد بن بشر بن درهم العبدى أبو سعيد الأعرابى البصرى

626 ـ أحمد بن محمد بن زياد بن بشر بن درهم العبدى أبو سعيد الأعرابى البصرى: نزيل مكة وشيخها. حدث عن أبى داود السجستانى بكتاب السنن من تأليفه، وعن أبى جعفر أحمد بن المنادى، والحسن بن محمد الزعفرانى، وسعدان بن نصر، وعبد الله بن أيوب المخرمى، وعباس الترقفى، وعباس الدروى، ومحمد بن عبد الملك الدقيقى، وجماعة. روى عنه ابن خفيف، وابن المقرى، وابن منده، وابن النحاس، وابن جميع، ذكره أبو عبد الرحمن السلمى فى طبقات الصوفية، وذكر أنه كان فى وقته شيخ الحرم، صنف للقوم كتبا كثيرة، وصحب الجنيد وعمرا المكى، والنورى وجماعة. وكان من جلة مشايخهم وعلمائهم، ومات بمكة سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة. انتهى. وذكر وفاته، هكذا، أبو القاسم القشيرى. وذكر الذهبى أنه قرأ برنامج أبو عمر الطلمنكى عن شيخه أبى عبد الله محمد بن أحمد بن مفرج القاضى، قال: لقيت بمكة جماعة منهم أبو سعيد بن الأعرابى، توفى فى التاسع والعشرين من ذى القعدة سنة أربعين، وصلينا عليه ومولده سنة ست وأربعين ومائتين. قرأت على الخطيب أبى هريرة عبد الرحمن بن الحافظ أبى عبد الله الذهبى بغوطة دمشق [ .... ] (1). 627 ـ أحمد بن الرضى محمد بن أبى بكر عبد الله بن خليل بن إبراهيم العسقلانى المكى، يكنى أبا العباس، ويعرف بابن خليل: سمع على يحيى بن محمد الطبرى أربعى المحمدين للجيانى، ثم سمع الكثير على الفخر التوزرى، والصفى الطبرى، وأخيه الرضى.

_ 626 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات الصوفية 427 ـ 430، حلية الأولياء 10/ 375 ـ 376، الرسالة القشيرية 28، تاريخ ابن عساكر 2/ 86، المنتظم 6/ 371، تذكرة الحفاظ 3/ 852، 853، العبر 2/ 252، البداية والنهاية 11/ 226، طبقات الأولياء 77 ـ 78، لسان الميزان 1/ 308، 309، النجوم الزاهرة 3/ 306، 307، شذرات الذهب 2/ 354 ـ 355، سير أعلام النبلاء 15/ 407). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

628 ـ أحمد بن محمد بن عبد الله بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى المخزومى المكى الشافعى، قاضى مكة ومفتيها، محب الدين أبو العباس بن قاضى مكة وخطيبها ومفتيها جمال الدين أبى حامد بن عفيف الدين

وأجاز له من مصر والشام جماعة من شيوخ أخيه بهاء الدين بن خليل، وما علمته حدث، ولا علمت متى مات، إلا أنه كان حيا فى سنة عشرين وسبعمائة؛ لأنى وجدت له فيها سماعا على الرضى الطبرى. وكانت وفاته بالعراق، على ما ذكر لى شيخنا أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطى، وذكر أن له اشتغالا بالعلم. 628 ـ أحمد بن محمد بن عبد الله بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى المخزومى المكى الشافعى، قاضى مكة ومفتيها، محب الدين أبو العباس بن قاضى مكة وخطيبها ومفتيها جمال الدين أبى حامد بن عفيف الدين: ولد فى جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وسبعمائة، وحفظ القرآن وصلى به التراويح فى سنة تسع وتسعين وسبعمائة، وحفظ كتبا فى فنون من العلم، منها: المنهاج للنواوى، والمنهاج للبيضاوى، والألفية فى النحو، والألفية فى الحديث، المسماة: بالتبصرة، والشاطبية، وغير ذلك. وفى رمضان سنة إحدى وثمانمائة، عرض المنهاج للنواوى على جماعة، منهم شيخنا برهان الدين الأبناسى، وحضر عنده دروسا فى الفقه، وسمع عليه بقراءتى الموطأ، رواية يحيى بن يحيى. وقرأت لأجله على شيخنا إبراهيم بن محمد بن صديق فى سنة خمس وثمانمائة، غالب مسموعاته من الأجزاء، وسمع عليه قبل ذلك صحيح البخارى، وقرأ له عليه والده، مسند الدارمى بقبة العباس، وسمع معنا على شيخنا القاضى زين الدين أبى بكر بن الحسين المراغى بالمسجد الحرام: صحيح مسلم، وسنن الدارقطنى، وقرأ عليه: كتاب العمد فى شرح الزبد، لقاضى حماة شرف الدين البارزى، وأذن له فى الإفتاء والتدريس، وأذن له فى ذلك مكاتبة شيخنا قاضى القضاة ولى الدين أبو زرعة بن شيخنا الحافظ زين الدين العراقى، وقبل ذلك قاضى القضاة جلال الدين بن شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى، وخطيب دمشق ومفتيها شهاب الدين أحمد بن حجى، والشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الله الغزى أحد المفتين، ونواب الحكم بدمشق، بعد أن قرأ عليه بمكة منهاج البيضاوى وسمع عليه جانبا من جمع الجوامع، لتاج الدين السبكى، فى سنة تسع وثمانمائة، وبسؤاله أجازه البلقينى وابن حجى وحضر فى الأصول والمعانى والبيان

_ 628 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 79، إنباء الغمر 3/ 332، الضوء اللامع 2/ 34، شذرات الذهب 7/ 177 ـ 178، المنهل الصافى 2/ 234).

والمنطق عند الشيخ حسام الدين الأبيوردى بمكة، وحضر عند الشيخ أبى عبد الله محمد ابن أحمد الوانوغى دروسا كثيرة فى التفسير والأصول والعربية وغير ذلك، وقرأ عليه فى المنطق. وله فى العلم والرواية شيوخ غير هؤلاء، منهم الشيخ بدر الدين حسين بن على الزمزمى، أخذ عنه الفرائض والحساب والفلك، وجلس للتدريس بالمسجد الحرام عند الأسطوانة الحمراء، فى سنة تسع وثمانمائة، وفيها استنابه والده فى الحكم والخطابة، ولازم دروس أبيه نحو خمس عشرة سنة. ونزل له أبوه فى مرض موته عن تدريس المدرسة المجاهدية بمكة، ومدرسة صاحب بنجالة، فباشر التدريس بهما قريبا من عشرة أعوام، وكان معه توقيع بأن يكون نائب أبيه فى الحكم وغيره فى حياته، ويستقل بذلك بعد وفاته، فحكم له نائب القاضى الحنبلى بمكة بصحة هذه الولاية المعلقة، وباشر بها أشياء بعد موت أبيه. وكان موت أبيه فى رمضان سنة سبع عشرة وثمانمائة، ثم ترك المباشرة، لما وصل الخبر إلى مكة بولاية القاضى كمال الدين أبى البركات بن القاضى جمال الدين أبى السعود بن ظهيرة، لقضاء مكة، عوض القاضى جمال الدين. وكان وصول الخبر بذلك عقيب سفر الحاج من مكة فى هذه السنة. وفى العشر الأخير من ذى القعدة سنة ثمان عشرة، باشر قضاة مكة لوصول توقيع إليه بذلك، مؤرخ بشعبان من هذه السنة، واستمر مباشرا إلى ثامن شوال سنة تسع عشرة. وكان ورد الخبر بعزله وعود القاضى أبى البركات قبل ذلك بأشهر، ولم يتحقق ذلك. فلما وصل توقيع القاضى أبى البركات لقضاء مكة فى ثامن شوال، باشر القاضى أبو البركات إلى أوائل ذى الحجة من هذه السنة. وفى خامس ذى الحجة منها، وصل توقيع للقاضى محب الدين بقضاء مكة، مؤرخ بأوائل ذى القعدة من هذه السنة، فباشر به أمور القضاء، ولم يزل متوليا حتى مات. وكانت فيه نزاهة وديانة وخير، وقلة شر، وإنصاف كثير. وله براعة فى الفقه والفرائض والحساب وغير ذلك، ويلقى دروسا حسنة ويذاكر بأشياء مليحة، ووردت عليه من الطائف وغيره فتاوى كثيرة، وأجاب عنها. وله شعر. وكان على طريق والده،

629 ـ أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن نافع بن أبى بزة المكى، أبو الحسن البزى

فى صرف ما عنده من الزكاة، وما يصل إليه من الصدقات لمن يواده ولمن يباعده، وغيرهما من القضاة يرى صرف ذلك لمن يواده، لعدم لزوم التعميم فى مثل ذلك، وهى طريقة حسنة. وعرض له قبل موته مرض تعلل به نحو أربعين يوما، ثم مات ضحى يوم الاثنين ثامن عشر ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، ونادى المؤذن بالصلاة عليه فوق زمزم، وصلى عليه بعد صلاة العصر، ودفن بالمعلاة عند أبيه وجده، بجوار قبر مقرئ مكة عفيف الدين عبد الله بن عبد الحق الدلاصى، وكثر الأسف عليه لمحاسنه، وتقدم فى الصلاة عليه القاضى العلامة شمس الدين محمد بن أحمد بن موسى الكفيرى الدمشقى الشافعى، أحمد المفتين ونواب الحكم بدمشق. 629 ـ أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن نافع بن أبى بزة المكى، أبو الحسن البزى: مقرئ أهل مكة، ومؤذن المسجد الحرام. ولد فى سنة سبعين ومائة، وقرأ القرآن على عكرمة بن سليمان، وأبى الإخريط وهب بن واضح، وعبيد الله بن زياد، مولى عبيد بن عمير الليثى. قرأ عليه أبو ربيعة محمد بن إسحاق الربعى، وأحمد بن فرح [ ..... ] (1)، وإسحاق بن أحمد الخزاعى، وجماعة. وقد سمع البزى من سليمان بن حرب، وسفيان بن عيينة، وأبى عبد الرحمن عبد الله ابن يزيد المقرى، ومالك بن سعيد، ومؤمل بن إسماعيل وغيرهم. روى عنه البخارى فى تاريخه، وجماعة منهم يحيى بن صاعد. وقد وقع لنا عاليا من طريقه، حديثه الذى تفرد به فى التكبير من: والضحى. وهذا الحديث أخرجه الحافظ أبو عبد الله فى المستدرك، وقال: إنه حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وهذا منه عجيب؛ لأن أبا حاتم قال: إن البزى ضعيف الحديث، سمعت منه ولا أحدث عنه. وقال العقيلى: هو منكر الحديث، وساق له حديث الديك الأبيض الأفرق حبيبى. نعم ذكره ابن حبان فى الثقات.

_ 629 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 2/ 71). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

630 ـ أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن العباس بن عثمان بن شافع، المعروف بابن بنت الشافعى

وبالجملة فهو كما قال الذهبى فى العبر: لين فى الحديث، حجة فى القرآن. وقال فى تاريخ الإسلام: كان شيخ الحرم وقارئه فى زمانه، مع الدين، والورع والعبادة. وذكر فى طبقات القراء: أنه أذن بالحرم أربعين سنة. توفى سنة خمسين ومائتين بمكة. 630 ـ أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن العباس بن عثمان بن شافع، المعروف بابن بنت الشافعى: هكذا ذكره الإسنائى فى طبقاته، وقال: فهو سبطه وابن عمه، يعنى الشافعى. وقال: قال أبو الحسين الرازى: كنيته أبو محمد، وقال: كان واسع العلم جليلا فاضلا لم يكن فى آل شافع بعد الإمام أجلّ منه، وقال: قال العبادى فى طبقاته: كان أبوه من فقهاء أصحاب الشافعى، وله مناظرات مع المزنى، فتزوج بابنة الشافعى زينب، فأولد أحمد المذكور، ويكنى أبا بكر وتفقه بأبيه، وروى الكثير عنه عن الشافعى. قال: وذكر المطوعى نحوه أيضا، ولكنه كناه أبا عبد الرحمن. انتهى. قلت: هو مكى؛ لأن الطبرانى لما ذكره فى معجمه الصغير، قال: أحمد بن محمد الشافعى ابن بنت محمد بن إدريس، وروى عنه عن عمه إبراهيم بن محمد الشافعى. وذكر القطب الحلبى، أنه روى عن أبيه وعمه، وروى عنه صالح بن محمد، وعمرو ابن عثمان المكى. انتهى. وذكره الفاكهى فى فقهاء مكة؛ لأنه قال فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله: «ذكر فقهاء مكة»: ثم مات أبو الوليد موسى، يعنى ابن أبى الجارود، فصار المفتى بمكة بعده، عبد الله بن أحمد بن أبى مسرة إلى يومنا هذا، وأحمد بن محمد الشافعى. انتهى. 631 ـ أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله، المعروف بابن فهد القرشى الهاشمى المكى: أجاز له فى سنة ثمان وعشرين وسبعمائة من دمشق، أبو العباس الحجار، وجماعة، وسمع على الحجى: صحيح البخارى، وعليه وعلى الزين الطبرى: صفوة القرى، والسيرة لجده المحب الطبرى، وعليه وعلى قطب الدين بن المكرم، والآقشهرى: سنن النسائى،

_ 630 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات الشافعية 2/ 3).

632 ـ أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسين النيسابورى

وعلى أبى عبد الله الوادآشى: الموطأ والاكتفا، والتيسير، وعلى المقرى برهان الدين المسرورى، وفخر الدين الدمياطى: مسند الشافعى، وغير ذلك. توفى سنة تسع وستين وسبعمائة بمصر، أخبرنى بوفاته شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، وذكر لى أن مولده بعد العشرين وسبعمائة. وهو ولد القاضى جمال الدين بن فهد السابق. 632 ـ أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسين النيسابورى: قاضى الحرمين، وشيخ الحنفية فى عصره، تفقه على أبى الحسن الكرخى، وأبى طاهر الدباس، وبرع فى المذهب، وسمع أبا خليفة الفضل بن الحباب، والحسن بن سفيان، وأبا يحيى زكريا بن يحيى البزاز، وجماعة سواهم. روى عنه أبو عبد الله الحاكم، وذكره فى تاريخ نيسابور، وقال: غاب عن نيسابور نيفا وأربعين سنة، وتقلد قضاء الموصل (1) وقضاء الرملة. وقلد قضاء الحرمين، وبقى بهما بضع عشرة سنة، ثم انصرف إلى نيسابور سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، ثم ولى القضاء بها فى سنة خمس وأربعين وثلاثمائة، ثم قال الحاكم: توفى ضحوة يوم السبت الحادى والعشرين من المحرم سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة. وذكر أنه سمع القاضى أبا بكر الأبهرى شيخ المالكية يقول: ما قدم علينا من الخراسانيين أفقه من أبى الحسين النيسابورى، وناهيك بهذه منقبة. 633 ـ أحمد بن محمد بن عبد الله التونسى المالكى شهاب الدين أبو العباس، المعروف بالمرجانى: سمع بمكة على القاضى عز الدين بن جماعة سنن النسائى، رواية ابن السنى، وسمع معظمها على الشيخ فخر الدين النويرى، مع ابن جماعة، سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة

_ 632 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات الفقهاء للشيرازى 144، عبر الذهبى 2/ 290 ـ 291، الجواهر المضية 1/ 284 ـ 288، شذرات الذهب 2/ 7، الفوائد البهية 36، وسير أعلام النبلاء 16/ 25). (1) الموصل: بالفتح، وكسر الصاد: المدينة المشهورة العظيمة إحدى قواعد بلاد الإسلام قليلة النظير كبرا وعظما خلق وسعة رقعة فهى محط رحال الركبان ومنها يقصد إلى جميع البلدان فهى باب العراق ومفتاح خراسان ومنها يقصد إلى أذربيجان. انظر: معجم البلدان (الموصل).

634 ـ أحمد بن محمد بن عبد الله، الشيخ شهاب الدين البدماصى الشافعى

بالحرم الشريف، والسماع بخط شيخنا ابن سكر. ومنه نقلت نسبه هذا، وسمع غير ذلك على ابن جماعة. وسبب معرفته بالمرجانى، أنه كان تزوج خديجة بنت الشيخ أبى محمد المرجانى، وهى أم أولاده، على ما ذكر لى شيخنا السيد تقى الدين عبد الرحمن الفاسى، وذكر أنه يعمل ميعادا بالحرم، وأنه أقام بمكة سنين، وبها مات. وسألت ولده إبراهيم عن وفاته فلم يعرفها، لكن ذكر لى أنه مات فى حياة الشيخ خليل. ووجدت بخط ولده عبد الله فى نسبه ما يخالف ما ذكرناه، لأنه كتب فى استدعاء أجاز لنا فيه: عبد الله بن أحمد بن يحيى. 634 ـ أحمد بن محمد بن عبد الله، الشيخ شهاب الدين البدماصى الشافعى: ذكر شيخنا الحافظ أبو زرعة بن العراقى، أنه تفقه على مذهب الشافعى، وبرع وتميز وحصّل، وأعاد بمدرسة أم الأشرف، وكان عنده خير ودين، وفيه سكون وتواضع. وذكر أنه جاور بمكة، وتوفى بها سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة. وذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة: أن وفاته فى شوال، وقال: كان فقيها فاضلا، ديّنا خيّرا. جاور بمكة واشتغل بالعلم، وكان كثير المجاهدة فى العبادة. انتهى. 635 ـ أحمد بن محمد بن عبد الله النفطى المدنى، يلقب بالشهاب: كان أمينا على بعض حواصل الحرم النبوى ولخدام الحرم، وله ملاءة وأولاد بالمدينة، تردد منها إلى مكة للحج مرات، منها فى سنة عشر وثمانمائة فى أثناء السنة، وأقام بها إلى أن خرج إلى الحج، ثم توفى بمنى بعد وقوفه بعرفة فى أيام التشريق من هذه السنة، ودفن بالمعلاة. وقد بلغ الستين، فيما أظن، سمع بالمدينة من قاضيها بدر الدين بن الخشاب. 636 ـ أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن على بن إسماعيل بن على بن سليمان بن يعقوب بن إبراهيم بن محمد بن إسماعيل بن على بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمى، أبو العباس، وأبو جعفر المكى البغدادى: نقيب العباسيين بمكة. سمع من أبى على الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن الشافعى

_ 635 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 1/ 140). 636 ـ انظر ترجمته فى: (المنتظم 10/ 191، العبر 4/ 155، النجوم الزاهرة 5/ 331، شذرات الذهب 4/ 170، سير أعلام النبلاء 20/ 331).

المكى، عدة أجزاء، منها جزء ابن عرفة العبدى، عن أبى القاسم السقطى، عن الصفار، عنه. ونسخة إسماعيل بن جعفر المدنى، عن ابن فراس، عن الديبلى، عن ابن زنبور، عنه. تفرد بها عنه أبو الحسن محمد بن أحمد بن عمر القطيعى البغدادى، المؤرخ. ووقعت لنا من طريقه عالية، وهو خاتمة أصحابه بالسماع، وخاتمة أصحابه بالإجازة أبو الحسن ابن المقير البغدادى، إن لم تصح إجازته لعبد الرحمن بن أبى حرمى المكى، فإنه ادعاها. توفى يوم الخميس رابع شعبان سنة أربع وخمسين وخمسمائة ببغداد، ودفن من الغد بالعطافية، ومولده فى أحد الجمادين سنة ثمان وستين وأربعمائة. قال أبو سعد: شيخ صالح متواضع، ما رأيت فى الأشراف مثله. قدم علينا أصبهان (1)، فأتى بهاء الدين ركبه، ومعه خمسة أجزاء، فسمعت منه، وسماعه فى الخامسة من الشافعى. انتهى. وسمع فى الكهولة، ونسخ بخطه الكثير. قرأت على فاطمة وعائشة بنتى محمد بن عبد الهادى المقدسى بالسفح ظاهر دمشق: أخبركما أبو العباس أحمد بن أبى طالب الحجار، عن أبى الحسن محمد بن أحمد بن عمر القطيعى، قال: أنا النقيب أبو جعفر أحمد بن محمد العباسى، قال: أنا الحسن بن عبد الرحمن الشافعى المكى، قال: أنا أحمد بن إبراهيم بن فراس المكى، قال: ثنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم الديبلى، قال: ثنا محمد بن زنبور المكى، قال: ثنا إسماعيل بن جعفر، قال: حدثنا عبد الله بن دينار: أنه سمع ابن عمر رضى الله عنهما يقول: «كنا نبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، على السمع والطاعة، يقول لنا: فيما استطعتم؟ » (2). أخرجه مسلم والترمذى والنسائى، عن على بن حجر، ومسلم أيضا عن يحيى بن أيوب وقتيبة، كلهم عن إسماعيل بن جعفر، فوقع لنا بدلا لهم عاليا.

_ (1) أصبهان: منهم من يفتح الهمزة، وهم الأكثر، وكسرها آخرون، منهم: السمعانى وأبو عبيد البكرى الأندلسى: وهى مدينة عظيمة مشهورة من أعلام المدن وأعيانها، وهى اسم للإقليم بأسره، وهى من نواحى الجبل فى آخر الإقليم الرابع، وهى مدينة فارسية. انظر: معجم البلدان (أصبهان). (2) سبق تخريجه فى الترجمة رقم 29.

637 ـ أحمد بن محمد بن عبد المعطى بن أحمد بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى الخزرجى، أبو العباس النحوى المالكى شهاب الدين، نحوى الحجاز

637 ـ أحمد بن محمد بن عبد المعطى بن أحمد بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى الخزرجى، أبو العباس النحوى المالكى شهاب الدين، نحوى الحجاز: ولد سنة تسع وسبعمائة بمصر، وسافر منها إلى بلاد المغرب مع والده، واجتمع فيها على جماعة من الصالحين والعلماء، منهم الفقيه أبو زيد عبد الرحمن الجزولى، وحضر دروسه، وأخذ الفقه بمصر عن الشيخ عبد الله المنوفى، قرأ عليه الرسالة مرارا، وسمع عليه مختصر ابن الحاجب، ودروسا فى التهذيب، والجلاب والتلقين، والعربية عن الشيخ أبى حيان الأندلسى، قرأ عليه التسهيل لابن مالك، فأذن له فى إقرائها. وروى عنه شعرا. وعن الحافظ صلاح الدين خليل العلائى، سمع عليه بمكة، وعلى جماعة من شيوخها، والقادمين إليها، كثيرا من الكتب والأجزاء، منها: سنن النسائى على الزين الطبرى، وسنن أبى داود على عثمان بن الصفى، وانتصب بمكة للاشتغال فى العربية والعروض، وكان فيهما بارعا أيضا، وله فى ذلك تواليف، وانتفع به فى ذلك جماعة من شيوخنا وغيرهم، منهم والدى أعزه الله، وأذن له فى الفتوى والتدريس. وكان حسن التعليم، ودرس فى الفقه درسا قرره له القاضى ناصر الدين بن سلام، وكان له نظم كثير. وكتب بخطه الحسن كثيرا من كتب العلم، وناب فى العقود بمكة، وبها توفى يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من المحرم، سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. وأخبرنى بعض أصحابنا العارفين بحاله، أنه توفى فى صفر من السنة المذكورة، والله أعلم بالصواب. وقد أجاز لى مروياته باستدعاء شيخنا ابن سكر. ومن خطه نقلت وفاته المؤرخة بالمحرم، ونقلت مولده من خطه وكان حسن الأخلاق، سليم الباطن، كثير التودد للناس، مواظبا على الخير. انتهى. وبلغنى أن شيخنا كمال الدين الدميرى، رأى فى المنام جدى لأمى القاضى أبا الفضل النويرى؛ فسأله عن حال الشيخ أبى العباس هذا، فقال له ما معناه: إنه فى مقعد صدق. وأخبرنى بعض أصحابنا عن امرأة خيرة كانت مجاورة بمكة، أنها رأت النبىصلى الله عليه وسلم فى

_ 637 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى ج 1 ص 83 رقم 291، بغية الوعاة 161، إنباء الغمر 1/ 321 ترجمة 4، الدرر 1/ 295).

النوم، وقال لها: سلمى على أبى العباس ـ يعنى المذكور ـ وقولى له: رسول الله يسلم عليك؛ فلما مر بها أبو العباس يريد الطواف، نادته إليها وكان بالمسجد، فأخبرته بقول النبى صلى الله عليه وسلم لها فى حقه، فسر بذلك وكشف رأسه وطاف بالبيت سبعا شكرا لله تعالى، وهو مكشوف الرأس. هذا معنى ما أخبرنى به صاحبنا فى هذه القصة. وبلغنى أنه لم يطف مكشوف الرأس إلا شوطا واحدا، وأنه بكى كثيرا لما أخبر بهذه الرؤيا. ومن أخباره الحسنة، ما صح لى عن الشيخ كمال الدين الدميرى، قال: اتفق بمكة مطر منعنى من الحضور ليلا إلى عيالى، وهم بمنزل الشيخ أبى العباس المذكور، فنمت برباط الخوزى؛ فلما صليت الصبح، أتيت إلى منزلى، فسمعت الشيخ أبا العباس يفتح بعض الأبواب، وسمع طرقى للباب، فقال: من؟ فقلت: محمد، فقال: كمال الدين؟ قلت: نعم. فقال لى: صلوا الصبح؟ فقلت: نعم، فبكى كثيرا، فقلت له: ما يبكيك يا سيدى؟ فقال: لى أربعون سنة ما فاتتنى صلاة الصبح فى الجماعة. هذا معنى ما بلغنى فى هذه الحكاية. وقد رويت للشيخ أبى العباس المذكور منامات تدل على خيره. أنشدنى العلامة أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد المعطى المكى لنفسه إجازة [من البسيط]: لم تغمض العين بعد الهجر أجفانا ... لا وأخذ الله بالهجران أجفانا يا أهل ذاك الحمى من حى كاظمة ... لا تبعدوا بالنوى من ذاق أشجانا مذ بنتم بان صبرى بعدكم ونفا ... عنا الكرى بانكم فالبين أشجانا لا تجنحوا لو شاة الحى ما نظرت ... مذ غاب حيكم العينان إنسانا ما غاب عن ناظرى محياكم أبدا ... إلا وذكراكم فى القلب أحيانا جودوا علينا بوصل من جنابكم ... وسامحونا ولو بالطيف أحيانا من لى برد زمان فى دياركم ... أجر تيها بها ذيلا وأردانا آه على ما مضى من عيشنا رغدا ... لو دام وصلكم ما كان أسنانا إذا ذكرت اجتماعى فى معالمكم ... أبكى الدماء كأنى كنت وسنانا ما كان أحسن أيامى بقربكم ... ما كان أبهجها ما كان أهنانا والله لا حلت عن أقصى ودادكم ... يا أهل كاظمة سرا وإعلانا

638 ـ أحمد بن البهاء محمد بن عبد المؤمن بن خليفة الدكالى المكى، يكنى أبا العباس

من يكتم الحب خوف الحاسدين فها ... وجدى بكم قد بدا فى الخلق إعلانا 638 ـ أحمد بن البهاء محمد بن عبد المؤمن بن خليفة الدكالى المكى، يكنى أبا العباس: ولد فى أوائل عشر السبعين وسبعمائة بمكة، ونشأ بها فى كفالة السيدة أم الحسين بنت الإمام أحمد بن الرضى الطبرى، على وجه جميل. فلما بلغ وولى أمر نفسه، نزل لأخويه أبى الفضل ومحمد، عما يخصه من الوظائف والصرر المقررة بالمودع الحكمى بالقاهرة وغيرها، التى كانت لأبيه، وصارت له ولأخويه بعد موت أبيه، على شيء من المال أخذه من أخويه، وأذهبه فيما لم يفده شيئا. وحمله سوء الرأى على أن خدم الدولة بمكة من بنى حسن، وتزيا بزيهم فى اللباس وغير ذلك، وتنقل فى خدم أناس منهم، ثم ذم رأيه فى ذلك، وأعرض عن خدمتهم. وسكن ببعض الربط بمكة، ونال من تعب الفقر والحاجة أمورا شاقة. وحمله ذلك على المضى إلى ينبع من بلاد الحجاز، فى أثناء سنة عشرين وثمانمائة، فأقام هناك حتى توفى فى صفر سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، وقد بلغ الستين أو جاوزها. وسمع وهو طفل بمكة، على القاضى عز الدين بن جماعة، وما إخاله حدث، وأظنه أجاز لى باستدعاء بعض أصحابنا مروياته، سامحه الله تعالى. ودخل ديار مصر غير مرة، واليمن فيما أحسب. 639 ـ أحمد بن محمد بن عثمان بن عمر بن على بن عبد الله الفاسى الأصل، المقدسى المولد، الشيخ شهاب الدين أبو العباس المعروف بابن عثمان الخليلى شهرة: نزيل غزة، هكذا أملى علىّ نسبه هذا، وسألته عن مولده فقال: فى ثامن عشرى شهر رجب سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة. سمع بالقدس، على أبى الفتح الميدومى المسلسل بالأولية، وجزء ابن عرفة، وجزء البطاقة والغيلانيات، سوى الجزء السابع والثامن، وغير ذلك، وعلى المسند شمس الدين محمد بن إبراهيم بن عبد الكريم القرشى الذهبى، جزء الغطريف عن أبى الفرج عبد الرحمن بن أبى عمر، والفخر بن البخارى، وزينب بنت مكى، عن ابن طبرزد، وأربعين الصوفية، لأبى نعيم الأصبهانى، عن أحمد بن أبى الخير الرازى، بإجازته عن

_ 638 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 2/ 139). 639 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 2/ 140).

الحداد عنه. وعن الشيخ برهان الدين إبراهيم بن عبد الرحمن بن جماعة المقدسى [ .... ] (1). والجزء الثالث من مسلسلات ابن مسدى عن الرضى بن خليل العسقلانى المكى، عنه، وغير ذلك على جماعة منهم: الشيخ فخر الدين النويرى، والحافظ صلاح الدين العلائى، وأجاز له من دمشق جماعة منهم: محمد بن أبى بكر بن أحمد بن عبد الدايم المقدسى. وحدث، قرأت عليه فى الرحلة الأولى: جزء ابن عرفة، والبطاقة بغزة، وسمعت عليه بها فى الرحلة الثانية، مع صاحبنا الحافظ شهاب الدين أحمد بن حجر، أدام الله النفع به: جزء الغطريف، وأحاديث من الأربعين المسلسلات. وكانت لديه فضيلة فى العلم، وله شهرة فى الصلاح والخير. وبلغنى أنه ينتحل فى التصوف مذهب ابن عربى، وكان أنشأ بغزة جامعا، وذكر لى أنه قدم مكة مرارا وجاور بها، ثم حج فى سنة أربع وثمانمائة، وأقام بمكة حتى توفى يوم الخميس مستهل صفر سنة خمس وثمانمائة، بمنزله برباط الدمشقية بأسفل مكة، وصلى عليه ضحوة، ودفن بالمعلاة، وشهدت الصلاة عليه ودفنه. أخبرنى الشيخ الفاضل الخير شهاب الدين أحمد بن محمد بن عثمان الخليلى بغزة من طريق الشام فى الرحلة الأولى، والعلامة شمس الدين محمد بن العلامة تقى الدين إسماعيل ابن على القلقشندى، بقراءتى عليه بالمسجد الأقصى، والعلامة أبو حفص عمر بن أبى الحسن الأنصارى، بقراءتى عليه بالقاهرة، أن أبا الفتح محمد بن محمد بن إبراهيم بن أبى القاسم الميدومى، أخبرهم سماعا. (ح): وقرأت على أبى الفرج عبد الرحمن بن أحمد الغزى، بظاهر القاهرة قال: أنا على ابن إسماعيل بن قريش المخزومى، وصالح بن مختار الأشنهى، وجماعة، قال ابن قريش والميدومى: أنا النجيب عبد اللطيف بن عبد المنعم الحرانى ـ زاد ابن قريش ـ وأبو محمد عبد العزيز بن محمد الأنصارى. وقال الأشنهى: أنا أحمد بن عبد الدائم المقدسى، قال: أنا أبو الفرج أبو عبد المنعم بن عبد الوهاب الحرانى، قال: أنا أبو القاسم على بن أحمد بن بيان.

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

640 ـ أحمد بن محمد بن عثمان بن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن سعيد بن المغيرة بن عمرو بن عثمان بن عفان رضى الله عنه، الأموى أبو القاسم

(ح): وقرأت على مريم بنت أحمد الأذرعى، أخبرك على بن عمر الصوفى أن أبا القاسم عبد الرحمن بن مكى أخبره قال: أنا جدى أبو طاهر الحافظ، قال: أنا أبو القاسم على بن حسين الربعى، قال: وابن بيان: أنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد البزاز قال: أنا أبو على إسماعيل بن محمد الصفار، قال: أنا أبو الحسن بن عرفة العبدى قال: ثنا المبارك بن سعيد، أخو سفيان الثورى، عن موسى الجهنى عن مصعب بن سعد، عن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيمنع أحدكم أن يكبر فى دبر كل صلاة عشرا، ويسبح عشرا، ويحمد عشرا، وذلك فى خمس صلوات، خمسون ومائة باللسان، وألف وخمسمائة فى الميزان، وإذا أوى إلى فراشه كبر أربعا وثلاثين، وحمد ثلاثا وثلاثين، وسبح ثلاثا وثلاثين، فتلك مائة باللسان، وألف فى الميزان، ثم قال: فأيكم يعمل فى يوم ألفين وخمسمائة حسنة». هذا حديث حسن صحيح، أخرجه مسلم فى صحيحه من طرق، وأخرجه النسائى فى اليوم والليلة، عن أبى عبد الرحمن زكريا بن يحيى بن إياس السجزى، المعروف بخياط السنة، عن الحسن بن عرفة، فوقع لنا بدلا له عاليا بثلاث درجات، ولله الحمد والمنة. 640 ـ أحمد بن محمد بن عثمان بن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن سعيد بن المغيرة بن عمرو بن عثمان بن عفان رضى الله عنه، الأموى أبو القاسم: هكذا نسبه صاحب الجمهرة، وقال: محدث مكة. 641 ـ أحمد بن محمد بن على بن الزين محمد بن محمد بن القطب محمد بن أحمد ابن على القسطلانى، المكى الشافعى: سمع من جده على بن الزين الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، وسمع من غيره، سألت عنه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، فذكر أنه حفظ التنبيه وغيره، واشتغل عليه وعلى القاضى أمين الدين بن الشماع، قال: وكان شابا صالحا خيرا، سليم الباطن. توجه إلى المدينة النبوية زائرا فى طريق الماشى، ففقد فى الطريق. انتهى. قلت: وكان فقده فى سنة تسع وثمانين، وإلا فى سنة تسعين وسبعمائة.

_ 640 ـ انظر ترجمته فى: (جمهرة أنساب العرب 84). 641 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 1/ 141).

642 ـ أحمد بن محمد بن عماد الدمنهورى

642 ـ أحمد بن محمد بن عماد الدمنهورى: العطار بمكة المشرفة. قدم إليها بعد سنة ثمانين وسبعمائة بقليل، وعانى السبب فى العطارة، وكان له دكان مع العطارين، وكان مع ذلك ينسخ كتبا من العلم، رغب فى تحصيلها، منها سيرة ابن إسحاق تهذيب ابن هشام، والرياض النضرة فى فضائل العشرة، للمحب الطبرى وغير ذلك، وحصل دنيا وملكا أنشأه بناحية الحزورة، ثم ذهب منه ذلك، وضعف حاله كثيرا، حتى توفى فى شعبان سنة ست عشرة وثمانمائة، ودفن بالمعلاة، وقد بلغ الستين أو جاوزها، وكان ينطوى على خير ودين، وخلف ولدا نجيبا، يقال له جمال الدين محمد. 643 ـ أحمد بن محمد بن عمر بن عمر بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد ابن ميمون التوزرى الأصل، يلقب شهاب الدين، بن الإمام ضياء الدين، بن الإمام تقى الدين، أبى البركات القسطلانى المكى: إمام المالكية بالحرم الشريف. وجدت بخط جدى الشريف على بن أبى عبد الله الفاسى، أنه ولى الإمامة بعد أبيه ضياء الدين القسطلانى، وأن أخاه عبد الرحمن الآتى ذكره، وليها بعده فى سنة إحدى وسبعين وستمائة. انتهى. سمع من أبى اليمن بن عساكر صحيح مسلم بمكة، وسمع بالقاهرة على الكمال الضرير جزء ابن [ .... ] (1) وأجاز له فى سنة اثنتين وأربعين وستمائة الشيخ نجم الدين التبريزى، وابن أبى حرمى، وابن الجميزى، وغيرهم من شيوخ مكة والقادمين إليها. وبلغنى أنه عاش بعد أبيه ثمان سنين، فعلى هذا تكون وفاته، سنة إحدى وسبعين وستمائة؛ لأن أباه مات فى شوال سنة ثلاث وستين، وأنه دفن على أبيه، وأن أباه كان يقول لأهله: «أين عينى تراكم بعد ثمان» فما عرفوا مراده بذلك حتى مات أحمد؛ لأنهم وجدوه قد أخرج عنهم ما كان أبوهم تركه لهم من الميراث أو غالبه، ونالهم بسبب ذلك حاجة. 644 ـ أحمد بن محمد بن علقمة بن نافع بن عمر بن صبح بن عون المكى، أبو الحسن المقرئ، المعروف بالقواس النبال: قرأ على ابن الإخريط وهب بن واضح المكى، وجلس للإقراء مدة، قرأ عليه أحمد بن يزيد الحلوانى، وقنبل، ومحمد بن شريح العلاف، وعبد الله بن حنين الهاشمى.

_ 642 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 2/ 159). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

645 ـ أحمد بن محمد بن عيسى المكى، أبو بكر الأنبارى

وقال علقمة: إن البزى قرأ عليه القرآن أيضا، وحدث عن مسلم بن خالد الزنجى، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبى رواد وغيرهما، وحدث عنه: بقى بن مخلد، ومحمد بن على بن زيد الصائغ، ومطين، وأبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الترمذى، وعلى بن أحمد بن بسطام وغيرهم. قال أبو عمرو الدانى: توفى بمكة سنة أربعين، وقال غيره: سنة خمس وأربعين ومائتين. ذكر هذين القولين، الذهبى فى طبقات القراء. وقال صاحبنا الحافظ الحجة شهاب الدين أبو الفضل بن حجر ـ أبقاه الله تعالى ـ فى كتابه الذى اختصر فيه تهذيب الكمال للمزى، وزاد فيه على المزى فوائد كثيرة مهمة: وقرأت بخط الذهبى، مات سنة تسع وأربعين ومائتين بمكة. انتهى. وقيل: توفى نحوا من سنة ثلاثين ومائتين، ذكر هذا القول المزى فى التهذيب، وإنما ذكره فيه للتمييز بينه وبين أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقى المكى، الآتى ذكره؛ لأنه قال بعد أن ترجم الأزرقى هذا: وللمكيين شيخ آخر يقال له أحمد بن محمد بن عون القواس النبال، أبو الحسن المقرى، ثم قال بعد أن ذكر من حاله غالب ما ذكرناه، وبعد أن ذكر ما نقلناه عنه فى وفاته: ذكرناه للتمييز بينهما، خلط بعضهم إحدى هاتين الترجمتين بالأخرى، والصواب التفريق كما ذكرنا، والله أعلم. 645 ـ أحمد بن محمد بن عيسى المكى، أبو بكر الأنبارى: حدث ببغداد عن أبى العيناء، وإبراهيم بن فهد، وعنه ابن حيوية والدارقطنى. وقد وثق. كتبت هذه الترجمة من تاريخ الإسلام. 646 ـ أحمد بن محمد بن القاسم الجرمى أبو العباس: إمام المسجد الحرام. سمع على علىّ بن أحمد السهلى، والفضل بن جعفر المؤذن، وجماعة.

_ 645 ـ انظر ترجمته فى: (فهرس المؤلفين وأصحاب الأقوال وأسانيدهم 5/ 193، 6/ 83، 2/ 381، 7/ 163).

647 ـ أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر ابن محمد بن إبراهيم، قاضى مكة، شهاب الدين أبو الفضل، بن قاضى مكة نجم الدين، ابن قاضى مكة جمال الدين، بن الشيخ محب الدين الطبرى المكى الشافعى

روى عنه: أبو على الأهوازى، وعلى بن الجيانى. ذكره ابن عساكر فى تاريخ دمشق. ونقلت هذه الترجمة من مختصره للذهبى. 647 ـ أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر ابن محمد بن إبراهيم، قاضى مكة، شهاب الدين أبو الفضل، بن قاضى مكة نجم الدين، ابن قاضى مكة جمال الدين، بن الشيخ محب الدين الطبرى المكى الشافعى: ولد سنة ثلاث وسبعمائة، وسمع من جده لأمه الرضى إمام المقام، وأخيه الصفى أحمد الطبريين: صحيح البخارى، وصحيح ابن حبان وغير ذلك. وعلى جده بمفرده: صحيح مسلم، وسنن أبى داود، ومسند الشافعى، وعلى الفخر التوزرى: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، وصحيح مسلم، وسنن النسائى، وغير ذلك من الكتب والأجزاء، عليهم وعلى غيرهم من شيوخ مكة والقادمين إليها. وحدث، سمع منه والدى تساعيات جده الرضى الطبرى عنه، وغيره من شيوخنا، ودرس بالمنصورية والمجاهدية، بتفويض من المجاهد. ولى قضاء مكة بعد أبيه، بولاية من الشريف عطيفة بن أبى نمى أمير مكة، ثم بتفويض من المجاهد صاحب اليمن، وكتب له عنه بذلك تقليد حسن، فيه فى مدحه: كم من أب قد علا بابن فشرفه ... كما علا برسول الله عدنان ثم فوض إليه قضاء مكة فى سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، الملك الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر، ثم ولى مع ذلك خطابة الحرم، وجاءه بها توقيع فى أول شهر رمضان سنة ست وخمسين، بعد وفاة التاج الخطيب. ويقال: إنه كان وليها بعد وفاة البهاء الخطيب، أخى التاج، وكتم ذلك، وترك التاج يخطب حتى مات؛ ولذلك عارض فيها الضياء الحموى؛ لأنه كان وليها بحكم شغورها عن التاج، وجاءه بذلك توقيع فى سنة تسع وخمسين، ومنع من الخطابة، وبسبب ذلك تسلط أعداؤه عليه، فإنهم كانوا وشوا به إلى السلطان الملك الناصر حسن، ونقلوا عنه أشياء قبيحة، وخيلوه من جهة الخطابة.

_ 647 ـ انظر ترجمته فى: (النجوم الزاهرة 8/ 74، شذرات الذهب 5/ 425، طبقات الشافعية 5/ 8، مخطوطات الظاهرية 73، الأعلام 1/ 159).

وكان الناس يتخيلون لما وصل العسكر إلى مكة فى سنة ستين وسبعمائة أن يحصل له أذى، فسلمه الله تعالى، لأن العسكر قدم مكة وهو مريض، واستمر به المرض حتى توفى، ويقال: إن السلطان حسن لما بلغه وفاته، عجب وحمد الله تعالى على كونه لم يصدر منه إليه شئ؛ لأن والدى أخبرنى عن القاضى شهاب الدين أحمد بن ظهيرة، عن القاضى عز الدين بن جماعة: أن السلطان حسن استدعاه سحرا إلى القصر، فدخل على السلطان، والشمع موقد بين يديه، فقال له السلطان: أعظم الله أجرك فى القاضى شهاب الدين الطبرى قاضى مكة، الحمد لله سلم منا وسلمنا منه، وسأله السلطان عمن يصلح للمنصب؟ فقال له: الشيخ تقى الدين الحرازى ـ يعنى السابق ذكره ـ وسأل من السلطان أن يوليه، فولاه. وشهد عليه القاضى عز الدين بالولاية، ونزل القاضى عز الدين من عند السلطان، وصار يخبر عن السلطان بما صدر منه فى حق القاضى شهاب الدين والتقى الحرازى، ليترك الناس السعى عليه، فلم يتجاسر أحد على السعى على الحرازى. وكان ابن ظهيرة يرغب فى ولاية نجم الدين بن القاضى شهاب الدين؛ لأنه من خواص أبيه، فلم يتم له قصد. وكانت مدة ولايته لقضاء مكة ثلاثين سنة وستة أشهر إلا أياما، فإن الولاية جاءته فى السابع من شهر جمادى الآخرة سنة ثلاثين، من عطيفة أمير مكة على ما ذكره الآقشهرى، واستمر حتى مات فى سابع عشرى شعبان سنة ستين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وذكر شيخنا القاضى زين الدين أبو بكر بن الحسين المراغى، فى تاريخ المدينة: أن القاضى شهاب الدين الطبرى هذا، جدد فى حدود الخمسين وسبعمائة بئر رومة، ظاهر المدينة النبوية، ورفع بناءها على الأرض نحو نصف قامة ونزحها وكثر ماؤها. وذكر أن المطرى قال: إنها كانت خربت ونقضت حجارتها وأخذت، ولم يبق لها إلا الأثر، فدخل فى عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «من يحفر بئر رومة فله الجنة» (1). وهذا الحديث فى الصحيح. انتهى.

_ (1) أخرجه البخارى تعليقا فى كتاب المناقب، باب مناقب عثمان بن عفان أبى عمرو القرشى رضى الله عنه، وقال النبى صلى الله عليه وسلم: «من يحفر بئر رومة فله الجنة». فحفرها عثمان وقال من جهز جيش العسرة فله الجنة فجهزه عثمان.

قلت: أظن أن هذه القصة فى سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، فإن القاضى شهاب الدين زار المدينة النبوية فى قافلة كبيرة، وكانت للقاضى شهاب الدين ملاءة كبيرة، ومعاملات مع الناس. وكان يقصده الناس كثيرا ليرهنوا عنده ويبيعونه أموالهم، وكان يسلف غالب أرباب الوظائف بالحرم وأهل الصرر، ويأمره كل منهم بقبض ما يصل إليه فى الصندوق الحكمى من القاهرة، وربما حمل الصندوق الحكمى إلى منزله فى بعض السنين لاستحقاقه لما فيه، بسبب مداينته للمشار إليهم، وكان إذا قبض ذلك، أعطى كلا منهم ما يحتاجه، وصبر عليه إلى العام القابل، وأذن له فى قبض ما يصل إليه، وكانت فيه شهامة وقوة نفس. وبلغنى أن آقبغا عبد الواحد، أحد أعيان الأمراء بمصر، قدم مكة حاجا فى بعض السنين، فاجتمع به القاضى شهاب الدين للسلام عليه، عند مقام إبراهيم عليه السلام. فعاتبه آقبغا على كونه لم يسلم عليه قبل وصوله إلى المقام، وعلى كونه لم يتلقاه إلى وادى مر، فقال له القاضى شهاب الدين: أستاذك الملك الناصر، لم أسلم عليه إلا عند باب بنى شيبة. فكيف آتيك إلى بطن مر؟ . وكان آقبغا سكن برباط أم الخليفة الناصر لدين الله العباسى، المعروف بالعطيفية، لكون عطيفة أمير مكة، كان يسكن به. وكان آقبغا يجلس على بناء مزاور عند بابها، ويجلس الناس تحته، فجاء إليه القاضى شهاب الدين وجلس قبالته على بناء مقابل لذلك البناء. وكان بعض الأشراف من الأدارسة، حصلت منه إساءة على القاضى شهاب الدين فأدبه القاضى شهاب الدين أدبا كثيرا، وتوقع الناس أن يحصل للقاضى شهاب الدين من ذلك تشويش، لكون الشريف من أعيان الدولة، فما رأى سوءا، وجاءه أمير البلد وأعوانه يسترضونه؛ لأنه أظهر أنه يريد السفر من مكة. واستدعى بالجمال غضبا مما صدر من الشريف. وكان فيه مع قوة نفسه تواضع، واتفق له ذلك فى حكاية ظريفة، وهى أنه ذهب إلى بلاد بجيلة فى جماعة من أصحابه للتنزه بها، فلما وصلوا إليها اشتهر خبر وصوله بها، فاتفق أنه خرج من الموضع الذى نزل فيه يريد البراز، وانتهى إلى بعض كروم البلد، فناداه شخص فى ذلك الكرم فأتاه، فقال له المنادى: أنت من أصحاب حكموا مكة؟ يعنى قاضى مكة، فقال: نعم. فقال: احمل هذا ـ وأشار إلى وعاء كبير فيه عنب ـ

648 ـ أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن على بن محمد بن الحسن القيسى، يلقب بالشرف وبالمجد، بن الأمين بن القطب بن أبى العباس القسطلانى

فحمله القاضى شهاب الدين على رأسه، والرجل معه، إلى أن انتهوا إلى المنزل الذى نزل به القاضى شهاب الدين، فلما رآه أصحابه قاموا إليه وأكرموه، وعجبوا من فعله، فرأى ذلك الرجل الذى حمله العنب، فعجب وقال لهم: هذا حكموا مكة؟ ، فقالوا له: نعم؛ فخجل واعتذر إلى القاضى، وقال له: يا أخاه، ما عرفتك؟ ! فقال له القاضى شهاب الدين: ما جرى إلا خير، حملت شيئا مليحا لى ولأصحابى. هذا معنى ما بلغنى فى هذه الحكاية. وبلغنى أنه سأل الملك الناصر لما حج فى سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، عن المراسيم التى تصل إلى مكة من جهته، فقال له: كثير منها لا أعرفه، وذكر له الملك الناصر أمارة يعرف بها الصحيح من ذلك، وأن القاضى شهاب الدين قطع بسبب ذلك نيفا وأربعين مرسوما. واتفق له بحضور الملك الناصر قضية تدل على وفور عقله، وهى أنه اجتمع فى الكعبة مع الملك الناصر، وشخص من أعيان الدولة يقال له ابن هلال الدولة، فقال ابن هلال الدولة للملك الناصر: يا مولانا السلطان، هذه الأساطين ـ يعنى السوارى التى فى جوف الكعبة ـ من سفينة نوح عليه السلام. فقال الملك الناصر للقاضى شهاب الدين: هذا صحيح؟ فقال له القاضى شهاب الدين: كذا قيل. فعرف الملك الناصر أنه أراد الستر، وأن لا يظهر لابن هلال الدولة منه سوء، فعاتبه ابن هلال الدولة بعد ذلك على كونه لم يصرح بتصديقه، وقال له: هؤلاء ملوك، ولا بد من الترويج عليهم فى القول. وبلغنى أن القاضى شهاب الدين، أهدى للملك الناصر تمرا وكعكا فى أطباق من الخوص، فاستحسن ذلك منه الملك الناصر، وقال: هذا قاض فقير. ولما مات القاضى شهاب الدين خلف دنيا طائلة جدا، يقال إن منها مائة وخمسين دارا بمكة، ولكن لم يبارك فى تركته؛ لأنه كان فيما قيل، يعامل بالفائدة، ويتحيل عليها بعقد معاوضة بيع وشبهه كما يصنع الناس قديما وحديثا، ولا تخفى على الله خافية، سبحانه وتعالى. 648 ـ أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن على بن محمد بن الحسن القيسى، يلقب بالشرف وبالمجد، بن الأمين بن القطب بن أبى العباس القسطلانى: أجاز له مع أخويه زين الدين محمد، ونور الدين على، من مصر: جدهم قطب الدين

649 ـ أحمد بن أبى البركات محمد بن أبى السعود محمد بن حسين بن على بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى المخزومى المكى الحنفى، شهاب الدين، بن قاضى مكة كمال الدين

القسطلانى، وابن الأنماطى، وابن خطيب المزة، والصفى خليل المراغى، والفخر عبد العزيز بن السكرى، والحافظان جمال الدين بن الظاهرى، وشرف الدين الدمياطى، وأمة الحق شامية بنت البكرى. وما علمته حدث. ولم أدر متى مات، إلا أنه كان حيا فى سنة إحدى عشرة وسبعمائة؛ لأنه سمع فيها على التوزرى شيئا من صحيح مسلم، والسماع بخطه. 649 ـ أحمد بن أبى البركات محمد بن أبى السعود محمد بن حسين بن على بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى المخزومى المكى الحنفى، شهاب الدين، بن قاضى مكة كمال الدين: ولد فى سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة بمكة، وسمع بها على شيخنا ابن صديق وغيره، وكان أحد طلبة الحنفية بدرس يلبغا الخاصكى وغيره من دروس الحنفية. وكان يميل إلى حفظ الأشعار والنظر فى تاريخ ابن خلكان. ويذاكر من حفظه بأشياء من ذلك. ودخل مصر للتنزه فى سنة سبع عشرة وثمانمائة، وإلى حلى من بلاد اليمن، فى سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة للتجارة، وعاد منها عليلا. وأقام كذلك بمكة نحو شهرين، ثم توفى فى ضحى يوم الأربعاء السابع عشر من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، ودفن بالمعلاة. وقد سبق ذكر أبيه وجده وعمه. 650 ـ أحمد بن محمد بن محمد بن سعيد الصاغانى، قاضى القضاة، شهاب الدين أبو الخير بن العلامة ضياء الدين الحنفى المكى: ولد فى السادس عشر من ربيع الأول سنة تسع وأربعين وسبعمائة بالمدينة النبوية، وسمع بها من محدثها العفيف عبد الله بن الجمال محمد المطرى: بعض الشفاء للقاضى عياض، وعلى الفقيه خليل بن عبد الرحمن القسطلانى المكى، إمام المالكية بمكة: جزء البطاقة، وعلى القاضى عز الدين عبد العزيز بن جماعة: الفرج بعد الشدة لابن أبى الدنيا، وسمع عليه بمكة جزء ابن نجيد عن أحمد بن عساكر وغيره عن أبى روح، والمؤيد الطوسى، وزينب الشعرية بسندهم، ورواه له بإسناد متصل، وسمع بالقاهرة على الشيخ

_ 649 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 2/ 178). 650 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 2/ 179).

محيى الدين عبد القادر بن محمد الحنفى، مؤلف طبقات الحنفية: الموطأ لمالك، رواية يحيى ابن بكير وغير ذلك، وعلى فخر الدين إبراهيم بن العفيف إسحاق بن يحيى الآمدى بعض الخلعيات، وذلك من حديث الحوض فى الجزء الحادى عشر إلى آخر الثانى عشر. وحدث به الآمدى من لفظه لصمم عرض له، وسمع معنا على جماعة من شيوخنا بمكة ومن غيرهم من شيوخ مكة. وحدث، وعنى بالعلم كثيرا. وله فى الفقه نباهة ودرس كثيرا وأفتى. ومن تداريسه بمكة: الدرس الذى قرره للحنفية الأمير يلبغا الخاصكى، مدبر الدولة بمصر، تلقاه عن أبيه، والمدرسة الغياثية البنجالية، ومدرسة الزنجيلى، وتدريس الأمير أرغون، النائب بمصر أو بحلب فى دار العجلة، ثم نقل الدرس إلى المسجد. وكذلك مدرسة الزنجيلى نقل التدريس منها إلى المسجد. وناب فى العقود بمكة، عن قاضى مكة عز الدين محمد بن قاضى الحرمين محب الدين النويرى، ثم ناب عنه فى الأحكام فى آخر سنة ثلاث وثمانمائة، ثم عزله فلم يجتنب المباشرة. وذكر أن مذهبه: أن القاضى لا يعزل إلا بجنحة، ولم يأتها. ثم جاءه تقليد من صاحب مصر الناصر فرج بقضاء الحنفية فى سنة ست وثمانمائة، وجاء عزله من الناصر عقيب ذلك بعد أن باشر أياما قليلة. ثم ناب بعد ذلك فى الحكم بمكة عن قاضيها جمال الدين بن ظهيرة فى آخر سنة ست وثمانمائة، وإلا ففى أول سنة سبع وثمانمائة، وجاءه فيها تقليد من الناصر فرج صاحب مصر لقضاء الحنفية. وباشر ذلك إلى أوائل ذى الحجة من سنة تسع وثمانمائة، ثم تركه لصرفه عن ذلك بصاحبنا الشيخ جلال الدين عبد الواحد بن إبراهيم المرشدى، وما قبل جلال الدين الولاية، فأعيد القاضى شهاب الدين للمنصب فى سنة عشر وثمانمائة. وجاءه بذلك تقليد من الناصر فرج، واستمر متوليا حتى مات فى ليلة الأحد رابع عشر ربيع الأول سنة خمس وعشرين وثمانمائة بمكة المشرفة، ودفن فى صبيحتها بالمعلاة على والده. وكان عرض له قبل موته بنحو شهرين عجز عن الحركة والمشى، لسقوطه من سرير مرتفع إلى الأرض، فانفك بعض أعضائه وتألم كثيرا لذلك، أثابه الله تعالى.

651 ـ أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن على الحسنى، أبو المكارم بن أبى عبد الله الفاسى المكى

651 ـ أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن على الحسنى، أبو المكارم بن أبى عبد الله الفاسى المكى: ولد بالمدينة النبوية فى ليلة الأربعاء الثامن والعشرين من شهر رجب سنة أربع وسبعمائة. كذا وجدت مولده، بخط أبيه، وسمع عليه: العوارف للسهروردى، والفصول للقسطلانى، وفضائل الترمذى، وجزء البانياسى؛ وعلى الفخر التوزرى [ ...... ] (1) وصحيح مسلم، وسنن النسائى بفوت مجلسين، والخلعيات، والغيلانيات، والفوائد المدينة لابن الجميزى، ومشيخته، وعلى الصفى الطبرى، وأخيه الرضى إبراهيم: صحيح البخارى، والمحامليات الثلاثة، وعلى الرضى بمفرده مسند الشافعى، واختلاف الحديث له، وسنن أبى داود، وجامع الترمذى، وعن أبى عبد الله محمد بن عبد الله بن قطرال: الشفاء للقاضى عياض، وعلى المجد أحمد بن ديلم الشيبى: الأربعين المختارة لابن مسدى، وعلى الدلاصى: رسالة القشيرى، وعلى فاطمة وعائشة بنتى القطب القسطلانى: سداسيات الرازى، وغير ذلك كثيرا من الكتب والأجزاء، عليهم وعلى غيرهم من الشيوخ القادمين إلى مكة. منهم: الصدر إسماعيل بن يوسف بن مكتوم، سمع عليه جزء أبى الجهم الباهلى ومشيخته تخريج ابن الفخر بمنى، وأجاز له مع جماعة من شيوخ دمشق باستدعاء البرزالى وغيره. وأجاز له جماعة من مصر منها: حافظها شرف الدين الدمياطى. وما علمته حدث بشيء من مسموعاته. وقد ذكره الحافظ أبو المعالى بن رافع فى معجمه، وأنشد عنه بيتا سمعه منه بترعة البسلقون (2) بين الإسكندرية ودمنهور، وهو [من الطويل]: ذكرت ذنوبا موبقات أتيتها ... فهيج لى تذكارهن تالما وذكر أنه توفى فى سنة ثلاث وخمسين بمكة، وما ذكره من وفاته بمكة وهم؛ لأنه توفى بمصر، ودفن عند أبيه بالقرافة، بمقبرة الشيخ أبى محمد بن أبى جمرة. أخبرنى بذلك جماعة من أقاربى، منهم شيخنا القدوة تقى الدين عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى. وسألته عنه فقال: كانت له مكارم، سامحه الله تعالى.

_ 651 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 1/ 147). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (2) البسلقون: بلدة تابعة لمركز كفر الدوار بمحافظة البحيرة بمصر.

652 ـ أحمد بن محمد بن الزين محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن على بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون القيسى القسطلانى المكى، شهاب الدين أبو العباس بن إمام الدين

652 ـ أحمد بن محمد بن الزين محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن على بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون القيسى القسطلانى المكى، شهاب الدين أبو العباس بن إمام الدين: سمع من الرضى الطبرى: الصحيحين، وسنن أبى داود، وجامع الترمذى والشمائل له، وسنن النسائى، وصحيح ابن حبان بفوت فى أوله، وجزء ابن نجيد والثقفيات، والأربعين الثقفية، والبلدانية للسلفى، والأربعين المختارة لابن مسدى، والقصيدة الموسومة بأسنى المنائح فى أسمى المدائح، وسداسيات الرازى، وعلى عمتى أبيه: أمة الرحيم فاطمة، وأم الخير عائشة بنتى القطب القسطلانى: ثلاث مجالس من أمالى الجوهرى، وحضر عليهما فى آخر الرابعة، مجلسا من أمالى أبى سعيد البغدادى، والبلدانية للحافظ أبى القاسم بن عساكر، ولبس منهما خرقة التصوف، بلباسهما من شيخ الحرم نجم الدين بشير بن حامد الجعفرى التبريزى بسنده، وعلى فاطمة بمفردها: الفوائد المنتقاة من حديث أبى بكر بن داود السجستانى، وحضر عليها فى آخر الرابعة، اليقين لابن أبى الدنيا، وعلى الشريف أبى عبد الله الفاسى: كتاب الفصول تأليف جد جده الشيخ أبى العباس القسطلانى، وعلى أبى عبد الله بن حريث: الشفاء للقاضى عياض. وسمع على جماعة آخرين. وحدث، سمع منه والدى ومشايخنا الحافظ: أبو الفضل بن العراقى، وابنه أبو زرعة، وأبو الحسن الهيثمى، والقاضى جمال الدين بن ظهيرة، ولبسوا منه الخرقة. وكان رجلا صالحا خيرا. صحب جماعة من أهل الخير، وكانت له ملاءة ومكارم ومروءة. ومن أخباره فى الخير: أنه كان عنده حب للزراعة. فغلا سعره كثيرا فى وقت الزراعة، وأراد بيعه، ثم شك هل أخرج منه العشر أم لا؟ فتصدق به أجمع. ووقف وقفا على مسجد بشرا بنخلة الشامية وقومت تركته بخمسمائة ألف درهم. وسكن اليمن سنين كثيرة فى شبيبته، ثم عاد لمكة، وبها توفى فى سنة ست وسبعين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. ومولده سنة ثمان وسبعمائة.

653 ـ أحمد بن محمد بن محمد بن مرزوق التلمسانى، أبو العباس

653 ـ أحمد بن محمد بن محمد بن مرزوق التلمسانى، أبو العباس: ذكر ابن فرحون فى كتابه «نصيحة المشاور» وقال: كان له من الكرامات والأحوال الجليلة العزيزة اليوم فى الناس ما لا يحصر ولا يعد. وذكر له كرامات. منها: أن شخصا شوش عليه، فلم تمر عليه إلا أياما قليلة، أقل من جمعة، حتى مات بعد عذاب شديد ناله فى مرضه. وقال: كان صائم الدهر، قائم الليل لا يفتر عن ذكر الله، وكان لا يأكل الرطب ولا الفاكهة، ولا اللحم ولا السمن، حتى نحل ورق. وذكر أنه جاور بالمدينة ومكة، وبها توفى، فى سنة أربعين أو فى سنة إحدى وأربعين وسبعمائة. قلت: وجدت على حجر قبره بالمعلاة: أنه توفى فى يوم ثانى عشرى ذى القعدة سنة أربعين. ووجدت بخط شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، أنه لبس خرقة التصوف، من جدى القاضى أبى الفضل النويرى، كما لبسها من الشيخ أبى العباس بن مرزوق هذا، فى سنة ست وثلاثين وسبعمائة، تجاه الكعبة بأسانيد منها. فمنها: ما انفرد به فى عصره، وهو صحبته للشيخ المجاهد فى سبيل الله، بلال بن عبد الله الحبشى رضى الله عنه، وشيخه بحق لباسه من الشيخ أبى مدين شعيب بن الحسن، بلباسه لها من الشيخ أبى عبد الله بن حرزام، بلباسه لها من القاضى أبى بكر بن العربى، بلباسه من أبى حامد الغزالى، بلباسه من أبى المعالى إمام الحرمين عبد الملك بن الجوينى، بلباسه من أبى طالب المكى، بلباسه من أبى القاسم الجنيد، بسنده المشهور. 654 ـ أحمد بن محمد بن موسى بن داود بن عبد الرحمن، أبو على المكى، المعروف بابن شامان العطار: روى عن بكر بن خلف، وسمع بدمشق ومصر من ثقيف بن عدى، وعمر بن يحيى ابن الأسوانى، ومحمد بن معاوية، وإبراهيم بن محمد العباسى المكى الشافعى، وأحمد بن شعيب بن بشر.

_ 653 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 1/ 154).

655 ـ أحمد بن محمد بن موسى التوزرى الأصل، الشوبكى المولد، الدمشقى الدار، المقرى شهاب الدين، المعروف بالشوبكى

وروى عنه أبو بكر محمد بن أحمد بن الوليد بن أبى هشام. وذكره ابن أبى حاتم، وقال: كتب عنه أبى بكر بمكة فى المذاكرة. 655 ـ أحمد بن محمد بن موسى التوزرى الأصل، الشوبكى المولد، الدمشقى الدار، المقرى شهاب الدين، المعروف بالشوبكى: قرأ بالروايات على ابن السلار ـ فيما أظن ـ وكان لها متقنا، مع مشاركة حسنة فى العربية والفقه. وحفظ فيه المنهاج للنواوى، وكان يستحضره. ووجدت بخطه: أن القاضى عز الدين بن جماعة أجاز له، وروى عنه بإجازته. قدم مكة بعد سنة تسعين وسبعمائة بيسير، وجاور بها على طريقة حسنة، من ملازمة الإقراء والاشتغال بالعلم والعبادة الكثيرة، مع الورع التام، فإنه كان لا يأكل بها لحما، ولا ما يجلب من بلاد الطائف وناحيتها، من القمح والسمن وغير ذلك، لما اشتهر عن أهلها أنهم لا يوثون الأنثى. وكان يحمل إليه من الشام القمح والزيت، وإذا اشتهى اللحم أكل الدجاج. ولم يزل على ذلك، حتى توفى فى سابع عشر شهر ربيع الأول سنة ثمانمائة. ودفن بالمعلاة. ومولده فى سنة ست وأربعين وسبعمائة. كذا أخبرنى به أخوه محمد. 656 ـ أحمد بن محمد بن ناصر بن على الكنانى، المكى الحنبلى: سمع بدمشق من ابن أميلة بعض الترمذى، وسمع من بعض أصحاب ابن مزيز بحماة، وسمع بالقاهرة من عبد الوهاب القروى وغيره، وبالإسكندرية من ابن فتح الله، والبهاء الدمامينى، وسمع بمكة من غير واحد من شيوخنا، وحدث. واشتغل بالفقه على مذهب أحمد، وصار له فيه بعض إحساس. وتوفى فى شهر رمضان سنة اثنتى عشرة وثمانمائة، ودفن بالمعلاة عن ستين سنة أو أزيد قليلا. وكان حصل له قبيل موته مرض تكسح منه. ودام به ذلك، حتى مات رحمه الله تعالى.

_ 655 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 8/ 620). 656 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 9/ 135).

657 ـ أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة بن الأزرق بن عمرو بن الحارث ابن أبى شمر الغسانى، أبو الوليد، وأبو محمد الأزرقى المكى

657 ـ أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة بن الأزرق بن عمرو بن الحارث ابن أبى شمر الغسانى، أبو الوليد، وأبو محمد الأزرقى المكى: روى عن داود بن عبد الرحمن العطار، وسفيان بن عيينة، وعبد الجبار بن الورد المكى، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبى رواد، وعمرو بن يحيى بن سعيد السعيدى، وفضيل بن عباد، ومالك بن أنس، ومسلم بن خالد الزنجى، وجماعة، منهم: الإمام الشافعى، وهو من أقرانه. روى عنه جماعة، منهم: البخارى فى صحيحه، وحفيده محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقى، مؤلف تاريخ مكة، ومحمد بن على الصائغ المكى، آخر الرواة عنه وعبد الله بن أحمد بن أبى ميسرة المكى، ومحمد بن سعد كاتب الواقدى، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازى، ويعقوب بن سفيان الفسوى. ووقع لنا طريقه من حديثه عاليا. قال أبو حاتم الرازى، وأبو عوانة الإسفرايينى: ثقة. وذكره ابن حبان فى الثقات، وكناه بأبى محمد فقط، وقال: مات سنة اثنتى عشرة ومائتين. وقال الحاكم: مات سنة اثنتين وعشرين ومائتين. وقال صاحب الكمال: مات بعد سنة سبع عشرة ومائتين أو فيها. وذكر أنه يقال له أبو القواس، وهذا وهم. فإن القواس غيره وقد سبق ذكره فى ترجمته، وفيها تنبيه المزى على أن الصواب، التفريق بين القواس وبين الأزرقى هذا ولما عرف المزى أحمد الأزرقى هذا قال فى تعريفه: جد أبى الوليد الأزرقى صاحب تاريخ مكة. انتهى. أخبرنا ابن الذهبى قال: أنا يحيى بن سعيد قال: أنا ابن اللتى قال: أنا أبو حفص عمر ابن عمر بن عبد الله الحربى، قال: أنا أبو غالب محمد بن محمد العطار، قال: أنا أبو على ابن شاذان، قال: أنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوى، قال: حدثنا يعقوب بن سفيان الفسوى، قال: أنا أحمد بن محمد أبو محمد الأزرقى، قال: حدثنا الزنجى عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبىصلى الله عليه وسلم قال:

_ 657 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 2/ 70).

658 ـ أحمد بن محمد المكى البزار

«رأيت فى النوم بنى الحكم، أو بنى العاص، ينزون على منبرى كما تنزو القردة» قال: فما رئى النبى صلى الله عليه وسلم مستجمعا ضاحكا حتى توفى صلى الله عليه وسلم. 658 ـ أحمد بن محمد المكى البزار: روى عن أبى بكر الآجرى، كتاب الشريعة له، وأخذ عنه أبو سعيد خير بن الفقيه عيسى بن ملاس. 659 ـ أحمد بن محمد، أبو الحسن البطرنى: رحل وقرأ على أبى الفرح غلام ابن شنبوذ، وعمر بن إبراهيم الكتانى، تلا عليه ابن شريح صاحب الكافى. قال الدانى: أقرأ الناس دهرا بمكة، ولم يكن بالضابط ولا بالحافظ. مات بمكة سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة. ذكره الذهبى فى الميزان، ومنه كتبت هذه الترجمة. 660 ـ أحمد بن ماهان: قيم المسجد الحرام. روى عن أحمد بن يحيى الصوفى. سمع منه ابن المقرى، وروى عنه فى معجمه. 661 ـ أحمد بن مبارك بن رميثة بن أبى نمى الحسنى المكى المعروف بالهذبانى: كان من أعيان الأشراف ذوى رميثة، مشهورا فيهم بالشجاعة، وتجرى على قتل القائد محمد بن سنان بن عبد الله بن عمر العمرى، فى حمام بمكة اجتمعا فيه للاغتسال، وما خاف فى قتله من أهله، وهم جماعة من الفرسان. وتزوج بعض بنات السيد أحمد بن عجلان، ونال منها بالميراث عقارا طويلا تجمل به حاله حتى توفى. وكانت وفاته فى شوال أو فى ذى القعدة ـ الشك منى ـ سنة عشرين وثمانمائة. ونقل إلى مكة، ودفن بالمعلاة، وله بضع وستون سنة. والهذبانى، المنسوب هو إليه، أمير حج إلى مكة، فظهر منه بأس على أهل مكة.

_ 661 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 2/ 65).

662 ـ أحمد بن محبوب بن سليمان، أبو الحسن الفقيه الصوفى، يعرف بغلام أبى الأذنان

وكان أحمد هذا مولودا أو ولد بأثر حج الأمير الهذبانى فسمى أحمد هذا بالأمير المذكور، فيما بلغنى. 662 ـ أحمد بن محبوب بن سليمان، أبو الحسن الفقيه الصوفى، يعرف بغلام أبى الأذنان: وكان أبو الأذنان من شيوخ الصوفية. سمع أبا مسلم الكجى، ومحمد بن عثمان بن أبى شيبة، ويوسف بن يعقوب القاضى، ومحمد بن عبد الله الحضرمى، وأبا خليفة وغيرهم من شيوخ الشام ومصر. ذكره الخطيب البغدادى، وقال: ثنا عنه محمد بن أحمد بن إسحاق البزار. وكان ثقة يسكن مكة، وحدث بها، ثم قال: بلغنى أن أحمد بن محبوب مات بمدينة رسول اللهصلى الله عليه وسلم، ودفن بها فى سنة تسع وخمسين وثلاثمائة. كتبت هذه الترجمة مختصرة من تاريخ الخطيب. 663 ـ أحمد بن مسعود بن على، يلقب بالشهاب بن النجم، خادم الصوفية بالخانقاه الركنية بالقاهرة: توفى ليلة الاثنين سابع عشرى رمضان سنة تسع وستين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره لخصت هذه الترجمة. 664 ـ أحمد بن مطرف بن سوار البستى: ولى قضاء مكة خليفه لابن أبى الشوارب، سنة ثلاث وعشرين وولى أحمد بن محمد النيسابورى، فخرج البستى إلى مصر وحدث بها. وكان يروى كتاب الجمهرة لابن دريد. وتوفى سنة ست وثلاثمائة. ذكره مسلمة بن قاسم. وجدت هذه الترجمة هكذا، بخط المحدث برهان الدين إبراهيم بن القطب الحلبى فى تاريخ مصر لأبيه. 665 ـ أحمد بن المطهر بن الحسن بن يحيى الجوهرى، أبو بكر المكى: ذكره ابن النجار فى تاريخه.

_ 662 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 1/ 102).

666 ـ أحمد بن معد بن عيسى بن وكيل التجيبى، أبو العباس، المعروف بالأقليشى

666 ـ أحمد بن معد بن عيسى بن وكيل التجيبى، أبو العباس، المعروف بالأقليشى: ذكر ابن الأبار: أن أباه أصله من أقليش (1)، وسكن دانية (2). وبها ولد أبو العباس هذا ونشأ. فسمع أباه وأبا العباس بن عيسى، وتلمذ له. ورحل إلى بلنسية (3)، فأخذ العربية والأدب عن أبى محمد البطليوسى. وسمع الحديث من صهره أبى الحسن طارق، وابن يعيش، وأبى بكر بن العربى، وأبى محمد العلبى، وعباد بن سرحان، وأبى الوليد بن الدباغ، وأبى الوليد بن خيرة. ولقى بالمدينة أبا القاسم بن ورد، وأبا محمد عبد الحق بن عطية، وأبا العباس بن العريف، فروى عنهم. ورحل إلى المشرق سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، وأدى الفريضة، وجاور بمكة سنين. وسمع بها من أبى الفتح الكروجى «جامع الترمذى» برباط أم الخليفة العباسى سنة سبع وسبعين. وحدث بالأندلس والمشرق. وروى عنه: أبو الحسن بن كوثر بن بيبش على ما ذكر ابن الأبار، وقال: كان عالما عاملا متصوفا شاعرا مجودا، مع التقدم فى الصلاح والزهد، والعروض عن الدنيا وأهلها، والإقبال على العلم والعبادة. وله تصانيف كثيرة مفيدة. منها: كتاب الكوكب، وكتاب النجم من كلام سيد العرب والعجم، عارض به كتاب «الشهاب» للقضاعى ـ وقد رويته ـ وكتاب: الغرر من كلام سيد البشر، وكتاب ضياء الأولياء، وهو أسفار عدة، حملت عنه معشراته فى الزهد. وقال ابن الأبار: توفى فى صدوره عن المشرق بمدينة قوص من صعيد مصر، فى عشر الخمسين وخمسمائة.

_ 666 ـ انظر ترجمته فى: (ابن الأبار 88). (1) أقليش: مدينة بالأندلس من أعمال شنت برية وهى اليوم للأفرنج. وقال الحميدى: أقليش بليدة من أعمال طليطلة. انظر: معجم البلدان (أقليش). (2) دانية: مدينة بالأندلس من أعمال بلنسية على ضفة البحر شرقا. انظر: معجم البلدان (دانية). (3) بلنسية: كورة ومدينة مشهورة بالأندلس متصلة بحوزة كورة تدمير، وهى شرقى تدمير وشرقى قرطبة، وهى برية بحرية ذات أشجار وأنهار، وتعرف بمدينة التراب، وتتصل بها مدن تعد فى جملتها، وبينها وبين تدمير أربعة أيام ومنها إلى طرطوشة أيضا أربعة أيام. انظر: معجم البلدان (بلنسية).

667 ـ أحمد بن مفتاح المكى، يلقب بالشهاب، ويعرف بالقفيلى

وقال: قال أبو عبد الله بن عباد: توفى سنة خمسين أو إحدى وخمسين بعدها، وقد نيف على الستين. وما ذكره ابن الأبار من وفاته بقوص، مخالفا لما ذكره السلفى من [ ...... ] (4) معجم السفر، فإنه قال: توجه إلى الحجاز، وبلغنا أنه توفى بمكة. وقد جزم بوفاته بمكة: الحافظ منصور بن سليم الإسكندرى، والله أعلم. وذكره السلفى فى معجم السفر له، وقال: كان محمود الطريقة فصيحا، من الأدب والورع والمعرفة بعلوم شتى. انتهى. وأنشد ابن الأبار للأقليشى هذا شعرا، رواه بإسناده إليه وهو [من الطويل]: أسير الخطايا عند بابك واقف ... له عن طريق الحق قلب مخالف قديما عصى عمدا وجهلا وغرة ... ولم ينهه قلب من الله خائف تزيد سنوه وهو يزداد ضلة ... فها هو فى ليل الضلالة عاكف تطلع صبح الشيب والقلب مظلم ... فما طاف فيه من سنا الحق طائف ثلاثون عاما قد تولت كأنها ... حلوم منام أو بروق خواطف وجاء المشيب المنذر المرء أنه ... إذا ارتحلت عنه الشبيبة تالف فيا أحمد الخوان قد أدبر الصبا ... وناداك من سن الكهولة هاتف فهل أرق الطرف الزمان الذى مضى ... وأبكاه ذنب قد تقدم سالف فجد بالدمع الحمر حزنا وحسرة ... فدمعك ينبى أن قلبك آسف قال ابن الأبار: وافق فى أول هذه القطعة قول أبى الوليد بن الفرضى (5)، أو أخذه منه نقلا. انتهى. 667 ـ أحمد بن مفتاح المكى، يلقب بالشهاب، ويعرف بالقفيلى: كان أبوه عبدا لأمير مكة ثقبة بن رميثة الحسنى، ونشأ المذكور مع أولاد سيده وخدمهم، ثم قلل من خدمتهم، وأقبل على التجارة فاكتسب دنيا وعرف عند الناس، وصار يتردد للتجارة إلى اليمن، وفيه خير وديانة. توفى فى العشر الأول من ذى الحجة، قبل عرفة بأيام قليلة من سنة تسع عشرة وثمانمائة.

_ (4) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (5) هو الحافظ أبو الوليد عبد الله بن يوسف الأزدى المتوفى سنة 403 هـ‍. 667 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 2/ 633).

668 ـ أحمد بن مودود بن القاسم بن الخضر بن جعفر الخلاطى الأصل، المدنى المولد، أبو العباس المكى الصوفى، المعروف بالحجازى

والقفيلى: نسبة إلى القفيل، مكان مشهور من أعمال حلى بن يعقوب 668 ـ أحمد بن مودود بن القاسم بن الخضر بن جعفر الخلاطى الأصل، المدنى المولد، أبو العباس المكى الصوفى، المعروف بالحجازى: سمع بمكة من زاهر بن رستم، ومن يونس الهاشمى، ويحيى بن ياقوت. حدث، سمع منه المحدثون: أبو صادق بن رشيد العطار، وأحمد بن النصر بن نبا، الفخر التوزرى، والحافظ الدمياطى، وذكره فى معجمه، وقال: إن أباه يقال له مودود أيضا. وكتب عنه منصور ابن سليم أنا شيد فى تاريخه للإسكندرية، وذكر أنه لما قدم عليهم الإسكندرية، نزل بالمدرسة الحافظية، ثم صحبه فى التحمل وأجازه. قال: وأصله من خلاط من مدينة أرمينية (1). وذكر القطب الحلبى أنه وجد بخط عبيد الإسعردى فى نسبه: أحمد بن مودود. ونقل القطب عن الشريف الحسينى، أنه توفى يوم الخميس الثالث والعشرين من ذى القعدة سنة ست وخمسين وستمائة، ودفن من الغد. وذكر الدمياطى فى معجمه وفاته: يوم الجمعة الرابع والعشرين منه بالقاهرة. وكان لما رآه دفن ذلك اليوم، أطلق أنه مات فيه؛ لأنه قال: ودفن فيه. 669 ـ أحمد بن موسى بن حرب بن شبيب التميمى، أبو زرعة المكى: حدث عن محمد بن عمران بن موسى. سمع منه أبو بكر بن المقرى، وروى عنه فى معجمه، ومنه كتبت هذه الترجمة. 670 ـ أحمد بن موسى بن على المكى، شهاب الدين، المعروف بابن الوكيل الشافعى، يكنى أبا العباس: سمع بمكة من محمد بن عبد المعطى وغيره من شيوخها، وبدمشق من صلاح الدين بن أبى عمر، وطلب العلم بمكة، فأخذ الفقه عن الشيخ جمال الدين الأميوطى، والشيخ

_ 668 ـ (1) أرمينية: قيل: هما أرمينيتان الكبرى والصغرى، وحدهما من برذعة إلى باب الأبواب، ومن الجهة الأخرى إلى بلاد الروم وجبل القبق وصاحب السرير. انظر: معجم البلدان (إرمينية). 670 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 8/ 542).

برهان الدين الأبناسى، والشيخ نجم الدين بن الجابى الدمشقى، وأخذ عنه الأصول، وعن الشيخ شمس الأئمة الكرمانى، شارح البخارى، ومختصر ابن الحاجب، وأخذ النحو بمكة عن نحويها أبى العباس بن عبد المعطى، والفرائض عن القاضى شهاب الدين بن ظهيرة. وكان يحضر عند القاضى أبى الفضل النويرى فى دروسه العامة، ثم رحل فأخذ العلم عن الشيخ ضياء الدين العفيفى مدرس المنصورية، وشيخ الإسلام سراح الدين البلقينى. وحصل علما جمّا، وكان من أحسن الناس فهما، ولولا معاجلة المنية له بالاخترام لبهرت فضائله وقل مماثله. وله تواليف منها: مختصر المبهمات للأسنوى، واختصر الملحة للحريرى نظما وشرحها، وله نظم جيد وذكاء مفرط، وكانت له حلقة بالمسجد الحرام يشغل فيها. ثم انتقل من مكة إلى القاهرة فى موسم سنة تسع وثمانين لملايمته فى هذه السنة أمير مكة عنان بن مغامس، ومدحه له بقصيدة نال فيها من ذوى عجلان، وفى موسم هذه السنة دخلوا مكة مع على بن عجلان، وقد ولى إمرتها. ولم يزل بالقاهرة مقيما حتى توفى فى صفر سنة إحدى وتسعين. ودفن بمقبرة الصوفية بالخانقاه الصلاحية. وهو فى عشر الأربعين، كما ذكر فى تاريخ مولده. ومن شعره. قوله فى العذار [من البسيط]: رام العذاران تقبيلا لمبسمه ... فجرد اللحظ سيفا منه مسلولا فحمرة الخد ما قد صار بينهما ... من الدماء بسيف اللحظ مطلولا وله فيه [من البسيط]: لاح العذار بخديه فقلت له ... ما ذاك شعر كما قد ظن عاذله وإنما لحظه سيف يصول به ... وذا العذار الذى يبدو حمائله وله فى مليح على خده كلف [من البسيط]: قد قال لى عاذلى يوما يعنفنى ... فى أكلف الخد قد أودى بك الكلف فقلت ما ذاك من عيب يعاب به ... أما ترى البدر من أوصافه الكلف وله فى مليح بخده خال [من الطويل]: وذى طلعة يزهو كصبح وصاله ... وفى خده التأثير من ليل صده

671 ـ أحمد بن موسى بن عميرة الببناوى المكى، يلقب بالشهاب

وما ذاك خال غير أن رق وجهه ... فلاح سواد الطرف منى بخده وله [من الكامل]: الله يعلم أننى بك مغرم ... والقلب منى فى هواك متيم فإلى متى هذا الصدود وذا الجفا ... وإلى متى أخفى الغرام وأكتم ما البحر إلا من تدفق أدمعى ... والنار إلا من فؤادى تضرم كم ليلة قد بت فيها غائبا ... والله بالشوق المبرح أعلم أمسى أكابد لوعة بحشاشتى ... وأحن من فرط الغرام وأرزم وأنادم التسهيد من ألم الجوى ... ومسامرى فى طول ليلى الأنجم إنى لفى قيد الهلاك ومن رأى ... عينيك كيف من المنية يسلم مهلا أفاطم قد قتلت من الجفا ... وجرى من الآماق فى خدى دم وفطمت قلبى عن هواك وحق لى ... عن حب غيرك يا مناى أفطم حكم الزمان علىّ منك بجفوة ... جار الزمان علىّ فيما يحكم قد كنت أختار المنون ولا الجفا ... لو أننى فيما اشتهيت أحكم بالله ربك رحمة لفتى فمن ... للصب لم يك راحما لا يرحم كم أشتكى حالى إليك ولو ترى ... حالى علمت بأن أمرى أعظم ولقد شكوت إلى الحطيم وزمزم ... حالى فرق لى الحطيم وزمزم ورفعت للبيت العتيق شكيتى ... فحنى علىّ ورق لو يتكلم قسما عليك بحسن وجهك واصلى ... فسواه لست به وحقك أقسم وارثى لصب فى هواك متيم ... قد كاد من ألم الصبابة يعدم 671 ـ أحمد بن موسى بن عميرة الببناوى المكى، يلقب بالشهاب [ .... ] (1): توفى فى رجب سنة تسعين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. 672 ـ أحمد بن ميسرة المكى: روى عن عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبى رواد. وعنه أبو الوليد الأزرقى، مؤلف تاريخ مكة. روينا عنه فى تاريخه، قال: حدثنى أحمد ابن ميسرة المكى قال: ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبى رواد عن أبيه، قال: رأيت عطاء وطاوسا يكونان فى المسجد الحرام، فربما توضأ، قال: يفحص لهما بعض

_ 671 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

673 ـ أحمد بن ناصر بن يوسف بن أحمد بن محمد المضرى ـ بضاد معجمة ـ الواسطى المكى الشافعى، يلقب بالشهاب

جلسائهما عن البطحاء، فيتوضأ وضوءا سابعا حتى الرجلين، لا يكون من وضوء الصلاة شيء أتم منه، ثم تعاد كما كانت. 673 ـ أحمد بن ناصر بن يوسف بن أحمد بن محمد المضرى ـ بضاد معجمة ـ الواسطى المكى الشافعى، يلقب بالشهاب: هكذا وجدت نسبه بخطه. وضبط المضرى كما ذكرنا. سمع بمكة من عثمان بن الصفى بعض سنن أبى داود، وعلى الشيخين: سراج الدين الدمنهورى، وفخر الدين النويرى: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، وما علمته حدث، وسألت عنه ابن أخته لأمه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، فذكر أنه كان شاعر الحجاز فى وقته. وكان فاضلا ذكيا اشتغل بالفقه والأصول وغيرهما. كان أقام بدمشق مدة، واشتغل بها، ثم عاد إلى مكة، وتعانى المتجر فلم يحسن له، ثم انتقل إلى بلاد فارس فأقام بها مدة إلى أن قتل، ولم يبين شيخنا القاضى جمال الدين متى كان قتله، ولعله كان فى عشر الثمانين، وإلا فى عشر السبعين وسبعمائة. وكان حيا فى سنة اثنتين وسبعين، وميتا فى سنة سبع وثمانين. ومن شعره من قصيدة له [من البسيط]: لولا كم ما ذكرت الخيف خيف منى ... ولا العقيق ولا نجدا ونعمانا ولا الكثيب ولا سفح الغوير ولا ... أعلام كاظمة والأثل والبانا ولا ذكرت طلولا بالمعالم من ... أرض الحجاز ولا ربعا وسكانا ولا غدت فى الهوى شوقا تؤرقنى ... ورق الحمام ولا جددن أحزانا ولا صبوت إلى نحو الصبا سحرا ... من حاجر لا ولا أصبحت ولهانا وله من مواضع فى قصيدة أخرى [من الطويل]: أجيران وادى السفح ما فعل السفح ... وما علمكم بالطلح هل سقى الطلح؟ وما كان من عرب الحما أحديثهم ... عن البين جد منهم لى أم مزح؟ قفوا حدثونى عن ديار لهم خلت ... بنجد لها فى كل جارحة جرح لئن كنت سمحا فى هواكم بمهجتى ... فعندى فى سلوان حبهم شح هبوا أن ذنبى أوجب البعد عنكم ... فما عن عظيم الذنب من وصلكم صفح

674 ـ أحمد بن يزيد بن عبد الله الجمحى المكى

674 ـ أحمد بن يزيد بن عبد الله الجمحى المكى: لا يكتب حديثه، قاله الأزدى. وذكره زكريا الساجى فى ضعفاء أهل المدينة، وكأنه والد أبى يونس محمد بن أحمد الجمحى. ومن مناكيره: ما روى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا: ما على أحد لج به همه، يتقلد قوسه، ينفى بذلك همه. قال الساجى: هذا منكر. ذكره ـ هكذا ـ الذهبى فى الميزان. 675 ـ أحمد بن يوسف بن أحمد بن صالح بن عبد الرحمن الحجبى أبو الفضل الشيبى المكى: أجاز له فى سنة سبع عشرة وسبعمائة العفيف الدلاصى، وأبو عبد الله بن حريث العبدرى السبتى، وفاطمة بنت القطب القسطلانى، والرضى الطبرى، وذكر أنه سمع عليه صحيح البخارى. وسمع من الزين الطبرى سنن النسائى، وعلى القاضى شهاب الدين الطبرى، وما علمته حدث. وقد أجاز لخالى ووالدتى وغيرهما من أقاربى، كان ولى فتح الكعبة أشهرا من جهة الشريف عجلان أمير مكة، لما غاب عنها الشيخ محمد بن أبى بكر الشيبى، وذلك فى أوائل سنة سبع وخمسين، إلى استقبال رمضان منها، على ما وجدت بخط شيخنا ابن سكر. وتوفى سنة تسع وسبعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة على ما وجدت تاريخ وفاته، بخط شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، وهو المخبر لى بدعواه سماع صحيح البخارى من الرضى الطبرى، قال: ولم أقف له على أصل. انتهى. وأم أبى الفضل الشيبى، أم الهدى بنت الخطيب تقى الدين عبد الله بن الشيخ محب الدين الطبرى، وسيأتى ذكرها. وأما أبوه: فسمع من الفخر التوزرى مشيخة ابن عبد الدائم فى سنة ثمان وسبعمائة بمكة، على ما وجدت بخط جد أبى، الشريف أبى عبد الله الفاسى، وما علمت من حاله سوى هذا.

_ 674 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 1/ 164).

676 ـ أحمد بن يوسف بن عبد الرحمن بن الشيخ إسماعيل بن محمد الحضرمى، المعروف بالأهدل اليمنى

676 ـ أحمد بن يوسف بن عبد الرحمن بن الشيخ إسماعيل بن محمد الحضرمى، المعروف بالأهدل اليمنى: نزيل مكة. كان يذكر بصلاح وخير وإيثار، وللناس فيه اعتقاد، سيما العامة، فإنهم يفرطون فى اعتقاده. ولما مات عظم جدا الازدحام على حمل نعشه، ولم أر مثل ذلك بمكة، وكان تردد إليها من بلاده للحج والزيارة، ثم انقطع بمكة نحو اثنتى عشرة سنة متصلة بموته أو أزيد، وكان فى خلال إقامته بمكة يزور المدينة النبوية. وتوفى فى يوم السبت الثامن عشر من شعبان سنة تسع عشرة وثمانمائة، بمنزله برباط الشرابى بمكة، ودفن بالمعلاة فى مقبرة أعدها لنفسه، وقد بلغ من العمر ستين سنة أو أزيد، ونسبته إلى الأهدل، لعله باعتبار أم لا أو واحد من آبائه الذكور؛ لأن نسبه يتصل بالشيخ إسماعيل الحضرمى، الولى المشهور، كما سبق. * * * من اسمه أحمد غير منسوب 677 ـ أحمد بن التركمانى، الأمير مجد الدين: أمير مكة. سمع بها من الإمام تقى الدين على بن أبى بكر الطبرى، إمام المقام الشريف، وأخيه يعقوب الطبرى: المجلد الثالث من صحيح البخارى، من نسخة بيت الطبرى، والسماع بقراءة أحمد بن حسن بن عمر الزهرى، على ما وجدت بخطه، وصدر به أول السامعين، ونص ما كتب: الأمير الأجل مجد الدين أحمد بن التركمانى، أمير مكة، صان الله قدره، وسدد بالتوفيق أمره. ووجدت بخط بعض العصريين فى تاريخ له: أن الصالح أيوب بن الكامل بن العادل صاحب مصر، جهزه إلى مكة مع ابن برطاس فى مائة وخمسين فارسا، سنة تسع وثلاثين وستمائة، نجدة للعسكر المصرى، الذى كان بمكة؛ لأنهم كتبوا إلى صاحب مصر المذكور، يذكرون له أن صاحب اليمن جهز جيشا كثيفا إلى مكة، فلما علم بخبرهم صاحب اليمن، تجهز بنفسه فى عسكر جرار. فلما علم بذلك المصريون، ولوا

_ 676 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 1/ 159).

678 ـ أحمد بن الطولونى، المعلم شهاب الدين المصرى

هاربين وحرقوا دار المملكة بمكة على ما فيها من سلاح وغيره. ودخلها صاحب اليمن فى شهر رمضان من السنة المذكورة. ووجدت بخط ابن محفوظ: أن ابن التركمانى جاء إلى مكة فى سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، وأنه أقام بها إلى رمضان سنة تسع وثلاثين. 678 ـ أحمد بن الطولونى، المعلم شهاب الدين المصرى: تردد إلى مكة للهندسة على العمارة بالحرم الشريف وغيره من المآثر بمكة غير مرة، آخرها سنة إحدى وثمانمائة مع الأمير بيسق الظاهرى، وتوجه منها بعد الفراغ من العمارة، فى أوائل صفر سنة اثنتين وثمانمائة. وأدركه الأجل بعسفان (1) فى يوم الجمعة عاشر صفر، فحمل إلى مكة، ودفن بالمعلاة. وكان الملك الظاهر صاحب مصر، صاهره على ابنته. ونال بذلك وجاهة. 679 ـ أبان بن أبى أحيحة سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصى بن كلاب الأموى: قال الزبير بن بكار: أسلم أبان واستشهد بأجنادين (1) وذكر أن إسلامه. تأخر عن إسلام أخويه: خالد بن سعيد، وعمرو بن سعيد، فقال أبان يعاتبهما على إسلامهما [من الطويل]: ألا ليت ميتا بالضريبة شاهد ... بما يفترى فى الدين عمرو وخالد أطاعا بنا أمر النساء فأصبحا ... يعينان من أعدائنا من يكايد فأجابه عمرو بن سعيد فقال [من الطويل]: أخى يا أخى لا شاتم عرضه أنا (2) ... ولا هو عن سوء المقالة يقصر

_ 678 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 1/ 221، 2/ 149 وخلط ابن حجر بين ترجمته وترجمة ابنه، إنباء الغمر 2/ 57 ترجمته 3 وله أيضا ترجمة فى الدليل الشافى 1/ 100 رقم 348، المنهل الصافى 2/ 283). (1) عسفان: قرية جامعة فى الطريق بين الجحفة ومكة. انظر: معجم البلدان (عسفان). 679 ـ (1) أجنادين: موضع معروف بالشام من نواحى فلسطين، وفى كتاب أبى حذيفة إسحاق ابن بشير بخط أبى عامر العبدرى: أن أجنادين من الرملة من كورة بيت جبرين. انظر: معجم البلدان (أجنادين). (1) عسفان: قرية جامعة فى الطريق بين الجحفة ومكة. انظر: معجم البلدان (عسفان). (2) فى أسد الغابة: أخى ما أخى لا شاتم أنا عرضه

يقول إذا شكت عليه أموره ... ألا ليت ميتا بالضريبة ينشر فدع عنك ميتا قد مضى لسبيله ... وأقبل على الحى الذى هو أفقر ثم أسلم أبان بعد ذلك. قال: وهو الذى أجار عثمان رضى الله عنه، حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قريش، فى عام الحديبية. وحمله على فرسه حتى دخل به مكة، وقال: قال عمى مصعب، قال له [من المنسرح]: أقبل وأدبر ولا تخف أحدا ... بنو سعيد أعزة الحرم قال الزبير: وحدثنى عبد الله بن عبد الله بن عنبسة بن سعيد، قال: جاء عثمان بن عفان رضى الله عنه مكة عام الحديبية، برسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قريش، فقالت له قريش: شمر إزارك. فقال أبان بن سعيد [من المنسرح]: أسبل وأقبل ولا تخف أحدا ... بنو سعيد أعزة الحرم فقال عثمان رضى الله عنه: التشمير من أخلاقنا. انتهى. قال ابن الأثير (3): وكان أبان شديدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، وكان سبب إسلامه، أنه خرج تاجرا إلى الشام، فلقى راهبا فسأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: إنى رجل من قريش، وإن رجلا منا خرج فينا يزعم أنه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أرسله مثل ما أرسل موسى وعيسى، فقال: ما اسم صاحبكم؟ قال: محمد، قال الراهب: فإنى أصفه لك فذكر صفة النبى صلى الله عليه وسلم وسنه ونسبه، فقال أبان: هو كذلك. فقال الراهب: والله ليظهرن على العرب، ثم ليظهرن على الأرض. وقال لأبان: اقرأ على الرجل الصالح السلام. فلما عاد إلى مكة سأل عن النبى صلى الله عليه وسلم، ولم يقل عنه وعن أصحابه، كما كان يقول، وكان ذلك قبل الحديبية، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار إلى الحديبية، فلما عاد منها، تبعه أبان فأسلم وحسن إسلامه. ثم قال: واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، على البحرين، لما عزل عنها العلاء بن الحضرمى. فلم يزل عليها إلى أن توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجع إلى المدينة. فأراد أبو بكر رضى الله عنه أن يرده إليها. فقال: لا أعمل لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: بل عمل لأبى بكر رضى الله عنه على بعض اليمن. والله أعلم. ثم قال: وكان أبان رضى الله عنه، أحد

_ (3) انظر: أسد الغابة فى معرفة الصحابة لابن الأثير (1/ 35).

من اسمه إبراهيم

من تخلف عن بيعة أبى بكر رضى الله عنه، لينظر ما يصنع بنو هاشم، فلما بايعوه، بايع، وقد اختلف فى وقت وفاته. فقال ابن إسحاق: قتل أبان وعمرو ابنا سعيد يوم اليرموك. ولم يتابع عليه. وكانت اليرموك (4) بالشام، لخمس مضين من رجب سنة خمس عشرة، فى خلافة عمر رضى الله عنه. وقال موسى بن عقبة: قتل يوم أجنادين. وهو قول مصعب والزبير، وأكثر أهل النسب. وقيل: إنه قتل يوم مرج الصفر عند دمشق. وكانت وقعة أجنادين فى جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة فى خلافة أبى بكر رضى الله عنه قبل وفاته بقليل، وكان يوم مرج الصفر (5) فى سنة أربع عشرة فى صدر خلافة عمر رضى الله عنه. وقيل: كانت الصفر، ثم اليرموك، ثم أجنادين. وسبب هذا الاختلاف، قرب هذه الأيام بعضها من بعض. وقال الزهرى: إن أبان بن سعيد بن العاص، أملى مصحف عثمان على زيد بن ثابت بأمر عثمان رضى الله عنهم. ويؤيد هذا قول من زعم أنه توفى سنة تسع وعشرين. روى عنه أنه خطب، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد وضع كل دم فى الجاهلية. أخرجه ثلاثتهم. وأمه وأم أخيه عبيدة ـ الذى قتله الزبير بن العوام يوم بدر كافرا ـ وفاختة التى تزوجها أبو العاصى بن الربيع بن عبد شمس: هند بنت المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. * * * من اسمه إبراهيم 680 ـ إبراهيم بن أحمد بن على بن فراس العبقسى، نسبة إلى عبد القيس: ذكره هكذا، رشيد الدين بن المنذرى فى مختصره لتاريخ المسبحى، قال: وكان

_ (4) اليرموك: موضع بالشام فيه كانت الوقيعة العظمى المشهورة للمسلمين على الروم فى الصدر الأول. انظر: الروض المعطار 617، 618، معجم ما استعجم (اليرموك). (5) مرج الصّفّر: بالضم، وتشديد الفاء، موضع بدمشق. انظر: معجم البلدان (مرج الصفر).

681 ـ إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد، الشيخ برهان الدين الأردبيلى

مستورا، قد نقل الحديث عن الكثير. والتقى بالواردين، كثير الحديث، مقبول الشهادة، كانت عنده سنن سعيد بن منصور عن محمد بن على الصائغ الصغير. وذكر أنه توفى لخمس خلون من شهر ربيع الأول سنة أربع وأربعين وثلاثمائة. انتهى. وإبراهيم هذا، من سكان مكة فى غالب ظنى. والله أعلم. 681 ـ إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد، الشيخ برهان الدين الأردبيلى: نزيل مكة. سمع بمكة فى العشر الأخير من رمضان سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، جامع الترمذى على المشايخ الخمسة: الزين الطبرى، ومحمد بن الصفى، وبلال عتيق ابن العجمى، والشيخ جمال الدين المطرى، وعيسى بن عبد الله الحجى، وسمع على الزين أيضا، وعثمان بن الصفى والآقشهرى: سنن أبى داود، وقرأ على الشيخ خضر بن حسن محمود النابتى: صحيح البخارى، وعلى الشيخ خليل المالكى: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، وعلى الإمام أحمد بن الرضى الطبرى: صحيح مسلم، وما علمته حدث. وقد أجاز لبعض شيوخنا. وكان يعمل ميعادا بالمسجد الحرام، أمام رباط رامشت، وكان له عليه خمسة آلاف درهم فى السنة من بيت المال بالقاهرة، وله معرفة بالطب والكيمياء على ما يقال، وتأهل بمكة بعائشة ابنة الشيخ دانيال خالة والدى، ورزق منها ابنتاه: أم كلثوم، وزينب الآتى ذكرهما. ومدة استيطانه بمكة نحو أربعين سنة فى غالب ظنى. وأخبرنى والدى: أنه توفى فى سنة إحدى وسبعين وسبعمائة بالقاهرة، ودفن بمقابر الصوفية. 682 ـ إبراهيم بن أحمد بن محمد بن حجر بن أحمد بن على بن أحمد بن حجر الأزدى نسبا، الهجرى بلدا: هكذا ذكر الجندى فى تاريخ اليمن، وقال: غلبت عليه العبادة، وسكن مكة وأقام بها، واعتمر فى السنة التى توفى فيها: مائة وعشرين عمرة، ستون فى رجب وشعبان، وستون فى رمضان. ثم توفى فى شوال سنة اثنتين وسبعين وستمائة. وحجر ـ بحاء مهملة مضمومة ـ انتهى كلام الجندى.

683 ـ إبراهيم بن أحمد بن أبى بكر بن عبد الوهاب الفوى، الشيخ برهان، المعروف بالمرشدى

ووجدت فى حجر قبره بالمعلاة، أنه توفى يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من شوال سنة اثنتين وسبعين وستمائة. وفى الحجر أيضا: الحضرمى، بعد حجر الأولى، وترجم فيه: بالشاب الصالح الفقيه. 683 ـ إبراهيم بن أحمد بن أبى بكر بن عبد الوهاب الفوى، الشيخ برهان، المعروف بالمرشدى: نزيل مكة. سمع بالقاهرة من أبى على عبد الرحيم بن عبد الله الأنصارى المعروف بابن شاهد الجيش: صحيح البخارى، ومن أبى الفتح الميدومى: مجلس البطاقة، ثم قدم مكة، وسمع بها كثيرا على جماعة من شيوخها والقادمين إليها، فى أوائل عشر الستين وسبعمائة، وحدث. سمع منه جماعة بقراءة شيخنا العلامة الحافظ أبى زرعة بن العراقى: ثلاثيات صحيح البخارى، وشيئا من آخره بالقاهرة، وكان يتردد إليها من مكة. ومن خط شيخنا المذكور، استفدت سماعه للبخارى. ونقلت من خطه: أنه توفى فى شوال سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. انتهى. وكان كثير الطواف، ذا ديانة وملاءة، ومدة استيطانه لمكة نحو ثلاثين سنة، وتأهل بها، وله الآن بها أولاد ذكور نجباء وبنتان. 684 ـ إبراهيم بن أحمد المصرى، برهان الدين البطائقى، يعرف بابن أخت عون: نزيل مكة. سمع بها فى سنة اثنتين وستين وسبعمائة، على محمد بن صبيح المكى، والقاضى أبى الفضل النويرى: صحيح البخارى، والسماع بقراءة شيخنا العفيف عبد الله ابن الزين الطبرى وخطه، إلا أنه سمى أباه محمدا، وذكر أنه قرشى. وكان فراشا بالحرم الشريف، وكان صاهر شيخ الفراشين أحمد بن سالم المؤذن على ابنته. ومات عندها فى يوم الخميس سادس عشرى رجب سنة تسع وسبعين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. نقلت وفاته من حجر قبره بالمعلاة. وفيه أن اسم والده أحمد. فالله أعلم.

685 ـ إبراهيم بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله ابن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب الحسينى الموسوى، أبو جعفر المكى

685 ـ إبراهيم بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله ابن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب الحسينى الموسوى، أبو جعفر المكى: قاضى الحرمين. سمع أبا سعيد بن الأعرابى، وأبا بكر الآجرى، وأبا قتيبة سلم بن قتيبة وغيرهم. وحدث. سمع منه بمكة أبو على الأهوازى، وبمصر رشا بن نظيف، وبدمشق [ .... ] (1). قال الحاكم: وجاءنا نعى الشريف الموسوى قاضى الحرمين، فى رمضان سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. ذكره ابن عساكر فى تاريخ دمشق، ومن مختصره للذهبى، كتبت هذه الترجمة. وقد رأيته مترجما فى بعض الأجزاء المسموعة من طريقه: بإمام المسجد الحرام، فيكون على هذا ولى الإمامة والقضاء بمكة. والله تعالى أعلم. 686 ـ إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك بن أبى محذورة القرشى الجمحى المكى، ابن عم إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبى محذورة: روى عن جده عبد الملك بن أبى محذورة عن أبيه أبى محذورة حديث الأذان. روى عنه أبو جعفر عبد الله بن محمد النفيلى الحرانى. روى له أبو داود. ذكره ـ هكذا ـ المزى فى التهذيب. 687 ـ إبراهيم بن إسماعيل، ويقال إسماعيل بن إبراهيم السلمى، ويقال الشيبانى: حجازى. روى عن عبد الله بن عباس، وأبى هريرة، وعائشة أم المؤمنين، وامرأة رافع بن خديج رضى الله عنهم. وكان خلفه عليها. روى عنه حجاج بن عبيد، وعباس بن عبد الله بن معبد بن عباس، وعمرو بن دينار، ويعقوب بن خالد بن المسيب. روى له أبو داود وابن ماجة، عن أبى هريرة «أيعجز أحدكم أن يتأخر أو يتقدم فى

_ 685 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 1/ 66). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 686 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 1/ 77).

688 ـ إبراهيم بن بشير المكى عن مالك بن أنس

الصلاة؟ » (1) يعنى: السبحة، وهو حديث مختلف فى إسناده. قال محمد بن إسحاق: ثنا عباس بن عبد الله بن معبد عن إسماعيل بن إبراهيم، وكان خيارا. وقال أبو حاتم: مجهول. ذكره المزى فى التهذيب، ومنه كتبت ما ذكرته. وذكره الذهبى فى الميزان، وقال: إبراهيم بن إسماعيل المكى: لا يكاد يعرف. قال يحيى: ليس بشئ. وذكره فى باب إسماعيل بن إبراهيم، ولم ينبه على أنهما واحد. وكلام المزى فى التهذيب يقتضى أنهما واحد. وذكر لى جزما صاحبنا الحافظ أبو الفضل بن حجر، وقال فى كتابه «لسان الميزان»: وذكره يعقوب بن سفيان الفارسى فى باب: من يرغب عن الرواية عنهم، وذكره ابن شاهين، وابن الجارود فى الضعفاء. انتهى. 688 ـ إبراهيم بن بشير المكى عن مالك بن أنس: قال الدارقطنى: ضعيف. ذكره الذهبى ـ هكذا ـ فى الميزان. وزاد أبو الفضل بن حجر فى كتاب لسان الميزان، فقال: روى عنه جعفر بن محمد ابن كزال. 689 ـ إبراهيم بن أبى بكر بن محمد البرلسى الحسنى المصرى، برهان الدين، المعروف بالفرضى: نزيل مكة، سمع بها فى عشر التسعين وسبعمائة على شيخنا الأميوطى، والنشاورى

_ 687 ـ (1) أخرجه ابن ماجة فى سننه باب ما جاء فى صلاة النافلة حيث تصلى المكتوبة، حديث رقم (1471) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة، حدثنا إسماعيل بن علية، عن ليث، عن حجاج بن عبيد، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن أبى هريرة، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «أيعجز أحدكم، إذا صلى، أن يتقدم أو يتأخر، أو عن يمينه، أو عن شماله» يعنى السبحة. وأخرجه أبو داود فى سننه باب الرجل يتطوع فى مكانه الذى صلى فيه المكتوبة حديث رقم (1005) من طريق: مسدد، أخبرنا حماد وعبد الوارث، عن ليث، عن الحجاج بن عبيد، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيعجز أحدكم ـ قال عن عبد الوارث ـ أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله. زاد فى حديث حماد: فى الصلاة» يعنى فى السبحة. 688 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 1/ 24).

690 ـ إبراهيم بن أبى بكر الأخنسى

وغيرهما من شيوخنا، وأقرا بها الفرائض والحساب، وكان بارعا فى ذلك، وأخذ ذلك عن الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف بن عادى الكلائى، صاحب المختصر المشهور، وانتفع الناس به فى ذلك بمكة، وكان جاور بها نحو عشرين سنة متوالية، إلا أنه تردد فى بعض السنين إلى مصر طلبا للرزق، وأدركه الأجل بها، بإثر قدومه إليها فى الثالث والعشرين من المحرم سنة اثنتين وثمانمائة، ودفن ـ فيما أحسب ـ بمقابر باب النصر، وقد قارب الستين، فيما أحسب. والحسنى، نسبة إلى بلدة يقال لها نخلة حسن بالغربية من أعمال مصر. 690 ـ إبراهيم بن أبى بكر الأخنسى: روى عن طاوس، ومجاهد. وعنه: ابن أبى نجيح، وابن جريج، وأخرج النسائى من حديث ابن جريج عن إبراهيم بن أبى بكر، وهو هو، سمع طاوسا يسأل عن الذى يأتى امرأته فى دبرها، فقال: إن هذا يسألنى عن الكفر. وذكره المزى فى التهذيب فقال: إبراهيم بن أبى بكر الأخنسى المكى، سمع طاوسا يسأل، فذكر ما سبق، ثم قال: وروى عن مجاهد، وقال: روى عنه عبد الله بن أبى نجيح، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج. روى له النسائى. 691 ـ إبراهيم بن أبى يوسف المكى: روى عن يحيى بن سليم، وعبد المجيد بن أبى رواد، وإسماعيل بن زياد. روى عنه الفاكهى كثيرا فى كتابه، ومما روى عنه، خبرا غريبا فى وفاة عبد الله بن جدعان، الجواد المشهور؛ لأنه قال: ثم هلك عبد الله بن جدعان بن عمرو التيمى، فبكته الجن والإنس. فأما بكاء الجن: فحدثنى إبراهيم بن أبى يوسف المكى، قال: ثنا إسماعيل بن زياد عن ابن جريج، أن عبد الله بن عباس، كان يحدث أن النباش بن زرارة التميمى ـ وكان حليفا لقريش ـ قال: خرجنا إلى الشام تجارا فى الجاهلية، وعبد الله ابن جدعان حى حين خرجنا، فلما سرنا نحوا من خمس عشرة ليلة، نزلنا ذات ليلة واشتهينا أن نصبح بذلك المكان، قال: فنام أصحابى، وأصابنى أرق شديد، فإذا هاتف يهتف يقول [من الطويل]: ألا هلك البهلول غيث بنى فهر ... وذو المجد والعز التليد وذو الفخر قال: فأجبته فقلت:

692 ـ إبراهيم بن الحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى

ألا أيها الناعى أخا المجد والذكر ... من المرء تنعاه لنا من بنى فهر فأجابه الهاتف، فقال: نعيت ابن جدعان بن عمرو أخا الندا ... وذا الحسب القدموس والمنصب الفخر قال: فأجبته فقلت: لعمرى لقد نوهت بالسيد الذى ... له الفضل معلوم على ولد النضر فأخبرنا أنا علمت وفاته ... فإنك قد أخبرت جلا من الأمر قال: فأجابه الهاتف فقال: مررت بنسوان يخمشن أوجها ... عليه صباحا بين زمزم والحجر قال: فأجبته فقلت: متى إنما عهدى به منذ جمعة ... وستة أيام لغرة ذا الشهر قال: فأجابه الهاتف فقال: ثوى منذ أيام ثلاث كوامل ... مع الصبح أو فى الصبح فى وضح الفجر قال: فاستيقظت الرفقة، وهى تتراجع بنعى ابن جدعان، وقالوا: إن كان أحد نعى لعز وشرف، فقد نعى ابن جدعان. فقال الجنى [من الوافر]: أرى الأيام لا تبقى عزيزا ... لعزته ولا تبقى ذليلا فأجبته وقلت: ولا تبقى من الثقلين حيّا ... ولا تبقى الجبال ولا السهولا فقال الجنى: صدقت. 692 ـ إبراهيم بن الحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى: قال البخارى: ممن هاجر مع أبيه. وذكر عن أحمد بن حنبل، أنه ذكر محمد بن إبراهيم بن الحارث، فقال: كان أبوه من المهاجرين. روى ابن عيينة عن محمد بن المنكدر عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى عن أبيه،

_ 692 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 1/ 67).

693 ـ إبراهيم بن حسين بن عمر بن أبى بكر بن محمد بن موسى الشيرازى الأصل، المكى، الخياط

قال: «بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سرية، وأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا نحن أمسينا وأصبحنا أن نقول: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) [المؤمنون: 115] فقرأنا وغنمنا وسلمنا». أخرجه ابن مندة. وأبو نعيم. انتهى. ولم يتعقب ابن الأثير قول من قال: إن إبراهيم هذا من المهاجرين، وكان ينبغى ذلك؛ لأن إبراهيم بن الحارث بن خالد، إن كان إبراهيم بن الحارث الذى ولد بأرض الحبشة بعد هجرة أبيه وأمه ـ ريطة بنت الحارث ـ إلى الحبشة، فقد مات بها إبراهيم وإخوته: موسى وزينب وعائشة، فى قول مصعب الزبيرى وقيل: إنهم ماتوا ببعض الطريق، بعد أن خرج بهم أبوهم، يريد النبى صلى الله عليه وسلم، من ماء شربوا منه، ولم يسلم إلا أبوهم. وهذان القولان ذكرهما ابن عبد البر، وعلى كلا القولين، فلا يكون إبراهيم بن الحارث الذى ولد بأرض الحبشة مهاجرا. وإن كان إبراهيم بن الحارث المذكور، ولد بعد رجوع أبيه من الهجرة، فهذا لا يكون مهاجرا، ولا يبعثه النبى صلى الله عليه وسلم فى سرية لصغره عن ذلك، فإن من رجوع أبيه من الهجرة إلى موت النبى صلى الله عليه وسلم، أكثر ما يكون، عشر سنين أو نحوها، وهذا واضح لمن تأمله. والله أعلم. وفى كون إبراهيم بن الحارث هذا، والد محمد بن إبراهيم التيمى الفقيه المدنى المذكور فى هذه الترجمة نظر، لما ذكرناه من أن إبراهيم بن الحارث بن خالد هلك بأرض الحبشة، أو فى الطريق راجعا منها، والله أعلم. وأما قول ابن عبد البر، فى ترجمة الحارث بن خالد بن صخر التيمى: ومن ولده محمد ابن الحارث التيمى المحدث المدنى، فلا إشكال فيه، لإمكان أن يكون إبراهيم والد محمد ابن إبراهيم، ولد لأبيه بعد رجوعه من الهجرة، فقد قيل إن النبى صلى الله عليه وسلم، زوجه بعد نزوله المدينة، بنت يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف. ولعل إبراهيم والد محمد بن إبراهيم منها أو من غيرها. وهذا التأويل لا ينبغى العدول عنه لاستقامة نسب محمد بن إبراهيم بن الحارث على مقتضاه، ولا كذلك إذا قلنا، إن أباه هو الذى ولد بأرض الحبشة، لما سبق ذكره. والله أعلم. 693 ـ إبراهيم بن حسين بن عمر بن أبى بكر بن محمد بن موسى الشيرازى الأصل، المكى، الخياط: أجاز له فى سنة ثلاث عشرة وسبعمائة من دمشق الدشتى، والقاضى سليمان بن حمزة، وابن مكتوم، وابن عبد الدايم، وابن سعد، والمطعم، ووزيرة، وجماعة.

694 ـ إبراهيم بن أبى حرة، من أهل نصيبين

وسمع من الرضى الطبرى مسلسلات ابن شاذان، والسادس من المحامليات، والرابع من الثقفيات. وحدث بذلك بقراءة الشيخ نور الدين الفوى فى ذى القعدة سنة تسع وستين وسبعمائة بالحرم الشريف، ولم أدر متى مات. وقد سألت عنه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، فقال: كان رجلا خيرا، يخيط على باب بنى شيبة. رأيت بخطه فى استدعاء كتب فيه: البواب بحرم الله الشريف. 694 ـ إبراهيم بن أبى حرة، من أهل نصيبين: انتقل إلى مكة وسكنها. يروى عن سعيد بن جبير، ومجاهد. روى منصور بن المعتمر، وابن عيينة عنه. ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات. وذكره الذهبى فى الميزان. وذكر أنه رأى ابن عمر، ويروى عن مجاهد، وروى عنه معمر وابن عيينة، وضعفه الساجى، ووثقه ابن معين، وأحمد، وأبو حاتم، وزاد: لا بأس به، وهو جزرى، سكن مكة. 695 ـ إبراهيم بن أبى حية إليسع بن الأشعث التميمى، أبو إسماعيل المكى: روى عن هشام بن عروة، وابن جريج. وروى عنه أحمد بن عيسى المصرى، وإبراهيم بن حماد، ونعيم بن حماد، وقتيبة بن سعيد. قال البخارى: منكر الحديث، وقال النسائى: ضعيف، وقال الدارقطنى: متروك. ذكره الذهبى فى الميزان. ومنه لخصت هذه الترجمة، وأورد له عدة أحاديث، منها أنه قال: وروى إبراهيم بن حماد عنه عن هشام عن أبيه عن عائشة رضى الله عنها: استأذنت النبى صلى الله عليه وسلم أن أبنى كنيفا بمنى، فلم يأذن لى. 696 ـ إبراهيم بن أبى خداش الهاشمى اللهبى: من أهل مكة. يروى عن ابن عباس. روى عنه: ابن جريج. ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الثانية من الثقات. انتهى. وأبو خداش: هو عتبة بن أبى لهب، عم النبى صلى الله عليه وسلم.

_ 694 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 1/ 26). 695 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 1/ 29).

697 ـ إبراهيم بن سابق المكى، مولى خزاعة

697 ـ إبراهيم بن سابق المكى، مولى خزاعة: يروى عن مسلم بن خالد الزنجى. روى عنه يعقوب بن سفيان الفارسى، ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات. وقع لنا حديثه عاليا فى الأول من مشيخة الفسوى. أخبرنا ابن الذهبى، أنا يحيى بن سعد، أنا ابن اللتى، حضورا وإجازة، أنا أبو حفص الحربى، أنا أبو غالب العطار، قال: أنا أبو على بن شاذان، قال: أنا ابن درستويه النحوى قال: أنا يعقوب بن سفيان قال: ثنا إبراهيم بن سابق المكى، مولى خزاعة، قال: جاء الزنجى بن خالد، وسعيد القداح فاستأذنا على أمة الله جارية طاوس، واستأذنت أنا لهما، فدخلت معهما، فسألاها، وأنا أسمع. فقالت: حضرت يوم الأضحى ونحروا ضحيته بين يديه، فكان يأتيه الأسود، فيسأله: أى شيء جنسك؟ فإن قال حبشيا، أعطاه، وإن قال: نوبيا، أعطاه، فإذا قال: زنجيا، قال: ارشد، ولم يعطه شيئا. قالت: فلما طبخوا ضحيته جاءوه بشيء فأكل منها، ثم قال: اغرفوا لى منها شيئا فى صحفة على حدة، فقال: يا أمة الله، أتعرفين منزل عمرو بن دنيار أخى؟ قالت: فقلت: نعم. قال: فاذهبى بهذه الصفحة إلى عمرو بن دينار، فقولى له: يقول لك أخوك هذا من ضحيتى فكل منها. قالت: فجئته بها، فإذا هو يقول للسودان مثل ما يقول طاوس، ويسألهم: أى شيء جنسك؟ فإذا تبين له أنه زنجى قال: ارشد، ولم يعطه. قالت: فقلت له: يا سيدى. وما للزنج لا تطعمهم؟ . قال: وى! ما لك لم تسألى سيدك عن ذا؟ . قالت: تهيبت أن أسأله، فقال: إن الزنج لا يؤمنون بالبعث. قالت: فرجعت، فأخبرت سيدى أنى سألت عمرو بن دينار، فقال لى: صدق يا أمة الله، إن الزنج لا يؤمنون بالبعث، فأكره أن أتصدق عليهم. قالت أمة الله: صدر طاوس ليلة الصدر، وهو ثقيل شاك، فهلك ليلة الصدر. فقال عبد الله بن طاوس: أمرنى أبى أن لا أسقف عليه. قالت: فاهار عليه. 698 ـ إبراهيم بن سالم: من أهل مكة. كنيته أبو سابق. يروى عن مسلم بن خالد الزنجى وأهل مكة.

699 ـ إبراهيم بن أبى سلمة بن عبد الله بن عفيف بن نبيه بن الحجاج بن عامر ابن حذيفة بن سعد بن سهم القرشى السهمى

روى عنه يعقوب بن سفيان. ذكره ـ هكذا ـ ابن حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات، ولم ينبه على أنه غير السابق، والظاهر أنه هو. والله أعلم. 699 ـ إبراهيم بن أبى سلمة بن عبد الله بن عفيف بن نبيه بن الحجاج بن عامر ابن حذيفة بن سعد بن سهم القرشى السهمى: هكذا، نسبه الزبير بن بكار، وصاحب الجمهرة. وذكر أنه من فقهاء مكة. 700 ـ إبراهيم بن طهمان بن سعيد الخراسانى الهروى، أبو سعيد، نزيل مكة، وأحد الأعلام: سمع عبد الله بن دينار، وعمرو بن دينار، وأبا الزبير المكى، وأبا إسحاق السبيعى، وأبا حازم سلمة بن دينار، وموسى بن عقبة، ويحيى بن سعيد الأنصارى، وجماعة. روى عنه: صفوان بن سليم، وهو من شيوخه، وشيبان بن عبد الرحمن النحوى، وأبو حنيفة النعمان بن ثابت الفقيه، وهما أكبر منه، وعبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن ابن مهدى، وسفيان بن عيينة. روى له الجماعة. وقال يحيى بن أكثم القاضى: من أمثل من حدث بخراسان والعراق والحجاز، وأوثقهم وأوسعهم علما. وقال عبد الله بن أحمد بن أبيه، وأبو حاتم: ثقة. وقال يحيى بن محمد بن يحيى النيسابورى: مات إبراهيم بن طهمان فى سنة ثمان وخمسين ومائة. وقال مالك بن سليمان: مات سنة ثمان وستين ومائة بمكة، ولم يخلف بعده مثله.

_ 699 ـ انظر ترجمته فى: (جمهرة أنساب العرب 165). 700 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات خليفة 323، التاريخ الكبير 1/ 294، الضعفاء 19، مشاهير علماء الأمصار 199، الفهرست المقالة السادسة الفن السادس، تاريخ بغداد 6/ 05 ـ 111، الكامل لابن الأثير 6/ 62، تهذيب الكمال 5857، تذكرة الحفاظ 1/ 213، ميزان الاعتدال 1/ 38، عبر الذهبى 1/ 241، الوافى بالوفيات 6/ 23 ـ 24، طبقات الحفاظ 9، خلاصة تذهب الكمال 18، شذرات الذهب 1/ 257، سير أعلام النبلاء 7/ 278، ـ 279).

701 ـ إبراهيم بن عبد الله بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة القرشى الزهرى

وقول مالك هو الصواب، على ما ذكره الخطيب. وذكر أن القول الأول وهم، وقد روى ذلك مسندا عنهما. وذكر صاحب الكمال: أنه ولد بهراة، وسكن نيسابور، ثم قدم بغداد، وحدث بها، ثم سكن مكة حتى مات بها. 701 ـ إبراهيم بن عبد الله بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة القرشى الزهرى: أمير مكة. ذكره الزبير بن بكار فى كتابه، وساق نسبه إلى عبد الرحمن بن عوف، قال: وكان ابن قثم قد استخلف إبراهيم بن عبد الله بن عبد العزيز، على مكة حين وليها، وهو الذى ولى عزل عبد الله بن محمد بن عمران عن مكة، وولى حبسه. وقال الزبير بكار: وكان حسن بن إسماعيل، يدعى عليه قتل أخيه عمر بن إسماعيل، وليس ذلك كما قال، ولكن أخوه عمر بن إسماعيل عدا على إبراهيم بن عبد الله فى ضيعة له بالعيص (1)، فضربه ضربة منكرة فى رأسه بالسيف، وكان فى ولاية إبراهيم بن عبد الله، فعدا سليمان بن عبد الله بن عبد العزيز، على عمر بن إسماعيل، فضربه بالسيف حتى قتله، وهرب إلى مصر، ثم هرب حسن بن إسماعيل حيث قتل إبراهيم بن عبد الله إلى مصر، فكان هو وسليمان بن عبد الله نازلين على بعض كبار أهلها، فعدا سليمان على حسن فقتله، فأخذ الرجل الذى كانا نازلين عليه، سليمان بن عبد الله، فضرب عنقه. انتهى. 702 ـ إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن عسكر بن مظفر بن نجم بن شادى الطائى، الشيخ برهان الدين المعروف بالقيراطى الشافعى المصرى: أديب مصر المشهور. سمع صحيح البخارى على ابن شاهد الجيش، وسمع منه مشيخته، وعلى حسن بن السديد جزء أيوب السختيانى، وبعض الغيلانيات على بعض أصحاب النجيب وغيره. وحدث ببعض مروياته، وكثير من نظمه. فمن ذلك: ديوانه الذى سمعناه على شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة سماعا عنه.

_ 701 ـ (1) العيص: بالكسر ثم السكون، وآخره صاد مهملة، وهو موضع فى بلاد بنى سليم به ماء يقال له ذنبان العيص، قاله أبو الأشعث، وهو فوق السوارقية. انظر: معجم البلدان (العيص). 702 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 18 رقم 40، النجوم الزاهرة 11/ 196، إنباء الغمر 1/ 200 رقم 1، الدرر 1/ 32 رقم 77، حسن المحاضرة 1/ 572، المنهل الصافى 1/ 89).

وله النظم الرائق، والنثر الفائق، مع المشاركة الحسنة فى فنون من العلم. درس بأماكن. وأجاز لى باستدعاء شيخنا ابن سكر بمكة، وبها توفى ليلة الجمعة العشرين من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة بعد صلاة الجمعة. وكان مولده فى صفر سنة ست وعشرين وسبعمائة، رحمه الله عليه. أنشدنى أديب مصر، الإمام برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن محمد الطائى المعروف بالقيراطى لنفسه إجازة من قصيدة نبوية: وأنشدنيها شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة سماعا بالمسجد الحرام، عنه سماعا. قال [من الخفيف]: ذكر الملتقى على الصفراء ... فبكاه بدمعة حمراء ونهارا بطيبة أبيض الوج ... هـ مضافا لليلة غراء ما لعين سوداء منى نصيب أى ... بعد حبى لعينها الزرقاء زرقا بان لى من سناها ... ما اختفى نوره عن الزرقاء ليت شعرى أنثر دمعى يطفى ... حرقا نارهن فى الأحشاء فعلى الجزع والعقيق لدمعى ... درة بعد درة بيضاء على الحى حى أسماء قوم ... ما ظباهم سوى عيون الظباء وظباهم إن رمت منها كلاما ... كلمتنى جفونها بالظباء دون رسم الديار حد سيوف ... مانع من دنا لسجف خباء لا تخافوا فلو دنوت إليها ... أحرقتنى أشعة الأضواء أشرقت بهجة وعزت منالا ... فهى كالشمس فى سنا وسناء كم سلام بالطرف منها علينا ... كصلاة العليل بالإيماء خامر العقل حبها فنبذنا ... مرسل الدمع عندها بالعراء لعبت بالعقول أفعال أسما ... كلعب الأفعال بالأسماء لم تجد باللقا وعين دموعى ... جود عينى به كجود الطائى لقبوها بالبد والغصن والظ ... بى وأين الألقاب من أسماء ومنها فى مدحه صلى الله عليه وسلم: أيها المصطفى معاليك أضحت ... ذا استواء على العلا واحتواء ثم لما ولدت أصبح كسرى ... ذا انكسار ألقاه فى غماء شق إيوانه فشق عليه ... حيث كان الإيوان للإيواء كان عزا له فأضحى لما قد ... ناله بانهدامه فى عزاء

غاض ماء له طفا ثم أمست ... ناره بالأنوار ذات انطفاء مولد يومه أتانا بسرّا ... ء كسراء ليلة الإسراء ومنها: كم ببدر تحت النجوم جسوم ... تركوها للنسر والعواء صدقوا فيهم الجلاد إلى أن ... جدّلوهم صرعى وبال وباء وأتوهم بكل أبيض عضب ... ليس ينبو وصعدة سمراء ومنها: طال ما شيبوا بسمر العوالى ... عند ما ذففوا على الجرحاء كل أبيات من بغا أفسدوها ... عند ركض الخيول بالإيطاء فمضى ربعها وقد صرعوهم ... هى ذات الإكفاء والإقواء ومنها: آل طه هل تسمحون لصاد ... طمحت عينه للمحة رائى آل طه عزى بكم فى نمو ... وإليكم دون الأنام انتمائى قلد الجود منكم الجيد طوقا ... فلهذا شددت كالورقاء شنف السمع مدح مداحكم ... ما أحوج السامعين للإصغاء أى مدح يكون للشعر بعد ... مدح قد جاء فى الشعراء حبر المدح منك لا من صنيعى ... أين منها الحبير من صنعاء أسكتت إذ نطقت كل بليغ ... مشل ما أنطقتهم بالثناء وإذا ما نطقت منها بحرف ... عاد منها الوأواء كالفأفاء فهى شمس إذا النهار تجلى ... وهى بدر فى الليلة الليلاء قصرت عن مدى مديحك عجزا ... ثم جاءت تمشى على استحياء فى قصور ولو بنيت قصورا ... عن مبانى صفاتك العلياء أنظم المدح فى علاك نجوما ... فغدا منك مدحنا فى السماء وأنشدنى لنفسه فيما أجازنيه أيضا من قصيدة، وأنشدنى ذلك شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة سماعا، عنه سماعا، قال [من الكامل]: للصب بعدك حالة لا تعجب ... وتتيه من صلف عليه وتعجب أبكيته ذهبا صبيبا أحمرا ... من عينه ويقول هذا المطلب

وقتلته بنواظر أجفانها ... بسيوفها الأمثال فينا تضرب رفقا بمن أجريت مقتله دما ... ووقفت من جريانها تتعجب نيران بعدك أحرقته فهل إلى ... نحو الجنان ببعده تتقرب كم جيّش العذال فيك وإنما ... سلطان حسنك جيشه لا يغلب من لى بشمسى المحاسن لم يزل ... عقلى به فى كل وقت يذهب أحببته متعمما ومعنفى ... أبدا علىّ بجهله يتعصب ويعيب من طرق التفقه وجهه ... والعشق يفتى أن ذاك المذهب ولقد تعبت بعاذل ومراقب ... هذا يزيّر والرقيب ينقب ومؤذنا سلوانه وغرامه ... هذا يرجّع حيث ذاك يثوّب ومنها: قال احسب القبل التى قبلتنى ... فأجبت إنا أمّة لا تحسب لله ليل كالنهار قطعته ... يالوصل لا أخشى به ما يرهب وركبت منه إلى التصابى أدهما ... من قبل أن يبدو لصبح أشهب أيام لا ماء الخدود يشوبه ... كدر العذار ولا عذارى أشيب كم فى مجارى اللهو لى من جولة ... أضحت ترقص بالسماع وتطرب ولكم أتيت الحى أطلب غرّة ... بعد الرحيل فلم يلح لى مضرب ووقفت فى رسم الديار وللبكا ... رسم على مقرر ومرتب ومن ذلك قوله من قصيدة [من الكامل]: لم ينقلوا عنى الغرام مزورا ... ما كان حبكم حديثا يفترى طلعت بدور التّمّ من أزراركم ... فغدا اصطبار الصب منفصم العرى يا من هجرت على هواهم عاذلى ... أيحل فى شرع الهوى أن أهجرا أعصى الملام ولا منام يطيعنى ... فكأن أذنى العين واللوم الكرى فى كل هيفاء القوام كأنها ... غصن يحركه النسيم إذا سرى قالت وقد سمعت بجرى مدامعى ... صدق المحدث والحديث كما جرى ذكرت فصغرها العذول جهالة ... حتى بدت للناظرين فكبرا وجهلت معنى الحسن حتى أقبلت ... فرأيته فيها يلوح مصورا لا تذكروا الغزلان عند لحاظها ... أبدا وكل الصيد فى جوف الفرا لما درت أنى الكليم من الهوى ... جعلت جوابى فى المحبة لن ترى

ما أسبلت بالشعر ليلا أسودا ... إلا ولاح الثغر صبحا مسفرا ولقد شربت بليل أسود شعرها ... وحمدت عند صباح مبسمها السرى قامت وقد لبست عقود حليها ... فرأيت غصنا بالجواهر مثمرا يا من إذا ما مرّحلو حديثها ... يا صاح ناب عن العقيق وأسكرا ما لاح خصرك بالنحول موشحا ... إلا وأضحى للصدود مكفرا أرخصت يوم البين سعر مدامعى ... وتركت قلبى بالغرام مسعرا لا تطمعى أن تملكى أهل الهوى ... فالناصر السلطان قد ملك الورى ومن ذلك قوله من قصيدة [من الوافر]: غرامى فيك يا قمرى غريمى ... وذكرك فى دجى ليلى نديمى وملنى العذول وصد عنى ... فما لى غير ذكرك من حميم وكم سأل العواذل عن حديثى ... فقلت لهم على العهد القديم وعمّ يسائلون ولى دموع ... تحدثهم عن النبأ العظيم بعشقى للمعاطف حين مالت ... هديت إلى الصراط المستقيم أحب إمالة الأعطاف ضما ... وأهوى غنة الصوت الرخيم وأنثر در دمعى فى ثغور ... بها عقد من الدر النظيم تبسم لى يتيم الدر منها ... ومن عجب الهوى ضحك اليتيم وتركى اللحاظ يروم قتلى ... ظبا أجفانه فأقول رومى ومن شغفى بغصن القد منه ... أغار على الغصون من النسيم إذا نيران خديه تبدت ... رأيت بهن جنات النعيم بعقرب صدغه الليلى كم من ... سليم بات فى ليل السليم بدت فى خده شامات مسك ... كحظى أو كليلى أو همومى فبت بليل طرته أراعى ... من الشامات أمثال النجوم ضعيف الوعد والألحاظ يشكو ... به جسمى من الألم المقيم فموعده وناظره وجسمى ... سقيم فى سقيم فى سقيم تجلى تحت ليل الشعر بدرا ... يلوح بغصن قامته القويم وأخطأ من يشبه منه وجها ... يصان بصفحة البدر اللطيم دنا متلفتا نحوى بجيد ... وخصر فى مناطقه هضيم كريم مال بخلا عن ودادى ... فملت لمدح مخدوم كريم

ومن ذلك قوله من قصيدة [من الكامل]: علموا بأنى لا أحول فعذبوا ... ودروا بأنى عاشق فتغضبوا قتلوا المتيم فى الهوى وتظلموا ... وجنوا عليه بصدهم وتعتبوا يا راحلين بمهجة تلفت بهم ... ردوا على جوانحا تتلهب ومهفهف لولا حلاوة وجهه ... ما كان مرّ عذابه يستعذب إن كان يرضى أن أموت صبابة ... فجميع ما يرضاه عندى طيب يا باخلا وله أجود بمهجتى ... رفقا على صب عليك يعذب إن ملت فالأغصان يعهد ميلها ... أو غبت فالأقمار قد تتغيب رفقا بقلب كليم حزن لم يزل ... من يوم صدك خائفا يترقب خذ لى أمانا من صدودك إننى ... قد راعنى من سيف هجرك مضرب أو ما علمت بأن منكر صبوتى ... وعلى فلان الدين راح يكذب ومن ذلك قوله من قصيدة [من الكامل]: قسما بروضة خده ونباتها ... وبآسها المخضر فى جنباتها وبسورة الحسن التى فى خده ... كتب العذار بخطه آياتها وبقامة كالغصن إلا أننى ... لم أجن غير الصد من ثمراتها لأعزّرن غصون بان زوّرت ... أعطافه بالقطع من عذباتها وأبا كرن رياض وجنته التى ... ما زهرة الدنيا سوى زهراتها ولأصبحن للذتى متيقظا ... ما دامت الأيام فى غفلاتها وجرت بنا دهم الليالى للصبا ... وكئوسنا غرر على جبهاتها كم ليلة نادمت بدر سمائها ... والشمس تشرق فى أكف سقاتها فصرفت دينارى على دينارها ... وقضيت أعوامى على ساعاتها خالفت فى الصهباء كل مقلد ... وسعيت مجتهدا إلى حاناتها فتحير الخمار أين دنانها ... حتى اهتدى بالطيب من نفحاتها فشممتها ورأيتها ولمستها ... وشربتها وسمعت حسن صفاتها وتبعت كل مطاوع لا يختشى ... عند ارتكاب ذنوبه تبعاتها يأتى إلى اللذات من أبوابها ... ويحج للصبهاء من ميقاتها عرف المدام بجنسها وبنوعها ... وبفصلها وصفاتها وذواتها يا صاح قد نطق الهزار مؤذنا ... أيليق بالأوتار طول سكاتها

فخذ ارتفاع الشمس من أقداحنا ... وأقم صلاة اللهو فى أوقاتها إن كان عندك يا شراب بقية ... مما تزيل به العقول فهاتها الخمر من أسمائها والدان من ... تيجانها والمسك من نسماتها وإذا العقود من الحباب تنظمت ... إياك والتفريط فى حباتها أمحرك الأوتار إن نفوسنا ... سكناتها وقف على حركاتها دار العذار بحسن وجهك منشدا ... لا تخرج الأقمار عن هالاتها كسرات جفنك كلمت قلبى فلم ... يأت الصحاح لنا بمثل لغاتها مسود جفنك سل بيض صوارم ... منها الورى خافت على مهجاتها جرح القلوب بحمرة الوجناب وال ... شامات من دمها ومن حباتها كم ليلة صارت نهارا عندما ... أطلعت شمس الراح من مشكاتها والبدر يستر بالغيوم وينجلى ... كتنفس الحسناء فى مرآتها وتلا نسيم الروض فيه قارئا ... فأمال من أغصانها ألفاتها ومليحة أرغمت فيها عاذلى ... فأتت إلى وصلى برغم وشاتها لا مال وجهى عن مطالع حسنها ... وخباء طلعة وجهها وحيائها يا خجلة الأغصان من خطراتها ... وفضيحة الغزلان من لفتاتها ما الغصن مياسا سوى أعطافها ... ما الورد محمرا سوى وجناتها وعدت بأوقات الوصال كأنها ... ضمنت سلامتنا إلى أوقاتها ومن ذلك قوله [من السريع]: وبى مغنّ ذو فم ميمه ... تصد عن صاد إلى الرشف قد فتن العاشق حتى غدا ... يقول بالصوت وبالحرف ومن ذلك قوله [من الطويل]: تبسم لما أن حكى الغصن قده ... وناب عن الصهباء فى الفعل ريقه وقال وقد نزّهت فى الخد ناظرى ... أخدّى هو البستان قلت شقيقه ومن ذلك قوله [من الكامل]: سركى أريك مدامعى وأضالعى ... يا قرب ما بين العقيق إلى الغضا وانظر إلى لونى وشيب مفارقى ... فالهجر ذهّب ذا وهذا فضّضا ومن ذلك قوله [من الرجز]:

703 ـ إبراهيم بن عبيد الله بن عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن عثمان بن طلحة بن أبى طلحة العبدرى، المعروف بالحجبى

يا هاجرا أوقعنى هجره ... وصده فى حالة صعبه أخذت قلبى بالتجنى ... وما تركت لى منه حبه ومن ذلك قوله [من المجتث]: عاينت أبيض دمعى ... وقلت كم تتملق انظر لحمرة خدى ... معذبى وتخلق ومن ذلك قوله [من البسيط]: أقول لما تبدت ميم مبسمه ... العين والقلب فى شغل عن اللاحى يا حار من لى ببرد الثغر منه وهل ... أرى بخمرته سكران يا صاحى ومن ذلك قوله [من الخفيف]: من لصب لسلوة ما تصدى ... وقتيل فى حبكم مات صدا ناحل لو أتى له منك طيف ... وفرضنا رقاده ما تهدا ومن ذلك قوله [من البسيط]: حكى الخلاف خلافى يناظرنى ... وخصمه بسيوف اللحظ مقطوع سلمت سكرى بجفنيه ومنطقه ... فقال لى ورضابى قلت ممنوع ومن ذلك قوله [من الكامل]: أمنن على من جنّ فيك بعقله ... وبعز ملك الحسن رق لذله وابعث إليه من النسيم رسالة ... فلقد قنعت من الحبيب برسله عاقبتنى بالبعد عنك وإننى ... متأدب من هجركم بأقله يا واحد الحسن الذى من قاسه ... بالبدر لا تخفى أدلة جهله نقل الأراك بأن ريقك مسكر ... وعليه فيما قال عهدة نقله ومن ذلك قوله [من المنسرح]: لما تبدّا قوام قامته ... وحاجباه لناظر العين رأيت موتى بسيف ناظره ... من قبد رمح وقاب قوسين 703 ـ إبراهيم بن عبيد الله بن عبد الله بن عثمان بن عبد الله بن عثمان بن طلحة بن أبى طلحة العبدرى، المعروف بالحجبى: هكذا نسبه الزبير بن بكار، وذكر أن الرشيد ولاه اليمن، وأنه قتل بمكة فى فتنة هناك أيام المأمون.

704 ـ إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكنانى، يلقب بالبرهان، ويعرف بابن جماعة المقدسى

وذكر صاحب الجمهرة: أن الرشيد ولاه اليمن، وأنه قتل بمكة فى فتنة العلوية أيام المأمون، قال: وكان متكلما يصحب النّظّام، وهشام بن الحكم وغيرهما. انتهى. وكانت فتنة العلويين فى سنة مائتين. 704 ـ إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكنانى، يلقب بالبرهان، ويعرف بابن جماعة المقدسى: سمع من أحمد بن عساكر: جزء ابن خزيمة، والماسرجسى، ومن الرضى بن خليل: الثالث من مسلسلات ابن مسدى عنه. وحدثنا عنه بمنتخب من ذلك، شيخنا أحمد بن عثمان الخليلى، السابق ذكره، وبالجزئين الأولين بعض مشايخنا المصريين. وذكر ابن سند: أنه توفى بعد أن ثقل سمعه فى ذى الحجة سنة أربع وستين وسبعمائة ببيت المقدس. وذكر أنه جاور بمكة والمدينة، وبيت المقدس مدة سنين، وأنه كان ذا حظ من الخير. انتهى. وهو عم القاضى عز الدين بن جماعة الآتى ذكره. 705 ـ إبراهيم بن عبد السلام بن عبد الله بن باباه المخزومى المكى: روى عن إبراهيم بن يزيد الجزرى، وبسام الصيرفى، وعبد الله بن ميمون وعبد العزيز ابن أبى رواد، وابن أبى ذئب. روى عنه سليمان بن عمر الأقطع، وعبد الرحمن بن خالد القطان، وعلى بن سعيد ابن شهريار، ومحمد بن عبد الله بن سابور، والمغيرة بن عبد الرحمن الحرانى. روى له ابن ماجة. قال ابن عدى: هو فى جملة الضعفاء، وقال أيضا: ليس بمعروف. حدث بالمناكير، وعندى أنه ممن يسرق الحديث. وذكره الذهبى فى الميزان، وقال: ضعفه ابن عدى، وقال: عندى أنه كان يسرق الحديث. روى عنه محمد بن عبد الله بن سابور حديثا منكرا: «إن هذه القلوب تصدأ»،

_ 704 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 19 الترجمة رقم 42، النجوم الزاهرة 11/ 314، الدرر 1/ 39 رقم 95، إنباء الغمر 1/ 355 رقم 1، السلوك 3/ 586، نزهة النفوس 1/ 179 رقم 93، شذرات الذهب 6/ 311 المنهل الصافى 22/ 97). 705 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 1/ 46).

706 ـ إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبى محذورة الجمحى المكى، أبو إسماعيل

وهو معروف بعبد الرحمن بن هارون الغسانى عن عبد العزيز بن أبى رواد عن نافع عن ابن عمر. انتهى. ووجدت بخط صاحبنا الحافظ بن حجر: أن ابن حبان ذكره فى الثقات. 706 ـ إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبى محذورة الجمحى المكى، أبو إسماعيل: روى عن أبيه عبد العزيز، وجده عبد الملك بن أبى محذروة. روى عنه: بشر بن معاذ العبدرى، وعبد الله بن الزبير الحميدى، وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبى، وأبو جعفر عبد الله بن محمد النفيلى، وأبو نعيم الفضل بن دكين، والإمام الشافعى، وغيرهم. روى له الترمذى والنسائى والبخارى: فى أفعال العباد. 707 ـ إبراهيم بن عبد الملك بن محمد بن إبراهيم القزوينى المقرى: ذكره الذهبى فى تاريخ الإسلام، وقال: شيخ صالح خيّر معمر. جاور بمكة مدة، وقرأ القرآن على أبى معشر الطبرى، وسمع ببغداد من الشيخ أبى إسحاق الشيرازى الفقيه وغيره. روى عنه ابنه، وبالإجازة أبو سعد بن السمعانى، وذكر أنه توفى ظنا فى حدود الأربعين وخمسمائة. 708 ـ إبراهيم بن عطية بن محمد بن عطية بن ظهيرة القرشى المخزومى المكى: أجاز له سنة ثلاث عشرة وسبعمائة من دمشق الدشتى، والقاضى سليمان بن حمزة، وابن مكتوم، ابن عبد الدايم، وابن سعد، والمطعم، وآخرون، باستدعاء البرزالى، وما علمته سمع شيئا ولا حدث. وتوفى على ما ذكر شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، فى أواخر عشر السبعين وسبعمائة بالمدينة النبوية.

_ 706 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 1/ 77). 708 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 1/ 79).

709 ـ إبراهيم بن عطية بنل [ ...... ] (1) المكى، المعروف بالحمامى، بالتخفيف

709 ـ إبراهيم بن عطية بنل [ ...... ] (1) المكى، المعروف بالحمامى، بالتخفيف: كان من خدام الشريف أحمد بن عجلان صاحب مكة، ووزر له بعد أحمد بن سليمان بن سلامة، رفيقا لمسعود بن أحمد الأزرق، ثم وزر من بعده لابنه محمد بن أحمد ابن عجلان، ثم لعنان بن مغامس فى ولايته الأولى على مكة. فلما ولى على بن عجلان، ودخل مكة فى موسم سنة تسع وثمانين وسبعمائة، تخوف إبراهيم المذكور من آل عجلان، لكون جماعة أهل المسفلة بالغوا فى قتال آل عجلان فى حرب أذاخر وهو فى سلخ شعبان سنة تسع وثمانين. وفارق مكة، وقصد نخلة، ثم عاد إلى مكة بعد تأمينه، ومات بها ـ فيما بلغنى ـ فى آخر يوم من شعبان سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة، وكان حسن الشكالة، ذا ملاءة، ملك عقارا طائلا بوادى نخلة، ووقف بمكة رباطا على الفقراء بالمسفلة بسوق العلافة. 710 ـ إبراهيم بن على بن الحسين الشيبانى، أبو إسحاق الطبرى المكى، قاضى مكة: ذكره ابن النجار، فيما نقله القاضى تاج الدين السبكى عنه، قال: كان فقيها، فاضلا، عارفا بالمذهب والخلاف والفرائض، وله تصانيف فى ذلك، ومعرفة الحديث والتفسير. ولى قضاة مكة. سمع بأصبهان أبا على الحسن بن أحمد الحداد، وابنه عبيد الله بن الحسن، وغيرهما، وقدم بغداد، وحدث بها. ومولده فى صفر سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة. وتوفى فى الخامس من رجب سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة. وذكر السبكى، والإسنائى فى طبقاتهما: أن جده حسين بن على، هو صاحب العدة. 711 ـ إبراهيم بن على بن عثمان الأصفهانى المكى، المعروف بالعجمى: قرأ القرآن ببعض الروايات على الشيخ يحيى الزواوى، المتصدر للإقراء بالحرم

_ 709 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ ابن قاضى شهبة 197 ـ 198، شذرات الذهب 6/ 300، درة الحجال 1/ 152 ترجمة 176، المنهل الصافى 1/ 155). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

712 ـ إبراهيم بن أبى الوزير عمر بن مطرف، المكى الهاشمى، مولاهم أبو عمرو، ويقال أبو إسحاق المكى

الشريف بعد الشيخ برهان الدين المسرورى. وكان إبراهيم يلقب بالقرش ـ بقاف، ثم راء، ثم شين معجمة ـ ومات بعد الستين وسبعمائة. وذكر لى شيخنا أبو بكر بن عبد المعطى: أنه حفظ التنبيه، وعرضه على الأصفونى، ولازمه فى الاشتغال حتى مات. 712 ـ إبراهيم بن أبى الوزير عمر بن مطرف، المكى الهاشمى، مولاهم أبو عمرو، ويقال أبو إسحاق المكى: نزيل البصرة. سمع مالك بن أنس، وعمر بن عبيد الطنافسى، وشريك بن عبد الله النخعى، وسفيان ابن عيينة، وعبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل، وداود بن عبد الرحمن العطار، ومحمد بن مسلم الطائفى، ونافع بن عمر الجمحى. روى عنه: على بن المدينى، ومحمد بن مثنى، ومحمد بن بشار، ومحمد بن أبى بكر المقدمى، وعبد الله بن محمد الجفعى. وروى له الجماعة إلا مسلما، والبخارى لم يرو له إلا مقرونا بغيره. قال البخارى: كانت له ضيعة بالطائف، فكان يكون بمكة، نزل البصرة. وقال أبو حاتم والنسائى: لا بأس به. قال الكلاباذى: مات بعد أبى عاصم، ومات أبو عاصم سنة اثنتى عشرة، أو ثلاث عشرة ومائتين. وذكر (1) أنه مات سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. 713 ـ إبراهيم بن عمرو بن عثمان بن صفوان بن سعد بن عمرو بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص يكنى أبا بكر: مكىّ قدم مصر. وتوفى بمصر سنة ثلاث وستين ومائتين. ذكره ابن يونس فى تاريخ الغرباء القادمين إلى مصر. 714 ـ إبراهيم بن عمرو بن أبى صالح المكى: ذكره ابن حبان هكذا، فى الطبقة الرابعة من الثقات، وقال: يروى عن مسلم بن خالد الزنجى. روى عنه عبد الله بن أحمد بن أبى مسرة المكى. يخطئ. انتهى.

_ 712 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 62). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 714 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 62).

715 ـ إبراهيم بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز العقيلى، يلقب رضى الدين بن القاضى عز الدين بن القاضى محب الدين بن القاضى أبى الفضل النويرى المكى

715 ـ إبراهيم بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز العقيلى، يلقب رضى الدين بن القاضى عز الدين بن القاضى محب الدين بن القاضى أبى الفضل النويرى المكى: سمع من شيخنا إبراهيم بن صديق، وشيخنا القاضى زين الدين بن الحسين وغيرهما. وأجاز له جماعة من شيوخنا الشاميين وغيرهم باستدعائى. وحفظ التنبيه، ومنهاج البيضاوى، والألفية لابن مالك، وغير ذلك، وأقبل على الاشتغال فى الفقه والنحو والتصريف فحصّل، وكتب بخطه كتبا علمية. وكان خطه صالحا، وفيه خير وديانة وعفاف، وله رغبة فى العبادة. ذكر لى والده ـ أبقاه الله ـ عنه، أنه صلى نافلة، فقرأ من أول القرآن إلى آخر سورة يس فى ركعة، ثم خفف الثانية لحقنة عرضت له، ولما جاء نعيه إلى مكة، أسف الناس عليه كثيرا، وتصدع لذلك قلب أبيه، فالله يجبر مصابه. وكان موته بالقاهرة، بعد أن اشتغل فيها على أعيان من علمائها فى الفقه وغيره. وتوفى ـ ظنا ـ فى ربيع الأول سنة تسع عشرة وثمانمائة، وجاء نعيه مكة فى أثناء النصف الأول من جمادى الأولى منها. وذكر أنه مات فى طاعون عظيم، كان بمصر، ففاز بالشهادة، وله إحدى وعشرون سنة وسبعة أشهر وأيام يسيرة، وكان أبوه استنابه فى الخطابة بالمسجد الحرام، فخطب مرة واحدة، وحمد فى خطبته وصلاته. 716 ـ إبراهيم بن محمد بن أحمد بن محمويه، النيسابورى، أبو القاسم النصراباذى: ونصراباذ: محله من محال نيسابور. سمع بنيسابور أبا بكر بن خزيمة، وبالرى من أبى حاتم، وببغداد من ابن مساعد، وجعفر الخلدى، وببيروت من مكحول البيروتى، وبدمشق من ابن جوصا، وبمصر من الطحاوى، وأحمد بن عبد الوارث العسال وغيرهم.

_ 716 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات الصوفية 484 ـ 488، تاريخ بغداد 6/ 169 ـ 170، الرسالة القشيرية 30، المنتظم 7/ 89، اللباب 3/ 310 ـ 311، دول الإسلام 1/ 227، العبر 2/ 343، الوافى بالوفيات 6/ 117 ـ 118، طبقات الأولياء 26 ـ 28، النجوم الزاهرة 4/ 129، طبقات الشعرانى 1/ 144، شذرات الذهب 3/ 58 ـ 59، نتائج الأفكار القدسية 2/ 13 ـ 15، سير أعلام النبلاء 16/ 263).

717 ـ إبراهيم بن محمد بن أحمد بن موسى بن داود بن عميرة القرشى السهمى المكى

روى عنه أبو عبد الرحمن السلمى، وأبو عبد الله الحاكم، وأبو حازم العبدوى، وأبو المعلى الواسطى. وقال السلمى: كان شيخ الصوفية بنيسابور، له الصاه (1) بالإشارة مقرونا بالكتاب، وإليه يرجع إلى فنون من العلم، منها حفظ الحديث وفهمه، وعلم التاريخ، وعلوم المعاملات والإشارة، لقى الشبلى، وأبا على الروذبارى وغيرهما. وقال الحاكم: هو لسان أهل الحقائق فى عصره، وصاحب الأحوال الصحيحة، وكان مع تقدمه فى التصوف من الجمّاعة للروايات، ومن الرحالين فى الحديث، وكان يورق قديما، فلما وصل إلى علم الحقائق تركه. غاب عن نيسابور بضعا وعشرين سنة، ثم انصرف إلى وطنه سنة أربعين وثلاثمائة، وكان يعظ ويذكر على ستر وصيانة، ثم خرج إلى مكة سنة خمس وستين، وجاور بها، ولزم العبادة فوق ما كان من عادته، وكان يعظ ويذكر. وذكر أنه توفى بمكة فى ذى الحجة سنة تسع وستين وثلاثمائة، ودفن عند تربة الفضيل بن عياض. وذكره الخطيب، وقال: كان ثقة. وذكره أبو عبد الرحمن السلمى، أنه سمعه يقول: مراعاة من علامات التنقص، ونهايات الأولياء بدايات الأنبياء، والمحبة مجانبة السلو على كل حال. ثم أنشد [من الطويل]: ومن كان فى طول الهوى ذاق سلوة ... فإنى من ليلى بها غير ذائق وأكبر شيء نلته من وصالها ... أمانى لم تصدق كلمحة بارق 717 ـ إبراهيم بن محمد بن أحمد بن موسى بن داود بن عميرة القرشى السهمى المكى: سمع من الصفى، والرضى الطبريين: بعض صحيح البخارى، وعلى الرضى بعض الترمذى، وجزء سفيان بن عيينة، وحدث به بقراءة الشيخ نور الدين الفوى، فى يوم الجمعة سابع عشر القعدة سنة تسع وستين وسبعمائة بمكة. سألت عنه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. فقال: كان شيخا مباركا، يبيع الحناء والملح ونحو ذلك بالمسعى.

_ (1) هكذا فى الأصل بدون نقط.

718 ـ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن محمد، يلقب بالعز، ويعرف بالأصبهانى

توفى فى حدود السبعين. انتهى. والسبعين ـ بتقديم السين ـ ولعله مات فى سنة سبعين أو بعدها بيسير. والله أعلم. 718 ـ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن محمد، يلقب بالعز، ويعرف بالأصبهانى: أجاز له المحب الطبرى، وابنه جمال الدين قاضى مكة، والرضى بن خليل، وأخوه العلم، وجماعة من شيوخ مكة. تقدم ذكرهم فى ترجمة الشهاب أحمد بن على الحنفى، وما علمت له سماعا، ولا علمته حدث. ودخل اليمن فى زمن الملك المؤيد، على ما ذكر لى شيخنا ابن عبد المعطى للتجارة. وذكر لى أيضا: أنه دخل مصر، وكانت له ملاءة عظيمة، ووقف رباطا بزقاق الحجر بمكة على الفقراء، وله عليه وقف بمكة، وعلى بابه حجر مكتوب فيه: أنه وقفه على الفقراء والمساكين والمجاورين من أهل الخير والديانة من أى صنف كانوا، من العرب والعجم، ويكون النظر إليه وإلى عقبه من بعده، فإذا انقرضوا يكون للحاكم بمكة المشرفة، والحجرتين المفترقتين فى أعلا الرباط وأسفله، وقف على هذا الرباط، يصرف كراؤهما على مصلحته وعمارته وسقايته، وما يحتاج إليه، والنظر فيهما للمذكورين بتاريخ سلخ رجب سنة تسع وأربعين وسبعمائة، وتوفى بمكة فى الخامس من المحرم سنة ست وخمسين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. نقلت وفاته من حجر على قبره، وهو عمل عبد السلام المؤذن. وذكر لى شيخنا السيد عبد الرحمن الفاسى: أن أباه كان شيخ الصوفية بمكة، وأنه تزوج بنت القطب القسطلانى انتهى. وهى أم ولده العز هذا. كما ذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، وقال: كان ثائر النفس. 719 ـ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم، الشيخ رضى الدين الطبرى، يكنى أبا أحمد، ويقال أبو إسحاق، المكى الشافعى: إمام المقام الشريف. ولد سنة ست وثلاثين وستمائة.

_ 719 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 27 رقم 75، النجوم الزاهرة 9/ 255، الوافى 6/ 126 رقم 2562، تذكرة النبيه 2/ 128، عقد الجمان وفيات سنة 722، الدرر 1/ 56 رقم 145، البداية والنهاية 14/ 103، مرآة الجنان 4/ 267، درة الحجال 1/ 187 رقم 249، المنهل الصافى 1/ 163).

وسمع من عبد الرحمن بن أبى حرمى: صحيح البخارى، خلا من قوله: (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً) إلى باب: مبعث النبى صلى الله عليه وسلم، ونسخة أبى معاوية الضرير، وبكار بن قتيبة، ونسخة أبى مسهر، ويحيى بن صالح الوحاظى، وما معهما، وفضل من اسمه أحمد، ومحمد، لابن بكير، والمجالس المكية للميانشى عنه، ومن شعيب بن يحيى الزعفرانى: الأربعين الثقفية، والبلدانية للسلفى، وعلى الشيخ بهاء الدين أبى الحسن بن الجميزى: اختلاف الحديث للشافعى، والثقفيات، والأول من جامع عبد الرزاق، والثانى من حديث سعدان، والرابع من الأغراب للنسائى، والسادس، والسابع، والثامن من المحامليات، والسابع من حديث ابن السماك، وجزء سفيان بن عيينة، وجزء القزاز، وجزء مطين، وفوائد العراقيين للنقاش، ومسلسلات ابن شاذان، وغرائب مالك لدعلج، وثمانين الآجرى، وعلى الشيخ شرف الدين بن أبى الفضل المرسى: صحيح ابن حبان، خلا الكلام، وجزء ابن نجيد، وعوالى الفراوى. وعلى الفقيهين: جابر بن أسعد اليمنى، وسليمان بن خليل العسقلانى: مسند الشافعى، وعلى سليمان سنن النسائى، وعليه وعلى عمه يعقوب بن أبى بكر الطبرى: جامع الترمذى، وعلى عمه يعقوب: سنن أبى داود، وعلى الكمال بن محمد بن عمر بن خليل العسقلانى مسند الدارمى، وعلى الضياء محمد بن عمر القسطلانى العوارف للشيخ شهاب الدين السهروردى عنه، وعلى الحافظ ابن مسدى، السيرة لابن إسحاق، والزهد لابن المبارك، والملخص للقابسى، والتقصى لابن عبد البر، والنجم والكواكب للأقليشى، والأربعين المختارة لابن مسدى، وغير ذلك كثيرا من الكتب والأجزاء، عليهم وعلى غيرهم، منهم فاطمة بنت نعمة بن سالم الحزام، سمع عليها الجمعة للنسائى، وسداسيات الرازى. وأجاز له ابن المقير، وابن الصلاح، وابن ياقوت، وأحمد بن محمد بن الحباب، وابن رواج، وسبط السلفى، والسفاقسى، والساوى، والرضى الصاغانى، والمجد بن تيمية، والباذرائى، وخلق. وطلب العلم وتفقه، وأفتى، وقرأ الحديث، ونسخ الأجزاء، وخرج لنفسه فهرستا لمروياته، وتساعيات من حديثه. واختصر شرح السنة للبغوى، وعلوم الحديث لابن الصلاح. ونظم قصيدة فى مدح النبى صلى الله عليه وسلم سماها «العقد الثمين فى مدح سيد المرسلين». وحدث بالكثير مدة. سمع منه جمع من الأعيان، منهم: النجم بن عبد الحميد، ومات قبله بنحو ثلاثين سنة، وآخر أصحابه بالسماع، العفيف عبد الله بن محمد النشاورى المكى. وبالإجازة شيخنا يوسف بن عثمان بن عمر بن مسلم الكنانى الصالحى، وكانت إجازته له بعرفة فى

يومها، فى سنة إحدى وعشرين وسبعمائة باستدعاء البرزالى. وقد ذكره البرزالى فى معجمه، وأثنى عليه. ومن جملة ما أثنى عليه، قال: وكان شيخ مكة فى وقته، وكان يفتى على مذهب الشافعى. وذكره الذهبى فى معجمه، وقال: عالم فقيه محدث، عابد ورع، كبير القدر، ثم قال: ولى الإمامة، وحدث أزيد من خمسين سنة. انتهى. وحدث عنه الحافظ صلاح الدين العلائى يوما، ففضله على شيوخه كلهم؛ لأنه قال ـ فيما أخبرنى به عنه شيخنا الحافظ العراقى ـ: إنه أجل شيخ لقيه. وهذه منقبة عظيمة؛ لأن العلائى لقى من كبار العلماء والصالحين خلقا كثيرا، منهم الشيخ برهان الدين بن الفركاح، وهو ممن جمع بين العلم الغزير، والصلاح، والزهد الكثير، والقاضى تقى الدين سليمان بن حمزة. وقد قال الذهبى فى حقه: لولا القضاء لعدّ كلمه إجماع. وذكر الشيخ عبد الله اليافعى فى ترجمته: أنه بلغه عن الفقيه أحمد بن موسى بن العجيل، شيخ اليمن علما وصلاحا، أنه قال لما سأله بعض أهل مكة الدعاء، فقال: عندكم إبراهيم، يعنيه. قال اليافعى: وكان مع اتساعه فى رواية الحديث، له معرفة بالفقه والعربية وغيرهما. انتهى. توفى رحمه الله، فى الثامن من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. هكذا أرخ وفاته البرزالى فى معجمه. وذكر أن عفيف الدين المطرى، كتب إليه بذلك. وذكر أن أمين الدين الوانى، ضبط موته يوم السبت ثامن المحرم من السنة المذكورة. وذكر ابن رافع فى معجمه: أن مولده فى جمادى الآخرة، أو رجب سنة ست وثلاثين، وقال: كان محبّا فى الحديث وأهله، حسن الاستماع لما يقرأ عليه، سريع الدمعة. وذكر أن العلائى خرّج له ثلاثة أجزاء من عواليه. أخبرتنى أم الحسن فاطمة بنت مفتى مكة شهاب الدين أحمد بن قاسم الحرازى سماعا بالمدينة النبوية: أن جدها الإمام رضى الدين إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطبرى المكى أخبرها، قال: أنا أبو الحسن علىّ بن هبة الله الخطيب.

(ح): وقرأت على أبى هريرة بن الحافظ أبى عبد الله محمد بن أحمد الذهبى بغوطة دمشق، قال: أنا يحيى بن محمد بن مسعد المقدسى سماعا، قال: أنا أبو الفضل جعفر بن على بن هبة الله الهمدانى، قراءة عليه وأنا حاضر فى الخامسة، وإجازة، قال: والخطيب: أنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفى، قال: أنا أبو عبد الله القاسم بن الفضل الثقفى، قال: ثنا هلال بن محمد بن جعفر بن سعدان، قال: ثنا الحسين بن يحيى ابن عياش القطان. قال: ثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلى، قال: ثنا حماد بن زيد عن جميل بن مرة عن أبى الوضى عن أبى برزة الأسلمى رضى الله عنه، قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا» (1). أخرجه الحافظ أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزوينى فى سننه، عن أبى الأشعث هذا. فوقع لنا موافقة له عالية. أنشدنى أبو هريرة بن الذهبى، وأبو المحاسن يوسف بن عثمان الكتانى مشافهة، أن الإمام رضى الدين إبراهيم بن محمد الطبرى أنشدهما إجازة لنفسه [من الطويل]: غرامى بسكان العذيب مقيم ... وصبرى عديم والفواد كليم وقلبى من طول البعاد معذب ... وإن عذاب العاشقين أليم يجاذ بنى داعى الغرام إليكم ... ويقعدنى عنكم أسى وهموم فلو اننى أعطى لنفسى مرادها ... لكنت إلى تلك الوجوه أشيم يشاهدكم قلبى على البعد دائما ... ويهوى دنوا والدنو عظيم وإنى على ما تعهدون من الوفا ... وإن كثرت فىّ الشجون مقيم يؤرقنى شوقى إليكم فأنثنى ... وبى من غرامى مقعد ومقيم

_ (1) أخرجه مسلم فى صحيحه باب الصدق فى البيع والبيان حديث رقم (3815) من طريق: محمد بن المثنى، حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة، (ح) وحدثنا عمرو بن على، حدثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدى، قالا: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أبى الخليل، عن عبد الله بن الحارث، عن حكيم بن حزام، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما فى بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما». وأخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده حديث رقم (5374) من طريق: عبد الله، حدثنى أبى، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «البيعان بالخيار، ما لم يتفرقا، أو يقول أحدهما لصاحبه: اختر».

ومنها: رعى الله أحبابا رمونى ببعدهم ... وقد علموا أن الفراق عظيم معذبتى كم ذا الصدود إلى متى ... مضى عمرى والوصل منك أروم ضننت علينا بالوصال وأنت من ... فروع الندا وابن الكرام كريم ومنها: فجودى ورقى أو فجورى وعذبى ... فما القلب إلا فى هواك مقيم رمى الله أيام الفراق بمثلها ... لترثى لحالى فالجهول ظلوم وأنشدانى أيضا كذلك عنه نفسه [من الطويل]: أجارتنا بالغور جانب الغضا ... أعيدى لنا ذاك الوداد الذى مضى ولا تحرمينا من جمالك نظرة ... فأرواحنا من لوعة البين تنتضا أيحسن منك الصد والقلب مغرم ... بحبك قد ضاقت به رحب الفضا أود خيالا فى المنام يزورنى ... وكيف يزور الطيف من ليس يغمضا فمنى بإقبال على من فؤاده ... أسير جوى لم يزل فيك مغرضا وحقك ما عن السلو بخاطرى ... وما زال برق الشوق فى القلب مومضا وأقسم بالعهد الذى تعرفونه ... لأنتم منى قلبى على السخط والرضا وبه له [من البسيط]: لا المنازل والأطلال والحللا ... هل بعد سكانها قلبى المشوق سلا كيف السلو وما زالت محاسنهم ... فى مقلتى وإن شط النوى مثلا رموا فؤادى بالأحزان بعدهم ... وألزموه على بعد المدا عللا قد كنت أخشى فواقا قد رميت به ... وكنت قبل التنائى خائفا وجلا ما لذ لى مطعم بعد الحبيب ولا ... عذب المشارب بعد الظاعنين حلا أستودع الله من كانت لطلعتها ... السعادة والإقبال متصلا عليك منا سلام لا يزال فما ... تركت بعدك إلا بالجوى قتلا وبه له فى أولى العزم من الرسل [من الطويل]: فنوح وإبراهيم الذبيح ويوسف ... ووالده يعقوب أيوب داود وموسى وعيسى والنبى محمد ... أولى العزم فاعلمهم فعلمك محمود

720 ـ إبراهيم بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن سليمان بن على بن عبد الله ابن عباس الهاشمى العباسى أمير مكة، هكذا نسبه صاحب الجمهرة

720 ـ إبراهيم بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن سليمان بن على بن عبد الله ابن عباس الهاشمى العباسى أمير مكة، هكذا نسبه صاحب الجمهرة: وذكر أنه ولى مكة والبصرة، وكان عليها يوم دخلها صاحب الزنج، ففر ولحق ببغداد. وذكر أن جده إسماعيل، امتنع من لباس الخضرة أيام المأمون. انتهى. وإبراهيم هذا يلقب: برية. وذكر ابن الأثير ما يبين به وقت تاريخ ولاية إبراهيم هذا؛ لأنه قال فى أخبار سنة ستين ومائتين: وفيها اشتد الغلاء فى عامة بلاد الإسلام، فأنجلا من أهل مكة الكثير، ورحل عنها عاملها، وهو برية. قال: ثم حج بالناس إبراهيم بن محمد بن إسماعيل المعروف ببرية. وهو أمير مكة. انتهى. وذكر ابن جرير. أن برية حج بالناس سنة تسع وخمسين ومائتين وسنة ستين ومائتين؛ لأنه قال فى أخبار سنة تسع وخمسين ومائتين: حج بالناس فيها إبراهيم بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن سليمان بن على بن عبد الله بن عباس، المعروف ببرية، وحج بالناس أيضا سنة ستين ومائتين. وذكر العتيقى ما يخالف ما ذكره ابن جرير فيمن حج بالناس سنة تسع وخمسين؛ لأنه قال: وحج بالناس سنة تسع وخمسين، الفضل بن عباس، ووافق العتيقى ابن جرير، على أن برية حج بالناس سنة ستين. وذكر الفاكهى ما يدل لولاية برية على مكة، وأمر فعله فى ولايته؛ لأنه قال: وأول من فرع الطواف للنساء بعد العصر، ليطفن وحدهن لا يخالطن الرجال فيه، عبيد الله بن الحسن الطالبى، ثم عمل ذلك إبراهيم بن محمد برية فى إمارته. انتهى. وما عرفت من حال برية سوى ما ذكرت. ولنذكر شيئا من أخبار صاحب الزنج، ملخصا من كلام الذهبى فى العبر وهو فى زعمه: على بن محمد بن أحمد بن على بن الشهيد زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب. خرج بالبصرة سنة خمس وخمسين ومائتين، فدعى إلى نفسه، وبادر إلى دعوته عبيد أهل البصرة السودان، ولأجل ذلك قيل له: صاحب الزنج. فاستفحل

_ 720 ـ انظر ترجمته فى: (جمهرة أنساب العرب 34).

721 ـ إبراهيم بن محمد بن حسين، برهان الدين، المعروف بالموصلى المالكى

أمرهم، وهزم جيوش الخليفة، واستباح البصرة، وفعل الأفاعيل القبيحة، وامتدت أيامه الملعونة إلى أن قتل فى سنة سبعين وثلاثمائة، لا رحمه الله، وعجل بروحه إلى النار. قال الذهبى: وكان خارجيا يقول: لا حكم إلا لله، وقيل: زنديقا يتستر بمذهب الخوارج، وهو أشبه. قال: وكان يصعد على المنبر، فيسب عثمان، وعليا، ومعاوية، وعائشة، وهو اعتقاد الأزارقة. قال الصولى: قتل من المسلمين ألف ألف وخمسمائة ألف. قال: وقتل فى يوم واحد بالبصرة ثلاثمائة ألف. انتهى. 721 ـ إبراهيم بن محمد بن حسين، برهان الدين، المعروف بالموصلى المالكى: نزيل مكة. كان رجلا مباركا كثير العبادة بالطواف، له إلمام بالعلم، وخط جيد، كتب به كتبا حسنة. منها: شرح مختصر ابن الحاجب الفرعى، للشيخ خليل الجندى المالكى، ومختصره فى الفقه. وكان يذكر أنه من تلامذته. وكان يحضر بمكة درس سيدى الشيخ العلامة موسى بن على المراكشى، وسمع منه، ومن العفيف عبد الله بن محمد النشاورى وغيرهما، وأدّب الأطفال بمكة سنين كثيرة. وكان يسكن برباط السدرة، ويشرف على ما يتحصل من ريع وقفه بصيانة وعفاف، يعف أيضا عن أخذ كثير من الصدقات، ووقف كتبا بخطه، منها: شرح ابن الحاجب وغيره. وكان أحد العدول بظاهر القاهرة خارج باب زويلة. وما عرفت سنة قدومه إلى مكة، إلا أنه جاور بها ثلاثين سنة أو أزيد، وبها توفى فى العشر الأخير من جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وثمانمائة، ودفن بالمعلاة. شهدت الصلاة عليه ودفنه، وهو من أبناء السبعين ـ فيما أحسب. 722 ـ إبراهيم بن محمد بن صديق بن إبراهيم بن يوسف الدمشقى، أبو إسحاق، الملقب بالبرهان، المعروف بابن صديق الصوفى المؤذن: نزيل مكة، ومسندها ومسند الحجاز. ولد ـ ظنا ـ سنة عشرين وسبعمائة بدمشق، وسمع بها على أبى العباس الحجار: صحيح البخارى، ومسند الدارمى، ومسند عبد بن حميد، وفضائل القرآن، لأبى عبيد عن الأنجب، وابن السباك وابن القبيطى عن أبى زرعة، ومن باب: من حلف فاستثنى إلى كتاب البيوع من سنن النسائى رواية ابن السنى عن ابن القبيطى وجماعة، وجزء أبى الجهم، ومسند عمر للنجاد، وجزء ابن مخلد بفوت من أوله. ينتهى إلى حديث أنس: أصيب حارثة بن سراقة الأنصارى، وأخبار إبراهيم بن أدهم رواية الخلدى، وأربعين الآجرى، وأربعين من روايته، تخريج ابن الفخر له، وسماعه لهذه فى سنة أربع وعشرين، وهو فى الرابعة ـ على ما ذكر كاتب الطبقة ـ

وجزء البانياسى عن الكاشغرى وغير ذلك. وعلى العدل مجد الدين محمد بن محمد بن عمر الأصبهانى ـ حفيد العماد الكاتب ـ أكثر سنن النسائى، وذلك من باب: ما يفعل من صلى خمسا، إلى آخر السنن، خلا فوتا من الميعاد السابع، وهو من كتاب الوصايا، إلى باب: من حلف فاستثنى عن ابن القبيطى، وعلى الزين أيوب بن نعمة الكحال، من قوله فى السنن المذكورة: النهى عن الاغتسال بفضل الجنب، إلى كتاب الوصايا، وعلى العفيف إسحاق بن يحيى الآمدى، الثانى من العظمة لأبى الشيخ ابن حيان، وجزء فيه أربع مجالس من حديث الرئيس أبى الفضل جعفر بن عبد الواحد الثقفى، وهى: الثالث، والرابع، الخامس، والسادس، وجزء من فوائد الخضر بن الفضل الغازى، وجزء عامر بن سيار الرقى، وعلى أحمد بن المقداد بن هبة الله القيسى: سنن النسائى، خلا من أولها إلى باب أول وقت العشاء، وخلا الفوت المعين فى الميعاد السابع، عن جده المقداد، وعلى الشيخ تقى الدين أحمد بن تيمية الحنبلى طرق: «زرغبّا تزدد حبا» لأبى نعيم، وفضل سورة الإخلاص له، عن ابن شيبان عن الصيدلانى عن الحداد عنه، وعلى قاضى القضاة علاء الدين القونوى: الأول والثانى من موافقاته، تخريج ابن طغريل، وعلى قاضى القضاة شرف الدين عبد الله بن الحسن بن عبد الله بن الحافظ عبد الغنى: الثانى من مسند أنس للحنينى، عن سبط السلفى، عن السلفى، وعلى قاضى القضاة جمال الدين سليمان بن عمر الزرعى: جزءا من عواليه، تخريج البرزالى، وعلى البرزالى: الوجل لابن أبى الدنيا، وسمعه على الحافظ أبى الحجاج المزى، وسمع على المزى جزء البانياسى وتذكرة الحميدى، والأول من فوائد ابن خزيمة مع الحجار فى هذه الأجزاء الثلاثة، وفضل سورة الإخلاص، وأربعين الآجرى، والتاسع من حديث ابن مندة، والثانى من مسند أنس للحنينى، وقرى الضيف لابن أبى الدنيا، وسمعه على المحدث محب الدين عبد الله بن أحمد بن المحب المقدسى من لفظه، وسمع عليه جزء البانياسى من لفظه، وسمعه أيضا على المحدث شمس الدين محمد بن محمد بن الحسن بن نبماته الفارقى، وسمع عليه فضائل القرآن لأبى عبيد، عن أبى صادق بن الرشيد العطار عن ابن باقا عن أبى زرعة، ومن قوله فى سنن النسائى: بيع الصبرة من التمر لا يعلم مكيلتها بالكيل المسمى من التمر، إلى كتاب أدب القاضى، عن جعفر الإدريسى، وابن الشمعة، وجماعة من أصحاب ابن باقا، وسمع أكثر هذه السنن على أم محمد آمنة بنت الشيخ تقى الدين إبراهيم بن على الواسطى، وهو من باب النهى عن الاغتسال بفضل الجنب إلى آخر الكتاب، خلا الفوت الذى فى السابع، وهو من أوله، وذلك من كتاب الوصايا، إلى باب: من خلف واستثنى.

وأجاز له شيوخه هؤلاء إلا القونوى، ففى إجازته عندى الآن شك. وأجاز له باستدعاء الحافظ عماد الدين بن كثير ـ مؤرخ بذى الحجة سنة ست وعشرين وسبعمائة ـ إبراهيم بن محمد بن عبد المحسن الغرافى ـ بغين معجمة وراء وألف وفاء ـ من الإسكندرية، ومن مصر عبد الله بن محمد بن أبى القاسم القزوينى، وعلى بن عمر الوانى، وعلى بن إسماعيل بن قريش، ويوسف بن عمر الختنى، ويونس بن إبراهيم الدبوسى والقاضى بدر الدين بن جماعة، والحافظان: قطب الدين الحلبى، وأبو الفتح بن سيد الناس، والمحدث سراج الدين عبد اللطيف السعودى، وجمع كثير من أصحاب النجيب الحرانى، وابن عزون، والمعين الدمشقى وغيرهم، تقدم ذكر جماعة منهم فى ترجمة الشريف أبى الفتح الفاسى وغيرهم، وحدث بجميع مسموعاته، وبأكثرها غير مرة، ولم يفتنى منها ـ بحمد الله ـ إلا أكثر كتاب قرى الضيف، نعم فى سماعى للخامس من أمالى المحاملى نظر. وسمع منه جماعة من شيوخنا المحدثين، وأصحابنا من المحدثين والفقهاء، منهم: شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، وحدث عنه فى معجمه، وأول ما حدث بدمشق فى عشر التسعين وسبعمائة، ثم حدث بالحرمين وحلب وطرابلس، وكان أسند من بقى فى الدنيا مع حسن الفهم لما يقرأ عليه، وله إلمام بمسائل فقهية، وربما يستحضر لفظ «التنبيه» إلا أنه صار بأخرة يتمحل كثيرا، ويرد ما لا يتجه رده، وربما أخطأ فى الرد، ولذلك سبب، وهو أنه كان علق بذهنه فى حال القراءة عليه كثيرا من الأحاديث وبعض الأحاديث المختلفة الألفاظ، وهو لم يحفظ إلا لفظا واحدا. فإذا قرأ القارئ الحديث الذى لا يحفظ لفظه، أنكر عليه ولا يقنع منه بدون أن يقرأ ما يحفظ. وقال: هكذا سمعناه. وهذا مما عيب عليه، وإنما كان ذلك عيبا لأمرين: الأول: أن الاحتجاج بلفظ السماع، إنما هو لليقظ الواعى فى وقته. وليس هو بهذه الصفة. الثانى: أنه يلزم من قراءة ما يقوله، أن يدخل فى الرواية ما ليس منها؛ لأنه قد يكون للحديث راويان، كل منهما رواه بلفظ، والقارئ له باللفظين يدخل فى رواية كل منهما ما ليس فيها، وهو محذور، وإنما يحسن قراءة الحديث بألفاظه، إذا كان من رواية واحد أو اثنين فصاعدا، مع بيان لفظ كل راو. وكان ـ رحمه الله ـ بأخرة، شديد الحرص على أخذ شيء على التحديث، وأخذ خطه بالإجازة أو التصحيح، وهو معذور فى ذلك، فإنه كان قد احتاج.

وله ـ رحمه الله تعالى ـ حظ من العبادة والخير والعفاف، مع كونه لم يتزوج قط على ما ذكر، ومتعه الله تعالى بحواسه وقوته، بحيث كان يذهب إلى التنعيم ماشيا غير مرة، آخرها فى سنة موته، ولم يزل حاضر العقل إلى حين وفاته. وكان صوفيا بالخانقاه الأندلسية بدمشق، ومؤذنا بجامعها الأموى، وعانى بيع الحرير فى وقت على ما ذكر. توفى ـ رحمه الله تعالى ـ فى ليلة الأحد السابع عشر من شوال سنة ست وثمانمائة بمنزله برباط ربيع من مكة. ودفن بالمعلاة، بعد أن جاور بمكة سنين كثيرة: منها ست سنين، تنقص تسعة وأربعين يوما متصلة بموته ومنها خمس سنين متوالية أولها موسم سنة إحدى وتسعين وسبعمائة وآخرها، انقضاء الحج من سنة ست وتسعين وسبعمائة. وجاور بها مدة غير ذلك. أخبرنى أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن صديق الصوفى، بقراءتى عليه بالمسجد الحرام، والإمام أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد البعلى، بقراءتى عليه بالقاهرة، وأبو هريرة عبد الرحمن بن الحافظ أبى عبد الله الذهبى، بقراءتى عليه بكفر بطنا، ومحمد بن محمد بن محمد بن عمر بن أبى بكر بن قوام البالسى، وأسماء بنت أحمد ابن عثمان الحليبى، بقراءتى عليهما، بصالحية دمشق، وعلى بن عثمان بن محمد بن الشمس لؤلؤ، وأخته زينب، بقراءتى عليهما ببيت لها من غوطة دمشق، ومحمد بن بهادر المسعودى، قراءة عليه وأنا أسمع فى الرحلة الثالثة بصالحية دمشق وغيرهم، قالوا: أنا أبو العباس أحمد بن أبى طالب بن نعمة الصالحى سماعا، زاد ابن الذهبى فقال: وأبو محمد عيسى بن عبد الرحمن المطعم سماعا فى الثالثة، قالا: أنا أبو المنجا عبد الله بن عمر البغدادى، قال: أنا عبد الأول بن عيسى قال: أنا محمد بن عبد العزيز الفارسى، قال: أنا عبد الرحمن بن أبى شريح، قال: أنا عبدالله بن محمد بن عبد العزيز البغوى، قال: ثنا أبو الجهم العلاء بن موسى بن عطية الباهلى إملاء من كتابه، قال: أنا الليث بن سعد عن نافع عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه أدرك عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى ركب وعمر يحلف بأبويه، فناداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عزوجل ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا فليحلف بالله عزوجل وإلا فليصمت» (1).

_ 722 ـ (1) أخرجه البخارى فى صحيحه حديث رقم (6404) من طريق: عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بن ـ

723 ـ إبراهيم بن محمد بن العباس بن عثمان بن شافع بالسائب بن عبيد بن عبد بن يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف القرشى المطلبى الشافعى، أبو إسحاق المكى، ابن عم الإمام الشافعى

هذا حديث صحيح متفق عليه، أخرجه البخارى ومسلم عن قتيبة عن الليث. فوقع لنا بدلا لهما عاليا. وأخرجه مسلم أيضا عن عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد عن أبيه عن جده عن عقيل بن خالد عن الزهرى عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عبد الله بن عمر، فوقع لنا عاليا جدا؛ فباعتبار العدد إلى النبى صلى الله عليه وسلم، كأنى سمعته من صاحب مسلم. ولله الحمد والشكر. 723 ـ إبراهيم بن محمد بن العباس بن عثمان بن شافع بالسائب بن عبيد بن عبد بن يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف القرشى المطلبى الشافعى، أبو إسحاق المكى، ابن عم الإمام الشافعى: روى عن أبيه، وجده لأمه محمد بن على بن شافع، والحارث بن عمير، وحماد بن زيد، وداود بن عبد الرحمن العطار، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن رجاء المكى، وعمرو بن يحيى السعيدى، وأبى عرارة المليكى، ومحمد بن حنظلة المخزومى. روى عنه: مسلم، خارج الصحيح، وابن ماجة والنسائى عن رجل عنه، ووثقه النسائى، وأبو بكر بن أبى عاصم، وبقى بن مخلد، ومطين، ويعقوب بن سفيان الفسوى. ووقع لنا حديثه عنه فى الأول من مشيخته عاليا. قال حرب بن إسماعيل الكرمانى: سمعت أحمد بن حنبل يحسن الثناء عليه، وقال أبو حاتم: صدوق. وقال النسائى، والدارقطنى ثقة. مات سنة سبع، ويقال: سنة ثمان وثلاثين ومائتين. أخبرنا ابن الذهبى، قال: أنا يحيى بن سعد، أنا ابن اللتى حضورا وإجازة، قال: أنا أبو حفص الحربى، قال: أنا أبو غالب العطار، قال: أنا أبو على بن شاذان، قال: أنا عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوى، قال: أنا يعقوب بن سفيان، قال: ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الشافعى المطلبى، قال: سمعت أبى يحدث عن أبيه عن عمرو بن محمد

_ ـ الخطاب ـ وهو يسير فى ركب، يحلف بأبيه ـ فقال: ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفا فليحلف بالله، أو ليصمت». وأخرجه مسلم فى صحيحه برقم (4213) من طريق: قتيبة بن سعيد: حدثنا ليث، (ح) وحدثنا محمد بن رمح (واللفظ له)، أخبرنا الليث، عن نافع، عن عبد الله، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أدرك عمر بن الخطاب فى ركب، وعمر يحلف بأبيه، فناداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا إن الله عزوجل ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت». 723 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 2/ 129).

724 ـ إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن أبى بكر السمربائى، يلقب بالعز ابن التقى، ويعرف بابن الوجيه المصرى

عن أبيه عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما، فمن كانت له حاجة بورق فليصرفها بالذهب، ومن كانت له حاجة بذهب فليصرفها بورق، والصرف هاء وهاء» (1). [ ... ] (2) 724 ـ إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن أبى بكر السمربائى، يلقب بالعز ابن التقى، ويعرف بابن الوجيه المصرى: سمع من أبى الحسن على بن الصواف، مسموعه من النسائى وفوته، على القاضى جمال الدين بن السقطى، وسمع من الحافظ الدمياطى، وزينب بنت الإسعردى. وحدث. روى لنا عنه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. سمع منه منتقى من مسموعاته عن سنن النسائى، بقراءة شيخنا الحافظ أبى الحسن الهيثمى، فى مستهل الحجة سنة ثمان وستين وسبعمائة بالحرم الشريف بمكة. وبها مات فى هذه السنة. وكان أمين الحكم بالحسينية ظاهر القاهرة. 725 ـ إبراهيم بن محمد بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن أبى المجد اللخمى المصرى، الشيخ جمال الدين، المعروف بالأميوطى الشافعى: نزيل مكة. ولد سنة خمس عشرة وسبعمائة. وسمع بالقاهرة على أبى العباس الحجار، صحيح البخارى فى قدمته الثانية إليها، وهى سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة، وعلى أبى الحسن على بن عمر الوانى، صحيح مسلم، عن المرسى، والبكرى، والبلدانية للسلفى عن سبط السلفى عن جده، وعلى النجم عبد الله بن على بن عمر الصنهاجى: صحيح مسلم، عن أحمد بن عبد الدايم، وجامع الترمذى ـ خلا من أبواب الدعوات إلى آخره ـ عن القطب القسطلانى، والغيلانيات

_ (1) أخرجه ابن ماجة فى سننه حديث رقم (2322) من طريق: أبو إسحاق الشافعى إبراهيم بن محمد بن العباس، حدثنى أبى، عن أبيه العباس بن عثمان بن شافع، عن عمر بن محمد بن على بن أبى طالب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم، لا فضل بينهما، فمن كانت له حاجة بورق، فليصرفها بذهب، ومن كانت له حاجة بذهب، فليصرفها بالورق، والصرف هاء وهاء». (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 725 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 1/ 87).

عن ابن مناقب وجماعة، عن ابن طبرزد، وعليه وعلى التقى محمد بن عبد الحميد المهلبى: الشفا للقاضى عياض، عن التاج القسطلانى، والسيرة لابن إسحاق: عن الشريف أبى عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحسنى عن ابن بيان الأنبارى، عن والده عن الحبال، وعلى الصنهاجى، وقاضى القضاة بدر الدين بن جماعة، صحيح البخارى، وعلى ابن جماعة بمفرده سنن ابن ماجة، وجامع الأصول لابن الأثير، عن ابن أبى الدم عنه، والشاطبية عن ابن الأزرق عن المؤلف. وعلى أبى المحاسن يوسف بن عمر الختنى: معجم المنذرى، خلا الجزء الحادى عشر، والرابع عشر، والثامن عشر، عنه كذلك، وعلى أبى الحسن على بن إسماعيل بن قريش: سنن الشافعى رضى الله عنه رواية المزى، وعلى أبى النون يونس بن إبراهيم الدبوسى: اختلاف الحديث للشافعى عن ابن الجميزى إجازة، والجزء الأول من القناعة لابن أبى الدنيا، وأحاديث أبى أحمد الفرضى، وأنا شيد شجاع بن على، عن ابن المقير، ومشيخته تخريج ابن أيبك، وبعض السيرة الهشامية عن ابن المقير عن ابن ناصر عن الحبال، وعلى الضياء موسى بن على الزرزارى: كتاب الحلية لابن نعيم عن النجيب الحرانى، وعلى الحافظ أبى الفتح بن سيد الناس اليعمرى السيرة، تأليفه، وتسمى عيون الأثر، وعلى الملك أسد الدين عبد القادر بن الملوك: السيرة لابن إسحاق، وعلى جماعة سواهم بمصر، وبدمشق سنة أربعين على الحافظ أبى الحجاج المزى، الجزء الثانى عشر من كتاب الصيام للحسين بن الحسن المروزى، دون ما فى آخره من حديث ابن المنذر عن ابن البخارى، وعلى الحافظ أبى عبد الله الذهبى جزءا من تخريجه فيه عوالى مالك، وآخره تفسير قوله تعالى: (لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ) [النساء: 148]، وأجاز له أبو بكر ابن أحمد بن عبد الدايم، وعيسى بن عبد الرحمن المطعم، ويحيى بن سعيد، والقاسم بن عساكر، وأبو نصر بن الشيرازى. وآخرون من دمشق. وطلب العلم، فأشتعل بالفقه والعربية والأصلين، وبرع فى ذلك كثيرا. وذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، أنه أخذ الفقه عن الشيخ مجد الدين الزنكلونى، شارح التنبيه، والشيخ تاج الدين التبريزى، ثم عن الشيخ كمال الدين النشائى، وقرأ عليه كتابه جامع المختصرات وحفظه، وعن الشيخ جمال الدين الإسنائى ولازمه كثيرا، وقرأ عليه كثيرا من تصانيفه، وأخذ أصول الدين عن الشيخ شهاب الدين ابن الميلق، وصحبه وانتفع به، وناب فى الحكم بالحسينية ظاهر القاهرة، عن قاضى القضاة أبى البقاء السبكى، ثم انتقل إلى مكة، سنة سبعين وسبعمائة، واستوطنها حتى مات. انتهى.

726 ـ إبراهيم بن محمد بن على، أبو النصر الفارسى الإسترابادى

وكان ولى بمكة تدريس الحديث للأشرف صاحب مصر، وتصدير البشير الجمدار، ودرس أيضا كثيرا احتسابا، وانتفع به الناس فى ذلك بالحرمين، وأفتى وحدث فيهما بالكثير من مروياته، وسمع منه مشايخنا الحفاظ: أبو الفضل العراقى، وابنه أبو زرعة، وخرج له مشيخة، وأبو الحسن الهيثمى، وشيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، ووالدى وغيرهم من أصحابنا وغيرهم، وحضرت مجلس تحديثه بالحرم. ووجدت بخط شيخنا ابن سكر، سماعى عليه لشيء من آخر سنن النسائى، رواية ابن السنى مع النشاورى وغيره، بقراءة الشريف البنزرتى المقدم ذكره. وأجاز لى غير مرة، منها لما عرضت عليه بعض محفوظاتى بمكة والمدينة، وكان يتردد إليها، وتزوج من أهلها. وتوفى رحمه الله، يوم الثلاثاء الثانى من شهر رجب سنة تسعين وسبعمائة، ودفن بعد العصر بالمعلاة، بقرب الفضيل بن عياض رضى الله عنه. 726 ـ إبراهيم بن محمد بن على، أبو النصر الفارسى الإسترابادى: قدم إلى مكة فى سنة ست وستين وأربعمائة، وصنع فيها ـ بمكة ـ وبظاهرها مآثر حسنة، منها: أنه عمر المسجد الذى أحرمت منه عائشة رضى الله عنها بالتنعيم لما حجت، وهو المسجد المعروف بمسجد الهليلجة، بشجرة كانت فيه سقطت من سنين قريبة، واسمه مكتوب بذلك فى حجر جدار المسجد الشامى. ونص المكتوب فى الحجر بعد البسملة: أمر بعمارة مسجد عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها، بأمر منه، الرئيس الأجل السيد فخر الرؤساء مغيث الحرمين، أبو النصر إبراهيم بن محمد بن على، عنه وعن أخيه الرئيس الأجل السيد ذى المحاسن أبى مسعود على بن محمد بن على، تقبل الله عملهما وبلغهما فى الدارين أملهما وشكر سعيهما، ولا قطع من الحرمين أثرهما، وذلك فى رجب سنة ست وستين وأربعمائة. انتهى باختصار. ومنها على ما ذكر صاحب المرآة نقلا عن محمد بن هلال الصابى: أن أبا النصر ورد إلى مكة سنة ست وستين وأربعمائة، وصادف فى المسجد الحرام مواضع قد تهدمت، فأطلق ثلاثين ألف دينار، أنفق بعضها فيها. وأخذ الباقى الأمير محمد بن أبى هاشم، وأجرى الماء من عرفات إلى مكة فى قنى كانت عملتها زبيدة، ووجد البيت عريانا منذ سنين، فكساه ثيابا بيضا من عمل الهند كانت معه كذلك. وفضض الميزاب، وقال: لو

_ 726 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 1/ 88).

727 ـ إبراهيم بن مسعود بن إبراهيم بن سعيد الإربلى القاهرى، الشيخ برهان الدين، المعروف بالمسرورى المقرى

أنى علمت إذا علمته ذهبا سلم لعملته، وتصدق فى الحرمين بمال جزيل، وأعطى فقراء مكة والمدين جراية لمدة سنة، وقيل كان ذلك من سلطان شاه، نذر لله أن يفعل ذلك فى مقابلة سلامة نظره بعد الكحل وإفلاته من الحبس، وسلامة إخوته من الكحل. انتهى. 727 ـ إبراهيم بن مسعود بن إبراهيم بن سعيد الإربلى القاهرى، الشيخ برهان الدين، المعروف بالمسرورى المقرى: نزيل مكة، وشيخ القراء بها، ويعرف أيضا بابن الجابى. ولد فى ذى القعدة سنة اثنتين وستين وستمائة بالقاهرة، بخان مسرور منها، ولذلك قيل له المسرورى. وسمع من النجيب الحرانى: الجزء الأول والثانى من مشيخته تخريج الشريف عز الدين الحسينى، فى سنة تسع وستين وستمائة. وسمع فى سنة خمس وسبعين، على القاضى عماد الدين على بن صالح، المعروف بابن أبى عمامة المصرى: مسند الشافعى، وحدث به عنه، وحدث عن القاضى شمس الدين محمد بن العماد إبراهيم بن عبد الواحد المقدسى، وأخذ القراءات عن جماعة منهم: الشطنوفى، والتقى الصائغ وغيرهم، وأتقنها قراءة عليه العلامة فخر الدين المصرى، وجدى القاضى أبو الفضل النويرى ـ وسمع عليه المسند ـ وغيرهما من أعيان الحرمين وغيرهما. ذكره الذهبى ـ فيما وجدت بخطه ـ فى القراء على التقى الصائغ وقال: شيخ القراء بمكة. وذكر ابن فرحون فى كتابه «نصيحة المشاور»: أنه تصدر للإقراء بالحرم الشريف النبوى، وانتفع الناس به بعد إقامة طويلة بمكة، وأن القاضى شرف الدين الأميوطى استنابه فى الإمامة والخطابة مدة غيبته فى القاهرة سنة اثنتين وأربعين، قال: وكان قد كفّ فى آخر عمره فصبر واحتسب. انتهى. توفى فى الثالث والعشرين من جمادى الأولى سنة خمس وأربعين وسبعمائة بالمدينة النبوية، ودفن بالبقيع. كتبت وفاته ومولده وشيوخه فى القراءات، وقراءة الفخر المصرى عليه، من ذيل

_ 727 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 1/ 89).

728 ـ إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب الحسينى أخو على بن موسى الرضا

على طبقات القراء للحفاظ الذهبى، من إملاء العفيف المطرى، فى غالب ظنى. 728 ـ إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب الحسينى أخو على بن موسى الرضا: ذكره أبو الحسن العتيقى فى أمراء الموسم. وذكر أنه حج بالناس فى سنة اثنتين ومائتين، وهو أمير مكة للمأمون، وأخوه على ابن موسى الرضا، ولى عهد المأمون. انتهى. ولا معارضة بين ما ذكره العتيقى من أن إبراهيم كان على مكة فى سنة اثنتين ومائتين، وبين ما ذكر الأزرقى من أن ابن حنظلة كان على مكة فى سنة اثنتين ومائتين، خليفة لحمدون بن على بن عيسى بن ماهان، لإمكان أن يكون حمدون كان على مكة فى أول سنة اثنتين ومائتين، وإبراهيم كان على مكة فى آخر هذه السنة. والله أعلم. وابن حنظلة المشار إليه، هو يزيد بن محمد بن حنظلة المخزومى، أمير كان على مكة للجلودى، ولحمدون السابق. وذكر ابن حزم: أن إبراهيم بن موسى بن جعفر المشار إليه، دخل مكة عنوة، وقتل ابن حنظلة المذكور. انتهى بالمعنى. وذكر ابن الأثير شيئا من خبره؛ لأنه قال فى أخبار سنة مائتين: وفى هذه السنة ظهر إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد، وكان بمكة، فلما بلغه خبر أبى السرايا، وما كان منه، سار إلى اليمن، وبها إسحاق بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس عاملا للمأمون. فلما بلغه قرب إبراهيم من صنعاء، سار منها نحو مكة، وأتى المشاش (1) فعسكر بها، واجتمع إليه جماعة أهل مكة هربوا من العلويين، واستولى إبراهيم على اليمن ـ وكان يسمى الجزار لكثرة من قتل باليمن ـ وسبى وأخذ الأموال. انتهى. وقال فى أخبار هذه السنة: «ذكر ما فعله إبراهيم بن موسى»: وفى هذه السنة وجّه

_ 728 ـ (1) المشاش: بالضم، قال عرام: ويتصل بجبال عرفات جبال الطائف وفيها مياه كثيرة أوشال وعظائم قنى، منها المشاش وهو الذى يجرى بعرفات ويتصل إلى مكة. انظر: معجم البلدان (المشاش).

729 ـ إبراهيم بن موسى المكى

إبراهيم بن موسى بن جعفر من اليمن رجلا من ولد عقيل بن أبى طالب فى خيل ليحج بالناس، فسار العقيلى حتى أتى بستان ابن عامر، فبلغه أن أبا إسحاق المعتصم، قد حج فى جماعة من القواد، فيهم حمدويه بن على بن عيسى بن ماهان، وقد استعمله الحسن ابن سهل على اليمن، فعلم العقيلى أنه لا يقوى بهم. فأقام ببستان ابن عامر، فاجتازت به قافلة من الحاج، ومعهم كسوة الكعبة وطيبها، فأخذوا أموال التجار وكسوة الكعبة وطيبها، وقدم الحاج مكة عراة منهوبين، واستشار المعتصم أصحابه، فقال الجلودى: أنا أكفيك ذلك، فانتخب مائة رجل. وسار إلى العقيلى، فصبحهم فقاتلهم فانهزموا وأسر أكثرهم، وأخذ كسوة الكعبة وأموال التجار، إلا ما كان مع من هرب قبل ذلك فرده، وأخذ الأسارى، فضرب كل واحد منهم عشرة أسواط، وأطلقوا. فرجعوا إلى اليمن يستطعمون الناس، فهلك أكثرهم فى الطريق. انتهى. 729 ـ إبراهيم بن موسى المكى: يروى عن يحيى بن سعيد الأنصارى. روى عنه هشام بن عمار. ذكره ابن حبان هكذا، فى الطبقة الثالثة من الثقات. 730 ـ إبراهيم بن ميسرة الطائفى: نزيل مكة، من الموالى. روى عن أنس بن مالك، وسعيد بن جبير، وسعيد بن المسيب، وطاوس، وعطاء بن أبى رباح، وعمرو بن شعيب، ومجاهد، ووهب بن عبد الله بن قارب الثقفى. وله صحبة، وعن عمته، عن امرأة لها صحبة. روى عنه أيوب السختيانى، وابن جريج، وشعبة والسفيانان، وعثمان بن الأسود، ومعمر بن راشد، وجماعة. روى له الجماعة.

_ 730 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات خليفة 282، تاريخ البخارى 1/ 328، التاريخ الصغير 2/ 7 ـ 29، ثقات ابن حبان 3/ 14، الجرح والتعديل 2/ 133 ـ 134، تهذيب الكمال 67، تهذيب التهذيب 1/ 172، خلاصة تذهيب الكمال 22، شذرات الذهب 2/ 146، سير أعلام النبلاء 6/ 123).

731 ـ إبراهيم بن نافع المخزومى، أبو إسحاق المكى

قال الحميدى عن سفيان بن عيينة: أخبرنى إبراهيم بن ميسرة: من لم تر عيناك والله مثله. وقال حامد بن يحيى بن سفيان: كان من أوثق الناس وأصدقهم، كان يحدث على اللفظ. ووثقه أحمد وابن معين، والعجلى والنسائى. ومات فى خلافة مروان بن محمد، على ما قال ابن سعد. وقال البخارى: مات قريبا من سنة اثنتين وثلاثين ومائة. وجزم الذهبى فى العبر بوفاته سنة اثنتين وثلاثين ومائة بمكة. وقال البخارى عن على بن المدينى: له نحو ستين حديثا أو أكثر. 731 ـ إبراهيم بن نافع المخزومى، أبو إسحاق المكى: سمع عطاء بن أبى رباح، وعمرو بن دينار، وعبد الله بن أبى نجيح وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبى حسين، والحسن بن مسلم بن يناق، وكثير بن كثير بن المطلب وغيرهم. روى عنه: السفيانان، وابن المبارك، وابن مهدى، وبشر بن السرى، وخلاد بن يحيى، وزيد بن الحباب، ووكيع بن الجراح، ويحيى بن أبى كثير، وأبو نعيم، والفضل بن دكين، وأبو عامر العقدى وغيرهم. روى له الجماعة. قال على بن المدينى عن ابن عيينة: كان حافظا. وقال عبد الرحمن بن مهدى: كان أوثق شيخ بمكة، ووثقه أحمد، ويحيى. 732 ـ إبراهيم بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومى: أمير مكة والمدينة والطائف. ذكر ابن جرير الطبرى: أن هشام بن عبد الملك، ولّى خاله إبراهيم بن هشام هذا،

_ 731 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات خليفة 284، التاريخ الكبير 1/ 332، 333، الجرح والتعديل 2/ 140، 141، تهذيب الكمال 164، تذهيب التهذيب 1/ 42 ـ 43، الوافى بالوفيات 6/ 152، تهذيب التهذيب 1/ 174، خلاصة تهذيب الكمال 23، وسير أعلام النبلاء 7/ 22).

مكة والمدينة والطائف، بعد أن عزل عن ذلك عبد الواحد النصرى، وأنه قدم المدينة يوم الجمعة لسبع عشرة مضت من جمادى الآخرة من سنة ست ومائة. وفى هذه السنة: ولى ذلك وحج بالناس، وهو على ولايته لذلك فى سنة سبع ومائة، وفى سنة ثمان ومائة، وفى سنة تسع ومائة، وفى سنة عشر ومائة، وفى سنة إحدى عشرة ومائة، وهو على ولايته فى هذه السنين كلها. وذكر ابن جرير: أنه عزل عن ذلك فى سنة أربع عشرة ومائة، وأنه حج بالناس فى سنة خمس ومائة، فأرسل إلى عطاء بن أبى رباح، يقول له: متى أخطب بمكة؟ . فقال: بعد الظهر قبل التروية بيوم. فخطب قبل الظهر وقال: أمرنى رسولى بهذا عن عطاء. فقال عطاء: ما أمرته إلا بعد الظهر، فاستحيى إبراهيم يومئذ، وعدوه منه جهلا. وذكر ابن جرير: أنه فى سنة تسع ومائة، خطب بمنى الغد من يوم النحر بعد الظهر، فقال: سلونى فأنا ابن الوحيد، لا تسألون أحدا أعلم منى. فقام إليه رجل من أهل العراق، فسأله عن الأضحية أواجبة هى (أم مستحبة)؟ فما درى ما يقول، فنزل. وذكر ابن الأثير ما يوافق ما ذكره ابن جرير، فى ولاية إبراهيم بن هشام وحجه بالناس، وهو على ولايته فى السنين المذكورة، وأنه حج بالناس فى سنة اثنتى عشرة على قول، وفى سنة ثلاث عشرة على قول. وذكر ما يقتضى أنه كان فى هاتين السنتين على ولايته. وذكر فى خطبته بمكة ومنى ما يوافق ما ذكره ابن جرير. وقال العتيقى: وحج بالناس سنة خمس ومائة، إبراهيم بن هشام بن إسماعيل المخزومى، ثم قال: وأقام الحج للناس سنة سبع ومائة، وثمان ومائة، وتسع ومائة، وعشر ومائة، وإحدى عشرة ومائة، وثنتى عشرة ومائة، ست حجج ولاء، إبراهيم بن هشام ابن إسماعيل، وذكر ما يقتضى أن غيره حج بالناس فى سنة ثلاث عشرة ومائة. وذكر الفاكهى ولايته لمكة وشيئا من خبره؛ لأنه قال بعد ذكره لولاية أخيه محمد بن هشام: وكان من ولاة مكة أيضا، أخوه إبراهيم بن هشام. حدثنا محمد بن أبى عمر قال: ثنا سفيان عن ابن أبى حسين، قال: لقينى طاوس، فقال: ألا ينتهى هذا ـ يعنى إبراهيم بن هشام ـ عما يفعل؟ ، إن أول من جهر بالسلام أو بالتكبير عمر رضى الله عنه، فأنكرت الأنصار ذلك، فقال: أردت أن يكون إذنا.

733 ـ إبراهيم بن ولخشى المصرى، يكنى أبا إسحاق

وهو إبراهيم بن هشام بن إسماعيل بن الوليد بن المغيرة. حدثنا حسن بن حسين الأزدى أبو سعيد، قال: ثنا محمد بن سهل، قال: ثنا ابن الكلبى، قال: قال عثمان بن أبى بكر بن عبيد الله بن حميد من بنى أسد بن عبد العزى لإبراهيم بن هشام بن إسماعيل بن هشام المخزومى عامل هشام على مكة، وفاخره، أو قضى عليه، فى شئ، فقال المخزومى: أنا ابن الوحيد، فقال له عثمان: والله ما أنا بنافخ كير، ولا ضارب علاة، ولو نقبت قدماى لا نتثرت منهما بطحاء مكة، فقال له إبراهيم بن هشام: قم، فإنكم والله كنتم وحوشا فى الجاهلية، وما استأنستم فى الإسلام. انتهى. وقد تقدم فى ترجمة أخيه محمد بن هشام: أن الوليد بن يزيد بن عبد الملك الأموى ضربهما ضربا كثيرا، وبعث بهما إلى يوسف بن عمر الثقفى بالكوفة، فصادرهما وعذبهما عذابا شديدا، مع خالد بن عبد الله القسرى، حتى ماتوا جميعا فى يوم واحد، فى المحرم سنة ست وعشرين ومائة. 733 ـ إبراهيم بن ولخشى المصرى، يكنى أبا إسحاق: وجدت فى حجر قبره بالمعلاة: هذا قبر الأمير الأجل الأوحد، الأمير ناصر الدين، عمدة المسلمين، شرف الخلافة، عمدة الإمامة، مقدم الأمراء، عضد الملوك والسلاطين. ثم عرفه بما ذكرنا. وفيه توفى بالحرم الشريف يوم الجمعة لتسع بقين من صفر من سنة ست وأربعين وخمسمائة. 734 ـ إبراهيم بن يحيى بن محمد بن حمود بن أبى بكر بن مكى الصنهاجى، برهان الدين، أبو إسحاق: نزيل مكة. هكذا نقلت نسبه من خطه، وهو مخالف لما ذكره ابن طغريل، فإنه نسبه فى بعض مسموعاته: إبراهيم بن محمد بن مكة بن أبى بكر بن حمود الصنهاجى المقرى. هكذا وجدت بخطه فى سماع المذكور، بقراءة ابن طغريل لبعض سنن النسائى. وذلك من أولها إلى أول وقت العشاء، ومن باب: ما يفعل من صلى خمسا، إلى باب النهى عن سبّ الأموات، ومن زيارة القبور إلى كتاب المناسك. وذلك على الزين أيوب بن نعمة الكحال، والمجد محمد بن عمر بن محمد الأصفهانى حفيد العماد الكاتب، خلا من أولها إلى أول وقت العشاء، فلم يسمعه على حفيد العماد.

وسمع على أحمد بن هبة الله بن المقداد القيسى، مسموعه على حفيد العماد، وسمع مسموعه على الكحال، خلا من أول السنن إلى باب الوضوء، على أم محمد آمنة بنت الشيخ تقى الدين إبراهيم بن على الواسطى، وذلك فى سنة ست وعشرين بدمشق. ووجدت بخط شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، أنه سمع على أبى العباس الحجار، صحيح البخارى بدمشق، فى سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة وغيرها، وذكر لى أنه سمعه على عيسى بن عبد الله الحجى بمكة، وسمع على أبى عبد الله محمد بن جابر الوادى آشى: الموطأ، والتيسير للدانى، والاكتفا للكلاعى، عن ابن الغماز عنه. وحدث. سمع منه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، صحيح البخارى، وسألته عنه، فقال: كان رجلا صالحا خيرا، أقام بمكة مدة طويلة، وولد له بها أولاد. وكان يسكن بدار العجلة، وبها مات عن نحو تسعين سنة. انتهى. وتوفى ليلة التاسع من ذى الحجة سنة تسع وسبعين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. نقلت وفاته من خط شيخنا ابن سكر، وقد أجاز لى مروياته فى استدعاء مؤرخ بالعشر الآخر من ذى القعدة سنة تسع وسبعين، كتب عنه فيه شيخنا ابن سكر، والاستدعاء أيضا بخطه. أخبرنى أبو إسحاق إبراهيم بن يحيى بن محمد الصنهاجى المكى، وجماعة إذنا. وقرأت على أبى إسحاق إبراهيم بن محمد بن صديق بالحرم الشريف، قالوا: أنا أبو العباس أحمد بن أبى طالب الحجار. وأخبرنى أبو الحسن على بن محمد بن أبى المجد الخطيب، وأبو هريرة بن الحافظ الذهبى، بقراءتى عليهما منفردين فى الرحلة الأولى بدمشق، قالا: أخبرتنا وزيرة بنت عمر التنوخية، قال شيخنا أبو هريرة وأنا حاضر، زاد فقال: وأنا أبو بكر بن أحمد بن عبد الدايم قراءة عليه، وأنا حاضر فى الثالثة، وعيسى بن عبد الرحمن به معالى المطعم فى الخامسة، وأبو العباس الحجار، قالوا: أنا الحسين بن المبارك بن الزبيدى، قال: أنا أبو الوقت السجزى، قال: أنا أبو الحسن الداوودى، قال: أنا أبو محمد الحموى، قال: أنا أبو عبد الله الفربرى، قال: أنا أبو عبد الله البخارى: [ ... ] (1)

_ 734 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

735 ـ إبراهيم بن يحيى بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس العباسى

735 ـ إبراهيم بن يحيى بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس العباسى: أمير مكة. وليها مع الطائف، كما ذكر ابن جرير، عام مات أبو جعفر المنصور بوصية منه، ولا أدرى متى عزل عن ذلك، إلا أن ابن جرير، ذكر أن جعفر بن سليمان كان واليا على مكة والطائف، فى سنة إحدى وستين، وذلك يحتمل أن يكون عزل فيها أو فيما قبلها. وذكر ابن جرير: أنه ولى المدينة فى سنة ست وستين، وأنه حج بالناس، وهو على المدينة فى سنة سبع وستين، ثم توفى بالمدينة بعد قدومه إليها بأيام. 736 ـ إبراهيم بن يزيد الأموى، مولاهم، أبو إسماعيل المكى الخوزى ـ بخاء معجمة وزاى ـ ولم يكن خوزيا، وإنما سكن شعب الخوز بمكة، فنسب إليه: روى عن داود بن سابور، وسعيد بن ميناء، وطاوس بن كيسان وعطاء بن أبى رباح، وعمرو بن دينار، وعمرو بن شعيب، ومحمد بن عباد بن جعفر، والزهرى، وأبى الزبير المكى. روى عنه سفيان الثورى، وهو من أقرانه، وعبد الرزاق بن همام، ومروان بن معاوية الفزارى، ومؤمل بن إسماعيل، وغيرهم. روى له الترمذى، وابن ماجة. قال أحمد والنسائى: متروك الحديث. وقال أبو أحمد بن عدى: وهو فى عداد من يكتب حديثه، وإن كان قد نسب إلى الضعف. قال الهيثم بن عدى: مات سنة خمسين ومائة. قال ابن سعد: مات سنة إحدى وخمسين ومائة، فكان يسكن شعب الخوز بمكة. انتهى. وذكر صاحب الكمال: أنه إبراهيم بن يزيد بن مردانبة المخزومى، وهذا وهم؛ لأنهما وإن وافق كل منهما الآخر فى اسمه، واسم أبيه، فبينهما فرق من وجوه، منها: ابن مردانبة كوفى مولى لعمرو بن حريث، يروى عن إسماعيل بن خالد، ورقبة بن مسقلة. وعنه: أبو كريب، وأبو سعيد الأشج، وجماعة. ولم يرو له إلا النسائى فقط.

_ 735 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 2/ 148). 736 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 2/ 147).

737 ـ إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق السعدى، أبو إسحاق الجوزجانى

وقد جعلهما ترجمتين المزى فى التهذيب، والحافظ الذهبى فى الكاشف، ومختصر التهذيب، وذكر أن الخوزى مولى لعمر بن عبد العزيز. وهذا كله يدل على افتراقهما. 737 ـ إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق السعدى، أبو إسحاق الجوزجانى: روى عن أحمد بن يونس، وأحمد بن حنبل. وله عنه جزءان، وجعفر بن عون وحجاج الأعور، والحسن الأشيب، وسعيد بن منصور، وسليمان بن حرب، وأبى عاصم النبيل، وعبد الله بن بكر السهمى، وجماعة. روى عنه أبو داود، والترمذى، والنسائى، ودحيم، وابن جوصا، وأبو زرعة الدمشقى، وأبو زرعة الرازى، وآخرون. قال أبو بكر الخلال: إبراهيم بن يعقوب، جليل جدا، كان أحمد بن حنبل يكاتبه يكرمه إكراما تاما شديدا. وقال النسائى: ثقة. قال الدارقطنى: أقام بمكة مدة وبالبصرة مدة وبالرملة مدة. وكان من الحفاظ المصنفين والمخرجين الثقات. وذكره ابن حبان فى الثقات. وقال: كان حرورى المذهب، ولم يكن بداعية إليه. وكان صلبا فى السنة، حافظا للحديث، إلا أنه من صلابته يتعدى طوره. وقال ابن عدى: كان شديد الميل إلى مذهب أهل دمشق، فى التحامل على علىّ رضى الله عنه. انتهى. وتوفى بدمشق سنة ست وخمسين ومائتين. قاله ابن يونس. وقيل: توفى يوم الجمعة مستهل القعدة سنة تسع وخمسين ومائتين. قاله أبو الدحداح. 738 ـ إبراهيم بن يعقوب بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى، المكى، أبو إسحاق، يلقب بالبرهان: سمع من ابن المقير سنن أبى داود، والجزء الأول والثانى من عوالى طراد الزينبى عن شهدة عنه. وعلى شعيب بن يحيى الزعفرانى الأربعين البلدانية للسلفى، وعلى ابن أبى حرمى، صحيح البخارى، وعلى أبى الحسن بن الحميزى الثقفيات وغير ذلك. وحدث. سمع منه النجم بن عبد الحميد وغيره. ولم أدر متى مات، غير أنى رأيت رسم شهادته بخطه فى مكتوب يتضمن إذنا من قاضى مكة جمال الدين بن المحب الطبرى، فى عمارة وقف بتاريخ يوم الجمعة لثمان بقين من

_ 737 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 3/ 263).

739 ـ أبزى. والد عبد الرحمن بن أبزى الخزاعى

ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وستمائة، فيستفاد من هذا حياته فى هذا التاريخ. وكان له أخ اسمه أحمد، يلقب تقى الدين، سمع معه كثيرا من مسموعاته، ولم أدر من حاله سوى هذا. وقد ترجمه المحب الطبرى فى بعض سماعاته على ما وجدت بخطه: بالفقيه. 739 ـ أبزى. والد عبد الرحمن بن أبزى الخزاعى: ذكره محمد بن إسماعيل فى كتاب الوجدان، ولا تصح له صحبة ولا رؤية، ولابنه عبد الرحمن صحبة ورؤية. ذكره هكذا ابن الأثير. ثم قال بعد أن ذكر حديثا اختلف فى كونه من روايته عن النبىصلى الله عليه وسلم أو من رواية ابنه عبد الرحمن عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم، من رواية ابن مندة، وأبى نعيم: ولا تصح لأبزى عن النبى صلى الله عليه وسلم رواية ولا رؤية، هذا كلام أبى نعيم. ولقد أحسن فيما قال، وأصاب الصواب رحمه الله. وأما أبو عمر فلم يذكر أبزى، وإنما ذكر عبد الرحمن؛ لأنه لم تصح عنده صحبة أبزى. والله أعلم. أخرجه ابن مندة وأبو نعيم وأبو عمر انتهى. 740 ـ أحيحة بن أمية بن خلف الجمحى: أخو صفوان بن أمية، مذكور فى المؤلفة قلوبهم. ذكره هكذا، ابن عبد البر، وذكره ابن الأثير. وقال بعد أن ذكر كلام ابن عبد البر: وقال أبو موسى فيما استدركه على ابن مندة: قال عبدان: لم تبلغنا له رواية، إلا أنه ذكر اسمه. وقال ـ يعنى عبدان ـ: ثنا أحمد بن سيار، قال: ثنا يحيى بن سليمان الجعفى أبو سعيد، قال: ثنا عبد الله بن الأجلح عن أبيه بن بشير بن تيم وغيره: وقالوا فى تسمية المؤلفة قلوبهم: منهم أحيحة بن أمية بن خلف. انتهى. * * * من اسمه إدريس 741 ـ إدريس بن إسحاق بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى، شمس الدين أبو المعالى، بن القاضى فخر الدين المكى: يروى عن ابن البنا، ولم أدر متى مات، إلا أنه كان حيا فى سنة خمس وأربعين وستمائة.

_ 740 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 140، الإصابة ترجمة 54، أسد الغابة ترجمة 53).

742 ـ إدريس بن غانم بن مفرج العبدرى الشيبى، أبو غانم المكى

ذكره المحب الطبرى فى «التعريف بمشيخة الحرم الشريف» الذى خرّجه للملك المظفر صاحب اليمن، رحمهما الله تعالى. 742 ـ إدريس بن غانم بن مفرج العبدرى الشيبى، أبو غانم المكى: شيخ الحجبة فاتح الكعبة، كان واليا لذلك فى سنة سبع وخمسين وستمائة، كما ذكر سنجر الدوادارى فى طبقة سماعه على العفيف منصور بن منصور، لأربعينه التى خرجها له ابن مسدى. 743 ـ إدريس بن قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسنى أمير مكة: ولى إمراتها نحو سبع عشرة سنة، شريكا لابن أخيه أبى نمى فى أكثر هذه المدة، وانفرد بها فيها وقتا يسيرا، كما سيأتى بيانه، وجرى بينهما فى ذلك أمور سبق ذكرها فى ترجمة أبى نمى. ونشير إليها هنا. فمن ذلك: أن أبا نمى أخذ مكة فى سنة أربع وخمسين وستمائة، لما راح إدريس إلى أخيه راجح بن قتادة، ثم جاء هو وراجح إلى مكة، وأصلح راجح بين أبى نمى وإدريس. ومن ذلك: أن فى سنة سبع وستين وستمائة، وقع بين أبى نمى وعمه إدريس خلف، فأخرج أبو نمى إدريس من مكة. فجمع إدريس وحشد وقصد مكة، ثم اصطلحا. ومن ذلك: أن فى سنة تسع وستين وستمائة، وقع بين إدريس وأبى نمى خلف، استظهر فيه إدريس على أبى نمى، وتوجه أبو نمى إلى ينبع، واستنجد بصاحبها، وجمع وحشد وقصد مكة، والتقيا وتحاربا، وظفر أبو نمى بإدريس، فألقاه عن جواده ونزل إليه وحزّ رأسه. ووجدت بخط الميورقى، ما يقتضى أن قتل أبى نمى لإدريس فى آخر ربيع الآخر أو فى جمادى الأولى سنة تسع وستين وستمائة؛ لأنه ذكر أن فى ربيع الأول سنة تسع وستين، قتل ولد لأبى نمى، وطرد أبوه، وبعد قتله بأربعين يوما، قتل أبو نمى عمه إدريس. انتهى. ووجه الدلالة من هذا، أن ولد أبى نمى، إن كان قتل فى العشر الآخر من ربيع الأول، كان قتل إدريس فى جمادى الأولى، وإن كان فى العشر الأول منه، كان قتله فى ربيع الآخر، وهذا هو الظاهر. والله أعلم. وذكر ابن محفوظ، أن الحرب الذى قتل فيه إدريس، كان بخليص (1) بعد أن استبد

_ 742 ـ انظر ترجمته فى: (المنهل الصافى 2/ 286). 743 ـ انظر ترجمته فى: (المنهل الصافى 2/ 287). (1) خليص: حصن بين مكة والمدينة. انظر: معجم البلدان (خليص).

744 ـ الأرقم بن أبى الأرقم ـ واسمه عبد مناف ـ بن أسد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى (1) أحد السابقين، يكنى أبا عبد الله

دون أبى نمى بإمرة مكة أربعين يوما. وذكر أن أول ولايتهما بمكة، أنهما أخذا مكة من غانم بن راجح، بقتال لم يقتل بينهم فيه إلا ثلاثة أنفس. وذلك فى سنة اثنتين وخمسين وستمائة. وأقاما بها إلى الخامس والعشرين من ذى القعدة من هذه السنة، ثم أخرجهما منها ابن برطاس بعد قتال جرى بينهم، ثم أخذها إدريس، وأبو نمى من ابن برطاس بعد قتال جرى بينهم فى سنة ثلاث وخمسين، ولم يبين ابن محفوظ الشهر الذى أخرج إدريس وأبو نمى، ابن برطاس فيه من مكة، وهو فى المحرم من سنة ثلاث وخمسين، على ما ذكره الميورقى، وذكر أن فى هذا الحرب، سفكت الدماء بالحجر من المسجد الحرام. ووجدت بخط الميورقى ما يقتضى أن إدريس وأبا نمى، وليا مكة مشتركين، نحو أربع عشرة سنة، مع المودة والمصاهرة؛ لأنه قال فى أخبار سنة تسع وستين وستمائة: قتل أبو نمى عمه إدريس بعد نحو أربع عشرة سنة، فى مصاهرة وولاية أمر مكة معا فى صحبة ومودة. انتهى. 744 ـ الأرقم بن أبى الأرقم ـ واسمه عبد مناف ـ بن أسد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى (1) أحد السابقين، يكنى أبا عبد الله: قال الزبير بن بكار بعد ذكره له: صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متغيبا فى داره بمكة، وكان من المهاجرين، وشهد بدرا. انتهى. وقال ابن عبد البر: كان من المهاجرين الأولين، قديم الإسلام، قيل إنه كان سبع الإسلام سابع سبعة. وقيل: أسلم بعد عشرة أنفس، وقال بعد ذلك؛ وهو صاحب حلف الفضول. روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث. انتهى. وقال ابن الأثير: أسلم قديما، قيل: كان ثانى عشر. وقال بعد وصفه بأنه من السابقين الأولين: وشهد بدرا، ونفله رسول الله صلى الله عليه وسلم منها سيفا، واستعمله على الصدقات.

_ 744 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 133، سيرة ابن هشام 1/ 287، المغازى 103، الأسامى والكنى 306، الإصابة ترجمة 473، أسد الغابة ترجمة 70، طبقات ابن سعد 3/ 242، المعجم الكبير 1/ 306، مشاهير علماء الأمصار 31، سير أعلام النبلاء 2/ 497، المعين فى طبقات المحدثين 19، الوافى بالوفيات 8/ 363، المنتخب من ذيل الطبرى 519، البدء والتاريخ 5/ 101، طبقات خليفة 21، التاريخ الكبير 2/ 46، الجرح والتعديل 2/ 309، 310، الاستبصار 117، تاريخ الإسلام 2/ 213، العبر 1/ 61، شذرات الذهب 1/ 61). (1) قال فى الاستيعاب: اسمه: أبى الأرقم عبد مناف بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤى القرشى المخزومى.

745 ـ أرغون بن عبد الله الناصرى، الأمير سيف الدين،

وذكر ابن الأثير وابن عبد البر: استخفى النبى صلى الله عليه وسلم فى داره بمكة، مع من أسلم من أصحابه، حتى بلغوا أربعين نفسا، ثم خرجوا منها وفيهم عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وهو آخرهم إسلاما فى داره. وهذه الدار عند الصفا، وهى مشهورة إلى الآن عند الناس، ولكنها غير مشهورة بالأرقم، وإنما اشتهرت بالخيزران، لأنها صارت إليها. وقد اختلف فى وفاته فقيل: مات يوم مات الصديق رضى الله عنهما. وقيل: سنة خمس وخمسين، وهو ابن بضع وثمانين سنة بالمدينة، وصلّى عليه سعد بن أبى وقاص رضى الله عنهما. وكان مروان بن الحكم والى المدينة، أراد الصلاة عليه، فعورض فى ذلك. ذكر هذين القولين ابن عبد البر، وابن الأثير ثالثا: وهو أنه توفى سنة ثلاث وخمسين، وهو ابن بضع وثمانين سنة. وقدم هذا القول على القول بأنه توفى سنة خمس وخمسين، ثم حكى بعد ذلك القول بوفاته، يوم مات الصديق. قال: والأول أصح. ودفن بالبقيع. انتهى. والقول بوفاته يوم مات الصديق، ذكره ابن عبد البر عن محمد بن إسحاق السراج. وذكره أبو نعيم أيضا، والله أعلم بالصواب. له حديث فى النهى عن تخطى رقاب الناس بعد خروج الإمام يوم الجمعة. أخرجه ابن الأثير من المسند، وذكر له حديثا آخر فى تفضيل الصلاة بمسجد المدينة على غيره، إلا المسجد الحرام. وفى قول ابن عبد البر: وهو صاحب حلف الفضول نظر؛ لأن الرجل الذى ظلم، ووقع الحلف بمنع الظلم عنه، كان غريبا من زبيد (2)، والرجل الذى كان الحلف فى داره هو ابن جدعان، والرجل الذى قام فى الحلف ودعا الناس إليه، وهو الزبير بن عبد المطلب، وله فى ذلك أشعار. فبأى هذه الاعتبارات يكون الأرقم صاحب حلف الفضول، اللهم إلا أن يكون لكثرة إعانته للزبير فى إبرام الحلف، وفى نسبته إليه بهذا الاعتبار بعد. والله أعلم. 745 ـ أرغون بن عبد الله الناصرى، الأمير سيف الدين، المعروف بالنائب؛ لأنه كان نائب السلطنة بمصر، عن ابن مولاه الناصر محمد بن قلاوون.

_ (2) زبيد: بفتح أوله، وكسر ثانيه، ثم ياء مثناة من تحت، اسم واد به مدينة يقال لها: الحصيب ثم غلب عليها اسم الوادى فلا تعرف إلا به، وهى مدينة مشهورة باليمن.

746 ـ أزهر بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب الزهرى

تردد إلى مكة للحج مرات، منها: فى سنة ست عشرة، وفى سنة عشرين، وفى سنة ست وعشرين. وسمع بمكة على الرضى الطبرى، وبمصر من الحجار ووزيرة، وهو الذى استقدمها إليها فى سنة خمس عشرة وسبعمائة، وكان يكتب خطا حسنا، وله إلمام بالعلم، وأذن له فى الفتوى والتدريس، وكان محبا لأهل العلم محسنا إليهم، ابتنى بمكة مدرسة للحنفية بدار العجلة ووقف عليها وقفا، هو الآن مضاف لقاضى الحنفية بالقاهرة، وجعل مدرسها يوسف بن الحسن الحنفى المكى. ودرس بها مدة سنين، ثم استولى عليها الأشراف أولاد راجح بن أبى نمى، وهى إلى الآن بأيديهم. وتوفى أرغون فى شهر ربيع الأول، سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة بحلب. وكان ولى نيابتها بعد رجوعه من الحجاز فى سنة عشرين، عند تغير ابن مولاه عليه. وكانت نيابته عنه للسلطنة بالقاهرة، فى مستهل جمادى الأولى سنة اثنتى عشرة وسبعمائة. وولاه ابن أستاذه الملك الناصر دواداريته فى سلطنته الثانية. وكان حسن الشكالة فصيحا شجاعا كريما. ويقال: إنه فى مدة نيابته للسلطنة بمصر، لم يسفك فيها دما ولا قطع سارقا. 746 ـ أزهر بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب الزهرى: قال ابن عبد البر: هو عمّ عبد الرحمن بن عوف، وهو أحد الذين نصبوا أعلام الحرم زمان عمر بن الخطاب رضى الله عنه. وقال: وقد روى عن أزهر هذا، أبو الطفيل حديثه: إن النبى صلى الله عليه وسلم، أعطى السقاية العباس يوم الفتح، وأن العباس كان يليها فى الجاهلية دون أبى طالب، قال: وهو والد عبد الرحمن بن أزهر الذى روى عنه ابن شهاب الزهرى. وقال: قال ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله: لما ولى عمر بن الخطاب رضى الله عنه، بعث أربعة من قريش، فنصبوا أنصاب الحرم: مخرمة بن نوفل، وأزهر بن عبد عوف، وسعيد بن يربوع، وحويطب بن عبد العزى. انتهى. وذكر الذهبى: أن له ابنين هاجرا إلى الحبشة، ومات بها أحدهما. وهم الذين أسلموا يوم الفتح.

_ 746 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 17، أسد الغابة ترجمة 77، الإصابة 82، تجريد أسماء الصحابة 1/ 12، الوافى بالوفيات 8/ 371، التاريخ الصغير 124، جامع الرواة 1/ 78، المعرفة والتاريخ 1/ 356، دائرة معارف الأعلمى 4/ 189، تنقيح المقال 642).

747 ـ أزهر بن القاسم الراسبى أبو بكر البصرى

747 ـ أزهر بن القاسم الراسبى أبو بكر البصرى: نزيل مكة. روى عن هشام الدستوائى، والحارث بن عبيد الإيادى، والمثنى ابن سعيد، وزكريا بن إسحاق المكى، وغيرهم. روى عنه: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ومحمود بن غيلان المروزى، وغيرهم. روى له أبو داود والنسائى، وابن ماجة. قال عبد الله بن أحمد: سألت عنه أبى فقال: بصرى، سكن مكة. وكان ثقة، ووثقه النسائى. وقال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه ولا يحتج له. وذكره ابن حبان فى الثقات. وقال: كان يخطئ. 748 ـ أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل ـ وقيل ابن شرحبيل، قاله ابن إسحاق، وخالفه الناس فى ذلك ـ الكلبى، أبو محمد. ويقال أبو زيد، وأبو يزيد، وأبو حارثة، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال له: الحب ابن الحب: كان النبى صلى الله عليه وسلم يأخذه، والحسن بن على، فيقول: «اللهم أحبهما فإنى أحبهما» (1) أو كما قال، كذا فى صحيح البخارى.

_ 747 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 2/ 314). 748 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 21، مسند أحمد 5/ 199، طبقات ابن سعد 4/ 61 ـ 72، التاريخ لابن معين 22، طبقات خليفة 6/ 297، تاريخ خليفة 1/ 226، التاريخ الكبير 2/ 20، تاريخ الفسوى 1/ 304، الجرح والتعديل 2/ 283، معجم الطبرانى الكبير 1/ 120، 144، الاستبصار 34، 87، ابن عساكر 2/ 341، تهذيب الكمال 78، تذهيب التهذيب 1/ 50، تاريخ الإسلام 2/ 270، العبر 1/ 59، تهذيب التهذيب 1/ 208، خلاصة تهذيب الكمال 26، تهذيب ابن عساكر 2/ 349، 402). (1) أخرجه البخارى فى صحيحه كتاب المناقب حديث رقم (3736) من طريق: موسى ابن إسماعيل، حدثنا معتمر، قال: سمعت أبى، حدثنا أبو عثمان، عن أسامة بن زيد رضى الله عنهما حدث عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يأخذه والحسن فيقول: «اللهم أحبهما فإنى أحبهما». وقال نعيم عن ابن المبارك: أخبرنا معمر، عن الزهرى، أخبرنى مولى لأسامة بن زيد أن الحجاج بن أيمن بن أم أيمن وكان أيمن ابن أم أيمن أخا أسامة لأمه وهو رجل من الأنصار فرآه ابن عمر لم يتم ركوعه ولا سجوده فقال أعد. والترمذى فى سننه كتاب المناقب (3769). وأحمد فى المسند مسند الأنصار حديث رقم (21321).

وفى الصحيحين من حديث ابن عمر رضى الله عنهما، قصة حديث تأمير النبىصلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد (2)، على البعث الذى بعثه، وطعن الناس فى إمارته. وفيها: وإن هذا ـ يعنى أسامة ـ لمن أحب الناس إلىّ. وفى رواية لمسلم: وأوصيكم به، فإنه من صالحيكم (3). وفى الترمذى: أن النبى صلى الله عليه وسلم، أراد أن ينحى مخاط أسامة، وذلك من حديث عائشة رضى الله عنها ـ بإسناد حسنه الترمذى، ويروى من حديثها ـ قالت: عثر اسامة بسكة الباب فشج فى وجهه، فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أميطى عنه، فكأنى تقذرته. فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمصه ثم يمجه، قال: ولو كان أسامة جارية لكسوته وحليته حتى ينفقه. وهذا الحديث أخرجه ابن الأثير مسندا إلى عائشة رضى الله عنها، وهو فى مسند ابن حنبل بمعناه مختصرا (4). ويروى أن النبى صلى الله عليه وسلم، أخّر الإفاضة من عرفة من أجل أسامة بن زيد ينتظره. ذكر هذا الخبر ابن سعد بإسناده إلى عروة بن الزبير أطول من هذا.

_ (2) أخرجه البخارى فى صحيحه كتاب المغازى حديث رقم (4250) من طريق: مسدد، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا سفيان بن سعيد، حدثنا عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضى الله عنهما، قال: أمر رسول اللهصلى الله عليه وسلم أسامة على قوم فطعنوا فى إمارته فقال: «إن تطعنوا فى إمارته فقد طعنتم فى إمارة أبيه من قبله، وايم الله لقد كان خليقا للإمارة وإن كان من أحب الناس إلى وإن هذا لمن أحب الناس إلى بعده». وأخرجه الترمذى فى سننه كتاب المناقب حديث رقم (3816)، وأحمد فى المسند مسند المكثرين من الصحابة حديث رقم (4687). (3) أخرجه مسلم فى صحيحه كتاب فضائل الصحابة حديث رقم (2426) من طريق: أبو كريب محمد بن العلاء، حدثنا أبو أسامة، عن عمر ـ يعنى ابن حمزة ـ عن سالم، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو على المنبر: إن تطعنوا فى إمارته يريد أسامة بن زيد فقد طعنتم فى إمارة أبيه من قبله وايم الله إن كان لخليقا لها وايم الله إن كان لأحب الناس إلى وايم الله إن هذا لها لخليق يريد أسامة بن زيد وايم الله إن كان لأحبهم إلى من بعده فأوصيكم به فإنه من صالحيكم». (4) أخرجه أحمد فى المسند باقى مسند الأنصار حديث رقم (25333) من طريق: حجاج، قال أخبرنا شريك، عن العباس بن ذريح، عن البهى، عن عائشة أن أسامة بن زيد عثر بأسكفة أو عتبة الباب فشج فى جبهته فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أميطى عنه أو نحى عنه الأذى». قالت: فتقذرته. قالت: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمصه ثم يمجه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كان أسامة جارية لكسوته وحليته حتى أنفقه».

ولأسامة مناقب أخر معروفة، منها: تأمير النبى صلى الله عليه وسلم له على جيش إلى الشام، فيهم أبو بكر وعمر بن الخطاب رضى الله عنهما، وعرض للنبى صلى الله عليه وسلم مرضه الذى مات فيه قبل أن يسير أسامة، فأوصى بتسيير جيشه، فتم ذلك بعد موته صلى الله عليه وسلم. وقال ابن الأثير: ذكر ابن مندة: أن النبى صلى الله عليه وسلم، أمر أسامة بن زيد رضى الله عنه على الجيش الذى سيره إلى موته فى علته التى توفى فيها. قال ابن الأثير: وهذا ليس بشئ؛ لأن النبى صلى الله عليه وسلم، استعمل على الجيش الذى صار إلى مؤتة، أباه زيد بن حارثة، ثم ذكر ما سبق من تأمير النبى صلى الله عليه وسلم لأسامة بالمعنى. وروى عن ابن عبد البر بسنده إلى على بن خشرم، قال: قلت لو كيع بن سلّم: من سلم الفتنة؟ ، قال: أما المعروفون من أصحاب صلى الله عليه وسلم فأربعة: سعد بن مالك، وعبد الله بن عمر، ومحمد بن مسلمة، وأسامة بن زيد، واختلط سائرهم. انتهى. وقال ابن عبد البر أيضا: سكن بعد النبى صلى الله عليه وسلم وادى القرى، ثم رجع إلى المدينة. فمات بالجرف، وقيل فى موضع وفاته غير ذلك؛ لأن النووى قال: توفى أسامة رضى الله عنه بالمدينة، وقيل بوادى القرى، وحمل إلى المدينة سنة أربع وخمسين، وقيل: سنة تسع أو ثمان وخمسين، وقيل: سنة أربعين، بعد على رضى الله عنه بقليل. قال ابن عبد البر وغيره: الصحيح سنة أربع وخمسين. ونقل عن تاريخ دمشق لابن عساكر ما يشهد للقول بأنه توفى بوادى القرى. وجزم بذلك الذهبى فى التهذيب. وكان أسامة بن زيد أسود أفطس، على ما ذكر ابن سعد وغيره، وكان أسامة ـ حين مات النبى صلى الله عليه وسلم ـ ابن عشرين سنة، وقيل: إنه كان ابن تسع عشرة، وقيل ابن ثمانى عشرة. حكى هذه الأقوال النووى، وسبقه إلى ذلك ابن عبد البر، ومقتضى هذه الأقوال أن يكون ولد بمكة، وأقام بها نحو عشر سنين؛ لأن أبويه كانا مع النبى صلى الله عليه وسلم يخدمانه، وأمه هى أم أيمن واسمها بركة، حاضنة النبى صلى الله عليه وسلم. وذكر المزى فى التهذيب، الخلاف فى موضع وفاته، وأنها فى سنة أربع وخمسين، وهو ابن خمس وسبعين سنة، قال: وقيل غير ذلك فى مبلغ سنة وتاريخ وفاته. انتهى. وفى كون أسامة مات وهو ابن خمس وسبعين سنة، نظر قوى؛ لأن غاية ما عاش أسامة بعد النبى صلى الله عليه وسلم تسعا وأربعين سنة، على القول بأنه مات سنة تسع وخمسين. وهذا أقصى ما قيل فى حياته بعد النبى صلى الله عليه وسلم. وأقصى ما قيل فى حياته فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم، عشرون سنة، فإذا ضم ذلك إلى حياته بعد النبى صلى الله عليه وسلم، صار مبلغ عمره تسعا وستين سنة، بتقديم التاء على السين.

749 ـ أسامة بن عمير بن عامر بن أقيشر ـ واسم أقيشر عمير الهذلى ـ من ولد كبير بن هند بن طابخة بن لحيان بن هذيل

وأما على القول بأنه مات سنة أربع وخمسين، وأنه عاش فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم ثمانى عشرة سنة، أو تسع عشرة سنة. فيكون مبلغ عمره نحو خمس وستين، أو أربع وستين. وهذا واضح لا ريب فيه، والله أعلم. وذكر النووى أنه روى لأسامة بن زيد رضى الله عنهما، عن النبى صلى الله عليه وسلم، مائة حديث وثمانية وعشرون حديثا. وروى عنه من الصحابة: أبو هريرة وابن عباس رضى الله عنهم، وجماعة من التابعين. وهو معدود فى أهل المدينة. 749 ـ أسامة بن عمير بن عامر بن أقيشر ـ واسم أقيشر عمير الهذلى ـ من ولد كبير بن هند بن طابخة بن لحيان بن هذيل: هكذا نسبه ابن الكلبى فيما ذكر ابن عبد البر. وقال ابن عبد البر: بصرى وله صحبة ورواية، والد أبى المليح الهذلى، واسم أبى المليح عامر، ولم يرو عنه غيره. انتهى. * * * من اسمه إسحاق 750 ـ إسحاق بن محمد النهرجورى، أبو إسحاق الصوفى: أحد علماء الصوفية ومشايخهم الكبار. ذكره أبو عبد الرحمن فى طبقات الصوفية، وقال: صحب الجنيد، وعمر المكى، وأبا يعقوب السوسى، وغيرهم من المشايخ.

_ 749 ـ انظر: (الاستيعاب ترجمة 22، الإصابة ترجمة 92، أسد الغابة ترجمة 86، تجريد أسماء الصحابة 1/ 13، الثقات 3/ 3، تهذيب الكمال 1/ 77، الطبقات 35/ 175، معجم رجال الحديث 3/ 25، تهذيب التهذيب 1/ 217، تقريب التهذيب 1/ 53، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال 1/ 66، الوافى بالوفيات 8/ 375، الكاشف 1/ 104، الجرح والتعديل 2/ 1029، التاريخ الكبير 2/ 21، الإكمال 1/ 105، 7/ 160، مشاهير علماء الأمصار 230، تنقيح المقال 652، المعرفة والتاريخ 1/ 304، الطبقات الكبرى 7/ 30). 750 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات الصوفية 378 ـ 381، حلية الأولياء 10/ 356، الرسالة العشرية 27، الأنساب 527، 528، العبر 2/ 215، مرآة الجنان 2/ 295، المنتظم 6/ 304، البداية والنهاية 11/ 193، طبقات الأولياء 140 ـ 141، النجوم الزاهرة 3/ 269، شذرات الذهب 2/ 316، سير أعلام النبلاء 15/ 232).

751 ـ إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن نافع بن أبى بكر بن يوسف بن عبد الله ابن نافع بن عبد الحارث الخزاعى، أبو محمد المقرئ

أقام بالحرمين سنين كثيرة مجاورا وكان أبو عثمان المغربى يقول: ما رأيت فى مشايخنا أنور من النهر جورى، مات سنة ثلاثين وثلاثمائة بمكة. 751 ـ إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن نافع بن أبى بكر بن يوسف بن عبد الله ابن نافع بن عبد الحارث الخزاعى، أبو محمد المقرئ: مقرئ مكة. قرأ على أبى الحسن البزى، وعبد الوهاب بن فليح. قرأ عليه أبو الحسن ابن شنبوذ، والحسن بن سعيد المطوعى، وجماعة، وحدث عن أبى الوليد الأزرقى بتاريخ مكة، له. رواه عنه أبو إسحاق الهاشمى، وعن ابن أبى عمر بسنده، رواه عنه ابن المقرى، ووقع لنا حديثه من طريقه عاليا جدا، فى آخر جزء مأمون بن هارون، وهكذا نسبه ابن المقرى، إلا أنه سقط فى النسخة التى رأيتها من معجم ابن المقرى: إسحاق بن أحمد ونافع، وقد نسبه كما ذكرنا ابن مجاهد، فيما نقله عنه الذهبى فى طبقات القراء، إلا أنه أسقط: عبد الله، بين يوسف، ونافع بن عبد الحارث. قال ابن المقرى: وكان من كبار أهل القرآن، وأحد فصحاء مكة رحمه الله، وقال الذهبى: كان ثقة حجة رفيع الذكر. توفى يوم الجمعة ثامن شهر رمضان سنة ثمان وثلاثمائة بمكة. انتهى. 752 ـ إسحاق بن إبراهيم، أبو محمد: هكذا ذكره الفسوى فى رجال أهل مكة، فى الأول من مشيخته. وروى عنه حديثا عن ابن المبارك. 753 ـ إسحاق بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم، القاضى فخر الدين أبو يوسف الطبرى المكى الشافعى: ولد بمكة، وسمع بها من زاهر بن رستم جامع الترمذى، ومن يونس بن يحيى الهاشمى صحيح البخارى، ومن أبى عبد الله بن أبى الصيف، وحدث عنه بالموطأ رواية يحيى بن يحيى، وعن الفقيه نجم الدين عمر بن إبراهيم بن خلكان سماعا، وغيرهم.

_ 751 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات القراء للذهبى 1/ 184 ـ 185، العبر 2/ 136 ـ 137، الوافى بالوفيات 8/ 403، البداية والنهاية 11/ 131، طبقات القراء للجزرى 1/ 156، شذرات الذهب 2/ 252، سير أعلام النبلاء 14/ 289).

وسمع بحلب من الافتخار عبد المطلب الهاشمى: الشمائل للترمذى، وسمع بحماة وبحمص، ودمشق، ومصر، وبالإسكندرية من جعفر الهمدانى. وذكره الحافظ عماد الدين منصور بن سليم فى تاريخ الإسكندرية، ومنه كتبت بعض هذه الترجمة، وذكر أنه بعد رجوعه منها ولى القضاء بمكة، ثم انتقل إلى زبيد فاستوطنها، وقال: أخبرنى بذلك صاحبنا أبو الفرج بن شاكر الواسطى اليمنى. وكلام الحافظ عماد الدين منصور ليس فيه بيان لولاية المذكور للقضاء بمكة، هل هى استقلال أو نيابة عن قضاتها الشيبانيين، ولا متى كانت. وقد وجدت ما يوضح شيئا من ذلك، لأنى رأيت مكتوبا بمبيع ثبت عليه وحكم بصحته، وأشهد على نفسه بثبوته. وكتب خطه بذلك فى ثالث عشرى جمادى الآخرة من سنة أربع عشرة وستمائة. ووجدت خطه أيضا على مكاتيب ثبت عليه بعضها فى سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وبعضها فى سنة إحدى وثلاثين، وبعضها فى سنة ثلاث وثلاثين، وبعضها فى سنة خمس وثلاثين، وبعضها فى سنة تسع وثلاثين. فيستفاد من هذا ولايته فى هذه السنين. والظاهر أنها نيابة؛ لأن الشيبانيين كانوا قضاة مكة فى هذه السنين. ورأيت بخطه بعد نسبه: قاضى الحرم الشريف. ووجدت بخط تلميذه أبى العباس أحمد بن على المعروف بالسرددى اليمنى، أن القاضى إسحاق هذا، دخل بغداد، وكتب له فى الديوان العباسى، أنه قاضى قضاة المسلمين شرقا وغربا وبعدا وقربا، وأنه كان يحصل له فى كل سنة من الديوان وسواه، خمسة وعشرون ألف درهم، ينفقها على أهل الحرم، ويكون من جملتهم. ولما دخل اليمن عظمه قضاتها، وكان يلقب عندهم بخزيمة العصر، وشهادته عندهم كشهادة شاهدين، لجلالته. وعاب السرددى على المحب الطبرى، كونه لم يذكر القاضى إسحاق فى مشيخة الملك المظفر صاحب اليمن، لكونه ذكر من هو دونه، وأعرض عن ذكره، مع اتصافه بهذه الأوصاف، ونسب المحب إلى التحامل عليه، ولعل الذى حمل المحب على عدم ذكره، كونه لم يجز للملك المظفر، والله أعلم. ولم أدر متى مات القاضى إسحاق، إلا أنه كان حيا فى الرابع عشر من ذى الحجة سنة سبع وستين وستمائة؛ لأنى وجدت بخط عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن أبى بكر الطبرى ثبتا له، سمع فيه الموطأ رواية يحيى بن يحيى، على القاضى فخر الدين إسحاق،

754 ـ إسحاق بن زوزان بن بهزاد المكى، أبو يعقوب الفقيه

وذكر فيه أن انتهاء السماع للكتاب المذكور فى التاريخ المذكور، بالمدرسة الرشيدية بمدينة تعز (1)، وصحح القاضى فخر الدين على السماع. ووجدت بخط شيخنا ابن سكر، أنه توفى فى حدود السبعين وستمائة، أو فيما بعدها فى اليمن، وأن مولده عند طلوع الشمس من يوم الاثنين سابع رجب سنة ثمان وثمانين وخمسمائة بمكة، وذكر أنه نقل مولده من خط المحب الطبرى احره. والله أعلم. 754 ـ إسحاق بن زوزان بن بهزاد المكى، أبو يعقوب الفقيه: حدث عن على بن عبد الله بن أبى مطر الإسكندرى. روى عنه أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن، وذكره الأمير أبو نصر بن ماكولا. وقال: يروى الفقه عن شيوخ العراق ومصر. وزوزان: بضم الزاى وبعد الواو زاى. انتهى. 755 ـ إسحاق بن عيسى، أبو هاشم، ابن ابنة داود بن أبى هند: يروى عن ابن أبى ذئب. كان مجاورا بمكة. روى عنه البصريون. وربما أخطأ. ذكره هكذا، ابن حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات، وذكره المزى فى التهذيب أبسط من هذا، فقال: إسحاق بن عيسى القشيرى أبو هاشم ـ وقيل أبو هشام ـ البصرى، وقيل البغدادى، ابن بنت داود بن أبى هند، خازن مكة. وذكر المزى: أنه رأى جده داود، وروى عن جماعة، منهم: الأعمش والثورى وابن أبى ذئب ومالك بن أنس. وروى عنه إبراهيم بن المنذر الحزامى، وقتيبة بن سعيد، وأبو كريب، وآخرون، ثم قال المزى، قال أبو حاتم: شيخ، وقال الحسن بن الصباح: من خيار الرجال، وقال الخطيب: نزل مكة وجاور بها، وكان ثقة. روى له أبو داود فى المراسيل. وما عرفت معنى قول المزى: خازن مكة. 756 ـ إسحاق بن معاذ بن مجاهد بن جبر: قدم إلى مصر، وكان شاعرا هجاء، له فى أهل مصر أهاجى، منهم للمفضل بن فضالة القاضى وغيره.

_ 753 ـ (1) تعز: قلعة عظيمة من قلاع اليمن المشهورات. انظر معجم البلدان (تعز). 755 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 2/ 230).

757 ـ أسد بن أخى خديجة [بنت خويلد] (1) القرشى الأسدى

ذكره هكذا، ابن يونس فى تاريخ الغرباء القادمين إلى مصر. 757 ـ أسد بن أخى خديجة [بنت خويلد] (1) القرشى الأسدى: روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تبع ما ليس عندك» (2) ذكره العقيلى، وقال: فى إسناده مقال. انتهى. ذكره هكذا ابن عبد البر فى الاستيعاب. 758 ـ إسرائيل بن أبى إسرائيل القرشى الفهرى، من بنى الحارث بن فهر: ذكره الزبير بن بكار، وقال: قتل إسرائيل يوم الجمل، وأمه برة بنت عامر بن الحارث ابن السباق بن عبد الدار، من المهاجرات. 759 ـ إسرائيل، رفيق سليمان الموصلى: وجدت فى مجاميع الشيخ أبى العباس الميورقى بخطه أو بخط غيره، أنهما من بقايا الصالحين بمكة. وما علمت من حاله سوى هذا. 760 ـ أسلم بن سليم المكى. روى عن أبى الطفيل، وروى عنه عبد الكريم بن هلال الخلقانى. ذكره هكذا، ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات. 761 ـ أسلم ـ مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ أبو رافع. وسيأتى فى الكنى إن شاء الله تعالى. * * *

_ 757 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 26، الإصابة ترجمة 97، 79، أسد الغابة ترجمة 83). (1) ما بين المعقوفتين أوردناه من الاستيعاب. (2) أخرجه الترمذى فى سننه حديث رقم (1232)، وقال: حسن صحيح. وأبو داود فى سننه برقم (4503). والنسائى فى سننه (7/ 289). 761 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 34، مسند أحمد 6/ 8، 390، طبقات ابن سعد 4/ 73 ـ 75، التاريخ لابن معين 704، المعارف 145 ـ 146، الجرح والتعديل 2/ 149، المستدرك 3/ 597، أسد الغابة ترجمة 118، تهذيب الكمال 1603، تذهيب التهذيب 4/ 112، تهذيب التهذيب 12/ 92 ـ 93، الإصابة ترجمة 130، خلاصة تهذيب الكمال 449، سير أعلام النبلاء 2/ 16).

من اسمه إسماعيل

من اسمه إسماعيل 762 ـ إسماعيل بن إبراهيم العسقلانى المكى: توفى ليلة الأحد سابع جمادى الأولى سنة تسع وستمائة. كتبت هذه الترجمة من حجر قبره بالمعلاة، وترجم فيه: بالفقيه. وهو من العسقلانيين أقارب الفقيه سليمان بن خليل، إمام المقام وخطيب المسجدى الحرام، الآتى ذكره. 763 ـ إسماعيل بن إبراهيم المكى: نقل زكريا الساجى، أن يحيى بن معين قال: حديثه ليس بشئ. ذكره هكذا الذهبى فى الميزان. وهو إبراهيم بن إسماعيل المكى الشيبانى. ويقال: السلمى. الذى روى له الترمذى وابن ماجة، حديث أبى هريرة: أيعجز أحدكم ـ الحديث. 764 ـ إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى الأموى المكى: روى عن أبيه، وسعيد بن المسيب، وأبى سلمة بن عبد الرحمن، وعكرمة مولى ابن عباس، ونافع مولى ابن عمر، والزهرى والمقبرى وجماعة. روى عنه: ابن جريج وابن إسحاق ومعمر والسفيانان، وجماعة. روى له الجماعة، وثقه ابن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم والنسائى. وقال عبد الله بن أحمد بن أبيه: إسماعيل أقوى وأحدث فى الحديث من أيوب. وفى رواية: وإسماعيل أكبر منه وأحب إلىّ. وقال العجلى: مكة ثقة. وقال الذهبى: كان من شراف العلماء. انتهى. قال محمد بن سعد: كان ثقة كثير الحديث، مات سنة أربع وأربعين ومائة وليس له عقب. وقال ابن حبان فى الثقات: مات سنة تسع وثلاثين فى حبس داود بن على هكذا وجدت بخط صاحبنا الحافظ ابن حجر نقلا عن ثقات ابن حبان.

_ 764 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 2/ 159).

765 ـ إسماعيل بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى المكى، يكنى أبا الطاهر

وما قاله ابن حبان، وابن سعد فى وفاته، فيه نظر، لأن فى التهذيب للمزى فى ترجمة أيوب بن موسى بن عم إسماعيل هذا، ما نصه. وقال معاوية بن صالح عن يحيى بن معين فى تسمية التابعين من أهل مكة: إسماعيل ابن أمية، أصيب مع داود بن على، سنة ثلاث وثلاثين ومائة، وأيوب بن موسى أصيب ذلك اليوم أيضا. انتهى. 765 ـ إسماعيل بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى المكى، يكنى أبا الطاهر: قرأ وسمع الكثير على زاهر بن رستم، ويونس الهاشمى، وابن أبى الصيف، وغيرهم. وكتب كتبا حديثية وأجزاء وطباقا، وانتفع الناس بذلك. وقد ذكره ابن مسدى فى أثناء ترجمة أخيه يعقوب بن أبى بكر الطبرى. فقال: كان له أخ يسمى إسماعيل، سمع بنفسه وأسمعه معه، وجمع من ذلك ما جمعه. وكان حسن التقييد والضبط مقيما للشكل والنقط مع جودة الخط، اخترمته المنية فى سن الاكتهال أو أحدث، وما أحسبه حدث، وبقيت أصوله لمن سمع معه، نفعه الله ورفعه. انتهى. قلت: حدث إسماعيل هذا بأربعين الآجرى، بقراءة على بن إسماعيل بن أبى الصيف، ابن أخى الفقيه محمد بن إسماعيل بن أبى الصيف، فيما أحسب، فى مجالس آخرها فى التاسع عشر من ذى القعدة سنة تسع عشرة وستمائة بالمسجد الحرام، والسماع على إسماعيل بخطه، ومنه نقلت ما ذكرته، ولم أدر متى مات إلا أنه كان حيا فى ربيع الآخر من سنة اثنتين وعشرين وستمائة، لأنى رأيت بخطه رسم شهادته فى هذا التاريخ. ومولده يوم الاثنين، عند طلوع الشمس العشرين من رجب، سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. نقلت مولده من خط شيخنا ابن سكر، وقال: إنه نقل ذلك من خط المحب الطبرى. 766 ـ إسماعيل بن يغلب بن فضل المصرى: هكذا ذكره القطب الحلبى فى تاريخ مصر، وقال: الفقير المسافر، كتب عنه شيخنا أبو بكر محمد بن أحمد بن القسطلانى، قال: دخل العراق والشام واليمن، وجاور بمكة إلى أن مات بها، فى سنة تسع وثلاثين وستمائة.

767 ـ إسماعيل بن سالم الصائغ، أبو محمد البغدادى

767 ـ إسماعيل بن سالم الصائغ، أبو محمد البغدادى: نزيل مكة، روى عن إسماعيل بن علية، وإسحاق بن يوسف الأزرق، وأبى خالد الأحمر، وعبيد الله بن موسى، وهشيم بن بشير، ويحيى بن زكريا بن أبى زائدة، ويزيد ابن هارون، ويونس المؤدب. روى عنه مسلم، والبخارى، فى غير الجامع، وابنه محمد بن إسماعيل الصائغ الكبير، ويعقوب بن سفيان الفسوى، وأحمد بن داود المكى، ومحمد بن على بن زيد الصائغ الصغير المكى، ومحمد بن إسحاق بن العباس الفاكهى. وذكره ابن حبان فى الثقات. 768 ـ إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين المخزومى مولاهم، أبو إسحاق المكى المقرئ: شيخ القراء بمكة فى زمانه، الملقب بالقسط، عرض على ابن كثير القرآن وهو آخر من قرأ عليه وفاة، وعلى شبل بن عباد، ومعروف بن مشكان، صاحبى ابن كثير. وأقرأ الناس دهرا، قرأ عليه الإمام محمد بن إدريس الشافعى، وأبو الإخريط وهب بن واضح، وعكرمة بن سليمان وغيرهم. سمع من علىّ بن زيد بن جدعان وغيره، وحدث عنه أبو قرة موسى بن طارق الزبيدى، وآخرون. لخصت هذه الترجمة من طبقات القراء للذهبى، وقال: نقل أبو عبد الله القصار، أن إسماعيل القسط مات سنة تسعين ومائة، ولعله يكون سنة سبعين ومائة، فتصحف عليه. انتهى. وقد جزم فى العبر بوفاته سنة سبعين ومائة، قال: وله تسعون سنة. 769 ـ إسماعيل بن عبيد الله بن سليمان المكى: عن أبيه، عن الضحاك. وعنه يحيى بن سليم. لا يعرف.

_ 767 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 1/ 303). 768 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 2/ 180، شذرات الذهب 2/ 416).

770 ـ إسماعيل بن عبد الملك بن ربيع، بن أخى عبد العزيز بن رفيع أبو عبد الملك الأسدى المكى، وهو ابن أبى الصفيرا

770 ـ إسماعيل بن عبد الملك بن ربيع، بن أخى عبد العزيز بن رفيع أبو عبد الملك الأسدى المكى، وهو ابن أبى الصفيرا: روى عن عطاء بن أبى رباح، وسعيد بن جبير، وعبد الله بن أبى مليكة وأبى الزبير، وغيرهم. روى عنه سفيان الثورى، وعبد الواحد بن زياد، وعيسى بن يونس، وأبو نعيم، ووكيع بن الجراح. روى له البخارى فى كتاب «رفع اليدين فى الصلاة» وأبو داود (1)، والترمذى (2)، وابن ماجة (3). وهّاه: ابن مهدى. وقال أبو حاتم: ليس بقوى الحديث، وليس حده الترك. وقال ابن معين: ليس بالقوى، وقال: كوفى ليس به بأس. وقال البخارى: يكتب حديثه. قال ابن حبان: يقلب ما يروى. توفى فى عشر الستين والمائة، كما ذكر الذهبى فى تاريخ الإسلام. ونقل عن ابن عدى: أنه كوفى نزل مكة. 771 ـ إسماعيل بن عبد الواحد بن إسماعيل بن إبراهيم الكنانى العسقلانى المكى: يروى عن ابن البنا: جامع الترمذى، عن أبى الفتوح الحصرى: سنن أبى داود، وحدث. سمع منه ـ على ما وجدت بخط القطب الحلبى فى تاريخه ـ أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن عثمان الزرزارى، وذكر أن الأبيوردى كتب عنه بخانكة سعيد السعداء، شيئا من الترمذى عن الخلال، وهو ابن البنا، فى شهر رمضان سنة اثنتين وستين وستمائة. انتهى. أجاز فى استدعاء، آخر من بقى فيه: عيسى بن عبد الله الحجى شيخ شيوخنا، بخطه، فى الخامس من ربيع الأول سنة ثلاث وستين وستمائة.

_ 770 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 1/ 316). (1) أبو داود فى سننه كتاب الطهارة حديث رقم (2). (2) الترمذى فى سننه كتاب الحج حديث رقم (873). (3) ابن ماجة فى سننه كتاب الطهارة وسننها حديث رقم (335).

772 ـ إسماعيل بن على بن عثمان الأصفهانى الأصل المكى المعروف بابن العجمى

772 ـ إسماعيل بن على بن عثمان الأصفهانى الأصل المكى المعروف بابن العجمى: سمع على عيسى بن عبد الله الحجى، والآفشهرى، وموسى الزهرانى: شيئا من الترمذى، وهو حاضر فى سنة سبع وثلاثين وسبعمائة فى الحرم الشريف. كان يعانى المتجر، ويسافر بسببه، فمات بمقدشوه على ما قيل لى ولم أدر متى مات. 773 ـ إسماعيل بن عمر المغربى المالكى: نزيل مكة. كان فقيها نبيها صالحا ورعا زاهدا، كبير القدر. لم أر مثله بمكة على طريقته فى الخير. وأخبرنى صاحبنا الإمام أبو محمد عبد الله بن أحمد الفريانى التونسى عنه، بحكاية تدل على عظيم شأنه، وملخصها: أن الفريانى رأى بمكة فى النوم شخصا سماه لى، توفى بالإسكندرية، فسأله عن حاله، فقال له: إنه مثقف، أى مسجون، ولا يخلص إلا إن ضمنه أو شفع فيه الشيخ إسماعيل هذا، فجاء الفريانى إلى الشيخ إسماعيل هذا، وذكر له المنام، وسأله أن يدعو له، فدعا له، واستغفر له، فرأى الفريانى الرجل المشار إليه، فسأله عن حاله، فأخبره أنه خلص بشفاعة الشيخ إسماعيل أو بضمانه. هذا معنى الحكاية التى أخبرنى بها الفريانى. وأصل الشيخ إسماعيل هذا [ ..... ] (1) ثم انتقل إلى الإسكندرية وسكنها مدة سنين، ثم انتقل إلى مكة، وجاور بها من سنة إحدى وثمانى مائة إلى حين وفاته، إلا أنه ذهب فى بعض السنين إلى المدينة النبوية زائرا، وأقام بها وقتا. وكانت سكناه بمكة برباط الموفق فى الغالب، وبه توفى فى ليلة الجمعة ثالث عشر شهر رمضان سنة عشر وثمانى مائة بمكة، ودفن بالمعلاة. شهدت الصلاة عليه ودفنه، وقد بلغ الستين ظنا. وتوفى صاحبنا عبد الله الفريانى المذكور، فى أوائل النصف الثانى من المحرم سنة اثنتى عشرة وثمانمائة، بتيه بنى إسرائيل، وهو قافل من الحجاز إلى مصر لقصد بلاده. وكان ذا معرفة جيدة بالحساب، وله مشاركة فى الفقه وغيره. وله ملاءة وافرة. تغمده الله برحمته.

_ 773 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 9/ 131). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

774 ـ إسماعيل بن كثير الحجازى أبو هاشم

774 ـ إسماعيل بن كثير الحجازى أبو هاشم: روى عن من مجاهد، وسعيد بن جبير، وهاشم بن لقيط بن صبرة. وعنه ابن جريج، والثورى، وداود بن عبد الرحمن العطار، ويحيى بن سليمان الطائفى. روى له أصحاب السنن، والبخارى فى الأدب حديثا واحدا. قال: أحمد بن حنبل: هو ثقة. وكذلك قال النسائى. وقال محمد بن سعد: كثير الحديث. ثقة. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. 775 ـ إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى، أبو يحيى، وأبو محمد المكى: سمع من ابن أبى حرمى: صحيح البخارى، ومن ابن الجميزى: الثقفيات. وحدث بالأول منها بقراءة المحدث رافع بن هجرس، فى العشر الأول من ذى الحجة سنة تسع وثمانين وستمائة بالحرم الشريف. سمعه منه المحدث شمس الدين محمد بن إبراهيم بن المهندس. ولم أدر متى مات، غير أنى وجدت رسم شهادته بخطه، فى مكتوب يتضمن إذنا من القاضى تقى الدين عبد الله بن المحب الطبرى خطيب مكة، بتاريخ شوال سنة تسع وستمائة. فاستفدنا من هذا حياته فى هذا التاريخ. 776 ـ إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن ديلم بن محمد بن شيوخ الشيبى الحجبى: فاتح بيت الله الحرام. توفى فى رجب سنة تسع وستين وخمسمائة. لخصت هذه الترجمة من حجر قبره بالمعلاة، وترجم فيه: بالشاب. 777 ـ إسماعيل بن محمد بن عبد الله الموصلى، أبو الطاهر المعروف بالفقاعي: ذكره الرشيد العطار فى مشيخته فقال: أبو الطاهر هذا من أعيان الصوفية المجاورين بالحرم الشريف. كان كثير الطواف، وحج حجات كثيرة، وجاور بمكة سنين. توفى فى نحو سنة ثلاثين وستمائة بمكة.

_ 774 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 1/ 326).

778 ـ إسماعيل بن محمد بن قلاوون الصالحى، السلطان الملك الصالح، بن السلطان الملك الناصر، بن السلطان الملك المنصور

778 ـ إسماعيل بن محمد بن قلاوون الصالحى، السلطان الملك الصالح، بن السلطان الملك الناصر، بن السلطان الملك المنصور: صاحب مصر وغيرها من البلاد الشامية والحجازية. ذكرناه فى هذا الكتاب، لما صنع فى أيامه من المآثر بمكة، وهى عمارة أماكن بالمسجد الحرام. واسمه مكتوب على باب رباط السدرة. ولى السلطنة بعد خلع أخيه الناصر أحمد، الذى كان بالكرك فى المحرم سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، واستمر حتى مات فى أوائل ربيع الآخر من سنة ست وأربعين وسبعمائة، وكان من خيار الملوك. وله مآثر حسنة. منها: أنه وقف قرية بطرف القليوبية من ديار مصر، على كسوة الكعبة كل سنة. وله وقف على دروس وطلبة فى قبة جده المنصور بالقاهرة. 779 ـ إسماعيل بن محمد المقدسى: نزيل مكة الصوفى. صحب بالقدس الشيخ الصالح محمد القرمى مدة سنين، وصحب سواه من الصالحين. قدم مكة فى موسم سنة خمس وثمانى مائة، وأقام بها مجاورا حتى حج فى سنة ست وثمانمائة وذهب إلى المدينة وجاور بها، ثم عاد إلى مكة، وذهب إلى اليمن فى أول سنة تسع وثمانمائة ثم قدم مكة فى أثناء سنة عشر وثمانمائة. وأقام بمكة حتى توفى بإثر الحج فى يوم السبت خامس عشر ذى الحجة سنة عشر وثمانمائة، ودفن بالمعلاة. وقد بلغ الستين أو جاوزها ـ فيما أظن ـ وكان يسكن بمكة فى معبد الجنيد، وعمر فيه مواضع، وتأهل بمكة بابنة الشيخ أبى العباس بن عبد المعطى النحوى، ورزق منها بنتا موجودة بمكة الآن، وكتب عنه بعض أصحابنا شيئا من شعره وسمعه عليه فمنه [من الطويل]: خذونى منى وافردونى وغيبوا ... وجودى عنى فى صفاتكم الحسنى فنائى بقائى فيكم ولديكم ... حياتى مماتى واللقا عيشى الأهنا علمتم مرادى كل قصدى أنتم ... وأن فؤادى نحوكم سادتى حنا فرفقا بصب فى هواكم متيم ... مشوق معنى فى محبتكم مضنى

_ 778 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 129، النجوم الزاهرة 10/ 95، الدرر 1/ 406، الوافى بالوفيات 9/ 219، شذرات الذهب 6/ 148، المنهل الصافى 2/ 425).

780 ـ إسماعيل بن مسلم الأزدى، مولاهم، أبو إسحاق البصرى المكى

تذكر أوقاتا تقضت بقربكم ... وأنسكم معه وكاس الرضا يدنى وأسقيتموه شربة من وصالكم ... فطاب استماعا حين منشدكم غنى فمن يستطيع صبرا وقد ذاق وصلكم ... ولا سيما إن كان قد شهد المعنى فلا عيش إلا معكم وحياتكم ... ومن ذا له وقت بغيركم يهنا إذا كنتم معنا تطيب حياتنا ... وإن غاب عنا لطف معناكم متنا سلام على الدنيا إذا لم نراكم ... وتجمعنا الأيام معكم كما كنا 780 ـ إسماعيل بن مسلم الأزدى، مولاهم، أبو إسحاق البصرى المكى: روى عن حبيب بن أبى ثابت، والحسن البصرى، وطاوس، وأبى الطفيل الليثى، وعطاء بن أبى رباح، وعمرو بن دينار، وعمرو بن شعيب، وأبى الزبير المكى، والزهرى، وجماعة. روى عنه الأعمش، وهو من أقرانه وشيوخه، والأوزاعى، والسفيانان وابن المبارك وعبد الله بن نمير، وأبو معاوية الضرير، وجماعة. روى له الترمذى، وابن ماجة. قال أبو زرعة: بصرى، ضعيف الحديث، سكن مكة. وقال أحمد بن حنبل وغيره: منكر الحديث. وقال النسائى وغيره: متروك. وقال الذهبى فى المغنى: متفق على ضعفه. وذكره فى الميزان، وأورد له أحاديث منكرة، منها ما رواه عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس، حديث: «لا يقتل الوالد بالولد ولا تقام الحدود فى المساجد» (1). وأحسن ما قيل فيه: ما قاله أبو حاتم: ضعيف الحديث، مختلط، ليس بمتروك، يكتب حديثه. وقال الفلاس: كان ضعيفا فى الحديث يهم فيه، وكان صدوقا يكثر الغلط. وقال ابن عدى: أحاديثه غير محفوظة عن أهل الحجاز والبصرة والكوفة، إلا أنه ممن يكتب حديثه. وذكر ابن حبان: أنه من فصحاء الناس، وكناه بأبى ربيعة.

_ 780 ـ (1) أخرجه الترمذى فى سننه حديث رقم (1400) من طريق: محمد بن بشار، حدثنا ابن أبى عدى، عن إسماعيل بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقام الحدود فى المساجد ولا يقتل الوالد بالولد». قال الترمذى: هذا حديث لا نعرفه بهذا الإسناد مرفوعا إلا من حديث إسماعيل بن مسلم وإسماعيل بن مسلم المكى قد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه.

781 ـ إسماعيل بن مسلم المخزومى، مولاهم، المكى

وذكر صاحب الكمال: أنه كان فقيها مفتيا، ولكثرة مجاورته بمكة، قيل له المكى. قال البخارى: هو بصرى كان أبوه يتجر ويكرى إلى مكة، فنسب إليه. وقال: دثنى هلال بن بشر، قال: مات إسماعيل بن مسلم المكى، أبو إسحاق، مولى حدير من الأزد، بعد الهزيمة بقليل. وقال ابن أبى حاتم عن أبيه: إسماعيل بن مسلم العبدى المكى، ويقال البصرى، أصله بصرى، سكن مكة، قدم الرى مع المهدى. أظنه مات بالرى. وذكره الذهبى فى المتوفين فى عشر الستين ومائة. 781 ـ إسماعيل بن مسلم المخزومى، مولاهم، المكى: عن سعيد بن جبير، وعبد الله بن عبيد بن عمير، وعطاء، ومجاهد. وعنه: ابن المبارك، وعبيد بن عقيل الهلالى، وعمرو بن محمد العنقزى، ووكيع بن الجراح، قال عباس الدورى، عن يحيى بن معين: إسماعيل بن مسلم المخزومى: مكىّ ثقة. وقال أبو حاتم: إسماعيل بن مسلم المخزومى: مكىّ، صالح الحديث. كتب هذه الترجمة من التهذيب، ولم يذكره إلا للتمييز مع جماعة وافقوه فى اسمه واسم أبيه، وهم: إسماعيل بن مسلم الطائى، عن أبيه، وعنه: أبو نعيم. وإسماعيل بن مسلم السكونى الشامى الخراسانى، عن برد بن سنان، وجماعة، وعنه: غنجار. قال الدارقطنى: متروك يضع الحديث. وإسماعيل بن مسلم اليشكرى البصرى. عن ابن عون، وعنه: مسعود بن موسى بن مشكان، ذكره العقيلى فى كتابه، وأورد له حديث: «لكم فى الغيث خمسة أشياء». وقال: حديثه منكر غير معروف. وإسماعيل بن مسلم بن يسار الزرقى، مولاهم المدنى، عن محمد بن كعب القرظى، وعنه كثير بن جعفر، أخو إسماعيل بن جعفر. وإسماعيل بن أبى الفديك دينار المدينى. وقيل: إسماعيل بن أبى فديك، مسلم. روى عنه ابنه محمد.

_ 781 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 2/ 197).

782 ـ إسماعيل بن مسلم بن سلمان الإربلى، أبو محمد، وأبو على، وأبو أيوب، وهو بهذه أشهر

782 ـ إسماعيل بن مسلم بن سلمان الإربلى، أبو محمد، وأبو على، وأبو أيوب، وهو بهذه أشهر: سمع ببغداد: أبا الفضل محمد بن عمر الأرموى، وأبا العباس أحمد بن المبارك المرقعاتى، وأبا القاسم يحيى بن ثابت بن بندار، وأحمد بن المقرب، وغيرهم، وكان شيخا صالحا متدينا ظريفا خيرا. توفى بمكة، وكان قدمها فى السنة التى توجه فيها الوزير رئيس الرؤساء إلى بغداد، ولم يعد إلى بغداد. ذكره ابن المستوفى فى تاريخ إربل، ومنه لخصت هذه الترجمة. 783 ـ إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم بن موسى الجون بن عبد الله بن الحسن ابن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى: المستولى على مكة والمدينة. ذكر ابن جرير الطبرى: أنه ظهر بمكة فى سنة إحدى وخمسين ومائتين، فهرب عنها عاملها جعفر بن الفضل بن عيسى، ونهب إسماعيل منزله ومنازل أصحاب السلطان، وقتل الجند، وجماعة من أهل مكة، وأخذ ما كان حمل لإصلاح العين من المال، وما فى الكعبة من الذهب، وما فى خزانتها من الذهب والفضة والطيب، وكسوة الكعبة، وأخذ من الناس نحوا من مائتى ألف دينار، ونهب مكة وأحرق بعضها فى شهر ربيع الأول منها، ابن الحسين. وخرج منها بعد خمسين يوما، فسار إلى المدينة، وتوارى عنها عاملها على بن إسماعيل، ثم رجع إلى مكة فى رجب، فحصرها حتى مات أهلها جوعا وعطشا، وبلغ الخبز ثمان أواق بدرهم، واللحم رطل بأربعة دراهم، وشربة ماء بثلاثة دراهم. ولقى أهل مكة منه كل بلاء، ثم رحل بعد مقامه سبعة وخمسين يوما إلى جدة، فحبس عن الناس الطعام، وأخذ أموال التجار، وأصحاب المراكب، فحمل إلى مكة الحنطة والذرة من اليمن، ثم وافت المراكب من القلزم (1)، ثم وافى إسماعيل الموقف. وكان المعتز بن المتوكل الخليفة العباسى، وجّه جماعة لقتاله، فقاتلهم وقتل من الحاج

_ 783 ـ انظر ترجمته فى: (ابن خلدون 4/ 98، الأعلام 1/ 329). (1) بحر القلزم: شعبة من بحر الهند، أوله من بلاد البربر والسودان. انظر: معجم البلدان (بحر القلزم).

من اسمه الأسود

نحوا من ألف ومائة، وهرب الناس إلى مكة، فلم يقفوا بعرفة لا ليلا ولا نهارا، ووقف هو وأصحابه، ثم رجع إلى جدة، فأفنى أموالها. وذكر شيخنا ابن خلدون: أنه كان يتردد إلى الحجاز من سنة اثنتين وعشرين وأنه خرج فى أعراب الحجاز، وتسمى بالسفاك، وأن أخاه محمد بن يوسف الملقب بالأخيضر خرج بعده، وولى مكانه. انتهى. وكانت وفاته فى آخر سنة اثنتين وخمسين ومائتين، بعد أن ابتلاه الله بالجدرى. * * * من اسمه الأسود 784 ـ الأسود بن خلف بن عبد يغوث القرشى المكى: رأى النبى صلى الله عليه وسلم يبايع الناس يوم الفتح. روى عنه ابنه محمد بن الأسود. هكذا ابن حبان فى الطبقة الأولى من الثقات. وذكره ابن عبد البر، فقال: القرشى الزهرى، ويقال: الجمحى، وهو أصح، كان من مسلمة الفتح. روى عن النبى صلى الله عليه وسلم: «الولد مبخلة مجبنة» (1)، وروى أيضا فى البيعة.

_ 784 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 2/ 293، الاستيعاب ترجمة 43، الإصابة ترجمة 157، أسد الغابة ترجمة 140، تجريد أسماء الصحابة 1/ 181، المعرفة والتاريخ 2/ 161، الجامع فى الرجال 275، الطبقات الكبرى 1/ 200، 3/ 43، 161، 8/ 46، تنقيح المقال 949، ذيل الكاشف رقم 80). (1) أخرجه ابن ماجة فى سننه حديث رقم (3746) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة، حدثنا عفان، حدثنا وهب، حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن أبى راشد، عن يعلى العامرى، أنه قال: جاء الحسن والحسين يسعيان إلى النبى صلى الله عليه وسلم فضمهما إليه، وقال: «إن الولد مبخلة مجبنة». وقال فى مصباح الزجاجة: هذا إسناد صحيح رواه الإمام أحمد فى مسنده من طريق ابن خيثم فذكره وزاد «مجهلة» بين مجبنة ومبخلة. قلت: ولم نجد هذه الزيادة فى النسخة المطبوعة من مسند أحمد وربما تكون فى النسخة المخطوطة. وما وجدناه فى مسند الإمام أحمد المطبوعة ج (17164): [حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم ـ

785 ـ الأسود بن خلف بن أسعد بن خلف بن أسعد بن عامر بن بياضة الخزاعى

روى عنه ابنه محمد بن الأسود. انتهى. وقد تعقب ابن الأثير قول ابن عبد البر: الصحيح أنه جمحى. وقول من قال: إنه زهرى: لأنه قال: قلت قول أبى عمر: الصحيح أنه من جمح، فلا شك حيث رآه ابن خلف، ظنه من جمح، وليس كذلك؛ لأنه ليس لخلف أب اسمه عبد يغوث. وأما ابن مندة وأبو نعيم، فذكراه زهريا حسب، وفيه أيضا نظر. فإن عبد مناف بن زهرة، ولد وهبا، وولد وهب عبد يغوث وولد عبد يغوث الأسود، وكان من المستهزئين ولم يسلم، وإنما الأسود الصحابى فى زهرة، وهو الأسود بن عوف، وسيرد ذكره، وليس فى نسبه: خلف، ولا عبد يغوث، ولكنهم قد اتفقوا على نسبه إلى خلف، ولعل فيه ما لم نره. انتهى. وذكر عن عبدان كلاما يؤيد بعض ما ذكره. 785 ـ الأسود بن خلف بن أسعد بن خلف بن أسعد بن عامر بن بياضة الخزاعى: قال ابن سعد: رأى الناس يبايعون النبى صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، قاله عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن محمد بن الأسود عن أبيه. هكذا ذكره الذهبى فى التجريد، قال: وهو الذى قبله فيما أرى، يعنى الأسود بن خلف بن عبد يغوث القرشى. 786 ـ الأسود بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى: أخو هبار بن سفيان بن عبد الأسد. ذكره أبو عمر بن عبد البر، وقال: فى صحبته نظر.

_ ـ عن سعيد بن أبى راشد عن يعلى العامرى: أنه جاء حسن وحسين رضى الله تعالى عنهما يستبقان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضمهما إليه، وقال: «إن الولد مبخلة مجبنة، وإن آخر وطأة وطئها الرحمن عزوجل بوج»]. وأخرجه ابن عساكر 4/ 210، وذكره العجلونى فى كشف الخفا 2/ 470، والحسينى فى إتحاف السادة المتقين 8/ 207، 208، والمتقى فى كنز العمال حديث رقم (44516). 785 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 1/ 104). 786 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 48، الإصابة ترجمة 162، أسد الغابة ترجمة 145، دائرة معارف الأعلمى 4/ 339، تجريد أسماء الصحابة 1/ 17، الثقات 1/ 8، التاريخ الكبير 1/ 243، 443، الجامع فى الرجال 273، تهذيب تارخ دمشق 3/ 49).

787 ـ الأسود بن أبى البخترى، واسمه العاص، بن هشام بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصى الأسدى

وذكره ابن الأثير بمعنى هذا، وقال: أخرجه أبو عمر، وأبو موسى، إلا أن أبا موسى، قال: أسود بن عبد الأسد، لم يذكر سفيان. قال: وقال عبدان: لا تعرف له رواية. 787 ـ الأسود بن أبى البخترى، واسمه العاص، بن هشام بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصى الأسدى: أسلم يوم فتح مكة، وصحب النبى صلى الله عليه وسلم، وكان من رجال قريش. وذكر الزبير، قال: ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، قال: بعث معاوية بسر ابن أبى أرطأة إلى المدينة، وأمره أن يستشير رجلا من بنى أسد، واسمه الأسود بن فلان. فلما دخل المسجد، سد الأبواب وأراد قتلهم، حتى نهاه ذلك الرجل. وكان معاوية قد أمره أن ينتهى إلى أمره. قال الزبير: وهو الأسود بن أبى البخترى بن هشام بن الحارث بن أسد، وكان الناس اصطلحوا عليه أيام علىّ ومعاوية رضى الله عنهما. ذكر هذا كله من حال الأسود بن أبى البخترى صاحب الاستيعاب. وكان بعث بسر فى أول سنة أربعين على ما ذكر ابن يونس. وذكر غيره، أن بعثه فى سنة تسع وثلاثين. فيستفاد من هذا حياة الأسود فى هذا التاريخ. وذكر الذهبى، أنه بقى إلى حدود سنة أربعين، قال: وقد غلط من قال: أسود بن البخترى. انتهى. وقائل ذلك أبو نعيم، وابن مندة على ما ذكر ابن الأثير، فإنه قال: وأما ابن مندة وأبو نعيم، فقالا: الأسود بن البخترى بن خويلد، ثم قال ابن الأثير: قلت: كذا أخرجاه، فقالا: البخترى بغير أبى، وقالا: هو ابن خويلد. وإنما هو كما ذكره أبو عمر، لا أعلم فى بنى أسد، الأسود ابن البخترى بن خويلد. انتهى باختصار. وفى كلامه زيادة فى بيان هذا الوهم، فليراجع. وهو والد سعيد بن الأسود، الذى قالت فيه امرأة لجماله [من الطويل]:

_ 787 ـ انظر: (الاستيعاب ترجمة 42، الإصابة ترجمة 149، أسد الغابة ترجمة 133، تجريد أسماء الصحابة 1/ 18، إمتاع الأسماع 1/ 23، 26، 69، 89، التاج 3/ 33، سيرة ابن هشام 2/ 50، نسب قريش 213، 431، المحبر 162، الأعلام 3/ 247).

788 ـ أسود بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب القرشى الزهرى، أخو عبد الرحمن بن عوف

ألا ليتنى أشرى وشاحى ودملجى ... بنظرة عين من سعيد بن أسود 788 ـ أسود بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب القرشى الزهرى، أخو عبد الرحمن بن عوف: له صحبة، هاجر قبل الفتح، وهو والد جابر بن الأسود. الذى ولى المدينة لابن الزبير. ذكره هكذا، ابن عبد البر. وقال الزبير بن بكار، بعد أن ذكر شيئا من خبر أخيه عبد الرحمن بن عوف: هاجر قبل الفتح. وأمهم الشفاء بنت عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة، وقد هاجرت. انتهى. وذكره ابن الأثير بمعنى هذا، وقال: قال محمد بن سعد عن الواقدى: أسلم يوم الفتح، ومات بالمدينة. وله بها دار. انتهى. 789 ـ الأسود بن نوفل بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب القرشى الأسدى: ذكره الزبير بن بكار، فقال: من مهاجرة الحبشة. وأم الأسود الفريقة بنت عدى بن نوفل بن عبد مناف بن قصى. قال: ومن ولد الأسود بن نوفل بن خويلد: أبو الأسود، يتيم عروة، الذى كان يحدث عنه مالك، واسمه: محمد بن عبد الرحمن بن نوفل بن خويلد. وقد انقرض ولد نوفل بن خويلد. انتهى. وذكر ابن عبد البر فى الاستيعاب بمعنى هذا لأنه قال: وهو جد أبى الأسود محمد بن عبد الرحمن بن الأسود بن نوفل، يتيم عروة، شيخ مالك. انتهى. وكان أبوه نوفل بن خويلد. 790 ـ الأسود بن وهب بن عبد مناف بن زهرة. وقيل: وهب بن أسود: خال النبى صلى الله عليه وسلم. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد.

_ 788 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 40، الإصابة ترجمة 167، أسد الغابة ترجمة 152، تجريد أسماء الصحابة 1/ 20، معرفة الصحابة 2/ 289). 789 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 41، الإصابة ترجمة 171، أسد الغابة ترجمة 155). 790 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 45، الإصابة ترجمة 172، أسد الغابة ترجمة 175، تجريد أسماء الصحابة 1/ 20).

791 ـ أسيد بن جارية الثقفى

791 ـ أسيد بن جارية الثقفى: هكذا ذكره ابن عبد البر، قال: أسلم يوم الفتح. وشهد حنينا، وهو جد عمرو بن أبى سفيان بن أسيد بن جارية، الذى روى عنه الزهرى عن أبى هريرة حديث الذبيح إسحاق. انتهى باختصار. ذكره ابن الأثير بمعنى هذا، وذكر أن أسيدا، بفتح الهمزة. 792 ـ إصبهبذ بن سارتكين: صاحب مكة. ذكر ابن الأثير فى كامله: أنه فى سنة سبع وثمانين وأربعمائة، استولى على مكة ـ زادها الله شرفا ـ عنوة، وهرب عنها صاحبها الأمير قاسم بن أبى هاشم العلوى، وأقام بها إلى شوال: فجمع له الأمير قاسم، ولقيه بعسفان، وجرى بينهم قتال فى شوال هذه السنة، وانهزم إصبهبذ، ومضى إلى الشام. وقد إلى بغداد، ودخل قاسم ابن أبى هاشم مكة. 793 ـ أصيل الهذلى، ويقال الغفارى: حديثه عند أهل حران، فى مكة وغضارتها، والتشوق إليها، وقد روى حديثه أهل المدينة. ذكره هكذا ابن عبد البر، وذكر حديثه مختصرا (1). وقال ابن الأثير: أصيل بن عبد الله الهذلى، وقيل الغفارى. وذكر حديثه فى التشوق إلى مكة، من رواية الزهرى وغيره. 794 ـ أعظم شاه بن إسكندر شاه، السلطان غياث الدين أبو المظفر: صاحب بنجالة من بلاد الهند، والمدرسة التى بمكة عند باب أم هانئ من المسجد الحرام.

_ 791 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 62، الإصابة ترجمة 176، أسد الغابة ترجمة 162، الطبقات الكبرى 2/ 152، تصحيفات المحدثين 928). 792 ـ انظر ترجمته فى: (الكامل لابن الأثير 10/ 239). 793 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 139، الإصابة ترجمة 215، أسد الغابة ترجمة 192، تجريد أسماء الصحابة 1/ 24، الوافى بالوفيات 9/ 287). (1) انظر نص الحديث فى الاستيعاب ترجمة 139. 794 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 135، النجوم الزاهرة 14/ 120، الضوء اللامع 2/ 313، التحفة اللطيفة 1/ 333، المنهل الصافى 2/ 458).

كان ملكا جليلا، له حظ من العلم والخير، بعث إلى الحرمين غير مرة بصدقات طائلة، ففرقت بهما، وعم بذلك النفع، وبعث مع ذلك بمال لعمارة مدرستين: مدرسة بمكة، ومدرسة بالمدينة، وشراء عقار يوقف عليهما، ففعل له ذلك من ندبه. وكان ابتداء عمارة المدرسة بمكة، فى شهر رمضان سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، ولم تنقض هذه السنة، حتى فرغ من عمارة سفلها، وغالب علوها، وكملت عمارتها فى النصف الأول من سنة أربع عشرة وثمانمائة. وفى جمادى الآخرة منها، ابتدئ فيها التدريس فى المذاهب الأربعة، ودرست فيها لطائفة المالكية. وكان وقفها فى المحرم من هذه السنة. وفيه وقف عليها أصيلتان. إحداهما: تعرف بسلمة، والأخرى بالحلى، بالضيعة المعروف بالركانى، وأربع وجاب من قرار عين هذه الضيعة، ثنتان منها يعرفان بحسين منصور ليله ونهاره، وثنتان يعرفان بحسين يحيى ليله ونهاره. وجعل ذلك خمسة أقسام: قسم للمدرسين الأربعة بالسوية بينهم، وثلاثة أقسام للطلبة، وهم ستون نفرا، عشرون من الشافعية، وعشرون من الحنفية، وعشرة من المالكية، وعشرة من الحنابلة، بالسوية بينهم، والقسم الخامس، يقسم أثلاثا قسمان لسكان المدرسة، وهم عشرة رجال، وقسم لمصالحها. وكان شراء هذا الوقف وموضع المدرسة، بإثنى عشر ألف مثقال ذهبا، وكان المتولى لشراء هذا الوقف والمدرسة وعمارتها، خادم السلطان المذكور: ياقوت الحبشى، وهو الذى تولى تفرقة صدقة السلطان بمكة، فى سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، ووقف المذكور على مصالح المدرسة دارا مقابلة لها، اشتراها بخمسمائة مثقال، وعمرها فى سنة أربع عشرة. وفى موسمها أشيعت بمكة وفاة السلطان غياث الدين المذكور. وفى سنة خمس عشرة وثمانمائة، جاء الخبر من عدن فى البحر بصحة وفاة السلطان المذكور. وفى ربيع الأول منها، توفى خادمة ياقوت المذكور بجزيرة هرموز، وهو متوجها إلى مولاه، ولم يقدر له لقاه. والمدرسة التى بنيت بالمدينة، هى بمكان يقال له الحصن العتيق، عند باب المسجد النبوى المعروف بباب السلام، وترتيبها فى المدرسين والطلبة والوقف، يخالف ما وقع بمكة فى هذا المعنى، والله تعالى يعظم الثواب فى ذلك للواقف ولمن أعان فيه بخير.

795 ـ أفضل بن محمود بن محمود السروى

795 ـ أفضل بن محمود بن محمود السروى: هكذا وجدته مذكورا فى حجر قبره بالمعلاة، وترجم فيه: بالشيخ الصالح العابد الزاهد العالم الكامل العارف بالله. وفيه توفى بمنى فى أيام التشريق سنة سبع وعشرين وسبعمائة. 796 ـ آقباش الناصرى العباسى: أمير الحرمين والحاج. ذكر صاحب المرآة أن الإمام الناصر لدين الله، أبا العباس أحمد الخليفة العباسى، اشتراه وهو ابن خمس عشرة سنة بخمس آلاف دينار، لأنه كان بديع الجمال، لم يكن بالعراق أجمل منه، فقربه وأدناه، ولم يكن يفارقه. فلما ترعرع ولاه الحرمين وإمرة الحج، فحج بالناس سنة سبع عشرة وستمائة، فقتل بعد انقضاء أيام منى، فى سادس ذى عشر الحجة، ودفن بالمعلاة، وكان سبب قتله كما ذكر صاحب المرآة: أنه وصل معه تقليد وخلعة لحسن بن قتادة بالإمرة بمكة، عوض أبيه قتادة، فاجتمع راجح بن قتادة بآقباش، وسأله الولاية، وجاء معه، فظن حسن أنه وافقه عليه، فأغلق أبواب مكة. وكان آقباش نزل مكة بعد الحج بالشبيكة، فركب ليسكن الفتنة، ويصلح بين الأخوين، فخرج إليه أصحاب حسن بن قتادة وأحاطوا به، فقال: ما قصدى قتال، فلم يلتفوا إليه وقاتلوه، فانهزم أصحابه عنه وعرقبوا فرسه فسقط، فقتلوه وحملوا رأسه إلى حسن، ونصب بالمسعى على دار العباس، ثم دفن مع بقية جسده. وذكر ابن الأثير: أن راجح بن قتادة بذل لآقباش وللخليفة مالا ليساعده على ملك مكة، فأجابه إلى ذلك، ووصلوا إلى مكة، فنزلوا بالزاهر، وتقدم إلى مكة مقاتلا لصاحبها حسن. وكان قد جمع جموعا كثيرة من العرب. وغيرها، فخرج إليه من مكة وقاتله، فتقدم أمير الحاج، يعنى آقباش، من عسكره منفردا، وصعد جبلا إدلالا بنفسه، وأنه لا يقدم عليه أحد، فأحاط به أصحاب حسن وقتلوه، وعلقوا رأسه، ثم قال: وعظم الأمر على الخليفة، يعنى الناصر العباسى، أستاذ آقباش، فوصلته رسل حسن تعتذر، وتطلب العفو عنه، فأجيب ذلك. وذكر صاحب المرآة: أن الإمام الناصر العباسى، لما بلغه خبر آقباش حزن عليه حزنا، عظيما ولم يخرج فى الموكب للقاء الحاج على العادة. وكان عاقلا متواضعا محبوبا إلى القلوب. انتهى.

_ 796 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 1/ 193).

من اسمه إقبال

وذكر ابن الأثير: أن آقباش، كان حسن السيرة مع الحاج فى الطريق، كثير الحماية لهم. ووجدت فى حجر قبره بالمعلاة: أنه توفى يوم الأربعاء خامس عشر من ذى الحجة. وترجم فيه بتراجم منها: أمير جيوش الحاج والحرمين، نور الدين. وهذا الحجر رأيته ملقى بقرب تربة أم سليمان بالمعلاة. * * * من اسمه إقبال 797 ـ إقبال بن عبد الله، يكنى أبا الخير: حدث عن أبى الوقت. توفى فى رمضان سنة سبع وتسعين وخمسمائة بمكة. ذكره المنذرى فى التكملة، وترجمه: بالشيخ الصالح. 798 ـ إقبال بن عبد الله، المعروف بالشرابى المستنصرى العباسى، الأمير شرف الدين: كان شجاعا كريما، شريف النفس، عالى الهمة، له بمكة مآثر، منها: الرباط المعروف برباط الشرابى عند باب بنى شيبة، عمر فى سنة إحدى وأربعين وستمائة، ووقف عليه على ما قيل أوقافا بأعمال مكة، منها مياه تعرف بالشرابيات بوادى مر، ووادى نخلة، ووقف عليه كتبا فى فنون العلم نفيسة، وقرر به صوفية على ما بلغنى. ومن المآثر التى صنعها بظاهر مكة: عمارة عين عرفة، والبرك التى بها، بعد عطلتها وخرابها عشرين سنة. وكان نجاز العمارة وجريان الماء فى ذلك، العشر الأخير من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين وستمائة. نقلت ما ذكرته من عمارته لعين عرفة، والبرك التى بها، من حجر رأيته ملقى بعرفة حول جبل الرحمة، ورأيت معنى ذلك مكتوبا فى حجر فى نصب بركة حول جبل

_ 798 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 136، النجوم الزاهرة 7/ 51 شذرات الذهب 5/ 161 المنهل الصافى 2/ 464، الفخرى فى الآداب السلطانية 22 ـ 27، 243، الحوادث الجامعة 308، عيون التواريخ 20/ 84 ـ 35، العسجد المسبوك 612، 613، الدارس فى أخبار المدارس 1/ 159 ـ 160، شذرات الذهب 5/ 216، سير أعلام النبلاء 23/ 370).

799 ـ إقبال بن عبد الله الحبشى، أبو عمرو القزوينى المكى

الرحمة، الآن مدفونة بالتراب. وعين عرفة التى عمرها إقبال، هى فى وادى نعمان. ولإقبال الشرابى هذا مآثر أخر وصدقات كثيرة. توفى سنة ثلاث وخمسين وستمائة ببغداد، ودفن فى تربة أم الخليفة المستعصم بالله العباسى ببغداد. وهو من مماليك المستنصر العباسى والد المعتصم. 799 ـ إقبال بن عبد الله الحبشى، أبو عمرو القزوينى المكى: سمع من أبى الحسن بن المقير: سنن أبى داود، بقراءة المحب الطبرى، سنة ثلاث وثلاثين وستمائة. وحدث بها بقراءة ابن عبد الحميد، فى مجالس آخرها فى رجب أو شعبان، سنة سبع وثمانين وستمائة. ولم أدر متى مات، غير أنا استفدنا حياته فى هذا التاريخ، وهو من شيوخ أبى حيان بالإجازة. ونقل عنه ما يدل على أن مولده فى سنة أربع أو خمس وستمائة. انتهى. وهو ممن جاور بمكة سنين كثيرة، وأظنه مات بها. 800 ـ إقبال بن عبد الله، عتيق الأمير عبد الله بن فليتة بن قاسم بن محمد بن جعفر، المعروف بابن أبى هاشم الحسنى: توفى يوم الجمعة الثامن من ذى الحجة سنة تسع وسبعين وخمسمائة. 801 ـ أقرم بن زيد الخزاعى: روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، أنه نظر إليه بالقاع من نمرة يصلى، قال: فكأنى أنظر إلى عفرتى إبطى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد. له ولابنه عبد الله بن أقرم صحبة ورواية. وقال بعضهم: أرقم الخزاعى، ولا يصح. والصواب أقرم. ذكر معنى ذلك أبو عمر. 802 ـ أكثم بن الجون بن أبى الجون الخزاعى: روى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أكثم بن الجون، أغز مع غير قومك يحسن خلقك وتكرم على رفقائك» (1).

_ 801 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 150، الإصابة ترجمة 235، أسد الغابة ترجمة 212، تجريد أسماء الصحابة 1/ 26، الثقات 1/ 14، بقى بن مخلد 379). 802 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 155، الإصابة ترجمة 240، أسد الغابة ترجمة أسماء الصحابة 1/ 27، الثقات 3/ 21، الوافى بالوفيات 9/ 431، الجرح والتعديل 2/ 339، 349، أنساب الأشراف 1/ 262، 391، أعيان الشيعة 3/ 471). (1) أخرجه ابن ماجة فى سننه باب السرايا حديث رقم (2895) من طريق: هشام بن ـ

وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الرفقاء أربعة»، من حديث الزهرى. وقال له النبى صلى الله عليه وسلم: «إنه يشبه عمرو بن لحى بن قمعة الخزاعى»، فقال أكثم: أيضرنى شبهه يا رسول الله؟ قال: «لا إنك مؤمن وهو كافر» (2). ولا يصح الخبر الذى ذكر فيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أشبه من رأيت بالدجال، أكثم بن أبى الجون». قال يا رسول الله: أيضرنى شبهه؟ قال: «لا، أنت مؤمن وهو كافر». كتبت هذه الترجمة من الاستيعاب بالمعنى. ذكر ابن الأثير معنى ذلك وزيادة؛ لأنه قال: منقذ بن ربيعة بن أصرم بن ضبيس بن حرام ابن حبشية بن أكثم بن الجون. وقيل: ابن أبى الجون، واسمه عبد العزى، بن كعب ابن عمرو بن ربيعة، وهو لحى بن حارثة بن عمرو مزيقيا، وعمرو بن ربيعة: هو أبو خزاعة. وإليه ينسبون. هكذا نسبه هشام. قيل: هو أبو معبد الخزاعى، زوج أم معبد فى قول. انتهى.

_ ـ عمار، حدثنا عبد الملك بن محمد الصنعانى، حدثنا أبو سلمة العاملى عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأكثم بن الجون الخزاعى: «يا أكثم اغز مع غير قومك يحسن خلقك، وتكرم على رفقائك. يا أكثم خير الرفقاء أربعة، وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن يغلب اثنا عشر ألفا من قلة». (2) أخرجه أحمد فى المسند حديث رقم (14443) من طريق: عبد الله، حدثنى أبى، حدثنا زكريا، أنبأنا عبيد الله وحسين بن محمد، قالا: حدثنا عبيد الله، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى صفوفنا فى الصلاة، صلاة الظهر أو العصر، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتناول شيئا ثم تأخر فتأخر الناس، فلما قضى الصلاة قال له أبى بن كعب: شيئا صنعته فى الصلاة لم تكن تصنعه قال: «عرضت علىّ الجنة بما فيها من الزهرة والنضرة فتناولت منها قطفا من عنب لأتيكم به، فحيل بينى وبينه، ولو أتيتكم به لأكل منه من بين السماء والأرض لا ينقصونه شيئا، ثم عرضت علىّ النار فلما وجدت سفعها تأخرت عنها، وأكثر من رأيت فيها النساء اللاتى إن ائتمن أفشين، وإن يسألن بخلن، وإن يسألن ألحفن» قال حسين: «وإن أعطين لم يشكرن، ورأيت فيها الحى بن عمرو ويجر قصبه فى النار، وأشبه من رأيت به معبد بن أكثم الكعبى» قال معبد: يا رسول الله أيخشى على من شبهه؟ وهو والد فقال: «لا أنت مؤمن وهو كافر» قال حسين: وكان أول من حمل العرب على عبادة الأوثان، قال حسين: «تأخرت عنها ولولا ذلك لغشيتكم».

803 ـ ألدمر بن عبد الله الناصرى، يلقب سيف الدين

803 ـ ألدمر بن عبد الله الناصرى، يلقب سيف الدين: كان أحد الأمراء المقدمين بالقاهرة، وأمير جاندار. توفى فى يوم الجمعة رابع عشر ذى الحجة، سنة ثلاثين وسبعمائة بمكة مقتولا، قتله مبارك بن عطيفة بن أبى نمى، وقيل: محمد بن عقبة بن إدريس بن قتادة الحسنى المقدم ذكره. وصححه النويرى فى تاريخه. وحكى أن سبب قتله: أن بعض عبيد مكة، عبثوا على بعض حجاج العراق، وتخطفوا أموالهم، فاستصرخ الناس به، وكان قد تأخر عن الحاج مع أمير الركب لصلاة الجمعة بمكة، فنهض والخطيب على المنبر، ليمنعهم من الفساد، ومعه ولده، فتقدم الولد، فضرب بعض العبيد، فضربه العبد بحربة فقتله، فلما رأى أبوه ذلك، اشتد غضبه، وحمل ليأخذ بثأر ابنه، فرمى الآخر بحربة، فمات. وذكر أن الخبر وقع بذلك فى القاهرة، فى يوم الجمعة هذا. وقضى الله تعالى بالشهادة معهما لجماعة آخرين. ونهبت للناس أموال كثيرة، وجرت أمور عجيبة على ما ذكر البرزالى، نقلا عن كتاب العفيف المطرى، لأنه قال: لما كان يوم الجمعة عند طلوع الخطيب على المنبر، حصلت هوشة، ودخلت الخيل المسجد الحرام وفيهم جماعة من بنى حسن ملبسين غائرين، وتفرق الناس، وركب بعضهم بعضا، ونهبت الأسواق، وقتل من الخلق جماعة من الحجاج وغيرهم، ونهبت الأموال، وصلينا نحن الجمعة والسيوف تعمل. وخرج الناس إلى المنزلة، واستشهد الأمير سيف الدين ألدمر أمير جاندار، وابنه خليل ومملوك لهم، وأمير عشرة يعرف بابن الباجى، وجماعة نسوة وغيرهم من الرجال. وسلمنا من القتل. كانت الخيل فى إثرنا يضربون بالسيوف يمينا وشمالا، وما وصلنا إلى المنزلة وفى العين قطرة، ودخل الأمراء بعد الهزيمة إلى مكة، لطلب بعض الثأر، وخرجوا فارين مرة أخرى، ثم بعد ساعة جاء الأمراء خائفين، وبنو حسن وغلمانهم أشرفوا على ثنية كدى من أسفل مكة، فأمروا بالرحيل، ولولا سلّم الله تعالى، كانوا نزلوا عليهم ولم يبق من الحجاج مخبر، فوقف أمير المصريين فى وجوههم، وأمر بالرحيل. فاختبط الناس، وجعل أكثر الناس يترك ما ثقل من أحمالهم، ونهب الحاج بعضه بعضا. انتهى. وقد بين القاضى شهاب الدين الطبرى، شيئا من أسباب هذه القضية فى كتاب كتبه

_ 803 ـ انظر ترجمته فى: (السلوك لمعرفة دول الملوك 3/ 99، 133).

804 ـ آل ملك، ويقال: الحاج الملك الأمير، نائب السلطنة بمصر، الأمير سيف الدين

إلى بعض أصحابه، ذكر له فيه هذه القضية، فأحببت ذكر ذلك لما فيه من الفائدة. قال: وينهى صدورها من مكة ـ حرم الله تعالى ـ العشرين من شهر ذى الحجة، بعد توجه الركب السعيد، على الحالة التى شاع ذكرها، ولا حيلة فى المقدور، والله ما لأحد من أهل الأمر ذنب، لا من هؤلاء، ولا من هؤلاء، وإنما الذنب للعامة والرعاع والعبيد والنفرية، على سبب مطالبة من أخدام الأشراف للعراقيين بسبب عوائدهم، حصلت ملالاة أو جبت مغازاة، فقامت الشوشة والخطيب على المنبر، وكان السيد سيف الدين عند أمير الركب جالسا، فقام ليطفئ النار من ناحية، فالتفحت من نواحى. وقام الأمير سيف الدين ليساعده، فاتسع الخرق، وهاج الناس فى بعضهم بعضا. فمات من مات، وفات من فات. ولزم الأشراف مكانهم بأجياد، ولم يخرج أحد منهم إلى القتال، إلا من انخلس من الفريقين. انتهى. 804 ـ آل ملك، ويقال: الحاج الملك الأمير، نائب السلطنة بمصر، الأمير سيف الدين: كان من أعيان الأمراء بالقاهرة، فى دولة الناصر محمد بن قلاوون، وولى بعده نيابة السلطنة بمصر، نحو سنتين، أو أزيد للملك الصالح إسماعيل بن الملك الناصر، فلما مات الصالح، وتسلطن عوضه أخوه الكامل شعبان، نقله إلى نيابة صفد (1)، ثم طلبه وبعثه ـ على ما بلغنى ـ إلى الإسكندرية معتقلا، وبها مات مقتولا، فى آخر سنة ست وأربعين، أو فى سنة سبع وأربعين، وكان فيه خير. وله مآثر، منها: مدرسة مشهورة بقرب مشهد الحسين بالقاهرة، وجامع بالحسينية، ومطهرة بمكة، والربع الذى فوقها. وأظنه وقفا عليها وهى بقرب باب الحزورة. ويقال له الآن بيت العطار، وعمر بركة السلم بطريق منى بقرب منى، وأجرى إليها عينا من منى، وبركتى المعلاة اللتين على يسار الخارج إلى المعلاة، وغير ذلك بمكة، وآبارا بطريق الحجاز. * * *

_ 804 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 53، أعيان العصر 1/ 70، درة الأسلاك سنة 746، الوافى 9/ 372، الدرر 1/ 439، الحفظ 2/ 309 ـ 310، المنهل الصافى 2/ 85). (1) صفد: مدينة فى جبال عاملة مطلة على حمص بالشام وهى جبال لبنان. انظر: معجم البلدان (صفد).

من اسمه أمية

من اسمه أمية 805 ـ أمية بن خويلد الضمرى، والد عمرو بن أمية الضمرى لهما صحبة: يروى من حديث أمية: أن النبى صلى الله عليه وسلم، بعثه عينا وحده. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر، وابن الأثير، وذكر فيه خلاف ذلك؛ لأنه قال: أمية بن خويلد الضمرى. وقيل: أمية بن عمرو، والد عمرو بن أمية، ثم قال: وأما ابن مندة وأبو نعيم فإنهما قالا: أمية بن عمرو. وقيل: ابن أبى أمية الضمرى. عداده فى أهل الحجاز. وروى عنه ابنه عمرو، وذكر له حديثا، وهو: أن النبى صلى الله عليه وسلم بعثه إلى قريش، قال: فجئت إلى خشبة خبيب بن عدى، فرقيت فيها، فحللت خبيبا، فوقع إلى الأرض، فذهبت غير بعيد، ثم التفت، فلم أر خبيبا، فكأنما الأرض ابتلعته. ولم يذكر لخبيب رمة حتى الساعة. انتهى. 806 ـ أمية بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحى المكى الأكبر: روى عن أبيه وكلدة بن الحسل. ولهما صحبة. وعنه ابن أخيه عمرو بن أبى سفيان، وعبد العزيز بن رفيع. روى له البخارى، وأبو داود، والترمذى، والنسائى. 807 ـ أمية بن صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحى: روى عن جده عبد الله بن صفوان، وأبى بكر بن زهير الثقفى. وروى عنه ابن جريج، وابن علية، وابن عيينة. روى له: مسلم (1)، والنسائى (2)، وابن ماجة (3).

_ 805 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 75، الإصابة ترجمة 551، أسد الغابة ترجمة 230، تجريد أسماء الصحابة 1/ 28، الوافى بالوفيات 9/ 191). 806 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 1/ 371). 807 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 2/ 301). (1) روى له مسلم فى صحيحه كتاب الفتن وأشراط الساعة حديث رقم (2883). (2) روى له النسائى فى سننه الصغرى كتاب مناسك الحج حديث رقم (2880). (3) روى له ابن ماجة فى سننه كتاب الفتن حديث رقم (4063)، كتاب الزهد حديث رقم (4221).

808 ـ أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد ـ بفتح الهمزة ـ ابن أبى العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب، الأموى المكى

808 ـ أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد ـ بفتح الهمزة ـ ابن أبى العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب، الأموى المكى: روى عن عبد الله بن عمر بن الخطاب. وروى عنه: عبد الله بن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، والزهرى، وأبو إسحاق السبيعى وغيرهم. روى له: النسائى، وابن ماجة: حديثا واحدا. وذكره ابن حبان فى الثقات. قال العجلى: مدنى تابعى ثقة، وعدة ابن معين فى تابعى أهل مكة، وكذلك عده ابن سعد فى الطبقة الثالثة من أهل مكة، وقال: كان قليل الحديث. وقال الزبير بن بكار: استعمل عبد الملك بن مروان أمية بن عبد الله بن خالد على خراسان، ومدحه نهار بن توسعة فقال [من الطويل] (1): أمية يعطيك اللهى ما سألته ... وإن أنت لم تسأل أمية أضعفا (2) ويعطيك ما أعطاك جذلان ضاحكا ... إذا عبس الكز اليدين وقفقفا هنيئا مريئا جود كف ابن خالد ... إذا الممسك الرعديد أعطى تكلفا (3) وقال الشاعر [من البسيط] (4): أمسى أمية يعطى المال سائله ... عفوا إذا ضن بالمال المباخيل لا يتبع المن من أعطاه منفسة ... إذا اللئيم زهاه القال والقيل (6)

_ 808 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 478، تاريخ البخارى 2/ 7، الجرح والتعديل 1/ 301، تاريخ ابن عساكر 3/ 64، تاريخ الإسلام 3/ 242، تذهيب التهذيب 1/ 72، الإصابة 550، تهذيب التهذيب 1/ 371، خلاصة تهذيب التهذيب 40، تهذيب ابن عساكر 3/ 131، سير أعلام النبلاء 4/ 272). (1) الأبيات فى: (نسب قريش 6/ 190). (2) فى نسب قريش: أمية يعطيك اللهى إن سألته ... وإن أنت لم تسئل أمية أضعفا (3) فى نسب قريش: هنيئا مرئيا جود كف ابن خالد ... إذا مسها الرعديد أعطى تكلفا (4) الأبيات فى: (نسب قريش 6/ 190). (5) فى نسب قريش: لا ينبع المن من أعطاه منفسة ... إذا البليغ زهاه القال والقيل

809 ـ أمية بن أبى عبيدة بن همام التميمى الحنظلى، حليف بنى نوفل بن عبد مناف، أبو يعلى بن أمية، الذى يقال له: ابن منية

بحراك بحرا نمير فاز وارده ... إذا البحور منازيح صلاصيل (6) وتوفى ـ على ما قال خليفة ـ فى ولاية عبد الملك. وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: بلغنى أن أمية بن خالد، وخالد بن يزيد بن معاوية، وروح بن زنباع، ماتوا بالصنبرة فى عام واحد، وبلغنى من وجه آخر: أن روحا مات فى سنة أربع وثمانين. وقال المدائنى، فيما رواه الدولابى عن أحمد بن محمد بن الهيثم عن أبيه عنه: مات سنة تسع وثمانين. وذكر ابن حبان: أنه توفى سنة ست وثمانين فى طاعون الفتيات، قال: وسمى بذلك؛ لأنه بدأ بهن، ثم بالرجال. وذكره بعضهم فى الصحابة، وهو وهم؛ لأن ابن الأثير قال: أمية بن عبد الله القرشى، قال أبو موسى: هو أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد. أورده ابن مندة. انتهى. وإنما ذكرنا هذا لبيان قائله. 809 ـ أمية بن أبى عبيدة بن همام التميمى الحنظلى، حليف بنى نوفل بن عبد مناف، أبو يعلى بن أمية، الذى يقال له: ابن منية: له ولابنه يعلى صحبة. وصحبة ابنه أشهر. وقدم مع ابنه على النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، بايعنا على الهجرة، فقال: «لا هجرة بعد الفتح» (1). وكان قدومهما بعد الفتح.

_ (6) فى نسب قريش: بحراك بحرا نمير فاز وارده ... إذا البحور بتاريح صلاصيل 809 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 74، الإصابة ترجمة 257، أسد الغابة ترجمة 235، تجريد أسماء الصحابة 1/ 29، الوافى بالوفيات 9/ 391). (1) أخرجه البخارى فى صحيحه حديث رقم (2678) من طريق: على بن عبد الله، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا سفيان، قال: حدثنى منصور، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا». وأخرجه مسلم فى صحيحه حديث رقم (4784) من طريق: محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا أبى، حدثنا عبد الله بن حبيب بن أبى ثابت، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى حسين، عن عطاء، عن عائشة قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الهجرة؟ فقال: «لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا».

810 ـ أمية بن عمرو بن سعيد العاص الأموى المكى

810 ـ أمية بن عمرو بن سعيد العاص الأموى المكى: يروى عن الحجازيين. وروى عن أهل بلده. ذكره هكذا ابن حبان. وذكره المزى فى التهذيب، وقال: روى عن أبيه عمرو بن سعيد بن العاص. روى عنه ابنه إسماعيل بن أمية، وقال: روى له أبو داود فى المراسيل. وقال: كان بالشام عند قتل أبيه، وبعد ذلك، وكان عند عمر بن عبد العزيز، وسكن مكة. انتهى. 811 ـ أمية بن مخشى الخزاعى، أبو عبد الله: ذكره ابن عبد البر، وقال: له صحبه. وله عن النبى صلى الله عليه وسلم حديث واحد فى التسمية على الأكل. رواه عنه ابن أخيه المثنى بن عبد الرحمن بن مخشى. انتهى بالمعنى. روى له أبو داود والنسائى. وهو معدود فى أهل البصرة، على ما قال صاحب الكمال، وقال: أصله مدنى، وتبعه على ذلك المزى. 812 ـ أمية الشامى: قال سفيان بن عيينة: كان أمية رجلا من أهل الشام، يقوم فيصلى هناك مما يلى باب بنى سهم، فينتحب ويبكى، حتى يعلو صوته، وحتى تسيل دموعه على الحصى، فأرسل إليه الأمير: إنك تفسد على المصلين صلاتهم لكثرة بكائك وارتفاع صوتك فلو أمسكت قليلا فبكى، ثم قال: إن يوم القيامة ورثنى دموعا غزارا، فأنا أستريح إلى درئها أحيانا. وكان يدخل الطواف، فيأخذ فى البكاء والنحيب، وربما سقط مغشيا عليه، وكان يقول: ألا إن المطيع لله تعالى ملك فى الدنيا والآخرة. 813 ـ أهبان بن عياذ الخزاعى: هكذا ذكره ابن الأثير، وقال: قيل إنه مكلم الذئب، وهو من أصحاب الشجرة،

_ 810 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 1/ 372). 811 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 77، الإصابة ترجمة 260، أسد الغابة ترجمة 239، تجريد أسماء الصحابة 1/ 29، الثقات 3/ 15، تقريب التهذيب 1/ 84، تهذيب الكمال 1/ 121، الكاشف 1/ 139، الطبقات 108، 187، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال 1/ 104، الوافى بالوفيات 9/ 392، الجرح والتعديل ترجمة 1113، تهذيب التهذيب 1/ 273).

من اسمه أوس

ونقل كونه مكلم الذئب، عن يزيد بن معاوية البكائى، ثم قال: والصحيح أن مكلم الذئب هو أهبان بن الأوس الأسلمى (1). ونقل عن يزيد بن معاوية، أن أهبان كان يضحى عن أهله بالشاة الواحدة. وقال ابن الأثير: عياذ، بالعين المهملة وبالياء تحتها نقطتان، وآخره ذال معجمة. وذكره الذهبى فى التجريد، وقال: مكلم الذئب، تقدم الخلف فيه يعنى فى ترجمة أهبان بن الأوس الأسلمى الكوفى، وهو الذى من أصحاب الشجرة، على ما صرح به صاحب الكمال والمزى. * * * من اسمه أوس 814 ـ أوس بن أوس الثقفى، ويقال ابن أبى أوس، وهو والد عمرو بن أبى أوس: ذكره هكذا ابن عبد البر، وقال: له عن النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث، منها فى الصيام، ومنها من غسل واغتسل، وبكر وابتكر (1)، يعنى: يوم الجمعة. انتهى.

_ 813 ـ (1) قال ابن عبد البر: أهبان بن الأوس الأسلمى يكنى أبا عقبة، كان من أصحاب الشجرة فى الحديبية ابتنى دارا بالكوفة، أسلم ومات بها فى صدر أيام معاوية بن أبى سفيان، والمغيرة بن شعبة يومئذ أمير لمعاوية عليها، يقال: إنه مكلم الذئب، روى عنه مجزأة بن زاهر الأسلمى، وقيل: إن مكلم الذئب أهبان بن عياذ. انظر: (الاستيعاب ترجمة 99). 814 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 112، الإصابة ترجمة 315، أسد الغابة ترجمة 287، تجريد أسماء الصحابة 1/ 34، تهذيب الكمال 1/ 126، تقريب التهذيب 1/ 85، الجرح والتعديل ترجمة 1126، تهذيب التهذيب 1/ 318، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال 1/ 106، الوافى بالوفيات 9/ 442، المغنى 1/ 94، التحفة اللطيفة 1/ 346، حلية الأولياء 1/ 347، الكاشف 1/ 147، الجامع فى الرجال 286، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 129). (1) أخرجه الترمذى فى سننه كتاب الجمعة حديث رقم (496) من طريق: محمود بن غيلان، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان وأبو جناب يحيى بن أبى حية، عن عبد الله بن عيسى، عن يحيى بن الحارث، عن أبى الأشعث الصنعانى، عن أوس بن أوس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اغتسل يوم الجمعة وغسل وبكر وابتكر ودنا واستمع وأنصت كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة صيامها وقيامها». قال محمود: قال وكيع: اغتسل هو وغسل ـ

815 ـ أوس بن حذيفة الثقفى

وقال: روى عنه أبو الأشعث الصنعانى، وابنه عمرو بن أوس، وعطاء والد يعلى بن عطاء. قال عباس: سمعت يحيى بن معين يقول: أوس بن أوس، وأوس بن أبى أوس واحد. وأخطأ فيه ابن معين، والله أعلم؛ لأن أوس بن أبى أوس هو أوس بن حذيفة. انتهى. 815 ـ أوس بن حذيفة الثقفى: هكذا ذكره ابن عبد البر، وقال: يقال فيه أوس بن أوس، وقال: قال خليفة بن خياط: أوس بن أبى أوس، اسم أبى أوس: حذيفة. قال ابن عبد البر: هو جد عثمان بن عبد الله بن أوس، ولأوس بن حذيفة أحاديث، منها فى المسح على القدمين، فى إسناده ضعف. وحديثه أنه كان فى الوفد الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، من بنى مالك، فأنزلهم فى قبة بين المسجد وبين أهله، فكان يختلف إليهم فيحدثهم بعد العشاء الآخرة. قال ابن معين: إسناده هذا الحديث صالح، وحدثه عن النبى صلى الله عليه وسلم فى تخزيب القرآن، حديث ليس بالقائم. انتهى. وذكره ابن الأثير. فقال: أوس بن حذيفة بن سبيعة بن أبى سلمة بن غيره بن عوف الثقفى، وذكر له حديث: إنزال النبى صلى الله عليه وسلم لوفد بنى مالك، وحديث تخريب القرآن، بأبسط مما ذكر ابن عبد البر، وقال: قال أبو نعيم: مات سنة تسع وخمسين.

_ ـ امرأته. قال: ويروى عن عبد الله بن المبارك أنه قال فى هذا الحديث من غسل واغتسل يعنى غسل رأسه واغتسل. قال وفى الباب عن أبى بكر وعمران بن حصين وسلمان وأبى ذر وأبى سعيد وابن عمر وأبى أيوب. قال أبو عيسى: حديث أوس بن أوس حديث حسن، وأبو الأشعث الصنعانى اسمه شراحيل ابن آدة وأبو جناب يحيى بن حبيب القصاب الكوفى. 815 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 113، الإصابة ترجمة 327، أسد الغابة ترجمة 298، تجريد أسماء الصحابة 1/ 35، الثقات 1/ 10، الوافى بالوفيات 9/ 445، التحفة اللطيفة 1/ 347، مشاهير علماء الأمصار 58، بقى بن مخلد 457، جامع الرواة 1/ 110، الطبقات الكبرى 5/ 510، الجامع فى الرجال 286، الجرح والتعديل 2/ 303، أعيان الشيعة 3/ 510).

816 ـ أوس بن عوف الثقفى، حليف لهم من بنى سالم

816 ـ أوس بن عوف الثقفى، حليف لهم من بنى سالم: أحد الوفد الذين قدموا بإسلام ثقيف، على النبى صلى الله عليه وسلم، مع عبد ياليل بن عمرو، فأسلموا وأسلمت ثقيف حينئذ كلها. ذكره هكذا ابن عبد البر فى الاستيعاب. وقال ابن الأثير: أوس بن عوف، سكن الطائف، وقدم مع الوفد على رسول اللهصلى الله عليه وسلم. توفى فى سنة تسع وخمسين. قاله محمد بن سعد، كاتب الواقدى. نقله ابن مندة، وأبو نعيم. قال أبو نعيم: وهو أوس بن حذيفة، فنسبه إلى جده. وقد تقدم الكلام عليه فى أوس بن حذيفة. ثم ذكر ابن الأثير كلام أبو عمر السابق فى هذه الترجمة. فاستفدنا مما ذكره ابن الأثير، تاريخ وفاة أوس بن عوف، وأنه أوس بن حذيفة. 817 ـ أوس بن معير الجمحى، هو أبو محذورة: مؤذن النبى صلى الله عليه وسلم بمكة، على ما قيل فى اسمه، وسيأتى فى الكنى. 818 ـ إياز بن عبد الله البانياسى، الأمير الأسفهسلار، فخر الدين: صاحب الرباط، المعروف برباط البانياسى، قرب الصفا على يسار الذاهب إلى

_ 816 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 115، الإصابة ترجمة 348، أسد الغابة ترجمة 314، مسند أحمد 4/ 343، التاريخ لابن معين 2/ 45، الطبقات الكبرى 5/ 501، سيرة ابن هشام 4/ 180، المغازى 961، طبقات خليفة 54، التاريخ الكبير 15، الجرح والتعديل 2/ 303، مقدمة مسند بقى بن مخلد 199، تاريخ الطبرى 3/ 97، مشاهير علماء الأمصار 85، المعجم الكبير 1/ 220، تحفة الأشراف 2/ 4، تهذيب الكمال 3/ 388، تجريد أسماء الصحابة 1/ 35، الوافى بالوفيات 9/ 445، خلاصة تذهيب التهذيب 41، تهذيب التهذيب 1/ 381، تقريب التهذيب 1/ 85). 817 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3194، الإصابة ترجمة 10508، أسد الغابة ترجمة 6229، طبقات ابن سعد 5/ 450، طبقات خليفة 24، مقدمة مسند بقى بن مخلد 97، المعرفة والتاريخ 2/ 23، المحبر 161، المغازى للواقدى 151، التاريخ لابن معين 2/ 724، المعارف 301، التاريخ الصغير 57، 64، تاريخ أبى زرعة 1/ 476، المعجم الكبير 7/ 203، التاريخ الكبير 4/ 177، الجرح والتعديل 4/ 155، المعين فى طبقات المحدثين 28، الكاشف 3/ 331، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 266، 56، الكامل فى التاريخ 3/ 526، الوافى بالوفيات 9/ 415، سيرة ابن هشام 2/ 253، أنساب الأشراف 1/ 300، مشاهير علماء الأمصار 31، جمهرة أنساب العرب 162، تحفة الأشراف 9/ 285، تهذيب الكمال 3/ 1644، الكنى والأسماء 1/ 52، النكت الظراف 9/ 285، تهذيب التهذيب 12/ 222، تقريب التهذيب 2/ 469، خلاصة تذهيب التهذيب 459، المنتخب من ذيل المذيل 564، تاريخ الإسلام 1/ 343).

من اسمه إياس

الصفا من المسجد الحرام. وقفه على الفقراء، المعروفين بالدين والخير والصلاح، فى شهر ربيع الأول سنة خمس وعشرين وستمائة. ومن حجر فى الرباط المذكور، كتبت ما ذكرته، وترجم فيه بتراجم أخر غير ذلك. وأظنه من أمراء الملك الكامل محمد بن الملك العادل أبى بكر بن أيوب، صاحب مصر؛ فى الحجر مكتوب: أنه وقف فى دولة الكامل. * * * من اسمه إياس 819 ـ إياس بن البكير، ويقال ابن أبى البكير بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة ابن سعد بن ليث الليثى الكنانى، حليف بنى عدى: أسلم فى دار الأرقم، وشهد بدرا وأحدا والخندق، والمشاهد كلها، مع النبى صلى الله عليه وسلم، وهو والد محمد بن إياس بن البكير، الذى رثا زيد بن عمر بن الخطاب، لما قتل فى حرب بين بنى عدى، جناها عبد الله بن مطيع، وبنوا أبى جهم. ذكره ابن عبد البر بمعنى هذا. وذكره ابن الأثير بمعنى هذا غير قليل، وزاد: وكان من السابقين إلى الإسلام. وزاد: وكان من المهاجرين الأولين. وزاد: وتوفى إياس سنة أربع وثلاثين. انتهى. 820 ـ إياس بن خليفة البكرى: عن رافع بن خديج. وعنه عطاء. 821 ـ إياس بن عبد الله بن أبى ذباب الدوسى: سكن مكة. مختلف فى صحبته.

_ 819 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 122، الإصابة ترجمة 373، أسد الغابة ترجمة 334، طبقات ابن سعد 3/ 1 / 283، طبقات خليفة 23). 820 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 2/ 278). 821 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 129، الإصابة 382، أسد الغابة ترجمة 341، تجريد أسماء الصحابة 1/ 40، الثقات 3/ 12، تهذيب الكمال 1/ 127، تهذيب التهذيب 1/ 389، تقريب التهذيب 1/ 87، الوافى بالوفيات 9/ 463، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال 1/ 108، التاريخ الكبير 1/ 440، الجرح والتعديل 2/ 1008، الكاشف 1/ 144).

822 ـ إياس بن عبد المزنى، أبو عوف

وله حديث واحد. وهو حديث: «لا تضربوا إماء الله» (1). وروى عنه عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب. وفى بعض الروايات: عبيد الله بن عبد الله بن عمر، وذكره ابن عبد البر وقال: مدنى، له صحبة. وذكر له الحديث المذكور. وذكره ابن الأثير، فقال: إياس بن أبى ذباب الدوسى. وقيل: المزنى، والأول أكثر. سكن مكة. قال أبو عمر: هو مدنى له صحبة. وقال ابن مندة، وأبو نعيم: اختلف فى صحبته، وذكر له الحديث السابق من جامع الترمذى. 822 ـ إياس بن عبد المزنى، أبو عوف: صحابى، له عن النبى صلى الله عليه وسلم حديث واحد، فى النهى عن بيع الماء (1).

_ (1) أخرجه الدارمى فى سننه حديث رقم (2218)، من طريق: أخبرنا محمد بن أحمد بن أبى خلف، ثنا سفيان، عن الزهرى، عن عبيد الله بن عبد الله، عن إياس بن عبد الله بن أبى ذباب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تضربوا إماء الله» فجاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: قد ذئرن على أزواجهن، فرخص لهم فى ضربهن، فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون أزواجهن فقال: فقال النبى صلى الله عليه وسلم: «لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم». وأخرجه أبى داود فى السنن حديث رقم (2113)، وأخرجه النسائى فى السنن الكبرى برقم (9100). 822 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 127، الإصابة ترجمة 383، أسد الغابة ترجمة 342، تجريد أسماء الصحابة 1/ 40، الثقات 1/ 13، تهذيب الكمال 1/ 127، تقريب التهذيب 1/ 87، الكاشف 1/ 144، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال 1/ 108، الوافى بالوفيات 9/ 462، تهذيب التهذيب 1/ 389). (1) أخرجه أحمد فى المسند حديث برقم (16841) من طريق: عبد الله حدثنى أبى حدثنا سفيان عن عمرو قال: أخبرنى أبو المنهال سمع إياس بن عبد المزنى وكان من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال: «لا تبيعوا الماء فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الماء». لا يدرى عمرو أى ماء هو. وأخرجه ابن ماجة فى سننه باب النهى عن بيع الماء حديث رقم (2541) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة، حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، عن أبى المنهال: سمعت إياس بن عبد المزنى، ورأى ناسا يبيعون الماء، فقال: «لا تبيعوا الماء. فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يباع الماء».

823 ـ إياس بن عبد الفهرى، أبو عبد الرحمن

روى عنه عبد الرحمن بن مطعم. ووقع فى رواية الترمذى: إياس بن عبد الله. وفى المهذب: إياس بن عمرو. وكلاهما خطأ، على ما قال النووى. وذكره ابن عبد البر، وقال: له صحبة يعد فى الحجازيين. وقال ابن الأثير: إياس بن عبد أبو عوف المزنى، وقيل أبو الفرات، كوفى، تفرد بالرواية عنه أبو المنهال عبد الرحمن بن مطعم. انتهى. وذكره ابن سعد، ومسلم صاحب الصحيح: فى الصحابة المكيين. 823 ـ إياس بن عبد الفهرى، أبو عبد الرحمن: شهد حنينا. روى: شاهت الوجوه (1)، الحديث بطوله. ذكره هكذا ابن عبد البر. 824 ـ أيمن بن عبيد الحبشى: ذكره هكذا أبو عمر، وذكر أنه أيمن بن أم أيمن، مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وهو

_ 823 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 128، الإصابة ترجمة 380، الثقات 3/ 13، تجريد أسماء الصحابة 1/ 40). (1) أخرجه أحمد فى المسند حديث رقم (21961) من طريق: بهز، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنى يعلى بن عطاء، عن أبى همام قال أبو الأسود: هو عبد الله بن يسار، عن أبى عبد الرحمن الفهرى قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة حنين فسرنا فى يوم قائظ شديد الحر فنزلنا تحت ظلال الشجر فلما زالت الشمس لبست لأمتى وركبت فرسى فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فى فسطاطه فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله، حان الرواح. فقال: «أجل» فقال: «يا بلال» فثار من تحت سمرة كأن ظله ظل طائر فقال: لبيك وسعديك وأنا فداؤك. فقال: «أسرج لى فرسى» فأخرج سرجا دفتاه من ليف ليس فيهما أشر ولا بطر، قال: فأسرج قال: فركب وركبنا فصاففناهم عشيتنا وليلتنا فتشامت الخيلان فولى المسلمون مدبرين كما قال الله عزوجل فقال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله»؛ ثم قال: «يا معشر المهاجرين أنا عبد الله ورسوله». قال: ثم اقتحم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرسه فأخذ كفا من تراب فأخبرنى الذى كان أدنى إليه منى ضرب به وجوههم وقال: «شاهت الوجوه فهزمهم الله عزوجل». قال يعلى بن عطاء فحدثنى أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا: لم يبق منا أحد إلا امتلأت عيناه وفمه ترابا وسمعنا صلصلة بين السماء والأرض كإمرار الحديد على الطست الحديد. حدثنا عفان، حدثنا حماد ابن سلمة أخبرنا يعلى بن عطاء، عن عبد الله بن يسار أبى همام، عن أبى عبد الرحمن الفهرى قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة حنين فسرنا فى يوم قائظ فذكر مثله. 824 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 131، الإصابة ترجمة 394، أسد الغابة ترجمة 353، تجريد أسماء الصحابة 1/ 41، معرفة الصحابة 2/ 372).

أخو أسامة بن زيد لأمه. كان أيمن هذا، ممن بقى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، ولم ينهزم. وذكره بن إسحاق ممن استشهد يوم حنين، وأنه الذى عنى العباس بن عبد المطلب فى شعره حيث قال [من الطويل]: وثامننا لاقى الحمام بنفسه ... بما مسه فى الله لا يتوجع وقال: قال ابن إسحاق: الثامن أيمن بن عبيد. وقال النووى فى التهذيب: أيمن بن عبيد بن عمرو بن بلال ابن أبى الحرباء بن قيس ابن مالك بن سالم بن غنم بن عوف بن الخزرج، قال: وهو أيمن بن أم أيمن، حاضنة النبىصلى الله عليه وسلم، وأخو أسامة بن زيد لأمه، صحابى جليل مشهور، واستشهد يوم حنين. وقال ابن إسحاق: كان أيمن على مطهرة النبى صلى الله عليه وسلم؛ وله ابن يقال له الحجاج بن أم أيمن. وقد روى عطاء ومجاهد حديثا عن أيمن: «لا قطع إلا فى ثمن المجن» (1) وهو مرسل، لم يدركاه. انتهى. وإنما أوردنا كلام النووى لمخالفته لأبى عمر، فيما ذكره فى نسب أيمن بن أم أيمن، وقد سبق ابن الأثير النووى إلى ما ذكره فى نسبه وغير ذلك من حاله. وزاد فيما ذكره عن ابن إسحاق، فى أنه كان على مطهرة النبى صلى الله عليه وسلم ويعاطيه حاجته. وذكر أن السبعة الذى كان أيمن ثامنهم: العباس، وابنه الفضل، وعلى بن أبى طالب، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وأسامة، وأبو بكر، وعمر رضى الله عنهم. وقد نسبه هكذا، صاحب الكمال، إلا أنه لم يرفع نسبه كما رفع النووى. ولم يزد فيه على قيس، لكنه لم يجزم بما جزم به النووى، من أنه أيمن بن أم أيمن. وإنما قال: قيل فيه: إنه ابن أم أيمن، ولم يثبت، ثم قال: والصحيح أنه أيمن المكى ـ يعنى والد عبد الواحد الآتى ذكره ـ وعلل ذلك بأن أيمن بن أم أيمن، قتل فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وأنه أخو أسامة بن زيد لأمه، وجعل حديث القطع لأيمن المكى. وقد جعله أيمن بن أم أيمن: أبو القاسم بن عساكر فى الأطراف، كما صنع النووى؛ لأنه قال: أيمن بن عبيد، وهو أيمن بن أم أيمن، عن النبى صلى الله عليه وسلم. وذكر له حديث القطع.

_ (1) أخرجه النسائى فى الكبرى حديث رقم (7455) من طريق: أخبرنا على بن حجر، قال: أنبأنا شريك، عن منصور، عن عطاء ومجاهد، عن أيمن بن أم أيمن رفعه قال: لا قطع إلا فى المجن وثمنه يومئذ دينار. وقفه جرير. وأخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده برقم (1457) باختلاف اللفظ، من طريق: عبد الله حدثنى أبى، ثنا عبد الرحمن بن مهدى، عن وهيب، عن أبى واقد الليثى، عن عامر بن سعد، عن أبيه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «تقطع اليد فى ثمن المجنّ».

825 ـ أيمن الحبشى المكى المخزومى، مولى عبد الله بن أبى عمرو بن عمر بن عبد الله المخزومى، وقيل: مولى ابن أبى عمرة

وجعل المزى حديث القطع لأيمن مولى الزبير، وقيل مولى ابن عمر. وقال: روى عنه عطاء ومجاهد. روى له ـ يعنى النسائى ـ وقال: ما أحسب أن له صحبة. وذكر كلام ابن عساكر قال: وقال غيره: إنما هو أيمن الحبشى والد عبد الواحد. وأما ابن أم أيمن أخو أسامة، فإنه قتل يوم حنين. والله أعلم. 825 ـ أيمن الحبشى المكى المخزومى، مولى عبد الله بن أبى عمرو بن عمر بن عبد الله المخزومى، وقيل: مولى ابن أبى عمرة: روى عن جابر بن عبد الله، وسعد بن أبى وقاص، وعائشة. روى عنه: ابنه عبد الواحد. قال أبو زرعة: مكىّ ثقة. وذكره ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات، إلا أنه وقع له وهمان فى ترجمته، أحدهما: أنه قال: إنه أيمن بن عبيد الحبشى، الذى يقال له أيمن بن أم أيمن، أخو أسامة ابن زيد، وهو غيره على ما يقتضيه كلام أبى عمر وغيره. والآخر: أنه ذكر أن مجاهدا وعطاء، رويا عنه، وهو لم يرو عنه إلا ابنه عبد الواحد، وكلام المزى والذهبى، يقتضى ذلك؛ لأنهما لم يذكرا فى الرواية عنه، غير ابنه عبد الواحد. روى له البخارى والنسائى فى الخصائص. وقال فى تعريفه: المكى. 826 ـ أيمن بن نابل ـ بباء موحدة بعد الألف ـ الحبشى المكى، أبو عمران، ويقال: أبو عمر: نزيل عسقلان. سمع من قدامة بن عبد الله بن عمار الكلابى وغيره. وروى عنه: موسى بن عقبة والسفيانان، وأبو نعيم وأبو عاصم. وروى له البخارى متابعة، والترمذى والنسائى وابن ماجة، وثقه غير واحد، منهم: الثورى، ويحيى بن معين. وقال يعقوب بن شيبة: فيه ضعف. وذكره خليفة فى الطبقة الرابعة من أهل مكة، وقال: إنه مولى لأبى بكر الصديق. وقال الفضل بن موسى: إنه حبشى طوال ذو مشافر مكفوف. انتهى.

_ 825 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 2/ 318). 826 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات خليفة 283، تاريخ البخارى 2/ 87، الجرح والتعديل 2/ 319، كتاب المجروحين 1/ 183، تهذيب الكمال 135، تذهيب التهذيب 1/ 76، ميزان الاعتدال 1/ 283 ـ 184، تهذيب التهذيب 1/ 393، خلاصة تذهيب الكمال 42، سير أعلام النبلاء 6/ 309).

من اسمه أيوب

وقال عباس الدورى: كان من سودان مكة، فصيحا عابدا فاضلا يحدث عنه بزهد وفضل، وسمعت ذلك من أصحابنا. وذكر الذهبى: أن آخر من حدث عنه: بكار بن عبد الله السبيعى، وقال: مات سنة بضع وخمسين ومائة، وذكر ابن جرير: حدث عنه بكار بن عبد الله السيرينى. * * * من اسمه أيوب 827 ـ أيوب بن إبراهيم الجبرتى: شيخ رباط ربيع بمكة. كان ذا حظ من العبادة والخير، وللناس فيه اعتقاد. وقدم من مكة إلى القاهرة غير مرة طلبا للرزق، فنال شيئا من الدنيا. وقررت له صرر بأوقاف الحرمين. وولى مشيخة الفقراء برباط ربيع غير مرة مدة سنين، ومات وهو على ذلك، فى يوم الأربعاء السابع والعشرين من رمضان سنة سبع وثمانمائة بمكة، ودفن فى عصر يومه بالمعلاة. وقد جاوز الستين ـ ظنا ـ وخلف بنتين. وجاور بمكة نحوا من أربعين سنة. 828 ـ أيوب بن ثابت المكى: يروى عن عطاء، وخالد بن كيسان، وابن أبى مليكة. وروى عنه: أبو سعيد، مولى بنى هاشم، وأبو عامر العقدى، وأبو داود الطيالسى. قال أبو حاتم: لا يحمد حديثه. وذكره ابن حبان فى الثقات، وروى له البخارى فى الأدب المفرد. 829 ـ أيوب بن محمد بن أبى بكر محمد بن أيوب بن شاذى بن مروان، السلطان الملك الصالح نجم الدين، بن السلطان الملك الكامل ناصر الدين أبى المعالى، ابن السلطان الملك العادل سيف الدين أبى بكر: صاحب الديار المصرية والشامية ومكة. كان ملك سنجار (1) وعانة (2)، ثم إنه صالح

_ 828 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 2/ 242). 829 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 178، النجوم الزاهرة 7/ 226، عقد الجمان حوادث سنة 666 هـ‍، الوافى 1/ 53، المنهل الصافى 2/ 227، ابن واصل فى حوادث سنة 607 من مفرج الكروب، الذهبى 607، العبر 5/ 31، سير أعلام النبلاء 22/ 131). (1) سنجار: هى برية الثرثار، ومدينتها الحضر، وهى كلها من الجزيرة. انظر: معجم البلدان (سنجار)، الروض المعطار 326، آثار البلاد 393). (2) عانة: بلد مشهور بين الرقة وهيت يعد فى أعمال الجزيرة. انظر معجم البلدان (عانة).

الملك الجواد [ .... ] (3) على أن أعطاه دمشق، وعوضه عنها سنجار وعانة، ثم توجه الملك الصالح قاصدا للديار المصرية، ليأخذها من أخيه الملك العادل أبى بكر بن الملك الكامل. فلما وصل إلى نابلس (4) أقام بها مدة، ثم تفرق عنه عسكره إلى دمشق، لينظروا فى حالهم، لما بلغهم، أن عمه الصالح إسماعيل صاحب بعلبك (5)، استولى على دمشق غيلة، بموافقة الملك المجاهد أسد الدين شير كوه صاحب حمص. ولما انفرد الملك الصالح أيوب بنابلس، لم يشعر إلا بابن عمه الملك الناصر داود بن عبد الملك المعظم صاحب الكرك، قد فجأه وقبض عليه. وكان الملك الصالح فى نفر يسير من غلمانه وأتباعه. واعتقل الملك الناصر الملك الصالح بالكرك، ثم أفرج عنه، لما بلغه أن أمراء الديار المصرية، طلبوا الملك الصالح نجم الدين ليولوه الديار المصرية، بعد قبضهم على أخيه الملك العادل، والملك الكامل. وكان قبضهم على العادل، فى يوم الجمعة ثامن ذى القعدة سنة سبع وثلاثين ستمائة. وكان إفراج الملك الناصر عن الملك الصالح، فى شهر رمضان من السنة المذكورة، واجتمع هو والملك الناصر، وساروا إلى الديار المصرية، ودخلا القاهرة فى الساعة الثانية من يوم الأحد، رابع عشرى ذى القعدة سنة سبع وثلاثين وستمائة. وأدخل الملك العادل فى محفة، وحوله جماعة كثيرة من الأجناد يحفظونه، من خارج البلد إلى القلعة، واعتقله بها عنده فى داخل الدور السلطانية، وبسط العدل فى الرعية، وأحسن إلى الناس، وأخرج الصدقات، ورمم ما تهدم من المساجد. وسيرته طويلة. ثم إنه أخذ دمشق من عمه الملك الصالح إسماعيل، فى سنة ثلاث وأربعين وستمائة. ومضى بعد ذلك إلى الشام، ثم رجع وهو مريض، وقصد الفرنج دمياط (6)، وهو مقيم

_ (3) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (4) نابلس: مدينة مشهورة بأرض فلسطين بين جبلين مستطيلة لا عرض لها، بينها وبين بيت المقدس عشرة فراسخ. انظر: (معجم البلدان، نابلس). (5) بعلبك: مدينة قديمة بينها وبين دمشق ثلاثة أيام، وقيل: اثنا عشر فرسخا من جهة الساحل. انظر معجم البلدان (بعلبك). (6) دمياط: مدينة فى البلاد المصرية على ساحل البحر قريبة من تنيس إليها ينتهى ماء النيل. انظر: الروض المعطار 257، 258، الإدريسى 157.

بأشموم (7) ينتظر وصولهم. وكان وصولهم إليها يوم الجمعة العشرين من صفر، سنة سبع وأربعين وستمائة، وملكوا بر الجزيرة يوم السبت، وملكوا دمياط يوم الأحد؛ لأن جميع أهلها، والعسكر تركوها وهربوا منها. وانتقل الملك الصالح من أشموم إلى ناحية المنصورة، ونزل بها وهو فى غاية من المرض. وأقام بها على تلك الحال، إلى أن توفى هناك، ليلة نصف شعبان من السنة المذكورة، وحمل إلى القلعة الجديدة التى فى الجزيرة، وترك فى مسجد هناك، وأخفى موته مقدار ثلاثة أشهر، والخطبة باسمه، إلى أن وصل ولده الملك المعظم توران شاه، من حصن كيفا (8) فى البرية إلى المنصورة. فعند ذلك أظهروا موته. وخطب لولده المذكور، ثم بعد ذلك بنى له بالقاهرة إلى جنب مدرسته تربة، ونقل إليها فى شهر رجب سنة ثمان وأربعين وستمائة. وكانت ولادته رابع عشرى جمادى الآخرة سنة ثلاث وستمائة، وأمه جارية مولدة سمراء، اسمها ورد المنى، رحمه الله. انتهى من تاريخ ابن خلكان بالمعنى، ولم يذكر ملكه لمكة. لكنى وجدت فى بعض التواريخ، أن عسكر الملك المنصور، صاحب اليمن لم يزل بمكة، حتى خرجوا منها فى سنة سبع وثلاثين وستمائة، لما وصل الأمير شيحة، صاحب المدينة، إلى مكة فى ألف فارس من جهة صاحب مصر، ثم إن السلطان نور الدين جهز ابن النصيرى والشريف راجح إلى مكة فى عسكر جرار. فلما سمع بهم شيحة وأصحابه، خرجوا من مكة هاربين، فتوجه شيحة إلى مصر، قاصدا صاحبها الملك الصالح نجم الدين أيوب، فجهز معه عسكرا، فوصلوا إلى مكة فى سنة ثمان وثلاثين وستمائة، وحجوا بالناس. فلما كانت سنة تسع وثلاثين، جهز السلطان نور الدين جيشا كثيفا إلى مكة. فلما علم بهم العسكر الذى بمكة، كتبوا إلى ملكهم صاحب مصر يطلبون منه النجدة، فأرسل إليهم مبارز الدين على بن الحسين بن برطاس، وابن التركمانى، فى مائة

_ (7) أشموم: اسم لبلدتين بمصر يقال لإحداهما أشموم طناح وهى قرب دمياط وهى مدينة الدقهلية، والأخرى أشموم الجريسان بالمنوفية. انظر معجم البلدان (أشموم) (8) حصن كيفا: ويقال كيبا، أظنها أرمنية، وهى بلدة مشرفة على دجلة بين آمد وجزيرة ابن عمر من ديار بكر. انظر: معجم البلدان (كيفا).

830 ـ أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموى، أبو موسى المكى

وخمسين فارسا. فلما علم بذلك عسكر صاحب اليمن، عرفوه بالخبر، وأقاموا بالسرين (8) فتجهز السلطان بنفسه إلى مكة فى عسكر جرار. فلما علم المصريون بقدومه خرجوا هاربين وأحرقوا ما فى دار السلطنة بمكة. فدخلها السلطان نور الدين، وصام بها شهر رمضان. 830 ـ أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموى، أبو موسى المكى: الفقيه المفتى. روى عن عطاء بن أبى رباح، ونافع مولى ابن عمر والزهرى. وروى عنه: ابن جريج، والأوزاعى، والسفيانان، ومالك. وروى له الجماعة، ووثقه أحمد ويحيى بن معين، وأبو زرعة، والنسائى ومحمد بن سعد، وذكر أنه كان واليا على الطائف لبنى أمية. وقال أحمد بن عبد الله العجلى: مكىّ ثقة. وقال على بن المدينى، عن سفيان بن عيينة: لم يكن عندنا قرشيان، مثل أيوب بن موسى، وإسماعيل بن أمية، وكان أيوب أفقههما فى الفتيا. وقال خليفة: توفى سنة اثنتين وثلاثين ومائة، قتله داود بن على. وذكر وفاته فى هذه السنة: المفضل بن غسان الغلابى. وقال يحيى: أصيب مع داود بن على سنة ثلاث وثلاثين. قال أحمد بن حنبل: بلغنى أنه مات قبل المسودة، أو قال: قتلته المسودة. انتهى. المسودة هم بنو العباس. وقال الدار قطنى: أيوب، وهو ابن عم إسماعيل بن أمية، جميعا من أهل مكة.

_ (8) سرّين: بليد قريب من مكة على ساحل البحر، بينها وبين مكة أربعة أيام أو خمسة قرب جدّة. انظر: معجم البلدان (سرين). 830 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات خليفة 282، التاريخ الكبير 1/ 422، الجرح والتعديل 2/ 257 ـ 258، تهذيب الكمال 137، ميزان الاعتدال 1/ 294، تهذيب التهذيب 1/ 412 ـ 413، خلاصة تذهيب الكمال 44، شذرات الذهب 1/ 191، سير أعلام النبلاء 6/ 135).

831 ـ أيوب بن موسى

831 ـ أيوب بن موسى: مات فى خلافة أبى جعفر. انتهى. فعلى هذا كان حيا، فى آخر سنة ست وثلاثين؛ لأن فى آخرها ولى أبو جعفر الخلافة، ولم يباشرها إلا فى سنة سبع وثلاثين؛ لأنه كان غائبا فى الحج، حين مات أخوه أبو العباس السفاح. * * *

_ 831 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 2/ 257).

حرف الباء الموحدة

حرف الباء الموحدة 832 ـ بادام ويقال: باذان الهاشمى، مولاهم أبوه إسحاق، وأبو صالح، المكى الكوفى: روى عن مولاته أم هانئ بنت أبى طالب، وأخيها على بن أبى طالب، وابن عباس، وأبى هريرة رضى الله عنهم. وروى عنه: إسماعيل بن أبى خالد، والسدى والثورى. وروى له أصحاب السنن الأربعة. قال ابن معين: ليس به بأس، وإذا روى عنه الكلبى فليس بشئ. وقال النسائى: ليس بثقة. وضعفه البخارى. قال عبد الحق: فى أحكامه ضعيف جدا، وأنكر عليه هذه العبارة أبو الحسن بن القطان، على ما ذكر الذهبى. وكان باذان يفسر. قال: زكريا بن أبى زائدة: كان الشعبى يمر بأبى صالح، فيأخذ بأذنه، فيهزها، ويقول: ويلك تفسر القرآن، وأنت لا تحفظ القرآن. قال يحيى بن القطان: لم أر أحدا من أصحابنا ترك أبا صالح مولى أم هانئ. ووهم صاحب الكمال، حيث جعل باذام وباذان ترجمتين لرجلين، لأنهما اسم لرجل واحد، وهو المذكور. 833 ـ بجاد ـ ويقال بجار ـ بن السائب بن عويمر بن عابد بن عمران بن مخزوم المخزومى: ذكره ابن عبد البر، وقال: قتل يوم اليمامة شهيدا، فى صحبته نظر. انتهى وذكره ابن الأثير بمعنى هذا. 834 ـ بجير بن عمران الخزاعى، وقيل بحير، بالحاء المهملة: ذكره الذهبى فى التجريد، وقال: ذكره أبو على الغسانى، قال: وله شعر فى فتح مكة.

_ 833 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 220، الإصابة ترجمة 585، أسد الغابة ترجمة 360). 834 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 1/ 198).

835 ـ بحير بن أبى ربيعة ـ عمرو ـ بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى

وذكره ابن الأثير، فى باب الباء والجيم، وقال: أخرجه أبو على الغسانى وابن مفوز. وأنشد شعره فى الفتح؛ لأنه قال: وهو القائل فى الفتح [من الطويل]: وقد أنشأ الله السحاب بنصرنا ... ركام سحاب الهيدم المتراكب وهجرتنا فى أرضنا عند بابها ... كتاب لنا من خير ممل وكاتب ومن أجلنا حلت بمكة حرمة ... لندرك ثارا بالسيوف القواضب 835 ـ بحير بن أبى ربيعة ـ عمرو ـ بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى: وهو عبد الله بن أبى ربيعة، والد عمر بن أبى ربيعة الشاعر المشهور، يأتى فى محله. وبحير ـ بباء موحدة وحاء مهملة ـ هكذا ضبطه ابن الأثير، وقال: أخرجه هاهنا ابن مندة. وقد أخرجه الثلاثة، فى عبد الله بن أبى ربيعة. وقال: كان اسمه بحير، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم: عبد الله. 836 ـ بديل بن أم أصرم، وهو بديل بن سلمة بن خلف بن عمرو بن الأخب ابن مقياس بن حبتر بن عدى بن سلول السلولى الخزاعى: هكذا ذكره ابن عبد البر، وذكر أنه أحد المنسوبين إلى أمهاتهم، وقال: بعثه النبىصلى الله عليه وسلم إلى بنى كعب يستنفرهم لغزو مكة، هو وبشر بن سفيان الخزاعى. 837 ـ بديل بن كلثوم بن سالم الخزاعى. وقيل: عمرو بن كلثوم: قدم على النبى صلى الله عليه وسلم فى عقد خزاعة، لما غدرت بهم قريش. وأنشد [من الراجز] (1): لا همّ إنى ناشد محمدا (2)

_ 835 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 1/ 200). 836 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 170، الإصابة ترجمة 607، أسد الغابة ترجمة 379). 837 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1938، الإصابة ترجمة 6858، أسد الغابة ترجمة 3929). (1) انظر: الأبيات فى المراجع السابقة. (2) فى الاستيعاب: يا رب إنى ناشد محمدا

838 ـ بديل بن ورقاء بن عبد العزى بن ربيعة الخزاعى

أخرجه ابن مندة وحده. فأما قوله: وقيل: عمرو بن كلثوم، فلا أعرفه، وكان يجب عليه أن يذكره فى عمرو بن كلثوم، فلم يذكره، وإنما هو عمرو بن سالم بن كلثوم، فأسقط الأب. ذكره هكذا ابن الأثير. 838 ـ بديل بن ورقاء بن عبد العزى بن ربيعة الخزاعى: هكذا ذكره ابن عبد البر، وقال: هو من خزاعة. أسلم هو وابنه عبد الله بن بديل، وحكيم بن حزام، يوم فتح مكة بمر الظهران، فى قول ابن شهاب. وذكر ابن إسحاق: أن قريشا يوم فتح مكة نجوا إلى دار بديل بن ورقاء الخزاعى، ودار مولاه رافع. وشهد بديل وابنه حنينا والطائف وتبوكا. وكان بديل من كبار مسلمة الفتح. وقد قيل إنه أسلم قبل الفتح. وروى عنه: ابنه سلمة بن بديل، وحبيبة بنت شريق. وروى ابن عبد البر من حديث بعض ولده، أن النبى صلى الله عليه وسلم، أمر بديلا بحبس السرايا والأموال بالجعرانة، حتى يقدم عليه، ففعل. وذكر ابن الأثير فى نسب بديل، غير ما لم يذكره ابن عبد البر، وذكر من حاله ما ذكره ابن عبد البر، وزاد فى ذلك فقال: قال ابن مندة وأبو نعيم: تقدم إسلامه، فاستفدنا من هذا، بيان القائل بأن إسلامه تقدم قبل الفتح. وقال ابن الأثير: وتوفى بديل بن ورقاء، قبل النبى صلى الله عليه وسلم. وزاد أيضا من حال بديل غير هذا. وقال المزى فى التهذيب: قال محمد بن سعد: أنا يزيد بن هارون قال: أنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة: «من دخل دار أبى سفيان فهو آمن، ومن دخل دار حكيم بن حزام فهو آمن، ومن دخل دار بديل ابن ورقاء فهو آمن».

_ 838 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب 168، الإصابة ترجمة 614، أسد الغابة ترجمة 383، الثقات 3/ 34، تجريد أسماء الصحابة 4/ 294، الطبقات 107، 137، الوافى بالوفيات 10/ 102، التاريخ الصغير 1/ 77، روضات الجنان 2/ 313، الجرح والتعديل 2/ 428، تلقيح فهوم أهل الأثر 374، جامع الرواة 1/ 116، التاريخ الكبير 2/ 141، مشاهير علماء الأمصار 181، دائرة معارف الأعلمى 13/ 83).

839 ـ برقوق بن آنص الجركسى، السلطان الملك الظاهر أبو سعيد

839 ـ برقوق بن آنص الجركسى، السلطان الملك الظاهر أبو سعيد: صاحب الديار المصرية والشامية والحجازية، وغيرها من البلاد الإسلامية. ذكرناه فى هذا الكتاب لما صنع من المآثر بمكة. وهى عمارة أماكن بالمسجد الحرام وبعض المواليد، وقبة عرفة وغير ذلك. كان مملوكا للأمير يلبغا الخاصكى، وتنقلت به الأحوال بعده، إلى أن استخدم لأحد ولدى الملك الأشرف شعبان. فلما تسلطن المنصور على بن الأشرف، بعد قتل أبيه، صار برقوق من جملة الأمراء، وكان ممن قام على أينبك البدرى، الذى ولى تدبير المملكة بمصر، بعد قيامه على صهره قرطاى، ولما أمسك أينبك صار برقوق أمير آخور، وسكن الاصطبل، وأخرج منه يلبغا الناصرى. وكان يلبغا المتحدث فى الدولة بعد هرب أينبك، وكان ذلك فى ربيع الآخر سنة تسع وسبعين وسبعمائة. وفى ثالث عشرى ذى الحجة منها، استقر برقوق أتابك بالعسكر بالقاهرة. وكان الأتابك قبله الأمير طشتمر الدوادار الأشرفى، ولى ذلك فى جمادى الأولى من هذه السنة، بعد قدومه من دمشق مطلوبا، ثم حصل بين برقوق وجماعته وبين طشتمر وجماعته كدر، وأفضى الحال إلى أن ركب برقوق وخشداشه بركة، وهو أمير مجلس، ومن انضم إليهم من الأمراء والمماليك، فى ليلة عرفة من هذه السنة، على طشتمر وجماعته، فانكسر أصحاب طشتمر، وقبضوا عليه وأنفذ لسجن الإسكندرية، واستقر برقوق أتابك العسكر عوضه، وصار تدبير الدولة إليه وإلى خشداشه بركة، ثم وقع بينه وبين بركة كدر. فخرج بركة فى أصحابه إلى قبة النصر، مستعدا للحرب، وانكسر بركة وقبض عليه، وارسل إلى الإسكندرية. وانفرد برقوق بتدبير الدولة. ودام على ذلك حتى بويع بالسلطنة، بعد خلع الصالح حاجى بن الأشرف، الذى ولى السلطنة بعد موت أخيه المنصور على بن الأشرف. وكانت مبايعة الملك الظاهر بالسلطنة، يوم الأربعاء تاسع عشر شهر رمضان، سنة

_ 839 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 187، النجوم 11/ 221، مورد اللطافة 91، 94، درة الأفلاك حوادث سنة 801، عقد الجمان حوادث سنة 801، الضوء 3/ 10، البدر الطالع 1/ 162، شذرات 7/ 6، السلوك 3/ 476، إنباء الغمر 2/ 66، نزهة النفوس 1/ 33، بدائع الزهور 1/ 312، تاريخ ابن قاضى شهبة 86، المنهل الصافى 2/ 285).

أربع وثمانين وسبعمائة، واستمر حتى خلع فى أوائل جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، بعد تخلى أصحابه عنه. وعند وصول العساكر الشامية إلى الديار المصرية، صحبة الأمير يلبغا الناصرى، وأعيد الملك الصالح حاجى بن الأشرف، ولقب بالمنصور، وبعث الملك الظاهر إلى الكرك. فاعتقل بها أشهرا، ثم أطلق فى ثالث شهر رمضان سنة إحدى وتسعين، وأقام بها حتى استفحل أمره، ثم خرج منها فى ثالث عشرى شوال إلى دمشق، فلقيه عسكر من الشام فهزمه، ثم نزل فى العشر الوسط من ذى القعدة، على قبة يلبغا ظاهر دمشق، واستولى على جميع بلاد الشام، ما خلا داخل دمشق، وما قرب من السور وبعلبك، وأتاه نائب حلب كمشبغا الحموى، فيمن معه من عسكر حلب؛ لأنه نقم على منطاش قيامه على الناصرى، فقوى به أمر الظاهر. ولما سمع باقترب العسكر المصرى، رحل من قبة النصر للقائه، فى ثالث عشر المحرم سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة. فالتقا الجمعان فى يوم الأحد رابع عشره؛ بمكان يقال له شقحب (1) بقرب الكسوة (2). فحمل جاليش المصريين على جاليش الظاهر، فكسر جاليشه، وحمل الظاهر على الساقة فهزمها وظفر فيها بالمنصور والخليفة المتوكل والقضاة وغيرهم. وبويع هناك بالسلطنة بعد أن أشهد المنصور بخلع نفسه، وأعرض الظاهر عن دمشق؛ لأن منطاش هرب إليها وحصنها. وكان خروجه من مصر مع المنصور، فى سابع عشر ذى الحجة من سنة إحدى وتسعين. وأقام الظاهر بشقحب أياما، ثم سار إلى مصر فوصلها فى رابع عشر صفر، وفيه جلس على سرير الملك بها. وكان وصوله إليها بعد أن استولى عليها بعض مماليكه، لأنهم كانوا مسجونين فى سرب فى القلعة، فنقبوه حتى أخرجهم إلى موضع يتوصلون منه إلى القلعة، وخرجوا منه ليلا، فلم يكن للذين تركهم منطاش بها قدرة على قتالهم، فاستولوا على القلعة. وبعثوا إلى مولاهم الظاهر يعرفونه الخبر قبل علمهم بحاله، فازداد بذلك سرورا، ثم جهز عسكرا إلى دمشق، فاستولوا عليها بعد هرب منطاش، ثم عمل عليه، حتى قتل، وحمل إليه رأس منطاش، وأباد أعداءه واحدا بعد واحد، حتى صفى له

_ (1) قرية فى الشمال الغربى من جبل غباغب من ضواحى دمشق. انظر: النجوم الزاهرة 8/ 159. (2) الكسوة: قرية هى أول منزل تنزله القوافل إذا خرجت من دمشق إلى مصر. انظر: معجم البلدان (الكسوة).

840 ـ بركة بن عبد الله العثمانى نسبة إلى الخواجا عثمان الجالب له

الأمر، وتمهدت له البلاد، وتم له ما لم يتم لغيره، وهو أن غالب نواب البلاد كانوا مماليكه. واستمر فى السلطنة حتى عهد بها إلى ولده الملك الناصر فرج عند موته، ثم مات يوم الجمعة خامس عشر شوال سنة إحدى وثمانمائة على فراشه. وله سيرة طويلة جمعها بعض أهل العصر فى مجلد. وله محاسن، منها: أنه كان يبعث فى بعض السنين قمحا وفى بعضها ذهبا ليفرق بالحرمين، وعمر فيهما أماكن شريفة. وقد بينا ما عمر فى زمنه من المسجد الحرام وغيره، فلا حاجة لإعادته. ومن مآثره الحسنة: مدرسة حسنة مليحة أنشأها بين القصرين بالقاهرة، قرر بها دروسا فى المذاهب الأربعة، والتفسير والقراءات، وغير ذلك، وله عليها أوقاف جيدة. وكانت مدة سلطنته الأولى والثانية ستة عشر سنة وستة أشهر. وتوفى الملك الصالح حاجى، فى سنة أربع عشرة وثمانمائة، فى شوال فى غالب ظنى. 840 ـ بركة بن عبد الله العثمانى نسبة إلى الخواجا عثمان الجالب له: الأمير زين الدين، رأس نوبة النوب بالقاهرة. ذكرناه فى هذا الكتاب لكونه من أصحاب المآثر بمكة، منها المطهرة التى بسوق العطارين بمكة. كان خشداشا للملك الظاهر، المقدم ذكره؛ لأنهما من مماليك الأمير يلبغا الخاصكى، وتنقل بهما الحال، حتى صارا أميرين، بإثر قتل الملك الأشرف شعبان بن حسين صاحب مصر، ثم صار بركة أمير مجلس، بعد هرب أينبك البدرى، الذى تولى تدبير الدولة بمصر، بعد قيامه على صهره قرطاى، ثم عظم أمرهما. بحيث صار تدبير المملكة لهما، بعد القبض على طشتمر الدوادار، الذى صار أتابك العسكر بمصر. وصار بركة رأس نوبة النوب، ثم وقع بين الأميرين المذكورين فتنة وتحاربا. فقبض الملك الظاهر على بركة، واعتقله بالإسكندرية، ثم قتل فى رجب من سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة. وكان بركة فى سنة إحدى وثمانين وسبعمائة، بعث أميرا يقال له سودون باشه لعمارة عين بازان، وما يحتاج إلى عمارته فى الحرم والحجر والميزاب، وعمل مطهرة وعمل ربع فوقها، ليوقف عليها. فعمل ذلك كله.

841 ـ بسر بن أرطأة، ويقال: ابن أبى أرطأة، واسمه عمير، وقيل: عويمر، بن عمران القرشى العامرى، أبو عبد الرحمن الشامى

841 ـ بسر بن أرطأة، ويقال: ابن أبى أرطأة، واسمه عمير، وقيل: عويمر، بن عمران القرشى العامرى، أبو عبد الرحمن الشامى: له عن النبى صلى الله عليه وسلم حديثان، أحدهما: «لا تقطع الأيدى فى السفر» (1). كذا فى سنن أبى داود. وفى رواية عنه: فى الغزو. والآخر: «اللهم أحسن عاقبتنا فى الأمور كلها. وأجرنا من خزى الدنيا وعذاب الآخرة» (2).

_ 841 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 175، الإصابة ترجمة 642، أسد الغابة ترجمة 406، طبقات ابن سعد 7/ 409، نسب قريش 439، تاريخ الطبرى 5/ 167، الجرح والتعديل 2/ 422، مشاهير علماء الأمصار ترجمة 364، مروج الذهب 3/ 211، 371، جمهرة أنساب العرب 170، تاريخ بغداد 1/ 210، تاريخ الإسلام 3/ 140، الوافى بالوفيات 10/ 129، تهذيب التهذيب 1/ 435، المحبر 293، الأخبار الطوال 159، 167، المعارف 122، فتوح البلدان 132، 267، أنساب الأشراف 1/ 492، تاريخ اليعقوبى 2/ 156، 197، 199، الولاة والقضاة 15، 17، ربيع الأبرار 4/ 304، الأغانى 16/ 200، بلاغات النساء 35، الحلة السيراء 2/ 324، الخراج وصناعة الكتابة 287، 343، التاريخ لابن معين 2/ 58، تاريخ خليفة 142، 195، طبقات خليفة 27، 140، 300، مقدمة مسند بقى بن مخلد 109، التاريخ الكبير 2/ 123، التاريخ الصغير 48، 61، تاريخ أبى زرعة 226، 376، الثقات لابن حبان 3/ 36، المعرفة والتاريخ 2/ 478، 3/ 19، الكنى والأسماء للدولابى 1/ 79، تهذيب تاريخ دمشق 3/ 223، 228، سير أعلام النبلاء 3/ 409، 411، الكامل فى التاريخ 3/ 383، نهج البلاغة 1/ 116، التذكرة الحمدونية 2/ 20، تحفة الأشراف 2/ 95، تقريب التهذيب 1/ 96). (1) أخرجه أبو داود فى سننه حديث رقم (4293) من طريق: أحمد بن صالح، أخبرنا ابن وهب، أخبرنى حيوة بن شريح، عن عياش بن عباس القتبانى، عن شييم بن بيتان ويزيد بن صبح الأصبحى، عن جنادة بن أبى أمية، قال: كنا مع بسر بن أرطأة فى البحر فأتى بسارق يقال له: مصدر، قد سرق بختية، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تقطع الأيدى فى السفر». ولولا ذلك لقطعته. وأخرجه النسائى فى الكبرى حديث رقم (7493) من طريق: أخبرنا عمرو بن عثمان، قال: حدثنى بقية، قال: حدثنى نافع بن يزيد، قال: حدثنى حيوة بن شريح، عن عياش بن عباس، عن جنادة بن أبى أمية، قال: سمعت بسر بن أبى أرطأة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تقطع الأيدى فى السفر». قال أبو عبد الرحمن: ليس هذا الحديث مما يحتج به. (2) أخرجه أحمد فى المسند حديث رقم (17231) من طريق: عبد الله، حدثنى أبى، حدثنا هيثم بن خارجة، حدثنا محمد بن أيوب بن ميسرة بن حلبس، قال: سمعت أبى يحدث عن بسر بن أرطأة القرشى يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو: «اللهم أحسن ـ

وقد اختلف فى سماعه من النبى صلى الله عليه وسلم، فأثبته أهل الشام وأنكره أهل المدينة، على ما نقل ابن معين عن الفريقين. ونقل ابن عبد البر، إنكار سماعه من النبى صلى الله عليه وسلم لصغره، عن الواقدى، وابن معين وأحمد، وغيرهم. وقال ابن يونس، والدارقطنى: إن له صحبة. والله أعلم بالصواب. روى عنه أيوب بن ميسرة، وجنادة بن أبى أمية وغيرهما. روى له أبو داود والترمذى والنسائى: حديثا واحدا. وذكر ابن يونس: أنه شهد فتح مصر، وأختط بها دارا، وأنه شهد صفين مع معاوية، وكان من شيعته، وأنه وجهه إلى الحجاز واليمن فى أول سنة أربعين. ففعل بمكة والمدينة أفعالا قبيحة. انتهى بالمعنى. ومن أفعاله باليمن: أنه ذبح عبد الرحمن وقثم، ابنى عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، بعد هزيمة أبيهما منه، وكانا من أحسن صبيان الناس وأوضاه وأنظفه، فهامت أمهما بهما، وكادت تخالط فى عقلها. وكانت تنشد كل عام فى الموسم، وتقول أبياتا. أولها [من البسيط]: ها من أحس بنيى اللذين هما ... سمعى وقلبى فقلبى اليوم مختطف ها من أحس بنيى اللذين هما ... كالدرتين تشظى عنهما الصدف ها من أحس بنيى اللذين هما ... مخ العظام فمخى اليوم مزدهف حدثت بسرا وما صدقت ما زعموا ... من قولهم ومن الإفك الذى وصفوا أنحى على ودجى ابنى مرهفة ... مشحوذة وكذاك الإثم يقترف (3) من ذا لوالهة حيرى مفجعة ... على صبيين ضلا إذ عدا السلف (4)

_ ـ عاقبتنا فى الأمور كلها، وأجرنا من خزى الدنيا وعذاب الآخرة». قال عبد الله: وسمعته أنبانا من هيثم. (3) وردت الأبيات فى الاستيعاب ترجمة 175 هكذا: ها من أحس بنى اللذين هما ... كالدرتين تشظى عنهما الصدف ها من أحس بنى اللذين هما ... سمعى وعقلى فقلبى اليوم مزدهف حدثت بسرا وما صدقت ما زعموا ... من قلبهم ومن الإثم الذى اقترفوا أنحى على ودجى ابنى مرهفة ... مشحوذة وكذاك الإثم يقترف (4) البيت ورد فى الكامل للمبرد 2/ 266.

وذكر ابن عبد البر هذه الأبيات أخصر من هذا. وفى بعضها مخالفة فى اللفظ دون المعنى. وفى الخبر الذى ذكره أن بسرا ذبح الغلامين بين يدى أمهما. قال: وقد قيل: إنه إنما قتلهما بالمدينة. والأكثر على أن ذلك كان منه باليمن. وقال: أغار بسر بن أرطأة على همدان. وقتل وسبى نساءهم. فكن أول مسلمات سبين فى الإسلام. قال: وقتل أحياء من بنى سعد. انتهى. وهذا الفعل أيضا باليمن. ومن أفعاله بالمدينة: أنه هدم بها دورا، وقال: يا أهل المدينة، والله لولا ما عهد إلىّ معاوية، ما تركت فيها محتلما إلا قتلته. وكان بعث معاوية بسرا إلى الحجاز واليمن، فى أول سنة أربعين، على ما ذكر ابن يونس. وقيل فى سنة تسع وثلاثين. وهذا فى التاريخ الصغير للبخارى. ولما بلغ أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه خبره، أنفذ له عسكرا فلم يلحقه، ويقال: دعا عليه بسلب عقله ودينه، فلم يمت حتى خرف، على ما ذكر خليفة ابن خياط، وابن يونس وغيرهما. ونقل ابن سعد الواقدى: أنه بقى إلى خلافة عبد الملك ابن مروان. وذكر خليفة بن خياط: أنه مات بالمدينة فى ولاية عبد الملك بن مروان. وقال ابن يونس: وتوفى بالشام فى آخر أيام معاوية. وذكر أبو مسهر: أنه مات بدمشق. وذكر ابن عساكر أنه سكن دمشق، وأنه كان على رجاله دمشق يوم صفين. انتهى. وكان بطلا شجاعا، وهو أحد الأربعة الذين أمد بهم عمر بن الخطاب عمرو بن العاص، رضى الله عنهم، فى فتح مصر، وعد كلا منهم بألف فارس، فى قول بعضهم، وبعضهم يجعل عوضه المقداد بن الأسود، وهو قول الأكثرين، على ما قال أبو عمر. قال أبو عمر: وهو أولى بالصواب إن شاء الله. والأربعة عند من قال بإسقاطه: الزبير بن العوام، والمقداد، وعمير بن وهب، وخارجة بن حذافة، وعند من قال بإثباته: بسر، والمذكورون، خلا المقداد. ونقل ابن عبد البر عن ابن الكلبى: أن بسرا بارز على بن أبى طالب رضى الله عنه

842 ـ بسر بن جحاش القرشى، ويقال: بشر، بالشين المعجمة

فى يوم صفين، فطعنه على فصرعه، فانكشف له بسر، فكف عنه على رضى الله عنه، كما عرض له ـ فيما ذكروا ـ مع عمرو بن العاص، قال: ولهم فيهما أشعار كثيرة. انتهى. وما ذكرناه فى اسم أبى أرطأة، رأيته فى الاستيعاب. وأما ابن الاثير، فرأيت فى كتابه: أن اسمه عمرو، وقيل: عمير بن عويمر. وفى تهذيب الكمال ما يوافق ذلك، إلا أنه لم يذكر القول بأن اسمه عمرو. والله أعلم. 842 ـ بسر بن جحاش القرشى، ويقال: بشر، بالشين المعجمة: والأول أكثر، على ما قال ابن عبد البر؛ لأنه ذكره فى باب بشر ـ بالشين - فقال: بشر بن جحاش. ويقال: بسر، وهو الأكثر. انتهى. وخالف ذلك فى باب بسر ـ بالسين المهملة ـ لأنه ذكره فيه أيضا، فقال: بسر بن جحاش القرشى، هكذا ذكره ابن أبى حاتم فى باب بسر. وقد تقدم ذكره فى باب بشر، وهو الأكثر فى اسمه. انتهى. فهذا يناقض كما ترى. وأما ابن الأثير فذكره فى البابين. وقال فى باب بشر ـ بالشين المعجمة ـ ويقال: بسر ـ بضم الياء وبالسين المهملة ـ وقد تقدم، وهو الأكثر هناك، ثم قال: قال الدارقطنى: هو بسر، يعنى: بالسين المهملة ـ ولا يصح بشر، ومثله قال الأمير أبو نصر ابن ماكولا. وقال: قال الأنبارى، وابن مندة: أهل الشام يقولون: بسر، وأهل العراق يقولون: بشر. انتهى. قال ابن عبد البر: وهو من قريش، لا أدرى من أيهم، سكن الشام. ومات بحمص. انتهى.

_ 842 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 178، الإصابة ترجمة 644، أسد الغابة ترجمة 408، الثقات 3/ 35، تجريد أسماء الصحابة 1/ 48، تهذيب التهذيب 1/ 437، تقريب التهذيب 1/ 96، تنقيح المقال 275، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال 1/ 122، الوافى بالوفيات 10/ 133، الجرح والتعديل 2/ 453، تلقيح فهوم أهل الأثر 375، التاريخ الكبير 2/ 123، تصحفيات المحدثين 478، دائرة معارف الأعلمى 13/ 125، بقى بن مخلد 523).

843 ـ بسر بن سفيان بن عمرو بن عويمر الخزاعى الكلبى

روى له ابن ماجة حديثا واحدا. وليس له سواه، وهو: «ابن آدم إنك لن تعجزنى» (1). وهو معدود فى الشاميين. 843 ـ بسر بن سفيان بن عمرو بن عويمر الخزاعى الكلبى: أسلم سنة ست من الهجرة، وبعثه النبى صلى الله عليه وسلم عينا إلى قريش بمكة، لما خرج إلى الحديبية، فأخبره خبرهم وشهد الحديبية. ذكره ابن عبد البر بمعنى هذا، وابن الأثير، ورفع فى نسبه، وقال: كان شريفا، كتب إليه صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى الإسلام. * * * من اسمه بشر بشين معجمة 844 ـ بشر بن الحارث بن قيس بن عدى بن سعيد بن سهم القرشى السهمى: كان من مهاجرة الحبشة، هو وأخواه الحارث، ومعمر ابنا الحارث. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر، وذكره ابن الأثير نقلا عن أبى موسى المدينى، وذكر أن أبا موسى قال: وكان ممن أقام بأرض الحبشة. ولم يقدم إلا بعد بدر، فضرب له رسول اللهصلى الله عليه وسلم بسهم، لا يعرف له ذكر إلا فى المهاجرين إلى الحبشة. وذكر ابن الأثير: أن أبا موسى قال فى نسبه: بشر بن الحارث بن قيس بن عدى بن سعيد بن سعد بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤى. وذكر أن أبا موسى وهم فى موضعين من هذا النسب. أحدهما فى ذكره سعيد بن عدى، وسعد. قال: وإنما هو عدى بن سعد بن سهم. ونقل ذلك عن هشام الكلبى،

_ (1) أخرجه ابن ماجة فى سننه حديث رقم (2775) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا حريز بن عثمان، حدثنى عبد الرحمن بن ميسرة، عن جبير بن نفير، عن بسر بن جحاش القرشى قال: بزق النبى صلى الله عليه وسلم فى كفه، ثم وضع أصبعه السبابة وقال: «يقول الله عزوجل: أنى تعجزنى، ابن آدم وقد خلقتك من مثل هذه، فإذا بلغت نفسك هذه (وأشار إلى حلقه) قلت: أتصدق، وأنى أوان الصدقة؟ ». 843 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 176، الإصابة ترجمة 646، أسد الغابة ترجمة 411، تجريد أسماء الصحابة 1/ 48، الوافى بالوفيات 10/ 133، تقريب التهذيب 2/ 95، 160، 4/ 294). 844 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 180، الإصابة ترجمة 657، أسد الغابة ترجمة 421).

845 ـ بشر بن سحيم بن غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة الغفارى

وذكر أن أبا موسى وهم فى موضعين من هذا النسب. أحدهما فى ذكره سعيد بن عدى، وسعد. قال: وإنما هو عدى بن سعد بن سهم. ونقل ذلك عن هشام الكلبى، والزبير وغيرهما من المتقدمين والمتأخرين. والوهم الآخر فى قوله: سعد بن عمرو، قال: وإنما هو سهم بن عمرو، يعنى أن أبا موسى أسقط بينهما بين سعد وعمرو، وهذا الذى ذكره ابن الأثير صحيح. وقال: قد رأيته فى نسختين صحيحتين من أصل أبى موسى. كذلك فلا ينسب الغلط إلى الناسخ. انتهى. 845 ـ بشر بن سحيم بن غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة الغفارى: فى قول الأكثرين، ويقال فيه: بشر بن سحيم البهزى وقيل: ويقال فيه: بشر بن سحيم الخزاعى. قاله الواقدى. وقال: كان ينزل كراع الغميم (1) وضجنان (2). روى عنه نافع بن جبير بن مطعم: حديثا واحدا عن النبى صلى الله عليه وسلم، فى أيام التشريق، أنها أيام أكل وشرب (3).

_ 845 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 183، الإصابة ترجمة 661، أسد الغابة ترجمة 427، الثقات 3/ 30، تجريد أسماء الصحابة 1/ 50، تهذيب التهذيب 1/ 45، جامع الرواة 1/ 122، تقريب التهذيب 1/ 99، الطبقات 33، تراجم الأخبار 1/ 183، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال 1/ 126، التاريخ الكبير 2/ 75، الكاشف 1/ 155، الجرح والتعديل 2/ 357، تلقيح أهل فهوم الأثر 371، تنقيح المقال رقم 1315، بقى بن مخلد 624، 281). (1) كراع الغميم: موضع بين مكة والمدينة. انظر: معجم البلدان (الغميم). (2) ضجنان: جبل بناحية تهامة. انظر: معجم البلدان (ضجنان). (3) أخرجه أحمد فى المسند من (حديث بشر بن سحيم رضى الله تعالى عنه) حديث رقم (15062) من طريق: عبد الله، حدثنى أبى، ثنا وكيع، قال: أنا سفيان وعبد الرحمن، عن سفيان، عن حبيب بن أبى ثابت، قال: وقال نافع بن جبير بن مطعم: عن بشر بن سحيم أن النبى صلى الله عليه وسلم خطب فى يوم التشريق قال عبد الرحمن: فى أيام الحج. فقال: «لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة. وإن هذه الأيام أيام أكل وشرب». وأخرجه ابن ماجة فى سننه حديث رقم (1770) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة، وعلى ابن محمد، قالا: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن حبيب بن أبى ثابت، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن بشر بن سحيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب أيام التشريق فقال: «لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة. وإن هذه الأيام أيام أكل وشرب». وأخرجه الدارمى فى سننه باب النهى عن صيام أيام التشريق، حديث رقم (1768) من

846 ـ بشر بن السرى البصرى

قال ابن عبد البر: لا أحفظ له غيره. من الاستيعاب لابن عبد البر بالمعنى. قال: والغفارى فى نسبه أكثر. انتهى. وحديثه هذا رويناه فى مسند أحمد بن حنبل، وهو فى سنن النسائى وابن ماجة. وقال المزى بعد أن ذكر أن له هذا الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم: وقيل عنه عن على بن أبى طالب عن النبى صلى الله عليه وسلم، وقيل غير ذلك. انتهى. 846 ـ بشر بن السرى البصرى: نزيل مكة. أبو عمرو الأفوه، وسمى الأفوه؛ لأنه كان يتكلم بالمواعظ. روى عن حماد بن سلمة والثورى، ومعاوية بن صالح، وزكريا بن إسحاق ومسعر. روى عنه: بشر بن الحكم، ومحمد بن أبى عمر العدنى، ويعقوب بن حميد بن كاسب، ومحمود بن غيلان، وعلى بن المدينى. روى له الجماعة. قال أبو حاتم: ثقة ثبت صالح. وقال أحمد: كان متقنا للحديث عجبا. وقال ابن معين: ثقة. وقال الحميدى: جهمى، لا يحل أن يكتب عنه. وذكر الذهبى أنه رجع عن التجهم، وقال أبو طالب عن أحمد بن حنبل: كان بشر ابن السرى رجلا من أهل البصرة، ثم صار بمكة. سمع من سفيان نحو ألف حديث، وسمعنا منه ثم ذكر حديث: «ناضرة إلى ربها ناظرة» فقال: ما هذا. إيش هذا؟ . فوثب به الحميدى وأهل مكة، وأسمعوه كلاما شديدا. فاعتذر بعذر، ولم يقبل منه. وزهد الناس فيه بعد. فلما قدمت مكة المرة الثانية، كان يجئ إلينا فلا نكتب عنه، وجعل يتلطف فلا نكتب عنه. وقال عبد الصمد بن عبد الله، عن أحمد بن أبى الحوارى: وسمعت بشر بن السرى يقول: ليس من أعلام الحب أن تحب ما يبغض حبيبك. انتهى. قال البخارى: قال محمود: مات سنة خمس وتسعين ومائة، وهو ابن ثلاث وستين سنة.

_ 846 ـ انظر ترجمته فى: (العلل 102، 232، التاريخ لابن معين 59، طبقات ابن سعد 5/ 500، طبقات خليفة ترجمة 2603، التاريخ الكبير 2/ 75، الجرح والتعديل 2/ 358، الكامل لابن عدى 1/ 69، تهذيب الكمال 151، تذهيب التهذيب 1/ 84 / 2، العبر 1/ 318، ميزان الاعتدال 1/ 317، تذكرة الحفاظ 1/ 355، الكاشف 1/ 155، تهذيب التهذيب 1/ 450، طبقات الحفاظ 150، خلاصة تذهيب الكمال 48، شذرات الذهب 1/ 343، سير أعلام النبلاء 9/ 332).

847 ـ بشر بن عاصم الثقفى

847 ـ بشر بن عاصم الثقفى: ذكره هكذا ابن عبد البر، وقال: هذا قول أكثر أهل العلم، إلا أن ابن رشدين ذكره فى كتاب الصحابة، فقال: المخزومى، ونسبه فقال: بشر بن عاصم بن عبد الله بن عمر ابن مخزوم. قال ابن عبد البر: له حديث واحد، أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول: «الجائر من الولاة تلتهب به النار التهابا». رواه عنه أبو هلال الراسبى، ذكره ابن أبى شيبة وغيره. قال: وذكره ابن أبى حاتم فقال: بشر بن عاصم: له صحبة. روى عنه أبو وائل، سمعت أبى يقول ذلك. انتهى بالمعنى. وذكره ابن الأثير، وزاد فى نسبه سفيان بعد عاصم. وذكر أن الثقفى فى نسبه أصح من المخزومى، قال: وكان عامل عمر بن الخطاب رضى الله عنه على صدقات هوازن، وذكر له حديثا مرفوعا فى اجتناب الولاية، وذكر فى ترجمته ما ينافى أولها. فليتأمل ذلك، فإن الأمر ليس كما يوهمه كلامه. والله أعلم. 848 ـ بشر الثقفى، ويقال بشير: روت عنه حفصة بنت سيرين. ذكره بمعنى هذا: ابن عبد البر وابن الأثير، وقال: أخرجه أبو عمر هاهنا ـ يعنى فى باب بشر ـ وقد أخرجه ابن مندة وأبو نعيم فى بشير. انتهى. 849 ـ بشر بن جحاش القرشى: تقدم فى باب بسر، لأنه الأكثر فى اسمه، على ما قال الأكثرون.

_ 847 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 193، الإصابة ترجمة 813، أسد الغابة ترجمة 429، الثقات 3/ 32، تجريد أسماء الصحابة 1/ 49، 50، 52، 54، تهذيب التهذيب 1/ 453، تقريب التهذيب 1/ 99، تهذيب الكمال 1/ 149، الطبقات 286، تلقيح فهوم أهل الأثر 378، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال 1/ 127، المصباح المضئ 2/ 1 / 325، 371، التاريخ الصغير 1/ 370، طبقات علماء إفريقيا وتونس 192، التاريخ الكبير 2/ 77، الجرح والتعديل 2/ 360، بقى بن مخلد 887). 848 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب 186، الإصابة ترجمة 811، أسد الغابة ترجمة 418، تجريد أسماء الصحابة 1/ 36، 52، 54). 849 ـ سبق ترجمته فى باب بسر.

850 ـ بشير بن حامد بن سليمان بن يوسف بن عبد الله بن الحسين بن زيد بن الحسن بن إسحاق بن محمد بن يوسف بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن على الزينبى ابن عبد الله الجواد بن جعفر الطيار بن أبى طالب القرشى الهاشمى الجعفرى، شيخ الحرم، نجم الدين أبو النعمان بن أبى

850 ـ بشير بن حامد بن سليمان بن يوسف بن عبد الله بن الحسين بن زيد بن الحسن بن إسحاق بن محمد بن يوسف بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن على الزينبى ابن عبد الله الجواد بن جعفر الطيار بن أبى طالب القرشى الهاشمى الجعفرى، شيخ الحرم، نجم الدين أبو النعمان بن أبى بكر التبريزى البغدادى الشافعى: تفقه على يحيى بن فضلان، ويحيى بن الربيع. وسمع من عبد المنعم بن كليب، جزء ابن عرفة، وقرأ على ابن سكينة، جزء الأنصارى، وجزء الغطريف، ومن ابن طبرزد، والحافظ أبى الفرج بن الجوزى، وأبى جعفر الصيدلانى، ويحيى بن محمود الثقفى وغيرهم. وحدث ودرس وأفتى، وتخرج به الفضلاء وسمعوا منه. وذكر ابن الساعى: أنه رتب معيدا فى المدرسة النظامية ببغداد، ثم عين مع ذلك شيخا للحرم، وفوض إليه النظر فى مصالحه وعمارته فى الأيام المستنصرية، ولم يزل على ذلك، حتى أضر، فنفذ عوضه وانقطع بمنزله يسمع ويفتى، ويشغل بالعلم حتى مات. انتهى. وكان حاويا لعلوم، منها علم الخلاف، وإليه انتهت الرئاسة فيه بالعراق. وله تصانيف منها: الغنيان فى تفسير القرآن العظيم فى مجلدات. وله نظم حسن ومناقب جمة، منها: أنه لما قرب فى تفسيره للقرآن العظيم إلى الختم، أخذ الله بصره، فقال: يا رب أعرنى إياه حتى أختم. فكان كذلك. كذا وجدت بخط الشيخ أبى العباس الميورقى، ورأيت ما يدل على أنه كان انتهى إلى سورة البلد. وأظن أنى ألفيت ذلك بخط الميورقى. والله أعلم. ومنها: أن تلميذه المحب الطبرى، ذكر فى شرح التنبيه، أنه رمى معه الجمار. فقال الشيخ نجم الدين: رأيت الحصى يرفع؟ . فقال له المحب: حصى من يا سيدى؟ فقال: حصاى. وقد أثنى عليه غير واحد، منهم: ابن الحاجب الأمينى؛ لأنه قال فى معجمه: شيخنا هذا، أحد الفقهاء المتميزين، مليح المنظر، حسن المخبر، فصيح اللسان، مع عجمة

_ 850 ـ انظر ترجمته فى: (صلة التكملة للحسينى الورقة 51 وأوصل نسبه إلى جعفر بن أبى طالب، تاريخ الإسلام للذهبى 20/ 66، المختصر المحتاج إليه من تاريخ الدبيثى اختصار الذهبى 1/ 263، 264 الترجمة 534، الوافى بالوفيات 10/ 61 ـ 162 الترجمة 4633، طبقات الشافعية للسبكى 8/ 133 ـ 134 الترجمة 1122، طبقات المفسرين للسيوطى 39 الترجمة 24، طبقات المفسرين للداودى 1/ 115 ـ 116، الترجمة 109، سير أعلام النبلاء 23/ 255).

فى لسانه، ضحوك السن، محبا للغريب، حسن الإيراد. وكان معيدا للمدرسة النظامية مدة، كتبنا عنه بدمشق، لما قدم مع ابن الجوزى رسولا من الديوان العزيزى الظاهرى قدسه الله. وكان يتحبب لابن الجوزى، وقيل إنه كان عينا عليه، حدث ببغداد ـ ولم أسمع عليه بها ـ وبدمشق وبمصر. انتهى. وقال ابن الساعى: سافر فى طلب العلم وسماع الحديث، ولقى عدة مشايخ، ثم قال: وكان جميل الوجه، مليح الشيبة، لطيف الأخلاق، حسن العشرة كثير التواضع. وله نظم، وأنشد له شعرا يأتى ذكره. وذكره ابن مسدى فى معجمه، فقال: أحد الفقهاء الشافعية أصلا وفرعا، المناضلين به وعنه إيجابا ومنعا. وقد ولى مشيخة الحرم الشريف، فطلع بدرا فى ذلك الأفق المنيف، جبر وصدع، وحبّر ونفع، وغلبت عليه الأبوة والنفس الأبية، فأكرم القصاد، وأنهل الوراد، وجاد وزاد، وأبدأ وأعاد، وتصرف تصرف المستخدمين جاها ومالا، نسأل الله له المسامحة مآلا. وكان فى نفسه قد حوى علوما، وتأدب منثورا ومنظوما. ثم قال: وكان من الرجال المكثرين، ولم يكن فى معرفة هذا الفن بذاك المكين. ولم أر فيما وقفت عليه من رواياته، ووقع إلىّ من سماعاته، شيئا أنكره عليه، إلا أنه أسمع أشياء، زعم أن الحافظ أبا القاسم على بن الحسن المعروف بابن عساكر الشافعى أجازه. وفى الخاطر منها شئ. وأظنه وهم فى ذلك، وإنما المجيز له ولده القاسم. والله أعلم. ومن شعره على ما ذكر ابن الساعى [من البسيط]: أمسى ينبه وجد الصب ذى الفكر ... طيف ألم به فى غفوة السهر فبات مكتئبا حيران تطرقه ... الأشجان عن سعر منها إلى سعر واها لها إن جرى ذكر العقيق به ... وهنا فأضحى بعيد العين والأثر مروع الشوق لا يأوى إلى وطن ... ولا يصيح من البلوى لمزدجر فى كل يوم له خل يفارقه ... ومنزل بدل من منزل دثر تبا لدار إذا ما أضحكت بشرا ... فى مسى ليلتها أبكته فى السحر لذاتها رؤية الأحلام تحسبها ... حقا أخو ظلة لم يصح من سكر فأين كسرى وسابور المقدم أم ... أين المملك فى الدنيا أخو الخضر أين الخورنق يتلوه السدير فكم ... من مأرب فيهما قضى ومن وطر

لم يبق إلا جميل الذكر إن له ... صبرا على غابر الآباد والعصر فاذخر لنفسك مهما اسطعت من عمل ... ينجيك يوم معاد الخلق من سقر ومن شعره فيما كتب به إلى ابن الخوافى عارض الجيش ببغداد، وقد سرقت مشايته [من الوافر]: دخلت إليك يا أملى بشيرا ... فلما أن خرجت خرجت بشرا أعد يائى التى سقطت من اسمى ... فيائى فى الحساب تعد عشرا قال الشيخ نجم الدين بشير التبريزى: فسير لى نصف مثقال، وهو عشرة قراريط، واعتذر. حكى هذه الحكاية عنه: تلميذه القطب القسطلانى، فيما حكاه عنه القطب الحلبى. توفى فى ضحوة يوم الخميس، ثالث صفر سنة ست وأربعين وستمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. هكذا ذكر وفاته المحب الطبرى فى «العقود الدرية والمشيخة الملكية المظفرية»، والميورقى، إلا أنه قال: لثلاث خلون من صفر. ومولده فى ثانى عشر ربيع الأول، سنة سبعين وخمسمائة بأردبيل (1). هكذا ذكر تاريخ مولده وموضعه ابن الحاجب الأمينى. وذكر أنه أخبره بذلك لما سأله عنه. وذكر ذلك هكذا ابن الساعى، وقال: نشأ بتبريز (2). وقال ابن مسدى: ولد بتبريز، ويقال: بموقان (3). وذكر نسبه إلى جعفر كما ذكرنا: ابن مسدى وابن الساعى، وابن الحاجب.

_ (1) أردبيل: بالفتح ثم السكون، وفتح الدال، وكسر الباء، وياء ساكنة، ولام، من أشهر مدن أذربيجان. انظر: معجم البلدان (أردبيل). (2) تبريز: هى أشهر مدن أذربيجان. انظر معجم البلدان (تبريز)، وفى الروض المعطار ذكرها بأنها فى خراسان من عمل أذربيجان. انظر: الروض المعطار 130. (3) موقان: أهلها يسمونها موغان، ولاية فيها قرى ومروج كثيرة وهى بأذربيجان. انظر: معجم البلدان (موقان).

851 ـ بطال بن أحمد بن محمد بن سليمان بن بطال الركبى ـ بباء موحدة ـ نسبة إلى قبيلة كبيرة يسكنون مواضع متفرقة من اليمن

851 ـ بطال بن أحمد بن محمد بن سليمان بن بطال الركبى ـ بباء موحدة ـ نسبة إلى قبيلة كبيرة يسكنون مواضع متفرقة من اليمن: وسمى محمدا، وإنما اشتهر ببطال. فلذلك ذكرناه فى حرف الباء. ذكره الجندى فى تاريخ أهل اليمن. وذكر أنه أتقن القراءات والنحو والفقه والحديث واللغة باليمن، ثم ارتحل إلى مكة، فلبث بها أربع عشرة سنة، فازداد علما ومعرفة؛ لأنه لم يترك أحدا من الواردين والمقيمين لديه فضيلة، إلا أخذ عنه، ولازم صحبة ابن أبى الصيف، وأخذ عنه، وأجازه فى سنة إحدى وستمائة، ثم عاد إلى بلده ذى يعمد فقصده الطلبة من أنحاء اليمن. وابتنى مدرسة بقريته التى كان يسكن بها، وتعرف بذى يعمد ـ بفتح الياء المثناة من تحت وسكون العين المهملة وكسر الميم وسكون الدال ـ ووقف كتبه وجملة من أرضه على المدرسة. وله تواليف، منها: كتاب المستعذب المتضمن لشرح غريب ألفاظ المهذب، والأربعون المستخرجة من أحاديث الحسان، والصحاح الجامعة لما استحب درسه عند المساء والصباح، وأربعون فى لفظ الأربعين. وله أشعار مستحسنة. وكان مع كماله فى العلم، ذا عبادة وزهادة وورع، وغالب زمانه يختم القرآن فى كل يوم وليلة ختمة. وتوفى لبضع وثلاثين وستمائة ببلده. انتهى. 852 ـ بكار بن رباح المكى: عن ابن جريج. حديثه فى المزاح منكر. ذكره هكذا الذهبى فى المغنى. وذكره فى الميزان بنحو ذلك، وقال: تلو قوله فى المزاح. رواه الزبير بن بكار. 853 ـ بكر بن خلف البصرى، أبو بشر: ختن أبى عبد الرحمن المقرى. روى عن سفيان بن عيينه، وأبى عاصم النبيل، ويحيى ابن سعيد القطان، وجماعة. روى عنه البخارى تعليقا، وأبو داود، وابن ماجة، والفسوى، وذكره فى رجال مكة فى الأول من مشيخته.

_ 851 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ ثغر عدن 200، بغية الوعاة 18، الأعلام 5/ 320). 853 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 2/ 385).

854 ـ بكر بن محمد بن أبى مرة المكى

قال عبيد الله بن واصل: رأيت محمد بن إسماعيل يختلف إلى محمد بن المهلب يكتب عنه أحاديث أبى بشر بكر بن خلف، وكنت أتوهم أن أبا بشر قد مات. فلما قدمت مكة، إذ هو حى فلزمته. قال ابن معين: ما به بأس، وقال: صدوق. وقال أبو حاتم: ثقة. وقال الدولابى: مات سنة أربعين ومائتين. 854 ـ بكر بن محمد بن أبى مرة المكى: هكذا ذكره محمد بن سعد، لأنه قال: حدثنا بكر بن محمد بن أبى مرة المكى، قال: كان مسلم بن خالد ـ يعنى الزنجى ـ أبيض مشربا بحمرة، وإنما الزنجى لقب لقب به وهو صغير. 855 ـ بلال بن رباح القرشى التيمى، مولاهم، أبو عبد الله: ويقال أبو عبد الرحمن، ويقال أبو عبد الكريم، ويقال أبو عمرو المؤذن، مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويقال له: بلال بن حمامة، وهى أمه. أسلم قديما، وعذب فى الله تعالى، وشهد بدرا وأحدا. والمشاهد كلها مع النبىصلى الله عليه وسلم. قال ابن إسحاق: قيل من مولدى مكة، وقيل من مولدى السراة. وذكر المدينى القول الثانى. وروينا من حديث ابن مسعود: أن أول من أظهر الإسلام: رسول اللهصلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمار وأمه سمية، وصهيب وبلالا والمقداد، فإنهم ـ إلا رسول اللهصلى الله عليه وسلم، وأبو بكر ـ أخذهم المشركون، فألبسوهم أدراع الحديد وصهروهم فى الشمس، فما منهم إنسان إلا وقد وآتاهم على ما أرادوا، إلا بلال، فإنه هانت عليه نفسه فى الله، وهان على

_ 855 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 214، الإصابة ترجمة 736، أسد الغابة ترجمة 493، طبقات ابن سعد 3/ 1 / 165، نسب قريش 208، طبقات خليفة 19، 298، تاريخ خليفة 99، 149، التاريخ الكبير 2/ 106، التاريخ الصغير 1/ 53، الجرح والتعديل 2/ 395، مشاهير علماء الأمصار ترجمة 323، الأغانى 3/ 120 ـ 121، حلية الأولياء 1/ 147 ـ 151، تاريخ دمشق 10/ 353، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 136 ـ 137، تهذيب الكمال 167، دول الإسلام 1/ 16، تاريخ الإسلام 2/ 31، العبر 1/ 24، تهذيب التهذيب 1/ 502، خلاصة تهذيب الكمال 53، كنز العمال 13/ 305 ـ 308، شذرات الذهب 1/ 31، تهذيب تاريخ ابن عساكر 3/ 304 ـ 318 سير أعلام النبلاء 1/ 347).

قومه، فأعطوه الولدان وجعلوا يطوفون به فى شعاب مكة، وهو يقول: أحد أحد. وفى رواية: أنهم كانوا يطوفون به والحبل فى عنقه، بين أخشبى مكة. وذكر فى صفة تعذيبه غير ذلك. وكان أبو بكر الصديق رضى الله عنه، هو الذى أراحه من ذلك؛ لأنه اشتراه بخمس أواق. وقيل بسبع. وقيل بتسع. ثم أعتقه. وكان له خازنا، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنا. ويقال: إنه أذن بعده لأبى بكر رضى الله عنه، ثم رغب عن ذلك فى خلافة عمر رضى الله عنه للجهاد، ويقال: إنه رغب عن ذلك فى حياة أبى بكر رضى الله عنه، وخرج إلى الشام مجاهدا. ويقال: إنه أذن مرة لعمر رضى الله عنه، حين قدم إلى الشام. فبكى عمر وغيره من المسلمين. ذكر هذا كله من حاله ابن عبد البر بالمعنى. وقال ابن الأثير: وهو أول من أذن فى الإسلام. وذكر ابن الأثير خبرا فيه: أن بلالا رضى الله عنه، قدم المدينة زائرا، فقال له الحسن والحسين رضى الله عنهما: نشتهى أن تؤذن فى السحر. فعلا سطح المسجد فلما قال: الله أكبر الله أكبر، ارتجت المدينة. فلما قال: أشهد أن لا إله إلا الله زادت رجتها. فلما قال: أشهد أن محمدا رسول الله، خرج النساء من خدورهن. فما رئى يومئذ أكثر باكيا وباكية من ذلك اليوم. انتهى. ويقال: إنه لم يكمل الأذان حين أذن بالمدينة، فى قدومه إليها للزيارة، وأنا أستبعد قطعه للأذان بعد شروعه فيه. والله أعلم. ومن فضائله: ما رويناه فى الترمذى مرفوعا، أن النبى صلى الله عليه وسلم، دعا بلالا، فقال له: «يا بلال، بم سبقتنى إلى الجنة، ما دخلت الجنة قط، إلا سمعت خشخشتك أمامى» (1).

_ (1) أخرجه الترمذى فى سننه كتاب المناقب حديث رقم (3689) من طريق: الحسين بن حريث أبو عمار المروزى، حدثنا على بن الحسين بن واقد، حدثنى أبى، حدثنى عبد الله ابن بريدة قال: حدثنى أبى بريدة قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بلالا فقال: «يا بلال بم سبقتنى إلى الجنة ما دخلت الجنة قط إلا سمعت خشخشتك أمامى دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك أمامى فأتيت على قصر مربع مشرف من ذهب فقلت لمن هذا القصر فقالوا: لرجل من العرب فقلت: أنا عربى، لمن هذا القصر قالوا: لرجل من قريش، قلت: أنا قرشى، لمن هذا القصر. قالوا: لرجل من أمة محمد. قلت: أنا محمد، لمن هذا القصر. قالوا: لعمر بن الخطاب». فقال بلال: يا رسول الله ما أذنت قط إلا صليت ركعتين وما أصابنى حدث قط إلا توضأت عندها ورأيت أن لله على ركعتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما. وفى الباب عن جابر ومعاذ وأنس وأبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: رأيت فى الجنة قصرا من ذهب فقلت: لمن هذا. فقيل: لعمر بن الخطاب. ـ

856 ـ بلال بن عبد الله الحبشى، أبو عتيق بن العجمى

روى بلال عن النبى صلى الله عليه وسلم، وروى عنه مولاه الصديق وعمر، وغيرهما من الصحابة رضى الله عنهم، وجمع من التابعين. روى له الجماعة. قال الواقدى عن سعيد بن عبد العزيز عن مكحول: حدثنى من رأى بلالا، قال: كان رجلا آدم شديد الأدمة نحيفا طوال أجنا، له شعر كثير. وكان لا يغير. انتهى. وذكر ذلك ابن عبد البر، غير معزو، إلا أنه لم يقل: له شعر، ولا ما بعده. وقد اختلف فى تاريخ موته. فقيل فى طاعون عمواس، قاله الذهبى عن يحيى بن كثير. وقيل سنة عشرين، ذكره ابن البرقى، وابن سعد. وقيل سنة إحدى وعشرين، ذكره ابن عبد البر. اختلف أيضا فى سنة، فقيل ابن ثلاث وستين. وقيل ابن سبعين. ذكرهما ابن عبد البر. واختلف أيضا فى موضع قبره، فقيل بمقبرة دمشق عند الباب الصغير. ذكره ابن سعد، وابن عبد البر. وقيل بداريا. وقيل بحلب، ودفن على باب الأربعين، قاله على بن عبد الرحمن. وقيل: إن الذى مات بحلب، هو أخوه خالد. والله أعلم. وهذا فى تهذيب الكمال. وأما قول من قال: إنه مات فى سنة سبع عشرة أو ثمانى عشرة، فراجع إلى قول من قال: إنه مات فى طاعون عمواس، للخلاف فيه. 856 ـ بلال بن عبد الله الحبشى، أبو عتيق بن العجمى: سمع من أبى شرفى، يوسف بن إسحاق الطبرى: جامع الترمذى، ومن المحب الطبرى: سنن أبى داود، وحدث بالجامع بقراءة أمين الدين بن الوانى فى العشر الأخير من رمضان سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة بالحرم الشريف. وسمعه عليه جماعة من شيوخنا، وكان بوابا للمدرسة المنصورية وفراشا بالحرم الشريف. توفى فى ذى الحجة عام ثلاث وثلاثين وسبعمائة. وهكذا وجدت وفاته بخط الآقشهرى. * * *

_ ـ قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب، ومعنى هذا الحديث أنى دخلت البارحة الجنة يعنى رأيت فى المنام كأنى دخلت الجنة هكذا روى فى بعض الحديث ويروى عن ابن عباس أنه قال رؤيا الأنبياء وحى.

حرف التاء المثناة

حرف التاء المثناة 857 ـ تمام بن العباس بن عبد المطلب الهاشمى، ابن عم رسول اللهصلى الله عليه وسلم: اختلف فى صحبته. وله رواية وحديث فى السواك، على ما ذكر ابن عبد البر. قال: قال الزبير: وكان من أشد الناس بطشا. وذكر أن أمه أم ولد، وأنه ليس له عقب. قال: وكان امرأ صدق. انتهى. وقال ابن عبد البر: وكان تمام بن العباس، واليا لعلى بن أبى طالب رضى الله عنه على المدينة. وذلك أن عليا لما خرج عن المدينة يريد العراق، استخلف سهل بن حنيف على المدينة، ثم عزله واستجلبه إلى نفسه. وولى المدينة تمام بن العباس، ثم عزله وولى أبا أيوب الأنصارى. فشخص أبو أيوب نحو على. واستخلف على المدينة رجلا من الأنصار. فلم يزل عليها حتى قتل على رضى الله عنه. ذكر ذلك كله خليفة بن خياط. وذكر ابن عبد البر: أن تماما كان أصغر ولد العباس رضى الله عنه وكان العباس يحمله ويقول [من الرجز] (1): تموا بتمام فصاروا عشره ... يا رب فاجعلهم كراما برره واجعل لهم ذكرا وأنم الثمره قال: ويقال إنه ما رئيت قبور أشد تباعدا بعضها من بعض، من قبور بنى العباس بن عبد المطلب، ولدتهم أم الفضل أمهم فى دار واحد. واستشهد الفضل بأجنادين، ومات معبد وعبد الرحمن بإفريقية، وتوفى عبد الله بالطائف، وعبيد الله باليمن، وقثم بسمرقند، وكثير بينبع، أخذته الذبحة، وذكر أن أمه وأم أخيه كثير، رومية تسمى سبأ. 858 ـ تمام بن عدى القرشى: ذكره هكذا أبو عمر، وقال: لا أدرى من أى قريش هو.

_ 857 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 243، الإصابة ترجمة 858، أسد الغابة 510، طبقات خليفة ترجمة 1976، العبر 56/ 422، التاريخ الكبير 2/ 157، أنساب الأشراف 3/ 67، المعرفة والتاريخ 1/ 361، الوافى بالوفيات 10/ 396، تعجيل المنفعة 43). (1) الأبيات فى: (الاستيعاب ترجمة 243، أسد الغابة ترجمة 510). 858 ـ لم ترد هذا الترجمة فى نسخة الاستيعاب المطبوعة.

859 ـ تمام (1) بن عبيدة

كان أميرا لعثمان على صنعاء. روى عنه: أبو الأشعث الصنعانى، فى التوجع على عثمان والتلهف والبكاء عليه. 859 ـ تمام (1) بن عبيدة: أخو الزبير بن عبيدة من بنى غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة. قال يونس بن بكير عن ابن إسحاق: وكانت بنو غنم بن دودان أهل الإسلام، قد قدموا إلى المدينة مع النبى صلى الله عليه وسلم، فممن هاجر مع نسائهم: تمام بن عبيدة. أخرجه ابن مندة وأبو نعيم. ذكره هكذا ابن الأثير. 860 ـ تمام بن على بن عبد الكافى بن على بن تمام بن يوسف بن موسى بن تمام بن حامد بن يحيى بن عمر بن عثمان بن على بن مسوار بن سوار بن سليم بن أسلم الخزرجى، الشيخ بهاء الدين بن الشيخ تقى الدين السبكى الشافعى، يكنى أبا حامد، ويسمى أيضا أحمد: ولد فى سنة تسع عشرة وسبعمائة. وسمع صحيح البخارى على أبى العباس الحجار بالقاهرة، فى قدمته الثانية إليها، وسمع من على بن عمر الوانى، وأبى النون يونس بن إبراهيم الدبوسى، ويوسف بن عمر الختنى، والقاضى بدر الدين بن جماعة، وجماعة بالقاهرة ودمشق. وأخذ العلم عن أبيه، والمجد الزنكلونى، والقاضى شمس الدين بن القماح، وأخذ عن الشيخ أبى حيان العربية. ودرس وأفتى من صغره، مع وفور فضيلته. وحدث قليلا. وبلغنى أنه كان يتخيل فيمن يريد السماع عليه، أن ذلك لكونه يسمى تماما، لا لمعنى سوى ذلك. فلذلك قل إسماعه. والله أعلم. وولى المناصب الرفيعة، كتدريس الشافعى وغيره، وقضاء العسكر بالقاهرة، وقضاء دمشق، بعد صرف أخيه القاضى تاج الدين السبكى، لأمر اقتضى ذلك. وتوجه أخوه القاضى تاج الدين على وظائفه بالقاهرة، ثم عزل عن قضاء دمشق، وعاد إلى وظائفه بالقاهرة، وعاد أخوه إلى وظائفه بدمشق.

_ 589 ـ (1) ذكره أبو عمر بن عبد البر فى الاستيعاب فى ترجمة أخوه الزبير بن عبيدة: أنه كان فيمن هاجر من بنى غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة هو والزبير بن عبيدة وسخبرة بن عبيدة بن الزبير. ولم يذكره فى ترجمة خاصة به. انظر: (الاستيعاب ترجمة 810). 860 ـ سبق ترجمته فى باب أحمد.

فكانت ولايته للقضاء بدمشق وما أضيف إليه، فى منتصف سنة ثلاث وستين وسبعمائة. وباشر ذلك ستة أشهر وأزيد قليلا. وله تواليف، منها: كتاب عروس الأفراح، فى شرح تلخيص المفتاح للقاضى جلال الدين القزوينى. وله يد طولى فى العلم، وله شعر رائق، ومجاورات بمكة، وبها توفى ـ رحمه الله تعالى ـ يوم الخميس سابع شهر رجب سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة. ودفن بالمعلاة بقرب الفضل بن عياض رحمهما الله تعالى. وذلك بعد أن زار المدينة النبوية رفيقا لجدى الفاضل أبى الفضل النويرى، رحمهما الله تعالى. وكانت بينهما صداقة أكيدة. وبلغنى عن شيخنا كمال الدين الدميرى، أنه رأى جدى أبا الفضل النويرى فى المنام، وسأله عن بهاء الدين السبكى هذا، فقال له جدى ما معناه: ذاك الذى لم يبلغه عن النبى صلى الله عليه وسلم أمر ولا نهى إلا ائتمر به، ولم يخالفه. انتهى. أنشدنى قاضى القضاة زين الدين أبو بكر بن الحسين المراغى الشافعى، قراءة عليه وأنا أسمع بمنى، أنه سمع قاضى القضاة بهاء الدين أبا حامد بن الشيخ تقى الدين السبكى، ينشد لنفسه بالحضرة النبوية قائما مكشوف الرأس، قصيدة نبوية أولها [من الطويل]: تيقض لنفس عن هداها تولت ... وبادر ففى التأخير أعظم خشية فحتام لا تلوى لرشد عنانها ... وقد بلغت من غيها كل بغية ومنها: وأمارة بالسوء لوامة لمن ... نهاها فليست بالمطمئنة إذا أزمعت أمرا فليس يردها ... عن الفعل إخوان التقى والمبرة وإن مر فعل الخير فى بالها انثنى ... أبو مرة يثنيه فى كل مرة ولى قدم لو قدمت لظلامة ... لطارت ولى أنى دعيت لقربة لكنت كذى رجلين رجل صحيحة ... ورجل رمى فيها الزمان فشلت ومنها: وقائلة لما رأت ما أصابنى ... وما أنا فيه من لهيب وزفرتى رويدك لا تقنط وإن كثر الخطا ... ولا تيأسن من نيل روح ورحمة مع العسر يسر والتصبر نصرة ... ولا فرح إلا بشدة أزمة وكم عامل أعمال أهل جهنم ... فلما دنا منه أعيد لجنة فقلت لها جوزيت خيرا على الذى ... منحت من البشرى وحسن النصيحة

861 ـ تميم بن أسيد ـ وقيل أسد ـ بن عبد العزى بن جعونة بن عمرو ابن القين بن رزاح بن سعد بن كعب بن عمرو الخزاعى

فهل من سبيل للنجاة من الردى ... وما حيلتى فى أن تفرج كربتى فقالت فطب نفسا وقم متوجها ... لطيبة تسلم من بوار وخيبة فكم آيس من رحمة الله قد خطا ... إليها فحطت عنه كل خطيئة فديتك فاقصدها بذل فإنها ... تقيل بنى الزلات من كل عثرة وإن لم يكن أهلا للثم ترابها ... فمن شأنها الإغضاء عن ذى الجريمة وإن لم تكن حصلت زادا من التقى ... فزاد التقى يلقى بتلك المدينة وقف فى حمى خير الورى بتأدب ... وذل وكسر وافتقار ووحشة وقل يا أعز المرسلين ومن له ... على ذروة العلياء أعظم رتبة وخير نبى جاء من خير عنصر ... بخير كتاب قد هدى خير أمة وأولهم فضلا ونشرا إذا دعوا ... وآخرهم بعثا وأوسط نسبة لك المعجزات الغر لاحت خوارقا ... وباهر آيات عن الحصر جلت ومنها: هديت إلى النجدين هدى دلالة ... فقوم إلى رشد وقوم لشقوة وأوضحت بالنوعين شرعة ديننا ... فطورا بتفصيل وطورا بجملة وأسعدت بالأمرين فرقتى الورى ... فريق بلين أو فريق بشدة وأرشدت للدارين من طاع أو عصى ... فهذا إلى نار وذاك لجنة وبالقمرين النيرين هديتنا ... كتاب من الله الكريم وسنة وصليت نحو القبلتين تفردا ... وكل نبى ما له غير قبل وعندى يمين لا يمين بأن فى ... يمينك وكفا كيف ما السحب ضنت لقد نزه الرحمن ظلك أن يرى ... على الأرض ملقى فانطوى للمزية 861 ـ تميم بن أسيد ـ وقيل أسد ـ بن عبد العزى بن جعونة بن عمرو ابن القين بن رزاح بن سعد بن كعب بن عمرو الخزاعى: أسلم وولاه النبى صلى الله عليه وسلم، تجديد أنصاب الحرم وإعادتها. نزل مكة. قاله محمد بن سعد. ذكره هكذا ابن الأثير، وذكر له حديثا فى تساقط الأصنام حول الكعبة يوم الفتح. وفيه: فقال: تميم [من الوافر]: وفى الأصنام معتبر وعلم ... لمن يرجو الثواب أو العقابا

_ 861 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 1/ 255).

862 ـ تميم بن الحارث بن قيس بن عيد بن سعد بن سهم القرشى السهمى

أخرجه ابن مندة، وأبو نعيم. انتهى. ذكره الذهبى فى التجريد، فقال: تميم بن أسيد. 862 ـ تميم بن الحارث بن قيس بن عيد بن سعد بن سهم القرشى السهمى: ذكر ابن عبد البر: أنه كان من مهاجرة الحبشة، هو وأخواه سعيد، وأبو قيس ابنا الحارث، وقتل تميم يوم أجنادين. وكان أبوهم من المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذى يقال له ابن الغيطلة، وهو اسم أمه، وهى امرأة من بنى كنانة. ذكره ابن عبد البر، وقال: لم يذكر ابن إسحاق تميم بن الحارث فى مهاجرة الحبشة فى نسخة ابن هشام. وذكر بشر بن الحارث السهمى مكان تميم. 863 ـ تغرى برمش بن يوسف التركمانى الحنفى: نزيل القاهرة والحرمين، يلقب زين الدين، ويكنى أبا المحاسن. عنى فى بلاده بالعلم فيما ذكر، ثم أتى القاهرة وهو شاب، وعنى فيها بفنون من العلم، وأخذ بها عن جماعة من الأكابر، منهم: الشيخ جلال الدين التبانى الحنفى. وكان يستحضر فيما يذكره من المسائل، أو يجرى عنده فيها ذكر، ألفاظ بعض المختصرات فى ذلك، ولكنه كان قليل البصارة والذكاء. وكان يستحضر كثيرا من الكلمات المنكرة الواقعة فى كلام ابن عربى الصوفى وغيره من الصوفية. وكان يبالغ فى ذم ابن عربى وأتباعه، وربما أعدم بعض كتبه بالمحو أو الإحراق. وربما ربط «الفصوص» منها إلى ذنب كلب فيما قيل. وكان قد سأل عن ابن عربى، وعن كتبه، شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقيتى وغيره من أعيان علماء المذاهب الأربعة بالقاهرة، فأفتوه بذم ابن عربى وكتبه وجواز إعدامها، وصار يعلن ذم ابن عربى وأتباعه وكتبه، ويكرر ذلك عصرا بعد عصر. وكان قد صحب جماعة من الترك بمصر؛ واستفاد بصحبتهم جاها وتعظيما عند أعيان الناس بالقاهرة وغيرها وقتا بعد وقت، فى دولة الملك الظاهر وابنه الملك الناصر والملك المؤيد ـ زاده الله تأييدا ونصرا ـ وكتب له مرسوما يتضمن الإذن له فى إنكار المنكرات المجمع عليها، وأن يعينه على ذلك الحكام.

_ 862 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 236، الإصابة ترجمة 841، أسد الغابة ترجمة 518). 863 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 218 رقم 764، شذرات الذهب 7/ 157، المنهل الصافى 4/ 56).

وكان يرسل إليه فى كل سنة من السنين التى جاور فيها بالحرمين، بصلة تقوم بكفايته، وجرت له على يده صدقات بالحرمين، منها صدقة من القمح فى سنة سبع عشرة وثمانمائة، وصدقة من الذهب فى سنة ثمانى عشرة، وصدقة من الدراهم المؤيدية والقمصان فيما بعد ذلك. وكان يخطئ كثيرا فى صرف ذلك، لإعطائه من ذلك جانبا طائلا لمن لا يستحق أو لتفضيله لمن لا يستحق على من يستحق فى العطاء، ونالته الألسنة بسبب ذلك كثيرا، وبسبب منعه المؤذنين من المدائح النبوية وغيرها فى المنائر ليلا، ومنع المداحين من إنشاد ذلك، فى الأوقات التى جرت عادة الناس بكثرة الاجتماع فيها بالمسجد الحرام، ومنعه الخطباء من الصغار فى ليالى ختم القرآن العظيم، فى شهر رمضان، وإيقاد مشاعل المقامات التى بالمسجد الحرام، فى الأوقات التى جرت العادة بها فى العشر الأخير من رمضان، وليلة العيد، وليلة هلال شهر رجب، وليلة هلال شهر ربيع الأول وغيرها، لما يحصل للمصلين والطائفين من كثرة التشويق، بسبب ارتفاع أصوات المشار إليهم، ولما يحصل من كثرة اجتماع الرجال والنساء لسماع الخطب، ورؤية الوقيد. وكان منعه من ذلك فى أثناء سنة ثمانى عشرة وثمانمائة، بعد أن وافقه على ذلك جماعة من فقهاء مكة. وكتبوا له خطوطهم بذلك. وكتب له بمثل ذلك غيرهم من علماء القاهرة. ثم إن بعض من كتب له من فقهاء مكة، حمله ما جبل عليه من كثرة الهوى وحط النفس، على أن قال بخلاف ما كتب به خطه، لمخالفة تغرى برمش له فى هواه، وسعى عند بعض حكام مكة من جهة الدولة، فى الإذن فى إيقاد مشاعل المقامات، والمديح فى ليلة هلال رجب من سنة عشرين وثمانمائة. فوافقه الحاكم على ذلك، وفعل ذلك فى الليلة المذكورة. ولما عرف بالوقيد تغرى برمش، خرج من منزله بالمدرسة المجاهدية بمكة لمنع ذلك، ولم يكن له علم بموافقة الحاكم المشار إليه على ذلك، فناله من العامة أذى عظيم، من عظيم الذم، وربما أن بعضهم أوقع به الفعل، ولولا دفع بعض من يعرفه من الترك عنه، لكثر تضرره مما ناله من ذلك. وكان ذلك فى غيبة صاحب مكة عنها. فلما حضر إليها، أنكر على من أمر به، أو أشار به من جهته وغيرهم، وأمر باتباع اختيار تغرى برمش فى ذلك.

فلم يتجاسر أحد على فعل ما يخالفه، حتى مات تغرى برمش، إلا أن بعض المؤذنين والمداحين، ربما مدحوا فى أوقات قليلة، بعضها بحضرة تغرى برمش، وكثير منها فى غيبته من مكة، وكان انقطاعه بالحرمين بعد حجه من سنة ست عشرة وثمانمائة. وقد انتفع بصحبته كثيرا، ناس من أهل الحرمين، منهم من المكيين: القاضى عز الدين ابن القاضى محب الدين النويرى، وأخوه كمال الدين أبو الفضل، وسبب ذلك: أن تغرى برمش، جاور بالمدينة النبوية قبل القرن التاسع، وتوقع حصول سوء بها من الشيخ أبى عبد الله المغربى المعروف بالكركى، ففر إلى مكة، فطيب خاطره، وأحسن إليه، قاضيها محب الدين النويرى. فلما مات، راعى صنيعه فى ولديه وجماعته، وهو ممن قام مع القاضى عز الدين، فى نزع الخطابة بالمسجد الحرام ونظره والحسبة بمكة له، من قاضى القضاة جمال الدين بن ظهيرة، ولما وصل لأبى السعادات بن أبى البركات بن ظهيرة توقيع بهذه الوظائف، فى أثناء سنة عشرين وثمانمائة ـ خلا الحسبة ـ عارضه فى ذلك تغرى برمش، بتوقيع وصل للقاضى عز الدين بالوظائف المذكورة، وأن يكون أخوه أبو الفضل نائبا عنه فيها، بعد التوقيع الذى وصل لأبى السعادات بأيام قليلة، باعتبار تاريخها. وكان وصولهما إلى مكة معا فى وقت واحد، واتفق أن القاضى عز الدين، مات قبل وصول توقيعه، كما أن أبا البركات مات قبل وصول توقيعه بالخطابة، ثم كتب بها لابنه، فرأى الشيخ تغرى برمش وغيره من أعيان مكة، أن توقيع القاضى عز الدين، ناسخ لتوقيع ابن أبى البركات، ومانع له من المباشرة، مع كراهة أكثرهم لمباشرته، ونازع ابن أبى البركات فى ذلك، بحضور صاحب مكة وغيره من قضاتها، والشيخ تغرى برمش. وتعلق فى ذلك بمثال شريف إلى أمير مكة، يتضمن إعلامه لولاية ابن أبى البركات، وزعم أنه كتب بعد توقيع القاضى عز الدين، ونسب إلى زيادة (ين) فيه بعد عشر، وإنما هو مؤرخ بخامس عشر صفر. وصمم الشيخ تغرى برمش على منعه من المباشرة، فأساء فى حقه ابن أبى البركات، فكاد الشيخ تغرى برمش أن يضربه، وأن يحثو التراب فى وجهه. ووافق صاحب مكة وغيره من أعيانها، على ما اختاره الشيخ تغرى برمش، من منع ابن أبى البركات من الخطابة، فلم يباشرها إلا بعد وفاة الشيخ تغرى برمش بخمسة وأربعين يوما، لوصول

توقيع إليه بها، وبنظر الحرم والحسبة، مؤرخ بثانى عشر صفر سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة. وكان قد جاءه توقيع بنظر الحرم والحسبة، فى حادى عشر القعدة سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة. فباشر ذلك إلى أوائل ذى الحجة منها، وتغرى برمش عليل مدنف. وكان سبب موته استطلاق بطنه من كثرة الأكل. فإنه لما عرض له الإسهال من ذلك، صار يشتهى أشياء كثيرة ضارة له، فتصنع له ويأكلها، وتكرر ذلك منه، فعظم عليه الضرر والتعب، إلى أن مضى لسبيله فى ليلة مستهل المحرم، سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، ودفن فى صبيحتها بالمعلاة، وحمل إليها فيما يحمل فيه الطرحا. ولم يشيعه من الناس إلا القليل. ومما يحمد من أفعاله: سعيه فى شراء ماء فى قرار عين السلامة، وهى ساعة، يسقى به البستان المنسوب وقفه لنجم العجمى، عند مشهد حبر الأمة، عبد الله بن عباس بالطائف. وذكر لى أن ثمن ذلك مائة مثقال. وكان قد اشترى بالمدينة دارا تنسب لأبى مسلم، وذكر أنه أوصى بوقفها على رجلين، يقرأ أحدهما: شرح معانى الآثار للطحاوى، وكتاب العاقبة لعبد الحق الإشبيلى، والتذكرة للقرطبى، ورياض الصالحين، وسلاح المؤمن، وغير ذلك من الكتب التى سماها. والآخر: يصلى على النبى صلى الله عليه وسلم كل يوم ألف مرة، ثم رجع عن هذه الوصية، ووقف هذه الدار على أقاربه، وأثبت ذلك على بعض الحكام من الحنفية بمكة وحكم بها، وأثبت الموقوف عليهما، وقف الدار عليهما، قبل رجوعه، فيما بلغنا. وذكر أن ما صدر من تغرى برمش، لم يكن كما زعم وصية منه، وإنما نجز وقفيته. وكان قليل المداراة للناس، كثير الحب للإقدام المؤلم ممن يعارضه، وإذا ظهر له أن فى فعل شيء مصلحة ما، فعل ذلك، وإن كان تركه أصلح، أو المصلحة أكثر فى فعل غير ما يراه، وهو السبب الأعظم فى إزالة الخلوة التى كانت إلى جنب زمزم فى المسجد الحرام، والزبازيب التى تحتها الأحجار التى عندها. وكان الناس يجلسون عليها، ويتوضون من هذه الزبازيب، لما قيل إن بعض الناس يستنجى هناك، وكان زوال ذلك فى العشر الأول من ذى الحجة سنة سبع عشرة وثمانمائة، بعد وجوده عشر سنين. وعوض عنه السبيل الموجود الآن.

864 ـ تبل بن منصور بن راجح بن محمد بن عبد الله بن عمر بن مسعود العمرى المكى القائد

وكان لما جاور بمكة فى سنة عشر وثمانمائة، أو قبلها بقليل، أو بعدها بقليل، سد الباب الضيق من الغار الذى بجبل ثور بأسفل مكة، لكون كثير ممن يريد دخوله من بابه الضيق، انحبس فيه لما ولج فيه، وانتقد عليه ذلك كثيرا، شيخنا شمس الدين محمد الخوارزمى، المعروف بالمعيد، إمام الحنفية بالمسجد الحرام، ومنعه من الأخذ عنه، حتى يزيل ما سده. ويحدث توبة بسبب ذلك. وكان فى مجاورته هذه، خامل الذكر كثير التقشف والعبادة، سامحه الله تعالى. وأظنه جاوز الستين. 864 ـ تبل بن منصور بن راجح بن محمد بن عبد الله بن عمر بن مسعود العمرى المكى القائد: كان من أعيان القواد المعروفين بالعمرة، مليا. توفى فى رمضان أو شوال سنة ست وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وهو فى عشر الخمسين أو بلغها. 865 ـ تاج الدين الهندى: نزيل مكة. كان معتنيا بالعبادة والخير، وللناس فيه اعتقاد. وله اعتقاد قوى فى محيى الدين بن عربى الصوفى. جاور بمكة عشرين سنة أو نحوها، وسافر منها إلى المدينة النبوية زائرا، وأدركه الأجل بمكة فى العشر الأول من ربيع الأول سنة سبع وعشرين وثمانمائة، ودفن بالشبيكة أسفل مكة، بوصية منه، بعد الصلاة عليه بالمسجد الحرام، وأحسبه بلغ السبعين، وأكثر ظنى أنه من كنباية من بلاد الهند وأعمالها، وكان يسترشدنى فى كثير من المسائل. * * *

حرف الثاء المثلثة

حرف الثاء المثلثة 866 ـ ثامر، صاحب قلعة تكريت، يلقب همام الدين: حج سنة سبع وسبعين وخمسمائة، وأدركه الأجل بالمزدلفة، فحمل إلى المعلاة، ودفن بها. لخصت هذه الترجمة من الكامل لابن الأثير. 867 ـ ثامر بن جياش بن أبى ثامر المبارك القاسمى، يكنى أبا حسن: توفى يوم السبت تاسع شهر رمضان سنة خمس وسبعين وخمسمائة، ودفن بالمعلاة. كتبت هذه الترجمة من حجر قبره. وترجم فيه: بالقائد. والقاسمى: نسبة إلى قاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن أبى هاشم الحسنى، أمير مكة. 868 ـ ثقبة بن رميثة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسنى، المكى، يلقب أسد الدين، يكنى أبا شهاب: ولى إمرة مكة مدة سنين، شريكا لأخيه عجلان، ومستقلا بها فى بعضها. ورأيت فى تاريخ ابن محفوظ وغيره شيئا من خبرهما، ورأيت أن ألخص ذلك بالمعنى. وذلك أن ثقبة ولى إمرة مكة شريكا لأخيه عجلان فى حياة أبيهما، لما تركها لهما أبوهما، على ستين ألف درهم، فى سنة أربع وأربعين وسبعمائة، ثم قبض عليه فى هذه السنة بمصر. وكان قدمها بطلب من صاحبها الصالح إسماعيل بن الناصر، ثم أطلق، فتوجه إلى مكة. ثم توجه منها فى سنة ست وأربعين إلى نخلة، لما ولى أخوه عجلان إمرة مكة بمفرده فى حياة أبيه، وتوجه ثقبة بعد ذلك إلى مصر فى السنة المذكورة، وقبض عليه

_ 868 ـ انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 1/ 530، البدر الطالع 1/ 181، النجوم الزاهرة 10/ 226، الأعلام 2/ 100، الدليل الشافى 1/ 2331 رقم 804، السلوك 3/ 72، المنهل الصافى 4/ 199).

بها. ولم يزل حتى أطلق هو وأخواه سند ومغامس، وابن عمهم محمد بن عطيفة، ووصلوا إلى مكة فى سنة ثمان وأربعين وسبعمائة. وأخذوا فيها من عجلان، نصف البلاد بغير قتال. وداما على ذلك إلى سنة خمسين، وفيها حصل بينهما وحشة. وكان عجلان بمكة وثقبة بالجديد، ثم خرج عجلان إلى الوادى لقتال ثقبة، فمنعه القواد من ذلك، واصطلح مع أخيه ثقبة، ثم سافر عجلان إلى مصر فى هذه السنة، فاستقل ثقبة بالإمرة وقطع دعاء عجلان من زمزم. فلما وصل عجلان من مصر متوليا للبلاد بمفرده، فى خامس شوال من السنة المذكورة، توجه ثقبة إلى ناحية اليمن، ثم قصد ذهبان وحمضة. وتعرض للجلاب، وأخذها، وحمل فيها عبيدة، وجاء بها إلى حلى، ولاءم الملك المجاهد صاحب اليمن من حلى. وكان المجاهد قد توجه إلى مكة للحج فى سنة إحدى وخمسين، ودخل إلى مكة ومعه ثقبة وإخوته. وكان عجلان قد منعهم من ذلك. وفى سنة اثنتين وخمسين، كان عجلان وبمكة ثقبة بالجديد، وجاءت الجلاب إلى جدة فنجلها ثقبة وجبأها جبأ عنيفا. وفى هذه السنة، جاء له ولأخيه عجلان طلب من صاحب مصر، فتقدما إلى مصر، كل منهما على انفراده، ثم رجع عجلان من ينبع، واستمر ثقبة حتى بلغ مصر، فولى الإمرة بمفرده، ووصل فى ذى القعدة من هذه السنة، ومعه خمسون مملوكا. فمنعه عجلان من الدخول إلى مكة، فرجع إلى خليص، وأقام بها إلى أن جاء مع الحاج. وأراد عجلان منعه، ومنع أمير الحاج من الدخول، ثم رضى ثقبة بأن تكون الإمرة بينه وبين أخيه عجلان نصفين، وصالح أخاه عجلان على ذلك. وكان المصلح بينهما الأمير المعروف بالمجدى، أمير الحاج المصرى، ثم استقل ثقبة بالإمرة فى أثناء سنة ثلاث وخمسين، بعد قبضه على أخيه عجلان، وأخذه لما كان معه من الخيل والإبل. واستمر على ذلك حتى قبض عليه أمير الركب المصرى عمر شاه، فى موسم سنة أربع وخمسين، واستقر عوضه أخوه عجلان، وذلك بعد أن سئل فى الصلح مع أخيه عجلان، على اشتراكهما فى الإمرة، فلم يوافق. وحمل إلى مصر، فأقام بها معتقلا حتى هرب منها ومعه أخواه المذكوران ومحمد بن عطيفة. وكانوا قد اعتقلوا معه، فوصلوا إلى نخلة فى السابع عشر من رمضان سنة ست وخمسين، وليس معهم إلا خمسة أفراس. وكان عجلان يومئذ بخيف بنى شديد، ثم

ارتحل إلى مكة، فأقام بها، ثم انتقل ثقبة وأخواه إلى الجديد، وأقاموا به ومعهم ثلاثة وخمسون فرسا. فلما كان اليوم الثالث عشر من ذى القعدة، نزلوا المعابدة محاصرين لعجلان، ثم رحلوا بعد أن تضرر الناس بهم، فى الرابع والعشرين من ذى القعدة إلى الجديد. فلما كان وقت وصول الحاج، وصلوا إلى ناحية جدة، وأخذوا الجلاب ودبروا بها إلى بحير، وبعد رحيل الحاج من مكة، توجهوا بالجلاب إلى جدة ونجلوها ونزلوا الجديد، ثم اصطلح ثقبة وعجلان، على أن تكون الإمرة بينهما نصفين، فى تاسع المحرم سنة سبع وخمسين، ثم انفرد ثقبة بالإمرة فى ثالث عشر جمادى الآخرة من هذه السنة، بعد رجوعه من اليمن، وأقام بمكة، وقطع نداء أخيه على زمزم. واستمر منفردا بالإمرة إلى مستهل ذى الحجة من هذه السنة، وأخوه عجلان فى هذه المدة بالجديد. فلما وصل الحاج المصرى، دخل معهم عجلان مكة بعد أن فارقها ثقبة، ثم طلب ثقبة إليها أمير الركب المصرى. وكان يقال له الهذبانى، فلم يجبه ثقبة، مع كونه أمنه، وقصد ناحية اليمن، ونهب قافلة الفقيه البركانى، وأخذ ما معهم من البضائع والقماش، وكان مالا كثيرا. وفى سنة ثمان وخمسين وصل ثقبة إلى الجديد، ونزل به وأقام به مدة، ثم ارتحل بعد ذلك إلى ناحية اليمن، وأقام بها مدة، ثم عاد إلى الجديد ثانية، فعمل عليه القواد، وحالفوا أخاه عجلان، فارتحل إلى خيف بنى شديد، ثم أتى نخلة، ثم التأم عليه الأشراف جميعهم، ورموا معه فى خيف بنى شديد، والتأم القواد جميعهم مع عجلان، وخرج من مكة ونزل الجديد، ثم ارتحل منه إلى البرقة طالبا قتال ثقبة، فلم يمكنه القواد من ذلك، ثم عاد إلى الجديد بعد شهر. فلما كان أول ذى القعدة، قصد ثقبة مكة، فلم يمكن من دخولها، بعد أن وصل إلى الدرب من ناحية الأبطح، ثم اصطلح ثقبة وعجلان، وتشاركا فى الإمرة عند وصول الحاج فى سنة ثمان وخمسين. واستمرا على الشرك والاصطلاح فى الإمرة، إلى أن عزلا فى أثناء سنة ستين وسبعمائة، بعد أن استدعيا فيه للحضور إلى حضرة السلطان بمصر، فاعتذرا عن ذلك، وولى عوضهما أخوهما سند وابن عمهما محمد بن عطيفة. انتهى ما ذكره ابن محفوظ، وغالبه بالمعنى. وذكر لى بعض من أثق به من الفقهاء المكيين: أن ثقبة اشترك مع أخيه سند فى

الإمرة بمكة، لما توجه محمد بن عطيفة، والعسكر الذى كان بمكة إلى مصر، بعد الفتنة التى كانت بين العسكر والأشراف بمكة، بعد الحاج فى سنة إحدى وستين وسبعمائة، وأن ثقبة سكّن الشر عن العسكر، وساعدهم على التوجه إلى مصر، فرعى له ذلك، وأشرك مع أخيه عجلان فى الإمرة، فلم يصل أخوه عجلان من مصر إلا وهو ضعيف مدنف، فأقام أياما، ثم مات فى شوال سنة اثنتين وسبعمائة بالجديد، وحمل إلى مكة فدفن بالمعلاة انتهى. وكان كثير الرعاية للزيدية، موصوفا بكرم وشجاعة، ومدحه ابن غنائم بقصيدة حسنة، أولها [من المنسرح]: ما خفقت فوق منكب عذبه ... على فتى كابن منجد ثقبه ولا اعتزى به لفخار منتسب ... إلا وفاقت علاه منتسبه منتخب من سليل منتخب ... منتجب من سليل منتجبه كم جبرت راحاته منكسرا ... وفك من أسر غيره رقبة وخلف ثقبة عدة أولاد، وهم: أحمد، وحسن، وعلى، ومبارك، وفاطمة، وسبق خبر أحمد، وسيأتى ذكر حسن، وعلى، ومبارك، وأما فاطمة فموجودة فى تاريخه. * * *

حرف الجيم

حرف الجيم 869 ـ جابر بن أسعد بن جابر بن عبد الله بن محمد بن على الحميرى اليمنى الحضورى، الفقيه أبو محمد: نزيل مكة. ولد بحضور، وهى قرية من مخاليف صنعاء باليمن، فى حدود سنة ستين وخمسمائة، وقدم مكة. وسمع بها زاهر بن رستم جامع الترمذى، وعلى أبى الفتوح الحصرى، مسند الشافعى، سنة عشر وستمائة. وسمع بالشام من القاسم بن عساكر والخشوعى، وحدث. سمع منه ابن مسدى، وذكره فى معجمه. ومنه كتبت أكثر هذه الترجمة. وذكر أنه توفى سنة تسع وأربعين وستمائة بمكة، سقط من علو منزله ـ رحمه الله ـ وأن أثباته ذهبت فى السيل الذى طم مكة، على رأس العشرين وستمائة. وقال الدمياطى فى معجمه: ذكر لى جابر فى سنة أربع وأربعين وستمائة، أنه قدم من اليمن، وله من العمر ما يزيد على العشرين. وأقام بمكة نحوا من خمس وستين سنة. 870 ـ جابر بن عبد الله المعروف بالحراشى: تردد إلى مكة مرات كثيرة، ولايم فى بعضها الشريف حسن بن عجلان صاحب مكة، ففوض إليه أمر جدة وغيرها. فقام بمصالحه أحسن قيام، وقرر لبنى حسن الرسوم التى يتناولونها اليوم، وكانت على غير هذه الصفة، مع نقصها عما قرره، وكان يحسن السياسة معهم فى أدائها إليهم، ويحسن السياسة أيضا فى استيفاء المكوس، ولكنه زاد فيها كثيرا عما كانت عليه قبل ولايته، وبنى الفرضة التى بجدة، ليحاكى بها فرضة عدن. وكانت فرضة جدة على غير هذه الصفة. ثم تغير عليه صاحب مكة، لخبث لسانه وامتنانه عليه بقيامه بمصالحه، فقبض عليه فى أوائل رمضان سنة تسع وثمانمائة، بعد ثلاث سنين وأشهر، من حين ولاه، ثم أطلقه وقت الحج من سنة تسع وثمانمائة، وأحسن إليه واستحلفه على ترك أذاه. وتوجه إلى اليمن، وأقام به نحو سنة، ثم عاد إلى مكة فى موسم سنة عشر وثمانمائة،

ولايم صاحب مكة، وتولى عمارة الدور التى أنشأها فى الموضع المعروف بدار عيسى بالسويقة بمكة، ثم توجه من مكة فى أثناء سنة اثنتى عشرة وثمانمائة إلى مصر، فسعى فى أذى صاحب مكة، فأجيب لقصده. وخرج من مصر، وهو واثق بذلك، فخاب أمله؛ لأن صاحب مصر الملك الناصر فرج، استعطف على صاحب مكة، فرضى عنه وأقره على ولايته، ومنع من محاربته، وعلم ذلك جابر، فاستوطن ينبع ولايم ولاتها، وبنى لهم بها قلعة وسورا، وهو فى غضون ذلك يرغب كثيرا فى العود إلى مكة، على أن يضمن له بعض القواد عن صاحب مكة، أن لا يصيبه منه سوء، فلم يوافق على ذلك صاحب مكة. ثم رغب فى سنة خمس عشرة وثمانمائة فى إخراج جابر من ينبع، لما بلغه عنه من تحسينه لصاحب اليمن، التجويد على جدة إلى ينبع لتكدر خاطر صاحب اليمن على صاحب مكة، فى أمر فعله صاحب مكة، لم يسهل بصاحب اليمن. فتوجه جابر إلى مصر، وأخذ يؤذى صاحب مكة، فلم يقبل منه، وصودر وبعث به معتقلا إلى صاحب مكة، فوصلها مع الحجاج، فى موسم خمس عشرة وثمانمائة، ودخلها والزنجير فى حلقه، ورآه صاحب مكة، وهو على هذه الصفة، فحياه بالسلام، وأقام بمنزل أمير الحاج برباط الشرابى، ثم خلص فى ليلة الثامن من ذى الحجة من السنة المذكورة؛ لأنه خرج يطوف تلك الليلة، ومعه بعض المماليك، فتسحب منه، ولجأ إلى بعض القواد فأجاره، وأخبر به صاحب مكة، وجمعه عليه بعد أن توثق منه، فعفا عنه صاحب مكة، وأقبل عليه كثيرا من أموره بجدة وغيرها، فنهض بذلك. ثم تغير عليه صاحب مكة، لما نسب إليه من تقويته للسيد رميثة بن محمد بن عجلان، على دوام عصيانه لعمه، فإن رميثة هجم على مكة فى رابع عشرى جمادى الآخرة، من سنة عشرة وثمانمائة، وهجم على جدة فى رمضان من السنة المذكورة، ونهب جدة والهدة، وسعى بعد ذلك جابر وغيره فى الإصلاح بينهما، فشرط رميثة ما لم تطب به نفس عمه، وصمم على ذلك، فاتهم فى ذلك جابر ومن معه، ووقع مع ذلك من جابر مخالفة لمخدومه فى بعض أوامره، فقبض عليه بمنى فى النفر الأول، ثم قرر على أمواله، وأشعر بقتله، فصلى ركعتين، وخرج من أجياد مع الموكلين بقتله إلى باب المعلاة، فشنق به، ولم يظهر منه جزع فى حالة شنقة ولا فى ذهابه إلى الشنق، ولا كلم الموكلين به كلمة واحدة.

871 ـ جابر بن محمد بن عبد العزيز بن العربى، افتخار الدين أبو محمد ابن أبى عبد الله الخوارزمى الكاثى ـ بكاف وألف وثاء مثلثة ـ نسبة إلى بلد من أعمال خوارزم، الحنفى الصوفى

وكان شنقه بعد المغرب، فى ليلة الخميس الخامس عشر من ذى الحجة، سنة ست عشر وثمانمائة، ودفن بالمعلاة. وكانت أدعية الحجاج عليه كثيرة فى موسم هذه السنة، بسبب كثرة زيادته عليهم فى أمر المكس، فأصيب مع المقدور بسبب دعائهم، فإن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، كما صح عن النبى صلى الله عليه وسلم. ومن الأسباب التى أصيب بها، أنه كان قليل المراعاة لبعض أخصاء مخدومه، لظنه أن الكلام فيه لا يقبل، بسبب نهوضه بما لا ينهض به غيره من الخدم، وكان يظهر له مع ذلك فساد ظنه، وهو لا يعتبر، وتمادى فى ذلك إلى أن أدركه ما عليه قدر. وكان له إلمام بمذهب الزيدية، وحظ فى التجارة. وبلغ ستين سنة؛ لأنه ذكر لى أنه ولد سنة ست وخمسين وسبعمائة. 871 ـ جابر بن محمد بن عبد العزيز بن العربى، افتخار الدين أبو محمد ابن أبى عبد الله الخوارزمى الكاثى ـ بكاف وألف وثاء مثلثة ـ نسبة إلى بلد من أعمال خوارزم، الحنفى الصوفى: قدم مكة، وقرأ بها على الشيخ فخر الدين التوزرى صحيح البخارى، فى سنة أربع وستمائة، وتكلم على أماكن فيه من جهة العربية. ذكر أنه رأى الناس يغلطون فيها، ولا يذعنون فيها للصواب، جريا منهم على عادة المحدثين فى بقائهم على كلام السلف، وجمع فى ذلك ورقة رأيتها بخطه، قرأها عليه القاضى جمال الدين بن فهد الهاشمى، وكتب السماع عليها بخطه، ووصفه بالإمام العلامة، نزيل حرم الله، فاستفدنا من هذا أنه سكن مكة. ووجدت بخط التوزرى نحوا من ذلك، فى بعض سماعاته عليه. ووجدت بخط القطب: أنه أقام بالقدس مدة، ودرس فيها بمدارس الحنفية. وتولى مشيخة الخانقاة الركنية بالقاهرة، وعزل عنها، ثم تولى مشيخة خانقاة الأمير علم الدين الجاولى بالكبش، قال: وهو فاضل حسن الشكل، مليح المحاضرة. ووجدت بخط الشيخ محيى الدين عبد القادر الحنفى: أنه تفقه على خاله أبى المكارم محمد بن أبى المفاخر الخوارزمى، وقرأ المفصل والكشاف على أبى عاصم الإسفندرى،

_ 871 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 233 رقم 80، الدرر 2/ 68 رقم 1435، المنهل الصافى 4/ 204).

872 ـ جار الله بن حمزة بن راجح بن أبى نمى الحسنى المكى، يكنى أبا منيف

عن سيف الدين عبد الله بن أبى سعيد الخوارزمى، عن أبى عبد الله البصرى، عن الزمخشرى، وسمع من الدمياطى. وتوفى فى المحرم سنة إحدى وأربعين وسبعمائة بظاهر القاهرة، ودفن بالقرافة. ومولده فى عاشر شوال سنة سبع وستين وستمائة بخوارزم (1). 872 ـ جار الله بن حمزة بن راجح بن أبى نمى الحسنى المكى، يكنى أبا منيف: كان شجاعا عاقلا، له مكارم ومحاسن، معظما عند الناس. ولما ولى عنان بن مغامس إمرة مكة، بعد محمد بن أحمد بن عجلان، لجأ إليه فعضده، وأجزل له عنان العطية، وأعلا كلمته، وعظم أمره عند الناس بسبب ذلك، وأنشأ فى هذه المدة، مدرسة بدار العجلة، وفتح لها فى جدار المسجد بابا وستة شبابيك. وذلك فى سنة تسع وثمانين وسبعمائة. ولما ولى على بن عجلان إمرة مكة، استماله بعد مدة، وأجزل له العطية وأكرمه وصار يرعاه. ودخل إلى مصر بإثر دخول على بن عجلان وعنان، فى سنة أربع وتسعين وسبعمائة، طمعا فى الأمر بمكة، فسعى على بن عجلان فى اعتقال جار الله، فداهن عن نفسه بالمدرسة التى أنشأها بدار العجلة بمكة وسلم من الاعتقال، وأمر بمعاضدة على ابن عجلان، ووصلا إلى مكة منفردين. ولما قبض علىّ بن عجلان على الأشراف، لم يظفر بجار الله، وسعى فى إطلاق من قبض عليه علىّ، وأجاب إلى تسليم ما شرطه علىّ فى إطلاقهم، من الخيل والدروع وغير ذلك. فلما خلص بنو عمه، تصدى لحرب على، واستولى هو وجماعته على جدة أياما، ثم رحلوا عنها، بعد أن أعطاهم علىّ على ذلك خمسمائة غرارة قمح، ثم إن على بن عجلان، قصده واستعطفه، وصار يحسن إليه. ولجأ إليه، ونصر على بن عجلان، لما ثار أخوه حسن بن عجلان عليه، فى جماعة من الأشراف وغيرهم، سنة سبع وتسعين وسبعمائة.

_ (1) خوارزم: بضم أوله، وبالراء المهملة المكسورة، والزاى المعجمة بعدها، من بلاد خراسان، معروفة. انظر: معجم ما استعجم (خوارزم).

873 ـ جار الله بن زايد بن يحيى بن محيى السنبسى المكى

فلما قتل على بن عجلان، كره ذلك كثيرا، ولم يسعه إلا معاضدة بنى عمه آل بنى نمى، وأشار عليهم بعدم الخروج من الخيف، عند ما عزم آل عجلان على محاربتهم، وأن يكون قتالهم لآل عجلان عند الخيف. فلم يقبل ذلك من أصحابه وخرجوا منه، فخرج معهم، فلما التقى الجمعان، رغبوا فيما أشار به أولا، فقال: الآن لا يمكن، وبدر إلى القتال، وقاتل أشد القتال، حتى قتل فى المعرك، يوم الثلاثاء خامس عشرى شوال، سنة ثمان وتسعين وسبعمائة، بالموضع المعروف بالزبارة، وقد قارب الخمسين أو بلغها. وبلغنى أنه أعطى تسعين فرسا ـ بتقديم التاء ـ من حين قبض على بن عجلان على بنى عمه آل بنى نمى، وإلى حين قتله، لمن ينصره فى هذه المدة. وبلغنى أنه كتب إلى قاضى الحرمين محب الدين النويرى، وهو إذ ذاك على قضاء مكة، يسأله عن السيد حسن بن عجلان، بعد قدومه إلى مكة متوليا لإمرتها، عوض أخيه على. فكتب إليه منشدا قول القائل: أرى جذعا إن يثن لم تبق ريضا ... فبادر بحزم قبل أن يثنى الجذع وأردا القاضى بذلك تعظيم أمر حسن وتخويفه منه. فكان هلاك المذكور مع المقدور بسعى حسن، لأنه الداعى على حرب الزبارة. وبلغنى أن حسن ذو كريمن قتل فى هذه الوقعة، فلم يعتد منهم فى أخيه على إلا جار الله وقال: ليس على مطالبة بالباقين. وبلغنى أن جار الله كان يتلو ما يحفظ من القرآن تلاوة حسنة، ويديم التلاوة ليلا، ولم يبق له ولد ذكر. 873 ـ جار الله بن زايد بن يحيى بن محيى السنبسى المكى: كان أحد التجار بمكة بعد الفقر. توفى سنة تسعين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة وكان خيرا. 874 ـ جار الله بن صالح بن أحمد بن عبد الكريم بن أبى المعالى الشيبانى المكى الحنفى. يلقب بالجلال: سمع من ابن بنت أبى سعد، وشهاب الدين الهكارى، ونور الدين الهمذانى، والقاضى

_ 874 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 9/ 164).

875 ـ جبريل بن عمر بن يوسف الكردى، أبو الأمانة، وأبو محمد

عز الدين بن جماعة، جانبا جيدا من جامع الترمذى، ومن الشيخ خليل المالكى الشفاء، وغيره. وحدث. سمعت منه شيئا من جامع الترمذى بقراءتى، وسمع منه غير واحد من أصحابنا المحدثين رغبة فى اسمه. وكان أحد طلبة الحنفية بدرس يلبغا الخاصكى بمكة وغيره. وتردد إلى مصر مرات، وأدركه الأجل بها، فى آخر سنة خمس عشرة وثمانمائة، بخانقاة سعيد السعداء، ودفن بمقابر الصوفية بها، وقد بلغ السبعين. وأظنه توفى فى ذى الحجة. 875 ـ جبريل بن عمر بن يوسف الكردى، أبو الأمانة، وأبو محمد: نزيل مكة، سمع من أبى اليمن بن عساكر: وصايا العلماء لابن زبر، وحدث به عنه وعن الشيخ محيى الدين النووى بأربعينه، وحدث بها عنه الشيخ عبد الله اليافعى، وقرأ عليه أحاديث منها ابن رافع. وذكر أنه توفى سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة، وأن له بمكة ثلاثا وخمسين سنة. 876 ـ جبير بن مالك، وقيل جبر بن مالك بن القشب الأزدى، حليف بنى المطلب، ويقال جبير بن بحينة، نسبة إلى أمه، وهى بحينة بنت الحارث بن المطلب، وهو أخو عبد الله بن بحينة، والأكثر فى اسمه جبير: استشهد يوم اليمامة. 877 ـ جبير بن مطعم بن عدى بن نوفل بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى النوفلى، أبو محمد، وقيل أبو عدى المدنى، أحد الأشراف: قال ابن عبد البر: أسلم فيما يقولون يوم الفتح، وقيل عام خيبر. انتهى. وقال النووى: أسلم قبل عام خيبر، وقيل أسلم يوم فتح مكة.

_ 876 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 317، الإصابة ترجمة 1089، أسد الغابة ترجمة 693). 877 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 315، الإصابة ترجمة 1094، أسد الغابة ترجمة 698، طبقات خليفة ترجمة 43، نسب قريش 201، التاريخ الكبير 2/ 223، المعارف 485، الجرح والتعديل 2/ 512، مشاهير علماء الأمصار ترجمة 35، جمهرة أنساب العرب 116، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 1 / 141، تهذيب الكمال 188، تاريخ الإسلام 2/ 274، العبر 1/ 59، تذهيب التهذيب 1/ 102، مرآة الجنان 1/ 127، 130، البداية والنهاية 8/ 46، تهذيب التهذيب 2/ 63، خلاصة تهذيب الكمال 52، شذرات الذهب 1/ 64).

وقال الزبير بن بكار: وحدثنى سعيد بن هاشم، أحد بنى قيس بن ثعلبة. قال: ثنا يحيى بن سعيد بن سالم القداح عن أبيه، عن ابن جريج عن عطاء، قال: لا أحسبه إلا رفعه إلى ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليلة قربه مكة فى غزوة الفتح: «إن بمكة لنفر أربا بهم عن الشرك، وأرغب بهم فى الإسلام: عتاب بن أسيد، وجبير بن مطعم، وحكيم بن حزام، وسهيل بن عمرو». وقال الزبير: حدثنى عمر بن أبى بكر المؤملى، عن زكريا بن عيسى، عن ابن شهاب: أن عمرو بن العاص، وأبا موسى الأشعرى، اختلفا فى حكمهما، لا يدعوه عمرو بن العاص إلى شيء إلا خالفه. فلما رأى ذلك عمرو، قال له: هل أنت مطيعى، فإن هذا الأمر لا يصلح لنا أن ننفرد به، حتى يحضره رهط من قريش، ثم نستعين بهم ونستشيرهم فى أمرنا، فإنهم أعلم بقومهم. فقال له: نعم ما رأيت، فابعث إلى من شئت منهم، فبعث إلى خمسة رهط من قريش: عبد الله بن عمر، وأبى الجهم بن حذيفة، وعبد الله بن الزبير، وجبير بن مطعم، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وكتب إليهم أن أقبلوا حين تنظرون فى كتابنا هذا، فإنه لا يحبسنا أن نحكم بين الناس غيركم، فانطلقوا يسيرون حتى قدموا عليه بدومة، فوجدوهما جالسين بباب المدينة، فى حديث يطول. انتهى. وقال مصعب الزبيرى: كان جبير بن مطعم من حلماء قريش وسادتهم، وكان يؤخذ عنه النسب. قال ابن إسحاق عن يعقوب بن عيينة: كان جبير بن مطعم من أنسب قريش لقريش وللعرب قاطبة، وكان يقول: إنما أخذت النسب عن أبى بكر الصديق. وكان أبو بكر رضى الله عنه من أنسب العرب. وقال الزبير: حدثنى سعد بن هاشم البكرى، ثم أحد بنى قيس بن ثعلبة، عن يحيى بن سعيد بن سالم القداح قال: أول قرشى لبس تاجا: جبير بن مطعم اشتراه من غنائم العجم بألفى درهم، قال: لا أحسبه إلا قال من: حلوان أو جلولاء الوقيعة. وقال ابن عبد البر: يقال إن أول من لبس طيلسانا بالمدينة: جبير بن مطعم، قال: وذكره بعضهم فى المؤلفة قلوبهم، وممن حسن إسلامه منهم. انتهى. وقال النووى: له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ستون حديثا، اتفق البخارى ومسلم على ستة، وانفرد البخارى بثلاثة ومسلم بحديث واحد. انتهى.

878 ـ جبير بن الحويرث بن نفيل بن عبد بن قصى بن كلاب

روى عنه سليمان بن صرد الخزاعى، وأبو سروعة عقبة بن الحارث القرشى. وهما صحابيان، وابناه محمد، ونافع، ابنا جبير بن مطعم، وسعيد بن المسيب وآخرون. روى له الجماعة. اختلف فى وفاته: فقيل سنة ثمان وخمسين. قاله المدائنى. وقيل: سنة سبع وخمسين. وقيل سنة تسع وخمسين، قاله خليفة بن خياط والهيثم بن عدى، وابن البرقى، حكاهما ابن عبد البر، وقال: فى خلافة معاوية، وجزم به. وحكى القول بوفاته فى سنة سبع وخمسين، وقيل: سنة أربع وخمسين. كذا وجدته فى نسخة من تهذيب الأسماء واللغات للنووى، وجزم به. وقال ابن قتيبة: سنة تسع وخمسين. وكانت وفاته بالمدينة على ما ذكر ابن عبد البر والنووى. وقال ابن الأثير: إنه أسلم بعد الحديبية، وقبل الفتح. وقيل: أسلم فى الفتح. انتهى. 878 ـ جبير بن الحويرث بن نفيل بن عبد بن قصى بن كلاب: ذكره ابن شاهين وغيره، أدرك النبى صلى الله عليه وسلم، ورآه ولم يرو عنه شيئا، وروى عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم: «ما بين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة» (1). روى عنه: سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع، وذكره عروة بن الزبير، فسماه حبيبا.

_ 878 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 319، الإصابة ترجمة 1091، أسد الغابة ترجمة 695، طبقات خليفة 232، الجرح والتعديل 2/ 512، تاريخ الطبرى 4/ 209، سير أعلام النبلاء 3/ 439، تعجيل المنفعة 66، تاريخ الإسلام 1/ 184). (1) أخرجه البخارى فى صحيحه حديث رقم (850) من طريق: مسدد، عن يحيى، عن عبيد الله بن عمر، قال: حدثنى خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبى هريرة رضى الله عنه، عن النبىصلى الله عليه وسلم قال: «ما بين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة، ومنبرى على حوضى». وأخرجه الترمذى فى سننه حديث رقم (4081) من طريق: عبد الله بن أبى زياد، أخبرنا أبو نباتة يونس بن يحيى بن نباتة، أخبرنا سلمة بن وردان، عن أبى سعيد بن المعلى، عن على بن أبى طالب وأبى هريرة رضى الله عنهما، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما بين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة». قال أبو عيسى: هذا حديث غريب حسن من هذا الوجه. من حديث على وقد روى من غير وجه عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم.

879 ـ جخيدب بن لحاف بن راجح بن أبى محمد بن أبى أسعد الحسنى المكى

وقتل أبوه الحويرث يوم فتح مكة قتله على بن أبى طالب رضى الله عنه، وهذا يدل على أن جبير صحبته ورؤية، أخرجه أبو عمر وأبو موسى. وقال أبو عمر: فى صحبته نظر. انتهى من كتاب ابن الأثير بهذا اللفظ. 879 ـ جخيدب بن لحاف بن راجح بن أبى محمد بن أبى أسعد الحسنى المكى: كان من كبار الأشراف، فى دولة الشريف أحمد بن عجلان، وله عنده مكان يكرمه لها. ودخل بلاد اليمن فى جماعة من بنى عمه. وخدموا الملك الأشرف صاحب اليمن، ثم فارقوه وعاشوا فى أطراف بلاده، وملكوا المحالب. وقتلوا متوليها من قبله، ثم قصدوا حرض (1)، فلقيهم الشمسى، فقتل بعضهم وفلّ جمعهم، وعادوا إلى مكة فى سنة أربع وثمانين وسبعمائة. وتوفى فى العشر الوسط من شوال سنة خمس وثمانين وسبعمائة. 880 ـ جسار بن أبى دعيج بن أبى نمى محمد بن أبى سعد الحسنى المكى: كان من أعيان الأشراف، وصاهر الشريف أحمد بن عجلان على أخته. ومات قريبا منه فى عشر التسعين وسبعمائة، وذلك فى آخر سنة ثمان وثمانين، أو فى التى بعدها، أو قبل ذلك بيسير. والله أعلم. 881 ـ جسار بن قاسم بن [ ........ ] (1) أبى نمى الحسنى المكى: كان من أعيان الأشراف شجاعا، برز إلى مبارزة كبيش يوم أذاخر، فعقر كبيش فرسه. توفى فى سادس عشر ذى الحجة، سنة إحدى عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 882 ـ جعال، ويقال جعيل بن سراقة الضمرى، ويقال الثعلبى، ويقال إنه فى عديد بنى سواد من بنى سلمة: كان من فقراء المسلمين، وكان رجلا صالحا دميما قبيحا، وأسلم قديما. وشهد مع

_ 879 ـ (1) حرض: هو واد بالمدينة عند أحد له ذكر. انظر: معجم البلدان (حرض). 881 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 882 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 371، الإصابة ترجمة 1158، أسد الغابة ترجمة 748، تجريد أسماء الصحابة 1/ 84، التحفة اللطيفة 1/ 412، الطبقات الكبرى 4/ 1245، المصباح المضئ 1/ 176).

883 ـ جعدة بن هبيرة بن أبى وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشى، المخزومى

رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا. ويقال: إنه الذى تصور إبليس فى صورته يوم أحد. من روايته عن النبى صلى الله عليه وسلم، أنه سمعه يقول: «أو ليس الدهر كله غدا». ذكره هكذا ابن عبد البر، وذكره قبل ذلك، فقال: جعيل بن سراقة الغفارى (1)، ويقال الضمرى. أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووكله إلى إيمانه، وأشار ابن عبد البر بذلك، إلى أن النبى صلى الله عليه وسلم، أعطى المؤلفة يوم حنين، وترك جعيلا، فقيل له فى ذلك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جعيل خير من طلاع الأرض مثل هؤلاء». وفى رواية: «ووكلت جعيل بن سراقة إلى إيمانه». قال ابن عبد البر: غير ابن إسحاق يقول فيه بالألف. انتهى. وذكر ابن الأثير غالب هذا، وزاد: وهو أخو عوف من أهل الصفة وفقراء المسلمين. وزاد: وأصيبت عينه يوم أحد. انتهى. والضمرى: منسوب إلى ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة. قال الحازمى: وبلادهم بسيف البحر. والغفارى منسوب إلى غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر. 883 ـ جعدة بن هبيرة بن أبى وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشى، المخزومى: أمه أم هانئ بنت أبى طالب، على ما ذكر الزبير بن بكار، وقال: وجعدة بن هبيرة الذى يقول [من الطويل]: أبى من مخزوم إن كنت سائلا ... ومن هاشم أمى لخير قبيل فمن ذا الذى ينأى علىّ بخاله ... وخالى على ذو الندى وعقيل (1) وقال: ولاه على بن أبى طالب خراسان. انتهى. وقال ابن عبد البر: قالوا: إنه كان فقيها. انتهى. وروى عن خاله على بن أبى طالب. روى عنه ابن الطفيل ومجاهد وغيرهما. روى له النسائى فى خصائص على رضى الله عنه.

_ (1) انظر نص قول ابن عبد البر فى: (الاستيعاب ترجمة 333). (883) ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 328، الإصابة ترجمة 1164، أسد الغابة ترجمة 753). (1) ورد هذا البيت فى الاستيعاب ترجمة 328 هكذا: فمن ذا الذى يباهى علىّ بخاله ... كخالى على ذى الندى وعقيل

من اسمه جعفر

وقال عباس الدورى عن يحيى بن معين: لم يسمع جعدة بن هبيرة من النبىصلى الله عليه وسلم شيئا. وقال المزى فى التهذيب: له صحبة. انتهى. وهذا يخالف قول ابن معين. والله أعلم. وقال المزى أيضا: وقال ابن عبد البر أيضا، يقال: إن الذى أجارته أم هانئ يوم الفتح: فلان ابن هبيرة انتهى. وهذا لم أره فى الاستيعاب فى ترجمة جعدة ولا غيره. وفيه بعد بيناه فى كتابنا: شفاء الغرام فى الباب السادس والثلاثين فى أخبار فتح مكة. وذكر فيه ابن مندة، وأبو نعيم ما يستغرب؛ لأنهما قالا: جعدة بن هبيرة بن وهب ابن بنت أم هانئ. هكذا نقل عنهما ابن الأثير. ولم يتعقبه. ولعل ذلك لوضوحه، فإنه ابن أم هانئ لا ابن بنتها. وقال فى ترجمته: وقد اختلف فى صحبته. انتهى. * * * من اسمه جعفر 884 ـ جعفر بن أحمد بن طلحة بن جعفر بن محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس، الخليفة المقتدر بن المعتضد بن أبى أحمد الموفق، بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدى بن المنصور العباسى: بويع بالخلافة عند موت أخيه المكتفى، وعمره ثلاث عشرة سنة وأربعون يوما، ولم يل أمر الأمة صبى قبله. فلما استهلت سنة ست وثلاثمائة، استصغره أهل دولته، وتكلموا فى خلافته. فاتفق جماعة من الأعيان على عزله، وكلموا عبد الله بن المعتز، فى أن يلى الخلافة، فأجاب بشروط، منها: لا يتم قتال. فلما كان فى ربيع الأول منها، ركب ابن المعتز فى موكب الخلافة. فقتل وزير المقتدر وغيره من خواصه وقصد قتله، وهو يلعب بالصوالجة، فأغلقت الأبواب دونه،

_ 884 ـ انظر ترجمته فى: (مروج الذهب 2/ 501، تاريخ بغداد 7/ 213 ـ 219، المنتظم 6/ 243، 244، الكامل 8/ 8 وما بعدها، النبراس 95 ـ 183، العبر 2/ 181 ـ 182، البداية والنهاية 11/ 169 ـ 170، النجوم الزهراة 3/ 233، 234، تاريخ الخلفاء 278، 286، شذرات الذهب 2/ 284 ـ 285، سير أعلام النبلاء 15/ 43).

885 ـ جعفر بن أحمد بن محبوب بن المنهال بن مطر بن دينار بن عبد الله الربعى المكى

وبويع ابن المعتز، وكتب الكتب إلى الأقاليم بخلافته، وأمر المقتدر بالتحول من دار الخلافة فأجاب، ثم تحصن هو وخواصه بدار الخلافة فحصروا فيها. ثم خرج خواصه على حمية وحملوا على ابن المعتز، فانهزم غالب من حوله. وقصد ابن المعتز سامرّا ليبرم أمره بها، فما تبعه أحد من الجند، وخذل، ثم أسر، ثم قتل سرا. واستقام أمر المقتدر، ووزر له ابن الفرات فنشر العدل، وقام بأعباء الملك. واشتغل المقتدر باللعب، ثم خلع المقتدر فى محرم سنة سبع عشرة وثلاثمائة، بأخيه القاهر بالله محمد، وبويع بالخلافة بعد أن أشهد المقتدر بخلع نفسه، ثم ثار عليه جماعة من الجند، فقتلوا حاجبه وغيره من خواصه، وأتوا بالقاهر يجرونه إلى المقتدر فأكرمه، وقال: أنت لا ذنب لك. والقاهر يقول: الله الله يا أمير المؤمنين فىّ. فقال: والله لا تؤذى، وجددت الطاعة للمقتدر، واستمر إلى أن قتل فى شوال سنة عشرين وثلاثمائة، فى حرب كان بينه وبين مؤنس الخادم، وحمل رأسه إليه. فبكى مؤنس، وأظهر الندم. وقال: والله لنقتلن كلنا، فقتل فيما بعد، وسلب المقتدر بعد قتله حتى بقى مهتوكا وستر بالحشيش، ثم حفر له وطموه، وعفى أثره كأن لم يكن. وكانت خلافته خمسا وعشرين سنة إلا الأيام التى خلع فيها بابن المعتز وأخيه القاهر. وكان مسرفا مبذرا للمال، ناقص الرأى، أعطى جارية له الدرة اليتيمة، وزنها ثلاثة مثاقيل، وما كانت تقوّم. وقيل إنه محق من الذهب ثمانين ألف ألف دينار، وعاش ثمانيا وثلاثين سنة. ذكرناه فى هذا الكتاب، لما صنع فى أيامه من المآثر بمكة. وهى زيادة دار الندوة وآبار الزاهر، وبعض الآبار المعروفة بالعسيلة، كما ذكرناه فى كتابنا شفاء الغرام ومختصراته. 885 ـ جعفر بن أحمد بن محبوب بن المنهال بن مطر بن دينار بن عبد الله الربعى المكى: ابن مريم بنت الحسين بن عمران بن عيينة. سمع من أبى عبد الله محمد بن جعفر المعقرى فى سنة خمس وخمسين ومائتين، وروى عنه.

886 ـ جعفر بن أحمد بن أبى الغنائم الموصلى، أبو الفضل المنعوت بالشرف، الأديب

وسمع منه ابن المقرى، وروى عنه فى معجمه وغيره. وذكره المزى فى الرواة عن أحمد بن جعفر المعقرى، فقال: روى عنه مسلم، وأبو محمد جعفر بن أحمد بن محبوب الربعى المكى، ربيب الحسين بن عمران بن عيينة. 886 ـ جعفر بن أحمد بن أبى الغنائم الموصلى، أبو الفضل المنعوت بالشرف، الأديب: سمع من أبى الحسن على بن عبد العزيز الإربلى البغدادى، وكان صاحب نعم. جاور بحرم الله سبحانه وتعالى، وبمدينة النبى صلى الله عليه وسلم. ومات بمر الظهران محرما. ذكره هكذا ابن رافع، فى مسودة ذيل تاريخ بغداد، وبخط العفيف المطرى أن وفاته سنة ثلاث وتسعين وستمائة. 887 ـ جعفر بن إدريس: مؤذن مسجد مكة. روى عن يحيى بن عبدك. سمع منه ابن المقرى، وروى عنه فى معجمه وغيره. 888 ـ جعفر بن الحسين الشيبى، أبو الفضل المكى: ذكره أبو القاسم على بن الحسن الباخرزى فى كتابه «دمية القصر وعصرة أهل العصر»، فى القسم الأول منه، وهو من شعراء البدو والحجاز. وقال: شاب حسن الرواء والرواية، رأيته بين يدى الشيخ عميد الحضرة، مدليا إليه بحرمة العربية، مدلا عليه بهذه الدالية. وأنشدنى لنفسه من قصيدة [من الوافر] (1): تولى الصبر تتبعه الدموع ... لترجعه وقد عز الرجوع وطار بمهجتى للبين حاد ... يقصر دونه الوهم السريع وأوحشنى الخيال وكان أنسى ... لو ان العين كان لها هجوع أرى أدم الظباء لها امتناع ... وأطيب ما يقاربه (2) المنوع وفى العشاق مفتون بمعنى ... وموضع فتنتى منك الجميع ومنهم من يشير ولا يسمى ... ومنهم فى المحبة من يذيع

_ 881 ـ (1) انظر الأبيات فى دمية القصر 1/ 74. (2) ورد البيت فى دمية القصر 1/ 74: أرى أدم يشير ولا يسمى ... وأطيب ما يقاربه المنوع

889 ـ جعفر بن خالد بن سارة المخزومى المكى، وقيل المدنى

بنفسى من يخون الصبر فيه ... ولا يغنى المذلة والخضوع (3) حبيب لا أراه وبى نزاع ... إليه وليس لى عنه نزوع يطير القلب من شوق إليه ... فتمسكه لشقوتى الضلوع انتهى. 889 ـ جعفر بن خالد بن سارة المخزومى المكى، وقيل المدنى: روى عن أبيه. وروى عنه ابن جريج، وسفيان بن عيينة. وروى له الترمذى وأبو داود وابن ماجة حديثا، والنسائى فى اليوم والليلة، آخر. وثقه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين والترمذى. 890 ـ جعفر بن سليمان بن على بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشى العباسى: أمير مكة والطائف. ذكر ابن جرير: أنه كان عاملا على ذلك فى سنة إحدى وستين ومائة، وفى سنة ثلاث وستين، وأربع وستين ومائة. وذكر الذهبى أنه عزل عن الحجاز فى سنة ست وستين ومائة. وذكر الأزرقى: أنه فى سنة إحدى وستين بلط الحجر بالرخام، وشرع أبواب المسجد على المسعى. انتهى. وذكره ابن حزم فى المجهرة وذكر أنه ولد له أربعون ابنا ذكرا، وأربعون بنتا. انتهى. وذكر الزبير بن بكار، شيئا من حال جعفر هذا، وشعرا مدح به. فقال: وله يقول ابن هرمة [من الطويل]: ألم تر أن الله خار لجعفر ... فأنزله خير المنازل منزلا محلة ما بين الرسول وعمه ... فطوبى لهذا آخرات وأولا إذا هاشم قادت لفخر جوادها ... أتوه فقادوه أغر محجلا

_ (3) ورد البيت فى دمية القصر 1/ 74: بنفسى من يخون الصبر فيه ... ولا تغنى المذلة والخضوع 889 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 2/ 477). 890 ـ انظر ترجمته فى: (سير أعلام النبلاء 8/ 249).

فأحرز غايات الرهان ونحبها ... مريحا بأدنى شأوه متمهلا دع الناس إلا جعفرا والق جعفرا ... تلاق ربيعا ينفض الودق مخضلا إذا كسد المجد الربيح بسوقه ... أتى جعفرا فابتاعه ثم أجزلا ومنها: إذا ما أكف الناس خفت فإنه ... تقلب كفاه أنامل نهلا لعمرى لقد صادفت أرضك سهلة ... فلم أبغ مسحاة هناك ومعولا ولكن تلقتنى الينابيع بالغنا ... جرى من قراه ماؤه متسلسلا وقال أيضا إبراهيم بن على بن هرمة يمدح جعفر بن سليمان [من الطويل]: فلما أتانا الخير يبرق وجهه ... ونور نورا ساطعا من تنورا وأن أمير المؤمنين برأفة ... علينا وخصيصاء أمر جعفرا وثقنا بخير منك لا شر بعده ... فأسهل منا آمنا من توعرا فتى من بنى العباس كهل فؤاده ... يزين سريرا بالحجاز ومنبرا وقد ضمنت أصداف فهر بن مالك ... له يوم فخر الناس درا وجوهرا ومنها: وما خارجيا كنت فى جمعك العلا ... ولكن من الآباء أكبر أكبرا وكانت مواريثا سليمان حازها ... فأضمرت منها مثل ما كان أضمرا أبوك حواها من علىّ كما حوى ... مواريث عبد الله ساعة أدبرا كما حاز عباس تراث محمد ... فلله ما أسنا تراثا وأظهرا أبى جعفر إلا ارتفاعا بنفسه ... وإلا اجتناء الحمد من حيث أثمرا وإلا ابتياع المكرمات بماله ... له تاجر أكرم بذلك متجرا وقال داود بن سلم من أبيات [من الطويل]: كأن بنى حواء صفوا أمامه ... فخير فى أنسابهم فتخيرا حوته فروع المجد من كل جانب ... إذا نسبوا حاز النبى المطهرا سليل نبى الله وابن ابن عمه ... فيالك فخرا ما أجل وأكبرا صفا كصفاء المزن فى ناقع الثرى ... من الرنق حتى ماؤه غير أكدرا حوى المنبرين الطاهرين فجعفر ... إذا ما خطا عن منبر أم منبرا وقال الأصبغ بن عبد العزيز، مولى خزاعة، يمدح جعفر بن سليمان [من الطويل]:

891 ـ جعفر بن أبى سفيان ـ واسمه المغيرة، وقيل غير ذلك ـ بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى الهاشمى

حلفت بما حجت قريش لبيته ... وما وضعت بالأخشبين رحالها لقد أهلت أرض بها حل جعفر ... وما عدمت معروفها وجمالها وقال ابن المولى فى جعفر بن سليمان، حين عزل عن المدينة [من السريع]: أوحشت الجماء من جعفر ... وطال ما كانت به تعمر كم صارخ يدعو وذى كربة ... يا جعفر الخيرات يا جعفر أنت الذى أحييت بذل الندى ... وكان قد مات فلا يذكر سليل عباس ولى الهدى ... ومن به فى المحل يستمطر هذا امتداحيك عقيد الندى ... أشهد بالمجد لك الأشقر وذكر عبد الجبار بن سعيد بن سليمان المساحقى عن أبيه، قال: حضرت الأمير جعفر بن سليمان، أثاب قدامة بن موسى الجمحى، عن أبيات من شعر، كل بيت منها مائة دينار، فى امرأة أسماها. قول قدامة [من البسيط]: ما استقت إلا لتطفى سورة الغضب ... عن مستلح منادى الجهل من كثب أبقى له فى ضميرى حسن مقلته ... نضجا وأودت بنا فى الود والنصب ألوان مستطرف أبقت مرايسه ... من رأى مقترب منه ومجتنب لو كان ينصفنى لاقتادنى جنبا ... كما يصرف ذو الودعات بالأدب واستاقنى خببا رسلا فطاوعه ... وهم مطابقة العبدية النجب أرضى بما قل من بذل ويفدحنى ... حمل الكثير إذا ما جدت فاحتسبى فإن تكونى حويت المجد نافلة ... فعمرك الله هل تدرين ما حسبى أو كنت واصلة قربى أواصره ... فإن نسبتكم يا سلم من نسبى 891 ـ جعفر بن أبى سفيان ـ واسمه المغيرة، وقيل غير ذلك ـ بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى الهاشمى: ذكر الواقدى، والزبير بن بكار: أنه أدرك النبى صلى الله عليه وسلم، وشهد معه حنينا وبقى إلى أيام معاوية. وتوفى فى أواسط أيامه. وقال أبو نعيم: هذا وهم، لأن الذى شهد حنينا، إنما هو أبوه أبو سفيان ولم يشهدها جعفر.

_ 891 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 332، الإصابة ترجمة 1168، أسد الغابة ترجمة 758، طبقات ابن سعد 4/ 1 / 38، الجرح والتعديل 2/ 480).

892 ـ جعفر بن أبى طالب بن عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمى، أبو عبد الله الطيار، ذو الجناحين، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم

وقال الذهبى: يحتمل أنه شهدها مع أبيه، فقد روى أنه كان صبيا يوم أسلم مع أبيه. انتهى. وقال ابن عبد البر: ذكر أهل بيته، أنه شهد حنينا مع النبى صلى الله عليه وسلم، وذكر ذلك ابن هشام وغيره، ولم يزل مع أبيه ملازما للنبى صلى الله عليه وسلم، حتى قبض وتوفى فى خلافة معاوية، رضى الله عنه. انتهى. وذكر ابن قدامة: أنه لقى مع أبيه النبى صلى الله عليه وسلم، لما قدم لغزوة الفتح بين السقيا والعرج، وما ذكرناه عن الواقدى، وأبى نعيم، ذكره ابن الأثير. 892 ـ جعفر بن أبى طالب بن عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمى، أبو عبد الله الطيار، ذو الجناحين، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسلم قديما، حتى قيل إنه أسلم بعد علىّ وزيد، قبل الصديق. ذكره يعقوب بن سفيان عن إسماعيل بن أبى أويس عن أبيه عن الحسن بن زيد، وقال ابن الأثير، بعد أن ذكر ما يدل لهذا: وقيل أسلم بعد واحد وثلاثين إنسانا، وكان هو الثانى والثلاثين، قاله ابن إسحاق. انتهى. وهاجر إلى الحبشة فى الهجرة الثانية، وقدم على النبى صلى الله عليه وسلم بإثر فتحه لخيبر، وسر النبى صلى الله عليه وسلم بقدومه، وتلقاه وأعتنقه، وقال: ما أدرى بأيهما أشد فرحا، بقدوم جعفر أو بفتح خيبر. وفى رواية أنه صلى الله عليه وسلم، قبل بين عينى جعفر، وفى هذه الرواية، أن قدومه وفتح خيبر كانا فى يوم واحد، ثم بعثه فى غزوة مؤتة، وهو موضع بأدنى البلقاء، من أرض الشام فى جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة، وقيل سنة سبع، قاله خليفة. وقال أيضا: إن مؤتة سنة ثمان، فوافق الجماعة، واستشهد جعفر رضى الله عنه بها وبيده لواء رسول اللهصلى الله عليه وسلم، بعد أن قطعت يداه، ووجد فى جسده بضع وسبعون من ضربة وطعنة ورمية. وهذا يروى عن ابن عمر رضى الله عنهما، فى صحيح البخارى. وفيه عنه: فعددت به خمسين، بين طعنة وضربة ليس شيء منها فى دبره، وأسف عليه النبى صلى الله عليه وسلم، كثيرا وبكى.

_ 892 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 331، الإصابة ترجمة 1169، أسد الغابة ترجمة 759، طبقات ابن سعد 4/ 1 / 22، نسب قريش 80/ 82، طبقات خليفة 4، تاريخه 86، 87، التاريخ الكبير 2/ 185، التاريخ الصغير 1/ 22، الجرح والتعديل 2/ 482، حلية الأولياء 1/ 114، 118، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 148، 149، تهذيب الكمال 199، شذرات الذهب 1/ 12، 48، العبر 1/ 9، تهذيب التهذيب 2/ 98، خلاصة تذهيب الكمال 63).

893 ـ جعفر بن عبيد الله الحميدى المكى

وكان رضى الله عنه، أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم خلقا وخلقا. وكان يكنى أبا المساكين، لجوده. على ما قال أبو هريرة رضى الله عنه. وقال: ما احتذى النعال، ولا ركب المطايا، ولا ركب الكور بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أفضل من جعفر. رويناه فى الترمذى وغيره، وروينا فيه عن أبى هريرة رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم، قال: «رأيت جعفرا يطير فى الجنة مع الملائكة» (1). انتهى. وقيل: إن الله تعالى أبدله عن يديه جناحين يطير بهما فى الجنة، فلذلك قيل له الطيار، وذو الجناحين. وهو أول من عرقب فرسا فى سبيل الله تعالى فعل ذلك بفرسه، إذ رأى الغلبة يوم مؤتة، وكان النبى صلى الله عليه وسلم، أمره بها، إن أصيب زيد بن حارثة. وكان جعفر فيما قيل أميرا على من هاجر معه إلى الحبشة. وقيل: إن النبى صلى الله عليه وسلم، ضرب لجعفر بسهمه وأجره يوم بدر. كذا رأيت فى التهذيب للمزى، ولعله يوم خيبر. والله أعلم. روى له النسائى فى اليوم والليلة، حديثا واحدا. وكان له حين قتل ثلاث وثلاثون سنة، وقيل أربع وثلاثون، وقيل إحدى وأربعون، وقيل ثلاثون، وقيل خمس وعشرون. 893 ـ جعفر بن عبيد الله الحميدى المكى: شيخ الطيالسى. لينه العقيلى. ذكره هكذا الذهبى فى المعنى. 894 ـ جعفر بن عبد الرحمن بن جعفر بن عثمان بن عبد الله السلمى الصقلى المحتد، البجائى المولد:

_ (1) أخرجه الترمذى فى سننه حديث رقم (3921) من طريق: على بن حجر، أخبرنا عبد الله بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبى هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأيت جعفرا يطير فى الجنة مع الملائكة». قال أبو عيسى: هذا حديث غريب من حديث أبى هريرة لا نعرفه إلا من حديث عبد الله ابن جعفر، وقد ضعفه يحيى بن معين وغيره وعبد الله بن جعفر هو والد على بن المدينى، وفى الباب عن ابن عباس.

895 ـ جعفر بن علبة ـ بالباء الموحدة ـ بن ربيعة المذحجى

نزيل مكة، المكى المقرى، الفقيه المحدث، يكنى أبا الفضل. ولد ببجاية سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. وتوفى بمكة فى ذى الحجة سنة أربع وأربعين وستمائة. روى عن القاضى أبى نصر محمد بن هبة الله بن مميل الشيرازى. وحدث عنه بالمدرسة المنصورية بمكة، سمع منه بها الحافظ شرف الدين الدمياطى، ومن معجمه لخصت ما ذكرته من حاله. 895 ـ جعفر بن علبة ـ بالباء الموحدة ـ بن ربيعة المذحجى: ذكره صاحب الجمهرة، وذكر أنه كان شاعرا. وقتل صبرا فى الإسلام بمكة. ادعت عليه بنو عقيل أنه قتل منهم رجلا وأقسم على ذلك خمسون من بنى عقيل فقتلوه، وذلك فى صدر دولة السفاح. 896 ـ جعفر بن عيسى بن فليتة بن القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن أبى هاشم الحسنى المكى: توفى يوم الاثنين الثامن من ذى الحجة، سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره كتبت هذه الترجمة. 897 ـ جعفر بن الفضل بن عيسى بن موسى العباسى: أمير مكة. ذكر ابن جرير: أنه حج بالناس، وهو والى مكة، فى سنة خمسين ومائتين وأنه فى سنة إحدى وخمسين ومائتين، حارب بنى عقيل لما قطعوا طريق جدة. وقتل من أهل مكة نحوا من ثلاثمائة رجل، فقال بعض بنى عقيل [من الرجز]: عليك ثوبان وثوبى عاريه ... فالق ثوبيك يابن الزانيه وذكر أنه هرب من مكة فى سنة إحدى وخمسين ومائتين، لما ظهر بها إسماعيل بن يوسف العلوى، وفعل تلك الأفعال القبيحة بمكة وجدة. وقد تقدم ذكر ذلك فى ترجمته فأغنى عن إعادته.

_ 895 ـ انظر ترجمته فى: (التبريزى 1/ 28، خزانة البغدادى 4/ 322، معاهد التنصيص 1/ 120، مختار الأغانى 3/ 3، الأعلام 2/ 125).

898 ـ جعفر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبيد الله بن موسى بن جعفر بن على بن محمد بن موسى الرضا بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب الحسينى

898 ـ جعفر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عبيد الله بن موسى بن جعفر بن على بن محمد بن موسى الرضا بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب الحسينى: هكذا نسبه ابن حزم فى الجمهرة. روى عن محمد بن إسماعيل الصائغ، وأبى حاتم الرازى وغيرهما. وذكر ابن حزم: أنه كان محدثا فاضلا، وأنه توفى فى سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة بمكة، وقد قارب المائة. 899 ـ جعفر بن محمد بن إسماعيل بن أحمد بن ناصر بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى المكى، أبو محمد الشاعر، المعروف بالتهامى: هكذا ذكره صاحب الخريدة. وذكر ابن السمعانى نسبه فى تاريخه هكذا، وقال: كان عارفا بالنحو واللغة، شاعرا، مدح الأكابر لحصول البلغة، يصحب وفدهم، ويطلب رفدهم. وكان لا يرى أحدا فى العالم فوقه. ويعتقد أنه ما وجد عالم فى العلم دونه، فى رأسه دعاو عريضه تدل على أنها بالوساوس مريضة. قال ابن السمعانى: جرى يوما حديث ثعلب وتبحره فى العلم، فقال: ومن ثعلب؟ . أنا أفضل منه. ودخل خراسان وأقام بها، وعاد إلى بغداد، وورد واسطا (1). هكذا قول ابن السمعانى، وتوجه إلى البصرة على عزم خوزستان، وبلاد فارس. ولا أدرى ما فعل الله به. وذلك فى سنة نيف وثلاثين وخمسمائة. انتهى. 900 ـ جعفر بن محمد بن الحسن بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى: أمير مكة، هكذا نسبه ابن حزم فى الجمهرة، وقال: إنه غلب على مكة فى أيام

_ 898 ـ انظر ترجمته فى: (جمهرة ابن حزم 62، 64، 65). (1) واسط: اسم لعدة مواضع واسط الحجاج بين بغداد والبصرة، وواسط حصن: بنى السمين، وواسط: طريق بين فلج والمنكدر. انظر: معجم ما استعجم (واسط). 900 ـ انظر ترجمته فى: (جمهرة ابن حزم 47).

الإخشيدية، وولده إلى اليوم ولاة مكة، منهم عيسى بن جعفر المذكور، لا عقب له، وأبو الفتوح الحسن بن جعفر المذكور، وشكر بن أبى الفتوح وقد انقرض عقب جعفر المذكور لأن أبا الفتوح لم يكن له ولد إلا شكر. ومات شكر ولم يولد له قط. انتهى. وذكر شيخنا ابن خلدون فى تاريخه، فى نسب جعفر، والد عيسى وأبى الفتوح، ما يخالف ما ذكره ابن حزم؛ لأنه لما نسبه قال: هو جعفر بن أبى هاشم الحسن بن محمد بن سليمان بن داود. وذكر أن محمد بن سليمان جد جعفر، قام بمكة فى سنة إحدى وثلاثمائة، وخطب فى موسمها لنفسه بالإمامة، ودعا لنفسه، وخلع طاعة المقتدر. وذكر أن محمد بن سليمان هذا، من ولد محمد بن سليمان الذى دعا لنفسه بالمدينة، أيام المأمون، وتسمى بالناهض، وذكر أن سليمان، والد محمد بن سليمان، الذى تسمى بالناهض، هو سليمان بن داود بن عبد الله بن الحسن بن على بن أبى طالب. وما ذكره شيخنا ابن خلدون، فى نسب محمد بن سليمان القائم بالمدينة أيام المأمون، يخالف ما ذكره ابن حزم فى نسبه؛ لأن كلام ابن خلدون يقتضى أن داود جد محمد بن سليمان، هو ابن عبد الله بن الحسن بن الحسن. وكلام ابن حزم، يقتضى أن داود هو ابن الحسن بن الحسن؛ لأنه لما ذكر أولاد داود ابن الحسن بن الحسن قال: ولد داود بن الحسن هذا: عبد الله وسليمان، ثم قال: وولد سليمان بن داود: سليمان بن سليمان لا عقب له، ومحمد بن سليمان القائم بالمدينة أيام المأمون. انتهى. فبان بهذا ما ذكرناه من اختلاف كلام ابن خلدون، وابن حزم، فى نسب محمد بن سليمان القائم بالمدينة، إلا أن يكون عبد الله، بين داود، والحسن بن الحسن، وقع سهوا فى تاريخ شيخنا ابن خلدون، منه أو من الناسخ، فتنتفى المعارضة، على أن النسخة التى رأيتها من تاريخ شيخنا ابن خلدون كثيرة السقم، وفيما ذكره فى نسب جعفر والد عيسى وأبى الفتوح، نظر؛ لمخالفته ما ذكره ابن حزم فى ذلك. وقد وافق ابن حزم على ما ذكره، الإمام جمال الدين أبو الحسن على بن الإمام أبى المنصور ظافر بن الحسين الأزدى، فى كتابه «الدول المنقطعة» لما ذكر عصيان أبى الفتوح الحسن بن جعفر هذا، للحاكم العبيدى صاحب مصر. والله أعلم بما فى ذلك من الصواب. وذكر شيخنا ابن خلدون: أن جعفرا والد عيسى، وأبى الفتوح، سار من المدينة إلى

901 ـ جعفر بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن سليمان العباسى

مكة فملكها، وخطب للمعز العبيدى، لما سمع تملكه بمصر، على يد خادمه جوهر القائد، فأرسل إليه بالولاية، ولم يبين ابن حزم، الوقت الذى غلب فيه جعفر هذا على مكة، فى أيام الإخشيدية. وأظن ذلك بعد موت كافور، فإن أمرهم لم يتلاش إلا بعده. وكان موت كافور الإخشيدى، فى سنة ست وخمسين وثلاثمائة. والله أعلم. 901 ـ جعفر بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن سليمان العباسى: أمير مكة، كان على إمرتها فى سنة سبع عشرة ومائتين، وحفر فيها بئرا فى شعب المتكا بأجياد. كما قال الأزرقى. 902 ـ جعفر بن محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله، الخليفة المتوكل، ابن المعتصم بن الرشيد العباسى: بويع بالخلافة بعد أخيه الواثق هارون، واستمر حتى مات مقتولا فى سنة سبع وأربعين ومائتين. وكانت خلافته خمسة عشر عاما، وحمل على أبطال المحنة، بخلق القرآن، إلا أنه على ما قيل كان ناصبيا، يقع فى على وآله رضى الله عنهم، وفيه انهماك على اللهو والمكاره، وفيه كرم زائد. وسبب قتله: أنه كان قد عزم على خلع ولده المنتصر من ولاية العهد، ويقدم ولده المعتز عليه، لفرط مجته لأمه قبيحة، وأخذ يؤذى المنتصر ويتهدده إن لم يخلع نفسه، واتفق أن المتوكل صادر وصيفا وبغا، وكانا من خواصه. فعملوا على قتله. فدخل على المتوكل خمسة نفر نصف اليل، وضربوه بسيوفهم، وهو فى مجلس لهوه، بأمر ولده المنتصر على ما قيل. وقتلوا معه وزيره الفتح بن خاقان، وعاش المتوكل أربعين سنة. وكان أسمر رقيقا، مليح العينين خفيف اللحية، ليس بالطويل. ذكرناه فى هذا الكتاب لما صنع فى أيامه من المآثر بمكة، وهى عمارة المسجد الحرام ومسجد الخيف، وعمارة رخام فى الكعبة، وتحليته لها وللمقام، كما ذكرناه فى شفاء الغرام ومختصراته. 903 ـ جعفر بن محمد بن بردين، يكنى أبا الفضل، ويعرف بابن السوسى: سمع بمصر من أحمد بن سعيد بن بشر الهمدانى، وأبى الطاهر أحمد بن عمرو بن

904 ـ جعفر بن محمد المكى النسفى

السرح، وبدمشق من سليمان بن عبد الرحمن، ومن جماعة بحمص والرملة وغيرها. وحدث. سمع منه أبو محمد الحسن بن رشيق فى ذى الحجة سنة ثلاثمائة بمكة، كما ذكر القطب الحلبى فى تاريخه. وذكر أنه سكن مكة ومنه لخصت هذه الترجمة. وروى عنه على ما ذكر العقيلى، وابن الأعرابى وآخرون. قال: وسأل عنه حمزة السهمى الدارقطنى، فقال: لا بأس به. 904 ـ جعفر بن محمد المكى النسفى: يروى عن أبى عبد الرحمن بن أبى الليث عبد الله بن عبيد الله بن سريج الطهمانى الشيبانى البخارى. ذكره ابن السمعانى فى الأنساب. ومن مختصره لابن الأثير، كتبت هذه الترجمة. 905 ـ جعفر بن المطلب بن أبى وداعة السهمى المكى: روى عن أبيه ـ ولأبيه صحبة ـ وعمرو بن العاص، وابنه عبد الله. وعنه ابن أخيه سعيد بن كثير، وعكرمة بن خالد. روى له النسائى حديثين. وقع لنا أحدهما عاليا جدا. 906 ـ جعفر بن يحيى بن إبراهيم التميمى، المسند، أبو الفضل المكى المعروف بابن الحكاك: ولد سنة ست عشرة وأربعمائة، وسمع أبا ذر الهروى وأبا نصر السجزى، وأبا الحسن ابن صخر وغيرهم. وروى عنه الحفاظ: ابن السمرقندى، وابن ناصر، وصالح بن شافع، وآخر الرواة عنه ابن البطى، ووقع لنا حديثه من طريقه عاليا.

_ 904 ـ انظر ترجمته فى: (السمعانى فى الأنساب 4870). 905 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 2/ 489). 906 ـ انظر ترجمته فى: (دمية القصر 1/ 77، المنتظم 9/ 64، العبر 3/ 307، الوافى بالوفيات 11/ 167 ـ 168، مرآة الجنان 3/ 138، البداية 12/ 140، شذرات الذهب 3/ 373، سير أعلام النبلاء 19/ 131).

907 ـ جفريل بن عبد الله الكاملى، الملقب أسد الدين أمير مكة

قال ابن النجار: كان موصوفا بالمعرفة والحفظ والإتقان، وكان يترسل من أمير مكة ابن أبى هاشم، إلى الخلفاء والملوك، ويتولى قبض الأموال منهم، ويحمل كسوة الكعبة. توفى فى صفر سنة خمس وثمانين وأربعمائة. هكذا أرخ وفاته شجاع. 907 ـ جفريل بن عبد الله الكاملى، الملقب أسد الدين أمير مكة: ذكر النويرى فى تاريخه: أن الملك الكامل، والد الملك المسعود جهزه إلى مكة فى سبعمائة فارس لإخراج راجح بن قتادة منها، فتسلمها فى رمضان سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، ولم يزل عليها حتى بلغه أن الملك المنصور صاحب اليمن قصدها، فخرج منها بمن معه من العسكر، قبل وصول صاحب اليمن بيومين، وذلك فى سابع رجب سنة خمس وثلاثين، فوصلوا مصر متفرقين فى العشر الأوسط من شعبان. انتهى. وذكر بعض العصريين: أن العسكر الذى قدم به أسد الدين جعفر، كان خمسمائة فارس، وفيه أربعة أمراء غيره، وهم: وجه السبع، والبندقى، وابن أبى زكرى، وابن برطاس، وأنهم خرجوا فى سنة ثلاث وثلاثين من مكة، لما قرب منها الشريف راجح بن قتادة، وعسكر صاحب اليمن، فالتقوا بموضع يقال له الخريقين بين مكة والسرين. فانهزمت العرب أصحاب راجح، وأسر الأمير الشهاب بن عبدان، فقيده الأمير جفريل وأرسل به إلى مصر. وذكر هذا العصرى: أن الأمير جفريل، كان اشجع أمراء مصر فى ذلك العصر، وأنه لما أتته عيونه بوصول الملك المنصور، أحرق ما كان معه من الأثقال، وتوجه نحو الديار المصرية، فلما كان بالمدينة النبوية، بلغه الخبر بوفاة الملك الكامل. * * * من اسمه جماز 908 ـ جماز بن حسن بن قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسنى المكى: أمير مكة، وليها بعد قتله لأبى سعد بن على بن قتادة. وجدت بخط محمد بن محفوظ المكى: أنه فى سنة إحدى وخمسين وستمائة، أخذ مكة، وأقام بها إلى آخر يوم من ذى الحجة، فتسلمها منه راجح، يعنى ابن قتادة، بلا قتال. انتهى.

909 ـ جماز بن شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنا بن حسين بن مهنا بن داود ابن قاسم بن عبد الله بن طاهر بن يحيى بن حسين بن جعفر بن الحسين الأصغر بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب الحسينى، عز الدين أبو سند

وذكر شيخنا ابن خلدون فى تاريخه: أن جماز بن حسن هذا، سار إلى الناصر يوسف ابن العزيز محمد بن الظاهر غازى بن الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، صاحب الشام وحلب، يستعين به على أبى سعد، يعنى على بن قتادة، وأطمعه بقطع خطبة صاحب اليمن. فجهز له عسكرا، وسار به إلى مكة، فلما وصل إليها نقض عهد الناصر، واستمر يخطب لصاحب اليمن. فلما كان فى سنة ثلاث وخمسين، أخرجه منها راجح بن قتادة، فلحق ينبع. انتهى. هكذا وجدت هذه الحكاية، وهى على ظاهرها لا تستقيم؛ لأنها تقتضى أن جماز بن حسن هذا ولى مكة فى حياة ابن عمه أبى سعد بن على بن قتادة، والمعروف أنه إنما وليها بعد قتل أبى سعد، ولا يمكن أن تستقيم هذه الحكاية، إلا أن يكون جماز بن حسن هذا، استعان بالملك الناصر المشار إليه، على أبى نمى بن أبى سعد، ويكون ذكر أبى نمى، سقط سهوا من النسخة التى رأيتها من تاريخ ابن خلدون. وفى هذا التأويل بعد، على أنى لم أر ما يؤيد هذه الحكاية التى تأولنا لصحتها. والله أعلم بحقيقة ذلك كله. وجماز بن حسن هذا، جد الأشراف ولاة ينبع فى عصرنا. 909 ـ جماز بن شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنا بن حسين بن مهنا بن داود ابن قاسم بن عبد الله بن طاهر بن يحيى بن حسين بن جعفر بن الحسين الأصغر بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب الحسينى، عز الدين أبو سند: أمير المدينة النبوية، هكذا وجدته منسوبا فى نسخة سقيمة من كتاب: «نصيحة المشاور» لقاضى المدينة الشريفة، بدر الدين عبد الله بن محمد بن فرحون اليعمرى المدنى المالكى، وقال: كان شجاعا مهيبا سايسا حازما ذا رأى وهمة عالية، رقت همته إلى أن قصد صاحب مكة، وهو الأمير نجم الدين أبو نمى محمد بن صاحب مكة أبى سعد حسن ابن على بن قتادة الحسنى، وحاصره وانتزع منه مكة، واستولى عليها، وحكم فيها. وأقام فيها مدة يسيرة، ثم عادت إلى أبى نمى، وذلك فى سنة سبع وثمانين وستمائة. انتهى. وقد ذكرنا فى ترجمة أبى نمى شيئا من حاله مع جماز بن شيحة هذا، فأغنى عن إعادته.

وقد ولى الأمير جماز أمر المدينة، بعد وفاة أخيه منيف بن شيحة، فى سنة سبع وخمسين وستمائة. وكان فى حياته مؤازرا له ومساعدا، ثم انتزعها منه ابن أخيه مالك بن منيف بن شيحة فى سنة ست وستين وستمائة، فاستنجد عليه عمه بأمير مكة وغيره من العربان، فلم يقدروا على نزعها. فلما رحلوا عنها عجزا، سلمها له ابن أخيه مالك بن منيف، فاستقل بها جماز بن شيحة من غير منازع، حتى سلمها هو لابنه الأمير منصور بن جماز فى سنة سبعمائة، لأنه كان أضر وشاخ وضعف، ثم مات فى سنة أربع وسبعمائة. انتهى. ولنذكر من ولى إمرة المدينة بعد جماز بن شيحة هذا، إلى عصرنا هذا، لما فى ذلك من الفائدة، فنقول: لم يزل منصور بن جماز بن شيحة أميرا على المدينة، حتى قبض عليه فى موسم سنة ست عشرة وسبعمائة بالمدينة، وجهز إلى مصر، ثم وصل منها إلى المدينة ومعه عسكر. وقد عاد إلى الإمرة فى ربيع الأول سنة سبع عشرة. فاستولى على المدينة بعد أن صد عنها، ثم انتزعت منه، ثم عادت إليه بعد قتال فى جمادى الأولى من سنة سبع عشرة، واستمر حتى قتل فى رمضان سنة خمس وعشرين وسبعمائة، وقتله قريب له غرة عن سبعين سنة، ثم وليها بعده ولده كبيش، حتى انتزعها منه عمه ودى بن جماز، فى صفر سنة سبع وعشرين، مع ابنه عسكر وجماعة. وتوجه ودى إلى مصر، طمعا فى الإمرة، فاعتقل بها. وولى الإمرة بها طفيل بن منصور، بعد قتل أخيه كبيش بن منصور، فى يوم الجمعة سلخ رجب فى سنة سبع وعشرين وسبعمائة. وكان وصول طفيل فى الحادى والعشرين من شوال، من سنة سبع وعشرين إلى المدينة، واستمر حاكما بها ثمان سنين وثلاثة عشر يوما، ثم وليها ودى بن جماز، وجاء الخبر بولايته فى شوال سنة ست وثلاثين، واستمر إلى سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، فملك طفيل المدينة عنوة. واستمر ودى معزولا، حتى مات فى سنة خمس وأربعين وسبعمائة. واستمر طفيل على الإمرة، حتى عزل فى سنة خمسين. فخرج منها بعد أن نهبها أصحابه ثم قصد مصر، فاعتقل بها حتى مات معتقلا، فى شوال سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة. وكان الذى وليها بعد عزله، الأمير سعد بن ثابت بن جماز. وكان دخوله المدينة يوم الثلاثاء الثانى والعشرين من ذى الحجة سنة خمسين وسبعمائة. وقرئ تقليده يوم الجمعة خامس عشرى الحجة.

وفى سنة إحدى وخمسين، ابتدأ فى عمل الخندق الذى حول السور، ومات ولم يكمله. وكان موته فى الثامن عشر من ربيع الآخر سنة اثنتين وخمسين، ووليها بعده فضل ابن قاسم بن جماز، واستمر فى الولاية إلى أن مات بعد تمرض شديد فى سادس عشرى ذى القعدة سنة أربع وخمسين، وهو الذى أكمل الخندق الذى عمله سعد بن ثابت، ثم وليها بعده مانع بن على بن ودى بن جماز. واستمر حتى عزل بجماز بن منصور بن جماز بن شيحة. واستمر جماز حتى قتل فى الحادى والعشرين من القعدة سنة تسع وخمسين وسبعمائة، قتله فداويان، لما حضر لخدمة المحمل الشامى، على عادة أمراء الحجاز، ثم ولى بعده أخوه عطية بن منصور، ووصله التقليد والخلعة، فى ثامن شهر ربيع الآخر سنة ستين وسبعمائة. واستمر حتى عزل بابن أخيه هبة بن جماز بن منصور فى سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، ثم ولى عطية فى موسم سنة اثنتين وثمانين، بعد مسك ابن أخيه هبة بمكة، واستمر عطية حتى مات فى سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة بالمدينة. وفيها مات هبة بعد إطلاقه بالفلاة عند أهله، ووليها بعد عطية، جماز بن هبة بن جماز بن منصور الحسينى، واستقل بها حتى شاركه فى الإمرة بالمدينة، ابن عم أبيه محمد بن عطية بن منصور، فى سنة خمس وثمانين، ثم تغلب عليها جماز، وانفرد بالإمرة، ثم عزل منها فى سنة سبع وثمانين، بمحمد بن عطية، واستمر محمد بن عطية حتى مات فى أحد الجمادين سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، فوليها جماز، ودخلها بعد كسر رجله ومحاربة على ابن عطية له، ثم انتزعت منه ليلا فى غيبته عنها، فى أحد الربيعين سنة تسع وثمانين، ووليها ثابت بن نعير ابن منصور بن جماز الحسينى. واستمر بها إلى صفر سنة خمس وثمانمائة، فوليها جماز بن هبة، بعد اعتقاله بالإسكندرية من سنة تسع وتسعين وسبعمائة، ودخلها فى جمادى الآخرة من سنة خمس وثمانمائة، وسر به أهلها، لما فيه من إعلاء كلمة أهل السنة. واستمر على ولايته حتى عزل عنها فى ربيع الأول من سنة إحدى عشرة وثمانمائة بالأمير ثابت بن نعير بن منصور، لما سأل فى ذلك الشريف حسن بن عجلان بن رميثة الحسنى، صاحب مكة فى عصرنا، وجعل صاحب مصر الناصر فرج، لابن عجلان هذا، النظر على ثابت وصاحب ينبع، وجميع بلاد الحجاز. وكتب له عنه توقيع بنيابة أقطار الحجاز، ولم يصل الخبر بذلك، إلا بعد وفاة ثابت بن نعير.

وكانت فى صفر من سنة إحدى عشرة، فاقتضى رأى الشريف حسن بن عجلان أن يفوض إمرة المدينة لعجلان بن نعير أخى ثابت، وكان قد تزوج ابنة عجلان موزه، فاستدعاه إلى مكة، وفوض إليه إمرة المدينة، فى آخر ربيع الآخر من السنة المذكورة. وجهز ابن عجلان إلى المدينة الشريفة، عسكرا مع ابنه السيد أحمد بن حسن، وتوجه عجلان بن نعير إلى المدينة من مكة على طريق الشرق ودخلها العسكران فى النصف الثانى من جمادى الأولى منها، بعد خروج جماز بن هبة منها بأيام. وكان من خبره، أنه لما بلغه عزله عن المدينة، عمد بعد أيام قليلة، إلى المسجد النبوى، وكسر القبة التى فيه، هى حاصل الحرم، وأخذ ما فيها من قناديل الذهب والفضة. وكان شيئا كثيرا على ما قيل، وثيابا كثيرة كانت معدة لتكفين الأموات وغير ذلك. وتوجه منها قبل دخول العسكرين بأيام، وتبعه طائفة من العسكرين فلم يدركوه. ولم يزل معزولا حتى توفى، فى جمادى الآخرة من سنة اثنتى عشرة وثمانمائة، بيّته بعض الأعراب وقتله. وكان وصل لعجلان بن نعير، بإثر قدومه إلى المدينة، توقيع من صاحب مصر بإمرة المدينة، عوض أخيه ثابت بحكم وفاته، بشرط رضى الشريف حسن بن عجلان بذلك. ودامت ولايته إلى أن وصل الحاج الشامى إلى المدينة، فى العشر الأخير من ذى القعدة سنة اثنتى عشرة وثمانمائة، ثم زالت ولايته فى هذا التاريخ؛ لأن آل جماز ابن هبة حاربوه فى هذا التاريخ، وهجموا عليه المدينة، فاختفى فى زى النساء، فظفروا به فى قلعتها، وسلموه لأمير الحاج الشافعى؛ لأنه ساعدهم على حربه، بإشارة أمير الركب المصرى. وحمل إلى مكة، وسلم بها إلى أمير الحاج المصرى بيسق، فاحتفظ به وكاد أن ينهزم، ثم فطن له، فاحتفظ به أكثر من الاحتفاظ الأول، ثم أطلق بإشارة صاحب مكة. وولى المدينة عوضه سليمان بن هبة بن جماز بن منصور، أخو جماز المقتول. ودامت ولايته إلى أن قبض عليه بالمدينة النبوية بعد الحج، لسوء سيرته، فى العشر الأخير من ذى الحجة سنة خمس عشرة وثمانمائة. وقرر أمير الحاج المصرى بيبغا المظفرى عوضه فى إمرة المدينة، ابن أخيه غرير ـ بغين معجمة وراءين مهملتين بينهما ياء مثناة من تحت ـ بن هيازع بن هبة، وحمل سليمان وأخوه محمد، محتفظا بهما إلى مصر، فسجنا بها. ومات سليمان مسجونا بالقاهرة، سنة سبع عشرة وثمانمائة، وحمدت سيرة غرير. ودامت ولايته، إلى أن هرب فى ذى الحجة سنة تسع عشرة وثمانمائة، متخوفا من القبض عليه، وعاد عجلان إلى إمرة المدينة، ودخلها فى العشر الأخير من ذى الحجة سنة تسع عشرة.

910 ـ جماز بن صبيحة

واستمر عجلان، حتى عزل بغرير المذكور، فى العشر الأخير من ذى الحجة سنة إحدى وعشرين وثمانمائة. واستمر غرير، حتى عزل فى العشر الأخير من ذى الحجة، سنة أربع وعشرين وثمانمائة، لأخذه فى هذا العام شيئا من حاصل الحرم النبوى. وحمل إلى القاهرة محتفظا به، فمات بها مسجونا عقيب وصوله إليها، فى آخر المحرم أو صفر، سنة خمس وعشرين وثمانمائة. وولى بعد القبض عليه، عجلان بن نعير، وهو مستمر إلى ربيع الأول سنة سبع وعشرين وثمانمائة. وما ذكرناه من ولاية أمراء المدينة، بعد منصور بن جماز، إلى ولاية ابنه عطية بن منصور، الولاية الأولى، اعتمدت فيه على ما ذكره القاضى بدر الدين بن فرحون فى كتابه «نصيحة المشاور» وما كان بعد ذلك، فإنى عقلته، إلا ما كان قبل أن أعقله، من ولاية هبة بن جماز، فإنى اعتمدت فيها على من وثقت به. وما ذكرناه من نسب أمراء المدينة، فإنى رأيته هكذا فى نسخة سقيمة من كتاب ابن فرحون، ورأيته فى تاريخ شيخنا ابن خلدون، إلا أن فيه مخالفة لما فى كتاب ابن فرحون. وفى النسخة التى رأيتها من تاريخ ابن خلدون سقم أيضا. والله أعلم بالصواب. 910 ـ جماز بن صبيحة: كان من أعيان القواد المعروفين بالعمرة، وهو خال الشريف أحمد بن عجلان صاحب مكة. توفى فى سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة. * * * من اسمه جميل 911 ـ جميل بن عامر بن حذيم بن سلامان بن ربيعة بن سعد بن جمح الجمحى: أخو سعيد، وجد نافع بن عبد الله بن عمر بن جميل، المكى المحدث. ذكره ابن عبد البر. وقال: لا أعلم له رواية.

_ 911 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 335، الإصابة ترجمة 1196، أسد الغابة ترجمة 782، الجرح والتعديل 2/ 518).

912 ـ جميل بن أبى العلاء المكى، يلقب نجيب الدين ويكنى أبا العلاء

912 ـ جميل بن أبى العلاء المكى، يلقب نجيب الدين ويكنى أبا العلاء: سمع بقراءته على يونس الهاشمى: الأول من صحيح البخارى، نسخة بيت الطبرى، فى سنة ست وتسعين وخمسمائة بالحرم الشريف. 913 ـ جميل بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح القرشى الجمحى، أبو معمر: ذكر ابن الأثير: أنه شهد الفجار مع أبيه، ثم أسلم ويوم الفتح، وشهد حنينا مع النبى صلى الله عليه وسلم. وذكر ذلك ابن عبد البر، إلا أنه لم يذكر شهوده الفجار. وذكر كلاهما أنه قتل زهير بن الأبجر الهذلى مأسورا بحنين. فقال فى ذلك أبو خراش الهذلى أبياتا، لام فيها جميلا. وذكر أيضا أنه كان يسمى ذا القلبين. ونقل ذلك الزبير عن عمه مصعب، قال: وفيه نزلت: (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ) [الأحزاب: 4]. وذكر زكريا بن عيسى عن ابن شهاب، قال: ذو القلبين من بنى الحارث بن فهر. وأشار إلى أنه كان لا يكتم ما يسمع. قال ابن الأثير أيضا: كان مسنا، وقال: إن أبا موسى ـ يعنى المدينى ـ زاد فى نسبه، فقال: جميل بن معمر بن حبيب. والأول أصح. انتهى. 914 ـ جميل الحبيبى القيروانى: شيخ القيروان. والحبيبى ـ بحاء مهملة وباء موحدة، ثم ياء من تحت، ثم باء موحدة، ثم ياء للنسبة ـ ولم أدر هذه النسبة إلى ماذا، وإنما ضبطتها بذلك، لأنها تشتبه بالحنينى ـ بحاء مهملة ونون وياء مثناة من تحت ـ وهو أبو جعفر محمد بن الحسين بن موسى الحنينى، صاحب مسند أنس بن مالك، الذى رويناه. كان جميل رجلا صالحا. توفى بمكة، ودفن بالمعلاة، قرب قبر الضياء المالكى، جد الشيخ خليل المالكى. وكانت وفاته فى سنة إحدى وخمسين وستمائة. كما وجدت بخط الميورقى.

_ 913 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 336، الإصابة ترجمة 1197، أسد الغابة ترجمة 783، التمهيد 6/ 171، دائرة معارف الأعلمى 15/ 87، الوافى بالوفيات 11/ 188).

915 ـ جنادة بن عبد الله بن علقمة بن المطلب بن عبد مناف المطلبى

وما علمت من حاله سوى هذا. 915 ـ جنادة بن عبد الله بن علقمة بن المطلب بن عبد مناف المطلبى: استشهد يوم اليمامة. وأبوه عبد الله هو أبو نبقة. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر وابن الأثير. 916 ـ جندب بن جخيدب بن لحاف بن راجح بن أبى نمى الحسنى المكى: كان من أعيان الأشراف، شجاعا مقداما. وبلغنى أنه لما شهد يوم الزبارة، كان متقلدا سيفين، وخرق صف أعدائه مرتين، ثم قتل فى المعركة فى اليوم المذكور. وذلك كان فى يوم الثلاثاء خامس عشرى شوال سنة ثمان وتسعين وسبعمائة، عن نحو ثلاثين سنة. 917 ـ جهيم، ويقال جهم، بن قيس بن عبد بن شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار القرشى العبدرى، أبو خزيمة: هاجر إلى أرض الحبشة، ومعه امرأته أم حرملة ـ ويقال حريملة ـ الخزاعية، وابناه عمرو وخزيمة. ذكره ابن عبد البر فى باب جهيم بمعنى هذا. وفى باب جهم (1) أخصر منه. وكذلك صنع ابن الأثير. ونقل عن هشام بن الكلبى والزبير، أنهما قالا: جهم، بغير ياء، قال: وقالا: هاجر إلى الحبشة. انتهى. 918 ـ جهيم بن الصلت بن مخرمة بن [المطلب] (1) بن عبد مناف القرشى المطلبى: أسلم عام خيبر. وأعطاه النبى صلى الله عليه وسلم ثلاثين وسقا، وهو الذى رأى الرؤيا بالجحفة، حين

_ 915 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 341، الإصابة ترجمة 1206، أسد الغابة 1/ 354، تجريد أسماء الصحابة 1/ 90، الوافى بالوفيات 11/ 191، الجرح والتعديل 2/ 2128، تلقيح فهوم أهل الأثر 374). 917 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 351، الإصابة ترجمة 1260، أسد الغابة 829). (1) انظر ترجمة جهم فى: (الاستيعاب ترجمة 348، الإصابة ترجمة 1251، أسد الغابة ترجمة 825). 918 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 350، الإصابة ترجمة 1259، أسد الغابة ترجمة 828). (1) فى الاستيعاب: ابن عبد المطلب.

919 ـ جوان بن عمر بن عبد الله بن أبى ربيعة ـ عمرو ـ بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى

نفرت قريش لتمنع عيرها من النبى صلى الله عليه وسلم، وهو أنه رأى فارسا وقف عليه، فنعى إليه أشرافا من قريش. فصحت رؤياه. وقتل جماعة من أشرافهم ببدر. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر وابن الأثير، وزاد فقال: وروى ابن شاهين عن موسى بن الهيثم عن عبيد الله بن محمد بن سعد، قال: جهيم ابن الصلت بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف، أسلم بعد الفتح. لا أعلم له رواية، ووافقه على هذا النسب ووقت إسلامه، أبو أحمد العسكرى. وأسقط من نسبه مخرمة. وإثباته صحيح. ذكره ابن الكلبى، وابن حبيب، والزبير، وأبو عمر وغيرهم. أخرجه أبو عمر وأبو موسى. انتهى. وهذا يخالف ما ذكره ابن عبد البر فى تاريخ إسلامه. والله أعلم. 919 ـ جوان بن عمر بن عبد الله بن أبى ربيعة ـ عمرو ـ بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى: ذكره الزبير، فقال: وفيه يقول عمر، يعنى أباه [من الوافر]: جوان شهيدى على حبها ... أليس بعدل عليها جوان وقال: وحدثنى يحيى بن محمد بن عبد الله بن ثوبان، قال: ثنا محمد بن إسماعيل بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبى ربيعة قال: جاء جوان بن عمر بن عبد الله بن أبى ربيعة، إلى زياد بن عبيد الله شاهدا، فقال له زياد: أنت الذى يقول فيك أبوك: شهيدى جوان على حبها ... أليس بعدل عليها جوان قال: نعم أصلحك الله. فقال: قد أجزنا شهادة من عدله عمر، وأجاز شهادته. وقال الزبير: وأخبرنى عمى مصعب بن عبد الله، قال: كان جوان بن عمر بن عبد الله ابن أبى ربيعة، قد سعى على تبالة. قال ضبارة بن الطفيل الخثعمى [من الطويل]. فلو شهدتنى فى ليال خلون لى ... لعامين مرا بعد عام جوان 920 ـ جوبان بن تدوان نائب السلطنة بالعراقين: ولى ذلك نيابة عن السلطان أبى سعيد بن خربندا ملك العراقين. ودبر المملكة فى أيامه مدة طويلة على السداد، ثم تغير أبو سعيد على جوبان وقتل ولده دمشق خواجا

فى سنة سبع وعشرين وسبعمائة فهم جوبان بمحاربة أبى سعيد، فلم يتمكن من ذلك. ثم ظفر أبو سعيد بجوبان، فقتله. وكتب أبو سعيد إلى الناصر صاحب مصر، فساله قتل تمرباش بن جوبان. وكان هرب بعد قتل أخيه، وقصد الديار المصرية، فأقام بها مدة، ثم قتل بأمر السلطان الناصر محمد بن قلاوون، على أن أبا سعيد يقتل الأمير قراسنقر المنصورى. وكان خارجا عن طريقة الناصر، وهو مقيم عند أبى سعيد. فاتفق أن قراسنقر مات قبل قتل تمرباش بن جوبان بهراة [ ..... ] (1) من سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. وفيها قتل جوبان، وحمل جوبان بأمر أبى سعيد مع الحجاج العراقيين. فوقفوا به عرفة، ودخلوا به مكة ليلا وطافوا به، وصلوا عليه، ثم توجهوا به إلى المدينة النبوية، ليدفن فى تربة له هناك. فلم يمكن من ذلك أمير بالمدينة، وقال: لا بد من إذن السلطان، يعنى صاحب مصر، فدفن جوبان بالبقيع، فى سلخ ربيع الآخر من سنة تسع وعشرين، ودفن معه بالبقيع ولده، وكانا فى هذه المدة بقلعة المدينة، وهذه التربة غربى المسجد النبوى، تقرب من باب المسجد المعروف الآن بباب الرحمة، فى مدرسة أنشأها جوبان، وأنفق عليها أموالا كثيرة، فجاءت فى غاية الحسن. وله من المآثر بمكة: عمارة عين بازان فى سنة ست وعشرين وسبعمائة. وقد ذكرنا فى شفاء الغرام ومختصراته، تاريخ جريانها فى هذه السنة. وما حصل بها لأهل مكة من النفع، لشدة احتياجهم إلى ذلك بسبب قلة الماء بمكة. وفر الله تعالى له الثواب فى ذلك. وذكره الذهبى فى ذيل سير النبلاء. فقال: جوبان الوسى؟ ؟ ؟ (2) الكبير، نائب المملكة المغلى. كان رجلا شجاعا مهيبا شديد العطاء كبير الشأن، كثير الأموال عالى الهمة، صحيح الإسلام. وله حظ من صلات، وبر، بذل ذهبا كثيرا، حتى أوصل الماء إلى بطن مكة. وقيل: إنه أخذ من الرشيد ألف ألف دينار، وكانت ابنته بغداد زوجة أبى سعيد، وابنه تمرباش، متولى ممالك الروم، وابنه دمشق، قائد عشرة آلاف. وكان سلطانه أبو سعيد تحت يده، ثم زالت سعادتهم، وتنمر لهم أبو سعيد، فقتل دمشق، وفر أبوه جوبان إلى والى هراة لائذا به، فقتله بأمر أبى سعيد، فى سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. ولعله من أبناء الستين.

_ 920 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (2) هكذا فى الأصل بلا نقط.

921 ـ جوهر بن عبد الله المعروف بالرضوانى

921 ـ جوهر بن عبد الله المعروف بالرضوانى: نزيل مكة. ذكر الملك الأفضل صاحب اليمن. فى كتابه «العطايا السنية» أنه خدم مع والدة المجاهد «جهة صلاح». فجعلته زمامها، وأضافت إليه أمر دارها، فارتفع شأنه وعظم جاهه. وظهرت له سيرة حسنة، ورياسة مستحسنة فنال بذلك شفقة من المجاهد، وعول عليه فى أكثر حوائجه، وندبه سفيرا إلى مصر غير مرة، منها فى سنة خمس وخمسين وسبعمائة، مع جماعة فعصف بهم الريح، فهلك معهم فى هذه السنة. وكان محبا لفعل الخير. ابتنى بزبيد مدرسة. وجعل فيها مدرسا ودرسه، ووقف بها وبالمسجد الذى ابتناه بمغربة تعز، كتبا جليلة، وسكن مكة مدة طويلة، وابتنى بها دارا. ثم عاد إلى اليمن. انتهى. قلت: كان بمكة فى عشر الخمسين وسبعمائة، وسمع بها من عثمان الصفى وغيره، وداره هى اليوم المدرسة الأفضلية بمكة. 922 ـ جوهر بن عبد الله العجلانى: فتى الشريف عجلان بن رميثة، صاحب مكة. وهو الذى تولى تريبة ابنى سيده، الشريفين: على بن عجلان، وحسن بن عجلان. وكان ينطوى على خير وديانة. توفى فى سنة تسع، أو فى سنة عشر وثمانمائة. ودفن بالمعلاة. * * *

حرف الحاء

حرف الحاء 923 ـ الحارث بن أسد بن عبد العزّى بن جعونة الخزاعى: له صحبة، قاله ابن الكلبى. ذكره هكذا ابن الأثير، وذكره الذهبى فى التجريد، وقال: له صحبة فى قول الكلبى. 924 ـ الحارث بن أوس، ويقال: الحارث بن عبد الله بن أوس الثقفى. حجازى سكن الطائف، له صحبة. روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه. وروى عنه ـ على ما قيل ـ أخوه عمرو بن أوس، والوليد بن عبد الرحمن الجرشىّ. وروى له أبو داود والترمذى والنّسائى. ذكره هكذا المزّى، فى التهذيب إلا قليلا، فبالمعنى. وذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب. وكلامه يقتضى ترجيح القول بأنه الحارث بن عبد الله بن أوس، وقال: حجازىّ، سكن الطائف. وروى فى الحائض، يكون آخر عهدها الطواف بالبيت. 925 ـ الحارث بن الحارث بن قيس بن عدّى بن سعد بن سهم القرشى السّهمىّ: هاجر إلى الحبشة مع أبيه، وأخويه: بشر ومعمر ابنى الحارث. وذكره بمعنى هذا ابن عبد البر وابن الأثير. وزاد ابن الأثير فقال: وقال ابن مندة وأبو نعيم: إنه قتل بأجنادين. ولا تعرف له رواية. انتهى.

_ 923 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 1/ 273، أسد الغابة 1/ 315، التجريد 1/ 101). 924 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 1/ 214، الإصابة ترجمة 1435، أسد الغابة ترجمة 910، تجريد أسماء الصحابة 1/ 103، تقريب التهذيب 1/ 141، الإكمال 5/ 199، الطبقات 1/ 54، 285، خلاصة تذهيب التهذيب 1/ 138، الوافى بالوفيات 11/ 353، 244، تهذيب التهذيب 2/ 137، 144، رجال الصحيحين 373، الجرح والتعديل 1/ 77، 3/ 361، جامع الرواة 1/ 173، التاريخ الكبير 2/ 93). 925 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 403، الإصابة ترجمة 1392، أسد الغابة ترجمة 863).

926 ـ الحارث بن الحارث بن كلدة الثقفى

926 ـ الحارث بن الحارث بن كلدة الثّقفى: كان أبوه طبيبا في العرب حكيما، وهو من المؤلّفة قلوبهم، معدود فيهم، وكان من أشراف قومه. وأما أبوه فلا يصح إسلامه. ومات أبوه فى أول الإسلام. ذكر هذا كله بالمعنى ابن عبد البر، وقال: روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمر سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه، أن يأتيه يستوصفه فى مرض نزل به. فدل ذلك على أنه جائز أن يشاور أهل الكفر فى الطب، إذا كانوا من أهله، والله أعلم. 927 ـ الحارث بن حاطب بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة ابن جمح القرشىّ الجمحىّ المكى: أمير مكة. له صحبة ورواية عن النبى صلى الله عليه وسلم. وعنه حسين بن الحارث الجدلى، ويوسف ابن سعد الجمحىّ. روى له أبو داود حديث: عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نمسك للرؤية (1). وروى له النسائى أيضا (2).

_ 926 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 1393، أسد الغابة ترجمة 864، الاستيعاب ترجمة 404). 927 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 1013، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2401، تاريخه الصغير 1/ 2، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 561، 577، وأخبار القضاة لوكيع 1/ 124، الجرح والتعديل لابن أبى حاتم الترجمة 328، الولاة والقضاة للكندى 120، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 176، المعجم الكبير للطبرانى 3/ 315، الاستيعاب 1/ 285، تلقيح فهوم أهل الأثر 176، الكامل لابن الأثير 2/ 137، 4/ 348، أسد الغابة 1/ 322 ـ 323، تهذيب الأسماء للنووى 1/ 150، الكاشف 1/ 193، تجريد أسماء الصحابة الترجمة 919، الوافى بالوفيات 11/ 247 ـ 248، تهذيب ابن حجر 2/ 138 ـ 139، الإصابة ترجمة 1390، خلاصة الخزرجى الترجمة 1126). (1) أخرجه أبو داود فى سننه باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال حديث رقم (2302) من طريق: محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى البزاز، أنبأنا سعيد بن سليمان، أخبرنا عباد، عن أبى مالك الأشجعى، أخبرنا حسين بن الحارث الجدلى، من جديلة قيس: «أن أمير مكة خطب ثم قال: عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نمسك للرؤية، فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما. فسألت الحسين بن الحارث: من أمير مكة؟ فقال: لا أدرى، ثم لقينى بعد فقال: هو الحارث بن حاطب أخو محمد بن حاطب، ثم قال الأمير: إن فيكم من هو أعلم بالله ورسوله منى، وشهد هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأومأ بيده إلى رجل. قال الحسين فقلت لشيخ إلى جنبى: من هذا الذى أومأ إليه الأمير؟ قال: هذا عبد الله ابن عمر، وصدق كان أعلم بالله منه، فقال بذلك أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم». (2) أخرج له النسائى فى الصغرى كتاب قطع السارق حديث رقم (4977) من طريق: ـ

وذكر ابن حبان أنه كان واليا على مكة، وذكر صاحب الاستيعاب وصاحب الكمال: أن الزبير استعمله على مكة سنة ست وستين. وقال صاحب الاستيعاب: وقيل إنه كان يلى المساعى أيام مروان. ولد هو وأخوه محمد بأرض الحبشة، وأمهما أم جميل بنت المحلّل. قال ابن عبد البر: والحارث أسنّ. وذكره ابن الأثير بمعنى ما ذكره ابن عبد البر، وقال: قال ابن إسحاق: تسمية من هاجر إلى الحبشة من بنى جمح: الحارث بن حاطب بن معمر، قاله ابن مندة وأبو نعيم عن أبى إسحاق، والأول أصح. وروى ابن مندة عن ابن إسحاق فى هذه الترجمة، قال: زعموا أن أبا لبابة بن عبد المنذر، والحارث بن حاطب، خرجا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر، فردّهما وأمّر أبا لبابة على المدينة، وضرب لهم بسهم مع أصحاب بدر، ثم قال ابن الأثير: قول ابن مندة وأبى نعيم، فى نسبة الحارث بن حاطب بن معمر ـ ورويا ذلك عن ابن إسحاق ـ فليس بشئ، فإن ابن إسحاق ذكره فيمن هاجر إلى أرض الحبشة، فقال: حاطب بن الحارث ابن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح. كذا عندنا فيما رويناه عن يونس عن ابن إسحاق. وكذا ذكره عبد الملك بن هشام وسلمة أيضا عنه. وأما قوله ابن مندة: إن النبى صلى الله عليه وسلم، رده مع أبى لبابة فى غزوة بدر، فإن هذا الحارث، ولد بأرض الحبشة، ولم يقدم إلى المدينة إلا بعد بدر، وهو صبى، وإنما الذى رده رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطريق إلى المدينة، هو الحارث بن حاطب الأنصارى، الذى نذكره بعد هذه الترجمة. وظن ابن مندة أن الذى أعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطريق هو هذا، فلم يذكر الأنصارى. وقد ذكره أبو نعيم، وأبو عمر على ما نذكره إن شاء الله تعالى.

_ ـ سليمان بن سلم المصاحفى البلخى، قال: حدثنا النضر بن شميل، قال: حدثنا حماد، قال: أنبأنا يوسف، عن الحارث بن حاطب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بلص، فقال: «اقتلوه». فقالوا: يا رسول الله إنما سرق. فقال: «اقتلوه». قالوا: يا رسول الله إنما سرق. قال: «اقطعوا يده». قال: ثم سرق فقطعت رجله؛ ثم سرق على عهد أبى بكر رضى الله عنه حتى قطعت قوائمه كلها ثم سرق أيضا الخامسة، فقال أبو بكر رضى الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بهذا حين قال: «اقتلوه». ثم دفعه إلى فتية من قريش ليقتلوه منهم عبد الله بن الزبير وكان يحب الإمارة فقال أمرونى عليكم فأمروه عليهم فكان إذا ضرب ضربوه حتى قتلوه.

928 ـ الحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى

928 ـ الحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة القرشى التّيمىّ: قال الزبير بن بكار: حدثنى محمد بن محمد بن الحارث بن أبى قدامة العمرى، عن محمد بن طلحة التيمى، قال: هاجر الحارث بن خالد ـ وساق نسبه إلى كعب ـ إلى أرض الحبشة، ثم أقبل ومعه امرأته ريطة بنت الحارث بن جبلة بن عامر بن كعب، ومعه ولده، حتى إذا كانوا ببعض الطريق وردوا ماء، فشربوا منه فماتوا أجمعون إلا هو، حتى نزل المدينة، فزوّجه النبى صلى الله عليه وسلم بنت عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف. قال الزبير: وأخبرنى عمّى مصعب بن عبد الله: أن الحارث بن خالد بن صخر هاجر معه إلى أرض الحبشة بزوجته ريطة بنت الحارث ـ وساق نسبها إلى مرّة ـ ولدت له هناك موسى وعائشة، وزينب، بنى الحارث بن خالد، وهلكوا بأرض الحبشة. انتهى. كان قديم الإسلام بمكة، وهاجر منها إلى أرض الحبشة فى الهجرة الثانية، ومعه امرأته ريطة بنت الحارث. فولدت له هناك موسى، وإبراهيم، وزينب، وعائشة. وهلكوا بأرض الحبشة على ما قال مصعب الزّبيرى. وقال غيره: إنهم خرجوا مع أبيهم، يريد بهم النبى صلى الله عليه وسلم، فوردوا ماء ببعض الطريق، فشربوا منه فماتوا جميعا إلا هو، فإنه ورد المدينة فزوجه النبى صلى الله عليه وسلم، بنت يزيد بن هاشم ابن عبد المطلب بن عبد مناف. وهو جد محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى، الذى ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر، وابن الأثير. وزاد: كان من المهاجرين الأولين إلى أرض الحبشة، ثم قال: وقيل إنه هاجر مع جعفر بن أبى طالب رضى الله عنه إلى الحبشة فى الهجرة الثانية. 929 ـ الحارث بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى: الشاعر، أمير مكة. نقل الحافظ أبو الحجاج المزى فى تهذيبه: أن خليفة بن خيّاط، ذكر أن يزيد لما عزل الوليد بن عقبة بن أبى سفيان عن مكة، ولاها الحارث بن خالد،

_ 928 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة ترجمة 782، الاستيعاب ترجمة 411، الإصابة ترجمة 1402، المنتظم 2/ 375، طبقات ابن سعد 4/ 95، 8/ 201). 929 ـ انظر ترجمته فى: (الأغانى 3/ 311، 9/ 227، خزانة الأدب للبغدادى 1/ 217، تهذيب تاريخ ابن عساكر 3/ 437، طبقات ابن سعد 6/ 5، المنتظم 2/ 375).

ثم عزله. وولى عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، ثم عزل عبد الرحمن وأعاد الحارث، فمنعه ابن الزبير الصلاة، فصلى بالناس مصعب بن عبد الرحمن بن عوف. انتهى. وقال الزبير بن بكار: كان يزيد بن معاوية استعمله على مكة، وابن الزبير يومئذ بها قبل أن يظهر حزب يزيد بن معاوية. فمنعه ابن الزبير الصلاة بالناس فكان يصلى فى جوف داره بمواليه، ومن أطاعه من أهله. ولم يزل معتزلا لابن الزبير حتى ولى عبد الملك ابن مروان، فولاه مكة، ثم عزله، فقدم عليه دمشق، فلم ير عنده ما يحب، فانصرف عنه. وقال فى ذلك شعرا. انتهى. ووجدت فى حاشية نسختى من «الجمهرة» لابن حزم، عند ذكره للحارث بن خالد هذا: «كانت بنو مخزوم كلهم زبيرية سوى الحارث بن خالد، فإنه كان مروانيا. فلما ولى عبد الملك بن مروان الخلافة عام الجماعة، وفد إليه فى دين كان عليه، وذلك فى سنة خمس وسبعين. قال مصعب فى خبره، بل حج عبد الملك فى تلك السنة، فلما انصرف دخل معه الحارث إلى دمشق، فظهرت له منه جفوة، وأقام ببابه شهرا لا يصل إليه، فانصرف عنه وقال فيه (1) [من الطويل]: صحبتك إذ عينى عليها غشاوة ... فلما انجلت قطعت نفسى ألومها [ومابى وإن أقصيتنى من ضراعة ... ولا افتقرت نفسى إلى من يضيمها عطفت عليك النفس حتى كأنما ... بكفيك بؤسى أو عليك نعيمها] الأبيات الثلاثة (2). وأنشد عبد الملك الشعر، فأرسل إليه من رده من طريقه، فلما دخل عليه قال: يا حار، أخبرنى عنك: هل رأيت عليك فى المقام ببابى غضاضة وفى قصدى دناءة؟ قال: لا والله يا أمير المؤمنين، قال: فما حملك على ما قلت وفعلت؟ . قال: جفوة ظهرت لى، كنت حقيقا بغيرها. قال: فاختر، إن شئت أعطيتك مائة ألف درهم، أو قضيت دينك، أو وليتك مكة سنة، فولاه إياها. فحج بالناس وحجت عائشة بنت طلحة، وكان يهواها، فأرسلت إليه: أخر الصلاة حتى أفرغ من طوافى، فأمر المؤذنين فأخروا إقامة الصلاة حتى فرغت من طوافها، وجعل الناس يصيحون به، فلا والله ما قام إلى الصلاة حتى فرغت.

_ (1) الأبيات فى الأغانى 3/ 314. (2) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، أوردناه من هامش الأغانى 3/ 314.

فأنكر ذلك أهل الموسم، فبلغ ذلك عبد الملك، فعزله وكتب إليه يؤنبه فيما فعل. فقال: «ما أهون والله غضبه إذا رضيت عائشة، والله لو لم تفرغ من طوافها إلى الليل لأخرت الصلاة إلى الليل». انتهى. وقد ذكر الزبير بن بكار بعض شعر الحارث بن خالد، الذى أنشأه لعبد الملك؛ لأنه قال بعد أن ذكر قصته مع عبد الملك: وقال (3) [من الطويل]: عطفت عليك النفس حتى كأنما ... بكفيك بؤسى أو لديك نعيمها (4) كأنى وإن أقصيتنى من ضراعة (5) ... ولا افتقرت نفسى إلى من يسومها ومن شعر الحارث بن خالد هذا على ما وجدت فى حاشية نسختى من الجمهرة [من الكامل]: لمن الديار رسومها قفر ... لعبت بها الأرواح والقطر ومن شعره، على ما ذكر الزبير، فى امرأته أم عبد الملك بنت عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبى العيص، وكان خلف عليها بعد عبد الله بن مطيع العدوى، وولدت لابن مطيع محمدا وعمران (6) [من البسيط]: يا أم عمران مازالت وما برحت ... بنا الصبابة حتى مسنا الشفق (7) القلب تاق إليكم كى يلاقيكم ... كما يتوق إلى منجاته الغرق تعطيك شيئا قليلا وهى خائفة ... كما يمس بظهر الحية الفرق (8) انتهى. قال الزبير بن بكار فى ترجمة الحارث بن خالد هذا: وكان الحارث شاعرا كثير الشعر وهو الذى يقول (9) [من البسيط]: من كان يسأل عنا أين منزلنا ... فالأقحوانة منا منزل قمن

_ (3) فى الأغانى 3/ 314. (4) فى الأغانى: «يكفيك بؤسى أو عليك نعيمها». (5) فى الأغانى: «وما بى وإن أقصيتنى من ضراعة». (6) الأبيات فى الأغانى 3/ 327. (7) فى الأغانى: «بى الصبابة حتى شفى الشفق». (8) فى الأغانى: تنيل نزر قليلا وهى مسفقة ... كما يخاف مسيس الحية الفرق (9) انظر الأغانى 3/ 322.

إذ نلبس العيش غضا لا يكدره ... قرف الوشاة ولا ينبو بنا الزمن (10) إذا الجمار حرا ممن يسر به ... والحج داج به معزوزف تكن قال الزبير: الأقحوانة ما بين بئر مأمون إلى بئر ابن هشام. قال: وكان الحارث بن خالد خطب فى مقدمه دمشق، عمرة بنت النعمان بن بشير الأنصارية. فقالت (11) [من المتقارب]: كهول دمشق وشبانها ... أحب إلى من الحاليه لهم ذفر كصنان التيو ... س أغنى عن المسك والغاليه فقال الحارث (12) [من الخفيف]: ساكنات العقيق أشهى إلى النف ... س من الساكنات دور دمشق (13) يتضوعن أن يطنين بالمسك ... صنانا كأنه ريح مرق (14) ورواهما بعض علماء دمشق للمهاجر بن خالد. وقال: لنساء بين الحجون إلى الحثمة ... فى مقمرات ليل وشرق قال: وهو الذى يقول (15) [من المتقارب]: كأنى إذا مت لم أضطرب ... تزين المخيلة أعطافيه ولم أسلب البيض أبدانها ... ولم يكن اللهو من شأنيه (16) قال: والحجون: مقبرة أهل مكة. وجاه بيت أبى موسى الأشعرى. والحثمة: صخرات مشرفات فى ربع عمر بن الخطاب رضى الله عنه. وقال الزبير: حدثنى مصعب بن عثمان بن مصعب بن عروة بن الزبير قال: كانت أم عبد الملك بنت عبد الله بن أسيد، عند الحارث بن خالد، فله منها فاطمة بنت الحارث،

_ (10) فى الأغانى: «إذ نلبس العيش صفوا ما يكدره». (11) انظر الأغانى 9/ 261. (12) انظر الأغانى 9/ 262. (13) فى الأغانى: قاطنات الجحون أشهى إلى قلبى من الساكنات دور دمشق وفى معجم ما استعجم ومعجم البلدان: «ساكنات البطاح». (14) فى الأغانى: يتضوّعن لو تضمخن بالمس ... ك (15) انظر نسب قريش 9/ 314. (16) فى نسب قريش: باليه.

وأخواها لأمها محمد وعمران ابنا عبد الله بن مطيع بن الأسود. وفيها يقول الحارث بن خالد (17): يا أم عمران ما زالت وما برحت ... بنا الصبابة حتى مسنا (18) الشفق القلب (19) تاق إليكم كى يلاقيكم ... كما يتوق إلى منجاته الغرق تؤتيك شيئا قليلا وهى خائفة ... كما يمس بظهر الحية الفرق وقال الزبير: قال عمى مصعب بن عبد الله: يريد بقوله: تاق إليكم، تائق إليكم. قال الله عزوجل: (عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ) [التوبة: 109] يريد هائر. وقال مصعب بن عثمان: وأنشد رجل ـ وعمران بن عبد الله بن مطيع جالس ـ: يا أم عمران ما زالت وما برحت ثم ذكر مجلسه، فانتبه فقطع البيت. فقال له عمران: لا عليك، فإنها كانت زوجته. قال الزبير: قال عمى مصعب بن عبد الله، وفيها يقول الحارث بن خالد (20) [من الكامل]: قوى من آل ظليمة الحزم ... العيرتان فأوحش الخطم ظليم أن مصابكم رجلا ... هدى السلام إليكم ظلم الخطم: الذى دون سدرة آل أسيّد، والحزم: أمامه بستان عن طريق نخلة، وخطم، الحجون أيضا، يقال له الخطيم، وليس الذى عنى الحارث بن خالد، والعيرة: الجبل الذى عند الميل على يمين الذاهب إلى منى. والعير الذى يقابله فيهما العيرتان اللتان عنى الحارث بن خالد، وليس بالعير والعيرة اللتين عند مدخل مكة مما يلى خمّ. وذكر الزبير: أن الحارث حضر محاربة ابن الزبير مع الحجاج؛ لأنه قال: حدثنى هشام ابن إبراهيم قال: لما حصر حجاج بن يوسف عبد الله بن الزبير، وأخذ عليه بجوانب مكة. وكان الحجاج قد ولى الحارث بن خالد، فقال: من صار إلى منى؟ فقال طارق مولى عثمان للحجاج: إنى خائف أن ينسل ابن الزبير الليلة تحت الليل، فما عذرنا عند أمير المؤمنين إن هرب.

_ (17) انظر نسب قريش 6/ 192. (18) فى نسب قريش: شفنى. (19) فى نسب قريش: والقلب. (20) البيتان فى: (الأغانى 9/ 261).

الحارث بن خالد المخزومى.

قال: فأرسل الحجاج إلى أصحاب مسالحه جميعا يوصيهم بالحتياط من ابن الزبير لا يهرب، قال: فلما جاء رسوله الحارث بن خالد فأبلغه رسالته، قال: ابن الزبير، وابن صفية، وابن أسماء، لو كان البحر بينه وبينه لخاضه إليه. قال: وبلغ ابن الزبير إرسال الحجاج فى ذلك، فقال: يحسبنى مثله الفرار بن الفرّار، وأشار ابن الزبير إلى قضية اتفقت للحجاج وأبيه، ذكرها الزبير بن بكار؛ لأنه قال: وحدثنى محمد بن الضحاك عن أبيه، قال: كان الحجاج بن يوسف فى جيش حبيش بن دلجة حيث لقى حنيف بن السّجف بالرّبذة، وجهه عامل عبد الله بن الزبير من البصرة، حيث أمره بذلك ابن الزبير، حيث سمع حبيش بن دلجة القينى، فلقيه حنيف بالربذة، فهرب ذلك اليوم حجاج وأبوه مترادفين على فرس. انتهى. 930 ـ الحارث بن خالد المخزومى: أمير مكة على ما قيل، ذكره الأزرقى هكذا؛ لأنه لما ذكر خبر سيل الجحاف. قال فى أثناء كلامه: إنه كتب بخبره إلى عبد الملك بن مروان. ففزع لذلك، وبعث بمال عظيم، وكتب إلى عامله بمكة عبد الله بن سفيان المخزومى، ويقال: بل كان عامله الحارث بن خالد المخزومى. فأمره بعمل ضفائر الدّور الشارعة على الوادى. انتهى. قلت: الحارث المشار إليه، هو الحارث بن خالد بن العاص بن هشام السابق ذكره، وإنما ذكرته لأنبّه على ذلك. 931 ـ الحارث بن أبى ربيعة المخزومى: استسلف منه النبى صلى الله عليه وسلم. وأخرجه ابن مندة. وقال: هو وهم ذكره هكذا ابن الأثير.

_ 930 ـ انظر ترجمته فى: (أخبار مكة 2/ 135، أحداث سنة 80). 931 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 28، 464، طبقات خليفة 54، 285، المحبر 305، 396، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2436، البيان والتبيين 1/ 110، المعرفة ليعقوب 1/ 372، 373، 2/ 227، 3/ 194، الجرح والتعديل الترجمة 362، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 611، الأغانى لأبى الفرج 1/ 66، الجمع لابن القيسرانى الترجمة 373، معجم البلدان 1/ 704، 4/ 35، الكامل لابن الأثير 4/ 143، 245، 246، 349، أسد الغابة 1/ 328، 337، الكاشف 1/ 195، تاريخ الإسلام 3/ 244، سير أعلام النبلاء 4/ 181 ـ 182، الوافى بالوفيات 11/ 254 ـ 255، المنتظم 6/ 38، 69، 70 البداية والنهاية 9/ 43، تهذيب ابن حجر 2/ 144 ـ 145، الإصابة الترجمة 2043، خلاصة الخزرجى الترجمة 1141 تهذيب الكمال 1024).

932 ـ الحارث بن سويد ويقال: ابن مسلم المخزومى.

وذكر بيان الوهم فلينظر فى كتابه. وقال بعد بيان الوهم: قلت: الحارث بن أبى ربيعة هو ابن عبد الله بن أبى ربيعة المخزومى، وهو عامل ابن الزبير على البصرة ويلقب بالقباع. وله صحبة. انتهى. وقيل ليس له صحبة. وذكره الكاشغرى. وذكره الذهبى فى التجريد. وقال: لا صحبة له، والصواب أبو ربيعة. 932 ـ الحارث بن سويد ويقال: ابن مسلم المخزومى. هكذا ذكره ابن عبد البر. وقال: ارتد ولحق بالكفار. فنزلت: (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً) الآية، إلى قوله: (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) فحمل رجل هذه الآيات فقرأهن عليه. فقال الحارث: ما علمتك لصدوق، وإن الله لأصدق الصادقين. فرجع فأسلم فحسن إسلامه. روى عنه مجاهد، وحديثه هذا عند جعفر بن سليمان، عن حميد الأعرج عن مجاهد. انتهى. وذكره ابن الأثير: أن الحارث بن سويد التيمى، كان مع النبى صلى الله عليه وسلم مسلما، ولحق بقومه مرتدا، ثم أسلم. وقال: قاله ابن مندة وأبو نعيم، وقال: قال أبو عمر: الحارث بن سويد، وقيل ابن مسلم المخزومى، ارتد عن الإسلام. وذكر ما سبق عن ابن عبد البر، ثم قال: قلت: وقد ذكر بعض العلماء أن الحارث بن سويد التيمى تابعى من أصحاب ابن مسعود، لا تصح له صحبة ولا رؤية، قاله البخارى ومسلم. ثم قال ابن الأثير: وقد ذكر فى هذه الحادثة أبو صالح عن ابن عباس، أن الذى أسلم ثم ارتدّ، ثم أسلم: الحارث ابن سويد بن الصامت. وذكر مجاهد هذا، ومجاهد أعلم وأوثق، فلا ينبغى أن يترك قوله لقول غيره. والله أعلم. انتهى. وذكر الذهبى: أن أبا عمر بن عبد البر وهم فى قوله: إنه مخزومى، قال: وإنما هو الأول، يعنى الحارث بن سويد أبو المغيرة المخزومى الحجازى، وقال: له صحبة. وذكر أن الذى ارتدّ: الحارث بن سويد التّيمىّ الكوفى، قال: ثم أسلم وحسن إسلامه، قال: وقيل هو تابعى لا تصح له رواية، قاله البخارى ومسلم.

_ 932 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة ترجمة 898، الإصابة ترجمة 2042، الاستيعاب ترجمة 448، طبقات ابن سعد 6/ 208).

933 ـ الحارث بن صبيرة بن سعيد ـ بالضم ـ بن سعد بن سهم السهمى، أبو وداعة

933 ـ الحارث بن صبيرة بن سعيد ـ بالضم ـ بن سعد بن سهم السهمى، أبو وداعة: أسلم يوم الفتح، وبقى إلى خلافة عمر رضى الله عنه، وكان أسر يوم بدر، وأمر النبى صلى الله عليه وسلم بالتمسك به، وقال: إن له ابنا بمكة كيّسا ـ يعنى المطّلب ـ وخرج المطلب لفدائه سرّا؛ لأن قريشا تواصت أن لا يعجلوا فى فداء أسراهم، لئلا يطمع فى أموالهم، وافتداه بأربعة آلاف درهم، ولامته قريش فى بداره لذلك، وفى رفعه فى الفداء، فقال: ما كنت لأدع أبى أسيرا، ثم فدوا أسراهم بعده، وهو أول أسير من قريش فدى. قال الزبير: وحدثنى على بن المغيرة عن ابن الكلبى عن أبيه، قال: عاش صبيرة دهرا ولم يشب، وله يقول الشاعر (1) [من الكامل]: حجاج بيت الله إن صبيرة السهمى ماتا ... سبقت منيته المشب وكان ميتته افتلاتا فتزودوا لا تهلكوا ... من دور أهلكم حفاتا وقال الزبير: حدثنى على بن صالح بن عامر بن صالح بن عبد الله بن عروة بن الزبير: أن الناس مكثوا زمانا، وقل من جاز من قريش فى السن أربعين سنة. فجازها صبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم بيسير، ثم مات فجأة، ففزع لذلك الناس، فناحت عليه الجن، فقالت: من يأمن الحدثان إن صبيرة القرشى ماتا ... عجلت منيته المشيب وكان ميتته افتلاتا ذكره بمعنى هذا ابن الأثير. وقال: أخرجه أبو موسى. 934 ـ الحارث بن ضرار الخزاعى، ويقال الحارث بن أبى ضرار المصطلقى: ذكره هكذا ابن عبد البر وقال: وأخشى أن يكونا اثنين. انتهى. وذكره ابن الأثير بالوجهين، وقال: الخزاعى المصطلقى، يكنى أبا مالك، يعد فى أهل الحجاز. وساق له حديثا من مسند أحمد بن حنبل، يقتضى أنه قدم على النبىصلى الله عليه وسلم، فدعاه إلى الإسلام والزكاة، فأقر بها بعد أن أسلم ورجع إلى قومه. فجمع زكاتهم، ثم خرج إلى النبى صلى الله عليه وسلم فى سروات قومه، لما تأخر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوقت الذى وقت الحارث

_ 933 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 3/ 77، أسد الغابة 1/ 18). (1) انظر: (أسد الغابة 1/ 18). 934 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 3/ 77، الاستيعاب ترجمة 424، أسد الغابة ترجمة 904، الإصابة ترجمة 2044)، طبقات ابن سعد 2/ 48).

935 ـ الحارث بن أبى ضرار، وهو حبيب، ابن الحارث بن عائذ بن مالك بن جذيمة، وهو المصطلق، بن سعد بن كعب بن عمرو بن ربيعة الخزاعى المصطلقى، أبو جويرية بنت الحارث أم المؤمنين

فى قدومه إليه، لأخذ ما جمعه من الزكاة فلقيه قبل أن يبلغ المدينة بعث من رسول اللهصلى الله عليه وسلم، فسألهم فأخبروه أنهم بعثوا إليه؛ لأن الوليد بن عقبة بن أبى معيط، زعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله، فحلف أنه لم يره ولا أتاه. فلما دخل الحارث على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حلف له كما حلف للبعث، قال: ولا أقبلت إلا حين احتبس عنى رسولك، حسبت أن تكون كانت سخطة من الله تعالى ومن رسوله صلى الله عليه وسلم، فنزلت الحجرات: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) [الحجرات: 6]. والحديث الذى لخصنا هذا منه، فى كتاب ابن الأثير، كما هو فى المسند (1). 935 ـ الحارث بن أبى ضرار، وهو حبيب، ابن الحارث بن عائذ بن مالك بن جذيمة، وهو المصطلق، بن سعد بن كعب بن عمرو بن ربيعة الخزاعى المصطلقى، أبو جويرية بنت الحارث أم المؤمنين: كان سبب إسلامه، أن النبى صلى الله عليه وسلم، أخبره عن بعيرين خبأهما الحارث فى بعض شعاب العقيق، من الإبل التى قدم بها لفداء ابنته جويرية، حين سبيت مع سبايا بنى المصطلق. ولما أخبر النبى صلى الله عليه وسلم بذلك الحارث، أسلم ابنان له وناس من قومه. ذكره ابن الأثير بمعنى ما ذكرناه، وقال: هذا الحارث. أخرجه أبو على الغسانى، مستدركا له على أبى عمر، وذكره ابن إسحاق. انتهى. وذكره الذهبى، فقال: الحارث بن أبى ضرار بن حبيب بن الحارث بن عائذ بن مالك ابن المصطلق، وهو جذيمة، الخزاعى، والد جويرية، أم المؤمنين. وذكره هكذا الذهبى فى التجريد، وقال: استدركه أبو على الغسانى وحده، وأنه أسلم هو وابناه وطائفة. قال ابن عبد البر: الحارث ابن ضرار، ويقال ابن أبى ضرار المصطلقى، وأخشى أن يكونا اثنين.

_ (1) أخرجه أحمد فى المسند بمسند الكوفيين حديث رقم (17991) من طريق: محمد بن سابق، حدثنا عيسى بن دينار، حدثنا أبى أنه سمع الحارث بن أبى ضرار الخزاعى، قال: قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعانى إلى الإسلام فدخلت فيه وأقررت به فدعانى إلى الزكاة فأقررت بها ...... فذكره. 935 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 494، أسد الغابة ترجمة 1039، الإصابة ترجمة 1576).

936 ـ الحارث بن العباس بن عبد المطلب

روى عنه أنه قال: أتيت النبى صلى الله عليه وسلم. 936 ـ الحارث بن العباس بن عبد المطلب: ذكره الذهبى فى التجريد، وقال: يقال له رؤية. انتهى. وذكره الزبير فى أولاد العباس. وقال: أمه من هذيل. 937 ـ الحارث بن عبد الله بن السائب بن المطلب بن أسد القرشى الأسدى: روى عنه سعيد المقبرى. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تتقدموا قريشا ـ الحديث. ذكره هكذا فى التجريد. وذكره ابن الأثير بمعناه. وقال: أخرجه أبو موسى. 938 ـ الحارث بن عبد الله بن أبى ربيعة ـ واسم أبى ربيعة ـ على ما ذكر الزبير: عمرو ـ بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى، المعروف بالقباع: روى عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلا، وعن عمر ومعاوية وعائشة وحفصة وأم سلمة، أمهات المؤمنين، وغيرهم، رضى الله عنهم. روى عنه مجاهد والشعبى والزهرى، وسعيد بن جبير وغيرهم. وروى له مسلم وأبو داود فى المراسيل، والنسائى. وذكره الزبير، فقال: والحارث بن عبد الله بن أبى ربيعة الذى يقال له القباع، استعمله ابن الزبير على البصرة فمر بالسوق فرأى مكيالا، فقال: إن مكيالكم هذا لقباع، فسماه أهل البصرة القباع. قال الزبير: وحدثنى عمى مصعب بن عبد الله قال: جلد الحارث بن عبد الله بن أبى ربيعة، مرة بن محكان السعدى فى بعض أخذاته. وكان يقطع الطريق. فقال مرة [من الطويل]: عمدت فعاقبت امرءا ظالما ... فألهب فى ظهرى القباع فأوقد سياطا كأذناب الكلاب وشرطة ... مغاليس راعوا مسلما متهودا

_ 936 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 3/ 84، التاريخ الكبير 1/ 2 / 273 التجريد 1/ 110، أسد الغابة 1/ 336، الاستيعاب 1/ 195، المنتظم 5/ 35). 938 ـ سبق ترجمته فى (931).

939 ـ الحارث بن عبد قيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن ظرب بن الحارث ابن فهر الفهرى

قال: وأم الحارث بن عبد الله، بنت أبرهة حبشية. وقال الزبير أيضا: حدثنى يحيى بن محمد، قال: حدثنى المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عباس بن أبى ربيعة قال: سبى عبد الله بن أبى ربيعة شيحا الحبشية، وكانت نصرانية، وسبى معها ستمائة من الحبش، وهو عامل على اليمن لعثمان بن عفان رضى الله عنه، فقالت: لى إليك ثلاث حوائج، قال: ما هن؟ قالت: تعتق هؤلاء الضعفاء الذين معك. قال: ذلك لك، فأعتق ستمائة من الحبش. قالت: ولا تمسنى حتى تصير إلى بلدك ودارك، قال: نفعل. قالت: ولا تحملنى على أن أغير دينى. قال: وذلك لك. فقدم بها فولدت له الحارث بن عبد الله بن أبى ربيعة. فلما ماتت حضر القرشيون وغيرهم من الناس ليشهدوها، فقال: أدى الله الحق عنكم، إن لها أهل ملة هم أولى بها منكم فأنصرفوا. وقال الزبير: حدثنى أبى قال: لم يكن الحارث بن عبد الله بن أبى ربيعة يدرى أن أمه على النصرانية حتى ماتت، وحضر لها الناس فخرجت إليه مولاة له، فساررته وقالت له: أعلم أنا وجدنا الصليب فى رقبة أمك حين جردناها لغسلها. فقال للناس: انصرفوا، أدى الله الحق عنكم، فإن لها أهل ملة هم أولى بها منكم، فانصرف الناس وكبر الحارث بما فعل من ذلك عند الناس. انتهى. وذكره صاحب الأغانى فقال: وكان الحارث شريفا كريما أديبا سيدا من سادات قريش. وذكره عبد الملك بن مروان يوما، وقد قلاه عبد الله بن الزبير، فقال: أرسل عوفا وقعد، لا حر بوادى عوف. فقال: له يحيى بن الحكم: ومن الحارث بن السوداء؟ فقال له عبد الملك: ما ولدت أمه خير مما ولدت أمك. 939 ـ الحارث بن عبد قيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن ظرب بن الحارث ابن فهر الفهرى: كان من مهاجرة الحبشة هو وأخوه سعيد بن عبد قيس. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر. وابن الأثير، قال: ويرد هناك يعنى ـ أخاه سعيدا ـ قال: وهما واحد والله أعلم. انتهى. وقال فى باب الحارث بن قيس: ابن الحارث بن قيس، وقيل ابن عبد قيس، بن لقيط، وساق النسب إلى فهر، ثم قال: من مهاجرة الحبشة، قاله محمد بن إسحاق. أخرجه هنا ابن مندة وأبو نعيم. وذكر أن ابن مندة أخرجه فى الحارث بن عبد قيس،

_ 939 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة ترجمة 921، الاستيعاب ترجمة 440، الإصابة ترجمة 1444، المنتظم 2/ 375).

940 ـ الحارث بن عبيد المكى

كابن عبد البر، ظنّا منه أنهما اثنان. قال: وهما واحد. انتهى. والله أعلم. 940 ـ الحارث بن عبيد المكى: روى عن محمد بن عبد الملك بن أبى محذورة عن أبيه عبد الملك. روى عنه مسدد. ذكره ابن حبان هكذا فى الثقات. 941 ـ الحارث بن عمرو بن مؤمل بن حبيب القرشى العدوى: هاجر عام خيبر من مكة فى طائفة من بنى عدى. ذكره هكذا ابن عبد البر، وابن الأثير. 942 ـ الحارث بن عمير البصرى، أبو عمير: نزيل مكة. روى عن أبى أيوب السختيانى، وحميد الطويل، وعبيد الله بن عمر، وأبى طوالة الأنصارى، وجماعة. وعنه: ابنه حمزة بن الحارث والأصمعى، ولوين وابن مهدى، وابن زنبور، وخلق، منهم: سفيان بن عيينة. روى له أصحاب السنن (1) والبخارى تعليقا (2). وثقه ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة

_ 940 ـ الحارث بن عبيد المكى: ذكر ابن حبان أنه الحارث بن عبيد المكى، وقال: روى عن محمد ابن عبد الملك بن أبى محذورة. روى عنه مسدد، فكأنه عنده غير أبى قدامة وقد سلف أن رواية مسدد عن الحارث بن عبيد، عن محمد بن عبد الملك عند أبى داود، وقال: كانا اثنين فينبغى التفريق بينهما. انظر: (تهذيب التهذيب ترجمة الحارث بن عبيد الإيادى أبو قدامة البصرى). 941 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 1/ 285، الاستيعاب 294، أسد الغابة 1/ 341). 942 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 1036، تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 93، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2446، المعرفة ليعقوب 2/ 65، 196، الجرح والتعديل الترجمة 383، المجروحين لابن حبان 1/ 223، الكاشف 1/ 196، ميزان الاعتدال 1/ 440، المغنى الترجمة 1245، تهذيب ابن حجر 2/ 153، خلاصة الخزرجى الترجمة 1152). (1) أخرج له الترمذى فى سننه كتاب المناقب حديث رقم (3707)، والنسائى فى الصغرى كتاب الصيام حديث رقم (2094)، وأبو داود فى سننه كتاب الصلاة حديث رقم (1193)، وكتاب الأقضية حديث رقم (3603)، وابن ماجة فى سننه كتاب المناسك حديث رقم (3039)، وأحمد فى المسند باقى مسند المكثرين حديث رقم (12210، 12212)، ومسند البصريين حديث رقم (19444). (2) وأخرج له البخارى تعليقا فى صحيحه كتاب الحج حديث رقم (1802).

943 ـ الحارث بن قيس بن عدى بن سعد بن سهم القرشى السهمى

والنسائى. وذكره ابن حبان فى الضعفاء. وقال الحاكم: روى عن حميد، وجعفر الصادق، أحاديث موضوعة. انتهى. ومن أحاديثه الموضوعة التى لا أصل لها، كما ذكر ابن حبان، حديثه عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن على بن أبى طالب رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إن آية الكرسى، وشهد الله، والفاتحة، متعلقات بالعرش، يقلن ربنا تهبطنا إلى الأرض وإلى من يعصيك! ». الحديث بطوله. 943 ـ الحارث بن قيس بن عدى بن سعد بن سهم القرشى السهمى: ذكره الزبير بن بكار، فقال: وهو ابن الغليظة، كان من المستهزئين. وقال: حدثنى محمد بن الحسن عن نصر بن مزاحم عن معروف ابن خرّبوذ: أن الحارث بن قيس بن عدى، أحد العشرة من عشرة بطون، الذين انتهت إليهم مكارم قريش فى الجاهلية، ثم أدركهم الإسلام، فوصلها لهم، وقال: وكانت الحكومة والأموال المحجرة، إلى الحارث ابن قيس بن عدى، والأموال المحجرة التى سموها لآلهتهم، وكان من المستهزئين. وذكر أن أمه وأم أخيه حذافة: الغيطلة بنت مالك بن الحارث بن عمرو بن الصّعمق ابن شنوق بن مرّة بن عبد مناف بن كنانة السهمى. ذكره ابن عبد البر، وقال: كان أحد أشراف قريش فى الجاهلية، وإليه كانت الحكومة والأموال التى كانوا يسمونها لآلهتهم، ثم أسلم وهاجر إلى الحبشة مع بنيه: الحارث وبشر ومعمر. انتهى. وذكر الموفق بن قدامة فى «التبيين فى أنساب القرشيين» معنى ذلك، وقال: كان أبوه قيس بن عدىّ سيد قريش غير مدافع، وهو جد ابن الزّبعرى. وهذا الذى ذكرناه من إسلام الحارث هنا، ذكره معروف ابن خربوذ. وقيل: إنه كان من المستهزئين، ويجوز أن يكون منهم، ثم رزقه الله الإسلام. وكان يقال له ابن الغيطلة، وهى أمه، امرأة من بنى كنانة. انتهى. وذكره ابن الأثير بمعنى ما ذكره ابن عبد البر، قال: وقال هشام بن الكلبى: قيس بن عدى بن سعد بن سهم. وكانت عنده الغيطلة بنت مالك بن الحارث بن عمرو بن الصّعق بن شنوق بن مرّة بن عبد مناة بن كنانة. وكانوا ينسبون إليها. والحارث بن قيس ابن عدى كان من المستهزئين. وفيه نزلت: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) [الجاثية: 23] الآية. وجعله الزبير أيضا من المستهزئين.

_ 943 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 1474، أسد الغابة ترجمة 948، الاستيعاب ترجمة 445، طبقات ابن سعد 3/ 443، المنتظم 2/ 217، 3/ 40، 130، 4/ 185).

944 ـ الحارث بن مالك بن قيس بن عوذ بن عبد الله بن جابر بن عبد مناف ابن شجع بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة الليثى الكنانى

قلت: لم أر أحدا ذكره فى الصحابة رضى الله عنهم إلا أبا عمر، والصحيح أنه كان من المستهزئين. انتهى. 944 ـ الحارث بن مالك بن قيس بن عوذ بن عبد الله بن جابر بن عبد مناف ابن شجع بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة الليثى الكنانى: ويعرف بالحارث بن البرصاء، وهى أمه. وقيل: جدته أم أبيه، وهى ريطة بنت ربيعة ابن رباح بن ذى اليزدين من بنى هلال بن عامر. له صحبة ورواية عن النبى صلى الله عليه وسلم، سمعه يقول يوم فتح مكة: «لا تغزى هذه بعد اليوم إلى يوم القيامة» (1). روى عن عامر الشعبى، وعبيد بن جريج. روى له الترمذى الحديث السابق لا غير، ولم يرو له من أصحاب الكتب الستة غيره. ذكره مسلم فى الطبقة الأولى من الصحابة المكيين فى كتاب الرواة له. وقال ابن الأثير: وهو من أمل الحجاز، أقام بمكة، وقيل: بل نزل الكوفة. انتهى. ووهم العقيلى فى قوله: إن ابن البرصاء قرشى عامرى، على ما ذكر ابن عبد البر، وذكر أن ذلك وهم من كل من قاله. قال: والصحيح ما ذكرناه، وساق نسبه إلى عوذ. وساق ابن الأثير كما ذكرنا، إلا أنه سقط فى النسخة التى رأيتها من كتابه ابن عبد الله بين عوذ

_ 944 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 1040، مغازى الواقدى 359، 762، طبقات خليفة 30، مسند أحمد 3/ 412، 4/ 343، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 3386، تاريخ الطبرى 3/ 27 ـ 28، المعجم الكبير للطبرانى 3/ 290، الاستيعاب 1/ 290، تلقيح ابن الجوزى 178، 379، أسد الغابة 1/ 345 ـ 346، الكاشف 1/ 197، تجريد أسماء الصحابة الترجمة 1015، الوافى بالوفيات 11/ 240، تهذيب ابن حجر 2/ 155، الإصابة الترجمة 1477، خلاصة الخزرجى الترجمة 1158. (1) أخرجه الترمذى فى صحيحه كتاب السير حديث رقم (1611) من طريق: محمد بن بشار، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا زكريا بن أبى زائدة، عن الشعبى، عن الحارث بن مالك بن البرصاء، قال: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة يقول: «لا تغزى هذه بعد اليوم إلى يوم القيامة». قال أبو عيسى وفى الباب عن ابن عباس وسليمان بن صرد ومطيع، وهذا حديث حسن صحيح، وهو حديث زكريا بن أبى زائدة عن الشعبى فلا نعرفه إلا من حديثه. وأخرجه أحمد فى المسند بمسند المكيين حديث رقم (14978).

: الحارث بن مسلم بن المغيرة القرشى

وجابر، ولعله من الناسخ، فإن النسخة كثيرة السقم. والله أعلم. ونسبه كما ذكرنا، الطبرانى، فيما نقله عنه المزى فى التهذيب إلا أنه قال: عويذ بدل عوذ ولعل فيه قولين. 945 ـ الحارث بن مسلم بن المغيرة القرشى: حجازى. تفرد بذلك ابن الدباغ. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد. وذكره ابن الأثير، فقال: الحارث بن مسلم بن المغيرة القرشى الحجازى. له صحبة، قال: ابن أبى حاتم يقول ذلك. وذكره البخارى أيضا فى الصحابة، فقال: الحارث بن مسلم أبو المغيرة المخزومى القرشى، له صحبة. ذكره ابن الدباغ الأندلسى. انتهى. 946 ـ الحارث بن معمر بن حبيب الجمحى: من مهاجرة الحبشة. ذكره ابن مندة وحده. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد. وذكره ابن الأثير، فقال: الحارث بن معمّر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحى، من مهاجرة الحبشة. ذكره ابن مندة عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: وممن هاجر إلى أرض الحبشة من بنى جمح: أبو عمرو الحارث بن معمّر بن حبيب، ومعه امرأته بنت مظعون. ولدت له بأرض الحبشة حاطبا، ورواه ابن لهيعة عن أبى الأسود عن عروة. أخرجه ابن مندة. 947 ـ الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمى: أمير مكة، فيما قيل. قال الواقدى: كان الحارث بن نوفل على عهد رسول اللهصلى الله عليه وسلم

_ 945 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 3: 87، التاريخ الكبير 1/ 2 / 263، الإصابة 1/ 290، التجريد 1/ 117، أسد الغابة 1/ 348). 946 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 1/ 349، التجريد 1/ 117، الإصابة 1/ 291). 947 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 1049، طبقات ابن سعد 4/ 56، 7/ 14، المحبر لابن حبيب 104، تاريخ البخارى الكبير الترجمة: 2402، 2477، الجرح والتعديل الترجمة 422، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 200، المعجم الكبير للطبرانى 3/ 268، جمهرة ابن حزم 70، الاستيعاب ترجمة 421، تلقيح فهوم أهل الأثر 178، 379، الكامل لابن الأثير 3/ 199، أسد الغابة ترجمة 976، الكاشف 1/ 198، تاريخ الإسلام 2/ 26، تجريد أسماء الصحابة، الترجمة 1039، سير أعلام النبلاء 1/ 199، الوافى بالوفيات 11/ 242 ـ 243، تهذيب ابن حجر 2/ 160 ـ 161، الإصابة الترجمة 1505، خلاصة الخزرجى الترجمة 1168).

رجلا، وأسلم عند إسلام أبيه نوفل، وولد له ابنه عبد الرحمن بن الحارث، الملقّب ببّه، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكانت تحته درّة بنت أبى لهب بن عبد المطلب. وقال مصعب الزبيرى: صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وولد له على عهده عبد الله بن الحارث، الذى يقال له: ببّه. انتهى. وهذا أصوب من الأول فى تسمية ابنه عبد الرحمن، ولعله سهو. نقل هذا، وما قاله الواقدى، ابن عبد البر قال: وقال غيرهما: ولى أبو بكر الصديق الحارث بن نوفل مكة، ثم انتقل إلى البصرة من المدينة. واختط بالبصرة دارا فى ولاية عبد الله بن عامر. ومات بها فى آخر ولاية عثمان رضى الله عنه. انتهى. وقد تعقب ابن الأثير قول من قال: إن الصديق ولى الحارث هذا مكة؛ لأنه قال: قلت: قول أبى عمر: إن أبا بكر ولى الحارث مكة وهم منه، إنما كان الأمير بمكة فى خلافة أبى بكر رضى الله عنه، عتّاب بن أسيد على القول الصحيح. وإنما النبىصلى الله عليه وسلم استعمل الحارث على جدة. فلهذا لم يشهد حنينا، فعزله أبو بكر رضى الله عنه؛ فلما ولى عثمان ولاه، ثم انتقل إلى البصرة. انتهى. وهذا التعقيب صحيح، ولكن كلام ابن الأثير يشعر بأن ابن عبد البر هو قائل ذلك، وابن عبد البر، إنما نقله عن غيره، فلا يقال وهم فيه. وإنما يقال فى مثل هذا، كان ينبغى له أن ينبه على كذا. وقد ذكر ابن عبد البر فى باب عتاب ما يخالف ما ذكره فى ترجمة الحارث. ولعله اجتزأ بذلك عن التنبيه على ما ذكره فى ترجمة الحارث، وهذا الذى ذكره ابن عبد البر فى تولية أبى بكر للحارث، يحتمل أن يكون أخذه من كلام الزبير بن بكار، فإنه قال فى ترجمته: وذكر أن أبا بكر أو عمر استعمله على مكة. انتهى. وسيأتى ذكر ذلك مع غيره من حاله من كتاب الزبير. وذكر الذهبى ما يقتضى أن أبا بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم، استعملوا الحارث على مكة؛ لأن فى تاريخ الإسلام فى ترجمته: استعمله النبى صلى الله عليه وسلم، على بعض صدقات مكة، وبعض أعمال مكة، ثم استعمله أبو بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم على مكة. انتهى. ولم نورد ما ذكره الذهبى لتصحيح القول بتولية أبى بكر للحارث، فإن هذا بعيد من الصحة، وإنما أوردناه لإفادته تولية عمر وعثمان، فإن ذلك ممكن، وقد نقل، ولم ينقل ما يخالفه فيما علمت، والله أعلم. وفى كلام ابن الأثير نظر من وجه آخر.

948 ـ الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى المكى، أبو عبد الرحمن

وقال الزبير بن بكار: صحب الحارث بن نوفل النبى صلى الله عليه وسلم، وروى عنه واستعمله على بعض أعمال مكة، وانتقل إلى البصرة واختط بها دارا فى ولاية عبد الله بن عامر، قال: وذكر أن أبا بكر أو عمر استعمله على مكة، وولد له على عهد أبيه، وذكر أنه أكبر ولد أبيه، وأن أباه كان يكنى به. انتهى. وهذا الكلام هو الذى أشرنا إلى أنه يأتى ذكره. وقد قيل فى وفاته غير ما سبق؛ لأن ابن الأثير قال: مات آخر خلافة عمر، وقيل: توفى فى آخر خلافة عثمان رضى الله عنه، وهو ابن سبعين سنة. انتهى. وأفاد الذهبى فى تاريخ وفاته ما لم يفده غيره؛ لأنه جزم بوفاته سنة خمس وثلاثين. كذا ذكره فى تاريخ الإسلام. وممن قال بأنه توفى فى آخر خلافة عثمان رضى الله عنه بالبصرة، أبو حاتم الرازى، وأبو حاتم بن حبان. روى الحارث بن نوفل، عن النبى صلى الله عليه وسلم، وعن عائشة، وعنه ابنه عبد الله، وحفيده الحارث بن عبد الله، وأبو مجلز لا حق بن حميد. 948 ـ الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى المكى، أبو عبد الرحمن: له صحبة ورواية. أسلم يوم فتح مكة على ما ذكر ابن سعد، وابن البرقى ومصعب

_ 948 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 1050، مغازى الواقدى 42، 58، 71، 96، 199، 203، 594، 784، 785، 820، 831، 895، 946، طبقات ابن سعد 1/ 155، 2/ 116، 5/ 3، 111، 6/ 3، 7/ 283، طبقات خليفة 299، المحبر 139، 176، 453، 473، 501، البرصان والعرجان 11، 12، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2385، المعارف 281، 342، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 445، الجرح والتعديل الترجمة 429، المعجم الكبير للطبرانى 3/ 292، جمهرة ابن حزم 145، المستدرك للحاكم 3/ 277، الاستيعاب ترجمة 452، تلقيح فهوم أهل الأثير 178، معجم البلدان 1/ 137، 3/ 729، أسد الغابة ترجمة 979، تاريخ الإسلام للذهبى 2/ 86، سير أعلام النبلاء 4/ 419 ـ 421، العبر 1/ 22، الكاشف 1/ 198، تجريد أسماء الصحابة، الترجمة 1042، الوافى بالوفيات 11/ 249 ـ 251، البداية والنهاية 7/ 93، تهذيب ابن حجر 2/ 161 ـ 162، خلاصة الخزرجى الترجمة 1169، شذرات ابن العماد 1/ 30). وله أخبار كثيرة فى التواريخ المستوعبة لعصره ولا سيما كتب السيرة والمغازى وتواريخ الطبرى وابن الأثير وابن كثير والذهبى وغيرهم.

الزبيرى، وابن أخيه الزبير بن بكار. وقال محمد بن سعد: عن محمد بن عمر، يعنى الواقدى: حدثنى سليط بن مسلم عن عبد الله بن عكرمة، قال: لما كان يوم الفتح دخل الحارث بن هشام، وعبد الله بن أبى ربيعة، على أم هانئ بنت أبى طالب، فاستجارا بها، وقالا: نحن فى جوارك، فأجارتهما، فذكر الحديث. وقال: قال الحارث بن هشام: وجعلت أستحيى أن يرانى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأذكر رؤيته إياى فى كل موطن مع المشركين. ثم أذكر برّه ورحمته وصلته. فألقاه وهو داخل إلى المسجد. فتلقانى بالبشر، ووقف حتى جئته وسلمت عليه. وشهدت شهادة الحق. فقال: الحمد لله الذى هداك، ما كان مثلك يجهل الإسلام. قال الحارث: فوالله ما رأيت مثل الإسلام جهل! . قال محمد ابن عمر: وشهد الحارث بن هشام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا، وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من غنائم حنين مائة من الإبل. قال: وقال أصحابنا: لم يزل الحارث بن هشام مقيما بمكة بعد أن أسلم، حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو غير مغموص عليه فى إسلامه. فلما جاء كتاب أبى بكر الصديق رضى الله عنه، يستنفر المسلمين إلى غزو الروم، قدم الحارث بن هشام وعكرمة بن أبى جهل، وسهيل بن عمرو، على أبى بكر الصديق رضى الله عنه المدينة، فأتاهم فى منازلهم، فرحب بهم وسلم عليهم، وسرّ بمكانهم، ثم خرجوا مع المسلمين غزاة إلى الشام. فشهد الحارث فحل وأجنادين. ومات بالشام فى طاعون عمواس. فتزوج عمر بن الخطاب رضى الله عنه ابنته أم حكيم بنت الحارث بن هشام، وهى أخت عبد الرحمن بن الحارث، فكان عبد الرحمن يقول: ما رأيت ربيبا خيرا من عمر بن الخطاب رضى الله عنه. وقال عبد الله بن المبارك، عن الأسود بن شيبان السدوسى، عن أبى نوفل بن أبى عقرب: خرج الحارث بن هشام من مكة للجهاد فجزع أهل مكة جزعا شديدا. فلم يبق أحد يطعم، إلا خرج يشيعه، حتى إذا كان بأعلى البطحاء، أو حيث شاء الله من ذلك، وقف ووقف الناس حوله يبكون. فلما رأى جزع الناس، قال: أيها الناس، إنى والله ما خرجت رغبة بنفسى عن أنفسكم، ولا اختيار بلد عن بلدكم. ولكن كان هذا الأمر، فخرجت فيه رجال من قريش، والله ما كانوا من ذوى أسنانها ولا فى بيوتاتها، فأصبحنا والله لو أن جبال مكة ذهبا، فأنفقناها فى سبيل الله، ما أدركنا يوما من أيامهم، وايم الله لئن فاتونا به

فى الدنيا، لنلتمسن أن نشاركهم به فى الآخرة، فاتقى الله امرؤ. فتوجه غازيا إلى الشام واتبعه ثقله، فأصيب شهيدا. وقال الزبير بن بكار: قال عمى مصعب: وخرج ـ يعنى الحارث بن هشام ـ فى زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه بأهله وماله من مكة إلى الشام، فتبعه أهل مكة يبكون عليه، فرق وبكى، ثم قال: أما لو كنا نستبدل دارا بدار وجارا بجار، ما أردنا بكم بدلا، ولكنها النقلة إلى الله عزوجل، فلم يزل حابسا نفسه ومن معه بالشام مجاهدا، ولم يبق من أهله وولده غير عبد الرحمن وأم حكيم بنت الحارث، حتى ختم الله له بخير. وقال محمد بن سعد عن محمد بن عمر الواقدى: حدثنا يزيد بن فراس، عن سنان بن أبى سنان الدئلى، عن أبيه، قال: رأيت عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وقدم عليه سهيل بن عمرو والحارث بن هشام وعكرمة بن أبى جهل، فأرسل إلى كل واحد منهم بخمسة آلاف وفرس. قال الواقدى: هذا أغلط الأحاديث، إنما قدموا على أبى بكر، وكان أول الناس ضرب خيمة فى عسكر أبى بكر بالجرف، عكرمة بن أبى جهل، وقتل بأجنادين فى خلافة أبى بكر رضى الله عنه، فكيف يكون فى خلافة عمر رضى الله عنه؟ هذا لا يعرف. وأما سهيل بن عمرو والحارث بن هشام، فقد شهدا أجنادين، الحارث بن هشام يحمل راية المسلمين يوم أجنادين، فكيف يكون مع عمر رضى الله عنه. ومات بالشام فى طاعون عمواس. وقال محمد بن عبد الله الأنصارى، عن أبى يونس القشيرى: حدثنى حبيب بن أبى ثابت، أن الحارث بن هشام، وعكرمة بن أبى جهل، وعياش بن أبى ربيعة، ارتثوا يوم اليرموك. فدعى الحارث بماء ليشربه، فنظر إليه عكرمة، فقال الحارث: ادفعوا إلى عكرمة، فنظر إليه عياش بن أبى ربيعة، فقال عكرمة: ادفعوه إلى عياش، فما وصل إلى عياش ولا إلى أحد منهم، حتى ماتوا وما ذاقوه. رواه محمد بن سعد عن الأنصارى. وقال فى آخره: فذكرت هذا الحديث لمحمد بن عمر فأنكره، وقال: هذا وهل، روايتنا عن أصحابنا جميعا من أهل العلم والسير، أن عكرمة بن أبى جهل، قتل يوم أجنادين شهيدا، فى خلافة أبى بكر الصديق رضى الله عنه، لا اختلاف بينهم فى ذلك. وأما

عياش بن أبى ربيعة، فمات بمكة. وأما الحارث بن هشام، فمات بالشام فى طاعون عمواس، سنة ثمانى عشرة. وهكذا ذكر غير واحد فى تاريخ وفاته. وقد روى أنه بقى إلى زمن عثمان رضى الله عنه. روى يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبى حبيب، عن ابن شهاب، عن أبى بكر بن عبد الرحمن: أن الحارث بن هشام كاتب عبدا له فى كل أجل شيء مسمى. فلما فرغ من كتابته، أتاه العبد بماله كله، فأبى الحارث أن يأخذه وقال: لى شرطى، ثم إنه رفع ذلك إلى عثمان بن عفان رضى الله عنه، فقال عثمان: هلمّ المال اجعله فى بيت المال، فتعطيه فى كل أجل ما يحل، وعتق العبد. قال يونس: هذا قول مالك وأهل المدينة. وقال عبد الله بن المبارك عن حنظلة بن أبى سفيان: سمعت سالم بن عبد الله، قيل له: فيمن نزلت هذه الآية: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ). فقال: كان رسول اللهصلى الله عليه وسلم، يدعو على صفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام، فنزلت هذه الآية. كذا رواه حنظلة عن سالم مرسلا. ورواه عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر عن سالم عن أبيه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: «اللهم العن الحارث، اللهم العن أبا سفيان، اللهم العن صفوان بن أمية» (1) فنزلت: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ) [آل عمران: 127]. فتاب عليهم، فأسلموا وحسن إسلامهم. وقال الزبير: حدثنى مصعب بن عثمان، قال: حدثنى نوفل بن عمارة، قال: جاء الحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فجلسا عنده، وهو بينهما. فجعل المهاجرون الأولون يأتون عمر رضى الله عنه، فيقول: هاهنا يا سهيل، هاهنا يا حارث، ينحّيهما عنهم، وجعل الأنصار يأتون عمر رضى الله عنه، فينحّيهما عنهم كذلك، حتى صاروا فى آخر الناس. فلما خرجا من عند عمر رضى الله

_ (1) أخرجه الترمذى فى سننه كتاب تفسير القرآن حديث رقم (3004) من طريق: أبو السائب سلم بن جنادة بن سلم الكوفى، حدثنا أحمد بن بشير، عن عمر بن حمزة، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد اللهم العن ... فذكره وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب يستغرب من حديث عمر بن حمزة عن سالم عن أبيه وقد رواه الزهرى عن سالم عن أبيه لم يعرفه محمد بن إسماعيل من حديث عمر بن حمزة وعرفه من حديث الزهرى.

عنه، قال الحارث بن هشام لسهيل بن عمرو: ألم تر ما صنع بنا؟ قال له سهيل: أيها الرجل، لا لوم عليه، ينبغى أن نرجع باللوم على أنفسنا، دعى القوم فأسرعوا ودعينا فأبطأنا. فلما قام الناس من عند عمر رضى الله عنه، أتياه فقالا: يا أمير المؤمنين، قد رأينا ما فعلت اليوم، وعلمنا أنا أتينا من أنفسنا، فهل من شيء نستدرك به؟ فقال لهما: لا أعلم إلا هذا الوجه، وأشار لهما إلى ثغر الروم، فخرجا إلى الشام فماتا بها رحمهما الله تعالى. فترك الحارث بن هشام ابنه عبد الرحمن بن الحارث، وترك سهيل بن عمرو بنت ابنه فاخته بنت عنبة بن سهيل، فحملا إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وهما صغيران، فترحم على أبويهما وأجلسهما على فخذيه، وقال: زوّجوا الشريد الشريدة، عسى الله أن ينشر منهما، ففعلوا. وولى تزويجهما عمر بن الخطاب رضى الله عنه. وقال أبو بكر بن أبى خيثمة، عن مصعب بن عبد الله الزبيرى: كان مذكورا شريفا، أسلم يوم فتح مكة، يقولون إن أم هانئ بنت أبى طالب، استأمنت له فأمنه النبىصلى الله عليه وسلم. وقال الزبير بين بكار: كان شريفا مذكورا، وله يقول كعب بن الأشرف اليهودى، وهو من طيئ من أهل الجبلين، وأمه من بنى النضير [من الكامل]: نبئت أن الحارث بن هشامهم ... فى الناس يبنى المكرمات ويجمع ليزور يثرب بالجموع وإنما ... يبنى على الحسب القديم الأرفع قال: وشهد الحارث بن هشام بدرا مع المشركين، وكان فيمن انهزم يومئذ، فعيره حسان بن ثابت، فقال (2) [من الكامل]: إن كنت كاذبة الذى حدثتنى ... فنجوت منجا (3) الحارث بن هشام ترك الأحبة أن يقاتل دونهم ... ونجا برأس طمرة ولجام فقال الحارث بن هشام يعتذر من فراره يومئذ (4) [من الكامل]: القوم أعلم (5) ما تركت قتالهم ... حتى رموا فرسى بأشقر مزبد فعلمت أنى إن أقاتل واحدا ... أقتل ولا يبكى (6) عدوى مشهدى

_ (2) انظر: ديوان حسان بن ثابت 346. (3) فى الديوان: منجى. (4) انظر: الاستيعاب ترجمة 452. (5) فى الاستيعاب: الله يعلم.

فصددت (7) عنهم والآحبة فيهم (8) ... طمعا لهم بعقاب يوم مفسد قال: ثم غزا أحدا مع المشركين، ولم يزل متمسكا بالشرك حتى أسلم يوم فتح مكة، استأمنت له أم هانئ بنت أبى طالب، وكان لجأ إلى منزلها واستجار بها، فتفلت عليه علىّ بن أبى طالب ليقتله، فقالت أم هانئ للنبى صلى الله عليه وسلم حين دخل منزلها ذلك اليوم: يا رسول الله، ألا ترى إلى ابن أمى، أجرت رجلا فأراد أن يقتله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أجرنا من أجرت. وأمنه، ثم حسن إسلام الحارث بن هشام. وذكر ابن عبد البر: أن الأصمعى زعم أنه لم يسمع بأحسن من اعتذار الحارث بن هشام، عند فراره يوم بدر بأبياته هذه. وذكرها ابن عبد البر وزاد فيها بيتا بعد الأول وهو (9): ووجدت ريح الموت من تلقائهم ... فى مارق (10) والخيل لم تتبدد وأنشد صدر البيت الأول على غير ما سبق فى اللفظ؛ لأنه قال: الله يعلم ما تركت قتالهم، والباقى سواء. وكذا البيتان الأخيران إلا لفيظات؛ ففى اللفظ لا فى المعنى. قال ابن عبد البر: وكان من فضلاء الصحابة وخيارهم، وكان من المؤلفة قلوبهم، وممن حسن إسلامه منهم، قال: وروى أن النبى صلى الله عليه وسلم، ذكر الحارث بن هشام وفعله فى الجاهلية فى قرى الضيف وإطعامه الطعام فقال: إن الحارث لسرى وإن كان أبوه لسريا، ولوددت أن الله تعالى هداه إلى الإسلام. وقد روى عنه أبو نوفل بن أبى عقرب، واسم أبى عقرب معاوية بن مسلم الكنانى. وروى عنه ابنه عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، قال: وذكر الزهرى: أن عبد الرحمن ابن سعد المقعد، حدثه أن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أخبره عن أبيه أنه قال: يا رسول الله، أخبرنى بأمر أعتصم به، فقال: «املك عليك هذا» ـ وأشار إلى لسانه ـ قال: فرأيت أن ذلك يسير. ومن رواة ابن شهاب لهذا الحديث عنه من يقول: قال عبد الرحمن: فرأيت أن ذلك شيء يسير، وكنت رجلا قليل الكلام، ولم أفطن به، فلما رمته فإذا لا شيء أشدّ منه.

_ (6) فى الاستيعاب: يكنى. (7) فى الاستيعاب: فصدفت. (8) فى الاستيعاب: دونهم (9) انظر الاستيعاب ترجمة 452. (10) فى الاستيعاب: مأزق.

949 ـ الحارث بن يزيد القرشى العامرى

949 ـ الحارث بن يزيد القرشى العامرى: ذكره أبو عمر، وذكر أنه خرج مهاجرا إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فلقيه عياش بن أبى ربيعة بالحرم. وكان ممن يعذبه بمكة مع أبى جهل، فعلاه بالسيف يحسبه كافرا، ثم جاء إلى النبىصلى الله عليه وسلم فأخبره، فنزلت: (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) [النساء: 92]، فقرأها النبى صلى الله عليه وسلم، ثم قال لعياش: قم فحرر. انتهى. وذكر أبو عمر ما يقتضى أن الذى قتله عياش، هو الحارث بن يزيد بن أنيسة، ويقال: ابن أبى أمية، وأن عيّاشا لقيه بالبقيع. 950 ـ حارثة بن وهب الخزاعى، أخو عبيد الله بن عمر بن الخطاب لأمّه: له صحبة ورواية عن النبى صلى الله عليه وسلم، وعن جندب الخير الأزدى، قاتل الساحر. وحفصة أم المؤمنين. روى عنه أبو إسحاق السبيعى، والمسيب بن رافع، ومعبد بن خالد. وروى له الجماعة؛ وهو معدود فى الكوفيين. وأمه أم كلثوم بنت جرول الخزاعى. ذكره ابن عبد البر، وابن الأثير، والمزى فى التهذيب. 951 ـ حارثة بن حرام، وقيل حزام، الخزاعى: ذكره العقيلى فى الصحابة. وقيل الحارثى. ذكره هكذا الكاشغرى. وحزام فى القول الثانى ـ بزاى معجمة ـ كذا وجدته مضبوطا فى كلام الكاشغرى.

_ 949 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 1/ 295، الاستيعاب ترجمة 454). 950 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 1059، طبقات ابن سعد 6/ 26، طبقات خليفة 108، 137، مسند أحمد 4/ 306، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 324، المعرفة ليعقوب 2/ 630، 3/ 89، الجرح والتعديل الترجمة 1136، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 287، المعجم الكبير للطبرانى 3/ 262، الاستيعاب ترجمة 460، إكمال ابن ماكولا 2/ 7، الجمع لابن القيسرانى الترجمة 445، تلقيح ابن الجوزى 178، أسد الغابة ترجمة 1005، الكاشف 1/ 199، المشتبه 127، تجريد أسماء الصحابة الترجمة 1066، تاريخ الإسلام 3/ 151، الوافى بالوفيات 11/ 269، تهذيب ابن حجر 2/ 167، الإصابة الترجمة 1538، خلاصة الخزرجى الترجمة 1181).

952 ـ حازم بن شميلة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى المكى

952 ـ حازم بن شميلة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى المكى: كان شاعرا، رأيت له شعرا كتبه للبهاء الخطيب الطبرى المكى، فى قضية اتفقت بينهما، رأيتها بخط البهاء الخطيب. وفيها بخط حازم بن شميلة شعره. ونص المكتوب: كان فى مكة قصار إسكندرى، أخذ لى عرضيّا ليقصره، وأكله وأكل أجرته، واستصبرنى إلى مدة. فجحد بعد ذلك. فدخل على السيد حازم بن شميلة بن أبى نمى، أدام الله عزه، واحتمى به من الحق، فحبسته فى ذلك. فغضب السيد حازم، وكتب إلى مستشفعا، وإسماعيل بن علما نزيل القصار، فى ذلك، فكتب إلى السيد [من البسيط]: من غص داوى بشرب الماء غصته ... فكيف يصنع من قد غص بالماء أقل العبيد المحب محمد بن عبد الله بن أحمد [من الوافر]: أيا سلطان يا زين النوالى ... ويا حامى المعالى بالعوالى ويا بن الأكرمين أبا وجدا ... ومن يولى المنى قبل السؤال ويا بن شميلة بن أبى نمى ... تأمل قصتى وأرثى لحالى أيحسن أن يروح الثوب قسرا ... بلا قصر ويقصر فى المحال ويأخذه وأخرته عليه ... ويضحك باليمين أبو الهزال وأصبر ثم أصبر ثم يبغى ... على نزيله ضرب النزال وما جرمى سوى صبرى على ما ... بدا منه على ولا يبالى وتشفع فى هواهم لا لشيء ... إلى الرحمن أشكو ما جرالى أما أنت الذى تدرى وتقرى ... وتقرى والمهذب فى الفعال توسط واشترط واجعل طريقا ... إلى الإنصاف يا عذب المقال فعندى حرقة لذعت فؤادا ... صلى منها أيبرد قط صالى وها أنا قد حملت له غبونا ... وموتى هان عن غبن الرجال فلا تحفل بنصاب سبانى ... وأسرف فى التغير والمطال عليك أنا الدخيل فلا تلمنى ... ولا تعتب على ولا تغالى فإن تنصف عذرت وكنت أولى ... بإسعاف لذى ود موالى وعندى أن عندك لى محلا ... أروح به من الأعتاب خالى بقيت مخلدا ركنا حصينا ... لمن وافاك من جور الليالى مسطرها أقل العبيد، فعسى يستر ... مولانا ما فيها من زلل وخلل

953 ـ حازم بن عبد الكريم بن محمد بن أبى نمى الحسنى المكى

ويفعل ما هو أهله والسلام، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم. جواب السيد حازم بيده اليسار [من الوافر]: بهاء الدين وفّقت المعالى ... عليك ظباة بيضك والعوالى وفخر فيك من أب وجد ... بطال بهم ومن عم وخال أبوك أبى وأنت أخى ومنى ... وآلك فى الحقيقة حزب آلى ويعرف فى المواضى الود منكم ... وتصريح التوالى فى النوال ولكن إننى أحسنت ظنا ... بكم فأشبت فى ولم ترالى قديم صداقة وصريح ود ... أحافظه على طول الليالى فلولا أن لى شوقا بعيدا ... عزيزا من مسام الدون عالى لأصبح همز عودى غير لدن ... لهامزه وطعمى غير حالى ولكن قد فعلت ولم تبالى ... فها أنا قد صبرت ولم أبال فكتب جوابه إليه، أدام الله عزه [من الوافر]: أيا سلطان يا مولى الموالى ... وقاك الله من عين الكمال جزاك الله خيرا من كريم ... كساه الله أثواب الجلال أتانى منك إحسان مشوب ... أطلت به اشتغالى واشتعالى حلالى شهده ريحا ولونا ... فلما اشترت منه ما حلالى وصلت وما فصلت وصلت غيظا ... بلفظ وقعه وقع النصال متى قل لى أسأت بكم وفيكم ... أتحملنى على ضيق احتمالى أحازم يا منيع الجار مالى ... بعتبك طاقة وتركت مالى إذا آثرت ذا كذب ونصب ... ولم يخطر ببالكم احتفالى صبرت وما جلبت علىّ عتبا ... وإن شئتم وهبت ولا أبالى فاستعذر السيد عند ذلك، وتركت الحبس لأجله. 953 ـ حازم بن عبد الكريم بن محمد بن أبى نمى الحسنى المكى: كان من أعيان الأشراف، وصاهره الشريف أحمد بن عجلان صاحب مكة على أخته ريّا، ثم صاهره الشريف على بن عجلان على ابنته، وعظم أمره لذلك. ومات فى أول القرن التاسع. * * *

_ 953 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 3/ 87).

من اسمه حاطب

من اسمه حاطب 954 ـ حاطب بن الحارث بن معمر بن حبيب الجمحى: هاجر إلى الحبشة فى الهجرة الثانية. وبها مات. وولد بها أبناؤه: محمد بن حاطب والحارث بن حاطب. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر وابن الأثير. 955 ـ حاطب بن عبد العزى بن أبى قيس بن عبدود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى: ذكره عبد الله بن الأجلح عن أبيه عن بشر بن تيم وغيره، قالوا: من المؤلفة قلوبهم من بنى عامر بن لؤى: حاطب بن عبد العزى. أخرجه أبو موسى مختصرا. ذكره هكذا ابن الأثير، وذكره الذهبى، فقال: حاطب بن عبد العزى بن أبى قيس العامرى، أحد المؤلفة قلوبهم. نقله عبدان، وأبو موسى. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد، وذكره الكاشغرى. 956 ـ حاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبدود بن نصر بن مالك العامرى، أخو سهيل بن عمرو: ذكر ابن عبد البر وابن قدامة: أنه أسلم قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وهاجر إلى أرض الحبشة فى الهجرتين جميعا، فى رواية ابن إسحاق والواقدى. وذكر عبد الرحمن بن إسحاق عن أبيه، أن حاطبا هذا أول من قدم إلى الحبشة فى الهجرة الأولى. قال الواقدى: وهو الثّبت عندنا، ثم شهد بدرا فى قول ابن إسحاق، وابن عقبة والواقدى جميعا. وقيل فيه: أبو حاطب بن عمرو، وعده فى السابقين إلى الإسلام.

_ 954 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 3/ 303، الاستيعاب ترجمة 471، الإصابة ترجمة 1544، أسد الغابة ترجمة 1022، طبقات ابن سعد 4/ 152، المنتظم 2/ 375). 955 ـ انظر ترجمته فى: (التجريد 1/ 122، أسد الغابة 1/ 362، الإصابة 1/ 301، المنتظم 3/ 306). 956 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 3/ 303، طبقات ابن سعد 1/ 160، 3/ 309، المنتظم 2/ 375، 3/ 130، الاستيعاب ترجمة 470، أسد الغابة ترجمة 1014، الإصابة ترجمة 1546، التجريد 1/ 122).

957 ـ حاطب بن أبى بلتعة اللخمى ـ فى قول بعضهم ـ وقيل: المذحجى

957 ـ حاطب بن أبى بلتعة اللخمى ـ فى قول بعضهم ـ وقيل: المذحجى: وقيل إنه كان عبدا لبعض بنى أسد بن عبد العزى، فكاتبه، وأدى كتابته، فنسب إلى بنى أسد، وقيل إنه حليف للزبير بن العوام. قال أبو عمر: والأكثر أنه حليف لبنى أسد، يكنى أبا عبد الله، وأبا محمد. شهد بدرا والحديبية، وبعثه النبى صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس صاحب مصر والإسكندرية، وبعثه إلى مصر أبو بكر الصديق رضى الله عنه، فصالحهم، ولم يزالوا على ذلك إلى أن افتتح مصر عمرو بن العاص رضى الله عنه. روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من رآنى بعد موتى فكأنما رآنى فى حياتى، ومن مات فى أحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة». قال ابن عبد البر: ولا أعلم له عن النبى صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث. ومات سنة ثلاثين بالمدينة، وصلى عليه عثمان رضى الله عنه، وهو ابن خمس وستين سنة. وكان شديدا على الرقيق. وكان كتب إلى المشركين بمكة يخبرهم بأمر مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، وخبره فى ذلك مشهور فى الصحيح وغيره. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر. 958 ـ حبة بن بعلك العامرى، أبو السنابل بن بعلك: على ما قيل. وسيأتى فى الكنى. 959 ـ حبّة بن خالد الخزاعى: أخو سواء بن خالد. وقيل الأسدى، أسد خزيمة. وقيل من بنى عامر بن ربيعة. لهما صحبة، وعدادهما فى أهل الكوفة. روى حديثهما الأعمش عن سلام بن شرحبيل عنها. روى لهما البخارى فى الأدب

_ 957 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب فى أخبار من ذهب 1/ 190، الأعلام 2/ 159، المنتظم 3/ 72، 130، 274، 299، 324، 5/ 9 / 10، طبقات ابن سعد 1/ 107، 200، 3/ 84، 350، الاستيعاب ترجمة 472، أسد الغابة ترجمة 1011، الإصابة ترجمة 1543، تهذيب التهذيب 2/ 168). 958 ـ سيأتى فى ترجمته رقم (2899). 959 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 1077، طبقات ابن سعد 6/ 33، طبقات خليفة 57، 132، مسند أحمد 3/ 469، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 320، الجرح والتعديل الترجمة 1129، المعجم الكبير للطبرانى 4/ 8، إكمال ابن ماكولا 2/ 319، تلقيح فهوم أهل الأثر 183، 379، الكاشف 1/ 201، تجريد أسماء الصحابة الترجمة 1096، تهذيب ابن حجر 2/ 177، الإصابة الترجمة 1562، خلاصة الخزرجى الترجمة 1195).

من اسمه حبيب

المفرد، وابن ماجة حديثا واحدا. وهو حديث «لا تيأسا من الرزق ما تهزهزت رءوسكما». كتبت هذه الترجمة من التهذيب. وذكره ابن عبد البر أخصر من هذا. وقال: السوّاء، ويقال الخزاعى. ونقل الخزاعى عن الهيثم بن جميل وغيره. * * * من اسمه حبيب 960 ـ حبيب بن أسيد بن جارية الثقفى، حليف بنى زهرة: استشهد يوم اليمامة: وهو أخو أبو بصير عتبة بن أسيد. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر، وابن الأثير. وقال: أسيد، بفتح الهمزة، وجارية الجيم. 961 ـ حبيب بن الضحاك الجمحى: له رواية عن النبى صلى الله عليه وسلم، قال: «أتانى جبريل وهو يبتسم، فقلت: مم تضحك؟ قال: ضحكت من رحم رأيتها معلقة بالعرش، تدعو الله عزوجل على من قطعها. قال: قلت يا جبريل: كم بينهم؟ قال: خمسة عشر أبا» أخرجه أبو موسى، وجعله جهنيّا. ذكره هكذا ابن الأثير، إلا أنه ساق إسناده فى هذا الحديث إلى الضحاك المذكور. وذكره فى الصحابة رضى الله عنه: الكاشغرى والذهبى. 962 ـ حبيب بن مسلمة بن مالك الأكبر بن وهب بن ثعلبة بن واثلة بن عمرو ابن شيبان بن محارب القرشى الفهرى، أبو عبد الرحمن، ويقال أبو مسلمة، ويقال أبو سلمة المكى: نزيل الشام. روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، وسعيد بن زيد، وأبيه مسلمة، وأبى ذرّ الغفارى.

_ 960 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة ترجمة 1037، الاستيعاب ترجمة 489، الإصابة ترجمة 1570). 961 ـ انظر ترجمته فى: (التجريد 1/ 127، أسد الغابة 1/ 371، الإصابة 1/ 307). 962 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 488، الإصابة ترجمة 1605، أسد الغابة ترجمة 1068، تهذيب الكمال 1096، طبقات ابن سعد 7/ 409، طبقات خليفة 28، 301، مسند أحمد 4/ 159، المحبر لابن حبيب 294، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2583، تاريخه الصغير 1/ 93، 129، المعارف لابن قتيبة 592، 615، المعرفة ليعقوب 1/ 225، 2/ 427، 429، 3/ 18، الجرح والتعديل الترجمة 497، مشاهير علماء الأمصار ترجمة 345، تجريد أسماء الصحابة الترجمة 1236، سير أعلام النبلاء 3/ 188 ـ 189).

روى عنه عوف بن مالك الأشجعى الصحابى، وعبد الله بن أبى مليكة، وعبد الرحمن بن أبى أمية وجماعة. روى له أبو داود، وابن ماجة حديثا واحدا (1). وقد اختلف فى صحبته، فأثبتها مصعب الزبيرى، والزبير بن بكار والبخارى، وهو قول أهل الشام، وأنكرها الواقدى، وهو قول أهل المدينة. وكان خرج إلى الشام مجاهدا فى زمن الصديق رضى الله عنه. وشهد اليرموك، وكان أميرا على بعض كراديسه، ثم سكن دمشق. وكانت داره بها عند طاحونة الثقفيين مشرفة على نهر بردى، وشهد صفين مع معاوية، وكان على الميسرة. وذكر ابن عبد البر: أن عمر بن الخطاب ولّاه أعمال الجزيرة، بعد عزل عياض بن غنم، وضم إلى حبيب أرمينية وأذربيجان، ثم عزله وولى عمير بن سعد. وقيل: إن عثمان بعثه إلى أذربيجان. وذكر ابن سعد: أن معاوية وجهه إلى أرمينية واليا عليها، وأنه لم يزل مع معاوية فى حروبه بصفين وغيرها. وذكره الزبير فقال: كان شريفا، وكان قد سمع من النبىصلى الله عليه وسلم، وكان يقال له: حبيب الروم من كثرة دخوله عليهم، وما ينال منهم من الفتوح. وله يقول شريح بن الحارث (2) [من الطويل]: ألا كل من يدعى حبيبا ولو بدت ... مروءته يفدى حبيب بنى فهر همام يقود الخيل حتى كأنما ... يطأن برصراص الحصى جاحم الجمر وكان حبيب رجلا تام البدن، فدخل على عمر رضى الله عنه، فقال له عمر: إنك لجيد القناة. فقال: إنى جيد سنانها، فأمر به عمر يدخل دار السلاح، فأدخل، فأخذ منها سلاح رجل. وكان عثمان بن عفان رضى الله عنه بعثه هو وسلمان بن أبى ربيعة إلى ناحية أذربيجان، وكان أحدهما مددا لصاحبه، فاختلفا فى الفئ، فتواعد بعضهم بعضا. فقال رجل من أصحاب سلمان (3) [من الطويل]:

_ (1) أخرج له أبو داود فى سننه كتاب الجهاد حديث رقم (2748)، وابن ماجة فى سننه كتاب الجهاد حديث رقم (2851). (2) البيت الأول فى الاستيعاب ترجمة 488، ولم يرد البيت الثانى فيه. (3) انظر البيت فى أسد الغابة 1/ 449.

فإن تقتلوا سلمان نقتل حبيبكم ... وإن ترحلوا نحو ابن عفان نرحل وكان معاوية رضى الله عنه، وجهه فى جيش لنصرة عثمان بن عفان رضى الله عنه حين حصر. فلما بلغ وادى القرى، بلغه مقتل عثمان رضى الله عنه فرجع. وقد ذكره حسان بن ثابت فقال (4) [من البسيط]: إلا تبوءوا بحق الله تعترفوا (5) ... بغارة عصب من خلفها عصب فيهم حبيب شهاب الموت (6) يقدمهم ... مشمرا قد بدا فى وجهه الغضب انتهى. روينا أن الحسن بن على رضى الله عنهما قال لحبيب بن مسلمة فى بعض خرجاته بعد صفين: يا حبيب، رب مسير لك فى غير طاعة الله. فقال له حبيب: أما إلى أبيك فلا. فقال له الحسن رضى الله عنه: بلى، والله، ولقد طاوعت معاوية على دنياه وسارعت فى هواه، فلئن كان قام بك فى دنياك، لقد قعد بك فى دينك، فليتك إذا أسأت الفعل أحسنت القول، فتكون كما قال الله تعالى: (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) [التوبة: 102]. ولكنك كما قال الله تعالى: (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) [المطففين: 14]. ذكر هذا الخبر صاحب الاستيعاب، وقال: قال سعيد بن عبد العزيز: كان حبيب بن مسلمة فاضلا مجاب الدعوة. انتهى. واختلف فى وفاته، فقيل سنة إحدى وأربعين، قاله الهيثم بن عدى، وأبو الحسن المداينى. وقيل سنة اثنتين وأربعين، قاله أبو عبيدة القاسم بن سلام، وخليفة بن خياط، ومحمد بن سعد، وغير واحد. وذكر ابن سعد: أنه مات بأرمينية، ولم يبلغ خمسين سنة. وقيل إنه مات بدمشق. وذكر الواقدى: أن حبيبا يوم توفى النبى صلى الله عليه وسلم، ابن اثنتى عشرة سنة. وذكر أن حبيبا كان حين غزا النبى صلى الله عليه وسلم تبوك، ابن إحدى عشرة سنة. وهذا يخالف ما ذكره أولا، والله أعلم. وأمه فهرية.

_ (4) انظر ديوان حسان بن ثابت 30، 31. (5) فى الديوان: إلا تنيبوا لأمر الله تعترفوا. (6) فى الديوان: الحرب

963 ـ حبيش بن خالد بن منقذ بن ربيعة الخزاعى الكعبى، أبو صخر

963 ـ حبيش بن خالد بن منقذ بن ربيعة الخزاعى الكعبى، أبو صخر: ويقال: خنيس بن خالد بن خليف بن منقذ بن ربيعة. ويقال لحبيش بن خالد: الأشعر، على ما ذكر الكلبى. ويقال لأبيه: الأشعر، على ما ذكر ابن عقبة. ويقال له أو لأبيه: قتيل البطحاء. واستشهد حبيش يوم فتح مكة، على ما قال ابن عقبة. وحبيش على ما قال الأكثرون ـ فيما نقل ابن عبد البر ـ بحاء مهملة ونون، ثم شين معجمة ـ وهو أخو أم معبد الخزاعية. واسمها عاتكة، وهو صاحب حديثها. وقد رويناه بطوله فى الغيلانيات. قال ابن عبد البر: لا أعلم له حديثا غيره. ومن الاستيعاب كتبت هذه الترجمة بالمعنى، إلا ما قيل من أن الأشعر خنيس. * * * من اسمه حجاج 964 ـ حجاج بن الحارث بن قيس بن عدى السهمى: هاجر إلى الحبشة، وانصرف إلى المدينة بعد أحد. ذكر معنى ذلك أبو عمر، وقال: لا عقب له. وهو شقيق السائب، وعبد الله، وأبى قيس، بنى الحارث بن قيس. وذكره ابن الأثير بمعنى هذا، وقال: قال عروة بن الزبير، والزهرى وابن إسحاق: قتل الحجاج بن الحارث السهمى يوم أجنادين. أخرجه الثلاثة، إلا أن ابن مندة قال: الحجاج ابن قيس بن عدى. انتهى. ولعل الحارث سقط سهوا لا قصدا، والله أعلم. وذكر الذهبى هجرته إلى الحبشة وإلى المدينة، وقال: قتل بأجنادين. ولم أره فى أسماء مهاجرة الحبشة فى عيون الأثر.

_ 963 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 3/ 1332، أسد الغابة 1/ 376، الاستيعاب ترجمة 589، الإصابة 1/ 130). 964 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 3/ 157، المنتظم 2/ 375، طبقات ابن سعد 4/ 148، الاستيعاب ترجمة 499، التجريد 1/ 130، الإصابة ترجمة 1620، أسد الغابة ترجمة 1080، عيون الأثر لابن سيد الناس 1/ 115).

965 ـ حجاج بن نفيع من أصحاب عبد الله بن عمر، مكى.

965 ـ حجاج بن نفيع من أصحاب عبد الله بن عمر، مكى. قدم مصر، وحدث عنه سعيد بن موسى بن وردان. ذكره ابن يونس فى تاريخ مصر. 966 ـ الحجاج بن يوسف بن الحكم بن أبى عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن قسىّ، وهو ثقيف، الثقفى، الطائفى، أبو محمد: أمير الحرمين، والحجاز، والعراق، هكذا نسبه ابن الكلبى فى الجمهرة. وذكر المسعودى: أنه ولد مشوها لا دبر له فنقب عن دبره، وأنه لما ولد، أبى أن يقبل ثدى أمه أو غيرها، فأعياهم أمره. فيقال إن الشيطان تصور لهم فى صورة الحارث ابن كلدة الطائفى، حكيم العرب. فقال: ما خبركم؟ فأخبروه. فقال: اذبحوا جديا أسود وأولغوه دمه. ففعلوا به ذلك ثلاث مرات، فصار لا يصبر عن سفك الدماء. وكان يخبر عن نفسه، أن أكبر لذاته سفك الدماء. وروى عبد الله بن مسلم بن قتيبة: أن الحجاج بن يوسف كان يعّلم الصبيان فى الطائف، واسمه كليب، وأبوه يوسف معلم أيضا. انتهى. وأول ولايته تبالة (1). وذكر صاحب العقد: أن الحجاج بن يوسف، لحق بروح بن زنباع وزير عبد الملك ابن مروان، وكان فى عديد شرطه، إلى أن شكى عبد الملك ما رأى من انحلال عسكره، وأن الناس لا يرحلون برحيله، ولا ينزلون بنزوله. فقال له روح بن زنباع: يا أمير المؤمنين، إن فى شرطى رجلا لو قلده أمير المؤمنين أمر عسكره لأرحل الناس برحيله، وأنزلهم بنزوله، يقال له الحجاج بن يوسف، قال: فإنا قد قلّدناه. فكان لا يقدر أحد أن يتخلف عن الرحيل والنزول، إلا أعوان روح بن زنباع، فوقف عليهم يوما، وقد رحل

_ 966 ـ انظر ترجمته فى: (الأعلام 2/ 168، معجم البلدان 8/ 382، وفيات الأعيان 1/ 123، المسعودى 2/ 103 ـ 119، تهذيب التهذيب 2/ 210، تهذيب ابن عساكر 4/ 48، ابن الأثير 4/ 222، البدء والتاريخ 6/ 28، التاريخ الكبير 1/ 2 / 373، الجرح والتعديل 3/ 168). (1) تبالة: بقرب الطائف على طريق اليمن من مكة، وهى لبنى مازن. انظر: معجم ما استعجم (تبالة).

الناس وهم على طعام يأكلون. فقال لهم: ما منعكم أن ترحلوا برحيل أمير المؤمنين؟ فقالوا: يا ابن اللّخناء، انزل وكل معنا. فقال لهم: هيهات، ذهب ما هنالك، ثم أمر بهم، فجلدوا بالسياط، وطوفهم فى العسكر، وأمر بفساطيط روح بن زنباع فأحرقت بالنار. فدخل روح بن زنباع على أمير المؤمنين عبد الملك باكيا، فقال: يا أمير المؤمنين، الحجاج بن يوسف الذى كان فى عديد شرطى، ضرب غلمانى وأحرق فساطيطى، قال: علىّ به. فلما دخل عليه، قال: ما حملك على ما فعلت؟ قال: أنا ما فعلته يا أمير المؤمنين، قال: ومن؟ . قال: أنت والله فعلته، إنما يدى يدك، وسوطى سوطك، وما على أمير المؤمنين أن يخلف لروح بن زنباع الفساطيط أضعافا، والغلام غلامين، ولا يكسرنى فيما قدمنى له، فأخلف لروح بن زنباع ما ذهب له، وتقدم الحجاج إلى منزلته. انتهى. ثم إن عبد الملك بن مروان بعد فراغه من قتال مصعب بن الزبير، واستيلائه على العراق، فى سنة اثنتين وسبعين من الهجرة، بعث الحجاج لقتال عبد الله بن الزبير بمكة. قال ابن جرير: وكان السبب فى توجه الحجاج دون غيره فيما ذكروا، أن عبد الملك لما أراد الرجوع إلى الشام، قام إليه الحجاج بن يوسف فقال: يا أمير المؤمنين، إنى رأيت فى منامى أنى أخذت عبد الله بن الزبير فسلخته، فابعثنى إليه وولنى قتاله. فبعثه فى جيش كثيف من أهل الشام، فسار حتى قدم مكة. وقد كتب إليهم عبد الملك بالأمان، إن دخلوا فى طاعته، ونزل الطائف. وكان يبعث البعث إلى عرفة فى الحلّ، ويبعث ابن الزبير بعثا، فيقتتلون هنالك، وكل ذلك تهزم خيل ابن الزبير، وترجع خيل الحجاج بالظّفر، ثم كتب الحجاج إلى عبد الملك يستأذنه فى حصار ابن الزبير، ودخول الحرم عليه، ويخبره أن شوكته قد كلّت، وتفرق عنه عامة أصحابه، ويسأله أن يمده برجال. ثم قال: وكتب عبد الملك إلى طارق، أن يلحق بمن معه من الخيل بالحجاج، فسار فى خمسة آلاف من أصحابه، حتى لحق بالحجاج. وكان قدوم الحجاج إلى الطائف، فى شعبان سنة اثنتين وسبعين. فلما أهل ذو القعدة، وصل الحجاج من الطائف، حتى نزل بئر ميمون، وحصر ابن الزبير، وحج بالناس فى هذه السنة، وابن الزبير محصور. وكان قدوم طارق، هلال ذى القعدة. انتهى كلام ابن جرير. وذكر ابن الأثير فى كامله: أن طارقا، هو مولى عثمان بن عفان، وأن عبد الملك

كان أمر طارقا بالنزول بين أيلة، ووادى القرى، لمنع عمال ابن الزبير من الانتشار، ويسد خللا إن ظهر له. فقدم طارق المدينة فى ذى الحجة فى خمسة آلاف. وكان الحجاج قد قدم مكة فى ذى القعدة، وقد أحرم بحجة. فنزل بئر ميمون. وحج بالناس تلك السنة، إلا أنه لم يطف بالكعبة، ولا سعى بين الصفا والمروة، لمنع ابن الزبير له من ذلك، ولم يحج هو ولا أصحابه. ولما حصر الحجاج ابن الزبير بمكة، نصب المنجنيق على أبى قبيس ورمى به الكعبة. وكان عبد الله بن عمر، قد حج تلك السنة، فأرسل إلى الحجاج، أن اتق الله واكفف هذه الحجارة عن الناس، فإنك فى شهر حرام وبلد حرام، وقد قدمت وفود الله من أقطار الأرض ليؤدوا الفريضة ويزدادوا خيرا، وأن المنجنيق قد منعهم عن الطواف، فاكفف عن الرمى حتى يقضوا ما وجب عليهم بمكة. فبطل الرمى، حتى عاد الناس من عرفات، وطافوا وسعوا، فلما فرغوا من طواف الزيارة، نادى منادى الحجاج: انصرفوا إلى بلادكم، فإنا نعود بالحجارة على ابن الزبير. فأول ما رمى بالمنجنيق إلى الكعبة، رعدت السماء وبرقت، وعلا صوت الرعد على الحجارة، فأعظم ذلك أهل الشام، وأمسكوا أيديهم، فأخذ الحجاج حجر المنجنيق بيده، فوضعها فيه، ورمى بها معهم. فلما أصبحوا، جاءت الصواعق فقتلت من أصحابه اثنى عشر رجلا، فانكسر أهل الشام، فقال الحجاج: يا أهل الشام لا تنكروا هذا، فإنى ابن تهامة، وهذه صواعقها، وهذا الفتح قد حضر فأبشروا. فلما كان الغد، جاءت صاعقة فأصابت من أصحاب ابن الزبير عدة. فقال الحجاج: ألا ترون أنهم يصابون وأنتم على الطاعة، وهم على خلافها. ولم يزل القتال بينهم دائما، فغلت الأسعار عند ابن الزبير، وأصاب الناس مجاعة شديدة، حتى ذبح فرسه وقسم لحمها بين أصحابه، وبيعت الدجاجة بعشرة دراهم، والمدّ الذرة بعشرين درهما، وإن بيوت ابن الزبير لمملوءة قمحا وشعيرا وذرة وتمرا. وكان أهل الشام ينتظرون فناء ما عنده، وكان يحفظ ذلك ولا ينفق منه إلا ما يمسك الرمق ويقول: أنفس أصحابى قوية ما لم يفن. فلما كان قبل مقتله، تفرق الناس عنه وخرجوا إلى الحجاج بالأمان. خرج من عنده نحو عشرة آلاف، وكان ممن فارقه، ابناه حمزة وحبيب، أخذ لأنفسهما أمانا. ولما تفرق أصحابه عنه، خطب الناس الحجاج وقال: ما ترون قلة تابع ابن الزبير وما

هم فيه من الجهد والضيق. ففرحوا واستبشروا وتقدموا. فملؤوا ما بين الحجون إلى الأبواب. فحمل ابن الزبير على أهل الشام حملة منكرة، فقتل منهم، ثم انكشف هو وأصحابه، فقال له بعض أصحابه: لو لحقت بموضع كذا؟ فقال: بئس الشيخ أنا إذا فى الإسلام، لئن أوقعت قوما فقتلوا ثم فررت عن مثل مصارعهم! ودنا أهل الشام حتى امتلأت منهم الأبواب. وكانوا يصيحون به: يا ابن ذات النطاقين فيقول (2) [من الطويل]: وتلك شكاة ظاهر عنك عارها وجعل أهل الشام على أبواب المسجد رجالا من أهل كل بلد، فكان لأهل حمص الباب الذى يواجه باب الكعبة، ولأهل دمشق باب بنى شيبة، ولأهل الأردن باب الصفا، ولأهل فلسطين باب بنى جمح، ولأهل قنّسرين (3) باب بنى سهم. وكان الحجاج بناحية الأبطح إلى المروة. فمّرة يحمل ابن الزبير فى هذه الناحية، ومرة فى هذه الناحية، كأنه أسد فى أجمة، ما تقدم عليه الرجال، يعدو فى إثر القوم حتى يخرجهم. فلما رأى الحجاج أن الناس لا يقدمون على ابن الزبير، غضب وترجل وأقبل يسوق الناس ويصمد بهم، صمد صاحب علم ابن الزبير وهو بين يديه. فتقدم ابن الزبير على صاحب علمه، وضاربهم فانكشفوا، وعرج وصلّى ركعتين عند المقام، فحملوا على صاحب علمه فقتلوه على باب بنى شيبة، وصار العلم بيد أصحاب الحجاج، ثم حمل على أهل الشام، حتى بلغ بهم الحجون، فرمى بآجرّة، رماه بها رجل من السّكون، فأصابته فى وجهه، فأرعش ودمى وجهه، فلما وجد الدم على وجهه قال (4) [من الطويل]: فلسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا يقطر الدم (5) وقاتلهم قتالا شديدا. فتعاونوا عليه، فقتلوه فى جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين، وحمل رأسه إلى الحجاج، فسجد واستولى على مكة.

_ (2) انظر: الكامل لابن الأثير 4/ 354. (3) قنسرين: بالشام، وهى الجابية، وبينها وبين حلب اثنا عشر ميلا، وهى على نهر قويق، وهو نهر حلب يصل فى جريته إلى قنسرين ثم يغوص فى الأجمة، وقيل: بين قنسرين وحلب عشرين ميلا. انظر: الروض المعطار 473، 474. (4) انظر: الكامل لابن الأثير 4/ 356. (5) فى الكامل: تقطر.

ثم ولاه عبد الملك إمرة الحجاز، وسار إلى المدينة من مكة، فأقام بها ثلاثة أشهر وتغيب أهلها منه، واستخف فيها ببقايا الصحابة رضى الله عنهم، وختم أعناقهم، وغير من الكعبة ما صنعه بها ابن الزبير. وذلك أنه نقض الجانب الشامى من الكعبة، وأخرج منه ما كان ابن الزبير أدخله من الحجر فيها، وسدّ بابها الغربى الذى فتحه ابن الزبير، وردمها بما فضل من حجارتها حتى ارتفعت كما هى عليه اليوم. وقد شرحنا ذلك فى شفاء الغرام ومختصراته، فأغنى عن إعادته هنا. ثم عزله عبد الملك عن الحجاز فى سنة خمس وسبعين، وأمره على العراق، ففعل فيه أيضا أمورا منكرة يطول شرحها، وهى مبسوطة فى كتب التاريخ. ولم يزل الحجاج على إمرة العراق، حتى أهلكه الله تعالى، فى يوم الجمعة لسبع بقين من رمضان سنة خمس وتسعين. كذا قال الطبرى فى تاريخ وفاته. وذكر الذهبى: أنه توفى ليلة سبع وعشرين من رمضان، وله ثلاث وخمسون سنة أو دونها. وروى ابن زبر فى وفياته، عن ابن عيينة: أنه توفى فى شوال سنة خمس وتسعين، وهو ابن أربع وخمسين سنة، وقيل: إن عمره ثلاث وخمسون سنة. وكانت وفاته بمدينة واسط التى بناها. وبها دفن وعفّى أثر قبره وأجرى عليه الماء. وكان مرضه الذى مات به الأكلة وقعت فى بطنه، وسلط الله تعالى معها عليه الزمهرير. ولما بلغ الحسن البصرى موت الحجاج سجد لله شكرا. وقال: اللهم إنك أمته فأمت عنا سننه. وسئل إبراهيم النخعى عنه فقال: ألم يقل الله تعالى: (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ). وروى الترمذى عن هشام بن حسان، أنه أحصى من قتل الحجاج صبرا، فبلغ مائة ألف وعشرين ألفا، وعرضت السجون بعده، فوجد فيها ثلاثة وثلاثون ألفا، لم يجب على أحد منهم قطع ولا صلب. قال الذهبى: وسمعوه يقول عند الموت: رب اغفر لى، فإن الناس يزعمون أنك لا تغفر لى. قال: وكان شجاعا مهيبا جبارا عنيدا، مخازيه كثيرة، إلا أنه كان عالما فصيحا مفوّها، مجودا للقرآن. انتهى. وكانت ولايته للحجاز ثلاث سنين، وولايته للعراق عشر سنين.

967 ـ حجير بن أبى إهاب التميمى، حليف بنى نوفل

وذكر ابن خلكان: إن أول ولايته تبالة، قال: ولم يكن رآها قبل ذلك، فخرج إليها، فلما قرب منها سأل عنها، فقيل له: إنها وراء تلك الأكمة، فقال: لا خير فى ولاية تسترها أكمة، ورجع عنها محتقرا لها وتركها. فضربت العرب بها المثل. وقالت للشيء الحقير: أهون من تبالة على الحجاج، قال: وتبالة ـ بفتح التاء المثناة من فوقها وبعدها باء موحدة، ثم ألف ولام وفى آخرها هاء ـ وهى بليدة على طريق اليمن للخارج من مكة. وهذا المكان كثير الخصب، له ذكر فى الأخبار والأمثال والأشعار. انتهى. 967 ـ حجير بن أبى إهاب التميمى، حليف بنى نوفل: ذكره هكذا أبو عمر وقال: له صحبة. روت عنه مارية مولاته، خبر زيد بن عمرو ابن نفيل. 968 ـ حرملة بن الوليد المخزومى: أخو خالد بن الوليد. شهد فتح دمشق. وله دير بالغوطة. ذكره الذهبى فى التجريد ولم يذكره الكاشغرى. 969 ـ حرمى بن أبى العلاء المكى الشروطى، وهو أحمد بن محمد بن أبى حميضة: روى عن الزبير بن بكار كتابه فى النسب. وكان كاتب القاضى أبى عمرو، وتوفى سنة سبع عشرة وثلاثمائة. 970 ـ حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشى الأسدى، أخو خديجة بنت خويلد رضى الله عنها، ووالد حكيم بن حزام: ذكره الذهبى فى التجريد. وقال: غلط من عده. وذكره ابن الأثير أفود من هذا؛ لأنه قال فى باب الحاء والزاى: حزام والد حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى القرشى الأسدى.

_ 967 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 3/ 290، أسد الغابة ترجمة 1099، الاستيعاب ترجمة 507، الإصابة ترجمة 1641، طبقات ابن سعد 3/ 290، 6/ 11، المنتظم 3/ 201). 968 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 1/ 321، التجريد 1/ 136). 969 ـ انظر ترجمته فى: (تذكرة الحفاظ للذهبى 835). 970 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 2/ 2، التجريد 1/ 138).

971 ـ حزام بن هشام الكعبى

قال أبو موسى: أورده عبدان بن محمد، بإسناده عن على بن يزيد الصّدايى، عنأبى موسى مولى عمرو بن حريث، عن حكيم بن حزام، عن أبيه، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: يا رسول الله، أصوم الدهر؟ فسكت، ثم قلت: يا رسول الله، أصوم الدهر؟ فسكت، ثم قلت: يا رسول الله، أصوم الدهر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما لأهلك عليك حق؟ صم رمضان والذى يليه، وصم الاثنين والأربعاء والخميس، فإذا أنت قد صمت الدهر كله وأفطرت الدهر كله. قال أبو موسى الأصفهانى: هذا خطأ. والمحفوظ ما رواه أبو نعيم، عن أبى موسى هارون بن سليمان الفراء مولى عمرو بن حريث، عن مسلم بن عبد الله: أن أباه أخبره أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذكر نحوه. وهكذا رواه غير واحد عن هارون بن سليمان، إلا أن بعضهم قال: عن عبيد الله بن مسلم، عن أبيه، أخرجه أبو موسى. انتهى. 971 ـ حزام بن هشام الكعبىّ: كان نزل قديدا (1). روى عنه الواقدى وأبو النضر. 972 ـ حزن بن أبى وهب بن عمرو بن عائد بن عمران بن مخزوم المخزومى المكى، أبو وهب، جد سعيد بن المسيب: له صحبة ورواية عن النبى صلى الله عليه وسلم. روى عنه ابنه المسيب بن حزن. وروى له: البخارى وأبو داود. وكان إسلامه يوم الفتح. وقيل: كان من المهاجرين. ذكر هذين القولين ابن الأثير؛ لأنه قال: وقد أنكر الزبير بن مصعب هجرته، وقال: هو وابنه المسيب من مسلمة الفتح. انتهى. وممن ذكر أنه من المهاجرين: ابن عبد البر؛ لأنه قال: كان من المهاجرين، ومن

_ 971 ـ (1) هى اسم موضع قرب مكة. انظر: معجم البلدان (قديد). 972 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 1183، تاريخ البخارى الصغير 1/ 34، المعارف لابن قتيبة 437، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 97، المعجم الكبير للطبرانى 4/ 53، إكمال ابن ماكولا 2/ 453، الجمع لابن القيسرانى الترجمة 451، تلقيح ابن الجوزى 183 ـ 184، التبيين فى أنساب القرشيين 353 ـ 355، الاستيعاب ترجمة 578، أسد الغابة ترجمة 1152، الكاشف 1/ 215، تجريد أسماء الصحابه الترجمة 1329، الوافى بالوفيات 11/ 348، تهذيب ابن حجر 2/ 243، الإصابة الترجمة 1706، خلاصة الخزرجى الترجمة 1713).

973 ـ حسان بن حسان البصرى، أبو على بن أبى عباد

أشراف قريش فى الجاهلية. وقال: وهو الذى أخذ الحجر من الكعبة حين فرغوا من قواعد إبراهيم فنزى الحجر من يده حتى رجع مكانه. انتهى. وذكر ذلك ابن الأثير قال: وقيل الذى رفع الحجر، أبو وهب والد حزن، وهو الصحيح. انتهى. وقال له النبى صلى الله عليه وسلم لما أتاه: ما اسمك؟ قال: حزن. فقال له: لا، بل أنت سهل. فقال: لا أغير اسما سمّانيه أبى. ويروى أنه قال: إنما السّهولة للحمار. قال سعيد بن المسيب: فما زالت فينا الحزونة بعد. استشهد فى خلافة الصديق رضى الله عنه يوم اليمامة. وقيل: استشهد يوم بزاخة أول خلافة أبى بكر رضى الله عنه، فى قتال أهل الردة. ذكر هذين القولين ابن الأثير. وذكر الأول المزّى. ولم أر فى الاستيعاب واحدا منهما. وفيه تكنية حزن بأبى وهب. 973 ـ حسان بن حسان البصرى، أبو على بن أبى عباد: سكن مكة. روى عن شعبة وهمام، ومحمد بن طلحة بن مصرف، وعبد العزيز بن سلمة أبى الماجشون. روى عنه البخارى، وأبو زرعة، ويحيى بن عبدك القزوينى، ومحمد بن أحمد بن الجنيد، وعلى بن الحسن الهسنجانى. قال أبو حاتم: منكر الحديث. وقال البخارى: كان المقبرىّ يثنى عليه. توفى سنة ثلاث عشرة ومائتين. 974 ـ حسب الله بن حسب الله العصامى المكى: كان كبير القواد المعروفين بالعصاميين، معظما عند الناس والسلطنة بمكة. توفى سنة ثمانمائة قبل الحج. * * *

_ 973 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 11189، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 142، تاريخه الصغير 2/ 326، الجرح والتعديل الترجمة 1027، موضح أوهام الجمع 2/ 72، الجمع لابن القيسرانى الترجمة 363، المعجم المشتمل لابن عساكر الترجمة 235، الكاشف 1/ 216، ميزان الاعتدال 1/ 478، المغنى الترجمة 1369، ديوان الضعفاء الترجمة 879، تهذيب ابن حجر 2/ 248 ـ 249، خلاصة الخزرجى الترجمة 1302).

من اسمه الحسن

من اسمه الحسن 975 ـ الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن فراس المكى، أبو محمد العطار: سمع أبا حفص عمر بن محمد الجمحى وغيره. وتوفى فى محرم سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة بمكة. ذكره ابن عساكر فى تاريخه. ومن مختصره للذهبى كتبت هذه الترجمة. وذكر ابن الأكفانى أنه مات بمكة. 976 ـ حسن بن أحمد بن على المكى: يلقب بدر الدين. يعرف بالحدوى، بدال مهملة: كان أحد التجار بمكة. ولم أدر متى مات، إلا أنه كان حيّا فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة بمكة. 977 ـ حسن بن أحمد بن محمد بن سلامة بن عطوف بن يعلى السلمى المكى البزاز، يلقب بدر الدين: أجاز له ـ باستدعاء أخيه شيخنا الفقيه نور الدين على بن سلامة ـ جماعة من أصحاب الفخر بن البخارى وغيرهم، ومنهم: عمر بن أميلة وصلاح الدين بن أبى عمر. وحدث. وهو أحد الشيوخ بمكة، الذين خرج لهم صاحبنا المحدث جمال الدين بن موسى المراكشى. وكان يذاكر بشعر فى ولاة مكة من الأشراف، ويجهر بالقراءة لبلاغة له، ويطيل فى ذلك، وأضر بأخرة. وكان يبيع الحرير والبزّ. وتوفى فى ليلة ثالث جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. ومولده فى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بمكة. 978 ـ حسن بن أحمد بن ميمون بن أبى الفتوح قاسم التونسى المكى، المعروف بالمغربى: أجاز له التوزرى. وله نظم كثير، إلا أنه متلاش إلى الغاية. وأجاز لى باستدعاء شيخنا ابن سكّر. وليس هو أهلا للرواية لتظاهره باللعب. وكان

_ 977 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 3/ 94).

979 ـ حسن بن إبراهيم بن حسن بن يحيى بن قيس المكثرى النجمى، حسام الدين

بزازا بالقيسارية المعروفة بدار الإمارة بمكة. وبها مات فى أثناء عشر التسعين وسبعمائة، سامحه الله تعالى. 979 ـ حسن بن إبراهيم بن حسن بن يحيى بن قيس المكثرى النجمى، حسام الدين: كان من خدام الأمير نجم الدين أبى نمى صاحب مكة. والنجمى فى تعريفه، نسبة إلى أبى نمى، والمكثّرى نسبة إلى الأمير مكثّر بن عيسى بن فليتة الحسنى، المعروف بابن أبى هاشم، أمير مكة، الآتى ذكره. وما عرفت من حاله سوى هذا. توفى يوم الجمعة من شهر المحرم سنة تسع وثمانين وستمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. نقلت وفاته من حجر قبره، ومنه نقلت ما ذكرته من نسبه، وترجم فيه: بالشيخ الأجل. 980 ـ الحسن بن إبراهيم بن موسى (1) البغدادى: سكن مكة. وروى عن ابن أبى كناسة، وعبيد الله بن موسى. وروى عنه: أبو نعيم عبد الرحمن بن قريش وغيره. ذكره ابن حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات. 981 ـ الحسن بن بكر بن عبد الرحمن المروزىّ، أبو علىّ: نزيل مكة. عن أبيه، ويزيد بن هارون، والنضر بن شميل، ويعقوب بن إبراهيم، ومعلّى بن منصور، وطائفة. روى عنه الترمذى، وزكريا بن يحيى المروزى، وأحمد بن محمد بن عباد الجوهرى، وغيرهم. وعرفه الذهبى: بنزيل مكة. 982 ـ حسن بن ثقبة بن رميثة بن أبى نمى الحسن المكى: كان ممن تغير عليه ابن عمه أحمد بن عجلان، فقبض عليه وعلى أخيه أحمد، وابنه

_ 980 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 3/ 2). (1) يقال له: «البياضى». 981 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 1205، الجرح والتعديل الترجمة 11، المعجم المشتمل الترجمة 242، الكاشف 1/ 218، تهذيب ابن حجر 2/ 257، خلاصة الخزرجى الترجمة 1320). 982 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 3/ 97).

983 ـ الحسن بن جعفر بن محمد بن الحسن بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى المكى، أبو الفتوح

على، وعنان بن مغامس، ثم كحلوا، خلا عنان، بإثر موت أحمد بن عجلان، ودام ضريرا، حتى مات فى يوم الخميس حادى عشرى شعبان، سنة ست عشرة وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. وقد بلغ الستين أو قاربها. وهو آخر أولاد ثقبة الذكور موتا. 983 ـ الحسن بن جعفر بن محمد بن الحسن بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى المكى، أبو الفتوح: أمير مكة. ولى إمرتها مدة سنين. وذكر شيخنا ابن خلدون: أنه ولى إمرتها بعد أخيه عيسى، فى سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. ودامت ولايته عليها ستا وأربعين سنة. انتهى. وذكر جماعة من المؤرخين: أن أبا الفتوح هذا، خرج عن طاعة الحاكم العبيدى صاحب مصر، ودعا إلى نفسه، وخطب له بالخلافة، وتلقب بالراشد. وسبب ذلك: أن الحاكم قتل أبا الوزير أبى القاسم، المعروف بابن المغربى؛ لأنه اتهمه أنه يضرب بينه وبين وجوه دولته، وقتل معه ولده أخا أبى القاسم، وهرب أبو القاسم وأنفذ وراءه فلم يدركه، وقصد أبو القاسم آل الجراح الطائى بالرّملة. ولزم حسان بن مفرّج، فأجاره ومنع الطلب عنه. وفى ذلك يقول أبو القاسم الوزير من قصيدة له [من الطويل]: فإنى أتيت ابن الكريم مفرّج ... فأطلق من أسر الهموم عقالى وغير ذلك. وحمل الوزير أبو القاسم آل الجراح على مباينة الحاكم. وكان الحاكم قد ولى مملوك أبيه يارختكين الرملة بعد هروب الوزير أبى القاسم إليها، وسير معه جيشا إليها وجعله المقدم عليهم. ولما بلغ ذلك الوزير أبا القاسم، حسن لحسان بن مفرج قتاله. فأغار عليهم وقاتلهم وأسر مقدمهم، وحمله أسيرا وامتهنه. وسمع غناء جواريه وحظاياه وهو مقيد معه فى المجلس، وارتكب منه فواحش عظيمة، وذبحه صبرا بين يديه. فعند ذلك قال الوزير أبو القاسم، لحسان بن مفرج: الآن قد قطعت ما بينك وبين الحاكم، ولم يبق لصلحك معه موضع، ولا لك إلى الرجوع إلى طاعته مكان. فقال له: وما الرأى؟ قال: هذا أبو الفتوح أمير مكة والحجاز، فى بيته وفضله وكرمه بمكان رفيع، تنصّبه إماما، وتقوم معه على الحاكم، فأمر حسان الوزير أبا القاسم، بالتوجه إلى أبى الفتوح إلى مكة.

فلما وصل إليه أطمعه فى الرئاسة والخلافة، وضمن له الوفاء بما بذله حسان بن المفرج من الطاعة له. فشكى أبو الفتوح إلى أبى القاسم قلّ ما بيده من المال، فأشار عليه الوزير أبو القاسم بأخذ ما فى خزانة الكعبة من المال، وما عليها من أطواق الذهب والفضة، وضربه دراهم ودنانير، ففعل ذلك، وهى الدراهم التى يقال لها الفتحيّة، ثم سار أبو الفتوح وأبو القاسم قاصدين آل الجراح، ومعه نحو ألف فارس من بنى حسن، ونحو ألف عبد من قواده. فلما قرب الرملة، تلقاه حسان وأبوه المفرج وسائر وجوه العرب، وقبلوا الأرض بين يديه، ونزل فى دارهم، وخطب على منبر الرملة الخطيب ابن نباتة، ولما بلغ ذلك الحاكم، اشتد عليه وقلق. وعلم أن أبا الفتوح أهلا لما أهّل له من الخلافة، فعدل عن الحرب إلى الخدعة، وعلم أن آل الجراح بينهم اختلاف فى الرئاسة والرعاية، فأرسل إليهم الأموال إلى الصغير والكبير والعظيم والحقير، وبعث إلى حسان ابن المفرج بخمسين ألف دينار، وكتب إليه يغالطه فى أمر يارختكين ويسهّله. فأصبح أبو الفتوح، وقد عرف تغير نياتهم. فقال للوزير أبى القاسم: أغويتنى وأخرجتنى إلى هؤلاء القوم الغدارين، وأخرجتنى من بلدى ونعمتى وإمارتى، وجعلتنى فى أيدى هؤلاء ينفقون سوقهم بى عند الحاكم، ويبيعونى بيعا بالدراهم، فيجب عليك أن تخلصنى كما أوقعتنى، وتسهل سبيلى بالعودة إلى الحجاز، فإنى راض من الغنيمة بالإياب، ومتى لم تفعل، اضطررت إلى أن أركب فرسى، وأركب التغرير فى طلب النجاة، فشجعه وثبته، وأخذ يفكر فى خلاصه، وطال الأمر على أبى الفتوح، فركب دابته إلى المفرج والد حسان سرّا، وقال له: إنى فارقت نعمتى وكاشفت الحاكم، وذلك لركونى إلى ذمامكم، وسكونى إلى مقامكم، ولى فى عنقك مواثيق، وأنت أحق من وفّى، لمكانك من قومك ورئاستهم، وإن خير ما ورّثه الإنسان ولده، ما يكون له به الحمد والشكر وحسن الذكر، وأرى حسانا ولدك قد أصلح نفسه مع الحاكم، وأتبعه أكثر أصحابه، وأنا خائف من غدره بى، وما أريد إلا العود إلى الوطن، فوعده المفرج بالسلامة، وركب معه وسيره إلى وادى القرى (1)، فتلقاه أصحابه. [ ... ] (2).

_ 983 ـ (1) وادى القرى: واد بين الشام والمدينة وهو بين تيماء وخيبر. انظر: معجم البلدان (القرى). (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

وذكر صاحب الدول المنقطعة هذه القضية، وفيها مخالفة لما سبق ذكره مع زيادة فوائد. وقد رأيت أن أذكر كلامه لذلك. ذكر أن الوزير أبا القاسم بن المغربى بعد قتل الحاكم لأبيه، سار إلى الرملة، واجتمع ببنى الجراح الطائى، ثم سار إلى مكة، واجتمع بأبى الفتوح، وأفسد نيته على الحاكم وحرضه على طلب الخلافة، فأظهر ذلك، وبايعه أهل الحرمين، وفارقه الوزير من مكة وسار إلى الرملة، فاجتمع بمفرج بن دغفل بن الجراح الطائى، وبنيه حسان ومحمود وعلى، وبايعهم لأبى الفتوح. ولما تقرر ذلك، طلع على المنبر يوم الجمعة وخطب الناس، فقال أول ما استفتح به فى تحريض الناس على خلع الحاكم، أن قرأ وهو يشير إليهم: (طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ). ولما فرغ من أخذ البيعة على آل الجراح، عاد إلى مكة وحمل أبو الفتوح على المسير معه إلى الرملة، فسار فيمن معه من الأعراب، فتلقاه مفرج وأولاده، وترجلوا له وقبلوا الأرض، ومشوا فى ركابه. ودخل الرملة وتغلب على أكثر بلاد الشام، فبعث الحاكم إليهم جيوشه، مع مملوك أبيه ياروخ تكين، فحمل الوزير أبو القاسم حسان بن المفرج على أن اعترضه عند فجّ داروم (3)، وواقعه وأسره ونقله إلى الرملة أسيرا وانتهبه، وسمع غناء جواريه وحظاياه وهو مقيد معه فى مجلسه، وارتكب منه فواحش عظيمة، ثم قتله صبرا بين يديه، وبقى الشام أكلة لبنى الجراح، ولم يمكن الحاكم أخذهم إلا بالملاطفة، فسير إلى حسان يلاطفه بما يبذله على أن يخذل أبا الفتوح، وترددت الرسل حتى تقرر أنه يدفع إليه خمسين ألف دينار عينا، ولكل واحد من إخوته كذلك، سوى هدايا وثيابا وحظايا، تهدى إليه وإلى إخوته، وسير جميع ذلك إليهم، فمالوا عن أبى الفتوح، ودخلوا فى طاعة الحاكم، ولما أحس أبو الفتوح بذلك، ركب بنفسه إلى الوزير أبى القاسم، وقال له: أنت أوقعتنى فخلصنى، فركب معه إلى مفرج وأخبراه بخبر أولاده، فقال لهما: وما تريدان منى؟ قال له العلوى، وهو أبو الفتوح: إن لى عليك حقا، وأريد أن تجاوبنى

_ (3) الداروم: نزل بنو حام الجنوب والدبور ويقال لتلك الناحية الداروم. وهى أيضا قلعة بعد غزة للقاصد إلى مصر. انظر: معجم البلدان (الداروم).

عليه، بأن تبعث معى من يوصلنى إلى مكة، ولا تحوجنى إلى أن أركب فرسا أملس وأهرب بنفسى، فتخطفنى العرب. فضمن له مفرّج ذلك، وبعث معه جماعة من طيئ، ولم يزالوا معه حتى بلغ مكة. انتهى. وفى هذا الخبر مخالفة للخبر الأول من أوجه. وذكر الذهبى هذا الخبر، وفيما ذكره فوائد ليست فى غيره فيما سبق، مع مخالفة فى بعض ذلك. وقد رأيت أن أذكر كلامه لما فى ذلك من الفائدة. قال فى أخبار سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة: وكان أمير مكة الحسن بن جعفر، أبو الفتوح العلوى، فاتفق أن أبا القاسم المغربى حصل عند حسان بن المفرج الطائى، فحمله على مباينة الحاكم صاحب مصر. وقال له: لا مغمز فى نسب أبى الفتوح، والصواب أن تنصبه إماما، فوافقه، فمضى أبو القاسم إلى مكة، فأطمع صاحبها أبا الفتوح بالخلافة، وسهل عليه الأمر، فأصغى لقوله وبايعه شيوخ الحسنيين، وحسّن له أبو القاسم أخذ ما على الكعبة من فضة، وضربه دراهم، واتفق موت رجل بجدة معه أموال عظيمة وودائع، فأوصى منها بمائة ألف لأبى الفتوح، ليصون بها تركته والودائع، فاستولى أبو الفتوح على ذلك كله، فخطب لنفسه وتسمى بالراشد بالله، وسار لا حقا بآل الجراح. فلما قرب من الرملة، تلقته الأعراب، وقبلوا له الأرض وسلموا عليه بالخلافة. وكان متقلدا سيفا، وزعم أنه ذو الفقار، وفى يده قضيب ذكر أنه قضيب رسول اللهصلى الله عليه وسلم، ومعه جماعة من بنى عمه، وبين يديه ألف عبد أسود. فنزل الرملة ونادى بإقامة العدل والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، فانزعج لذلك صاحب مصر، وكتب إلى آل حسان الطائى متلطفا، وبذل لهم أموالا جزيلة، وكتب إلى ابن عم أبى الفتوح فولاه الحرمين، وأنفذ لشيوخ بنى حسان أموالا، فقيل إنه بعث إلى حسان خمسين ألف دينار، وأهدى إليه جارية جهزها بمال عظيم، فأذعن للطاعة. وعرف أبو الفتوح الحال، وضعف وركب إلى المفرج الطائى مستجيرا به، فأجاره وكتب فيه إلى الحاكم، فرده إلى مكة. انتهى. وكلام الذهبى يقتضى أن هذه الحادثة فى سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، وهو وهم؛ لأن الحاكم لم يكن إذ ذاك خليفة، وإنما كان الخليفة بمصر أبوه العزيز. وبعده ولى الخلافة فى سنة ست وثمانين وثلاثمائة. وقد ذكر سبط ابن الجوزى فى «المرآة»، وغيره من المؤرخين، أنها فى سنة إحدى وأربعمائة، وعليه يدل كلام ابن أبى منصور فى كتابه «الدول المنقطعة».

ورأيت فى تاريخ شيخنا ابن الفرات: أن عصيان أبى الفتوح على الحاكم كان فى سنة اثنتين وأربعمائة، وأن فيها قتل الحاكم أحمد بن أبى العلاء، مولى أبى الفتوح أمير مكة؛ لأنه كان يستوشى أخباره وينقلها إلى مولاه. وكان مولاه أقامه لذلك، وأقر عليه بذلك عطار. وذكر بيبرس الدوادار فى تاريخه: أن عصيان أبى الفتوح للحاكم، كان فى سنة خمس وأربعمائة. وذكر النويرى فى تاريخه، ما يقتضى أنها فى سنة ثلاث وأربعمائة؛ لأنه ذكر أن أبا الفتوح لما بلغه استمالة الحاكم صاحب مصر لآل الجراح عنه، قال لهم: إن أخى قد خرج فى مكة، وأخاف أن يستأصل ملكى، فأعادوه إلى مكة فى شهر ربيع الأول سنة ثلاث وأربعمائة. وذكر شيخنا ابن خلدون فى تاريخه: أن آل الجراح، قبضوا على أبى الفتوح وأسلموه إلى الحاكم، وأنه راجع الطاعة فعفى عنه. وما ذكره من أن آل الجراح أسلموا أبا الفتوح للحاكم، غريب لم أره لغيره. وذكر أن أبا الفتوح سار إلى المدينة النبوية وأزال عنها إمرة بنى مهنّا. وذلك سنة تسعين وثلاثمائة بأمر الحاكم، ثم رجع إلى مكة وقد عظم شأنه. وذكر أن القادر العباسى، أرسل إلى أبى الفتوح يأمره بالطاعة له، ويعده ببقاء الإمرة فيه وفى ذريته. فأرسل كتبه إلى الحاكم بن العزيز بن المعز صاحب مصر، فأرسل إليه بالمال والخلع. فقسم ذلك فى قومه. وذكر ابن الجزرى فى تاريخه، حكاية اتفقت لأبى الفتوح صاحب مكة بالمدينة، نقلها عن تاريخ ابن النجار البغدادى. وقد رأيت أن أذكرها لغرابتها: أنبئت عمن أنبأه الحافظ ابن النجار، قال: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن المبارك المغربى، عن أبى المعالى صالح بن شافع الجيلى، قال: أنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن محمد المعلم، قال: أنبأنا أبو القاسم عبد الحكيم بن محمد المقرى الزاهد، قال: أشار بعض الزنادقة على الحاكم العبيدى بنبش قبر النبى صلى الله عليه وسلم وصاحبيه وحملهم إلى مصر، وقال له: متى تم هذا الأمر، شد الناس رحالهم من أقطار الأرض إلى مصر، فكانت منقبة يعود

جمالها على مصر وساكنيها، فدخل ذلك عقل الحاكم، فنفذ إلى أبى الفتوح يأمره بذلك. فسار أبو الفتوح حتى قدم المدينة، وحضر إليه جماعة من أهلها؛ لأنه كان بلغهم ما قدم بسببه، وكان حضر معهم قارئ يعرف بالركيانى. فقرأ بين يدى أبى الفتوح: (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ. أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. قاتِلُوهُمْ)، قال: فماج الناس وكادوا أن يقتلوا أبا الفتوح ومن معه من الأجناد، وما منعهم إلا أن البلاد كانت للحاكم. فلما رأى أبو الفتوح ما الناس عليه، قال لهم: الله أحق أن يخشى، والله لا أتعرض لشيء من ذلك، ودع الحاكم يفعل فىّ ما أراد، ثم استولى عليه ضيق الصدر وتقسيم الفكر كيف أجاب، فما غابت الشمس فى بقية ذلك اليوم، حتى أرسل الله تعالى من الريح ما كادت الأرض تزلزل منه، وتدحرجت الإبل بأقتابها والخيل بسروجها، كما تدحرج الكرة على وجه الأرض، وهلك خلق كثيرون من الناس، وانفرج همّ أبى الفتوح لما أرسل الله تعالى تلك الرياح التى شاع ذكرها فى الآفاق، لتكون له حجة عند الحاكم من الامتناع من نبش القبور الكريمة. انتهى. وذكر أبو عبيد البكرى: أن الحاكم أنفذ إلى أبى الفتوح هذا أيضا، سجلا تنقص فيه بعض الصحابة رضى الله عنهم. وجرح به بعض أزواج النبى صلى الله عليه وسلم، فأنفذه الأمير ـ يعنى أبا الفتوح ـ إلى القاضى الموسوى، أظنه إبراهيم بن إسماعيل السابق، وهو قاضى مكة وما والاها، وأمره بقراءته على الناس، فغضب لذلك المجاورون من القاطنين وغيرهم من قبائل العرب. فلما بلغ ذلك القاضى، أرجأ الخروج وتباطأ، وذلك فى سنة خمس وتسعين وثلاثمائة. واتفق بمكة فى ولاية أبى الفتوح عليها قضية أخرى عجيبة، ذكرها جماعة من المؤرخين منهم الذهبى، قال فى أخبار سنة ثلاث عشرة وأربعمائة: فيها عمد بعض المصريين إلى الحجر الأسود، فضربه بدبوس كسر منه قطعا، فقتله الحاج، وثار أهل مكة بالمصريين، فنهبوهم وقتلوا منهم جماعة، ثم ركب أبو الفتوح الحسن بن جعفر، فأطفأ الفتنة وردهم عن المصريين. وهذه الحادثة مذكورة بأكثر من هذا فى كتابنا شفاء الغرام ومختصراته، فأغنى عن ذكر هاهنا.

984 ـ الحسن بن داود بن محمد بن المنكدر بن عبد الله بن ربيعة بن الهدير بن المنكدر التيمى المدنى

وذكر أبو عبيد البكرى، فى كتاب «المسالك والممالك» أن أبا الفتوح هذا، فى سنة اثنتى عشرة وأربعمائة، حشد قبائل العرب وحارب رجلا من بنى حرام، استولى على مدينة حلى، خالف صاحب اليمن، ودعا إلى نفسه، فأخذها أبو الفتوح منه وغلب الحرامى. انتهى. وكانت وفاة أبى الفتوح هذا فى سنة ثلاثين وأربعمائة، على ما ذكر ابن الأثير. 984 ـ الحسن بن داود بن محمد بن المنكدر بن عبد الله بن ربيعة بن الهدير بن المنكدر التّيمى المدنى: روى عن محمد بن إسحاق بن أبى فديك، والمعتمر بن سليمان التيمى، وعبد الرزاق ابن همام وغيرهم. روى عنه النسائى وابن ماجة، وابن صاعد، ومحمد بن هارون الحضرمى، وغيرهم. قال البخارى: يتكلمون فيه. وذكر أنه مات سنة تسع وأربعين ومائتين. وقال صاحب الكمال: مات بمكة. وحديثه فى أهل الحجاز. وقال ابن عدى: أرجو أنه لا بأس به. 985 ـ الحسن بن سيف بن الحسن بن على الشهراباى: روى عن زاهر بن طاهر الشحامى. وكان من شهود قاضى القضاة على بن أحمد الدامغانى. حج سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، وجاور بمكة حتى مات بها ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. ذكره القطيعى فى تاريخ بغداد. وقد سمع منه بمكة ابن أبى الصّيف. 986 ـ الحسن بن صالح، أبو على الحداد: شيخ كان بمكة، وثقه على البغوى، وحدث عنه وكيع. وروى عن عبد العزيز بن عبد الرحمن الدبّاس المكى، شيخ الحاكم.

_ 984 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 1228، الجرح والتعديل الترجمة 39، المعجم المشتمل لابن عساكر الترجمة 245، الكاشف 1/ 221، ميزان الاعتدال 1/ 486 ـ 487، رقم (1841)، المغنى الترجمة 1397، ديوان الضعفاء الترجمة 897، تهذيب ابن حجر 2/ 274 ـ 275، خلاصة الخزرجى الترجمة 1440). 986 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 1/ 499).

987 ـ حسن بن عبد الله بن عامر المقرئ المكى، يكنى بأبى على

ذكره الذهبى فى الميزان، وقال: تأخر (1). 987 ـ حسن بن عبد الله بن عامر المقرئ المكى، يكنى بأبى على: قال ابن بشكوال فى الجزء العاشر من «برنامجه»: كتب إلينا بإجازة ما رواه بخطه، من مكة فى ذى القعدة سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة. انتهى. وجدت هذه الترجمة بخط بعض أصحابنا الحفّاظ، ولعله الذى بعده. فإنى أظن أن «عامر» تصحف بعمر، والله أعلم. 988 ـ الحسن بن عبد الله بن عمر بن على بن خلف القيروانى، أبو علىّ بن أبى محمد المكى، المعروف بابن العرجاء المقرئ الفقيه: ذكر السّلفىّ فى «معجم السّفر» له، أنه قرأ على أبيه، وتفقه على مذهب الشافعى. وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالحرم الشريف، وكان يفتى ويسمع الحديث على إسماعيل الشاوى وطريف الحيرى، وأبى محمد بن غزال وغيرهم، قال: وكتب عن أبى الأصبغ الأندلسى عنّى. انتهى. وذكره الذهبى فى طبقات القراء، وقال: الإمام أبو على القيروانى، قرأ على والده تلميذ أبى معشر، وأجاز له أبو معشر، وقد قيل: إنه قرأ على أبى معشر نفسه، وذلك خطأ. طال عمره وقصده القراء. ثم قال: عاش أبو علىّ إلى حدود الأربعين وخمسمائة، وقيل: عاش إلى سنة سبع وأربعين وخمسمائة. قلت: جزم بوفاته سنة سبع وأربعين القطب الحلبى، كما وجدته بخطه، قال: وقيل سنة ثمان وأربعين. انتهى. والصواب سنة سبع وأربعين؛ لأنى وجدت فى حجر قبره بالمعلاة، أنه توفى يوم الأحد ثامن من شهر رمضان سنة سبع وأربعين وخمسمائة، وترجم فيه: بالفقيه الإمام العالم مفتى الحرمين ومقرئهما. 989 ـ الحسن بن عبد الله بن محمد بن عبد الله الهاشمى المكى، المعروف بابن فهد: سمع مع أخيه القاضى جمال الدين بن فهد، على يحيى بن محمد الطبرى، ومن الفخر التّوزرىّ وغيرهم. وأجاز له معه جماعة من شيوخ الشام وغيرها، وما علمته حدث.

_ (1) نص ما ورد فى الميزان: «شيخ بمكة وثقه على البغوى بأخرة. وحدث عن وكيع. وروى عنه عبد العزيز بن عبد الرحمن الدباس المكى شيخ للحاكم». 988 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات القراء للجزرى 1/ 217).

990 ـ الحسن بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن صالح التيمى المطاميرى المكى

وبلغنى أنه كان يتجر لأخيه جمال الدين، ويسافر إلى اليمن، ومات بعد الأربعين وسبعمائة. 990 ـ الحسن بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن صالح التيمى المطاميرىّ المكى: حدث بمكة عن أبى القاسم عبيد الله بن أحمد السّقطىّ. سمع منه أبو الفتيان عمر بن عبد الكريم الرّواشىّ (1) الحافظ، وتوفى فى جمادى الآخرة سنة ثلاث وستين وأربعمائة. ذكره هكذا ابن الأثير فى مختصره لأنساب ابن السمعانى، وقال: المطاميرى: بفتح الميم والطاء وسكون الألف وكسر الميم الثانية وسكون الياء آخر الحروف، وفى آخرها راء، هذه النسبة إلى المطامير، وهى ضيعة بحلوان العراق. وينسب إليها جماعة. انتهى. 991 ـ الحسن بن عبد الله المنبجىّ: سمع بمكة من جماعة، منهم أبو محمد عبد الله بن موسى الزّواوىّ، بعض الأحاديث السّباعيّات والثّمانيات، من حديث مؤنسة خاتون بنت الملك العادل، بالحرم الشريف، فى سنة ثلاثين وسبعمائة، بقراءة محمد بن عبد الواحد الزردالى، والسماع بخط القارئ. وذكر أنه جاور بمكة نحوا من خمس وثلاثين سنة. وأن منبج بلد من ديار بكر، بين الشام والعراق. 992 ـ الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن العباس بن جعفر بن الخليفة أبى جعفر المنصور العباسى، أبو على المكى الشافعى الحنّاط (بالنون) لبيع الحنطة: سمع من أحمد بن إبراهيم بن فراس العبقسىّ المكى العطار: نسخة إسماعيل بن جعفر، ومن أبى القاسم عبيد الله بن أحمد السّقطىّ: جزء ابن عرفة. وحدّث بهما. رواهما عنه الشريف أبو جعفر أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسى المكى النقيب. وروى عنه أبو المظفر بن السمعانى، وعبد المنعم بن القشيرى، ومحمد بن طاهر، وجماعة من حجّاج المغاربة وغيرهم. وكان أسند من بقى فى الحجاز.

_ 990 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الأنساب 3/ 148). (1) فى تهذيب الأنساب «الرواسى». 992 ـ انظر ترجمته فى: (انظر شذرات الذهب فى أخبار من ذهب 5/ 311).

993 ـ الحسن بن عبد الأحد بن عبد الرحمن بن محمد الرسعنى، المؤدب، بدر الدين الحنبلى

توفى فى ذى القعدة سنة أربع وسبعين وأربعمائة. وثقه ابن السمعانى فى الأنساب. وسأل شيخه إسماعيل بن محمد الحافظ عنه، فقال: عدل ثقة كبير. انتهى. قرأت على فاطمة وعائشة بنتى محمد بن عبد الهادى بالسفح، أن أبا الحجار أخبرهما عن أبى الحسن المؤرخ، قال: أنا أبو جعفر النقيب، قال: أنا أبو على الشافعى، قال: أخبرنا ابن فراس، قال: نا محمد بن إبراهيم الدّيبلىّ [ ..... ] (1). 993 ـ الحسن بن عبد الأحد بن عبد الرحمن بن محمد الرّسعنىّ، المؤدّب، بدر الدين الحنبلى: نزيل مكة. سمع بالإسكندرية على بهاء الدين عبد الله بن أبى بكر الدّمامينى المخزومى، منتقى من مشيخة محمد بن عبد السلام الإسكندرى، المعروف بابن المقدسيّة، وحدث به. سمع منه أصحابنا المحدّثون. وتوفى سنة ست وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة فى ربيع الآخر، أو آخر ربيع الأول. وقد جاور بمكة سنين كثيرة، وأدّب بها الأطفال بالمسجد الحرام. وكان متعبّدا خيرا ساكنا. 994 ـ الحسن بن عتبة بن إبراهيم بن أبى خداش بن عتبة بن أبى لهب عبد العزّى بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى الهاشمى المكى: ذكر الزبير بن بكار: أن حماد البربرى، رفعه ورفع أخاه حمزة فى نفر، رفعهم من مكة إلى الرشيد، ذكر أنهم يتشيعون فى آل أبى طالب، فأدخلوا على الرشيد. فعاتب حمزة على ما نسب إليه من التشيع، فأنكر وأجاب بجواب أعجب الرشيد، يأتى إن شاء الله فى ترجمة حمزة، فخلى عنه وعن أخيه حسن، وأثبتهما فى صحابته. 995 ـ حسن بن عجلان بن رميثة بن أبى نمى بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى المكى، يلقب بدر الدين: أمير مكة ونائب السلطنة بالأقطار الحجازية. ولى إمرة مكة من غير شريك، أحد

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 993 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 3/ 102). 994 ـ انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 2/ 251). 995 ـ انظر ترجمته فى: (الأعلام 2/ 198).

عشرة سنة وتسعة أشهر وأياما يسيرة، وهى ستة أيام، ووليها سنة وسبعة أشهر، بتقديم السين، شريكا لابنه السيد بركات، وهو الساعى له فى ذلك، وولى نيابة السلطنة سبع سنين إلا شهرا وأياما، وولى ابنه السيد أحمد عوضه نصف الإمرة الذى كان بيده، قبل أن يلى نيابة السلطنة. وما ذكرناه فى مدة ولايته لإمرة مكة، مستقلا وشريكا لولده بركات، هو باعتبار تاريخ الولاية بمصر، لا باعتبار وصول الخبر بذلك إلى مكة. وكذلك ما ذكرناه فى مدة ولايته لنيابة السلطنة، هو باعتبار تاريخ الولاية والعزل، لا باعتبار بلوغ الخبر بهما إلى مكة فتكون ولايته على مكة أميرا ونائبا للسلطنة، عشرين سنة وثلاثة أشهر إلا أربعة أيام. وربما زاد ذلك أياما قليلة وبعض أيام قليلة. وسنوضح ذلك أكثر من هذا وغيره من خبره. وذلك أنه ولد فى سنة خمس وسبعين وسبعمائة تقريبا، ونشأ فى كفالة أخيه أحمد مع أخيه على بن عجلان أمير مكة الآتى ذكره، حتى مات أحمد. ويقال: إن أحمد استولى على ذهب جيد تركه عجلان لابنيه حسن وعلى، ولأخ لهما شقيق لعلى، ولاءم المذكوران كبيشا بعد قتل محمد بن أحمد بن عجلان، ثم سافر حسن بعد الحج من سنة تسع وثمانين وسبعمائة إلى مصر، لتأييد أمر أخيه علىّ فى إمرة مكة، فإنه ولى إمرتها فى أثناء سنة تسع وثمانين وسبعمائة، عوض عنان، وما تمكن من دخولها، ثم ولى نصف إمرتها شريكا لعنان بعد أن حضر إلى السلطان بمصر فى النصف الأخير من رمضان من هذه السنة. ووصل مع الحاج فى هذه السنة، ودخل مكة فى أول ذى الحجة بعد مفارقة عنان وأصحابه مكة، وعاد حسن إلى مكة، ومعه جماعة من التّرك، لتأييد أخيه علىّ، ثم حصل بين مقدمهم وبين حسن منافرة بالمروة. فقال المقدم ـ وأنا أسمع ـ لحسن: أنت صغير، فسمعت حسنا يقول له: إن كنت عندك صغيرا، فأنا عند الله كبير. فاستدللت بذلك على تيقظه. وكان وصوله بهذا العسكر فى ربيع الآخر أو جمادى الأولى من سنة تسعين وسبعمائة. وكان ملائما لأخيه علىّ فى غالب مدة ولايته، وأخوه مكرم له، وما ظهر بينهما منافرة فاحشة، إلا فى وقتين، بان فيهما حسن عن علىّ، وغزا فى كلا الوقتين أخاه بمكة، فدخلها فى المرة الأولى هجما فى جماعة من أصحابه، وخرجوا منها من فورهم، وقتل بعضهم شخصا يقال له بحر. وذلك فى أول سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، والغزوة الأخرى فى سنة سبع وتسعين وسبعمائة، فى جمادى الآخرة منها.

وأقام بمن معه من الأشراف وغيرهم فى الزّاهر أياما، ثم رحلوا بغير قصد؛ لأن بعض أصحاب علىّ أمر بعض أصحاب حسن بالرحيل، فرحل وتلاه الباقون. وسافر حسن بعد ذلك إلى مصر راجيا لإمرة مكة. فحضر عند الملك الظاهر صاحب مصر بالقلعة غير مرة، ثم اعتقل بقلعة الجبل فى شهر رمضان من السنة المذكورة. ووصل كتاب السلطان إلى علىّ يخبره بذلك، ويأمره فيه بالعدل مع خلعة، فلبسها وقرأ الكتاب بالمسجد الحرام، فى سلخ رمضان، وبعد جمعة استشهد علىّ، وذلك فى سابع شوال من السنة المذكورة. وبلغ قتله السلطان فى تاسع ذى القعدة من السنة المذكورة، فأطلق حسنا، وولّاه عوض أخيه إمرة مكة، وجعل إلى الأمير يلبغا السالمى تقليد حسن للإمرة. وكان يظن أنه يدرك الحج. فما قدر ذلك. ووصل الخبر بولايته إلى مكة، فى أثناء العشر الأخير من ذى القعدة. وقام بخدمة الحاج، أخوه محمد بن عجلان. وكان بالبلد من حين قتل علىّ. ووقع فى هذا الموسم فتنة فى يوم التروية، نهبت فيها للحاج أموال كثيرة، وطمع الحرامية فى الحجاج، فنهبوهم بطريق عرفة. وكان معظم النّهب بالمأزمين، مأزمى عرفة، ويسميها أهل مكة المضيق، ورحل الحاج أجمع فى هذه السنة، يوم النفر الأول، وما توجه السيد حسن من مصر إلا بعد وصول الحاج إليها بأيام نحو نصف شهر، وتوجه معه بجماعة من الترك، قيل إنهم مائة وثلاثون، وقيل سبعون، ومعه من الخيل تسعون ـ بتقديم التاء ـ وغير ذلك مما يحتاج إليه ويتجمّل به. ولما انتهى إلى ينبع طالب أميرها وبير بن مخبار، بما أنعم به عليه السلطان عنده؛ لأن السلطان كان بعث قمحا للبيع إلى ينبع، فاستولى عليه وبير، ثم أنعم به السلطان على السيد حسن. فتوقف وبير فى تسليم ذلك إليه، فأمر حسن غلمانه بلبس السلاح والتهيؤ للقتال. فلما عرف ذلك وبير أرضاه بخمسة وثلاثين ألف درهم، ورحل عنه حسن إلى مكة، وأمر أخاه محمد وأصحابه بلقائه، فاجتمعوا قريبا من ثنيّة عسفان أو السويق. وكان الأشراف لما سمعوا بإقبال حسن إلى مكة، وخروج محمد ومن معه منها للقائه، رحلوا من عسفان إلى غران إلى شق طريق الماشى، فطلب حسن الأشراف يوما وليلة، فلم يلحقهم لارتفاعهم فى الحرار، وأمر علىّ بن كبيش، أن يخرج من مكة بجماعة من أهلها إلى خيف بنى شديد، ليقطعوا بها نخيلا للأشراف، ففعل ذلك، ثم أشير عليه بالإعراض عن ذلك، فترك وانتهى إلى بئر شميس وأقام بها عشرا، ثم دخل مكة فى يوم

السبت الرابع والعشرين من ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين وسبعمائة، فلبس الخلعة، وقرئ عهده بالولاية وطاف بالبيت، وأقام بها إلى أثناء ليلة الأحد. وخرج ومن معه إلى بئر شميس، ثم انتقل منها فى النصف الثانى من جمادى الآخرة من السنة المذكورة، إلى العدّ، وكان الأشراف قد أقاموا به نحو خمسة وعشرين يوما بمعاونة الحميضات، ثم رحلوا منه إلى جهة اليمن، وأمر فى النصف الثانى من رجب بقطع نخيل الفائجة والبريقة بخيف بنى شديد، وكلاهما لبعض الأشراف. وكانوا قد اجتمعوا بدريب بن أحمد بن عيسى صاحب حلى، وخوّفهم من حسن فى مرورهم عليه إلى وادى مرّ. فذكروا له أنه لا قدرة له عليهم. ووقع كلامه فى قلوبهم؛ لأنهم لما قربوا من الموضع الذى حسن فيه مقيم، أرسلوا يطلبون الجيرة من بعض أصحابه فى حال مرورهم، وأوهموا رسولهم أنهم لا يمرون حتى يعود عليهم بالخبر، وقصدوا بذلك أن يتثّبط عنهم أصحاب حسن. فلما كان الليل، مروا وأصحاب حسن لا يشعرون حتى انتهوا إلى الوادى. وتأثر لذلك حسن وأصحابه، وتحركوا للأخذ بثأر علىّ بن عجلان. وكان محمد بن محمود ممن انتصب لذلك لحسن سياسته. فتكلم مع القواد فى ذلك فأجابوه لما طلب، لظنهم أنه لا يتم ذلك على عادة بنى حسن فى التثبط عن القتال بالجيرة فى كل يوم، فيمل الطالب للقتال ويصالح المطلوب، فجاء القدر بخلاف ذلك؛ لأن الفريقين لما التقيا، وبادر الأشراف إلى الحرب، لاستخفافهم بالقواد. وكانوا عرفوا بمكان القواد العمرة، فحملوا عليهم حملة منكرة، زالت بها القواد عن أماكنهم، وكادوا ينهزمون، فعطف الحميضات والسيد حسن، وكان فى القلب، ومن جمع لهذا الحرب، على الأشراف فانكسروا، وقتل من سراة الأشراف سبعة، ومن أتباعهم نحو ثلاثين، وما قتل من أصحاب حسن فيما قيل غير مملوك وعبد. وكان معه ألف رجل ومائتا رجل من الترك والعبيد والمولدين، وأهل مكة والأعراب، وأجار على حلّة الأشراف من النهب فسلمت، وقصدوا جهة الهدة، وأقام بالجديد، حتى أتى الموسم. واستفحل أمره بعد هذه الوقعة. وكانت بمكان يقال له الزّبارة، بوادى مر، قريبا من أبى عروة، فى الرابع والعشرين من شوال من السنة المذكورة. وقيل فى هذا التاريخ فى شهر رمضان، وما أتى إلى جدة فى هذه السنة من تجار اليمن غير قليل، ومضى أكثرهم إلى ينبع.

وكان مقدمهم القاضى وجيه الدين عبد الرحمن بن القاضى نور الدين على بن يحيى ابن جميع؛ لأنهم أتوا إلى جدة أيام الحرب المذكور، فعدلوا عنها إلى ينبع. ولما عادوا منها فى سنة تسع وتسعين وسبعمائة، تعرض لهم السيد حسن، لأخذ الجبا منهم، فراضوه فى ذلك بعد أن أسقط عنهم الثلث منه، وذبح بعض غلمانه رجلا يقال له محمد بن جمّاز، ويعرف بابن أبى داعس، من غلمان الأشراف، لتحسينه لابن جميع المرور على جدّة. والذى حمله على ذلك، أن نفسه لم تطب بأن يحصل لحسن نفع من التجار. وكان جماعة من التجار واصلين من اليمن لقصد ينبع. فلما سمعوا بذبح المذكور، وبإسقاط حسن لثلث الجبا عمّن تقدم، دخلوا إلى جدة، وعنى حسن بحفظ الواصلين إليه من اليمن فى توجههم إلى مكة، وفى عودهم منها إلى جدة، فعادوا حامدين له، ونال منهم نفعا جيدا تجمّل به حاله. وما زال يزداد جمالا فى حاله، وهيبته تعظم فى القلوب؛ لأن صاحب مصر بعث إليه بخلعتين فى هذه السنة، وذهب، لشكره له على قتل أعدائه. ووصل ذلك إليه على طريق سواكن (1)، لخوف قصّاده من صاحب ينبع. وكان وصول ذلك إليه فى آخر جمادى الآخرة من سنة تسع وتسعين وسبعمائة. وفيها قبل ذلك فى ربيع الآخر، غزا بعض بنى شعبة، فأخذ منهم ثلاثمائة بعير وغير ذلك. وفيها أخرج الأشراف من جدة، وكانوا نزلوها فى شهر رجب بمعونة القواد والحميضات، لغضبهم على حسن، واستمالهم بالإحسان، حتى ساعده على إخراجهم من جدة وتبعهم إلى عسفان، فهربوا إلى خليص، فتبعهم فهربوا أيضا، فرجع عنهم وتوصلوا بغير حريم إلى الخيف، فأجارهم بعض القواد إلى انقضاء السنة، وسكنوا الخيف وما جسروا على فعل ما يخالف هواه، إلى ذى القعدة من السنة المذكورة، وفيها قصدوا نخلة، وتكلموا مع أهلها فى أن يمكنوهم من إنزال أهلهم بنخلة. وكان الذى حركهم على ذلك الطمع فى التجار الواصلين إلى جدة فى هذه السنة. وكان الواصل منهم كثيرا فى هذه السنة. وبلغ الشريف خبرهم، فأشار إلى هذيل بأن لا يجيبوا الأشراف لقصدهم، وأحسن لهذيل بشيء من المال، والتزم للأشراف بخمسين ألف

_ (1) سواكن: مدينة بقرب جزيرة عيذاب. انظر: الروض المعطار 332، تقويم البلدان 370، نخبة الدهر 151.

درهم، على أن لا يخالف عليهم ولا يخالفون عليه، إلى انقضاء السنة، وانقضاء شهر المحرم بعدها، وضمن عليه وعليهم جماعة من بنى حسن. وقدم التجار إلى مكة، وسافروا منها فى المحرم من سنة ثمانمائة فى قافلتين، كل قافلة أزيد من ألف جمل. وصحبهم السيد حسن فى مسيرهم إلى جدة، وحاطهم بالحراسة حتى ركبوا إلى بلادهم، وأعطى الأشراف ما التزم لهم به، وصالحهم فى ربيع الأول فيما أحسب، من سنة ثمانمائة إلى انقضاء سنة ثمانمائة، والتزم لهم على ذلك تسعين ألف درهم. فلما كان قبل يوم التروية بليلة أو ليلتين، توجه حسن بأمراء الحاج كلهم، وجماعة من الترك والمغاربة، إلى وادى مرّ، لقصد الأشراف بسبب سوء بلغه عنهم، فيما قيل، فانهزموا إلى الهدة، وما ظفروا إلا بأحمد بن فيّاض بن أبى سويد، فقتل. وعادوا إلى مكة. وفى آخر سنة ثمانمائة قبيل الموسم، كحل بعض غلمان ذوى عمر، لتنجيله بعض الجلاب قبل بلوغها ساحل جدة. وحصل من ذلك رعب فى قلوب بنى حسن، وما جسر أحد على أن ينجل قبل جدة، إلا فى الوقت الذى أذن فيه حسن، وهو هلال ذى الحجة، وما قرب منه بأيام يسيرة. وفى هذه السنة، حج من اليمن فى البر ناس كثير، مع محمل أنفذه الملك الأشرف صاحب اليمن، وعليهم أمير من جهته، وعضدهم محمد بن عجلان أخو حسن. وكان قدم اليمن فى هذه السنة، وناله برّ طائل من الأشراف، وأصاب الحجاج هؤلاء فى إقبالهم إلى مكة بالقرب منها، عطش عظيم هلك فيه فيما قيل ألف نفس، وتوجه المحمل ومن معه، وفى خدمته السيد محمد لليمن، فى ثانى عشرى ذى الحجة من السنة المذكورة. وكان قد انقطع المحمل من اليمن من سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة. وفى سنة إحدى وثمانمائة، تغير القواد الحميضات عليه، لطمعهم فيما حصله من الخيل والدروع، وما ظفروا منه بقصد؛ لأنه لما ظهر له ذلك منهم، وصل إليه فى جمادى الآخرة من السنة المذكورة ثلاثة نجابة. وأخبروا أن الأمير بيسق أمير الحاج فى سنة تسع وتسعين وسبعمائة، وصل إلى مكة فى جماعة من الترك، وأنه يتوجه فى سنة إحدى وثمانمائة. ووصل إليه مع النجّابة المخبرين بذلك، خلعتان من قبل السلطان، فلبسهما وقرئ كتاب السلطان بالمسجد الحرام، فتخوف الحميضات منه، ومن الترك الواصلين

إلى مكة. وسافروا إلى الشرق قبل وصول الخبر بدنوّ الترك من مكة بيوم. وذلك فى أول العشر الأخير من شعبان. وفى ثالث عشرى شعبان، وصل الأمير بيسق ومعه خمسون فرسا ومائة مملوك وغيرهم من الفقهاء وغيرهم لقصد العمرة والحج. وكان شميلة بن محمد بن حازم، أحد أعيان الأشراف، لاقى الأمير بالطريق. فخلع عليه وأعطاه دراهم، وحمل دقيق وحلوى، وأمره أن يأتيه بأصحابه، ليصلح بينهم وبين السيد حسن، فأجابه إلى ذلك، وبعد مفارقته له، قصد الأمير حلة الأشراف، وكانوا قريبا منه بأم الدّمن، فما وجد لهم أثرا، لفرارهم قبل وصول إلى حلّتهم. وكان السيد حسن، قد لقى الأمير بقاع بن غزى، ووصل إلى مكة بعد وصوله، وخلع عليه وعلى محمد بن محمود، وعلى بن كبيش، ومكن حسن أهل مكة من لبس السلاح. وكان الأمير قد منعهم من ذلك. ونقص سعر الذهب عما قرره الأمير فى قيمته، لشكوى الناس إليه ذلك. وكان منع من الدعاء لصاحب اليمن بعد المغرب على زمزم، فنهاه السيد حسن عن ذلك، ومكن من الدعاء لصاحب اليمن على العادة. وفى شهر رمضان من هذه السنة، غزا حسن عربا يقال لهم البقوم، فغنم منهم مائتى ناقة وبقرا وغنما. وعاد بذلك، وكان البقر والغنم قد وكل بحفظه إلى بعض غلمان ممن ليس فيه كبير قوة، فاستنقذ ذلك منهم المنهوبون، وقتلوا من غلمانه جار الله بن أبى سليمان، وتركيّا، وفاتتهم الإبل. وفى أول شوال منها، توجه إلى وادى الطائف؛ لأن الحمدة أهل الجبل حشموه فى جيرته أهل الطائف، وهو مكان مخصوص من وادى الطائف، فاسترضاه الحمدة بثمانين ألف درهم، وخلى عن جرمهم، ونال مثل ذلك من بنى موسى أهل ليّة (2)، وهو مكان مشهور بقرب وادى الطائف، واستدعى آل بنى النمر للحضور إليه فتوقفوا. فبذل له الحمدة أربعين ألفا على أن يسير معهم إلى آل بنى النمر، فسار معهم، وهدم حصن آل بنى النمر، وحصل فيه نهب كثير، وقتل بعضهم، وقتل من جماعته مملو كان، وعاد إلى مكة فى سادس شوال، ومعه أزيد من عشرين فرسا، فأهدى منها للأمير أربعا، ثم راح إلى الوادى. وفى ليلة ثانى عشر شوال، استدعى إليه من فى خدمة الأمير من الترك، ومن بمكة

_ (2) لية: موضع من نواحى الطائف. انظر معجم البلدان (لية).

من غلمانه من العبيد والمولّدين، فذهبوا إليه إلى الوادى، ومضوا معه إلى الخيف، فقطعوا فيه ثمر نخيل ذوى راجح، وقطعوا بالبرقة نخيلا لبنى أبى سويد، وقطعوا فى الروضة الخضراء، نخيلا للأشراف؛ لأنهم دخلوا على الحميضات بعد عودهم من الشرق. وحصل بينهم حميل، فأدّبهم السيد حسن بذلك ومضى الأشراف إلى ساية (3). فلما توجه الحاج من مكة فى سنة إحدى وثمانمائة، بلغ الشريف حسنا أن القوّاد وغيرهم، طمعوا فى أهل اليمن، فخرج فى صحبتهم إلى جدة، ومعه الأمير بيسق فى آخر ذى الحجة. وعاد إلى مكة بعد سفر اليمنة من جدة سالمين. وفى أول شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانمائة، توجه إلى الشرق، وأخذ من الطائف وليّة القطعة التى قررها عليهم، وعاد إلى مكة فى الخامس من ربيع الآخر، وفيها اصطلح هو والأشراف آل أبى نمىّ مدة سنة، وصاروا يدخلون مكة برفقة وبغير رفقة. وأظن ذلك اتفق بعد عوده من الشرق. والله أعلم. وفى آخر جمادى الأولى منها، وصل إليه خلعة من صاحب مصر، فلبسها. وفى هذه السنة حصل له من التجار الواصلين من اليمن، نفع أزيد من العادة بكثير، لكثرة من وصل منهم فى هذه السنة. وكانت مراكبهم تزيد على العشرة غير الجلاب، ووصلوا جدة فى آخر رمضان، ومكة فى شوال. وفى سنة ثلاث وثمانمائة فى ثانى صفر، توجه إلى المدينة النبوية زائرا لجده المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، على طريق الماشى، فى مائتى راحلة ومائة جمل وستين فرسا وثلاثمائة رجل، وعاد إلى مكة فى عاشر ربيع الأول. وفيها ندب إلى مصر القائد سعد الدين جبروه، بهدية ولشراء مماليك ترك وغير ذلك من مصالحه، فوصل إليه فى الموسم من هذه السنة بجماعة من الترك. وفيها فى ثانى شعبان توجه إلى الشرق، وأخذ من أهل الطائف وليّة القطعة التى قررها عليهم. وفيها وقف رباطه الذى أنشأ عمارته، وهو بالقرب من مدرسته، وما عرفت هذه المنقبة لغيره من أمراء مكة الأشراف.

_ (3) ساية: بعد الألف ياء مثناة من تحت مفتوحة وهاء، اسم وادى من حدود الحجاز. انظر: معجم البلدان (ساية).

وفى سنة أربع وثمانمائة فى صفر، توجّه إلى حلى؛ لأن كنانة استدعوه إليها عقيب فتنة، كانت بينهم وبين دريب بن أحمد بن عيسى صاحب حلى وجماعته. وفيه قتل دريب فى يوم عرفة من سنة ثلاث وثمانمائة. وكان الأشراف آل أبى نمىّ فى خدمته، ومن انضم إليه من زبيد. وكان فى خدمته حين توجه إلى حلى القوّاد العمرة والحميضات. وما مرّ فى طريقه بأحد فيه قوة إلا وأمره بالمسير فى خدمته بالظّعن. وكان قد سار إليها بذلك. ولما دنا من حلى، خضع له موسى بن أحمد بن عيسى أخو دريب. وكان قد قام مقام أخيه؛ لأنه كان شريكه فى حال حياته فى ولاية حلى، ولكن السمعة لدريب. فلاطف موسى حسنا، وأجاب إلى ما طلب حسن من الدروع والخيل والإبل وغير ذلك، وشرط على حسن أن لا ينزل الموضع المعروف بحلى، وأن يقصر دونه، فما تم له قصد؛ لأن حسنا نزل المكان المذكور، وأقام به أياما. وشق ذلك على بعض من كان فى خدمتة من القواد العمرة والحميضات، لالتزامهم لموسى عن حسن أنه لا يدخل حلى. وبلغنى أنه لما انتهى إلى حلى، عبّأ من معه فى عدة صفوف، وأن موسى أقبل إليه راجلا يشقّ الصفوف، وهى تفرج له، حتى انتهى إلى حسن وهو راكب. وعاد حسن بعد ذلك بأيام إلى مكة، فانتهى إلى موضع بالقرب منها يقال له الأطوى، فى شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة، ثم دخل مكة بعد أيام من وصوله إلى الأطوى، وخلع عليه الأمير بيسق يوم دخوله إلى مكة، واحتفل بلقائه؛ لأنه لما توجه لحلى استنابه فى الحكم بمكة، ثم نقم عليه حسن بعض أوامره بمكة؛ لأن بيسقا منع من الدعاء لصاحب اليمن على زمزم بعد المغرب. فأمر السيد حسن بالدعاء له. فأرسل مرسومين من صاحب مصر، فى أحدهما أن لا يمنع الدعاء بمكة لسلطان اليمن. وفى الآخر، أن ليس لأحد من الأمراء الواصلين من مصر، فى أوساط السنة على صاحب مكة السيد حسن يد ولا حكم، بل يعضدونه ويقوّون كلمته ويعلون شأنه، وإن لم يسمع الأمير، وخالف وطلبكم القتال قاتلوه. وقرئ هذان المرسومان خلف المقام بحضرة قاضى مكة عز الدين النويرى، وجماعة من أهل الحرم، فى سلخ جمادى الأولى أو مستهل جمادى الثانية. ولم يكن الأمير بيسق ـ إذ ذاك ـ بمكة؛ لأنه توجه من مكة بقصد مصر وقت العصر، من اليوم التاسع والعشرين من جمادى الأولى.

وفى الليلة التى تلى هذا اليوم بعد المغرب، كان وصول أمر السيد حسن إلى مكة بالدعاء لصاحب اليمن مع قاصد من جهته، ومعه المرسومان، ثم تنافرا بعد ذلك؛ لأن الأمير بيسق، كان كتب شفاعات لنفسه، وذكر فيها أنه أزال من مكة المنكر. فأخذ ذلك منه السيد حسن، وأخذ منه قفل باب الكعبة ومفتاحه. وكان الأمير بيسق لما أخذ ذلك، عمل قفلا ومفتاحا عوض ذلك، وركبه فى باب الكعبة، وقت العصر من اليوم الثانى والعشرين من جمادى الأولى، وأعيد القفل القديم إلى الكعبة، وكان أمر بسدّ الشبابيك التى بالجانب الغربى، فأذن حسن فى فتحها، وكان أمر بنقل السوق من المسعى إلى سوق اللّيل، فأمر حسن بإعادته إلى المسعى، وكان نقله إلى سوق الليل، فى أول ربيع الآخر، وعوده إلى المسعى فى عاشر جمادى الآخرة، واتفق أن عوده كان بحضوره؛ لأنه كان عاد إلى مكة فى ليلة رابع جمادى الآخرة، بعد أن بلغ كليّة (4)، ثم سافر منها فى ليلة الثامن والعشرين من جمادى الآخرة إلى مصر، وهو واجد على أهل مكة، وكانوا نقموا عليه إهانته لكثير منهم؛ لأنه رسم على القاضى الشافعى بمكة بغير موجب، وضرب بعض فقهاء الحرم وفرّاشيه وغيرهم من أهل مكة. ومما حمد عليه أمره لبوّابى المسجد الحرم، بملازمة أبوابه وتنظيف الطرقات من الأوساخ والقمائم، ونقل الكدى التى كانت بسوق الليل والمعلاة، وأن لا يحمل السلاح بمكة، وإخراج بنات الخطا والمخنّثين وغيرهم من أهل الفساد من مكة. وكان سبب إقامته بمكة، توليه لأمر عمارة المسجد الحرام؛ لأن فى آخر شوال سنة اثنتين وثمانمائة، احترق منه الجانب الغربى، وبعض الجانب الشمالى، فقدم المذكور إلى مكة فى موسم سنة ثلاث وثمانمائة، وأقام بها لأجل ذلك إلى التاريخ السابق. ووكّل بباقى العمارة جماعة من غلمانه. وقد أوضحنا فى كتابنا «شفاء الغرام» ومختصراته، خبر هذه العمارة وسببها أكثر من هذا. وفى أول رجب من هذه السنة، وصل بعض الأشراف آل أبى نمىّ، وهم شميلة بن محمد بن حازم، وعلى بن سويد، وابن أخيه، إلى حسن، وسألوه فى الصلح، فأجابهم إلى ذلك مدة سنة، ولم يذكر لهم أن القواد العمرة يدخلون معه فى الصلح، ولما سمع بذلك القواد العمرة، شق ذلك عليهم. فذكر لهم أنه لم يدخلهم معه فى الصلح، وإنما

_ (4) كلية: قرية بين مكة والمدينة. انظر: معجم البلدان (كلية).

صالحهم عن نفسه وجماعته، فرضوا منه بذلك، وغمّ بذلك الأشراف، فتجهزوا ورجعوا إلى أهلهم بحلى أو قربها. وفيها فى أول شعبان، وصل إليه موسى صاحب حلى، فأعطاه ألف مثقال وعشرة أفراس، وأظنه جاء إليه مستنصرا به على كنانة؛ لأنهم فى جمادى الأولى، دخلوا حلى بالسيف ونهبوها، وهرب هو إلى آل أبى نمىّ إلى الطالعى. وفيها فى صفر، حصل له خمسة وستون ألف مثقال وأزيد، فيما قيل، من القاضى شهاب الدين أحمد بن القاضى برهان الدين المحلّى، وجماعة من تجار الكارم؛ لأن المركب الذى كانوا فيه انصلح بقرب مكة، فأعطوه هذا المقدار، عوضا عن الربع الذى يأخذه ولاة البلاد، فيما ينصلح فى بلادهم من الجلاب. ولما بلغ ذلك القاضى برهان الدين المحلّى اشتد غضبه عليه، وسعى فى إرسال شخص من خواص السلطان بمصر، يطالبه بذلك، فوصل إليه فى آخر رجب، وبلغ رسالته، فاعتذر بتفرّق ذلك من يده. ووعد بالخلاص وماطل فيه. وفى ليلة رابع عشر شوال منها، وصل إليه نجّابه أحمد بن خليل الفراء، بخلعة وكتاب من صاحب مصر، فلبس الخلعة، وقرأ الكتاب بالمسجد الحرام، فى رابع عشر شوال. ومما فى الكتاب الوصية بالرعية، ولما دنا الموسم من السنة التى جرى فيها ذلك، تخوف حسن من لقائه الحاج المصرى، لكثرة من فيه من الترك، فإنهم كانوا نحو مائتى نفر فيما قيل. وكانت خيلهم قليلة، وما خرج إليهم إلا بجمع كثير جدا، فهالهم ذلك، وخلعوا عليه على العادة. ودخل مكة وخدم الحاج. وكان المحّلى قد غلب على ظنه، أن حسنا لا يعيد إليه شيئا من ذلك. فسعى فى إحضار عنان بن مغامس بن رميثة إلى مصر، فحضر إليها من الإسكندرية. وكان معتقلا بها، ونوّه له المحلّى بولاية مكة، فاخترمت المنيّة عنانا قبل ذلك. ووصل نعيه إلى مكة فى آخر ربيع الآخر من سنة خمس وثمانمائة، وكانت وفاته فى أول الشهر الذى قبله. وفى خامس عشر جمادى الآخرة سنة خمس وثمانمائة، وصل من مصر خلعة للسيد حسن مع نجّابه أحمد بن خليل، ولبسها يوم السبت سادس عشر الشهر المذكور بالمسجد الحرام. وفى آخر الشهر، وصل خادم من جهة السلطان، يقال له بلبل العلائى، مشدّ الحوش، وخلع على السيد حسن خلعة، وكان مقيما بعرفة فى هذا التاريخ وقبله بمدة.

وفى هذه السنة، أرضى المحلّى بعشرة آلاف مثقال، التزم له بها ووعد بخلاصها فى الموسم. وفى هذه السنة أمر السيد حسن غلمانه بالاستيلاء على غلال أموال الأشراف آل أبى نمى. وفى سنة ست وثمانمائة، قصده جماعة منهم لاستعطافه، وما شعر بهم إلا عند منزله. فعطف عليهم. وفى سنة ست وثمانمائة، استخدم بجدة الفقيه جابر بن عبد الله الحراشى، وفوض إليه الأمر فى جميع ما يصل إليها من جهة الشام واليمن. فنهض بخدمته نهوضا لم ينهض بمثله أحد من خدّامه فيما مضى، وعمر الحراشى الموضع الذى يقال له الفرضة بجدة، ليحاكى به فرضة عدن، وقرر لبنى حسن الرسوم التى يتناولونها الآن، وجعلها لهم فى ثلاث حلات، وأبطل رسومهم السابقة. وكانت تؤخذ من التاجر مع الجبا. فلم تجعل لهم على التجار سبيل، فأراح التجار من مطالبتهم. وفى سنة ست وثمانمائة فيما أظنه، بعث حسن رتبة إلى حلى، مقدمهم علىّ بن كبيش، فاستغفلهم بعض جماعة موسى صاحب حلى. وفتكوا فى أصحاب حسن بالقتل وغيره. وفى سنة ست أو فى سنة سبع وثمانمائة، توجه الحراشى إلى حلى، وبنى فيها مكانا يتحصن فيه أصحاب حسن ومن انضم إليهم، وحفر حوله خندقا. وفى سنة ست وثمانمائة، أتى الخبر إلى حسن بوفاة القاضى برهان الدين المحلى، فاستراح من طلبه. وفى آخرها توفى ابنه القاضى شهاب الدين أحمد بن المحلى بمكة، فى آخر ذى القعدة، وبين وفاتيهما تسعة أشهر أو نحوها. فنال من تركة الولد أشياء طائلة. ووجد فى ديوان ابن المحلى، أن الذى صار للسيد حسن من زكائبه ألف وأربعمائة زكيبة. وفى سنة سبع وثمانمائة، أتاه طالب بمال المحلى فماطل. وفيها شفع إليه الملك الناصر أحمد بن إسماعيل صاحب اليمن، فى تركه التشويش على موسى صاحب حلى، فما أبعده، وحثه على الموافقة أديب العصر، القاضى شرف الدين إسماعيل بن المقرى اليمنى بقصيدة مدحه فيها أولها [من الكامل]:

أحسنت فى تدبير ملكك يا حسن ... وأجدت فى تحليل أخلاط الفتن ومنها: موسى هزبر لا يطاق نزاله ... فى الحرب لكن أين موسى من حسن هذاك فى يمن وما سلمت له ... بمن وذا فى الشام لم يدع اليمن وفى أوائل سنة ثمان وثمانمائة، ورد عليه كتاب الملك الناصر صاحب مصر، يخبره فيه بهزيمته لأعدائه بالسعيدية، ورجوعه إلى كرسى مملكته بقلعة الجبل بمصر، والذى وصل إليه بذلك بعض جماعة الأمير إينال باى، المعروف بابن قشماس. وكان إليه تدبير المملكة بمصر، راجيا للبر من السيد حسن، فما خيب أمله، وأمر بقراءة ختمة وبالدعاء عقيبها للملك الناصر. وكتب بذلك محضرا، أنفذ مع حامل كتابه. وفى ثانى ربيع الآخر، وصل إليه من صاحب مصر، خلعة مع خلعة القاضى جمال الدين بن ظهيرة بولاية قضاء مكة، فلبس كل منهما خلعته. وفى آخر هذه السنة، ذهب إلى الشرق، ثم إلى ليّة، وحارب بعض أهلها، واستولى على بعض حصون من حاربه. وفى هذه السنة، أمر بهدم بيتى حسب الله بن سليمان بن راشد، والخان المعروف به وغيره؛ لأن شخصا يقال له سلمان، شكا إليه من ابن راشد، وبعد أيام قتل سلمان غيلة، فاتهم بقتله بعض أصحاب ابن راشد، وما استطاع ابن راشد أن يتظاهر بمكة، حتى أذن له فى ذلك السيد حسن بعد سنتين، مع كونه صهرا لبعض أعيان القواد العمرة. وفى سنة تسع وثمانمائة، تغير السيد حسن على الخراشى، لخبث لسانه وامتنانه عليه بالخدمة. فقبض عليه فى رمضان، وبعثه إلى مكة وسجنه بها إلى الموسم، ثم أطلقه بشفاعة الإمام صاحب صنعاء باليمن، وكان قد استقصى أمواله، فمنّ عليه بشيء منها عند إطلاقه. وفى سنة تسع وثمانمائة، سأله التجار الذين بمراكب الكارم، أن ينجلوا بجدّة لخراب مراكبهم، فأجاب سؤالهم، ووافقوه على تسليم ما شرطه عليهم، وقيل إن الذى حصل له من التجار ومن الحراشى، نحو أربعين ألف مثقال. وفى سنة تسع وثمانمائة أيضا، سعى لابنه السيد بركات فى أن يكون شريكه فى إمرة

مكة، فأجيب سؤاله. ووصل لابنه تقليد مؤرخ بشعبان سنة تسع وثمانمائة. وأكبر ظنى أنه فى النصف الثانى من شعبان سنة عشر وثمانمائة. وذهب إلى الشرق فى زمن الصيف، ثم عاد إلى مكة. وفى هذه السنة، قدم المدينة زائرا من الشرق فى جمع كثير، فخاف منه أهل المدينة. وتزوج ببعض أقارب أميرها جمّاز بن هبة. وفيها أيضا حمل إلى القاضى الشافعى بمكة جمال الدين بن ظهيرة ثلاثين ألف درهم، عوضا عن مال كان أخذه ليقيم تحت حجر الحكم العزيز بمكة. واستحسن الناس منه تخليص ذمته. وفيها وقف دارين بمكة صارتا إليه بالشراء، من ورثة العماد عيسى بن الهليس. وفيها تشوّش لانقطاع أخبار مصر عنه. فبعث القاضى أبا البركات بن أبى السعود ابن ظهيرة يتعرف له الخبر، ويسد ما لعله يجد من خلل. ووكله فيما له من الرسم بمصر، وأمره أن لا يظهر وكالته عنه، إن كان وكيله القاضى نور الدين بن الجلال الطّنبدىّ غير متوار؛ فخالف ما أمره به فى أمر الوكالة، وما وجد عليه خللا؛ لأن صاحب مصر كان بعث إليه تشريفا وكتابا يتضمن دوام ولايته مع أمير من جهته، ووصل ذلك إليه فى رمضان من هذه السنة، قبل وصول قاصده المذكور إلى مصر. وفى رمضان من هذه السنة. وصل إليه الشريفان: وبير ومقبل ابنا مخبار أميرا ينبع، مواليين له، فأقبل عليهما. وكان بينه وبينهما وحشة، فزالت. وحلفا له وحلف لهما على التناصر. وأحسن إليهما بمال جيد. وفى رمضان من هذه السنة، وقف عدة وجاب بالهنية والعقيق، والفتيح، والريان، بعضها على رباطه، وبعضها على رباط ربيع، وبعضها على رباط الموفق، وبعضها على رباط العز، ورباط العباس، وبعضها على الأشراف من أقاربه. وفيها وصل إليه هدية طائلة من صاحب بنجالة، السلطان غياث الدين أعظم شاه، ووزيره خان جهان على يد الناخوذا محمود، ووصلت معه صدقة من السلطان المذكور لأهل الحرمين، وخلع لقضاة الحرم وأئمته وغيرهم من أهله. وفيها وصل إليه هدية من صاحب كنبايه، وكتاب يخبره فيه، بأنه أنهى إلينا أن الناس فى يوم الجمعة، لا يجدون ما يستظلون به عند سماع الخطبة بالمسجد الحرام، وأن بعض

الناس، وسمى جماعة، منهم الشيخ موسى ـ يعنى المناوىّ ـ استحسنوا أن يكون هناك ما يستظل به الناس، وإنا أرسلنا بخيام يستظل فيها الناس، فأمر بنصب الخيام، فنصبت حول المطاف مدة قليلة، ثم صارت إليه. وكان فى نصبها ضرر لما يحصل للناس من العثار فى حبالها. وكان نصبها بعد سفر الحاج المصرى من مكة. وفى هذه السنة أيضا، مكن المصريين من القبض على أمير الحاج الشامى، بسؤالهم له فى ذلك. وصورة ما فعل، أنه أتى إلى أمير الشامى، فى جماعة من أصحابه. وهو عند مقام الخليل لصلاة الطواف، فى نفر قليل جدا. فقال له: تذهب تسلّم على أمير الحاج المصرى. فقال له: فى غير هذا الوقت، فما مكّنه حسن من ذلك، ومضى به إلى أمير الحج المصرى، فقّيد. وفى سنة إحدى عشرة وثمانمائة فى المحرم. ندب القائد سعد الدين جبروه إلى مصر بهدية طائلة، ليسعى له فى أن يكون ولده السيد أحمد شريكا لأخيه بركات فى إمرة مكة. فأجيب إلى ذلك. وولى حسن نيابة السلطنة بالأقطار الحجازية، وذلك فى العشر الوسط من ربيع الأول سنة إحدى عشرة. ووصل إليه رسوله بغتة فى النصف الثانى من ربيع الثانى من السنة المذكورة، ووصل معه خلعة للمذكور، وخلعتان لولديه، وكتاب من السلطان يشهد بولايتهم لما ذكر. وفى آخر ربيع الآخر منها: ولى إمرة المدينة لعجلان بن نعير بن جمّاز بن منصور، عوض أخيه ثابت بن نعير. وكان قد عاد لإمرة المدينة. وعزل عنها جماز، وما وصلت ولايته إلا بعد موته، وبعث حسن إلى جماز يعلمه بعزله، وينهاه عن التعرض لما فى حاصل الحرم، فكان ذلك سبب إغرائه؛ لأنه نهب ما فى حاصل الحرم. وخرج من المدينة قبل أن يصل إليها عجلان، وكان حسن أمره بالمضى إليها، فمضى على طريق الشرق، ليضم إليه جماعته، ويسير بهم إلى المدينة، وبعث حسن ابنه أحمد فى جماعة من بنى حسن إلى المدينة على طريق الجادة، فوصلوها بعد خروج جماز منه. ولما دخل عجلان إلى المدينة، صار الخطيب بها يدعو للسيد حسن على المنبر فى الخطبة قبل عجلان وبعد السلطان. واستمر له الدعاء فى الخطبة وبعد المغرب على سدّة المؤذنين، إلى أن زالت ولاية عجلان، فى وقت وصول الحاج الشامى للمدينة، فى النصف الثانى من ذى القعدة فى سنة اثنتى عشرة وثمانمائة. وفى سنة إحدى عشرة وثمانمائة، نزل السيد حسن بعرفة مدة، ثم مضى إلى جهة اليمن، حتى بلغ مكانا يقال له البديح.

وفى آخر هذه السنة، أخذ من العفيف عبد الله بن أحمد الهبّى خمسة آلاف مثقال على ما قيل، عوضا عن بيت شعر بعثه لصاحب اليمن، لما طلب ذلك منه صاحب اليمن. وما كان عوّضه عن ذلك؟ . وفى سنة إحدى عشرة، عمّر دورا عدة فى المكان المعروف بدار عيسى، وكان المتولى لأمر عمارتها الحراشى، وكانت قبل عمارتها براحا متسعا مملوءا بالأوساخ، حتى صار كالمزبلة. وفى سنة اثنتى عشرة وثمانمائة، وصل الخبر إلى مكة، بأن صاحب اليمن أمر بحبس الجلاب عن مكة غضبا على حسن، بسبب ما أخذه من سفيره العفيف عبد الله الهبّى. فشق ذلك على السيد حسن، فأغراه الحراشى بغزو اليمن، وقال له: أنا أقوم بجهازك، وأجمع لك الرجال من اليمن. فتحرك لذلك، ثم أشير عليه بالملاطفة، فمال إليها، وبعث الشبيكىّ إلى اليمن رسولا يعتذر، ويلتزم عنه بما يطيب الخاطر، وهدية للترك، فقبل ذلك السلطان، وأذن للناس فى السفر فقدموا. ولكن دون العادة. وفى هذه السنة، وصل إليه خلعة من صاحب مصر، فلبسها فى شعبان. وفيها تغير صاحب مصر على السيد حسن، فرسم بالقبض عليه وعلى ابنيه، وعزلهم والاحتفاظ بهم، وأسرّ ذلك إلى أمير الحاج المصرى الأمير بيسق، فاستعد لحرب المذكور، وحصل مدافعا وسلاحا كثيرا، ثم سعى عند السلطان فى تقرير المذكورين فى ولايتهم، على أن يخدمه السيد حسن بما يليق بمقامه. فأجاب إلى ذلك، وبعث إليهم بالعهد والخلع مع خادمه الخاص فيروز السّاقى. وكتب إلى أمير الحاج المذكور بالكف عن محاربتهم، وكان قد أعلن بينبع أنه يريد حرب حسن، وكان حسن قد استعد لحربه لما بلغه الخبر فى عاشر ذى القعدة، وما انقضى شهر ذى القعدة إلا وعنده ـ فيما بلغنى ـ نحو ستمائة فرس وأربعة آلاف من الأعراب، غير بنى حسن والمولدين والعبيد. وبينما الناس فى كرب لهذا الحال، أتاهم من اللطف ما لم يخطر لهم ببال، وذلك أنه وصل من أخبر بوصول فيروز، وما معه من العهد والخلع للمذكورين. وما كان غير قليل، حتى وصل فيروز فألبس المذكورين الخلع السلطانية، وقرئ عهدهم بالولاية، وسعى عند السيد حسن لأمير الحاج فى دخول مكة والإغضاء عنه، فأجاب سؤاله على أن يسلم أمير الحاج ما معه من السلاح، فأجاب إلى ذلك أمير الحاج، على أن يعاد إليه سلاحه عند سفره.

فأمضى له شرطه ودخل مكة، واجتمع بالسيد حسن بمنزله بأجياد فأحسن ملاقاته، ولم يجتمعا بعد ذلك، وسلم إليه سلاحه عند سفره من منى. وما حج السيد حسن ولا غالب عسكره فى هذه السنة، وحج قليل من أهل مكة خائفين، وذهب للناس أموال كثيرة وجرحوا، ولولا كف السيد حسن أصحابه عن إذاية الحجيج لكثر عليهم العويل والضجيج. وتأخر فيروز عن الحجاج بمكة، لقبض ما التزم به السيد حسن من الخدمة. وذلك ألف زكيبة للسلطان غير ما لفيروز، ومضى بعد أيام إلى جدة، فشحنت الزكائب بحضوره، ووصلت سالمة إلى الطور، ثم إلى مصر. ويقال إنها بيعت فيها بخمسين ألف مثقال. وفى سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، ودى السيد حسن الإمام أبا الخير بن الشيخ أبى اليمن الطبرى من عنده، وسلم الدية دراهم إلى ورثته وإخوته؛ لأن بعض مماليكه ـ فيما قيل ـ طعن أبا الخير ليلا، وهو لا يشعر به لظنه حراميّا، فمات لوقته. وكان قتله فى صفر، وتسليم ديته فى ربيع الأول فى سنة ثلاث عشرة. وفيها فى ربيع الآخر، وصل إليه تشريف من صاحب مصر، فلبسه فى العشرين من الشهر المذكور. وكان جهز إليه مع نجّابه أحمد بن خليل، فقتل فى الطريق. ووصل إليه ذلك مع بعض رفقته. وفيها وصل له من صاحب بنجالة السلطان غياث الدين هدية طائلة، ومن وزيره خان جهان. ووصل إليه كتاب السلطان بأن يعين رسوله ياقوت الغياثى فيما ندبه له من عمارة مدرسة بمكة، وشراء وقف لها. فباع منه دارين متلاصقتين مجاورتين للمسجد الحرام، صارتا مدرسة للسلطان غياث الدين بعد هدمهما وأنشأ عمارتهما. وباع منه أيضا أصيلتين بالرّكانى وأربع وجاب من عين الرّكانى، ليكون ذلك وقفا على المدرسة، وما رضى فى ذلك إلا باثنى عشر ألف مثقال. فسلم إليه شاشات عوضا عن ذلك؛ لأنه لم يعذره. وأخذ منه أيضا شيئا كان معه لعمارة عين عرفة، على أن يتولى هو ذلك. وكان السلطان المذكور قد ندب حاجى إقبال مولى خان جهان بصدقة لأهل المدينة، وهدية لأميرها جمّاز. فإنه لم يكن سمع بعزله ولا موته، وكان موته بإثر نهبه للمدينة

مقتولا، وأمر بعمارة مدرسة له بالمدينة، وشراء وقف لها بالمدينة، فاتفق أن المركب الذى فيه ما بعث به السلطان لأجل ذلك، انصلح فى بعض مراسى الشّقان، فأخذ السيد حسن ربعه مع ما كان لجماز. ويقال إن الذى أخذه من إقبال وياقوت يساوى ثلاثين ألف مثقال. وكان مع ياقوت صدقة لأهل مكة، ففرقها عليهم وانتفع بها الناس. وكان معه خلع لقضاة الحرم وأئمته وشيخ الحجبة وزمزم، فأوصلها إليهم. وفى آخر هذه السنة بعد الحج، قبض السيد حسن ما كان للقاضى وجيه الدين عبد الرحمن بن جميع مع سفرائه من الأموال، واستقصى فى ذلك. ويقال إن بعض غلمانه من المولدين هموا فيه بسوء، لكونه لم يسمح لهم ولا لغيرهم بشيء من ذلك، فما تمكنوا منه لتيقظه لهم، فإن خبرهم بلغه من بعض من كان حالفهم عليه من القوّاد، وأحسن لمن أعلمه بذلك ولغيره من القواد، وأعرض عن المولدين ونفر منهم، فبانوا عنه ولا يموا القواد مدة أشهر، وما كل المولدين بان عنه. وإنما بان منهم المسئ فى حقه، وبعث إلى صاحب اليمن يخبره بما أخذ، ويذكر له أن سببه ما وقع من ابن جميع من استيلائه على ما كان بيد سفير شكر مولاه، من المال لشكر. وكان ابن جميع قد تعرض لسفير شكر، لما بلغه ما أخذ بمكة من خاله العفيف عبد الله الهبّى، وبعث مع كتابه بكتاب وصل إليه من مصر، من صاحبها الناصر، يتضمن ذمّ ابن جميع. وأمر صاحب اليمن بالقبض عليه، وتخليص حقوق الناس منه، وإرساله إلى مصر معتقلا. فشق ذلك على صاحب اليمن، وأعرض عن الكتابه إلى صاحب مكة، ثم تلطف به، فكتب له كتابا، أوله بعد البسملة والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم: (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ) [الصف: 2]، نحن لا نقول ما نفعل إلا حسنا، ولا نرى الأرض وأهلها إلا ودائع معنا، ولا نريد المال إلا للصنائع وحسن الثناء، ولا ندين إلا بالوفاء لمن عاقدنا، وبالجفاء لمن خادعنا. وشر الكلام كلام ينقض يومه غده، وشر المواعيد موعد من لا يصدق لسانه يده. وقفنا على كتاب المجلس السامى ـ وذكر له ألقابا ـ ثم قال: فوجدنا فيه ألفاظا تدعى بالمودة، وهى مستوحشة من دعواها، مستخيبة ممن سمعها أو رآها، وما بالمجلس حاجة إلى أن يقول بلسانه ما ليس فى قلبه، ويضمر أمرا ويودع غيره فى كتبه، قارئا [من الكامل]:

فارغب بنفسك أن ترى ... إلا عدوّا أو صديقا أما الشكوى من عبد الرحمن، فقد عرفت ممن كان الابتدا، ومن كأفاك فما اعتدى. ومع ذلك فقد حصلت عقود وحساب، وحصل منا تفضل واحتساب، وأمرناه فعوض وانسد الباب. وأما المال فما لعبد الرحمن مال فيستلف، ولا حال فيستخفّ. وأما دفعه فى العام الماضى عن التاجر الذى أوذى ببلده وهو حاضر، فما كنا نستغرب منه حفظ الجار، ولا نظنه يستغربه، وإنا لنعجب ممن يمن حفظ جاره والمصون منصبه وأمر التمادى فى الذى هو بيننا يكفيك، فاستأخر به أو تقدم. انتهى. وربما بعض ألفاظ هذا الكتاب، أمليت هنا بالمعنى، ولم يفت منه إلا ألفاظ يسيرة فى ألقاب المكتوب إليه. ووصل إليه هذا الكتاب مع القاضى شرف الدين إسماعيل بن المقرى، وهو فى جهة اليمن فى آخر رمضان، أو فى شوال من سنة أربع عشرة وثمانمائة. ووصل إليه قبيل هذا التاريخ من هذه السنة، وهو بهذه الجهة، كتاب من الناصر صاحب مصر وخلعة، وعرفه الرسول بذلك أن السلطان يعتب عليه تقصيره فى الخدمة. وكان هذا الرسول قد تعوق كثيرا فى الطريق، وتشوف حسن لمعرفة الأخبار، فأمر قبل وصول هذا الرسول إليه مولاه، مفتاح الزفتاوى بالسفر إلى مصر، يتعرف له الأخبار، وما قدر أنه سافر من مكة إلا بعد وصول الرسول المذكور إليها. فلما وصل مصر، وجد الأطماع كثيرة فى مولاه، فحضر عند السلطان، وبلغ رسالته واعتذر عن مولاه فى تأخير الجواب. وذكر أنه يقوم بواجب الخدمة. وعاد إلى مكة مع الحاج. وشاع أن السلطان أعد نجباء كثيرة ومزادات. فظن حسن أنه يريد الحج فما حج، وظهر أن تجهزه إلى الشام. ولما انقضى الحج من سنة أربع عشرة وثمانمائة، ندب السيد حسن سعد الدين جبروه إلى مصر، بهدية لصاحبها الناصر، فى مقابلة ما التزم له به، فوجده قد توجه للشام. وفى سنة أربع عشرة وثمانمائة، تصدق السيد حسن بصدقة جيدة قيل إنها عشرة آلاف درهم، والصدقة من عادته. والذى حركه عليها فى هذا الوقت، أنه مرض مرضا شديدا، خيف عليه منه. فرأى فيما قيل، النبى صلى الله عليه وسلم فى النوم، ومسح بيده الشريفة عليه، وأمره فشفى بإثر ذلك، وفعل ما ذكرنا من الصدقة.

وفى العشرين من جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وثمانمائة، وصل للسيد حسن وابنيه خلع، وكتاب للسيد حسن من الخليفة المستعين بالله أمير المؤمنين أبى الفضل العباسى، بعد عوده إلى مصر من الشام، وقيامه فى مقام السلطنة، عوض الناصر فرج، لقتله فى صفر من هذه السنة. وكان وصول الكتاب والخلع على يد سعد الدين جبروه، وكتاب أمير المؤمنين يتضمن إعلامه بقتل الناصر فرج بسيف الشّرع. وأنه فوض تدبير الأمور بالممالك للأمير شيخ، ولقبه بنظام الملك، وأنهم على ولاياتهم. وقرئ الكتاب بالمسجد الحرام، ولبس المذكورين الخلع، وذلك فى يوم الأربعاء العشرين من جمادى الآخرة. ودعى فى هذا المجلس للخليفة وللأمير شيخ، ودعى للخليفة على زمزم بعد المغرب وفى الخطبة. وكان الدعاء للخليفة بمكة مقطوعا من دهر طويل جدا. وبعد ذلك بقليل، وصل كتب الخليفة إلى السيد حسن يخبره فيه بالقبض على علىّ بن مبارك. وذلك فى شعبان، أعنى وصول كتابه. وفى شوال من السنة المذكورة، وهى سنة خمس عشرة. وصل خلع للمذكورين من السلطان الملك المؤيد أبى النصر شيخ، بعد ما بويع بالسلطنة بالديار المصرية، فى مستهل شعبان من السنة المذكورة. ووصل منه كتاب يخبر فيه بذلك، وباستقرار المذكورين فى ولايتهم. وفى سنة خمس عشرة أيضا، نفر الأشراف أولاد محمد بن عجلان، من عمهم السيد حسن؛ لأن أحمد بن محمد، ضرب مسعود الصبحى نائب عمه بجدة، لكثرة مطله له فى بقية حوالة عليه، وأمر بإخراجه من البلاد، والأمر أهون من ذلك. فغضب لأحمد أخوه رميثة، وأظهر التجهز للخروج، فما ترضاه عمه. فمضى على جهازه حتى كمل، وخرج وإخوته، غير واحد منهم، صوب القواد العمرة. فمكثوا عندهم أياما، وتكلموا مع عمهم فى تطييب خواطرهم فأعرض، فمضوا إلى ينبع، ثم إلى مصر. فما وجدوا بها كبير وجه، وحسن لهم القاضى نور الدين بن الجلال، الرجوع إلى عمهم، وأنه يرضيهم، فمالوا إلى ذلك، وتوجهوا مع الحاج حتى بلغوا ينبع. ولما سمع عمهم بوصولهم، منع من دخولهم مكة، فأقاموا بينبع إلى أثناء السنة الآتية. وفى أثناء سنة خمس عشرة، أجاب السيد حسن إلى أن يعوض صاحب اليمن عما أخذه لابن جميع، بثلاثين ألف مثقال، تؤدى إليه فى كل سنة عشرة آلاف؛ لأن ابن

جميع أظهر أن الذى أخذه له حسن بمكة، لا يساوى إلا هذا المقدار، لئلا يكثر فيه طمع مخدومه، وقال سرّا: إن ذلك يساوى ثمانين ألف مثقال. حكى لى ذلك عنه الجمال المصرى بنخل زبيد. وكان ممن سعى فى ذلك عند السيد حسن، مولاه القائد زين الدين شكر؛ لأنه كان قدم إلى اليمن فى أثناء هذه السنة، بعد أن وصلته ذمة من صاحب اليمن. فلما اجتمع بصاحب اليمن، سأله فى إطلاق الجلاب إلى مكة، فقال: لا يكون إلا بعد تسليم المال، فوافقه على القدر المذكور، فرضى به السلطان. وعاد شكر إلى مكة، فبلغها فى العشر الأخير من رمضان. فعرف مولاه الخبر، فما أمكنه إلا الموافقة، وسافر من مكة فى أوائل شوال، بعد أن حصّل عروضا من القماش والحرير يساوى ذلك، فلما بلغ كمران أقبلت الجلاب إلى مكة؛ لأن السلطان قال لهم: إذا وصل إليكم شكر، فاذهبوا إلى مكة، وكان لهم بكمران مدة على نية التنجيل بينبع، وكان المقدم على الجلاب، القاضى أمين الدين مفلح التركى الملكى الناصرى. فوصل إلى مكة فى أوائل العشر الوسط من ذى القعدة، ونجلت الجلاب بجدة، وتوجه بعد الحج إلى اليمن، بعد أن جمع أعيان الناس من أهل مكة والمجاورين بها، لقراءة ختمة شريفة بالمسجد الحرام ليلا، وأمر بإهداء ثوابها لمخدومه، والدعاء له. واحتفل بإحضار شمع كثير أوقد فى حالة القراءة، وإحضار بخور وطيب للحاضرين، وعمل فى صبيحة هذه الليلة سماطا عظيما، حضره الأعيان من الناس وغيرهم، وفعل فى مدة مقامه بمكة معروفا كثيرا. وفى موسم هذه السنة، أقبل السيد حسن، على الحراشى. وكان قد نافر السيد حسن فى سنة اثنتى عشرة، ووشى به إلى الناصر صاحب مصر، مع من وشى به. وكان ممن أبلغ فى ذلك لكونه يعرف حاله لخدمته له. فلما خاب سعيه فى حسن، لرجوع الناصر عما كان وافق عليه من عزله، أقام الحراشى بينبع، ولايم ولاتها، واكتسب مالا، وصار يغرى صاحب اليمن بحسن، فأشار حسن إلى إخراجه من ينبع فتوجه إلى مصر، فلقى بها سوءا، وأمر السلطان بإيصاله إلى حسن. ووصل مع الحاج إلى مكة والباشة فى عنقه. فرآه حسن فى هذه الحالة وحيّاه، ونزل برباط الشّرابى عند الأمير. وكان يخرج ليلا للطواف مع بعض غلمان الأمير. فلما كانت ليلة يوم التروية، خرج كذلك وانفلت ممن هو موكل به، ومضى إلى مكى بن راجح. وكان موادّا له، فعرف به حسنا، فما راعاه

ولا دل عليه. فلما انقضى الموسم، ظهر جابر وكثر تردده للسيد حسن، وحلف كل منهما للآخر على الوفاء بالصحبة. ففوض إليه السيد حسن أمر جدة، فحصل له ما أرضى به صاحب اليمن من التجار، من غير كثير ضرر يلحقهم فى ذلك، وما زال فى خدمته حتى شنق للتهامه بالميل مع رميثة بن محمد بن عجلان، فى ليلة النصف من ذى الحجة سنة ست عشرة وثمانمائة بباب المعلاة. وفى هذه الليلة شنق ابنه محمد بن جابر بباب الشّبيكة. وفى سنة ست عشرة وثمانمائة، تقرب السيد حسن بتسبيل البيمارستان المستنصرى بالجانب الشامى من المسجد الحرام للضعفاء والمجانين، وتصرف غلّة القيساريّة المعروفة بدار الإمارة عند باب بنى شيبة، فى مصالح المشار إليهم وذلك لأنه كان استأجر المكانين المذكورين فى سنة خمس عشرة، مدة مائة سنة هلالية، من القاضى الشافعى بمكة، بأجرة معلومة، على أن يصرفها فى عمارة المكانين لخرابهما فعمرهما. وزاد فى البيمارستان فأكثر فيه النفع، ووقف ما زاده وما يستحقه من منفعة المكانين، فى باقى المدة المذكورة على الوجه السابق. وثبت ذلك عند حاكم مالكى، وحكم به لموافقته رأى بعض متأخرى المالكية فى وقف المنافع، وبعضهم يمنع ذلك، وهو مقتضى مذهب الشافعى وأبى حنيفة وابن حنبل، رحمهم الله. وكان إثبات ذلك والحكم به، فى صفر من السنة المذكورة. وفيها شرع فى عمارة رباط آخر بأجياد للفقراء، وكمل فى التى بعدها، وفيه بقية تحتاج للعمارة، فالله تعالى يتقبل منه ذلك. وفى ليلة سادس جمادى الأولى من سنة ست عشرة وثمانمائة، وصل رميثة إلى حدّا من وادى مرّ، على غفلة من أهلها؛ لأن عمه رغب فى إخراجه من ينبع، وما وجد مذهبا غير هذا. ولما بلغ عمه خبره، أمر بالمبادرة بإبعاده، وصمم على ذلك، وركب إلى جهته. فما وسع الذين نزل عليهم إلا إبعاده. فمضى إلى ينبع، والتحق به فيها بعض القوّاد العمرة. فعاد به إلى منزلهم بالعدّ، وأخبر السيد حسن بوصوله، فتوجه للعدّ بعسكره. وكان رميثة قد توجه منه بعض القوّاد والشريفين: ميلب وشفيع ابنى علىّ بن مبارك. وما شعر الناس به إلا وقد هجم مكة من درب اليمن، فى ضحى يوم الخميس رابع

عشرى جمادى الآخرة سنة ست عشرة وثمانمائة، وما قدر الذين بمكة من جماعة حسن على دفعهم، وانضم إليه منهم جماعة، وما أحدث بمكة سوءا ولا من معه، ثم خرجوا منها لتخوّفهم من قصد حسن لهم. وكان من خبر حسن أنه أخبر بقصدهم لمكة، فشق ذلك عليه لتخيله أنهم ينهبونها، ويتقوون بذلك ويتحصنون فيها. فلما انتهى إلى الزاهر، أتاه بعض أصحابه من مكة، فأخبره بخروجهم منها وعدم إفسادهم، وقصدهم إلى الأبطح. فنزل على الأبطح من ثنيّة المقبرة، ورأى سوابق عسكره رميثة ومن معه، فاتبعوهم وتلاهم الباقون. ثم إن السيد حسن سئل فى الرجوع عنهم رحمة لهم، فرحمهم وعاد إلى مكة، ثم بلغه أنهم مقيمون بنخلة، فتوجه إليهم حتى انتهى إلى نخلة، ففارقوها وقصدوا الطائف، فبعث بعض خواص حسن إلى أهل الطائف، بالإعراض عن المذكورين، فأعرض عنهم ناس، وأكرمهم ناس، بما ليس فيه كبير جدوى. فقصدوا نعمان ليتوصلوا منه إلى اليمن، فسلكوا طريق النقب حتى بلغوه. وانتهوا إلى عرب باليمن، فحاربوهم وكسبوا منهم ما تجمل به حالهم، وبدا من رميثة فى هذا اليوم، ما يدل على كثرة شجاعته، وأقاموا باليمن مدة، ثم عادوا فقصدوا جدة، وخفى مسيرهم إليها على السيد حسن. ولما وصلوا جدة نهبوها وأخربوا بيت الصبحى. وذلك فى العشر الوسط من رمضان سنة ست عشرة، وبلغ خبرهم السيد حسنا، فبادر إليهم ولقوه بقرب جدة متأهبين للقائه، فمنعه من محاربتهم القواد، فلم يمكنه المخالفة، وطيبوا نفسه بإخراج رميثة ومن معه من جدة ومكنوه منها، ثم قطعوا بين الفريقين حسبا، وسعوا فى الصلح بين الفريقين. فلم يتفق ذلك؛ لأن حسنا لم يوافق على دخول من التف على رميثة من العبيد والمولدين فى الصلح، وأبى رميثة إلا دخولهم، وعرف كل من حسن ورميثة، أن القواد لا تمكن أحدا منهما من الآخر، فتسالموا من القتال حتى انقضى الحج من هذه السنة. وبعد الحج توجه السيد حسن إلى العد بعسكره، ومعه مقبل بن مخبار وجماعة من أصحابه. وكانوا قدموا فى هذه السنة للحج ولنصر حسن، وعرف رميثة وأصحابه أنه لا قدرة لهم على المذكورين، وأن من يتخيلون منه النصر من ذوى عمر، الملايمين لحسن، لا يمكنهم النصر فى هذا الوقت. فقصد رميثة والأقوياء من أصحابه إلى جهة اليمن فى

البر، وركب الضعفاء منهم البحر، واجتمعوا بحلى، وكان السيد حسن بعد دخول رميثة إلى مكة، أمر بعمارة سور باب المعلاة، وباب الماجن، لتخلل البناء فيهما، وقصّر جدريهما، فعمّرا حتى كملا بالبناء، غير موضع فى سور باب المعلاة، فإنه متخلّل من البناء، ولكن الذى تحته مهواة، وارتفع جدرانهما. وكان الحجاج من اليمن فى هذه السنة كثيرين، ومعهم متاجر كثيرة، ومقدمهم القاضى أمين الدين مفلح، فجباهم غلمان السيد وعنّفوا بهم. وكانوا يتوسلون فى التخفيف عنهم بالقاضى أمين الدين. فيتكلم لهم ولا يجدى كلامه فتأثر لذلك. ومضى على ذلك إلى اليمن، فلقى رميثة بحلى فأكرمه وأزال كثيرا من ضروراته، وكتب إلى مولاه الملك الناصر يخبره بخبره، وسأله فى كرامته، فسر الملك الناصر بقدوم رميثة، وأمر بتلقيه وإكرامه حتى انتهى إليه، فرأى من السلطان ما سره. وكان قد تجدد فى نفس السلطان حنق على السيد حسن وشكر، لكونه لم تصل إليه العشرة الآلاف المثقال، المقررة له فى كل سنة عن مال ابن جميع، ولا قيمة ما بعث به من الطعام إلى مكة مع شكر. وكان ما قرره لرميثة مدّ طعام فى كل يوم، وهو أربع غرائر مكية، وخمسون دينارا جددا، غير المقرر لهم من التمر فى أيام النخل، وهو قلّ أن ينفصل عن السلطان وقت الأكل، وطلع مع السلطان إلى تعزّ، ونزل معه إلى زبيد، وتوجه منها إلى مكة بعد أن أحسن له السلطان بذهب جيد، وإبل وطعام وكسوة. فوصل فى رمضان من سنة سبع عشرة إلى وادى الأبيار، ونزل بها على ذوى حميضة، وما سهل ذلك بعمه، وهمّ بمحاربتهم، ثم سعى الناس فى الصلح بينهم على مائتى ألف درهم يسلمها حسن لرميثة، ويكون لحسن جبا الجلاب الواصلة فى هذه السنة، وأن يكون الفريقان سلما إلى انقضاء العشر الأول من المحرم سنة ثمانى عشر وثمانمائة، فرضيا بذلك. وضمن على كلّ منهما جماعة أصحابه. فما حصل فى ذلك خلل منهما. وكان السيد حسن بعد توجه ابن أخيه إلى اليمن، عاد إلى مكة بعد مقامه مدة بالعدّ وجدة، وتوجه إلى الشرق، وتلاه بنو حسن يرجون المنافع منه، فتعذر منهم، وراحوا بغير طائل. فشق عليه ذلك، وأخذ من أهل الطائف وليّة القطعة التى قررها عليهم، وعاد إلى مكة بعد أن أقام بالشرق مدة، وأتاه وهو بمكة كتاب السلطان المؤيد صاحب مصر، يخبره فيه بقتله لأعدائه، نوروز الحافظى ومن تبعه، وعوده إلى مصر منصورا.

وفى الكتاب بيتان من نظم الأديب الكبير تقى الدين أبى بكر بن حجة الحموى. وهما [من الطويل]: أيا ملكا بالله أضحى مؤيدا ... ومنتصبا فى ملكه نصب تمييز كسرت بمسرى نيل مصر وتنقضى ... وحقّك بعد الكسر أيام نوروز وفى هذين البيتين من الكياسة، والتورية بالنوروز الذى يكون بإثر كسر النيل ـ وهو يوم مشهور عند المصريين، لما يقع فيه من المجون ـ ونوروز الذى كان أميرا بالشام وقتله السلطان، ويقال له نوروز. وفيهما من الكياسة أيضا، صحة الاتفاق المقول، فإنه قد لا يتمّ الظّفر بنيروز فتّم. وكان السيد حسن فى موسم سنة سبع عشرة، تخوف من أمير الحاج المصرى، وتوقف عن ملاقاة المحمل بنفسه. فما قنع منه أمير الحاج بغير حضوره بنفسه. فوافق على ذلك، لما أن لم يجد منه بدّا، بعد أن توثق من أمير الحاج، والتزم له مما يحسن من الخدمة وللسلطان، بثمن ما أخذه من الغلة التى بعثها السلطان للبيع، وخلع عليه الأمير وعلى ولديه لما خدموا على العادة، ثم حصل بينهما نفرة؛ لأن أمير الحج أدب بعض غلمان القواد العمرة، على حمله السلاح بمكة، لنهيه عن ذلك، وتشفع مواليه فى إطلاقه بالسيد حسن عند أمير الحاج، فأبى أن يطلقه، فهجم جماعة منهم المسجد الحرام، راكبين خيولهم لابسين سلاحهم، فقاتلهم الحاج حتى أخرجوهم من المسجد، وظن أمير الحاج أن الشريف حسن ينضم إليه، فقدر أنه انضم إلى المذكورين بالطّنبداوية، ولكنه منعهم من التعرض للحاج، ولولا ذلك لتم على الحاج بلاء عظيم، فسبحان المسلّم، وأدخل الأمير خيله إلى المسجد. فباتت به حتى الصباح، وسمّر أبوابه خلا باب بنى شيبة والدّريبة وباب المجاهدية. وأوقدت فيه المشاعل ثم فتحت؛ لأن السيد حسن بعث ولده السيد أحمد، إلى أمير الحج مطمّنا له، فخلع عليه وأطلق مولى القواد، وأعرض السيد حسن عن الحج فى هذه السنة بغالب عسكره، وكذا القواد. فقام بحفظ الحاج من أهل مكة وغيرهم أمراء الحاج. وأصاب بعض الحجاج نهب فى توجههم إلى عرفة، وغالب المنهوبين من أهل مكة واليمن، لتخلفهم بمكة إلى الظهر. وكان الحجاج توجهوا منها بعد طلوع الشمس. ولما نفر الحاج من منّى وطافوا

للوداع، لم يتمكنوا من الخروج من أسفل مكة، بإغلاق باب الشّبيكة دونهم، فخرجوا من باب المعلاة، وتأثر أعيان الحجاج لذلك، فكان كذلك من الأثر ما يأتى ذكره. وفى ليلة رابع عشر المحرم سنة ثمانى عشرة وثمانمائة، قبض السيد حسن على القاضى كمال الدين موسى بن جميع، والخواجا بدر الدين المزلق، والشهاب أحمد العينى، وكيل الخواجا برهان الدين بن مبارك شاه، وضيق عليهم حتى أرضوه بما شرط من المال، فأخذ من ابن جميع ما يساوى سبعة آلاف مثقال، ومن ابن المزلق ما يساوى ثلاثة وثلاثين ألف افرنتيا، ومن العينى ما ظهر من مال موكله، ثم أطلقهم متعاقبين، ابن جميع أولا فى أول صفر، وابن المزلق فى آخره، وتلاه العينى. وفى آخر المحرم أو صفر من السنة المذكورة، ورد إلى جدة القاضى مفلح بما فى صحبته من المراكب والطراريد والمؤلفات والجلاب فاستقوا من جدة بمعاونة رميثة. وأخذ منهم الزالة ومضوا إلى ينبع. وكان حسن يرغب فى أن يعينه بنو حسن على منع المراكب من السّقية بجدة فما أعانوه، وعاد رميثة بعد سفر الجلاب من جدة إلى الجديد. وأقام به إلى شعبان من سنة ثمانى عشر. وفى سادس عشر ربيع الأول منها، وصل إليه الخبر بولايته لإمرة مكة، عوض عمه وابنيه. وكان عمه بمكة، فرغب فى أن يعينه بنو حسن على حرب رميثة قبل أن يصل إليه المدد من مصر، فما أعانوه، فمضى إلى الشرق، وترك ابنيه فى البلد، وشكرا مولاه، وجماعة من أصحابه، ثم إن القواد العمرة استدعوه من الشرق، وأطمعوه بنيل أربه من محاربة ابن أخيه ومن معه، ومضى إليه بعض كبارهم لإحضاره إليهم، فوصل إلى مكة فى سلخ جمادى الأولى، وهم بالمسير من فوره إلى الوادى؛ لأن ابن أخيه كان نازلا بالجديد من الوادى، فما طله الذين استدعوه، وآخر الأمر أنهم لم يوافقوه على المسير إلا بشيء جيد يأخذونه منه، فلم يسمح به، فعاد إلى الشرق ثانيا فى أول العشر الوسط من رجب من السنة المذكورة. وأقام به مدة، وذهب من هناك إلى المدينة النبوية، فزار جده المصطفى صلى الله عليه وسلم، وعاد إلى مكة وتوجه إلى جدة، فأزال منها رميثة وأصحابه. وكانوا قد أقاموا بها بعد رحيلهم من الوادى، واندفع رميثة إلى جهة الشام.

ووصل الحجاج بإثر ذلك، فلايم رميثة الحجاج، ووصل معهم مكة، لتقرير السلطان الملك المؤيد له على ولايته وهو بحلب. وكان خرج إليها لقتال بعض أعدائه، فظفر بهم غير واحد أو اثنين، فأقام لتحصيل عدوه، وبعث مبشرا بالنصر إلى رميثة، فوصله فى شوال من السنة المذكورة وهو بجدة. واستمر الدعاء للسيد حسن وابنيه فى الخطبة وعلى زمزم، إلى استهلال ذى الحجة منها، لاستيلاء حسن على مكة إلى هذا التاريخ، ثم فارقها فى هذا التاريخ، وقصد الشّقان فأخذ منها زالة وتعرف ما فى الجلاب فجباه، وأمرهم بالتدبير أو المضى إلى ينبع. وكان بعضهم نفر منه لما سمع باستيلائه على الجلاب، ودبر إلى اليمن قبل أن يصل إليه. فلما كان فى صفر سنة تسع عشرة وثمانمائة، وصلت المراكب الكارمية والجلاب الينبعيّة إلى الشّقان، فأخذ منها زالة له ولخواصه ثلاثة عشر ألف مثقال ومائتا مثقال، ومكنهم من السّقية من جدة ومضوا إلى ينبع. وكان قبل وصولهم إلى جدة، قد نزل بالجديد من وادى مر، واستولى على غلال أموال أصحاب رميثة، وما قدروا على أخذها منه، وهو بالجديد ساكن إلى آخر جمادى الآخرة سنة تسع عشرة وثمانمائة. وفى شهر رجب منها، بعث ولده السيد بركات ومولاه القائد زين الدين شكرا، لاستعطاف مولانا السلطان الملك المؤيد نصره الله، فأنعم على السيد حسن بإمرة مكة. وكتب له بذلك عنه توقيع ومثال شريف، مؤرخ بثامن عشر رمضان سنة تسع عشرة، وجهز له مع ذلك خلعة شريفة، مع بعض الخاسكيّة المؤيدية والنجابة السلطانية وانتهوا إلى السيد حسن، وهو فى ناحية جدة، فى أوائل العشر الوسط من شوال، وبعث إلى القواد العمرة، وكانوا قد بانوا عنه فى شعبان، وانضموا إلى السيد رميثة بمكة، يأمرهم بالخروج من مكة، فتوقفوا فى ذلك، ولما تحقق أنهم ورميثة، ومن انضم إليهم، مجمعون على المقام بمكة، قصدهم وانتهى إلى وادى الزّاهر ظاهر مكة، فى بكرة يوم السبت ثانى عشرى شوال، فخيم بوادى الزاهر، ومعه الأشراف آل أبى نمى، وذوى علىّ، وذوى عبد الكريم، والأدارسة، وصاحب ينبع الشريف مقبل بن مخبار، فى عسكر جاء به معه من ينبع، غير من فى خدمته من عبيده ومن الترك. وكان الترك مائة وعشرين فيما قيل، وأرسل إلى مشايخ القوّاد العمرة، فحضر إليه منهم ثلاثة نفر، فخوفهم من داهية الحرب، فسألوه أن يمهلهم هذا اليوم والذى يليه،

ليلزموا أصحابهم بالخروج من مكة، فأتوا أصحابهم فعرفوهم الخبر. فصمم أكثرهم على عدم الخروج، فلم يسع الراغبون فى ذلك إلا الموافقة. ولما تحقق ذلك للسيد حسن، رحل فى بكرة يوم الاثنين رابع عشرى شوال من الزاهر، وخيم بقرب العسيلة على الأبطح، وأتى بعض أصحابه إلى رءوس القواد المعروفين بالحميضات، وكانوا مع رميثة، فثبطهم عن القتال وخوفهم غائلته، فلم يصغوا لذلك. فلما كان بكرة يوم الثلاثاء خامس عشرى شوال، ركب السيد حسن فى عسكره وكانوا فيما قيل ثلاثمائة فارس، وأزيد من نحو ألف راجل، وكان الذين بمكة على نحو الثلث من ذلك. ولما انتهى إلى المعابدة، بعث إلى الذين بمكة، يحذرهم عاقبة القتال، لرغبته فى الإبقاء على أكثرهم، فلم يقبلوا نصحه، ومثله ومثلهم فى ذلك كما قيل [من الطويل]: بذلت لهم نصحى بمنعرج اللوى ... فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد وسار بمن معه حتى دنوا من باب المعلاة، فأزالوا من كان على باب المعلاة وقربه من أصحاب رميثة بالرمى بالنشاب والأحجار، وعمد بعضهم إلى باب المعلاة، فدهنه وأوقد تحته النار، فاحترق حتى سقط إلى الأرض، وقصد بعضهم طرف السور الذى يلى الجبل الشامى مما يلى المقبرة، فدخل منه جماعة من الترك وغيرهم، ورقوا موضعا مرتفعا من الجبل المشار إليه، ورموا منه بالنشّاب والأحجار من كان داخل الدرب من أصحاب رميثة. فتعبوا لذلك كثيرا، ونقب بعضهم مما يلى الجبل الذى هم فيه من السور نقبا متسعا، حتى اتصل بالأرض، فدخل منه جماعة من الفرسان من عسكر حسن، ولقيهم جماعة من أصحاب رميثة، وقاتلوهم حتى أخرجوهم من السور، وحصل فى الفريقين جراحات، وهى فى أصحاب رميثة أكثر، وقصد بعض أصحاب حسن، وهم عسكر صاحب ينبع، السور مما يلى بركة الصارم، فنقبوه نقبا متسعا، ولم يتمكنوا من الدخول منه، لأجل البركة، فإنها مهواة. فنقبوا موضعا آخر فوقه، ثم إن بعض الأعيان من أصحاب السيد حسن، أجار من القتال لرغبة بعض القواد فى ذلك على ما قيل. وكان السيد حسن كارها للقتال، ولو أراد الدخول إلى مكة بكل عسكره من الموضع الذى دخل منه بعض عسكره لقدر على ذلك، وأمضى الجيرة بترك القتال، وبإثر ذلك وصل إليه جماعة من القضاة والفقهاء والصالحين بمكة، ومعهم ربعات شريفة، وسألوه فى

كف عسكره عن القتال فأجاب إلى ذلك، على أن يخرج من عانده من مكة. فمضى الفقهاء إليهم وأخبروهم بذلك، فتأخروا عنه إلى جوف مكة، بعد أن توثقوا ممن أجار فى كف القتال. فدخل السيد حسن من السور بجميع عسكره، وخيم حول بركتى المعلاة. وأقام هناك حتى أصبح، فدخل مكة فى بكرة يوم الأربعاء سادس عشرى شوال، لابسا للخلعة الشريفة والعسكر فى خدمته، فطاف بالكعبة الشريفة سبعا، والمؤذن يدعو له على زمزم، وبعد فراغه من الطواف وركعتيه، أتى إلى جهة باب الصفا، فقرئ هناك توقيعه بإمرة مكة، وكتاب السلطان بذلك، فحضرت القضاة والأعيان وخلق لا يحصون كثرة، وركب بعد ذلك فدار البلد ونادى بالعدل والأمان، وكان قد أمن المعاندين له خمسة أيام، فتوجهوا إلى جهة اليمن، وبعث لابن أخيه رميثة بزوادة ومركوب فيما بلغنا. وانتهى رميثة، ومن معه إلى قرب حلى، وأمر السيد حسن بعمل باب لباب المعلاة عوض الباب المحرّق، فعمل وعمر من هذا السور ما كان أخرب فى وقت الحرب، وبعث إلى القواد العمرة يستميلهم. فقدم عليه منهم جماعة أيام الحج، وسألوه فى مصافاتهم والإحسان إليهم، فأجابهم إلى ذلك بشرط أن يبينوا عن ابن أخيه ويلجئوه للسفر إلى اليمن. فإذا فارق حلى مسافرا لليمن قدموا عليه فأنالهم قصدهم، فأظهروا له الموافقة على ذلك، وبعث إلى خواص ابن أخيه يستميله بالدخول فى طاعته، فمال إلى ذلك ابن أخيه، لما بلغه عن القواد، ولتقصير من معه من موالى عجلان وابنه أحمد بن عجلان فى حقه، لقلة طواعيتهم له، ولإمساك سعد الدين سعيد جبروه يده عن إعطائه ما ظن رميثة أن صاحب اليمن بعث به إليه من النقد والكسوة والطعام على يد سعد الدين، فإن صاحب اليمن كان استدعى سعيدا ليوصله برا لنفسه ولرميثة، وقدم رميثة إلى مكة بإخوته وزوجته، وهى أعظم من حمله على ملاءمة عمه. وكان عمه قد توجه من مكة لقصد الشرق. ولما أتاه الخبر بإقبال ابن أخيه إليه، أمر خواص غلمانه بتلقيه وكرامته، فخرجوا للقائه موكبين له، ودخل معهم مكة، فأنزلوه بمكان أعدوه له، وكسوه وضيفوه وخدموه واستحلفوه على إخلاص الود منه لعمه، وحلفوا له كذلك عن أنفسهم وعن عمه، واستحلفوا إخوته كذلك لعمهم وحلفوا لهم. فكان هذا الحلف فى يوم الجمعة العشرين من صفر سنة عشرين وثمانمائة فى جوف الكعبة.

وفى يوم الخميس قبله، قدم مكة رميثة ومن معه، ومضى بعد ذلك بأيام قليلة ومعه إخوته لعمهم، فأكرم ملاقاتهم وأحسن إليهم، وبالغ فى الإحسان إلى رميثة وأظهر للناس الاغتباط به كثيرا، وما سهل ذلك بأكثر بنى حسن لتخيلهم أن حالهم لا يروج كثيرا إلا فى زمن الفتنة، ورام الشريف حسن حفظ القواد العمرة والحميضات، فأخذ ما معهم من الخيل والدروع، وألزمهم بذلك بعد عوده إلى مكة من الشرق، فى جمادى الأولى سنة عشرين وثمانمائة، أو الجلاء من بلاده ومحل ولايته، وأجلهم للجلاء نحو نصف شهر وعاد إلى الشرق، وأمر بعض خواصه بأخذ المطلوب من القواد، أو إخراجهم من البلاد، وظن أنه لابد من حصول أحد الأمرين لإطماع الشرفاء ذوى أبى نمى له بالموافقة على ذلك، والمساعدة له عليه، فتلطف القواد بالشرفاء وخضعوا لهم وخوفوهم من غائلة هذا الأمر، لما فيه من إضعاف الفريقين. فإن الشرفاء كانوا وافقوه على تسليم خيلهم ودروعهم إذا فعل ذلك القواد، وقصد الشرفاء بذلك إضعاف القواد، فمال الشرفاء لقول القواد، وأعطوا الشرفاء دية قتيل شريف قتله بعض القواد فى دولة رميثة. وكان القواد ممتنعين من ديته، ويقولون: نحاسبكم به مما لنا عندكم من القتلى، وتحالف الفريقان على كف الأذى، واستعطف القواد ذوى رميثة، أولاد أحمد بن ثقبة ابن رميثة وأولاد على بن مبارك ولفيفهم، فعطفوا على القواد، ومالوا لما قال إليه ذوو أبى نمى وحلفوا عليه. وبلغ ذلك الشريف حسن، فعاد من الشرق إلى مكة فى أول النصف الثانى من رجب، ولم يجد أكثر الشرفاء على ما كان يعهد منهم، وهم مع ذلك يظهرون له الطاعة والموافقة على قصده، ويشرطون عليه فى ذلك، أن يجزل الإحسان إليهم بالمال والخيل والدروع، وتوقف هو فى ذلك، لما عهد من الفريقين من الأخذ وعدم الإسعاف بالقصد، كعادة أسلافهم مع أسلافه، وبعد قدومه إلى مكة بأيام قليلة، استولى على جدة الشرفاء من بنى ثقبة، ومبارك والقواد ولفيفهم، وأعلنوا بالسلطنة لثقبة بن أحمد بن ثقبة، وميلب بن على بن مبارك وجعلوا لكل منهما بجدة نوابا، وأخذوا طعاما كثيرا بجدة، وجبا بعض الجلاب الواصلة إليه، فشق ذلك على الشريف حسن، وحمله الشرفاء على النزول عندهم بالدكناء، ففعل. ثم رحل منها إلى الجديد، ثم إلى حدّا، وأشار عليه جماعة من الشرفاء بأن يذهبوا عنه إلى القواد. وكانوا نزولا بالعد، مع جماعة من آل أبى نمى، ومع ذوى ثقبة وذوى مبارك، ليأمروا المشار إليهم بالدخول فى طاعته، ويخوفونهم

من غائلته، فمضى جماعة من الشرفاء الذين فى خدمة الشريف، إلى الذين بالعدّ، وغابوا عنهم مدة، وعادوا إلى الشريف بما لم يعجبه، وحضوه على الإحسان إلى الذين بالعدّ، وأن يلين لهم جانبه، فلم يمل لذلك لما غلب على ظنه ـ وهو الواقع ـ أن الإحسان إليهم لا ينال به منهم قصدا، وبعث خيلا ورجلا إلى جدة، فاستولوا عليها .. وكانت خالية من أكثر المباينين له، وتواطأ الأشراف والقواد على أن يرحل جماعة من القواد من العد، حتى ينزلوا فى حلّة الأشراف بالدكناء بوادى مرّ، للاستنصار بالأشراف، ففعل القواد ذلك لحزمهم، فأكرمهم الأشراف، وقصد المريدون لذلك من الأشراف، أن الشريف إذا أمرهم بقتال القواد ومن انضم إليهم، قالوا له الأشراف: كيف نقاتل من استجار بنا ونزل بحلّتنا، لكون ذلك لا يحسن عند العرب. ولما اتفق ذلك، خرج جماعة من آل أبى نمى، وذوى مبارك وغيرهم من الدكناء لقصد مكة، فخرج إليهم منها نائبها مفتاح الزفتاوى، فتى الشريف حسن بن عجلان، فى خيل ورجل، فالتقوا مع القواد والشرفاء، فكان النصر للشرفاء ومن انضم إليهم، وخفروا جماعة من عسكر مكة، وأخذوا خيلهم وسلاحهم ولجأ الزفتاوى إلى جبل قرب المعركة، وما زال به حتى قتل وقتل غيره من جماعته، وقتل من الشرفاء فوّاز بن عقيل ابن مبارك. وكانت هذه الوقعة فى يوم السبت ثانى عشر رمضان سنة عشرين وثمانمائة. ورجع الشرفاء ومن انضم إليهم إلى العدّ، وشق على الشريف كثيرا ما صدر منهم وقتلهم لنائبه، ثم سعى جماعة من الشرفاء من ذوى أبى نمى وغيرهم، فى الصلح بينه وبين الذين بالعدّ، على مال يبذله لهم الشريف، ولا يحدثون حدثا فى طريق من طرق مكة، إلى انقضاء هذه السنة، وعشرة أيام من المحرم سنة إحدى وعشرين وثمانمائة. فرضى بذلك الفريقان وتعاقدوا عليه وتواثقوا، وأحسن إليهم الشريف بتسليم ما وقع الاتفاق على تسليمه معجّلا، واطمأن الناس، وقدم التجار من اليمن أكثر من كل سنة. من غير توقف فى الدخول إلى جدة لإذن السلطان لهم فى ذلك. وكان دخول التجار إلى جدة فى صفر من هذه السنة بغير إذن من السلطان باليمن، وإنما ذلك باختيار المتقدمين فى أمر المراكب، لعدم قدرتهم على التّجوير على جدة إلى ينبع، لكون تجويرهم عليها يوافق اختيار صاحب اليمن. ولما دخلوا إلى جدة لم يشوش عليهم نواب الشريف، وساهلهم الشريف فى المكس

المتعلق بحمل السلطان، وأسقط عنهم بعضه، واعتذر مما أخذه بالحاجة إليه، فأعجب ذلك السلطان، وأمر التجار بقصد جدة، فقصدوها ثانيا كما ذكرنا، ومضوا إلى بلادهم بعد الحج وهم سالمون من النهب ولله الحمد. وفى النصف الثانى من شوال سنة عشرين وثمانمائة، قدم من مصر على الشريف ابنه السيد بركات فسر به، ولما طاف بركات بالكعبة، دعى له على زمزم كعادة أمراء مكة. وصار أبوه يفوه له بالإمرة، ويقول لبنى حسن وغيرهم: هو سلطانكم. وفى شهر ربيع الأول من سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، أظهر للناس أنه تخلى عن إمرة مكة لابنه السيد بركات، بحيث أجلسه على المفرشة بالمسجد الحرام، وجلس هو على مفرشة عنده، وأمر من فى خدمته بالحلف له، فحلفوا له وأمرهم بالخروج فى خدمته والنزول بالركانىّ بوادى مرّ، ففعلوا؛ لأن أكثر الذين بالعدّ من ذوى رميثة وذوى أبى نمى والقواد، رحلوا من العد حتى نزلوا حدّا، ولم يسهل بالشريف نزولهم بحدّا؛ لأن جماعة من وجوه القواد، كانوا ذكروا للشريف أن الذى بالعدّ، لا يرحلون منه إلى غيره إلا بإخباره، ولما نزل السيد بركات ومن معه بالركانىّ، لم يسهل ذلك بالذين نزلوا بحدّا، ورغبوا فى أن الشريف يأمر ولده بالرحيل عنهم إلى الجديد ونحوه من وادى مرّ، ويدخلون بأجمعهم فى طاعته ويمضى إلى الشرق، فإنه يختار ذلك ولا يحدثون حدثا إلى انقضاء سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، وعشرة أيام من التى بعدها. فوافق الشريف على ذلك وأجابهم إلى ما سألوه من الإحسان إليهم، بما عوّدهم به فى كل سنة قبل هذه الفتنة، على عادتهم فى أخذ ذلك منجّما، وأعطى ذوى مبارك دية رضوها فى فواز ابن عقيل بن مبارك، مع كونه يرى أنها لا تلزمه، وحمله على ذلك حبّه لحسم مواد الشر، وما انطوى عليه من الصفح والحلم، ولذلك حلم على الذين خرجوا عن طاعته، ولا يموا ابن أخيه رميثة، وقاتلوه، من عبيد أبيه وأخيه وأولادهم، واستدعاهم من حلى ومن اليمن، وأجراهم على رسومهم التى كانوا عليها قبل جموحهم عن طاعته، فالله تعالى يزيده توفيقا، ويسهل له إلى كل خير طريقا. وكان وصول أكثرهم إليه، فى أخريات ذى القعدة من سنة عشرين وثمانمائة. وفى ربيع الأول من سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، جمح أحمد بن الشريف حسن عن طاعة أبيه، لكونه قدم أخاه بركات عليه فى الإمرة، وأرسل إليه أبوه من يستعطفه ويعده عنه بذهب ومركوب، فلم يمل أحمد لذلك.

واجتمع إليه جماعة من الطّمّاعة، ومضوا لجدة وتخطفوا منها أشياء، ولم يسهل ذلك بأبيه. ثم إن كثيرا من الذين كانوا مع أحمد، تخلوا عنه لملاءمة أقاربهم لهم على ملاءمته، لكون ذلك لا يرضى أباه، ولما عرف هو ذلك حضر إلى حدّا، ونزل بها. والله يصلح أحوالهم، ثم دخل فى الطاعة، وأقام على ذلك وقتا، ثم خالف ومضى إلى ينبع، وأتى منها مع الحجاج فى سنة إحدى وعشرين إلى أبيه بمكة، فلم ير ما يعجبه، فعاد مع الحجاج إلى صوب ينبع، بعد الحج من هذه السنة. وفيها بعث أبوه ولده السيد إبراهيم إلى بلاد اليمن، مستعطفا لصاحبها الملك الناصر، فعطف عليه كثيرا، بعد أشهر كثيرة، وجهزه إلى مكة بعد أن أمر له بصلة متوسطة. وفيها كتب الملك الناصر إلى صاحب مصر الملك المؤيد، كتابا يذكر فيه شيئا من حال السيد حسن بن عجلان؛ لأن الملك المؤيد كتب إلى الملك الناصر على يد سفيره القاضى أمين الدين مفلح التركى، كتابا يستعطفه على السيد حسن، وذكر فيه شيئا من حاله. وأما ما ذكره الملك المؤيد فهو: وأما الشريف حسن بن عجلان، فإنه بلغنا أنه طابق تسميته بالعكس، فرسمنا بطرده، وقلنا هذا الكدر لا يليق عند سكان الصّفا، فقربنا إليهم المسرة ببعده، وعلمت أهل مكة منا بذلك، فأنكرت مشاركته فى البيت وأخرجته من الحرم الشريف وأغلقت الأبواب، وقالت: هيت. وانقطع أمله من ورود زمزم، وقد جرعته كئوس البين مرارة الإصدار، وتيقن قتل نفسه عند خروجه من الديار، ولم تتعرف به عرفات، لما طرد منكرا على وجل، ولا يمكن أن يقول بعدها: ساوى إلى جبل. وأيقن أن يصاب من كنانة مصر بسهام يبلغ بها المقام الغرض، ويقول ببلاغة وإيجاز: سهم أصاب وراميه بذى سلم، من بالحجاز. وعلمنا أن سيفنا المؤيدى، لابد أن يسبق فيه العذل، ويدخله فى خبر كان، وتتنغص حياته، ويأتيه الموت كأبيه عجلان [من الطويل]: ويمسى اليمانى نائما ملء جفنه ... ومن كثرة التطويل يختصر الرمح كذاك مديد البحر يمضى زحافه ... بتقطيعه قهرا ويتضح الشرح وفى خده يمسى السرور مجدا ... وللطير فى أفنانها بالهنا صدح ويعذب من عيذاب أرياق ثغرها ... وشام بها من لذة الشرب ما يصحو وأعداؤنا أعداؤكم غير أنهم ... ظلام محاه من صداقته الصبح ونزل بعد ذلك على الطور. فقال له لسان الحال: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ إِنَّ عَذابَ

رَبِّكَ لَواقِعٌ) [الطور: 6، 7] وفيهم أغراب سيفنا عن صرفه، فصرف نفسه ولم يتقو على الصرف بمانع، وتحقق أنه فعل فاحشة وظلم نفسه، فذكر الله تعالى واستغفر لذنبه، واستجار بقوله تعالى: (وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا) [التغابن: 14] إلى آخر الآية. فرأينا العفو أليق به، وعلى كل حال فهو شريف، ورتبته فى الشرف رفيعة. وقد تاب من ذنبه، وطمع فى أن يكون المقام الأحمدىّ شفيعه، والتزم بالتوصل إلى رضا الخواطر الكريمة عليه، وبردّ الأمانات إلى أهلها، ليفوز بالتفات العواطف الناصرية إليه، وأقسم بالبيت العتيق، أن يتقرب إلى المقام بإخلاص جديد. وقال: كل أحد يعرف أن الحنوّ الأحمدى على الحسن غير بعيد. انتهى. وأما ما كتب به الملك الناصر فى هذا المعنى فهو: وأما الإيماء إلى الصفح عن الشريف بدر الدين، فما كان إلا صديقا صدوقا، ورفيقا رفيقا. ثم بدا له فى ذلك، فأخذ ينقض غزل تلك الصداقة بعد القوة، ويحل عرى ذلك الرفق عروة عروة، ويحدث على التجار كل عام حادثة، وكلما تضجروا من واحدة أتبعها بثانية وثالثة، حتى تواصلت بشكواه الألسنة، فأردنا إيقاظه من هذه السنة، بأن ينقل موسم التجار إلى ينبع، وأن يشحن المراكب بالمقاتلة، صيانة لها عن التتبع، ليعلم أن العدل هدى وعمارة، وأن الجور خراب وخسارة. ولما حصلت الإشارة الشريفة بتلافى ما فرط منه، وتدارك ما صدر عنه، أرسل ولده وشرط على نفسه هذه الشروط الصادرة، وقد تحاملنا له فيها على التجار لتطييب خاطره، فإن زيادتها على ما كان يأخذه سلفه منهم ظاهرة. وأردنا أن يكون تمام ما بدا به المقام الشريف على يديه، ويعرف ما شرط على نفسه لينفذه ويقضى به عليه. فقد رضينا جميعا بأن يكون هو الحاكم، والآخذ على يد الظالم. وحتى يعلم من يحور بعد الكور، ويركب مطيّة الخلف والجور، ويسأله كتب منشور عن المرسوم الشريف، يعتصم به السفراء والتجار عند الحاجة إليه، ويشار فيه إلى أمير الحاج أن يكون فى الوفاء به شاهدا وحاكما عليه، فما يتقض أمر أبرمته عنايته، ولا يضل سالك أرشدته هدايته. انتهى. وكتاب صاحب اليمن، من إنشاء أديب اليمن وفاضله، القاضى شرف الدين إسماعيل بن أبى بكر، المعروف بابن المقرى، وهو مؤرخ برمضان أو شوال من سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، وكتاب صاحب مصر من إنشاء الأديب البارع تقى الدين أبى بكر بن على بن حجّة الحموىّ. وهو مؤرخ بالمحرم سنة عشرين وثمانمائة.

وفى اليوم الأول من ربيع الآخر من سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، توجه السيد حسن من مكة قاصدا للشرق، وعدل إلى صوب الطائف، فخرب أماكن بلقيم، والعقيق، ووجّ، من وادى الطائف، خرابا كثيرا، وهدم حصنا لعوف بليّة. وسبب ذلك، توقف أهل الأماكن المشار إليهم، عن تسليم ما قرره عليهم من القطعة لزيادتها على العادة، مع ما هم فيه من ضيق الحال، بسبب الجناية التى أخذها منهم فى العام الماضى، ومع ذلك فما وسع أهل الأماكن المشار إليها، إلا استعطافه وتسليم ما رضيه، واتهموا جويعد بن نمير صاحب أبى الأخيلة، بأنه أغرى بهم فى ذلك الشريف حسن بن عجلان. فلما عاد الشريف حسن من الشرق إلى مكة، خادعوا جويعد واستحضروه إليهم بقرية السلامة، ومنعوه الخروج من المنزل التى اجتمعوا فيه، وقصد طائفة كثيرة منهم حصنه أبا الأخيلة فأخربوه خرابا فاحشا، ثم أطلقوه سالما فى بدنه. وفيها وصل من صاحب مصر إلى الشريف حسن عدّة كتب، منها كتاب فى حادى عشرى ربيع الأول، فيه إعلامه بقوة عزم السلطان على الحج فى هذه السنة، وأمره بتسليم ما وصل من الغلال إلى جدة، ونقل ذلك إلى مكة، والاحتفاظ بذلك. وفيه مطالبة بعشرة آلاف مثقال، بقيت عنده من الثلاثين الألف المثقال، التى التزم بها للخزانة الشريفة، لما سأله العود إلى إمرة مكة. ومنها كتاب آخر فيه إعلامه بتفويض أمر بيع الغلّة إلى علاء الدين القائد، لإعراض السلطان عن الحج، وفيه العتب عليه لكونه لم يرسل مع علاء الدين بالعشرة الآلاف المثقال. وكان وصول ذلك إليه فى آخر ذى القعدة وهو بجدة، وحضر إلى مكة قبل هلال ذى الحجة بليلة أو ليلتين، وحضر لخدمة المحمل المصرى، وتردد لأمراء الحاج والأعيان بمكة ومنى، وأقام بمكة إلى تاسع عشرى ذى الحجة. وتوجه إلى جدة عند توجه الناس إليها لليمن. وأقام بجدة أياما كثيرة، وتوجه منها بعد سفر أكثر الناس، ووصول الطيّب ابن مكاوش سفير صاحب اليمن، وى تابة فيها حمل للسلطان وغيره. وقصد صوب اليمن ناحية الخريفين. وجاوز ذلك وراسل صاحب حلى محمد بن موسى بن أحمد عيسى الحرامى، فى أن يزوجه أخته، ورغب فى أن تزفّ إليه، فأجابه إلى تزويجها بشرط حضوره إليهم، فأعرض عن الحضور إليهم، ولم يأت مكة إلا فى الحادى عشر من ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة.

وفى آخر اليوم الثانى عشر منه، توجه لصوب الشرق؛ لأنه بلغه أنه كثير المطر وليقوى به أمر من أرسلهم إلى الطائف وليّة، لقبض القطعة التى قررها على أهل الطائف وليّة. والله يحمد العاقبة. وكان من خبره بعد ذلك، أن عسكره أخربوا أماكن بلقيم، والعقيق، ووج، من وادى الطائف، ثم أمر بإخراب حصن الطائف المعروف بحصن الهجوم، بسعى جماعة من الحمدة عنده فى ذلك، فأخرب جانب كبير منه، وأعان المخربين له على إخرابه، أن بعض أعيان عسكر الشريف، استدعوا بعض أعيان أصحاب الحصن، فحضروا إليهم وهم لا يشعرون بما يريده عسكر الشريف. فلما أوثقهم عسكر الشريف، ساروا لإخراب الحصن فرماهم منه بعض النسوة الذى به، وكادوا يحمونه، ثم قيل لهم فيه، إما أن تسلموا الحصن وإلا ذبحنا الذين عندنا منكم، فرق لهم الذين بالحصن وسلموه، فهدم. ثم سعى أصحابه عند الشريف، فى أن يوقف عسكره عن هدمه وفى عمارته، فأجابهم لقصدهم، وأعادوا كثيرا مما هدم بالبناء، وأمر بإخراب الموضع المعروف بأم السكارى، جبل بالسلامة من وادى الطائف؛ لأن الذين بنوا فيه من الحمدة، هم الذين قاموا فى هدم حصن أبى الأخيلة، حصن جويعد، لانتمائه للشريف، فهدم ذلك هدما دون هدمه الأول. وعاد الشريف إلى مكة، بعد أن صارت إليه القطعة التى قررها على أهل الطائف وليّة، وسلك فى طريقه طريق نخلة اليمانية. فلما كان بالزّيمة منها، أمر بقطع نخيل فيها وبإخرابها، لعتبه أمرا على أهلها. فاستعطفوه وهادوه بخيل، ومضى منها إلى سولة، ثم إلى خيف بنى عمير، ثم إلى المبارك، ثم إلى وادى مرّ، وأتى منه إلى مكة، فى أثناء رجب سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، وتردد منه إلى مكة غير مرة، وزوج بالوادى ابنه أبا القاسم فى شعبان. وفيه ظهر منه ميل إلى القواد العمرة، على الشرف آل أبى نمى، ولفيفهم من القواد العمرة. وكان قد حصل منهم فى غيبته بالشرق فى هذه السنة كدر، سببه أن مقبل بن هبة بن أحمد بن سنان بن عبد الله بن عمر القائد العمرىّ، استغفل جلبان بن أبى سويد ابن أبى دعيج بن أبى نمى، فضربه بالسيف ليلا، وهو متوجه إلى مكة، فحمى لجلبان قومه، واحترز منهم القواد العمرة، واستتنصروا عليهم وامتنعوا منهم، إلى أن وصل

الشريف من الشرق. فاستماله القواد فمال معهم، وأمر الشرف ولفيفهم من القواد، أن لا ينزلوا بحدّا بطريق جدة، فخالفوه. فلم يسهل به ذلك، وكثر ميله ونصرته للمعاندين للشرف من القواد، فتعبوا لذلك. ورحلوا من حدّا، بعد إقامتهم بها شهر رمضان وأياما من شوال، بعد أن صرف لهم نحو ألف وخمسمائة افرنتى. وكان هو فى غالب شهر رمضان وشوال والقعدة بجدة ونواحيها، وأتاه فى شوال جلاب من جنوب اليمن، فيها ما خرج منا حمل مراكب الكارم، التى انصلحت برأس المخلاف، فى شهر صفر من هذه السنة. فحصل له منها نفع جيد، ثم وصلت المراكب الكارميّة إلى جدة، وهو بها فى آخر ذى القعدة، فصالحه التجار الذين بها على عشرة آلاف افرنتى، بعد وصوله إلى مكة لملاقاة الحاج، وتردد إلى أعيان الحجاج وخدمهم وهاداهم وهادوه، وحج الناس مطمئنين، فلله الحمد. وحصل بجدة فى أوائل سنة ثلاث وعشرين، خلل فى بعض مراكب الكارم، عندما عزموا من جدة إلى ينبع، فأمرهم الشريف بالتنجيل، فصالحوه فى ذلك بألفى افرنتى، وتوجه هذا المركب وغيره من مراكب الكارم وجلا بهم، إلى ينبع ونجلوا بها. وفى الرابع عشر من صفر من هذه السنة، وصل كتاب من الملك المؤيد صاحب مصر نصره الله، إلى الشريف يتضمن عتبه عليه فى أمور. منها: أخذه الموجب من المتاجر السلطانية، فإن فى المراكب المشار إليها حملا منسوبا لصاحب مصر. ومنها: لكونه كان فى العام الماضى يشترى ما يرد بجدة من الحبّ والتّمر ويخزنه ويبيعه للناس. ومنها: لتأخره إرسال ما بقى عليه للخزانة الشريفة السلطانية المؤيدية، مما التزمه لها حين ولى إمرة مكة فى سنة تسع عشرة وثمانمائة، وهى عشرة آلاف مثقال؛ لأنه كان التزم بثلاثين ألف مثقال، سلم عشرين وبقى عليه عشرة. وفى الكتاب إليه عتب قوى لتأخيره إرسال هذا المبلغ، وكلمات مزعجة للخاطر، منها ما معناه: ولا تظن أن إهمالنا لك، عجز عن حصولك فى قبضتنا الشريفة، وإنما لما أحسنت منك السيرة فى بعض الأمور، قلنا: لعل الله أن يحسن فى الباقى. وقد انزعج خاطره لذلك كثيرا، وحمله ذلك على التنصل من إمرة مكة، فكتب يسأل فى تفويضها لولديه: السيدين بركات وإبراهيم.

وذكر أنهما يقومان للخزانة الشريفة بالعشرة الآلاف المثقال المطلوبة منه عند ولايتهما، وأنهما أولى بالإمرة منه، لقوتهما ولضعف بدنه وحبّه للعبادة، وذكر أنه لم يأخذ موجبا من المتاجر السلطانية، وأنه لم يشتر ما اشتراه من الحب والتمر فى العام الماضى بقصد احتكاره، وإنما اشتراه لحاجته إليه لنفقته ونفقة عسكره. فلما رأى اضطرار الناس باعه عليهم، فكان فى خزنه لذلك وبيعه نفع للناس، وإلى آخر السنة لم يأته جواب عن كتابه. وتوجه عقيب كتابه فى آخر صفر، لصوب حلى، فبلغها وتلقاه صاحبها محمد بن موسى إلى الحسبة، وبنى فى حلى بأخت محمد بن موسى المذكور، وتوجه بها معه إلى مكة، فبلغها فى خامس رجب، وقد سبقه إليها فى مستهل رجب، شيخنا العلامة المفنن عمدة المقرئين: شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد ابن محمد بن على بن يوسف بن الجزرى الدمشقى الشافعى، قاضى القضاة بمملكة شيراز (5)، أدام الله به النفع وعامله باللطف، فإنه توجه من شيراز مريدا للحج فى العام الماضى، فعرض له بنو لأم بقرب عنيزة (6)، فنهبوا ما معه من التحف التى استصحبها هدية لأعيان أهل الحرمين. وتأخر بعنيزة لتحصيل كتبه وترقيع حاله. فلما ظفر بكتبه، توجه قاصدا للمدينة النبوية، فنهبه بعض بنى حسن ثانيا. وتوصل إلى المدينة النبوية فى صفر من هذه السنة، فأقرأ بها القرآن والعلم، وأسمع الحديث، وتوجه منها فى جمادى الآخرة إلى ينبع، وركب من هناك البحر إلى جدة، وتوصل منها إلى مكة. ففعل بها ما فعله بالمدينة، من إقراء القرآن والعلم والإسماع، وحضر إليه الشريف حسن وبعض أولاده وأعيان غلمانه، وسمعوا على شيخنا المذكور شيئا من الحديث، وقصيدة مدح بها السيد الشريف حسن بن عجلان. أولها [من الطويل]: سلام كنشر المسك فى السر والعلن ... يضوع على من وجهه كاسمه الحسن وصار يقيم وقتا بمكة ووقتا بأماكن من بواديها، ولما حضر الحجاج المصريون إلى مكة، وافاهم وخدم المحمل المصرى على العادة، وراعى مصالح الحجاج بحراستهم، ولما بلغه موت الملك إبراهيم بن الملك المؤيد صاحب مصر، أمر بالصلاة عليه والقراءة لأجله.

_ (5) شيراز: بلد عظيم مشهورة معروف مذكور، وهو قصبة بلاد فارس. انظر: معجم البلدان (شيراز). (6) عنيزة: هى موضع بين البصرة ومكة. انظر: معجم البلدان (عنيزة).

وكان ابتداء القراءة فى يوم الجمعة خامس شعبان، وفيه صلى عليه بعد الجمعة، واستمرت القراءة لأجله إلى صبيحة يوم الأحد الرابع عشر من شعبان. وكان يحضر للقراءة مع الناس مرات كثيرة. وفى ليلة منتصف شعبان، حضر مع الناس بالمسجد الحرام، وقرأوا ختمة للسلطان الملك المؤيد، ودعى له عقيب ذلك، وكتب بذلك مكتوبان. ولما تكلف لخدمة أمراء الحاج فى موسم هذه السنة، استدان لأجل ذلك من التجار والمتسببين، وبعث عقيب الحج رسولا وهدية ببعض الأشياء المذكورة، إلى صاحب الشرق الملك شاه رخ بن تمر لنك. وأوصى شيخنا العلامة شمس الدين بن الجزرى السابق ذكره، برعايته فى ذلك كثيرا، فأجابه لقصده. وكان ابنه السيد أحمد بن حسن، قد توجه فى آخر العام الماضى مع قافلة عقيل، فبلغ هرموز وعاد بغير طائل مع قافلة عقيل، قبيل التروية من هذه السنة. وفى يوم الاثنين ثانى عشر شهر ربيع الأول من سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وصل إلى مكة تشريفان له ولابنه السيد زين الدين بركات، وعهد يتضمن تفويض إمرة مكة إليهما، وتاريخ هذا العهد، مستهل صفر سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وهذا العهد مكتوب عن الملك المظفر شهاب الدين أبى السعادات أحمد بن الملك المؤيد، والمنفذ له وللتشريفين، مدبّر دولته المقر الأشرف السيفى نظام الملك ططر؛ لأن الملك المؤيد حصل له فى شوال من العام الماضى ضعف خيف عليه منه، فعهد بالسلطنة لابنه المشار إليه وله دون سنتين. وجعل الأمير ألطنبغا القرمشى أتابكه. فكان القرمشى مجردا فى جماعة من أعيان الأمراء والعساكر ببلاد الشام لحفظها من قرا يوسف التركمانى، والمجهز لهم الملك المؤيد فى رمضان من سنة ثلاث وعشرين، وجعل حين عهده لابنه جماعة من الأمراء الحاضرين عنده بالقاهرة، ينوبون عن القرمشى إلى حين حضوره. وحصل للسلطان بعد ذلك عافية، فتوجه للبحيرة وعاد منها عليلا. واستمر حتى مات فى بكرة يوم الاثنين، ثامن المحرم من سنة أربع وعشرين وثمانمائة. واتفق أعيان الدولة على أن يكون المقر الأشرف ططر، مدبرا للأمور لخصاله المشكورة، وفوض ذلك له الخليفة المعتضد داود بن المتوكل العباسى، أخو المستعين بالله أبى الفضل العباس بن المتوكل؛ لأنه أقيم فى الخلافة بعد اعتقال أخيه المستعين

بالإسكندرية فى سنة سبع عشرة وثمانمائة، فأخذ الأمير ططر عليهم وعلى كافة الأعيان من العلماء وقضاة القضاة، البيعة للملك المظفر عقيب موت والده، وأحسن فى تدبير أمور الناس، وجهز للسيد حسن وابنه التشريفين والعهد، وجهز تشريفين لأميرى المدينة النبوية وينبع، وقرئ العهد المشار إليه، وكتاب عن السلطان المظفر، مؤرخ برابع عشر صفر. وذلك بالحطيم فى المسجد الحرام، فى بكرة يوم الأربعاء رابع عشر ربيع الأول، بحضرة السيد بركات وغيره من قضاة مكة والأعيان بها، ولبس تشريفه، وطاف عقيب ذلك سبعا بالكعبة المشرفة، والمؤذن بأعلا قبّة زمزم يدعو له جهرا، على عادة أمراء مكة، وركب من باب الصفا، ودار فى شوارع مكة. وفى الكتاب المشار إليه، الإعلام بوفاة الملك المؤيد، ومبايعة أهل الحل والعقد من العلماء والعسكر للملك المظفر، وجلوسه على تخت الملك وخدمة العسكر وعمل الموكب بين يديه. وأمر فيه بمراعاة مصالح الناس بمكة، وتعظيم أمر حكام الشرع، وإعادة ما أخذ من التجار إليهم، وإسقاط ما جدد من المكوسات. وأعفى فيه السيد حسن من تكلف شيء لأمراء الحاج. وفى العهد المتضمن لتفويض إمرة مكة إليه وإلى ابنه نحو من ذلك، والأمر بمراعاة مصالح الرعية، وغير ذلك من الوصايا النافعة. وكان السيد حسن فى هذا التاريخ، غائبا عن مكة بناحية اليمن فى جهة الواديين أو قرب ذلك. ولما بلغه موت السلطان الملك المؤيد، وذلك فى النصف الثانى من صفر، رام أن يجعل ابنه السيد إبراهيم حاكما بمكة، مع ابنه السيد بركات، ويكون لكل منهما ثلث الحاصل لأمير مكة، ويصرف كل منهما الثلث فى جماعته على ما يراه، ويبطل الرسوم التى كان قررها للأشراف والقواد فى كل سنة، وجعل الأشراف إلى ابنه السيد إبراهيم، والقواد لابنه السيد بركات، وجعل له الثلث الباقى من الحاصل لأمير مكة، يصرفه فى مصالحه وخاصة نفسه، فلم ينتظم هذا الأمر، لكون القواد لم يوافقوه على إبطال ما كان قرره لهم من الرسوم فى كل سنة، ومضى هو وابنه السيد إبراهيم بعد ذلك إلى صوب اليمن، وجاء الخبر بعد ذلك من مصر بما ذكرناه، والله يصلح الأحوال. وفى هذه السنة، وصل ابنه إبراهيم، من ناحية اليمن، ومعه الأشراف، فألزموا المؤذن بالدعاء لإبراهيم على زمزم وقت طواف الكعبة الشريفة، ففعل ذلك، ولم يسهل بأخيه

بركات وجماعته، وتنافر الأخوان وجماعتهما، وقصد إبراهيم دخول جدة، وقصد بركات بعد ذلك دخول مكة، فعورض، وصار يخطب بمكة لإبراهيم مع أبيه وأخيه. وذلك عقيب وصوله من اليمن فى نصف هذه السنة، وسأل والده من الدولة بمصر، تقرير ولديه المذكورين فى الإمرة بمكة فلم يجب لقصده، وكتب إليه بما معناه: لا نثق فى أمر مكة إلا بك ولكنك استنب من شئت. وهذا الكتاب وصل إليه وقت الموسم من سنة أربع وعشرين من الملك الظاهر ططر، بعد أن بويع بالسلطنة بدمشق فى تاسع عشرى شعبان من هذه السنة، وأذعنت له بالطاعة ديار مصر والشام، وبدا منه عدل كثير، وأرسل للشريف حسن يأمره بإسقاط المكس، وأن لا يكلف التجار بمكة قرضا. وكتب بذلك فى سوارى من المسجد الحرام من ناحية باب بنى شيبة، وفى جهة الصفا. وبعث للشريف حسن بألف أفلورى أو نحوها، كان خدم بها أمير الحاج المصرى فى العام الماضى. وفى هذه السنة نفر كثير من القواد والأشراف عن طاعة الشريف حسن، وانضموا إلى ابن أخيه السيد رميثة بن محمد بن عجلان، واستولوا على جدة. وانتشروا فى الطرقات. فنجل أكثر الواصلين من اليمن من غير جدة. ووصلوا لمكة متحفّزين. وما زال الشريف حسن يسعى حتى بان عن رميثة أكثر من معه، فدخل فى طاعة عمه، وتوسل إليه بابنه بركات فأكرمه، وذلك فى أوائل سنة خمس وعشرين وثمانمائة. وجاء فى هذا التاريخ من ينبع، صاحبها مقبل الشريف بن مخبار، نجدة للشريف حسن، ومضيا بعسكرهما ومعهما الأشراف آل أبى نمى، خلف القواد العمرة وغيرهم، حتى جاوزوا الواديين فى ناحية اليمن، ثم نفر عن الشريف حسن، ابن أخيه رميثة وغيره من إخوته وبنى عمه، أولاد على بن مبارك وذوى ثقبة، ولا يموا القواد العمرة، وتنافر الشريفان حسن ومقبل فى الباطن، لشدة رغبة مقبل فى مطاوعة الشريف حسن له فى قتال القواد، ولم يجبه لذلك الشريف حسن، لما بلغه من أنه المجرئ لابن أخيه وبنى عمه على مباينته والانضمام على القواد، ووصلا لمكة والود بينهما ظاهر، وأظهر مقبل عزما لينبع، وسئل فى الإقامة بمكة على مال جزيل بذل له، فلم يمل لذلك، وما رحل من وادى مرّ، حتى وصل إليه رميثة وأقاربه وكثير من القواد، واستولوا على جدة. وتوجه عقيب ذلك الشريف حسن لنخلة، وأقام بها أياما، ثم للشرق. واستفاد فيه

خيلا كثيرة وإبلا وغنما، وأتاه إلى هناك جماعة من القواد العمرة يسألونه فى المسير إلى مكة، وتمكينه من جدة فتوقف، ثم أتى مكة فى آخر شوال من هذه السنة. وكان وصوله إليها من صوب اليمن مع مقبل فى آخر جمادى الأولى، من هذه السنة، وبعد ذلك بنحو جمعة، كان توجهه لنخلة، ووافاه بمكة وقت وصوله من اليمن كتاب من مصر، من مولانا السلطان الملك الأشرف برسباى صاحب مصر والشام، يخبر فيه بأنه بويع بالسلطنة بمصر، فى ثامن ربيع الآخر من هذه السنة، وهى سنة خمس وعشرين وثمانمائة، وأنه رسم بترك تقبيل الأرض بين يديه تعظيما لله تعالى. وكان مولانا السلطان المشار إليه، يدبر قبل ذلك دولة الملك الصالح محمد بن الملك الظاهر ططر، وله نحو عشر سنين، وكان قد بويع بالسلطنة قبيل موت أبيه. وكان موت أبيه فى رابع ذى الحجة، سنة أربع وعشرين وثمانمائة بمصر، بعد وصوله إليها من البلاد الشامية، وكانت مدة سلطنة الصالح أربعة أشهر وأربعة أيام، ومدة سلطنة أبيه ثلاثة أشهر وخمسة أيام، ومدة سلطنة المظفر أحمد بن المؤيد سبعة أشهر واثنان وعشرون يوما، وكان له من العمر نحو سنتين وقت سلطنته وهو حى، وكذا الصالح. وما زال الشريف حسن يسعى حتى بان عن رميثة أكثر من كان معه، وقصد رميثة ومن معه لصوب جدة، إلى مرّ الظهران، ودخل فى طاعته ممن مع رميثة، ميلب ابن على ابن مبارك وغيره. واستولى الشريف حسن على جدة، ومضى رميثة ومن معه من الأشراف آل أبى نمى والمولدين من أبناء عبيد جده عجلان إلى ينبع، وأعانوا صاحبها مقبل فى حروب بنى أخيه وبير بن مخبار، فإن عقيل بن وبير، مضى فى أثناء سنة خمس وعشرين لمصر، وولّى بها نصف إمرة ينبع، وبدا من عمه تقصير فى حق صاحب مصر. فلما وصل الحجاج من مصر لينبع، فى ذى القعدة من هذه السنة، بان مقبل عن ينبع، وبعد رحيل الحجاج من ينبع لمكة بأيام، جمع وحشد لحرب بنى أخيه، وتكررت بينهم الواقعات، ونالوا منه أكثر مما نال منهم، وأعانهم فى بعضها الحجاج المصريون، بعد عودهم من الحج والزيارة للمدينة النبوية. وكان مقبل فى هذه الوقعة غافلا عنهم فبيّتوه سحرا، وبالجهد إن نجا، ونهبت حلته. وفيها له نقد طائل فيما قيل وإبل كثيرة.

وكان قبل ذلك قد ظفر ببعض بنى أخيه بخديعة دبّرها وقيدهم، فوجدوا بحلقة فأطلقوا، وبعض الحروب بينهم وبين عمهم فى آخر سنة أربع وعشرين، وأكثرها فى سنة خمس وعشرين، وأنجد الشريف حسن أولاد وبير بخيل وسلاح ورجال، وعزم على المسير إلى ينبع لنصرتهم، فأتاه للفور مقبل خاضعا، فأكرمه وأعرض عن توجهه لينبع، وسأله مقبل فى المسير معه لينبع، فلم يفعل، واعتذر له بوصول كتاب صاحب مصر إليه، بأن يسعى فى تحصيل مقبل، وشرط على مقبل أن يبين عنه رميثة ومن معه. ولما عرف رميثة بذلك، قصد عجلان بن نعير بن منصور بن جماز بن شيحة الحسينى، أمير المدينة النبوية، فى أن يشفع له إلى عمه فى الرضا عنه، ويلتزم طاعة عمه، فأتى عجلان للشريف حسن مستشفعا، فأجابه لقصده، وحضر إليه ابن أخيه رميثة، فأكرمه وأمره بمباينة من كان معه من جماعة عجلان، فرجعوا لينبع. وذلك فى ربيع الأول من سنة ست وعشرين وثمانمائة، ولم يقو بعد ذلك أحد من الأشراف، ولا من القواد، على معاندة الشريف حسن، وتغير خاطره على ابنه السيد إبراهيم، لكونه أوى إليه الأشراف ذوى راجح بن أبى نمى. وكان أبوه أمره بإبعادهم فلم يفعل، ومضى بهم وبمن انضم إليهم من بقية آل أبى نمى وغيرهم، إلى صوب اليمن. وانتهوا إلى الواديين وباليمن، وقطع ذكر إبراهيم فى الخطبة بمكة، وفى الدعاء على زمزم بعد المغرب، وأتى إلى صوب مكة بمن معه فى شهر رجب من سنة ست وعشرين وثمانمائة، ونزلوا بوادى مرّ. وكان أبوه إذ ذاك بالشرق، فقصده فلم ير منه إقبالا. وكان قد أعان أخاه السيد بركات بخيل ونفقة، على أن يسيروا وراء الأشراف، فساروا وراءهم إلى صوب اليمن، ثم وصل الشريف حسن من الشرق إلى مكة، فى رمضان من هذه السنة، وسكنت الفتنة بين الأخوين وجماعتهم، فاطمأنوا، وأتاه كتابان من الملك الأشراف صاحب مصر، الأول: يتضمن كثرة العتب عليه لأخذه فلفل التجار الواصلين إلى جدة من كاليكوط بالهند، مجورين على عدن، وأمره برد ذلك إليهم بخطاب فيه عنف. والثانى: يتضمن كثرة تعظيمه، وفيه ما معناه: أنه بلغنا عنك تحيلك أنا نريد بك الاستبدال، ولا يعقل لمكانتك عندنا، وإن غبت عن عيننا، فأنت فى القلب، وما كنا نولى فى حرم الله تعالى أحدا من الترك. فإن ينبع دون ذلك، ولم نول فيها إلا شريفا، ووصلنا كتابك يتضمن طلبك منا خاتم الأمان ومنديل الرضا، وقد جهزنا لك ذلك، فطب نفسا وقر عينا،

وسألتنا فى استنابة ابنك الشريف بركات فى إمرة مكة، وما نثق فى ذلك إلا بك، وفى ذلك سبب للشحناء بين الأخوة. فإن أردت ذلك، فاستنبه وباشر خدمة المحمل الشريف والأمراء. انتهى. وفيه سوى ذلك من تعظيمه وغيره، وأتاه هذا الكتاب فى أوائل ذى القعدة من هذا السنة. وفى أوائل النصف الثانى من ذى القعدة، بان الشريف حسن عن مكة لصوب اليمن، وقدمها فى أثناء العشر الأخير من ذى القعدة، جماعة من الأمراء المقدمين الألوف بمصر، والطبلخانات وغيرهم من الترك، ما لا يعهد مثله فى الكثرة، وراسلوا الشريف حسن فى الوصول إلى مكة، فلم يصل واعتذر بالضعف، ولا يمهم ابنه السيد بركات أياما. ولاقى أمير الراكب الأول، ثم أمير المحمل، وخلع عليه من عنده، ولم يمكنه من خلعة إمرة مكة المجهزة لوالده، وشاع فى الناس أن الأمير قرقماس، أحد الأمراء الواصلين لمكة، يقيم بها مع على بن عنان بن مغامس بن رميثة. وبلغ ذلك السيد حسن فكثر تضرره. ولما أيسوا من وصوله، بعثوا لرميثة فى يوم عرفة، فلم يصل، وحرس الأمراء الحجاج حراسة حسنة فى توجههم لعرفة ورجوعهم إلى منى، وباتوا بها فى ليلة التاسع إلى الفجر أو قربه. وفى يوم النحر، اجتمع السيد بركات ببعض الأمراء بمكة وخدمهم عن أبيه بخمسة آلاف أفلورى ذهبا أو ستة فيما قيل، وسافروا من مكة ولم يحدثوا بها حدثا، وما تخلف منهم أحد بمكة. وأقام منهم الأمير قرقماس بينبع بعد سفر الحجاج منها ينتظر ما يؤمر به، وجاءه الخبر بأن رسم بتجهيز العسكر بمكة، وبأمر أهل ينبع والصفراء والمدينة بالمسير مع العسكر لمكة، وكان الشريف مقبل صاحب ينبع توجه مع الأمراء بمصر فأكرمه السلطان. وسهل الأمر فى حصول غرض السلطان بمكة. وكان وصوله لمصر، بعد إطلاق ولده من السجن بمصر، والإنعام عليه بنصف إمرة ينبع شريكا لابن عمه عقيل بن وبير، أحمد الله العاقبة. وكان مما حدث بعد ذلك، أن فى يوم الجمعة نصف ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وثمانمائة، وصل الخبر إلى مكة، بأن الشريف علىّ بن عنان بن مغامس بن رميثة الحسنى، توجه إلى مكة فى عسكر من مصر، وبعد أيام قليلة فارق مكة من كان بها من جماعة الشريف حسن بن عجلان، وتوجهوا إليه بصوب اليمن.

وفى السابع والعشرين من هذا الشهر، وصل الخبر لمكة، بوصول ابن عنان والعسكر إلى ينبع. وفى ثالث جمادى الأولى، وصل الخبر بمسيرهم من ينبع. وفى ليلة الخميس سادس جمادى الأولى من السنة المذكورة، دخل إلى مكة كثير من العسكر المصرى وغيرهم، فطافوا بالبيت الحرام، وخرجوا إلى ظاهر مكة ودخلها العسكر والشريف علىّ بن عنان بمن انضم إليه من الأشراف والقواد العمرة والحميضات والمولدين المنسوبين لعجلان وابنه، وهم فى تجمّل عظيم ضحوة يوم الخميس المذكور. وانتهى السيد على والأميران قرقماس وطوخ إلى المسجد الحرام. فطاف السيد علىّ بالكعبة المعظمة سبعا، والمؤذن يدعو له على زمزم، وعليه خلعة الإمرة. وقد لبسها قبل دخوله إلى مكة، وقرئ توقيعه بولايته لإمرة مكة، بظل زمزم بعد فراغه من الطواف. وكان الجمع وافرا. وفى التوقيع: أنه ولى إمرة مكة عوض الشريف حسن بن عجلان، وهو مؤرخ بنصف شهر ربيع الأول من السنة المذكورة، ونودى للناس بالأمان، ولمن دخل فى طاعته من الأشراف والقواد والمولدين، ومن لم يدخل فى طاعته فلا أمان له بعد شهر، وركب من باب الصفا، ودار البلد بالخلعة ودعى له فى الخطبة، فى يوم الجمعة سابع جمادى الأولى. وفى ليلة الجمعة المذكورة على زمزم بعد المغرب، وأعيد فيها الدعاء لصاحب اليمن الملك الناصر، وفى الخطبة فى يوم الجمعة المذكور. وكان ذلك قد ترك فى أول ذى الحجة من السنة الماضية. وفى يوم السبت ثامن جمادى الأولى، توجه السيد على بن عنان والعسكر إلى جدة، لتنجيل مركب وطراد، وصلا إليها من كاليكوط بالهند، مجوّرين على عدن، فنجلا ذلك، ورفقوا بالقادمين كثيرا، وكان العسكر الواصل من مصر، مائة وأربعة عشر فارسا، وخيلهم كذلك، وانضم إليهم من ينبغ الأمير قرقماس بمن معه من الترك وغيرهم وولاه ينبع، وعادوا من جدة إلى مكة فى سابع جمادى الآخرة. [وفى اليوم الرابع عشر من ذى الحجة سنة سبع وعشرين وثمانمائة، بعد أن تكاملت جميع الركوب فى المحطة بمكة، توجه السيد علىّ بن عنان وصحبته الأمير قرقماس وأحمد الدوادار، والمماليك السلطانية، صوب الشريف حسن بن عجلان؛ لأنه بلغهم أنه نازل

بقرب مكة ينتظر توجه الركب، ويدخل مكة، فساروا جميعا، فأدركوا ولده السيد بركات وجماعة من الفرسان معه، فانهزموا وأنذروا السيد حسنا، فانهزم على الفور هو ومن معه، وأدرك الترك بعض القواد فقتلوه وسافر الحاج. وسبب نزول السيد حسن لمكة: أن الخواجا أبا بكر التّوزرى مشى فى الباطن مع السيد ميلب، وأرسله إلى السيد حسن يبشّره فى الباطن بالبلاد، وأن الخلعة وصلت مع الحاج له، وأن أمير الحاج ينتظر إلى وقت الرحيل، ويبعث له التشريف فيلبسه ويدخل مكة، فظن الأمر صحيحا، وهو فى الحقيقة خداع، ليحصل فى القبضة، فسلمه الله من هذه الحيلة. ثم فى جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وثمانمائة، خرج الأمير قرقماس من مكة بمن معه فى طلب السيد حسن، حتى بلغوا حلى من أطراف اليمن، فلم يقابلهم، مع قوته وكثرة من معه، بل تركهم وتوجه نحو نجد، تنزها عن الشر وكراهة للفتنة. فعاد الأمير قرقماس ومن معه إلى مكة، فى عشرى جمادى الآخرة. وفيها عزل السيد على بن عنان عن إمرة مكة، ورسم السلطان الأشرف برسباى، بطلب السيد حسن إلى الأبواب الشريفة، وتقدم له بذلك القاضى نجم الدين بن ظهيرة، من عقبة أيلة، ومعه دوادار أمير المحمل فى هذا العام الأمير تغرى بردى المحمودى، فذهبا إلى السيد حسن، وأخبراه برضى السلطان عنه، وبشراه بالبلاد، إن قابل المحمل ووطئ البساط، وطيبا خاطره، فبعث معهما ولده السيد بركات، فاجتمع بأمير الحاج، وقد دخل بطن مرّ، فى ثامن عشر القعدة، فسر بقدومه. ودخل به معه مكة، أول ذى الحجة، وحلف له بين الحجر الأسود والملتزم، أن أباه لا يناله مكروه من قبله ولا من قبل السلطان، فعاد إلى أبيه وقدم به معه مكة، يوم الأربعاء ثامن ذى الحجة، وخرج للقائه أمير الحاج والأمير قرقماس والأمير الأول وغيرهم من الأعيان، ودخل معهم مكة، فابتدأ بالطواف، وحلف له أمير الحاج ثانيا، والتزم رضى السلطان عليه، وطيّب خاطره وألبسه التشريف السلطانى، وقرره فى إمارة مكة على عادته، ثم خرج بعد الفراغ من الطواف إلى صوب المدرسة المنصورية، وهى عند باب العمرة، فسلم على خوند زوجة السلطان الأشرف. وكانت ضعيفة، وتوفيت بالمدينة الشريفة بعد الفراغ من الحج ورجوعهم، ثم حج الشريف حسن فى محفة أعطاها له أمير الحاج، وحج الناس وهم طيبون، وتوجه السيد حسن إلى القاهرة فى المحفة صحبة أمير الحاج، وصحبته عفيفة شكر، واستخلف ولده السيد بركات على مكة، وتجهز الأمير قرقماس وبعض الترك

وصحبتهم السيد على بن عنان إلى القاهرة، وتخلف الأمير أرنبغا، رأس نوبة الأشرفى، ومعه مائتا مملوك بمكة المشرفة، فهو باشى العسكر والحاكم عليهم. وفى رابع عشر فى المحرم سنة تسع وعشرين وثمانمائة، وصل السيد حسن بن عجلان إلى القاهرة، بعد أن أمر السلطان أعيان الدولة من أمرائه ومباشريه، بتلقيه وإعزازه وإكرامه، فلما حضر بين يدى السلطان، أنعم عليه بالخلع والإنعامات، وقدم له كل واحد من أركان الدولة التقاديم والضيافات، وأهدوا له الخيول المسومة والسروج المغرقة. وكان يوم دخوله يوما مشهودا، وفرح به السلطان وأكرمه، وأقبل عليه إقبالا كليا. فلما كان فى سابع عشرى المحرم، ويقال فى العشرين من جمادى الأولى، سنة تسع وعشرين، قرره السلطان فى إمرة مكة، والتزم بثلاثين ألف دينار، وبعث عبده زين الدين شكرا، إلى مكة لحفظ ساحل جدة ومتحصلها، ولتجهيز العسكر المقيم بها، فوصل شكر إلى مكة، وجهز العسكر وباشتهم الأمير أرنبغا إلى الديار المصرية، ثم رسم السلطان للسيد حسن بالتوجه إلى مكة وجهزه. فبرز ثقله خارج القاهرة، فاعترض له الضعف، فعاد إلى القاهرة، ومكث بها أياما يسيرة، ثم توفى فى ليلة الخميس سابع عشرى جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وثمانمائة، وصلى عليه من الغد، ودفن بالصحراء بحوش زمام السلطان الملك الأشرف برسباى، فأرسل السلطان نجّابة بمراسيم إلى الشريف بركات وأخيه إبراهيم، فى أثناء السنة ابنى الشريف حسن بن عجلان، يتضمن حضورهما إلى الأبواب والتأكيد فى ذلك، وأنهما إن لم يحضرا كلاهما أو أحدهما، يخرج عنهما السلطان البلد إلى غيرهما. فتجهز السيد بركات وأخوه إبراهيم فى أثناء السنة، وخلفا بمكة أخاهما السيد أبا القاسم يحفظها، وبجدة زين الدين شكر، يحفظ متحصلها، فحفظا ذلك حتى عادا حفظا حسنا. وكان دخولهما إلى القاهرة فى ثالث عشرى رمضان، وحضرا بين يدى السلطان، فأكرمهما وخلع عليهما، وفوضت إمرة مكة للشريف بركات فى سادس عشريه، على أن يقوم بما تأخر على والده، وهو مبلغ خمسة وعشرين ألف دينار، غير خمسة دفعها قبل موته، وعاهد السلطان بين الأخوين بالطاعة وعدم المخالفة بينهما، وخلع عليهما، وتجهزا إلى مكة، فسافرا فى حادى عشرى شوال، فوصلاها فى أول العشر الأوسط من ذى القعدة، وقرئ عهد الشريف بركات بالولاية، ولله الحمد] (7).

_ (7) ما بين المعقوفتين مكانه بياض فى الأصل قدره ثلاث ورقات وقد كتب مكانه بخط مختلف، وما أوردناه من كتاب إتحاف الورى بأخبار أم القرى لابن فهد.

996 ـ الحسن بن على بن الحسن، أبو على، المعروف بابن العسال

ولم يكن لأحد من أمراء مكة بعد أحمد بن عجلان من الحشمة مثل ما للسيد حسن ابن عجلان. وله من العقار بمكة أكثر مما كان لأخيه أحمد، وملك من العقار بوادى مرّ، قريبا مما ملك أخوه أحمد، وملك من العبيد نحو خمسمائة فيما قيل، ولم يكن لأخيه على من العقار ولا من العبيد مثل ماله، ولا قاربه على فى ذلك ولا فى السلاح، وقد رزق حسن منه أشياء حسنة، وأشك فى تساويهما فيما ملكاه من الخيل. وأما عنان، فلعله ملك من الخيل مثلهما أو قريبا مما ملكاه، ولم يكن له كثير شيء من العقار ولا من العبيد. واتفق للسيد حسن مع بنى حسن من القوة عليهم، ما لم يتفق لأحد ممن تقدمه من أمراء مكة الأشراف من آل أبى نمى فيما علمناه؛ لأنه أمرهم بترك معارضته فى عناياهم، وذلك أن لكل من بنى حسن أو أكثرهم صاحبا من تجار مكة وغيرهم، وله على التاجر نفع، يأخذه منه فى كل سنة. فإذا أراد صاحب مكة أو أحد من بنى حسن التعرض للتاجر المذكور بطمع، منع صاحبه من ذلك، وما استطاع أحد من القواد يخالف ما أمر به حسن فى ترك العنايا، وأمرهم أيضا أن لا يجيروا فى أمر يريده إلا برضاه. فما خالف أحد أمره. وكان الذين أمرهم بترك العنايا والجيرة، والقواد والعمرة والحميضات دون الأشراف؛ لأن الأشراف لم يكونوا يطمعون بذلك معه. وكانوا يقنعون منه بالمسالمة وتمكينه لهم من سكن البلاد، بخلاف القواد، فإنهم كانوا متمكنين من السكنى معه، ومشاركين له فى أمره، ولكنهم قل أن يخالفوه فى أمر، إلى أن حصل التنافر بينه وبين ابن أخيه، فكان يقع من بعضهم ما يخالف هواه. ومما يحمد من خصائله، أنه كان لمصالح الحجاج والمجاورين يرعى، فوجدوا بولايته راحة ونفعا. ومنها: أنه فى آخر سنة سبع عشرة وثمانمائة، تطوع بمائتى مثقال لعمارة رباط رامشت، فأزيل بذلك غالب ما كان فيه من الشعث، وصار حسنا. وللسيد حسن صدقات أخر وصلات تشك. وفيه صبر كثير واحتمال وحياء ومروءة عظيمة، فالله تعالى يزيده فضلا ويسدده إلى الخير ويرشده. وللشعراء فيه مدائح كثيرة حسنة. وممن أكثر فى مدحه الوالد رحمه الله تعالى، وله فيه قصائد [ ........ ] (/). 996 ـ الحسن بن على بن الحسن، أبو على، المعروف بابن العسال: روى عن أبى القاسم ميمون بن القاسم بن أبى الأصبع، وعمر بن محمد بن على القيسىّ.

_ (8) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

997 ـ الحسن بن على بن داود بن سليمان بن خلف المصرى الأصبعى، أبو على المطرز

سمع منه أبو محمد عبد الله بن الحسن بن النحاس، وعبد السلام بن على بن عبد السلام. لخصت هذه الترجمة من خط القطب الحلبى فى تاريخ مصر. 997 ـ الحسن بن على بن داود بن سليمان بن خلف المصرىّ الأصبعى، أبو على المطرز: روى عن الحارث بن مسكين، وأبى بشر الدولابى، والعباس بن محمد بن العباس البصرى، محمد بن عباس البردعىّ، وآخرين. وروى عنه الدارقطنى، وانتخب عليه، وعبد الغنى بن سعيد، وانتقى عليه، وأبو عبد الله الحاكم وآخرون. ذكره الخطيب وقال: قدم بغداد وكان يفتى. وذكر أنه توفى فى صفر سنة خمس وسبعين وثلاثمائة بمكة. وهكذا ذكر وفاته الحبال. وذكر أنه ولد سنة خمس وثمانين ومائتين. وذكر القراب عن المالينى: أنه توفى فى المحرم من السنة. لخصت هذه الترجمة من تاريخ مصر للقطب الحبلى. 998 ـ الحسن بن على بن أبى طالب الهاشمى، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، وريحانته من الدنيا، وأحد سيدى شباب أهل الجنة: ولد على الصحيح فى نصف شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة.

_ 997 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ بغداد 7/ 388). 998 ـ انظر ترجمته فى: (نسب قريش 46، تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 115، طبقات خليفة 5/ 126، 189، 230، الفضائل لأحمد بن حنبل 25، العلل له 1/ 45، 104، 258، 412، المحبر 18، 19، 45، 46، 57، 66، 293، 326، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2491، الصغير 1/ 75، 83، 84، 96، 98، 99 ـ 103، 109 ـ 111، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 263، 87، 588، تاريخ واسط 124، 128، 137، 285، تاريخ الطبرى (الفهرس)، الكنى للدولابى 2/ 52، الولاة والقضاة 203، المشاهير 6، جمهرة ابن حزم 38 ـ 39 ومواضع أخرى، حلية الأولياء 2/ 35، الاستيعاب ترجمة 573، الإصابة ترجمة 1724، أسد الغابة ترجمة 1165، تاريخ دمشق لابن عساكر تلقيح فهوم أهل الأثر 184، أسد الغابة 2/ 9 ـ 15، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 158 ـ 160، ووفيات الأعيان 2/ 65 ـ 69، الكاشف 1/ 224، سير أعلام النبلاء 3/ 245 ـ 279، الوافى بالوفيات 12/ 107 ـ 110، تهذيب ابن حجر 2/ 295 ـ 301، الإصابة، الترجمة 1719، خلاصة الخزرجى الترجمة 1361، تهذيب الكمال 1248).

روى عن جده وأخيه الحسين وأبيه علىّ، وعهد إليه بالخلافة لما طعن، وبايعه على ذلك أزيد من أربعين ألفا، وبقى على ذلك نحو سبعة أشهر بالعراق، وما وراءها من خراسان، وبالحجاز واليمن، وغير ذلك، ثم ترك الأمر لمعاوية رضى الله عنه لحقن دماء المسلمين، وقام فى الناس خطيبا بالكوفة. فقال: الحمد لله الذى هدى بنا أولكم، وحقن بنا دماء آخركم، ألا إن أكيس الكيس التقى، وأعجز العجز الفجور، وإن هذا الأمر، الذى اختلفت فيه أنا ومعاوية، إما أن يكون حقى فتركته لله عزوجل، ولصلاح أمة محمدصلى الله عليه وسلم، وحقن دمائهم، ثم التفت إلى معاوية. فقال: (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) [الأنبياء: 111]. وكان معاوية رضى الله عنه، سأله أن يخطب فى الناس بذلك، بتقرير عمرو بن العاص رضى الله عنه، ليظهر عليه للناس فى ظنه، وظهرت بهذه القضية معجزة للنبى صلى الله عليه وسلم، بسبب الحسن رضى الله عنه، فإنه قال: «إن ابنى هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» (1) وبعد تمام الصلح، خرج الحسن رضى الله عنه إلى المدينة، بعد أن أخذ ما فى بيت مال الكوفة، وكان فيه سبعة آلاف ألف درهم. وعلى ذلك وقع الصلح، وعلى أن لا يسبّ علىّ رضى الله عنه بحضرة معاوية، وأن يعهد بالأمر للحسن من بعده. وتوفى فى سنة تسع وأربعين، وقيل سنة خمسين، وقيل سنة إحدى وخمسين بالمدينة. ودفن بالبقيع وقبره مشهور هناك فى قبة عالية، وسبب موته فيما قيل: سم سقيه ليخلص الأمر بعده ليزيد بن معاوية، وكان سقيه ثلاث مرات، هذه أشدها. وكان رضى الله عنه سيدا حليما فاضلا عفيفا ورعا جوادا، وقاسم الله تعالى ماله ثلاث مرات، وخرج من ماله كله مرتين. وربما أعطى الرجل الواحد مائة ألف. وكان النبى صلى الله عليه وسلم، يحبه ويحب أخاه الحسين رضى الله عنهما. وأخبر أن من أحبهما وأباهما وأمهما، كان معه بدرجته يوم القيامة. وكان النبى صلى الله عليه وسلم يحملهما ويماز حهما. وكانا يشبهان النبى صلى الله عليه وسلم. وكان الحسن رضى الله عنه، أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين رضى الله عنه أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين ذلك، ومناقبهما رضى الله عنهما كثيرة.

_ (1) أخرجه البخارى فى صحيحه كتاب الصلح حديث رقم (2704)، وكتاب المناقب حديث رقم (3629، 3746)، والترمذى فى سننه كتاب المناقب حديث رقم (3629)، والنسائى فى الصغرى كتاب الجمعة حديث رقم (1410)، وأبو داود فى سننه كتاب السنة حديث رقم (4662)، وأحمد فى المسند بمسند البصريين حديث رقم (19879، 19986).

999 ـ الحسن بن على بن عمر الأنصارى أبو على البطليوسى

999 ـ الحسن بن على بن عمر الأنصارى أبو على البطليوسى: رحل إلى المشرق، فأدى الفريضة، وسمع من أبى عبد الله الفراوى: الصحيحين. ومن أبى الفتوح ناصر بن على الطوسى: سنن أبى داود، وحدث بالموطأ عن أبى بكر الطرطوشى، وسمع من أبى محمد الحريرى مقاماته الخمسين ببستانه من بغداد. ونزل مكة وجاور بها، وحدث هنالك وبغيرها، وعمر وأسن. وكان ثقة. حدث عنه أبو القاسم بن عساكر، وابن أبى الصيف، وأبو جعفر بن شراحيل الأندلسى، وغيرهم. وكان ثقة. ذكر هذا كله ابن الأبار فى التكملة، وذكر أن أبا جعفر بن شراحيل يقول فيه: الحسن بن الحسين بن على، ووهم فى ذلك. وذكر القطب الحلبى: أن أبا القاسم بن عساكر، حدث عن أبى الحسن على بن سليمان المرادى، عن أبى الحسن البطليوسى هذا، بشيء لم يسمعه منه. ونقل عن ابن النجار، أنه قرأ وفاته بخط أبى المواهب الحسين بن هبة الله بن صصرى، فى شهور سنة ثمان وستين وخمسمائة بحلب. وذكر ابن النجار، أن أبا سعيد السمعانى وهم فى وفاته؛ لأنه ذكره فى الذيل، وقال: توفى بنيسابور سنة ثمان أو أربع أو قبلها بسنة. 1000 ـ الحسن بن على بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم الحسنى المكى، أبو سعد: صاحب مكة وينبع. ولى إمرة مكة نحو أربع سنين، كما سيأتى بيانه، وسبب استيلائه على مكة، فيما بلغنى، أن بعض كبار العرب من زبيد، حسن له الاستيلاء على مكة والفتك بمن فيها من جهة صاحب اليمن، وهوّن عليه أمرهم. وكانوا فرقتين، تخرج واحدة إلى أعلا مكة، والأخرى إلى أسفلها كل يوم، فحمل أبو سعد على إحدى الفرقتين فكسرها، فضعفت الأخرى عنه، فاستولى على مكة، وقبض على الأمير الذى كان بها من جهة صاحب اليمن. وكان صاحب اليمن قد أمره بالإقامة بوادى مرّ، ليساعد عسكره الذى بمكة.

_ 999 ـ انظر ترجمته فى: (التكملة لابن الأبار 1/ 260).

وذكر بعض العصريين: أن أبا سعد لما قبض على الأمير الذى كان بها من جهة صاحب اليمن، وهو ابن المسيب على ما ذكر العصرى وغيره. أخذ أبو سعد ما كان مع ابن المسيب من خيل وعدد ومماليك، وأحضر أعيان الحرم. وقال: ما لزمته إلا لتحققى خلافه على مولانا السلطان الملك المنصور صاحب اليمن، وعلمت أنه أراد الهرب بهذا المال الذى معه إلى العراق، وأنا غلام مولانا السلطان، والمال عندى محفوظ والخيل والعدد، إلى أن يصل مرسوم السلطان، فوردت الأخبار بعد أيام يسيرة بوفاة السلطان. انتهى. وقوى بموت المنصور أمر أبى سعد بمكة، ودامت ولايته عليها حتى قتل، لتركه ما كان عليه من الحزم بسبب اغتراره بنفسه. وكان قبضه على ابن المسيب يوم الجمعة لسبع خلون من ذى القعدة سنة سبع وأربعين وستمائة، على ما وجدت بخط الميورقىّ، وذكر أنه سمع ذلك من محمد بن سنجر حاكم الطائف. ووجدت بخط ابن محفوظ: أن أبا سعد، قبض على ابن المسيب فى آخر شوال سنة سبع وأربعين وستمائة. ووجدت بخطى فيما نقلته من تاريخ شيخنا ابن الفرات: أن أبا سعد هذا، ملك مكة فى العشر الأخير من ذى القعدة، سنة سبع وأربعين وستمائة. وذكر بعض العصريين: أن الملك الكامل صاحب مصر، أمر أبا سعد أن يكون مع العسكر الذى جهزه إلى مكة، لإخراج الشريف راجح بن قتادة وعسكر الملك المنصور صاحب اليمن، ونصره لنائبه على مكة ألطغتكين. وذلك فى سنة تسع وعشرين وستمائة. وذكر أيضا: أن صاحب اليمن، لما استولى على مكة فى شهر رمضان من سنة تسع وثلاثين، بعث إلى صاحب ينبع أبى سعد هذا. فلما أتاه أكرمه وأنعم عليه واستخدمه، واشترى منه قلعة ينبع، وأمر بخرابها، حتى لا تبقى قرارا للمصريين، وجعله بالوادى مساعدا لنوابه بمكة. انتهى. ووجدت بخط الميورقى، فيما أظن: أن أبا سعد بن علىّ بن قتادة هذا، توفى لخمس من شوال سنة إحدى وخمسين وستمائة. انتهى.

ووجدت بخط الحافظ أبى الفتح بن سيد الناس، فيما انتخبه من معجم ابن مسدىّ: أن أبا سعد هذا، قتل فى أوائل رمضان سنة إحدى وخمسين وستمائة. انتهى. ووجدت بخطى فيما نقلته من تاريخ شيخنا ابن الفرات: أن أبا سعد هذا، قتل لثلاث خلون من شعبان سنة إحدى وخمسين وستمائة. انتهى. وقال ابن مسدىّ فى حق أبى سعد هذا: كان فاضل الأخلاق، طيب الأعراق، شديد الحياء، كثير الحباء، جمع الشجاعة والكرم والعلم والعمل وكان يشعر وينظم وينثر، إلا أنه نزع بأخرة إلى هوى نفسه، واغتر يومه بأمسه، فحار عما كان عليه من الحزم، وحل عروة العزم، فأتى من مأمنه، وخرج عليه فى مكمنه، وجرّع بمكانه كأس المنايا، وعظم لفقده الرزايا، وقتل رحمه الله. وذكر تاريخ قتله كما سبق، ومن شعر أبى سعد على ما يقال، قصيدة أولها [من المتقارب]: خذوا قودى من أسير الكلل ... فوا عجبا من أسير قتل ومنها: ولى قمر ما بدا فى الدجى ... وأبصره البدر إلا أفل يخفف قامته بالقنا ... ويثقل أردافه بالكفل وجاد الزمان به ليلة ... وعما جرى بيننا لا تسل وأنحلت قامته بالعناق ... وأذبلت مرشفه بالقبل قها أثر المسك فى راحتى ... ولهذا فمى فيه طعم العسل وأذنت حين تجلى للصباح ... بحى على خير هذا العمل وإن قيل إنى غدا ميت ... بأيدى الصبابة ظلما فهل تموت نفوس بآجالها ... ونفسى تموت بغير الأجل فليت إذا ما أتانى الحمام ... يؤخر عنى الإله الأجل لأنى غيوث إذا الغيث مل ... ويوم الكفاح أروى الأسل وذكر لى بعض أصحابنا الفضلاء من أهل الحديث والأدب، أن هذه القصيدة لابن مطروح الشاعر المشهور. وأبو سعد بن علىّ هذا، هو والد عبد الكريم جد الأشراف ذوى عبد الكريم، ووالد أبى نمى صاحب مكة، الذى تقدم ذكره.

1001 ـ الحسن بن على بن قراديه، أبو محمد المقرى الأنماطى المصرى

1001 ـ الحسن بن على بن قراديه، أبو محمد المقرى الأنماطى المصرى: هكذا ذكره القطب فى تاريخ مصر. وقال: وجدت هذه الترجمة بخط السّلفىّ. وقال: توفى بمكة سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة. 1002 ـ الحسن بن على بن محمد بن الحسين بن صدقة الواسطى، أبو محمد المعروف بابن ميجال الطبيب: يروى عن أبى الفتح محمد بن أحمد المنداى: مسند الإمام أحمد بن حنبل، وجزء الأنصارى. سمعه عليه المحب الطبرى بمكة، وأجاز للرضى الطبرى، وسمع أيضا أبا طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع الهاشمى. توفى فى ثامن عشر ذى القعدة سنة إحدى وخمسين وستمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. ومولده بواسط فى صفر سنة ثمانين وخمسمائة. وميجال بميم مكسورة بعدها ياء مثناة من تحت وجيم بعدها ألف، ثم لام. هكذا ذكره الشريف أبو القاسم الحسينى فى وفياته، ومن خطه نقلت وفاته ومولده. ووجدت بخط أبى العباس الميورقى: أنه توفى ليلة الجمعة لاثنتى عشرة ليلة بقيت من ذى القعدة سنة إحدى وخمسين، وهذا وإن وافق ما ذكره الشريف الحسينى، ففيه فائدة زائدة فى تعيين وقت وفاة المذكور. 1003 ـ الحسن بن على بن محمد بن موسى بن مزاح المكى، الشهير بالزكى العطار: هكذا أملى علىّ نسبه، وذكر ما يدل على أن مولده قبل الأربعين وسبعمائة بيسير. سمع بمكة الموطأ لمالك، رواية يحيى بن يحيى بن بكير، على الفخر النويرى، والسراج الدمنهورى. وسمع على تاج الدين ابن بنت أبى سعد، والشيخ شهاب الدين الهكارى، والشيخ نور الدين الهمدانى، والقاضى عز الدين بن جماعة: من أول جامع الترمذى، إلى باب ما جاء فى مواقيت الإحرام لأهل الآفاق. وما علمته حدث. وأجاز لى باستدعائى واستدعاء أصحابنا. وكان عطارا بمكة. وفيه خير. توفى ليلة الجمعة الثانى والعشرين من المحرم، سنة اثنتى عشرة وثمانمائة. ودفن فى صبيحتها بالمعلاة.

_ 1003 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 3/ 116).

1004 ـ الحسن بن على بن محمد الخلال، أبو محمد الحلوانى، وقيل الريحانى، بالراء والحاء المهملتين

1004 ـ الحسن بن على بن محمد الخلال، أبو محمد الحلوانى، وقيل الريحانى، بالراء والحاء المهملتين: سكن مكة. روى عن أبى معاوية، ووكيع، ويزيد بن هارون، وعبد الرزاق، وابن نمير، وخلق. وعنه: الجماعة، سوى النسائى، وأبو العباس السراج، وابن أبى عاصم وغيرهم. قال يعقوب بن شيبة: كان ثقة ثبتا، متفنّنا. وقال الذهبى: كان ثبتا حجة، وذكر أنه أحد الحفاظ. وقال: توفى بمكة فى ذى الحجة سنة اثنتين وأربعين ومائتين. 1005 ـ الحسن بن على بن محمود بن على النّهاوندىّ، الإمام نجيب الدين الحنفى: ذكره هكذا الميورقىّ فى تصانيفه، ونقل عن عبد المحسن بن على سبط عبد الرحمن ابن أبى حرمى، أنه أخبره فى ثامن ربيع الآخر من سنة ست وستين وستمائة، أن نجيب الدين هذا، مدرس الحنفية اليوم بمكة. انتهى بالمعنى. 1006 ـ الحسن بن على بن يوسف بن أبى بكر بن أبى الفتح السّجزىّ المكى الحنفى، يلقب بالبدر: إمام الحنفية بالحرم الشريف، أظنه ولى ذلك بعد أخيه التاج على، ووليها بعده أخوه الشهاب الحنفى المقدم ذكره. ومات ظنا بعد العشر وسبعمائة، وما علمت له سماعا ولا إجازة، ولا من حاله سوى هذا.

_ 1004 ـ انظر ترجمته فى تاريخ البخارى الصغير 2/ 378، المعارف 456، المعرفة ليعقوب 1/ 552، الجرح والتعديل الترجمة 86، أسماء الدارقطنى الترجمة 197، تاريخ الخطيب 7/ 365، الجمع لابن القيسرانى الترجمة 306، المعجم المشتمل الترجمة 255، تاريخ دمشق تهذيبه 4/ 236، معجم البلدان 1/ 629، 129، 318، 3/ 244، 863، 4/ 40، 41، 124، 279، الكاشف 1/ 224، سير أعلام النبلاء 11/ 398، العبر 1/ 437، تذكرة الحفاظ 2/ 522 ـ 523، الوافى بالوفيات 12/ 166، تهذيب ابن حجر 2/ 302 ـ 303، خلاصة الخزرجى الترجمة 1363، شذرات الذهب 2/ 100، تهذيب الكمال 1250).

1007 ـ الحسن بن على الصقلى، أبو على الدمشقى

1007 ـ الحسن بن على الصّقلّىّ، أبو على الدمشقى: توفى سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة بمكة بعد الحج، كما ذكر ابن الأكفانى، ولم يذكر له رواية. 1008 ـ حسن بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم الحسنى المكى، يكنى أبا عالى، ويلقب شهاب الدين: أمير مكة. ولى إمرتها بعد أبيه نحو ثلاث سنين. وقد ذكر ابن الأثير شيئا من خبره؛ لأنه قال فى كامله بعد أن ذكر موت قتادة والد حسن هذا: ولما مات ملك بعده ابنه الحسن، وكان له ابن آخر اسمه راجح، يقيم فى العرب بظاهر مكة يفسد وينازع أخاه فى ملك مكة، فلما سار حجاج العراق، كان الأمير عليهم مملوك من مماليك الخليفة الناصر لدين الله، اسمه آقباش. وكان حسن السيرة مع الحاج، كثير الحماية، فقصده راجح بن قتادة وبذل له وللخليفة مالا ليساعده على ملك مكة، فأجابه إلى ذلك. ووصلوا إلى مكة، ونزلوا بالزّاهر، وتقدم إلى مكة مقاتلا لصاحبها. وكان قد جمع جموعا كثيرة من العرب وغيرها، فخرج إليه من مكة وقاتله. وتقدم أمير الحاج من بين عسكره منفردا، وصعد جبلا إدلالا بنفسه، وأنه لا يقدم أحد عليه، فأحاط به أصحاب حسن فقتلوه وعلقوا رأسه، فانهزم عسكر أمير الحاج. وأحاط أصحاب حسن بالحجاج لينهبوهم، فأرسل إليهم حسن عمامته بالأمان، أمانا للحاج. فعاد أصحابه عنهم ولم ينهبوا منهم شيئا. وسكن الناس، وأذن لهم حسن فى دخول مكة، وفعل ما يريدونه من الحج والبيع وغير ذلك، وأقاموا بمكة عشرة أيام، وعادوا فوصلوا إلى العراق سالمين، وعظم الأمر على الخليفة، فوصلته رسل حسن يعتذر ويطلب العفو منه. فأجيب إلى ذلك. انتهى. وذكر أبو شامة عن آقباش، ما يقتضى خلاف ما ذكره عنه ابن الأثير؛ لأنه قال: فلما وصل آقباش إلى عرفات، جاءه راجح بن قتادة أخو حسن، وسأله أن يولّيه إمارة مكة، وقال: أنا أكبر ولد قتادة، فلم يجبه، وظن حسن أن آقباش قد ولاه فأغلق أبواب مكة. وقال أبو شامة أيضا بعد ذكره لقتل آقباش: وأراد حسن نهب الحاج العراقى، فمنعه

_ 1008 ـ انظر ترجمته فى: (الأعلام 2/ 211، الكامل 9/ 345، ذيل الروضتين 123، والنجوم الزاهرة 6/ 210).

أمير حج الشام، المبارز المعتمد، وخوفه من الأخوين: الكامل والمعظم، ملكى مصر والشام. فأجابه وكف عن ذلك. انتهى. وإنما ذكرنا هذا؛ لأنه يوهم أن حسن بن قتادة إنما كف عن الحجاج بتخويف أمير الشام له من الكامل والمعظم. وما ذكره ابن الأثير، يقتضى أنه ليس لكف حسن عن نهب الحجاج سبب، والله أعلم أى ذلك كان. وذكر أبو شامة ما يقتضى أن حسن بن قتادة كان مهتما لهذه الفتنة؛ لأنه قال: قلت: كان فى حاج الشام هذه السنة، شيخنا فخر الدين أبو منصور بن عساكر، فأخبرنى بعض الحجاج فى ذلك العام، أن حسن بن قتادة أمير مكة، جاء إليه وهو نازل داخل مكة، فقال له: قد أخبرت أنك خير أهل الشام، فأريد أن تصير معى إلى دارى، فلعل ببركتك تزول هذه الشدة عنا، فصار معه إلى داره مع جماعة من الدمشقيين، فأكلوا شيئا، فما استتم خروجهم من عنده حتى قتل آقباش، وزال ذلك الاستيحاش. انتهى. وقال ابن الأثير فى أخبار سنة عشرين وستمائة: فى هذه السنة سار الملك المسعود أتسز بن الملك الكامل محمد إلى مكة، وصاحبها حينئذ حسن بن قتادة إدريس العلوى الحسنى، وقد ملكها بعد أبيه كما ذكرنا. وكان حسن قد أساء السيرة إلى الأشراف والمماليك الذين كانوا لأبيه، وقد تفرقوا عنه، ولم يبق عنده غير أخواله من عنزة، فوصل صاحب اليمن إلى مكة رابع، ربيع الآخر، فلقيه الحسن وقاتله بالمسعى ببطن مكة، فلم يثبت وولى منهزما فقارق مكة فيمن معه، وملكها أتسز صاحب اليمن ونهبها عسكره إلى العصر، فحدثنى بعض المجاورين المتأهلين، أنهم نهبوها حتى أخذوا الثياب عن الناس، وأخفروهم وأمر صاحب اليمن أن ينبش قبر قتادة ويحرق، فنبشوه، فظهر التابوت الذى دفنه ابنه الحسن، والناس ينظرون إليه، فلم يروا به شيئا، فعلموا حينئذ أن الحسن دفن أباه سرا، وأنه لم يفعل فى التابوت شيئا، وذاق الحسن عاقبة قطيعة الرحم وعجل الله مقابلته، وزال عنه ما قتل أباه وعمه وأخاه لأجله: (خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) [الحج: 11]. انتهى. وسنذكر قريبا ما قيل من قتل حسن بن قتادة لأبيه وأخيه وعمه. وذكر ابن محفوظ: أن إخراج الملك المسعود لحسن بن قتادة من مكة، كان فى سنة تسع عشرة وستمائة. وذكر ذلك غيره، ولنذكر كلامه لإفادته ذلك وغيره. قال: فى سنة تسع عشرة: توجه الملك السمعود إلى مكة فوصلها فى ربيع الأول، وخرج حسن

من البلاد، فتسلمها السلطان وراجح معه، ورد السلطان على أهل الحجاز جميع أموالهم ونخلهم جميعا، وما كان أخذ من الوادى جميعه، ومن مكة من الدور. وولى راجحا حلى ونصف المخلاف، واستناب السلطان على مكة الأمير نور الدين عمر بن على بن رسول، ورتب معه ثلاثمائة فارس، وحج فى هذا العام الملك المسعود، وأما حسن بن قتادة، فإنه راح إلى ينبع وجاء بجيش، وخرج إليه نور الدين وكسره على الخربة. ووجدت فى تاريخ الشيخ شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزرى ترجمة لآقباش الناصرى، ذكر فيها شيئا من حاله، وقتل أصحاب حسن له بمكة، ثم قال: وأراد حسن نهب الحاج العراقى، خوفه المبارز المعتمد من المعظم والكامل، فأجابه، يعنى إلى ترك النهب. ووجدت فيه ترجمة لحسن بن قتادة؛ لأنه قال فى أخبار سنة ثلاث وعشرين وستمائة: وفيها توفى حسن بن قتادة بن إدريس الحسنى أمير مكة، زادها الله شرفا، وكان قد ولى الإمارة بعد أبيه، ويقال إنه دخل إلى أبيه وهو مريض فقتله خنقا وولى الإمارة مغالبة. وكان سيئ العشرة والسيرة ظلوما مقداما، وهو الذى قتل أمير الحاج آقباش فى سنة سبع عشرة، وأحدث فى مكة أمورا منكرة، فأريد القبض عليه، فخرج عنها هاربا على أقبح وجه، وقصد الشام، فلم يلتفت إليه، فتوجه إلى العراق، ووصل إلى بغداد، فأدركه أجله فى الجانب الغربى على دكة، فلما علم به، غسّل وجهّز وصلّى عليه، وحمل إلى مشهد موسى عليه السلام ودفن هناك. انتهى. ورأيت فى كلام بعضهم، وأظنه الشيخ شهاب الدين أبا شامة المقدسى: أن حسن ابن قتادة لما وصل إلى بغداد، همّ أهل بغداد بقتله قودا بآقباش الناصرى، الذى قتله أصحابه بمكة، فعاجلت المنيّة حسن بن قتادة قبل قتلهم له. انتهى. وأما ما قيل من قتل حسن بن قتادة لأبيه وأخيه وعمه. فقد ذكر ابن الأثير فى كامله صورة ذلك، لأنه قال لما ذكر موت قتادة: وقيل فى موت قتادة: أن ابنه حسنا خنقه، وسبب ذلك: أن قتادة جمع جموعا كثيرة، وسار عن مكة يريد المدينة، فنزل بوادى الفرع وهو مريض، وسير أخاه على الجيش ومعه ابنه الحسن بن قتادة، فلما أبعدوا بلغه أن عمه الحسن قال لبعض الجند: إن أخى مريض وهو ميت لا محالة، وطلب منهم أن

يحلفوا له ليكون هو الأمير بعد أخيه قتادة، فحضر الحسن عنده، واجتمع إليه كثير من الأشراف والمماليك الذين لأبيه. فقال حسن لعمه: قد فعلت كذا وكذا، فقال: لم أفعل، وأمر حسن الحاضرين بقتله، فلم يفعلوا، وقالوا: أنت أمير وهذا أمير، ولا نمدّ أيدينا إلى أحدكما، فقال له غلامان لقتادة: نحن عبيدك فمرنا بما شئت، فأمرهما أن يجعلا عمامة عمه فى حلقه. ففعلا ثم قتله. فسمع قتادة الخبر، فبلغ منه الغيظ كل مبلغ، وحلف ليقتلن ابنه. وكان على ما ذكرنا من المرض، فكتب بعض أصحابه إلى الحسن يعرفه الحال بقوله: ابدأ به قبل أن يقتلك، فعاد الحسن إلى مكة. فلما وصلها قصد دار أبيه فى نفر يسير، فرأى على باب الدار جمعا كثيرا، فأمرهم بالانصراف إلى منازلهم ففارقوا الدار وعادوا إلى مساكنهم، ودخل الحسن إلى أبيه. فلما رآه أبوه شتمه وبالغ فى ذمه وتهديده، فوثب إليه الحسن فخنقه لوقته، وخرج إلى الحرم الشريف، وأحضر الأشراف وقال: أن أبى قد اشتد مرضه، وقد أمركم أن تحلفوا لى على أن أكون أنا أميركم، فحلفوا له، ثم أنه أحضر تابوتا ودفنه ليظن الناس أنه مات، وكان قد دفنه سرا. فلما استقرت الإمارة بمكة له، أرسل إلى أخيه الذى بقلعة الينبع على لسان أبيه يستدعيه، وكتم موت أبيه عنه. فلما حضر أخوه قتله أيضا واستقر أمره وثبت قدمه، وفعل بأمير الحاج ما تقدم ذكره، فارتكب أمرا عظيما، قتل أباه وعمه وأخاه، لقد باع دينه بدنياه، وذلك فى أيام يسيرة، لا جرم لم يمهله الله تعالى، ونزع ملكه وجعله طريدا شريدا خائفا يترقب. انتهى. وذكر ابن سعيد المغربى مؤرخ المغرب والمشرق، شيئا من خبر حسن بن قتادة هذا، لم أره إلا فى كتابه، فنذكره لما فيه من الفائدة، ونص ما ذكره بعد أن ذكر شيئا من خبر قتادة: وارتفعت فيه الأيدى بالدعاء، فقتله الله تعالى على يد ابنه حسن بن قتادة، واطأ جارية كانت تخدم أباه، فأدخلته ليلا عليه. قال الزّنجانى مؤرخ الحجاز، وكان وزيرا لأبى عزيز: وإخوته وأقاربه يزعمون أنه قتل أباه خنقا، واستعان بالجارية المذكورة وغلام له فى إمساك يديه. ثم قتلهما بعد ذلك لئلا يخرج الخبر من قبلهما، وزعم للناس أنهما قتلا أباه، وقعد فى مكان أبيه والعيون

1009 ـ الحسن بن محمد بن أحمد بن على القسى، كمال الدين أبو الهدى، بن الشيخ قطب الدين بن الشيخ أبى العباس القسطلانى المكى

تنثنى عنه، والقلوب تنفر منه. وكان من أمره مع أخيه راجح ما يأتى ذكره. ومات ببغداد سليبا طريدا غريبا. وقال ابن سعيد أيضا: وذكر له نجم الدين الزّنجانى: أن أبا عزيز كان يوما بالحرم مع الأشراف، فهجم عليه ولد لابنه حسن، وترامى فى حجره مستجيرا. وإذا بوالده حسن كالمجنون يشتد فى إثره، ثم ألقى يده فى شعره وجذبه من حجر جده. فاغتاظ أبو عزيز، وقال: هكذا ربيتك ولهذا ذخرتك؟ . فقال حسن: ذاك الإخلال أوجب هذا الإدلال. فقال أبو عزيز: ليس هذا بإدلال ولكنه إذلال، وانصرف حسن بولده، ففعل فيه ما اقتضت طباعه، فالتفت أبو عزيز إلى الشرفاء وقال لهم: والله لا أفلح هذا، ولا أفلح معه، فلم يمر إلا قليل حتى قتل أباه على ما تقدم ذكره. انتهى. ورأيت لحسن بن قتادة هذا مكرمة صنعها بمكة، وهى أنه رد الموضع المعروف برباط الخرّازين بالمسعى، الذى وقف على رباط السدرة بمكة، إلى فقراء الرباط المذكور بعد الاستيلاء عليه. 1009 ـ الحسن بن محمد بن أحمد بن على القسى، كمال الدين أبو الهدى، بن الشيخ قطب الدين بن الشيخ أبى العباس القسطلانى المكى: لبس من الشيخ نجم الدين التبريزى خرقة التصوف. وأجاز له فى سنة تسع وأربعين وستمائة ـ بإفادة أبيه ـ جماعة من شيوخه ببغداد وغيرها من البلاد. وسمع على أبى عبد الله محمد بن معين المنبجى سداسيات الرازى، وعلى أبى عبد الله محمد بن أبى الفضل المرسى: الأربعين الفراوية، ومن عبد الوهاب بن عساكر، وابن مسدى وجماعة. وحدث مع أخويه الأمين والشّرف بقراءة النجم بن عبد الحميد: الأربعين الفراوية، سمعها عليهم ابن أختهم الزين أحمد بن الجمال محمد بن المحب الطبرى. وكتب عنه الجد أبو عبد الله الفاسى. وجدت بخطه: أنه توفى بالقاهرة سنة ست وسبعمائة، وولد سنة أربع وأربعين وستمائة بمكة. ووجدت بخطه: أن والده أخبره أنه لما ولد أصبح وليس عنده شئ، فأخذ كتابا من كتبه وخرج به يطلب أحدا يرهنه عنده أو يشتريه منه، فلم يتفق، فرجع به مغتما، فبينما هو فى الطريق، وإذا إنسان أعطاه كتابا من جدة فيه: جاءك مركب من عيذاب، فأرسل من يقبضه.

1010 ـ الحسن بن محمد بن أحمد بن محمد الهروى، أبو على بن أبى أسامة المكى

1010 ـ الحسن بن محمد بن أحمد بن محمد الهروىّ، أبو على بن أبى أسامة المكى: حدث عن أحمد بن إبراهيم العبقسى، وإبراهيم بن إسماعيل المكى، فى سنة خمس وثلاثين وأربعمائة. روى عنه: على بن أحمد، ومحمد بن على الفراء. ذكره ابن عساكر فى تاريخ دمشق، ومن مختصره كتبت هذه الترجمة. 1011 ـ حسن بن محمد بن أسيد بن أسحم اليمنى: ذكره الجندى، وقال: كان فقيها عابدا خيرا. توفى بمكة سنة سبع عشرة وسبعمائة. وأسيد بضم الهمزة. 1012 ـ حسن بن محمد بن أبى بكر الشيبى الحجبى المكى، يلقب بالبدر ابن الجمال: سمع بمكة من ابن حبيب وغيره. وبها توفى فى جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. 1013 ـ الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر بن على بن إسماعيل العمرى، من ولد عمر بن الخطاب رضى الله عنه: يكنى أبا الفضائل، ويلقب بالرضى الصغانى أصلا، اللّوهورىّ مولدا، الفقيه المحدث اللّغوى الحنفى. سمع من أبى الفتوح الحصرى بمكة، وجاور بها سنين، وسمع باليمن وبالهند. قال الدمياطى: سمع بمكة من الحصرى وغيره، وبعدن من القاضى أبى إسحاق إبراهيم ابن أحمد بن عبد الله بن سالم القريظى، وبالهند من القاضى سعد الدين خلف بن محمد ابن إبراهيم بن يعقوب الكردرىّ الحسنآبادى، ونظام الدين محمد بن الحسن بن أسعد المرغينانى وغيرهما. انتهى. وقال الذهبى: إنه سمع ببغداد من سعيد بن الرزاز. سمع منه ابن مسدى، وقال: كان علامة فى فنون من المعارف، موصوفا باصطناع الأيادى وبذل المعارف.

_ 1013 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب فى أخبار من ذهب 7/ 431، الجواهر المضية 1/ 201).

وذكر أنه توفى فى رمضان سنة خمسين وستمائة ببغداد، وأوصى أن يدفن بمكة، واحتال أولاده فى ذلك حتى دفن هنالك. وذكر أنه ولد فى عاشر صفر سنة سبع وسبعين وخمسمائة، وذكر مولده فى هذا التاريخ الدمياطى، وزاد: فى يوم الخميس عاشر صفر بلوهور (1) من بلاد الهند، قال: ونشأ بغزنة (2)، ودخل بغداد فى صفر سنة خمس عشرة وستمائة، وأرسل إلى الهند برسالة من الديوان العزيز فى سنة سبع عشرة، ورجع منها سنة أربع وعشرين، وأعيد إليها رسولا فى شعبان من السنة، ورجع منها إلى بغداد سنة سبع وثلاثين، وأصله من صاغان، وهى كورة من بلاد السّغد، أحد جنان الدنيا الأربع، وهى بالفارسية: باغيان، فعربت، فقيل: صاغان وصغّان أيضا. قال: وكان شيخا صالحا صدوقا صموتا عن فضول الكلام، إماما فى اللغة والفقه والحديث، وكنت آخر من قرأ عليه. وذكر أنه توفى ليلة الجمعة التاسع عشر من شعبان سنة خمسين وستمائة بالحريم الظاهرى ببغداد، ودفن فى داره. قال: ثم بلغنى أنه نقل إلى مكة، فدفن قريبا من الفضيل بن عياض. وقد قال لى رحمه الله: قد أوصيت لمن يحملنى بعد موتى إلى مكة بخمسين دينارا. انتهى. وذكر ابن شاكر الكتبى فى تاريخه: أنه جاور بمكة. انتهى. وكان يكتب فى خطه الملتجئ إلى حرم الله. وما أظن ذلك إلا لانقطاعه إلى الحرم. والله أعلم. وكان إليه المنتهى فى علم اللغة ـ وله تواليف منها: مجمع البحرين فى اثنى عشر مجلدا. والعباب الزاخر واللباب الفاخر، يزيد على عشرين مجلدا ولم يكمله، وكتاب الشوارد فى اللغات، وكتاب شرح القلادة السّمطية فى توشيح الدريدية، وكتاب التراكيب، وكتاب فعال، على وزن حزام وقطام، وكتاب فعلان على وزن سيّان، وكتاب الانفعال، وكتاب مفعول، وكتاب الأضداد، وكتاب العروض، وكتاب فى أسماء العادة، وكتاب فى أسماء الأسد، وكتاب فى أسماء الذئب، وكتاب تعزيز بيتى الحريرى، وكتاب فى الفرائض، وشرح أبيات المفصل، وذيل العزيزى، ونظم عدد آى القرآن. وله تواليف سواها فى فنون من العلم. منها فى الحديث: مشارق الأنوار النبوية،

_ (1) لوهور: المشهور من اسمه لهاور وهى مدينة عظيمة من بلاد الهند. انظر: معجم البلدان (لوهور). (2) غزنة: هى مدينة عظيمة وولاية واسعة فى طرف خراسان، وهى الحد بين خراسان والهند. انظر: معجم البلدان (غزنة).

1014 ـ حسن بن أبى عبد الله محمد بن حسن بن الزين محمد بن محمد بن محمد القسطلانى المكى

وكتاب نقعة الصديان فى علم الحديث، وكتاب الضعفاء، وكتاب بيان أماكن وفيات الصحابة رضى الله عنهم، كراريس. ووقفت عليه واستفدت منه، وغير ذلك. ولبعضهم فيه [من الرجز]: أن الصغانى الذى ... حاز العلوم والحكم كان قصارى أمره ... أن انتهى إلى بكم ومراد قائل ذلك، أنه انتهى فى كتاب العباب إلى مادة قوله: «بكم». وبلغنى عن شيخنا اللغوى مجد الدين الشيرازى: أن الصاغانى جاوز «بكم» بيسير فى كتابه المذكور. والله أعلم. وله شعر حسن. فمنه ما أنشدناه أحمد بن محمد بن عبد الله الحميرىّ، وإبراهيم بن عمر، ومحمد بن محمد بن عبد الله المقدسى الصالحيان، إذنا مكاتبة، أن الحافظ شرف الدين الدمياطى أنشدهم إجازة، قال: أنشدنا الصغانى لنفسه ببغداد، وكتب ذلك عنه فى مشيخته [من الطويل]. تسربلت سربال القناعة والرضا ... صبيّا وكانا فى الكهولة ديدنى وقد كان ينهانى أبى حفّ بالرضا ... وبالعفو أن أولى ندا من يدى دنى وأنشدنى فى عكس هذا المعنى، شيخنا قاضى القضاة جمال الدين بن ظهيرة أبقاه الله غير مرة، للعلامة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن، المعروف بابن الصائغ الحنفى المصرى، عنه سماعا [من الطويل]: إنى لمغرى بالتواضع مغرم ... أنت ترى أن المعالى ديدنى من مذهبى أنى أذل لمطلبى ... لا أتحامى قبلة من يدى دنى وأجاز الصاغانى للقاضى سليمان بن حمزة، على ما ذكر ابن رافع والرضى الطبرى، ولصالح بن عبد الله الكوفى ابن الصباع، وهو خاتمة أصحابه. 1014 ـ حسن بن أبى عبد الله محمد بن حسن بن الزين محمد بن محمد بن محمد القسطلانى المكى: ذكر لى ما يقتضى أنه ولد سنة اثنتين وستين وسبعمائة، أو فى التى بعدها. ودخل ديار مصر والشام، ورتب بها مرتبات صرر وغير ذلك. وولى مباشرة فى الحرم المكى، ومباشرة فى الأوقاف الحكمية فى القاهرة. وولى نظر أوقاف الحرمين بالإسكندرية نحو

_ 1014 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 3/ 124).

1015 ـ الحسن بن محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن بن على بن أبى طالب الحسنى، المعروف بأبى الزفت

سنتين، ثم توفى فى النصف الثانى من شوال سنة تسع وثمانمائة بالقاهرة، بعد أن سكنها مدة سنتين متصلة بموته. وقد قارب الخمسين، سامحه الله تعالى. 1015 ـ الحسن بن محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن بن على بن أبى طالب الحسنى، المعروف بأبى الزّفت: قتل بمكة فى فتنة الحسين بن علىّ الآتى ذكره بفخّ. وذلك أنه لما انقضت الوقعة، جاء فوقف خلف محمد بن سليمان، متولى الحرب فى هذه القضية. فأخذه موسى بن عيسى، وعبد الله بن العباس بن محمد، فقتلاه. فغضب محمد بن سليمان غضبا شديدا، وغضب الهادى على موسى بن عيسى لقتله لأبى الزفت، وقبض على أمواله، فلم تزل بيده حتى مات. وكانت الوقعة بفخ يوم التروية، سنة تسع وستين ومائة. 1016 ـ الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبى يزيد، المكى: روى عن ابن جريج. روى عنه أبو عبيد الله محمد بن يزيد بن حبيش فى سجدة «ص». قال العقيلى: لا يتابع عليه. وله طرق كلها فيها لين. روى له الترمذى (1)، وابن ماجة (2).

_ 1015 ـ انظر ترجمته فى: (جمهرة الأنساب لابن حزم 45). 1016 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 1271، العلل لأحمد 1/ 86، الجرح والتعديل الترجمة 152، الكاشف 1/ 226، ميزان الاعتدال 1/ 520، رقم (1940)، المغنى الترجمة 1478، ديوان الضعفاء الترجمة 952، تهذيب ابن حجر 2/ 319، خلاصة الخزرجى الترجمة 1382). (1) روى له الترمذى فى سننه كتاب الجمعة حديث رقم (579) من طريق: قتيبة، حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس، حدثنا الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبى يزيد، قال: قال لى: ابن جريج يا حسن أخبرنى عبيد الله بن أبى يزيد، عن ابن عباس، قال: جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنى رأيتنى الليلة وأنا نائم كأنى أصلى خلف شجرة فسجدت فسجدت الشجرة لسجودى فسمعتها وهى تقول: اللهم اكتب لى بها عندك أجرا وضع عنى بها وزرا واجعلها لى عندك ذخرا وتقبلها منى كما تقبلتها من عبدك داود قال الحسن: قال لى ابن جريج: قال لى جدك: قال ابن عباس: فقرأ النبى صلى الله عليه وسلم سجدة ثم سجد. قال: فقال ابن عباس: فسمعته وهو يقول مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة. قال: وفى الباب عن أبى سعيد. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب من حديث ابن عباس لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وروى له أيضا فى كتاب الدعوات حديث رقم (3424). (2) وروى له ابن ماجة فى سننه كتاب إقامة الصلاة حديث رقم (1053).

1017 ـ الحسن بن محمد بن على بن الجزائرى

1017 ـ الحسن بن محمد بن على بن الجزائرى: إمام المالكية بمكة بالمسجد الحرام. ذكره الحافظ أبو القاسم بن عساكر فى معجمه، وذكر أن له منه إجازة كتبها إليه من مكة. 1018 ـ حسن بن محمد بن قلاوون، السلطان الملك الناصر، بن السلطان الملك المنصور، صاحب الديار المصرية والشامية والحجازية: ذكرناه فى هذا الكتاب لما صنع فى أيامه من المآثر بمكة، وهى عمارة أماكن بالمسجد الحرام وغير ذلك، واسمه مكتوب فى الجانب الشرقى منه، بقرب باب بنى شيبة، وعمل فى زمنه باب الكعبة الذى هو فيها الآن، وكسا الكعبة الكسوة التى هى اليوم فى باطنها. وبويع بالسلطنة بعد أخيه المظفّر حاجّى، فى ثانى عشر رمضان سنة ثمان وأربعين وسبعمائة. واستمر حتى خلع فى أول رجب سنة اثنتين وخمسين بأخيه الصالح صالح، ثم أعيد إلى السلطنة بعد خلع المذكور، فى أول شوال من سنة خمس وخمسين وسبعمائة. واستمر حتى مسك فى جمادى الأولى من سنة اثنتين وستين وسبعمائة. وكان ذلك آخر العهد به. وكان لما بلغه ما جرى لعسكره الذى مقدمه قندس وابن قراسنقر من القتل والنهب بمكة، وإخراجه منها على أقبح وجه فى آخر سنة إحدى وستين وسبعمائة، غضب على أهل الحجاز، وأمر بتجهيز عسكر كثير إلى الحجاز للانتقام من أهله. فقدر الله تعالى بنفور حصل بينه وبين كبير أهل دولته الأمير يلبغا الخاصكىّ، فقبض عليه. وكان ذلك آخر العهد به، وبطل أمر العسكر، وزال ما كان يتوقع بسببه فى الحجاز من الضرر. 1019 ـ الحسن بن محمد بن كامل بن يعسوب، الحسنى المكى: سمع من المفتى عبد الرحمن بن محمد بن على الطبرى، ومن أخيه يحيى بن محمد الطبرى، ثم أكثر على التّوزرىّ، والصّفى والرضى الطبريين. وأجاز له فى سنة ثلاث عشرة وسبعمائة جماعة من شيوخ الشام. ولا أدرى هل حدث أم لا، ولا متى مات. وكان جدى الشريف أبو عبد الله الفاسى، متزوجا لأخته أم عم والدى الشريف أبى الخير الفاسى، رحمهم الله تعالى.

_ 1018 ـ انظر ترجمته فى: (النجوم الزاهرة 10/ 187).

1020 ـ حسن بن الزين محمد بن الأمين محمد بن القطب محمد بن أبى العباس أحمد بن على القيسى القسطلانى المكى، لقب بالبدر وبالعز

1020 ـ حسن بن الزين محمد بن الأمين محمد بن القطب محمد بن أبى العباس أحمد بن على القيسى القسطلانى المكى، لقب بالبدر وبالعز: سمع الكثير من الفخر التّوزرىّ، والصفى الطبرى، وأخيه الرضى وغيرهم، ثم طلب بنفسه، فسمع وقرأ على جماعة، وسمع أولاده. ولا أدرى هل حدث أم لا، ولا متى مات، غير أنه كان حيّا فى سنة خمس وثلاثين محققا. وأظن أنه مات سنة ثمان وثلاثين. وكان له نظم رأيت منه قصيدة يرثى بها قاضى مكة نجم الدين الطبرى. وأنشدت على قبره فى اليوم السادس من وفاته. أولها [من البسيط]: مات الحياء ومات الجود والكرم ... والعلم والحلم والأحكام والحكم والفضل مات لموت النجم قاطبة ... واستوحش البيت والأركان والحرم ومنها: غوث الأرامل والأيتام كهفهم ... قس الفصاحة بحر جوده علم صدر المدارس قطب لا يقاس به ... فريد عصر فتى ألفاظه حكم ومن يكن موته للدين منقصة ... فلا يقاس به عرب ولا عجم من للفتاوى إذا جاء معضلها ... وللعلوم التى تسموا بها الهمم 1021 ـ الحسن بن مسلم بن ينّاق المكى: سمع طاوس بن كيسان، ومجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير، وصفية بنت شيبة. روى عنه حميد الطويل، وعمرو بن مرة، والحكم بن عتيبة وسليمان التيمى، وابن جريج، وغيرهم. وروى له الجماعة إلا الترمذى. قال أبو زرعة وابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: هو صالح الحديث.

_ 1021 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 1275، طبقات ابن سعد 5/ 479، تاريخ يحيى برواية الدورى: 2/ 116، تاريخ البخارى الكبير: الترجمة 2565، تاريخه الصغير 1/ 243، المعرفة ليعقوب 1/ 436، 2/ 20، تاريخ واسط 279، الجرح والتعديل الترجمة 155، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 1126، أسماء الدارقطنى الترجمة 189، الجمع لابن القيسرانى الترجمة 310، تهذيب الأسماء للنووى 1/ 161، الكاشف 1/ 227، تاريخ الإسلام 4/ 106، تهذيب ابن حجر 2/ 322، خلاصة الخزرجى الترجمة 1386). ويناق: قيده النووى فى تهذيب الأسماء، فقال: بمثناة تحت مفتوحة ثم نون مشددة ثم ألف ثم قاف.

1022 ـ الحسن بن موسى بن عبد الرحمن بن على بن الحسين بن على الشيبانى الطبرى، أبو على شهاب الدين

قال ابن عيينة: مات قبل طاوس. وقال الكلاباذى: قبل طاوس، وقبل أبيه. 1022 ـ الحسن بن موسى بن عبد الرحمن بن على بن الحسين بن على الشيبانى الطبرى، أبو على شهاب الدين: قاضى مكة. وجدت خطه على محضر ثبت عليه أن الحجرة التى على يمين الداخل من باب رباط السدرة. وقف على مصالح الرباط المذكور، وتاريخ الثبوت العشر الأوسط من جمادى الآخرة سنة ثمان وستمائة، ولا أدرى هل هذه السنة كانت ابتداء ولايته أو كانت قبلها؟ . ووجدت مكتوبا بمبيع مؤرخ بالثالث من جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وستمائة، ثبت عليه وشهد عليه فى الثبوت جماعة فى هذا التاريخ، ولا أدرى هذه السنة خاتمة ولايته أو بعدها، ولا هل استمر على الولاية من سنة ثمان وستمائة إليها. وقد وجدت خطه على مكاتيب ثبتت عليه، بعضها مؤرخ بسنة أربع عشرة وسنة اثنتين وعشرين، وسنة ثلاث وعشرين، وسنة أربع وعشرين. 1023 ـ الحسن بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبى طالب الهاشمى الطّالبىّ: أمير مكة. هكذا نسبه الزبير بن بكار فى كتابه النسب، وقال: حدثنى عبد الله بن إسحاق بن القاسم بن عبد الله بن جعفر بن أبى طالب: أن محمد بن عبد الله بعث حسن بن معاوية، والقاسم بن إسحاق إلى مكة. واستعمل القاسم بن إسحاق على اليمن، وحسن بن معاوية على مكة. قال الزبير: وحدثنى عبد الله بن إسحاق بن القاسم، قال: أخذ حسن بن معاوية، وحمل إلى أمير المؤمنين المنصور، وحبسه حبسا طويلا. فقال حسن بن معاوية [من الكامل]: ارحم صغار بنى يزيد إنهم ... تموا لفقدى لا لفقد يزيد وارحم كبيرا سنّه متهدما ... ى السجن بين سلاسل وقيود فلئن أخذت بذنبنا وجزيتنا ... نقتلن به بكل صعيد أو عدت بالرحم القريبة بيننا ... اجدكم من جدنا ببعيد

_ 1023 ـ انظر ترجمته فى: (الكامل لابن الأثير 5/ 7).

1024 ـ حسن بن هارون

ومحمد بن عبد الله، الذى ولى الحسن بعد معاوية هذا مكة، والقاسم اليمن، هو محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب، الملقب بالنفس الزكية، الثائر على أبى جعفر المنصور بالمدينة، وخبره معه مشهور. ورأيت فى نسخة فيها سقم من الكامل لابن الأثير: أن النفس الزكية استعمل على مكة محمد بن الحسن بن معاوية بن عبد الله بن جعفر. وهذا وهم، فيما أحسب، لمخالفته ما ذكره الزبير. وهو أعرف الناس بهذا الأمر. كيف والنسخة التى رأيتها من الكامل سقيمة! . ولنذكر كلام صاحب الكامل لفائدة فيه سوى ذلك؛ لأنه قال فى أخبار سنة خمس وأربعين ومائة، فى أخبار محمد بن عبد الله بن الحسن: وكان محمد قبل استعمل محمد بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبى طالب على مكة، والقاسم بن إسحاق على اليمن، وموسى بن عبد الله على الشام. فأما محمد بن الحسن، والقاسم، فسارا إلى مكة، فخرج إليهما السرى بن عبد الله عامل المنصور بمكة، فلقيهما ببطن أذاخر، فهزماه ودخل محمد مكة، وأقام بها يسيرا، فأتاه كتاب محمد بن عبد الله يأمره بالمسير إليه فيمن معه، ويخبره بمسير عيسى بن موسى إليه لمحاربته. فسار إليه من مكة هو والقاسم، فبلغه بنواحى قديد قتل محمد، فهرب هو وأصحابه، وتفرقوا، فلحق محمد بن الحسن بإبراهيم بن عبد الله فأقام عنده، حتى قتل إبراهيم. انتهى. 1024 ـ حسن بن هارون: جاور بمكة مدة سنين، وتأهل فيها ببنت أحمد بن عطية بن ظهيرة، وولد له منها أولاد. 1025 ـ الحسن بن يوسف بن عبد الله: [ ... ] (1). 1026 ـ حسن بن يوسف بن يحيى بن زكرى بن على بن أبى بكر بن يحيى بن فارس الجعفرى المكى المعروف بالسقطى: ولى مباشرة فى الحرم، وكانت خصوصية بالقاضى تقى الدين الحرازى.

_ 1025 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

من اسمه الحسين

توفى بمكة سنة أربع وستين وسبعمائة ـ ظنا ـ وهذا النسب نقلته من خط شيخنا العلامة صدر الدين الياسوفى، فى شيء كتبه عن أخيه شمس الدين، المقدم ذكره. * * * من اسمه الحسين 1027 ـ حسين بن أبى المكارم أحمد بن على بن أبى راجح محمد بن إدريس العبدرى الشيبى الحجبى المكى، يلقب بدر الدين: عانى الاشتغال فى العربية والشعر، وله نظم وذكاء، وحفظ غالب البهجة، للإمام زين الدين عمر بن الوردى، فى نظم الحاوى الصغير فى الفقه، وله كتابة جيدة. ودخل إلى اليمن ومصر طلبا للرزق. وأدركه الأجل بالقاهرة فى صفر سنة سبع وعشرين ثمانمائة، وكان قدم إليها فى المحرم من هذه السنة مع الحجاج المصريين، وله إحدى وعشرون سنة فيما بلغنى. 1028 ـ حسين بن أحمد محمد بن ناصر، الهندى الأصل، المكى المولد والدار، الشيخ بدر الدين الحنفى: ولد سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة بمكة، وسمع بها فيما ذكر، على القاضى عز الدين ابن جماعة، وعلى جماعة من شيوخنا بمكة وغيرهم. وحدث عن الشيخ جمال الدين الأميوطى، والعفيف عبد الله بن محمد النشاورى، بصحيح البخارى سماعا عليهما لجميعه فيما ذكر، وسمعت من لفظه شيئا من آخره. وكان يكرر قراءة صحيح البخارى فى كل سنة فى أواخر عمره، ويعمل مواعيد فى المسجد الحرام بناحية الصّفا، ويدرس بالمسجد الحرام، مقابل مدرسة عز الدين عثمان الزنجيلى، وهى المعروفة بدار السلسلة بالجانب الغربى من المسجد الحرام؛ لأنه ولى تدريسها، ونظر وقفها بعدن، وناب فى الحكم عن قاضى مكة جمال الدين بن ظهيرة، وعز الدين النويرى فى بعض القضايا، وفى العقود عن القاضى جمال الدين بن ظهيرة. وكان تفقه بمكة على شيخ الحنفية بها ضياء الدين الهندى، وبدمشق فيما ذكر على قاضى القضاة صدر الدين بن منصور الحنفى. وكان يذاكر بمسائل من مذهبه.

_ 1027 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 3/ 135). 1028 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 3/ 137).

1029 ـ حسين بن أحمد السراوى العجمى

وله عناية بالعبادة، ودخل ديار مصر والشام واليمن مرات لطلب الرزق، وحصل وظائف وصررا. وآخر سفرة سافرها لذلك، فى أوائل سنة أربع وعشرين وثمانمائة لصوب اليمن، وقصد عدن ليستولى على نظر وقف الزّنجيلى، فأدركه الأجل بقرب مكان يقال له الرجع وحمل إلى الرجع فدفن به. وكانت وفاته فى جمادى الأولى سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وهو ممتع بحواسه وقوته. 1029 ـ حسين بن أحمد السراوى العجمى: كان من تجار العجم. جاور بمكة مدة وأوصى لعمارة عين مكة بعشرة آلاف درهم، ولعمارة الميضأة الصّر غطمشيّة التى بابها فى المسجد الحرام بخمسة آلاف درهم، ونفذت وصيته بذلك، وببعض قربات غير ذلك أوصى بها. وتوفى فى ثانى جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة، وقد بلغ السبعين أو جاوزها فيما أظن. 1030 ـ الحسين بن إدريس بن عبد الكريم الغيقى، أبو على المصرى: سمع من سلمة بن شبيب وغيره. وتوفى بمكة فى شهر رمضان من سنة اثنتى عشرة وثلاثمائة. والغيقى ـ بغين معجمة وياء مثناة من تحت وقاف ـ نسبة إلى غيقة: قرية من قرى مصر. ذكره ابن يونس فى تاريخ مصر، وغيقة بهذا الضبط، مكان جاء ذكره فى حديث أبى قتادة لما اصطاد فى طريق مكة، وهو بقرب بدر، المكان الذى كانت فيه الوقعة، التى أعز الله تعالى فيها الإسلام. 1031 ـ الحسين بن الحسن بن حرب المروزىّ: نزيل مكة، صاحب عبد الله بن المبارك. روى عنه، وعن ابن عيينة، وابن مهدى، ومعتمر بن سليمان، وهشيم، وجماعة.

_ 1029 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 3/ 138). 1031 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 1304، العلل لأحمد 1/ 289، المعرفة ليعقوب 1/ 631، 716، 722، 724، 726، 2/ 172، 3/ 132، 176، 369، 370، الكنى للدولابى 2/ 54، الجرح والتعديل الترجمة 219، المعجم المشتمل الترجمة 273، معجم البلدان 2/ 638، العبر 1/ 446، الكاشف 1/ 230، تهذيب ابن حجر 2/ 334، خلاصة الخزرجى الترجمة 1417).

1032 ـ الحسين بن الحسن بن على بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب، المعروف بالأفطس

روى عنه الترمذى، وابن ماجة، وابن مخلد، وابن صاعد، وأبو إسحاق الهاشمى، ووقع لنا حديثه من طريقه عاليا. قال أبو حاتم: صدوق. وقال ابن حبان: مات سنة ست وأربعين ومائتين. قرأت على أبى إسحاق إبراهيم بن محمد بن صديق الدمشقى غير مرة، قلت له: أخبرك أبو العباس أحمد بن أبى طالب الصالحى، عن أبى إسحاق إبراهيم بن عثمان الكاشغرى، وأبى طالب عبد اللطيف بن محمد القبّيطىّ، والأنجب بن أبى السعادات الحمامى، وأبى الفضل بن السباك، وعلى بن محمد بن كبّة، وتامر بن مسعود بن مطلق، وزهرة بنت حاضر، قالوا: أخبرنا محمد بن عبد الباقى بن البطّى. زاد الكاشغرى فقال: وأخبرنا أيضا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن تاج القراء، قالا: أخبرنا مالك بن أحمد البانياسىّ، قال: أخبرنا أبو الحسن بن الصلت، قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى. [ ... ] (1). 1032 ـ الحسين بن الحسن بن علىّ بن علىّ بن الحسين بن على بن أبى طالب، المعروف بالأفطس: ولاه أبو السرايا السرى بن منصور الشيبانى، داعية ابن طباطبا العلوى، مكة. وجعل إليه الموسم فى سنة تسع وتسعين ومائة، فسار إلى مكة، ولما بلغ عاملها داود بن عيسى توجيه أبى السرايا للحسين الأفطس إلى مكة خرج منها. ولما بلغ حسين الأفطس سرف على أميال من مكة، خاف دخول مكة، فتوقف حتى خرج إليه قوم أخبروه أن مكة قد خلت من بنى العباس، فدخلها فى عشرة أنفس، فطافوا بالبيت، وسعوا بين الصفا والمروة، ومضوا إلى عرفة فوقفوا ليلا، ثم رجعوا إلى مزدلفة، فصلى بالناس الصبح، وأقام بمنى أيام الحج، وبقى بمكة إلى أن انقضت السنة. فلما كان المحرم من سنة مائتين، نزع الحسين الأفطس كسوة الكعبة، وكساها كسوة أخرى، أنفذها أبو السرايا من الكوفة من القزّ، وتتبع ودائع بنى العباس ومتاعهم، وأخذها وأخذ أموال الناس بحجة الودائع. فهرب الناس منه، وتطرق أصحابه إلى قلع شبابيك الحرم، وأخذ ما على الأساطين من الذهب والفضة، وهو نزر حقير. وأخذ ما

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

فى خزانة الكعبة، فقسمه مع كسوتها على أصحابه. فلما بلغه قتل أبى السرايا، ورأى تغير الناس عليه لسوء سيرته وسيرة أصحابه، أتى هو وأصحابه إلى محمد بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على عليه السلام، وقالوا له: تعلم منزلتك فى الناس، فهلم نبايع لك بالخلافة، فإن فعلت، لم يختلف عليك رجلان، فامتنع من ذلك، فلم يزل به ابنه علىّ، وحسين بن الحسن الأفطس، حتى غلباه على رأيه وأجابهم، فأقاموه فى ربيع الأول، فبايعوه بالخلافة وجمعوا الناس فبايعوه طوعا وكرها، وسموه أمير المؤمنين. فبقى شهورا وليس له من الأمر شئ، وابنه على وحسين وجماعتهم، ساروا أقبح سيرة، فوثب حسين بن حسن على امرأة من بنى فهر كانت جميلة وأرادها على نفسها، فامتنعت منه، فأخاف زوجها وهو من بنى مخزوم حتى توارى عنه، ثم كسر باب دارها، وأخذها إليه مدة ثم هربت منه، ولم يلبثوا إلا يسيرا، حتى قدم إسحاق بن موسى العباسى من اليمن، فنزل المشاش، فاجتمع الطالبيون إلى محمد بن جعفر وأعلموه ذلك، وحفر خندقا بأعلى مكة، وجمعوا الناس من الأعراب وغيرهم، فقاتلهم إسحاق، ثم كره القتال، فسار نحو العراق، ولقيه الجند الذى نفذهم هرثمة إلى مكة: الجلودى، وورقاء بن جميل، فقالوا لإسحاق: ارجع معنا ونحن نكفيك القتال. فرجع معهم، فقاتلوا الطالبيين فهزمهم وفارقوا مكة. وذكر الزبير فى كتاب النسب: أن حسينا الأفطس خرج من مكة حينئذ، قال: وأمه جويرية بنت خالد بن أبى بكر بن عبيد الله بن عمر بن الخطاب، وأمها عائشة بنت عمر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، ونسب الزبير بن بكار، حسين الأفطس، كما ذكرنا، وما عرفت ما آل إليه أمره. وذكر العتيقى فى أمراء الموسم، ما يخالف ما سبق فى تاريخ قدوم الحسين الأفطس إلى مكة؛ لأن ما سبق يقتضى أنه قدمها ليلة النحر، وكلام العتيقى يقتضى أنه قدمها قبل التروية؛ لأنه قال: وكان أمير الموسم سنة تسع وتسعين، محمد بن داود بن عيسى بن موسى، فلما كان بمنى قبل التروية بيوم، وثب ابن الأفطس العلوى بمكة. فقبض من غلب عليها، وصار إلى منى، فتنحى عنه محمد بن داود، ولم يمض إلى عرفة، ومضى الناس إلى عرفات بغير إمام، ودفعوا منها بغير إمام. ووافى الأفطس الموقف ليلا، فوقف، ثم صار إلى مزدلفة، فصلى بالناس صلاة الفجر، ووقف بهم عند المشعر، ودفع بهم غداة جمع، وصار إلى منى. انتهى.

1033 ـ حسين بن شميلة بن محمد بن يحيى القرشى الجعفرى المكى

وأستبعد أن يكون الأفطس استولى على مكة قبل التروية بيوم، وتخلو من بنى العباس، ولا يمضى إلى عرفة لإقامة [ ... ] (1) إلى مكة أقرب إلى الصحة مما ذكره العتيقى فى تاريخ قدومه. والله أعلم. 1033 ـ حسين بن شميلة بن محمد بن يحيى القرشى الجعفرى المكى: من أعيان الناس بمكة، وله ملاءة. توفى ليلة الجمعة سادس شوال سنة سبعين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة، وهو ممن قضى الله له بالشهادة، فإنه قتل مظلوما. 1034 ـ حسين بن عبد الله بن موسى بن عباس بن عون بن رزق بن على بن حبيب القرشى الهاشمى الجرمّى، المنسوب إلى عبد مناف: هكذا وجدته مذكورا فى حجر قبره بالمعلاة، وكنى فيه: بأبى على، وترجم: بالشيخ الأجل شريف النسب. وفيه: أنه توفى يوم الخميس خامس عشر صفر سنة خمس عشرة وسبعمائة. 1035 ـ الحسين بن عبد الرحمن بن على بن الحسين بن على الشيبانى الطبرى، شرف الدين أبو البركات: قاضى الحرمين. وجدت خطه على مكتوب ثبت عليه بمبيع تاريخه شعبان سنة تسع وخمسين وخمسمائة، فلا أدرى هل هذه السنة ابتداء ولايته أو لا؟ ولا هل ولى بعد أبيه عبد الرحمن بن على أو لا؟ . ووجدت خطه على مكتوب بمبيع مؤرخ بالعشر الأواخر من شوال سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، فلا أدرى هل هذه السنة آخر ولايته أم لا؟ وهل استمر من سنة تسع وخمسين إليها؟ . والله أعلم. وغالب القضاة الشيبانيين يكتبون بخطهم، ويكتب لهم: قاضى الحرمين، فلا أدرى هل وليوا القضاء بالحرمين أو القضاء بمكة، وقولهم: الحرمين، مبالغة. والله أعلم. 1036 ـ حسين بن عبد المؤمن بن محمد بن ذاكر بن عبد المؤمن بن أبى المعالى، الكازرونى، المكى: المؤذن بالحرم الشريف. سمع على الفخر التوزرى: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، فى

_ 1032 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1037 ـ حسين بن عثمان بن حسين العسقلانى المكى

سنة ست وسبعمائة. وأجاز له من دمشق جماعة من شيوخ ابن خليل، باستدعائه واستدعاء البرزالى. وما علمته حدث. وقد أجاز لبعض شيوخنا فى استدعاء مؤرخ بسنة ست وخمسين وسبعمائة. ووجدت بخط شيخنا ابن سكّر: أنه توفى بعد الستين وسبعمائة، وذكر أنه أخذ عنه، وأنه أقام بوظيفة مأذنة باب على من المسجد الحرام، بعد أخيه على. انتهى. 1037 ـ حسين بن عثمان بن حسين العسقلانى المكى: توفى يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من المحرم، سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره لخصت هذه الترجمة، وهو مترجم فيه: بالشيخ العفيف الصالح. 1038 ـ الحسين بن عثمان بن سهل بن أحمد بن عبد العزيز بن أبى دلف العجلىّ، أبو سعد: أحد الرحالين فى طلب الحديث إلى البلاد المتباينة، ثم أقام ببغداد مدة. وحدث بها. روى عنه الخطيب، وقال: كان صدوقا متنبها، ثم انتقل فى آخر عمره إلى مكة. فسكنها حتى توفى فيها فى شوال سنة خمس وثلاثين وأربعمائة. نقلت هذه الترجمة من البداية والنهاية لابن كثير. 1039 ـ حسين بن على بن أحمد بن عطية بن ظهيرة بن مرزوق القرشى المخزومى المكى: أجاز له الرضى الطبرى، والعفيف الدلاصى، وابن حريث، وأمة الرحيم بنت القطب القسطلانى، من شيوخ مكة، وجماعة من دمشق، فى سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، منهم: الدّشتى، والقاضى سليمان بن حمزة وابن مكتوم، وابن عبد الدايم، والمطعم، وغيرهم من شيوخ عبد الله بن خليل، باستدعائه واستدعاء البرزالى. وقد سألت عنه قريبه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، أبقاه الله تعالى، فقال: كان من أذكياء العالم إلا أنه لم يشتغل بالعلم، وكان يحفظ حديثا كثيرا وآثارا، أوقفنى على ثبت له فيه سماعه للبخارى، وكتب أخر أثبتها على الشيخ العلامة محمد بن عيسى ابن مطير.

_ 1038 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ بغداد 8/ 84، البداية والنهاية 12/ 51، المنتظم 15/ 290).

1040 ـ الحسين بن على بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى

ومولده سنة تسع وسبعمائة. وتوفى سنة أربع وسبعين وسبعمائة. انتهى. وكانت وفاته بمكة. 1040 ـ الحسين بن على بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى: صاحب الوقعة بفخ، ظاهر مكة. ظهر بالمدينة فى تسع وستين ومائة، وطرد عنها عامل المهدى. وكان سبب ذلك، أن الهادى استعمل على المدينة عمر بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن الخطاب العمرى، فلما وليها، أخذ أبا الزفت الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن، ومسلم بن جندب الشاعر الهذلى، وعمر بن سلام، مولى آل عمر، على شراب لهم، فأمر بهم، فضربوا جميعا، وجعل فى أعناقهم حبالا، وطيف بهم فى المدينة، فجاء الحسين بن على إلى العمرى، فقال له: قد ضربتهم، ولم يكن لك أن تضربهم؛ لأن أهل العراق لا يرون به بأسا، فلم تطوف بهم؟ ، فأمر بهم فردهم وحبسهم. ثم إن الحسن بن على، ويحيى بن عبد الله بن الحسن، كفلا الحسن بن محمد، فأخرجه العمرى من الحبس، وقد كان ضمن بعض بنى أبى طالب بعضا، وكانوا يعرضون، فغاب الحسن بن محمد عن العرض يومين، فأحضر الحسين بن علىّ، ويحيى بن عبد الله، وسألهما عنه وأغلظ لهما، فحلف له يحيى أنه لا ينام حتى يأتيه به أو يدق عليه باب داره، حتى يعلم أنه جاءه به، فلما خرجا، قال له الحسين: سبحان الله، ما دعاك إلى هذا؟ ومن أين تجد حسنا؟ حلفت له بشيء لا تقدر عليه! . قال: والله لا بت حتى أضرب عليه باب داره بالسيف، فقال له الحسين: إن هذا ينقض ما كان بيننا وبين أصحابنا من الميعاد ـ وكانوا قد تواعدوا على أن يظهروا بمكة ومنى فى المواسم ـ فقال يحيى: قد كان ذلك، فانطلقا وعملا فى ذلك من ليلتهم، وخرجوا آخر الليل. وجاء يحيى، حتى ضرب على العمرى باب داره، فلم يجبه، وجاءوا فاقتحموا المسجد وقت الصبح. فلما صلى الحسين الصبح، أتاه الناس فبايعوه على كتاب الله وسنة نبيهصلى الله عليه وسلم، للمرتضى من آل محمد، وجاء خالد اليزيدى فى مائتين من الجند، وجاء العمرى، ووزير إسحاق الأزرق، ومحمد بن واقد السروى، ومعهم ناس كثير، فدنا خالد منهم، فقام إليه

_ 1040 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 1/ 605، الكامل لابن الأثير 5/ 74)،

يحيى وإدريس ابنا عبد الله بن حسن، فضربه يحيى على أنفه فقطعه، ودار إدريس من خلفه فضربه فصرعه، ثم قتلاه. وانهزم أصحابه، ودخل العمرى فى المسودة، فحمل عليهم أصحاب الحسين، فهزموهم من المسجد، وانتهبوا بيت المال، وكان فيه بضعة عشر ألف دينار. وقيل: سبعون ألفا، وتفرق الناس، فأغلق أهل المدينة أبوابهم. فلما كان الغد، اجتمع عليه شيعة بنى العباس فقاتلوهم، وفشت الجراحات فى الفريقين، واقتتلوا إلى الظهر ثم افترقوا. ثم إن مباركا التركى، أتى شيعة بنى العباس من الغد، وكان قد قدم حاجّا، فقاتل معهم، فاقتتلوا أشد قتال إلى منتصف النهار، ثم تفرقوا ورجع أصحاب حسين إلى المسجد، وواعد مبارك الناس الرواح إلى القتال، فلما غفلوا عنه، ركب رواحله وانطلق، وراح الناس فلم يجدوه، فقاتلوا شيئا من قتال إلى المغرب، ثم تفرقوا، وقيل: إن مباركا أرسل إلى الحسين يقول له: والله لئن أسقط من السماء فتخطفنى الطير، أهون علىّ من أن تشوكك شوكة، أو تقطع من رأسك شعرة، ولكن لابد من الإعذار، فبيتنى فإنى منهزم عنك، فوصى إليه الحسين وخرج إليه فى نفر، فلما دنوا من عسكره، صاحوا وكبروا، فانهزم هو وأصحابه، وأقام الحسين وأصحابه أياما يتجهزون. فكان مقامهم فى المدينة أحد عشر يوما، ثم خرجوا لست بقين من ذى القعدة. فلما خرجوا عاد الناس إلى المسجد، فوجدوا فيه العظام الذى كانوا يأكلون وآثارهم، فجعلوا يدعون عليهم. ولما فارق المدينة قال: يا أهل المدينة، لا أخلف الله عليكم بخير، فقالوا: بل أنت لا يخلف الله عليك ولا ردك إلينا. وكان أصحابه يحدثون فى المسجد، فغسله أهل المدينة. ولما أتى الحسين مكة، أمر فنودى: أيما عبد أتانا فهو حر، فأتاه العبيد، فانتهى الخبر إلى الهادى. وكان قد حج تلك السنة رجال من أهل بيته، منهم: سليمان بن المنصور ومحمد بن سليمان بن على، والعباس بن محمد بن على، وموسى وإسماعيل، ابنا عيسى بن موسى، فكتب الهادى إلى محمد بن سليمان متوليه على الحرب، وكان قد سار بجماعة وسلاح من البصرة لخوف الطريق، فاجتمعوا بذى طوى، وكانوا قد أحرموا بعمرة. فلما قدموا مكة، طافوا وسعوا وحلوا من العمرة، وعسكروا بذى طوى، وانضم إليهم من حج من شيعتهم ومواليهم، وقوادهم، ثم إنهم اقتتلوا يوم التروية، فانهزم أصحاب الحسين، وقتل منهم وجرح، وانصرف محمد بن سليمان ومن معه إلى مكة،

1041 ـ الحسين بن على بن الحسين الطبرى الشافعى، أبو عبد الله وأبو على

ولا يعلمون حال الحسين، فلما بلغوا ذا طوى، خلفهم رجل من أهل خراسان يقول: البشرى، هذا رأس الحسين، فأخرجه وبجبهته ضربة طولى، وعلى قفاه ضربة أخرى. وحملت الرءوس إلى الهادى، فلما وضع رأس الحسين، قال: كأنكم قد جئتمونى برأس طاغوت من الطواغيت، إن أقل ما أجزيكم، أن أحرمكم جوائزكم، فلم يعطهم شيئا. وكان الحسين شجاعا كريما، قدم على المهدى فأعطاه أربعين ألف دينار، ففرقها فى الناس ببغداد والكوفة. وخرج من الكوفة لا يملك ما يلبسه، إلا فروا ما تحته من قميص. انتهى من تاريخ ابن الأثير باختصار. وقبره بظاهر مكة بطريق التنعيم؛ لأن هناك قبة مشهورة تقصد بالزيارة فيها قبران، فى أحدهما حجر مكتوب فيه: قبر الحسن والحسين ابنى على بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب. وفى جدار القبة ثلاثة أحجار، فى أحدها: أن قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسنى، أمر بعمارته فى سنة خمس وستمائة، وهو بخط عبد الرحمن ابن أبى حرمىّ. وفى الثانى: أن أبا سعد بن على بن قتادة الحسنى، أمر بعمارة هذا المشهد فى شعبان سنة ست وأربعين وستمائة. وفى الثالث: أن الشريف حسن بن عجلان نائب السلطنة المعظمة ببلاد الحجاز فى عصرنا، أمر بعمارته فى صفر سنة خمس وثمانمائة. وفى الحجر الذى فيه عمارة قتادة، تلقيب أبى الحسين هذا: بزين العابدين، وفى ذلك نظر؛ لأن المعروف بزين العابدين، هو على بن الحسين بن على بن أبى طالب، والحسين هذا، إنما هو من ذرية الحسن لا من ذرية الحسين. 1041 ـ الحسين بن على بن الحسين الطبرى الشافعى، أبو عبد الله وأبو على: فقيه مكة ومحدثها. ولد سنة ثمانى عشرة وأربعمائة بآمل طبرستان. ورحل فسمع بنيسابور على عبد الغافر الفارسى: صحيح مسلم، وعلى أبى حفص عمر بن مسرور، وأبى عثمان الصابونى، وعلى كريمة المروزية: صحيح البخارى. وحدث. سمع منه رزين بن معاوية العبدرى، والقاضى أبو بكر بن العربى، والحافظان: أبو الفضل التيمى، وأبو طاهر السلفى، ووجيه بن طاهر الشحامى، والنقيب أبو جعفر العباسى، وخلق من المغاربة.

_ 1041 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات الشافعية للسبكى 3/ 152).

ذكره القاضى عياض فى المشيخة التى خرجها لابن سكّرة. وقال: شافعى أشعرى جليل، لازم التدريس لمذهب الشافعى، والتسميع بمكة نحوا من ثلاثين سنة. وكان من أهل العلم والعبادة. وقال السمعانى: كان حسن الفتاوى، تفقه على ناصر الدين الحسين العمرى بخراسان، وعلى القاضى أبى الطيب ببغداد، ثم لازم الشيخ أبا إسحاق، حتى صار من عظماء أصحابه، ودرس بالنظامّية، وجاور بمكة. وصار له بمكة أولاد وأعقاب. انتهى. ومن أولاده وأعقابه المشار إليهم، قضاة مكة الشيبانيون. وقد ذكر غير واحد أنهم طبريون. ويدل على أنهم من ذريته، كلام الميانشى فى «المجالس المكية»، فإنه ذكر أن أبا المظفر محمد بن على الشيبانى الطبرى قاضى مكة المقدم ذكره، أخبره، فقال: أخبرنا جدى الحسين بن علىّ، قال: أنا عبد الغافر بن الحسين الفارسى، وساق حديثا من صحيح مسلم. وقد ذكر غير واحد، أن الحسين هذا، يروى صحيح مسلم عن عبد الغافر الفارسى. فعلى هذا يكون الحسين بن على الطبرى هذا شيبانيا. ومفهوم كلام المؤرخ أبى الحسن محمد بن أحمد بن عمر القطيعى، أنه أيضا ولى قضاء مكة، فإنه قال فى ترجمة عبد الرحمن بن على الشيبانى الطبرى، أخى أبى المظفر المذكور: وكان أبوه قاضيا وجده، فجده هو الحسين هذا كما تقرر. وقد صرح بذلك الجندى فى تاريخ اليمن، والحسين هذا هو مؤلف «العدّة» الموضوعة شرحا على «إبانة» الفورانى. وذكر الإسنائى: أنها التى وقف عليها النووى، قال: وأما الرافعى، فلم يقف إلا على «العدّة» التى لأبى المكارم الرّويانىّ، ابن أخت صاحب «البحر». وذكر السبكى والإسنائى أيضا، أن السمعانى وابن النجار قالا: إن مؤلف «العدّة» هو الحسين بن محمد بن عبد الله الطبرى، وأنه توفى سنة خمس وتسعين وأربعمائة بأصبهان بعد انتقاله إليها. ونقل الإسنائى أن ابن عبد الغافر قال فى «السياق»: إنه توفى سنة تسع وتسعين، قال: والظاهر أنه غيره، ولا حاجة إلى الاتجاه وارتكاب الخلاف فى وقت الموت ومكانه، فإنه ذكر فيه شيئا مما يختص بالأول، فسببه الاشتباه. والله أعلم.

1042 ـ الحسين بن على بن أبى طالب الهاشمى، أبو عبد الله، سبط النبىصلى الله عليه وسلم، وريحانته من الدنيا، وأحد سيدى شباب أهل الجنة

1042 ـ الحسين بن على بن أبى طالب الهاشمى، أبو عبد الله، سبط النبىصلى الله عليه وسلم، وريحانته من الدنيا، وأحد سيدى شباب أهل الجنة: ولد فى شعبان سنة أربع من الهجرة. وقيل: ولد لست سنين وخمسة أشهر ونصف من الهجرة. وكان فاضلا كثير الصلاة والصوم والحج، وحج خمسا وعشرين حجة ماشيا. وكان مكثرا من الصدقة ومن جميع أفعال الخير، أبى النفس، ولم يبايع ليزيد بن معاوية لما طلبت البيعة منه فى حياة أبيه ولا بعد موته، وفر إلى مكة، وجاءته كتب أهل الكوفة يحثونه على المسير إليهم. فبعث إليهم مسلم بن عقيل بن أبى طالب، ليختبر له الأمر، فبايعه منهم اثنا عشر ألفا، ثم تخلوا عنه عند ما ولى عبيد الله بن زياد الكوفة ليزيد بن معاوية، وقتل مسلم بن عقيل، وجهز ألفى فارس مع عمر بن سعد بن أبى وقاص لقتال الحسين، وكان قد خرج من مكة فى العشر الأول من ذى الحجة سنة ستين، ومعه أهل بيته وستون شيخا من أهل الكوفة، بعد أن نهاه عن ذلك أقاربه وغيرهم فأبى، فقال: إنى رأيت رؤيا أمرنى فيها النبى صلى الله عليه وسلم بأمر وأنا ماضى له، ولست بمخبر بها أحدا حتى ألاقى عملى. ولما قرب من القادسية، بلغه خبر مسلم بن عقيل، فهم أن يرجع، فقال إخوته: والله ما نرجع حتى نصيب بثأرنا أو نقتل، فقال: لا خير فى الحياة بعدكم، وسار حتى لقيته خيل عبيد الله بن زياد، فقال الحسين لمقدمهم: اختر واحدة من ثلاث: إما أن تدعونى فألحق بالثغور، وإما أن تدعونى فأذهب إلى يزيد، وإما أن تدعونى فأذهب من حيث جئت، فقبل منه ذلك، وكتب به إلى عبيد الله بن زياد، فكتب عبيد الله: لا، ولا كرامة، حتى يضع يده فى يدى. فقال الحسين: لا، والله لا يكون ذلك أبدا، فقاتلوه، فقتل أصحاب الحسين كلهم، وكانوا خمسة وأربعين فارسا ونحو مائة رجل، وقتل من أهل بيته سبعة عشر شابا، وقاتله حتى قتل رضى الله عنه. وكان قتله يوم عاشوراء سنة إحدى وستين، قاله جماعة كثيرون. واختلف فى يوم

_ 1042 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 574، الإصابة ترجمة 1729، أسد الغابة ترجمة 1173، نسب قريش 57، الجرح والتعديل 3/ 55، المحبر 66، التاريخ الكبير 2/ 381، طبقات خليفة ترجمة 9، 1483، 1969، مروج الذهب 3/ 248، الأغانى 14/ 163، المستدرك 3/ 176، الحلية 2/ 39، جمهرة أنساب العرب 52، الكامل 4/ 46، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 1 / 162، تهذيب الكمال 290، تاريخ الإسلام 2/ 340، خلاصة تذهيب الكمال 71، شذرات الذهب 1/ 66، تهذيب ابن عساكر 4/ 314).

1043 ـ الحسين بن على بن عبد الله بن على بن عبد الله بن حمزة بن عتبة بن إبراهيم بن أبى خداش بن عتبة بن أبى لهب الهاشمى

قتله، فقيل يوم الجمعة، وقيل يوم السبت، وقيل يوم الاثنين، وقيل قتل آخر يوم من سنة ستين، وقيل قتل سنة اثنتين وستين، وقيل غير ذلك، وله من العمر خمس وخمسون سنة وستة أشهر، قاله الواقدى. وذكر أنه أثبت عندهم. وقيل: سنة ست وخمسين، وقيل: ثمان وخمسون. وكان قتله بكربلاء (1) من أرض العراق، ودفن هناك وقبره مشهور يزار ويتبرك به، إلا أن رأسه حمل إلى يزيد بدمشق. ثم نقل إلى مصر فى زمن خلفائها العبيديين، وبنى عليه مشهد معروف، وحزن الناس على الحسين كثيرا، وأكثروا فيه من المراثى، وبكته الجن على ما قيل. وظهرت لموته آيات على ما قيل، منها: اسوداد السماء، وظهور الكواكب نهارا، وأمطرت بالدماء. ولم يرفع حجر بيت المقدس إلا وجد تحته دم عبيط. ولم يشترك أحد فى قتله إلا ابتلى. ومناقبه كثيرة وأخباره شهيرة. 1043 ـ الحسين بن على بن عبد الله بن على بن عبد الله بن حمزة بن عتبة بن إبراهيم بن أبى خداش بن عتبة بن أبى لهب الهاشمى: هكذا نسبه صاحب الجمهرة، وقال: ولى سوق مكة زمن المطيع. انتهى. والمطيع هو: أبو القاسم الفضل بن المقتدر بن جعفر بن المعتضد أحمد بن أبى أحمد الموفق، بويع بعد المستكفى فى سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة. واستمر حتى خلع نفسه فى ذى القعدة سنة ثلاث وستين وثلاثمائة. فهذا زمنه، ومراد ابن حزم بولاية المذكور سوق مكة: حسبتها، والله أعلم. 1044 ـ حسين بن على القاشانى، الصاحب الوزير، رضى الدين: توفى فى شهر ربيع الأول سنة تسع وخمسين وستمائة. ومن حجر قبره بالمعلاة، كتبت ما ذكرته وما عرفت من حاله سوى هذا. 1045 ـ حسين بن على بن محمد بن داود البيضاوى المكى الزّمزمى الفرضىّ الحاسب: ولد فى حدود سنة سبعين وسبعمائة بمكة، وسمع بها من غير واحد من شيوخها،

_ (1) كربلاء: موضع طرف البرية عند الكوفة. انظر: معجم البلدان (كربلاء). 1043 ـ انظر ترجمته فى: (جمهرة أنساب ابن حزم 72). 1045 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 3/ 151، شذرات الذهب فى أخبار من ذهب 9/ 219).

1046 ـ الحسين بن محمد بن على بن الحسن بن على بن عبد الوهاب، الملقب نور الهدى، أبو طالب الزينبى

والغرباء من شيوخنا وغيرهم. وأجاز له باستدعاء ابن شكر، عمر بن أميلة، وصلاح الدين بن أبى عمر، وغيرهما من أصحاب الفخر بن البخارى وغيره. وطلب العلم، وعنى كثيرا بالفرائض والحساب، وأخذ ذلك عن قاضى مكة شهاب الدين أحمد بن ظهيرة، وعن برهان الدين الفرضى البرلّسىّ، نزيل مكة، وتبصر بهما. ثم ازداد فضلا بعد أخذه لذلك عن الإمام البارع شهاب الدين ابن الهايم، قرأ عليه بعض تواليفه بمكة. وصار يزداد نباهة حتى صار مشارا إليه فى ذلك، وله خبرة بالهندسة والفلك وعمل التقاويم، وتواليف فى الفرائض والحساب، وحظ من الدين والعبادة. قدم مصر غير مرة، واجتمع بفضلائها، وأثنى عليه غير واحد، وأخذ بها فى علم الفلك عن جمال الدين الماردينى، رئيس المؤذنين بالجامع الأزهر. ثم دخل اليمن فى تجارة، واستدعاه الملك الناصر صاحب اليمن للحضور إليه، فحضر مقامه، وسأله عن أشياء، وعن حاسبين عنده، وناله منه برّ قليل. وذلك فى سنة تسع عشرة وثمانمائة. وعاد إلى مكة فى سنة عشرين وثمانمائة، وأقام بها حتى حج ومضى إلى مصر فى البرّ، وعاد منها فى البحر. وبلغ مكة فى آخر ذى القعدة من سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، وأقام بها. وحصل له بعد الحج ضعف تعلل به ستة أيام، ثم مات فى ليلة الجمعة ثالث عشرى الحجة سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، ودفن فى صبيحتها بالمعلاة. وكان الجمع لتشييعه وافرا، فالله تعالى يرحمه. 1046 ـ الحسين بن محمد بن على بن الحسن بن على بن عبد الوهاب، الملقب نور الهدى، أبو طالب الزّينبىّ: أخو أبى نصر محمد وأبى الفوارس طراد، وكان الأصغر. قرأ القرآن على علىّ بن عمر القزوينى الزاهد، فعادت عليه بركته. وقرأ الفقه على قاضى القضاة محمد بن على الدّامغانى، حتى برع وأفتى ودرس بالشرفية، التى أنشاها شرف الملك بباب الطّاق. وكان مدرسها وناظرها. وترسل إلى ملوك الأطراف وأمراء البلاد من قبل الخليفة. وولى نقابة العباسيين والطالبيين معا، سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، ثم استعفى. وكان شريف النفس قوى الدين، وافر العلم، شيخ أصحاب الرأى فى وقته وزاهدهم،

_ 1046 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب فى أخبار من ذهب 6/ 55).

1047 ـ حسين بن الزين بن محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن على القيسى القسطلانى المكى

وفقيه بنى العباس وزاهدهم. وله الوجاهة الكبيرة عند الخلفاء، وانتهت إليه رئاسة أصحاب الرأى ببغداد. وجاور بمكة ناظرا فى مصالح الحرم، وسمع البخارى من كريمة بنت أحمد المروزية ببغداد. وروى عنه جماعة من الأكابر والحفاظ. وآخر من حدث عنه: أبو الفرج بن كليب. وقد مدحه أبو إسحاق الغزّى بقصيدة أولها [من الطويل]: جفون يصح السقم فيها فتسقم ... ولحظ يناجيه الضمير فيفهم معانى جمال فى عبارات خلقه ... لها ترجمان صامت يتكلم محا الله نونات الحواجب لم تزل ... قسيا لها دعج النواظر أسهم وأطفأ نيران الخدود فقل لمن ... رأى نارا تقبلها الفم ومنها فى المديح: بنور الهدى قد صح منى خطابه ... وكل بعيد من سنا النور مظلم رحيق المعانى جل إيجاز لفظه ... عن الوصف حتى عنه سحبان يفحم وما حرم الدنيا ولكن قدره ... عن الملك فى الدنيا أجل وأعظم كتبت هذه الترجمة من مختصر الذهبى لتاريخ دمشق لابن عساكر. 1047 ـ حسين بن الزين بن محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن على القيسى القسطلانى المكى: سمع الكثير من الفخر التوزرى، والصفى والرضى الطبريين وغيرهم. وما علمته حدث. وكان له نظم رأيت منه قصيدة، رثى بها قاضى مكة نجم الدين الطبرى. وكان عطارا. توفى سنة تسع وأربعين وسبعمائة، كما ذكر لى ولده أبو الخير. 1048 ـ حسين بن محمد بن كامل بن يعسوب الحسنى المكى: سمع من يحيى بن محمد الطبرى، والصفى والرضى الطبريين، والتوزرى وغيرهم. وما علمته حدث، ولا متى مات. وكان سبب موته، أنه خنق نفسه من فاقة أصابته. ذكر لى ذلك ابن أخته، شيخنا أبو اليمن محمد بن أحمد بن الرضى الطبرى، رحمه الله تعالى.

_ 1048 ـ ذكر ترجمته أخيه الحسن فى رقم (1019).

1049 ـ الحسين بن يحيى بن إبراهيم التميمى الحكاك المكى

1049 ـ الحسين بن يحيى بن إبراهيم التميمى الحكّاك المكىّ: سمع أبا عبد الله الحسين بن على بن محمد الشيرازى بمكة. سمع عليه بها أبو جعفر العباسى، نقيب العباسيين بمكة. ذكره الذهبى فى تاريخ الإسلام. 1050 ـ حسين بن يحيى بن حسين بن عبد الله بن خطاب السهمى: أجاز له فى سنة ثلاث عشرة: الدشتى، والقاضى سليمان بن حمزة، وابن مكتوم، وابن عبد الدايم، وابن سعد، والمطعم، وجماعة. وما علمت له سماعا، ولا علمته حدث. وكان من أعيان الناس ذا ملاءة، عدلا مقبولا عند الحكام. توفى فى آخر عشر السبعين ـ بتقديم السين على الباء ـ وسبعمائة. 1051 ـ حسين بن يوسف بن يعقوب بن حسن بن إسماعيل الحصن كيفائى، المكى، بدر الدين المعروف بالحصنى ـ بحاء مهملة وألف، ثم صاد مهملة، ثم نون، ثم يباء للنسبة: سمع من الزين الطبرى: النصف الثانى من جامع الترمذى، وهو من باب: ما جاء فى فضل الخدمة فى سبيل الله، إلى آخر الكتاب، مع أبيه، وسمع على بن بنت أبى سعد الهكّارى، ونور الدين الهمدانى، والقاضى عز الدين بن جماعة، من أول الترمذى، إلى باب: ما جاء فى الحث على الوصية، ومن باب: كراهية إتيان النساء فى أدبارهن، إلى باب: ما جاء فى لبس الحرير للرجال، وغير ذلك من الكتاب المذكور، ومن أبى بكر الشمسى: مجلس رزق الله التميمى، بسماعه من الأبرقوهىّ بسنده، وسمع على غيرهم. وما علمته حدث. وقد أجاز لى مرويّاته. وناب فى الحسبة بمكة عن القاضى محب الدين النويرى، وابنه القاضى عز الدين. وكان يقرأ ويمدح للناس فى مجتمعاتهم، ويتودد لهم كثيرا. وكان يؤذن بالحرم الشريف، وعلى قراءته ومديحه وأذانه أنس كثير، وسافر إلى مصر والشام مرات. توفى يوم الاثنين خامس عشر شهر ربيع الأول سنة إحدى وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، سامحه الله. وكان ابتداء ضعفه فى يوم الجمعة ثانى عشره. ومولده فى شوال عام أربع وثلاثين وسبعمائة. كذا كتب لى بخطه.

_ 1051 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 3/ 160).

1052 ـ حسين العتمى

وبلغنى عن بعض أصحابنا، أنه رأى حسينا هذا فى النوم، فقال له: ما فعل الله بك؟ فقال له حسين ما معناه: غفر لى وأدخلنى الجنة. وبلغنى عن صاحبنا، أنه رأى فى منامه هذا حسينا يأكل معه ومع أخى الرائى، ملوخية مطبوخة، وأنه سأل عن الجنة ما ترابها؟ فقال: المسك، قال الرائى: فشممت منه رائحة المسك، قال: وإنه سأل عن نباتها، فقال: الزعفران، وسقط من حسين شيء من الزعفران، وشيء من المسك. هذا معنى ما بلغنى فى هذه الحكاية، والمخبر لى بها، هو شهاب الدين أحمد بن إبراهيم المرشدى. عن أخيه النحوى المفيد جلال الدين عبد الوحد ـ وهو الرائى ـ لحسين المذكور، والمخبر عنه بما حكيناه عنه. 1052 ـ حسين العتمىّ: العتمى: بعين مهملة مضمومة وتاء مثناة من فوق، نسبة إلى عتمة (1)، بلدة من جبال اليمن فى بلاد أصاب. كذا ذكره لى بعض الفقهاء المكيين. وذكر أنه كان شيخ الفقراء برباط ربيع بمكة. انتهى. وقد وجدت فى طبقة سماع لصحيح البخارى على الرضى الطبرى، شخصا يقال له الفقيه حسين بن عمر، شيخ رباط ربيع. ولعله هو، والله أعلم. والسماع فى سنة أربع عشرة وسبعمائة، بخط أبى القاسم السّروىّ. ومنه نقلت. * * * من اسمه حصين 1053 ـ حصين بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى المطلبى: ذكر الزبير بن بكار، عن عمه: أنه وأخويه الطفيل، وعبيدة، هاجروا إلى المدينة.

_ 1052 ـ (1) عتمة: مضموم، حصن فى جبال وصاب من أعمال زبيد. انظر: معجم البلدان (عتمة). 1053 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 3/ 38، 352، المنتظم 3/ 72، 130، 5/ 19، الإصابة ترجمة 1736، والاستيعاب 530، أسد الغابة ترجمة 1180، جمهرة الأنساب لابن حزم 73، نسب قريش 94).

1054 ـ الحصين بن عبيد بن خلف بن عبد نهم الخزاعى

وذكر أنهم شهدوا بدرا مع النبى صلى الله عليه وسلم، وأنه والطفيل شهدا المشاهد كلها مع النبى صلى الله عليه وسلم. وتوفيا سنة اثنتين وثلاثين. وكانت وفاته بعد الطفيل بأشهر. وحكى ابن عبد البر، فى تاريخ وفاة الحصين والطفيل ثلاثة أقوال. أحدها: سنة إحدى وثلاثين. والثانى: سنة اثنتين وثلاثين. والثالث: سنة ثلاث وثلاثين. وذكر شهودهم بدرا. وذكر ابن حزم: أنهم من المهاجرين الأولين. وأمهم على ما قال الزبير: سخيلة بنت خزاعى بن الحويرث بن الحارث بن حبيب بن مالك بن الحارث بن حطيط بن جشم بن ثقيف. 1054 ـ الحصين بن عبيد بن خلف بن عبد نهم الخزاعى: والد عمران بن حصين. اختلف فى إسلامه، وحديث إسلامه فى «اليوم والليلة» للنسائى، من رواية ولده عمران بن حصين عنه. وفيه أنه أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، عبد المطلب كان خيرا لقومه منك (1)، الحديث. قال المزى: وهو المحفوظ. وقيل: إنه مات مشركا، والله أعلم. انتهى. وذكره الذهبى فى التجريد. وقال: ذكره الثلاثة.

_ 1054 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 532، أسد الغابة ترجمة 1185، تجريد أسماء الصحابة 1/ 132، تهذيب ابن حجر 2/ 384، الإصابة ترجمة 1740، خلاصة الخزرجى 1/ 1476 تهذيب الكمال 362). (1) أخرجه أحمد فى المسند بمسند البصريين حديث رقم (19490) من طريق: حسن، حدثنا شيبان، عن منصور، عن ربعى بن حراش، عن عمران بن حصين أو غيره أن حصينا أو حصينا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد لعبد المطلب كان خيرا لقومه منك كان يطعمهم الكبد والسنام وأنت تنحرهم. فقال له النبى صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقول فقال له: ما تأمرنى أن أقول. قال: «قل: اللهم قنى شر نفسى واعزم لى على أرشد أمرى». قال: فانطلق فأسلم الرجل ثم جاء فقال: إنى أتيتك فقلت لى: قل: اللهم قنى شر نفسى واعزم لى على أرشد أمرى فما أقول الآن قال: «قل: اللهم اغفر لى ما أسررت وما أعلنت وما أخطأت وما عمدت وما علمت وما جهلت».

1055 ـ حطاب بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحى

1055 ـ حطاب بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحى: هاجر إلى الحبشة فى الهجرة الثانية مع أخيه حاطب، فمات قبل وصوله بالطريق. وقيل مات بالطريق منصرفه منها. قاله مصعب الزبيرى. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر، وابن الأثير، وقال: أخرجه ابن مندة، وأبو نعيم فى خطاب ـ بالخاء المعجمة ـ وهذا أشبه بالصواب. وقد ذكره ابن ماكولا وغيره بالحاء المهملة. انتهى. 1056 ـ حفص بن المغيرة، وقيل أبو حفص، وقيل أبو أحمد: ذكره هكذا ابن الأثير، وقال: روى محمد بن راشد، عن سلمة بن أبى سلمة، عن أبيه، أن حفص بن المغيرة طلق امرأته فاطمة بنت قيس، على عهد رسول اللهصلى الله عليه وسلم، ثلاث تطليقات فى كلمة واحدة. وروى عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر، قال: طلق حفص بن المغيرة امرأته. أخرجه ابن مندة، وأبو نعيم. وقد تقدم فى أحمد بن حفص (1). انتهى. ومما تقدم فى أحمد بن حفص، أنه أبو عمرو، ثم قال: أخرجه ابن مندة وأبو نعيم. وهذا أبو حفص، هو زوج فاطمة بنت قيس، ويرد ذكره أيضا. انتهى. ولعل أبا حفص، سهو من ناسخ كتاب ابن الأثير؛ لأنه أبو عمرو، والله أعلم. ولم نورد هنا حفص بن المغيرة هذا، إلا للتنبيه عليه؛ لأن زوج فاطمة بنت قيس: أبو عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومى. واختلف فى اسمه، فقيل اسمه كنيته، وقيل أحمد. وقيل عبد الحميد، على ما ذكر ابن حزم فى الجمهرة، وابن قدامة فى أنساب القرشيين. وسيأتى فى الكنى (2) إن شاء الله تعالى.

_ 1055 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 8/ 149، المنتظم 2/ 375، الإصابة ترجمة 1765، الاستيعاب ترجمة 576، أسد الغابة ترجمة 1201، الجرح والتعديل 3/ 314). 1056 ـ انظر ترجمته فى: (المنتظم 4/ 231، الإصابة 1/ 342، أسد الغابة 2/ 31). (1) سبق فى الترجمة رقم (539). (2) سيأتى فى باب الكنى الترجمة رقم (2952).

1057 ـ حكام بن سلم الكنانى، أبو عبد الرحمن الرازى

1057 ـ حكّام بن سلم الكنانى، أبو عبد الرحمن الرازى: سمع من إسماعيل بن أبى خالد، وحميد الطويل، وعبد الملك بن أبى سليمان وجماعة. وروى عنه أبو بكر بن أبى شيبة، وابن نمير، ويحيى بن معين، والحسن بن الصباح وجماعة. روى له البخارى تعليقا، ومسلم (1)، وأصحاب السنن (2). وثقه ابن معين، وأبو حاتم، ويعقوب بن شيبة، والعجلى، وقال عن نصر بن عبد الرحمن الوشاء الكوفى: كتبنا عن حكام، أراه سنة تسعين ومائة، ومات بمكة قبل أن يحج. * * * من اسمه الحكم 1058 ـ الحكم بن أبى خالد المكى، مولى فزارة: يروى عن عمر بن أبى ليلى، عن الحسن بن على. وروى عنه عبد الله بن المبارك. وذكره ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات.

_ 1057 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 1421، طبقات ابن سعد 7/ 267، تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 123، علل أحمد 1/ 303، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 455، المعرفة ليعقوب 3/ 83، 233، تاريخ الطبرى 1/ 59، 136، 294، 357، 397، 459، 2/ 307، الجرح والتعديل الترجمة 1427، تاريخ الخطيب 8/ 281، 282، الجمع لابن القيسرانى 1/ 118، سير أعلام النبلاء 9/ 88، العبر 1/ 303، الكاشف 1/ 244، تهذيب ابن حجر 2/ 422، خلاصة الخزرجى الترجمة 1717، شذرات الذهب 1/ 325. (1) روى له مسلم فى صحيحه كتاب الفضائل حديث رقم (2348) من طريق: أبو غسان الرازى محمد بن عمرو، حدثنا حكام بن سلم، حدثنا عثمان بن زائدة، عن الزبير بن عدى، عن أنس بن مالك، قال: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين وأبو بكر وهو ابن ثلاث وستين وعمر وهو ابن ثلاث وستين. (2) وروى له الترمذى فى سننه كتاب الجنائز حديث رقم (984، 1045)، وكتاب تفسير القرآن حديث رقم (3355)، والنسائى فى سننه الصغرى كتاب الجنائز حديث رقم (2009)، وأبو داود فى سننه كتاب الجنائز حديث رقم (3208)، وابن ماجة فى سننه كتاب ما جاء فى الجنائز حديث رقم (1554)، والدارمى فى سننه كتاب المقدمة حديث رقم (107). 1058 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 2/ 422).

1059 ـ الحكم بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى الأموى

وذكره المزى فى التهذيب، فقال: ابن أبى خالد، يقال له الحكم بن ظهير الفزارى، ثم قال بعد أن ذكر شيئا رواه عنه مروان بن معاوية الفزارى، مع ما ذكره ابن حبان أيضا. روى له ابن ماجة فى التفسير. 1059 ـ الحكم بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى الأموى: ذكره ابن حبان فى الطبقة الأولى من الثقات. وذكر أن عداده فى أهل مكة، وأنه أتى النبى مهاجرا. فقال له: ما اسمك؟ قال: الحكم. قال: أنت عبد الله. واختلف فى وفاته على ما قيل. فقيل ببدر شهيدا، وقيل بمؤتة شهيدا، وقيل باليمامة شهيدا، قاله المدائنى. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر، وابن الأثير، وقال: ولا عقب له، أخرجه الثلاثة، وذكر أنه مذكور فى العبادلة. 1060 ـ الحكم بن سفيان الثقفى، ويقال سفيان بن الحكم: ذكره هكذا ابن عبد البر. وقال: روى حديثه منصور عن مجاهد. واختلف أصحاب منصور فى اسمه، وهو معدود فى أهل الحجاز، له حديث واحد فى الوضوء مضطرب الإسناد، يقال إنه لم يسمع من النبى صلى الله عليه وسلم، وسماعه منه عندى صحيح، واستدل على ذلك. وذكر عن ابن إسحاق شيئا فى نسبه أرفع من هذا. وذكره المزى فى التهذيب وأفاد

_ 1059 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 3/ 117، الاستيعاب ترجمة 541، الإصابة ترجمة 1782، أسد الغابة ترجمة 1213، تجريد أسماء الصحابة 1/ 124، الثقات 3/ 85، الطبقات 1/ 11، 298، التاريخ الكبير 2/ 230). 1060 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 1327، طبقات ابن سعد 6/ 52، مسند أحمد 3/ 410، 4/ 69، 179، 212، 5/ 408، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2647، الجرح والتعديل الترجمة 541، مشاهير علماء الأمصار، الترجمة 403، المعجم الكبير للطبرانى 3/ 253، الاستيعاب ترجمة 549، أسد الغابة ترجمة 1214، الإصابة ترجمة 1783، ميزان الاعتدال الترجمة 2175، الكاشف 1/ 245، تجريد أسماء الصحابة 1/ 134، تهذيب التهذيب 2/ 425، خلاصة الخزرجى الترجمة 1543).

1061 ـ الحكم بن الصلت بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف القرشى المطلبى

فيه كثيرا. وذكر أن أبا داود والنسائى وابن ماجة، روى له حديثا واحدا، وهو حديثه المشار إليه. 1061 ـ الحكم بن الصلت بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف القرشى المطلبى: ذكره ابن عبد البر وابن قدامة فى الأنساب، وقالا: شهد خيبر، وأعطاه النبىصلى الله عليه وسلم ثلاثين وسقا، وكان من رجال قريش وجلتهم. استخلفه محمد بن أبى حذيفة بن عتبة ابن ربيعة على مصر، حين خرج إلى معاوية وعمرو بن العاص بالعريش. انتهى. وذكره ابن الأثير بمعنى هذا، وأفاد خلافا فى اسمه؛ لأنه قال بعد الحكم بن الصلت ابن مخرمة بن المطلب: وقيل الصلت بن الحكم، وقال عبدان: حكم بن الصلت القرشى المطلبى، ثم قال: روى محمد بن الحسن بن قتيبة، عن حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، عن حرملة بن عمران، عن عبد العزيز بن حيار القرشى، عن الحكم بن الصلت القرشى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقدموا بين أيدكم فى صلاتكم، وعلى جنائزكم سفهاءكم». ورواه المقرى عن حرملة، فقال: الصلت بن حكم. أخرجه أبو عمر وابن موسى. انتهى. وذكره الذهبى فى التجريد بنحو مما ذكره ابن عبد البر، وابن قدامة، وقال: له حديث. 1062 ـ الحكم بن أبى العاص بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب الأموى، أبو مروان، عم عثمان بن عفان، رضى الله عنه، أمير المؤمنين: أسلم فى الفتح، وقدم المدينة، ثم أخرجه رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وطرده عنها؛ لأنه كان يتحيل فى سماع سر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيفشيه، حتى ظهر ذلك عليه. وقيل لأنه كان يحكى النبى صلى الله عليه وسلم فى مشيته وبعض حركاته. ودعا عليه النبى صلى الله عليه وسلم فيما قيل فاختلج، وذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم، كان إذا مشى يتكفّأ، فرأى يوما الحكم يفعل ذلك، يحكى النبى صلى الله عليه وسلم. فقال: فكذلك فلتكن. فكان الحكم مختلجا يرتعش من يومئذ. ويروى أن النبىصلى الله عليه وسلم لعنه. وهذا

_ 1061 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 3/ 42، 246، 5/ 16، المنتظم 7/ 211، الاستيعاب ترجمة 542، الإصابة ترجمة 1784، أسد الغابة ترجمة 1216، التجريد 1/ 144). 1062 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب فى أخبار من ذهب 1/ 193، الجرح والتعديل 3/ 120، المنتظم 2/ 209، 3/ 49، 4/ 335، أسد الغابة ترجمة 1217، الاستيعاب ترجمة 547، الإصابة ترجمة 1786، التجريد 1/ 144).

1063 ـ الحكم بن أبى العاص بن بشير بن دهمان الثقفى، أخو عثمان بن أبى العاص، يكنى أبا عثمان، وأبا عبد الملك

يروى عن عائشة رضى الله عنها من طرق كثيرة. ذكرها ابن أبى خيثمة وغيره، ويروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما، عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه. ولما طرده النبى صلى الله عليه وسلم من المدينة، نزل الطائف، ولم يزل بالطائف، حتى رده عثمان رضى الله عنه لما ولى. قال ابن عبد البر: وتوفى فى آخر خلافة عثمان رضى الله عنه، قبل القيام عليه بأشهر فيما أحسب. ومن الاستيعاب له، لخصت هذه الترجمة بالمعنى. وذكر ابن الأثير معناها، وذكر من رواية ابنه، خبرا يدل على صدق نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال ابن الأثير بعد ذكره للخبر: قال أبو أحمد العسكرى: بعضهم يقول الحكم بن أبى العاص، وقيل إنه رجل آخر، يقال الحكم بن أبى الحكم الأموى. وقال الذهبى فى التجريد: روى قيس بن جبير عن بنت الحكم عن أبيها. 1063 ـ الحكم بن أبى العاص بن بشير بن دهمان الثقفى، أخو عثمان بن أبى العاص، يكنى أبا عثمان، وأبا عبد الملك: ولى البحرين لعمر رضى الله عنه عن أخيه عثمان، وذلك أن أخاه عثمان ولاه، فمر على عمان والبحرين، فوجه أخاه الحكم على البحرين وافتتحا فتوحا كثيرة فى العراق، فى سنة تسع عشرة، وفى سنة عشرين. وهو معدود فى البصريين. ومنهم من يجعل أحاديثه مرسلة. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر وابن الأثير. 1064 ـ الحكم بن عمرو بن معتب الثقفى: كان أحد الوفد الذين قدموا على النبى صلى الله عليه وسلم، مع عبد ياليل، بإسلام ثقيف من الأحلاف. ذكره ابن عبد البر هكذا. 1065 ـ الحكم بن كيسان، مولى هشام بن المغيرة المخزومى: أسر فى سرية عبد الله بن جحش، ثم أسلم وحسن إسلامه، واستشهد يوم بئر

_ 1063 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 3/ 120، التاريخ الكبير 1/ 2 / 331، طبقات ابن سعد 3/ 40، 219، 7/ 29، أسد الغابة ترجمة 1218، الإصابة ترجمة 1785، الاستيعاب ترجمة 544). 1064 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة ترجمة 1224، الاستيعاب ترجمة 552). 1065 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 2/ 7، 40، 4/ 102، المنتظم 3/ 91، 209، أسد الغابة ترجمة 1226، الاستيعاب ترجمة 540، الإصابة ترجمة 1793).

1066 ـ الحكم بن محمد الطبرى، أبو مروان

معونة. ولما أسر، أراد أمير السرية ضرب عنقه، فقال له المقداد، وهو الذى أسره: تقدم به على النبى صلى الله عليه وسلم، ففعلا ذلك، فأسلم. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر، وابن الأثير، وقال: أخرجه الثلاثة. وذكر ابن الأثير: أنه أسلم فى السنة الأولى من الهجرة. انتهى. ويوم بئر معونة، كان فى صفر سنة أربع. 1066 ـ الحكم بن محمد الطبرى، أبو مروان: نزيل مكة. روى عن سفيان بن عيينة، وعبد المجيد بن أبى رواد، ويحيى بن زكريا بن أبى زائدة. روى عنه البخارى فى كتاب أفعال العباد، وقال: كتبت عنه بمكة عن سفيان، عن قوله: أدركت مشيختنا منذ سبعين سنة، منهم عمرو بن دينار، يقولون: القرآن كلام الله ليس بمخلوق. وروى عنه سلمة بن شبيب، ومحمد بن عمار بن الحارث الرازى، والنضر بن سلمة المروزى شاذان. وذكره ابن حبان فى الثقات، وقال: مات سنة بضع عشرة ومائتين. كتبت هذه الترجمة من التهذيب. 1067 ـ الحكم المكى: قال أبو حاتم: مجهول. هكذا ذكره الذهبى فى المغنى، ولا أدرى هل هو الحكم بن أبى خالد، فإنه ذكره بعده، أو هو سواه. والله أعلم. * * * من اسمه حكيم 1068 ـ حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب القرشى الأسدى، أبو خالد المكى: روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث. وروى عنه ابن المسيب، وعروة بن الزبير وغيرهما. روى له الجماعة.

_ 1066 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل الترجمة 575، ميزان الاعتدال الترجمة 2198، تهذيب التهذيب 2/ 438، خلاصة الخزرجى الترجمة 1560، تهذيب الكمال 1443). 1067 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 3/ 131، التاريخ الكبير 1/ 2 / 342، ميزان الاعتدال 1/ 582، 583). 1068 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 553، الإصابة ترجمة 1805، أسد الغابة ترجمة 1234، نسب قريش 231، الجرح والتعديل 3/ 202، جمهرة أنساب العرب 121).

أسلم فى الفتح بمر الظهران. وأمن النبى صلى الله عليه وسلم، من دخل داره بمكة فهو آمن، يوم فتح مكة، كما رويناه فى مغازى بن عقبة، وأعطاه النبى صلى الله عليه وسلم من غنائم حنين مائة بعير، فيما ذكر ابن إسحاق، كالمؤلفة، وهو ممن حسن إسلامه من المؤلفة، وتقرب فى الإسلام بقربات كثيرة، منها مائة بدنة أهداها فى حجه، وأهدى فى حجه ألف شاه، ووقف فى عرفة بمائة وصيف فى أعناقهم أطواق الذهب، منقوش فيها: عتقاء الله تعالى، عن حكيم ابن حزام. وله فى الإسلام قربات آخر كثيرة، وتقرب فى الجاهلية بعتق مائة رقبة، وحمل على مائة بعير. وسأل النبى صلى الله عليه وسلم عن فعله البر فى الجاهلية، فقال له: أسلمت على ما سلف لك من خير. قال ابن عبد البر: كان من أشراف قريش ووجوهها فى الجاهلية والإسلام، ثم قال: وكان عاقلا سريّا فاضلا نقيا سيدا بماله غنيّا. انتهى. وكان عالما بالنسب على ما قال البغوى وغيره. ويقال: إنه أخذ النسب عن الصديق رضى الله عنهما. وقال البخارى: عاش فى الجاهلية ستين سنة، وفى الإسلام ستين سنة، قاله إبراهيم ابن المنذر. انتهى. وذكر ذلك غير واحد من العلماء المتقدمين والمتأخرين، فمن المتأخرين النووى، وقال: لا يشاركه فى هذا أحد إلا حسان بن ثابت. وقد قدمنا فى ترجمة حسان: أن المراد بقولهم ستين فى الإسلام، أى من حين ظهر ظهورا فاشيا. انتهى. ولا يستقيم قوله: إن هذا لا يعرف لغير حسان وحكيم؛ لأنه اتفق لحويطب بن عبد العزى القرشى العامرى، وحمنن بن عوف الزهرى، وسعيد بن يربوع المخزومى، على ما ذكر غير واحد، منهم ابن عبد البر، وأبو عبيد القاسم بن سلام، إلا أنه لم يذكر حمننا، وذكر مكانه حسان. ولابن مندة تأليف فى هذا المعنى. وذكر ابن الأثير إشكالا على من حسب المراد بالإسلام فى حياة حكيم، ومن شابهه، والله أعلم بحقيقة ذلك. واختلف فى وفاة حكيم، فقيل: سنة أربع وخمسين، قاله جماعة. وقيل: سنة ثمان وخمسين، وما عرفت قائله من المتقدمين، وهو مذكور فى تهذيب الكمال وأسد الغابة.

1069 ـ حكيم بن حزن بن أبى وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشى المخزومى، عم سعيد بن المسيب

وقيل: سنة ستين. قاله البخارى وغيره. واتفقوا على أنه مات بالمدينة، كما اتفقوا على أنه ولد بمكة فى جوف الكعبة؛ لأن المخاض غلب على أمه فيها. وما يقال: من أن علىّ ابن أبى طالب رضى الله عنه ولد فيها، ضعيف عند العلماء، فيما ذكر عنهم النووى. والله أعلم. 1069 ـ حكيم بن حزن بن أبى وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشى المخزومى، عم سعيد بن المسيب: قال الزبير بن بكار: سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم: سهلا، فقال: إنما السهولة للحمار. وفى ولده حزونة وسوء خلق. انتهى. وقال ابن عبد البر: عم سعيد بن المسيب. أسلم مع أبيه عام الفتح. واستشهد يوم اليمامة، على ما قال ابن إسحاق، والزبير بن بكار، وأبو معشر، إلا أن أبا معشر غلط فجعل حكيما أخا حزن. وقد سبق فى ترجمة حزن والد حكيم، ما يقتضى أن قصة تغيير اسمه اتفقت له، وكلام الزبير يقتضى أنها لحكيم، وهى لحزن أصوب. والله أعلم. 1070 ـ حكيم بن طليق بن سفيان بن أمية بن عبد شمس: كان من المؤلفة قلوبهم. ذكره أبو عبيد عن ابن الكلبى، درج ولا عقب له. ذكره هكذا أبو عمر بن عبد البر. 1071 ـ حمّاد البّربرىّ: أمير مكة واليمن. ذكر ابن الأثير فى أخبار سنة أربع وثمانين ومائة: أن الرشيد ولّى حمادا البربرى اليمن ومكة. انتهى. وذكر الأزرقى ولاية حماد على مكة، وذكر أن فى ولايته جاء سيل مكة؛ لأنه قال فى أخبار سيول مكة: وكان بعد ذلك أيضا سيل عظيم فى سنة أربع وثمانين ومائة، وحماد البربرى أمير على مكة. انتهى.

_ 1069 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 2/ 42، الاستيعاب ترجمة 555، الإصابة 1/ 350). 1070 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة ترجمة 1236، الاستيعاب ترجمة 554، والإصابة ترجمة 1807). 1071 ـ انظر ترجمته فى: (الكامل لابن الأثير 5/ 109، المنتظم 9/ 92، 197، تاريخ مكة للأزرقى 2/ 137).

1072 ـ حمدون بن على بن عيسى بن ماهان

وذكر الأزرقى فى عمارة حماد هذا لبعض الدور بمكة، وما عرفت أنا من حاله سوى هذا. 1072 ـ حمدون بن على بن عيسى بن ماهان: أمير مكة على ما ذكر الأزرقى؛ لأنه قال فى أخبار سيول مكة: وجاء سيل فى سنة اثنتين ومائتين فى خلافة المأمون، وعلى مكة يزيد بن محمد بن حنظلة المخزومى، خليفة لحمدون بن على بن عيسى بن ماهان. انتهى. وهذا يدل على ولاية حمدون لمكة. 1073 ـ حمد بن محمد بن أحمد بن المسيب اليمنى المظفرى، مختار الدين، بن الأمير شمس الدين: كان من جملة العسكر الذى أنفذه الملك المظفر صاحب اليمن مع ابن برطاس، للاستيلاء على مكة، فى آخر سنة اثنتين وخمسين وستمائة. فقتل رحمه الله بين الصفين، فى الحرب الذى كان بين ابن برطاس وأهل مكة. وذلك فى يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من ذى القعدة الحرام، سنة اثنتين وخمسين، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره لخصت غالب هذه الترجمة. * * * من اسمه حمزة 1074 ـ حمزة بن جار الله بن حمزة بن راجح بن أبى نمى الحسنى المكى: كان رأس الأشراف آل أبى نمى بعد أبيه، لعقله وسماحته. توفى فى ليلة الأحد سابع المحرم سنة ست عشرة وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة، وهو فى عشر الخمسين فيما أحسب. 1075 ـ حمزة بن راجح بن أبى نمى الحسنى المكى: كان مكينا عند الشريف عجلان صاحب مكة، ويقال إنه وزيره، وكان على ما بلغنى سنّيا.

_ 1072 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ مكة 2/ 137). 1074 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 3/ 164).

1076 ـ حمزة بن الحارث بن عمير العدوى، أبو عمارة البصرى

توفى سنة خمس وستين وسبعمائة ظنا. وإلا ففى عشر السبعين وسبعمائة. 1076 ـ حمزة بن الحارث بن عمير العدوى، أبو عمارة البصرى: نزيل مكة، مولى آل عمر بن الخطاب. روى عن أبيه. وعنه أحمد بن أبى شعيب الحرانى، وإسحاق بن أبى إسرائيل، وبكر ابن خلف وغيرهم. روى له النسائى وابن ماجة. قال محمد بن سعد: كان ثقة، قليل الحديث. وذكره ابن حبان فى الثقات. 1077 ـ حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمى، أبو يعلى، وأبو عمارة: عم النبى صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاع، أسد الإسلام، ويقال أسد الله وأسد رسوله. أسلم فى الثانية من المبعث، وقيل فى السادسة، وعز رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه، وانكف عنه بعض الأذى، ثم بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية إلى سيف البحر من أرض جهينة، وهى أول سراياه فى قول المدائنى، وشهد بدرا، وأبلى فيها بلاء حسنا مشهورا، وقتل بعض رءوس قريش، وشهد أحدا وقاتل فيها بسيفين، ثم استشهد رضى الله عنه بحربة رمى بها استغفالا، رماه بها وحشى بن حرب مولى جبير بن مطعم؛ لأنه كان قتل عمه طعيمة بن عدى يوم بدر، وبقرت هند بنت عتبة بن ربيعة بطنه، وأخرجت كبده ولاكتها، فلم تسغها؛ لأنه كان قتل أباها يوم بدر. فلما رآه النبى صلى الله عليه وسلم قتيلا بكى، فلما رأى ما مثل به شهق. وفى رواية: فلم ير ـ يعنى النبى صلى الله عليه وسلم ـ منظرا كان أوجع لقلبه منه. فقال: «رحمك الله، أى عم، فلقد كنت وصولا للرحم، فعولا للخيرات».

_ 1076 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 2/ 168، 255، 5/ 156، تاريخ البخارى الترجمة 197، الكنى للدولابى 2/ 37، الجرح والتعديل الترجمة 918، الكاشف 1/ 254، تهذيب التهذيب 3/ 26، خلاصة الخزرجى الترجمة 1619، تهذيب الكمال 1500). 1077 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 1/ 76، 87، 88، 2/ 3، 4، 5، 6، 12، 16، 22، 31، 33، 3/ 5، 32، 34، 223، 327، المنتظم 2/ 204، 210، 260، 384، 385، 387، 3/ 73، 80، 107، 130، 170، 178 ـ 183، 4/ 82، أسد الغابة ترجمة 1251، الاستيعاب ترجمة 559، الإصابة ترجمة 1831).

1078 ـ حمزة بن عتبة بن إبراهيم بن أبى خداش بن عتبة بن أبى لهب، عبد العزى، بن عبد المطلب الهاشمى المكى

وقال النبى صلى الله عليه وسلم: «حمزة سيد الشهداء». وروى: «خير الشهداء». ودفن مع ابن أخته عبد الله بن جحش فى قبر واحد، ورثاه عبد الله بن رواحة، وقيل كعب بن مالك، بأبيات أولها (1) [من الوافر]: بكت عينى وحق لها بكاها ... وما يغنى البكاء ولا العويل ذكر هذا كله من حال حمزة رضى الله عنه: ابن عبد البر بالمعنى، وابن الأثير، وزاد: كان حمزة يعلم فى الحرب بريشة نعامة، وقاتل يوم بدر بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيفين. وذكر أنه قتل بأحد من المشركين قبل أن يقتل، أحدا وثلاثين نفسا. قال: وكان مقتل حمزة رضى الله عنه، للنصف من شوال سنة ثلاث. وكان عمره رضى الله عنه سبعا وخمسين سنة على قول من يقول: إنه كان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع سنين، وقيل: كان عمره أربعا وخمسين سنة وهذا يقوله من جعل مقام النبى صلى الله عليه وسلم بمكة بعد الوحى عشر سنين. انتهى. 1078 ـ حمزة بن عتبة بن إبراهيم بن أبى خداش بن عتبة بن أبى لهب، عبد العزى، بن عبد المطلب الهاشمى المكى: ذكره الزبير بن بكار، فقال: ومن ولد أبى لهب: حمزة بن عتبة بن إبراهيم، وكان وسيما شريفا جميلا. وكان هو وأخوه حسن بن عتبة فى صحابة أمير المؤمنين الرشيد، وكان حماد البربرى قد رفعهما إلى الرشيد فى نفر معهم من مكة القرشيين، ذكر أنهم يتشيعون فى آل أبى طالب، فأدخلوا على أمير المؤمنين الرشيد. فلما رأى حمزة بن عتبة وجماله وبيانه وبهاءه وفصاحته. فقال له: يا حمزة، تتشيع؟ . فقال له حمزة: فيمن أتشيع يا أمير المؤمنين؟ قال فى آل أبى طالب. قال: والله ما أعرف الذى أقر أنه خير منى، فكيف أتشيع فى أحد، وأنا من بنى هاشم؟ فأعجب ذلك أمير المؤمنين منه، وخلاه وخلا أخاه، وأثبتهما فى صحابته، ولحمزة يقول العنبرى [من المتقارب]: سيجمع حمزة لى خرزتين ... إن قدّر الله فى خرزه انتهى. وقد روى الزبير بن بكار عنه، عن محمد بن عثمان بن إبراهيم الحجبى، ومحمد بن عمران.

_ (1) بقية القصيدة فى سيرة ابن هشام 3/ 148، والمراجع السابقة. 1078 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 4/ 44، 45).

1079 ـ حمزة بن محمد بن عبد الحكيم اليمنى، أبو محمد

1079 ـ حمزة بن محمد بن عبد الحكيم اليمنى، أبو محمد: توفى يوم السبت سادس عشر ذى الحجة سنة ثمانى عشرة وستمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره نقلت هذا، وترجم فيه: بالفقيه العالم العامل. 1080 ـ حمظظ بن شريق بن غانم القرشى العدوى: ذكره هكذا الذهبى فى التجريد. وقال: توفى بطاعون عمواس ولم يذكروه. انتهى. وهذا عجيب، فإنه فى كتاب ابن الأثير بمعنى هذا وزيادة فائدة. فإنه قال: حمظظ بن شريق بن غانم بن عامر بن عبد الله بن عبيد بن عويج بن عدى بن كعب بن لؤى القرشى العدوى. أدرك النبى صلى الله عليه وسلم وشهد الفتوح، ومات بطاعون عمواس، له ذكر. أخرجه أبو القاسم الدمشقى. عبيد وعويج، بفتح العينين. انتهى. 1081 ـ حمنن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب القرشى الزهرى، أخو عبد الرحمن بن عوف: ذكره هكذا ابن عبد البر، وقال: قال الزبير بن بكار: لم يهاجر ولم يدخل المدينة. وعاش فى الجاهلية ستين سنة، وفى الإسلام ستين سنة. قال: وأوصى حمنن والأسود ابنا عوف، إلى عبد الله بن الزبير. قال: وفى موت حمنن يقول القائل (1) [من الطويل]: فيا عجبا إذ لم تفتّق عيونها ... نساء بنى عوف وقد مات حمنن قال: وأم حمنن ابنة مقيس بن قيس بن عدى بن سهم بن سعد. انتهى. وذكره ابن عبد البر فى الصحابة، وذكر كلام الزبير السابق. وذكر الصاغانى فى كتاب «أماكن وفيات الصحابة» أنه توفى بمكة حرسها الله تعالى. ولم أر من ذكر تاريخ وفاته، وهى والله أعلم فى تاريخ موت حكيم بن حزام،

_ 1080 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 2/ 52، التجريد 1/ 150، الإصابة 1/ 355). 1081 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة ترجمة 1144، الإصابة ترجمة 1693، الاستيعاب ترجمة 582). (1) البيت فى: (أسد الغابة 2/ 59).

1082 ـ حميد بن قيس الأسدى، مولى بنى أسد بن عبد العزى، وقيل: مولى بنى فزارة، أبو صفوان المكى الأعرج القارئ

فإنه لا يستقيم أن يكون عاش ستين سنة فى الجاهلية، وستين سنة فى الإسلام، إلا إذا كان مولده ووفاته كمولد حكيم ووفاته، والله أعلم. 1082 ـ حميد بن قيس الأسدى، مولى بنى أسد بن عبد العزى، وقيل: مولى بنى فزارة، أبو صفوان المكى الأعرج القارئ: قرأ القرآن على مجاهد ثلاث مرات، وحدث عنه، وعن عطاء بن أبى رباح، وعكرمة، مولى ابن عباس، والزهرى، وعمر بن عبد العزيز، وسليمان بن عتيق وغيرهم. روى عنه جماعة، منهم: السّفيانان، ومالك. روى له الجماعة. وثقه ابن معين، وأبو زرعة، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن سعد، وقال: كان ثقة كثير الحديث. وكان قارئ أهل مكة، ذكره فى الطبقة الثالثة من تابعى أهل مكة، وفى الرابعة أيضا. وقد أخذ عنه القراءة عرضا سفيان بن عيينة. وقال سفيان بن عيينة: كان حميد بن قيس أفرضهم وأحسبهم، يعنى أهل مكة. وكانوا لا يجتمعون إلا على قراءته، ولم يكن بمكة أحد أقرأ منه، ومن عبد الله بن كثير. قال ابن حبان: مات بمكة سنة ثلاثين ومائة. وقال محمد بن سعد: توفى فى خلافة السّفّاح. انتهى. وهو أخو عمر بن قيس.

_ 1082 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 1535، طبقات ابن سعد 6/ 33، تاريخ يحيى برواية الدورى، 2/ 137، ابن طهمان رقم 184، طبقات خليفة 282، تاريخه 395، علل أحمد 1/ 81، 129، 205، 357، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2719، المعرفة ليعقوب 1/ 285، 505، 2/ 26، 696، 734، 798، 3/ 41، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 513، أبى زرعة الرازى 359، الكنى للدولابى 2/ 12، الجرح والتعديل الترجمة 1001، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 1138، أسماء الدارقطنى الترجمة 184، الجمع لابن القيسرانى 1/ 91، تاريخ دمشق (تهذيبه 4/ 465)، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 170، تاريخ الإسلام 5/ 238، العبر 1/ 222، ميزان الاعتدال الترجمة 2341، المغنى الترجمة 1782، ديوان الضعفاء الترجمة 1175، الكاشف 1/ 257، غاية النهاية لابن الجزرى 1/ 265، تهذيب التهذيب 3/ 46 ـ 47، مقدمة الفتح 397، خلاصة الخزرجى الترجمة 1656 تهذيب الكمال 1535).

1083 ـ حميضة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة ابن إدريس بن مطاعن الحسنى المكى، الملقب عز الدين

1083 ـ حميضة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة ابن إدريس بن مطاعن الحسنى المكى، الملقب عز الدين: أمير مكة. ولى إمرة مكة إحدى عشرة سنة ونصف سنة أو أزيد، فى أربع مرات، منها مرتان شريكا لأخيه رميثة، ومرتان مستقلا بها. والمرتان اللتان شارك فيهما أخاه رميثة نحو عشر سنين إحداهما عشرة أشهر متوالية بعد موت أبيه، فى سنة موته، وهى سنة إحدى وسبعمائة، والمرة الثانية، نحو تسع سنين، بعد الأولى بسنتين أو ثلاث. والمرتان اللتان استقل بالإمرة فيهما، إحداهما نحو سنة ونصف، أولها بعد مضى شهرين من سنة أربع عشرة وسبعمائة. والمرة الأخرى التى استقل بها، أياما يسيرة فى آخر سنة سبع عشرة وسبعمائة، بعد الحج منها، أو فى أوائل سنة ثمانى عشرة. وسنوضح شيئا من خبره فى ذلك وغيره. وجدت بخط القاضى نجم الدين الطبرى قاضى مكة، أن حميضة وأخاه رميثة، قاما بالإمرة بعد أبيهما. وكان دعا لهما على قبة زمزم قبل موته يوم الجمعة، ومات يوم الأحد رابع صفر، يعنى من سنة إحدى وسبعمائة، واستمر الدعاء لهما. وكان قبل ذلك قد وقعت فتنة بين أولاد أبى نمى، وكان حميضة الغالب. انتهى. ولم يزل حميضة ورميثة فى الإمرة، حتى عزلا فى موسم هذه السنة، بأخويهما أبى الغيث وعطيفة وقبض عليهما. وجهّزا إلى مصر باتفاق الأمراء القادمين إلى مكة ـ وكان كبيرهم بيبرس الجاشنكير، الذى صار سلطانا بعد الملك الناصر محمد بن قلاوون، فى سنة ثمان وسبعمائة. وكان بيبرس إذ ذاك أستادار الملك الناصر ـ تأديبا لهما على ما صدر منهما فى حق أخويهما عطيفة وأبى الغيث، من الإساءة إليهما؛ لأنهما كانا اعتقلا أبا الغيث وعطيفة، فهربا من الاعتقال إلى ينبع، فلما حضر الحاج إلى مكة، حضرا إلى الأمراء المذكورين. هكذا ذكر ما ذكرناه من سبب القبض على رميثة وحميضة، وتولية أبى الغيث وعطيفة: صاحب نهاية الأرب، النويرى، وإلا فالأمير بيبرس الدوادار فى تاريخه، وهو الغالب على ظنى. وذكر ذلك صاحب بهجة الزمن فى تاريخ اليمن، إلا أنه خالف فى بعض ذلك؛ لأنه

_ 1083 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 8/ 97، إتحاف الورى 3/ 126، مرآة الجنان لليافعى 4/ 259).

قال فى ترجمة أبى نمى فيه: واختلف القواد والأشراف بعده على أولاده، فطائفة مالت إلى رميثة وحميضة، على أخويهما، فلزماهما وأقاما فى حبسهما مدة، ثم احتالا فخرجا وركنا إلى بعض الأشراف والقواد، فمنعوا منهما. ولما وصل الحاج المصرى، تلقاهم أبو الغيث فمالوا إليه، ولما انفصل الموسم، لزم الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير حميضة ورميثة، وسار بهما إلى مصر مقيدين، وأمّر بمكة أبا الغيث ومحمد بن إدريس، وحلفهما لصاحب مصر. انتهى. وكان من خبر حميضة، أنه وأخاه رميثة وليا إمرة مكة فى سنة أربع وسبعمائة، وقيل: فى سنة ثلاث وسبعمائة، وهذه ولايته الثانية التى شارك فيها أخاه رميثة، ودامت ولايتهما لمكة إلى زمن الموسم، من سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، وما ذكرناه من ولايته لإمرة مكة مع أخيه رميثة فى هذا التاريخ، ذكره صاحب بهجة الزمن، وأفاد فى ذلك ما لم يفده غيره، مع شيء من خبرهما. ولذلك رأيت أن أذكره. قال فى أخبار سنة أربع وسبعمائة: وحج من مصر خلق كثير، وفى جملتهم الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير فى أمراء كثيرين، وصل معهم الشريفان رميثة وحميضة ولدا أبى نمى المقدما الذكر فى القبض عليهما. فلما انقضى الحج، أحضر الأمير ركن الدين الشريفين أبا الغيث وعطيفة، وأعلمهما أن ملك مصر قد أعاد أخويهما إلى ولايتهما. فلم يقابلا بالسمع والطاعة، وحصلت منهم المنافرة، ثم قال: واستمر رميثة وحميضة فى الإمرة يظهران حسن السيرة وجميل السياسة، وأبطلا شيئا من المكوس فى السنة المذكورة والتى قبلها. وذكر فى أخبار سنة ثمان وسبعمائة: أنه ظهر منهما من التّعسّف ما لا يمكن شرحه. وذكر أن فى سنة عشر وسبعمائة: حج من الديار المصرية، عسكر قوى فيه أمراء طبلخانات، يريدون لزم الشريفين حميضة ورميثة. فلما علما بذلك، هربا من مكة. فلما توجه العسكر إلى الديار المصرية، عادا إلى مكة. وذكر أنهما فى سنة اثنتى عشرة وسبعمائة، عدلا عن مكة، تخوفا من الملك الناصر صاحب مصر؛ لأنه كان حج فى هذه السنة، ومعه مائة فارس وستة آلاف مملوك، تخوفا منه. وذكر أنهما فعلا فيها ما لا ينبغى من النهب، وأنهما عادا إلى مكة بعد ذهاب الملك الناصر منها.

وذكر أنهما هربا من مكة، فى سنة ثلاث عشرة، إلى صوب حلى بن بعقوب، لما علما بوصول أبى الغيث بن أبى نمى من الديار المصرية إلى مكة، ومعه عسكر جرّار، فيهم من المماليك الأتراك، ثلاثمائة وعشرون فارسا، وخمسمائة فارس من أشراف المدينة، خارجا عما يتبع هؤلاء من المتخطفة والحرامية، وكان المقدم الأمير سيف الدين طقصبا. وذكر أن فى المحرم من سنة أربع عشرة وسبعمائة، سار أبو الغيث وطقصبا إلى صوب حلى بن يعقوب، بسبب حميضة ورميثة، فإنهما لم يجدا خبرا عنهما؛ لأنهما لحقا ببلاد السراة، ووصلا ـ أعنى أبا الغيث وطقصبا ـ إلى حلى بن يعقوب، ولم يدخلها، طقصبا، وقال: هذه أوائل بلاد السلطان الملك المؤيد، ولا ندخلها إلا بمرسوم السلطان الملك الناصر، فعاد على عقبه. وفى كلام صاحب البهجة، ما يفهم أن أبا الغيث وطقصبا لم يبلغا حلى، والله أعلم. وقد ذكر صاحب نهاية الأرب فى فنون الأدب، شيئا من خبر حميضة بعد عزله من مكة أخيه أبى الغيث، وشيئا من خبر العسكر الذى جهز معه؛ لأنه قال فى أخبار سنة ثلاث عشرة وسبعمائة. وفى هذه السنة، جرد السلطان جماعة من الأمراء إلى مكة شرفها الله تعالى، وهم سيف الدين طقصبا الناصرى، وهو المقدم على الجيش، وسيف الدين بكتمر، وصارم الدين صاروجا الحسامى، وعلاء الدين أيدغدى الخوارزمى. وتوجهوا فى شوال فى جملة الركب، وجرد من دمشق الأمير سيف الدين بلبان تترى. وسبب ذلك ما اتصل بالسلطان من شكوى المجاورين والحجاج من أميرى مكة حميضة ورميثة، ولدى الشريف أبى نمى. فندب السلطان هذا الجيش، وجهز أخاهما الأمير أبا الغيث بن أبى نمى. فلما وصل العسكر إلى مكة، فارقها حميضة. وأقام الجيش بمكة بعد عود الحاج نحو شهرين، فقصر أبو الغيث فى حقهم، وضاق منهم، ثم كتب خطه باستغنائه عنهم، فعادوا. وكان وصولهم إلى الأبواب السلطانية، فى آخر شهر ربيع الأول سنة أربع عشرة وسبعمائة. ولما علم حميضة بمفارقة الجيش لمكة، عاد إليها بجمع، وقاتل أخاه أبا الغيث، ففارق أبو الغيث مكة، والتحق بأخواله من هذيل بوادى نخلة، وأرسل حميضة إلى السلطان رسولا وخيلا للتقدمة، فاعتقل السلطان رسوله. انتهى.

وذكر صاحب المقتفى: أن حميضة لما علم بسفر هذا العسكر من مكة، حضر إلى مكة بعد جمعة، وقاتل أخاه ـ يعنى أبا الغيث ـ وقتل نحو خمسة عشر نفرا، ومن الخيل أكثر من عشرين فرسا، وملك مكة، ولجأ أبو الغيث إلى أخواله من هذيل بوادى نخلة مكسورا، ثم إن حميضة أرسل خيلا إلى السلطان، فحبس رسوله، ولم يرض عنه، وأرسل بعده أبو الغيث هدية، فوعد السلطان بنصره وإرسال عسكر إليه. انتهى. وهذه ولايته الثالثة التى استقل بها فى المدة التى تقدم ذكرها، أو فى أكثرها، واستقلاله بإمرة مكة فى بعضها متحققة. وقد ذكر صاحب المقتفى من خبره بعد ذلك؛ لأنه قال: وفى يوم الثلاثاء رابع ذى الحجة، يعنى من سنة أربع عشرة وسبعمائة، وقعت حرب بين الأخوين حميضة وأبى الغيث، ولدى أبى نمى، بالقرب من مكة، وانتصر حميضة، وجرح أبو الغيث، ثم ذبح بأمر أخيه. وكان جماعة أبى الغيث أكثر عددا، ولكن رزق حميضة النصر. واستقر بمكة. انتهى. وقال فى أخبار سنة خمس عشرة وسبعمائة: ولما بلغ حميضة بن أبى نمى وصول العسكر مع أخيه، وأنهم قاربوا مكة، نزح قبل وصولهم بستة أيام. وأخذ المال النّقد والبز، وهو مائة حمل، وأحرق الباقى فى الحصن الذى فى الجديد، وبينه وبين مكة [ ....... ] (1) وقطع ألفى نخلة. وكان مرض قبل ذلك فى شعبان، وتغير سمعه، وحضر إلى بيت الله الحرام وتاب. وذكر عنه أنه ما يتعرض لإيذاء المجاورين ولا التجار ولا غيرهم، وكان وصول العسكر إلى مكة يوم السبت منتصف رمضان، وأقاموا بها ثلاثة عشر يوما، ثم توجهوا إلى الخليف، وهو حصن بينه وبين مكة ستة أيام، والتجأ حميضة إلى صاحبه، وصاهره لعله يحتمى به، فواقع العسكر حميضة وصاحب الحصن المذكور، وأخذ جميع أموال حميضة وخزانته، ونهب الحصن وأحرق، وأسر ولد حميضة ابن اثنى عشر سنة، وسلّم إلى عمه رميثة، ثم رجع الجيش إلى مكة، فوصلوها فى الخامس والعشرين من ذى القعدة، واستقروا إلى أن حضروا الموقف، ورجعوا مع المصريين، واستقر الأمير رميثة بمكة. ونجا أخوه حميضة بنفسه، ولحق بالعراق. كتب إلينا بذلك أمين الدين الوانى. انتهى. وسيأتى إن شاء الله تعالى شيء من خبر هذا العسكر، فى ترجمة رميثة بن أبى نمى.

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

وقد ذكر صاحب المقتفى شيئا من خبر حميضة بعد لحاقه بالعراق؛ لأنه قال فى أخبار سنة ست عشرة: وفى التاريخ المذكور ـ يعنى عقيب عيد الأضحى ـ وصل الخبر بأن الشريف حميضة بن أبى نمى الحسنى المكى، كان قد لحق بخربندا فأقام فى بلاده أشهرا. وطلب منه جيشا يغزوا به مكة، وساعده جماعة من الرافضة على ذلك، وجهزوا له جمعا من خراسان، وكانوا مهتمين بذلك. فقدر الله تعالى موت خربندا، وبطل ذلك بحمد الله تعالى. ثم قال: ثم إن محمد بن عيسى أخا مهنّا، هو وجمع من العرب، وقعوا على حميضة وعلى الدلقندى. وكان معهما جمع وأموال، فقهرهم وغنم ما معهم ودمر حميضة. وكان الدلقندى، وهو رجل رافضى من أعيان دولة التتار، قد قام بنصره وجمع له الأموال والرجال، على أن يأخذ له مكة ويقيمه بها. انتهى. وقال صاحب نهاية الأرب، فى أخبار سنة سبع عشرة وسبعمائة: فى هذه السنة، وصل كتاب الأمير أسد الدين رميثة أمير مكة إلى الأبواب السلطانية، يتضمن أن أخاه عز الدين حميضة، قدم من بلاد العراق. وكان قد انسحب إليها، والتحق بخربندا كما تقدم، وأنه وصل الآن على فرس واحد، ومعه اثنان من أعيان التتار، روهما درقندى ـ وقيل فيه دقلندى ـ وملك شاه، ومعهم ثلاثة وعشرون راحلة، وأنه كتب إلى أخيه رميثة يستأذنه فى دخول مكة، فمنعه إلا بعد إذن السلطان. فكتب السلطان إلى حميضة أنه إن حضر إلى الديار المصرية، على عزم الإقامة بها، قابله بالأمان وسامحه بذنوبه السالفة. وأما الحجاز فلا يقيم به. وكتب إلى درقندى وملك شاه بالأمان، وأن يحضرا، وأخبر من وصل، أنهم لقوا فى طريقهم شدة من العراق إلى الحجاز، وأن العربان نهبوهم، فنهب لدرقندى أموال جمة، وأنه وصل على فرس واحد مسافة عشرين ليلة. وقد حكى عن الأمير محمد بن عيسى أخى مهنّا، أن الملك خربندا كان قد جهز دقلندى المذكور، فى جمع كثير مع عز الدين حميضة، قبل وفاته إلى الحجاز، لنقل الشيخين أبى بكر وعمر رضى الله عنهما، من جوار النبى صلى الله عليه وسلم، وأن الأمير محمد المذكور، جمع من العربان نحو أربعة آلاف فارس، وقصد المقدم ذكره، وقاتله ونهبه، وكسب العسكر منهم أموالا جمة عظيمة من الذهب والدراهم، حتى إن فيهم جماعة، حصل للواحد منهم نحو ألف دينار، غير الدواب والسلاح وغير ذلك، وأخذوا الفوس

والمجارف التى كانوا قد هيئوها لنبش الشيخين أبى بكر وعمر رضى الله عنهما. وكان ذلك فى ذى الحجة سنة ست عشرة وسبعمائة. ثم قال: ولما ورد كتاب الأمير أسد الدين رميثة بما تقدم، ندب السلطان إلى مكة شرفها الله تعالى، الأميرين سيف الدين أيتمش المحمّدى، وسيف الدين بهادر السعيدى أمير علم، وأمرهما أن يستصحب كل واحد منهما عشرة من عدته، وجرد معهما من كل أمير مائة، جنديّين، ومن كل أمير طبلخانة، جنديّا واحدا، وتوجها إلى مكة لإحضار حميضة، ومن حضر من التتار، فتوجها فى يوم السبت سادس عشر ربيع الأول بمن معهما، فوصلا إلى مكة، وأرسلا إلى حميضة فى معاودة الطاعة، وأن يتوجه معهما إلى الأبواب السلطانية، فاعتذر أنه ليس معه من المال ما ينفقه على نفسه ومن معه فى سفره، وطلب منهما ما يستعين به على ذلك، فأعطياه. فلما قبض المال تغيب، وعادا إلى القاهرة، فوصلا فى يوم الأحد السادس والعشرين من جمادى الآخرة من السنة، يعنى سنة سبع عشرة. ثم قال فى أخبار سنة ثمانى عشرة وسبعمائة: وفى صفر من هذه السنة، وردت الأخبار من مكة شرفها الله تعالى، أن الأمير عز الدين حميضة بن أبى نمى بعد عود الحاج من مكة، وثب على أخيه الأمير أسد الدين رميثة بموافقة العبيد، وأخرجه من مكة، فتوجه رميثة إلى نخلة، وهى التى كان بها حميضة، واستولى حميضة على مكة شرفها الله تعالى. وقيل إنه قطع الخطبة السلطانية، وخطب لملك العراقين، وهو أبو سعيد بن خربندا بن أرغون بن أبغا بن هولاكو، فلما اتصل ذلك بالسلطان، أمر بتجريد جماعة من أقوياء العسكر. فجرد الأمير صارم الدين الجرمكى، والأمير سيف الدين بهادر الإبراهيمى، وجماعة من الحلقة، وأجناد الأمراء، من كل أمير مائة، فارسين، ومن كل أمير طبلخانة، جنديا، وأمر بالمسير إلى مكة، وأن لا يعودوا إلى الديار المصرية، حتى يظفروا بحميضة، فتوجهوا فى العشر الأواخر من شهر ربيع الأول من هذه السنة. انتهى بلفظه. وذكر أن الإبراهيمى لما توجه لمحاربة حميضة والقبض عليه، ركب إليه، وتقاربا من بعضهما بعض، وباتا على ذلك، ولم يقدر الإبراهيمى على مواجهة حميضة، فاقتضى ذلك القبض على الإبراهيمى وعلى رميثة؛ لأنه نسب إلى مواطأة أخيه حميضة، وأن الذى يفعله من التشعيث باتفاق رميثة، وجهزا إلى الديار المصرية ـ انتهى بالمعنى.

وهذه ولاية حميضة الرابعة التى أشرنا إليها، ولم يزل حميضة مهجّجا والطلب عليه، وأهل مكة خائفون من شره. وذكر اليافعى: أنه قصد مكة بجيش يريد أخذها، وقتل جماعة من أهل مكة والمجاورين بها، فخرج إليه أخوه عطيفة. وكان قد استقر فى إمرة مكة بعد القبض على أخيه رميثة، لاتهامه بممالأة حميضة، ومع عطيفة أخوه عطّاف، وآخر من إخوته، وعسكر ضعيف، فنصرهم الله عليه وكسروه، ثم قتل بعد كسرته بأيام. انتهى. وقد ذكر خبر مقتل حميضة، صاحب نهاية الأرب، وأفاد فى ذلك ما لم يفده غيره. وقد رأيت أن أذكر كلامه لذلك. قال فى أخبار سنة عشرين وسبعمائة: كان السلطان لما كان بمكة شرفها الله تعالى، سأله المجاورون بمكة ومن بها من التجار، أن يخلف عسكرا يمنع عز الدين حميضة بن أبى نمى إن هو قصد أهل مكة بسوء، فجرد ممن كان معه الأمير شمس الدين (آق) سنقر ومعه مائة فارس. فأقام بمكة، فلما عاد السلطان إلى قلعة الجبل، جرد الأمير ركن الدين بيبرس الحاجب، وكان هو من الأمراء مقدمى الألوف، ببعض عدته، وجرد معه جماعة من المماليك السلطانية، وكانت عدة من توجه مائة فارس. وخرج من القاهرة فى يوم الأربعاء السادس من شهر ربيع الأول هذه السنة، ووصل إلى مكة شرفها الله تعالى. وأقام بها ومنع أهلها من حمل السلاح، السكّين فما فوقها، وبعث إلى الأمير عز الدين حميضة، وكان بقرب نخلة يستميله إلى الطاعة والتوجه إلى الأبواب السلطانية. فسأل رهينة عنده من الأمير ركن الدين يكون عند أهله ويحضر، فأجاب الأمير ركن الدين إلى ذلك، وجهز أحد أولاده، وهو الأمير علىّ، وجهز معه هدية لحميضة، ولم يبق إلا أن يتوجه، فأتاه فى ذلك اليوم رجل من الأعراب، وأخبره بقتل حميضة، فأنكر وقوع ذلك. وظن ذلك مكيدة لأمر مّا، لكنه توقف عن إرسال ولده حتى يتبين له الحال. فلما كان فى مساء ذلك اليوم، طرق باب المعلاة بمكة، ففتح، فإذا مملوك اسمه أسندمر، وهو أحد المماليك الثلاثة الذين كانوا قد التحقوا بحميضة من مماليك الأمراء كما تقدم، وهو راكب حجرة حميضة التى تسمى جمعة ـ وكان السلطان قد طلبها من حميضة، فشح بإرسالها ـ وأخبر أنه قتل حميضة، اغتاله وهو نائم، وجرد سيفه وإذا به أثر الدم، وذلك فى جمادى الآخرة، يعنى من سنة عشرين وسبعمائة، وأرسل الأمير ركن الدين ولديه

ناصر الدين محمدا وشهاب الدين أحمد، إلى الأبواب السلطانية بهذا الخبر، فوصلا إلى السلطان فأنعم عليهما وجهز الأمير ركن الدين من توجه لإحضار سلب حميضة، والمملوكين اللذين بقيا معه، فأحضر السلب وأحد المملوكين، وقيل: إن الثالث مات، وهو مملوك الأمير سيف الدين بكتمر الساقى، فألزم صاحبه نخلة بإحضاره وتوعده إن تأخر، فأحضره، واستمر الأمير ركن الدين بمكة، إلى أن عاد الجواب السلطانى بطلبه، فتوجه من مكة شرفها الله تعالى، فى مستهل شعبان، وصحبته المماليك الثلاثة، الذين كانوا قد هربوا. وكان وصوله إلى الأبواب السلطانية، فى العشر الأول من شهر رمضان. فلما وصل، شمله الإنعام والتشريف، فأمر السلطان بقتل أسندمر قاتل حميضة، قودا به، فى شوال من السنة. انتهى. وقال صاحب المقتفى فى أخبار سنة عشرين وسبعمائة: وفى هذه السنة، قتل الأمير عز الدين حميضة بن الأمير الشريف أبى نمى صاحب مكة. وكان قد خرج عن طاعة السلطان، وولى السلطان بمكة أخاه سيف الدين عطيفة، وبقى هو فى البرّية، والطلب عليه، وأهل مكة خائفون من شره، وكان شجاعا قامعا لأهل الفساد، وكان فى السنة الماضية، سنة حج السلطان، هرب من مماليكه ثلاثة، ولجأوا إلى حميضة، ثم إنهم خافوا من دخوله فى الطاعة، وأنه يرسلهم إلى حضرة السلطان، فقتلوه. وتوجهوا فى وادى بنى شعبة، وحضروا إلى مكة، فقيد الذى تولى القتل منهم، وأرسل إلى الديار المصرية فاعتقل، ثم قتل فى شوال. انتهى. وذكره الذهبى فى ذيل سير النبلاء، فقال: كان فيه ظلم وعنف، ثم قال: وقتل كهلا. وذكر اليافعى فى تاريخه: أنه رأى فى المنام قبيل قتل حميضة، كأن القمر فى السماء قد احترق بالنار. قال: وأظنه سقط إلى الأرض. انتهى. وهذه مزيّة. وذكر اليافعى: أن حميضة كان يقول: لأبى خمس فضائل: الشجاعة، والكرم، والحلم، والشعر، والسعادة. فالشجاعة لعطيفة، والكرم لأبى الغيث، والحلم لرميثة، والشعر لشميلة، والسعادة لى، حتى لو قصدت جبلا لدهكته. انتهى وللأديب موفق الدين علىّ بن محمد الحنديدى من قصيدة يمدح بها الشريف حميضة ابن أبى نمى، هذا أولها [من الخفيف]:

قدح الوجد فى فؤادى زنادا ... منع الجفن أن يذوق الرقادا وفؤاد الشجى يوم إلال ... ساقه سائق الظعون وقادا بدلنى بالوصل هجرا وبالزو ... رة صدّا وبالتدانى بعادا وتمادى بها الجفاء وما ... كان لها فى الجفا أن تمادى يا معيد الحديث عد فيه عنهم ... ما ألذ الحديث عنهم معادا هات بالله يا محدث حدث ... بن جياد جاد الغمام جيادا بلدا بالشريف شرفه الل ... هـ بقاعا شيحانه ووهادا مملك من قتادة ملك الأر ... ض نصالا محشودة وصعادا إن أكن فى حميضة زدت فى المد ... ح فقد زاد فى نوالى وزادا رجل سالم المسالم فى الله ... وفى الله للمعادين عادا عاد أبدا أولى فوالى تغالى ... عز أعطى سطا أفاد أبادا جاد أغنى علا سما جل جلا ... ظلم الظلم عدله ساد سادا حسن الصمت ليس يحسن أن تس ... مع إلا فى مثله الإنشادا ابن بنت النبى لم يجعل الل ... هـ سواكم لأرضه أوتادا ومنها: اركاب الآمال ويحك بالنج ... ح بحصن الجديد أمى نجادا يا جوادا ما زرت مغناه إلا ... أبت من عنده أقود جوادا كل شعر أتاكم غير شعرى ... يا أبا زيد ليس يسوى المدادا وله فيه أيضا [من الكامل]: إن الفريق النازلين فى منى ... غاية سول القلب منى والمنا هم أوقفوا جفنى على سبل البكا ... فصرت بالأربع أبكى الدمنا ومنها: ومخشف طاف فطفنا حوله ... ندعو إذا يدعو ونعنو إذا عنا جنى علينا طرفه لكننا ... لا نستطيع أخذه بمال جنا رضيته فليقض ما شاء ولو ... لم يقض بالعدل علينا ولنا وسائل بالخيف من طل له ... من المحبين دم قلت أنا يا حسن الناظر إن ناظرى ... لم ير من بعدك شيئا حسنا ومنها:

إن الحجاز لست أرضى غيره ... أرضا ولا أبغى سواه مسكنا ومن بنى النجم نمى أنجم ... طبقت الأرض سناء وسنا وسادة يفنون أموال العدا ... بعد النفوس بالمواضى والقنا أهل المساعى والصفاء وزمزم ... والمشعرين والمصلى ومنى إن العطايا من يدى حميضة ... أعطين بعد الفقر من كفى الغنا خليفة لا يخلف الوعد ولا ... يضن عن سائله بما اقتنى إمام حق جد فى الله فما ... فى الله مذ جد وهى ولا ونا عار من العار عليه حلة ... مرقومة أثناؤها من الثنا أخاف فى الله تعالى من بغى ... وأمن الخائف حتى أمنا أحسن ابنا حسن سجية ... أيقظهم عينا وأوعى أذنا هو ابن من أسرى به الله ومن ... من قاب قوسين تدلى ودنا وابن الذى به اللات آلت ... إلى شر مآل ولعزى أوهنا يا بن أبى الفدا إذا تبسمت ... بيضك أبكين العدا والبدنا إذا سألت المكرمات منكم ... سالت علينا من هنا ومن هنا يا عارض الجود الذى شمت سنا ... بارقه اسق ربوعى مزنا لازلت فى كل أوان ممطرا ... على جميع الخلق غيثا هتنا وللأديب عفيف الدين عبد الله بن علىّ بن جعفر فيه مدحا، قصيدة أولها [من البسيط]: تحدثى يا رياح الشيح والغار ... عما تحمّلت من علم وأخبار منها: أبقى لى الشوق دمعا من تذكر كم ... مثل الصبير وقلبا غير صبار فيا أخلاى هل تجزون ذا وله ... وجدا بوجد تذكارا بتذكار وقد تهيج صبابات الفؤاد لكم ... سجع الحمام وومضى البارق السارى ما زال دمعى يبدى ما أكتمه ... حتى تشابه إعلانى وإسرارى لا تحسبونى أنسيت المواثق بل ... حفظتها حفظ عز الدين للجار حميضة الحسنى التندب خير فتى ... كاس من الحمد بل عار من العار سلالة من رسول الله أنجبه ... زاك ومختار أصل وابن مختار من آدم ينبى الله متصلا ... أصلا بأصلٍ وأمحارا بأثمار ما من تسمى عليا كالوصى ولا ... ما كل جعفر فى الدنيا بطيار

1084 ـ حناش بن راجح بن عبد الكريم بن أبى سعد حسن بن على ابن قتادة، الحسنى المكى

فلا خلا الدهر من ملك مناقبه ... وشخصه مثل إسماع وإبصار فما رأى وجهه الميمون ذو أمل ... إلا تبدل إيسارا بإعسار ومنها: فلدتنى وأخوك الندب قلدنى ... ما ليس معروفه يلقى بإنكار يا كعبتان أمام الكعبة اعتمرا ... لقد تمسكت من كل بأستار لا زال سوحكما العارى كساحتها ... نعم المآب لحجاج وزوار 1084 ـ حناش بن راجح بن عبد الكريم بن أبى سعد حسن بن على ابن قتادة، الحسنى المكى: كان من أعيان الأشراف، وصاهر الشريف أحمد بن عجلان على أخته. وتوفى سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة. 1085 ـ حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم المخزومى، جد المطلب عبد الله بن حنطب: أسلم يوم الفتح. له حديث واحد، أن النبى صلى الله عليه وسلم، قال لأبى بكر رضى الله عنه: «هذان منى بمنزلة السمع والبصر من الرأس». وإسناده ضعيف على ما قال أبو عمر بن عبد البر، وذكره بمعنى هذا فى الاستيعاب. 1086 ـ حنظلة بن أبى سفيان بن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية القرشى الجمحى المكى: سمع القاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله بن عمر، ونافعا، مولى ابن عمر، وعطاء بن أبى رباح، ومجاهدا وسعيد بن جبير، وعكرمة بن خالد المخزومى.

_ 1085 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ الكبير 2/ 1 / 128، أسد الغابة ترجمة 1275، الاستيعاب ترجمة 577، الإصابة ترجمة 1858). 1086 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 1/ 19، 2/ 13، 6/ 38، تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 139، تاريخ الدارمى رقم 235، ابن طهمان رقم 136، طبقات خليفة 283، تاريخه 425، علل أحمد 1/ 27، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 167، 170، تاريخه الصغير 2/ 111، 113، الجرح والتعديل الترجمة 1071، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 1143، الكامل لابن الأثير 5/ 607، تذكرة الحفاظ 1/ 176، سير أعلام النبلاء 6/ 336، العبر 1/ 216، ميزان الاعتدال الترجمة 2370، الكاشف 1/ 261، تهذيب التهذيب 3/ 60 ـ 61، مقدمة الفتح 398، النجوم الزاهرة 2/ 16، خلاصة الخزرجى الترجمة 1682، شذرات الذهب 1/ 230، المنتظم 3/ 109، وتهذيب الكمال 1561).

1087 ـ حنين، مولى العباس بن عبد المطلب

روى عنه الثورى، ووكيع، وابن المبارك، ويحيى القطان، وابن نمير، وأبو عاصم، وجماعة. روى له الجماعة. قال أحمد: ثقة، ثقة. وقال ابن معين: حجة، حجة. وقال يحيى بن سعيد: مات سنة إحدى وخمسين ومائة. 1087 ـ حنين، مولى العباس بن عبد المطلب: كان عبدا وخادما للنبى صلى الله عليه وسلم، فوهبه لعمه العباس فأعتقه. وقيل: إنه مولى على، وهو جد إبراهيم بن عبد الله بن حنين، له عن النبى صلى الله عليه وسلم حديث فى الوضوء، ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر وابن الأثير (1). 1088 ـ حوشب بن يزيد الفهرى: ذكره هكذا الذهبى فى التجريد، وقال: مجهول. روى عنه ابن يزيد فى ذكر جريج الراهب. وذكره ابن الأثير أبسط من هذا بالمعنى، وقال: أخرجه ابن مندة وأبو نعيم. 1089 ـ حوط بن عبد العزى العامرى، من بنى عامر بن لؤى فيما قيل، وقيل فيه: حويطب بن عبد العزى، والصحيح حوط: روى عنه ابن بريدة، عن النبى صلى الله عليه وسلم: «لا تقرب الملائكة رفقة فيها جرس». قال أبو حاتم الرازى: لا تصح له صحبة. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر، وابن الأثير. وذكره الذهبى، قال: حوط.

_ 1087 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ الكبير ترجمة 358، الجرح والتعديل ترجمة 1274، الاستيعاب 1/ 412، أسد الغابة 2/ 62، الكاشف 1/ 261، تهذيب التهذيب 3/ 64، الإصابة ترجمة 1878، أسد الغابة ترجمة 1296، الاستيعاب ترجمة 603، خلاصة الخزرجى ترجمة 1689، تقريب التهذيب 1595، تهذيب الكمال 1569. (1) روى عن على فى النهى عن لباس القسى والمعصفر وتختم الذهب وروى عنه نافع مولى ابن عمر. وقيل عن نافع عن عبد الله بن حنين عن على. وقيل عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عن على وهو المحفوظ. انظر (تهذيب الكمال 1569). 1088 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 2/ 64، التجريد 1/ 154، الإصابة 1/ 363، المنتظم 6/ 256). 1089 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ الكبير 2/ 1 / 90، الجرح والتعديل 3/ 288، أسد الغابة ترجمة 1301، الإصابة ترجمة 1881، الاستيعاب ترجمة 591).

1090 ـ حويطب بن عبد العزى بن قيس بن عبدود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى القرشى العامرى، أبو محمد ويقال أبو الإصبع المكى

1090 ـ حويطب بن عبد العزى بن قيس بن عبدودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى القرشى العامرى، أبو محمد ويقال أبو الإصبع المكى: روى عن عبد الله بن السعدى حديث العمالة (1)، وروى عنه ابنه أبو سفيان بن حويطب، والسائب بن يزيد، وعبد الله بن بريدة، وغيرهم. روى له البخارى ومسلم والنسائى (3).

_ 1090 ـ انظر ترجمته فى: (سيرة ابن هشام 2/ 372، 493، 495، طبقات ابن سعد، 2/ 27، 116، 6/ 10، 8/ 190، تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 140، طبقات خليفة 27، تاريخه 90، 223، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 426، المعارف لابن قتيبة 311 ـ 312، المعرفه ليعقوب 2/ 693، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 387، تاريخ الطبرى 2/ 629 ـ 630، 3/ 25، 90، 4/ 69، 413، المراسيل لابن أبى حاتم 30، الجرح والتعديل الترجمة 1398، العقد الفريد 4/ 33، 58، ثقات ابن حبان (3/ 96 من المطبوع)، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 5177، أسماء الدارقطنى الترجمة 265، جمهرة ابن حزم 167 ـ 168، الاستيعاب ترجمة 575، الجمع لابن القيسرانى 1/ 114، التبيين فى أنساب القرشيين 64، 91، 266، 432، الكامل لابن الأثير 2/ 251، 270، 537، 3/ 500، أسد الغابة ترجمة 1301، الكاشف 1/ 262، سير أعلام النبلاء 2/ 540 ـ 541، تاريخ الإسلام 2/ 278، تجريد أسماء الصحابة 1/ 144، تهذيب التهذيب 3/ 66، 67، الإصابة ترجمة 1887، خلاصة الخزرجى الترجمة 1728، تهذيب تاريخ ابن عساكر 5/ 18 ـ 20). (1) أخرجه البخارى فى صحيحه (9/ 84) فى الأحكام من حديث الزهرى عن السائب ابن يزيد أن حويطب بن عبد العزيز أخبره أن عبد الله بن السعدى أخبره أنه قدم على عمر فى خلافته، فقال له عمر: ألم أحدث أنك تلى من أعمال الناس أعمالا فإذا أعطيت العمالة كرهتها؟ فقلت: بلى، فقال عمر: ما تريد إلى ذلك؟ فقلت: إن لى أفراسا وأعبدا، وأنا بخير، وأريد أن تكون عمالتى صدقة على المسلمين. قال عمر: لا تفعل، فإنى كنت أردت الذى أردت، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطينى العطاء، فأقول: أعطه أفقر إليه منى، حتى أعطانى مرة مالا، فقلت: اعطه أفقر إليه منى. فقال صلى الله عليه وسلم: «خذ فتمول وتصدق به، فما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل، فخذ، وإلا فلا تتبعه نفسك. (2) بقية العبارة عند المزى: «والنسائى حديث واحدا عن عبد الله بن السعدى عن عمر بن الخطاب حديث العمالة الذى اجتمع فى إسناده أربعة من الصحابة. ورواية مسلم فى صحيحه حديث رقم (1045) لم يخرجه من طريق حويطب، وكذا رواية النسائى فى المجتبى (5/ 103 ـ 105).

ذكر ابن عبد البر: أنه شهد بدرا مع المشركين، وصلح الحديبية مع سهيل بن عمرو. وكان أبو ذر قد أمنه يوم الفتح، ومشى معه، وجمع بينه وبين عياله، حتى نودى بالأمان للجميع، إلا النفر الذين أمر بقتلهم، ثم أسلم يوم الفتح. واستقرض منه النبىصلى الله عليه وسلم، أربعين ألفا، فأقرضه إياها. وشهد معه حنينا والطائف مسلما، وأعطاه من غنائمها مائة بعير. وكان من المؤلفة. وقال مروان بن الحكم يوما لحويطب بن عبد العزى: تأخر إسلامك أيها الشيخ حتى سبقك الأحداث، فقال: الله المستعان، والله لقد هممت بالإسلام غير ما مرة، كل ذلك يعوقنى أبوك عنه، وينهانى ويقول: تضع شرفك وتدع دين آبائك لدين محدث وتصير تابعا؟ قال: فأسكت مروان، وندم على ما قال. ثم قال له حويطب: أما أخبرك عثمان بما لقى من أبيك حين أسلم؟ . فازداد مروان غمّا. ثم قال حويطب: ما كان من قريش أحد من كبرائها، الذين بقوا على دين قومهم إلى أن فتحت مكة، أكره منى لما هو عليه، ولكن المقادير. ويروى عنه أنه قال: شهدت بدرا مع المشركين فرأيت عبرا. رأيت الملائكة تقتل وتأسر بين السماء والأرض. قال ابن عبد البر: أدركه الإسلام، وهو ابن ستين سنة أو نحوها، وهو أحد النفر الذين أمرهم عمر بن الخطاب رضى الله عنه، بتحديد أنصاب الحرام. انتهى بالمعنى. وقد ذكر الزبير، ومحمد بن سعد كاتب الواقدى، ما يشهد لما ذكره ابن عبد البر من حال حويطب وزيادة فى ذلك. فمن الزيادة: أن النبى صلى الله عليه وسلم، سرّ بإسلام حويطب. وفى كلام الواقدى، الجزم بأنه بلغ مائة وعشرين سنة فى الجاهلية، وستين فى الإسلام، وإنما أعدنا هذا لأن ابن عبد البر، لم يجزم بذلك بالنسبة إلى حياته فى الجاهلية. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: وجدت فى كتاب أبى بخطه: بلغنى عن الشافعى قال: حويطب بن عبد العزى، كان حميد الإسلام، وهو أكثر قريش بمكة ربعا جاهليا. انتهى. قال يحيى بن بكير، وخليفة بن خياط، وأبو عبيد، وغير واحد: مات سنة أربع وخمسين، وهو ابن عشرين ومائة سنة. انتهى. وذكر ابن عبد البر ما يشعر بأنه مات فى غير هذا التاريخ؛ لأنه قال: ومات حويطب بالمدينة فى آخر إمارة معاوية. وقيل بل مات سنة أربع وخمسين، وهو ابن مائة وعشرين سنة. انتهى.

1091 ـ حيان [بن بسطام] (1) الهذلى البصرى، والد سليم بن حيان

وظاهر هذا، أن المراد بآخر إمارة معاوية، ما بعد السنة التى ذكرها. ولو كان المراد بذلك السنة المذكورة، لم تحسن حكاية ابن عبد البر، القول بتعيين سنة وفاته على الوجه الذى ذكره، فإن كان كلامه يقتضى الإضراب عن الأول. والله أعلم. وكلام ابن عبد البر صريح فى أنه مات بالمدينة. وفى خبر ذكره سفيان بن عيينة، أنه خرج مع من خرج من قريش إلى الشام، فجاهدوا حتى ماتوا. قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر: المحفوظ أن حويطبا لم يمت بالشام، وإنما مات بالمدينة. فلعله رجع إليها بعد خروجه إلى الشام. انتهى. 1091 ـ حيان [بن بسطام] (1) الهذلى البصرى، والد سليم بن حيان: [روى عن عبد الله بن عمر، وأبى هريرة. روى عنه ابنه سليم بن حبان ذكره أبو حاتم بن حبان فى كتاب الثقات. وروى له ابن ماجة حديث] (2). 1092 ـ حيدر بن الحسين بن حيدر الفارسى: شيخ رباط رامشت بمكة. وجدت بخط شيخنا ابن سكر: أنه سمع عليه مسند الشافعى، بسماعه له من أبى عبد الله محمد بن عبد الله، المعروف بابن شاهد القيمة، المقدم ذكره، عن أبيه، وعمه المعين أحمد بن على الدمشقى، عن أبيهما، عن أبى زرعة بسنده. ووجدت بخط شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة: أنه سمع على الرضى الطبرى جزءا، خرج له العفيف المطرى من مسموعاته، فى سنة إحدى وعشرين وسبعمائة، وأنه توفى فى أخر سنة تسع وخمسين وسبعمائة بمكة، ومولده فيما وجد بخطه، سنة ثمانين وستمائة تقريبا، قال: وكان رجلا صالحا كبير القدر. انتهى. وسألت عنه شيخنا الشريف عبد الرحمن الفاسى، فقال: كان من الصالحين العباد. وانقطع بمكة أربعين سنة. انتهى. 1093 ـ حيىّ بن حارثة الثقفى، حليف بنى زهرة: أسلم يوم الفتح، وقتل يوم اليمامة شهيدا. ذكره هكذا ابن عبد البر، وحكى فى اسمه

_ 1091 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 206، الجرح والتعديل ترجمة 1086، تاريخ الإسلام 6/ 188، الكاشف 1/ 262، ميزان الاعتدال 1/ 2383، تهذيب التهذيب 4/ 67، خلاصة الخزرجى ترجمة 1690، تهذيب الكمال 1690). (1) ما بين المعقوفتين زيادة من تهذيب الكمال. (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل، أكملناه من تهذيب الكمال. 1093 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة ترجمة 1323، الاستيعاب ترجمة 571، الإصابة ترجمة 2134، الإكمال لابن ماكولا 2/ 583).

واسم أبيه، خلافا فى ضبط ذلك، لم يأت فيه بكل البيان، وقد أتى فيه بذلك الأمير أبو نصر بن ماكولا، فيما حكاه عنه ابن الأثير فى أسد الغابة، وحاصل ما ذكره أن فى اسمه أقوالا ثلاثة. أحدها: أنه حيىّ ـ بحاء مهملة ويائين مثناتين من تحت متواليتين. والآخر: أنه حبّى ـ بحاء مهملة وباء موحدة مشددة ممالة، ثم ياء مثناة من تحت. والآخر: أنه حىّ ـ بحاء مهملة وياء واحدة مثناة من تحت. وحاصل الخلاف فى اسم أبيه، هل هو جارية، بجيم، أو حارثة، بحاء مهملة وثاء مثلثة بعد الراء والله أعلم. وقد بين ابن عبد البر وابن ماكولا، قائل الأقوال فى اسمه اسم أبيه، فليراجع ذلك، والمهم منه ما ذكرناه. * * * آخر الجزء الثالث، ويليه بإذن الله الجزء الرابع، وأوله «حرف الخاء المعجمة».

حرف الخاء المعجمة

بسم الله الرّحمن الرحيم حرف الخاء المعجمة من اسمه خارجة 1094 ـ خارجة بن حذافة بن غانم بن عامر بن عبد الله بن عبيد بن عويج بن عدى بن كعب بن لؤى بن غالب القرشى العدوى: له صحبة ورواية، روى عنه عبد الله بن أبى مرة الزّوقىّ، وعبد الرحمن بن جبير المصرى. روى له أبو داود والترمذى، وابن ماجة، حديثا واحدا فى الوتر، وليس له سواه (1). وذكر البخارى، أنه لا يعرف لإسناده سماع من بعضهم. وذكر ابن يونس، أنه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، شهد فتح مصر. واختطّ بها دارا، وكان على شرط مصر فى إمرة

_ 1094 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 4/ 142، 7/ 344، طبقات خليفة 23، 291، تاريخه 142، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 695، تاريخه الصغير 1/ 93، تاريخ الطبرى 4/ 253 ـ 254، 5/ 149، الجرح والتعديل الترجمة 1700، الولاة والقضاة للكندى 10، 31، 33، ثقات ابن حبان 3/ 111، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 383، المعجم الكبير للطبرانى الترجمة 388، جمهرة ابن حزم 135، 156، التبيين فى أنساب القرشيين 395، معجم البلدان 2/ 507، الاستيعاب ترجمة 609، أسد الغابة ترجمة 1327، الكاشف 1/ 265، تجريد أسماء الصحابة 1/ 146، الإصابة ترجمة 2137، تهذيب التهذيب 3/ 74، خلاصة الخزرجى الترجمة 1731، شذرات الذهب 1/ 49 تهذيب الكمال 1588). (1) نص الحديث عن خارجة بن حذافة قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إن الله أمدكم بصلاة هى خير لكم من حمر النعم: الوتر، جعلت لكم فيها بين صلاة العشاء إلى أن يطلع الفجر». أخرجه أبو داود فى سننه فى الصلاة (1418) باب استحباب الوتر، والترمذى فى الصلاة (452) باب ما جاء فى فضل الوتر، وابن ماجة فى الصلاة (1168) باب ما جاء فى الوتر.

1095 ـ خارجة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشى الأسدى

عمرو بن العاص، لمعاوية رضي الله عنهما. قتله خارجىّ بمصر سنة أربعين، وهو يحسب أنه عمرو. انتهى. والخارجى: أحد الخوارج الثلاثة، المنتدبين لقتل على بن أبى طالب، وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبى سفيان، رضى الله عنهم. وقال الخارجى لما أتى به إلى عمرو: أردت عمرا وأراد الله خارجة. فصارت مثلا. وذكر الزبير: أن عمرا هو القائل ذلك، وأن خارجة كان يعدل بألف رجل؛ لأنه قال: حدثنى عمى مصعب بن عبد الله، قال: وكان خارجة بن حذافة يعدل بألف رجل. كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنهما، يستمده. فوجه إليه إلى مصر، الزبير بن العوام، وخارجة بن حذافة. وقال: قد أمددتك بألفى رجل، فاستعمل خارجة على شرطته. وخارجة الذى قتله الحرورىّ، فقال عمرو رضى الله عنه للحرورى: أردت عمرا وأراد الله خارجة. انتهى. وذكر ابن عبد البر: أن قبر خارجة معروف بمصر عند أهلها. قال: وقد قيل إن خارجة الذى قتله الخارجى بمصر، على أنه عمرو، رجل يسمى خارجة من بنى سهم، رهط عمرو بن العاص، وليس بشئ. وقال: وشهد خارجة بن حذافة فتح مصر. وقيل: إنه كان قاضيا لعمرو بن العاص بها. وذكر القول بأنه كان على شرطة عمرو بمصر. وأفاد ابن الأثير فى خارجة السهمى، الذى قيل إن الخارجى قتله بمصر، ما لم يفده ابن عبد البر؛ لأنه قال: وقيل إن خارجة الذى قتله الخارجى بمصر، هو خارجة بن حذافة، أخو عبد الله بن حذافة، من بنى سهم، رهط عمرو بن العاص. وليس بشئ. انتهى. 1095 ـ خارجة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشى الأسدى: توفى بمكة مقتولا، لما حصر الحجاج عبد الله بن الزبير. وأمه: أم عمرو بنت معتب ابن أبى لهب بن عبد المطلب. ذكره الزبير بن بكار فى كتاب النسب. 1096 ـ خارجة بن عمرو الجمحى: روى عنه قدامة بن عبد الملك، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «ليس لوارث وصيّة» (1) أخرجه أبو

_ 1095 ـ انظر ترجمته فى: (جمهرة نسب قريش 1/ 352). 1096 ـ انظر ترجمته فى: (التجريد 1/ 159، الإصابة 1/ 401، أسد الغابة 2/ 74). (1) أخرجه أحمد فى مسنده، حديث رقم (17212) من طريق: عفان، قال: حدثنا أبو ـ

من اسمه خالد

موسى، وقال: هذا الحديث يعرف لعمرو بن خارجة، لا لخارجة بن عمرو. وذكره أبو أحمد العسكرى، فقال: خارجة بن عمرو. انتهى. ذكره هكذا ابن الأثير فى أسد الغابة، وذكره الذهبى، فقال: خارجة بن عمرو. وروى عنه قدامة بن عبد الملك. والأصح عمرو بن خارجة. انتهى. * * * من اسمه خالد 1097 ـ خالد الأشعر الخزاعى الكعبى: اختلف فى اسم أبيه. فقيل حليف بنى منقذ بن ربيعة. وقيل اسمه منقذ بن ربيعة. وقد سبق ذلك فى ترجمة ولده حبيش بن خالد، وسبق فيها الخلاف فى الأشعر، هل هو حبيش أو أبوه خالد؟ قال ابن عبد البر: قال الواقدى: قتل مع كرز بن جابر، بطريق مكة عام الفتح. وذكر ذلك ابن عبد البر فى ترجمة خالد الأشعر فى باب الخاء. وذكر أيضا أن حبيش بن خالد، قتل مع كرز بن جابر يوم الفتح. وقد سبق ذلك فى ترجمة حبيش. وهذا تناقض ظاهر. والله أعلم بالصواب. 1098 ـ خالد بن أسيد ـ بفتح الهمزة ـ بن أبى العيص بن أمية بن عبد شمس الأموى: أسلم عام الفتح، من حديثه عن النبى صلى الله عليه وسلم: «أنه أهلّ حين راح إلى منى». وروى عنه

_ ـ عوانة، قال: أخبرنا قتادة، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن عمرو بن خارجة، قال: كنت آخذا بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى تقصع بجرتها ولعابها يسيل بين كتفى فقال: «إن الله عزوجل أعطى لكل ذى حق حقه، وليس لوارث وصية، الولد للفراش وللعاهر الحجر، ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين». قال عفان: وزاد فيه همام بهذا الإسناد ولم يذكر عبد الرحمن بن غنم: وإنى لتحت حران راحلته، وزاد فيه: لا يقبل منه عدل ولا صرف. وفى حديث همام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب وقال: رغبة عنهم. وأخرجه الترمذى فى سننه، فى الوصايا حديث 2121، والنسائى فى الوصايا، فى الصغرى حديث رقم 3641، 3642، 3643، وابن ماجة فى السنن، الوصايا، حديث رقم 2712، والدارمى فى السنن، حديث رقم 2529، والوصايا، حديث رقم 3260. 1097 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 632، الإصابة ترجمة 2212، أسد الغابة ترجمة 1345، المنتظم 3/ 327). 1098 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة ترجمة 1343، الاستيعاب ترجمة 624، الإصابة ترجمة 2149، طبقات ابن سعد 6/ 5).

1099 ـ خالد بن البكير بن عبد ياليل الليثى العدوى، حليف بنى عدى

ابنه عبد الرحمن بن خالد. وله بنون عدد، وهو معدود فى المؤلفة قلوبهم. وتوفى بمكة، وهو أخو أميرها عتاب بن أسيد. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر. وذكر فى ترجمة أخيه عتاب، ما يخالف ما ذكره فى تاريخ وفاته، وما يشعر بعدم إسلامه؛ لأنه قال: وأما أخوه خالد بن أسيد، فذكر محمد بن إسحاق السراج قال: سمعت عبد العزيز بن معاوية، من ولد عتّاب بن أسيد، ونسبه إلى عتّاب بن أسيد، يقول: مات خالد بن أسيد، وهو أخو عتاب بن أسيد لأبيه وأمه، يوم فتح مكة، قبل دخول النبى صلى الله عليه وسلم مكة. انتهى. وروينا فى تاريخ الأزرقى خبرا فيه: أن خالد بن أسيد كان فى الحجر حين أذّن بلال رضى الله عنه للظهر على الكعبة. وفيه قال خالد بن أسيد: الحمد لله الذى أكرم أبى فلم يسمع بهذا اليوم، وكان أسيد مات قبل الفتح بيوم. روى هذا الخبر الأزرقى عن جده عن الإمام الشافعى عن الواقدى عن أشياخه. وفى السيرة لابن إسحاق، تهذيب ابن هشام، ما يخالف ما ذكرناه عن الأزرقى؛ لأن فيها أن النبى صلى الله عليه وسلم، دخل الكعبة عام الفتح ومعه بلال، فأمره أن يؤذّن، وأبو سفيان بن حرب وعتاب بن أسيد، والحارث بن هشام، جلوس بفناء الكعبة، فقال عتاب بن أسيد: لقد أكرم الله أسيدا أن لا يكون سمع هذا، فيسمع منه ما يغيظه. انتهى. قال ابن عبد البر: قال ابن دريد: كان أسيد بن أبى العيص جزارا. انتهى. 1099 ـ خالد بن البكير بن عبد ياليل الليثى العدوى، حليف بنى عدى: كان جده حالف فى الجاهلية نفيل بن عبد العزى، فصار هو وولده من حلفاء بنى عدى، شهد بدرا، وقتل يوم الرجيع (1)، فى صفر سنة أربع من الهجرة. ذكره أبو عمر ابن عبد البر وقال: لا أعلم لهم رواية، يعنى خالدا وإخوته. وذكر ابن الأثير من حال خالد ما ذكره ابن عبد البر، وزيادة، منها: وكان عمر خالد لما قتل، أربعا وثلاثين سنة. أخرجه الثلاثة. انتهى.

_ 1099 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 2/ 42، 3/ 121، المنتظم 3/ 72، 201، 4/ 187، طبقات خليفة 23، تاريخ خليفة 74، 75، الاستيعاب ترجمة 619، الإصابة ترجمة 2153، أسد الغابة ترجمة 1348، سير أعلام النبلاء 1/ 186). (1) المراد هنا اسم موضع من بلاد هذيل على ثمانية أميال من عسفان، وفيه كانت الموافقة من جهة الغرب، وبه سميت. وخبر غزوة الرجيع فى صحيح البخارى (4086)، فى المغازى، باب غزوة الرجيع، سيرة ابن هشام 2/ 169، البداية والنهاية 3/ 123.

1100 ـ خالد بن أبى جبل ـ بجيم مفتوجة وباء موحدة مفتوحة، وقيل بجيم مكسورة وياء مثناة من تحت ساكنة ـ العدوانى، من عدوان بن قيس بن عيلان

1100 ـ خالد بن أبى جبل ـ بجيم مفتوجة وباء موحدة مفتوحة، وقيل بجيم مكسورة وياء مثناة من تحت ساكنة ـ العدوانى، من عدوان بن قيس بن عيلان: سكن الطائف، كان ممن بايع تحت الشجرة، له حديث واحد. روى عنه ابنه عبد الرحمن. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر وابن الأثير، وأورد له حديثا من رواية ابنه عبد الرحمن عنه، أنه أبصر النبى صلى الله عليه وسلم فى مشربة ثقيف، قائما على قوس وهو يقرأ: (وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ) [الطارق: 1] حتى ختمها، فوعيتها فى الجاهلية وأنا مشرك. الحديث (1). وذكر أن بعضهم رواه عن خالد بن أبى جبل، عن أبيه، قال: وهو وهم. وحكى ابن الأثير فى ضبط أبى جبل الوجهين اللذين ذكرناهما. ونقل الوجه الأول عن يحيى بن معين، وإسحاق بن إسماعيل الطّالقانى، وهشام بن عمار. ونقل عن ابن ماكولا أنه أصح. ونقل الوجه الثانى من البخارى. والله أعلم بالصواب. ونقل عن العسكرى أنه نزل الكوفة. انتهى بالمعنى. وقال ابن الأثير: أخرجه الثلاثة. 1101 ـ خالد بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشى الأسدى: أخو حكيم بن حزام، وابن أخى خديجة بنت خويلد. قال الزبير: حدثنى عبد الرحمن ابن المغيرة الحزامى، وحدثنى عمى مصعب بن عبد الله، عن غير واحد من الحزاميين، وعن الواقدى عن المغيرة بن عبد الرحمن الحزامى، أن عبد الرحمن بن المغيرة، أخبره أن خالد بن حزام، خرج من مكة مهاجرا. وبلغ الزبير خبره، فسر بذلك، فمات خالد فى

_ 1100 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 3: 323، التاريخ الكبير 2/ 1 / 138، أسد الغابة ترجمة 1350، الاستيعاب ترجمة 638، الإصابة ترجمة 2157، الإكمال 2/ 47). (1) أخرجه أحمد فى المسند، حديث رقم (18479) من طريق: حدثنا عبد الله بن محمد قال: عبد الله، وسمعته أنا من عبد الله بن محمد بن أبى شيبة، حدثنا مروان بن معاوية الفزارى، عن عبد الله بن عبد الرحمن الطائفى، عن عبد الرحمن بن خالد العدوانى، عن أبيه أنه أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مشربة ثقيف وهو قائم على قوس أو عصا حين أتاهم يبتغى عندهم النصر، قال: فسمعته يقرأ: (وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ) حتى ختمها، قال: فوعيتها فى الجاهلية وأنا مشرك ثم قرأتها فى الإسلام، قال: فدعتنى ثقيف، فقالوا: ماذا سمعت من هذا الرجل، فقرأتها عليهم، فقال من معهم من قريش: نحن أعلم بصاحبنا لو كنا نعلم ما يقول حقا لتبعناه. 1101 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 626، أسد الغابة ترجمة 1351، الإصابة ترجمة 2159).

1102 ـ خالد بن حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد الأسدى

الطريق، فأنزل الله عزوجل فيه: (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ). [النساء: 100] انتهى. وذكر ابن عبد البر، أنه هاجر إلى الحبشة فى الثانية، فمات فى الطريق قبل أن يصل، من حية نهشته، فنزلت على ما روى: (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً). ولم أره فى «عيون الأثر» فى أسماء المهاجرين إلى الحبشة. وذكره ابن الأثير والكاشغرى والذهبى، وذكر أن عروة بن الزبير قال: إن الآية نزلت فيه. وذكر ابن قدامة أنه أسلم قديما. وكذلك قال ابن الأثير. 1102 ـ خالد بن حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد الأسدى: ابن أخى المذكور قبله. ذكر ابن عبد البر: أنه أسلم يوم الفتح، هو وإخوته: هشام وعبد الله ويحيى، وأن لهم صحبة. روى له حديث منقطع على ما ذكر الذهبى، وهو على ما ذكر ابن الأثير والكاشغرى حديث: «إن أشد الناس عذابا يوم القيامة أشدهم عذابا فى الدنيا». وذكر أبو عمر، أن حديثه عند بكير بن الأشج عن الضحاك عنه. وبخالد هذا، كان يكنى أبوه. وذكره ابن الأثير بمعنى ما سبق، وقال: أخرجه الثلاثة. 1103 ـ خالد بن الحويرث القرشى المخزومى المكى: روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وعنه ابنه محمد بن خالد، وعلى بن زيد بن جدعان، وهو صاحب حديث: «إن الأرنب تحيض» (1). روى له أبو داود هذا الحديث، ولم يرو له حديثا سواه. وسئل عنه يحيى بن معين، فقال: لا أعرفه. وذكره ابن حبان فى الثقات.

_ 1102 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 3: 324، التاريخ الكبير 2/ 1 / 134، الاستيعاب ترجمة 637، التجريد 1/ 160، الإصابة ترجمة 2160، أسد الغابة ترجمة 1352). 1103 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ الدارمى، رقم 296، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 487، الجرح والتعديل الترجمة 1458، ميزان الاعتدال، الترجمة 2416، الكاشف 1/ 267، المغنى الترجمة 1840، ديوان الضعفاء الترجمة 1211، تهذيب التهذيب 3/ 83 ـ 84، خلاصة الخزرجى الترجمة 1746 تهذيب الكمال 1600). (1) أخرجه أبو داود فى سننه (3792) فى الأطعمة.

1104 ـ خالد بن سارة، ويقال: خالد بن عبيد بن سارة القرشى المخزومى المكى

1104 ـ خالد بن سارة، ويقال: خالد بن عبيد بن سارة القرشى المخزومى المكى: روى عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن جعفر بن أبى طالب. وروى عنه ابنه جعفر، وخالد، وعطاء بن أبى رباح. روى له أصحاب السنن الأربعة، إلا أن النسائى، إنما روى له فى اليوم والليلة حديثا. وليس له عند الثلاثة أيضا إلا حديث واحد. وذكره ابن حبان فى الثقات (1). 1105 ـ خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى، أبو سعيد: قال الزبير بن بكار: وكان إسلام خالد متقدما، يقولون: كان خامسا، وأسلم أخوه عمرو، وهاجرا جميعا إلى أرض الحبشة. وكانا ممن قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى السفينتين. قال: ولعمرو وخالد، يقول أبان أخوهما ـ وكان إسلامه تأخر، يعاتبهما على إسلامهما، فذكر بيتين لأبان، وثلاثة أبيات لعمرو بن سعيد، قد سبق ذلك فى ترجمة أبان. وقال: حدثنى رجل عن الأصمعى، عن ابن أبى الزناد، عن إبراهيم بن

_ 1104 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير الترجمة 526، الجرح والتعديل الترجمة 1508، الكاشف 1/ 269، ميزان الاعتدال الترجمة 2423، تهذيب التهذيب 3/ 93، خلاصة الخزرجى الترجمة 1763 تهذيب الكمال 1615). (1) وقال مغلطاى: قال أبو الحسن بن القطان فى كتاب الوهم والإيهام: لا تعرف حاله ولا أعلم له إلا حديثين. وقال أيضا: وذكره ابن خلدون فى الثقات. وقال الذهبى فى الميزان: خالد بن سارة عن عبد الله بن جعفر بحديث: «اصنعوا لآل جعفر طعاما». حسنه الترمذى من رواية جعفر بن خالد عن أبيه، يكفيه أنه روى عنه أيضا عطاء. كذا قال: إنه ما وثق. ثم ذكره فى الكاشف وقال: وثق. فكان من الصواب أن يقول: «ما وثقه غير ابن حبان». 1105 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 1/ 132، 162، 203، 4/ 70، 8/ 77، 223، المنتظم 4/ 6، 18، 76، 115، 116، 117، 119، نسب قريش 174 ـ 175، طبقات خليفة 11، 298، تاريخ خليفة 97، 120، 201، التاريخ الكبير 3/ 152، التاريخ الصغير 1/ 2، 4، 34، 35، المعارف 296، الجرح والتعديل 3/ 344، مشاهير علماء الأمصار 172، الاستيعاب ترجمة 617، أسد الغابة ترجمة 1365، الإصابة 2172، تاريخ الإسلام 1/ 378، البداية والنهاية 7/ 377، الإصابة 3/ 58، شذرات الذهب 1/ 30، تهذيب تاريخ ابن عساكر 5/ 48، سير أعلام النبلاء 1/ 259).

عقبة، عن أم خالد بنت خالد، عن أبيها قالت: أبى أول من كتب: (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ). قال الزبير: توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو عامله على اليمن. وقال: قتل يوم مرج الصّفّر شهيدا. وقال: ووهب له عمرو بن معدى كرب الصّمصامة. وقال حين وهبه أبياتا، منها قوله [من الوافر]: حبوت به كريما من قريش ... فصنّ به وصين عن اللئام وأمه أم خالد بنت خباب بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر. انتهى. وذكره ابن عبد البر، فقال: أسلم قديما بعد أبى بكر الصديق رضى الله عنه فيما قيل، فكان ثالثا أو رابعا. وقيل: أسلم مع إسلام الصديق رضى الله عنه، قاله ضمرة بن ربيعة. وقيل: كان خامسا. وهذا يروى عن أم خالد بنت خالد بن سعيد المذكور. وسئلت عمن تقدمه، فقالت: علىّ بن أبى طالب وابن أبى قحافة، وزيد بن حارثة، وسعد بن أبى وقّاص رضى الله عنهم، وذكرت ابنته أيضا، أنه هاجر فى الهجرة الثانية إلى الحبشة، وأقام بها بضع عشرة سنة، وقدم على النبى صلى الله عليه وسلم، مع جعفر بن أبى طالب رضى الله عنه فى السفينتين إلى خيبر، فكلم النبى صلى الله عليه وسلم المسلمين، فأسهموا لهم، ورجع خالد رضى الله عنه إلى المدينة مع النبى صلى الله عليه وسلم وشهد معه عمرة القضية، وفتح مكة وحنينا والطائف وتبوك، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات اليمن، كذا فى رواية عن أم خالد. وفى رواية أخرى، أن النبى صلى الله عليه وسلم، استعمل خالد بن سعيد على صدقات مذحج، واستعمله على صنعاء اليمن، فلم يزل عليها، إلى أن مات النبى صلى الله عليه وسلم. ويروى أنه وأخويه أبان وعمرا، رجعوا عن عمالتهم بعد النبى صلى الله عليه وسلم، فسألهم الصديق رضى الله عنه البقاء عليها. فقالوا: لا نعمل لأحد بعد النبى صلى الله عليه وسلم، ثم مضوا إلى الشام، فقتلوا جميعا. وكان قتل خالد بأجنادين على ما قاله ابن عقبة عن ابن شهاب، وقيل يوم مرج الصّفّر. وسبب إسلامه، قضية رآها فى النوم، وهى أنه رأى أنه وقف على شفير النار، وأن أباه يدفعه فيها، والنبى صلى الله عليه وسلم آخذ بحقويه لا يقع، فذكرها لأبى بكر رضى الله عنه، فأشار عليه بالإسلام، فأسلم. فغضب عليه أبوه وضربه وامتنع من بره، ثم دعا خالد على أبيه بالهلاك، فاستجيب له، وذلك أن أباه مرض فقال: لئن رفعنى الله من مرضى هذا، لا يعبد إله ابن أبى كبشة بمكة أبدا، فقال خالد بن سعيد عند ذلك: اللهم لا ترفعه، فتوفى فى مرضه ذلك.

1106 ـ خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى

ذكر هذا الخبر ابن سعد مسندا. وذكره ابن عبد البر، ومن كتابه الاستيعاب لخصنا بالمعنى ما نقلناه عنه من حال خالد بن سعيد. وقد ذكر ما ذكرناه من حاله ابن الأثير بالمعنى، وزاد على ذلك؛ لأنه قال: وتأخر خالد وأخوه أبان عن بيعة أبى بكر الصديق رضى الله عنه، فقال: لبنى هاشم: «إنكم لطوال الشجر طيبوا الثمر، ونحن تبع لكم». فلما بايع بنو هاشم أبا بكر، بايعه خالد وأبان، ثم استعمل أبو بكر رضى الله عنه خالدا على جيش من جيوش المسلمين حين بعثهم إلى الشام. انتهى. وفى خبر إسلامه الذى ذكره ابن الأثير، وابن عبد البر، أن النبى صلى الله عليه وسلم سرّ بإسلامه. 1106 ـ خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى: أمير مكة. قال صاحب الاستيعاب فى ترجمته: وولّى عمر بن الخطاب خالد بن العاص رضى الله عنهما هذا مكة، إذ عزل عنها نافع بن عبد الحارث الخزاعى، وولاه أيضا عليها عثمان بن عفان رضى الله عنه. انتهى. وذكر ابن عبد البر فى الاستيعاب أيضا: ما يقتضى أن خالدا هذا قام فى ولاية مكة لعثمان، إلى أن عزله علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، لما ولى الخلافة بعد عثمان رضى الله عنه، بأبى قتادة الأنصارى؛ لأنه قال فى ترجمة قثم بن العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه: وكان قثم بن العباس واليا لعلى بن أبى طالب رضى الله عنه على مكة. وذلك أن علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، لما ولى الخلافة، عزل خالد بن العاص بن هشام ابن المغيرة المخزومى عن مكة، وولاها أبا قتادة الأنصارى، ثم عزله وولّى قثم بن العباس، فلم يزل واليا عليها، حتى قتل علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، هذا قول خليفة. انتهى. وذكر الذهبى: أنه ولى مكة لعمر وعثمان رضى الله عنهما. انتهى. وقال ابن جرير فى أخبار سنة ثلاث وأربعين: وكان على مكة خالد بن العاص بن هشام. وذكر ذلك فى أخبار سنة خمس وست وسبع وثمان وأربعين. فاستفدنا من هذا، أنه ولى مكة لمعاوية فى هذا التاريخ وحياته فيه. وقال ابن عبد البر فى ترجمة خالد هذا: له رواية عن النبى صلى الله عليه وسلم، ويقولون: لم يسمع منه. روى عنه ابنه عكرمة بن خالد. انتهى.

_ 1106 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 625، الإصابة ترجمة 2177، أسد الغابة ترجمة 1372).

وذكره ابن الأثير، وذكر من حاله تولية عمر وعثمان له على مكة. وذكر له حديثين، أحدهما أنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الخمر، فقال: «لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها». ذكره من رواية ابنه عكرمة عنه بغير إسناد (1). والحديث الآخر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا وقع الطاعون بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فرارا منه، وإذا وقع بأرض ولستم بها فلا تدخلوها» (2). رواه ابن الأثير بإسناده إلى الطبرانى، وساق إسناد الطبرانى فيه إلى حمّاد بن سلمة، عن عكرمة بن خالد، عن أبيه، عن جده، ثم قال ابن الأثير بعد ذكره للحديث: كذا أورده الطبرانى، وهو وهم؛ لأن جدّ عكرمة على ما ذكره، هو العاص، وخالد والد عكرمة لا جدّه. انتهى. وإسناد الطبرانى فيه حديث محمد بن عبد الله الحضرمى، قال: حدثنا شيبان بن فرّوخ، قال: حدثنا حمّاد بن سلمة، عن عكرمة بن خالد، عن أبيه، عن جدّه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكر الحديث، ثم قال: وروى أبو موسى بإسناده عن حبان بن هلال،

_ (1) أخرجه البخارى فى صحيحه، فى البيوع، حديث رقم (2224) من طريق: عبدان، أخبرنا عبد الله، أخبرنا يونس، عن ابن شهاب، سمعت سعيد بن المسيب، عن أبى هريرة رضى الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قاتل الله يهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها» قال أبو عبد الله: (قاتلهم الله) لعنهم (قتل) لعن (الخراصون) الكذابون. وأخرجه مسلم فى الصحيح، فى المساقاة، حديث رقم 1583، وأحمد بن حنبل فى المسند حديث رقم 10270. (2) أخرجه البخارى فى صحيحه، فى الطب، حديث رقم (5728) من طريق: حفص بن عمر، حدثنا شعبة، قال: أخبرنى حبيب بن أبى ثابت، قال: سمعت إبراهيم بن سعد، قال: سمعت أسامة بن زيد يحدث سعدا، عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها». فقلت: أنت سمعته يحدث سعدا ولا ينكره، قال: نعم. وأخرجه مسلم فى صحيحه، فى كتاب السلام، حديث رقم (2218) من طريق: يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك، عن محمد بن المنكدر، وأبى النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن عامر بن سعد بن أبى وقاص، عن أبيه أنه سمعه يسأل أسامة بن زيد: ماذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الطاعون، فقال أسامة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الطاعون رجز أو عذاب أرسل على بنى إسرائيل أو على من كان قبلكم فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه. وقال أبو النضر: لا يخرجكم إلا فرار منه».

1107 ـ خالد بن عبد الله الخزاعى، ويقال السلمى

عن حمّاد ابن سلمة، عن عكرمة بن خالد، عن أبيه أو عمه، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى غزوة تبوك: «إذا كان الطاعون بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها». وذكر الذهبى، أن ابنه عكرمة روى عنه قليلا. وذكر ابن عبد البر أيضا، أن عمر قتل العاص، وأنه خال عمر، فيكون خالدا ابن خاله. 1107 ـ خالد بن عبد الله الخزاعى، ويقال السّلمىّ: حديثه عن النبى صلى الله عليه وسلم، أنه رجع يوم حنين بالسّبى، حتى قسمه بالجعرّانة، وإسناد حديثه هذا لا تقوم به حجة؛ لأنهم مجهولون. ذكره ابن عبد البر هكذا. 1108 ـ خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد بن كرز بن عامر البجلىّ، يكنى أبا القاسم وأبا الهيثم، ويعرف بالقسرىّ: أمير مكة والعراق. ولى مكة للوليد بن عبد الملك، ولأخيه سليمان بن عبد الملك. وولى العراق لهشام بن عبد الملك، نحو خمس عشرة سنة، ثم عزل عن ذلك، وعذّب عذابا شديدا حتى مات. ورأيت فى بعض الأخبار، ما يوهم أنه ولى مكة لهشام بن عبد الملك، وسيأتى إن شاء الله ذلك، وأستبعد صحته. والله أعلم. وذكر الأرزقى: أنه ولى مكة لعبد الملك بن مروان، فى موضعين من كتابه؛ لأنه قال

_ 1107 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 2180، الاستيعاب ترجمة 634). 1108 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ خليفة 302، 310، 317، 336، 337، 346، 350، 362، 373، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 542، تاريخه الصغير 1/ 279، المعارف 398 ـ 399، المعرفة ليعقوب 2/ 688، 786، 3/ 215، 242، تاريخ واسط 137، أخبار القضاة لوكيع 2/ 27، 36، 41، 3/ 9 ـ 10، 23 ـ 25، تاريخ الطبرى 7/ 254 فما بعد، الجرح والتعديل الترجمة 1533، العقد الفريد 1: 41، 82، 227، 229، 255، 269، 308، 309، 2/ 134، 135، 156، 185، 406، 3/ 61، 430، 4/ 36، 50، 51، 135، 148، 149، 170، 428، 429، 446، 452، 462/ 463، 5/ 325، 6/ 145، 250، الأغانى 22/ 5 ـ 29، جمهرة ابن حزم 12، 127، 327، تاريخ دمشق (تهذيبه 5/ 70 ـ 83)، وفيات الأعيان 2/ 226، 231، تاريخ الإسلام 5/ 64، سير أعلام النبلاء 5/ 425 ـ 432، ميزان الاعتدال الترجمة 2436، المغنى الترجمة 1855، ديوان الضعفاء الترجمة 1224، الكاشف 1/ 271، البداية والنهاية 10/ 17، 22، تهذيب ابن حجر 3/ 101، خلاصة الخزرجى الترجمة 1775، شذرات الذهب 1/ 169، تهذيب الكمال 1627).

فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله: «ما جاء فى أول من استصبح حول الكعبة، وفى المسجد الحرام بمكة وليلة هلال المحرم» بعد ذكره للمصباح الذى وضعه عقبة بن الأزرق ابن عمرو الغسّانى، على داره الملاصقة للمسجد: فلم يزل يضع ذلك ـ يعنى عقبة ـ على حرف الدار، حتى كان خالد بن عبد الله القسرى، فوضع مصباح زمزم مقابل الركن الأسود، فى خلافة عبد الملك بن مروان، فمنعنا أن نضع ذلك المصباح. والموضع الآخر، فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله: «أول من أدار الصفوف حول الكعبة» لأنه قال فيها: فلما ولى خالد بن عبد الله القسرىّ مكة لعبد الملك بن مروان، فذكر قصة يأتى ذكرها. وقد اختلف فى تاريخ ولاية خالد على مكة، فى خلافة الوليد بن عبد الملك، فحكى ابن الأثير فى ذلك ثلاثة أقوال. أولها: ان ذلك سنة تسع وثمانين. وثانيها: سنة إحدى وتسعين. وثالثها: سنة ثلاث وتسعين. ورأيت فى مختصر تاريخ ابن جرير الطبرى، ما يشهد للقول الثانى والثالث فى تاريخ ولاية خالد. وقد ذكر الأزرقى أشياء من خبر خالد بن عبد الله القسرى بمكة، يناسب ذكرها عنه هنا. ونص ما ذكره: حدثنى جدى عن سفيان بن عيينة، قال: أول من أدار الصفوف حول الكعبة، خالد بن عبد الله القسرى، حدثنى جدى، قال: حدثنى عبد الرحمن بن حسن بن القاسم بن عقبة الأزرقى، عن أبيه قال: كان الناس يقومون قيام شهر رمضان، فى أعلا المسجد الحرام، تركز حربة خلف المقام بربوة، فيصلى الإمام خلف الحربة والناس وراءه، فمن أراد صلى مع الإمام، ومن أراد طاف بالبيت وركع خلف المقام، فلما ولى خالد بن عبد الله القسرى مكة لعبد الملك بن مروان، وحضر شهر رمضان، أمر خالد القرّاء، أن يتقدموا فيصلوا خلف المقام، وأدار الصفوف حول الكعبة. وذلك أن الناس ضاق عليهم أعلا المسجد، فأدارهم حول الكعبة فقيل له: تقطع الطواف لغير المكتوبة! قال: فأنا آمرهم ليطوفوا بين كل ترويحتين بطواف سبع، فأمرهم ففصلوا كل ترويحتين بطواف سبع. فقيل له: فإنه يكون فى مؤخر الكعبة وجوانبها، من لا يعلم بانقضاء طواف الطائف، من مصلّ وغيره، فيتهيأ للصلاة، فأمر عبيدا للكعبة أن يكبروا حول الكعبة يقولون: الحمد لله والله أكبر، فإذا بلغوا الركن الأسود فى الطواف

السادس، سكتوا بين الركنين سكتة، حتى يتهيأ الناس ممن فى الحجر ومن فى جوانب المسجد، من مصلّ أو غيره، فيعرفون ذلك بانقطاع التكبير، ويصلى ويخفف المصلى صلاته ثم يعودون إلى التكبير حتى يفرغوا من السبع، فيقوم مسمّع فينادى: الصلاة رحمكم الله، قال: وكان عطاء بن أبى رباح، وعمرو بن دينار، ونظراؤهم من العلماء، يرون ذلك ولا ينكرونه. قال: وحدثنى جدى، قال: أول من استصبح بين الصفا والمروة، خالد بن عبد الله القسرى، فى خلافة سليمان بن عبد الملك، فى الحج وفى رجب. وقال الأزرقى: حدثنى جدى، عن عبد الرحمن بن حسين بن القاسم، عن أبيه، قال: كان الرجال والنساء يطوفون معا مختلطين، حتى ولى مكة خالد بن عبد الله القسرى لعبد الملك بن مروان، ففرق بين الرجال والنساء فى الطواف، فأجلس عند كل ركن حرسا معهم السياط، يفرقون بين الرجال والنساء، فاستمر ذلك إلى اليوم. قال جدّى: سمعت سفيان بن عيينة يقول: خالد القسرى، أول من فرق بين الرجال والنساء فى الطواف. انتهى وقال: «ذكر ما عمل فى المسجد الحرام من البرك والسّقايات»: حدثنى جدّى قال: ثنا عبد الرحمن بن حسين بن القاسم بن عقبة بن الأزرقى، عن أبيه، قال: كتب سليمان ابن عبد الملك بن مروان إلى خالد بن عبد الله القسرى: أن أجر لى عينا، تخرج من الثقبة من مائها العذب الزّلال، حتى تظهر بين زمزم والركن الأسود، ويضاهى بها زعم ماء زمزم، قال: فعمل خالد بن عبد الله القسرى البركة التى بفم الثقبة. ويقال لها بركة القسرى. ويقال لها أيضا بركة البردى بئر ميمون، وهى قائمة إلى اليوم بأصل ثبير، فعملها بحجارة منقوشة طوال، وأحكمها، وأنبط ماءها فى ذلك الموضع، ثم شق لها عينا تسكب فيها من الثقبة، وبنى سدّ الثقبة وأحكمه، والثقبة شعب يفرع فيه وجه ثبير، ثم شق من هذه البركة عينا تجرى إلى المسجد الحرام، فأجراها فى قصب من رصاص، حتى أظهرها فى فوّارة تسكب فى فسقية من رخام، بين زمزم والركن والمقام. فلما أن جرت وظهر ماؤها. أمر القسرى بجزر فنحرت بمكة وقسّمت بين الناس، وعمل طعاما، فدعا عليه الناس، ثم أمر صائحا فصاح: الصلاة جامعة، ثم أمر بالمنبر فوضع فى وجه الكعبة، ثم صعد فحمد الله سبحانه وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، احمدوا الله تبارك وتعالى، وادعوا لأمير المؤمنين الذى سقاكم الماء العذب الزّلال النقاخ بعد الماء المالح الأجاج، الذى لا يشرب إلا صبرا ـ يعنى زمزم ـ قال: ثم تفرغ تلك الفسقية فى سرب من رصاص، يخرج إلى وضوء كان عند باب المسجد ـ باب الصفا ـ فى بركة كانت فى

السوق. قال: فكان الناس لا يقفون على تلك الفسقية، ولا يكاد واحد يأتيها. وكانوا على شرب ماء زمزم أرغب ما كانوا فيها، قال: فلما رأى ذلك القسرى صعد المنبر، فتكلم بكلام يؤنّب فيه أهل مكة. فلم تزل تلك البركة على حالها، حتى قدم داود بن على بن عبد الله بن عباس ـ رضوان الله عليهم ـ مكة، حين أفضت الخلافة إلى بنى هاشم، فكان أول ما أحدث بمكة، هدمها، ورفع الفسقية وكسرها، وجرف العين إلى بركة كانت بباب المسجد. قال: فسر الناس بذلك سرورا عظيما حين هدمت. انتهى. وذكر الفاكهى أخبارا عن خالد القسرى يحسن ذكرها أيضا. ونص ما ذكره: وكان من ولاة مكة من غير قريش، رجال من أهل اليمن، منهم خالد بن عبد الله القسرى، وليها للوليد بن عبد الملك، ثم أقره سليمان عليها حين ولى زمانا، فأحدث أشياء بمكة، منها ما ذمه الناس عليه، ومنها ما أخذوا به، فهم عليه إلى اليوم. فأما الأشياء التى تمسكوا بها من فعله، فالتكبير فى شهر رمضان حول البيت، وإدارة الصف حول البيت، والتفرقة بين الرجال والنساء فى الطواف، والثريد الخالدى. وأما الأشياء التى ذموه عليها: فعمله البركة عند زمزم والركن والمقام، لسليمان بن عبد الملك، والحمل على قريش بمكة، وإظهار العصبية عليهم. وكان هو أول من أظهر اللعن على المنبر بمكة فى خطبته. فحدثنى عبد الله بن أحمد بن أبى مسرة، قال: حدثنا يوسف بن محمد العطار، عن داود بن عبد الرحمن العطار، إن شاء الله تعالى، قال: كان خالد بن عبد الله القسرى فى إمرته على مكة، فى زمن الوليد بن عبد الملك، يذكر الحجاج فى خطبته كل جمعة إذا خطب ويقرظه. فلما توفى الوليد وبويع لسليمان بن عبد الملك، أقر خالدا على مكة، وكتب إلى عماله يأمرهم بلعن الحجاج بن يوسف. فلما أتاه الكتاب، قال: كيف أصنع! . كيف أكذب نفسى فى هذه الجمعة بذمه، وقد مدحته فى الجمعة التى قبلها؟ ما أدرى كيف أصنع؟ فلما كان يوم الجمعة خطب، ثم قال فى خطبته: أما بعد، أيها الناس، إن إبليس كان من ملائكة الله فى السماء وكانت الملائكة ترى له فضلا بما يظهر من طاعة الله وعبادته، وكان الله عزوجل قد اطّلع على سريرته، فلما أراد أن يهتكه أمره بالسجود لآدم عليه السلام، فامتنع، فلعنه وإن الحجاج بن يوسف، كان يظهر من طاعة الخلفاء، ما كنا نرى له بذلك علينا فضلا، وكنا نزكّيه، وكان الله قد أطلع سليمان أمير المؤمنين من سريرته وخبث مذهبه، على ما لم يطلعنا عليه. فلما أراد الله

تبارك وتعالى هتك ستر الحجاج، أمرنا أمير المؤمنين سليمان بلعنه فالعنوه لعنه الله. وكانت قريش بمكة أهل كثرة وثروة، وأهل مقال فى كل مقام، هم أهل النادى والبلد، وعليهم يدور الأمر، وفى الناس يومئذ بقية ومسكة، فأحدث خالد بن عبد الله فى ولايته هذه حدثا منكرا. فقام إليه رجل من بنى عبد الدار بن قصى، يقال له طليحة بن عبد الله بن شيبة، ويقال بل هو عبد الله بن شيبة الأعجم، كما سمعت رجلا من أهل مكة يحدث بذلك، فأمره بالمعروف ونهاه عما فعل، فغضب خالد غضبا شديدا، وأخاف الرجل، فخرج الرجل إلى سليمان بن عبد الملك يشكو إليه ويتظلم منه. فحدثنا الزبير بن أبى بكر قال: حدثنا محمد بن الضحاك، عن أبيه، قال: أخاف رجلا من بنى عبد الدار، خالد بن عبد الله القسرى، وهو عامل على مكة، فخرج إلى سليمان بن عبد الملك فشكا إليه أمره. فكتب إلى خالد، أن لا يتعرض له بأمر يكرهه. فلما جاء الكتاب، وضعه ولم يفتحه، وأمر به فبرز وجلده، ثم فتح الكتاب فقرأه، فقال: لو كنت دريت بما فى كتاب أمير المؤمنين لما ضربتك. فرجع العبدرىّ إلى سليمان فأخبره فغضب، وأمر بالكتاب فى قطع يد خالد. فكلمه فيه يزيد بن المهلب، وقبّل يده، فوهب له يده، وكتب فى قوده منه، فجلد خالدا مثل ما جلده. فقال الفرزدق (1) [من الطويل]: لعمرى لقد صبّت (2) على ظهر خالد ... شآبيب ما استهللن من سبل القطر أيجلد فى العصيان من كان عاصيا (3) ... ويعصى (4) أمير المؤمنين أخا قسر وقال أيضا (5) [من الطويل]: سلوا خالدا لا قدس (6) الله خالدا ... متى وليت قسر قريشا تهينها (7) أبعد رسول الله أم قبل عهده (8) ... وجدتم قريشا قد أغث سمينها (9) رجونا هداه لا هدى الله قلبه (10) ... وما (11) أمه بالأم يهدى جنينها

_ (1) انظر ديوان الفرزدق 1/ 301. (2) فى الديوان: صابت. (3) فى الديوان أتضرب فى العصيان تزعم من عصا. (4) فى الديون: وتعصى. (5) انظر ديوان الفرزدق 2/ 334. (6) فى الديوان: لا أكرم. (7) فى الديوان: تدينها (8) فى الديون: أقبل رسول الله أم بعد عهده. (9) فى الديوان: فتلك قريش قد أغث سمينها.

حدثنى عبد الله بن أحمد بن أبى مسرة، قال: حدثنى الشّويفعىّ، قال: حدثنى بعض المحدثين، أن هشام بن عبد الملك، كتب إلى خالد القسرى يوصيه بعبد الله بن شيبة الأعجم، فأخذ الكتاب فوضعه، ثم أرسل بعد ذلك إلى عبد الله بن شيبة، يسأله أن يفتح له الكعبة، فى وقت لم ير ذلك عبد الله بن شيبة، وامتنع عليه، فدعا به، فضربه مائة سوط على ظهره، فخرج عبد الله بن شيبة، هو ومولى له على راحلتين، فأتى هشاما، فكشف عن ظهره بين يديه، وقال: له: هذا الذى أوصيته بى! فقال: إلى من تختار أكتب لك؟ قال: إلى خالك محمد بن هشام، قال: فكتب إليه: إن كان خالد ضربه بعد أن أوصل إليه كتابى وقرأه، فاقطع يده، وإن كان ضربه ولم يقرأ كتابى، فأقده منه، قال: فقدم بالكتاب على محمد بن هشام، فدعا بالقسرى فقرأه عليه، فقال: الله أكبر يا غلام، إيت بالكتاب، قال: فأتاه به مختوما لم يقرأه، قال: فأخرجه محمد بن هشام إلى باب المسجد، وحضره القرشيون والناس، فجرده، ثم أمر به أن يضرب، فضرب مائة، فلما أصابه الضرب، كأنه تمايل بعد ذلك فى ضربه، قال: ثم لبس ثيابه فرجع إلى امرأته، فقال الفرزدق فى ذلك: سلوا خالدا فذكر نحو حديث الزبير الأول، وزاد فيه، قال: فقالت أم الضحاك، وهى يمانية [من الطويل]: فما جلد القسرى فى أمر ريبة ... وما جلد القسرى فى شرب الخمر فلا يأمن النمام من كان محرما ... بملقى الحجيج بين زمزم والحجر له جلم يسمى الحسام وشفرة ... هذام فما يفرى الشفار كما تفرى تعرض للأعجم أنه يسرق الحاج. انتهى. وهذا الخبر الأخير، الذى فيه ذكر هشام بن عبد الملك، هو الخبر الذى أشرنا إليه، أنه يدل على أن خالد القسرى، ولى مكة لهشام بن عبد الملك. وذكر ابن جرير فى موضع البئر التى حفرها القسرى، وأجرى منها الماء إلى المسجد، ما يخالف ما ذكره الأزرقى، وذكر خطبة القسرى فى ذلك، وفيما ما هو أشنع مما ذكره الأزرقى؛ لأنه قال فى أخبار سنة تسع وثمانين: ولى خالد بن عبد الله القسرى مكة، فيما زعم محمد بن عمر الواقدى، قال: سمعت خالد بن عبد الله يقول على منبر مكة،

_ (10) فى الديوان: خالدا. (11) فى الديوان: فما.

وهو يخطب: أيها الناس، أيّما أعظم، أخليفة الرجل على أهله أم رسوله إليهم؟ والله لو لم تعلموا فضل الخليفة، إلا أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم خليل الرحمن، استسقى فسقاه ملحا أجاجا، واستسقاه الخليفة فسقاه عذبا فراتا، بئرا حفرها الوليد بن عبد الملك بالثّنيّتين: ثنّية طوى وثنّية الحجون. فكان ينقل ماؤها فيوضع فى حوض من أدم إلى جنب زمزم، ليعرف فضله على زمزم. قال: ثم غارت البئر، فلا يدرى أين هى اليوم. انتهى. وقد أنكر الذهبى وقوع هذا من خالد القسرى؛ لأنه قال بعد أن ذكر كلام ابن جرير هذا: قلت: ما أعتقد أن هذا وقع. انتهى. ومن السوء المحكى عن خالد القسرى، أنه كان يقع فى علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، لأن الذهبى نقل عن يحيى بن معين، أنه قال: كان رجل سوء يقع فى علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه. انتهى. وذكره الذهبى فى المعنى، فقال: ناصبىّ سبّاب. انتهى. ولم يمت خالد القسرى، حتى أمر الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان بتعذيبه، فعذب خالد عذابا شديدا، حتى مات تحت العذاب. وقال البخارى: إنه مات قريبا من سنة عشرين ومائة. وقال خليفة: مات سنة ست وعشرين ومائة. وبه جزم الذهبى فى العبر، وزاد فى المحرم، وله ستون سنة. وكان جوادا ممدحا خطيبا مفوّها، ولخالد رواية عن جده، ولجده صحبة. روى عنه حميد الطويل، وإسماعيل بن أبى خالد، وحبيب بن أبى حبيب، وجماعة. روى له البخارى فى خلق أفعال العباد، قصة ذبحه للجعد بن درهم. وروى له أبو داود، أنه أضعف الصاع فجعله ستة عشر رطلا (12). وذكره ابن حبان فى الثقات. وقال غيره: كان أشرف من أن يكذب. وله فى الجود أخبار، منها على ما قال الأصمعى: حدثنى الوليد بن نوح، قال: سمعت خالد القسرى على المنبر يقول: إنى لأطعم كل يوم ستة وثلاثين ألفا من الأعراب، من تمر وسويق.

_ (12) أخرجه أبو داود فى سننه، فى كتاب الأيمان والنذور، حديث رقم (3281) من طريق: محمد بن محمد بن خلاد أبو عمر، حدثنا مسدد، عن أمية بن خالد، قال: لما ولى خالد القسرى أضعف الصاع فصار الصاع ستة عشر رطلا، قال أبو داود: محمد بن محمد بن خلاد قتله الزنج صبرا فقال بيده هكذا، ومد أبو داود يده وجعل بطون كفيه إلى الأرض، قال: ورأيته فى النوم فقلت: ما فعل الله بك، قال: أدخلنى الجنة، فقلت: فلم يضرك الوقف.

1109 ـ خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن سلمة المخزومى المكى

وقال الأصمعى: دخل أعرابى على خالد بن عبد الله فى يوم يجلس الشعراء عنده، وقد كان قال فيه بيتى شعر فمدحه. فلما سمع قول الشعراء أصغر عنده ما قال، فلما انصرف الشعراء بجوائزهم، بقى الأعرابى، فقال خالد: ألك حاجة؟ فأنشده البيتين. وهما [من الطويل]: تعرضت لى بالجود حتى نعشتنى ... وأعطيتنى حتى ظننتك تلعب فأنت الندى وابن الندى وأخو الندى ... حليف الندى ما للندى عنك مذهب فقال: سل حاجتك، فقال: علىّ من الدّين خمسون ألفا، قال: قد أمرت لك بها وشفعتها. 1109 ـ خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن سلمة المخزومى المكى: عن إسماعيل بن أمية، ومسعر، والثورى، وغيرهم. وعنه: يحيى بن عبدك القزوينى، وأبو الدرداء عبد العزيز بن منيب، وأبو يحيى عبد الله بن أحمد بن أبى مسرّة المكى، ويحيى بن المغيرة المخزومى المكى، ومحمد بن الفرح المكى، ومحمد بن ميمون الخياط المكى وغيرهم. قال البخارى: ذاهب الحديث. وقال أبو حاتم: تركوا حديثه. وقد جعل ابن عدى خالد بن عبد الرحمن المخزومى هذا، وخالد بن عبد الرحمن الخراسانى واحدا. وفرق بينهما العقيلى وغيره. قال المزى: هو الصحيح. والله أعلم. كتبت هذه الترجمة من التهذيب للمزى. وذكر أنه ذكرها للتمييز. وقال صاحبنا الحافظ أبو الفضل: «وفرق بينهما أيضا ابن أبى حاتم، والمخزومى ذكر ابن يونس أنه مات سنة اثنتى عشرة ومائتين. بمصر، ثم قال: وقال الحاكم أبو أحمد: خالد بن عبد الرحمن المخزومى الخراسانى، سكن مكة، حديثه ليس بالقائم. قلت: قوله الخراسانى خطأ أيضا». انتهى. 1110 ـ خالد بن عبد العزى بن سلامة الخزاعى، أبو جياش: يعد فى الحجازيين. له صحبة. روى عنه ابنه مسعود بن خالد، أن النبىصلى الله عليه وسلم، نزل عليه فأجزره شاة. وكان عيال خالد كثيرا، فأكل منها النبى صلى الله عليه وسلم، وأعطى فضله عيال

_ 1109 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل الترجمة 1541، المغنى الترجمة 1857، ديوان الضعفاء الترجمة 1227، ميزان الاعتدال الترجمة 2439، تهذيب التهذيب 3/ 103، خلاصة الخزرجى الترجمة 1778، تهذيب الكمال 1631). 1110 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 2/ 86، الإصابة 1/ 409).

1111 ـ خالد بن عرفطة الليثى، ويقال البكرى، من بنى ليث بن بكر بن عبد مناة، ويقال بل هو من قضاعة من بنى عذرة

خالد، فأكلوا منها وأفضلوا. أخرجه ابن مندة وأبو نعيم. ذكره هكذا ابن الأثير. 1111 ـ خالد بن عرفطة الليثى، ويقال البكرى، من بنى ليث بن بكر بن عبد مناة، ويقال بل هو من قضاعة من بنى عذرة: وهذا القول هو الصواب فى نسبه، والحق إن شاء الله تعالى على ما قال ابن عبد البر، وذكر نسبه إلى قضاعة ورفع فيه، ورفع أيضا فى نسبه إلى ليث قليلا. وتعقب عليه ابن الأثير شيئا فيما ذكره من نسبه إلى عذرة. قال ابن الأثير: وأما قول ابن مندة: إنه خزاعى، فليس بشئ، والله أعلم. انتهى. والقول بأنه بكرى، قاله أبو حاتم؛ وقال: إنه حليف بنى زهرة. وقال البخارى أيضا: إنه حليف بنى زهرة. وذكر ذلك ابن عبد البر، وابن الأثير وأورد له حديثين، عن النبى صلى الله عليه وسلم أحدهما: «من كذب علىّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» (1) من رواية مسلم، مولى خالد بن عرفطة عنه. والآخر: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له: «إنها ستكون أحداث وفرقة واختلاف، فإذا كان كذلك، فإن استطعت أن تكون المقتول لا القاتل، فافعل» (2). وهذا الحديث من رواية أبى عثمان النهدى، عن خالد بن عرفطة. وذكر له الترمذى حديثا اختلف فيه، هل هو من روايته أو من رواية سليمان بن صرد، عن النبى صلى الله عليه وسلم، حديث: «من قتله بطنه لم يعذب فى قبره» (3).

_ (1111) ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 636، أسد الغابة ترجمة 1378، الإصابة ترجمة 2187). (1) أخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده، حديث رقم (21995) من طريق: عبد الله بن محمد، حدثنا محمد بن بشر، حدثنا زكريا بن أبى زائدة، حدثنا خالد بن سلمة، حدثنا مسلم مولى خالد بن عرفطة أن خالد بن عرفطة قال: وسمعت أنا من عبد الله بن محمد بن أبى شيبة، يعنى حدثنا مسلم مولى خالد بن عرفطة أن خالد بن عرفطة قال للمختار: هذا رجل كذاب، ولقد سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: «من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من جهنم». (2) أخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده، حديث رقم (31993) من طريق: عبد الرحمن بن مهدى، حدثنا حماد بن سلمة، عن على بن زيد، عن أبى عثمان، عن خالد بن عرفطة، قال: قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا خالد إنها ستكون بعدى أحداث وفتن واختلاف، فإن استطعت أن تكون عبد الله المقتول لا القاتل، فافعل». (3) أخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده (17848) من طريق: قران، حدثنا سعيد الشيبانى أبو سنان، عن أبى إسحاق، قال: مات رجل صالح فأخرج بجنازته، فلما رجعنا تلقانا ـ

1112 ـ خالد بن عقبة بن أبى معيط أبان بن أبى عمرو ذكوان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى

وهذا الحديث رواه النسائى والطبرانى، ووقع لنا من حديث الطبرانى عاليا جدا، وصرح أبو حاتم بصحبته؛ لأنه قال: خالد بن عرفطة الليثى حليف بنى زهرة، له صحبة. وقال الطبرانى: كان ـ يعنى خالد بن عرفطة ـ خليفة سعد بن أبى وقاص على الكوفة. وقال خليفة بن خياط: لما سلم الأمر الحسن إلى معاوية، خرج عليه عبد الله بن أبى الجوشن بالنحلة، فبعث إليه معاوية خالد بن عرفطة العذرىّ ـ حليف بنى زهرة ـ فى جمع من أهل الكوفة، فقتل ابن أبى الجوشن، ويقال ابن أبى الحمساء. قال ابن عبد البر: سكن خالد بن عرفطة الكوفة، ومات بها سنة ستين، وقيل سنة إحدى وستين، عام قتل الحسين رضى الله عنه. وممن قال بهذا القول، أبو بكر بن ثابت. وقال صاحبنا أبو الفضل الحافظ: قلت: وذكر الدولابى، أن المختار بن أبى عبيد، قتله بعد موت يزيد بن معاوية. فيكون ذلك بعد سنة أربع وستين. والله أعلم. انتهى. 1112 ـ خالد بن عقبة بن أبى معيط أبان بن أبى عمرو ذكوان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى: أسلم يوم فتح مكة، على ما ذكر ابن عبد البر، وذكره الزبير بن بكار، فقال: كان حسن المذهب. شهد الحسن بن علىّ من بين أهله وأمسكوه، فتفلّت عنهم حتى شهده، وهو الذى رثى سعيد بن عثمان بن عفان رضى الله عنهم فقال (1) [من البسيط]: يا عين جودى بدمع منك تهتانا ... وابكى سعيد بن عثمان بن عفانا إن ابن زبية لم تصدق مودته ... وفر عنه ابن أرطأة بن سيحانا قال الزبير: أنشدنيهما عمى مصعب بن عبد الله هكذا. قال: يعنى: عبد الرحمن بن أرطأة بن سيحان المحاربى، حليف بنى أمية، قال: وكان مع سعيد بن عثمان حين قتله غلمانه من الصغد. فقال عبد الرحمن بن أرطأة يعتذر [من الطويل]: يقول رجال (2): قد دعاك فلم تجب ... وذلك من تلقاء مثلك رائع

_ ـ خالد بن عرفطة وسليمان بن صرد، وكلاهما قد كانت له صحبة، فقالا: سبقتمونا بهذا الرجل الصالح، فذكروا أنه كان به بطن وأنهم خشوا عليه الحر، قال: فنظر أحدهما إلى صاحبه فقال: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من قتله بطنه لم يعذب فى قبره». 1112 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 627، الإصابة ترجمة 2188، أسد الغابة ترجمة 1380). (1) انظر نسب قريش 4/ 111. (2) انظر نسب قريش 4/ 140.

فإن كان نادى دعوة فسمعتها ... فشلت يدى واستك منى المسامع يلوموننى (3) أن كنت فى الدار حاسرا ... وقد حاد عنها خالد وهو دارع فقال خالد بن عقبة يرد عليه: لعمرك ما نادى ولكن رأيته ... بعينك إذ مسعاك فى الدار واسع قال الزبير: حدثنى إسماعيل بن أبى أويس، عن عبد الرحمن بن أبى الزناد، عن أبيه، أن خالد بن عقبة بن أبى معيط، لما أخرج أهل المدينة مروان بن الحكم قال [من الطويل]: فو الله ما أدرى وإنى لقائل ... تعاجزت يا مروان أم أنت عاجز فررت ولما تغن شيئا وقد ترى ... بأن سوف يثنو الفعل حاد وراجز قال: فأجابه عبد الرحمن بن الحكم فقال [من الطويل]: أخالد أكثرت الملامة والأذى ... لقومك لما هزهزتك الهزاهز أخالد إن الحرب عوصاء مرة ... لها كفل ناب على الكفل ناشز تعجز مولاك الذى لست مثله ... وأنت بتعجيز امرئ الصدق عاجز هو المرء يوم الدار لا أنت إذ دعا ... إلى الموت يمشى حاسرا من يبارز وذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب، وقال: كان هو وأخواه الوليد وعمارة من مسلمة الفتح، ليست له رواية فيما علمت، ولا خبرا نادرا، إلا أن له أخبارا فى يوم الدار، منها قول أزهر بن سيحان فى خالد هذا، معارضا له فى أبيات قالها، منها: يلوموننى أن جلت فى الدار حاسرا (4) ... وقد فر منها خالد وهو دارع قال: وخالد بن عقبة هذا، إليه ينسب المعيطيون الذين عندنا بقرطبة. انتهى. وذكره ابن الأثير، فقال: وخالد هذا، هو أخو الوليد بن عقبة، وهو من مسلمة الفتح، ونزل الرقة وبها عقبه، لا تعرف له رواية. وقال أبو نعيم: يقال: إنه أدرك النبى صلى الله عليه وسلم. وهذا صحيح؛ لأن أباه عقبة قتل يوم بدر. فيكون خالد يوم الفتح له صحبة، وله يوم الدار فى حصر عثمان أثر، قال الأزهر بن سيحان فذكر البيت، ثم قال: وإلى خالد هذا ينسب المعطيون الذين بقرطبة. أخرجه الثلاثة.

_ (3) فى نسب قريش: تلوموننى ........... انظر نسب قريش 4/ 141. (4) فى أسد الغابة 2/ 105: تلوموننى أن كنت فى الدار حاسرا ... وقد حاد عنها خالد وهو دارع

1113 ـ خالد بن منقذ بن ربيعة الخزاعى الكعبى

1113 ـ خالد بن منقذ بن ربيعة الخزاعى الكعبى: هو خالد الأشعر، على الخلاف فى اسم أبيه. وتقدم فى أول من اسمه خالد. 1114 ـ خالد بن نافع الخزاعى، أبو نافع: من أصحاب الشجرة. حديثه عن أبى مالك عن نافع بن خالد عن أبيه خالد. ذكره ابن عبد البر، إلا أنه قال: أبو نافع الخزاعى. فقدم كنيته على نسبته، وخالفناه فى ذلك، لئلا يتصحف أبو نافع بابن نافع، فتصير الكنية اسما، وذكره ابن عبد البر فى ترجمة أخرى؛ لأنه قال: خالد الخزاعى. روى عنه ابنه نافع، لم يرو عنه غيره عن النبى صلى الله عليه وسلم: «سألت ربى ثلاثا فأعطانى اثنتين ومنعنى الثالثة» (1). انتهى. والترجمتان واحدة، على ما صرح به ابن الأثير. وذكر هذا الحديث، خالد بن نافع الخزاعى، وقال: أخرجه الثلاثة، وتعقب على ابن عبد البر فى ذكره ذلك بترجمتين، والله أعلم.

_ 1113 ـ سبق فى رقم (1097). 1114 ـ انظر ترجمته فى (الاستيعاب ترجمة 641، الإصابة ترجمة 2201، أسد الغابة ترجمة 1396). (1) أخرجه مسلم فى صحيحه، فى الفتن وأشراط الساعة، حديث رقم (2890) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا عبد الله بن نمير (ح). وحدثنا ابن نمير ـ واللفظ له ـ حدثنا أبى، حدثنا عثمان بن حكيم، أخبرنى عامر بن سعد، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل ذات يوم من العالية حتى إذا مر بمسجد بنى معاوية دخل فركع فيه ركعتين وصلينا معه ودعا ربه طويلا ثم انصرف إلينا، فقال صلى الله عليه وسلم: «سألت ربى ثلاثا فأعطانى ثنتين ومنعنى واحدة، سألت ربى أن لا يهلك أمتى بالسنة فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتى بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها». وحدثناه ابن أبى عمر، حدثنا مروان بن معاوية، حدثنا عثمان بن حكيم الأنصارى، أخبرنى عامر بن سعد، عن أبيه أنه أقبل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى طائفة من أصحابه فمر بمسجد بنى معاوية بمثل حديث ابن نمير. أخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده، حديث رقم (1578) من طريق: عبد الله بن نمير، عن عثمان قال: أخبرنى عامر بن سعد، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل ذات يوم من العالية حتى إذا مر بمسجد بنى معاوية دخل فركع فيه ركعتين وصلينا معه ودعا ربه طويلا ثم انصرف إلينا، فقال: «سألت ربى ثلاثا فأعطانى اثنتين ومنعنى واحدة، سألت ربى أن لا يهلك أمتى بسنة فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتى بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها».

1115 ـ خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى، أبو سليمان، وقيل أبو الوليد، الملقب سيف الله

1115 ـ خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى، أبو سليمان، وقيل أبو الوليد، الملقب سيف الله: أسلم فى صفر سنة ثمان من الهجرة بالمدينة، وكان قد هاجر إليها مع عثمان بن طلحة العبدرىّ، وعمرو بن العاص السهمى. ولما رآهم النبى صلى الله عليه وسلم قال: «قد رمتكم مكة بأفلاذ كبدها» يعنى بأشرافها. وقيل: إنه أسلم بين الحديبية وخيبر. ولذلك قيل إنه شهد خيبر، وجزم بذلك النووى؛ لأنه قال: وشهد خيبر. انتهى. ويتأيد ذلك بأن ابن البرقى قال: وقد جاء فى الحديث أنه شهد خيبر. انتهى. وقيل: إنه لم يشهدها، ومقتضى كلام ابن عبد البر ترجيح هذا القول؛ لأنه قال: لا يصح لخالد بن الوليد مشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الفتح. انتهى. ويتأيد كون خالد لم يشهد خيبر، بأن مصعبا الزبيرى ذكر أن خالد بن الوليد خرج من مكة فارّا، لئلا يرى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فى وقت عمرة القضية، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سأل الوليد بن الوليد، أخا خالد عنه. وقال: «لو أتانا لأكرمناه». فكتب بذلك الوليد إلى خالد، فوقع الإسلام فى قلبه، وكان ذلك سبب هجرته. هذا معنى ما ذكره مصعب، فيما نقله عنه ابن عبد البر. وإذا كان كذلك، فخالد لم يشهد خيبر؛ لأن عمرة القضية بعد خيبر بنحو تسعة أشهر، وخالد لم يشهدها، فلا يكون شهد خيبر، والله أعلم. ولا يستقيم قول ابن البرقىّ: أنه أسلم يوم الأحزاب، ولا القول الذى حكاه ابن عبد البر، من أنه أسلم سنة خمس بعد الفراغ من بنى قريظة، ولا منافاة بين هذا وبين ما قاله ابن البرقى؛ لأن المراد بيوم الأحزاب، عام الأحزاب، وقريظة فى إثر الأحزاب. وكلاهما فى سنة خمس على ما هو المشهور فى الأحزاب، وهى غزوة الخندق. وأما على القول بأن الأحزاب فى سنة أربع، ورجحه النووى، فإن ما ذكره ابن البرقى ينافى ما ذكره ابن عبد البر، ولا يستقيم ما ذكره ابن عبد البر أيضا، من أن خالد

_ 1115 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 4/ 252، 7/ 394، تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 146، علل ابن المدينى 50، 80، مسند أحمد 4/ 88، فضائل الصحابة، له 2/ 813، نسب قريش 320، 322، تاريخ البخارى الصغير 1/ 23، 40، 46 ـ 49، المعارف 267، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 171، 172، 183، 218، 594، تاريخ واسط 109، 156، 267، الجرح والتعديل الترجمة 1607، ثقات ابن حبان 3/ 101، المشاهير الترجمة 157، المعجم الكبير الترجمة 369، الاستيعاب 3/ 163، تاريخ دمشق (تهذيبه 5/ 95 ـ 116 وهى ترجمة رائعة)، أسد الغابة 2/ 93، سير أعلام النبلاء 1/ 366 ـ 384، تهذيب الكمال 1659).

ابن الوليد، كان على خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية. وإنما لم يستقم هذا، وكذا ما أشرنا إليه أولا؛ لأن فى سيرة ابن إسحاق، تهذيب ابن هشام، من حديث الزهرى، عن عروة بن الزبير، عن مروان بن الحكم، والمسور بن مخرمة: أن خالد بن الوليد، كان على خيل قريش يوم الحديبية، فلا يصح على هذا أن يكون خالدا فى يوم الحديبية على خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أنه أسلم قبل ذلك، والله أعلم. وكانت الحديبية فى ذى القعدة سنة ست، وشهد خالد غزوة مؤتة، فى سنة ثمان. وأبلى فيها بلاء عظيما؛ لأن فى يده اندقّ تسعة أسياف، ولم يثبت فى يده يومئذ إلا صفيحة يمانية، ويومئذ سماه النبى صلى الله عليه وسلم: سيف الله. وشهد معه فتح مكة، وكان على المجنّبة اليمنى مقدما على طائفة من المسلمين، وأمره النبى صلى الله عليه وسلم، أن يدخل من أسفل مكة، فدخل من اللّيط، وقتل المشركين، وأوجس من بقى منهم خيفة. ولذلك رأى بعض العلماء الشافعية، أن ما قاتل فيه خالد من مكة فتح عنوة. والمشهور من مذاهب جماهير العلماء، أن مكة أجمع فتحت عنوة، والله أعلم. وبعثه النبى صلى الله عليه وسلم بعد الفتح لهدم العزّى، ففعل ذلك خالد، وشهد غزوة حنين، مع النبى صلى الله عليه وسلم، وقدم على طائفة من المسلمين، وكان يقدمه على خيله من حين أسلم. وكانت قريش فى الجاهلية تقدمه على خيلها. وعاده النبى صلى الله عليه وسلم بعد فراغ وقعة هوازن، من جرح أصابه يوم حنين، ونفث فى جرحه فانطلق، وبعثه النبى صلى الله عليه وسلم إلى الغميصاء ـ ماء من مياه جذيمة من بنى عامر ـ فقتل ناسا منهم، لم يصب فى قتلهم، فكره النبى صلى الله عليه وسلم فعله، وودى القتلى. وذكر ابن الأثير: أن على بن أبى طالب رضى الله عنه، أعطى قومهم ما ذهب لهم من مال. انتهى. وبعثه إلى بالحرث بن كعب، من مذحج، فأتى بنفر منهم فأسلموا، ورجعوا إلى قومهم بنجران، وذلك فى سنة عشر. وفى سنة تسع، بعثه النبى صلى الله عليه وسلم إلى دومة الجندل، فأتى بصاحبها وصالحه النبى صلى الله عليه وسلم على الجزية. ولما ولى الصديق رضى الله عنه الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمر خالدا على قتال المرتدين من العرب، فلقى فى سنة إحدى عشرة ببزاخة، طليحة الأسدى وعيينة بن حصن الفزارى، وقرة بن هبيرة القشيرى، فقاتلهم بمن معه من المسلمين، فأسر عيينة وقرة، وبعث بهما إلى الصديق رضى الله عنه أسيرين، فحقن دمهما، وهرب طليحة نحو الشام، ثم راجع الإسلام، وأتى بمالك بن نويرة ورهط من بنى حنظلة إلى خالد رضى الله عنه، فضرب أعناقهم. واختلف فى مالك بن نويرة، فقيل قتل كافرا، وقيل مسلما. وإنما قتله خالد لظن ظنه به، وكلام سمعه منه. وقد أنكر

عليه قتله أبو قتادة، وعرض الصديق رضى الله عنه الدية على متمّم بن نويرة، وأمر خالدا بأن يطلّق زوجة مالك؛ لأنه كان قد تزوجها. وفى ربيع الأول سنة اثنتى عشرة، فتحت اليمامة وغيرها على يد خالد، وأباد الله على يده أهل الرّدّة، منهم مسيلمة الكذاب رأسهم، وكان فتح خالد لليمامة صلحا، وبعثه الصديق رضى الله عنه فى سنة ثلاث عشرة إلى العراق، لقتال فارس، فأنالهم ذلة وهوانا، وافتتح الأبلة، وأغار على السواد كذا قال [ .......... ] (1). وذكر الزبير عن عمه مصعب: أن خالدا فتح بعض السواد، وصالح أهل الجزيرة، ثم أمره أبو بكر رضى الله عنه بالمسير إلى الشام، فلم يزل بها حتى عزله عمر بن الخطاب رضى الله عنه. وذكر الزبير: أن عمر عزل خالدا لما كان يعيبه عليه فى حال ولايته للصديق رضى الله عنه، من صرفه للمال بغير مشاورة الصديق، واستبداده بفعل أمور لا يشاور فيها الصديق، كقتله لمالك بن نويرة، ونكاحه لامرأته، وفتحه لليمامة صلحا، وغير ذلك، حتى قيل إنه لم يرفع للصديق حسابا فى مال. وذكر الزبير: أن عمر رضى الله عنه لم يعزله، حتى كتب إليه أن لا يخرج شاة ولا بعيرا إلا بأمره، فكتب إليه خالد: إما أن تدعنى وعملى، وإلا فشأنك وعملك. وكان قد كتب بمثل ذلك للصديق، فما كتب إليه الصديق بمثل ما كتب إليه عمر، ورأى الصديق أن لا يعزله، ورأى عمر عزله. وكان عمر يسأله أن يعود إلى عمله، فيأبى خالد إلا أن يتركه عمر ورأيه، فيأبى عمر رضى الله عنه، وهذا معنى كلام الزبير. وروينا من حديث علىّ بن رباح عن ناشرة بن سمىّ اليزنى، أن عمر رضى الله عنه، لما قدم الشام اعتذر فى خطبته بالجابية، عن عزل خالد بن الوليد، بأنه أمره أن يحبس هذا المال على المهاجرين، فأعطاه ذا البأس والشرف واللسان، فرد على عمر أبو عمرو بن حفص بن المغيرة، ابن عم خالد بن الوليد. وهذا الحديث فى سنن النسائى (2).

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (2) أخرجه النسائى فى الكبرى (8209) من طريق: إبراهيم بن يعقوب، قال: حدثنى وهب بن زمعة، قال: أنا عبد الله، عن سعيد بن يزيد، قال: سمعت الحارث بن يزيد الحضرمى يحدث، عن على بن رباح، عن ناشرة بن سمى اليزنى، قال: سمعت عمر بن الخطاب وهو يخطب الناس، فقال: إنى أعتذر إليكم من خالد بن الوليد، فإنى أمرته أن يحبس هذا المال على ضعفة المهاجرين، فأعطاه ذا الشرف وذا اللسان، فنزعته، وأمرت أبا ـ

ولما عزل عمر خالدا، ولى عوضه أبا عبيدة بن الجراح، وجاء عزله وهم محاصرون لدمشق، فكتموا ذلك حتى فتحها الله تعالى. وكان بعضها وهو الذى إلى جهة خالد، فتح عنوة، والذى إلى جهة غيره فتح صلحا، ثم أمضيت كلها صلحا. وكان فتحها فى رجب سنة أربع عشرة. وذكر ابن عبد البر، وابن الأثير: أنه افتتح دمشق، ولم يذكرا له فى فتحها شريكا. وأما المزى فقال فى التهذيب: ثم وجهه ـ يعنى الصديق رضى الله عنه ـ إلى العراق ثم إلى الشام، وأمره على أمراء الشام، وهو أحد أمراء الأجناد الذين ولوا فتح دمشق. انتهى. ولم يمنع خالدا عزله، من الجهاد فى سبيل الله تعالى، وله فى قتال الروم بالشام والفرس بالعراق وأهل الرّدّة أثر عظيم. وجملة ما شهده من الحروب فى سبيل الله، مائة زحف أو زهاءها، على ما روى عنه. وفى الخبر الذى روى عنه فى ذلك أنه قال: وما فى بدنى موضع شبر، إلا وفيه ضربة أو طعنة أو رمية، وها أنا ذا أموت على فراشى كما تموت العير، فلا نامت أعين الجبناء، وما من عمل لى، أرجا من لا إله إلا الله، وأنا متترّس بها. وهذا الخبر ذكره ابن عبد البر وابن الأثير والنووى، إلا أن ابن عبد البر لم يذكر قوله: وما لى من عمل ... إلى آخره. وكان خالد رضى الله عنه يستنصر فى حروبه بشعرات فى قلنسوته، من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أخذ ذلك من شعر ناصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين حلقه فى عمرة اعتمرها مع النبى صلى الله عليه وسلم. كذا روى عنه فى مسند أبى يعلى الموصلى (3)، وليس فيه بيان

_ ـ عبيدة بن الجراح، فقال أبو عمرو بن حفص بن المغيرة: لقد نزعت عاملا استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأغمدت سيفا سله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضعت لواء نصبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد قطعت الرحم، وحسدت ابن العم، فقال عمر: إنك قريب القرابة، حديث السن مغضب فى ابن عمك. (3) أخرجه أبو يعلى فى مسنده، حديث رقم (7147) من طريق: سريج بن يونس أبو الحارث، حدثنا هشيم، عن عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه قال: قال خالد بن الوليد: اعتمرنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى عمرة اعتمرها، فحلق شعره، فاستبق الناس إلى شعره فسبقت إلى الناصية، فأخذتها، فاتخذت قلنسوة فجعلتها فى مقدم القلنسوة، فما وجهته فى وجه إلا فتح له. والحديث فى «المقصد العلى» برقم 1432، وأورده الهيثمى فى مجمع الزوائد 9/ 349، ـ

هذه العمرة، وهى عمرة الجعرانة؛ لأنه كان فيها مسلما. ومن مناقب خالد رضى الله عنه، أنه لما نزل الحيرة قيل له: احذر السم، لا يسقيكه الأعاجم، فقال: إيتونى به، فأخذه بيده، وقال: بسم الله، وشربه فلم يضره شيئا. ومنها: أن خالدا رضى الله عنه كان مستجاب الدعوة، على ما ذكره ابن أبى الدنيا، فإنه روى أن خالدا لقى رجلا من عسكره ومعه زقّ خمر، فقال: ما هذا؟ فقال الرجل: خلّ، فقال خالد رضى الله عنه: جعله الله خلّا، فوجده الرجل خلّا لما أتى به أصحابه. ولخالد رضى الله عنه، رواية عن النبى صلى الله عليه وسلم، قال النووى: روى له عن رسول اللهصلى الله عليه وسلم ثمانية عشر حديثا، اتفق البخارى (4) ومسلم (5) على حديث. روى عنه ابن عباس وجابر والمقدام بن معد يكرب، وأبو أمامة بن سهل الصحابيون. وذكر رواية غير واحد من التابعين عنه. وقد روى له الجماعة إلا الترمذى. وفى الترمذى من حديث أبى هريرة رضى الله

_ ـ وقال: «رواه الطبرانى وأبو يعلى بنحوه ورجالهما رجال الصحيح، وجعفر سمع فى جماعة من الصحابة فلا أدرى سمع من خالد أم لا» وأورده ابن حجر فى المطالب العالية برقم 4044. (4) أخرجه البخارى فى صحيحه، باب الضب (5333) من طريق: عبد الله بن مسلمة عن مالك بن شهاب عن أبى أمامة بن سهيل عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما، «عن خالد بن الوليد أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة، فأتى بضب محنوذ، فأهوى إليه رسول الله بيده، فقال بعض النسوة: أخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يريد أن يأكل، فقالوا: هو ضب يا رسول الله، فرفع يده، فقلت: أحرام هو يا رسول الله؟ فقال: لا، ولكن لم يكن بأرض قومى فأجدنى أعافه. قال خالد: فاجتررته فأكلته، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر». (5) أخرجه مسلم فى صحيحه، باب إباحة الضب (4987) وحدثنى أبو الطاهر وحرملة. جميعا عن ابن وهب. قال حرملة: أخبرنا ابن وهب أخبرنى يونس عن ابن شهاب، عن أبى أمامة بن سهل بن حنيف الأنصارى أن عبد الله بن عباس أخبره أن خالد بن الوليد، الذى يقال له سيف الله أخبره أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على ميمونة، زوج النبى صلى الله عليه وسلم، وهى خالته وخالة ابن عباس، فوجد عندها ضبا محنوذا، قدمت به أختها حفيدة بنت الحارث من نجد، فقدمت الضب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان قلما يقدم إليه طعام حتى يحدث به ويسمى له. فأهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم يده إلى الضب. فقالت امرأة من النسوة الحضور: أخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قدمتن له. قلن: هو الضب. يا رسول الله، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده. فقال خالد بن الوليد: أحرام الضب؟ يا رسول الله قال: «لا. ولكنه لم يكن بأرض قومى، فأجدنى أعافه». قال خالد: فاجتررته فأكلته، ورسول الله ينظر، فلم ينهنى.

عنه: أن ناسا من الصحابة كانوا يمرون بالنبى صلى الله عليه وسلم وهو يسأل عنهم، فلما مرّ به خالد، قال: نعم عبد الله خالد بن الوليد، سيف من سيوف الله (6). انتهى باختصار. وكان عمر رضى الله عنه، يثنى عليه ويترحم عليه بعد موته؛ لأن الزبير بن بكار روى بسنده قال: دخل هشام بن البخترىّ فى ناس من بنى مخزوم على عمر بن الخطاب رضى الله عنه. فقال له: يا هشام، أنشدنى شعرك فى خالد بن الوليد، فأنشده. فقال: قصرت فى الثناء على أبى سليمان رحمه الله، إنه كان ليحب أن يذلّ الشرك وأهله، وإن كان الشامت به لمتعرضا لمقت الله، ثم قال: رحم الله أبا سليمان، ما عند الله خير له مما كان فيه، ولقد مات فقيرا وعاش حميدا. وقال الزبير: قال محمد بن سلام: وحدثنى غير واحد، وسمعت يونس النحوى يسأل عنه غير مرة [ ............ ] (7) أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: دع نساء بنى المغيرة يبكين أبا سليمان، ويرقن من دموعهن سجلا أو سجلين، ما لم يكن نقع أو لقلقة. قال يونس: النقع: هدّ الصوت بالنحيب، واللّقلقة: حركة اللسان نحو الولولة. وقال النووى بعد أن ذكر وفاته: وحزن عليه عمر رضى الله عنه، والمسلمون حزنا شديدا. انتهى. وقال الزبير: قال محمد بن سلام: حدثنى أبان بن عثمان قال: لم تبق امرأة من بنى المغيرة إلا وضعت لمتها على قبر خالد رضى الله عنه، يقول: حلقت رأسها. وقد اختلف فى وفاة خالد رضى الله عنه. فقيل سنة إحدى وعشرين. قاله محمد بن سعد، ومحمد بن نمير، وإبراهيم بن المنذر الحزامى، وغير واحد. وقيل مات سنة اثنتين وعشرين.

_ (6) أخرجه الترمذى، باب مناقب خالد بن الوليد رضى الله عنه، حديث رقم (4007) من طريق: قتيبة حدثنا الليث عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبى هريرة، قال: «نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا، فجعل الناس يمرون، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هذا يا أبا هريرة؟ فأقول فلان، فيقول: نعم عبد الله هذا. ويقول: من هذا؟ فأقول فلان، فيقول: بئس عبد الله هذا. حتى مر خالد بن الوليد، فقال: من هذا؟ فقلت: هذا خالد بن الوليد قال: نعم عبد الله خالد بن الوليد سيف من سيوف الله». قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب. ولا نعرف لزيد بن أسلم سماعا من أبى هريرة وهو عندى حديث مرسل. قال: وفى الباب عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه. (7) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1116 ـ خالد بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى

واختلف فى موضع وفاته. فقيل بحمص. قاله من قال بوفاته فى سنة إحدى وعشرين. زاد محمد بن سعد: ودفن فى قرية على ميل من حمص. وقيل بالمدينة، قاله دحيم، وغير واحد، وصحح النووى القول بوفاته بحمص؛ لأنه قال: وكانت وفاته بحمص وقبره مشهور على نحو ميل من حمص. وقيل توفى بالمدينة. قاله أبو زرعة الدمشقى عن دحيم. والصحيح الأول. انتهى. ولم يذكر النووى القول بأنه توفى سنة اثنتين وعشرين. وذكره ابن عبد البر على الشك. وذكر المزى جزما، إلا أنه لم يعين قائله، وأوصى خالد إلى عمر ما ذكر ابن سعد وغيره. واختلف فى أمه، فقيل: لبابة الصغرى، بنت الحارث الهلالية، أخت ميمونة أم المؤمنين. هذا قول الأكثرين فيما ذكر ابن عبد البر. وقيل أمه لبابة الكبرى. قاله أبو أحمد الحاكم. ويقال لها عصمة. وهو ابن خالة عبد الله بن عباس رضى الله عنهم؛ لأن أم ابن عباس لبابة الكبرى، وأم خالد لبابة الصغرى. والله أعلم. قال الزبير: وقد انقرض ولد خالد بن الوليد، فلم يبق أحد منهم. وورث أيوب بن سلمة دورهم بالمدينة. انتهى. 1116 ـ خالد بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى: أخو أبى جهل بن هشام، ذكره هكذا ابن الأثير، إلا أنه لم يقل القرشى المخزومى لوضوحه، وقال: أخرجه أبو موسى، ولم ينسبه، قال: خالد بن هشام، ذكر أبو نعيم أنه من المؤلفة قلوبهم، وجعله غير خالد بن العاص بن هشام، وقال: فيه نظر، وأخرجه أبو موسى، بإسناده عن عبد الله بن الأجلح، عن أبيه، عن بشير بن تيم وغيره، وقالوا فى تسمية المؤلفة قلوبهم: منهم من بنى مخزوم: خالد بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وذكره هشام الكلبى فى أولاد هشام بن المغيرة، فذكر أبا جهل وخالد وغيرهما، فقال: أسر خالد يوم بدر كافرا. ولم يذكر أنه أسلم. والله أعلم. انتهى. 1117 ـ خالد بن يزيد العمرى، أبو الهيثم المكى: عن ابن أبى ذئب والثورى وغيرهما. روى عنه حسنون بن محمد الدارى، وأحمد بن بكرويه وقطن بن إبراهيم وغيرهم. وكذبه أبو حاتم، ويحيى بن معين.

_ 1116 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 2/ 69). 1117 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 2800، لسان الميزان 1/ 389)،

1118 ـ خالد المغربى المالكى

وقال ابن حبان: يروى الموضوعات عن الثقات الأثبات. وقد ذكره العقيلى، وابن حبان، وذكر من مناكيره. قال موسى بن هارون: مات سنة تسع وعشرين ومائتين، ضعيف. وقد فرق ابن عدى بينه وبين آخر، يقال له خالد بن يزيد العدوى، أبو الوليد. لخصت هذه الترجمة من الميزان. قال: ومن بلاياه بسند الصحاح: «غزوة فى البحر كعشر فى البر» (1). 1118 ـ خالد المغربى المالكى: جاور بمكة أوقاتا كثيرة، من سنين كثيرة. وكان فى أثناء السنين التى جاور فيها بمكة، يقيم أشهرا من كل سنة، بوادى ليّة بقرية يقال لها [ ........... ] (1) ويحج فى غالب السنين. وربما زار المدينة النبوية غير مرة، وكان له حظ من العلم والعبادة والخير، حسن السّمت، وللناس فيه اعتقاد حسن. توفى بمكة فى أوائل سنة سبع عشرة وثمانمائة، ودفن بالمعلاة، وهو فى سن الكهولة فيما أحسب. والله أعلم. * * *

_ (1) أخرجه ابن ماجة فى سننه، باب فضل غزوة البحر، حديث رقم (2854) من طريق: هشام بن عمار: ثنا بقية عن معاوية بن يحيى، عن ليث بن أبى سليم، عن يحيى بن عباد، عن أم الدرداء، عن أبى الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «غزوة فى البحر مثل عشر غزوات فى البر. والذى يسدر فى البحر، كالمتشحط فى دمه فى سبيل الله سبحانه». وقال فى مصباح الزجاجة: هذا إسناد ضعيف لضعف معاوية بن يحيى وشيخه ليث بن أبى سليم. 1118 ـ انظر ترجمته فى الضوء اللامع 3/ 173). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

من اسمه خباب

من اسمه خباب 1119 ـ خبّاب بن الأرت ـ بمثناة من فوق ـ بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم التميمى، ويقال الخزاعى، ويقال الزهرى: وذلك لأنه من تميم، فلحقه سباء فى الجاهلية، فبيع بمكة، فاشترته أم أنمار بنت سباع الخزاعية فأعتقته، وأبوها سباع، حليف عوف بن عبد عوف الزهرى، والد عبد الرحمن ابن عوف. فهو على هذا تميمى بالنسب، خزاعى بالولاء، زهرى بالحلف. وقيل: بل أم خباب هى أم سباع الخزاعية، ولم يلحقه سبى، ولكنه انتمى إلى حلفاء أمه بنى زهرة. وقيل فى مولى خباب غير ذلك. يكنى أبا عبد الله، وأبا يحيى، وأبا محمد. كان من السابقين إلى الإسلام، وممن عظم عذابه فيه وصبر. روى عن مجاهد، أن أول من أظهر الإسلام سبعة، وذكر فيهم خباب بن الأرت. وسابعهم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. فيكون خبّاب سادسا. وروينا عن الشعبى، أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، سأل خبّابا عما لقى من المشركين، فقال: يا أمير المؤمنين، انظر إلى ظهرى، فنظر، فقال: ما رأيت كاليوم ظهر رجل. قال خباب: لو أوقدت لى نار وسحبت عليها، لما أطفأها إلا ودك ظهرى. ذكر هذا كله من حاله ابن عبد البر بالمعنى. وذكر ذلك ابن الأثير بالمعنى، وقال: قال الشعبى: إن خبّابا صبر ولم يعط ما سألوا، فجعلوا يمزقون ظهره بالرّصف حتى ذهب لحم سنمه، ثم قال: قال أبو صالح: كان

_ 1119 ـ انظر ترجمته فى: (مغازى الواقدى 100، 155، السيرة لابن هشام 1/ 252، 254، 343 ـ 345، 357، 781، طبقات ابن سعد 3/ 164، 6/ 14، المصنف لابن أبى شيبة رقم 15717 ـ 15718، تاريخ الدارمى عن يحيى رقم 684، العلل لابن المدينى 50، طبقات خليفة 17، 126، تاريخه 192، مسند أحمد 5/ 108، 6/ 395، العلل له، 1/ 260، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 730، تاريخه الصغير 1/ 78، المعارف 317، المعرفة ليعقوب 3/ 167، تاريخ الطبرى 3/ 589، 5/ 61، الجرح والتعديل الترجمة 1817، العقد الفريد 3/ 238، المشاهير، له الترجمة 273، معجم الطبرانى الكبير الترجمة 364، الحلية لأبى نعيم 1/ 143، الاستيعاب ترجمة 646، إكمال ابن ماكولا 2/ 148، الجمع لابن القيسرانى 1/ 124، معجم البلدان 1/ 245، 3/ 391، الكامل لابن الأثير 2/ 60، 67، 85، 86، 3/ 324، 351، أسد الغابة ترجمة 1407، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 174، سير أعلام النبلاء 2/ 323، العبر 1/ 43، الكاشف 1/ 277، تجريد أسماء الصحابة 1/ 154، تهذيب التهذيب 3/ 133، الإصابة ترجمة 2215، خلاصة الخزرجى الترجمة 1829، شذرات الذهب 1/ 47، تهذيب الكمال 1674).

خبابا قينا يطبع السيوف، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يألفه ويأتيه، فأخبرت مولاته بذلك، فكانت تأخذ الحديدة المحماة فتضعها على رأسه، فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اللهم انصر خبّابا. فاشتكت مولاته أم أنمار رأسها، فكانت تعوى مثل الكلاب، فقيل لها: اكتوى، فكان خبّاب يأخذ الحديد المحماة فيكوى بها رأسها. انتهى. وقال ابن عبد البر: كان فاضلا من المهاجرين الأولين، شهد بدرا وما بعدها من المشاهد، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: نزل الكوفة، ومات بها سنة سبع وثلاثين، منصرف علىّ رضى الله عنه من صفّين، وقيل: بل مات سنة تسع وثلاثين، بعد أن شهد مع علىّ رضى الله عنه صفّين والنّهروان، وصلى عليه على بن أبى طالب رضى الله عنه، وكان سنّه إذ مات ثلاثا وستين سنة. وقيل بل مات خبّاب سنة تسع عشرة بالمدينة، وصلى عليه عمر رضى الله عنه. انتهى. قال ابن الأثير: قلت الصحيح أنه مات سنة سبع وثلاثين، وأنه لم يشهد صفين، فإن مرضه كان قد طال به، ومنعه من شهودها. وأما خباب الذى مات سنة تسع عشرة، هو مولى عتبة بن غزوان. ذكره أبو عمر أيضا. انتهى. وذكر ابن الأثير كلاما فى الدلالة على أن خبّابا مولى عتبة بن غزوان، غير خباب بن الأرت؛ لأن ابن مندة وأبا نعيم، ذكرا أن ابن الأرت مولى عتبة بن غزوان، وأجاد ابن الأثير فى ذلك. ونقل عن ابن عبد البر، ما نقلناه عنه فى وفاة خباب، إلا القول بأنه توفى سنة تسع وثلاثين، ونقل عنه أنه مات وعمره ثلاث وسبعون. كذا رأيت فى نسخة من كتاب ابن الأثير، وهو يخالف ما نقلناه عن ابن عبد البر. وفى النسخة التى رأيتها من كتابيهما سقم كثير، سيما كتاب ابن الأثير. وفى تهذيب الكمال قولان فى مبلغ عمره، هل هو ثلاث وستون سنة أو ثلاث وسبعون، وصدر كلامه بالأخير، ولم يذكر فى وفاته إلا القول بأنها فى سنة سبع وثلاثين. وقال النووى فى ترجمته: وقال بعضهم: توفى سنة تسع عشرة وغلطوه. انتهى. وقال ابن الأثير، بعد أن ذكر شيئا من خبر خبّاب: ونزل الكوفة ومات بها، وهو أول من دفن بظهر الكوفة من الصحابة رضى الله عنهم، ثم قال: قال زيد بن وهب: سرنا مع علىّ رضى الله عنه، حين رجع من صفين، حتى إذا كان عند باب الكوفة، إذا

1120 ـ خباب، مولى فاطمة بنت عتبة بن ربيعة

نحن بقبور سبعة عن أيماننا؛ فقال: ما هذه القبور؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين إن خبّاب بن الأرت، توفى بعد مخرجك إلى صفين، فأوصى أن يدفن فى ظاهر الكوفة، وكان الناس إنما يدفنون موتاهم فى أفنيتهم، وعلى أبواب دورهم، فلما رأوا خبّابا أوصى أن يدفن بالظهر، دفن الناس. فقال على رضى الله عنه: رحم الله خبابا، أسلم راغبا، وهاجر طائعا، وعاش مجاهدا، وابتلى فى جسده، ولن يضيع الله أجر من أحسن عملا. ثم قال ابن الأثير: وقال بعض العلماء: إن خبّاب بن الأرتّ لم يكن قينا، وإنما القين، خبّاب مولى عتبة بن غزوان، والله أعلم. ولعلهما قينان، فينتفى التنافر، فإن غير واحد قال فى ابن الأرتّ: كان قينا. والله أعلم. وقال النووى فى ترجمة خباب: روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتين وثلاثين حديثا، اتفق البخارى ومسلم منها على ثلاثة، وانفرد البخارى بحديثين، ومسلم بحديث، وذكر جماعة من الرواة عنه، وذكرهم المزّىّ بزيادة، وقال: روى له الجماعة. 1120 ـ خبّاب، مولى فاطمة بنت عتبة بن ربيعة: أدرك الجاهلية. واختلف فى صحبته. روى عن النبى صلى الله عليه وسلم: «لا وضوء إلا من صوت أو ريح» (1). روى عنه صالح بن حيوان، وبنوه، منهم: السائب بن خبّاب أبو مسلم، صاحب المقصورة، ذكره هكذا ابن عبد البر. وقال ابن الأثير: خباب أبو السائب. روى عنه السائب ابنه، يعدّ فى أهل الحجاز. روى حديثه عبد الله بن السائب بن خبّاب عن أبيه عن جده، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل قديدا ويشرب من فخارة. أخرجه ابن مندة وأبو نعيم، وأخرجه أبو عمر، فقال: خباب، مولى فاطمة بنت عتبة، فذكر ما سبق عن ابن عبد البر، ثم قال: وإنما أفردت قول أبى عمر، فربما ظنه ظان، غير خباب أبى السائب. وهو هو. قال البخارى: السائب بن خباب أبو مسلم، صاحب المقصورة. ويقال: مولى فاطمة بنت عتبة بن ربيعة القرشى. انتهى.

_ 1120 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 2/ 100، الاستيعاب ترجمة 649، الإصابة ترجمة 2221). (1) أخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده (15137) من طريق: عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن إسحاق أنا ابن لهيعة عن محمد بن عبد الله بن مالك أن محمد بن عمرو بن عطاء حدثه قال: رأيت السائب يشم ثوبه فقلت له: مم ذاك؟ فقال: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا وضوء إلا من ريح أو سماع».

1121 ـ خباب، أبو إبراهيم الخزاعى

وقوله فيما نقله البخارى: السائب بن خباب، لعله خباب أبو السائب. فإن الترجمة معقودة له. والله أعلم. 1121 ـ خباب، أبو إبراهيم الخزاعى: ذكره هكذا الذهبى، وقال: يروى عن مجزأة الأسلمى، عن إبراهيم بن خباب، عن أبيه. ذكره ابن قانع الطبرى. وذكره ابن الأثير أفود من هذا؛ لأنه قال: خباب، أبو إبراهيم. روى عن يزيد بن الخباب، عن قيس بن مجزأة بن ثور الأسلمى، عن إبراهيم بن خباب الخزاعى عن أبيه، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم استر عورتى، وآمن روعتى، واقض عنى دينى» (2). أخرجه أبو نعيم، وأبو موسى، وقال أبو موسى: رواه غسان، عن قيس بن الربيع، عن مجزأة بن زاهر، عن إبراهيم. وكأنه الصواب. انتهى. وفى هذه الترجمة تصحيف كتبته على ما وجدته، لأحرّره من نسخة أخرى من كتاب ابن الأثير إن شاء الله تعالى. 1122 ـ خباب، مولى عتبة بن غزوان، يكنى أبا يحيى: شهد بدرا مع مولاه عتبة بن غزوان. توفى بالمدينة سنة تسع عشرة، وهو ابن خمسين سنة، وصلى عليه عمر بن الخطاب رضى الله عنه. ذكره هكذا ابن عبد البر، وذكره ابن الأثير بمعنى هذا، وقال: شهد بدرا وما بعدها، هو ومولاه عتبة، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: وليست له رواية، ثم قال: ولم يعقب. أخرجه الثلاثة.

_ 1121 ـ انظر ترجمته فى: (التجريد 1/ 165). (1) أخرجه النسائى فى الكبرى، حديث رقم (10329) من طريق: عمرو بن منصور، قال: حدثنا أبو نعيم عن عبادة هو (ابن) مسلم حدثنى جبير بن أبى سليمان بن جبير بن مطعم، أنه كان جالسا مع ابن عمر، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى دعائه: «حين يمسى وحين يصبح: اللهم إنى أسألك العافية فى الدنيا والآخرة، اللهم إنى أسألك العفو والعافية، فى دينى ودنياى وأهلى ومالى، اللهم استر عورتى، وآمن روعاتى، اللهم احفظنى من بين يدى ومن خلفى، ومن يمينى وعن شمالى، ومن فوقى، وأعوذ بعظمتك أن اغتال من تحتى». قال جبير: هو الخسف، قال عبادة: فلا أدرى قول النبى صلى الله عليه وسلم أو قول جبير؟ . 1122 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة ترجمة 1409، الاستيعاب ترجمة 648، الإصابة ترجمة 2220).

1123 ـ خبيب بن عدى الأنصارى الأوسى، البدرى

1123 ـ خبيب بن عدىّ الأنصارىّ الأوسى، البدرىّ: قال ابن عبد البر: شهد بدرا، وأسر يوم الرجيع فى السرية التى خرج فيها مرثد بن أبى مرثد، وعاصم بن ثابت بن أبى الأقلح. وخالد بن بكير، فى سبعة نفر، فقتلوا. وذلك فى سنة ثلاث، وأسر خبيب، وزيد بن الدّثنة، فانطلق المشركون بهما إلى مكة فباعوهما. انتهى. وهذا يقتضى أن يوم الرّجيع فى سنة ثلاث. وقال ابن عبد البر فى ترجمة خالد بن البكير: أنه قتل يوم الرجيع فى صفر سنة أربع من الهجرة، والله أعلم. وما سبق عن ابن عبد البر، يقتضى أن السّرية سبعة، وجاء أنهم عشرة، وهذا فى مسند ابن حنبل. وما روينا فيه من حديث أبى هريرة رضى الله عنه، أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم، بعث عشرة رهط عينا. وأمر عليهم عاصم بن ثابت بن أبى الأقلح، فانطلقوا، حتى إذا كانوا بالهدأة بين عسفان ومكة. ذكروا لحى من هذيل، يقال لهم بنو الحيان. فنفروا إليهم بقريب من مائة رجل رام، وفيه أنهم أدركوا عاصما وأصحابه، وقتلوه فى سبعة نفر، ونزل إليهم ثلاثة نفر على العهد والميثاق، فيهم خبيب الأنصارى، وزيد بن الدّثنة، ورجل آخر. فلما استمكنوا منهم، أطلقوا أوتار قسيّهم فربطوهم بها. وفيه: وأنهم قتلوا الثالث، وانطلقوا بخبيب وزيد بن الدّثنة فباعوهما بمكة، فابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف خبيبا. وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر بن نوفل يوم بدر. فلبث خبيب عندهم أسيرا، حتى أجمعوا على قتله، فاستعار من بعض بنات الحارث موسى، يستحدّ بها للقتل، فأعارته إياها، وكانت تثنى عليه؛ لأنه تمكن أن يقتل بالموسى بنيّا لها صغيرا، فلم يفعل. وقالت: والله ما رأيت أسيرا خيرا من خبيب، والله لقد وجدته يوما يأكل قطفا من عنب فى يده، وإنه لموثق فى الحديد، وما بمكة من ثمرة، وكانت تقول: إنه لرزق رزقه الله خبيبا. فلما خرجوا به ليقتلوه فى الحلّ. قال لهم خبيب: دعونى أركع ركعتين، ثم قال: والله لولا أن تحسبوا أنما أجزع من الموت لزدت، اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا. ولا تبق منهم أحدا (1) [من الطويل]: فلست أبالى حين أقتل مسلما ... على أى شق كان فى الله (2) مصرعى

_ 1123 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة ترجمة 1417، الاستيعاب ترجمة 650، الإصابة ترجمة 2227). (1) انظر: أسد الغابة 2/ 307. (2) فى أسد الغابة: على أى جنب كان فى الله مصرعى.

وذلك فى ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع ثم قام إليه أبو سروعة عقبة بن الحارث، فقتله. وكان خبيب هو سنّ لكل مسلم قتل صبرا الصلاة. انتهى باختصار باللفظ، إلا قليلا فبالمعنى. وذكر ابن عبد البر من خبر خبيب فى أسره وقتله نحو هذا. وذكر أن ابن إسحاق قال: وابتاع خبيبا حجير بن أبى إهاب التميمى. وكان أخا الحارث بن عامر، فابتاعه لعقبة بن الحارث ليقتله بأبيه. وذكر عن ابن إسحاق أبياتا قالها خبيب حين صلب، منها [من الطويل]: إلى الله أشكو غربتى بعد كريتى ... وما جمع الأحزاب لى عند مصرعى فذا العرش صبّرنى (3) على ما أصابنى ... فقد بضّعوا لحمى وقد ضل مطمعى وما بى حذار الموت إنى لميت ... ولكن حذارى حرّ نار تلفّع فلست بمبد للعدو تخشعا ... ولا جزعا إنى إلى الله مرجعى ثم قال: وصلب خبيب بالتنعيم، وكان تولى صلبه عقبة بن الحارث، وأبو هبيرة العبدرىّ. وذكر عن الزبير خبرا فيه: أن عقبة بن الحارث، اشترى خبيب بن عدى من بنى النجار. وفيه ذكر جماعة شاركوه فى ابتياع خبيب. وهذا لا انتقاد فيه. وأما الأول، وهو كون خبيب من بنى النجار، ففيه نظر؛ لأنه أوسىّ. والله أعلم. وفى هذا الخبر أن الذى أعطت الموسى لخبيب امرأة عقبة بن الحارث. وفى الخبر الأول، أنها بعض بنات الحارث. وأما الصبى الذى تمكن خبيب من قتله. فهو أبو حسين بن الحارث بن عامر، أخو عقبة بن الحارث. كذا فى كتاب ابن الأثير وغيره. قال ابن عبد البر: وروى عمرو بن أمية الضّمرى، قال: بعثنى رسول اللهصلى الله عليه وسلم، إلى خبيب بن عدى لأنزله من الخشبة، فصعدت خشبته ليلا، فقطعت عنه وألقيته، فسمعت وجبة خلفى، فالتفت فلم أر شيئا. انتهى. وذكر ذلك ابن الأثير وزاد: فما ذكر لخبيب بعد رمّة حتى الساعة. انتهى. وسيأتى إن شاء الله تعالى فى ترجمة زيد بن الدّثنة، زيادة بيان فى تحقيق تاريخ يوم الرّجيع.

_ (3) فى أسد الغابة 2/ 123: فذا العرش صيرنى على ما أصابنى ..

1124 ـ خداش بن بشير بن الأصم بن معيص بن عامر بن لؤى

1124 ـ خداش بن بشير بن الأصم بن معيص بن عامر بن لؤى: وهو قاتل مسيلمة الكذاب، فيما يزعم بنو عامر. أخرجه أبو عمر. ذكره هكذا ابن الأثير. ولم يذكره ابن عبد البر فى باب خداش ـ بالدال المهملة ـ ولا فى باب خراش، وإنما ذكره فى باب الأفراد، وهذا عجب منه، فإنه ليس بفرد، ومحله باب خداش بالدال المهملة، إلا أن يكون خذاش بن بشير، بالمعجمة، وهو بعيد؛ لأنه لم يذكره بالمعجمة أحد فيما علمت، ولو كان كذلك لاشتهر. والله أعلم. 1125 ـ خداش ـ أو خراش ـ بن حصين بن الأصم، واسم الأصم رحضة بن عامر بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤىّ: له صحبة. أخرجه أبو عمر، وقال: لا أعلم له رواية. قال: وزعم بنو عامر، أنه قاتل مسيلمة الكذاب. أخرجه أبو عمر هكذا. ذكره ابن الأثير. وقال: قلت: خداش بن حصين هو ابن بشير الذى أخرجه أبو عمر أيضا. وقد تقدم ذكره، سماه ابن الكلبى خداشا ولم يشكّ، وسمى أباه بشيرا، ولا شك أن العلماء قد اختلفوا فى اسم أبيه، كما اختلفوا فى غيره، ودليله أن جده الأصم، لم يختلفوا فيه ولا فى قبيلته، ولا فى أنه قتل مسيلمة. والله أعلم. وعامر بن لؤى من قريش، ولؤى هو ابن غالب بن فهر بن مالك بن النّضر بن كنانة. فيكون المذكور قرشيا عامريا. 1126 ـ خداش بن أبى خداش المكى: عم صفية بنت أبى مجزاة. قاله أبو عمر. وقال ابن مندة وأبو نعيم: صفية بنت بحر. وقيل عن بحرية عمة أيوب بن ثابت. روى داود بن أبى هند عن أيوب بن ثابت، عن بحرية ـ وقيل بنت بحر ـ قالت: رأى عمى خداش النبى صلى الله عليه وسلم يأكل فى صحفة فاستوهبها منه. وقال أبو عامر العقدى وورقاء بن هانئ وغيرهما، عن أيوب، عن صفية بنت بحر. أخرجه الثلاثة. ذكرها هكذا ابن الأثير، وفى كتابه تصحيف كما ترى، كتبته لأحرره إن شاء الله تعالى. وذكره ابن عبد البر أخصر من هذا؛ لأنه قال: خداش عم صفية بنت أبى مجزأة، عمة أيوب بن ثابت. حديثه فى شأن الصّحفة. انتهى.

_ 1124 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 1420، الاستيعاب ترجمة 444، الإصابة 1/ 419). 1125 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة ترجمة 1420، الاستيعاب ترجمة 654، الإصابة ترجمة 2374). 1126 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 2/ 106، الإصابة 1/ 420)

1127 ـ خراش بن أمية بن الفضل الكعبى الخزاعى

1127 ـ خراش بن أمية بن الفضل الكعبى الخزاعى: مدنى، شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية وخيبر، وما بعدها من المشاهد، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية إلى مكة، فآذته قريش وعقرت جمله، فحينئذ بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان، وهو الذى حلق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية. روى عن خراش هذا، ابنه عبد الرحمن بن خراش. توفى خراش فى آخر خلافة معاوية. ذكره هكذا ابن عبد البر. وذكره ابن الأثير، فقال: خراش بن أمية الكعبى الخزاعى. له ذكر، ولا يعرف له رواية. قاله ابن مندة وأبو نعيم. وقال أبو عمر: خراش بن أمية بن الفضل الكعبى الخزاعى. فذكر ما سبق عن ابن عبد البر، إلا أنه فيما نقل ابن الأثير عن ابن عبد البر، زيادة على ما نقلناه. وهى: وحمله على جمل يقال له الثعلب، فآذته قريش وعقرت جمله، وأرادت قتله، فمنعته الأحابيش، فعاد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا لم أره فى الاستيعاب، ولعله سقط من النسخة التى رأيتها منه، والله أعلم. وذكر ابن الأثير: أن هشاما الكلبى، ذكر خراش بن أمية هذا، فقال: خراش بن أمية ابن ربيعة بن الفضل بن منقذ بن عوف بن كليب بن حبشيّة بن سلول بن كعب بن عمرو بن ربيعة، وهو لحىّ بن خزاعة الخزاعى. وكان حليفا لبنى مخزوم، يكنى أبا نضلة، وهو الذى حلق للنبى صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية. وكان حجاما. وذكر ابن الأثير: أن خراش بن أمية هذا، هو خراش الكلبى السّلولىّ. وكلام ابن عبد البر يقتضى أنهما اثنان. واستدل ابن الأثير على ذلك بما ذكره الكلبى من نسب خراش بن أمية، وقال: فلا أدرى كيف اشتبه على أبى عمر. انتهى. والله أعلم بالصواب. 1128 ـ خرص بن عجلان بن رميثة بن أبى نمى الحسنى المكى: بلغنى أنه ناب عن أبيه فى إمرة مكة، وأنه سافر إلى العراق، وعاد إلى مكة فى حالة جميلة، ومعه طبلخانة وغيرها مما يتخذ الأمراء، وصار يضرب طبلخانة مع طبلخانة أبيه وعمه ثقبة بن رميثة، وأن عمه جزع لذلك. وقال لأخيه عجلان: إما أن تكون شريكى أو ابنك، فأمر عجلان ابنه بالترك فأبى، فترك عجلان ضرب طبلخانه، ثم توفى خرص بإثر ذلك. ولعل وفاته فى آخر عشر الستين وسبعمائة، وهى فى هذا العشر أو فى الذى قبله، والله أعلم. وأمه أم الكامل بنت حميضة بن أبى نمى.

_ 1127 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 2/ 108، الإصابة 1/ 421).

1129 ـ خشيعة المكى الزباع

1129 ـ خشيعة المكى الزباع: بزاى معجمة وباء موحدة وألف ثم عين مهملة، من القواد المعروفين بالزّبابعة. قتل بمكة فى رمضان سنة ست وثلاثين وسبعمائة، مع ابن عمه واصل بن عيسى الزباع وزير رميثة، وكانا فى خدمته حين هجم مكة فى هذا التاريخ المذكور، وكان المحارب لهم بمكة، عطيفة بن أبى نمى وجماعته. * * * من اسمه خضر 1130 ـ خضر بن إبراهيم بن يحيى، الخواجا خير الدين بن الخواجا برهان الدين الرومى التاجر الكارمىّ: كان ذا ملاءة وافرة، سكن عدن مع أبيه مدة سنين، ثم انتقل إلى مكة، وأحب الانقطاع بها، ومضى منها إلى مصر، وعاد إليها بعد موت أبيه فى سنة إحدى عشرة وثمانمائة، واشترى بها ملكا واستأجر وقفا، ثم أعرض عن الإقامة بمكة، لتعب لحقه بها من جهة الدولة، وسكن القاهرة، وبها مات فى ثالث ذى القعدة سنة عشرين وثمانمائة. وكان ينطوى على دين، وقلة سماح، ومجموع مجاورته بمكة، يزيد على خمسة أعوام. 1131 ـ خضر بن حسن بن محمود النابتى العراقى الأصفهانى: نزيل مكة، هكذا وجدت نسبه بخطه، ووجدت بخطه: أنه سمع من لفظ الفخر التّوزرىّ: صحيح البخارى، فى سنة إحدى وسبعمائة، وقرأ عليه سنن أبى داود، وسمع من الرضى الطبرى: صحيح مسلم بقراءته. ووجدت بخط الآقشهرى: أنه يروى عن الدّلاصى، وابن شاهد القيمة وأنه سمع على الرشيد بن أبى القاسم كتاب «الإعلام» للسّهيلى عنه سماعا، وأنه قيد كثيرا، وأنه يحسّ بالرواية حسّا خفيّا ضعيفا، وأنه خير ثقة متعفّف، من خيار صوفية مكة تديّنا وعفّة، من شيوخه فى التصوف ابن بزغش بشرا، وصحب بمكة الشيخ نجم الدين الأصبهانى، وكان من خواص أصحابه. انتهى. سمع منه الشيخ نور الدين الفوّى بقراءته على ما ذكر فى جزء جمعه، سماه «هداية المقتبس وهداية الملتبس» وذكر أنه صحبه بمكة المشرفة، سنة أربعين وسبعمائة، ولبس منه خرقة التصوف، وأخذ عنه جملة صالحة من علوم القوم، إلا أنه وهم فى اسم أبيه؛ لأنه قال: الشيخ جمال الدين خضر بن محمد النابتى، نزيل حرم الله تعالى، ولا يقال إنه غيره؛ لأنه ذكر أنه صحب الرضى الطبرى والتّوزرىّ وسمع منهما ولبس منهما، وهما من

_ 1130 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 3/ 178).

1132 ـ الخضر بن عبد الواحد بن على بن الخضر، تاج الدين أبو القاسم، المعروف بابن السابق الشافعى

شيوخ المذكور، وأخذ الفقه عن الجيلوى، صاحب «بحر الحاوى» على ما ذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. انتهى. وتوفى ليلة السادس عشر من شعبان، سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة، كذا وجدت وفاته فى حجر قبره. ووجدت تاريخ وفاته بهذا الشهر أيضا، بخط ابن البرهان الطبرى. وفى حجر قبره: أن القاضى نجم الدين محمد بن أحمد الطبرى، أمر بتجديده فى رجب سنة ثلاث وستين وسبعمائة. ووجدت بخط الآقشهرى، ما يقتضى أنه جاور بمكة أزيد من أربعين سنة، وأنه ولد بدوين (1) سنة سبعين وستمائة. انتهى. وتفرد شيخنا أبو اليمن الطبرى بإجازته. 1132 ـ الخضر بن عبد الواحد بن على بن الخضر، تاج الدين أبو القاسم، المعروف بابن السابق الشافعى: القاضى بمكة. ذكره الرشيد العطار فى مشيخته، وقال بعد أن عرفه بما ذكرناه: القاضى أبو القاسم الحلبى، هذا من أعيان فقهاء الشافعية وأكابرهم، ويعرف بابن السابق. استوطن مكة وجاور بها إلى حين وفاته. وكان يدرّس بالحرم الشريف، ويفتى، واستقضى فى آخر وقت بها. قرأت عليه أحاديث يسيرة من صحيح مسلم، ولم أقف على سماعه، وإنما اعتمدت فى ذلك على قوله، وكان ممن يعتمد عليه والحمد لله. وسألت الشيخ أبا عبد الله بن أبى الفضل الأندلسى عنه فوثقه. وأخبرنى الفقيه جابر ابن أسعد اليمانى. بمصر، أنه توفى فى ذى الحجة سنة إحدى وثلاثين وستمائة بعد الوقفة، رضى الله عنه. انتهى. قلت: لم يبين الرشيد العطار، هل ولاية المذكور للقضاء بمكة نيابة أو استقلالا؟ ولا متى كانت؟ وأظن أنها نيابة. والله أعلم. وكان قاضيا فى سنة ست وعشرين وستمائة، وفى اللتين بعدها؛ لأنى وجدت خطه فى مكاتيب ثبتت عليه فى هذا التاريخ. والله أعلم.

_ 1131 ـ (1) ـ دوين: بفتح أوله، وكسر ثانيه، وياء مثناه من تحت ساكنة، وآخره نون: بلدة من نواحى أران فى آخر حدود أذربيجان بقرب من تفليس، منها ملوك الشام بنى أيوب. انظر: معجم البلدان 2/ 491.

1133 ـ خضر بن محمد بن على الإربلى (1)، أبو العباس الصوفى

1133 ـ خضر بن محمد بن على الإربلىّ (1)، أبو العباس الصوفىّ: نزيل مكة، سمع من نصر بن نصر العكبرىّ: الخامس من المخلصيّات الكبير وسمع أيضا أبا الكرم الشّهرزورىّ، والنقيب المكى، ومحمد بن الزاهد أبى بكر محمد بن عبد الله ابن عبد الرحمن التميمى الحراوىّ. وجاور بمكة، إلى أن توفى بها يوم الاثنين ثانى عشر جمادى الأولى سنة ثمان وستمائة. هكذا وجدت وفاته بخطى، فيما نقلته من تاريخ ابن الدّبيثى، وذكر أنه كان شيخ الصوفية ومقدما عليهم. ووجدت بخطى فيما نقلته من تاريخ إربل لابن المستوفىّ، أنه توفى فى محرم سنة ثمان وستمائة بمكة، والله أعلم بالصواب، وذكر أن الملك المظفر صاحب إربل، كان يصله فى كل سنة بجائزة، ويشركه مع نوابه الذين ينفذ على أيديهم الصدقات إلى مكة. 1134 ـ خضر بن قرامرز الكازرونى: نزيل حرم الله تعالى، الناخوذة (1) صلاح الدين. توفى يوم الاثنين لثلاث بقين من صفر سنة ثمان وعشرين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره لخصت هذه الترجمة. 1135 ـ خضر بن محمد بن على الإربلىّ الصوفىّ: نزيل مكة، وشيخ رباط السدرة بها. سمع من الفخر بن البخارى، ومن ابن مؤمن الصّورى: جزء عمر بن زرارة وغيرهم. وحدث، وصحب العزّ الفاروقى، وفارقه من مكة فى سنة اثنتين وتسعين وستمائة، وجاور بها إلى أن مات فى سنة ثلاثين وسبعمائة، وكان رجلا مباركا. 1136 ـ خلف بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد المكى الخوارزمىّ، أبو المظفر: ولد بخوارزم فى سنة أربع وخمسمائة، وورد مرو (1)، وتفقه بها على أبى الفضل

_ 1133 ـ (1) نسبة إلى بلد إربل وهى: إربل، بالكسر ثم السكون وباء موحدة مكسورة ولام بوزن إثمد، ولا يجوز فتح الهمزة لأنه ليس فى أوزانهم. انظر: معجم البلدان (إربل)، الروض المعطار 26، آثار البلاد 290. 1134 ـ (1) أى ربان السفينة. 1136 ـ (1) مرو الشامجان: هذه مرو العظمى أشهر مدن خراسان وقصبتها، نص عليها الحاكم ـ

1137 ـ خلف بن الوليد البغدادى الجوهرى

عبد الرحمن الكرمانى، ثم وعظ بجامعها فى سنة إحدى وستين، وكان كثير النكت والفوائد، وقدم بغداد فى سنة ستين حاجا، ثم قدمها فى سنة أربع وستين. 1137 ـ خلف بن الوليد البغدادىّ الجوهرىّ: نزيل مكة. سمع شعبة وإسرائيل، وأبا جعفر الرازى (1) وغيرهم. وروى عنه أحمد بن أبى خيثمة، وبشر بن موسى، ويحيى بن عبدك القزوينى، وأبو زرعة الرازى، ووثقه. وتوفى فى سنة اثنتى عشرة ومائتين. ذكره الذهبى فى تاريخ الإسلام. 1138 ـ خليفة بن حزن بن أبى وهب المخزومى: ذكر ابن قدامة أنه وأخاه عبد الرحمن، أسلما يوم الفتح، وقتلا شهيدين يوم اليمامة وذكر أنه لا يعلم أن أحدا من بنى حزن، حفظ عن النبى صلى الله عليه وسلم، وروى عنه، غير المسيب، والله أعلم. 1139 ـ خليفة بن محمود الكيلانى، يلقب نجم الدين: إمام الحنابلة بالحرم الشريف. ذكر الشيخ شمس الدين بن قيم الجوزية الحنبلى: أنه كان إمام الحنابلة بمكة، وإن إجراء عين مكة ـ يعنى عين بازان ـ كان على يده، وتولى مباشرتها بنفسه. وذكر عنه حكاية عجيبة تتعلق بعين مكة، ثم قال بعد ذكرها: وهذا الرجل الذى أخبرنى بهذه الحكاية، كنت نزيله وجاره وخبرته ورأيته من أصدق الناس وأدينهم وأعظمهم أمانة، وأهل البلد كلمتهم واحدة على صدقه ودينه، وشاهدوا هذه الواقعة بعيونهم. انتهى. وما عرفت من حاله سوى هذا، وأظنه كان نائبا فى إمامة الحنابلة بمكة لا مستقلا بها؛ لأن الحكاية التى ذكرها عنه ابن قيم الجوزية، كانت سنة ست وعشرين وسبعمائة، فإن فيها أجريت عين بازان، وكان إمام الحنابلة فى هذا التاريخ بمكة، القاضى جمال الدين محمد بن عثمان الآمدى. ولما مات فى سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، ولى الإمامة

_ ـ أبو عبد الله فى تاريخ نيسابور. وبين مرو ونيسابور سبعون فرسخا ومنها إلى سرخس ثلاثون فرسخا وإلى بلخ مائة واثنان وعشرون فرسخا واثنان وعشرون منزلا. انظر: معجم البلدان 5/ 112 وما بعدها. 1137 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ الكبير 2/ 1 / 196). (1) فى الأصول: «الدارى». والتصحيح من كتب الرجال.

بعده ابنه محمد، إلى أن مات سنة تسع وخمسين وسبعمائة، على ما هو معروف عند أهل مكة. ولعل نجم الدين خليفة المذكور، كان ينوب عن الأب وابنه، والله أعلم. ورأيت أن أثبت هذه الحكاية التى ذكرها عنه ابن قيم الجوزية لغرابتها، على ما هى مذكورة عنه فى كتاب: «آكام المرجان فى أحكام الجان»، ونصها فيه: «ونقلت من خط العلامة الشيخ شمس الدين أبى عبد الله محمد بن أبى بكر الحنبلى رحمه الله تعالى، وحدثنى به أيضا، قال: وقعت هذه الواقعة بعينها فى مكة، سنة إجراء العين بها، وأخبرنى إمام الحنابلة بمكة، وهو الذى كان إجراؤها على يده، وتولى مباشرتها بنفسه، نجم الدين خليفة بن محمود الكيلانى، قال: لما وصلنا فى الحفر، إلى موضع ذكره، خرج أحد الحفارين من تحت الحفر مصروعا لا يتكلم، فمكث كذلك طويلا، فسمعناه يقول: يا مسلمين، لا يحل لكم أن تظلمونا، قلت له أنا: وبأى شيء ظلمناكم؟ قال: نحن سكان هذه الأرض، ولا والله ما فيهم مسلم غيرى، وقد تركتهم ورائى مسلسلين، وإلا كنتم لقيتم منهم شرّا. وقد أرسلونى إليكم يقولون: لا ندعكم تمرون بهذا الماء فى أرضنا، حتى تبذلوا لنا حقنا. قلت: وما حقكم؟ قال: تأخذون ثورا، فتزينونه بأعظم زينة، وتلبسونه وتزفونه من داخل مكة، حتى تنتهوا به إلى هنا فاذبحوه، ثم اطرحوا لنا دمه وأطرافه ورأسه، فى بئر عبد الصمد، وشأنكم بباقيه، وإلا فلا ندع الماء يجرى فى هذه الأرض أبدا. قلت له: نعم أفعل ذلك، قال: وإذا بالرجل قد أفاق يمسح وجهه وعينيه، ويقول: لا إله إلا الله، أين أنا؟ قال: وقام الرجل ليس به قلبة، فذهبت إلى بيتى، فلما أصبحت ونزلت أريد المسجد، إذا برجل على الباب لا أعرفه، فقال لى: الحاج خليفة هاهنا؟ قلت: وما تريد به؟ قال: حاجة أقولها له. قلت له: قل لى الحاجة وأنا أبلغه إياها فإنه مشغول، قال لى: قل له: إنى رأيت البارحة فى النوم ثورا عظيما، قد زينوه بأنواع الحلىّ واللّباس، وجاءوا به يزفونه، حتى مروا به على دار خليفة، فوقفوه إلى أن خرج ورآه، وقال: نعم هو هذا، ثم أقبل به يسوقه والناس خلفه يزفونه، حتى خرج من مكة، فذبحوه وألقوا رأسه وأطرافه فى بئر. قال: فعجبت من منامه، وحكيت الواقعة والمنام لأهل مكة وكبرائهم، فاشتروا ثورا وزينوه وألبسوه، وخرجنا به نزفه، حتى انتهينا إلى موضع الحفر، فذبحناه وألقينا رأسه وأطرافه ودمه فى البئر التى سماها، قال: ولما كنا قد وصلنا إلى ذلك الموضع، كان الماء يفور، فلا ندرى أين يذهب أصلا، ولا نرى عينا ولا أثرا.

من اسمه خليل

قال: فما هو إلا أن طرحنا ذلك فى البئر، قال: وكأن من أخذ بيدى وأوقفنى على مكان، وقال: احفروا هاهنا. قال: فحفرنا وإذا بالماء يموج فى ذلك الموضع، وإذا طريق منقورة فى الجبل، يمر تحتها الفارس بفرسه، فأصلحناها، فجرى الماء فيها نسمع هزيزه، فلم يكن إلا نحو أربعة أيام، وإذا بالماء بمكة، وأخبرنا من حول البئر، أنهم لم يكونوا يعرفون فى البئر ماء يردونه، فما هو إلا أن امتلأت وصارت موردا». انتهى (1). والشيخ شمس الدين الحنبلى المذكور فى هذه الحكاية، هو ابن قيم الجوزية. وقال بعد ذكرها: وهذا الرجل الذى أخبرنى بهذه الحكاية، كنت نزيله وجاره، وخبرته فرأيته من أصدق الناس وأدينهم، وأعظمهم أمانة، وأهل البلد كلمتهم واحدة على صدقه ودينه، وشاهدوا هذه الواقعة بعيونهم. انتهى. وبئر عبد الصمد المذكورة فى هذه الحكاية، لا تعرف الآن، والعين المشار إليها: عين بازان، والله تعالى أعلم. * * * من اسمه خليل 1140 ـ خليل بن ألدمر الناصرىّ: توفى بمكة فى الرابع عشر من ذى الحجة سنة ثلاثين وسبعمائة، مقتولا فى الفتنة العظيمة التى كانت بها فى هذا التاريخ، بين الحجاج المصريين وأهل مكة، وقد شرحناها فى ترجمة أبيه. 1141 ـ خليل بن عبد الرحمن بن محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن الحسن بن عبد الله القسطلانى المكى المالكى: إمام مقام المالكية بالحرم الشريف، يكنى أبا الفضل، ويلقب بالضياء، ويسمى محمدا أيضا، وإنما اشتهر بخليل. ولذلك ذكرناه هنا. سمع على المفتى عماد الدين عبد الرحمن بن محمد الطبرى: صحيح مسلم، بفوت،

_ 1139 ـ (1) قال ابن القيم الجوزية تعليقا على هذه الحكاية: وهذا نظير ما كان من عادتهم قبل الإسلام من تزيين جارية حسناء وإلباسها أحسن الثياب وإلقائها فى النيل حتى يطلع، ثم أبطل الله تلك السنة الجاهلية على يدى من أخاف الجن وقمعها عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وهكذا هذه العين وأمثالها لو حضرها رجل عمرى يفرق من الشيطان لجرت على رغمهم ولم يذبح لهم عصفور فما فوقه ولكن لكل زمان رجال. 1141 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 2/ 21، شجرة النور الزكية 222).

وعلى أخيه يحيى: أربعين المحمدين للجيّانى، وعلى أمين الدين القسطلانى: الموطا، رواية يحيى بن يحيى، خلا من أوله إلى قوله: «إعادة الصلاة مع الإمام»، وسمعه كاملا على التوزرى، وسمع عليه الصحيحين، وسنن أبى داود، وجامع الترمذى، والشفاء للقاضى عياض، وعلى الصفى والرضى الطبريين: صحيح البخارى، وعلى الرضى بمفرده: السيرة لابن إسحاق، وتاريخ الأزرقى، وعليه وعلى الشريف أبى عبد الله الفاسى: العوارف للسّهروردىّ، وعلى ابن حريث: الشفاء للقاضى عياض، وغير ذلك كثيرا بمكة والمدينة عليهم، خلا ابن حريث، وعلى جماعة سواهم، منهم: جده لأمه، قاضى مكة جمال الدين بن الشيخ محب الدين الطبرى، وجد أمه المحب الطبرى، على ما وجدت بخط جدى الشريف علىّ بن الشريف أبى عبد الله الفاسى، ولم يبين ما سمعه عليهما، وما عرفت أنا ذلك. ووجدت بخطه: أن خاله قاضى مكة نجم الدين الطبرى، أشغله فى مذهب الشافعى، فحفظ الحاوى والتنبيه، ثم اشتغل بمذهب مالك، على قاضى القضاة بالإسكندرية، شمس الدين بن جميل، وقاضى القضاة بدمشق فخر الدين بن سلامة، والشيخ أبى عبد الله الغرناطى بمكة. وقرأ الأصول على الشيخ علاء الدين القونوى، وقرأ النحو عليه، وعلى الشيخ عز الدين النّشائى، وجوّد القراءات بالسبع، على الشيخ عفيف الدين الدلاصى بمكة، والشيخ أبى عبد الله القصرى. وصحب الشريف أبا عبد الله الفاسى بمكة، مدة طويلة، ورباه وسلكه، وأخذ عنه طريق القوم، وصحب الشيخ الصالح أبا محمد البسكرى، وتلقن منه، وأخذ عنه، وصحب الشيخ خليفة، وآخرين يطول تعدادهم. انتهى ما وجدته بخط جدى. وحدث بكثير من مسموعاته، سمع منه جماعة من أعيان شيوخنا، منهم والدى، فروى لنا عنه غير واحد منهم، ودرس وأفتى كثيرا، مع الفضيلة والشهرة الجميلة، وكان وافر الصلاح، ظاهر البركة شديد الورع والاتباع. وله من الجلالة والعظمة عند الخاص والعام ما لا يوصف، خصوصا عند أهل المغرب، كبلاد التّكرور (1) والسودان، فإنهم كانوا يرون الاجتماع به من كمال

_ (1) تكرور: مدينة فى بلاد السودان بقرب مدينة صنغانة على النيل، وهى أكبر من مدينة سلى وأكثر تجارة، ومن مدينة سلى وتكرور إلى سجلماسة أربعون يوما بسير القوافل وأقرب البلاد إليها من بلاد لمتونة الصحراء أزقى وبينهما خمس وعشرون مرحلة. انظر: ـ

حجهم، وكانوا يحملون إليه الفتوحات الكثيرة، فيفرقها على أحسن الوجوه. وكان كثير الإحسان إلى الخلق، ولم يكن له فى ذلك نظير ببلاد الحجاز؛ فإنه كان بسبب ذلك يستدين الدين الكثير، وربما بلغ دينه مائة ألف درهم، فيقضيها الله تعالى على أحسن الوجوه ببركته. وقد ذكره ابن فرحون فى كتابه «نصيحة المشاور» فذكر من أوصافه الجميلة بعض ما ذكرناه. ومما يحكى من كراماته، ما بلغنى عن شيخنا القاضى نور الدين على بن أحمد النويرى ـ وهو ربيب الشيخ خليل المذكور ـ قال: أخبرنى شيخ الفراشين بالحرم النبوى، وسماه شيخنا نور الدين، ونسى اسمه الحاكى لى عنه، قال: بتّ ليلة بالحرم النبوى، ثم أفقت وتطهرت، وأتيت الروضة، وقصدت وجه النبى صلى الله عليه وسلم لأسلم عليه، فإذا بالباب الذى فى هذه الجهة، قد فتح وخرج منه الشيخ خليل المالكى، وغلق الباب فى إثره، وقصد الشيخ خليل الروضة. قال: فسلمت على النبى صلى الله عليه وسلم، وخففت، وتعجبت من دخول الشيخ خليل إلى الحرم النبوى ليلا من غير شعورى، ثم قلت: لعل غيرى فتح له، وقصدت الروضة لقصد الاجتماع به، فلم أره بها. انتهى بالمعنى. ولأجل هذه الحكاية، قيل إن الشيخ خليل كان من أهل الحظوة. ومنها: أن القاضى نور الدين، ذكر أنه دخل على الشيخ خليل فى زمن الموسم، وهو يتصدق على الناس، فسأله أن يكسوه، فأمر الشيخ غلامه أن يعطيه مائتى درهم، قال القاضى نور الدين: فقبلتها واغتبطت بها، فلما فهم ذلك عنى، دعا لى فيها بالبركة، قال: فتسببت فيها حتى صارت نيفّا وأربعين ألف درهم. ومنها: أن القاضى شهاب الدين الطبرى، شكا إلى الشيخ خليل شدّة خوفه من المصريين؛ لأن بعض جماعة القاضى شهاب الدين، سعوا عند عجلان أمير مكة، فى منع الضياء الحموى من الخطابة بمكة، فمنع من ذلك، بعد أن صار فى المسجد، وهو لابس شعار الخطبة. وكان صاحب مصر الملك الناصر حسن، قد فوض إليه ذلك بوساطة القطب الهرماس، أحد خواصه، فأنهى ذلك أعداء القاضى إلى السلطان، فكثر تآمره على القاضى شهاب الدين، وأمر فيه بالسوء، وشاع ذلك فى الناس، واشتد خوف القاضى

_ ـ معجم البلدان 2/ 38، الروض المعطار 134، الإدريسى 3/ 4، الاستبصار 217، البكرى 172، صبح الأعشى 5/ 286.

1142 ـ خليل بن عبد المؤمن بن خلبفة الدكالى المكى، سبط الشريف أبى عبد الله الفاسى، جد أبى

شهاب الدين من ذلك، وصار يلازم الشيخ خليل فى الدعاء بالسلامة، وألحّ على الشيخ خليل فى ذلك، فقال له الشيخ خليل: ما ترى إلا خيرا، فقال له: كيف يكون هذا، وعن قريب يصل عسكر السلطان إلى مكة! . فقال له الشيخ خليل: رأيت أنى أنا وأنت فى جوف الكعبة، ورقينا فى الدرجة التى بسطحها، ودخول الكعبة أمان لداخلها، فصحت بشارة الشيخ خليل؛ لأن العسكر وصل إلى الكعبة، والقاضى شهاب الدين ضعيف، وتمادى به المرض حتى مات بعد وصول العسكر بأيام. وبلغنى أن الشيخ خليل، كان لا يميز صنجة مائة من مائتين، لإعراضه عن الدنيا، وإنما كان يرتب فى بيته كل يوم خبزا كثيرا جدّا، ويتصدق به على الفقراء والمساكين، وأن ذلك من غلة الوقف الذى اشتراه بقرية المبارك من أعمال مكة، ووقفه لأجل ذلك. وهذا الوقف وجبتا ماء غير قليل، وأراضى معروفة. وكان الشيخ خليل مبتلى بالوسواس فى الطهارة والصلاة، وكان يشتد عليه الوسواس فى ذلك، فيعيد الصلاة بعد أن يصلى بالناس، وربما أقام يصلى من بعد صلاة الظهر إلى آذان العصر، صلاة الظهر يعيدها، وربما أذن العصر ولم يكمل الصلاة؛ لأنه يحرم بالصلاة ويقطعها لأجل الوسواس، فيكرر ذلك ويتألم خاطره لذلك، فيبكى فى بعض الأحيان، ولما مات أوصى بكفارات كثيرة، خوفا من أن يكون حنث فيما صدر عنه من أيمان بالله تعالى، فكفرها عنه جدّى الشريف على الفاسى، لكثرة ما كان بينهما من الصداقة، بعد وصول جدّى من بلاد التّكرور. وللشيخ خليل فى الورع وفعل الخير أخبار كثيرة. وقد أتينا على طرف صالح منها. وتوفى رحمه الله، ليلة الاثنين لعشر بقين من شوال سنة ستين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، على جده الإمام ضياء الدين المالكى. نقلت وفاته هكذا من حجر قبره بالمعلاة. وذكر ابن محفوظ: أنه توفى فى الثالث والعشرين من شوال من السنة المذكورة، ومولده فى شوال سنة ثمان وثمانين وستمائة، على ما وجدت بخطه. ووجدت بخط جدى الشريف على الفاسى: أنه ولد فى سادس شوال، ووجدت بخطه: أنه ولى الإمامة مستقلا بعد أبيه، سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، فعلى هذا تكون مدة ولايته للإمامة حتى مات، سبعا وأربعين سنة. 1142 ـ خليل بن عبد المؤمن بن خلبفة الدّكّالى المكى، سبط الشريف أبى عبد الله الفاسى، جد أبى: أجاز له فى سنة ثمان وعشرين وسبعمائة من دمشق: الحجار وجماعة، وسمع الكثير

1143 ـ خليل بن عمر بن عبد الله بن عبد الرحمن القسطلانى المكى المالكى، ابن ابن أخى الشيخ خليل المالكى، السابق، وبه تسمى

بمكة على الحجى، والزين الطبرى، وعثمان بن الصفى، والآقشهرى وغيرهم، وبالمدينة من الزبير الأسوانى، والجمال المطرى، وخالص البهائى، وغيرهم. توفى سنة تسع وأربعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة فى ذى القعدة، أو فى ذى الحجة منها. 1143 ـ خليل بن عمر بن عبد الله بن عبد الرحمن القسطلانى المكى المالكى، ابن ابن أخى الشيخ خليل المالكى، السابق، وبه تسمى: توفى سنة ثمان وثمانين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة عن خمس وعشرين سنة أو نحوها. 1144 ـ خليل بن محمد بن محمد بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن الأقفهسى المصرى، يلقب غرس الدين، ويقال صلاح الدين ويكنى أبا الصفا، وأبا الحرم، وأبا سعيد، المحدث المشهور: ولد فى عشر السبعين وسبعمائة، وحبب إليه الحديث، فطلبه بجد فى حدود التسعين وسبعمائة، فسمع الكثير من الكتب والأجزاء بالقاهرة ومصر، على خلق كثير، منهم: صلاح الدين الزفتاوى، خاتمة أصحاب وزيرة والحجار بديار مصر، وتقى الدين بن حاتم، وتاج الدين عبد الواحد الصردى، وشمس الدين محمد بن على المطرز، والشهاب أحمد المنفر، وزين الدين عبد الرحمن بن الشيخة، ومريم بنت الأذرعىّ، ثم حج، فسمع بمكة من إبراهيم بن محمد بن صديق، وشمس الدين بن سكّر، وكان عسرا فى التحديث كثيرا، فلاطفه حتى سمح له بقراءة أشياء كثيرة، لم يسمح بقراءتها لأحد قبله، وبصحبته تيسر لنا سماع كثير من ذلك عليه، وسمع من غيرهما بمكة والمدينة. وكان حجه فى سنة خمس وتسعين وسبعمائة، وجاور بمكة حتى حج فى سنة تسع وتسعين، ورحل فيها إلى دمشق، فأدرك بها من جلّة الشيوخ: المفتى شهاب الدين أحمد ابن أبى بكر بن العزّ الصالحى، خاتمة أصحاب القاضى سليمان بن حمزة بالسماع، وأبا هريرة عبد الرحمن بن الحافظ الذهبى، وعلى بن محمد بن أبى المجد الدمشقى، وفرج بن عبد الله الحافظى، وخديجة بنت ابن سلطان، وغير واحد من أصحاب الحجار، وغير واحد عنهم بقراءته غالبا، كثيرا من الكتب الكبار والأجزاء، وقدم علينا مصر بعد زيارته لبيت المقدس، وسماعه به فى أوائل سنة ثمان وتسعين، فأفادنى أشياء من حال الشيوخ بدمشق، حصل لى بها نفع فى رحلتى إلى دمشق، ثم توجه فى البحر إلى مكة،

_ 1144 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 9/ 219).

فى أواخر سنة تسع وتسعين وسبعمائة، ولم يقدر له الحج، وجاور بمكة فى سنة ثمانمائة حتى حج، ودخل مع الحجاج الشاميين إلى دمشق، فاستفاد بها شيوخا، وأشياء من المرويات، لم يكن استفادها قبل ذلك. وقدمت عليه إلى دمشق، فى صحبة الحافظ الحجة شهاب الدين بن حجر لما رحل إلى دمشق فى رمضان سنة اثنتين وثمانمائة، فأفادنا أشياء كثيرة من المرويات والشيوخ، وقرأ لنا أشياء كثيرة؛ لأن الحافظ شهاب الدين، كان يشتغل بانتخاب أشياء مفيدة، وكنت أنا وبه فى القراءة، وعاد معنا إلى مصر فى أوائل سنة ثلاث وثمانمائة، وترافقنا من مصر للسفر إلى مكة، فى وقت الحج، من سنة أربع وثمانمائة، فحج وجاور بمكة نحو سبع سنين متوالية، غير أنه كان زار المدينة النبوية من مكة ثلاث مرات، وزار الطائف مرة. ولما حج فى سنة إحدى عشرة وثمانمائة، توجه مع قافلة عقيل إلى الحسا والقطيف (1)، لإلزام بعض أصحابه له بذلك، ومضى من هناك إلى هرموز، ثم إلى كنباية (2) من بلاد الهند، ثم عاد إلى هرموز، وصار يتردد منها إلى بلاد العجم للتجارة، وحصل دنيا قليلة، ثم ذهبت منه، ولم يكتسب مثلها، حتى مات. وكان ماهرا فى معرفة المتأخرين والمرويات والعوالى، مع بصارة فى المتقدمين ومشاركة فى الفقه والعربية، ومعرفة حسنة للفرائض والحساب والشعر، وله نظم كثير، وتخاريج حسنة مفيدة، خرج لنفسه أحاديث متباينة الإسناد والمتون، زاد فيها على تسعين حديثا، إلا أنه لم يشترط اتصال إسنادها بالسماع، وراعيت أنا ذلك فيما خرجت لنفسى فى هذا المعنى، ويسر الله لى من ذلك أربعين حديثا، بشرط اتصال السماع، وغير ذلك من الشروط الحسنة. ومن تخاريجه أحاديث الفقهاء الشافعية، وخرج معجما حسنا لقاضى مكة، شيخنا جمال الدين بن ظهيرة، ومشيخة لشيخنا القاضى مجد الدين إسماعيل الحنفى، وخرج شيئا لشيخنا عبد الرحمن بن الشيخة، ولغير واحد من شيوخه وأقرانه، وكان حسن القراءة والكتابة والأخلاق، ذا مروءة كثيرة وديانة، وقد تبصر فى الحديث كثيرا، بشيخنا حافظ

_ (1) القطيف: هى مدينة بالبحرين هى اليوم قصبتها وأعظم مدنها. انظر: معجم البلدان 4/ 378. (2) كنباية: مدينة بأرض الهند من مملكة بلهرى وهى على الخليج من البحر أعرض من النيل. انظر: الروض المعطار 496، ابن بطوطة 550، حدود العالم 88، نخبة الدهر 152، تقويم البلدان 356.

الإسلام زين الدين أبى الفضل عبد الرحيم بن العراقى، وابنه العلامة ولى الدين أبى زرعة أحمد، والحافظ نور الدين الهيثمى، وبمذاكرة الحذّاق من الطلبة، والنظر فى التعاليق والكتب، حتى صار مشهور الفضل. وسمعته يذكر، أنه سمع حديث السلفى متصلا بالسماع، على عشرة أنفس، وحديث أبى العباس الحجار، على أزيد من أربعين نفرا من أصحابه، ولم يتفق لنا مثل ذلك. سمعت عليه بقراءة صاحبنا الحافظ أبى الفضل بن حجر، شيئا يرويه من أحاديث السلفى متصلا، عند ما قرأه الحافظ أبو الفضل بن حجر، على مريم بنت الأذرعىّ، بإجازتها من الوانى شيخ شيخه، وشيئا من حديث الفخر بن البخارى، عن عمر بن أميلة، لإجازته للموجودين بدمشق، وكان بها حين الإجازة، وذلك بقرية المبارك من وادى نخلة الشامية. وسمعت منه أشياء من شعره لا تحضرنى الآن. وقرأ علىّ بعض تواليفى فى تاريخ مكة، وكثر أسفنا على فراقه، ثم موته. وكان موته فى آخر سنة عشرين وثمانمائة، ظنا غالبا، بيزد (3) من بلاد العجم، بعد أن دخل الحمام، وخرج منه، وبمسلخ الحمام مات. وبلغنا نعيه بمكة، فى موسم سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، رحمة الله تعالى عليه. ومن شعره ما أنشدناه صاحبنا المقرى الفاضل أبو على أحمد بن على الشوايطى. نزيل مكة المشرفة سماعا من لفظه عنه سماعا [من البسيط]: دع التشاغل بالغزلان والغزل ... يكفيك ما ضاع من أيامك الأول ضيعت عمرك لا دنيا ظفرت بها ... وكنت عن صالح الأعمال فى شغل تركت طرق الهدى كالشمس واضحة ... وملت عنها لمعوج من السبل ولم تكن ناظرا فى أمر عاقبة ... أأنت فى غفلة أم أنت فى خبل يا عاجزا يتمادى فى متابعة الن ... فس اللجوج ويرجو أكرم النزل هلا تشبهت بالأكياس إذ فطنوا ... فقدموا خير ما يرجى من العمل فرطت يا صاح فاستدرك على عجل ... إن المنية لا تأتى على مهل

_ (3) يزد: بفتح أوله، وسكون ثانيه، ودال مهملة، مدينة متوسطة بين نيسابور وشيراز وأصبهان، معدودة فى أعمال فارس ثم من كورة إصطخر وهو اسم للناحية وقصبتها يقال لها: كثه، بينها وبين شيراز سبعون فرسخا. انظر: معجم البلدان (يزد).

هل أنذرتك يقينا وقت زورتها ... أو بشرتك بعمر غير منفصل هيهات هيهات ما الدنيا بباقية ... ولا الزمان بما أمّلت فيه ملى لا تحسبن الليالى سالمت أحدا ... صفوا فما سالمت إلا على دخل ولا يغرنك ما أوليت من نعم ... فهل رأيت نعيما غير منتقل كم من فتى جبرته بعد كسرته ... فقابلته بجرح غير مندمل إلام ترفل فى ثوب الغرور على ... بساط لهوك بين التيه والجذل والشيب وافاك منه ناصح حذر ... فما به كنت إلا غير مهتبل ولم ترع منه بل أصبحت تنشده ... إنى اتهمت نصيح الشيب فى عذل وسرت تطلب حظ النفس من سفه ... فبهجة العمر قد ولت ولم تصل ومال عصر التصابى منك مرتحلا ... وأنت عن جانب التسويف لم تمل عيب بمثلك تسويف على كبر ... وحالة عن طريق الغى لم تحل أقسمت بالله لو أنصفت نفسك ما ... تركتها باكتساب الوزر فى ثقل أما علمت بأن الله مطلع ... على الضمائر والأسرار والحيل وكل خير وشر أنت فاعله ... يحصى ولو كنت فى الأستار والكلل أما اعتبرت بترداد المنون إلى ... هذى الخليقة فى سهل وفى جبل وسوف تأتى بلا شك إليك فما ... أخرت عمن مضى إلا إلى أجل لكنه غير معلوم لديك فخذ ... بالحزم وانهض بعزم منك مكتمل دع البطالة والتفريط وابك على ... شرخ الشباب الذى ولى ولم يطل ولم تحصل به علما ولا عملا ... ينجيك من هول يوم الحادث الجلل وابخل بدينك لا تبغى به عوضا ... ولو تعاظم واحذر بيعة السفل واتل الكتاب كتاب الله منتهيا ... عما نهى وتدبره بلا ملل وكل ما فيه من أمر عليك به ... فهو النجاة لتاليه من الظلل ولازم السنة الغراء تحظ بها ... وعد عن طرق الأهواء واعتزل وجانب الخوض فيما لست تعلمه ... واحفظ لسانك واحذر فتنة الجدل وكن حريصا على كسب الحلال ولو ... حملت نفسك فيه غير محتمل واقنع تجد غنية فى كل مسألة ... ففى القناعة عز غير مرتحل واطلب من الله واترك من سواه تجد ... ما تبتغيه بلا منّ ولا بدل ولا تداهن فتى من أجل نعمته ... يوما ولو نلت منه غاية الأمل واعمل بعلمك لا تهجره تشق به ... وانشره تسعد بذكر غير منخذل

1145 ـ الخليل بن يزيد المكى، أبو الحسن

ومن أتى لك ذنبا فاعف عنه ولا ... تحقد عليه وفى عتباه لا تطل عساك بالعفو أن تجزى إذا نشرت ... صحائف لك منها صرت فى خجل ولا تكن مضمرا ما لست تظهره ... فذاك يقبح بين الناس بالرجل ولا تكن آيسا وارج الكريم لما ... أسلفت من زلة لكن على وجل وقف على بابه المفتوح منكسرا ... تجزم بتسكين ما فى النفس من علل وارفع له قصة الشكوى وسله إذا ... جن الظلام بقلب غير مشتغل ولازم الباب واصبر لا تكن عجلا ... واخضع له وتذلل وادع وابتهل وناديا مالكى قد جئت معتذرا ... عساك بالعفو والغفران تسمح لى فإننى عبد سوء قد جنى سفها ... وضيع العمر بين النوم والكسل وغره الحلم والإمهال منك له ... حتى غدا فى المعاصى غاية المثل وليس لى غير حسن الظن فيك فإن ... رددتنى فشقاء كان فى الأزل حاشاك من رد مثلى خائبا جزعا ... والعفو أوسع يا مولاى من زللى ولم أكن بك يوما مشركا وإلى ... دين سوى دينك الإسلام لم أمل وكان ذلك فضلا منك جدت به ... وليس ذاك بسعى كان من قبلى فتمم النعمة العظمى بخاتمة ... حسنى وجد بعد هذا النهل بالعلل فشافعى أحمد الهادى إليك فما ... سرى إلى غيره فكرى ولا أملى لأنه الشافع المقبول منه إذا ... لاذ الخلائق يوم الفصل بالرسل وهو الذى من أتاه واستجار به ... يظفر بجار بحفظ الجار محتفل ومن أناخ به يرجو فواضله ... أعطاه فوق الّذى يرجو من النحل فهو الكريم الذى فاضت يداه ندا ... حتى لقد هزأت بالعارض الهطل وكم له مكرمات ليس يحصرها ال ... حساب عدّا بتفصيل ولا جمل وقد نزلت حماه واستجرت به ... فليس إلا عليه دائما عولى يا رب صل عليه كلما صدحت ... ورق الحمائم فى الإشراق والطفل واجعل مقالى مضموما إلى عمل ... ترضى به دائما بالموت متصل إن لم أفز بها أنشدت فى خجل ... أستغفر الله من قول بلا عمل 1145 ـ الخليل بن يزيد المكى، أبو الحسن: حدث عن الزبير بن عيسى. وعنه يعقوب بن سفيان، وروى عنه فى الأول من مشيخته، مع رجال من أهل مكة.

1146 ـ خنيس بن حذافة بن قيس بن عدى بن سعد بن سهم السهمى

1146 ـ خنيس بن حذافة بن قيس بن عدى بن سعد بن سهم السهمى: كان من المهاجرين الأولين، شهد بدرا وأحدا، ونالته بأحد جراحات، فمات منها بالمدينة. وكان تزوج حفصة بنت عمر، قبل النبى صلى الله عليه وسلم، وهو من مهاجرة الحبشة. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر، وابن الأثير، وقال: كان من السابقين إلى الإسلام، وذكر أنه أخو عبد الله بن حذافة. وذكره الذهبى، وقال: له هجرتان. 1147 ـ خنيس بن خالد، وهو الأشعر الخزاعى الكعبى: ذكره ابن عبد البر، ورفع فى نسبه أكثر من هذا، وقال: هكذا قال فيه إبراهيم بن سعد وسلمة جميعا عن أبى إسحاق: خنيس ـ بالخاء المنقوطة ـ وغيرهما يقول: حنيش بالحاء والشين المنقوطة، وقد ذكرناه فى الحاء. انتهى. وذكره ابن الأثير بمعنى هذا. وقد تقدم فى الحاء المهملة. ذكره هكذا ابن عبد البر، وقال: لم يذكروه فى الصحابة، ولا أعلم له رواية. انتهى. 1148 ـ خويلد بن خالد بن منقذ بن ربيعة الخزاعىّ، أخو أم معبد: وذكر ابن عبد البر فى نسبه غير هذا، وذلك زيادة «خليف» بين خالد ومنقذ، وقد تقدم ذلك فى ترجمة أخيه حبيش بن خالد، فى باب الحاء المهملة. 1149 ـ خويلد بن عمرو بن صخر بن عبد العزى: هو أبو شريح الخزاعى. سيأتى فى الكنى، للخلاف فى اسمه.

_ 1146 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة ترجمة 1485، الاستيعاب ترجمة 677، الإصابة ترجمة 2299، المنتظم 2/ 375، 728، 130، 160، 180، 213). 1147 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة ترجمة 1486، الاستيعاب ترجمة 678، الإصابة ترجمة 2300). 1148 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 682، الإصابة ترجمة 2310، أسد الغابة ترجمة 1500). 1149 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ الكبير 2/ 1 / 224، طبقات ابن سعد 4/ 221).

1150 ـ خلاد بن يحيى بن صفوان السلمى، أبو محمد الكوفى

1150 ـ خلّاد بن يحيى بن صفوان السلمى، أبو محمد الكوفى: نزيل مكة، روى عن إسماعيل بن عبد الملك بن أبى الصّفيراء، وعبد الرحمن بن أيمن، ومالك بن مغول، ومسعر بن كدام، وغيرهم. روى عنه: البخارى، ومحمد بن إسحاق الصاغانى، وبشر بن موسى، وحنبل بن إسحاق، ومحمد بن سليمان الباغندىّ، وأبو زرعة الرازى، وآخرون. وروى له الترمذى وأبو داود. وقال ابن نمير: صدوق، إلا أن فى حديثه غلطا قليلا. قال أبو داود: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: محله الصدق، ليس بذاك المعروف. وقال أحمد بن حنبل: ثقة أو صدوق، ولكن كان يرى شيئا من الإرجاء. وذكره ابن حبان فى الثقات. وقال البخارى: سكن مكة، ومات بها قريبا من سنة ثلاث عشرة ومائتين. وقال حنبل بن إسحاق: مات سنة سبع عشرة ومائتين، كذا رأيت فى تهذيب الكمال للمزّى، منقولا عن حنبل، ورأيت فى مختصر التهذيب للذهبى خلاف على ذلك عن حنبل؛ لأن فيه، قال حنبل: مات سنة عشرين ومائتين. انتهى. ووجدت بخطى فيما نقلته من الثقات لابن حبان، أنه توفى سنة ثلاث عشرة ومائتين بمكة بعد أن سكنها، وقيل مات سنة اثنتى عشرة، وقيل سبع عشرة. حكاهما الذهبى فى الميزان. * * *

_ 1150 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير الترجمة 638، تاريخه الصغير 2/ 328، المعرفة والتاريخ 2/ 161، تاريخ واسط لبحشل 196، الجرح والتعديل الترجمة 1675، أسماء الدار قطنى الترجمة 288، الجمع لابن القيسرانى 1/ 128، المعجم المشتمل الترجمة 325، العبر 1/ 362، الكاشف 1/ 285، الميزان الترجمة 2526، المغنى الترجمة 1927، سير أعلام النبلاء 10/ 164، تهذيب ابن حجر 3/ 174، تهذيب الكمال 1841، مقدمة الفتح 398 ـ 399، خلاصة الخزرجى الترجمة 1884، شذرات الذهب 2/ 28).

حرف الدال المهملة

حرف الدال المهملة 1151 ـ دانيال بن عبد العزيز بن على بن عثمان الأصبهانى، المعروف بابن العجمى المكى: سمع من قاضى المدينة شمس الذين بن السبع، فى صفر سنة إحدى وستين بالحرم الشريف مع والدى، وهو ابن خالته، وكان شابا خيرا، ذا مروءة وسجايا حسنة. توفى رحمه الله شابا سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة بمكة. 1152 ـ دانيال بن على بن سليمان بن محمود اللّرستانىّ، الكردىّ: كان من كبار مشيخة العجم المجاورين بمكة، وله سعى مشكور فى إجراء عين بازان. فإنه فيما بلغنى، توجه بسببها إلى مصر، ثم إلى العراق، ولحق بجوبان نائب العراقين، فحثه على أن يجريها، فأمر بعمارتها حتى جرت فى سنة ست وعشرين وسبعمائة، كما ذكرنا فى ترجمة جوبان، وحصل بها النفع العظيم، فهو شريكه فى الثواب، إذ الدال على الخير كفاعله، كما أخبر به المصطفى صلى الله عليه وسلم، وصح لى فى أنه سعى فى عمارتها بعد ذلك غير مرة، وكان يستدين لأجل عمارتها، وتردد إلى بلاد العجم بسبب عمارتها غير مرة. توفى ظنّا فى عشر الخمسين وسبعمائة ببلاد العجم، تغمده الله برحمته. وهو جد والدى لأمه. * * * من اسمه داود 1153 ـ داود بن خالد الليثى، أبو سليمان المدنى، ويقال المكى العطار: روى عن سعيد المقبرى، وعثمان بن أبى خيثمة القرشى. وعنه: معلى بن منصور ويحيى بن قزعة، ويحيى بن عبد الحميد الحمّانىّ.

_ 1153 ـ انظر ترجمته فى: (سؤالات الدارمى عن يحيى رقم 314، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 814، الجرح والتعديل الترجمة 1878، الكاشف 1/ 288، الميزان الترجمة 2602، المغنى الترجمة 1989، ديوان الضعفاء الترجمة 1312، تهذيب ابن حجر 3/ 183، خلاصة الخزرجى الترجمة 1912 تهذيب الكمال 1755).

وروى له النسائى حديثا واحدا. وهو حديث أبى هريرة ـ رضى الله عنه: «من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين» (1). وقال الحافظ بن حجر صاحبنا فى ترجمته، قلت: وقال فيه ابن حبان: من أهل المدينة، سكن مكة. وقال عثمان الدارمى: قلت لابن معين: فداود العطار؟ قال: لا أعرفه. انتهى. ولا يقال: أراد ابن معين ـ داود بن عبد الرحمن العطار الآتى ذكره؛ لأن داود بن عبد الرحمن العطار معروف، ولا يقول فيه يحيى بن معين: لا أعرفه. وقد جعل ابن عدى ترجمة داود بن خالد الليثى هذا، وداود بن خالد بن دينار المدينى واحدة، على ما ذكر المزّى فى التهذيب؛ لأنه ترجم ابن دينار أولا، ثم ترجم الليثى. وقال فى ترجمة الليثى: ذكره البخارى، وأبو حاتم، وابن حبان، وغير واحد، مفردا عن الأول. وذكرهما أبو أحمد ابن عدى فى ترجمة واحدة، وقول من جعلهما اثنتين أولى بالصواب، والله أعلم. انتهى. ولعل سبب جعلهما واحدا، اتفاقهما فى الاسم واسم الأب، وفى كونهما مدنيين، ولكن يتميز غير الليثى بزيادة «دينار» فى نسبه، وبشيوخه والرواة عنه، فإنهم غير شيوخ

_ (1) أخرجه النسائى فى الكبرى، باب التغليظ فى الحكم (5891) من طريق: محمد بن عبد الرحمن أبو يحيى البغدادى يعرف بصاعقة، عن معلى بن منصور، حدثنا داود بن خالد سمع المقبرى يحدث عن أبى هريرة يحدث عن النبىصلى الله عليه وسلم قال: «من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين». وأخرجه الترمذى فى سننه (1325) من طريق: نصر بن على الجهضمى، حدثنا الفضيل ابن سليمان، عن عمرو بن أبى عمرو، عن سعيد المقبرى، عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ولى القضاء أو جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين». قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقد روى أيضا من غير هذا الوجه عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم. وأخرجه أبو داود فى سننه (3571) من طريق: نصر بن على، أخبرنا فضيل بن سليمان، حدثنا عمرو بن أبى عمرو، عن سعيد المقبرى، عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من ولى القضاء فقد ذبح بغير سكين». وأخرجه ابن ماجة فى سننه (2308) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة، حدثنا معلى بن منصور، عن عبد الله بن جعفر، عن عثمان بن محمد، عن المقبرى، عن أبى هريرة، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «من جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين». وأخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده (7105) من طريق: صفوان بن عيسى، أخبرنا عبد الله ابن سعيد بن أبى هند، عن سعيد المقبرى، عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين».

1154 ـ داود بن سليمان، المعروف بابن كسا

الليثى والرواة عنه، وبأن ابن دينار لم يرو له من أصحاب الكتب الستة، إلا أبو داود حديثا واحدا فى قبور الشهداء، والليثى لم يرو له إلا النسائى. وذكر ابن عدى لابن دينار، حديثه فى قبور الشهداء، وحديثه عن محمد بن المنكدر، عن جابر عن النبى صلى الله عليه وسلم: «كان إذا نزل عليه الوحى، وهو على ناقته تذرف عيناها وترنف بأذنيها». ثم قال ابن عدى: وله من الحديث غير ما ذكرت، وليس بالكثير. وكانت أحاديثه إفرادات، وأرجو أنه لا بأس به. انتهى. وذكره ابن حبان فى الثقات. 1154 ـ داود بن سليمان، المعروف بابن كسا: ذكره ابن مسدى فى معجمه، فقال: داود بن سليمان بن حميد بن إبراهيم المخزومى، أبو سليمان البلنسى الصوفى، يعرف بابن كسا. كان عنده أدب وتصوف ونباهة وتظرف، وقد جال فى طريقه، وتغرب شرقا وغربا بين فريقه، وجاور بمكة مدة ثم عاد إلى وطنه، فكان تربة مدفنه. أخبرنى أن مولده ليلة النصف من شعبان سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. وتوفى ـ على ما بلغنى ـ أول سنة تسع وأربعين وستمائة، وكان أحد رجال بلده فى فنه، موجودا لكل قاصد عند ظنه. أنشدنا لنفسه [من الكامل]: لا تصحبن العيس برّا ... والله قد أولاك برّا وارفض خواطرك التى ... منحتك بعد العسر يسرا واقنع بما قسم الإل ... هـ تعش خلى البال حرا كم راكض فى الأرض يق ... طع ركضه سهلا ووعرا ومخاطر بالنفس فى ... طلب العلا برّا وبحرا غالته أيدى الحادثا ... ت فكان ذاك الربح خسرا 1155 ـ داود بن شابور ـ بشين معجمة ـ المكى، أبو سليمان: روى عن عطاء بن أبى رباح، ومجاهد، وعمرو بن شعيب. وروى عنه شعبة وسفيان ابن عيينة، وداود العطار، وأبو أمية، وطاوس، ووهيب بن الورد المكى، وغيرهم. وروى له البخارى فى «الأدب المفرد» والترمذى (1) والنسائى (2)، ووثقه ابن معين،

_ 1154 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ الكبير 1/ 233). 1155 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير الترجمة 789، المعرفة والتاريخ 1/ 707، تاريخ واسط، 195، 196، الجرح والتعديل 3/ 1898، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 1157، ثقات ابن شاهين الترجمة 344، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 182، تاريخ الإسلام 5/ 67، الكاشف 1/ 289، تهذيب ابن حجر 3/ 187، خلاصة الخزرجى الترجمة 192 تهذيب الكمال 762). (1) أخرجه الترمذى فى سننه، باب ما جاء فى حق الجوار (1948) من طريق: حدثنا ـ

1156 ـ داود بن أبى عاصم ـ ويقال ابن أبى عاصم، قاله البخارى ـ بن عروة بن مسعود الثقفى الطائفى المكى

وأبو زرعة، وأبو داود، والنسائى، وغيرهم. وقال صاحبنا ابن حجر الحافظ: قلت: وزاد ـ يعنى ابن حبان ـ وقد قيل: إنه داود ابن عبد الرحمن بن شابور. وقال إبراهيم الحربى: مكى ثقة. وذكر البيهقى فى المعرفة: أن الشافعى قال: هو من الثقات. انتهى. 1156 ـ داود بن أبى عاصم ـ ويقال ابن أبى عاصم، قاله البخارى ـ بن عروة بن مسعود الثقفى الطائفى المكى: روى عن عثمان بن أبى العاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وسعيد بن المسيب، وأبى سلمة بن عبد الرحمن.

_ ـ محمد بن عبد الأعلى، حدثنا سفيان بن عيينة، عن داود بن شابور، وبشير عن مجاهد: أن عبد الله بن عمرو ذبحت له شاة فى أهله فلما جاء قال: أهديتم لجارنا اليهودى؟ أهديتم لجارنا اليهودى؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما زال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه». قال: وفى الباب عن عائشة وابن عباس وأبى هريرة وأنس وعبد الله بن عمرو والمقداد بن الأسود وعقبة بن عامر وأبى شريح وأبى أمامة. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وقد روى هذا الحديث عن مجاهد عن عائشة وأبى هريرة أيضا عن النبى صلى الله عليه وسلم. (2) وأخرجه النسائى فى الكبرى، باب من الملحف؟ حديث (2376) من طريق: أحمد ابن سليمان قال: ثنا يحيى بن آدم، عن سفيان بن عيينة، عن داود بن شابور، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل وله أربعون درهما فهو ملحف». وأخرجه النسائى فى الصغرى، باب صوم يوم عرفة (2803) من طريق: محمد بن عبد الله ابن يزيد المقرى، قال: أنبأنا سفيان، عن داود، عن قزعة، عن أبى الخليل، عن أبى حرملة، عن أبى قتادة، عن النبىصلى الله عليه وسلم قال: «صوم يوم عاشوراء يكفر السنة وصوم يوم عرفة يكفر السنة والتى تليها». وبرقم (2804) من طريق: مسعود بن جويرية الموصلى والحسين بن عيسى وهارون بن عبد الله قالوا: أنبانا سفيان عن داود بن شابور عن أبى قزعة عن أبى الخليل، عن أبى حرملة، عن أبى قتادة نحوه. قال هارون فى حديثه: سمعناه من داود. 1156 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 6/ 34، علل ابن المدينى 85، طبقات خليفة 286، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 776، المعرفة والتاريخ 1/ 401، 402، الجرح والتعديل لابن أبى حاتم الترجمة 1921، المراسيل، له 56، تاريخ الإسلام 4/ 110، الكاشف 1/ 289، المراسيل للعلائى 209، تهذيب ابن حجر 3/ 189، الإصابة 1/ 479، خلاصة الخزرجى الترجمة 1925 تهذيب الكمال 767).

1157 ـ داود بن عبد الرحمن العبدى المكى، أبو سليمان العطار

وروى عنه: قيس بن سعد المكى، وابن جريج، وعبد الله بن عثمان بن خيثم، وسفيان بن عبد الرحمن الثقفى، وقتادة بن دعامة، وغيرهم. وروى له البخارى تعليقا، وأبو داود (1) والنسائى (2)، ووثقه أبو زرعة، وأبو داود والنسائى. 1157 ـ داود بن عبد الرحمن العبدىّ المكى، أبو سليمان العطار: روى عن عمرو بن دينار، والقاسم بن أبى بزّة، وابن خيثم، وابن جريج، وغيرهم.

_ (1) أخرجه أبو داود فى سننه، كتاب الجنائز، حديث رقم (2745) من طريق: أحمد بن حنبل، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبى عن ابن إسحاق، حدثنى نوح بن حكيم الثقفى ـ وكان قارئا للقرآن ـ عن رجل من بنى عروة بن مسعود يقال له داود قد ولدته أم حبيبة بنت أبى سفيان زوج النبى صلى الله عليه وسلم، أن ليلى بنت قانف الثقفية قالت: كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاتها ..... فذكره. (2) الحديث الأول أخرجه النسائى فى الكبرى، باب ما استثنى من عدة الحامل، حديث رقم (5684) من طريق: إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا ابن جريج، قال: أخبرنى داود بن أبى عاصم أن أبا سلمة بن عبد الرحمن أخبره قال: بينما أنا وأبو هريرة عند ابن عباس إذ جاءته امرأة فقالت: توفى عنها زوجها وهى حامل فولدت لأدنى من أربعة أشهر من يوم مات ... فذكره. الحديث الثانى فى سنن النسائى الكبرى، باب ذكر الاختلاف على قتادة فيه، حديث رقم (7399) من طريق: محمد بن المثنى، قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثنى أبى، عن قتادة، عن سعيد بن يزيد، عن سعيد بن المسيب أن امرأة من بنى مخزوم استعارت حليا على لسان أناس فجحدتها فأمر بها النبىصلى الله عليه وسلم فقطعت. وقال النسائى: أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبد الصمد، قال: حدثنا همام، قال: حدثنا قتادة، عن داود بن أبى عاصم أن سعيد بن المسيب حدثه نحوه. 1157 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 1/ 68، 312، 2/ 129، 130، 4/ 21، 249، 5/ 98، 391، 6/ 42، 8/ 107، تاريخ الدارمى، رقم 313، الدورى 2/ 216، طبقات خليفة 284، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 824، المعرفة والتاريخ 1/ 165، 322، 3/ 159، أبى زرعة الرازى 590، 644، تاريخ واسط 202، الجرح والتعديل الترجمة 1907، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 1178، أسماء الدارقطنى الترجمة 294، السابق واللاحق 253، الجمع لابن القيسرانى 1/ 129، العبر 1/ 267، الكاشف 1/ 290، الميزان الترجمة 2625، المغنى الترجمة 2007، ديوان الضعفاء الترجمة 1325، تهذيب ابن حجر 3/ 192، مقدمة الفتح 399، خلاصة الخزرجى الترجمة 193، شذرات الذهب 1/ 286، تهذيب الكمال 1771).

1158 ـ داود بن عثمان بن على القرشى الهاشمى، المعروف بالنظام العدنى

وروى عنه ابن المبارك، وابن وهب، والإمام الشافعى، وابن عمه إبراهيم بن محمد الشافعى، وأحمد بن محمد بن الوليد الأزرقى، وخالد بن يزيد العمرى المكى، وقتيبة، ويحيى بن يحيى النيسابورى، وغيرهم. وروى له الجماعة. قال الأزدى: يتكلمون فيه. وقال أبو حاتم: لا بأس به، صالح. وقال إسحاق عن يحيى بن معين: ثقة. ونقل الحاكم عن يحيى، أنه ضعيف فى الحديث. وقال العجلى: مكى ثقة. وذكره ابن حبان فى الثقات. وقال إبراهيم بن محمد الشافعى: ما رأيت أحدا أعبد من الفضيل بن عياض، ولا رأيت أحدا أورع من داود بن عبد الرحمن العطار، ولا رأيت أحدا أفرس فى الحديث من سفيان بن عيينة. انتهى. وقال المزى: وكان متقنا، من فقهاء أهل مكة. انتهى. مات بمكة سنة خمس وسبعين ومائة، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة. وقال ابن حبان: مات سنة أربع وسبعين ومائة. انتهى. ونقل صاحبنا الحافظ ابن حجر عن ابن حبان، أنه قال: مولد داود العطار سنة مائة بمكة. ونقل أيضا عن ابن سعد، أنه ذكر وفاته، كما ذكر ابن حبان. وذكر الكلاباذى عن أبى داود عن ولد لداود، أنه ولد سنة مائة، وتوفى سنة خمس وسبعين ومائة، وكان ورعا. 1158 ـ داود بن عثمان بن على القرشى الهاشمى، المعروف بالنظام العدنى: كان يسافر من عدن للتجارة إلى مكة، ثم انقطع بها قريبا من عشرين سنة، وسافر لمصر مرتين، وكان يقيم بجدة كثيرا لخدمة أصحابه من التجار، وفيها مات فى ليلة الخميس الثامن عشر من صفر سنة سبع وعشرين وثمانمائة، ودفن بجدة. وكان فيه خير وأمانة. 1159 ـ داود بن عجلان المكى، أبو سليمان البزار: أصله خراسانى. روى عن إبراهيم بن أدهم، عن أبى عقال، عن أنس بن مالك ـ رضى الله عنه ـ حديث الطواف فى المطر.

_ 1159 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 153، الجرح والتعديل الترجمة 1920، المجروحين لابن حبان 1/ 289 ـ 290، المدخل للحاكم الترجمة 53، الضعفاء لأبى نعيم الترجمة 63، الكاشف 1/ 290، ميزان الاعتدال الترجمة 2630، المغنى الترجمة 2010، ديوان الضعفاء الترجمة 1327، تهذيب ابن حجر 1/ 193، خلاصة الخزرجى الترجمة 1932، تهذيب الكمال 1774).

1160 ـ داود بن على بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمى العباسى، أبو سليمان

روى عنه: ابن أبى عمر العدنى، وأحمد بن عبدة الضبى، ومحمد بن يحيى بن محمد بن حرب المكى، والعباس بن الوليد النّرسىّ. الحديث المذكور. روى له ابن ماجة (1)، وضعفه ابن معين. وقال أبو داود: ليس بشئ. 1160 ـ داود بن على بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمى العباسى، أبو سليمان: أمير مكة والمدينة واليمن، واليمامة والكوفة. ولى ذلك لابن أخيه أبى العباس السفاح، وأول ما ولاه الكوفة وسوادها، ثم عزله عن ذلك، وولاه ما ذكر من البلاد، فى سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وفيها بويع السفاح بالخلافة. وولى عمه مع ما ذكر الحج فى هذه السنة، فقدم مكة، وأقام للناس الحج.

_ (1) الحديث فى سنن ابن ماجة، باب الطواف فى مطر، حديث رقم (3190) حدثنا محمد بن أبى عمر العدنى، حدثنا داود بن عجلان، قال: طفنا مع أبى عقال فى مطر. فلما قضينا طوافنا، أتينا خلف المقام، فقال: طفت مع أنس بن مالك فى مطر، فلما قضينا الطواف، أتينا المقام فصلينا ركعتين، فقال لنا أنس: ائتنفوا العمل، فقد غفر لكم. هكذا قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطفنا معه فى مطر. قال فى مصباح الزجاجة: هذا إسناد ضعيف، داود بن عجلان ضعفه ابن معين، وأبو داود، والحاكم، والنقاش، وقال: روى عن أبى عقال أحاديث موضوعة انتهى. وشيخ أبو عقال اسمه هلال بن زيد ضعفه أبو حاتم والبخارى والنسائى وابن عدى وابن حبان، وقال: يروى عن أنس أشياء موضوعة ما حدث بها أنس قط، لا يجوز الاحتجاج به بحال، رواه محمد بن يحيى بن أبى عمر فى مسنده عن داود بن عجلان به كما رواه ابن ماجة وزيادة، ورواه أبو يعلى الموصلى من هذا الوجه. قلت: وأورد ابن الجوزى هذا الحديث فى الموضوعات من طريق داود بن عجلان، وقال: لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. 1160 ـ انظر ترجمته فى: (المحبر 33، تاريخ الدارمى رقم 317، تاريخ خليفة 404، 409 ـ 414، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 795، المعرفة والتاريخ 1/ 541، 2/ 28، 479، 700، تاريخ الطبرى 5/ 397، 7/ 160، 162، 167، 168، 188، 202، 426، 431، 449، 452، 459، 8/ 89، 93، 190، العقد الفريد 4/ 100، 101، الجرح والتعديل الترجمة 1914، جمهرة ابن حزم 20، 34، 52، 76، 82، 152، تاريخ دمشق (تهذيبه 5/ 206)، الكامل فى التاريخ 5/ 229، 235، 409، 416، 445، 448، 6/ 28، 89، تاريخ الإسلام 5/ 242، سير أعلام النبلاء 5/ 444، العبر 2/ 45، 168، الكاشف 1/ 290، الميزان الترجمة 2633، المغنى الترجمة 20143، ديوان الضعفاء الترجمة 1330، تهذيب ابن حجر 3/ 194، خلاصة الخزرجى الترجمة 1934، شذرات الذهب 1/ 191).

وأول أحداثه بمكة، أنه هدم البركة التى عمرها خالد القسرى عند زمزم، وساق إليها الماء العذب من الثقبة، ليحاكى بذلك زمزم، ويصرف الناس عنها، وفعل داود بالحرمين أفعالا ذميمة؛ لأن ابن الأثير قال فى أخبار سنة ثلاث وثلاثين ومائة: وفيها قتل داود بن على من ظفر به من بنى أمية بمكة والمدينة، ولما أراد قتلهم، قال له عبد الله بن الحسن ابن الحسن: يا أخى، إذا قتلت هؤلاء، فمن تباهى بملكك؟ أما يكفيك أن يروك غاديا ورائحا فيما يسرك ويسوءهم؟ فلم يقبل منه وقتلهم. قال: وفيها مات داود بن على بالمدينة، فى شهر ربيع الأول، واستخلف حين حضرته الوفاة ابنه موسى. انتهى. وعلى ابن الأثير اعتمدت، فيما ذكرته من ولايته للبلاد المذكورة، وتاريخ ولايته لذلك. وقد ذكر غير ولايته لبعض ذلك؛ لأن فى تهذيب الكمال للمزّى، كلاما عن ابن عدى، فيما رواه داود بن عدى، هذا من الحديث: وولى مكة والموسم، واليمن، واليمامة. ذكر ذلك من غير فصل. والظاهر أنه من كلام ابن عدى، والله أعلم. وذكر يعقوب بن سفيان ولايته على المدينة، وأنه توفى وهو وال عليها، ليلة هلال ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين ومائة. وهذا لا يفهم من كلام ابن الأثير، أعنى كونه توفى ليلة هلال ربيع الأول. وذكر ابن سعد، أنه توفى فى هذه السنة، وهو ابن اثنتين وخمسين سنة. وقيل فى سنّه أكثر من ذلك؛ لأن فى تهذيب الكمال للمزّى، قال: وقالوا: ولد سنة ثمان وسبعين، وتوفى سنة اثنتين وثلاثين. وهذا غريب فى تاريخ وفاته. وهو بعيد من الصحة. وقد عقب على ذلك المزى بقوله. وقالوا: سنة ثلاث وثلاثين. وذكر المزى، أن داود روى عن أبيه، عن جده. وروى عنه الثورى والأوزاعى، وابن جريج وغيرهم، قال: روى له البخارى فى «الأدب» حديثا، والترمذى آخر (1).

_ (1) روى له أبو داود حديثين: الأول: فى باب ما جاء فى الإيلاء، حديث رقم (1198) من طريق: حدثنا الحسن بن قزعة البصرى، أنبأنا مسلمة بن علقمة، أنبأنا داود بن على، عن عامر، عن مسروق، عن عائشة قالت: آلى رسول اللهصلى الله عليه وسلم من نسائه، وحرم، فجعل الحرام حلالا، وجعل فى اليمين كفارة. قال: وفى الباب عن أنس وأبى موسى. قال أبو عيسى: حديث مسلمة بن علقمة عن داود، رواه على بن مسهر وغيره عن داود، عن الشعبى أن النبى صلى الله عليه وسلم، مرسلا. وليس فيه ـ

وساق له حديثا من رواية ابن أبى ليلى، عن داود بن علىّ، عن أبيه، عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «علقوا السوط حيث يراه أهل البيت». قال المزى: وذكره ابن حبان فى كتاب الثقات، وقال: يخطئ. قال عثمان بن سعيد

_ ـ (عن مسروق عن عائشة) وهذا أصح من حديث مسلمة بن علقمة. والإيلاء هو أن يحلف الرجل أن لا يقرب امرأته أربعة أشهر فأكثر. والحديث الثانى: فى سننه، حديث رقم (3547) من طريق: عبد الله بن عبد الرحمن، أخبرنا محمد بن عمران بن أبى ليلى، قال: حدثنى أبى، قال: حدثنى ابن أبى ليلى عن داود ابن على، هو ابن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده ابن عباس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليلة حين فرغ من صلاته: «اللهم إنى أسألك رحمة من عندك تهدى بها قلبى، وتجمع بها أمرى، وتلم بها شعثي، وتصلح بها غائبى، وترفع بها شاهدى، وتزكى بها عملى، وتلهمنى بها رشدى، وترد بها ألفتى، وتعصمنى بها من كل سوء. اللهم أعطنى إيمانا ويقينا ليس بعده كفر ورحمة أنال بها شرف كرامتك فى الدنيا والاخرة. اللهم إنى أسألك الفوز فى العطاء ونزل الشهداء وعيش السعداء والنصر على الأعداء. اللهم إنى أنزل بك حاجتى وإن قصر رأيى وضعف عملى افتقرت إلى رحمتك فأسألك يا قاضى الأمور، ويا شافى الصدور، كما تجير بين البحور، أن تجيرنى من عذاب السعير، ومن دعوة الثبور، ومن فتنة القبور. اللهم ما قصر عنه رأيى ولم تبلغه نيتى ولم تبلغه مسألتى من خير وعدته أحدا من خلقك أو خير أنت معطيه أحدا من عبادك فإنى أرغب إليك فيه وأسألكه برحمتك رب العالمين. اللهم ذا الحبل الشديد، والأمر الرشيد، أسألك الأمن يوم الوعيد، والجنة يوم الخلود مع المقربين الشهود، الركع السجود، الموفين بالعهود. أنت رحيم ودود، وإنك تفعل ما تريد. اللهم اجعلنا هادين مهتدين غير ضالين ولا مضلين، سلما لأوليائك وعدوا لأعدائك، نحب بحبك من أحبك ونعادى بعداوتك من خالفك اللهم هذا الدعاء وعليك الاستجابة وهذا الجهد وعليك التكلان. اللهم اجعل لى نورا فى قبرى، ونورا فى قلبى، ونورا من بين يدى، ونورا من خلفى، ونورا عن يمينى، ونورا عن شمالى، ونورا من فوقى، ونورا من تحتى، ونورا فى سمعى، ونورا فى بصرى، ونورا فى شعرى، ونورا فى بشرى، ونورا فى لحمى، ونورا فى دمى، ونورا فى عظامى. اللهم أعظم لى نورا وأعطنى نورا واجعل لى نورا. سبحان الذى تعطف العز وقال به، سبحان الذى لبس المجد وتكرم به، سبحان الذى لا ينبغى التسبيح إلا له. سبحان ذى الفضل والنعم. سبحان ذى المجد والكرم، سبحان ذى الجلال والإكرام». قال أبو عيسى: هذا حديث غريب. لا نعرف مثل هذا من حديث ابن أبى ليلى إلا من هذا الوجه. وقد روى شعبة وسفيان الثورى عن سلمة بن كهيل عن كريب عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم بعض هذا الحديث ولم يذكره بطوله.

الدارمى: سألت يحيى بن معين عنه ـ يعنى داود ـ فقال: شيخ هاشمى، إنما يحدث بحديث واحد. قال أبو أحمد بن عدى: أظن أن الحديث فى عاشوراء. وقد روى غير هذا الحديث الواحد، بضعة عشر حديثا، ثم قال: وولى مكة، فذكر ما سبق. وذكر الفاكهى، أن داود بن علىّ لما قدم مكة، أطلق سديف بن ميمون من الحبس؛ لأنه كان يجلد كل سبت لتقريبه ولاية بنى العباس، وأن داود صعد المنبر فخطب فأرتج عليه، فقام إليه سديف، فخطب بين يديه، الخطبة التى ذكرناها، وهى مذكورة فى كتاب الفاكهى. وكان داود فصيحا مفوّها. وذكر ابن سعد، أن أبا العباس السفاح، لما ظهر، صعد ليخطب، فحصر فلم يتكلم، فوثب عمه داود بن على بين يدى المنبر، فخطب، وذكر أمرهم وخروجهم، ومنّى الناس ووعدهم بالعدل، فتفرقوا عن خطبته. وذكر صاحب العقد له خطبتين بليغتين، إحداهما خطب بها فى المدينة، فقال: أيها الناس، حتى م يهتف بكم صريخكم، أما آن لراقدكم أن تهب من نومه (كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) [المطففين: 14]. أغركم الإمهال حتى حسبتموه الإهمال. هيهات منكم، وكيف بكم والسوط لقا، والسيف نسيم. حتى تبيد قبيلة وقبيلة ... ويعض كل مثقف بالهام والثانية، خطب بها فى مكة، وهى: شكرا شكرا. والله ما خرجنا لنحفر فيكم نهرا، ولا لنبنى فيكم قصرا، أظن عدو الله أن لن نظفر به إذ مد له فى عنانه، حتى عثر فى فضل زمانه. فالآن عاد الحق فى نصابه، وأطلعت الشمس من مشرقها، والآن تولى القوس باريها، وعادت النبل إلى النزعة، ورجع الأمر إلى مستقره فى أهل بيت نبيكم، أهل الرأفة والرحمة، فاتقوا الله واسمعوا وأطيعوا، ولا تجعلوا النعم التى أنعم الله عليكم، سببا إلى أن تبيح هلكتكم، وتزيل النعمة عنكم. انتهى. وقد مدحه إبراهيم بن على هرمة على ما ذكر الزبير بن بكار بقوله (2) [بحر المنسرح]:

_ (2) انظر: (تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر 5/ 208، تهذيب الكمال 1776).

1161 ـ داود بن عيسى بن فليتة بن قاسم بن محمد بن جعفر، المعروف بابن أبى هاشم، الحسنى المكى

يا أيها الشاعر المكارم بالمد ... ح رجالا ككنه (3) ما فعلوا حسبك من قولك الخلاف كما ... نجا خلافا ببوله الجمل الآن فانطق بما تريد فقد ... أبدت نهاجا وجوهها السبل (4) وقل لداود منك ممدحة ... لها زهاء وخلفها نفل (5) أروع لا يخلف العدات ولا ... يمنع من سؤاله العلل (6) لكنه سابغ عطيته ... يدرك منه السؤال ما سألوا (7) لا عاجز عارب (8) مروءته ... ولا ضعيف فى رأيه زلل يحمده الجار والمعصب (9) وال ... أرحام تثنى بحسن ما يصل يسبق بالفعل ظن صاحبه (10) ... ويقلل الريث عرفه العجل بحل من المجد والمكارم فى ... خير محل يحله رجل انتهى. 1161 ـ داود بن عيسى بن فليتة بن قاسم بن محمد بن جعفر، المعروف بابن أبى هاشم، الحسنى المكى: أمير مكة، وجدت ـ فيما أحسب ـ بخط الفقيه جمال الدين بن البرهان الطبرى، أن

_ (3) فى تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر 5/ 208: يا أيها الشاعر المكارم بالمد ... ح رجالا لكنهم ما فعلوا (4) فى تهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر 5/ 208: الآن فانطلق بما أردت فقد ... أبدت بهاجا وجوها السبل (5) فى تهذيب تاريخ دمشق: وقل لداود منك ممدحة ... لها زها من خلفها نغل (6) فى تاريخ تهذيب دمشق: أروع لا يخلف العدات ولا ... تمنع منه سؤاله العلل (7) فى تاريخ تهذيب دمشق: لكنه سابغ عطيته يد ... رك منه السآل ما سألوا (8) فى تهذيب دمشق: لا عاجز عازب مرؤته ... ولا ضعيف فى رأيه زلل (9) فى تاريخ تهذيب دمشق: بحمده الجر والمعقب وال ... أرحام تثنى بحسن ما يصل (10) فى تهذيب دمشق: يسبق بالفضل ظن صاحبه ... ويقبل الريث عرفه العجل

داود هذا، ولى إمرة مكة بعد أبيه بعهد منه، فى أوائل شعبان سنة سبعين وخمسمائة، فأحسن السيرة وعدل فى الرعية. فلما كانت ليلة منتصف رجب من سنة إحدى وسبعين، أخرجه منها ليلا أخوه مكثر، ولحق داود بوادى نخلة، ثم عاد إلى مكة، واصطلح مع أخيه فى نصف شعبان من هذه السنة، وكان الذى أصلح بينهم، شمس الدولة أخو السلطان صلاح الدين يوسف ابن أيوب، لما قدم من اليمن، متوجها إلى الشام. فلما انقضى ـ الحج من هذه السنة، سلمت مكة إلى داود هذا، بعد أن أخرج منها أخوه مكثّر، لما وقع بينه وبين طاشتكين أمير الحاج العراقى من محاربة، وأسقط داود جميع المكوس بها، ورحل الحاج بعد أن أخذوا العهود والمواثيق على داود، أن لا يغير شيئا مما شرط عليه من إسقاط المكوس وغير ذلك من الأرفاق. وكانت مكة سلمت قبله للأمير قاسم بن مهنا الحسينى أمير المدينة؛ لأنه كان قد ورد مع طاشتكين، وأقامت معه ثلاثة أيام، قبل أن تسلم لداود. وسبب تسليم مكة لداود، عجز قاسم بن مهنا عن إمرة مكة؛ لأن ابن الجوزى قال فى المنتظم، فى أخبار سنة إحدى وسبعين وخمسمائة: «فيها عقدت الولاية لأمير المدينة على مكة، فخرج على خوف شديد من قتال صاحب مكة مكثّر بن عيسى، ثم قال بعد أن ذكر شيئا من خبر الفتنة التى كانت بمكة فى هذه السنة: ثم إن أمير مكة المشرفة، الذى كان ولاه الخليفة المستضئ بأمر الله، قال لأمير الحاج وللحجاج: إنى لا أتجاسر أن أقيم بمكة بعد خروج الحاج، فأمروا غيره ورحلوا. انتهى. ولم تطل ولاية داود بن عيسى لمكة؛ لأنى وجدت ما يقتضى أن أخاه مكثّرا، كان أميرا بمكة فى سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، كما سيأتى فى ترجمة مكثّر، ثم عاد داود إلى إمرة مكة، وما عرفت متى كان عوده إليها؛ إلا أنه كان واليا بها فى سنة سبع وثمانين وخمسمائة، وفيها عزل عنها؛ لأن الذهبى قال فى تاريخ الإسلام: فيها أخذ داود أمير مكة ما فى الكعبة من الأموال، وطوقا كان يمسك الحجر الأسود لتشعثه، إذ ضربه ذاك الباطنى بعد الأربعمائة بالدبوس. فلما قدم الركب، عزل أمير الحاج داود، وولى أخاه مكثّرا، وأقام داود بنخلة، إلى أن توفى فى رجب سنة تسع وخمسين وثمانين، وهو وآباؤه الخمسة أمراء مكة. انتهى. والذين ولوا مكة من آبائه أربعة: أبوه عيسى، وجده فليتة، وجد عيسى قاسم، وجد فليتة محمد بن جعفر. فلا يستقيم قول الذهبى إنهم خمسة (1). والله أعلم.

_ 1161 ـ (1) على هامش إحدى النسخ بخط السيد محمد مرتضى الزبيرى شارح القاموس: ـ

1162 ـ داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس الهاشمى العباسى

ولداود ابن اسمه أحمد، رأيته مترجما فى حجر قبره: بالشاب الشريف الأمير السعيد، وليس فى الحجر تاريخ وفاته، وما عرفت من حاله سوى هذا. 1162 ـ داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس الهاشمى العباسى: أمير الحرمين، ذكر ابن الأثير، أنه كان أمير مكة فى سنة ثلاث وتسعين ومائة، وحج بالناس فيها. وذكر فى أخبار سنة خمس وتسعين ومائة: أنه كان عاملا على مكة والمدينة لمحمد الأمين. وذكر فى سنة ست وتسعين: أنه كان عاملا على مكة والمدينة للأمين، وأنه خلع الأمين فيها وبايع للمأمون، وكان سبب ذلك، أنه لما بلغه ما كان بين الأمين والمأمون، وما فعل طاهر، وكان الأمين قد كتب إلى داود بن عيسى، يأمره بخلع المأمون، وبعث أحد الكتابين من الكعبة. فلما فعل هذا ذلك جمع داود وجوه الناس، ومن كان شهد فى الكتابين، وكان داود أحدهم، فقال: وقد علمتم ما أخذ الرشيد عليكم وعلينا من العهود والميثاق عند بيت الله الحرام لابنيه، لنكونن مع المظلوم منهما على الظالم، ومع المغدور به على الغادر. وقد رأينا وأنتم، أن محمدا قد بدأ بالظلم والبغى والغدر والمكر، على أخويه: المأمون والمؤتمن، وخلعهما عاصيا لله تعالى، وبايع لابنه طفل صغير رضيع لم يفطم، وأخذ الكتابين من الكعبة فحرقهما ظالما، وقد رأيت خلعه، والبيعة للمأمون، إذ كان مظلوما، مبغيّا عليه، فأجابوه إلى ذلك، فنادى فى شعاب مكة، فاجتمع الناس، فخطبهم بين الركن والمقام، وخلع محمدا وبايع للمأمون، وكتب إلى ابنه سليمان ـ وهو عامله على المدينة ـ يأمره أن يفعل ما فعل، فخلع سليمان الأمين وبايع للمأمون. فلما أتاه الخبر بذلك، سار من مكة على طريق البصرة، ثم إلى فارس، ثم إلى

_ ـ «قلت: قول الذهبى صحيح، فإن جده الأكبر جعفرا ويكنى أبا الفضل، ويلقب مجد المعالى، أول من أزال خطبة الفاطميين بمكة، وخطب للعباسى، ولبس السواد. وصرح تاج الشرف النسابة فى ترجمة ابنه محمد بن جعفر أن أباه وجده كانا أسرى بمكة، فتأمل ذلك» كتبه محمد مرتضى غفر له. 1162 ـ انظر ترجمته فى: (المنتظم 10/ 26، الكامل فى التاريخ لابن الأثير 5/ 137 ـ 154).

كرمان (1)، حتى صار إلى المأمون بمرو، فأخبره بذلك، فسر بذلك سرورا شديدا وتيمن ببركة مكة والمدينة، وكانت البيعة لهما فى رجب سنة ست وتسعين ومائة، واستعمل داود على مكة والمدينة. وأضاف إليه ولاية عكّ (2)، وأعطاه خمسمائة ألف درهم معونة، وسير معه ابن أخيه العباس بن موسى بن عيسى بن موسى، وجعله على الموسم، فسارا حتى أتيا طاهرا ببغداد، فأكرمهما وقربهما. وذكر ابن الأثير فى أخبار سنة تسع وتسعين ومائة، أن أبا السّرايا ـ داعية ابن طباطبا، بعد استيلائه على الكوفة ـ ولى مكة الحسين بن الحسن، الذى يقال له الأفطس، وجعل إليه الموسم. ولما بلغ داود بن عيسى توجيه أبى السرايا الحسين بن الحسن إلى مكة، لإقامة الموسم، جمع أصحاب بنى العباس ومواليهم، وكان مسرور الكبير، قد حج فى مائتى فارس، فتعبأ للحرب، وقال لداود: أقم لى شخصك أو شخص بعض ولدك، وأنا أكفيك، فقال: لا أستحل القتال فى الحرم، والله لئن دخلوها من هذا الفج، لأخرجن من هذا الفجّ. وانحاز داود إلى ناحية، وافترق الجمع الذى كان جمعهم، وخاف مسرور أن يقاتلهم، فخرج فى إثر داود راجعا إلى العراق، وبقى الناس بعرفة، فصلى بهم رجل من عرض الناس بغير خطبة، ودفعوا من عرفة بغير إمام. انتهى. وذكر الذهبى شيئا من خبر داود فى هذه السنة بزيادة فوائد؛ لأنه ذكر أن مسرورا

_ (1) كرمان: أرض كرمان متصلة بأرض فارس وبأرض مكران. قالوا وهى ثمانون فرسخا فى مثلها، وحدها فى الشرق أرض مكران، وفى الغرب أرض فارس، وفى الشمال مفازة خراسان وسجستان وفى الجنوب بحر فارس. انظر: معجم البلدان 4/ 454، الروض المعطار 491، 492، اليعقوبى 286، الكرخى 266، المقدسى 459، ابن الفقيه 205. (2) عكّ: بفتح أوله، والعكّ فى اللغة: الحبس، والعكّ: ملازمة الحمىّ، والعكّ: استعادة الحديث مرّتين، وعك: قبيلة يضاف إليها مخلاف باليمن ومقابله مرساها فهلك، قال أبو القاسم الزجاجى: سميت بعكّ حين نزولها، واشتقاقها فى اللغة جائز أن يكون من العكّ وهو شدّة الحرّ، يقال: يوم عكّ أى أكّ شديد الحرّ، وقال الفرّاء: يقال عكّ الرجل إبله عكّا إذا حبسها فهى معكوكة، وقال الأصمعى: عكّة بشرّ عكّا إذا كرره عليه، وقال ابن الأعرابى: عكّ فلان الحديث إذا فسره، وقال: سألت القنانى عن شيء فقال: سوف أعكه لك أى أفسره، والعك: أن تردّ قول الرجل ولا تقبله، والعكّ: الدقّ، وقد اختلف فى نسب عكّ فقال ابن الكلبى: هو عكّ بن مالك بن زيد بن كهلان بن سليم بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وهو قول من نسبه فى اليمن، وقال آخرون: هو عك بن عدنان بن أدد أخو معدّ بن عدنان. انظر: معجم البلدان (عك).

1163 ـ داود بن موسى الغمارى الفاسى المالكى

قال لداود: تسلم مالك وولايتك إلى عدوك؟ فقال داود: أى مال لى؟ ، والله لقد أقمت معكم حتى شخت، فما وليت ولاية حتى كبرت وفنى عمرى، فولّونى من الحجاز ما فيه الفوت. وإنما هذا الملك لك ولأشباهك، فقاتل عليه أو دع، ثم انحاز داود إلى جهة المشاش بأثقاله، وتوجه منها على درب العراق، وافتعل كتابا من المأمون، بتولية ابنه محمد بن داود على صلاة الموسم، وقال له: أخرج فصل بالناس بمنى، الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وبت بمنى وصل الصبح، ثم اركب دوابك فانزل طريق عرفة، وخذ على يسارك فى شعب عمرو، حتى تأخذ طريق المشاش، حتى تلحقنى ببستان ابن عامر؛ ففعل ذلك فخاف مسرور، فخرج فى إثر داود راجعا إلى العراق، وبقى الوفد بعرفة، فلما زالت الشمس، حضرت الصلاة، فتدافعها قوم من أهل مكة. فقال أحمد بن الوليد الأزرقى ـ وهو المؤذن: إذا لم يحضر الولاة يا أهل مكة، فليصل قاضى مكة محمد ابن عبد الرحمن المخزومى، وليخطب بهم، فقال: فلمن أدعو؟ . وقد هرب هؤلاء، وأظل هؤلاء على الدخول. قال: لا تدع لأحد. قال: بل تقدم أنت، فأبى الأزرقى، حتى قدموا رجلا صلى الصلاتين بلا خطبة، ثم مضوا فوقفوا بعرفة، ثم دفعوا بلا إمام، وحسين بن علىّ ـ يعنى الأفطس ـ متوقف بسرف (3). فلما بلغه خلوّ مكة، وهرب داود، دخلها قبل المغرب فى نحو عشرة. انتهى. وذكر ابن الأثير أيضا ما ذكره الذهبى، من توقف الحسين الأفطس بسرف تخوفا، وأن دخوله إليها فى عشرة أنفس، لما خرج إليهم قوم أخبروهم أن مكة قد خلت من بنى العباس. وقد ذكرنا فى ترجمة حسين الأفطس، ما فعله هو وأصحابه من القبائح بمكة، فأغنى ذلك عن إعادته. 1163 ـ داود بن موسى الغمارىّ الفاسى المالكى: نزيل الحرمين، عنى فى شبابه بفنون من العلم، وتنبه فى ذلك، وصار على ذهنه فوائد ونكت حسنة يذاكر بها، ثم أقبل على التصوف والعبادة وجد فيها كثيرا، وسكن الحرمين مدة سنين، نحو عشرين سنة، وإقامته بالمدينة أكثر من مكة بيسير. وكانت وفاته بالمدينة، فى يوم الخميس مستهل المحرم سنة عشرين وثمانمائة، على

_ (3) سرف: قال الحميرى: أظنه بكسر الراء، قال البكرى: هو بإسكان الثانى، ماء على ستة أميال من مكة. انظر: الروض المعطار 312، معجم ما استعجم 3/ 735، رحلة الناصرى 233. 1163 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 2/ 39، الضوء اللامع 3/ 216).

1164 ـ دهمش بن وهاس بن عثور بن حازم بن وهاس الحسنى السليمانى، الأمير

مقتضى رؤية الناس لهلال المحرم فى غير الحرمين، وعلى مقتضى رؤيته فيهما، سلخ الحجة من سنة تسع عشرة، والأول أصوب، والله أعلم. وله بمكة ابنة وملك، وكان كثير الأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر، وله فى ذلك إقدام على الولاة وغيرهم، وبينى وبينه مودة ومحبة، تغمده الله تعالى برحمته، وأظنه مات فى عشر الستين. 1164 ـ دهمش بن وهّاس بن عثور بن حازم بن وهّاس الحسنى السليمانى، الأمير: ذكره العماد الكاتب فى الخريدة فى شعراء مكة، وذكر أنه وفد إلى الملك الناصر، يعنى صلاح الدين يوسف بن أيوب، وكان على حلب، فى رابع عشرى ذى الحجة سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، قال: أنشدنى لنفسه فى الأمير مالك بن فليتة، وقد وفد إلى الشام سنة سبع وستين، ومات فى الطريق بوادى العضاد، ودفن بالأحولية من مرثية فيه، أولها [من الطويل]: فمنع دموعى الجامدات الصلائب ... مصاب فتى آها له فى المصائب فأورث قلبى حر نار كأنما ... لظى الجمر ما بين الحشا والترائب كأن جفونى يوم واريت شخصه ... شآبيب مزن من ثقال السحائب تعجب صحبى كيف لم تجر مقلتى ... مع الدمع واعتدوا بها فى العجائب ولم يعلموا أن المدامع أصلها ... من القلب لا من مقلة ذات حاجب بنفسى من بالأحولية قبره ... تمر به الريح الصبا والجنائب وهى طويلة، أوردها العماد الكاتب فى الخريدة. * * *

_ 1164 ـ انظر ترجمته فى: (خريدة القصر 3/ 35).

حرف الذال المعجمة

حرف الذال المعجمة 1165 ـ ذاكر بن عبد المؤمن بن أبى المعالى بن أبى الحسن بن ذاكر بن أحمد بن حسن بن شهريار ـ جار سلمان الفارسى ـ الكازرونى المكى: مؤذن الحرم الشريف، موفق الدين أبو الثناء. يروى عن ابن البنا شيئا من الترمذى. ولعله سمعه كله. قرأ عليه الدمياطى بمكة، وأخرج عنه فى معجمه، ولم أدر متى مات، إلا أنه كان حيّا فى سنة تسع وأربعين وستمائة. 1166 ـ ذو الشّمالين: من أهل مكة، ذكره هكذا، الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسى فى مختصره لألقاب الشيرازى. وهوذو الشمالين ابن عبد عمرو بن نضلة بن غبشان الخزاعى. انتهى. وقد أخل ابن طاهر بذكر اسم ذى الشمالين، وأسقط من نسبه عمرا بين نضلة وغبشان؛ لأن ابن عبد البر قال: ذو الشمالين، واسمه عمير بن عبد عمرو بن نضلة بن عمرو بن غبشان بن سليم بن مالك بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر. انتهى. وذكر ابن الأثير، أن ابن عبد البر خولف فيما ذكره من نسبه بعد غبشان، واسمه الحارث بن عبد عمرو بن نوى بن ملكان بن أفصى، ثم قال: فجعله من ولد ملكان بن أفصى، وهو أخو خزاعة وأسلم. ونقل ابن الأثير عن ابن إسحاق، ما يوافق ما ذكره ابن طاهر فى ذى الشمالين؛ لأنه قال: ابن إسحاق: ذو الشمالين بن عبد عمرو بن نضلة بن غبشان. انتهى. وذكر ابن إسحاق شيئا من حاله؛ لأن ابن عبد البر قال: وقال ابن إسحاق: هو خزاعى، يكنى أبا محمد، حليف لبنى زهرة، كان أبوه عبد عمرو بن نضلة، قدم مكة فحالف عبد بن الحارث بن زهرة، وزوجه ابنته نعما، فولدت له عميرا ذا الشمالين،

_ 1166 ـ انظر ترجمته فى: (المنتظم 3/ 72، 130، 141، الاستيعاب ترجمة 717، الإصابة ترجمة 2464، أسد الغابة ترجمة 1546).

1167 ـ ذؤيب بن حلحلة، ويقال ذؤيب بن حبيب بن حلحلة بن عمرو بن كليب بن أصرم بن عبد الله بن قمير بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو بن ربيعة الخزاعى الكعبى، أبو قبيصة

كان يعمل بيديه جميعا. شهد بدرا، وقتل يوم أحد شهيدا، قتله أسامة الجشمىّ. انتهى. قوله: وقتل يوم أحد، غلط من ناسخ كتاب الاستيعاب؛ لأنه قتل يوم بدر، على ما ذكر غير واحد من العلماء، منهم ابن عبد البر. والله أعلم. وهو غير ذى اليدين القائل للنبى صلى الله عليه وسلم، لما سلم من الصلاة ساهيا: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ . وذو اليدين اسمه الخرباق بن عمرو من بنى سليم. وكان على ما ذكر ابن الأثير والكاشغرى، ينزل بذى خشب من ناحية المدينة. وكان الزهرى على علمه بالمغازى يقول: إن ذى اليدين هو ذو الشمالين المقتول ببدر. قال ابن عبد البر: وذلك وهم منه عند أكثر العلماء. انتهى. وإنما كان ذلك وهما؛ لأن ذا الشمالين من خزاعة، وذا اليدين من بنى سليم، وذا الشمالين استشهد يوم بدر باتفاق، وذا اليدين عاش على ما ذكر ابن عبد البر، وابن الأثير والنووى، بعد النبى صلى الله عليه وسلم زمنا، حتى روى عنه المتأخرون من التابعين. ومما يؤيد أنه غيره، كون أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ شهد قصة السهو على ما فى الصحيحين، وإسلامه كان عام خيبر باتفاق، وهى بعد بدر بخمس سنين، لكن الزهرى ذكر أن قصة ذى اليدين فى الصلاة، كانت قبل يوم بدر، ثم أحكمت الأمور بعد. انتهى. قال النووى: وتابعه على ذلك أصحاب أبى حنيفة، وادعوا أن كلام الناس فى الصلاة يبطلها، وادعوا أن هذا الحديث منسوخ. والصواب ما سبق. انتهى بالمعنى، والله أعلم. 1167 ـ ذؤيب بن حلحلة، ويقال ذؤيب بن حبيب بن حلحلة بن عمرو بن كليب بن أصرم بن عبد الله بن قمير بن حبشيّة بن سلول بن كعب بن عمرو بن ربيعة الخزاعى الكعبى، أبو قبيصة: شهد الفتح مع النبى صلى الله عليه وسلم، وله رواية عنه. روى عنه عبد الله بن عباس. روى له

_ 1167 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 4/ 241، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 900، الجرح والتعديل الترجمة 2034، جمهرة ابن حزم 236، الاستيعاب ترجمة 708، أسد الغابة ترجمة 1565، الكاشف 1/ 298، تجريد أسماء الصحابة 1/ 171، تهذيب ابن حجر 3/ 22، الإصابة ترجمة 2495، خلاصة الخزرجى الترجمة 1978 تهذيب الكمال 1818).

مسلم، وأبو داود وابن ماجة حديثا واحدا، وهو أن النبى صلى الله عليه وسلم، كان يبعث معه بالبدن، ثم يقول: «إن عطب منها شيء قبل محله، فخشيت عليه موتا فانحرها، ثم اغمس نعلها فى دمها، ثم اضرب به صفحتها، ولا تطعم أنت ولا أحد من أهل رفقتك» (1). وقال صاحب الكمال: روى له عن النبى صلى الله عليه وسلم، أربعة أحاديث. وقال ابن البرقى، فيما نقل عنه المزّى: جاء عنه حديث واحد. وذكر أبو عمر بن عبد البر، أنه شهد الفتح مع النبى صلى الله عليه وسلم وكان يسكن قديدا، وله دار بالمدينة، وعاش إلى زمن معاوية، قال: وجعل أبو حاتم الرازى، ذؤيب بن حبيب، غير ذؤيب بن حلحلة. ثم قال ابن عبد البر، بعد أن ذكر كلام أبى حاتم فى التفرقة بينهما: ومن جعل ذؤيبا هذا رجلين، فقد أخطأ ولم يصب، والصواب ما ذكرناه، والله أعلم. انتهى. ونقل صاحبنا الحافظ ابن حجر، عن ابن سعد والبغوى، أنهما قالا: إن ذؤيبا هذا، بقى إلى زمن معاوية. ولكن ذكر عن ابن معين ما يخالف ذلك؛ لأن فى تهذيب الكمال للمزّى: وقال المفضل بن غسان الغلّابىّ، عن يحيى بن معين، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بقبيصة بن ذؤيب الخزاعى، ليدعو له بالبركة بعد وفاة أبيه، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: «هذا رجل نساء». انتهى. وهذا يدل على أن ذؤيبا مات فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم. والله أعلم بالصواب. وذكر ابن الأثير فى نسبه، غير ما ذكرناه عن ابن عبد البر؛ لأنه قال: ذؤيب بن حلحلة، وقيل ذؤيب بن قبيصة، أبو قبيصة بن ذؤيب الخزاعى، ثم ذكر فى نسبه ما ذكرنا، فوقعت المخالفة فى اسم أبى ذؤيب، هل هو حلحلة أو قبيصة؟ على أن النسخة التى رأيتها من كتاب ابن الأثير سقيمة، والله أعلم بصحة ذلك. ثم قال ابن الأثير: وقد روى فى بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن النبى صلى الله عليه وسلم، بعثها مع ناجية

_ (1) أخرجه مسلم فى صحيحه، كتاب الحج، حديث رقم (2349) من طريق: أبو غسان المسمعى، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن سنان بن سلمة، عن ابن عباس أن ذؤيبا أبا قبيصة حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث معه بالبدن ثم يقول: إن عطب منها شيء فخشيت عليه موتا فانحرها ثم اغمس نعلها فى دمها ثم اضرب به صفحتها ولا تطعمها أنت ولا أحد من أهل رفقتك. وأخرجه الترمذى فى سننه، كتاب الحج، حديث رقم (834). أخرجه أبو داود فى سننه، كتاب المناسك، حديث رقم (1499).

1168 ـ[ذو النون، يونس بن يحيى بن أبى الحسن بن أبى البركات بن أحمد بن عبد الله القصار البغدادى الهاشمى الفقيه

الخزاعى، وسيذكر فى بابه إن شاء الله تعالى. وكان ابن الأثير ذكر مستدركا على أبى عمر، فإنه قال: كان ذؤيب هذا، صاحب بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يبعث معه الهدى. انتهى. ويمكن نفى المعارضة، بأن يكون صلى الله عليه وسلم، بعث هديه مع ذؤيب وناجية. وكان ذؤيب مقدما فى أمرها، والله أعلم. وفى النسخة التى رأيتها من الكمال، فى نسبه: طليب، عوض كليب. والصواب بالكاف، وكذا ذكره غير واحد، والله أعلم. 1168 ـ[ذو النون، يونس بن يحيى بن أبى الحسن بن أبى البركات بن أحمد بن عبد الله القصار البغدادى الهاشمى الفقيه: كان إماما بارعا، عارفا بالحديث وبطرقه ورجاله، أقام بمدينة زبيد مدة، وأخذ عنه بها جمع كبير، وأقام بمكة مدة، إماما بالمقام، وأخذ عنه بها القاضى إسحاق الطبرى وغيره، وممن أخذ عنه: الفقيه الإمام العلامة إسماعيل بن محمد الحضرمى، قال الجندى: ولم أتحقق ما آل أمره إليه، رحمه الله تعالى. وقد قيل إنه توفى سنة ثلاث وستين وستمائة، فيما حكاه ابن نقطة وغيره، وقد قيل إن الذى أخذ عنه هو الفقيه محمد بن إسماعيل الحضرمى، والد الفقيه إسماعيل، وصحح هذا بعض العلماء، وقال: هو الصواب؛ لأن تاريخ الخزرجى ذكره فى حرف الذال المعجمة، ولم يذكره تقى الدين الفاسى، فى حرف الذال، ولا فى حرف الياء، آخر الحروف. والعجيب أنه قد ذكر فى ترجمة القاضى إسحاق بن أبى بكر الطبرى أنه ولد بمكة وسمع بها من زهران بن رستم: جامع الترمذى ومن يونس بن يحيى الهاشمى: صحيح البخارى. انتهى] (1). * * *

_ 1168 ـ (1) هذه الترجمة جاءت على هامش الأزهرية بخط مغاير للنسخة.

حرف الراء

حرف الراء من اسمه راجح 1169 ـ راجح بن أبى بكر بن إبراهيم بن محمد القرشى العبدرىّ، أبو محمد، وأبو الوفا الميورقىّ، الملقب بمخلص الدين: ذكره المهدوىّ، وقال بعد أن عرفه بما ذكرنا: أحد فضلاء ميور (1) وساداتها، نشأ ببلاد المشرق، وكان من أحسن الناس خلقا، وألينهم عريكة، وأكثرهم تواضعا وخشوعا، وأحبهم فى الصالحين، وأكثرهم إيثارا. دخل حلب، فكان شيخ الصوفية بها، ثم ارتحل إلى بغداد، فاهتزت لدخوله، وبعث له الخليفة ضيافة وصلة عظيمة، ومع ذلك فلا يبقى شيئا لكثرة إيثاره. وكان كثير العبادة، لا تكثر عنده البتة، ولا لنفسه عنده حظ، دخلت إليه فى مرضه الذى توفى فيه، يوم الأحد سابع شوال من سنة ثلاث وأربعين وستمائة، وهو فى بيت سكناه فى الحرم الشريف، فسألته عن حاله، فنظر إلىّ وضحك وقال: غدا أدخل الحمام، وبعد غد أستريح إن شاء الله تعالى، فكان كما قال ـ رضى الله عنه ـ فاشتد عليه المرض فى غد، فأدخل المارستان، وفى بعد غد مات، رضى الله عنه، بعد صلاة الصبح، وقد صلى الصبح ومات فى إثرها، وارتج له الحرم. وذكر أنه قرأ على أبى زكريا يحيى بن على المغيلىّ: كتاب الموطأ، عن ابن الرّمّانة، عن أبى البحر، عن ابن عبد البر، وكتب له بالإجازة أبو القاسم بن الحرستانىّ، وأبو اليمن الكندى، وعبد العزيز بن منينا، وجماعة. وذكره ابن منصور بن سليم فى تاريخه، فقال: شيخ حسن، كان من العلماء والمشايخ الصلحاء، قدم الإسكندرية قبل الستمائة، فسمع بها الحديث من أبى القاسم عبد الرحمن بن موقا الأبيارى، وأبى زكريا يحيى بن على المغيلىّ وغيرهما، وتفقه بها، ثم انتقل إلى الشام مدة، وتقدم على الصوفية بحلب، وصحبته إلى بغداد، ثم قدم الثغر زائرا، فسمعت منه. وكان ثبتا صالحا ثقة.

_ (1) ميور: جزيرة فى البحر الشامى وهى قريبة من نابل الساحلية وهى جزيرة خصيبة تسمى ميور، ويقال للجزيرة شكلة ميور. انظر: الروض المعطار 342، الإدريسى 17، 30.

1170 ـ راجح بن أبى سعد بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة، الحسنى المكى

وذكر الشريف أبو القاسم الحسينى فى وفياته، فقال بعد أن ذكر شيئا من روايته: وكان من الصالحين المشهورين، وجاور بالحرم مدة. وذكر أنه توفى فى تاسع شوال سنة ثلاث وأربعين وستمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وأن مولده ـ على ما ذكر ـ بميور، فى رجب سنة ثمان، أو أوائل سنة تسع وثمانين وخمسمائة. 1170 ـ راجح بن أبى سعد بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة، الحسنى المكى: كان من أعيان الأشراف آل أبى نمى، حسن الشكالة، يحفظ شعرا للأشراف آل أبى نمى، ويذاكر به، وفيه خير. وكان يطمع فى إمرة مكة، فاخترمته المنيّة دون ذلك. وكانت وفاته بالمحرم سنة خمس وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 1171 ـ راجح بن على بن مالك بن حسن بن حسين بن كامل بن أحمد بن يحيى بن حسين بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن الحسن بن محمد ابن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى المكى: توفى يوم السبت رابع المحرم سنة خمس وأربعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره نقلت نسبه ووفاته. 1172 ـ راجح بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم الحسنى المكى: أمير مكة، ولى إمرتها أوقاتا كثيرة كما سيأتى بيانه، وجرى له فى ذلك أمور نشير إليها؛ لأنه لما مات أبوه، رام الإمرة بمكة، فلم تتهيا له لغلبة أخيه حسن بن قتادة على ذلك. وذكر ابن الأثير، أنه لما ملك أخوه حسن مكة، كان مقيما فى العرب بظاهر مكة، يفسد وينازع أخاه حسنا فى ملك مكة. فلما سار حجاج العراق، كان الأمير عليهم، مملوك من مماليك الخليفة الناصر لدين الله اسمه آقباش، فقصده راجح بن قتادة، وبذل له وللخليفة مالا ليساعده على ملك مكة، فأجابه إلى ذلك. ووصلوا إلى مكة، ونزلوا بالزاهر، وتقدم إلى مكة مقاتلا لصاحبها حسن، وكان قد جمع جموعا كثيرة من العرب

_ 1170 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 3/ 223). 1172 ـ انظر ترجمته فى: (الكامل لابن الأثير 9/ 345، المنهل الصافى 5/ 339، إتحاف الوردى 3/ 78).

وغيرهم، فخرج إليه من مكة وقاتله. وذكر ما سبق فى ترجمة حسن بن قتادة، من قتل أصحابه لآقباش. وسبق ذلك أيضا فى ترجمة آقباش. وذكر ابن محفوظ: أن راجح بن قتادة باين أخاه حسن بن قتادة، لما ملك مكة بعد موت أبيه. فلما كان الموسم الذى مات فيه أبوه، تعرض راجح لقطع الطريق بين مكة وعرفة، فمسكه أمير الحاج، وكان أمير الحاج اسمه أبا آقباش، يعنى آقباش السابق ذكره، وكأنه تصحف عليه، وأقام معه الحوطة، فأرسل إليه صاحب مكة ـ يعنى حسن بن قتادة ـ يقول له: سلّمه إلىّ وأسلم إليك مالا جزيلا، فاتفقا على ذلك. فقال راجح للأمير: أنا أدفع إليك أكثر مما يدفع، فأجابه إلى ذلك، وعزم على دخول مكة وتسليمها لراجح، فقتل الأمير آقباش على جبل الحبشى، وهرب راجح إلى جهة اليمن، ثم توجه راجح إلى الملك المسعود ملك اليمن. انتهى. وذكر أيضا: أن الملك المسعود، لما ملك مكة، ولى راجحا حلى ونصف المخلاف. انتهى. وولى راجح بن قتادة مكة غير مرة، فى زمن الملك المنصور صاحب اليمن، مع عسكر الملك المنصور، وجرى بينهم وبين عسكر صاحب مصر الملك الكامل، وابنه الملك الصالح أيوب، فى ذلك أمور، ذكرها جماعة من المؤرخين، منهم ابن البزورى؛ لأنه قال فى ذيل المنتظم لابن الجوزى فى أخبار سنة تسع وعشرين وسبعمائة: فى ربيع الآخر، تغلب راجح بن قتادة العلوى الحسنى على مكة، وأخرج عنها المتولى عليها من قبل الملك الكامل زعيم مصر. فبلغ ذلك مستنيبه، فنفذ له عسكرا نجدة له، فعرف ذلك راجح فخرج عنها. وقال فى أخبار سنة ثلاثين وستمائة: فى محرم منها، جمع راجح بن قتادة جمعا عظيما، وقدم مكة شرفها الله تعالى، فدخلها واستولى عليها، وطرد عنها من كان بها من عسكر الملك الكامل زعيم مصر، وأمده الملك المنصور عمر بن على بن رسول (1) زعيم اليمن بعساكره، وأخرج عنها متوليها ألطغتكين، من قبل الكامل. وفى هذه السنة، وصل عسكر مصر إلى مكة واستولى عليها، وأخرج عنها أميرها راجح بن قتادة، وعدلوا فى أهلها وأحسنوا السيرة.

_ (1) عمر بن على بن رسول ـ واسمه محمد ـ بن هارون بن أبى الفتح الغسانى التركمانى، نور الدين، الملقب بالملك المنصور: مؤسس الدولة الرسولية فى اليمن، وأحد الدهاة الأجواد الشجعان. ولد بمصر ونشأ أديبا فاضلا، حسن الاتصال ببنى أيوب. انظر: (العقود اللؤلؤية 1/ 43 ـ 88، الذهب المسبوك 39. الأعلام 56/ 5).

وفى أوائل صفر سنة ثلاث وثلاثين، وصل الحاج، وأخبروا بطيب حجهم، وأن الملك الكامل نفذ بعض زعمائه فى ألف فارس إلى مكة، فأخرجوا عنها راجح بن قتادة واستولى عليها. وذكر النويرى فى كتابه نهاية الأرب، بعض ما ذكره ابن البزورىّ من خبر راجح بن قتادة، وأفاد فى ذلك ما لم يفده البزورىّ؛ لأنه ذكر أن فى صفر سنة ثلاثين وستمائة، تسلم راجح بن قتادة مكة، وكان قصدها فى سنة تسع وعشرين، وصحبته عسكر صاحب اليمن الملك المنصور، وكان الأمير فخر الدين ابن الشيخ بمكة، ففارقها. وذكر أن فى سنة اثنتين وثلاثين، توجه الأمير أسد الدين جفريل إلى مكة، وصحبته سبعمائة فارس، فتسلمها فى شهر رمضان، وهرب منها راجح بن قتادة، ومن كان بها من عسكر اليمن. انتهى. فاستفدنا من هذا، تعيين مقدار عسكر الكامل الذى أنفذه إلى مكة، فى سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، وتعيين أميره، وتعيين استيلائهم على مكة، ووقت خروج راجح منها، وكل ذلك لا يفهم مما ذكره ابن البزورىّ. واستفدنا مما ذكره فى أخبار سنة ثلاثين، أن استيلاء راجح بن قتادة على مكة فيها، كان فى صفر من هذه السنة، وهو يخالف ما ذكره ابن البزورى فى تاريخ استيلاء راجح على مكة فى هذه السنة، وأن الأمير فخر الدين ابن الشيخ، كان بمكة في هذه السنة. وذكر ابن محفوظ هذه الأخبار، وأفاد فيها ما لم يفده غيره؛ لأنه قال: سنة تسع وعشرين وستمائة، جهز الملك المنصور فى أولها جيشا إلى مكة وراجح معه، فأخذها، وكان فيها أمير الملك الكامل، يسمى شجاع الدين الدغدكينى، فخرج هاربا إلى نخلة، وتوجه منها إلى ينبع، وكان الملك الكامل وجه إليه بجيش، ثم جاء إلى مكة فى رمضان، فأخذها من نواب الملك المنصور، وقتل من أهل مكة ناسا كثيرا على الدرب، وكانت الكسرة على من بمكة. وقال أيضا فى سنة ثلاثين وستمائة: ثم جاء الشريف راجح بعسكر من اليمن، فأخرج من كان بمكة من المصريين بالإرجاف بلا قتال، وفى آخرها حج أمير من مصر، يقال له الزاهد، فى سبعمائة فرس، فتسلم مكة وحج بالناس، وترك فى مكة أميرا يقال له ابن المحلى، فى خمسين فارسا، أقام بمكة سنة إحدى وثلاثين. وذكر بعض العصريين فى بعض تواليفه، شيئا من خبر ولاية الأمير راجح بن قتادة لمكة، فى زمن الملك المنصور صاحب اليمن، وما جرى لراجح وعسكر المنصور، مع

عسكر الملك الكامل، وابنه الملك الصالح؛ لأنه ذكر أن الملك المنصور، لما تسلطن باليمن بعد الملك المسعود، بعث راجح بن قتادة، وابن عبدان، فى جيش إلى مكة، فنزلوا الأبطح (2)، وراسل راجح أهل مكة، وذكرهم إحسان المنصور إليهم، أيام نيابته بمكة عن المسعود، فمال رؤساؤهم إليه، وكانوا حالفوا طغتكين، متولى مكة من قبل الملك الكامل صاحب مصر، بعد أن أنفق عليهم، فلما عرف طغتكين ذلك، هرب إلى ينبع، فاستولى راجح وأصحابه على مكة المشرفة، وذلك فى ربيع الآخر من سنة تسع وعشرين وستمائة، ولما عرف بذلك صاحب مصر الملك الكامل، بعث إلى مكة عسكرا كثيفا، مقدمهم الأمير فخر الدين بن الشيخ، فتسلموا مكة، وقتل ابن عبدان وجماعة من أهل مكة، ثم إن راجحا جمع جمعا، وأمده صاحب اليمن بعساكر، وقصد مكة فتسلمها فى صفر سنة ثلاثين، وخرج منها فخر الدين ابن الشيخ. فلما كان فى آخر هذه السنة، وصل من مصر أمير يقال له الزاهد، فى سبعمائة فارس، فتسلم مكة وحج بالناس. فلما كانت سنة إحدى وثلاثين، جهز الملك المنصور عسكرا جرّارا وخزانة إلى راجح، فنهض الشريف راجح فى العسكر المنصورى، وأخرجوا العسكر المصرى، ثم إن راجحا هرب من مكة، لما قدمها المنصور حاجّا فى هذه السنة، ثم رجع إليها بعد توجهه إلى اليمن، وأرسل المنصور إلى راجح فى سنة اثنتين وثلاثين، بخزانة كبيرة على يد بن النّصيرى، وأمره باستخدام الجند، فلم يتمكن راجح من ذلك، لوصول العسكر المصرى، الذى أنفذه الكامل مع الأمير جفريل المقدم ذكره، وتوجه راجح وابن عبدان إلى اليمن. فلما كانت سنة ثلاث وثلاثين، بعث المنصور عسكرا من اليمن، مقدمهم الأمير الشهاب بن عبدان، وبعث بخزانة إلى راجح، وأمره باستخدام العسكر، ففعل. فلما صاروا قريبا من مكة، خرج إليهم العسكر المصرى، والتقوا بمكان يقال له الخريقين، بين مكة والسّرّين، فانهزمت العرب أصحاب راجح، وأسر ابن عبدان، وبعث به إلى مصر مقيدا، ثم انهزم العسكر المصرى من مكة، لما توجه راجح إلى مكة فى صحبة المنصور، وذلك فى سنة خمس وثلاثين، وأقام عسكر المنصور بمكة سنة ست

_ (2) الأبطح: بالفتح ثم السكون وفتح الطاء والحاء مهملة، مكان يضاف إلى مكة وإلى منى؛ لأن المسافة بينه وبينهما واحدة، وربما كان إلى منى أقرب، وهو المحصب، وهو خيف بنى كنانة. انظر: معجم البلدان 1/ 74.

وثلاثين، ولا أدرى هل كان راجح معهم أم لا، ثم خرج العسكر المنصورى فى سنة سبع وثلاثين من مكة، لما وصل إليها الشريف شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنا الحسينى أمير المدينة، فى ألف فارس من مصر، فجهز المنصور راجحا وابن النّصيرى فى عسكر جرّار. فلما سمع به شيحة وأصحابه هربوا من مكة، ثم أخذها العسكر المصرى فى سنة ثمان وثلاثين. فلما كانت سنة تسع وثلاثين، جهز المنصور جيشا كثيفا إلى مكة مع راجح، فبلغه أن صاحب مصر الصالح أيوب بن الكامل، أنجد العسكر المصرى الذى بمكة بمائة وخمسين فارسا. فأقام راجح بالسّرّين، وعرف المنصور الخبر، فتوجه المنصور فى جيش كثيف، فدخل مكة فى رمضان فى سنة تسع وثلاثين، بعد هرب المصريين، واستناب بمكة مملوكه فخر الدين الشلّاح، ولا أدرى هل استناب معه راجحا أم لا، والظاهر أنه لم يستنبه، ثم عاد راجح لإمرة مكة؛ لأن ابن محفوظ ذكر أنه تسلم مكة فى آخر يوم ذى الحجة سنة إحدى وخمسين وستمائة، لما انتزعها من جمّاز بن حسن بن قتادة بلا قتال. وذكر أن راجحا أقام بمكة متوليا، حتى أخرجه منها ولده غانم بن راجح، فى ربيع الأول من سنة اثنتين وخمسين. وذكر شيخنا ابن خلدون: أن راجحا عاد إلى مكة فى سنة خمس وثلاثين مع الملك المنصور، وخطب له بعد المستنصر الخليفة العباسى، واستمر إلى سنة سبع وأربعين، فتوجه إلى اليمن هاربا لما استولى عليها ابن أخيه أبو سعد بن علىّ بن قتادة، وسكن السّرّين، يعنى الموضع المعروف اليوم بالواديين، ثم قصد مكة فى سنة ثلاث وخمسين، وانتزعها من جمّاز بن حسن. انتهى. قلت: هذا فيه نظر من وجوه: منها: أن راجحا لم يستمر على مكة من سنة خمس وثلاثين، إلى سنة سبع وأربعين؛ لأنه وليها فى هذه المدة جماعة، كما تقدم بيانه. ومنها: أن راجحا لم ينتزع مكة من جماز فى سنة ثلاث وخمسين، وإنما انتزعها قبل ذلك، كما تقدم بيانه فى هذه الترجمة، وترجمة جماز. وكانت وفاة راجح فى سنة أربع وخمسين وستمائة، على ما ذكر الميورقىّ فيما وجدت بخطه، ولم أستفد ذلك إلا منه. وبلغنى أنه كان مفرطا فى الطول، بحيث تصل يده وهو قائم إلى ركبته.

1173 ـ راجح بن أبى نمى بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة بن إدريس بن مطاعن، الحسنى المكى

1173 ـ راجح بن أبى نمى بن أبى سعد حسن بن علىّ بن قتادة بن إدريس بن مطاعن، الحسنى المكى: أمير مكة. ذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، أنه استولى على مكة أشهرا، ثم انتزعت منه، ولم يذكر متى كان ذلك، وما ذكر لى ذلك غيره، والله أعلم. ولم أدر متى مات، إلا أنه كان حيّا فى رمضان، سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة؛ لأنه وفد فيها على الناصر محمد بن قلاوون، صاحب مصر وأكرمه. 1174 ـ راجح بن محمد بن عبد الله بن عمر بن مسعود العمرى المكى: كان من أعيان القواد المعروفين بالعمرة، وله مكانة عند الشريف أحمد بن عجلان صاحب مكة. توفى فى سنة ست وثمانين وسبعمائة. 1175 ـ راشد العطار، أبو مسرّة، جد يحيى بن أبى مسرّة: روى عنه سعيد بن سلام العطّار حديثا، عن هنّاد، الآفة فيه من سعيد، كما قال الذهبى. وذكر أن بعضهم وهّاه. 1176 ـ راشد الغيثىّ: وجدت فى مجاميع الميروقىّ بخطه، أو خط غيره، أنه من بقايا الصالحين بمكة. والغيثى ـ بغين معجمة ثم ياء مثناة من تحت ثم ثاء مثلثة ثم ياء للنسبة ـ نسبة إلى الشيخ أبى الغيث بن جميل، الولى المشهور ببلاد اليمن. * * * من اسمه رافع 1177 ـ رافع بن بديل بن ورقاء الخزاعى: تقدم نسبه عند ذكر أبيه، قتل يوم بئر معونة، له ولإخوته: عبد الله وعبد الرحمن وسلمة صحبة. ذكره هكذا ابن الأثير، وذكر عن ابن إسحاق، فيما رواه عن غير واحد من أهل العلم، قالوا: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، المنذر بن عمرو فى جماعة، منهم: رافع بن بديل بن ورقاء الخزاعى. وذكر الحديث فى قتلهم.

_ 1173 ـ انظر ترجمته فى: (المنهل الصافى 5/ 340، الضوء اللامع 3/ 223، إتحاف الوردى 3/ 433). 1175 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 2/ 36، لسان الميزان 1/ 440). 1177 ـ انظر ترجمته فى: (التجريد 1/ 184، أسد الغابة 2/ 149، الإصابة 1/ 529).

1178 ـ رافع بن نصر البغدادى، أبو الحسن المعروف بالحمال، بحاء مهملة مفتوحة وميم مشددة

وقال ابن الأثير: أخرجه هكذا ابن مندة وأبو نعيم، وقال أبو نعيم فى هذه الترجمة: صحف فيه بعض المتأخرين، وإنما هو نافع بالنون لا يختلف فيه. وقال فيه ابن رواحة [من الخفيف]: رحم الله رافع بن بديل ... رحمة المبتغى ثواب الجهاد عليه تواطأ أصحاب المغازى والتاريخ، والحق بيد أبى نعيم، وقد وهم فيه ابن مندة. انتهى. ولم يذكره ابن عبد البر لكونه تصحف. والله أعلم. وذكره الذهبى، فقال: رافع بن بديل بن ورقاء الخزاعى، صحفه بعضهم، وإنما هو نافع بالنون، وسيأتى إن شاء الله تعالى. انتهى. 1178 ـ رافع بن نصر البغدادى، أبو الحسن المعروف بالحمّال، بحاء مهملة مفتوحة وميم مشددة: فقيه الحرم الشريف. قال محمد بن طاهر المقدسى فى ترجمة هيّاج بن عمير الحطّينىّ الآتى ذكره: كان هياج فقيه الحرم بعد رافع الحمّال، وسمعته يقول: كان لرافع الحمال فى الزهد، قدم، وإنما تفقه أبو إسحاق الشيرازى، وأبو يعلى بن الفراء بمراعاة رافع، كانوا يتفقهون وكان يكون معهما. ثم يروح يحمل على رأسه ويعطيهما ما يتقوتان به. وذكره السبكى فى طبقاته فقال: تفقه على الشيخ أبى حامد الإسفرايينى، وقرأ الأصول على القاضى أبى بكر الباقلانى، وسمع الحديث من أبى الحسن رزقويه وغيره. روى عنه جعفر السراج، وعبد العزيز الكتّانى وغيرهما. ومن شعره [من الرمل]: اقطع الآمال عن فض ... ل بنى آدم طرّا أنت ما استغنيت عن مث ... لك أعلا الناس قدرا وذكره الإسنائى فى طبقاته، وقال: كان فقيها أصوليّا زاهدا، أخذ الأصول عن أبى بكر الباقلّانىّ، والفقه عن الشيخ أبى حامد المروزىّ، ثم قال: توجه إلى مكة وأقام بها إلى حين وفاته، يتعبد ويفتى. توفى بها سنة سبع وأربعين وأربعمائة. 1179 ـ رافع بن يزيد الثقفى: مذكور فى الصحابة. روى عنه الحسن بن أبى الحسن. ذكره هكذا ابن عبد البر،

_ 1179 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة ترجمة 1605، الاستيعاب ترجمة 744، الإصابة ترجمة 2555).

1180 ـ رافع، مولى بديل بن ورقاء الخزاعى

وذكره ابن الأثير أفود من هذا؛ لأنه قال: رافع بن يزيد الثقفى، عداده فى البصريين. روى أبو بكر الهذلى عن الحسن بن أبى الحسن البصرى، عن رافع، أن النبىصلى الله عليه وسلم قال: «إن الشيطان يحب الحمرة، فإياكم والحمرة، وكل ثوب فيه شهرة». ورواه قتادة عن الحسن عن عبد الرحمن بن يزيد بن رافع، عن النبى صلى الله عليه وسلم. أخرجه الثلاثة. 1180 ـ رافع، مولى بديل بن ورقاء الخزاعى: له صحبة. قال ابن إسحاق: لما دخلت خزاعة مكة، لجأوا إلى دار بديل بن ورقاء الخزاعى، ودار مولى لهم يقال له رافع. ذكره هكذا ابن عبد البر. وقال ابن عبد البر (1) أيضا فى ترجمة بديل بن ورقاء الخزاعى مولى رافع؛ وذكر ابن إسحاق، أن قريشا يوم فتح مكة، لجأوا إلى دار بديل بن ورقاء الخزاعى، ودار مولاه رافع. انتهى. وهذا يخالف الأول، فإن القصة واحدة، إلا أن يكون ما ذكر عن خزاعة حين لجأوا إلى مكة، بعد أن قتلهم بنو بكر على الوتير (2)، وهى الواقعة التى أهاجت فتح مكة (3)،

_ 1180 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 742، الإصابة ترجمة 2751، أسد الغابة ترجمة 1571). (1) انظر ما قاله ابن عبد البر فى ترجمة بديل فى: (الاستيعاب ترجمة 168). (2) الوتير: ماء فى أرض خزاعة. عليه كانت الوقيعة بين بنى الديل وبنى بكر بن عبد مناة ابن كنانة وبنى خزاعة. انظر: الروض المعطار 607، معجم ما استعجم 4/ 1368. (3) كانت هذه الواقعة بين بنى الديل وبنى بكر بن عبد مناة بن كنانة وبنى خزاعة وكان الذى هاج ما بينهم أن حليفا للأسود بن رزن الديلى خرج تاجرا، فلما توسط أرض خزاعة عدوا عليه فقتلوه وأخذوا ماله، فعدت بنو بكر على رجل من خزاعة فقتلوه، فعدت خزاعة، قبيل الإسلام، على بنى الأسود بن رزن: سلمى وكلثوم وذؤيب، وهم منخر بنى كنانة وأشرافهم، كانوا فى الجاهلية يؤدون ديتين ديتين لفضلهم فى قومهم، فقتلهم خزاعة بعرفة عند أنصاب الحرم، ثم حجز بينهم الإسلام وتشاغل الناس به، فلما كان صلح الحديبية دخلت خزاعة فى عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخلت بنو بكر فى عقد قريش، فلما كانت الهدنة اغتنمتها بنو الديل، فخرجوا حتى بيتوا خزاعة على الوتير، ماء لهم، وأصابوا منهم رجلا. وتحاوزوا واقتتلوا، ورفدت قريش بنى بكر بالسلاح وقاتل معهم من قاتل بالليل مستخفيا، فلما تظاهرت بنو بكر وقريش على خزاعة ونقضوا ما كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من العهد والميثاق بما استحلوا منهم، وكانوا فى عقده وعهده، خرج عمرو ابن سالم الخزاعى الكعبى حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فوقف عليه وهو جالس فى المسجد بين ظهرى الناس فقال:

ويكون ما ذكر عن قريش، وقع فى الفتح، كما هو ظاهر قول ابن إسحاق، ويبعد أن تلجأ قريش فى الفتح إلى دار بديل ومولاه، لاستغنائهم عن ذلك بمنازلهم، سيما عن دار رافع، فإنها كمنازلهم فى عدم الأمن فيها، بمجرد دخولها، وإنما يأمن داخلها بإغلاقها، ولا كذلك دار أبى سفيان، وحكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء، إن صح تأمين من دخل داره، والله أعلم. وما ذكره ابن عبد البر عن ابن إسحاق، من أن خزاعة حين دخلوا مكة لجأوا إلى دار بديل بن ورقاء الخزاعى، ودار مولى لهم يقال له رافع. ذكره ابن إسحاق فى سيرته تهذيب ابن هشام؛ لأن فيها بعد أن ذكر قتل بنى بكر لخزاعة على الوتير: فلما دخلت خزاعة مكة، لجأوا إلى دار بديل بن ورقاء، ودار مولى لهم يقال له رافع. انتهى. ولم أر فيها ما ذكره ابن عبد البر عن ابن إسحاق، من دخول قريش يوم الفتح دار بديل ودار مولاه رافع، والله أعلم بصحة ذلك.

_ يا رب أنى ناشد محمدا ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا قد كنتم ولدا وكنا والدا ... ثمت أسلمنا فلم ننزع يدا فانصر هداك الله نصرا أعتدا ... وادع عباد الله يأتوا مددا فيهم رسول الله قد تجردا ... أبيض مثل البدر يسمو صعدا فى فيلق كالبحر يجرى مزبدا ... إن قريشا أخلفوك الموعدا ونقضوا ميثاقك الؤكدا ... وجعلوا لى فى كداء رصدا وزعموا أن لست أدعو أحدا ... وهم أذل وأقل عددا هم بيتونا بالوتير هجدا ... وقتلونا ركعا وسجدا يقول: قتلنا وقد أسلمنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نصرت يا عمرو بن سالم»، ثم عرض لرسول اللهصلى الله عليه وسلم عنان من السماء فقال: «إن هذه السحابة لتستهل بنصر بنى كعب». انظر: الروض المعطار 607.

1181 ـ رامشت بن الحسين بن شيرويه بن الحسين بن جعفر الفارسى، يكنى أبا القاسم، واسمه إبراهيم، وإنما اشتهر برامشت، ولذلك ذكرناه هنا

1181 ـ رامشت بن الحسين بن شيرويه بن الحسين بن جعفر الفارسى، يكنى أبا القاسم، واسمه إبراهيم، وإنما اشتهر برامشت، ولذلك ذكرناه هنا: كان من أعيان تجار العجم وخيارهم، له فى الكعبة وفى الحرم ومكة المشرفة آثار تحمد. منها: الرباط المشهور بمكة عند باب الحزورة من المسجد الحرام، وقفه على جميع الصوفية الرجال دون النساء، أصحاب المرقّعة، من سائر العراق، سنة تسع وعشرين وخمسمائة، كما فى الحجر الذى على بابه الذى بالمسجد، ووقفت على كتاب وقفه، وأظنه عندى. وقد خرب كثيرا لما احترق المسجد فى آخر شوال سنة اثنتين وثمانمائة، فتطوع بعمارته غير واحد، أعظمهم جدوى فى ذلك، الشريف حسن بن عجلان صاحب مكة، فإنه بذل لعمارته مائتى مثقال ذهبا، فأزيل بها غالب ما كان فيه من الشعث، أثابه الله. ومنها: أنه عمل للكعبة المعظمة ميزابا وزنه سبعون منا، وصل به بعد موته، خادمه مثقال، مع مكبّة للمقام، ومجمرتين، وركب الميزاب فى الكعبة، ثم قلع وأبدل بميزاب أنفذه الخليفة المقتفى العباسى، كما ذكرنا فى تأليفنا «شفاء الغرام ومختصراته». ومنها: أن فى سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة، كسى الكعبة المعظمة، لما لم يصل لها كسوة من جهة الخليفة، لاشتغاله بالحرب الذى كان بينه وبين الملك السلجوقى إذ ذاك، وكانت كسوة رامشت بثمانية عشر ألف مثقال مصرية، على ما ذكر ابن الأثير، وذكر أنها من حبرات وغيرها. ورأيت فى بعض التواريخ، أن كسوة رامشت للكعبة، استقامت عليه بستة آلاف دينار وأنه كساها فى سنة إحدى وثلاثين. ومن مآثره فى الحرم، حطيم عمله لإمام الحنابلة بالمسجد الحرام، على ما ذكر ابن جبير فى أخبار رحلته؛ لأنه قال فيها: وللحنبلى حطيم معطل، وهو قريب من حطيم الحنفى، وهو منسوب إلى رامشت، أحد الأعاجم ذوى الثراء. وكانت له فى الحرم آثارا كريمة من النفقات، رحمه الله تعالى. انتهى. توفى رامشت هذا، فى شعبان سنة أربع وثلاثين وخمسمائة، وحمل إلى مكة، فوصل

_ 1181 ـ انظر ترجمته فى: (الكامل لابن الأثير 8/ 363).

1182 ـ رباح بن أبى معروف بن أبى سارة المكى

إليها سنة سبع وثلاثين وخمسمائة، ودفن بها بالمعلاة، ومن حجر قبره نقلت نسبه وتاريخ وفاته. 1182 ـ رباح بن أبى معروف بن أبى سارة المكى: روى عن عبد الله بن أبى مليكة، وعطاء بن أبى رباح، وقيس بن سعد المكى، ومجاهد، وأبى الزبير المكى، ومغيرة بن حكيم. روى عنه سفيان الثورى، وابن أبى فديك، وأبو داود الطيالسى، وأبو نعيم، ووكيع، وغيرهم. روى له البخارى فى الأدب، ومسلم (1)، وأبو داود فى المراسيل والنسائى (2). ضعفه

_ 1182 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 495، طبقات خليفة 283، تاريخ البخارى الكبير 3 / الترجمان 1073، 1076، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 609، ضعفاء النسائى الترجمة 207، الجرح والتعديل الترجمة 2214، المجروحين أيضا 1/ 300، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 1158، إكمال ابن ماكولا 4/ 8، الجمع لابن القيسرانى 1/ 141، الكاشف 1/ 302، ميزان الاعتدال: الترجمة 2725، المغنى الترجمة 2083، ديوان الضعفاء الترجمة 1383، تهذيب ابن حجر 3/ 234، خلاصة الخزرجى الترجمة 2009، تهذيب الكمال 1846). (1) ثلاثة أحاديث فى صحيحه، الأول: فى باب ما يباح للمحرم، حديث رقم (2757) من طريق: إسحاق بن منصور. أخبرنا أبو على عبيد الله عبد المجيد، حدثنا رباح بن أبى معروف، قال: سمعت عطاء قال: أخبرنى صفوان بن يعلى عن أبيه رضى الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل عليه جبة، بها أثر من خلوق، فقال: يا رسول الله إنى أحرمت بعمرة، فكيف أفعل؟ فسكت عنه، فلم يرجع إليه. وكان عمر يستره إذا أنزل عليه الوحى، يظله. فقلت لعمر رضى الله عنه: إنى أحب، إذا أنزل عليه الوحى، أن أدخل رأسى معه فى الثوب. فلما أنزل عليه، خمره عمر رضى الله عنه بالثوب، فجئته فأدخلت رأسى معه فى الثوب، فنظرت إليه، فلما سرى عنه قال: «أين السائل آنفا عن العمرة؟ » فقام إليه الرجل، فقال: «انزع عنك جبتك، واغسل أثر الخلوق الذى بك، وافعل فى عمرتك، ما كنت فاعلا فى حجك». الثانى: فى الحج حديث رقم (2105) من طريق: إسحاق بن إبراهيم وأبو أيوب الغيلانى وأحمد بن خراش قال إسحاق: أخبرنا وقال الآخران: حدثنا أبو عامر، وهو عبد الملك بن عمرو حدثنا رباح وهو ابن أبى معروف عن عطاء عن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لضباعة: «حجى واشترطى أن محلى حيث تحبسنى». وفى رواية إسحاق أمر ضباعة. الثالث: فى البيوع، حديث رقم (2860) من طريق: وحدثنا إسحاق بن منصور حدثنا ـ

1183 ـ رباح بن المعترف

ابن معين والنسائى. وقال أبو زرعة وأبو حاتم: صالح. وقال ابن حبان: كان ممن الغالب عليه التثبت ولزوم الورع والاجتهاد والعبادة. وكان يهم فى الشيء بعد الشئ. انتهى. ورباح: بباء موحدة؛ لأن ابن الأثير، ذكره فى باب الراء والباء، ثم عقّبه بربعىّ. 1183 ـ رباح بن المعترف: وقال الطبرى: ابن عمرو بن المعترف. قال أبو عمر بن عبد البر: يقولون اسم المعترف: وهب بن حجوان بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر بن مالك بن النضر ابن كنانة القرشى الفهرى. كانت له صحبة. وكان شريك عبد الرحمن بن عوف فى التجارة. روى أنه كان مع عبد الرحمن يوما فى سفر، فرفع صوته، رباح، يغنى غناء الركبان، فقال له عبد الرحمن: ما هذا؟ قال: غير ما بأس، نلهو ويقصر عنا السفر. فقال عبد الرحمن: إن كنتم فاعلين، فعليكم بشعر ضرار بن الخطاب، ويقال إنه كان معهم فى ذلك السفر، عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ وكان يغنيهم غناء النصب. انتهى. ذكره هكذا ابن عبد البر. وقال: وابنه عبد الله بن رباح أحد العلماء. انتهى. وذكره ابن الأثير بمعنى هذا، وقال: أسلم يوم الفتح. وقال: وقيل: اسم المعترف: وهيب أو أهيب. انتهى. وهذا الكلام لا يستقيم هكذا، ولعل سقط منه شيء أو تصحف. والله أعلم.

_ ـ عبيد الله بن عبد المجيد حدثنا رباح بن أبى معروف قال: سمعت عطاء عن جابر بن عبد الله قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء الأرض وعن بيعها السنين وعن بيع الثمر حتى يطيب». (2) حديثين فى سننه الكبرى، الأول: فى باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها، حديث رقم (5400) من طريق: أحمد بن عثمان بن حكيم الكوفى قال: حدثنا بكر بن عيسى عن محمد بن أبى ليلى عن رباح المكى عن بكير بن عبد الله عن سليمان بن يسار عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها». الثانى: فى باب ذكر الاختلاف على عطاء بن أبى رباح، حديث رقم (3152) من طريق: حفص بن عمر قال: أنبانا أبو أحمد عن رباح بن أبى معروف عن عطاء عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «أفطر الحاجم والمحجوم». 1183 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 2565، أسد الغابة ترجمة 1610، الاستيعاب ترجمة 747).

1184 ـ الربيع بن زياد، ويقال ابن زيد، ويقال، ربيعة بن زياد الخزاعى، ويقال الحارثى

وقال: ضرار بن الخطاب: رجل من بنى محارب بن فهر. انتهى. 1184 ـ الربيع بن زياد، ويقال ابن زيد، ويقال، ربيعة بن زياد الخزاعى، ويقال الحارثى: مختلف فى صحبته، له عن النبى صلى الله عليه وسلم حديث واحد. روى عنه أبو كرز الحارثى. روى له أبو داود فى المراسيل، والنسائى حديثا، وهو: «بينما رسول اللهصلى الله عليه وسلم يسير، أبصر شابا من قريش يسير معتزلا، فسأل عنه، فأخبر به، وأمر فدعى له، فجاء فسأله عن اعتزاله للطريق، فقال: كرهت الغبار. قال: لا تعتزله، فو الذى نفسى بيده، إنه ـ يعنى الغبار ـ لذريرة الجنة» (1). الحديث. قال البغوى: لا أدرى له صحبة أم لا؟ . وقال ابن حبان فى الثقات: ربيعة بن زياد: يروى المراسيل. كتبت هذه الترجمة من التهذيب للمزى، ملخصة باختصار. وقال ابن عبد البر: ربيعة بن زياد الخزاعى، ويقال، ربيع، روى: الغبار فى سبيل الله ذريرة الجنة. فى إسناده مقال. انتهى. وهو المذكور؛ لأن فى الحديث المشار إليه فى ترجمة المذكور نحوا من هذا. وذكر ابن الأثير فى نسبه خلاف ذلك؛ لأنه قال: ربيع بن زياد، وقيل ربيعة بن يزيد، وقيل ابن يزيد السلمى. روى عنه أبو كرز، وبرّة، قال: بينما رسول اللهصلى الله عليه وسلم يسير، إذ أبصر شابا. فذكر الحديث. وفى آخره: فو الذى نفسى بيده، إنه ـ يعنى الغبار ـ لذريرة الجنة. أخرجه أبو نعيم، وأبو موسى، وقال أبو موسى: أخرجه ابن مندة فى ربيعة. انتهى.

_ 1184 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير الترجمة 979، الاستيعاب ترجمة 753، أسد الغابة ترجمة 1625، الكاشف 1/ 304، تجريد أسماء الصحابة 1/ 177، 4/ 389، تهذيب ابن حجر 3/ 244، الإصابة ترجمة 2583، خلاصة الخزرجى الترجمة 2023، تهذيب الكمال 186). (1) أخرجه النسائى فى الكبرى، باب التنحى عن الطريق فى السير، حديث رقم (8750) من طريق: أحمد بن سعيد قال: حدثنا إسحاق، يعنى ابن منصور، قال: حدثنا زهير عن داود بن عبد الله الأودى عن وبرة أبى كرز الحارث عن ربيعة بن زياد قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير إذا أبصر غلاما من قريش شابا منتحيا عن الطريق يسير فقال: «أليس فلانا؟ ». قالوا: بلى. قال: «فادعوه». قالوا: فدعوه، فقال: «لم تنحيت عن الطريق؟ » قال: كرهت الغبار. قال: «لا تنتح عنه فو الذى نفس محمد بيده إنه كذريرة الجنة».

من اسمه ربيعة

وصاحب هذه الترجمة، وإن كان يقال له الربيع بن زياد الحارثى على أحد الأقوال، فليس هو الربيع بن زياد الحارثى، الذى استخلفه أبو موسى على قتال مناذر؛ لأن هذا لم يختلف فى صحبته فيما علمت. والله أعلم. * * * من اسمه ربيعة 1185 ـ ربيعة بن أكثم بن سخبرة الأسدى، أسد خزيمة: أحد حلفاء بنى أمية بن عبد شمس، وقيل حليف بنى عبد شمس، يكنى أبا يزيد، وكان قصيرا دحداحا شهد بدرا، وهو ابن ثلاثين سنة، وشهد أحدا والخندق، والحديبية، وقتل بخيبر، قتله الحارث اليهودى بالنّطاة. ومن حديثه: قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم «يستاك عرضا، ويشرب مصّا، ويقول: هو أهنأ وأمرأ». روى عنه سعيد بن المسيب، ولا يحتج بحديثه هذا؛ لأن من دون سعيد لا يوثق بهم لضعفهم، ولم يره سعيد، ولا أدرك زمانه بمولده؛ لأنه ولد فى زمن عمر ـ رضى الله عنه. ذكره هكذا ابن عبد البر إلا أنا اختصرنا شيئا مما ذكره للاستغناء عنه بما ذكرناه. وقد روينا حديثه المذكور فى الغيلانيّات. 1186 ـ ربيعة بن أمية بن خلف الجمحى: ذكره هكذا ابن الأثير؛ وقال: روى حديثه يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، من روايته عن يحيى بن عباد، عن عبد الله بن الزبير، عن أبيه عباد، قال: كان ربيعة بن أمية ابن خلف الجمحى، هو الذى يصرخ يوم عرفة، تحت لبّة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وكان صيتا. وكان يصرخ بما يقوله له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى تحريم الدماء والأموال، الحديث المشهور، وقال: أخرجه ابن مندة، وأبو نعيم. انتهى بالمعنى. وذكر ذلك كله أيضا الذهبى. وقال: قال ابن المسيب: إن عمر ـ رضى الله عنه ـ غرّب ربيعة بن أمية فى الخمر إلى خيبر، فلحق بهرقل، فتنصر، فقال عمر ـ رضى الله عنه: لا غرّبت بعده أحدا أبدا. رواه معمر عن الزهرى عنه.

_ 1185 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 3: 472، أسد الغابة ترجمة 1632، الاستيعاب ترجمة 756، الإصابة ترجمة 2595، المنتظم 3/ 131، 308، طبقات ابن سعد 3/ 70). 1186 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 2/ 166، المنتظم 4/ 184، التجريد 1/ 190).

1187 ـ ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الهاشمى

1187 ـ ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الهاشمى: يكنى أبا أروى، على ما ذكر الزبير بن بكار، قال: وكان أسنّ من عمه العباس بن عبد المطلب، ولم يشهد بدرا مع المشركين، كان غائبا بالشام، وأطعمه رسول اللهصلى الله عليه وسلم بخيبر، مائة وسق كل سنة. قال: ومن ولد ربيعة بن الحارث، آدم بن ربيعة، كان مسترضعا فى هذيل، فقتلته بنو ليث بن بكر، فى حرب كانت بينهم وبين هذيل، وكان الصبى يحبو أمام البيت، فأصابه حجر فرضخ رأسه. وهو الذى يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح: «ألا إن كل دم كان فى الجاهلية، فهو تحت قدمى، وأول دم أضعه، دم ابن ربيعة بن الحارث» (1).

_ 1187 ـ انظر ترجمته فى: (مغازى الواقدى 506، 694، 696، 900، سيرة ابن هشام 2/ 351، 352، 443، 585، طبقات ابن سعد 2/ 155، 4/ 35، تاريخ خليفة 153، 348، طبقاته 5 ـ 6، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 972، تاريخ الطبرى 3/ 74، 139، 150، 4/ 404، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 163، جمهرة ابن حزم 70، الاستيعاب ترجمة 757، التبيين فى أنساب القرشيين 82، 117، أسد الغابة ترجمة 1635، الكامل فى التاريخ 2/ 263، 302، 3/ 77، سير أعلام النبلاء 1/ 257، الكاشف 1/ 306، تجريد أسماء الصحابة 1/ 178، تهذيب ابن حجر 3/ 253 ـ 254، الإصابة ترجمة 2598، خلاصة الخزرجى الترجمة 2036، شذرات الذهب 1/ 32، تهذيب الكمال 1874). (1) أخرجه الترمذى فى سننه، فى التفسير، حديث رقم (3012) من طريق: الحسن بن على الخلال حدثنا حسين بن على الجعفى عن زائدة عن شبيب بن غرقدة عن سليمان بن عمرو بن الأحوص حدثنا أبى أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال: أى يوم أحرم؟ أى يوم أحرم؟ أى يوم أحرم؟ قال: فقال الناس: يوم الحج الأكبر يا رسول الله قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا فى بلدكم هذا فى شهركم هذا، ألا لا يجنى جان إلا على نفسه ولا يجنى والد على ولده ولا ولد على والده، ألا إن المسلم أخو المسلم فليس يحل لمسلم من أخيه شيء إلا ما أحل من نفسه، ألا وإن كل ربا فى الجاهلية موضوع، لكم رءوس أموالكم، لا تظلمون ولا تظلمون غير ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله، ألا وإن كل دم كان فى الجاهلية موضوع وأول دم وضع من دماء الجاهلية دم الحارث بن عبد المطلب كان مسترضعا فى بنى ليث فقتلته هذيل، ألا واستوصوا بالنساء خيرا، فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن فى المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا، ألا إن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا، فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من ـ

قال: وكان ولد ربيعة بن الحارث: عبد الله ومحمد والعباس، لا بقية له، وأمية وعبد شمس لا بقية له ـ وكان يقال لهم: الموره، لم يتموا اثنتين قط: ـ وعبد المطلب، وأروى ـ تزوجها حبان بن منقذ ـ وأمهم جميعا أم الحكم بنت الزبير بن عبد المطلب بن هاشم. انتهى. وهذا الذى ذكره الزبير، من أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «وأول دم أضعه دم ابن ربيعة بن الحارث». ذكره ابن البرقىّ عن أبى هشام عن زياد البكّائىّ عن ابن إسحاق، وجاء ما يوهم خلافه؛ لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى حجة الوداع: «وأول دم أضع، دم ربيعة بن الحارث». وهذا لا ينافى الأول؛ لأن إضافة الدم إلى ربيعة، باعتبار أنه ولى الدم؛ لأن المقتول ولد له صغير. وأما ربيعة فلم يقتل، وقد أشار إلى التوفيق بين الخبرين بما ذكرناه ابن الكلبى. وأما قول الزبير: ومن ولد ربيعة بن الحارث: آدم بن ربيعة، كان مسترضعا فى هذيل، إلى قوله: فأصابه حجر فرضخ رأسه، فإنه يقتضى أن المقتول من ولد ربيعة، هو آدم. وذكر ذلك ابن حزم فى الجمهرة. وذكر ابن الأثير أن ذلك خطأ؛ لأنه حكى فى اسم المقتول من ولد ربيعة، ثلاثة أقوال، أحدها: أنه آدم، وعزاه للزبير. والآخر: تمام، والآخر: إياس. ولم يعزهما، ثم قال: ومن قال إنه آدم فقد أخطأ؛ لأنه رأى: دم ربيعة. فطن أنه آدم بن ربيعة، ويقال: إن حماد بن سلمة، هو الذى غلط فيه. انتهى. وفيه نظر؛ لأنه تغليط بالوهم، والله أعلم. وذكر ابن عبد البر فى اسم المقتول من ولد ربيعة، قولين، أحدهما: آدم، والآخر تمام، والله أعلم. وإما ما ذكره الزبير فى أولاد ربيعة بن الحارث، فقد ذكر ابن البرقىّ فيهم ما لم يذكره الزبير؛ لأنه قال: وكان لربيعة من الولد: عبد الله وأبو حمزة، وعون وعباس وعبد المطلب وعبد شمس وجهم وعياض ومحمد والحارث. انتهى كلام ابن البرقىّ. فزاد كما ترى على الزبير ونقص، والله أعلم. وأما قول الزبير: إن ربيعة بن الحارث كان أسن من عمه العباس، فليس فيه بيان الزيادة، وقد بينها غيره؛ لأن ابن عبد البر قال فى ترجمته: وكان ربيعة هذا أسن من العباس فيما ذكروا بسنتين. انتهى.

_ ـ تكرهون ولا يأذن فى بيوتكم لمن تكرهون، ألا وإن حقهن عليكم أن تحسنوا إليهن فى كسوتهن وطعامهن». قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وقد رواه أبو الأحوص عن شبيب بن غرقدة.

وقال ابن سعد: هاجر مع العباس ونوفل بن الحارث، وشهد الفتح والطائف. وثبت يوم حنين، وتوفى بعد أخويه نوفل وأبى سفيان. وقال خليفة والعسكرى وغيرهما: مات بالمدينة فى أول خلافة عمر رضى الله عنه. وقال الطبرانى: توفى سنة ثلاث وعشرين. وكذلك قال ابن حبان، وابن عبد البر، إلا أنه لم يجزم به. وحكاه بصيغة التعريض. وذكره ابن الأثير جزما وقال: بالمدينة، قال: وهو الذى قال عنه النبى صلى الله عليه وسلم: «نعم الرجل ربيعة، لو قصر من شعره وشمر ثوبه». وهذا الحديث يرويه سهل بن الحنظلية فى خريم بن فاتك الأسدى. وكان ربيعة شريك عثمان بن عفان فى التجارة. وذكر ابن الأثير ما ذكره الزبير، من إعطاء النبى صلى الله عليه وسلم لربيعة بن الحارث مائة وسق من خيبر. وقال ابن عبد البر: روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث. منها: «إنما الصدقة أو ساخ الناس» فى حديث فيه طول من حديث مالك وغيره (2). ومنها: حديثه فى الذكر فى الصلاة. والقول فى الركوع والسجود، روى عنه عبد الله بن الفضل. انتهى. ولا أعلم فى الرّواة عنه أحدا اسمه عبد الله بن الفضل، ولعله عبد الله بن نافع بن العمياء، فإنه روى عنه على خلاف فيه. وروى عنه أيضا: ابنه عبد المطلب بن ربيعة، ويقال المطلب بن ربيعة. وروى له الترمذى (3) والنسائى حديثا واحدا، وقع لنا عاليا عنه، وهو حديث: «الصلاة مثنى مثنى،

_ (2) أخرجه مسلم فى صحيحه، فى الزكاة، حديث رقم 1784، وأبو داود فى سننه، فى الخراج والإمارة حديث رقم 2592. (3) أخرجه الترمذى فى سننه حديث رقم (385) من طريق: سويد بن نصر، حدثنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا الليث بن سعد، أخبرنا عبد ربه بن سعيد، عن عمران بن أبى أنس، عن عبد الله بن نافع بن العمياء، عن ربيعة بن الحارث، عن الفضل بن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصلاة مثنى مثنى تشهد فى كل ركعتين وتخشع وتضرع وتمسكن وتذرع وتقنع يديك يقول: ترفعهما إلى ربك مستقبلا ببطونهما وجهك وتقول يا رب يا رب ومن لم يفعل ذلك فهو كذا وكذا». قال أبو عيسى: وقال غير ابن المبارك فى هذا الحديث: من لم يفعل ذلك فهى خداج. قال أبو عيسى: سمعت محمد بن إسمعيل يقول: روى شعبة هذا الحديث عن عبد ربه بن سعيد فأخطأ فى مواضع، فقال: عن أنس بن أبى أنس، وهو عمران بن أبى أنس، وقال: عن عبد الله بن الحارث، وإنما هو عبد الله بن نافع بن العمياء، عن ربيعة بن الحارث، وقال: شعبة، عن عبد الله بن الحارث، عن المطلب، عن النبىصلى الله عليه وسلم وإنما هو عن ربيعة بن الحارث ـ

1188 ـ ربيعة بن أبى خرشة بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى القرشى العامرى

وتشهد فى كل ركعتين، وتضرع وتخشع وتمسكن ... » الحديث، وهو من رواية الليث ابن سعد، عن عبد ربه بن سعيد، عن عمران بن أبى أنس، عن عبد الله بن نافع العمياء، عن ربيعة بن الحارث، عن الفضل بن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه الطبرانى أيضا فى الدعاء له، من حديث شعبة، عن عبد ربه بن سعيد، عن عمران بن أبى أنس، عن عبد الله بن نافع، عن ربيعة بن الحارث، عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه. ولم يذكر شعبة: الفضل بن عباس. قال البخارى: حديث الليث أصح من حديث شعبة. وقال الطبرانى: ضبط الليث بن سعد، إسناد هذا الحديث، ووهم فيه شعبة. 1188 ـ ربيعة بن أبى خرشة بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى القرشى العامرى: أسلم يوم فتح مكة، وقتل يوم اليمامة شهيدا. ذكره هكذا ابن عبد البر. 1189 ـ ربيعة بن عبد الله بن الهدير التيمى القرشى: ذكره هكذا ابن عبد البر، قال: وقالوا: ولد فى حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى عن أبى بكر، وعمر ـ رضى الله عنهما ـ وهو معدود فى كبار التابعين. انتهى. ونقل ابن عبد البر عن مصعب الزبيرى، نسبه إلى تيم بن مرة. وذكره المزى فى التهذيب، وحكى فى نسبه خلافا، وذلك زيادة «ابن ربيعة» بين عبد الله والهدير، وغير ذلك فى نسبه بعد الهدير، وقال: إنه مدنى، وذكر من الرواة عنه:

_ ـ ابن عبد المطلب، عن الفضل بن عباس، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: محمد وحديث الليث بن سعد هو حديث صحيح يعنى أصح من حديث شعبة. وأخرجه أحمد فى المسند برقم (1802). 1188 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة ترجمة 1637، الاستيعاب ترجمة 755، الإصابة ترجمة 2601). 1189 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 19، طبقات خليفة 233، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 965، الجرح والتعديل الترجمة 2118، ثقات ابن حبان فى الصحابة 3/ 129، فى التابعين ص 64، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 484، الاستيعاب ترجمة 762، الجمع لابن القيسرانى 1/ 136، التبيين فى أنساب القرشيين 305، أسد الغابة ترجمة 1650، تاريخ الإسلام 3/ 154، 365، العبر 1/ 81، سير أعلام النبلاء 3/ 516، الكاشف 1/ 306، تجريد أسماء الصحابة 1/ 180، تهذيب ابن حجر 3/ 257، الإصابة ترجمة 2717، خلاصة الخزرجى الترجمة 2042، شذرات الذهب 1/ 79، تهذيب الكمال 1879).

1190 ـ ربيعة بن عثمان بن ربيعة التيمى

ابنى أخيه محمد بن المنكدر، وأبا بكر بن المنكدر، وابن أبى مليكة. وقال: روى له البخارى وأبو داود. ونقل عن ابن حبان، وأبى بكر بن أبى عاصم، أنهما قالا: مات سنة ثلاث وتسعين. 1190 ـ ربيعة بن عثمان بن ربيعة التيمى: يعد فى الكوفيين، روى حديثه عثمان بن حكيم، عن ربيعة بن عثمان، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مسجد الخيف من منى، فحمد الله وأثنى عليه وقال: «نضر الله امرءا سمع مقالتى فوعاها فبلغها من لم يسمعها». أخرجه الثلاثة. ذكره هكذا ابن الأثير، ولم أره فى الاستيعاب. وذكره المزّى فى التهذيب، وزاد فى نسبه بعد ربيعة: بن عبد الله بن الهدير. وذكر أنه أرسل عن سهل بن سعد الساعدى. ومقتضى هذا أن لا يكون صحابيا، والله أعلم. 1191 ـ ربيعة القرشى: قال أحمد بن زهير: لا أدرى من أى قريش هو، حديثه عن عطاء بن السائب، عن ابن ربيعة القرشى، عن أبيه. روى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقف بعرفات فى الجاهلية والإسلام. انتهى. ذكره هكذا ابن عبد البر، وذكره ابن الأثير بمعناه، وقال: أخرجه الثلاثة. 1192 ـ رزين بن معاوية بن عمار العبدرى الأندلسى السّرقسطى، أبو الحسن إمام المالكية بالحرم: سمع بمكة من أبى مكتوم بن أبى ذر الهروى: صحيح البخارى. ومن الحسين بن على الطبرى: صحيح مسلم. وحدث.

_ 1190 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ خليفة 427، طبقاته 272، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 985 المعرفة ليعقوب 3/ 6، تاريخ الطبرى 4/ 148، 205، 423، الجرح والتعديل الترجمة 2140، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 1050، ثقات ابن شاهين الترجمة 361، جمهرة ابن حزم 262، الجمع لابن القيسرانى 1/ 136، الكاشف 1/ 307، ميزان الاعتدال الترجمة 2754، المغنى الترجمة 2105، تهذيب ابن حجر 3/ 259 ـ 260، خلاصة الخزرجى 1/ 2046، تهذيب الكمال 1883). 1191 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 2645، أسد الغابة ترجمة 1658، الاستيعاب ترجمة 766). 1192 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 6/ 175).

1193 ـ رقيم بن الشابة

روى عنه قاضى مكة أبو المظفر الشيبانى، والحافظ أبو موسى المدينى، والحافظ أبو القاسم بن عساكر، قال: وكان إمام المالكية فى الحرم، وأجاز للحافظ السلفى، وذكره فى كتابه «الوجيز». وقال: شيخ عالم، لكنه نازل الإسناد، قال: وله تواليف، منها: كتاب جمع فيه ما فى الصحاح الخمسة، والموطأ، ومنها، كتاب فى أخبار مكة. وذكر لى أبو محمد عبد الله بن أبى البركات الصّدفىّ الطّرابلسىّ: أنه توفى ـ رحمه الله ـ فى المحرم سنة خمس وعشرين، يعنى: وخمسمائة بمكة، وأنه من جملة من صلى عليه وحضر جنازته. وذكر السلفى، أن رزين، سمع على على بن فئد؟ ؟ ؟ ؟ ؟ (1) القرطبى، جملة مما كتب عنه بالإسكندرية. انتهى. وقد رأيت كتاب رزين فى أخبار مكة، وهو ملخص من كتاب الأزرقى. 1193 ـ رقيم بن الشابة: يروى عن أبيه عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما. وروى عنه ابن عيينة. ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات. 1194 ـ ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى المطلبى: كان من مسلمة الفتح، على ما ذكر أبو عمر، وابن الأثير، والمزى. وذكر المزى، أن له عن النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث، منها: حديث أنه طلق امرأته ألبتّة. فأخبر النبى صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: «ما أردت إلا واحدة» (1) الحديث. وحديث: «لكل دين خلق، وخلق هذا الدين

_ (1) فى الأصول بدون نقط. 1193 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ الكبير 1/ 342، الجرح والتعديل 3/ 522). 1194 ـ انظر ترجمته فى: (مغازى الواقدى 694، تاريخ خليفة 205، طبقاته 9، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1146، الجرح والتعديل الترجمة 2342، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 187، المعجم الكبير للطبرانى الترجمة 462، جمهرة ابن حزم 73، الاستيعاب ترجمة 804، أسد الغابة ترجمة 1708، الكامل فى التاريخ 2/ 75، 3/ 424، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 191، الكاشف 1/ 312، تجريد أسماء الصحابة 1/ 186، تهذيب التهذيب 3/ 287، الإصابة ترجمة 2695، خلاصة الخزرجى الترجمة 2102، تهذيب الكمال 1924). (1) أخرجه أبو داود فى سننه، كتاب الطلاق، حديث رقم (1886) من طريق: ابن السرح وإبراهيم بن خالد الكلبى أبو ثور فى آخرين قالوا: حدثنا محمد بن إدريس الشافعى حدثنى عمى محمد بن على بن شافع عن عبد الله بن على بن السائب عن نافع بن عجير ـ

الحياء» (2) وحديث المصارعة، وفيه: فرق ما بيننا وبين المشركين، العمائم على القلانس. قال: وهو الذى صارع النبى صلى الله عليه وسلم مرتين أو ثلاثة، وذلك قبل إسلامه، وقيل إن ذلك كان سبب إسلامه، وهو أمثل ما روى فى مصارعة النبى صلى الله عليه وسلم. وأما ما ذكر من مصارعة النبى صلى الله عليه وسلم أبا جهل، فليس لذلك أصل. انتهى. قال النووى: وحديث مصارعته النبى صلى الله عليه وسلم، مذكور فى كتاب أبى داود والترمذى فى كتاب اللباس، لكنه مرسل، قال الترمذى: ليس إسناده بالقائم، وفى رواته مجهول. انتهى (3). ويبعد أن يكون سبب إسلامه، كون النبى صلى الله عليه وسلم صرعه، لتأخر إسلامه إلى الفتح، والمصارعة كانت بمكة، على ما ذكر الزبير بن بكار، وذكر أنه يسلم بعد المصارعة. وذكر ابن الأثير: أنه سأل النبى صلى الله عليه وسلم، أنه يريه آية ليسلم. فأمر النبى صلى الله عليه وسلم شجرة كانت

_ ـ ابن عبد يزيد بن ركانة أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته سهيمة البتة، فأخبر النبى صلى الله عليه وسلم بذلك وقال: والله ما أردت إلا واحدة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله ما أردت إلا واحدة؟ فقال ركانة: والله ما أردت إلا واحدة فردها إليه رسول اللهصلى الله عليه وسلم فطلقها الثانية فى زمان عمر والثالثة فى زمان عثمان. قال أبو داود: أوله لفظ إبراهيم وآخره لفظ ابن السرح. حدثنا محمد بن يونس النسائى أن عبد الله بن الزبير حدثهم عن محمد بن إدريس حدثنى عمى محمد بن على عن ابن السائب عن نافع بن عجير عن ركانة بن عبد يزيد عن النبى صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث. وأخرجه الترمذى فى سننه، فى الطلاق واللعان، حديث رقم 1097. وأخرجه ابن ماجة فى سننه، فى الطلاق، حديث رقم (2041). وأخرجه الدارمى فى سننه، الطلاق، حديث رقم (2172). (2) أخرجه ابن ماجة فى سننه، كتاب الزهد، حديث رقم (4171، 4172) من طريق: إسماعيل بن عبد الله الرقى حدثنا عيسى بن يونس عن معاوية بن يحيى عن الزهرى عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لكل دين خلقا وخلق الإسلام الحياء. وأخرجه مالك فى الموطأ، كتاب الجامع، حديث رقم 1406. (3) أخرجه الترمذى فى سننه، كتاب اللباس، حديث رقم (1706) من طريق: قتيبة حدثنا محمد بن ربيعة عن أبى الحسن العسقلانى عن أبى جعفر بن محمد بن ركانة عن أبيه أن ركانة صارع النبى صلى الله عليه وسلم فصرعه النبى صلى الله عليه وسلم قال ركانة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس. قال أبو عيسى: هذا حديث غريب وإسناده ليس بالقائم ولا نعرف أبا الحسن العسقلانى ولا ابن ركانة. وأخرجه أبو داود فى سننه، كتاب اللباس، حديث رقم 3556.

قريبة منهما، أن تقبل بإذن الله تعالى، فانشقت اثنتين، فأقبلت على نصف شقّها، حتى كانت بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له ركانة: لقد أريتنى عظيما، فمرها فلترجع، فأخذ عليه العهد، لئن أمرها فرجعت، ليسلمن، فأمرها فرجعت، حتى التأمت مع شقها الآخر، فلم يسلم. انتهى بالمعنى من كتاب ابن الأثير. وهذه القصة كانت بمكة على ما قيل، والمسجد الذى يقال له مسجد الشجرة ـ بأعلى مكة ـ منسوب إلى الشجرة التى اتفقت فيها هذه الآية، وخبرها أبسط من هذا فى أخبار مكة للفاكهى، وليس مسجد الشجرة معروفا الآن. وأما امرأة ركانة التى طلّقها البتة، فهى سهيمة بنت عويمر، وقد ردها إليه النبىصلى الله عليه وسلم، على تطليقتين، بعد أن استحلفه أنه يريد بالبتة واحدة، وكان ذلك بالمدينة. وقد ذكر الزبير شيئا من خبر ركانة؛ لأنه قال: وركانة بن عبد يزيد، الذى صارع النبى صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الإسلام، قال: وكان أشد الناس، فقال: يا محمد، إن صرعتنى آمنت بك، فصرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أشهد أنك نبى، ثم أسلم بعد، وأطعمه رسول اللهصلى الله عليه وسلم خمسين وسقا بخيبر، ونزل ركانة المدينة، ومات بها فى أول خلافة معاوية بن أبى سفيان. انتهى. وذكر صاحب الاستيعاب، وصاحب الكمال، أنه توفى سنة اثنتين وأربعين، وقيل توفى فى خلافة عثمان: رضى الله عنه. حكاه النووى فى التهذيب، وسبقه إلى ذلك ابن الأثير فى أسد الغابة. وأما قول أبى نعيم: إنه سكن المدينة، وبقى إلى خلافة عثمان ـ رضى الله عنه ـ فإنه لا ينبئ عن موته فى خلافة عثمان، فإن كان ابن الأثير اعتمد على ذلك فى موته فى خلافة عثمان، ففيه نظر. ويقال إنه توفى سنة إحدى وأربعين، ذكر هذا القول صاحبنا الحافظ ابن حجر متصلا بما ذكرناه عن أبى نعيم، ولعله من كلامه، والله أعلم، فيكون قولا ثالثا فى وفاته. والله أعلم. قال النووى: وهو ركانة ـ بضم الراء وتخفيف الكاف وبالنون ـ وليس فى الأسماء ركانة غيره، هكذا قاله البخارى وابن أبى حاتم وغيرهما، وقال: روى عنه ابنه يزيد، وابن ابنه على، وأخوه طلحة. انتهى. قال الزبير: ومن ولده: على بن يزيد بن ركانة، وكان علىّ أشد الناس، وكان له مجد يضرب به المثل، يقال للشيء إذا كان ثقيلا: أثقل من مجد بن ركانة. انتهى.

1195 ـ رميثة بن أحمد [ ..... ] (1) الهذلى المسعودى

1195 ـ رميثة بن أحمد [ ..... ] (1) الهذلىّ المسعودى: المعروف بالخفير، بخاء معجمة وفاء وياء مثناة من تحت، كان من أعيان الخفراء الذين يسكنون قرية سولة من وادى نخلة اليمانية، وينسب لمروءة وخير، وكان معتبرا عند الناس، وتغير عقله قليلا بأخرة من الكبر، وما مات حتى كثر تألمه، لموت ولد له كبير يسمى عبد الكريم، لقيامه عنه بسداد ما يعرض من الفتن بين الأعراب. توفى فى يوم النفر الأول أو الثانى، من سنة تسع عشرة وثمانمائة، ودفن بالمعلاة، عن سته وسبعين سنة أو أزيد. وأظن ـ والله أعلم ـ أن السبب فى شهرته بالخفير هو وأقاربه، لكون بعض أجدادهم وجماعتهم، كانوا يخفرون الحاج العراقى، إذا قدم عليهم فى بلادهم، ولا مندوحة له عن المرور بقرية التنضب من وادى نخلة الشامية، وأمرها لبنى مسعود، الذين الخفراء منهم. 1196 ـ رميثة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة بن إدريس ابن مطاعن الحسنى المكى: أمير مكة، يكنى أبا عرادة، ويلقب أسد الدين، ولى إمرة مكة فيما علمت ثلاثين سنة أو أزيد فى غالب الظن ـ كما سيأتى ـ فى سبع مرات، مستقلا بذلك أربع عشرة سنة ونصفا وأزيد، وشريكا لأخيه حميضة فى مرتين منهما، مجموعهما نحو عشر سنين، كما سبق فى ترجمة حميضة، وشريكا لأخيه عطيفة خمس سنين وأزيد فى غالب الظن، وسنوضح ذلك كله مع شيء من خبره. وذلك أنى وجدت بخط قاضى مكة نجم الدين الطبرى، أن أباه أبا نمى، لزمه بمشورة بعض أولاده فى يوم الجمعة، رابع عشر المحرم من سنة إحدى وسبعمائة، وأنه وأخاه حميضة، قاما بالأمر بعده، وكان دعا لهما على قبة زمزم، يوم الجمعة ثانى صفر سنة إحدى وسبعمائة، قبل موت أبيهما بيومين. انتهى. وكان من أمر رميثة، أنه استمر فى الإمرة شريكا لأخيه حميضة، حتى قبض عليهما فى موسم هذه السنة، وهذه ولايته الأولى؛ وسبب القبض عليهما، أن أخويهما عطيفة وأبا الغيث، حضرا إلى الأمراء الذين حجوا فى هذه السنة، وكان كبيرهم بيبرس الجاشنكير، الذى صار سلطانا بعد الملك الناصر محمد بن قلاوون، لما توجه إلى الكرك،

_ 1195 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 3/ 230). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 1196 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 8/ 257، الدرر الكامنة 2/ 111، خلاصة الكلام 28 ـ 30، النجوم الزاهرة 10/ 144، الأعلام 3/ 33).

فى سنة ثمان وسبعمائة، وشكيا إلى الأمراء، من أخويهما حميضة ورميثة؛ لأنهما كانا اعتقلا أبا الغيث وعطيفة، ثم هربا من اعتقالهما، وحضرا عند الأمراء كما ذكرنا، فاقتضى رأى الأمراء القبض على حميضة ورميثة تأديبا لهما، وحملا إلى القاهرة، واستقر عوضهما فى الإمرة بمكة أبو الغيث وعطيفة، هكذا ذكر ما ذكرناه من سبب القبض على حميضة ورميثة، وتولية أبى الغيث وعطيفة فى هذا التاريخ، صاحب نهاية الأرب، وإلا فالأمير بيبرس الداوادار فى تاريخه، وهو الغالب على ظنى. وذكر ذلك صاحب بهجة الزمن فى تاريخ اليمن، إلا أنه خالف فى بعض ذلك؛ لأنه قال فى ترجمة أبى نمى: واختلف القواد والأشراف بعد موته على أولاده، فطائفة مالت إلى رميثة وحميضة على أخويهما فلزماهما، وأقاما فى حبسهما مدة، ثم احتالا فخرجا وركبا إلى بعض الأشراف والقواد، فمنعوا منها. ولما وصل الحاج المصرى، تلقاهم أبو الغيث، فمالوا إليه، ولما انفصل الموسم، لزم الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير، حميضة ورميثة، وسار بهما إلى مصر مقيدين، وأمر بمكة أبا الغيث، ومحمد بن إدريس، وحلفهما لصاحب مصر. انتهى. وكان من خبر رميثة، أنه وأخاه حميضة، وليا إمرة مكة فى سنة أربع وسبعمائة، وهذه ولايته الثانية، التى شارك فيها أخاه حميضة، ودامت ولايتهما لمكة إلى زمن الموسم، من سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، وما ذكرناه من ولايته لإمرة مكة، مع أخيه حميضة فى هذا التاريخ، ذكره صاحب بهجة الزمن، وأفاد فى ذلك ما لم يفده غيره، مع شيء من خبرهما. ولذلك رأيت أن أذكره. قال فى أخبار سنة أربع وسبعمائة: وحج من مصر خلق كثير، وفى جملتهم الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير، فى أمراء كثيرين، ووصل معهم الشريفان رميثة وحميضة، ولدا أبى نمى المقدما الذكر فى القبض عليهما، فلما انقضى الحج، أحضر الأمير ركن الدين أبا الغيث وعطيفة، وأعلمهما أن ملك مصر قد أعاد أخويهما إلى ولايتهما، فلم يقابلا بالسمع والطاعة، وحصلت منها المنافرة، ثم قال: واستمر حميضة ورميثة فى الإمرة يظهران حسن السيرة وجميل السياسة، وأبطلا شيئا من المكوس فى السنة المذكورة والتى قبلها. انتهى. ووجدت فى بعض التواريخ، ما يقتضى أن رميثة وحميضة، وليا مكة فى سنة ثلاث وسبعمائة، وهذا يخالف ما ذكره صاحب بهجة الزمن، وما سبق قبله، والله أعلم. وذكر صاحب البهجة فى أخبار سنة ثمان وسبعمائة: أنه ظهر منهما من العسف ما لا يمكن شرحه.

وذكر أن فى سنة عشر وسبعمائة، حج من الديار المصرية عسكر قوى، فيه من أمراء الطبلخانات، يريدون لزم الشريفين حميضة ورميثة، فلما علما بذلك نفرا من مكة، ولم يحصل العسكر على قبضهما. فلما توجه العسكر إلى الديار المصرية، عادا إلى مكة، شرفها الله تعالى. وقال فى أخبار سنة اثنتى عشرة وسبعمائة: وفعل فيها حميضة ورميثة ما لا ينبغى من نهب التجار؛ لأنهما خافا أن يقبض عليهما الملك الناصر، فعدلا عن مكة وعادا إليها بعد ذهاب الملك الناصر، وذلك أنه حج فى هذه السنة، فى مائة فارس وستة آلاف مملوك على الهجن. وقال فى أخبار سنة ثلاث عشرة وسبعمائة: وفى السنة المذكورة، وصل الشريف أبو الغيث بن أبى نمى من الديار المصرية إلى مكة المشرفة، ومعه عسكر جرّار، فيهم من المماليك الأتراك ثلاثمائة وعشرون فارسا، وخمسمائة فارس من أشراف المدينة، خارجا عما يتبع هؤلاء من المتخطفة، والحرامية، ولما علم حميضة ورميثة بأمرهم، هربوا إلى صوب حلى بن يعقوب، واستولى أبو الغيث على مكة. وقال فى أخبار سنة أربع عشرة وسبعمائة: ففى المحرم سار أبو الغيث وطقصبا إلى صوب حلى بن يعقوب، لطلب حميضة ورميثة، فسارا قدر مرحلتين، ولم يجدا خبرا عن الشريفين المذكورين؛ لأنهما لحقا ببلاد السّراة، ووصلا إلى حلى بن يعقوب، ولم يدخلها طقصبا، وقال: هذه أوائل بلاد السلطان الملك المؤيد، ولا ندخلها إلا بمرسوم السلطان الملك الناصر، فعاد على عقبه. انتهى. وولى رميثة مكة فى سنة خمس عشرة وسبعمائة، وهذه ولايته الثالثة، ودامت ولايته عليها إلى انقضاء الحج، من سنة سبع عشرة وسبعمائة، أو إلى أوائل سنة ثمان عشرة، واستقل بإمرة مكة فيها. قال صاحب نهاية الأرب فى أخبار سنة خمس عشرة: وفى هذه السنة فى ثالث جمادى الآخرة، وصل الشريف أسد الدين أبو عرادة رميثة بن أبى نمى، من الحجاز إلى الأبواب السلطانية، وأظهر التوبة والتنصل والاعتذار بسالف ذنوبه، وأنهى أنه استأنف الطاعة، وسأل العفو عنه، وإنجاده على أخيه عز الدين حميضة، فقبل السلطان عذره وعفا عن ذنبه، وجرد طائفة من العسكر، مقدمهم الأمير سيف الدين دمرخان بن قرمان، والأمير سيف الدين طيدمر الجمدار، فتوجها هما والأمير أسد الدين إلى الحجاز الشريف، فى ثانى شعبان، ورحلوا من بركة الحاج فى رابعه.

فلما وصلوا إلى مكة شرفها الله تعالى، كان بها حميضة، فقصدوه وكبسوا أصحابه وهم على غرّة، فقتلوا وسبوا ونهبوا، وفرّ هو فى نفر يسير من أصحابه إلى العراق، والتحق بخربندا ملك التتار، واستنصر به، فمات خربندا قبل إعانته. انتهى. وفى هذا ما يوهم أن رميثة والعسكر الذى كان معه، واقعوا حميضة بمكة، وليس كذلك؛ لأنهم لم يواقعوه إلا بالخلف والخليف، لهروبه منهم إليه مستجيرا بصاحبه، كما ذكر البرزالى فى تاريخه، وقد تقدم ذلك فى ترجمة حميضة. وذكر صاحب نهاية الأرب ما يقتضى أن ولاية رميثة بمكة، زالت بعد انقضاء الحج من سنة سبع عشرة، أو فى أول سنة ثمان عشرة؛ لأنه قال فى أخبار سنة ثمان عشرة وسبعمائة: وفى صفر من هذه السنة، وردت الأخبار من مكة ـ شرفها الله تعالى ـ أن الأمير عز الدين حميضة بن أبى نمى، بعد عود الحاج من مكة، وثب على أخيه الأمير أسد الدين رميثة، بموافقة العبيد وأخرجه من مكة، فتوجه رميثة إلى نخلة (1)، وهى التى كان حميضة بها، واستولى حميضة على مكة ـ شرفها الله تعالى ـ وقيل إنه قطع الخطبة السلطانية، وخطب لملك العراقين، وهو أبو سعيد بن خربند ابن أرغون بن أبغا بن هولاكو. وذكر تجريد صاحب مصر فى سنة ثمان عشرة، للعسكر الذى تقدم ذكره فى ترجمة حميضة لإحضاره، وذكر أيضا ما يقضى أن رميثة كان أميرا على مكة فى سنة ثمان عشرة، وهذه ولايته الرابعة التى استقل فيها، لأنه قال فى أخبار سنة تسع عشرة: وفى يوم الخميس السابع من المحرم، وصل الأمير شمس الدين آق سنقر الناصرى، أحد الأمراء، من الحجاز الشريف، إلى قلعة الجبل، ووردت الأخبار معه، أنه قبض على الأمير أسد الدين رميثة أمير الحجاز الشريف، وعلى الأمير سيف الدين بهادر الإبراهيمى أحد الأمراء، وهو الذى كان قد جرّد بسبب الأمير عز الدين حميضة. والذى ظهر لنا فى سبب القبض عليهما، أن رميثة نسب إلى مباطنة أخيه حميضة، وأن الذى يفعله من التشعيث باتفاق رميثة، وأن الأمير لما توجه لمحاربة حميضة والقبض عليه، ركب إليه وتقاربا من بعضهما بعضا، وباتا على ذلك، ولم يقدم الإبراهيمى على مهاجمته والقبض عليه، فاقتضى ذلك سجنه، واتصل بالسلطان أيضا، أن الإبراهيمى ارتكب فواحش عظيمة بمكة ـ شرفها الله تعالى ـ فرسم بالقبض عليهما، ووصل الأمير أسد الدين

_ (1) نخلة: موضع على ليلة من مكة. انظر: الروض المعطار 576، معجم ما استعجم 4/ 1304.

رميثة، ورسم عليه بالأبواب السلطانية أياما، ثم حصلت الشفاعة فيه، فرفع عن الترسيم، وأقام يتردد إلى الخدمة السلطانية مع الأمراء، إلى أثناء ربيع الآخر من السنة، فحضر إلى الخدمة فى يوم الاثنين رابع عشره، ثم ركب فى عشية النهار على هجن أعدت له وهرب نحو الحجاز، فعلم السلطان بذلك فى يوم الثلاثاء، فجرد خلفه جماعة من عربان العابد، فتوجهوا خلفه، وتقدم الأميران المبدأ بذكرهما، ومن معهما من العربان، فوصلوا إلى منزلة حقل، وهى بقرب أيلة مما يلى الحجاز، فأدركوه فى المنزلة، فقبضوا عليه وأعادوه إلى الباب السلطانى، فكان وصولهم فى يوم الجمعة الخامس والعشرين من الشهر، فرسم السلطان باعتقاله بالجب، فاعتقل واستمر فى الاعتقال إلى يوم الخميس، الثانى من صفر سنة عشرين وسبعمائة، فرسم بالإفراج عنه. انتهى. وذكر البرزالى ما يوافق ما ذكره النويرى فى نهاية الأرب، فى القبض على رميثة بمكة، وذكر أن ذلك فى يوم الثلاثاء رابع عشر ذى الحجة، بعد انقضاء أيام التشريق، وحمل إلى مصر تحت الاحتفاظ. فلما وصل، أكرمه السلطان وأجرى عليه فى كل شهر ألف درهم، فبقى يجرى ذلك عليه نحو أربعة أشهر، وهرب من القاهرة إلى الحجاز، وعلم السلطان بهزيمته فى اليوم الثانى، فكتب إلى الشيخ آل حرب يقول له: هذا هرب على بلادك معتمدا عليك، ولا أعرفه إلا منك، فركب شيخ آل حرب بالهجن السبق، وسار خلفة مجدّا، فأدركه نائما تحت عقبة أيلة، فجلس عند رأسه، وقال: اجلس يا أسود الوجه، فانتبه رميثة، فقال: صدقت، والله لو لم أكن أسود الوجه، لما نمت هذه النومة المشئومة حتى أدركتنى، فقبض عليه وحمله إلى حضرة السلطان، فألقاه فى السجن وضيق عليه، فقيل له: إنه وجع يرمى الدم. وكان قبض عليه شيخ آل حرب، فى شهر جمادى الأولى سنة تسع عشرة وسبعمائة. انتهى. وإنما ذكرنا ما ذكره البرزالى؛ لأنه يخالف ما ذكره النويرى فى أمرين، أحدهما: فى تاريخ القبض على رميثة؛ لأنه على ما ذكر البرزالى، كان فى جمادى الأولى، وعلى ما ذكر النويرى، كان فى ربيع الآخر، والآخر: أن ما ذكره النويرى، يقتضى أن رميثة لما وصل إلى مصر أهين، وما ذكره البرزالى، أنه أكرم عند وصوله إلى مصر. وفيما ذكر البرزالى فائدة ليست تفهم من كلام النويرى، وهى تاريخ القبض على رميثة وغير ذلك، وكان من أمر رميثة أنه أطلق فى سنة عشرين وسبعمائة، وتوجه إلى مكة، ولكن أمر مكة إلى أخيه عطيفة، على ما ذكر البرزالى؛ لأنه قال فى تاريخه:

وفى الثالث والعشرين من ذى القعدة، وصل نائب السلطنة الأمير سيف الدين أرغون، هو وبيته وأولاده ومماليكه، ومعه الأمير رميثة بن أبى نمى، وتألم لذلك أهل مكة، لكن ولى أمر مكة إلى أخيه عطيفة. وذكر أيضا ما يقضى أن أمر مكة فى بعض سنى عشر الثلاثين وسبعمائة، كان إلى أخيه عطيفة، وسيأتى ذلك فى ترجمته. وذكر أيضا، ما يقتضى أنه كان أمير مكة فى سنة إحدى وعشرين وسبعمائة؛ لأنه قال فى أخبار هذه السنة: ورد كتاب موفق الدين عبد الله الحنبلى، إمام المدرسة الصالحية من القاهرة، وهو مؤرخ بمستهل جمادى الآخرة، يذكر فيه أنه جاء فى هذا القرب، كتاب من جهة عطيفة أمير مكة، يذكر فيه أن رميثة قد حلف له بنو حسن، وقد أظهر مذهب الزيدية. وجاء معه كتاب آخر، من جهة مملوك هنالك لنائب السلطنة، فيه مثل ما فى كتاب عطيفة. وقد انجرح السلطان من هذا الأمر، واشتد غضبه على رميثة. وذكر أنه فى سنة ست وعشرين وسبعمائة، قدم إلى الديار المصرية. انتهى. وذكر ابن الجزرى فى تاريخه، ما يقتضى أن رميثة كان أميرا على مكة فى بعض سنى عشر الثلاثين وسبعمائة؛ لأنه ذكر أنه سأل المحدث شهاب الدين أبا عبد الله محمد بن على بن أبى بكر الرّقّىّ المعروف والده بابن العديسة، بعد قدومه إلى دمشق من الحج، فى سنة خمس وعشرين وسبعمائة، عن أمور تتعلق بالحجاز وغيره. وأنه قال له: والحكام يومئذ على مكة، الأميران أسد الدين رميثة، وسيف الدين عطيفة، ولدا الشريف نجم الدين بن أبى نمى الحسنى المقدم ذكره. انتهى. وقال ابن الجزرى: فى أخبار سنة ثلاثين وسبعمائة: وحضر الأمير عطيفة على العادة، ولبس خلعة السلطان، ولم يحضر أخوه رميثة، ولا اجتمع بالأمراء، ولكنه حضر الموقف مع أخيه. انتهى. ورأيت فى بعض التواريخ: أنه لما قدم مكة فى سنة عشرين وسبعمائة، كان أميرا على مكة، وولايته فى هذا التاريخ إن صحت هذه، ولايته الخامسة، وإلا فهى ما ذكره ابن الجزرى من ولايته فى عشر الثلاثين كما سبق تعيينه، وولايته السادسة هى أطول ولاياته؛ لأنها دامت اثنتى عشرة سنة أو أزيد. وفى تاريخ ابن الجزرى شيء من خبر ابتدائها؛ لأنه ذكر أنه لما وصل العسكر المجرد

إلى مكة، فى سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، بسبب قتل ألدمر، وجدوا الأشراف والعبيد جميعهم قد هربوا، وجاء المشايخ والصلحاء إليهم، وتشفعوا إليهم واستحلفوا الأمراء للشريف رميثة، على أنه إذا جاء إلى مكة لا يؤذونه، فحضر عند ذلك إلى مكة، واجتمع بالأمراء، وبذل الطاعة، وحلفوا له، وكسوه الخلعة السلطانية، وولوه إمرة مكة، وقرئ تقليده، وأمان السلطان عز نصره، وانفصل الحال، وأخبره أن أخاه وأولاده والعبيد هربوا إلى اليمن، وأقام العسكر بمكة إحدى وثلاثين يوما، ثم توجهوا منها إلى المدينة الشريفة، بعد أن تأخر منهم خمسون نفسا بسبب الحج، ويعودون مع الركب، وحصل خير كثير، فالحمد لله لم يرق بسببهم، محجمة دم، ولا آذوا أحدا من الخلق. وذكر أن المقدم على هذا العسكر، الأمير سيف الدين أيدغمش أمير مائة مقدم ألف، وكان فيهم أربعة أمراء، ولم يروا فى طريقهم أحدا من العرب ولا غيرهم، ووجدوا الأشراف والعبيد جميعهم قد هربوا. وذكر أن وصولهم إلى مكة كان فى العشر الأول من ربيع الآخر، سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، وأنه وصل إلى السلطان رسول من أمير مكة رميثة، وتوجه من القاهرة فى سادس عشر جمادى الآخرة من السنة. وذكر ابن محفوظ شيئا من خبر ولاية رميثة السادسة، وبعض حاله فيها مع أخيه عطيفة وغير ذلك؛ لأنه ذكر ما معناه، أن الشريفين عطيفة ورميثة، لما سمعا بوصول العسكر إلى مكة، الذى مقدمه أيتمش، ولّيا منهزمين إلى جهة اليمن، وهرب الناس من مكة إلى نخلة وغيرها، ودخل العسكر مكة، فأقام بها مدة شهر، ثم بعد ذلك سيروا للشريف رميثة أمانا، وهو خاتم ومنديل؛ لأنه لم يكن متهما فى قتل الأمير ـ يعنى ألدمر ـ وقالوا: ما قتله إلا مبارك بن عطيفة، فلما أن جاءه الأمان، تقدم إليهم فخلعوا عليه، وأعطوه البلاد وحده دون أخيه عطيفة، وأعطوه خيرا كثيرا، من الدقيق والكعك والشعير والسكر، وأعطوه أربعين ألف درهم، وارتحلوا عنه إلى مصر. وذكر أيضا ما معناه: أن فى سنة أربع وثلاثين، جاء الشريف عطيفة من مصر، ونزل أم الّدمن، ثم جاء إلى مكة وأخذ نصف البلاد من أخيه الشريف رميثة. فلما كان ليلة النزول من منى، أخرجه رميثة بلا قتال، فتوجه إلى مصر صحبة الحاج، وأقام بها إلى أن جاء مع الحاج المصرى، فى سنة خمس وثلاثين، متوليا لنصف البلاد، وأخذ ذلك بلا قتال. وذكر أيضا ما معناه: أن رميثة وعطيفة، كانا متوليين البلاد فى سنة ست وثلاثين، وأن بعد مدة، جرت بينهما وحشة ومباعدة، فأقام الشريف عطيفة بمكة ومعه المماليك، ورميثة بالجديد إلى شهر رمضان.

فلما كان فى اليوم الثامن والعشرين منه، ركب الشريف رميثة فى جميع عسكره، ودخل مكة على الشريف عطيفة، بين الظهر والعصر. وكان الشريف عطيفة برباط أم الخليفة، الخيل والدروع والتجافيف فى العلقميّة، فلم يزالوا قاصدين إلى باب العلقميّة، ولم يكن معهم رجاجيل، فوقف على باب العلقميّة من حماها إلى أن أغلقت، والموضع ضيق لا مجال للخيل فيه، وحمت ذلك الغزو العبيد، فلم يحصل فى ذلك اليوم للشريف رميثة ظفر، وقتل فى ذلك اليوم من أصحاب رميثة، وزيره واصل بن عيسى الزباع ـ بزاى معجمة وباء موحدة وألف وعين مهملة ـ وخشيعة بن عم الزباع، ويحيى بن ملاعب، وولّوا راجعين إلى الجديد، ولم يقتل من أصحاب عطيفة غير عبد واحد أو اثنين، والله أعلم. وذكر أن فى هذه السنة، لم يحج الشريفان رميثة وعطيفة؛ لأن رميثة أقام بالجديد وعطيفة بمكة. وذكر ما معناه: أن رميثة وعطيفة اصطلحا فى سنة سبع وثلاثين، وأقاما مدة، ثم توجها إلى ناحية اليمن بالواديين، وترك عطيفة ولده مباركا بمكة، وترك رميثة ولده مغامسا بالجديد، وحصل بين مبارك ومغامس وحشة وقتال ظفر فيه مبارك. وذكر أن فى هذه السنة، استدعى صاحب مصر الشريفين عطيفة ورميثة، فذهبا إلى مصر، فلزم عطيفة، وأعطى رميثة البلاد، وجاء إلى مكة. وذكر فى أخبار سنة ثمان وثلاثين: أن الشريف رميثة كان متوليا مكة وحده إلى أن مات. وذكر أن فى سنة أربع وأربعين وسبعمائة؛ اشترى عجلان وثقبة البلاد، من والدهما الشريف رميثة بستين ألف درهم؛ لأنه كان ضعف وكبر وعجز عن البلاد وعن أولاده، وبقى كل منهم له حكم. وبعد ذلك توجه الشريف ثقبة إلى مصر، باستدعاء من صاحبها الصالح إسماعيل بن الملك الناصر محمد بن قلاوون، وبقى عجلان وحده فى البلاد، إلى ذى القعدة، ثم وصل مرسوم من سلطان مصر، برد البلاد على الشريف رميثة، ولزم الشريف ثقبة فى مصر. فلما علم الشريف عجلان بذلك، خرج إلى ناحية اليمن. ثم قال: وبعد رواح الحاج، وصل الشريف عجلان من جهة اليمن ونزل الزاهر، وأقام به أياما، ثم بعد ذلك اصطلح هو وأبوه، وأخذ من التجار مالا جزيلا، وما ذكره

من وصول مرسوم سلطان مصر، برد البلاد على الشريف رميثة، هى ولايته السابعة. ثم قال: فى سنة خمس وأربعين وسبعمائة، كان المتولى لمكة، الشريف رميثة. ثم قال: فى سنة ست وأربعين وسبعمائة، توجه الشريف عجلان إلى ديار مصر، فأعطاه السلطان الملك الصالح البلاد، دون أبيه رميثة. انتهى. ووجدت بخط غيره، أن فى ليلة الثامن عشر من جمادى الآخرة، من سنة ست وأربعين وسبعمائة، بعد المغرب منها، دعى للشريف عجلان على زمزم، وقطع دعاء والده رميثة. ومات يوم الجمعة الثامن من ذى القعدة، سنة ست وأربعين وسبعمائة بمكة، وطيف به وقت صلاة الجمعة، والخطيب على المنبر قبل أن يفتتح الخطبة، وسكت الخطيب حتى فرغوا من الطواف به. وكان ابنه عجلان يطوف معه، وجعله فى مقام إبراهيم، وتقدم أبو القاسم بن الشقيف الزّيدى للصلاة عليه، فمنعه من ذلك قاضى مكة شهاب الدين الطبرى، وصلى عليه بحضرة عجلان ولم يقل شيئا، ودفن بالمعلاة عند القبر الذى يقال إنه قبر خديجة بنت خويلد ـ رضى الله عنها ـ زوج النبى صلى الله عليه وسلم، ولما مرض لم يكن بمكة، وأتى به إليها. وقد دخل فى النزع فى نصف ليلة الخميس، السابع من ذى القعدة. انتهى بالمعنى. وللأديب موفق الدين علىّ بن محمد الحنديدىّ من قصيدة يمدح بها الشريف رميثة بن أبى نمى أولها [من الكامل] (2): بالله هات عن اللوى وطلوله ... وعن الغضا وحلاله وحلوله أطل الحديث فإن تقصير الذى ... يلقى من التبريح فى تطويله علل بذكر العامرية قلبه ... فشفاء غلة ذاك فى تعليله وإذا عليل الريح أهدى نحوه ... نشرا فنشر عليله بعليله رشأ دنا فرمى فؤاد محبه ... عن قوس حاجبه بسهم كحيله وحوى القلوب بأسرها فى أسره ... وسبا النهى برسيله وأسيله وبياضه وسواده وقويه ... وضعيفه وخفيفه وثقيله ومنها: وتفيأ الظل الذى ضمنت له ال ... أيام بين مبيته ومقيله

_ (2) الأبيات فى تاريخ العصامى 4/ 236 ـ 238.

حط الرحال بمكة وأقام فى ... حرم الخلافة بعد طول رحيله جلب المديح بمنجد بن محمد ب ... ن نبيه بن وصيه بن بتوله وأغر أنجبه البطين ومجه اب ... راهيمة فى صلب إسماعيله ومنها: ما بين شبره وبين شبيره ... شرف يطول لهاشم وعقيله نسب كمشتق الشموس ومفخر ... باع الكواكب قاصر عن طوله أما الفروع فليس مثل فروعه ... وكذا الأصول فليس مثل أصوله يا ابن المظلل بالغمامة والذى ... قد أنزل القرآن فى تفضيله ماذا عسى مدحى وقد نزل الثنا ... فيكم من الرحمن فى تنزيله فى هل أتاك وهل أتى وحديده ... حقّا وغافره وفى تنزيله قالوا مدحت رميثة فأجبتهم ... ليس المديح ينال غير منيله ولكيف لا أثنى على من عمنى ... دون الورى من خيره بجزيله بنضاره ولجينه وثوابه ... وثيابه وركابه وخيوله وللأديب أبى عامر منصور بن عيسى بن سحبان الزيدى فى الشريف رميثة مدائح كثيرة، منها قصيدة أولها [من الكامل]: ما أومضت سحرا بروق الأبرق ... إلا شرقت بدمعى المترقرق ومنها: صنم شغفت به وغصن شبابه ... غض وبرد شبيبتى لم يخلق شقت عرى كبدى شقائق خده ... وبكأس فتنته سقيت وما سقى ومنها: ما فات من عمرى فللغيد الدما ... لا أرش فيه وللصبابة ما بقى ومن مديحها: رجل إذا اشتبه الرجال عرفته ... بجلال صورته وحسن المنطق ومظفر الحملات يرقص منه قل ... ب المغرب الأقصى وقلب المشرق علم يدل على كمال صفاته ... كرم الفروع له وطيب المعرق يلقى بوجه البشر طارق بابه ... كرما ويرزق منه من لم يرزق عزت بنو حسن بدولته التى ... عز الذليل بها وأمن المفرق هو صبح ليلتها وبدر ظلامها ... ولسان حكمتها وصدر الفيلق

لا يتقى من كل حادثة بها ... وبه بمكروه الحوادث تتقى وله من قصيدة أولها [من الخفيف]: حفظ العهد بعدنا أم أضاعه ... وعصى لإتمامه أم أطاعا ورعى حرمة الجوار وراعى ... أم دهى بالفراق قلبى وراعا من يكن يحمد الوداع فإنى ... بعد يوم النوى أذم الوداعا جيرتى ما لنا حفظنا هواكم ... وغدا حبنا لديكم مضاعا إن من قدر الفراق علينا ... قادر أن يقدر الاجتماعا قل لذات القناع هل جئت ذنبّا ... فيك حتى أسبلت دونى القناعا إن من أشبع السوار بزي ... ك لمجرى الوشاح منك أجاعا ومنها: خالط الناس بالخداع فما أك ... ثر أهل الزمان هذا خداعا قل لأهل الزمان لست وإن ري ... ع سواى بكيدكم مرتاعا نحن فى دولة إذا ما مدت النا ... س إلينا شبرا مددنا ذراعا إن يكن قبلها نزاع فقد أص ... بح حتى الصغير منها يراعى ومنها: طلبت بى أبا عرادة عيس ... لا تمل الإرقال والإيضاعا عرست من رميثة بعراص ... لم يزل نبت روضها ممراعا نزلت سوحه عطاشا جياعا ... فأقامت به رواء شباعا رجل لا تراه بالمال مفرا ... حا ولا من ملمة مجزاعا وعليه بكر الخلافة ألقت ... إذ رأته رداءها والقناعا ليس بالنازل الوهاد من الأر ... ض ولكنه يحل البقاعا موقدا ناره على نشز الأر ... ض إذا الناس لبسوها القفاعا نم هنيئا يا جاره ملء عيني ... ك ولا تخش ثانيا أن تراعا وله فيها من أخرى أولها [من الطويل]: جنانك أمضى من عطاش القنا عزما ... وأرجح من رضوى ومن يذبل حلما وكل له ضد يساميه فى العلا ... ولست تسامى لا ومن علم الأسما فما للمعالى يا رميثة غاية ... تفوت الورى إلا أحطت بها علما

تعد رسول الله جدا وحيدرا ... أبا والبتول الطهر [ .... ] (3) أما وتندب إبراهيم خالا وتعتزى ... إلى جعفر الطيار منتسبا عما وله فيه من أخرى [من الطويل]: ومجدولة جدل العناة تباعدت ... مزارا وما أشهى إلى مزارها تقول حمتنى أن أميط لثامها ... وكان بودى أن أحل إزارها مهاة إذا ما أفرشتنى يمينها ... وهوم طرفى أفرشتنى يسارها يساور قلبى باعث والوجد والشجا ... إذا ركبت فى ساعديها سوارها ومنها فى المدح: مليك أقام الحق بعد اعوجاجه ... وسيد من سمك المعالى منارها متى بطرت قوم أذل عزيزها ... وإن عثرت جهلا أقال عثارها إذا جاد يوما لم يشق غباره ... وإن شهد الهيجاء شق غبارها أشم قيادى الأبوة برده ... حوى حلم آل المصطفى ووقارها وأبلج مخضور الخوان يمينه ... تزيل عن المسترفدين افتقارها جمال يحار الطرف فيه وعزمه ... كسا فخرها قحطانها ونزارها وما برحت إن صحت فوا لمنجد ... كبار أياديه تؤم صغارها وللأديب عفيف الدين على بن عبد الله بن على بن جعفر، قصيدة فائقة يمدحه بها، فمن غزلها [من الكامل]: فتن القلوب هواكم حتى لقد ... كاد الهوى بهواكم أن يفتنا حيا الغمام ديار قوم طبعهم ... أن لا يخاف الجار فيهم ما جنى أميمّم الحرم الشريف وقاصدا ... آل النبى ظفرت غايات المنى لا تحسبن أبى نمى غائبا ... فرميثة بن أبى نمى هاهنا ضرب السرادق حول كعبة مكة ... وغدا لها ركنا وكان الأيمنا وحمى الذى قد كان والده حمى ... وبنى الذى قد كان والده بنى خيل تقاد إلى العطاء ومثلها ... تغزو وأخرى فى المرابط صفنا وطما خلال النقع مثل جداول ... بسكونه غسلت قميصا أدكنا وفتى يسابق فى الطعان قرانه ... فبه تكاد قناته أن تطعنا يكنونه أسدا وحيدر جده ... والقوم فعلهم دليل بالكنى ابن الذبيحين الذبيح بمكة ... والمفتدى بالذبح فى وادى منى

_ (3) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1197 ـ روزبة بن القاسم بن إبراهيم الأرجانى الصوفى

فهو التمام لبيت آل محمد ... وهو الحسام بل السنام بل السنا وحسامه سبق القضا وخوانه ... ملأ الفضا وطعانه أفنى القنا ما زال يفنى المعتدين بسيفه ... حتى لقد لقى القنا منه الفنا ويجود بالأموال حتى إنه ... ليرى ذهاب المال مالا يقتنى فإذا وردت إلى خضم نواله ... فابسط يديك فقد أصبت المعدنا تأبى سوائمه الربيع لما رأت ... أن ليس يذبح منه إلا الأسمنا ويظن خازنه الحفيظ لماله ... أن الضياع لماله أن يخزنا قيل يضم إلى عظيم مهابة ... خلقا أرق من النسيم وألينا تقف المنية والأمانى حيث ما ... يومى وليس تسير حتى يأذنا ماذا يقول المدح فيمن مدحه ... جعل الإله به كتابا بينا طوقتنى وأخوك طوقى منة ... أحسنت فيها حيث شئت وأحسنا لما حططت الرحل فى ساحاتكم ... أوليتم النعم الفرادى والثنا قد صرت تعرفنا لديك فإن ترد ... يوم المعاد لحوض جدك فاسقنا ليس اللسان يطيق أن يحصى لكم ... شكرا فكونى يا جوارح ألسنا فلأشكرن وفوق شكرى أنتما ... ولأثنين وأنتما فوق الثنا 1197 ـ روزبة بن القاسم بن إبراهيم الأرجانى الصّوفىّ: ذكره هكذا السلفى فى معجم السفر له، وقال: جاور بمكة سنين، وصحب عزيزا الأصبهانى، وأقرانه من شيوخ الحرم. وكان يحفظ القرآن ويقرؤه قراءة جيدة، بقراءة ابن عامر. قال: وقد دخلت أصبهان وأقمت بها، وقرأت القرآن بمكة على أبى معشر الطبرى، وعلى أبى غلام الهرّاس بواسط، وعلى غيرهما من الشيوخ. وكان من دعائه: اللهم ردّنى بكرمك إلى حرمك. رأيته عند قبر ذى النّون المصرى، فجاء معى ودلنى على قبور الصالحين. وكان له شأن بمصر مدة مديدة. قال السلفى: سمعته بمصر يقول: سمعت عبد الله بن موسى الصعيدى يقول: سمعت عبد الرحمن بن عتيق الصقلى يقول: احذر أن تكون ممن يسأل الناس إلحافا وينفق إسرافا. 1198 ـ ريحان بن عبد الله، المعروف بالرّميدىّ العدنى: كان ذا ملاءة وعبادة، وفيه خير وديانة. تردد إلى مكة غير مرة، وجاور بها ثلاث سنين أو نحوها متصلة بوفاته.

_ 1198 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ ثغر عدن 78، الضوء اللامع 3/ 231).

1199 ـ ريحان بن عبد الله الحبشى، المعروف بالعينى المكى

توفى يوم الاثنين، ثالث ذى الحجة، سنة عشر وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 1199 ـ ريحان بن عبد الله الحبشى، المعروف بالعينى المكى: ولى أمر المكس بجدة، فى دولة السيد على بن عجلان، وحصل دنيا وأملاكا، ثم ذهب غالب ذلك منه، وفيه مروءة. ومات بزبيد، فى شوال أو رمضان، سنة ست عشرة وثمانمائة. والعينى: بعين مهملة وياء مثناة من تحت ونون ثم ياء للنسبة. * * *

_ 1199 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 3/ 231).

حرف الزاى

حرف الزاى 1200 ـ زاهر بن رستم بن أبى الرجاء بن محمد الأصبهانى الأصل البغدادى المولد، مكين الدين أبو شجاع: إمام المقام الشريف بالمسجد الحرام، قرأ بالروايات على أبى محمد عبد الله بن على سبط الخياط، وأبى الكرم الشهرزورى، وسمع منهما ومن أبى الفتح الكروخىّ، سمع عليه جامع الترمذى، ومن أبى الفضل الأرموىّ، وأبى غالب بن الداية، وأبى سعد أحمد بن محمد بن أبى سعد البغدادى، ومفلح الدومى، وأبى الحسن بن عبد السلام، وسعيد بن البنا، وأحمد بن طاهر الميهنى وغيرهم. وحدث ببغداد وواسط ومكة. روى عنه الحفاظ: الزكى البرزالى، والضياء المقدسى، ويوسف بن خليل الحلبى، وغيرهم من الأعيان، منهم: سليمان بن خليل العسقلانى، ويعقوب بن أبى بكر الطبرى ـ ومن طريقه روينا جامع الترمذى ـ والنجيب الحرانى، وهو خاتمة أصحابه بالسماع، وأما بالإجازة، فالفخر بن البخارى. ذكره ابن الدبيثى فى تاريخ بغداد، وقال: تفقه على مذهب الشافعى، وصحب الصوفية برباط شيخ الشيوخ مدة، وكان يسكن فى بغداد بدرب صالح من سوق الثلاثاء، وكان خيرا، خرج قبل موته بسنين إلى مكة، زادها الله شرفا، وأقام بها إلى أن توفى، وأم بالناس فى مقام إبراهيم عليه السلام أعواما، إلى أن عجز وانقطع فى منزله. وذكره ابن مسدى فى معجمه، وقال: كان جمالا لمنصبه، جلالا لأهل مذهبه. انتهى. توفى بمكة يوم الأربعاء، تاسع ذى القعدة من سنة تسع وستمائة. وذكر وفاته فى ذى القعدة: ابن نقطة، والمنذرى، وابن مسدى. وذكر أنه ولد فى سنة إحدى وعشرين وخمسمائة ببغداد، وفى ذلك نظر؛ لأن ابن الدّبيثىّ قال: إنه سئل عن مولده فقال: مولدى سنة ست وعشرين وخمسمائة. وذكر مولده هكذا: ابن نقطة والمنذرى، وقال: فى جمادى الأولى منها. * * *

_ 1200 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 7/ 70).

من اسمه الزبير

من اسمه الزبير 1201 ـ الزبير بين بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير ابن العوام القرشى الأسدى الزبيرى المدنى، يكنى أبا عبد الله بن أبى بكر: قاضى مكة، مؤلف كتاب «النسب لقريش»، روى عنه: إبراهيم بن المنذر، وإسماعيل ابن أبى أويس، وأبى ضمرة أنس بن عياض الليثى، وسفيان بن عيينة، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبى رواد، وعبد الله بن نافع الصائغ، وعبد الملك بن الماجشون، وجماعة غيرهم. روى عنه: ابن ماجة (1)، وابن أبى الدنيا، وأبو حاتم الرازى، وأبو القاسم البغوى، وابن صاعد، والقاضى المحاملى، وإبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى، ومن طريقيهما وقع لنا حديثه عاليا. وقال أبو القاسم البغوى: كان ثبتا عالما ثقة، وقال أحمد بن على السليمانى فى كتاب «الضعفاء» له: منكر الحديث. قال الحافظ بن حجر، بعد ذكره لكلام البغوى والسّليمانى: وهذا جرح مردود. انتهى.

_ 1201 ـ انظر ترجمته فى: (القضاة لوكيع 1/ 269، الجرح والتعديل الترجمة 2660، الأغانى 9/ 41 ـ 43، طبقات النحويين واللغويين للزبيدى 205، الفهرس لابن النديم 123.124، تاريخ بغداد 8/ 467 ـ 471، السابق واللاحق 257، 258، موضح أوهام الجمع والتفريق 2/ 113 ـ 114، مصارع العشاق 255 ـ 256، المعجم المشتمل الترجمة 345، إرشاد الأريب 4/ 218 ـ 220، الكامل فى التاريخ 7/ 217، وفيات الأعيان 2/ 311 ـ 312، سير أعلام النبلاء 12/ 311 ـ 315، تذكرة الحفاظ 2/ 528، العبر 2/ 12، دول الإسلام 1/ 121، ميزان الاعتدال الترجمة 2830، المغنى الترجمة 2163، الكاشف 1/ 318، مرآة الجنان 2/ 167، البداية والنهاية 11/ 24، الديباج المذهب 2/ 25، الكشف الحثيث 292، تهذيب ابن حجر 3/ 312 ـ 313، النجوم الزاهرة 3/ 25، التحفة اللطيفة للسخاوى 2/ 85 ـ 86، خلاصة الخزرجى الترجمة 2115، شذرات الذهب 2/ 133 ـ 134، تهذيب الكمال 1959). (1) فى سننه حديثين: الأول فى كتاب الزكاة، حديث رقم (1809) من طريق: عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقى والزبير بن بكار قالا: حدثنا ابن نافع حدثنا محمد بن صالح التمار عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن عتاب بن أسيد أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يبعث على الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم. والثانى: فى كتاب الزهد، حديث رقم (4249) من طريق: الزبير بن بكار حدثنا أنس بن عياض حدثنا نافع بن عبد الله عن فروة بن قيس عن عطاء بن أبى رباح عن ابن عمر أنه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل من الأنصار فسلم على النبى صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا رسول الله، أى المؤمنين أفضل؟ قال: أحسنهم خلقا. قال: فأى المؤمنين أكيس؟ قال: أكثرهم للموت ذكرا، وأحسنهم لما بعده استعدادا، أولئك الأكياس.

1202 ـ الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب القرشى الأسدى، أبو عبد الله

وصدق أبقاه الله؛ لأن الدار قطنى قال: إنه ثقة. وقال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادى: كان ثقة ثبتا عالما بالنسب، عارفا بأخبار المتقدمين، ومآثر الماضين. وله الكتاب المصنف فى نسب قريش وأخبارها، ولى القضاء بمكة، وورد بغداد وحدث بها. وقال أبو بكر محمد بن عبد الملك التاريخى: أنشدنى ابن أبى طاهر لنفسه فى الزبير ابن بكار (2) [من البسيط]: ما قال «لا» قط إلا فى تشهده ... ولا جرى فى لفظه إلا على «نعم» بين الحوارى والصديق نسبته ... وقد جرى ورسول الله فى رحم قال أحمد بن سليمان الطوسى: توفى أبو عبد الله الزبير قاضى مكة، ليلة الأحد لتسع ليال بقين من ذى القعدة سنة ست وخمسين ومائتين، وقد بلغ أربعا وثمانين سنة، وتوفى بمكة، وحضرت جنازته، وصلى عليه ابن مصعب. وكان سبب وفاته، أنه وقع من فوق سطحه، فمكث يومين لا يتكلم، ومات. قال: وتوفى الزبير بعد فراغنا من قراءة، كتاب «النسب» عليه بثلاثة أيام. انتهى. 1202 ـ الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب القرشى الأسدى، أبو عبد الله: هذا هو المشهور فى كنيته، وذلك أنه كنى بابنه عبد الله بن الزبير، وكنى أيضا بأبى

_ (2) انظر البيتين تاريخ بغداد 8/ 468. 1202 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 811، الإصابة ترجمة 2796، أسد الغابة ترجمة 1732، طبقات ابن سعد 1/ 160، 191، 2/ 31، 3/ 73، 112، 236، 8/ 184، المصنف لابن أبى شيبة رقم 1578، تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 172، طبقات خليفة 13، 189، 291، تاريخه 67، 82، 99، 112، 147، 148، 180 ـ 187، 201، علل أحمد 1/ 69 ـ 379، الزهد لأحمد 144، فضائل الصحابة لأحمد 2/ 733، نسب قريش 20، 22، 103، 106، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1359، تاريخه الصغير 1/ 75، البيان والتبيين 1/ 100، 180، 302، 406، 2/ 316، 317، 3/ 101، 154، 211، 221، 345، 346، سؤالات الآجرى لأبى داود الترجمة 114، الجرح والتعديل الترجمة 2627، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 9، الحلية لابن نعيم 1/ 89 ـ 92، جمهرة ابن حزم 14/ 81، 115، 120 ـ 127، الجمع لابن القيسرانى 1/ 149، تاريخ دمشق تهذيبه 5/ 358، صفوة الصفوة 1/ 132، التبيين فى أنساب القرشيين 74، 140، 161، 195، 196، 223، 253، 270، 310، 270، 310، 383، 389، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 194 ـ 196، الكاشف 1/ 320، سير أعلام النبلاء 1/ 41، العبر 1/ 37، تجريد أسماء الصحابة 1/ 188، تهذيب ابن حجر 3/ 318، تهذيب الكمال 1971).

الطاهر. قال ابن الأثير: كانت أمه تكنيه أبا الطاهر، بكنية أخيها الزبير بن عبد المطلب. انتهى. وأمه صفية بنت عبد المطلب، عمة النبى صلى الله عليه وسلم، فهو ابن عمة النبى صلى الله عليه وسلم وحواريه، ومعنى الحوارى الخليل، وقيل الصاحب المستخلص، وقيل الحوارى الناصر، وقيل غير ذلك. وهو أحد العشرة الذين شهد لهم النبى صلى الله عليه وسلم بالجنة، وتوفى وهو عنهم راض، وأحد الستة أصحاب الشورى، الذين جعل عمر ـ رضى الله عنه ـ الخلافة فى أحدهم، وهم على ما ذكر النووى: عثمان بن عفان، وعلى بن أبى طالب، والزبير بن العوام، وطلحة ابن عبيد الله التيمى، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص ـ رضى الله عنهم. قال ابن الأثير: وكان إسلامه بعد أبى بكر ـ رضى الله عنه ـ بيسير، قيل: كان رابعا أو خامسا فى الإسلام، وهاجر إلى الحبشة، وإلى المدينة. انتهى. ذكر ذلك النووى، وقال: شهد بدرا وأحدا والخندق والحديبية وخيبر، وفتح مكة، وحصار الطائف، والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد اليرموك، وفتح مصر. انتهى. وذكر ذلك ابن الأثير، إلا أنه لم يذكر اليرموك، ولم يقل: والمشاهد كلها، وليس تركه لذلك لعدم وقوعه، وإنما هو لعدم حضوره بالبال وقت التأليف، وزاد: وحنينا، وهو صحيح. وكان الزبير فى فتح مكة، على المجنبة اليسرى، ومعه راية النبى صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يدخل مكة من أعلاها. واختلف فى سنه حين أسلم، فقيل: ابن ثمان سنين، وقيل: ابن اثنتى عشرة سنة، وقيل: ابن خمس عشرة سنة، وقيل: ابن ست عشرة سنة. حكى هذه الأقوال ابن عبد البر، عن عروة بن الزبير، إلا القول الأول، فعن أبى الأسود محمد بن عبد الرحمن، يتيم عروة. وقال بعد أن ذكر القول الأخير: وقول عروة أصح من قول أبى الأسود. ونقل غيره عن أبى الأسود، زيادة فى خبر إسلامه؛ لأن المزى قال: وقال عبد الله بن وهب، عن الليث بن سعد، عن أبى الأسود: أسلم الزبير وهو ابن ثمانى سنين، وهاجر وهو ابن ثمان عشرة. وكان عم الزبير يعلق الزبير فى حصير، ويدخن عليه بالنار، ويقول: ارجع. فيقول الزبير: لا أكفر أبدا. انتهى. والزبير ـ رضى الله عنه ـ أول من سلّ سيفا فى سبيل الله عزوجل، على ما روى

عن سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، فيما نقله عنهما ابن عبد البر؛ وذلك أنه نفحت نفحة من الشيطان، أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل الزبير يشق الناس بسيفه، والنبى صلى الله عليه وسلم بأعلا مكة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مالك يا زبير؟ » قال: أخبرت أنك أخذت، قال: فصلى عليه ودعا له ولسيفه. انتهى. وهذا الخبر نقله ابن عبد البر عن الزبير. وقال ابن عبد البر: لم يتخلف الزبير عن غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وشهد الزبير بدرا، وكانت عليه يومئذ عمامة صفراء، وكان معتجرا بها، فيقال: إنها نزلت الملائكة يوم بدر على سيماء الزبير. وروى بمعنى ذلك، عن ابن إسحاق الفزارى، عن هشام بن عروة، عن عباد بن حمزة بن الزبير. قال ابن عبد البر: وثبت عن الزبير أنه قال: جمع لى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبويه مرتين، يوم أحد، ويوم قريظة، فقال: ارم فداك أبى وأمى (1). انتهى. وفى الترمذى، حديث جمع النبى صلى الله عليه وسلم أبويه للزبير يوم قريظة، وهو فى الصحيحين أيضا، وفيهما: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن لكل نبى حواريّا، وحواريى الزبير، وذلك فى يوم الأحزاب، بعد أن ندب أصحابه للإتيان بخبر القوم، فانتدب الزبير ثلاث مرات، وذلك من حديث جابر ـ رضى الله عنه (2).

_ (1) أخرجه مسلم فى صحيحه حديث رقم (2416) من طريق: إسمعيل بن الخليل وسويد ابن سعيد كلاهما، عن ابن مسهر، قال: إسماعيل أخبرنا على بن مسهر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، قال: كنت أنا وعمر بن أبى سلمة يوم الخندق مع النسوة فى أطم حسان فكان يطأطئ لى مرة فأنظر وأطأطئ له مرة فينظر فكنت أعرف أبى إذا مر على فرسه فى السلاح إلى بنى قريظة، قال: وأخبرنى عبد الله بن عروة، عن عبد الله بن الزبير، قال: فذكرت ذلك لأبى فقال: ورأيتنى يا بنى. قلت: نعم، قال: أما والله لقد جمع لى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أبويه، فقال: «فداك أبى وأمى». وحدثنا أبو كريب، حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، قال: لما كان يوم الخندق كنت أنا وعمر بن أبى سلمة فى الأطم الذى فيه النسوة ـ يعنى نسوة النبى صلى الله عليه وسلم ـ وساق الحديث بمعنى حديث ابن مسهر فى هذا الإسناد ولم يذكر عبد الله بن عروة فى الحديث ولكن أدرج القصة فى حديث هشام عن أبيه عن ابن الزبير. وأخرجه الترمذى فى سننه برقم (3743) بلفظ مختلف، من طريق: هناد، حدثنا عبدة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير عن الزبير، قال: جمع لى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه يوم قريظة فقال: «بأبى وأمى». قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. (2) أخرجه البخارى فى صحيحه، فى الجهاد والسير، حديث رقم (2634). وأخرجه مسلم فى صحيحه، فى فضائل الصحابة، حديث رقم (4436). وأخرجه الترمذى فى سننه، فى كتاب المناقب، حديث رقم (3678). وأخرجه ابن ماجة فى سننه، حديث رقم (119).

وفى البخارى أيضا، عن عروة بن الزبير: أن أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، قالوا للزبير يوم اليرموك: ألا تشد فنشد معك، فحمل عليهم، فضربوه ضربتين على عاتقه، بينهما ضربة ضربها يوم بدر، قال عروة: فكنت أدخل يدى فى تلك الضربات ألعب وأنا صغير (3). وفى رواية البخارى: أن الزبير حمل عليهم حتى شق صفوفهم، وجاوزهم وما معه أحد (4). وفى الترمذى عن هشام بن عروة بن الزبير قال: أوصى الزبير إلى ابنه عبد الله صبيحة الجمل، فقال: وما بقى عضو إلا وقد جرح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إلى فرجه. قال الترمذى: حديث حسن (5). قال النووى: وفيما قاله نظر؛ لأنه منقطع بين هشام والزبير. وفى البخارى: أن عثمان بن عفان ـ رضى الله عنه ـ قيل له: استخلف، قال: فلعلهم قالوا الزبير، قال: نعم، قال: أما والذى نفسى بيده إنه لخيرهم، ما علمت، وإن كان لأحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (6). وفى البخارى عن عبد الله بن الزبير: وما ولى ـ يعنى الزبير ـ إمارة ولا جباية ولا خراجا ولا شيئا، إلا أن يكون غزوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو مع أبى بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم (7). وروى ابن عبد البر بسنده إلى أبى إسحاق السبيعى، قال: سألت مجلسا فيه أكثر من عشرين رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كان أكرم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: الزبير وعلىّ بن أبى طالب. قال ابن عبد البر: وفضله حسّان على جميعهم، كما فضل أبو هريرة على الصحابة أجمعين، جعفر بن أبى طالب، فقال يمدحه، فذكر أبياتا منها (8) [من الطويل]: فما مثله فيهم ولا كان قبله ... وليس يكون الدهر ما دام يذبل

_ (3) أخرجه البخارى فى صحيحه، كتاب المناقب، حديث رقم (3443، 3678). (4) حديث رقم 3678. (5) فى سننه، فى المناقب، حديث رقم 3679. (6) فى صحيحه، كتاب المناقب، حديث رقم 3439، وأحمد فى المسند، حديث رقم 423. (7) من حديث طويل فى صحيحه، كتاب فرض الخمس، حديث رقم 2897. (8) الأبيات فى الاستيعاب ترجمة 811.

ومنها: وإن امرأ كانت صفية أمه ... ومن أسد فى بيته لمرقل (9) له من رسول الله قربى قريبة ... ومن نصرة الإسلام مجد مؤثل وكم كربة ذبّ الزبير بسيفه ... عن المصطفى والله يعطى ويجزل (10) وقال فيه عمر بن الخطاب، رضى الله عنه: نعم ولى تركة المرء المسلم. ذكر هذا الخبر الزبير بن بكار؛ لأنه قال: وحدثنى علىّ بن صالح عن جدّى عبد الله بن مصعب قال: قال مطيع بن الأسود، حين أوصى إلى الزبير، فأبى أن يلى تركته، وقال: فى قومك من ترضى. فقال: إنك دخلت على عمرو أنا عنده، فلما خرجت، قال: نعم ولى تركة المرء المسلم، فقبل الزبير وصيته. انتهى. وقد أوصى إلى الزبير من الصحابة: عثمان بن عفان ـ رضى الله عنه ـ أوصى إليه بصدقته، حتى يدرك ابنه عمرو بن عثمان، وأوصى إليه عبد الرحمن بن عوف، وأبو العاص بن الربيع بابنته أمامة، فزوجها من علىّ، وأوصى إليه عبد الله بن مسعود، والمقداد بن عمرو. ذكر هذا الخبر الزبير عن عمه عن جده عن هشام بن عروة، وفيه أيضا، مطيع إلى الزبير تركناه للاستغناء عنه بما سبق. وذكر هذين الخبرين ابن الأثير، وأفاد فيه مكرمة للزبير؛ لأنه قال: وقال هشام بن عروة: أوصى إلى الزبير سبعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، منهم عثمان، وعبد الرحمن ابن عوف والمقداد، وابن مسعود وغيرهم، وكان يحفظ على أولادهم مالهم وينفق عليهم من ماله. انتهى. وكان الزبير ـ رضى الله عنه ـ كثير أفعال الخير والرزق؛ لأن ابن عبد البر، قال: وروى الأوزاعى عن نهيك بن يريم، عن مغيث بن سمى، عن كعب، قال: كان للزبير ألف مملوك، يؤدون إليه الخراج، فما يدخل بيته منها درهما واحدا، قال: يعنى أنه كان يتصدق بذلك كله. قال ابن عبد البر: كان الزبير تاجرا مجدودا فى التجارة، وقيل له يوما: بم أدركت فى التجارة ما أدركت؟ قال: لأنى لم أشتر عيبا ولم أرد ربحا، والله يبارك لمن يشاء. انتهى. وبارك الله تعالى فى تركة الزبير، حتى قامت بدينه، وفضل منها فضل كثير لورثته

_ (9) فى الاستيعاب: وإن امرأ كانت صفية أمه ... ومن أسد فى بيته لمرفل (10) فى الاستيعاب: «فكم كربة ذب الزبير بسيفه».

ولوصيته، وكان يظن أنها لا تفى بدينه. وخبر ذلك مشهور فى صحيح البخارى؛ لأن فيه عن عبد الله بن الزبير، أن أباه دعاه يوم الجمل فقال: يا بنى، إنى لا أرانى إلا سأقتل اليوم مظلوما، وإن من أكبر همى لدينى، أفترى ديننا يبقى مالنا شيئا؟ ثم قال: يا بنى، بع مالنا، واقض ديننا، وأوصى بالثلث، ثم قال: فقتل الزبير ـ رضى الله عنه ـ ولم يدع دينارا ولا درهما، إلا أربعين سهما بالغابة، وأحد عشر دارا بالمدينة، ودارين بالبصرة، ودارا بالكوفة، ودارا بمصر. وقال: وإنما كان دينه، أن الرجل كان يأتيه بالمال يستودعه إياه، فيقول الزبير: لا، ولكنه سلف، إنى أخشى عليه الضيعة. قال عبد الله: فحسبت ما كان عليه من الدين، فكان ألفى ألف ومائتى ألف. وكان الزبير ـ رضى الله عنه ـ اشترى الغابة بسبعين ألفا ومائة ألف، فباعها عبد الله بألف ألف وستمائة ألف، وقضى دين أبيه، وأقام أربع سنين ينادى فى الموسم: ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه، ثم قسم بعد الأربع سنين، بقية تركة الزبير بين ورثته، ودفع الثلث. وكان للزبير ـ رضى الله عنه ـ أربع نسوة، فأصاب كل امرأة، ألف ألف ومائتا ألف، فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف. هذا معنى ما فى البخارى، وبعضه بلفظه، وذلك من قوله: وكان للزبير أربع نسوة إلى آخره. وفى البخارى (11)، عن هشام بن عروة بن الزبير قال: أقمنا سيف الزبير بيننا بثلاثة آلاف. انتهى. وشهد الزبير ـ رضى الله عنه ـ يوم الجمل، ثم انفصل عن المعركة بعد قليل، إلى موضع يعرف بوادى السباع، قريبا من البصرة، فقتل به. وذكر ابن عبد البر: أنه قتل يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الأولى سنة ست وثلاثين. قال: وفى ذلك اليوم كانت وقعة الجمل. انتهى. وذكر ابن عبد البر: فى تاريخ وقعة الجمل، ما يخالف هذا، وهو أنها فى عاشر جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين؛ لأنه قال فى ترجمة طلحة بن عبيد الله التيمى: وكانت وقعة الجمل، لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين. انتهى. وذكر غيره مثل ما ذكره فى وقعة الجمل، فى عاشر جمادى الأولى، وفى عاشر جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، والله أعلم بالصواب.

_ (11) أخرجه البخارى فى الصحيح، كتاب فرض الخمس، حديث رقم (2897).

وذكر ابن عبد البر سبب رجوعه وصفة قتله، فنذكر ذلك على ما ذكره، قال: ثم شهد الزبير الجمل، فقاتل فيه ساعة، فناداه على ـ رضى الله عنهما ـ وانفرد به، وذكره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال له وقد وجدهما يضحكان بعضهما إلى بعض: أما إنك ستقاتل عليّا وأنت له ظالم، فذكر الزبير ـ رضى الله عنه ـ ذلك، فانصرف عن القتال، فاتبعه ابن جرموز عبد الله، ويقال عمير، ويقال عمرو، وقيل عميرة بن جرموز السعدى، فقتله بموضع يعرف بوادى السبع، وجاء بسيفه إلى على ـ رضى الله عنه ـ فقال علىّ ـ رضى الله عنه: بشر قاتل ابن صفية بالنار. وكان الزبير ـ رضى الله عنه ـ قد انصرف عن القتال نادما، مفارقا للجماعة التى خرج فيها منصرفا إلى المدينة، فرآه ابن جرموز، فقال: أتى يؤرّش بين الناس، ثم تركهم، والله لا تركته، ثم اتبعه، فلما لحق بالزبير، ورأى الزبير أنه يريده أقبل عليه، فقال له ابن جرموز: أذكرك الله. فكفّ عنه الزبير، حتى فعل ذلك مرارا، فقال الزبير: قاتله الله، يذكرنا الله وينساه، ثم عافصه ابن جرموز فقتله. وذكر ابن عبد البر من تاريخ قتله، ووقعة الجمل ما سبق، ثم قال: ولما أتى قاتل الزبير عليّا برأسه، استأذن عليه، فلم يأذن له. وقال: بشره بالنار، فقال (12) [من المتقارب]: أتيت عليّا برأس الزبي ... ر أرجو لديه به الزلفه فبشر بالنار إذ جئته ... فبئس البشارة والتّحفه وسيان عندى قتل الزب ... ير وضرطة عير بذى الجحفه (13) قال: وفى حديث عمرو بن جاذان، عن الأحنف، قال: لما بلغ الزبير سفوان ـ موضعا من البصرة ـ كمكان القادسية من الكوفة، لقيه النضر ـ رجل من بنى مجاشع ـ فقال: أين تذهب يا حوارى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ إلىّ، فأنت فى ذمتى ولا يوصل إليك، فأقبل معه، وأتى إنسان الأحنف بن قيس، فقال: هذا الزبير، قد لقى بسفوان، فقال الأحنف: ما شاء الله كان، قد جمع بين المسلمين حتى ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيوف، ثم يلحق ببيته وأهله، فسمعه عمير بن جرموز وفضالة بن حابس ونفيع، فى غواة من غواة بنى تميم، فركبوا فى طلبه، فلقوه معه النفر، فأتاه عمير بن جرموز من خلفه، وهو على فرس له ضعيفة، فطعنه طعنة خفيفة، وحمل عليه الزبير، وهو على فرس له، يقال له ذو الخمار، حتى إذا كان ظن أنه قاتله، نادى صاحبيه: يا نفيع، يا فضالة،

_ (12) انظر الأبيات فى الاستيعاب 2/ 516. (13) فى أسد الغابة: ................... وضرطة عيتر بذى الجحفه.

فحملوا عليه حتى قتلوه، وهذا أصح مما تقدم، والله أعلم. وذكر ابن الأثير، القول الأخير فى قتل الزبير مختصرا، وذكر أن الزبير لما انصرف، بعد أن ذكره علىّ ـ رضى الله عنه ـ بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، نزل بوادى السباع وقام يصلى، فأتاه ابن جرموز فقتله، وجاء بسيفه إلى على بن أبى طالب، وقال: إن هذا السيف طال ما فرج الكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى. وهذا يخالف ما ذكره ابن عبد البر، فى صفة قتله، والله أعلم. وقال ابن الأثير: وكثير من الناس يقولون: إن ابن جرموز قتل نفسه، لما قال له على: بشر قاتل ابن صفية بالنار، وليس كذلك، وإنما هو عاش بعد ذلك، حتى ولى مصعب ابن الزبير البصرة، فاختفى ابن جرموز، فقال مصعب: ليخرج، فهو آمن، أيظن أنى أقيده بأبى عبد الله؟ يعنى أباه الزبير، ليسا سواء. فظهرت المعجزة بأنه من أهل النار؛ لأنه قتل الزبير ـ رضى الله عنه ـ وقد فارق المعركة، وهذه معجزة ظاهرة؛ انتهى. وذكر الزبير بسنده خبرا يقضى أن ابن جرموز، أتى مصعب بن الزبير فسجنه، وكتب إلى أخيه عبد الله بن الزبير يخبره بذلك، فلامه على سجنه وأمره بإطلاقه، وقال: أظننت أنى قاتل أعرابيّا من بنى تميم بالزبير؟ فخلى مصعب سبيله، حتى إذا كان ببعض السواد، لحق بقصر من قصوره عليه رحا، ثم أمر إنسانا أن يطرحه عليه، فطرحه فقتله، وكان قد كره الحياة، لما كان يهول عليه ويرى فى منامه، وذلك دعاه إلى ما فعل، وهو حزين متألم، والله أعلم. واختلف فى سن الزبير ـ رضى الله عنه ـ حين قتل، فقيل: كان ابن سبع وستين سنة، وقيل ابن ست وستين، حكى هذين القولين: ابن عبد البر وابن الأثير والنووى، وزاد ثالثا، وهو: أنه كان ابن أربع وستين سنة، وما عرفت من ذكر ذلك قبله. وأما القولان الأولان، فذكرهما الزبير، ولكنه حكاهما على الشك؛ لأنه قال: قتل وهو ابن سبع وستين أوست وستين سنة. انتهى. واختلف فى صفة الزبير، فقال ابن عبد البر: كان أسمر ربعة معتدل اللحم خفيف اللحية. انتهى. وذكر ذلك ابن الأثير والنووى. وقال الزبير: إنه سمع عبد الله بن محمد ابن يحيى بن عروة يقول: كان الزبير بن العوام، أبيض طويلا نحيفا خفيف العارضين. انتهى. وقال الزبير أيضا، فيما رواه بسنده عن هشام بن عروة عن أبيه، قال: كان الزبير ابن العوام طويلا، تخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة، أشعر، ربما أخذت بشعر كتفيه، متوّذف الخلقة. انتهى. والله أعلم بالصواب.

1203 ـ زرارة بن مصعب بن شيبة العبدرى الحجبى

ووجدت فى حاشية من أسد الغابة لابن الأثير، تتعلق بالزبير بن العوام بن خويلد الأسدى ـ رضى الله عنه ـ قال فيها: وعنه ـ يعنى عروة بن الزبير ـ قال: كان الزبير طويلا تخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة، وكذلك عدى بن حاتم، وقيس بن سعد بن عبادة، وعيينة بن حصن، وزيد الخيل، وأبو زبيد الشاعر، ومالك بن الحارث الأشتر، وعامر بن الطفيل، وقيس بن شر حبيل، كانوا إذا ركبوا، خطت أرجلهم الأرض. انتهى. 1203 ـ زرارة بن مصعب بن شيبة العبدرىّ الحجبى: يروى عن أبيه. ويروى عنه ابنه عبيد الله بن زرارة. ذكره ابن حبان فى كتاب الثقات، وقال: يروى عن الحارث بن خالد، فالله أعلم. ذكره هكذا المزى فى التهذيب، بعد أن ذكر زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف الزهرى المدنى، وقال: ذكرناه للتمييز بينهما. انتهى. 1204 ـ زرزر [بن صهيب الشرجى: قال سفيان بن عيينة: كان مولى لجبير بن مطعم، وكان قليل الحديث] (1). ذكره هكذا ابن سعد، فى الطبقة الرابعة من طبقات أهل مكة. وما ذكر من حاله سوى هذا. وقال ابن الأثير فى اختصاره لأنساب ابن السمعانى ما نصه: الشّرجىّ، بفتح الشين وسكون الراء وآخرها الجيم، هذه النسبة إلى شرجة، موضع بمكة أو نواحيها، منها زرزر بن صهيب الشّرجىّ، مولى لآل جبير بن مطعم القرشى، سمع عطاء. روى عنه ابن عيينة، وقال: كان زرزر رجلا صالحا. انتهى. والظاهر أنه الذى عنى ابن سعد. * * *

_ 1203 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1463، الجرح والتعديل الترجمة 2732، 4/ 440، تهذيب ابن حجر 3/ 324، خلاصة الخزرجى الترجمة 2134، تهذيب الكمال 1980). 1204 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ الكبير 1/ 450، الجرح والتعديل 3/ 623، طبقات ابن سعد 6/ 36، اللباب لابن الأثير 2/ 15). (1) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصول، أوردناه من طبقات ابن سعد.

من اسمه زكريا

من اسمه زكريا 1205 ـ زكريا بن إسحاق المكى: روى عن عطاء بن أبى رباح، وعمرو بن دينار، وأبى الزبير المكى، وجماعة. روى عنه ابن المبارك، ووكيع، وروح بن عبادة، وأبو عاصم النبيل، وعبد الرزاق، وجماعة. روى له الجماعة، ووثقه أحمد بن حنبل وابن معين. وذكره ابن حبان فى الثقات. ذكر هذا من حاله المزى فى التهذيب. وقال ابن معين: كان يرى القدر، حدثنا روح بن عبادة قال: سمعت مناديا على الحجر يقول: إن الأمير أمر أن لا يجالس زكريا بن إسحاق لموضع القدر. انتهى. نقل هذا عن ابن معين، الحافظ ابن حجر. قال الذهبى: والصحيح أنه لم يسمع من عطاء. انتهى. 1206 ـ زكريا بن عمرو: ذكره هكذا ابن سعد فى الطبقة السادسة من طبقات أهل مكة. وما عرفت من حاله سوى هذا. 1207 ـ زكريا بن علقمة الخزاعى: ذكره هكذا الذهبى، وقال: صحفه بعضهم، وإنما هو كرز، له حديث: «هل للإسلام من منتهى» (1).

_ 1205 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 1/ 174، 6/ 38، تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 173، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1402، أحوال الرجال للجوزحانى الترجمة 347، المعرفة والتاريخ 2/ 207، الجرح والتعديل الترجمة 2684، الجمع لابن القيسرانى 1/ 150، سير أعلام النبلاء 6/ 340، الكاشف 1/ 323، ميزان الاعتدال الترجمة 2870، المغنى الترجمة 2188، تهذيب ابن حجر 3/ 328، مقدمة الفتح 400، خلاصة الخزرجى الترجمة 2143، تهذيب الكمال 1990). 1206 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 1/ 148، 166). 1207 ـ انظر ترجمته فى: (التجريد 1/ 204). (1) أخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده (15352، 15353) من طريق: سفيان عن الزهرى عن عروة عن كرز بن علقمة الخزاعى قال: قال رجل: يا رسول الله، هل للإسلام من منتهى؟ قال: أيما أهل بيت ـ وقال فى موضع آخر: قال: نعم أيما أهل بيت من العرب أو العجم أراد الله بهم خيرا أدخل عليهم الإسلام قال: ثم مه قال: ثم تقع الفتن كأنها ـ

1208 ـ زمعة بن صالح الجندى اليمانى

وذكره ابن الأثير فقال: زكريا بن علقمة الخزاعى، أورده ابن شاهين هكذا، وروى بإسناده عن الزهرى عن عروة، أن زكريا بن علقمة الخزاعى قال: بينا أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه رجل من الأعراب ـ أعراب نجد ـ فقال: يا رسول الله، هل للإسلام منتهى؟ فذكر الحديث. ثم قال ابن الأثير: كذا أورده فى الترجمة وفى الحديث جميعا، فى باب الزاى، وإنما هو كرز بن علقمة، والحديث مشهور عن الزهرى، أخرجه أبو موسى. انتهى. 1208 ـ زمعة بن صالح الجندى اليمانى: سكن مكة، روى عن عبد الله بن كثير القارى، وعمرو بن دينار، وأبى الزبير المكى، والزهرى، وجماعة. روى عنه ابن جريج، وعبد الله بن وهب، وعبد الرحمن بن مهدى، وأبو عاصم النبيل، وأبو نعيم، وجماعة. روى له مسلم ـ مقرونا بغيره ـ وأصحاب السنن الأربعة، إلا أن أبا داود، إنما روى له فى المراسيل، وضعفه أبو داود وأبو حاتم وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وقال يحيى مرة: صويلح الحديث. وقال عمرو بن على: هو جائز الحديث، مع الضعف الذى فيه. وقال ابن عدى: ربما يهم فى بعض ما يرويه، وأرجو أن حديثه صالح، لا بأس به.

_ ـ الظلل قال: كلا والله إن شاء الله قال: بلى والذى نفسى بيده ثم تعودون فيها أساود صبا يضرب بعضكم رقاب بعض، وقرأ على سفيان. قال الزهرى: أساود صبا. قال سفيان: الحية السوداء تنصب: أى ترتفع. 1208 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 174، ابن طهمان الترجمة 62، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1505، أحوال الرجال للجوزجانى الترجمة 262، أبى زرعة الرازى 759، سؤالات الآجرى لأبى داود الترجمة 290، المعرفة والتاريخ 1/ 259، 365، 647، 3/ 41، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 45، 512، ضعفاء النسائى الترجمة 220، الجرح والتعديل الترجمة 2823، المجروحين لابن حبان 1/ 312، تاريخ الإسلام 6/ 179، الكاشف 1/ 325، ميزان الاعتدال الترجمة 2904، المغنى الترجمة 2207، ديوان الضعفاء الترجمة 1479، غاية النهاية 1/ 295، تهذيب ابن حجر 3/ 338، خلاصة الخزرجى الترجمة 2306، تهذيب الكمال 2003).

1209 ـ زمل الخزاعى

1209 ـ زمل الخزاعى: ذكره الذهبى، وقال: قص على النبى صلى الله عليه وسلم رؤيا، لا يصح ذلك. وذكره السهيلى. انتهى. ولم يذكره ابن الأثير. 1210 ـ زنفل بن عبد الله، ويقال ابن شداد العرفىّ ـ براء مهملة ـ أبو عبد الله المكى: نزل عرفة. وقال أبو أحمد: من أهل مكة، فنزل عرفة، روى عن ابن أبى مليكة، ويحيى بن إسحاق العرفى. روى عنه إبراهيم بن عمر بن أبى الوزير الهاشمى، ومحمد بن عبد الله التيمى، ومحمد ابن عمر المعيطى، وغيرهم. روى له الترمذى حديث: «اللهم خر لى واختر لى» (1). قال ابن معين: ليس بشئ. وقال أبو حاتم، والسّاجىّ، والدارقطنى: ضعيف. وقال النسائى والدولابى والأزدى: ليس بثقة. والعرفى ـ بعين وراء مهملتين مفتوحتين وفاء وياء للنسبة ـ نسبة إلى عرفات، موضع الوقوف، ويشبهه فى هذه النسبة، جماعة متأخرون من رؤساء المغرب، يقال لكل منهم: العزفىّ، بالزاى المعجمة.

_ 1209 ـ انظر ترجمته فى: (التجريد 1/ 204). 1210 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 175، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1507، المعرفة والتاريخ 3/ 42، ضعفاء النسائى الترجمة 213، الجرح والتعديل الترجمة 2799، المجروحين لابن حبان 1/ 311، ضعفاء الدارقطنى الترجمة 241، أنساب السمعانى 8/ 431، تاريخ الإسلام 6/ 66، الكاشف 1/ 325، ميزان الاعتدال الترجمة 2906، المغنى الترجمة 2209، ديوان الضعفاء الترجمة 1418، تهذيب ابن حجر 3/ 340، خلاصة الخزرجى الترجمة 2309، تهذيب الكمال 2009). (1) أخرجه الترمذى فى سننه، فى الدعوات، حديث رقم (3438) من طريق: محمد بن بشار حدثنا إبراهيم بن عمر بن أبى الوزير حدثنا زنفل بن عبد الله أبو عبد الله عن ابن أبى مليكة عن عائشة عن أبى بكر الصديق أن النبىصلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أمرا قال: اللهم خر لى واختر لى. قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث زنفل وهو ضعيف عند أهل الحديث ويقال له زنفل بن عبد الله العرفى وكان يسكن عرفات وتفرد بهذا الحديث ولا يتابع عليه.

1211 ـ زهدم بن الحارث المكى

1211 ـ زهدم بن الحارث المكى: عن حفص بن غياث، متكلم فيه، هكذا ذكره الذهبى فى الميزان وقال: قال العقيلى (1): حدثنا محمد بن علىّ، حدثنا زهدم بن الحارث، حدثنا حفص بن غياث، حدثنا ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن أبى بن كعب، مرفوعا: «أتانى جبريلعليه السلام فقال: يا محمد، أتيتك بكلمات لم آت بهن أحدا قبلك، قل: يا من أظهر الجميل، وستر القبيح، ولم يؤاخذ بالجريرة» (2). انتهى. * * * من اسمه زهير 1212 ـ زهير بن أبى أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى: مذكور فى المؤلفة قلوبهم، وفى ذلك نظر، على ما ذكر ابن عبد البر، وقال: لا أعرفه؛ انتهى. ولم يزد فى نسبه على أبيه. وذكره ابن الأثير فقال بعد أن ذكر كلام ابن عبد البر: وقال ابن مندة وأبو نعيم: زهير بن أبى أمية، وذكر خبر رؤياه بسندهما، وفيه: أن عثمان وزهير بن أبى أمية، استأذنا على النبى صلى الله عليه وسلم، ودخلا عليه، وأثنيا على السائب، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: «أنا أعرف به منكما، ألم يكن شريكى فى الجاهلية؟ ». ثم قال ابن الأثير: قيل هو زهير بن أبى أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، أخو أم سلمة، ثم قال: فإن كان هو، فهو ابن عمة النبى صلى الله عليه وسلم، أمه عاتكة بنت عبد المطلب، وله فى نقض الصحيفة التى كتبتها قريش على بنى هاشم وبنى عبد المطلب، أثر كبير، ثم قال: أخرجه الثلاثة.

_ 1211 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 3295، تنزيه الشريعة 1/ 61، الضعفاء الكبير للعقيلى 2/ 92 ترجمة 551). (1) قال العقيلى فى الضعفاء الكبير: لا يتابع على حديثه. وقال صاحب تنزيه الشريعة: وضاع. (2) بقية الحديث فى الضعفاء الكبير للعقيلى: «ولم يهتك الستر، ويا عظيم العفو، ويا حسن، التجاوز التجاوز، ويا واسع المغفرة، ويا باسط اليدين بالرحمة ويا صاحب كل نجوى، ويا منتهى كل شكوى، ويا عظيم المنن، ويا كريم الصفح، ويا مبتدى النعم قبل استحقاقها، ويا رباه، ويا سيداه، ويا أملاه، ويا غاية رغبتاه، أسالك أن تغفر لى ولا تشوى خلقى بالنار». وقال العقيلى: ولا يتابع عليه ولا يعرف إلا به. 1212 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة ترجمة 1763، الإصابة ترجمة 2829، الاستيعاب ترجمة 821، طبقات ابن سعد 1/ 164، المنتظم 3/ 4).

1213 ـ زهير بن عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة التيمى، أبو مليكة

وفى كتاب ابن الأثير سقم، وسقط لا يتم الكلام إلا به، وقد كتبت ذلك على الصواب، وما يستقيم به الكلام، والله أعلم. والسائب فى هذا الخبر مبهم، وهو والله أعلم، السائب بن أبى السائب المخزومى، فإنه كان شريك النبى صلى الله عليه وسلم، قبل المبعث بمكة، على ما يقال، وفى ذلك خلاف نذكره إن شاء الله تعالى، فى ترجمة السائب بن أبى السائب المخزومى. 1213 ـ زهير بن عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة التيمى، أبو مليكة: قال ابن شاهين: هو صحابى، روى عن أبى بكر الصديق ـ رضى الله عنه. روى ابن جريج، عن أبى مليكة، عن أبيه، عن جده، عن أبى بكر: أن رجلا عض يد رجل، فسقطت سنّه، فأبطلها أبو بكر. ذكره هكذا ابن الأثير وعلم عليه ب: «د. ع»، ولم يذكره ابن عبد البر فى باب زهير، وإنما ذكره فى الكنى لأنه قال: أبو مليكة القرشى التيمى، اسمه زهير بن عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، جد ابن أبى مليكة المحدث، له صحبة، يعد فى أهل الحجاز، من حديثه ما ذكره عمرو بن علىّ، عن أبى عاصم، عن ابن جريج، عن ابن أبى مليكة، عن أبيه، عن جده، عن أبى بكر الصديق، رضى الله عنه: أن رجلا عض يد رجل، فسقطت ثنيته، فأبطلها أبو بكر الصديق، رضى الله عنه. انتهى. وإنما ذكرنا كلام ابن عبد البر؛ لأن فيه ما لا يفهم مما سبق. وقال المزّىّ فى التهذيب: زهير بن عبد الله بن جدعان القرشى، أبو مليكة التيمى، جد عبد الله بن عبيد الله بن أبى مليكة، ذكره البخارى فى الإجارة (1)، فى حديث ابن جريج، عن عطاء، عن صفوان بن يعلى، عن يعلى بن أمية: أن رجلا عض يد رجل، فأندر ثنيته، فأهدرها النبى صلى الله عليه وسلم. قال ابن جريج: وحدثنى عبد الله بن أبى مليكة عن جده، بمثل هذه القصة، قال: فأهدرها أبو بكر. انتهى.

_ 1213 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ خليفة 245، المعرفة والتاريخ 2/ 142، الجرح والتعديل الترجمة 2672، أسد الغابة 2/ 309، الكاشف 1/ 326، تجريد أسماء الصحابة 1/ 192، تهذيب ابن حجر 3/ 345، خلاصة الخزرجى الترجمة 2166، تهذيب الكمال 2012). (1) حديث رقم 2105، فى الديات، حديث رقم 6384.

1214 ـ زهير بن عثمان الثقفى الأعور النضرى

وعلم عليه المزى: «خ. ب»، وأراد بذلك، أن البخارى أخرج له فى الأدب، وما ذكره من رواية ابن جريج، عن عبد الله بن أبى مليكة، يخالف ما سبق ذكره، والله أعلم بالصواب. 1214 ـ زهير بن عثمان الثقفى الأعور النضرى: له عن النبى صلى الله عليه وسلم: «الوليمة فى اليوم الأول حق، وفى الثانى معروف، وفى الثالث رياء وسمعة». رواه الحسن البصرى، عن عبد الله بن عثمان الثقفى، عنه. وفى إسناده نظر، يقال أنه مرسل، وليس له غيره، ذكره. بمعنى هذا ابن عبد البر. وهذا الحديث فى سنن أبى داود (1) والنسائى (2)، عن محمد بن المثنى، عن عفان، عن همام، عن قتادة، عن الحسن، عن عبد الله بن عثمان الثقفى، عن رجل أعور من ثقيف، قال قتادة: إن لم يكن اسمه زهير بن عثمان، فلا أدرى ما اسمه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره. ورواه أحمد بن حنبل (3)، عن عبد الصمد، عن همام، عن قتادة، عن الحسن، عن عبد الله بن عثمان الثقفى، عن رجل أعور من ثقيف، قال قتادة: وكان يقال له معروف، إن لم يكن اسمه زهير بن عثمان، فلا أدرى ما اسمه، فذكر الحديث. رواه بهز، عن همام، قال: ويقال له زهير بن عثمان، ولم يشك. انتهى. قال البخارى: لم يصح إسناده، ولا تعرف له صحبة. انتهى. وقد أثبت له الصحبة: ابن أبى خثيمة، وأبو حاتم الرازى، وابن حبان، والترمذى،

_ 1214 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات خليفة 54، 183، 285، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1412، الجرح والتعديل الترجمة 2663، المعجم الكبير للطبرانى الترجمة 514، الاستيعاب ترجمة 824، أسد الغابة ترجمة 1773، الكاشف 1/ 326، التجريد 1/ 192، تهذيب ابن حجر 3/ 347، الإصابة ترجمة 2837، خلاصة الخزرجى الترجمة 2178، تهذيب الكمال 2014). (1) فى سننه، كتاب الوليمة، حديث رقم 3254. (2) وأخرجه النسائى فى الكبرى، عدد أيام الوليمة، حديث رقم (6559) من طريق: محمد بن المثنى قال: ثنا عفان بن مسلم قال: ثنا همام (قال ثنا همام) قال: ثنا قتادة عن الحسن عن عبد الله بن عثمان الثقفى عن رجل أعور من ثقيف كان يقال له معروفا، أى يثنى عليه خيرا إن لم يكن اسمه زهير بن عثمان فلا أدرى ما اسمه: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «الوليمة أول يوم حق والثانى معروف واليوم الثالث سمعة ورياء». خالفه يونس. (3) فى المسند، مسند البصريين، حديث رقم 19436، 19437.

1215 ـ زهير بن عياض الفهرى، من بنى الحارث بن فهر بن مالك بن النضر ابن كنانة القرشى الفهرى

والأزدى، وقال: تفرد عنه بالرواية، عبد الله بن عثمان، نقل ذلك عنهم الحافظ ابن حجر. 1215 ـ زهير بن عياض الفهرى، من بنى الحارث بن فهر بن مالك بن النضر ابن كنانة القرشى الفهرى: ذكره هكذا ابن الأثير، وروى بسنده إلى الطبرانى، بسنده إلى ابن عباس، قال: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، مقيس بن ضبابة، ومعه زهير بن عياض الفهرى ـ من المهاجرين، وكان من أهل بدر، وحضر أحدا ـ إلى بنى النجار، فجمعوا لمقيس دية أخيه، فلما صارت الدية إليه، وثب على زهير بن عياض فقتله، وارتد إلى الشرك، أخرجه أبو نعيم وأبو موسى. انتهى. وذكر الحافظ عبد الغنى بن سعيد المصرى، فى «مبهماته» حديثا فيه، أن الذى قتل مقيس بن ضبابة، من بنى فهر، إلا إنه غير مسمى فى هذا الخبر. وفى سيرة ابن إسحاق، تهذيب ابن هشام، أن الذى قتله مقيس، رجل من الأنصار، وهذا يخالف ما ذكره ابن الأثير والحافظ عبد الغنى، والله أعلم. وذكره الحافظ الذهبى فقال: زهير بن عياض. 1216 ـ زهير بن محمد التميمى العنبرى، أبو المنذر المروزى الخرقى: عن حميد الطويل، وأبى إسحاق السبيعى، وعمرو بن شعيب، وابن المنكدر، وخلق. وعنه: ابن مهدى، وأبو داود الطيالسى، وأبو عامر العقدى، وجماعة.

_ 1215 ـ انظر ترجمته فى: (التجريد 1/ 206، أسد الغابة 2/ 211، سيرة ابن هشام 4/ 52). 1216 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 176، تاريخ الدارمى عن يحيى 343، 345، ابن طهمان 9، علل أحمد 1/ 16، 18، 20، 23، 37، 85، 91، 126، 138، 157، 162، 171، 189، 217، 228، 255، 361، 381، 408، تاريخ البخاري الكبير الترجمة 1420، تاريخه الصغير 2/ 149، الضعفاء الصغير له، الترجمة 127، أبى زرعة الرازى 618، المعرفة والتاريخ 1/ 347، 2/ 757، ضعفاء النسائى الترجمة 218، الكنى للدولابى 2/ 131، الجرح والتعديل الترجمة 2675، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 1473، ثقات ابن شاهين الترجمتان 378، 379، الجمع لابن القيسرانى 1/ 153، تاريخ دمشق (تهذيبه 5/ 397)، سير أعلام النبلاء 8/ 168، العبر 1/ 239، الكاشف 1/ 327، الميزان الترجمة 2918، المغنى الترجمة 2218، ديوان الضعفاء الترجمة 1486، شرح علل الترمذى 430، تهذيب ابن حجر 3/ 348، مقدمة الفتح 401، خلاصة الخزرجى الترجمة 2171، انظر شذرات الذهب 1/ 256، تهذيب الكمال 2017).

من اسمه زياد

روى له الجماعة. قال حنبل، عن أحمد بن حنبل: ثقة. ووثقه جماعة، منهم: ابن معين، وضعفه ابن معين أيضا، وغيره. قال ابن قانع: مات سنة اثنتين وستين ومائة. انتهى. وذكره البخارى فى «فضل من مات من الخمسين ومائة إلى الستين». وذكر صاحب الكمال: أنه من أهل قرية من قرى مرو، تسمى خرق، سكن مكة والمدينة. وقال المزى فى التهذيب، فى تعريفه: الخراسانى المروزى الخرقى، من أهل قرية من قرى مرو، وتسمى خرق. ويقال إنه من أهل هراة، ويقال من أهل نيسابور، قدم الشام وسكن الحجاز. انتهى. وما ذكره فى سكناه الحجاز، مجمل فى موضع السكنى، يبينه ما ذكره صاحب الكمال، والله أعلم. * * * من اسمه زياد 1217 ـ زياد بن إسماعيل المخزومى، ويقال السهمى المكى، ويقال يزيد بن إسماعيل: عن محمد بن عباد بن جعفر، وسليمان بن عتيق. روى عنه ابن جريج، والثورى. روى له البخارى فى «أفعال العباد»، ومسلم (1)، والترمذى (2)، وابن ماجة (3)،

_ 1217 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 177، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1165، المعرفة والتاريخ 3/ 104، الجرح والتعديل الترجمة 2372، الجمع لابن القيسرانى 1/ 148، الكاشف 1/ 328، ميزان الاعتدال الترجمة 2924، المغنى الترجمة 2221، ديوان الضعفاء الترجمة 1489، تهذيب ابن حجر 3/ 354، خلاصة الخزرجى الترجمة 2177، تهذيب الكمال 2023). (1) أخرج له مسلم فى صحيحه حديث واحد، كتاب القدر، حديث رقم (4800) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة وأبو كريب قالا: حدثنا وكيع عن سفيان عن زياد بن إسماعيل عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومى عن أبى هريرة قال: جاء مشركو قريش يخاصمون رسول الله صلى الله عليه وسلم فى القدر فنزلت: (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ). (2) له فى سننه حديثين: الأول فى كتاب القدر، حديث رقم (2083) من طريق: أبو كريب محمد بن العلاء ومحمد بن بشار قالا: حدثنا وكيع عن سفيان الثورى عن زياد بن إسماعيل عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومى عن أبى هريرة قال: جاء مشركو قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاصمون فى القدر فنزلت هذه الآية: (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ). قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. ـ

1218 ـ زياد بن سعد بن عبد الرحمن الخراسانى، أبو عبد الرحمن

وضعفه ابن معين. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه. وقال النسائى: ليس به بأس. وذكر صاحب الكمال: أنه كوفى. وذكر المزى والذهبى، أنه مكى، فلعله سكن البلدين، ويؤيد ذلك ابن حبان، قال فى ترجمته: ساكن مكة، وقال: كان من الحفاظ المتقنين. انتهى. وهو مذكور فى كتابه الثقات. وقال علىّ بن المدينى: رجل من أهل مكة معروف. انتهى. وهذا يؤيد ما ذكره المزى والذهبى، والله أعلم. وليس له عند من روى له من أصحاب الكتب الستة، إلا حديث واحد، فى مخاصمة قريش للنبى صلى الله عليه وسلم فى «القدر». 1218 ـ زياد بن سعد بن عبد الرحمن الخراسانى، أبو عبد الرحمن: نزيل مكة، روى عن: الزهرى وعمرو بن دينار، وأبى الزبير المكى، وأبى الزناد، وحميد الطويل، وقزعة المكى، وغيرهم. روى عنه: ابن جريج، ومالك بن أنس، وابن عيينة، وأبو معاوية الضرير، وهمام بن يحيى.

_ ـ والثانى فى كتاب التفسير، حديث رقم (3212) من طريق: أبو كريب وأبو بكر بندار قالا: حدثنا وكيع عن سفيان عن زياد بن إسماعيل عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومى عن أبى هريرة قال: جاء مشركو قريش يخاصمون النبى صلى الله عليه وسلم فى القدر فنزلت: (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ). قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. (3) أخرج له ابن ماجة فى سننه حديث واحد، فى المقدمة، حديث رقم (80) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة وعلى بن محمد قالا: حدثنا وكيع حدثنا سفيان الثورى عن زياد بن إسماعيل المخزومى عن محمد بن عباد بن جعفر عن أبى هريرة قال: جاء مشركو قريش يخاصمون النبى صلى الله عليه وسلم فى القدر فنزلت هذه الآية: (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ). 1218 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 178، تاريخ الدارمى الترجمة 25، 339، سؤالات محمد بن عثمان بن أبى شيبة لابن المدينى، الترجمة 152، علل أحمد 1/ 32، 130، 205، 270، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1207، المعرفة والتاريخ 1/ 435، 643، 647، 2/ 138، 200، 305، 697، 701، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 436، الكنى للدولابى 2/ 65، الجرح والتعديل الترجمة 2408، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 1150، ثقات ابن شاهين الترجمة 392، الجمع لابن القيسرانى 1/ 146، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 198، تاريخ الإسلام 6/ 66، تذكرة الحفاظ، 1/ 198، سير أعلام النبلاء 6/ 323، الكاشف 1/ 331، شرح علل الترمذى 343، تهذيب ابن حجر 3/ 369، خلاصة الخزرجى الترجمة 2203، تهذيب الكمال 2048).

1219 ـ زياد بن صبيح الحنفى المكى، ويقال البصرى

روى له الجماعة. قال أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم: ثقة. وقال النسائى: ثقة ثبت. وقال العجلى: مكى ثقة. وقال ابن عيينة: وكان عالما بحديث الزهرى. وقال صاحب الكمال: سكن مكة ثم تحول إلى اليمن، فسكن عكّ. 1219 ـ زياد بن صبيح الحنفى المكى، ويقال البصرى: روى عن ابن عباس، وابن عمر، والنعمان بن بشير، روى عنه المنصور بن المعتمر، والأعمش، وسعد بن زياد، وغيرهم. روى له أبو داود والنسائى، حديثا واحدا، وهو: «صليت إلى جنب ابن عمر، فوضعت يدى على خاصرتى، فضرب بيدى، فلما صلى، قال: هذا الصلب فى الصلاة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنه» (1). قال فيه ابن معين: صالح ثقة. وقال النسائى: ثقة. انتهى. وصبيح بصاد مهملة. وقال أبو حاتم: مفتوحة. وكلام ابن عبد البر يقتضى أنه بالضم قولا واحدا، لأنه قال فى الاستيعاب: لا يختلفون أنه بالضم، يعنى بضم الصاد. وقال أبو حاتم: بالفتح. 1220 ـ زياد بن عبيد الله بن عبد المدان الحارثى المكى: أمير مكة والمدينة والطائف، ولى ذلك لابن أخته أبى العباس السفاح، ثم للمنصور أخى السفاح، وتولى للمنصور عمارة ما زاده المنصور فى المسجد الحرام. وذكر الفاكهى، أن ولايته لمكة والمدينة والطائف، كانت ثمان سنين؛ لأنه قال: وأخبرنى محمد بن على إجازة لى، قال: كان زياد بن عبيد الله على المدينة ومكة والطائف ثمان سنين، وعزل سنة أربعين ومائة، وفيها حج أبو جعفر، فولى بعد زياد، مكة والطائف، الهيثم العتكى، من أهل خراسان. انتهى. وذكر ابن الأثير، ما يقتضى أن زيادا عزل عن مكة فى سنة ست وثلاثين، وعاد إلى

_ 1219 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1211، الجرح والتعديل الترجمة 2414، ثقات ابن شاهين الترجمة 402، تاريخ الإسلام 3/ 368، الكاشف 1/ 331، 4/ 453، تهذيب ابن حجر 3/ 374، خلاصة الخزرجى الترجمة 2206، تهذيب الكمال 2051). (1) وأخرجه النسائى فى الصغرى، فى كتاب الافتتاح، حديث رقم (881). وأبو داود فى سننه، كتاب الصلاة، حديث رقم 768. وأحمد فى المسند، حديث رقم 5572. 1220 ـ انظر ترجمته فى: (المنتظم لابن الجوزى 7/ 311، 322، 326، 8/ 21، 23، الكامل لابن الأثير 3/ 348).

ولايتها فى سنة سبع وثلاثين ومائة؛ لأنه ذكر أن فى سنة ست وثلاثين ومائة، كان على مكة العباس بن عبد الله بن معبد. وقال فى أخبار سنة سبع وثلاثين: وحج بالناس هذه السنة، إسماعيل بن علىّ، وهو على الموصل، وكان على المدينة زياد بن عبيد الله، وعلى مكة العباس بن عبد الله بن معبد. ومات العباس بعد انقضاء الموسم، فضم إسماعيل عمله إلى زياد بن عبيد الله، وأقره المنصور عليه. وذكر ابن الأثير، أن زياد بن عبيد الله، ولى مكة والمدينة والطائف، بعد موت داود ابن علىّ فى سنة ثلاث وثلاثين، وكان موته فى ربيع الأول منها. وذكر ما يقتضى أن ولايته على ذلك، دامت إلى سنة ست وثلاثين، وأنه لما ولى مكة فى سنة سبع وثلاثين بعد موت العباس، دامت ولايته إلى سنة إحدى وأربعين ومائة، وأنه ولى اليمامة مع المدينة ومكة والطائف، فى سنة ثلاث وثلاثين، وأنه حج بالناس فيها. وذكر العتيقى ما يوافق ما ذكره ابن الأثير، فى حج زياد بالناس، سنة ثلاث وثلاثين ومائة، وذكر أنه حج بالناس فى هذه السنة، وهو عامل السفاح على الحرمين والطائف. وذكر الفاكهى شيئا من خبر زياد هذا؛ لأنه قال: حدثنا الزبير بن أبى بكر قال: حدثنى يحيى بن محمد بن عبد الله بن ثوبان، حدثنى محمد بن إسماعيل بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبى ربيعة قال: جاء جوان بن عمر بن عبد الله بن أبى ربيعة إلى زياد بن عبيد الله الحارثى شاهدا، فقال له: أنت الذى يقول لك أبوك [من المتقارب]: شهيدى جوان على حبها ... أليس بعدل عليها جوان قال: نعم، أصلحك الله. قال: قد أجزنا شهادة من عدّله عمر، وأجاز شهادته. حدثنا أبو يحيى بن أبى مسرة قال: سمعت يوسف بن محمد يقول: جلس زياد بن عبيد الله فى المسجد بمكة، فصاح: من له مظلمة؟ فتقدم إليه أعرابى من أهل الحر، فقال: إن بقرة لجارى خرجت من منزله، فنطحت ابنا لى فمات. فقال زياد لكاتبه: ما ترى؟ قال: نكتب إلى أمير المؤمنين الحسن، إن كان الأمر كما

وصف، دفعت البقرة إليه بابنه، قال: فاكتب بذلك. قال: فكتب الكاتب، فلما أراد أن يختمه، مر ابن جريج، فقال: ندعوه فنسأله، فأرسل إليه فسأله عن المسألة، فقال: ليس له شئ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العجماء جرحها جبار» (1). فقال لكاتبه: شق الكتاب، وقال للأعرابى: انصرف، فقال: سبحان الله، تجتمع أنت وكاتبك على شئ، ثم يأتى هذا الرجل فيردّكما. قال: لا تغترّن بى ولا بكاتبى، فو الله ما بين جبليها أجهل منى ولا منه، هذا الفقيه يقول: ليس لك شئ. انتهى. وذكر عيسى بن عمر التيمى قال: كان زياد بن عبيد الله بن عبد الحجر بن عبد المدان، خال أبى العباس أمير المؤمنين، واليا لأبى العباس على مكة، فحضر أشعب مائدته، وكان لزياد صحفة يختص بها، فيها مضيرة من لحم جدى. فأتى بها فأمر الغلام أن يضعها بين يدى أشعب، وهو لا يعلم أنها المضيرة، فأكلها أشعب حتى أتى على ما فيها، فاستبطأ زياد بن عبيد الله المضيرة، فقال: يا غلام، الصحفة التى كنت تأتينى بها؟ . قال: أتيتك بها أصلحك الله، فأمرتنى أن أضعها بين يدى أبى العلاء، فقال: هنأ الله أبا العلاء، وبارك له. فلما رفعت المائدة قال: يا أبا العلاء ـ وذلك فى استقبال شهر رمضان ـ قد حضر هذا الشهر المبارك، وقد رققت لأهل الحبس، لما هم فيه من الضر، ثم لانهجام الصوم عليهم، وقد رأيت أن أصيرك إليهم، فتلهيهم بالنهار، وتصلى بهم بالليل، قال: وكان أشعب حافظا، فقال: أو غير ذلك أصلح الله الأمير، قال: وما هو؟ قال: أعطى الله عهدا أن لا آكل مضيرة جدى أبدا.

_ (1) أخرجه البخارى فى صحيحه، فى الديات، حديث رقم (6401). وأخرجه مسلم فى صحيحه، فى كتاب الحدود، حديث رقم (3226، 3227). والترمذى فى سننه، كتاب الزكاة، حديث رقم (581)، وفى الأحكام، حديث رقم (1298). والنسائى فى الصغرى، كتاب الزكاة، حديث رقم (2449). وأبو داود فى سننه، كتاب الديات (3977). وابن ماجة فى سننه، كتاب الديات (2663، 2664، 2665). وأحمد فى المسند، حديث رقم (6956، 7145، 7494، 7904، 9002، 9502، 10111، 21714).

1221 ـ زياد المكى، ويقال الكوفى، أبو يحيى الأعرج، مولى قيس بن مخرمة، ويقال مولى الأنصار، ويقال مولى ثقيف

رواه المعافى عن المظفر بن يحيى بن الشرابى، حدثنا أبو العباس بن المرثدى قال: أخبرنا أبو إسحاق الطلحى عن عيسى بن عمر، فذكرها. وقال عيسى بن محمد الطّومارىّ: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى، قال: حدثنا الزبير ابن بكار، قال: حدثنى مصعب بن عثمان، قال: دخل أبو حمزة الربعى على زياد الحارثى والى المدينة، فقال: أصلح الله الأمير، بلغنى أن أمير المؤمنين وجه إليك بمال نقسمه على القواعد والعميان والأيتام، قال: قد كان ذلك، فتقول ماذا؟ قال: تثبتنى فى القواعد، قال: أى رحمك الله، إنما القواعد اللاتى قعدن عن الأزواج، وأنت رجل، قال: فاثبتنى فى العميان: قال: أما هذا فنعم، فإن الله تعالى يقول: (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحج: 46] وأنا أشهد أن أبا حمزة أعمى، قال: واكتب بنى فى الأيتام، فقال: يا غلام، اكتبهم، فمن كان أبوه أبا حمزة فهو يتيم. وذكر الذهبى فى تاريخ الإسلام زيادا هذا فى المتوفين فى عشر الخمسين ومائة. 1221 ـ زياد المكى، ويقال الكوفى، أبو يحيى الأعرج، مولى قيس بن مخرمة، ويقال مولى الأنصار، ويقال مولى ثقيف: عن ابن عباس، وابن عمر، والحسن، والحسين، ومروان بن الحكم. وعنه: حصين بن عبد الرحمن، وعطاء بن السائب. روى له أبو داود (1) والنسائى (2) حديثا واحدا.

_ 1221 ـ (1) أخرجه أبو داود فى سننه، فى الأيمان والنذور، حديث رقم (2850) من طريق: موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا عطاء بن السائب عن أبى يحيى عن ابن عباس أن رجلين اختصما إلى النبى صلى الله عليه وسلم فسأل النبى صلى الله عليه وسلم الطالب البينة، فلم تكن له بينة فاستحلف المطلوب فحلف بالله الذى لا إله إلا هو فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلى قد فعلت ولكن قد غفر لك بإخلاص قول لا إله إلا الله. قال أبو داود: يراد من هذا الحديث أنه لم يأمره بالكفارة. وفى الأقضية، حديث رقم (3138) من طريق: مسدد حدثنا أبو الأحوص حدثنا عطاء بن السائب عن أبى يحيى عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ـ يعنى لرجل حلفه ـ احلف بالله الذى لا إله إلا هو ما له عندك شئ، يعنى للمدعى، قال أبو داود: أبو يحيى اسمه زياد كوفى ثقة. (2) وأخرجه النسائى فى الكبرى، باب كيف اليمين، حديث رقم (5971) من طريق: هناد بن السرى عن أبى الأحوص عن عطاء عن أبى يحيى عن ابن عباس قال: جاء خصمان إلى النبى صلى الله عليه وسلم فادعى أحدهما على الآخر فقال النبى صلى الله عليه وسلم للمدعى: أقم بينتك. قال: يا رسول الله، ليس لى بينة فقال للآخر: «احلف بالله الذى لا إله إلا هو ما له عليك أو عندك شئ».

من اسمه زيد

قال ابن أبى خيثمة: سألت يحيى بن معين، عن أبى يحيى الأعرج، فقال: اسمه زياد، وهو مكى ليس به بأس، ثقة. وقال ابن حبان فى الثقات: زياد، أبو يحيى الأنصارى، من أهل مكة. * * * من اسمه زيد 1222 ـ زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبى القضاعى نسبا، الهاشمى بالولاء، أبو أسامة: مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبه، كان أصابه سباء فبيع فاشترى لخديجة بنت خويلد ـ رضى الله عنها ـ ثم وهبته للنبى صلى الله عليه وسلم، ثم تبناه بمكة قبل المبعث، وكان يدعى زيد بن محمد، حتى نزل القرآن بترك ذلك. قال ابن عمر، رضى الله عنهما: ما كنا ندعو زيد بن حارثة، إلا زيد بن محمد، حتى نزل القرآن: (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ) [الأحزاب: 5]. وقول ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ هذا، فى صحيح مسلم والترمذى والنسائى. وفى الصحيحين عن ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ قال: بعث رسول اللهصلى الله عليه وسلم بعثا، وأمر عليهم أسامة بن زيد، فطعن بعض الناس فى إمارته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن تطعنوا فى إمارته، فقد طعنتم فى إمارة أبيه من قبل، وأيم الله إن كان خليقا للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إلىّ، وإن هذا لمن أحب الناس إلىّ بعده» (1).

_ 1222 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 848، الإصابة ترجمة 2897، أسد الغابة ترجمة 1829، طبقات ابن سعد 1/ 27، طبقات خليفة 6/ 82، تاريخ خليفة 86، 87، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1275، 1300، تاريخه الصغير 1/ 23، المعرفة والتاريخ 1/ 299، 3/ 159، 160، 270، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 490، الجرح والتعديل الترجمة 2530، المعجم الكبير للطبرانى الترجمة 478، تلقيح ابن الجوزى 55، 61 ـ 64، التبيين 44، 58، 70، 93، 157، 158، 175، 184، 269، معجم البلدان 1/ 406، 2/ 119، 3/ 194، 326، 854، الكامل فى التاريخ 2/ 59، 91، 118، 130، 134، 145، 165، 176، 207، 208، 234، 309، 311، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 202، سير أعلام النبلاء 1/ 220، الكاشف الترجمة 1745، العبر 1/ 9 / 4/ 459، تهذيب ابن حجر 3/ 401، خلاصة الخزرجى الترجمة 2248، تهذيب الكمال 2094). (1) أخرجه البخارى فى صحيحه، كتاب المغازى، حديث رقم (3919، 4109)، وفى الأحكام، حديث رقم (6650). أخرجه مسلم فى صحيحه، فى فضائل الصحابة، ـ

وفى الصحيحين من حديث البراء بن عازب ـ رضى الله عنهما ـ أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لزيد: «أنت أخونا ومولانا» (2). وذلك فى قصة ابنة حمزة بن عبد المطلب، لما اختصم فيها زيد بن حارثة، وجعفر بن أبى طالب وأخوه، على أيهم يأخذها. انتهى. وقال الذهبى: وقال ابن إسحاق، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن محمد بن أسامة بن زيد، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى: «يا زيد، أنت منّى وإلىّ، وأحب القوم إلىّ» (3). وقال الذهبى: وأخرج النسائى من حديث البهىّ، عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ قالت: ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة فى جيش قط، إلا أمره عليهم، ولو بقى بعده استخلفه. وقال الذهبى: قال مجالد، عن الشعبى عن عائشة ـ رضى الله عنها ـ قالت: لو كان زيد حيّا، لاستخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال حسين بن واقد، عن ابن بريدة، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «دخلت

_ ـ حديث رقم (4452، 4453). أخرجه الترمذى فى سننه، فى المناقب، حديث رقم (3752). أخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده، حديث رقم (4471، 5622). (2) أخرجه البخارى فى صحيحه، فى الصلح، حديث رقم (2501)، والحج، حديث رقم (1713)، والصلح حديث رقم (2500)، وفى الجزية والموادعة (2947)، والمغازى، حديث رقم (3920). وأخرجه مسلم فى صحيحه فى الجهاد والسير، حديث رقم (3335، 3336)، وأخرجه الترمذى فى سننه، فى الحج، حديث رقم (860)، فى البر والصلة، حديث رقم (1826)، وفى المناقب، حديث رقم (3698). وأخرجه أبو داود فى سننه، فى المناسك، حديث رقم (1561). (3) أخرجه أحمد فى المسند حديث رقم (21270) من طريق: أحمد بن عبد الملك، حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن محمد بن أسامة، عن أبيه، قال: اجتمع جعفر وعلى وزيد بن حارثة فقال: جعفر أنا أحبكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال على: أنا أحبكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال زيد: أنا أحبكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: انطلقوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نسأله، فقال أسامة بن زيد: فجاءوا يستأذنونه، فقال: «اخرج فانظر من هؤلاء». فقلت: هذا جعفر وعلى وزيد ما أقول أبى، قال: «ائذن لهم». ودخلوا فقالوا: من أحب إليك، قال: «فاطمة». قالوا: نسألك عن الرجال، قال: «أما أنت يا جعفر فأشبه خلقك خلقى وأشبه خلقى خلقك وأنت منى وشجرتى، وأما أنت يا على فختنى وأبو ولدى وأنا منك وأنت منى، وأما أنت يا زيد فمولاى ومنى وإلى وأحب القوم إلى».

الجنة، فاستقبلتنى جارية شابة، فقلت: لمن أنت؟ قالت: لزيد بن حارثة». وروى حماد بن سلمة، عن أبى هارون العبدى عن أبى سعيد مثله. انتهى. ولعله قال ذلك بالشهادة فى سبيل الله، فإنه استشهد فى غزوة مؤتة، فى جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة، وكان النبى صلى الله عليه وسلم أمره على هذه الغزوة، وقال: إن قتل زيد فجعفر بن أبى طالب، فإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة، فاستشهدا أيضا. وقال النووى فى ترجمة جعفر بن أبى طالب: وقبره وقبر صاحبيه، زيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة، مشهور بأرض مؤتة من الشام، على نحو مرحلتين من بيت المقدس، رضى الله عنهم. وقال الذهبى فى العبر، سنة ثمان: فى جمادى الأولى، وقعة مؤتة بقرب الكرك، فذكر القصة. وقال ابن عبد البر: ولما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، نعى جعفر بن أبى طالب وزيد بن حارثة، بكى وقال: «أخواى ومؤنساى ومحدثاى». انتهى. وقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، فى حزنه على زيد وجعفر، غير ما خبر، فلا نطول بذكرها، ولا بذكر ما بقى من مناقبه فإنها مشهورة. وقال النووى: وهاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وشهد بدرا وأحدا والخندق والحديبية وخيبر، وكان هو البشير إلى المدينة بنصر المسلمين يوم بدر، وكان من الرماة المذكورين. ثم قال النووى: قال العلماء: ولم يذكر الله عزوجل فى القرآن باسم العلم، من أصحاب نبينا وغيرهم من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، إلا زيدا، فى قوله تعالى: (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً) [الأحزاب: 37] ولا يرد هنا على هذا، قول من قال: «السجل» فى قوله تعالى: (كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ) [الأنبياء: 104] اسم كاتب، فإنه ضعيف أو غلط. وقال النووى أيضا: وآخا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينه وبين جعفر بن أبى طالب رضى الله عنهما. انتهى. كذا فى نسخة من تهذيب الأسماء واللغات، وأخشى أن يكون وهما من الناسخ، فإن ابن الأثير قال: وآخا رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين حمزة بن عبد المطلب، وكذلك قال المزى فى التهذيب، ويؤيد قولهما، أن فى الصحيحين من حديث البراء بن عازب، أن النبىصلى الله عليه وسلم، لما خرج ـ يعنى من مكة ـ تبعتهم ابنة حمزة تنادى: يا عم، فتناولها علىّ

رضى الله عنه فأخذ بيدها، فقال لفاطمة: دونك ابنة عمك، فاحتملتها، فاختصم فيها علىّ وزيد وجعفر، ثم قال: وقال زيد: بنت أخى. انتهى. وأخوته لحمزة، هى باعتبار مؤاخاة النبى صلى الله عليه وسلم بينهما، وهذا نص صريح فيها، والله أعلم. وفى هذا الحديث ما سبق ذكره من قول النبى صلى الله عليه وسلم لزيد: «أنت أخونا ومولانا»، والظاهر والله أعلم، أن هذه القصة اتفقت فى عمرة القضيّة. والله أعلم. وكان زيد بن حارثة رضى الله عنه، من أول الناس إسلاما، حتى قيل إنه أول من أسلم مطلقا، وهذا يروى عن الزهرى. وقال ابن الأثير: روى عن معمر، عن الزهرى، قال: ما علمنا أحدا أسلم قبل زيد بن حارثة. قال عبد الرزاق: لم يذكره غير الزهرى. وقال أبو عمر: وقد روى عن الزهرى من وجوه: إن أول من أسلم خديجة، ثم أسلم بعدها زيد، ثم أبو بكر. وقال غيره: أبو بكر ثم على ثم زيد ـ رضى الله عنهم. انتهى. ولم أر فى الاستيعاب ما نقله ابن الأثير عن أبى عمر، لا فى ترجمة زيد، ولا فى ترجمة خديجة، والذى رأيته فى ترجمة زيد: وقد روى عن الزهرى من وجوه: إن أول من أسلم خديجة، رضى الله عنها. انتهى. وذكر النووى قول الزهرى: إن زيدا أول من أسلم، والقول بأن أولهم إسلاما: خديجة ثم أبو بكر ثم على ثم زيد، رضى الله عنهم. ثم قال: وفى المسألة خلاف مشهور، ولكن تقديم زيد على الجميع ضعيف. انتهى. وقال الذهبى لما عرفه: مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد من نادى إلى الإسلام فأسلم فى أول يوم. انتهى. وهذا يدل على تقدم إسلامه. وقد اختلف فيمن اشترى زيد بن حارثة لخديجة، فقيل ابن أخيها حكيم بن حزام بن خويلد، ذكر هذا القول ابن عبد البر، نقلا عن مصعب الزبيرى، وابن أخيه الزبير بن بكار، وابن الكلبى، وغيرهم. حكى ذلك فى موضعين فى ترجمته، وقيل اشتراه لها النبى صلى الله عليه وسلم، وهذا يروى عن أبى نعيم؛ لأن صاحبنا أبا الفضل الحافظ قال فى ترجمته: وقال أبو نعيم: رآه النبى صلى الله عليه وسلم بالبطحاء، ينادى عليه بسبعمائة درهم، فذكره لخديجة، فاشتراه من مالها، فوهبته خديجة له، فتبناه وأعتقه. انتهى. وذكر ابن الأثير والنووى ما يوافق هذا القول، إلا أنهما قالا: فأعتقه وتبناه.

وفى كلام ابن الأثير: أن النبى صلى الله عليه وسلم، رآه بمكة ينادى عليه، وليس فيما ذكراه مقدار ثمنه. وقد اختلف فى مقدار ما اشترته به خديجة ـ رضى الله عنها ـ ففى كلام أبى نعيم السابق، ما يفهم أنه سبعمائة درهم. وذكر ابن عبد البر عن الزبير بن بكار: أنه أربعمائة درهم، واختلف فى الموضع الذى اشترى فيه زيد. ففى كلام أبى نعيم ما يقتضى أنه بالبطحاء، والمراد بذلك بطحاء مكة وهى الأبطح، مكان مشهور بأعلى مكة. وقيل أنه سوق حباشة، وقيل سوق عكاظ. وهذان القولان ذكرهما ابن عبد البر، ونقلهما عن الزبير بن بكار. وقيل اشتراه بحباشة، عن مصعب وغيره، والله أعلم. واختلف فى اسم جده، فقيل شراحيل، وهذا هو المشهور، وقال شرحبيل، قاله أبو إسحاق، ولم يتابع عليه. والله أعلم. وذكر ابن عبد البر خبرا غريبا فى نجاة زيد بن حارثة من هلكة وقعت له؛ لأنه قال: حدثنى أبو القاسم عبد الوارث بن سفيان بن جبرون، قال: حدثنا أبو محمد قاسم بن أصبغ قال: حدثنى أبو بكر بن أبى خثيمة قال: حدثنا ابن معين قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير المصرى، قال: حدثنا الليث بن سعد قال: بلغنى أن زيد بن حارثة، اكترى من رجل بغلا من الطائف، اشترط عليه الكرى أن ينزله حيث شاء، قال: فمال به إلى خربة، فقال له: انزل، فنزل، فإذا فى الخربة قتلى كثيرة، قال: فلما أراد أن يقتله قال له: دعنى أصلى ركعتين، قال: صلّ، فقد صلاهما قبلك هؤلاء، فلم تنفعهم صلاتهم شيئا، قال: فلما صليت، أتانى ليقتلنى، قال: فقلت: يا أرحم الراحمين، قال: فسمع صوتا: لا ثقتله، قال: فهاب ذلك، فخرج يطلب، فلم ير شيئا، فرجع، فناديت: يا أرحم الراحمين، ففعلت ذلك ثلاثا، فإذا أنا بفارس على فرس فى يده حربة من حديد، فى رأسها شعلة من نار، فطعنه بها، فأنفذها من ظهره، فوقع ميتا، ثم قال: لما دعوت المرة الأولى: يا ارحم الراحمين، كنت فى السماء السابعة، فلما دعوت فى المرة الثانية: يا أرحم الراحمين، كنت فى السماء الدنيا، فلما دعوت فى المرة الثالثة: يا أرحم الراحمين، أتيتك. انتهى. وذكر مغلطاى فى سيرته، ما يقتضى أن هذه القصة، اتفقت لأسامة بن زيد؛ لأنه قال بعد أن ذكر صلاة خبيب بن عدى ركعتين، لما أرادوا قتله بمكة: وصلى خبيب قبل قتله ركعتين، فكان أول من سنهما، وقيل بل أسامة بن زيد؛ حين أراد الكرى الغدر به.

انتهى. ولا يعرف لأسامة فى هذا الخبر. والله أعلم. وذكر ابن عبد البر، خبرا فى سبى زيد، وما قاله أبوه من الشعر فى فقده، وما قاله زيد فى جوابه، وقدوم أبيه إلى النبى صلى الله عليه وسلم فى فدائه، وتخييره فى البقاء مع النبى صلى الله عليه وسلم، ورجوعه مع أبيه، واختياره للبقاء مع النبى صلى الله عليه وسلم، وتبنيه لزيد، وهو خبر يحسن ذكره لفوائد أخر فيه، فنذكره على نصه: قال ابن عبد البر: ذكر الزبير، عن المدائنى، عن ابن الكلبى، عن أبيه، عن جميل بن يزيد الكلبى، وعن أبى صالح، عن ابن عباس ـ وقول جميل أتم ـ قال: خرجت سعدى بنت ثعلبة، أم زيد بن حارثة، وهى امرأة من طّىّ، تزور قومها، فأغارت خيل لبنى القين ابن جسر فى الجاهلية، فمروا على أبيات بنى معن ـ رهط أم زيد ـ فاحتملوا زيدا، وهو يومئذ غلام يفعة، فوافوا به سوق عكاظ، فعرضوه للبيع، فاشتراه منهم حكيم بن حزام بن خويلد، لعمته خديجة بنت خويلد بأربعمائة درهم، فلما تزوجها رسول اللهصلى الله عليه وسلم، وهبته له، فقبضه. وقال أبوه حارثة بن شراحيل، حين فقده (4) [من الطويل]: بكيت على زيد ولم أدر ما فعل ... أحى يرجى أم أتى دونه الأجل فو الله ما أدرى وإن كنت سائلا ... أغالك سهل الأرض أم غالك الجبل فيا ليت شعرى هل لك الدهر رجعة ... فحسبى من الدنيا رجوعك لى بجل تذكّرنيه الشمس عند طلوعها ... وتعرض ذكراه إذا قارب الطفل وإن هبت الأرواح هيجن ذكره ... فيا طول ما حزنى عليه وما وجل (5) سأعمل نص العيس فى الأرض جاهدا ... ولا أسأم التطواف أو تسأم الإبل حياتى أو تأتى علىّ منيتى ... وكل امرئ فان وإن غره الأمل (6) سأوصى به قيسا وعمرا كليهما ... وأوصى يزيدا ثم من بعده جبل يعنى جبلة بن حارثة أخا زيد، وكان أكبر من زيد، ويعنى يزيد، أخا زيد لأمه، وهو يزيد بن كعب بن شراحيل. فحج ناس من كلب، فرأوا زيدا فعرفهم وعرفوه، فقال لهم: أبلغوا عنى أهلى هذه الأبيات فإنى أعلم أنهم قد جزعوا علىّ، فقال [من الطويل] (7):

_ (4) انظر الأبيات فى (الاستيعاب ترجمة 848، أسد الغابة ترجمة 1829، الإصابة ترجمة 2897، طبقات ابن سعد 3/ 28، سير ابن هشام 1/ 248). (5) فى الاستيعاب: «ويا وجل». (6) فى الاستيعاب: «وإن غره الأجل». (7) انظر الأبيات فى: الاستيعاب ترجمة 848.

أحن إلى قومى وإن كنت نائيا ... فإنى قعيد البيت عند المشاعر وكفوا من الوجد الذى قد شجاكم ... ولا تعملوا فى الأرض نص الأباعر فإنى بحمد الله فى خير أسرة ... كرام معدّ كابرا بعد كابر فانطلق الكلبيون فأعلموا أباه. فقال: ابنى ورب الكعبة، ووصفوا له موضعه، وعند من هو، فخرج حارثة وكعب ابنا شراحيل لفدائه، وقدما مكة، فسألا عن النبىصلى الله عليه وسلم، فقيل: هو فى المسجد، فدخلا عليه، فقالا: يابن عبد المطلب، يابن هاشم، يابن سيد قومه، أنتم أهل حرم الله وجيرانه، تفكون العانى، وتطعمون الأسير، جئناك فى ابننا عندك، فامنن علينا، وأحسن فى فدائه، قال: «من هو؟ » قالوا: يزيد بن حارثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فهلا غير ذلك» قالوا: وما هو؟ قال: «أدعوه فأخيره، فإن اختاركم فهو لكم، وإن اختارنى، فو الله ما أنا بالذى أختار على من اختارنى أحدا»، قالا: قد زدتنا على النصف وأحسنت، فدعاه فقال: «هل تعرف هؤلاء؟ » قال: نعم، قال: «من هذا؟ » قال: هذا أبى وهذا عمى، قال: «فأنا من قد علمت ورأيت صحبتى لك، فاخترنى أو اخترهما»، قال زيد: ما أنا بالذى أختار عليك أحدا، أنت منى مكان الأب والعم، فقالا: ويحك يا زيد، تختار العبودية على الحرية، وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك؟ قال: نعم، قد رأيت من هذا الرجل شيئا، ما أنا بالذى أختار عليه أحدا أبدا، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، أخرجه إلى الحجر فقال: «يا من حضر، اشهدوا أن زيدا ابنى، يرثنى وأرثه، فلما رأى ذلك أبوه وعمه، طابت نفوسهما فانصرفا. ودعى زيد بن محمد، حتى جاء الإسلام فنزلت: (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) فدعى يومئذ زيد بن حارثة، ودعى الأدعياء إلى آبائهم، فدعى المقداد بن عمرو، وكان أبوه قبل ذلك المقداد بن الأسود؛ لأن الأسود ابن عبد يغوث كان قد تبناه. انتهى. ونتبع هذا الخبر بفوائد تناسبه، منها: أنه يقتضى أن اسم أم زيد سعدى بنت ثعلبة، وقيل اسمها سعاد، وهذا فى تهذيب الكمال للمزى؛ لأن فيه: وأمه سعدى، ويقال سعاد بنت ثعلبة، من بنى معن من طى. انتهى. ومنها: أن فيه، أن زيدا كان يفعة حين سبى، وليس فى هذا بيان سنه حين سبى وبيع، ويظهر ذلك ببيان معنى ذلك. قال ابن الأثير فى نهاية الغريب: أيفع الغلام فهو يافع، إذا شارف الاحتلام ولما يحتلم. انتهى. فيكون اليفعة من قارب خمس عشرة سنة؛ لأن البلوغ يكون فيها أو قربها فى الغالب، والله أعلم. وقد بين بعض العلماء سنّه حين بيع؛ لأن ابن عبد البر قال: وكان زيد هذا، قد

أصابه سباء فى الجاهلية، فاشتراه حكيم بن حزام فى سوق حباشة، وهى سوق بناحية مكة، كانت مجمعا للعرب، يتسوقون بها فى كل سنة، اشتراه حكيم لخديجة بنت خويلد رضى الله عنها، فوهبته خديجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتبناه رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل النبوة، وهو ابن ثمان سنين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أكبر منه بعشر سنين، وطاف به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تبناه على حلق قريش يقول: هذا ابنى وارثا وموروثا، يشهدهم على ذلك. هذا كله معنى قول مصعب والزبير بن بكار والكلبى وغيرهم. انتهى. وقوله فى هذا الخبر: وهو ابن ثمان سنين، بيان لتاريخ وقت شرائه، لا تاريخ وقت تبنيه وهبته؛ لأنه يلزم فى حمله على ذلك، أن يكون للنبى صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر عاما، حين وهب له زيد، وتبناه أكبر من زيد بعشرة سنين، كما فى هذا الخبر، وكان النبى صلى الله عليه وسلم أكبر من هذا بسنين، حين وهب له زيد وتبناه؛ لأن خديجة إنما وهبت له زيدا بعد أن تزوجها، ولم يتبناه إلا بعد ذلك، ولم يتزوجها إلا بعد أن بلغ إحدى وعشرين سنة، هذا أقل ما قيل فى سنه حين تزوجها، والأكثر فى سنه لما تزوجها، خمس وعشرون سنة، والله أعلم. وفى حمل قوله: وهو ابن ثمان سنين، على تاريخ شرائه، لا هبته وتبنيه، موافقه للخبر السابق، فإنه يقتضى أن هبة خديجة زيدا للنبى صلى الله عليه وسلم، بعد أن تزوجها، وأن تبنيه بعد ذلك، والتوفيق بين الأخبار، أولى من حملها على الاختلاف، والله أعلم. وقال النووى: وقد ذكر تمام الرازى فى فوائده: أن حارثة والد زيد، أسلم حين جاء فى طلب زيد، ثم ذهب إلى قومه مسلما. انتهى. ولم يتعقب ذلك النووى، وهو قابل للتعقب؛ لأن الحافظ أبا زكريا بن مندة، أخرج هذا الحديث فى جزء له سماه ب «من روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، هو وولده وولد ولده». قال: ثم قال الإمام جدى: هذا حديث غريب، لا يعرف إلا من هذا الوجه. انتهى. وفى إسناده من لا يعرف، ويظهر ذلك بذكر الحديث مسندا، قال فيه يحيى بن مندة: أخبرنا أبى، قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن مروان بدمشق، قال: حدثنا يحيى بن أيوب ابن أبى عقال ـ وهو هلال بن زيد بن الحسن بن أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل ـ حدثنا عمى زيد بن أبى عقال، عن أبيه، عن زيد بن الحسن، عن أبيه الحسن، عن أبيه أسامة بن زيد بن حارثة، عن أبيه زيد بن حارثة، رضى الله عنه: أن النبىصلى الله عليه وسلم دعا أباه حارثة إلى الإسلام، فشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، صلى الله عليه وسلم. انتهى. أخرجه تمام الرازى، وأيضا فإن فى الخبر الذى ذكره الزبير عن المدائنى، أن زيدا حين سبى، كان يفعة، وأن خديجة ـ رضى الله عنها ـ وهبته للنبى صلى الله عليه وسلم لما تزوجها، ومن تزويج النبى صلى الله عليه وسلم خديجة إلى المبعث، خمس عشرة سنة على الصحيح. ويبعد أن يخفى خبر

1223 ـ زيد بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط ابن رزاح بن عدى بن كعب بن لؤى بن غالب القرشى العدوى

زيد على أبيه هذا المدة، حتى لا يقدم فى فدائه إلا بعد الإسلام، والله أعلم. وقوله فى الخبر الذى ذكره ابن عبد البر، عن الزبير وعمه وابن الكلبى، أن النبىصلى الله عليه وسلم، أكبر من زيد بعشر سنين، يقتضى أن زيدا مات وهو ابن خمسين سنة ونحو ثلاثة أشهر؛ لأن النبى صلى الله عليه وسلم، تأخر بعده نحو ثلاث سنين، وعاش قبله عشرا. ونقل المزى عن بعضهم ولم يسمّه، أن زيدا مات وهو ابن خمس وخمسين سنة. وقال ابن الأثير فى ترجمته: وكان زيد أبيض أحمر. انتهى. وقال ابن السكن: كان قصيرا شديد الأدمة، فى أنفه فطس. انتهى. نقل ذلك الحافظ ابن حجر عن ابن السكن. والمعروف أن ما ذكره من الصفة، صفة لأسامة لا لأبيه، والله أعلم. قال النووى، رحمه الله بعد أن ذكر حديث عائشة ـ رضى الله عنها ـ فى سرور النبىصلى الله عليه وسلم بما قاله القائف فى أسامة بن زيد وأبيه، من: إن هذه الأقدام بعضها من بعض. قال العلماء: سبب سروره صلى الله عليه وسلم أن أسامة، كان لونه أسود، وكان طويلا، خرج إلى أمه، وكان أبوه زيد قصيرا أبيض، وقيل بين البياض والسواد، وكان بعض الناس قصد الاختلاف. 1223 ـ زيد بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط ابن رزاح بن عدى بن كعب بن لؤى بن غالب القرشى العدوى: يكنى أبا عبد الرحمن، أخو عمر بن الخطاب لأبيه، كان أسن من عمر، وأسلم قبل عمر، وكان من المهاجرين الأولين، شهد بدرا وأحدا والخندق وما بعدها من المشاهد، وشهد بيعة الرضوان بالحديبية، ثم قتل باليمامة شهيدا سنة اثنتى عشرة، وحزن عليه عمر حزنا شديدا. ويروى عن ابن جابر قال: قال عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه: ما هبت الصبا إلا وأنا أجد منها ريح زيد. انتهى.

_ 1223 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب 851، الإصابة ترجمة 8904، أسد الغابة ترجمة 1834، طبقات ابن سعد 3/ 73، 131، 4/ 81، 89، 90، طبقات خليفة 12، تاريخه 108، 112، نسب قريش 347 ـ 348، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1274، تاريخه الصغير 1/ 34، تاريخ الطبرى 3/ 290، 293، الجرح والتعديل الترجمة 2539، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 27، حلية الأولياء 1/ 367، جمهرة ابن حزم 151، 311، الجمع لابن القيسرانى 1/ 145، التبيين فى أنساب القرشيين 374، الكامل فى التاريخ 2/ 360، 363، 366، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 203، تاريخ الإسلام 1/ 367، سير أعلام النبلاء 1/ 297، الكاشف الترجمة 1752، العبر 1/ 14، تهذيب ابن حجر 3/ 411، خلاصة الخزرجى الترجمة 2256، تهذيب الكمال 2105).

ولما قتل زيد بن الخطاب، ونعى إلى أخيه عمر قال: رحم الله أخى، سبقنى إلى الحسنيين، أسلم قبلى واستشهد قبلى. وقال عمر ـ رضى الله عنه ـ لمتمم بن نويرة، حين أنشده مراثيه فى أخيه: لو كنت أحسن الشعر، لقلت فى أخى زيد مثل ما قلت فى أخيك، فقال متمم: لو أن أخى ذهب على ما ذهب عليه أخوك، ما حزنت عليه. فقال عمر ـ رضى الله عنه: ما عزانى أحد أحسن مما عزيتنى به. وذكر محمد بن عمر الواقدى، قال: حدثنى الجحاف بن عبد الرحمن، من ولد زيد ابن الخطاب، عن أبيه قال: كان زيد بن الخطاب يحمل راية المسلمين يوم اليمامة، وقد انكشف المسلمون حتى غلبت حنيفة على الرجال، فجعل زيد يقول: أما الرجال فلا رجال، وأما الرجال فلا رجال، ثم جعل يصيح بأعلى صوته: اللهم إنى أعتذر إليك من فرار أصحابى، وأبرأ إليك مما جاء به مسيلمة، ومحكم بن الطفيل، وجعل يشير بالراية، يتقدم بها فى نحر العدو، ثم ضارب بسيفه حتى قتل، ووقعت الراية. ثم قال: وزيد بن الخطاب، هو الذى قتل الرّحّال بن عنفوة، وقيل عنقوة، واسمه نهار بن عنقوه، وكان قد هاجر وقرأ القرآن، ثم سار إلى مسيلمة مرتدّا، وأخبره أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يشركه فى الرسالة، فكان أعظم فتنة على بنى حنيفة. وذكر خليفة بن خياط، قال: حدثنا معاذ بن معاذ، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، قال: كانوا يرون أن أبا مريم الحنفى، قتل زيد بن الخطاب يوم اليمامة، وقال أبو مريم لعمر: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى أكرم زيدا بيدى، ولم يهنى بيده. قال: وأخبرنا علىّ بن محمد، قال: حدثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: كانوا يرون أن أبا مريم الحنفى، قتل زيد بن الخطاب، قال: وأخبرنا على بن محمد أبو الحسن، عن ابن خزيمة الحنفى، عن قيس بن طلق قال: قتله سلمة بن صبيح، ابن عم أبى مريم. قال ابن عبد البر، رحمه الله: النفس أميل إلى هذا؛ لأن أبا مريم لو كان قاتل زيد، ما استقضاه عمر، رضى الله عنه. والله أعلم. قال: وكان زيد بن الخطاب، طويلا بائن الطول أسمر. انتهى. ذكر هذا كله من حال زيد بن الخطاب، ابن عبد البر، وهذا لفظه إلا قليلا جدا فبالمعنى، وقدمنا فى ذلك وأخرنا لمناسبة الكلام، وليس فيما ذكره ابن عبد البر، من أن وقعة اليمامة فى سنة اثنتى عشرة، بيان وقتها من هذه السنة، وذلك فى شهر ربيع الأول سنة اثنتى عشرة، ذكر ذلك غير واحد، منهم: ابن الأثير والنووى والذهبى فى العنبر.

وقيل: إن اليمامة كانت فى سنة إحدى عشرة، حكاه النووى فى ترجمة زيد بن الخطاب. وقال صاحبنا الحافظ ابن حجر فى ترجمته: «قلت: وهذا لم يذكره ابن عبد البر، وذكر العسكرى، أن أبا مريم الحنفى قاتل زيد بن الخطاب، غير أبى مريم الحنفى الذى ولاه عمر القضاء، وزعم أن اسم هذا إياس بن صبيح، وأن اسم القاتل صبيح بن مخرش، وحكى فى اسم قاتله غير ذلك. وقال الهيثم بن عدى: أسلم قاتله، فقال له عمر، رضى الله عنه ـ فى خلافته: لا تساكّنى». انتهى. وكلام المزى فى التهذيب، يقتضى أن الذى قتل زيدا، الرحال بن عنفوة؛ لأنه قال: وقتله الرحال بن عنفوة. انتهى. وليس الأمر كذلك؛ لأن زيدا قتل الرحال، كما قال ابن عبد البر، وقد استدرك ذلك على المزى، صاحبنا الحافظ ابن حجر، ونبّه عليه، وذكر كلام أبى عمر. ولزيد بن الخطاب، حديث واحد، فى النهى عن قتل ذوات البيوت، من حديث الزهرى، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن أبى لبابة، وزيد بن الخطاب، أن النبى صلى الله عليه وسلم، نهى عن ذلك. وقال سفيان بن عيينة عن الزهرى: فقال أبو لبابة، أو زيد بن الخطاب، على الشك. ذكره البخارى تعليقا من الوجه الأول (1). ورواه مسلم من الوجهين جميعا (2). ورواه أبو داود من الوجه الثانى (3)، ذكر هذا كله بالمعنى المزى. وذكره الزبير بن بكار فقال: وقد شهد بدرا وأحدا. وقال له عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه: خذ درعى فالبسها، وكان عمر ـ رضى الله عنه ـ يحبه حبّا شديدا، فقال: زيد يا أخى، أنا أريد من الشهادة مثل ما تريد. وقتل زيد بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ باليمامة شهيدا، فحزن عليه عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ حزنا شديدا، وقال لمتمم بن نويرة حين أنشده مراثى أخيه مالك بن نويرة: لو كنت أحسن الشعر. فذكر ما سبق. وذكر قول عمر ـ رضى الله عنه: ما هبت الصبا. وذكر قوله: رحم الله أخى زيدا، فإنه سبقنى إلى الحسنيين، بالمعنى فى الثلاثة الأخبار، وكثير منهما باللفظ.

_ (1) أخرجه البخارى فى صحيحه، فى بدء الخلق، حديث رقم (3054). (2) أخرجه مسلم فى صحيحه، فى السلام، حديث رقم (4140، 4141). (3) أخرجه أبو داود فى سننه، فى الأدب، حديث رقم (4572).

1224 ـ زيد بن الدثنة بن معاوية بن عبيد بن عامر بن بياضة الأنصارى البياضى

1224 ـ زيد بن الدّثنة بن معاوية بن عبيد بن عامر بن بياضة الأنصارى البياضى: شهد بدرا وأحدا، وأسر يوم الرجيع، مع خبيب بن عدى، فبيع بمكة من صفوان بن أمية فقتله، وذلك فى سنة ثلاث من الهجرة. ذكره هكذا ابن عبد البر، وما ذكره فى تاريخ يوم الرجيع؛ ذكر فى ترجمة خبيب ما يوافقه. وذكر فى ترجمة خالد بن البكير ما يخالفه؛ لأنه قال: وقتل خالد بن البكير يوم الرجيع، فى صفر سنة أربع من الهجرة. انتهى. وكلا القولين صحيح؛ لأن من قال: إن الرجيع فى سنة ثلاث، هو باعتبار أنه وقع قبل كمال السنة الثالثة، من حين هاجر النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وكانت هجرته إلى المدينة، فى أول ربيع الأول والرجيع فى صفر على رأس ستة وثلاثين شهرا من الهجرة، قبل تمام السنة الثالثة بشهر أو نحوه. ومن قال: إن الرجيع فى سنة أربع، هو باعتبار أنه فى السنة الرابعة من سنى الهجرة. وهذا القائل حسب السنة التى وقعت فيها الهجرة كاملة مع نقصها تجوزا منه، وحسب السنتين بعدها، وكان الرجيع فى صفر بعد السنتين الكاملتين، والسنة الناقصة، وهو قد حسبها كاملة، فيكون الرجيع فى الرابعة على هذا، والله أعلم. وقد بين ابن الأثير من خبر خبيب، أكثر مما بينه ابن عبد البر، فنذكر ذلك لما فيه من الفائدة، قال: أخبرنا أبو جعفر بن السمين، بإسناده إلى يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا عاصم بن عمر بن قتادة: أن نفرا من عضل والقارة، قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أحد، فقالوا: إن فينا إسلاما، فابعث معنا نفرا من أصحابك يفقهوننا فى الدين، ويقرئوننا القرآن، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم خبيب بن عدى، وزيد بن الدثنة، وذكر نفرا، فخرجوا حتى إذا كانوا بالرّجيع فوق الهدأة فأتتهم هزيل فقاتلوهم، وذكر الحديث. قال: فأما زيد، فابتاعه صفوان بن أمية ليقتله بأبيه، فأمر به مولى له يقال له نسطاس، فخرج إلى التنعيم، فضرب عنقه. ولما أرادوا قتله، قال أبو سفيان، حين قدم ليقتل: ناشدتك الله يا زيد، أتحب أن محمدا عندنا الآن مكانك نضرب عنقه،

_ 1224 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 852، الثقات 3/ 140، أسد الغابة ترجمة 1835، تجريد أسماء الصحابة 1/ 199، الإصابة ترجمة 2605، الاستبصار 177، 264، 305، أصحاب 184، صفة الصفوة 1/ 49، أزمنة التاريخ الإسلامى 3/ 625، الوافى بالوفيات 15/ 45، المنتظم لابن الجوزى 3/ 72، 201، 209، طبقات ابن سعد 2/ 42، 3/ 297).

1225 ـ زيد بن ربيعة، وقيل زمعة القرشى الأسدى، من بنى أسد بن عبد العزى

وأنك فى أهلك، فقال: والله ما أحب أن محمدا الآن فى مكانه الذى هو فيه، تصيبه شوكة تؤذيه، وإنى جالس فى أهلى، فقال أبو سفيان: والله ما رأيت أحدا من الناس يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا. وكان قتله فى سنة ثلاث من الهجرة. انتهى. وقوله: وكان قتله فى سنة ثلاث، موافق لأحد القولين السابقين. وقد تقدم فى ترجمة خبيب بن عدى من حديث أبى هريرة، ـ رضى الله عنه: أن النبى صلى الله عليه وسلم، بعث عشرة نفر عينا، فيهم خبيب بن عدى، وزيد بن الدّثنة، وأنهم قتلوا إلا خبيبا وزيدا ورجلا آخر، فإنهم نزلوا على العهد والميثاق، وأنهم غدروا بخبيب وزيد والرجل الثالث. وأنه لما رأى منهم الغدر، قاتلهم وقتلوه. وليس فى حديث أبى هريرة تسمية هذا الرجل، ولعله عبد الله بن طارق، حليف بنى ظفر، والله أعلم. وإنما أشرنا إلى هذا؛ لأنه يخالف ما ذكره ابن إسحاق، فى كون النبى صلى الله عليه وسلم بعثهم للتعليم. والله أعلم. 1225 ـ زيد بن ربيعة، وقيل زمعة القرشى الأسدى، من بنى أسد بن عبد العزى: استشهد يوم حنين. قاله عروة بن الزبير. وقال ابن إسحاق: هو زيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد، وإنما قتل [ ..... ] (1) فرس يقال له الجناح، فقتل. أخرجه ابن مندة وأبو نعيم. ذكره هكذا ابن الأثير. وفى كتابه الذى نقلت منه تصحيف كتبته كما ترى؛ لأنه لم يتحرر لى، وأظن أنه سقط من النسخة شئ، وأن الصواب فى ذلك «لأنه جمع به فرس» والله أعلم. 1226 ـ زيد بن سلامة المكى: كان مقدما على أهل المسفلة بمكة. وتوفى بها فى رمضان، سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. 1227 ـ زيد بن عبد الله بن جعفر بن إبراهيم اليفاعى: شيخ صاحب البيان. تخرج فى الفقه بأبى بكر بن جعفر المخائى، وإسحاق بن

_ 1225 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 1836). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 1227 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 6/ 71، طبقات الخواص للسرجى 52، طبقات الشافعية للسبكى 4/ 219).

1228 ـ زيد بن عمرو بن نفيل القرشى العدوى

يوسف الصّردفىّ، وبه تخرج فى الفرائض والحساب، ثم ارتحل إلى مكة، فأدرك فيها الحسين بن على الطبرى، مصنف «العدة» وأبا نصر البندنيجىّ، مصنف «المعتمد» فقرأ عليهما. ثم عاد إلى اليمن، فدرس فى حياة شيخه أبى بكر، واجتمع عليه أكثر من مائتى طالب، فخرج هو وأصحابه لدفن ميت وعليهم ثياب بيض، فرآهم المفضل بن أبى البركات بن الوليد الحميرى من فوق سطح، فخشى منهم. ثم خرج إلى مكة لفتنة وقعت باليمن، وجاور بها اثنتى عشرة سنة، فانتهت إليه رئاسة الفتوى بمكة. وكانت تأتيه نفقة له من أطيان باليمن. ثم عاد إلى اليمن سنة اثنتى عشرة، وقيل سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، وقد مات المفضل، وارتحل الناس إليه فى طلب العلم، وكان بالجند (1) سنة أربع عشرة، وقيل سنة عشر، ذكره القطب القسطلانى فيما عمله من تاريخ اليمن. وذكر الشيخ عبد الله اليافعى فى تاريخه: أنه كان يحفظ «المجموع» للمحاملى، و «الجامع» فى الخلاف لجده جعفر، وكلامه يدل على أن اجتماع المائتين من الطلبة عليه، كان بعد قدمته الثانية من مكة، والله أعلم. وذكر أن يفاعة، بياء مثناة من تحت وفاء، نسبة إلى يفاعة، مكان باليمن. وهذا المكان من معشار تعزّ، من بلاد اليمن، فى واد يقال له وادى القصيبة، على نحو ثلاثة أميال من الجند، وهو ما بين الجند وتعزّ. واليفاعى ـ بياء مثناة من تحت وفاء ـ يستفاد مع البقاعىّ ـ بباء موحدة وقاف ـ نسبة إلى البقاع العزيزى، من أعمال دمشق، نسب إليه جماعة من الأعيان. 1228 ـ زيد بن عمرو بن نفيل القرشى العدوى: والد سعيد بن زيد، أحد العشرة، وسيأتى بيان نسبه فى ترجمته، وهو ابن عم عمر ابن الخطاب، رضى الله عنه.

_ (1) الجند: مدينة باليمن كبيرة حصينة كثيرة الخيرات، بها قوم من خولان، وبها مسجد بناه معاذ بن جبل رضى الله عنه حين نزلها، وهو الذى يذكر أن ناقته بركت فى موضعه فقال: خلوا سبيلها فإنها مأمورة، فأمر ببناء المسجد فى ذلك الموضع، وهذا كالذى فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم عند احتلاله المدينة. انظر: الروض المعطار 175، 176، البكرى 67، نزهة المشتاق 54. 1228 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 2/ 236، طبقات ابن سعد 1/ 128، المنتظم 2/ 329، 331).

أفرده ابن الأثير بترجمة فى باب «زيد» قال فيها: سئل عنه النبىصلى الله عليه وسلم فقال: «يبعث أمة وحده يوم القيامة» (1) وكان يتعبد فى الجاهلية، ويطلب دين إبراهيم الخليل عليه السلام، ويوحد الله تعالى ويقول: إلهى إله إبراهيم، ودينى دين إبراهيم الخليلعليه السلام، وكان يعيب على قريش ذبائحهم، ويقول: الشاة خلقها الله تعالى، وأنزل لها من السماء ماء وأنبت لها من الأرض، ثم تذبحونها على غير اسم الله تعالى! إنكارا لذلك واستعظاما. وكان لا يأكل ما ذبح على النصب، واجتمع به رسول الله صلى الله عليه وسلم، بأسفل بلدح، قبل أن يوحى إليه، وكان يحيى الموءودة. وذكر ابن الأثير أشياء من خبره، منها خبر فى تطلب دين إبراهيم بالسفر له إلى البلاد، وفيه: ومات زيد بن عمرو بن نفيل، وأنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومنها خبر عن ابن إسحاق، فى إيذاء الخطاب بن نفيل، لزيد بن عمرو نفيل ثم قال: وتوفى زيد قبل مبعث النبى صلى الله عليه وسلم، فرثاه ورقة بن نوفل، فذكر أبياتا فى رثائه. وفى هذا القدر من خبر زيد بن عمرو كفاية، ثم قال: أخرجه أبو عمر ـ يعنى ابن عبد البر ـ ولم يفرده بترجمة كما صنع ابن الأثير، وإنما ذكر أشياء من خبره، فى ترجمة ولده سعيد بن زيد، أحد العشرة، وأجاد فى ذلك؛ لأنه إنما يحسن إفراده بالترجمة، أن لو كانت له صحبة، ولا صحبة له، لموته قبل مبعث النبى صلى الله عليه وسلم، فإن الصحبة إنما تكون لمن رآه نبيا. ولكن يرجى لزيد هذا الخير، فإن ابن عبد البر، ذكر أن ولده سعيد بن زيد، أتى النبىصلى الله عليه وسلم فقال: إن زيدا كما قد رأيت وبلغك، فاستغفر له، قال: نعم، فاستغفر له، وقال: «يبعث يوم القيامة أمة وحده» انتهى. فاستفدنا من هذا، أن السائل للنبى صلى الله عليه وسلم عن زيد ابنه، وهذا لا يفهم من كلام ابن الأثير. ومما ذكره ابن الأثير من خبره: وكان يقول: يا معشر قريش، إياكم والزنا، فإنه يورث الفقر.

_ (1) أخرجه أحمد فى المسند برقم (1651) من طريق: يزيد حدثنا المسعودى، عن نفيل بن هشام بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، عن أبيه، عن جده، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة هو وزيد بن حارثة فمر بهما زيد بن عمرو بن نفيل فدعواه إلى سفرة لهما فقال: يا ابن أخى إنى لا آكل مما ذبح على النصب قال فما رئى النبى صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أكل شيئا مما ذبح على النصب، قال: قلت: يا رسول الله، إن أبى كان كما قد رأيت وبلغك ولو أدركك لآمن بك واتبعك فاستغفر له، قال: «نعم. فاستغفر له فإنه يبعث يوم القيامة أمة وحده».

1229 ـ زيد بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة بن إدريس ابن مطاعن الحسنى المكى، يكنى أبا الحارث

1229 ـ زيد بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن علىّ بن قتادة بن إدريس ابن مطاعن الحسنى المكى، يكنى أبا الحارث: لا أدرى هل هو زيد الأكبر بن أبى نمى، أو زيد الأصغر بن أبى نمى، وما عرفت من حاله، سوى أن الأديب يحيى بن يوسف المعروف بالنّشو، الشاعر المكى، شيخنا بالإجازة مدحه بقصيدة تدل على أنه كان مالكا للجزيرة المعروفة بسواكن (1) [من البسيط]: لك السعادة والإقبال والنعم ... فلا يضرك أعراب ولا عجم الله أعطاك ما ترجوه من أمل ... أعطاكه المرهفان السيف والقلم فأنت يا زين دين الله قد خضعت ... لك الأنام وقد دامت لك النعم ما أنت إلا فريد العصر أوحده ... يسمو بك العزم والإقدام والهمم ذلت لسطوتك الأعدا بأجمعهم ... فلن تبالى بما قالوا وما نقموا أنت السماء وهم كالأرض منزلة ... فلست تحفل ما شادوا وما هدموا سواكن أنت يا ذا الجود مالكها ... أحييت بالعدل من فيها فما ندموا جبرتهم بعد كسر واعتنيت بهم ... فالناس بالعدل فيها كلهم علموا سواكن ما لها فى الناس يملكها ... إلا أبو حارث بالعدل يحتكم خير الملوك وأوفاهم وأحلمهم ... لولاه فيهم لقلنا إنهم عدموا مسدد الرأى لا تعصى أوامره ... عالى المحلين فى أحكامه حكم فاق البرامكة الألى وجعفرهم ... ما الفضل ما معن ما يحيى وإن كرموا أقر كل فؤاد فى جوانحه ... فالأمن ينبت والأخواف تنصرم فكفه للندى والجود باطنها ... وظهرها الركن للوراد يستلم يا من تشرفت الدنيا بطلعته ... إنى ودهرى إلى علياك نختصم لا زلت بالملك فى عز وفى نعم ... تسمو بك الرتبتان العلم والعلم * * *

_ (1) سواكن: مدينة بقرب جزيرة عيذاب، وهى ذات مرسى، ومنها تسير السفن إلى مدينة سواكن، وهى مدينة عامرة فى ساحل بلاد البجاة وبلاد الحبشة. انظر: معجم البلدان 3/ 276، الروض المعطار 332، تقويم البلدان 370، نخبة الدهر 151.

حرف السين المهملة

حرف السين المهملة 1230 ـ سابط بن أبى خميصة بن عمرو بن وهب بن حذافة بن جمح القرشى الجمحى، والد عبد الرحمن بن سابط: روى عنه ابنه عبد الرحمن بن سابط، عن النبى صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «إذا أصيب أحدكم بمصيبة فليذكر مصيبته بى، فإنها من أعظم المصائب» (1). وكان يحيى بن معين يقول: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط، سابط جده. وفى ذلك نظر. ذكره هكذا ابن عبد البر، وذكره بمعنى هذا ابن الأثير، ولم يعزه إلى أحد ممن يعزى إليه إخراجه للصحابة، وحديثه لا يصح على ما قال الذهبى. والله أعلم. * * * من اسمه سالم 1231 ـ سالم بن أبى سليمان المكى: ذكره العماد الكاتب فى الخريدة، فقال: سالم بن أبى سليمان القائد، من عبيد مكة وقوادها، نوبى الأصل، وقاد الخاطر. وقال: أنشدنى الأمير دهمش بن وهاس السليمانى له، قال: سمعته ينشد الأمير عيسى بن فليتة فى العيد [من الكامل]: الليل مذ برزت به أسماء ... صبح ومسود الظلام ضياء فكأنما نور الغزالة ساطع ... بجبينها ولضوئها لألآء وكأن أشنب ثغرها بلبانها ... حب الجمان فحبذا أسماء وكأنما بالظلم منها واللّما ... عذب البهير وقهوة صهباء أما القضيب فقدها ولردفها ... كثب النقا ولثامها الظلماء وهى من أبيات طويلة، ذكرها العماد الكاتب فى الخزيدة.

_ 1230 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1132، الإصابة ترجمة 3039، أسد الغابة ترجمة 1883، بقى بن مخلد 676). (1) أخرجه الدارمى فى سننه برقم (84) من طريق: عبد الوهاب بن سعيد الدمشقى، حدثنا شعيب هو ابن إسحق، حدثنا الأوزاعى، حدثنى يعيش بن الوليد، حدثنى، مكحول أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أصاب أحدكم مصيبة ... ». فذكر الحديث. 1231 ـ انظر ترجمته فى: (خريدة القصر 3/ 45).

1232 ـ سالم بن سوار المكى

1232 ـ سالم بن سوار المكى: مولى أم حبيبة، زوج النبى صلى الله عليه وسلم. روى عن مولاته أم حبيبة. روى عنه: عطاء بن أبى رباح، وعمرو بن دينار. روى له مسلم والنسائى حديثا واحدا فى: «التغليس من جمع إلى منى». ووقع لنا عاليا. قال الحميدى، عن سفيان بن عيينة: وسالم بن سوار، رجل من أهل مكة، لم يسمع أحد يحدث عنه، إلا عمرو بن دينار هذا الحديث. قال النسائى: ثقة. وذكره ابن حبان فى الثقات. 1233 ـ سالم بن عبد الله الخياط البصرى: نزل مكة، فقيل له المكى، يقال مولى عكاشة. عن الحسن، وابن سيرين، وعطاء بن أبى رباح، وابن أبى مليكة، وسالم بن عبد الله بن عمر، وغيرهم. روى عنه محمد بن إسحاق، والثورى، وعبيد الله بن موسى، والوليد بن مسلم، وأبو عاصم النبيل، وجماعة. روى له الترمذى وابن ماجة. قال يحيى بن آدم عن سفيان: حدثنا سالم المكى، وكان مرضيّا. قال أحمد: ما أرى به بأسا. وقال أبو داود عن ابن معين: لا يسوى فلسا. وقال ابن حبان فى الثقات: سالم المكى، مولى عكاشة. وقال الدارقطنى: لين الحديث. نقل ذلك عنه الحافظ ابن حجر وقال: وقد فرق ابن حبان، بين المكى مولى عكاشة، وبين البصرى الخياط، فذكر المكى فى الثقات. وقال فى البصرى: يقلب الأخبار، ويزيد فيها ما ليس منها، ويجعل روايات الحسن عن أبى هريرة سماعا، ولم يسمع الحسن من أبى هريرة شيئا، لا يحل الاحتجاج به بحال، كذا فرق بينهما البخارى وابن أبى حاتم. انتهى. 1234 ـ سالم بن معقل، مولى أبى حذيفة بن عتبة بن ربيعة القرشى العبشمى الأنصارى: ويقال الفارسى؛ لأن أصله من اصطخر (1)، وقيل من كرمد، فأعتقته مولاته امرأة

_ 1233 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ الدارمى الترجمة 380، علل أحمد 1/ 338، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2154، ضعفاء النسائى الترجمة 232، الجرح والتعديل الترجمة 799، المجروحين لابن حبان 1/ 342، ضعفاء الدارقطنى الترجمة 258، تاريخ الإسلام 6/ 67، المغنى الترجمة 2303، الديوان الترجمة 1545، الكاشف الترجمة 1793، ميزان الاعتدال الترجمة 3053، تهذيب ابن حجر 3/ 439، خلاصة الخزرجى الترجمة 2324، تهذيب الكمال 2151). 1234 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب 886، الإصابة 3059، أسد الغابة 1892). (1) اصطخر: مدينة من كور فارس ولها نواح، وهى مدينة كبيرة جليلة، وهى أقدم مدن فارس وأشهرها اسما. انظر: الروض المعطار 43، 44، 45.

أبى حذيفة، وهى من الأنصار، يقال لها بثينة بنت يعار بن يزيد بن عبيد بن زيد الأنصارى الأوسى، وقيل فى اسمها غير ذلك. وتولى سالم لما عتق، أبا حذيفة بن عتبة، فتبناه أبو حذيفة، وصار يدعى سالم بن أبى حذيفة، حتى نزلت: (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) الآية [الأحزاب: 5]. وزوجه أبو حذيفة، بنت أخيه فاطمة بنت الوليد بنت عتبة، وكان من فضلاء الموالى، ومن خيار الصحابة وكبارهم، ومن المهاجرين. هاجر إلى المدينة فى نفر، منهم عمر بن الخطاب، فكان يؤمهم فى الطريق، وكان يؤم المهاجرين بقباء، قبل أن يقدم النبىصلى الله عليه وسلم المدينة، وفيهم ابن الخطاب، وكان عمر ـ رضى الله عنه ـ يفرط فى الثناء عليه ويقول: لو كان سالم حيّا ما جعلتها شورى. يعنى بذلك أنه يصدر فى الخلافة عن رأيه، والله أعلم. وهو أحد الأربعة الذين أمر النبى صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن عنهم، وهم: عبد الله بن مسعود، وأبىّ بن كعب، وسالم مولى أبى حذيفة، ومعاذ بن جبل، وشهد سالم مولى أبى حذيفة بدرا. ذكر هذا كله من حال سالم، ابن عبد البر بعضه باللفظ وبعضه بالمعنى، وذكر أكثره ابن الأثير وقال: وشهد سالم بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقتل يوم اليمامة شهيدا. وروى ابن الأثير بسنده، إلى إبراهيم بن حنظلة، عن أبيه، أن سالما مولى أبى حذيفة قيل له يومئذ ـ يعنى يوم اليمامة ـ فى اللواء أن يحفظه، وقال غيره: نخشى من نفسك شيئا ما فتولى اللواء غيرك، فقال: بئس حامل اللواء أنا إذا، فقطعت يمينه، فأخذ اللواء بيساره، فقطعت يساره، فاعتنق اللواء، وهو يقول: (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ) إلى (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) [آل عمران: 144 ـ 146] فلما صرع، قال لأصحابه: ما فعل أبو حذيفة؟ قيل: قتل، قال: فما فعل فلان؟ لرجل سماه ـ قيل: قتل. قال: فأضجعونى بينهما. ولما قتل أرسل عمر ـ رضى الله عنه ـ بميراثه، إلى معتقته بثينة بنت يعار فلم تقبله، وقالت: إنما أعتقته سائبة، فجعل عمر ـ رضى الله عنه ـ ميراثه فى بيت المال. انتهى. وقال ابن عبد البر: وقتل يوم اليمامة شهيدا، هو ومولاه أبو حذيفة، فوجد رأس أحدهما على رجلى الآخر، وذلك سنة اثنتى عشرة. وذكر ابن عبد البر عن الواقدى، أن زيد بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ لما قتل يوم

1235 ـ سالم المكى، وليس بالخياط

اليمامة، وقعت منه الراية، فأخذها سالم مولى أبى حذيفة، فقال المسلمون: يا سالم، إنا نخاف أن نؤتى من قبلك، فقال: بئس حامل القرآن أنا، إن أتيتم من قبلى. انتهى. وهو الذى أمر النبى صلى الله عليه وسلم سهلة بنت سهيل بن عمرو، امرأة أبى حذيفة برضاعه، لتحرم على سالم، ويذهب ما فى نفس أبى حذيفة؛ لأنها شكت أن يكون فى نفس أبى حذيفة من دخوله عليها شئ، وذكرت أنها أرضعته. فذهب ما فى نفس أبى حذيفة. وهذا الحديث فى الصحيحين (2). وكذا حديث الأمر بأخذ القرآن عنه وعمن ذكر معه. وقال فيه ابن مندة: سالم بن عبيد بن ربيعة. قال أبو نعيم: هذا وهم فاحش. انتهى. 1235 ـ سالم المكى، وليس بالخياط: روى عن موسى بن عبد الله بن قيس الأشعرى، وعن أعرابى له صحبة. روى عنه محمد بن إسحاق بن يسار. روى له أبو داود حديثا واحدا (1)، وقد وقع لنا عاليا. هكذا ذكره المزى فى التهذيب، وساق له حديثا فى النهى عن بيع الحاضر للباد. وقال الحافظ ابن حجر فى ترجمته: قال المزى: خلطه صاحب الكمال بسالم الخياط، وهو وهم. وأما هذا فيحتمل أن يكون سالم بن شوال. انتهى. ولم أر هذا الكلام فى تهذيب الكمال. والله أعلم.

_ (2) أخرجه مسلم فى صحيحه حديث برقم (1453) من طريق: إسحاق بن إبراهيم الحنظلى ومحمد بن أبى عمر جميعا، عن الثقفى، قال ابن أبى عمر: حدثنا عبد الوهاب الثقفى، عن أيوب، عن ابن أبى مليكة، عن القاسم، عن عائشة أن سالما مولى أبى حذيفة كان مع أبى حذيفة وأهله فى بيتهم فأتت تعنى ابنة سهيل النبى صلى الله عليه وسلم فقالت: إن سالما قد بلغ ما يبلغ الرجال وعقل ما عقلوا وإنه يدخل علينا وإنى أظن أن فى نفس أبى حذيفة من ذلك شيئا فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم: «أرضعيه تحرمى عليه، ويذهب الذى فى نفس أبى حذيفة». فرجعت فقالت: إنى قد أرضعته فذهب الذى فى نفس أبى حذيفة. 1235 ـ انظر ترجمته فى: (الكاشف الترجمة 1803، ميزان الاعتدال الترجمة 3071، تهذيب ابن حجر 3/ 444، خلاصة الخزرجى الترجمة 2336، تهذيب الكمال 2162). (1) فى سننه، كتاب البيوع، حديث رقم (2984) من طريق: موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن محمد بن إسحاق عن سالم المكى أن أعرابيا حدثه أنه قدم بحلوبة له على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل على طلحة بن عبيد الله فقال: إن النبى صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع حاضر لباد ولكن اذهب إلى السوق فانظر من يبايعك فشاورنى حتى آمرك أو أنهاك.

1236 ـ سالم بن ياقوت المكى، أبو أحمد

1236 ـ سالم بن ياقوت المكى، أبو أحمد: المؤذن بالحرم الشريف، أجاز له فى سنة ثلاث عشرة وسبعمائة ـ مع ابنه أحمد بن سالم المقدم ذكره ـ: الدّشتىّ والقاضى سليمان بن حمزة، والمطعم، وابن مكتوم، وابن عبد الدائم، وابن سعد، وابن الشيرازى، وابن النّشو، والقاسم بن عساكر، ووزيرة بنت المنجا، والحجار، وغيرهم. ما رأيت له سماعا ولا علمته حدث. وكان يؤذن بمأذنة الحزورة، وبلغنى أنه لم يفته أذان الصبح بها أربعين سنة. توفى سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة بمكة. ومولده سنة ست وثمانين وستمائة، كذا وجدت وفاته ومولده بخط شيخنا ابن سكر، وما ذكره ابن سكر من أنه ولد سنة ست وثمانين وستمائة، لا يصح؛ لأن ابنه أحمد بن سالم، ولد سنة سبع وتسعين وستمائة، فيبعد أن يكون أبوه أكبر منه بإحدى عشرة سنة. ووجدت أنا بخطه، أنه توفى فى حدود سنة نيف وستين وسبعمائة، أو بقرب السبعين، وأن مولده سنة ثلاث وستين، وما ذكره من أن وفاته بقرب السبعين، فيه نظر. والله أعلم. ومن العجيب أنه صلى عليه، مع القاضى نجم الدين الطبرى قاضى مكة، صلاة الغائب بجامع دمشق، فى يوم الجمعة الخامس من رمضان سنة ثلاثين وسبعمائة. كذا ذكر البرزالى، وذكر أنه كان قد مرض وأشرف على الموت فى هذا التاريخ. * * * من اسمه السائب 1237 ـ السائب بن الأقرع الثقفى: كوفى شهد نهاوند مع النعمان بن مقرن، وكان عمر ـ رضى الله عنه ـ بعثه إليه بكتاب، ثم استعمله عمر على المدائن. وذكر البخارى: أنه أدرك النبى صلى الله عليه وسلم، ومسح على رأسه. ذكره صاحب الاستيعاب.

_ 1237 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 4/ 240، التاريخ الكبير 2/ 151، الاستيعاب ترجمة 889، الإصابة ترجمة 3080، أسد الغابة ترجمة 1925، الثقات 3/ 173، تجريد أسماء الصحابة 1/ 204، طبقات ابن سعد 7/ 71، المنتظم 4/ 211، 74، 5/ 59، الوافى بالوفيات 15/ 145، تاريخ بغداد 1/ 202).

1238 ـ السائب بن أبى وداعة الحارث بن صبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم القرشى السهمى

1238 ـ السائب بن أبى وداعة الحارث بن صبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم القرشى السهمى: هكذا نسبه ابن عبد البر، وقال: روى عنه أخوه المطلب وقال: قال الزبير عن عمه: زعموا أنه كان شريكا للنبى صلى الله عليه وسلم بمكة. وقال: كانت وفاته بعد سنة سبع وخمسين بداريه، فيما ذكر البخارى. وذكر ابن قدامة: أنه تصدق بداريه، سنة سبع وخمسين، وفيها مات. وذكره الذهبى، وقال: قال أبو عمر بن عبد البر: يقال له المطلب، وذكر أن أبا مرثد الغنوى (1)، أسره يوم بدر، وهذا الذى ذكره الذهبى عن ابن عبد البر، ذكره عنه ابن الأثير، ولم أر فى الاستيعاب إلا خلاف ذلك؛ لأن فيه: روى عنه أخوه المطلب، وهذا أول شيء ذكره فى ترجمته، وفى آخرها. قال أبو عمر: هو أخو المطلب بن أبى وداعة. انتهى. فكيف يقال إن ابن عبد البر قال: إنه المطلب، ولعله سقط فى النسخة التى رآها ابن الأثير والذهبى من الاستيعاب، قوله: أخوه. والله أعلم. وأما ما ذكره الذهبى، من أسر أبى مرثد له، فقد ذكر ابن مندة ما يوافقه، وتعقب عليه ذلك أبو نعيم، وفيما ذكراه نظر، نبه عليه ابن الأثير. وقد سقط فى النسخة التى رأيتها من كتابه، صدر ترجمة السائب، ولكن موضع التعقب باق، فتذكر كلامه على ما فى النسخة من سقم: قال الكفار يوم بدر، فإن له ابنا كيسا، فخرج ابنه المطلب، ففاداه بأربعة آلاف، وهو أول أسير فدى من بدر، قاله ابن مندة. وقال أبو نعيم: ذكره بعض المتأخرين، فقال: السائب، وصوابه المطلب، وأما أبو عمر، فذكر السائب بن أبى وداعة، وقال: هو المطلب. ثم قال ابن الأثير: قلت: إن أراد أبو نعيم فى الرد على ابن مندة، أن الأسير «المطلب» فكلاهما غير صحيح، وإنما الذى أسر، هو أبو وداعة، والذى افتداه هو المطلب، قاله الزبير وغيره، وقد قال ابن مندة وأبو نعيم، فى المطلب بن أبى وداعة، إنه قدم فى فداء أبيه يوم بدر، فكفى بقولهما ردّا على أنفسهما، وإن أراد أن السائب لم يكن صحابيا، وإنما كان المطلب، فقد وافق ابن مندة جماعة، منهم البخارى وأبو عمر وغيرهما، جعلوه صحابيا.

_ 1238 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 4/ 240، التاريخ الكبير 2/ 149، الاستيعاب ترجمة 906، الإصابة ترجمة 3081، أسد الغابة ترجمة 1923، الثقات 3/ 1721، تجريد أسماء الصحابة 1/ 204، الوافى بالوفيات 15/ 36). (1) أبو مرثد الغنوى: هو كناز بن حصين، ويقال: ابن حصين، وسيأتى ذكره فى الترجمة (2378)، ثم فى باب الكنى الترجمة (2419).

1239 ـ السائب بن الحارث بن قيس بن عدى بن سعد بن سهم القرشى السهمي

وقد قال الزبير بن بكار (2): وإليه انتهت المعرفة بأنساب قريش، والسائب بن أبى وداعة، زعموا أنه كان شريكا للنبى صلى الله عليه وسلم بمكة. انتهى. وقد سقط فى النسخة التى رأيتها من كتاب ابن الأثير لفظتان، إحداهما «أول» بين: وهو، وبين أسير، والأخرى «أسر» بين: الذى، وبين هو أبو وداعة، فأثبتهما؛ لأن الكلام لا يتم إلا بذلك. وفى استدلال ابن الأثير، على صحبة السائب، بما ذكره عن الزبير، نظر، لعدم الجزم بمشاركته للنبى صلى الله عليه وسلم. ولو استدل على صحبته بوجوده بعد فتح مكة، لصح ذلك إن شاء الله، فإن الإسلام عمّ قريشا وأكثر العرب بعد الفتح، والله أعلم. ويتعجب من الذهبى فى ذكر أسر أبى مرثد للسائب؛ لأن ابن الزبير، قد نبه على خلاف ذلك، وما ألف الذهبى كتابه، إلا بعد نظره كتاب ابن الأثير، والله أعلم. وسعيد: بضم السين وفتح العين. 1239 ـ السائب بن الحارث بن قيس بن عدى بن سعد بن سهم القرشى السهمي: هاجر إلى أرض الحبشة مع إخوته: بشر والحارث وعبد الله ومعمر، وخرج السائب يوم الطائف، واستشهد يوم فحل بالأردن. وكانت فحل فى ذى القعدة سنة ثلاث عشرة، فى أول خلافة عمر ـ رضى الله عنه ـ هكذا قال ابن إسحاق وغيره. وقال الكلبى: كانت فحل، سنة أربع عشرة، ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر. وقال ابن الأثير: قتل يوم الطائف شهيدا، قاله ابن مندة. وقال: وقد انقرض بنو الحارث بن قيس بن عدى. وفحل: من أرض الشام، بكسر الفاء. انتهى. وقيل: قتل باليمامة، ذكره ابن قدامة. 1240 ـ السائب بن أبى حبيش بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصى القرشى الأسدى: معدود فى أهل المدينة، وهو الذى قال فيه عمر بن الخطاب، رضى الله عنه: ذاك رجل لا أعلم فيه عيبا، وما أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا وأنا أقدر أن أعيبه. وقد روى

_ (2) ذكر ابن عبد البر: أن هذا كلام الزبير عن عمه. 1239 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 4/ 242، الاستيعاب ترجمة 890، الإصابة ترجمة 3065، أسد الغابة ترجمة 1904، طبقات ابن سعد 4/ 148، المنتظم 2/ 376). 1240 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2297، الجرح والتعديل الترجمة 1033، الاستيعاب ترجمة 891، أسد الغابة ترجمة 1905، تهذيب ابن حجر 3/ 446، الإصابة 3066، خلاصة الخزرجى الترجمة 2346، تهذيب الكمال 2166).

1241 ـ السائب بن حزن بن أبى وهب المخزومى

أن ذلك قاله فى ابنه عبد الله بن السائب بن أبى حبيش، وكان شريفا أيضا وسطا فى قومه، والأثبت إن شاء الله تعالى، أنه قال فى أبيه، السائب بن أبى حبيش وكان هو أخا فاطمة بنت أبى حبيش المستحاضة. روى عنه سليمان بن يسار وغيره. ذكره هكذا ابن عبد البر. وذكره ابن الأثير بمعنى هذا، وقال: أخرجه الثلاثة. وذكره المزى فى التهذيب للتمييز، إلا إنه قال: السائب بن حبيش، وصوابه ما ذكرناه، وقال: له سن عالية، ودار بالمدينة. روى عن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، قوله فى الحج. 1241 ـ السائب بن حزن بن أبى وهب المخزومى: عم سعيد بن المسيب. قال ابن عبد البر: أدرك النبى صلى الله عليه وسلم بمولده، ولا أعلم له رواية. انتهى. 1242 ـ السائب بن خباب، مولى فاطمة بنت عتبة بن ربيعة على ما قيل، أبو مسلم، وقيل أبو عبد الرحمن: صاحب المقصورة. له صحبة، وحديث واحد. روى عنه إسحاق بن سالم، ومحمد ابن عمرو بن عطاء، وابنه مسلم بن السائب. قيل: توفى سنة سبع وسبعين، وهو ابن اثنتين وتسعين سنة. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر. وذكره البخارى، ما يقتضى أنه مات فى حياة ابن عمر، وابن عمر مات فى سنة أربع وسبعين. ولم يجزم البخارى بصحبته، وإنما قال: يقال له صحبة. وقد أخرج ابن ماجة حديثه (1)، من غير أن ينسبه، وحديثه: «لا وضوء إلا من صوت أو ريح».

_ 1241 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 892، الإصابة ترجمة 3067، أسد الغابة ترجمة 1906). 1242 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 88، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2290، الكنى للدولابى 1/ 89، الجرح والتعديل الترجمة 1028، الاستيعاب ترجمة 893، أسد الغابة ترجمة 1907، الكاشف الترجمة 1807، تهذيب ابن حجر 3/ 446، الإصابة ترجمة 3068، خلاصة الخزرجى الترجمة 2347 تجريد أسماء الصحابة 1/ 215، تصحيفات المحدثين 430، 431، الثقات 4/ 327، الإكمال 2/ 149، تهذيب الكمال 2167). (1) فى سننه، كتاب الطهارة، حديث رقم (509) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن محمد بن عمرو بن عطاء قال رأيت السائب بن يزيد يشم ثوبه فقلت: مم ذلك قال: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا وضوء إلا من ريح أو سماع. وأخرجه أيضا أحمد فى المسند، حديث رقم (14959).

1243 ـ السائب بن أبى السائب، صيفى بن عايذ (2) بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى

1243 ـ السائب بن أبى السائب، صيفى بن عايذ (2) بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى: ذكر فيمن أسلم وهاجر وأعطى من غنائم حنين، وفى المؤلفة، فيمن حسن إسلامه منهم، وفيمن كان شريك النبى صلى الله عليه وسلم، وقيل إنه لم يسلم. فإما إسلامه وشركته، فقال ابن هشام: السائب بن أبى السائب، الذى جاء فيه الحديث عن رسول صلى الله عليه وسلم: «نعم الشريك السائب، لا يشارى ولا يمارى». كان أسلم وحسن إسلامه فيما بلغنا. وأما هجرته وإعطاؤه من غنائم حنين، فقال ابن هشام: وذكر ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة، عن ابن عباس: أن السائب بن أبى السائب بن عايذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، ممن هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعطاه يوم الجعرانة من غنائم حنين. قال ابن عبد البر: هذا أولى ما عول عليه فى هذا الباب. وأما كونه من المؤلفة، وممن حسن إسلامه منهم، فقال ابن عبد البر: والسائب بن أبى السائب، من جملة المؤلفة قلوبهم، وممن حسن إسلامه منهم. انتهى. وقد ذكره ابن سعد، ومسلم بن الحجاج، فى الصحابة المكيين. وذكر الذهبى: أنه من مسلمة الفتح. وصرح المزى بصحبته، وذكر شيئا من خبره يحسن ذكره، فقال: له صحبة، وكان شريك النبى صلى الله عليه وسلم فى الجاهلية، وهو والد عبد الله بن السائب، قارئ أهل مكة. وحديثه عند مجاهد بن جبر المكى، عن قائد السائب، عن السائب، وقيل: عن مجاهد عن السائب، عن النبى صلى الله عليه وسلم. روى له أبو داود (2) والنسائى (3) وابن ماجة (4). انتهى.

_ 1243 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات خليفة 20، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2287، تاريخه الصغير 1/ 278، الجرح والتعديل الترجمة 1037، جمهرة ابن حزم 43، الاستيعاب ترجمة 897، أسد الغابة ترجمة 1911، الكاشف الترجمة 1809، تهذيب ابن حجر 3/ 448، الإصابة ترجمة 3072، خلاصة الخزرجى الترجمة 1349، تهذيب الكمال 2169). (1) هكذا فى الأصل «عايذ» وضبطها المزى «عابد» بالباء الموحدة ووضع لفظة «صح» فوقها، وفى التهذيب «عاند». (2) فى سننه، كتاب الأدب، حديث رقم (4196) من طريق: مسدد حدثنا يحيى عن سفيان قال: حدثنى إبراهيم بن المهاجر عن مجاهد عن قائد السائب عن السائب قال: أتيت النبى صلى الله عليه وسلم فجعلوا يثنون على ويذكرونى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أعلمكم، يعنى به، قلت: صدقت بأبى أنت وأمى كنت شريكى فنعم الشريك كنت لا تدارى ولا تمارى». (3) فى السنن الكبرى، باب ما يقول للقادم إذا قدم عليه، حديث رقم (10072) من ـ

ونقل ابن الأثير عن مسلم: أن له ولولده صحبة من النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: السائب بن أبى السائب المخزومى وعبد الله بن السائب، ومثله قال ابن المدائنى. انتهى. وقوله: ابن المدائنى فيه نظر؛ لأنه إن أراد ابن المدينى الحافظ المشهور، فالألف زائدة. وإن أراد المدائنى الإخبارى، وهو أقرب لمراده، والله أعلم، فابن زائدة. وأما من ذكر أنه لم يسلم؛ فهو ابن إسحاق، لأنه ذكر أنه قتل ببدر كافرا. وذكر ابن هشام عن غير ابن إسحاق، أن الذى قتله الزبير بن العوام [ .... ] (5) ووافق الزبير بن بكار، ابن إسحاق فى قوله: إن السائب قتل ببدر كافرا، ثم نقض ذلك فى موضعين من كتابه، على ما ذكر ابن عبد البر؛ لأنه قال: حدثنى يحيى بن محمد بن عبد الله بن ثوبان، عن جعفر، عن عكرمة، عن يحيى بن كعب، عن أبيه كعب، مولى سعيد بن العاص، قال: مرّ معاوية وهو يطوف بالبيت، ومعه جنده، فزحموا السائب بن صيفى بن عايذ، فسقط، فوقف عليه معاوية، وهو يومئذ خليفة، فقال: ارفعوا الشيخ، فلما قام قال: ما هذا يا معاوية؟ تصرعوننا حول البيت! أما والله لقد أردت أن أتزوج أمك. فقال معاوية: ليتك فعلت، فجاء بمثل أبى السائب، يعنى عبد الله بن السائب. قال ابن عبد البر: وهو واضح فى إدراكه الإسلام، وفى طول عمره. قال: وقال ـ يعنى الزبير ـ فى موضع آخر: حدثنى أبو ضمرة أنس بن عياض الليثى، قال: حدثنى أبو السائب ـ يعنى الماجن ـ وهو عبد الله بن السائب، قال: كان جدى أبو السائب، شريك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم الشريك أبو السائب، لا يشارى ولا يمارى». قال ابن عبد البر: وهذا كله من الزبير مناقضة فيما ذكر، أن السائب بن أبى السائب قتل يوم بدر كافرا. انتهى. والمناقضة بالخبر الأول مستقيمة، لاقتضائه حياة السائب بعد بدر، أزيد من أربعين، وهو فى غالبها مسلم؛ لأن الإسلام عمّ قريشا وغيرهم، فى زمن فتح مكة. وأما الخبر الثانى، فليس فيه إلا مشاركة النبى صلى الله عليه وسلم لأبى السائب وثناؤه عليه، والكلام فى السائب بن أبى السائب، لا فى ابنه، ولو سلمنا أن ذلك فى السائب، لما دلّ على صحبته؛ لأن الشركة قد تكون قبل النبوة، والثناء بحسن الشركة لا يستلزم الإسلام؛ لأن

_ ـ طريق: إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا المخزومى قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا عبد الله ابن عثمان بن خثيم عن مجاهد عن السائب بن أبى السائب وكان يشارك رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الجاهلية قال: قدم على رسول اللهصلى الله عليه وسلم فقال: مرحبا بأخى، لا يدارى ولا يمارى. (4) فى سننه، كتاب التجارات، حديث رقم 2278. (5) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1244 ـ السائب بن عبد الله بن السائب الأنصارى الخزرجى، القاضى أبو الغمر ـ بغين معجمة وراء مهملة ـ الطنجى

الثناء هو لما فى المرء من خصال محمودة، وقد قال النبى صلى الله عليه وسلم على ما نقل ابن عبد البر، عن مصعب الزبيرى، لما أسر أبو وداعة السهمى يوم بدر: «تمسكوا به، فإن له ابنا كيسا بمكة». يعنى المطلب بن أبى وداعة، ولم يسلم المطلب بن أبى وداعة، إلا فى يوم الفتح، على ما ذكر ابن عبد البر. وقد وهى ابن عبد البر، حديث من كان شريك النبىصلى الله عليه وسلم، وأفاد أقوالا فيمن كان شريكه، فنذكر كلامه لما فيه من الفائدة، قال: وقد ذكرنا أن الحديث فيمن كان شريك النبى صلى الله عليه وسلم من هؤلاء مضطرب جدا، منهم من يجعل الشركة للسائب بن أبى السائب، ومنهم من يجعلها لأبى السائب ابيه، كما ذكرنا عن الزبير الحافظ هاهنا، ومنهم من يجعلها لقيس بن السائب، ومنهم من يجعلها لعبد الله بن السائب، وهذا اضطراب لا يثبت به شيء ولا يقوم. انتهى. فكان ينبغى أن نذكر هنا، ما قيل من أن السائب بن أبى وداعة، كان شريك النبىصلى الله عليه وسلم، ولعله استغنى عن ذكره فى ترجمته. ومن كتاب الاستيعاب، نقلنا هنا ما ذكرناه عن ابن عبد البر وابن هشام وابن إسحاق، والزبير بن بكار. وذكر ابن الأثير: أن اسم أبى السائب، نميلة؛ لأنه قال بعد أن ذكره كما ذكرنا، وقيل: اسم أبيه نميلة، قاله ابن مندة وأبو نعيم. انتهى. فاستفدنا من هذا فى اسم أبى السائب قولين، أحدهما: أن اسمه صيفى، والآخر: نميلة، وأخشى أن لا يصح. والله أعلم. وقال ابن الأثير عقب ترجمة السائب بن أبى السائب، قلت: قال بعض العلماء: أما السائب بن نميلة، فرجل غير هذا، له حديث واحد فى صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم، وقال: لا نعلم أحدا من المتقدمين، ذكر فى اسم أبيه نميلة، ولا يبعد أن يكونا واحدا، فإن ابن مندة وأبا نعيم، رويا عن أبى الجواب، عن عمار بن زريق، عن أبى ليلى، عن عبد الكريم، عن مجاهد، عن السائب بن نميلة، عن النبى صلى الله عليه وسلم ذكراه فى هذه الترجمة، والله أعلم. انتهى. 1244 ـ السائب بن عبد الله بن السائب الأنصارى الخزرجى، القاضى أبو الغمر ـ بغين معجمة وراء مهملة ـ الطّنجىّ: نزيل الحرمين، سمع بمكة على الصفى الطبرى، وأخيه الرضى، بقراءة الوادى آشىّ مع الآقشهرىّ. ومن خط الآقشهرىّ، نقلت نسبه هذا. وقد ذكره ابن فرحون فى كتابه «نصيحة المشاور» فقال: كان من كبار الأولياء المتحلين بالعلم والعمل والزهد. وذكر أنه قرأ عليه الفرائض والحساب، وأنه أقام بالمدينة

_ 1244 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 2/ 136).

1245 ـ السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف القرشى المطلبى، جد الإمام الشافعى رضى الله عنه

مدة طويلة، وسكن بالحجرة التى هى مسكن الأولياء والأخيار، برباط دكالة، ثم انتقل إلى مكة، فأقام بها على عبادة وكثرة طواف، حتى إنه لا يكاد يوجد إلا فيه، يعنى الطواف. وذكر أنه طاف يوما، ثم خرج من المطاف، ودخل دهليز الفقيه خليل ـ يعنى المالكى ـ عند باب إبراهيم، ثم دعا بفراش واستقبل الكعبة، ثم قضى ـ رحمه الله تعالى ـ وذلك فى رمضان سنة ثمان عشرة سبعمائة، وصلى عليه القاضى نجم الدين الطبرى. وذكر أنه لم ير جنازة كثر تابعها من رجال ونساء وكبار وصغار، مثل جنازته، رحمه الله، ورئى النعش محمولا على رءوس الأصابع والكفن قد اسود، من كثرة لمس الناس له بأيديهم للبركة. انتهى باختصار. 1245 ـ السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف القرشى المطلبى، جد الإمام الشافعى رضى الله عنه: ذكره ابن الأثير وقال: كان السائب يشبه النبى صلى الله عليه وسلم، روى الخطيب أبو بكر أحمد بن على بن ثابت البغدادى، عن القاضى أبى الطيب الطبرى، أنه قال: أسلم السائب ـ يعنى ابن عبيد ـ جد الشافعى يوم بدر، وإنما كان صاحب راية بنى هاشم، وأسر وفدى نفسه ثم أسلم، فقيل له: لو أسلمت قبل أن تفدى نفسك؟ فقال: ما كنت أحرم المسلمين طعما لهم. أخرجه أبو موسى. ولم يذكره ابن عبد البر، وذكره الذهبى فقال: كان يشبه بالنبى صلى الله عليه وسلم، ويقال له صحبة، وإنه أسلم يوم بدر، بعد أن أسر وفدى نفسه، كذا قال أبو الطيب. انتهى. وأبو الطيب، هو الطبرى الذى ذكره ابن الأثير، من مشاهير العلماء الشافعية، ومن المعمرين الذين بلغوا مائة سنة. 1246 ـ السائب بن عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح القرشى الجمحى: قال ابن إسحاق: هاجر مع أبيه وعميه، قدامة وعبد الله، إلى أرض الحبشة، الهجرة الثانية، وذكره فيمن شهد بدرا، وسائر المشاهد.

_ 1245 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 899، الإصابة ترجمة 3074، أسد الغابة ترجمة 1915، الأعلمى 19/ 96). 1246 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 3/ 306، المنتظم 2/ 376، 3/ 72، 131، 4/ 112، الاستيعاب ترجمة 901، الإصابة ترجمة 3075، أسد الغابة ترجمة 1916، نسب قريش 393، طبقات خليفة 25، الجرح والتعديل 4/ 241، 242، تاريخ الإسلام 1/ 368).

1247 ـ السائب بن عمر بن عبد الرحمن بن السائب المخزومى

وقتل السائب بن عثمان بن مظعون، وهو ابن بضع وثلاثين سنة، يوم اليمامة شهيدا. وذكره موسى بن عقبة فى البدريين. انتهى. وذكره ابن إسحاق وأبو معشر والواقدى، وخالفهم ابن الكلبى فى ذلك. ذكره هكذا ابن عبد البر. وذكره ابن الأثير بمعنى هذا، قال: أخرجه الثلاثة. انتهى. ويقال: إن النبى صلى الله عليه وسلم، استخلف السائب بن عثمان بن مظعون على المدينة، لما خرج منها فى غزوة بواط ـ جبل لجهينة من ناحية رضوى، بينه وبين المدينة أربعة برد ـ فى ربيع الأول، وقيل الآخر، من سنة ثلاث، وقيل إن الذى استخلفه النبى صلى الله عليه وسلم فى هذه الغزوة، سعد بن معاذ. ذكر هذين القولين، مغلطاى، وصدر باستخلاف سعد بن معاذ. ونقل بعضهم استخلاف السائب بن عثمان بن مظعون، عن ابن عبد البر، ولم أره فى ترجمته، ولا فى السيرة التى ذكرها ابن عبد البر فى أول الاستيعاب، وإنما رأيت ذلك حاشية فى كتاب ابن الأثير، ونصها: قال ابن عبد البر: لما خرج رسول اللهصلى الله عليه وسلم، فى شهر ربيع الأول، واستعمل على المدينة السائب بن عثمان بن مظعون، حتى بلغ بقراط. انتهى. كذا فى الحاشية: بقراط، وهو تصحيف من ناسخها، والصواب بواط كما سبق. وقال الذهبى: كان من الرّماة المذكورين. انتهى. 1247 ـ السائب بن عمر بن عبد الرحمن بن السائب المخزومى: [روى عن حفص بن عبد الله بن صيفى، وعبد الله بن عبيد الله بن أبى مليكة، وعيسى بن موسى، ومحمد بن الحارث المخزومى. روى عنه روح بن عبادة، وزيد بن الحباب، وأبو عاصم الضحاك، وعبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح، ويحيى بن سعيد القطان. وثقة أحمد بن حنبل، وإسحاق بن منصور، ويحيى بن معين. وقال أبو حاتم: لا بأس به. وقال النسائى: ليس به بأس. وذكره ابن حبان فى الثقات. روى له البخارى فى الأدب، وأبو داود، والنسائى (1)] (2).

_ 1247 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2305، الجرح والتعديل الترجمة 1052، تاريخ الإسلام 6/ 180، الكاشف الترجمة 1810، تهذيب ابن حجر 3/ 449، خلاصة الخزرجى الترجمة 2350، تهذيب الكمال 2170). (1) أخرجه النسائى فى الكبرى، باب موضع الصلاة من الكعبة، حديث رقم (389) من طريق: عمرو بن على أبو حفص قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان قال: حدثنى السائب ابن عمر قال: حدثنى محمد بن عبد الله بن السائب عن أبيه أنه كان يقود ابن عباس ـ

1248 ـ السائب بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى القرشى الأسدى

1248 ـ السائب بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى القرشى الأسدى: أخو الزبير بن العوام، شقيقه، أمهم صفية بنت عبد المطلب، عمة النبىصلى الله عليه وسلم، شهد أحدا والخندق، وسائر المشاهد، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستشهد يوم اليمامة. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر وابن الأثير. وحكى ابن الأثير فى اسم أمه غير ما سبق؛ لأنه قال: أمه صفية عمة النبىصلى الله عليه وسلم، وقيل أم هالة بنت أهيب بن عبد مناف بن زهرة القرشية الزهرية. والأول أصح. وقالت صفية للسائب، وكان يؤذيها (1): يسبنى السائب من خلف الجدر ... لكن أبو الطاهر زبّار أمر وكانت صفية تكنى الزبير: أبا الطاهر. انتهى. 1249 ـ السائب بن فروخ المكى، أبو العباس: الشاعر الأعمى، والد العلاء بن السائب، روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عمر بن الخطاب. روى عنه حبيب بن أبى ثابت، وعطاء بن أبى رباح، وعمرو بن دينار. روى له الجماعة.

_ ـ ويقيمه عن الشقة الثالثة مما يلى الركن الذى يلى الحجر مما يلى الباب ويقول ابن عباس: أما أنبئت أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم كان يصلى هاهنا؟ فيقول: نعم. فيقوم فيصلى. وأخرجه أبو داود فى سننه، فى باب الملتزم، حديث رقم (1865) من طريق: عبيد الله بن عمر بن ميسرة أخبرنا يحيى بن سعيد أخبرنا السائب بن عمر المخزومى قال: حدثنى محمد ابن عبد الله بن السائب عن أبيه أنه كان يقود ابن عباس فيقيمه عند الشقة الثالثة مما يلى الركن الذى يلى الحجر مما يلى الباب، فيقول له ابن عباس: «نبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى هاهنا، فيقول: نعم، فيقوم فيصلى». (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. أوردناه من تهذيب الكمال. 1248 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 4/ 89، المنتظم لابن الجوزى 4/ 92، الاستيعاب ترجمة 902، الإصابة ترجمة 3077، أسد الغابة ترجمة 1918، التاريخ الصغير 1/ 34، دائرة معارف الأعلمى 19/ 96). (1) انظر: (أسد الغابة ترجمة 1918). 1249 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 6/ 27، تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 189، تاريخ الدارمى الترجمة 470، علل ابن المدينى 67، علل أحمد 1/ 273، 405، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2298، المعرفة ليعقوب 2/ 703، الجرح والتعديل الترجمة 1045، الجمع لابن القيسرانى 2/ 202، الكاشف الترجمة 1811، تهذيب ابن حجر 3/ 449، خلاصة الخزرجى الترجمة 2351، تهذيب الكمال 2171).

1250 ـ السائب بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحى

وقال حبيب بن أبى ثابت: كان صدوقا. وقال أحمد بن حنبل والنسائى: ثقة. وقال يحيى بن معين: ثبت. وقال ابن سعد: كان بمكة زمن ابن الزبير، وهواه مع بنى أمية. وكان قليل الحديث. وذكره ابن سعد ومسلم بن الحجاج، فى تابعى أهل مكة. 1250 ـ السائب بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحى: أخو عثمان بن مظعون، شقيقه. قال ابن عبد البر: كان من المهاجرين الأولين إلى أرض الحبشة، وشهد بدرا، ولا أعلم متى مات. وذكر أنه لا عقب له ولا لأخيه عثمان، وأن ابن عقبة لم يذكر السائب فى البدريين، قال: وذكره هشام بن محمد ـ يعنى الكلبى ـ وغيره من المهاجرين مع البدريين مع أخيه. وذكر الذهبى: أن النبى صلى الله عليه وسلم استخلفه على المدينة. انتهى. وقد سبق قريبا، أن النبىصلى الله عليه وسلم استعمل ابن أخيه السائب بن عثمان بن مظعون، والقصة فيما أحسب واحدة، والله أعلم. 1251 ـ السائب بن هشام بن عمرو بن ربيعة القرشى العامرى: من بنى عامر بن لؤى، تقدم نسبه عند ذكر أبيه. وكان أبوه ممن يتعاهد بنى هاشم فى الشعب بمكة. قال ابن ماكولا: وأما السائب بن هشام، يقال إنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم، وشهد فتح مصر، وولى القضاء بها والشرط لمسلمة بن مخلّد، وكان من جبناء قريش. انتهى. ذكره هكذا ابن الأثير وقال: مخلدّ بضم الميم وتشديد اللام المفتوحة. انتهى. وقوله: نسبه عند ذكر أبيه، ليس ذلك فى ترجمته، فإنه موضع ترجمته أن يكون بعد، فى آخر حرف الهاء. 1252 ـ السائب الجمحى، أبو عثمان المكى، مولى أبى محذورة: روى عن مولاه أبى محذورة. وعنه ابنه عثمان بن السائب.

_ 1250 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 904، الإصابة ترجمة 3079، أسد الغابة ترجمة 1922). 1251 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 905، أسد الغابة ترجمة 1923، الإصابة ترجمة 3080). 1252 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 4/ 1047، الكاشف الترجمة 1814، ميزان الاعتدال الترجمة 3075، تهذيب ابن حجر 3/ 451، خلاصة الخزرجى الترجمة 2354 تهذيب الكمال 2175).

روى له أبو داود (1) والنسائى (2)، حديثا واحدا، فى أذان مولاه أبى محذورة بين يدى

_ (1) فى السنن، فى كتاب الصلاة، حديث رقم (422) من طريق: مسدد حدثنا الحارث ابن عبيد عن محمد بن عبد الملك بن أبى محذورة عن أبيه عن جده قال: قلت: يا رسول الله علمنى سنة الأذان. قال: فمسح مقدم رأسى وقال: تقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ترفع بها صوتك ثم تقول: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله تخفض بها صوتك ثم ترفع صوتك بالشهادة أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حى على الصلاة حى على الصلاة حى على الفلاح حى على الفلاح. فإن كان صلاة الصبح قلت: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. حدثنا الحسن بن على حدثنا أبو عاصم وعبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرنى عثمان بن السائب أخبرنى أبى وأم عبد الملك بن أبى محذورة عن أبى محذورة عن النبى صلى الله عليه وسلم نحو هذا الخبر: وفيه: الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم فى الأولى من الصبح: قال أبو داود: وحديث مسدد أبين قال فيه: قال: وعلمنى الإقامة مرتين مرتين الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حى على الصلاة حى على الصلاة حى على الفلاح حى على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. وقال عبد الرزاق: وإذا أقمت فقلها مرتين قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة أسمعت. قال: فكان أبو محذورة لا يجز ناصيته ولا يفرقها لأن النبى صلى الله عليه وسلم مسح عليها. (2) فى السنن الصغرى، فى كتاب الأذان، حديث رقم (629) من طريق: إبراهيم بن الحسن قال: حدثنا حجاج عن ابن جريج عن عثمان بن السائب قال: أخبرنى أبى وأم عبد الملك بن أبى محذورة عن أبى محذورة قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين خرجت عاشر عشرة من أهل مكة نطلبهم فسمعناهم يؤذنون بالصلاة فقمنا نؤذن نستهزئ بهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد سمعت فى هؤلاء تأذين إنسان حسن الصوت، فأرسل إلينا، فأذنا رجل رجل وكنت آخرهم فقال حين أذنت: تعال فأجلسنى بين يديه فمسح على ناصيتى وبرك على ثلاث مرات ثم قال: اذهب فأذن عند البيت الحرام قلت: كيف يا رسول الله فعلمنى كما تؤذنون الآن بها الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حى على الصلاة حى على الصلاة حى على الفلاح حى على الفلاح الصلاة خير من النوم فى الأولى من الصبح قال: وعلمنى الإقامة مرتين الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا ـ

1253 ـ سبأ بن شعيب اليمنى

النبى صلى الله عليه وسلم بحنين، وأمر النبى صلى الله عليه وسلم له بالأذان لأهل مكة، ومسح على ناصية أبى محذورة. وقد وقع لنا هذا الحديث عاليا فى الطبرانى. وذكره ابن حبان فى الثقات. 1253 ـ سبأ بن شعيب اليمنى: ذكره الميورقىّ، وترجمه بمفتى مكة، وترجمه فى موضع آخر: بمفتى الحرمين. وذكر فتوى أفتاه بها؛ لأنه قال: إن ابن أبى الصيف قال: يجوز تقديم طواف الوداع يوم النحر، مع طواف الإفاضة، لمن عزم أنه ينفر من منى، وعزا ذلك إلى الجوينىّ إمام الحرمين، قال: وأفتانى بذلك الفقيه سبأ بن شعيب، أحد مفتى الحرمين، بحضرة الإمام أحمد بن عجيل، بمسجد الخيف من منى، وعزم علىّ مع الفتوى، على النفر من منى مع أصحابى، قال: وربما أفتيت بفتواه لمن احتاج إلى ذلك، قال: وإنما أتيت بهذه النصوص، تمهيدا لأحد مشايخى، الذى قال فى نفر بجيلة وثقيف ما تقدم، وذكر أنه توفى سنة خمس وستين وستمائة. 1254 ـ سباع بن ثابت الخزاعى، حليف بنى زهرة: روى عن عمر بن الخطاب، وابن عمه محمد بن ثابت بن سباع، والد خيرة بنت محمد، على خلاف فيه، وأم كرز الكعبّية الخزاعية. روى عنه: عبيد الله بن أبى يزيد، وقيل عن عبيد الله بن أبى يزيد، عن أبيه، عنه. روى له أصحاب السنن الأربعة، ذكره ابن حبان فى الثقات. وذكره محمد بن سعد، ومسلم بن الحجاج، فى تابعى أهل مكة. وذكر ابن سعد: أنه كان قليل الحديث. وذكره ابن الأثير فى الصحابة لأنه قال: سباع بن ثابت. روى ابن قانع بإسناده عن ابن عيينة، عن عبيد الله بن أبى يزيد، عن سباع بن ثابت، قال: أدركت أهل الجاهلية يطوفون بين الصفا والمروة. انتهى.

_ ـ رسول الله حى على الصلاة حى على الصلاة حى على الفلاح حى على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. قال ابن جريج: أخبرنى عثمان هذا الخبر كله عن أبيه وعن أم عبد الملك بن أبى محذورة أنهما سمعا ذلك من أبى محذورة. 1254 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 2177، طبقات ابن سعد 5/ 464، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 430 ـ 431، الجرح والتعديل الترجمة 1362، أسد الغابة 2/ 259، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 208، ميزان الاعتدال الترجمة 3076، الكاشف الترجمة 1815، تهذيب ابن حجر 3/ 452، الإصابة الترجمة 3078، خلاصة الخزرجى الترجمة 2357).

1255 ـ سبرة (1) بن فاتك الأسدى

1255 ـ سبرة (1) بن فاتك الأسدى: أسد خزيمة، أخو أم أيمن، وخزيم ابنى فاتك. قال ابن أخيه أيمن بن خزيم: إن أبى وعمى شهدا بدرا، وعهدا إلىّ أن لا أقاتل مسلما. يعد سبرة فى الشاميين. روى عنه بشر بن عبيد الله، وجبير بن نفير. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر. وابن الأثير، قال: ومن حديثه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الموازين بيد الرحمن، يرفع قوما ويضع آخرين». قال: وقال عبد الله بن يوسف: سبرة بن فاتك، هو الذى قسم دمشق بين المسلمين. وقال: أخرجه الثلاثة. انتهى. 1256 ـ سبرة بن الفاكه، ويقال ابن أبى الفاكه: قال ابن الأثير: قيل إنه مخزومى. وذكر ابن أبى عاصم، أنه أسدى من أسد بنى خزيمة، روى عنه سالم بن أبى الجعد، وعمارة بن خزيمة. ويعد فى الكوفيين، ثم قال: أخرجه الثلاثة، يعنى ابن عبد البر وابن مندة وأبا نعيم. وذكره ابن عبد البر أخصر مما ذكره ابن الأثير. وذكره المزى فى التهذيب، وذكر فى اسم أبيه ما لم يذكره ابن الأثير؛ لأنه قال: سبرة بن الفاكه، ويقال ابن أبى الفاكه، ويقال ابن الفاكهة، له صحبة، نزل الكوفة، وله عن النبى صلى الله عليه وسلم حديث واحد. روى عنه سالم بن أبى الجعد، وعمارة بن خزيمة بن ثابت. وفى إسناد حديثه اختلاف. روى له النسائى (1).

_ 1255 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ الكبير 2/ 187، الجرح والتعديل 4/ 295، الاستيعاب ترجمة 911، الإصابة ترجمة 3092، أسد الغابة ترجمة 1934، الثقات 3/ 175، تجريد أسماء الصحابة 1/ 208، تلقيح فهوم أهل الأثر 373، الوافى بالوفيات 15/ 7، البداية والنهاية 3/ 319، ذيل الكاشف 505). (1) قال ابن عبد البر: قال البخارى وابن أبى خيثمة: سمرة بن فاتك ـ بالميم ـ الأسدى. ثم ذكرا سبرة بن فاتك بالباء رجلا آخر جعلاه فى باب سبرة. 1256 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 180، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2431، الجرح والتعديل الترجمة 1280، الاستيعاب ترجمة 912، أسد الغابة ترجمة 1935، الكاشف الترجمة 1818، تهذيب ابن حجر 3/ 453، الإصابة ترجمة 1935، خلاصة الخزرجى الترجمة 2361، الثقات 3/ 176، تجريد أسماء الصحابة 1/ 268). (1) أخرجه النسائى فى الصغرى، كتاب الجهاد، حديث رقم (3083) من طريق: أخبرنى إبراهيم بن يعقوب قال: حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم قال: حدثنا أبو عقيل عبد الله ابن عقيل قال: حدثنا موسى بن المسيب عن سالم بن أبى الجعد عن سبرة بن أبى فاكه ـ

1257 ـ سديف بن ميمون المكى الشاعر

وقد وقع لنا حديثه بعلو، وسياقه من مسند ابن حنبل (2)، وحديثه فى تعرض الشيطان لابن آدم، ليصده عما يريده من أفعال الخير، ولم أر قوله: وقيل ابن الفاكهة، فى مختصر تهذيب الكمال للذهبى، ولا فى مختصره للحافظ ابن حجر. ولعله سهو من ناسخ النسخة التى رأيتها. والله أعلم. 1257 ـ سديف بن ميمون المكى الشاعر: حدث عن محمد بن على الباقر. روى عنه حنان بن سدير. قال العقيلى: ليس لحديثه أصل، وكان يغلو فى الرفض. وقال الذهبى: رافضىّ [ ...... ] (1) خرج مع ابن حسن، فظفر به المنصور فقتله. انتهى. ومن الميزان للذهبى كتبت ما ذكرت من حاله. وأن حسن المشار إليه، هو محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب، خرج بالمدينة وتلقب بالنفس الزكية، فى سنة خمس وأربعين ومائة، فبعث إليه المنصور من قتله، واستعمل المنصور بعد قتله، لحرب أخيه إبراهيم بن عبد الله بن الحسن، وكان خرج بالبصرة، وهلك فى محاربته للمنصور. وكان سديف بن ميمون، قبيل دولة بنى العباس، مائلا إليهم، ويقرب دولتهم، ونال بسبب ذلك بلاء شديدا، من ضربه من أسبتا، وسجنه بمكة. وكان الذى فعل به ذلك، الوليد بن عروة السعدى، عامل مكة لمروان، خاتمة خلفاء بنى أمية. ولما قدم داود بن علىّ مكة، واليا عليها لابن أخيه أبى العباس السفاح، أطلق سديفا من السجن، وخطب سديف بين يديه خطبة، مدح فيها بنى العباس، وقال فيهم أبياتا يمدحهم بها، وسبب قتل المنصور لسديف على ما قيل، أبيات بلغته عنه، نال فيها من المنصور، منها قوله [من الكامل] (2):

_ ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقة فقعد له بطريق الإسلام فقال: تسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء أبيك فعصاه فأسلم، ثم قعد له بطريق الهجرة فقال: تهاجر وتدع أرضك وسماءك وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس فى الطول فعصاه فهاجر، ثم قعد له بطريق الجهاد فقال: تجاهد فهو جهد النفس والمال فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال فعصاه فجاهد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فمن فعل ذلك كان حقا على الله عزوجل أن يدخله الجنة ومن قتل كان حقا على الله عزوجل أن يدخله الجنة وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة أو وقصته دابته كان حقا على الله أن يدخله الجنة. (2) حديث رقم 15392. 1257 ـ انظر ترجمته فى: (الشعر والشعراء 737، الأغانى 4/ 344، ميزان الاعتدال 2/ 115 ترجمة 3483). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (2) الأبيات فى العقد الفريد 2/ 88.

أسرفت فى قتل الرعية ظالما ... فاكفف يديك إخالها مهديّها وكانت وصلت إليه مبهمة، ولم يسم قائلها، فبحث عنه، حتى أخبر أنها لسديف، فأمر بدفنه حيّا، ففعل به ذلك عبد الصمد بن علىّ، عم المنصور ونائبه على مكة. وكان سديف فى سجنه، وكان قتله فى سنة سبع أو ثمان أو تسع وأربعين ومائة، فإن عبد الصمد كان واليا [على مكة فى هذه] (3) المدة، وما ذكرناه فى سبب قتله وكيفية قتله، ذكره صاحب العقد، وما ذكرناه فى ميله إلى بنى العباس، وتقريبه لدولتهم، وضربه وسجنه وإطلاقه، وخطبته ومدحه لبنى العباس، ذكره الفاكهى، فنذكر ذلك ثم نتبعه بما ذكره صاحب العقد، ثم بما ذكره صاحب الأغانى من خبره، وما علمناه من ذلك. قال الفاكهى: «ذكر خطبة سديف بن ميمون، بين يدى داود بن على، وما لقى قبل خروج بنى هاشم ودولتهم» (4). حدثنا عبد الله بن أبى مسرة قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن حشيبر اللهبىّ، عن ابن داب، قال: لما قدم داود بن على بن عبد الله بن عباس مكة، أخرج سديف بن ميمون من الحبس وخلع عليه، ثم وضع المنبر، فخطب فأرتج عليه، فقام سديف بن ميمون فقال: أما بعد، فإن الله عزوجل، بعث محمدا صلى الله عليه وسلم، فاختاره من قريش، نفسه من أنفسهم، وبيته من بيوتهم، فكان فيما أنزل عليه فى كتابه الذى حفظه، وأشهد ملائكته على حقه: (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) [الأحزاب: 33]. وجعل الحق من بعد محمد صلى الله عليه وسلم، إلى أهل بيته، فقاتلوا على سنته وملته، بعد غض من الزمان، وتتابع الشيطان، بين ظهرانى أقوام، إن رتق حق فتقوه، وإن فتق جور رتقوه، آثروا العاجل على الآجل، والفانى على الباقى، أهل خمور وماجور وطنابير ومزامير، إن ذكروا الله لم يذكروا، وإن قوموا لحقّ أدبروا، بهذا قام زمانهم، وبه كان يعمر سلطانهم، عم الضلال فأحبطت أعمالهم، إن غر آل محمد صلى الله عليه وسلم، أولى بالخلافة منهم، فبم ولم أيها الناس؟ ، ألكم الفضل بالصحابة، دون ذوى القربى، الشركاء فى النسب، والورثة للسلب، مع ضربهم على الدين جاهلكم، وإطعامهم فى اللأواء جائعكم، وأمنهم فى الخوف سائلكم، والله ما اخترتم من حيث اختار الله لنفسه، ما زلتم تولون تيميّا مرة، وعدويّا مرة، وأسديّا مرة، وأمويّا مرة، حتى جاءكم من لا يعرف اسمه ولا نسبه، فضربكم بالسيف، فأعطيتموها عنوة، وأنتم كارهون آل محمد صلى الله عليه وسلم، أئمة

_ (3) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل، وما أوردناه من الشعر والشعراء. (4) الخطبة فى العقد الفريد 4/ 485.

الهدى، ومنار سبل التقى، كم قصم الله به من منافق طاغ، وفاسق باغ وأرباع أملاع، فهم السادة القادة الذادة، بنو عم الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنزل جبريل بالتنزيل، لم يسمع بمثل العباس، لم تخضع له الأمة إلا لواجب حق الحرمة، أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أبيه، وإحدى يديه، وجلدة ما بين عينيه، والموثق له يوم العقبة، وأمينه يوم القيامة، ورسوله يوم مكة، وحاميه يوم حنين عند ملتقى الفئتين، والشافع يوم نيق العقاب، إذ سار رسول اللهصلى الله عليه وسلم قبل الأحزاب. أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم. ويقال إن سديف بن ميمون، كان فى حبس بنى أمية، وذلك أنه كان يتكلم فى بنى أمية ويطلق فيهم لسانه ويهجوهم. وكان له فى الحساب فيما يزعمون نظر، وفى الأدب حظ وافر. وكان يجلس مع لمة له من أهل مكة وأهل الطائف، يسمرون فى المسجد الحرام إلى نصف الليل ونحوه، فيتحدثون ويخبرهم بدولة بنى هاشم إنها قريبة، فبلغ ذلك من قوله، الوليد بن عروة، وهو على مكة واليا لمروان بن محمد، وسمعت بعض أهل الطائف يقول: فاتخذ عليه الأرصاد مع أصحابه حتى أخذوه، فأخذه فحبسه، ثم جعل يجلده كل سبت مائة سوط، كلما مضى سبت، أخرجه يضربه مائة سوط، حتى ضربه أسبتا، فلما آل الأمر لبنى هاشم، وبويع لأبى العباس السفاح بالخلافة، بعث داود ابن على بن عبد الله بن عباس، فقدم مكة يوم الأربعاء سنة اثنتين وثلاثين ومائة، فلما سمع الوليد بن عروة السعدى بداود بن علىّ، أنه يريد مكة، أيقن بالهلاك، فخرج هاربا إلى اليمن، وقدم داود بن علىّ مكة، فاستخرج سديفا من الحبس، وخلع عليه وأخلده، فعند ذلك يقول سديف قصيدته التى يمدح بها بنى العباس (5) [من الخفيف]: أصبح الدين (6) ثابت الأساس ... بالبهاليل من بنى العباس ثم وضع داود بن علىّ المنبر، فخطب فأرتج عليه، فقام إليه سديف، فخطب بين يديه الخطبة التى ذكرناها. وذكر الفاكهى أن سديفا مكى، وذكر له شعرا يدل على أنه قطن بمكة؛ لأنه قال: وكان بعض المكيين يجلس عند هذين الحوضين الشرقى منهما، قال سديف بن ميمون يصف جلوسه عندهما [من الطويل]: كأنى لم أقطن بمكة ساعة ... ولم يلهنى فيها ربيب منعم ولم أجلس الحوضين شرقى زمزم ... وهيهات أينا منك لا أين زمزم

_ (5) انظر القصيدة فى الأغانى 4/ 339. (6) فى الأغانى: أصبح الملك ثابت الأساس

يحن فؤادى إن سهيل بدا له ... وأقسم أن الشوق منى لمنهم وذكر صاحب العقد شيئا من خبر سديف، لأنه قال: الرياشى عن الأصمعى قال: لما خرج محمد بن عبد الله بن الحسن بالمدينة، فبايعه أهل المدينة وأهل مكة، وخرج إبراهيم أخوه بالبصرة، فتغلب على البصرة والأهواز وواسط، قال سديف بن ميمون فى ذلك [من البسيط]: إن الحمامة يوم الشعب من حسن ... هاجت فؤاد محب دائم الحزن إنا لنأمل أن ترتد ألفتنا ... بعد التباعد والشحناء والإحن وتنقضى دولة أحكام قادتنا ... فيها كأحكام قوم عابدى وثن فانهض ببيعتكم ننهض بطاعتنا ... إن الخلافة فيكم يا بنى حسن لا عد ركنا يزيد عند نائبة ... إن أسلموك ولا ركنا ذوى يمن ألست أكرمهم قوما إذا نسبوا ... عودا وأنقاهم ثوبا من الدرن وأعظم الناس عند الناس منزلة ... وأبعد الناس من عجز ومن أفن فلما سمع أبو جعفر هذه الأبيات، استطير لها، فكتب إلى عبد الصمد بن علىّ، بأن يأخذ سديفا فيدفنه حيّا، ففعل. قال أبو الفضل الرياشى: فذكرت هذه الأبيات لأبى جعفر، شيخ من أهل بغداد، فقال: هذا باطل، الأبيات لعبد الله بن مصعب، وإنما كان سبب قتل سديف، أنه كتب أبياتا مبهمة، فكتب بها أبى جعفر، وهى: أسرفت فى قتل الرعية ظالما ... فاكفف يديك إخالها مهديها فلتأتينك راية حسنية ... جرارة يقتادها حسنيها فقال أبو جعفر لخازم بن خزيمة: تهيأ للسفر مبكرا، حتى إذا لم يبق إلا أن تضع رجلك فى الغرز، ائتنى، ففعل. فقال: انطلق إلى المدينة، فادخل مسجد النبىصلى الله عليه وسلم، فدع سارية وثانية، فإنك تنظر عند الثالثة، إلى شيخ آدم اللون طوال، يكثر التعتب، فأجلس إليه، فتوجع لآل أبى طالب، واذكر شدة الزمان عليهم ثلاثة أيام، ثم قل له فى اليوم الرابع: من يقول هذه الأبيات: أسرفت فى قتل الرعية ظالما قال: ففعل، فقال له الشيخ: إن شئت أنبأتك من أنت. أنت خازم بن خزيمة، بعثك إلىّ أمير المؤمنين لتعرف من قال هذا الشعر، فقل له: جعلت فداك، والله ما قلته، وما قاله إلا سديف بن ميمون، وإنى أنا القائل، وقد دعونى للخروج مع محمد بن عبد الله ابن الحسن [من الطويل]: دعونى وقد شالت لإبليس راية ... وأوقد للغاوين نار الحباحب

أخبار سديف ونسبه

أبا لليث تغترون يحمى عرينه ... وتلقون جهلا أسده بثعالب فلا نفعتنى ألسن إن لم أنا لكم ... ولا أحكمتنى صادقات التجارب قال: وإذا الشيخ إبراهيم بن هرمة قال: فقدمت على أبى جعفر فأخبرته الخبر، فكتب إلى عبد الصمد بن علىّ، وقد كان سديف فى حبسه، فأخذه فدفنه حيّا. وذكر صاحب الأغانى شيئا من خبره وشعره، فقال (7) [من المتقارب]: علام هجرت ولم تهجرى ... ومثلك فى الهجر لم يعذر قطعت حبالك من شادن ... أغن قطوف الخطا أحور الشعر لسديف مولى بنى هاشم. أخبار سديف ونسبه سديف بن ميمون، مولى خزاعة، وكان سبب ادعائه ولاء بنى هاشم، أنه تزوج مولاة لآل أبى لهب فادعى ولاءهم، ودخل فى جملة مواليهم على الأيام. وقيل: بل أبوه ميمون هو كان المتزوج مولاة اللهبيّين، فولدت منه سديفا، فلما يفع، وقال الشعر، وعرف بالبيان وحسن العارضة، ادعى موالى أمه، وغلبوا عليه. وسديف شاعر مقلّ، من شعراء الحجاز، ومن مخضرمى الدولتين، وكان شديد العصبية لبنى هاشم، مظهرا لذلك فى أيام بنى أمية. وكان يخرج إلى حجار صفا، فى ظاهر مكة، يقال لها صفا السّباب، ويخرج مولى لبنى أمية معه، يقال له شبيب، فيتسابان ويتشاتمان، ويذكران المثالب والمعايب، ويخرج معهما من سفهاء الفريقين، من يتعصب لهذا ولهذا، فلا يبرحون حتى تكون الجراح والشجاج، ويخرج السلطان إليهم فيفرقهم، ويعاقب الجناة. فلم تزل تلك العصبية بمكة، حتى شاعت فى العامة والسّفلة فكانوا صفين يقال لهم السّديفية والشبيبية، طول أيام بنى أمية، ثم انقطع ذلك فى أيام بنى العباس، وصارت العصبية بمكة فى الحنّاطين والجزارين. أخبرنى عمر بن عبد الله بن جميل العتكىّ، وأحمد بن عبد العزيز الجوهرى، قالا: حدثنا عمر بن شبّة، قال: حدثنى فليح بن إسماعيل قال: قال سديف قصيدة يذكر فيها أمر بنى حسن بن حسن، ومخرجهم، وأنشدها المنصور بعد قتله محمد بن عبد الله بن حسن، فلما أتى على هذا البيت (8): يا سوءتا للقوم لا كفوا ولا ... إذ حاربوا كانوا من الأحرار

_ (7) انظر الأغانى 16/ 141. (8) انظر الأغانى 16/ 143.

1258 ـ سراقة بن مالك بن جعشم بن مالك المدلجى الكنانى، يكنى أبا سفيان

فقال له المنصور: أتحرضهم علىّ يا سديف؟ قال: لا، ولكنى أؤنبهم يا أمير المؤمنين. وذكر ابن المعتز، أن العوفى حدثه عن أحمد بن إبراهيم الرياحى، قال: سلّم سديف ابن ميمون يوما على رجل من بنى عبد الدار، فقال له العبدرى: من أنت يا هذا؟ قال: أنا رجل من قومك، أنا سديف بن ميمون. فقال له: والله ما فى قومى سديف بن ميمون، قال: صدقت، لا والله، ما كان قط منهم ميمون ولا مبارك. انتهى. 1258 ـ سراقة بن مالك بن جعشم بن مالك المدلجى الكنانى، يكنى أبا سفيان: ذكره مسلم صاحب الصحيح فى الصحابة المكيين. وقال ابن عبد البر: كان ينزل قديدا، يعد فى أهل المدينة، ويقال إنه سكن مكة. روى عنه من الصحابة: ابن عباس وجابر ـ رضى الله عنهما. روى عنه سعيد بن المسيب، وابنه محمد بن سراقة. انتهى. روى له الجماعة إلا مسلما. وقال النووى: روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة عشر حديثا. روى البخارى أحدها (1).

_ 1258 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 921، الإصابة ترجمة 3122، أسد الغابة ترجمة 1955، طبقات خليفة 34، تاريخه 157، علل أحمد 1/ 201، 227، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2523، المعرفة ليعقوب 1/ 240، 395، الجرح والتعديل الترجمة 1342، جمهرة ابن حزم 187، الجمع لابن القيسرانى 1/ 209، معجم البلدان 1/ 594، 2/ 298، الكامل فى التاريخ 2/ 105، 188، 3/ 18، 80، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 209، العبر 1/ 27، الكاشف الترجمة 1825، تهذيب ابن حجر 3/ 456، خلاصة الخزرجى الترجمة 2873، شذرات الذهب 1/ 35، تجريد أسماء الصحابة 1/ 210، الرياض المستطابة 117، الأنساب 7/ 116، تهذيب الكمال 2188). (1) فى صحيحه، كتاب المناقب، حديث رقم (3616) من طريق: يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل قال ابن شهاب: فأخبرنى عروة ابن الزبير أن عائشة رضى الله عنها زوج النبى صلى الله عليه وسلم قالت: لم أعقل أبوى قط إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفى النهار بكرة وعشية فلما ابتلى المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة فقال: أين تريد يا أبا بكر فقال أبو بكر: أخرجنى قومى فأريد أن أسيح فى الأرض وأعبد ربى. قال ابن الدغنة: فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج إنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكل وتقرى الضيف وتعين على نوائب الحق فأنا لك جار ارجع واعبد ربك ببلدك فرجع وارتحل معه ابن الدغنة، فطاف ابن الدغنة عشية فى أشراف قريش فقال لهم: إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقرى الضيف ويعين على نوائب الحق، فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة وقالوا لابن الدغنة: مر أبا بكر فليعبد ربه فى داره فليصل فيها وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به فإنا ـ

_ ـ نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا، فقال ذلك ابن الدغنة لأبى بكر، فلبث أبو بكر بذلك يعبد ربه فى داره ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ فى غير داره ثم بدا لأبى بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وكان يصلى فيه ويقرأ القرآن فينقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم وهم يعجبون منه وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن وأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا: إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه فى داره فقد جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره فأعلن بالصلاة والقراءة فيه وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا فانهه فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه فى داره فعل وإن أبى إلا أن يعلن بذلك فسله أن يرد إليك ذمتك فإنا قد كرهنا أن نخفرك ولسنا مقرين لأبى بكر الاستعلان. قالت عائشة: فأتى ابن الدغنة إلى أبى بكر فقال: قد علمت الذى عاقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترجع إلى ذمتى فإنى لا أحب أن تسمع العرب أنى أخفرت فى رجل عقدت له. فقال أبو بكر: فإنى أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله عزوجل والنبى صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة. فقال النبى صلى الله عليه وسلم للمسلمين: إنى أريت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين وهما الحرتان فهاجر من هاجر قبل المدينة ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة وتجهز أبو بكر قبل المدينة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: على رسلك فإنى أرجو أن يؤذن لى. فقال أبو بكر: وهل ترجو ذلك بأبى أنت؟ قال: نعم فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر وهو الخبط أربعة أشهر. قال ابن شهاب: قال عروة: قالت عائشة: فبينما نحن يوما جلوس فى بيت أبى بكر فى نحر الظهيرة قال قائل لأبى بكر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متقنعا فى ساعة لم يكن يأتينا فيها. فقال أبو بكر: فداء له أبى وأمى والله ما جاء به فى هذه الساعة إلا أمر. قالت: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن فأذن له فدخل فقال النبى صلى الله عليه وسلم لأبى بكر: أخرج من عندك فقال أبو بكر: إنما هم أهلك بأبى أنت يا رسول الله قال: فإنى قد أذن لى فى الخروج فقال أبو بكر: الصحبة بأبى أنت يا رسول الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم قال أبو بكر: فخذ بأبى أنت يا رسول الله إحدى راحلتى هاتين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بالثمن. قالت عائشة: فجهزناهما أحسن الجهاز وصنعنا لهما سفرة فى جراب فقطعت أسماء بنت أبى بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب فبذلك سميت ذات النطاقين قالت: ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار فى جبل ثور فكمنا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبى بكر وهو غلام شاب ثقف لقن فيدلج من عندهما بسحر فيصبح مع قريش بمكة كبائت فلا يسمع أمرا يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبى بكر منحة من غنم فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء فيبيتان فى رسل وهو لبن منحتهما ورضيفهما حتى ينعق بها عامر ابن فهيرة بغلس يفعل ذلك فى كل ليلة من تلك الليالى الثلاث واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من بنى الديل وهو من بنى عبد بن عدى هاديا خريتا، والخريت الماهر ـ

_ ـ بالهداية، قد غمس حلفا فى آل العاص بن وائل السهمى وهو على دين كفار قريش فأمناه فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل فأخذ بهم طريق السواحل. قال ابن شهاب: وأخبرنى عبد الرحمن بن مالك المدلجى وهو ابن أخى سراقة بن مالك بن جعشم أن أباه أخبره أنه سمع سراقة بن جعشم يقول: جاءنا رسل كفار قريش يجعلون فى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر دية كل واحد منهما من قتله أو أسره فبينما أنا جالس فى مجلس من مجالس قومى بنى مدلج أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس فقال: يا سراقة إنى قد رأيت آنفا أسودة بالساحل أراها محمدا وأصحابه قال سراقة: فعرفت أنهم هم فقلت له إنهم ليسوا بهم ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا بأعيننا ثم لبثت فى المجلس ساعة ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتى أن تخرج بفرسى وهى من وراء أكمة فتحبسها على وأخذت رمحى فخرجت به من ظهر البيت فحططت بزجه الأرض وخفضت عاليه حتى أتيت فرسى فركبتها فرفعتها تقرب بى حتى دنوت منهم فعثرت بى فرسى فخررت عنها فقمت فأهويت يدى إلى كنانتى فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها أضرهم أم لا فخرج الذى أكره فركبت فرسى وعصيت الأزلام تقرب بى حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت وأبو بكر يكثر الالتفات ساخت يدا فرسى فى الأرض حتى بلغتا الركبتين فخررت عنها ثم زجرتها فنهضت فلم تكد تخرج يديها فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عثان ساطع فى السماء مثل الدخان فاستقسمت بالأزلام فخرج الذى أكره فناديتهم بالأمان فوقفوا فركبت فرسى حتى جئتهم ووقع فى نفسى حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزآنى ولم يسألانى إلا أن قال: أخف عنا فسألته أن يكتب لى كتاب أمن فأمر عامر بن فهيرة فكتب فى رقعة من أديم ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن شهاب: فأخبرنى عروة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقى الزبير فى ركب من المسلمين كانوا تجارا قافلين من الشأم فكسا الزبير رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثياب بياض وسمع المسلمون بالمدينة مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة فانقلبوا يوما بعد ما أطالوا انتظارهم فلما أووا إلى بيوتهم أو فى رجل من يهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب فلم يملك اليهودى أن قال بأعلى صوته: يا معاشر العرب هذا جدكم الذى تنتظرون فثار المسلمون إلى السلاح فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم فى بنى عمرو بن عوف وذلك يوم الاثنين من شهر ربيع الأول فقام أبو بكر للناس وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتا فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم يحيى أبا بكر حتى أصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه فعرف الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك فلبث رسول ـ

وقال: وجعشم، بضم الجيم والشين المعجمة، هذا قول الجمهور من الطوائف. وحكى الجوهرى، ضم الشين وفتحها. انتهى. وكان إسلام سراقة بالجعرانة، بعد انصراف النبى صلى الله عليه وسلم من حنين والطائف، ولبس سراقة سوارى كسرى بن هرموز ملك الفرس، فى زمن عمر ـ رضى الله عنه ـ وكان ذلك معجزة للنبى صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قال ذلك لسراقة لما أسلم، واتفق للنبى صلى الله عليه وسلم مع سراقة معجزة أخرى عظيمة، وهى أنه لحق بالنبى صلى الله عليه وسلم، حين هاجر من مكة ليردّه إليها، فدعا عليه النبى صلى الله عليه وسلم، فساخت قوائم فرسه إلى بطنها فى أرض صلدة، ثم نجا بدعاء النبى صلى الله عليه وسلم. وهذا خبر مشهور؛ لأنا روينا من حديث الصديق ـ رضى الله عنه ـ خبرا فى هجرته مع النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وفيه: وارتحلنا والقوم يطلبوننا، فلم يدركنا أحد منهم، إلا سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له، فقلت: يا رسول الله، هذا الطلب قد لحقنا، فقال: «لا تحزن إن الله معنا». حتى إذا دنا منّا، وكان بيننا وبينه قيد رمح أو رمحين أو ثلاثة، قلت: يا رسول الله، هذا الطلب قد لحقنا، وبكيت. قال له: «لا تبك» قال: قلت: أما والله ما على نفسى أبكى، ولكنى أبكى عليك. قال: فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم اكفناه بما شئت، فساخت قوائم فرسه إلى بطنها فى أرض صلدة، ووثب عنها وقال: يا محمد، قد علمت أن هذا عملك، فادع الله عزوجل أن ينجينى مما أنا فيه، فو الله لأعمين على من ورائى من الطلب، وهذه كنانتى، خذ منها سهما، فإنك ستمر بإبلى وغنمى، فى موضع كذا وكذا، فخذ منها حاجتك، فقال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «لا حاجة لى فيها» ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأطلق ورجع إلى أصحابه. انتهى. وهذا الذى ذكرناه من هذا الحديث، رويناه بهذا اللفظ فى مسند ابن حنبل،

_ ـ الله صلى الله عليه وسلم فى بنى عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة وأسس المسجد الذى أسس على التقوى وصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ركب راحلته فسار يمشى معه الناس حتى بركت عند مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهو يصلى فيه يومئذ رجال من المسلمين وكان مربدا للتمر لسهيل وسهل غلامين يتيمين فى حجر أسعد بن زرارة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بركت به راحلته: هذا إن شاء الله المنزل ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا فقالا: لا بل نهبه لك يا رسول الله فأبى رسول الله أن يقبله منهما هبة حتى ابتاعه منهما ثم بناه مسجدا وطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم اللبن: فى بنيانه ويقول وهو ينقل اللبن هذا الحمال لا حمال خيبر هذا أبر ربنا وأطهر. ويقول: اللهم إن الأجر أجر الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة. فتمثل بشعر رجل من المسلمين لم يسم لى. قال ابن شهاب: ولم يبلغنا فى الأحاديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمثل ببيت شعر تام غير هذا البيت.

والحديث مخرج فى الكتب المشهورة: الصحيحان، والسيرة لابن إسحاق، وفيها زيادة فى خبر سراقة، فنذكر ذلك لما فيه من الفائدة. قال: فحدثنى محمد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم، عن عمه سراقة ابن جعشم، قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة مهاجرا، جعلت فيه قريش مائة ناقة، لمن رده عليهم، وذكر حديث طلبه وما أصاب فرسه، وأنه سقط عنه ثلاث مرات، قال: فلما رأيت ذلك، علمت أنه ظاهر، فناديت: أنا سراقة بن مالك بن جعشم، أنظرونى أكلمكم، فو الله لا أريبكم ولا يأتيكم منى ما تكرهونه، فقال رسول اللهصلى الله عليه وسلم، لأبى بكر ـ رضى الله عنه: «قل له ما تبتغى منا؟ » فقال لى أبو بكر، فقلت: تكتب لى كتابا يكون آية بينى وبينك، فكتب لى كتابا، فى عظم أو فى رقعة أو فى خرقة، فألقاه وأخذته فجعلته فى كنانتى، فرجعت ولم أذكر شيئا مما كان، حتى إذا فتح الله على رسوله مكة، وفرغ من حنين والطائف، خرجت ومعى الكتاب لألقاه، فلقيته بالجعرانة، فدخلت فى كتيبة من خيل الأنصار، فجعلوا يقرعوننى بالرماح، ويقولون: إليك، ماذا تريد؟ حتى إذا دنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته، والله لكأنى أنظر إلى ساقه فى غرزه كأنها جمارة، فرفعت يدى بالكتاب، ثم قلت: يا رسول الله هذا كتابك، وأنا سراقة بن مالك بن جعشم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا يوم وفاء وبرّ، ادنه، فدنوت منه، فأسلمت. وذكر حديث سؤاله عن ضالة الإبل. انتهى. وخبر لبس سراقة سوارى كسرى، وإخبار النبى صلى الله عليه وسلم بذلك، ذكره ابن عبد البر بزيادة فائدة، قال: وروى سفيان بن عيينة، عن أبى موسى، عن الحسن، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لسراقة بن مالك: «كيف بك إذا لبست سوارى كسرى؟ » فلما أتى عمر ـ رضى الله عنه ـ بسوارى كسرى ومنطقته وتاجه، دعا سراقة بن مالك ـ رضى الله عنه ـ فألبسه إياهما. وكان سراقة رجلا أزبّ، كثير شعر الساعدين. وقال له: «ارفع يديك». فقال: «الله أكبر، الحمد لله الذى سلبهما كسرى بن هرمز، الذى كان يقول: أنا ربّ الناس». وكان سراقة بن مالك بن جعشم، شاعرا مجيدا، وهو القائل لأبى جهل (1) [من الطويل]: أبا حكم والله لو كنت شاهدا ... لأمر جوادى إذ تسوخ قوائمه علمت ولم تشكك بأن محمدا ... رسول ببرهان فمن ذا يقاومه عليك بكف القوم عنه فإننى ... أرى أمره يوما ستبدو معالمه بأمر يود الناس فيه بأسرهم ... بأن جميع الناس طرّا تسالمه

_ (1) انظر الأبيات فى الاستيعاب ترجمة 921.

1259 ـ سراقة بن المعتمر بن أداة بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدى بن كعب القرشى العدوى

قال: ومات سراقة بن مالك بن جعشم، سنة أربع وعشرين، فى صدر خلافة عثمان، رضى الله عنه. وقد قيل: إنه مات بعد عثمان. انتهى. وذكر هذين القولين فى وفاته: ابن الأثير، والنووى، قال: والصحيح الأول، يعنى سنة أربع وعشرين، فإنه صدر به، والله أعلم بالصواب. 1259 ـ سراقة بن المعتمر بن أداة بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدى بن كعب القرشى العدوى: والد عمرو، شهد سراقة بدرا، قاله الكلبى. ذكره هكذا ابن الأثير، ولم أر عليه علامة أحد ممن يعلم له. 1260 ـ السرى بن عبد الله بن الحارث بن العباس بن عبد المطلب العباسى: أمير مكة، هكذا نسبه ابن حزم فى الجمهرة. وذكر أنه ولى مكة للمنصور، بعد عزل الهيثم بن معاوية، سنة ثلاث وأربعين ومائة وأتاه عهده وهو باليمامة، ووليها مع مكة. وذكر ابن جرير الطبرى، أنه كان والى مكة فى سنة أربع وأربعين ومائة، وفى سنة خمس وأربعين ومائة، وحج بالناس فيها. وذكر ابن الأثير فى كامله: أن السرى هذا، لقى ببطن أذاخر، عامل مكة للنفس الزكية محمد بن عبد الله بن الحسن، الذى خرج على المنصور فى سنة خمس وأربعين ومائة، مع عاملها على اليمن، وأن السرى هزم، ودخل مكة العاملان المشار إليهما. انتهى بالمعنى. وذكر الزبير بن بكار، أن أم السرى حمال بنت النعمان بن أبى أخرم بن عتيك بن النعمان بن عمرو بن عتيك بن عمرو بن مبذول، وهو عامر بن مالك النجار، وهو تيم اللّات. قال الزبير: فى ذلك يقول إبراهيم بن على بن هرمة، فى مدحه للسّرىّ بن عبد الله [من البسيط]: فأنت من هاشم فى بيت مكرمة ... ينمى إلى كل ضخم المجد صنديد ومن بنى الخزرج الأخيار والده ... بين العتيكين والبهلول مسعود قوم هموا أيدوا الإسلام إذ صبروا ... بالسيف والله ذو نصر وتأييد ذاك السرى الذى لولا تدفقه ... بالعرف بدنا حليف المجد والجود وقال الزبير أيضا: وكان السرى جوادا ممدحا، وله يقول حسين بن شوذب الأسدى، حين عزل عن اليمامة [من السبيط]:

_ 1259 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 2/ 19، أسد الغابة 2/ 266). 1260 ـ انظر ترجمته فى: (جمهرة الأنساب لابن حزم 18، الكامل لابن الأثير 5/ 7).

1261 ـ السرى بن يحيى بن إياس بن حرملة بن إياس الشيبانى، أبو الهيثم، ويقال أبو يحيى البصرى

راح السّرىّ وراح الجود يتبعه ... وإنما الناس مذموم ومحمود لقد تروح إذ راحت ركائبه ... من أهل حجر ورب الكعبة الجود من كان يضمن للسّؤّال حاجتهم ... ومن يقول إذا أعطاهم عودوا وقال بعض الشعراء يمدحه [من الخفيف]: أيها الناس قد برزت وطوّفت ... وأعملت فى البلاد المطيّا لم أجد كالسرى كهل قريش ... حين لا ينفع الحياء الحيّيا وقال له الحنفى [من البسيط]: إن السرى بن عبد الله قال لنا ... خيرا وكان وفيّا بالذى وعدا وما رأيتك فى قوم وإن كثروا ... إلا تبينت فى عرنينك الكرما نلقاك فى الأمر حمالا أخا ثقة ... وفى الهزاهز ليثا يضرب البهما انتهى من كتاب الزبير. 1261 ـ السرى بن يحيى بن إياس بن حرملة بن إياس الشيبانى، أبو الهيثم، ويقال أبو يحيى البصرى: سمع الحسن البصرى، وثابتا البنانىّ، وعبيد الله بن عبيد بن عمير، وعمرو بن دينار، وغيرهم. روى عنه حماد بن زيد، وابن المبارك، وابن وهب، وأبو داود الطيالسى. وروى له البخارى فى الأدب، والنسائى (1). قال يحيى بن معين: ثقة ثبت. ووثقه أحمد، ويحيى القطان، وأبو زرعة.

_ 1261 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 3/ 132، 4/ 202، 7/ 30، 205، تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 190، ابن طهمان الترجمة 182، طبقات خليفة 223، تاريخه 445، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2397، المعرفة ليعقوب 1/ 577، 629، 2/ 33، 42، 53، 63، 64، 75، 3/ 26، 277، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 632، تاريخ واسط 207، الجرح والتعديل الترجمة 1217، ثقات ابن شاهين، الترجمة 485، السابق واللاحق 343، الكاشف الترجمة 1832، ميزان الاعتدال الترجمة 3093، تهذيب ابن حجر 3/ 460، خلاصة الخزرجى الترجمة 2367، تهذيب الكمال 2195). (1) فى السنن الصغرى، حديث رقم (5609) من طريق: سويد قال: أنبأنا عبد الله عن السرى بن يحيى قال: حدثنا أبو حفص إمام لنا وكان من أسنان الحسن عن أبى رافع أن عمر بن الخطاب رضى اللهم عنهم قال: إذا خشيتم من نبيذ شدته فاكسروه بالماء. قال: عبد الله من قبل أن يشتد.

1262 ـ سعادة المغربى

قال صاحب الكمال: قال أبو سعيد بن يونس: قدم مصر، وكتبت عنه، وخرج يريد الحج، فتوفى بمكة، فى ذى الحجة سنة تسع وستين ومائة. وقال الذهبى: قال ابن أبى عاصم: مات سنة سبع وستين. انتهى. 1262 ـ سعادة المغربى: ذكره ابن فرحون فى كتابه «نصيحة المشاور» قال: كان لنا شيخ عظم القدر، كاشف لأسرار الحقيقة، كانت إقامته بمكة والمدينة، يتردد بينهما، وكان قد اشتهر فى زمانه بين إخوانه، أنه من أرباب الحظوة، وممن تطوى له الأرض، كان يتأهب لصلاة الجمعة بمكة، فيرى فى المدينة يصليها، ثم يرجع، فربما أدرك الصلاة، وربما يوافق دخوله المسجد الحرام وخروج الناس من الصلاة، فيقال له: يا سيدى، فاتتك الجمعة، فيقول: نصليها إن شاء الله، يريد الجمعة المستقبلة. وخرج معه خادمه مرة، فقال له لما أن قربا من المدينة: يا سيدى قد يسألنى بعض الفقراء عن مدة سفرنا، فما يكون جوابى؟ فقال له الشيخ: اكتم ما رأيت، ولا تقل إلا حقا. فلما دخلوا المدينة الشريفة، سلم عليهم الفقراء، وقالوا للخادم: متى خرجتم من مكة؟ فقال: يوم الجمعة، وتخلص منهم بذلك، فكتم الحال، وصدق فى المقال. وله حكاية غريبة، فى خروجه من بلده من المغرب، ووصوله إلى الحرمين الشريفين من هذا النوع، شاهده من لا يتّهم، وحكى عنه ذلك من له فى المجاهدة قدم وحالة وحكاياته عند أهلها مشهورة. وكان إذا قدم المدينة، احتفل الجماعة به، وتبركوا بدعائه وبكلامه، وأكثر إقامته بمكة فى رباط الموفق. توفى بمكة سنة ثلاثين وسبعمائة ـ رضى الله عنه. 1263 ـ سعد الله بن عمر بن محمد بن على الإسفرايينىّ، الشيخ سعد الدين أبو السعادات الصوفى: نزيل مكة. سمع على الميدومىّ المسلسل بالأوليّة، وسمعه على محمود بن خليفة المنبجى، وسمعه مع المسلسل بالمشابكة، على أبى العباس أحمد بن محمد بن أحمد، المعروف بابن الزقاق وبابن الجوخىّ، ومشيخته وسنن النسائى، رواية ابن السّنّى، وعليه وعلى الشهاب أحمد والأمين عبد الله، ابنى على بن محمد بن غالب الأنصارى، من

_ 1262 ـ انظر ترجمته فى: (التحفة اللطيفة 2/ 145). 1263 ـ انظر ترجمته فى: (المنهل الصافى 5/ 386).

من اسمه سعد

حرف الغين المعجمة، فى معجم ابن جميع، إلى آخر المعجم. وحدث على ما ذكر شيخنا ابن سكر، بمشيخة ابن الجوخى، وذكر أنه سمعها عليه، ولبس منها خرقة التصوف، بالكعبة المعظمة، وبمنزله من رباط رامشت. انتهى. وبلغنى أنه مات سنة ست وثمانين وسبعمائة، بعد الحج من هذه السنة بمكة، ودفن بالمعلاة. * * * من اسمه سعد 1264 ـ سعد بن خولة العامرى، من بنى عامر بن لؤى، من أنفسهم، وقيل مولى لهم: لأن بعضهم قال: هو مولى أبى رهم بن عبد العزى العامرى، وقيل حليف لهم؛ لأن ابن هشام قال: هو من اليمن، حليف لبنى عامر. وقيل كان من عجم الفرس، هاجر إلى أرض الحبشة، فى الثانية، فى قول الواقدى وابن إسحاق، وقيل لم يهاجر، وغلط قائل ذلك؛ لأنه روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، أنه قال فى عيادته لسعد بن أبى وقاص من المرض الذى أصابه بمكة: لكن سعد بن خولة البائس، قد مات فى الأرض التى هاجر منها، يعنى مكة. وشهد سعد بن خولة بدرا، على ما ذكر ابن إسحاق وابن عقبة وسليمان التيمى. وتوفى بمكة فى حجة الوداع. وقيل توفى سنة سبع، قاله محمد بن جرير الطبرى، وانفرد بذلك. ذكره بمعنى هذا ابن عبد البر. وقال: رثى رسول الله صلى الله عليه وسلم له، أن مات بمكة، يعنى فى الأرض التى هاجر منها، ويدلك على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم أمض لأصحابى هجرتهم، ولا تردهم على أعقابهم» (1).

_ 1264 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 933، أسد الغابة ترجمة 1984، الثقات 3/ 151، تجريد أسماء الصحابة 1/ 213، الجرح والتعديل 4/ 359، شذرات الذهب 1/ 11، الوافى بالوفيات 15/ 212، المعرفة والتاريخ 1/ 369، طبقات ابن سعد 3/ 311، المنتظم 3/ 131). (1) الحديث أخرجه البخارى فى صحيحه (3/ 103، 5/ 87، 225، 8/ 99). ومسلم فى صحيحه (3/ 1250، 1251)، كتاب الوصية (25)، باب الوصية بالثلث 1، حديث رقم (1628). وأبو داود فى سننه (2/ 125)، كتاب الوصايا 12، باب ما جاء فيما يجوز للموصين فى ماله، حديث رقم (2164). والترمذى فى سننه (4/ 374). وأحمد فى المسند (1/ 176، 180). والبيهقى فى السنن (6/ 268، 269، 9/ 18).

وذكر أن قوله صلى الله عليه وسلم: «لكن سعد بن خولة البائس، قد مات فى الأرض التى هاجر منها». يرد قول من يقول: إنه إنما رثى له، قبل أن يهاجر. وذلك غلط واضح؛ لأنه لم يشهد بدرا إلا بعد هجرته. وهذا لا يشك فيه ذو لبّ. انتهى. ولما مات سعد بن خولة، كانت زوجته سبيعة الأسلميّة حاملا، فوضعت بعد وفاته بليال، فأفتاها النبى صلى الله عليه وسلم بحلها من عدته، ونكاح من شئت. وقد اختلف فيما بين وضعها وموت زوجها، فقيل شهر، وقيل خمس وعشرون ليلة، وقيل أقل من ذلك. والله أعلم. ويشكل على قول من قال: إنه مات فى حجة الوداع، أن الترمذى قال: حدثنا ابن أبى عمر، قال: حدثنا سفيان عن الزهرى عن عامر بن سعد بن أبى وقاص، عن أبيه، قال: مرضت عام الفتح مرضا أشفيت منه على الموت، فأتانى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودنى. الحديث. وفى آخره. لكن البائس سعد بن خولة! يرثى له رسول اللهصلى الله عليه وسلم، أن مات بمكة. انتهى. وقال الترمذى بعد إخراجه لهذا الحديث: وفى الباب عن ابن عباس: هذا حديث حسن صحيح. انتهى. ورواه أحمد بن حنبل فى مسنده فقال: حدثنا سفيان، عن الزهرى، عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: مرضت بمكة عام الفتح. فذكره بمعناه، إلى أن قال: لكن البائس سعد بن خولة! يرثى له النبى صلى الله عليه وسلم، أن مات بمكة. وفى هذا الحديث حجة على أن سعد ابن خولة لم يمت فى حجة الوداع؛ لأن النبى صلى الله عليه وسلم، رثى له فى عام الفتح لموته بمكة. والفتح هو فتح مكة، وبينه وبين حجة الوداع، سنتان وشهران وأيام. ولم أر من نبه على هذا الإشكال فى وفاة سعد بن خولة، ولا يعارض هذا الإشكال ما فى الصحيحين وغيرهما، عن سعد بن أبى وقاص، قال: جاءنى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودنى عام حجة الوداع، من وجع اشتد بى. فذكر حديث الوصية. وفى آخره: لكن البائس سعد بن خولة! يرثى له رسول اللهصلى الله عليه وسلم، أن مات بمكة. انتهى. لأن هذا الحديث يقتضى أن النبى صلى الله عليه وسلم، رثى فى حجة الوداع، لسعد بن خولة لموته بمكة، وذلك لا يلتزم موته فى حجة الوداع، لإمكان أن يكون مات قبل حجة الوداع، بعام أو عامين أو أكثر، أو أقل من عام، وإنما رثى له النبىصلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع لأنه عاد فيها سعد بن أبى وقاص، ورأى منه كراهية للموت بمكة، لكونه هاجر منها.

1265 ـ سعد بن خولى

1265 ـ سعد بن خولى: حليف لبنى عامر بن لؤى، من أهل اليمن، ذكره بمعنى هذا، إبراهيم سعد، عن ابن إسحاق، فيمن ذكر أنه شهد بدرا من بنى عامر بن لؤى. نقل ذلك عن ابن سعد، ابن عبد البر، وقال: من المهاجرين الأولين. انتهى. وقال ابن الأثير: سعد بن خولى العامرى، من عامر بن لؤى، هاجر مع جعفر بن أبى طالب إلى أرض الحبشة، الهجرة الثانية، ونزل فيه وفى أصحابه قوله تعالى: (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) [الأنعام: 72] الآية. قاله ابن مندة وأبو نعيم. ثم ذكر ما ذكره فيه ابن عبد البر، ثم قال: أخرجه الثلاثة. وقال أبو نعيم: هو سعد ابن خولة الذى أخرجه قبل، ذكره بعض المتأخرين ـ يعنى ابن مندة ـ بترجمة. ثم قال ابن الأثير: قلت: الحق مع أبى نعيم، فإنهما واحد، ولا أدرى لم جعلوه ترجمتين، وعاداتهم فى أمثاله، أن يقولوا: قيل كذا، وقيل كذا، فى النسب وغيره، وإن كان ابن مندة وأبو عمر ظناه اثنين، فهذا غريب، فإنه ظاهر. انتهى. 1265 ـ مكرر ـ سعد بن عبد بن قيس بن لقيط الفهرى: وقيل اسمه سعيد، وسيأتى فى بابه بزيادة بيان، إن شاء الله. 1266 ـ سعد بن على بن محمد بن على بن الحسين، الحافظ الزاهد، أبو القاسم الزنجانى: شيخ الحرم بمكة. سمع بزنجان (1) محمد بن أبى عبيد، وبدمشق عبد الرحمن بن ناشر، وبمصر أبا عبد الله بن نظيف، والحسن بن ميمون، وغيرهم. روى عنه جماعة منهم: الخطيب ـ وهو أكبر منه ـ وأبو المظفر السمعانى، وأبو الفضل محمد بن طاهر المقدسى الحافظ، وقال: كان لما عزم على المجاورة، عزم على نيف وعشرين عزيمة، أنه يلزمها نفسه من المجاهدات والعبادات، ومات بعد ذلك بأربعين سنة، ولم يخل منها بعزيمة واحدة. انتهى. قلت: هذا يدل على أنه جاور بمكة أربعين سنة، والله أعلم.

_ 1265 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 2: 82، الاستيعاب 931، الإصابة 3154). 1266 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 5/ 307، العبر 3/ 276). (1) زنجان: فى خراسان، بينها وبين النهر خمسة عشر فرسخا. قالوا: أذربيجان وقزوين وزنجان كور تلى الزعفرانية فى الجبل، بينها وبين همذان ثلاثة فراسخ، سميت بذلك لأن بها زعفرانا كثيرا يسافر به إلى البلدان. انظر: الروض المعطار 294، ابن حوقل 323، الكرخى 124، نزهة المشتاق 205.

1267 ـ سعد بن قيس العنزى، وقيل القرشى

وقد ذكره الحافظ أبو سعد السمعانى، فى ذيله على تاريخ بغداد للخطيب البغدادى، فقال: طاف البلاد، ثم جاور مكة، وصار شيخ الحرم، وكان حافظا متقنا ثقة ورعا، كثير العبادة، صاحب كرامات وآيات. وكان إذا خرج إلى الحرم، يخلو الطواف، فيقبلون يده أكثر مما يقبلون الحجر الأسود. سمعت إسماعيل بن محمد بن الفضل يقول ذلك. وسئل عنه أيضا إسماعيل فقال: إمام كبير عارف بالسّنّة. وقال ابن طاهر مثله، وقال: سمعت أبا إسحاق الحبال يقول: لم يكن فى الدنيا مثل سعد بن على الزّنجانىّ فى الفضل. انتهى. قال الذهبى: ولد سعد فى حدود سنة ثمانين وثلاثمائة، أو قبلهما، وتوفى فى آخر سنة إحدى وسبعين، أو فى آخر سنة سبعين وأربعمائة بمكة. ولسعد الزنجانى قصيدة مشهورة فى السنة. 1267 ـ سعد بن قيس العنزى، وقيل القرشى: سماه النبى صلى الله عليه وسلم: سعد الخير. ذكره هكذا ابن الأثير، وذكر شيئا من روايته، وعزاه لابن مندة وأبى نعيم، وقال: قال أبو نعيم: العنسىّ، عوض العنزىّ. انتهى. وذكره الذهبى مختصرا. 1268 ـ سعد بن أبى وقاص، واسم أبى وقاص مالك بن أهيب، وقيل وهيب، ابن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشى الزهرى، أبو إسحاق: أحد العشرة الذين شهد لهم النبى صلى الله عليه وسلم بالجنة، وتوفى وهو عنهم راض، وأحد الستة

_ 1267 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 2/ 289، الإصابة 2/ 32). 1268 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 1/ 321، 334، 2/ 4، 31، 114، 3/ 38، 88، 101، 271، 321، 4/ 264، 6/ 92، 98، 7/ 3، تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 193، نسب قريش 94، 251، 263، 269، 393، 421، طبقات خليفة 15، 126، تاريخ خليفة 223، فضائل الصحابة 2/ 748، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1908، وتاريخه الصغير 1/ 26، 51، 69، 72، 83، 91، 100 ـ 101، 104، 108، 114، المعارف 550، الكنى للدولابى 1/ 63، الجرح والتعديل الترجمة 405، مشاهيره الترجمة 10، حلية الأولياء 1/ 92، جمهرة ابن حزم، 79، 129، 167، 273، 365، الاستيعاب ترجمة 968، تاريخ بغداد 1/ 144، الجمع لابن القيسرانى 1/ 157، تلقيح ابن الجوزى 48، 118، التبيين 127، 158، 182، 202، 223، 253 ـ 254، 269 ـ 270، 283، 348، 397، 452، 459، أسد الغابة 2/ 290، تهذيب الأسما واللغات 1/ 213، تاريخ الإسلام 2/ 281، العبر 1/ 60، الكاشف الترجمة 1864 ـ التجريد الترجمة 2272، تذكرة الحفاظ 1/ 22، سير أعلام النبلاء 1/ 92، نكت الهميان 155، غاية النهاية 1/ 304، تهذيب ابن حجر 3/ 483، الإصابة 3222، خلاصة الخزرجى الترجمة 2403، تهذيب الكمال 2229).

الذين جعل عمر ـ رضى الله عنه ـ الخلافة فيهم شورى، وأحد الأربعة من الصحابة الذين اعتزلوا الفتنة بعد عثمان بن عفان ـ رضى الله عنهم ـ وأحد الرجلين اللذين جمع لهما النبى صلى الله عليه وسلم بين أبويه، لرميهما بين يديه، وأحد الفرسان الشجعان من قريش، الذين كانوا يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفره. أسلم بعد ستة، فكان سبع الإسلام، ذكره ابن عبد البر وغيره، وقيل: بعد أربعة. ذكره ابن الأثير، وقال: روت عنه ابنته عائشة أنه قال: رأيت فى المنام قبل أن أسلم، كأنى فى ظلمة لا أبصر شيئا، إذ أضاء لى قمر، فاتبعته، فكأنى أنظر إلى من سبقنى إلى ذلك القمر، فأنظر إلى زيد بن حارثة، وإلى علىّ بن أبى طالب، وإلى أبى بكر ـ رضى الله عنهم ـ وكأنى أسائلهم: متى انتهيتم إلى هاهنا؟ قالوا: الساعة. وبلغنى أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم، يدعو إلى الإسلام مستخفيا، فلقيته فى شعب أجياد، قد صلى العصر فأسلمت، فما تقدمنى أحدا إلا هم. انتهى. وقال ابن المسيب، عن سعد: ما أسلم أحد إلا فى اليوم الذى أسلمت فيه، ولقد مكثت سبعة أيام، وإنى لثالث الإسلام. انتهى. نقله الحافظ ابن حجر وهو يدل على أنه أسلم بعد اثنين، والله أعلم. وكان عمره لما أسلم، سبع عشرة سنة، كذا ذكره غير واحد من المتأخرين، منهم: ابن الأثير والنووى، وجزم بأنه أسلم بعد أربعة. ونقل ابن عبد البر، عن الواقدى، عن سلمة، عن عائشة بنت سعد، عن سعد قال: أسلمت وأنا ابن تسع عشرة سنة، كذا وجدته فى الاستيعاب، التاء مقدمة على السين وفوقها نقطتان، ولعل ذلك تصحيف من الناسخ، فإنى رأيته فى تذهيب الكمال بتقديم السين، ورأيته فى نسخة من مختصره للذهبى، بتقديم التاء. والله أعلم. قال ابن عبد البر: وروى عنه أنه قال: أسلمت قبل أن تفرض الصلوات. ثم قال: وهو أول من رمى بسهم فى سبيل الله عزوجل، وذلك فى سرية عبيدة بن الحارث، وذكر له شعرا فى ذلك، منه [من الوافر]: فما يعتدّ رام من معد ... بسهم مع رسول الله قبلى انتهى. وهو أول من أراق دما فى سبيل الله تعالى؛ لأن ابن إسحاق قال فى رواية يونس بن بكير: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا صلوا ذهبوا إلى الشّعاب، فاستخفوا بصلاتهم من قومهم، فبينا سعد بن أبى وقاص ـ رضى الله عنه ـ فى نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى شعب من شعاب مكة، ظهر عليهم نفر من المشركين، فناكروهم

وعابوا عليهم دينهم، حتى قاتلوهم فاقتتلوا، فضرب سعد رجلا من المشركين بلحى جمل فشجّه، فكان أول دم أهريق فى الإسلام. انتهى. وهو آخر المهاجرين موتا على ما قال ابنه عامر، فيما نقله عن ابن الأثير. وهو آخر العشرة ـ رضى الله عنهم ـ موتا. وهو الذى كوّف الكوفة، وهذان الأمران مشهوران من خبره. وروى عن علىّ بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ قال: ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أباه وأمه لأحد، إلا لسعد بن أبى وقاص، قال له يوم أحد: ارم فداك أبى وأمى، ارم أيها الغلام الحزور. وهذا فى الترمذى بهذا اللفظ (1). وفى الصحيحين بمعناه (2)، وقد شارك سعدا فى هذه الفضيلة الزبير بن العوام ـ رضى الله عنه. فإن النبى صلى الله عليه وسلم، جمع له بين أبويه، يوم بنى قريظة وهذا فى الصحيحين أيضا (3)، من حديث عبد الله بن الزبير عن أبيه، قال الزهرى: رمى سعد يوم أحد ألف سهم. انتهى. وكان سعد رضى الله عنه، مسدّدا فى رميه، مجابا فى دعائه؛ لأنه روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اللهم أجب دعوته وسدد رميته». رواه ابن عيينة، عن إسماعيل بن خالد، عن قيس بن أبى حازم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد، فذكره. وفى الترمذى (4) عن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم استجب لسعد إذا دعاك» انتهى. ولسعد ـ رضى الله عنه ـ أخبار مشهورة فى إجابة دعائه.

_ (1) فى سننه، كتاب الأدب، حديث رقم 2755، 2756، وفى المناقب، حديث رقم 3686، 3688. (2) أخرجه البخارى فى صحيحه، فى كتاب الجهاد والسير، حديث رقم (2690)، وفى المغازى، حديث رقم (3749، 3753)، وفى الأدب، حديث رقم (5716)، ومسلم فى فضائل الصحابة، حديث رقم (4429، 4431). (3) أخرجه البخارى فى صحيحه، فى كتاب المناقب، حديث رقم (3442، 3446)، وفى المغازى، حديث (3750، 3751، 3752، 3753)، ومسلم فى صحيحه، كتاب فضائل الصحابة (4429، 4430، 4431، 4437). (4) فى سننه، فى كتاب المناقب، حديث رقم (3684).

وفى الترمذى (5) عن جابر ـ رضى الله عنه ـ قال: أقبل سعد، فقال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «هذا خالى فليرينى امرؤ خاله» انتهى. قال ابن الأثير: وإنما قال هذا؛ لأن سعدا زهرى، وأم النبى صلى الله عليه وسلم زهريّة، وهو ابن عمها، فإنها آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة، يجتمعان فى عبد مناف بن زهرة، وأهل الأم الأخوال. انتهى. ولسعد ـ رضى الله عنه ـ أحاديث كثيرة، عن النبى صلى الله عليه وسلم. وقد ذكر النووى عددها فقال: روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مائتان وسبعون حديثا، اتفق البخارى ومسلم منها على خمسة عشر، وانفرد البخارى بخمسة، ومسلم بثمانية عشر. روى له الجماعة. وقال النووى: وهو من المهاجرين الأولين، هاجر إلى المدينة قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وكان يقال له فارس الإسلام. انتهى. شهد سعد ـ رضى الله عنه ـ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا وسائر المشاهد، وأمره النبى صلى الله عليه وسلم على سرية الخرار، وأمره عمر ـ رضى الله عنه ـ على الجيوش التى أنفذها لقتال الفرس، ففتح القادسية، وجلولاء، ومدائن كسرى. وكان بعضهم يسمى جلولاء فتح الفتوح، وسميت جلولاء، لما تجللها من الشر، وبلغت الغنائم عشر ألف ألف، وقيل ثلاثين ألف ألف. وكلام ابن الأثير يقتضى أنه ولى العراق لعمر ـ رضى الله عنه ـ وفيما ذكره إيضاح لما ذكرناه من خبره وغير ذلك. فنذكر ذلك لما فيه من الفائدة، قال: واستعمل عمر بن الخطاب سعدا على الجيوش الذين سيرهم لقتال الفرس، وهو كان أمير الجيش، الذين هزموا الفرس بالقادسية، وبجلولاء. أرسل بعض الذين عنده فقاتلوا الفرس بجلولاء وهزموهم، هو الذى فتح المدائن ـ مدائن كسرى ـ بالعراق. وهو الذى بنى الكوفة وولى العراق، ثم عزله. ولما حضرت عمر ـ رضى الله عنه ـ الوفاة، جعله أحد أصحاب الشورى، وقال: إن ولى سعد الإمارة فذاك، وإلا فأوصى الخليفة بعدى أن يستعمله، فإنى لم أعزله من عجز ولا خيانة. فولاه عثمان ـ رضى الله عنه ـ الكوفة ثم عزله، واستعمل الوليد بن عقبة بن أبى معيط. انتهى. ولم يذكر ابن عبد البر لسعد بن أبى وقاص ولاية إلا الكوفة. ولم يذكر أن عمرا أوصى باستعماله، وإنما ذكر وصيته بالاستعانة به. وفيما ذكره نكت من خبره يحسن

_ (5) فى سننه، كتاب المناقب، حديث رقم 3685، وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث مجالد وكان سعد بن أبى وقاص من بنى زهرة وكانت أم النبى صلى الله عليه وسلم من بنى زهرة فلذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم: هذا خالى.

ذكرها، لتأييدها لما سبق، وبعضها لم يسبق، قال: وكان أحد الفرسان الشجعان من قريش، الذين كانوا يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مغازيه، وهو الذى كوّف الكوفة، ونفى الأعاجم، وتولى قتال فارس، أمره على ذلك عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ ففتح الله على يديه أكثر فارس. وله كان فتح القادسية وغيرها. وكان أميرا على الكوفة، فشكاه أهلها، ورموه بالباطل، فدعا على الذى واجهه بالكذب، دعوة ظهرت عليه إجابتها. والخبر بذلك مشهور، تركت ذكره لشهرته. وعزله عمر ـ رضى الله عنه ـ وذلك فى سنة إحدى وعشرين، حين شكاه أهل الكوفة، وولى عمار بن ياسر الصلاة، وعبد الله بن مسعود بيت المال، وعثمان بن حنيف مساحة الأرض، ثم عزل عمارا، وأعاد سعدا على الكوفة ثانية، ثم عزله وولى جبير بن مطعم، ثم عزله قبل أن يخرج إليها، وولى المغيرة بن شعبة، فلم يزل عليها، حتى قتل عمر ـ رضى الله عنه ـ فأقره عثمان يسيرا، ثم عزله وولى سعدا، ثم عزله وولى الوليد بن عقبة. وقد قيل: إن عمر ـ رضى الله عنه ـ لما أراد أن يعيد سعدا على الكوفة، أبى عليه، وقال: أتأمرنى أن أعود إلى قوم يزعمون أنهم يحسنون، وإننى لا أحسن أصلى، فتركه، فلما طعن عمر ـ رضى الله عنه ـ وجعله أحد الشورى، قال: إن وليها سعد فذاك، وإلا فليستعن به الوالى، فإنى لم أعزله عن عجز ولا خيانة. ورامه عمر بن سعد ـ ابنه ـ أن يدعو إلى نفسه بعد قتل عثمان ـ رضى الله عنه ـ فأبى، وكذلك رامه ابن أخيه أيضا هاشم بن عتبة، فلما أبى عليه، صار هاشم إلى علىّ بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ وكان سعد ممن قعد ولزم بيته فى زمن الفتنة، وأمر أهله ألا يخبروه بشيء من أخبار الناس، حتى تجتمع الأمة على إمام، فطمع معاوية فيه، وفى عبد الله بن عمر، وفى محمد بن مسلمة، فكتب إليهم يدعوهم إلى عونه على الطلب بدم عثمان ـ رضى الله عنه، يقول لهم: إنهم لا يكفرون ما أتوه من قتله وخذلانه إلا بذلك، ويقول: إن قاتله وخاذله سواء، فى نظم ونثر كتب به إليهم، تركت ذكره، فأجابه كل واحد منهم، يرد عليه ما جاء به من ذلك، وينكر عليه مقالته، ويعرفه أنه ليس بأهل لما يطلبه. وكان فى جواب سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه [من الوافر]: معاوى داؤك الداء العياء ... وليس لما تجئ به دواء أيدعونى أبو حسن على ... فلم أردد عليه ما يشاء وقلت له اعطنى سيفا قصيرا ... تميز به العداوة والولاء فإن الشر أصغره كبير ... وإن الظهر تثقله الدماء أتطمع فى الذى أعيى عليّا ... على ما قد طمعت به العفاء ليوم منه خير منك حيّا ... وميتا أنت للمرء الفداء

فأما أمر عثمان فدعه ... فإن الرأى أذهبه البلاء قال أبو عمر: سئل علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، عن الذين تعذروا عن بيعته والقيام معه. فقال: أولئك قوم خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل. انتهى. وقال ابن الأثير: قال أبو المنهال: سأل عمر بن الخطاب عمرو بن معدى كرب، عن خبر سعد بن أبى وقاص، فقال: متواضع فى خبائه، عربى فى نمرته، أسد فى تامورته، يعدل فى القضية، ويقسم بالسوية، ويبعد فى السرية، ويعطف علينا عطف الأم البرة، وينقل إلينا حقنا نقل الذرة. انتهى. قال ابن الأثير: التامور: عرين الأسد، وهو بيته الذى يأوى إليه. انتهى. ومن أخبار سعد رضى الله عنه فى إجابة دعائه، أن بعض أهل الكوفة شكوه إلى عمر رضى الله عنه، وقالوا: لا يحسن يصلى، فبعث عمر رضى الله عنه رجالا يسألون عنه فى مجالس الكوفة، فكانوا لا يأتون مجلسا إلا أثنوا خيرا، وقالوا معروفا، حتى أتوا مسجدا من مساجدهم، فقام رجل يقال له أبو سعدة فقال: اللهم إذ سألتمونا، فإنه كان لا يعدل فى القضية، ولا يقسم بالسوية، ولا يسير بالسرية. فقال سعد رضى الله عنه: اللهم إن كان كاذبا، فأعم بصره، وأطل فقره، وعرضه للفتن. قال عبد الملك ـ وهو ابن عمير راوى هذا الحديث ـ عن جابر بن سمرة: فأنا رأيته يتعرض للإماء فى السكك، فإذا قيل له: كيف أنت يا أبا سعدة؟ قال: كبير فقير مفتون، أصابتنى دعوة سعد. انتهى. واسم أبى سعدة: أسامة بن قتادة، فيما قال الخطيب. وهذا الحديث فى الصحيحين وغيرهما. ومنها أن امرأة كانت تطلع على سعد، فنهاها فلم تنته، فاطلعت يوما وهو يتوضأ فقال: شاه وجهك، فعاد وجهها فى قفاها. ومنها أنه نهى ابنة له عن الخروج مع زوجها إلى الشام، فلم تنته، فقال سعد: اللهم لا تبلغها ما تريد، فأدركها الموت فى الطريق. ومنها أنه نهى رجلا عن نيله من علىّ، رضى الله عنه، فلم ينته، وخوفه بالدعاء عليه، فلم ينته، فدعا عليه، فما برح حتى جاء بعير نادّ أو ناقة نادة، فخبطته حتى مات. ومنها أن ابنه عمر، ضرب غلاما لأبيه سعد، حتى سال دمه على عقبه، فقال سعد: اللهم اقتل عمر وأسل دمه على عقبه، فقتل المختار عمر بن سعد. وهذه الأخبار رويناها

فى «مجابى الدعوة» لابن أبى الدنيا، وذكرنا أكثرها بالمعنى والاختصار. قال ابن عبد البر: وروى الليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب، أن سعد بن أبى وقاص ـ رضى الله عنه ـ لما حضره الموت، دعا بخلق، جبّة له من صوف، فقال: كفنونى فيها، فإنى كنت لقيت المشركين فيها يوم بدر وهى علىّ. وإنما كنت أخبؤها لهذا اليوم، فكفن فيها. وقال ابن عبد البر: ومات سعد بن أبى وقاص ـ رضى الله عنه ـ فى قصره بالعقيق، على عشرة أميال من المدينة، وحمل إلى المدينة على رقاب الرجال، ودفن بالبقيع، وصلى عليه مروان بن الحكم. انتهى. وقد اختلف فى تاريخ موته، فقيل سنة خمس وخمسين، نقله ابن عبد البر وابن الأثير عن الواقدى. ونقله صاحبنا الحافظ ابن حجر، عن إبراهيم بن المنذر، وابن سعد، وأبى بكر بن حفص بن عمر بن سعد. وقيل سنة أربع وخمسين، نقله ابن عبد البر، عن الزبير والحسن بن عثمان وعمرو بن على الفلّاس. وقيل سنة ثمان وخمسين، نقله ابن عبد البر، عن أبى سعد، على ستة أقوال. ونقله ابن الأثير عن أبى نعيم الفضل بن دكين. وقيل توفى سنة إحدى وخمسين. وقيل سنة سبع وخمسين. حكى هذه الأقوال الثلاثة المزى فى التهذيب ولم يعزها. وذكر أن القول بوفاته سنة خمس وخمسين هو المشهور، ولم يذكر فى وفاته القول بأنها فى سنة أربع وخمسين. واختلف فى سنّة على أربعة أقوال، فقيل توفى وهو ابن أربع وسبعين، قاله الفلاس. وقيل توفى وهو ابن ثلاث وثمانين، ذكره أبو زرعة، عن أحمد بن حنبل. نقل هذين القولين، ابن عبد البر والمزى، إلا أن المزى لم يعز واحدا منهما. وقيل توفى وهو ابن اثنتين وثمانين سنة. نقله المزى ولم يعزه. وقيل توفى وهو ابن ثلاث وسبعين، نقله الحافظ ابن حجر، وكلامه يوهم أن المزى ذكره. ولم أره فى كتابه، وإنما فيه بعد الأقوال فى تاريخ وفاته: وهو ابن بضع وسبعين، وقيل أربع وسبعين. انتهى. والبضع لا يلتزم الثلاث وإن صدق عليها، والله أعلم. واختلف فى صفته، فقال ابن الأثير: قال إسماعيل بن محمد: كان سعد آدم طوالا أفطس. وقيل: كان قصيرا دحداحا غليظا، ذا هامة، شثن الأصابع، قالته ابنته عائشة. انتهى. ونقل القول الأخير فى صفته، الحافظ ابن حجر عن إبراهيم بن المنذر، وزاد فى

1269 ـ سعد بن مسعود الثقفى

آخره: وكان هو وعلىّ وطلحة والزبير رضى الله عنهم عذار يوم واحد. انتهى. واختلف فيما بين العقيق والمدينة، فقيل عشرة أميال، وقيل سبعة، حكاهما النووى، ولم يعزهما. وعلى الأول اقتصر ابن عبد البر، وعلى الثانى اقتصر ابن الأثير، وقال: فأدخل المسجد، فصلى عليه مروان، وأزواج النبى صلى الله عليه وسلم. 1269 ـ سعد بن مسعود الثقفى: عم المختار بن أبى عبيد. له صحبة. ذكره ابن عبد البر هكذا. وذكره ابن الأثير أفود من هذا؛ لأنه قال: قال البخارى: هو عم المختار بن أبى عبيد. وقال الطبرانى: له صحبة. وساق له حديثا لفظه: كان نوح عليه السلام، إذا لبس ثوبا حمد الله تعالى، وإذا أكل أو شرب، شكر، فلذلك سمى عبدا شكورا. وقال: أخرجه أبو نعيم وأبو موسى وأبو عمر، وعلم عليه: «ب د ع»، وهذه العلامة تخالف ما أسماه، فإن الدال علامة ابن مندة، والنسخة سقيمة، والله أعلم بالصواب. 1270 ـ سعد، مولى قدامة بن مظعون الجمحى: قتلته الخوارج سنة إحدى وأربعين، مع عبادة بن قرص، فى صحبته نظر. ذكره ابن عبد البر وابن الأثير، وعزاه لابن عبد البر وحده. 1271 ـ سعد المكى: روى عن ابن عمر. روى عنه واصل، مولى أبى عيينة. مات بعد المائة، ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات. وقال المزى: سعد مولى طلحة، ويقال سعيد، ويقال طلحة مولى سعد، روى عن عبد الله بن عمر بن الخطاب. روى عنه عبد الله بن عبد الله الرازى. قال أبو حاتم: لا يعرف إلا بحديث واحد. وذكره ابن حبان فى «كتاب الثقات» روى له الترمذى. وقد وقع لنا حديثه عاليا، وسياقه من مسند ابن حنبل حديث الكفل، من بنى إسرائيل، مع المرأة التى أراد وطأها، وإعراضه عن وطئها. وعن الدنانير التى أعطاها له، وتوبته. * * *

_ 1269 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ الكبير 2/ 50، الاستيعاب ترجمة 961، الإصابة ترجمة 3211، أسد الغابة ترجمة 2044، تجريد أسماء الصحابة 1/ 219، الجرح والتعديل 4/ 414، 417، طبقات ابن سعد 3/ 301، التحفة اللطيفة 137). 1270 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 978، الإصابة ترجمة 3245، أسد الغابة ترجمة 2032). 1271 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 4/ 99، تهذيب الكمال 2223، تهذيب التهذيب 3/ 485).

من اسمه سعيد

من اسمه سعيد 1272 ـ سعيد بن أحمد الأنصارى الحنفى: إمام الحنفية بالمسجد الحرام. لا أعلم من حاله سوى ما ذكرته، وهو مما استفدته من نسخة كتاب وقف رباط رامشت بمكة؛ لأنه ممن شهد على رامشت لوقفه بذلك. وقال فى تعريف نفسه: سعيد بن أحمد الأنصارى المصلى بالحنفية. وكتاب وقف رامشت، مؤرخ بشهر رمضان سنة تسع وعشرين وخمسمائة، فاستفدنا من ذلك حياة صاحب الترجمة فى هذا التاريخ. والله أعلم. 1273 ـ سعيد بن جبير بن هشام الأسدى، أسد خزيمة، مولاهم، أبو محمد، ويقال أبو عبد الله الكوفى: روى عن أبى موسى الأشعرى، وأبى هريرة، وأبى سعيد الخدرى، والضحاك بن قيس الفهرى، والعبادلة: ابن عباس، وابن الزبير، وابن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن معقل، وعدى بن حاتم، وعائشة الصديقة، وغيرهم. روى عنه الزهرى والأعمش، وعمرو بن دينار، وأيوب السختيانى، وخلق. روى له الجماعة.

_ 1273 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 1/ 21، 23، 25، 26، 72، 132، 302، 2/ 129، 3/ 17، 6/ 142، 267، 8/ 107، تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 196، ابن طهمان الترجمة 355، تاريخ الدارمى الترجمة 357، 358، طبقات خليفة 280، تاريخه 247، 287، 307، الزهد لأحمد 370، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1533، تاريخه الصغير 1/ 210 ـ 221، 226، 227، 284، سؤالات الآجرى لأبى داود الترجمة 128، 192، المعارف 445، المعرفة ليعقوب 1/ 712، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 142، 307، 456، 515، 527، 619، 654، 671، 677، تاريخ واسط 85 ـ 87، 92، 99 ـ 101، 134، 147، 166، 178 ـ 180، 191، 201، أخبار القضاة لوكيع 2/ 411، الكنى للدولابى 2/ 56، الجرح والتعديل الترجمة 29، المراسيل 74، ثقات ابن شاهين الترجمة 441، حلية الأولياء 4/ 272، أخبار أصبهان 1/ 324، طبقات الفقهاء للشيرازى 82، الجمع لابن القيسرانى 1/ 164، أنساب السمعانى 3/ 188، تهذيب الأسماء واللغات، 1/ 216، وفيات الأعيان 2/ 371، تاريخ الإسلام 4/ 2، سير أعلام النبلاء 4/ 312، الكاشف الترجمة 1880، تذكرة الحفاظ 1/ 76، العبر 1/ 612، مراسيل العلائى 233، البداية والنهاية 9/ 96، 98، غاية النهاية 1/ 305، تهذيب ابن حجر 4/ 11، طبقات المفسرين 1/ 181، خلاصة الخزرجى الترجمة 2425، شذرات الذهب 1/ 108، تهذيب الكمال 2245، المنتظم لابن الجوزى 1/ 122، 126، 177، 71، 233، 318، 7/ 3، 4، 6، 7، 8، 0، 10).

وذكره ابن عبد البر فى فقهاء مكة، من أصحاب ابن عباس وقال: كان فقيها خيرا نبيلا فاضلا، إلا أنه سكن الكوفة، وهو معدود فى الكوفيين. انتهى. وروى عن عمرو بن ميمون عن أبيه قال: لقد مات سعيد بن جبير، وما على وجه الأرض أحد إلا وهو محتاج إلى علمه. انتهى. وقد أثنى عليه ابن عباس بالعلم؛ لأنه روى عن جعفر بن أبى المغيرة: كان ابن عباس إذا أتاه أهل الكوفة يستفتونه، يقول: أليس فيكم ابن أم الدهماء؟ يعنى سعيد بن جبير. وكان مع ما رزقه من وفور العلم، وافر الحظ فى العبادة. روى عن هلال بن يساف، قال: دخل سعيد الكعبة، فقرأ القرآن فى ركعة. وروى الحسن بن صالح عن وفا، قال: كان سعيد بن جبير، يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء، فى شهر رمضان. زاد غيره: وكانوا يؤخرون العشاء. وروى عبد الملك بن أبى سليمان، عن سعيد بن جبير، أنه كان يختم القرآن فى كل ليلتين، ورويت له كرامات. منها: أنه قال لديك له: قطع الله صوتك، فما سمع له صوت. وإنما قال له ذلك؛ لأنه كان يقوم من الليل بصياح الديك، فلم يصح فى بعض الليالى حتى أصبح. فلم يصل سعيد تلك الليلة، فشق عليه، فقال ما سبق. ومنها: أن رسل الحجاج لما أخذوه، أتوا به دير راهب، دلّهم على سعيد؛ لأن الليل أدركهم، فسألوه أن يصعد معهم فأبى، فتركوه بعد أن التزم لهم أن لا يهرب. وكان يأوى إلى الدير فى الليل، لبؤة وأسد، ولأجلهما نام فى الدير رسل الحجاج. فلما دنت اللّبؤة من سعيد، تحككت به وتمسحت به، ثم ربضت قريبا منه. وأقبل الأسد فصنع مثل ذلك. ومنها: أن الحجاج حين أمر بذبح سعيد، قال سعيد: اللهم لا تسلطه على أحد يقتله بعدى، فلم يقتل بعده إلا واحدا، على ما قال سفيان بن عيينة. ومنها: أنه لما بان رأسه قال: لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، ثم قالها الثالثة فلم يتمها. ومنها على ما قيل: إن الحجاج عاش بعده خمس عشرة ليلة، ووقعت الأكلة فى بطنه، فدعا بالطبيب لينظر إليه، فنظر إليه، ثم دعا بلحم منتن فعلقه فى خيط، ثم أرسله فى حلقة، فتركه ساعة ثم استخرجه، وقد لزق به من الدم، فعلم أنه ليس بناج. ويقال إنه كان ينادى بقية حياته: ما لى ولسعيد بن جبير، كلما أردت النوم أخذ برجلى.

1274 ـ سعيد بن الحارث بن قيس بن عدى بن سعد بن سهم القرشى السهمى

وقد جرى بين سعيد جبير، والحجاج حين أراد قتله، محاورات وسؤالات، قال فيها سعيد للحجاج: إنى لأعلم أنك مخالف لكتاب الله تعالى، ترى من نفسك أمورا تريد بها الهيبة، وهى تقحمك الهلكة. ولسعيد ـ رضى الله عنه ـ فضائل أخر، منها: أنه تمكن من النجاة من رسل الحجاج فلم يفعل، وفاء بما عاهدهم عليه، وذلك أنهم لما وصلوا به واسط، سألهم أن يدعوه تلك الليلة، ليأخذ أهبة الموت، ويأتيهم إذا أصبحوا بالمكان الذى يريدون، فتوقفوا فى ذلك، ثم أجابوه لما رأوا منه من الوفاء، ليلة باتوا بالدير عند الراهب، ولما رأوه من حاله مع اللّبؤة والأسد. فلما انشق عمود الصبح، أتاهم فذهبوا به إلى الحجاج، وعرفوه بما رأوه من حاله، فصرف وجهه عنهم. وآخر أمره أنه ذبح بين يديه، على نطع فى شعبان سنة خمس وتسعين من الهجرة، ومات الحجاج فى رمضان من السنة المذكورة. وما يقال من أن الحجاج عاش بعد سعيد بن جبير ستة أشهر، فيه نظر. وهذا فى تهذيب الكمال. وما ذكرناه من أحواله ذكره المزى فى التهذيب. ونقل كثيرا منه عن أبى نعيم الأصبهانى من كتابه «الحلية» إلا قضية الدير فإنها فى «مجابى الدعوة» لابن أبى الدنيا، وإلا ما ذكرناه عن ابن عبد البر، فإن المزى لم يذكره. وذكر المزى خبرا، فيه أن خالدا القسرى قبض على سعيد بن جبير بمكة. وهذا الخبر ذكره المزى عن أبى نعيم، وهو يخالف الخبر الذى ذكره أبو نعيم، فى أخذ رسل الحجاج لسعيد بن جبير، وما اتفق له معهم ليلة الدّير وليلة قدومهم إلى واسط، والله أعلم بالصواب. وغالب ما ذكرناه من حاله، هو بالمعنى لا باللفظ، مع الاختصار. وكان سعيد بن جبير ـ رضى الله عنه ـ حين قتل، ابن تسع وأربعين سنة. وفى خبر عنه، ما يقتضى أنه حين قتل، ابن سبع وخمسين سنة، وقيل فى سنّه وتاريخ قتله غير ما ذكرناه لأن النووى، قال: وقال ابن السمعانى: قتل سنة أربع وتسعين، وهو ابن ثلاث وخمسين سنة، وقال ابن قتيبة: قتل سنة أربع وتسعين، وهو ابن تسع وأربعين سنة. انتهى. 1274 ـ سعيد بن الحارث بن قيس بن عدى بن سعد بن سهم القرشى السهمى: هاجر مع إخوته إلى الحبشة، واستشهد فيما قيل يوم اليرموك، ذكر هذا من حاله ابن

_ 1274 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 981، الإصابة ترجمة 3260، أسد الغابة ترجمة 2064، طبقات ابن سعد 4/ 149).

1275 ـ سعيد بن حاطب بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة ابن جمح القرشى الجمحى

عبد البر، وابن الأثير، وحكى فى قتله خلاف ذلك؛ لأنه قال: وقيل بل قتل بأجنادين، قاله عروة وابن شهاب، ونقل ابن الأثير القول بأنه قتل يوم اليرموك عن ابن إسحاق. وقال: قلت: يقع الاختلاف كثيرا فيمن قتل باليرموك وأجنادين والصّفر، كلها بالشام، وكذلك اختلفوا فى أى هذه الأيام قبل الآخر، وسبب هذا الاختلاف قرب بعضها من بعض. قال: لا عقب له. وقال: أخرجه أبو نعيم وأبو عمر وأبو موسى. 1275 ـ سعيد بن حاطب بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة ابن جمح القرشى الجمحى: ذكره البخارى فى الصحابة. روى ابن أبى زائدة، عن أبى صالح بن صالح، عن سعيد بن حاطب، قال: كان النبى صلى الله عليه وسلم، يخرج فيجلس على المنبر يوم الجمعة، ثم يؤذن المؤذن، فإذا فرغ قام فخطب. وروى عن الحسن بن صالح عن أبيه عن سعيد بن حاطب، أتم من هذا. أخرجه ابن مندة وأبو نعيم. ذكره هكذا ابن الأثير. وفى كتابه سقم، فليحرر. 1276 ـ سعيد بن حريث بن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى، أخو عمرو بن حريث: له صحبة. قال الواقدى: يقولون: شهد فتح مكة مع النبى صلى الله عليه وسلم، وهو ابن خمس عشرة سنة، روى عن النبى صلى الله عليه وسلم. روى عنه عبد الملك بن عمير. وقيل: عن عبد الملك، عن أخيه، عن عمرو بن حريث، عنه. روى له ابن ماجة حديثا واحدا (1). ذكره هكذا المزى فى التهذيب. وأخرجه من

_ 1275 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 2/ 304، الإصابة 2/ 45). 1276 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد: 1، طبقات خليفة 201، 626، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1512، المعرفة ليعقوب 1/ 294، الجرح والتعديل الترجمة 37، المعجم الكبير الترجمة 567، الاستيعاب ترجمة 982، التبيين فى أنساب القرشيين 346، أسد الغابة ترجمة 3266، الكامل فى التاريخ 2/ 249، تجريد أسماء الصحابة الترجمة 2305، تهذيب ابن حجر 4/ 15، الإصابة ترجمة 3262، خلاصة الخزرجى الترجمة 2428، تهذيب الكمال 2248). (1) فى سننه، كتاب الأحكام، حديث رقم (2481) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا وكيع حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن عبد الملك بن عمير عن سعيد بن حريث قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من باع دارا أو عقارا فلم يجعل ثمنه فى مثله كان قمنا أن لا يبارك فيه. حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد حدثنى إسماعيل ـ

1277 ـ سعيد بن حسان المخزومى المكى القاص

المسند لابن حنبل (2). حديثه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يبارك فى ثمن أرض أو دار، إلا أن يجعل فى أرض أو دار». وهو فى ابن ماجة. وذكره ابن عبد البر فقال: هو أسنّ من أخيه عمرو بن حريث، شهد فتح مكة مع النبى صلى الله عليه وسلم، وهو ابن خمس عشرة سنة، ثم نزل الكوفة، وغزا خراسان، وقتل بالجزيرة، ولا عقب له. روى عنه أخوه عمرو بن حريث. انتهى. وذكره ابن الأثير بمعنى هذا، إلا أنه قال بعد قوله: وغزا خراسان: وقتل بالحيرة، قتله عبيد له، وقيل: بل مات بالكوفة. انتهى. وما ذكره ابن الأثير من قتله بالحيرة هو الصواب، لا ما فى الاستيعاب، من أنه قتل بالجزيرة، ولعله تصحيف من الناسخ، فإن الزبير بن بكار، ذكر أنه قتل بظهر الحيرة. وهذا لا يخفى على ابن عبد البر، وجزم المزى بما ذكره ابن الأثير قولا فى موضع وفاته؛ لأنه قال: مات بالكوفة وقبره بها. انتهى. وهو مع أبى برزة الأسلمى، قتله عبد الله بن خطل، على ما قاله ابن إسحاق، وقيل: قتله الزبير بن العوام. وهذا فى خبر ذكره الفاكهى، وفيه تسمية ابن خطل، بهلال، وقيل فيه غير ذلك. 1277 ـ سعيد بن حسان المخزومى المكى القاص: روى عن سالم بن عبد الله بن عمر، ومجاهد بن جبر، وعبد الله بن عبيد الله بن أبى مليكة، وغيرهم. روى عنه الثورى، وابن عيينة، وابن المبارك، ووكيع، وأبو نعيم وغيرهم. روى له مسلم والترمذى والنسائى، وابن ماجة. وثقه ابن معين، وأبو داود، والنسائى، ولم يرضه أبو داود فى رواية عنه.

_ ـ ابن إبراهيم بن مهاجر عن عبد الملك بن عمير عن عمرو بن حريث عن أخيه سعيد بن حريث عن النبىصلى الله عليه وسلم مثله. (2) فى المسند برقم 1563. 1277 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 6/ 17، 39، تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 198، طبقات خليفة 283، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1546، المعرفة ليعقوب 3/ 240، تاريخ واسط 275، الجرح والتعديل الترجمة 43، الجمع لابن القيسرانى 1/ 175، تاريخ الإسلام 6/ 70، 181، الكاشف الترجمة 1885، ميزان الاعتدال الترجمة 3155، المغنى الترجمة 2369، تهذيب ابن حجر 4/ 16، خلاصة الخزرجى الترجمة 2430، تهذيب الكمال 2250).

1278 ـ سعيد بن الحويرث، ويقال ابن أبى الحويرث المكى، مولى السائب

وذكره ابن حبان فى الثقات، ووهم فيه صاحب الكمال، لأنه ذكر أنه سمع من ابن عمر وابن الزبير، والذى سمع منهما، إنما هو سعيد بن حسان الحجازى. روى له أبو داود وابن ماجة حديثا واحدا. 1278 ـ سعيد بن الحويرث، ويقال ابن أبى الحويرث المكى، مولى السائب: روى عن عبد الله بن عباس. روى عنه عمرو بن دينار، وابن جريج. روى له مسلم (1)، والترمذى فى الشمائل، والنسائى (2) حديثا واحدا، وقع لنا عاليا عنه. ووثقه النسائى وأبو زرعة وابن معين. وذكره ابن حبان فى الثقات. وذكر أن كنيته: أبو يزيد. 1279 ـ سعيد بن خالد بن سعيد بن العاص بن أمية الأموى: ذكر ابن عبد البر، أنه ولد بأرض الحبشة فى هجرة أبيه إليها. وهو ممن أقام بأرض الحبشة، حتى قدم مع جعفر فى السفينتين. انتهى. وذكره ابن الأثير بما ذكره ابن عبد البر، وقال: وذكره أبو أحمد العسكرى أيضا فى الصحابة. 1280 ـ سعيد بن أبى راشد الجمحى: روى عبد الرحمن بن سابط عن سعيد بن أبى راشد قال: سمعت رسول اللهصلى الله عليه وسلم يقول: «إن فى أمتى خسفا ومسخا وقذفا» (1) ذكره هكذا ابن الأثير، وقال: أخرجه الثلاثة.

_ 1278 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 6/ 17، طبقات خليفة 280، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1544، الجرح والتعديل الترجمة 38، الجمع لابن القيسرانى 1/ 174، الكاشف الترجمة 189، تهذيب ابن حجر 4/ 19، خلاصة الخزرجى الترجمة 2435، تهذيب الكمال 2255). (1) فى صحيحه، باب جواز أكل المحدث الطعام وأنه لا كراهة فى ذلك حديث رقم (778) من طريق: يحيى بن يحيى التميمى وأبو الربيع الزهرانى قال يحيى: أخبرنا حماد بن زيد. وقال أبو الربيع: حدثنا حماد، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن الحويرث، عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم خرج من الخلاء، فأتى بطعام، فذكروا له الوضوء فقال: «أريد أن أصلى فأتوضأ؟ ». (2) فى الكبرى، كتاب آداب الأكل، باب ترك غسل اليدين قبل الطعام، حديث رقم (6691) من طريق: عبيد الله بن سعيد قال: ثنا يحيى عن ابن جريج قال: أخبرنى سعيد ابن الحويرث عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تبرز ثم خرج فطعم ولم يمس ماء. 1279 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 4: 15، الاستيعاب ترجمة 984، الإصابة ترجمة 3263، أسد الغابة ترجمة 2069). 1280 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 3581، الاستيعاب ترجمة 985، الإصابة ترجمة 3264، أسد الغابة ترجمة 2070). (1) أخرج نحوه الترمذى فى سننه، كتاب الفتن، حديث رقم (2137).

1281 ـ سعيد بن رقيش بن ثابت الأسدى ـ أسد خزيمة ـ بن رقيش

كذا فى كتاب ابن الأثير، وعلم عليه: «س. ع» وهذا يخالف قوله: أخرجه الثلاثة، من وجهين غير خافيين. والنسخة التى رأيتها من كتابه كثيرة السقم. والله أعلم بالصواب. وذكره الذهبى وقال: روى عنه عبد الرحمن بن سابط، وأبو الزبير. له حديث. 1281 ـ سعيد بن رقيش بن ثابت الأسدى ـ أسد خزيمة ـ بن رقيش: أخو يزيد، من المهاجرين الأولين إلى المدينة، فيما ذكر ابن إسحاق. ذكره بمعنى هذا ابن الأثير، وقال: أخرجه أبو نعيم وأبو عمر وأبو موسى، ووهم فيه ابن مندة، لذكره أنه أنصارى، نبه على ذلك أبو نعيم فيما نقله ابن الأثير. وقال أبو عمر بن عبد البر: من المهاجرين الأولين، لا أعلم له رواية ولا خبرا، وسمى أباه وقيش. وحكاه الذهبى قولا فيه، والله أعلم. 1282 ـ سعيد بن زنجى: من أهل مكة. يروى عن أبى إدريس. روى عنه يعقوب بن سفيان الفارسى. ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات. 1283 ـ سعيد بن زياد الشيبانى المكى: روى عن طاوس، وزياد بن صبيح الحنفى. روى عنه سفيان بن حبيب، ووكيع، ومكى بن إبراهيم، ويزيد بن هارون، وغيرهم. روى له أبو داود (1)، والنسائى (2) حديثا واحدا.

_ 1281 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 4: 19، الاستيعاب ترجمة 986، الثقات 4/ 287، أسد الغابة ترجمة 2073). 1283 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ الدارمى، الترجمة 374، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1580، الجرح والتعديل الترجمة 90، الكاشف الترجمة 1907، تهذيب ابن حجر 4/ 31، خلاصة الخزرجى الترجمة 2456، تهذيب الكمال 2274). (1) أخرج له أبو داود حديثين: الأول، فى باب التخصر والإقعاء، حديث رقم (901) من طريق: هناد بن السرى عن وكيع عن سعيد بن زياد عن زياد بن صبيح الحنفى قال: «صليت إلى جنب ابن عمر فوضعت يدى على خاصرتى، فلما صلى قال: هذا الصلب فى الصلاة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنه». الثانى، فى باب نهيق الحمار، حديث رقم (4944) من طريق: قتيبة بن سعيد أخبرنا الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبى هلال عن سعيد بن زياد عن جابر بن عبد الله (ح). وأخبرنا إبراهيم بن مروان الدمشقى أخبرنا أبى أخبرنا الليث بن سعد قال: أخبرنا يزيد بن عبد الله بن الهاد عن على بن عمر ابن حسين بن على قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقلوا الخروج بعد هدأة الرجل فإن لله تعالى دواب يبثهن فى الأرض». قال ابن مروان: «فى تلك الساعة». وقال: فإن لله خلقا، ثم ذكر نباح الكلب والحمير نحوه. وزاد فى حديثه قال ابن الهاد وحدثنى شرحبيل الحاجب عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله.

1284 ـ سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح ـ بمثناة من تحت ـ بن عبد الله بن قرط بن رزاح ـ براء مهملة مفتوحة ثم زاى معجمة وحاء مهملة ـ بن عدى بن كعب بن لؤى القرشى العدوى

وقال ابن معين: صالح. وقال عثمان الدارمى عن ابن معين: ثقة. وقال العجلى: كوفى ثقة. وقال الدارقطنى: يعتبر بحديثه، ولا يحتج به، لا أعرف له إلا حديث التّصليب. انتهى. 1284 ـ سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح ـ بمثناة من تحت ـ بن عبد الله بن قرط بن رزاح ـ براء مهملة مفتوحة ثم زاى معجمة وحاء مهملة ـ بن عدى بن كعب بن لؤى القرشى العدوى: أحد العشرة الذين شهد لهم النبى صلى الله عليه وسلم بالجنة، وتوفى وهو عنهم راض، يكنى أبا الأعور، وقيل أبو ثور، والأول أكثر. قاله ابن الأثير.

_ (2) ثلاثة أحاديث فى الكبرى: الأول فى باب النهى عن التخصر، حديث رقم (968) من طريق: حميد بن مسعدة عن سفيان وهو ابن حبيب بصرى عن سعيد بن زياد عن زياد ابن صبيح قال: صليت إلى جنب ابن عمر فوضعت يدى على خصرى فقال لى: هكذا ضربة بيده فلما صليت قلت لرجل: من هذا؟ قال: عبد الله بن عمر قلت: يا أبا عبد الرحمن ما رابك منى؟ قال: إن هذا الصلب وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عنه. والثانى فى باب كيف الاستغفار، حديث رقم (10225) من طريق: أحمد بن عثمان بن حكيم حدثنا خالد بن مخلد، حدثنى سعيد بن زياد وهو المكتب مولى بنى زهرة، سمعت سليمان بن يسار يحدث عن مسلم بن السائب بن خباب، قالوا: يا رسول الله كيف نستغفر؟ قال: قولوا اللهم اغفر لنا وارحمنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم. الثالث: فى باب ما يقول إذا سمع نباح كلب، حديث رقم (10679) من طريق: قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث عن خالد وهو ابن يزيد عن سعيد وهو ابن هلال عن سعيد بن زياد عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر أهل الإسلام أقلوا الخروج بعد هدو الرجل، فإن لله دواب يبثهن فى الأرض فمن سمع نباح كلب أو نهاق حمار فليستعذ بالله من الشيطان فإنهن يرين ما لا ترون. 1284 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 2/ 8، 3/ 58، 162، 289، 291، 6/ 92، 8/ 209، تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 199، نسب قريش 433، طبقات خليفة 22، 127، تاريخ خليفة 218، علل أحمد 1/ 224، 290، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1509، تاريخه الصغير 1/ 101، 108، 112 ـ 113، المعارف 245، المعرفة ليعقوب 1/ 213، 216، 291، 292، 3/ 163، 166، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 222 ـ 223، 682، الكنى للدولابى 1/ 11، الجرح والتعديل الترجمة 85، مشاهير علماء الأمصار، الترجمة 11، حلية الأولياء 1/ 95، جمهرة ابن حزم 151، 170، الاستيعاب 987، الجمع لابن القيسرانى 1/ 162، تلقيح ابن الجوزى 119، التبيين فى أنساب القرشيين 3810377، 436، 449، الكامل فى التاريخ 1/ 593، 2/ 85، 137، 331، 3/ 162، 169، 192، 221، أسد الغابة 2076، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 217، تاريخ الإسلام 1/ 285، سير أعلام النبلاء 1/ 124، التجريد الترجمة 1911، تهذيب ابن حجر 4/ 34، الإصابة 3271، خلاصة الخزرجى الترجمة 2460، شذرات الذهب 2/ 57، تهذيب الكمال 2278).

وهو ابن عم عمر بن الخطاب، وصهره زوج اخته فاطمة بنت الخطاب، وعمر أيضا زوج أخته عاتكة بنت زيد. قال الواقدى: عن محمد بن صالح، عن يزيد بن رمان: أسلم سعيد بن زيد، قبل أن يدخل دار الأرقم. انتهى. قال ابن عبد البر: وكان إسلامه قديما قبل عمر، وبسبب زوجته كان إسلام عمر، وكان من المهاجرين الأولين. وذكره ابن إسحاق فى المهاجرين المتقدمى الإسلام. وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها إلا بدرا. وقيل شهدها، وهذا فى البخارى. والأكثرون على أنه لم يشهدها، ولكن ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره؛ لأن الزهرى وابن عقبة وابن إسحاق وغيرهم، قالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ضرب له بسهمه وأجره. انتهى. وإنما لم يشهد بدرا لغيبته بالشام، وبعضهم لا يذكر لغيبته سببا، وبعضهم يذكر سببها، منهم الزبير بن بكار؛ لأنه قال: سعيد بن زيد من المهاجرين الأولين، ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم بدر بسهمه وأجره، وكان بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطلحة بن عبيد الله، يتجسّسان له أمر عير قريش، قبل أن يخرج من المدينة، فلم يحضرا بدرا، وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهميهما وأجرهما. انتهى. وذكر ذلك الواقدى مطولا ومختصرا، وشهد سعيد اليرموك، وحصار دمشق، فيما ذكر ابن الأثير والنووى. وقال النووى: روى له عن النبى صلى الله عليه وسلم، ثمانية وأربعون حديثا، اتفقا على حديثين، وانفرد البخارى بحديث. انتهى. روى له الجماعة. قال ابن عبد البر: وكان عثمان قد أقطع سعيدا أرضا، فنزلها وسكنها إلى أن مات، وسكنها بعده من بنيه الأسود بن سعيد. وكان له أربعة بنين: عبد الله، وعبد الرحمن، ويزيد، والأسود، كلهم أعقب وأنجب. انتهى. ولم يكن سعيد بن زيد، فى الستة الذين جعل عمر الخلافة فيهم شورى؛ لأن النووى قال فى ترجمة الزبير بن العوام: وهو أحد الستة أصحاب الشّورى، الذين جعل عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ الخلافة فى أحدهم: عثمان وعلىّ وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف ـ رضى الله عنهم ـ انتهى. وكان سعيد ـ رضى الله عنه ـ من مجابى الدعوة؛ لأنه دعا على أروى بنت أوس

بالعمى، وموتها فى بئرها بأرضها، فاتفق لها ذلك. ولذلك قصة، وهى أن أروى شكت سعيد بن زيد فى أرضه بالشجرة، إلى مروان بن الحكم أمير المدينة، فأوجب على سعيد يمينا، فترك سعيد لها ما ادّعته، وقال: اللهم إن كانت أروى كاذبة فأعم بصرها، واجعل قبرها فى قعر بئرها، ثم جاء سيل، فأبدى ضفيرتها، فرأوا حقها خارجا عن حق سعيد، ورأى ذلك مروان فى جماعة من الناس؛ لأن سعيدا سأله أن يركب معه لينظر إلى ذلك، ثم إن أروى خرجت فى بعض حاجتها بعد ما عميت، فوقعت فى البئر فماتت. هذا معنى ما ذكره الزبير، فى خبر أروى مع سعيد. وذكر ذلك الليث بن سعد. وفى خبره غير ما ذكره الزبير؛ لأن فيه: إن أروى زعمت أن سعيدا بنى الضّفيرة فى حقّها ظلما، وذكرت ذلك لعبد اللهبن عمر بن الخطاب وغيره، وتوعدت زيدا بالصياح عليه فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن لم ينزع، فكلمه ابن عمر وأخبره بقولها، فقال سعيد ـ رضى الله عنه: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من يأخذ شبرا من الأرض يطوقه الله يوم القيامة من سبع أرضين» (1). فلتأخذ ما لها من حق، اللهم إن كانت كاذبة علىّ فلا تمتها حتى تعمى بصرها، وتجعل ميتتها فيها. فجاءت فهدمت الضفيرة، وبنت بنيانا، فلم تمكث إلا قليلا، حتى عميت، وكانت تقوم بالليل ومعها جارية لها تقودها، لتوقظ العمال، فقامت ليلة وتركت الجارية لم توقظها، فخرجت تمشى حتى سقطت فى البئر، فأصبحت ميتة. وهذا الخبر فى الاستيعاب أطول من هذا. وما ذكرناه منه مختصرا بالمعنى، وفى الاستيعاب أيضا، الخبر الذى ذكرناه بالمعنى عن الزبير، أطول مما ذكرناه. وقد نقل المزى فى التهذيب، عن الزبير بن بكار، خبر أروى مع سعيد، وفيه مخالفة اللفظ وزيادة ونقص، عما ذكره ابن عبد البر عن الزبير. فمن الزيادة: أن أروى سألت سعيدا أن يدعو لها، وقالت: إنى قد ظلمتك، فقال: لا أرد على الله تعالى شيئا أعطانيه. وحديث مخاصمة أروى لسعيد، ودعائه عليها، وإجابة دعائه عليها، فى الصحيحين. وقد اختلف فى تاريخ موته، فقيل سنة إحدى وخمسين. قاله يحيى بن بكير، وابن نمير، وخليفة بن خياط، وغير واحد. وقيل مات سنة اثنتين وخمسين، قاله عبد الله بن سعد الزهرى. وقيل سنة خمسين، أو إحدى وخمسين على الشك. ذكره الواقدى. وهذه الأقوال الثلاثة، ذكرها المزى بمعنى ما ذكرناها. وعلى الثالث اقتصر ابن عبد البر. ورأيت فى كتاب ابن الأثير قولا، إنه مات سنة ثمان وخمسين، ولم يعزه، وأخشى أن يكون تصحيفا، فإن النسخة سقيمة، حكاه بعد حكاية للقول بوفاته على الشك.

_ (1) أخرجه مسلم فى صحيحه حديث رقم (1611) من طريق: زهير بن حرب، حدثنا جرير، عن سهيل، عن أبيه، عن أبى هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يأخذ أحد شبرا من الأرض بغير حقه إلا طوقه الله إلى سبع أرضين يوم القيامة».

1285 ـ سعيد بن سالم القداح، أبو عثمان المكى الفقيه

واختلف فى موضع وفاته، فقيل بالمدينة، وقيل بالكوفة، ذكرهما الواقدى؛ لأنه روى عن بعض ولده عن أبيه، قال: توفى سعيد بن زيد بالعقيق، فحمل على رقاب الرجال، فدفن بالمدينة، ونزل فى حفرته سعد، وابن عمر، ثم قال: وشهده سعد بن أبى وقاص، وابن عمر، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقومه، وأهل بيته، وولده. على ذلك يعرفونه ويزورونه. قال: وروى أهل الكوفة، أنه كان عندهم بالكوفة، فى خلافة معاوية، وصلى عليه المغيرة بن شعبة، وهو يومئذ والى الكوفة لمعاوية. انتهى. وهذا لا يستلزم خلافا فى وفاته غير ما ذكرناه؛ لأن المغيرة مات سنة خمسين أو إحدى وخمسين، ولعل سعيدا مات فى إحدى السنتين، فيكون هو القول الثالث الذى حكيناه، نعم إن كان المغيرة بن شعبة، مات سنة تسع وأربعين. قال: قال أبو عبيد، فيما نقله عنه الذهبى: فإنه يستلزم فى وفاته قولا غير ما نذكره، والله أعلم. واختلف هل مات سعيد بالعقيق أو بالمدينة؛ لأن ابن الزبير، ذكر أنه توفى بالعقيق، ثم قال: قيل توفى بالمدينة. والأول أصح. انتهى. واختلف فيمن غسّل سعيدا وحنطه، فقيل: نفيل بن عمر، وقيل سعد بن أبى وقاص. ذكرهما ابن الأثير، وذكر أن سعدا وابن عمر، نزلا فى قبره، وأن ابن عمر صلّى عليه. انتهى. وكان حين مات، ابن بضع وسبعين سنة، كذا ذكره الواقدى. وذكر علىّ بن المدينىّ: أنه مات سنة إحدى وخمسين، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، كذا فى كتاب المزى، وهو تفسير للبضع فى قول الواقدى، بلا خلاف. وقال الواقدى: وكان رجلا طوالا آدم أشعر. 1285 ـ سعيد بن سالم القداح، أبو عثمان المكى الفقيه: مفتى مكة. وقيل كوفى. سكن مكة. روى عن أيمن بن نابل، وطلحة بن عمرو الحضرمى، وابن أبى ليلى، وابن جريج، والمثنى بن الصباح، وغيرهم.

_ 1285 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 200، تاريخ الدارمى الترجمة 363، سؤالات ابن محرز الترجمة 253، 342، طبقات خليفة 284، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1611، الضعفاء الصغير للبخارى الترجمة 136، أبو زرعة الرازى 621، المعرفة ليعقوب 3/ 54، الكنى للدولابى 2/ 28، الجرح والتعديل الترجمة 128، المجروحين لابن حبان 1/ 320، السابق واللاحق 219، أنساب السمعانى 10، 72، لباب ابن الأثير 3/ 17، سير أعلام النبلاء 9/ 319، الكاشف الترجمة 1912، ميزان الاعتدال الترجمة 3186، المغنى الترجمة 2395، ديوان الضعفاء الترجمة 1708، تهذيب ابن حجر 4/ 35، خلاصة الخزرجى الترجمة 2461، تهذيب الكمال 2276).

وروى عنه بقية بن الوليد مع تقدمه، والإمام الشافعى محمد بن إدريس، وأسد بن موسى العدنى، وعلىّ بن حرب، وغيرهم. روى له أبو داود (1) والنسائى (2). قال ابن معين: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: محله الصدق. وقال أبو داود: صدوق، يذهب إلى الإرجاء. وقال عثمان بن سعيد الدارمى: ليس بذاك فى الحديث. وذكره الفاكهى فى فقهاء مكة، فقال: ثم هلك ابن جريج، فكان مفتى مكة بعده مسلم بن خالد الزنجى، وسعيد بن سالم القداح. انتهى. وذكر الفاكهى له خبرا فى المزاح ببيع الإمارة؛ لأنه قال ـ لما ذكر شق معلا مكة الشامى: حدثنا ابن أبى مسرة أبو يحيى، قال: حدثنا خالد بن سالم، مولى بن صيفىّ قال: كنا فى نزهة لنا بشعب آل عبد الله، فخرجنا نتمشى به، فإذا سعيد بن سالم القداح، وهو يومئذ فقيه أهل مكة، فى إزار، قد أقبل من ناحية ترتر، وبيده جريدة فيها ثوب قد جعله مثل البند، وهو يقول: لا حكم إلا لله، قال: فقلنا له: ما هذا يا أبا عثمان؟ قال: كنا فى نزهة لنا، فبعنا الإمارة من فلان، فجار علينا، فخرجنا عليه. انتهى. وترتر: عند أنصاب الحرم، من جهة العراق، كأنه عند حائط يعرف بحائط ترتر، للبوشجانى. ذكر ذلك بالمعنى الفاكهى. وذكره ابن عبد البر فى الفقهاء بمكة. وقال كان يفتى بمكة. قال الذهبى: مات قبل المائتين.

_ (1) فى سننه، باب فى جمع الموتى فى قبر والقبر يعلم، حديث رقم (3136) من طريق: عبد الوهاب بن نجدة أخبرنا سعيد بن سالم (ح). وأخبرنا يحيى بن الفضل السجستانى أخبرنا حاتم، يعنى ابن إسماعيل بمعناه عن كثير بن زيد المدنى عن المطلب قال: «لما مات عثمان بن مظعون أخرج بجنازته فدفن، فأمر النبى صلى الله عليه وسلم رجلا أن يأتيه بحجر فلم يستطع حمله، فقام إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسر عن ذراعيه. قال كثير: قال المطلب: قال الذى يخبرنى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كأنى أنظر إلى بياض ذراعى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حسر عنهما ثم حملها فوضعها عند رأسه وقال: أتعلم بها قبر أخى وأدفن إليه من مات من أهلى». (2) فى سننه الكبرى، باب حبس المشاع، حديث رقم (6403) من طريق: محمد بن المصفى بن بهلول قال: حدثنا بقية عن سعيد بن سالم المكى عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أرض لى بثمغ قال: «احبس أصلها وسبل ثمرتها».

1286 ـ سعيد بن السائب الطائفى

1286 ـ سعيد بن السائب الطائفى: روى عن أبيه، ونوح بن صعصعة، وغيرهما. روى عنه وكيع، وسفيان. قال سفيان: كان سعيد بن السائب الطائفى، لا تكاد تجف له دمعة، إنما دموعه جارية دهره، إن صلى فهو يبكى، وإن طاف فهو يبكى، وإن جلس يقرأ فى المصحف فهو يبكى، وإن لقيته فى الطريق فهو يبكى، قال سفيان: فحدثونى أن رجلا عاتبه على ذلك فبكى، ثم قال: إنما ينبغى أن يعذلنى ويعاتبنى على التقصير والتفريط، فإنهما قد استوليا علىّ، قال الرجل: فلما سمعت ذلك انصرفت وتركته. وقال محمد بن يزيد: ما رأيت أحدا قطّ: أسرع دمعة من سعيد بن السائب، إنما كان يحزنه أن يحرك، فترى دمعه كالقطر. وقال: قيل لسعيد بن السائب كيف أصبحت؟ قال: أصبحت أنتظر الموت على غير عدة. وقال: سمعت الثورى يقول: جلست ذات يوم أحدث، ومعنا سعيد بن السائب الطائفى، فجعل سعيد يبكى حتى رحمته، فقلت: يا سعيد، ما يبكيك وأنت تسمعنى أذكر أهل الخير وفعالهم؟ فقال: يا سفيان، وما يمنعنى من البكاء، وإذا ذكرت مناقب أهل الخير، كنت منهم بمعزل، قال: يقول سفيان: حقّ له أن يبكى ـ رحمة الله عليه ورضوانه. 1287 ـ سعيد بن أبى أحيحة سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى الأموى: ذكره الزبير فى أولاد سعيد بن العاص، فقال: وسعيد بن سعيد، قتل يوم الطائف شهيدا. وذكر أن أمه وأم إخوته: أحيحة، والعاص، وعبد الله: صفية بنت المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. وذكر ابن عبد البر: أنه أسلم قبل الفتح بيسير، واستعمله النبى صلى الله عليه وسلم على سوق مكة، ثم خرج معه إلى الطائف، فاستشهد بها.

_ 1286 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 6/ 56، تاريخ الدارمى الترجمة 377، تاريخ الإسلام 6/ 182، الكاشف الترجمة 1913، تهذيب ابن حجر 4/ 35، خلاصة الخزرجى 2462، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 1605، الجرح والتعديل ترجمة 122، 123، تهذيب الكمال 2280). 1287 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 989، الإصابة ترجمة 3273، أسد الغابة ترجمة 2078، الثقات 3/ 156، تجريد أسماء الصحابة 1/ 222، تعجيل المنفعة 153، المصباح المضئ 1/ 122، 126، الوافى بالوفيات 15/ 309).

1288 ـ سعيد بن سلام المغربى، كنيته أبو عثمان

1288 ـ سعيد بن سلام المغربى، كنيته أبو عثمان: أصله من القيروان (1)، أقام بالحرم مدة، وصحب أبا علىّ بن الكاتب، وحبيبا المغربى، وأبا عمرو الزّجاجىّ، ولقى النّهر جورىّ، وأبا الحسن بن الصائغ الدينورى، وغيرهم من المشايخ. وكان أوحد وقته، وهو بقية المشايخ الأولين، ورد بغداد وأقام بها مدة، ثم خرج منها إلى نيسابور واستوطنها، ومات بها، وأوصى أن يصلى عليه الإمام أبو بكر بن فورك، رحمة الله عليه. قال محمد بن عبد الله النيسابورى: سعيد بن سلام العارف، أبو عثمان الزاهد، ولد بالقيروان فى قرية من قراها، وكان أوحد عصره فى الورع والزهد والصبر على العزلة. لقى الشيوخ بمصر، ثم دخل بلاد الشام، وصحب أبا الخير الأقطع، وجاور بمكة سنين فوق العشر. وكان لا يظهر فى الموسم، ثم انصرف إلى العراق لمحنة لحقته بمكة فى السنّة وسئل المقام بها، فلم يجبهم، إلى ذلك، فورد نيسابور. وقال علىّ بن محمد القوّال: قال لى جماعة من أصحابنا: تعال حتى ندخل على الشيخ أبى عثمان المغربى فنسلم عليه، فقلت: إنه رجل منقبض، وأنا أستحيى منه، فألحوا علىّ، فلما دخلنا على أبى عثمان، فكلما وضع بصره علىّ قال: يا أبا الحسين، كان انقباضى بالحجاز وانبساطى بخراسان. وقال على بن غالب: دخلت على أبى عثمان يوما فى مرضه الذى مات فيه. فقيل له: كيف تجد نفسك؟ فقال: أجد مولى كريما رحيما، إلا أن القدوم عليه شديد. ثم حكى عن شعوانة أنها قالت عند موتها: إنى أكره لقاء الله، فقيل لها: ولم؟ قالت: مخافة ذنوبى. وقال أبو ذر بن أحمد الهروىّ: كنت فى مجلس أبى سليمان الخطابى، فجاءه رجل

_ 1288 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات الصوفية 479، الرسالة القشيرية 38، نتائج الأفكار القدسية 2/ 12، طبقات الشعرانى 1/ 143، شذرات الذهب 4/ 394، تاريخ بغداد 9/ 112، اللباب 3/ 31، البداية والنهاية 11/ 299، المنتظم لابن الجوزى 14/ 303، 304، كشف المحجوب 158، النجوم الزاهرة 4/ 144، جامع كرامات الأولياء 1/ 281، هدية العارفين 1/ 389، كشف الظنون 1/ 45، طبقات الأولياء 44). (1) القيروان: هى قاعدة البلاد الإفريقية وأم مدائنها، وكانت أعظم مدن المغرب نظرا، وأكثرها بشرا، وأيسرها أموالا. انظر: الروض المعطار 486، 487، الإدريسى 110/ 80، البكرى 24، اليعقوبى 347، المقدسى 224.

وعزاه بأبى عثمان، وذكر وفاته بنيسابور، فسمعت أبا سليمان يقول: قال النبىصلى الله عليه وسلم: «قد كان فى الأمم ناس محدثون، فإن يكن فى أمتى فعمر» (2) وأنا أقول: فإن كان فى هذا العصر أحد، فهو أبو عثمان المغربى. وقال أبو بكر بن فورك: كنت عند أبى عثمان المغربى حين قرب أجله، وعلىّ القوّال يقول شيئا، فلما تغيرت عليه الحال، أشرنا إلى علىّ القوّال بالسكوت، ففتح الشيخ أبو عثمان عينيه وقال: لم لا يقول علىّ شيئا؟ فقلت لبعض الحاضرين: سلوه، وقولوا له: على ما يسمع المستمع، فإنى أحتشمه فى هذه الحالة، فسألوه عن ذلك فقال: إنما يسمع من حيث يسمع. وكان فى الرياضة كبير الشأن. وقال: من اختار الخلوة على الصحبة، فيجب أن يكون خاليا من جميع الأذكار، إلا من ذكر ربه، وخاليا من جميع الإرادات، إلا رضى ربه، وخاليا من مطالبة النفس من جميع الأسباب. وإن لم يكن بهذه الصفة، فإن خلوته توقعه فى فتنة أو بليّة. وقال: علم اليقين يدل على الأفعال، فإذا فعلها وأخلص فيها، وظهرت له بينات ذلك، صار له علم اليقين عين اليقين. وقال: التقوى تتولد من الخوف. وقال: أفواه قلوب العارفين فاغرة فاغرة لمناجاة القدر: وقال: أفضل ما يلزم الإنسان نفسه فى هذه الطريقة، المحاسبة والمراقبة. وسياسة عمله بالعلم. وقال: الإخلاص ما لا يكون للنفس فيه مجال، وهذا إخلاص العوام. وإخلاص الخواص، ما يجرى عليهم؛ لأنهم تبدو منهم الطاعات، وهو عنها بمعزل، ويقع لهم لا يقع لهم يقع عليها روية، ولا بها اعتداد. وقال: الولى قد يكون مشهورا، ولكن لا يكون مفتونا. وقال: العارف تضئ له أنوار العلم، ويبصر بها عجائب الغيب. وقال: من ادّعى السماع، ولم يسمع لصوت الطيور، وصرير الباب، وتصفيق الرياح، فهو مفتر مدّع. وقال: قلوب أهل الحق قلوب حاضرة، وأسماعهم أسماع مفتوحة. وقال: من أعطى من نفسه الأمانى، قطعها بالتسويف والتّوانى.

_ (2) أخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده (23824).

وقال: الغنى الشاكر، يكون كأبى بكر الصديق ـ رضى الله عنه ـ شكر فقدم ماله، وآثر الله تعالى عليه، فأورثه الله غنى الدارين وملكها. والفقير الصابر، مثل أويس القرنّى، ونظرائه، صبروا فيه، حتى ظهرت لهم براهينه. وقال: الاعتكاف حفظ الجوارح تحت الأوامر. وسئل عن قول النبى صلى الله عليه وسلم: «أكثر أهل الجنة البله» فقال: الأبله فى دنياه، الفقيه فى دينه. وقال: لا يعرف الشيء من لا يعرف ضده. كذلك لا يصلح لمخلص إخلاصه، إلا بعد معرفته الرياء، ومفارقته له. وقال: من تحقق فى العبودية، ظهر سره لمشاهدة الغيوب، وأجابته القدرة إلى كل ما يريد. وذكر بين يديه قول الشافعى: العلم علمان: علم الأديان، وعلم الأبدان. فقال: رحم الله الشافعى! ما أحسن ما قال: علم الأديان علم الحقائق والمعارف، وعلم الأبدان علم السياسات والرياضات والمجاهدات. وقال: من آثر صحبة الأغنياء على مجالسة الفقراء، ابتلاه الله تعالى بموت القلب. وقال: العاصى خير من المدعى؛ لأن العاصى ـ أبدا ـ يطلب طريق توبته، والمدعى يتخبط فى حبال دعواه. وقال: الساكت بعلم، أحمد أثرا من الناطق بجهل. وقال: لا تصحب إلا أمينا أو معينا، فإن الأمين يحملك على الصدق، والمعين يعينك على الطاعة. وقيل له: ما عقدة الورع؟ قال: الشريعة تأمره وتنهاه، فيتبع ولا يخالف. وقال: من حمل نفسه على الرجاء تعطل، ومن حمل نفسه على الخوف قنط، ولكن ساعة وساعة، ومرّة ومرّة. وقال: باديات المقامات أرفاق وغنى، وكفاية. ولكن إذا تمكن أتته البلايا، وكذلك قال بعض المريدين: ما زالوا يرفقون حتى وقعت، فلما وقعت، قالوا لى: استمسك. كيف أستمسك إن لم يمسكنى؟ . ومات أبو عثمان بنيسابور سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، رحمة الله عليه.

1289 ـ سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى، أبو عثمان، ويقال أبو عبد الرحمن

1289 ـ سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى، أبو عثمان، ويقال أبو عبد الرحمن: أحد أشراف قريش وأجوادها وفصحائها، أمير مكة والمدينة والكوفة. أما ولايته على مكة، فذكر صاحب العقد ما يدل لها؛ لأنه قال فى الفصل الذى ذكر فيه الخطب: العتبىّ قال: استعمل سعيد بن العاص وهو وال على المدينة، ابنه عمرو بن سعيد على مكة. وأما ولايته المدينة والكوفة، فذكرها الزبير بن بكار؛ لأنه قال: استعمله عثمان على الكوفة، وغزا بالناس طبرستان (1)، واستعمله معاوية على المدينة، يعقب بينه وبين مروان بن الحكم فى عمل المدينة. انتهى. وذكر ذلك ابن عبد البر فقال: استعمله عثمان على الكوفة، وغزا بالناس طبرستان فافتتحها. ويقال إنه افتتح لحقته جرجان (2) فى زمن عثمان ـ رضى الله عنه ـ سنة تسع

_ 1289 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 992، الإصابة ترجمة 3278، أسد الغابة ترجمة 2083، طبقات ابن سعد 5/ 30، تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 201، نسب قريش 177، المحبر 55، 150، 174، تاريخ خليفة 163، 165، 166، 178، 203، 298، 209، 218، 22، 226، 228، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1672، تاريخه الصغير 1/ 84، 100 ـ 103، 108، 109، 119، 120، المعرفة ليعقوب 1/ 292، أنساب الأشراف للبلاذرى 4/ 433، الكنى للدولابى 1/ 63، الجرح والتعديل الترجمة 204، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 446، الأغانى 1/ 8، 11، 16، 39، المعجم الكبير للطبرانى الترجمة 564، جمهرة ابن حزم 80، الجمع لابن القيسرانى 1/ 174، التبيين فى أنساب القرشيين 106، 164، 167، 199، 345، الكامل فى التاريخ 2/ 77، 3/ 306، 107، 4/ 193، تهذيب الأسماء للغات 1/ 218، تاريخ الإسلام 2/ 286، العبر 1/ 64، سير أعلام النبلاء 3/ 444، التجريد الترجمة 2324، مراسيل العلائى 234، الوافى بالوفيات 15/ 227، البداية والنهاية 8، 83، تهذيب ابن حجر 4/ 48، خلاصة الخزرجى الترجمة 2482، شذرات الذهب 1/ 65، تهذيب الكمال 2299). (1) طبرستان: بفتح أوله وثانيه، وكسر الراء، والطبر: هو الذى يشقق به الأحطاب وما شاكله بلغة الفرس، واستان: الموضع أو الناحية كأنه يقول: ناحية الطبر. وهى بلدان واسعة كثيرة يشملها هذا الاسم، خرج من نواحيها من لا يحصى كثرة من أهل العلم والأدب والفقه. انظر: معجم البلدان 4/ 13 وما بعدها. (2) جرجان: بالضم، وآخره نون، وجرجان: مدينة مشهورة عظيمة بين طبرستان وخراسان، فالبعض يعدها من هذه والبعض يعدها من هذه. انظر: معجم البلدان 2/ 119 وما بعدها.

وعشرين أو سنة ثلاثين، قال: وقال أبو عبيدة: وانتقضت أذربيجان (3)، فغزاها سعيد بن العاص، فافتتحها، ثم عزله عثمان، وولّى الوليد بن عقبة، فمكث مدة، ثم شكاه أهل الكوفة، فعزل وردّ سعيدا، فرده أهل الكوفة، وكتبوا إلى عثمان: لا حاجة لنا فى سعيدك ولا فى وليدك. وكان فى سعيد تجبر وغلظة وشره وسلطان. وكان الوليد أسخى منه وأسن وألين جانبا، فلما عزل الوليد، وانصرف سعيد، قال بعض شعرائهم فى ذلك (4) [من الرجز]: يا ويلتا قد ذهب الوليد ... وجاءنا من بعده سعيد ينقص فى الصاع ولا يزيد وقالوا: إن أهل الكوفة إذ ردوا سعيد بن العاص، وذلك سنة أربع وثلاثين، كتبوا إلى عثمان يسألونه أن يولى أبا موسى، فولاه، فكان عليها أبو موسى إلى قتل عثمان. ولما قتل عثمان، لزم سعيد بن العاص هذا بيته، واعتزل أيام الجمل وصفين، فلم يشهد شيئا من تلك الحروب، فلما اجتمع الناس على معاوية، واستوسق له الأمر، ولاه المدينة، ثم عزله، وولّاها مروان، فعاقب بينه وبين مروان بن الحكم في أعمال المدينة. انتهى. ولسعيد بن العاص هذا أخبار حسنة فى الجود والفصاحة والشرف، ذكرها أهل المدينة، قال الزبير: وله يقول الفرزدق (5) [من الوافر]: ترى الغر الجحاجح من قريش ... إذا ما الأمر فى الحدثان غالا قياما ينظرون إلى سعيد ... كأنهم يرون به هلالا قال: وحدثنى رجل عن عبد العزيز بن أبان، قال: حدثنى خالد بن سعيد، عن أبيه، عن ابن عمر ـ رضى الله عنهما ـ قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببرد، فقالت: إنى نويت أن أعطى هذا البرد أكرم العرب، فقال: «أعطه هذا الغلام» يعنى سعيد بن العاص، وهو واقف، فبذلك سميت الثياب السعيدية.

_ (3) أذربيجان: بالفتح ثم السكون وفتح الراء وكسر الباء الموحدة وياء ساكنة وجيم هكذا جاء فى شعر الشماخ: تذكرتها وهنا وقد حال دونها ... قرى أذربيجان المسالح وبحال وقد فتح قوم الذال وسكنوا الراء، ومد آخرون الهمزة مع ذلك، وروى عن المهلب .. هذا آذربيجان بمد الهمزة وسكون الذال فيلتقى ساكنان وكسر الراء، ثم ياء ساكنة وباء موحدة مفتوحة وجيم وألف ونون. انظر: معجم البلدان (أذربيجان). (4) الأبيات فى: (الاستيعاب ترجمة 992، ديوان الفرزدق 100). (5) البيتان فى: (الاستيعاب ترجمة 992).

وقال أبو بكر بن أبى خيثمة، عن سليمان بن أبى شيخ، عن يحيى بن سعيد الأموى: قدم محمد بن عقيل بن أبى طالب، على أبيه وهو بمكة، فقال: ما أقدمك يا بنى؟ قال: قدمت لأن قريشا تفاخرنى، فأردت أن أعلم أشراف الناس، قال: أنا وابن أمى، ثم حسبك لسعيد بن العاص. وقال مسهر بن سعيد بن عبد العزيز، قال معاوية: لكل قوم كريم، وكريمنا سعيد بن العاص. وقال عباس الدورى، عن يحيى بن معين: سأل أعرابى سعيد بن العاص فقال: يا غلام، أعطه خمسمائة، فقال الأعرابى: خمسمائة ماذا؟ قال: خمسمائة دينار. قال: فأعطاه، فجعل الأعرابى يقلب الدنانير بيده ويبكى، فقال سعيد: ما يبكيك يا أعرابى؟ فقال: أبكى والله أن تكون الأرض تبلى مثلك. وقال سليمان بن أبى شيخ، عن أبى سفيان الحميرى، عن عبد الحميد بن جعفر الأنصارى: قدم أعرابى المدينة، يطلب فى أربع ديات حملها، فقيل له: عليك بحسن بن على، عليك بعبد الله بن جعفر، عليك بسعيد بن العاص، عليك بعبد الله بن العباس، فدخل المسجد، فرأى رجلا يخرج ومعه جماعة، فقال: من هذا؟ فقيل: سعيد بن العاص، قال: هذا أحد أصحابى الذين ذكروا لى، فمشى معه، فأخبره بالذى قدم له، ومن ذكر له، وأنه أحدهم، وهو ساكت لا يجيبه، فلما بلغ منزله، قال لخازنه: قل لهذا الأعرابى، فليأت بمن يحمل له. فقيل له: ائت بمن يحمل لك. قال: عافى الله سعيدا، إنما سألناه ورقا، لم نسأله تمرا، قال: ويحك! ائت بمن يحمل لك، فأخرج له أربعين ألفا، فاحتملها الأعرابى، فمضى إلى البادية ولم يلق غيره. وقال حفص بن عمر النيسابورى، عن الأصمعى، عن أبيه، قال: كان سعيد بن العاص، يدعو إخوانه وجيرانه فى كل جمعة، فيصنع لهم الطعام، ويخلع عليهم الثياب الفاخرة، ويأمر بالجوائز الواسعة، ويبعث إلى عيالاتهم بالبر الكثير، وكان يوجه مولى له فى كل ليلة جمعة، فى مسجد الكوفة. وقال أبو بكر بن أبى خيثمة، عن أبيه، عن سفيان بن عيينة: كان سعيد بن العاص، إذا سأله سائل، فلم يكن عنده شئ، قال: اكتب علىّ لمسألتك سجلا، إلى يوم تسألنى. وذكر الزبير، أن عمرو بن سعيد، لما قضى دين أبيه سعيد بن العاص، أتاه فتى من قريش، فذكر حقّا له فى كراع أديم، بعشرين ألف درهم، على سعيد بن العاص، بخط مولى لسعيد، كان يقوم لسعيد على بعض نفقاته، وبشهادة سعيد على نفسه، بخط سعيد، فعرف خط المولى وخط أبيه، وأنكر أن يكون للفتى وهو صعلوك من قريش، هذا المال، فأرسل إلى مولى أبيه، فدفع إليه الصكّ، فلما قرأه المولى بكى، ثم قال: نعم،

أعرف هذا الصكّ، وهو حق، دعانى مولاى فقال لى ـ وهذا الفتى عنده على بابه معه هذه القطعة الأديم ـ: اكتب. فكتبت بإملائه هذا الحق، فقال عمرو للفتى: وما سبب مالك هذا؟ قال: رأيته وهو معزول يمشى وحده، فقمت فمشيت معه حتى بلغ باب داره، ثم وقفت، فقال: هل لك من حاجة؟ فقلت: لا، إلا أنى رأيتك تمشى وحدك، فأحببت أن أصل جناحك، قال: وصلت رحما يابن أخى، ثم قال: ائتنى بقطعة أديم، فأتيت خرازا عند بابه، فأخذت منه هذه القطعة، فدعا مولاه هذا، فقال: اكتب. فكتب، وأملى عليه هذا الكتاب، وكتب فيه شهادته على نفسه، ثم دفعه إلىّ وقال: يا ابن أخى، ليس عندنا اليوم شئ، فخذ هذا الكتاب، فإذا أتانا شئ، فائتنا به إن شاء الله، فمات رحمه الله قبل أن يأتيه شئ. فقال عمرو: لا جرم، لا تأخذها إلا وافية، فدفعها إليه كل سبعة باثنى عشر جوازا. وقال الكريمى، عن الأصمعى، عن شبيب بن شيبة: لما حضرت سعيد بن العاص الوفاة، قال لبنيه: أيكم يقبل وصيتى؟ فقال ابنه الأكبر: أنا يا أبه، قال: فإن فيها قضاء دين. قال: وما دينك يا أبه، قال: ثمانون ألف دينار، قال: وفى م أخذتها يا أبه؟ قال: يا بنى، فى كريم سددت منه خلة، وفى رجل أتانى فى حاجة، ودمه ينزف فى وجهه من الحياء، فبدأته بها قبل أن يسألنى. قال شعيب بن صفوان، عن عبد الملك بن عمير: قال سعيد بن العاص لابنه: يا بنى أجزى المعروف إذا لم يكن ابتداء من غير مسألة، فأما إذا أتاك تكاد ترى دمه فى وجهه، ومخاطر لا يدرى تعطيه أم تمنعه، فو الله لو خرجت له من جميع مالك ما كافيته. وقال العباس بن هشام الكلبى، عن أبيه: قال سعيد بن العاص: ما شاتمت رجلا منذ كنت رجلا، ولا زاحمت ركبتى ركبته، وإذا أنا لم أصل زائرى، حتى يرشح جبينه كما يرشح السقاء، فو الله ما وصلته. وقال مبارك بن سعيد الثورى، عن عبد الملك بن عمير: قال سعيد بن العاص: إن الكريم ليرعى من المعرفة، ما يرعى الواصل بالقرابة. وقال مبارك أيضا، عن عبد الملك: قال سعيد بن العاص: لجليسى علىّ ثلاث خصال: إذا دنا رحبت به، وإذا جلس أوسعت له، وإذا حدث أقبلت عليه. ثم قال عبد العزيز بن أبى زرعة، عن عبد الله بن المبارك: قال سعيد بن العاص لابنه: يا بنى، لا تمازح الشريف فيحقد عليك، ولا تمازح الدّنئ، فيجترئ عليك. وقال أبو بكر بن دريد، عن أبى حاتم عن العتبىّ: قال معاوية لسعيد بن العاص: كم

ولدك؟ قال: عشرة، والذكران فيهم أكثر. فقال معاوية (وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ) [الشورى: 49] فقال سعيد: (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ) [آل عمران: 26]. وقال أحمد بن على المقرى، عن الأصمعى: خطب سعيد بن العاص، فقال فى خطبته: من رزقه الله رزقا حسنا فليكن أسعد الناس به، بتركه لأحد رجلين، إما مصلح فلا يقل عليه شئ، وإما مفسد فلا يبقى له شئ. قال معاوية: جمع أبو عثمان طرف الكلام. وقال محمد بن عبد العزيز الدينورى، عن محمد بن سلام الجمحى: قال سعيد بن العاص: لا أعتذر من العىّ فى حالين: إذا خاطبت سفيها، أو طلبت حاجة لنفسى. وقال الزبير، بعد أن ذكر شيئا من خبر عمرو بن سعيد هذا المعروف بالأشدق، قال: وحدثنى محمد بن حسن، عن نوفل بن عمارة، قال: سئل سعيد بن المسيب عن خطباء قريش فى الجاهلية، فقال: الأسود بن المطلب بن أسد، وسهيل بن عمرو. وسئل عن خطبائهم فى الإسلام، فقال: معاوية وابنه، وسعيد وابنه، وعبد الله بن الزبير. قال: وحدثنى إبراهيم بن حمزة، عن إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، قال: بينما عمر بن الخطاب رضى الله عنه جالس فى المسجد، إذ مر به سعيد ابن العاص، فسلم عليه، فقال له عمر: إنى والله يابن أخى، ما قتلت أباك يوم بدر، ولكنى قتلت خالى العاص بن هشام، وما لى أن أكون أعتذر من قتل مشرك. قال: فقال سعيد بن العاص: لو قتلته كنت على حقّ، وكان على باطل. قال: فتعجب عمر من قوله، ولوى كفيه وقال: قريش أفضل الناس أخلاقا، وأعظم الناس أمانة، ومن يرد بقريش سوءا، يكبّه الله لفيه. وقال الزبير بن بكار، عن محمد بن سلام، عن عبد الله بن مصعب، عن عمر بن مصعب بن الزبير: كان يقال: سعيد بن العاص عكّة العسل، وكان غير طويل. قال الزبير: فولد لسعيد بن العاص: محمد وعثمان الأكبر وعمرو، يقال له الأشدق، ورجال درجوا، وأمهم أم البنين بنت الحكم، أخت مروان بن الحكم لأبيه وأمه. وقال سليمان بن أبى شيخ، عن محمد بن الحكم، عن عوانة: لما توفى سعيد بن العاص، قيل لمعاوية: توفى سعيد بن العاص! فقال معاوية: ما مات رجل ترك عمرا. وقيل له: توفى ابن عامر فقال: لم يدع خلفا ابن عامر. وكان سعيد وابن عامر، ماتا فى

عام واحد، فى سنة ثمان وخمسين، وكانت بينهما جمعة. ومات سعيد قبل ابن عامر. وقال البخارى: قال مسدد: مات سعيد بن العاص، وأبو هريرة، وعائشة، وعبد الله ابن عامر، سنة سبع أو ثمان وخمسين. قال: وقال غيره: مات سعيد سنة سبع وخمسين. وقال الهيثم بن عدى: مات سنة سبع وخمسين. وقال أبو معشر المدنى: مات سنة ثمان وخمسين. وقال خليفة بن خياط: سنة تسع وخمسين. قال الزبير: ومات سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية، فى قصره بالعرصة، على ثلاثة أميال من المدينة، ودفن بالبقيع، وأوصى إلى ابنه عمرو والأشدق، وأمره أن يدفن بالبقيع، وقال: إن قليلا بى عند قومى فى برّى لهم أن يحملونى على رقابهم من العرصة إلى البقيع. ففعلوا، وأمر ابنه عمرا، إذا دفنه، أن يركب إلى معاوية، فينعاه ويبيعه منزله بالعرصة، وكان منزلا قد اتخذه سعيد، وغرس فيه النخل، وزرع فيه قصرا معجبا، ولذلك القصر يقول أبو عطيفة عمرو بن الوليد بن عقبة: القصر ذو النخل فالجماء فوقهم ... أشهى إلى النفس من أبواب جبرون وقال لابنه عمرو: إن منزلى هذا ليس هو من العقد، إنما هو منزل نزهة، فبعه من معاوية واقض عنى دينى ومواعيدى، ولا تقبل من معاوية قضاء دينى، فتزودنيه إلى ربىعزوجل. فلما دفنه عمرو بن سعيد، وقف للناس بالبقيع فعزوه، ثم ركب رواحله إلى معاوية، فقدم إلى معاوية، فنعاه له أول الناس، فاسترجع معاوية، ثم ترحم عليه وتوجع لموته، ثم قال: هل ترك من دين؟ قال: نعم. قال: وكم؟ قال: ثلاثمائة ألف درهم، قال: هى علىّ. قال: قد أبى ذلك، وأمرنى أن أقضى عنه من أمواله، أبيع ما استباع منها، قال: فعرضنى ما شئت. قال: أنفسها وأحسنها إلينا وإليه فى حياته، منزلة بالعرصة. فقال له معاوية: هيهات، لا تبيعون هذا المنزل. انظر غيره. قال: فما نصنع؟ نحبّ نعجّل قضاء دينه. قال: قد أخذته بثلاثمائة ألف درهم، قال: اجعلها بالوافية، يريد دراهم فارس، الدرهم زنة المثقال الذهب، قال: قد فعلت. قال: واحملها إلى المدينة. قال: وأفعل، قال: فحملها له، فقدم عمرو بن سعيد، فجعل يفرقها فى ديونه ويحاسبهم بما بين الدراهم الوافية، وهى البغلية، وبين الدراهم الحوار، وهى تنقص بالعشرة ثلاثة، كل سبعة بغلية، عشرة بالحور. روى له البخارى فى الأدب، ومسلم، وأبو داود فى المراسيل، والنسائى، وابن ماجة فى التفسير. روى له الترمذى، عن نصر بن على، عن عامر بن أبى عامر الخزاز، عن أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن أبيه عن جده، عن النبى صلى الله عليه وسلم. قال: «ما نحل

1290 ـ سعيد بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومى، جد عكرمة بن خالد، إن صح

والد ولدا [من نحل] أفضل من أدب حسن». وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث عامر، وهذا عندى مرسل (6). 1290 ـ سعيد بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومى، جد عكرمة بن خالد، إن صح: وفى معجم الطبرانى: حدثنا مطيّن قال: حدثنا شيبان قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن عكرمة بن خالد، عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا وقع الطاعون» لكن سها الطبرانى، فأورده فى الحاء، ذكره هكذا الذهبى. 1291 ـ سعيد بن عامر بن حذيم بن سلامان بن ربيعة بن سعد بن جمح القرشى الجمحى: قال ابن عبد البر: يقال إن سعيد بن عامر هذا، أسلم قبل خيبر، وشهدها وما بعدها من المشاهد، وكان خيرا فاضلا، وعظ عمر يوما، فقال له عمر يوما: ومن يقوى على ذلك؟ قال: أنت يا أمير المؤمنين، إنما هو أن تقول فتطاع. انتهى. وقال الزبير: ولاه عمر بعض أجناد الشام، فبلغ عمر أنه يصيبه لمم، فأمره بالقدوم عليه، فقدم، وكان زاهدا، فلم ير عمر معه إلا مزودا وعكازا وقدحا، فقال له عمر: أما معك إلا ما أرى؟ قال له سعيد: وما أكثر من هذا؟ عكّاز أحمل به زادى، وقدح آكل فيه! . قال له عمر: أبك لمم؟ قال: لا. قال: فما غشية بلغنى أنها تصيبك؟ قال: حضرت خبيب بن عدىّ رضى الله عنه حين صلب، فدعا على قريش وأنا فيهم، فربما ذكرت ذلك، فأجد فترة حتى يغشى علىّ. فقال له عمر: ارجع إلى عملك، فأبى وناشده إلا أعفاه. قال الزبير: وحدثنى محمد بن حسن، قال: حدثنى يزيد بن هارون، عن رجل، قد سماه، قال: ذكر عمر بن الخطاب الفقراء، فقال: إن سعيد بن عامر بن حذيم لمنهم. فأرسل إليه بألف دينار، فأخذها وقال لامرأته: هل لك أن نضعها موضعا إذا احتجنا

_ (6) أخرجه الترمذى فى سننه، باب ما جاء فى أدب الولد، حديث رقم (1959)، وما بين المعقوفتين ساقط من الأصل وأوردناه من السنن. 1291 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 993، الإصابة ترجمة 3280، أسد الغابة ترجمة 2084، الثقات 3/ 155، تجريد أسماء الصحابة 1/ 223، شذرات الذهب 1/ 173، الجرح والتعديل ترجمة 205، التلقيح 381، طبقات ابن سعد 4/ 203، 6/ 19، 7/ 117، 270، 282، حلية الأولياء 1/ 368، مقاتل الطالبيين 192، الاستبصار 281، التحفة اللطيفة 151، صفة الصفوة 1/ 660، التاريخ الصغير 1/ 8، طبقات الحفاظ 149، الوافى بالوفيات 15/ 320، التاريخ الكبير 3/ 53، الأعلام 3/ 97، البداية والنهاية 6/ 103).

1292 ـ سعيد بن عبد الله بن محمد بن الحسن بن على بن عبد الحكيم الزواوى المليانى، يكنى أبا عثمان

إليها وجدناها؟ قالت: نعم. فصرّرها صررا، وكتب فيها: كلوا هنيئا مريئا. فجعل يأتى أهل البيت الذى يرى أنهم فقراء، فليقيها إليهم، حتى أنفذها. قال: فلما احتاجوا، قالت امرأته: لو جئتنا من تلك الدنانير فأنفقناها؟ ، فجعل يسوّفها، فقالت: أراك والله قد فعلت، قال: أجل، والله لقد فعلت. وقد بلغنى أن فقراء المؤمنين، يدعون قبل أغنيائهم بخمسمائة عام، وما أحب أن لى الدنيا وما عليها، وإنى من الزّمرة الآخرة، ولقد بلغنى أن المرأة من الحور العين، لو أشرفت على أهل الدنيا، لملأت الدنيا ريح المسك؛ ولأن أدعكنّ لهنّ، أحب إلىّ أن أدعهنّ لكنّ. انتهى. قال ابن عبد البر: روى أنه لما اجتمعت الروم يوم اليرموك، واستغاث أبو عبيدة بعمر، فأمده بسعيد بن عامر بن حذيم، فهزم الله المشركين بعد قتال شديد. وقيل: لما مات أبو عبيدة، ومعاذ، ويزيد بن أبى سفيان، ولّى عمر سعيد بن عامر حمصا، فلم يزل عليها حتى مات. قال الهيثم بن عدى: كان سعيد بن عامر أميرا على قيساريّة. وقال غيره: استخلف عياض بن غنم الفهرى، سعيد بن عامر، فأقره عمر رضى الله عنه. واختلف فى وفاته، فقيل سنة تسع عشرة، وقيل سنة عشرين. وقيل سنة إحدى وعشرين، وهو ابن أربعين سنة. وكانت وفاته بحمص، وقيل بقيساريّة (1)، وقيل بالبرقة، حكاهما الكاشغرىّ. وله عن النبى صلى الله عليه وسلم حديث: «يدخل فقراء المهاجرين الجنة قبل الناس بسبعين عاما». روى عنه عبد الرحمن بن سابط، ولا عقب له، وقد أدخل ابن الكلبى فى نسبه، بين سلامان وربيعة، عويجا، وهو خطأ، لأن الزبير بن بكار قال: قوم يخطئون فى نسبه فيقولون: سلامان بن عويج بن ربيعة، وذلك خطأ. عويج وربيعة ولوذان: بنو سعيد بن جمح. فأما عويج، فلم يكن له ولد إلا بنات، إحداهن سعدى أم عبد الله بن جدعان. 1292 ـ سعيد بن عبد الله بن محمد بن الحسن بن على بن عبد الحكيم الزواوى المليانى، يكنى أبا عثمان: سمع على العماد عبد الرحمن بن محمد بن على الطبرى صحيح مسلم، بفوت يسير،

_ (1) قيسارية: بالفتح ثم السكون، وسين مهملة، وبعد الألف راء ثم ياء مشددة: مدينة كبيرة عظيمة فى بلاد الروم وهى كرسى ملك بنى سلجوق ملوك الروم أولاد قلج أرسلان. انظر: معجم البلدان 421/ 4.

1293 ـ سعيد بن عبد الجبار بن يزيد القرشى، أبو عثمان الكرابيسى البصرى

بقراءة عبد الواحد بن محمد بن عبد الله الجزولّى، فى مجالس كلها فى شهر رمضان سنة سبعمائة، بالمسجد الحرام، والسماع بخط القارئ، ومنه نقلت نسبه هكذا وكنيته. وأبو عثمان هذا، هو فيما أظن أبو عثمان الحكيم، الذى ينقل عنه أهل مكة حكايات عجيبة فى الطب، دالة على نهاية معرفته فى الطب. 1293 ـ سعيد بن عبد الجبار بن يزيد القرشى، أبو عثمان الكرابيسى البصرى: نزيل مكة، روى عن: مالك بن أنس، وعبد العزيز الدراوردى، وحماد بن سلمة وغيرهم. روى عنه: مسلم (1)، وأبو داود (2)، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وجماعة. وقال الخطيب: وكان ثقة. توفى بالبصرة سنة ست وثمانين ومائتين. 1294 ـ سعيد بن عبد الرحمن بن حسان القرشى، أبو عبد الله المخزومى: سمع سفيان بن عيينة، وأخاه إبراهيم، وهشام بن سليمان بن عكرمة، وعبد الله بن الوليد العدنى، وحسين بن زيد العلوى. روى عنه الترمذى (1)، والنسائى (2)، وقال: ثقة. والمفضل بن محمد الجندى، ومحمد

_ 1293 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل الترجمة 187، الجمع لابن القيسرانى 1/ 175، المعجم المشتمل، الترجمة 366، الكاشف الترجمة 1934، ميزان الاعتدال الترجمة 3226، المغنى الترجمة 2422، تهذيب ابن حجر 4/ 52، خلاصة الخزرجى الترجمة 2488، تهذيب الكمال 2304). (1) فى صحيحه، كتاب الجنة، حديث رقم (5061) من طريق: حدثنا أبو عثمان سعيد ابن عبد الجبار البصرى حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البنانى عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن فى الجنة لسوقا يأتونها كل جمعة فتهب ريح الشمال فتحثو فى وجوههم وثيابهم فيزدادون حسنا وجمالا فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنا وجمالا فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا، فيقولون: وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا». (2) فى سننه فى كتاب الطهارة، حديث رقم (237) من طريق: سعيد بن عبد الجبار حدثنا عبد العزيز، يعنى ابن محمد عن أبى اليمان عن أم ذرة عن عائشة أنها قالت: كنت إذا حضت نزلت عن المثال على الحصير فلم نقرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ندن منه حتى نطهر. 1294 ـ انظر ترجمته فى: (ترجمته فى المعجم المشتمل الترجمة 367، الكاشف الترجمة 1937، تهذيب ابن حجر 4/ 55، خلاصة الخزرجى الترجمة 2492، تهذيب الكمال 2310). (1) انظر سنن الترمذى أحاديث رقم 8، 137، 346، 482، 745، 839، 906، 1182، 1197، 1273، 1288، 1309، 1397، 1548، 1640، 1716، ـ

1295 ـ سعيد بن عبيد الطائفى

ابن إبراهيم الدّيبلىّ، وابن خزيمة، وابن صاعد. وذكر ابن زبر: أنه مات سنة تسع وأربعين ومائتين بمكة. 1295 ـ سعيد بن عبيد الطائفى: أصيبت عينه يوم الطائف. صحابى. ذكره هكذا الكاشغرى. 1296 ـ سعيد بن عبد قيس، وقيل عبيد بن قيس، بن لقيط الفهرى: ذكره هكذا الكاشغرى. وذكره الذهبى فقال: سعيد بن عبد، أو عبيد، بن قيس بن لقيط الفهرىّ، من مهاجرة الحبشة. انتهى. وقد تقدم فى باب سعد. 1297 ـ سعيد بن علاقة الهاشمى، مولاهم ـ مولى أم هانئ بنت أبى طالب، وقيل مولى أبيها ـ الكوفى، يكنى أبا فاختة. روى عن: عبد الله بن مسعود، وعلىّ بن أبى طالب، وابن عباس، وابن عمر، وأم هانئ، وعائشة، جماعة. روى عنه: ابنه ثوير، وسعيد المقبرى، وعمرو بن دينار، ويزيد بن أبى زياد، وجماعة. روى له الترمذى (1)، وابن ماجة (2). ووثقه الدارقطنى، وغيره.

_ ـ 1720، 1830، 1832، 1834، 1855، 1858، 1964، 1991، 2033، 2054، 2055، 2074، 2106، 2113، 2141، 2142، 2625، 2689، 2749، 2766، 2798. (2) انظر السنن الصغرى أحاديث أرقام 1260، 1350، 2558، 2639، 2843، 2989، 3187، 3530، 3546، 3707. 1295 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 2/ 313، الإصابة 2/ 49، التجريد 1/ 240). 1296 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 994، الإصابة ترجمة 3282، أسد الغابة ترجمة 2086، الجرح والتعديل 4/ 46). 1297 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 2338، طبقات ابن سعد 6/ 176، المصنف لابن أبى شيبة 13 / رقم 15782، تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 205، علل أحمد 1/ 93، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1673، تاريخه الصغير 1/ 275، ثقات العجلى الترجمة 2015، جامع الترمذى 3/ 292، 5/ 431، المعرفة والتاريخ 2/ 643، 810، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 485، الكنى للدولابى 2/ 81، الجرح والتعديل الترجمة 221، تاريخ الإسلام 3/ 251، الكاشف الترجمة 1962، تهذيب ابن حجر 4/ 70، خلاصة الخزرجى الترجمة 2522. (1) أخرج له الترمذى فى سننه أربعة أحاديث، الأول، فى كتاب الجنائز، حديث رقم ـ

_ ـ (891) من طريق: أحمد بن منيع حدثنا الحسين بن محمد، حدثنا إسرائيل عن ثوير، هو ابن أبى فاختة، عن أبيه قال: أخذ على بيدى قال: انطلق بنا إلى الحسن نعوده فوجدنا عنده أبا موسى فقال على عليه السلام. أعائدا جئت يا أبا موسى أم زائرا؟ فقال لا بل عائدا. فقال على: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسى وإن عاده عشية إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح وكان له خريف فى الجنة». قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب، وقد روى عن على هذا الحديث من غير وجه منهم من وقفه ولم يرفعه. وأبو فاختة اسمه سعيد بن علاقة. الثانى: فى كتاب السير، حديث رقم (1501) من طريق: على بن سعيد الكندى حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن إسرائيل عن ثوير عن أبيه عن على عن النبى صلى الله عليه وسلم أن كسرى أهدى له فقبل وأن الملوك أهدوا إليه فقبل منهم. وفى الباب عن جابر، وهذا حديث حسن غريب. وثوير بن أبى فاختة اسمه سعيد بن علاقة، وثوير يكنى أبا جهم. الثالث: فى كتاب تفسير القرآن، حديث رقم (2963) من طريق: خلاد بن أسلم البغدادى حدثنا النضر بن شميل عن إسرائيل عن ثوير بن أبى فاختة عن أبيه عن على بن أبى طالب قال: ما فى القرآن آية أحب إلى من هذه الآية: (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ*). قال: هذا حديث حسن غريب. وأبو فاختة اسمه سعيد بن علاقة وثوير يكنى أبا جهم وهو رجل كوفى من التابعين وقد سمع من ابن عمر وابن الزبير وابن مهدى كان يغمزه قليلا. الرابع: فى كتاب التفسير، حديث رقم (3188) من طريق: الحسن بن قزعة البصرى حدثنا سفيان بن حبيب عن شعبة عن ثوير عن أبيه عن الطفيل بن أبى بن كعب عن أبيه عن النبى صلى الله عليه وسلم: (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى) قال: «لا إله إلا الله». قال: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث الحسن بن قزعة. قال: وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث فلم يعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه. (2) أخرج له الترمذى حديثين: الأول فى كتاب إقامة الصلاة، حديث رقم (896) من طريق: الحسين بن بيان حدثنا زياد بن عبد الله حدثنا المسعودى عن عون بن عبد الله عن أبى فاختة عن الأسود بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال: إذا صليتم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنوا الصلاة عليه فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه قال: فقالوا له: فعلمنا قال: قولوا: اللهم اجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك إمام الخير وقائد الخير ورسول الرحمة، اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. الثانى: فى كتاب اللباس، حديث رقم (3586) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا ـ

1298 ـ سعيد بن الفرج البلخى النيسابورى، أبو الفضل بن أبى سعيد

قال الواقدى: شهد مشاهد علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، وتوفى فى إمارة عبد الملك، أو الوليد بن عبد الملك. انتهى. وذكره مسلم بن الحجاج، فى الطبقة الأولى من التابعين المكيين. 1298 ـ سعيد بن الفرج البلخىّ النيسابورى، أبو الفضل بن أبى سعيد: روى عن: يحيى بن بكير، ومكى بن إبراهيم، وأبو النضر. روى عنه: عبد الله بن محمد بن على البلخى الحافظ، وأبو يحيى البزاز، وجماعة، منهم النسائى (1)، وقال: لا بأس به. ومات سنة إحدى وأربعين ومائتين بمكة، كما قال الحاكم. 1299 ـ سعيد بن قشب الأزدى: حليف لبنى أمية، ولاه النبى صلى الله عليه وسلم حرس العسكر. ذكره أبو عمر بن عبد البر. 1300 ـ سعيد بن كثير بن المطلب بن أبى وداعة السهمى المكى: عن أبيه وعمه جعفر بن المطلب. وروى عنه: ابن جريج. روى له النسائى حديثا فى أيام التشريق (1).

_ ـ عبد الرحيم بن سليمان عن يزيد بن أبى زياد عن أبى فاختة حدثنى هبيرة بن يريم عن على أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة مكفوفة بحرير إما سداها وإما لحمتها فأرسل بها إلى فأتيته فقلت: يا رسول الله ما أصنع بها ألبسها؟ قال: «لا، ولكن اجعلها خمرا بين الفواطم». 1298 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 2341، المعجم المشتمل الترجمة 371، الكاشف الترجمة 1965، تهذيب ابن حجر 4/ 72). (1) فى السنن الكبرى، باب لبس الحرير، حديث رقم (9538) من طريق: سعيد بن الفرج النيسابورى قال: ثنا يحيى بن أبى بكير قال: ثنا شعبة عن قتادة عن داود السراج عن أبى سعيد قوله، قال شعبة: وأخبرنى هشام وكان أصحب له منه إنه كان يرفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم. 1299 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 996، الإصابة ترجمة 3295، أسد الغابة ترجمة 2094). 1300 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1691، الجرح والتعديل الترجمة 247، الكاشف الترجمة 1968، ميزان الاعتدال الترجمة 3258، تهذيب ابن حجر 4/ 75، خلاصة الخزرجى الترجمة 2528، تهذيب الكمال 2345). (1) أخرجه النسائى فى الكبرى، باب الاختلاف على حبيب، حديث رقم (2899) من طريق: أبو داود قال: حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن سعيد بن كثير عن جعفر بن المطلب أن عبد الله بن عمرو دخل على عمرو بن العاص وهو يتغدى فقال: هلم. فقال: إنى صائم ثم دخل عليه مرة أخرى فقال: هلم. فقال: إنى صائم. قال: إن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «إنها أيام أكل وشرب، يعنى أيام التشريق». وحديث رقم (2900) من طريق: أحمد بن بكار قال: أنبا ابن جريج قال: أخبرنى سعيد ـ

1301 ـ سعيد بن منصور بن شعبة الخراسانى، أبو عثمان المروزى، ويقال الطالقانى

1301 ـ سعيد بن منصور بن شعبة الخراسانى، أبو عثمان المروزى، ويقال الطالقانى: أحد الأعلام، مؤلف السنن، سمع مالك بن أنس، وابن عيينة، والليث بن سعد، وهاشم بن بشير، وإسماعيل بن عليّة، وجماعة. روى عنه أحمد بن حنبل، ومحمد بن يحيى الذهلىّ، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والبخارى، ومسلم، وأبو داود. روى له البخارى والترمذى والنسائى، عن رجل، عنه. وروى عنه أيضا، محمد بن على الصائغ المكى: «كتاب السنن» له، وخلق. قال أبو حاتم: كان من المتقين الأثبات، ممن جمع وصنف. وقال حرب الكرمانى: أملى علينا نحوا من عشرة آلاف حديث من حفظه. قال محمد بن سعد: مات بمكة، سنة سبع وعشرين، يعنى ومائتين، زاد بعضهم: فى رمضان. وقال أبو زرعة: مات سنة ست وعشرين. وذكر الذهبى قولا: إنه مات سنة ثمان وعشرين، وذكر أن الصحيح فى وفاته، القول بأنه توفى سنة ست وعشرين ومائتين. انتهى. 1302 ـ سعيد بن ميناء مولى البخترىّ المكى، ويقال المدنى، يكنى أبا الوليد: روى عن أبى هريرة، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن الزبير، وجابر بن عبد الله

_ ـ ابن كثير أن جعفر بن المطلب أخبره أن عبد الله بن عمرو بن العاص دخل على عمرو بن العاص فى أيام منى فدعاه إلى الغداء فقال: إنى صائم، ثم الثانية فكذلك، ثم الثالثة فقال: لا إلا أن تكون سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فإنى سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. 1301 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 1/ 21، 312، 355، 356، 2/ 167، 3/ 163، 242، 4/ 229، 5/ 37، 6/ 44، 173/ 7 / 299، 8/ 6، 109، 319، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1722، تاريخه الصغير 2/ 358، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 304، الجرح والتعديل الترجمة 284، الجمع لابن القيسرانى 1/ 170، تاريخ دمشق (تهذيبه 6/ 177)، المعجم المشتمل الترجمة 375، التبيين 269، سير أعلام النبلاء 10/ 586، تذكرة الحفاظ 2/ 416، الكاشف الترجمة 1982، العبر 1/ 399، ميزان الاعتدال الترجمة 3277، تهذيب ابن حجر 4/ 89، خلاصة الخزرجى الترجمة 2544، شذرات الذهب 2/ 62، تهذيب الكمال 2361). 1302 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 238، تاريخ يحيى برواية الدورى 2/ 209، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1701، الجرح والتعديل الترجمة 263، ثقات ابن شاهين الترجمة 444، إكمال ابن موكولا 7/ 308، الجمع لابن القيسرانى 1/ 169، تاريخ الإسلام 4/ 252، سير أعلام النبلاء 5/ 345، الكاشف الترجمة 1985، تهذيب ابن حجر 91، خلاصة الخزرجى الترجمة 2548، تهذيب الكمال 2365).

1303 ـ سعيد بن نوفل بن الحارث الهاشمى

الأنصارى. روى عنه أيوب السختيانى، وحنظلة بن أبى سفيان، وسليم بن حبّان، وأبو إسحاق. روى له الجماعة، إلا النسائى. ووثقه أحمد، ويحيى، وأبو زرعة الزارى وأبو حاتم، ذكره مسلم فى طبقات الرواة المكيين. 1303 ـ سعيد بن نوفل بن الحارث الهاشمى: روى عنه عمار بن أبى عمار، فى الاستئذان. ذكره هكذا الذهبى، وذكره الكاشغرى وقال: روى عن النبى صلى الله عليه وسلم فى الاستئذان. قال أبو نعيم: هو عندى مرسل. 1304 ـ سعيد ـ وقيل معبد ـ بن عمرو التميمى، حليف بنى سهم: هاجر إلى الحبشة، وقتل بأجنادين، ذكره هكذا الذهبى. وذكره الكاشغرى، إلا أنه لم يقل: حليف بنى سهم. 1305 ـ سعيد بن يربوع بن عنكثة بن عامر بن مخزوم المخزومى: أسلم قبل الفتح، وشهد الفتح. وقيل هو من مسلمته. وذكره بعضهم فى المؤلفة، وأن النبى صلى الله عليه وسلم، أعطاه خمسين بعيرا من غنائم حنين. وكان اسمه الصّرم، وقيل أصرم، فسماه النبى صلى الله عليه وسلم، سعيدا. وسبب ذلك على ما قيل، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له: أيّنا أكبر؟ قال: أنت يا رسول الله، أكبر منى وأخير، وأنا أقدم منك سنّا، فقال: أنت سعيد. وكان عمر رضى الله عنه، ندبه لتجديد أنصاب الحرم لمعرفته، وكان يجددها فى كل سنة، حتى عمى فى خلافة عمر رضى الله عنه. وتوفى بالمدينة، وقيل بمكة، فى سنة أربع وخمسين، وعاش مائة وعشرين سنة. وقيل مائة وأربعة وعشرين، وكانت له دار بالبلاط من المدينة.

_ 1303 ـ انظر ترجمته فى: (التجريد 1/ 241، أسد الغابة 2/ 316، الإصابة 2/ 51). 1304 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 995، الإصابة ترجمة 3290، أسد الغابة ترجمة 2091، التجريد 1/ 240). 1305 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1511، تاريخه الصغير 1/ 45، تاريخ الطبرى 3/ 90، 4/ 69، الجرح والتعديل الترجمة 304، جمهرة ابن حزم 142، الاستيعاب 998، التبيين فى أنساب القرشيين 266، 357، الكامل فى التاريخ 2/ 270، 537، 3/ 500، أسد الغابة 2102، الكاشف الترجمة 1997، العبر 1/ 59، التجريد الترجمة 2347، تهذيب ابن حجر 4/ 99، الإصابة 3302، عنوان النجابة 99، طبقات ابن سعد 2/ 116، التحفة اللطيفة 162، الوافى بالوفيات 15/ 382، تلقيح فهوم أهل الأثر 374، 2561، شذرات الذهب 1/ 60، تهذيب الكمال 2380).

1306 ـ سعيد الحبشى المعروف بالمكين

1306 ـ سعيد الحبشى المعروف بالمكين: كان يتردد إلى مكة للحج والتسبب، وأقام بمكة نحو سبع سنين متوالية ثم مات بها فى رابع عشر ذى القعدة، سنة خمس عشرة وثمانمائة، ودفن بالمعلاة. وكان فيه خير ومروءة، وكان استأجر رباطا عند الدّريبة بمكة، ليعمره دارا، فمات قبل إكمال عمارته. * * * من اسمه سفيان 1307 ـ سفيان بن دينار المكى، أبو سعيد بن دينار: عن ابن عمر، وعنه عمرو بن مرة. كتبت هذه الترجمة من مختصر التهذيب. وقال ذكره للتمييز. انتهى. وسبب ذلك أن البخارى والنسائى، رويا عن سفيان بن دينار الكوفى أو سعيد التمّار. 1308 ـ سفيان بن عبد الله بن ربيعة بن الحارث، ويقال سفيان بن عبد الله ابن حنظلة الثقفى، أبو عمرو، ويقال أبو عمرة الطائفى: له صحبة ورواية عن النبى صلى الله عليه وسلم، وعن عمر. روى عنه، ابناه عاصم وعبد الله، وعروة ابن الزبير، وجماعة. روى له: البخارى ومسلم وابن ماجة، وكان عاملا لعمر بن الخطاب على أهل الطائف، ولاه عمر ذلك، بعد عزله عثمان بن أبى العاص، ويعد فى البصريين. 1309 ـ سفيان بن عبد الرحمن بن عاصم بن سفيان بن عبد الله بن أبى ربيعة الثقفى المكى: روى عن جده عاصم. وروى عنه أبو الزبير، وعبد الله بن لاحق المكيان.

_ 1306 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 3/ 256). 1307 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2072، الجرح والتعديل الترجمة 960، تهذيب ابن حجر 4/ 109، تهذيب الكمال 2402). 1308 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 6/ 52، طبقات خليفة 286، تاريخه 155، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2057، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 243، الجرح والتعديل الترجمة 952، الاستيعاب ترجمة 1008، الجمع لابن القيسرانى 1/ 196، أسد الغابة ترجمة 2117، الكامل فى التاريخ 3/ 77، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 223، الكاشف الترجمة 2017، التجريد الترجمة 2365، تهذيب ابن حجر 4/ 115، الإصابة ترجمة 3326، خلاصة الخزرجى الترجمة 2585، تهذيب الكمال 2408) 1309 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 2409، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2080، تاريخ أبى زرعة الرازى 643، الجرح والتعديل الترجمة 967، الكاشف الترجمة 2018، تهذيب ابن حجر 4/ 116، خلاصة الخزرجى الترجمة 2586، تهذيب الكمال 2409).

1310 ـ سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى

روى له النسائى وابن ماجة حديثا من رواية أبى الزبير عنه، عن جده، عن أبى أيوب، سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول: «من توضأ كما أمر» (1) الحديث. وذكره ابن حبان فى الثقات. وذكر صاحب الكمال: أن أبا داود روى له أيضا. 1310 ـ سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى: قال أبو عمر: مذكور فى المؤلفة قلوبهم، فيه نظر. وقال الذهبى: مذكور فى المؤلفة، إن صح ذلك. 1311 ـ سفيان بن عيينة بن أبى عمران، ميمون الهلالى، مولاهم الكوفى المكى، أبو محمد: أحد أئمة الإسلام. سمع من: الزهرى وعمرو بن دينار، وعبد الله بن دينار، وإسماعيل

_ (1) أخرجه النسائى فى الكبرى، باب ثواب من توضأ كما أمر، حديث رقم (141) من طريق: قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث عن أبى الزبير عن سفيان بن عبد الرحمن عن عاصم بن سفيان الثقفى أنهم غزوا غزوة السلاسل ففاتهم الغزو فرابطوا ثم رجعوا إلى معاوية وعنده أبو أيوب وعقبة بن عامر فقال عاصم: يا أبا أيوب فاتنا الغزو العام وقد أخبرنا أنه من صلى فى المساجد الأربعة غفر له ذنبه؟ فقال: يا ابن أخى أدلك على أيسر من ذلك: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ كما أمر وصلى كما أمر، غفر له ما قدم من عمل. أكذاك يا عقبة؟ قال: نعم. وأخرجه ابن ماجة فى سننه، باب ما جاء فى أن الصلاة كفارة، حديث رقم (1439) من طريق: محمد بن رمح، أنبأنا الليث بن سعد، عن أبى الزبير، عن سفيان بن عبد الله، أظنه عن عاصم بن سفيان الثقفى أنهم غزوا غزوة السلاسل ... فذكره. 1310 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1007، الإصابة ترجمة 3327، أسد الغابة ترجمة 2116). 1311 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 6/ 41، ابن طهمان 1، 4، الدارمى 4، 67، 68، 362، علل ابن المدينى 38، 44، 47، 57، 59، 67، 996، طبقات خليفة 284، وتاريخه 468، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2082، تاريخه الصغير 2/ 284، المعارف 506، المعرفة ليعقوب 1/ 185 ـ 187، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 20، 40، 110، 145، 157، 194، 233، 241، 252، 378، ذيل المذيل للطبرى 108، الجرح والتعديل الترجمة 973، المراسيل 85، مشاهير علماء الأمصار 146، حلية الأولياء 7/ 170، جمهرة ابن حزم 18، 117، 143، 167، 191، تاريخ بغداد 9/ 174، السابق واللاحق 227، الجمع لابن القيسرانى 1/ 195، التبيين 249، وفيات الأعيان 2/ 391، العبر 208، 209، سير أعلام النبلاء 8/ 400، الكاشف الترجمة 2022، تذكرة الحفاظ 1/ 262، ميزان الاعتدال الترجمة 3327، المغنى الترجمة 1485، مراسيل العلائى 250، شرح علل الترمذى 69، غاية النهاية 1/ 308، تهذيب ابن حجر 4/ 117، خلاصة الخزرجى الترجمة 2590، شذرات الذهب 1/ 354، تهذيب الكمال 2413).

1312 ـ سفيان بن قيس بن أبان الطائفى

ابن أبى خالد، وأبى إسحاق السّبيعّى، وخلق. وروى عنه: الأعمش، وابن جريج، وشعبة، ومسعر، وهم من شيوخه وابن المبارك، وجماعة من أقرانه، وأحمد بن حنبل، وابن المدينى، وابن معين، وأبو بكر بن أبى شيبة، والحميدى، والفلّاس، وخلق، آخرهم إليسع بن سهل الزّينبى، المتوفى سنة نيّف وثمانين ومائتين، على ما زعم. روى له الجماعة. قال الشافعى: لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز. وقال الشافعى أيضا: ما رأيت أحدا من الناس فيه آلة العلم، ما فى سفيان بن عيينة، وما رأيت أحدا أكف عن الفتيا منه، وما رأيت أحدا أحسن لتفسير الحديث منه. وقال ابن وهب: لا أعلم أحدا أعلم بالتفسير من ابن عيينة. وقال أحمد بن حنبل: ما رأيت أحدا أعلم بالسنن من ابن عيينة. وقال البخارى: قال علىّ ـ يعنى ابن المدينى ـ: قال سفيان: ولدت سنة سبع ومائة، وجالست الزهرى، وأنا ابن ست عشرة سنة وشهرين ونصف شهر، ثم قدم علينا الزهرى، فى ذى القعدة سنة ثلاث وعشرين. وقال محمد بن عبد الله بن عمار: سمعت يحيى بن سعيد يقول: اشهدوا أن سفيان بن عيينة اختلط سنة سبع وتسعين. وقال الواقدى: مات يوم السبت غرّة رجب سنة ثمان وتسعين ومائة. انتهى. وكانت وفاته بمكة بعد أن سكنها، وقبره معروف بالمعلاة. 1312 ـ سفيان بن قيس بن أبان الطائفى: [له صحبة، ولأخيه وهب بن قيس من حديث أميمة بنت رقية عن أمها عنهما] (1). 1313 ـ سفيان بن معمر بن حبيب الجمحى، أخو جميل بن معمر، يكنى أبا جابر، وقيل أبا جنادة: وهما ابنان له، هاجر بهما إلى الحبشة، وماتوا جميعا فى خلافة عمر، وانقطع نسلهم على ما ذكر الزبير بن بكار.

_ 1312 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1010، الإصابة ترجمة 3337، أسد الغابة ترجمة 1212، الثقات 3/ 182، تجريد أسماء الصحابة 1/ 227، الجرح والتعديل ترجمة 951، طبقات ابن سعد 8/ 492). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل، وما أوردناه من الاستيعاب. 1313 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 4/ 217، التاريخ الصغير 1/ 3، الاستيعاب ترجمة 1011، الإصابة ترجمة 3340، أسد الغابة ترجمة 2124).

1314 ـ السكران بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود العامرى

وذكر ابن إسحاق: أن سفيان هذا، رجل من الأنصار، من بنى زريق تبناه معمر بن حبيب، فغلب على نسبه، والله أعلم. 1314 ـ السكران بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ العامرى: أخو سهيل بن عمر لأبويه. هاجر إلى الحبشة مع زوجته سودة بنت زمعة، وبها مات، فى قول موسى بن عقبة. وقال ابن إسحاق: بل رجع إلى مكة، فمات بها قبل الهجرة إلى المدينة، وخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأته سودة. 1315 ـ سلطان بن الحسن الحسينى، واسمه محمد، وإنما اشتهر بالشريف سلطان: ولذلك ذكرناه هنا. كان من أعيان مشيخة العجم، المجاورين بمكة. وله خط حسن على طريقة العجم، مع حسن الهيئة، جاور بمكة سنين كثيرة، متأهلا فيها بابنة يوسف القروىّ. وبها توفى فى أثناء سنة ثلاث وتسعين، ودفن بالمعلاة. وقد بلغ الستين فيما أظن، أو جاوزها. 1316 ـ سلطان بن عيسى بن موسى بن يحيى بن عبد الرحمن بن على بن الحسين بن على، القاضى بهاء الدين، أبو المحامد الشيبانى الطبرى المكى: ولى القضاء بمكة؛ لأنى وجدت خطه فى مكتوب مبيع ثبت عليه، والمكتوب مؤرخ بالتاسع من جمادى الأولى سنة خمس وسبعين وستمائة، ووجدت خطه على مكتوب مبيع ثبت عليه، وتأريخه: بالتاسع والعشرين من شهر رمضان سنة خمس وسبعين، وشهد عليه فيه بالثبوت جماعة، وترجم بقاضى الحرم. وكذا كتب هو بخطه، وأظنه ولى قضاء مكة، لما عزل القاضى جمال الدين بن المحب الطبرى نفسه؛ لأنى وجدت بخط الشيخ أبى العباس الميورقى، أن ابن المحب، عزل نفسه ورجع القضاء فى سنة القضاء، سنة خمس وسبعين، وجاء الأمر بأن يعود للقضاء فى رمضان، سنة ست وسبعين. انتهى. وهذا يدل على ما ذكرناه، ويستفاد من مدة ولاية سلطان. والله أعلم. 1317 ـ[الأمير سيف الدين سلار: نائب السلطنة بالديار المصرية، حج فى سنة ثلاث وسبعمائة فى جيش عظيم، وتصدق على أهل الحرمين بصدقة عظيمة.

_ 1314 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 4/ 320، أسد الغابة 2/ 324، الإصابة 2/ 59).

1318 ـ سلمان بن حامد بن غازى بن يحيى بن منصور الغزى، بغين وزاى، المقرئ

قال ابن عبد المجيد فى كتابه بهجة الزمن: سمعت أن صدقته تزيد على ستمائة ألف درهم، ومن الغلة المحمولة فى البحر من جهة القصير إلى جدة عشرة آلاف أدرب، وأنه لم يترك بالحجاز فى تلك السنة من عليه دين. قال: وبلغنى أن دخل أقطاعه وضماناته ومستأجراته، وأجرة عقاره بمصر والشام فى كل يوم مائة ألف درهم خاصة بخزائنه، خارجا عن كلفته لحاشيته. انتهى من تاريخ الخزرجى] (1). 1318 ـ سلمان بن حامد بن غازى بن يحيى بن منصور الغزّىّ، بغين وزاى، المقرئ: جاور بمكة مدة سنين، وأدب بها الأطفال، ثم استشهد فى ليلة التاسع والعشرين من شوال سنة ثمان وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وسبب موته، أنه طعن فى الليلة المشار إليها طعنة، أنفذت منها مقاتله. وكان يذكر أنه من بنى عامر، أعراب الشام. وبلغنى أنه من أصحاب الشيخ محمد القرمى. وكان سمع من بعض شيوخنا بمكة. 1319 ـ سلمان بن خالد الخزاعى: ذكره الذهبى هكذا، وقال: ذكره الطبرانى فى الصحابة، وحديثه مضطرب. وذكره الكاشغرى وقال: صحابى، روى حديث: «يا بلال، أقم الصلاة فأرحنا» (1). * * * من اسمه سلمة 1320 ـ سلمة بن أمية بن أبى عبيدة بن همام بن الحارث التميمى: أخو يعلى بن أمية الكوفى. له صحبة، وله حديث واحد، لا يوجد إلا عند ابن

_ 1317 ـ (1) ما بين المعقوفتين من على هامش الأزهرية. (1318) ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 3/ 258). (1319) ـ انظر ترجمته فى: (التجريد 1/ 246، أسد الغابة 2/ 326، الإصابة 2/ 61). (1) أخرجه أبو داود فى سننه، فى باب فى صلاة العتمة، حديث (5264) من طريق: مسدد أخبرنا عيسى بن يونس أخبرنا مسعر بن كدام عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبى الجعد قال: قال رجل، قال مسعر: أراه من خزاعة: «ليتنى صليت فاسترحت، فكأنهم عابوا ذلك عليه، فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها». 1320 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير الترجمة 994، تاريخه الصغير 1/ 143، المعرفة ليعقوب 1/ 337، الاستيعاب ترجمة 1022، أسد الغابة ترجمة 2156، الكاشف الترجمة 2045، التجريد الترجمة 2406، تهذيب ابن حجر 4/ 141، الإصابة ترجمة 3376، خلاصة الخزرجى الترجمة 2622، الجرح والتعديل الترجمة 685، تهذيب الكمال 2445).

1321 ـ سلمة بن بديل بن ورقاء الخزاعى

إسحاق، كما قال صاحب الكمال، وهو مضطرب كما قال الذهبى. ولعل سبب الاضطراب، الاختلاف فى راويه عنه، وهل هو من روايته ورواية أخيه يعلى، أو من رواية يعلى فقط، فرواه النسائى (1)، وابن ماجة (2)، من طريق ابن إسحاق، عن عطاء، عن صفوان بن عبد الله، عن عميّه: سلمة ويعلى، قالا: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك، ومعنا رجل صاحب لنا، فقاتل رجلا. الحديث. قال الذهبى: والمحفوظ قول عطاء بن أبى رباح، عن صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه. وذكر صاحب الكمال والذهبى: أنه كوفى. وذكره مسلم بن الحجاج فى الطبقة الأولى من الصحابة المكيين، وقرره مع أخيه يعلى، ويجمع بين ذلك بأنه سكن الكوفة ومكة، فنسبه كل ممن ذكرنا إلى أحدهما، وهى نسبة صحيحة لا تنافى الأخرى، والله أعلم. 1321 ـ سلمة بن بديل بن ورقاء الخزاعى: ذكره ابن عبد البر وقال: قال ابن أبى حاتم: كانت له صحبة، ولم أر روايته إلا عن أبيه. وروى عنه ابنه عبد الله بن سلمة. وقال الذهبى: سلمة الخزاعى. ذكره أبو موسى، وقبله أبو نعيم، ولم يورد له: س. انتهى. والظاهر أنه المذكور.

_ (1) أخرجه النسائى فى الصغرى، كتاب القسامة، حديث رقم (4684) من طريق: عمران بن بكار قال أنبأنا أحمد بن خالد قال: حدثنا محمد بن عطاء بن أبى رباح عن صفوان بن عبد الله عن عميه سلمة ويعلى ابنى أمية قالا: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك ومعنا صاحب لنا فقاتل رجلا من المسلمين فعض الرجل ذراعه فجذبها من فيه فطرح ثنيته فأتى الرجل النبى صلى الله عليه وسلم يلتمس العقل فقال: ينطلق أحدكم إلى أخيه فيعضه كعضيض الفحل ثم يأتى يطلب العقل، لا عقل لها، فأبطلها رسول الله صلى الله عليه وسلم. (2) أخرجه ابن ماجة فى سننه، فى كتاب الديات، حديث رقم (2646) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن إسحاق عن عطاء عن صفوان ابن عبد الله عن عميه يعلى وسلمة ابنى أمية قالا: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك ومعنا صاحب لنا فاقتتل هو ورجل آخر ونحن بالطريق قال: فعض الرجل يد صاحبه فجذب صاحبه يده من فيه فطرح ثنيته فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتمس عقل ثنيته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعمد أحدكم إلى أخيه فيعضه كعضاض الفحل ثم يأتى يلتمس العقل لا عقل لها. قال: فأبطلها رسول الله صلى الله عليه وسلم. 1321 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1023، الإصابة ترجمة 3377، أسد الغابة ترجمة 2158، الجرح والتعديل 4/ 157).

1322 ـ سلمة بن شبيب، الحافظ أبو عبد الله النيسابورى

1322 ـ سلمة بن شبيب، الحافظ أبو عبد الله النيسابورى: نزيل مكة، سمع عبد الرزاق بن همام، وأبا داود الطيالسى، وأبا عبد الرحمن المقرى، وكان مستمليه، ويزيد بن هارون، وغيرهم. روى عنه أحمد بن حنبل، وابنه عبد الله، وأبو زرعة، وأبو حاتم، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وعدّة. وقال أبو حاتم، وصالح بن محمد: صدوق. وقال النسائى: ليس به بأس. وقال أبو داود: مات بمكة سنة ست وأربعين ومائتين، من أكل الفالوذج. وقال الذهبى: قال ابن يونس: مات فى رمضان سنة سبع وأربعين ومائتين. وبذلك جزم الذهبى فى العبر، وزاد: بمكة. 1323 ـ سلمة بن أبى سلمة بن عبد الله بن عبد الأسد المخزومى: ربيب النبى صلى الله عليه وسلم، ذكره الزبير بن بكار فى أولاد أبى سلمة، فقال: وولد أبى سلمة بن عبد الأسد: سلمة، وعمر، ودرّة، وزينب، وأمهم وأم سلمة، زوج النبى صلى الله عليه وسلم، خلف عليها بعد أبى سلمة، واسمها هند بنت أبى أمية، وقال: حدثنى محمد بن الحسن، قال: حدثنى محمد بن طلحة عن أبى سهيل بن مالك، وعن غيره من أهل العلم، قال: زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، سلمة بن أبى سلمة، للنصف من شوال سنة أربع، فلما زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، سلمة بن أبى سلمة، ابنة حمزة بن عبد المطلب، أقبل على أصحابه فقا: أترونى كافأته؟ قال: وحدثنى فى حديث أطول من هذا. وقال الزبير: حدثنى محمد بن الحسن، عن الحسن بن عبد الله، عن الحسين بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، أن النبى صلى الله عليه وسلم خطب أم سلمة، فقالت: كيف بى ورجالى بمكة؟

_ 1322 ـ انظر ترجمته فى: (علل أحمد 1/ 233، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2054، تاريخه الصغير 2/ 386، الجرح والتعديل الترجمة 722، أخبار أصبهان 1/ 336، السابق واللاحق 60، الجمع لابن القيسرانى 1/ 192، طبقات الحنابلة 1/ 168 ـ 170، المعجم المشتمل الترجمة 385، سير أعلام النبلاء 12/ 256، تذكرة الحفاظ 2/ 543، الكاشف الترجمة 2054، العبر 2/ 187، 207، تهذيب ابن حجر 4/ 146، خلاصة الخزرجى الترجمة 2632، شذرات الذهب 2/ 116، تهذيب الكمال 2455). 1323 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1027، الإصابة ترجمة 3395، أسد الغابة ترجمة 2172، العبر 64، تاريخ الإسلام 3/ 156، الوافى بالوفيات 15/ 318، الجرح والتعديل 4/ 163، طبقات ابن سعد 3/ 5).

1324 ـ سلمة بن الميلاء الجهنى

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يزوجك ابنك، ويشهد لك رجال من أصحاب رسول اللهصلى الله عليه وسلم. وذكر الزبير: أنه ليس لسلمة عقب. وذكر ابن عبد البر: أنه لا يحفظ له رواية، وهو أسن من أخيه عمر، وبه كنّى أبوه، زوج النبى صلى الله عليه وسلم أمه أم سلمة، ثم زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمامة بنت حمزة، ثم أقبل على أصحابه وقال: أترونى كافأته؟ . وعاش إلى خلافة عبد الملك. وذكر ابن قدامة أنه توفى فيها. وذكر الكاشغرى: أن أبويه هاجرا به إلى المدينة وهو صغير، وأنه لا عقب له. 1324 ـ سلمة بن الميلاء الجهنى: استشهد يوم فتح مكة، وكان فى خيل خالد بن الوليد، فشذّ عنه، فقتل بمكة. 1325 ـ سلمة بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى: أسلم قديما، وهاجر إلى الحبشة، ثم قدم مكة، فاحتبس بها عن الهجرة إلى المدينة، وعذب فى الله. وكان النبى صلى الله عليه وسلم، يدعو له ولمن معه من المستضعفين، ولم يشهد بدرا وشهد مؤته. وكان لحق النبى صلى الله عليه وسلم بعد الخندق، وأقام بالمدينة حتى توفى النبى صلى الله عليه وسلم، ثم خرج إلى الشام غازيا، فقتل بمرج الصّفّر، فى المحرم سنة أربع عشرة، وقيل بأجنادين سنة ثلاث عشرة، قبل موت الصديق رضى الله عنه وكان من خيار الصحابة وفضلائهم، رضى الله عنهم. 1326 ـ سلمة المكى: عن جابر بن عبد الله. روى عنه عبد الله بن مسلم بن هرمز. * * * من اسمه سليمان 1327 ـ سليمان بن أحمد بن سليمان بن راشد السالمى المكى: سمع معى من شيخنا أبى اليمن الطبرى، وسمع من غيره فيما أظن. خرج من مكة إلى

_ 1324 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1033، الإصابة ترجمة 3410، أسد الغابة ترجمة 2186). 1325 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 4/ 176، الاستيعاب ترجمة 1037، الإصابة ترجمة 3415، أسد الغابة ترجمة 2190، طبقات ابن سعد 4/ 7 / 96). 1326 ـ انظر ترجمته فى: (الكاشف الترجمة 2078، تهذيب ابن حجر 4/ 162، خلاصة الخزرجى الترجمة 2656، تهذيب الكمال 2478). 1327 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 3/ 260).

1328 ـ سليمان بن بابيه النوفلى، مولاهم المكى

المدينة زائرا للنبى صلى الله عليه وسلم، فى جمادى الأولى من سنة عشر وثمانمائة، وعاد وهو متعلل إلى مكة، ودامت علته، حتى مات فى سادس عشر جمادى الآخرة من السنة المذكورة، ودفن بالمعلاة، عن نحو عشرين سنة. 1328 ـ سليمان بن بابيه النّوفلىّ، مولاهم المكى: روى عن أم المؤمنين أم سلمة. وعنه ابن جريج. روى له النسائى حديث: «لا تدخل الملائكة بيتا فيه جرس» (1). الحديث. وذكره ابن حبان فى الثقات. 1329 ـ سليمان بن جعفر: [ ........................ ] (1). 1330 ـ سليمان بن حرب بن بجيد الأزدى الواشحى، أبو أيوب البصرى: قاضى مكة، ذكر أنه ولد فى صفر سنة أربعين ومائة، سمع من: جرير بن حازم وشعبة، والحمادين، وسليمان بن المغيرة، وجماعة.

_ 1328 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1762، المعرفة والتاريخ 2/ 276، الجرح والتعديل الترجمة 457، الكاشف الترجمة 2092، تهذيب ابن حجر 4/ 174، خلاصة الخزرجى الترجمة 2671، تهذيب الكمال 2494). (1) فى السنن الصغرى، كتاب الزينة، حديث رقم (5127) من طريق: يوسف بن سعيد ابن مسلم قال: حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: أخبرنى سليمان بن بابيه مولى آل نوفل أن أم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تدخل الملائكة بيتا فيه جلجل ولا جرس ولا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس. 1329 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 1330 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 1/ 26، 380، 2/ 77، 87، 89، 163، 3/ 23، 30، 314، 4/ 16، 29، 129، 146، 5/ 102، 124، 220، 254، 350، 6/ 66، 154، 274، 7/ 14، 31، 65، 8/ 66، 106، 338، تاريخ خليفة 478، طبقاته 228، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1782، تاريخه الصغير 2/ 351، المعارف 526، تاريخ واسط 82، 100، 127، الجرح والتعديل الترجمة 481، جمهرة ابن حزم 381، تاريخ بغداد 9/ 33، السابق واللاحق 216، الجمع لابن القيسرانى 1/ 181، المعجم المشتمل الترجمة 389، الكامل فى التاريخ 6/ 521، وفيات الأعيان 2/ 418 ـ 420، سير أعلام النبلاء 10/ 330، تذكرة الحفاظ 1/ 393، العبر 1/ 390، الكاشف الترجمة 2100، شرح علل الترمذى 493، تهذيب ابن حجر 4/ 178، فتح البارى 1/ 193، 4/ 149، خلاصة الخزرجى الترجمة 2679، شذرات الذهب 2/ 54، تهذيب الكمال 2502).

1331 ـ سليمان بن خليل بن إبراهيم بن يحيى بن سليمان بن فارس بن أبى عبد الله الكنانى العسقلانى المكى الشافعى، يكنى أبا الربيع، ويلقب نجم الدين

سمع منه: يحيى بن سعيد القطان، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن يحيى الذهلى، والحميدى، والبخارى، وأبو داود، وأبو مسلم الكجّى، وأبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحى، وهو خاتمة أصحابه، وبين وفاته ووفاة القطان مائة وسبع وستون سنة، وهذا النوع يسميه المحدثون: السابق واللاحق. وروى عنه خلق، منهم: أبو حاتم، وقال: سليمان بن حرب، إمام من الأئمة، كان لا يدلس، ويتكلم فى الرجال والفقه، وليس بدوين عفان، ولعله أكبر منه. وقد ظهر من حديثه نحو من عشرة آلاف، ما رأيت فى يده كتابا قط. ولقد حضرت مجلسه ببغداد، فحزروا من حضر مجلسه أربعين ألف رجل، وكان مجلسه عند قصر المأمون. انتهى. وروى الصّولىّ بسنده إلى يحيى بن أكثم، أنه لما قدم من البصرة، قال له المأمون: من تركت بها؟ فوصف له مشايخ، منهم سليمان بن حرب، وأثنى عليه، فأمره بحمله إليه، فقدم، وحضر إلى مجلسه، فظهر فيه فضله، فما قام حتى ولاه المأمون قضاء مكة، فخرج إليها. قال الخطيب: وليها سنة أربع عشرة ومائتين، وعزل سنة تسع عشرة. قال ابن اسعد: توفى بالبصرة لأربع بقين من ربيع الآخر، سنة أربع وعشرين ومائتين. انتهى. وبجيد: بباء موحدة مضمومة وجيم وياء مثناة من تحت ودال. كذا ذكر صاحب الكمال. ووجد ذلك بخط جماعة من الحفاظ، ووجدت بخط المحدث تاج الدين أحمد بن مكتوم الحنفى المصرى، أن النّووىّ ضبطه بموحدة مفتوحة ثم جيم مكسورة ثم ياء مثناة من تحت ثم لام. انتهى. 1331 ـ سليمان بن خليل بن إبراهيم بن يحيى بن سليمان بن فارس بن أبى عبد الله الكنانى العسقلانى المكى الشافعى، يكنى أبا الربيع، ويلقب نجم الدين: إمام المقام، وخطيب المسجد الحرام، ومفتيه. ولد قبل الثمانين وخمسمائة، على ما ذكر، وقرأ رواية حفص عن عاصم، على المقرئ جوبكار المقدم ذكره، وأجاز له، وهو أقدم شيوخه. وسمع على يونس بن يحيى الهاشمى صحيح البخارى، وعلى زاهر بن رستم جامع الترمذى، وعلى أبى الفتوح الحصرى مسند الشافعى، وعلى علىّ بن البنا، جامع

_ 1331 ـ انظر ترجمته فى: (شذرات الذهب 7/ 529).

الترمذى، وعلى النجيب أبى بكر بن أبى الفتوح السّجزىّ الحنفى تاريخ مكة للأزرقى، وعلى يحيى بن ياقوت الفراش، وغيرهم. وحدث بالكثير، ودرس وأفتى، وألف كتابا مفيدا فى المناسك، رأيته بخطه فى مجلدين. ذكره ابن مسدى فى معجمه، وقال بعد أن نسبه: وكنانة، نزل فلّ منهم عسقلان فتديرها عقبه. وسليمان هذا، هو ابن بنت أبى حفص الميانشىّ، ثم قال بعد أن ذكر شيوخه الذين ذكرناهم، خلا ابن الحصرى، وابن البنا، والسجزى، وابن ياقوت: واشتغل بالتنبيه على مذهب الشافعى، وقد كان أبوه حنبليا. ولم يزل مثابرا على خدمة العلم وأهله، إلى أن عطّل دكانه بالعطارين، وجلس للتدريس وفتوى المسلمين. وولى بأخرة إمامة المقام، ومشارفة المسجد الحرام. وقد سمعت منه فوائد. انتهى باختصار. وولى خطابة المسجد الحرام، مع الإمامة بالمقام، كذا وجدت بخطه وخط غيره، وأظنه ولى ذلك بعد علىّ بن أبى بكر الطبرى، والعجب من ابن مسدى، كيف لم يذكر ذلك، وهو أخذ الخطابة عنه على ما بلغنى. وممن ذكر ولايته للخطابة، الشيخ أبو العباس الميورقى، كما سيأتى من كلامه، وأثنى عليه كثيرا فى ألقاب لقبه بها، وأخذ عنه. وممن ذكر ذلك، الشريف أبو القاسم الحسينى فى وفياته، وذكر أنه خطب بالحرم مدة، وأنه كان مشهورا بالفضل والدين، وذكر ذلك غير واحد. ولما ولى الخطابة، أقام السنة فى الخطبة بمنى؛ لأنى وجدت بخطه الميورقىّ: كان مفتى الحرمين سليمان بن خليل، يعيب على الخطباء بمنى، الخطبة قبل الرّمى. فلما ولى هو الخطابة، أقام السّنّة. انتهى. وذكر الميورقى، أنه كان مستقلا بالفتوى فى سنة ثمان وأربعين وستمائة، وذكر أنه استفتاه فى هذه السنة، مع جماعة من فقهاء مكة، عن مسألة وهى: إذا نفر من منى ثانى يوم النحر، ماذا يجب عليه؟ وذكر جوابهم عن ذلك. وقد رأيت أن أذكره لما فى ذلك من الفائدة. وهو أن المحب الطبرى، التزم بأن من نفر يوم النّفر، ثانى يوم النّحر، أن عليه دما وثلثى دم، قال: وقال ابن حشيش: دم وثلث. وقال القاضى عبد الكريم الشيبانى قاضى مكة، والقطب القسطلانى: فى أحد قوليه، دمان، كمذهب مالك. قال مفتى الحرمين يومئذ ـ إمام المقام وخطيب مكة شرفها الله تعالى وكان المستقل حينئذ ـ: عليه دم ومدّ، ومن عرفته منهم بفتياه استحسنه، وإن

1332 ـ سليمان بن راشد السالمى المكى

كان يفتى بغيره. وزاد القاضى تفصيلا، بأنه عاص لا يزيل إثمه إلا التوبة لا النسك. انتهى. وذكر الشريف أبو القاسم الحسينى فى وفياته: أنه توفى ليلة رابع عشر المحرم سنة إحدى وستين وستمائة. وذكر ابن مسدى، أنه توفى ليلة الأربعاء خامس عشر المحرم سنة إحدى وستين، وليس بين كلامهما اختلاف. وسبب ذلك الخلاف فى أول الشهر الذى توفى فيه سليمان بن خليل، على ما وجدت بخط الميورقى. وذكر أنه سمع ذلك، ونقله من خط ابن أخيه علم الدين أحمد بن أبى بكر بن خليل، وذكر أنه صلى عليه ابن أخيه الفقيه محمد بن عمرو بن حنبل، يعنى الكمال بن خليل المقدم ذكره فى المقام إبراهيم عليه السلام، بعد أن طيف به بالكعبة سبعا. قال الميورقىّ: فسألته: هل لكم فى الطواف بالميت أثر؟ فقال: جرت العادة بذلك فى عصرنا للهواشم، ومن عظم قدره، فأردت أن أذكره شناعة ذلك فى مذهب مالك، فلم يتفق فى ذلك المجلس. انتهى. وهذه البدعة مستمرة إلى عصرنا هذا، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم. وممن أرخ وفاته بهذا الشهر: الدمياطى فى معجمه، وقال: بعد أن كف بصره ودفن بالحجون. 1332 ـ سليمان بن راشد السالمى المكى: كان أحد تجار مكة، خلف عقارا طائلا، بمكة والوادى ونخلة. توفى [ .... ] (1) من سنة إحدى وثمانين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. هكذا ذكر لى وفاته بعض الناس، وذكر لى غيره، ما يقتضى أنه توفى فى سنة تسع وسبعين وسبعمائة، وأظن هذا هو الصواب. والله أعلم. 1333 ـ سليمان بن سلامة المكى: كان من أعيان أهل مكة، مقدما على أهل المسفلة، توفى فى آخر عشر الستين وسبعمائة، وإلا ففى عشر السبعين وسبعمائة والله أعلم، بمكة، ودفن بالمعلاة. 1334 ـ سليمان بن شاذى بن عبد الله الأزجىّ، أبو الربيع المقرئ: إمام الحنابلة بالحرم الشريف، ذكره ابن الدبيثى فى تاريخ بغداد، وذكر أنه من أهل

_ 1322 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1335 ـ سليمان بن صرد الخزاعى، أبو طرف الكوفى

باب الأزج، وأنه قرأ القرآن الكريم، وتفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، قدم مكة وأقام بها مدة، وأم الناس فى مقام الحنابلة بالحرم الشريف، بعد وفاة محمد بن عبد الله الهروى، ثم عاد إلى العراق، وخرج عن بغداد قاصدا الشام فى سنة ثمان وستمائة، فبلغ حرّان، فتوفى بها فى هذه السنة، فيما بلغنا، والله أعلم. انتهى. 1335 ـ سليمان بن صرد الخزاعى، أبو طرف الكوفى: له صحبة ورواية عن النبى صلى الله عليه وسلم، ذكر ابن عبد البر، أنه كان يسمى فى الجاهلية يسارا، فسماه النبى صلى الله عليه وسلم، سليمان، وأنه سكن الكوفة، أول ما نزلها المسلمون، من التوابين، الذين قاموا على عبيد الله بن زياد، لقتله الحسين بن على ـ رضى الله عنهما ـ لأنهم كانوا كتبوا إلى الحسين بن على، فى القدوم إلى الكوفة، ثم تخلوا عنه، حين قتله عبيد الله بن زياد، ثم ندموا على ذلك، وعسكروا وأمروا عليهم سليمان بن صرد، وساروا إلى عبيد الله بن زياد، فقتل سليمان من سهم أصابه، وحزّ رأسه، وذلك فى سنة خمس وستين، وقيل سنة سبع وستين. وكان خيرا فاضلا، له شرف فى قومه، وسنّ عال، بلغ ثلاثا وتسعين سنة. 1336 ـ سليمان بن عبد الله بن الحسن بن على بن محمد بن عبد السلام بن المبارك بن راشد التميمى الدارمى، يكنى أبا الربيع بن أبى محمد، ويلقب نجم الدين ويعرف بابن الرّيحانى المكى: ذكره ابن المستوفى تاريخ إربل، فقال: شاب طويل شديد السّمرة، يعقد القاف إذا تكلم، عنده فصاحة وأخلاق حسنة، وأقام الموصل، وسمع بها الحديث على مشايخها.

_ 1335 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 4/ 292، 6/ 25، طبقات خليفة 107، 136، تاريخه 194، 262، المحبر 291، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1752، تاريخه الصغير 1/ 146، المعرفة ليعقوب 2/ 622، تاريخ الطبرى 5/ 179، 352، 552، 555، 557، ـ 561، 563، 579، 580، 582، 586، 592، 595، 598، 599، 605، 6/ 67، الكنى للدولابى 2/ 117، الجرح والتعديل الترجمة 539، مشاهير علماء الأمصار الترجمة 305، جمهرة ابن حزم 238، تاريخ بغداد 1/ 200، الاستيعاب ترجمة 1061، الجمع لابن القيسرانى 1/ 176، التبيين فى أنساب القرشيين 465، أسد الغابة ترجمة 2231، الأسماء واللغات 1/ 232، تاريخ الإسلام 3/ 17، سير أعلام النبلاء 3/ 394، تجريد أسماء الصحابة الترجمة 2488، الكاشف الترجمة 2123، العبر 1/ 72، الوافى بالوفيات 15/ 392، تهذيب ابن حجر 4/ 200، الإصابة ترجمة 3470، مجمع الزوائد 7/ 249، خلاصة الخزرجى الترجمة 2707، تهذيب الكمال 2531).

وكان معه درج، وفيه خطوط الأئمة الكبار بها من أهل العلم، بالثناء عليه ووصفه بالدين والصلاح، وسمع بإربل على الشيخ أبى المعالى صاعد، وغيره. ومن شعره قصيدة مدح بها عمه أبا الحسن على بن الحسن بن على الرّيحانى المكى، أنشدنيها عبد الرحمن بن أحمد الغزى وجماعة، عن يونس بن إبراهيم العسقلانى، عن سليمان المذكور [من الكامل]. لا ما يساجلك الغمام الباكر ... فى المكرمات ولا الخضم الزاخر ولذاك لا يحوى صفاتك ناظم ... لو أنه نظم النجوم وناثر إذ لم تزل وفر يبدده الندى ... فى كل ناحية وعرض وافر ومكارم يحدو بها الحادى إذا ... تحدو ركائبه ويشدو سامر ومنها: أعلىّ كم لك من يد مشكورة ... بيضاء يتلوها لسان شاكر أنا عبد أنعمك التى هى فى الورى ... لك شاهد منها هنالك ظاهر وزهير منتك التى تغدو لها ... فى الحى وهو بها مقيم سائر نعم صفت وضفت وقصر دونها ... من أن يساجلها الغمام الماطر وتهللت منها هناك سحائب ... وطف الأسافل ودقها متواتر منن بلا من يكدر صفوها ... يثنى بها باد عليك وحاضر وإذا أعيدت فى الندى تأرجت ... فكأنما فض اللّطيمة تاجر ومن شعره، ما رويناه عنه بالإسناد المتقدم [من البسيط]: طال الثواء بأرض لا إخال بها ... مولى يجير من الإعسار والعدم إلا حثالة قوم لا خلاق لهم ... شادوا من اللؤم ما عفّوا من الكرم أنشدهما له ابن مسدى عنه فى معجمه. وقال عنه: نزيل ديار مصر، يعرف بابن الريحانى، له بيت بمكة مشهور، لكنه خرج منها مرتادا على عادة أهلها، فجاب وجال، ولقى بقايا الرجال، وكتب الكثير واكتتب، وكان ذا معرفة بالكتب، سمع قديما بمكة من عمه أبى الحسن على بن الحسن بن الريحانى، بقراءة علىّ بن المفضل المقدسى، ثم سمع بعد ذلك، وعظم سماعاته بعد الستمائة، ثم قال: ونعم المفيد كان. انتهى. وذكره الشريف الحسينى فى وفياته، وقال: سمع بمكة من عمه المنتجب، وقدم مصر واستوطنها. وسمع بها وبغيرها الكثير، وكتب بخطه، وحصل جملة صالحة. انتهى. وكان ابن الريحانى هذا، وزيرا لأبى عزيز قتادة صاحب مكة، وأسر فى الحرب الذى

1337 ـ سليمان بن عبد الله بن سليمان بن على بن عبد الله بن عباس العباسى

كان فى سنة إحدى وستمائة، بين قتادة وصاحب المدينة سالم بن قاسم الحسينى، وأطلقه سالم. ذكر هذا من خبر ابن الريحانى، ابن سعيد المغربى، مع غير ذلك من خبر ابن الريحانى، فنذكره لما فيه من الفائدة، ونص ما قاله ابن سعيد فى ذلك: حكى لى نجم الدين الريحانى، وكان وزيرا لأبى عزيز، وكان أسود اللون ضخم الجثة قبيح الصورة: كنت فى هذه الوقعة، فحصلت فى أسر سالم، فلما حضرت بين يديه، قال لى: من كان دبّر رأيه وهذه صورته، فيجب على خصم صاحبه ألا يمسكه عنه، متى حصل فى يده، فاذهب إلى صاحبك، قال: فقلت له: ضاع الشكر أيها الأمير بحسن البادرة، فقال: وتوريتك أحسن منها، ثم أحسن إلىّ وخلّى سبيلى. قال: ولما عدت إلى الأمير أبى عزيز، حرت فيما أجاريه به، إن سألنى عن إحسان عدوه، فقال لى: ما كان من سالم معكم؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، الفاطميون يحسنون إلى الناس، ويسئ بعضهم إلى بعض، قال: فما رأيته طرب لكلام مثل طربه لما استمعه، وجعل يعيد ما قلت، ويظهر لى أنى وفقت فيه للصواب. انتهى. وتوفى فى حادى عشر شهر شعبان، سنة اثنتين وأربعين وستمائة بالقاهرة، ودفن من يومه بسفح المقطم، هكذا ذكر وفاته الشريف الحسينى. وذكر ابن مسدى: أنه توفى فى شعبان سنة ثلاث وأربعين، كما وجدته منقولا من معجمه بخط الحافظ أبى الفتح ابن سيد الناس، والصواب ما ذكره الحسينى. وذكر الحسينى: أن مولده بمكة شرفها الله تعالى، فى السابع عشر من شهر ربيع الأول، سنة أربع وسبعين وخمسمائة. انتهى. وذكر ابن مسدى مولده كذلك، إلا أنه قال: فى ربيع الأول. وذكر فى نسبه ما يخالف ما ذكرناه؛ لأنه قال: سليمان بن عبد الله بن الحسن بن على بن عبد السلام بن محمد بن المبارك بن راشد. وذكره منصور بن سليم فى تاريخ الإسكندرية، ونقلت ذلك من خطه، أنه سأله عن مولده، فذكر أنه فى رابع عشر ربيع الأول، وهذا مخالف لما ذكره الشريف فى مولده. وقال منصور: كان ثقة، يعنى الريحانى. 1337 ـ سليمان بن عبد الله بن سليمان بن على بن عبد الله بن عباس العباسى: أمير مكة والمدينة واليمن، قال يعقوب بن سفيان: ولى سليمان مكة والمدينة سنة أربع

1338 ـ سليمان بن عتيق المكى

عشرة ومائتين، وكان ابنه على مكة مرّة، وعلى المدينة مرة، وكان هو وأبوه يتداولان العمل على المدينة ومكة. وذكر صاحب المرآة: أن المأمون ولاه اليمن، وقال: ذكر خليفة أنه قدم دمشق فى صحبة المأمون، وأنه توفى سنة أربع وثلاثين ومائتين. 1338 ـ سليمان بن عتيق المكى: روى عن: ابن الزبير وجابر وطلق بن حبيب وعبد الله بن بابيه. روى عنه: إبراهيم ابن نافع وحميد بن قيس الأعرج، وزياد بن سعد وابن جريج، وآخرون. روى له مسلم وأبو داود والنسائى وابن ماجة، وله فى الكتب حديثان، حديث الأمر بوضع الحوائج، والنهى عن بيع السنين (1)، من حديث جابر. وحديث «ألا هلك المتكبرون والمتنطعون» (2) من حداث الشئ. 1339 ـ سليمان بن عثمان بن الوليد بن عبد الله بن مسعود بن خالد بن عبد العزيز بن سلامة، أحد بنى جبير، الكعبى: ذكره هكذا يعقوب بن سفيان الفسوىّ فى الأول من مشيخته، فى رجال أهل مكة. وروى عنه، عن عمه أبى مصرف سعيد بن الوليد. 1340 ـ سليمان بن محمد بن يحيى بن محمد بن عبيد بن حمزة بن بركات الشيبى الحجبى: توفى يوم الأحد رابع ربيع الأول، سنة خمس وثمانين وخمسمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. لخصت هذه الترجمة من حجر قبره.

_ 1338 ـ انظر ترجمته فى: (علل أحمد 1/ 44، 155، 190، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1857، تاريخه الصغير 1/ 309، المعرفة ليعقوب 2/ 205، الجرح والتعديل الترجمة 581، الجمع لابن القيسرانى 1/ 184، تاريخ الإسلام 4/ 120، ميزان الاعتدال الترجمة 3490، الكاشف الترجمة 2138، المغنى الترجمة 2606، تهذيب ابن حجر 4/ 210، خلاصة الخزرجى الترجمة 2725، تهذيب الكمال 2549). (1) أخرجه مسلم فى صحيحه، فى كتاب البيوع، حديث رقم (2874)، وكتاب المساقاة، حديث رقم (2909)، وأخرجه النسائى فى الكبرى، كتاب البيوع، حديث رقم (4453، 4455)، وأخرجه أبو داود فى سننه، كتاب البيوع، حديث رقم (2930)، وأخرجه ابن ماجة فى سننه، كتاب التجارات، حديث رقم (2209). (2) أخرجه مسلم فى صحيحه، كتاب العلم، حديث رقم (4823)، وأخرجه أبو داود فى سننه، كتاب السنة، حديث رقم (3992).

1341 ـ سليمان بن أبى مسلم الأحوال المكى

1341 ـ سليمان بن أبى مسلم الأحوال المكى: روى عن سعيد بن جبير، وطاوس، وعطاء بن أبى رباح، وأبى المنهال عبد الرحمن ابن مطعم، وأبى سلمة بن عبد الرحمن، وأبى معبد مولى ابن عباس. روى عنه ابن جريج، وشعبة، وعثمان بن الأسود، وسفيان بن عيينة، وقال: كان ثقة. وقال أحمد: كان ثقة ثقة. وقال يحيى وأبو حاتم: ثقة. روى له الجماعة. 1342 ـ سليمان بن مهران المكى:

_ 1341 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 483، تاريخ الدارمى رقم 362، طبقات خليفة 282، علل أحمد 1/ 46، 128، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1883، المعرفة ليعقوب 2/ 22، 277، 702، تاريخ الطبرى 3/ 193، الجرح والتعديل الترجمة 620، ثقات ابن شاهين الترجمة 454، موضح أوهام الجمع والتفريق 2/ 121، الجمع لابن القيسرانى 1/ 180، الكاشف الترجمة 2148، تاريخ الإسلام 5/ 83، 4/ 612، تهذيب ابن حجر 4/ 218، خلاصة الخزرجى الترجمة 2740، تهذيب الكمال 2563). 1342 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 2/ 162، 256، 3/ 114، 5/ 221، 6/ 231، تاريخ الدارمى رقم 952، ابن طهمان رقم 15، 59، 157، 219، ابن محرز رقم 592، 597، علل ابن المدينى 38، 44، 46، 47، 58، 61، 67، 80، 84، 93، 99، المصنف لابن أبى شيبة 13 / رقم 15782، تاريخ خليفة 232، 424، طبقاته 164، علل أحمد 1/ 25، 26، 28، 35، 37، 43، 51، 54، 55، 60، 61، 73، 75، 90، 91، 69، 101، 106، 112، 119، 127، 131، 135، 137، 140، 141، 147، 170، 177، 179، 180، 196، 199، 201، 206، 208، 211، 212، 226، 238، 240، 242، 243، 246، 269، 274، 287، 296، 311، 318، 322، 339، 340، 342، 346، 352، 353، 356، 360، 366، 370، 377، 380، 386، 387، 388، 392، 393، 402، 408 ـ 411، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1886، تاريخه الصغير 2/ 91، الكنى للدولابى 2/ 96، الجرح والتعديل الترجمة 630، المراسيل 82، 84، علل الحديث 12/ 38، 2119، حلية الأولياء 5/ 46، موضح أوهام الجمع 2/ 122، تاريخ بغداد، 8/ 3، السابق واللاحق 210، الجمع لابن القيسرانى 1/ 179، أنساب السمعانى 1/ 314، 10/ 336، التبيين 465، الكامل فى التاريخ 5/ 589، وفيات الأعيان 2/ 400، سير أعلام النبلاء 6/ 226، تذكرة الحفاظ 1/ 154، تاريخ الإسلام 6/ 75، ميزان الاعتدال الترجمة 3517، الكاشف الترجمة 2153، المغنى الترجمة 2628، مراسيل العلائى 258، شرح علل الترمذى 446، غاية النهاية 1/ 315، تهذيب ابن حجر 4/ 222، خلاصة الخزرجى الترجمة 2748، شذرات الذهب 1/ 220، تهذيب الكمال 2570).

1343 ـ سليمان بن يحيى المكى، المعروف بالطوير

ذكره المزى فى التهذيب، فى الرواة عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومى. 1343 ـ سليمان بن يحيى المكى، المعروف بالطّوير: سمع من القاضى عز الدين بن جماعة، وفخر الدين النويرى: بعض سنن النسائى، فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة. خدم غير واحد من سلطنة مكة، وتوفى فى ذى القعدة من سنة ست وثمانمائة، بحمضة، قرب حلى، من البحر المالح، وهو متوجه من اليمن إلى مكة. وقد بلغ الستين أو جاوزها. 1344 ـ سليمان الموصلىّ: وجدت فى مجاميع الميورقىّ بخطه، أو خط غيره: أنه من بقايا الصالحين بمكة، وأنه مجاور نحو الأربعين سنة. 1345 ـ سليمان المقدشى، بشين معجمة: ذكره لى شيخنا الشريف عبد الرحمن الفاسى، وذكر أنه جاور بمكة نحو عشرين سنة، وتزوج، فيها بعمتى الشريفة منصورة بنت على الفاسى، وتردد إلى المدينة، وحصل له شهرة بالحرمين والإسكندرية، وعظمه الخاص والعام. وكان من الأولياء، له كرامات. ولما ورد إلى مكة، كان معه مال لنفسه، ففرقه على الناس. توفى فى عشر السبعين وسبعمائة بالقدس. 1346 ـ سليم بن مسلم المكى: الحسّاب الكاتب، عن ابن جريج. قال ابن بقىّ: جهمىّ خبيث. قال النسائى: متروك. وقال أحمد: لا يساوى حديثه شيئا. وقال ابن أبى حاتم: منكر الحديث. وقال الدّورىّ، عن ابن سفيان: ليس بقوى. كتبت هذه الترجمة هكذا من لسان الميزان، لصاحبنا الحافظ أبى الفضل بن حجر. 1347 ـ سليم المكى، أبو عبد الله: روى عن مجاهد. وعنه: ابن جريج، ومحمد بن مسلم الطائفى، وجماعة. روى له البخارى فى الأدب، وأبو داود فى المراسيل، والنسائى.

_ 1343 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 3/ 270). 1346 ـ انظر ترجمته فى: (ميزان الاعتدال 2/ 232، لسان الميزان 3/ 113). 1347 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2196، الجرح والتعديل الترجمة 926، تاريخ الإسلام 5/ 260، الكاشف الترجمة 2087، تهذيب ابن حجر 4/ 167، خلاصة الخزرجى الترجمة 2667، تهذيب الكمال 489).

1348 ـ سليم بن مسلم المكى

قال أبو حاتم: من كبار أصحاب مجاهد. وقال أبو زرعة: صدوق. كتبت هذه الترجمة من مختصر التهذيب للذهبى. 1348 ـ سليم بن مسلم المكى: عن ابن جريج، والمثنى بن الصباح، وعمرو بن قيس. روى عنه: يحيى بن محمد ثوبان، وعبد الله بن منصور، وأحمد بن محمد الأزرقى، جد مؤلف أخبار مكة أبى الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد، إلا أنى رأيت فى نسخة من تاريخ الأزرقى، ما يقتضى أنه سليم بن سالم. 1349 ـ سليط بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ العامرىّ: أخو سهيل بن عمرو. كان من المهاجرين الأولين، هاجر الهجرتين. وذكره موسى ابن عقبة فى البدريين، وهو الذى بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى هوذة بن علىّ الحنفى، وثمامة ابن أثال الحنفى، سيدى اليمامة، فى سنة ست أو سبع، وقيل سنة أربع عشرة. 1350 ـ سليط بن سليط بن عمرو العامرى: ولد المذكور، شهد مع أبيه اليمامة. قال ابن إسحاق: وقتل بها. وقال أبو معشر: لم يقتل بها، وهو الصواب على ما قال أبو عمر واستدل على ذلك بما ذكر الزبير، من أن عمر، لما كسا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الحلل، فضلت عنده حلة، فقال: دلّونى على فتى هاجر هو وأبوه، فقالوا: عبد الله بن عمر. فقال: لا، ولكن سليط بن سليط، فكساها إياه. 1351 ـ سليط بن عبد الله بن يسار: أخو أيوب بن عبد الله بن يسار، هكذا ذكره مسلم فى الطبقة الثانية من التابعين المكيين.

_ 1348 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ مكة للأزرقى 1/ 141). 1349 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1045، الإصابة 3435، أسد الغابة 2203، الثقات 3/ 181، تجريد أسماء الصحابة 1/ 235، الجرح والتعديل 4/ 1228، المصباح المضئ 1/ 270، 2/ 47، طبقات ابن سعد 1/ 201، 3/ 309، 4/ 153). 1350 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1044، الإصابة ترجمة 3432، أسد الغابة ترجمة 2201). 1351 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2446، الجرح والتعديل الترجمة 1232، تهذيب ابن حجر 4/ 164، تهذيب الكمال 2482).

1352 ـ سمرة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى

وقال الذهبى فى التذهيب: سليط بن عبد الله بن يسار، عن ابن عمرو، وعنه خالد ابن أبى عثمان قاضى البصرة. ذكره البخارى فى تاريخه، ذكر للتمييز. انتهى. ولعله المذكور والله أعلم. 1352 ـ سمرة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى: قيل إنه أسلم، وولاه عثمان، والأصح ابنه الذى أسلم، وولى سجستان أيام عثمان، ذكره هكذا الكاشغرى. وذكره الذهبى، وقال: يقال إنه أسلم، وذكره ابن داسة. 1353 ـ سمرة العدوى: ذكره أبو عمر، وقال: لا أدرى أعدى قريش أو غيرهم. روى عنه جابر بن عبد الله حديثه مع أبى اليسر فى إنظار المعسر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. 1354 ـ سنان بن راجح بن محمد بن عبد الله بن عمر بن مسعود العمرى: كان من أعيان القواد المعروفين بالعمرة. حضر الحرب الذى كان بين أميرى مكة السيد حسن بن عجلان، وابن أخيه رميثة بن محمد، فى الخامس والعشرين من شوال، سنة تسع عشرة وثمانمائة بالمعلاة، وأصابه جرح فى ذلك اليوم من بعض الأشراف، تعلل به حتى مات، فى ذى القعدة من سنة تسع عشرة بمكة، ودفن بالمعلاة. 1355 ـ سنان بن عبد الله بن عمر العمرى المكى: أحد أعيان القواد المعروفين بالعمرة، توفى فى عشر الثمانين وسبعمائة ظنا. 1356 ـ سند بن رميثة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى المكى: أمير مكة، ولى إمرتها شريكا لابن عمه محمد بن عطيفة، بعد عزل أخويه ثقبة وعجلان، وجاء الخبر بولايته وهو معهما فى ناحية اليمن، فقدم مكة وأعطى تقليده وخلع عليه، وعلى ابن عطيفة، ودعى لهما على زمزم، وذلك فى جمادى الآخرة، وقيل فى رجب سنة ستين وسبعمائة.

_ 1352 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 2/ 355). 1353 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1071، الإصابة ترجمة 3490، أسد الغابة ترجمة 2244، تجريد أسماء الصحابة 1/ 239). 1354 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 3/ 272).

وكان بلغه وهو بمنى فى أيام الحج، من سنة إحدى وستين، أن الترك يريدون القبض عليه، فهرب إلى جهة نخلة، وبلغ الترك هربه، فأنكروا أن يكونوا همّوا له بسوء، واستدعوه إليهم، فحضر. ثم وقع بإثر سفر الحجاج فى هذه السنة، بين بعض الترك ـ الذين قدموا فى موسم هذه السنة للإقامة بمكة، عوض الذين قدموا مكة، لما وليها سند وابن عطيفة ـ وبين بعض الأشراف المكيين، منازعة، أفضت إلى قتال الترك وبنى حسن، فقام سند على الترك، وتخلّى ابن عطيفة عن نصرة الترك، فغلب الترك وخرجوا من مكة، وخرج بإثرهم ابن عطيفة متخّوفا. ووجدت بخط بعض الأصحاب، فيما نقله من خط ابن محفوظ المكى: أن سندا كان خارجا عن البلاد فى وقت هذه الفتنة، وأنه لما وصل، طلب الاجتماع بالترك لإصلاح أمرهم، فلم يمكنه الترك من الدخول عليهم، وهذا يخالف ما تقدم من قيام سند على الترك. والله أعلم بالصواب. وكان ثقبة بن رميثة، قد جاء إلى مكة بإثر الفتنة، ولا يمه أخوه سند، واشتركا فى إمرة مكة، إلى أوائل شوال سنة اثنتين وستين، وكان عجلان قد قدم مصر فى رمضان من هذه السنة، متوليا لإمرة مكة، شريكا لأخيه ثقبة، فلما مات ثقبة فى أوائل شوال من هذه السنة، دخل عجلان مكة، وقطع دعاء أخيه سند، وأمر بالدعاء لولده أحمد بن عجلان، وأمره بالاجتماع بالقواد العمرة، وكانوا يخدمون سندا، فاجتمع بهم أحمد بن عجلان، فأقبلوا عليه، وعرف ذلك سند، فخاف على نفسه، فهرب إلى نخلة. وقيل: بل أقام بوادى مرّ بالجديد، واستجار بابن أخيه أحمد بن عجلان، ثم وقع بين بعض غلمان سند، وبين بعض غلمان ابن أخيه شئ، أوجب تغير خاطر ابن أخيه عليه، وأمره بالانتقال من الجديد، فانتقل سند إلى وادى نخلة، ثم إلى الطائف، ثم إلى الشرق، ثم إلى المدينة النبوية، ثم إلى الينبع، ووصله وهو بها أوراق بنى حسن من أهل مكة، يأمرونه بالقدوم عليهم إلى مكة، ليساعدوه على ولايتها. وسبب ذلك، أنهم حضروا الوقعة المعروفة بقحزة، قرب حلى، من بلاد اليمن، وقاتلوا مع عجلان أهل حلى، فظفر عجلان وأصحابه، وأحسن عجلان إلى أصحابه إحسانا، رأوه فيه مقصرا، وأفضى بهم الحنق عليه، إلى أن كتبوا إلى أخيه سند يستدعونه، فحضر سند إلى جدّة، فى سنة ثلاث وستين وسبعمائة، وصادف بها جلبة فيها مال جزيل لتاجر مكى، يقال له ابن عرفة فنهبها سند، وبلغ خبره نائب عجلان على مكة كبيش، فجمع أهل مكة، وخرج إلى جده ليستنقذ من سند ما أخذ، فأشار عليه بعض أحباب أبيه، بعدم التعرض لسند، ورجوعه إلى مكة وحفظها، ففعل. ونقل

سند ما نهبه إلى الجديد بوادى مرّ، وكان ما وقع منه بجدة قبل حضور بنى حسن من حلى، فلما حضروا إلى مكة، انضم إليه جمع كثير منهم، وفرق ما معه عليهم، فلم يفده ذلك فى مراده؛ لأن كل من انضم إليه من بنى حسن، له قريب أكيد مع عجلان، وقصد كل منهم التحريش بين الأخوين، لينال كل فريق مراده، ممن يلائمه من الأخوين، مع إعراض كل ممن مع الأخوين، عن أن يقع بينهم قتال بسبب الأخوين، وعرض بعد ذلك لسند مرض، مات به فى سنة ثلاث وستين وسبعمائة بالجديد، واستولى ابن أخيه عنان بن مغامس بن رميثة على خيله وسلاحه، وذهب به إلى اليمن. ووجدت بخط بعض المكيين: أن عجلان بن رميثة، لما ولى مكة فى سنة ست وأربعين وسبعمائة، فى حياة أبيه رميثة، أعطى أخاه سند بن رميثة ثلث البلاد، بلا دعاء ولا سكة، وأنه بعد ذلك سافر إلى مصر، وقبض عليه بها، وعلى أخويه ثقبة ومغامس، حتى ينظر فى حال عجلان. انتهى بالمعنى. ووجدت بخط بعض المكيين: أن عجلان بن رميثة، لما ولى مكة فى سنة ست وأربعين وسبعمائة، أعطى أخويه سندا ومغامسا رسما فى البلاد، وأقاما معه مدة، ثم بعد ذلك تشوش منهما، فأخرجهما من البلاد بحيلة إلى وادى مرّ، ثم أرسل إليهما أن توسعا فى البلاد. وكان الشريف ثقبة، قد توجه إلى الديار المصرية، فلحقا به بعد شهر، فلما وصلوا إلى مصر لزمهم عنده. ووجدت بخطه أيضا: أنهم وصلوا من مصر فى سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، فأخذوا نصف البلاد من عجلان بلا قتال. انتهى بالمعنى. ولحمزة بن أبى بكر فى الشريف سند بن رميثة قصيدة يمدحه بها، أولها [من الطويل]: خليلى إما جئتما ربع ثهمد ... فلا تسألاه عن غير أم معبد وأن أنتما أبصرتما بانة الحمى ... ورسما لذات المبسم المتبدد فأول ما تستنشدوا عن حلوله ... وتستفهما أخبار رسم ومعهد عسى تخبر الأطلال عمن سألتما ... بما شئتما للمستهام المسهد ومنها فى المدح: وفى سند أسندت مدحا منضدا ... غريب القوافى كالجمان المنضد وأن أنتما أبصرتما بانة الحمى ... ورسما لذات المبسم المتبدد فأول ما تستنشدوا عن حلوله ... وتستفهما أخبار رسم ومعهد عسى تخبر الأطلال عمن سألتما ... بما شئتما للمستهام المسهد ومنها فى المدح: وفى سند أسندت مدحا منضدا ... غريب القوافى كالجمان المنضد هو القيل وابن القيل سلطان مكة ... وحامى حماها بالحسام المهند وصفوة آل المصطفى طود فخرهم ... وبانى علاهم فوق نسر وفرقد

من اسمه سهل

بنى ما بنى قدما أبوه رميثة ... وشاد الذى قد شاد من كل سؤدد وشن عتاق الخيل شعثا ضوامرا ... وأفنى عليها كل طاغ ومعتد فروى صفاح البيض من مهج العدا ... وسمر القنا مهما اعتلى ظهر أجرد وأبيض طلق الوجه يهتز للندى ... ويجدى إذا شح الحيا كل مجتد كريم حليم ماجد وابن ماجد ... ظريف شريف سيد وابن سيد إمام الهدى بحر الندى مهلك العدى ... وبدر بدا من آل بيت محمد أشم طويل الباع ندب مهذب ... أغر رحيب الصدر ضخم المقلد فدوحته بين الورى خير دوحة ... ومحتده بين الورى خير محتد ومنها: إليك جلبت المدح إذ أنت كفؤه ... وإن أنا أجلبه لغيرك يكسد وما مدحكم إلا علينا فريضة ... ومدح سواكم سنة لم تؤكد ثناؤكم أثنى به الله جهرة ... وأنزله وحيا على الطهر أحمد * * * من اسمه سهل 1357 ـ سهل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ العامرى أخو سهيل بن عمرو: من مسلمة الفتح، مات فى خلافة أبى بكر ـ رضى الله عنه ـ أو صدر من خلافة عمر، رضى الله عنه. وذكر الكاشغرى، أنه أسلم يوم الفتح، وله عقب بالمدينة ودار. توفى فى آخر خلافة عمر، رضى الله عنه. 1358 ـ سهل بن محمود بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن محمود البرانى، أبو المعالى بن أبى سهل: هكذا ذكره القاضى تاج الدين السبكى فى طبقاته، وقال: قال فيه ابن السمعانى: من العلماء الصالحين جاور بمكة مدة، وكان كثير العبادة والاجتهاد. مات ببخارى (1)

_ 1357 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 4: 200، الاستيعاب ترجمة 1100، الإصابة ترجمة 3556، أسد الغابة ترجمة 2306). 1358 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات الشافعية 4/ 224). (1) بخارى: من أعظم مدن ما وراء النهر وأجلها، يعبر إليها من آمل الشط، وبينها وبين جيحون يومان من هذا الوجه، وكانت قاعدة ملك السامانية. انظر: معجم البلدان 1/ 353 وما بعدها.

1359 ـ سهل بن وهب بن ربيعة بن عمرو بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن فهر القرشى الفهرى، ويقال له سهل بن بيضاء نسبة إلى أمه، وهى دعد بنت جحدم بن عمرو بن عابد الفهرية

فى سلخ جمادى الأولى سنة أربع عشرة وخمسمائة. وذكر بعض العصريين، أنه إنما توفى سنة أربع وعشرين. والبرانى: بباء موحدة وراء مهملة مشددة، ونون نسبة إلى قرية بوران ببخارى. وقد تشتبه هذه النسبة بالبزانى، بباء موحدة وزاى ونون. 1359 ـ سهل بن وهب بن ربيعة بن عمرو بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبّة بن فهر القرشى الفهرى، ويقال له سهل بن بيضاء نسبة إلى أمه، وهى دعد بنت جحدم بن عمرو بن عابد الفهرية: ذكر ابن عبد البر، أنه ممن أظهر إسلامه بمكة، ومشى إلى النفر الذين قاموا فى نقض الصحيفة، التى كتبها المشركون، على بنى هاشم وبنى المطلب، ثم قال: أسلم سهل بن بيضاء بمكة، وكتم إسلامه، فأخرجته قريش معهم إلى بدر، فأسر يومئذ مع المشركين، فشهد له عبد الله بن مسعود، أنه رآه بمكة يصلى، فخلى عنه. لا أعلم له رواية. ومات بالمدينة، وبها مات أخوه سهيل، فصلى عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسجد. ثم قال: وقد قيل إن سهل بن بيضاء، مات بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى. وذكر غير ابن عبد البر، أنه توفى فى مرجع النبى صلى الله عليه وسلم من تبوك. وقيل: مات سنة ثمان وثمانين. والأول أصح. * * * من اسمه سهيل 1360 ـ سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل ابن عامر بن لؤىّ بن غالب بن فهر القرشى العامرى المكى، أو يزيد: أحد أشراف قريش وخطبائها، ذكر الزبير: أن أمه حبّى بنت قيس بن ضبيس بن ثعلبة بن حيان بن غنم بن مليح بن عمرو بن خزاعة، وأنه شهد بدرا مع المشركين،

_ 1359 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1085، الإصابة ترجمة 3533، أسد الغابة ترجمة 2283، الجرح والتعديل 4/ 835، علوم الحديث لابن الصلاح 335، دائرة معارف الأعلمى 19/ 294، التاريخ الكبير 4/ 103، التاريخ الصغير 1/ 25، 104). 1360 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1111، الإصابة ترجمة 2586، أسد الغابة ترجمة 2326، طبقات ابن سعد 3/ 310، 6/ 9، 7/ 484، 8/ 206، نسب قريش 417، 419، طبقات خليفة 26، 300، تاريخ خليفة 82، 90، التاريخ الكبير 4/ 103، 104، المعارف 284، الجرح والتعديل 4/ 245، مشاهير علماء الأمصار 180، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 239، تاريخ الإسلام 2/ 26، شذرات الذهب 1/ 30).

وحرض الناس بمكة للخروج إليها؛ لأن أبا سفيان، لما استنفر قريشا لعيرها التى معه، تخوفا عليها من النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه، حين همّوا بها، قام سهيل بن عمرو فقال: يا أهل غالب، أتاركون أنتم محمدا والصّباة من أهل يثرب، يأخذون عيراتكم وأموالكم؟ من أراد مالا فهذا مال، ومن أراد قوة فهذه قوة، فقال فى ذلك أمية بن أبى الصلت (1) [من الكامل]: أبا يزيد رأيت سيبك واسعا ... وسجال كفك تستهل وتمطر (2) بسطت يداك بفضل عرفك والذى ... يعطى يسارع فى العلاء ويظفر فوصلت قومك واتخذت صنيعة ... فيهم تعدو وذو الصنيعة يشكر ونمى ببيتك فى المكارم والعلا ... يابن الكرام فروع مجد يزخر وجحاجح بيض الوجوه أعزة ... غر كأنهم نجوم تزهر إن التكرم والندى من عامر ... أخواك ما سلكت لحج عزور فأسر سهيل يوم بدر، أسره مالك بن الدّخشم. وقال فى ذلك مالك بن الدّخشم (3) [من المتقارب]: أسرت سهيلا فلن أبتغى ... أسيرا به من جميع الأمم وخندف تعلم أن الفتى ... سهيلا فتاها إذا تصطلم ضربت بذى الشفر حتى انثنى ... وأكرهت نفسى على ذى العلم قال: فقدم مكرز بن حفص بن الأخيف العامرى، ثم المعيطىّ، فقاطعهم على فدائه، وقال لهم، اجعلوا رجلى فى القيد مكان رجليه، حتى يبعث إليكم بالفداء، ففعلوا ذلك به. وفى ذلك يقول مكرز: فديت بأذواد كرام سبا فتى ... ينال الصميم غرمها لا المواليا وقلت سهيل خيرنا فاذهبوا به ... لأبنائها حتى يديروا الأمانيا وكان عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وسهيل أسير: دعنى أنزع ثنيته حتى يدلع لسانه، فلا يقوم عليك خطيبا أبدا. وكان سهيل، أعلم، مشقوق الشفة؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعله يقوم مقاما تحمده». وكان الأمر على ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما سيأتى بيانه. وعلى يد سهيل بن عمرو، انبرم الصلح بين النبى صلى الله عليه وسلم، وبين قريش يوم الحديبية، وقال

_ (1) انظر الأبيات فى الاستيعاب ترجمة 1111. (2) فى الاستيعاب: «يستعمل ويمطر». (3) انظر الاستيعاب ترجمة 1111.

النبى صلى الله عليه وسلم حين رآه مقبلا إليه: «سهل أمركم». قال الزبير: فأسلم سهيل فى الفتح. وكان بعد إسلامه كثير الصلاة والصوم والصدقة. انتهى بالمعنى. وقال النووى: قال سعيد بن مسلم: لم يكن أحد من كبراء قريش الذين أسلموا يوم الفتح، أكثر صلاة وصوما وصدقة واشتغالا بما ينفعه فى آخرته، من سهيل بن عمرو، حتى شحب لونه وتغير، وكان كثير البكاء، رقيقا عند قراءة القرآن، كان يختلف إلى معاذ بن جبل، يقرئه القرآن ويبكى، حتى خرج معاذ من مكة، فقيل له: تختلف إلى هذا الخزرجى؟ لو كان اختلافك إلى رجل من قومك؟ قال: هذا الذى صنع بنا ما صنع، حتى سبقنا كل السّبق، لعمرى أختلف، لقد وضع الإسلام أمر الجاهلية، ورفع الله بالإسلام قوما كانوا فى الجاهلية لا يذكرون، فليتنا كنا مع أولئك فتقدمنا، وإنى لأذكر ما قسم الله لى، فى تقدم أهل بيتى من الرجال والنساء، فأسر به، وأحمد الله عليه، وأرجو أن يكون الله تعالى نفعنى بدعائهم، أن لا أكون مت على ما مات عليه نظرائى، فقد شهدت مواطن، أنا فيها معاند للحق. وذكر ابن الزبير: أنه لما مات النبى صلى الله عليه وسلم، وارتدت العرب، ماج أهل مكة وكادوا يرتدون، فقام فيهم سهيل بمثل خطبة أبى بكر الصديق ـ رضى الله عنه ـ بالمدينة، كأنه يسمعها، فسكن الناس وقبلوا منه، وأمير مكة يومئذ عتّاب بن أسيد. انتهى. وذكر ابن عبد البر: أن سهيلا قال فى خطبته: والله إنى لأعلم أن هذا الدين سيمتد امتداد الشمس فى طلوعها إلى غروبها، فلا يغرنكم هذا من أنفسكم ـ يعنى أبا سفيان ـ فإنه ليعلم من هذا الأمر ما أعلم، ولكنه قد جثم على صدره حسد بنى هاشم. وأتى فى خطبته بمثل ما جاء به أبو بكر ـ رضى الله عنه ـ بالمدينة. وذكر النووى أنه قال فى خطبته: يا معشر قريش، لا تكونوا آخر من أسلم، وأول من ارتد، والله ليمتدن هذا الدين امتداد الشمس والقمر. فى خطبة طويلة. ومقام سهيل هذا، هو الذى أشار إليه النبى صلى الله عليه وسلم بقوله لعمر ـ رضى الله عنه ـ حين سأله أن ينزع ثنيّة سهيل، لا يقوم خطيبا على النبى صلى الله عليه وسلم: «إنه يقوم مقاما تحمده». قال ابن عبد البر: روى ابن المبارك، قال: حدثنا جرير بن حازم قال: سمعت الحسن يقول: حضر الناس باب عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ وفيهم سهيل بن عمرو، وأبو سفيان بن حرب، وأولئك الشيوخ من قريش، فخرج آذنه، فجعل يأذن لأهل بدر: لصهيب وبلال، وأهل بدر، وكان يحبهم، وكان قد أوصى بهم، فقال أبو سفيان: ما رأيت كاليوم قط، إنه ليؤذن لهؤلاء العبيد، ونحن جلوس لا يلتفت إلينا، فقال سهيل بن

عمرو: قال الحسن ـ ويا له من رجل ما كان أعقله: ـ أيها القوم، إنى والله قد رأيت الذى فى وجوهكم، فإن كنتم غضبى فاغضبوا على أنفسكم، دعى القوم ودعيتم، فاسرعوا وأبطأتم، أما والله لما سبقوكم به من الفضل، أشد عليكم فوتا من بابكم هذا، الذى تنافسون عليه، ثم قال: أيها القوم، إن هؤلاء القوم قد سبقوكم بما ترون، ولا سبيل إلى ما سبقوكم به، فانظروا هذا الجهاد فالزموه، عسى الله أن يزرقكم شهادة. ثم نفض ثوبه، وقام ولحق بالشام. قال الحسن: فصدق. والله لا يجعل الله عبدا له، أسرع إليه كعبد أبطأ عنه. وذكر الزبير عن عمه مصعب، عن نوفل بن عمارة، قال: جاء الحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، إلى عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، فجلسا وهو بينهما، فجعل المهاجرون الأولون، يأتون عمر ـ رضى الله عنه ـ فيقول: هاهنا يا سهيل، هاهنا يا حارث، فينحيهما عنه، فجعل الأنصار يأتون فينحيهما عنه كذلك، حتى صارا فى آخر الناس، فلما خرجا من عند عمر بن الخطاب، قال الحارث بن هشام لسهيل بن عمرو: ألم تر ما صنع بنا؟ فقال سهيل: أيها الرجل، لا لوم عليه، ينبغى أن نرجع باللوم على أنفسنا، دعى القوم فأسرعوا، ودعينا فأبطأنا. فلم قام الناس من عند عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ أتياه فقالا له: يا أمير المؤمنين، قد رأينا ما فعل بنا القوم، وعلمنا أن أتينا من قبل أنفسنا. فهل من شيء نستدرك به ما فاتنا من الفضل؟ فقال: لا أعلم إلا هذا الوجه، وأشار لهما إلى ثغر الروم، فخرجا إلى الشام فماتا بها. قالوا: وكان سهيل بن عمرو، بعد أن أسلم، كثير الصلاة والصوم والصدقة، وخرج بجماعة أهله إلا ابنته هندا إلى الشام مجاهدا حتى ماتوا كلهم هناك، فلم يبق من ولده أحد إلا ابنته هند، وفاختة بنت عقبة بن سهيل، فقدم بها على عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ ومعها عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وكان الحارث قد خرج مع سهيل، فلم يرجع ممن خرج معهما إلا عبد الرحمن، وفاختة، فقال: زوجوا الشّريد الشّريدة، ففعلوا، فنشر الله منهما خلقا كثيرا. قال المدائنى: قتل سهيل بن عمرو باليرموك، وقيل: بل مات فى طاعون عمواس. قال النووى، استشهد باليرموك، وقيل بمرج الصفّر، وذكر القول بوفاته فى طاعون عمواس.

1361 ـ سهيل بن وهب، وقيل ابن عمرو، بن وهب بن ربيعة الفهرى

1361 ـ سهيل بن وهب، وقيل ابن عمرو، بن وهب بن ربيعة الفهرى: ويقال سهيل بن بيضاء، أخو السابق، يكنى بابنه فيما زعم بعضهم. هاجر إلى الحبشة، ثم قدم على النبى صلى الله عليه وسلم أقام معه حتى هاجر. وهاجر سهيل إلى المدينة، ثم شهد بدرا، ومات فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة، سنة تسع، وصلى عليه بالمسجد الحرام. ذكر ذلك أبو عمر. وروى بسنده عن أنس، رضى الله عنه: أن أسنّ أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم سهيل، وأبو بكر. وذكر النووى: أنه هاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، وشهد بدرا وغيرها، وأنه توفى سنة تسع بالمدينة. وجزم ابن قدامة، بأن سهيلا هو الذى شهد بدرا مع المشركين، وأسره المسلمون، فشهد له ابن مسعود بالإسلام. 1362 ـ سويبط بن سعد بن حرملة بن مالك بن عميلة بن السبّاق بن عبد الدار بن قصى بن كلاب القرشى العبدرىّ: قال الزبير: هاجر إلى أرض الحبشة، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا، وأمه هنيدة، من خزاعة، وكان من مهاجرة الحبشة، ولم يذكره ابن عقبة فيمن هاجر إلى الحبشة. سقط له. وذكره محمد بن إسحاق وغيره: وشهد سويبط بدرا. وكان مزّاحا يفرط فى الدّعابة، وله قصة ظريفة مع نعيمان، وأبى بكر الصديق وهى مشهورة، وملخصها: أنهم خرجوا بتجارة إلى بصرى، قبل موت النبى صلى الله عليه وسلم، فقال سويبط لنعيمان، وكان على الزاد: أطعمنى، قال: لا، حتى يجئ أبو بكر. فقال: أما والله لأغيظنك، فمرّوا بقوم، فقال لهم سويبط: تشتروا منى عبدا؟ قالوا: نعم، قال: إنه عبد له كلام، وهو قائل لكم: أنا حر، فإن كنتم إذا قال لكم هذه المقالة تركتموه، فلا تفسدوا علىّ عبدى، قالوا: بل نشتريه منك. قال: فاشتروه منه بعشرة قلائص، قال: ثم جاءوا فوضعوا فى عنقه عمامة أو

_ 1361 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1105، الإصابة 3574، أسد الغابة 2316، طبقات ابن سعد 1/ 160، التاريخ الكبير 4/ 103، التاريخ الصغير 1/ 25، الجرح والتعديل 4/ 245، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 139، شذرات الذهب 1/ 13). 1362 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1154، الإصابة ترجمة 3604، أسد الغابة ترجمة 2341، طبقات ابن سعد 3/ 90).

1363 ـ سويد بن سعيد المكى

حبلا، فقال نعيمان: إن هذا يستهزئ بكم، وإنى حرّ لست بعبد، قالوا: قد أخبرنا خبرك، فانطلقوا به. فجاء أبو بكر ـ رضى الله عنه ـ فأخبره سويبط، فاتبعهم ورد عليهم القلائص، وأخذه. فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبره فضحك صلى الله عليه وسلم وأصحابه منها، حولا. هكذا ذكر هذا الخبر وكيع، وخالفه غيره، فجعل مكان سويبط نعيمان، وهو من أهل بدر. وقال أبو حاتم: سويبط بن عمرو من المهاجرين الأولين، هكذا قال أبو حاتم، لم يزد. كتبت هذه الترجمة ملخصة من الاستيعاب. 1363 ـ سويد بن سعيد المكى: قدم دمشق، وروى عن الشعبى. وعنه سليمان بن عبد الرحمن، أنه رأى الشعبى يتمرجح، قاله يزيد بن عبد الصمد عن سليمان. ذكره هكذا الذهبى فى مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر. 1364 ـ سويد بن كلثوم الفهرى: والد محمد. استعمله أبو عبيد فيما قيل على دمشق. ذكره هكذا الذهبى. 1365 ـ سيف بن سليمان، ويقال ابن أبى سليمان المخزومى، مولاهم المكى: روى عن مجاهد، وابن أبى نجيح، وقيس بن سعد، وعبد الكريم بن أبى المخارق، وعمرو بن دينار. روى عنه الثورى، ويحيى بن سعيد القطان، وابن المبارك، وأبو نعيم، وأبو عاصم النبيل، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وغيرهم. روى له الجماعة، إلا الترمذى. قال القطان: كان عندنا ثبتا ممن يصدق ويحفظ. وقال النسائى: ثقة ثبت. وقال الذهبى: ثقة، لكنه رمى بالقدر. وقال يحيى بن معين: توفى سنة إحدى وخمسين ومائة.

_ 1365 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 493، طبقات خليفة 283، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2373، تاريخه الصغير 2/ 113، أحوال الرجال للجوزجانى الترجمة 345، المعرفة ليعقوب 1/ 135، 213، 2/ 217، الجرح والتعديل الترجمة 1185، ثقات ابن شاهين الترجمة 492، سؤالات البرقانى للدارقطنى الترجمة 198، الجمع لابن القيسرانى 1/ 207، سير أعلام النبلاء 6/ 338، الكاشف الترجمة 2243، ديوان الضعفاء الترجمة 1844، المغنى الترجمة 2715، العبر 1/ 217، ميزان الاعتدال الترجمة 3636، تهذيب التهذيب 4/ 294، التقريب 1/ 344، خلاصة الخزرجى 2859، شذرات الذهب 1/ 231، تهذيب الكمال 2674).

1366 ـ سيف بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى المكى

1366 ـ سيف بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى المكى: كان آخر أولاد أبى نمى وفاة، توفى فى سنة ست وستين وسبعمائة، على ما أخبرنى به ولده محمد، ولم يذكر لى هذه السنة، وإنما قال: توفى سنة أم جرب، وهذه السنة تعرف عند العرب بهذا الاسم؛ لأن المواشى جربت فيها. * * *

حرف الشين

حرف الشين 1367 ـ شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف المطلبى: ذكر القاضى أبو الطيب الطبرى، أنه لقى النبى صلى الله عليه وسلم وهو مترعرع. ذكره أبو موسى فى الصحابة، وقال الذهبى: له رؤية. 1368 ـ شاه شجاع بن محمد بن المظفر اليزدى سلطان بلاد فارس: كان قد ملك فى حياة أبيه شيراز وكرمان، ثم اجتمع هو وأخوه محمود صاحب أصبهان على خلع أبيهما، فخلعاه وكحلاه، فى سنة ستين وسبعمائة. ثم انتزع محمود من شاه شجاع شيراز، فلحق بكرمان، ثم رجع شاه شجاع إلى شيراز، ففارقها محمود، ثم مات، فملك شاه شجاع أصبهان، وأقطعها لابنه زين العابدين، ثم مات شاه شجاع فى سنة سبع وثمانين وسبعمائة، بعد أن ملك بلاد فارس. وله من المآثر بمكة، الرباط الذى تجاه باب الصفا، وقفه على عشرة من الفقراء، وله أوقاف عليه بمكة. وكان المتولى لعمارته وشراء أوقافه، الشيخ غياث الدين محمد بن إسحاق الأبرقوهى المقدم ذكره. وللسلطان شاه شجاع خزانة كتب موقوفة بالحرم النبوى، على ساكنه أفضل الصلاة والسلام. وكتب موقوفة برباطه المذكور بمكة شرفها الله تعالى. 1369 ـ شبل بن عباد المكى: مقرئ الحرم. قرأ على ابن كثير، وابن محيصن، وروى عن أبى الطفيل، وعمرو بن دينار، وابن أبى نجيح، وقيس بن سعد المكى، وجماعة. روى عنه القراءة عرضا: إسماعيل بن عبد الله القسط، وأبو الإخريط وهب بن واضح، وعكرمة بن سلمة، وولده داود بن شبل، وغيرهم.

_ 1367 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 3/ 310). 1368 ـ انظر ترجمته فى: (المنهل الصافى 6/ 204، الدليل الشافى 1/ 340 رقم 1172، إنباء الغمر 1/ 306 رقم 14، الدرر 2/ 284 رقم 1927). 1369 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 4/ 380).

1370 ـ شبيب بن سعيد

وحدث عنه سفيان بن عيينة، وأبو أسامة، وأبو نعيم، وأبو حذيفة موسى بن إسماعيل النهدى، وابن المبارك، وخلق، منهم: حمزة الزيات، وهو أقدمهم وفاة. روى له البخارى وأبو داود والنسائى. قال ابن معين: له نحو عشرين حديثا. وقد وثقه أحمد، وابن معين، وأبو داود، إلا أن أبا داود، قال: إنه يرى القدر. قال الذهبى: أرخ بعضهم وفاته، فى سنة أربع وأربعين، يعنى: ومائة. قال: وأظنه وهما، فإن أبا حذيفة، إنما سمع منه فى سنة خمسين أو بعدها، فيحرر، وقال: قال الأهوازى: كان مولده سنة سبعين. انتهى. 1370 ـ شبيب بن سعيد: [ ....... ] (1) 1371 ـ شجاع بن أبى وهب، ويقال ابن وهب، بن ربيعة بن أسد الأسدى، أسد خزيمة، حليف لبنى عبد شمس، يكنى أبا وهب: ذكره أبو عمر بن عبد البر، قال: شهد هو وأخوه عقبة بدرا والمشاهد كلها، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أعلم لهما رواية. كان ممن هاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية، وممن قدم المدينة منها، حين بلغهم إسلام أهل مكة. وكان رجلا نحيفا طوالا، أحنى. وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينه وبين ابن خولى. وشجاع هذا، هو الذى بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى الحارث بن أبى شمر الغسانى، وإلى جبلة بن الأيهم الغسانى، واستشهد شجاع هذا يوم اليمامة، وهو ابن بضع وأربعين سنة. 1372 ـ شر حبيل بن حسنة: وهى أمه، قاله ابن شهاب. وقال ابن إسحاق: وقيل تبنته، قاله الزبير بن بكار،

_ 1370 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض بالأصل قدر سطرين. 1371 ـ انظر ترجمته فى: (انظر الجرح والتعديل 4/ 378، الإصابة ترجمة 3859، أسد الغابة ترجمة 2388). 1372 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 4/ 337، الإصابة ترجمة 3888، أسد الغابة ترجمة 2410، تقريب التهذيب 1/ 348، 349، تهذيب التهذيب 4/ 320، تهذيب الكمال 2/ 575، الكاشف 2/ 8، تجريد أسماء الصحابة 1/ 255، شذرات الذهب 1/ 24، 30، الإكمال 2/ 469، التاريخ الصغير 1، 3، 52، 73، حسن المحاضرة 1/ 208، العبر 1/ 15، أزمنة التاريخ الإسلامى 1/ 658، الوافى بالوفيات 16/ 128، التاريخ الكبير 4/ 247، البداية والنهاية 6/ 93).

1373 ـ الشريد بن سويد الثقفى

واختلف فى نسبها، فقيل امرأة عدولية، وعدول من ناحية البحرين، قاله ابن إسحاق. وذكر أن ولاءها لمعمر بن حبيب. واختلف فى اسم والد شرحبيل ونسبه. فذكر ابن هشام: أنه شرحبيل بن عبد الله، أحد بنى الغوث بن مر، أخى تميم بن مر. وقال موسى بن عقبة عن ابن شهاب: هو شرحبيل بن عبد الله، من بنى جمح، وقيل شرحبيل بن عبد الله بن المطاع، من كندة، حليف لبنى زهرة. يكنى شرحبيل: أبا عبد الله، على ما ذكر أبو عمر بن عبد البر، وذكر أنه من مهاجرة الحبشة، معدود فى وجوه قريش، وكان أميرا على ربع من أرباع الشام، لعمر رضى الله عنه. وتوفى فى طاعون عمواس سنة ثمان عشرة، وهو ابن سبع وستين سنة. وذكر النووى، أنه طعن هو وأبو عبيدة فى يوم واحد، وأن أبا بكر رضى الله عنه استعمله على جيوش الشام وفتوحه، ولم يزل متوليا لعمر رضى الله عنه على بعض نواحى الشام، إلى أن توفى رضى الله عنه. 1373 ـ الشريد بن سويد الثقفى: قيل إنه من حضر موت، ولكن عداده فى ثقيف، روى عنه ابنه عمرو بن الشريد، ويعقوب بن عاصم، يعد فى أهل الحجاز. 1374 ـ شعبان بن حسين بن الملك الناصر محمد بن قلاوون الصالحى النجمى السلطان الملك الأشرف، صاحب الديار المصرية والشامية، وغير ذلك من البلاد الإسلامية: ولى السلطنة بعد خلع ابن عمه المنصور محمد بن المظفر حاجى بن الناصر، فى يوم الثلاثاء خامس عشر شعبان، سنة أربع وستين وسبعمائة، وتولى تدبير الدولة الأمير يلبغا الخاسكى لصغر الأشرف، واستمر يلبغا مدبر الدولة، إلى أن بان عن الأشرف، فى ربيع

_ 1373 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 4/ 382، الإصابة ترجمة 3911، أسد الغابة ترجمة 2430، الثقات 3/ 188، 4/ 369، التقريب 1/ 350، تهذيب التهذيب 4/ 332، تهذيب الكمال 5/ 579، تجريد أسماء الصحابة 1/ 257، بقى بن مخلد 115، الكاشف 2/ 10، التلقيح 367، التاريخ الكبير 4/ 259، 9/ 140، الإكمال 4/ 394، الجمع بين رجال الصحيحين 813). 1374 ـ انظر ترجمته فى: (مورد اللطافة لابن تغرى بردى 87، ابن إياس 1/ 212، حسن المحاضرة 25/ 104، الدرر الكامنة 2/ 190، البداية والنهاية 14/ 302 ـ 324، الإعلام 3/ 164).

الآخر سنة ثمان وستين وسبعمائة، لأن مماليك يلبغا ثاروا عليه، وهو مخيم مع الأشرف فى بر الجيزة، فهرب يلبغا، وانضم مماليكه إلى الأشرف، خوفا من أن يأتيه يلبغا، فيعضد الأشرف عليهم. ولما علم يلبغا باجتماع مماليكه على الأشرف، أقام سلطانا من بنى قلاوون، قال فيه العوام: سلطان الجزيرة، ما يسوى شعيرة لأن يلبغا حين أقامه كان نازلا بجزيرة الفيل. وكان يلبغا قد احتاط على السفن، على مماليكه والأشرف [ ... ] (1) الوصول إلى القلعة ومنازلهم أياما، ثم ظفروا بسفينة، فتوصلوا فيها حيث أرادوا، وعلم بذلك يلبغا، فقصدهم فيمن انضم إليه من المماليك البطالة، فانكسر يلبغا وقتل، وترشد الأشرف بعد قتله، وناب له النظامى. ثم وقع بين الأشرف وبين مماليك يلبغا فتنة وضرب، فقتل أسندمر رأس مماليك يلبغا، فى طائفة كثيرة منهم، وتمكن الأشرف بعد ذلك كثيرا، واستمر حتى خلع فى ثالث ذى القعدة سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، بولده علىّ، الملقب بالمنصور، وكان قد توجه فى هذه السنة للحج، فثار عليه جماعة من مماليكه وأمرائه فى عقبة أيلة، فتوجه إلى القاهرة هاربا، ظنّا منه أن الخلاف عليه، إنما هو بالعقبة فقط. فلما قرب منها، رأى ما استنكره من ضرب الكؤوسات والطبلخانات، فقصد هو ومن معه قبة النصر، واختفوا بها، ونام غالب من معه، ولم يأخذه هو نوم، فخرج منها مع يلبغا الناصرى، وكان ممن هرب معه، واختفيا عند أستادار الناصرى، ثم انتقل إلى بيت امرأة يعرفها، يقال لها آمنة، زوج المستوى، فاختفى به، وهذا المنزل بالجودرية بالقاهرة، وعلم بذلك القائمون عليه، فهجموا عليه واستخرجوه من بادهنج، وهو بزى النساء فيما قيل، وطلعوا به إلى القلعة، فعاقبوه حتى أقر بذخائره، ثم خنق فى يوم الاثنين خامس ذى القعدة سنة ثمان وسبعين [ .... ] (2) وفى اليوم الرابع منه علم أعداؤه بوصوله إلى القاهرة، وما كان من خبره بالعقبة من بعض السفار معه، فدل على الأشرف ومن معه، حتى أتى بأعدائه إلى قبة النصر، فوجدوا الهاربين مع الأشرف نياما، فذبحوهم وفازوا بالشهادة. وكان الأشرف فعل بالحرمين مآثر حسنة، وهى أنه قرر دروسا فى المذاهب الأربعة، ودرسا فى الحديث، وتصادير، وقراء، ومؤذنين وغيرهم، ومكتبا للأيتام. وأقام

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى بالأصل. (2) ما بين المعقوفتين بياض فى بالأصل.

من اسمه شعيب

البيمارستان المستنصرى بمكة. ووقف على ذلك وقفا كافيا، وبعث ابن كلبك لعمارة مأذنة باب الحزورة، وكانت قد سقطت فى سنة إحدى وسبعين وسبعمائة، فى ليلة مطيرة، وكفى الله تعالى شرها، وفرغ من عمارتها فى شهر المحرم سنة اثنتين وسبعين، وبعث الأمير أبا بكر بن سنقر فى سنة خمس وسبعين. فحلى باب الكعبة المعظمة والميزاب، وعمل الميضأة التى عند باب علىّ، أحد أبواب المسجد الحرام. وكان عمله لذلك فى سنة ست سبعين وسبعمائة، وعمرت فى مبدأ دولته أماكن بالمسجد الحرام، وأكمل المطاف بالحجارة المنحوتة، حتى صار على ما هو عليه اليوم، وجددت المقامات الأربعة، وأصلح ما كان متشعثا من الأماكن بمكة، وعملت درجة للكعبة، أقامت الكعبة تفتتح عليها إلى موسم سنة ثمان عشرة وثمانمائة، ثم عوض عنها بدرجة حسنة، أنفذها مولانا السلطان الملك المؤيد أبو النصر شيخ، أدام الله تعالى نصره، وعمل للخطيب منبرا، ولم يزل حتى أبدل بالمنبر الذى أنفذه الملك الظاهر، فى موسم سنة سبع وتسعين وسبعمائة، وذلك كله فى سنة ست وستين وسبعمائة، بإشارة كبير دولته الأمير يلبغا الخاصكى، وعوض صاحب مكة عن المكس الذى كان يؤخذ من الحجاج المصريين، وقد سبق بيان ذلك فى المقدمة. * * * من اسمه شعيب 1375 ـ شعيب بن أحمد بن إبراهيم بن الفتح، يكنى أبا الفضل بن أبى العباس القرشى، الرشيدى المولد: سمع منه ولده إبراهيم، والحافظ أبو الحسن على بن المفضل المقدسى بمكة. وتوفى فى ذى الحجة سنة تسعين وخمسمائة، وهو ابن خمس وسبعين. ذكره المنذرى فى التكملة، وترجمه: بالشيخ الأجل، وقال: حدثنا عنه ولده إبراهيم ابن شعيب. 1376 ـ شعيب بن حرب المدائنى، أبو صالح البغدادى. نزيل مكة. روى عن: زهير بن معاوية، وسفيان الثورى، وشعبة بن الحجاج، ومالك

_ 1376 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 4/ 342 سير أعلام النبلاء 13/ 536 تاريخ بغداد 9/ 435 ـ 437، المنتظم 6/ 79، ميزان الاعتدال 2/ 406، البداية والنهاية 11/ 107، لسان الميزان 3/ 271، شذرات الذهب 2/ 218 ـ 219).

ابن مغول، وغيرهم. روى عنه: أحمد بن حنبل (1)، ويعقوب الدورقى، ومحمد بن عيسى ابن حبان المدائنى. روى له: البخارى (2)، وأبو داود (3)، والنسائى (4).

_ (1) رواياته عند أحمد فى المسند، أرقام 7920، 8409، 10327، 10665، 10669، 15134، 26136. (2) فى الصحيح، كتاب، التعبير، حديث رقم (6501) من طريق: يعقوب بن إبراهيم بن كثير حدثنا شعيب بن حرب حدثنا صخر بن جويرية حدثنا نافع أن ابن عمر رضى اللهم عنهما حدثه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينا أنا على بئر أنزع منها إذ جاء أبو بكر وعمر فأخذ أبو بكر الدلو فنزع ذنوبا أو ذنوبين وفى نزعه ضعف فغفر الله له ثم أخذها عمر بن الخطاب من يد أبى بكر فاستحالت فى يده غربا فلم أر عبقريا من الناس يفرى فريه حتى ضرب الناس بعطن. (3) أخرجه أبو داود فى سننه، فى كتاب الصلاة، حديث رقم (448) من طريق: موسى ابن إسماعيل وداود بن شبيب، المعنى، قالا: حدثنا حماد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن بلالا أذن قبل طلوع الفجر فأمره النبى صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادى: ألا إن العبد قد نام، ألا إن العبد قد نام، زاد موسى: فرجع فنادى ألا إن العبد قد نام. قال أبو داود: وهذا الحديث لم يروه عن أيوب إلا حماد بن سلمة. حدثنا أيوب بن منصور حدثنا شعيب بن حرب عن عبد العزيز بن أبى رواد أخبرنا نافع عن مؤذن لعمر يقال له مسروح أذن قبل الصبح فأمره عمر، فذكر نحوه. قال أبو داود: وقد رواه حماد بن زيد عن عبيد الله بن عمر عن نافع أو غيره أن مؤذنا لعمر يقال له مسروح أو غيره. قال أبو داود: ورواه الدراوردى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: كان لعمر مؤذن يقال له مسعود وذكر نحوه وهذا أصح من ذاك. (4) فى السنن الصغرى ثلاثة أحاديث: الأول، كتاب الطهارة، حديث رقم (51) من طريق: أحمد بن الصباح قال: حدثنا شعيب يعنى ابن حرب قال: حدثنا أبان بن عبد الله البجلى قال: حدثنا إبراهيم بن جرير عن أبيه قال: كنت مع النبى صلى الله عليه وسلم فأتى الخلاء فقضى الحاجة ثم قال: يا جرير هات طهورا فأتيته بالماء فاستنجى بالماء وقال بيده فدلك بها الأرض. قال أبو عبد الرحمن: هذا أشبه بالصواب من حديث شريك والله سبحانه وتعالى أعلم. الثانى: فى كتاب قيام الليل، حديث رقم (1718) من طريق: أحمد بن محمد بن عبيد الله قال: حدثنا شعيب بن حرب عن مالك عن زبيد عن ابن أبزى عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الوتر بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد. أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا مالك عن زبيد عن ذر عن ابن أبزى مرسل. وقد رواه عطاء بن السائب عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه. الثالث: فى كتاب الأشربة، حديث رقم (5475) من طريق: أحمد بن خالد قال: حدثنا شعيب بن حرب قال: حدثنا إسماعيل بن مسلم قال: حدثنا أبو المتوكل الناجى قال: ـ

1377 ـ شعيب بن يحيى بن أحمد بن محفوظ بن عطية التميمى القيروانى الإسكندرى

وثقه ابن معين وأبو حاتم. قال محمد بن سعد: كان من أبناء خراسان من أهل بغداد، فتحول إلى المدائن، فنزلها واعتزل بها، وكان له فضل، ثم خرج إلى مكة فنزلها إلى أن توفى بها. قال صاحب الكمال: قال محمد بن المثنى: مات سنة تسع وتسعين ومائة. وذكر الذهبى فى العبر، أنه توفى سنة سبع وتسعين، وحكى ذلك فى التهذيب عن محمد بن المثنى وغيره، وهذا مخالف لما رواه عنه صاحب الكمال، إلا أن يكون الناسخ صحف سبعا بتسع. قال الذهبى: قال محمد بن عيسى بن حبان: مات سنة ست وتسعين ومائة، وذكر الذهبى أنه قرأ القرآن على حمزة الزيات وصحبه، وقال: أحد الزهاد الأعلام وعباد الإسلام، نزل مكة مدة. 1377 ـ شعيب بن يحيى بن أحمد بن محفوظ بن عطية التميمى القيروانى الإسكندرى: نزيل مكة. يكنى أبا مدين بن أبى الحسن، ويعرف بالزعفرانى التاجر. ولد فى يوم السبت سادس عشر شوال، سنة خمس وستين وخمسمائة بالإسكندرية، وسمع بها من الحافظ أبى طاهر السلفى: الأربعين الثقفية، والأربعين البلدانية له، وحدث بهما. سمع منه جماعة من الأعيان، منهم: ابن الحاجب الأمينى، وذكره فى معجمه ومات قبله، وقال: شيخ بشوش الوجه كيس الأخلاق. وذكره الرشيد العطار، وقال بعد أن خرج عنه حديثا فى مشيخته: شيخنا أبو مدين هذا، من أهل الإسكندرية، من أعيان التجار ذوى اليسار، ثم قال: كان معروفا بالبر والصدقة، وله وقف بالإسكندرية، وقفه على الفقراء، وجاور بمكة سنين فى آخر عمره، إلى أن توفى بها، وذكر أنه توفى فى آخر سنة خمس وأربعين وستمائة. انتهى. ونقلت من حجر قبره بالمعلاة، وهو بقرب قبر ابن مطرف، أنه توفى يوم السبت الثالث والعشرين من ذى القعدة سنة خمس وأربعين، وكذا أرخ وفاته الدمياطى فى معجمه، إلا أنه قال: لسبع بقين من ذى القعدة، وقد سمع منه بالحرمين. ونقلت من خط الشريف أبى القاسم الحسينى فى وفياته: أنه توفى فى ليلة ثالث

_ ـ حدثنى أبو سعيد الخدرى أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى أن يخلط بسرا بتمر أو زبيبا بتمر أو زبيبا ببسر وقال: من شرب منكم فليشرب كل واحد منه فردا. قال أبو عبد الرحمن: أبو المتوكل اسمه على بن داود.

1378 ـ شكر بن أبى الفتوح الحسن بن جعفر بن محمد بن الحسن بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى

عشرى ذى القعدة، وهذا يخالف ما سبق فى وقت الوفاة، لأنه صريح فى أنها كانت ليلا، وأكثر من هذا مخالفة، أنى وجدت بخط أحمد بن أيبك الدمياطى، فى وفيات الشريف أبى القاسم الحسينى، أن الزكى المنذرى، ذكر أنه توفى فى أواخر ذى القعدة، أو أوائل ذى الحجة. والله أعلم. 1378 ـ شكر بن أبى الفتوح الحسن بن جعفر بن محمد بن الحسن بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن علىّ بن أبى طالب الحسنى: أمير مكة. هكذا نسبه صاحب الجمهرة، وذكر أنه انقرض عقب جده جعفر، لأن أباه أبا الفتوح، لم يولد له إلا هو، ومات هو ولم يولد له قط. وذكر أن أمر مكة صار إلى عبد له. انتهى. وذكر شيخنا ابن خلدون، أنه ولى مكة بعد أبيه، وجرت له مع أهل المدينة حروب، ملك فى بعضها المدينة الشريفة، وجمع بين الحرمين. وذكر البيهقى وابن [ ... ] (1) أنه ملك الحجاز ثلاثا وعشرين سنة، وكانت وفاته سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة، وانقرضت به دولة السليمانيين من مكة، وجاءت دولة الهواشم. وشكر هذا، هو الذى يزعم بنو هلال بن عامر، أنه تزوج الجازية بنت سرحان، من أمراء الأثبج منهم، وهو خبر مشهور بينهم فى قصص وحكايات يتناقلونها، ولهم فيها أشعار من جنس لغتهم، ويسمونه الشريف أبو هاشم. انتهى. والجازية: بجيم وزاى وياء مثناة من تحت. وكانت وفاة شكر فى شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة، على ما ذكر ابن الأثير، وإنما ذكرنا ذلك لما فيه من الفائدة الزائدة على ما سبق فى تاريخ وفاته. ولشكر بن أبى الفتوح شعر، فمنه ما أنشده له الباخرزى فى الدمية (2) والعماد الكاتب فى الخريدة وهو: وصلتنى الهموم وصل هواك ... وجفانى الرقاد مثل جفاك

_ 1378 ـ انظر ترجمته فى: (شفاء الغرام 2/ 195، الأعلام 3/ 171). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (2) انظر ترجمته فى: دمية القصر 1/ 48.

1379 ـ شماس، عثمان بن الشريد بن سويد بن هرمى بن عامر بن مخزوم المخزومى

وحكى لى الرسول أنك غضبى ... يا كفى الله شر ما هو حاك ومنه ما أنشده له ابن الأثير فى كامله (3) والملك المؤيد صاحب حماة فى تاريخه: قوض خيامك عن دار أهنت بها ... وجانب الذل إن الذل مجتنب وارحل إذا كانت الأوطان مضيعة ... فالمندل الرطب فى أوطانه حطب وهذان البيتان ليسا له، وإنما هما للحافظ الأمير أبى نصر على بن هبة الله بن ماكولا. وقد رويناهما بالإسناد إليه. وما ذكره ابن حزم، من أنه لم يولد لشكر، فيه نظر، لأن صاحب المرآة، نقل عن محمد الصابى، أن أبا جعفر محمد بن أبى هاشم الحسينى أمير مكة. كان صهر شكر على ابنته. 1379 ـ شماس، عثمان بن الشريد بن سويد بن هرمى بن عامر بن مخزوم المخزومى: واسمه عثمان، وشماس لقب له، وإنما لقب بذلك، لأن شماسا من الشمامسة، قدم مكة فى الجاهلية، وكان جميلا، فعجب الناس من جماله، فقال عقبة بن ربيعة، وكان خال عثمان هذا: أنا آتيكم بشماس أحسن منه، فأتى بابن أخت عثمان، فسمى شماسا من يومئذ. هاجر إلى الحبشة، وشهد بدرا وأحدا، وأبلى فيها بلاء حسنا، وبالغ فى الذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما غشى رسول الله صلى الله عليه وسلم، رمى بنفسه دونه، حتى ارتث، فحمل وبه رمق إلى المدينة، فمات بعد يوم وليلة، إلا أنه لم يأكل ولم يشرب، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يرد إلى أحد، فدفن هناك فى ثيابه، ولم يغسل ولم يصل عليه، وله أربع وثلاثون سنة. وما ذكرناه من أن اسمه عثمان، وأن شماسا لقبه. ذكره ابن إسحاق. وقال ابن هشام: اسمه شماس بن عثمان، وقاله الزبير بن بكار، ونسبه إلى ابن هشام وغيره. 1380 ـ شميلة بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن أبى هاشم الحسنى المكى: يلقب بالزين، ويسمى عبد الله، إلا أنه لم يشتهر إلا بشميلة، ولذلك ذكرناه هنا.

_ (3) وفى الكامل لابن الأثير ترجمة الشكر الحسينى والذى عنده هو: قوض خيامك عن أرض تضام بها ... وجانب الذلل إن الذل مجتنب وارحل إذا كان فى الأوطان منقصة ... فالمنزل الرطب فى أوطانه حطب انظر: الكامل حوادث سنة 153 هـ‍. 1379 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1208، الإصابة ترجمة 3938، أسد الغابة ترجمة 2449، الجرح والتعديل 4/ 1670، تنقيح المقال 5607).

1381 ـ شميلة بن محمد بن حازم بن شميلة بن أبى نمى الحسنى المكى

زعم أنه سمع بمكة على كريمة صحيح البخارى، وهو ابن أربع سنين، فى رمضان سنة تسع وثلاثين وأربعمائة، وأنه سمع من القضاعى كتابه «الشهاب» بمصر، لما أرسله أبوه رهينة إليها، فى شهر رمضان سنة سبع وأربعين، وأظهر نسخة سماعه، عليها وتخبيط، واتهم فى ذلك، والتهمة صحيحة فيما أظن، لأن أباه إنما تأمر بعد موت شكر بن أبى الفتوح فى سنة خمس وخمسين وأربعمائة، بعد موت القضاعى بسنة أو أزيد، فإنه توفى سنة أربع وخمسين، ولعله سمع من ابن القضاعى عن أبيه. وقد رواه عنه الميانشى، وكتب عنه العماد الكاتب، بيتى شكر المقدم ذكرهما عنه، ولم أدر متى مات، إلا أنه كان حيّا فى عشر الثلاثين وخمسمائة على ما أظن، والله أعلم، بل عاش بعد ذلك مدة سنين، لأنى وجدت فى تاريخ مصر للقطب الحلبى نقلا عن بعضهم، أنه عاش مائة سنة ونيفا، ومقتضى ذلك أن يكون عاش إلى نحو سنة أربعين وخمسمائة، والله أعلم. 1381 ـ شميلة بن محمد بن حازم بن شميلة بن أبى نمى الحسنى المكى: كان من أعيان الأشراف آل أبى نمى، مرعيّا عند أمراء مكة لشجاعته، دخل مصر فى دولة الظاهر، واليمن فى دولة الناصر بن الأشرف، ونال منه بعض دنيا. توفى فى المحرم سنة تسع عشرة وثمانمائة بمكة ودفن بمكة ودفن بالمعلاة، وهو فى عشر الستين ظنّا: 1382 ـ شهاب القرشى، مولاهم: نزل حمص، وأقرأ الناس، وله صحبة، وهو فى نسخة ابن علقمة، ذكره هكذا الذهبى. 1383 ـ شهم بن أحمد بن عيسى الحسنى، أبو شكر المكى: ذكره السلفى فى «معجم السفر» قال: شهم هذا، كان شهما كاسمه، ووجدت له فى الرحلة نصيبا وافرا، وشهم قدم مصر رسولا من قبيل ابن عمه فى النسب، ابن أبى هاشم أمير الحرمين، ووصل إلى الإسكندرية، فعلقت عنه شيئا من شعر ابن وهاس لغرابة اسمه. 1384 ـ شيبة بن عثمان بن طلحة بن أبى طلحة، وقيل شيبة بن عثمان بن أبى طلحة، واسم أبى طلحة: عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصى ابن كلاب المكى الحجبى، أبو عثمان وأبو صفية، حاجب الكعبة: هكذا نسبه الزبير بن بكار قال: كان شيبة خرج مع النبى صلى الله عليه وسلم إلى حنين وهو مشرك،

_ 1382 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 3/ 366، الإكمال 2/ 7). 1384 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 4/ 335).

وكان يريد أن يغتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى من رسول الله صلى الله عليه وسلم غرة يوم حنين، فأقبل يريده، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا شيبة، هلم لك» فقذف الله تعالى فى قلبه الرعب، ودنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره ثم قال: اخس عنك الشيطان، فأخذه أفكل وفدع، وقذف الله فى قلبه الإيمان، فقاتل مع رسول اللهصلى الله عليه وسلم، وكان ممن صبر معه. وكان من خيار المسلمين، وأوصى إلى عبد الله بن الزبير بن العوام. وذكر الزبير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، دفع مفتاح الكعبة إلى شيبة بن عثمان بن أبى طلحة، وإلى ابن عمه عثمان بن طلحة، وقال: «خذوها يا بنى أبى طلحة خالدة تالدة إلى يوم القيامة، لا يأخذها منكم إلا ظالم». قال الزبير: فبنو أبى طلحة، هم الذين يلون سدانة الكعبة دون بنى عبد الدار. وذكر ابن سعد: أنه أسلم بعد فتح مكة، وقال ابن سعد: عن هوذة بن خليفة، عن عوف، عن رجل من أهل المدينة، قال: دعا النبى صلى الله عليه وسلم عام الفتح، شيبة بن عثمان، فأعطاه المفتاح، وقال: «دونك هذا، فأنت أمين الله على بيته». قال محمد بن سعد: فذكرت هذا الحديث لمحمد بن عمر، يعنى الواقدى، فقال: هذا وهل، إنما أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن طلحة يوم الفتح، وشيبة بن عثمان يومئذ لم يسلم، وإنما أسلم بعد ذلك بحنين، ولم يزل عثمان يلى فتح البيت إلى أن توفى، فدفع ذلك إلى شيبة بن عثمان بن أبى طلحة، وهو ابن عمه، وبقيت الحجابة فى ولد شيبة. وقال عبد الله بن لهيعة، عن أبى الأسود، عن عروة بن الزبير: كان العباس وشيبة بن عثمان أمناء، ولم يهاجرا، فأقام عباس على سقايته، وشيبة على حجابته. وقال ابن عبد البر: أسلم يوم فتح مكة، وشهد حنينا، وقيل أسلم بحنين. وقال: وذكره بعضهم فى المؤلفة قلوبهم، من فضلائهم وعلمائهم. وكان ورعا تقيّا، رضى الله عنه، انتهى. وقال المزى فى التهذيب: أسلم شيبة بعد الفتح، ومن قال فى نسبه: شيبة بن عثمان ابن طلحة بن أبى طلحة، فقد وهم، فإن عثمان بن طلحة ابن عمه لا أبوه. وذكر أنه روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، وعن أبى بكر الصديق، وابن عمه عثمان بن طلحة، وعمر بن الخطاب رضى الله عنهم. وروى عنه أبو وائل شقيق بن سلمة الأسدى، وعبد الرحمن بن الزجاج، وعكرمة مولى ابن عباس، وابن ابنه مسافع بن عبد الله بن شيبة، وابنه مصعب بن شيبة. روى له

1385 ـ شيبة بن مساور الواسطى، ويقال المكى

البخارى (1)، وأبو داود (2)، وابن ماجة (3)، حديثا واحدا. اختلف فى وفاته، فقيل: مات سنة تسع وخمسين. قاله الهيثم بن عدى، والمدائنى، وخليفة بن خياط، وأحمد بن عبد الله البرقى. وقال ابن سعد: بقى حتى أدرك يزيد بن معاوية. وأمه أم جميل، واسمها هند بنت عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، أخت مصعب بن عمير. 1385 ـ شيبة بن مساور الواسطى، ويقال المكى: عن ابن عباس، وعمر بن عبد العزيز، وعبد الله بن عبيد الله. وعنه: عبد الكريم أبو أمية، وعبيد الله بن عمر، وسفيان بن جرير، وسمع خطبة عمر بن عبد العزيز. نقلت هذه الترجمة هكذا من مختصر تاريخ دمشق للذهبى. 1386 ـ شيحة بن هاشم بن قاسم بن مهنا الحسينى:

_ (1) فى صحيحه، كتاب الحج، حديث رقم (1491) من طريق: عبد الله بن عبد الوهاب حدثنا خالد بن الحارث حدثنا سفيان حدثنا واصل الأحدب عن أبى وائل قال: جئت إلى شيبة (ح) وحدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن واصل عن أبى وائل قال: جلست مع شيبة على الكرسى فى الكعبة فقال: لقد جلس هذا المجلس عمر رضى الله عنه فقال: لقد هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمته قلت: إن صاحبيك لم يفعلا قال: هما المرءان أقتدى بهما. (2) فى سننه، كتاب المناسك، حديث رقم (1736) من طريق: أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربى عن الشيبانى عن واصل الأحدب عن شقيق عن شيبة، يعنى ابن عثمان قال: قعد عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى مقعدك الذى أنت فيه فقال: لا أخرج حتى أقسم مال الكعبة قال: قلت: ما أنت بفاعل قال: بلى لأفعلن قال: قلت: ما أنت بفاعل قال: لم قلت لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأى مكانه وأبو بكر رضى الله عنه وهما أحوج منك إلى المال فلم يخرجاه فقام فخرج. (3) فى سننه، كتاب المناسك، حديث رقم (3107) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا المحاربى عن الشيبانى عن واصل الأحدب عن شقيق قال: بعث رجل معى بدراهم هدية إلى البيت قال: فدخلت البيت وشيبة جالس على كرسى فناولته إياها فقال له: ألك هذه قلت: لا ولو كانت لى لم آتك بها قال: أما لئن قلت ذلك لقد جلس عمر بن الخطاب مجلسك الذى جلست فيه فقال: لا أخرج حتى أقسم مال الكعبة بين فقراء المسلمين قلت: ما أنت فاعل قال: لأفعلن قال: ولم ذاك قلت: لأن النبى صلى الله عليه وسلم قد رأى مكانه وأبو بكر وهما أحوج منك إلى المال فلم يحركاه فقام كما هو فخرج. 1385 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 4/ 336).

1387 ـ شيتم، والد عاصم السهمى

صاحب المدينة. وجدت فى تاريخ بعض العصريين، أن الملك الكامل صاحب مصر، أمره أن يكون مع العسكر الذى جهزه إلى مكة لإخراج راجح بن قتادة الحسنى، وعسكر الملك المنصور صاحب اليمن، فى سنة تسع وعشرين وستمائة؛ وذكر أيضا أنه وصل إلى مكة فى ألف فارس، جهزهم الملك الصالح بن الملك الكامل صاحب مصر، فى سنة سبع وثلاثين وستمائة، وأخذها من نواب صاحب اليمن، ولزمهم شيحة ونهبهم، ولم يقتل منهم أحد، ولزم وزير ابن التعزى، ثم خرجوا منها لما سمعوا بوصول العسكر الذى جهزه صاحب اليمن، مع راجح بن قتادة وابن النصيرى، ولا أدرى هل كان شيحة فى سنة تسع وثلاثين أميرا على مكة مع العسكر، أو مؤازرا لهم فقط؟ . وكانت ولايته للمدينة بعد قتل قاسم بن حماز بن قاسم بن مهنا الحسينى جد الجمامزة، كما ذكر ابن فرحون فى كتابه «نصيحة المشاور». وذكر أن الجمامزة لم يتمكنوا من نزعها منه، ولا من أحد من ذريته إلى الآن. انتهى. قلت: هذا وهم، فقد وجدت فى ذيل المنتظم لابن البزورى: أن عمير بن قاسم بن جماز المذكور، انضم إليه فى صفر سنة تسع وثلاثين، جمع عديد، وأخرجوا شيحة من المدينة، ولم يزل هاربا حتى تحصن فى بعض التلال أو الجبال، ثم عاد لإمرة المدينة، ولم أدر متى كان عوده؟ . وتوفى فى سنة تسع وأربعين وستمائة، كما ذكره ابن البزورى فى تاريخه مقتولا، قتله بنو لام. 1387 ـ شيتم، والد عاصم السهمى: فرق بعضهم بينه وبين شييم، وقيل هو هو، ذكره هكذا الذهبى. وذكره الكاشغرى. وقال: شييم أبو عاصم، وقيل أبو سعيد السهمى، وقيل فى أبى عاصم: شنتم كحنتم. وفى أبى سعيد: شييم بياءين آخر الحروف، وقد ذكر فى شييم، والذى ذكر فى شنتم كحنتم، وفى أبى سعيد شييم بياءين مثناتين من تحت. له رواية. * * *

حرف الصاد

حرف الصاد 1388 ـ صافى بن صابر بن سلامة الحمامى المصرى: كتب عنه القطب القسطلانى بمكة، وقال: قيم حمام مصر ومكة، وتوفى بها. أنبأنى غير واحد عن من أنبأه القطب، قال: أنشدنى صافى بن صابر بن سلامة المصرى بمكة [من الوافر]: لو أن الريح تحملنى إليكم ... تشبثت بأذيال الرياح وكنت أطير من شوقى إليكم ... وكيف يطير مقصوص الجناح * * * من اسمه صالح 1389 ـ صالح بن أبى المنصور أحمد بن عبد الكريم بن أبى المعالى يحيى بن عبد الرحمن بن على بن الحسين الشيبانى الطبرى الأصل، المكى المولد والدار: أجاز له مع أخويه على وعبد الله من دمشق، والقاضى سليمان بن حمزة، والمطعم، وابن مكتوم، وابن عبد الدائم، وابن سعد، وجماعة، باستدعاء البرزالى فى سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، وما علمته حدث. وكان رجلا صالحا خيرا، أقام بجدة مدة متوليا لعقود الأفكحة والإصلاح بين الناس، نيابة عن القاضى شهاب الدين الطبرى، ثم انتقل إلى مصر وأقام بها سنين، وتوفى بها سنة أربع وستين وسبعمائة. 1390 ـ صالح بن شعيب بن أبان البصرى، أبو شعيب الزاهد: روى عن سليم بن داود المنقرى، وبكر بن محمد القرشى، وهداب بن خالد، وأبى الربيع العتكى، وداود بن أبى طيبة، وأحمد بن الحسن بن عقبة الرازى، وأبو الطاهر بن عبد العزيز بن محمد حسنويه. وتوفى فى صفر سنة ست وثمانين ومائتين بمكة. لخصت هذه الترجمة من تاريخ القطب الحلبى قال: ذكره ابن يونس فى الغرباء؛ وقال: بصرى، قدم مصر، وكتبت عنه، وخرج إلى مكة وتوفى بها. انتهى.

1391 ـ صالح بن العباس بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس العباسى

وقد وقع لنا حديثه عاليا فى الخلعيات، من طريق ابن أبى طيبة. 1391 ـ صالح بن العباس بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس العباسى: أمير مكة. ذكر ابن جرير: أنه حج بالناس فى سنة تسع ومائتين، وسنة عشر ومائتين، وسنة إحدى عشرة ومائتين، وهو والى مكة. وذكر أنه حج بالناس فى سنة ثمان عشرة، وتسع عشرة ومائتين. وذكر العتيقى حج صالح بالناس فى السنين التى ذكرها ابن جرير، إلا سنة ثمان عشرة، وزاد على ذلك: أنه حج بالناس فى سنة عشرين ومائتين، وفى سنة إحدى وعشرين. وما ذكره العتيقى فى حجه بالناس فى سنة إحدى وعشرين، يخالف ما ذكره ابن جرير، فإنه ذكر أن محمد بن داود بن عيسى بن موسى العباسى، حج بالناس، فيها، والله أعلم. وقد ذكر الفاكهى ما يقتضى أن صالح بن العباس هذا، كان واليا على مكة سنة تسع عشرة ومائتين، وما عرفت انقضاء ولايته، والله أعلم. وذكر الأزرقى، أن صالحا هذا، حفر بركا بمكة وبظاهرها، ونصّ ما ذكره الأزرقى: ثم أمر أمير المؤمنين المأمون، صالح بن العباس فى سنة عشر ومائتين، أن يتخذ له بركا فى السوق خمسا، لئلا يتعنى أهل أسفل مكة والثنية وأجياد، والوسط، إلى بركة أم جعفر، وأجرى عينا من بركة أم جعفر، من فضل مائها، تسكب فى بركة البطالة عند شعب ابن يوسف، فى وجه دار ابن يوسف، ثم تمضى إلى بركة عند الصفا، ثم تمضى إلى بركة عند الحناطين، ثم تمضى إلى بركة بفوهة سكة الثنية، دون دار أويس، ثم تمضى إلى بركة عند سوق الحطب بأسفل مكة، ثم تمضى فى سرب ذلك إلى ماجل أبى صلابة، ثم إلى الماجلين اللذين فى حائط ابن طارف بأسفل مكة. وكان صالح بن العباس لما فرغ منها، ركب بوجوه الناس إليها فوقف عليها حين جرى فيها الماء، ونحر عند كل بركة جزورا، وقسم لحمها على الناس. انتهى. وذكر الفاكهى نحو ذلك بالمعنى، وأفاد فيه غير ما سبق، فنذكر ما ذكره، ونصه فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله: «ذكر البرك التى عملت بمكة وتفسير أمرها» بعد أن ذكر شيئا من خبر بركة زبيدة وعينها: وكان الناس يستقون من هذه البركة الكبيرة التى

_ 1391 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 3/ 456).

1392 ـ صالح بن عبد الله الترمذى

بأعلى مكة، حتى كانت سنة عشر ومائتين، فكتب صالح بن العباس إلى أمير المؤمنين المأمون يستأذنه فى عمل البرك الصغار التى فى فجاج مكة، وأن يكون ذلك منه، فكتب إليه يأمره أن يتخذ له بركا فى الفجاج خمسا، لئلا يتعنى أهل المسفلة، وأهل الثنية، وأجيادين، والوسط، إلى بركة أم جعفر بالمعلاة، فأجرى من بركة أم جعفر فلجا يسكب فيه الماء من بركة جعفر، إلى بركة عند شعب على ودار ابن يوسف، ثم يمضى إلى بركة عملها عند الصفا، ثم يمضى إلى بركة عند الحناطين، ثم يمضى إلى بركة بفوهة سكة الثنية، دون دار أويس، ثم يمضى إلى بركة عند سوق الحطب بأسفل مكة. فلما فرغ منها صالح، وخرج الماء فيها، ركب بوجوه أهل مكة إليها، فوقف عليها حتى جرى الماء ونحر على كل بركة جزورا، وقسم لحمها على الناس، وبلغ ذلك أم جعفر زبيدة، فاغتمت لذلك، ثم حجت فى سنة إحدى عشرة ومائتين، وعلى مكة يومئذ صالح بن العباس، فسمعت إبراهيم بن أبى يوسف يقول: فأتاها فسلم عليها، فلامته فى أمر هذه البرك التى عمل، وقالت: هلا كتبت إلىّ حتى كنت أسأل أمير المؤمنين، أن يجعل ذلك إلىّ، فأتولى النفقة فيها، كما أنفقت فى هذه البركة، حتى أستتم ما نويت فى أهل حرم الله تعالى. فاعتذر إليها صالح من ذلك. انتهى. 1392 ـ صالح بن عبد الله الترمذى: ذكره هكذا الفسوى فى رجال أهل مكة من ميشخته. وروى عنه، عن يحيى بن زكريا بن زائدة. وروى أيضا عن حماد بن زيد، وابن المبارك، ومالك، وعنه الترمذى، وأبو يعلى، وابن أبى الدنيا، وجماعة. قال أبو حاتم: صدوق. وذكره ابن حبان فى الثقات، وقال: وهو صاحب حديث وسنة وفضل، ممن كتب وجمع، ومات سنة إحدى وثلاثين ومائتين بمكة. 1393 ـ صالح بن محمود بن محمد بن إبراهيم بن عبيد الله الكرومى الأصبهانى، أبو محمد: هكذا نسبه المحب الطبرى فى «العقود الدرية والمشيخة الملكية المظفرية» وترجمه بالعلامة الزاهد أحد المقرئين بالسبع، والمدرس بالحرم الشريف، الفقيه الإمام المحدث المجاور، ثم قال: أقام مجاورا بمكة سنين، وهو الآن بها، ودرس الحديث، ثم زهد فى التدريس وآثر الخمول.

_ 1392 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 4/ 407).

1394 ـ صبيح مولى أبى أحيحة سعيد بن العاص بن أمية

وأخذ عن محيى السنة أبى القاسم محمود بن محمد بن الحسين، وأبى نجيح فضل الله ابن محمد الأصبهانى، وأبى المجد محمد بن الحسين بن أحمد القزوينى، وغيرهم. وله إجازات كثيرة. انتهى. وأخرج عنه الدمياطى فى معجمه شيئا، سمعه من زكريا بن على العلبى، ونسبه كما تقدم. وقال العطار: نزيل مكة. وقد أجاز فى استدعاء مؤرخ بذى القعدة سنة ست وأربعين وستمائة، لجماعة من ذرية أبى بكر الطبرى، فيهم الرضى إبراهيم، إمام المقام، والاستدعاء رأيته منقولا بخط الرضى، وكتب تحت خطه: أنه كان مجاورا بمكة يقرأ عليه القرآن، وبها مات، ولم يذكر متى كان موته. وذكر الدمياطى: أنه مات بمكة فى العشر الأوسط من المحرم، سنة سبع وخمسين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. 1394 ـ صبيح مولى أبى أحيحة سعيد بن العاص بن أمية: ذكر ابن إسحاق: أنه كان قد تجهز للخروج مع النبى صلى الله عليه وسلم إلى بدر، ثم مرض، فحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعيره أبا سلمة بن عبد الأسد. وقيل إنه الذى حمل أبا سلمة، قاله موسى بن عقبة. ثم شهد المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكر معنى ذلك ابن عبد البر. وذكره الكاشغرى وقال: صبيح، مولى أبى العاص بن أمية، عم أبى أحيحة. 1395 ـ صبيح مولى حويطب بن عبد العزى: ذكره هكذا الكاشغرى وقال: كان جد أبى إسحاق لأمه، قال: كنت مملوكا لحويطب، فسألت الكتابة، فنزلت: (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ) الآية. 1396 ـ صبيح، مولى أم سلمة: روى حديث الكساء. ذكره هكذا الكاشغرى.

_ 1394 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1239، الإصابة ترجمة 4055، أسد الغابة ترجمة 2479، الجرح والتعديل 4/ 449). 1395 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 3/ 407). 1396 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 3/ 405).

1397 ـ صبيح

1397 ـ صبيح: مولى السلطان أبى السداد يحيى بن أبى السداد الموفق الثغرى الإسلامى توفى فى يوم الاثنين ثالث عشر ذى الحجة، سنة تسع وثمانين وخمسمائة، ودفن بالمعلاة، ومن حجر قبره كتبت هذه الترجمة، وضبط فيه الثغرى: بالتاء المثلثة والغين المعجمة. 1398 ـ صبيح النجمى: مولى القائد حسن بن إبراهيم المكثرى. والنجمى المنسوب صبيح إليه، هو الشريف نجم الدين أبو نمى صاحب، لأنه كان من جملة خدامه، ورأيت ما يدل على أنه كان ينوب عن أبى نمى في الإمرة بمكة، وما عرفت متى مات، إلا أنه كان حيّا في أوائل القرن الثامن وهو والد محمد بن صبيح، شيخ رباط غزى المقدم ذكره. وقد سبق شيء من حال حسن بن إبراهيم في محله. 1399 ـ صبيخة بن الحارث بن جبيلة بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب القرشى التيمى: قال الزبير بن بكار: هو من القرشيين الذين بعثهم عمر بن الخطاب رضى الله عنه يجد دون أنصاب الحرم، وقال: كان عمر بن الخطاب قد دعاه إلى صحبته فى سفر خرجه إلى مكة فوافقه. وذكر ابن عبد البر: أنه كان من المهاجرين، وهو أحد النفر الذين بعثهم عمر بن الخطاب لتجديد أنصاب الحرم. انتهى. 1400 ـ صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى، أبو سفيان المكى: أسلم ليلة فتح مكة، وأمن النبى صلى الله عليه وسلم من دخل داره يوم الفتح، وشهد معه الطائف

_ 1399 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1240، الإصابة ترجمة 4058، أسد الغابة ترجمة 2482). 1400 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1211، الإصابة ترجمة 4066، أسد الغابة ترجمة 2486، الجرح والتعديل 4/ 426، طبقات خليفة 10، تاريخ خليفة 166، التاريخ الكبير 4/ 310، المعارف 74، 125، 344، 345، 553، 575، 586، 588، تاريخ الفسوى 3/ 167، الجرح والتعديل 4/ 426، ابن عساكر 8/ 119 جامع الأصول 9/ 106، 6/ 149، تهذيب الكمال 603، تاريخ الإسلام، 2/ 97، العبر 1/ 31، مجمع الزوائد 9/ 274، تهذيب التهذيب 4/ 411 ـ 412، خلاصة تهذيب الكمال 2/ 11، كنز العمال 13/ 612، شذرات الذهب 1/ 30، 37)

وحنينا، وأعطاه النبى صلى الله عليه وسلم من غنائم حنين، مائة بعير وأربعين أوقية، واستعمله على نجران. فلما مات النبى صلى الله عليه وسلم، رجع إلى مكة وسكنها برهة، ثم رجع إلى المدينة وبها مات. وقيل إنه لم يكن على نجران حين مات النبى صلى الله عليه وسلم، وإنه كان بمكة إذ ذاك. وكان من أشراف قريش فى الجاهلية، وإليه كانت راية الرؤساء المعروفة بالعقاب، توضع فى يده وقت الحرب، وكان لا يحبسها إلا رئيس، وكان من أجود قريش رأيا فى الجاهلية، فلما جاء الإسلام أدبر رأيه. روى عنه ابنه معاوية، وابن عباس، وقيس بن أبى حازم، والمسيب بن حزن. وروى له الجماعة إلا ابن ماجة. قال الهيثم بن عدى: مات أبو سفيان لتسع مضين من خلافة عثمان، وكان قد كف بصره. وقال خليفة والواقدى: توفى سنة إحدى وثلاثين. وقال ابن سعد وجماعة: توفى سنة اثنتين وثلاثين. وقال المدائنى: سنة أربع وثلاثين. وذكر صاحب الكمال: أنه نزل بالمدينة ومات بها، وهو ابن ثمان وثمانين سنة. انتهى. وقيل: مات وهو ابن بضع وسبعين سنة. وكان ربعة دحداحا ذا هامة عظيمة، وفقئت عينه يوم الطائف، وفقئت الأخرى يوم اليرموك. وكان المؤلفة، ثم حسن إسلامه. وقد ذكر الزبير بن بكار شيئا من خبر أبى سفيان بن حرب فقال: وكان أبو سفيان يقود المشركين لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أسلم وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف، وفقئت عينه يومئذ، والأخرى يوم اليرموك، وكانت يومئذ راية ابنه يزيد بن أبى سفيان معه، وقال: قال عمى مصعب بن عبد الله: ذكر عن سعيد بن المسيب عن أبيه عن جده قال: خفقت يوم اليرموك الأصوات، إلا صوتا ينادى: يا نصر الله اقترب! ، فنظرت فإذا أبو سفيان تحت راية ابنه يزيد. قال الزبير: وحدثنى سفيان بن عيينة قال: قال مجاهد فى قول الله عزوجل: (عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً) [الممتحنة: 7]. قال: مصاهرة النبى صلى الله عليه وسلم أبا سفيان ابن حرب. وقال: حدثنى عبد الله بن معاذ عن معمر عن ابن شهاب عن ابن المسيب، وإبراهيم عن أبى حمزة، عن عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب عن ابن المسيب، أن النبى صلى الله عليه وسلم، سبى يوم حنين ستة آلاف بين غلام وامرأة، فجعل عليهم أبا سفيان بن حرب.

وقال: حدثنى إبراهيم بن حمزة، عن المغيرة بن عبد الرحمن، عن عثمان بن عبد الرحمن، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر قال: لما هلك عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وجد عثمان بن عفان رضى الله عنه فى بيت مال المسلمين ألف دينار، مكتوب عليها: ليزيد بن أبى سفيان، وكان عاملا لعمر رضى الله عنه، فأرسل عثمان إلى أبى سفيان: إنا وجدنا لك فى بيت مال المسلمين ألف دينار، فأرسل فاقبضها، فأرسل أبو سفيان إليه فقال: لو علم عمر بن الخطاب رضى الله عنه لى فيها حقّا لأعطانيها وما حبسها عنى، فأبى أن يأخذها. واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على نجران، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عليها. حدثنى بذلك عمى مصعب بن عبد الله، وعلى بن المغيرة عن هشام بن محمد، قال: وحدثنى إبراهيم بن حمزة، عن عبد الله بن وهب المصرى، عن ليث بن سعد، عن أبى علىّ قال: استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان على إجلاء يهود، قال: وتوفى أبو سفيان بالمدينة سنة ثلاث وثلاثين. وذكره ابن عبد البر، وقال: ولد قبل الفيل بعشر سنين، وكان من أشراف قريش فى الجاهلية، وكان تاجرا يجهز التجار بماله وأموال قريش إلى الشام وغيرها من أرض العجم، وكان يخرج أحيانا بنفسه، وكانت إليه راية الرؤساء المعروفة بالعقاب، وكان لا يحبسها إلا رئيس، فإذا حميت الحرب، اجتمعت قريش فوضعت تلك الراية بيد الرئيس. ويقال: كان أفضل قريش رأيا فى الجاهلية ثلاثة: عتبة، وأبو جهل، وأبو سفيان. فلما أتى الله تعالى بالإسلام، أدبروا فى الرأى، وكان أبو سفيان صديق العباس ونديمه فى الجاهلية. أسلم أبو سفيان يوم الفتح، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا، وأعطاه من غنائهما مائة بعير، وأربعين أوقية، وزنها له بلال، وأعطى ابنيه يزيد ومعاوية، واختلف فى حسن إسلامه، فطائفة تروى أنه لما أسلم حسن إسلامه. وذكروا عن سعيد بن المسيب، عن أبيه قال: رأيت أبا سفيان يوم اليرموك تحت راية ابنه يزيد يقاتل، ويقول: يا نصر اقترب. وقد روى أن أبا سفيان بن حرب، كان يوم اليرموك يقف على الكراديس، فيقول للناس: الله الله، إنكم ذادة العرب، وأنصار الإسلام، وإنهم ذادة الروم، وأنصار المشركين. اللهم هذا يوم من أيامك، اللهم أنزل نصرك على عبادك. وطائفة تروى أنه كان كهفا للمنافقين منذ أسلم، وكان فى الجاهلية ينسب إلى الزندقة، وذكر أخبارا له. انتهى والله أعلم.

1401 ـ صخر بن وداعة الغامدى

1401 ـ صخر بن وداعة الغامدى: وغامد من الأزد؛ ولذلك قيل له: الأسدى، بالسكون، سكن الطائف، وهو معدود فى أهل الحجاز، له عن النبى صلى الله عليه وسلم حديث: «اللهم بارك لأمتى فى بكورها» (1). وحديث: «لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء» (2). روى عنه عمارة بن حديد. وروى له أصحاب السّنن الحديث الأول. وحسنه الترمذى، وقال، لا يعرف لصخر عن النبى صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث. والحديث الثانى رويناه فى الطبرانى. 1402 ـ صدقة بن حسن بن محمد الإسعردى المصرى: يلقب زين الدين، ويعرف بالأستدار، لتوليه أستدارية الأمير أزدمر، أحد خواص الملك الظاهر برقوق صاحب مصر. خدم عند غير واحد من أعيان الدولة بالقاهرة، وصحب جماعة منهم: الأمير محمود، أستدار الملك الظاهر، والأمير سعد الدين إبراهيم بن غراب، أستدار الملك الناصر فرج ابن الملك الظاهر، وكان يعظمه، وحصل له بذلك شهرة ومكانة، وتوسط عنده لجماعة من العلماء ولأهل الحرمين فى قربات. وله أوقاف، منها خانقاة بالقرافة، ووقف عليها أوقافا حولها، وغير ذلك، وتردد إلى مكة غير مرة، وسمع بها معنا على شيخنا القدوة شهاب الدين بن الناصح، فى سنة ثلاث وتسعين، وهكذا أملى علىّ نسبه، هو فيما أظن، أو بعض السامعين معنا. وكان له إلمام بالعلم ومحبة فيه. توفى بمكة فى آخر يوم الاثنين الثانى والعشرين من شهر ربيع الأول سنة تسع

_ 1401 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1215، الإصابة ترجمة 4074، أسد الغابة ترجمة 2496، الثقات 3/ 193، تجريد أسماء الصحابة 1/ 264، الكاشف 2/ 26، تهذيب التهذيب 4/ 413، الكمال 2/ 603، التاريخ الكبير 4/ 310، تقريب التهذيب 1/ 365، الجرح والتعديل ترجمة 1870، الوافى بالوفيات 16/ 289، الطبقات 113، 285، تلقيح مفهوم أهل الأثر 376، 381، الطبقات الكبرى 5/ 527، الإكمال 7/ 42، تبصير المنتبه 3/ 1053، بقى بن مخلد 479). (1) أخرجه الترمذى فى سننه، كتاب البيوع، حديث رقم (1133)، أخرجه أبو داود فى سننه، كتاب الجهاد، حديث رقم (2239)، أخرجه ابن ماجة فى سننه، فى التجارات، حديث رقم (2228، 2229). (2) أخرجه الترمذى فى سننه، كتاب البر والصلة، حديث رقم (1905)، وأخرجه أحمد ابن حنبل فى مسنده، حديث رقم (17499). 1402 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 2/ 317).

1403 ـ صدقة بن عمر المكى

وثمانمائة، ودفن فى صبيحة يوم الثلاثاء بالمعلاة، بقرب تربة أم سليمان، وكان قد قدم إلى مكة حاجا فى السنة التى مات فيها صاحبه ابن غراب، وهى سنة ثمان وثمانمائة، ثم حصل له فى زمن الحج مرض تعلل به حتى مات، أعظم الله ثوابه فيه، وكان بينى وبينه مودة، وله علىّ إحسان، جزاه الله خيرا. ورثاه القاضى زين الدين شعبان بن محمد المصرى ببيتين كتبا على قبره وهما: مذ غاب عنى جمال منك يا أملى ... عدمت عيش الهنا والأنس والشفقه يا موت تطلب منى الروح دونكها ... لأننى كل مالى فى الهوى صدقه 1403 ـ صدقة بن عمر المكى: روى عن عطاء بن أبى رباح، ووهب بن منبه، وعنه الوليد بن مسلم. 1404 ـ صدقة بن يسار الجزرى: روى عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، والقاسم بن محمد، وطاوس، وسعيد بن جبير، وجماعة منهم: الزهرى، وهو من أقرانه. روى عنه: ابن إسحاق، وابن جريج، وشعبة، ومالك، والسفيانان. روى له مسلم (1)

_ 1403 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل الترجمة 1905، ديوان الضعفاء الترجمة 1958، المغنى الترجمة 2872، ميزان الاعتدال الترجمة 3875، نهاية السول، الورقة 147، تهذيب التهذيب 4/ 416، التقريب 1/ 366، خلاصة الخزرجى الترجمة 3083، تهذيب الكمال 3/ 138). 1404 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 485، تاريخ الدورى 2/ 269، طبقات خليفة 282، علل أحمد 1/ 153، 199، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2872، المعرفة ليعقوب 1/ 437، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 511، 529، 1678، الجرح والتعديل الترجمة 1884، ثقات ابن حبان 4/ 378، ثقات ابن شاهين الترجمة 575، سؤالات البرقانى للدارقطنى الترجمة 225، رجال صحيح مسلم لابن منجويه الورقة 83، الجمع لابن القيسرانى 1/ 225، الكاشف الترجمة 2408، تهذيب التهذيب 2/ 92، ميزان الاعتدال 2/ 3883، تاريخ الإسلام 5/ 261، إكمال مغلطاى الورقة 189، نهاية السول 147، تهذيب التهذيب 4/ 419، التقريب 1/ 366، تهذيب الكمال 13/ 155). (1) فى صحيحه، كتاب الصلاة، حديث رقم (784) من طريق: هارون بن عبد الله ومحمد بن رافع قالا: حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبى فديك عن الضحاك بن عثمان عن صدقة بن يسار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان أحدكم يصلى فلا يدع أحدا يمر بين يديه فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين. وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا أبو بكر الحنفى حدثنا الضحاك بن عثمان حدثنا صدقة بن يسار قال: سمعت ابن عمر يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بمثله.

1405 ـ صديق بن جناح بن بدر الحميدى

وأبو داود (2)، والنسائى (3)، وابن ماجة (4). وثقه أحمد وابن معين. وقال أبو داود: كان مستوحشا، يصلى جمعة بمكة وجمعة بالمدينة. قال ابن سعد: توفى فى أول خلافة بنى العباس رضى الله عنهم، يعنى السفاح. 1405 ـ صديق بن جناح بن بدر الحميدى: نزيل مكة، هكذا وجدته على حجر قبره بالمعلاة، وترجم فيه بتراجم، وهى: الشيخ الصالح العابد الزاهد التقى الورع، كهف الفقراء والمساكين، وقدوة السالكين، علم الموحدين، وفيه أنه: توفى فى ثانى عشر شهر ربيع الآخر سنة تسع وثلاثين وستمائة. وذكر ابن خلكان شيئا من حاله، لأنه قال فى ترجمة الملك المسعود: وكان بمكة رجل من المجاورين يقال له الشيخ صديق بن بدر بن جناح، من أكراد بلد إربل، وكان من كبار الصالحين، فلما حضرت الملك المسعود الوفاة، أوصى أنه إذا مات لا يجهز بشيء من ماله، بل يسلم للشيخ صديق يجهزه من عنده بما يراه، فلما مات تولى الشيخ صديق تدبيره، وكفنه فى إزار كان أحرم فيه بالحج والعمرة سنين عديدة، وجهزه تجهيز

_ (2) فى سننه، كتاب الطهارة، حديث رقم (170) من طريق: أبو توبة الربيع بن نافع حدثنا ابن المبارك عن محمد بن إسحاق حدثنى صدقة بن يسار عن عقيل بن جابر عن جابر قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى فى غزوة ذات الرقاع فأصاب رجل امرأة رجل من المشركين فحلف أن لا أنتهى حتى أهريق دما فى أصحاب محمد فخرج يتبع أثر النبى صلى الله عليه وسلم فنزل النبى صلى الله عليه وسلم منزلا فقال: من رجل يكلؤنا فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار فقال: كونا بفم الشعب قال: فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب اضطجع المهاجرى وقام الأنصارى يصل وأتى الرجل فلما رأى شخصه عرف أنه ربيئة للقوم فرماه بسهم فوضعه فيه فنزعه حتى رماه بثلاثة أسهم ثم ركع وسجد ثم انتبه صاحبه فلما عرف أنهم قد نذروا به هرب ولما رأى المهاجرى ما بالأنصارى من الدم قال: سبحان الله ألا أنبهتنى أول ما رمى قال: كنت فى سورة أقرؤها فلم أحب أن أقطعها. (3) فى الصغرى، كتاب مناسك الحج، حديث رقم (2928) من طريق: محمد بن منصور قال حدثنا سفيان قال: حدثنا صدقة بن يسار عن الزهرى قال: سألوا ابن عمر هل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل بين الصفا والمروة فقال: كان فى جماعة من الناس فرملوا فلا أراهم رملوا إلا برمله. (4) فى سننه، كتاب إقامة الصلاة، حديث رقم (945) من طريق: هارون بن عبد الله الحمال والحسن بن داود المنكدرى قالا: حدثنا ابن أبى فديك عن الضحاك بن عثمان عن صدقة بن يسار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان أحدكم يصلى فلا يدع أحدا يمر بين يديه فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين. وقال المنكدرى: فإن معه العزى.

1406 ـ صديق بن يوسف بن قريش، الفقيه أبو الوفاء الحنفى

الفقراء على حسب قدرته، ثم قال: ولما بلغ الملك الكامل ما فعله الشيخ صديق، كتب إليه وشكره، فقال: ما فعلت شيئا أستحق عليه الشكر، فإن هذا رجل فقير سألنى القيام بأمره، فساعدته بما يجب على كل أحد القيام به من مواراة الميت. فقيل له: تكتب جواب للملك الكامل؟ فقال: ليس لى إليه حاجة، وكان قد سأله أن يسأله حوائجه كلها، فلم يرد عليه جوابا، وقال: أخبرنى بذلك كله من أثق به. انتهى. وفيما ذكره ابن خلكان فى نسبه مخالفة لما سبق، باعتبار التقديم والتأخير، والله أعلم بالصواب. 1406 ـ صديق بن يوسف بن قريش، الفقيه أبو الوفاء الحنفى: ذكره ابن الحاجب الأمينى فى معجمه، وذكر أنه ذكر له ما يدل على أن مولده، سنة ثمان، أو سنة سبع وثلاثين وخمسمائة، وسمع بالإسكندرية من الحافظ أبى طاهر السلفى، ومن أبى القاسم البوصيرى بمصر، واستوطن الديار المصرية مدة، وولى بها حسبة البلد، نيابة عن ابن الطالقانى مدة، ثم حج إلى مكة، وولى بها تدريس مدرسة ابن الزنجيلى، وولى بها بيع الحنطة المسيرة من ديوان المعظم، فلما قدم، طولب بالحساب فعجز، فحبس فى القلعة، وتشفع فيه عند السلطان، فلم يقبل فيه شفاعة، ومات وهو فى الاعتقال. وذكر أنه وجد له تصنيف فى مثالب الشافعى رضى الله عنه، وكان كثير الولوع بصنعة الكيمياء، وبها رق حاله. انتهى. ومدرسة الزنجيلى: هى الدار المعروفة بدار السلسلة، عند باب العمرة، على يمين الداخل إلى المسجد الحرام. 1407 ـ صرغتمش بن عبد الله الناصرى: كان كبير الأمراء فى دولة الملك الناصر حسن مصر، بعد قتل شيخون، ولما غلب على السلطان فى أمور كثيرة، قبض عليه فى العشرين من شهر رمضان، سنة تسع وخمسين وسبعمائة، واحتاط على أمواله وحواصله، وكان ذلك آخر العهد به. وكان أمر فى هذه السنة بعمل الميضأة التى بين رباط أم الخليفة والبيمارستان المستنصرى، فعمرت وعمر معها أماكن فى المسجد الحرام، وجدد المشعر الحرام، وهو صاحب المدرسة المشهورة عند جامع ابن طولون ظاهر القاهرة. * * *

من اسمه صفوان

من اسمه صفوان 1408 ـ صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحى، أبو وهب، ويقال أبو أمية المكى: أسلم بعد الفتح بشهر، روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث، روى عنه ابناه عبد الله وعبد الرحمن وغيرهما، فصيحا مليّا، ملك من الذهب قنطارا، وهو أحد المطعمين بمكة، أطعم هو وأبوه وجده، وأطعم أيضا ابنه عبد الله وحفيده، وما عرفت هذا لغيرهم، إلا لقيس ابن سعد بن عبادة بن دليم، وكان فصحاء قريش وأشرافها فى الجاهلية، وإليه كان أمر الأزلام، ولما هاجر إلى المدينة، رده النبى صلى الله عليه وسلم إلى مكة لانقطاع الهجرة، وقال له: من لأباطح مكة؟ فخرج إليها وأقام بها، حتى توفى سنة إحدى وأربعين، وقيل توفى سنة اثنتين وأربعين. 1409 ـ صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف بن وهب الجمحى المكى: روى عن جده، وعن سعد بن أبى وقاص، وعلى بن أبى طالب، وأبى الدرداء، وحفصة. روى عنه: الزهرى، وعمرو بن دينار، ويوسف بن ماهك، وأبو الزبير. روى له البخارى فى الأدب، ومسلم (3)، النسائى (4)، وابن ماجة (5). وثقه العجلى.

_ 1408 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 449، علل ابن المدينى 65، 70، تاريخ خليفة 75، 90، 111، مسند أحمد 3/ 400، 6/ 464، علله 1/ 193، تاريخ البخارى 4/ 2920، المعرفة ليعقوب 1/ 263، 309، 502، 2/ 261، 3/ 168، الجرح والتعديل 4/ 1846، ثقات بن حبان 3/ 191، معجم الطبرانى الكبير 8/ 46، رجال صحيح مسلم لابن منجويه 82، جمهرة بن حزم 159 ـ 160، الاستيعاب 2/ 718، أسد الغابة 3/ 22، الجمع لابن القيسرانى 1/ 224، أنساب القرشيين 315، 304، 404، 405، معجم البلدان 2/ 476، تهذيب النووى 1/ 249، سير أعلام النبلاء 2/ 562، الكاشف الترجمة 2416، تجريد أسماء الصحابة الترجمة 2799، العبر 1/ 50، 127، تهذيب التهذيب 2/ 93، إكمال مغلطاى 2/ 193، نهاية السول 47، تهذيب الكمال 13/ 180). 1409 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 4/ 421، الإصابة 3/ 435). (1) فى صحيحه، كتاب الذكر والدعاء، حديث رقم (4914) من طريق: إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عيسى بن يونس حدثنا عبد الملك بن أبى سليمان عن أبى الزبير عن صفوان وهو ابن عبد الله بن صفوان وكانت تحته الدرداء قال: قدمت الشام فأتيت أبا الدرداء فى منزله فلم أجده ووجدت أم الدرداء فقالت: أتريد الحج العام فقلت: نعم قالت: فادع الله لنا بخير فإن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقول: دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل قال: فخرجت إلى ـ

1410 ـ صفوان بن عبد الله الخزاعى

1410 ـ صفوان بن عبد الله الخزاعى: يقال له صحبة. حديثه موقوف، ذكره هكذا الكاشغرى، وذكره هكذا الذهبى وقال: يقال له صحبة. روى عنه عبد الله بن أوس قوله. 1411 ـ صفوان بن عبد الله المكى: حدث عن فرقد، مولى عمر. روى عنه حميد بن هانئ. ذكره ابن يونس وقال: مكى قدم مصر. 1412 ـ صفوان بن عبد الرحمن بن صفوان القرشى الجمحى: ذكر ابن عبد البر، أن أباه أتى به النبى صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، ليبايعه على الهجرة، فقال له: «لا هجرة بعد الفتح». فشفع فيه العباس، فبايعه. وذكر خلافا فى اسمه ونسبه، فقيل: عبد الرحمن بن صفوان، أو صفوان بن عبد الرحمن، وأكثر الرواة على الأول، وقيل: إنه تميمى. 1413 ـ صفوان بن عمرو الأسدى: ممن هاجر من بنى أسد من مكة، شهد أحدا. ذكره هكذا الذهبى، وذكره الكاشغرى.

_ ـ السوق فلقيت أبا الدرداء فقال لى مثل ذلك يرويه عن النبى صلى الله عليه وسلم وحدثناه أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا يزيد بن هارون عن عبد الملك بن أبى سليمان بهذا الإسناد مثله وقال: عن صفوان بن عبد الله بن صفوان. (2) فى السنن الصغرى، كتاب الصيام، حديث رقم (2223) من طريق: إسحاق بن إبراهيم قال: أنبأنا سفيان عن الزهرى عن صفوان بن عبد الله عن أم الدرداء عن كعب بن عاصم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس من البر الصيام فى السفر. (3) فى سننه، كتاب الصيام، حديث رقم (1654) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة ومحمد بن الصباح قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهرى عن صفوان بن عبد الله عن أم الدرداء عن كعب بن عاصم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس من البر الصيام فى السفر. 1410 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 3/ 468، 3/ 435). 1411 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 4/ 424). 1412 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1222، الإصابة ترجمة 4098، أسد الغابة ترجمة 1516، الثقات 3/ 192، تجريد أسماء الصحابة 1/ 266، الوافى بالوفيات 16/ 316، تقريب التهذيب 1/ 68، تهذيب التهذيب 4/ 407، 428، تهذيب الكمال 2/ 610، الكاشف 2/ 29، خلاصة تذهيب الكمال 1/ 470، الجمع بين رجال الصحيحين 831، تراجم الأخبار 2/ 206، 217، التاريخ الكبير 4/ 305، مشاهير علماء الأمصار 608، معرفة الثقات 763، دائرة معارف الأعلمى 2/ 203). 1413 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 3/ 437).

1414 ـ صفوان بن مخرمة القرشى الزهرى

1414 ـ صفوان بن مخرمة القرشى الزهرى: ذكره هكذا ابن عبد البر، وقال: يقال إنه أخو المستورد بن مخرمة، لم يرو عنه غير ابنه قاسم بن صفوان. وذكره الذهبى وقال: مجهول. وذكر الكاشغرى، أنه روى حديث الإبراد فى الظهر. 1415 ـ صفوان بن وهب بن ربيعة الفهرى: وهو صفوان بن بيضاء، أخو سهل وسهيل. ذكر ابن عبد البر: أنه شهد مع النبىصلى الله عليه وسلم بدرا، واستشهد بها، وقال: قال ابن إسحاق: وقد قيل إنه لم يقتل ببدر، وأنه مات فى رمضان سنة ثمان وثلاثين. وذكر الذهبى، أنه استشهد ببدر، وقيل بطاعون عمواس. 1416 ـ صفوان بن يعلى بن أمية التميمى، حليف قريش: روى عن أبيه، وعنه عطاء والزهرى، وعمرو بن دينار. روى له الجماعة، إلا ابن ماجة. وذكره ابن حبان فى الثقات. وذكره مسلم فى الطبقة الأولى من التابعين بمكة. 1417 ـ الصلت بن عبد الرحمن الأنصارى المكى: روى عن أبى رافع، وعنه حبيب بن أبى ثابت، وأبو بكر بن نافع العمرى. ذكره ابن حبان فى الثقات، وقال: فيها الصلت بن عبد الرحمن الأنصارى، يروى

_ 1414 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1227، الإصابة ترجمة 4107، أسد الغابة ترجمة 2533، الثقات 3/ 191، تجريد أسماء الصحابة 1/ 267، التاريخ الكبير 4/ 305، الجرح والتعديل 4/ 1847، الوافى بالوفيات 21/ 315، بقى بن مخلد 713، ذيل الكاشف 673). 1415 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1221، الإصابة ترجمة 4095، طبقات ابن سعد 3/ 1 / 303، تاريخ خليفة 60، الجرح والتعديل 4/ 421، حلية الأولياء 1/ 373، شذرات الذهب 1/ 9، سير أعلام النبلاء 1/ 384). 1416 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير 4/ 2932، المعرفة لليعقوبى 1/ 308، الجرح والتعديل الترجمة 1854، ثقات ابن حبان 4/ 379، الجمع لابن القيسرانى 1/ 223، الكاشف الترجمة 2420، 2429، تهذيب التهذيب 22/ 95، تاريخ الإسلام 4/ 15، إكمال مغلطاى 2/ 195، نهاية السول 148، الإصابة الترجمة 4151، التقريب 1/ 369، خلاصة الخزرجى 1/ 311 تهذيب الكمال 13/ 218). 1417 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 4/ 440).

1418 ـ الصلت بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى المطلبى

المراسيل، روى عنه أبو بكر بن نافع. انتهى. والظاهر أنه الأول، وقد جعلهما ابن حبان اثنين. 1418 ـ الصلت بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى المطلبى: أخو قيس والقاسم ابنى مخرمة، قال الزبير بن بكار: وأطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم، الصلت ابن مخرمة مع ابنه مائة وسق، منها للصلت أربعون، وهى من خيبر. وذكر أن أمه وأم أخيه القاسم بن مخرمة: هبيرة بنت معمر بن أمية، من بنى بياضة. انتهى. ولا تعرف له رواية. 1419 ـ صهيب بن سنان الرومى، يكنى أبا يحيى: وهو من النمر بن قاسط باتفاقهم، وإنما عرف بالرومى، لأخذه لسان الروم، لأنه سبى وهو صغير، وبيع لكلب، فقدموا به مكة، فاشتراه منهم عبد الله بن جدعان التيمى، وأقام معه بمكة حتى هلك وبعث النبى صلى الله عليه وسلم، وقيل: إنه هرب من الروم ومعه مال كثير، فعاقد عبد الله بن جدعان وحالفه، وانتمى إليه، وهو من السابقين الأولين، أسلم والنبىصلى الله عليه وسلم فى دار الأرقم، وهاجر إلى المدينة، وترك ماله لقريش حين منعوه من الهجرة، فأنزل الله تعالى فى أمره: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) [البقرة: 207]. ويروى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له: «ربح البيع أبا يحيى». ويروى أنه قال: «من كان يؤمن

_ 1418 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 3/ 226، مصنف ابن أبى شيبة 13/ 15782، تاريخ خليفة 153، 198، طبقات 9، 62، علل ابن المدينى 93 ـ 94، مسند أحمد 9، 62 332، 6/ 15، فضائل الصحابة 2/ 828، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2963، تاريخه الصغير 1/ 48، 51، 69، المعرفة ليعقوب 1/ 511، 3/ 168، 381، المعارف لابن قتيبة 264، 265، تاريخ واسط 66، 172، 212، 251، الجرح والتعديل الترجمة 1950، ثقات ابن حبان 3/ 193، معجم الطبرانى الكبير 8/ 28 حلية الأولياء 1/ 151، 156، 373، معجم البلدان 2/ 595، 4، 755، الكامل فى التاريخ 2/ 67، 3/ 52، سير أعلام البنلاء 2/ 17، الكاشف الترجمة 2436، تهذيب الكمال 13/ 237). 1419 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1231، الإصابة ترجمة 4124، أسد الغابة ترجمة 1538، طبقات ابن سعد 3/ 226، طبقات خليفة 19/ 62، التاريخ الكبير 4/ 315، الجرح والتعديل 4/ 444، معجم الطبرانى 8/ 33، 53، تهذيب الكمال 613، العبر 2/ 44، تهذيب التهذيب 4/ 438، 439، خلاصة تذهيب الكمال 175، شذرات الذهب 1/ 47).

1420 ـ صهيب الحذاء، أبو موسى المكى مولى ابن عامر

بالله واليوم الآخر، فليحب صهيبا حب الوالدة ولدها». وقال: «إنه سابق الروم». وفضائله كثيرة. وكان من جلة الصحابة وفضلائهم، حسن الخلق مداعبا، يروى عنه أنه قال: جئت النبى صلى الله عليه وسلم وهو نازل بقباء، وبين أيديهم رطب وتمر، وأنا أرمد، فأكلت، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: «أتأكل التمر على عينك» (4)؟ فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: آكل فى شقة عينى الصحيحة، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه. وأوصى إليه عمر رضى الله عنه بالصلاة، حتى يتفق أهل الشورى. وتوفى سنة ثلاث وثلاثين بالمدينة، ودفن بالبقيع، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، وقيل ابن سبعين. روى عنه جماعة من الصحابة والتابعين. 1420 ـ صهيب الحذاء، أبو موسى المكى مولى ابن عامر: روى عن عبد الله بن عمرو [ .... ] (1) وعنه عمرو بن دينار. روى له النسائى. وذكره ابن حبان فى الثقات. وفرق أبو حاتم بينه وبين أبى موسى الحذاء، الذى يروى عن عبد الله بن عمرو أيضا وعنه حبيب بن أبى ثابت، ومجاهد. * * *

_ (4) أخرجه أحمد فى المسند برقم (22669) بلفظ مختلف، من طريق: أبو النضر، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن عبد الحميد بن صيفى، عن أبيه، عن جده، قال: إن صهيبا قدم على النبى صلى الله عليه وسلم وبين يديه تمر وخبز، قال: ادن فكل فأخذ يأكل من التمر، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: «إن بعينك رمدا»، فقال: يا رسول الله، إنما آكل من الناحية الأخرى، قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم. 1420 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير الترجمة 2966، المعرفة ليعقوب 2/ 208، 703، الجرح والتعديل الترجمة 1954، ثقات ابن حبان 4/ 381، الكاشف الترجمة 2438، ديوان الضعفاء الترجمة 1976، المغنى الترجمة 2901، تهذيب التهذيب 2/ 96، ميزان الاعتدال الترجمة 3922، إكمال مغلطاى 2/ 198، نهاية السول 148، تهذيب التهذيب 4/ 440، التقريب 1/ 370، خلاصة الخزرجى الترجمة 3118، تهذيب الكمال 24383). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

حرف الضاد المعجمة

حرف الضاد المعجمة من اسمه الضحاك 1421 ـ الضحاك بن عثمان بن الضحاك بن عثمان بن عبد الله بن خالد بن حزام بن خويلد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب القرشى المدنى الأسدى: ذكره الزبير بن بكار فقال: كان علامة قريش بالمدينة، بأخبارها وأشعارها وأيامها، وأشعار العرب وأيامها، وأحاديث الناس. وكان من أكبر أصحاب مالك بن أنس رضى الله عنه، هو وأبوه عثمان بن الضحاك. قال الزبير: وأخبرنى بعض القرشيين: أن أحمد بن محمد بن الضحاك جالس الواقدى يأخذ عنه العلم، فقال الواقدى: هذا الفتى خامس خمسة جالستهم وجالسونى على طلب العلم، هو كما ترون، وأبوه محمد بن الضحاك، وجده الضحاك بن عثمان، وعثمان بن الضحاك، والضحاك بن عثمان بن عبد الله بن حزام. وكان عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، حين استعمله أمير المؤمنين هارون على اليمن، قد وجه الضحاك بن عثمان من المدينة خليفة له عليها، وأعطاه رزقه ألف دينار فى كل شهر، إلى أن يقدم عليه، وكلم له أمير المؤمنين، فأعانه على سفره بأربعين ألف درهم. وكان محمود السيرة، وقال باليمن [من الوافر]: أقول لصاحبى إن عيل صبرى ... وحن إلى الحجاز بنات صدرى لعمرك للعقيق وما يليه ... أحب إلىّ من صلع وضهر قال عمى مصعب: أحسب أحد البيتين له والآخر لغيره، ورواهما جميعا غير عمى له. ومات الضحاك بن عثمان بمكة منصرفه من اليمن يوم التروية سنة ثمانين ومائة، بعد ما أقام باليمن سنة كاملة، عاملا لعبد الله بن مصعب على أعمال من أعمالها، فقال

_ 1421 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 422، 9/ 268، الجمهرة للزبير بن بكار 401 ـ 403، ميزان الاعتدال الترجمة 3939، تهذيب التهذيب 4/ 778، التقريب 1/ 373، تهذيب الكمال 13/ 275).

1422 ـ الضحاك بن قيس بن خالد الأكبر بن وهب بن ثعلبة بن وايلة ـ بياء مثناة من تحت ـ بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر بن مالك القرشى، أبو أنيس، وقيل أبو الرحمن، وقيل أبو أمية، وقيل أبو سعد

المنذر بن عبد الله الحزامى يرثيه [من الوافر]: أعينى أسكبا غلبت عزائى ... حرارة واهن بطنت حشائى على الضحاك إنى أرى قليلا ... وقد بكى الحمام له بكائى ولا تستبقيا دمعا لشيء ... لعل الدمع يبرد حر دائى 1422 ـ الضحاك بن قيس بن خالد الأكبر بن وهب بن ثعلبة بن وايلة ـ بياء مثناة من تحت ـ بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر بن مالك القرشى، أبو أنيس، وقيل أبو الرحمن، وقيل أبو أمية، وقيل أبو سعد: ولد قبل وفاة النبى صلى الله عليه وسلم بسبع سنين أو نحوها، ولم يسمع من النبى صلى الله عليه وسلم، ولكنه روى عنه، وعن حبيب بن سلمة الفهرى، وعمر بن الخطاب. روى عنه معاوية بن أبى سفيان، وهو أكبر منه، والحسن البصرى، وسعيد بن جبير، وعامر الشعبى، وعروة بن الزبير، وغيرهم. روى له النسائى حديثا واحدا (1) على ما ذكر المزى فى التهذيب، وذكر أنه شهد فتح دمشق، وسكنها إلى حين وفاته، وشهد صفين مع معاوية، وكان على أهل دمشق يومئذ. وذكر الزبير أنه كان على شرط معاوية، وأن معاوية ولاه الكوفة.

_ 1422 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1258، الإصابة ترجمة 4189، أسد الغابة ترجمة 2559، ابن سعد 7/ 410، تاريخ الدورى 2/ 272، تاريخ خليفة 219، 223، 224، 226، 259، 260، طبقات خليفة 127، 185، 301، مسند أحمد 3/ 453، تاريخ البخارى الكبير 4/ 3018، تاريخه الصغير 1/ 108، 113، المعرفة ليعقوب 1/ 312، 363، 2/ 381، 384، 263، 298، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 234، 595، 602، 692، تاريخ الطبرانى 4/ 249، 5/ 12، 49، 71، 98، 135، 298، 300، 304، 308، 309، 314، 323، 327، 504، 530، 535، 537، 538، 541، 6/ 49، 7/ 244، الجرح والتعديل الترجمة 2019، المراسيل 94، المعجم الكبير للطبرانى 8/ 296، جمهرة ابن حزم 178، 197، إكمال ابن ماكولا 7/ 386، أنساب القرشيين 448، 461، معجم البلدان / 203، 2/ 413، 744، 4/ 413، الكامل فى التاريخ 3/ 84، 294، 316، 333، 354، 499، 502، سير أعلام النبلاء 3/ 241، تهذيب الكمال 13/ 279). (1) فى السنن الصغرى، كتاب الجنائز، حديث رقم (1963) من طريق: قتيبة قال: حدثنا الليث عن ابن شهاب عن أبى أمامة أنه قال: السنة فى الصلاة على الجنازة أن يقرأ فى التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافته ثم يكبر ثلاثا والتسليم عند الآخرة أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الليث عن ابن شهاب عن محمد بن سويد الدمشقى الفهرى عن الضحاك بن قيس الدمشقى بنحو ذلك.

1423 ـ ضرار بن الخطاب بن مرداس بن كثير بن عمرو بن حبيب بن عمرو ابن شيبان بن محارب الفهرى

وذكر ابن عبد البر: أن معاوية ولاه الكوفة بعد زياد، يعنى ابن أبيه، سنة ثلاث وخمسين، وعزله سنة سبع وخمسين، وولى مكانه عبد الرحمن بن أم الحكم واستدعى الضحاك إلى الشام، وكان مع معاوية إلى أن مات معاوية، وصلى عليه الضحاك، وقام بخلافته حتى قدم يزيد بن معاوية، فلما مات يزيد دعى الضحاك بالشام لابن الزبير، وبايعه له أكثر أهل الشام، ثم التقى الضحاك ومروان بمرج راهط، فاقتتلوا، فقتل الضحاك. وذكر المدائنى فى كتاب «المكائد» له، قال: لما التقى مروان والضحاك بمرج راهط، اقتتلوا، فقال عبيد الله بن زياد لمروان: إن فرسان قيس مع الضحاك، ولا تنال منه ما تريد إلا بكيد، فأرسل إليه واسأله الموادعة حتى تنظر فى أمرك، على أنك إن رأيت البيعة لابن الزبير بايعت، ففعل. فأجابه الضحاك إلى الموادعة، وأصبح أصحابه وقد وضعوا سلاحهم، وكفوا عن القتال فقال عبيد الله بن زياد لمروان: دونك، فشد مروان ومن معه على عسكر الضحاك، على غفلة وانتشار منهم، فقتلوا من قيس مقتلة عظيمة، وقتل الضحاك يومئذ، قال: فلم يضحك رجال من قيس بعد يوم المرج حتى ماتوا: وقيل إن المكيدة من عبيد الله بن زياد، كايد بها الضحاك، وقال له: مالك والدعاء لابن الزبير، وأنت رجل من قريش، ومعك الخيل وأكثر قيس، فادع لنفسك، فأنت أسن منه وأولى، ففعل الضحاك ذلك، فاختلف عليه الجند، وقاتله مروان فقتله، والله أعلم. قال ابن عبد البر بعد ذكره لهذين الخبرين: وكان يوم المرج حيث قتل الضحاك، للنصف من ذى الحجة سنة أربعة وستين. انتهى. وقال المزى فى ترجمته فى التهذيب: وقتل بمرج راهط من أرض دمشق، فى قتاله لمروان بن الحكم، سنة أربع أو خمس وستين. 1423 ـ ضرار بن الخطاب بن مرداس بن كثير بن عمرو بن حبيب بن عمرو ابن شيبان بن محارب الفهرى: ذكر ابن عبد البر، أنه من مسلمة الفتح، وأنه كان من فرسان قريش وشجعانهم وشعرائهم المطبوعين المجودين، حتى قالوا: إنه فارس قريش وشاعرهم، ولم يكن فى قريش أشعر منه، ومن ابن الزبعرى. انتهى.

_ 1423 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1260، الإصابة ترجمة 4193، أسد الغابة ترجمة 2563، الثقات 3/ 200، تجريد أسماء الصحابة 1/ 271، تاريخ بغداد 1/ 200، التاريخ الصغير 1/ 35، التاريخ 4/ 340، الوافى بالوفيات 16، 363، الأعلام 3/ 215، دائرة معارف الأعلمى 20/ 258، تبصير المنتبه 3/ 1188، جمهرة ابن حزم 169).

وقد اختلف فيه وفى ضرار بن الخطاب، أيهما أشعر؟ فقال محمد بن سلام فيما نقل عنه ابن عبد البر: بمكة شعراء، فأبرعهم شعرا، عبد الله بن الزبعرى. وقال الزبير بن بكار فى ترجمة ابن الزبعرى: فأما شعره وشعر ضرار بن الخطاب، فضرار أشعر وأقل سقطا. قال الزبير: كان ضرار يوم الفجار على بنى محارب بن فهر، قال: وهو أحد الأربعة من قريش، الذين [ظفروا] (1) الخندق يوم الأحزاب، قال: وقال ضرار ابن الخطاب لأبى بكر الصديق رضى الله عنه: نحن كنا خيرا لقريش، منكم، نحن أدخلناهم الجنة، وأنتم أدخلتموهم النار. وشعره وحديثه كثير. انتهى. ومن شعر ضرار بن الخطاب يوم فتح مكة (2) [من الخفيف]: يا نبى الهدى إليك لجا ... حى قريش وأنت خير لجاء حين ضاقت عليهم سعة الأر ... ض وعاداهم إله السماء فالتقت حلقتا البطان على القو ... م ونودوا بالصيلم الصلعاء إن سعدا يريد قاصمة الظه ... ر بأهل الحجون والبطحاء خزرجى لو يستطيع من الغي ... ظ رمانا بالنسر والعواء واغر الصدر لا يهم بشيء ... غير سفك الدما وسبى النساء قد تلظى على البطاح وجاءت ... عنه هند بالسوءة السواء إذ ينادى بذل حى قريش ... وابن حرب بدا من الشهداء فلئن أفحم اللقاء ونادى ... يا حماة اللواء أهل اللواء ثم ثابت إليه من بهم الخز ... رج والأوس أنجم الهيجاء لتكونن بالبطاح قريش ... فقعة القاع فى أكف الإماء فانهينه فإنه أسد الأس ... د لذى الغاب والغ فى الدماء إنه مطرق يدير لنا الأم ... ر سكوتا كالحية الصماء فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن عبادة، فنزع اللواء من يده، فجعله بيد قيس ابنه، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اللواء لم يخرج عنه، إذ صار إلى ابنه، وأبى سعد أن يسلم اللواء إلا بأمارة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعمامته، قال: فعرفها سعد، فدفع اللواء إلى ابنه قيس. هكذا ذكر يحيى بن سعيد الأموى فى السير، ولم يذكر ابن إسحاق هذا الشعر، ولا ساق هذا الخبر.

_ (1) هكذا بالأصل بالظاء. (2) الأبيات فى الاستيعاب ترجمة 1260.

وقد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمر عليّا رضى الله عنه أعط الراية الزبير إذ نزعها من سعد. وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عليّا رضى الله عنه بأخذ الراية، فأخذها فذهب بها حتى دخل مكة، فغرزها عند الركن. انتهى. وذكر [ .... ] (3) أن ضرار بن الخطاب، شهد فتح دمشق. وذكر الزبير: أن أباه الخطاب كان المرباع. * * *

_ (3) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

حرف الطاء

حرف الطاء من اسمه طارق 1424 ـ طارق بن طارق المكى: يروى عن ابن عجلان. 1425 ـ طارق بن عمرو الأموى المكى: قاضى مكة، ويقال قاضى المدينة. مولى عثمان بن عفان. سمع من جابر بن عبد الله (1) حديث «العمرى للوارث» (2). وروى عنه حميد بن قيس الأعرج، وحكى عنه سليمان بن يسار وغيره. قال أبو زرعة: ثقة. وذكر محمد بن سعد عن الواقدى: أن عبد الملك بن مروان، ولى طارق بن عمرو المدينة، فى سنة ثلاث وسبعين، فوليها خمسة أشهر. وذكر خليفة: أن طارقا غلب على المدينة فى آخر سنة اثنتين وسبعين بالحجاج بن يوسف. كتبت هذه الترجمة من التهذيب.

_ 1425 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ خليفة 68، 293، 296، تاريخ البخارى الصغير 1/ 14، المعرفة ليعقوب 1/ 226، 472، 227 3/ 404 الجرح والتعديل الترجمة 2138، الكامل فى التاريخ 4/ 341، 347، 350، 355، 356، 365، الكاشف 2/ 2476، تهذيب التهذيب 2/ 101 إكمال مغلطاى 2/ 206، نهاية السول 151، التهذيب 5/ 5، التقريب التهذيب 1/ 376، خلاصة الخزرجى 2/ 3175، تهذيب الكمال 13/ 348). (1) روايته عن جابر أخرجها له النسائى، كتاب البيوع، حديث رقم (3087) من طريق: عثمان بن أبى شيبة حدثنا معاوية بن هشام حدثنا سفيان عن حبيب، يعنى ابن أبى ثابت عن حميد الأعرج عن طارق المكى عن جابر بن عبد الله قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى امرأة من الأنصار أعطاها ابنها حديقة من نخل فماتت فقال ابنها: إنما أعطيتها حياتها وله إخوة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هى لها حياتها وموتها. قال: كنت تصدقت بها عليها قال ذلك أبعد لك. (2) حديث العمرى للوارث، أخرجه مسلم فى صحيحه، فى كتاب الهبات، حديث رقم (3070)، وأخرجه النسائى فى الصغرى، كتاب الرقبى، حديث رقم (3656، 3658، 3659)، أخرجه ابن ماجة فى سننه، كتاب الأحكام، حديث رقم (2372).

1426 ـ طارق بن المرتفع بن الحارث بن عبد مناة

وقد نعته ابن عساكر فى الأطراف بقاضى مكة. ورأيت فى نسخة من الكمال: طالب، قاضى مكة. روى عن جابر، وعنه حميد الأعرج. والظاهر والله أعلم أنه المذكور، وأن تسميته بطالب وهم. 1426 ـ طارق بن المرتفع بن الحارث بن عبد مناة: أمير مكة، قال الفاكهى: وكان من ولاة مكة، طارق بن المرتفع بن الحارث بن عبد مناة، وليها لعمر بن الخطاب رضى الله عنه. حدثنا محمد بن أبى عمر قال: حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: كان طارق بن المرتفع، عاملا لعمر بن الخطاب رضى الله عن على مكة، فأعتق سوائب، ومات بعد السوائب، فرفع إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فكتب بدفع ميراثهم إلى ورثته، فأبوا أن يقبلوه، فأمر عمر بميراثه أن يوضع فى مثلهم. انتهى. 1427 ـ طارق بن موسى بن يعيش بن الحسين بن على بن هشام المخزومى البلنسى، أبو محمد، وأبو الحسن، المعروف بالمنصفى: رحل قبل العشرين وخمسمائة، فأدى الفريضة، وجاور بمكة، وسمع بها من أبى عبد الله الحسين بن على الطبرى وغيره، وسمع بالإسكندرية من أبى الحسن بن مشرف والرازى والطرطوشى والسلفى وغيرهم، ثم رحل إلى بلده، وحدث وأخذ عنه الناس، ثم رحل ثانية إلى المشرق وقد نيف على السبعين، وأقام بمكة مجاورا إلى أن توفى فيها عن سن عالية، سنة سبع وأربعين وخمسمائة، وكان ثقة صالحا، ذكره ابن الأبار فى التكملة. ومنها اختصرت هذه الترجمة. قلت: قوله: رحل قبل العشرين وخمسمائة، عبارة غير سديدة، لأنها تصدق على القرب والبعد، بل توهم القرب، بدليل قوله: إنه سمع من السلفى بالإسكندرية، وهو إنما كان بها بعد الخمسمائة بسنين، فسماع المذكور من الطبرى، إنما يصح إذا كان رحل قبل الخمسمائة، لأن الطبرى توفى سنة ثمان وتسعين وأربعمائة. 1428 ـ طاشتكين بن عبد الله المقتفوى مجير الدين: أمير الحرمين والحاج، حج بالناس ستّا وعشرين حجة، وكان يسير فى طريق الحج مثل الملوك، وكان الوزير ابن يونس يؤذنه، فقال للخليفة: إنه يكاتب صلاح الدين، وزور عليه كتابا فحبسه مدة، ثم تبين له أنه برئ من ذلك، فأطلقه وأعطاه خوزستان،

_ 1426 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 3/ 513).

1429 ـ طاوس بن كيسان الحميرى، مولاهم ـ قاله الواقدى ـ وقيل الهمدانى ـ قاله أبو نعيم وغيره ـ اليمانى الجندى ثم المكى، أبو عبد الرحمن

وكان الحلة إقطاعه. وكان شجاعا جوادا سمحا قليل الكلام، يمضى عليه الأسبوع ولا يتكلم، استغاث إليه يوم رجل فلم يكلمه، فقال له الرجل: الله كلم موسى، قال: وأنت موسى! فقال الرجل: وأنت الله! فقضى حاجته. وكان حليما، التقاه رجل فاستغاث إليه من نوابه، فلم يجبه، فقال له الرجل: أحمار أنت؟ فقال طاشتكين: لا. وقام يوما إلى الوضوء، فحل حياصته، وكانت الحياصة تساوى خمسمائة دينار فسرقها الفراش، وهو يشاهده، فلما خرج، طلبها فلم يجدها، فقال أستاذ داره: اجمعوا الفراشين، وأحضروا المعاصير، فقال له طاشتكين: لا تضرب أحدا، فالذى ما يردها، والذى رآه ما يغمز عليه. فلما كان بعد مدة، رأى على الفراش الذى سرق الحياصة ثيابا جميلة، وبزة ظاهرة فاستدعاه سرّا، وقال له: بحياتى هذه من ذلك، فخجل. فقال: لا بأس عليك، فاعترف فلم يعارضه. وكان قد استأجر أرضا وقفا ثلاثمائة سنة، ليعمرها دارا، وكان ببغداد محدث فى الحلق، يقال له: قبيح المحدث، فقال: يا أصحابنا، نهنيكم، مات ملك الموت، قالوا له: وكيف؟ قال طاشتكين: عمره مقدار تسعين سنة، وقد استأجر أرضا ثلاثمائة سنة، فلولا يعلم أن ملك الموت قد مات، ما فعل هذا، فتضاحك الناس. توفى طاشتكين فى سنة اثنتين وستمائة بتستر، وحمل فى تابوت إلى مشهد على بن أبى طالب رضى الله عنه، فدفن فيه، لأنه أوصى بذلك. كتبت هذه الترجمة مختصرة من ذيل الروضتين لأبى شامة. وقد أرخ وفاته هكذا جماعة، منهم بيبرس الدوادار فى تاريخه وترجمه بأمير الحرمين، والحاج مجير الدين. 1429 ـ طاوس بن كيسان الحميرى، مولاهم ـ قاله الواقدى ـ وقيل الهمدانى ـ قاله أبو نعيم وغيره ـ اليمانى الجندى ثم المكى، أبو عبد الرحمن: أحد الأئمة الأعلام، سمع عبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن

_ 1429 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 537، مصنف ابن أبى شيبة 3/ 15782، تاريخ الدورى 2/ 275، الدارمى 358، تاريخ خليفة 336، طبقات خليفة 287، علل ابن المدينى 44/ 47، 73، 75، علل أحمد 1/ 19 / 24، 46، 47، 57، 63، 74، 82، 92، 103، 163، 285، 296، 341، 342، 357، 362، 377، 394، 405، 412، تاريخ البخارى الكبير 4/ 3165، تاريخ البخارى الصغير 1/ 242، 252، تهذيب الكمال 13/ 357).

1430 ـ طاهر بن بشير

عمر، وأبا هريرة، وزيد بن ثابت، وزيد بن أرقم، وجابرا، وعائشة، رضى الله عنهم، وغيرهم. روى عنه: ابنه عبد الله، ومجاهد، وعمرو بن دينار، والزهرى، وأبو الزبير المكى، وخلق. روى له الجماعة. وقال عطاء عن ابن عباس رضى الله عنهما: إنى لأظن طاوسا من أهل الجنة. وقال حبيب بن الشهيد: كنت عند عمرو بن دينار، فذكر طاوسا، فقال: ما رأيت أحدا مثل طاوس. قال ابن حبان: كان من عباد أهل اليمن، من سادات التابعين، حج أربعين حجة، وكان مستجاب الدعوة فيما قيل. وقد ذكره ابن عبد البر فى فقهاء مكة من أصحاب ابن عباس، وقال: كان فاضلا ورعا فقيها دينا، يخلو بابن عباس منفردا، سوى مجلس العام معه. انتهى. توفى سنة ست ومائة على ما ذكر ابن حبان. وكذا ذكر الذهبى فى الكاشف والعبر وزاد فيها فقال: فى ذى الحجة. وقال: أحد الأعلام علما وعملا. وقال: وقيل اسمه ذكوان، ولقبه طاوس. وقال ابن معين: لأنه كان طاوس القراء. 1430 ـ طاهر بن بشير: قاضى الحرم الشريف، كذا وجدته بخطه فى مكتوبين ثبتا عليه، فى شهر رمضان سنة سبع وسبعين وخمسمائة، وعرف نفسه فيهما: بقاضى الحرم الشريف. وما عرفت من حاله سوى هذا. 1431 ـ طاهر بن محمد بن طاهر بن سعيد، الفقيه أبو المظفر البروجردى: قاضى مكة، ذكره السبكى فى طبقاته فقال: تفقه على الشيخ أبى إسحاق الشيرازى، وسمع من ابن هزار مرد، وابن النقور وغيرهما. ثم انتقل إلى مكة وسكنها وولى قضاءها، وأقام بها إلى حين وفاته، ومولده سنة تسع وثلاثين وأربعمائة ببروجرد (1). وذكر أبو المظفر محمد بن على بن الحسين الطبرى المكى «طاهرا» هذا، وقال: أقام

_ (1) بروجرد: بالفتح ثم الضم ثم السكون، وكسر الجيم، وسكون الراء، ودال، بلدة بين همذان وبين الكرج، بينها وبين همذان ثمانية عشر فرسخا وبينها وبين الكرج عشرة فراسخ، وبروجرد بينهما. انظر: معجم البلدان (بروجرد).

1432 ـ طاهر بن يحيى بن أبى الخير العمرانى اليمانى

بمكة مدة، ثم رحل عنها قاصدا إلى العراق، فمات فى الطريق سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، وذكر أنه كان فاضلا عالما بالحديث والأدب والنحو والشعر. وذكره الذهبى فى تاريخ الإسلام، قال: جاور بمكة، وحدث عن أبى القاسم بن السرى، وعنه أبو موسى المدينى، توفى ظنّا سنة ست وعشرين وخمسمائة. وذكره أبو القاسم بن عساكر فى معجمه، وذكر أنه جاور بمكة سنين. 1432 ـ طاهر بن يحيى بن أبى الخير العمرانى اليمانى: فقيه اليمن، وابن فقيه اليمن، كان فصيح العبارة جامعا لفنون العلم، تفقه بأبيه، وخلفه فى حلقته، وجاور بمكة لما وقعت فتنة ابن مهدى باليمن، وسمع بها من أبى على الحسن بن على البطليوسى، وأبى جعفر الميانشى، وعبد الدائم العسقلانى. ثم توجه إلى اليمن، فظفر به ابن مهدى قبل دخوله زبيد، فأحضره وأحضر القاضى محمد بن أبى بكر المدحدح وكان حنفيا، فتناظرا بين يديه مرارا، فقطعه طاهر وولاه فضلان وذى جبلة فى سنة سبع وستين وخمسمائة، ودام إلى بعض أيام شمس الدولة. وله مصنفات حسنة، وكلام جيد متين، يشعر بغزارة فى الفضل. وولد سنة ثمان عشرة وخمسمائة، ومات سنة سبع وثمانين وخمسمائة. كتبت هذه الترجمة من طبقات السبكى مختصرة. وذكر أن العفيف المطرى، أفادها له عن تاريخ اليمن للقطب القسطلانى. 1433 ـ طغتكين بن أيوب بن شاذى، الملك العزيز سيف الإسلام، صاحب اليمن ومكة: كان أخوه السلطان صلاح الدين جهزه إلى اليمن فى سنة ثمان وسبعين، وقيل فى سنة تسع وسبعين وخمسمائة، فتسلمها من نواب أخيه المعظم توران شاه. وكان توران شاه قد ملكها فى سنة ثمان وستين، وقيل المتغلب عليها عبد النبى بن المهدى، المتلقب بالمهدى الزنديق. وذكر صاحب الروضتين، نقلا عن ابن القادسى عن الحجاج، فى سنة إحدى وثمانين وخمسمائة: فيها قدم سيف الإسلام طغتكين مكة، فاستولى عليها وخطب بها لأخيه صلاح الدين، وضرب الدراهم والدنانير باسم أخيه، وقتل جماعة من العبيد، كانوا يؤذون الناس، وشرط على العبيد أن لا يؤذوا الحاج، ومنع من الأذان بحى على خير العمل.

1434 ـ طغتكين بن عبد الله الكاملى

وذكر ابن البزورى فى ذيل المنتظم لابن الجوزى، نقلا عن الحجاج فى السنة المذكورة، ما يوافق ما سبق فى استيلاء سيف الإسلام طغتكين على مكة، وضربه الدراهم والدنانير باسم أخيه، وأنه خطب لأخيه بمكة. وذكر صاحب المرآة: أن سيف الإسلام طغتكين، قتل جماعة من العبيد كانوا يؤذون الناس، وأن أمير مكة طلع إلى أبى قبيس، وأغلق باب البيت، وأخذ المفتاح معه، فأرسل سيف الإسلام يطلبه منه، فامتنع من إرساله، ثم إنه أرسل إليه بعد أن وعظه، وذكر أن ذلك فى سنة اثنتين وثمانين، وأظنه وهم فى ذلك، فإن الكل حادثة واحدة، والله أعلم. وعاد سيف الإسلام إلى اليمن، وتم بها مستوليا عليها حتى مات فى شوال سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة بالمنصورة من مدرسة أنشأها بقرب الدملوة (1) باليمن. كذا أرخ وفاته المنذرى، وذكر أنه سمع من الحافظ السلفى بالإسكندرية. وكذا أرخ وفاته الذهبى وقال: كان شجاعا سائسا فيه ظلم. انتهى. ورأيت اسمه مكتوبا على باب زبيد المعروف بباب القرتب، بسبب عمارته له، وترجم فى الكتابة بسبب ذلك: بسلطان الحرمين والهند واليمن. وملك بعده اليمن، ابنه الملك المعز إسماعيل، فسفك الدماء وظلم وعسف، وادعى أنه قرشى أموى، ويقال إنه ادعى النبوة، ولم تصح، مات سنة ثمان وتسعين وخمسمائة مقتولا، وولى بعده أخ له صبى يقال له الناصر أيوب. 1434 ـ طغتكين بن عبد الله الكاملى: أمير مكة، وجدت فى تاريخ لبعض العصريين، أن طغتكين أنفق فى أهل مكة نفقة جيدة، وحلفهم ووثق منهم، لما ولى راجح بن قتادة، وابن عبدان الاستيلاء على مكة، بإنفاذ الملك المنصور صاحب اليمن إلى مكة، فى سنة تسع وعشرين وستمائة فراسل راجح بن قتادة أهل مكة، فمال رؤساءهم إليه، فلما أحس بذلك طغتكين، خاف على نفسه، فخرج هاربا فيمن معه، وكان معه مائتا فارس، وقصد نخلة، وتوجه منها إلى ينبع، وكان بها رتبة الملك الكامل وزردخانة وغله، وعرف الملك الكامل الخبر، فجهز عسكرا كثيفا، وقدم عليهم الأمير فخر الدين ابن الشيخ، فوصلوا مكة وحاصروا راجحا وابن عبدان وقاتلوهم فقتل ابن عبدان، وانكسر أهل مكة، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وأظهر طغتكين حقده عليهم، ونهب مكة ثلاثة أيام، وأخاف أهلها خوفا شديدا.

_ (1) الدّملوة: بضم أوله، وسكون ثانيه، وضم اللام، وفتح الواو، حصن عظيم باليمن كان يسكنه آل زريع المتغلبون على تلك النواحى. انظر: معجم البلدان (الدملوة).

1435 ـ الطفيل بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى المطلبى

فلما علم الملك بما فعل، غضب عليه وعزله، واستدعاه إلى مصر، وأرسل إلى مكة أميرا غيره، يقال له ابن مجلى، فوصل إلى مكة فى سنة ثلاثين. انتهى. وهذا لا يدل على أن طغتكين لم يكن أميرا بمكة فى سنة ثلاثين وستمائة، لأنه كان أميرا بها فى أولها، إلى أن أخرجه منها راجح بن قتادة فى سنة ثلاثين، كما سبق فى ترجمة راجح، ولا يكون بين إرسال ابن مجلى إلى مكة فى السنة المذكورة، وبين ولاية طغتكين على مكة فى السنة المذكورة منافاة. والله أعلم. وذكر ابن محفوظ، ما يوهم أن أمير مكة من قبل الكامل، الذى أخرجه عسكر صاحب اليمن وأخرجهم هو منها فى سنة تسع وعشرين وستمائة، غير طغتكين، لأنه قال: سنة تسع وعشرين وستمائة، جهز الملك المنصور جيشا إلى مكة وراجح معه، وكان فيها أميرا للملك الكامل يسمى شجاع الدين الدغدكينى، فخرج هاربا إلى نخلة وتوجه منها إلى ينبع، وكان الملك الكامل وجه إليه بجيش، ثم جاء إلى مكة فى رمضان، فأخذها من نواب الملك المنصور، وقتل من أهل مكة ناسا كثيرا على الدرب، وكانت الكسرة على من بمكة. انتهى. وهذا الذى ذكره ابن محفوظ فى تسمية أمير مكة للكامل فى هذا التاريخ وهم، لتفرده فيما علمت، والقصة واحدة، والصواب أنه طغتكين، فقد سماه طغتكين غير واحد. والله أعلم. 1435 ـ الطفيل بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى المطلبى: شهد بدرا مع أخويه: عبيدة والحصين، فقتل عبيدة، وشهد الطفيل والحصين أحدا وسائر المشاهد، مع النبى صلى الله عليه وسلم، وماتا معا فى سنة ثلاث وثلاثين، وقيل سنة إحدى وثلاثين، وقيل سنة اثنتين وثلاثين، فى عام واحد. ومات الطفيل، ثم تلاه الحصين بأربعة أشهر. ذكر ابن عبد البر معنى هذا. وذكر الزبير بن بكار شهودهم بدرا، وشهود الطفيل والحصين سائر المشاهد، مع

_ 1435 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1280، الإصابة ترجمة 4266، أسد الغابة ترجمة 2608، الثقات 3/ 202، البداية والنهاية 7/ 156، تجريد أسماء الصحابة 1/ 276، أصحاب بدر 77، الأعلام 3/ 227، الجرح والتعديل 4/ 2147، تنقيح المقال 7924، دائرة الأعلمى 20/ 299).

من اسمه طلحة

النبى صلى الله عليه وسلم، وأنهما ماتا فى سنة اثنتين وثلاثين، وأن الطفيل مات قبل الحصين بأشهر، وهو ابن سبعين سنة. * * * من اسمه طلحة 1436 ـ طلحة بن جعفر بن محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن على بن عبد الله بن عباس، أبو أحمد المعروف بالموفق بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدى بن المنصور: أمير الحرمين، عقد له عليهما أخوه المعتمد فى صفر سنة سبع وخمسين ومائتين، كما ذكر ابن جرير الطبرى، وذكر أنه عقد له مع ذلك على طريق مكة والكوفة واليمن، ثم عقد له فى رمضان على بغداد والسواد وواسط، وكور دجلة والبصرة والأهواز وفارس، وذكر أن فى ربيع الأول سنة ثمان وستين، عقد له أخوه المعتمد أيضا على ديار مصر وقنسرين والعواصم. انتهى. ثم خلعه أخوه المعتمد ولى عهده، ومن ذلك فكان المعتمد مقهورا مع الموفق. قال الذهبى: وكان ملكا مطاعا وبطلا شجاعا ذا بأس وأيد ورأى وحزم، حارب الزنج حتى أبادهم وقتل طاغيتهم، وكان جميع أمر الجيوش إليه، وكان محببا إلى الخلق، وكان بعض الأعيان يشبه الموفق بالمنصور، فى حزمه ودهائه ورأيه، وجميع الخلفاء من بعد المعتمد إلى اليوم من ذريته. توفى فى صفر سنة ثمان وسبعين ومائتين، وله تسع وأربعون سنة، وكان اعتراه نقرس برح به، وأصاب رجله داء الفيل. انتهى. 1437 ـ طلحة بن داود الحضرمى: أمير مكة، ذكر ابن جرير الطبرى: أن سليمان بن عبد الملك ولاه مكة، بعد عزله خالد بن عبد الله القسرى عنها، فى سنة ست وتسعين من الهجرة. ثم عزله عنها فى سنة سبع وتسعين بعبد العزبز بن عبد الله بن خالد بن أسد الأموى الآتى ذكره. وذكر أيضا أن سليمان بن عبد الملك عزله عن مكة فى سنة ست وتسعين بعبد العزيز المذكور. وهذا مخالف للأول، والله أعلم بالصواب.

_ 1436 ـ انظر ترجمته فى: (الكامل: حوادث سنة 278 هـ‍، الطبرى 8/ 158، تاريخ بغداد 2/ 127، النجوم الزاهرة 3/ 79. الأعلام 229/ 3). 1437 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 3/ 527).

1438 ـ طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن كعب بن لؤى بن غالب التيمى، أبو محمد

1438 ـ طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن كعب بن لؤى بن غالب التيمى، أبو محمد: أحد العشرة الذين شهد لهم النبى صلى الله عليه وسلم بالجنة، وتوفى وهو عنهم راض. وقال: «من سره أن ينظر إلى شهيد يمشى على وجه الأرض، فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله» (1). وكان إسلامه على يد الصديق، وهاجر فى الأولين، وشهد المشاهد كلها مع النبىصلى الله عليه وسلم، ما خلا بدرا، فإنه غاب عنها لما بعثه النبى صلى الله عليه وسلم، مع سعيد بن زيد، يطلب خبر قريش، لكن ضرب النبى صلى الله عليه وسلم له بسهمه وأجره. ووقى النبى صلى الله عليه وسلم يوم أحد، واتقى عنه النبل بيده حتى شلت، وضرب فى رأسه، وحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ظهره حتى استقل على الصخرة، وكان على النبى صلى الله عليه وسلم درعان. واستشهد يوم الجمل، فى جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، وقيل غير ذلك، فى تاريخ الوقعة، وهو ابن نيف وستين، وقيل ابن ثمان وخمسين، وقيل ابن خمس وسبعين. وكان موته من سهم رمى به، فلم يزل ينزف دمه حتى مات، رماه مروان بن الحكم، وكان فى حزبه، ودفن بالبصرة عند قنطرة، ثم نقل إلى دار بالبصرة، لأنه شكا نزّ الماء، ووجد طريّا لم يتغير. وكان جوادا، وكان يقال له طلحة الخير، وطلحة الجواد، وطلحة الفياض، سماه بذلك النبى صلى الله عليه وسلم لجوده، وكان آدم حسن الوجه كثير الشعر، ليس بالجعد القطط ولا بالسبط، وكان لا يغير شيبة، وكان كثير المال.

_ 1438 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1289، الإصابة ترجمة 4285، أسد الغابة ترجمة 2626، الثقات 3/ 204، تجريد أسماء الصحابة 1/ 277، طبقات ابن سعد 3/ 214، 225، مصنف ابن أبى شيبة 13/ 15781، تاريخ الدورى 2/ 278، علل ابن المدينى 49، 54، 96، تاريخ خليفة 63، 180 ـ 1896 طبقاته 180، 189، مسند أحمد 1/ 160، فضائل الصحابة 2/ 743، علل أحمد 69، 72، 102، 224، 267، 283، 290، 269، تاريخ البخارى الكبير 4/ 3069، تاريخه الصغير 1/ 96، 75، 78، 83، 84، 88، 169، ثقات العجلى 26، أنساب القرشيين 281270، 284، 285، 294، 337، 453، معجم البلدان 1/ 430، 4/ 55، 465، 783، تهذيب النووى 1/ 251، سير أعلام النبلاء 1/ 23، الكاشف الترجمة 2926، تهذيب الكمال 13/ 412). (1) أخرجه الترمذى فى سننه حديث رقم (3739) مم طريق: قتيبة، حدثنا صالح بن موسى الطلحى من ولد طلحة بن عبيد الله، عن الصلت بن دينار، عن أبى نضرة، قال: قال جابر بن عبد الله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من سره أن ينظر إلى شهيد ..... ». فذكر الحديث. وقال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الصلت وقد تكلم بعض أهل العلم فى الصلت بن دينار وفى صالح بن موسى من قبل حفظهما.

1439 ـ طلحة بن عبيد الله بن مسافع بن عياض بن صخر بن عامر بن كعب ابن تيم بن مرة التيمى

قال الذهبى فى سير النبلاء: وروى ابن سعد، قال: قومت أصول طلحة وعقاره، بثلاثين ألف ألف درهم. قال: قال ابن الجوزى: خلف طلحة ثلاثمائة حمل ذهبا. 1439 ـ طلحة بن عبيد الله بن مسافع بن عياض بن صخر بن عامر بن كعب ابن تيم بن مرة التيمى: ذكره هكذا الذهبى فى التجريد، وقال: وكان يسمى طلحة الجواد، فأشكل على الناس، وهو الذى نزل فيه: (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) [الأحزاب: 53] الآية. قال: لئن مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأتزوجنّ عائشة. وهو صحابى، أخرجه «س» فقط، وعزاه لابن شاهين، وأشار الذهبى بذلك إلى أبى موسى المدينى. 1440 ـ طلحة بن عمرو الحضرمى المكى: روى عن سعيد بن جبير، وعطاء بن أبى رباح، وأبى الزبير المكى، وجماعة. وروى عنه وكيع، وعبيد الله بن يونس وجعفر بن عون، وأبو عاصم، وأبو نعيم، وأبو داود الطيالسى، وخلق. روى له ابن ماجة (1). قال أحمد: لا شئ، متروك. وقال ابن سفيان وأبو داود:

_ 1440 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 494، تاريخ الدورى 2/ 278، ابن الجنيد 11، ابن محرز الترجمة 42، 559، ابن طهمان الترجمة 127، تاريخ خليفة 426، طبقاته 283، علل أحمد 1/ 44، 135، تاريخ البخارى الكبير 4/ 3104، تاريخه الصغير 2/ 101، 113، ضعفاؤه الصغير 176، المعرفة ليعقوب 3/ 40، 52، ضعفاء النسائى الترجمة 315، ضعفاء العقيلى 98، الجرح والتعديل 4/ 2097، الكامل لابن عدى الورقة 106، كشف الأستار رقم 1978، الكامل فى التاريخ 5/ 608، الكاشف الترجمة 2498، تهذيب التهذيب 5/ 23، تهذيب الكمال 13/ 427). (1) ثلاثة أحاديث: الأول: فى كتاب إقامة الصلاة، حديث رقم (847) من طريق: العباس بن الوليد الخلال الدمشقى حدثنا مروان بن محمد وأبو مسهر قالا: حدثنا خالد بن يزيد بن صالح بن صبيح المرى حدثنا طلحة بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على آمين فأكثروا من قول آمين. الثانى: فى كتاب النكاح، حديث رقم (1853) من طريق: يعقوب بن حميد بن كاسب حدثنا عبد الله بن الحارث المخزومى عن طلحة عن عطاء عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انكحوا فإنى مكاثر بكم. ـ

1441 ـ طلحة بن مالك الخزاعى، وقيل السلمى

ضعيف. قال: أبو داود عن عبد الرزاق: سمعت معمرا يقول: اجتمعت أنا وشعبة وابن جريج والثورى، فقدم علينا شيخ، فأملى علينا أربعة آلاف حديث عن ظهر قلب، فما أخطأ إلا فى موضعين، لم يكن الخطأ منا ولا منه، إنما كان من فوق، فإذا جن الليل ختمنا الكتاب، فجعلناه تحت رءوسنا، وكان الكاتب شعبة ونحن ننظر فى الكتاب، وكان الرجل طلحة بن عمرو. قال يحيى بن بكير: مات سنة اثنتين وخمسين ومائة. 1441 ـ طلحة بن مالك الخزاعى، وقيل السلمى: نزل البصرة، وله حديث، روته عنه مولاته أم الحرير، ذكره هكذا الذهبى، وذكره ابن عبد البر، وقال: السلمى، ولم يقل الخزاعى، وقال: روى عن النبى صلى الله عليه وسلم: «إن من اقتراب الساعة هلاك العرب». وأسنده إلى مولاته أم الحرير. 1442 ـ طلحة بن نافع القرشى، مولاهم، أبو سفيان الواسطى ويقال المكى، الإسكاف: روى عن عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، والحسن البصرى، وعبيد بن عمير.

_ ـ الثالث: فى كتاب الوصايا، حديث رقم (2700) من طريق: على بن محمد حدثنا وكيع عن طلحة بن عمرو عن عطاء عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم فى أعمالكم. 1441 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1292، الإصابة ترجمة 4292، أسد الغابة ترجمة 2632، تهذيب التهذيب 5/ 25، تقريب التهذيب 1/ 379، تجريد أسماء الصحابة 1/ 278، تهذيب الكمال 2/ 631، الكاشف 2/ 45، تلقيح فهوم أهل الأثر 381، الوافى بالوفيات 16، 478، الثقات 3/ 204، المشتبه 151، بقى بن مخلد 689، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 3072، المعرفة ليعقوب 1/ 276، الجرح والتعديل الترجمة 2075، نهاية السول 152، خلاصة الخزرجى 2/ 3201). 1442 ـ انظر ترجمته فى: (المصنف لابن أبى شيبة 13/ 15782، تاريخ الدورى 2/ 279، ابن طهمان الترجمة 319، طبقات خليفة 155، علل أحمد 1/ 162، سؤالات ابن أبى شيبة لابن المدينى الترجمة 197، تاريخ البخارى الكبير 4/ 3079، الجامع للترمذى 4/ 330، الكامل لابن عدى 2/ 108، الجمع لابن القيسرانى 1/ 232، ضعفاء ابن الجوزى 80، سير أعلام النبلاء 5/ 293، الكاشف 2/ 2501، المغنى 1/ 2960، معرفة التابعين 22، نهاية السول 152، تهذيب التهذيب 5/ 26، تهذيب الكمال 13/ 438).

1443 ـ طليب بن الأزهر بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب القرشى الزهرى

روى عنه الأعمش، وجعفر بن أبى وحشية، والحجاج بن أرطاة، وابن إسحاق، وجماعة. روى له الجماعة، إلا البخارى قرنه بغيره. قال أحمد: ليس به بأس. وكذا قال النسائى وابن عدى. وقال ابن أبى خيثمة، عن ابن معين: لا شئ. انتهى. ولم يذكر صاحب الكمال والذهبى وفاته، ووجدت بخط الإمام تاج الدين أحمد بن عبد القادر بن مكتوم الحنفى فى حاشية الكمال، فى آخر ترجمته: قال ابن سعد: توفى سنة أربع وعشرين ومائة. انتهى. 1443 ـ طليب بن الأزهر بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب القرشى الزهرى: قال الزبير بن بكار: ومن ولد الأزهر بن عبد عوف: المطلب وطليب، كانا من مهاجرة الحبشة وماتا بها. وذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب بمعنى ما ذكره الزبير، قال: وهما أخوا عبد الرحمن بن أزهر. وذكر ابن قدامة: أنه ابن عم عبد الرحمن بن عوف. 1444 ـ طليب بن عمير بن وهب بن أبى كبير (1) بن عبد بن قصى بن كلاب القرشى العبدرى، يكنى أبا عدى: هكذا ذكر نسبه وكنيته ابن عبد البر فى الاستيعاب. وذكر الزبير بن بكار فى نسبه ما يخالف ذلك، لأنه قال فى غير موضع من كتابه النسب: طليب بن عمير بن وهب بن عبد بن قصى. انتهى. ولا يقال: لعله سقط فى نسبه «ابن أبى كبير» بين وهب وعبد، لأنه قال: وولد عبد ابن قصى: وهب بن عبد قصى، وميهب بن عبد، وهو أبو كبير الذى يعرف به الوادى، الذى يعرف بوادى أبى كبير، يصب على قصر على بن عمر بن حسن بالشجرة. ثم قال: وبجير بن عبد. انتهى.

_ 1443 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1297، الإصابة ترجمة 4304، أسد الغابة ترجمة 2638). 1444 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1299، الإصابة ترجمة 4307، أسد الغابة ترجمة 2640). (1) فى الاستيعاب: «ابن أبى كثير».

1445 ـ طليق بن سفيان بن أمية الأموى، أبو حكيم

وهذا يدل على أن أبا كثير ميهب بن عبد، غير وهب بن عبد، جد طليب بن عمير ابن وهب. وذكر أن طليبا من المهاجرين الأولين، شهد بدرا مع النبى صلى الله عليه وسلم، وقتل بأجنادين شهيدا، وهو أول من دمى مشركا فى رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمع مشركا يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ لحى جمل فضربه به فشجه، فقيل لأمه: ألا ترين ما صنع ابنك؟ . وأخبرت الخبر فقالت [من الرجز]: إن طليبا نصر ابن خاله ... آساه فى ذى دمه وماله وذكر أن أمه أروى بنت عبد المطلب بن هاشم، عمة النبى صلى الله عليه وسلم. انتهى. وذكر الزبير هذه القصة فى موضع آخر من كتابه، وذكر أن الذى ضربه طليب: عوف بن صبيرة السهمى، وأنه لا عقب لطليب. وذكر ابن عبد البر: أنه هاجر إلى الحبشة، ثم شهد بدرا، فى قول ابن إسحاق والواقدى. وقد سقط فى بعض الروايات عن ابن إسحاق، قال: وكان من خيار الصحابة. وذكر أن الواقدى قال: حدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى، عن أبيه، قال: أسلم طليب بن عمير فى دار الأرقم. انتهى. يعنى الدار المعروفة بدار الخيزران عند الصفا بمكة. وقيل إن اسم والد طليب: عمرو، حكاه الذهبى والكاشغرى. 1445 ـ طليق بن سفيان بن أمية الأموى، أبو حكيم: ذكر ابن عبد البر: أنه مذكور فى المؤلفة، هو وابنه حكيم، وذكر أنه لا يعرفه بغير ذلك. 1446 ـ ألطنبغا: أمير مكة، وجدت بخط الميورقى، أن فى سنة سبع وعشرين وستمائة، جاء أمير مكة إلى الطائف، وهو ألطنبغا، فاستفدنا من هذا إمرته على مكة فى هذا التاريخ. 1447 ـ طهمان، مولى سعيد بن العاص: حديثه عند إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن أبيه عن جده، أن غلاما لهم يقال له طهمان، أعتقوا نصفه. وذكر الحديث مرفوعا.

_ 1445 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1310، الإصابة ترجمة 4312، أسد الغابة ترجمة 2644). 1447 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1305، الإصابة ترجمة 4317، أسد الغابة ترجمة 2648).

1448 ـ طيبغا بن عبد الله المعروف بالطويل

1448 ـ طيبغا بن عبد الله المعروف بالطويل: صاحب المطهرة بأسفل مكة، فى جهة الشبيكة، بقرب باب العمرة، كان شريكا للأمير يلبغا الخاصكى فى تدبير المملكة بالديار المصرية فى الباطن، ثم وقع بينهما فتحاربا، فغلب يلبغا، واعتقل طيبغا بالإسكندرية، ثم أطلق وولى نيابة حماة، ثم ولى نيابة حلب، ومات بها فى سنة ثمان وستين وسبعمائة. وكان حج إلى مكة فى سنة ثلاث وستين، وقرر بها سبيلا بالحرم الشريف، وسبعا يقرأ فيه القرآن. ووقف أوقافا على ذلك وعلى المطهرة التى له بمكة، وعلى خانقاة له مشهورة بظاهر القاهرة، وأعظم الله له الثواب فى ذلك. * * *

حرف الظاء

حرف الظاء 1449 ـ ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى المخزومى أبو بكر، وأبو أحمد، وأبو عبد الله، المكى: سمع من الفخر التوزرى الموطأ، وسمع من الرضى الطبرى، وعلى غيره. سألت عنه حفيده شيخنا قاضى القضاة جمال الدين محمد بن عبد الله بن ظهيرة، فقال: كان رجلا صالحا عابدا. وأخبرنى الوالد، أنه كان مواظبا على الجماعة. وله أوراد كان يواظب عليها، ومن كثرة خيره، خطبه الشيخ عبد الله الدلاصى لابنته، وسأله فى تزويجها، وكان يلازم مجلس حميه الشيخ نجم الدين الأصفونى، وكان كثير الصدقة. توفى فى شوال سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، عن نحو خمس وخمسين سنة. وذكر أن أمه وأم إخوته: آمنة بنت عبد المعطى بن أحمد بن عبد المعطى، عمة الشيخ أبى العباس بن عبد المعطى. وذكر أن عبد الله بن الزين الطبرى، أخبره أنه لم ير أحدا من أهل الحرم أحسن صورة منه. انتهى بالمعنى. 1450 ـ ظهيرة بن حسين بن على بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى المخزومى المكى: ولد فى سنة خمس وأربعين وسبعمائة، ظنّا غالبا. وسمع بمكة من القاضى عز الدين بن جماعة: أربعينه التساعيات وغيرها، وسمع من غيره. وأجاز له من شيوخ مصر: الجزائرى وابن القطروانى، وأبو الحرم القلانسى، وجماعة من مصر ودمشق ومكة. روى لنا عن القلانسى جزء الغطريف بسماعه له من ابن خطيب المزة. وروى لنا بوادى الصفراء بين مكة والمدينة شيئا من الأربعين التساعية لابن جماعة، وأخذ عنه صاحبنا الحافظ أبو الفضل بن حجر سلمه الله تعالى، لغرابة اسمه: جزء الغطريف، وبقراءته سمعت عليه ذلك، وكان يخدم السيدة زينب، ابنه القاضى شهاب الدين الطبرى وأمها، لأنه كان زوج بنت أختها، فنال بخدمتهم خيرا، واكتسب دنيا، وصار يتجر حتى أثرى، واستفاد عقارا كثيرا، ونقدا وعروضا. توفى ليلة الخميس عاشر صفر سنة تسع عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. * * *

حرف العين

حرف العين 1451 ـ عابس، مولى حويطب بن عبد العزى: قيل إنه من السابقين، من عذب فى الله تعالى، ذكره هكذا الذهبى. وذكره الكاشغرى، وقال: روى عن ابن الكلبى، أن الله تعالى أنزل قوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) [البقرة: 207]. فيه، وفى جماعة لما عذبهم المشركون عند إسلامهم. 1452 ـ العاصى بن هشام بن المغيرة المخزومى، أبو خالد، أخو أبى جهل: ذكره الذهبى فى التجريد، وقال: له حديث. وذكره الكاشغرى، وقال: سكن مكة ويروى حديث الطاعون. وذكر ابن قدامة ما يخالف ذلك، لأنه قال فى ترجمة هشام بن المغيرة: وله من الولد خمسة بنين: أبو جهل، والعاصى، والحارث، وسلمة، وخالد. فأما أبو جهل، والعاصى، فقتلا ببدر كافرين، قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: أنا قتلت خالى بيدى: العاصى ابن هشام. وكان هشام من أشراف قريش، ولما مات لم يقم سوق مكة ثلاثا على ما قيل. وكانت قريش تؤرخ بموته. 1453 ـ عاقل بن البكير بن عبد يا ليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة الكنانى: حليف بنى عدى بن كعب بن لؤى، شهد بدرا هو وإخوته: عامر وإياس وخالد، بنو البكير، حلفاء بنى عدى، وقتل عاقل ببدر شهيدا، قتله مالك بن زهير الخطمى، وهو ابن أربع وثلاثين سنة. وكان اسمه غافلا، بالغين المعجمة والفاء، فلما أسلم، سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عاقلا ـ بعين مهملة وألف وقاف ـ وكان أول من أسلم وبايع رسول اللهصلى الله عليه وسلم فى دار الأرقم. ذكره ابن عبد البر بمعنى هذا. * * *

_ 1452 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 5/ 169). 1453 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2041، الإصابة ترجمة 4379، أسد الغابة ترجمة 2677).

من اسمه عامر

من اسمه عامر 1454 ـ عامر بن أبى أمية، واسمه حذيفة، ويقال سهل بن المغيرة بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم المخزومى: أخو أم سلمة، زوج النبى صلى الله عليه وسلم. له صحبة ورواية عن أخته. روى عنه سعيد بن المسيب. وذكر ابن عبد البر أنه أسلم عام الفتح، قال: ولا أحفظ له رواية عن النبىصلى الله عليه وسلم. وكان أبوه يسمى: زاد الركب، لجوده، ومعنى ذلك أنه يكفى المسافر مؤنته. 1455 ـ عامر بن البكير الليثى ـ فى قول ابن إسحاق ـ وقيل: ابن أبى البكير، فى قول الواقدى وغيره: نسبه إلى جده. أسلم هو وأخواه: عاقل وخالد فى دار الأرقم. شهدوا بدرا وما بعدها من المشاهد، وهم حلفاء بنى عدى، وقتل عامر يوم اليمامة شهيدا. 1456 ـ عامر ـ وقيل عمرو ـ بن الحارث بن زهير بن أبى شداد الفهرى: هكذا ذكره ابن قدامة، وقال: قديم الإسلام، هاجر إلى الحبشة، فى قول ابن إسحاق والواقدى. وذكره الذهبى فقال: عامر بن الحارث الفهرى: بدرى، وهم فيه يونس بن بكير وإنما هو عمرو بن الحارث الفهرى. وكلام صاحب الاستيعاب يقتضى ترجيح قول من قال: عامر. وجزم بذلك الكاشغرى، وقال: قيل هو عامر بن عبد الله بن الجراح، أبو عبيدة. 1457 ـ عامر بن ربيعة العنزى: بسكون النون، وقيل بفتحها، والأول أكثر وأصح عندهم، على ما ذكره ابن عبد

_ 1454 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1327، الإصابة ترجمة 4384، أسد الغابة ترجمة 2682، تجريد أسماء الصحابة 1/ 283، تقريب التهذيب 1/ 386، الجرح والتعديل 6/ 319، تهذيب التهذيب 5/ 61، التاريخ الكبير 6/ 450، الكاشف 2/ 54). 1455 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1328، الإصابة ترجمة 4386، أسد الغابة ترجمة 2683، الثقات 3/ 923، تجريد أسماء الصحابة 1/ 283، الطبقات الكبرى 3/ 388). 1456 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1332، أسد الغابة ترجمة 2689). 1457 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1335، الإصابة ترجمة 4399، أسد الغابة ترجمة 2693، تجريد أسماء الصحابة 1/ 284، شذرات الذهب 1/ 40، بقى بن مخلد 615).

1458 ـ عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث ابن القرشى الفهرى، أبو عبيدة

البر. ويقال العدوى، لأن الخطاب والد عمر بن الخطاب تبناه، وكان يدعى بابنه، إلى أن أنزل الله تعالى قوله عزوجل: (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) [الأحزاب: 5] الآية. وأسلم قبل دخول النبى صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وهاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة، وشهد بدرا والمشاهد كلها مع النبى صلى الله عليه وسلم، والجابية مع عمر، وكان معه لواءه على ما قيل. وتوفى سنة اثنتين وثلاثين فى قول جماعة، منهم أبو عبيد القاسم بن سلام، وقيل سنة ثلاث، وقيل سنة ست، وقيل سنة سبع، قال أبو عبيد: وأظن هذا أثبت. 1458 ـ عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث ابن القرشى الفهرى، أبو عبيدة: أحد العشرة الذين شهد لهم النبى صلى الله عليه وسلم بالجنة، وتوفى وهو عنهم راض. كان أحد السابقين إلى الإسلام، هاجر إلى الحبشة فى قول ابن إسحاق. وشهد بدرا والمشاهد كلها مع النبى صلى الله عليه وسلم، وقال: إنه أمين هذه الأمة، ففى الصحيحين من حديث أنس رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لكل أمة أمينا، وإن أميننا أيتها الأمة، أبو عبيدة بن الجراح» (1). وقال الزبير بن بكار: حدثنى محمد بن فضالة: كان صبيح الوجه، حسن الخلق، زاهدا فاضلا أثرم الثنيتين؛ وسبب ذلك، أنه انتزع بهما الحلقتين اللتين كانتا فى وجه النبىصلى الله عليه وسلم من المغفر، لما رماه المشركون يوم أحد. وولى الشام لعمر بن الخطاب رضى الله عنه، بعد عزل خالد بن الوليد، وقال لما رآه: كلهم قد غرته الدنيا غيرك يا أبا عبيدة. وقدم لعمر رضى الله عنه خبزا يابسا وملحا، فقال له: هلا اتخذت كما اتخذ غيرك؟ فقال: هذا يبلغنى المحل، ولم نجد فى بيته طنفسة. ومات فى طاعون عمواس سنة ثمان عشرة بالأردن، ودفن بها، وقبره بها مشهور، وقيل ببيسان، حكاه الكاشغرى، وحكى قولا، إنه مات ببيت المقدس. وعمواس: قرية بين الرملة وبيت المقدس، وسبب نسبة الطاعون إليها، أنه بدأ منها ثم انتشر.

_ 1458 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1340، الإصابة ترجمة 4418، أسد الغابة ترجمة 2707). (1) أخرجه البخارى فى صحيحه، فى كتاب المناقب، حديث رقم (3461)، وفى كتاب المغازى، حديث رقم (4031)، وكتاب أخبار الآحاد، حديث رقم (6714)، أخرجه مسلم فى صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، حديث رقم (4442).

1459 ـ عامر بن عبد غنم بن زهير القرشى الفهرى

1459 ـ عامر بن عبد غنم بن زهير القرشى الفهرى: من مهاجرة الحبشة. هكذا ذكره الذهبى والكاشغرى، إلا أن الكاشغرى قال: الفهرى، وأسقط القرشى للدلالة عليه، ثم قال: وقيل عثمان بن غنم. وقال ابن قدامة: ابن زهير بن أبى شداد، وقيل اسمه عامر بن عبد غنم، من مهاجرة الحبشة. انتهى. فاستفدنا من هذا، الخلاف فى اسمه واسم أبيه. 1460 ـ عامر بن فهيرة: مولى أبى بكر الصديق رضى عنه، أسلم قبل أن يدعوه النبى صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، وقبل أن يدخل دار الأرقم، وكان حسن الإسلام. وهو الذى كان يرعى الغنم، ويروح بها على النبى صلى الله عليه وسلم والصديق، وهما فى غار ثور، ورافقهما فى الهجرة إلى المدينة، وشهد بدرا وأحدا، وقتل ببئر معونة فى سنة أربع من الهجرة. 1461 ـ عامر بن كريز بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى العبشمى: ابن عمة النبى صلى الله عليه وسلم، ذكر ابن قدامة أنه أسلم يوم الفتح، وبقى إلى خلافة عثمان، وذكر أن أمه البيضاء بنت عبد المطلب. 1462 ـ عامر بن أبى وقاص، مالك بن أهيب ـ وقيل ابن وهيب ـ بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة القرشى، أخو سعد بن أبى وقاص، يكنى أبا صفوان، وقيل أبا المسور: قال الزبير بن بكار، بعد أن ذكر شيئا من خبر سعد بن أبى وقاص وأخيه عمير بن أبى وقاص: وأخوهما عامر بن أبى وقاص، وكان من مهاجرة الحبشة، وأمهم جميعا حمنة ابنة سفيان بن أمية بن عبد شمس. انتهى.

_ 1459 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 591). 1460 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1346، الإصابة ترجمة 4433، أسد الغابة ترجمة 2724، تنقيح المقال 2/ 6059). 1461 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1348، الإصابة ترجمة 4436، أسد الغابة ترجمة 2726). 1462 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1353، الإصابة ترجمة 4453، أسد الغابة ترجمة 2748).

1463 ـ عامر بن محمد بن عبد الرحمن القرمطى المكى، أبو عبد الله

من السابقين الأولين، أسلم بعد عشرة رجال، وهاجر إلى الحبشة، ولم يهاجر إليها أخوه سعد. 1463 ـ عامر بن محمد بن عبد الرحمن القرمطى المكى، أبو عبد الله: حدث عن العتيق بن يعقوب الزبيرى، وعن أبى سليمان يحيى بن سليمان بن نضلة الخزاعى، وعن أبى الوليد هشام بن عامر، وعن محمد بن زنبور، وعن أبى مصعب الزهرى، وغيرهم. روى عنه: أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الديبلى المكى. ومن حديثه روينا حديثه فى الجزء المعروف: بالأول من حديث القرمطى. 1464 ـ عامر بن مسعود (1) بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة المكى، أبو إبراهيم: مختلف فى صحبته، وله عن النبى صلى الله عليه وسلم: «الصوم فى الشتاء الغنيمة الباردة» (2) عنه: عبد العزيز بن رفيع، ونمير بن غريب. واصطلح عليه أهل الكوفة بعد موت يزيد بن معاوية، وأقره عليها ابن الزبير ثلاثة أشهر، ثم عزله بعبد الله بن يزيد الخطمى، وكان لقبه: دحروجة الجعل، لقصره.

_ 1464 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1350، الإصابة ترجمة 4447، أسد الغابة ترجمة 2741، تجريد أسماء الصحابة 1/ 289، الجرح والتعديل 6/ 327، تهذيب التهذيب 5/ 80، التاريخ الكبير 6/ 450، تهذيب الكمال 2/ 646، خلاصة تذهيب الكمال 2/ 55، بقى بن مخلد 780، تلقيح فهوم أهل الأثر 381، الكاشف 2/ 57). (1) فى الاستيعاب: «عامر بن مسعود الجمحى». (2) أخرجه أحمد فى المسند برقم (18480) من طريق: وكيع، عن سفيان، عن أبى إسحاق، عن نمير بن عريب، عن عامر بن مسعود الجمحى. فذكر الحديث. وأخرجه الترمذى فى سننه برقم (797) بلفظ مختلف، من طريق: محمد بن بشار، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا سفيان، عن أبى إسحق، عن نمير بن عريب، عن عامر بن مسعود، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «الغنيمة الباردة فى الشتاء». قال أبو عيسى: هذا حديث مرسل عامر بن مسعود لم يدرك النبى صلى الله عليه وسلم وهو والد إبراهيم بن عامر القرشى الذى روى عنه شعبة والثورى.

1465 ـ عامر بن واثلة الليثى ـ وقيل عمرو، والأول أصح ـ أبو الطفيل المكى

1465 ـ عامر بن واثلة الليثى ـ وقيل عمرو، والأول أصح ـ أبو الطفيل المكى: روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، وعن أبى بكر، وعمر، وعثمان، وعلى، وجماعة. وروى عنه الزهرى، وعمرو بن دينار، ومعروف بن خربوذ، وغيرهم. وروى له الجماعة، وهو آخر الصحابة موتا فى الدنيا. وقد اختلف فى وفاته ومحلها، فقيل سنة مائة، وقيل سنة اثنتين ومائة، وقيل سنة عشر ومائة، وكانت وفاته بمكة. وقال ابن عبد البر: صحب عليّا رضى الله عنه فى مشاهده، كلها، فلما قتل انصرف إلى مكة فأقام بها حتى مات، ويقال إنه أقام بالكوفة ومات بها، والأول أصح. قال: وكان فاضلا عاقلا حاضر الجواب فصيحا، وكان يتشيع فى علىّ رضى الله عنه ويفضله، ويثنى على الشيخين أبى بكر وعمر رضى الله عنهما، ويترحم على عثمان رضى الله عنه. قدم أبو الطفيل يوما على معاوية، فقال: كيف وجدك على خليلك أبى حسن؟ فقال: كوجد أم موسى على موسى، وأشكو إلى الله التقصير، فقال له معاوية: كنت فيمن حضر عثمان؟ قال: لا، ولكن كنت فيمن حضره، قال: فما منعك من نصره؟ قال: وأنت فما منعك من نصره، إذ تربصت به ريب المنون، وكنت فى أهل الشام، وكلهم تابع لك فيما تريد؟ فقال له معاوية: أو ما ترى طلبى لدمه نصرة؟ قال: بلى، ولكنك كما قال أخو بنى حنيف [من البسيط]: لا ألفينك بعد الموت تندبنى ... وفى حياتى ما زودتنى زادا 1466 ـ عايد بن السائب بن عويمر بن عايد بن عمران بن مخزوم المخزومى: هكذا نسبه ابن قدامة، وقال: أسره المسلمون يوم بدر، وقد قيل إنه أسلم، وصحب النبى صلى الله عليه وسلم، وذكر نحوه الذهبى وقال: وقيل اسمه عابد، بالموحدة.

_ 1465 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1352، الإصابة ترجمة 4454، أسد الغابة ترجمة 2747، الثقات 3/ 29، تجريد أسماء الصحابة 1/ 289، تقريب التهذيب 5/ 82، التاريخ الصغير 1/ 250، 252، أزمنة التاريخ الإسلامى 687، التاريخ الكبير 6/ 446، الوافى بالوفيات 16/ 584، الطبقات الكبرى 5/ 457، تهذيب الكمال 2/ 647، الأعلام 3/ 255، الرياض المستطابة 8، 33، الكاشف 2/ 58، سير أعلام النبلاء 3/ 467، المحن 78، 80، العبر 1/ 118، شذرات الذهب 1/ 118).

1467 ـ عباد بن عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشى الأسدى المدنى

1467 ـ عباد بن عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشى الأسدى المدنى: قاضى مكة، أبو يحيى، روى عن عمر مرسلا، وعن أبيه، وجدته أسماء بنت الصديق، وأختها عائشة، وزيد بن ثابت، وغيرهم. روى عنه ابنه يحيى بن عباد، وابن أخيه عبد الواحد بن حمزة، وابن عمه هشام ابن عروة، وابن أبى مليكة، وغيرهم. روى له الجماعة. قال النسائى: ثقة. وذكره ابن حبان فى الثقات. وقال الزبير بن بكار. وكان عباد عظيم القدر عند عبد الله بن الزبير، وكان على قضائه بمكة، وكان الناس يظنون إن حدث بعبد الله بن الزبير حدث، أنه يعهد إليه بالإمرة، وكان يستخلفه إذا خرج إلى الحج، وكان أصدق الناس لهجة، وأوصى إليه أخوه ثابت بن عبد الله بن الزبير بولده، وقال: قال عمى مصعب بن عبد الله: وكان عباد بن عبد الله قصدا وقادا. انتهى. 1468 ـ عباد بن كثير الثقفى البصرى: المجاور بمكة، روى عن ثابت البنانى، وأبى عمران الجونى، وعبد الله بن دينار، وأبى الزبير، وخلق. وعنه إبراهيم بن أدهم، وأبو نعيم، وأبو عاصم، وآخرون، منهم: جرير بن عبد الحميد. وكان إذا حدث عنه يقولون له: اعفنا منه، فيقول: ويحكم، كان شيخا صالحا.

_ 1467 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 9/ 152، طبقات خليفة 256، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1592، جمهرة نسب قريش 70، ثقات العجلى 28، المعرفة ليعقوب 1/ 215، 365، الجرح والتعديل الترجمة 419، ثقات ابن حبان 5/ 140، سؤالات البرقانى للدارقطنى الترجمة 573، رجال صحيح مسلم لابن منجويه، الورقة 117، الجمع لابن القيسرانى 1/ 332، أنساب القرشيين 227، سير أعلام النبلاء 4/ 217، تهذيب التهذيب 2/ 121، معرفة التابعين 29، إكمال مغلطاى 2/ 232، نهاية السول 158، تقريب التهذيب 1/ 392، تهذيب الكمال 14/ 136). 1468 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ الدورى 2/ 292، 293، الدارمى الترجمة 496، ابن محرز 26، سؤالات ابن أبى شيبة لابن المدينى الترجمة 156، ضعفاء البخارى الصغير الترجمة 227، تاريخه الصغير 2/ 104، أحوال الرجالى للجوزجانى الترجمة 163، أبى زرعة الرازى 385، 635، سؤالات الآجرى لأبى داود 5/ 8، المعرفة ليعقوب 1/ 434، 2/ 126، 797، 3/ 140، الجرح والتعديل الترجمة 433، كشف الأستار 604، تهذيب الكمال 14/ 145).

من اسمه العباس

وقال البخارى: سكن مكة، تركوه. وقال ابن حبان. ليس هو بعباد بن كثير الرملى. وقد قال بعض أصحابنا: إنهما بمعنى واحد، يعنى فأخطأ. وذكر أنه مات قبل الثورى. روى له أبو داود والترمذى. * * * من اسمه العباس 1469 ـ العباس بن الحسين بن العباس العباسى الطبرى، نجيب الدين أبو الفضل: إمام مقام إبراهيم الخليل عليه السلام، سمع على أبى الفتوح نصر بن أبى الفرج الحصرى جزءا فيه استعاذات النبى صلى الله عليه وسلم، وهى خمسون حديثا، جمع عمر بن شاهين، بسماعه على أبى العلاء محمد بن عقيل، عن أبى الحسين الطيورى، عنه. وتوفى فى ليلة الثلاثاء العشرين من ذى الحجة، سنة إحدى عشرة وستمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره لخصت وفاته. وترجم فيه: بالشيخ الصالح الورع الزاهد. 1470 ـ العباس بن عبد الله بن عثمان بن حميد القرشى، من بنى أسد بن عبد العزى: من أهل مكة، يروى عن عمرو بن دينار، وروى عنه أبو عاصم النبيل. ذكره ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات، وروى فى ترجمته بسنده إلى ابن عباس رضى الله عنهما، وأنه قال: يكره من البدن العوراء والعرجاء والجدعاء والصريمة أظفارها كلها. انتهى. 1471 ـ العباس بن عبد الله بن معبد بن العباس بن عبد المطلب الهاشمى: أمير مكة والطائف، ذكره ابن حبان فى الطبقة الثانية من الثقات، وذكر أنه من أهل المدينة، وقال: روى عن أبيه وعكرمة.

_ 1469 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 215). 1471 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 9/ 195، تاريخ خليفة 432، علل أحمد 1/ 131، تاريخ البخارى الكبير 7/ 30، تاريخه الصغير 1/ 322، الجرح والتعديل 6/ 1164، ثقات ابن حبان 7/ 274، جمهرة ابن حزم 18، الكامل فى التاريخ 5/ 462، 463، 483، الكاشف الترجمة 2621، تهذيب التهذيب 2/ 125، تاريخ الإسلام 5/ 92، 264، إكمال مغلطاى 2/ 236، نهاية السول الورقة 160، تهذيب الكمال 14/ 219).

1472 ـ العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمى، أبو الفضل

روى عنه ابن جريج، وابن عجلان، ووهب بن خالد. انتهى. وروى عنه أيضا: سفيان بن عيينة والدراوردى. وذكر ابن جرير فى أخبار سنة خمس وثلاثين ومائة، أنه كان على مكة، وذكر ذلك فى أخبار سنة سبع وثلاثين، وذكر أنه مات عند انقضاء الموسم، فضم عمله إلى زياد بن عبيد الله الحارثى، وكان على المدينة فى سنة خمس وثلاثين، ولم يذكر ابن جرير أنه ولى الطائف مع مكة، وإنما ذكر ذلك ابن حزم، وذكر أنه ولى ذلك للمنصور، ولم يذكر أنه ولى للسفاح. وكلام ابن جرير يدل عليه، لأن السفاح كان الخليفة فى سنة خمس وثلاثين، وأخوه المنصور إنما ولى بعد موته فى ذى الحجة سنة ست وثلاثين ومائة من الهجرة. وقال الزبير بن بكار، لما ذكر أولاد عبد الله الأصغر بن معبد بن العباس بن عبد المطلب: وعباس الثالث كان أميرا على مكة. 1472 ـ العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمى، أبو الفضل: عم النبى صلى الله عليه وسلم، شهد معه بيعة العقبة ليستوثق له من الأنصار، ولم يكن أسلم يومئذ، واختلف فى زمن إسلامه، فقيل قبل الهجرة، حكاه النووى فى التهذيب. وقيل قبل بدر، وقيل بعدها، بعد إطلاقه من الأسر، وكتم إسلام على ما قيل، وأقام بمكة، وصار يكتب إلى النبى صلى الله عليه وسلم بأخبار المشركين، ولذلك أمره النبى صلى الله عليه وسلم بالإقامة حين كتب إليه فى الهجرة، وذكر له ثوابا فى إقامته. وقيل أسلم قبل خيبر، وشهد الفتح وحنينا والطائف، وثبت يومئذ، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يكرمه ويعظمه ويجله ويقول: هذا عمى وصنو أبى، وكان الصحابة يخلونه لذلك، وقيل إنه لم يمر بعمر وعثمان وهما راكبان، إلا نزلا حتى يزول، إجلالا له، واستسقى به عمر رضى الله عنه عام الرمادة فسقى، وطفق الناس يتمسحون

_ 1472 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1386، الإصابة ترجمة 4525، أسد الغابة ترجمة 2799، الثقات 3/ 288، تجريد أسماء الصحابة 1/ 295، نكت الهميان 175، طبقات فقهاء اليمن 136، 175، المصباح المضئ فهرس 55، بقى بن مخلد 87، تقريب التهذيب 1/ 397، الجرح والتعديل 6/ 210، أزمنة التاريخ الإسلامى 690، الوافى بالوفيات 16/ 629، تاريخ الإسلام 3/ 13، الأعلام 3/ 262، الرياض المستطابة 209، طبقات ابن سعد 4/ 5، مصنف ابن أبى شيبة 13/ 15768، 15781، تاريخ ابن طهمان الترجمة 358، تاريخ خليفة 86، 138، 168، فضائل الصحابة 2/ 915، مسند أحمد 1/ 206، علل ابن المدينى 70، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 1، الكندى 127، 323، 571، تنقيح ابن الجوزى 136، نهاية السول 160).

1473 ـ العباس بن على بن داود بن يوسف بن عمر بن على بن رسول، صاحب اليمن، الملك الأفضل بن الملك المجاهد بن الملك المؤيد بن الملك المظفر بن الملك المنصور

به، وكان رئيسا فى الجاهلية، وإليه السقاية وعمارة المسجد، ومعناها أنه لا يدع أحدا يسب فيه ولا يقول هجرا، وكان وصولا لأرحام قريش، محسنا إليهم، ذا رأى وعقل وكمال، وكان جهورى الصوت، لأنه كان على ما قيل، ينادى غلمانه من سلع فى آخر الليل، فيسمعونه وهم بالغابة، وبين ذلك ثمانية أميال، على ما ذكر الحازمى. وكان له من الولد عشرة بنين وثلاث بنات. توفى فى رجب سنة اثنتين وثلاثين، عن ثمان وثمانين سنة، وكان أبيض نقيا جميلا معتدل القامة، له ضفيرتان. 1473 ـ العباس بن على بن داود بن يوسف بن عمر بن على بن رسول، صاحب اليمن، الملك الأفضل بن الملك المجاهد بن الملك المؤيد بن الملك المظفر بن الملك المنصور: ولى السلطنة نحو أربعة عشر سنة، وذلك بعد أبيه، فى جمادى الأولى سنة أربع وستين، حتى مات فى شعبان سنة ثمان وسبعين وسبعمائة. ولما ولى السلطنة اهتم بأمر ابن ميكائيل، المتغلب على البلاد الشامية باليمن: حرض والمهجم، وما يلى ذلك إلى صوب زبيد، وبعث إليه الجيش مع الأمير زياد، فحاربوا ابن ميكائيل حتى انهزم، وزالت دولته كأن لم تكن، بعد أن كانت قوية، لعدم عناية الملك المجاهد بحربه. ولما مات الملك المجاهد بعدن، لم يكن حاضرا عنده من أولاده، إلا ولده الملك الأفضل، وسئل فى السلطنة، فتوقف خوفا من أخيه يحيى بن الملك المجاهد، لأنه خرج عن طاعة أبيه، وقصد عدن للاستيلاء عليها، وكاد أن يتم له ذلك لولا تشاغل يحيى ومن معه بأكل بطيخ على باب عدن، وفى حال شغلهم بذلك، وصل نذير من المجاهد لأهل عدن، فغلق بابها دون يحيى، وقصد يحيى لحج (1) وأبين (2) وتلك النواحى، ولم يتم ليحيى أمر بعد أبيه، وتلاشى حاله حتى مات.

_ (1) لحج: بالفتح ثم السكون، وجيم، وهو الميلولة، يقال: ألحجنا إلى موضع كذا أى ملنا، وألحاج الوادى: نواحيه وأطرافه، واحدها لحج: مخلاف باليمن. انظر: معجم البلدان (لحج). (2) أبين: يفتح أوله ويكسر بوزن أحمر، ويقال: يبين، وذكره سيبويه فى الأمثلة بكسر الهمزة، ولا يعرف أهل اليمن غير الفتح، وحكى أبو حاتم، قال: سألنا أبا عبيدة كيف تقول عدن أبين أو إبين، فقال: أبين وإبين جميعا، وهو مخلاف باليمن، منه عدن، يقال: أنه سمى بأبين بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبإ. انظر: معجم البلدان (أبين)، الروض المعطار 11، معجم ما استعجم 1/ 103.

من اسمه عبد الله

ولما توجه المجاهد إلى عدن بسبب ابنه يحيى، كان ابنه الأفضل فى خدمته، ولم يكن معه فيما قيل خيمة ينزل فيها، وربما استظل بالشجر، وربما ذكر ذلك لأبيه، فلم ينظر فى حاله، فلما ولى السلطنة بعد أبيه، وتوجه به من عدن، كان ينزل فى خيام أبيه ويوضع أبوه تحت الشجر، فسبحان الفعال لما يريد. وللأفضل من المآثر بمكة المدرسة التى فى المسعى، وهى معروفة به، وله مدرسة بتعز، وكان له إلمام بالعلم وتواليف حسنة، منها: «كتاب العطايا السنية» فى ذكر أعيان اليمن. وكتاب «نزهة العيون فى تاريخ طوائف القرون» و «مختصر تاريخ ابن خلكان» وكتاب «بغية ذوى الهمم فى أنساب العرب والعجم». وكتاب فى «الألغاز الفقهية». وغير ذلك. وبلغنى أن هذه التواليف ألفها على لسانه قاضى تعز، رضى الدين أبو بكر بن محمد ابن يوسف النزارى الصبرى. وكان خلف عدة أولاد، منهم ثمانية ذكورا، أكبرهم الملك الأشرف إسماعيل، الذى ولى السلطنة بعده، حتى مات فى شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانمائة بتعز، ودفن فى مدرسته التى أنشأها بتعز. * * * من اسمه عبد الله 1474 ـ عبد الله بن أحمد بن أبى بكر بن الفقيه أحمد بن موسى بن عجيل اليمنى: توفى فى ذى الحجة سنة أربع وأربعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره نقلت نسبه هكذا ووفاته، وترجم فيه: بالفقيه العالم الصالح. وجد أبيه أحمد بن موسى، كان شيخ اليمن علما وعملا، وتوفى فى شهر ربيع الأول سنة تسعين وستمائة، وما ذكره الإسنائى فى طبقاته، من أنه توفى سنة أربع وثمانين، فهو وهم، لأن الجندى مؤرخ اليمن، ذكر وفاته كما ذكرنا. 1475 ـ عبد الله بن أحمد بن حسين بن الزين محمد بن الأمين محمد بن القطب محمد بن أبى العباس أحمد بن على القيسى القسطلانى المكى، يلقب بالعفيف، ويعرف بابن الزين: ولد فى سنة سبعين وسبعمائة، أو قبلها بقليل، وحفظ فى الفقه «الحاوى الصغير» أو أكثره، ولازم درس شيخنا مفتى مكة وقاضيها، جمال الدين محمد بن عبد الله بن ظهيرة مدة سنين، ثم ترك، وعانى الشهادة وكتابة الوثائق والسجلات، وأكثر من ذلك أيام

1476 ـ عبد الله بن أحمد بن حسن بن يوسف بن محمد بن مسكن بن معين بن يحيى القرشى الفهرى المكى، المعروف بابن مسكن

صحبته لقاضى مكة عز الدين بن القاضى محب الدين النويرى، وفى ولاية القاضى محب الدين بن القاضى جمال الدين بن ظهيرة، وسعى له أقاربه فى توقيع يقتضى استقراره فى نيابة الحكم الشافعى بمكة، فتيسر له ذلك فى دولة الملك المظفر أحمد بن المؤيد صاحب مصر، وكتم ذلك خوفا من القاضى محب الدين بن ظهيرة، فلما مات القاضى محب الدين، أظهر التوقيع بعض أقارب المذكور، فعاجلت المنية العفيف قبل استكمال جمعة من ظهور التوقيع، وكان موته قبيل الزوال من يوم الجمعة التاسع والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وثمانمائة، ودفن بعد العصر بالمعلاة، بمقبرة أصحابه القسطلانيين، سامحه الله تعالى، وكان يذاكر بمسائل من الفقه، وله معرفة بالوثائق والسجلات والدعاوى، ويقصده الأغنياء لتحريرها وتعليمهم ما يخفى عنهم من الحجج، وسمع الحديث على الأميوطى، والنشاورى، ووالده، وغيرهم من شيوخنا. 1476 ـ عبد الله بن أحمد بن حسن بن يوسف بن محمد بن مسكن بن معين بن يحيى القرشى الفهرى المكى، المعروف بابن مسكن: سمع من عثمان بن الصفى، والسراج الدمنهورى، والفخر التوزرى، وذكر أنه قرأ «التنبيه» على خاله على بن محمد بن عبد الرحمن الطبرى، وكان يحضر دروس القاضى أبى الفضل النويرى، ويتأنق فى ملبسه كثيرا. مات فى عشر السبعين وسبعمائة بمكة ودفن بالمعلاة. 1477 ـ عبد الله بن أحمد بن زكريا بن الحارث بن أبى مسرة المكى، أبو يحيى: مفتى مكة. روى عن أبى عبد الرحمن المقرى، وخلاد بن يحيى، والعبقسى، وبدل بن المحبر. وروى عنه: محمد بن إسحاق بن العباس الفاكهى المكى، مؤلف «أخبار مكة»، وابنه عبد الله بن مسلم الفاكهى، ومن طريقه وقع لنا حديثه عاليا. وذكره ابن حبان فى الثقات. وذكره محمد بن إسحاق فى فقهاء مكة، فقال: ثم مات هؤلاء، فكان المفتى بمكة موسى بن أبى الجارود، وعبد الله بن أحمد بن أبى مسرة، ثم مات أبو الوليد موسى، فصار المفتى بمكة بعده، عبد الله بن أحمد بن أبى مسرة إلى يومنا هذا، وأحمد بن محمد الشافعى. انتهى. وقال الفاكهى فى الأوليات بمكة: وأول من أفتى الناس من أهل مكة، وهو ابن أربع

_ 1477 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 6).

1478 ـ عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر، يلقب بالتقى بن المحب الطبرى المكى

وعشرين سنة أو نحوها، أبو يحيى بن أبى مسرة، وهو فقيه أهل مكة إلى يومنا هذا. انتهى. وذكر ابن قانع أنه توفى سنة تسع وسبعين ومائتين بمكة، وذكر وفاته هكذا غيره. 1478 ـ عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر، يلقب بالتقى بن المحب الطبرى المكى: خطيب الحرم الشريف. ولد سنة أربع وأربعين وستمائة بمكة، وسمع بها من ابن الجميزى: الأربعين البلدانية للسلفى، ومن المرسى: صحيح ابن حبان والأربعين الفراوية، وغيرهما. وحدث وأفتى، وولى الخطابة فى سنة ثلاث وسبعين وستمائة، وناب بمكة فى الحكم عن أخيه القاضى جمال الدين. وتوفى ليلة الجمعة تاسع رمضان سنة أربع وسبعمائة بحميترا (1)، ودفن إلى جانب سيدى الشيخ أبى الحسن الشاذلى. 1479 ـ عبد الله بن الزين أحمد بن محمد بن المحب بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر الطبرى المكى الشافعى: ولد سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة، وأجاز له من دمشق جماعة، منهم: الحجار، سنة ثمان وعشرين، ومن مصر الدبوسى، والوانى، والختنى، وعلى بن قريش، وجماعة. ومن الإسكندرية إبراهيم الغرافى، ووجيهة. وسمع بمكة على الحجى: صحيح البخارى، وسمع عليه، وعلى أبيه، ومحمد بن الصفى، وبلال، عتيق ابن العجمى، والجمال المطرى: جامع الترمذى، وعلى أبيه أيضا، وعثمان بن الصفى، والآقشهرى: سنن أبى داود، وعلى الآقشهرى، والواد ياشى: الاكتفاء، والتيسير للدانى. وسمع بالمدينة على الزبير الأسوانى: الشفاء للقاضى عياض، وعلى المطرى، وخالص البهائى: الإتحاف لأبى اليمن بن عساكر، وعلى علىّ بن عمر بن حمزة الحجار: عدة أجزاء، وسمع بقراءته من جماعة منهم: ابن المكرم وغيره بمكة. وسمع بدمشق من القاضى شهاب الدين بن فضل الله: قصيدة من نظمه، وحدث.

_ 1378 ـ (1) موضع بصحراء عيذاب فى واد على طريق الصعيد. انظر: (تاج العروس مادة حميتر).

1480 ـ عبد الله بن أحمد بن محمد بن قفل الزيادى الحضرمى المكنى بأبى قفل

سمع منه شيخنا، ابن سكر وغيره، وكان سافر إلى بلاد الهند، ثم عاد منه، وانقطع بتربة من بلاد الحجاز بضع عشرة سنة، ثم عاد إلى مكة وأقام بها. ثم توجه إلى المدينة زائرا، فأدركه الأجل بها، فى أحد الجماديين سنة سبع وثمانين وسبعمائة ودفن بالبقيع، بقرب قبر إبراهيم بن النبى صلى الله عليه وسلم، وله اشتغال كثير ومعرفة بالرمل، وهو خال الوالد. 1480 ـ عبد الله بن أحمد بن محمد بن قفل الزيادى الحضرمى المكنى بأبى قفل: ذكره السبكى فى طبقاته، وقال: قال المطرى ـ يعنى العفيف ـ: تفقه وكتب الكثير بخطه: وكان رجلا صالحا، وقف كتبه بمكة، ومولده فى عشر رمضان سنة تسع وخمسين وخمسمائة بمكة، ومات عشية الأحد، لست عشرة ليلة خلت من ذى القعدة سنة إحدى وثلاثين وستمائة بمكة. 1481 ـ عبد الله بن أحمد بن إمام الدين محمد بن الزين محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن على القسطلانى المكى: ورث عن أبيه عقارا كثيرا، وذهب منه. ثم أدركته المنية بعد سنة ثمانية وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 1482 ـ عبد الله بن إبراهيم بن حسين بن محمد الحميرى اليمنى يلقب بالعفيف ويعرف بابن الشقيف: نزيل مكة وأحد التجار بها. بلغنى أنه ولد بزبيد ونشأ بها. ثم قدم إلى مكة وأقام بها مدة سنين، ورزق دنيا، وسافر إلى بلاد الحبشة، وأقام بها سبع سنين، وسافر إلى ديار مصر، وأقام بها مدة سنين. وولد له بمكة أولاد وصار له بها عقار، وكان ذا ملاءة كثيرة، وأوصى فى مرض موته بالتصدق بثلث أمواله على الفقراء والمساكين، وعين من ذلك أشياء لجماعة من أقاربه ومواليه الذين أعتقهم غيرهم. ووقف دارين بمكة على أولاده، ووقف عقارا له بالضيعة المعروفة بسروعة من أعمال مكة، على الفقراء من أقاربه بمكة وغيرها، ووقف بهذه الضيعة موضعا يعرف بحفرة مسجد بسروعة (1)، بما

_ 1482 ـ (1) سروعة: بفتح أوله، وسكون ثانيه، وفتح الواو، وعين مهملة، كذا وجدته مضبوطا، فإن صحّ فإنه علم مرتجل غير منقول، وقد ذكر أبو منصور أن السّروعة بضم الراء وسكون الواو، وأنها النّبكة العظيمة من الرمل، والنبكة: الرابية من الطين، هذا لفظه، وقال الأصمعى: سروعة جبل بعينه بتهامة لبنى الدّؤل بن بكر، وخبرنى من أثق به من أهل الحجاز أن سروعة، بسكون الراء، قرية بمرّ الظهران فيها نخل وعين جارية. انظر: معجم البلدان (سروعة).

1483 ـ عبد الله بن إبراهيم الحجبى

لذلك من سقية على الفقراء بمسجد سروعة، وعلى من يسبل فيه أربع دوارق ماء فى كل يوم، ووقف بعض هذا الوقف على بعض أقاربه. توفى فى العشر الأخير من شوال، أو فى أوائل ذى القعدة سنة سبع وثمانمائة، ودفن بالمعلاة، بعد أن جاور بمكة مدة سنين متوالية ومتفرقة، وهو ابن عم أبى القاسم بن محمد ابن حسين المعروف بابن الشقيف فقيه الزيدية بمكة، الآتى ذكره. والشقيف: بشين معجمة مضمومة ثم ياء التصغير ساكنة ثم فاء. 1483 ـ عبد الله بن إبراهيم الحجبى: عن أبيه. وعنه الزبير بن بكار فى كتاب النسب خبرا يتعلق بعبد الله بن عباس رضى الله عنهما. 1484 ـ عبد الله بن أبى بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح: أسلم عام الفتح، وقتل يوم الجمل. ذكره ابن عبد البر وابن قدامة. 1485 ـ عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة ابن كلاب القرشى الزهرى: قال الزبير بن بكار: كان على بيت المال زمن عمر، وصدرا من ولاية عثمان رضى الله عنهما، وكانت له صحبة. انتهى. وقال ابن عبد البر: أسلم عام الفتح، ثم كتب للنبى صلى الله عليه وسلم، وكان يعجب من كتابته لحسنها، وكتب لأبى بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم، وولاه عمر رضى الله عنه بيت المال مدة خلافته، وقال: «ما رأيت أخشى لله منه» وأجازه عثمان ثلاثين ألفا، وقيل بثلاثمائة درهم، وأبى أن يقبلها، وقال: إنما عملت لله، وإنما أجرى على الله. وله عن النبى صلى الله عليه وسلم حديث واحد. رواه أصحاب السنن من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عنه، وأضر قبيل موته. 1486 ـ عبد الله بن أسعد بن على بن سليمان اليافعى اليمنى: نزيل مكة، وشيخ الحرم، يلقب عفيف الدين، ويكنى بأبى السيادة، ولد سنة ثمان

_ 1484 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1476، الإصابة ترجمة 4537، أسد الغابة ترجمة 2807). 1485 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1477، الإصابة ترجمة 4543، أسد الغابة ترجمة 2811، الجرح والتعديل 5/ 1، تهذيب الكمال 14/ 301).

وتسعين وستمائة تقريبا، وحج وقد بلغ فى سنة اثنتى عشرة وسبعمائة، ثم عاد إلى اليمن، ورجع منها إلى مكة، فى سنة ثمان عشرة وسبعمائة على ما ذكر، وسمع بها بقراءته غالبا على الشيخ رضى الدين الطبرى: الكتب الستة ـ خلا سنن ابن ماجة، ومسند الدارمى، ومسند الشافعى، وصحيح ابن حبان، والسيرة لابن إسحاق، والعوارف للسهروردى، وعلوم الحديث لابن الصلاح، وعدة أجزاء. وعلى القاضى نجم الدين الطبرى قاضى مكة: مسند الشافعى، وفضائل القرآن لأبى عبيد، وتاريخ مكة للأزرقى، وغير ذلك، وبحث عليه الحاوى الصغير فى الفقه، والتنبيه، قال: وكان يقول فى حال قراءتى للحاوى: استفدت معك أكثر مما استفدت معى، قال: ويقول لى: قد أقرأت هذا الكتاب مرارا، ما فهمته مثل هذه المرة، ولما فرغت من قراءته، قال فى جماعة حاضرين: اشهدوا على أنه شيخى فيه. وجاءنى إلى مكانى فى ابتداء قراءتى عليه، لأقرأه عليه، كل ذلك من التواضع وحسن الاعتقاد والمحبة فى الله والوداد. انتهى. وكان عارفا بالفقه والأصولين والعربية والفرائض والحساب، وغير ذلك من فنون العلم. وله نظم كثير، دون فيه ديوان فى نحو عشر كراريس كبار، وتواليف فى فنون العلم، منها: المرهم فى أصول الدين، وقصيدة نحو ثلاثة آلاف بيت فى العربية، وغيرها، وذكر أنها تشتمل على قريب عشرين علما، وبعض هذه العلوم متداخل، كالتصريف مع النحو، والقوافى مع العروض، ونحو ذلك: وكتاب فى التاريخ بدأ فيه من أول الهجرة، وكتاب فى أخبار الصالحين، يسمى روض الرياحين، وذيل عليه بذيل يحتوى على مائتى حكاية، وكتاب سماه الإرشاد والتطريز، والدرة المستحسنة فى تكرار العمرة فى السّنة، وغير ذلك. وكان كثير العبادة والورع، وافر الصلاح والبركة والإيثار للفقراء، والانقباض عن أهل الدنيا مع إنكاره عليهم، ولذلك نالته ألسنتهم، ونسبوه إلى حب الظهور، وتطرقوا للكلام فيه بسبب مقالة قالها، وهى قوله من قصيدة [من الطويل]: فيا ليلة فيها السعادة والمنى ... لقد صغرت فى جنبها ليلة القدر حتى إن الضياء الحموى كفره بذلك، وأبى ذلك غير واحد غير واحد من علماء عصره، وذكروا لذلك مخرجا فى التأويل، لا يحضرنى الآن، وأخذ عليه فى كلمات وقعت منه، تقتضى تعظيمه لأمره، وسمعت والدى يقول: كنت أصحح فى «منهاج البيضاوى» على القاضى أبى الفضل، فسافر للمدينة النبوية، فأتيت إلى الشيخ عبد الله ابن أسعد اليافعى لأصحح عليه، وناولته الكتاب، ففتحه وقال: اقرأ: تقدس من تمجد بالعظمة والجلال، فقلت: إنما أقرأ من كتاب القياس، لأنى صححت من أوله إليه، على

القاضى أبى الفضل، قال: فرمى بالكتاب فى صدرى، وقال لى: نحن على الفضلة؟ فانصرفت عنه. وكان القاضى شهاب الدين أحمد بن ظهيرة، يحضر مجلسه لسماع الحديث فانجر الكلام إلى مسألة من مسائل التمتع فى الحج، فاختلف فيها رأيه، ورأى الشيخ عبد الله اليافعى، فرأى بعض الناس فى النوم، أنهما تصارعا، وأن اليافعى علا على على بن ظهيرة، فكان اليافعى يأمر الرائى بذكر رؤياه، إذا كثر الناس عنده للسماع والزيارة، وبقول: هذه الرؤيا تأييد قولنا، ويقول ابن ظهيرة: نخالفه فى تأويله، إن المغلوب هو الغالب، وينسب ذلك لأهل التعبير، ويقول: إن ما قاله موافق لما فى الرافعى والنووى، وإن ما قاله اليافعى لقول بعض الأئمة الشافعية. وقد رغب الضياء الحموى فى الاجتماع بالشيخ عبد الله اليافعى، والاستغفار فى حقه، فأبى الشيخ إلا بشرط، أن يطلع الضياء إلى المنبر فى يوم الجمعة وقت الخطبة، ويعترف بالخطأ فيما نسبه إلى اليافعى. ومن أحوال اليافعى السنية: أن أهل المسفلة والمعلاة، حصلت بينهم فتنة كبيرة، وظهر لأهل المسفلة من أنفسهم العجز، فقصدوا اليافعى، وسألوه أن يدخل لهم على أهل المعلاة ليكفوا عن قتالهم، ففعل اليافعى ذلك، فلم يقبل أهل المعلاة شفاعته، وبادروا لحرب أهل المسفلة، فغلب أهل المسفلة من أهل المعلاة طائفة. وقد ذكره غير واحد من العلماء، وأثنوا عليه كثيرا، منهم الإمام بدر الدين حسن بن حبيب بن أديب حلب، لأنه ذكره فى تاريخه فقال: «إمام علمه يقتبس وبركته تلتمس، وبهديه يقتدى، ومن فضله يجتدى، كان فريدا فى العلم والعمل، مصروفا إليه وجه الأمل، ذا ورع بسقت غروسه، وزهر أشرقت شموسه، وتعبد يعرفه أهل الحجى وتهجد تشهد به نجوم الدجى، وتأليف وجمع ونظم يطرب السمع، وفوائد يرحل إليها، وكرامات يعول فى المهمات عليها، ومصنفات فى الأصول والعربية والتصوف، ومناقب يتشوف إلى سماعها العارفون أى تشوف، أقام بمكة المعظم قدرها، ولازم الطواف بكعبتها المقدس حجرها وحجرها، مقصودا بالزيارة، مسموع النصيحة، مقبول الإشارة. وهو إمام مفت متفنن عالم، وشيخه فى الطريقة الشيخ على المعروف بالطواشى، وصنف فى أنواع العلوم، سيما علم التصوف، وله قصائد كثيرة نبوية». انتهى. وذكره الشيخ جمال الدين الإسنائى فى طبقاته، وذكر من حاله ما لم يذكره غيره، ولذلك رأيت أن أذكره، لأنه قال: فى طبقاته بعد أن ترجمه بما يأتى ذكره وأكثر منه: تم

الكتاب مختتما بهذا القانت الأواب، وقال: فضيل مكة وفاضلها، وعالم الأباطح وعاملها، وقال: كان إماما يسترشد بعلومه ويقتدى، وعلما يستضاء بنوره ويهتدى. ولد قبل السبعمائة، وبلغ الاحتلام سنة إحدى عشرة، وكان فى ذلك السن ملازما لبيته، تاركا لما يشتغل به الأطفال من اللعب. ولما رأى والده آثار الفلاح عليه ظاهرة بعث به إلى عدن، فقرأ بها القرآن، واشتغل بالعلم، وحج الفرض سنة اثنتى عشرة، وعاد إلى بلاده، وحبب إليه الخلوة والانقطاع، والسياحة فى الجبال، وصحب شيخه الشيخ عليّا المعروف بالطواشى، وهو الذى سلكه الطريق، ثم عاد إلى مكة سنة ثمان عشرة، وجاور بها وتزوج، وأقام بها مدة ملازما للعلم، ثم ترك التزويج وتجرد نحو عشر سنين، وتردد فى تلك المدة بين الحرمين، ورحل إلى الشام سنة أربع وثلاثين، وزار القدس والخليل، وأقام بالخليل نحو مائة يوم، ثم قصد الديار المصرية فى تلك السنة مخفيا أمره، فزار الإمام الشافعى وغيره من المشاهد، وكان أكثر إقامته فى القرافة، فى مشهد ذى النون المصرى، ثم حضر عند الشيخ حسين الجاكى فى مجلس وعظه وعند الشيخ عبد الله المنوفى بالصالحية، وعند الجويراوى بسعيد السعداء، وكان إذ ذاك شيخها، وزار الشيخ محمد المرشدى بمنية ابن مرشد من الوجه البحرى، وبشره بأمور، ثم قصد الوجه القبلى، فسافر إلى الصعيد الأعلى، وعاد إلى الحجاز، وجاور بالمدينة مدة، ثم سافر إلى مكة، وتزوج وأولد عدة أولاد، ثم سافر إلى اليمن سنة ثمان وثلاثين، لزيارة شيخه الشيخ على الطواشى، ومع هذه الأسفار، لم تفته حجة فى هذه السنين، ثم عاد إلى مكة، وأنشد لسان الحال (1): فألقت عصاها واستقر بها النوى ... كما قر عينا بالإياب المسافر وعكف على التصنيف والإقراء والإسماع، وصنف تصانيف كثيرة فى أنواع من العلوم، وكان كثير الإيثار والصدقة مع الاحتياج، متواضعا مع الفقراء، مترفعا على أبناء الدنيا، معرضا عما فى أيديهم. وكان نحيفا ربعة من الرجال. وذكر أنه توفى ليلة الأحد المسفر صباحها عن العشرين من جمادى الآخرة، سنة ثمان وستين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة جوار الفضيل بن عياض، وبيعت حوائجه الحقيرة بأغلى الأثمان، بيع له مئزر عتيق بثلاثمائة درهم، وطاقية بمائة، وقس على ذلك. انتهى. ومن شعره (2) [من الطويل]: ألا أيها المغرور جهلا بعزلتى ... عن الناس ظنا أن ذاك صلاح

_ 1486 ـ (1) انظر ترجمته فى: (طبقات الشافعية 2/ 331). (2) انظر ترجمته فى: (طبقات الشافعية 2/ 332).

تيقن بأنى حارس شر كلبة ... عقور لها فى المسلمين نباح (3) وناد بنادى القوم باللوم معلنا (4) ... على يافعى ما عليك جناح ومن شعره أيضا من قصيدة [من الوافر]: أيرجى البقا ما بين سلع وحاجر (5) ... وبيض النقا ترمى بسود المحاجر حذارا حذارا يا خليّا عن الهوى ... تجوز بذياك الحمى غير حاذر فما جاز ربع العامرية خاطر ... ولا دارمى قط غير مخاطر وله أيضا [من البسيط]: يا غائبا وهو فى قلبى يشاهده ... ما غاب من لم يزل فى القلب مشهودا إن فات عينى من رؤياك حظهما ... فالقلب قد نال حظا منه محمودا وله [من الطويل]: قفا حدثانى فالفؤاد عليل ... عسى منه يشفى بالحديث غليل أحاديث نجد عللانى بذكرها ... فقلبى إلى نجد أراه يميل بتذكار سعدى أسعدانى فليس لى ... إلى الصبر عنها والسلو سبيل ولا تذكرا لى العامرية إنها ... يوله عقلى ذكرها ويزيل ولكن بذكرى عرضا عندها فإن ... تقل كيف هو قولا بذاك عليل فإن تعطفى يشفى وإن تتلفى ففى ... هواك المعنى المستهام قتيل ومنها: ولما توادعنا بوادى النقا وقد ... علانا على بعد اللقاء عويل بدا برد قد عض عناب سندس ... وفى الورد در البحر صار يسيل ومنها: فإن لا أمت منها قتيلا فإننى ... لمن حل فى وادى العقيق قتيل إلى كم على ليلى وسعدى وفى النقا ... ونجد ونعمان هواى أجيل

_ (3) فى طبقات الشافعية 2/ 332: أقول لها فى المسلمين نباح (4) فى طبقات الشافعية 2/ 332: وناد بناد القوم باللوم معلنا (5) فى طبقات الشافعية 2/ 332: أيرجى البقا ما بين سلع وحاضر

وليس دمى فى بطن نعمان سائلا ... ولكن له وادى العقيق مسيل رمت مقلتى ريم لها بين رامة ... وبين المصلى مسمر ومقيل بسهم له نصل وفى النصل جمرة ... وفى الجمر سم ليس قط يقيل لها بين سلع والبقيع حذاقبا ... قباب أحاطت بالقباب نخيل ومن حولها نور يلوح ومندل ... يفوح على ذات الجمال دليل وحولى للومى عاذلات وسرنا ... فشا ومشى فى الناس قال وقيل يقولون يهواها ويهذى بذكرها ... فتى يافع أصل له وقبيل قلاهم ووالاها بهجر فهجره ... سباه جمال عندها وجميل وقالوا عزيز كان بين قبيلة ... حماة بأيديها الكمى صقيل وها هو قد أمسى غريبا ببلدة ... وليس بها حام له وحميل فقلت لهم حاشا وكلا فإننى ... لغوث الورى حامى الذمار نزيل مقر الندى مفنى العدا علم الهدى ... جلاء الصدى مجلى الردى ومزيل محمد المخصوص بالحوض واللوى ... شفيع البرايا بالأمان كفيل غياث لملهوف وغيث لناجع ... وظل لكل العالمين ظليل سراج ظلام للضلالة مذهب ... وبدر تمام للهداة دليل نفى الشرك أعلى الحق فالغى والهدى ... عزيز به هذا وذاك ذليل ومنها: ألا يا رسول الله يا أكرم الورى ... ومن جوده خير النوال ينيل ومن كفه سيحون منها ودجلة ... وجيحون تجرى والفرات ونيل مدحتك أرجو منك ما أنت أهله ... وأنت الذى فى المكرمات أصيل فيا خير ممدوح أثب شر مادح ... عطا مانح منه الجزاء جزيل وله [من الطويل]: أرى خلعة صفرا لها أنت دارع ... على جسمك المضنى لها الحب خالع لعينك دمع فى الدياجى مواصل ... وطعم الكرى للعين منك مقاطع أمسرى النسيم الرطب أغراك أم أتى ... يزورك طيف والعيون هواجع أم اشتقت للغزلان بين جلاجل ... وبين النقا بين الخزامى رواتع أم اجتزت يوما بالديار فلم تجد ... أنيسا فأبكتك الرسوم البلاقع أم الحب خان العهد أم فرق النوى ... أم الدهر فالدهر الخؤون مخادع أم اشتقت ماء بالعذيب عهدت أم ... شجتك بروق بالغوير لوامع

أم النفس حنت نحو نجد تذكرت ... معاهد أشجان إليها تنازع أم استذكرت عيشا بنعمان ناعما ... فيا ليتما أيام ذاك رواجع أم النشر من وادى العقيق شممت أم ... ضياء بدا من نحو طيبة ساطع أم ارتحت إذ لاحت قباب حذاقبا ... فجئت إلى جيران سلع تسارع أم الروضة الغرا هويت مزارها ... قصدت وحال دون تلك موانع أم القبة الحسنا جمال بهائها ... سباك فبدر الحسن من تلك طالع أضاءت به الظلماء عند طلوعه ... طراز جمال للمحاسن جامع مقر الندى مفنى العدا علم الهدى ... جلاء الصدى من وجهه النور لامع محمد المختار من آل هاشم ... له نسب فى ذروة المجد يانع سلالة عز من لؤى بن غالب ... إلى أصله الفخر المؤثل راجع بشهر ربيع لاثنتى عشرة خلت ... من الأول البدر المتمم طالع وآمنة قد أومنت ثقل حمله ... وسعدية قد أسعدتها المراضع وحوله للبارى سجود وللعدا ... أسود وللإعطا وفود تتابع لأعدائه سيف وللصحب جنة ... به يتقى فى الحرب من هو شاجع به تفخر العلياء والأرض والسما ... وكل الورى مع ذا هو المتواضع جليس اليتامى والمساكين رافع ... لهم ولأبناء الترفع واضع لعاص ومطواع عبوس وضاحك ... لصحب وأعدا مضر ونافع وله [من الطويل]: إلى كم أورى باللوى عن ربوعهم ... وعنهم أورى فى الهوى [ .... ] (6) أكنى بنجد عن ربا عزة ... وعن عزة أكنى بسعدى لفاهم وكنيت عن ليلى بنعمى تسترا ... وعن بطن نعمان كنيت بناعم وبالجزع والجرعاء والغور والنقا ... عن الخيف والبطحا وسلع وكاظم بهند ودعد حوف واش وحاسد ... أموه عن سلمى وعن أم سالم وليس دمى المسفوك فى المنحنى جرى ... ولكن فى وادى العقيق جرى دمى أحن إلى ذاك الحمى عند ذكره ... كأنى بذاك الحى نيطت تمائمى ومنها: نبى علا فوق السماوات منصبا ... بدا نوره من قبل نشأة آدم به الدهر أضحى ضاحكا متبسما ... عبوسا على أعدائه غير باسم

_ (6) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل

1487 ـ عبد الله بن أقرم بن زيد الخزاعى، أبو معبد المدنى

مليح فصيح أبيض أدعج إذا ... تبسم خلت البرق بين المباسم إلى شحمة الأذنين تكسوه وفرة ... حكت جنح ليل مظلم اللون فاحم أساميه منها أحمد ومحمد ... وكنيته موصولة باسم قاسم شفيع البرايا صاحب الحوض واللوى ... غياث الورى الدواهى الدواهم ومنها: كفى شرفا أن الحبيب مثبت ... لمذهل عقل للكليم وكالم بطرف أديب لم يزغ لا ولا طغى ... وقلب لبيب ساكن غير هائم رأى ووعى ما لم يرى غيره ولا ... وعى فى السما من آية ومعالم علا فوق كل المصطفين مقربا ... بأعلى مقام ما له من مزاحم وعاد قرير العين خلع الرضا ... وغانم ما يغتنم كل غانم بيمناه سيف الحق والرأس مكرم ... بتاج العلا والظهر يزهو بخاتم 1487 ـ عبد الله بن أقرم بن زيد الخزاعى، أبو معبد المدنى: له صحبة، وحديث واحد عن النبى صلى الله عليه وسلم، روى عنه ابنه عبيد الله. وقع لنا حديثه عاليا فى مسند ابن حنبل (1). وهو معدود فى أهل المدينة، على ما ذكر ابن عبد البر. 1488 ـ عبد الله بن أبى أمية بن المغيرة المخزومى: أخو أم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم. يأتى فى محله، وهو عبد الله بن حذيفة، لأن اسم أبى أمية: حذيفة، على ما ذكر الزبير بن بكار.

_ 1487 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1480، الإصابة ترجمة 4554، أسد الغابة ترجمة 2819، الثقات 3/ 242، تجريد أسماء الصحابة 1/ 297، تهذيب التهذيب 5/ 149، تلقيح فهوم أهل الأثر 382، التاريخ الكبير 5/ 32، تهذيب الكمال 2/ 666، الكاشف 2/ 72، تقريب التهذيب 1/ 402، طبقات ابن سعد 4/ 296، مسند أحمد 4/ 35، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 55، المعرفة ليعقوب 1/ 265، الترمذى 2/ 64 حديث 274، الجرح والتعديل الترجمة 3، معجم البلدان 4/ 413). (1) حديث رقم (15806، 15807، 15808) من طريق: عبد الرحمن بن مهدى قال: حدثنا داود بن قيس عن عبيد الله بن عبد الله بن أقرم قال: حدثنى أبى أنه كان مع أبيه بالقاع من نمرة فمر بنا ركب فقال أبى: يا بنى كن فى بهمك حتى آتى هؤلاء القوم فأسائلهم فدنا ودنوت فكنت أنظر إلى عفرتى إبطى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد. وأخرجه الترمذى فى سننه، كتاب الصلاة، حديث رقم (354)، وأخرجه النسائى فى الصغرى، حديث رقم (1096)، وأخرجه ابن ماجة فى سننه، حديث رقم (871). 1488 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1482، الإصابة ترجمة 4561، أسد الغابة ترجمة 2820، الثقات 3/ 215، تجريد أسماء الصحابة 1/ 297، الجرح والتعديل 5/ 10، التاريخ الكبير 5/ 7، طبقات فقهاء اليمن 35، تعجيل المنفعة 211، بقى بن مخلد 8821).

1489 ـ عبد الله بن أبى أمية بن وهب، حليف بنى أسد بن عبد العزى بن قصى وابن أختهم

1489 ـ عبد الله بن أبى أمية بن وهب، حليف بنى أسد بن عبد العزى بن قصى وابن أختهم: ذكره ابن عبد البر، نقلا عن الواقدى، قال: ولم يذكره ابن إسحاق. 1490 ـ عبد الله بن أبى بكر، المعروف بالكردى: نزيل مكة. كان رجلا صالحا كثير العبادة منعزلا عن الناس، مقبلا على شأنه، وكان جماعة يجتمعون عليه لقراءة «الحاوى الصغير»، وكان يحضر عند شيخنا الشيخ برهان الدين الأبناسى فى حال إشغاله بالحرم الشريف، سنة ثمان وستين وسبعمائة، ومعه منه نسخة ينظر فيها ولا يتكلم شيئا. واشتهر فى آخر عمره، واعتقد، ووقف كتبا كثيرة، وجعل مقرها رباط ربيع، وكان برباط رامشت، وصحب الشيخ عبد الله اليافعى، وكان يحضر مجلسه. توفى سنة خمس وثمانين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة، وقد بلغ الستين أو جاوزها. 1491 ـ عبد الله بن أيدغمش بن أحمد الدمشقى، أبو محمد، المعروف بالماردينى: سمع من الحافظين: أبى محمد عبد الغنى بن عبد الواحد المقدسى، وأبى نزار ربيعة بن الحسن المصرى، وصحب جماعة من المشايخ، وسلك طريقة الفقراء، وانقطع إليه جماعة، ورزق قبولا، خصوصا من الأمراء. وكان كثير الإقدام عليهم والإغلاظ لهم، وانقطع بمكة حتى توفى بها، فى الرابع من المحرم سنة اثنتين وستمائة. كتبت هذه الترجمة من التكملة للمنذرى، وترجمه: بالشيخ الصالح. 1492 ـ عبد الله بن باباه، ويقال بابيه، ويقال بابى المكى، مولى حجير بن أبى إهاب، وقيل مولى يعلى بن أمية: سمع جبير بن مطعم، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عمر، ويعلى بن أمية، وأبا هريرة.

_ 1489 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1483، الإصابة ترجمة 4563، أسد الغابة ترجمة 2821). 1492 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ الدورى 2/ 297، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 101، المعرفة ليعقوب 2/ 27 / 204، 205، 206، 207، الجرح والتعديل الترجمة 58، ثقات ابن حبان 5/ 13، الجمع لابن القيسرانى 1/ 271، الكاشف 2/ 2662، تهذيب التهذيب 2/ 132، إكمال مغلطاى 2/ 247، تهذيب الكمال 14/ 320).

1493 ـ عبد الله بن بديل بن ورقاء، ويقال ابن بشر، الخزاعى، ويقال الليثى المكى

روى عنه: عمرو بن دينار، وقتادة، وحبيب بن أبى ثابت، وأبو الزبير، وعبد الله بن أبى نجيح. روى له الجماعة. ووثقه النسائى. وقال أبو خليفة: صالح الحديث. وقال محمد بن أحمد البراء: قال على بن المدينى: عبد الله بن بابيه، من أهل مكة معروف، ويقال ابن باباه، ويقال ابن بابى. وقال عباس بن محمد: سمعت يحيى بن معين يقول: هؤلاء ثلاثة مختلفون. قال ابن عبد البر: والقول عندى ما قال ابن المدينى والبخارى، لا ما قال ابن معين. 1493 ـ عبد الله بن بديل بن ورقاء، ويقال ابن بشر، الخزاعى، ويقال الليثى المكى: سمع عمرو بن دينار، والزهرى، روى عنه عبد الرحمن بن مهدى، وأبو عامر العقدى، وأبو داود الطيالسى، وجماعة، روى له البخارى فى الأدب، وأبو داود، والنسائى. قال يحيى بن معين: هو صالح. وذكره ابن حبان فى الثقات؛ وقال ابن عدى: له أحاديث، مما ينكر عليه الزيادة فى متنه وإسناده. 1494 ـ عبد الله بن بديل بن ورقاء بن عبد العزى بن ربيعة الخزاعى: أسلم مع أبيه قبل الفتح على الصحيح، وقيل هما من مسلمة الفتح، وشهد حنينا والطائف وتبوك، على ما قال الطبرى وغيره، وشهد صفين مع على بن أبى طالب،

_ 1493 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير 5/ 127، الجرح والتعديل الترجمة 68، العلل حديث رقم 186، ثقات ابن حبان 7/ 21، الكامل لابن عدى 2/ 142، سنن الدارقطنى 2/ 200 ـ 201، الكاشف الترجمة 2266، تهذيب التهذيب 2/ 132، ميزان الاعتدال الترجمة 4220، إكمال مغلطاى 2/ 248، خلاصة الخزرجى الترجمة 3398، شذرات الذهب 1/ 46، تهذيب الكمال 14/ 3325). 1494 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1489، الإصابة ترجمة 4577، أسد الغابة ترجمة 2834، التاريخ الصغير 1/ 85، 95، التاريخ الكبير 3/ 57، تجريد أسماء الصحابة 1/ 299، الجرح والتعديل 5/ 14، تاريخ خليفة 161، 194، ثقات ابن حبان 5/ 12 الكامل فى التاريخ 3/ 44، 297، 298، 301، 302، 314، 409، الكاشف 2/ 74، الطبقات الكبرى 4/ 294، تقريب التهذيب 1/ 403، ميزان الاعتدال 2/ 4221، تهذيب التهذيب 5/ 155، تهذيب الكمال 4/ 667).

1495 ـ عبد الله بن جبير الخزاعى

وكان من أصحابه، وكان على رجالته يومئذ، وكان عليه على ما ذكر الشعبى: درعان وسيفان، ولم يزل يضرب بسيفه حتى انتهى إلى معاوية، فأزاله عن موقفه، وأزال أصحابه أيضا، فرموه بالحجارة حتى قتل، وكان له قدر وجلالة، وهو سيد خزاعة. ذكره ابن عبد البر. 1495 ـ عبد الله بن جبير الخزاعى: يعد فى الكوفيين. 1496 ـ عبد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر بن خزيمة بن أسد، أبو محمد الأسدى: روى عن النبى صلى الله عليه وسلم. أسلم على ما ذكره الواقدى، قبل دخول النبى صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وهاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، وشهد بدرا وأحدا، واستشهد بها، وجدع يومئذ، وكان يسأل الله فى ذلك، ولذلك قيل له المجدع، وكان النبى صلى الله عليه وسلم، بعثه فى بعض سراياه، فلما رجع من سريته خمس ما غنم وقسم سائر الغنيمة، فذلك أول خمس فى الإسلام. وسريته أول سرية على ما قيل. وهو حليف لبنى عبد شمس، وقيل لحارث بن أمية، وعاش نيفا وأربعين سنة.

_ 1495 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1500، الإصابة ترجمة 6319، أسد الغابة ترجمة 2856، تاريخ البخارى الكبير 5/ 140، الجرح والتعديل 5/ 119 المراسيل 103، ثقات ابن حبان 5/ 21، كشف الأستار رقم 3457، جمهرة ابن حزم 336، إكمال مغلطاى 2/ 252، مراسيل العلائق الترجمة 342، تهذيب التهذيب 5/ 168، تقريب التهذيب 1/ 406، خلاصة الخزرجى الترجمة 3420، تهذيب الكمال 14/ 358). 1496 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1502، الإصابة ترجمة 4601، أسد الغابة ترجمة 2858، الثقات 3/ 237، صفوة الصفوة 1/ 385، أزمنة التاريخ الإسلامى 717، حلية الأولياء 1/ 108، 109، أصحاب بدر 91، شذرات الذهب 1/ 54، تجريد أسماء الصحابة 1/ 302، تهذيب التهذيب 5/ 143، الجرح والتعديل 5/ 22، 101، الحلية 1/ 108، الأعلام 4/ 76، تعجيل المنفعة 216، علل الحديث 101، التاريخ لابن معين 3/ 299، دائرة معارف الأعلمى 31/ 177، معجم الثقات 295، تنقيح المقال 1782).

1497 ـ عبد الله بن جعفر بن أبى طالب الهاشمى، أبو جعفر الجواد

1497 ـ عبد الله بن جعفر بن أبى طالب الهاشمى، أبو جعفر الجواد: ولد بالحبشة، وهو أول من ولد بها من المسلمين باتفاق العلماء، على ما قال النووى وهاجر به أبوه إلى المدينة، مع المهاجرين وغيرهم ممن دخل فى الإسلام، فوصلوا إلى النبى صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر قد فتحها. وروى لعبد الله بن جعفر عن النبى صلى الله عليه وسلم، خمسة وعشرون حديثا، على ما قال النووى؛ وذكر أن البخارى ومسلما، اتفقا منها على حديثين. روى عنه بنوه: إسماعيل وإسحاق ومعاوية، والقاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق، وابن أبى مليكة، والشعبى، وجماعة. روى له الجماعة. قال ابن عبد البر: وكان كريما جوادا ظريفا حليما عفيفا، سمى بحر الجود، يقال إنه لم يكن فى الإسلام أسخى منه، ثم قال: ويقولون: إن أجواد العرب فى الإسلام عشرة، فأجود أهل الحجاز: عبد الله بن جعفر، وعبيد الله بن العباس بن عبد المطلب، وسعيد ابن العاص، وأجود أهل الكوفة: عتّاب بن ورقاء، أحد بنى رباح بن يربوع، وأسماء بن خارجة بن حصن الفزارى، وعكرمة بن ربعى الفياض، أحد بنى تيم الله بن ثعلبة. وأجود أهل البصرة: عمر بن عبد الله بن معمر، وطلحة بن خلف الخزاعى، ثم أحد بنى مليح، وهو طلحة الطلحات، وعبيد الله بن أبى بكرة. وأجود أهل الشام: خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبى العيص بن أمية. وليس فى هؤلاء كلهم، أجود من عبد الله بن جعفر، ولم يكن مسلم يبلغ مبلغه فى

_ 1497 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1506، الإصابة ترجمة 4609، أسد الغابة ترجمة 2864، الأخبار الموفقيات 80، السير والمغازى 48، المغازى للواقدى 766، سيرة ابن هشام 1/ 187، المحبر 55، تاريخ الثقات 251، المعرفة والتاريخ 1/ 223، تاريخ أبى زرعة 1/ 71، الثقات لابن حبان 3/ 207، الشعر والشعراء 1/ 287، الأخبار الطوال 184، الكنى والأسماء للدولابى 1/ 66، مشاهير علماء الأمصار رقم 15، المعارف 205، تاريخ اليعقوبى 2/ 65، أنساب الأشراف 3/ 292، تاريخ الطبرى 10/ 305، المنتخب من ذيل المذيل 547، الأسامى والكنى للحاكم 1/ 99، الولاة والقضاة 21، ربيع الأبرار 1/ 832، ثمار القلوب 88، مروج الذهب 1515، نسب قريش 81 ـ 82، تاريخ خليفة 184، 194، طبقات خليفة 126، 189، مسند أحمد 1/ 203، علل أحمد 119، 395، تاريخ البخارى الكبير الترجمة 11، تاريخه الصغير 1/ 2، 102، 143، 197، الكنى لمسلم الورقة 17، 58، المعرفة ليعقوب 1/ 223، 242، 360، 646492، 3/ 315، الجرح والتعديل الترجمة 96، الكندى 21، 23، المستدرك 3/ 566، جمهرة ابن حزم 38، 68، سير أعلام النبلاء 33/ 456، تهذيب الكمال 14/ 367).

الجود، وعوتب فى ذلك، فقال: إن الله عودنى عادة، وعودت الناس عادة وأنا أخاف إن قطعتها، قطعت عنى. ومدحه نصيب فأعطاه إبلا وثيابا وخيلا ودنانير ودراهم، فقيل له: أتعطى لهذا الأسود مثل هذا؟ فقال: إن كان أسود فشعره أبيض، ولقد استحق بما قال أكثر مما نال، وهل أعطيناه إلا ما يبلى وأعطانا مدحا يروى، وثناء يبقى، وقد قيل إن هذا الخبر، إنما جرى لعبد الله بن جعفر، مع عبيد الله بن قيس الرقيات، وأخباره فى الجود كثيرة. انتهى. ومن أخباره رضى الله عنه فى الجود، ما رويناه عنه، أنه أقرض الزبير بن العوام ألف ألف درهم، فلما قتل الزبير، قال عبد الله بن الزبير لعبد الله بن جعفر: وجدت فى كتب أبى أن له عليك ألف ألف درهم، فقال: هو صادق، فاقبضها إذا شئت، ثم لقيه فقال: يا أبا جعفر، إنى وهمت، المال لك على أبى، قال: لا أريد ذلك. قال: فإن شئت فهو لك، وإن كرهت ذلك، فلك منه شطره أو ما شئت. انتهى. ذكر ذلك النووى فى التهذيب. وقال الزبير بن بكار: وكان عبد الله بن جعفر جوادا ممدحا، وله يقول عبيد الله بن قيس الرقيات [من الطويل]: تعدت بى الشهباء نحو ابن جعفر (1) ... سواء عليها ليلها ونهارها تزور أمرأ قد يعلم الله أنه (2) ... تجود له كف قليل غرارها فو الله لولا أن تزور ابن جعفر ... لكان قليلا فى دمشق قرارها أتيتك أثنى بالذى أنت أهله (3) ... عليك كما أثنى على الروض جارها ذكرتك إذ فاض الفرات بأرضنا ... وجلل أعلى الرقمتين بحارها (4) فإن مت لم يوصل صديق ولم تقم ... طريق من المعروف أنت منارها

_ (1) فى الديوان 82: تقدت بى الشبهاء نحو ابن جعفر (2) فى الديوان 82: تزور فتى قد يعلم الله أنه (3) فى الديوان 82: أتيناك نثنى بالذى أنت أمله (4) فى الديوان 82: وجاش بأعلى الرقتين بحارها

وقال الزبير: حدثنى عمى مصعب بن عبد الله قال: قال عبد الملك بن مروان: يا ابن قيس، أما اتقيت الله حين تقول فى ابن جعفر: أنت رجل قد يعلم الله أنه تجود له كف قليل غرارها، ألا قلت: يعلم الناس، ولم تقل: قد يعلم الله، فقال له ابن قيس: قد والله علمه الله، وعلمته وعلمه الناس. وقال الزبير: حدثنى فليح بن إسماعيل بن إسماعيل قال: طلب عبد الله بن جعفر لابن أزاد مرد حاجة إلى على بن أبى طالب، فقضاها. فقال: هذه أربعون ألف درهم، فإن لك مؤونة، قال: إنا أهل بيت لا نأخذ على المعروف ثمنا. انتهى. وقال ابن عبد البر: وكان لا يرى بسماع الغناء بأسا. روى أن عبد الله بن جعفر، كان إذا قدم على معاوية أنزله داره، وأظهر له من بره وإكرامه ما يستحقه، فكان ذلك يغيظ فاختة بنت قرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف، زوجة معاوية، فسمعت ليلة غناء عند عبد الله بن جعفر، فأتت إلى معاوية فقالت له: هلم فاسمع ما فى منزل هذا الرجل، الذى جعلته بين لحمك ودمك، فجاء معاوية فسمع وانصرف، فلما كان فى آخر الليل، سمع معاوية قراءة عبد الله بن جعفر، فجاء فأنبه فاختة فقال: اسمعى مكان ما أسمعتنى. انتهى. وكان حاضر الجواب، لأن صاحب العقد قال: قال عبد الله بن صفوان ـ وكان أميّا ـ لعبد الله بن جعفر بن أبى طالب: يا أبا جعفر، لقد صرت حجة لفتياننا علينا، إذا نهيناهم عن الملاهى قالوا: هذا ابن جعفر سيد بنى هاشم يحضرها ويتخذها، قال له: وأنت أبا صفوان، صرت حجة لصبياننا علينا، إذا لمناهم فى ترك المكتب قالوا: هذا أبو صفوان سيد بنى جمح، لا يقرأ آية ولا يحفظها. انتهى. واختلف فى وفاة عبد الله بن جعفر، فقيل: سنة ثمانين من الهجرة، وبه جزم الزبير ابن بكار، ورجحه ابن عبد البر، قال: وهو ابن تسعين سنة. وذكر النووى؛ أنه الصحيح، وذكر المزى: أنه الأصح. وقيل سنة تسعين، حكاه النووى عن جماعة ولم يسمهم، والمزى أيضا. وقيل سنة أربع أو خمس وثمانين، حكاه ابن عبد البر قال: وهو ابن ثمانين سنة. وما ذكره ابن عبد البر فى مبلغ سنه على القول الأول، بأنه توفى سنة تسعين، لأن النووى ذكر أن لعبد الله بن جعفر عشر سنين حين توفى النبى صلى الله عليه وسلم، واتفقوا على أنه توفى بالمدينة، وأن أبان بن عثمان والى المدينة صلى عليه. وذكر النووى: أنه حضر غسله وكفنه وحمله أبان مع الناس بين العمودين، ولم يفارقه حتى وضع بالبقيع، ودموع أبان تسيل على خده، ويقول: كنت والله خيرا لا

1498 ـ عبد الله بن أبى جهم بن حذيفة بن غانم العدوى

شر فيك، وكنت والله شريفا واصلا برّا. وذكر النووى: أن الناس ازدحموا على حمل سريره. وذكر ابن قتيبة: أنه ولد لعبد الله بن جعفر، سبعة عشر ولدا، بنين وبنات وذكرهم بأسمائهم. 1498 ـ عبد الله بن أبى جهم بن حذيفة بن غانم العدوى: أسلم يوم الفتح، وخرج إلى الشام غازيا، فقتل بأجنادين. ذكره ابن عبد البر وابن قدامة. 1499 ـ عبد الله بن الحارث بن أبزى المكى: عن أمه ريطة، عن أبيها، قال: قال لى النبى صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: «ما اسمك»؟ قلت: غراب. قال: «أنت مسلم». وعنه محمد بن سنان العوفى، ومعلى بن هشام وغيرهما. وقال أبو حاتم: لا بأس به. ذكره الذهبى فى التهذيب، وعلم عليه علامة البخارى فى الأدب المفرد. 1500 ـ عبد الله بن الحارث بن أبى أمية الأصغر بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصى بن كلاب القرشى الأموى العبشمى: هكذا نسبه الزبير، وذكر أنه ورث عبد شمس، وكان أقعدهم ـ يعنى نسبا ـ فحج معاوية فى خلافته، ودخل ينظر إلى الدار، فخرج عبد الله بن الحارث وهو شيخ كبير، بمحجن ليضربه، وقال: لا أشبع الله بطنك، أما تكفيك الخلافة حتى تطلب الدار! فخرج معاوية يضحك. انتهى بالمعنى. ولم يصرح الزبير بكون المذكور صحابيا، والظاهر أن له صحبة، وقد ذكره الكاشغرى فى الصحابة. 1501 ـ عبد الله بن الحارث بن أبى ربيعة المخزومى: قال ابن عبد البر: ذكروه فى الصحابة، ولا يصح عندى ذكره فيهم، وحديثه عندى

_ 1498 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1507، الإصابة ترجمة 4612، أسد الغابة ترجمة 2866). 1499 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الترجمة 165، الجرح والتعديل الترجمة 145، الكاشف 2/ 2698، تهذيب التهذيب 2/ 136، تقريب التهذيب 1/ 407، خلاصة الخزرجى 2/ 3436، تهذيب الكمال 14/ 391). 1500 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 5/ 45). 1501 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1510، الإصابة ترجمة 6603، أسد الغابة ترجمة 2874).

1502 ـ عبد الله بن الحارث بن أبى ضرار الخزاعى

مرسل. وذكر الكاشغرى نحو ذلك، وذكر أن حديثه فى قطع يد السارق. 1502 ـ عبد الله بن الحارث بن أبى ضرار الخزاعى: أخو جويرية أم المؤمنين، ذكر ابن عبد البر: أنه قدم على النبى صلى الله عليه وسلم فى فداء أسارى بنى المصطلق، وغيب ذودا كان معه، وجارية سوداء، فأخبره النبى صلى الله عليه وسلم بذلك، فأسلم. 1503 ـ عبد الله بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمى: ذكر ابن عبد البر: أنه كان يسمى عبد شمس، فسماه النبى صلى الله عليه وسلم: عبد الله. ومات بالصفراء (1) فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم فدفنه فى قميصه. وذكر الذهبى: أنه أسلم قبيل الفتح. 1504 ـ عبد الله بن الحارث بن عبد الملك المخزومى: من أهل مكة، يروى عن سيف بن سليمان، وأهل الحجاز. روى عنه أحمد بن حنبل، وحامد بن يحيى البلخى. 1505 ـ عبد الله بن الحارث بن عبد الملك المخزومى المكى، أبو محمد: روى عن الضحاك بن سليمان، وحنظلة بن أبى سفيان، وابن جريج، وجماعة. وروى عنه: الشافعى، والحميدى، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وجماعة. روى له مسلم وأصحاب السنن الأربعة، قال أحمد: ما به بأس. وقال يعقوب بن شيبة: ثقة. 1506 ـ عبد الله بن الحارث بن عمرو بن مؤمل القرشى العدوى: ذكر ابن عبد البر: أنه ولد على عهد النبى صلى الله عليه وسلم، وحنكه، وأنه لا صحبة له.

_ 1502 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1513، الإصابة ترجمة 4618، أسد الغابة ترجمة 2877، الجرح والتعديل 5/ 134). 1503 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1514، الإصابة ترجمة 4621، أسد الغابة ترجمة 2878). (1) الصفراء: قرية كثيرة النخل والمزارع، وهى فوق ينبع مما يلى المدينة. انظر: معجم البلدان (الصفراء). 1504 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 33، تهذيب الكمال 394). 1506 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1515، الإصابة ترجمة 6183، أسد الغابة ترجمة 2879).

1507 ـ عبد الله بن الحارث بن قيس بن عدى السهمى

1507 ـ عبد الله بن الحارث بن قيس بن عدى السهمى: من مهاجرة الحبشة، وكان شاعرا، وهو الذى يقال له المبرق، لبيت قاله، وهو [من الطويل]: إذا أنا لم أبرق فلا يسعننى ... من الأرض بر ذو فضاء ولا بحر 1508 ـ عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، الملقب ببة: لقبه بذلك أمه، وقيل أهل البصرة. وكان اصطلح عليه أهلها بعد موت يزيد وبايعوه، حتى يتفق الناس على إمام، وأقره ابن الزبير على البصرة، وكان سكنها ثم خرج منها هاربا من الحجاج عند انقضاء فتنة ابن الأشعث، على ما ذكر ابن سعد، وذكر أنه مات بعمان سنة أربع وثمانين. وقال ابن حبان: توفى سنة تسع وسبعين، قتله السموم، ودفن بالأبواء وكان أتى به النبى صلى الله عليه وسلم حين ولد فحنكه ودعا له. وروى عن عمر وعثمان وعلى رضى الله عنهم. وروى عنه ابناه: إسحاق وعبد الله، والزهرى، وطائفة. روى له الجماعة. وثقة ابن معين، وابن المدينى. وذكره مسلم فى الطبقة الأولى من تابعى أهل مكة، ولما ذكره صاحب الكمال قال: المدنى، ثم قال: تحول إلى البصرة. 1509 ـ عبد الله بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومى: روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، وحديثه مرسل، على ما قيل. ولا صحبة له، إلا أنه ولد على عهد النبى صلى الله عليه وسلم، وذكره ابن عبد البر وابن قدامة.

_ 1507 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1517، الإصابة ترجمة 4624، أسد الغابة ترجمة 2881، سير أعلام النبلاء 2/ 11، مسند أحمد 3/ 450، طبقات ابن سعد 4/ 189، طبقات خليفة 26، تاريخ الفسوى 1/ 252، الجرح والتعديل 5/ 29، المستدرك 3/ 630، 631، ابن عساكر 9/ 255، تهذيب الكمال 3/ 211). 1508 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1518، الإصابة ترجمة 6184، أسد الغابة ترجمة 2882، طبقات ابن سعد 5/ 24، 7/ 100، تاريخ الدورى 2/ 3300، تاريخ خليفة 258، 259، علل ابن المدينى 7، علل أحمد 1/ 50، 79، 80، 89، 190، 235، 349، جامع الترمذى 5/ 534، ثقات العجلى 28، أنساب القرشيين 80، الكاشف 2/ 2699، العبر 1/ 98، 121، معرفة التابعين 23، تهذيب التهذيب 2/ 137، إكمال مغلطاى 2/ 256، الألقاب 25، تقريب التهذيب 1/ 408، خلاصة الخزرجى ترجمة 344، شذرات الذهب 1/ 94، تهذيب تاريخ دمشق 7/ 349). 1509 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1519، الإصابة ترجمة 6185، الجرح والتعديل 5/ 32).

1510 ـ عبد الله بن حبشى الخثعمى

1510 ـ عبد الله بن حبشى الخثعمى: أبو قبيلة، صحابى، له عن النبى صلى الله عليه وسلم، حديث: إن النبى صلى الله عليه وسلم، سئل: أى الأعمال أفضل؟ قال: «طول القيام» (1). وحديث: «من قطع سدرة ـ يعنى من سدر الحرم ـ صوب الله رأسه فى النار» (2). رواه عنه: سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم، وعبيد بن عمير، ومن طريقهما رواه أبو داود والنسائى فى سننهما. وذكره مسلم فى الصحابة المكيين. وقال ابن حبان: عداه فى أهل مكة. وقال صاحب الكمال: سكن مكة. 1511 ـ عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدى السهمى، أبو حذيفة: هاجر إلى الحبشة، على ما ذكر ابن إسحاق والواقدى، ثم إلى المدينة وشهد بدرا فى

_ 1510 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1522، الإصابة ترجمة 4635، أسد الغابة ترجمة 2886، الثقات 3/ 240، تجريد أسماء الصحابة 1/ 304، الكاشف 2/ 29، تهذيب التهذيب 5/ 183، التاريخ الكبير 3/ 25، 5/ 25، الحلية 2/ 14، تهذيب الكمال 2/ 673، الطبقات 116، تقريب التهذيب 1/ 408، الإكمال 2/ 384). (1) أخرجه النسائى فى السنن الصغرى، كتاب الزكاة، حديث رقم (2479)، وكتاب الإيمان وشرائعه، حديث رقم (4900)، أخرجه أبو داود فى سننه، كتاب الصلاة، حديث رقم (1129، 1337). (2) أخرجه أبو داود فى سننه، فى كتاب الأدب، حديث رقم (4561)، من طريق: نصر ابن على أخبرنا أبو أسامة عن ابن جريج عن عثمان بن أبى سليمان عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم عن عبد الله بن حبشى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قطع سدرة صوب الله رأسه فى النار» سئل أبو داود عن معنى هذا الحديث فقال: هذا الحديث مختصر يعنى من قطع سدرة فى فلاة يستظل بها ابن السبيل والبهائم عبثا وظلما بغير حق يكون له فيها صوب الله رأسه فى النار. حدثنا مخلد بن خالد وسلمة يعنى ابن شبيب قالا: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن عثمان بن أبى سليمان عن رجل من ثقيف عن عروة بن الزبير يرفع الحديث إلى النبى صلى الله عليه وسلم نحوه. 1511 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1526، الإصابة ترجمة 4641، أسد الغابة ترجمة 2891، الثقات 3/ 26، المحن 386، تاريخ الإسلام 3/ 196، حسن المحاضرة 1/ 212، تجريد أسماء الصحابة 1/ 305، تهذيب التهذيب 5/ 185، تلقيح فهوم أهل الأثر 374، الأعلام 4/ 78، التاريخ الكبير 3/ 80، الطبقات 26، الكاشف 2/ 79، تقريب التهذيب 1/ 409، خلاصة تذهيب الكمال 2/ 49، الوافى بالوفيات 17، 125، معجم الثقات 296، الضعفاء الكبير 4/ 1536، البداية والنهاية 7/ 220، المعرفة والتاريخ 1/ 252، طبقات ابن سعد 4/ 189، تاريخ خليفة 79، 98، 142، علل ابن المدينى 79، مسند أحمد 3/ 450، المعارف 135، الجرح والتعديل الترجمة 127، الكامل لابن عدى 2/ 145، خلاصة الخزرجى 2/ 3449، تهذيب تاريخ دمشق 7/ 354).

1512 ـ عبد الله بن أبى أمية حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى

قول بعضهم، وأرسله النبى صلى الله عليه وسلم إلى كسرى، وأسره الروم فى سنة تسع عشرة، وأراده علىلكفر فأتى، فعذب عذابا شديدا، فأبى، فقال له ملك الروم: قبل رأسى وأطلقك، فقال: لا. قال: قبل رأسى وأطلقك أنت ومن معك من المسلمين، فقبل رأسه فأطلقه، وأطلق معه ثمانين أسيرا، فقدم بهم على عمر رضى الله عنه، ولما أخبره بذلك، قبل رأسه وقبله المسلمون معه. وكان فيه دعابة معروفة، منها على ما يقال: أنه حل غرضة رحل النبى صلى الله عليه وسلم فى بعض أسفاره، حتى كاد يسقط، كى يضحك. ومنها: أنه أمر أصحابه الذين كانوا معه فى السرية التى أمره فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يوقدوا نارا وأن يقتحموها. قال البغوى: بلغنى أنه مات فى خلافة عثمان رضى الله عنه، وكانت وفاته بمصر، ودفن بمقبرتها على ما ذكر ابن لهيعة. 1512 ـ عبد الله بن أبى أمية حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى: قال الزبير بن بكار: كان شديد الخلاف على المسلمين، ثم خرج مهاجرا من مكة يريد النبى صلى الله عليه وسلم، فلقيه بالطلوب بين السقيا والعرج، وهو وأبو سفيان بن الحارث، فأعرض عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت له أم سلمة: يا رسول الله، تجعل ابن عمك وأخى ابن عمتك أشقى الناس بك؟ وقال على بن أبى طالب رضى عنه لأبى سفيان بن الحارث: ايت رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل وجهه، فقل له ما قال إخوة يوسف ليوسف: (تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ) [يوسف: 91] فإنه لا يرضى أن يكون أحد أحسن منه قولا، ففعل ذلك أبو سفيان، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [يوسف: 92] وقبل منهما وأسلما، وهو أخو أم سلمة لأبيها وأمها، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة وحنين، وقتل يوم الطائف شهيدا. وذكر الزبير قال: حدثنى محمد بن سلام قال: حدثنى ابن جعدبة، قال: عند عبد الله ابن عمر بن مخزوم، أربع عواتك: عاتكة بنت عبد المطلب، وهى أم زهير وعبد الله، وهو الذى قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) [الإسراء: 90].

_ 1512 ـ سبق فى الترجمة (1488).

1513 ـ عبد الله بن حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب الأسدى

1513 ـ عبد الله بن حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب الأسدى: ذكر ابن عبد البر: أنه وإخوته: هشاما وخالدا ويحيى بن حكيم بن حزام، وأباهم حكيما صحبوا النبى صلى الله عليه وسلم، وكان إسلامهم يوم الفتح. وقتل عبد الله يوم الجمل، مع عائشة رضى الله عنها، وكان صاحب لواء طلحة والزبير بن العوام يومئذ. انتهى. بالمعنى. ولم يذكر الزبير بن بكار من أولاد حكيم، سوى هشام بن حكيم، وعبد الله بن حكيم، ولم يذكر لعبد الله صحبة، وقال: قتل يوم الجمل، وأمه زينب بنت العوام بن خويلد، فقالت أمه ترثيه (1) [من الطويل]: أعينى جودا بالدموع وأسرعا (2) ... على رجل طلق اليدين كريم زبيرا وعبد الله ندعو لحارث ... وذى خلة منا وحمل يتيم قتلتم حوارى النبى وصهره ... وصاحبه فاستبشروا بجحيم وقد هدنى قتل ابن عفان قبله ... وجادت عليه عبرتى بسجوم وأيقنت أن الدين أصبح مدبرا ... فكيف نصلى بعده ونصوم وكيف بنا أم كيف بالدين بعدما ... أصيب ابن أروى وابن أم حكيم وعطشتم عثمان فى جوف داره ... شربتم كشرب الهيم شرب حميم 1514 ـ عبد الله بن حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم المخزومى: ذكر ابن عبد البر: أن له صحبة، وأن له حديثا مرفوعا (5) فى فضل أبى بكر وعمر

_ 1513 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1530، الإصابة ترجمة 44651، أسد الغابة ترجمة 2901). (1) انظر: نسب قريش 7/ 232. (2) فى نسب قريش: أعينى جودا بالدموع فأفرغا انظر: الديوان 7/ 232. 1514 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1534، الإصابة ترجمة 4655، أسد الغابة ترجمة 2908). (1) أخرجه الترمذى فى سننه، فى كتاب المناقب، حديث رقم (3604) من طريق: قتيبة حدثنا ابن أبى فديك عن عبد العزيز بن المطلب عن أبيه عن جده عبد الله بن حنطب أن ـ

1515 ـ عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبى العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى المكى

وقريش، مضطرب الإسناد، ولا يثبت من رواية ابنه المطلب عنه. وقال الترمذى: إنه حديث مرسل. 1515 ـ عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبى العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى المكى: أمير مكة وفارس، أما ولايته على مكة، فلعثمان بن عفان ومعاوية بن أبى سفيان رضى الله عنهما، على ما ذكر الفاكهى، لأنه قال فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله: «ذكر من مات من الولاة بمكة ومات بها»: عبد الله بن خالد بن أسيد، وكان عاملا لعثمان. انتهى. وقال لما ذكر ولاة مكة من قريش: ومن ولاة مكة أيضا: عبد الله بن خالد بن أسيد فى زمن معاوية. انتهى. وذكر الأزرقى ما يدل لولايته على مكة، وقت حجة معاوية الأولى، وهى سنة أربع وأربعين من الهجرة. أما ولايته لفارس، فذكرها الزبير بن بكار، لأنه قال: ومات خالد ـ يعنى أبا عبد الله ـ هذا بمكة وله من الولد عبد الله بن خالد. واستعمله زياد على فارس، ووهب له بنت المكعبر، فولدت الحارث، واستخلفه زياد حين مات على عمله، فأقره معاوية، وهو صلى على زياد. ولعبد الله بن خالد يقول أبو حرابة (1) [من الرجز]: إنى وإن كنت كبيرا نازح تطوح الدار بى المطاوحا ألقى من الغرام برحا بارحا لمادح إنى كفانى مادحا من لم يجد فى زنده قوادحا إن لعبد الله وجها واضحا ونسبا فى الأكرمين صالحا

_ ـ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى أبا بكر وعمر فقال: هذان السمع والبصر. وفى الباب عن عبد الله ابن عمرو قال أبو عيسى: هذا حديث مرسل وعبد الله بن حنطب لم يدرك النبى صلى الله عليه وسلم. 1515 ـ عبد الله بن خالد بن أسيد. انظر: (أخبار مكة 1/ 69). (1) انظر: نسب قريش 6/ 188.

1516 ـ عبد الله بن خلف الخزاعى، أبو الطلحات

قال الزبير: وحدثنى محمد بن سلام عن أبيه قال: قال عبد الله بن خالد بن أسيد، لعبد الله بن عمر: كلم لى أمير المؤمنين، فإن لى عيالا ودينا، قال: كلمه، فإنك ستجده برّا واصلا، فكلمه، فزوجه ابنته، وأعطاه مائة ألف، فولدت له عثمان بن عبد الله، فكان لا يكاد يكلم إخوته ولا الناس كبرا بعثمان بن عفان رضى الله عنه. انتهى. وقال الذهبى: استعمله زياد على بلاد فارس، ثم استخلفه حين مات، فأقره معاوية. انتهى. وقد ذكر فى الصحابة. وقال الذهبى: تبعد صحبته. وقال الكاشغرى: فى صحبته ورؤيته نظر. ومقتضى كلام ابن قدامة، أن يكون صحابيا، لأنه على ما ذكر وضع كتابه لتبيين نسب النبى صلى الله عليه وسلم، والصحابة من أقاربه، قال: وإليه ينسب شعب عبد الله بن خالد ابن أسيد، يعنى الشعب الذي في حد الحرم، من جهة الجعرانة. 1516 ـ عبد الله بن خلف الخزاعى، أبو الطلحات: ذكره ابن عبد البر قال: كان كاتبا لعمر على ديوان البصرة. لا أعلم له صحبة، وفى ذلك نظر. وذكره الذهبى، وزاد فى نسبه: أسعد، وقال: قتل مع عائشة رضى الله عنهما فى يوم الجمل، ولم يتعرض لطعن فى صحبته. 1517 ـ عبد الله بن أبى ربيعة ـ واختلف فى اسم أبى ربيعة، فقيل عمرو، وهو الأكثر، وقيل حذيفة، وقيل اسمه كنيته ـ بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم المخزومى: أسلم يوم الفتح، وهو على ما قيل، أحد الرجلين اللذين أجارتهما أم هانئ فى ذلك اليوم، والآخر الحارث بن هشام فيما قيل. وكان اسمه «بجيرا»، فسماه النبىصلى الله عليه وسلم «عبد الله» وولاه الجند على ما ذكر الزبير، وذكر الزبير وغيره أن عمر ولاه اليمن: صنعاء والجند، وولاه ذلك عثمان، ثم جاء لينصره لما حصر، فسقط عن راحلته بقرب مكة،

_ 1516 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1540، الإصابة ترجمة 6326). 1517 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1546، الإصابة ترجمة 4689، أسد الغابة ترجمة 2939، الثقات 3/ 217، التاريخ الصغير 1/ 3، 62، تاريخ الإسلام 3/ 276، العبر 1/ 36، تلقيح فهوم أهل الأثر 377، التاريخ الكبير 3/ 9، الطبقات الكبرى 2/ 36، 40، طبقات فقهاء اليمن 37، 40، الكاشف 2/ 85، تقريب التهذيب 1/ 414، الوافى بالوفيات 17/ 164).

1518 ـ عبد الله بن رجاء البصرى، أبو عمران

فمات. وله عن النبى صلى الله عليه وسلم حديث: «إنما جزاء السلف الحمد والوفاء» وكان من أشراف قريش فى الجاهلية، وهو الذى بعثته قريش مع عمرو بن العاص إلى النجاشى، وكان من أحسن الناس وجها. وذكر ابن عبد البر: أنه يعد فى أهل المدينة. وذكر الذهبى: أنه توفى سنة خمس وثلاثين. 1518 ـ عبد الله بن رجاء البصرى، أبو عمران: سكن مكة، روى عن عبيد بن عمير، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، وابن جريج، وموسى بن عقبة، وجرير بن حازم، وغيرهم. روى عنه: الحميدى، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن معين، ومحمد ابن إسماعيل، وعلى بن عبد العزيز البغوى، ومحمد بن عبد الله بن يزيد المقرى. روى له الجماعة، إلا البخارى. قال ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال الأزدى: عنده مناكير. ومن مناكيره كما ذكر أحمد بن حنبل، ما رواه عن عبيد بن عمير، عن نافع، عن ابن عمر، مرفوعا: «الحلال بين والحرام بين». وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وكان من أهل البصرة، فانتقل إلى مكة فنزلها، إلى أن مات بها. انتهى. قال الذهبى: توفى بعد التسعين ومائة، قبل ابن عيينة. 1519 ـ عبد الله بن رزق المخزومى: روى عنه عمران بن أبى أنس، ولا تعرف له صحبة ولا رواية. ذكره هكذا الذهبى. وذكره الكاشغرى، وقال: ذكر فى الصحابة، ولا يعرف له صحبة. 1520 ـ عبد الله بن زائدة القرشى العامرى: هو ابن أم مكتوم الأعمى. وسيأتى فى باب عمرو، فإنه الراجح فى اسمه. 1521 ـ عبد الله بن الزبعرى بن قيس بن عدى بن سعد بن سهم القرشى السهمى: الشاعر المشهور، ذكر ابن عبد البر: أنه كان من أشد الناس على النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه

_ 1518 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 51). 1519 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 81). 1520 ـ سيأتى ذكره فى الترجمة رقم 2219. 1521 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1551، الإصابة ترجمة 4697، أسد الغابة ترجمة 2946).

بلسانه ونفسه، فلما كان يوم الفتح هرب، فرماه حسان بن ثابت ـ وكان يهاجيه ويهاجى كعب بن مالك ـ ببيت واحد، وهو: لا تعدمن رجلا أحلك بغضه ... بحران فى عيش أجد لئيم (1) فلما بلغه ذلك، قدم على النبى صلى الله عليه وسلم، واعتذر إليه، فقبل عذره، وأسلم وحسن إسلامه، وشهد ما بعد الفتح من المشاهد. وله أشعار فى مدح النبى صلى الله عليه وسلم، والاعتذار إليه، منها (2) [من الكامل]: منع الرقاد بلابل وهموم ... والليل معتلج الرواق بهيم مما أتانى أن أحمد لا منى ... فيه فبت كأننى محموم يا خير من حملت على أوصالها ... عيرانة سرح اليدين عشوم إنى لمعتذر إليك من الذى ... أسديت، إذ أنا فى الضلال مقيم (3) أيام تأمرنى بأغوى خطة ... سهم، وتأمرنى بها مخزوم وأمد أسباب الردى ويقودنى ... أمر الغواة وأمرهم مشئوم مضت العداوة وانقضت أسبابها ... وأتت أياصر بيننا وحلوم (4) فاغفر فدا (5) لك والدى كلاهما ... وارحم فإنك راحم مرحوم وعليك من سمة المليك علامة ... نور أغر وخاتم مختوم أعطاك بعد محبة برهانه ... شرفا وبرهان الإله عظيم وله أيضا فى الاعتذار إلى النبى صلى الله عليه وسلم، من قصيدة (6) [من الكامل]: سرت الهموم فبتن كالسقم ... ودخلن بين الجلد والعظم (7) ندما على ما كان من زللى (8) ... إذ كنت فى فتن من الإثم

_ (1) فى الاستيعاب ترجمة 1551: لا تعد رجلا أحلك بغضه ... نجران فى عيش أجد أثيم وانظر البيت فى: (الإصابة ترجمة 4697، أسد الغابة ترجمة 2946) (2) انظر: الاستيعاب ترجمة 1551. (3) فى الاستيعاب ترجمة 1551: إنى لمعتذر إليك من التى ... أسديت إذ أنا فى الضلال أهيم (4) فى الاستيعاب ترجمة 1551: وأنت أواصر بيننا وحلوم (5) فى الاستيعاب: «فدى». (6) انظر: الاستيعاب ترجمة 1551: (7) فى الاستيعاب: سرت الهموم بمنزل السهم ... إذ كن بين الجلد والعظم (8) فى الاستيعاب: «زلل».

1522 ـ عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى الهاشمى، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم

حيران يعمه فى ضلالته ... مستوردا لشرائع الظلم واختلف فيه وفى ضرار بن الخطاب أيهما أشعر، فقال محمد بن سلام: بمكة شعراء، وأبرعهم شعرا عبد الله بن الزبعرى. وقال الزبير بن بكار: وشعره ـ يعنى ابن الزبعرى ـ كثير، يقول رواة قريش: إنه شاعرهم فى الجاهلية، فأما ما سقط إلينا من شعره وشعر ضرار بن الخطاب، فضرار أشعر وأقل سقطا. وقد انقرض ولده، وأمه عاتكة بنت عبد الله بن عمير بن أهيب بن حذافة بن جمح. 1522 ـ عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى الهاشمى، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان ممن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، واستشهد بأجنادين، لا بقية له. انتهى. وقال غيره: أسلم وجاهد فى سبيل الله، واستشهد بأجنادين بعد أن قتل جماعة من الروم، عن نحو ثلاثين سنة، أحد الفرسان والأبطال. ويروى أن النبى صلى الله عليه وسلم، قال: «ابن عمى وحبى». ولا تحفظ له رواية. انتهى. 1523 ـ عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب القرشى الأسدى، أبو بكر، وأبو خبيب المدنى المكى: أمير المؤمنين، ولد بالمدينة فى السنة الثانية من الهجرة، وهو أول مولود ولد بها من

_ 1522 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1552، الإصابة ترجمة 4699، أسد الغابة ترجمة 2948، الجرح والتعديل 5/ 56، طبقات ابن سعد 5/ 502، التاريخ لابن معين 308، التاريخ الكبير 5/ 96، التاريخ الصغير 2/ 339، طبقات الشيرازى 99، الجمع بين رجال الصحيحين 1/ 265، الأنساب 4/ 231، المعجم المشتمل 153، تهذيب الكمال 682، تهذيب التهذيب 2/ 144 / 2، تذكره الحفاظ 2/ 413، العبر 1/ 377، الكاشف 2/ 86 سير أعلام النبلاء 10/ 616). 1523 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1553، الإصابة ترجمة 4700، أسد الغابة ترجمة 2949، حلية الأولياء 1/ 329، 337، حسن المحاضرة 1/ 212، الرياض المستطابة 201، شذرات الذهب 1/ 42، 44، البداية والنهاية 8/ 238، تجريد أسماء الصحابة 1/ 311، تهذيب التهذيب 5/ 213، رياض النفوس 1/ 42، غاية النهاية 1/ 499، التاريخ الكبير 3/ 6، صفوة الصفوة 9/ 117، تهذيب الكمال 2/ 682، طبقات فقهاء اليمن 51، 53، 58، الطبقات 13/ 189، 232، الطبقات الكبرى 9/ 117، طبقات الحفاظ 41، 49، الكاشف 2/ 86، تقريب التهذيب 1/ 415، الوافى بالوفيات 17/ 172، روضات الجنان 1/ 10، 93، 4/ 98، 209، 280، المؤتلف والمختلف 63، التبصرة والتذكرة 1/ 156، الثقات 3/ 212، ثروة أصحاب الحديث 19، العلل للدارقطنى 2/ 19، بقى بن مخلد 90، الجرح والتعديل 771).

قريش، وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم ثلاثة وثلاثين حديثا، اتفقا على ستة، وانفرد مسلم بحديثين. روى عنه بنوه: عباد وعامر وثابت، وحفيداه: يحيى بن عباد، ومصعب بن ثابت، وأخوه عروة بن الزبير، وابنه عبد الله بن عروة. ورآه هشام بن عروة وحفظ عنه. وروى عنه خلق من التابعين. روى له الجماعة. ولما مات معاوية بن أبى سفيان، طلب للبيعة ليزيد بن معاوية، فاحتال حتى صار إلى مكة، وصار يطعن على يزيد بن معاوية، ويدعو إلى نفسه سرا، فجهز إليه عمرو بن سعيد بن العاص المعروف بالأشدق والى المدينة جيشا منها، فيه عمرو بن الزبير، لقتاله بمكة، لما بين عمرو وعبد الله من العداوة، وفى الجيش أنيس بن عمرو الأسلمى، فنزل أنيس بذى طوى، ونزل عمرو بالأبطح، وأرسل لأخيه عبد الله يقول: تعال حتى أجعل فى عنقك جامعة من فضة، لتبر قسم يزيد، فإنه حلف ألا يقبل بيعتك، إلا أن يؤتى بك إليه فى جامعة، فأتى عبد الله من ذلك، وأظهر له الطاعة ليزيد، وخادع عمرا، وكان يصلى وراءه مع الناس، وأنفذ قوما لقتال أنيس، فلم يشعر بهم إلا وهم معه، فالتقوا وقتل أنيس، وبعث قوما لقتال عمرو بن الزبير، فانهزم أصحابه، وأتى به لعبد الله بن الزبير، فأقاد منه جماعة ينتف لحيته وضربه وغير ذلك، لأنه كان فعل بهم ذلك فى المدينة، لموادتهم أخاه عبد الله بن الزبير، وأقام عبد الله بمكة يظهر الطاعة ليزيد، ويؤلب عليه الناس بمكة والمدينة، حتى طرد أهل المدينة عامل يزيد عليها مع بنى أمية، إلا ولد عثمان بن عفان رضى الله عنه، وخلعوا يزيد، فغضب لذلك يزيد، وبعث مسلم بن عقبة المرى فى اثنى عشر ألفا، وقال له: ادع أهلها ثلاثا، فإن أجابوك وإلا فقاتلهم، فإذا ظهرت عليهم، فأبحها ثلاثا، ثم اكفف عن الناس، وأمره بالمسير بعد ذلك لابن الزبير، وأنه إن حدث به أمر فليستخلف الحصين بن نمير السكونى، فسار بهم، فلما وصل بهم إلى المدينة، فعل فيها أفعالا قبيحة من القتل والسبى والنهب وغير ذلك، وأسرف فى ذلك، فسمى مسرفا لذلك، وهذه الواقعة، هى وقعة الحرة. وذكر المسعودى: أن المقتولين فى هذه الواقعة من أبناء الأنصار والمهاجرين، يزيدون على أربعة آلاف. وكانت هذه الوقعة لثلاث بقين من ذى الحجة سنة ثلاث وستين من الهجرة، وأتى خبرها ابن الزبير هلال المحرم سنة أربع وستين، فلحقه من ذلك أمر عظيم، واستعد هو وأصحابه لمسلم بن عقبة، وأيقنوا أنه نازل بهم، وشخص إليه مسلم، فلما انتهى إلى المشلل ـ وقيل لقديد ـ نزل به الموت، فاستدعى الحصين بن نمير وقال: يابن برذعة الحمار، لو كان الأمر إلىّ ما وليتك هذا الجند، ولكن أمير المؤمنين ولاك، خذ

عنى أربعا: أسرع السير، وعجل المناجزة، ولا تمكن قريشا من أذنك، إنما هو الوفاق ثم النفاق ثم الانصراف. وسار الحصين حتى قدم مكة لأربع بقين من المحرم سنة أربع وستين من الهجرة، وقد بايع أهل مكة وأهل الحجاز عبد الله بن الزبير واجتمعوا عليه، ولحق به المنهزمون من أهل المدينة، وقدم عليهم نجدة الحرورى فى أناس من الخوارج يمنعون البيت، وكان الزبير قد سمى نفسه عائذ البيت، وخرج ابن الزبير لقتال أهل الشام فاقتتلوا، ثم غلب الحصين على مكة كلها، إلا المسجد الحرام، ففيه ابن الزبير وأصحابه، قد حصرهم فيه الحصين، ثم نصب الحصين المجانيق على أبى قبيس والأحمر ـ وهو قعيقعان ـ على ما ذكر ابن قتيبة، وذكر أنه قرر على أصحابه عشرة آلاف حجر يرمون بها الكعبة. وقال الأزرقى فيما رويناه عنه بالسند المتقدم: حدثنى محمد بن يحيى، عن الواقدى، عن رباح بن مسلم، عن أبيه قال: رأيت الحجارة تصك وجه الكعبة من أبى قبيس حتى تخرقها، فلقد رأيتها كأنها جيوب النساء، وترتج من أعلاها إلى أسفلها، ولقد رأيت الحجر يمر فيهوى الآخر على إثره فيسلك طريقه، حتى بعث الله عزوجل عليهم صاعقة بعد العصر، فأحرقت المنجنيق، واحترق تحته ثمانية عشر رجلا من أهل الشام، فجعلنا نقول: أصابهم العذاب، فكنا أياما فى راحة، حتى عملوا منجنيقا أخرى، فنصبوها على أبى قبيس. انتهى ودام الحصار والحرب بين الفريقين، حتى وصل الخبر بنعى يزيد بن معاوية، وكان وصول نعيه إلى مكة ليلة الثلاثاء هلال ربيع الآخر سنة أربع وستين، وبلغ عبد الله بن الزبير نعى يزيد قبل الحصين بن نمير، فعند ذلك أرسل ابن الزبير رجالا من قريش، إلى الحصين بن نمير، أعلموه بذلك، وعظموا عليه ما أصاب الكعبة، وقالوا له: ارجع إلى الشام، حتى تنظر ماذا يجتمع عليه رأى أصحابك. ولم يزالوا به حتى لان لهم، ثم بعث إلى ابن الزبير: موعد ما بيننا الليلة الأبطح، فالتقيا وتحادثا، وراث فرس الحصين، فجاء حمام الحرم يلتقط روثه، فكف الحصين فرسه عنهن، وقال: أخاف أن يقتل فرسى حمام الحرم، فقال ابن الزبير: تحرجون من هذا وأنتم تقتلون المسلمين فى الحرم؟ . فكان فيما قاله الحصين: أنت أحق بهذا الأمر، تعالى نبايعك، ثم أخرج معى إلى الشام، فإن هذا الجند الذى معى هم وجوه أهل الشام وفرسانهم، فو الله لا يختلف عليك اثنان، وتؤمن الناس، وتهدر هذه الدماء التى كانت بيننا وبينك وبين أهل الحرة، فقال له: أنا لا أهدر الدماء، والله لا أرضى أقتل بكل رجل منهم عشرة، وأخذ الحصين يكلمه سرّا وهو يجهر ويقول: والله لا أفعل، فقال: الحصين قبح الله من يعدك بعد هذا ذاهبا أو آتيا قد

كنت أظن لك رأيا، وأنا أكلمك سرّا وتكلمنى جهرا، وأدعوك إلى الخلافة، وتعدنى القتل والهلكة. ثم فارقه ورحل هو وأصحابه نحو المدينة، وندم ابن الزبير على ما صنع، فأرسل إليه: أما المسير إلى الشام فلا أفعله، ولكن بايعوا لى هناك فأنى مؤمنكم وعادل فيكم، فقال الحصين: إن لم تقدم بنفسك فلا يتأتى الأمر، فإن هناك ناسا من بنى أمية يطلبون هذا الأمر. وكان رحيل الحصين عن مكة لخمس ليال خلون من ربيع الآخر، وصفا الأمر بمكة لابن الزبير، وبويع له بالخلافة فيها، وبالمدينة وبالحجاز واليمن والبصرة والكوفة وخراسان ومصر وأكثر بلاد الشام. وكان مروان بن الحكم أراد أن يبايع له وأن يعضده، وكان قد انحاز هو وأهله إلى أرض حوران، فوافاهم عبيد الله بن زياد بن أبيه منهزما من الكوفة، فلوى عزمه عن ذلك، وقواه على طلب الخلافة، والتقوا مع الضحاك ابن قيس الفهرى، وقد دعا إلى نفسه بالشام، بعد أن دعا لابن الزبير بمرج راهط شرقى الغوطة بدمشق، فى آخر سنة أربع وستين من الهجرة؛ وقتل الضحاك، واستولى مروان على الشام، وسار إلى مصر فملكها ومهد قواعدها فى سنة خمس وستين، ثم عاد إلى دمشق، ومات فى رمضان من سنة خمس وستين، وقد عهد بالأمر لابنه عبد الملك، وصار الخليفة بالشام ومصر، وابن الزبير الخليفة بالحجاز، ثم سار عبد الملك إلى العراق لقتال مصعب بن الزبير، أخى عبد الله، فالتقى الجمعان بدير الجاثليق فى سنة اثنتين وسبعين من الهجرة، فخان مصعبا بعض جيشه، لأن عبد الملك كتب إليهم يعدهم ويمنيهم، حتى أفسدهم على مصعب، فقتل وقتل معه أولاده: عيسى وعروة وإبراهيم، واستولى عبد الملك على بلاد العراق وما يليها، وجهز الحجاج بن يوسف الثقفى إلى مكة لقتال عبد الله بن الزبير، وبعث معه أمانا لابن الزبير ومن معه إن أطاعوا، فسار الحجاج فى جمادى الأولى من هذه السنة ونزل الطائف، وكان يبعث الخيل إلى عرفة، ويبعث ابن الزبير خيلا أيضا يقتتلون بعرفة، فتنهزم خيل ابن الزبير وتعود خيل الحجاج بالظفر، ثم كتب إلى عبد الملك يستأذنه فى دخول الحرم وحصر ابن الزبير، ويخبره بضعفه وتفرق أصحابه، ويستمده. وكتب عبد الملك إلى طارق بن عمرو، مولى عثمان، يأمر باللحاق بالحجاج، وكان عبد الملك قد أمر طارقا بالنزول بين أيلة ووادى القرى، يمنع عمال ابن الزبير من الانتشار، ويسد خللا إن ظهر له، فقدم طارق المدينة فى ذى الحجة، فى خمسة آلاف، وكان الحجاج قد قدم مكة فى ذى القعدة، وقد أحرم بحجة، فنزل بئر ميمون، وحج بالناس تلك السنة، إلا أنه لم يطف بالكعبة، ولا سعى بين الصفا والمروة، لمنع ابن الزبير له من ذلك، ولم يحج هو ولا أصحابه.

ولما حصر الحجاج ابن الزبير بمكة، نصب المنجنيق على أبى قبيس، ورمى به الكعبة، وكان عبد الله بن عمر رضى الله عنهما، قد حج تلك السنة، فأرسل إلى الحجاج: أن اتق الله، واكفف هذه الحجارة عن الناس، فإنك فى شهر حرام وبلد حرام، وقد قدمت وفود الله من أقطار الأرض، ليؤدوا الفريضة ويزدادوا خيرا، وإن المنجنيق قد منعهم من الطواف، فاكفف عن الرمى، حتى يقضوا ما وجب عليهم بمكة. فبطل الرمى حتى عاد الناس من عرفات، وطافوا وسعوا، فلما فرغوا من طواف الزيارة، نادى منادى الحجاج: انصرفوا إلى بلادكم، فإنا نعود بالحجارة على ابن الزبير، وأول ما رمى بالمنجنيق إلى الكعبة، رعدت السماء وبرقت، وعلا صوت الرعد على الحجارة، فأعظم ذلك أهل الشام، فأخذ الحجاج حجر المنجنيق بيده، فوضعها فيه، ورمى بها معهم، فلما أصبحوا جاءت الصواعق، فقتلت من أصحابه اثنى عشر رجلا، فانكسر أهل الشام فقال الحجاج: يا أهل الشام، لا تنكروا هذا فإنى ابن تهامة، وهذه صواعقها، وهذا الفتح قد حضر فأبشروا. فلما كان الغد، جاءت الصواعق، فأصابت من أصحاب ابن الزبير عدة، فقال الحجاج: ألا ترون أنهم يصابون وأنتم على الطاعة، وهم على خلافها. ولم يزل القتال بينهم دائما، فغلت الأسعار عند ابن الزبير، وأصاب الناس مجاعة شديدة، حتى ذبح فرسه وقسمها لحما بين أصحابه، وبيعت الدجاجة بعشرة دراهم، والمد بعشرين، وإن بيوت ابن الزبير لمملوءة قمحا وشعيرا وذرة وتمرا، وكان أهل الشام ينتظرون فناء ما عنده، وكان يحفظ ذلك ولا ينفق منه إلا ما يمسك الرمق، ويقول: أنفس أصحابى قوية ما لم يفن، فلما كان قبيل مقتله، تفرق عنه الناس، وخرجوا إلى الحجاج بالأمان، خرج من عنده نحو عشرة آلاف، وكان ممن فارقه: ابناه حمزة وخبيب، أخذا لأنفسهما أمانا. ولما تفرق أصحابه عنه، خطب الناس الحجاج وقال: قد ترون قلة من مع ابن الزبير، وما هم فيه من الجهد والضيق، ففرحوا واستبشروا وتقدموا، فملؤوا ما بين الحجون إلى الأبواب، فحمل ابن الزبير على أهل الشام حملة منكرة، فقتل منهم، ثم انكشف هو وأصحابه، فقال له بعض أصحابه: لو لحقت بموضع كذا، فقال له: بئس الشيخ أنا إذا فى الإسلام، لئن أوقعت قوما فقتلوا، ثم فررت عن مثل مصارعهم. ودنا أهل الشام حتى امتلأت منهم الأبواب، وكانوا يصيحون به: يابن ذات النطاقين، فيقول:

وتلك شكاة ظاهر عنك عارها (1) وجعل أهل الشام على أبواب المسجد رجالا من أهل كل بلد، فكان لأهل حمص الباب الذى يواجه باب الكعبة، ولأهل دمشق باب بنى شيبة، ولأهل الأردن باب الصفا، ولأهل فلسطين باب بنى جمح، ولأهل قنسرين باب بنى سهم. وكان الحجاج بناحية الأبطح إلى المروة، فمرة يحمل ابن الزبير فى هذه الناحية ومرة فى هذه الناحية؛ فكأنه أسد فى أجمة ما تقدم عليه الرجال، يعدو فى إثر القوم حتى يخرجهم، ثم يصيح: أبا صفوان ويل أمه فتحا، لو كان له رجال، أو كان قرنى واحد كفيته، فيقول أبو صفوان عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف: إى والله، وألف. فلما رأى الحجاج أن الناس لا يقدمون على ابن الزبير، غضب وترجل وأقبل يسوق الناس وصمد بهم، صمد صاحب علم ابن الزبير وهو بين يديه. فتقدم ابن الزبير على صاحب علمه، وضاربهم فانكشفوا، وعرج وصلى ركعتين عند المقام فحملوا على صاحب علمه فقتلوه على باب بنى شيبة، وصار العلم بأيدى أصحاب الحجاج، ثم حمل على أهل الشام، حتى بلغ الحجون، فرمى بآخرة، رماه رجل من السكون، فأصابته فى وجهه، فأرعش لها ودمى وجهه، فلما وجد الدم على وجهه قال: فلسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ... ولكن على أقدامنا يقطر الدم (2) وقاتلهم قتالا شديدا، فتعاونوا عليه، فقتلوه، وتولى قتله رجل من مراد، وحمل رأسه إلى الحجاج، فسجد، وسار الحجاج وطارق حتى وقفا عليه، فقال طارق: ما ولدت النساء أذكر من هذا! فقال الحجاج: أتمدح من يخالف أمير المؤمنين؟ قال: نعم، هو أعذر لنا، ولولا هذا لما كان عذر، إنا محاصروه منذ سبعة أشهر، وهو فى غير جند ولا حصن ولا منعة، وينتصف منا، بل يتفضل علينا، فبلغ كلامهما عبد الملك، فصوب طارقا، وبعث الحجاج برأسى ابن الزبير وعبد الله بن صفوان إلى عبد الملك، وأخذ جثة ابن الزبير فصلبها منكسة على الثنية اليمنى بالحجون، ومنع من تكفينه ودفنه، ووكل بالخشبة من يحرسها. ولما صلب ابن الزبير، ظهر منه ريح المسك، فصلب معه كلبا منتنا، فغلب على ريح

_ (1) انظر البيت فى: (ابن الأثير 4/ 354). (2) فى الكامل لابن الأثير 4/ 356: ولكن على أقدامنا تقطر الدما

المسك، وقيل: بل صلب معه سنورا. وذهب عروة بن الزبير إلى عبد الملك يستوهبه لأمه جثة ابن الزبير، ففعل عبد الملك، وأمر عروة فعاد إلى مكة، وكانت غيبته عنها ثلاثين يوما، فأنزل الحجاج جثة عبد الله بن الزبير، وبعث بها إلى أمه، فغسلته وصلى عليه عروة ودفنه. وكان قتل ابن الزبير، على ما قال الواقدى، وعمرو بن على، وخليفة بن خياط، يوم الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين من الهجرة، وقيل: قتل فى النصف من جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين، وذكره صاحب الكمال. وقال ضمرة، وأبو نعيم، وعثمان بن أبى شيبة: قتل ابن الزبير سنة اثنتين وسبعين، والأول أصح، وكان له من العمر يوم قتل، إحدى وسبعون سنة، لأنه ولد فى السنة الثانية من الهجرة بالمدينة، وقيل كان ابن اثنتين وسبعون سنة، وهو أول من ولد بها من قريش، وكانت خلافته تسع سنين، وكان آدم نحيفا ليس بطويل، أطلس لا لحية له، فصيحا مفوها، نهاية فى الشجاعة والعبادة، وله فى ذلك أخبار. فمن أخباره فى العبادة: أنه قسم الدهر ثلاث ليال: ليلة يصلى قائما إلى الصباح، وليلة راكعا إلى الصباح، وليلة ساجدا إلى الصباح. وقيل: إنه لم يكن الناس يعجزون عن عبادة إلا تكلفها، حتى إنه جاء سيل فكثر الماء حول البيت فطاف سبعا. ومن أخباره فى الشجاعة: أنه غزا أفريقية مع عبد الله بن أبى سرح، أتاهم ملكها فى مائة ألف وعشرين ألفا، وكان المسلمون فى عشرين ألفا، فرأى ابن الزبير ملكهم قد خرج من عسكره، فأخذ جماعة وقصده فقتله، فكان الفتح على يديه. وقد تقدم شيء من خبره فى الشجاعة، وهو أنه كانت الطوائف تدخل عليه من أبواب المسجد، فيحمل على كل طائفة حتى يخرجها، وكان يأخذ على يد الشاب فيكاد يحطمها. قال الزبير: وأخبرنى عبد العزيز بن أبى سلمة، عن إبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن ابن عوف الزهرى، عن أنس بن مالك، قال: إن عثمان بن عفان رضى الله عنه، أمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، ينسخوا القرآن فى المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد فى شيء من القرآن: فاكتبوه بلسان قريش، فإنما أنزل بلسانهم ففعلوا، فى حديث يطول. قال الزبير: حدثنا محمد بن حسن، عن نوفل بن عمارة، قال: سئل سعيد بن المسيب

عن خطباء قريش فى الجاهلية، فقال: الأسود بن المطلب بن أسد، وسهيل بن عمرو. وسئل عن خطبائهم فى الإسلام، فقال: معاوية وابنه، وسعيد وابنه، وعبد الله بن الزبير. قال الزبير: وحدثنى إبراهيم بن المنذر، عن عثمان بن طلحة، قال: كان عبد الله بن الزبير لا ينازع فى ثلاث: شجاعة، ولا عبادة، ولا بلاغة. قال الزبير: وحدثنى محمد بن الضحاك، عن جدى عبد الله بن مصعب، عن هشام ابن عروة، قال: رأيت ابن الزبير يرمى بالمنجنيق، فلا يلتفت ولا يرعد صوته، قال: وربما مرت الشظية منه قريبا من خده. قال الزبير: وحدثنى عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبى سلمة، ويوسف بن عبد العزيز بن الماجشون، عن ابن أبى مليكة، عن أبيه، أو عن أبيه، عن جده، قال: كنت أطوف بالبيت مع عمر بن عبد العزيز، فلما بلغت الملتزم تخلفت عنده أدعو، ثم لحقت عمر بن عبد العزيز، فقال لى: ما خلفك؟ . فقلت: كنت أدعو فى مواضع رأيت عبد الله بن الزبير يدعو عندها، فقال: ما تترك تحنانك على ابن الزبير أبدا! . فقلت له: والله ما رأيت أحدا أشد جلدا على لحم، ولا لحما على عظم من ابن الزبير، ولا رأيت أحدا أثبت قائما، ولا أحسن مصليا من ابن الزبير، ولقد مر حجر من المنجنيق، جاء فأصاب شرفة من المسجد، فمرت قذاذة منه بين لحيته وحلقه، فما زال من مقامه، ولا عرفنا ذلك فى صوته، فقال عمر: لا إله إلا الله، جاد ما وصفت. قال الزبير: وسمعت إسماعيل بن يعقوب التيمى، يحدث مثل ما قال عمر بن عبد العزيز لابن أبى مليكة: صف لنا عبد الله بن الزبير، فإنه يزمزم على أصحابنا فيعشرموا عليه، فقال: عن أى حالة تسألنى؟ عن دينه أو عن دنياه؟ فقال: عن كلّ. قال: والله ما رأيت جلدا قط ركب على لحم، ولا لحما على عصب، ولا عصبا على عظم، مثل جلده على لحمه، ولا مثل لحمه على عصبه، ولا مثل عصبه على عظمه، ولا رأيت نفسا زكت بين جنبين، مثل نفس له زكت بين جنبيه، ولقد قام يوما إلى الصلاة، فمر حجر من حجارة المنجنيق بلبنة مبطوحة من شرفات المسجد، فمرت بين لحيته وصدره، فو الله ما خشع له بصره، ولا قطع له قراءته، ولا ركع دون الركوع الذى كان يركع ابن الزبير، كان إذا دخل فى الصلاة خرج من كل شيء إليها، ولقد كان يركع فيكاد يقع الرخم على ظهره، ويسجد وكأنه ثوب مطروح. وقال الزبير: وحدثنى خالد بن وضاح قال: حدثنى أبو الحصيب نافع بن ميسرة، مولى آل الزبير، عن هشام بن عروة قال: سمعت عمى عبد الله بن الزبير يقول: والله لن أبالى إذا وجدت ثلاثمائة يصبرون صبرى، لواصلت على أهل الأرض.

وقال الزبير: وحدثنى محمد بن الضحاك، عن جدى عبد الله بن مصعب، عن هشام ابن عروة قال: أوصى الزبير بثلث ماله، قال: وقسم عبد الله بن الزبير ثلث ماله وهو حى. قال الزبير: وحدثنى وهب بن جرير، عن أبيه قال: لما ظهر طلحة والزبير، على عثمان بن حنيف، وكان عاملا لعلى بن أبى طالب رضى الله عنه على البصرة، أمر عبد الله بن الزبير، وكان يصلى بالناس، وكان أول ما علم من ابن الزبير، أنه كان ذات يوم يلعب مع الصبيان وهو صبى، فمر رجل فصاح عليهم، ففروا، ومشى ابن الزبير القهقرى وقال: يا صبيان، اجعلونى أميركم، وشدوا بنا عليه. ومر به عمر بن الخطاب رضى الله عنه وهو صبى يلعب مع الصبيان، ففروا ووقف، فقال له: ما لك لم تفر مع أصحابك؟ قال: يا أمير المؤمنين، لم أجرم فأخاف، ولم تكن الطريق ضيقة فأوسع لك. وقال الزبير: وحدثنى عمى مصعب بن عبد الله، أن عبد الله بن الزبير، استقطع من أبى بكر رضى الله عنه فى خلافته سلعا، فقال له أبو بكر الصديق رضى الله عنه: ما تصنع به؟ فقال له ابن الزبير: إن لنا جبلا بمكة يقال له جبل خويلد، فأحب أن يكون لنا بالمدينة مثله، فأقطعه أبو بكر الصديق رضى الله عنه ناحية من سلع، فبنى عليه ابن الزبير [ .... ] (3) ولا يعرف لهما اليوم أثر. قال الزبير: وحدثنى عمى مصعب بن عبد الله، قال: غزا عبد الله بن الزبير أفريقية مع عبد الله بن سعد بن أبى سرح العامرى، فحدثنى الزبير بن خبيب، وأبى، عبد الله بن مصعب، قالا: قال عبد الله بن الزبير: هجم علينا جرجير معسكرا فى عشرين ومائة ألف، فأحاطوا بنا من كل مكان، وسقط فى أيدى المسلمين، ونحن فى عشرين ألفا من المسلمين، واختلف الناس على ابن أبى سرح، فدخل فسطاطا له فخلا فيه، فرأيت غرة من جرجير، بصرت به خلف عساكره على برذون أشهب، معه جاريتان تظللان عليه بريش الطواويس، بينه وبين جنده أرض بيضاء ليس فيها أحد، فخرجت أطلب ابن أبى سرح، فقيل قد خلا فى فسطاطه، فأتيت حاجبه، فأبى يأذن لى عليه، فدرت من كسر الفسطاط، فدخلت عليه فوجدته مستلقيا على ظهره، فلما دخلت عليه، فزع واستوى جالسا، فقلت له: «إيه إيه. كل أزب نفور! » قال: ما أدخلك على يابن الزبير؟ . قلت: إنى رأيت عورة من العدو، فاخرج فاندب لى الناس، قال: وما هى؟ . قال: فأخبرته،

_ (3) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

فخرج معى سريعا، فقال: أيها الناس! انتدبوا مع ابن الزبير، فاخترت ثلاثين فارسا، وقلت لسائرهم: اثبتوا على مصافكم، وحملت على الوجه الذى رأيت فيه جرجير، وقلت لأصحابى: احموا لى ظهرى، فو الله ما نشبت أن خرقت الصف إليه، فخرجت صامدا له، وما يحسب هو ولا أصحابه إلا أنى رسول، حتى دنوت منه، فعرف الشر، فثنى برذونه موليا، فأدركته فطعنته فسقط، وسقطت الجاريتان عليه، وأهويت إليه مبادرا، فدفعت عليه بالسيف، فأصبت يد إحدى الجاريتين فقطعتها، ثم احتززت رأسه، فنصبته فى رمحى وكبرت، وحمل المسلمون فى الوجه الذى كنت فيه، وارفض العدو فى كل وجه، ومنح الله المسلمين أكتافهم. قال الزبير: فلما أراد ابن أبى سرح أن يوجه بشيرا إلى عثمان رضى الله عنه، قال: أنت أولى من هاهنا بذلك، فانطلق إلى أمير المؤمنين فأخبره الخبر. وقدمت على عثمان فأخبرته بفتح الله عزوجل ونصره وصنعه، ووصفت له أمرنا كيف كان. فلما فرغت من ذلك قال: هل تستطيع أن تؤدى هذا إلى الناس؟ . قال: قلت: وما يمنعنى من ذلك؟ قال: فاخرج إلى الناس فأخبرهم، فخرجت حتى جئت المنبر، فاستقبلت الناس، فتلقانى وجه أبى، الزبير بن العوام، فدخلتنى له هيبة، فعرفها أبى فىّ، فقبض قبضة من حصى، وجمع وجهه فى وجهى، وهم أن يحصبنى، فتكلمت. فزعموا أن الزبير قال: والله لكأنى سمعت كلام أبى بكر الصديق رضى الله عنه: من أراد أن يتزوج امرأة فلينظر إلى أبيها أو أخيها، فإنما تأتيه بأحدهما. وبشر عبد الله بن الزبير، مقدمة من أفريقية، بابنه خبيب بن عبد الله، وبأخيه عروة ابن الزبير. وكان خبيب أكبر من عروة، وكان عبد الله يكنى أبا بكر وأبا خبيب، ويكنى أبا خبيب بابنه خبيب بن عبد الله، وكان يقال لعبد الله بن الزبير «عائذ الله». قالت أم هاشم (زجلة) بنت منظور بن زبان الفزارية للحجاج [من البسيط]: أبعد عائذ بيت الله تخطبنى ... جهلا وغب الجهل مذموم وقال عمر بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل [من الطويل]: فإن ينج منها عائذ البيت سالما ... فما نالنا منكم وإن شفنا جلل وقال جرير أو غيره (4) [من الوافر]: وعائذ بيت ربك قد أجرنا ... وأبلينا فما نسى البلاء

_ (4) انظر البيت فى: (نسب قريش 6/ 233).

وقال الزبير: حدثنى عمى مصعب بن عبد الله، قال: زعموا أن الذى دعا عبد الله ابن الزبير إلى التعوذ بالبيت، شيء سمعه من أبيه حين سار من مكة إلى البصرة، قال: التفت الزبير إلى الكعبة بعد ما ودع وتوجه يريد الركوب، ثم أقبل على ابنه عبد الله بن الزبير ثم قال: أما والله ما رأيت مثلها لطالب رغبة، أو خائف رهبة. وكان ذلك سبب تعوذ ابن الزبير بها يوم مات معاوية. وقال الزبير: سمعت أبى يقول: كان ابن الزبير قد صحب عبد الله بن أبى السرح، فلقيته بعد العتمة ملتثما، لا تبدو منه إلا عيناه، فعرفته، فأخذت بيده وقلت: ابن أبى السرح! كيف كنت بعدى؟ كيف تركت أمير المؤمنين؟ ، فلم يكلمنى، فقلت: ما لك، أمات أمير المؤمنين؟ فلم يكلمنى، فخليته، ثم أثبت معرفته، ثم خرجت حتى لقيت الحسين بن علىّ رضى الله عنهما، فأخبرته خبره، وقلت: سيأتيك الرسول فانظر ما أنت صانع! واعلم أن رواحلى فى الدار معدة، فالموعد بينى وبينك أن تغفل عنا عيونهم، ثم فارقته، فلم ألبث أن أتى رسول الوليد بن عتبة بن أبى سفيان، فجئته، فوجدت الحسين عنده، ووجدت عنده مروان، فنعى إلىّ معاوية، فاسترجعت فأقبل علىّ الوليد فقال: هلم إلى بيعة يزيد، فقد كتب إلينا يأمرنا أن نأخذها عليك، فقلت: إنى قد علمت أن فى نفسه علىّ شيئا، لتركى بيعته فى حياة أبيه، وإن بايعت له على هذه الحال توهم أنى مكره، فلم يقع ذلك منى بحيث أريد، ولكن أصبح وتجتمع الناس، ويكون ذلك علانية إن شاء الله تعالى، فنظر إلى مروان، فقال مروان: هو الذى قلت لك، إن يخرج لم تره، فأحببت أن ألقى بينى وبين مروان شيئا نتشاغل به، فأقبلت على مروان فقلت له: وما قلت يابن الزرقاء؟ فقال لى وقلت له، حتى تواثبنا، فتناصيت أنا وهو، وقام الوليد يحجز بيننا، فقال له مروان: أتحجز بيننا وتدع أن تأمر أعوانك، فقال له الوليد: قد أرى ما تريد، ولا أتولى ذلك والله منه أبدا، اذهب يابن الزبير حيث شئت، فأخذت بيد الحسين فخرجنا من الباب جميعا، حتى صرنا إلى المسجد وابن الزبير يقول (5) [من الطويل]: ولا تحسبنى يا مسافر شحمة ... تعجلها من جانب القدر جائع فلما دخل المسجد هو والحسين، افترق هو والحسين، وعمد كل رجل منهما إلى مصلاه يصلى فيه، وجعل الرسل تختلف إليهما، ويسمع وقعهم فى الحصباء، حتى هدأ عنهما الحس، ثم انصرفا إلى منازلهما، فأتى ابن الزبير رواحله فقعد عليها، وخرج من أدنى داره، ووافاه الحسين للموعد، فخرجا جميعا من ليلتهما، وسلكوا طريق الفرع، حتى نزلوا بالجثجاثة، وبها جعفر بن الزبير قد ازدرعها، وعمى عليهم من إبلهم، فانتهوا

_ (5) انظر ترجمته فى: (نسب قريش 7/ 239).

1524 ـ عبد الله بن الزبير بن عيسى بن عبد الله بن الزبير بن عبد الله بن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى القرشى الأسدى، أبو بكر الحميدى المكى الحافظ

إلى جعفر، فلما رآهم قال: أمات معاوية؟ . قال له ابن الزبير: نعم، فانطلق معنا وأعطنا أحد جمليك، وكان ينضح على جملين له، فقال له جعفر متمثلا [من الكامل]: إخواننا لا تبعدوا أبدا ... وبلى والله قد بعدوا فقال ابن الزبير ـ وتطير منها ـ: «بفيك التراب» فخرجوا جميعا حتى قدموا مكة، فأما الحسين فخرج من مكة يوم التروية. قال الزبير: وحدثنى عبد الله بن محمد بن المنذر، عن خالة أبيه صفية بنت الزبير بن هشام بن عروة، قال: كان أول ما أفصح به عمى عبد الله بن الزبير وهو صغير: «السيف» فكان لا يضعه من فمه. وكان الزبير بن العوام إذا سمع ذلك منه يقول: أما والله ليكونن له منه يوم ويوم وأيام. قال الزبير: وحدثنى عمى مصعب بن عبد الله، عن جدى عبد الله بن مصعب، عن هشام بن عروة، قال: قام ابن شيبة إلى ابن الزبير فساره، فقال: هل لك أن أفتح لك الكعبة، فتدخل فيها، فأغلق عليك؟ . قال: فدق فى صدره وقال: ذل يا شيب! ويحك، هل لباطنها حرمة ليست لظاهرها؟ . فعرفنا بجواب عبد الله بن الزبير لابن شيبة ما ساره. قال الزبير: وقتل عبد الله بن الزبير يوم الثلاثاء. وقال الزبير: حدثنى محمد بن حسن، عن إبراهيم بن محمد، أنه قال: لما قتل عبد الله بن الزبير يوم الثلاثاء، تركت جدتى رضاع أبى، وقالت: علام نغذو أولادنا بعد قتل عبد الله بن الزبير؟ . وهو إذ ذاك ابن ثلاث وسبعين سنة. قال الزبير: وحدثنى مصعب بن عثمان، قال: حدثنى الحارث بن الوليد بن درهم عن أبيه قال: سمعته وهو يقول: لا والله، ما فاتنى من الخلفاء إلا ثلاثة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، رضى الله عنهم. وأبصرت عيناى رأس ابن الزبير، ورأس ابن صفوان، ورأس ابن عمرو بن حزم ببقيع الزبير، يريد بابن عمرو بن حزم: عمارة بن عمرو بن حزم. 1524 ـ عبد الله بن الزبير بن عيسى بن عبد الله بن الزبير بن عبد الله بن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى القرشى الأسدى، أبو بكر الحميدى المكى الحافظ: سمع سفيان بن عيينة، وفضيل بن عياض، ومسلم بن خالد الزنجى، وإبراهيم بن سعد، وأبا ضمرة أنس بن عياض، وعبد العزيز بن محمد الدراوردى، وغيرهم. روى عنه البخارى، والذهلى، وبشر بن موسى الأسدى ـ ومن طريقه روينا مسنده

1525 ـ عبد الله بن زرارة بن مصعب بن شيبة بن جبير بن شيبة بن عثمان الحجبى المكى

عاليا ـ ويعقوب بن سفيان الفسوى، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وخلق. روى له أبو داود، والترمذى، والنسائى. قال أبو حاتم: أثبت الناس فى ابن عيينة: الحميدى، وهو رئيس أصحابه، وهو ثقة إمام. وقال أحمد بن حنبل: الحميدى عندنا إمام. وقال الفسوى: ما لقيت أنصح للإسلام وأهله منه. وذكره ابن عبد البر فى فقهاء مكة، من أصحاب الشافعى. قال ابن سعد: مات سنة تسع عشرة بمكة، وكذا أرخ البخارى وفاته، والمراد بتسع عشرة: تسع عشرة ومائتين. 1525 ـ عبد الله بن زرارة بن مصعب بن شيبة بن جبير بن شيبة بن عثمان الحجبى المكى: روى عنه أحمد بن محمد بن الأزرقى، ويوسف بن محمد بن إبراهيم العطار المكيان. روينا عن الأزرقى محمد بن عبد الله فى تاريخه قال: حدثنى جدى قال: سمعت عبد الله ابن زرارة بن مصعب بن شيبة بن جبير بن شيبة بن عثمان يقول: حضرت الوفاة فتى منا من أصحابنا من الحجبية بالبوباة من قرن، فاشتد عليه الموت جدا، فمكث أياما ينزع نزعا شديدا، حتى رأوا منه ما غمهم وأحزنهم من شدة كربه، فقال له أبوه: يا بنى، لعلك أصبت من هذا الأبرق شيئا ـ يعنى مال الكعبة ـ قال: نعم يا أبه، أربعمائة دينار، فقال أبوه: اللهم إن هذه الأربعمائة دين علىّ فى أنضر مالى للكعبة أؤديها إليها، ثم انحرف إلى أصحابنا فقال: اشهدوا أن للكعبة علىّ أربعمائة دينار، فسرى عن الغلام، ثم لم يلبث الفتى أن مات، قال أبو الوليد: وسمعت يوسف بن إبراهيم بن محمد العطار، حدث عن عبد الله بن زرارة، أن مال الكبعة كان يدعى الأبرق، ولم يخالط مالا قط، إلا محقه، ولم يزرأ أحد قط منه من أصحابنا، إلا بان النقص فى ماله، وأدنى ما يصيب صاحبه، أن يشدد عليه الموت. قال: ولم يزل من مضى من أصحابنا من مشيخة الحجبة، يحذرونه أبناءهم ويخوفونهم إياه، ويوصونهم بالتنزه عنه ويقولون: لم تزالوا بخير ما دمتم أعفة عنه، وإن كان الرجل ليصيب منه الشئ، فيضعه ذلك عند الناس. انتهى. ووقع فى الخبر الثانى: يوسف بن إبراهيم بن محمد العطار، وقد ذكره الأزرقى على عكس هذا، وهو يوسف بن محمد بن إبراهيم، وهذا والله أعلم أصوب، لأن الأزرقى ذكره هكذا فى غير موضع، وكذلك الفاكهى.

1526 ـ عبد الله بن زمعة بن أبى زمعة الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب القرشى الأسدى

1526 ـ عبد الله بن زمعة بن أبى زمعة الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب القرشى الأسدى: قال الزبير: وكان عبد الله بن زمعة من أشراف قريش، وكان يروى عن النبىصلى الله عليه وسلم. انتهى. كان يأذن على النبى صلى الله عليه وسلم، وهو الذى أمر عمر بالصلاة، حين أمر النبى صلى الله عليه وسلم أبا بكر بالصلاة، ولم يجده، وله رواية عن النبى صلى الله عليه وسلم، وهو معدود فى أهل المدينة على ما ذكر ابن عبد البر، وذكر أنه من أشراف قريش. 1527 ـ عبد الله بن سابط بن أبى حميضة عمرو بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحى: ذكره ابن عبد البر، وقال: مكى. وذكر أنه مذكور فى الصحابة معروف الصحبة، مشهور النسب. روى عنه ابنه عبد الرحمن، ومن قال عبد الرحمن بن سابط، نسبه إلى جده، قال: وقد زعم بعض أهل النسب: أن عبد الله وعبد الرحمن ابنى سابط أخوان، وأنهما كانا فقيهين. 1528 ـ عبد الله بن السائب بن أبى السائب صيفى بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، أبو عبد الرحمن، وقيل أبو السائب المخزومى المكى المقرئ: مقرئ أهل مكة. له صحبة ورواية عن النبى صلى الله عليه وسلم. وقرأ على أبى بن كعب، وقرأ عليه

_ 1526 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1555، الإصابة ترجمة 4702، أسد الغابة ترجمة 2951 الثقات 3/ 217، التاريخ الصغير 1/ 115، الرياض المستطابة 203، تجريد أسماء الصحابة 1/ 311، تهذيب التهذيب 5/ 218، الاستبصار 42، الجرح والتعديل 5/ 59، تلقيح فهوم أهل الأثر 382، الأعلام 4/ 134، التاريخ الكبير 3/ 7، 218، تهذيب الكمال 2/ 182، الجمع بين رجال الصحيحين 282، المعرفة والتاريخ 1/ 243، بقى بن مخلد 804، 931، ). 1527 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1559، الإصابة ترجمة 4711، أسد الغابة ترجمة 2960، الثقات 3/ 234، تجريد أسماء الصحابة 1/ 312). 1528 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1561، الثقات 3/ 215، التاريخ الصغير 1/ 126، الرياض المستطابة 231، تجريد أسماء الصحابة 1/ 313، تهذيب التهذيب 5/ 229، الجرح والتعديل 5/ 65، تاريخ بغداد 9/ 460، غاية النهاية 1/ 419، معرفة القراء الكبار 1/ 42، التاريخ الكبير 3/ 8، تهذيب الكمال 2/ 685، الطبقات 20، الكاشف 2/ 89، الطبقات الكبرى 5/ 473، بقى بن مخلد 466، تقريب التهذيب 1/ 417، الوافى بالوفيات 17/ 187، روضات الجنان 5/ 5، الإصابة ترجمة 4716، أسد الغابة ترجمة 2966).

1529 ـ عبد الله بن السائب بن أبى السائب المخزومى، أخو السائب

أهل مكة: مجاهد وابن كثير وغيرهم. وروى عنه عبد الله بن صفوان بن أمية، وابن أبى مليكة، وعطاء، ومجاهد وجماعة. وتوفى قبل ابن الزبير بيسير، على ما ذكر ابن عبد البر، وذكر أنه توفى بمكة، وأنه سكنها. 1529 ـ عبد الله بن السائب بن أبى السائب المخزومى، أخو السائب: ذكره ابن قدامة، وقال: قتل يوم الجمل، ولم أر من ذكره غيره، ومقتضى ذكره له أن يكون صحابيا. 1530 ـ عبد الله بن السائب بن أبى حبيش بن أسد بن عبد العزى الأسدى: ذكره ابن قدامة، وقال: كان شريفا وسيطا فى قومه. وقد قدمنا فى ترجمة أبيه نقلا عن ابن قدامة، أنه حكى قولا: أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، قال فى حقه الكلام الذى قال فى حق أبيه، وهو أنه قال: ذاك رجل لا أعلم فيه عيبا، وما أحد بعد رسول اللهصلى الله عليه وسلم إلا وأنا أقدر أن أعيبه. 1531 ـ عبد الله بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف المطلبى: ذكره هكذا الذهبى، وقال: ذكره الكلبى فيمن له صحبة، ولم يذكره ابن عبد البر والكاشغرى، وأبوه ممن شبه بالنبى صلى الله عليه وسلم. 1532 ـ عبد الله بن سراقة بن المعتمر بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدى العدوى، أخو عمرو بن سراقة: شهد بدرا، على ما نقل الذهبى عن ابن مندة، وأبى نعيم عن موسى بن عقبة عن ابن شهاب. وقاله ابن إسحاق والزبير. ونقل ابن عبد البر، عن موسى بن عقبة، وأبى معشر، أنه شهد أحدا وما بعدها.

_ 1531 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1562، الإصابة ترجمة 4717). 1532 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1565، الإصابة ترجمة 4722، أسد الغابة ترجمة 2970، الثقات 3/ 232، أصحاب بدر 115، تاريخ الإسلام 3/ 196، تجريد أسماء الصحابة 1/ 313، الجرح والتعديل 5/ 68، الكاشف 2/ 90، التاريخ الكبير 3/ 97، الطبقات الكبرى 3/ 386، تقريب التهذيب 1/ 418، الإصابة ترجمة 4722، تهذيب الكمال 15/ 8).

1533 ـ عبد الله بن سرجس المزنى، وقيل المخزومى، حليف لهم

وذكر ابن قدامة: أنهما ماتا فى خلافة عثمان. وهو على ما قيل: راوى حديث الدجال عن أبى عبيدة. 1533 ـ عبد الله بن سرجس المزنى، وقيل المخزومى، حليف لهم: له صحبة ورواية عن النبى صلى الله عليه وسلم، وعن عمر، وأبى هريرة. وروى عنه: عاصم والأحول وقتادة وجماعة. ونقل عنه أبو عمرو، عن عاصم الأحول، أنه قال: لم تكن له صحبة. وتأول ذلك على أنه أراد الصحبة التى يذهب إليها العلماء، وذلك قليل. وقال: لا يختلفون فى ذكره فى الصحابة. ويقولون: له صحبة، على مذهبهم فى اللقاء والرؤية، والسماع. 1534 ـ عبد الله بن سعد بن أبى سرح بن الحارث بن حبيب ـ بالتشديد ـ بن جذيمة بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى القرشى، العامرى، أبو يحيى: أسلم قبل الفتح، وهاجر، وكتب الوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، تم ارتد مشركا إلى قريش بمكة. وقال لهم: إنى كنت أصرف محمدا كيف أريد، كان يملى: عزيز حكيم. فأقول: أو عليم حكيم. فيقول: نعم، كل صواب. فلما كان يوم الفتح هرب، لأن النبى صلى الله عليه وسلم، أمر بقتله وقتل ابن خطل ومقيس بن ضبابة، ولو وجدوا تحت أستار الكعبة، ثم جاء به عثمان بن عفان، وكان استخفى عنده، بعد ما اطمأن أهل مكة إلى النبى صلى الله عليه وسلم، واستأمنه له، فصمت صلى الله عليه وسلم طويلا، ثم قال:

_ 1533 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1566، الإصابة ترجمة 4723، أسد الغابة ترجمة 2971، الثقات 3/ 230، الرياض المستطابة 233، العبر 1/ 193، الكاشف 2/ 900، تجريد أسماء الصحابة 1/ 313، تهذيب التهذيب 5/ 232، الجرح والتعديل 5/ 62، تلقيح فهوم أهل الأثر 368، التاريخ الكبير 3/ 17، 98، 5/ 98، تهذيب الكمال 2/ 687، طبقات الحفاظ 47، 64، تقريب التهذيب 1/ 418، بقى بن مخلد 139، طبقات ابن سعد 7/ 58، طبقات خليفة 38، 177، مسند أحمد 5/ 80، 81، علل أحمد 1/ 78، 261، 312، المعرفة ليعقوب 1/ 256، الاستيعاب 3/ 916، تهذيب النووى 1/ 269، سير أعلام النبلاء 3/ 426). 1534 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1571، الإصابة ترجمة 4729، أسد الغابة ترجمة 2976، الثقات 3/ 213، التاريخ الصغير 1/ 84، البداية والنهاية 5/ 350، أزمنة التاريخ الإسلامى 722، معالم الإيمان 1/ 137، تاريخ الإسلام 3/ 18).

1535 ـ عبد الله بن السعدى

نعم. فلما انصرف، قال صلى الله عليه وسلم: «ما صمت إلا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه». فقال رجل من الأنصار: هلا أو مأت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «إن النبى لا تكون له خائنة الأعين». وأسلم عبد الله بن أبى سرح، وحسن إسلامه، ولم يظهر منه شيء ينكر عليه بعد، وهو الذى افتتح أفريقية، وكان فتحا عظيما، بلغ فيه سهم الفارس ثلاثة آلاف مثقال. وغزا الأساود من أرض النوبة، وهادنهم، وغزا الصوارى فى البحر من أرض الروم. وولى مصر لعثمان رضى الله عنه، ثم خرج إليه واستولى عليها فى غيبته محمد بن أبى حذيفة، وحال بينه وبينها لما عاد إليها، فقصد عبد الله عسقلان، وأقام بها حتى توفى على الصحيح. وكان دعا الله تعالى أن يجعل خاتمة عمله صلاة الصبح، فاستجاب الله دعوته، وذلك سنة ست أو سبع وثلاثين. وقيل إنه توفى بالرملة، وقيل بأفريقية، ولم يبايع لعلىّ، ولا لمعاوية. وكان نجيبا كريما عاقلا. قال الزبير: وهو الذى يقول فى حصار عثمان رضى الله عنه [من الطويل]: أرى الأمر لا يزداد إلا تفاقما ... وأنصارنا بالمكتين قليل وأسلمنا أهل المدينة والهوى ... هوى أهل مصر والدليل دليل 1535 ـ عبد الله بن السعدى: واختلف فى اسم السعدى، فقيل: قدامة بن وقدان، وقيل: عمرو بن وقدان بن عبد شمس بن عبد ود القرشى العامرى، أبو محمد. له صحبة ورواية عن النبى صلى الله عليه وسلم. روى عن عمر حديث العمالة. رواه عنه حويطب بن عبد العزى. وروى عنه: بسر بن سعيد، وعبد الله بن محيريز، وآخرون. وإنما قيل لأبيه السعدى؛ لأنه استرضع فى بنى سعد بن بكر. وقال بعضهم فيه: ابن الساعدى. سكن الأردن، من أرض الشام. وتوفى ـ على ما قال الواقدى ـ سنة سبع وخمسين. 1536 ـ عبد الله بن أبى أحيحة سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى: ذكره الزبير فى أولاد سعيد بن العاص، فقال: وعبد الله بن سعيد، وكان اسمه

_ 1535 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1572، الإصابة ترجمة 4736، أسد الغابة ترجمة 2979). 1536 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1575، الإصابة ترجمة 4738، أسد الغابة ترجمة 2980).

1537 ـ عبد الله بن سعيد بن عبد الملك، وقيل: عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الملك، بن مروان بن الحكم بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموى، أبو صفوان

الحكم، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم: عبد الله. وأمره أن يعلم الكتاب بالمدينة، وكان كاتبا، قتل يوم اليمامة شهيدا. وذكر ابن عبد البر، معنى هذا، وزاد: استشهد يوم بدر، وقيل: يوم مؤتة، وقيل: يوم اليمامة. قاله أبو معشر. وذكر الذهبى أنه الأكثر. انتهى. وأمه وأم إخوته: أحيحة، الذى كان يكنى به أبوه، والعاص، الذى قتله على بن أبى طالب يوم بدر كافرا، وسعيد بن سعيد، الذى استشهد يوم الطائف: أمه صفية بنت المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم، على ما ذكر الزبير. 1537 ـ عبد الله بن سعيد بن عبد الملك، وقيل: عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الملك، بن مروان بن الحكم بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموى، أبو صفوان: نزيل مكة، سمع أباه، ومالك بن أنس، ويونس بن عبد الأعلى، وثور بن يزيد، ومجالد ابن سعيد، وموسى بن بشير، صاحب مكحول، وابن جريج. روى عنه: الشافعى، وأحمد بن حنبل، وعلىّ بن المدينى، وعبد الله بن الزبير الحميدى، وغيرهم. روى له الجماعة، إلا ابن ماجة، وثقه ابن المدينى، وابن معين، وكانت له أربعة عمومة خلفاء: الوليد، وسليمان، وهشام، ويزيد، بنو عبد الملك بن مروان. قال الذهبى: سمع منه أبو [ ...... ] (1) سنة أربع أو سنة خمس وثمانين ومائة. وقال: نزيل مكة. 1538 ـ عبد الله بن سعيد بن لباج، مولاهم الأموى، أبو محمد الشنتجالى: سمع بقرطبة من أبى محمد. وحج فى سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، فسمع من أحمد ابن فراس، وعبد الله بن محمد السقطى. وصحب أبا ذر الهروى، ولقى أبا نصر السجزى، وأخذا عنه صحيح مسلم، وجاور بمكة دهرا، وحج خمسا وثلاثين حجة، وزار مع كل حجة زورتين.

_ 1537 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير ترجمة 301، الكنى لمسلم الورقة 55، جامع الترمذى 2/ 475، حديث 581، الجرح والتعديل ترجمة 338، ثقات ابن حبان 8/ 337، الضعفاء للدارقطنى الترجمة 627، تاريخ الإسلام 84، ميزان الاعتدال ترجمة 4354، إكمال مغلطاى 2/ 275، تهذيب الكمال 15/ 35). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1539 ـ عبد الله بن سعد الله بن عبد الكافى المصرى

وكان إذا أراد الحاجة خرج من الحرم. ورجع إلى الأندلس فى سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. وحدث بصحيح مسلم فى نحو جمعة بقرطبة. وتوفى فى رجب سنة ست وثلاثين وأربعمائة. وكان رجلا صالحا خيرا زاهدا، لم يكن للدنيا عنده قيمة، عاقلا، وكان يسرد الصوم، ويكتحل بالإثمد كثيرا. كتبت هذه الترجمة ملخصة من تاريخ الإسلام للذهبى. 1539 ـ عبد الله بن سعد الله بن عبد الكافى المصرى: نزيل مكة، المعروف بالشيخ عبيد الحرفوش، هكذا أملى علىّ نسبه ولده علىّ. كان ممن يشار إليه بالصلاح بمكة، ويقال: إنه أخبر بوقعة الإسكندرية فى وقتها، وكانت فى أوائل شهر المحرم سنة سبع وستين وسبعمائة. هجمتها الفرنج، وقتلوا وأسروا ونهبوا من فيها. وأخبرنى بعض الناس: أنه قدم إلى مكة مع شيخنا القاضى عز الدين الطيبىّ، فى موسم سنة إحدى وتسعين، بنية المجاورة بمكة فى العام القابل، فاجتمع بالشيخ عبيد الحرفوش، وذكر له ذلك، فقال له: يا أخى، ما فيها إقامة. ثم أردف هذا الكلام بقوله: ما عليها مقيم. انتهى. فانثنى عزم الطيبى عن المجاورة، واكترى، ورجع إلى القاهرة. وكانت تبدو منه كلمات فاحشة على طريقة الحرافيش بمصر، تؤدى إلى زندقة. نسأل الله لنا وله المغفرة. وكان جاور بمكة أزيد من ثلاثين سنة ـ على ما بلغنى ـ وبها مات فى المحرم سنة إحدى وثمانمائة، ودفن بالمعلاة بقرب السور، وقد بلغ الستين أو جاوزها. 1540 ـ عبد الله بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم: ذكر ابن عبد البر أنه وأخاه هبارا هاجرا إلى الحبشة، ونقل عن ابن إسحاق، أنه قتل يوم اليرموك. 1541 ـ عبد الله بن سفيان المخزومى، أبو سلمة: روى عن عبد الله بن السائب المخزومى، وأبى أمية بن الأخنس. روى عنه: محمد

_ 1540 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1577، الإصابة ترجمة 4739، أسد الغابة ترجمة 2983). 1541 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 464، تاريخ البخارى الكبير 9/ 3425، الكاشف ترجمة 2783 تهذيب التهذيب 2/ 150، ميزان الاعتدال 2/ 4359، إكمال مغلطاى 2/ 276، التقريب 1/ 420، خلاصة الخزرجى 2/ 3539، تهذيب الكمال 15/ 44).

1542 ـ عبد الله بن سفيان المخزومى

ابن عباد بن جعفر، وعمر بن عبد العزيز، ويحيى بن عبد الله بن محمد بن صيفى. وغيرهم. روى له مسلم، وأبو داود، والنسائى، وابن ماجة. قال أحمد بن حنبل: ثقة مأمون. وقد كناه البخارى ولم يسمه. وسماه أبو حاتم. وذكر، مسلم بن الحجاج فى الطبقة الأولى من تابعى أهل مكة. 1542 ـ عبد الله بن سفيان المخزومى: أمير مكة، كما ذكر الأزرقى. وذكر أن عبد الملك بن مروان، لما بلغه خبر سيل الجحاف، فزع لذلك، وبعث بمال عظيم وكتب إليه. وكان عامله على مكة، فأمر بعمل ضفائر للدور الشارعة على الوادى، وعمل ردما على أفواه السكك، يحصن بها دور الناس من السيول. 1543 ـ عبد الله بن سليمان بن محمد بن عبد الله الشيبانى: كذا وجدته مذكورا فى حجر قبره بالمعلاة، وترجم فيه: بالشاب القاضى. وترجم والده: بالقاضى أيضا. وفيه: أنه توفى فى جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين وسبعمائة. انتهى. وهو من ذرية الشيبانيين الذين كانوا قضاة مكة. 1544 ـ عبد الله بن شبيب: [ .............................. ] (1). 1545 ـ عبد الله بن شعيب بن شيبة بن جبير بن شيبة الحجبى المكى: روى عنه: أحمد بن محمد الأزرقى، خبرا رويناه فى تاريخ أبى الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد الأزرقى، ونصه: حدثنى جدى، قال: سمعت عبد الله بن شعيب ابن شيبة بن جبير بن شيبة يقول: ذهبنا نرفع المقام فى خلافة المهدى، فانثلم، قال: وهو من حجر رخوة يشبه المسان فخشينا أن يتفتت ـ أو قال: يتداعى ـ فكتبنا فى ذلك إلى المهدى، فبعث إلينا بألف دينار، فضببنا بها المقام، أسفله وأعلاه. وهو الذهب الذى عليه اليوم. انتهى. وقال الزبير بن بكار: حدثنى عمى مصعب بن عبد الله بن شعيب الحجبى: أن أمير

_ 1544 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1546 ـ عبد الله بن شعيب المكفوف، أبو معبد

المؤمنين المهدى لما جرد الكعبة، كان فيما نزع عنها كسوة من ديباج مكتوب فيه: لعبد الله أبى بكر أمير المؤمنين. قال عبد الله بن شعيب: هى كسوة عبد الله بن الزبير. انتهى. 1546 ـ عبد الله بن شعيب المكفوف، أبو معبد: من أهل مكة. يروى عن ابن عيينة، ويعقوب بن سفيان، ذكره هكذا فى الطبقة الرابعة من الثقات. 1547 ـ عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب القرشى الزهرى، وهو عبد الله الأكبر: ذكر الزبير: أنه كان اسمه عبد الحارث، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم: عبد الله، قال: وهو من المهاجرين إلى الحبشة، ومات بمكة قبل الهجرة إلى المدينة. انتهى. وقيل: إن أخاه عبد الله الأصغر، هو الذى هاجر إلى أرض الحبشة، ومات بمكة قبل الهجرة إلى المدينة. ويقال: إن عبد الله الأكبر، هو جد ابن شهاب الزهرى، أحد الأعلام. ذكر هذا القول ابن عبد البر، لأنه قال: وقيل: إن عبد الله بن شهاب الأصغر، هو جد الزهرى من قبل أمه. فأما جده من قبل أبيه: فهو عبد الله بن شهاب الأكبر. 1548 ـ عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة الزهرى: أخو السابق ـ وهو الأصغر ـ على ما ذكر الزبير بن بكار، قال: شهد أحدا مع المشركين، ثم أسلم بعد، قال: وهو جد تميم بن مسلم بن شهاب. انتهى. ونقل ابن عبد البر عن ابن إسحاق، أن عبد الله الأصغر بن شهاب الزهرى، هو الذى شج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى وجهه، يعنى يوم أحد. وذكر ابن الأثير أنه قيل: إن عبد الله الأصغر، هو الذى هاجر إلى أرض الحبشة، ثم قدم مكة، فمات بها قبل الهجرة، قال: وقد روى أن ابن شهاب قيل له: أشهد جدك بدرا؟ . قال: شهدها من ذلك الجانب، يعنى: مع المشركين، والله أعلم: أى جديه أراد.

_ 1546 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 128). 1547 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1594، الإصابة ترجمة 4471، أسد الغابة ترجمة 3013). 1548 ـ ذكره ابن عبد البر فى ترجمة أخوه عبد الله الأكبر. انظر التخريج السابق.

1549 ـ عبد الله بن شيبة بن عثمان بن طلحة، واسم أبى طلحة، عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصى بن كلاب القرشى العبدرى الشيبى المكى

1549 ـ عبد الله بن شيبة بن عثمان بن طلحة، واسم أبى طلحة، عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصى بن كلاب القرشى العبدرى الشيبى المكى: وهو عبد الله الأكبر أخو صفية بنت شيبة، أمها برة بنت سفيان بن سعيد بن قانف، أخت أبى الأعور بن سفيان السلمى. 1550 ـ عبد الله الأصغر بن شيبة بن عثمان بن أبى طلحة القرشى العبدرى الشيبى المكى، وهو الأعجم: قال الزبير: فى لسانه ثقل، فلذلك سمى الأعجم. قال الزبير: وحدثنى محمد بن الضحاك عن أبيه، أن خالد بن عبد الله القسرى أخاف عبد الله الأصغر بن شيبة بن عثمان ـ وهو الأعجم ـ فهرب منه، فاستجار بسليمان بن عبد الملك. قال محمد بن الضحاك عن أبيه: وخالد بن عبد الله يومئذ، وال لسليمان بن عبد الملك على مكة، فكتب سليمان بن عبد الملك إلى خالد بن عبد الله القسرى ألا يهيجه، وأخبره أنه قد أمنه فجاءه بالكتاب، فأخذ الكتاب ووضعه ولم يفتحه، وأمر به، فبرز، فجلده، ثم فتح الكتاب، فقال: لو كنت قرأته ما جلدتك. فرجع عبد الله الأصغر بن شيبة إلى سليمان فأخبره الخبر، فأمر بالكتاب فى خالد أن تقطع يده، فكلمه فيه يزيد بن المهلب وقبل يده، وكتب مع عبد الله الأصغر بن شيبة: إن كان خالد قرأ الكتاب، ثم جلده، قطعت يده، وإن كان جلده قبل أن يقرأ الكتاب أقيد منه، فأقاد منه عبد الله بن شيبة، فقال فى ذلك الفرزدق (1) [من الطويل]: لعمرى لقد سار ابن شيبة سيرة ... أرتك نجوم الليل ضاحية تجرى أتضرب فى العصيان من كان عاصيا ... وتعصى أمير المؤمنين أخا قسر فلولا يزيد بن المهلب حلقت ... بكفيك فتخاء إلى جانب الوكر وقال الفرزدق أيضا فى ذلك (2) [من الطويل]:

_ (1) فى ديوان الفرزدق: أتضرب فى العصيان تزعم من عصا ... وتعصى أمير المؤمنين أخا قسر فلولا يزيد بن المهلب حلقت ... بكفيك فتخاء إلى جانب الوكر لعمرى لقد سار ابن شيبة سيرة ... أرتك نجوم الليل ظاهرة تجرى انظر: ديوان الفرزدق 1/ 301. (2) الذى فى ديوان الفرزدق: سلوا خالدا لا أكرم الله خالدا ... حتى وليت قسر قريش تدينها أقبل رسول الله أم بعد عهده ... فتلك قريش قد أغث سمينها رجونا هداه لا هدى الله خالدا ... فما أمه بالأم يهدى جنينها انظر: ديوان الفرزدق 2/ 334.

1551 ـ عبد الله بن صالح بن أحمد بن عبد الكريم بن أبى المعالى يحيى بن عبد الرحمن الشيبانى، المكى الجدى، يلقب بالعفيف

سلوا خالدا لا قدس الله خالدا ... متى وليت قسر قريشا تدينها أبعد رسول الله أم قبل عهده ... وجدتم قريشا قد أغث سمينها رجونا هداه لا هدى الله قلبه ... وما أمه بالأم يهدى جنينها وقال أيضا (3) [من الطويل]: وكيف يؤم الناس من كانت أمه ... تدين بأن الله ليس بواحد وأم عبد الله الأصغر بن شيبة، لبنى بنت شداد بن قيس، من بنى الحارس بن كعب. 1551 ـ عبد الله بن صالح بن أحمد بن عبد الكريم بن أبى المعالى يحيى بن عبد الرحمن الشيبانى، المكى الجدى، يلقب بالعفيف: سمع بمكة من الفخر التوزرى، والسراج الدمنهورى: الموطأ، رواية يحيى بن بكير فى [ ..... ] (1) ومن عثمان بن الصفى الطبرى: كتاب الأزرقى، ومن المشايخ: شهاب الدين الهكارى، ونور الدين الهمدانى، وتاج الدين بن بنت أبى سعد، والقاضى عز الدين بن جماعة: بعض الترمذى. وحدث سمعت منه بجدة: حديث ابن عباس رضى الله عنهما عنهما فى حفظ القرآن، وبواسط الهدة ـ هدة بنى جابر ـ ثلاثى الترمذى. وكان يقيم بجدة كثيرا، يخطب الناس بها، ويباشر لهم عقود الأنكحة، وفيه خير. توفى فى ربيع الآخر سنة سبع عشرة وثمانمائة، عن سبع وسبعين سنة، تزيد قليلا أو تنقص قليلا. 1552 ـ عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح القرشى، الجمحى المكى، أبو صفوان: رئيس مكة، وابن رئيسها، وهو عبد الله الأكبر، يروى عن أبيه، وعمر بن الخطاب،

_ (3) لا يوجد هذا البيت فى ديوان الفرزدق. 1551 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 1552 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1595، الإصابة ترجمة 6193، أسد الغابة ترجمة 3018، طبقات ابن سعد 5/ 465، الأخبار الموفقيات 623، نسب قريش 356، السير والمغازى لابن إسحاق 104، المغازى للواقدى 202، المحبر 142، تاريخ خليفة 214، طبقات خليفة 235، التاريخ الكبير 5/ 118، التاريخ الصغير 1/ 142، المعرفة والتاريخ 1/ 533، أنساب الأشراف 1/ 56، الجرح والتعديل 5/ 84، الثقات لابن حبان 3/ 231، مشاهير علماء الأمصار رقم 599، العقد الفريد 4/ 5، التبيين فى أنساب القرشيين 1/ 133، الكامل فى التاريخ 2/ 149، تاريخ الطبرى 2/ 287، تهذيب الكمال 15/ 125، تجريد أسماء الصحابة 1 رقم 3360، سير أعلام النبلاء 4/ 150، العبر 1/ 82، الكاشف 2/ 87، جامع التحصيل رقم 372، الوافى بالوفيات 1/ 423، خلاصة تذهيب التهذيب 202، شذرات الذهب 1/ 80، تاريخ الإسلام 2/ 450).

وحفصة بنت عمر، وغيرهم، روى عنه: الزهرى، وابن أبى مليكة، وعمرو بن دينار. روى له: مسلم، والنسائى، وابن ماجة. ذكره الزبير بن بكار، فقال: وكان من أشراف قريش، حدثنى عمى مصعب بن عبد الله وغيره: أنه وفد على معاوية، هو وأخوه عبد الرحمن الأكبر، وأم عبد الرحمن: أم حبيب بنت أبى سفيان بن حرب بن أمية، أخت معاوية وكان معاوية يقدم عبد الله بن صفوان على عبد الرحمن، فعاتبته أخته فى تقديمه إياه على ابنها، فأدخل ابنها عبد الرحمن ـ وأمه عند معاوية ـ فقال: حاجتك، فذكر دينا وعيالا، وسأل حوائج لنفسه، فقضاها له، ثم أذن لعبد الله بن صفوان، فقال له: حوائجك يا أبا وهب. قال: «تخرج العطاء وتفرض للمنقطعين، فإنه قد حدث فى قومك نابتة لا ديوان لهم، وقواعد قريش لا تغفل عنهن، فإنهن قد جلسن على ديوانهن ينتظرن ما يأتيهن منك، وحلفاؤك من الأحابيش قد عرفت نصرهم، ومؤازرتهم، فاخلطهم بنفسك وقومك». فقال: أفعل، هلم حوائجك لنفسك، قال: فغضب عبد الله، فقال: «وأى حوائج لى إليك إلا هذا وما أشبهه! إنك لتعلم أنى أغنى قريش! » ثم قام، فانصرف. فأقبل معاوية على أم حبيب بنت أبى سفيان أخته، وهى أم عبد الرحمن بن صفوان، فقال: كيف ترين؟ . فقالت: أنت أمير المؤمنين أبصر بقومك. وقال الزبير أيضا: حدثنى محمد بن سلام، قال: حدثنا يزيد بن عياض بن جعدية، قال: لما قدم معاوية مكة لقيته قريش، فلقيه عبد الله بن صفوان على بعير فى خفين وعمامة وبتّ، فساير معاوية، فقال أهل الشام: من هذا الأعرابى الذى يساير أمير المؤمنين؟ . فلما انتهى إلى مكة، إذا الجبل ابيض من غنم عليه، فقال: يا أمير المؤمنين، هذه ألفا شاة أجزرتكها، فقسمها معاوية فى جنده، فقالوا له: ما رأينا أسخى من ابن عم أمير المؤمنين هذا الأعرابى. وقال الزبير: حدثنى محمد بن سلام، قال: حدثنى عامر بن حفص التميمى، قال: قدم رجل من مكة على معاوية فقال: من يطعم بمكة اليوم؟ قال: عبد الله بن صفوان، قال: تلك نار قديمة. وقال الزبير: حدثنى محمد بن سلام، عن أبى عبد الله الأزدى قال: وفد المهلب بن أبى صفرة على عبد الله بن الزبير، فأطال الخلوة معه، فجاء ابن صفوان فقال: من هذا الذى قد شغلك منذ اليوم يا أمير المؤمنين؟ فقال: هذا سيد العرب بالعراق، قال: ينبغى أن يكون المهلب. فقال المهلب بن أبى صفرة: من هذا الذى يسألك عنى يا أمير

1553 ـ عبد الله بن صفوان الخزاعى

المؤمنين؟ قال: هذا سيد قريش بمكة، قال: ينبغى أن يكون عبد الله بن صفوان. وقال الزبير: وكان عبد الله بن صفوان ممن يقوى أمر عبد الله بن الزبير، وعرض عليه الأمان حين تفرق الناس عن ابن الزبير، فقال له عبد الله بن الزبير: قد أذنت لك وأقلتك بيعتى. قال: إنى والله ما قاتلت معك لك، ما قاتلت إلا عن دينى. فأبى أن يقبل الأمان، حتى قتل هو وابن الزبير فى يوم واحد، وهو متعلق بأستار الكعبة. وله يقول الشاعر [من الوافر]: كرهت كتيبة الجمحى لما ... رأيت الموت سال به كداء فليت أبا أمية كان فينا ... فيعذر أو يكون له غناء انتهى. وكان قتل ابن الزبير رضى الله عنهما، فى جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين من الهجرة على الخلاف السابق فى ذلك. وقد تقدم فى ترجمة عبد الله بن جعفر بن أبى طالب: أن عبد الله بن صفوان قال لعبد الله بن جعفر، لقد صرت حجة لفتياننا علينا، إذا نهيناهم عن الملاهى قالوا: هذا ابن جعفر سيد بنى هاشم يحضرها ويتخذها. فقال له عبد الله بن جعفر: وأنت أبا صفوان، صرت حجة لصبياننا علينا، إذا لمناهم فى ترك المكتب، قالوا: هذا أبو صفوان سيد بنى جمح، وذكر أن عبد الله بن صفوان كان أميّا. وأم عبد الله بن صفوان: برزة بنت مسعود بن عمرو بن عمير، على ما ذكر الزبير ابن بكار. 1553 ـ عبد الله بن صفوان الخزاعى: ذكره ابن عبد البر، وقال: ذكره بعضهم فى الرواة عن النبى صلى الله عليه وسلم، وقال: وله صحبة، وهو عندى مجهول لا يعرف. وقد ذكره الذهبى، وقال: له صحبة. ولم يرو شيئا. حكى عنه: يحيى بن شداد. 1554 ـ عبد الله بن طلحة الأندلسى، أبو بكر: توفى سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة بمكة، ذكره ابن المفضل فى وفياته، وقال: ذو معارف، روى لنا غير واحد.

_ 1553 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1596، الإصابة ترجمة 4780، أسد الغابة ترجمة 3020).

1555 ـ عبد الله بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة المخزومى، عفيف الدين، أبو محمد المكى

وذكر الذهبى، فى مختصر التكملة لابن الأبار، فقال: عبد الله بن طلحة بن محمد اليابرى، يكنى أبا بكر، وأبا محمد، نزيل إشبيلية. روى عن أبى الوليد الباجى، وعاصم بن أيوب. وكان ذا معرفة بالنحو والأصول والفقه. وكان بارعا فيه، وله رد على ابن حزم، وألف كتابا فى شرح صدر رسالة ابن أبى زيد القيروانى. وبين ما فيها من العقائد. وصنف سوى ذلك، ثم قصد الحج، واستوطن مصر [ ...... ] (1) وتوفى بمكة. روى عنه: أبو المظفر الشيبانى، وأبو محمد العثمانى، ويوسف بن محمد القيروانى وابن فرج العبدرى، وجماعة. حدث سنة ست عشرة وخمسمائة. نقلت هذه الترجمة من خط الذهبى فى اختصار التكملة [ .... ] (1) ابن بشكوال. 1555 ـ عبد الله بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة المخزومى، عفيف الدين، أبو محمد المكى: والد شيخنا قاضى القضاة جمال الدين. حضر فى الثالثة على أبى محمد عبد الله بن موسى: الجزء الثانى من الأحاديث السباعيات والثمانيات، تخريج ابن الظاهرى، لمؤنسة خاتون بنت الملك العادل، ثم سمعه، والأول على المعظم عيسى بن عمر بن أبى بكر، كلاهما عنها. وسمع على عيسى بن عبد الله الحجى صحيح البخارى، وسمع عليه، وعلى جمال الدين محمد بن الصفى الطبرى، وجمال الدين عبد الوهاب بن محمد بن يحيى الواسطى: جامع الترمذى. وعلى الزين الطبرى، وعثمان بن الصفى، والآقشهرى: سنن أبى داود، وسمع على الآقشهرى: الموطأ والشفا، وعلى الواسطى، والإمام أحمد بن الرضى: مسند الشافعى. وعلى عثمان بن شجاع الدمياطى: المسلسل. وحدث. سمع منه بقراءته: ولده شيخنا جمال الدين، وسألته عنه، فأفادنى بعض مسموعاته هذه، وذكر أنه قرأ ببعض الروايات على الشيخ برهان الدين المسرورى، وحفظ التنبيه، واشتغل بالفقه قليلا على الشيخ نجم الدين الأصفونى. وله نظم كثير. وكان ولى إمامة مقام الحنابلة بعد موت جمال الدين بن القاضى جمال الدين الحنبلى من مكة، ولم يتم له ذلك. وكان مواظبا على تلاوة القرآن، لا يترك ذلك إلا فى أوقات الضرورة؛ كالأكل وشبهه.

_ 1554 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1556 ـ عبد الله بن عامر بن ربيعة العنزى ـ بسكون النون، وقيل بفتحها ـ العدوى

توفى نهار الخميس العشرين من شهر ربيع الأول سنة أربع وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. مولده سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. انتهى. وقد سألت عنه شيخنا السيد تقى الدين عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى فقال: كان رجلا صالحا كثير التلاوة والعبادة، متحريا فى ملبسه وقوته. انتهى. 1556 ـ عبد الله بن عامر بن ربيعة العنزى ـ بسكون النون، وقيل بفتحها ـ العدوى: لأن أباه حليف الخطاب، وكان الخطاب تبناه. صحب هو وأبوه النبى صلى الله عليه وسلم، واستشهد عبد الله يوم الطائف مع النبى صلى الله عليه وسلم. وهو عبد الله الأكبر. 1557 ـ عبد الله بن عامر بن ربيعة العنزى العدوى، أخو السابق: ولد فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم، روى عنه، وعن جماعة من الصحابة رضى الله عنهم. روى عنه: عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبى بكر، والزهرى، ويحيى بن سعيد، وآخرون، توفى سنة خمس وثمانين، وكان ابن أربع سنين أو خمس سنين، حين توفى النبىصلى الله عليه وسلم، على ما ذكر ابن مندة.

_ 1556 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 9، تاريخ الدورى 291، طبقات 23، 63، 235، علل ابن المدينى 48، 65، مسند أحمد 3/ 447، علل أحمد 1/ 78، 273، تاريخ البخارى الكبير ترجمة 18، المعرفة ليعقوب 1/ 51، 358، الجرح والتعديل ترجمة 559، المراسيل 102، ثقات ابن حبان 3/ 219، 55/ 61، رجال صحيح مسلم لابن منجويه الورقة 87، إكمال ابن ماكولا 70/ 404، الجمع لابن القيسرانى 1/ 245، أنساب القرشيين 1/ 371، الكامل فى التاريخ 3/ 56، 4/ 488، 516، 526، تهذيب النووى 1/ 273، سير أعلام النبلاء 3/ 521، الكاشف ترجمة 2823، تهذيب التهذيب 2/ 154، ميزان الاعتدال ترجمة 4395، إكمال مغلطاى 2/ 282، الإصابة ترجمة 4777، تهذيب الكمال 5/ 140). 1557 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1604، الإصابة ترجمة 4796، أسد الغابة ترجمة 3032، الزهد لابن حنبل 184، طبقات ابن سعد 3/ 1 / 297، 304، نسب قريش 445، طبقات خليفة 27/ 300، تاريخ خليفة 138، التاريخ الكبير 6/ 444، 445، التاريخ الصغير 1/ 48، المعارف 247، 248، تاريخ الطبرى 3/ 202، الجرح والتعديل 6/ 325، البدء والتاريخ 5/ 87، معجم الطبرانى 1/ 117، 120، المستدرك للحاكم 3/ 262، حلية الأولياء 1/ 100، 102، تاريخ ابن عساكر 7/ 157، صفة الصفوة 1/ 142، الكامل فى التاريخ 2/ 325، 332، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 259، الرياض النضرة 2/ 307، تهذيب الكمال 645، دار الإسلام 1/ 15، تاريخ الإسلام 2/ 23، العبر 1/ 15 / 24، تهذيب التهذيب 5/ 73، تاريخ الخميس 2/ 244، كنز العمال 13/ 214، 219، شذرات الذهب 1/ 29، تهذيب تاريخ دمشق 7/ 160، 168).

1558 ـ عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى، العبشمى، أحد أشراف قريش وأجوادها

1558 ـ عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى، العبشمى، أحد أشراف قريش وأجوادها: قال الزبير بن بكار: قال عمى مصعب بن عبد الله: يقال إنه أتى النبىصلى الله عليه وسلم وهو صغير، فقال: «هذا شبهنا» وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفل عليه ويعوذه، فجعل عبد الله يتسوغ ريق النبى صلى الله عليه وسلم، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: «إنه لمسقى». فكان لا يعالج أرضا إلا ظهر له فيها الماء. وله النباج الذى يقال له نباج ابن عامر، وله الجحفة، وله بستان ابن عامر بنخلة، على ليلة من مكة، وله آثار فى الآرض كثيرة. وقال: استعمله عثمان بن عفان رضى الله عنه على البصرة، وعزل أبا موسى الأشعرى، فقال أبو موسى: قد أتاكم فتى من قريش، كريم الأمهات والعمات والخالات، يقول بالمال فيكم هكذا هكذا. قال: وهو الذى دعا الزبير وطلحة إلى البصرة، وقال: «إن لى فيها صنائع» فشخصا معه. وله يقول الوليد ابن عقبة (1) [من الطويل]: ألا جعل الله المغيرة وابنه ... ومروان بعلى ذلة لابن عامر لكى يقياه الحر والقر والأذى ... ولسع الأفاعى واحتدام الفواجر (2) قال الزبير: وكان كثير المناقب، وافتتح خراسان، وقتل كسرى فى ولايته، أحرم من نيسابور شكرا لله تعالى، وهو الذى عمل السقايات بعرفة. انتهى. وقال ابن عبد البر: ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى النبى صلى الله عليه وسلم وهو صغير، فقال: هذا شبيهنا. وذكر الخبر الذى ذكر الزبير، قال: وقيل: إنه لما أتى بعبد الله بن عامر بن كريز إلى النبى صلى الله عليه وسلم، قال لبنى عبد شمس: هذا أشبه بنا منه بكم، ثم تفل فى فيه، فازدرده، فقال: أرجو أن يكون مسقيا فكان كما قال النبى صلى الله عليه وسلم. وقد روى عبد الله بن عامر هذا، عن النبى صلى الله عليه وسلم، وما علمته سمع منه ولا حفظ عنه.

_ 1558 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1605، الإصابة ترجمة 6195، أسد الغابة ترجمة 3033، طبقات ابن سعد 5/ 9، 44، التاريخ الصغير 84، فتوح البلدان 636، جمهرة أنساب العرب 74، 75، 31، المحبر 47، 57، أنساب الأشراف 3/ 226، تاريخ اليعقوبى 2/ 166، 168، الأخبار الطوال 139، 140، تاريخ أبى زرعة 1/ 183، الأخبار الموفقيات 203، 205، المعارف 320، البيان والتبيين 2/ 94، نسب قريش 147، الوزراء والكتاب 148، تاريخ الطبرى 5/ 170). (1) البيت فى: (نسب قريش 5/ 148). (2) ورد فى نسب قريش: لكى يقياه الحر والقر إن مشى ... ولسع الأفاعى واحتدام الهواجر

ذكر البغوى عن مصعب بن الزبير عن أبيه، عن مصعب بن ثابت عن حنظلة بن قيس، عن عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عامر بن كريز، قالا: قال رسولاللهصلى الله عليه وسلم: «من قتل دون ماله فهو شهيد» (3) ورواه موسى بن هارون الحمال عن مصعب بإسناده سواء، وقال صالح بن الوجيه، وخليفة بن خياط: وفى سنة تسع وعشرين، عزل عثمان أبا موسى الأشعرى، عن البصرة، وعثمان بن أبى العاص، عن فارس، وجمع ذلك كله لعبد الله بن عامر بن كريز، وقال صالح: وهو ابن أربع وعشرين سنة. قال أبو اليقظان: قدم ابن عامر البصرة واليا، وهو ابن أربع أو خمس وعشرين سنة، ولم يختلفوا أنه افتتح أطراف فارس كلها، وعامة خراسان، وحلوان، وكرمان، وهو الذى شق نهر البصرة، ولم يزل واليا لعثمان على البصرة، إلى أن قتل عثمان ـ وكان ابن عمته، لأن أم عثمان أروى بنت كريز ـ ثم عقد له معاوية على البصرة، ثم عزله عنها. وكان أحد الأجواد، وأوصى إلى عبد الله بن الزبير، ومات قبله بيسير، وهو الذى يقول فيه ابن ردينة (4) [من الطويل]: فإن الذى أعطى العراق ابن عامر ... لربى الذى أرجو لستر مفاقرى ويقول زياد الأعجم (5) [من الوافر]: أخ لك لا تراه الدهر إلا ... على العلات بساما جوادا أخ لك ما مودته بمذق ... إذا ما عاد فقر أخيه عادا سألناه الجزيل فما تلاكا ... وأعطى فوق منيتنا وزادا (6) وأحسن ثم أحسن ثم عدنا ... فأحسن ثم عدت له فعادا مرارا ما رجعت إليه إلا ... تبسم ضاحكا وثنى الوسادا وقال الزبير: قال عمى مصعب بن عبد الله: بلغنى أن معاوية أراد أن يصفى أمواله، فقال ابن عامر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المقتول دون ماله شهيد» والله لأقاتلنه حتى أقتل دون مالى. فأعرض عنه معاوية وزوجه ابنته هندا بنت معاوية.

_ (3) أخرجه البخارى فى صحيحه حديث رقم (2480) من طريق: عبد الله بن يزيد، حدثنا سعيد هو ابن أبى أيوب، قال: حدثنى أبو الأسود، عن عكرمة، عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما، قال: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: «من قتل دون ماله فهو شهيد». وأخرجه مسلم فى صحيحه حديث رقم (141)، والترمذى فى سننه حديث رقم (1419). (4) انظر البيت فى: (خريدة القصر 1/ 152، ولكن فى الاستيعاب ينسب هذا البيت إلى زياد الأعجم. انظر: الاستيعاب ترجمة 1605). (5) انظر الأبيات فى: (الشعر والشعراء 283، الاستيعاب ترجمة 1605). (6) ورد البيت فى الشعر والشعراء والاستيعاب: سألناه الجزيل فما تلكأ ... وأعطى فوق منيتنا وزادا

1559 ـ عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى ابن كلاب الهاشمى

قال الزبير: وحدثنى مصعب بن عبد الله عن بعض القرشيين، قال: كانت هند بنت معاوية أبر شيء بعبد الله بن عامر، وأنها جاءته يوما بالمرآة والمشط. وكانت تتولى خدمته بنفسها، فنظر فى المرآة، فالتقى وجهه ووجهها فى المرآة. فرأى شبابها وجمالها، ورأى المشيب فى لحيته قد ألحقه بالشيوخ، فرفع رأسه إليها، وقال: الحقى بأبيك، فانطلقت حتى دخلت على أبيها، فأخبرته خبرها. فقال: وهل تطلق الحرة؟ . قالت: ما أتى من قبلى. وأخبرته خبرها. فأرسل إليه، فقال: أكرمتك ببنيتى، ثم رددتها علىّ! قال: أخبرك عن ذلك: إن الله تبارك وتعالى منّ علىّ بفضله وجعلنى كريما، لا أحب أن يتفضل علىّ أحد، وإن ابنتك أعجزتنى مكافأتها بحسن صحبتها لى، فنظرت، فإذا أنا شيخ وهى شابة، لا أزيدها مالا إلى مالها، ولا شرفا إلى شرفها، فرأيت أن أردها إليك لتزوجها فتى من فتيانك، كأن وجهه ورقة مصحف. قال الزبير: وكان ابن عامر رجلا سخيّا كريما، وأمه: دجاجة بنت أسماء بن الصلت ابن حبيب بن حارثة بن هلال بن حرام بن سماك بن عوف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم. 1559 ـ عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى ابن كلاب الهاشمى: أبو العباس، وأبو الخلفاء، ابن عم النبى صلى الله عليه وسلم. وكان يلقب بالإمام الحبر البحر، ترجمان

_ 1559 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1606، الإصابة ترجمة 4799، أسد الغابة 3037، الثقات 3/ 207، أزمنة التاريخ الإسلامى 726، التبصرة والتذكرة 1/ 134، طبقات القراء 1/ 4200، شذرات الذهب 1/ 75، العبر 1/ 76، حسن المحاضرة 1/ 214، حلية الأولياء 1/ 314، 329، الرياض المستطابة 198، البداية والنهاية 8، 295، معجم الصحابة 1/ 320، تهذيب التهذيب 5/ 276، رياض النفوس 1/ 41، الجرح والتعديل 5/ 116، الأعلام 4/ 95، تلقيح فهوم أهل الأثر 158، 363، غاية النهاية 1/ 425، معرفة القراء الكبار 1/ 41، بقى بن مخلد 5، التاريخ الكبير 3/ 3 ـ 5/ 3 ـ 7/ 2، صفوة الصفوة 1/ 746، تهذيب الكمال 2/ 698، تذكرة الحفاظ 1/ 40، الطبقات الكبرى 9/ 118، 119، روضات الجنان 1/ 9، 353، 357 ـ 4/ 39، 6/ 178 ـ 7/ 29، 233، الكاشف 2/ 100، تقريب التهذيب 1/ 425، الوافى بالوفيات 17، 231، الجمع بين رجال الصحيحين 878، طبقات ابن سعد 2/ 365، مصنف ابن أبى شيبة 13/ 15735، 15747، تاريخ الدورى 2/ 315، ابن طهمان الترجمة 203، 224، 230، 260، 261، تاريخ خليفة 176، 184، 191، 192، طبقاته 3/ 126، 189، 284، علل ابن المدينى 42، 44، 47، 51، 60، 65، 66، 70، 84، فضائل الصحابة لأحمد 2/ 844، 949، مسنده 1/ 214، علله 1/ 68، 77، 254، 348، تاريخ البخارى الكبير ترجمة 5، تاريخه الصغير 1/ 126، 127، 134، 137، ثقات ابن حبان 3/ 207، سير أعلام النبلاء 32/ 331، والعبر 1/ 41، 63، 76، 96).

القرآن، لكثرة علمه. ودعا له النبى صلى الله عليه وسلم، بأن يعلمه الله تعالى الكتاب والحكمة وتأويل القرآن، ويفقه فى الدين، وأن يزيده فهما وعلما، ويبارك فيه، وينشر منه، ويجعله من عباده الصالحين. كل ذلك جاء فى أحاديث صحيحة مفرقة. وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم، ألف حديث وستمائة حديث وستين حديثا. وقد روى عن جماعة من الصحابة. وروى عنه منهم: أنس، وأبو أمامة بن سهل، وخلق من التابعين. روى له الجماعة. قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: ما رأيت أحدا أعلم من ابن عباس بما سبقه، من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقضاء أبى بكر وعمرو وعثمان رضى الله عنهم، ولا أفقه منه، ولا أعلم بتفسير القرآن والعربية والشعر والحساب والفرائض منه، وكان يجلس يوما للتأويل، ويوما للفقه، ويوما للمغازى، ويوما للشعر، ويوما لأيام العرب، وما رأيت قط عالما جلس إليه إلا خضع له، ولا سائلا يسأله إلا أخذ عنه علما. وقال عمرو بن دينار: ما رأيت مجلسا أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس: الحلال، والحرام، والعربية، والأنساب. وأحسبه قال: والشعر. وقال عطاء: كان ناس يأتون ابن عباس فى الشعر والأنساب، وناس يأتون لأيام العرب ووقائعها، وناس يأتون للعلم والفقه. فما منهم صنف إلا يقبل عليه بما شاء. وقال: ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة، إلا ذكرت وجه ابن عباس. وكان يثنى عليه ويقربه ويشاوره مع جلة الصحابة، وأثنى عليه ابن مسعود ومعاوية وغيرهم من الصحابة والتابعين، ومناقبه كثيرة. وذكر ابن عبد البر أنه شهد مع على رضى الله عنه: الجمل وصفين والنهروان. وذكر النووى أن علىّ بن أبى طالب أمره على البصرة، ثم فارقها بعد قتله، وعاد إلى الحجاز. وذكر غيره: أنه تحول إلى مكة، وأقام بها إلى أن أخرجه ابن الزبير، لتوقفه عن مبايعته. فسكن الطائف حتى مات به، فى سنة ثمان وستين، عن سبعين سنة. وهذا هو الصحيح فى وفاته وسنه، وصلى عليه محمد ابن الحنفية، وقال: مات اليوم ربان هذه الأمة. ولما وضع ليصلى عليه، جاء طائر أبيض فوقع على أكفانه، فدخل فيه، فالتمس، فلم يوجد. فلما سوى عليه التراب، سمعوا صوت قارئ لا يرون شخصه، يقرأ: (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي).

1560 ـ عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى، أبو سلمة

وقبره مشهور بالطائف فى مسجد كبير، بنى فى زمن الناصر لدين الله العباسى. وأخبرنى غير واحد، أنه يشم من قبره رائحة المسك. وكان بأخرة قد كف بصره كأبيه وجده. وسبب ذلك على ما قيل: أنه رأى مع النبى صلى الله عليه وسلم رجلا فلم يعرفه، فسأل عنه النبىصلى الله عليه وسلم، فقال له: أرأيته؟ قال: نعم، قال: ذاك جبريل، أما إنك ستفقد بصرك، فقال هو فى ذلك (1) [من البسيط]: إن يأخذ الله من عينى نورهما ... ففى لسانى وقلبى منهما نور قلبى ذكى وعقلى غير ذى دخل ... وفى فمى صارم كالسيف مأثور وكان رضى الله عنه يخضب لحيته بالصفرة. وقيل بالحناء. واختلف فى وفاته، فقيل: سنة ثمان وستين من الهجرة، قاله جماعة، منهم: أبو نعيم، وأبو بكر بن أبى شيبة، ويحيى بن بكير، وزاد يحيى: وهو ابن إحدى أو اثنتين وسبعين سنة، وقيل: مات سنة تسع وستين، وقيل سنة سبعين. حكاهما المزى فى التهذيب، واختلف فى سنه، حين توفى النبى صلى الله عليه وسلم، فقيل: كان ابن عشر سنين، قاله غير واحد عن سعيد بن جبير عنه. وقيل ابن ثلاث عشرة، رواه عنه سعيد بن جبير. وقيل كان ابن خمس عشرة سنة، روى عن سعيد بن جبير عنه. قال: أحمد بن حنبل: وهذا هو الصواب. 1560 ـ عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى، أبو سلمة: ذكر ابن إسحاق: أنه أسلم بعد عشرة أنفس وهاجر إلى الحبشة. وذكر مصعب الزبيرى: أنه أول من هاجر إليها، ثم قدم إلى مكة، وهاجر إلى المدينة، وشهد بدرا وأحدا، وجرح فيه جرحا، ثم اندمل، ثم انتقض، فمات منه لثلاث مضين من جمادى الآخرة سنة ثلاث. وحضره النبى صلى الله عليه وسلم وأغمضه وخلفه على أهله. وكان أبو سلمة سأل الله تعالى حين احتضر، أن يخلفه فى أهله بخير. وذكره الزبير بن بكار، فقال: فولد عبد الأسد بن هلال: عبد الله، أبا سلمة، أول

_ (1) انظر البيت فى: (الاستيعاب ترجمة 1606، أسد الغابة ترجمة 3037). 1560 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1607، الإصابة ترجمة 4801، أسد الغابة ترجمة 3038).

1561 ـ عبد الله بن عبد الله بن أبى أمية بن المغيرة المخزومى

من هاجر إلى الحبشة، وشهد بدرا. وتوفى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان أخا رسول اللهصلى الله عليه وسلم، وأخا حمزة بن عبد المطلب من الرضاعة، أرضعتهم ثويبة مولاة أبى لهب، أرضعت حمزة، ثم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أبا سلمة، وأمه برة بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، وأخوه لأمه أبو سبرة بن أبى رهم العامرى. 1561 ـ عبد الله بن عبد الله بن أبى أمية بن المغيرة المخزومى: ابن أخى أم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم ذكر أبيه. ذكره ابن عبد البر، وقال: دكره جماعة فى المؤلفة قلوبهم، وفيه نظر، ولا تصح صحبته عندى، ولكنا ذكرناه على شرطنا، يعنى من ولد بين مسلمين فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم، وذكر أن روايته عن أم سلمة. وقد روى عنه عروة بن الزبير، أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم، يصلى فى بيت أم سلمة فى ثوب واحد، قد خالف بين طرفيه. وروى عنه، محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان. وذكر الكاشغرى، أنه كان ابن ثمان سنين، يوم توفى النبى صلى الله عليه وسلم. 1562 ـ عبد الله بن أبى بكر الصديق ـ واسم أبى بكر عبد الله ـ بن أبى قحافة عثمان بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى: قال الزبير بن بكار: وولد أبى بكر الصديق رضى الله عنه: عبد الله، قتل يوم الطائف شهيدا، أصابه سهم، فماطله حتى مات بالمدينة، بعد وفاة رسول اللهصلى الله عليه وسلم، وهو الذى كان يأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأباه، وهما فى الغار بزادهما، وأخبار مكة إذا أمسى. انتهى. وذكر ابن عبد البر أنه أسلم قديما، قال: ولم نسمع له بمشهد، إلا شهوده الفتح، وحنينا، والطائف، ورمى فيه بسهم واندمل جرحه، ثم انتقض. فمات منه فى أول خلافة أبيه، وذلك فى شوال سنة إحدى عشرة.

_ 1561 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1610، الإصابة ترجمة 4803، أسد الغابة ترجمة 3041، تجريد أسماء الصحابة 1/ 321، ذيل الكاشف 778، الجرح والتعديل 5/ 89، تلقيح فهوم أهل الأثر 374، 501، التاريخ الكبير 3/ 159، الطبقات الكبرى 3/ 116، تعجيل المنفعة 225). 1562 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1492، الإصابة ترجمة 4586، التاريخ الصغير 1/ 300، عنوان النجابة 113، تاريخ الإسلام 3/ 49، تجريد أسماء الصحابة 1/ 300، البداية والنهاية 6/ 338، الأعلام 4/ 99، التاريخ الكبير 213، الطبقات 18، بقى بن مخلد 666، 777، الوافى الوفيات 17/ 85).

1563 ـ عبد الله بن عبد الجبار بن عبد الله الأموى العثمانى، أبو محمد

وكان اشترى الحلة التى أرادوا تكفين النبى صلى الله عليه وسلم فيها بتسعة دنانير، ليكفن هو فيها، ثم رغب عنها. وقال: لو كان فيها خير لكفن فيها النبى صلى الله عليه وسلم. وكان تزوج عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، وله معها قضية، سنذكرها إن شاء الله تعالى. 1563 ـ عبد الله بن عبد الجبار بن عبد الله الأموى العثمانى، أبو محمد: التاجر البزاز الكارمى الإسكندرى، أصله من شاطبة (1)، ولد بالإسكندرية وتديرها. وسمع بها من السلفى وغيره، وبمصر من منجب المرشدى. وحدث بالإسكندرية، ومصر، والصعيد، واليمن. سمع منه المنذرى. وذكره فى التكملة، ومنها كتبت هذه الترجمة. وذكر أن شيخه الحافظ أبا الحسن على بن المفضل المقدسى، يعظمه، ويثنى عليه كثيرا. وتوفى شهيدا ـ على ما قيل ـ فى رابع عشرى ذى الحجة سنة أربع عشرة وستمائة بمكة. ومولده فى رمضان سنة أربع وأربعين وخمسمائة. 1564 ـ عبد الله بن عبد الحق بن عبد الله بن عبد الأحد بن على المخزومى المصرى، أبو محمد، عفيف الدين الدلاصى: مقرئ مكة، قرأ ختمة لنافع، على أبى محمد عبد الله بن لب بن خيرة الشاطبى. وسمع منه «التيسير» لأبى عمرو الدانى، والموطأ، رواية يحيى بن يحيى، كلاهما عن أبى عبد الله بن سعادة، وتلا بالروايات بعشرين كتابا على الكمال إبراهيم بن أحمد بن فارس التيمى، فى سنة أربع وستين وستمائة بدمشق. وسمع على أبى الفضل عبد الله بن محمد الأنصارى، قارئ مصحف الذهب: الشاطبية، عنه وسمعها مع الرائية، على أبى اليمن بن عساكر، عن السخاوى، عن الناظم. وسمع على أبى اليمن: صحيح مسلم، ورسالة القشيرى، وغير ذلك بمكة. وكان جاور بها جل عمره. وحدث وأقرأ.

_ 1563 ـ (1) شاطبة: بالأندلس، مدينة جليلة متقنة حصينة لها قصبتان ممتنعتان. انظر: معجم البلدان 3/ 309، الروض المعطار 337.

قرأ عليه جماعة، منهم: أبو عبد الله الوادياشى عدة ختم، وقال: ذكر لى أن له أكثر من ستين سنة، يقرأ كتاب الله تعالى بغير أجر، إلا ابتغاء الثواب. وذكره الذهبى فى طبقات القراء، ومنها كتبت بعض هذه الترجمة، وترجمه: بالإمام القدوة شيخ الحرم، وقال: كان من العلماء العاملين. تفقه أولا لمالك، ثم للشافعى، وكان ذا أوراد واجتهاد وأحوال، وقال: قال ابن أبى زكنون: وحدثنى أبو عبد الله الآقشهرى، قال: عتبنى الدلاصى على فترى، ثم قال: هذه الأسطوانة تشهد لى أنى صليت عندها الصبح بوضوء العتمة بضعا وعشرين سنة. ذكره الشيخ جمال الدين أبو محمد عبد الغفار بن القاضى معين الدين أبى العباس أحمد بن عبد المجيد الشهير بابن نوح الأنصارى الخزرجى الأقصرى القوصى، فى كتابه «المنتقى من كتاب التوحيد فى سلوك طريق أهل التوحيد والتصديق والإيمان بأولياء الله تعالى فى كل زمان». وحكى عنه أخبارا حسنة دالة على عظم مقداره؛ لأنه قال: وأخبرنى الشيخ عبد الله الدلاصى بمكة شرفها الله تعالى، وهو هناك يقرئ القرآن العظيم، قال: أقمت بمكة شرفها الله تعالى ثلاثين سنة، وكان معى فقيران، كان أكلنا بعد ثلاثة أيام بخمسة أفلس مرق قمحية، أقاما معى الفقيران عشرين سنة وكملت الثلاثين سنة، وكنت أطوف كل يوم ستين أسبوعا بستين حزب قرآن إلى الظهر. وكنت أروح فى كل جمعة إلى زيارة النبى صلى الله عليه وسلم ماشيا. انتهى. وذكره اليافعى فى تاريخه، وقال: كان من ذوى الكرامات العديدات والمناقب الحميدات، ويقال: إنه ممن سمع رد السلام من سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام، ورأيته يطوف فى ضحى كل يوم أسبوعا، بعد فراغ الطلبة وكان قد انحنى انحناء كثيرا، فإذا جاء إلى الحجر الأسود، زال ذلك الانحناء، وقبله. وكان يعد ذلك من جملة كراماته ومنها: أنه كان عنده طفل غابت أمه عنه، فبكى، فدر ثديه باللبن وأرضع ذلك الطفل حتى سكت. وله كرامات أخرى شهيرة. انتهى. توفى ليلة الجمعة الرابع عشر من شهر المحرم سنة إحدى وعشرين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. ومولده فى أول رجب سنة ثلاثين وستمائة. نقلت وفاته ومولده من تاريخ البرزالى، وذكر أنه كتب وفاته عن ابنه قطب الدين محمد، السابق ذكره. وكان تفقه لمالك، ثم للشافعى، ولذلك قصة، وهى أنى وجدت بخط محدث اليمن نفيس الدين سليمان بن إبراهيم بن عمر العلوى، نقلا عن خط أبيه، أن الشيخ أبا عبد

1565 ـ عبد الله بن عبد الحق السوسى، أبو محمد

الله محمد بن إبراهيم القصرى، حدثه بمكة فى سنة عشرين، عنه، قال: كنت فى ابتداء أمرى مالكيا، فاتفق أن إمام المالكية استنابنى فى بعض الصلوات، وصليت فى مقام المالكية قبل أن يصلى الشافعى، فجرى فى ذلك كلام وإنكار، فتعب باطنى، فنمت تلك الليلة، فرأيت فى النوم كأنى صاعد إلى جهة الصفا، فرأيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى تقول لى: عليك بمذهب ابن عمى ابن إدريس الشافعى، رحمه الله تعالى. انتهى. 1565 ـ عبد الله بن عبد الحق السوسى، أبو محمد: ذكره الجد أبو عبد الله الفاسى فى تعاليقه التى وجدتها، وترجمه: بالشيخ الصالح. وكتب عنه حكايات، وقال بعد أن كتب عنه حكاية تتعلق بالشيخ أبى لكوط، يأتى إن شاء الله ذكرها قريبا: وأدرك أبو محمد السوسى رحمه الله، جماعة من دكالة (1) من أصحاب الشيخ أبى صالح المقيمين فى الحجاز وصحبهم، ثم قال: كان أبو محمد السوسى رحمه الله لا يمشى إلى أحد بسبب رفق يسأله، وربما كان يقال له: لك عند فلان كذا، تمشى تأخذه، فيأبى ولا يمشى إلى أحد، ولم يزل عزمه يشتد فى أحواله فصلا فصلا، إلى أن توفى رحمه الله، وأوصى إلىّ بالتصرف فى حاله، ولم يترك شيئا من الدنيا إلا ثوبا مصبوغا فى عنقه، ومنديلا أسود على رأسه، وبقية قطيعات سكر كان يقتات منها إذا احتاج إليها. ونزل قبره أبو العلاء إدريس صاحبه، قلت له: انزل قبره، فأنت أقدمنا صحبة له، وأقرب عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قدم يوم موته على ما ذكر، من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال جدى: إنه أخذ نفسه فى آخر أمره بطريق من الورع، لم أسمع أن أحدا تعاطاها ممن سكن الحجاز، فيمن تأخر، ولم يزل عليها إلى أن مات فى رجب سنة ثلاث وتسعين وستمائة. ووجدت بخطه فى موضع آخر: أنه توفى بمكة، ودفن بالمعلاة. 1566 ـ عبد الله بن عبد الرحمن بن الضياء محمد بن عمر القسطلانى المكى المالكى: أخو الشيخ خليل المالكى، سمع من الرضى الطبرى بعض الترمذى، وسمع من العز يوسف بن الحسن الزرندى، والشريف أبى عبد الله الفاسى بالمدينة: العوارف للسهروردى، وأجاز له من دمشق جماعة، فى سنة ثلاث عشرة، من شيوخ ابن خليل باستدعائه واستدعاء البزرالى، وما علمته حدث.

_ 1565 ـ (1) دكّالة: بفتح أوله، وتشديد ثانيه: بلد بالمغرب يسكنه البربر. انظر: معجم البلدان 2/ 612، لب اللباب 106.

1567 ـ عبد الله بن عبد الرحمن بن أنس المخزومى

وذكره البزرالى فى تاريخه، وذكر أن العفيف ابن المطرى، كتب إليه يذكر أنه ناب فى الإمامة عن أخيه، وكان رجلا مباركا فقيها. توفى يوم عيد النحر من سنة ست وثلاثين وسبعمائة، وهو من أبناء خمس وأربعين. انتهى. 1567 ـ عبد الله بن عبد الرحمن بن أنس المخزومى: من أهل مكة، يروى عن إبراهيم بن نافع، روى عنه [ ..... ] (1) ذكره ابن حبان هكذا فى الطبقة الرابعة من الثقات. 1568 ـ عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى حسين بن الحارث بن عامر بن نوفل ابن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى النوفلى المكى: روى عن أبى الطفيل، وعطاء بن أبى رباح، وطاوس، وعكرمة مولى ابن عباس، وغيرهم، روى عنه: ابن جريج ـ ومات قبله ـ وشعبة، والسفيانان، ومالك، ومسلم ابن خالد الزنجى. روى له الجماعة. وثقة أحمد، وأبو زرعة، وابن سعد. وقال: كان كثير الحديث. ذكره الزبير بن بكار، فقال: وهو من أهل مكة، وأمه أم عبد الله بنت عقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف بن قصى، وذكر أن جده أبا حسين بن الحارث، وهو الذى دب إلى خبيب بن عدى، فأخذه خبيب، فجعله فى حجره، ثم قال لحاضنته: ما كان يؤمنك أن أذبحه بهذه الموسى ـ لموسى فى يده كان يستحد بها ـ وأنتم تريدون قتلى غدا! فقالت له: أمنتك بأمان الله عزوجل، فخلى عنه، وقال: ما كنت لأفعل. 1569 ـ عبد الله بن عبد السلام بن عبد الرحمن الدكالى، نزيل مكة، أبو لكوط: ذكره القطب القسطلانى فى «ارتقاء الرتبة» فقال: ورأيت سيدى الشيخ العارف أبا لكوط الدكالى، وكان من رجال الله تعالى. وأرباب المجاهدات والمكاشفات والأحوال، والمنازلات، وكانت له تارات، من يراه فيها يعتقد أنه مجنون، يجرى من أول الحرم إلى آخره، ومن أول المسعى إلى آخره، وهو يذكر بصوت عال: الله، الله. وكان قصده

_ 1567 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 1568 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 5/ 197).

1570 ـ عبد الله بن عبد العزيز الكردى، أبو محمد، المعروف بالصامت

بذلك قهر نفسه، وكسر جاهه وحشمته عند العامة، وكان يطوى الأيام والليالى. ومن جملة ما جرى لى معه: أنى مرضت بالحمى، وأنا صغير السن، فجاءنى بدرهم، وقال لى: اشتر به ثلاثة أيام عسلا، فاشترى لى ذلك وشربته واسترحت، وحملنى مرارا من باب دار العجلة، إلى حاشية الطواف على ظهره عند هيجان حاله، ثم يعيدنى إلى الموضع الذى أخذنى منه. وله كرامات كثيرة نفعنا الله به، وهو من أصحاب سيدى الشيخ العارف أبى محمد صالح الدكالى، وأبو محمد من أصحاب الشيخ العارف عبد الرزاق، وعبد الرزاق من أصحاب شيخ المشايخ أبى مدين. انتهى. وأخبرنى شيخنا القدوة عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى: أنه وجد بخط جده الشريف أبى عبد الله الفاسى حكاية معناها: أن شخصا رئى بعد موته، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لى بحضور فلان الخياط فى جنازتى بطاقية الشيخ أبى لكوط، وهذه منقبة عظيمة. توفى الشيخ أبو لكوط، يوم الجمعة ثانى صفر سنة تسع وعشرين وستمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وقبره بها معروف. ومن حجر قبره نقلت وفاته ونسبه، وكذا وجدت وفاته بخط جدى الشريف أبى عبد الله الفاسى، إلا أنه لم يذكر شهر وفاته. وقال جدى فى تعاليقه: أخبرنى أبو محمد عبد الله بن عبد الحق السوسى رحمه الله: أن أبا لكوط الدكالى، كان يصنع الطعام لإخوانه ويقدمه لهم، فإذا أكلوا يقول لهم: قولوا: لا جزاك الله خيرا يا أبا لكوط. قال جدى: ومعنى حكاية أبى لكوط، أن النفوس تظهر عند إدخال المسار على الأمثال، وتستشرف إلى الثناء والمدح، فإذا خاف من هذه الوليجة، داوى هذا المرض بأن يقول: لا جزاك الله خيرا، حتى ينسلخ هو من صفة الإحسان، ويضيفه إلى المحسن الحق، وهو الله تعالى، والسالك يداوى مرض قلبه، حتى يصح، لعلمه أنه لا يملك شيئا ولا يستحقه. انتهى. 1570 ـ عبد الله بن عبد العزيز الكردى، أبو محمد، المعروف بالصامت: نزيل مكة، سمع بالمدينة من أبى يوسف الكحال: الأربعين الطائية. وحدث بها عن مؤلفها، وهذا غلط، فإن أبا يوسف، إنما سمعها من يونس بن يحيى الهاشمى عن الطائى

1571 ـ عبد الله بن عبد الملك بن الشيخ أبى محمد عبد الله بن محمد بن محمد البكرى التونسى الأصل، الإسكندرى المولد، المكى الدار، المعروف بالمرجانى

[ .... ] (1) عليه أيضا الوهم فى أشياء حدث بها. وتوفى فى شهر ربيع الأول سنة إحدى وخمسين وستمائة بمكة، وقد جاوز الثمانين. وكان يذكر أنه يعيش مائة وعشرين عاما، ويدرك عيسى ابن مريم عليه السلام، لرؤيا رآها. ذكر ذلك كله ابن مسدى فى معجمه، وقال: شيخ قديم فى طريقه، معروف [ .... ] (1) فريقه، له جولات برسم السياحة، وكان من بيت [ .... ] (2) وذكر أنه جاور معه برباط واحد بمكة. 1571 ـ عبد الله بن عبد الملك بن الشيخ أبى محمد عبد الله بن محمد بن محمد البكرى التونسى الأصل، الإسكندرى المولد، المكى الدار، المعروف بالمرجانى: سمع من [ ..... ] (1) وألف تاريخا للمدينة النبوية، مشتملا على فوائد كثيرة، إلا أن كثيرا منها لا تعلق له بالتاريخ، سماه: «بهجة النفوس والأسرار، فى تاريخ دار هجرة المختار» فى مجلد رأيته بخطه، وأنه ابتدأ فى تأليفه يوم التاسع من شوال، أحد شهور سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، وتمامه يوم الجمعة، السادس عشر من الشهر المذكور، وله أيضا نظم، وكان توجه إلى بلاد المغرب وانقطع خبره. 1572 ـ عبد الله بن عبيد الله بن أبى مليكة زهير بن عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة التيمى، أبو بكر، ويقال أبو محمد المكى الأحول: سمع العبادلة الأربعة: ابن عمر، وابن عباس، وابن عمرو، وابن الزبير، والمسور بن

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 1570 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 1571 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 1572 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 472، 473، تاريخ الدورى 2/ 318، طبقات خليفة ترجمة 412، تاريخه 1/ 283، 2/ 124، ثقات العجلى 32، الجرح والتعديل ترجمة 278/ 461، سنن الدراقطنى 1/ 313، رجال صحيح مسلم لابن منجويه 94، الكاشف ترجمة 2867، تاريخ الإسلام 4/ 267، تذكرة الحفاظ 1/ 101، تهذيب التهذيب 2/ 164، معرفة التابعين 22، إكمال مغلطاى 2/ 292، غاية النهاية 1/ 430، تهذيب التهذيب 5/ 306، 307، شذرات الذهب 1/ 153، تهذيب الكمال 15/ 256).

1573 ـ عبد الله بن عبيد بن عمير بن قتادة الليثى الجندعى أبو هاشم المكى

مخرمة، وعقبة بن الحارث، وعائشة، وأسماء، ابنتى الصديق، ورأى عثمان، وقال: أدركت ثلاثين من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم وسمع من جماعة من التابعين عنه: ابنه يحيى، وابن أخيه عبد الرحمن بن أبى بكر، وعطاء بن أبى رباح، وعمرو بن دينار، وابن جريج، وأيوب السختيانى وغيرهم. روى له الجماعة. قال أبو زرعة، وأبو حاتم: مكى ثقة. وقال صاحب الكمال: كان قاضيا لعبد الله بن الزبير ومؤذنا له. وقال الذهبى: روى عن أيوب عن ابن أبى مليكة، قال: بعثنى ابن الزبير على قضاء الطائف، فكنت أسأل ابن عباس. قال البخارى وغيره: مات سنة سبع عشرة ومائة. 1573 ـ عبد الله بن عبيد بن عمير بن قتادة الليثى الجندعى أبو هاشم المكى: روى عن أبيه، والحارث بن عبد الله بن أبى ربيعة؛ وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر، وعائشة، وثابت البنانى، وهو أصغر منه. روى عنه: الزهرى، والأوزاعى، وابن جريج، وغيرهم. روى له الجماعة، سوى البخارى. ووثقه أبو حاتم وغيره. وقال النسائى: ليس به بأس. وقال الفلاس: مات سنة ثلاث عشرة ومائة. وقال ابن حبان: وكان مستجاب الدعوة. كانت السحابة ربما مرت به فيقول: أقسمت عليك أن تمطرى، فتمطر. 1574 ـ عبد الله بن عثمان بن حسين العسقلانى المكى: توفى ليلة الخميس الثامن عشر من شوال سنة خمس وسبعين وخمسمائة بمكة. ومن حجر قبره نقلت هذا، وفيه: قبر السعيد الشهيد المطعون ظلما عند الركن اليمانى، وهو خارج من الطواف ليلة الأربعاء. ثم قال بعد اسمه: توفى ليلة الخميس.

_ 1573 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 474، ابن طهمان ترجمة 276، ابن محرز 13، تاريخ خليفة 345، علل أحمد 1/ 409، تاريخ البخارى الكبير ترجمة 430، ثقات العجلى 30، المعرفة والتاريخ 2/ 155، 708، الجرح والتعديل 5/ 467، ثقات ابن حبان 5/ 10، ثقات ابن شاهين ترجمة 368، حلية الأولياء 3/ 354، رجال صحيح مسلم لابن منجويه 95، الجمع لابن القيسرانى 1/ 276، الكامل فى التاريخ 5/ 175، سير أعلام النبلاء 4/ 157 ـ 158، تاريخ الإسلام 4/ 168، تهذيب التهذيب 2/ 2 / 164، تهذيب الكمال 15/ 259).

1575 ـ عبد الله بن عثمان بن خثيم القارى ـ من القارة ـ حليف بنى زهرة، أبو عثمان المكى

1575 ـ عبد الله بن عثمان بن خثيم القارى ـ من القارة ـ حليف بنى زهرة، أبو عثمان المكى: روى عن قيلة، أم بنى أنمار ـ وهى صحابية ـ عن أبى الطفيل عامر بن واثلة، وصفية بنت شيبة، ومجاهد، ويوسف بن ماهك، وغيرهم، روى عنه: ابن جريج، ومعمر، والسفيانان، وغيرهم. روى له الجماعة، إلا أن البخارى إنما روى له فى الأدب. وثقه العجلى، وابن معين، وقال: حجة. ووثقه النسائى، وقال غيره: ليس بالقوى. قال الفلاس: مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة. 1576 ـ عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب القرشى التيمى، أبو بكر بن أبى قحافة: الملقب بالصديق رضى الله عنه، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمته، ورفيقه فى الغار. وفى هجرته، وأفضل الأمة بعده. كان رضى الله عنه كثير المناقب. أقام الله به الدين، وذلك أنه لما أسلم دعا الناس إلى الإسلام، وأسلم على يده كبار الصحابة، فلما مات النبى صلى الله عليه وسلم، وارتد الناس، قام فى قتال أهل الردة، حتى استقر أمر الدين، وهو أول من جمع ما بين اللوحين، وأول من آمن من الرجال، فى قول كثير من العلماء، ويقال إن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «ما دعوت أحدا

_ 1575 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 487، تاريخ الدورى 2/ 319، علل أحمد 1/ 227، 242، 388، 407، تاريخ البخارى الكبير ترجمة 443، تاريخه الصغير 2/ 137، ثقات العجلى 30، المعرفة ليعقوب 1/ 493 ـ 494، 2/ 3552 / 277، سنن النسائى 5/ 248، الجرح والتعديل ترجمة 510، ميزان الاعتدال ترجمة 4442، نهاية السول 178، تهذيب الكمال 15/ 279). 1576 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1651، 2906، الإصابة ترجمة 9635، أسد الغابة ترجمة 5735، الرياض المستطابة 40، الجرح والتعديل 5/ 111، التحفة اللطيفة 2/ 358، 378، أصحاب بدر 41، تجريد أسماء الصحابة 1/ 323، تقريب التهذيب 1/ 432، تهذيب التهذيب 5/ 315، تاريخ الإسلام 2/ 97، أزمنة التاريخ الإسلامى 1/ 714، تهذيب الكمال 2/ 709، الدر المكنونة 70، طبقات فقهاء اليمن 11، الأعلام 4/ 102، الرياض النضرة 1/ 61، الكاشف 2/ 108، صفوة الصفوة 1/ 235، 263، الوافى بالوفيات 17/ 305، غاية النهاية 1/ 431، تذكرة الحفاظ 1/ 2، الطبقات الكبرى 3/ 54، الجمع بين رجال الصحيحين 875، معرفة الثقات 93، تنقيح المقال 6/ 951).

إلى الإسلام إلا كانت له كبوة إلا أبا بكر». وكان النبى صلى الله عليه وسلم يكرمه ويبجله، ويعرف أصحابه مكانه عنده، ويثنى عليه. وقالصلى الله عليه وسلم فى حقه رضى الله عنه: «إن أمنّ الناس علىّ فى صحبته وماله أبو بكر. ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا» (1) وقال صلى الله عليه وسلم: «ما نفعنى مال ما نفعنى مال أبى بكر» (2). وكان رضى الله عنه كثير الإنفاق على النبى صلى الله عليه وسلم وفى سبيل الله، وأعتق رضى الله عنه، سبعة رقاب، كانوا يعذبون فى الله، وكانت الصحابة رضى الله عنهم يعترفون له بالأفضلية. وقال علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه فى حقه: خير هذه الأمة بعد نبيهاصلى الله عليه وسلم، أبو بكر رضى الله عنه. وثناء النبى صلى الله عليه وسلم والصحابة عليه كثير جدا. اختلف فى سبب تسميته بالصديق رضى الله عنه، فقيل: لبداره إلى تصديق النبىصلى الله عليه وسلم، ولزومه الصدق فى جميع أحواله، وقيل لتصديق النبى صلى الله عليه وسلم فى خبر الإسراء. وكان يسمى بعتيق. واختلف فى معنى تسميته بذلك، فقيل: لجماله وعتاقة وجهه، وقيل: لأنه لم يكن فيه شيء يعاب، وقيل: باسم أخ له مات قبله، وقيل: لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «من سره أن ينظر إلى عتيق من النار فلينظر إلى هذا» يعنيه. وكان اسمه رضى الله عنه ـ على ما ذكر الزبير وغيره من أهل النسب ـ فى الجاهلية: عبد الكعبة. فلما أسلم سماه النبى صلى الله عليه وسلم: عبد الله. وكان أنسب قريش، وأعلمهم بما كان فيها من خير وشر، وكان رئيسا فى الجاهلية، وإليه كانت الأشناق، وهى الديات، كان إذا حمل شيئا، قامت به قريش وصدقوه وأمضوا حمالته، وحمالة من قام معه، وإن احتملها غيره كذبوه، وكان قد حرم الخمر فى الجاهلية. وفضائله رضى الله عنه كثيرة. قدمه النبى صلى الله عليه وسلم للصلاة والخلافة وبايعه الصحابة أجمعون، غير سعد بن عبادة؛ لأنه رام ذلك لنفسه، وفتح الله تعالى فى أيامه اليمامة

_ (1) أخرجه البخارى فى صحيحه، كتاب الصلاة، حديث رقم (446). وأخرجه مسلم فى صحيحه، كتاب مناقب الصحابة، حديث رقم (4390). (2) أخرجه الترمذى فى سننه، كتاب المناقب، حديث رقم (3594)، أخرجه ابن ماجة فى سننه، المقدمة، حديث رقم (91).

1577 ـ عبد الله بن عدى بن الحمراء القرشى الزهرى

وأطراف العراق، وبعض بلاد الشام. وقام بالأمر أحسن قيام، ثم مات رضى الله عنه. واختلف فى سبب موته. فقيل: إنه اغتسل فى يوم بارد فحم. وقيل: إنه سم. وذلك فى العشر الآخر من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة بالمدينة، عن ثلاث وستين سنة. ودفن ـ رضى الله عنه ـ مع النبى صلى الله عليه وسلم فى بيت ابنته عائشة الصديقة رضى الله عنها، وغسلته ـ رضى الله عنه ـ زوجته أسماء بنت عميس. ونزل فى قبره ـ رضى الله عنه ـ ابنه عبد الرحمن، وعمر، وعثمان، وطلحة، رضى الله عنهم. وكانت خلافته رضى الله عنه، سنتين وثلاثة أشهر تزيد يسيرا، وقيل تنقص يسيرا. وأخباره رضى الله عنه كثيرة. 1577 ـ عبد الله بن عدى بن الحمراء القرشى الزهرى: من أنفسهم، على ما قال الطبرانى، والقاضى إسماعيل وقيل: إنه ثقفى، حليف لهم، وقيل: إن شريفا، والد الأخنس بن شريق، اشترى عبدا فأعتقه وأنكحه ابنته، فولدت له: عبد الله، وعمر، ابنى عدى بن الحمراء. كان عبد الله ـ كما ذكر أبو عمر ـ ينزل فيما بين قديد وعسفان. وله عن النبىصلى الله عليه وسلم حديث فى فضل مكة، لما وقف بالحزورة، وقد تقدم فى أول الكتاب. أخرجه الترمذى، وحسنه النسائى، وابن ماجة، وابن حبان، فى صحيحه. 1578 ـ عبد الله بن عصمة الجشمى: روى عن حكيم بن حزام، روى عنه عطاء، ويوسف بن ماهك، وصفوان بن موهب. روى له النسائى: حديث «نهانى أن أبيع ما ليس عندى» (1).

_ 1577 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1626، الإصابة ترجمة 4840، أسد الغابة ترجمة 3070، الثقات 3/ 215، الجرح والتعديل 5/ 121، تجريد أسماء الصحابة 1/ 324، تقريب التهذيب 1/ 433، تهذيب التهذيب 5/ 318، تهذيب الكمال 2/ 710، الكاشف 2/ 109، بقى بن مخلد 468، ذيل الكاشف 798). 1578 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير ترجمة 490، الجرح والتعديل ترجمة 581، ثقات ابن حبان 5/ 27، كشف الأستار 975، الكاشف ترجمة 2887، ميزان الاعتدال ترجمة 4449، تهذيب التهذيب 2/ 167، معرفة التابعين 23، إكمال مغلطاى 2/ 296، نهاية السول 177، التقريب 1/ 433، خلاصة الخزرجى ترجمة 3663، تهذيب الكمال 157/ 309). (1) أخرجه الترمذى فى سننه برقم (1232). وأبو داود فى سننه برقم (4503). والنسائى فى سننه (7/ 289). وقال الترمذى: حسن صحيح.

1579 ـ عبد الله بن عطاء الطائفى، أبو عطاء المكى، ويقال المدنى، ويقال الواسطى، ويقال الكوفى، ومنهم من جعله ثلاثة أو اثنين

وذكره ابن حبان فى الثقات. وذكره مسلم بن الحجاج فى الطبقة الأولى، من تابعى أهل مكة. 1579 ـ عبد الله بن عطاء الطائفى، أبو عطاء المكى، ويقال المدنى، ويقال الواسطى، ويقال الكوفى، ومنهم من جعله ثلاثة أو اثنين: روى عن عقبة بن عامر الجهنى ولم يدركه، وسليمان بن بريدة، وأخيه عبد الله، وأبى الطفيل، وعكرمة بن خالد المخزومى، وغيرهم. روى عنه: أبو إسحاق السبيعى، مع تقدمه، وابن أبى ليلى القاضى، وشعبة، والثورى، وعبد الله بن نمير، وجماعة. روى له: مسلم، وأصحاب السنن، ووثقه الترمذى، وابن حبان، وضعفه النسائى، وقال مرة: ليس بالقوى وقال الذهبى: الذى روى عنه، أبو إسحاق السبيعى، عن عقبة بن عامر، أعتقد أنه آخر تابعى كبير من طبقة الشعبى، والذى روى عنه ابن نمير وأقرانه، بقى إلى زمن الأعمش، وجوز الوهم على ابن معين، حيث يقول: إن عطاء كوفى. وقد روى عنه: أبو إسحاق، وحبان، ومندل، ابنا على، روى عنه عباس الدورى. انتهى. 1580 ـ عبد الله بن علقمة بن المطلب بن عبد مناف بن قصى بن كلاب المطلبى، أبو نبقة: هكذا سماه الطبرى، والزبير، قال: وأطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا نبقة بخيبر خمسين وسقا، وأمه: أم عمرو بنت أبى الطلاطلة من خزاعة، قال: وكان لأبى نبقة من الولد: العلاء، والهديم. وذكر أنه لا عقب له. انتهى. وقال الكاشغرى: ذكر فى الصحابة. وقيل: كان مجهولا. 1581 ـ عبد الله بن علىّ بن سليمان بن عرفة المكى: كان من جملة تجار مكة. توفى سنة سبع وستين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة.

_ 1579 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ الدورى 2/ 320، تاريخ البخارى الكبير ترجمة 523، تاريخه الصغير 2/ 66، 67، المعرفة والتاريخ 2/ 426، الجرح والتعديل ترجمة 610، تهذيب الكمال 15/ 311). 1580 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3231، الإصابة ترجمة 10637، أسد الغابة ترجمة 6306).

1582 ـ عبد الله بن التاج الخطيب على بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر الطبرى المكى

1582 ـ عبد الله بن التاج الخطيب علىّ بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر الطبرى المكى: سمع من الزين الطبرى، وابن أخيه قاضى مكة شهاب الدين الطبرى، خطب مدة طويلة بالمسجد الحرام، نيابة عن أبيه التاج الخطيب، خطيب مكة. وكان خطيبا بليغا. ومات ليلة التاسع والعشرين من صفر، سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. هكذا وجدت وفاته بخط ابن البرهان الطبرى. ووجدت فى حجر قبره بالمعلاة، وهو بقرب الذى يقال قبر خديجة بنت خويلد رضى الله عنها: أنه توفى يوم مستهل ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين. والله أعلم بالصواب. وبلغنى أن مولده بعد العشرين وسبعمائة. 1583 ـ عبد الله بن علىّ بن عبد الله بن حمزة بن عتبة بن إبراهيم بن أبى خداش بن أبى لهب الهاشمى: هكذا نسبه صاحب الجمهرة، وقال: من كبار المقرئين بمكة. وأحد رواة البزى عن ابن كثير. وهكذا نسبه ابن المقرى فى معجمه، إلا أنه لم يذكر ما بعد أبى خداش، وقال: عم أبى جعفر، إمام المسجد الحرام، صفة لابن أخيه أبى جعفر محمد بن محمد بن أحمد بن الحسن المقدم ذكره، فإن كان إماما للمسجد الحرام، وابن المقرى، هو محمد بن أبى عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرى. 1584 ـ عبد الله بن علىّ بن عبد الله بن علىّ بن محمد بن عبد السلام بن أبى المعالى الكازرونى الأصل، المكى المولد والدار، يلقب بهاء الدين: كان رئيس المؤذنين بمكة المشرفة، وولى ذلك مدة سنين كثيرة، وناب فى الحسبة بمكة، عن جدى قاضى مكة أبى الفضل النويرى وقتا يسيرا. ولما توفى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، بعد عزل القاضى عز الدين بن القاضى محب الدين النويرى، فى موسم سنة ست وثمانمائة، استنابه أيضا فى ذلك وباشره، حتى انقطع لمرضه الذى مات به، فى يوم الجمعة تاسع عشرى شعبان سنة ثمان وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة فى عصر يومه. ومولده فى سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة بمكة، ودخل ديار مصر واليمن غير مرة

1585 ـ عبد الله بن على بن محمد بن عبد السلام بن أبى المعالى، الكازرونى المكى، مؤذن الحرم الشريف

طلبا للرزق، وحصل دنيا باليمن من تجارة، ثم ذهبت منه، سامحه الله تعالى. ومما يحسن ذكره من أخباره، أنه صح لى عن صاحبنا سعد الدين مسعود بن محمد أبى شعيب البخارى المكى، وكان صاحبا لعبد الله المذكور، قال: كنت حاضرا عنده بعد أن أخذ فى النزع، قال: فسمعته يقول: أنا ما أعرفك يا شيطان، أو أنت الشيطان؟ أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله. ثم فاضت روحه عقيب كلامه. هذا معنى ما بلغنى عنه فى هذه الحكاية، وكأن الشيطان تراءى له ليفتنه، فعصمه الله تعالى، ولعل ذلك ببركة ذكر الله فى الأسحار التى يعتاد المؤذنون فعلها كل ليلة. 1585 ـ عبد الله بن علىّ بن محمد بن عبد السلام بن أبى المعالى، الكازرونى المكى، مؤذن الحرم الشريف: سمع من الفخر التوزرى أجزاء من صحيح البخارى، ولعله سمعه كله، وما علمته حدث. توفى فى خامس عشرى رمضان سنة أربع وأربعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. نقلت وفاته من حجر قبره فى تربة المؤذنين. وهى معروفة بالمعلاة. 1586 ـ عبد الله بن علىّ بن موسى المكى المعروف بالمزرق، يلقب بالعفيف ابن النور: كان يخدم كثيرا، الشريف حسن بن عجلان صاحب مكة، ويقبض له أموالا من التجار، ويتوسط بينه وبينهم بخير. وكان مخدومه يأتمنه ويحترمه ويكرمه، ونال وجاهة كثيرة عند الناس، واكتسب دنيا وعقارا. وكان فيه عقل ومروءة، وحسن عشرة للناس، بحيث يجمع بين صحبة شخصين متباعدين، وكل منهما يراه صديقا. ولما حصل التنافر بين الشريفين: بركات وإبراهيم، ابنى الشريف حسن بن عجلان، وجماعتهما من الأشراف والقواد، بدا من العفيف المزرق المذكور ميل للشريف إبراهيم، فلم يسهل ذلك لجماعة الشريف بركات، وأغراه بعضهم بقتله، فوافق على ذلك، فاستدعاه إلى منزله، ومسكه وضيق عليه، ثم شنق فى حال غفلة من الناس، فى ليلة عاشر رجب سنة ست وعشرين وثمانمائة، فى حوش صاحب مكة بالمسعى، ودفن فى صبيحتها بالمعلاة، بعد الصلاة عليه بالمسجد الحرام، وتأسف الناس عليه كثيرا، سامحه الله تعالى، وعاش أربعين سنة أو نحوها.

1587 ـ عبد الله بن على بن يوسف بن أبى بكر بن أبى الفتح بن عمر بن على بن أحمد بن محمد السجزى

1587 ـ عبد الله بن علىّ بن يوسف بن أبى بكر بن أبى الفتح بن عمر بن علىّ بن أحمد بن محمد السجزى: إمام مقام أصحاب أبى حنيفة، هو وأبوه وجده، وجد أبيه أبو بكر. سمع من شعيب الزعفرانى، وغيره. مولده سنة ثلاث وعشرين وستمائة. هكذا ذكره أبو حيان فى شيوخه بالإجازة، ولم يذكر متى مات، ولعله مات فى عشر التسعين وستمائة، أو فى العشرة التى بعدها، والله أعلم. وأظنه ولى الإمامة بعد أبيه التاج الحنفى، الآتى ذكره. 1588 ـ عبد الله بن عمرو بن بجرة بن خلف العدوى: أسلم يوم الفتح، وقتل يوم اليمامة شهيدا، على ما ذكره ابن إسحاق، وابن عقبة. ذكره ابن عبد البر، وقال: لا أعلم له رواية. 1589 ـ عبد الله بن عمر بن عبد الله بن عمر بن مسعود العمرى المكى: كان من أعيان القواد المعروفين بالعمرة. توفى سنة ثلاث وثمانمائة فيما أظن. 1590 ـ عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوى، أبو عبد الرحمن: أسلم قبل احتلامه صغيرا مع أبيه، وقيل قبله، ولا يصح، وبايع قبل أبيه فى بيعة الرضوان، وأجمعوا على أنه لم يشهد بدرا. واختلفوا فى شهوده أحدا، والصحيح: أن أول مشاهده الخندق. وكان لا يتخلف عن السرايا التى فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد ما بعد الخندق من

_ 1589 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 109). 1590 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1630، الإصابة ترجمة 4852، أسد الغابة ترجمة 3082، الرياض المستطابة 194، رياض النفوس 41، الجرح والتعديل 5/ 107، التحفة اللطيفة 2/ 366، تجريد أسماء الصحابة 1/ 325، تقريب التهذيب 1/ 435، نكت الهميان 183، تهذيب التهذيب 5/ 328، التاريخ الصغير 1/ 154، 155، الأعلام 4/ 108، التاريخ الكبير 5/ 2، 145، أزمنة التاريخ الإسلامى 1/ 730، طبقات فقهاء اليمن 51، 59، 141، تهذيب الكمال 2/ 713، الكاشف 2/ 1120، صفوة الصفوة 1/ 563، الوافى بالوفيات 13/ 262، غاية النهاية 1/ 437، سير أعلام النبلاء 3/ 203، روضات الجنان 8/ 197، حلية الأولياء 2/ 7، تذكرة الحفاظ 1/ 37، التبصرة والتذكرة 1/ 18، سيرة ابن هشام 4/ 6، السير والمغازى لابن إسحاق 97).

المشاهد مع النبى صلى الله عليه وسلم، وشهد غزوة مؤتة واليرموك، وفتح مصر وأفريقية، ولم يشهد حروب علىّ رضى الله عنه، لإشكالها عليه، ثم ندم على ذلك، وأريد على المبايعة بعد عثمان، فأبى، لتوقع قتال، وقال: لو اجتمع علىّ أهل الأرض إلا أهل فدك ما قاتلتهم. وكان مولعا بالحج والعمرة، يقال: إنه حج ستين حجة، واعتمر ألف عمرة. وكان من أهل العلم والورع، كثير الاتباع لآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، شديد التحرى والاحتياط، والتوانى فى فتواه، وأفتى فى الإسلام ستين سنة. وكان كثير الصوم والصدقة، ربما يتصدق فى المجلس الواحد بثلاثين ألفا. وكان إذا اشتد عجبه بشيء من ماله، تقرب به إلى الله عزوجل، ويقال إنه أعتق ألف رقبة، وشهد له النبى صلى الله عليه وسلم بالصلاة. وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم حديثا كثيرا. روى عنه: بنوه وحفدته، وجماعة. وتوفى بعد ابن الزبير بثلاثة أشهر، وقيل ستة أشهر. وذلك فى سنة ثلاث وسبعين. قاله أبو نعيم، وأحمد بن حنبل وغيرهما. وقيل مات سنة أربع وسبعين، قاله الواقدى، وكاتبه ابن سعد، وخليفة بن خياط، وغير واحد، ومنهم: ابن زبر. وقال: إنه أثبت، وخطأ أبا نعيم فى قوله، وعلل ذلك بأن رافع بن خديج مات سنة أربع وسبعين، وابن عمر حى، وحضر جنازته. ولم يختلفوا فى أنه توفى بمكة، واختلفوا فى موضع قبره، فقيل: بذى طوى فى مقبرة المهاجرين، وقيل: بالمحصب. وقال بعض الناس: بفخ، وهو وادى الزاهر فيما قيل. وهو بفاء وخاء معجمة، والصحيح أنه دفن بالمقبرة العليا عند ثنية أذاخر، كما فى تاريخ الأزرقى وغيره، وهو يقرب من قول من قال: إنه دفن بالمحصب، ولا يصح بوجه ما يقوله الناس، من أنه مدفون بالجبل الذى بالمعلاة. وقد أوضحنا ذلك أكثر من هذا، فى تآليفنا التى هى على نمط تاريخ الأزرقى. والله أعلم. وكان أوصى أن يدفن فى الحل، فلم يقدر على ذلك من أجل الحجاج، وهو السبب فى موته؛ لأن شخصا زجه بأمره برمح مسموم فى رجله؛ لأن ابن عمر كان يتقدم عليه فى المناسك، وينكر عليه ما يقع منه. وصلى عليه الحجاج. وكان له من العمر، أربع وثمانون سنة، وقيل: ست وثمانون.

1591 ـ عبد الله بن عمر بن على بن خلف القيروانى المقرى، أبو محمد، المعروف بابن العرجاء

1591 ـ عبد الله بن عمر بن علىّ بن خلف القيروانى المقرى، أبو محمد، المعروف بابن العرجاء: إمام مقام إبراهيم الخليل عليه السلام بالمسجد الحرام، ذكره السلفى فى معجم السفر له، وكان هو من أصحاب أبى معشر الطبرى، قرأ عليه القرآن بروايات. ثم بلغنى أن ابنه أبا على قال: قرأ أبى على عبد الباقى بن فارس الحمصى، وعلى أحمد بن نفيس الطرابلسى وغيرهما بمصر. وقرأت ذلك بخطه، لكنه لم يذكره لنا. وسمع معنا من غير واحد من شيوخ الحرم. وكان شافعى المذهب رحمه الله تعالى. ومولده بالقيروان. وكان إمام مقام إبراهيم، وأول من يصلى من أئمة الحرم، قبل المالكية والحنفية والزيدية. انتهى. وذكره الذهبى فى طبقات القراء، قال: وقرأ بالروايات على أبى العباس ابن نفيس وعبد الباقى بن الحسن، وأبى معشر الطبرى. وجاور بمكة، واستوطنها، وأم بالمقام. قرأ عليه: ابنه أبو علىّ الحسن، وعبد الرحمن بن أبى رجاء، وطائفة، وعبد الله بن خلف البياسى. وسمع منه: أبو طاهر السلفى سنة سبع وتسعين وأربعمائة. وقال: انتهت إليه رئاسة الإقراء. انتهى. 1592 ـ عبد الله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان بن أبى العاص بن أمية ابن عبد شمس بن عبد مناف القرشى الأموى العثمانى المعروف بالعرجى، الشاعر المشهور: وإنما قيل له العرجى؛ لأنه كان يسكن عرج (1) الطائف، على ما ذكر الزبير بن بكار. وذكر أن أمه آمنة بنت عمرو بن عثمان، وذكر شيئا من خبره، فقال: وحدثنى عمى مصعب بن عبد الله، ومحمد بن الضحاك الحرامى، ومحمد بن الحسن، ومن شئت من أصحابنا، أن محمد بن هشام بن إسماعيل؛ إذ كان واليا لهشام بن عبد الملك على مكة، وهو خاله، سجن عبد الله بن عمر العرجى، فى تهمة دم مولى لعبد الله بن عمر، ادعى على عبد الله دمه، فلم يزل محبوسا فى السجن حتى مات. وفى حبس محمد بن هشام للعرجى، يقول العرجى ـ أخبرنى ذلك حمزة بن عتبة اللهبى، وأخبر ظبية مولاة فاطمة بنت عمر بن مصعب بن الزبير، قالت: حدثتنى ذلك أم

_ 1592 ـ (1) العرج: قرية جامعة على طريق مكة، بينها وبين المدينة تسعة وتسعون فرسخا، وهو فى الطريق الذى سلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هاجر إلى المدينة، وسمى العرج بتعريج السيول به. انظر: الروض المعطار 409، معجم ما استعجم 3/ 931.

سليمان أبية، مولاة سكينة بنت مصعب بن الزبير، وكانت دخلت على العرجى مع عثيمة بنت بكير بن عمرو بن عثمان بن عفان، وأمها سكينة بنت مصعب بن الزبير، قالت ظبية: قالت أبية: سمعت ذلك منه، قال حمزة وظبية، عن أبية: وجلده محمد بن هشام، وهو فى الحبس ـ[من الوافر]: سينصرنى الخليفة بعد ربى ... ويغضب حين يخبر عن مساقى (2) وتغضب لى بأجمعها قصى ... قطين البيت والدمث الرقاق علىّ عباءة برقاء ليست ... مع البلوى تغيب نصف ساقى وزادتنى ظبية عن أبية: على سوداء مشرفة بسوق ... بناها القمح مزلقة المراقى (3) قالو جميعا: فلما استبطأ نصرة قومه له، قال (4) [من الوافر]: أضاعونى وأى فتى أضاعوا ... ليوم كريهة وسداد ثغر وخلونى بمعترك المنايا ... وقد شرعت أسنتها بصدرى كأنى لم أكن فيهم وسيطا ... ولم تك نسبتى فى آل عمرو قالوا: وقال فى ذلك أيضا (5) [من البسيط]: يا ليت سلمى رأتنا لا يراع لنا ... لما هبطنا جميعا أبطح السوق وكشرنا وكبول القين تنكبنا ... كالأسد تكشر عن أنيابها الروق والناس صنفان من ذى بغضة حنق ... وممسك بدموع العين مخنوق

_ (2) فى ديوان العرجى 481: سينصرنى الخليفة بعد ربى ... ويغضب حين يخبر عن مساقى على عباءة برقاء ليست ... من البلوى تغطى نصف ساقى وتغضب لى بأجمعها قصى ... قطين البيت والدمث الرقاق (3) فى الديوان 481: على دهماء مشرفة سموق ... بناها القمح مزلقة المراقى (4) فى الديوان مثبوتة على روايتين الأولى كما هى واردة فى الكتاب والثانية هى: وخلونى لمعترك المنايا ... وقد شرعت أسنتها لنحرى كان لم أكن فيهم وسيطا ... ولا لى نسبة فى آل عمرو انظر: الديوان 478. (5) فى الديوان 478: يا ليت سلمى رأتنا غير جازعة ... لما هبطنا أبطح السوق

وفى السطوح كأمثال الدمى خرد ... يكتمن لوعة حب غير ممذوق (6) من كل ناشرة فرعا لرؤيتنا ... ومفرق ذى بنان غير مفروق يضربن حر وجوه لا يلوحها ... لفح السموم ولا شمس المشاريق كأن أعناقهن التلع مشرفة ... من الزهو كأعناق الأباريق (7) قال الزبير: الزهو: الكبر. قالت ظبية: قالت أبية: وقال أيضا وهو فى السجن [من البسيط]: يا ليت شعرى وليت الطير تخبرنى ... هل أدخل القبة الحمراء من أدم أسلمنى أسرتى طرّا وحاشيتى ... حتى كأنى من عاد ومن إرم وأنشدنى عمى له فى مجلسه (8) [من البسيط]: زارتك ليلى وكالى السجن قد رقدا ... ولم تخف من عدوّ كاشح رصدا تكلفت ذاك ما كانت معاودة ... سرى الظلام إذا ما عرسها هجدا يا عقب ويحك لم حلأت صادية ... عن مشرب لم يكن من بعدها وردا ليس الإله بعاف عنك ردكها ... إن عذب الله ممن قد ترى أحدا وحدثنى محمد بن فضالة قال: حج محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، وحج معه أبو حرزة القاص يعقوب بن مجاهد، وأشعب بن جبير، مولى عبد الله بن الزبير، وحج معه جماعة من ولد عثمان بن عفان، فظن العرجى أن محمد بن عبد الله بن عمرو يتكلم فيه، وهو إذ ذاك فى حبس محمد بن هشام، فلم يفعل محمد ولا غيره، وخرج وخرجوا إلى المدينة فى النفر الأول، فقال العرجى (9): عذرت بنى عم إلى الضعف ما هم ... وخال فما بال ابن عمى تنكبا تعجل فى يومين عنى بنفسه ... وآثر يعقوبا على وأشعبا ولو كنت من آل الزبير وجدتنى ... بمندوحة عن ضيم من ضام أجنبا بأمن فلا تختاننى الطير ساعة ... مناط محل البدر قارف كوكبا

_ (6) فى الديوان 486: وفى السطوح كأمثال الدمى خرد ... يبكين عولة وجد غير ممذوق من كل ناشرة فرعا لرؤيتنا ... ومفرقا ذا بنان غير مفروق (7) انظر: الديوان 478. (8) هذه الأبيات لم ترد فى الديوان. (9) هذه الأبيات لم ترد فى الديوان.

1593 ـ عبد الله بن عمرو بن أبى جرادة العديمى الحنفى، يلقب جمال الدين

ولكن قومى غرهم جل أمرهم ... أراذلهم من بين سقطى وأجربا 1593 ـ عبد الله بن عمرو بن أبى جرادة العديمى الحنفى، يلقب جمال الدين: قاضى القضاة بحماة وأعمالها، هكذا وجدته مذكورا فى حجر قبره بالمعلاة. وذكر فيه: أنه توفى رابع عشر الحجة سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، وما علمت من حاله سوى هذا، وبيت ابن العديم بيت مشهور بحلب. وولى القضاء منهم بها جماعة. 1594 ـ عبد الله بن أبى عمار: هكذا ذكره مسلم فى الطبقة الأولى من تابعى أهل مكة. ويبعد أن يكون عبد الله ابن أبى عمار، الراوى عن عبد الله بن بابيه، حديث: قصر الصلاة، رواه عنه: ابن جريج، واختلف عليه فى نسبه، فقال هكذا عنه جماعة، وقال آخرون عنه: عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبى عمار، قال الذهبى: وهو المحفوظ. 1595 ـ عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤى بن غالب السهمى المكى، أبو محمد: أسلم قبل أبيه، وكان عالما متعبدا. روى الحديث فأكثر، وروى عنه خلق كثير من التابعين وغيرهم.

_ 1595 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1636، الثقات 3/ 210، الرياض المستطابة 196، رياض النفوس 43، الكاشف 2/ 113، الجرح والتعديل 5/ 116، التحفة اللطيفة 2/ 363، تجريد أسماء الصحابة 1/ 326، تقريب التهذيب 1/ 436، تهذيب التهذيب 5/ 337، أزمنة التاريخ الإسلامى 1/ 731، بقى بن مخلد 9، طبقات فقهاء اليمن 71، الأعلام 4/ 111، النجوم الزاهرة 20، صفوة الصفوة 1/ 655، الوافى بالوفيات 17/ 380، شذرات الذهب 1/ 62، 73، العبر 1/ 72، الطبقات الكبرى 9، الفهرس / 120، غاية النهاية 1/ 439، سير أعلام النبلاء 3/ 79، طبقات الحفاظ 10، تذكرة الحفاظ 1/ 41، تهذيب الكمال 2/ 716، الأنساب 7/ 317، الزهد الكبير 148، التبصرة والتذكرة 1/ 251، أسد الغابة ترجمة 3092، الإصابة ترجمة 4865، طبقات ابن سعد 2/ 373، 4، 261، تاريخ الدورى 2/ 322، تاريخ خليفة 159، 195، 18، طبقاته 26، 39، علل ابن المدينى 55، 63، 66، مسند أحمد 5/ 158، علله 66، 75، 266، 283، 331، تاريخ البخارى الكبير ترجمة 6، تاريخه الصغير 1/ 124، 140، 249، ثقات العجلى 30، المعارف لابن قتيبة 286، 287، حلية الأولياء 1/ 283، تنقيح ابن الجوزى 150، الكامل فى التاريخ 2/ 78، تهذيب النووى 1/ 281).

قال أبو أمامة: مر ابن العاص على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مسبل إزاره، مسبل جمته: فقال: نعم الفتى ابن العاص. لو شمر عن مئزره وقصر من لمته. فقال: فحلق رأسه أو قصر، ورفع إزاره إلى الركبة. وقال عبد الله: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتى هذا، فقال: «يا عبد الله، ألم أخبر أنك تكلفت قيام الليل وصيام النهار؟ » قلت: إنى لأفعل، فقال: «إن من حسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام، فالحسنة بعشر أمثالها، فكأنك قد صمت الدهر كله» قلت: يا رسول الله، إنى أجد قوة، وإنى أحب أن تزيدنى. قال: «سبعة أيام». فجعلت أستزيده ويزيدنى، يومين يومين، حتى بلغ النصف. فقال: «إن أخى داود، كان أعبد البشر، وإنه كان يقوم نصف الليل، ويصوم نصف الدهر، إن لأهلك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لضيفك عليك حقا». قال: وكان عبد الله بعدما كبر وأدركه السن، يقول: لئن كنت قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحب إلىّ من أهلى ومالى. وقال عبد الله: جمعت القرآن، فقرأت به ليلة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرأه فى شهر» قلت: يا رسول الله، دعنى أستمتع من قوتى وشبابى، قال: «اقرأه فى عشرين». قلت يا رسول الله، دعنى أستمتع من قوتى وشبابى. قال: «اقرأه فى عشر». قلت: يا رسول الله، دعنى أستمتع من قوتى وشبابى. قال: «اقرأ فى سبع ليال». قلت: يا رسول الله، دعنى أستمتع من قوتى وشبابى، فأبى (1). وقال عبد الله: رأيت فيما يرى النائم، كأن فى إحدى أصابعى سمنا، وفى الأخرى عسلا، فأنا ألعقهما، فلما أصبحت، ذكرت ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فقال: «تقرأ الكتابين، التوراة والفرقان» (2) فكان يقرأهما.

_ (1) أخرجه أحمد فى المسند حديث رقم (6462) من طريق: حدثنا عبد الله، حدثنى أبى، ثنا يحيى، عن ابن جريج، عن ابن أبى مليكة، عن يحيى بن حكيم بن صفوان، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: جمعت القرآن فقرأت به فى كل ليلة فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إنى أخشى أن يطول عليك زمان أن تمل، أقرأه فى كل شهر». قلت: يا رسول الله دعنى أستمتع من قوتى وشبابى. قال: «اقرأه فى كل عشرين». قلت: يا رسول الله دعنى أستمتع من قوتى وشبابى. قال: «اقرأه فى عشر». قلت: يا رسول الله دعنى أستمتع من قوتى وشبابى قال: «اقرأه فى كل سبع». قلت: يا رسول الله دعنى أستمتع من قوتى وشبابى فأبى. وأخرجه ابن ماجة فى سننه برقم (1385)، والنسائى فى الكبرى برقم (7994). (2) أخرجه أحمد فى المسند حديث رقم (7009).

وقال: كنت يوما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيته، فقال: «أتدرون من معنا فى البيت؟ ». قلت: من يا رسول الله؟ . قال: «جبريل» فقلت: السلام عليك يا جبريل ورحمة الله وبركاته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه قد رد عليك». قال: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف مثل. وقال أبو هريرة: ما كان أحد أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب بيده، واستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب ما سمع منه، فأذن له، وكان يكتب بيده ويعى بقلبه، وإنما كنت أعى بقلبى. وقال مجاهد: أتيت عبد الله بن عمرو، فتناولت صحيفة تحت فرشه، فمنعنى. قلت: ما كنت تمنعنى شيئا! قال: هذه الصحيفة الصادقة. هذه ما سمعت من رسول اللهصلى الله عليه وسلم، ليس بينى وبينه أحد، إذا سلمت لى هذه، وكتاب الله، والوهط، فما أبالى ما كانت عليه الدنيا. وقال: لخير أعمله اليوم، أحب إلىّ من مثليه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، تهمنا الآخرة ولا تهمنا الدنيا، وإنا اليوم قد مالت بنا الدنيا. وقال: لو تعلمون حق العلم، لسجدتم حتى تتقصف ظهوركم، ولصرختم حتى تنقطع أصواتكم، فابكوا، فإن لم تجدوا البكاء فتباكوا. وقال يعلى بن عطاء، عن أمه، أنها كانت تصنع الكحل لعبد الله بن عمرو؛ وأنه كان يقوم بالليل، فيطفئ السراج، ثم يبكى، حتى وسعت عيناه. وقال عبد الله: لأن أدمع دمعة من خشية الله تعالى، أحب إلىّ من أن أتصدق بألف دينار. وقال سليمان بن ربيعة: إنه حج فى عصابة من قراء أهل البصرة، فقالوا: والله لا نرجع أو نلقى أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضيّا، يحدثنا بحديث. فلم نزل نسأل، حتى حدثنا أن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما نازل فى أسفل مكة، فعمدنا إليه، فإذا نحن بثقل عظيم، يرتحلون ثلاثمائة راحلة: منها مائة راحلة، ومائتا زاملة. فقلنا: لمن هذا الثقل؟ . فقالوا: لعبد الله بن عمرو. فقلنا: هذا كله له؟ ـ وكنا نتحدث أنه من أشد الناس تواضعا ـ فقالوا: أما هذه المائة راحلة، فلإخوانه، يحملهم عليها وأما المائتان، فلمن ينزل عليه من أهل الأمصار ولأضيافه، فعجبنا من ذلك. فقالوا: لا تعجبوا من هذا! فإن عبد الله رجل غنى، وإنه يرى حقا عليه، أن يكثر من الزاد لمن نزل عليه من

الناس، فقلنا: دلونا عليه. فقالوا: إنه فى المسجد الحرام، فانطلقنا نطلبه، حتى وجدناه فى دبر الكعبة، جالسا بين بردتين وعمامة، وليس عليه قميص، قد علق نعليه فى شماله. وقال ابن شهاب: سأل عمرو بن العاص عبد الله ابنه. ما العى؟ قال: إطاعة المفسد وعصيان المرشد. قال: فما البله؟ قال: عمى القلب وسرعة النسيان. وقال ابن أبى مليكة: كان عبد الله بن عمرو يأتى الجمعة من المغمس فيصلى الصبح. ثم يرتفع الحجر، فيسبح ويكبر حتى تطلع الشمس، ثم يقوم فى جوف الحجر. فيجلس إليه الناس. وقال عبد الله: لأن أكون عاشر عشرة مساكين يوم القيامة، أحب إلىّ من أن أكون عاشر عشرة أغنياء، فإن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال هكذا وهكذا، يقول: يتصدق يمينا وشمالا. وقال: من سقى مسلما شربة ماء، باعده الله من جهنم شوط فرس. وقال: كان يقال: دع ما لست منه فى شئ، ولا تنطق فيما لا يعنيك، واخزن لسانك بخزن ورقك. وقال: إن فى الناموس الذى أنزل الله تعالى على موسى عليه السلام: إن الله تعالى يبغض من خلقه ثلاثة: الذي يفرق بين المتحابين، والذي يمشى بالنمائم، والذي يلتمس البرئ ليعيبه. وقال له رجل: ألسنا من فقراء المهاجرين؟ قال: ألك امرأة تأوى إليها؟ قال: نعم. قال: أفلك مسكن تسكنه؟ قال: نعم. قال: فلست من فقراء المهاجرين، فإن شئتم أعطيناكم، وإن شئتم ذكرنا أمركم للسلطان. فقالوا: نصبر ولا نسأل شيئا. وقال: ألا أخبركم بأفضل الشهداء عند الله تبارك وتعالى منزلة يوم القيامة، الذين يلقون العدو وهم فى الصف، فإذا واجهوا عدوهم، لم يلتفت يمينا ولا شمالا، واضعا سيفه على عاتقه، يقول: اللهم إنى اخترتك اليوم فى الأيام الخالية، فيقتل على ذلك، فذلك من الشهداء الذين يتلبطون الغرف العلى من الجنة حيث شاءوا. وقال إسماعيل بن رجاء عن أبيه: كنت فى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فى حلقة فيها أبو سعيد الخدرى، وعبد الله بن عمرو، رضى الله عنهم، فمر بنا الحسين بن علىّ رضى الله عنهما، فسلم فرد عليه القوم. فسكت عبد الله بن عمرو حتى فرغوا، ثم رفع عبد الله صوته، فقال: وعليك رحمة الله وبركاته، ثم أقبل على القوم، فقال: ألا أخبركم

1596 ـ عبد الله بن عمرو بن علقمة الكنانى المكى

بأحب أهل الأرض إلى أهل السماء؟ قالوا: بلى. قال: هو هذا الماشى، ما كلمنى كلمة منذ ليالى صفين، ولأن يرضى عنى، أحب إلىّ من أن يكون لى حمر النعم. فقال أبو سعيد: ألا تعتذر إليه. قال: بلى. فتواعدا أن يغدوا إليه. فغدوت معهما. فاستأذن أبو سعيد، فأذن له، فدخل. ثم استأذن لعبد الله بن عمرو، فلم يزل به حتى أذن له، فلما دخل، قال أبو سعيد: يا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنك لما مررت أمس. فأخبروه بالذى كان من قول عبد الله، فقال له حسين: أعلمت يا عبد الله أنى أحب أهل الأرض إلى أهل السماء، قال: إى ورب الكعبة، قال: فما حملك على أن قاتلتنى وأبى يوم صفين، فو الله لأبى كان خيرا منى. قال: أجل. ولكن عمرو شكانى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عبد الله يقوم الليل ويصلى النهار، فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عبد الله، صل، ونم، وأفطر، وأطع عمرا». فلما كان يوم صفين، أقسم علىّ. فخرجت، أما والله ما كثرت لهم سوادا. ولا اخترطت لهم سيفا، ولا طعنت برمح، ولا رميت بسهم. وقال ابن أبى مليكة: قال عبد الله بن عمرو: ما لى ولصفين، مالى ولقتال المسلمين، لوددت أنى مت قبله بعشرين سنة. أما والله على ذلك، ما ضربت بسيف، ولا طعنت برمح، ولا رميت بسهم. وقال حنظلة بن خويلد العنزى: بينما أنا عند معاوية، إذ جاءه رجلان يختصمان فى رأس عمار، ويقول كل واحد منهما: أنا قتلته. فقال عبد الله: ليطب به أحدكما نفسا لصاحبه، فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تقتله الفئة الباغية» فقال معاوية: ألا تغنى عنا مجنونك يا عمرو؟ فما بالك معنا. فقال: إن أبى شكانى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أطع أباك مادام حيّا ولا تعصيه» (3). فأنا معكم ولست بمقاتل. وتوفى عبد الله بن عمرو بمصر، سنة خمس وستين، وقيل بمكة. وقيل بالطائف. وقيل بالشام. وله اثنتان وسبعون سنة، رضى الله عنه وأرضاه. 1596 ـ عبد الله بن عمرو بن علقمة الكنانى المكى: روى عن عمر بن سعيد بن أبى حسن، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، وأبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.

_ (3) أخرجه أحمد فى المسند حديث رقم (6890) من طريق: يزيد بن هارون، أخبرنا العوام، حدثنى أسود بن مسعود، عن حنظلة بن خويلد العنبرى. فذكر الحديث. 1596 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ الدورى 2/ 232، تاريخ البخارى الكبير ترجمة 472، الجرح والتعديل ترجمة 543، ثقات ابن حبان 7/ 2، الكاشف ترجمة 2912، تهذيب التهذيب 2/ 170، تاريخ الإسلام 6/ 211، إكمال مغلطاى 2/ 303، تهذيب التهذيب 5/ 339، تهذيب الكمال 15/ 365).

1597 ـ عبد الله بن عمران بن رزين المخزومى، العابدى ـ بباء موحدة ـ أبو القاسم المكى

روى عنه: ابن المبارك، وابن مهدى، ووكيع، وعبد الرزاق، وأبو نعيم، وعيسى بن ونس. روى له: الترمذى، وأبو داود فى المراسيل. قال أبو حاتم، عن ابن معين: ثقة. 1597 ـ عبد الله بن عمران بن رزين المخزومى، العابدى ـ بباء موحدة ـ أبو القاسم المكى: روى عن سفيان بن عيينة، وفضيل بن عياض، وإبراهيم بن سعد، وعبد العزيز بن أبى حازم، وغيرهم. روى عنه: الترمذى، وابن أبى الدنيا، ومحمد بن محمد الباغندى، وابن صاعد، والمفضل الجندى، وغيرهم. قال أبو حاتم: صدوق. ذكره ابن حبان فى الثقات، وقال: يخطئ. ومات سنة خمس وأربعين ومائتين. وقال أبو فاطمة الحسن بن محمد بن الليث الرازى: أتى عليه أكثر من مائة سنة. 1598 ـ عبد الله بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب القرشى الزهرى: ذكره الزبير بن بكار، فقال بعد أن ذكر شيئا من خبر أخيه عبد الرحمن بن عوف: وعبد الله بن عوف لم يهاجر. 1599 ـ عبد الله بن عياش بن أبى ربيعة المخزومى المكى، المدنى القارئ: سمع من أبيه، وابن عمر، وابن عباس. وروى عنه عبد الحارث، ونافع مولى عمر، وغيرهما. وقرأ عليه مولاه أبو جعفر القارى. وكان هو قرأ على أبى بن كعب، وكان أقرأ أهل المدينة. واستشهد بسجستان سنة ثمان وسبعين من الهجرة. 1600 ـ عبد الله بن عيسى بن الحسن المهرانى الجراحى، الأمير فخر الدين: ما عرفت من حاله، سوى أنى وجدت بالمسجد الحرام عند باب الصفا حجرا ملقى

_ 1597 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 130). 1598 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 303). 1599 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 404). 1600 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 206).

1601 ـ عبد الله بن قنبل

مكتوب فيه: هذه التربة والمدرسة مدفون فيها الأميرين الأخوين السعيدين: جمال الدين أبى الهيجاء، وأخيه الأمير فخر الدين عبد الله، ولدا الأمير المرحوم عيسى بن الحسن المهرانى الجراحى رحمهما الله، وحفظ ذريتهما الأمراء، ملوك الأكراد، والعشائر التى تجملت بهم القبائل والعساكر: السيد الملك عز الدنيا والدين محمد، والسيد ناصر الدين مروان، والسيد أسد الدين أحمد، خلد الله ملكهم. وهذا الحجر نقش بمكة المحروسة، تقرب به خادمهما جوهر، المجاور بالحرمين عتيقهما، أحد خدام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك فى شهر رمضان المعظم من سنة اثنتى عشرة وستمائة. وفيه مكتوب: عمل محمد بن بركات بن أبى حرمى. وهذا نص ما فى الحجر. 1601 ـ عبد الله بن قنبل: مفتى مكة، ذكره الفاكهى فى فقهاء مكة، فقال: ثم مات، فكان مفتيهم، يوسف ابن محمد العطار، وعبد الله بن قنبل، وأحمد بن زكريا بن أبى مسرة. انتهى. وما عرفت نسب المذكور، ولا شيئا من حاله. 1602 ـ عبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى: أمير مكة، ذكر ولايته عليها الفاكهى؛ لأنه قال: وكان من ولاة مكة أيضا: عبد الله ابن قيس بن مخرمة بن المطلب، ولاه عمر بن عبد العزيز، فحدثنى حسن بن حسين الأزدى، قال: حدثنا محمد بن سهل قال: حدثنا هشام الكلبى، قال: كان عمر بن عبد العزيز، ولى عبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطلب مكة، وكان يحمق فكتب: من عبد الله بن قيس، إلى عمر أمير المؤمنين، فقيل له: تبدأ بنفسك قبل أمير المؤمنين؟ قال: إن لنا الكبر عليهم. فلما بلغ قوله عمر، قال: أما والله إنه أحمق من أهل بيت حمق. وكان بنو المطلب يسمون النوكى. انتهى. وذكر ابن حزم فى الجمهرة: أن عبد الله بن قيس هذا، استخلفه الحجاج على المدينة، إذ ولى العراقين قال: وله رواية، وهو مولى يسار، جد محمد بن إسحاق بن يسار، صاحب المغازى. انتهى.

_ 1602 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 239، تاريخ خليفة 293، 296، تاريخ البخارى الكبير ترجمة 547، المعرفة والتاريخ 1/ 296، 466، 467، القضاة لوكيع 1/ 124، ثقات ابن حبان 5/ 10، 44، رجال صحيح مسلم لابن منجويه 95، نهاية السول 183، تهذيب التهذيب 5/ 363، 364، الإصابة 3/ 6188، التقريب 1/ 441، خلاصة الخزرجى ترجمة 3740، تهذيب الكمال 15/ 453).

1603 ـ عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار القحطانى، أبو موسى الأشعرى

وقال الذهبى فى التهذيب: ولى الكوفة والبصرة لعبد الملك بن مروان قبل الحجاج، وولى قضاء المدينة فى حياة جابر بن عبد الله. انتهى. ولم يذكر الذهبى، ولا ابن حزم، ولاية عبد الله بن قيس هذا لمكة، وكلام ابن جرير، يقتضى أن الوالى على مكة فى خلافة عمر بن عبد العزيز، غير عبد الله بن قيس؛ لأنه ذكر أن عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبى العيص، كان عامل عمر ابن عبد العزيز على مكة فى سنة تسع وتسعين، وفى سنة مائة من الهجرة، وأنه كان فى سنة إحدى ومائة، عاملا على مكة، ليزيد بن عبد الملك. والله أعلم بالصواب. ولعبد الله بن قيس صحبة على ما قيل. قال الذهبى: ولم يصح. وقال: روى عن أبى هريرة وزيد بن خالد، وأبيه، وغيرهم. وعنه: ابناه محمد ومطلب، أخوا حكيم بن عبد الله، وأبو بكر بن حزم، وغيرهم. وثقه النسائى، ثم قال: له فى الكتب حديثان، وعلم له علامة مسلم، وأصحاب السنن. وقال فى تعريفه: المطلبى المدنى. 1603 ـ عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار القحطانى، أبو موسى الأشعرى: ذكر الواقدى: أنه قدم مكة، ومعه إخوته وطائفة الأشعريين، فحالف أبا أحيحة سعيد بن العاص بن أمية، ثم أسلم وهاجر إلى أرض الحبشة. والصحيح على ما قال أبو عمر: أنه رجع من مكة بعد محالفته لمن حالف من بنى عبد شمس، إلى بلاد قومه، وأقام بها، حتى قدم مع الأشعريين فى سفينة، فألقتهم الريح إلى النجاشى بأرض الحبشة، وأقاموا بها، حتى قدموا على النبى صلى الله عليه وسلم مهاجرين عند فتح خيبر، مع جعفر بن أبى طالب، وولاه النبى صلى الله عليه وسلم زبيد وذواتها إلى الساحل وعدن، وولاه عمر: البصرة والكوفة، وأمر أن يقر على ولايته أربع سنين، دون عماله كلهم. فإنه أمر أن يقروا سنة، ثم عزله عثمان فى صدر من خلافته، بعبد الله بن عامر بن كريز، فنزل أبو موسى وسكنها، فلما دفع أهلها سعيد بن العاص، ولوا أبا موسى، وكتبوا إلى عثمان يسألونه أن يوليه، فأقره عثمان على الكوفة إلى أن مات. وولى علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، فعزله. فوجد عليه أبو موسى. فلما كان يوم التحكيم، أشار بخلعه وخلع معاوية، فوافقه على ذلك، عمرو بن العاص خديعة منه، وأمره أن يخطب الناس بذلك. فلما خطب، وافقه عمرو على خلع علىّ وأقر معاوية. فغضب أبو موسى، وتوجه إلى مكة، وسكنها حتى مات بها. وقيل: مات بالكوفة فى ذى الحجة سنة أربع وأربعين، وهو ابن ثلاث وستين سنة.

_ 1603 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 211، الجرح والتعديل 5/ 138).

1604 ـ عبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف المطلبى

وما ذكرناه فى وفاته بمكة، ذكره النووى بخطه فى حواشيه على الكمال، وحكاه الذهبى فى تاريخ الإسلام. وما ذكرناه من تاريخ موته هو الصحيح. وقيل: مات سنة اثنتين وأربعين، قاله الواقدى والهيثم. وقيل: سنة خمسين، وقيل: سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة اثنتين وخمسين. وسئل علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، عن موضعه فى العلم، فقال: صبغ فى العلم صبغة. وكان من أطيب أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم صوتا بالقرآن، قرأ عليه جماعة. وروى عنه: بنوه، وأنس بن مالك، وخلق، وفتحت على يده فتوحات. 1604 ـ عبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف المطلبى: أمير مكة. ذكر ولايته عليها الفاكهى. وذكر أنه وليها لعمر بن عبد العزيز. ذكره ابن قدامة، وقال: كان من الفضلاء النجباء. وذكره الذهبى، وقال: أسلم يوم الفتح مع أبيه. وقال المزى: يقال: إن له صحبة. روى عن أبيه، وزيد بن خالد الجهنى، وأبى هريرة، وعبد الله بن عمرو. وروى عنه ابناه: محمد، ومطلب، وغيرهما. قال النسائى: ثقة. واستعمله عبد الملك على الكوفة والبصرة، واستقضاه الحجاج على المدينة، فى سنة ثلاث وسبعين، وبقى على القضاء بها إلى سنة ست وسبعين، على ما قال خليفة. وما ذكره الفاكهى من ولاية عبد الله بن قيس هذا على مكة لعمر بن عبد العزيز، يخالف ما ذكره ابن جرير؛ لأنه ذكر ما يقتضى أن عبد الله بن عبد العزيز بن خالد بن أسيد، كان على مكة فى مدة خلافة عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه. والله أعلم. 1605 ـ عبد الله بن كثير بن مخرمة الخزاعى، وقيل الأسلمى: روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، أنه ابتاع من رجل من بنى غفار سهمه من خيبر ببعير. وله حديث آخر. روى عنه شريح بن عبيد. 1606 ـ عبد الله بن كثير بن عمرو بن عبد الله بن زاذان بن فيروزان بن هرمز: الإمام أبو معبد ـ وهذا هو الأقوى والأشهر فى كنيته. وقيل أبو بكر. وقيل أبو

الصلت. وقيل أبو محمد، الفارسى الأصل، المكى، الدارى، المقرى، أحد الأئمة القراء السبعة. سمع من عبد الله بن الزبير، وأبى المنهال، وعبد الرحمن بن مطعم المكى، وعكرمة، ومجاهد بن جبر، وقرأ عليه القرآن، وعلى درباس، مولى ابن عباس. وذكر أبو عمرو الدانى، أنه قرأ على عبد الله بن السائب المخزومى، وذلك ممكن. قرأ عليه أبو عمرو بن العلاء، وخلق، منهم: إسماعيل القسط، وشبل بن عباد، ومعروف بن مشكان. وروى عنه أيضا: ابن جرير، وعبد الله بن أبى نجيح، وجرير بن حازم، وغيرهم. روى له الجماعة: حديث السلف فى الثمار، ولا شيء له فى الكتب الستة سواه على النزاع فيه. ووثقه ابن المدينى والنسائى. وقال ابن عيينة: رأيت ابن كثير حسن السمت يصفر لحيته بالحناء، وكان إمام أهل مكة وقرائهم. وقال البخارى: قال على ـ لعله ابن المدينى ـ: قيل لابن عيينة: رأيت عبد الله بن كثير؟ قال: رأيته سنة اثنتين وعشرين ومائة، أسمع قصصه وأنا غلام، كان قاص الجماعة. وقال ابن سعد: كان ثقة. له أحاديث صالحة. توفى سنة اثنتين وعشرين ومائة. وقال البخارى: حدثنا الحميدى عن سفيان بن عيينة قال: سمعت مطرفا بمكة فى جنازة عبد الله بن كثير، وأنا غلام سنة عشرين ومائة. وقال سليمان: حدثنا أبو يحيى بن أبى مسرة، قال: حدثنا الحميدى، قال: حدثنا ابن عيينة، قال: حدثنى قاسم الرحال، فى جنازة عبد الله بن كثير الدارى، سنة عشرين ومائة، وله يومئذ ثلاث عشرة سنة. فتلخص من هذا: أنه اختلف فى وفاته، فقيل سنة عشرين. وبه جزم الذهبى فى الكاشف والعبر. وقيل: سنة اثنتين عشرين. واختلف أيضا فى الدارى. فقيل: هو العطار، مأخوذ من عطر دارين، وهى موضع بنواحى الهند. وقيل فى نسبه الدارى، إنه من بنى عبد الدار، قاله البخارى. وقال ابن أبى داود والدارقطنى: من لخم، وهم رهط تميم الدارى. وعند الأصمعى، قال: الدارى، هو الذى لا يبرح داره، ولا يطلب معاشا. وعنه

1607 ـ عبد الله بن كثير بن المطلب بن أبى وداعة، السهمى، المكى

قال: كان عبد الله عطارا. قال الذهبى: وهذا هو الحق، لا يبطله اشتراك الأنساب. قال: وبلغنا أنه كان فصيحا بليغا مفوها، أبيض اللحية، طويلا جسيما، أسمر أشهل العينين، يخضب بالحناء، عليه سكينة. وقال: انتهت إليه الإمامة بمكة فى تجويد الأداء، وعاش خمسا وتسعين سنة. لخصت هذه الترجمة من طبقات القراء للذهبى. 1607 ـ عبد الله بن كثير بن المطلب بن أبى وداعة، السهمى، المكى: هكذا نسبه غير واحد، وقال البخارى فى تاريخه: عبد الله بن كثير بن المطلب، من بنى عبد الدار القرشى المكى. سمع من مجاهد. وعنه: ابن جريج. قال الذهبى: وهم البخارى، بل الذى اسمه هكذا واسم جده المطلب، هو: سهمى، وهو أخو كثير بن كثير، وهو الذى روى عن محمد بن قيس بن مخرمة وغيره. وقال أيضا فى طبقات القراء، فى ترجمة عبد الله بن كثير المقرى: قال أبو على الغسانى فى كتاب «تقييد المهمل» وذكر حديث السلف، يرويه ابن أبى نجيح، عن عبد الله بن كثير، عن أبى المنهال عبد الرحمن، عن ابن عباس. وقال: قال أبو الحسن القابسى وغيره: هو ابن كثير المقرى. قال: وهذا ليس بصحيح، بل هو عبد الله بن كثير بن المطلب بن أبى وداعة السهمى. كذا نسبه أبو نصر الكلاباذى. وهو أخو كثير بن كثير، ليس له فى الصحيح سوى هذا فى السلم، ولمسلم فى الجنائز، من رواية ابن جريج عن عبد الله بن كثير بن المطلب، يعنى: السهمى. فذكر البخارى، أن هذا توفى سنة عشرين ومائة، فحول ابن مجاهد فى سبعته هذه الوفاة، فجعلها لابن كثير القارئ. وقال الذهبى فى التذهيب: له حديث مختلف فى إسناده، رواه ابن وهب، عن ابن جريج عنه، عن محمد بن قيس بن مخرمة، عن عائشة، فى استغفار النبى صلى الله عليه وسلم لأهل البقيع. وأخرجه النسائى أيضا من حديث حجاج بن محمد، عن ابن جريج، فقال: عن عبد الله بن أبى مليكة، عن محمد بن قيس. قال النسائى: وحجاج أثبت. وذكره ابن حبان فى الثقات. 1608 ـ عبد الله بن كيسان المدنى، أبو عمرو، مولى أسماء بنت الصديق: سمع مولاته أسماء، وابن عمر، روى عنه: ختنه عطاء بن أبى رباح، وعمرو بن دينار،

_ 1607 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ البخارى الكبير ترجمة 567، تاريخ الصغير، 1/ 304، 305، الجرح والتعديل ترجمة 673، ثقات ابن حبان 7/ 53، الكاشف ترجمة 2957، ميزان الاعتدال ترجمة 452، تهذيب التهذيب 2/ 175، التقريب 1/ 442).

من اسمه عبد الله بن محمد

وابن جريج، وعبد الملك بن أبى سليمان، والمغيرة بن زياد. روى له الجماعة، قال أبو داود: ثبت. وذكره مسلم فى الطبقة الثانية من الثقات، من أهل مكة. * * * من اسمه عبد الله بن محمد 1609 ـ عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد المعطى الأنصارى الخزرجى المكى: سمع [ ...... ] (1) وسكن اليمن مدة سنين، ثم عاد إلى مكة، وأقام بها. ثم عاد إلى اليمن. وبه توفى فى أوائل سنة ثلاث وثمانمائة. وقد بلغ الخمسين أو جاوزها فيما أظن، وهو أخو قطب الدين محمد السابق، ويعرف والدهما بابن الصفى؛ لأنه ابن بنت الصفى الطبرى. 1610 ـ عبد الله بن محمد بن أحمد بن قاسم العمرى عفيف الدين، بن القاضى تقى الدين، بن الشيخ شهاب الدين الحرازى، المكى: سمع على والده: الشمائل للترمذى، وغير ذلك، وعلى الشيخ خليل المالكى [ .... ] (1) وعلى ابن الزين القسطلانى بعض الموطأ، ومن القاضى عز الدين بن جماعة وغيرهم. وقرأ بنفسه على عمته، وله اشتغال ونظر كثير فى كتب العلم. قرأت عليه ب «ليّة» من بلاد الحجاز: أحاديث من الموطأ. وسمع منه: أخى عبد اللطيف وغيره من أصحابنا. وتوفى ليلة الخميس سابع عشر ذى القعدة سنة ست عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وهو فى أثناء عشر السبعين. 1611 ـ عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن يعقوب بن أبى بكر الطبرى المكى، المعروف بابن البرهان: سمع من الرضى الطبرى: سداسيات الرازى، التى روتها فاطمة بنت نعمة الحزام، وحدث بها عنه، وأجاز له مع ابن عمه جمال الدين بن البرهان من دمشق: الدشتى، والقاضى سليمان، وابن مكتوم، وابن عبد الدايم، وجماعة.

_ 1609 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 1610 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1612 ـ عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن صدقة المصرى، أبو محمد، المعروف بابن الغزال

وكان خيرا صالحا. ولم أدر متى مات؛ إلا أنه كان حيا فى سنة تسع وستين وسبعمائة بمكة. وبها توفى فى هذا التاريخ، أو قريبا منه عن سنّ عالية. 1612 ـ عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن صدقة المصرى، أبو محمد، المعروف بابن الغزال: نزيل مكة، سمع بمصر: أبا عبد الله القضاعى، وعبد العزيز بن الحسن الضراب، وأبا محمد المحاملى، وغيرهم. وبدمشق: أبا القاسم الحنائى، وأبا الحسن بن صصرى. وسمع بمكة من كريمة: صحيح البخارى. وحدث. سمع منه بمكة جماعة، منهم: الحافظ أبو القاسم بن عساكر حديثا واحدا تلقينا، لصمم شديد له. وقد رويناه من طريقه فى أربعينه البلدانية. وقال: قال: لو صنع لى أبو الرواح بن الأنصارى، لسمعت جيدا! فقلنا: وكيف كان يصنع بك؟ قال: كان يتخذ لى عصيدة التمر. فعلمت أنه محتاج. قال: وذكر لى أن جده لقّب بالغزال لسرعة عدوه، ولم يسمع منه الحافظ أبو طاهر السلفى مع كونه قدم مكة، وهو حى؛ لأنه لم يعلم به، لكنه أجاز له. وحدث عنه: إسماعيل بن محمد الحافظ بأصبهان، قبل رحلته سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة. وسمع السلفى بمصر، من أخيه أبى إسحاق إبراهيم، ووصفهما بصلاح. وذكر أن أبا محمد جاور بمكة سنين. وبها مات سنة أربع وعشرين وخمسمائة، على ما قال لى أبو محمد [ ..... ] (1). وقال الذهبى فيما انتخبه من تاريخ دمشق: إنه توفى فى صفر سنة أربع وعشرين. وقال: طال عمره وكف بصره. 1613 ـ عبد الله بن محمد بن إسحاق بن العباس، مسند مكة، أبو محمد الفاكهى المكى: وله مصنف «أخبار مكة». سمع أبا يحيى بن أبى مسرة. روى عنه: أبو عبد الله الحكيم، وأبو القاسم بن مروان، وأبو محمد بن النحاس. 1614 ـ عبد الله بن محمد بن داود بن عيسى بن موسى بن محمد بن علىّ بن عبد الله بن عباس العباسى، أبو العباس: أمير مكة، ذكر ابن جرير فى أخبار سنة تسع وثلاثين ومائتين: أن عبد الله بن محمد ابن داود هذا، حج بالناس فى هذه السنة، وهو والى مكة.

_ 1612 ـ انظر ترجمته فى: (سير أعلام النبلاء 19/ 557). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

وذكر أنه حج بالناس سنة أربعين ومائتين، وسنة إحدى وأربعين ومائتين، وسنة اثنتين وأربعين ومائتين. وقال لما ذكر حجه بالناس فى هذه السنة: وهو والى مكة. ولم يذكر ذلك فى السنين قبلها، والظاهر أنه كان واليا فيها، فإنى رأيت ما يدل لذلك؛ لأن الأزرقى ذكر أن ظلة المؤذنين التى كانت على سطح المسجد، هدمت وعمرت، وزيد فيها فى خلافة المتوكل فى سنة أربعين ومائتين. وذكر الفاكهى الظلة القديمة، ثم قال: فكانت تلك الظلة على حالها حتى كانت سنة أربعين ومائتين، فغيرها عبد الله بن محمد بن داود، وبناها بناء محكما، وجعلها بطاقات خمس، وإنما كانت قبل ذلك ظلة. انتهى. وذكر الأزرقى: أن رخام الحجر الذى عمل فى خلافة المهدى العباسى، قلع فى سنة إحدى وأربعين لرثاثته، وألبس رخاما حسنا. وقال إسحاق الخزاعى ـ بعد كلام لأبى الوليد الأزرقى، يتعلق بالحجر ـ: قد كان على ما ذكره أبو الوليد، ثم كان رخامه قد تكسر من وطء الناس، فعمل فى خلافة الموكل على الله، وأمير مكة ـ يومئذ ـ أبو العباس عبد الله بن محمد بن داود. انتهى. فاستفدنا مما ذكره الأزرقى والفاكهى، فى خبر ظلة المؤذنين، ومما ذكره الأزرقى والخزاعى فى رخام الحجر، أن محمد بن داود، كان أمير مكة فى سنة أربعين، وفى سنة إحدى وأربعين ومائتين. ورأيت ما يدل لذلك غير هذا. وذكر الفاكهى ما يقتضى أن اسمه كان مكتوبا فى حجرة زمزم، وذكر صفة الكتابة التى كانت فى ذلك، وفيها ما يقتضى أنه: عامل المتوكل على مكة ومخاليفها وعلى جميع أعمالها. وذكر الخزاعى: أنه عمر مسجد عائشة بالتنعيم، وجعل على بئره قبة، وهو أمير مكة. انتهى. وذكر العتيقى: أنه حج بالناس فى الأربع سنين التى ذكرها ابن جرير، وأن لقبه ترنجة. وذكر ابن الأثير أن عبد الله بن محمد بن داود هذا، حج بالناس فى سنة ثمان وثلاثين. وكان والى مكة. وذكر فى أخبار سنة اثنتين وأربعين: أن عبد الصمد بن موسى حج بالناس فيها، وهو على مكة.

1615 ـ عبد الله بن محمد بن صيفى القرشى المخزومى

وهذا يخالف ما ذكره ابن جرير، فى ابتداء ولاية عبد الله بن محمد هذا، وفى انقضائها. والله أعلم بالصواب. وذكر الفاكهى أمورا صنعها بمكة؛ لأنه قال: وأول من أخذ الناس بالحريق بمكة ليلة هلال رجب، وأن يحرسوا عمار اليمن: عبد الله بن محمد بن داود فى سنة إحدى وأربعين ومائتين، ثم ترك الناس ذلك بعده، وأول من استخف بأصحاب البرد بمكة عبد الله بن محمد بن داود، ثم الولاة على ذلك إلى اليوم. وأول من زاد الأذان الآخر للفجر، عبد الله بن محمد بن داود، والناس على ذلك إلى اليوم. انتهى. 1615 ـ عبد الله بن محمد بن صيفى القرشى المخزومى: والد يحيى. روى عن حكيم بن حزام، روى عنه صفوان بن وهب، روى له النسائى، وذكره ابن حبان فى الثقات، وذكره مسلم بن الحجاج فى الطبقة الأولى من تابعى أهل مكة. 1616 ـ عبد الله بن محمد بن الضياء محمد بن عبد الله بن محمد بن أبى المكارم الحموى المكى، يلقب بالعفيف: حضر فى الرابعة فى [ .... ] (1) على الإمامين سراج الدين الدمنهورى، وفخر الدين النويرى: الموطأ، رواية يحيى بن بكير. وسمع فى سنة سبع وأربعين، على الفخر عثمان بن الصفى الطبرى: سنن أبى داود، وعلى الجمال إبراهيم بن محمد بن النحاس الدمشقى: مشيخة العشارى، عن ابن شيبان، وغير ذلك على غيرهم. وما علمته حدث. وقرأ القرآن على الشيخ ناصر الدين العقيبى، وحفظ التنبيه، والحاوى، وألفية ابن مالك، والمقامات الحريرية، ورحل إلى الشام، وقرأ فى الفقه على القاضى أبى البقاء السبكى وغيره، وكان يحبه، ويثنى عليه، ما بلغنى، وانقطع إلى ولده القاضى ولى الدين، ثم توجه إلى الرحبة (2) واستوطنها حتى مات.

_ 1615 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 155). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (2) الرحبة: هى مدينة فى شرقى الفرات حصينة عامرة عليها سور تراب ولها أسواق وعمارات وكثير من التمر، ومنها مع الفرات إلى الخابورى مرحلتان. انظر: معجم البلدان 2/ 764، الروض المعطار 268.

1617 ـ عبد الله بن محمد بن عبد الله، يلقب بالعفيف، ويعرف بالأرسوفى

وبلغنى خبر موته فى ذى الحجة من سنة ثمان وتسعين وسبعمائة، وأنا بدمشق فى الرحلة الأولى، من ابن أخيه العفيف عبد الله بن محمد بن الضياء الحموى المكى. 1617 ـ عبد الله بن محمد بن عبد الله، يلقب بالعفيف، ويعرف بالأرسوفى: صاحب المدرسة التى بقرب باب العمرة، والرباط الذى بقربها، المعروف برباط أبى رقيبة. وهذا الرباط، وقفه ـ عن نفسه، وعن موكله شريكه فيه القاضى الفاضل عبد الرحيم بن علىّ البيسانى ـ على الفقراء والمساكين، العرب والعجم، الرجال دون النساء، القادمين إلى مكة، والمجاورين بها، على أن لا يزيد الساكن فى السكنى فيه على ثلاث سنين، إلا أن تقطع أقدامه، وسكناه فى السفر إلى مسافة تقصر فيها الصلاة. نقلت هذا من حجر الرباط المذكور، وتاريخه سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. 1618 ـ عبد الله بن محمد بن علىّ بن الحسين بن عبد الملك الطبرى، أبو النضر المكى: سبط سليمان بن خليل، سمع من أبى الحسن بن المقير: اليقين لابن أبى الدنيا، ومن أبى حرمى: نسخة أبى مسهر الغسانى، ويحيى بن صالح الوحاظى، وما معهما، وغير ذلك على جده وغيره. وحدث. سمع منه: جد أبى، أبو عبد الله الفاسى، بقراءة ابن عبد الحميد، فى يوم عاشوراء، سنة سبع وثمانين وستمائة بالحرم الشريف. ولم أدر متى مات، غير أنا استفدنا حياته فى هذا التاريخ. 1619 ـ عبد الله بن محمد بن علىّ بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمى، أبو جعفر المنصور العباسى، ثانى خلفاء بنى العباس: ولى الخلافة بعد أخيه أبى العباس السفاح، حتى مات. وكانت مدة خلافته: اثنتين وعشرين سنة، إلا ثمانية أيام ـ على ما ذكر صاحب العقد. وذكر أنه بويع بالخلافة فى اليوم الذى توفى فيه أخوه، لثلاث عشرة ليلة خلت من ذى الحجة، سنة ست وثلاثين ومائة. انتهى.

_ 1619 ـ انظر ترجمته فى: (ابن الأثير 5/ 172، 6/ 6، الطبرى 9/ 292 ـ 322، البدء والتاريخ 6/ 90، اليعقوبى 3/ 100، تاريخ الخميس 2/ 324، 329، الأعلام 4/ 117).

وذكر غيره: أن الذى أخذ له البيعة: عمه عيسى؛ لأنه غائبا فى الحج فى هذه السنة، وهو الذى حج بالناس فيها. وفى سنة أربعين ومائة، على ما ذكر خليفة بن خياط؛ والفسوى فى سنة أربع وأربعين، وفى سنة اثنتين وخمسين. وذكر الفسوى: أنه حج بالناس أيضا سنة سبع وأربعين. وفى سنة سبع وثلاثين: أمر بالزيادة فى المسجد الحرام. فزيد فيه من جانبه الشامى، ومن جانبه الغربى، ضعف ما كان عليه. وفرغ من ذلك، فى سنة أربعين ومائة. وكان المنصور كاملا فى الرأى، والعقل، والدهاء، والحزم، والعزم، ذا هبية وجبروت، وسطوة وظلم، وعلم وفقه وشجاعة، يخالط آية الملك بزى ذوى النسك، كأن عينيه لسانان ناطقان، بخيلا بالمال إلا عند النوائب. كان عمه عبد الله ـ بعد موت السفاح ـ زعم أن السفاح عهد إليه فى حياته بالخلافة بعده، وأنه على ذلك حارب مروان، حتى هزمه واستأصله، وأقام بذلك شهودا، ودعا إلى نفسه، وبايعه جيشه وعسكره بدابق (1). فجهز المنصور لحربه أبا مسلم الخراسانى، فالتقى الجيشان بنصيبين (2)، وتمت وقعة هائلة، انهزم فيها الشاميون، وفر عبد الله إلى البصرة، فاختفى فيها عند نائبها أخيه سليمان واستولى أبو مسلم الخراسانى على خزانته وكانت عظيمة، لما فيها من ذخائر بنى أمية ونعمتهم، التى استولى عليها عبد الله حين قاتل بنى أمية. وأمر المنصور أبا مسلم الخراسانى بالاحتفاظ بها، فعظم ذلك عليه، وعزم على خلع المنصور. وتوجه إلى خراسان فى جيوشه، ليقيم بها علويّا خليفة. فبعث إليه المنصور يستعطفه ويعتذر إليه، ولم يزل يتحيل على أبى مسلم، حتى حضر إلى خدمته، فبالغ فى تعظيمه.

_ (1) دابق: مدينة فى أقاصى فارس يذكر ويؤنث، وهو مذكور فى حديث مسلم بن الحجاج: «ينزل الروم بدابق أو الأعماق» أو ما هذا معناه قال عياض: بفتح الباء جاء فى كتاب مسلم. انظر: معجم البلدان 4/ 72، الروض المعطار 231. (2) نصيبين: مدينة فى ديار ربيعة العظمى، وهى من بلاد الجزيرة بين دجلة والفرات. انظر: الروض المعطار 577، معجم البلدان 288/ 5 وما بعدها، اليعقوبى 362، نزهة المشتاق 199، رحلة ابن جبير 239، الكرخى 52، ابن حوقل 193، 194، المقدسى 140، آثار البلاد 467، ابن الوردى 28.

ثم إن أبا مسلم، دخل على المنصور يوما، وقد أعد له عشرين نفرا بالسلاح فى مجلسه من وراء الستر، فأخذ المنصور يعنفه ويعدد عليه ذنوبه، فبقى أبو مسلم يعتذر، وهو لا يقبل له عذرا، وصفق المنصور بيده، وكان ذلك إشارة بينه وبين من أحضرهم لقتل أبى مسلم فى الإذن فى قتله. فخرجوا إليه، فقطعوه فى الحال، ولف فى بساط، وألقى رأسه إلى أصحابه مع ذهب عظيم، فاشتغلوا بذلك. ثم خرج على المنصور، محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علىّ بن أبى طالب بالمدينة فى سنة خمس وأربعين ومائة. وكان خرج وهو راكب حمارا فى مائتين وخمسين رجلا، ووثبوا على رباح أمير المدينة، فسجنوه، وبويع محمد بالخلافة طوعا وكرها. وقال: إنه خرج غضبا لله ورسوله. وبعث بعض أعوانه إلى مكة واليمن، فملكوا ذلك، وبعث بعضهم إلى الشام فلم يمكنوا من ذلك. ولما بلغ المنصور خروجه، ندب لقتاله، ولى العهد عيسى بن موسى العباسى، وقال: لا أبالى أيهما قتل الآخر، يعنى: إن قتل عيسى محمدا فبها ونعمت، وإن قتل محمد عيسى، استراح منه ليعهد إلى ابنه المهدى. فسار عيسى فى أربعة آلاف فارس، وكتب إلى أشراف المدينة يستميلهم ويمنيهم، فتفرق عن محمد بعض جمعه، فأشير عليه بأن يلحق بمصر ليتقوى منها، فأبى وحصن المدينة، وعمق الخندق. فلما قرب منه عيسى، حارب، فولى محمد، وقال لمن معه: أنتم من مبايعتى فى حل، فانسلوا عنه، وبقى فى طائفة، فبعث إليه عيسى يدعوه إلى الإنابة، وبذل له الأمان، فلم يقبل، ثم إن عيسى أنذر أهل المدينة وخوفهم، وناشدهم الله أياما، فأبوا، فزحف عليهم، ولام محمد بن عبد الله، ومحمد لا يرعوى. فالتحم القتال، فقتل محمد، بعد أن قتل بيده من عسكر العراق سبعين نفرا. وحمل رأسه إلى المنصور. وكان معه حين قاتل ثلاثمائة مقاتل. وكان أسود، ضخما، فى حديثه تتمة وفيه فضيلة. وذكر صاحب العقد، كتابا كتبه المنصور إليه، وجوابا إلى المنصور، وجوابا من المنصور إليه عن جوابه. وقد رأيت أن أثبت ذلك لما فيه من بيان فضلهما. قال صاحب العقد، بعد أن ذكر شيئا من تحيل المنصور على معرفة مكان محمد بن عبد الله بن الحسن، وأخيه إبراهيم، وقبضه على أبيهما وغيره من آل أبى طالب بالمدينة، فى سنة أربع وأربعين ومائة. فلما انصرف أبو جعفر إلى العراق، وخرج محمد بن عبد الله بالمدينة، فكتب إليه أبو جعفر:

من عبد الله أمير المؤمنين، إلى محمد بن عبد الله: (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [المائدة: 33، 34] ولك عهد الله وميثاقه، وذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن أنتما أنبتما ورجعتما، من قبل أن أقدر عليكما، وأن يقع بينى وبينكما سفك الدماء، أن أؤمنكما وجميع ولديكما، ومن يتابعكما أو يبايعكما على دمائكم وأموالكم، وأوسعكما ما أصبتما من دم أو مال، وأعطيكما ألف ألف درهم لكل واحد منكما، وما سألتما من الحوائج، ولكما من البلاد حيث شئتما، وأطلق من الحبس جميع ولد أبيكما، ثم لا أتعقب واحدا منكما بذنب سلف منه أبدا. فلا تشمت بنا وبكم أعداؤنا من قريش. فإن أحببت الأخذ لك من الأمان والمواثيق والعهود ما تأمن به وتطمئن إليه، إن شاء الله تعالى. فأجابه محمد بن عبد الله: من محمد بن محمد بن عبد الله أمير المؤمنين، إلى عبد الله ابن محمد (طسم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) [القصص: 1 ـ 6] وأنا أعرض عليك من الأمان ما عرضت علىّ، فإن الحق معنا، وإنما دعيتم بهذا الأمر بنا، وخرجتم إليه بشيعتنا، وحظيتم بفعلنا، وإن أبانا عليا كان الإمام، فكيف ورثتم ولاية ولده، وقد علمتم أنه لم يطلب هذا الأمر أحد له مثل نسبنا ولا شرفنا، وأنا لسنا من أبناء الطوار، ولا من أبناء الطلقاء، وأنه ليس يمت أحد بمثل ما نمت به من القرابة والسابقة والفضل. وأنا بنو أم أبى رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاطمة ابنة عمرو فى الجاهلية، وبنو فاطمة ابنته فى الإسلام دونكم، وأن الله تعالى اختارنا، واختار لنا، فولدنا من النبيين أفضلهم، ومن السلف أولهم إسلاما: علىّ بن أبى طالب. ومن النساء: خديجة بنت خويلد، وأول من صلى إلى القبلة منهم. ومن البنات: فاطمة، سيدة نساء العالمين، ونساء أهل الجنة، ولدت الحسن والحسين، سيدى أهل الجنة، صلوات الله عليهما، وأن هاشما ولد عليّا مرتين، وأن عبد المطلب ولد حسنا مرتين، وأن النبى صلى الله عليه وسلم ولدنى مرتين، وأنى من أوسط بنى هاشم نسبا، وأشرفهم أبا وأما، لم تعرق فى العجم، ولم تنازع فى أمهات الأولاد، فمازال الله بمنه

وفضله، يختار لى فى الأمهات والآباء فى الجاهلية والإسلام، حتى اختار لى فى النار. فآبائى أرفع الناس درجة فى الجنة، وأهونهم عذابا فى النار، وإنى خير أهل الجنة، وأبى خير أهل النار، فأنا ابن خير الأخيار، وابن خير الأشرار، ولك والله إن دخلت فى طاعتى، وأجبت دعوتى، أن أؤمنك على نفسك ومالك، ودمك وكل أمر أحدثته، إلا حدّا من حدود الله تعالى، أو حق امرئ مسلم أو معاهد. فقد علمت ما يزيلك من ذلك. فأنا أولى بالأمر منك، وأوفى بالعهد؛ لأنك لا تعطى من العهد أكثر ما أعطيت رجالا قبلى، فأى الأمانات تعطى؟ . أمان ابن هبيرة، أو أمان عمك عبد الله بن علىّ، أو أمان أبى مسلم؟ والسلام. فكتب إليه أبو جعفر: من عبد الله أمير المؤمنين إلى محمد بن عبد الله بن حسن. أما بعد: فقد بلغنى كتابك، وفهمت كلامك، فإذا جل فخرك بقرابة النساء، لتضل به الغوغاء، ولم يجعل الله النساء كالعمومة والآباء، ولا كالعصبة الأولياء؛ لأن الله تعالى جعل العم أبا، وبدأ به فى القرآن على الولد الأدنى. ولو كان اختيار الله تعالى لهن على قدر قرابتهن؛ لكانت آمنة أقربهن رحما، وأعظمهن حقا، وأول من يدخل الجنة غدا، ولكن الله اختار لخلقه على قدر علمه الماضى لهن. فأما ما ذكرت من فاطمة جدته عليه السلام، وولادتها لك، فإن الله تعالى لم يرزق واحد من ولدها دين الإسلام، ولو أن أحدا من ولدها رزق الإسلام بالقرابة، لكان عبد الله بن عبد المطلب، أولاهم بكل خير فى الدنيا والآخرة، ولكن الأمر لله، يختار لدينه من يشاء (وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [الأنعام: 117]. ولقد بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم، وله عمومة أربعة، فأنزل الله عليه: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) فدعاهم فأنذرهم، فأجابه اثنان، أحدهما أبى، وأبى عليه اثنان، أحدهما أبوك. فقطع الله ولايتهما منه، ولم يجعل بينهما إلا ولا ذمة ولا ميراثا. وقد زعمت أنك ابن أخف أهل النار عذابا، وابن خير الأشرار، وليس فى الشر خيار، ولا فخر فى النار، وسترد، فتعلم (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء: 227]. وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يلده هاشم إلا مرة واحدة، وزعمت أنك أوسط بنى هاشم نسبا، وأكرمهم أما وأبا، وأنك لم تلدك العجم، ولم تعرق فيك أمهات الأولاد، فقد رأيتك فخرت على بنى هاشم طرا، فانظر أين أنت؟ ويحك من الله غدا! فإنك قد تعديت طورك، وفخرت على من هو خير منك نفسا وأبا وأولا وآخرا فخرت على إبراهيم ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهل خيار ولد أبيك خاصة، وأهل الفضل منهم إلا بنو

أمهات أولاد؟ وما ولد منكم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من على بن الحسين، وهو لأم ولد، وهو خير من جدك حسن بن حسن، وما كان فيكم بعده مثل ابنه محمد بن علىّ، وهو خير منك، ولدته أم ولد. وأما قولك: إنا بنو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الله تعالى يقول: (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) [الأحزاب: 40] ولكنكم بنو ابنته، وهى امرأة ولا تحوز ميراثا، ولا ترث الولاء، ولا يحل لها أن تؤم، فكيف تورث بها إمامة. ولقد ظلمها أبوك بكل وجه، فأخرجها نهارا، ومرضها سرا، ودفنها ليلا. فأبى الناس إلا تقديم الشيخين وتفضيلهما. ولقد كانت السنة التى لا اختلاف فيها: أن الجد أب الأم والخال والخالة، لا يرثون ولا يورثون. وأما ما فخرت به من علىّ وسابقته، فقد حضرت النبى صلى الله عليه وسلم الوفاة، فأمر غيره بالصلاة، ثم أخذ الناس رجلا بعد رجل، فما أخذوه. وكان فى الستة من أصحاب الشورى، فتركوه كلهم: رفضه عبد الرحمن بن عوف، وقاتله طلحة والزبير، وأبى سعد بيعته وأغلق بابه دونه، وبايع معاوية بعده، ثم طلبها علىّ بكل وجه. فقاتل عليها، ثم حكم الحكمين، ورضى بهما، وأعطاهما عهد الله وميثاقه، فاجتمعا على خلعه. واختلفا فى معاوية، وسالمه الحسن، وباع الخلافة بخرق ودراهم، وأسلم شيعته بيد معاوية، ودفع الأموال إلى غير أهلها، وأخذ مالا من غير ولاته. فإن كان لكم فيها حق، فقد بعتموه وأخذتم ثمنه، ثم خرج عمك الحسين بن علىّ على ابن مرجانة. وكان الناس معه عليه، حتى قتلوه وأتوه برأسه، ثم خرجتم على بنى أمية، فقتلوكم وصلبوكم على جذوع النخل، وأحرقوكم بالنيران، ونفوكم من البلدان، حتى قتل يحيى بن زيد بأرض خراسان، وقتلوا رجالكم، وأسروا الصبية والنساء، وحملوهم كالسبى المجلوب إلى الشام، حتى خرجنا عليهم، فطلبنا بثأركم، وأدركنا بدمائكم، وأورثناكم أرضهم وديارهم وأموالهم، وأردنا إشراككم فى ملكنا فأبيتم إلا الخروج علينا، وأنزلت ما رأيت من ذكرنا أباك، وتفضيلنا إياه، أنا نقدمه على العباس وحمزة وجعفر، وليس كما ظننت، ولكن هؤلاء سالمون، مسلم منهم، مجتمع بالفضل عليهم، وابتلى أبوك بالحرب، فكانت بنو أمية تلعنه على المنابر، كما تلعن أهل الكفر فى الصلاة المكتوبة، فاحتججنا له، وذكرنا فضله، وعنفناهم، وطلبناهم فيما نالوا منه. وقد علمت أن المكرمة فى الجاهلية سقاية الحاج الأعظم، وولاية بئر زمزم، فصارت للعباس من بين إخوته. وقد نازعه فيها أبوك، فقضى بها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم نزل نليها فى الجاهلية والإسلام.

وقد علمت أنه لم يبق أحد من بعد النبى صلى الله عليه وسلم، من بنى عبد المطلب، غير العباس وحده، وارثه مرتين، ثم طلب هذا الأمر غير واحد من بنى هاشم، فلم ينله إلا ولده، فالسقاية سقايتنا، وميراث النبى صلى الله عليه وسلم ميراثنا، والخلافة فى أيدينا، فلم يبق فضل ولا شرف فى الجاهلية والإسلام، إلا والعباس وارثه ومورثه والسلام. انتهى. وفى سنة خمس وأربعين ومائة، خرج على المنصور أيضا، إبراهيم بن عبد الله بن الحسن، أخو محمد بن عبد الله بن الحسن المقدم ذكره بالبصرة. وكان قدمها فى عشرة أنفس، واختفى بها، واتفق له فى اختفائه أمور يتعجب منها، وحاصل الأمر، أنه بايعه نحو أربعة آلاف. فلما بلغ المنصور خروجه، اشتد قلقه لكثرة خوفه ووجله، فنزل بالكوفة ليأمن غائلة الشيعة بها، وألزم الناس حينئذ بلبس السواد حتى العوام، وجعل يسجن ويقتل كل من اتهمه، والشيعة يعلون بها، ويبايعون سرّا لإبراهيم، حتى اتسع الخرق، وعظم الخطب، وخرج إبراهيم والخلائق مقبلة إليه، فتحصن منه نائب البصرة، ثم نزل إليه نائب البصرة بأمان، وأنفق إبراهيم فى عسكره ما وجده فى الخزانة، وكان ستمائة ألف، وبعث سراياه إلى الأهواز (3) وفارس وواسط (4) وبعث المنصور لحربه عامرا المكى فى خمسة آلاف فارس، فالتقوا أياما. فقتل من جموع إبراهيم خلق كثير، ثم التقى عسكره مع عسكر عيسى بن موسى بعد رجوعه من المدينة مظفرا، والمنصور فى ذلك كله لا يقر ولا ينام، لما حصل فى نفسه من الخور، وإلا حوله بالكوفة مائة ألف سيف كامنة مضمرة للشر، ولولا سعادته لزال ملكه، ولو هجم إبراهيم الكوفة لاستولى على الأمر، وظفر بالمنصور، ولكنه ترك ذلك تدينا. وقال: أخشى إن هجمنا الكوفة أن يستباح الصغار والنساء. وكان جنده يختلفون عليه، وكل واحد يشير برأى، إلى أن التقى

_ (3) الأهواز: آخره زاى وهى جمع هوز وأصله حوز فلما كثر استعمال الفرس لهذه اللفظة غيرتها حتى أذهبت أصلها جملة. وكان اسمها فى أيام الفرس خوزستان وفى خوزستان مواضع يقال لكل واحد منها خوز كذا منها خوز بنى أسد وغيرها فالأهواز اسم للكورة بأسرها، وأما البلد الذى يغلب عليه هذا الاسم عند العامة اليوم فإنما هو سوق الأهواز. انظر: معجم البلدان (الأهواز). (4) واسط: مدينتان على جانبى دجلة، والمدينة القديمة فى الجانب الشرقى، وابتنى الحجاج مدينة فى الجانب الغربى، وجعل بينهما جسرا بالسفين. انظر: الروض المعطار 599، اليعقوبى 322، معجم ما استعجم 4/ 1363، نزهة المشتاق 120، الكرخى 58، ابن حوقل 214.

الفريقان بباخمرا (5) على يومين من الكوفة، فالتحم القتال. فاستظهر أصحاب إبراهيم، وانهزم حميد بن قحطبة، مقدم جيش المنصور، وثبت عيسى بن موسى فى نحو مائة، وقال: لا أزول ولو قتلت، لما أشير عليه بالفرار، ثم إن ابنى سليمان بن علىّ، عطفا مع جماعة من الفرسان، وحملوا على عسكر إبراهيم حملة صادقة، من وراء إبراهيم. فانهزم أصحاب إبراهيم، حتى بقى فى نحو من سبعين مقاتل، وتراجع المنهزمون من أصحاب المنصور، وحمى الحرب، وأصاب إبراهيم سهم غرب فى حلقه، فأنزل وهو يقول: (وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) [الأحزاب: 38]، أردنا أمرا وأراد الله غيره، وحف به أصحابه يحمونه، فحمل عليهم حميد بن قحطبة، فنزل إليه جماعة، واحتزوا رأسه، وحمل إلى المنصور على رمح، فخر ساجدا، وذلك فى الخامس والعشرين من ذى القعدة سنة خمس وأربعين، ولما جاءه الرأس، تمثل بقول معقر [من الطويل]: فألقت عصاها واستقر بها النوى ... كما قر عينا بالإياب المسافر وكان لما وصل إليه المنهزمون من أصحابه، قد هيأ النجائب للهرب إلى الرى (6) وكان بها ولده فى أكثر جيش، وتمثل حين اشتد قلقه بقول القائل [من الكامل]: ونصبت نفسى للرماح دريئة ... إن الرئيس لمثل ذاك فعول وفى سنة خمسين ومائة، خرجت جيوش خراسان عن طاعته، فبعث لحربهم حازم ابن خزيمة فى جيش عرمرم يسد الفضاء، فالتقى الجيشان، وصبر الفريقان. فانهزم الملك أستاذ سيس (7) الذى انضم إليه جيش خراسان، ثم حوصر مدة، فسلم نفسه وقتل. وفى سنة ثلاث وخمسين، غلبت الخوارج الأباضية على مملكة أفريقية، وقتلوا نائب المنصور بها، وهزموا عسكره، وكان رءوس الخوارج ثلاثة: أبو قرة فى أربعين ألفا من الصفرية، وأبو حاتم فى مائتى ألف من الفرسان، وأبو عاد، وبويع أبو قرة بالخلافة. ولما بلغ المنصور خبرهم أهمه ذلك، وبعث فى سنة أربع وخمسين، يزيد بن حاتم فى خمسين ألف فارس، وأنفق على الجيش ثلاثة وستين ألف ألف درهم.

_ (5) باخمرا: بالراء، موضع بين الكوفة وواسط وهو إلى الكوفة أقرب، قالوا: بين باجرا والكوفة سبعة عشر فرسخا. انظر: معجم البلدان (باخمرا). (6) الرى: بفتح أوله، وتشديد ثانيه .. وهى مدينة مشهورة من أمهات البلاد وأعلام المدن. انظر: معجم البلدان 3/ 116 وما بعدها. (7) سيس: بلد هو اليوم من أعظم مدن الثغورا الشامية بين أنطاكية وطرسوس. انظر: معجم البلدان 3/ 297.

1620 ـ عبد الله بن محمد بن على بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى المكى

قال الذهبى: وهذه نفقة لم يسمع بمثلها أبدا، فهزم يزيد الخوارج، وقتل أبا عاد، وأبا حاتم، واستعاد أفريقية، ومهد البلاد. وذلك فى سنة خمس وخمسين. وأخبار المنصور كثيرة. وقد أتينا على جملة منها فيها مقنع. وكان فى سنة ثمان وخمسين ومائة، خرج إلى مكة يريد الحج، فأدركه الأجل، على ما قال صاحب العقد، قبل التروية بيوم، لسبع خلون من ذى الحجة وهو محرم، قال: ودفن بالحجون، وصلى عليه إبراهيم بن محمد بن علىّ. وقال الصولى: إنه دفن ما بين الحجون (8) وبئر ميمون بن الحضرمى. انتهى. 1620 ـ عبد الله بن محمد بن علىّ بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى المكى: سمع بمكة من القاضى عز الدين بن جماعة وغيره، وذكر لى ولدى ـ وهو عمه ـ أن له نظما، وأنه توفى فى سنة أربع وثمانين وسبعمائة بالقاهرة. 1621 ـ عبد الله بن محمد بن عمران بن إبراهيم بن محمد السجاد بن طلحة ابن عبيد الله القرشى التيمى: أمير مكة، وقاضى مكة والمدينة. ذكره الزبير بن بكار، وذكر ولايته لقضاء مكة والمدينة، وغير ذلك من خبره، وقال: ولاه أمير المؤمنين المهدى قضاء المدينة، ثم صرفه عن القضاء، ثم ولاه أمير المؤمنين الرشيد قضاء المدينة، ثم صرفه عن القضاء وولاه مكة، ثم صرفه عن مكة، ورده إلى قضاء المدينة، ثم صرفه عن قضاء المدينة. وكان معه حين هلك بطوس (1)، مخرج أمير المؤمنين الرشيد إلى خراسان، الذى هلك فيه أمير المؤمنين الرشيد. انتهى. وذكر الأزرقى ولايته لمكة وما صنعه فيها؛ لأنه قال: أول من عمل الظلة للمؤذنين التى على سطح المسجد، يؤذن فيها المؤذنون يوم الجمعة والإمام على المنبر: عبد الله بن محمد بن عمران الطلحى، وهو أمير مكة، فى خلافة الرشيد هارون أمير المؤمنين.

_ (8) الحجون: بفتح الحاء، موضع بمكة عند المحصب، وهو الجبل المشرف بحذاء المسجد الذى يلى شعب الجزارين إلى ما بين الحوضين اللذين فى حائط عوف، وقيل الحجون مقبرة أهل مكة تجاه دار موسى الأشعرى رضى الله عنه. انظر: الروض المعطار 188، معجم ما استعجم 2/ 427. (1) طوس: مدينة من نيسابور على مرحلتين، وقيل على ستة عشر فرسخا، وطوس يقال لها نوقان. انظر: الروض المعطار 398، 399، معجم البلدان 49/ 4، نزهة المشتاق 209.

1622 ـ عبد الله بن محمد بن الفرح الزطنى المكى، أبو الحسن

وكان المؤذنون يجلسون هناك يوم الجمعة، فى الشمس فى الصيف والشتاء، فلم تزل تلك الظلة على حالها، حتى عمر المسجد في خلافة المتوكل على الله جعفر أمير المؤمنين، فى سنة أربعين ومائتين، فهدمت تلك الظلة، وعمرت وزيد فيها. فهى قائمة إلى اليوم. انتهى. وذكر الفاكهى ولايته لإمرة مكة وغير ذلك من خبره فيها؛ لأنه قال فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله «ذكر منبر مكة» بعد أن ذكر المنبر الذى أهدى الرشيد: فرقا عليه عبد الله بن محمد بن عمران الطلحى، وهو أمير مكة لهارون، فمال به المنبر، فحدثنى عبد الله بن أحمد بن أبى مسرة، قال: خرج عبد الله بن محمد بن عمران يوم الجمعة ـ وهو أمير مكة ـ يريد المنبر. فلما رقيه ولم يكن نصبه صوابا، مال المنبر به مما يلى الركن، فتلقاه الجند والحرس بأيديهم حتى سووه، وخطب وصلى بالناس، فقال أبو عثمان خباب مولى الهاشميين [من الطويل]: بكى المنبر الحرمى واستبكت له ... منابر آفاق البلاد من الحزن وحن إلى الأخيار من آل هاشم ... ومل من التيمى واعتاذ بالركن انتهى. 1622 ـ عبد الله بن محمد بن الفرح الزطنى المكى، أبو الحسن: حدث عن بحر بن نصر بن سابق الخولانى، سمع منه ابن المقرى بمكة فى دار الندوة. وروى عنه فى معجمه. 1623 ـ عبد الله بن محمد بن كثير، صلاح الدين المصرى: سمع من عبد الله بن على بن عمر الصنهاجى وغيره؛ ولا أدرى، هل حدث أم لا؟ . وتوفى فى يوم السبت خامس ذى القعدة، سنة ثلاث وستين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة، ذكره شيخنا الحافظ أبو زرعة فى تاريخه. 1624 ـ عبد الله بن محمد بن أبى بكر عبد الله بن خليل بن إبراهيم بن يحيى العسقلانى، يكنى أبا محمد، ويلقب بهاء الدين بن الرضى، ويعرف بابن خليل المكى، ثم المصرى: سمع بمكة من يحيى بن محمد بن على الطبرى المكى: الأربعين من رواية المحمدين، تخريج الجيانى، مع الزيادة الملحقة بها، وعلى التوزرى [ .... ] (1) والشفاء، والفوائد المدنية، تخريج ابن مسدى لابن الجميزى وغير ذلك، وعلى الصفى والرضى الطبريين:

_ 624 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

صحيح البخارى، وعلى الرضى: اختلاف الحديث للشافعى، وصحيح ابن حبان، وغير ذلك، وعلى المجد أحمد بن ديلم الشيبى، مع التوزرى، والرضى: الأربعين لابن مسدى، وعلى علىّ بن بحير الشيبى [ .... ] (2) وعلى الصدر إسماعيل بن يوسف بن مكتوم القيسى الدمشقى: جزء أبى الجهم، ومشيخته، بمنى سنة إحدى عشرة وسبعمائة، ثم سمع عليه فى رحلته بدمشق سنة ثلاث عشرة، الأول والثانى من حديث ابن أبى ثابت، والمنتقى من ذم الكلام للهروى، والمائة الشريحية، وعلى الدشتى: المنتقى من تاريخ أصبهان لأبى نعيم، انتقاء الذهبى، وعلى القاضى سليمان بن حمزة: كتاب فضائل القرآن لابن الضريس، والأول والثانى من حديث ابن بشران، والبعث لابن أبى داود، والمنتقى من ذم الكلام للهروى، والرخصة لابن المقرئ وعوالى سعدان بن منصور لأبى نعيم، والثانى من المحامليات، وجزء السفنى، وعلى عيسى بن عبد الرحمن المطعم: المنتقى من ذم الكلام، والمائة الشريحية، وعلى أبى بكر بن عبد الدايم: اليقين لابن أبى الدنيا، والتصديق بالنظر إلى الله فى الآخرة، وعلى أبى الفتح محمد بن عبد الرحيم بن النشو القرشى: مجلس ابن ميلة، ونسخة وكيع بن الجراح وغير ذلك، وعلى أبى نصر محمد بن محمد بن القاضى أبى نصر بن الشيرازى: كتاب ذم الكلام للهروى عن [ .... ] (3) ومشيخة جده عنه، وعلى أحمد ناصر الدين محمد بن يوسف بن المهتار: كتاب علوم الحديث لابن الصلاح عنه، وعلى أحمد بن على بن الزبير الجيلى: المجلد الأول من سنن البيهقى الكبير، وينتهى إلى جماع أبواب الاستقبال، وغير ذلك عليهم وعلى غيرهم بدمشق. وسمع بحلب فى سنة ثلاث عشرة وسبعمائة بقراءته غالبا، على أبى سعيد بيبرس بن عبد الله العديمى: أسباب النزول للواحدى، وجزء البانياسى، وجزء هلال الحفار، وجزء عباس الترقفى، وعلى أبى بكر أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن العجمى: المواعظ لأبى عبيد، وجزء الأصم، والسرائر للعسكرى، وجزء المخرمى والمروزى. وعليه وعلى أخيه شرف الدين عبد الرحيم بن عبد العديم: جزء السقطى، وعلى القاضى تاج الدين محمد ابن أحمد النصيبى: جزء أسيد بن عاصم. ثم رحل إلى مصر سنة إحدى وعشرين، فسمع بها من جماعة، وأخذ العلم بها عن جماعة من كبار علمائهم، منهم الشيخ علاء الدين القونوى والشيخ أبو حيان، والشيخ شمس الدين الأصبهانى، شارح ابن الحاجب، والشيخ تقى الدين السبكى، وقرأ بها على التقى الصائغ بالروايات. وكان قرأ قبل ذلك بالروايات على الدلاصى بمكة. وعاد إليها بعد سبع سنين، ثم توجه إلى الديار المصرية.

_ (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (3) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

وفى سنة ثلاث وسبعمائة: صحب العارف الكبير ياقوت، مولى الشيخ أبى العباس المرسى، وتلميذه مدة. فعادت بركته عليه، ثم تجرد، وساح بديار مصر مدة سنين، لا يعرف أين موضعه. ثم عاد إلى القاهرة وقد حصل على خير عظيم، وانقبض عن الناس كثيرا، ثم لوطف حتى أسمع كثيرا من مسموعاته. وجلس لذلك بأخرة يومين فى الجمعة، غالبا هما يوم الجمعة، ويوم الثلاثاء. وكانت تعتريه بحضرة الناس حالة ينال فيها كثيرا من شخص يقال له: إبراهيم الجعبرى، ومن أحمد بن إبراهيم الجعبرى، ويلعن إبراهيم ويديم لعنه، حتى ينقطع نفسه. وبلغنى أنه سئل عن ذلك، فقال: ما ترونه يدق فوق رأسى! . وكان يلعن القطب الهرماس، إمام جامع الحاكم بالقاهرة، لكونه أدخل شيئا من طريق العامة فى دار بناها، ثم هدمت هذه الدار. وبلغنى: أن الشيخ عبد الله المذكور، أخذ حصى وقرأ عليه، ورمى به إلى جهة دار الهرماس، فى اليوم الذى هدمت فيه قبل هدمها. وكان يتقوت من معاليم ووظائف وليها، ومن الوظائف التى وليها مشيخة الخانقاة الكريمة بالقرافة، وإعادة تدريس درس القلعة، وإعادة درس الحديث بالمنصورية بالقاهرة. وكان محدثا، وحافظا فقيها، حفظ المحرر للرافعى، مقرئا نحويا صالحا، كبير القدر، عجيبا فى الزهد والانقطاع عن الناس، وحب الخمول. وقد أثنى عليه غير واحد من الحفاظ، منهم: الحافظ الذهبى، وكتب عنه، وذكره فى معجمه وقال: المقرئ المحدث، الإمام القدوة الربانى. قرأ بالروايات، وأتقن المذهب، وعنى بالحديث ورحل فيه، ثم قال: وكان حسن القراءة، جيد المعرفة، مليح المذاكرة، متين الديانة، ثخين الورع، يؤثر الانقطاع والخمول، كبير القدر، ثم قال: قرأ المنطق، وحصل جامكية، ودخل فى [ ...... ] (4). وذكره الشريف أبو المحاسن محمد بن على الحسينى فى ذيل طبقات الحفاظ للحافظ الذهبى، وترجمه: بالشيخ الإمام العالم الحافظ القدوة البارع الربانى. ثم قال: المقرئ الشافعى، ثم قال: قال الذهبى: كان حسن القراءة، جيد المعرفة، قوى المذاكرة فى الرجال، كثير العلم، متين الديانة ثخين الورع يؤثر الانقطاع والخمول، كبير القدر، انقطع بزاوية بظاهر الإسكندرية مرابطا. قلت: ثم استوطن القاهرة، وساءت أخلاقه، والله يغفر له. انتهى.

_ (4) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

وصح لى عن الشيخ شهاب الدين أحمد بن لؤلؤ المعروف بابن النقيب (5) مؤلف «مختصر الكفاية لابن الرفعة» أنه قال معناه: رجلان من أهل عصرنا، أحدهما يؤثر الخمول جهده، وهو الشيخ عبد الله بن خليل المكى ـ يعنى المذكور ـ وآخر يؤثر الظهور جهده، وهو الشيخ عبد الله اليافعى. وسمعت شيخنا الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى يقول: إن الشيخ عبد الله ابن خليل هذا، أعطاه دريهمات لما رآه بمنزله بسطح جامع الحاكم بالقاهرة، قال: فاشتريت منها وريقات، وكتبت فى بعضها قصصا بأمور أردتها، فيسر الله قضاءها، وعددت ذلك من بركة الشيخ. وذكر أنه كان يميل إلى سماع الغناء الذى يسميه أهل الحجاز: المقرون، وهو نوع من النصب الذى كان بعض السلف يتغنى به. وبلغنى أنه كان يأتيه شيء من غلة ماله، بوادى مر، من أعراض مكة. وتوفى يوم الأحد ثانى جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وسبعمائة، بمنزله بسطح الحاكمى بالقاهرة، ودفن بالقرافة بالقرب من الشيخ تاج الدين بن عطاء الله، وشهد جنازته القضاة الأربعة بالقاهرة، وغيرهم من الأعراض، ومشى فى جنازته معظم الطريق، جماعة منهم، وبعضهم إلى التربة. ومولده فى سنة أربع وتسعين وستمائة بمكة، كتبه عنه الذهبى. وذكر لى شيخنا قاضى القضاة جمال الدين بن ظهيرة: أن المحدث شرف الدين محمد ابن محمد المقدسى، نزيل مصر، أخبره أن الشيخ بهاء الدين هذا، أملى عليه أنه ولد سنة خمس وتسعين بمكة. قال: وكنت أمليت على الحافظ الذهبى، أن مولدى سنة أربع وتسعين، وهو خطأ. انتهى. وذكر بعض أصحابنا، أن للشيخ بهاء الدين عبد الله بن خليل المكى هذا، إجازة من أحمد بن هبة الله بن عساكر، ويعلق على ذلك بكونه وجد بخط الشيخ عبد الله بن خليل فى بعض تعاليقه: أخبرنا أحمد بن هبة الله بن عساكر، ولا يصح التعليق بذلك لإمكان أن يكون وجد ما كتبه بخط غيره، وكتبه كما وجده ليقرأه عليه، ويؤيد ذلك، أنه لو كان له إجازة من ابن عساكر لحدث بها، ولحفظ ذلك عنه كما حفظ عنه غيره

_ (5) أحمد بن لؤلؤ بن عبد الله الرومى أبو العباس، شهاب الدين بن النقيب. فقيه شافعى مصرى مولده ووفاته بالقاهرة كان أبوه روميا من نصارى أنطاكية. ورباه أحد الأمراء وأعتقه وجعله نقيبا فتصوف وتصدر بالمدرسة البيبرسية بالقاهرة. انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 1/ 239، كشف الظنون 1498، ذيل الكشف 2/ 121، الأعلام 1/ 70).

1625 ـ عبد الله بن محمد بن أبى بكر بن إبراهيم مجد الدين، أبو الطبرى المكى الشافعى

من مروياته، بل ذلك أولى بالذكر لما فيه من العلو. والله أعلم. 1625 ـ عبد الله بن محمد بن أبى بكر بن إبراهيم مجد الدين، أبو الطبرى المكى الشافعى: إمام المساجد الثلاثة، سمع بمكة على أبى الحسن علىّ بن المقير: سنن أبى داود، ومن شعيب الزعفرانى، وابن الجميزى، وابن منجال، وجماعة. ورحل وسمع بالقاهرة، من أبى القاسم عبد الرحمن بن الحاسب: جزء الذهلى، ورويناه من طريقه، ومن الشيخ عز الدين ابن عبد السلام، والحافظ بن رشيد الدين العطار وغيرهم. وسمع بدمشق من: مكى بن علان، وابن مسلمة، وجماعة. وخرج لنفسه: جزءا عن جماعة من شيوخه، سمع منه الوجيه الشيبى بالمدينة، فى محرم سنة ست وستين وستمائة. وسمع منه جماعة من الأعيان، منهم: البرزالى، وذكره فى معجمه. ومنه كتبت بعض هذه الترجمة، وقال: كان من أعيان الشيوخ جلالة وفضلا ونبلا. ووجدت بخط بعض أشياخه، لما قرأ عليه شيئا من الحديث فى سنة ستين وستمائة، ألقابا كثيرة، كتبها له، منها: المفتى بالحرم الشريف. فسألته عن ذلك، فذكر أنه كتب على الفتوى قبل ذلك بسنين، ورزقه الله الإمامة بالمساجد الثلاثة، فأم بمكة، ثم بالحرم النبوى، ثم بقبة الصخرة من بيت المقدس، وبه توفى يوم الأربعاء الثامن عشر من شوال سنة إحدى وتسعين وستمائة، وصلى عليه من الغد بالمسجد الأقصى، ودفن بمقبرة ماملا. وذكر أن مولده فى التاسع من شهر رمضان سنة تسع وعشرين وستمائة بمكة. انتهى. وذكره الذهبى فى تاريخ الإسلام، وقال: وعنى بالحديث، وكتب الأجزاء، وبرع فى الفقه، ودرس، وأفتى، وكان حسن السمت، كثير التلاوة والتعبد. انتهى. وذكره ابن رشيد فى رحلته، وقال: هذا الرجل، له فضل، وطيب نفس، وحسن خلق، ولقاء جميل، وبيت فى العلم أصيل، وله معرفة بتخريج الأحاديث. وقد خرج لنفسه جملة أجزاء، وألفيت بخط أصحابنا، فيما نقله من ديوان الإمام أبى الحسن على بن المظفر الوادعى ما نصه: وقال: وكتب بها إلى الشيخ بهاء الدين الطبرى إمام أهل الروضة النبوية، لما نقل إلى الإمامة بالمسجد على كره منه [من الكامل]:

1626 ـ عبد الله بن محمد بن أبى عبد الله محمد بن الرضى محمد بن أبى بكر ابن خليل العسقلانى المكى

أمفارق البيت الحرام مجاورا ... بالقدس ما لك قد ندمت عليه فالمسجد الأقصى عظيم شأنه ... ولذاك أسرى بالنبى إليه وهذان البيتان ذكرهما الوادعى ـ فيما قال من الشعر ـ سنة سبع وسبعين وستمائة. ويستفاد من هذا، ولايته الإمامة بالمسجد الأقصى فى هذا التاريخ. 1626 ـ عبد الله بن محمد بن أبى عبد الله محمد بن الرضى محمد بن أبى بكر ابن خليل العسقلانى المكى: سمع من القاضى تقى الدين الحرازى: نحو النصف الأول من ثمانين الآجرى، وأجاز له فى سنة ست وثلاثين وسبعمائة عيسى الحجى، والزين الطبرى، والآقشهرى، والجمال المطرى، وخالص البهائى، وجماعة. وما علمته حدث. وكان صالحا، مواظبا على حضور الجماعة، كثير الطواف، وله أوراد يداوم عليها. وكان سكن وادى مر مدة طويلة، ثم انتقل إلى مكة، وأقام بها حتى مات، فى شهر ربيع الآخر سنة خمس وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة، وقد بلغ السبعين أو جاوزها. 1627 ـ عبد الله بن محمد بن سليمان، عفيف الدين، أبو محمد المكى، المعروف بالنشاورى: وجدت بخطه أنه ولد سنة خمس وسبعمائة بمكة، وذكر لى من أعتمده من أصحابنا، أنه سمعه يقول: أخبر بأنه ولد فى السنة التى توفى فيها أبو نمى صاحب مكة، وهى سنة إحدى وسبعمائة، إلا أنه يكتب مولده فى سنة خمس وسبعمائة احتياطا. أجاز له فى سنة ثلاث عشرة: الدشتى، والقاضى سليمان، والمطعم، وابن مكتوم، وابن عبد الدائم، وابن سعد، وابن الشيرازى، وابن النشو، وابن مشرف، والقاسم بن عساكر، والحجاز، ووريرة، وخلق من دمشق، باستدعاء البرزالى، وابن خليل. وسمع من الرضى الطبرى: الكتب الستة، خلا سنن ابن ماجة، والثقفيات، والأربعين الثقفية، والأربعين البلدانية للسلفى، وجزء ابن نجيد، وعلى شمس الدين محمد بن عبد الله القاهرى، المعروف بابن شاهد القيمة كتاب «فضل الصلاة» لإسماعيل القاضى. وحدث بمكة كثيرا، وبالقاهرة أيضا، سمع منه شيخنا ابن سكر، قبل الستين وسبعمائة، وسمع منه جماعة من أعيان شيوخنا، وسمعت منه شيئا من سنن النسائى عن الرضى الطبرى، إجازة فى سنة تسع وثمانين وسبعمائة، بعد أن حصل له تغير قليل، لكنه

1628 ـ عبد الله بن محمد بن محمد بن على، الشيخ نجم الدين الأصبهانى

أجاز لى مروياته غير مرة. وكان حسن الطريقة بأخرة. توفى فى أول العشر الأول من ذى الحجة، سنة تسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وكانت وفاته فى اليوم الأول من ذى الحجة أو الثانى ـ فيما أظن ـ وهو خاتمة أصحاب الرضى الطبرى بالسماع. 1628 ـ عبد الله بن محمد بن محمد بن علىّ، الشيخ نجم الدين الأصبهانى: نزيل مكة، وجدت بخط محدث اليمن إبراهيم بن عمر العلوى: أنه روى عن عبد الله ابن رتن الهندى، عن أبيه، عن النبى صلى الله عليه وسلم حديثا فى فضل: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له» مائة مرة، وهو مخرج فى الصحيحين (1)، من رواية أبى هريرة رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم، وإسناده فى هذا الحديث باطل؛ لأن رتن الهندى كاذب فى دعواه الصحبة، كما يأتى بيانه فى ترجمة عبد الملك المرجانى، الآتى ذكره؛ لأنه رواه عنه، وقد أثنى عليه غير واحد من العلماء، منهم: البرزالى، لأنه قال: كان شيخا جليلا، فاضلا مشهورا، مقصودا، منقطعا عن الناس. انتهى. وذكره الصلاح الصفدى، وذكر شيئا من حاله؛ لأنه قال: صحب أبا العباس المرسى، وكان شيخا مهيبا وقورا عجيبا منقبضا عن الأنام، منجمعا فى ذاته بالحطيم، زاهدا فى الحطام، تفقه فى مذهب الشافعى فأتقنه، وبرع فى علم الأصول، فأثار فى معدنه، ودخل فى طريق الحب، ونزل منه فى جب، ثم قال: ولم يزل على حاله إلى أن عدم الحرم أنسه، وأتاه العدم الذى يعم نوعه وجنسه، ثم قال: جاور بضعا وعشرين سنة، وحج من مصر ولم يزر النبى صلى الله عليه وسلم، فعيب ذلك عليه مع جلالة قدره. وكان لجماعة عظيمة فيه اعتقاد زائد. وذكر اليافعى فى كتابه «الإرشاد والتطريز» من أخبار الشيخ نجم الدين الأصبهانى أشياء، وبعضها دال على عظم مقداره، ويحسن ذكرها هنا. ونص ما ذكره بعد أن ذكر حكاية عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام، فى اغتساله بماء بارد، قال: وكذلك الشيخ الجليل العارف نجم الدين الأصبهانى، روى عنه أنه اغتسل فى ماء بارد قد جمد، قال: وما عهدى بنفسى إلا حين دخلت فى الماء، ثم أفقت وأنا فى مسجد، وقد قرب إنسان إلىّ مجمرة نار يدفئنى بها.

_ 1628 ـ (1) أخرجه البخارى فى صحيحه باب فضل التهليل، برقم (6162)، وأخرجه مسلم فى صحيحه فى باب فضل التسبيح والتهليل والدعاء، برقم (6788).

وقال رضى الله عنه: قال لى فى بلاد العجم: إنك ستلقى القطب فى الديار المصرية، فخرجت لذلك، فبينما أنا فى بعض الطريق، إذ خرج علىّ جماعة فأمسكونى وكتفونى، وقالوا: هذا جاسوس، فقال بعضهم: نقتله. وقال بعضهم: لا. فبت مكتوفا وبقيت أفكر فى أمرى، وما بى جزع الموت، وإنما أن أموت قبل أن أعرف ربى؟ فنظمت أبياتا وضمنتها قول امرئ القيس، ومن جملة أبياته الذى ذكر، هذان البيتان [من الوافر]: وقد وطأت نعلى كل أرض ... وقد أتعبت نفسى باغترابى وقد طوفت بالآفاق حتى ... رضيت من الغنيمة بالإياب فما أتممت الإنشاد، حتى انقض علىّ رجل صفته كذا وكذا، كانقضاض البازى. وقال: قم يا عبد الله، فأنا مطلوبك، وحل كتافى. فلما قدمت الديار المصرية، سمعت بشيخ يقال له أبو العباس المرسى. فلما رأيته، عرفت أنه الذى أطلقنى، ثم تبسم وقال لى: لقد أعجبنى إنشادك وتضمينك، وقولك كذا وكذا ليلة أسرت. فصحبه ولازمه إلى أن توفى، ثم أمر الشيخ نجم الدين بالذهاب إلى مكة، فجاور بها إلى أن مات رضى الله عنه. قال: ومن كرامات الشيخ نجم الدين: أنى رأيته فى النوم بعد موته، وكنت مضرورا إلى حاجة تعسرت علىّ، ورأيت إنسانا بين يديه، والشيخ مقبل عليه يكلمه، ولم أدر بأى شيء يكلمه، فسلمت على الشيخ، ومشيت خلفه، وعرضت عليه شيئا فاستحسنه، أعنى جوابا أجبت به، ثم ودعته، وإذا قائل يقول لى: الظاهر أن الله يريد بك خيرا، ولكنك تحتاج إلى صبر؛ إذ الصبر من شأن الأجواد، فأبشر بكذا وكذا، يبشرنى بقضاء تلك الحاجة، ثم انتبهت وسررت بما رأيت، وخطر لى أن أبشر ذلك الإنسان الذى رأيت الشيخ يكلمه، بإقبال الشيخ عليه. وإذا به قد جاءنى بقضاء تلك الحاجة التى طلبتها، ففهمت أن الشيخ ما كان يكلمه إلا من أجلى، نفع الله به، وجزاه عنا أفضل الجزاء. وكان رحمه الله، صاحب همة عالية، وصورة حسنة حالية، ولحية مليحة طويلة، وهيبة فى القلوب، ومنزلة جليلة. وقال اليافعى أيضا، فى كتابه «الإرشاد»: وذكر الإمام أبو حامد الغزالى: أنه أدرك بعض الشيوخ بمكة، لا يحضر الصلاة فى المسجد الحرام، قال: فسألته عن سبب تخلفه، فذكر كلاما معناه: أنه يدخل عليه فى خروجه من الضرر، أكثر مما يدخل عليه من النفع.

قلت: ولذلك كان الشيخ نجم الدين الأصبهانى، يصلى مدة فوق جبل أبى قبيس (2) مقتديا بالإمام، مقلدا لبعض المذاهب. وكذلك أدركت سيدنا الشيخ أبا هادى المغربى، يصلى كذلك فى جبال مكة مقتديا بإمام الجماعة، فأنكر عليه أناس، فكان يقول: إذا جئت إليه، ما يقول هؤلاء المتعوبون؟ . انتهى. وذكره اليافعى في تاريخه. وذكر له كرامات. منها: أن الفقيه الإمام علىّ بن إبراهيم البجلى اليمنى، قال له فى بعض حجاته: تركت ولدى مريضا فلعل تراه فى بعض أحوالك، وتخبرنى كيف هو؟ فزيق الشيخ فى الحال، ثم رفع رأسه، وقال: ها هو قد تعافى، وهو الآن يستاك على سرير، وكتبه حوله، ومن صفته وخلقته كذا وكذا. وما كان رآه قبل ذلك. ومنها: أنه طلع يوما فى جنازة بعض الأولياء، فلما جلس الملقن عند قبره، ضحك الشيخ نجم الدين، ولم يكن الضحك له عادة، فسأله تلميذه عن ضحكه، فزجره، ثم أخبره بعد، أنه سمع صاحب القبر يقول: ألا تعجبون من ميت يلقن حيّا؟ . ومنها: أن شخصا من الأولياء يقال له الشيخ محمد البغدادى، كان يسكن فى رباط مراغة، قال له: لما رجعت من زيارة النبى صلى الله عليه وسلم إلى مكة، فكرت فى الشيخ نجم الدين وعتبت عليه فى قلبى، كونه لا يقصد المدينة الشريفة ويزور، قال: ثم رفعت رأسى، وإذا به فى الهواء مارّا إلى جهة المدينة: ونادى، يا محمد، كذا وكذا، وذكر كلاما نسيته. انتهى. وبهذه الحكاية، يجاب عن الشيخ نجم الدين، فى عدم إظهاره القصد إلى زيارة النبىصلى الله عليه وسلم؛ لأن الشيخ عليّا الواسطى، انتقد عليه ذلك، كما ذكر الذهبى والصفدى. وذكره الذهبى فى ذيل تاريخ الإسلام، فقال: الإمام القدوة شيخ الحرم. قال: وصحب أبا العباس المرسى وبرع فى الأصول، ودخل فى طريق الحب، صحبة الشيخ عماد الدين الحزامى، وكان شيخا مهيبا، منقبضا عن الناس. جاور بضعا وعشرين سنة. ولم يزر النبى صلى الله عليه وسلم، فعيب عليه ذلك، مع جلالة قدره. وكان لجماعة فيه اعتقاد عظيم، ثم قال: وقيل عنه أمر ما أدرى ما أقول فيه، أعاذك الله وإيانا من ترهات الصوفية، وخطرات أهل العناد، ووسواس ذوى الخلوات، التى تؤول بهم إلى الزندقة والشطح. انتهى.

_ (2) جبل أبى قبيس: أبو قابوس وأبو قبيس، اسمان لجبل مكة، ويقال: شيخ الجبال أبو قبيس، وقيل: ثبير. انظر: الروض المعطار 452، معجم ما استعجم 3/ 1040.

1629 ـ عبد الله بن الزين محمد بن محمد بن محمد بن على القسطلانى المكى

ووجدت بخط أبى حيان محمد بن يوسف النحوى، كتابا ألفه وسماه «النضار فى المسألة عن نضار» وهى ابنته، أنه اجتمع فى مكة بابن هود، أحد غلاة الاتحادية، وسلم عليه، وتحدثا زمانا، ثم جاء إلى ابن هود إثر ذلك وسلم عليه. فأظهر ابن هود أنه لم يعرفه، وأنه ما رآه قبل ذلك. قال: وهكذا عادة هؤلاء الزنادقة، يظهرون أنهم يغيبون ويحضرون. جرى لى مع بعضهم، وهو الذى سماه العامة: طاوس الحرم، لما أقام بمكة، وروى لهم الحديث الموضوع على رجل سمى: بأبى رتن. وذلك أنى رحلت إلى الإسكندرية سنة إحدى وتسعين وستمائة. وكان بها شخص كنا ندعوه نجم الدين الجرجانى، وكان يقرأ معنا على الشيخ شمس الدين الأصبهانى، شارح المحصول، وكان فيه انشراح وميل إلى الشباب. فذكروا أنه قعد أياما على قبر المرسى، فسرت إليه من القبر الأسرار الصوفية، فرحل إلى الإسكندرية وأقام بها. فلما علمت أنه بها، قصدته للسلام عليه، وتجديد عهد الصحبة. ولما سلمت عليه، قلت له: أما تعرفنى؟ فقال: لا. فقلت له: صاحبك أبو حيان! . فقال: لا أدرى من أبو حيان؟ . فقلت له: الذى كان يصحبك فى القراءة على الشيخ شمس الدين الأصبهانى! . فأنكر، وأنه لا يعرف من الأصبهانى! وكذا عادة هذه الطائفة، يكثر منهم البهتان والإنكار لمن يعرفونه، فبقيت أتعجب من إنكاره لى وإنكاره للشيخ شمس الدين الأصبهانى، ثم انتقل من الإسكندرية إلى مكة، وسمى بنجم الدين الأصبهانى، وترك الجرجانى، وصار من يقدم إلى مكة، يزوره ويتحفه، ويقبل يده، ويطلب منه الدعاء. انتهى. توفى ليلة الاثنين سادس عشر جمادى الآخرة سنة إحدى وعشرين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة، بقرب الفضيل بن عياض. نقلت وفاته من حجر قبره. وهكذا أرخ وفاته الذهبى، إلا أنه لم يذكر الليلة، وأرخها بالشهر. وذكر أنه ولد سنة ثلاث وأربعين وستمائة. وذكر فى العبر أنه مات عن ثمان وسبعين سنة. 1629 ـ عبد الله بن الزين محمد بن محمد بن محمد بن علىّ القسطلانى المكى: سمع من الرضى الطبرى، وما عرفت متى مات، إلا أنه عاش بعد أبيه، وقد سبقت وفاته.

1630 ـ عبد الله بن محمد بن أبى المكارم، نجم الدين الحموى

1630 ـ عبد الله بن محمد بن أبى المكارم، نجم الدين الحموى: ذكره البرزالى فى تاريخه، وقال: كان شيخا صالحا، أقام بمكة مدة طويلة، وصاهر الشيخ رضى الدين إمام المقام، وكان من أصحاب الشيخ نجم الدين الحكيم الحموى، ويحفظ عنه حكايات وأشياء حسنة. وذكر أنه توفى يوم الخميس الثامن من صفر سنة سبع عشرة وسبعمائة بمكة. ودفن من يومه بالمعلاة. انتهى. وهو والد الشيخ ضياء الدين الحموى المقدم ذكره. وقد كتب عنه جدى الشريف أبو عبد الله الفاسى، فوجدت بخطه: أنشدنى الشيخ الصالح أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبى المكارم الحموى، نزيل حرم الله تعالى بمكة المشرفة، يقول: سمعت شيخنا الإمام العارف نجم الدين عبد الله بن محمد بن أبى المكارم ينشد كثيرا [من الطويل]: ولما تلاقينا على الدار هللت ... ومالت إلى أن قلت خف وقارها وقالت لك البشرى انقضت مدة النأى ... وألقت عصاها واستقر قرارها ووجدت بخطه أيضا: أنه أخبره أن نجم الدين بن الحكيم هذا، توفى فى جمادى الآخرة سنة ثمان وسبعين وستمائة. 1631 ـ عبد الله بن محمد بن علىّ بن عثمان الأصبهانى الأصل المكى، يلقب بالعفيف بن الجمال، ويعرف بالعجمى: ذكر لى بعض أصحابنا المحدثين: أنه سمع شيئا من صحيح ابن حبان، على الجمال محمد بن أحمد بن عبد المعطى المكى. وما علمته حدث. وقد صحب بمكة واليمن، جماعة من الصالحين، ورافقهم، منهم: الشيخ أحمد الحرضى، بأبيات حسين باليمن ونواحيها، وأصحابه. وكان يذاكر بكثير من حكايات الصالحين، وبمسائل من الفقه، وعانى التجارة، فكان قليل الحظ فيها، وفيه مروءة وإكرام لمن يفد إلى الهدة ـ هدة بنى جابر ـ من أعمال مكة المشرفة. وكان له ملك بالجميزة منها، ويقيم به فى الصيف كثيرا. وتوفى فى عصر يوم الخميس سابع عشر جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة بكرة يوم الجمعة.

1632 ـ عبد الله بن محمد بن على، يلقب بالعفيف، ويعرف بالهبى

ومولده ـ ظنّا ـ فى سنة ثلاث وستين وسبعمائة، أو فى التى قبلها، أو فى التى بعدها. 1632 ـ عبد الله بن محمد بن علىّ، يلقب بالعفيف، ويعرف بالهبى: نزيل مكة، كان من أعيان التجار بعدن، وكان يتردد منها للتجارة إلى مكة، ثم استوطن مكة فى أوائل عشر التسعين وسبعمائة، أو قبل ذلك بقليل، وانتقل إليها بأولاده وعياله، وولد له بها عدة أولاد، وأقبل عليه صاحب مكة أحمد بن عجلان، ورعاه لذلك من بعده من أمراء مكة؛ لأنه كان يحسن إليهم بالكسوة والضيافة، ويتوسط بينهم الناس فيما يعرض لهم من الأمور، ثم قل ما بيده من المال، فنقل أولاد إلى اليمن، وأقام يعالج الزراعة فى أرض نافع من وادى نخلة الشامية؛ لأنه كان اشترى بها مزارع كثيرة ووجابا كثيرة من عينها، وكانت منقطعة، فأحياها حتى جرت، ثم انقطعت، وما رأى هذا الأمر يقوم بحاله، فسافر من مكة فى أوائل سنة سبع وتسعين، أو فى التى بعدها، فأدركه الأجل بأبيات حسين باليمن، بإثر وصوله إليها فى سنة سبع وتسعين. وكان ذا عقل ومروءة كثيرة وخير. والهبى: بباء موحدة قبل الياء. يستفاد مع ابن الهنى بالنون قبل الياء، راوى جامع الترمذى عن أبى الأخضر، ومن طريقه رويناه. 1633 ـ عبد الله بن مالك بن قشب الأزدى، ويقال الأسدى بالسكون، أبو محمد، المعروف بابن بحينة: حليف بنى المطلب. وبحينة أمه. وقيل: أم أبيه. والأول أصح، واسم أبيه الأرب وهو الحارث بن المطلب بن عبد مناف. وقيل: هى أزدية. أسلم عبد الله وأبوه قديما، وصحب النبى صلى الله عليه وسلم، ولعبد الله عنه أحاديث. وكان ناسكا فاضلا يصوم الدهر.

_ 1633 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1664، الإصابة ترجمة 4946، أسد الغابة ترجمة 3160، طبقات ابن سعد 4/ 342، مصنف ابن أبى شيبة 13/ 15782، تاريخ الدورى 2/ 327، مسند أحمد 5/ 344، تاريخ البخارى الكبير ترجمة 17، المعرفة ليعقوب 1/ 241، 2/ 213، 214، جامع الترمذى 2/ 237، ثقات ابن حبان 3/ 216، رجال صحيح مسلم لابن منجويه 86، موضع أوهام الجمع والتفريق 2/ 182، الجمع لابن القيسرانى 1/ 242، أنساب السمعانى 1/ 226، تهذيب النووى 1/ 261، تجريد أسماء الصحابة ترجمة 3515، نهاية السول 185، تهذيب التهذيب 5/ 381 ـ 382، تقريب التهذيب 1/ 444، خلاصة الخزرجى ترجمة 3764، تهذيب الكمال 15/ 508).

1634 ـ عبد الله بن محيرز بن حبان بن وهب بن لوذان بن سعد بن جمح بن عمرو بن هصيص بن لؤى بن غالب الجمحى المكى

وكان ينزل بطن رئم، على ثلاثين ميلا من المدينة. ومات به فى ولاية مروان الثانية، وهى من سنة أربع وخمسين، إلى ذى القعدة سنة ثمان وخمسين. 1634 ـ عبد الله بن محيرز بن حبان بن وهب بن لوذان بن سعد بن جمح بن عمرو بن هصيص بن لؤى بن غالب الجمحى المكى: نزيل بيت المقدس، روى عن أبى محذورة، مؤذن مكة، وهو ابن بنته، وعن عبادة بن الصامت، ومعاوية بن أبى سفيان، وفضالة بن عبيد، وأبى سعيد الخدرى، وغيرهم. روى عنه: أبو قلابة الجرمى، والزهرى، ومكحول، وحسان بن عطية، وغيرهم، روى له الجماعة. وقال الأوزاعى: من كان مقتديا، فليقتد بمثل ابن محيريز. وقال رجاء بن حيوة: والله إن كنا لنعد ابن محيريز إماما لأهل الأرض. وقال العجلى: ابن محيريز ثقة من خيار الناس. قال ضمرة بن زمعة: مات فى خلافة الوليد بن عبد الملك. وقال الهيثم وخليفة: مات فى خلافة عمر بن عبد العزيز. وذكره الذهبى فى العبر فى المتوفين سنة تسع وتسعين. فقال: وفيها إن شاء الله تعالى توفى عبد الله بن محيريز الجمحى. 1635 ـ عبد الله بن مخرمة بن عبد العزى العامرى، يكنى أبا محمد: هاجر الهجرتين، على ما ذكره الواقدى، وشهد بدرا وسائر المشاهد، واستشهد باليمامة، وهو ابن إحدى وأربعين سنة، ويروى أنه دعا الله عزوجل ألا يميته حتى يرى

_ 1634 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 7/ 447، طبقات خليفة ترجمة 2753، تاريخ البخارى 5/ 193، المعرفة والتاريخ 2/ 335، 264، الجرح والتعديل 2/ 168، الحلية 5/ 138، تاريخ ابن عساكر 29، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 287، تهذيب الكمال 340، تاريخ الإسلام 4/ 21، تذكرة الحفاظ 1/ 64، العبر 1/ 117، تهذيب التهذيب 2/ 185، البداية والنهاية 9/ 185، طبقات الحفاظ للسيوطى 27، خلاصة تهذيب التهذيب 214، شذرات الذهب 1/ 116، سير أعلام النبلاء 4/ 494). 1635 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1671، الإصابة ترجمة 4957، أسد الغابة ترجمة 3173، الثقات 3/ 236، الاستبصار 177، 297، الجرح والتعديل 5/ 153، تجريد أسماء الصحابة 1/ 333، أصحاب بدر 125، تاريخ الإسلام 3/ 46، التاريخ الصغير 1/ 34، 41، الطبقات الكبرى 3/ 599، 623).

1636 ـ عبد الله بن مسافع بن عبد الله الأكبر بن شيبة بن عثمان بن أبى طلحة المكى

فى كل مفصل منه ضربة فى سبيل الله تعالى، فضرب فى مفاصله. وكان فاضلا عابدا. 1636 ـ عبد الله بن مسافع بن عبد الله الأكبر بن شيبة بن عثمان بن أبى طلحة المكى: روى عن عمه مصعب بن شيبة بن عثمان، وعمته صفية بنت شيبة وعقبة، روى عنه منصور بن عبد الرحمن الجمحى، وابن جريج. وروى له أبو داود والنسائى حديثا فى السهو، مات مرابطا فى آخر سنة ثمان وتسعين. 1637 ـ عبد الله بن أبى مرة بن عوف بن السباق بن الدار بن قصى بن كلاب القرشى العبدرى: ذكره الزبير بن بكار، وقال: قتل مع عثمان رضى الله عنه فى الدار. 1638 ـ عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلى الزهرى، حليف بنى زهرة، أبو عبد الرحمن: أسلم فى أول الإسلام لما أسلم بن زيد، ولإسلامه قصة، وكان يلج على النبىصلى الله عليه وسلم ويلبسه نعليه، ويمشى أمامه ومعه، ويستره إذا اغتسل ويوقظه إذا نام. وقال له النبى صلى الله عليه وسلم: «إذنك علىّ أن ترفع الحجاب وأن تسمع سوادى ـ أى سرارى ـ حتى أنهاك» (1)،

_ 1636 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 228، الجرح والتعديل 5/ 176). 1637 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 2299). 1638 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1677، الإصابة ترجمة 4970، أسد الغابة ترجمة 3182، الثقات 3/ 208، الاستبصار 65، البداية والنهاية 7، أصحاب بدر 101، الجرح والتعديل 5/ 149، التحفة اللطيفة 2/ 415، تجريد أسماء الصحابة 1/ 334، تقريب التهذيب 1/ 450، تهذيب التهذيب 6/ 27، تاريخ الإسلام 3/ 215، التاريخ الصغير 1/ 60، عنوان النجابة 27، أزمنة التاريخ الإسلامى 1/ 738، الأعلام 4/ 137، بقى بن مخلد 8، الكاشف 2/ 130، صفوة الصفوة 1/ 2395، الوافى بالوفيات 17/ 104، الزهد الكبير 124، شذرات الذهب 1/ 32، العبر 1/ 25، الطبقات 16، معرفة القراء الكبار 1/ 33، غاية النهاية 1/ 458، سير أعلام النبلاء 1/ 461، حلية الأولياء 1/ 375، تذكرة الحفاظ 1/ 13، طبقات الحفاظ 1225، تهذيب الكمال 2/ 740، التاريخ لابن معين 2/ 47، التمييز والفصل 2/ 779، تاريخ بغداد 1/ 147، طبقات ابن سعد 3/ 106، طبقات الشيرازى 43، طبقات القراء للذهبى 1/ 33، النجوم الزاهرة 1/ 89، التبصرة والتذكرة 1/ 30). (1) أخرجه مسلم فى صحيحه برقم (2169) من طريق: أبو كامل الجحدرى وقتيبة بن سعيد كلاهما، عن عبد الواحد واللفظ لقتيبة حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا الحسن بن عبيد الله، حدثنا إبراهيم بن سويد، قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد، قال: سمعت ابن مسعود يقول: قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذنك على أن يرفع الحجاب وأن تستمع سوادى ـ

1639 ـ عبد الله بن مسلم بن هرمز المكى

وقال: «لو كنت مستخلفا ـ وفى رواية: مؤمرا ـ أحدا من غير مشورة لأمرت ابن أم عبد» (2) ـ وفى رواية: استخلف ـ وقال: «تمسكوا بعهد أم عبد». وقال حين ضحك أصحابه عليه لحموشة ساقيه: «ما يضحككم، لرجل عبد الله فى الميزان، أثقل من أحد. وأمر بأخذ القرآن عنه، وشهد له بالجنة مع العشرة، موضع أبى عبيدة، فى حديث إسناده حسن، على ما ذكره ابن عبد البر. وكان يعرف بصاحب السواد ـ وهو السرار ـ والسواك، وهاجر الهجرتين، وصلى إلى القبلتين، وشهد بدرا ـ وأجهز فيها على أبى جهل ـ وأحدا، والخندق، وبيعة الرضوان، وسائر المشاهد، واليرموك. كان مقدما فى الفقه، والعلم، والفتوى. وله فى ذلك اتباع. ومناقبه كثيرة. وسكن الكوفة فى آخر أمره، ثم عاد إلى المدينة، ومات بها. وقيل: مات بالكوفة. والأول أثبت، سنة ثلاثين، عن تسع وستين سنة. وأمه أم عبد بنت عبد ود، من هذيل أيضا. وكان قصيرا جدا، حتى قيل: إذا قام يعدل الرجل الطويل فى جلسته، والله أعلم. 1639 ـ عبد الله بن مسلم بن هرمز المكى: روى عن أبيه، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وعبد الرحمن بن سابط، وسعيد بن المسيب، وغيرهم. روى عنه: سفيان الثورى، وعبد الله بن نمير، وأبو عاصم النبيل، وغيرهم، روى له البخارى فى الأدب، وابن ماجة، وضعفه أحمد، وابن معين. وقال أبو حاتم: ليس بالقوى.

_ ـ حتى أنهاك». وحدثناه أبو بكر بن أبى شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير وإسحاق بن إبراهيم قال إسحاق: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن الحسن بن عبيد الله بهذا الإسناد مثله. وأخرجه ابن ماجة فى سننه حديث رقم (139). (2) أخرجه الترمذى فى سننه حديث رقم (3809) من طريق: سفيان بن وكيع، حدثنا أبى، عن سفيان الثورى، عن أبى إسحق، عن الحارث، عن على، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكر الحديث. 1639 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 164).

1640 ـ عبد الله بن مسلمة بن قعنب، أبو عبد الرحمن القعنبى المدنى

1640 ـ عبد الله بن مسلمة بن قعنب، أبو عبد الرحمن القعنبى المدنى: سمع من سعيد ـ حديثا واحدا ـ وحماد بن سلمة، وأفلح بن حميد، وسلمة بن وردان، والليث بن سعد، ومالك، وروى عنه الموطأ، ومن جماعة. روى عنه: البخارى، ومسلم، وأبو داود، وروى الترمذى والنسائى عن رجل عنه. وروى عنه أبو مسلم الكشى، وأبو خليفة، وهو خاتمة أصحابه، وخلق. قال أبو زرعة: ما كتبت عن رجل أجل فى عينى منه. وقال الفلاس: كان القعنبى مجاب الدعوة. وقال محمد بن عبد الوهاب الفراء: سمعتهم بالبصرة يقولون: القعنبى من الأبدال. قال أبو داود وغيره: مات القعنبى فى المحرم سنة إحدى وعشرين ومائتين. زاد ابن زبر فى وفياته، فقال: بمكة يوم الخميس لست خلون من المحرم. 1641 ـ عبد الله بن المسيب بن أبى السائب صيفى بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى العائذى: روى عن عمه عبد الله بن السائب قارئ مكة، وعمر بن الخطاب، وابنه عبد الله. وروى عنه: ابن أبى مليكة، ومحمد بن عباد بن جعفر. روى له أبو داود والنسائى حديثا واحدا، قرن فيه بغيره. وذكره ابن حبان فى الثقات. وذكره مسلم فى الطبقة الأولى من تابعى أهل مكة. وذكره الزبير بن بكار، بعد ذكر شيء من خبر أبيه، فقال: أخبرنى محمد بن إسحاق ابن محمد، عن أبيه، قال: رأيت عبد الله بن المسيب بن أبى السائب، مع عثمان يوم الدار، فجاء عمار بن ياسر، فحمله على ظهره، حتى دفعه إلى أمه التميمية، حبيبة بنت الحصين بن عبد الله بن أنس بن أمية بن عبد الله بن زيد بن دارم، وأمها ماوية بنت أبى حذيفة بن المغيرة. انتهى.

_ 1640 ـ انظر ترجمته: (طبقات ابن سعد 7/ 302، طبقات خليفة ترجمة 1957، تاريخ خليفة 28، 476، التاريخ الكبير 5/ 212، التاريخ الصغير 2/ 345، المعارف لابن قتيبة 5524، الجرح والتعديل 5/ 181، الانتقاء 61، ترتيب المدارك 1/ 397 ـ 399، الأنساب 3/ 208، 209، وفيات الأعيان 3/ 40، تهذيب الكمال 742، تهذيب التهذيب 2/ 188، تذكرة الحفاظ 1/ 383، العبر 1/ 382، 383، الكاشف 1/ 131، مرآة الجنان 2/ 81، الديباج المذهب 1/ 411، 412، طبقات الحفاظ 165، خلاصة تهذيب الكمال 215، شذرات الذهب 2/ 49، شجرة النور الزكية 1/ 57، سير أعلام النبلاء 10/ 257). 1641 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 173، الإصابة 4/ 227).

1642 ـ عبد الله بن المطلب بن عبد الله بن حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم

1642 ـ عبد الله بن المطلب بن عبد الله بن حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم: قال ابن أبى حاتم: له صحبة. وخطأه الذهبى فى ذلك. وقال الترمذى: لم يدرك النب صلى الله عليه وسلم، وله حديث فى فضل أبى بكر، وعمر، وله حديث عن أنس فى الاستعاذة من الهم والحزن. روى له النسائى. 1643 ـ عبد الله بن مطيع بن الأسود بن حارثة بن نضلة بن عوف بن عبيد ابن عويج بن عدى بن كعب بن لؤى بن غالب القرشى العدوى: ولد فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم. وروى عن أبيه. وروى عنه: ابنه إبراهيم، والشعبى، وعيسى ابن طلحة، وغيرهم. روى له مسلم. قال الزبير بن بكار: وأخبرنى عمى مصعب بن عبد الله، قال: استعمل ابن الزبير عبد الله بن مطيع على الكوفة، فأخرجه منها المختار، وأعطاه مائة ألف ليتجهز بها. وقال الزبير أيضا: كان من رجال قريش جلدا وشجاعة. أخبرنى عمى مصعب بن عبد الله، قال: كان على قريش يوم الحرة، وقتل مع ابن الزبير بمكة، وهو الذى يقول [من الرجز]: أنا الذى فررت يوم الحرة ... والشيخ لا يفر إلا مرة (1) يا حبذا الكرة بعد الفرة ... لأجزين كرة بفرة

_ 1642 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 239). 1643 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1679، الإصابة ترجمة 4979، 6207، أسد الغابة ترجمة 3190، طبقات ابن سعد 5/ 144، تاريخ خليفة 237، طبقات خليفة 234، تاريخ أبى زرعة 1/ 636، التاريخ الكبير 5/ 199، التاريخ الصغير 69، المعارف 395، تاريخ اليعقوبى 2/ 255، المحبر 147، أنساب الأشراف 1/ 16، أخبار القضاة لوكيع 1/ 154، مروج الذهب 1925، العقد الفريد 4/ 167، البصائر والذخائر 4/ 407، المعرفة والتاريخ 1/ 553، تحفة الأشراف 7/ 170، الكاشف 2/ 118، البداية والنهاية 8/ 345، تهذيب التهذيب 6/ 36، تقريب التهذيب 1/ 452، خلاصة تذهيب التهذيب 215، شذرات الذهب 1/ 80، الوافى بالوفيات 17/ 620، تاريخ الإسلام 2/ 469). (1) ورد فى الاستيعاب ترجمة 1679: أنا الذى فررت يوم الحرة ... والحر لا يفر إلا مرة

1644 ـ عبد الله بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحى، أبو محمد

وقال الزبير: حدثنى عمى مصعب بن عبد الله، قال: انهزم عبد الله بن مطيع يوم الحرة، فمر منتقبا بامرأة بالمدينة، فصاحت به: تفر وهذاك عبد الله بن مطيع، وقد أقام للناس الحرب! . قال عبد الله: ولا تدرى أنى هو. قال: ودخل عبد الله بن مطيع بيت امرأة فاختبأ فى رف، فدخل عليها رجل من أهل الشام، فراودها عن نفسها، فاستغاثت به، فقتله. فقالت له: بأبى أنت وأمى، من أنت؟ قال: لولا الرف لأخبرتك. انتهى. وذكر الواقدى، أن عبد الله بن مطيع، كان فى هذه الحرب أميرا على قريش فقط. وهذا يوافق ما ذكره مصعب. ونقل ابن عبد البر عن بعضهم: أن ابن مطيع كان أميرا على الناس كلهم يوم الحرة. ويوم الحرة المشار إليه، هو يوم كان فيه حرب بين أهل المدينة، ومسلم بن عقبة المرى، الذى يقال له: مسرف، لإسرافه فى قتل أهل المدينة، وذلك فى آخر ذى الحجة سنة ثلاث وستين من الهجرة. وعبيد فى نسبه: بفتح العين المهملة وكسر الباء الموحدة، وعويج: بفتح العين المهملة وكسر الواو. 1644 ـ عبد الله بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحى، أبو محمد: هاجر إلى الحبشة، وشهد بدرا، فيما ذكر النووى، وذكره ابن إسحاق فى البدريين. وتوفى سنة ثلاثين، وهو ابن ستين سنة، على ما قال الواقدى. ذكره أبو عمر، وقال: لا أحفظ لأحد من بنى مظعون رواية إلا لقدامة. ولم يذكره ابن قدامة، وهو عجب منه. 1645 ـ عبد الله بن معدان المكى، أبو معدان، ويقال عامر بن مرة: روى عن جدته، وطاوس، وعاصم بن كليب الجرمى، روى عنه: سعيد بن سفيان

_ 1644 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1680، الإصابة ترجمة 4980، أسد الغابة ترجمة 3191، الثقات 3/ 232، تجريد أسماء الصحابة 1/ 335، أصحاب بدر 122، تاريخ الإسلام 3/ 193، الأعلام 4/ 139، الوافى بالوفيات 17/ 622، الطبقات الكبرى 3/ 395، 399، الطبقات 25، سير أعلام النبلاء 1/ 163، طبقات ابن سعد 3/ 291، نسب قريش 393، طبقات خليفة 25). 1645 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 176).

1646 ـ عبد الله بن منصور بن محمد بن أحمد بن الحسن بن يوسف، الخليفة المستعصم بن المستنصر الظاهر بن الناصر العباسى

الجحدرى، ووكيع، وأبو نعيم، وغيرهم. روى له الترمذى. ذكره صاحب الكمال فى الأسماء، وذكره الذهبى فى الكنى، وبسط ترجمته أكثر. 1646 ـ عبد الله بن منصور بن محمد بن أحمد بن الحسن بن يوسف، الخليفة المستعصم بن المستنصر الظاهر بن الناصر العباسى: ولى الخلافة بعد أبيه خمسة عشر عاما، وأشهرا، حتى مات فى الحرم سنة ست وخمسين وستمائة، شهيدا مقتولا على أيدى التتر، هولاكو وأصحابه ببغداد، وهو خاتم الخلفاء بها. ومن المآثر المنسوبة إليه بمكة: عمارة بعض الجانب الشمالى من المسجد الحرام، ومسجد الراية بأعلى مكة. 1647 ـ عبد الله بن موسى بن عمر بن موسى بن يومن الزواوى، أبو محمد المقرئ: نزيل مكة، سمع بالقاهرة من الحافظين: تقى الدين بن دقيق العيد (1)، وتقى الدين عبيد بن محمد الإسعردى، ومن مؤنسة خاتون بنت العادل أبى بكر بن أيوب: الأحاديث السباعيات والثمانيات، تخريج ابن الظاهرى لها. وسمع بمكة من المفتى عماد الدين عبد الرحمن بن محمد الطبرى: صحيح مسلم، ومن الأمين محمد بن القطب القسطلانى: الموطأ، برواية يحيى بن يحيى، وعلى التوزرى: جامع

_ 1646 ـ انظر ترجمته فى: (صلة التكملة للحسينى 2/ 34، 35، مختصر التاريخ لابن الكازرونى 266، 280، خلاصة الذهب المسبوك 289، 291، تاريخ الإسلام 20/ 155، 156، دول الإسلام 2/ 121، العبر 230 ـ 231، فوات الوفيات 2/ 230 ـ 235، البداية والنهاية 13/ 204، العسجد المسبوك 630، تاريخ ابن خلدون 3/ 536، النجوم الزاهرة 7/ 63، تاريخ الخلفاء للسيوطى 464 ـ 477، شذرات الذهب 5/ 270 ـ 272، سير أعلام النبلاء 23/ 174). (1) محمد بن على بن وهب بن مطيع، أبو الفتح، تقى الدين القشيرى، والمعروف كأبيه وجده بابن دقيق العيد: قاض، من أكابر العلماء بالأصول، مجتهد، أصل أبيه من منفلوط (بمصر) انتقل إلى قوص، وولد له ابنه فى ينبع فنشأ بقوص، وتعلم بدمشق والإسكندرية ثم بالقاهرة. وولى قضاء الديار المصرية سنة 695 هـ‍، فاستمر إلى أن توفى بالقاهرة. له تصانيف منها «إحكام الأحكام» فى الحديث. انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 4/ 91، مفتاح السعادة 2/ 219، فوات الوفيات 2/ 244، شذرات الذهب 6/ 5، إحكام 1/ 14، خطط مبارك 14/ 135، الأعلام 6/ 283).

1648 ـ عبد الله بن المؤمل المخزومى العابدى المكى

الترمذى وغير ذلك. وحدث بالسباعيات والثمانيات، سمعها منه الآقشهرى، وغيره من شيوخنا. وقرأ القرآن بالروايات على العفيف الدلاصى. ذكره البرزالى فى تاريخه، نقلا عن العفيف المطرى، قال: كان يحفظ الموطأ، وكان مقرئا صالحا، زاهدا عفيفا. قدم الحجاز قبل التسعين وستمائة، وأقام بمكة أكثر من المدينة، إلى أن توفى ليلة الجمعة الثالث من شهر ربيع الأول، سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، وكان كثير الأمراض، ومن عباد الله الصالحين. انتهى. ويومن: بياء مثناة من تحت، وواو وميم ونون. 1648 ـ عبد الله بن المؤمل المخزومى العابدى المكى: قاضى مكة، سمع أباه، وأبا الزبير، وعبد الله بن أبى مليكة، وعكرمة، وعمرو بن معتب، وغيرهم. روى عنه: أبو عاصم النبيل، ومعن بن عيسى، وسعيد بن سالم القداح، والشافعى، وجماعة، روى له الترمذى، وابن ماجة. قال أحمد: كان قاضيا بمكة، وليس بذاك. وقال ابن معين: صالح الحديث. وقال مرة: ضعيف. وقال أبو حاتم: ليس بالقوى. ذكره ابن حبان فى الثقات. قال محمد بن سعد: مات بمكة سنة الحسين بفخ (1)، أو بعدها بسنة. والحسين المشار إليه، هو الحسين بن علىّ بن حسن بن حسن بن الحسن بن علىّ بن أبى طالب، خرج بالمدينة، وسار إلى مكة، فقتل بها فى نحو مائة نفس، فى سنة تسع وستين ومائة. وقد قدمنا ذكره فى بابه. 1649 ـ عبد الله بن ميمون بن داود المخزومى، المعروف بالقداح المكى، وقيل المدنى: روى عن جعفر بن محمد الصادق، ويحيى بن سعيد الأنصارى، وعبد العزيز بن أبى داود، وغيرهم.

_ 1648 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 175). (1) فخ: بالخاء المعجمة من فوق، من فجاج مكة، بينه وبين مكة ثلاثة أميال، وقيل: ستة أميال، وفخ كانت وقعة الحسين وعقبه. انظر: الروض المعطار 436، 437. 1649 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ الكبير 5/ 206، الضعفاء والمتروكين 64، الضعفاء للعقيلى 222، الجرح والتعديل 5/ 172، كتاب المجروحين والضعفاء 2/ 21، تهذيب الكمال 247، تهذيب التهذيب 2/ 191، ميزان الاعتدال 2/ 512، الكاشف 2/ 136، خلاصة تهذيب الكمال 216، سير أعلام النبلاء 9/ 320).

1650 ـ عبد الله بن نوح المكى

روى عنه: أحمد بن الأزهر، وزياد بن يحيى الحافى، وعبد الوهاب بن فليح، ومؤمل ابن إهاب، ويعقوب بن حميد بن كاسب، وغيرهم. روى له الترمذى حديثا واحدا. وهو حديث: «لا يؤمن مؤمن حتى يؤمن بالقدر» (1). وقال: هو منكر الحديث. وقال البخارى: ذاهب الحديث. وسئل عنه أبو زرعة، فقال: واهى الحديث. وقال ابن عدى: وعامة ما يرويه لا يتابع عليه. 1650 ـ عبد الله بن نوح المكى: عن عطاء بن أبى ميمونة، قال الأزدى: تركوه. 1651 ـ عبد الله بن نوفل بن الحارث بن المطلب الهاشمى، أبو محمد: أدرك النبى صلى الله عليه وسلم، ولم يحفظ عنه شيئا، على ما قال الواقدى. مات سنة أربع وثمانين على ما قال العدوى، قتل يوم الحرة. وذلك فى آخر ذى الحجة سنة ثلاث وستين. وهو أخو الحارث بن نوفل، الذى كان يشبه بالنبىصلى الله عليه وسلم. 1652 ـ عبد الله بن أبى نهيك المخزومى، وقيل عبيد الله: روى عن سعد بن أبى وقاص، حديث: «ليس منا من لم يتغن بالقرآن» (4)، روى عنه ابن أبى مليكة. روى له أبو داود. وذكره ابن حبان فى الثقات. وذكره مسلم بن الحجاج فى الطبقة الأولى من تابعى أهل مكة.

_ (1) أخرجه الترمذى فى سننه حديث رقم (2144) من طريق: أبو الخطاب زياد بن يحيى البصرى، حدثنا عبد الله بن ميمون، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه». قال أبو عيسى: وفى الباب عن عبادة وجابر وعبد الله بن عمرو وهذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن ميمون وعبد الله بن ميمون منكر الحديث. 1651 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1695، الإصابة ترجمة 5108، أسد الغابة ترجمة 3226، ذيل المذيل 88، الأعلام 4/ 142). 1652 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 253، الجرح والتعديل 5/ 183). (1) أخرجه البخارى (9/ 188) قال: حدثنا إسحاق. قال: حدثنا أبو عاصم. قال: أخبرنا ابن جريج. قال: أخبرنا ابن شهاب، عن أبى سلمة، عن أبى هريرة. فذكر الحديث.

1653 ـ عبد الله بن هشام بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى

1653 ـ عبد الله بن هشام بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى: ذكر ابن عبد البر، أنه يعد فى أهل الحجاز، وأن أمه زينب بنت حميد ذهبت به إلى النبى صلى الله عليه وسلم وهو صغير، فمسح برأسه ودعا له، ولم يبايعه، لصغره. وذكره ابن قدامة نحوه. وذكر المزى أنه روى عن النبى صلى الله عليه وسلم. وروى عنه: ابن ابنه أبو عقيل زهرة بن معبد القرشى. روى له البخارى وأبو داود. 1654 ـ عبد الله بن هلال بن عبد الله بن همام الثقفى: يعد فى المكيين، له عن النبى صلى الله عليه وسلم حديث واحد فى الزكاة. روى عنه عثمان بن عبد الله بن الأسود، ولم يذكر فى حديثه سماعا من النبىصلى الله عليه وسلم ولا رؤية. ووقع لنا عاليا جدا من طريق الطبرانى. وذكر ابن عبد البر، أن حديثه مرسل، وأنه من أهل مكة. 1655 ـ عبد الله بن وقدان القرشى العامرى، هو ابن السعدى على ما قيل. وقد سبق: 1656 ـ عبد الله بن الوليد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى: كان اسمه الوليد، فسماه النبى صلى الله عليه وسلم: عبد الله، على ما ذكر الزبير بن بكار؛ لأنه قال:

_ 1653 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1697، الإصابة ترجمة 5022، أسد الغابة ترجمة 3233، تهذيب الكمال 2/ 751، تهذيب التهذيب 6/ 63، تقريب التهذيب 1/ 458، خلاصة تهذيب الكمال 2/ 108، الكاشف 2/ 139، الجرح والتعديل 5/ 193، الثقات 3/ 246، تجريد أسماء الصحابة 1/ 339). 1654 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1698، الإصابة ترجمة 5023، أسد الغابة ترجمة 3234، تهذيب التهذيب 6/ 64، 126، تقريب التهذيب 1/ 458، 714 خلاصة تهذيب الكمال 2/ 180، الكاشف 2/ 139، الجرح والتعديل 5/ 193، تاريخ البخارى الكبير 5/ 26، تجريد أسماء الصحابة 1/ 339، الثقات 3/ 240، أسماء الصحابة الرواة ترجمة 850). 1655 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1700، الإصابة ترجمة 5038، أسد الغابة ترجمة 3243، تهذيب الكمال 2/ 688، تهذيب التهذيب 6/ 9، 135، الكاشف 2/ 91، تاريخ البخارى الكبير 3/ 27، الجرح والتعديل 5/ 187، الثقات 3/ 240، شذرات الذهب 1/ 61، تجريد أسماء الصحابة 1/ 314، الوافى بالوفيات 17/ 193). 1656 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1701، الإصابة ترجمة 5039، أسد الغابة ترجمة 3244).

1657 ـ عبد الله بن الوليد بن ميمون، القرشى الأموى

لما ذكر شيئا من خبر أبيه الوليد بن الوليد بن المغيرة: وكان اسم ابنه عبد الله: الوليد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما اتخذتم الوليد إلا حنانا، هو عبد الله». فأسماه عبد الله. وقال: حدثنى إبراهيم بن حمزة، قال: حدثنى إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس، عن أيوب ابن سلمة، عن أبان بن عثمان، قال: دخل الوليد بن الوليد بن الوليد بن المغيرة ـ وهو غلام ـ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «يا غلام، ما اسمك؟ ». قال: أنا الوليد بن الوليد بن الوليد ابن المغيرة. قال: «ما كادت بنو مخزوم إلا أن تجعل الوليد ربّا، ولكن أنت عبد الله». وذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب. وذكر خبر تسمية النبى صلى الله عليه وسلم لعبد الله، بمعنى ما ذكره الزبير باختصار. 1657 ـ عبد الله بن الوليد بن ميمون، القرشى الأموى: مولى عثمان بن عفان، المكى العدنى، سمع سفيان الثورى، والقاسم بن معن، وزمعة ابن صالح. روى عنه: أحمد بن حنبل، ومؤمل بن إهاب، ويعقوب بن حميد بن كاسب، ومحمد ابن المقرى، وغيرهم، روى له: أبو داود، والترمذى، والنسائى. قال أحمد: حديثه صحيح، ولم يكن صاحب حديث. وقال أبو زرعة: صدوق. وقال أبو حاتم: لا يحتج به. وذكر صاحب الكمال، أنه كان يقول: أنا مكى، وأنا عدنى. وقال الذهبى فى التذهيب: كان يقول: أنا مكى، فلم يقال لى عدنى؟ . انتهى. وهذا فيه مخالفة لما حكاه عنه صاحب الكمال. 1658 ـ عبد الله بن وهب الزهرى: قال ابن سعد: أسلم يوم الفتح، وأعطاه النبى صلى الله عليه وسلم وابنيه بحنين تسعين وسقا. هكذا ذكره الذهبى فى التجريد. ولم أر من ذكره سواه. وفى الترجمة إشكال، وهو إن كان إسلامه يوم الفتح، فيبعد إعطاء النبىصلى الله عليه وسلم له الأوسق بحنين؛ لأن إعطاء الأوسق إنما كان بخيبر، ولا يقال إن حنينا تصحيف، وأنها: بخيبر؛ لأنه صرح أن إسلامه كان يوم الفتح.

_ 1657 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 188). 1658 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 5/ 38، الأعلام 4/ 143، الجرح والتعديل 5/ 188).

1659 ـ عبد الله الأكبر بن وهب بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب القرشى الأسدى

1659 ـ عبد الله الأكبر بن وهب بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب القرشى الأسدى: قال الذهبى: لا تصح صحبته؛ لأن أباه يروى عن ابن مسعود. وذكر الكاشغرى نحوه. انتهى. وقال الزبير بن بكار: قتل يوم الدار مع عثمان بن عفان، وهو الذى يقول فى عثمان رضى الله عنه [من الطويل]: وآليت جهدا ألا أبايع بعده ... إماما ولا أرعى إلى قول قائل ولا أبرح البايين ما هبت الصبا ... بذى رونق قد أخلصته الصياقل حسام كلون الملح ليس بعايد ... إلى الجفن ما هبت رياح الشمائل فقاتلتهم عند ابن عفان إنه ... إمام هدى جاشت عليه القبائل 1660 ـ عبد الله بن لاحق المكى: روى عن: ابن أبى مليكة، وسعد بن عبادة الزرقى، وغيرهما. وروى عنه: ابن المبارك، ووكيع، وأبو نعيم، وغيرهم. روى له الجماعة، ووثقه ابن معين. كتبت هذه الترجمة من التذهيب ولم أره فى الكمال. 1661 ـ عبد الله بن ياسر العبسى: أخو عمار بن ياسر، أسلما مع أبويهما، وعذبا فى الله تعالى. ومات بمكة، كما ذكر صاحب الاستيعاب. 1662 ـ عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمن بن على بن الحسين، الشيبانى الطبرى، القاضى جمال الدين، أبو محمد، بن القاضى أبى المعالى: ولى القضاء والخطابة بمكة، ولم أدر متى مات، ولا متى كان ابتداء ولايته ولا انتهاؤها، إلا أنه كان قاضيا فى سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وفى سنة ثمان وتسعين، وفى سنة خمس وستمائة.

_ 1660 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 197). 1661 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1702، الإصابة ترجمة 5046، أسد الغابة ترجمة 3248).

1663 ـ عبد الله بن يحيى القرشى، المخزومى اليمنى، المعروف بابن الهليس

1663 ـ عبد الله بن يحيى القرشى، المخزومى اليمنى، المعروف بابن الهليس: كان من أعيان تجار اليمن. حج فى سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة، ثم رجع إلى اليمن، فأدركه الأجل بمرسى البضيع، سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة. ونقل إلى مكة، ودفن بها فى يوم السبت ثالث صفر فى السنة المذكورة. 1664 ـ عبد الله بن يزيد بن العمرى، مولاهم، مولى آل عمر بن الخطاب، أبو عبد الرحمن المقرى: نزيل مكة، روى عن: أبى حنيفة، وموسى بن علىّ بن رباح، وحرملة بن عمران التجيبى، وحيوة بن شريح، وسعيد بن أيوب، وكهمس بن الحسن، وطبقتهم. روى عنه: أحمد بن حنبل، وابن راهويه، وعلى بن المدينى، وابنه محمد بن أبى عبد الرحمن، والبخارى، وبشر بن موسى، وخلق، روى له الجماعة. وروى ابن المقرى: كان ابن المبارك إذا سئل عن أبى، قال: كان زرزدة، يعنى: ذهبا مضروبا خالصا. وقال محمد بن عاصم: سمعت المقرى يقول: أنا ما بين التسعين إلى المائة، وأقرأت القرآن بالبصرة ستا وثلاثين سنة، وبمكة خمسا وثلاثين سنة. قال الذهبى: وما علمت على من قرأ، ولعله قرأ على نافع، وعلى حمزة. وله اختيار فى القراءة، روى عنه ولده محمد. قال البخارى: مات بمكة سنة ثنتى عشرة أو ثلاث عشرة ومائتين. وقال مطين: مات سنة ثلاث عشرة. وهكذا قال ابن يونس فى تاريخ الغرباء، وزاد: فى رجب بمكة. وهكذا [ ...... ] (1) ابن زبر، إلا أنه لم يقل بمكة. وقال صاحب الكمال: أصله من ناحية البصرة، وقيل من ناحية الأهواز. ولهم: عبد الله بن يزيد المقرى المدنى، غيره، متقدم عليه، وفى الرواة جماعة غيرهما، يقال لهم: عبد الله بن يزيد.

_ 1664 ـ انظر ترجمته فى: (العبر 1/ 364، التراث 1/ 278، الأعلام 4/ 146). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1665 ـ عبد الله بن أبى نجيح يسار الثقفى، مولاهم، مولى الأخنس بن شريق الثقفى، أبو يسار المكى

1665 ـ عبد الله بن أبى نجيح يسار الثقفى، مولاهم، مولى الأخنس بن شريق الثقفى، أبو يسار المكى: مفتى مكة، روى عن أبيه أبى نجيح، وطاوس، ومجاهد، وعطاء، وعبد الله بن كثير القارئ، وسالم بن عبد الله، وغيرهم. روى عنه: عمرو بن شعيب ـ وهو أكبر منه ـ وهشام الدستوائى، وابن إسحاق، وشعبة، والسفيانان، وابن عيينة، وطائفة. ورى له الجماعة. ووثقه أحمد، وابن معين، وجماعة. وذكره الفاكهى فى فقهاء مكة، وقال: فحدثنا محمد بن أبى عمر قال: قالوا لسفيان: من كان يفتى بمكة بعد عمرو بن دينار؟ قال: ابن أبى نجيح. حدثنا ميمون بن الحكم الصنعانى، قال: حدثنا عبد الله بن إبراهيم عن أبيه قال: أدركتهم فى زمن بنى أمية يأمرون إلى الحاج صائحا يصيح: لا يفتى الناس إلا عطاء بن أبى رباح، فإن لم يكن عطاء، فعبد الله عن أبى نجيح. انتهى. وذكره الفاكهى أيضا فى عباد مكة. فقال: حدثنا ميمون بن الحكم الصنعانى، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله، عن أبيه قال: مرت بابن أبى نجيح ثلاثون سنة، لم يستقبل أحدا بكلمة يكرهها، ولم يمت حتى رأى البشرى. انتهى. قال ابن عيينة: مات سنة إحدى وثلاثين ومائة. وقال ابن المدينى: توفى سنة اثنتين وثلاثين. وذكر ابن زبر فى وفياته: أنه توفى سنة اثنتين وثلاثين ومائة بمكة. 1666 ـ عبد الله بن يسار الأعرج المكى، مولى ابن عمر: روى عن: سهل بن سعد، وسالم بن عبد الله. روى عنه: عمر بن محمد العمرى، وسليمان بن بلال، وإبراهيم بن أبى يحيى، وغيرهم. روى له النسائى. وذكره ابن حبان فى الثقات.

_ 1665 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ خليفة 339، طبقات خليفة 282، التاريخ الكبير 5/ 233، التاريخ الصغير 2/ 28 ـ 29 ـ 31، الجرح والتعديل 5/ 203، ثقات ابن حبان 3/ 141، الكامل فى التاريخ 5/ 445، تهذيب الكمال 749، تاريخ الإسلام 5/ 229، ميزان الاعتدال 2/ 515، العبر 1/ 173، تهذيب التهذيب 6/ 54 ـ 55، خلاصة تهذيب الكمال 217، سير أعلام النبلاء 6/ 125). 1666 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 202).

1667 ـ عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن خطاب ـ بخاء معجمة ـ القرشى السهمى المكى

1667 ـ عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن خطاب ـ بخاء معجمة ـ القرشى السهمى المكى: أجاز له مع أخيه محمد: الدشتى، والقاضى سليمان بن حمزة، والمطعم، وابن مكتوم، ابن عبد الدائم، وغيرهم، من دمشق فى سنة ثلاث عشرة، باستدعاء البرزالى وغيره، وما علمت له سماعا، ولا علمته حدث. وسألت عنه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، فقال: كان من مشايخ قريش، يقيم بأرض خالد، من وادى مر. توفى بعد السبعين وسبعمائة. انتهى. 1668 ـ عبد الله بن يوسف بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الغنى التميمى: أبو محمد، بن أبى الحجاج الفاسى المولد، الإسكندرى الدار، العدل، تفقه بالإسكندرية على مذهب الإمام مالك، وشهد بها، وسمع بها من الحافظ أبى طاهر السلفى. وحدث، وجاور بمكة سنين. وتوفى فى السادس والعشرين من ذى الحجة، سنة ثلاث وعشرين وستمائة بالإسكندرية وكان قدمها وله زيادة على عشرين سنة. ذكره المنذرى فى التكملة، وذكر أنه كتب إليه بالإجازة من الإسكندرية، ولم يسمع منه، مع كونه اجتمع به بمصر ـ وكان قدمها غير مرة ـ فقال: وكان شيخا صالحا، غزير الدمعة. 1669 ـ عبد الله بن يوسف بن يحيى بن زكريا بن علىّ بن أبى بكر بن يحيى ابن غازى الجعفر المكى، يلقب عفيف الدين، المعروف بالسفطى: ولى مباشرة بالحرم الشريف، ولم يكن مرضيا، والله يسمح له. وتوفى فى أثناء عشر التسعين ـ بتقديم التاء على السين ـ وسبعمائة. 1670 ـ عبد الله، المعروف بالشريطى الدمشقى: كان ذا ملاءة وافرة. تردد إلى مكة مرات للتجارة، فأدركه الأجل بها فى حادى عشر المحرم سنة ست وثمانمائة، ودفن بالمعلاة.

1671 ـ عبد الله البغدادى، المعروف بابن قسامة، التاجر الكارمى

1671 ـ عبد الله البغدادى، المعروف بابن قسامة، التاجر الكارمى: كان ذا ملاءة وافرة، وتنقل فى البلاد للتجارة، وأتى مكة من اليمن فى سنة ثمانمائة، وجاور بها، حتى حج فى سنة ثمان عشرة وثمانمائة، ومضى إلى ينبع خوفا من أن يلحقه بها تعب من الدولة. فإنها تغيرت بمكة فى هذا الموسم، فأدركه الأجل بينبع، فى أوائل سنة تسع عشرة وثمانمائة، وأظنه بلغ الستين أو قاربها. وله بمكة فلوس كثير صارت للدولة وبيعت برخص كثير، بحيث صار الدرهم المسعودى، يساوى مائة فلس. وكان قبل ذلك على نحو النصف. 1672 ـ عبد الله، المعروف بالحلبى، المكبر بمقام الحنفية: وكان مكبر إمام الحنفية بالحرم الشريف، وحصل له بذلك شهرة، واعتقد. وكان فيه خير. وتوفى فى ربيع الآخر، سنة أربع وتسعين وسبعمائة بمكة، عن سنّ عالية. 1673 ـ عبد الله الجوهرى: كان من أعيان التجار القادمين إلى مكة، وجاور بها سنين، وكان له بها دار، عند زيادة دار الندوة، ثم سافر عن مكة، وغاب عنها سنين كثيرة فى بلاد الهند، ثم عاد إليها فى سنة تسع وتسعين وسبعمائة، فيما أحسب. وأقام بها، حتى مات فى الثانى عشر من شعبان سنة ثمانمائة. وكان فيه خير وبر. وتولى عمارة عين بازان، فى سنة موته، من مال تصدق به الملك الظاهر برقوق صاحب مصر، فلم يتيسر جريانها على يده، وكان له فى مكة أولاد. 1674 ـ عبد الله المغربى، المعروف بالبجائى: كان رجلا مباركا، كثير التلاوة للقرآن العظيم، يجهر بذلك فى المسجد، وعلى قراءته أنس. توفى فى أوائل سنة ثلاث وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، بعد أن جاور بمكة سنين كثيرة، على طريقة حسنة. * * * من اسمه عبيد الله 1675 ـ عبيد الله بن أسامة بن عبد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد ابن عبد العزى بن قصى بن كلاب القرشى الأسدى: هكذا نسبه الزبير بن بكار، وقال: قتل مع ابن الزبير.

1676 ـ عبيد الله بن الحارث بن نوفل

1676 ـ عبيد الله بن الحارث بن نوفل: هكذا ذكره الذهبى. وقال النسائى: إسناده واه، وقال: عم ببة. وما ذكره من كونه عم ببة، فيه نظر؛ لأن ببة هو عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمى. ومقتضى ذلك، أن يكون المذكور عبيد الله بن نوفل، ولعله أخو ببة، فتصحف بعمه. وذكره الكاشغرى كالذهبى، وقال: له رواية، ولم يذكره ابن عبد البر، ولا ابن قدامة. 1677 ـ عبيد الله بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علىّ بن أبى طالب: أمير الحرمين، ذكر ابن جرير: أن المأمون ولاه الحرمين فى سنة أربع ومائتين، وحج بالناس فيها، وفى سنة خمس ومائتين، وسنة ست ومائتين. وذكر العتيقى فى أمراء الموسم ما يوافق ذلك؛ لأنه قال: وحج بالناس سنة أربع ومائتين، وسنة خمس، وسنة ست ومائتين. 1678 ـ عبيد الله بن الحسين بن عبيد الله بن العباس بن علىّ بن أبى طالب: وهو أمير الحرمين للمأمون. انتهى. وذكر الأزرقى أنه كان على مكة، لما جاءها السيل الذى بلغ الحجر الأسود، وذهب بناس كثير، وهدم دورا كثيرة مشرفة على الوادى، وذلك فى شوال سنة ثمان ومائتين. فاستفدنا من هذا، ولايته فى هذه السنة. وذكر الزبير شيئا من خبره، فقال: كان طاهر بن الحسين استعمله على وفد أهل المدينة، فى الذين وفدهم العباس بن موسى بن عيسى إلى المأمون بخراسان، فزاده فيهم طاهر بن الحسين، واستعمله عليهم. فلما شخص المأمون إلى بغداد، ولاه المدينة ومكة وعك وقضاءهن. فكان عليها سنين، ثم عزله عنها. فقدم عليه بغداد، فمات بها فى زمن أمير المؤمنين المأمون. انتهى. وذكر الفاكهى أمرا فعله عبيد الله هذا فى ولايته بمكة، ما سبق إليه؛ لأن الفاكهى قال فى الأوليات بمكة: وأول من فرغ الطواف للنساء بعد العصر، يطفن وحدهن لا يخالطهن الرجال فيه: عبيد الله بن حسن الطالبى، ثم عمل ذلك إبراهيم بن محمد فى إمارته. أخبرنى بذلك من فعل عبيد الله بن الحسين: أبو هاشم بن أبى سعيد بن محرز. انتهى.

_ 1676 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 394).

1679 ـ عبيد الله بن أبى زياد القداح، أبو الحصين المكى

وقال أيضا فى الأوليات: وأول من دق الأرحاء، ومنع الناس الطحن بمكة: عبيد الله ابن الحسن سنة غلاء السعر. انتهى. 1679 ـ عبيد الله بن أبى زياد القداح، أبو الحصين المكى: روى عن: أبى الطفيل، ومجاهد، سعيد بن جبير، وعبد الله بن عبيد بن عمير، وشهر ابن حوشب، والقاسم، وجماعة. روى عنه: أبو حنيفة، وأبو عاصم، والثورى، ويحيى بن سعيد، ووكيع، وعيسى بن يونس، وغيرهم. روى له: أبو داود، والترمذى، وابن ماجة. قال أحمد: ليس به بأس، وقال مرة: صالح. وقال ابن معين: ضعيف، وقال مرة: لا بأس به. وقال: ليس بشئ. ليس بينه وبين سعيد القداح نسب. وقال أبو حاتم: ليس بالقوى. وقال أبو الشيخ: مات سنة خمسين ومائة. 1680 ـ عبيد الله بن سعيد بن حاتم بن أحمد الوائلى البكرى الحافظ، أبو نصر السجزى: نزيل مكة، حدث عن أبى أحمد الحاكم، وأبى عمر بن مهدى، وأبى عبد الرحمن السلمى، وأحمد بن فراس العبقسى، وحمزة بن عبد العزيز المهلبى ـ ومن طريقه عنه، روينا المسلسل بالأولية ـ وجماعة من هذه الطبقة. وله رحلة إلى الشام، ومصر، وخراسان، والحجاز. وحدث عنه: أبو إسحاق الحبال، وأبو معشر الطبرى، وسهل بن بشر الإسفرائينى، وجماعة. وله كتاب «الإبانة الكبرى فى مسألة القرآن» دال على إمامته وبصره بالرجال والطرق، وكان مع ذلك زاهدا. فقد ذكر أبو إسحاق الحبال: أنه كان عنده يوما فى بيته، فدق الباب، ففتح أبو إسحاق، فدخلت امرأة فأخرجت كيسا فيه ألف فوضعته بين يدى أبى نصر، وقالت: أنفقها فيما ترى. فقال: ما المقصود؟ قالت: تزوجنى، ولا حاجة لى فى الزواج، ولكن لأخدمك، فأمرها بأخذ الكيس وأن تنصرف. فلما انصرفت، قال: خرجت من سجستان بنية طلب العلم، ومتى تزوجت، سقط عنى هذا

_ 1679 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 315). 1680 ـ انظر ترجمته فى: (الأنساب المتفقة 164، معجم البلدان 5/ 356، الاستدراك لابن نقطة 1/ 253، اللباب 3/ 352، تذكرة الحفاظ 3/ 1118 ـ 1120، المشتبه 1/ 354، العبر 3/ 206، 207، دول الإسلام 1/ 262، الجواهر المضية 2/ 495، تبصير المنتبه 2/ 727، تاج التراجم 29، طبقات الحفاظ 429، كشف الظنون 1/ 2، شذرات الذهب 3/ 271، 272، هدية العارفين 1/ 648، الرسالة المستطرفة 30، سير أعلام النبلاء 17/ 654).

1681 ـ عبيد الله بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى

الاسم، وما أوثر على طلب العلم شيئا. توفى فى المحرم سنة أربع وأربعين وأربعمائة بمكة. كتبت هذه الترجمة ملخصة من طبقات الحفاظ اللذهبى. 1681 ـ عبيد الله بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى: ذكره ابن عبد البر، وقال: قتل يوم اليرموك شهيدا، ولا أعلم له رواية. وهو: أخو هبار والأسود، وابن أخى أبى سلمة بن عبد الأسد. انتهى. وذكره الزبير فى أولاد سفيان بن عبد الأسد. وقال: قتل يوم اليرموك، وذكر أن أمه وأم أخيه هبار، وعمرو الآتى ذكرهما: ريطة بنت عبد بن أبى قيس بن عبد ود بن نصر ابن مالك بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى. 1682 ـ عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمى، أبو محمد: رأى النبى صلى الله عليه وسلم، وحفظ عنه على ما قال ابن سعد، وقيل: لم يحفظ. قاله يعقوب بن شيبة. روى له النسائى حديثا واحدا، وكان أصغر من أخيه عبد الله بسنة. ولى اليمن لعلىّ بن أبى طالب، وأمره على الموسم، فحج بالناس سنة ست وثلاثين، وسنة سبع، بأمر علىّ. فلما كانت سنة ثمان وثلاثين، بعثه على الموسم، وبعث معاوية يزيد بن سخبرة الرهاوى ليقيم الحج، فاجتمعا، وسأل كل منهما أن يسلم له صاحبه، فأبى، فاصطلحا على أن يصلّى بالناس شيبة بن عثمان. ولم يزل على اليمن، إلى أن بعث معاوية بسر بن أبى أرطاة. فتنحى عن ذلك. وقد تقدم فى ترجمة بسر، قتله لولدى عبيد الله بن العباس. وكان عبيد الله أحد الأجواد، وكان يسمى بنار القرى، وكان يطعم الناس كل يوم غداء وعشاء، وكان يعطى مائة ألف.

_ 1681 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1731). 1682 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1734، الإصابة ترجمة 5319، أسد الغابة ترجمة 3470، نسب قريش 27، طبقات خليفة ترجمة 1972، المحبر 17، 107، 146، التاريخ الصغير 1/ 142، مروج الذهب 3/ 370، جمهرة أنساب العرب 18، 19، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 312، تهذيب الكمال 881، تاريخ الإسلام 2/ 304، 3، 281، العبر 1/ 63، مرآة الجنان 1/ 130، البداية والنهاية 8/ 90، خلاصة تهذيب الكمال 212، شذرات الذهب 1/ 64، خزانة الأدب 3/ 256، 502، سير أعلام النبلاء 3/ 512).

1683 ـ عبيد الله بن عبد الله بن حسن بن جعفر بن حسن بن حسن بن على ابن أبى طالب

وروى ابن أبى الدنيا بسنده عن حميد بن هلال، أنه قال: تفاخر رجلان من قريش: هاشمى وأموى. فزعم كل منهما أن قومه أسخى، فافترقا على أن يسأل كل منهما قومه. فسأل الأموى عشرة من قومه، فأعطوه مائة ألف، وسأل الهاشمى عبيد الله بن العباس، فأعطاه مائة ألف، ثم سأل الحسن بن علىّ، فأعطاه مائة ألف وثلاثين ألفا، ثم سأل الحسين، فأعطاه مثل أخيه، وقال: لم أكن لأزيد على سيدى، ولو سألتنى قبل، أعطيتك أكثر من ذلك. فأخبر كل من الأموى والهاشمى الآخر بخبره. ففخره الهاشمى، ورجع إلى قومه، فأخبرهم الخبر، ورد عليهم المال، فأبوا. وقالوا: لم نكن نأخذ شيئا أعطينا. توفى سنة ثمان وخمسين. قال خليفة وغيره: وقيل توفى فى أيام يزيد بن معاوية. قاله الواقدى والزبير. وقيل: سنة سبع وثمانين، قاله جماعة، منهم: يعقوب بن شيبة، قال: وله تسع وثمانون سنة. قال الذهبى فى التذهيب، بعد حكايته لهذا القول: والذى بقى إلى بعد الثمانين، هو أخوه كثير بن العباس. واختلف فى موضع وفاته، فقيل: بالمدينة. قاله جماعة، وهو الأصح. وقيل: باليمن. قاله مصعب الزبيرى. 1683 ـ عبيد الله بن عبد الله بن حسن بن جعفر بن حسن بن حسن بن علىّ ابن أبى طالب: أمير مكة، ذكر الزبير بن بكار: أن المأمون ولاه الكوفة، ثم مكة، وأن أمه أم كلثوم بنت علىّ بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علىّ بن أبى طالب، رضى الله عنهم. 1684 ـ عبيد الله بن عبد الله بن المنكدر بن محمد بن المنكدر: ذكره ابن يونس فى تاريخ الغرباء القادمين إلى مصر، وقال: مدينى. سكن قوص (1) من صعيد مصر، وآخر من حدثنا عنه بقوص وبمصر: علىّ بن الحسن بن خلف بن قديد [ ....... ] (2) كان سماعى من عبيد الله المنكدرى بقوص، سنة خمس وأربعين ومائتين، ثم حج من عامه ذلك. وتوفى بمكة بعد الحج، فى ذى الحجة سنة خمس وأربعين.

_ 1684 ـ (1) قوص: بالضم ثم السكون، وصاد مهملة، وهى قبطية: وهى مدينة كبيرة عظيمة واسعة قصبة صعيد مصر، بينها وبين الفسطاط اثنا عشر يوما، وأهلها أرباب ثروة واسعة. انظر: معجم البلدان 4/ 413، نزهة الأمم 225، الروض المعطار 484، 485، الإدريسى 49، الاستبصار 85. (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1685 ـ عبيد الله بن عثمان بن إبراهيم الحجبى المكى

1685 ـ عبيد الله بن عثمان بن إبراهيم الحجبى المكى: روينا فى تاريخ الأزرقى، حكاية جرت له مع المهدى العباسى بمكة، ونصها: وأخبرنى غير واحد من مشيخة أهل مكة قالوا: حج المهدى أمير المؤمنين سنة ستين ومائة، فنزل دار الندوة، فجاء عبيد الله بن عثمان بن إبراهيم الحجبى بالمقام، مقام إبراهيم، فى ساعة خالية نصف النهار، مشتمل عليه، فقال للحاجب: ائذن لى على أمير المؤمنين، فإن معى شيئا لم يدخل به على أحد قبله، وهو يسر أمير المؤمنين، فأدخله عليه. فتكشف عن المقام، فسر بذلك، وتمسح به، وسكب فيه ماء، ثم شربه، وقال له: اخرج وأرسل إلى بعض أهله، فشربوا منه وتمسحوا به، ثم أدخل، فاحتمله ورده مكانه، وأمر له بجوائز عظيمة، وأقطعه خيفا بنخلة يقال له: ذات القوبع. فباعه من منيرة مولاة المهدى بعد ذلك، بسبعة آلاف دينار. انتهى. 1686 ـ عبيد الله بن عدى بن الخيار بن عدى بن نوفل بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى النوفلى: ولد على عهد النبى صلى الله عليه وسلم، وروى عن عمر وعثمان وعلىّ بن أبى طالب. روى عنه: حميد بن عبد الرحمن بن عوف، وعروة بن الزبير، وغيرهما. ذكره ابن سعد فى الطبقة الأولى من تابعى المدينة. وقال النووى فى التهذيب: أدرك النبى صلى الله عليه وسلم، ولم تثبت رؤيته. ذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب، على شرطه فى الصحابة. قال: وكان ثقة من كبار التابعين فقيها. ومات فى آخر خلافة الوليد بن عبد الملك. قاله خليفة. وكانت له زاوية عند دار علىّ بن أبى طالب، ووهم صاحب المهذب فى اسمه، فإنه قال: عبيد الله بن عبد الله.

_ 1686 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1736، الإصابة ترجمة 5323، أسد الغابة ترجمة 3472، التحفة اللطيفة 3/ 125، تجريد أسماء الصحابة 1/ 363، تهذيب التهذيب 7/ 36، التاريخ الكبير 5/ 391، المتحف 446، الكاشف 2/ 230، الطبقات الكبرى 5/ 249، الطبقات 231، طبقات خليفة ترجمة 1982، المحبر والتاريخ الكبير 5/ 391، المعرفة والتاريخ 1/ 411، الجرح والتعديل 5/ 329، الجمع بين رجال الصحيحين 1/ 303، تاريخ ابن عساكر 10/ 353، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 313، تهذيب الكمال 866، تاريخ الإسلام 4/ 30، البداية والنهاية 9/ 51، سير أعلام النبلاء 3/ 514).

1687 ـ عبيد الله بن عمر بن الخطاب العدوى

1687 ـ عبيد الله بن عمر بن الخطاب العدوى: ذكره ابن عبد البر. وقال: ولد على عهد النبى صلى الله عليه وسلم. ولا أحفظ له رواية ولا سماعا منه. وكان من أنجاد قريش وفرسانهم. وقتل بصفين مع معاوية، وكان على الخيل يومئذ. وسبب ميله إلى معاوية: أنه خاف من علىّ من أجل الهرمزان. وكان يقال إنه قتله فى زمن عثمان وعفى عنه، وقضية قتله له مضطربة على ما قال أبو عمر، وهو القائل [من الرجز]: أنا عبيد الله ينمينى عمر ... خير قريش من مضى ومن غبر حاشا نبى الله والشيخ الأغر وقال ابن قدامة: ذكروا أنه جئ ببغل، فحمل عليه ـ يعنى بعد قتله ـ فكانت يداه ورجلاه تخطان الأرض من فوق البغل. وأمه أم كلثوم بنت جرول الخزاعية. 1688 ـ عبيد الله بن عياض بن عمرو المكى: روى عن عائشة، وجابر، وأبى سعيد. روى عنه عمرو بن دينار. ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات. وذكر الذهبى: أن الزهرى، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، رويا عنه، وعلم عليه علامة البخارى، ولم أره فى الكمال. 1689 ـ عبيد الله بن قثم بن العباس بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمى: أمير مكة، هكذا نسبه صاحب الجمهرة، وذكر أنه ولى مكة للرشيد. وذكره ابن الأثير فى ولاة مكة للرشيد، وذكر ابن الأثير ما يقتضى أنه ولى مكة للمهدى؛ لأنه قال فى أخبار سنة ست وستين ومائة: وكان على مكة والطائف: عبيد الله بن قثم. وذكر ابن الأثير أيضا، ما يوهم أنه ولى مكة للهادى؛ لأنه قال فى أخبار سنة تسع وستين ومائة، بعد أن ذكر وقعة الحسين بن علىّ بن الحسن المقتول بفخ ظاهر مكة، يوم

_ 1687 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1737، الإصابة ترجمة 6255، أسد الغابة ترجمة 3473، ابن سعد 5/ 8، النووى 1/ 314، مقاتل الطالبيين 2، 13، الأخبار الطوال 180، الجمحى 488، الأعلام 4/ 195). 1688 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 329).

التروية من هذه السنة، وكان على مكة والطائف عبيد الله بن قثم. انتهى. وإنما كان هذا موهما لولاية عبيد الله بن قثم على مكة فى زمن الهادى؛ لأنه يحتمل أن يكون كان على مكة فى أول السنة، ويحتمل أن يكون كان عليها فى آخر السنة، وعليه يصح أن يكون وليها للهادى، وعلى الأول يكون وليها للمهدى، فإن خلافته دامت إلى ثمان بقين من المحرم سنة تسع وستين ومائة. وذكر الزبير بن بكار: أنه كان واليا على اليمامة وعلى مكة. انتهى. وذكر الفاكهى عبيد الله بن قثم هذا، فيمن مات بمكة من الولاة. وذكر الفاكهى مناما عجيبا، رآه عبيد الله بن قثم، يحسن إثباته هنا. ونص ما ذكره: وقال: فى وجه شعب الخوز، دار لبابة بنت علىّ، ومحمد بن سليمان بن علىّ. وفى هذه الدار كان يسكن عبيد الله بن قثم، وهو يومئذ والى مكة، مع زوجته لبابة بنت علىّ، وفيها رأى الرؤيا التى أفزعته. حدثنا أبو يحيى عبد الله بن أحمد، قال: حدثنا أبو يحيى عبد الله بن أحمد، قال: حدثنا خالد بن سالم مولى ابن صيفى المكى، قال: أخبرنى إبراهيم بن سعيد بن صيفى المخزومى ـ وكان صديقا لعبيد الله بن قثم ـ قال: أرسل إلى عبيد الله بن قثم، وهو أمير مكة نصف النهار، وكان نازلا ببئر ميمون ففى دار لبابة بنت علىّ زوجته وهى معه، فأتيته وهو مذعور. فقال: يا أبا إسماعيل، إنى والله رأيت عجبا فى قائلتى: خرج إلىّ وجه إنسان من هذا الجدار، فقال: بينما الحى وافرون بخير ... حملوا خيرهم على الأعواد أنا والله ميت. قال: قلت: هذا من الشيطان، قال: لا والله. قال: قلت: فيعنى غيرك؟ قال: من؟ قلت: لعل غيرك. قال: كأنك تعرض بلبابة بنت علىّ، وهى والله خير منى. قال: فو الله ما مكثنا إلا شهرا أو نحوه، حتى ماتت لبابة. فقال لى: يا أبا إسماعيل، هو ما قلت. قال: ثم أقمنا سنة، فأرسل إلى مثل ذلك الوقت، فأتيته. فقال: قد والله خرج إلى ذلك الوجه بعينه، فقال: بينما الحى وافرون بخير ... حملوا خيرهم على الأعواد أنا والله ميت! . قلت: لا، إن شاء الله. قال: ليس هاهنا لبابة أخرى تعللنى بها! قال: فمكثنا شهرا أو نحوه، ثم مات. وحدثنى أبو عبيدة محمد بن محمد بن خالد المخزومى، قال: أخبرنى زكريا بن زكريا ابن مسلم بن مطر وغيره: أن عبيد الله بن قثم، وهو يومئذ والى مكة، قال: رأيت فى منامى أن رجلا واقفا بين يدى، فقال:

1690 ـ عبيد الله بن محمد بن صفوان بن عبيد الله بن عبد الله بن أبى بن خلف القرشى الجمحى المكى القاضى

بينما الحى وافرون بخير ... حملوا خيرهم على الأعواد قال: فظننت أنه يعنينى بذلك، وقلت: نعيت إلى نفسى، ثم ذكرت أن لبابة على بن عبد الله بن عباس زوجته. فقلت: إنها خير منى، وإنها التى تموت. فأقمت شهرين أو ثلاثة بذلك، ثم ماتت. فأقمت بعدها شهرا أو نحوه. فإذا بذلك الرجل قد مثل بين يديى فقال: فقل للذى يبغى خلاف الذى مضى ... تأهب لأخرى بعدها فكأن قد قال: فبعث حين رأى ذلك، إلى إبراهيم بن سعيد بن صيفى، وأبى زكريا بن الحارث ابن أبى مسرة، فذكر لهما. فتوجعا له. وقالا له: يقيك الله أيها الأمير. قال: فلم يلبس إلا يسيرا حتى مات، وأوصى إلى يحيى بن عمر الفهرى، وكان على شرطته. قال أبو عبيدة: وكان يسكن فى دار لبابة بنت علىّ زوجته، حذاء شعب الخوز، وفيها رأى الرؤيا. انتهى. 1690 ـ عبيد الله بن محمد بن صفوان بن عبيد الله بن عبد الله بن أبى بن خلف القرشى الجمحى المكى القاضى: ولى قضاء بغداد، زمن المنصور، وقضاء المدينة زمن المهدى بن المنصور، وبها مات. واستخلف عليها ابنه عبد الأعلى. 1691 ـ عبيد الله بن محمد بن عبيد الله بن عمر بن الخطاب: قاضى مكة، هكذا ذكره ابن المقرى فى معجمه، فى أثناء سند حديث رواه عن فهد ابن شبل بن فهد التسترى، عنه، عن الزبير بن بكار. 1692 ـ عبيد الله بن محمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب: هكذا نسبه ابن يونس فى تاريخ الغرباء القادمين إلى مصر [ ...... ] (1) وقال: يكنى أبا بكر، مكى. قدم مصر وحدث بها. توفى سنة ثلاث وتسعين ومائتين. انتهى. 1693 ـ عبيد الله بن محمد بن يزيد بن خنيس المخزومى، أبو يحيى المكى: روى عن أبيه، وإسماعيل بن أبى أويس. روى عنه: مسلم، وعبد الكريم الدير

_ 1692 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1694 ـ عبيد بن مسلم القرشى، ويقال الحضرمى

عاقولى، وعبد الله بن محمود، خال أبى الشيخ، وأبو العباس محمد بن إسحاق السراج، وغيرهم. وقال: يكنى أبا يحيى. مات سنة ثنتين وخمسين ومائتين. وخنيس: بخاء معجمة ونون، وبالمثناة من تحت وسين مهملة. يستفاد مع حبيش، بحاء مهملة وبالمثناة من تحت وشين معجمة، عرفه بذلك. 1694 ـ عبيد بن مسلم القرشى، ويقال الحضرمى: مذكور فى الصحابة، ذكره هكذا، أبو عمر بن عبد البر، وقال: لا أقف على نسبه فى قريش، وفيه نظر. روى عنه: حصين. وقد قيل إنه عبيد بن مسلم الذى روى عنه حصين. وإن كان، فهو أسدى من أسد قريش. وقال الذهبى: عبيد الله بن مسلم. وقيل: مسلم بن عبيد. وقيل: عبيد بن مسلم. وقيل: عن أبيه، حديثه عند علىّ بن سعيد الغسانى. 1695 ـ عبيد الله بن معمر بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى: ذكره أبو عمر بن عبد البر، وقال: صحب النبى صلى الله عليه وسلم، وكان من أحدث أصحابه سنّا، كذا قال بعضهم، وهذا غلط، ولا يطلق على مثله، أنه صحب النبى صلى الله عليه وسلم لصغره، ولكنه رآه، ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غلام، واستشهد بإصطخر، مع عبد الله بن عامر بن كريز، وهو ابن أربعين سنة، وكان على مقدمة الجيش يومئذ. روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما أعطى أهل بيت الرفق إلا نفعهم، ولا منعوه إلا ضرهم». روى عنه: عروة بن الزبير، ومحمد بن سيرين، وهو القائل لمعاوية رضى الله عنه (3) [من الطويل]: إذا أنت لم ترخ الإزار تكرما ... على الكلمة العوراء من كل جانب فمن ذا الذى نرجو لحقن دمائنا ... ومن ذا الذى نرجو لحمل النوائب

_ 1694 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1740، الإصابة ترجمة 5331، أسد الغابة ترجمة 3478). 1695 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1741، الإصابة ترجمة 5333، أسد الغابة ترجمة 3480). (1) الأبيات فى الاستيعاب ترجمة 1741.

1696 ـ عبيد الله بن أبى مليكة ـ واسم أبى مليكة: زهير ـ بن عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن تيم بن مرة القرشى التيمى

وابنه عمر بن عبيد الله بن معمر، أحد أجواد العرب وأنجادها، وهو الذى مدحه العجاج بأرجوزته، وشهد فتح كابل (2) مع عبد الرحمن بن سمرة. وسبب موته، أن ابن أخيه عمر بن موسى، خرج مع ابن الأشعث، فأخذه الحجاج، فبلغ ذلك عمه، وهو بالمدينة، فخرج يطلب فيه إلى عبد الملك. فلما بلغ ضميرا على خمسة عشر ميلا من دمشق، بلغه أن الحجاج ضرب عنقه، فمات كمدا عليه. فقال الفرزدق (3): يا أيها الناس لا تبكوا على أحد ... بعد الذى بضمير وافق القدرا وكان سنه حين مات ستين سنة. انتهى كلام أبى عمر. وقال ابن قدامة: وذكر أن الخوارج تذاكروا من تولى قتالهم، فقال قطرى ـ يعنى ابن الفجاءة ـ: إن ولى عليكم عمر بن عبيد الله، فهو فارس العرب، يقدم ولا يبالى عليه أم له. قال: وهو الذى اشترى الجارية بمائة ألف. فقال مولاها مودعا: عليك سلام الله لا زيارة بيننا ... ولا وصل إلا أن يشاء ابن معمر فقال: قد شئت، هى لك وثمنها. 1696 ـ عبيد الله بن أبى مليكة ـ واسم أبى مليكة: زهير ـ بن عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن تيم بن مرة القرشى التيمى: ذكره الذهبى، فقال: عبيد الله بن أبى مليكة، والد الفقيه عبد الله الغسانى، وجده له صحبة. وذكر الكاشغرى نحوه، وقال: له رواية. 1697 ـ عبد الباقى بن عبد المجيد بن عبد الله بن أبى المعالى متى ـ بتاء مثناة من فوق ـ بن أحمد المخزومى، تاج الدين أبو المحاسن اليمانى: كان ذا مكارم ومعرفة بفنون من العلم، وله نظر ونثر حسن، وخطب بليغة، وتآليف، منها: مختصر الصحاح، وشرح ألفاظ الشفا، وكتاب بهجة الزمن فى تاريخ اليمن. وكان ورد إلى دمشق أيام نيابة الأفرم عليها، وأقام فيها متصدرا بالجامع، يقرئ الطلبة المقامات الحريرية، والعروض، وغير ذلك من علوم الأدب. وقرر له على ذلك

_ (2) كابل: هى من ثغور خراسان. وقيل: فى بلاد الترك. وقيل: من مدن الهند المجاورة لبلاد طخارستان. انظر: الروض المعطار فى 489، معجم ما استعجم 4/ 1108، الإدريسى 71، اليعقوبى 291، الكرخى 157، ابن حوقل 375، المقدسى 304، الزهرى 30، تقويم البلدان 468، ابن بطوطة 392، حدود العالم 11، 346، معجم البلدان 4/ 242. (3) لا يوجد هذا البيت فى ديوان الفرزدق.

مائة درهم كل شهر على ما للجامع الأموى، ثم رجع إلى اليمن، ونال بها رئاسة عند صاحبها المؤيد بن المظفر، وكتب له الدرج، وربما وزر له. فلما مات المؤيد، صودر وجرت عليه خطوب من المجاهد بن المؤيد؛ لأنه لايم الظاهر ابن المنصور أيوب بن المظفر، الثائر على المجاهد، ثم انتقل إلى الحجاز، وأقام بها مدة. وكان قد أقام بمكة قبل ذلك ثمان سنين مع أبيه، على ما ذكر الجندى فى تاريخه، ثم قصد مصر فى سنة ثلاثين وسبعمائة. وولى بها تدريس المشهد النفيسى، وشهادة البيمارستان المنصورى، ثم تحول إلى القدس وتولى بها تصديرا، ثم تحول إلى القاهرة فى آخر سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، وأقام بها حتى مات فى ليلة التاسع والعشرين من شهر رمضان سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، ودفن بمقبر الصوفية. وقيل: توفى بالقدس. ومولده فى ثانى عشر صفر سنة ثمانين وستمائة بعدن، على ما ذكر الجندى فى تاريخ اليمن، وهو أقعد بمعرفته. وإنما ذكرنا ذلك، لأن البرزالى، ذكر أنه ولد بمكة. وقد تبعه فى ذلك غير واحد، وقد كتب عنه البرزالى وغير واحد من الفضلاء، منهم الشيخ أبو حيان النحوى، وأثنوا عليه. ومن شعره، ما أنشدناه غير واحد من أشياخنا، منهم: أبو الخير محمد بن الزيد بن أحمد بن محمد المكى، بقراءتى عليه بمكة، عنه إجازة [من الطويل]: لعل رسولا من سعاد يزور ... فيشفى ولو أن الرسائل زور يخبرنا عن غادة الحى هل ثوت ... وهل ضربت بالرقمتين خدور وهل سنحت فى الروض غزلان عالج ... وهل أئلة بالسايرات مطير ديار لسلمى جادها واكف الحيا ... إذا ذكرت خلت الفؤاد يطير كأن غنا الورقاء من فوق دوحها ... قيان وأوراق الغصون ستور تمايل فيها الغصن من نشوة الصبا ... كأن عليه للسلاف مدير متى أطلعت فيه الغمائم أنجما ... تلوح ولكن بالأكف تغور إذا اقتطفتها الغانيات رأيتها ... نجوما جنتها فى الصباح بدور وفى الكلة الوردية اللون غادة ... أسير لديها القلب وهى تسير بعيدة مهوى القرط أما أثيثها ... فصاف وأما خطوها فقصير من العطرات العرف مازان فرقها ... ذرور ولا شاب الثياب بخور حمتها كماة من فوارس عامر ... ضراغمة يوم الهياج ذكور فما الحب إلا حيث يشتجر القنا ... وللأسد فى أرجائهن زئير

ومن شعره ما رويناه بالإسناد السابق [من الرجز]: تملى على خلخالها شكاية ... من ردفها مرفوعة عن خصرها يا حبذا منها أصيل وصلها ... لو لم ينغصه هجير هجرها سارت بها فوارس من وائل ... قد أطلعت كواكبا من سمرها والليل مثل غادة زنجية ... قد زانها عشاقها بدرّها * * * آخر الجزء الرابع، ويليه بإذن الله الجزء الخامس، أوله: «من اسمه عبد الجبار»

فهرس محتويات الجزء الرابع من العقد الثمين

من اسمه عبد الجبار

بسم الله الرّحمن الرّحيم من اسمه عبد الجبار 1698 ـ عبد الجبار بن إبراهيم بن أبى عمرو عبد الوهاب بن أبى عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة العبدى، أبو نصر الأصبهانى: شيخ الحرم، سمع جده أبا عمرو، وعم أبيه أبا القاسم، وببغداد من أبى الخطاب بن البطر، وأبى عبد الله الحسين بن طلحة النعالى، وحدث. روى عنه أبو موسى المدينى، وقال: شيخ الحرم سنين عديدة، وقدم علينا سنة عشرين وخمسمائة، كما قال الذهبى، فى تاريخ الإسلام. قال: ومولده فى ربيع الأول سنة ثمان وستين وأربعمائة، فعلى هذا يكون سماعه على عم أبيه حضورا. 1699 ـ عبد الجبار بن العلاء بن عبد الجبار الأنصارى، مولاهم، أبو بكر البكرى نزيل مكة، العطار: روى عن أبيه، ومروان بن معاوية، وسفيان بن عيينة، ووكيع، وروى عنه: مسلم، والنسائى، ووثقه، وأبو العباس السراج، وابن خزيمة، وابن صاعد، وخلق. وقال ابن خزيمة: ما رأيت أسرع قراءة منه ومن بندار. قال السراج مات سنة ثمان وأربعين ومائتين فى أول جمادى الأولى. وذكر ابن زبر: أنه توفى فى هذه السنة بمكة. 1700 ـ عبد الجبار بن الورد، المخزومى، مولاهم، أبو هاشم المكى: أخو وهيب بن الورد، روى عن ابن أبى مليكة، وعطاء، وعمرو بن شعيب، والقاسم بن أبى بزة، وأبى الزبير.

_ 1699 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ الكبير 6/ 109، التاريخ الصغير 2/ 387، الجرح والتعديل 2/ 32، 33، تهذيب الكمال 763، العبر 1/ 451، تهذيب التهذيب 2/ 199، شذرات الذهب 2/ 118، سير أعلام النبلاء 11/ 401). 1700 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 31).

1701 ـ عبد الجبار بن يوسف بن صالح البغدادى

روى عنه: أحمد بن محمد الأزرقى، ووكيع، وعبد الأعلى، وحماد، وغيرهم. روى له أبو داود (1)، والنسائى (2)، وكناه بأبى هاشم، ووثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم. 1701 ـ عبد الجبار بن يوسف بن صالح البغدادى: شيخ الفتوة، وحامل لوائها، ذكره ابن البزورى فى ذيل المنتظم. وذكر أنه تحلى بالعفة والدين وتفرد بالعصبية والمروءة وشرف النفس والأبوة. انقطع إلى عبادة الله تعالى، بموضع اتخذه لنفسه وبناه، فاستدعاه الإمام الناصر لدين الله ـ يعنى العباسى ـ إليه، فلذلك صار المعول عليه. وذكر أنه خرج حاجّا فى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، فأدركه الأجل بالمعلاة، ودفن بها.

_ (1) أخرجه أبو داود فى سننه، كتاب الصلاة، حديث رقم (1258) من طريق: عبد الأعلى بن حماد حدثنا عبد الجبار بن الورد قال: سمعت ابن أبى مليكة يقول: قال عبيد الله ابن أبى يزيد: مر بنا أبو لبابة فاتبعناه حتى دخل بيته فدخلنا عليه فإذا رجل رث البيت رث الهيئة فسمعته يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس منا من لم يتغن بالقرآن. قال: فقلت لابن أبى مليكة: يا أبا محمد، أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت؟ قال: يحسنه ما استطاع. حدثنا محمد بن سليمان الأنبارى قال: قال وكيع وابن عيينة: يعنى يستغنى به. (2) وأخرج النسائى فى الصغرى، فى كتاب الجنائز، (1835) من طريق: سليمان بن منصور البلخى قال: حدثنا عبد الجبار بن الورد سمعت ابن أبى مليكة يقول: لما هلكت أم أبان حضرت مع الناس فجلست بين عبد الله بن عمر وابن عباس فبكين النساء، فقال ابن عمر: ألا تنهى هؤلاء عن البكاء، فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه. فقال ابن عباس: قد كان عمر يقول بعض ذلك، خرجت مع عمر حتى إذا كنا بالبيداء رأى ركبا تحت شجرة، فقال: انظر من الركب، فذهبت فإذا صهيب وأهله فرجعت إليه، فقلت: يا أمير المؤمنين، هذا صهيب وأهله، فقال: علىّ بصهيب، فلما دخلنا المدينة أصيب عمر فجلس صهيب بيكى عنده يقول: وا أخياه، وا أخياه فقال عمر: يا صهيب لا تبك فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه.

1702 ـ عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن محمد بن نصر المرسى الرقوطى

1702 ـ عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن محمد بن نصر المرسى الرقوطى: نسبه إلى رقوطة، وهى حصن منيع بقرب مرسية، يلقب بالقطب، ويعرف بابن سبعين الصوفى. ذكر أبو حيان، نقلا عن القطب القسطلانى، أنه اشتغل بمرسية فى مبدأ أمره بعلوم الأوائل، من المنطق، والإلهى، والطبيعى، والرياضى، الذى مجموع الحكمة عليه، التى تدعى الفلسفة، ونظر فى شيء من أصول الدين، على طريقة الأشعرية المتقدمين، ومهر فيما ظهر به من المعتقد، وأظهر أن ما قال به هو عين التحقيق، وأنه فوق التصوف رتبة. وكان علم الفلسفة قد غلب عليه، فأراد أن يظهره متسترا فى ستر وخفاء، وغير مصطلح الفلاسفة فى بعض ألفاظه، حتى لا تنفر النفس عن مقاله، كما عبر عن العقول بالسفر. وقد ادعى الترقى عن الفلسفة والتصوف، بما انتحاه من دعوى الإحاطة والتحقيق. وصنف كتبا مشتملة على شرح ما ادعاه، منتظمة فى سلك الوحدة، وأكبرها كتاب «فكر العارف» وسماه «النور اللامع فى الكتاب السابع» وله مختصرات، منها: الرضوانية، والفقيرية، والإحاطة، وهى عنده الغاية القصوى، فيما قرره من هذا المذهب، وقسم الطوائف فى «البد» إلى فقهاء وأشعرية، يعنى يذكر المتكلمين، وفلاسفة، وصوفية، ومحققين، ثم جعل غير المحققين: أصم، لم يسمع الهداية، ثم قسم الصم، إلى صم سعداء، وهم الصوفية وباقى الأنام، وصم أشقياء، وهم الجهال الكافرون الجاهلون بالله أو بنعم الله. واصطلح مع نفسه فى مصنفاته، بمصطلحات توهم السامع أن وراءها علوما تسمو الهمم إلى الاطلاع عليها. وقال فى «الإحاطة»: فدع عنك هذا البحث عن النفس الكلية والجزئية، أو عن العقلى الكلى والعقل الفعال، والعقل الثوانى والذوات المختلف فيها بين المشائين وغيرهم، وأرباب الشرائع، والروح الكلى على مذهب الصوفية، والمثل المعلقة، والمراتب المتوجه إليها على رأى بعض أهل الحق، وهى كالأنموذج أو كالهيولى بوجه ما عند الضعفاء وهى الكل عند القوى المدركة.

_ 1702 ـ انظر ترجمته فى: (جلاء العينين 51، فوات الوافيات 1/ 247، نفح الطيب 1/ 421، شذرات الذهب 329، النجوم الزاهرة 7/ 323، البداية والنهاية 13/ 261، دائرة المعارف الإسلامية 1/ 188، دار الكتب 1/ 244، الأعلام 3/ 280).

فمن وقف على هذا الكلام، أوقع عنده التطلع للعلم بما عدد من الأنواع. ومراده بذلك أنه قد اطلع على ما ذكر وأحاط به علما، وأنه قد ترقى عن ذلك إلى جعل القضايا المذكورة قضية واحدة، وأنها غير تلك الموجودات، وكلها فيها مندرجة، وهى به محيطة، فهى الكل عند من فى إدراكه قوة، وأنها أسماء اختلفت لمسميات متحدة. وقد اشتهرت مقالته تلك بين أتباعه، وتفرقوا فى بلدان شتى، يبثون هذه المقالة، وتابعهم عليها جمع شاركوهم فى أفعالهم الظاهرة، وما أطلعوهم على عقائدهم الباطنة، وعمت المفسدة، بهم فى الأقاليم، بما ألقوه فى العقول من هذا المعتقد. ولابن سبعين فى كتاب الإحاطة [من البسيط]: من كان يبصر شأن الله فى الصور ... فإنه شاخص فى أنقص الصور بل شأنه كونه بل كونه كنهه ... فإنه جملة من بعضها وطرى إيه فأبصرنى إيه فأبصره ... فلم قلت إن النفع فى الضرر قال أبو حيان: انتهى كلام الشيخ قطب الدين القسطلانى. ثم قال أبو حيان: ومازال ابن سبعين مشردا فى البلاد، ينفى من بلد إلى بلد، وأصحابه مذمومون مبغوضون. ثم قال بعد أن ذكر شيئا من خبرهم: وهؤلاء كلهم جهال أتباع جاهل. حكى عن شيخهم ابن سبعين، مقالات تدل على كفره، منها لقد زرب بن آمنة على نفسه، قال: لا نبى بعدى. وما زال تلفظه البلاد، حتى استقر بمكة عند واليها أبى نمى، وتقدم عنده، وكان قد جرح جرحا شديدا، فعالجه ابن سبعين حتى برئ. وقد سمعت قاضى القضاة تقى الدين بن دقيق العيد يقول: رأيت ابن سبعين بمكة، وهو يتكلم للناس بكلام ألفاظه معقولة المعنى، وحين تركبها لا تفهم لها معنى، ونحوا من هذا سمعت قاضى القضاة بدر الدين بن جماعة يقول ـ وقد حضر مجلسه ـ: ولا شك أن الذى ظهر به ابن سبعين، هو مسروق من عقيدة ابن المرأة، وابن أحلى وأتباعه، إذ كانوا كلهم اشتغلوا بمرسية. ولنذكر شيئا من حال هذين الرجلين، ليفهم منه انحلالهم وانحلال ابن سبعين من الشريعة.

فأما ابن أحلى: فهو على ما وجدت بخط أبى حيان، نقلا عن الأستاذ أبى جعفر بن الزبير: أبو عبد الله محمد بن علىّ بن أحلى اللورقى، كان لزم بمرسية ابن المرأة، وهو أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف بن محمد بن دهاق الأوسى المالقى، شارح «الإرشاد لإمام الحرمين» ونقل عنه مذهب ابتداع لم يسبق إليه. فمن ذلك قولهم بتحليل الخمر، وتحليل نكاح أكثر من أربع، وأن المكلف إذا بلغ درجة العلماء عندهم، سقطت عنه التكاليف الشرعية، من الصلاة والصيام وغير ذلك. انتهى. وقد استبان بهذا شيء من حال ابن أحلى، وابن المرأة؛ لأنه أخذ عنه. وزاد ابن المرأة، بأنه كان ـ على ما ذكر أبو جعفر بن الزبير ـ صاحب حيل وتواريخ مستطرفة، يلهى بها أصحابه ويؤنسهم، وكان يستطيع أشياء غريبة من الخواص وغيرها، وبذلك فتن الجهلة. انتهى. قلت: ووقع لابن سبعين أشياء، منها على ما بلغنى: أنه خرج بأبى نمى صاحب مكة فى بعض الليالى، إلى بعض الأودية ظاهر مكة، فأراه خيلا ورجلا ملأت الوادى، فهال ذلك أبا نمى، وعظم ابن سبعين فى عينه. ومنها على ما بلغنى: أنه كان يأخذ الورق ويقصه على صفة الدراهم المسعودية، ويشترى بها حوائجه وتمشى على الباعة. وبلغنى أنه اشترى بشيء من ذلك، شاة من بعض الأعراب، وهو متوجه فى جماعة من أصحابه إلى جبل حراء، فذهب البائع ليقضى بذلك بعض ضروراته، فوجده ورقا، فعاد إليه مطالبا بالثمن، فأشار له الحاضرون إلى أن ابن سبعين هو الذى اشترى منه، وأمروه بمطالبته وإيقاظه، وكان مستلقيا نائما على قفاه، فجذب البائع بعض أعضائه، فخرج العضو وصار فى يد البائع، فاستهال مما رأى وهرب، وذهب بخفى حنين. وذكر الذهبى، ابن سبعين فى تاريخ الإسلام له، فقال: كان صوفيا على قاعدة زهاد الفلاسفة وتصوفهم، وله كلام فى العرفان على طريق الاتحاد والزندقة، نسأل الله السلامة فى الدين. وقد ذكرنا محط هؤلاء الجنس، فى ترجمة ابن الفارض وابن العربى وغيرهما. فيا حسرة على العباد، كيف لا يغضبون لله تعالى، ولا يقومون فى الذبّ عن معبودهم، تبارك اسمه وتقدست ذاته، عن أن يمتزج بخلقه أو يحل فيهم، وتعالى الله عن أن يكون هو عين السموات والأرض وما بينهما، فإن هذا الكلام شر من مقالة من قال

بقدم العالم، ومن عرف هؤلاء الباطنية عذرنى، أو هو زنديق يبطن الاتحاد، يذب عن الاتحادية والحلولية، ومن لم يعرفهم، فالله يثيبه على حسن قصده، وينبغى للمرء أن يكون غضبه لربه إذا انتهكت حرماته، أعظم من غضبه لفقير غير معصوم من الزلل، فكيف بفقير يحتمل أن يكون فى الباطن كافرا، مع أنا لا نشهد على أعيان هؤلاء بإيمان ولا كفر، لجواز توبتهم قبل الموت، وأمرهم مشكل، وحسابهم على الله تعالى. وأما مقالاتهم، فإنها شر من الشرك، فيا أخى وحبيبى، أعط القوس باريها، ودعنى ومعرفتى بذلك، فإنى أخاف أن يعذبنى الله على سكوتى، كما أخاف أن يعذبنى على الكلام فى أوليائه. وأنا لو قلت لرجل مسلم: يا كافر، لقد بؤت بالكفر. فكيف لو قلته لرجل صالح، أو ولى لله تعالى؟ . ثم قال الذهبى بعد كلام كثير: وإن فتحنا باب الاعتذار عن المقالات، وسلكنا طريق التأويلات المسحيلات، لم يبق فى العالم كفر ولا ضلال، وبطلت كتب الملل والنحل واختلاف الفرق. ثم قال الذهبى: وذكر شيخنا قاضى القضاة تقى الدين بن دقيق العيد، قال: جلست مع ابن سبعين من صحوة إلى قريب الظهر، وهو يسرد كلاما تعقل مفرداته ولا تعقل مركباته. قال الذهبى: قلت: اشتهر عنه أنه قال: لقد تحجر ابن آمنة واسعا بقوله: «لا نبى بعدى». وجاء من وجه آخر عنه أنه قال: لقد زرب ابن آمنة على نفسه حيث قال: «لا نبى بعد». قال: فإن كان ابن سبعين قال هذا، فقد خرج به من الإسلام، مع أن هذا الكلام فى الكفر، دون قوله فى رب العالمين: إنه حقيقة الموجودات، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وقال الشيخ صفى الدين الأرموى الهندى: حججت فى حدود سنة ست وستينوستمائة، وبحثت مع ابن سبعين فى الفلسفة، وقال لى: لا ينبغى لك الإقامة بمكة. فقلت: كيف تقيم أنت بها؟ قال: انحصرت القسمة فى قعودى بها، فإن الملك الظاهر يطلبنى، بسبب انتمائى إلى أشراف مكة، واليمن صاحبها له فىّ عقيدة، ولكن وزيره حشوى يكرهنى. وقال الذهبى: حدثنى فقير صالح، أنه صحب فقيرا من السبعينية، وكانوا يهونون له ترك الصلاة، وغير ذلك. انتهى.

وذكر ابن كثير، ابن سبعين فى تاريخه، وذكر فى ترجمته، أنه أقام بجبل حراء بمكة مدة ينتظر الوحى. انتهى. ولقد لقى ابن سبعين فى الدنيا عذابا، وعذابه فى الآخرة مضاعف، فمما لقى فى الدنيا ـ على ما ذكر بعض المغاربة ـ: أنه قصد زيارة النبى صلى الله عليه وسلم، فلما وصل إلى باب المسجد النبوى، اهراق دما كثيرا، كدماء الحيض، فذهب وغسله، ثم عاد ليدخل، فاهراق الدم كذلك، وصار دأبه ذلك، حتى امتنع من زيارتهصلى الله عليه وسلم. ومنها على ما قال الذهبى: أنه سمع أن ابن سبعين فصد نفسه، وترك الدم يخرج حتى تصفى ومات. والله أعلم. ووجدت بخط أبى العباس الميورقى: وسمعت أن ابن سبعين مات مسموما. ولد له ولد، توفى فى حياته، سنة ست وستين، على ما وجدت بخط الميورقى. ووجدت بخطه أن الظاهر صاحب مصر، كان سجنه للكلمة المنقولة عن أبيه؛ وأن الظاهر لما حج فى سنة سبع وستين، طلب أباه غاية الطلب، فاختفى. ووجدت بخط الميورقى، نقلا عن بعض تلامذة ابن سبعين: أن ابن سبعين قدم من المغرب، طالبا الحجاز سنة ثمان وأربعين وستمائة، والتحم الشنآن بينه وبين علماء مكة، سنة سبع وستين وستمائة، وأن أصحابه بغضوه إلى الفضلاء، لتغاليهم فيه، مع حمقهم فى أنفسهم، وأنه ليس بقرشى كما زعموا. ونقل الميورقى عن بعضهم: أنه حضرمى، وأنه ولى الوزارة، وأن أباه ولى أمر الأشراف بمراكش وأشبيلية، وأن أخاه ولى أمر الأشراف بمرسية. ووجدت بخط الميورقى: أنه توفى آخر شوال سنة تسع وستين وستمائة، وعمره نحو خمس وخمسين سنة. ووجدت بخط غيره: أنه توفى فى ثامن عشرى شوال، وأن مولده سنة أربع عشرة وستمائة، وكانت وفاته بمكة، بعد أن جاور بها سنين كثيرة، ودفن بالمعلاة. وكان قبره معروفا بالمعلاة، وكان عليه حجر قلعه جدى الشريف على الفاسى، مع جماعة من أصحابه، لانكباب جهال الغرباء على زيارته، فلذلك صار قبره الآن خافيا. وهو فيما بلغنى بالقرب من قبر أبى الحسن الشولى. ووجدت بخط الميورقى: قال لى رضى الدين بن خليل: قدمت للصلاة عليه، فقيل لى: تصلى على ابن سبعين، وقد طعنا فيه؟ قال: فقلت: أصلّى عليه اعتمادا على ظاهره. انتهى.

1703 ـ عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الحق المهدوى، أبو منصور المعروف بابن الحداد

1703 ـ عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الحق المهدوى، أبو منصور المعروف بابن الحداد: واقف المدرسة التى بأسفل مكة، المعروفة بالأدارسة على طلبة المالكية بمكة، لأن فى الحجر الذى على بابها، أنه حبس هذه المدرسة ووقفها على طلبة المالكية المشتغلين بمذهب مالك بن أنس، المعتقدين له، حسب ما هو مذكور فى كتاب الحبس، بالشروط المذكورة فيه، فى العشر الأول من ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين وستمائة. ومن الحجر كتبت ما ذكرته، وترجم فيه: بالشيخ الصالح الأمين الورع. 1704 ـ عبد الحق بن القطب القسطلانى، محمد بن أبى العباس أحمد بن القسطلانى المكى (1): * * * من اسمه عبد الحميد 1705 ـ عبد الحميد بن جبير بن شيبة بن عثمان بن أبى طلحة القرشى الحجبى المكى: سمع ابن المسيب، ومحمد بن عباد بن جعفر، وعمته صفية بنت شيبة. روى عنه: ابن جريج، وابن عيينة. روى له الجماعة، ووثقه ابن معين، والنسائى. 1706 ـ عبد الحميد بن عبد الحكيم بن عبد الحميد بن عبد الله بن عامر بن كريز: ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات، وقال: شيخ كان بمكة: يجالس ابن كاسب. يروى عن أهل مكة. روى عنه: عبيد. 1707 ـ عبد الحميد بن على الموغانى: كان من أهل الخير والصلاح. صحب الشيخ أبا العباس المرسى مع صاحبيه: الشيخ نجم الدين الأصبهانى، ويحيى التونسى، وتوجهوا معا إلى مكة على صحراء عيذاب، وأقام هو ويحيى عند الشيخ نجم الدين بمكة مدة طويلة، واكتسبا منه مآثر جليلة، ثم

_ (1) اكتفى المصنف بذكر الاسم فقط، ولم يذكر شيئا عن صاحب الترجمة. 1705 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 9). 1706 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 17).

1708 ـ عبد الحميد بن مسلم بن قليكيا المكى، المعروف بابن مخضور، يلقب حميد الدين

توجها إلى المدينة وأقاما بها، ثم سافر الشيخ عبد الحميد منها بأولاده لقصد الإعانة عليهم، فأدركه الأجل فى سنة سبع وعشرين وسبعمائة بقطيا، من طريق مصر. ذكره ابن فرحون فى كتابه «نصيحة المشاور». وذكره شيخنا القاضى مجد الدين الشيرازى، وذكر أن الصواب فى نسبه: الموقانى قال: وهى قرية بأذربيجان. 1708 ـ عبد الحميد بن مسلم بن قليكيا المكى، المعروف بابن مخضور، يلقّب حميد الدين: كان لحقه سباء فى صغره فرق مع أمه وبيع، وصار مع أمه ليعقوب بن مخضر المكى. ونشأ بمكة، وتعلم بها القرآن، ثم تسبب فى نزر يسير حصله. وكان يتردد فى التسبب به إلى سواكن. فكثر ذلك، ثم دخل اليمن للتسبب، فازداد كثرة فيما كان معه، وصار يتردد إلى اليمن غير مرة، فرزق دنيا طائلة، ورزق فى ذلك حظا جيدا. ومما جرى له فى ذلك، أنه اكترى مركبا لينول فيه، ففرمه بنوى استقام عليه كل ويبة منه بدرهم. فلما وصل إلى مكة، باع كل ويبة منه بخمسة وعشرين درهما كاميلة. ثم عرف كثيرا. فترك السفر، وعنى بالزراعة ببعض قرى مكة. وكان قد حصل قبل ذلك جانبا جيدا من النخيل والمزارع والمياه، بأرض خالد، وأرض حسان من وادى مر، وبالمبارك وأرض نافع والبردان من وادى نخلة وغير ذلك، ودورا بمكة ومنى، ثم باع كثيرا من ذلك، وكان بعد تركه السفر، يقيم غالبا بقرية المبارك والبردان ويقرى كثيرا فيهم الضيفان. ولم يكن له فى ذلك نظير من تجار مكة. وتوفى ليلة الثلاثاء الثالث والعشرين من شوال، سنة ست عشرة وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. وقد جاوز الخمسين بيسير. انتهى. وما ذكرناه فى اسم أبيه وجده، كان هو يذكره، ويذكر أنه من العرب الذين بين سواكن وصعيد مصر. 1709 ـ عبد الحميد بن نافع: [ .... ] (1)

_ 1709 ـ (1) لم يرد فى هذه الترجمة سوى الاسم، وما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1710 ـ عبد الدايم بن عمر بن حسين بن عبد الواحد الكنانى العسقلانى، أبو محمد المكى

1710 ـ عبد الدايم بن عمر بن حسين بن عبد الواحد الكنانى العسقلانى، أبو محمد المكى: سمع من الحافظ أبى القاسم على بن عساكر، وجاور بمكة سنين. وكان أحد الصالحين المشهورين. ذكره المنذرى فى التكملة فى آخر ترجمة ولده عبد المجيد الآتى ذكره. * * * من اسمه عبد الرحمن 1711 ـ عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الملك القرشى العمرى، الهندى: نزيل مكة، يلقّب وجيه الدين بن عمدة الدين، ويعرف براجة. كان ذا خير ودين وسكون، وله عناية بالفقه على مذهب الحنفية. وناب عنى فى عقد نكاح بمكة. وكان مجتهدا فى عمل العمر وبيعها، وبها كان يترفق، ولذلك قيل له: العمرى، وسمعته يذكر أنه قرشى من ذرية عمر بن الخطاب، أو علىّ بن أبى طالب رضى الله عنهما ـ الشك منى ـ وأن أباه كان قاضيا أو خطيبا ببلده، وأظنها دلى من بلاد الهند، وعليه اعتمدت فى اسم أبيه وجده، ثم شككت فى تقديم أحمد على عبد الملك. وذكر لى أنه قدم مكة فى سنة خمس وسبعين وسبعمائة، أو قربها ـ الشك منى ـ فعلى هذا تكون مجاورته خمسين سنة بمكة، ورزق بها أولادا ودارا، وبها مات فى يوم الخميس ثالث عشرى ربيع الأول سنة سبع وعشرين وثمانمائة. ودفن بالمعلاة، وهو فى عشر السبعين ظنّا أو بلغها. وراجة: براء مهملة وألف وجيم. 1712 ـ عبد الرحمن بن أبزى الخزاعى، مولاهم، المكى: أمير مكة، استخلفه عليها مولاه نافع بن عبد الحارث، لما لقى عمر بن الخطاب

_ 1712 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 462، طبقات خليفة ترجمة 677، 945، 2527، المحبر 379، التاريخ الكبير 5/ 245، المعرفة والتاريخ 1/ 291، الجرح والتعديل 5/ 209، الاستيعاب 822، الجمع بين رجال الصحيحين 1/ 282، أسد الغابة 3/ 278، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 293، تهذيب الكمال 773، تاريخ الإسلام 2/ 186، تهذيب التهذيب 203، غاية النهاية ترجمة 1548، الإصابة 2/ 388، تهذيب التهذيب 6/ 132، سير أعلام النبلاء 3/ 201).

1713 ـ عبد الرحمن بن أزهر بن عوف بن عبد عوف بن الحارث بن زهرة القرشى الزهرى

بعسفان، وقال فى حقه لعمر، لما أنكر عليه استخلافه: إنه قارئ لكتاب الله، عالم بالفرائض. ولذلك سكن غيظ عمر رضى الله عنه. وله عن النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث. وفى صحبته خلاف. وروى عنه: ابناه سعيد، وعبد الله، والشعبى. وقال أبو عمر بن عبد البر: إنه سكن الكوفة، واستعمله علىّ رضى الله عنه على خراسان. 1713 ـ عبد الرحمن بن أزهر بن عوف بن عبد عوف بن الحارث بن زهرة القرشى الزهرى: وهكذا نسبه الزبير، وابن أبى خيثمة، وابن عبد البر، وقال: إنه ابن أخى عبد الرحمن ابن عوف. ونقل عن الزهرى، أنه غلّط من قال: إنه ابن عمه. ووقع لابن عبد البر ما يوافق ذلك، كما قال ابن الكلبى، والبخارى، ومسلم، وابن مندة. وقال فى نسبه: عبد الرحمن بن أزهر بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة. وقال صاحب الكمال والمزى: إنه الصحيح، وله صحبة ورواية عن النبى صلى الله عليه وسلم. وذكر ابن البرقى: أن له أربعة أحاديث. وروى عنه: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، والزهرى، وغيرهما. وذكر ابن عبد البر: أنه شهد حنينا مع النبى صلى الله عليه وسلم. وذكر ابن مندة: أنه مات قبل الحرة. وقال الذهبى: عاش إلى فتنة ابن الزبير. 1714 ـ عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب الزهرى، أبو محمد المدنى: ولد على عهد النبى صلى الله عليه وسلم. وروى عن أبى بكر، وعمر، وأبى بن كعب، وجماعة. روى عنه: سليمان بن يسار، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وجماعة. قال العجلى: مدنى، تابعى، ثقة، رجل صالح من كبار التابعين. وقال الزبير: كان له

_ 1713 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 1711، الإصابة 4/ 284). 1714 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 286، الجرح والتعديل 5/ 209).

1715 ـ عبد الرحمن بن أيمن المكى

قدر. ذكره عمرو بن العاص، وأبو موسى فى الحكومة. وقالوا: ليس له ولا لأبيه هجرة. وكان ذا منزلة من عائشة رضى الله عنها. وذكر يعقوب بن عبد الرحمن القارئ عن أبيه، قال: إن عثمان لما حصر، أطلع من فوق داره، وذكر أنه يستعمل عبد الرحمن بن الأسود على العراق، فبلغ ذلك عبد الرحمن، فقال: والله لركعتان أركعهما، أحب إلىّ من الإمرة على العراق. 1715 ـ عبد الرحمن بن أيمن المكى: عن: أبى سعيد الخدرى، وابن عمر. وعنه: عمرو بن دينار. 1716 ـ عبد الرحمن بن بديل بن ورقاء الخزاعى: قال الكلبى: كان هو وأخوه عبد الله، رسولى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وشهدا جميعا صفين. ذكر ذلك أبو عمر بن عبد البر. 1717 ـ عبد الرحمن بن أبى بكر القرشى الجدعانى المكى: عن: نافع. هكذا ذكره ابن عساكر فى الأطراف. وهو عبد الرحمن بن أبى بكر بن عبيد الله بن أبى مليكة بن عبد الله بن جدعان القرشى التيمى المليكى. يروى عن أبيه، وعمه عبد الله بن القاسم بن محمد، وأبى سلمة بن عبد الرحمن، ونافع، والزهرى. روى عنه: أبو معاوية، وأبو نعيم، وابن أبى فديك، وابن وهب، والشافعى، والقعنبى، وخلق. روى له: الترمذى (1)، وابن ماجة (2).

_ 1715 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 210). 1716 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 5/ 290). 1717 ـ (1) روى له أربعة أحاديث: الأول: في كتاب الجنائز، حديث رقم (939) من طريق: أبو كريب حدثنا أبو معاوية عن عبد الرحمن بن أبى بكر عن ابن أبى مليكة عن عائشة قالت: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا فى دفنه فقال أبو بكر: سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ما نسيته قال: ما قبض الله نبيا إلا فى الموضع الذى يحب أن يدفن فيه، ادفنوه فى موضع فراشه، قال أبو عيسى: هذا حديث غريب، وعبد الرحمن بن أبى بكر المليكى يضعف من قبل حفظه، وقد روى هذا الحديث من غير هذا الوجه، فرواه ابن عباس عن أبى بكر الصديق عن النبى صلى الله عليه وسلم أيضا. الثانى: فى كتاب فضائل القرآن، حديث رقم (2804) من طريق: يحيى بن المغيرة أبو ـ

_ ـ سلمة المخزومى المدنى حدثنا ابن أبى فديك عن عبد الرحمن بن أبى بكر المليكى عن زرارة بن مصعب عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ حم المؤمن إلى (إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) وآية الكرسى حين يصبح حفظ بهما حتى يمسى ومن قرأهما حين يمسى حفظ بهما حتى يصبح. قال أبو عيسى: هذا حديث غريب، وقد تكلم بعض أهل العلم فى عبد الرحمن بن أبى بكر بن أبى مليكة المليكى من قبل حفظه، وزرارة بن مصعب هو ابن عبد الرحمن بن عوف وهو جد أبى مصعب المدنى. الثالث: كتاب الدعوات، حديث رقم (3437) من طريق: القاسم بن دينار الكوفى حدثنا إسحاق بن منصور الكوفى عن إسرائيل عن عبد الرحمن بن أبى بكر، وهو المليكى، عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما سئل الله شيئا أحب إليه من أن يسأل العافية. قال أبو عيسى هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبى بكر المليكى. الرابع: فى كتاب الدعوات، حديث رقم (3471) من طريق: الحسن بن عرفة حدثنا يزيد ابن هارون عن عبد الرحمن بن أبى بكر القرشى المليكى عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: من فتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة وما سئل الله شيئا، يعنى أحب إليه، من أن يسأل العافية. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء. قال أبو عيسى: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبى بكر القرشى، وهو المكى المليكى، وهو ضعيف فى الحديث، ضعفه بعض أهل العلم من قبل حفظه. وقد روى إسرائيل هذا الحديث عن عبد الرحمن بن أبى بكر عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما سئل الله شيئا أحب إليه من العافية. حدثنا بذلك القاسم بن دينار الكوفى حدثنا إسحاق بن منصور الكوفى عن إسرائيل بهذا. (2) ثلاثة أحاديث: الأول: فى كتاب ما جاء فى الجنائز، حديث رقم (1547) من طريق: عمر بن شبة بن عبيدة بن زيد حدثنا عبيد بن طفيل المقرئ حدثنا عبد الرحمن بن أبى مليكة القرشى حدثنا ابن أبى مليكة عن عائشة قالت: لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا فى اللحد والشق حتى تكلموا فى ذلك وارتفعت أصواتهم، فقال عمر: لا تصخبوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا ولا ميتا أو كلمة نحوها، فأرسلوا إلى الشقاق واللاحد جميعا فجاء اللاحد فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دفن صلى الله عليه وسلم. الثانى: فى كتاب الجنائز، حديث رقم (1616) من طريق: على بن محمد حدثنا أبو معاوية عن عبد الرحمن بن أبى بكر عن ابن أبى مليكة عن عائشة قالت: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر عند امرأته ابنة خارجة بالعوالى فجعلوا يقولون: لم يمت النبى صلى الله عليه وسلم إنما هو بعض ما كان يأخذه عند الوحى، فجاء أبو بكر فكشف عن وجهه وقبل بين عينيه وقال: أنت ـ

1718 ـ عبد الرحمن بن أبى بكر بن محمود بن يوسف الكرانى الهندى المكى

قال ابن معين: هو ضعيف. قال أبو حاتم: ليس بالقوى. ولم يذكر صاحب الكمال والذهبى: أنه مكى، وإنما قالا: المدنى، فلعله سكن مكة والمدينة، أو لعل المليكى فى نسبه، تصحف بالمكى، وهو بعيد. والله أعلم. والجدعانى: نسبة إلى جده جدعان. 1718 ـ عبد الرحمن بن أبى بكر بن محمود بن يوسف الكرانى الهندى المكى: توفى سنة تسعين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة، سامحه الله تعالى. وكان جسورا مقداما، بحيث يجرى فوق الشراريف التى تطيف بصحن المسجد، وآخر يسابقه فى صحن المسجد، فيسبق عبد الرحمن من يسابقه فى السطح. 1719 ـ عبد الرحمن بن أبى أمية المكى: روى عن رجل من تجيب، عن عمرو بن العاص. وهو شيخ لا يعرف، كما ذكر ابن أبى حاتم نقلا عن أبيه. ونقل الذهبى عن ابن أبى حاتم أنه قال: منكر الحديث. والذى فى كتاب ابن أبى حاتم: شيخ لا يعرف. نبه على ذلك صاحبنا الحافظ أبو الفضل بن حجر فى كتابه «لسان الميزان» وهو كتاب اختصر فيه «الميزان» للذهبى. وزاد عليه فيه أكثر من ستمائة ترجمة، خارجا عن زيادات معتبرة فى أثناء التراجم، فقال: أصله [ .... ] (1).

_ ـ أكرم على الله من أن يميتك مرتين قد والله مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر فى ناحية المسجد يقول: والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يموت حتى يقطع أيدى أناس من المنافقين كثير وأرجلهم، فقام أبو بكر فصعد المنبر فقال: من كان يعبد الله فإن الله حى لم يمت، ومن كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) قال عمر: فلكأنى لم أقرأها إلا يومئذ. الثالث: فى كتاب التجارات، حديث رقم (2229) من طريق: يعقوب بن حميد بن كاسب حدثنا إسحاق بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبى بكر الجدعانى عن نافع عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: اللهم بارك لأمتى في بكورها. 1719 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 114، الإصابة 5/ 205). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1720 ـ عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومى، أبو محمد

1720 ـ عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومى، أبو محمد: المعروف بالشريد، سماه بذلك عمر رثاء له. وسبب ذلك: أن أباه وسهيل بن عمرو، خرجا بأهليهما إلى الشام غازيين، فماتوا كلهم، ولم يرجع منهم إلا عبد الرحمن هذا، وفاختة بنت سهيل بن عمرو، فقال عمر: زوجوا الشريد الشريدة، وأقطعهما بالمدينة خطة، وأوقع لهما فيها. فقيل له: أكثرت لهما. فقال: عسى الله أن ينشر منهما ولدا كثيرا، رجالا ونساء. فولد لهما أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعكرمة، وخالد، ومخلد. وكان له من صلبه: اثنا عشر رجلا. وكان ربيب عمر رضى الله عنه، وهو الذى سماه عبد الرحمن، لما غير أسماء الذين تسموا بأسماء الأنبياء. وولد فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم ورآه، ولم يحفظ عنه، على ما قال ابن سعد. وقال الواقدى: أحسبه كان ابن عشر سنين، حين قبض النبى صلى الله عليه وسلم، وهو أحد الرهط الذين أمرهم عثمان بكتابة المصحف، وكان من أشراف قريش، منظورا إليه عالما صالحا. ويروى عن عائشة أنها قالت: ما كنت أحب أخرج مخرجى هذا، وإن لى ابنا من النبىصلى الله عليه وسلم، مثل عبد الرحمن بن الحارث بن هشام. ولم يكن فى شباب قريش مثله. وذكره ابن حبان فى الثقات، وقال: مات سنة ثلاث وأربعين. 1721 ـ عبد الرحمن بن حاطب بن أبى بلتعة اللخمى، حليف بنى أسد بن عبد العزى، أبو يحيى: ولد على عهد النبى صلى الله عليه وسلم، وقيل: إن له رؤية. وروى عن أبيه، وصهيب، وعبد الرحمن ابن عوف، وعثمان، وأبى عبيدة. وروى عنه ابنه يحيى، وعروة بن الزبير. وكان ثقة، قليل الحديث، وهو من النفر الذين ذكر الزهرى أنهم يفقهون الناس بالمدينة بعد الصحابة رضى الله عنهم. ومات بالمدينة سنة ثمان وستين، على ما قال ابن سعد وجماعة، وهو الصحيح. وقيل: قتل يوم الحرة. قاله يعقوب بن سفيان.

_ 1720 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 5، طبقات خليفة ترجمة 1997، المحبر 67، التاريخ الكبير 5/ 272، التاريخ الصغير 2/ 73، الجرح والتعديل 5/ 224، مشاهير علماء الأمصار 445، جمهرة أنساب العرب 145، الاستيعاب 827، تاريخ ابن عساكر 9/ 447، أسد الغابة 3/ 431، تهذيب الكمال 782، تهذيب التهذيب 2/ 207، الإصابة 3/ 66، خلاصة تهذيب الكمال 191، سير أعلام النبلاء 3/ 484). 1721 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 222، الإصابة 4/ 296).

1722 ـ عبد الرحمن بن حزن بن أبى وهب المخزومى، عم سعيد بن المسيب

1722 ـ عبد الرحمن بن حزن بن أبى وهب المخزومى، عم سعيد بن المسيب: ذكر أبو عمر بن عبد البر أنه أسلم يوم الفتح. واستشهد باليمامة، وأنه وأخاه السائب، وأبا معبد، أدركوا النبى صلى الله عليه وسلم، وقال: ولا أعلم حفظوا عنه ولا رووا. 1723 ـ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن هارون القرشى: توفى سادس عشرى شعبان، سنة إحدى وستين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. 1724 ـ عبد الرحمن بن حسنة: أخو شرحبيل بن حسنة، وهى أمه. وقد تقدم تحرير نسبه فى ترجمة أخيه، وأنه حليف لبنى جمح. له صحبة ورواية عن النبى صلى الله عليه وسلم، ولم يرو عنه غير زيد بن وهب. 1725 ـ عبد الرحمن بن حنبل: أخو كلدة بن الحنبل، ذكر أبو عمر بن عبد البر، أنه وأخاه، أخوا صفوان بن أمية لأمه، أمهما صفية بنت معمر، وكان أبوهما سقط من اليمن إلى مكة. قال: ولا أعلم لعبد الرحمن هذا رواية. قال: وهو القائل فى عثمان، لما أعطى مروان خمسمائة ألف من خمس أفريقية: أحلف بالله جهد اليمي ... ن ما ترك الله أمرا سدى الأبيات المشهورة. 1726 ـ عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى: ذكر أبو عمر بن عبد البر، أنه أدرك النبى صلى الله عليه وسلم، ولم يحفظ عنه، ولا سمع منه. وقد جاءت له عنه رواية فيها سماع. والله أعلم.

_ 1724 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 222، الإصابة 4/ 297). 1725 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1409، الإصابة ترجمة 5122، أسد الغابة 3292، ابن الأثير 3/ 125، الأعلام 3/ 305). 1726 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1410، الإصابة ترجمة 6223، أسد الغابة ترجمة 3293، الثقات 3/ 250، تجريد أسماء الصحابة 1/ 246، الطبقات 244/ 311، الجرح والتعديل 5/ 229، أزمنة التاريخ الإسلامى 698، التاريخ الكبير 5/ 277، الطبقات الكبرى 9/ 110، شذرات الذهب 1/ 55، البداية والنهاية 5/ 348).

وكان له هدى حسن وكرم؛ إلا أنه كان منحرفا عن علىّ بن أبى طالب وبنى هاشم، مخالفة لأخيه المهاجر، وكان المهاجر محببا إلى علىّ، وشهد معه الجمل وصفين، وشهدهما عبد الرحمن مع معاوية. ولما أراد معاوية البيعة ليزيد، خطب أهل الشام، فقال: إنى قد كبرت سنى، وقرب أجلى، وقد أردت أن أعقد لرجل يكون نظاما لكم، وإنما أنا رجل منكم، فشارفوا رأيكم واجتمعوا. فقالوا: رضينا عبد الرحمن بن خالد. فشق ذلك على معاوية وأسرها فى نفسه، ثم إن عبد الرحمن مرض، فسقاه طبيب يهودى ـ يقال له ابن أثال من خواص معاوية ـ شربة، فانخرط بطنه، فمات. ثم دخل ابن أخيه خالد بن المهاجر دمشق مخفيا مع غلام له، فرصد اليهودى حتى خرج من عند معاوية، فقتله، وكان عبد الرحمن أحد الأبطال كأبيه. انتهى. وقال الزبير بن بكار: كان عظيم القدر فى أهل الشام، وكان كعب بن جعيل مداحا له. وذكر الزبير من مدحه فيه قوله [من البسيط] (1): إنى ورب النصارى فى كنائسها ... والمسلمين إذا ما جمعوا الجمعا والقائم الليل بالإنجيل يدرسه ... لله تسفح عيناه إذا ركعا ومهرق لدماء البدن عند منى ... لأشكرن لابن سيف الله ما صنعا لما تهبطت من غبراء مظلمة ... سهلت منها بإذن الله مطلعا فقد نزلت إليه مفردا وحدا ... كغرض النبل ترمينى العداة معا (2) أفضلت فضلا عظيما لست ناسيه ... كان له كل فضل بعده تبعا فرع أجاد هشام والوليد به ... بمثل ذلك ضر الله أو نفعا من مستثيرى قريش عند نسبتها (3) ... كالهبرزى إذا واريته متعا جفانه كحياض البئر مترعة ... إذا رآها اليمانى رق واختضعا لأجزينكم سعيا بسعيكم ... وهل يكلف ساع فوق ما وسعا

_ (1) انظر الأبيات فى: (الاستيعاب 2/ 829، نسب قريش 326). (2) ورد فى نسب قريش 326: كغرض النبل يرمينى العداة معا (3) ورد فى نسب قريش 326: من مستسرى قريش عند نسبتها

1727 ـ عبد الرحمن بن ديلم الشيبى الحجبى المكى

وذكر الزبير أيضا لكعب بن جعيل هذه الأبيات، يرثى بها عبد الرحمن بن خالد [من الخفيف] (4): إنى والذى أجاز بفضل ... يوسف الجب من بنى يعقوب والمصلين يوم خضب الهدايا ... بدم من نحورهن صبيب لأصيبن كاشحيك من النا ... س بوسم على الأنوف علوب وأجدن كل يوم ثناء (5) ... يونق الأذن من محلى قشيب كيف أنسى أيام جئتك فردا ... مضمرا سبل راهب مرعوب أخرق الجند والمدائن حتى ... صرت فى منزل القريب الحبيب عند عبد الرحمن ذى الحسب ال ... عد ومأوى الطريد والمحروب 1727 ـ عبد الرحمن بن ديلم الشيبى الحجبى المكى: حدث عن أبى عبد الله الحسين بن على الطبرى، بكتاب «تاريخ مكة للأزرقى». وحدث به عنه، أبو عبد الله محمد بن أبى بكر، إمام المقام. ومن طريقه روينا بعضه، وما علمت من حاله سوى هذا. 1728 ـ عبد الرحمن بن الرجاح، مولى أم حبيبة: أدرك النبى صلى الله عليه وسلم، وأمرها بعتقه فيما قيل. ذكره هكذا الذهبى. وذكره الكاشغرى، وقال: أدرك النبى صلى الله عليه وسلم، وقيل: إنه فى عداد التابعين. 1729 ـ عبد الرحمن بن زمعة بن قيس القرشى العامرى: هو ابن وليدة زمعة، الذى قضى فيه النبى صلى الله عليه وسلم، بأن الولد للفراش، وللعاهر الحجر، حيث تخاصم فيه أخوه عبد بن زمعة، مع سعد بن أبى وقاص. 1730 ـ عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب بن نفيل العدوى، ابن أخى عمر بن الخطاب: أمير مكة، قال الزبير: وولد زيد بن الخطاب: عبد الرحمن بن زيد، وأمه لبابة بنت أبى لبابة بن عبد المنذر الأنصارى، من بنى عمرو بن عوف.

_ (4) انظر: نسب قريش 325. (5) ورد فى نسب قريش 325: واجد فى كل يوم ثواء 1730 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 6/ 179، نسب قريش 363، الإصابة 5/ 36، الأعلام 3/ 207).

قال عمى: وكان عبد الرحمن ـ زعموا ـ من أطول الرجال وأتمهم، وكان شبيها بأبيه، وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه إذا نظر إليه قال [من الوافر]: أخوكم غير أشيب قد أتاكم ... بحمد الله عاد له الشباب قال الزبير: وحدثنى إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز الزهرى عن أبيه، قال: ولد محمد ابن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، وهو ألطف من ولد، فأخذه أبو لبابة عبد المنذر الأنصارى فى ليفة، فجاء به النبى صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا معك يا أبا لبابة؟ قال: ابن بنتى يا رسول الله، ما رأيت مولودا قط أصغر خلقة منه. فحنكه رسول اللهصلى الله عليه وسلم، ومسح على رأسه، ودعا له بالبركة. قال: فما رئى عبد الرحمن بن زيد مع قوم فى صف إلا فرعهم طولا. قال: كان عبد الرحمن بن زيد حين ولى مكة ولاه ـ يعنى عبيد بن حنين ـ قضاء أهل مكة، فقال فى ذلك من الحديث ما موضعه غير هذا. قال: وزوجه عمر بن الخطاب رضى الله عنه ابنته فاطمة، فولدت له عبد الله بن عبد الرحمن. انتهى. وذكر غير الزبير، أنه ولد فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم، وأتى به إليه جده أبو لبابة بن عبد المنذر، وقال: ما رأيت مولودا أصغر منه خلقا. فحنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومسح له ودعا بالبركة. فما رئى فى قوم إلا فرعهم طولا. وكان ـ فيما زعموا ـ أطول الناس وأتمهم، وكان اسمه محمدا، فسماه عمر: عبد الرحمن، لأنه مر ورجل يسبه ويقول له: فعل الله بك يا محمد. وولى إمرة مكة ليزيد سنة ثلاث وستين، على ما ذكر خليفة بعد عزل الحارث بن خالد بن العاص، فى سنة ثلاث وستين، فأقام الحج فيها عبد الله بن الزبير، ويقال: اصطلح الناس على عبد الرحمن بن زيد، فصلى بالناس، وقال: لم يحج أمير، ثم عزل عبد الرحمن وأعاد الحارث. ومات فى زمن ابن الزبير بالمدينة قبل ابن عمر. وكان ابن ست سنين، حين قبض النبىصلى الله عليه وسلم. وروى عن أبيه، وعمه عمر بن الخطاب. وروى عنه: ابنه عبد الحميد، وسالم بن عبد الله بن عمر.

1731 ـ عبد الرحمن بن سابط، ويقال: عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط بن أبى أحيحة بن عمرو بن أهيب بن حذافة بن جمح الجمحى المكى

1731 ـ عبد الرحمن بن سابط، ويقال: عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط بن أبى أحيحة بن عمرو بن أهيب بن حذافة بن جمح الجمحى المكى: له مراسيل عن النبى صلى الله عليه وسلم، وأبى بكر، وعمر، ومعاذ، وأبى أمامة، وجابر، وكان كثير الإرسال عن الصحابة. وروى أيضا عن عائشة. وروى عنه: ابن جريج، وحنظلة بن أبى سفيان، والليث بن سعد وغيرهم. روى له مسلم وأصحاب السنن؛ إلا أن النسائى إنما روى له فى اليوم والليلة. سئل عنه أبو زرعة، قال: مكى ثقة. وكذا قال يحيى بن معين، والدارقطنى، والعجلى، وقال: تابعى. وقال الزبير بن بكار: كان فقيها. وقال ابن سعد: أجمعوا على أنه توفى بمكة سنة ثمان عشرة ومائة. وكان ثقة كثير الحديث. وكذا أرخه جماعة. 1732 ـ عبد الرحمن بن السائب بن أبى السائب المخزومى: أخو عبد الله، ذكره أبو عمر فى الاستيعاب. وقال: قتل يوم الجمل، واختلف فى إسلام أبيه. وذكر الذهبى معنى ذلك. 1733 ـ عبد الرحمن بن سبرة الأسدى: روى عنه الشعبى. له رواية وصحبة. وفيه وفى عبد الرحمن بن سبرة الجعفى نظر. 1734 ـ عبد الرحمن بن سعد الحضرمى المعروف بأبى قنين التاجر: نزيل الحرمين، كان مليّا خيرا، قدم مكة فى عشر السبعين وسبعمائة، وجاور بها، واشترى بها أملاكا، فلما مات أحمد بن عجلان أمير مكة، وحصل الاختلاف بعده فى أمر الدولة، انتقل إلى المدينة النبوية واستوطنها حتى مات بها، وولد له بها أولاد، واقتنى بها أملاكا، وكان يعانى التجارة.

_ 1731 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 5/ 228، الجرح والتعديل 5/ 233). 1732 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1425، الإصابة ترجمة 5240، 6228، أسد الغابة ترجمة 3317). 1733 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1426، الإصابة ترجمة 5142، أسد الغابة ترجمة 3318، تجريد أسماء الصحابة 1/ 348، تلقيح فهوم أهل الأثر 382).

1735 ـ عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومى

وكان انتقاله من مكة بعد الحج من سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، أو فى التى بعدها. وكانت وفاته فى رجب سنة اثنتى عشرة وثمانمائة، ودفن بالبقيع، وقد بلغ الستين أو جاوزها. وقنين: بقاف ونون وياء مثناة من تحت ثم نون. 1735 ـ عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومى: قيل: هو الذى كان اسمه الصرم، فغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه: عبد الرحمن. وقيل: ذاك أبوه، وهذا هو الأصح. كتبت هذه الترجمة من الاستيعاب بالمعنى. 1736 ـ عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف، وقيل: ابن حبيب بن ربيعة، بن عبد شمس العبشمى، أبو سعيد المكى البصرى: أسلم يوم الفتح، وصحب النبى صلى الله عليه وسلم، وروى عنه أربعة عشر حديثا. وكان اسمه عبد الكعبة، وقيل عبد كلال، وقيل غير ذلك، فسماه النبى صلى الله عليه وسلم: عبد الرحمن، وغزا خراسان فى زمن عثمان، وهو الذى افتتح سجستان وكابل، ثم سكن البصرة. وكانت له دار، وإليه تنسب سكة سمرة بالبصرة، ولم يزل بها حتى مات سنة خمسين، وقيل سنة إحدى وخمسين. وقيل توفى بمصر، وهو أول من دفن بها من الصحابة. والصحيح الأول. وكان متواضعا، وإذا وقع المطر لبس برنسا، وأخذ المسحاة وكنس الطريق. 1737 ـ عبد الرحمن بن شيبة بن عثمان بن طلحة بن أبى طلحة ـ وقيل شيبة ابن عثمان بن أبى طلحة ـ العبدرى المكى: حاجب الكعبة، روى عن أمّى المؤمنين: عائشة، وأم سلمة، رضى الله عنهما. روى عنه: أبو قلابة الجرمى، وعثمان بن حكيم.

_ 1735 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1429، الإصابة ترجمة 6707، أسد الغابة ترجمة 3322، الجرح والتعديل 5/ 239). 1736 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1430، الإصابة ترجمة 5149، أسد الغابة ترجمة 3323، التاريخ لابن معين 349، طبقات خليفة 11/ 174، تاريخ خليفة 211، التاريخ الكبير 5/ 2432، ابن عساكر 9/ 481 / 1، تاريخ الإسلام 2/ 231، العبر 1/ 55، تهذيب التهذيب 6/ 190، 191، خلاصة تذهيب الكمال 228، شذرات الذهب 1/ 53، 54، 56). 1737 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 5/ 234).

1738 ـ عبد الرحمن بن صفوان بن أمية الجمحى

وروى له النسائى حديثا واحد (1)، ووقع لنا حديثه عاليا فى معجم الطبرانى. وذكر الكاشغرى: أنه أدرك النبى صلى الله عليه وسلم. 1738 ـ عبد الرحمن بن صفوان بن أمية الجمحى: يعد فى المكيين. روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، أنه استعار سلاحا من أبيه. ذكره أبو عمر فى الصحابة. وذكره ابن حبان فى ثقات التابعين، وقال: روى عن رجل من أصحاب النبىصلى الله عليه وسلم، وقال: هو وغيره. كان لصفوان بن أمية من الولد: عبد الرحمن الأكبر، وعبد الرحمن الأصغر. والله أعلم عن أيهما هذا الحديث. وقال المزى: يقال له صحبة. وذكره الذهبى. وقال: روى عنه ابن أبى مليكة حديثا، لعله مرسل. قال: وقال ابن معين: لم ير عبد الرحمن النبى صلى الله عليه وسلم. 1739 ـ عبد الرحمن بن صفوان بن قدامة الجمحى: هكذا ذكره المزى فى التهذيب، وقال: له رواية وصحبة. وقال بعض الرواة فيه: عبد الرحمن بن صفوان، أو صفوان بن عبد الرحمن. روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، وعمر بن الخطاب. روى عنه مجاهد، وروى له أبو داود، وابن ماجة حديثين. وقع لنا كل منهما عاليا. وحديث أبى داود: فى التزام النبى صلى الله عليه وسلم والناس يوم الفتح ما بين الحجر والباب من البيت (1).

_ (1) فى السنن الكبرى فى التفسير، حديث رقم (11306) من طريق: محمد بن معمر، نا المغيرة بن سلمة أبو هشام المخزومى، نا عبد الواحد بن زياد، نا عثمان بن حكيم، نا عبد الرحمن بن شيبة، قال: سمعت أم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم تقول: قلت للنبى صلى الله عليه وسلم: «ما لنا لا نذكر فى القرآن كما يذكر الرجال، قالت: فلم يرعنى ذات يوم ظهرا إلا نداؤه على المنبر، قالت: وأنا أسرح رأسى، فلففت شعرى، ثم خرجت إلى حجرة بيتى، فجعلت سمعى عند الجريد، فإذا هو يقول على المنبر: «يا أيها الناس، إن الله يقول فى كتابه»: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ) إلى آخر الآية (أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً). 1738 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1435، الإصابة ترجمة 6236، أسد الغابة ترجمة 3336، الثقات 3/ 251، تجريد أسماء الصحابة 1/ 249، الطبقات 278، تقريب التهذيب 1/ 485، الجرح والتعديل 5/ 245، التاريخ الكبير 5/ 247، تهذيب الكمال 2/ 795، الكاشف 2/ 169). 1739 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1436). (1) فى كتاب المناسك، حديث رقم (1622) من طريق: عثمان بن أبى شيبة حدثنا ـ

1740 ـ عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس بن خالد بن وهب بن ثعلبة بن وائلة ابن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر بن مالك الفهرى

وحديث ابن ماجة: أنه سأل النبى صلى الله عليه وسلم يوم الفتح مبايعته على الهجرة، فأبى، فاستشفع إليه بالعباس رضى الله عنه (2). وقيل: إن صفوان هذا تميمى. وفيه اضطراب، ذكره أبو عمر بن عبد البر وغيره. 1740 ـ عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس بن خالد بن وهب بن ثعلبة بن وائلة ابن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر بن مالك الفهرى: أمير الحرمين، ذكر ابن جرير الطبرى: أن فى سنة ثلاث ومائة، ضمت إليه مكة مع المدينة، وأنه عزل عن مكة والمدينة فى النصف من ربيع الأول سنة أربع ومائة، عزله عن ذلك يزيد بن عبد الملك، بعبد الواحد بن زياد النصرى. وذكر ابن كثير، ولعله نقل ذلك من تاريخ ابن الأثير عن تاريخ ابن جرير: أن سبب عزله، أنه كان خطب فاطمة بنت الحسين، فامتنعت من قبوله، فألح عليها وتوعدها، فشكته إلى يزيد بن عبد الملك، فبعث إلى عبد الواحد، فولاه المدينة، وأن يضرب عبد الرحمن بن الضحاك حتى يسمع صوته، وهو متكئ على فراشه بدمشق، وأن يأخذ منه أربعين ألفا. فلما بلغ ذلك عبد الرحمن، ركب إلى دمشق، واستجار بمسلمة بن عبد الملك،

_ ـ جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبى زياد عن مجاهد عن عبد الرحمن بن صفوان قال: لما فتح رسول اللهصلى الله عليه وسلم مكة قلت: لألبسن ثيابى وكانت دارى على الطريق فلأنظرن كيف يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت فرأيت النبى صلى الله عليه وسلم قد خرج من الكعبة هو وأصحابه وقد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم وقد وضعوا خدودهم على البيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطهم. (2) فى باب إبرار القسم (2172) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة. حدثنا محمد بن فضيل، عن يزيد بن أبى زياد، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن صفوان، أو عن صفوان بن عبد الرحمن القرشى قال: لما كان يوم فتح مكة جاء بأبيه، فقال: يا رسول الله، اجعل لأبى نصيبا من الهجرة، فقال: «إنه لا هجرة» فانطلق فدخل على العباس، فقال: قد عرفتنى؟ فقال: أجل، فخرج العباس فى قميص ليس عليه رداء، فقال: يا رسول الله، قد عرفت فلانا والذى بيننا وبينه، وجاء بأبيه لتبايعه على الهجرة، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: «إنه لا هجرة» فقال العباس: أقسمت عليك، فمد النبى صلى الله عليه وسلم يده، فمس يده. فقال: «أبررت عمى، ولا هجرة». قال فى مصباح الزجاجة: هذا إسناد فيه يزيد بن أبى زياد، أخرج له مسلم فى المتابعات وضعفه الجمهور، رواه الإمام أحمد فى مسنده من طريق مجاهد، ورواه ابن أبى شيبة فى مسنده هكذا بإسناده ومتنه.

فدخل على أخيه، فقال: إن لى إليك حاجة. قال: كل حاجة تقولها فهى لك، إلا أن تكون ابن الضحاك، فقال: هو والله حاجتى. فقال: والله لا أقبلها، ولا أعفو عنه، فرده إلى المدينة، فتسلمه عبد الواحد، فضربه وأخذ ماله، حتى تركه فى جبة صوف يسأل الناس بالمدينة. وكان قد باشر نيابة المدينة ثلاث سنين وأشهرا، وكان الزهرى، قد أشار عليه برأى سديد، وهو أنه يسأل العلماء إذا أشكل عليه أمر، فلم يقبل ولم يفعل، فأبغضه الناس، وذمه الشعراء. وهذا كان آخر أمره. انتهى. وذكر الزبير بن بكار شيئا من خبره، فقال: حدثنى عمامة بن عمرو السهمى عن رجل من خزاعة، عن مولى لمحمد بن ذكوان ـ مولى مروان، فارسى ـ أنه لما جاء عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس عزله وعمل النصرى ـ وكان بالعرصة ـ أرسل إلى محمد ابن ذكوان، وكان على أمور بنى أمية بالمدينة، فجاءه، قال: فقال لى محمد بن ذكوان: امسك دابتى، وصعد إليه، فقال له: يا محمد، قد علمت رأيى فيك وقضاء حوائجك، وقد جاء من عمل هذا الغلام النصرى ما رأيت، ولا ينبغى لمثلى أن يقيم له فى شئ، وموضعى يتعب بى، فأشر علىّ. قال: أنا أذن القوم السامعة، وعينهم الناظرة، ولا يستقيم لهم أنى أشير عليك بشيء لعله يقع بخلافهم، قال: يا محمد بن ذكوان، أشر علىّ، فأبى، وأتعظ عليه. فقال عبد الرحمن بن الضحاك [من البسيط]: رميت بالهم غيرى إذ رميت به ... ولم أقم غرضا للهم يرمينى (1) شدوا على إبلكم، واستبطنوا الوادى، وأموا بها الطريق، فإنى مسلم على النبىصلى الله عليه وسلم ولاحقكم، ففعل، فرد من الطريق ووقف للناس. وكذلك كانت بنو أمية تفعل بالعامل إذا عزلته. وكان يمر به القرشيون فيعدلون إليه ويثنون عليه، ويجلسون تحته، حتى صاروا حلقة ضخمة، وسقط خف رجليه من الشمس حتى حمل حملا. وقال الزبير أيضا: حدثنى عمامة بن عمرو، قال: كان عبد الرحمن بن الضحاك برّا بقريش، وكان يقول: أنعتونى رجلا من قريش، علقه دين أو له عيال. فإذا دلوه عليه، استعمله على بعض أعماله، ثم قال له: من عال بعدها فلا أجير. قال: وكان يزيد بن عبد الملك قد ولاه بناء داره بالمدينة التى تعرف بدار يزيد، فكان يرسل إلى قواعد

_ 1740 ـ (1) فى التحفة اللطيفة 2/ 475: رميت بالهم غيرى إذ رميت به ... ولم أقم عرضا للهم يرمينى

1741 ـ عبد الرحمن بن طارق بن علقمة بن عثمان بن خالد بن عويج بن جذيمة بن سعد بن عوف بن الحارث بن عبد مناة الكنانى المكى

القرشيات، يشترين حمرا بدوية، ثم يجعل تلك الحمر فى نقل الحجارة واللبن والمدر، ويعلقها ويعطيهن فى كل حمار درهمين. ولم يذكر الزبير ولاية عبد الرحمن لمكة، وإنما قال: ولاه يزيد بن عبد الملك المدينة والموسم. 1741 ـ عبد الرحمن بن طارق بن علقمة بن عثمان بن خالد بن عويج بن جذيمة بن سعد بن عوف بن الحارث بن عبد مناة الكنانى المكى: روى عن أبيه، عن النبى صلى الله عليه وسلم، فى الدعاء إذا استقبل البيت. روى عنه عبيد الله بن أبى يزيد. روى له أبو داود (1) والنسائى (2). قال محمد بن سعد: كان قليل الحديث. 1742 ـ عبد الرحمن بن عامر المكى: روى عن عبد الله بن عمرو حديث: «من لم يرحم صغيرنا» (1). وعنه عن عبد الله بن أبى نجيح ـ ورواه البخارى، فقال: عبيد الله، وكأنه أصوب ـ وهما أخوان، ولهما أخ ثالث: عروة بن عامر. كتبت هذه الترجمة من التذهيب. 1743 ـ عبد الرحمن بن العباس بن عبد المطلب الهاشمى: ذكر أبو عمر بن عبد البر، أنه ولد على عهد النبى صلى الله عليه وسلم، وقتل بإفريقية شهيدا، مع

_ 1741 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 247). (1) فى سننه، كتاب المناسك، حديث رقم (1716) من طريق: يحيى بن معين حدثنا هشام بن يوسف عن ابن جريج أخبرنى عبيد الله بن أبى يزيد أن عبد الرحمن بن طارق أخبره عن أمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جاز (1) مكانا من دار يعلى، نسيه عبيد الله، استقبل البيت فدعا. (2) فى السنن الصغرى، فى كتاب مناسك الحج، حديث رقم (2847) من طريق: عمرو ابن على قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا ابن جريج قال: حدثنى عبيد الله بن أبى يزيد أن عبد الرحمن بن طارق بن علقمة أخبره عن أمه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا جاء مكانا فى دار يعلى، استقبل القبلة ودعا. 1742 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 269). (1) أخرجه أبو داود فى سننه، فى كتاب الأدب، حديث رقم (4292)، وأخرجه أحمد ابن حنبل فى مسنده، حديث رقم (6776). 1743 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1439، الإصابة ترجمة 6237، أسد الغابة ترجمة 3342).

1744 ـ عبد الرحمن بن عبد الصمد بن أحمد بن على النيسابورى، أبو القاسم الأكاف

أخيه معبد ـ فى زمن عثمان ـ مع عبد الله بن سعد بن أبى سرح. هذا قول مصعب وغيره. وقال ابن الكلبى: إنه قتل بالشام. 1744 ـ عبد الرحمن بن عبد الصمد بن أحمد بن علىّ النيسابورى، أبو القاسم الأكاف: من أهل نيسابور، تفقه على أبى نصر بن أبى القاسم القشيرى، وصحب الشيخ عبد الملك الطبرى بمكة، ودرس مختصر أبى محمد الجوينى بمكة، وعلق عنه بها جماعة. وسمع الحديث من شيخه أبى نصر القشيرى، ومن إسماعيل بن عبد الغافر الفارسى، وغيرهما. روى عنه ابن السمعانى، وقال فيه: إمام ورع عامل عالم، يضرب به المثل فى السيرة الحسنة، والخصال الحميدة، دقيق الورع. ومما يحكى من ورعه، أنه أوصى إليه شخص أن يفرق طائفة من ماله على الفقراء والمساكين، وكان فيه مسك، فكان إذا فرقه على الفقراء، سد أنفه بعصابته حتى لا يجد ريحه، ويقول: لا ينتفع منه إلا برائحته. ومثل هذا يروى عن عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه. توفى المذكور فى فتنة الغز، فى يوم الخميس عاشر ذى القعدة سنة تسع وأربعين وخمسمائة. من طبقات السبكى ملفقا. 1745 ـ عبد الرحمن بن عبد الله بن أسعد بن علىّ اليافعى المكى، يلقب بالزين: ولد سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بمكة، وسمع بها من أبيه وغيره. وبدمشق من ابن أميلة، وبالقاهرة من شيخ عبد الله بن خليل المكى وغيره. وحفظ «الحاوى الصغير» واشتغل بالعلم، بذكاء مفرط. فحصل كثيرا، وله شعر حسن، ثم تزهد، وصحب الصالحين ببلاد كثيرة، وانقطع إليهم، وعظم قدره، واشتهر أمره، وكان أبوه ـ على ما بلغنى ـ ينوه بذكره. وتوفى على قدم التجريد، فى أثناء سنة سبع وتسعين وسبعمائة، ببلاد الجزيرة، برحبة مالك بن طوق منها، فيما بلغنى فى تاريخ وفاته ومحلها، والله أعلم. ومن أحواله الجميلة ـ فيما بلغنى ـ أنه كان جالسا فى الدكة التى إلى جانب كتاب القروى، بالجانب الشامى من المسجد الحرام، فذكر له شخص كان عنده شيئا من

كرامات الصالحين، وأحب أن يرى منه شيئا. فقال الشيخ عبد الرحمن اليافعى: ومنهم من يقول لهذا القنديل، وأشار إلى قنديل أمامه فى الرواق: انزل، فنزل القنديل إلى الأرض بالمسجد. ومنهم من يقول له: اطلع، فارتفع القنديل حتى صار معلقا فى موضعه. والشيخ عبد الرحمن جالس فى الدكة لم يقم ولم يتحرك من موضعه. هذا معنى ما بلغنى عنه فى هذه الحكاية عمن شاهدها. ومن شعره [من الطويل]: ألا إن مرآة الشهود إذا انجلت ... أرتك تلاشى الصد والبعد والقرب وصانت فؤاد الصب عن ألم الأسى ... وعن ذلة الشكوى وعن منة الكتب وله [من الطويل]: وكنت أرى أن الوداد إذا انتهى ... إلى حده أغنى المشوق عن الطرس وأن صلات الغيب يجزى نعيمها ... إذا صفت الأسرار عن صلة الحس إلى أن بدا لى أن للحسن شاهدا ... يؤمل أن لو نال سهما من الأنس فرحت إلى سطر الرسائل راغبا ... أجلك عن قولى كتبت إلى نفسى وسرى يا بحر العلى متنعم ... لديك وسفن الوجد ما برحت ترسى ورب محبّ أنعشته رسائل ... أتته عن الأحباب من خضرة القدس ويعجز عن رد الجواب وإنه ... لأشوق من قيس وأفصح من قس وله أيضا [من البسيط]: معالم القلب لم تترك لنا شجنا ... مذ أبصر القلب من ذاك الجناب سنا يشكو الجوى والنوى من لم ينل سببا ... من الهوى غير عوى أورثته عنا ومن شعره أيضا، ما أنشدناه الإمام نجم الدين محمد بن أبى بكر المرجانى، قال: وأنشدنى الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ عبد الله اليافعى لنفسه [من الطويل]: مطيعة رأى البين فى عصمة الهوى ... حنانيك ما أبقيت قلبا ولا لبا أترضين أن يفنى الهوى وذوى الهوى ... وتبقين لا حبّا لديك ولا حبّا وله أيضا [من الطويل]: أصامتة الخلخال ناطقة الشنف ... أما آن أن أبدى من الوجد ما أخفى علمت بأنى لست أول عاشق ... دنا فخفى أو آثر البعد فاستصفى

وأنى أختار البعاد عن الجفا ... وبرق الثنايا عن ورود بلا رشف وكم من محبّ ظن فى القرب راحة ... فأشرف من تلك الظنون على الحتف بخلت وحتى بالسلام وحبذا ... رضاك وأختار الصدود على العطف وملت إلى هجرى وقلت تهكما ... ألم تدر أن الميل من عادة العطف عرفت بوصل العاشقين وعندما ... هويتك يالمياء حلت عن العرف وأرسلت مع مر النسيم تحية ... فما ضر لو كانت بأنملة الطرف ولولا هوى أصمى الفؤاد اقتحامه ... تعلقته لم ألف منى الذى ألفى وللناس حب واحد غير أننى ... أنيف على أهل الصبابة بالضعف فحب لما ألفيته من محاسن ... لديك ومعنى لا يحدد بالوصف وحب بحب العامرية فهو لى ... رقى وبه من معضل الداء أستشفى ومنها: وهاتفة دلت عليك بسجعها ... فقلت لها أغنى العيان عن الهتف فواعجبا حتى الحمام مطوق ... بنعماك مخضوب الأنامل والكف فدونك من هذا الخطاب مقالة ... تطوف على الأفهام بالقرقف الصرف حميا بأكناف الحطيم اعتصارها ... تجل عن الراووق والكأس والظرف فلا تحسبنها كالمديح فإنها ... تحاشى بتحقيق المعانى عن الخلف وليس بفنى المدح كلا وإنما ... مطارحة الأحباب لم تخل عن لطف ولو أيقن المداح أن سوف يسألوا ... لما أطلقوا اسم الغزال على الخشف ومن شعره ما أنشدناه، قال من قصيدة نبوية [من الطويل]: رياض الهنا أما شذاك فرائح ... وأما محيا السعد فيك فمقبل خليلة ثغر البشر أصبح باسما ... قفا وانعما هذا حبيب ومنزل ألم تعلما أن اللقا يذهب الشقا ... ولو كان إلا طائف متمثل ومنها: ألا فى سبيل السالكين إلى العلا ... يلذ لهذا القلب ما يتحمل ومنها: على الصب أن يلقى مقاليد لبه ... ويصغى إلى أمر الغرام ويقبل ويأتم من ليلى بأشرف وجهة ... إليها وجوه الراشدين تحول فكم فاز فى ساحتها متأدب ... وغنى على أبوابها متطفل

وذى عزمة فى الحب لا متوسد ... شمالا ولا برد الونا متبدل وغلة شوق لا يعل سهاده ... لينحله ثوب السقام وينحل ذروه يوافى ذروة المجد إنه ... يكون على حسب الغرام التوصل ومنها: مشوق إذا قيل النقا حل طرفه ... غضا منه فانهل الغمام المجلجل وإن هتف الشادى برامة واتقت ... حيازيمه بالحزم وعز التجمل ومنها: معالم ماذا شرفت من عوالم ... لها الملأ الأعلى محل مبجل حلت من حلاها الدهر أزين حلية ... وللمجد فيها عزة تتهلل عبير شذا أرجائها متأرج ... وفى ظل ذاك الأثل مجد مؤثل وبين قباها والقباب معارج ... بها عنصر الأنوار يرقى وينزل سناها جلاء الطرف فالحظ فإنما ... يعد جليل الحظ من يتأمل فمن ثم نبراس البصائر ساطع ... ضياه وإنسان المحاجر أكحل نعمت على سخط النوى ورضا الهوى ... وصدق الولا هذا المنى والمؤمل وهذا مقام اللائذين وردته ... وهذا الجناب المصطفى والمفضل وهذا محل السعد واليمن والبها ... وأشرف مغنى فى العوالم ينزل ومهبط وحى الله والحضرة التى ... ذرى العرش من أنوارها يتجمل ومشرق آيات النبوة هل ترى ... أتاها دونه الباب يقفل فلا وجلال الله ما خاب قاصد ... جناب رسول الله وهو المكمل وإن نعيم الخلد من دون نعمة ... بها اليوم فاز الواقف المتذلل فما بعدها يرتاع روع من الفنا ... ولا للجوى من سطوة يتحمل سوى أن أجسام المحبين نضوة ... على كل حال بالهوى تتعلل ولا ضير أن يشفى فؤاد من الأسى ... ويشفى على الأسقام عضو ومفصل وأن نصوص الدمع محمولة على ... سرور اللقا والنص قد يتأول يزيد الهوى بالنأى شوقا وباللقا اش ... تياقا كلا الكأسين فى الحب يثمل ومن أوجزها: ولست أناجى غائبا ومن الذى ... لنجواك يا خير الورى يتأهل ألا يا رسول الله من لى بجامع ... من القول فيه مدحك اليوم أجمل وماذا عسى يحصى اللسان ويرقم ال ... بنان وقد جاء فيك آى مفصل

1746 ـ عبد الرحمن بن عبد الله بن الزبير الرهاوى

ألا يا رسول الله دعوة لائذ ... ونفثة مصدور حناياه تشعل دعاك وهذا اليافعى ابن خادم ال ... مساكين عبد الله يرجو ويأمل لبابك يا خير البرايا توجهت ... إليك به الأشواق تسعى وترقل ولم يتخذ من غير حبك زاده ... وليس له من دون جودك منهل وما إن له يوما وإن تلفت أسى ... وذابت ضنى أوصاله عنك معدل وله أيضا [من الخفيف]: كلف الحب واللقا الكلف ... راحتى فاشرب سلافات السلف إنما أنت لنا إذ سترت ... فى الهوى شمس الضحى نعم الخلف لا تبالى إن تراخت مدة ... يمكث الدر زمانا فى الصدف 1746 ـ عبد الرحمن بن عبد الله بن الزبير الرهاوى: روى عن أبيه وغيره. وعنه الحسين الرازى، والد تمام، وغيره. وتوفى فى سنة سبع عشرة وثلاثمائة بمكة مقتولا فى فتنة القرامطة. 1747 ـ عبد الرحمن بن أبى بكر ـ واسمه عبد الله ـ بن أبى قحافة، واسمه عثمان، بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى، أبو محمد وقيل: أبو عبد الله، وقيل: أبو عثمان: ذكر تكنيته بهذه الثلاثة [ .... ] (1)، والنواوى فى التهذيب، وقال: أسلم فى هدنة

_ 1747 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1402، الإصابة 5103، مسند أحمد 1/ 197، تاريخ أبى زرعة 228، 229، الأخبار الطوال 226، طبقات خليفة 18، 189، تاريخ خليفة 319، جمهرة أنساب العرب 137، العقد الفريد 2/ 331، نقد مسند بقى بن مخلد 99، عيون الأخبار 4/ 114، تاريخ الطبرى 2/ 376، فتوح البلدان 443، نسب قريش 276، البدء والتاريخ 5/ 13، 80، الزيارات 8، الأخبار الموفقيات 473، المعارف 173، 174، المعرفة والتاريخ 1/ 212، 285، أنساب الأشراف 1/ 321، 332، تاريخ اليعقوبى 2/ 138، الوفيات لابن قنفذ 72، المحبر 102، 449، سيرة ابن هشام 1/ 153، المغازى للواقدى 257، 695، مشاهير علماء الأمصار 15، ترتيب الثقات للعجلى 288، الثقات لابن حبان 3/ 249، الكامل فى التاريخ 3/ 506، 508، مرآة الجنان 1/ 126، البداية والنهاية 8/ 88، 89، تحفة الأشراف 7/ 149، 196، التاريخ الكبير 5، 242، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 294، وفيات الأعيان 3/ 7069، العبر 1/ 85، الكاشف 2/ 140، عهد الخلفاء الراشدين 40، 49، 120، تهذيب التهذيب 6/ 146، تقريب التهذيب 1/ 474، شذرات الذهب 1/ 59، الأغانى 17، 356، تاريخ الإسلام 1/ 265). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

الحديبية وحسن إسلامه. روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية أحاديث. اتفق البخارى ومسلم على ثلاثة منها. انتهى. وروى أيضا عن أبيه أبى بكر الصديق رضى الله عنه. روى عنه: سعيد بن المسيب، وشريح بن الحارث القاضى، وابنه عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى بكر، وعبد الرحمن ابن أبى ليلى، وابن أخيه القاسم بن محمد بن أبى بكر، وابنته حفصة بنت عبد الرحمن بن أبى بكر. روى له الجماعة. ذكره الزبير بن بكار فى كتابه النسب، فقال: صحب عبد الرحمن النبىصلى الله عليه وسلم، والعدد فى ولده. ويقال: كان اسم عبد الرحمن: عبد العزى، فسماه رسول اللهصلى الله عليه وسلم: عبد الرحمن. وقال الزبير: حدثنى إبراهيم بن حمزة، عن سفيان بن عتبة، عن علىّ بن زيد بن جدعان، أن عبد الرحمن بن أبى بكر، خرج فى فتية من قريش إلى النبى صلى الله عليه وسلم قبل الفتح، قال: وأحسبه قال: إن معاوية كان معهم. وقال: حدثنى محمد بن الضحاك الحزامى، عن أبيه الضحاك بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبى الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق رضى الله عنهما، قدم الشام فى تجارة فرأى هنالك امرأة يقال لها: ابنة الجودى على طنفسة، حولها ولائد، فأعجبته، فقال فيها [من الطويل]: تذكرت ليلى والسماوة دونها ... وما لابنة الجودى ليلى وما ليا وأنى تعاطى قلبه حارثية ... تدمن بصرى أو تحل الجوابيا (2) وأنى تلاقيها بلى! ولعلها ... إن الناس حجوا قابلا أن توافيا فلما بعث عمر رضى الله عنه جيشه إلى الشام، قال لصاحب الجيش: إن ظفرت بليلى بنت الجودى عنوة، فادفعها إلى عبد الرحمن بن أبى بكر. فظفر بها، فدفعها إلى عبد الرحمن، فأعجب بها وأبرها على نسائه، حتى شكونه إلى عائشة رضى الله عنها، فعاتبته على ذلك، فقال: والله كأنى أرشف بأنيابها حب الرمان، فأصابها وجع سقط له فوها، فجفاها حتى شكته إلى عائشة رضى الله عنها، فقالت له عائشة: يا عبد الرحمن، لقد أحببت ليلى فأفرطت، وأبغضتها فأفرطت، فإما أن تنصفها، وإما أن تجهزها إلى أهلها، فجهزها إلى أهلها.

_ (2) فى نسب قريبش 8/ 276: وأنى تعاطى ذكرها حارثية

وقال الزبير: حدثنى عبد الله بن نافع بن ثابت، قال: قام مروان على المنبر، فدعا إلى بيعة يزيد، فكلمه الحسين بن علىّ، وعبد الله بن الزبير بكلام موضعه غير هذا. وقال عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق: أهرقليّة، إذا مات كسرى، قام كسرى مكانه؟ لا تفعل والله أبدا. قال الزبير: وحدثنى إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز الزهرى، عن أبيه، عن جده، قال: بعث معاوية إلى عبد الرحمن بن أبى بكر بمائة ألف درهم، بعد أن أبى البيعة ليزيد ابن معاوية، فردها عبد الرحمن وأبى أن يأخذها، وقال: أبيع دينى بدنياى؟ وخرج إلى مكة، فمات بها. قال: وحدثنى زهير بن حرب، عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن أبى مليكة: أن عبد الرحمن بن أبى بكر هلك، وقد حلف أن لا يكلم إنسانا. فلما مات، قالت عائشة: يمينى فى يمين ابن أم رومان. وذكر الزبير، أن عبد الرحمن بن أبى بكر، شقيق عائشة بنت أبى بكر رضى الله عنهم، أمهما أم رومان بنت عامر بن عويمر الآتى ذكرها. وقال الزبير: حدثنى عمى مصعب بن عبد الله قال: وقف محكم اليمامة يوم الحديقة، فحماها، فلم يجسر عليها أحد، فرماه عبد الرحمن بن أبى بكر فقتله، فدخل المسلمون من تلك الثلمة. قال: وكان أحد الرماة. انتهى. وقال غير الزبير: شهد بدرا مع المشركين، ثم أسلم فى هدنة الحديبية، وقيل: إنه هاجر فى فئة من قريش إلى النبى صلى الله عليه وسلم قبل الفتح، وصحب النبى صلى الله عليه وسلم وحسن إسلامه. وكان من أشجع قريش وأرماهم بسهم، وحضر اليمامة، فقتل سبعة من كبارهم، ورمى محكم اليمامة بسهم فى نحره فقتله. وكان قد سد ثلمة من الحصن، فدخله المسلمون بعد قتله. وكان أمرا صالحا، وفيه دعابة. وكان رأى ليلى ابنة الجودى ملك دمشق، لما قدمها فى تجارة، فأعجبته، فقال: تذكرت ليلى والسماوة دونها ... فما لابنة الجودى ليلى وماليا ولما فتحت دمشق، أمر عمر بإعطائها له؛ فآثرها على نسائه، فشكونه إلى عائشة رضى الله عنها، فعاتبته، فقال: كأنى أرشف من أنيابها حب الرمان، وأصابها وجع بفيها، فجفاها، حتى شكت إلى عائشة رضى الله عنها.

1748 ـ عبد الرحمن بن عبد الله بن علون

ودعاه معاوية رضى الله عنه ـ وهو قاعد على المنبر ـ إلى بيعة ابنه يزيد فأغلظ له، وقال: إذا مات كسرى، كان كسرى مكانه؟ لا تفعل والله أبدا، فبعث إليه بمائة ألف درهم فردها، وقال: أبيع دينى بدنياى؟ وخرج إلى مكة، فمات بها بمكان يقال له الحبشى، على ستة أميال، وقيل: نحو عشرة، وقيل: على اثنى عشر ميلا، فى نومة نامها، وقتل فجأة، وحمل على أعناق الرجال إلى مكة، فدفن بها. وكانت وفاته سنة ثلاث وخمسين، فى قول الأكثرين. ولما اتصل خبر موته بعائشة رضى الله عنها، ظعنت من المدينة حتى وقفت على قبره، وتمثلت وقالت (3) [من الطويل]: وكنا كندمانى جذيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن يتصدعا فلما تفرقنا كأنى ومالكا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا وقالت: أما والله لو حضرتك، لدفنتك مكانك حيث مت، ولو حضرتك، ما بكيتك، وأعتقت رقيقا من رقيقه، رجاء أن ينفعه الله به. وكان [ .... ] (4) وهو رضى الله عنه أسن ولد أبى بكر. وكان اسمه عبد الكعبة، فسماه النبى صلى الله عليه وسلم: عبد الرحمن. وله عن النبى صلى الله عليه وسلم ثمانية أحاديث. ويقال: لم يدرك النبى صلى الله عليه وسلم أربعة ولاء، أبو بنوه، إلا أبو قحافة، وابنه أبو بكر، وابنه عبد الرحمن، وابنه أبو عتيق محمد بن عبد الرحمن، رضى الله عنهم. ولد قبل موت النبىصلى الله عليه وسلم. 1748 ـ عبد الرحمن بن عبد الله بن علون: هكذا وجدته مذكورا فى حجر قبره بالمعلاة، وترجم فيه «بالشيخ الصالح». وفيه أنه «توفى فى ثانى عشر ربيع الأول سنة أربع وأربعين وستمائة». 1749 ـ عبد الرحمن بن عبد الله بن أبى عمار المكى، الملقب بالقس لعبادته: روى عن: أبى هريرة، وابن عمر، وجابر، وجماعة. وروى عنه: عبد الله بن عبيد ابن عمير، وعكرمة بن خالد المخزومى، وعمرو بن دينار، وغيرهم. وروى له مسلم وأصحاب السنن. ووثقه النسائى، وأبو زرعة.

_ (3) انظر: (معجم الشعراء 237، الاستيعاب ترجمة 1402). (4) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 1749 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 249).

وكان على ما ذكر ابن أبى خيثمة، شعف بسلامة [ .... ] (1) وله فيها أشعار كثيرة، ثم تاب ورجع إلى عبادته الأولى فى كثرة العبادة، ثم اشتريت له من مولاها، فلم يقبلها، وقال: إن اليمين قد سبقت، أن لا نجتمع فى بيت أبدا. وذكر ابن أبى خيثمة: أنه نزل مكة، وأنه كان من عبّاد أهلها. وذكر الفاكهى شيئا من أخبار القس هذا ومحبوبته، يحسن ذكره هاهنا. ونص ما ذكره: حدثنى محمد بن عبيد الأموى أبو بكر، عن خلاد بن يزيد، قال: سمعت شيوخا من أهل مكة، منهم سليمان يذكرون أن القس كان عند أهل مكة من أحسنهم عبادة وأظهرهم تبتلا، وأنه مر يوما بسلامة ـ جارية كانت لرجل من قريش، وهى التى اشتراها يزيد بن عبد الملك ـ فسمع غناءها، فوقف يستمع، فرآه مولاها، فدنا منه، فقال: هل لك أن تدخل فتستمع؟ فتأبى عليه، فلم يزل به حتى تسمح، فقال: أقعدنى فى موضع لا أراها ولا ترانى، قال: أفعل، فدخل، فتغنت فأعجبته، فقال مولاها: هل لك أن أحولها إليك؟ فتأبى، ثم سمح. فلم يزل يسمع غناءها حتى شغف بها، وعلم بذلك أهل مكة. فقالت له يوما: أنا والله أحبك، وأحب أن أضع فمى على فمك. قال: وأنا والله. قالت: وأحب والله أن ألصق صدرى بصدرك، وبطنى ببطنك. قال: وأنا والله. قالت: فما يمنعك؟ والله إن الموضع خال. قال: إنى سمعت الله عزوجل يقول: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) [الزخرف: 3] وأنا أن يكون خلة ما بينى وبينك، تؤول بنا إلى عداوة يوم القيامة. قالت: يا هذا، أتحسب أن ربى وربك لا يقبلنا إن نحن تبنا إليه؟ قال: بلى، ولكن لا آمن أن أفجا، ثم نهض وعيناه تذرفان، فلم يرجع بعد، وعاد إلى ما كان عليه من النسك. وقال الفاكهى أيضا: وحدثنى أبو محمد عبد الله بن عمرو بن أبى سعد، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق البلخى قال: ثنا محمد بن عبد الله بن عبيد الله بن أبى مليكة، عن أبيه، عن جده، قال: دخل عبد الله بن أبى عمار ـ وهو يومئذ شيخ أهل الحجاز ـ على نخاس فى حاجة له. قال: فألفاه يعرض قينة، فعلقها، فاشتهر بذكرها، حتى مشى عطاء، وطاوس ومجاهد، فأقبلوا عليه باللوم والعدل، فأنشأ يقول: يلومنى فيك أقوام أجالسهم ... فما أبالى أطار اللوم أو وقعا

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1750 ـ عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد الهاشمى، مولاهم، أبو سعيد البصرى

ورقى خبره إلى عبد الله بن جعفر بالشام، فلم يكن له عم غيره. فقدم حاجّا، فأرسل إلى مولى الجارية واشتراها بأربعين ألفا، ودفعها إلى قيّمة جواريه، وقال لها: زينيها وحليها، قال: ففعلت، ودخل عليه أصحابه، فقال: ما لى لا أرى عمار زائرا؟ فأخبروه، فدخل عليه. فلما أراد أن ينهض استجلسه، فقال: ما فعل حب فلانة؟ قال: فى اللحم والدم والمخ والعصب والعظام، قال: وتعرفها؟ قال: وأعرف غيرها، قال: ضممنا واحدة والله ما رأيتها. قال: فدعا بها، فجاءت ترفل فى الثياب والحلى. فقال: هى هذه؟ قال: نعم، قال: خذ بيدها، فقد وهبتكها، أرضيت؟ قال: إى والله وفوق الرضا، لكنى والله لا أرضى أعطيكها كى لا تغتم بك بها. احمل معه يا غلام مائة ألف درهم. 1750 ـ عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد الهاشمى، مولاهم، أبو سعيد البصرى: روى عن: شعبة، وحماد بن سلمة، وقرة بن خالد، وجماعة. وروى عنه: أحمد بن حنبل، وخليفة بن خياط، وابن أبى عمر العدنى. وروى له: البخارى (1)، والنسائى (2)، وابن ماجة (3). ووثقه أحمد، وابن معين. وكان يلقّب جردقة. نزل مكة. وتوفى سنة سبع وتسعين ومائة. 1751 ـ عبد الرحمن بن عبد الله الجبرتى، أبو محمد، وأبو عبد الله: المؤدب بمكة، سمع بدمشق فى سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، من الحافظ أبى الحجاج

_ 1750 ـ (1) فى صحيحه، كتاب الوصايا، حديث رقم (2558) من طريق: هارون بن الأشعث حدثنا أبو سعيد مولى بنى هاشم حدثنا صخر بن جويرية عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما أن عمر تصدق بمال له على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يقال له ثمغ وكان نخلا فقال عمر: يا رسول الله، إنى استفدت مالا وهو عندى نفيس، فأردت أن أتصدق به فقال النبى صلى الله عليه وسلم تصدق بأصله لا يباع ولا يوهب ولا يورث ولكن ينفق ثمره فتصدق به عمر فصدقته تلك فى سبيل الله وفى الرقاب والمساكين والضيف وابن السبيل ولذى القربى ولا جناح على من وليه أن يأكل منه بالمعروف أو يوكل صديقه غير متمول به. (2) فى السنن الصغرى، كتاب المواقيت، حديث رقم (495)، وفى كتاب قيام الليل، حديث رقم (1705)، وفى كتاب النكاح، حديث رقم (3164، 3302)، وفى كتاب الهبة، حديث رقم (3631). (3) فى سننه، كتاب الأدب، حديث رقم (3741) من طريق: على بن محمد حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله حدثنا حماد بن سلمة عن أبى هاشم الرمانى عن حبيب بن أبى ثابت عن أم سلمة أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا أطلى بدأ بعورته فطلاها بالنورة وسائر جسد أهله.

1752 ـ عبد الرحمن بن عبيد الله بن عثمان التيمى

المزى: صحيح البخارى، ومن أبى عبد الله الوادياشى: الشفا للقاضى عياض، والأربعين البلدانية له. وذلك فى عشر الأربعين وسبعمائة بدمشق، ثم سمع بمكة على الزين الطبرى: سنن النسائى، وعليه، وعلى عبد الوهاب بن محمد الواسطى: جامع الترمذى. وحدث. سمع منه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، وروى عنه. وتوفى فى سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 1752 ـ عبد الرحمن بن عبيد الله بن عثمان التيمى: أخو طلحة بن عبيد الله، أحد العشرة. له صحبة، وقتل يوم الجمل مع أخيه. ذكره ابن قدامة، والذهبى، والكاشغرى. ولم أره فى الاستيعاب (1). 1753 ـ عبد الرحمن بن عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك، الشيخ أبو منصور ابن الأستاذ أبى القاسم القشيرى: ذكره الإسنائى فى طبقاته، وقال: «كان فاضلا، دينا، ورعا، يستوعب الوقت بالخلوة والتلاوة. سمع الكثير، وكتب الكثير، وخرجت له فوائد قرئت عليه، ولما توفيت والدته، الست الفاضلة فاطمة ـ يعنى بنت الأستاذ أبى علىّ الدقاق ـ سنة ثمانين ـ يعنى وأربعمائة ـ حج. وتوفى بمكة فى شعبان سنة اثنتين وثمانين، قاله ابن الصلاح. ووجدت فى حجر قبره، بالمعلاة أنه توفى فى سادس شعبان من السنة، وقبره بقرب قبر الفضيل بن عياض رحمه الله عليه. 1754 ـ عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن حسان بن أسعد بن محمد بن موسى العمرانى نسبا، المكى المولد والدار، يلقب بالهباء: ولد سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة بمكة، وسمع بها على عيسى الحجى: صحيح البخارى، وعليه، وعلى محمد بن الصفى أحمد، والزين الطبريين، وبلال عتيق ابن العجمى، والجمال المطرى: جامع الترمذى بالمدينة، وعلى الزبير بن على الأسوانى، وقرأ

_ 1752 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1442، الإصابة ترجمة ترجمة 5172، أسد الغابة ترجمة 3351). (1) أورده ابن عبد البر فى الاستيعاب فى الترجمة رقم 1442 وذكر مثل كلام الفاسى.

عليه القرآن تجويدا، وعلى غيره، وطلب العلم، وأخذ الفقه عن نجم الدين الأصفونى وغيره، والأصول عن الفخر المصرى، أحد علماء دمشق، وأذن له فى الإفتاء ـ على ما بلغنى ـ وأخذ العربية عن الشيخ سراج الدين الدمنهورى، والشيخ جمال الدين بن هشام، مؤلف «المغنى»، لما جاور بمكة، وحصل كثيرا. وكان فاضلا فى فنون، محبّا لأهل العلم، وكتب بخطه المليح كتبا كثيرة علمية. وله مجاميع، ونظم حسن، ودرس، وأفتى، وناب فى الحكم عن خاله القاضى شهاب الدين الطبرى مدة سنين. وكان مدار الناس فى الحكم عليه، وبابن التقى الحرازى، لما ولى قضاء مكة بعد شهاب الدين، وانتقد عليه أحكامه، ثم التأما، وحضر مع الحرازى مشاهده فى الموسم، من سنة اثنتين وستين وسبعمائة، على أن الحرازى يستنيبه بعد الموسم، المقدور عن ذلك، لعلة اعترته فى الموسم، مات بها فى بعض ليالى التشريق، من سنة اثنتين وستين وسبعمائة بمنى، ونقل إلى المعلاة، ودفن بها، سامحه الله تعالى ورحمه. وبلغنى أنه من ذرية الإمام يحيى بن أبى الخير العمرانى صاحب البيان. ومن شعره [من الطويل]: حمام الحما لم لا تنوح لنائح ... ظننتك تشجينى بنغمة صادح حسبتك تبكينى وترثى لحالتى ... فأعلنت بالشكوى إلى غير ناصح حرام على عينى مواصلة الكرى ... وها هى تذرى بالدموع السوانح حرمت لذيذ الوصل إن كنت كاذبا ... وعذبت بالهجران بعد التصالح حجبتم عن الطرف المسهد طيفكم ... وبحتم بسرى للوشاة الكواشح حملت من الأشجان جهدى وطاقتى ... فأضرمت النيران بين الجوانح حنيت على نار الغرام أضالعى ... فطوبى لثاو تحت طى الصفائح حياتى وموتى فى الغرام على السوا ... وقد خاننى صبرى وقل مناصحى حميتم جميل الصبر عنى وإننى ... هجرت صحابى بعدكم ونواصحى حننت إلى قبر الرسول محمد ... وأعملت عيسى فى الحرور اللواقح حنينا يوم السفح من روضة الهدى ... فأهدت عبيرا للرياح اللواقح حططنا المطايا فى فسيح جواره ... ففزنا من الدنيا بصفقة رابح حلال بها أهل السعادة خيموا ... بنار قراهم قد هدوا كل طامح

1755 ـ عبد الرحمن بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى الخزرجى المكى، يلقب بالوجيه

حللت بربع المصطفى سيد الورى ... وقد ملئت بالحب فيه جوارحى حنينى له يزداد فى كل ساعة ... ولو عاقنى صرف الخطوب السوانح حنانيك يا خير الخلائق إننا ... قصدناك من شحط الديار النوازح حيارى من العصيان يا خير شافع ... وأنت الذى ترجى لدفع الجوائح حوائجنا تأتى مدى الدهر دائما ... إلى باب مولانا الكريم المسامح حماه يفوق المسك فى طيب عطره ... فطومى لغاد فى حماه ورائح ومنها: حلاه إذا فاح اللسان بذكرها ... تعطرت الدنيا بتلك القرائح حكى حسنها الدر المنضد رونقا ... ولكنها فاقت بطيب الروائح حباه إله الخلق بالسؤدد الذى ... تبدى فلا يخفى على عين لائح وله [من الطويل]: رعى الله مشتاقا على الوجد يصبر ... وجمر الهوى فى قلبه يتسعر رحيب اصطبارى ضاق عن فرط لوعتى ... فوا أسفاكم ذا يكون التصبر رقيبان من دمعى يبوحان بالهوى ... وكيف أطيق الكتم والوجد أشهر رأيتم غريم الحب إما معذب ... وإما قريب وصله متعذر رويدك يا خلى فلاتك لائما ... وأجمل رعاك الله فالخطب أعسر رهبت من العذال ثم رفضتهم ... بعينى سوى من يلوم ويعذر وله أيضا [من الكامل]: سر يا نسيم إلى العقيق مبكرا ... متحملا منى السلام الأعطرا وامنن علينا يا نسيم بنفحة ... من روضة يحكى شذاها العنبرا نفسى فداء أحبتى فوصالهم ... ثمن تباع به النفوس وتشترى لهفى على عيش مضى فى حبهم ... لهفى على تلك المنازل والذرى 1755 ـ عبد الرحمن بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى الخزرجى المكى، يلقب بالوجيه: ذكر لى قريبه شيخنا أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطى، أنه كان صاحب ملاءة، وكان له ثمانون دارا بمكة، وله خادم بالحرم النبوى. انتهى. وفوض إليه وإلى ابن أخيه الشرف عبد المعطى بن أحمد بن عبد المعطى، الخليفة

1756 ـ عبد الرحمن بن عبد المعطى

المعروف بالأسود ـ وهو المستنصر بالله أبو القاسم أحمد بن الظاهر محمد بن الناصر العباسى، لما بويع بالخلافة بمصر فى سنة تسع وخمسين وستمائة بعد مقتل ابن أخيه المستعصم عبد الله بن المستنصر منصور بن الظاهر العباسى ـ النظر فى مصالح المسجد الحرام، وأمر الأوقاف والربط بمكة، وإظهار شعار خلافته بمكة وغيرها، وغير ذلك، كما سيأتى ذلك أبين من هذا، لأنا وجدنا توقيعا عن الخليفة المستنصر المذكور، فيه ما نصه: «وبعد، فإنه لما أراد الله تعالى إلينا أمر المسلمين، وأقامنا أئمة للخلق أجمعين، وجعلنا خلفاء بلاده، ونوابه فى عباده، ألهمنا الله العدل المزلف لديه، ووقفنا للعمل المقرب إليه بفضله وكرمه، ولما وصل الشيخان الأجلان الأمينان الصدران الكبيران العدلان المرتضيان، وليا دولتنا ومجيبا بيعتنا: وجيه الدين عبد الرحمن بن عبد المعطى، وابن أخيه شرف الدين عبد المعطى بن أحمد بن عبد المعطى الأنصاريان إلينا، وحضرا إلينا، أرانا الله الصواب، أن نقلد أمر الحرم الشريف بمكة شرفها الله تعالى إليهما، ونعتمد عليهما فى الاهتمام بمصالحه والقيام بعمارته، وكذلك أمر الربط والمدارس والأوقاف بمكة شرفها الله تعالى، وحضورهما للخطبة لنا، والسكة باسمنا، والسبيل والمحمل، وصعود الأعلام العباسية المنصورة إلى جبل عرفات، قبل أعلام زعماء البلاد من جميع الجهات، وأذنا لهما أن يستنيبا من شاءا، وأن يكاتبا زعماء الحجاز واليمن وسائر البلاد بالطاعة لله ورسوله، ولأمير المؤمنين، أعز الله أنصاره، بإجابة بيعته وطاعة دعوته، وأخذ البيعة له، وعلى من يليه من الرعايا، وإقامة الخطبة، وضرب السكة باسمه. والحمد لله وحده. انتهى. 1756 ـ عبد الرحمن بن عبد المعطى: العطار بمكة. توفى فى آخر شعبان سنة خمس وسبعين وستمائة، ببلاد ثقيف من وادى الطائف. كتبت هذه الترجمة، من تعاليق الميورقى، ولعله الأول. والله أعلم. 1757 ـ عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن عبد الله بن أسعد اليافعى، زين الدين، أبو النجيب، بن الشيخ تاج الدين، بن الشيخ عفيف الدين المكى: ولد فى سنة ثمانمائة، أو فى أول التى قبلها، أو فى أول التى بعدها، وحفظ القرآن العظيم، «والمنهاج» فى الفقه وغيره.

1758 ـ عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد بن أبى العيص بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى

وعنى بالأدب والشعر، ونظر فى دواوينه، ففهم وحفظ أشياء حسنة، ونظم الشعر ونثر، وفيه كياسة ومروءة، وحسن معاشرة مذاكرة، وتردد إلى اليمن والشحر طلبا للرزق، ودخل مصر. وتوفى فى سحر يوم الأربعاء الحادى عشر من جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، وصلى عليه بالمسجد الحرام عند باب الكعبة المعظمة، ودفن فى صحوة اليوم المذكور بالمعلاة، فى قبر جده الشيخ عبد الله اليافعى. وهو سبط الأديب شمس الدين الأستجى السابق ذكره. ومن شعره [ .... ] (1): 1758 ـ عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد بن أبى العيص بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى: ذكره أبو موسى المدينى فى الصحابة. وذكر الزبير بن بكار شيئا من خبره، فقال: وحدثنى عمى مصعب بن عبد الله، ومحمد بن الضحاك الحزامى، عن أبيه: أن عبد الرحمن بن عتاب، ارتجز يوم الجمل: أنا ابن عتاب وسيفى ولول (1) ... والموت عند الجمل المجلل وقال الزبير: حدثنى محمد بن الضحاك الحزامى، عن أبيه، قال: كان عبد الرحمن بن عتاب يقاتل يوم الجمل ويقول: أنا الذى نصرت أمى ... وقبل ما نصرت عمى وقال الزبير: حدثنى محمد بن الضحاك عن أبيه، قال: لما التقى أهل الجمل، صاح صائح علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه: يا معشر فتيان قريش؛ أما إن غلبتم على أمركم، فاحذروا شيئين اثنين: جندب بن زهير الغامدى، وعلامته أنه يشمر درعه، والأشتر النخعى، وعلامته أنه يسبل درعه حتى يعفو أثره. فطلع جندب بن زهير، فبرز له عبد الله بن الزبير، فصد عنه جندب، ثم برز الأشتر، فنزل له عبد الرحمن بن عتاب، فاختلفا ضربتين، فقتله الأشتر. وقال الزبير: وقال عمى مصعب بن عبد الله: زعموا أن جندب بن زهير الغامدى قال: لقينى ابن الزبير، وعليه وجه من حديد، فطعنته فى وجهه، فزل سنانى عنه وجاوزته إلى عبد الرحمن بن عتاب، وهو يرتجز، فقتلته.

_ 1757 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 1758 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 5/ 43). (1) انظر: اللسان 14/ 263، 264.

1759 ـ عبد الرحمن بن عثمان بن الصفى أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر الطبرى المكى، يلقب بالوجيه

وقال الزبير: حدثنى محمد بن الضحاك عن أبيه، قال: مر أبو كباثة السلمى يوم الجمل بعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، فى يد أعلاج يدفنونه، فبكى. وقال: يرحمك الله ابن عتاب، لكن بمكة باك وباكية، ثم قال: كأن عتيقا من مهادة تغلب ... بأيدى الرجال الدافنين ابن عتاب فما زودوه زاد من كان مثله ... سوى أحجر سود وأدراس أثواب وقال الزبير: حدثنى عمى مصعب بن عبد الله، ومحمد بن محمد بن أبى قدامة العمرى، ومحمد بن الضحاك الحزامى، عن أبيه: أن علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، وقف عليه، وعليه جبة أفواف، وهو قتيل، والقرشيون يتضرعون حوله، فقال: «هذا يعسوب قريش! جدعت أنفى، وشفيت نفسى». وقال الزبير: حدثنى مصعب بن عبد الله، ومحمد بن الضحاك عن أبيه، قال: قطعت يد عبد الرحمن بن عتاب يوم الجمل، فاختطفها نسر وفيها خاتمه، فطرحها ذلك اليوم باليمامة، فعرفت يده بخاتمه، ابتدروها فوجدوا الخاتم، فإذا فيه: عبد الرحمن بن عتاب، فعلموا أن قد التقوا القوم. انتهى. وقد اختلف فى الموضع الذى ألقى فيه الطائر يد عبد الرحمن بن عتاب، فقيل: ألقاها بمكة، قاله صاحب المهذب، وقيل: بالمدينة حكاه أبو موسى المدينى وغيره، وقيل: باليمامة. قاله ابن قتيبة، ويشهد له ما ذكره الزبير. وذكر ابن قتيبة: أن الطائر الذى احتملها عقاب. وذكر النووى، أنهم صلوا على يده ودفنوها. قال ابن قتيبة: كان يقال لعبد الرحمن: يعسوب قريش، سموه بيعسوب النحل، وهو أميرها. انتهى. وأمه وأم أخيه عتاب بن عتاب: جويرية بنت أبى جهل بن هشام بن المغيرة، على ما ذكر الزبير بن بكار. 1759 ـ عبد الرحمن بن عثمان بن الصفى أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر الطبرى المكى، يلقب بالوجيه: ولد سنة اثنتى عشرة وسبعمائة بمكة، سمع من جده لأمه الرضى الطبرى: صحيح البخارى، وصحيح مسلم ـ وتعب فيه كثيرا ـ وجامع الترمذى، والملخص للقابسى،

1760 ـ عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو القرشى التيمى المدنى

وغير ذلك، وعلى فاطمة بنت القطب القسطلانى [ .... ] (1) وحدث. سمع منه شيخنا عبد الله بن الطبرى بقراءته: الملخص، وغيره من شوخنا. وتوفى سنة اثنتين وستين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 1760 ـ عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو القرشى التيمى المدنى: أسلم يوم الحديبية، وقيل يوم الفتح. وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث، وعن عمه طلحة ابن عبيد الله التيمى، وعثمان بن عفان. روى عنه: ولداه عثمان، ومعاذ، وسعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وغيرهم. روى له مسلم (1)، وأبو داود (2)،

_ 1759 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 1760 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1444، الإصابة ترجمة 5175، أسد الغابة ترجمة 3355، الثقات 3/ 252، تجريد أسماء الصحابة 1/ 352، الطبقات 18، تقريب التهذيب 1/ 490، الجرح والتعديل 5/ 247، تهذيب التهذيب 6/ 227، التاريخ الصغير 1/ 155، 169، الطبقات الكبرى 9/ 111، تهذيب الكمال 2/ 804، الرياض المستطابة 233، الكاشف 2/ 176، تاريخ من دفن بالعراق 297). (1) حديثان: الأول فى صحيحه، كتاب الحج، حديث رقم (2067) من طريق: زهير بن حرب حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج أخبرنى محمد بن المنكدر عن معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان التيمى عن أبيه قال: كنا مع طلحة بن عبيد الله ونحن حرم فأهدى له طير وطلحة راقد فمنا من أكل ومنا من تورع، فلما استيقظ طلحة وفق من أكله وقال: أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. الثانى: فى كتاب اللقطة، حديث رقم (3252) من طريق: أبو الطاهر ويونس بن عبد الأعلى قالا: أخبرنا عبد الله بن وهب أخبرنى عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عبد الرحمن بن عثمان التيمى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لقطة الحاج. (2) ثلاثة أحاديث: الأول، فى سننه، كتاب اللقطة، حديث رقم (1461) من طريق: يزيد بن خالد بن موهب وأحمد بن صالح قالا: حدثنا ابن وهب أخبرنى عمرو عن بكير عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عبد الرحمن بن عثمان التيمى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لقطة الحاج. قال أحمد: قال ابن وهب: يعنى فى لقطة الحاج يتركها حتى يجدها صاحبها. قال ابن موهب: عن عمرو. الثانى: كتاب الطب، حديث رقم (3373) من طريق: محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن ابن أبى ذئب عن سعيد بن خالد عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن عثمان أن ـ

1761 ـ عبد الرحمن بن عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحى

والنسائى (3). وكان يقال له: شارب الذهب. قال الزبير بن بكار: قتل مع ابن الزبير، ودفن بالحزورة. فلما زيد فى المسجد، دخل قبره فى المسجد الحرام. قلت: قتل ابن الزبير فى جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين، على الخلاف فى ذلك. وذكر وفاته مع ابن الزبير صاحب الاستيعاب. ونقلها الذهبى فى التجريد عن الحافظ الدمياطى. وهو عجيب منه لإبعاده فى النجعة. والله أعلم. 1761 ـ عبد الرحمن بن عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحى: ذكره الكاشغرى، وقال: ولا كلام أنه كان فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم موجودا. وذكره الذهبى. وقال: لم يذكره الأربعة. 1762 ـ عبد الرحمن بن أبى عقيل بن مسعود الثقفى: ذكره أبو عمر بن عبد البر، وقال: لعبد الرحمن هذا صحبة ورواية.

_ ـ طبيبا سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن ضفدع يجعلها فى دواء فنهاه النبى صلى الله عليه وسلم عن قتلها. الثالث: كتاب الأدب، حديث رقم (4585) من طريق: محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن ابن أبى ذئب عن سعيد بن خالد عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن عثمان أن طبيبا سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن ضفدع يجعلها فى دواء فنهاه النبى صلى الله عليه وسلم عن قتلها. (3) حديثان: فى السنن الصغرى، الأول فى كتاب المناسك، حديث رقم (2767) من طريق: عمرو بن على قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا ابن جريج قال: حدثنى محمد ابن المنكدر عن معاذ بن عبد الرحمن التيمى عن أبيه قال: كنا مع طلحة بن عبيد الله ونحن محرمون فأهدى له طير وهو راقد فأكل بعضنا وتورع بعضنا فاستيقظ طلحة فوفق من أكله وقال أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. الثانى: فى كتاب الصيد والذبائح، حديث رقم (4280) من طريق: قتيبة قال حدثنا ابن أبى فديك عن ابن أبى ذئب عن سعيد بن خالد عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن عثمان أن طبيبا ذكر ضفدعا فى دواء عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتله. 1761 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 333). 1762 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1448، الإصابة ترجمة 5184، أسد الغابة ترجمة 3362، الثقات 3/ 257، تجريد أسماء الصحابة 1/ 352، كتاب الطبقات 54، 131، 285، الجرح والتعديل 5/ 273، التاريخ الكبير 5/ 549، تلقيح فهوم أهل الأثر 385).

1763 ـ عبد الرحمن بن علقمة الثقفى

روى عنه: عبد الرحمن بن علقمة الثقفى، وهشام بن المغيرة الثقفى. واختلف فى نسبه. 1763 ـ عبد الرحمن بن علقمة الثقفى: روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، أن وفد ثقيف وفدوا عليه. وفى صحة سماعه نظر. 1764 ـ عبد الرحمن بن علقمة، ويقال ابن علقم، ويقال ابن أبى علقمة المكى: سمع من ابن عباس وابن عمر. وروى عنه الثورى. 1765 ـ عبد الرحمن بن علىّ بن أحمد بن عبد العزيز العقيلى النويرى المكى المالكى، يلقب بالبهاء: إمام مقام المالكية بالمسجد الحرام، ولد سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة بمكة، وسمع بها من النشاورى، وشيخنا ابن صديق، وابن سكر، وغيرهم من شيوخنا، وحفظ الرسالة. وناب فى الحكم بمكة عن ابن ابن عم أبيه القاضى عز الدين النويرى، فى موسم سنة ثلاث وثمانمائة. وكانت ولايته لذلك نحو ثلاث سنين، وولى الإمامة بمقام المالكية بعد أبيه، شريكا لأخيه شهاب الدين أحمد بن علىّ، ودامت ولايته لذلك نحو سبع سنين. ودخل مصر مرتين، الأولى: بإثر موت أبيه فيها، وفيها ولى الإمامة، والثانية: فى سنة أربع وثمانمائة، وتمت عليه فيها نكبة أهين فيها كثيرا، وهى: أن الأمير بيسق، أغرى به الأمير نوروز الحافظى، وهو إذا ذاك الحاكم بمصر، فضربه وسجنه بغير موجب شرعى، وإنما ذلك لتخيل بيسق أنه جاء من مكة ليرافع عليه فيما كان يفعله بمكة من الأمور الشاقة على الناس. واستنابه فيها بعد ذلك قاضى المالكية بالقاهرة، جمال الدين البساطى، لما سعى عنده فى ذلك لجير كسره. وعاد فى هذه السنة إلى مكة، ثم توجه فى آخر سنة خمس وثمانمائة إلى بلاد اليمن، وكان دخلها قبل ذلك فى سنة إحدى وثمانمائة، وأقام بها

_ 1763 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1449، الإصابة ترجمة 5186، أسد الغابة ترجمة 3363، الثقات 3/ 253، تجريد أسماء الصحابة 1/ 353، الطبقات 54، 285، تقريب التهذيب 1/ 492، الجرح والتعديل 5/ 273، تهذيب التهذيب 6/ 233، التاريخ الكبير 5/ 250، تهذيب الكمال 2/ 805، الكاشف 2/ 177، تلقيح فهوم أهل الأثر 382).

1766 ـ عبد الرحمن بن على بن الحسين بن صفوان المرادى أبو القاسم المكى

أشهرا، وأدركه بها الأجل فى آخر جمادى الأولى من سنة ست وثمانمائة بزبيد. ودفن بمقابرها، رحمه الله وسامحه. 1766 ـ عبد الرحمن بن على بن الحسين بن صفوان المرادى أبو القاسم المكى: حدث بدمشق عن حفص بن عمر الشطوى، شيخ تفرد بحديث، سمعه من السيد بن زيد: حدثنا الليث، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان لنعل النبى صلى الله عليه وسلم قبالان. رواه عنه ابن عدى. ذكره ابن عساكر فى تاريخ دمشق، ومن مختصره للذهبى، كتبت هذه الترجمة. 1767 ـ عبد الرحمن بن علىّ بن الحسين بن علىّ بن الحسين بن محمد بن شيبة ابن إياد بن عمرو بن العلاء: قاضى الحرمين، أبو القاسم الشيبانى الطبرى المكى، حدث عن أبى علىّ الحسين بن محمد الطوسى الصاهكى بكتاب «فضائل مكة»، لأبى سعيد المفضل بن محمد الجندى، عن أبى القاسم إسماعيل بن مسعدة بن إسماعيل الإسماعيلى، عن أبى إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم بن محمد النصراباذى، عن المغيرة بن عمرو العدنى، عنه. وحدث عن أبى الكرم محمد بن محمود بن الحسن القزوينى، وأبى محمد عبد الله بن محمد الغزال، وأبى منصور بن المقرب بن الحسين. سمع منه الحافظ أبو المحاسن عمر بن على القرشى ببغداد، فى سنة خمس عشرة وخمسمائة، وأبو الفضل محمد بن يوسف الغزنوى. وحدث عنه بفضائل مكة. وذكره أبو الحسن القطيعى فى تاريخ بغداد، وذكر أنه سمع بها، ثم عاد قدمها، وروى بها عن شيوخه هؤلاء، وأخرج فى ترجمته حديثا عن الحافظ أبى المحاسن القرشى إجازة. ثم قال: سئل الشيخ عبد الرحمن قاضى مكة عن مولده، فقال: فى ذى الحجة سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة، وقال مرة أخرى: سنة أربع وتسعين وأربعمائة. ومات سنة أربع وخمسين وخمسمائة. انتهى. ووجدت فى حجر قبره بالمعلاة، أنه توفى يوم الثلاثاء لسبع بقين من ربيع الأول سنة أربع وخمسين وخمسمائة، ودفن على والده. وترجم بتراجم، منها: قاضى الحرمين ومفتيها. وفى الحجر أيضا أبيات رثى بها، وهى [من الكامل]:

1768 ـ عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب العدوى

إنى أرى الإسلام بعد إمامه ... يرنو بطرف مروع حيران خلفت فى الإسلام بعدك ثلمة ... تبقى على مر الزمان الفانى من للفتاوى والسؤالات التى ... مازال يكشفها بحسن بيان من للشريعة إن تطاول ملحد ... لعنادها بالزور والبهتان من لليتامى والأرامل بعده ... يرعاهم بالبر والإحسان فسقى ضريحك مسبل من عنوة ... وحباك بالغفران والرضوان وقد ولى قضاء مكة من ذريته جماعة، وأظنه كان وليه بعد أخيه أبى المظفر محمد بن علىّ الشيبانى المقدم ذكره، وهو والد القاضى أبى المعالى يحيى. 1768 ـ عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب العدوى: أدرك النبى صلى الله عليه وسلم بسنه، وهو شقيق حفصة، وهو عبد الرحمن الأكبر. وعبد الرحمن الأوسط، هو أبو شحمة الذى ضربه عمرو بن العاص فى الخمر، ثم حمله إلى المدينة فضربه أبوه، أدب الوالد، ثم مات بعد. وأما أهل العراق، فإنهم يقولون: مات تحت سياط عمرو، وذلك غلط. ذكر ذلك أبو عمر بن عبد البر. 1769 ـ عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب العدوى: وهو عبد الرحمن الأصغر. ويقال له: المجبر؛ لأنه وقع وهو غلام، فتكسر، فأتى به إلى حفصة، فقيل لها: انظرى إلى أخيك المكسر، فقالت: ليس والله بالمكسر، ولكنه المجبر. هكذا ذكره العدوى وطائفة. وذكر العدوى، أنه مات وترك ابنا صغيرا أو حملا. فسمته حفصة: عبد الرحمن، ولقبته: المجبر، وقالت: لعل الله أن يجبر كسره. 1770 ـ عبد الرحمن بن عمر المكى: عن عطاء بن قيس. وعنه: ابن عيينة. ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الثانية من الثقات.

_ 1768 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1451، الإصابة ترجمة 5189، 6242، أسد الغابة ترجمة 3365).

1771 ـ عبد الرحمن بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب القرشى الأسدى

1771 ـ عبد الرحمن بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب القرشى الأسدى: أخو الزبير بن العوام، قال الزبير: وكان اسمه فى الجاهلية عبد الكعبة، فسماه رسول اللهصلى الله عليه وسلم عبد الرحمن، وهو الذى نزل لحكيم بن حزام يوم بدر، وأنزل أخاه عبيد الله عن جمله، ودفعه إلى حكيم حين لحقهما، فنجا عليه. فقال له أخوه عبيد الله: يا أخى! إنى أعرج لا راحلة لى، وإن نزلت خشيت أن أدرك فأقتل، فقال له عبد الرحمن: ألا تنزل عمن إن قتلت كفاك، وإن أسرت فداك؟ فأنزله عنه. فقتل عبيد الله بن العوام. وأسلم عبد الرحمن وحسن إسلامه. واستشهد يوم اليرموك. وقال الزبير: حدثنى عمى: أن حكيم بن حزام، انهزم يوم بدر، فلحق بعبد الرحمن ابن العوام، وبعبيد الله بن العوام مترادففين على جمل، وكان عبيد الله بن العوام أعرج. فلما رأى عبد الرحمن حكيما، قال لأخيه: انزل بنا عن أبى خالد قال: أنشدك الله، فإنى أعرج لا راحلة لى. قال: والله لتنزلن عنه، ألا تنزل عن رجل، إن قتلت كفاك، وإن أسرت فداك؟ فنزل عنه، وحملاه على جملهما، فنجا، ونجا عبد الرحمن بن العوام على رجليه، وأدرك عبيد الله فقتل. وذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب، وقال: أسلم عام الفتح وصحب النبىصلى الله عليه وسلم، وقال: قال أبو عبد الله العدوى فى كتاب «النسب» له: بسبب عبد الرحمن هذا، هجا حسان بن ثابت، آل الزبير بن العوام. قال: وهذا هو الثبت، ولا يصح قول من قال: إن ذلك بسبب عبد الله بن الزبير. وذكر الزبير بن بكار، أن له ابنين: عبد الله، قتل يوم الدار عثمان رضى الله عنه. وعبيد الله، قتل مع معاوية رضى الله عنه يوم صفين، وأنه لا عقب لعبد الله.

_ 1771 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1454، الإصابة ترجمة 5194، أسد الغابة ترجمة 3369، تاريخ خليفة 102، 103، 104، ابن عساكر 11/ 375، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 254 ـ 255، دول الإسلام 1/ 17، تاريخ الإسلام 2/ 41، العبر 1/ 26، شذرات الذهب 1/ 32، تهذيب تاريخ ابن عساكر 7/ 93 ـ 106، سير أعلام النبلاء 1/ 316).

1772 ـ عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة ابن كلاب القرشى الزهرى، أبو محمد

1772 ـ عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة ابن كلاب القرشى الزهرى، أبو محمد: أحد العشرة الذين شهد لهم النبى صلى الله عليه وسلم بالجنة، وتوفى وهو عنهم راض، وقال فى حقه: أمين فى السماء، وأمين فى الأرض. وكان أمينه على نسائه، وصلى خلفه فى غزوة تبوك، كما جاء فى صحيح مسلم، وهى منقبة لم توجد لغيره من الناس. كان إسلامه قبل دخول النبى صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وسماه عبد الرحمن، وكان اسمه فى الجاهلية: عبد عمرو، وقيل: عبد الكعبة. وهاجر إلى الحبشة، ثم قدم منها قبل الهجرة إلى المدينة وشهد بدرا وأحدا وجرح يومئذ، إحدى وعشرين جراحة، وشهد المشاهد كلها مع النبى صلى الله عليه وسلم، وبعثه إلى دومة الجندل، وعممه بيده، وأسدلها بين كتفيه. وكان عبد الرحمن كثير أفعال الخير، فقد نقل الزهرى، أنه تصدق فى عهد النبىصلى الله عليه وسلم بشطر ماله: أربعة آلاف، ثم أربعين ألفا، ثم أربعين ألف دينار، ثم بخمسمائة فرس فى سبيل الله، ثم بخمسمائة راحلة، وأوصى عند موته بخمسين ألف دينار فى سبيل الله، على ما قال عروة بن الزبير، وأوصى أيضا بألف فرس فى سبيل الله، وأوصى لمن بقى ممن شهد بدرا بأربعمائة دينار لكل واحد، وكانوا مائة، وأخذوها وأخذها معهم عثمان، وأوصى لأمهات المؤمنين، بحديقة بيعت بأربعمائة ألف. وأعتق فى يوم واحد أحدا وثلاثين عبدا، وخلف مالا عظما من ذهب، قطع بالفوس، حتى مجلت أيدى الرجال، وترك ألف بعير وثلاثمائة ألف شاة ومائة فرس، وصولحت امرأته التى طلقها فى مرضه عن ربع الثمن بثمانين ألفا، وكان تاجرا مجدودا، وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضحا. وتوفى سنة إحدى وثلاثين، وقيل سنة اثنتين، وهو ابن خمس وسبعين، وقيل ابن ثلاث وسبعين، وقيل ابن ثمان وسبعين. وصلى عليه عثمان رضى الله عنهما بوصية منه. ودفن بالبقيع.

_ 1772 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1455، الإصابة ترجمة 5195، أسد الغابة ترجمة 3370، مسند أحمد 1/ 190 ـ 195، طبقات ابن سعد 33/ 87، نسب قريش 265، طبقات خليفة 15، تاريخ خليفة 166، التاريخ الكبير 5/ 240، التاريخ الصغير 1/ 50، المعارف 240، الجرح والتعديل 5/ 247، مشاهير علماء الأمصار ترجمة 12، البدء والتاريخ 5/ 86، المستدرك 3/ 306، حلية الأولياء 1/ 98، صفوة الصفوة 1/ 135 /، دول الإسلام 1/ 26، تاريخ الخميس 2/ 257، شذرات الذهب 1/ 38، سير أعلام النبلاء 1/ 68).

1773 ـ عبد الرحمن بن فتوح بن بنين بن عبد الرحمن بن عبد الجبار بن محمد المكى، أبو القاسم وأبو بكر وأبو محمد، المعروف بابن أبى حرمى ـ وهى كنية أبيه فتوح العطار ـ الكاتب النقاش

وكان أبيض أعين أهدب الأشفار، أفتى، طويل النابين الأعليين، أعرج، له جمة أسفل من الأذنين. قال الزبير بن بكار: وحدثنى إبراهيم بن المنذر، عن عبد العزيز بن أبى ثابت، عن سعيد بن زياد، عن حسن بن عمر، عن سهلة ابنة عاصم، قالت: كان عبد الرحمن بن عوف، أبيض أعين أهدب الأشفار، أقنى، طويل النابين الأعليين ربما أدمى نابه شفته، له جمة أسفل من أذنيه، أعنق، ضخم الكفين، غليظ الأصابع. وقال الزبير: وحدثنى إبراهيم بن المنذر، عن الواقدى، عن عبد الله بن جعفر الزهرى، عن يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس، قال: توفى عبد الرحمن بن عوف سنة اثنتين وثلاثين، وهو يومئذ ابن خمس وسبعين سنة. قال الزبير: وحدثنى إبراهيم، عن أبى واقد، قال: كان رجلا طوالا حسنا، رقيق البشرة فيه جنا، أبيض مشربا حمرة لا يغير لحيته ولا رأسه. صلى عليه عثمان بن عفان رضى الله عنه. ويقال: صلى عليه الزبير بن العوام. قال الزبير: وحدثنى عمى مصعب بن عبد الله، وعلىّ بن صالح، عن جدى عبد الله ابن مصعب: أن عبد الرحمن بن عوف، أوصى إلى الزبير بن العوام رضى الله عنه. 1773 ـ عبد الرحمن بن فتوح بن بنين بن عبد الرحمن بن عبد الجبار بن محمد المكى، أبو القاسم وأبو بكر وأبو محمد، المعروف بابن أبى حرمى ـ وهى كنية أبيه فتوح العطار ـ الكاتب النقاش: سمع بمكة من أبى الحسن على بن حميد بن عمار الأطرابلسى: صحيح البخارى، ومن المبارك على الطباخ إمام الجنابلة بمكة، وعنه يروى تاريخ مكة للأزرقى. ومن أبى حفص عمر بن عبد المجيد الميانشى: مجالسه المكية، والمعلم بفوائد مسلم للمازرى، عنه، وغيرهم بمكة. وسمع بدمشق، على أبى الفضل إسماعيل بن علىّ الجنزوى: نسخة أبى معاوية الضرير، وبكار بن قتيبة البكراوى، وجزء ابن جوصاء، وعلى الإمام أبى سعد عبد الله ابن أبى عصرون التميمى: جزءا فيه مجالس من أمالى أبى حامد أحمد بن محمد الشجاعى، وعلى ابن أبى الحسين عبد الرحمن بن الحسين بن خضر بن عبدان: جزءا من

_ 1773 ـ انظر ترجمته فى: (سير أعلام النبلاء 13/ 269).

حديث أبى الحسن بن فارغان، وعلى أبى الجد الفضل بن الحسين البانياسى: نسخة أبى مسهر الغسانى وما معها. وسمع من غيرهم بدمشق، وسمع من أبى محمد عبد الله بن سويدة التكريتى: الأربعين السباعية من حديثه، وغيره بالموصل. وسمع ببغداد، من أبى الفتح بن شاتيل، وأبى السعادات القزاز، ومن أبى أحمد عبد الوهاب بن علىّ بن سكينة الأمين: جامع الترمذى، وغيرهم. وحدث كثيرا. سمع منه مفتى مكة، تقى الدين بن أبى الصيف، ومات قبله بأزيد من خمسة وثلاثين سنة ـ والسماع بخطه، وترجمه: بالشيخ الأجل العالم الفاضل الأمين ـ وجماعة من الحفاظ، منهم: الرشيد العطار، وابن مسدى، وغيرهم، وآخر أصحابه الرضى الطبرى، إمام المقام. وبين وفاته ووفاة ابن أبى الصيف، مائة وثلاثة عشر عاما. وذكره ابن مسدى فى معجمه، وقال ـ بعد أن ذكر نسبه ـ: ورأيت بخطه فى نسبه إصلاحا، ثم ثبت قوله أخيرا على ترك الانتساب، ثم قال: انتسب فى طبقات السماع قديما على أبى حفص الميانشى وغيره: بالأنصارى، ثم انتسب لما دخل الشام: بالقرشى، ورأيت بخطه: النخعى، ثم قال: كان آخر المشيخة بالحرم الشريف، ورافع لواء الإسناد بذلك المرقب المنيف، ثم قال: وكان كثير السماعات، متسع الروايات. وقال: ورأيت بخطه: أن أبا العباس أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسى أجاز له من بغداد، وفى هذا عندى نظر. وذكر أنه رأى بخطه فى جزء فيه تقييدات بخط أبى العباس أحمد بن الأشرف بن عبد القاهر العباسى نقيب العباسيين بمكة، أجاز له ابن الشريف. قال: وهذا تخليط. قال: وأجاز له السلفى، وعبد المغيث الحربى. انتهى. وذكر أبو محمد عبد الله بن عبد العزيز المهدوى: أن شيوخه تزيد على ثلاثمائة شيخ، وأنه لبس منه خرقة التصوف، كما لبسها من شيخ الشيوخ صدر الدين أبى القاسم عبد الرحمن بن أبى البركات إسماعيل بن أبى سعد الصوفى النيسابورى. انتهى. وكان ابن أبى حرمى هذا، يسجل على القضاة بمكة، ويكتب الوثائق، والمبيعات، وأحجار القبور، والدور، والمساجد، وغير ذلك. وعلى خطه وضاءة. توفى فى التاسع عشر من شهر رجب سنة خمس وأربعين وستمائة بمكة، ودفن

1774 ـ عبد الرحمن بن فروخ

بالمعلاة. هكذا أرخ وفاته الشريف الحسينى، فيما نقلته من خطه فى وفياته، والمحب الطبرى فى المشيخة التى خرجها للملك المظفر، وزاد: يوم الثلاثاء. وذكر أنه نيف على المائة، وأنه أجاز له قبل موته بيومين، وهو ثابت الذهن حاضر العقل، حتى مات. وأرخها بشهر رجب، ابن مسدى فى معجمه، وقال: وكان لا يتحقق مولده، انتهى. وقال الرشيد العطار: وتوفى رحمه الله، فى جمادى الأولى سنة خمس وأربعين بمكة، فيما أخبرنى بعض المكيين، والله أعلم. وكان قارب التسعين أو جاوزها. وذكر أن أباه فتوحا، يكنى بأبى حرمى. وما ذكره من وفاته فيه نظر، لمخالفته ما ذكره فيها المحب الطبرى. وهو أقعد الناس بمعرفة ذلك. والله أعلم. وما ذكره من أنه قارب التسعين أو جاوزها، فليس على ظاهره؛ لأنه بلغ المائة وجاوزها؛ على ما ذكر المحب الطبرى كما سبق. وبنين: بباء موحدة، ثم نون، ثم ياء مثناة من تحت، ثم نون. 1774 ـ عبد الرحمن بن فروخ: ذكره هكذا مسلم فى الطبقة الثانية من تابعى أهل مكة، ولعله عبد الرحمن بن فروخ؛ مولى عمر. يروى عن أبيه؛ ونافع بن عبد الحارث، وغيرهما. روى عنه عمرو بن دينار: اشترى نافع دار السجن بمكة. ذكره البخارى فى الصحيح بلا إسناد. ورواه ابن عيينة عن عمرو؛ عنه. كتبت هذه الترجمة من التهذيب ولم أره فى الكمال. * * * من اسمه عبد الرحمن بن محمد 1775 ـ عبد الرحمن بن محمد بن سالم بن علىّ بن إبراهيم الحضرمى الأصل، المكى المولد والدار: سمع من الإمامين: فخر الدين التوزرى، وسراج الدين الدمنهورى: الموطأ، رواية يحيى ابن بكير. وذكره ابن فرحون فى كتابه «نصيحة المشاور» فى أثناء ترجمة والده، وقال: كان فيه

1776 ـ عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مهران بن مسلم البغدادى، أبو مسلم الحافظ

من الحياء والأدب، وقضاء الحاجة، ما كان فى والده وزيادة. وتوفى رحمه الله، سنة ست وستين وسبعمائة. 1776 ـ عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مهران بن مسلم البغدادى، أبو مسلم الحافظ: سمع محمد بن محمد الباغندى، وأبا القاسم البغوى، وأبا بكر بن أبى داود وأقرانهم من العراقيين. ورحل إلى الشام، فكتب عن أبى عروبة الحرانى، وغيره، وعاد إلى العراق، ثم خرج منها إلى بلاد خراسان، وماوراء النهر، فكتب عن محدثيها، وجمع أحاديث المشايخ والأبواب. وكان متقنا، حافظا مع ورع وتدين وزهد وتصون وأقام ببغداد بعد عوده من خراسان سنين كثيرة، فحدث، ثم خرج فى آخر عمره إلى الحجاز، فأقام إلى أن توفى بها، للنصف من ذى القعدة سنة خمس وسبعين وثلاثمائة، ودفن بالبطحاء، بقرب الفضيل بن عياض. ذكره الخطيب فى تاريخه، ومنه لخصت هذه الترجمة. 1777 ـ عبد الرحمن بن محمد بن على بن الحسين بن على بن عبد الملك بن أبى النضر الطبرى المكى، يكنى أبا الحسن، وأبا القاسم، وأبا محمد، ويلقب بالعماد الشافعى: مفتى مكة. سمع من أبى الحسن علىّ بن المقير البغدادى: اليقين لابن أبى الدنيا، ومن أبى القاسم عبد الرحمن بن أبى حرمى: نسخة أبى مسهر وما معها. ومن أبى الحسن بن الجميزى: الثقفيات، وعلى ابن أبى الفضل المرسى: صحيح مسلم، وصحيح ابن حبان، وغير ذلك، عليهما وعلى جده لأمه سليمان بن خليل القسطلانى، وغيرهم من شيوخ مكة. وأجاز له من مصر: ابن الجباب، والساوى [ .... ] (1) وجماعة وحدث. سمع منه: ابن عبد الحميد ـ ومات قبله ـ والجد أبو عبد الله الفاسى، والبرزالى، وذكره فى معجمه وكناه بأبى القاسم، وترجمه بتراجم، منها: مفتى مكة، وقال: كان

_ 1776 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ بغداد 10/ 299 ـ 300، المنتظم 7/ 128 ـ 129، تذكرة الحفاظ 3/ 969 971، العبر 2/ 369، النجوم الزاهرة 4/ 147، شذرات الذهب 3/ 85، سير أعلام النبلاء 16/ 335). 1777 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1778 ـ عبد الرحمن بن محمد بن على بن عقبة المكى، يلقب بالوجيه

رجلا صالحا، منقطعا، مقبلا على شأنه، قليل المخالطة للناس، غزير العلم، شديد الإقبال على فروع الفقه وغوامضه، محبوبا إلى الناس، مجمعا على صلاحه وعلمه. وقال: سألت عنه ابن الدباهى. فقال: كان فقيها، ويعرف طرفا من الحديث والعربية؛ وكان الرضى ابن خليل أفضل منه، وبعضهم يفضله على ابن خليل، فى الفقه خاصة. توفى سنة إحدى وسبعمائة، ودفن بالمعلاة عند جده الفقيه سليمان رحمهما الله. ومولده فى سابع عشر ذى الحجة سنة اثنتين وثلاثين وستمائة بمكة. وقال: قال لى عبد الله بن الرضى بن خليل: إن مولده سنة ثلاثين وستمائة. وله كنيتان غير ما ذكرنا: أبو الحسن، وأبو محمد. انتهى. ووجدت بخط الجد أبى عبد الله الفاسى: أنه توفى فى أحد الربيعين سنة إحدى وسبعمائة، وأنه ولد سنة ثلاث وستمائة، وكتب عنه حكاية، وترجمه بالإمام مفتى الحرم. 1778 ـ عبد الرحمن بن محمد بن علىّ بن عقبة المكى، يلقب بالوجيه: مهندس الحرم الشريف، كان خيرا دينا، يخدم الناس كثيرا فى العمارات، وكان خبيرا بالهندسة والعمارة، وباشر ذلك مدة سنين، ثم ترك العمارة، واستفاد دنيا وعقارا وغيره بخيف بنى شديد، ومكة، وبها مات فى ليلة الجمعة تاسع عشرى ذى الحجة سنة ست وعشرين وثمانمائة. وقلد بلغ السبعين. وكان انقطاعه بمنزله، فى يوم الأربعاء السابع والعشرين من ذى الحجة، بعد أن صلى الظهر بالمسجد الحرام فى هذا اليوم، رحمه الله. 1779 ـ عبد الرحمن بن محمد بن عمر بن محمد التوزرى القسطلانى المكى، يلقب بالبهاء بن الضياء المالكى: إمام المالكية بالمسجد الحرام، سمع من أبى اليمن بن عساكر: صحيح مسلم، فى سنة أربع وستين وستمائة. وما علمته حدث. ووجدت بخط جدى أبى عبد الله الفاسى: أنه ولى الإمامة بعد أخيه أحمد، سنة إحدى وسبعين وستمائة. انتهى. وبلغنى: أنه كان له أخ أكبر منه يسمى عمر؛ وكان أخوه عمر يطمع بالإمامة بعد

_ 1778 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 4/ 142، الأعلام 3/ 330).

1780 ـ عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن أبى بكر الطبرى. المكى، يكنى أبا القاسم، ويلقب صدر الدين

أخيه أحمد؛ فلم يتم له قصد؛ لأن عمر أنزل أخاه أحمد فى قبر أبيهما الضياء المالكى؛ فرأى عمر أباه الضياء جالسا فى القبر؛ فتغير عقله لذلك تغيرا منعه من الإمامة؛ فتقدم فيها أخوه عبد الرحمن؛ فكان عمر إذا أفاق، يسأل عن الإمامة ومن يصلى بالناس. فيقال: أخوك عبد الرحمن، فينشد [من الكامل]: تصاهك عرج الحمير ... فقلت من عدم السوابق خلت الرقاع من الرخاخ ... فتفرزت فيها البياذق وذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة: أنه توفى سنة ثنتى عشرة. 1780 ـ عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن أبى بكر الطبرى. المكى، يكنى أبا القاسم، ويلقب صدر الدين: سمع من ابن أبى حرمى: صحيح البخارى، ومن ابن الجميزى: الثقفيات، والأربعين البلدانية للسلفى، وسمعها على شعيب الزعفرانى، وسمع عليه الأربعين الثقفية، وحدث. سمع منه نجم الدين بن عبد الحميد. وما عرفت متى مات، إلا أنه كان حيّا فى محرم سنة سبع وثمانين وستمائة؛ لأنه أجاز فى هذه السنة لبعض شيوخ شيوخنا المكيين. 1781 ـ عبد الرحمن بن أبى عبد الله محمد بن الرضى محمد بن أبى بكر بن خليل العسقلانى المكى: سمع فى الخامسة فى سنة ست وأربعين وسبعمائة، على الإمامين: فخر الدين التوزرى، وسراج الدين الدمنهورى: الموطأ، رواية يحيى بن بكير، وعلى عثمان بن الصفى الطبرى: سنن أبى داود، بفوت. وما علمته حدث. وكان يسكن بأرض خالد، من وادى مر، من أعمال مكة المشرفة، ويتولى عقد الأنكحة بها عن قضاة مكة. توفى فى ربيع الآخر سنة أربع وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 1782 ـ عبد الرحمن بن محمد بن الضياء محمد بن عبد الله بن محمد بن أبى المكارم الحموى الأصل، المكى: سمع من الجمال الأميوطى [ .... ] (1) وشيخنا ابن صديق، وغيرهم من شيوخنا بمكة، وسمع معى فى الرحلة، من جماعة من شيوخنا بمصر والشام، وكان حسن الأخلاق

_ 1782 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1783 ـ عبد الرحمن بن محمد بن أبى الطاهر محمد بن عبد الرحمن بن أبى الفتح العمرى، المصرى الأصل، المكى المولد والدار

والصحبة، كثير الاهتمام بحقوق أصحابه وخدمتهم، كثير القناعة والعبادة. توفى بعد علة طويلة، حصل فيها على ثواب كثير إن شاء الله تعالى، فى ليلة السبت ثالث عشر شعبان سنة خمس عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة عن خمسين أو أزيد بيسير. 1783 ـ عبد الرحمن بن محمد بن أبى الطاهر محمد بن عبد الرحمن بن أبى الفتح العمرى، المصرى الأصل، المكى المولد والدار: المؤذن بالحرم الشريف، سمع من: عيسى بن عبد الله الحجى، والآقشهرى، وموسى ابن علىّ الزهراني: جامع الترمذى، بفوت غير معين. وما علمته حدث. وأظنه أجاز لى. وكان مؤذنا بمئذنة دار الندوة، تلقاها عن أبيه عن جده. توفى فى آخر شهر ربيع الآخر سنة ثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. ومولده سنة تسع وعشرين وسبعمائة. 1784 ـ عبد الرحمن بن أبى الخير محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن فهد القرشى الهاشمى المكى، يلقب بالوجيه: سمع من محمد بن أحمد بن عبد المعطى: البلدانية لابن عساكر، وقرأ مختصر التبريزى، على شيخنا جمال الدين بن ظهيرة بحثا، ولازم درسه مدة. توفى فى جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة فى طاعون كان بمكة فى هذه السنة. قضى الله له فيه بالشهادة. ومولده سنة ثلاث وستين وسبعمائة. وبلغنى: أنه رأى فى النوم، بدر الدين حسن بن محمد بن أبى بكر الشيبى السابق ذكره، وكان قد توفى قبله بأيام يسيرة، وقد لببه حسن الشيبى، أى أخذ بأطواقه، ومضى به حتى خرج به من باب بنى شيبة، فتخيل أنه يموت، فكان كذلك. هذا معنى ما بلغنى فى هذه الحكاية. 1785 ـ عبد الرحمن بن أبى الخير محمد بن أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى المكى، يكنى أبا زيد، ويلقب بالتقى: شيخ المالكية بمكة، ذكر لى أنه ولد فى شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين

1786 ـ عبد الرحمن بن مالك بن جعشم المدلجى

وسبعمائة بمكة، وأن أباه استجاز بإثر مولده من جماعة، منهم: الجمال المطرى، وأنه أسمعه بالمدينة شيئا من آخر الشفا للقاضى عياض، على الزبير بن علىّ الأسوانى، وأجاز له فى سنة سبع وأربعين وسبعمائة، وأنه سمع على والده بعض الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، ولبس منه الخرقة. وقد وجدت سماعه عليه لكتاب الملخص للقابسى، فى السنة الخامسة من عمره، وسمع على إبراهيم بن الكمال محمد بن نصر الله بن النحاس: أحاديث من مسند ابن عباس، من مسند أحمد بن حنبل، وسمع فى سنة تسع وأربعين، على الإمام نور الدين علىّ بن محمد الهمدانى، والشيخين: شهاب الدين أحمد بن محمد بن الحسين الهكارى، وتاج الدين أحمد بن عثمان بن علىّ، المعروف بابن بنت أبى سعد الأنصارى، والقاضى عز الدين بن جماعة: جامع الترمذى، بسندهم السابق، وسمع على ابن جماعة كثيرا من مروياته ومؤلفاته، وعلى جماعة سواه، منهم: الشيخ خليل المالكى، وتفقه عليه وعلى غير واحد، منهم: الشيخ موسى المراكشى المالكى، ولزمه مدة سنين، وتصدى بعده للتدريس والفتوى بمكة، ودام على ذلك نحو خمس عشرة سنة، ودرس قبل ذلك مثل هذه المدة أو أزيد، وانتفع الناس به فى ذلك كثيرا. وكان جيد المعرفة بالفقه، وله مشاركة فى غيره من فنون العلم. وكان حسن التدريس والفتوى، جليل القدر، له وقع فى النفوس، ذا ديانة وعبادة، ومحاسن كثيرة. سمعت منه، وقرأت عليه الموطأ وغيره، وانتفعت به فى معرفة المذهب كثيرا، وهو من شيوخى الآذنين لى فى الإفتاء والتدريس، بعد القاضى تاج الدين بهرام بن عبد الله المالكى، وقبل القاضى زين الدين خلف بن أبى بكر بن أحمد النحريرى المالكى. وتوفى فى ليلة الأربعاء خامس عشر ذى القعدة سنة خمس وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة فى قبر الشيخ أبى لكوط، بوصية منه، وكثر الأسف عليه، لوفور محاسنه. تغمده الله برحمته. 1786 ـ عبد الرحمن بن مالك بن جعشم المدلجى: روى عن عمه سراقة بن مالك بن جعشم، وأبيه. وروى عنه الزهرى، وروى له

_ 1786 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 286).

1787 ـ عبد الرحمن بن المرقع

البخارى (1) وابن ماجة (2)، ووثقه النسائى. وذكره مسلم فى الطبقة الثانية، من تابعى أهل مكة. 1787 ـ عبد الرحمن بن المرقع: سكن مكة والمدينة، وروى عنه أبو يزيد المدنى. ذكره صاحب الاستيعاب. 1788 ـ عبد الرحمن بن مسعود الخزاعى: له رواية، هكذا ذكره الكاشغرى، ولم يذكره ابن عبد البر ولا الذهبى. 1789 ـ عبد الرحمن بن مطعم البنانى أبو المنهال المكى، وقيل بصرى: نزيل مكة، روى عن: إياس بن عبيد، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم، وابن عباس، وروى عنه: عمرو بن دينار، وعبد الله بن كثير، وغيرهما. وروى له الجماعة. وسئل عنه أبو زرعه، فقال: مكى ثقة. وقال ابن أبى عاصم: مات سنة ست ومائة. 1790 ـ عبد الرحمن بن مطيع بن نوفل: كذا وهموا فيه. وإنما هو ابن مطيع، عن نوفل. ذكره هكذا الذهبى. ومطيع: هو ابن

_ (1) فى صحيحه، فى كتاب المناقب، حديث رقم (3616) من طريق: يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل قال ابن شهاب: فأخبرنى عروة بن الزبير أن عائشة رضى الله عنها زوج النبى صلى الله عليه وسلم قالت: لم أعقل أبوى قط إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفى النهار بكرة وعشية، فلما ابتلى المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة ..... الحديث (2) فى سننه، كتاب الأدب، حديث رقم (3676) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا محمد بن إسحاق عن الزهرى عن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم عن أبيه عن عمه سراقة بن جعشم قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ضالة الإبل تغشى حياضى قد لطتها لإبلى فهل لى من أجر إن سقيتها قال: نعم فى كل ذات كبد حرى أجر. 1787 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1465، الإصابة ترجمة 5215، أسد الغابة ترجمة 3390، الثقات 3/ 254، تجريد أسماء الصحابة 1/ 355، التاريخ الكبير 5/ 248، التحفة اللطيفة 2/ 541). 1788 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 360). 1789 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 284). 1790 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 5/ 243).

1791 ـ عبد الرحمن بن معاذ بن عثمان التيمى

الأسود العدوى. ونوفل هو الديلى، وهو خاله، ووهم الكاشغرى فيه من وجهين: أحدهما أنه قال: عبد الرحمن بن مطيع بن نوفل بن معاوية. وهذا الوهم فى النسب. والآخر أنه قال: روى عن جده نوفل. وقد روى عن عبد الرحمن هذا، أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام. وروى له: البخارى (1)، ومسلم (2)، حديثا واحدا، معقبا بحديث تقدمه. ووقع لنا عاليا فى الطبرانى. 1791 ـ عبد الرحمن بن معاذ بن عثمان التيمى: ابن عم طلحة بن عبيد الله، أحد العشرة، روى عنه محمد بن إبراهيم بن الحارث

_ (1) فى صحيحه، كتاب المناقب، حديث رقم (3334) من طريق: عبد العزيز الأويسى حدثنا إبراهيم عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب عن ابن المسيب وأبى سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشى والماشى فيها خير من الساعى ومن يشرف لها تستشرفه ومن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به وعن ابن شهاب حدثنى أبو بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث عن عبد الرحمن بن مطيع بن الأسود عن نوفل بن معاوية مثل حديث أبى هريرة هذا إلا أن أبا بكر يزيد: من الصلاة صلاة من فاتته فكأنما وتر أهله وماله. (2) فى الصحيح، كتاب الفتن وأشراط الساعة، حديث رقم (5136) من طريق: عمرو الناقد والحسن الحلوانى وعبد بن حميد قال عبد: أخبرنى، وقال الآخران: حدثنا يعقوب، وهو ابن إبراهيم بن سعد، حدثنا أبى عن صالح عن ابن شهاب حدثنى ابن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشى والماشى فيها خير من الساعى، من تشرف لها تستشرفه ومن وجد فيها ملجأ فليعذ به، حدثنا عمرو الناقد والحسن الحلوانى وعبد بن حميد قال عبد: أخبرنى وقال الآخران: حدثنا يعقوب حدثنا أبى عن صالح عن ابن شهاب حدثنى أبو بكر بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن مطيع بن الأسود عن نوفل بن معاوية مثل حديث أبى هريرة هذا إلا أن أبا بكر يزيد: من الصلاة صلاة من فاتته فكأنما وتر أهله وماله. 1791 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1467، الإصابة ترجمة 5221، أسد الغابة ترجمة 3397، الثقات 3/ 257، تجريد أسماء الصحابة 1/ 356، تقريب التهذيب 1/ 498، الجرح والتعديل 5/ 280، تهذيب التهذيب 6/ 271، تهذيب الكمال 2/ 817، الكاشف 2/ 186، بقى بن مخلد 960).

1792 ـ عبد الرحمن بن نافع بن الحارث الخزاعى

التيمى، حديث: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى، وقال: «ارموا الجمار بمثل حصى الخذف» (1). وقيل فى هذا الحديث: عن محمد بن إبراهيم، عن رجل من قومه، يقال له معاذ بن عثمان، أو عثمان بن معاذ. وقيل: عن محمد بن إبراهيم التيمى، عن عبد الرحمن بن معاذ، عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم. 1792 ـ عبد الرحمن بن نافع بن الحارث الخزاعى: روى عن أبى موسى الأشعرى، وروى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن، وبعضهم يرسل حديثه، وهو حديث: «دلى رجليه فى القف» (1). وروى له البخارى فى الأدب، وابن ماجة (2). وذكره مسلم فى الطبقة الأولى من تابعى أهل مكة.

_ (1) أخرجه أبو داود فى سننه، كتاب المناسك، حديث رقم (1672) من طريق: مسدد حدثنا عبد الوارث عن حميد الأعرج عن محمد بن إبراهيم التيمى عن عبد الرحمن بن معاذ التيمى قال: خطبنا رسول اللهصلى الله عليه وسلم ونحن بمنى ففتحت أسماعنا حتى كنا نسمع ما يقول ونحن فى منازلنا فطفق يعلمهم مناسكهم حتى بلغ الجمار فوضع إصبعيه السبابتين ثم قال بحصى الخذف ثم أمر المهاجرين فنزلوا فى مقدم المسجد وأمر الأنصار فنزلوا من وراء المسجد ثم نزل الناس بعد ذلك. 1792 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 5/ 246). (1) أخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده (18823) من طريق: يعقوب حدثنا أبى عن صالح قال حدث أبو الزناد أن أبا سلمة أخبره أن عبد الرحمن بن نافع بن عبد الحارث الخزاعى أخبره أن أبا موسى أخبره أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم كان فى حائط بالمدينة على قف البئر مدليا رجليه فدق الباب أبو بكر رضى الله تعالى عنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائذن له وبشره بالجنة ففعل فدخل أبو بكر رضى الله تعالى عنه فدلى رجليه ثم دق الباب عمر رضى الله تعالى عنه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائذن له وبشره بالجنة ففعل ثم دق الباب عثمان بن عفان رضى الله تعالى عنه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائذن له وبشره بالجنة وسيلقى بلاء ففعل. (2) لم أجد له رواية فى سنن ابن ماجة، والله أعلم. ووجدت له رواية فى السنن الكبرى للنسائى، باب فضائل أبى بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم، حديث رقم (8061) من طريق: عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد قال: ثنا عمى قال: أنا أبى عن صالح عن أبى الزّناد، أن أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أخبره أن عبد الرحمن بن نافع بن عبد الحارث الخزاعى أخبره أنّ أبا موسى الأشعرى أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فى حائط بالمدينة على قفّ البئر مدليا رجليه، وذكر الحديث السابق.

1793 ـ عبد الرحمن بن هارون بن عبد الله بن محمد بن كثير بن معن عبد الرحمن بن عوف الزهرى

1793 ـ عبد الرحمن بن هارون بن عبد الله بن محمد بن كثير بن معن عبد الرحمن بن عوف الزهرى: قاضى مكة، ذكر ابن حزم: أنه ولى قضاء مكة للمعتضد، ومات بها سنة إحدى وتسعين ومائتين. وجزم ابن يونس فى تاريخ الغرباء، بأنه توفى فى هذا التاريخ بمصر، قال: وقيل بمكة. 1794 ـ عبد الرحمن بن وردان الغفارى، أبو بكر المكى المؤذن: روى عن أنس بن مالك، وأبى سلمة بن عبد الرحمن، وغيرهما. وروى عنه: مروان ابن معاوية، وأبو عاصم النبيل، وغيرهما. وروى له أبو داود (1). وقال ابن معين: صالح. 1795 ـ عبد الرحمن بن يزيد بن محمد بن حنظلة بن محمد بن عباد بن جعفر المخزومى، قاضى مكة: هكذا نسبه ابن حزم، وذكر أنه ولى قضاء، وأن له ابنا محدا، اسمه محمد. وذكره الفاكهى فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله: ذكر من ولى قضاء مكة من أهلها من قريش. وكان منهم: محمد بن عبد الرحمن السفيانى، الذى ذكرناه آنفا، ثم من بعد ذلك عبد الرحمن بن يزيد بن حنظلة، أدركته على قضائه مكة. انتهى. وقال لما ذكر سيول مكة: ولم يغرق وادى مكة إلى سنة سبع وثلاثين ومائتين، فغرقته

_ 1794 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 295). (1) فى سننه، كتاب الطهارة، حديث رقم (96) من طريق: الحسن بن على الحلوانى حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهرى عن عطاء بن يزيد الليثى عن حمران بن أبان مولى عثمان بن عفان قال: رأيت عثمان بن عفان توضأ فأفرغ على يديه ثلاثا فغسلهما ثم تمضمض واستنثر ثم غسل وجهه ثلاثا وغسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثا ثم اليسرى مثل ذلك ثم مسح رأسه ثم غسل قدمه اليمنى ثلاثا ثم اليسرى مثل ذلك ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مثل وضوئى هذا ثم قال: من توضأ مثل وضوئى هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه. حدثنا محمد بن المثنى حدثنا الضحاك بن مخلد حدثنا عبد الرحمن بن وردان حدثنى أبو سلمة بن عبد الرحمن حدثنى حمران قال: رأيت عثمان بن عفان توضأ فذكر نحوه ولم يذكر المضمضة والاستنشاق وقال فيه ومسح رأسه ثلاثا ثم غسل رجليه ثلاثا ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ هكذا وقال: من توضأ دون هذا كفاه، ولم يذكر أمر الصلاة. 1795 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 367).

1796 ـ عبد الرحمن بن يعقوب بن إسحاق بن أبى عباد العبدى، أبو محمد البصرى

أم المتوكل. وكان المتولى لذلك، محمد بن داود، وعبد الرحمن بن يزيد. انتهى. وهذا يدل على أن عبد الرحمن هذا، كان على قضاء مكة فى هذا التاريخ. والله أعلم. 1796 ـ عبد الرحمن بن يعقوب بن إسحاق بن أبى عباد العبدى، أبو محمد البصرى: ذكر ابن يونس: أن أصله من البصرة، وأنه أقام بمكة، وقدم مصر، وحدث بها. وتوفى بالقلزم سنة تسع وثلاثين ومائتين. 1797 ـ عبد الرحمن بن يعقوب بن عمر الكورانى، المكى المولد والدار: سمع من عثمان بن الصفى [ .... ] (1). 1798 ـ عبد الرحمن بن يعمر الديلى: شهد حجة النبى صلى الله عليه وسلم، وله حديثان (1). رواهما عنه بكير بن عطاء. وروى له أصحاب السنن. وسكن الكوفة، ومات بخراسان على ما قيل. 1799 ـ عبد الرحمن بن يوسف بن أحمد بن صالح بن عبد الرحمن الشيبى المكى، يلقب بالوجيه: أحد الحجبة، أجاز له فى سنة ثلاث عشرة: الدشتى، والقاضى سليمان بن حمزة، والمطعم، وابن مكتوم، وابن عبد الدايم، وغيرهم، من دمشق. ومن مكة: الرضى الطبرى، وجماعة. وتوفى ـ ظنّا ـ سنة اثنتين وستين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. وكان موته فجأة؛

_ 1797 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 1798 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1472، الإصابة ترجمة 5235، أسد الغابة ترجمة 3413، الثقات 3/ 250، تجريد أسماء الصحابة 1/ 358، الطبقات 34، 128، 322، تقريب التهذيب 1/ 503، الجرح والتعديل 5/ 298، الإكمال 7/ 433، تهذيب التهذيب 6/ 301، التاريخ الكبير 5/ 243، الكاشف 2/ 192، تهذيب الكمال 2/ 826، تلقيح فهوم أهل الأثر 374، بقى بن مخلد 389). (1) قال ابن عبد البر فى الاستيعاب أنه روى عن النبى صلى الله عليه وسلم حديث: «الحج عرفات ... » ولم يروه غيره.

1800 ـ عبد الرحمن بن يوسف بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم القرشى، يكنى أبا محمد، وأبا القاسم، ويلقب نجم الدين، ويعرف بالأصفونى

لأنه خرج من الكعبة، واستند إلى شباك المقام، ففاضت روحه. وكان خيرا. 1800 ـ عبد الرحمن بن يوسف بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم القرشى، يكنى أبا محمد، وأبا القاسم، ويلقب نجم الدين، ويعرف بالأصفونى: نزيل مكة ومفتيها، ولد بأصفون، من أعمال القوصية من صعيد مصر الأعلى، فى سنة تسع وتسعين وستمائة. وتفقه فى مذهب الشافعى على البهاء القفطى بإسنا، وقرأ عليه الأصول، والعربى، والفرائض، والجبر والمقابلة، وغير ذلك. وأذن له فى التدريس، وأذن له فى الفتوى: قاضى قنا، المفتى محيى الدين بن حجازى ابن مرتضى القرشى. وقرأ القراءات السبع، على الشيخ سراج الدين أبى بكر بن عثمان بن عبد الله الشافعى. وسمع الحديث على القاضى عماد الدين محمد بن سالم الجرمى البلبيسى الشافعى. سكن قوص، ودرس بها، وانتفع به كثيرون، وتردد إلى مكة مرارا من بحر عيذاب، أولها سنة أربع وسبعمائة، وحج فيها. ثم فى سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، وحج فيها، ثم فى سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، وحج فيها. وأقام بمكة، حتى توفى، وسمع بها من: عيسى الحجى، ومحمد بن الصفى الطبرى، وأخيه عثمان بن الصفى، والزين الطبرى، وعبد الوهاب الواسطى، والمعظم عيسى الأيوبى. وحدث بها عن عيسى: بالأحاديث التساعية، والثمانية، من رواية عمة أبيه مؤنسة خاتون عنها، سمعها منه: شيخنا ابن سكر. وأجاز له مروياته على ما وجدت بخطه، ودرس، وأفتى. وكان عليه مدار الفتوى بمكة، وانتفع الناس به كثيرا، وكان بارعا فى الفقه والفرائض والحساب، والجبر والمقابلة. وله تآليف فى المسائل الدورية فى الفقه، وعلمها من طريق الجبر والمقابلة، وتأليف فى الفقه، اختصر فيه «الروضة» للنواوى. وكان صالحا، سليم الصدر، يتبرك به من رآه من السنة والبدعة. وكان يقال إنه قطب.

_ 1800 ـ انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 2/ 350، الشذرات 6/ 167، ذخائر الأوقاف 211، كشف الظنون 930، مخطوطات الظاهرية 255، الأعلام 3/ 342، 343).

وسمعت شيخنا قاضى القضاة جمال الدين بن ظهيرة يقول: إن حسين بن علىّ بن ظهيرة، أخبره أنه دخل على الشيخ نجم الدين الأصفونى المذكور فى بيته يوم جمعة، وهو يخيط. وعنده أولاده وهم يأكلون محببة فى هيئة عفة، فقال حسين فى نفسه ما معناه: إن القطب يخيط وله أولاد يأكلون هكذا؟ فقال الشيخ نجم الدين: نعم. انتهى. وأخبرنى شيخنا الشريف عبد الرحمن الفاسى عن حسين بن ظهيرة بهذه الحكاية، إلا أنه لم يقل: إن الشيخ كان يخيط. وهذه منقبة للشيخ نجم الدين الأصفونى. وقد أثنى عليه غير واحد، منهم: بدر الدين بن حبيب فى تاريخه؛ لأنه قال: عالم برع فى المذهب، وأطنب فى تحقيقه وأسهب، وميز فى معرفة فروعه، وجد فى جداد ثمر جذوعه، وكان وافر الديانة والخير، مأمون القائلة، ميمون الصبر، شاع فى البلاد أمره، واشتهر بالعلم ذكره. لخص «روضة» الشيخ محيى الدين النواوى، وظهر بما يأخذه المستفيد وينقله الراوى. جاور بمكة عدة سنين، وخص بمشاهدة البيت الرفيع، والمقام الأمين. انتهى. توفى يوم الثلاثاء الثالث عشر من ذى الحجة سنة خمسين وسبعمائة بمنى، ونقل إلى المعلاة، ودفن بها. وكان عزم على العود إلى الديار المصرية فى هذه السنة، واكترى. فاختار الله تعالى له أن تكون تربته بالمعلاة، وأن يحشر مع أهلها إلى الدار الآخرة. ومن فتاويه الغريبة قوله: إن منى كغيرها فى جواز بيع دورها وإجارتها. انتهى وهذا غير سديد، نقلا ونظرا. أما النقل، فلحديث عائشة رضى الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، ألا نبنى لك بيتا يظلك؟ . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لها: «منى مناخ من سبق». أخرجه الترمذى (1) وحسنه، وأبو داود وسكت عليه (2). فهو صالح للاحتجاج به، وجزم النووى فى «المنهاج» من زوائده، بأن منى ومزدلفة، لا يجوز إحياء مواتهما كعرفة، والله أعلم.

_ (1) فى سننه، كتاب الحج، حديث رقم (807). (2) فى سننه، كتاب المناسك، حديث رقم (1726) من طريق: أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرحمن بن مهدى حدثنا إسرائيل عن إبراهيم ابن مهاجر عن يوسف بن ماهك عن أمه عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله، ألا نبنى لك بمنى بيتا أو بناء يظلك من الشمس؟ فقال: لا، إنما هو مناخ من سبق إليه.

1801 ـ عبد الرحمن بن يوسف بن إسحاق بن أبى بكر الطبرى المكى، يكنى أبا القاسم، ويلقب بالشرف

وذكر أبو اليمن بن عساكر ما يوافق ذلك. وأما النظر: فلأن منى متعبد ونسك لعامة المسلمين، فأشبهت المسبلات، فيفارق بذلك ما ليس هذا شأنه من موات الحرام. والله تعالى أعلم. 1801 ـ عبد الرحمن بن يوسف بن إسحاق بن أبى بكر الطبرى المكى، يكنى أبا القاسم، ويلقب بالشرف: سمع من ابن أبى حرمى: صحيح البخارى، وعلى ابن الجميزى: الثقفيات، وعلى شعيب الزعفرانى: الأربعين البلدانية. ومن ابن أبى الفضل المرسى، وغيرهم. ووجدت بخط شيخنا ابن سكر: أن ابن الخازن، وابن القبيطى. أجاز له، وحدث. سمع منه المحدثان: نجم الدين بن عبد الحميد، ورافع بن أبى محمد السلامى. وما علمت متى مات، إلا أنه كان حيّا فى ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وستمائة، لأنى وجدت بخطه فى مكتوب، يشهد فيه على قاضى مكة جمال الدين محمد بن المحب الطبرى. 1802 ـ عبد الرحمن المكى: رأى الزبير بن الزبير، وعبد الرحمن المدنى. عن أبى هريرة، مجهولان. ذكره هكذا الذهبى فى الميزان. 1803 ـ عبد الرحمن الغمارى الفاسى: ذكره جدى أبو عبد الله الفاسى فى تعاليقه، وقال: كان كثير التصوف كثير الكرامات، وحكى عن أبى الهدى حسن بن القطب القسطلانى، أنه سمعه يقول: قال: سمعت الشيخ أحمد الخازن المقيم بعدن، يقول: جاء بعض التجار إلى مكة، وفيها الشيخ عبد الرحمن الغمارى الفاسى، فأعطاه عشرين درهما، فأبى الشيخ عبد الرحمن أن يقبلها، فقال له: لو كانت مائة مثقال أخذتها! فقال له الشيخ عبد الرحمن: وما نأخذها إلا ومعها حبة مسك. فذهب ذلك التاجر وسافر، وتغيرت عليه الأمور، ورأى النقص فى أحواله، فوقع فى نفسه هذا، لجفائه على الشيخ عبد الرحمن، فعزم أنه يعود إلى مكة، ويعطيه الذى ذكر، فاتفق أنه حج تلك السنة، وجاء إلى الشيخ عبد الرحمن بمائة مثقال ذهبا، ومعها حبة مسك، وقال: يا سيدى صدقك الله وكذبنى. فقبلها الشيخ منه.

من اسمه عبد الرحيم

ووجدت بخط جدى: أن أمين الدين القسطلانى، أخبره عمن لقى من شيوخ مكة، أن الشيخ عبد الرحمن هذا، كان ينفق كل يوم فى مكة على ثلاثمائة فقير، وكان مجردا. * * * من اسمه عبد الرحيم 1804 ـ عبد الرحيم بن أحمد بن حجوز بن أحمد بن حمزة بن جعفر بن إسماعيل ابن جعفر بن محمد بن المأمون بن علىّ بن الحسين بن علىّ بن محمد بن جعفر الصادق ابن محمد الباقر بن زين العابدين علىّ بن الحسين بن علىّ بن أبى طالب الحسينى، أبو محمد المعروف بالقناوى: ذكره المنذرى فى التكلمة. فقال: كان أحد الزهاد المشهورين. والعباد المذكورين، ظهرت بركاته على جماعة ممن صحبه، وتخرج عليه جماعة من أعيان الصالحين بصالح أنفاسه. وذكر أنه توفى فى أحد الربيعين سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة بقنا، من صعيد مصر الأعلى. انتهى. ووجدت بخط الكمال جعفر الأدفوى، فى حاشية «التكملة»، وفاته فى التاسع من صفر بغير خلاف ذكره أصحابه، وهو فى العمود الذى عند رأسه كذلك وقد ذكره الكمال الأدفوى فى «الطالع السعيد» ونسبه فيه كما ذكرناه. وذكر أنه أقام بمكة سبع سنين، وقد ذكر ذلك شيخنا العلامة أبو حفص عمر بن النحوى فى «طبقات الصوفية»، قال: ثم قنا، وأقام بها حتى مات، بعد أن تزوج بها وولد له بها أولاد، وقال: الترغى المولد، السبتى المحتد، ونزع من أعمال سبتة. 1805 ـ عبد الرحيم بن أحمد بن طالع بن بركات المكى، أبو محمد: سمع أبا الحسن بن البنا. وحدث. توفى فى جمادى الآخرة سنة خمسين وستمائة بدمشق، ذكره الشريف أبو القاسم الحسينى فى وفياته. 1806 ـ عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الخالق بن أحمد اليوسفى: أخو عبد الحق. روى عن ابن بيان وجماعة. سمع منه ابن أبى الصيف بمكة.

_ 1804 ـ انظر ترجمته فى: (خطط مبارك 14/ 122، الأعلام 3/ 343).

1807 ـ عبد الرحيم بن الحسن بن محمد بن على بن الحسين بن على الشيبانى الطبرى، القاضى مجد الدين

وذكر الذهبى: أنه توفى بها سنة أربع وسبعين وخمسمائة، وله سبعون سنة. قال: وكان خياطا دينا. 1807 ـ عبد الرحيم بن الحسن بن محمد بن علىّ بن الحسين بن علىّ الشيبانى الطبرى، القاضى مجد الدين: توفى يوم الخميس سابع عشر جمادى الأولى سنة ثمان وتسعين وخمسمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. نقلت وفاته من حجر قبره. ومنه كتبت لقبه، وترجم فيه: بالقاضى، وبالشاب. وقد تقدم ذكر جده القاضى أبى المظفر محمد بن علىّ بن الحسن الشيبانى فى محله. 1808 ـ عبد الرحيم بن علىّ بن الحسن بن المفرج بن الحسين بن أحمد بن المفرج بن أحمد اللخمى العسقلانى المولد، المصرى الدار، المعروف بالقاضى الفاضل، مجير الدين أبو علىّ بن القاضى الأشرف بهاء الدين أبى المجد بن القاضى السعيد أبى محمد: وزير السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، وصاحب ديوان إنشائه. ذكرناه فى هذا الكتاب؛ لأن له مآثر بمكة، وهى الرباط، المعروف برباط أبى رقيبة عند مدرسة الأرسوفى، بأسفل مكة، قريبا من باب العمرة، وقفه هو وشريكه فيه، العفيف عبد الله بن محمد بن عبد الله المعروف بالأرسوفى، وهو الذى وقفه عن القاضى الفاضل وشريكه فيه. كما فى الحجر الذى على باب الرباط المذكور. وفى الحجر: أنه وقفه على الفقراء والمساكين العرب والعجم، الرجال دون النساء، القادمين إلى مكة والمجاورين بها، على أن لا يزيد الساكن فى السكنى فيه على ثلاث سنين، إلا أن تقطع أقدامه، وسكناه فى السفر إلى مسافة تقصر فيها الصلاة. نقلت هذا من حجر الرباط المذكور، وتاريخه سنة إحدى وتسعين وخمسمائة. وقد ذكر ابن خلكان شيئا من خبره، فقال ـ بعد أن نسبه كما ذكرنا ـ: وزر

_ 1808 ـ انظر ترجمته فى: (الخريدة 1/ 35، ابن الجوزى 202، معجم البلدان 1/ 788، ابن نقطة إكمال الإكمال 61، التاريخ المظفرى 228، سبط ابن الجوزى 8/ 472، الذيل 17، التكملة ترجمة 526، الجامع 9/ 28، الوفيات 3/ 158، فى طبقات السبكى 7/ 166، البداية والنهاية 13/ 24، العقد 162، العسجد 162، السلوك 1/ 153، طبقات النحاة 185، عقد الجمان 17/ 247، ابن الفرات 8/ 74، سير أعلام النبلاء 21/ 338).

للسلطان الملك الناصر صلاح الدين رحمه الله، وتمكن منه غاية التمكن، وبرز فى صناعة الإنشاء، وفاق المتقدمين، وله فيه الغرائب مع الإكثار. أخبرنى أحد الفضلاء الثقات، المطلعين على حقيقه أمره، أن مسودات رسائله فى المجلدات، والتعليقات فى الأوراق، إذا جمعت، ما تقصر عن مائة مجلد، وهو مجيد فى أكثرها. قال العماد الكاتب الأصبهانى فى كتاب الخريدة فى حقه: رب القلم والبيان واللسن واللسان، والقريحة الوقادة، والبصيرة النقادة، والبديهة المعجزة، والبديعة المطرزة، والفضل الذى ما سمع فى الأوائل بمن لو عاش فى زمانه لتغلق بغباره، أو جرى فى مضماره. فهو كالشريعة المحمدية التى نسخت الشرائع ورسخت بها الصنائع، يخترع الأفكار، ويفترع الأبكار، ويطلع الأنوار، ويبدع الأزهار، وهو ضابط الملك بآرائه، ورابط السلك بآلائه، إن شاء أنشأ فى يوم واحد، بل فى ساعة واحدة، ما لو دون، لكان لأهل الصناعة خير بضاعة، أين قس عند فصاحته، وأين قيس فى مقام حصافته، ومن حاتم وعمرو فى سماحته وحماسته؟ . وأطال القول فى تقريظه. ونذكر له رسالة لطيفة كتبها على يد خطيب عيذاب إلى صلاح الدين، يتشفع له فى توليته خطابة الكرك، وهى: أدام الله سلطان الملك الناصر وثبته، وتقبل عمله بقبول صالح وأثبته، وأخذ عدوه قائلا أو بيته، وأرغم أنفه بسيفه وكبته، خدمة المملوك هذه، واردة على يد خطيب عيذاب، ولما نبا به المنزل عنها، وقل عليه الموفق فيها، وسمع بهذه الفتوحات التى طبق الأرض ذكرها. ووجب على أهلها شكرها هاجر من هجير عيذاب، وملحها، ساريا فى ليلة أمل كلها نهار، ولا يسأل عن صبحها، وقد رغب فى خطابة الكرك، وهو خطيب، وتوسل بالمملوك فى هذا الملتمس وهو قريب، ونزع من مصر إلى الشام، ومن عيذاب إلى الكرك، وهذا عجيب. والفقر سائق عنيف، والمذكور عائل ضعيف، ولطف الله بالخلق بوجود مولانا لطيف، والسلام. وله من جملة رسالة فى صفة قلعة شاهقة، ولقد أبدع فيها. ويقال إنها قلعة كوكب: وهذه القلعة عقاب فى عقاب، ونجم فى سحاب، وهامة لها الغمامة عمامة، وأنملة إذا خضبها الأصيل كان لها الهلال قلامة. وملحه ونوادره كثيرة. وقوله: كان الهلال لها قلامة، أخذه من قول عبد الله بن المعتز من جملة أبياته فى

نرجمته وهو (1) [من البسيط]: ولاح ضوء هلال كاد يفضحنا ... مثل القلامة قد قدت من الظفر وابن المعتز أخذ من قول عمرو بن قميئة، هو (2) [من المتقارب]: كأن ابن مزنتها جانحا ... فسيط لدى الأفق من خنصر والقسيط: بفتح الفاء وكسر السين المهملة. قلامة الظفر. ومن كلامه فى أثناء رسالة وقد كبر: والمملوك قد وهت ركبتاه، وضعف إليتاه وكتبت لام الألف عند قيامه رجلاه، ولم يبق من نظره إلا شفافة، ومن حديثه إلا خرافة. وله فى النظم أشياء حسنة، منها ما أنشده عند وصوله إلى الفرات، فى خدمة السلطان صلاح الدين رحمه الله تعالى، ومتشوقا إلى نيل مصر (3) [من الكامل]: بالله قل للنيل عنى إننى ... لم أشف من ماء الفرات غليلا وسل الفؤاد فإنه لى شاهد ... إن كان جفنى بالدموع بخيلا يا قلب كم خلقت ثم بثينة ... وأعيذ صبرك أن يكون جميلا وكان كثيرا ما ينشد لابن مكنسة، وهو أبو طاهر إسماعيل بن محمد بن الحسين القرشى الإسكندرى [من الكامل]: وإذا السعادة أحرستك عيونها ... نم فالمخاوف كلهن أمان واصطد بها العنقاء فهى حبالة (4) ... واقتد بها الجوزاء فهى عنان ومن المنسوب إلى القاضى الفاضل قوله [من الكامل]: غيث أقلب فيه طرف ترقبى (5) ... فعسى يكون وراءه الإعتاب ومن شعره أيضا قوله (6) [من السريع]:

_ (1) انظر فى: (ابن خلكان 3/ 160). (2) انظر فى: (ابن خلكان 3/ 160). (3) انظر فى: (ابن خلكان 3/ 160). (4) فى وفيات الأعيان 3/ 161: واصطد بها العنقاء فهى حبائل (5) فى وفيات الأعيان 3/ 160: عتب أقلب فيه طرف ترقبى (6) انظر: وفيات الأعيان 3/ 160.

بتنا على حال يسر الهوى ... وربما لا يمكن الشرح بوّابنا الليل وقلنا له ... إن غبت عنا دخل الصبح قلت: وقد نظمت هذا المعنى فى دو بيت، وهو (7): ما أطيب ليلة مضت بالسفح ... والوصف لها يقصر عنه شرح إذا قلت لها بوابنا أنت متى ... ما غبت نخاف من دخول الصبح وكان الملك العزيز بن صلاح الدين، يميل إلى القاضى الفاضل فى حياة أبيه، فأتفق أن العزيز هوى قينة شغلته عن مصالحه، وبلغ ذلك والده، فأمره بتركها، ومنعه من صحبتها، فشق ذلك عليه وضاق صدره، ولم يجسر أن يجتمع بها. فلما طال ذلك بينهما، سيرت له مع بعض الخدم كرة عنبر، فكسرها فوجد فى وسطها زر ذهب، ففكر فيه، فلم يعرف معناه. واتفق حضور الفاضل إليه، فعرفه الصورة، فعمل القاضى الفاضل فى ذلك بيتين، وأرسلهما إليه، وهما (8) [من السريع]: أهدت لك العنبر فى وسطه ... زر من التبر دقيق اللحام والدر فى العنبر معناهما ... زر هكذا مستترا فى الظلام فعلم الملك العزيز أنها أرادت زيارته فى الليل. وشعره كثير. وكانت ولادته فى يوم الاثنين خامس عشر جمادى الآخر سنة تسع وعشرين بمدينة عسقلان، وتولى أبوه القضاء بمدينة بيسان، فلهذا نسبوه إليها. وفى ترجمة الموفق يوسف ابن الخلال فى حرف الياء، صورة مبدأ أمره وقدومه الديار المصرية، واشتغاله عليه بصناعة الإنشاء، فلا حاجة إلى ذكره هنا، ثم إنه تعلق بالخدم فى كفر الإسكندرية، وأقام بها مدة. ثم قال ابن خلكان: وبعد وفاة صلاح الدين، استمر على ما كان عليه عند ولده الملك العزيز، فى المكانة والرفعة ونفاذ الأمر. ولما توفى العزيز، وقام ولده الملك المنصور بالملك، بتدبير عمه الأفضل نور الدين، كان أيضا على حاله، ولم يزل كذلك إلى أن وصل الملك العادل وأخذ الديار المصرية. وعند دخوله القاهرة، توفى القاضى، وذلك فى ليلة الأربعاء سابع شهر ربيع الآخر

_ (7) انظر: وفيات الأعيان 3/ 160. (8) انظر: وفيات الأعيان 3/ 160.

من اسمه عبد السلام

سنة ست وتسعين وخمسمائة بالقاهرة فجأة، ودفن فى تربته من الغد، بسفح المقطم فى القرافة الصغرى، وزرت قبره مرارا، وقرأت تاريخ وفاته على الرخام المحوط حول القبر، كما هو هاهنا رحمه الله تعالى، وكان من محاسن الدهر، وهيهات أن يخلف الزمان مثله، وبنى بالقاهرة مدرسة بدرب ملوخية. ورأيت بخطه، أنه استفتح التدريس بها يوم السبت مستهل المحرم من سنة ثمانين وخمسمائة؛ وأما لقبه: فإن أهله كانوا يقولون: إنه كان يلقب بمحيى الدين. ورأيت مكاتبة الشيخ شرف الدين عبد الله بن أبى عصرون، المقدم ذكره، وهو يخاطبه بمجيد الدين، والله أعلم بالصواب. * * * من اسمه عبد السلام 1809 ـ عبد السلام بن سلمة المكى: روى عنه قريبه: محمد بن يحيى بن أبى عمر العدنى. قال على بن الحسين بن الجنيد: هو شيخ مكى من أهل الصدق. 1810 ـ عبد السلام بن عبد الله بن على بن محمد بن عبد السلام بن أبى المعالى الكازرونى المكى، عز الدين: المؤذن بالحرم الشريف، كان يؤذن بمئذنة باب العمرة، وكان عمه أبو المعالى قد تركها له، وزوجه بابنته، وأعقب منها ابنه أحمد وابنة أخرى، وكان جهورى الصوت، حتى قيل إن صوته سمع من البئر المعروفة بصلاصل قرب منى. وتوفى فى شوال سنة ثلاث وسبعين وستمائة بالقاهرة، ودفن بمقابر الصوفية، سامحه الله. ومولده سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة. 1811 ـ عبد السلام بن محمد بن روزبة بن محمود بن إبراهيم بن أحمد الكازرونى المدنى، يلقب بالعر (1): كان فاضلا فى فنون، ودرس بالحرم النبوى، وقرأ الحديث على قاضى المدينة بدر الدين بن الخشاب وغيره. وكان يكتب خطا حسنا، ومما كتب به: «شرح منهاج

_ 1811 ـ (1) هكذا فى الأصل بلا نقط.

1812 ـ عبد السلام بن محمد بن مزروع بن أحمد بن عزاز عفيف الدين أبو محمد المضرى ـ بضاد معجمة ـ البصرى المدنى المكى

النووى» للشيخ تقى الدين السبكى. وكان يكتب الشفاعات والمحاضر التى يرسل بها إلى البلدان بسبب الحكام وغيرهم. وكان يكتب المحاضر فى أسطر قليلة وافية بالمقصود، ويعيب الإكثار فيها على عشرة أسطر أو سبعة ـ الشك منى ـ واتفق له أمرا أوجب إقامته بمكة، فمكث بها قليلا. توفى فى التاسع والعشرين من شهر ربيع الأول سنة تسع وسبعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 1812 ـ عبد السلام بن محمد بن مزروع بن أحمد بن عزاز عفيف الدين أبو محمد المضرى ـ بضاد معجمة ـ البصرى المدنى المكى: نزيل المدينة النبوية ومحدثها، سمع من أبى القاسم يحيى بن قميرة مشيخته لابن شاذان الكبرى، وسمع بالمدينة من شيخ الحرم بدر الشهابى. وحدث. سمع منه الأعيان، وأثنوا عليه، وكان عارفا بهذا الشأن وغيره من أنواع العلوم، وله نظم وديانة وعبادة. حج أربعين حجة متوالية، أظن أن كلها أو أكثرها من المدينة النبوية؛ لأنه كان استوطنها، وصار له بها ذرية، أدركت منهم حفيدته رقية بنت يحيى ابن عبد السلام المذكور، وقرأت عليها. وإنما ذكرته فى هذا التأليف، لأن الإمام تقى الدين محمد بن رافع السلامى، ذكره فى الجزء المشتمل على الأصول المخرجة من أصول سماع جماعة من أهل مكة، رواية شيخنا جمال الدين الأميوطى، عن أبى المحاسن يوسف ابن محمد الكردى سماعا، بقراءة ابن رافع عنهم. فمقتضى ذلك، أن يكون الشيخ عفيف الدين المذكور ابن مزروع المذكور مكيا، باعتبار سكناه مكة. وذكره ابن رافع أيضا فى ذيله على تاريخ بغداد. وذكر أنه توفى فى الثالث والعشرين من صفر سنة تسع وتسعين وستمائة بالمدينة ودفن بالبقيع. ومن الفوائد المنقولة عنه: أن ثورا المذكور فى حد حرم المدينة النبوية، جبل صغير حذاء أحد. ونقل ذلك عن طوائف من العرب العارفين بتلك الأماكن. نقل ذلك عنه الجمال المطرى فى تاريخ المدينة، وقد أنكر بعض الناس أن يكون ثور بالمدينة، فلا وجه لإنكاره وللعفيف عبد السلام بن مزروع شعر، رأيت منه أبياتا فى وريقات، وكانت فى ملكى، ثم خفى علىّ موضعها من أجزائى.

1813 ـ عبد السلام بن محمد بن أبى موسى المخزومى أبو القاسم الصوفى

1813 ـ عبد السلام بن محمد بن أبى موسى المخزومى أبو القاسم الصوفى: شيخ الحرم. لقى من الصوفية أبا بكر الكنانى، وأبا على الروذبارى وحدث عن أبى بكر بن داود، وأبى عروبة الحرانى، وابن جوصا، وغيرهم. روى عنه أبو نعيم الحافظ. وجاور بمكة سنين حتى مات بها سنة أربع وستين وثلاثمائة، وكان ممن جمع علم الشريعة والحقيقة، والفتوة وحسن الأخلاق. ذكره بمعنى هذا، الخطيب البغدادى فى تاريخه، وقال: حدثنا عنه أبو نعيم الأصبهانى. وكان ثقة. 1814 ـ عبد السلام بن أبى المعالى بن أبى الخير بن ذاكر بن أحمد بن الحسن ابن شهريار الكازرونى، أبو محمد المكى: مؤذن الحرم الشريف، سمع من يوسف بن بندار السنبسى، فى سنة ست وسبعين وخمسمائة، وحدث عنه. سمع منه الرشيد العطار، وذكره فى مشيخته، وقال بعد أن نسبه: كان من شيوخ الصوفية، وهو مؤذن الحرم الشريف بمكة، أقام بها مجاورا أكثر عمره، ويقال إنه وقف بعرفة نحوا من خمسين وقفة أو أكثر، سألته عن مولده، فقال: لا أعلم إلا أن لى اليوم خمسا وسبعين سنة؛ وكان سؤالى له فى ذى القعدة سنة ثلاث وعشرين وستمائة. وبلغنى أنه توفى فى أواخر صفر سنة ثمان وعشرين وستمائة بمكة، شرفها الله تعالى. كذلك أخبر ولده محمد، والله أعلم. انتهى. وهذا النسب نقلته من خط الحافظ أبى القاسم الحسينى فى ترجمة ولده محمد. * * * من اسمه عبد الصمد 1815 ـ عبد الصمد بن عبد الوهاب بن الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله الدمشقى، الشيخ أمين الدين أبو اليمن، المعروف بابن عساكر الشافعى: نزيل مكة. سمع من جده، زين الأمناء أبى البركات الحسن بن عساكر، والموفق بن

_ 1815 ـ انظر ترجمته فى: (فوات الوفيات 1/ 257، شذرات 5/ 395، مخطوطات 1/ 209، الأعلام 4/ 11).

قدامة، والمجد محمد بن الحسين القزوينى، وأبى القاسم بن صصرى، وأبى مجمد المنى، وجماعة بدمشق والقاهرة والإسكندرية، وخلق ببغداد. وأجاز له المؤيد بن محمد الطوسى، وأبو روح عبد المعز بن محمد الهروى، وأبو محمد القاسم بن عبد الله الصفار، وإسماعيل بن عثمان القارى، وعبد الرحيم بن أبى سعد السمعانى، وزينب بنت عبد الرحمن الشعرى، فى آخرين، وحدث بالكثير. سمع منه الأعيان، منهم: الرضى بن خليل المكى، وأخوه العلم، وعلاء الدين بن العطار. والقطب الحلبى، والحمال المطرى، وخالص البهائى، ومن طريقهما روينا تأليفه المسمى «إتحاف الزائر وإطراف المقيم السائر» عنه، وبدر الدين محمد بن أحمد بن خالد الفارقى. ومن طريقه روينا كتابه «تمثال نعل النبى صلى الله عليه وسلم» وسمع منه أيضا تأليفه فى خبر حراء. وله تآليف غير ذلك، وشعر حسن، وخط كيس. وأثنى عليه غير واحد من الأعيان. منهم: [ .... ] (1) قال: وكان ثقة فاضلا عالما جيد المشاركة فى العلوم، بديع النظم، صاحب دين وعبادة وإخلاص، وكل من يعرفه يثنى عليه، ويصفه بالدين والزهد، وجاور أربعين سنة. وكان شيخ الحجاز فى وقته. ومولده يوم الاثنين تاسع ربيع الأول، سنة أربع عشرة وستمائة. وتوفى فى جمادى الأولى ـ فى وسطه، وقيل فى مستهله ـ سنة ست وثمانين وستمائة. انتهى. ووجدت بخطى فيما نقلت من خط البرزالى، فى التراجم التى نقلها من خط التاج عبد الباقى بن عبد الله اليمنى: أنه توفى فى يوم الثلاثاء ثانى جمادى الآخرة، سنة ست وثمانين، ودفن بالبقيع. ووجدت بخطى أيضا، فيما نقلته من ذيل تاريخ بغداد لابن رافع: أنه توفى مستهل جمادى الآخرة، عند طلوع الشمس، سنة ست وثمانين، ودفن بعد الظهر من يومه بالبقيع، خلف قبة العباس رضى الله عنه. ووجدت بخطى أيضا، فيما نقلته من خط المؤرخ شمس الدين الجزرى فى تاريخه أنه توفى فى ثانى رجب، وهذا وهم، والله أعلم بالصواب، أنه توفى ثانى جمادى الأولى، لأبى وجدت ذلك بخط العفيف المطرى، وهو أقعد بمعرفته. والله أعلم.

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

وذكره ابن رشيد فى رحلته، وذكر شيئا من حاله، فقال بعد أن ذكر نسبه ومولده: ورحل به أبوه إلى العراق سنة أربع وثلاثين، فسمع بها مع أبيه تاج الدين من بغداد سنة خمس وثلاثين، ورجع إلى الشاونال بها وبمصر الرتبة العليا، والجاه العظيم عند السلطان. ولم يزل كذلك إلى عام سبعة وأربعين وستمائة، حتى وصل الفرنسيس إلى الديار المصرية، فى العام المعروف بعام دمياط، عام هياط ودمياط، فأقام بها فى المنصورة مع المحلة، إلى أن أشتد أمر العدو فى تلك الأيام. فأتفق هو وأحد أصحابه على أن يهيأ أنفسهما لله تعالى، ويجاهدا حتى يستشهدا، فخرجا وقاتلا، ففاز صاحبه بالشهادة، وأخر هو لما أراد الله تعالى من أنواع السعادة، فعاد إلى العسكر جريحا، حسبما ذكر فى كتابه الذى صنفه فى غزوة دمياط، وحين انقضى أمر العدو، ورأى أن لا يرجع فى هيئته، فتوجه إلى حرم الله تعالى واستوطنه. ولم يزل مستوطنا على كثرة ترغيب الملوك له، ورغبتهم فى وفوده عليهم شاما ويمنا، لم يخرج منه، إلا لزيارة النبى صلى الله عليه وسلم، نفعه الله ونفع به، وإلى ذلك أشار بقوله (2) [من الوافر]: إذا ما عنّ لى شجن ... فمن حرم إلى حرم انتهى. وسيأتى منها أبيات كثيرة. ومن شعر أبى اليمن بن عساكر، ما أنشدناه المفتى أبو بكر بن الحسين بن عمر الشافعى، سماعا بالحرم النبوى: أن البدر محمد بن أحمد بن خالد الفارقى، أنشده ذلك إذنا إن لم يكن سماعا، عن أبى اليمن بن عساكر [من الكامل]: يا جيرتى بين الحجون إلى الصفا ... شوقى إليكم مجمل ومفصل أهوى دياركم ولى بربوعها ... وجد يثبطنى وعهد أول ويزيدنى فيها العذول صبابة ... فيظل يغرينى إذا ما يعدل ويقول لى لو قد تبدلت الهوى ... فأقول قد عز الغداة تبدل بالله قل لى كيف تحسن سلوتى ... عنها وحسن تصبرى هل يجمل يا أهل ودى بالمحصب دعوة ... من نازح يلقاكم يتعلل ومنه بالإسناد المذكور [من الوافر]: عسى الأيام أن تدنى الديارا ... بمن أهوى وقد شطوا مزارا

_ (2) انظر: التحفة اللطيفة 1/ 177.

ويصبح شمل أحبابى جميعا ... وآخذ منهم بالقرب ثارا وتمسى جيرة العلمين أهلى ... ودارهم لنا يا سعد دارا وبى الرشأ الذى ما صد إلا ... ليبلى فى الهوى منى اصطبارا كلفت به من الأعراب ما إن ... أدار لثامه إلا عذرا يروع الأسد فى فتكات لحظ ... ويحكى ظبية الوادى نفارا ومنه بالإسناد المذكور [من الرمل]: يا نزولا بين سلع وقباء ... جئتكم أسعى على شقة بين ونعم والله إنى زائر ... لمغانيكم على رأسى وعينى إن من أمّ حماكم آملا ... راح بالمأمول مملوء اليدين فأشفقوا لى قد تشفعت بكم ... لوصال واتصال دائمين وبالإسناد المذكور إليه [من الرمل]: قضى شجونا وما قضى لنا شجنا ... وكم تمنى وهل يعطى المحب منا صب برسم رسيم الدار يندبها ... بعد الأحبة لما فارق السكنا ويسأل الربع عنهم أية سلكوا ... وليس نافعه أن يسأل الدمنا يا دار ما فعل الأحباب أين ثووا ... أأشاموا أم بيمنى قد نووا يمنا يا طول وجدى بهم واوحشتى لهم ... وفرط شوقى من عنك قد ظعنا سقيا لعهدك دار الهوى فلقد ... بوصلهم فيك بلغنا المنى زمنا يا مبتدى الحى هل من عودة لهم ... تدنى بها وطرا من نازح وطنا هم الأحبة كم أبقوا لهم أثرا ... آثار حسنى وكم قد أبرأوا حسنا تا لله ما نقضوا عهدى ولا رفضوا ... ودى ولا ابتغوا فى منّهم مننا لا تبعدون بلى والله قد بعدوا ... وشطت الدار والمثوى بهم وبنا ومن شعره أيضا بهذا الإسناد فى قصيدة أولها [من الطويل]: بملتقى الركنين قلبى لقاكم ... كم لى ومن أهوى بها ملتقى ومنها: ولى على سفح الصفا جيرة ... قلبى إليهم لم يزل شيقا إخوان صدق أخلصوا ودهم ... غصن التصافى بينهم قد أورقا حلوا الصفا مغنى وحلوا بالصفا ... معنى ونقوا فثووا بالنقا

عهدى بهم مذ نفروا من منى ... عسى يجمع جمع من فرقا فسائل الأحياء عن حيهم ... أأبحد أم أشام أم أعرقا تعرفت من بعد تفريقنا ... أرواحنا فاشتاقت الملتقى أشتاقهم حبظا وقد أصبحوا ... منا إلينا فى الهوى أشوقا ومنها: معاهد عهدى قديم بها ... لا مصرهم أهوى ولا جلقا فاصب بها لا لبرق اللوى ... وبرقها شم ودع الأبرقا ومنه أيضا بهذا الإسناد قصيدة، أولها [من الوافر]: أرقت لو مض مبتسم ... أضاء لنا دجى الظلم فبت به سليم هوى ... لجيران بذى سلم تجشم كل شاسعة ... فحل حمى بنى جشم فسل نارا على علم ... بدت عن جيرة العلم ومنها: فما يمن لنا شجن ... وبرق الشام لم أشم بمكة لى قديم هوى ... علقت به من القدم فأمسى نحوها أبدا ... على خبب وفى أمم ومنها: وطيبة طاب مربعها ... فعنها قط لا ترم إذا ما عن لى شجن ... فمن حرم إلى حرم أزور أحبة كرموا ... كلفت على النوى بهم وأسعى فى زيارتهم ... برأسى لا على قدمى ومنه بهذا الإسناد، ما كتبه إلى [من الطويل]: إذا كنت لم تطلع هلالا لشهرنا ... فكن بدره البادى بعشر وأربع أطلت ثواء فى خميلة روضة ... وذاك لمثوى الغصن أنسب موضع وخلفتنى بين الطلول مناشدا ... لمن ليس يشكى إن شكوت ولا يعى أروح بقلب للفراق مروع ... وأغذو بدمع فى الديار موزع وقد فاتنى رؤيا حماك بناظرى ... فصفه لعلى أن أراه بمسمعى

ومنه أيضا، وكتبه أبو حيان بهذا الإسناد (3) [من الكامل]: يا سيدى إن كان منك زيارة ... فاجعل مزارك بالأصائل والبكر أخشى عليك الكاشحين من السرى ... رياك نمام ووجهك كالقمر ومنه أيضا بالإسناد المذكور، وكتبه أبو حيان [من الطويل]: وجاءت إلينا منك يوما رسالة ... على فترة قرآنها الذكر محكم تحدثت فيها بالبلاغة معجزا ... لمن رامها فاللفظ در منظم كتيبة فضل أم كتابة فاضل ... أولو الفضل منها للفواضل ألهموا أخط يراع أم قنا الخط أشرعت ... يراع لها قلب الكمى المصمم أسحر حلال أم هى الخمر حللت ... لشاربها لا لغو فيها يؤثم أروضة حسن ثم مذ نمنم الندى ... خمائلها عند النسيم المهيتم ومن شعره، ما روينا بالإسناد السابق، وكتبه عنه الرضى بن خليل [من البسيط]: أفدى الذى طال عمرى فى محبته ... لكن بهجرانه قد ضاع أكثره وما صفا لى وقت فى تألفه ... إلا وحاول منى ما يكدره ظنى إذا عنّ لى يوما بلفتته ... عطفا علىّ فواشيه ينفره إذا بدا فهو بدر الأفق ينظره ... أو انثنى فهو غصن البان يهصره كم كنت أصرف طرفى عن محاسنه ... عمدا وأنهى فؤادى ثم أزجره يا قلب جانب هوى من عز جانبه ... فالموت أسهل ما فيه وأيسره والقلب يصبو ولا يصغى لمعتبة ... فيه وكنت لعمر الحب أعذره حتى تعرض لى يوما فعارضنى ... وجد به ساق لى ما كنت أحذره فأصبح القلب رهنا فى حبائله ... يا موردا للهوى قد عز مصدره ومن شعره أيضا، ما أنشدناه: أبو الخير أحمد بن الحافظ صلاح الدين العلائى، إذنا مشافهة. أن الأستاذ أبا حبان محمد بن يوسف الجيانى، أنشده إجازة. قال: أنشدنى شيخنا أمين الدين أبو اليمن بن عساكر، وقد بعث إليه بعض أصحابه فتى اسمه محمد، يستدعى منه الختمة فوجهها، وكتب معه: مولاى إن محمدا وافى إلى ... علياك بالذكر الحكيم رسولا علقت به روح الأمين صبابة ... فعلية نزل حبه تنزيلا

_ (3) انظر: (التحفة 2/ 178).

1816 ـ عبد الصمد بن على بن عبد الله بن عباس العباسى

1816 ـ عبد الصمد بن على بن عبد الله بن عباس العباسى: أمير مكة. قال ابن جرير فى أخبار سنة سبع وأربعين ومائة: حج بالناس فى هذه السنة المنصور. وكان عامله على مكة والطائف، عمه عبد الصمد بن على، وقال فى أخبار سنة ثمان وأربعين: وكانت ولاة الأمصار فى هذه السنة، الولاة الذين كانوا فى السنة التى قبلها. فدل على أن عبد الصمد كان على ولاية مكة. وذكر أن فى سنة تسع وأربعين حج بالناس محمد بن إبراهيم الإمام، وقد ولى مكة والطائف. وذكر أن عبد الصمد حج بالناس فى سنة خمسين. وذكر ابن عساكر: أنه ولى المدينة، ثم ولى البصرة للمنصور، ثم وليها للرشيد، وقال: قال أحمد بن كامل القاضى: كان فى عبد الصمد بن على، عشر خصال لم تجتمع فى غيره: كان فى القعدد يناسب سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، ووقف بالناس يزيد ابن معاوية، ووقف بعده عبد الصمد وهو مثله، وبينهما مائة، وكانت أسنانه قطعة واحدة قبل أن يثغر، وكان عم المنصور، وعم الهادى والرشيدى، وكان قدمه ذراعا بلا سواد، وليس فى الأرض عباسية إلا وهو محرم لها، وهو أعرق الناس فى العمى، هو أعمى ابن أعمى ابن أعمى ابن أعمى ابن أعمى. وكان طرح ببيت فيه ريش، فطارت ريشة فسقطت فى عينيه. وقال الزبير بن بكار: حدثنى محمد بن الحسن قال: حج بالناس يزيد بن معاوية سنة خمسين، وحج بالناس عبد الصمد بن على سنة إحدى وسبعين ومائة، وكان بين حجتيهما مائة سنة وإحدى وعشرون سنة، وهما فى القعدد بعبد مناف سواء، فى آباء قليلة العدد. وقال الزبير أيضا: وعبد الصمد بن على، وإسماعيل بن محمد بن عبد الله بن قيس بن مخرمة، وعبيد الله بن عروة بن الزبير، ورثوا آخر من بقى من بنى عبد بن قصى بالقعدد. وقال الزبير أيضا: ولعبد الصمد يقول داود بن سلم يمدحه، إذ كان عبد الصمد واليا على المدينة [من الخفيف]:

_ 1816 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ خليفة 457، المعارف 374، الضعفاء للعقيلى 259، الجرح والتعديل 6/ 50، تاريخ بغداد 11/ 37، وفيات الأعيان 3/ 195، العبر 1/ 290، ميزان الاعتدال 2/ 620، دول الإسلام 1/ 118، نكت الهميان 193، سير أعلام النبلاء 9/ 129).

1817 ـ عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم الإمام بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس العباسى

استهلى يا طيب من كل قطر (1) ... بالأمير الذى به تغبطينا بالذى إن أمنت نومك الأم ... ن وإن خفت نمت لا توقظينا استمع مدحة (2) إليك ابتدارا ... جمعت شدة وعنفا ولينا نازعتنى إليك لا مكرهات ... مثل ما استكره السياق الحرونا (3) لم يضرها التعيث إن غاب عنها (4) ... وثوى فى ضريح رمس رهينا لا ولا جرول ولا ابن ضرار ... وهم عندنا للذين اللذينا (5) وقال ثعلب: أخبرنى عافية بن شبيب: أن عبد الصمد بن على، مات بأسنانه التى ولد بها، وكان خرج مع أخيه عبد الله بن على، حين خالف على المنصور، وجعله ولى عهده. وقال ابن كامل: مات ببغداد فى سنة خمس وثمانين ومائة، ودفن فى مقابر باب البردانى. وكذا أرخ وفاته غير واحد، وصلى عليه الرشيد ليلا. وكان له من العمر، تسع وسبعون سنة، وقيل إحدى وثمانون سنة. وكان مولده سنة أربع ومائة بالحميمة. وروى عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله عليه وسلم: «أكرموا الشهود فإن الله يستخلص بهم الحقوق». وهو كما قال العقيلى: غير محفوظ، تفرد به عبد الصمد. 1817 ـ عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم الإمام بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس العباسى: أمير مكة، ذكر ابن الأثير: أنه حج بالناس ـ وهو على مكة ـ سنة اثنتين وأربعين ومائتين، وسنة ثلاث وأربعين، وسنة أربع وأربعين ومائتين.

_ (1) فى التحفة اللطيفة 2/ 179: استهلى بأطيب قطر من كل قطر (2) بياض فى التحفة اللطيفة. انظر: التحفة اللطيفة 2/ 179. (3) فى التحفة اللطيفة: نازعتنى إليك لا مكرهات ... مثل استكره السباق. (4) فى التحفة اللطيفة 2/ 179: لم يضرها الغيث إن غاب منها (5) فى التحفة اللطيفة 2/ 179: لا ولا جرول ولا ابن ضرار ... وهم عندنا اللذا ابن اللذينا

1818 ـ عبد العال بن على بن الحسن المراكشى

ولم يذكر فى هاتين السنتين، أنه كان فيهما واليا على مكة، كما ذكر فى سنة اثنتين وأربعين ومائتين. والظاهر أنه كان واليا فيهما، والله أعلم. وذكر فى أخبار سنة تسع وأربعين أنه حج بالناس فيها، وهو والى مكة. وذكر ابن كثير ما يوافق ما ذكره ابن الأثير، فى حج عبد الصمد هذا بالناس، وهو والى مكة فى سنة اثنتين وأربعين ومائتين. وذكر ابن جرير ما يخالف ذلك؛ لأنه ذكر أن عبد الله بن محمد بن داود العباسى الملقب تربحة، حج بالناس، وهو والى مكة، فى سنة اثنتين وأربعين ومائتين. والله أعلم بالصواب. ورأيت فى تاريخ ابن جرير: حج عبد الصمد هذا بالناس، وهو والى مكة فى سنة تسع وأربعين دون غيرها؛ لأنى لم أر محل ذلك من تاريخه، وإنما رأيت مختصر تاريخ ابن جرير، ولم أر فيه إلا أن عبد الصمد حج بالناس فى بعض السنين المذكورة. ولم يقل فيه: إنه كان واليا على مكة، ولا أبعد وقوع ذلك. والله أعلم. وحدث عبد الصمد هذا عن أبيه موسى، وعمه إبراهيم، وعبد الوهاب ابنى محمد بن إبراهيم، وعلى بن عاصم، وغيرهم. روى عنه ابنه محمد، ونزل سر من رأى. وذكره الخطيب فى تاريخه. ومنه كتبت بعض هذه الترجمة. 1818 ـ عبد العال بن على بن الحسن المراكشى: توفى ليلة التاسع والعشرين من شهر رجب، سنة إحدى وسبعين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. * * * من اسمه عبد العزيز 1819 ـ عبد العزيز بن أحمد بن سالم بن ياقوت المكى: المؤذن بالحرم الشريف، سمع من التاج الطبرى الخطيب، ومحمد بن صبيح. وكان أمينا على زيت الحرم وشمعه وقناديله، ويؤذن بمئذنة باب الحزورة. وتوفى سنة سبع وثمانين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة.

1820 ـ عبد العزيز بن أحمد القاضى عز الدين، المعروف بابن سليم المحلى الشافعى

1820 ـ عبد العزيز بن أحمد القاضى عز الدين، المعروف بابن سليم المحلى الشافعى: قاضى المحلة بالديار المصرية، ولى قضاءها مدة سنين، نيابة عن قاضى القضاة بدر الدين بن القاضى أبى البقاء السبكى، قاضى القضاة بالديار المصرية، وعن غيره من قضاتها. ثم توجه إلى مكة، وجاور بها أزيد من سنتين متواليتين. ثم توفى بها يوم الاثنين، الرابع عشر من صفر سنة ثمان وثمانمائة ودفن بالمعلاة. وقد بلغ الستين ـ فيما أحسب ـ وكان جاور بمكة على طريقة حسنة، مع إحسان إلى الناس بالقرض، ولديه فضيلة ومعرفة بالوراقة على ما بلغنى. 1821 ـ عبد العزيز بن بندار الشيرازى: نزيل مكة، سمع من قاضى الحرمين، أبى جعفر الموسوى بمصر، وحدث عن أحمد ابن فراس العبقسى المكى. وروى عنه الحافظ أبو الغنائم محمد بن على النرسى. وذكر أبو محمد هبة الله الأكفانى فى وفياته: أنه توفى بمكة فى شهور سنة إحدى وخمسين وأربعمائة. وحدث عن الهروانى الكوفى، وغيره. 1822 ـ عبد العزيز بن جريج القرشى، مولاهم، المكى: روى عن: عائشة، وابن عباس، وسعيد بن جبير، روى عنه: ابنه عبد الملك الفقيه، وخصيف بن عبد الرحمن. روى له: أبو داود (1)، والترمذى وحسّن له حديثا (2)، وابن ماجة. (3) وقال

_ 1822 ـ (1) فى سننه، كتاب الصلاة حديث رقم (1213) من طريق: عثمان بن أبى شيبة حدثنا أبو حفص الأبار (ح) وحدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا محمد بن أنس وهذا لفظه عن الأعمش عن طلحة وزبيد عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبى بن كعب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بسبح اسم ربك الأعلى وقل للذين كفروا والله الواحد الصمد. حدثنا أحمد بن أبى شعيب حدثنا محمد بن سلمة حدثنا خصيف عن عبد العزيز بن جريج قال: سألت عائشة أم المؤمنين بأى شيء كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر معناه قال: وفى الثالثة بقل هو الله أحد والمعوذتين. (2) فى سننه، كتاب الصلاة، حديث رقم (425) من طريق: إسحاق بن إبراهيم بن حبيب ابن الشهيد البصرى حدثنا محمد بن سلمة الحرانى عن خصيف عن عبد العزيز بن جريج قال: سألنا عائشة بأى شيء كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: كان يقرأ فى الأولى بسبح ـ

1823 ـ عبد العزيز بن دانيال بن عبد العزيز بن على بن عثمان الأصبهانى الأصل، المكى المولد والدار، المعروف بالعجمى

البخارى: لا يتابع فى حديثه. (4) 1823 ـ عبد العزيز بن دانيال بن عبد العزيز بن على بن عثمان الأصبهانى الأصل، المكى المولد والدار، المعروف بالعجمى: كان شابا خيرا، له أملاك بوادى الهدة وغيرها. وغالب ذلك، ورّثه له قرابته. توفى فى العشرين من ذى القعدة، سنة إحدى عشرة وثمانمائة بمكة ودفن بالمعلاة. 1824 ـ عبد العزيز بن رفيع الأسدى، أبو عبد الله المكى: روى عن: ابن عباس، وأبى الزبير، ورأى عائشة. وسمع أذان أبى محذورة. وروى أيضا: عن أنس، وأبى الطفيل، وغيرهم. روى عنه: الأعمش، وعمرو بن دينار، وهو من شيوخه وأقرانه، وشعبة، والسفيانان وغيرهم. روى له الجماعة. ووثقه أحمد، وابن معين. وقال ابن حبان: أتى عليه نيف وتسعون سنة، وكان نكاحا لا تثبت معه امرأة من كثرة غشيانه إياها.

_ ـ اسم ربك الأعلى وفى الثانية بقل يا أيها الكافرون وفى الثالثة بقل هو الله أحد والمعوذتين قال أبو عيسى: وهذا حديث حسن غريب، قال: وعبد العزيز هذا هو والد ابن جريج صاحب عطاء، وابن جريج اسمه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وقد روى يحيى ابن سعيد الأنصارى هذا الحديث عن عمرة عن عائشة عن النبىصلى الله عليه وسلم. (3) فى سننه، كتاب إقامة الصلاة، حديث رقم (1163) من طريق: محمد بن الصباح وأبو يوسف الرقى محمد بن أحمد الصيدلانى قالا: حدثنا محمد بن سلمة عن خصيف عن عبد العزيز بن جريج قال سألنا عائشة بأى شيء كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: كان يقرأ فى الركعة الأولى بسبح اسم ربك الأعلى وفى الثانية قل يا أيها الكافرون وفى الثالثة قل هو الله أحد والمعوذتين. (4) وأخرج له النسائى فى الصغرى، كتاب قيام الليل، حديث رقم (1610) من طريق: هارون بن عبد الله قال: حدثنا حجاج قال: قال ابن جريج عن أبيه: أخبرنى ابن أبى مليكة أن يعلى بن مملك أخبره أنه سأل أم سلمة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان يصلى العتمة ثم يسبح ثم يصلى بعدها ما شاء الله من الليل ثم ينصرف فيرقد مثل ما صلى ثم يستيقظ من نومه ذلك فيصلى مثل ما نام وصلاته تلك الآخرة تكون إلى الصبح. 1824 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات خليفة 165، الجرح والتعديل 5/ 381، تهذيب الكمال 839، تهذيب التهذيب 2/ 140، تاريخ الإسلام 5/ 102، خلاصة تهذيب الكمال 239، شذرات الذهب 1/ 177، سير أعلام النبلاء 5/ 228).

1825 ـ عبد العزيز بن أبى رواد، واسمه ميمون ـ وقيل غير ذلك ـ الأزدى

مات بعد الثلاثين ومائة. انتهى. وقال مطين: مات سنة ثلاثين ومائة. 1825 ـ عبد العزيز بن أبى رواد، واسمه ميمون ـ وقيل غير ذلك ـ الأزدى: مولى المغيرة بن المهلب بن أبى صفرة. سمع سالم بن عبد الله بن عمر، ونافع مولى ابن عمر، وعكرمة مولى بن عباس، ومحمد بن زياد، وغيرهم. روى عنه ابنه عبد المجيد، ويحيى بن سعيد القطان، وابن مهدى، وأبو عاصم النبيل، وخلاد بن يحيى، وآخرون. روى له البخارى تعليقا، وأصحاب السنن الأربعة. قال ابن المبارك: كان من أعبد الناس. وقال أحمد بن حنبل: صالح، وكان مرجئا. وقال أبو حاتم: ثقة فى الحديث متعبد. وقال ابن معين: ثقة. وقال أبو زرعة: خراسانى، سكن مكة. انتهى. وقال يوسف بن أسباط: مكث عبد العزيز بن أبى رواد أربعين سنة، لم يرفع طرفه إلى السماء، فبينما هو يطوف بالبيت، إذ طعنه المنصور بإصبعه، فألتفت فقال: قد علمت أنها طعنة جبار. قال شقيق المكى: ذهبت عينا عبد العزيز بن أبى رواد عشرين سنة، فلم يعلم به أهله ولا ولده. وقال أبو عبد الرحمن المقرى: ما رأيت أحدا أصبر على طول القيام، من عبد العزيز ابن أبى رواد. وقال ابن حبان: كيف يكون التقى فى نفسه من كان شديد الصلابة، فى الإرجاء، كثير البغض لمن انتحل السنن؟ انتهى. وقال الذهبى: والعجب من عبد العزيز، نحوه على الإرجاء، وهو من الخائفين الوجلين، مع كثرة حجه وتعبده؟ .

_ 1825 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 493، طبقات خليفة 283، تاريخ خليفة 429، تاريخ الكبير 6/ 22، التاريخ الصغير 2/ 112 ـ 113، كتاب المجروحين 2/ 137 ـ 138، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 307، تهذيب الكمال 839، تهذيب التهذيب 2/ 240، 241، تاريخ الإسلام 6/ 239 ـ 241، ميزان الاعتدال 2/ 628 ـ 629، الذهبى 1/ 232، خلاصة تهذيب الكمال 239 ـ 240، شذرات الذهب 1/ 246، سير أعلام النبلاء 7/ 184).

1826 ـ عبد العزيز بن سالم بن عطية بن صالح بن عبد النبى الجهنى المكى، المعروف بابن الإصبع

وذكره الفاكهى فى عباد مكة، وقال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن أبى مسرة قال: حدثنا يوسف بن محمد بن عبد المجيد بن أبى رواد، قال: ما رأيت أبى مزح قط إلا مزحتين، فإنه قال لنا يوما: يا بنى، هل رأيتم جملا على وتد؟ . قال: فسكتنا فقال: الجمل على الجبال. قال الله تعالى: (وَالْجِبالَ أَوْتاداً) [النبأ: 78] قال: وقال لجليس له، يقال له أبو رباح: لو تزوجت! . لعله أن يولد لك ولد فتسميه عطاء، فيكون ابنك عطاء بن أبى رباح، ثم قال: أستغفر الله. انتهى. وقال الذهبى فى التهذيب: قال ابن قانع: مات بمكة سنة تسع وخمسين ومائة. انتهى. وذكر فى العبر: أنه توفى فى هذا التاريخ بمكة، وهكذا ذكر وفاته ابن زبر. 1826 ـ عبد العزيز بن سالم بن عطية بن صالح بن عبد النبى الجهنى المكى، المعروف بابن الإصبع: كان من تجار مكة، وكان يشترك فى التجارة مع عبد العزيز بن على العجمى، ثم انفصلا. وسبب ذلك: أن هذا، سافر فى بعض السنين بمال مشترك بينهما، فربحا فيه، بحيث صار لكل منهما مائة ألف، فاقتضى رأى عبد العزيز العجمى ترك السفر، والقناعة بمكسب الحضر، وأبى هذا إلا السفر كما كان، فسافر. فذهب جانب كثير من ماله، ثم عاد. فذهب منه طائفة أخرى، ثم عاد، فذهب جميعه واحتاج، وصار يطلب من شريكه شيئا يسافر به يتكسب فيه، فيتوقف عليه فى ذلك. ومات غريبا ببلاد اليمن، بصنعاء أو صعدة ـ فيما بلغنى ـ وما عرفت تاريخ وفاته، إلا أنى أظن أنها فى آخر عشر الستين وسبعمائة. والله أعلم. وكان زوج خالة الوالد: مريم بنت دانيال، ورزق منها أولادا. وإصبع بعين مهملة. 1827 ـ عبد العزيز بن سياه الأسدى الكوفى: سمع حبيب بن أبى ثابت، والشعبى، والحكم بن عتيبة. روى عنه: ابنه يزيد، وعبد الله بن نمير، ويحيى بن آدم، ويعلى بن عبيد، وأبو معاوية الضرير، وأبو نعيم. قال عبد الرحمن: سألت أبا زرعة عنه، فقال: لا بأس به. وهو من كبار الشيعة، وسئل عنه أبى، فقال: محله الصدق.

_ 1827 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 383).

روى له البخارى (1) ومسلم (2) والترمذى (3) والنسائى (4). هكذا ذكره صاحب

_ (1) فى صحيحه، كتاب الجزية والموادعة، حديث رقم (2945) من طريق: عبد الله بن محمد حدثنا يحيى بن آدم حدثنا يزيد بن عبد العزيز عن أبيه حدثنا حبيب بن أبى ثابت قال حدثنى أبو وائل قال: كنا بصفين فقام سهل بن حنيف فقال أيها الناس اتهموا أنفسكم فإنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ولو نرى قتالا لقاتلنا فجاء عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ فقال: بلى، فقال: أليس قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار؟ قال: بلى، قال: فعلام نعطى الدنية فى ديننا؟ أنرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم، فقال: يا ابن الخطاب، إنى رسول الله ولن يضيعنى الله أبدا، فانطلق عمر إلى أبى بكر فقال له مثل ما قال للنبىصلى الله عليه وسلم فقال: إنه رسول الله، ولن يضيعه الله أبدا فنزلت سورة الفتح فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمر إلى آخرها، فقال عمر: يا رسول الله، أو فتح هو؟ قال: نعم. (2) فى صحيحه، كتاب الجهاد والسير، حديث رقم، (3338) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا عبد الله بن نمير (ح) وحدثنا ابن نمير وتقاربا فى اللفظ حدثنا أبى حدثنا عبد العزيز بن سياه حدثنا حبيب بن أبى ثابت عن أبى وائل قال: قام سهل بن حنيف يوم صفين فقال: أيها الناس اتهموا أنفسكم لقد كنا مع رسول اللهصلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ولو نرى قتالا لقاتلنا، وذلك فى الصلح الذى كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين فجاء عمر بن الخطاب فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال: بلى، قال: أليس قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار؟ قال: بلى، قال: ففيم نعطى الدنية فى ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم، فقال: يا ابن الخطاب، إنى رسول الله ولن يضيعنى الله أبدا قال: فانطلق عمر فلم يصبر متغيظا، فأتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر، ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال: بلى، قال: أليس قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار؟ قال: بلى، قال: فعلام نعطى الدنية فى ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم، فقال: يا ابن الخطاب، إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا، قال: فنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه فقال: يا رسول الله، أو فتح هو؟ قال: نعم، فطابت نفسه ورجع. (3) فى سننه، كتاب المناقب، حديث رقم (3734) من طريق: القاسم بن دينار الكوفى حدثنا عبيد الله بن موسى عن عبد العزيز بن سياه كوفى عن حبيب بن أبى ثابت عن عطاء بن يسار عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أرشدهما. قال هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبد العزيز بن سياه، وهو شيخ كوفى وقد روى عنه الناس له ابن يقال له يزيد بن عبد العزيز ثقة روى عنه يحيى بن آدم. (4) فى سننه، فى المقدمة، حديث رقم (145) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا ـ

1828 ـ عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد ـ بفتح الألف ـ بن العيص ابن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموى المكى

الكمال، والذهبى، إلا أنه قال: الحمانى. ولم يقل الأسدى. وذكر أنه يروى عن أبيه، ويروى عنه غير هؤلاء. وقال: وثقه بن معين، وأبو داود. انتهى. وذكره ابن حبان فى الطبقة الثانية من الثقات، وقال: الأسدى المكى. ولعله سكن مكة والكوفة، فنسبته إلى كل من البلدين صحيحة. 1828 ـ عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد ـ بفتح الألف ـ بن العيص ابن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموى المكى: روى عن أبيه، ومحرش الكعبى. روى عنه: مولاه مزاحم، وحميد الطويل، وابن جريج. وروى له: أبو داود (1)، والترمذى (2)، والنسائى (3).

_ ـ عبيد الله بن موسى (ح) وحدثنا على بن محمد وعمرو بن عبد الله قالا جميعا: حدثنا وكيع عن عبد العزيز بن سياه عن حبيب بن أبى ثابت عن عطاء بن يسار عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمار ما عرض عليه أمران إلا اختار الأرشد منهما. 1828 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 248، الجرح والتعديل 5/ 386). (1) فى سننه، كتاب المناسك، حديث رقم (1705) من طريق: قتيبة بن سعيد حدثنا سعيد بن مزاحم بن أبى مزاحم حدثنى أبى مزاحم عن عبد العزيز بن عبد الله بن أسيد عن محرش الكعبى قال: دخل النبى صلى الله عليه وسلم الجعرانة فجاء إلى المسجد فركع ما شاء الله ثم أحرم ثم استوى على راحلته فاستقبل بطن سرف حتى لقى طريق المدينة فأصبح بمكة كبائت. (2) فى سننه، كتاب الحج، حديث رقم (857) من طريق: محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج عن مزاحم بن أبى مزاحم عن عبد العزيز بن عبد الله عن محرش الكعبى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من الجعرانة ليلا معتمرا فدخل مكة ليلا فقضى عمرته ثم خرج من ليلته فأصبح بالجعرانة كبائت فلما زالت الشمس من الغد خرج من بطن سرف حتى جاء مع الطريق طريق جمع ببطن سرف فمن أجل ذلك خفيت عمرته على الناس. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب ولا نعرف لمحرش الكعبى عن النبى صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث، ويقال جاء مع الطريق موصول. (3) فى السنن الصغرى، كتاب مناسك الحج، حديث رقم (2814) من طريق: عمران بن يزيد عن شعيب قال: حدثنا ابن جريج قال: أخبرنى مزاحم بن أبى مزاحم عن عبد العزيز ابن عبد الله عن محرش الكعبى أن النبىصلى الله عليه وسلم خرج ليلا من الجعرانة حين مشى معتمرا فأصبح بالجعرانة كبائت حتى إذا زالت الشمس خرج عن الجعرانة فى بطن سرف حتى جامع الطريق طريق المدينة من سرف.

وولى إمرة مكة لسليمان بن عبد الملك، كما ذكر ابن جرير فى سنة ست وتسعين، فيما حكى عن أبى معشر. وذكر أيضا ما يدل على أنه إنما ولى مكة فى سنة سبع وتسعين؛ لأنه ذكر أن سليمان ابن عبد الملك، حج بالناس فى سنة سبع وتسعين، وعزل عنها طلحة بن داود بعد الحج، وولى عليها عبد العزيز بن عبد الله. وذكر أيضا: أنه حج بالناس سنة ثمان وتسعين، وهو على مكة. وذكر أنه كان عاملا لعمر بن عبد العزيز على مكة فى سنة تسع وتسعين. وقال فى أخبار سنة مائة: وكان عمال الأمصار فى هذه السنة، العمال فى السنة قبلها. فدل هذا، على أن عبد العزيز كان على مكة فى هذه السنة. وفى تاريخ الأزرقى: التصريح بولايته على مكة فى سنة مائة من الهجرة؛ لأن الأزرقى قال: حدثنى أحمد بن أبى مسرة، قال: حدثنا عبد المجيد بن أبى رواد قال: إنى قدمت مكة سنة مائة، وعليها عبد العزيز بن عبد الله أميرا. فقدم عليه كتاب من عمر ابن عبد العزيز، ينهى عن كراء بيوت مكة، ويأمره بتسوية منى. قال: فجعل الناس يدسون إليهم الكراء سرا ويسكنون. انتهى. وقال ابن جرير فى أخبار سنة إحدى ومائة: وكان عبد الرحمن، يعنى ابن الضحاك ابن قيس الفهرى، عامل يزيد بن عبد الملك على المدينة، وعلى مكة عبد العزيز بن عبد الله. وقال فى أخبار سنة اثنتين ومائة: إن عبد العزيز كان عاملا على مكة. وقال فى أخبار سنة ثلاث: وفيها ضمت مكة إلى عبد الرحمن بن الضحاك. فعلى هذا يكون عبد العزيز، ولى مكة ست سنين، على الخلاف السابق فى ابتداء ولايته لسليمان بن عبد الملك، ثم أحمد بن عبد العزيز ليزيد بن عبد الملك. وقال صاحب الكمال: ولى مكة لسليمان بن عبد الملك؛ وقيل إنه وليها لعبد الملك أيضا، وحج بالناس سنة ثمان وتسعين، وسنة إحدى ومائة، وكان جوادا ممدحا. انتهى. وجزم الزبير بن بكار، بولايته على مكة لعبد الملك بن مروان؛ لأنه قال: واستعمل عبد الملك بن مروان: عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد على مكة، وله يقول أبو

1829 ـ عبد العزيز بن عبد الملك بن أبى محذورة الجمحى المكى

صخر الهذلى: فذكر أبياتا، ثم قال: ومات عبد العزيز برصافة هشام، فرثاه أبو صخر الهذلى [من الطويل]: إن تمس رمسا بالرصافة ثاويا ... فما مات يا ابن العيص أيامك الزهر وذى ورق من فضل مالك ماله ... وذى حاجة قد رشت ليس له وفر 1829 ـ عبد العزيز بن عبد الملك بن أبى محذورة الجمحى المكى: روى عن جده، وابن محيريز: حديث الأذان (1). روى عنه: ابنه إبراهيم، وابن جريج، ومحمد بن سعيد الطائفى. روى له أصحاب السنن (2)، ولم يذكر صاحب الكمال أنه مكى. وإنما ذكر ذلك الذهبى. 1830 ـ عبد العزيز بن على بن أحمد بن عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن الشهيد الناطق، القاضى عز الدين أبو المعالى بن القاضى نور الدين العقيلى النويرى المكى الشافعى: قاضى تعز باليمن، ومدرس الحديث بالمنصورية بمكة، ولد بها فى رجب سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، وعنى بحفظ القرآن، فحفظ القرآن وصلى به التراويح، وكتبا علمية، منها «التنبيه» وسمع الحديث بمكة فى صغره على مسندها عبد الله بن محمد النشاورى، وبعنايته على مسند الحجاز إبراهيم بن صديق الرسام، ووالده، وغيرهم من شيوخنا، وبعض ذلك بقراءتى بقراءته، وتفقه بمكة على فقيهما وقاضيها جمال الدين بن ظهيرة، وأخذ النحو عن الشيخ نجم الدين المرجانى، ثم رحل إلى القاهرة، وأخذ بها ـ فى سنة ثمانمائة ـ الفقه وغيره عن جماعة من علماء القاهرة، منهم الشيخ برهان الدين الأبناسى، وأذن له فى الإفتاء والتدريس بوساطة بعض أصحابه، وأخذ الفقه وغيره، عن جماعة من علماء القاهرة، منهم: شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى، وابنه قاضى القضاة

_ 1829 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 338). (1) أخرجه الترمذى فى سننه، فى كتاب الصلاة، حديث رقم 176، والنسائى فى الصغرى، حديث رقم 625، 628، وأبى داود، فى كتاب الصلاة، حديث رقم 424، 425، وابن ماجة فى سننه، حديث رقم 700، وأحمد بن حنبل فى المسند، حديث رقم 14836. (2) وهو حديث الأذان السابق ذكر تخريجه فى الحاشية السابقة.

1831 ـ عبد العزيز بن على بن عثمان بن محمد الأصفهانى الأصل، المكى، المعروف بالعجمى

جلال الدين عبد الرحمن، والقاضى بهاء الدين أبو الفتح، ابن أخى شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى، ولازمه كثيرا، والشيخ بدر الدين أحمد بن محمد الطنبدى، وأظنهم ـ خلا شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى ـ أجازوه بالإفتاء والتدريس، وتصدى كثيرا للفتيا بمكة، فى حياة شيخه ابن ظهيرة وبعده، ودرس الحديث بالمنصورية بعد والده. ودخل اليمن مرات، منها سنة تسع وتسعين وسبعمائة، وفيها مات أبوه، وفى سنة ثمان وثمانمائة، وما فاته الحج فى السنتين، ثم فى سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، وأقام بها إلى أواخر سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، ثم توجه إلى مكة، وأدرك بها الحج، وأقام بها حتى مات. وولى قضاء تعز باليمن مرات، وتدريس المظفرية، والسيفية بها، ووظائف فقاهات وغيرها، وما سلم فى حال ولايته لقضاء تعز، وإقامته باليمن من أذى بعض الناس له هناك، حتى خيلوا منه صاحب اليمن. وكان كبير أمرائه بدر الدين بن زيادة الكاملى، كثير الإقبال عليه والإحسان إليه، وكان عارفا بالفقه، مشاركا فى غيره، حسن المذاكرة، وعرض له قبل موته بنحو نصف سنة باسور بمقعدته، فحمل عليه، وفتحه من مكانين فى وقتين، ولم يزل متعللا به، حتى مات فى ليلة الأحد حادى عشرى ذى الحجة سنة خمس وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفن فى بكرتها بالمعلاة. 1831 ـ عبد العزيز بن على بن عثمان بن محمد الأصفهانى الأصل، المكى، المعروف بالعجمى: كان أحد تجار مكة؛ حصل عقارا طائلا بمكة، ووادى مر، والهدة، ووقف بها مكانا يقال له: المفقر، بواسط الهدة، على الزوار فى طريق الماشى، اشترى نصفه بخمسة وعشرين ألفا، ونصفه باثنى عشر ألفا وخمسمائة. وكان بينه وبين جدى الشريف على الفاسى، تواد ومخالطة فى الدنيا. وكان فى مبدأ أمره فقيرا، فتسبب وربح فى ذلك كثيرا، بحيث إنه اشترى فلفلا بدرهم ونصف للمن، فباعه كل منّ بعشرة دراهم. ولما بلغ ماله مائة ألف درهم، ترك السفر به، وقنع بالتسبب فى بلده.

1832 ـ عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبى العاص ابن أمية بن عبد شمس الأموى، أبو محمد

وتوفى فى سنة أربع وستين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وقد بلغ الستين أو قاربها. 1832 ـ عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبى العاص ابن أمية بن عبد شمس الأموى، أبو محمد: أمير مكة، والمدينة، والطائف. روى عن: أبيه وحميد بن عبد الرحمن بن عوف، ونافع مولى ابن عمر، وغيرهم. روى عنه: يحيى بن سعيد، وابن جريج. وابن نمير، ووكيع. وأبو نعيم، وغيرهم. روى له الجماعة. ووثقة ابن معين، وأبو داود، وضعفه أبو مسهر. وذكر ابن جرير: أنه حج بالناس سنة سبع وعشرين ومائة، وهو عامل مروان على مكة، والمدينة، والطائف. وكذلك قال فى أخبار سنة ثمان وعشرين: وعزل بعبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك، فى سنة تسع وعشرين. وذكر أنه حج بالناس فى سنة ست وعشرين، ولم يصرح بولايته فيها بذلك. وقد صرح بذلك الشيخ عماد الدين بن كثير. ولعله نقل ذلك من تاريخ ابن الأثير؛ لأنه قال فى أخبار سنة ست وعشرين: وفيها عزل يزيد بن الوليد، عن إمرة الحجاز، الحجاج بن يوسف بن محمد الثقفى. وولى عليها عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز. انتهى. وذكر العتيقى فى أمراء الموسم: أن عمر بن عبد العزيز بن عبد الملك، حج بالناس فى سنة ست وعشرين. وقال: إن عبد العزيز هذا حج فى سنة ثلاثين. انتهى. وذكره الزبير بن بكار، فقال لما أن ذكر أولاد عمر بن عبد العزيز: وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، ولى المدينة ومكة ليزيد بن الوليد بن عبد الملك، ثم أثبته مروان بن محمد عليهما، ثم عزله عنهما، وله يقول ابن مافنة يرثيه [من الرمل]: وقد (1) كبا الدهر بجدى فعثر ... إذ ثوى عبد العزيز بن عمر

_ 1832 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 6/ 249، خلاصة الكلام 5، 26، مروج الذهب 9/ 62، الأعلام 4/ 23، الجرح والتعديل 5/ 389). (1) فى التحفة اللطيفة 2/ 184: قد كيى الدهر.

1833 ـ عبد العزيز بن عيسى بن محمد بن عمران الحجبى، أبو محمد المكى

كان من عبد مناف كلها ... بمكان السمع منها والبصر انتهى. وتوفى سنة سبع وأربعين ومائة. كما ذكر الذهبى فى العبر وقال: كان عالما فقيها نبيلا. 1833 ـ عبد العزيز بن عيسى بن محمد بن عمران الحجبى، أبو محمد المكى: سمع من الشريف يونس بن يحيى الهاشمى، وحدث. سمع منه أبو المعالى بن القسطلانى. وتوفى فى الثامن والعشرين من ذى الحجة سنة ثمان وأربعين وستمائة بمكة، نقلت وفاته من خط الشريف أبى القاسم الحسينى فى وفياته. 1834 ـ عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة بن على بن حماعة بن حازم بن صخر الكنانى: قاضى القضاة بالديار المصرية، عز الدين أبو عمر بن قاضى القضاة بدر الدين المعروف بابن جماعة الحموى الأصل، المصرى المولد والدار، الشافعى. ولد فى التاسع عشر من المحرم سنة أربع وتسعين وستمائة، بقاعة العادلية بدمشق. وأجاز له أبو الفرج عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن وريدة المكبر، والرشيد بن أبى القاسم، وإسماعيل بن الطبال، وجماعة من بغداد. ومن دمشق: أحمد بن عبد السلام بن أبى عصرون، وعمر بن إبراهيم الرسعنى، وآخرون. ومن بعلبك: عبد الخالق بن علوان، وزينب بنت عمر بن كندى، وغيرهما. ومن نابلس: عبد الحافظ بن بدران. ومن القاهرة: النجم أحمد بن حمدان، وأخوه شبيب، وغزى المشطوبى، وجعفر الإدريسى، والبوصيرى ناظم البردة، وغيرهم. ومن المغرب: أبو جعفر أحمد بن الزبير الغرناطى. وحضر بدمشق، على أبى حفص عمر بن القواس: الجزء الأول من معجم ابن جميع، وعلى أبى الفضل أحمد بن عساكر: جزء البيتوتة. وعلى العز إسماعيل بن عمرو الفراء [ .... ] (1) وعلى الحسن بن على الخلال [ .... ] (1):

_ 1834 ـ انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 2/ 378، الكتبخانة 7/ 181، التيمورية 3/ 61، كشف الظنون 1940، الأعلام 4/ 26). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

وسمع بالقاهرة من أبى المعالى الأبرقوهى: جزء ابن الطلاية، وعلى محمد بن الحسين الفوى: الخلعيات عن ابن عماد، وعلى الحافظ شرف الدين الدمياطى [ .... ] (2) وجماعة بعد ذلك بطلبه من مصر، والإسكندرية، ودمشق، مكة. وشيوخه بالسماع والإجازة، يزيدون على ألف وثلاثمائة شيخ، وأخذ الفقه عن الشيخ جمال الدين بن الوجيزى، والأصلين عن الشيخ علاء الدين الباجى، والعربية عن الشيخ أبى حيان. وأفتى، ودرس بأماكن، منها: الزاوية المعروفة بالخشابية بمصر، ودرس الحديث والفقه بجامع ابن طولون، ودار الحديث الكاملية وغيرها. وصنف شرحا على «المنهاج» لم يكمله، والمناسك على المذاهب الأربعة فى مجلدين، والمناسك الصغرى، وتخريج أحاديث الرافعى، ولم يبيضه، وسيرة كبرى وصغرى، وغير ذلك. وله نظم، وما زال يكتب ويسمع، ويشتغل ويصنف، حتى توفى. وولى قضاء الديار المصرية فى حياة شيوخه، بعد عزل الجلال القزوينى، فى ثامن جمادى الآخر سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة، وسار فيه سيرة حسنة. واستمر حتى عزل فى سنة تسع وخمسين بابن عقيل، ثم أعيد بعد ثمانين يوما، ثم أعرض عن ذلك. فثقلوا عليه بالعود، بحيث إن يبلغا مدبر الدولة بالقاهرة، حضر إلى منزله وبالغ فى سؤاله فى العود، فأبى وصمم على المنع. فسئل فى تعيين قاض عوضه، فقال: لا أتقلد. ويقال: إنه أشار إلى أبى البقاء السبكى، فولى عوضه. وكان ذلك فى جمادى الأولى من سنة ست وستين، وتوجه إلى الحجاز، فحج وزار المدينة النبوية، ثم عاد إلى مكة. فتوفى بعد ثلاثة عشر يوما، وذلك فى يوم الاثنين حادى عشر جمادى الآخرة سنة سبع وستين، ودفن ـ يومئذ ـ بالمعلاة، بجوار الفضيل بن عياض. وكان سعيد الحركات، متين الديانة، كثير العبادة. له وقع فى النفوس، معظما عند الخاصة والعامة، بحيث بلغ من أمره، أن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون، أغدق الولايات فى الممالك بمن يعينه، وهو مع ذلك مطرح الجانب. وذكره الإسنائى فى طبقاته وأثنى عليه، وذكر من حاله أشياء لم يذكرها غيره، ونص ما ذكره، بعد أن ذكر ترجمة لوالده القاضى بدر الدين بن جماعة: «وأما ولده القضاة عز الدين عبد العزيز، فإنه ولد بدمشق بقاعة العادلية فى شهر المحرم سنة أربع وتسعين وستمائة، ونشأ فى العلم والدين ومحبة أهل الخير. ودرس وأفتى،

_ (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

وصنف تصانيف كثيرة حسنة. وخطب بالجامع الجديد بمصر، وتولى الوكالة الخاصة والعامة، والنظر على أوقاف كثيرة، ثم تولى قضاء بالديار المصرية فى جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة، فسار فيه سيرة حسنة. وكان حسن المحاضرة، كثير الأدب، يقول الشعر الجيد، ويكتب الخط الحسن السريع، حافظا للقرآن، سليم الصدر، محبا لأهل العلم، يستقل عليهم الكثير، بخلاف والده، رحمهما الله تعالى. وكان شديد التصميم فى الأمور التى تصل إليه مما يتعلق بتصرفه. وأما دفع الظلم عن الناس ـ من حواشى السلطان ـ فقليل الكلام فيه، ثم أضيف إليه أوقاف كثيرة. وكان السلطان قد أغدق الولايات فى المماليك بمن يعينه، غير أنه كانت فيه عجلة فى الجواب عن أمور متعلقة بالمنصب، تؤدى إلى الضرر غالبا به وبغيره، ولم يكن فيه حذق يهتدى به، لما فيه نفع من يستحق النفع، بل أموره بحسب من يتوسط بخير أو شر، ثم انفصل عن المنصب سنة تسع وخمسين، وبقى كذلك نحو ثمانين يوما، ثم أعيد إليه، لزوال من توسط فى عزله. وكانت عاقبة المتوسطين فى عزله من أسوأ العواقب، ثم علم فى تلك الأيام مقدار الراحة، وألقى الله فى نفسه كراهة المنصب. فاستعفى منه فى جمادى الأولى سنة ست وستين، حمل معه ختمة شريفة، وتوسل بها، فأعفى فى تلك الحالة. فلما ذهب إلى منزله على ذلك، ثقلوا عليه بأنواع التثقيلات، وتحيلوا بأنواع التحيلات، فلم يجبهم، فركب إليه صاحب الأمر إذ ذاك وسأله، فصمم واعتذر. انتهى. وقال فى ترجمة نائبه القاضى تاج الدين محمد بن إسحاق المناوى، بعد أن ذكر ترجمة لأخيه القاضى شرف الدين إبراهيم: وناب فى الحكم عن ابن جماعة، ثم قال: وإستقل به بسؤال من مستنيبه، ثم تحدث جماعة فى إعادة الأمر كما كان، فأعيد بعد يوم». انتهى. فعلى هذا يكون القاضى عز الدين بن جماعة، ولى قضاء الديار المصرية ثلاث مرات، وما عرفت هل ولايته بعد تاج الدين المناوى قبل عزله بابن عقيل أو بعده؟ ، وهو الأقرب. والله أعلم.

1835 ـ عبد العزيز بن محمود بن عبد الرحمن المالكى، أبو محمد، المعروف بابن القصار

1835 ـ عبد العزيز بن محمود بن عبد الرحمن المالكى، أبو محمد، المعروف بابن القصار: تفقه على مذهب مالك رضى الله عنه، واشتغل بعلم الحديث، وأقبل عليه إقبالا كثيرا، واختصر كتاب الحميدى فى الجمع بين الصحيحين، وغير ذلك. وصحب جماعة من الصالحين، وكتب بخطه كثيرا، وجاور بمكة شرفها الله تعالى مدة. وكان على طريقة حسنة، يؤثر الانفراد عن الناس، وترك ما لا يعنيه. ذكر ذلك، المنذرى فى التكملة، وقال: ما علمته حدث. وتوفى فى ثانى جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين وستمائة بمصر، ودفن بسفح المقطم. 1836 ـ عبد العزيز بن المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب بن الحارث ابن عبيد بن عمر بن مخزوم المخزومى: قاضى مكة، هكذا ذكره الزبير بن بكار، وابن حزم فى الجمهرة، وذكر الزبير فى موضع آخر من كتابه ما يخالف ذلك، لأنه قال، لما ذكر والد عبد العزيز هذا: ابن المطلب بن عبد الله بن حنطب بن المطلب بن حنطب. وذكر المزى فى التهذيب فى ترجمة أبيه المطلب بن عبد الله ثلاثة أقوال، لأنه قال: المطلب بن عبد الله بن حنطب. ويقال: المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب بن الحارث، ثم قال: وقيل المطلب بن عبد الله بن المطلب بن عبد الله بن حنطب. قاله أبو حاتم. وقيل: هما اثنان. انتهى. روى عبد العزيز بن المطلب هذا عن أبيه، وسهيل بن صالح، وصفوان بن سليم، وموسى بن عقبة، وغيرهم. روى عنه: إسماعيل بن أبى أويس، وابن أبى فديك، وأبو عامر العقدى، وممن بن عيسى، وغيرهم. روى له البخارى تعليقا، ومسلم، والترمذى، وابن ماجة.

_ 1836 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 393).

وقال يحيى بن معين، وأبو حاتم: صالح الحديث. وقال صاحب الكمال: قاضى مكة وقيل: كان على قضاء المدينة. انتهى. وهذان القولان صحيحان كما ذكر ابن حزم. وذكر الزبير بن بكار شيئا من خبره، وأفاد فى ذلك ما لم يفده غيره، فقال: وعبد العزيز بن المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب، كان قاضيا على المدينة فى أيام المنصور، وبعده فى أيام أمير المؤمنين المهدى، وولى القضاء بمكة، وكان محمود القضاء، حليما محبا للعافية. وقال الزبير: حدثنى عمى مصعب بن عبد الله. قال: تقدم إليه محمد بن لوط بن المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب فى خصومة؛ فقضى عليه عبد العزيز. وكان ابن لوط شديد الغضب، فقال له: لعنك الله ولعن من استعملك! فقال ابن المطلب: نسب، وربك الحميد، أمير المؤمنين! برز! برز! فأخذه الحرس يبرزونه ليضربه، فقال له محمد: أنت تضربنى؟ والله لئن جلدتى سوطا لأجلدنك سوطين، فأقبل عبد العزيز بن المطلب على جلسائه، فقال: اسمعوا، يحرضنى على نفسه حتى أجلده، فتقول قريش: جلاد قومه! ثم أقبل على محمد بن لوط، فقال: لا، والله لا أجلدك، ولا حبا لك ولا كرامة، أرسلوه. فقال محمد بن لوط: جزاك الله من ذى رحم خيرا. فقد أحسنت وعفوت، ولو صبرت كنت قد احترمت منك ذلك، وما كان لى عليك سبيل. ولا أزال أشكرها لك، وأيم الله ما سمعت: ولا حبا لك ولا كرامة، فى موضع قط، أحسن منها فى هذا الموضع، وانصرف محمد بن لوط راضيا شاكرا. وقال الزبير: حدثنى عبد الملك بن عبد العزيز، قال: حضرت عبد العزيز بن المطلب، وبين يديه حسين بن زيد بن على يخاصم، فقضى على حسين، فقال له حسين: هذا والله قضاء يرد على أسته، فحك عبد العزيز بن المطلب لحيته، وكذلك كان يفعل إذا غضب، فقال لبعض جلسائه: وربك الله الحميد، لقد أغلظ لى، وما إرادتى إلا ما أراد أمير المؤمنين، أنا قاضيه، وقضائى قضاؤه، وقال: جرد. ودعا بالسوط، وكان قد قال للحرس: إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر، فإذا دعوت بالسوط فلا تعجلوا به، حتى يسكن غضبى، فجرد حسين، فما أنسا حسين غضبه وعليه ملحفة مروانية، وقال عبد العزيز لحسين: وربك الله المحمود، لأضربنك حتى أسيل دمك، ولأحبسنك حتى يكون أمير المؤمنين هو الذى يرسلك. فقال له حسين بن زيد: أو غير هذا أصلحك الله أحسن منه؟ قال: وما ذاك؟ قال: تصل رحمى، وتعفو عنى، فقال عبد العزيز بن المطلب: أو غير ذلك أحسن منه؟ أصل رحمك وأعفو عنك، يا جلواز! أردد عليه ثيابه، وخل سبيله، فخلاه.

وقال الزبير: حدثنى حارث بن محمد العوفى قال: خاصم ابن لعمر بن عمران بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق، إلى عبد العزيز بن المطلب، فقضى عليه عبد العزيز؛ فأشخص لعبد العزيز، فأمر به إلى السجن. فبلغ ذلك أباه عمر بن عمران، فغضب، وكان شديد الغضب، فذهب إلى عبد العزيز بن المطلب، فأستأذن عليه، فأرسل إليه عبد العزيز: أنت غضبان، وأنا غضبان. ولا أحب أن نلتقى على هذا الحال. وقد عرفت ما جئت له، وقد أمرت بإطلاق ابنك. وقال الأصبغ بن عبد العزيز، مولى خزاعة، يمدح عبد العزيز بن المطلب [من الطويل]: إذا قيل من للعدل والحق والمنا ... أشارت إلى عبد العزيز الأصابع أشارت إلى حر المحامد لم يكن ... ليدفعه عن غاية المجد دافع وقال الزبير: قال عمى مصعب بن عبد الله وغيره من قريش: كان عبد العزيز بن المطلب يشتكى عينيه، إنما هو مطرق أبدا. وقال: ما كان يعنى بأس، ولكن كان أخى إذا اشتكى عينيه يقول: اكحلوا عبد العزيز معى. فيأمر أبى من يكحلنى معه ليرضيه بذلك، فأمرض عينى. وعبد العزيز الذى يقول [من الكامل]: ذهبت وجوه عشيرتى فتخرموا ... وبقيت بعدهم لشر زمانى أبغى الأنيس فما أرى من مؤنس ... لم يبق لى سكن من الإسكان وأم عبد العزيز وأخيه: أم الفضل بنت كليب بن حزن بن معاوية، من بنى خفاجة بن عقيل. انتهى. وذكر الفاكهى فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله: ذكر من ولى قضاء مكة من أهلها من قريش: وكان القضاء بمكة فى بنى مخزوم، كان منهم القاضى عبد العزيز بن المطلب ابن عبد الله بن حنطب، فحدثنا أبو يحيى بن أبى مسرة قال: حدثنى أحمد بن حرب الحدل، وهو الجردم، قال: جلس عبد العزيز بن المطلب، وهو قاضى أهل مكة يقضى، فتقدم إليه الزعفران الشاعر، فشهد لامرأة بشيء كان فى عنقه. فقال له: أتشهد عندى يا أبا الزعفران؟ وأنت القائل لنا [من الطويل]: لقد طفت سبعا لما قضيته ... ألا ليت هذا لا علىّ ولا ليا ما كنت تصنع فى الطواف؟ تعرض للنساء؟ قال: لا والله، أصلحك الله عزوجل فى الشعراء (وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ) [الشعراء: 226] ولقد استعفيتها فأبت أن

1837 ـ عبد العزيز بن يحيى بن عبد العزيز بن مسلم بن ميمون الكنانى المكى، الفقيه الشافعى

تعفينى، وأنت أصلحك الله حفظت شر ما قلت، ولم تحفظ خير ما قلت. قال: وما خير ما قلت؟ قال [من الطويل]: من الحنطبيين الذين وجوههم ... مصابيح تبدو كوكبا بعد كوكب قال: فأقبل على كاتبه، فقال: يا موسى بن عطية؛ أتعرف إلا خيرا؟ قال: لا والله. قال: وأنا ما أعلم إلا خيرا. 1837 ـ عبد العزيز بن يحيى بن عبد العزيز بن مسلم بن ميمون الكنانى المكى، الفقيه الشافعى: مؤلف كتاب «الحيدة»، روى عن مروان بن معاوية، وسفيان بن عيينة، والشافعى. روى عنه: الحسين بن الفضل البجلى، وأبو العيناء محمد بن القاسم، ويعقوب بن إبراهيم التيمى. قال الخطيب: قدم بغداد فى أيام المأمون، وجرى بينه وبين بشر المريسى مناظرة فى القرآن، وهو صاحب «الحيدة» قال: وكان من أهل العلم والفضل، وله مصنفات عدة. وكان ممن تفقه بالشافعى واشتهر بصحبته. انتهى. وذكر ابن طاهر المقدسى فى «مختصر الألقاب للشيرازى» أنه يلقب بالغول، لدمامة وجهه. ولم أدر متى توفى تحقيقا. وقد ذكر الذهبى أنه توفى قبل الأربعين ومائتين تقريبا. وذكر الخطيب البغدادى فى تاريخ بغداد، ترجمته أطول من هذه. وقال فيها: قرأت فى كتاب داود بن على الأصفهانى، الذى صنفه فى فضائل الشافعى، وذكر فيه أصحابه الذين أخذوا عنه، فقال: وقد كان أحد أتباعه، والمقتبسين عنه، والمعترفين بفضله عبد العزيز بن يحيى الكنانى المكى. كان قد طالت صحبته للشافعى واتباعه له، وخرج معه إلى اليمن، وآثار الشافعى فى كتب عبد العزيز المكى بينة عند ذكره الخصوص والعموم، والبيان، كل ذلك، مأخوذ من كتاب المطلبى. ثم قال: أخبرنا الجوهرى. قال: أخبرنا محمد بن عمران بن موسى، قال: أخبرنا أحمد ابن عيسى المكى، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن خلاد، قال: لما دخل عبد العزيز بن يحيى المكى على المأمون، وكانت خلقته شنيعة جدا، فضحك المعتصم، فأقبل عبد العزيز

_ 1837 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 6/ 363، دول الإسلام 1/ 113، مفتاح السعادة 2/ 163، ميزان الاعتدال 2/ 141، الأعلام 4/ 29).

1838 ـ عبد العزيز الكرمانى

على المأمون. فقال: يا أمير المؤمنين، مم يضحك هذا؟ لم يصطف الله يوسف لجماله، وإنما اصطفاه لدينه وبيانه، وقد قص ذلك فى كتابه بقوله تعالى: (فَلَمَّا كَلَّمَهُ قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ) [يوسف: 54] ولم يقل: فلما رأى جماله. فبيانى يا أمير المؤمنين أحسن من وجه هذا. فضحك المأمون وأعجبه قوله. وقال للمعتصم: إن وجهى لا يكلمك، وإنما يكلمك لسانى وقد رأيت صاحب الترجمة، ذكر ذلك فى كتابه «الحيدة» وهى عظيمة فى معناها، لمن رآها، جزاه الله خيرا فى أداها. 1838 ـ عبد العزيز الكرمانى: كان من الصالحين المجاورين بمكة، وبها توفى ودفن بالمعلاة. وبلغنا عنه حكاية بعد موته، تدل على عظم قدره، فى أنه لما مات، لقنه بعض المكيين، فسمع الشيخ نجم الدين الأصفهانى ـ المقدم ذكره ـ الشيخ عبد العزيز هذا، وهو يقول فى قبره عند تلقينه: ألا تعجبون من ميت يلقن حيا. وما عرفت متى مات، إلا أن الرجل الذى لقن هذا الميت، توفى سنة أربع وسبعمائة. 1839 ـ عبد العظيم بن أبى الحسن بن أحمد بن إسماعيل المصرى الحصنى، أبو محمد الإسكاف: شيخ فاضل، له نظم، توفى فى الثانى والعشرين من ذى الحجة، سنة خمس وستمائة بمكة. 1840 ـ عبد الغفار بن عبد الكريم بن عبد الرحمن النهاوندى، القاضى أبو محمد: ترجم فى حجر قبره: بالشيخ المرحوم الصالح الزاهد العابد، زين الحاج، والحرمين، أبى اليتامى والمساكين، كهف الفقراء والمنقطعين. وفيه: أنه توفى يوم الثلاثاء التاسع عشر من جمادى الأولى سنة أربع [ .... ] (1) وستمائة، وقبره عند قبر الشولى.

_ 1840 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1841 ـ عبد الغنى بن أبى الفرج القبطى، الأمير فخر الدين الأستادار، الملكى، المؤيدى

1841 ـ عبد الغنى بن أبى الفرج القبطى، الأمير فخر الدين الأستادار، الملكى، المؤيدى: كان أستادار كبير للملك المؤيد صاحب مصر، وظهر من مخدومه عليه إقبال كثير، لكثرة ما يحمله لخزانته، ويقوم به من المهمات السلطانية، ولكنه أخرب كثيرا من بلاد الصعيد وغيرها، وقتل كثيرا من أهلها. وكان قد فرّ عن مخدومه، متخوفا منه إلى بغداد، ثم سأل أمانا، فأجيب لسؤاله، وحضر إلى مخدومه، فأعاده إلى الأستدارية كما كان. وبالغ فى الخدمة، واستمر حتى مات، فى خامس عشر شوال سنة إحدى وعشرين وثمانمائة. ودفن بمدرسته التى أنشأها بين السورين بظاهر القاهرة، وصولح السلطان عن تركته بمائتى ألف مثقال. وسبب ذكرنا له فى هذا الكتاب، أنه أمر بتكميل عمارة الرباط الذى أمر بإنشائه الوزير تقى الدين عبد الوهاب بن أبى شاكر الآتى ذكره، بعد أن ذكر أن ذلك صار إليه بوجه شرعى. والمتولى لتكميل ما أمر به من عمارته، بعض غلمان أمير مكة، لأمره بذلك، والمعمور منه بأمره، جانب كبير غير ما كان عمر منه بأمر ابن أبى شاكر. وهذا الرباط برأس زقاق أجياد الصغير، مقابل المسجد الحرام، وبينهما مسيل الوادى. 1842 ـ عبد القادر بن أبى الفتح محمد بن أبى المكارم أحمد بن أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى المكى الحنبلى، القاضى محيى الدين، بن السيد شهاب الدين: نائب الحكم بمكة، ونائب الإمامة بمقام الحنابلة بالمسجد الحرام، ولد فى سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وعنى بدرس القرآن. فلما بلغ، أكثر من تجويده وقراءته. وكان قرأ حفظا فى «العمدة» فى الفقه، للشيخ موفق الدين بن قدامة الحنبلى، ولعله أكملها، أقبل كثيرا على النظر فى كتب فقه الحنابلة وغيرها، فتنبه فى الفقه وغيره، وأفتى فى وقائع كثيرة. وناب فى الحكم عن أخيه شقيقه القاضى سراج الدين عبد اللطيف فى سنة عشر

_ 1841 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 470، النجوم الزاهرة 14/ 152، نزهة النفوس 2/ 432، إنباء الغمر 3/ 182، الضوء اللامع 4/ 248، المنهل الصافى 7/ 314). 1842 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 421، الضوء اللامع 4/ 287، المنهل الصافى 7/ 322).

1843 ـ عبد القاهر بن عبد السلام بن على الهاشمى، الشريف أبو الفضل العباسى البغدادى المقرئ

وثمانمائة، وإلى أن توفى، إلا أنه عزل عن ذلك مرات كثيرة، منها ثلاث مرات: فى سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، ومرة فى سنة عشرين، ومرة فى سنة اثنتين وعشرين. ومما عزل لأجله: إثباته الأحكام بالشهادة على خط الشاهد الميت أو الغائب، وتعلق فى ذلك بما وقع للإمام أحمد بن حنبل، من نفوذ وصية الميت، إذا وجدت عند رأسه بخطه. فعدى المذكور هذا الحكم إلى غير الوصية من الأحكام، ولم يوافقه على ذلك علماء عصره، وتمسك فى ذلك بغير مسألة الوصية، وكان متمسكه ضعيفا أيضا وكانت فيه حدة وقوة نفس، ولذلك هابه الناس واحترموه. ودرس عن أخيه بالمدرسة البنجالية بمكة. وتوفى وقت الظهر، من يوم الأربعاء الثانى والعشرين من شعبان المكرم، سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، وصلى عليه عقيب صلاة العصر، خلف مقام الحنابلة بوصية منه. ودفن بالمعلاة، سامحه الله تعالى، وهو ابن عم أبى، رحمهم الله تعالى. 1843 ـ عبد القاهر بن عبد السلام بن على الهاشمى، الشريف أبو الفضل العباسى البغدادى المقرئ: نقيب الهاشميين بمكة، قال السمعانى: كان نقيب الهاشميين بمكة، وكان من سراة الناس، استوطن بغداد وتصدر للإقراء، وصار قدوة، وكان قيما بالقراءات أخذها عن الكارزينى. وسمع من أبى الحسن بن صخر، وأبى على الشافعى، وسعد الزنجانى. قرأ عليه بالروايات: أبو محمد سبط الخياط، وأبو الكرم الشهرزورى. قال أبو الفضل محمد بن محمد بن عطاف رحمة الله تعالى على هذا الشريف، فلقد كان على أحسن طريقة سلكها الأشراف، من دين متين، وعقل رزين. قدم من مكة، وسكن المدرسة النظامية، وأقرأ بها القراءات عن جماعة. وحدث [ .... ] (1). وقال على بن أحمد بن مكى البزاز: مات الشريف عبد القاهر، فى يوم الجمعة ثانى عشر جمادى الآخر سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة. ومولده سنة خمس وعشرين وأربعمائة. كتبت هذه الترجمة ملخصة من طبقات القراء للذهبى، وتاريخ الإسلام له.

_ 1843 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1844 ـ عبد القوى بن عبد الخالق بن وحشى المكى الكنانى، الفقيه أبو القاسم المصرى

1844 ـ عبد القوى بن عبد الخالق بن وحشى المكى الكنانى، الفقيه أبو القاسم المصرى: سمع من: ابن برى، وإسماعيل بن قاسم الزيات. وببغداد من: ابن كليب، ذكره شيخنا القاضى مجد الدين الشيرازى فى «طبقات الحنفية» له. 1845 ـ عبد القوى بن محمد بن عبد القوى البجائى، المغربى أبو محمد: نزيل مكة، قدم إلى ديار مصر فى شبيبته، فأخذ بها عن الشيخ يحيى الرهونى، وغيره من علمائها، وسكن الجامع الأزهر، ثم انتقل إلى مكة، وأخذ بها عن الشيخ موسى المراكشى وغيره. وسمع بها من النشاورى، وسعد الدين الإسفرايينى، وغيرهما. ودرس بالحرم الشريف، وأفتى باللفظ قليلا، تورعا. وكان ذا معرفة بالفقه، يستحضر كثيرا من الأحاديث والحكايات والأشعار المستحسنة، وله حظ من العبادة والخير. جاور بمكة أزيد من ثلاثين سنة، إلا أنه كان يخرج فى بعض الأوقات إلى الطائف، وبقيم بها قليلا، ثم ترك ذلك. وولد له بمكة عدة أولاد. توفى ليلة الأربعاء ثالث شوال سنة ست عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وحمل نعشه الأعيان من أهل مكة للتبرك به. 1846 ـ عبد الكافى بن محمد بن عبد الرحمن السلاوى الأصل أبو محمد بن أبى عبد الله المكى: نزيل الإسكندرية، ذكره ابن مسدى فى معجمه، وقال: شيخ لا بأس به فى دينه ومذهبه. وذكر أنه سمع بمكة صغيرا من شيوخ الحرم، ولم يقع لى شيء من سماعه هناك، وقد سمع من السلفى، وابن عوف، غيرهما. توفى بثغر الإسكندرية، فى شهر ربيع الأول من سنة خمس وثلاثين وستمائة، عن سن عالية، وربما على ما ذكر لى، جاوز الثمانين. انتهى. * * *

_ 1845 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 23، إنباء الغمر 3/ 26، الضوء اللامع 4/ 302، شذرات الذهب 7/ 121، المنهل الصافى 7/ 328).

من اسمه عبد الكريم

من اسمه عبد الكريم 1847 ـ عبد الكريم بن أحمد بن عطية بن ظهيرة بن مرزوق القرشى المخزومى المكى: أجاز له فى سنة ثلاث عشرة: الدشتى، والقاضى سليمان بن حمزة، والمطعم، وابن مكتوم، وابن عبد الدايم، وابن سعد، وابن عساكر، والحجار، ووزيرة، وغيرهم، من دمشق. وسمع بمكة من الآقشهرى. وما علمته حدث. ووجدت بخط شيخنا ابن سكر أنه أجاز له. وتوفى سنة تسعين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. ومولده فى سنة إحدى وسبعمائة. 1848 ـ عبد الكريم بن جار الله بن صالح بن أبى المنصور أحمد بن عبد الكريم ابن أبى المعالى الشيبانى المكى: كان من طلبة الحنفية بمكة، ودخل ديار مصر، طلبا للرزق غير مرة. وناب فى إصلاح بعض أمور الناس بجدة، وخطب بها نيابة عن أخيه قاضى جدة، نور الدين على ابن جار الله. وتوفى فى يوم الخميس ثامن عشرى ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، وهو فى أثناء عشر الثلاثين ظنا، رحمه الله تعالى. 1849 ـ عبد الكريم بن سعدون المكى: سمع من: القاضى عز الدين بن جماعة، والشيخ فخر الدين عثمان بن أبى بكر النويرى: بعض سنن النسائى، وما علمته حدث. وكان يعانى التجارة. توفى سنة خمس عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 1850 ـ عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن على، الأستاذ أبو معشر، الطبرى المقرى: شيخ القراء بمكة، قرأ بمكة على: أبى عبد الله الكارزينى، وبحران على الشريف أبى

_ 1850 ـ انظر ترجمته فى: (سير أعلام النبلاء 18/ 488، النشر 1/ 35، 76، غاية النهاية 1/ 401، طبقات الشافعية 3/ 243، الكتبخانة 1/ 183، مجلة معهد المخطوطات 4/ 17، الأعلام 4/ 52).

1851 ـ عبد الكريم بن على بن سنان بن عبد الله بن عمر بن مسعود العمرى

القاسم الزيدى، وبمصر على أبى العباس بن نفيس، وإسماعيل بن راشد الحداد. وقرأ أيضا على: الحسين بن محمد الأصبهانى، وأبى الفضل بن بندار الرازى، وطائفة أسند عنهم فى تآليفه. وله من التآليف التلخيص، وسوق العروس، فى القراءات المشهورة والعربية، وكتاب الرشاد فى شرح القراءات الشاذة، وطبقات القراء، وكتاب الدرر فى التفسير، وكتاب فى اللغة، وغير ذلك. وقرأ عليه الجماعة. روى عن أبى عبيد الله بن نظيف، وأبى النعمان تراب بن عمر، وغيرهما. روى عنه أبو نصر أحمد بن عمر القارى، وأبو بكر محمد بن عبد الباقى الأنصارى، وآخرون. قال ابن طاهر المقدسى: سمعت أبا سعد الحرمى ـ بهراة ـ بقول: لم يكن سماع أبى معشر الطبرى بجزء ابن نظيف صحيحا، وإنما وجد نسخة فرواها. قال الذهبى: توفى بمكة سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. 1851 ـ عبد الكريم بن على بن سنان بن عبد الله بن عمر بن مسعود العمرى: كان من أعيان القواد المعروفين بالعمرة، توفى بمكة فى آخر ذى الحجة سنة عشرين وثمانمائة، ودفن بالمعلاة. وأظنه فى عشر الأربعين. 1852 ـ عبد الكريم بن محمد بن أحمد بن عطية بن ظهيرة، القرشى المخزومى المكى: كان شديد القوة والمشى والأكل. ويحكى عنه فى ذلك ما يستغرب، وهو أنه خرج من الطائف فى بكرة نهار، وهو حامل مائة رمانة، فوصل المعابدة ظاهر مكة وقت العصر، فسأل عن أهله، فأخبر أنهم بوادى مر، فذهب إليهم، ووصلهم وقت المغرب. ويحكى أنه أكل مدا مكيا من الدخن معروكا بسمن وتمر. وتوفى سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. 1853 ـ عبد الكريم بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى المكى: توفى يوم الاثنين، الثانى عشر من المحرم، سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، وكان أخوه

1854 ـ عبد الكريم بن محمد بن على النهاوندى الأصل، المكى المولد والدار، يلقب كريم الدين، ويعرف بالنهاوندى

رميثة، أمر بقطع نخله، لملاءمته لأخيه عطيفة، لما انفرد رميثة بالإمرة، فى آخر سنة سبع وثلاثين وسبعمائة. 1854 ـ عبد الكريم بن محمد بن على النهاوندى الأصل، المكى المولد والدار، يلقب كريم الدين، ويعرف بالنهاوندى: سمع على: الشيخ فخر الدين النويرى، والقاضى عز الدين بن جماعة، وغيرهما. وما علمته حدث. توفى فى أول عشر السبعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وكان فى كفالة الضياء الحموى زوج أخته. وكان مكرما له فى كفالته، ثم وقع بينهما، بسبب أن الضياء كان قبض له ولأخته زوجة الضياء ثمانين ألف درهم، من قاضى مكة شهاب الدين الطبرى ليتجر لها فيها. وطالب عبد الكريم الضياء بشيء من متعلقات هذا المال، وترافعا إلى التقى الحرازى قاضى مكة، فلم يجب لعبد الكريم على الضياء إلا يمين، فبذل له الضياء عنها مالا فلم يقبل، وصمم على تحليفه، فحلف له. 1855 ـ عبد الكريم بن محمد بن عمر بن أبى المعالى كريم الدين، أبو محمد بن الجمال بن الفخر الطوسى المكى الصوفى: سمع من ابن البخارى: مسند بلال الزعفرانى، ومن العفيف بن مزروع، والعماد أحمد ابن إبراهيم بن عبد الواحد القرشى. وبالقدس، بالخانقاة الصلاحية. ذكره أبو المعالى بن رافع فى معجمه، وقال: هو ابن أخت المجد عبد الله بن محمد الطبرى، وابن شيختنا زينب بنت الضياء محمد القسطلانى. انتهى. وهو أحد الشيوخ الذين خرج لهم الآقشهرى الأربعين الحديث، عن قاضى القضاة شمس الدين محمد بن العماد إبراهيم القرشى الحنبلى، وأبى اليمن بن عساكر، أجازه فى سنة أربع وسبعين باستدعاء القطب القسطلانى. وكان تخريج الآقشهرى الأربعين، فى شهور سنة ست وثلاثين وسبعمائة. 1856 ـ عبد الكريم بن محمد الجرجانى أبو محمد: قاضى جرجان، روى عن: ثور بن يزيد، وقيس بن الربيع، وأبى حنيفة، وابن جريج، وغيرهم، روى عنه: ابن عيينة مع تقدمه، والشافعى، وأبو يوسف القاضى، وقتيبة بن سعد، وجماعة.

1857 ـ عبد الكريم بن محمد الهذلى المسعودى المعروف بالخفير

روى له الترمذى (1). قال ابن حبان: من خيار الناس، وكان مرجئا. وقال قتيبة: لم أر مرجئا خيرا منه. كان على قضاء جرجان، فتركه وهرب إلى مكة. مات سنة نيف وسبعين ومائة. انتهى. وتوفى بمكة. كما ذكر صاحب الكمال. 1857 ـ عبد الكريم بن محمد الهذلى المسعودى المعروف بالخفير: بخاء معجمة وفاء وياء مثناة من تحت وراء مهملة، كان وافر الحرمة، منيع الجار. حتى قيل: إن الهارب من مكة لقصد نخلة، إذا بلغ فى طريقه صخرة معروفة بهذا الخفير نجا. وهذه الصخرة قبل مدرج نخلة. وكان يحمى الجار، ببلدة سولة، ولو كان الطالب له صاحب مكة أحمد بن عجلان، أو أحد من أتباعه، وحمل ذلك أحمد بن عجلان، على أن مكّن قريبا له من قتله، لأن قريبه كان يطالبه بدم، وما قدر عليه. فلما سمع أنه بمكة قصده، واجتمع بأحمد بن عجلان، وسأله فى إعانته على قتله، فلم يفعل. وقال: إذا قتلته حميتك. فتركه قريبه، وهو يصلى بالمسجد الحرام صلاة المغرب عند ميزان الشمس، وطعنه طعنة كان فيها حتفه. ولم يكن للمذكور شعور بما دبره عليه قريبه من قصده لقتله، وقتل معه ابنا له. وكان المذكور ينسب لمروءة كثيرة، مع جمال فى الهيئة واللباس. وكان قتله ـ فيما بلغنى ـ فى أثناء سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. 1858 ـ عبد الكريم بن أبى المخارق، قيل اسمه قيس، وقيل طارق البصرى، أبو أمية:

_ 1856 ـ (1) فى سننه، كتاب الأطعمة، حديث رقم (1769) من طريق: يحيى بن موسى حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا قيس بن الربيع قال (ح) وحدثنا قتيبة حدثنا عبد الكريم الجرجانى عن قيس بن الربيع، المعنى واحد، عن أبى هاشم، يعنى الرمانى، عن زاذان عن سلمان قال: قرأت فى التوراة أن بركة الطعام الوضوء بعده فذكرت ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما قرأت فى التوراة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده. قال: وفى الباب عن أنس وأبى هريرة. قال أبو عيسى: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث قيس بن الربيع وقيس بن الربيع يضعف فى الحديث، وأبو هاشم الرمانى اسمه يحيى بن دينار. 1858 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ الكبير 6/ 89، التاريخ الصغير 20/ 7، الجرح والتعديل 6/ 59، تهذيب الكمال 850، ميزان الاعتدال 2/ 646، خلاصة تهذيب الكمال 242، سير أعلام النبلاء 6/ 83).

1859 ـ عبد الكريم بن مخيط بن لحاف بن راجح بن أبى نمى الحسنى

نزيل مكة، المؤذن، روى عن: أنس بن مالك، وطاوس، وعطاء، ومجاهد، وغيرهم، روى عنه: شيخه مجاهد، وابن جريج، ومالك، والسفيانان، وغيرهم. روى له: البخارى تعليقا، ومسلم متابعة، والترمذى، والنسائى، وابن ماجة، وكان من أعيان التابعين. قال عبد الله بن أحمد: سألت أبى عن عبد الكريم بن أمية. فقال: بصرى نزل مكة، وكان معلما، وكان ابن عيينة يستضعفه. قلت له: هو ضعيف؟ قال: نعم. وقد ضعفه غير أحمد بن حنبل. 1859 ـ عبد الكريم بن مخيط بن لحاف بن راجح بن أبى نمى الحسنى: كان من أعيان الأشراف، وتوجه فى سنة أربع وثمانين وسبعمائة إلى اليمن، فى جماعة من الأشراف، وخدموا عند الملك الأشرف صاحب اليمن: إسماعيل بن العباس، ثم فارقوه، وتوجهوا إلى صوب مكة، فعاثوا فى المحالب وملكوها، وقبضوا متوليها، وساروا إلى حرض، فلقيهم أمير يقال له: بهادر الشمسى، فقاتلهم. فقتل عبد الكريم هذا وغيره من الأشراف، وعادوا إلى مكة مفلولى الشوكة. 1860 ـ عبد الكريم بن يحيى بن عبد الرحمن بن على بن الحسين بن على، قاضى مكة، كمال الدين أبو محمد، وأبو المحامد، بن قاضى مكة أبى المعالى الشيبابى الطبرى المكى الشافعى: وجدت خطه على مكتوب ثبت عليه فى السادس عشر من المحرم، سنة اثنتين وستمائة، ولا أدرى هل هذه السنة ابتداء ولايته أو قبلها؟ وأظنه استمر حتى عزل فى شوال سنة خمس وأربعين وستمائة. كذا وجدت بخط الشيخ أبى العباس الميورقى، فى تاريخ عزله. وولى لعزله القاضى عمران الفهرى الآتى ذكره. فدل على أنه كان حاكما فى هذه السنة. وكان محققا، حاكما فى سنة خمس وثلاثين، وسبع وثلاثين، وثمان وثلاثين وسنة أربعين، وثلاث وأربعين، وأربع وأربعين، وخمس وأربعين. وتوفى فى شهر ربيع الأول سنة ست وخمسين وستمائة. كذا وجدت وفاته فى تعاليق أبى العباس الميورقى بخط شخص ذكر أنه إدريس بن القاضى عبد الكريم هذا.

_ 1860 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 426، المنهل الصافى 7/ 350).

من اسمه عبد اللطيف

ووجدت بخط الجد أبى عبد الله الفاسى: أخبرنى الفقيه أبو عبد الله محمد بن القاضى عبد الكريم الشيبانى الطبرى قال: أخبرنى الفقيه رضى الدين أبو عبد الله محمد ابن أبى بكر بن خليل، قال: حدثنى بعض أصدقاء القاضى عبد الكريم رحمه الله، أنه كان يعتمر كل يوم من شهر رجب وشعبان ورمضان عمرتين، قال: فخطر له أن يترك العمرة. فخرج إلى أن وصل إلى عند جبل البكاء، فسمع هاتفا يقول: اعتمر كل يوم واغتنم قول لبيك ... الدواء يا أخى فى لا تمدن عينيك وهذه الحكاية تدل على أن القاضى عبد الكريم الشيبانى، كان كثير العبادة. أنبئت عمن أنباه القطب القسطلانى، أن القاضى كمال الدين هذا أنشده لنفسه (1) [من الطويل]: ولما سرت من أرض سلمى نسيمة ... لقلبى أحيا نشرها حين حلت وجاءت لتهدى لى السلام فمرحبا ... وأهلا بها من واصل لتحية تقول سليمى لم يضع لك بالنوى ... عهود ولا اعتاضت بتلك المودة فقلت وأشواقى تزيد وأدمعى ... تجود وقد غصت جفونى بعبرتى أيا جيرتى جار الذى قضى عل ... ىّ ولم أقض حقا بجيرتى * * * من اسمه عبد اللطيف 1861 ـ عبد اللطيف بن أحمد بن على بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى المكى الشافعى، أخى شقيقى، الإمام الأبرع، المفتى نجم الدين أبو الثناء وأبو بكر، وبها كناه والده: ولد فى الرابع عشر من شعبان، يوم الجمعة وقت صلاتها، سنة ثمان وسبعين وسبعمائة بمكة. وكان مدة الحمل به سبعة أشهر، وحملنا معا مع الوالدة إلى المدينة النبوية؛ لأن خالنا قاضى الحرمين محب الدين النويرى كان بها ـ إذ ذاك ـ قاضيا. فلما انتقل لقضاء مكة فى سنة ثمان وثمانين، انتقلنا مع الوالدة إلى مكة، وجوّد بها أخى حفظ القرآن، وصلى به التراويح فى مقام الحنابلة بالمسجد الحرام، سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وخطب به فى ليلة الختم خطبة حسنة، وخطب به قبل ذلك ختمى

_ (1) فى التحفة اللطيفة 2/ 200: ولما سرت من أرض سلمى نسيمة ... لقلبى أحيا سرها حين حللت

لصلاة التراويح فى سنة تسع وثمانين، ثم أقبل على درس العلم، فحفظ كتبا عدة، منها: منهاج البيضاوى، والتنبيه، ثم لازم الحضور بحلقة شيخنا قاضى القضاة جمال الدين بن ظهيرة فى الفقه وغيره، فتنبه. وسمع معى الحديث بمكة، على شيخنا ابن صديق، وابن سكر، وغيرهما. ودخل اليمن فى سنة سبع وتسعين وسبعمائة، وحج فيها، وتوجهنا معا للقاهرة. وسمع معى غالب ما قرأته وسمعته على البرهان الشامى، ومريم بنت الأذرعى، وعبد الرحمن بن الشيخة، وغيرهم. وسمع بها صحيح البخارى، على علىّ بن أبى المجد الدمشقى، لما استقدمه من دمشق السالمى الأمير يلبغا، لسماع البخارى. وسمع عليه أخى أشياء كثيرة، وأخذ علوم الحديث عن شيخنا الحافظ زين الدين العراقى، والفقه عن شيخنا سراج الدين عمر بن الملقن، وسمع منه كثيرا. وحضر مجلس شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى، واستفاد منه ومن شيخنا العلامة الحافظ الحجة القاضى ولى الدين أبى زرعة أحمد بن الحافظ زين الدين العراقى، أشياء حسنة. وعاد إلى مكة فى سنة تسع وتسعين، وقد تبصر كثيرا فى فنون من العلم. وفى سنة ثمانمائة، قرأ فى «الروضة» وغيرهما، على شيخنا قاضى القضاة جمال الدين ابن ظهيرة، ولازمه كثيرا، وانتفع به. وفى سنة إحدى وثمانمائة، قرأ فى الفقه على شيخنا برهان الدين إبراهيم بن موسى الأبناسى بمكة، وأذن له فى التدريس. وفى سنة ثلاث وثمانمائة، دخل إلى اليمن، وأخذ بزبيد عن مفتيها القاضى شهاب الدين أحمد بن أبى بكر الناشرى، وأذن له فى الإفتاء والتدريس، وعاد إلى مكة، وقد نال قليلا من الدنيا. ففات ذلك منه بقرب مكة، وأقام بها، إلى أن حج فى سنة أربع وثمانمائة، ثم توجه إلى مصر، وأقبل كثيرا على الاشتغال بالعلم، فأخذ عن جماعة من علمائها، منهم: مولانا شيخ الإسلام جلال الدين عبد الرحمن بن مولانا شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى، والعلامة ولى الدين العراقى، والشيخ نور الدين على البكرى، المعروف بابن قبيلة. ومما أخذه عن ابن قبيلة: مختصر ابن الحاجب فى الأصول، وكان البكرى خبيرا به، وأذن الثلاثة لأخى فى الإفتاء والتدريس.

وكان إذن سيدى ولى الدين لأخى فى ذلك، سنة سبع وثمانمائة. وفيها قدمت على أخى من دمشق، وقدمنا إلى مكة، وقد وليت بها قضاء المالكية. وتوجه أخى بعد الحج، إلى القاهرة، ولازم الاشتغال بالعلم، فازداد فضلا، وحج سنة ثمان وثمانمائة. وأقام بمكة حتى حج فى سنة تسع وثمانمائة. وكان فيها يدرس بالحرم الشريف ويفتى، ثم توجه للقاهرة. ومنها فى أثناء سنة عشر وثمانمائة إلى تونس، وأخذ عنه بها رواية: قاضى الجماعة بتونس عيسى الغبرينى، وغيره. وناله بر قليل من صاحب تونس، وعاد منها إلى مصر فى سنة إحدى عشرة وثمانمائة، وتوجه فى بقيتها، أو فى أوائل سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، إلى القاهرة وأقام بها، إلى أن توجه إلى مكة مع الحجاج، فى سنة أربع عشرة وثمانمائة. وفى هذه السنة، أذن له العلامة الكبير عز الدين محمد بن أبى بكر بن القاضى عز الدين بن جماعة، فى الإفتاء والتدريس، فى فنون من العلم، وكان يقرأ عليه فى مدة سنين قبل هذه السنة. وأقام بمكة، حتى حج فى سنة خمس عشرة وثمانمائة. وزار فى هذه السنة النبى صلى الله عليه وسلم، وابن عمه حبر الأمة، عبد الله بن العباس رضى الله عنهما بالطائف. وأخذ فى هذه السنة بمكة فنونا من العلم، عن الإمامين: حسام الدين حسن الأبيوردى، وأبى عبد الله محمد بن أحمد الوانوغى. وما أخذه عن الأبيوردى: تأليفه فى المعانى، والبيان، والأصول فى شرح العضد لابن الحاجب، والمنطق فى الشمسية. وكان يثنى كثيرا على أخى بحسن الفهم والبحث. ومما أخذه عن الوانوغى: التفسير، والأصول، والعربية، وكان يثنى عليه كثيرا، ثم غض منه؛ لأن الوانوغى تحامل علىّ فى فتيا، فرد عليه أخى وكافحه بحضرة الملأ، فلم يسهل ذلك بالوانوغى. وقام من المجلس، وهو كثير الحنق علينا. وتوجه أخى بعد الحج فى هذه السنة، مع الحجاج المصريين إلى القاهرة، ودخلها سنة ست عشرة وثمانمائة، وأقام بها حتى مات، غير أنه دخل منها إلى الإسكندرية مرتين. إحداهما: فى سنة عشرين وثمانمائة، والأخرى: فى سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة. ومات بعد قفوله بخمسة عشر يوما، فى يوم الخميس سادس جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة ضحى، ودفن قبيل العصر بتربة شيخنا الحافظ زين الدين العراقى،

1862 ـ عبد اللطيف بن أحمد بن محمد بن محمد بن سعيد، يلقب نجم الدين، ابن القاضى شهاب الدين، بن العلامة ضياء الدين الهندى المكى الحنفى

خارج باب البرقية. وكان الجمع وافرا، وفاز بالشهادة؛ لأن سبب موته طاعون أصابه. وكان مبدأ علته به، فى يوم الجمعة آخر يوم من ربيع الآخرة، فمدة ضعفه سبعة أيام، وعظمت الرزية علىّ لفقده، فإنا لله وإنا إليه راجعون. وكان سماعى لنعيه فى يوم الأربعاء ثانى رجب، ووصل منه فى هذا اليوم إحسان لى ولغيرى من أقاربه وأصحابه وغيرهم. وكان كثير الإحسان لمن ينتمى إليه. وله فى كبت أعدائى أشياء سارة [من الطويل]: وما كنت أدرى قبل عزة ما البكا ... ولا موجعات البين حتى تولت وكان مليح الشكالة والخصال، وله حظ من العبادة. ومن العلوم التى أكثر فيها العناية: الأصلين، والفقه، والتفسير، والعربية، والبيان، والمنطق. وكان فى هذه العلوم كثير النباهة. درس بالحرم الشريف وأفتى، وولى الإعادة بالمدرسة المجاهدين بمكة، ولم يباشرها لغيبته بالقاهرة، والإعادة بالمدرسة المجاورة لضريح الإمام الشافعى رضى الله عنه بالقرافة. وكان مجيدا فى الإفتاء والتدريس والفهم والكتابة، سريعها. وكتب بخطه أشياء كثيرة، لنفسه ولغيره من أصحابه خدمة لهم، رحمه الله تعالى، وجزاه عنا خيرا. 1862 ـ عبد اللطيف بن أحمد بن محمد بن محمد بن سعيد، يلقب نجم الدين، ابن القاضى شهاب الدين، بن العلامة ضياء الدين الهندى المكى الحنفى: سمع من شيخنا إبراهيم بن صديق، وغيره من شيوخنا بمكة. وسمع معنا بدمشق من شمس الدين بن السلعوس، وحفظ كتبا علمية. واشتغل فى بعضها. وسكن مصر مدة سنين، وبها مات فى سنة ثمانى عشرة وثمانمائة، فى أحد الربيعين فيما أظن، وهو فى أثناء عشر الأربعين. 1863 ـ عبد اللطيف بن أبى المكارم أحمد بن أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى المكى، يلقب بالسراج إمام الحنابلة، أخو الشريف أبى الفتح السابق: سمع من عثمان بن الصفى سنن أبى داود، ومن جماعة بعده، وولى الإمامة بعد صهره

1864 ـ عبد اللطيف بن أحمد المحلى الشهير بابن الإمام

الجمال محمد بن القاضى جمال الدين الحنبلى، فى سنة تسع وخمسين وسبعمائة. واستمر عليها حتى مات فى استهلال الحجة سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة، شهيدا مبطونا بمكة. ودفن بالمعلاة. أخبرنى بوفاته والدى أعزه الله تعالى، وسألت عنه ابن عمه، شيخنا العلامة السيد عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى، فذكر أنه حفظ مختصر الخرقى. وكان ذكيا، وله شعر. انتهى. 1864 ـ عبد اللطيف بن أحمد المحلى الشهير بابن الإمام [ .... ] (1): توفى فى أوائل ذى الحجة سنة سبع وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. شهدت جنازته. 1865 ـ عبد اللطيف بن محمد بن حسين بن عبد المؤمن الكازرونى المكى: المؤذن بالمسجد الحرام، يلقب سراج الدين، كان بعد موت عبد الله بن على، رئيس المؤذنين بالمسجد الحرام، قرر مؤذنا عوضه بمنارة باب بنى شيبة، ببعض معلومه، فباشر الأذان بها فى وظيفة الرياسة، ولم يزل متوليا لذلك حتى مات. وكان يعانى السفر إلى سواكن، للسبب فى المعيشة، وتوفى فى ليلة تاسع ربيع الآخر، سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. وتوفى قبله وبعده جماعة من أولاده وزوجته، فى الطاعون الذى كان بمكة فى هذه السنة. وكان معتنيا بحفظ الوقت، منسوبا لخير وعفاف، ولم يبلغ الأربعين فيما أحسب، رحمه الله. 1866 ـ عبد اللطيف بن محمد بن عبد الله بن على بن محمد بن عبد السلام ابن أبى المعالى الكازرونى المكى: سمع من عثمان بن الصفى، وتوفى فى تاسع عشر المحرم، سنة سبع وسبعين وسبعمائة بالقاهرة. ومولده فى سنة إحدى وأربعين. أخبرنى بمولده ووفاته: ابن عمه الرئيس بهاء الدين عبد الله بن على بن عبد الله، رئيس المؤذنين بالمسجد الحرام. وأخبرنى أنه كان اشتغل بعلم الفلك وفضل فيه، ورتب له معلوم على الأذان فى الجوالى فى الباب بالقاهرة. نزل له عنه عند موته.

_ 1864 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1867 ـ عبد اللطيف بن محمد بن على بن سالم الزبيدى اليمنى، القاضى سراج الدين

1867 ـ عبد اللطيف بن محمد بن على بن سالم الزبيدى اليمنى، القاضى سراج الدين: نزيل مكة، وناظر المدارس الرسولية بمكة، ولد بزبيد فى أوائل سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، وناب عن أبيه فى وظائفه. ولما ظهرت نجابته، ولاه المجاهد صاحب اليمن شد الأوقاف، ثم هرب من زبيد، خائفا من الطواشى أهيف، فى سنة إحدى وسبعين إلى مكة، وسمع بها من الكمال بن حبيب الحلبى، وغيره، واستمر بها مجاورا على طريقة حسنة، إلى أن كثر طلب الملك الأشرف صاحب اليمن له. فتوجه من مكة فى سنة تسعين وسبعمائة، فولى وظيفة الشد بزبيد، ونظر الأوقاف، فعمرها وعمر المساجد والمدارس، وعظمت مكانته عند السلطان. وكان ولى نظر المدارس التى بمكة لملوك اليمن، وهى: المنصورية والمجاهدية والأفضلية، بعد عزل القاضى أبى الفضل النويرى عنها، فى أثناء سنة ست وثمانين. ولم يزل على ذلك، إلى أن توفى، فى يوم الخميس سابع عشر ذى القعدة سنة ثمانمائة بزبيد، ودفن بمقابرها. وكان وافر العقل ذا مروءة، وكان يحسن إلى الواردين إليه بزبيد من أهل مكة. وكان له بمكة فى حال إقامته باليمن أولاد وعيال. وكان صهره موفق الدين على بن أحمد بن سالم، الآتى ذكره، ينظر فى أمرهم وأمر المدارس، وغير ذلك، مما يرسله إليه عمه القاضى سراج الدين المذكور. 1868 ـ عبد اللطيف بن موسى بن عميرة ـ بفتح العين المهملة ـ بن موسى المخزومى المكى، المعروف باليبناوى، يلقب بالسراج: ولد فى سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة بمكة، وسمع بها من غير واحد من شيوخنا، منهم: ابن صديق الرسام، والقاضى جمال الدين بن ظهيرة، وتفقه عليه، ولازم دروسه كثيرا. وكان بأخرة أكثر الناس كتابة عنه للإسجلات وغيرها، وله به اختصاص. وكان يسجل على غيره من الحكام بمكة، وناله من بعضهم إهانة عظيمة، وسببها: عدم تلطفه فى مخاطبة الحاكم، لما أراد مؤاخذته. ولما كان فى نفس الحاكم منه قبل ذلك، لميله عليه مع أعدائه.

1869 ـ عبد المجيد بن عبد الدائم بن عمر بن حسين بن عبد الواحد الكنانى، أبو الفضل بن أبى محمد العسقلانى المكى الشافعى

وكان ذا دين ومعرفة بالوثائق والفقه، وحفظ فيه «التنبيه» وكتبا علمية، واشتغل قليلا فى العربية، وجوّد الكتابة، وفيه ذكاء وكياسة فى العشرة. وكان بأخرة، يتولى عقد الأنكحة بوادى نخلة، نيابة عن القاضى جمال الدين بن ظهيرة، ويصلح بين الناس هناك. وولى الإمامة بقرية بشرا من وادى نخلة، وأصابه بها مرض تعلل به أشهرا. ثم مات فى النصف الثانى من شهر رجب سنة ثمان عشرة وثمانمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. والمخزومى فى نسبته، رأيته بخط الحافظ أبى الحجاج المزى، فى سماع كتبه لأبيه بكتاب «الإمام» لابن دقيق العيد. 1869 ـ عبد المجيد بن عبد الدائم بن عمر بن حسين بن عبد الواحد الكنانى، أبو الفضل بن أبى محمد العسقلانى المكى الشافعى: ولد فى صفر سنة سبع وأربعين وخمسمائة بعسقلان، وسمع بمكة من أبى حفص الميانشى، وجاور بها مدة طويلة. ذكره المنذرى فى «التكملة»، وذكر أنه سمعه يقول: إن له خمسين وقفة. وذكر أنه توفى فى ليلة حادى عشر شعبان، سنة ثلاث عشرة وستمائة بمصر، ودفن بسفح المقطم، قال: وكان سبب قدومه مصر، غلاء كثير وقع بمكة. 1870 ـ عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبى رواد، واسمه ميمون، وقيل غير ذلك، الأزدى مولاهم، المروزى الأصل، أبو عبد المجيد المكى: روى عن أبيه، وعبد الملك بن جريج، وأكثر عنه، والليث بن سعد، ومعمر، وأيمن ابن نابل، وجماعة. روى عنه: الشافعى والحميدى، ومحمد بن أبى عمر العدنى، ومحمد بن ميمون الخياط، والزبير بن بكار، وغيرهم.

_ 1870 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ ابن معين 370، طبقات ابن سعد 5/ 500، طبقات خليفة ترجمة 2601، التاريخ الكبير 6/ 112، المعرفة والتاريخ 3/ 52، الضعفاء للعقيلى 261، الجرح والتعديل 6/ 64، ميزان الاعتدال 2/ 648، الكامل لابن عدى 654، تهذيب الكمال 851، تهذيب التهذيب 2/ 247، الكاشف 2/ 206، شرح العلل لابن رجب 2/ 662، خلاصة تهذيب الكمال 243، سير أعلام النبلاء 9/ 434).

1871 ـ عبد المحسن بن أبى العميد بن خالد بن الشهيد عبد الغفار بن إسماعيل ابن أحمد بن الحسين بن محمد الأبهرى، أبو طالب الحفيفى، المنعوت بالحجة، الفقيه الشافعى الصوفى

روى له مسلم، مقرونا بهشام بن سليمان المكى، وأصحاب السنن الأربعة. قال يحيى ابن معين: هو ثقة، كان يروى عن قوم ضعفاء، وكان أعلم الناس بحديث ابن جريج. وكان يعلن بالإرجاء. وقال ابن معين: ثقة. عرض ابن علية عليه كتب ابن جريج فأصلحها له، وقال ابن الحسين عن ابن معين، وذكر عبد المجيد بن أبى رواد، فذكر من نبله وهيبته، وقال: كان صدوقا، ما كان يرفع رأسه إلى السماء، وكانوا يعظمونه. وقال الدارقطنى: لا يحتج به. قال الذهبى: مات سنة ست ومائتين. 1871 ـ عبد المحسن بن أبى العميد بن خالد بن الشهيد عبد الغفار بن إسماعيل ابن أحمد بن الحسين بن محمد الأبهرى، أبو طالب الحفيفى، المنعوت بالحجة، الفقيه الشافعى الصوفى: تفقه بهمذان على أبى القاسم عبد الله بن حيدر بن أبى القاسم القزوينى، وببغداد على الفخر محمد بن على النوقانى، وعلق عنه تعليقه، فيما قيل. وسمع ببغداد من: أبى الفتح بن شاتيل، ونصر الله القزاز، وبأصبهان من الحافظ أبى موسى المدينى، ولبس منه خرقة التصوف، وأبى العباس الترك، وبهمذان من أبى المحاسن عبد الرازق بن إسماعيل القومسانى. وبدمشق من أبى الفضل الجنزوى، وأبى طاهر الخشوعى، وغيرهم. وبالقاهرة من أبى القاسم الأبوصيرى، وفاطمة بنت سعد الخير، وبالإسكندرية من حاكمها أبى عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحضرمى. وبمكة من الرئيس أبى التمام محمود بن عبد العزيز القلانسى، وحدث بها، وبالمدينة والبصرة وبغداد، وغيرها من البلاد. وأقام ببغداد. سمع منه غير واحد من الأعيان مدة سنين وكان يؤم برباط الجهة المعروفة بالأخلاطية، زوجة الإمام الناصر لدين الله العباسى، وكان يحج على سبيلها، كما ذكر القطب القسطلانى. وذكر أنه حج أكثر من أربعين حجة، منها فى سصنة ثلاث وعشرين، وقد رتب

_ 1871 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ ابن الدبيثى 184، تكملة المنذرى 3/ 2147، تاريخ الإسلام 24، 45، العبر 5/ 99 ـ 100، المختصر المحتاج إليه 87، طبقات السبكى 5/ 132، العقد المذهب لابن الملقن 250، شذرات الذهب 5/ 115، الجواهر المضية 1/ 329، سير أعلام النبلاء 22/ 259).

1872 ـ عبد المطلب ـ ويقال المطلب ـ بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ابن هاشم بن عبد مناف الهاشمى

إماما بمقام إبراهيم، فأم الناس فيه إلى أن توفى. وسكن فى رباط المراغى الذى على باب الجنائز من الحرم الشريف. قال: وكان كثير المجاهدة والعبادة، دائم الصوم سفرا وحضرا. وكان له قدم ثابت فى التصوف، وتسليك لطالبه، ومعرفة بكلام المشايخ وأحوال القوم، ومعرفة بالحديث، وحفظ وإتقان. توفى فى سابع صفر. وقال المنذرى: فى ليلة السابع من صفر. وقال ابن النجار: فى ثامن صفر سنة أربع وعشرين وستمائة بمكة، وصلى عليه بمقام إبراهيم، ودفن بالمعلاة، وقبره بها معروف، يعرف بقبر إمام الحرمين. وذكر القطب القسطلانى: أنه حضر دفنه بمقابر الصوفية، يعنى بالمعلاة. وأخبرنى شيخنا الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى: أنه سمع الشيخ خليل المالكى يقول: إن الدعاء يستجاب بالمعلاة عند ثلاثة قبور، منها قبره. انتهى. وسئل عن مولده، فذكر أنه فى يوم الأربعاء الثالث والعشرين من رجب سنة ست وخمسين وخمسمائة. وسئل عن نسبته إلى الحفيفى. فقال: إلى قبيلة. والأبهرى: نسبة إلى أبهر زبحان، بلدة كبيرة مشهورة بين زنجان وقزوين. كذا ذكر المنذرى. 1872 ـ عبد المطلب ـ ويقال المطلب ـ بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب ابن هاشم بن عبد مناف الهاشمى: روى له عن النبى صلى الله عليه وسلم ثلاثة أحاديث، كما قال ابن البرقى روى عنه. ابنه عبد الله. وعبيد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمى.

_ 1872 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1723، الإصابة ترجمة 5270، أسد الغابة ترجمة 3428، تاريخ خليفة 251، جمهرة أنساب العرب 71، طبقات ابن سعد 4/ 57، طبقات خليفة 6، التاريخ الكبير 6/ 131، الجرح والتعديل 6/ 68، أنساب الأشراف 3/ 24، المغازى للواقدى 696، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 308، الجمع بين رجال الصحيحين 1/ 329، الكامل فى التاريخ 4/ 110، تهذيب الكامل 852، تحفة الأشراف 7/ 219، مقدمة مسند بقى بن مخلد 99، عهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) 287، العبر 1/ 66، الكاشف 2/ 182، سير أعلام النبلاء 3/ 112، مرآة الجنان 1/ 137، تهذيب التهذيب 6/ 383، تقريب التهذيب 1/ 517، خلاصة تذهيب التهذيب 269، شذرات الذهب 1/ 70).

روى له: مسلم (1)، وأبو داود (2)، والنسائى (3). ذكره مسلم فى الصحابة المكيين (4).

_ (1) فى صحيحه، كتاب الزكاة، حديث رقم (1784) من طريق: عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعى حدثنا جويرية عن مالك عن الزهرى أن عبد الله بن عبد الله بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب حدثه أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث حدثه قال: اجتمع ربيعة ابن الحارث والعباس بن عبد المطلب فقالا: والله لو بعثنا هذين الغلامين قالا لى وللفضل ابن عباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلماه فأمرهما على هذه الصدقات فأديا ما يؤدى الناس وأصابا مما يصيب الناس قال: فبينما هما فى ذلك جاء على بن أبى طالب فوقف عليهما فذكرا له ذلك فقال على بن أبى طالب: لا تفعلا فو الله ما هو بفاعل فانتحاه ربيعة بن الحارث فقال: والله ما تصنع هذا إلا نفاسة منك علينا فو الله لقد نلت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فما نفسناه عليك، قال على: أرسلوهما فانطلقا واضطجع على، قال: فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر سبقناه إلى الحجرة فقمنا عندها حتى جاء فأخذ بآذاننا ثم قال: أخرجا ما تصرران ثم دخل ودخلنا عليه وهو يومئذ عند زينب بنت جحش قال: فتواكلنا الكلام ثم تكلم أحدنا فقال: يا رسول الله، أنت أبر الناس وأوصل الناس وقد بلغنا النكاح فجئنا لتؤمرنا على بعض هذه الصدقات فنؤدى إليك كما يؤدى الناس ونصيب كما يصيبون، قال: فسكت طويلا حتى أردنا أن نكلمه قال: وجعلت زينب تلمع علينا من وراء الحجاب أن لا تكلماه قال: ثم قال: إن الصدقة لا تنبغى لآل محمد إنما هى أوساخ الناس ادعوا لى محمية وكان على الخمس ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب قال فجاءاه فقال لمحمية: أنكح هذا الغلام ابنتك، للفضل بن عباس، فأنكحه وقال لنوفل بن الحارث: أنكح هذا الغلام ابنتك، لى، فأنكحنى. وقال لمحمية: أصدق عنهما من الخمس كذا. وكذا قال الزهرى ولم يسمه لى. حدثنا هارون بن معروف حدثنا ابن وهب أخبرنى يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمى أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أخبره أن أباه ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب والعباس بن عبد المطلب قالا لعبد المطلب بن ربيعة وللفضل بن عباس: ائتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وساق الحديث بنحو حديث مالك وقال فيه: فألقى على رداءه ثم اضطجع عليه وقال أنا أبو حسن القرم والله لا أريم مكانى حتى يرجع إليكما ابناكما بخبر ما بعثتما به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال فى الحديث: ثم قال لنا: إن هذه الصدقات إنما هى أوساخ الناس وإنها لا تحل لمحمد. ولا لآل محمد. وقال أيضا: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادعوا لى محمية بن جزء وهو رجل من بنى أسد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على الأخماس. (2) فى سننه، كتاب الخراج، حديث رقم (2592) من طريق: أحمد بن صالح حدثنا عنبسة حدثنا يونس عن ابن شهاب أخبرنى عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمى أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أخبره أن أباه ربيعة بن الحارث وعباس بن عبد المطلب قالا لعبد المطلب بن ربيعة وللفضل بن عباس: ائتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولا له: ـ

_ ـ يا رسول الله قد بلغنا من السن ما ترى وأحببنا أن نتزوج وأنت يا رسول الله أبر الناس وأوصلهم وليس عند أبوينا ما يصدقان عنا، فاستعملنا يا رسول الله على الصدقات فلنؤد إليك ما يؤدى العمال ولنصب ما كان فيها من مرفق، قال: فأتى على بن أبى طالب ونحن على تلك الحال فقال لنا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا والله لا نستعمل منكم أحدا على الصدقة فقال له ربيعة: هذا من أمرك قد نلت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نحسدك عليه فألقى على رداءه ثم اضطجع عليه فقال أنا أبو حسن القرم والله لا أريم حتى يرجع إليكما ابناى بجواب ما بعثتما به إلى النبى صلى الله عليه وسلم قال عبد المطلب: فانطلقت أنا والفضل إلى باب حجرة النبى صلى الله عليه وسلم حتى نوافق صلاة الظهر قد قامت فصلينا مع الناس ثم أسرعت أنا والفضل إلى باب حجرة النبى صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ عند زينب بنت جحش فقمنا بالباب حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بأذنى وأذن الفضل ثم قال: أخرجا ما تصرران ثم دخل فأذن لى وللفضل فدخلنا فتواكلنا الكلام قليلا ثم كلمته أو كلمه الفضل، قد شك فى ذلك عبد الله، قال: كلمه بالأمر الذى أمرنا به أبوانا فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ورفع بصره قبل سقف البيت حتى طال علينا أنه لا يرجع إلينا شيئا حتى رأينا زينب تلمع من وراء الحجاب بيدها تريد أن لا تعجلا وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أمرنا ثم خفض رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه فقال لنا: إن هذه الصدقة إنما هى أوساخ الناس وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد ادعوا لى نوفل بن الحارث فدعى له نوفل بن الحارث فقال: يا نوفل أنكح عبد المطلب فأنكحنى نوفل، ثم قال النبىصلى الله عليه وسلم: ادعوا لى محمئة بن جزء، وهو رجل من بنى زبيد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على الأخماس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحمئة: أنكح الفضل فأنكحه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم فأصدق عنهما من الخمس كذا وكذا لم يسمه لى عبد الله بن الحارث. (3) فى السنن الصغرى، كتاب الزكاة، حديث رقم (2562) من طريق: عمرو بن سواد ابن الأسود بن عمرو عن ابن وهب قال: حدثنا يونس عن ابن شهاب عن عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمى أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أخبره أن أباه ربيعة بن الحارث قال لعبد المطلب بن ربيعة بن الحارث والفضل بن العباس بن عبد المطلب: ائتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولا له: استعملنا يا رسول الله على الصدقات فأتى على بن أبى طالب ونحن على تلك الحال فقال لهما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستعمل منكم أحدا على الصدقة. قال عبد المطلب: فانطلقت أنا والفضل حتى أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لنا: إن هذه الصدقة إنما هى أوساخ الناس وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد صلى الله عليه وسلم. (4) فى سننه، كتاب المناقب، حديث رقم (3691) من طريق: قتيبة حدثنا أبو عوانة عن يزيد بن أبى زياد عن عبد الله بن الحارث حدثنى عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أن العباس بن عبد المطلب دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا وأنا عنده فقال: ما أغضبك؟ قال: يا رسول الله، ما لنا ولقريش إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة وإذا ـ

من اسمه عبد المعطى

وقال الزبير بن بكار: وكان عبد المطلب بن ربيعة رجلا على عهد النبىصلى الله عليه وسلم، وأمر النبىصلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن الحارث، أن يزوجه ابنته، فزوجه إياها، وهو الذى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع الفضل بن العباس رضى الله عنهما، فسألاه أن يستعملهما على الصدقة، ولم يزل عبد المطلب بالمدينة، إلى زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، ثم تحول إلى دمشق، فنزل بها، وهلك بها. وأوصى إلى يزيد بن معاوية فى خلافة يزيد. وقبل يزيد وصيته. وذكر ابن عبد البر، أن وفاته كانت سنة اثنتين وستين وقيل توفى فى سنة إحدى وستين. وقيل فى خلافة معاوية. حكاها النووى وذكر أن النبى صلى الله عليه وسلم توفى، وهو بالغ، وقيل قبل بلوغه. وقال صاحب الكمال: سكن المدينة، ثم انتقل إلى الشام فى خلافة عمر، وسكن دمشق، داره بزقاق الهاشميين، الذى فيه الحمام المعروف بالحمام الحديث. مات فى خلافة يزيد بن معاوية. انتهى. وأمه: أم الحكم بنت الزبير بن المطلب بن هاشم بن عبد مناف، على ما ذكر الزبير بن بكار. * * * من اسمه عبد المعطى 1873 ـ عبد المعطى بن أحمد بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى الخزرجى المكى، يلقب شرف الدين: وفد على الخليفة أبى القاسم أحمد المستنصر بالله بن الخليفة الظاهر لدين الله محمد ابن الناصر لدين الله أحمد العباسى، مع عمه الوجيه عبد الرحمن بن عبد المعطى السابق ذكره. ففوض إليهما النظر فى مصالح المسجد الحرام، وأمر المدارس، والربط، والأوقاف بمكة، وإظهار شعار خلافته بمكة وغيرها. وكتب لهما بذلك توقيعا، سبق ذكر المقصود منه فى ترجمة الوجيه عبد الرحمن، وما عرفت من حال عبد المعطى سوى هذا، وهو جد شيخنا بالإجازة، أبى العباس أحمد بن محمد بن عبد المعطى.

_ ـ لقونا لقونا بغير ذلك. قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمر وجهه، ثم قال: والذى نفسى بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله ثم قال: يا أيها الناس من آذى عمى فقد آذانى فإنما عم الرجل صنو أبيه. قال: هذا حديث حسن صحيح.

1874 ـ عبد المعطى بن قاسم بن عبد المعطى بن أحمد بن عبد المعطى الأنصارى الخزرجى، شرف الدين المكى

والخليفة المستنصر هذا، بويع بالخلافة فى سنة تسع وخمسين وستمائة بمصر، بعد أن استشهد ابن أخيه المستعصم بن المستنصر، وهو أول خليفة عباسى بعد المستعصم، واستشهد هو أيضا، فى السنة التى بويع فيها بناحية العراق. 1874 ـ عبد المعطى بن قاسم بن عبد المعطى بن أحمد بن عبد المعطى الأنصارى الخزرجى، شرف الدين المكى: أجاز له فى ثلاث عشرة وسبعمائة: الدشتى، والقاضى سليمان بن حمزة، والمطعم، وابن مكتوم، وابن عبد الدايم، وغيرهم، وما علمته حدث. وكان حسن الهيئة والشكالة. صحب القاضى شهاب الدين الطبرى كثيرا. وبلغنى أن القاضى جلال الدين القزوينى قاضى الإقليمين، كان يكرمه ويرسل معه صرر أهل الحرم. توفى ـ ظنا ـ سنة خمس وستين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وكان حيا فى سنة ثلاث وستين وسبعمائة بمكة. 1875 ـ عبد المعطى بن محمود بن عبد المعطى بن عبد الخالق، أبو محمد بن أبى الثناء الإسكندرى، الفقيه المكى الصوفى: سمع من: أبى الفضل عبد المجيد بن دليل، وأبى القاسم عبد الرحمن بن مفرق الأنصارى، وغيرهما، وحدث. سمع منه الرشيد العطار، وذكره فى مشيخته. وقال: كان من أعيان مشايخ الإسكندرية، مشهورا بالزهد والصلاح، وله معرفة بأصول الدين ومذهب مالك. وصنف كتبا فى الرقائق، وعلم الباطن، وشرح «الرعاية» للمحاسبى، ورسالة القشيرى. وتوفى بمكة فى ليلة الجمعة الثالث والعشرين من ذى الحجة، سنة ثمان وثلاثين وستمائة، ودفن بالمعلاة. وذكره منصور بن سليم فى تاريخ الإسكندرية، ومنه نقلت نسبه هذا وشيوخه. وقال: كان من كبار العلماء، الأئمة الصلحاء. وسمع الحديث، وصنف فى الرقائق،

_ 1875 ـ انظر ترجمته فى: (التكملة لوفيات النقلة فى وفيات سنة 638، كشف الظنون 882 ـ 883، هدية العارفين 1/ 622، الأعلام 4/ 155).

من اسمه عبد الملك

وكلام الصوفية، وبنى له ابن حباشة فى الثغر رباطا بباب العزيز، ولم يزل يجلس فيه للتذكير والمواعيد، ثم انتقل فى آخر عمره إلى مكة شرفها الله تعالى، وتوفى بها. وذكر وفاته كما ذكر الرشيد، إلا أنه لم يؤرخها إلا بالشهر، وقد أرخها كما ذكر الرشيد المنذرى فى: «التكملة». وذكر أنه ذكر ما يدل على أن مولده سنة ثلاث وستين وخمسمائة فى الإسكندرية، قال: وطريقته فى الخبر مشهورة، وانتفع بصحبته جماعة، وله مجاميع. انتهى. وذكره القطب القسطلانى فى «ارتقاء الرتبة» فقال: ورأيت الشيخ الإمام العارف عبد المعطى الإسكندرى، وكان ممن له شأن فى هذا الشأن، وصنف فيه كتبا. وكان من [ .... ] (1) على التوجه إلى الله تعالى، وصل إلى مكة ومات بها. ووجدت بخط جدى أبى عبد الله الفاسى: سمعت الشيخ زين الدين بن محمد بن منصور، شهر بابن القفاص، يقول: حججت مع الشيخ عبد المعطى سنة سبع وثلاثين على طريق عيذاب، فلما وصلنا إلى مكة شرفها الله تعالى، كان بها رجل منقطع فى أبى قبيس، فنزل إلينا وسلم على الشيخ عبد المعطى، وقال لنا: كل من يدخل هذه البلدة من أهل هذا النور، أراه، وأنتم أول من دخلها من أهل النور. وقال جدى ـ فيما وجدت بخطه ـ: وأقام الشيخ عبد المعطى بمكة بعد حجه. وتوفى فى السنة الثانية بعد حجه. انتهى. ووجدت فى حجر قبره بالمعلاة: أنه توفى فى ليلة الجمعة السادس والعشرين من ذى الحجة، سنة ثمان وثلاثين وستمائة. ووجدت بخطى، فيما نقلته من مشيخة الرشيد العطار: أنه توفى ليلة الجمعة ثالث عشرى ذى الحجة، كما تقدم. رحمة الله عليه. * * * من اسمه عبد الملك 1876 ـ عبد الملك بن إبراهيم الجدى، أبو عبد الله المكى: سمع شعبة، وسفيان الثورى، وحماد بن سلمة، وغيرهم. روى له: البخارى مقرونا

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 1876 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 342).

بغيره (1)، وأبو داود (2)، والترمذى (3)، والنسائى. وسئل عنه أبو زرعة، فقال: لا بأس به. وقال أبو عبد الرحمن المقرى: هو أحفظ منى. وتوفى كما قال البخارى: سنة أربع ومائتين.

_ (1) حديثان، الأول: فى كتاب الغسل، حديث رقم (243) من طريق: عبد الله بن محمد قال: حدثنى عبد الصمد قال: حدثنى شعبة قال: حدثنى أبو بكر بن حفص قال: سمعت أبا سلمة يقول: دخلت أنا وأخو عائشة على عائشة فسألها أخوها عن غسل النبى صلى الله عليه وسلم فدعت بإناء نحوا من صاع فاغتسلت وأفاضت على رأسها وبيننا وبينها حجاب. قال أبو عبد الله: قال يزيد بن هارون وبهز والجدى عن شعبة: قدر صاع. الثانى: فى كتاب الشهادات، حديث رقم (2459) من طريق: عبد الله بن منير سمع وهب ابن جرير وعبد الملك بن إبراهيم قالا: حدثنا شعبة عن عبيد الله بن أبى بكر بن أنس عن أنس رضى الله عنه قال: سئل النبى صلى الله عليه وسلم عن الكبائر قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس وشهادة الزور. تابعه غندر وأبو عامر وبهز وعبد الصمد عن شعبة. (2) فى سننه، فى كتاب الأدب، حديث رقم (4534) من طريق: الحسن بن على حدثنا عبد الملك بن إبراهيم الجدى حدثنا سعيد بن خالد الخزاعى قال: حدثنى عبد الله بن المفضل حدثنا عبيد الله بن أبى رافع عن على بن أبى طالب رضى الله عنه قال أبو داود: رفعه الحسن بن على، قال: يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم. (3) فى سننه، فى كتاب تفسير القرآن، حديث رقم (3177) من طريق: محمود بن غيلان حدثنا عبد الملك بن إبراهيم الجدى حدثنا شعبة عن الأعمش ومنصور سمعا أبا الضحى يحدث عن مسروق قال: جاء رجل إلى عبد الله فقال: إن قاصا يقص يقول: إنه يخرج من الأرض الدخان فيأخذ بمسامع الكفار ويأخذ المؤمن كهيئة الزكام قال: فغضب وكان متكئا فجلس ثم قال: إذا سئل أحدكم عما يعلم فليقل به، قال منصور: فليخبر به، وإذا سئل عما لا يعلم فليقل الله أعلم، فإن من علم الرجل إذا سئل عما لا يعلم أن يقول الله أعلم، فإن الله تعالى قال لنبيه: (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى قريشا استعصوا عليه قال: اللهم أعنى عليهم بسبع كسبع يوسف فأخذتهم سنة فأحصت كل شيء حتى أكلوا الجلود والميتة، وقال أحدهما: العظام قال: وجعل يخرج من الأرض كهيئة الدخان فأتاه أبو سفيان فقال إن قومك قد هلكوا فادع الله لهم قال فهذا لقوله: (يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ). قال منصور: هذا لقوله: (رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ) فهل يكشف عذاب الآخرة قد مضى البطشة واللزام والدخان، وقال أحدهم: القمر، وقال الآخر: الروم. قال أبو عيسى واللزام يعنى يوم بدر. قال: وهذا حديث حسن صحيح.

1877 ـ عبد الملك بن بحر بن شاذان، يكنى أبا مروان

والجدى ـ بجيم ودال ـ نسبة إلى جدة، ساحل مكة. 1877 ـ عبد الملك بن بحر بن شاذان، يكنى أبا مروان: مكى، قدم مصر، وحدث عن محمد بن إسماعيل الصائغ، وعبد الملك بن أحمد بن أبى مسرة، وغيرهما. وكان مكثرا عن الصائغ. وكان ثقة. توفى بمصر يوم السبت آخر يوم سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، ذكره هكذا ابن يونس فى تاريخ الغرباء القادمين إلى مصر. وذكر وفاته هكذا، ابن زبر فى وفياته. 1878 ـ عبد الملك بن سعيد الحسن [ .... ] (1) الكردى، الشيخ نظام الدين: نزيل رباط السدرة بمكة، كان معتنيا بالعبادة والخير، له إلمام بالفقه، وطريق الصوفية، وصحب منهم جماعة: الشيخ نور الدين عبد الرحمن بن أفضل الدين الإسفرابينى البغدادى، وتخرج به وتسلك، ولازم الخلوة كثيرا. وسمع الحديث ببغداد، على بعض أصحاب الحجار، وبالمدينة النبوية، على شيخنا الحافظ زين الدين العراقى؛ إذ كان شيخا بها، قاضيا وخطيبا وإماما، وبالقدس على مسنده شيخنا شهاب الدين أبى الخير أحمد بن الحافظ صلاح الدين العلائى، وحدث عنه بكتاب أبيه «العدة عند الكرب والشدة». ودخل دمشق، وتردد إلى مكة مرات، وجاور بها كرات وتوجه منها لليمن، فى أول سنة ست عشرة وثمانمائة، وعاد منها لمكة فى النصف الثانى من سنة سبع عشرة وثمانمائة، وأدرك الحج، وأقام بمكة حتى مات، غير أنى أظن أنه توجه لزيارة المدينة النبوية فى بعض السنين، وعاد فى سنته. وكان يذكر بأشياء حسنة من أخبار المغول، ولاة العراق المتأخرين، ويباشر فى وقف رباط السدرة بمكة بعفة وصيانة. ووقف كتبه بمكة. وتوفى فى سابع عشر جمادى الأولى سنة أربع وعشرين وثمانمائة، ودفن بالمعلاة، وقد بلغ السبعين ظنا أو قاربها. 1879 ـ عبد الملك بن عبد الله بن أبى سهل بن أبى القاسم بن أبى منصور بن ماح الهروى البزار، أبو الفتح بن أبى القاسم الكروخى: سمع من شيخ الإسلام عبد الله بن محمد الأنصارى، كتابه «ذم الكلام» وحدث به

_ 1878 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1880 ـ عبد الملك بن عبد الله بن محمد بن محمد البكرى أبو مروان، بن الشيخ الولى العارف أبى محمد، المعروف بالمرجانى التونسى

عنه، وعن القاضى أبى عامر محمود بن القاسم الأزدى، وأبى بكر أحمد بن عبد الصمد الغورجى: جامع الترمذى. وسمعه أيضا على أبى نصر عبد العزيز بن أحمد الترياقى، خلا الجزء الأخير، وهو من مناقب عبد الله بن عباس رضى الله عنهما، إلى آخر الكتاب، فلم يسمعه إلا على أبى المظفر عبيد الله بن على بن ياسين الدهان، كلهم عن الجراحى، عن المحبونى عنه، وحدث به، فسمعه عليه جماعة، آخرهم وفاة، على بن البنا المكى، الآتى ذكره. ورواه عنه إجازة، عمر بن كرم الدينورى، ولعبد الخالق بن الأنجب النشتبرى منه إجازة، وقد سمعناه على من سمعه ممن له من النشتبرى إجازة، فعلا لنا بحمد الله درجة، وساوينا فيه شيوخ العصر. وذكره ابن نقطة فى «التقييد»، فقال: كان شيخا صالحا. وذكر أن جماعة من أهل الثروة رغبوا فى مراعاته، فحملوا إليه الذهب، فرده ولم يقبله، مع إحتياجه إليه، وقال: بعد السبعين واقتراب الأجل، آخذ على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب! . وانتقل فى آخر عمره إلى مكة، فكان يكتب من «الجامع» نسخا، ويأكل من ذلك ويكتسى، ولازم الفقر والورع، إلى أن توفى بمكة فى خامس عشرى ذى الحجة، سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، بعد رحيل الحاج بثلاثة أيام. 1880 ـ عبد الملك بن عبد الله بن محمد بن محمد البكرى أبو مروان، بن الشيخ الولى العارف أبى محمد، المعروف بالمرجانى التونسى: نزيل مكة، صحب الشيخ نجم الدين عبد الله الأصبهانى، وروى عنه، عن عبد الله ابن رتن الهندى، وقيل محمود بن رتن، عن أبيه، عن النبى صلى الله عليه وسلم، حديثا فى فضل لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، فى كل يوم مائة مرة. الحديث المخرج فى الصحيحين، من رواية أبى هريرة رضى الله عنه. وهذا الحديث بهذا الإسناد باطل؛ لأن رتن الهندى كاذب فى دعواه الصحبة، لتأخره إلى وقت لا يمكن أن يعيش إليه، كما أخبر به النبى صلى الله عليه وسلم فى غير ما حديث، منها: حديث ابن عمر المشهور، حديث: «رأيتكم ليلتكم هذه، فإن على رأس مائة سنة منها، لا يبقى أحد ممن هو على ظهر الأرض اليوم». وكان هذا الخبر من النبى صلى الله عليه وسلم فى آخر حياته، ومقتضاه انخرام من هذا التاريخ إلى مائة سنة.

وكان ظهور رتن، بعد انخرام القرن الذى أخبر النبى صلى الله عليه وسلم بانخرامه، بنحو خمسمائة سنة؛ لأنه ظهر فى حدود سنة ستمائة من الهجرة أو بعدها. وقد اتضح بهذا بطلان دعواه من حيث النقل، وهى باطلة أيضا من حيث العقل، فإن البلاد التى ظهر منها، لم يزل أهلها كفارا، حتى فتحت فى أول القرن الخامس، على يد السلطان محمود بن سبكتكين، ويؤيد ذلك، أنه لم يظهر له خبر إلا بعد فتحها بنحو مائتى سنة. فمن المحال أن يكون فيها صحابى، ويخفى خبره هذه المدة. وزعم رتن، أنه قدم على النبى صلى الله عليه وسلم عند انشقاق القمر، وصحبه، وسمع منه. وقد ألف فى بيان كذبه: الشريف المحدث شمس الدين لأبو المحاسن محمد بن على بن حمزة الحسينى الدمشقى تأليفا، ألفيته بخطه فى عدة أوراق سماه «الجواب عن الشيخ النجدى رتن الهندى». وأراد بالشيخ النجدى: الشيطان؛ لأن الشيطان أتى فى صورة شيخ نجدى إلى قريش بمكة، لما اجتمعوا فى إبرام سوء أرادوه فى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأظن أن لبعض الناس تأليفا فى أمر رتن سماه «كسر وثن رتن». وقد ذكره المحدث المقرى أبو عبد الله محمد بن جابر الوادياشى، فى بيت له، ذيل به على بيتى الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفى. فأما بيتا السلفى، فهما اللذان ذكر فيهما الواهين من الرواة [من الطويل]: حديث ابن نسطور ويسر ويغنم ... وقول أشج الغرب بعد خراش ونسخة دينار وأخبار تربه ... أبى هدبة القيسى شبه فراش وأما بيت الوادياشى، فهو هذا [من الطويل]: رتن ثامن والماردينى تاسع ... ربيع بن محمود وذلك فاشى وقد رواه عن الوادياشى، شيخنا بالإجازة، الحافظ شمس الدين بن المحب الصامت الصالحى، وأنشدنيه عنه لفظا، شيخنا قاضى الحرم جمال الدين أبو حامد بن ظهيرة الشافعى. ومع كذب رتن، فقد كذبوا عليه كثيرا، وابنه الراوى لهذا الحديث عنه، بعضهم سماه عبد الله، وبعضهم سماه محمودا. وقد سمع هذا الحديث من الشيخ عبد الملك، جماعة، منهم: جدى القاضى أبو الفضل النويرى، وكان يحدث به عنه، وشيخنا ابن سكر، وحدثنا به عنه. وتوفى الشيخ عبد الملك المرجانى، فى يوم الخميس سابع عشر جمادى الأولى، سنة أربع وخمسين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة.

1881 ـ عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيوية، ضياء الدين أبو المعالى، بن الشيخ أبى محمد الجوينى الشافعى، الملقب بإمام الحرمين

نقلت وفاته من حجر قبره. ووجدت بخط شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة: أنه توفى فى سنة سبع وخمسين، ولعله قلد فى ذلك ابن سكر، فإنه كان يذكر ذلك، وفيه نظر، لما ذكرناه. والله أعلم. ومولده سنة أربع وثمانين وستمائة بتونس، كذا وجدت مولده بخط شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. وذكر أنه رآه بخط المذكور. 1881 ـ عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيوية، ضياء الدين أبو المعالى، بن الشيخ أبى محمد الجوينى الشافعى، الملقب بإمام الحرمين: ولد فى ثامن عشر المحرم سنة تسع عشرة وأربعمائة. وسمع من: والده، وأبى حسان محمد بن أحمد المزكى، وأبى عبد الرحمن محمد بن عبد العزيز النبلى، وغيرهما. وأجاز له أبو نعيم الأصبهانى. وحدث. وروينا له أربعين حديثا، وقعت لنا بحمد الله عالية. وكان قد تفقه على أبيه، وقرأ الأصول على أبى إسحاق الإسكاف، تلميذ الإسفرايينى، وجلس للتدريس فى موضع أبيه بعد وفاته، ثم خرج إلى الحجاز، وجاور بمكة أربع سنين، وبالمدينة، يدرس ويفتى، ويجمع طرق المذهب، فلهذا قيل له: إمام

_ 1881 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات العبادى 112، دمية القصر 2/ 1000 ـ 1002، السياق 49، 51، الأنساب 3/ 386 ـ 387، تبيين كذب المفترى 278 ـ 285، المنتظم 9/ 18 ـ 20، معجم البلدان 2/ 193، الكامل 10/ 145، اللباب 1/ 315، ذيل تاريخ بغداد لابن النجار 85، 95، وفيات الأعيان 3/ 167 ـ 170، المختصر فى أخبار البشر 2/ 196 ـ 197، دول الإسلام 2/ 8، العبر 3/ 291، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 174 ـ 175، تتمة المختصر 1/ 576، مرآة الجنان 3/ 123 ـ 131، طبقات السبكى 5/ 165 ـ 222، طبقات الإسنوى 1/ 409 ـ 412، البداية والنهاية 12/ 128 ـ 129، وفيات ابن قنفذ 257 ـ 258، النجوم الزاهرة 5/ 121، مفتاح السعادة 2/ 110 ـ 111، تاريخ الخميس 2/ 360، طبقات ابن هداية الله 174 ـ 176، كشف الظنون 68، 70، 75، 242، 496، شذرات الذهب 3/ 358 ـ 362، الفوائد البهية، 246، روضات الجنات 463 ـ 464، إيضاح المكنون 1/ 288، هدية العارفين 1/ 626، سير أعلام النبلاء 18/ 468، 469، 470).

1882 ـ عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج القرشى الأموى، مولاهم، أبو الوليد، ويقال أبو خالد، الرومى الأصل، المكى الفقيه

الحرمين، ثم عاد إلى نيسابور، فى أوائل ولاية السلطان ألب أرسلان، فبنى له وزيره نظام الملك، لمدرسة النظامية بنيسابور. وتولى الخطابة، وفوض إليه أمور الأوقاف، فبقى ذلك قريبا من ثلاثين سنة، بغير مزاحم ولا مدافع، وصنف فى كل فن. توفى وقت عشاء الآخر، من ليلة الأربعاء الخامس والعشرين من شهر ربيع الأول، سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، وغلقت الأسواق يوم موته، وكسر تلامذته محابرهم وأقلامهم، وأقاموا على ذلك عاما كاملا. وكانوا يومئذ أكثر من أربعمائة تلميذ. كتبت أكثر هذه الترجمة من تاريخ ابن خلكان. وذكر أنه كان أعلم المتأخرين من أصحاب الشافعى على الإطلاق. وذكر أنه رزق مع سعة فى العلم، توسعا فى العبادة، لم يعهد من غيره، رحمه الله تعالى. 1882 ـ عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج القرشى الأموى، مولاهم، أبو الوليد، ويقال أبو خالد، الرومى الأصل، المكى الفقيه: أحد الأعلام، سمع عطاء بن أبى رباح، ومجاهد، وعبد الله بن عبيد الله بن أبى مليكة، وأبا الزبير، وغيرهم. روى عنه: الأوزاعى، والثورى، وابن عيينة، وابن علية، وابن وهب، وخلق. روى له الجماعة. وهو أول من صنف الكتب بالحجاز، كما أن ابن أبى عروبة، أول من صنفها بالعراق. وقال ابن عيينة: سمعت ابن جريج يقول: ما دون العلم تدوينى أحد. وذكر ابن جريج، أنه كان يتبع الأشعار والعربية والآثار. ثم لزم عطاء ثمانى عشرة سنة. ثم لزم عمرو بن دينار بعده تسع سنين. قال أحمد: وابن جريج من أوعية العلم، وقال ابن حبان: كان من فقهاء الحجاز وقرائهم، ومفتيهم. وكان يدلس، وقال جرير بن عبد الحميد: كان ابن جريج يرى المتعة. تزوج ستين امرأة، فلم أسمع منه. وذكره الفاكهى فى فقهاء مكة. فقال: ثم هلك ابن أبى نجيح، فكان مفتى مكة ابن جريج، انتهى.

_ 1882 ـ انظر ترجمته فى: (تذكرة الحفاظ 1/ 160، صفوة الصفوة 2/ 122، ابن خلكان 1/ 286، تاريخ بغداد 10/ 400، دول الإسلام 1/ 79، طبقات المدلسين 15، الأعلام 4/ 160).

1883 ـ عبد الملك بن عطاء المكى، مولى بنى هاشم

وذكره فى عباد مكة، فقال: وأما ابن جريج، فذكروا أنه كان يحيى الليل كله صلاة، فزعم بعض المكيين، أن صبية قالت لأمها لما مات ابن جريج، وكانت من جيرانه: أين المشجب الذى كان يكون فى هذا السطح؟ ـ سطح ابن جريج ـ فقالت لها: يا بنية، لم يكن بمشجب، ولكنه كان ابن جريج يصلى الليل. وقال: حدثنى أبو يحيى بن أبى مسرة، قال: حدثنى محمد بن أبى عمر قال: حدثنى عمرو بن عمر الوهطى، قال: أقبلت من الطائف وأنا على بغلة لى. فلما كنت بمكة، حذو المقبرة، نعست، فرأيت فى منامى وأنا أسير، كأن فى المقبرة فسطاطا مضروبا فيه سدرة، فقلت: لمن هذا الفسطاط والسدرة؟ قالوا: لمسلم بن خالد. وكأنهم الأموات، فقلت لهم: ولم فضل عليكم بهذا؟ قالوا: بكثرة الصلاة، قلت: فأين ابن جريج؟ قالوا: هيهات، رفع ذاك فى عليين، وغفر لمن شهد جنازته. انتهى. وقد اختلف فى وفاته، فقيل: سنة خمسين ومائة. قاله جماعة. منهم القطان، وخليفة، وأبو نعيم، والواقدى، وزاد: فى أول عشر ذى الحجة. وقيل: سنة إحدى وخمسين. رواه الذهبى عن ابن المدينى. وروى عن البخارى: سنة خمسين. وقيل: سنة تسع وأربعين، وبه جزم ابن حبان. وقيل: سنة ستين. حكاه صاحب الكمال. وذكر بعضهم أنه جاوز المائة. قال الذهبى: وهذا لا يصح؛ لأنه لو كان كذلك، لحكى أنه رأى بن عباس والصحابة، ولم نجد له شيئا قبل المائة، وعلى قول من قال: إنه جاوز المائة، إنما يكون طلبه العلم، وهو ابن نيف وخمسين سنة. وهذا بعيد جدا. 1883 ـ عبد الملك بن عطاء المكى، مولى بنى هاشم: يروى عن أبى جعفر محمد بن على، روى عنه: بكير بن الحكم، ذكره هكذا ابن حبان، فى الطبقة الثالثة من الثقات. 1884 ـ عبد الملك بن علقمة [بن وقاص الليثى المدنى: عم محمد بن عمرو بن علقمة، وعمر بن طلحة بن علقمة. روى عن أبيه علقمة بن وقاص، روى عنه ابن أخيه عمر، وعيسى بن عمر.

_ 1883 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 359). 1884 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 383).

1885 ـ عبد الملك بن على الصنهاجى المكناسى

ذكره ابن حبان فى الثقات، وروى له البخارى فى أفعال العباد، والنسائى] (1). 1885 ـ عبد الملك بن على الصنهاجى المكناسى: توفى فى شهر شوال سنة إحدى وسبعين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره، لخصت هذا، وترجم فيه: بالشيخ الصالح. 1886 ـ عبد الملك بن محمد بن عبد الملك بن عبد الله بن محمد بن محمد المرجانى المكى، سبط الشريف على الفاسى: سمع من: القاضى عز الدين بن جماعة ومحمد بن أحمد بن عبد المعطى، وغيرهما بمكة. ودخل القاهرة غير مرة، وحصل وظائف وصررا. وتوفى وهو قافل منها، فى أوائل ذى القعدة سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، بأسفل عقبة أيلة، ودفن هناك. 1887 ـ عبد الملك بن محمد بن عطية بن عروة السعدى، سعد بكر: أمير مكة والمدينة والطائف واليمن، ولى ذلك فى سنة ثلاثين ومائة، كما ذكر ابن جرير، لمروان بن محمد الأموى [ .... ] (1) فتوجه فى أربعة آلاف، فلقى أبا حمزة الخارجى بمكة، ومعه خمسة عشر ألفا. ففرق عليه ابن عطية الخيل، من أعلى مكة وأسفلها، وأتاه هو من أعلى الثنية، فاقتتلوا إلى الظهر، فقتل أبرهة بن الصباح عند بئر ميمون، وابن له، وقتل أبو حمزة، وخلق من جندهم. ولما بلغ عبد الله بن يحيى الأعور الكندى، الملقب طالب الحق، وهو الذى أنفذ أبا حمزة إلى مكة، خبر أبى حمزة وأصحابه، سار فى نحو ثلاثين ألفا، حتى نزل صعدة، وسار إليه ابن عطية والتقوا، فقتل الأعور ومن معه، وبعث ابن عطية برأسه إلى مروان، وتوجه ابن عطية بعد حروب أخر جرت لهم باليمن، فى خمسة عشر رجلا من وجوه أصحابه ليقيم الموسم. فخرج عليه قوم من مراد، فقاتلوه، فقتل ابن عطية، بعد أن أخرج لهم عهد مروان، فلم يلتفوا إليه. وقالوا: إنما أنتم لصوص. وكان قتله فى سنة ثلاثين. كما ذكر ابن جرير.

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل وأوردناه من الإصابة. 1887 ـ انظر ترجمته فى: (الكامل لابن الأثير 5/ 146، الطبرى حوادث سنة 13، السير للشماخى 105، 106، الأعلام 4/ 162). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1888 ـ عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف الأموى، الخليفة

وذكر أيضا فى أخبار سنة إحدى وثلاثين: أنه حج بالناس فى هذه السنة: الوليد بن عروة السعدى، وكان عامل مكة والمدينة والطائف، من قبل عمه عبد الملك. وهذا يدل على أن عبد الملك كان حيا فى سنة إحدى وثلاثين، وهذا يخالف ما تقدم. والله أعلم. كتبت أكثر هذه الترجمة من مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر للذهبى، وغالب ذلك باللفظ. 1888 ـ عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف الأموى، الخليفة: بويع بعد أبيه مروان بديار مصر والشام، وخرج عليه بالشام عمرو بن سعيد بن العاص، المعروف بالأشدق، فلاطفه حتى سلم نفسه إليه بأمان، فغدر به وذبحه صبرا بيده ـ فيما قيل ـ ثم سار إلى العراق لقتال مصعب بن الزبير، فلقيه مصعب بدير الجاثليق، والتقى الجمعان، فقتل مصعب، ثم وجه عبد الملك الحجاج لقتال عبد الله بن الزبير بمكة، فحاربه حتى قتل ابن الزبير، فى جمادى الأولى ـ وقيل الأخرى ـ سنة ثلاث وسبعين من الهجرة، وصفا الأمر بعد ذلك، لعبد الملك فى جميع البلاد، وانفرد بالخلافة حتى مات، ولم ينازعه أحد إلا غلبه. ويقال: إنه سأل الله تعالى فى ذلك فى المستجار، عند الركن اليمانى، فى مقابلة الملتزم، وهو موضع يستجاب فيه الدعاء، كما سبق فى مقدمة هذا الكتاب. وكان قبل دخوله فى الإمرة، ناسكا متعبدا، وأنكر على يزيد بن معاوية، ما صنعه جيشه الذى كان فيه الحصين بن نمير، من محاصرة ابن الزبير بمكة، ورمى المنجنيق على الكعبة. فلما ولى، صنع الحجاج بأمره جميع ما أنكره، ويقال: إنه حين جاءه الأمر، كان يقرأ فى المصحف، فوضعه من يده، وقال: (هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) [الكهف: 78].

_ 1888 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 223، طبقات خليفة ترجمة 2061، المحبر 377، تاريخ البخارى 5/ 429، المعارف 355، المعرفة والتاريخ 1/ 563، تاريخ اليعقوبى 62، تاريخ ابن عساكر 10/ 252، تهذيب الكمال 12/ 866، تاريخ الإسلام 3/ 276، العبر 1/ 102، تهذيب التهذيب 2/ 253، ميزان الاعتدال 2/ 664، فوات الوفيات 2/ 402، البداية والنهاية 8/ 260، 9/ 61، تهذيب التهذيب 6/ 422، النجوم الزاهرة 1/ 212، خلاصة تهذيب التهذيب 246، شذرات الذهب 1/ 97، سير أعلام النبلاء 4/ 246).

1889 ـ عبد الملك بن محمد بن ميسرة، أبو الوليد اليافعى

وكان رأى ـ فيما قيل ـ أنه يبول فى الجوانب الأربعة من المسجد النبوى. فقص ذلك على سعيد بن المسبب، وقيل على محمد بن سيرين، فأخبره بأنه يلى أمر الأمة، أربعة من أولاده، فكان كذلك؛ لأنه لما مات، ولى الخلافة بعده ابنه الوليد حتى مات، ثم أخوه سليمان بن عبد الملك حتى مات، ثم يزيد بن عبد الملك، بعد عمر بن عبد العزيز، ثم هشام بن عبد الملك، ولا نعلم أحدا ولى أمر الأمة أربعة نفر، أولاد رجل واحد، إلا هؤلاء، أولاد عبد الملك، ثم أولاد الملك الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر، وأدلى أولاد الناصر على عبد الملك، ولى الأمر منهم ثمانية نفر، سبق ذكرهم فى ترجمة أبيهم الملك الناصر. توفى عبد الملك، فى شوال سنة ست وثمانين من الهجرة، وكان يلقب: رشح الحجر؛ لبخله، وأبا ذبان؛ لبخره. وسئل عنه بعض الكبار، فقال: ما أقول فى شخص، الحجاج من سيئاته، تجاوز الله عنه. ومن المآثر التى له بمكة، أنه عمر المسجد الحرام عمارة حسنة، وسقفه بالساج، وجعل فى رأس كل أسطوانة خمسين مثقالا، وبعث بمال عظيم لعمل ضفائر الدور الشارعة على الوادى بمكة، وعمل ردما على أفواه السكك، تحصينا لدور الناس من السيل، فعمل ذلك كله مع ضفائر المسجد الحرام. وذلك لما بلغه خبر سيل الجحاف بمكة. 1889 ـ عبد الملك بن محمد بن ميسرة، أبو الوليد اليافعى: كان فقيها عالما، نقالا للمذهب، ثبتا فى النقل، رحالا فى طلاب العلم، عازفا بطرق الحديث وروايته، يعرف بالشيخ الحافظ. حج سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، فأدرك بمكة الشيخ العارف سعد الزنجانى، فأخذ عنه وعن أبى عبد الله محمد بن الوليد، ثم عاد إلى اليمن، وكان يتردد ما بين عدن والدماوة والجند، وله بكل بلد أصحاب وشيوخ، وتوفى سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة. 1890 ـ عبد الملك بن معمر بن شيريار الرافرافى: هكذا وجدته منسوبا على حجر قبره بالمعلاة، وفيه: أنه توفى فى شوال سنة أربع وتسعين وستمائة. وترجم بالشيخ الفقيه العالم الصالح الزاهد، وما علمت من حاله سوى هذا.

1891 ـ عبد الملك بن أبى محذورة القرشى الجمحى المكى

1891 ـ عبد الملك بن أبى محذورة القرشى الجمحى المكى: روى عن أبيه، وعبد الله بن محيريز، روى عنه بنوه: محمد، وإسماعيل، وإبراهيم، وحفيده إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك، ونافع بن عمر، وغيرهم. روى له: البخارى فى الأدب، وأبو داود، والترمذى، والنسائى، وذكره ابن حبان فى الثقات. 1892 ـ عبد الملك بن أبى مسلم بن أبى نصر النهاوندى: قاضى مكة، هكذا ذكره ابن النجار، فى الشيوخ الذين سمع منهم: أبو جعفر محمد ابن على بن محمد بن شهفير بن شاهيار الأزدى الطبرى الفقيه الشافعى. وذكره الخزرجى فى تاريخه، من شيوخ الإمام زيد بن الحسن الفائشى فقال: ومن شيوخه فيها ـ يعنى فى مكة ـ البندنيجى، وأبو عبد الله الطبرى، وإمام المقام: عبد الملك بن أبى مسلم الهاوندى. انتهى. 1893 ـ عبد الملك بن أبى مسلم الهاوندى: إمام مقام إبراهيم الخليل عليه السلام، توفى يوم الاثنين سابع ذى الحجة سنة تسع عشرة وخمسمائة دفن بالمعلاة. ومن حجر قبره، كتبت هذه الترجمة، وأظنه الأول. والله أعلم. 1894 ـ عبد الملك الحجبى: له صحبة ورواية، ذكره هكذا الكاشغرى، وذكره الذهبى. وقال: روى عنه: يعلى ابن الأشدق. 1895 ـ عبد الملك المكى: له عن ابن أبى مليكة، ذكره الذهبى فى الميزان، وقال: ضعفه الأزدى. 1896 ـ عبد الملك الطبرى الزاهد: شيخ الحرم، ذكره ابن السمعانى فى ذيله. فقال: كان أحد المشهورين بالزهد والورع. أقام بمكة قريبا من أربعين سنة، على الجد والاجتهاد، فى العبادة والرياضة وقهر النفس. وكان ابتداء أمره، أنه كان يفقه فى المدرسة النظامية، فلاح له شئ،

_ 1891 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 369).

1897 ـ عبد المنعم بن عبد المعطى بن أبى النجا المقدسى، أبو الطيب المكى الشافعى

فخرج على التجريد إلى مكة، وأقام بها. وكان يلبس الخشن ويأكل العشب، ويرجى وقته على ذلك صابرا. وذكر الذهبى أنه توفى فى عشر الثلاثين وخمسمائة. 1897 ـ عبد المنعم بن عبد المعطى بن أبى النجا المقدسى، أبو الطيب المكى الشافعى: ذكره منصور بن سليم فى تاريخ الإسكندرية، وقال: روى الحديث بالثغر عن أبى الحسين يحيى بن المنجا المقدسى، وأبى القاسم عبد الرحمن بن أبى الحسن بن فتيح الدمياطى. روى عنه، القاضيان: أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن، وأبو الفضل أحمد بن عبد الرحمن الحضرمى. وكتب عنه الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفى فى تأليفه، وقال: ذكر لى أن مولده فى سنة خمس وستين وأربعمائة. وتوفى فى المحرم سنة ثمان وأربعين وخمسمائة بالإسكندرية. 1898 ـ عبد المهدى بن على بن جعفر المكى: كان من أعيان أهل مكة، ويداخل الدولة، مات فى يوم الجمعة سادس عشر ذى القعدة سنة ست وثمانين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. * * * من اسمه عبد المؤمن 1899 ـ عبد المؤمن بن خليفة بن عبد الملك الدكالى: نزيل مكة، سمع بمكة فى سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، على عيسى الحجى، والزين الطبرى، ومحمد بن الصفى، وبلال عتيق ابن العجمى، والجمال المطرى: جامع الترمذى، وعلى غيرهم، وكان رجلا صالحا، عابدا فقيها. وناب فى العقود عن القاضى شهاب الدين الطبرى، وعن الشيخ خليل المالكى فى الإمامة. وكان تأهل بمكة بعمة الوالد، أم الهدى، بنت السيد الشريف أبى عبد الله الفاسى،

1900 ـ عبد المؤمن بن عبد الدائم بن على السمنودى ـ ويقال له مؤمن، وبها اشتهر ـ وذكر أن اسمه محمد

ومنها رزق ولديه: خليل، والبهاء محمد، ثم تأهل بأم الحسين بنت الإمام أحمد بن الرضى الطبرى. ومات عندها فى ليلة الأحد [ .... ] (1) عشر شوال، سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. 1900 ـ عبد المؤمن بن عبد الدائم بن على السمنودى ـ ويقال له مؤمن، وبها اشتهر ـ وذكر أن اسمه محمد: جاور بمكة عدة سنين على طريقة حسنة، وأدب الأطفال مدة سنين، وتأهل بابنة يوسف القروى. وولد له منها أولاد، بعضهم الآن موجود بمكة، وبها توفى بعد الحج من سنة سبع وثمانمائة. ودفن بالمعلاة. 1901 ـ عبد المؤمن بن على بن عبد الرحمن، أبو محمد الزاهد: ذكره هكذا ابن مسدى فى معجمه. وقال: شيخ منقطع ببادية وهران من ساحل تلمسان. وله كلمة مسموعة بين تلك القبائل، وأعلام واضحة فى تلك المحافل، وأكثر أوباش الغرب يتوبون على يديه، ويصمدون فيما دهمهم إليه. كان قد جاور بمكة سنين، وسمع بها على رأس الستين، من أبى الحسن على بن عبد الله بن حمود المكناسى، ومن أبى بكر أحمد بن الحسن الطوسى، ومن أبى الحسن على حميد الطرابلسى، ومن أبى حفص الميانشى، وغيرهم. أخبرنى أن مولده قبل الأربعين وخمسمائة، أو على رأسها. وتوفى ـ على ما بلغنى ـ بزاوية انقطاعه من بادية وهران، فى سنة خمس وعشرين وستمائة. انتهى. * * * من اسمه عبد الواحد 1902 ـ عبد الواحد بن إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى بن فارس الكنانى العسقلانى الأصل، المكى المولد والمنشأ والدار، أبو محمد: ذكره ابن الحاجب الأمينى فى معجمه، وذكر أنه سأله عن مولده. فذكر أنه يوم السبت، أول جمادى الأولى سنة سبعين وخمسمائة.

_ 1899 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1903 ـ عبد الواحد بن أيمن القرشى، المخزومى، مولاهم أبو القاسم المكى

وذكر أنه من مجاورى بيت الله الحرام، ومن ساكنى رباط السدرة، وأظنه كان عطارا بباب شيبة. سمع جده لأمه الحافظ الميانشى، وخونكار، وولده، ورأيت ظاهره الخير. فلما دخلت إلى بغداد، ذكرته فى جملة من سمعت عليه بمكة شرفها الله تعالى، للحافظ ابن نقطة، فقال لى: عبد الواحد بن إسماعيل الكنانى العسقلانى رأيته بمكة، ولم أسمع منه شيئا، روى صحيح مسلم بطرق موضوعة لا أصل لها البتة، وسمع عليه بمكة الأثبات، وتفرق بها الناس فى البلاد، وبين الطرق فى كتاب «التقييد فى معرفة الرواة والأسانيد» وقال عقيب ذلك: نسأل الله العافية فى الدنيا والآخرة. انتهى. وذكره الرشيد العطار فى مشيخته، وقال بعد ذكر كلام ابن نقطة: وليس هذا الشيخ عندنا ممن يتعمد الكذب، ولعله قلد فى ذلك بعض الطلبة الجهّال، وهو يظن أنه من أهل المعرفة. والله أعلم. قال: ولم يكن من أهل الحديث. ووصفه بالخير والعفة. وذكر أنه كان يتطيب. وأنه توفى ـ فيما بلغنى ـ فى المحرم سنة أربع وعشرين وستمائة بمكة شرفها الله تعالى. 1903 ـ عبد الواحد بن أيمن القرشى، المخزومى، مولاهم أبو القاسم المكى: روى عن: أبيه، وابن أبى مليكة، وأبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعبيد بن عمير، وغيرهم. ورأى ابن الزبير. روى عنه: وكيع، وأبو نعيم، وخلاد بن يحيى، وحفص بن غياث، وغيرهم. روى له البخارى، ومسلم، والنسائى. وثقه ابن معين. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. 1904 ـ عبد الواحد بن الحسن الدرعى المغربى الصهاجى: كذا هو منسوب فى حجر قبره بالمعلاة. وقبره إلى الجانب قبر الشيخ موسى المراكشى، وهو الشيخ عبد الواحد، الذى كان يجاور بالمدينة ومكة؛ لأن والدى ذكر لى أن الشيخ موسى دفن إلى جانبه. وقد سألت عنه شيخنا السيد عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى، فقال: كان رجلا صالحا كثير الميل والإحسان إلى الفقراء، جاور بالحرمين مدة طويلة. ومات بمكة. انتهى.

_ 1903 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 19).

1905 ـ عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموى

1905 ـ عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموى: أمير مكة والمدينة والطائف، ذكر ابن جرير الطبرى: أنه ولى ذلك فى سنة تسع وعشرين ومائة لمروان بن محمد، وحج بالناس فيها، وسأل أبا حمزة الخارجى المسالمة، حتى ينقضى الحج، وكان أبو حمزة والى الموسم، فأرسل عبد الواحد إلى أبى حمزة، عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب، ومحمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق، وعبيد الله بن عمرو بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، مع آخرين، فكثّر أبو حمزة فى وجه العلوى، والعثمانى، وانبسط إلى البكرى، والعمرى. وقال لهما: إنا خرجنا بسيرة أبويكما. فقال له عبد الله بن الحسن: ما جئناك لتفضل بين آبائنا، بل جئناك برسالة من الأمير نخبرك بها، ثم أحكموا أهل المسالمة بينهم إلى مدتها. ونفر عبد الواحد فى النفر الأول إلى المدينة، فزاد أهلها فى عطائهم، وأمرهم بالتجهيز، فخرجوا وعليهم عبد العزيز بن عبد الله بن عمرو بن عثمان. فلما انتبهوا إلى قديد، جاءتهم رسل أبى حمزة، وسألوهم المسالمة، وأن يخلوا بينهم وبين عدوهم، فأبوا. فلما تفرقوا بعد نزولهم هناك، خرج عليهم أصحاب أبى حمزة من الغياض، فقتلوا منهم نحو سبعمائة من قريش، ولم يكونوا أصحاب حرب، وذلك لسبع بقين من صفر سنة ثلاثين ومائة. ولما بلغ خبرهم عبد الواحد بن سليمان، لحق بالشام، فولى مروان على الحجاز واليمن: عبد الملك بن محمد بن عطية السعدى، فقتل أبا حمزة الخارجى، وجماعة من أصحابه بمكة، ثم سار إلى اليمن وقتل طالب الحق، كما سبق فى ترجمة عبد الملك. وذكر ابن عساكر، أن عبد الواحد بن سليمان هذا، حدث عن أبيه، وعبد الله بن على العباسى. وروى عنه: الوليد بن محمد الموقرى.

_ 1905 ـ انظر ترجمته فى: (خلاصة الكلام والمسعودى 9/ 62، نسب قريش 166، المحبر 33، الكامل لابن الأثير 5/ 161، الأعلام 4/ 175، 176).

وقال الزبير بن بكار، لما ذكر أولاد سليمان بن عبد الملك بن مروان: وعبد الواحد ابن سليمان، قتله صالح بن على. وكان واليا لمروان بن محمد، على المدينة، ومكة. وولى الحج عام الحرورية، وأصحاب عبد الله بن يحيى، لم يدر بهم عبد الواحد، وهو واقف بعرفة، حتى نزلوا من جبال عرفة من طريق الطائف. فوجه إليهم رجالا، فيهم: عبد الله بن حسن بن حسن بن على بن أبى طالب، رضى الله عنهم، وأمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان، وعبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب. فكلموهم وسألوهم أن يكفوا، حتى يفرغ الناس من حجهم، ففعلوا. فلما كان يوم النفر الأول، خرج عبد الواحد كأنه يقنص، حتى مضى على وجهه إلى المدينة، وترك فساطيطه وثقله بمنى. وأم عبد الواحد: أم عمرو بنت عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبى العيص بن أمية بن عبد شمس. وكان جوادا ممدحا له يقول إبراهيم بن على بن هرمة، أنشدنى ذلك: أبو عمير نوفل بن ميمون، قال: أنشدنيه أبو مالك محمد بن مالك بن على بن هرمة [من المتقارب]: إذا قيل من خير من يعتزى ... لمعتزى فهر ومحتاجها ومن يقرع الخيل يوم الوغا ... بإلجامها ثم إسراجها أشارت نساء بنى مالك ... إليه به قبل أزواجها وقال ابن ميادة يمدحه أيضا [من الكامل]: من كان أخطأه الربيع فإنه ... نظر الحجاز بغيث عبد الواحد إن المدينة أصبحت معمورة ... بمتوج حلو الشمائل ماجد كالغيث من عرض الفرات تهافتت ... سبل إليه بصادرين ووارد وملكت غير معنف فى ملكه ... ما دون مكة من حمى ومساجد وملكت ما بين العراق ويثرب ... ملكا أجار لمسلم ومعاهد ما ليهما ودميهما من بعد ما ... غشى الضعيف شعاع سيف المارد ولقد رمت قيس ورائى بالحصى ... من رام ظلمك من عدو جاهد وقال الزبير: وقيل: قتل عبد الواحد بن صالح بن على، فى سنة اثنتين وثلاثين ومائة.

1906 ـ عبد الواحد بن عبد الله بن بسر النضرى، بالنون

1906 ـ عبد الواحد بن عبد الله بن بسر النضرى، بالنون: أمير مكة والمدينة والطائف، كان واليا على ذلك فى سنة أربع ومائة. وفى سنة خمس ومائة. وعزل عن ذلك فى سنة ست ومائة، بإبراهيم بن هشام المخزومى. 1907 ـ عبد الواحد بن زين الدين محمد بن الزين أحمد بن محمد بن المحب أحمد ابن عبد الله الطبرى المكى، يلقب أوحد الدين: ولد فى شوال سنة ثمان وسبعين وسبعمائة. واعتنى أبوه كثيرا بتعليمه القرآن، وبصلاته للتراويح، فصلاها بالمسجد الحرام، واحتفل أبوه كثيرا بالوقيد والشمع. وأم بمقام إبراهيم الخليل عليه السلام بالمسجد الحرام نيابة، أوقاتا كثيرة. وكان يجهز فى قراءته كثيرا كأبيه، وله طلب بالمدرسة المنصورية بمكة وغيرها، وكان يتعبد كثيرا بالطواف ليلا، وناله تعب كثير لقلة ذات يده. وتوفى فى يوم الأربعاء خامس جمادى الأولى، سنة سبع وعشرين وثمانمائة، ودفن فى عصره بالمعلاة. وتوفى أخوه لأبيه أحمد بن زين الدين الطبرى المذكور، فى ليلة الرابع والعشرين من جمادى الآخرة من السنة المذكورة. وقد بلغ العشرين أو جاوزها. 1908 ـ عبد الواحد القيروانى: ذكره الشيخ صلاح الدين الصفدى فى كتابه «أعوان النصر، وأعيان العصر». وقال: أخبرنى شيخنا أثير الدين ـ يعنى أبا حيان الأندلسى ـ قال: كان عندنا بالقاهرة، وله نظم حسن، ورحل إلى الحجاز واستوطن مكة، وصحب ملكها أبا نمى الحسنى، وله فيه أشعار حسنة، أجاد فيها نظما كثيرا، وتعرض فى مدحه لأصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، فقتل بها أشنع قتل. ومن شعره [من الطويل]: عليل أسى لا يهتدى لمكانه ... عزيز أسى لا يرتجى من سقامه خذوا إن قضى فى الحب عمدا بثأره ... أخا البدر يبدو فى غمام لثامه ورفقا به لا ناله من يشينه ... وإن كان أسقى الصب كأس حمامه غزال تضاهيه الغزالة فى الضحى ... وتشبهه فى البعد عن مستهامه

_ 1906 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 6/ 436، خلاصة الكلام 5، المحبر 263، الأعلام 4/ 176).

1909 ـ عبد الواحد التونسى المالكى المعروف بابن الكاتب

يموت جنى الورد غما بخده ... ألم تنظروه مدرجا فى كمامه انتهى. وقد وقفت له فى بعض المجاميع، على قصيدة جيدة يمدح بها أبا نمى، مما يتعلق بالمدح منها فى ترجمة أبى نمى وهذا غزلها [من الطويل]: خليلى هيا فانظرا ذلك البرقا ... تبدى لنا يهفو على طرف البرقا تعرض فى الظلماء مثل سلاسل ... من التبر فى راحات مرتعش تلقى ولم أدر والأشياء فيها تشابه ... فؤادى وإلا قرط سعدى حكى خقا أرى سين سعدى زايلتها وعينها ... وأضحى ينادى الحب منها الذى يبقى عدتنى النوى عنها فذقت فراقها ... فلم أر فيما بيننا والردى فرقا وفى منحنى الوادى التهامى جيرة ... أضاعوا وما ضيعت يوما لهم حقا ولما التقينا للعتاب وليلنا ... على سفر للغرب قد أودع الشرقا خرست كأنى قلتها وهى أفصحت ... كأن وشاحها لها علم النطقا وما نولت عرفا سوى أن مرطها ... تضوع عرف منه أفنيته نشقا 1909 ـ عبد الواحد التونسى المالكى المعروف بابن الكاتب: ذكره لى هكذا، شيخنا أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطى، وقال: كان إماما فاضلا علامة، يفتى مع الزهد والأدب. أقام بمكة مدة، وكان يسكن فى رباط الموفق. وكان يشتغل فيه وفى الحرم. وكان بالرباط جماعة من الزيدية، وكانوا يمرون عليه، ولا يسلمون عليه ويمكنوه. فكتب ابن الكاتب هذا، إلى الإمام الزيدى صاحب صنعاء باليمن، وشكاهم إليه، فكتب إلى الزيدية يأمرهم بتعظيمه، وبعث له بمائتى درهم، فلم يقبلها، وسأله عن مسائل أجاب عن بعضها. وكان يقع فى ابن عباس رضى الله عنهما، ووقع بينه وبين الشيخ عبد الله اليافعى، منافرة فى أبيات نظمها اليافعى. توفى فى عشر الستين وسبعمائة بالناصرية، من الوجه البحرى، من أعمال مصر. انتهى. أنشدنى شيخنا العلامة القاضى جمال الدين بن ظهيرة القرشى بالمسجد الحرام، قال: أنشدنى والدى، قال: أنشدنى والدى، قال: أنشدنى عبد الواحد الكاتب لنفسه، يمدح القاضى شهاب الدين الطبرى، لكونه تقدم فى الصلاة على رميثة بن أبى نمى، أمير مكة،

من اسمه عبد الوهاب

ودفع عمران فقيه الزيدية، حين أراد الصلاة عليه [من البسيط]: يا فعلة فى جبين الدهر رونقها ... مصور فائق كل التصاوير أصبت وفقت لا زالت موفقة ... أفعالك الغر فى سود الأعاصير نكست أعلام فسق وانفردت بما ... أقر عين الورى بين الجماهير ليست تقاومها الدنيا بأجمعها ... تعسا وسحقا لكفار المقادير * * * من اسمه عبد الوهاب 1910 ـ عبد الوهاب بن بخت القرشى، مولى آل مروان بن الحكم أبو عبيدة، ويقال: أبو بكر المكى: روى عن: أبى هريرة، وابن عمر مرسلا، وعن: أنس، وأبى إدريس الخولانى، وزر ابن حبيش، وعمر بن عبد العزيز، وعطاء بن أبى رباح، وغيرهم. روى عنه: ابن عجلان ـ وروى هو عنه ـ وزيد بن أبى أنيسة، ومعاوية بن صالح الحضرمى، ومالك بن أنس، وغيرهم. روى له أبو داود (1)، والنسائى، وابن ماجة (2). وثقه ابن معين، وأبو زرعة، والنسائى، وجماعة.

_ 1910 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 69). (1) حديثان: الأول: فى كتاب البيوع، حديث رقم (3024) من طريق: أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب حدثنا معاوية بن صالح عن عبد الوهاب بن بخت عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال إن الله حرم الخمر وثمنها وحرم الميتة وثمنها وحرم الخنزير وثمنه. الثانى: فى كتاب الأدب، حديث رقم (4524) من طريق: أحمد بن سعيد الهمدانى حدثنا ابن وهب قال: أخبرنى معاوية بن صالح عن أبى موسى عن أبى مريم عن أبى هريرة قال إذا لقى أحدكم أخاه فليسلم عليه فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه أيضا. قال معاوية: وحدثنى عبد الوهاب بن بخت عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله سواء. (2) فى سننه، فى المقدمة، حديث رقم (232) من طريق: محمد بن إبراهيم الدمشقى حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبى عن معان بن رفاعة عن عبد الوهاب بن بخت المكى عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نضر الله عبدا سمع مقالتى فوعاها ثم بلغها عنى فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.

1911 ـ عبد الوهاب بن حسن بن عبد العزيز البغدادى، المعروف بابن غزال الحنبلى

وكان كثير الحج والغزو، حتى استشهد مع البطال. وكان يشبهه فى الشجاعة، كما قال مصعب الزبيرى، وقتلا معا فى سنة ثلاث عشرة ومائة، قال ذلك غير واحد. منهم: عمرو بن على الفلاس. وقال على بن عبد العزيز: قتل سنة إحدى عشرة. وذكر ابن زبر، أنه قتل مع البطال بأرض يقال لها: ساوة [ .... ] (3). وذكر صاحب الكمال: أنه تزوج بالدير، وأقام بها، ثم سكن الشام. وذكر الواقدى، عن عبد الله بن عمر: أن عبد الوهاب بن بخت القرشى، مولى آل مروان بن الحكم، غزا مع البطال، فانكشفوا، فجعل عبد الوهاب يكر بفرسه، ويقول: ما رأيت فرسا أجبن منك، سفك الله دمى إن لم أسفك دمك، ثم ألقى ببيضته على رأسه وصاح: أنا عبد الوهاب بن بخت، أمن الجنة تفرون؟ ثم تقدم فى نحر العدو، فمر رجل وهو يقول: واعطشاه. فقال: تقدم، الرى أمامك. قال: فخالط القوم، فقتل وقتل فرسه. 1911 ـ عبد الوهاب بن حسن بن عبد العزيز البغدادى، المعروف بابن غزال الحنبلى: كان فقيها خيرا، جاور بمكة مدة سنين، وولى بها تدريس الفقه، للأشراف صاحب مصر، وبها مات فى عشر التسعين وسبعمائة. فيما أظن. 1912 ـ عبد الوهاب بن الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله ابن الحسين الدمشقى، تاج الدين أبو الحسن بن زين الأمناء بن أبى البركات المعروف بابن عساكر الدمشقى المولد والدار، الشافعى: سمع من أبى حفص عمر بن طبرزد: الغيلانيات، ومن حنبل بن عبد الله الرصافى: أكثر مسند أحمد بن حنبل، ولعله سمعه بكماله، ومن قاضى القضاة أبى القاسم الحرستانى: صحيح مسلم، ومن أبى طاهر الخشوعى، وقريبه الحافظ أبى القاسم بن عساكر، وأبى الحسن بن عبد اللطيف بن إسماعيل بن أبى سعد النيسابورى، ومن العلامة أبى اليمن زيد بن الحسن الكندى. وتفقه على عمه فقيه الشام وزاهدهم، الشيخ فخر الدين بن عساكر. وحدث وأملى يوم جلوسه بالنورية مجلسا من حفظه، بحضور مشايخ بلده وأئمة عصره وبعض شيوخه. وتصدر أيضا بدار الحديث الصالحية.

_ (3) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1913 ـ عبد الوهاب بن عبد الله بن أسعد بن على اليافعى، يلقب بالتاج بن العفيف، المكى الشافعى

وحدث أيضا بحلب ونابلس والقدس ومكة، وحج إليها مرتين، آخرهما فى سنة تسع وخمسين. وكانت وقفة الجمعة. وجاور بها حتى توفى فى يوم الاثنين الحادى والعشرين من جمادى الأولى، من سنة ستين وستمائة. وصلى عليه بالحرم، ما بين مقام الحنفية، ومقام إبراهيم. ودفن من يومه بالمعلاة بمقبرة المؤذنين الكازرونيين، بنى عبد السلام بن عبد السلام بن أبى المعالى السابق ذكره. ثم نقله عنها ولده الشيخ أبو اليمن عبد الصمد بن عساكر؛ لأنه رآه فى المنام، وأمره بذلك لتضرره بمحاورتهم. وقد أخبرنى بهذه الحكاية غير واحد، منهم: شيخنا الشريف عبد الرحمن الفاسى، وشيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. وكان ولده تولى غسله، والصلاة عليه ودفنه. فقال فى ذلك [من الكامل]: أضجعته فى لحده وأضالعى ... من فوقه دون الصفائح تنحنى ونفضت كفى من غبار ترابه ... وأقول لو أنى مكانك سرنى يا من به قد كان فرط مسرتى ... أحزنتنى أضعاف ما أفرحتنى ومولده فى ليلة عيد الفطر، سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، نقلت ذلك من خط الشريف أبى القاسم الحسينى فى وفياته. وذكر أنه سمع منه، لما قدم حاجا، قال: وكان شيخا حسنا مشهورا بالخير والصلاح، ومن بيت العلم والحديث. كتبت هذه الترجمة من وفياته، ومن ترجمته لولده الشيخ أبى اليمن، ومن خط القطب القسطلانى. 1913 ـ عبد الوهاب بن عبد الله بن أسعد بن على اليافعى، يلقب بالتاج بن العفيف، المكى الشافعى: سمع من أبيه، وحدث عنه بصحيح البخارى، وسمع من غيره بمكة. وسمع بدمشق من أبى حفص عمر بن أميلة: بعض الترمذى. وبلغنى أنه سمع عليه بعض مشيخة الفخر بن البخارى، وتفقه على غير واحد، منهم: الشيخ جمال الدين الأميوطى، وشيخنا برهان الدين الأبناسى، فى «الحاوى الصغير»، وأذن له فى التدريس والفتوى، فى سنة إحدى وثمانمائة، فدرس بالمسجد الحرام مدة، وأفتى قليلا، باللسان غالبا، وكان ذا فضيلة فى الفقه، وعبادة وديانة، وآداب حسنة، وشهرة جميلة.

1914 ـ عبد الوهاب بن عبد الله بن موسى القبطى المصرى، القاضى تقى الدين، المعروف بابن أبى شاكر

وكان يؤم بمقام إبراهيم عليه السلام، نيابة عن خاليه فى بعض الأوقات، وكان يعانى التجارة، ليستعين بذلك على أمر عياله، على عادة بعض السلف، واستفاد من ذلك دنيا. وتوفى يوم الأحد الرابع من شهر رجب، سنه خمس وثمانمائة بمكة، وصلى عليه فى عصر يومه عند باب الكعبة. وتقدم فى الصلاة عليه خاله، شيخنا القدوة أبو اليمن محمد بن أحمد بن الرضى الطبرى. ودفن بالمعلاة على أبيه، بقرب الفضيل بن عياض. ومولده سنة ثمان وخمسين وسبعمائة بمكة، وهو سبط الإمام أحمد بن الرضى الطبرى. 1914 ـ عبد الوهاب بن عبد الله بن موسى القبطى المصرى، القاضى تقى الدين، المعروف بابن أبى شاكر: الوزير بالديار المصرية، وصاحب الرباط الجديد بمكة، المقابل لباب أجياد، أحد أبواب المسجد الحرام. ولى للناصر بن الظاهر، الديوان المفرد، ثم نظر الخاص، وحاقق الناصر ـ فيما قيل ـ على ذخائره بعد القبض، ثم عزل عن نظر الخاص، فى دولة الملك المؤيد. وولى الأستدارية لسيدى إبراهيم بن الملك المؤيد وقتا، ثم ولاه أبوه الوزارة بالديار المصرية. واستمر حتى مات بعد ست ليال ـ أو سبع ـ خلت من ذى القعدة سنة تسع عشرة وثمانمائة. وكان حسن الإسلام ـ فيما قبل ـ حتى إنه لم يكن فى بيته من ليس مسلما. وتميز بذلك على غيره من الأقباط. وكان يتمذهب لأبى حنيفة، وكان قد اشترى موضع الرباط المشار إليه، وهو براح، فأمر بعمارته رباطا، وبعث بمال لذلك، فعمل منه جانب كبير من أسفله، ثم أعرض المتولى لذلك عن العمارة، لأمر اقتضاه الحال. فلما مات ابن أبى شاكر، صار هذا المكان إلى الأستدار فخر الدين بن أبى الفرج، فأمر صاحب مكة بتكميل عمارته، ففعل ذلك.

_ 1914 ـ انظر ترجمته فى: (الدليل الشافى 1/ 432، النجوم الزاهرة 14/ 144، إنباء الغمر 3/ 110، الضوء اللامع 5/ 104، المنهل الصافى 7/ 383).

1915 ـ عبد الوهاب بن فليح بن رياح الإمام أبو إسحاق القرشى، مولاهم

1915 ـ عبد الوهاب بن فليح بن رياح الإمام أبو إسحاق القرشى، مولاهم: من موالى الأمير عبد الله بن عامر بن كريز. قرأ القرآن على داود بن شبل بن عباد، ومحمد بن سبعون، وشعيب بن أبى قرة. قال النقاش: حدثنا محمد بن عمران قال: سمعت عبد الوهاب بن فليح يقول: قرأت على أكثر من ثمانين نفسا، منهم من قرأت عليه، ومنهم من سألته عن الحروف المكية. قرأ عليه إسحاق بن أحمد الخزاعى: أربعا وعشرين ختمة، ومحمد بن عمران الدينورى، والحسن بن أحمد الحداد، وعباس بن أحمد، وغيرهم. وسمع من سفيان بن عيينة، ومروان بن معاوية، وعبد الله بن ميمون القداح، وغيرهم. وحدث عنه: محمد بن أحمد الشطوى، ومحمد بن هارون الأزدى، ويحيى بن محمد بن صاعد، غيرهم. قال ابن أبى حاتم: روى أبى، عن عبد الوهاب، وقال: هو صدوق. قال الذهبى: توفى فى حدود الخمسين ومائتين. وأرخ بعضهم موته فى سنة سبعين ومائتين. وقال آخر: توفى سنة ثلاث وسبعين ومائتين. قال الذهبى: وذلك خطأ. كتبت هذه الترجمة ملخصة من طبقات القراء للذهبى. وقد ذكره ابن حبان فى الثقات. 1916 ـ عبد الوهاب بن محمد بن خالد بن يحيى: [ ................................. ] (1). 1917 ـ عبد الوهاب بن مجاهد بن جبر القرشى المخزومى مولاهم، المكى: روى عن أبيه، وعطاء. روى عنه: إسماعيل بن عياش، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفى، وعبد الوهاب الخفاف، وعثمان بن الهيثم، وعبد الرزاق. روى له ابن ماجة، كما قال صاحب الكمال.

_ 1915 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 73). 1916 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 1917 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 72).

1918 ـ عبد ياليل بن عمرو بن عمير الثقفى

وقال المزى: لم أقف على روايته عنه. كذبه سفيان الثورى. وضعفه أحمد، وابن معين، وأبو حاتم، وقال النسائى: ليس بثقة. 1918 ـ عبد ياليل بن عمرو بن عمير الثقفى: كان وجها من وجوه ثقيف، وبعثوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى إسلامهم وبيعتهم. وبعثوا معه خمسين رجلا، إذ أبى أن يمضى وحده، خوفا مما صنعوا بعروة بن مسعود، فأسلموا كلهم وحسن إسلامهم، وانصرفوا إلى قومهم ثقيف، فأسلمت بأسرها. 1919 ـ عبد ياليل بن ناشب الليثى: من بنى سعد بن ليث، حليف لبنى عدى بن كعب، شهد بدرا، وتوفى فى آخر خلافة عمر رضى الله عنه، وكان شيخا كبيرا. 1920 ـ عبد العزيز بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف القرشى المطلبى. أبو ركانة: ذكره الذهبى. وقال: يقال: إنه طلق أم ركانة، قال: وهذا لا يصح، والمعروف أن صاحب القصة ركانة. 1921 ـ عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن عفير بن السماك الأنصارى الحافظ أبو ذر الهروى المكى: شيخ الحرم، سمع صحيح البخارى، من أبى محمد عبد الله بن أحمد بن حموية الحموى، بسرخس. ومن أبى إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملى، ببلخ، ومن أبى الهيثم محمد بن مكى الكشميهنى، بمرو. وسمع ببلده هراة، من أبى الفضل بن [ .... ] (1) وغيره وببغداد من أبى الحسن الدار قطنى، وأبى عمر بن [ ..... ] (1) وبدمشق من عبد الوهاب بن الحسن

_ 1918 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1725، الإصابة ترجمة 5284، أسد الغابة ترجمة 3436، الثقات 3/ 305). 1919 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1726، الإصابة ترجمة 6743، أسد الغابة ترجمة 3437). 1920 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 384). 1921 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

1922 ـ عبد بن جحش الأسدى، أبو أحمد حليف بنى أمية

الكلبى، ونصر بن أبى مسلم الكاتب، وغيرهم. وحدث. روى عنه ولده أبو مكتوم ـ ومن طريقه عنه، روينا صحيح البخارى ـ وأبو صالح المؤدب، وأبو الوليد الباجى. وروى عنه بالإجازة: أبو عمر بن عبد البر، وأبو بكر الخطيب، وأحمد بن عبد القادر اليوسفى. وصنف تصانيف، منها: الصحيح، والمستدرك عليه فى مجلد، ومعجم شيوخه، وغير ذلك. وكان مذهبه فى الاعتقاد مذهب الأشعرى، أخذه عن القاضى أبى بكر بن الطيب الباقلانى، لما رأى شيخه أبى الحسن الدارقطنى يعظمه. وذكره عبد الغافر فى تاريخ نيسابور، وقال: كان حافظا، كثير الشيوخ، زاهدا ورعا، يحب ألا يدخر شيئا لغد. وصار من كبار مشيخة الحرم، مشار إليه فى التصرف. انتهى. ثم سكن أبو ذر الهروى عند العرب، وتزوج عندهم بالسراة ـ سراة بنى سياه ـ وهى سراة بنى سعد، بجهة بجيلة، بمجرا وما حولها من بلاد بنى سعد. وكان يحج فى كل عام، ويحدث ويرجع، إلا أنه لم يمت إلا بمكة، كما ذكر الخطيب فيما حكاه عنه أبو محمد هبة الله بن أحمد الأكفانى، لخمس خلون من ذى القعدة سنة أربع وثلاثين وأربعمائة. وكان يذكر أن مولده فى سنة خمس أو ست وخمسين وثلاثمائة. وقال الأكفانى: حدثنى أبو على الحسين بن أحمد بن أبى خريصة. قال: بلغنى أن أبا ذر عبد بن أحمد بن محمد الهروى الحافظ. توفى فى شهور سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة. وكان مقيما بمكة، وبها مات. انتهى. وذكر الذهبى: أن القاضى عياض، أرخ وفاته فى سنة خمس وثلاثين. وجزم الذهبى بوفاته فى سنة أربع وثلاثين، فى العبر، وهو الصواب. والله أعلم. 1922 ـ عبد بن جحش الأسدى، أبو أحمد حليف بنى أمية: يأتى فى الكنى؛ للخلاف فى اسمه.

_ 1922 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1388، الإصابة ترجمة 9505، أسد الغابة ترجمة 5669، الطبقات الكبرى 8/ 46).

1923 ـ عبد بن زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود العامرى

1923 ـ عبد بن زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود العامرى: أخو سودة، زوج النبى صلى الله عليه وسلم لأبيها. كان شريفا سيدا من سادات الصحابة رضى الله عنهم، وهو الذى تحاصم مع سعد بن أبى وقاص، فى أخيه لأبيه، عبد الرحمن بن زمعة ابن وليدة زمعة. وزمعة ـ بفتح الميم وإسكانها ـ وجهان مشهوران. وقد وهم أبو نعيم فى نسبه؛ لأنه قال: عبد بن زمعة بن الأسود. * * * من اسمه عبيد 1924 ـ عبيد بن حذيفة بن غانم العدوى: هو أبو جهم، صاحب الأنبجانية ـ على ما قيل ـ وسيأتى إن شاء الله تعالى فى الكنى (1)، للخلاف فى اسمه. 1925 ـ عبيد بن أبى طلحة المكى: يروى عن أبى الطفيل، وغيره، روى عنه: يزيد بن أبى حبيب، وابن لهيعة. 1926 ـ عباد بن عبد العزى بن محصن بن عقيدة بن وهب بن الحارث بن جشم بن لؤى بن غالب: يلقب بالخطيم؛ لأنه ضرب يوم الجمل على أنفه، فخطم. ذكره ابن قدامة هكذا (1).

_ 1923 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1390، الإصابة 4/ 386). 1924 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1746، 2929، الإصابة ترجمة 5347، 9703، أسد الغابة ترجمة 3490، 5780، الثقات 3/ 283، الجرح والتعديل 6/ 320، التحفة اللطيفة 3/ 135، تجريد أسماء الصحابة 1/ 365، سير أعلام النبلاء 2/ 556). (1) ستأتى ترجمته فى باب الكنى الترجمة رقم (2849). 1925 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 5/ 409). 1926 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1370، الإصابة ترجمة 4489، أسد الغابة ترجمة 2774). (1) ذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب هكذا أيضا.

1927 ـ عبيد بن عمير بن قتادة بن سعد بن عامر بن جندع الجندعى أبو عاصم، المكى

1927 ـ عبيد بن عمير بن قتادة بن سعد بن عامر بن جندع الجندعى أبو عاصم، المكى: سمع عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وعبيد الله بن عمرو، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن حبشى، وأبا هريرة، وأبا موسى الأشعرى، وأباه عميرا، وعائشة، وأم سلمة. روى عنه: عطاء بن أبى رباح، ومجاهد، وعمرو بن دينار، وأبو الزبير، وابن أبى مليكة، وغيرهم. روى له الجماعة، ووثقه ابن معين، وأبو زرعة. وكان قاص أهل مكة، ومات قبل ابن عمر، كما قال البخارى. وجزم الذهبى فى الكاشف بوفاته فى سنة أربع وستين. وقال: ذكر ثابت البنانى، أنه قص على عهد عمر رضى الله عنه، قال: وهذا بعيد. انتهى. وأما مولده، فقال مسلم: ولد فى زمان النبى صلى الله عليه وسلم. وقال صاحب الكمال: قيل: إنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم. 1928 ـ عبيد بن أبى مريم المكى: روى عن أبى سروعة. عقبة بن الحارث، حديثا فى الرضاع. وروى عنه: ابن أبى مليكة. وروى له: البخارى (1)، وأبو داود (2)، والترمذى (3)، والنسائى (4).

_ 1927 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1755، الإصابة ترجمة 6258، أسد الغابة ترجمة 3512، طبقات ابن سعد 5/ 463، طبقات خليفة ترجمة 2524، تاريخ البخارى 5/ 455، المعارف 434، المعرفة والتاريخ 2/ 24، الجرح والتعديل 2/ 409، الحلية 3/ 266، تهذيب الكمال 899، تذكرة الحفاظ 1/ 47، تاريخ الإسلام 3/ 190، تهذيب التهذيب 5/ 543، غاية النهاية ترجمة 3064، النجوم الزاهرة 1/ 197، طبقات الحفاظ 14، سير أعلام النبلاء 2/ 126). 1928 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 3). (1) فى صحيحه، كتاب النكاح، حديث رقم (4714) من طريق: على بن عبد الله حدثنا إسماعيل بن إبراهيم أخبرنا أيوب عن عبد الله بن أبى مليكة قال: حدثنى عبيد بن أبى مريم عن عقبة بن الحارث قال: وقد سمعته من عقبة لكنى لحديث عبيد أحفظ، قال: تزوجت امرأة فجاءتنا امرأة سوداء، فقالت: أرضعتكما فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم فقلت: تزوجت فلانة بنت فلان فجاءتنا امرأة سوداء فقالت لى: إنى قد أرضعتكما وهى كاذبة فأعرض عنى فأتيته ـ

وذكره ابن حبان فى الثقات. وذكر الذهبى فى الميزان، أنه لم يحدث عنه: إلا ابن أبى مليكة.

_ ـ من قبل وجهه قلت: إنها كاذبة، قال: كيف بها وقد زعمت أنها قد أرضعتكما دعها عنك وأشار إسماعيل بإصبعيه السبابة والوسطى يحكى أيوب. (2) فى سننه، كتاب الأقضية، حديث رقم (3127) من طريق: سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن ابن أبى مليكة حدثنى عقبة بن الحارث وحدثنيه صاحب لى عنه وأنا لحديث صاحبى أحفظ قال: تزوجت أم يحيى بنت أبى إهاب فدخلت علينا امرأة سوداء فزعمت أنها أرضعتنا جميعا فأتيت النبىصلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فأعرض عنى فقلت: يا رسول الله إنها لكاذبة، قال: وما يدريك وقد قالت ما قالت دعها عنك. حدثنا أحمد بن أبى شعيب الحرانى حدثنا الحارث بن عمير البصرى (ح) وحدثنا عثمان بن أبى شيبة حدثنا إسماعيل بن علية كلاهما عن أيوب عن ابن أبى مليكة عن عبيد بن أبى مريم عن عقبة بن الحارث وقد سمعته من عقبة ولكنى لحديث عبيد أحفظ فذكر معناه قال أبو داود: نظر حماد بن زيد إلى الحارث بن عمير فقال: هذا من ثقات أصحاب أيوب. (3) فى سننه، كتاب الرضاع، حديث رقم (1071) من طريق: على بن حجر حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن عبد الله بن أبى مليكة قال: حدثنى عبيد بن أبى مريم عن عقبة بن الحارث قال: وسمعته من عقبة ولكنى لحديث عبيد أحفظ قال تزوجت امرأة فجاءتنا امرأة سوداء فقالت: إنى قد أرضعتكما فأتيت النبىصلى الله عليه وسلم فقلت: تزوجت فلانة بنت فلان فجاءتنا امرأة سوداء فقالت: إنى قد أرضعتكما وهى كاذبة قال: فأعرض عنى قال: فأتيته من قبل وجهه فأعرض عنى بوجهه فقلت: إنها كاذبة، قال: وكيف بها وقد زعمت أنها قد أرضعتكما دعها عنك. قال: وفى الباب عن ابن عمر. قال أبو عيسى: حديث عقبة ابن الحارث حديث حسن صحيح، وقد روى غير واحد هذا الحديث عن ابن أبى مليكة عن عقبة بن الحارث ولم يذكروا فيه عن عبيد بن أبى مريم ولم يذكروا فيه دعها عنك، والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم وغيرهم أجازوا شهادة المرأة الواحدة فى الرضاع. وقال ابن عباس: تجوز شهادة امرأة واحدة فى الرضاع ويؤخذ يمينها، وبه يقول أحمد وإسحاق وقد قال بعض أهل العلم: لا تجوز شهادة المرأة الواحدة حتى يكون أكثر، وهو قول الشافعى، سمعت الجارود يقول: سمعت وكيعا يقول: لا تجوز شهادة امرأة واحدة فى الحكم ويفارقها فى الورع. (4) فى سننه، فى كتاب النكاح، حديث رقم (3278) من طريق: على بن حجر قال: أنبأنا إسماعيل عن أيوب عن ابن أبى مليكة قال: حدثنى عبيد بن أبى مريم عن عقبة بن الحارث قال: وقد سمعته من عقبة ولكنى لحديث عبيد أحفظ قال: تزوجت امرأة فجاءتنا امرأة سوداء فقالت: إنى قد أرضعتكما فأتيت النبىصلى الله عليه وسلم فأخبرته فقلت: إنى تزوجت فلانة بنت فلان فجاءتنى امرأة سوداء فقالت: إنى قد أرضعتكما فأعرض عنى فأتيته من قبل وجهه فقلت: إنها كاذبة قال: وكيف بها وقد زعمت أنها قد أرضعتكما دعها عنك.

1929 ـ عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى المطلبى، أبو الحارث، وقيل أبو معاوية

1929 ـ عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى المطلبى، أبو الحارث، وقيل أبو معاوية: أسلم قبل دخول النبى صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وهاجر إلى المدينة مع أخويه: الطفيل، والحصين. وكان له قدر ومنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعقد له راية، وبعثه فى ثمانين من المهاجرين ـ وقيل فى ستين. قاله مصعب الزبيرى ـ حتى بلغ سيف البحر، ثم بلغ ماء بالحجاز بأسفل ثنية المرة، فلقى بها جمعا من قريش، فيهم: أبو سفيان بن حرب، فلم يكن فيهم قتال، إلا أن سعد بن مالك رمى بسهم فى سبيل الله، وهو أول سهم رمى به، والسرية: أول سرية، والراية أول راية عقدت فى الإسلام، على ما ذكر ابن إسحاق. وقيل: إن أول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء لعبيدة بن الحارث، وجزم به مصعب الزبيرى، ثم شهد بدرا، وكان له فيها غناء عظيم، وشهد بدرا، وتبارز هو وعتبة بن ربيعة، أخو شيبة، فضرب كل منهما صاحبه فأثبته. وقطعت رجل عبيدة. فحمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ألست شهيدا يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: بلى. وقال عبيدة: لو شهدنا أبو طالب، علم أننا أحق بما قال، حيث يقول [من الطويل]: كذبتم وبيت الله نبزى محمدا ... ولما نطاعن دونه ونناضل ونسلمه حتى نصرّع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل ومات عبيدة بالصفراء. ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما نزل مع أصحابه [بالبارين؟ ؟ ؟ ] (1)، قال له أصحابه: إنا نجد ريح المسك. فقال: وما يمنعكم، وها هنا قبر أبى معاوية؟ . وكان له ـ على ما قيل يوم قتل ـ ثلاث وستون سنة. وكان أسن المسلمين يومئذ. وكان رجلا مربوعا حسن الوجه.

_ 1929 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1767، الإصابة ترجمة 5391، أسد الغابة ترجمة 3534، الثقات 3/ 312، الاستبصار 158، 301، تجريد أسماء الصحابة 1/ 369، الأعلام 4/ 198، سير أعلام النبلاء 1/ 256، طبقات ابن سعد 3/ 34، نسب قريش 93، 94، تاريخ خليفة 59، 61، 62، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 317 ـ 318، شذرات الذهب 1/ 9). (1) ما بين المعقوفتين ورد فى الأصل هكذا بلا نقط.

من اسمه عتاب

وعبيدة ـ بالضم ـ وليس فى الصحابة من اسمه عبيدة سواه. * * * من اسمه عتّاب 1930 ـ عتّاب بن أسيد ـ بفتح الألف ـ بن أبى العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموى، أبو محمد، ويقال أبو عبد الرحمن: أمير مكة. أسلم يوم الفتح، واستعمله النبى صلى الله عليه وسلم وسلم على مكة، حين خرج إلى حنين، وسنّه ثمان عشرة سنة. كذا قاله ابن حبّان. وذكر صاحب الكمال: أن سنّه عشرون سنة. وذكر ابن الأثير: أن عتّابا لم يزل على مكة، إلى أن توفى النبى صلى الله عليه وسلم، وأقرّه أبو بكر رضى الله عنه عليها، إلى أن مات. انتهى. روى عن النبى صلى الله عليه وسلم. وروى عنه: سعيد بن المسيّب، وعطاء بن أبى رباح، وجماعة، مرسلا. لتقدّم وفاته. روى له أصحاب السّنن الأربعة (1).

_ 1930 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1775، الإصابة ترجمة 5407، أسد الغابة ترجمة 3538، الثقات 3/ 304، الجرح والتعديل 7/ 11، 46، تجريد أسماء الصحابة 1/ 370، تقريب التهذيب 2/ 3، تاريخ الإسلام 3/ 61، التاريخ الصغير 1/ 33، أزمنة التاريخ الإسلامى 1/ 757، الأعلام 4/ 199، التاريخ الكبير 7/ 54، الكاشف 2/ 243، شذرات الذهب 1/ 56، العبر 1/ 16، تهذيب الكمال 2/ 900، مشاهير علماء الأمصار 155، البداية والنهاية 7/ 304). (1) أخرج له الترمذى فى سننه، فى كتاب الزكاة، حديث رقم (583) من طريق: أبو عمرو مسلم بن عمرو الحذاء المدنى حدثنا عبد الله بن نافع الصائغ عن محمد بن صالح التمار عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن عتاب بن أسيد أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يبعث على الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم. وبهذا الإسناد أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى زكاة الكروم: إنها تخرص كما يخرص النخل ثم تؤدى زكاته زبيبا كما تؤدى زكاة النخل تمرا. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب، وقد روى ابن جريج هذا الحديث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة، وسألت محمدا عن هذا الحديث فقال: حديث ابن جريج غير محفوظ، وحديث ابن المسيب عن عتاب بن أسيد أثبت وأصح. وأخرج له أبى داود فى سننه، فى كتاب الزكاة، حديث رقم (1366) من طريق: عبد العزيز بن السرى الناقط حدثنا بشر بن منصور عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهرى ـ

وقد ذكر الزبير بن بكار شيئا من خبره، فقال: حدثنى حسين بن سعيد، من بنى قيس بن ثعلبة، قال: حدثنى يحيى بن سعيد بن سالم القدّاح، عن أبيه، عن ابن جريج، عن عطاء، قال: لا أحسبه إلا رفعه إلى ابن عباس رضى الله عنهما، قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم، ليلة قربه من غزوة الفتح: «إن بمكة لأربع نفر من قريش أربأ بهم عن الشرك، وأرغب بهم فى الإسلام»، قيل: ومن هم يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: «عتاب بن أسيد، وجبير بن مطعم، وحكيم بن حزام، وسهيل بن عمرو». وقال: حدثنى بن سلام عن حمّاد بن سلمة عن الكلبى، فى قول الله عزوجل: (وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً) [الإسراء: 80]. قال: عتّاب بن أسيد. وقال: حدثنى محمد بن سلام الجمحىّ، عن أبان بن محصن. قال: قال عتّاب: إنّا كنا على أمر، وقد صرنا إلى الإسلام، وإنى آمر من ينادى بالصلاة، فمن وجد فى بيته متخلّفا عنها، ضربت عنقه. وقال الزبير: استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عتّابا على مكة، ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم وعتّاب عامله على مكة. وقال الزبير: حدثنى محمد بن سلام قال: قال عتّاب: يا رسول الله، لم تخلّفنى عنك؟ قال: «ما ترضى أنى استعملتك على آل الله عزوجل! ». وذكر الفاكهى ولاية لمكة، وموته فيها. وروى بسنده إلى ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله: (وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً) قال: استعمل رسول اللهصلى الله عليه وسلم عتّاب بن أسيد على مكة. فانتصر للمظلوم من الظالم. وروى بسنده إلى جابر بن عبد الله رضى الله عنهما، قال: استعمل رسول اللهصلى الله عليه وسلم عتّاب بن أسيد على مكة، وفرض له أربعين أوقية من فضة.

_ ـ عن سعيد بن المسيب عن عتاب بن أسيد قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرص العنب كما يخرص النخل وتؤخذ زكاته زبيبا كما تؤخذ زكاة النخل تمرا. حدثنا محمد بن إسحاق المسيبى حدثنا عبد الله بن نافع عن محمد بن صالح التمار عن ابن شهاب بإسناده ومعناه. قال أبو داود: سعيد لم يسمع من عتاب شيئا. وأخرج له ابن ماجة فى سننه، كتاب الزكاة، حديث رقم (1809) من طريق: عبد الرحمن ابن إبراهيم الدمشقى والزبير بن بكار قالا: حدثنا ابن نافع حدثنا محمد بن صالح التمار عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن عتاب بن أسيد أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يبعث على الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم.

وذكره ابن عبد البر، وقال: يكنى أبا عبد الرحمن، وقيل أبا محمد، أسلم يوم فتح مكة، واستعمله النبى صلى الله عليه وسلم على مكة يوم الفتح، حين خروجه إلى حنين، فأقام للناس الحجّ تلك السنة وهى سنة ثمان وحجّ المشركون على ما كانوا عليه. قال: فلم يزل عتّاب أميرا على مكة، حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقرّه أبو بكر رضى الله عنه عليها. فلم يزل عليها، حتى مات. وكانت وفاته ـ فيما ذكره الواقدى ـ يوم مات أبو بكر الصديق رضى الله عنه، وقال: ماتا فى يوم واحد. وكذلك يقول ولده. وقال محمد بن سلام وغيره: جاء نعى أبى بكر الصديق رضى الله عنه إلى مكة، يوم دفن عتّاب بن أسيد بها. وكان عتّاب رجلا صالحا خيّرا فاضلا. انتهى. وكانت وفاة الصديق رضى الله عنه، لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة. فعلى هذا تكون وفاة عتّاب فى هذا الشهر، ويحتمل أن تكون فى رجب من هذه السنة، على القول بأنه توفى يوم جاء نعى الصديق، لجواز أن يكون نعيه أتى بعد انسلاخ جمادى الآخرة. وفى تاريخ ابن جرير، وابن الأثير، ما يقتضى أنه ولى مكة لعمر رضى الله عنه. وهذا يدلّ على أنه لم يمت فى هذا التاريخ. والله تعالى أعلم. وفى الاستيعاب، ما يقتضى أن الصديق رضى الله عنه، عزله عن مكة، وولّاها للحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم. وهذا يخالف ما سبق من أن النبىصلى الله عليه وسلم ولاه مكة. واستمرّ واليا عليها حتى مات. وفى مغازى موسى بن عقبة، ما يقتضى أن النبى صلى الله عليه وسلم، استخلف معاذ بن جبل رضى الله عنه على مكة، حين خرج إلى حنين. وفى الاستيعاب: أن النبى صلى الله عليه وسلم استخلف على مكة هبيرة بن شبل بن العجلان الثّقفى. وهذان القولان يخالفان ما سبق، من أن النبى صلى الله عليه وسلم، ولّى عتّاب بن أسيد على مكة بعد أن فتحها الله عليه، لما توجه إلى حنين. والمعروف تولية النبى صلى الله عليه وسلم لعتاب على مكة عند خروجه لحنين، ودوام ولايته حتى مات فى تاريخ موت الصديق رضى الله عنه، أو يوم جاء نعيه بمكة. والله أعلم. وقال مصعب الزبيرى: وقالوا: خطب علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه جويرية بنت أبى جهل، فشق ذلك على فاطمة رضى الله عنها، فأرسل إليها عتّاب رضى الله عنه: أنا أريحك منها، فتزوّجها. فولدت له عبد الرحمن بن عتّاب. وكان عتاب صالحا خيّرا.

1931 ـ عتاب بن حنين، ويقال ابن أبى حنين المكى

وذكر ابن قدامة فى أنساب القرشيين: أن النبى صلى الله عليه وسلم، رزّق عتّاب بن أسيد حين استعمله على مكة كل يوم درهما. قال ابن عبد البر: روى عنه عمرو بن أبى عقرب، أنه سمع عتّابا يقول ـ وهو يخطب مسندا ظهره إلى الكعبة ويحلف ـ ما أصبت فى عملى الذى بعثنى عليه رسول اللهصلى الله عليه وسلم، إلّا ثوبين، كسوتهما مولاى كيسان. 1931 ـ عتّاب بن حنين، ويقال ابن أبى حنين المكى: روى عن أبى سعيد الخدرىّ رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم، حديث: «مطرنا بنوء المجدح». روى عنه عمرو بن دينار. روى له النسائى (1). 1932 ـ عتاب بن سليم بن قيس بن خالد القرشى التيمى: أسلم يوم الفتح، وقتل يوم اليمامة شهيدا. * * * من اسمه عتبة 1933 ـ عتبة بن إبراهيم بن أبى خداش بن عتبة بن أبى لهب بن عبد العزى ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى اللهبى المكى: يروى المراسيل. روى عنه سفيان بن عيينة، ذكره ابن حبّان فى الطبقة الثانية من الثقات، ولم يرفع فى نسبه كما ذكرناه. وقال: من أهل مكة. 1934 ـ عتبة بن سالم بن حرملة العدوى: ذكره هكذا الذهبى. وقال: له صحبة، قاله المستغفرى، وأشار الذهبى إلى أن أبا موسى المدينى ذكره.

_ 1931 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 7/ 11، تهذيب التهذيب 7/ 91). (1) فى الصغرى، كتاب الاستسقاء، حديث رقم (1509) من طريق: عبد الجبار بن العلاء عن سفيان عن عمرو عن عتاب بن حنين عن أبى سعيد الخدرى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أمسك الله عزوجل المطر عن عباده خمس سنين ثم أرسله لأصبحت طائفة من الناس كافرين يقولون: سقينا بنوء المجدح. 1932 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1776، الإصابة ترجمة 5408، أسد الغابة ترجمة 3539). 1933 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 369). 1934 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 434، التجريد 1/ 398، أسد الغابة 3/ 360).

1935 ـ عتبة بن أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموى، أبو الوليد

1935 ـ عتبة بن أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموى، أبو الوليد: أمير مكة، ذكر ولايته عليها الفاكهى؛ لأنه قال فى ترجمة، ترجم عليها بقوله: ذكر من ولى مكة من قريش قديما: وعتبة بن أبى سفيان، كان قد ولى مكة. أخبرنى ميمون بن الحكم، قال: حدثنا محمد بن جعشم، عن ابن جريج. قال: أخبرنى سعيد بن جعفر بن المطلب، أنه سأل أباه جعفر بن المطلب بن أبى وداعة: هل أدرك أحدا يجمع فى الحج؟ قال: نعم، أدركت عتبة بن أبى سفيان يجمع فيه، ويخطب قائما بالأرض، ليس تحته شئ. انتهى. ولد عتبة على عهد النبى صلى الله عليه وسلم، وولّاه عمر بن الخطاب رضى الله عنه الطائف وصدقاتها. ثم ولّاه أخوه معاوية مصر، حين مات عمرو بن العاص رضى الله عنه، فأقام عليها سنة، ثم توفى بها، ودفن بمقبرتها. وذلك سنة أربع وأربعين، وقيل سنة ثلاث وأربعين. وكان فصيحا خطيبا، يقال: إنه لم يكن فى بنى أخطب منه، خطب أهل مصر يوما، وهو وال عليها، فقال: يا أهل مصر، خفّ على ألسنتكم مدح الحق ولا تأتونه، وذمّ الباطل وأنتم تأتونه، كالحمار يحمل أسفارا، يثقله حملها ولا ينفعه علمها، وإنى لا أداوى داءكم إلا بالسيف، ولا أبلغ السيف ما كفانى السوط، ولا أبلغ السّوط ما صلحتم عن الدّرّة، وأبطئ عن الأولى إن لم تسرعوا إلى الآخرة، فالزموا ما ألزمكم الله لنا، تستوجبوا ما فرضه الله لكم علينا، وهذا يوم ليس لنا فيه عقاب، ولا بعده عتاب. انتهى من الاستيعاب. وذكر الزبير بن بكار شيئا من خبره سوى هذا، وفيه مخالفة لبعض هذا؛ لأنه قال لمّا ذكر أولاد أبى سفيان: وعتبة بن أبى سفيان، شهد الجمل مع عائشة رضى الله عنها، ثم نجا، فعيّره بذلك عبد الرحمن بن الحكم. فقال (1) [من الوافر]:

_ 1935 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1781، الإصابة ترجمة 6259، أسد الغابة ترجمة 3546، نسب قريش 125، 153، الأخبار الموفقيات 327، 501، تاريخ خليفة 205، 208، العقد الفريد 1/ 49، 258، المعارف 344، أنساب الأشراف 1/ 421، 440، المحبر 20، 261، تاريخ اليعقوبى 2/ 222، 239، تاريخ الطبرى 1/ 263، 4/ 220، الخراج وصناعة الكتابة 463، جمهرة أنساب العرب 111، 112، الولاة والقضاة 34، 39، تاريخ الإسلام 1/ 79). (1) البيت فى نسب قريش (125) ولم يذكر هذا البيت لعبد الرحمن فى أى من المراجع.

1936 ـ عتبة بن أبى لهب عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى الهاشمى

لعمرك والأمور لها دواع ... لقد أبعدت يا عتب الفرارا ولحق عتبة بأخيه معاوية بالشام، فلم يزل معه، وولّاه معاوية الطائف، وعزل عنه عنبسة بن أبى سفيان، فعاتبه عنبسة على ذلك. فقال معاوية: يا عنبسة، إنه عتبة ابن هند! فقال عنبسة أبياتا، يأتى إن شاء الله تعالى ذكرها فى ترجمته. 1936 ـ عتبة بن أبى لهب عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى الهاشمى: ذكر الزبير بن بكار، أنه شهد حنينا مع النبى صلى الله عليه وسلم، وثبت معه فيمن ثبت، وأقام بمكة، ولم يأت المدينة، وله عقب. انتهى بالمعنى. وذكر ابن عبد البر: أنه أسلم هو وأخوه معتّب يوم الفتح. وكانا قد هربا. فبعث العباس فيهما، فأتى بهما فأسلما، فسرّ النبى صلى الله عليه وسلم بإسلامهما، ودعا لهما، وشهدا معه حنينا والطائف ولم يخرجا عن مكة، ولم يأتيا المدينة. ولهما عقب عند أهل النسب. وذكر ابن قدامة، أنه كان زوجا لأم كلثوم بنت النبى صلى الله عليه وسلم، وأنه فارقها بأمر أبيه حين فارق أخوه أختها. وذكر الزبير، أن أمه وأم أخيه معتّب، وعتيبة (2) بن أبى لهب: أمّ جميل بنت حرب ابن أمية بن عبد شمس، حمّالة الحطب. وذكر أن عتبة لا عقب له. قال: وهو الذى أكله الأسد. 1937 ـ عتبة بن غزوان بن جابر ـ وقيل ابن الحارث ـ بن جابر المازنىّ: حليف بنى نوفل بن عبد مناف، وقيل بنى عبد شمس، يكنى أبا عبد الله. وقيل:

_ 1936 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1785، الإصابة ترجمة 5429، أسد الغابة ترجمة 3558، طبقات ابن سعد 4/ 41، نسب قريش 89) (1) فى الأصول: «عتبة» والتصحيح من نسب قريش. 1937 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1783، الإصابة ترجمة 5427، أسد الغابة ترجمة 3556، طبقات ابن سعد 3/ 69، التاريخ الكبير 6/ 520 ـ 521، المعارف 275، الجرح والتعديل 6/ 373، مشاهير علماء الأمصار ترجمة 217، حلية الأولياء 1/ 171، 172، تاريخ بغداد 1/ 155 ـ 157، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 319، تهذيب الكمال 905، دول الإسلام 1/ 15، العبر 1/ 17، 21، تهذيب التهذيب 7/ 100، خلاصة تذهيب الكمال 258، كنز العمال 13/ 570، شذرات الذهب 1/ 27، سير أعلام النبلاء 1/ 304).

1938 ـ عتبة بن أبى وقاص ـ واسم أبى وقاص مالك بن أهيب، وقيل وهيب ـ بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشى الزهرى

أبا غزوان. أسلم بعد ستة رجال، وهاجر إلى الحبشة، وهو ابن أربعين سنة، ثم قدم على النبىصلى الله عليه وسلم، وهو بمكة، وأقام معه حتى هاجر إلى المدينة، مع المقداد بن الأسود، ثم شهد بدرا والمشاهد كلها. وكان عمر رضى الله عنه بعثه لفتح الحيرة، فاستفتح الأبلّة، ثم اختطّ البصرة، وخرج منها حاجا، فلم يعد إليها حتى مات. وكان سأل عمر رضى الله عنه أن يعفيه منها فأبى، فقال: اللهم لا تردّنى إليها، فسقط عن راحلته. فمات سنة سبع عشرة بموضع يقال له: معدن بنى سليم. قاله ابن سعد. وقيل: مات بالربدة، قاله المدينى. وقيل: بالمدينة. وقيل: بمرو، وليس بشئ. وقيل: مات سنة خمس عشرة وهو ابن سبع وخمسين سنة. وقيل: سنة أربع عشرة. وقيل: سنة عشرين. وكان من الرماة المذكورين، وكان رجلا طوالا. 1938 ـ عتبة بن أبى وقاص ـ واسم أبى وقاص مالك بن أهيب، وقيل وهيب ـ بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشى الزهرى: أخو سعد بن أبى وقاص. قال النواوى: لم يذكره الجمهور فى الصحابة، وذكره ابن مندة فيهم، واحتج بحديث وصيته إلى أخيه سعد فى ابن وليدة زمعة، وأنكر أبو نعيم على ابن مندة ذكره فى الصحابة، وقال: إنه الذى شجّ وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكسر رباعيته يوم أحد. قال: وما علمت له إسلاما، لم يذكره أحد من المتقدمين فى الصحابة. وقيل إنه مات كافرا. انتهى. وذكره الذهبى فى التجريد والكاشغرىّ. وذكر الزبير بن بكار شيئا من خبره، فقال: وعتبة بن أبى وقاص، كان أصاب دما فى قريش، فانتقل إلى المدينة قبل الهجرة، واتخذ بها منزلا ومالا. قال الزبير: وكتب إلىّ أبى من بغداد يقول: إن عتبة بن أبى وقاص، خرج يريد الشام، فصادف الأوس والخزرج، فقتل ببعاث، فقال: أكره أن أمرّ بحرب بين قوم فلا أقاتل فيها، فقاتل الخزرج مع الأوس.

_ 1938 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 5/ 259، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 320، التجريد 1/ 400، أسد الغابة 3/ 368، التحفة اللطيفة 3/ 374، تهذيب التهذيب 7/ 103).

1939 ـ عتبة بن مسعود الهذلى، حليف بنى زهرة

ومات عتبة فى الإسلام وأوصى إلى سعد بن أبى وقاص. وأمه هند بنت وهب بن الحارث بن زهرة. وكان يقال له: أحمر الغصن. وقال ابن عبد البر: وحكى الزبير عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد العزيز الزّهرىّ. قال: ما بلغ أحد الحلم من ولد عتبة بن أبى وقاص إلا بخر أو هتم، لكسر عتبة رباعية رسول اللهصلى الله عليه وسلم. انتهى. 1939 ـ عتبة بن مسعود الهذلىّ، حليف بنى زهرة: أخو عبد الله بن مسعود شقيقه، وقيل لأبيه. والأول أكثر، يكنى أبا عبد الله. هاجر مع أبيه إلى الحبشة فى الثانية، وشهد أحدا، وما بعدها من المشاهد. وروى عبد الرزاق عن معمر. قال: سمعت الزهرىّ يقول: ما عبد الله عندنا بأفقه من عتبة، ولكن عتبة مات سريعا. وقال ابن عيينة: سمعت ابن شهاب يقول: ما كان عبد الله بن مسعود، بأقدم من عتبة بن مسعود، ولكن عتبة مات قبله. ولما مات عتبة، بكى عليه أخوه عبد الله، فقيل له: أتبكى؟ قال: نعم. أخى فى النّسب، وصاحبى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحبّ الناس إلىّ، إلا ما كان من عمر رضى الله عنه. ومات عتبة بالمدينة فى خلافة عمر. وصلّى عليه عمر رضى الله عنه. وقال الذهبى: توفى فى إمرة عمر، ويقال سنة أربع وأربعين، وهو بعيد جدا. قال: وكان فقيها فاضلا. * * * من اسمه عتيق 1940 ـ عتيق بن أحمد بن عبد الرحمن الأندلسي الأريولىّ: نسبة إلى بلدة فى بلاد الأندلس. يقال لها: أريولة، ذكره هكذا، أبو سعد بن

_ 1939 ـ انظر ترجمته: (الاستيعاب ترجمة 1786، الإصابة ترجمة 5430، أسد الغابة ترجمة 3559، طبقات ابن سعد 4/ 1 / 93، التاريخ الكبير 6/ 522، التاريخ الصغير 1/ 47، 213، المعارف 250، 251، الجرح والتعديل 6/ 373، مشاهير علماء الأمصار ترجمة 307، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 319، 320، سير أعلام النبلاء 1/ 500، التحفة اللطيفة 3/ 374، التجريد 1/ 400). 1940 ـ انظر ترجمته فى: (سير أعلام النبلاء 24720).

1941 ـ عتيق بن بدر بن هلال بن حيدر بن منصور الزنجانى الأصل، المكى المولد والدار، أبو بكر العمرى

السّمعانى الحافظ فى معجمه، وقال: شيخ صالح ممّيز حسن السيرة، جاور بمكة قريبا من خمسين سنة، سمع النقيب أبا الفوارس طراد الزّينبى. كتبت عنه فى النوبة الأولى مجلسا، أملاه النقيب بمكة، وسألته عن ولادته فقال: فى المحرم سنة سبع وستين وأربعمائة. وأريولة من بلاد الأندلس، وتوفى بمكة سنة نيّف وثلاثين وخمسمائة. وذكره السّلفىّ فى معجم السفر، وقال: كان من أهل القرآن، والصلاح الظاهر، والجد فى طلب الحديث، ولما قدم الثغر، كان يحضر عندى، وسمع علىّ وعلى غيرى سنة عشرين وخمسمائة، ومضى إلى مكة وجاور بها سنين كثيرة، يؤذّن أحيانا فى الحرم احتسابا (1) للمالكية، ثم رجع إلى ديار مصر، وتوجه إلى الأندلس، وانقطع عنا خبره. وكان كبير السن. انتهى. 1941 ـ عتيق بن بدر بن هلال بن حيدر بن منصور الزّنجانى الأصل، المكى المولد والدار، أبو بكر العمرىّ: نسبة إلى عمل العمر وبيعها. سمع ببغداد من: أبى الفتح بن البطّىّ، وأبى بكر عبد الله بن محمد بن النّقور، وأبى الحسن سعد الله بن محمد بن طاهر الدقاق. وبهمذان من الحافظ أبى العلاء الحسن بن أحمد العطار. وبزنجان من أبى حفص عمر بن أحمد. وحدّث بمكة شرفها الله تعالى، وبها ولد فى سنة ست وأربعين وخمسمائة تقريبا، وبها توفى سنة ثمان عشرة وستمائة. ذكره المنذرىّ فى التكملة بمعنى هذا. * * * من اسمه عثمان 1942 ـ عثمان بن الصّفى أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر الطبرى المكىّ، يلقّب بالفخر: سمع من المحب الطبرى: السنن لأبى داود، خلا من صلاة العيدين إلى باب: من قال يصلّى بكل طائفة ركعتين.

_ (1) فى الأصل: «يؤذن أحيانا المالكية» وما أوردناه من هامش نسخة ابن فهد.

1943 ـ عثمان بن الأرقم المخزومى رضى الله عنه

وسمع على العماد عبد الرحمن بن محمد بن على الطبرى: صحيح مسلم بفوت يسير لا يعرف، بقراءة عبد الواحد الجزولى. وكتب السماع بخطه، ووهم فى نسبه؛ لأنه قال: عثمان بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عثمان، وأحمد زيادة. وسمع على الشيخ أمين الدين القسطلّانى: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، خلا من أوله إلى قوله: إعادة الصلاة مع الإمام. والسماع بخطه الجزولى، ونسبه على الصواب. وسمع على الشيخ فخر الدين التّوزرىّ [ ..... ] (1) وصحيح البخارى وسنن أبى داود [ ..... ] (1) وعلى والده وعمه الرضى: صحيح البخارى [ ..... ] (1) وعلى عمه سنن أبى داود، وغير ذلك كثيرا. وأجاز له من مصر: سيدة بنت المارانى، وجماعة. ومن الشام: جماعة من شيوخ البهاء عبد الله بن خليل باستدعائه، واستدعاء البرزالىّ. وأجاز له من مكة: المحبّ الطبرى، وابنه الجمال قاضى مكة، والرضى بن خليل، وأخوه العلم، ويوسف بن إسحاق الطبرىّ، وجماعة مذكورون فى ترجمة الشهاب الحنفى، وحدّث. سمع عليه جماعة من شيوخنا وغيرهم، وحدّثنا عنه الإمام محب الدين محمد بن أحمد ابن الرضى الطبرى، وأخوه أبو اليمن. وذكر لى أنه توفى فى الثمان ـ يعنى العشر الأول ـ من ذى الحجة سنة تسع وأربعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وذكر لى شيخنا السيد عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى: أنه توفى فى اليوم الأول أو الثانى أو الثالث من ذى الحجة. ووجدت بخط شيخنا ابن سكّر: أنه توفى فى أواخر ذى القعدة من سنة تسع وأربعين ـ ووهم فى ذلك ـ وكانت وفاته بمكة، ودفن بالمعلاة. وكان يؤمّ بمقام إبراهيم عليه السلام نيابة، وكان شيخا صالحا وأضرّ بأخرة. 1943 ـ عثمان بن الأرقم المخزومى رضى الله عنه: ذكره هكذا الذهبى، وقال: روى عنه ابنه عبد الله، وحديثه معلّل (س) من الوحدان لابن أبى عاصم، والصواب: عبد الله بن عثمان، عن جده أرقم.

_ 1942 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 1943 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 5/ 262، أسد الغابة 3/ 370، التجريد 1/ 401).

1944 ـ عثمان بن الأسود بن موسى بن زادان الجمحى مولاهم المكى

وقال الكاشغرىّ: عثمان بن الأرقم المخزومى، بدرىّ. 1944 ـ عثمان بن الأسود بن موسى بن زادان الجمحى مولاهم المكى: روى عن: أبيه، وسعيد بن جبير، وطاوس، وعطاء، وابن أبى مليكة، ومجاهد، وغيرهم. روى عنه: سفيان الثورى، ويحيى القطّان، وابن المبارك، وعبيد الله بن موسى، وأبو عاصم النبيل، وغيرهم. روى له الجماعة. ووثّقه أحمد، وابن معين، وأبو حاتم. ومات سنة خمسين ومائة. قاله عمرو بن على، والواقدى. وقال ابن حبّان: مات بمكة سنة تسع وأربعين، وقيل: سنة ستين. كذا بخطى، ولعله سنة خمسين. والله أعلم. 1945 ـ عثمان بن أبى دهرش المكى: روى عن رجل من آل الحكم، عن النبى صلى الله عليه وسلم. روى عنه: ابن عيينة. ذكره هكذا ابن الجوزىّ، فى صفوة الصفوة، فى الطبقة الثالثة من أهل مكة. 1946 ـ عثمان بن ربيعة بن أهبان بن وهب بن جمح الجمحى: كان من مهاجرة الحبشة، فى قول ابن عباس وحده (1). 1947 ـ عثمان بن السائب الجمحىّ، مولى أبى محذورة المكى: روى عن: أبيه، وأم عبد الملك بن أبى محذورة. روى عنه: ابن جريج. روى له أبو داود (1)، والنّسائى (2). وذكره ابن حبّان فى الثقات، ولم يذكر صاحب

_ 1944 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 7/ 21، تاريخ ابن خليفة 424، طبقات خليفة 283، تاريخ البخارى 6/ 213، الجرح والتعديل 6/ 140، تهذيب الكمال 922، تذهيب التهذيب 3/ 34، تاريخ الإسلام للذهبى 5/ 276، ميزان الاعتدال 3/ 59 ـ 60، تهذيب التهذيب 7/ 153 ـ 154، خلاصة تذهيب الكمال 262، شذرات الذهب 1/ 230، سير أعلام النبلاء 6/ 339). 1945 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 149، صفوة الصفوة 2/ 123). 1946 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1789، الإصابة ترجمة 5452، أسد الغابة ترجمة 3578). (1) قال ابن عبد البر فى الاستيعاب: كان من مهاجرة الحبشة، فى قول ابن إسحاق وحده. انظر: (الاستيعاب ترجمة 1789). 1947 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 153). (1) فى سننه، كتاب الصلاة، حديث رقم (422) من طريق: مسدد حدثنا الحارث بن ـ

_ ـ عبيد عن محمد بن عبد الملك بن أبى محذورة عن أبيه عن جده قال: قلت: يا رسول الله علمنى سنة الأذان، قال: فمسح مقدم رأسى وقال: تقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ترفع بها صوتك، ثم تقول: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله، تخفض بها صوتك، ثم ترفع صوتك بالشهادة أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حى على الصلاة حى على الصلاة حى على الفلاح حى على الفلاح، فإن كان صلاة الصبح قلت: الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. حدثنا الحسن بن على حدثنا أبو عاصم وعبد الرزاق عن ابن جريج، قال: أخبرنى عثمان ابن السائب أخبرنى أبى وأم عبد الملك بن أبى محذورة عن أبى محذورة عن النبى صلى الله عليه وسلم نحو هذا الخبر وفيه: الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم فى الأولى من الصبح. قال أبو داود: وحديث مسدد أبين قال فيه: قال: وعلمنى الإقامة مرتين مرتين الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حى على الصلاة حى على الصلاة حى على الفلاح حى على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. وقال عبد الرزاق: وإذا أقمت فقلها مرتين: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة أسمعت، قال: فكان أبو محذورة لا يجز ناصيته ولا يفرقها لأن النبى صلى الله عليه وسلم مسح عليها. (2) فى السنن الصغرى، كتاب الأذان، حديث رقم (629) من طريق: إبراهيم بن الحسن قال: حدثنا حجاج عن ابن جريج عن عثمان بن السائب قال: أخبرنى أبى وأم عبد الملك ابن أبى محذورة عن أبى محذورة قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين خرجت عاشر عشرة من أهل مكة نطلبهم فسمعناهم يؤذنون بالصلاة فقمنا نؤذن نستهزئ بهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد سمعت فى هؤلاء تأذين إنسان حسن الصوت فأرسل إلينا فأذنا رجل رجل وكنت آخرهم فقال حين أذنت: تعال فأجلسنى بين يديه فمسح على ناصيتى وبرك على ثلاث مرات ثم قال: اذهب فأذن عند البيت الحرام، قلت: كيف يا رسول الله؟ فعلمنى كما تؤذنون الآن بها الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حى على الصلاة حى على الصلاة حى على الفلاح حى على الفلاح الصلاة خير من النوم فى الأولى من الصبح قال: وعلمنى الإقامة مرتين الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حى على الصلاة حى على الصلاة حى على الفلاح حى على الفلاح قد ـ

1948 ـ عثمان بن أبى سليمان بن جبير بن مطعم بن عدى بن نوفل بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى النوفلى المكى

الكمال أنه مولى أبى محذورة. وذكر أنه مكىّ، وأن حديثه فى المكيين. 1948 ـ عثمان بن أبى سليمان بن جبير بن مطعم بن عدىّ بن نوفل بن عبد مناف بن قصىّ بن كلاب القرشى النّوفلىّ المكى: قاضى مكة، روى عن: عمه نافع بن جبير بن مطعم، وابن أبى مليكة، وعامر بن عبد الله بن الزبير، وأبى سلمة بن عبد الرحمن، وسعيد بن جبير، وعروة بن الزبير. وأرسل عن صفوان بن أمية. روى عنه: إسماعيل بن أمية، وابن جريج، وابن إسحاق، وسفيان بن عيينة، وآخرون. روى له: مسلم، وأبو داود، والنّسائى، وابن ماجة، ووثقه أحمد، وابن معين، ومحمد بن سعد. وذكره ابن حبّان فى الطبقة الثالثة من الثّقات، وذكر أنه كان قاضيا بمكة. 1949 ـ عثمان بن شجاع بن عيسى الدّمياطى يلقّب بالفخر: سمع من بلديّه الحافظ شرف الدّين الدمياطى: السيرة من تأليفه، وجزءا من تأليفه، فيه: الحثّ لمن عزم على شرب ماء زمزم، واليقين لابن أبى الدنيا. ومن زينب بنت سليمان الإسعردىّ: مسند الشافعى عن ابن الزبيدى وسمع الأبرقوهىّ، وأبا الحسن العراقى، وجماعة، منهم التّوزرىّ، سمع منه المسلسل بالأولية، وحدّث به وبالسيرة للدّمياطى. سمعها منه بعض شيوخنا. منهم: أبو اليمن الطبرى، وتفرّد بالسماع منه وبإجازته. وتوفى فى رابع عشر جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثين وسبعمائة بمكة. نقلت وفاته من خط الشيخ تقىّ الدين بن رافع السّلامىّ فى وفياته، وترجمه بالشيخ الصالح، وقال: كان زاهدا ليس له مدرسة ولا معلوم. جاور بمكة فى أواخر أمره، حتى توفى بها. انتهى.

_ ـ قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. قال ابن جريج: أخبرنى عثمان هذا الخبر كله عن أبيه وعن أم عبد الملك بن أبى محذورة أنهما سمعا ذلك من أبى محذورة. 1948 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 151). 1949 ـ انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 2/ 440).

1950 ـ عثمان بن صفوان المكى

1950 ـ عثمان بن صفوان المكى: يروى المراسيل. روى عنه: ابن جريج. ذكره ابن حبّان هكذا، فى الطبقة الثالثة من الثقات. 1951 ـ عثمان بن طلحة بن أبى طلحة، واسم أبى طلحة ـ عبد الله ـ بن عبد العزّى بن عثمان بن عبد الدار بن قصىّ القرشىّ العبدرىّ: هكذا نسبه الزبير بن بكار، وقال: هاجر فى الهدنة إلى النبىّ صلى الله عليه وسلم، هو وخالد بن الوليد بن المغيرة، لقوا عمرو بن العاص مقبلا من عند النّجاشى، يريد الهجرة إلى النبى صلى الله عليه وسلم، لقوه بالهدة، فاصطحبوا جميعا، حتى قدموا على النبى صلى الله عليه وسلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم: «رمتكم مكة بأفلاذ كبدها». يقول: إنهم وجوه أهل مكة. ولعثمان وخالد، يقول عبد الله بن الزّبعرى حين هاجرا (1) [من الطويل]: أينشد عثمان بن طلحة حلفنا ... وملقى النعال عن يمين المقبّل وما عقد الآباء من كلّ حلفة ... وما خالد من مثلها بمحلّل أمفتاح بيت غير بيتك تبتغى ... وما تبتغى عن مجد بيت مؤثّل فلا تأمننّ خالدا بعد هذه ... وعثمان جاء بالدهيم المعضّل ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة إليه، وإلى شيبة بن عثمان بن طلحة، وقال: «خذوها يا بنى أبى طلحة، خالدة تالدة، لا يأخذها منكم إلا ظالم»، فبنو أبى طلحة هم الذين يلون سدانة الكعبة دون بنى عبد الدار. انتهى. ثم نزل عثمان، وتحول منها بعد موت النبى صلى الله عليه وسلم إلى مكة، وسكنها حتى مات سنة اثنتين وأربعين، وقبل سنة إحدى وأربعين، وقيل إنه قتل يوم أجنادين ـ بفتح الدال

_ 1950 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 154). 1951 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1790، الإصابة ترجمة 5456، أسد الغابة ترجمة 3580، تاريخ الإسلام 3/ 81، الثقات 3/ 260، البداية والنهاية 8، الجرح والتعديل 6/ 1055، التحفة اللطيفة 3/ 155، تجريد أسماء الصحابة 1/ 373، تقريب التهذيب 2/ 10، تهذيب التهذيب 7/ 124، تاريخ الإسلام 3/ 61، التاريخ الكبير 6/ 211، الكاشف 2/ 251، الطبقات 14/ 277، سير أعلام النبلاء 3/ 10، تحفة الأشراف 7/ 236، فتوح البلدان 93، تهذيب الكمال 2/ 910، بقى بن مخلد 292، طبقات خليفة 14، تاريخ خليفة 205، نسب قريش 251، تاريخ الطبرى 3/ 29، 31). (1) ذكر فى نسب قريش (251) البيت الأول والثانى.

1952 ـ عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى المكى، أبو قحافة

وكسرها ـ وله حديثان. روى عنه: ابن عمه شيبة، وعبد الله بن عمر، وغيرهما. وكان ذا مروءة، وله خبر عجيب فى ذلك، ذكره الزبير عن أم سلمة، أنها لما خرجت مهاجرة إلى المدينة، خرج معها رجل من المشركين. وكان ينزل بناحية منها إذا نزلت، ويسير معها إذا سارت، ويرحّل بعيرها، ويتنحى إذا ركبت، فلما رأى نخل المدينة، قال لها: النخل الذى تريدين، ثم سلم عليها وانصرف. قال الزبير: وأخبرنى محمد بن الضحاك عن أبيه، قال: الرجل الذى خرج مع أم سلمة: عثمان بن طلحة. انتهى. ونذكر هنا فوائد تتعلق بالحجابة وأهلها. قال المحب الطبرى فى «القرى»: الحجابة منصب بنى شيبة، ولّاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها، كما ولّى السقاية العباس رضى الله عنه، ثم قال: وسدانة البيت: خدمته، وتولّى أمره، وفتح بابه وإغلاقه، ثم قال: قال العلماء: لا يجوز لأحد أن ينزعها منهم. وذكر المحب الطبرى، أنه لا يبعد أن يجعل عليهم مشرف يمنعهم من هتك حرمته، إذا لم يحافظوا عليها. انتهى. ولا يحل للسدنة أخذ شيء ممن يريد دخول الكعبة، إلا بطيب نفس من الداخلين. نص على ذلك المحب الطبرى. 1952 ـ عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى المكى، أبو قحافة: والد أبى بكر الصديق رضى الله عنه. أسلم يوم الفتح. وكان رأسه ولحيته كالثّغامة، فأمر النبى صلى الله عليه وسلم بتغييره بما عدا السواد، وهو أول مخضوب فى الإسلام، على ما قال قتادة. وتوفى سنة أربع عشرة بمكة، وهو ابن سبع وتسعين وسنة. وذكر الصاغانى: أنه توفى بعد ولده بستة أشهر وأيام، وردّ السّدس الذى ورثه منه على أولاده.

_ 1952 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1792، الإصابة ترجمة 5458، أسد الغابة ترجمة 3582، نكت الهميان 199، الأعلام 4/ 207، الثقات 3/ 260، التحفة اللطيفة 3/ 156، تجريد أسماء الصحابة 1/ 374، تاريخ الإسلام 3/ 85، أزمنة التاريخ الإسلامى 1/ 760، الطبقات الكبرى 5/ 451).

1953 ـ عثمان بن أبى العاص الثقفى، يكنى أبا عبد الله

1953 ـ عثمان بن أبى العاص الثقفى، يكنى أبا عبد الله: استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف، ولم يزل عليها حياته، وخلافة أبى بكر رضى الله عنه، وسنتين من خلافة عمر رضى الله عنه، ثم عزله. وولاه فى سنة خمس عشرة على عمان، والبحرين. وجرت على يده فتوحات. منها: اصطخر الثانية على ما قيل، وأقطعه عثمان بن عفان رضى الله عنه اثنى عشر ألف جريب. وسكن البصرة، ومات سنة إحدى وخمسين. وهو سبب إمساك ثقيف حين ارتدت العرب، فإنه قال لهم حين هموا بالردة: يا معشر ثقيف، كنتم آخر الناس إسلاما، فلا تكونوا أول الناس ردة. وهو القائل: الناكح مغترس، فلينظر أين يضع غرسه، فإنّ عرق السوء لا بد أن ينزع ولو بعد حين. وله عن النبى صلى الله عليه وسلم تسعة أحاديث. روى عن: سعيد بن المسيّب، ونافع بن جبير بن مطعم، وغيرهما. وروى له الجماعة، إلا البخارى. 1954 ـ عثمان بن عبد الله بن ظهيرة بن أحمد القرشى المخزومى المكى، يلقب بالفخر: أجاز له من شيوخ حلب، أولاد ابن حبيب وغيرهم، باستدعاء أخيه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، وكان يتردد إلى اليمن للتجارة. ومات فى شعبان سنة ثمانمائة بزبيد، عن خمس وعشرين سنة، وهو سبط الشيخ فخر الدين النّويرىّ.

_ 1953 ـ انظر ترجمته فى: (مسند أحمد 4/ 21، 216، طبقات ابن سعد 5/ 508، طبقات خليفة 53، 182، 197، تاريخ خليفة 149، 152، التاريخ الكبير 6/ 212، المعارف 268، 555 تاريخ الفسوى 1/ 273، معجم الطبرانى 9/ 30، 53، المستدرك 3/ 618، الاستيعاب ترجمة 1791، أسد الغابة ترجمة 3581، تهذيب الكمال 913، تاريخ الإسلام 2/ 305، مجمع الزوائد 9/ 370، تهذيب التهذيب 7/ 1 / 12 ـ 129، الإصابة ترجمة 5457، خلاصة تذهيب الكمال 260، شذرات الذهب 1/ 36، سير أعلام النبلاء 2/ 374).

1955 ـ عثمان بن عبد الله بن عبد الله بن سراقة بن النعمان بن أذاة بن أنس ابن أذاة بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدى بن كعب العدوى، أبو عبد الله المدنى

1955 ـ عثمان بن عبد الله بن عبد الله بن سراقة بن النعمان بن أذاة بن أنس ابن أذاة بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدى بن كعب العدوى، أبو عبد الله المدنى: أمير مكة، رأى أبا قتادة الأنصارى، وأبا هريرة. وروى عن جده عمر بن الخطاب مرسلا، وعن خاله عبد الله، وجابر بن عبد الله، وبسر بن سعيد. روى عنه الزهرى، وعبيد الله بن عمر، وابن أبى ذئب، وغيرهم. روى له: البخارى (1)، وابن ماجة (2). قال أبو زرعة: هو مدنى ثقة. قال الواقدى وغيره: توفى سنة ثمان عشرة ومائة. انتهى. وذكر صاحب الكمال: أن أمه زينب بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنهما، وأنها أصغر ولد عمر. قال: وكان والى مكة. انتهى. وقد بيّن الفاكهى فى خبر ولايته أكثر من هذا؛ لأنه ذكر أن عبد الله بن قيس بن مخرمة ابن المطلب بن عبد مناف القرشى، وعثمان بن عبد الله بن عبد الله بن سراقة العدوى وليا مكة لعمر بن عبد العزيز، ووليها عثمان لعمرو عمّن قبله. انتهى بالمعنى. وما ذكره من ولاية عثمان، وولاية عبد الله بن قيس لعمر، لا يلائم ما ذكره ابن جرير، من أن عبد الله بن خالد بن أسيد، كان عامل عمر على مكة فى مدة خلافته. والله أعلم.

_ 1955 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 155). (1) فى صحيحه، كتاب المغازى، حديث رقم (3825) من طريق آدم حدثنا ابن أبى ذئب حدثنا عثمان بن عبد الله بن سراقة عن جابر بن عبد الله الأنصارى قال: رأيت النبى صلى الله عليه وسلم فى غزوة أنمار يصلى على راحلته متوجها قبل المشرق متطوعا. (2) فى سننه حديثان: الأول: فى كتاب المساجد، حديث رقم (727) من طريق أبو بكر ابن أبى شيبة قال: حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا ليث بن سعد (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبى شيبة قال: حدثنا داود بن عبد الله الجعفرى عن عبد العزيز بن محمد جميعا عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن الوليد بن أبى الوليد عن عثمان بن عبد الله بن سراقة العدوى عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من بنى مسجدا يذكر فيه اسم الله بنى الله له بيتا فى الجنة. الثانى: فى كتاب الجهاد، حديث رقم (2748) من طريق أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا يونس بن محمد حدثنا ليث بن سعد عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن الوليد بن أبى الوليد عن عثمان بن عبد الله بن سراقة عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من جهز غازيا فى سبيل الله حتى يستقل كان له مثل أجره حتى يموت أو يرجع.

1956 ـ عثمان بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم ابن مرة القرشى التيمى

ونص كلام الفاكهى فى ولايته، قال فى ولاة مكة من قريش: وكان من ولاة مكة: عثمان بن عبد الله بن سراقة العدوى، كان عاملا فى زمن عمر بن عبد العزيز، وقيل ذلك. وروى الفاكهى بسنده: أن عثمان هذا، كان يقنت فى النصف الثانى من رمضان، وكان يقنت بعد الركوع. وقال الفاكهى: حدثنا الحسن بن على الحلوانى، قال: حدثنا سعيد ابن أبى مريم، قال: حدثنا يحيى بن أيوب، قال: حدثنى الوليد بن الوليد، قال: كنت بمكة، وعليها عثمان بن عبد الله بن سراقة فسمعته يخطبهم، فقال: يا أهل مكة، ما لكم قد أقبلتم على عمارة البيت والطواف، وتركتم الجهاد فى سبيل الله تعالى والمجاهدين؟ إنى سمعت من أبى عن ابن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أظلّ غازيا أظله الله تعالى، ومن جهز غازيا حتى يستقل كان له مثل أجره، ومن بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا فى الجنة» (3). قال: فسألت عنه، فقيل هذا ابن بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنهم التى قامت عنه. 1956 ـ عثمان بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم ابن مرة القرشى التيمى: أخو طلحة بن عبيد الله. أحد العشرة رضى الله عنهم. قال أبو عمر بن عبد البر: أسلم وهاجر، ولا أحفظ له رواية. 1957 ـ عثمان بن عبيد الله بن الهدير بن عبد العزّى التيمى: ولد فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم. ذكره الذهبى والكاشغرى. 1958 ـ عثمان بن عبد الرحمن التيمى: قال الحسن بن عثمان: مات عثمان بن عبد الرحمن ـ ويكنى أبا عبد الرحمن ـ سنة أربع وسبعين. وله صحبة.

_ (3) سبق تخريجه فى الحاشية السابقة. 1956 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5461، الاستيعاب ترجمة 1795، التجريد 104، أسد الغابة ترجمة 3585). 1957 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 5/ 62، التجريد 1/ 403، أسد الغابة 3/ 375). 1958 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة ترجمة 3583، الاستيعاب ترجمة 1793، الإصابة ترجمة 6263، الثقات 3/ 561، الجرح والتعديل 6/ 157، التحفة اللطيفة 3/ 159، تجريد أسماء الصحابة 1/ 374، تهذيب التهذيب 7/ 133، التاريخ الصغير 2/ 161، التاريخ الكبير 6/ 237، الكاشف 2/ 252، تهذيب الكمال 2/ 914).

1959 ـ عثمان بن عبد الملك المكى

1959 ـ عثمان بن عبد الملك المكى: المؤذن بالمسجد الحرام، لقبه مستقيم. روى عن: عطاء، وابن المسيب، وغيرهما. روى عنه: إسماعيل بن عمر البجلىّ، وأبو عاصم. قال ابن معين: هو رجل من أهل مكة، وليس به بأس. 1960 ـ عثمان بن عبد الواحد بن إسماعيل بن إبراهيم العسقلانى المكى، القاضى فخر الدين: ولد سنة سبع وتسعين وخمسمائة، على ما نقل عنه الميورقىّ، وكتب ذلك عنه، مع تاريخ ولاية أبى عزيز قتادة لمكة. ونص ما كتبه عنه فى ذلك: قال لى نائب القاضى الكاتب عثمان بن عبد الواحد ابن إسماعيل بن إبراهيم العثمانى رضى الله عنهم: تاريخ مولدى ولاية قتادة بن إدريس الشريف الحسنى، فولدت وولى فى ربيع سنة سبع وتسعين وخمسمائة. انتهى. وكتب عنه الرضى بن خليل العسقلانى؛ لأنى وجدت بخطه ما نصه: أخبرنى الشيخ عثمان بن عبد الواحد العسقلانى المكى، عن بعض شيوخ مكة المتقدمين، أن إلمام المحمدى الحجر المشوبر الذى عنه الحفرة التى عند باب الكعبة على يمينها، مما يلى حجر إسماعيل، وهو الحجر الثانى من جانب هذه الحفرة المذكورة. وأن الدعاء عنده مستجاب. وأخبرنى الفقيه عماد الدين عبد الرحمن بن محمد، عن المذكور أيضا، أنه كان يدعو خلقه بهذا الدعاء: يا واحد، يا واحد، يا ماجد، يا ماجد، يا برّ، يا رحيم، يا غنى، يا كريم، أتمم علىّ نعمتك، وألبسنى عافيتك. انتهى. والحفرة المشار إليها معروفة إلى الآن، والحجر المشوبر، الذى هو علامة هذا المصلّى لا يعرف الآن. والله أعلم. 1961 ـ عثمان بن عبد بن غنم بن زهير بن أبى شداد بن أبى ربيعة بن هلال القرشى الفهرى: كان قديم الإسلام من مهاجرة الحبشة، فى قول جميعهم. وقال هشام بن الكلبى: هو عامر بن عبد غنم.

_ 1961 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5460، الاستيعاب ترجمة 1794، أسد الغابة ترجمة 3584).

1962 ـ عثمان بن عثمان بن الشريد بن هرمى بن عامر بن مخزوم، القرشى المخزومى

1962 ـ عثمان بن عثمان بن الشريد بن هرمىّ بن عامر بن مخزوم، القرشى المخزومى: وهو الشمّاس، على ما ذكر الزبير بن بكار. قال الزبير: فولد عثمان بن الشريد: عثمان بن عثمان، وهو الشماس. كان من أحسن الناس وجها، وهو من المهاجرين. قتل يوم أحد شهيدا، وكان ـ يومئذ ـ بقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما شبّهت بعثمان إلا الجنّة» (1) وأمه صفية بنت ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف. وقال الزبير: حدثنى على بن صالح، عن يعقوب بن محمد بن عيسى، قال حسّان بن ثابت، يعزّى أخت شمّاس عثمان بن عثمان أو ابنته (2): اقنى حياءك فى ستر وفى كرم ... فإنما كان شمّاس من الناس قد ذاق حمزة سيف الله فاصطبرى ... كأسا رواء لكاس لابن شمّاس قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما شبهت شماسا يوم أحد إلا الجنة، وما أوتى من ناحية إلا وقانى بنفسه». قال الزبير: حدثنى محمد بن الضحاك بن عثمان الحزامى، عن أبيه قال: قالت نعم ابنة حريث المخزومى ترثى زوجها عثمان بن شمّاس [من البسيط] (3): يا عين جودى بدمع غير إبساس ... وأبكى الرزيّة عثمان بن شمّاس صعب البديهة ميمون نقيبته ... حمّال ألوية ركّاب أفراس غيث مريع إذا ما أزمة أزمت ... تبرى العظام وتبرى قمّة الراس قد قلت لما أتوا ينّعونه جزعا ... أودى الجواد وأودى المطعم الكاسى فقال أخوها أبو سنان حريث يرد عليها [من البسيط]: اقنى حياءك فى ستر وفى خفر ... فإنما كان عثمان من الناس لا تقتلني النفس إذ حانت منيته ... في طاعة الله يوم الروع والباس

_ 1962 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5462، الاستيعاب ترجمة 1796، أسد الغابة ترجمة 3588). (1) «الجنة» هكذا ضبطها الفاسى بضم الجيم. (2) البيتان فى سيرة ابن هشام 3/ 168، ولم أجدهما فى ديوان حسان. (3) انظر المرجع السابق. الصفحة.

1963 ـ عثمان بن عفان بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموى

قد كان حمزة ليث الله فاصطبرى ... قد ذاق ما ذاق عثمان بن شمّاس 1963 ـ عثمان بن عفان بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموى: يكنى أبا عمرو، وأبا عبد الله، وأبا ليلى، أمير المؤمنين ذو النّورين، لكونه صاهر النبىصلى الله عليه وسلم على ابنتيه. ولا يعلم أحد تزوج ابنتى نبىّ غيره، على ما قال المهلب بن أبى صفرة. بشّره النبى صلى الله عليه وسلم بالجنة، وقال: «ألا أستحيى ممن تستحيى منه الملائكة! » (1). هاجر إلى الحبشة، وهو أول من خرج إليها، ثم إلى المدينة، ولم يشهد بدرا لتخلفه على تمريض زوجته رقيّة، بأمر النبى صلى الله عليه وسلم، لكن ضرب النبى صلى الله عليه وسلم له بسهمه وأجره. وبايع عنه فى بيعة الرضوان، وهو السبب فيها؛ لأن النبى صلى الله عليه وسلم بعثه إلى قريش فى الصلح عام الحديبية لعظم قدره عندهم، فبلغه أنه قتل. فجمع النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه، وبايعهم على قتال أهل مكة، وبايع عنه. وكان كثير أفعال الخير، اشترى بئر رومة وسبلها للمسلمين، وجهّز جيش العسرة من ماله، وأخبر النبى صلى الله عليه وسلم بأن له الجنة على ذلك، ووسّع مسجد المدينة، ومسجد مكة، وهو الذى أمر بتحويل الساحل من الشّعيبة ـ ساحل مكة القديم ـ إلى ساحلها اليوم، وهو جدّة، لما سئل فى ذلك.

_ 1963 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1797، الإصابة ترجمة 5464، أسد الغابة ترجمة 3589، المؤتلف والمختلف 81، الأباطيل والمناكير 1/ 36، الزهد لوكيع 521، التبصرة والتذكرة 1/ 131، بقى بن مخلد 28، طبقات ابن سعد 3/ 53، تاريخ الدورى 2/ 294، طبقات خليفة 10، فضائل الصحابة لأحمد 1/ 448، تاريخ البخارى الكبير ترجمة 2191، التاريخ الصغير للبخارى 1/ 58، ثقات العجلى 37، القضاة لوكيع 1/ 110، الجرح والتعديل ترجمة 882، وفيات ابن زبر 12، رجال صحيح مسلم 121، الجمع لابن القيسرانى 1/ 347، المنتظم لابن الجوزى 6/ 137، التلقيح 84، أنساب القرشيين 62، الكامل فى التاريخ 1/ 46، 2/ 59، تهذيب النووى 1/ 321، الكاشف ترجمة 3777، تذكرة الحفاظ 1/ 8، العبر 1/ 5، 10، 30، تجريد أسماء الصحابة ترجمة 4004، تذهيب التهذيب 3/ 32 نهاية السول 238، غاية النهاية لابن الجوزى 1/ 507، تهذيب التهذيب 7/ 139، التقريب 2/ 12، خلاصة الخزرجى ترجمة 4771، شذرات الذهب 1/ 10، 25). (1) أخرجه أحمد بن حنبل فى المسند، حديث رقم 24060، 24061، 24062.

1964 ـ عثمان بن على، الأمير فخر الدين المعروف بالزنجيلى

وكان يحيى الليل بركعة يقرأ فيها القرآن كله، وبويع بالخلافة بعد عمر بن الخطاب. وكثرت الفتوحات فى خلافته، واتسعت الدنيا على الصحابة. حتى كانت الفرس تشترى بمائة ألف، وكان البستان بالمدينة يباع بأربعمائة ألف. وعمرت المدينة بالخيرات والأموال، وجبى إليها خراج الممالك، وصار لعثمان مال عظيم، وألف مملوك، فنقم عليه ذلك جماعة من الأشرار، مع ولايته الولايات الجليلة لأقاربه، وهمّوا بعزله، وساروا لمحاصرته، وحصروه أياما كثيرة، حتى منعوه أن يصلى فى المسجد، وأن يشرب من بئر رومة، وتسوّر عليه ثلاثة من شرارهم بيته، فذبحوه، والمصحف على يده، وقطرت من دمه عليه قطرة أو قطرات، وذلك يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذى الحجة سنة خمس وثلاثين. وقيل قتل يوم الأربعاء، وله تسعون سنة. وقيل ثمان وثمانون سنة. وقيل اثنتان وثمانون سنة. ودفن خفية بموضع من البقيع يقال له: حشّ كوكب (2). وأكثر الناس فى قتله من المراثى. وكانت خلافته رضى الله عنه اثنتى عشرة سنة إلا أياما. وكان رجلا ربعة، ليس بالقصير ولا بالطويل، حسن الوجه، رقيق البشرة، كبير اللحية والشعر، أسمر اللون، صخم الكراديس، بعيد ما بين المنكبين، يصفّر لحيته ويشد أسنانه بالذهب. وتفرقت الكلمة بعده، وماج الناس، واقتتلوا، حتى قتل من المسلمين تسعون ألفا على ما قيل، وأخباره رضى الله عنه فى الخير كثيرة. وكان قتله أول وهن فى الإسلام على الأمة، بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم. 1964 ـ عثمان بن على، الأمير فخر الدين المعروف بالزنجيلىّ: صاحب المدرسة بمكة عند باب العمرة والرباط المقابل لها. كان نائبا بعدن للسلطان

_ (2) حشّ كوكب: بفتح أوله، وتشديد ثانيه، ويضم أوله أيضا. والحشّ فى اللغة: البستان، وبه سمّى المخرج حشّا لأنهم كانوا إذا أرادوا الحاجة خرجوا إلى البساتين وكوكب الذى أضيف إليه اسم رجل من الأنصار: وهو عند بقيع الغرقد، اشتراه عثمان بن عفان، رضى الله عنه، وزاده فى البقيع، ولما قتل القى فيه ثم دفن فى جنبه. انظر معجم البلدان مادة «حش». 1964 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات فقهاء اليمن 204، البداية والنهاية 12/ 309، الدارس 1/ 526، الأعلاق الخطيرة 1/ 222).

1965 ـ عثمان بن قيس بن طلحة بن العاص بن قيس السهمى

صلاح الدين يوسف بن أيوب، وله بعدن بعض أوقاف كثيرة على مدرسته ورباطه بمكة. وقد وقع لى نسخة من كتاب هذه الأوقاف، وترجم فيها: بأمير الحرمين، ولعل فوّض إليه الولاية عليهما. وله مدرسة مشهورة خارج سور دمشق، وسبيل خارج باب الشبيكة فى صوب طريق التّنعيم، على يمين المار إلى العمرة. وقد عمر هذا السبيل بعده تاجر حضرمىّ من أهل عدن، يعرف بأبى راشد، فعرف به، وعمره بعده الشهاب بركوت المكين. وأما مدرسته، فوقفت فى سنة تسع وسبعين وخمسمائة، وكذا الرّباط ـ فيما أظن والله أعلم. وكان خروجه من اليمن هاربا، متخوفا من الملك العزيز سيف الإسلام طغتكين ابن أيوب، أخى السلطان صلاح الدين، لّما سمع بإقباله من الشام إلى اليمن واليا على جميعه. وقبر الزّنجيلىّ بمدرسته التى خارج دمشق، وهى بقرب الموضع المعروف بالسبعة. والدار المعروفة بدار الطعم، وتعرف الآن مدرسته بدار السلسلة، ويعرف رباطه برباط الهنود، والمدرسة بأيدى بعض الأشراف من أولاد أمراء مكة. وتوفى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، على مقتضى ما ذكر ابن شاكر الكتبى. وفيه نظر. 1965 ـ عثمان بن قيس بن طلحة بن العاص بن قيس السهمى: ذكره هكذا الذهبى، وقال: شهد فتح مصر مع أبيه، وهو أول من قضى بمصر. وكان شريفا سريا. قاله ابن يوسف. وهذا يدل على أن عثمان أول قضاة مصر. وكلام المزّى يدل على خلاف ذلك؛ لأنه قال فى ترجمة عثمان بن صالح السهمى: إنه مولى قيس بن العاص بن قيس بن عدى بن سهم، قاضى مصر لعمر بن الخطاب. وقال: ويقال إنه أول قاض تولّى قضاء مصر فى الإسلام.

_ 1965 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 460، التجريد 1/ 403).

1966 ـ عثمان بن أبى الكتاب المكى

1966 ـ عثمان بن أبى الكتاب المكى (1): ذكره هكذا المزى فى التهذيب، فى شيوخ إبراهيم بن أبى الوزير، وهو إبراهيم بن عمر بن مطرّف. السابق ذكره. 1967 ـ عثمان بن قزل الأمير فخر الدين أبو الفتح الكاملى: كان استادار الملك الكامل. صاحب مكة. وكانت له رغبة كثيرة فى الخير، ووقف أوقافا بالقاهرة وغيرها. وله بمكة وقف أظنه المكان المعروف بالقواد الحوامدة، بقرب باب الحزورة. توفى فى ذى الحجة سنة تسع وعشرين وستمائة بحرّان. 1968 ـ عثمان بن أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموى: أمير مكة، ذكر ابن جرير، أن يزيد بن معاوية، ولّاه مكة بعد الوليد بن عتبة؛ لأن ابن الزبير كتب إليه يذم الوليد، ويقول: إنه رجل أخرق ولا يتجه لرشد، ولا يرعوى لعظة الحليم. فلو أرسلت رجلا سهلا، لين الكف، رجوت أن يتسهّل من الأمر ما استوعر. وذكر أن ذلك فى سنة اثنتين وستين، وأن الوليد حج بالناس فيها. وهذا يدل على أن الوليد عاد إلى إمرة مكة، وعزل عثمان. والله أعلم. وذكر الزبير بن بكار، أنه ولى المدينة، وأن أمه أم عثمان بنت أسيد بن الأخنس بن شريق، وأن لعثمان ولدا اسمه محمد. أمه عاتكة بنت عنبسة بن أبى سفيان. وقال صاحب الأغانى، لما ذكر أخبار أبى قطيفة عمرو بن الوليد بن عقبة بن أبى معيط أبان بن أبى عمر ذكوان بن أمية بن عبد شمس القرشى الأموى الشاعر المشهور: «واجتمع أهل المدينة لإخراج بنى أمية عنها، وأخذوا عليهم العهود، ألا يعينوا عليهم الجيوش. وأن يردوهم عنهم فإن لم يقدروا على ردهم لا يرجعون إلى المدينة. فقال لهم عثمان بن محمد بن أبى سفيان: أنشدكم الله فى دمائكم. وطاعتكم فإن الجنود تأتيكم

_ 1966 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 165). (1) فى الجرح والتعديل، وتهذيب الكمال: «أبى الكنات». 1968 ـ انظر ترجمته فى: (الأغانى 1/ 31، تاريخ الطبرى 4/ 368).

وتطؤكم واعذر لكم ألا تخرجوا أميركم، إنكم إن ظفرتم وأنا مقيم بين أظهر كم فما أيسر شأنى وأقدركم على إخراجى! وما أقول هذا إلا نظرا لكم أريد به حقن دمائكم. فشتموه وشتموا يزيد. وقالوا: لا نبدأ إلا بك، ثم نخرجهم بعدك، فأتى مروان عبد الله بن عمر، فقال: يا أبا عبد الرحمن، إن هؤلاء قد ركبونا كما ترى، فما ترى؟ نضمّ عيالنا؟ فقال: لست من أمركم وأمر هؤلاء فى شئ. فقام عثمان وهو يقول: قبح الله هذا أمرا وهذا دينا، ثم أتى علىّ بن الحسين عليهما السلام، فسأله أن يضم ثقله وامرأته وابنيه إلى الطائف، ففعل. فعرض لهم حريث رقّاصة ـ وهو مولى لبنى بهز من سليم. كان بعض عمال المدينة قطع رجله، فكان إذا مشى كأنه يرقص فسمى رقاصة ـ لثقل عثمان ونسائه، وفيهم أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، فضربته بعصا كادت تدق عنقه. فولى ومضى ومضوا إلى الطائف، وأخرجوا بنى أمية. فحسّ بهم سليمان بن أبى الجهم العدوى، وحريث رقاصة. فأراد عثمان أن يصلى بمن معه فمنعوه، وقالوا: لا يصلى بالناس أبدا، ولكن إن أراد أن يصلى بمن معه من أهله فليصلّ بهم، ثم مضى. فمرو مروان بعبد الرحمن بن أزهر الزهرى، فقال له: هلمّ إلىّ يا أبا عبد الملك، فلا يصل إليك مكروه، ما بقى رجل منا بنى زهرة. فقال له: وصلتك رحم، قومنا على أمر، فأكره أن أعرّضك لهم، وندم ابن عمر بعد ذلك على ما كان قاله لعثمان. وقال: لو وجدت سيلا إلى نصر هؤلاء لفعلت. فقد ظلموا وبغى عليهم. وقال له ابنه سالم: لو كلمت هؤلاء القوم! يا بنى، لا ينزع هؤلاء القوم عمّا هم عليه، وهم بعين الله، إن أراد أن يغيّر غيّر. قال: فمضوا إلى ذى خشب، وفيهم عثمان بن محمد بن أبى سفيان، والوليد بن عتبة بن أبى سفيان واتّبعهم العبيد والصبيان والسّفلة يرمونهم، ثم رجع حريث رقاصة وأصحابه إلى المدينة، وأقامت بنو أمية بذى خشب عشرة أيام، وسرّحوا حبيب بن كره إلى يزيد بن معاوية يعلمونه، وكتبوا معه إليه: الغوث الغوث. فبلغ أهل المدينة أنهم وجّهوا رجلا إلى يزيد، فخرج ابن عمرو بن حزم، ورجل من بنى سليم من بهز وحريث رقاصة، وخمسون راكبا، فأزعجوا بنى أمية. فنخس حريث بعثمان، فكاد يسقط عن ناقته. فتأخر عنها وزجرها، وقال: اعلى واسلمى. فلما كانوا بالسّويداء عرض لهم مولى لعثمان. فقال: جعلت فداك! لو نزلت فأرحت وتعدّيت؟ . فالغداء

1969 ـ عثمان بن محمد بن طلحة بن عبيد الله التيمى

حاضر كثير قد أدرك. قال: لا يدعنى رقاصة وأشباهه، وعسى الله أن يمكّن الله منه فتقطع يده. ونظر عثمان إلى حاله بذى خشب. فقال: لا مال إلا ما أحرزته العياب فمضوا فنزلوا حقيلا أو وادى القرى. وفى ذلك يقول الأحوص (1): لا ترثين لجرمى رأيت به ... ضرّا ولو سقط الجزمىّ فى النار (2) الناخسين بعثمان (3) بذى خشب ... والمقحمين على عثمان فى الدّار فلما دخل حبيب بن كره على يزيد ـ وهو واضع رجله فى طست لوجع كان يجده ـ بكتاب بنى أمية وأخبره الخبر، فقال: أما كان بنو أمية ومواليهم ألف رجل؟ قال: بلى، وثلاثة آلاف. قال: أفعجزوا أن يقاتلوا ساعة من نهار؟ فقال: كثرهم الناس. ولم تكن لهم بهم طاقة. فندب الناس، وأمّر عليهم صخر بن أبى الجهم القينى فمات قبل أن يخرج الجيش، فأمّر مسلم بن عقبة الذى يسمى مسرفا. فقال ليزيد: ما كنت مرسلا إلى المدينة غيرى أحدا إلا قصّر، وما صاحبهم غيرى، إنى رأيت فى منامى شجرة غرقد تصيح: على يدى مسلم، فأقبلت نحو الصوت، فسمعت قائلا يقول: أدرك ثأرك، أهل المدينة قتلة عثمان. فخرج مسلم، وكان من قصة الحرة ما كان على يد مسلم، وليس هذا موضعه». 1969 ـ عثمان بن محمد بن طلحة بن عبيد الله التيمى: ذكره هكذا الذهبى، وقال: أورده «س» يعنى أبا موسى المدينى، وحديثه مرسل بيقين. وذكر الكاشغرى، أنه لا صحبة له؛ لأن أباه قتل يوم الجمل. انتهى. 1970 ـ عثمان بن محمد بن عثمان بن أبى بكر بن محمد بن داود، الشيخ فخر الدين التوزرى المالكى: نزيل مكة. يكنى أبا عمرو، ولد بالحنبوشيّة (1) من بلاد الفيوم، فى شهر رمضان سنة ثلاثين وستمائة وقدم مصر، وسمع بها بقراءته غالبا، ما لا يحصى كثيرة من الكتب والأجزاء. فمن الكتب: الموطأ لمالك رضى الله عنه، رواية يحيى بن يحيى، على جماعة منهم: أبو القاسم، وأبو بكر محمد بن محمد بن إبراهيم بن سراقة الأنصارى، عن ابن

_ (1) انظر: الأبيات فى الأغانى (1/ 31). (2) فى الأصول: «لجرمى» والتصحيح من الأغانى 1/ 31. (3) فى الأغانى: «بمروان». (1969 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 5/ 264). 1970 ـ (1) الخنبوشية: بلدة بمركز إبشواى بالفيوم، واسمها الآن «النزلة».

بقىّ، والموطأ رواية أبى مصعب الزهرى، عن عبد الحافظ أبى حامد محمد بن على بن الصابونى، عن قاضى دمشق أبى القاسم بن الحرستانى، عن السّيّدىّ إجازة، وعن المؤيد ابن محمد الطوسى إجازة عن السّيّدىّ والملخص مختصر الموطأ للقابسى، على جماعة، منهم: المفتى ركن الدين الحسن بن عثمان بن على القابسى، عن أبى الفتح منصور خميس اللخمى، عن يونس بن محمد بن مغيث، عن حاتم بن محمد الطرابلسى، عنه. وصحيح البخارى، على جماعة، منهم: أبو الفضائل على بن عبد الرزاق العامرى، عن يونس بن يحيى، عن أبى الوقت، وعن أبى القاسم البوصيرى، عن السعيدى، وعن الأرتاحىّ عن الفراء إجازة، وأبى الروح عيسى بن سليمان بن رمضان الثعلبى، عن منجب بن عبد الله المدينى، عن أبى صادق بن عبد الله المدينى، ثلاثتهم عن كريمة بسندها. وصحيح مسلم: على جماعة، منهم: أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن مضر الواسطى، عن منصور بن عبد المنعم الفراوى، عن جد أبيه أبى عبد الله الفراوى بسنده. وجامع الترمذى: على التاج على بن أحمد القسطلانى، والجمال يعقوب بن أبى بكر الطبرى، وجماعة، كلاهما عن زاهر بن رستم، عن الكروخىّ. وسنن أبى داود: على النجيب عبد اللطيف بن عبد المنعم الحرّانى، وأبى الفضل عبد الرحيم بن يوسف، المعروف بابن خطيب المزّة، وجماعة عن ابن طبرزد. وسنن النسائى، رواية ابن السنى: على جماعة، منهم: أبو عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بالخادم، عن أبى الفتوح الحصرىّ، عن أبى زرعة. ومسند الشافعى: على قاضى القضاة [ ....... ] (2) الدين عبد الله بن قاضى القضاة شرف الدين محمد بن عز الدولة الصفراوى، والقاضى عماد الدين على بن صالح، المعروف بابن أبى عمامة، عن أبى بكر عبد العزيز بن أحمد بن باقا عن أبى زرعة. ومسند الإمام أحمد بن حنبل: على النجيب الحرانى، عن عبد الله بن أحمد الخربى عن ابن الحصين على بن المذهب عن القطيعى، عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه. ومسند الطيالسى: عن النجيب الحرانى، عن أبى المكارم اللبّان، وأبى جعفر الصّيدلانى، عن الحداد.

_ (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

ومسند الدارمى: على الكمال محمد بن عمر العسقلانى، عن أبى الفتوح الحصرى، عن أبى الوقت. ومعجم الطبرانى [ ..... ] (3) وكتاب دلائل النبوة للبيهقى: على لا حق بن عبد المنعم الأرتاحى، عن المبارك بن الطباخ إجازة، عن أبى الحسن عبيد الله بن محمد بن المؤلف أبى بكر البيهقى، عن جده. وكتاب الشفاء للقاضى عياض: على جماعة، منهم الحافظ زكى الدين عبد العظيم ابن عبد القوى المنذرى، ورشيد الدين يحيى بن على القرشى، والتاج القسطلانى، والكمال على بن شجاع العباسى الضرير، والخطيب معين الدين عبد الهادى بن عبد الكريم القيسى، عن ابن جبير، عن ابن عيسى إجازة، عن مؤلفه. وبرواية القسطلانى له أعلى من هذا، عن ابن مضاء إجازة، عن المؤلف سماعا، وعلى الخطيب شرف الدين عبد الله بن الخطيب أبى بكر عبد الرحمن الأزدى، المعروف بابن برطلة عن الشّقورىّ، إجازة عن مؤلفه. وكتاب العوارف للسّهروردىّ: على الضياء بن على بن الأنجب النعال، والضياء محمد بن عمر القسطلانى، والقطب محمد بن أحمد بن على القسطلانى، عن مؤلفه، وغير ذلك من الكتب. ومن الأجزاء: الفوائد الغيلانيّات. فى أحد عشر جزءا، على النجيب الحرّانى، وجماعة، والفوائد الثقفيات: عن أبى الحسن بن الجميزى، وسمع عليه الفوائد المدنية من حديثه، تخريج ابن مسدى، والأربعين له، ومشيخته، كلاهما من تخريج الرشيد العطار، والأربعين الثقفية، وأسلاف النبى صلى الله عليه وسلم للمسيّبىّ، والثانى من المحامليات، وثمانين الآجرى، والمسلسل بالأولية، ومسلسل العيدين، والأربعين الودعانية، على أبى القاسم عبد الرحمن بن مكى، سبط السلفى. وجزء ابن نجيد: على العلامة شرف الدين أبى الفضل المرسى، والحافظ صدر الدين الحسن بن محمد بن محمد البكرى، وعلى الإمام نجم الدين عبد الله بن محمد بن الحسن البادرائى: جزء من عواليه، تخريج أبى القاسم الإسعردىّ، وجزء فيه: نهاية السّول فى تفضيل الرسول، على مؤلفه شيخ الإسلام عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السّلمىّ، عنه، ومشيخة أبى العباس أحمد بن عبد الدائم المقدسى عليه. وغير ذلك على جماعة بدمشق. وديار مصر والحجاز.

_ (3) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

وذكر البرزالى: أن شيوخه يزيدون على ألف شيخ، منهم: ابن المقيّر بالإجازة، وقرأ القرآن بالسّبع على ابن وثيق، وعلى الكمال الضرير، وسمع منه الشاطبية، ومن خمسة ممن رواها عن الناظم، وتلا عليه نفر يسير، منهم: أبو عبد الله الغرناطى. وأبو زكريا يحيى بن واس العباس. وحدث بالكثير، وسمع منه خلق كثير. منهم: أبو العلاء الفرضىّ، وذكره فى معجمه، والحافظان: البرزالى ـ وذكره فى معجمه، وقال: شيخ فاضل، زاهد، متقن، من سادات المحدثين وفضلائهم ـ والحافظ الذهبى. وذكره فى ذيل العبر، وترجمه بالمحدث الحافظ، وذكره فى طبقات القراء، وترجمه بالإمام بقية السلف وقال: كان عالما عاملا متعبدا كثير الخير. انتهى. وآخر أصحابه: شيخنا بالإجازة؛ ناصر الدين محمد بن محمد بن داود بن حمزة المقدسى، له منه إجازة. وتوفى ظهر يوم الأحد حادى عشر من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة وسبعمائة بمكة المشرفة، وصلّى عليه فى مقام إبراهيم، ودفن بالمعلاة، نقلت وفاته من خط الجد أبى عبد الله الفاسى. ونقلت من خطه: أن الشيخ فخر الدين أخبره، أنه قدم الحجاز سنة سبع وخمسين وستمائة، ولم يزل يتردد إلى الحجاز، إلى أن قدمه سنة تسعين، ولم يزل مقيما بمكة، إلى أن درج بالوفاة إلى رحمة الله تعالى. ومن خطه ومن خط الجد أيضا، نقلت مولده، وذكر أنه أخبره به. ونقلت من خط أبى المعالى تقى الدين بن رافع فى معجمه، أنه ولد فى ثامن شهر رمضان سنة ثلاثين وستمائة بمصر، ذكر ذلك عن والدته. قال: ورأيت بخط والدى ما يقتضى أنى ولدت فى سنة ثمان وعشرين وستمائة، والله أعلم. ووجدت بخط الجد أبى عبد الله الفاسى، حكاية عجيبة كتبها عن الشيخ فخر الدين التّوزرىّ، ملخصها: أن فقيرا رثّ الهيئة، جلس إلى الشيخ فخر الدين وسلم عليه، وسأله عن مدة مجاورته، ثم قال له الفقير: ما رأيت مما هنا من الآيات فى مدة مقامك؟ فانزعج عليه الشيخ فخر الدين؛ لأنه كان مشغولا بالذكر، ثم قال له: وأىّ آية تريد أن ترى أكبر من هذه الآية! الناس طول النهار فى أشغالهم ومعايشهم، وما شغلهم ذلك عن الطواف فى هذا الوقت، وقت راحتهم وسكونهم؟ فسكت الفقير، ثم قال: أتعجب من الطائفين بالبيت؟ وإنما أعجب ممن يطوف به البيت. ونهض قائما،

1971 ـ عثمان بن محمد بن أبى على بن عمر بن محمد بن موسى، القاضى عماد الدين، أبو عمرو الكردى الحميدى الشافعى

وانصرف فى صورة المنزعج. فقال الشيخ فخر الدين فى نفسه: هذا أحمق، ثم فكر ساعة، ورفع رأسه، وإذا بالبيت يدور بالطائفين ثلاث دورات، أشدّ ما يكون من الدوران، وقام باكيا مستغفرا مما صدر منه، ودخل إلى الطواف ليرى الرجل، فما وجد له خبرا. ووجدت بخط الجد أبى عبد الله الفاسى أيضا: أن الشيخ فخر الدين التوزرى، أخبره فى نصف شعبان سنة ست وسبعمائة، قال: أخبرنى الصالح أبو الحسن على المعروف بكرباج، أنه دخل إلى بئر زمزم فى بعض السنين، ليلة النصف من شعبان ليتوضأ، أو يشرب، أو غير ذلك. قال: فوجدتها قد فاضت إلى رأسها. انتهى. وهذه الحكاية تصدق ما يقوله الناس، من أن زمزم تفيض فى ليلة النصف من شعبان. 1971 ـ عثمان بن محمد بن أبى على بن عمر بن محمد بن موسى، القاضى عماد الدين، أبو عمرو الكردى الحميدىّ الشافعى: ذكره المنذرى فى «التكملة». وقال: تفقه على مذهب الشافعى رضى الله عنه بالموصل على عمه، ثم رحل إلى الإمام أبى سعد عبد الله بن أبى عصرون، واشتغل عليه مدة فى المذهب، وقدم مصر، وتولى الحكم العزيز بثغر دمياط ـ حرسها الله ـ ثم عاد إلى القاهرة، وناب بها عن قاضى القضاة أبى القاسم عبد الملك بن عيسى المارانى، وبقليوب وأعمالها، ودرّس بالجامع الأقمر، وبالمدرسة السيفية بالقاهرة مدة. وسمع بها من الحافظ أبى الحسن على بن المفضل المقدسى، ثم توجه إلى مكة شرفها الله تعالى، ولم يزل مجاورا بها إلى أن مات، وما علمته حدث بشئ. وكان فاضلا ذا سمت حسن وثناء جميل. وذكر المنذرى: أنه توفى ليلة الثالث عشر من ربيع الأول سنة عشرين وستمائة، ودفن بالمعلاة. 1972 ـ عثمان بن مسلم بن هرمز المكى: روى عن نافع بن جبير بن مطعم. روى عنه: مسلم، والمسعودى. روى له الترمذى (1).

_ 1972 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 167). (1) فى سننه، كتاب المناقب، حديث رقم (3570) من طريق محمد بن إسماعيل حدثنا ـ

1973 ـ عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحى، أبو السائب

قال النسائى: ليس به بأس. وذكره ابن حبان فى الثقات. ولم يذكر صاحب الكمال أنه مكى (2). 1973 ـ عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحى، أبو السائب: أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا، وهاجر الهجرتين، وشهد بدرا، ومات بعد مرجعه منها، وذلك بعد سنتين ونصف من الهجرة، ودفن بالبقيع، وهو أول من دفن به من الصحابة، وأعلم النبىّ صلى الله عليه وسلم قبره بحجر، وكان يزوره. وقال: هذا قبر فرطنا، ونعم السلف لنا. وكان من فضلاء الصحابة مجتهدا فى العبادة، وكان قد همّ بطلاق زوجته وأن يختصى، ويحرم اللحم والطيب. فرد عليه النبى صلى الله عليه وسلم، وأنزل فى ذلك: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [المائدة: 93] الآية فيه، وفى على بن أبى طالب، وكان الآخر هم بالاختصاء والتبتل. وكان رضى الله عنه حرم الخمر فى الجاهلية، وقال: لا أشرب شرابا يذهب عقلى، ويضحك بى من هو أدنى منى، ويحملنى على أن أنكح كريمتى. واختلف فى وفاته، فقيل: بعد اثنين وعشرين شهرا من مقدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة، وهذا

_ ـ أبو نعيم حدثنا المسعودى عن عثمان بن مسلم ابن هرمز عن نافع بن جبير بن مطعم عن على قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطويل ولا بالقصير شئن الكفين والقدمين ضخم الرأس ضخم الكراديس طويل المسربة إذا مشى تكفأ تكفؤا كأنما انحط من صبب لم أر قبله ولا بعده مثله. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا أبى عن المسعودى بهذا الإسناد نحوه. (2) قال ابن حجر فى التقريب: «فيه لين». وقال الذهبى فى الميزان: «قال النسائى: ليس بذاك». 1973 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1798، الإصابة ترجمة 5469، أسد الغابة ترجمة 3594، نسب قريش 293، طبقات خليفة 25، تاريخ خليفة 65، التاريخ الكبير 6/ 210، التاريخ الصغير 1/ 20، 21، حلية الأولياء 1/ 102، 106، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 325، 326، العبر 1/ 4، مجمع الزوائد 9/ 302، كنز العمال 13/ 525، شذرات الذهب 1/ 9، سير أعلام النبلاء 1/ 153).

1974 ـ عثمان بن معاذ القرشى التيمى، أو معاذ بن عبد الرحمن

يدل على أنه توفى فى آخر سنة اثنتين. وقيل: إنه مات على رأس ثلاثين شهرا من الهجرة. وقال النووى: إنه توفى فى شعبان بعد سنتين ونصف من الهجرة. ورثته زوجته أم السائب بأبيات [من البسيط] (1): يا عين جودى بدمع غير ممنون ... على رزيّة عثمان بن مظعون [على امرئ كان فى رضوان خالقه ... طوبى له من فقيد الشخص مدفون طاب البقيع له سكنى وغرقده ... وأشرقت أرضه من بعد تفتين وأورث القلب حظنا لا انقطاع له ... حتى الممات وما ترقى له شونى] (2) وفى صحيح البخارى، أن أم العلاء الأنصارية قالت: أريت لعثمان رضى الله عنه فى المنام عينا تجرى، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له. فقال: «ذاك عمله» (3). 1974 ـ عثمان بن معاذ القرشى التيمى، أو معاذ بن عبد الرحمن: كذا روى حديثه ابن عيينة، عن ابن قيس، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيميى، عن رجل من قومه، يقال له معاذ بن عثمان، أو عثمان بن معاذ، أنه سمع رسول اللهصلى الله عليه وسلم يقول: «ارموا الجمار بمثل حصى الحذف» (1). 1975 ـ عثمان بن موسى بن عبد الله بن عبد الرحيم الطائى الإربلىّ أصلا، الإمام أبو عمرو موفق الدين الآمدى مولدا، الحنبلى: إمام الحنابلة بالحرم الشريف، سمع من عبد الرحمن بن أبى حرمىّ، ووجدت بخط الآقشهرىّ: أنه يروى عنه صحيح البخارى، وسمع من شرف الدين بن أبى الفضل المرسى، وحدّث عنه بصحيح مسلم.

_ (1) الأبيات فى الاستيعاب ترجمة 1798. (2) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، وأوردناه من الاستيعاب. (3) الحديث أخرجه البخارى فى صحيحه، كتاب الشهادات، حديث رقم 2490، وكتاب التعبير، حديث رقم 6500. 1974 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5470، الاستيعاب ترجمة 1799، أسد الغابة ترجمة 3595). (1) سبق تخريجه، راجع الفهرس. 1975 ـ انظر ترجمته فى: (ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 2/ 286، تاريخ الإسلام للذهبى فى سنة 674 هـ‍).

سمع منه ولده القاضى جمال الدين محمد، بفوت. وأجازه وسمع منه أيضا الحافظ شرف الدين الدمياطى، وعلاء الدين بن العطار الدمشقى. وذكر ابن مسدى فى معجمه، فى ترجمة عبد الله بن عبد العزيز الصامت: أن عبد العزيز سمع شيئا من أبى يوسف الحكّاك، بمدينة النبى صلى الله عليه وسلم، بإفادة من لا يفهم، وسمع منه من لا يعلم. فما أوقعوه فيه، أن حدّث بكتاب الأربعين للطائى، عن أبى يوسف هذا، عن مؤلفها، وإنما سمعها أبو يوسف هذا من يونس بن يحيى، عن مؤلفها، وكان سماعه من أبى يوسف بإفادة أبى عمرو وعثمان بن عبد الله الآمدى الحنبلى. وقد سألت عثمان هذا عن الإسناد، قال: كان أبو يوسف قديم السن، وكان عثمان هذا جاهلا بهذا الفن. وقد وقفت له على روايات وتسميعات، سقط فيها لفيه إبراء إلى الله تعالى مما كان يقتضيه. انتهى. ووجدت بخط الشيخ أبى العباس الميورقى فى تعاليقه: وأفادنا إمام الحنابلة الفقيه عثمان، أن ابن المقيّر، يروى عن ابن الزاغونى عن ابن عبد البر، ورأيت أنا ذلك بخط الآمدى. ووجدت بخط الميورقى: أن الرشيد محمد بن الزكى المنذرى، ذكر له: أن ابن الزاغونى مولده سنة ثمان وستين وأربعمائة. ووجدت بخطه قال: قال لى الإمام الحنبلى: إن الناس يختلفون فى الوفاة والمولد، وحكى لى اختلافهم فى مولد النبى صلى الله عليه وسلم ووفاته. ووجدت بخطه أنه قال له: إنك قيدت مولد الزاغونى بالقلم الهندى وأخشى أن يكون تصحف عليك. وانتهى. وكلام الآمدى هذا، إنما ذكرته للتعجب، كيف يصح أن يكون الزاغونى يروى عن ابن عبد البر، وابن عبد البر مات فى سلخ ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وأربعمائة؟ وذلك قبل مولد ابن الزاغونى بأزيد من أربع سنين! . وذكره الذهبى فى تاريخ الإسلام. وقال: روى عن يعقوب بن على الحكاك، ومحمد ابن أبى البركات. روى عنه الدمياطى، وابن العطار، وكتب إلىّ بالإجازة، وكان من الزهاد. وقال ابن الجزرىّ فى تاريخه، بعد أن ذكر كلام الذهبى هذا تلو قوله: وكان من

1976 ـ عثمان بن وهب

الزهاد: وحضر يوما عند صاحب مكة، وحضر إليه شخص يدعى أن يعرف علم الكيمياء، ويتحدث كثيرا. فقال الشيخ عثمان لذلك الرجل: الذى تصنعه، مخلوق أم مصنوع؟ فقال الرجل: بل مصنوع. فقال له: كل مصنوع لا بد أن يستحيل. فقال له الرجل: أقول لك مخلوق حتى تقتلنى شرعا! وانفصل الميعاد. وذكر الذهبى، أنه توفى فى جمادى الآخرة سنة أربع وسبعين وستمائة، وصلّى عليه يوم حضر صلاة الغائب، وما ذكره فى شهر وفاته وهم؛ لأنى وجدت فى حجر قبره، أنه توفى فى يوم الخميس الثانى والعشرين من المحرم سنة أربع وسبعين وستمائة. وفيه: أنه ولى الإمامة من سنة أربع وعشرين، إلى أن توفى رحمه الله تعالى، وترجم فيه بتراجم، منها: الشيخ الفقيه الإمام الزاهد العالم العامل محيى الشريعة، مفتى الفرق، شيخ الإسلام، حجة المحدثين. 1976 ـ عثمان بن وهب: [ ............ ] (1) 1977 ـ عثمان بن يمان بن هارون الحدّانى اللؤلؤى الخراسانى، نزيل مكة، أبو محمد: روى عن ربيعة بن صالح، وموسى بن على بن رباح، وغيرهما. روى عنه: أبو يحيى عبد الله بن أحمد بن أبى مسرّة، وأبو بكر محمد بن إدريس، ورّاق الحميدىّ، والكديمىّ، وعبد الله بن شيبب، وآخرون. روى له النسائى. وذكره ابن حبان فى الثقات. وقال: ربما أخطأ. كتبت هذه الترجمة من التذهيب. 1978 ـ عثمان بن يوسف بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن محمد الأنصارى، الشيخ فخر الدين النويرى المكى: أجاز له فى استدعاء أحمد بن أبى العافية الرّندى: أبو المعالى الأبرقوهىّ، ومحمد بن الحسين العوفى، وغيرهما.

_ 1976 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 2/ 116). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 1977 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 7/ 160). 1978 ـ انظر ترجمته فى: (المعجم المختص للذهبى ورقة 50 / أ، ب، معجم شيوخ الذهبى ترجمة 502، الوفيات لابن رافع 189، الدرر الكامنة 1/ 144).

وسمع من الحافظ شرف الدين الدمياطى [ .... ] (1) ومن أبى الحسن على بن نصر الله الصواف، مسموعه من السنن للنسائى، وفوته، على القاضى جمال الدين محمد بن عبد العظيم بن السقطى، وعلى أبى الحسن على بن هارون الثعلبى، والشريف موسى بن على بن أبى طالب الموسوىّ: الموطأ رواية يحيى بن بكير. وبمكة على الرضى الطبرى: صحيح ابن حبان، وعليه، وعلى أخيه صفى الدين الطبرى: صحيح البخارى، وحدث عنهما وعن أبى بكر بن أحمد بن عبد الدائم، وعيسى بن عبد الرحمن المطعم، وأحمد بن أبى طالب الحجّار، ووزيرة بنت المنجّا، وسمع من جماعة آخرين بمصر ودمشق. روى لنا عنه الحافظان: أبو الفضل بن العراقى، وأبو الحسن الهيثمىّ، وغيرهما من شيوخنا. وسمع منه جماعة من الأعيان. منهم: الحافظان أبو عبد الله الذهبى، وشهاب الدين أحمد بن أيبك الدمياطى، وماتا قبله. وذكره الذهبى فى المعجم المختص، وترجمه: ب: «القاضى الإمام العلامة المحدث، الفقيه الورع الصالح جمال الإسلام، وكان أخى وحبيبى وشيخى ووادّى، أحسن الله جزاءه، أحكم المذهب وأفتى ودرّس، وارتحل فى طلب الحديث وجالسته غير مرة. وكان كثير الحج والمجاورة والتأله والصدق والإخلاص والاتّباع، قلّ من رأيت فى مسلاخه مثله» (2). وذكره شيخنا العراقى فى وفياته. وقال: أحد الأئمة العلماء الصالحين الزاهدين، وكان كثير الحج والتجّرد، والفراغ عن المناصب وأهل الدنيا. وكان من خيار الناس، يقول الحق وإن كان مرّا. انتهى. وأخبرنى شيخنا العراقى: أن جماعة سمعوا على الشيخ فخر الدين مسلسلات ابن

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (2) وذكره أيضا فى معجم شيوخه 502، وذكر فى نسبه «المالكى» ولم يذكر «المكى» وقال: «العبد الصالح، قدم علينا طالب حديث فى الكهولة، سمع من شيخنا الدمياطى، وبهاء الدين بن القيم، وبدمشق من أبى بن عبد الدائم، وعيسى المطعم وذكر أن مولده فى حدود سنة ثلاث وسبعين وستمائة. وقد عين لقضاء الشام مرة. وقل من رأيت مثله من العلماء دينا وورعا واتباعا للآثار وبغضا للباطل».

شاذان، وسألوه أن يقول: «إنى أحبكم» ليتسلسل لهم الحديث. فتوقف، فقالوا له: وأنت ما تحبنا؟ فقال: لا، لأنى ما أعرفكم، ولا أبغضكم. انتهى. وقد وقعت لى النسخة التى سمعت عليه، والسماع بقراءة الحافظ شمس الدين محمد ابن موسى بن سند اللّخمىّ، وبخطه ذكر أنه يتسلسل لهم حديث معاذ: إنى أحبك. فقال ولعدم تسلسله قصة. انتهى. وهذه القصة التى أخبر بها شيخنا العراقى، عن الشيخ فخر الدين، وهى دالة على كثرة تحرزه فى القول، وجوابه فيها صحيح؛ لأن عدم المحبة، لا يستلزم البغضة. وكان فى حديثه مع الناس لا يظهر لهم غير ما فى نفسه؛ لأنه بلغنى أنه اجتمع مع الشيخ أبى العباس بن عبد المعطى النحوى السابق ذكره بمصر، فى بعض قدمات أبى العباس إليها، فقال للشيخ أبى العباس: تأتونا إلى البيت. وقصد أن يضيفه. فجاء إليه الشيخ أبو العباس، فلم ير من الشيخ فخر الدين انبساطا لمجيئه، فقال له الشيخ أبو العباس: ألم تأمرونى بالحضور؟ فقال: نعم، ولكنى لم أعيّن الوقت، والتجمل ما حرم. وبلغنى أنه لما تزوج فى مكة، بحمامة بنت زيان، سئل عن صفتها. فقال: احلقوا ذقن أبيها، وانظروا إليه فهى مثله، ونال منه. وكان ـ فيما بلغنى ـ يعيب قول الناس بعضهم لبعض فى الصباح والمساء: صباح الخير، ومساء الخير، ويقول: إيش الخير؟ لصباح الخير ومساء الخير؟ . وكان الشيخ فخر الدين ولى القضاء بالشارع ظاهر القاهرة، وعيّن لقضاء دمشق، ثم صرف إلى غزة، وولى بمكة تدريس الحديث لوزير بغداد، ودرّس فى سنة سبع وأربعين وسبعمائة، وأخذ فى حديث: «أمّنى جبريل عند البيت فى أوقات الصلوات». وحضر عنده قاضى القضاة عز الدين بن جماعة، وموفق الدين الحنبلى، وجماعة من فضلاء الشاميين، وتردد إلى مكة مرات، وجاور بها كرات، وتأهل بحمامة بنت ابن زيال (3). وولد له منها بيت سميت فاطمة، تأهل بها الفقيه عبد الله بن ظهيرة. وولدت له. ولم يمت إلا ببلده النّويرة، فى سابع عشر ذى الحجة سنة خمس وخمسين وسبعمائة،

_ (3) سبق الترجمة أن اسمها «حمامة بنت زيان».

1979 ـ عثمان الشحرى الناسخ

ودفن هناك. كذا وجدت وفاته بخط أبى المعالى تقى الدين بن رافع فى معجمه. وذكر شيخنا العراقى فى وفياته: أنه توفى سنة سبع وخمسين. وذكر أن مولده سنة ثلاث وسبعين وستمائة. وذكر البرزالى: أن مولده سنة أربع وسبعين بالنويرة (4) وقيل بمصر. ومن معجمه كتبت نسبه هذا، وكتبت عنه أبياتا من نظمه. 1979 ـ عثمان الشّحرىّ الناسخ: نزيل مكة، جاور بها على طريقة حميدة بضعا وعشرين سنة أو أزيد، وكتب بها كتبا كثيرة بخطه للناس بالأجرة. وكان يلائم كثيرا الشيخ عبد الوهاب اليافعى، ويعينه فى تسبّبه فى دنياه، وظهر له منه خير. فلما حضره الأجل، أوصى عثمان على أولاده، وتزوج عثمان بأمهم واتّجر لهم، ثم انفصل عنهم وعن زوجته، وضعف عقله. 1980 ـ عج بن حاج: مولى المعتضد الخليفة العباسى، أمير مكة، ذكر ولايته على مكة، إسحاق بن أحمد الخزاعى ـ راوى تاريخ الأزرقى ـ فيما ذكره من خبر زيادة دار الندوة؛ لأنه قال بعد أن ذكر المستعمل على بريد مكة: كتب فى أمرها إلى الوزير عبيد الله بن سليمان بن وهب، وشرح ذلك للأمير بمكة عج بن حاج مولى أمير المؤمنين، والقاضى بهاء الدين محمد بن أحمد المقدّمىّ، وسألها أن يكتبا ما كتب به، فرغبا فى الأجر وجميل الذكر، وكتبا إلى الوزير بمثل ذلك. وذكر إسحاق، أن ذلك كان فى سنة إحدى وثمانين ومائتين، وما عرفت من حاله سوى هذا، وسوى نكتة أخرى ذكرها ابن الأثير فى كامله فى أخبار سنة خمس وتسعين ومائتين؛ لأنه قال: كانت وقعة بين عج بن حاج وبين الأجناد بمنى ثانى عشر ذى الحجة. فقتل منهم جماعة؛ لأنهم طلبوا جائزة بيعة المقتدر، وهرب الناس إلى بستان ابن عامر. انتهى. ولعل عج كان أمير مكة فى سنة إحدى وثمانين إلى سنة خمس وتسعين. ويحتمل أن يكون ولى قبل هذا التاريخ وبعده. والله أعلم.

_ (4) نويرة: بلفظ تصغير النار: ناحية بمصر. انظر: معجم البلدان مادة «نويرة». 1980 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ الطبرى 5/ 374، 402، 418، 439).

1981 ـ عجلان بن رميثة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسنى المكى، يكنى أبا سريع، ويلقب عز الدين

1981 ـ عجلان بن رميثة بن أبى نمىّ محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسنى المكى، يكنى أبا سريع، ويلقب عز الدين: أمير مكة، ولى إمرة مكة غير مرة، نحو ثلاثين سنة، مستقلا بها مدة، وشريكا لأخيه ثقبة مدة، وشريكا لابنه أحمد بن عجلان مدة، كما سيأتى بيانه. وقد ذكر ابن محفوظ المكى شيئا من خيره، وأفاد فيه ما لم يفد غيره. ورأيت أن ألخص هنا ما ذكره من خبره بالمعنى، مع ما علمته من خبره مما لم يذكره ابن محفوظ، وملخص ما ذكره ابن محفوظ: أن عجلان وأخاه ثقبة، اشتريا مكة من أبيهما رميثة فى سنة أربع وأربعين وسبعمائة بستين ألف درهم، حين ضعف وكبر وعجز عن البلاد وعن أولاده، وصار كل منهم له فيها حكم، ثم إن ثقبة توجه إلى مصر بطلب من صاحبها الملك الصالح إسماعيل بن الملك الناصر محمد بن قلاوون، وبقى عجلان وحده فى البلاد، إلى آخر ذى القعدة من السنة المذكورة، ثم فارقها لما علم أن صاحب مصر قبض على أخيه ثقبة، وأنه وصل مرسوم من صاحب مصر لأبيه رميثة بردّ البلاد عليه، وقصد عجلان جهة اليمن، ومنع الجلاب من الوصول إلى مكة، فلم يصل منها إلا القليل. وحصل فى هذه السنة غلاء عظيم فى أيام الحج. وكان حجّاج مصر كثيرين، وكذلك حجاج الشام، ولما رحل الحاج من مكة، وصل إليها الشريف عجلان من جهة اليمن، ونزل الزاهر، وأقام بها أياما. ثم بعد ذلك اصطلح هو وأبوه، وأخذ من التجار مالا جزيلا. وذكر ابن محفوظ: أن فى سنة ست وأربعين وسبعمائة: توجه عجلان إلى مصر، فولاه الملك الصالح البلاد دون أبيه. ولما توفى الملك الصالح، وولى أخوه الملك الكامل شعبان السلطنة بالديار المصرية والشامية عوض أخيه الملك الصالح، كتب لعجلان مرسوما بالولاية ووصل عجلان إلى مكة، فى رابع عشر جمادى الآخرة سنة ست وأربعين، ومعه خمسون مملوكا شراء ومستخدمين، وقبض البلاد بلا قتال من إخوته، وتوجه أخوه ثقبة إلى نخلة، وأقام معه أخوه سند ومغامس بمكة وأعطاهما فيها رسما، وأقاما على ذلك مدة، ثم إنه تشوش

_ 1981 ـ انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 2/ 453، خلاصة الكلام 31، سمط النجوم العوالى للعصامى 4/ 239، الأعلام 4/ 216).

منهما، فأخرجهما من البلاد بحيلته إلى وادى مرّ، ثم أمرهما بالاتساع فى البلاد، فلحقا بأخيهما ثقبة، وكان قد توجه إلى الديار المصرية قبل توجههما إليها بشهر، فلما وصلوا إلى مصر قبض عليهم بها. ووجدت بخط جمال الدين بن البرهان الطبرى: أن عجلان سافر إلى مصر فى ثانى المحرم من سنة ست وأربعين، فولاه مكة الملك الصالح، وأنه دخل إلى مكة يوم السبت السابع عشر من جمادى الآخرة من سنة ست وأربعين وسبعمائة، وهو متولى مكة، وقرئ مرسومه بالتولية على زمزم، فى الساعة الثالثة من النهار، ودعى له بعد المغرب، وللسلطان الملك الكامل وصلّى على أخيه الملك الصالح بعد المغرب، وقطع عجلان دعاء والده رميثة، وراح أخوه ثقبة إلى نخلة، وأعطى أخاه سندا ثلث البلاد بلا دعاء ولا سكة، وأعطى أخويه مغامسا ومباركا السّرين، يعنى الموضع المعروف بالواديين، وسافر ثقبة إلى مصر، ثم سافر بعده أخواه سند ومغامس إلى مصر، ثم جاء نجّاب الشريف عجلان من مصر، فى أوائل ذى القعدة من سنة ست وأربعين، وأخبر أن البلاد لعجلان، وأن إخوته قبضوا فى مصر، حتى ينظر حال عجلان مع الحاجّ، وزين السوق بمكة. فلما مات رميثة بطلت الزينة. وكان موته فى ثامن ذى القعدة من السنة المذكورة، بعد وصول النجاب بخمسة أيام. انتهى. وذكر ابن محفوظ: أن عجلان نشر بمكة من العدل والأمان ما لم يسمع بمثله، وطرح ربع الجنايات، ورفع المظالم. وذكر أن عجلان كان متوليا بمكة فى سنة سبع وأربعين وسبعمائة، ولم يحدث فيها حادث. وذكر أن فى سنة ثمان وأربعين، وصل إخوته: ثقبة وسند ومغامس، بنو رميثة، ومحمد بن عطيفة من مصر. فأخذوا نصف البلاد من عجلان بلا قتال، بعد أن ملكها وحده سنتين بلا شريك، وحصّل من الأموال ما لا يحصى. وذكر أن فى سنة خمسين وسبعمائة، تنافر الشريفان عجلان وثقبة. وكان عجلان بمكة وثقبة بالجديد، ثم إن عجلان خرج إلى الوادى لقتال ثقبة، فلما أن بلغ الدّكناء، رام المسير إلى ثقبة، فمنعه القواد من ذلك، ثم إنه نزل بوادى العقيق من أرض خالد، وأقام بها مدة يسيرة، ثم أصلحوا بينه وبين أخيه، وصعد عجلان إلى الخيف الشديدى

وأقام بها مدة يسيرة، ثم توجه إلى مصر، وبقى ثقبة فى البلاد وحده، وقطع نداء أخيه عجلان من زمزم. فلما كان اليوم الخامس من شوال سنة خمسين وسبعمائة، وصل عجلان من مصر متوليا لجميع البلاد، فتوجه ثقبة إلى ناحية اليمن بلا قتال، وأقام عجلان متوليا لمكة بمفرده، بقية سنة خمسين، وسنة إحدى وخمسين، ودخل ثقبة وأخوه إلى مكة، فى ولاية عجلان هذه؛ لأنهم لا يموا الملك المجاهد صاحب اليمن من حلى، وهو متوجه إلى مكة للحج، فى سنة إحدى وخمسين. وكان عجلان هم بمنع المجاهد وإخوته من دخول مكة، فغلبوه ودخلوها، ولم يلتفت المجاهد لعجلان، ولا أنصفه، ولم يلتفت إلى أحد من الأشراف والقواد، ولا إلى أمير الحاج المصرى بزلار، وإنما أقبل على الأمير طاز، أحد الأمراء المقدمين فى الركب المصرى. فعمل عليه عجلان عند أمير الركب بزلار، حتى ركب بزلار ولفيفه على المجاهد بمنى فى أيام التشريق، وحاربوا المجاهد، ولم يقاتل، وإنما قاتل عسكره، فانكسر عسكر المجاهد ونهبت محطته، وأخذ أسيرا بأمان، وحمل إلى مصر. وكان من خبره ما يأتى ذكره فى ترجمته إن شاء الله تعالى، ثم إن المصريين هموا بالقبض على عجلان؛ لأنه ربما أظهر للمجاهد أنه معه على المصريين. فلما علم بذلك عجلان، أخبر أصحابه، فاجتمعوا إليه وصاروا فى جمع عظيم. فلما أحسّ بهم الأمراء المصريون، هالهم ذلك، وأنكروا على عجلان، وسألوه أن يكفّهم عنهم فكفهم، ورحل الحاج من فوره، وأقام عجلان بمكة بقية سنة إحدى وخمسين. وفى سنة اثنتين وخمسين، كان عجلان بمكة، وثقبة بالجديد، وجبى ثقبة الجلاب الواصلة إلى جدة، جباء عنيفا ونجلها جميعا. وفى سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة، وصل مرسوم من صاحب مصر، يطلب الشريفين عجلان وثقبة، فتوجها إلى القاهرة. فأما ثقبة فبلغها. وأما عجلان فإنه وصل إلى ينبع، وقصد منها المدينة النبوية للزيارة، وتوجه منها إلى مكة. ولم يزل مالكها إلى ذى القعدة من سنة اثنتين وخمسين، ومنع ثقبة لما أن وصل من مصر متوليا لمكة بمفرده، من دخول مكة. فأقام ثقبة بخليص، إلى أن وصل الحاج المصرى فى سنة اثنتين وخمسين، وجاء ثقبة

مع أمير الحاج المجدى، وأراد عجلان منعهما من دخول مكة، ثم إن المجدى أصلح بين الأخوين، على أن يكون لكل منهما نصف البلاد، بموافقة ثقبة على ذلك. وفى سنة ثلاث وخمسين، توجه عجلان إلى ناحية اليمن، فلقى جلبة وصلت من اليمن فيها عبد القاضى شهاب الدين الطبرى قاضى مكة، وجماعة من أهل مكة فأخذ ما فيها. وكان قدرا جسيما، وبعد فعله هذا بأيام، زالت إمرته من مكة؛ لأن أخاه ثقبة لما بلغه فعل عجلان هذا، توجه إلى عجلان، وعجلان فى قلة من أصحابه، وغرّه بالصلح. فوثب عليه، وقيد معه على بن مغامس بن واصل الزباع، وأخذ جميع ما كان مع عجلان من الخيل والإبل، فلما كان الليل، ورقد الموكّل بعجلان، فخلع عجلان القيد من رجليه، وكان واسعا، وهرب إلى امرأة من الفريق الذى كانوا فيه فانزوى إليها، وعرّفها بنفسه، وسألها أن تخفيه، فقالت له: ما تخشى من ثقبة؟ فقال لها: لا بأس عليك، أنا أتحيّل فى إخفائى، بأن أحفر حفرة تغيّبنى، وأقعد فيها، وحطّى علىّ أمتعتك ولا عليك. فلما انتبه الموكل بعجلان فقده، فلم يجده. فذهب إلى ثقبة، وعرفه الخبر. فأخذ هو وأصحابه فى طلب عجلان فلم يجدوه، وأتى إلى بيت المرأة التى هو مختف عندها، ودوره بنفسه، فلم يجد عجلان فيه. فلما كان الليل، أركب فرسا وراح إلى بنى شعبة باليمن. وفى سنة أربع وخمسين: توجه عجلان إلى نخلة، بعد أن كان فى أول السنة بالواديين، وأخذ منها المال الذى كان نهبه، وقصد الجديد، وفرق المال، وأقام بالجديد، إلى آخر السنة، فلما آن وقت وصول الحاج، وسمع أن البلاد لأخيه ثقبة، وليس له فيها أمر، ارتحل إلى الحردة، وبعث إليه أمير الحاج المصرى، وهو الأمير عمر شاه بأمان، وأمره أن يصل إليه ويصلح بينه وبين أخيه. فتوجه إليه عجلان ولقيه بالجموم، وأخلع أمير الركب على عجلان، وسار معه إلى مكة. فلما أن وصل الأمير إلى الزاهر، خرج إليه ثقبة وإخوته على جارى العادة، لتلقى الأمير وخدمة المحمل. فأحاط به أصحاب الأمير، وسألوا ثقبة فى الإصلاح بينه وبين أخيه عجلان، فأبى إلا أن يكون السلطان رسم بذلك، وصمّم على ذلك. فقبض عليه وعلى إخوته ودخلوا بهم مكة محتاطين عليهم؛ وأمّر الأمير عجلان على مكة، فقبض عجلان البلاد، وذهب أمير الركب بالأشراف إلى مصر تحت الحوطة.

ودام عجلان على ولاية مكة بمفرده سنة خمس وخمسين وفيما بعدها، كما سيأتى بيانه. وكان فى سنة خمس وخمسين، عشّر جميع نخل وادى مرّ وقت الصيف، وجعل على كل نخلة أربعة دراهم وثلاثة ودرهمين. وسبب ذلك: أن المجاهد صاحب اليمن، من وقت رجوعه إلى اليمن بعد القبض عليه بمنى، منع التجار من السفر إلى مكة. فقل ما بيد عجلان، وفعل ما ذكرناه من عشره للنخيل، وحصل له من ذلك مال جزيل، وعنف فى هذه السنة بالأشراف والقواد عنفا عظيما، وأخذ منهم ما كان أعطاهم من الخيول والأموال، وكان أغدق عليهم فى العطاء، بحيث يقال: إنه وهب فى يوم واحد مائة وعشرين فرسا، وألفين ومائتى ناقة، وثلاثمائة ألف درهم وستين ألف درهم. وفى سنة ست وخمسين وسبعمائة: وصل إليه توقيع بالاستمرار فى الولاية مع الرّجبيّة، فى أول شهر رمضان. فلما كان اليوم الثالث والعشرون منه، وصل الشريف ثقبة وأخواه إلى الجديد، فى ثلاثة وخمسين فرسا، فأقاموا به، وكانوا فرّوا من مصر، ووصلوا إلى وادى نخلة، وليس معهم إلا خمسة أفراس. وكان عجلان عند وصولهم بخيف بنى شديد، فارتحل إلى مكة وأقام بها. فلما كان ثالث عشر ذى القعدة، نزل ثقبة ومن معه المعابدة، وأقاموا بها محاصرين لعجلان. وجرى فى هذا اليوم بين العبيد بعض قتال، قتل فيه بعض القواد اليواسفة، من أصحاب الشريف ثقبة وعبد له، ثم ارتحل هو ومن معه فى صبيحة يوم الاثنين الرابع والعشرين من ذى القعدة إلى الجديد، وأقاموا به. فلما كان وقت وصول الحاج، رحلوا إلى ناحية جدّة، وأخذوا الجلاب ودبروا بها. فلما رحل الحاج من مكة، توجهوا بالجلاب ونجلوها، ونزلوا الجديد. فلما كان يوم التاسع عشر من المحرم سنة سبع وخمسين. اصطلح عجلان وثقبة، واقتسما الإمرة نصفين، وانقسم الأشراف والقواد، وكان مع عجلان خمسون مملوكا، فقسمها بينه وبين أخيه. وكانت ولاية عجلان لمكة بمفرده بعد القبض على أخيه ثقبة، سنتين وخمسين يوما أو نحوها. فلما كان اليوم الثالث عشر من جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين. توجه ثقبة من ناحية اليمن إلى مكة وملكها بمفرده، وقطع نداء أخيه عجلان على زمزم، وأقام بمكة إلى الموسم، وعجلان بالجديد.

فلما وصل الحاج مكة فى موسم سنة سبع وخمسين، دخلها عجلان مع الحاج وملكها بمفرده، بعد أن فارقها ثقبة فى هذا التاريخ، وبعد من مكة، ثم إنه وصل ونزل الجديد، وأقام به مدة، ثم وصل إلى الجديد ثانيا، فعمل عليه أصحابه القواد، وحالفوا عجلان. فارتحل ثقبة إلى خيف بنى شديد، ثم أتى نخلة، ثم التأم عليه جميع الأشراف، ونزلوا خيف بنى شديد، والتأم جميع القواد على عجلان، وخرج من مكة ونزل الجديد، ثم ارتحل منه إلى البرقة طالبا قتال ثقبة ومن معه، فمنعه القواد من ذلك، وأقام بالبرقة قريبا من شهر، وجمع صروخا كثيرة، وذلك فى شهر رجب سنة ثمان وخمسين، ثم عاد إلى الجديد، ورتب فى مكة خيلا ورجلا. فلما كان أول شهر ذى القعدة سنة ثمان وخمسين. قصد ثقبة مكة ليدخلها فمنع من ذلك. فلما وصل الحاج فى هذه السنة، اصطلح الشريفان ثقبة وعجلان، وحج الناس طيبين، ولم يزل عجلان وثقبة مشتركين فى الإمرة بمكة، ومن موسم سنة ثمان وخمسين، إلى حين وصل الخبر بعزلهما من إمرة مكة، وتوليتها لأخيهما سند بن رميثة، وابن عمهما محمد بن عطيفة. وكان سند مع إخوته فى ناحية اليمن، وابن عطيفة بمصر، ووصل إلى مكة فى ثامن شهر جمادى الآخرة من سنة ستين وسبعمائة، ومعه عسكر وصل به من مصر ـ تقدم خبره فى ترجمة ابن عطيفة ـ وخلع عليه وعلى سند بعد وصوله إلى مكة بالإمرة، وتوجه عجلان إلى مصر ومعه ابناه: أحمد وكبيش. وكان صاحب مصر قد استدعى عجلان وثقبة للحضور إليه، قبل وصول هذا العسكر إلى مكة، فاعتذرا عن الحضور إليه. وكان وصول الطلب إليهما منه، فى جمادى الأولى من هذه السنة، وسبب طلبهما ما حصل بمكة من الجور، بسبب افتراق الكلمة بمكة. ولما وصل عجلان إلى مصر، قبض عليه وعلى بنيه. ولم يزل بها حتى أطلقه الأمير يلبغا العمرى المعروف بالخاصكى، لما صار له الأمر بالديار المصرية، بعد قبضه على أستاذه، الملك الناصر حسن بن الملك الناصر محمد بن قلاوون، فى أثناء سنة اثنتين وستين وسبعمائة، وبطّل يلبغا العسكر الذى كان السلطان حسن أمر بتجهيزه إلى

الحجاز بسبب قتال بنى حسن؛ لأنه جهز إلى مكة فى سنة إحدى وستين عسكرا من مصر، مقدمهم الأمير قندس، وعسكرا من دمشق مقدمهم ناصر الدين بن قراسنقر، وأمرهم بالمقام بمكة عوض جركتمر والعسكر الذى وصل إلى مكة مع ابن عطيفة، لتأييده وتأييد سند، لما وليا إمرة مكة فى سنة ستين وسبعمائة. ووصل قندس ومن معه، وابن قراسنقر، ومن معه إلى مكة فى موسم سنة إحدى وستين وسبعمائة، وأقاموا بها بعد الحج، وتوجه منها جركتمر ومن معه، وحصل بمكة بإثر سفر الحاج، فتنة بين العسكر الذى بمكة، وبنى حسن، فاستظهروا على الترك قتلا ونهبا، وخرجوا من مكة على وجه مؤلم، فعظم ذلك على السلطان حسن، وأمر بتجهيز عسكر لقتال بنى حسن، ومن يتخّيل منه الخلاف من أعراب الحجاز. فلما قتل السلطان حسن، كان ما ذكرنا من الإعراض عن سفر العسكر المشار إليه إلى مكة، وتوجه عجلان إلى مكة. وقد ولى إمرتها شريكا لأخيه ثقبة ـ على ما بلغنى، بسبب تسكين ثقبة الفتنة على العسكر ـ ووصل عجلان إلى وادى مرّ، فى آخر شهر رمضان سنة اثنتين وستين وسبعمائة، أو فى أوائل شوال منها. وقصد ثقبة السلام عليه، وكان ثقبة ضعيفا قد أنهكه الضعف. فأظهر القوة والجلد لعجلان، حين حضر إليه، وأنكر على عجلان نزوله فى الموضع الذى نزل فيه. فقال له عجلان: نرتحل منه، وأقام ثقبة أياما قليلة، ثم توفى، ودخل عجلان عند وفاة ثقبة إلى مكة، وأمر ابنه أحمد بن عجلان باللحاق بأخواله القواد ذوى عمر، ليسألهم أن يسألوا له أباه عجلان، فى أن يشركه معه فى إمرة مكة، ففعل، وحضر القواد إلى عجلان، وسألوه ذلك ففعل، وجعل له ربع البلاد. وقيل إنه لما أتى مكة بعد موت أخيه ثقبة، أمر ابنه أحمد بن عجلان بالطواف نهارا، وأمر المؤذن على زمزم بالدعاء جهرا، كما يصنع لأمراء مكة، وجعل له ربع الحاصل، وأمره بقصد أخواله ليعضدوه ففعلوا. وفى سنة ثلاث وستين: توجه عجلان من مكة لحرب صاحب حلى الأمير أحمد بن عيسى الحرامى ـ بحاء وراء مهملتين ـ والتقى الفريقان بموضع يقال له: قحزة ـ بقاف وحاء مهملة وزاى معجمة وهاء ـ بقرب حلى، فكان النصر لعجلان وأصحابه، فلم يقتل منهم إلا اليسير. وقتل من المحاربين لهم نحو المائتين ـ فيما قيل ـ واستولوا على

حلى، وعلى أموال كثيرة لأهلها، واستأثر بأشياء من ذلك، فلم يسهل ذلك بمن كان معه من بنى حسن، وتغيرت عليه خواطرهم. وتقدم عنه إلى صوب مكة طائفة منهم. وكاتبوا أخاه سند بن رميثة، وأطمعوه بالنصر وكان قد ظفر بجلبة فيها مال لتاجر مكى، يقال له ابن عرفة، فى غيبة أخيه بحلى، والتأم عليه طائفة من بنى حسن، وفرق عليهم ما نهبه، وقدر أنه هلك بإثر ذلك، فلم يجدوا شيئا يغيظوا به عجلان، إلا بتوليتهم لولده أحمد بن عجلان عليه. وقالوا له: سله يزيدك ربعا آخر فتستويان، وعرف بذلك عجلان، فأعطى ولده ربعا آخر من حاصل البلاد، لعلمه أنه يغرم ذلك وأكثر منه لبنى حسن، ثم يصلحون بينهم على ذلك، واستمرا على ولاية مكة، وعلى أن يكون لكل منهما نصف الحاصل، إلى سنة أربع وسبعين وسبعمائة، أو قبلها بقليل، ثم بدا لعجلان فى ترك الإمرة كلها لابنه أحمد على مال جزيل من النقد، يسلمه إليه ابنه أحمد، وعلى أن يشترى منه جانبا من خيله بمال جزيل شرطه، وكان من سبب ذلك فيما قيل: أن عجلان حين رأى علوّ قدر ابنه أحمد، ومحبة الناس له، أمر لابنه محمد بخيل ودروع بنخلة ليضاهى أخاه أحمد، فلم ينهض محمد لما أريد منه، ونمى هذا الخبر إلى أحمد بن عجلان، فعاتب أباه على ذلك، واعتذر له، وقال: سأترك لك البلاد. فوقع الاتفاق بينهما على أن يعطيه من النقد ما شرطه عجلان، وأن يكون له فى كل سنة الخبز الذى قرّر لعجلان بديار مصر، على إسقاط المكس عمن يصل إلى مكة من المأكولات، وعما يصل من الأموال مع حجاج الديار المصرية والشامية برا وبحرا، وهو مائة ألف درهم وستون ألف درهم، وألف أردب قمح، وأن لا يسقط اسم عجلان من الدعاء فى الخطبة وغيرها، مدة حياته. فالتزم بذلك أحمد بن عجلان، ثم إن عجلان ندم على ذلك وألح على ابنه أحمد، فى تحصيل المال النقد الذى شرطه عليه، استعجازا منه له عن تحصيله، ليكون ذلك سببا إلى أن يرجع الأمر له كما كان من غير نكث منه، فقيّض لأحمد بن عجلان من أعانه على إحضار المال المشروط، فأحضره إلى أبيه. فلم يجد أبوه من قبوله بدّا، وامتعض من ذلك، ووفّى أحمد لأبيه بما التزم له من اختصاص أبيه بمعلوم مصر، والدعاء له فى الخطبة، حتى مات أبوه عجلان فى ليلة الاثنين الحادى عشر من جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وبنى عليه فيها قبة، وقد بلغ السبعين أو قاربها.

وكان ذا عقل ودهاء ومعرفة تامة بالأمور وسياسة حسنة، وفيه محبة لأهل السنة ونصرة لأهلها، وربما ذكر أنه شافعى المذهب، وحين حضره الموت، أوصى قاضى مكة أبا الفضل النويرى، يتولى غسله والصلاة عليه مع فقهاء السنة. وبلغنى أن معاوية بن أبى سفيان رضى الله عنهما، ذكر عنده لينظروا رأيه فيه، فقال عجلان: معاوية شيخ من كبار قريش، لاح له الملك فلقفه. هذا معنى ما بلغنى عنه فى حق معاوية رضى الله عنه. وكان ـ على ما بلغنى ـ يقوم الليل، ويطوف كثيرا فى آخر عمره، فلا جرم أنه رأى سعاة عظيمة، وتهيأت له أمور حصل له بها فخر عظيم. فمن ذلك: أن فى سنة ثلاث وستين وسبعمائة، ملك البلاد المعروفة بحلى ابن يعقوب، كما سبق ذكره، وعظم شان عجلان بهذه الواقعة، ومدحه الناس بسببها. وما علمت ان أحدا قبله من الأشراف ولاة مكة، استولى على حلى، غير أبى الفتوح الحسن بن جعفر المتقدم ذكره، ولم يتفق ذلك لأحد بعد عجلان، إلا لولده السيد الشريف حسن بن عجلان. وكان توجه إليها فى صفر سنة أربع وثمانمائة، بعد موت صاحبها دريب بن أحمد بن أحمد بن عيسى مقتولا، فى حرب كان بينه وبين كنانة، فى يوم عرفة سنة ثلاث وثمانمائة، وهرب منه الأمير موسى بن أحمد أخو دريب، ورتب فيها الشريف حسن بن أحمد بن دريب وأخواله من بنى كنانة. وعاد إلى مكة فى جمادى الأولى من سنة أربع وثمانمائة. ومن ذلك: ما اتفق فى أيامه، من إسقاط المكس كما ذكرنا. وذلك فى سنة ست وستين. ومن ذلك: تقدم أولاده فى النّجابة فى حياته وبعد موته. وقد ذكرنا فى هذا الكتاب شيئا من تراجمهم. ومنها: اتساع الدنيا لديه. فقد يبلغنى أنه ملك من السقاية بوادى مر ونخلة، مائتى وجبة ماء. وله من العمارات بمكة الموضع المعروف بالعلقمية عند المروة، ومدرسة أنشأها بالجانب اليمانى من المسجد الحرام، مطلة عليه، مقابلة لمدرسة الملك المجاهد، وحصن بجياد، بلحف جبل أبى قبيس، وحصن مليح، بأرض حسان، وأصائل حسنة بها وبغيرها من وادى مر ونخلة.

1982 ـ عجير بن عبد بن يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصى ابن كلاب القرشى المطلبى

وكان يغالى فى شراء ذلك وينصف فى الثمن، وملك من العبيد والخيل والدروع شيئا كثيرا. ومن أفعاله المحمودة: سبيل للماء بالمروة من العلقمية، وصدقة على الزوار للنبىصلى الله عليه وسلم فى طريق الماشى. وهذه الصدقة جزء من المال المعروف بمال ابن حسان صاحب خليص، بواسط هدة بنى جابر، بما لذلك من السقية، ونفعها مستمر إلى الآن. أجزل الله ثوابه. ولشيخنا بالإجازة، يحيى بن يوسف المعروف بالنّشو، الشاعر المكى فيه مدائح كثيرة. منها للنشو فيما أنبأنا به من قصيدة، أولها [من الكامل] (1): لولا الغرام ووجده ونحوله ... ما كنت ترحمه وأنت عذوله إن كنت تنكره فسل عن حاله ... فالحب داء لا يفيق عليله يا من يلوم على الهوى أهل الهوى ... دع لومهم فالصبر مات جميله ومنها: دع عنك من لا خير فيه من الورى ... لا تمتدحه ففى الأنام بديله وامدح مليك العصر وابن مليكه ... من شاع ما بين الملا تفضيله عجلان نجل رميثة بن محمّد ... أمن الحوادث والخطوب نزيله ملك إذا قابلت غرّة وجهه ... فلك الغنى والفقر عنك يزيله ورث المكارم كابرا عن كابر ... فنواله للعالمين ينيله من آل أحمد واحد فى عصره ... فهو الشريف ابن الشريف سليله ماذا يقول المدح فيه وما عسى ... إذ كان يخدم جدّه جبريله أمّا الملوك فكلهم من دونه ... كالبدر فى أفق السّماء حلوله سلطان مكة والمشاعر والصفا ... من لا يخاف من الزمان نزيله لو حاول النجّم العظيم لناله ... تنبيك عنه رماحه ونصوله سكنت محبته القلوب جميعها ... لمّا تقارن سعده وقبوله 1982 ـ عجير بن عبد بن يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصى ابن كلاب القرشى المطلبى: أخو ركانة بن عبد يزيد. ذكر الزبير، أن أمه وأم إخوته: ركانة وعمير وعبيد بنى

_ (1) انظر القصيدة فى سمط النجوم العوالى 4/ 446. 1982 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2046، الإصابة ترجمة 5480، أسد الغابة ترجمة 3600).

1983 ـ عجير بن يزيد بن عبد العزى

عبد يزيد بن هاشم: العجلة بنت العجلان بن التباع بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة. وذكر الزبير أيضا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أطعم عجيرا ثلاثين وسقا بخيبر. وقال ابن عبد البر: كان ممن بعثه عمر رضى الله عنه فيمن أقام أعلام الحرم. وكان من مشايخ قريش وجلتّهم. وذكره الذهبى بمعنى ذلك، وقال: كان من مشايخ بنى عبد مناف. سمع على علىّ ابن أبى طالب رضى الله عنه. وذكر المزى. أن له ولأخيه ركانة صحبة. وقال: روى له أبو داود حديثا واحدا عن على رضى الله عنه، فى قصة ابنة حمزة رضى الله عنهما. وقال: روى عنه ابنه نافع بن عجير. 1983 ـ عجير بن يزيد بن عبد العزى: ذكره هكذا الذهبى. وقال: سكن مكة، يقال له صحبة. أورده البخارى. وذكره يحيى، وقال: عجير بن يزيد بن عبد العزى، سكن الرملة. وذكره فى الصحابة. انتهى. * * * من اسمه عدى 1984 ـ عدى بن أبى البركات بن صخر الشامى: هكذا نسب فى حجر قبره بالمعلاة، وترجم «بالإمام العالم العابد الورع، شرف الدين جلال الإسلام قدوة المشايخ» وفيه أنه: «توفى يوم الثلاثاء السابع من ذى الحجة، سنة خمس وعشرين وستمائة، وما علمت من حاله سوى هذا». 1985 ـ عدى بن الخيار بن عدى بن نوفل بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى النوفلى: ذكره الذهبى وقال: من مسلمة الفتح، ذكره ابن سعد، وهو والد عبيد الله بن عدى ابن الخيار واخوته.

_ 1983 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 465، التجريد 1/ 404، أسد الغابة 3/ 389). 1985 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 5/ 472، التجريد 1/ 406، أسد الغابة 2/ 469).

1986 ـ عدى بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف

1986 ـ عدى بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف: أخو أبى العاص بن الربيع. ذكره الذهبى، واقتصر على اسمه واسم أبيه. وقال: أخو أبى العاص، الذى أخرج زينب ابنة النبى صلى الله عليه وسلم، لم يصح أنه أسلم، وعلّم عليه علامة النظر. 1987 ـ عدى بن ربيعة: ذكره هكذا ابن عبد البر، وقال: أدرك النبى صلى الله عليه وسلم. وذكروه ممن أدرك النبى صلى الله عليه وسلم، من مسلمة الفتح، وأظنه عدى بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف، ابن عم أبى العاص بن الربيع. 1988 ـ عدى بن قيس السهمى: ذكره هكذا الذهبى، وقال: من المؤلفة قلوبهم فيما قيل، وليس بمعروف. وذكره الكاشغرى، وقال: من المؤلفة قلوبهم. 1989 ـ عدى بن نضلة ـ وقيل ابن نضيلة ـ بن عبد العزى بن حرثان بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدى بن كعب القرشى العدوى: هاجر إلى الحبشة ومعه ابنه النعمان بن عدى، فمات بها عدى، وهو أول موروث فى الإسلام، ورثه ابنه النعمان بن عدى، وهاجر به معه. والقول بأن اسم أبيه نضلة، قاله ابن إسحاق والواقدى. والقول بأن اسم أبيه نضيلة بالتصغير، قاله هشام بن محمد. 1990 ـ عدى بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب القرشى الأسدى: أخو ورقة بن نوفل. قال ابن عبد البر: أسلم عدى بن نوفل عام الفتح. انتهى. قال الزبير: وكان عدى بن نوفل واليا لعمر أو عثمان على حضرموت، وكانت تحته

_ 1986 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 473، التجريد 1/ 406). 1987 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5496، الاستيعاب ترجمة 1801، أسد الغابة 3/ 394). 1988 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5504، الاستيعاب ترجمة 1806، أسد الغابة 3622). 1989 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5507، الاستيعاب ترجمة 1808، أسد الغابة ترجمة 3624). 1990 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5508، الاستيعاب ترجمة 1809، أسد الغابة ترجمة 3625).

1991 ـ عرس بن عامر بن ربيعة بن هوذة العامرى

أم عبد الله بنت أبى البخترىّ بن هشام بن الحارث بن أسد بن عبد العزى، وكان يكتب إليها تشخص إليه، فلا تفعل، فكتب إليها (1): إذا ما أمّ عبد الل ... هـ لم تحلل بواديه ولم تمس قريبا هيّ ... ج الحزن دواعيه (2) فقال لها أخوها الأسود بن أبى البخترى ـ وهى لعاتكة بنت أمية بن الحارث بن أسد بن عبد العزى ـ قد بلغ هذا الأمر (3) من ابن عمك؟ اشخصى إليه. قال الزبير: ودار عدى بن نوفل بالبلاط، بين المسجد والسوق، وهى التى يعنى إسماعيل بن يسار النّسائى حيث يقول [من الخفيف: إن ممشاك نحو دار عدىّ ... كان للقلب شقوة وفتونا إذ تراءت على البلاط فلما ... واجهتنا كالشمس تعشى العيونا قال هارون: قف فيا ليت أنى ... كنت طاوعت ساعة هارونا وقد رواها ناس لابن أبى ربيعة. قال الزبير: وأمه أمية بنت جابر بن سفيان، أخت تأبّط شرّا الفهمى. انتهى. 1991 ـ عرس بن عامر بن ربيعة بن هوذة العامرى: ذكره هكذا الذهبى، وقال: وله ولأخيه عمرو وفادة. وذكره الكاشغرى بنحو ذلك. * * * من اسمه عروة 1992 ـ عروة بن أبى أثاثة ـ ويقال ابن أبى أثاثة ـ بن عبد العزى بن حرثان ابن عوف بن عبيد بن عويج بن عدى بن كعب القرشى العدوى: هكذا نسبه ابن عبد البر. وقال: ويقال فيه عمرو بن أبى أثاثة. كان من مهاجرة الحبشة، لا أعلم له رواية.

_ (1) الأبيات فى نسب قريش 6/ 209، الأغانى 14/ 72 وفى نسب قريش الأبيات لعدى ابن نوفل، وقيل أنه للنعمان بن بشير الأنصارى. (2) فى الأغانى: «ولم تشف سقيما هيج». وفى الإصابة 2/ 471: «هيج الشوق دواعيه». (3) فى الأصول: «بلغ الأمر هذا» والتصحيح من نسب قريش. 1991 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 484، التجريد 1/ 408). 1992 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5532، الاستيعاب ترجمة 1819، أسد الغابة ترجمة 3644).

1993 ـ عروة بن عامر القرشى، ويقال الجهنى المكى

وكان قديم الإسلام بمكة، ولم يذكره ابن إسحاق فيمن هاجر إلى الحبشة. وذكره موسى بن عقبة، وأبو معشر، والواقدى. وهو أخو عمرو بن العاص لأمه. انتهى. وذكر ابن قدامة الخلاف فى اسمه، ولم يذكر الخلاف فى اسم أبيه، ولم يذكر خلافا فى اسمه، وسماه عروة. وذكر الثلاثة هجرته إلى الحبشة، وزاد الذهبى: أنه أخو عمرو ابن العاص لأمه. 1993 ـ عروة بن عامر القرشى، ويقال الجهنى المكى: أخو عبد الله وعبد الرحمن. عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلا فى الطّيرة. وروى عن عبيد بن رفاعة. روى عنه عمرو بن دينار، وحبيب بن أبى ثابت، والقاسم بن أبى بزّة، وجماعة. روى له أصحاب السنن الأربعة، وذكره ابن حبّان فى الثقات. 1994 ـ عروة بن عبد الله بن الزبير بن العوام القرشى الأسدى: توفى بمكة مقتولا فى واقعة أبيه مع الحجاج بن يوسف. 1995 ـ عروة بن عبد العزى بن حرثان: من مهاجرة الحبشة، ذكره هكذا الذهبى فى التجريد. 1996 ـ عروة بن عياض بن عدى بن الخيار بن نوفل بن عبد مناف بن قصى القرشى النوفلى المكى: أمير مكة، روى عن: عائشة، وأبى سعيد الخدرى، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وجابر. روى عنه: عمرو بن دينار، وابن أبى مليكة، وابن جريج ـ وقيل لم يسمع منه ـ وسعيد بن حسّان، وجماعة. روى له البخارى فى الأدب، ومسلم (1)، والنّسائى (2)

_ 1993 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 490، أسد الغابة 3/ 403، تهذيب التهذيب 7/ 185). 1994 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 395). 1995 ـ انظر ترجمته فى: (انظر الإصابة 4/ 191، التجريد 1/ 409، أسد الغابة 3/ 404). 1996 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 7/ 186). (1) فى صحيحه، كتاب النكاح، حديث رقم (2607) من طريق: سعيد بن عمرو الأشعثى حدثنا سفيان بن عيينة عن سعيد بن حسان عن عروة بن عياض عن جابر بن عبد الله قال: سأل رجل النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن عندى جارية لى وأنا أعزل عنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن ـ

1997 ـ عروة بن محمد بن عطية بن عروة بن القين بن عامر بن عميرة بن ملان السعدى، من بنى سعد بن بكر

ووثّقه، وأبو زرعة. قال صاحب الكمال: كان واليا لعمر بن عبد العزيز على مكة. انتهى. ولم أدر متى كانت ولايته على مكة، لأن صاحب الكمال لم يبيّنها كما ترى، وكلام ابن جرير يدل على أنه لم يتولها لعمر بن عبد العزيز، لأنه ذكر أن عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد، كان عامل عمر بن عبد العزيز على مكة، فى سنة تسع وتسعين. وقال فى أخبار سنة مائة: وكان عمال الأمصار فى هذه السنة، العمال فى التى قبلها. فدل هذا على أن عبد العزيز كان على مكة فى سنة مائة. وذكر أنه كان على مكة سنة إحدى ومائة، وفيها مات عمر بن عبد العزيز، فمتى ولى عروة بن عياض؟ . والله أعلم بالصواب. ولعله وليها لعمر أيام نيابة عمر بن عبد العزيز على مكة، للوليد بن عبد الملك، لغيبة عمر بالمدينة، وهذا لا مانع منه، والله أعلم. 1997 ـ عروة بن محمد بن عطية بن عروة بن القين بن عامر بن عميرة بن ملّان السعدى، من بنى سعد بن بكر: أمير مكة، هكذا نسبه صاحب الجمهرة وقال: ولجده عروة صحبة، ولى اليمن ومكة، وابنه الوليد بن عروة، آخر من حجّ بالناس لبنى أمية. انتهى. والذى ولى مكة واليمن، هو عروة بن محمد هذا، لا جده الذى له صحبة، يدل على ذلك كلام أبى حاتم بن حبّان، فإنه ذكره فى الطبقة الثانية من الثقات، فقال: عروة بن محمد بن عطية بن عروة، من بنى سعد بن بكر، يروى عن أبيه، عن جده.

_ ـ ذلك لن يمنع شيئا أراده الله. قال: فجاء الرجل فقال: يا رسول الله إن الجارية التى كنت ذكرتها لك حملت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا عبد الله ورسوله. وحدثنا حجاج بن الشاعر حدثنا أبو أحمد الزبيرى حدثنا سعيد بن حسان قاص أهل مكة أخبرنى عروة بن عياض بن عدى بن الخيار النوفلى عن جابر بن عبد الله قال: جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم بمعنى حديث سفيان. (2) فى الكبرى، حديث رقم (9026) من طريق: قتيبة بن سعيد، قال: نا سفيان، عن سعيد بن حسان المخزومى، عن عروة بن عياض، عن جابر بن عبد الله، قال: جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن لى جارية، وأنا أعزل عنها؟ فقال: أما إن ذاك لا يمنع شيئا أراد الله، ثم أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: أشعرت أن تلك الجارية فقد حملت! فقال: أنا عبد الله ورسوله. 1997 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 7/ 187).

1998 ـ عروة بن مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف، أبو مسعود، وقيل أبو يعفور، بالفاء والراء المهملة

روى عنه إبراهيم بن خالد الصنعانى، كان يخطئ، وكان من خيار الناس، ولى اليمن عشرين سنة، ثم خرج حين خرج منها، ومعه سيف ومصحف فقط. انتهى. وقد روى له أبو داود حديثا واحدا (1). 1998 ـ عروة بن مسعود بن معتّب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف، أبو مسعود، وقيل أبو يعفور، بالفاء والراء المهملة: شهد صلح الحديبية. قال ابن إسحاق: إنه لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف، اتبع أثره عروة بن مسعود بن معتب، حتى أدركه قبل أن يصل إلى المدينة، فأسلم. وسأل رسول اللهصلى الله عليه وسلم أن يرجع إلى قومه بالإسلام، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن فعلت فإنهم قاتلوك. فقال عروة: يا رسول الله، أنا أحب إليهم من أبصارهم، وكان فيهم محببا مطاعا، فخرج يدعو قومه إلى الإسلام، وأظهر دينه رجاء ألا يخالفوه لمنزلته فيهم، فلما أشرف على غلمة له ـ وقد دعاهم إلى دينه ـ رموه بالنبل من كل وجه، فأصابه سهم فقتله. وقيل لعروة: ما ترى فى دمك؟ فقال: كرامة أكرمنى الله بها، وشهادة ساقها الله إلىّ، فليس فىّ إلا ما فى الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل أن يرتحلوا عنكم. فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مثله فى قومه مثل صاحب يس فى قومه. وقال فيه عمر بن الخطاب رضى الله عنه شعرا يرثيه، وقال قتادة فى قول الله عزوجل: (لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) [الزخرف: 31]. قالها الوليد بن المغيرة، قال: ولو كان ما يقول محمد حقا، أنزل علىّ القرآن، أو علىّ عروة بن مسعود الثقفى. قال: والقريتان مكة والطائف. وقال مجاهد: هو عتبة بن ربيعة من مكة، وابن عبد ياليل الثقفى من الطائف، والأكثر قول قتادة. والله أعلم. وكان عروة بن مسعود الثقفى، يشبه المسيح عيسى بن مريم عليه السلام فى صورته.

_ (1) فى سننه، كتاب الأدب، حديث رقم (4152) من طريق: بكر بن خلف والحسن بن على المعنى قالا: حدثنا إبراهيم بن خالد حدثنا أبو وائل القاص قال: دخلنا على عروة بن محمد السعدى فكلمه رجل فأغضبه فقام فتوضأ ثم رجع وقد توضأ. فقال: حدثنى أبى عن جدى عطية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ. 1998 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5542، الاستيعاب ترجمة 1823، أسد الغابة 3/ 405، رغبة الآمل 5/ 30، الأعلام 4/ 227).

1999 ـ عطاء الشيبى القرشى العبد رى

وساق ابن عبد البر حديثا فى ذلك، من رواية جابر رضى الله عنه، عن النبىصلى الله عليه وسلم، والحديث فى صحيح مسلم. وأمه سبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف. 1999 ـ عطاء الشيبى القرشى العبد رى: من بنى شيبة. ذكره هكذا ابن عبد البر، وقال: روى عنه فطر بن خليفة. فى صحبته نظر. 2000 ـ[عطاء بن إبراهيم، وقيل: إبراهيم بن عطاء الثقفى] (1): قال عطاء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى النعال. وحديثه عند أبى عاصم النبيل، عن عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن يحيى بن إبراهيم بن عطاء، عن أبيه، عن جده، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قابلوا النّعال». قال ابن عبد البر: يقال فى تفسيره: اجعلوا للنّعل قبالين. ولا أدرى أهو الذى قبله أم لا؟ . 2001 ـ عطاء بن أبى رباح، واسمه أسلم، القرشى الجمحى، وقيل الفهرى، مولاهم، أبو محمد المكى: أحد الأعلام. روى عن عتّاب بن أسيد، وعثمان بن عفان مرسلا، وسمع من أبى هريرة، وأبى سعيد الخدرى، ومعاوية بن أبى سفيان، والعبادلة الأربعة: ابن عمرو، وابن عباس، وابن الزبير، وابن عمر، وغيرهم، رضى الله عنهم. روى عنه الزهرى، وعمرو بن دينار، وأيوب السّختيانى، وابن جريج، وأبو حنيفة،

_ 1999 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5580، الاستيعاب ترجمة 2054، أسد الغابة 3/ 10). 2000 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2055، الإصابة ترجمة 5581). (1) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصول، وجاءت هذه الترجمة مندمجة مع التى قبلها. 2001 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 467، طبقات خليفة 280، تاريخ البخارى 6/ 463، التاريخ الصغير 1/ 277، تاريخ الفسوى 1/ 701، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 333، الجرح والتعديل 6/ 330، طبقات الشيرازى 69، وفيات الأعيان 3/ 261، تهذيب الكمال 938، تذهيب التهذيب 3/ 41، تاريخ الإسلام 4/ 278، ميزان الاعتدال 3/ 70، العبر 1/ 141، نكت الهميان 199، البداية 9/ 306، طبقات القراء 1/ 513، تهذيب التهذيب 7/ 199، النجوم الزاهرة 1/ 273، طبقات الحفاظ 309، خلاصة تذهيب الكمال 266، شذرات الذهب 1/ 147، سير أعلام النبلاء 5/ 78).

والليث بن سعد، حديثا واحدا، وخلق. روى له الجماعة. ووثّقه ابن معين، وأبو زرعة. وقال يحيى القطان: مرسلات مجاهد، أحبّ إلىّ من مرسلات عطاء بكثير، كان عطاء يأخذ عن كل ضرب. وقال بشر بن السّرى، عن عمر بن سعيد بن أبى حسين، عن أمه، أنها رأت النبىصلى الله عليه وسلم فى النوم، فقال لها: سيد المرسلين، عطاء بن أبى رباح. وقال أبو حنيفة: ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء بن أبى رباح. وقال ابن جريج: كان المسجد فراش عطاء عشرين سنة. وقال غيره: كان لا يفتر عن ذكر الله تعالى. وقال ربيعة الرأى: فاق عطاء أهل مكة فى الفتوى. وقال ابن سعد: نشأ بمكة، وهو مولى لبنى فهر أو لجمح، وانتهت فتوى أهل مكة إليه وإلى مجاهد، وأكثر ذلك إلى عطاء. وسمعت بعضهم يقول: كان أسود أفطس أعور أشلّ أعرج، ثم عمى بعد ذلك، وكان ثقة فقيها عالما كثير الحديث. ومناقب عطاء كثيرة. وقد اختلف فى وفاته، فقال حمّاد بن سلمة: قدمت مكة سنة مات عطاء، سنة أربع عشرة ومائة، وكذلك قال الهيثم بن عدى، وأبو المليح، وجزم بن ابن حبان، والذهبى فى العبر، وزاد: فى رمضان، وقال: على الأصح. وقيل سنة خمس عشرة بمكة، قاله المدينى، وذكر أنه من مولّدى الجند، وأن أباه قدم مكة وهو غلام. وقال بوفاته فى سنة خمس عشرة، ابن جريج، وأبو نعيم، وابن أبى شيبة، وعمرو بن على الفلّاس، وقال: وهو ابن ثمان وثمانين سنة. وقيل سنة تسع عشرة، حكاه صاحب الكمال عن خليفة بن خياط. واختلف فى مولده، فقال ابن حبان: فى سنة سبع وعشرين. وروى عمرو بن قيس، عن عطاء قال: أعقل مقتل عثمان رضى الله عنه، وولدت لعامين خلوا من خلافة عثمان رضى الله عنه. وهذا يدل على أن مولده سنة ست وعشرين، لأن عثمان بويع بالخلافة فى محرم سنة أربع وعشرين. وقال العلاء بن عمرو، عن عبد القدّوس، عن حجاج، قال عطاء: وددت أنى أحسن العربية، قال: وهو يومئذ ابن تسعين سنة.

وهذا يلزم منه أن يكون مولده فى سنة أربع وعشرين، أو فى سنة خمس وعشرين. وقال ابن أبى ليلى: حجّ عطاء سبعين حجة، وعاش مائة سنة. وقال النووى فى ترجمته فى التهذيب: ومن غرائبه ما حكاه ابن المنذر وغيره عنه أنه قال: إذا كان العيد يوم الجمعة، وجبت صلاة العيد، ولا يجب بعدها لا جمعة ولا ظهر، ولا صلاة بعد العيد إلى العصر. انتهى. ومن غرائبه أيضا ما قيل: إنه كان يرى إباحة وطء الجوارى بإذن أربابهن، نقل عنه ذلك ابن خلكان فى تاريخه، لأنه قال: وحكى أبو الفتوح العجلىّ فى كتاب شرح «مشكلات الوسيط والوجيز» فى الباب الثالث من «كتاب الرهن» ما مثاله: وحكى عن عطاء، أنه كان يبعث بجواريه إلى ضيفانه، والذى أعتقده أنا أن هذا بعيد، ولو رأى الحل، لكانت المروءة والغيرة تأبى ذلك، فكيف يظن هذا بمثل ذلك السيد الإمام، ولم أذكره إلا لغرابته. انتهى كلام ابن خلكان. وعطاء بن أبى رباح، هو الذى رماه الشاعر بقوله (1): سل المفتى المكىّ هل فى تزوار ... وضمّة مشتاق الفؤاد جناح فقال معاذ الله أن يذهب التّقى ... تلاصق أكباد بهن جراح كذا قيل فى هذا الخبر، وقيل إن عطاء أنكر ذلك لما بلغه، والله أعلم. وذكر ابن الأثير مجد الدين ـ فى كتابه ـ لعطاء بن أبى رباح ترجمة مليحة تشتمل على أشياء مما ذكرنا وغير ذلك، ونص ما ذكره: عطاء بن أبى رباح، أبو محمد، واسم أبى رباح: أسلم، وكان من مولدى الجند، وهو مولى لآل أبى ميسرة الفهرى، من تابعى مكة وعلمائها وزهادها، سمع جابرا، وابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير، رضى الله عنهم، وخلقا كثيرا من الصحابة. روى عنه عمرو بن دينار، والزهرى، وقتادة، ومالك ابن دينار، والأعمش، والأوزاعى، وخلق كثير. وإليه وإلى مجاهد، انتهت فتوى مكة فى زمانهما، وأكثر ذلك إلى عطاء. وقال ابن جريج: كان عطاء بعد ما كبر وضعف، يقوم إلى الصلاة فيقرأ مائتى آية من سورة البقرة، وهو قائم لا يزول منه شيء ولا يتحرك. وقال ابن عيينة: قلت لابن جريج: ما رأيت مصليا مثلك، فقال: فكيف لو رأيت عطاء.

_ (1) البيتان فى طبقات الشافعية 1/ 303.

وقال سفيان: قدم ابن عمر مكة فسألوه، فقال: أتجمعون لى يا أهل مكة المسائل، وفيكم ابن أبى رباح! . وقال أبو حنيفة: ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء. وقال ابن أبى ليلى: حج عطاء سبعين حجّة، وعاش مائة سنة. وقال ابن جريج: كان المسجد فراش عطاء عشرين سنة، أو نحوا عن عشرين سنة. وقال الزهرى: قدمت على عبد الملك بن مروان، فقال: من أين قدمت يا زهرىّ؟ قلت: من مكة. قال: فمن خلّفت يسودها فى أهلها؟ . قلت: عطاء بن أبى رباح. قال: فمن العرب أم من الموالى؟ . قلت: من الموالى. قال: فبم سادهم؟ قلت: بالديانة والرواية. قال: إن أهل الديانة والرواية لينبغى أن يسودوا. وقال عبد الرحمن بن سابط: والله ما أرى إيمان أهل الأرض، يعدل إيمان أبى بكر، ولا أرى إيمان أهل مكة، يعدل إيمان عطاء. وقال أحمد بن حنبل: العلم خزائن يقسمه الله تعالى لمن أحب، لو كان يخصّ بالعلم أحدا، لكان بيت النبى صلى الله عليه وسلم أولى. كان عطاء بن أبى رباح حبشيّا. وقال سلمة بن كهيل: ما رأيت أحدا يريد بالعلم وجه الله تعالى، غير هؤلاء الثلاثة: عطاء، وطاوس، ومجاهد. وقال إبراهيم الحربى: كان عطاء عبدا أسود لامرأة من أهل مكة، وكان أنفه كأنه باقلّاة. قال: وجاء سليمان بن عبد الملك أمير المؤمنين، إلى عطاء هو وابناه، فجلسوا إليه وهو يصلى، فلما صلى، انفتل إليهم، فما زالوا يسألونه عن مناسك الحج، وقد حول قفاه إليهم، ثم قال سليمان لابنيه: قوما. وقال: يا بنىّ لا تنيا فى طلب العلم، فإنى لا أنسى ذلّنا بين يدى هذا العبد الأسود. وقال عمرو بن دينار: ما رأيت مثل عطاء قط، وما رأيت على عطاء قميصا، ولا رأيت عليه ثوبا يساوى خمسة دراهم. وقال إسماعيل بن أمية: كان عطاء يطيل الصمت، فإذا تكلم يخيّل إلينا أنه يؤيد. وقال الأوزاعى: ما رأيت أحدا أخشع لله من عطاء، ولا أطول حزنا من يحيى بن أبى كثير.

وقال معاذ بن سعيد: كنا عند عطاء، فتحدث رجل بحديث، فاعترض له آخر فى حديثه، فقال عطاء: سبحان الله، ما هذه الأخلاق، ما هذه الأخلاق، إنى لأسمع الحديث من الرجل، وأنا أعلم به منه، فأريه أنى لا أحسن منه شيئا. وقال ابن جريج عن عطاء: إن الرجل ليحدثنى بالحديث فأنصت له، كأنى لم أسمعه قط، وقد سمعته قبل أن يولد. وقال يعلى بن عبيد: دخلنا على محمد بن سوقة، فقال: أحدثكم بحديث لعله ينفعكم؟ فإنه قد نفعنى، ثم قال: قال عطاء بن أبى رباح: يابن أخى، إن من كان قبلكم، كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا يعدون فضوله، ما عدا كتاب الله عزوجل، أن تقرأه أو تأمر بمعروف، أو تنهى عن منكر، أو تنطق بحاجتك فى معيشتك التى لابد لك منها، أتنكرون؟ . (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ) [الانفطار: 10، 11] (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق: 17، 18] أما يستحيى أحدكم لو نشرت عليه صحيفته، التى أملى صدر نهاره، وكان أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه؟ . وقال الأوزاعى: مات عطاء وهو أرضى أهل الأرض. وقال ابن جريج: رأيت عطاء يطوف بالبيت، فقال لقائده: امسك، احفظوا عنى خمسا: القدر خيره وشره، حلوه مره، من الله تعالى، ليس للعبد فيه مشيئة ولا تفويض، وأهل قبلتنا مؤمنون، حرام دماؤهم وأموالهم إلا بحقها، وقتال الفئة الباغية بالأيدى والسلاح، والشهادة على الخوارج بالضّلالة. وقال عطاء: النظر إلى العابد عبادة. وقال: إن استطعت أن تخلو بنفسك عشيّة عرفة فافعل. وقال أبو حنيفة: لقيت عطاء بمكة، فسألته عن شئ، فقال: من أين أنت؟ . قلت: من أهل الكوفة، قال: من أهل القرية الذين فارقوا دينهم وكانوا شيعا؟ . قلت: نعم. قال: من أى الأصناف أنت؟ قلت: ممن لا يسب السلف، ويؤمن بالقدر، ولا يكفر أحدا بذنب. فقال لى عطاء: عرفت فالزم. وقال عثمان بن الأسود: قلت لعطاء: الرجل يمرّ بالقوم، فيقذفه بعضهم، أنخبره؟ قال: لا، المجالس بالأمانة. وقال عطاء الخراسانى: انطلقت مع أبى وهو يريد هشام بن عبد الملك، فلما قربنا،

2002 ـ عطاف بن حسان بن أبى نمى الحسنى المكى

إذا شيخ أسود على حمار، عليه قميص دنس، وجبّة دنسة، وقلنسوة لا طئة دنسة، وركاباه من خشب، فضحكت وقلت لأبى: من هذا الأعرابى؟ قال: اسكت، هذا سيد فقهاء أهل الحجاز، هذا عطاء بن أبى رباح. فلما قرب، نزل أبى عن بغلته، ونزل هو عن حماره، فاعتنقا وتسالما، ثم عادا فركبا فانطلقا، حتى وقفا بباب هشام، فلما رجع أبى سألته فقلت: ما كان منكما؟ . قال: لما قيل لهشام: عطاء بن أبى رباح، أذن له، فو الله ما دخلت إلا بسببه، فلما رآه هشام قال: مرحبا مرحبا، هاهنا هاهنا، فرفع حتى مسّت ركبته ركبته، وعنده أشراف الناس يتحدثون، فسكتوا، فقال هشام: ما حاجتك يا أبا محمد؟ قال: يا أمير المؤمنين، أهل الحرمين أهل الله، وجيران رسول الله صلى الله عليه وسلم، تقسم فيهم عطياتهم وأرزاقهم، قال: نعم. يا غلام، اكتب لأهل المدينة وأهل مكة بعطاءين وأرزاقهم لسنة، ثم قال: أمن حاجة غيرها يا أبا محمد؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، أهل الحجاز وأهل نجد، أصل العرب وقادة الإسلام، رد فيهم فضول صدقاتهم، قال: نعم. اكتب يا غلام، بأن تردّ فيهم صدقاتهم. هل من حاجة غيرها يا أبا محمد؟ . قال: نعم يا أمير المؤمنين أهل الثغور يرمون من وراء بيضتكم، ويقاتلون عدوكم، قد أجريتم لهم أرزاقا تدرّها عليهم، فإنهم إن هلكوا غزيتم، قال: نعم. اكتب يا غلام، تحمل أرزاقهم إليهم. هل من حاجة غيرها يا أبا محمد؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، أهل ذمتكم لا تجبى صغارهم، ولا تتعتع كبارهم، ولا يكلّفون ما لا يطيقون، فإن ما تجبونه معونة لكم على عدوكم. قال: نعم. اكتب يا غلام، بأن لا يحمّلوا ما لا يطيقون. هل من حاجة غيرها؟ . قال: نعم. يا أمير المؤمنين، اتق الله فى نفسك، فإنك خلقت وحدك، وتحشر وحدك، وتحاسب وحدك، ولا والله ما معك ممن ترى أحد. قال: فأكب هشام، وقال عطاء، فلما كنا عند الباب، إذا رجل قد تبعه بكيس، ما أدرى ما فيه، أدراهم أم دنانير، قال: إن أمير المؤمنين أمر لك بهذه. قال: قل لا أسألكم عليه أجرا إن أجرى إلّا على الله ربّ العالمين. ثم خرج عطاء، ولا والله ما شرب عنده حسوة من ماء فما فوقها. ومات عطاء بمكة سنة خمس عشرة ومائة. وقيل سنة أربع عشرة، وهو ابن ثمان وثمانين سنة، رحمة الله عليه ورضوانه. 2002 ـ عطّاف بن حسان بن أبى نمىّ الحسنى المكى: [ .............. ] (1).

_ 2002 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2003 ـ عطاف بن خالد بن عبد الله بن عثمان بن العاصى بن وابصة بن خالد بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشى المخزومى المكى المدنى، يكنى أبا صفوان

2003 ـ عطّاف بن خالد بن عبد الله بن عثمان بن العاصى بن وابصة بن خالد بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشى المخزومى المكى المدنى، يكنى أبا صفوان: روى عن: أبيه، وأمه، وأخيه عبد الله، ونافع مولى ابن عمر، وزيد بن أسلم، وأبى حازم بن دينار، وغيرهم. روى عنه: آدم بن أبى إياس، ومعبد بن أبى مريم، وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبى، وقتيبة بن سعيد، والوليد بن مسلم، وغيرهم. روى له البخارى فى الأدب المفرد، وأبو داود فى القدر، والترمذى (1)، والنسائى (2). قال يحيى بن معين: ثقة. وفى رواية: صالح. وفى رواية: شيخ ليس به بأس. وقال

_ 2003 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ لابن معين 406، المعرفة والتاريخ 1/ 241، 242، 2/ 300، الجرح والتعديل 7/ 32، كتاب المجروحين 2/ 193، تهذيب الكمال 941، ميزان الاعتدال 3/ 69، تهذيب التهذيب 7/ 221، نسب قريش 334، خلاصة تذهيب الكمال 306، سير أعلام النبلاء 8/ 273). (1) فى سننه، كتاب الفضائل، حديث رقم (1572) من طريق: قتيبة حدثنا العطاف بن خالد المخزومى عن أبى حازم عن سهل بن سعد الساعدى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غدوة فى سبيل الله خير من الدنيا وما فيها وموضع سوط فى الجنة خير من الدنيا وما فيها. قال أبو عيسى: وفى الباب عن أبى هريرة وابن عباس وأبى أيوب وأنس وهذا حديث حسن صحيح. (2) ثلاثة أحاديث فى الصغرى: الأول: فى كتاب المواقيت، حديث رقم (592) من طريق: قتيبة بن سعيد حدثنا العطاف عن نافع قال: أقبلنا مع ابن عمر من مكة فلما كان تلك الليلة سار بنا حتى أمسينا فظننا أنه نسى الصلاة فقلنا له: الصلاة، فسكت وسار حتى كاد الشفق أن يغيب ثم نزل فصلى وغاب الشفق فصلى العشاء ثم أقبل علينا فقال: هكذا كنا نصنع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جد به السير. الثانى: فى كتاب القبلة، حديث رقم (757) من طريق: قتيبة قال: حدثنا العطاف عن موسى بن إبراهيم عن سلمة بن الأكوع قال: قلت: يا رسول الله إنى لأكون فى الصيد وليس على إلا القميص أفأصلى فيه؟ قال: وزره عليك ولو بشوكة. الثالث: فى كتاب الافتتاح، حديث رقم (971) من طريق: قتيبة قال: حدثنا العطاف بن خالد عن زيد بن أسلم قال: دخلنا على أنس بن مالك فقال: صليتم؟ قلنا: نعم، قال: يا جارية هلمى لى وضوءا ما صليت وراء إمام أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من إمامكم هذا. قال زيد: وكان عمر بن عبد العزيز يتم الركوع والسجود ويخفف القيام والقعود.

2004 ـ عطاف بن أبى دعيج بن أبى نمى محمد بن أبى سعد بن على بن قتادة ابن إدريس بن مطاعن الحسنى المكى

أحمد: هو من أهل مكة، ثقة صحيح الحديث، روى عنه مائة حديث. وقال ابن عدى: ما أرى بحديثه بأسا، إذا حدّث عنه ثقة. وذكره الزبير بن بكار، فقال: كان العطاف من ذوى السّن من قريش، قد روى عنه الحديث. وذكر نسبه كما ذكرنا، قال: وأمّه أم الأسود بنت الصّلت بن مخرمة بن نوفل ابن أهيب بن عبد مناف بن زهرة. انتهى. 2004 ـ عطاف بن أبى دعيج بن أبى نمىّ محمد بن أبى سعد بن على بن قتادة ابن إدريس بن مطاعن الحسنى المكى: [ .................................................... ] (1). 2005 ـ عطاف بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسنى المكى: كان ملائما لأخيه عطيفة وشهد حربه مع حميضة فى سنة عشرين وسبعمائة، ولم أدر متى مات، إلا أنه كان حيا فى سنة أربع وعشرين وسبعمائة بمكة، وما علمت من حاله سوى هذا. 2006 ـ عطيفة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى المكى: أخو السابق ذكره. يلقب سيف الدين. أمير مكة. ولى إمرتها نحو خمس عشرة سنة، مستقلا بها فى بعضها، وشريكا لأخيه رميثة فى بعضها، وذكر بيبرس الدوادار، أو النويرى فى تاريخه ـ الشك منى ـ ما يقتضى أنه ولى إمرتها شريكا لأخيه أبى الغيث، لما أن ولّاه الجاشنكير إمرتها، فى موسم السنة التى مات فيها أبوهما، وهى سنة إحدى وسبعمائة، بعد القبض على أخويه المتغلبين على مكة: حميضة ورميثة، تأديبا على قبضهما أبا الغيث وعطيفة، كما تقدم مشروحا فى ترجمة حميضة ورميثة. وذكر صاحب بهجة الزمن: أن الجاشنكير، أمّر بمكة فى موسم سنة إحدى وسبعمائة ـ بعد القبض على حميضة ورميثة ـ أبا الغيث، ومحمد بن إدريس بن قتادة، وهذا يخالف

_ 2004 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2006 ـ انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 2/ 455، خلاصة الكلام 30، 31، الأعلام 4/ 237).

ما ذكره بيبرس أو النويرى، من أنه أمر عطيفة مع أبى الغيث، والله أعلم بالصواب. وذكر النويرى: أن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر، ولى عطيفة إمرة مكة، فى سنة تسع عشرة وسبعمائة، بعد القبض على أخيه رميثة بمكة، فى موسم ثمان عشرة، وأن السلطان جهز مع عطيفة لنصرته عسكرا، مع أميرين، هما: عز الدين [ ............ ] (1) وعز الدين أيدمر الملكى، وأنهم توجهوا من القاهرة فى شهر الله المحرم من سنة تسع عشرة وسبعمائة. ولما وصل العسكر إلى مكة، أجلسوا بها عطيفة وأقاموا عنده، وتوجه الذين كانوا بها من العام الماضى، وكثر بمكة الأمن والعدل، ورخصت الأسعار، بحيث إنه بيعت غرارة القمح فى هذه السنة بمائة وعشرين درهما، على ما ذكر البرزالى، وما أدرى هل أراد بالغرارة المكية أو الشامية. ولما حج السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون فى هذه السنة، أعنى سنة تسع عشرة وسبعمائة، سأله المجاورون بمكة، أن يترك عندهم فيها من يمنعهم من أذى حميضة لهم ففعل، وترك بها الأمير شمس الدين سنقر فى مائة فارس، ولما قصد حميضة مكة وعطيفة بها، خرج إليه عطيفة، ومع عطيفة أخوه عطاف، وآخر من أخوته، وعسكره ضعيف، فنصرهم الله على حميضة وكسروه، وكان ذلك فى جمادى الآخرة من سنة عشرين وسبعمائة، وقتل حميضة بعد ذلك بأيام. وذكر البرزالى نقلا عن كتاب الشيخ فخر الدين النويرى: أن مكة كانت فى هذه السنة طيّبة من كثرة المياه والخير والأمن، وأرسل إليها من الغلال ما له قيمة كثيرة. وذكر البرزالى أنه جاء فى هذه السنة من اليمنيين والكارم خلق كثير إلى مكة، بسبب عدل عطيفة. قال: وذكر أن الناس تألّموا لمجئ رميثة من مصر إلى مكة فى موسم هذه السنة، صحبة الأمير أرغون النائب الناصرى، لأن الناس يحبون عطيفة لعدله. قال: لكن أمر مكة إلى عطيفة، وهو مشكور السيرة. انتهى. ورأيت فى كلام بعضهم، ما يقتضى أن رميثة ولى إمرة مكة فى هذه السنة، شريكا لأخيه عطيفة، والله أعلم بالصواب. وذكر البرزالى ما يقتضى أن رميثة كان أمير مكة فى سنة إحدى وعشرين وسبعمائة، لأنه قال فى أخبار هذه السنة: ورد كتاب موفق الدين عبد الله الحنبلى، إمام المدرسة الصالحية من القاهرة، وهو مؤرخ بمستهل جمادى الآخرة، يذكر فيه أنه جاء فى هذا

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

القرب، كتاب من جهة عطيفة أمير مكة، يذكر أن رميثة قد حلف له بنو حسن، وقد أظهر مذهب الزيدية، وجاء معه كتاب آخر، من جهة مملوك هنالك لنائب السلطنة، وفيه مثل ما فى كتاب عطيفة، وقد تحرّج السلطان من هذا الأمر، واشتد غضبه على رميثة. انتهى. وذكر ابن الجزرى ما يقتضى أن عطيفة كان أمير مكة فى سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة، لأنه قال فى أخبار هذه السنة: ورد كتاب من القاهرة مورّخ بشهر شعبان، أن السلطان أعز الله نصره، أبطل المكس المتعلق بالمأكول بمكة فقط، وعوّض صاحب مكة الأمير الشريف عطيفة ثلثى دماميل من صعيد مصر. انتهى. وذكر ابن الجزرى أيضا فى تاريخه، ما يقتضى أن رميثة كان أميرا على مكة، شريكا لعطيفة فى بعض سنى عشر الثلاثين وسبعمائة، لأنه ذكر أنه سأل المحدث شهاب الدين المعروف بابن العديسة، بعد قدومه إلى دمشق من الحج فى سنة خمس وعشرين وسبعمائة، عن أمور تتعلق بالحجاز وغيره، وأنه قال: والحكام يومئذ على مكة: الأميران الشريفان: أسد الدين رميثة، وسيف الدين عطيفة، ولدا أبى نمىّ. انتهى. وذكر الجزرى أيضا، ما يقتضى أن عطيفة كان منفردا بإمرة مكة، فى سنة ست وعشرين وسبعمائة، لأنه قال: وصل أيضا مرسوم كريم من السلطان، إلى السيد عطيفة، بتبطيل مقام الزيدية، والإنكار عليه فى ذلك، وفى أمور حدثت بمكة؛ فدخل السيد عطيفة عند وصول المرسوم الكريم، وأخرج إمام الزيدية إخراجا عنيفا، ونادى بالعدل فى البلاد، وحصل بذلك سرور عظيم للمسلمين. انتهى. وإمام الزيدية المشار إليه، هو فيما أظن، رجل شريف كان يصلى بالزيدية، بين الركنين اليمانى والحجر الأسود، فإذا صلى صلاة الصبح، وفرغ من الصلاة، دعا بدعاء مبتدع، وجهر به صوته، وهو: اللهم صلى على محمد، وعلى أهل بيته المصطفين الأطهار، المنتخبين الأخيار، الذين أذهب الله عنهم الرجس، وطهرهم تطهيرا. اللهم انصر الحق والمحقين، واخذل الباطل والمبطلين، ببقاء ظل أمير المؤمنين، ترجمان البيان وكاشف علوم القرآن، الإمام ابن الإمام ابن الإمام، محمد بن المطهر بن يحيى ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذى للدين أحيى، إمام المتقين وحجاب الصائمين. اللهم انصره وشعشع أنواره واقتل حساده، واكبت أضداده. مع زيادات على هذا. وكان إذا صلى صلاة المغرب، دعا أيضا بهذا الدعاء، وجهر به صوته، فى هاتين الصلاتين.

وما زال على هذا الأمر، إلى أن وصل إلى مكة العسكر المصرى المجرد لليمن، نصرة للملك المجاهد صاحب اليمن، فى سنة خمس وعشرين وسبعمائة، فعند ذلك خرج هذا الإمام من مكة وأقام بوادى مرّ، وما رجع إليها إلى وقت الحج. انتهى ما ذكره ابن الجزرى نقلا عن ابن العديسة، من خبر إمام الزيدية بمكة، وكأنه عاد بعد الموسم إلى ما كان يفعله. وحاصل ما ذكرناه من هذه الأخبار، أن ولاية عطيفة بمكة، فى عشر الثلاثين وسبعمائة مختلف فيها، وليها فيها بمفرده، أو شركة فيها أخوه رميثة؟ ولم يزل عطيفة على ولايته، إلى أن وصل العسكر المجرد إلى مكة، فى سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، بسبب قتل الأمير ألدمر، أمير جاندار فى سنة ثلاثين وسبعمائة، فى رابع عشر الحجة منها. ولما وصل العسكر إلى مكة، وجدوا الأشراف قد هربوا بأجمعهم، وقد تقدّم خير هذا العسكر فى ترجمة رميثة، وأنه استقر فى إمرة مكة بمفرده. ثم توجه عطيفة إلى مصر، وعاد منها فى سنة أربع وثلاثين متوليا، وأقام بموضع يقال له أم الدّمن، ثم جاء إلى مكة، وأخذ نصف البلاد من أخيه رميثة. فلما كانت ليلة النفر من منى، أخرجه رميثة من مكة بلا قتال، فتوجه عطيفة إلى مصر، وأقام بها إلى أن جاء صحبة الحاج فى آخر سنة خمس وثلاثين، وقد ولى نصف البلاد، ومعه خمسون مملوكا شراء ومستخدمين، وأخذ نصف البلاد من أخيه رميثة بلا قتال، وكانا متوليين لمكة فى سنة ست وثلاثين وسبعمائة. ثم إنهما بعد مدة من هذه السنة، حصلت بينهما وحشة ومباعدة، فأقام عطيفة بمكة ومعه المماليك ورميثة بالجديد، إلى شهر رمضان، فلما كانا فى اليوم الثامن والعشرين منه، ركب رميثة فى جميع عسكره، ودخل مكة على عطيفة، بين الظهر والعصر، وكان عطيفة برباط أم الخليفة والخيل والدروع والتجافيف فى العلقمية، فلم يزل رميثة وأصحابه قاصدين إلى باب العلقمية، ولم يكن معهم رجّالة، فوقف على باب العلقمية من حماها إلى أن أغلقت، والموضع ضيق لا مجال للخيل فيه، والذين حموا ذلك، الغزّ والعبيد من غلمان عطيفة، فلم يحصل فى ذلك اليوم لرميثة ظفر، وقتل فى ذلك اليوم من أصحاب رميثة، وزيره واصل بن عيسى الزباع، وخشيعة ابن عم الزباع، ويحيى بن ملاعب، وولوا راجعين إلى الجديد، ولم يقتل من أصحاب عطيفة غير عبد واحد أو اثنين فيما قيل، والله أعلم.

وذكر ابن محفوظ: أن فى هذه السنة، لم يحج الشريفان رميثة وعطيفة، واصطلحا فى سنة سبع وثلاثين، وأقاما مدة، ثم توجها إلى ناحية اليمن بالواديين، وترك عطيفة ولده مباركا، وترك رميثة ابنه مغامسا بالجديد، وحصل بين مبارك ومغامس وحشة وقتال، ظفر فيه مبارك. وذكر أن فى هذه السنة، استدعى صاحب مصر، الشريفين عطيفة ورميثة، فذهبا إلى مصر، فلزم عطيفة وأعطى رميثة البلاد، وجاء إلى مكة، ولم يزل عطيفة بمصر، إلى أن توفى بها فى سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة بالقبيبات ظاهر القاهرة، ودفن بها. وكان موصوفا بشجاعة مفرطة، وكان أكثر حرمة من أخيه رميثة. وقد بلغنى عن الشريف أبى سويد بن أبى دعيج بن أبى نمىّ الحسنى المكى الآتى ذكره، أنه قال: كان رميثة مع عطيفة، كمبارك بن رميثة مع عجلان انتهى بالمعنى. ولم يكن لمبارك بن رميثة قدرة على مخالفة أخيه عجلان فيما يتعلق بأمر دولته، وكان عجلان له مكرما وقائما بمصالحه، وكان عطيفة يسكن برباط أم الخليفة الناصر لدين الله العباسى، بالجانب الشامى من المسجد الحرام، ولذلك قيل لهذا الرباط العطيفية، لكثرة سكنى عطيفة به، ووجد عطيفة فى سقفه خبيئة فضة فى الجانب الذى يلى المسجد الحرام، والذى أرشده إلى ذلك نجار كان بمكة، ولما ذكر ذلك النجار لعطيفة، قال: أريد أن تخلى لى الموضع، وأن تحضر لى سلما طويلا فأحضر له سلّم الحرم، وأخرج كل من كان عنده، حتى لم يبق معهما غيرهما. وكان عطيفة يعين النجار على حمل السّلّم، ونصبه حيث يختار النجار. وكان النجار يفتح بالقدوم عن بعض المواضع، التى يتخيل أن بها الفضة مخبوءة، وكانت الفضة دراهم مضروبة، يقال لها القازانية. وكان الذى وجدوه من ذلك كثيرا، ولم يكن عند النجار الذى أخرج هذه الفضة خبر بها، وإنما نظر إلى السقف، فظهر له بذكائه أنه مشغول. ولشيخنا بالإجازة، الأديب يحيى النّشو الشاعر المكى، فى عطيفة مدائح كثيرة، منها من قصيدة فيما أنبأنا به، قوله [من الكامل]: ها قد ملكت لمهجتى وحشاشتى ... فانظر بأيّهما علىّ تصدّق يا ممرضى ببعاده وصدوده ... أنا عبد ودّك بالمحبة موثق بالله ما خطر السلوّ بخاطرى ... أبدا ولا قلبى بغيرك يعلق يا لائمى دع عنك لومى فى الهوى ... ما أنت من روحى بروحى أرفق

لو ذقت ما قد ذقته من لوعة ... ما كنت ترعد بالملام وتبرق وأغنّ فتان اللواحظ أهيف ... عبل الروادف بالهلال مطوق غصن يميس على نقى من فوقه ... در عليه من الملاحة رونق يحكى الأقاحة مبسما وبثغره ... خمر بمرشفه الشّهىّ مروق لله ما لا قيت منه ولم يكن ... لى فى هواه مساعد أو مشفق إلا الشريف عطيفة بن محمّد ... ملك بظل جنابه أستوثق ومنها: يسمو على هام السّماك بهمّة ... عليا تظلّ بها السعادة تحدق تمشى المنايا تحت ظلّ حسامه ... لا يستباح ذمامه والموثق غيث إذا ما الغيث أخلفنا فمن ... كفيه سيح للبرية مغدق أضحت به أم البلاد أنيسة ... فالعدل منها بالمسرة موثق وقوله فيه من أخرى: فأنت المليك ابن المليك أصالة ... يقصّر عن أوصافك النظم والنثر أعزّ الورى قدرا وجاها ورفعة ... وأبسطهم كفا له الحكم والقهر ومنها: فسل عن علاك النسر يا خير ماجد ... فقد قيل لى من تحت أقدامك النسر ألم تر أن الله أعطاك رتبة ... إليك بها تهدى المثوبة والأجر فما لك فى كل الملوك مماثل ... وقد نشرت بالنصر أعلامك الصفر بقيت بقاء الدهر بالملك والغنى ... ودامت لك الأيام والمجد والفخر وقوله فيه من أخرى: بلوت بنى الدنيا جميعا بأسرهم ... فلم أر فيهم من له الشكر والحمد سوى سيف دين الله فهو عطيفة ... مليك له من ربه العزّ والمجد له همة تسمو إلى كل غاية ... هو الطّاهر الأنساب والعلم الفرد هو الملك الماحى لمن كان قبله ... فما فى ملوك الأرض طرّا له ندّ هو المنعم المولى الجميل تفضلا ... فمن سيبه قد أورق الحجر الصلد كريم كرام العصر تسعى لبابه ... وفود لهم منه المواهب والرّفد تخرّ له كل الملوك مهابة ... وتخرس من أجلاله الألسن اللّدّ

أباد الأعادى بالصوارم والقنا ... له الخيل فى الغارات بالنصر تحتدّ عليها رجال من لؤىّ بن غالب ... إذا وعدوا أوفوا وإن عدوا شدّوا وقوله فيه من أخرى [من الكامل]: تجرى مقادير الإله بما تشا ... والدهر قد ألقى إليك زمامه الله قد أعطى الذى أملته ... فدع الحسود تميته أوهامه ومنها: ما للسكوت إفادة عن كلّ من ... أبدت به بين الورى أجرامه ها قد قدرت فلا تكن متوانيا ... فالأفعوان قوية أسمامه لا تحلمنّ عن العدو تكرما ... كم سيّد ضرّت له أحلامه لا تحقرنّ أخا العداوة إنه ... كالجمر يوشك أن يضرّ ضرامه أنت المليك ابن المليك أصالة ... فالجود منكم وفّرت أقسامه أو ما علمت بأن فيك فصاحة ... ما حازها قس ولا أقوامه ليث تخاف الأسد من سطواته ... غيث يجود على الأنام غمامه من ليس مشغول اللسان عن الندى ... يوما إذ شغل اليمين حسامه وقوله فيه من أخرى [من الكامل]: من لى بسفح منى يلوح لناظرى ... والبرق خفاق على أعلامه قل للمقيم على أثيلات النّقا ... لا تقتل المشتاق قبل حمامه ومنها فى المدح: المالك الملك المطاع لأمره ... ليث تخاف الأسد من إقدامه سيف لدين الله فهو عطيفة ... حاز الفخار وقاده بزمامه ملك تشرّفت البلاد بعدله ... والعدل منسوب إلى أحكامه أحيى الأنام بجوده ونواله ... فاستبشرت بالخصب فى أيّامه من نسل أحمد واحد فى عصره ... آباؤه كلّ كريم كرامه فاق الملوك بنى الملوك بعدله ... فملوك هذا العصر من خدّامه وقوله فيه من أخرى أولها [من البسيط]: وأقبل السّعد والإقبال والنّعم ومنها:

2007 ـ عطيفة بن محمد بن عطيفة بن أبى نمى الحسنى المكى

فيالها رتبة ما نالها أحد ... وهمّة قصرت من دونها الهمم يا ابن الذبيحين يا أعلى الورى نسبا ... ومن به أهل بيت الله قد رحموا من لم يكن بك سيف الدين معتصما ... فذاك بحبل الله ليس يعتصم عطيفة فيه سرّ الله مدّخر ... قد برّ فى مدحه الشاعر القسم 2007 ـ عطيفة بن محمد بن عطيفة بن أبى نمى الحسنى المكى: حفيد السابق. كان محمد بن أحمد بن عجلان، عند موت أبيه، أرسله إلى صاحب مصر الملك الظاهر، ليأتيه بالولاية منه، فذهب وعاد ومعه تقليد وتشريف للمذكور، بولايته إمرة مكة، فى آخر شوال، أو فى أوائل ذى القعدة، من السنة التى توفى فيها أبوه، وهى سنة ثمان وثمانين وسبعمائة. ومات عطيفة فى السنة التى بعدها، أو فى سنة تسعين وسبعمائة، وكان أسود. رحمه الله تعالى. * * * من اسمه عطية 2008 ـ عطيّة بن خليفة بن عطية [ ......... ] (1) المكى المعروف بالمطيبير، يلقب زين الدين: كبير تجار مكة، ولد قبيل سنة ستين وسبعمائة، فلما صار فى عداد الرجال، عانى التّسبّب والتجارة، واستمر على ذلك إلى قبيل وفاته، فاستفاد شيئا كثيرا من النقد وأصناف المتاجر، من أنواع البهار وغيره، والعقار الكثير الجيد، بمكة ووادى مر ونخلة، وكان يذكر أنه يكسب فى الدرهم ستة أمثاله، وما قارب ذلك. ولم يكن حاله فى لباسه ومأكله وأمر دنياه على قدر غناه، ولا له ميل لاجتماع أصحابه للأكل عنده، وربما واكلهم بشيء يخرجه ويخرجونه، ولم يكن معتنيا بتحرير ما يجب عليه من الزكاة، ويرى أن إحسانه إلى أقاربه، وما تأخذه منه الدولة من المال، يقوم مقام ذلك، وكان قليل الرفق فى مطالبة غرمائه، شديدا فى الاقتضاء منهم، ويرجى له العفو والصفح بأفعال له مشكورة.

_ 2008 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 5/ 148)، وفيه «المطيبيز». (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2009 ـ عطية بن ظهيرة بن مرزوق بن محمد بن عليان بن سليمان بن عبد الرحمن القرشى المخزومى، أبو أحمد المكى

منها: كثرة إحسانه إلى أقاربه، وصدقة قررها للفقراء الواردين من اليمن، طريق السّراة والطائف، وهى تمر يصرف لهم بمنى، لكل إنسان رطل بالمصرى، وله صدقة أخرى بهدة بنى جابر، على زوّار المدينة النبوية بطريق الماشى، وله وقف على مواراة الطرحى، وهم الموتى من الغرباء بمكة. وكان قائما بمواراتهم قبل موته بنحو عشرين سنة، على وجه لعله أن يكون مجزيا فى المواراة أو مقاربا، وله وقف على رباط الموفق بمكة، وسبيل ماء أنشأه بقرب المروة بمكة، وقف عليه علوه، وسبيل بمنى، صهريج كبير يملأ من الماء وله رباط بسوق الليل بمكة، على النّسوة، ويقال إنه أباح لهن أن يكرين مساكنهن فى زمن الموسم ليكتسين بذلك، وللواقف اشتراط ذلك. وتوفى فى يوم الخميس الثامن والعشرين من رمضان المعظم قدره، سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، بكرة يوم الجمعة تاسع عشرينه، ولم يخلّف ولدا ذكرا، وإنما خلف بنتا وعصبة، وهم بنو أخيه مسعود. 2009 ـ عطية بن ظهيرة بن مرزوق بن محمد بن عليان بن سليمان بن عبد الرحمن القرشى المخزومى، أبو أحمد المكى: هكذا وجدته منسوبا بخط شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. وذكر أن بقية نسبهم كان فى هيكل مع شخص منهم، كان باليمن وضاع منه، وسألت عنه أيضا شيخنا القاضى جمال الدين، فقال: كان الشيخ عطية المذكور ذا مال وافر، ويعمل فيه الخير كثيرا. بلغنى أنه سمع شخصا يقرأ قوله تعالى: (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [آل عمران: 92] فقال: أحب أموالى إلىّ المكان الفلانى، وهو حديقة عظيمة بالجموم من وادى مرّ، وفيها وجبة ماء على وقف سبيل بمكة وآخر بمنى، والحديقة والماء المذكوران موجودان إلى الآن، والسبيل مستمر، ولكن ضعف لسوء تصرف المباشرين للوقف المذكور، ولضعف البلاد أيضا. وله حكايات كثيرة يرويها الأكابر، يضرب بها المثل. ومكتوب على لوح قبره: هذا قبر الشيخ الأجلّ، كبير القدر والمحلّ، كثير النفع لمن أقلّ.

2010 ـ عطية بن على بن عطية بن على بن الحسن بن يوسف القرشى القيروانى، المعروف بابن لاذخان

وكان له من الأولاد كثيرون نحو العشرة: محمدان، وأحمدان، وأبو بكر، وحسين، ولا أعرف أسماء باقيهم. وبنات، إحداهنّ كانت زوجة الإمام العلّامة، فقيه الحرم رضىّ الدين محمد بن أبى بكر بن خليل، وأخرى كانت زوجا لشخص من الأمراء الأشراف، ومن أمواله: شعب عامر بجملته، كان له، وكان سكنه به، وكان له فى كل ضيعة من ضياع وادى مرّ مال، وله خيف مستقل يقال له الأصغر، وخيف آخر بقرب عرفة، يقال له البركة، لا يشاركه فيهما أحد، ولا أعرف من حاله غير ذلك. وتوفى رحمه الله، يوم الأربعاء السادس من المحرم سنة سبع وأربعين وستمائة. انتهى. هكذا وجدت وفاته فى حجر قبره. 2010 ـ عطية بن على بن عطية بن على بن الحسن بن يوسف القرشى القيروانى، المعروف بابن لاذخان: جاور بمكة مع والده سنين، وسمع من عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد الطبرى، وقدم بغداد، وكان أديبا، فمن شعره [من السريع]: قالوا التحى وانكسفت شمسه ... وما دروا غدر عذاريه مرآة خدّيه جلاها الصدى ... فبان فيها فيء صدغيه توفى سنة ست وثلاثين وخمسمائة، ذكره هكذا الشيخ صلاح الدين محمد بن شاكر الكتبى فى تاريخه، وأظنه نقل هذه الترجمة، من تاريخ صلاح الدين الصّفدىّ. والله أعلم. 2011 ـ عطيّة بن محمد بن أحمد بن عطية بن ظهيرة بن مرزوق المخزومى المكى، شرف الدين: هكذا نسبه لى شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، وذكر أنه سمع بمصر على الشيخ عبد الله بن خليل المكى، وكان رجلا جيدا أمينا يتوكل لأهل المدارس، وصاهر القاضى شهاب الدين أحمد بن ظهيرة على ابنته أمّ الحسين، ومات عندها فى سنة ثلاث وستين وسبعمائة أو فى أول التى بعدها، وقتله قطّاع الطريق، بعد أن قاتلهم دفعا عن نفسه وماله. انتهى. * * *

من اسمه عقبة

من اسمه عقبة 2012 ـ عقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف بن قصى النوفلى القرشى، يكنى أبا سروعة: أسلم يوم فتح مكة، وروى ثلاثة أحاديث، منها حديث: «أنه تزوج امرأة، فقالت امرأة: قد أرضعتكما» (1). روى عنه إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وعبيد الله بن أبى مريم، وابن أبى مليكة، وقيل إن ابن أبى مليكة لم يسمع منه، وأن بينهما عبيد بن أبى مريم. وهو الذى قتل خبيب بن عدىّ، وقيل قتله غيره. وأبو سروعة: بكسر السين المهملة على المشهور، وقيل بفتحها وما ذكره من كون عقبة هذا يكنى أبا سروعة، قاله أهل الحديث، ومصعب الزبيرى وقال جمهور النسب: إنه أخو أبى سروعة. قال ابن الأثير: وهو الأصح. وذكروا أنهما أسلما يوم الفتح، والله أعلم. وقد روى لعقبة هذا: البخارى، وأبو داود، والترمذى، والنسائى. 2013 ـ عقبة بن نافع بن عبد قيس الفهرى: ذكره هكذا ابن عبد البر، وقال: ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا تصحّ له صحبة، كان ابن خالة عمرو بن العاص، وولّاه عمرو بن العاص إفريقية وهو على مصر، فانتهى إلى لواتة ومزاتة، فأطاعوه ثم كفروا، فغزاهم لسنته، فقتل وسبى، وذلك فى سنة إحدى وأربعين. وافتتح فى سنة اثنتين وأربعين غدامس، فقتل وسبى.

_ 2012 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5608، الاستيعاب ترجمة 1841، أسد الغابة ترجمة 3704). (1) أخرجه البخارى فى صحيحه، كتاب العلم، حديث رقم 88، وفى كتاب البيوع، حديث رقم 2052، وفى كتاب الشهادات، حديث رقم 2640، 2659، 2660، وفى كتاب النكاح، حديث رقم 5105، والترمذى فى سننه، فى كتاب الرضاع حديث رقم 1151، والنسائى فى الصغرى، كتاب النكاح، 3330، وأبو داود فى سننه، فى الأقضية، حديث رقم 3603. 2013 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1849، الإصابة ترجمة 6271، أسد الغابة ترجمة 3722، الاستقصا 1/ 36، 38، البيان المغرب 1/ 19، فتح العرب للمغرب 130 ـ 152، بغية الرواد 1/ 76، البكرى 73، الأعلام 4/ 241).

2014 ـ عقبة بن نافع القرشى

وافتتح فى سنة ثلاث وأربعين كورا من كور السودان، وافتتح وادان، وهى من حيّز برقة من بلاد إفريقية. وافتتح عامّة بلاد البربر، وهو الذى اختط القيروان، فى الموضع الذى هى به اليوم. وكان معاوية بن خديج، قد اختطّ القيروان بموضع يدعى اليوم بالقرن، فنهض إليه عقبة فلم يعجبه، فركب بالناس إلى موضع القيروان اليوم، وكان واديا كثير الأشجار، غيضة مأوى للوحوش والحيّات، فأمر بقطع ذلك وإحراقه، واختط القيروان، وأمر الناس بالبنيان. قال: وقال خليفة بن خيّاط: وفى سنة خمسين، وجه معاوية عقبة بن نافع إلى إفريقية، فاختط القيروان، وأقام به ثلاث سنين، ثم قال: وقتل عقبة بن نافع سنة ثلاث وستين، بعد أن غزا سوس القصوى، قتله كسيلة بن كمرم البربرى. ثم قال: ويقولون إن عقبة بن نافع كان مستجاب الدعوة. والله أعلم. انتهى باختصار. وذكره ابن قدامة بنحو ذلك. وقال الذهبى: عقبة بن رافع ـ وقيل ابن نافع ـ بن عبد العزّى بن لقيط القرشى الفهرى، وقال: لا تصح له صحبة. 2014 ـ عقبة بن نافع القرشى: ذكره هكذا الذهبى. وقال: روى عنه أنس رضى الله عنه. قال ابن مندة: توفى سنة سبع وعشرين. 2015 ـ عقبة بن وهب ـ ويقال ابن أبى وهب ـ بن ربيعة بن أسد بن صهيب بن مالك بن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة: ذكره هكذا ابن عبد البر. وقال: شهد بدرا هو وأخوه شجاع بن وهب، وهما حليفان لبنى عبد شمس.

_ 2014 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ الكبير 6/ 435، فتوح مصر 194، 197، الطبرى 5/ 240، رياض النفوس 1/ 62، جمهرة أنساب العرب 163، 178، تاريخ ابن عساكر 11/ 358، أسد الغابة 4/ 59، الكامل 4/ 105، معالم الإيمان 1/ 164، 167، تاريخ الإسلام 3/ 49، البداية والنهاية 8/ 217، الإصابة 2/ 492، حسن المحاضرة 2/ 220، سير أعلام النبلاء 3/ 532). 2015 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5633، الاستيعاب ترجمة 1851، أسد الغابة 3726، المصباح المضئ 209، الثقات 3/ 280، تجريد أسماء الصحابة 1/ 386، أصحاب بدر 130، الكاشف 2/ 74).

2016 ـ عقيل بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الهاشمى، يكنى أبا يزيد، وأبا عيسى

2016 ـ عقيل بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصىّ بن كلاب القرشى الهاشمى، يكنى أبا يزيد، وأبا عيسى: خرج إلى بدر مع قريش مكرها، فأسر وفداه عمه العباس، ثم أتى النبى صلى الله عليه وسلم مسلما قبل الحديبية، وشهد غزوة مؤتة مع أخيه جعفر، ثم عرض له مرض، فلم يسمع له بذكر فى فتح مكة، ولا غزوة حنين والطائف، وأعطاه النبى صلى الله عليه وسلم من خيبر مائة وأربعين وسقا كل سنة، وروينا أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له: يا أبا يزيد، إنى أحبك حبين: حبا لقرابتك، وحبّا لما كنت أعلم من حب عمى إياك. قال ابن عبد البر: كان عقيل أنسب قريش وأعلمهم بأيامها، قال: ولكنه كان مبغّضا إليها، لأنه كان يعدّ مساوئهم، قال: وكانت له طنفسة تطرح له فى مسجد رسول اللهصلى الله عليه وسلم ويصلّى عليها، ويجتمع الناس إليه فى علم النسب وأيام العرب، وكان أسرع الناس جوابا، وأحضرهم مراجعة فى القول، وأبلغهم فى ذلك. ثم روى عن ابن عباس: قال: كان فى قريش أربعة يتحاكم اليهود إليهم ويوقف عند قولهم، يعنى فى علم النسب: عقيل بن أبى طالب، ومخرمة بن نوفل، وأبو جهم بن حذيفة العدوى، وحويطب بن عبد العزى العامرى. زاد غيره: وكان عقيل أكثرهم ذكرا لمثالب قريش، فعادته لذلك، وقالوا فيه بالباطل، ونسبوه إلى الحمق. واختلقوا عليه أحاديث مزوّرة، وكان مما أعانهم على ذلك، مغاضبته لأخيه علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، وخروجه إلى معاوية، وإقامته معه، ويزعمون أن معاوية قال يوما بحضرته: هذا أبو يزيد، لولا علم بأنى خير من أخيه، لما أقام عندنا وتركه، فقال عقيل: أخى خير لى فى دينى، وأنت خير لى فى دنياى، وقد آثرت دنياى. وأنا أسأل الله خاتمة الخير. انتهى. وهو قليل الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم، وله عنه أحاديث، منها: «يجزئ مدّ للوضوء وصاع للغسل» (1).

_ 2016 ـ انظر ترجمته فى: (مسند أحمد 1/ 201، 3/ 451، طبقات ابن سعد 4/ 28، طبقات خليفة 126، 189، التاريخ الكبير 7/ 50، 51، التاريخ الصغير 1/ 145، الجرح والتعديل 6/ 218، مشاهير علماء الأمصار ترجمة 14، ابن عساكر 11/ 363، أسد الغابة ترجمة 3732، الاستيعاب ترجمة 1853، الإصابة ترجمة 5644، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 337، تهذيب الكمال 940، مجمع الزوائد 9/ 273، تهذيب التهذيب 7/ 254، خلاصة تذهيب الكمال 269 ـ 270، كنز العمال 13/ 562، سير أعلام النبلاء 1/ 218). (1) أخرجه ابن ماجة فى سننه، كتاب الطهارة، حديث رقم 270.

2017 ـ عقيل بن مبارك بن رميثة بن أبى نمى الحسنى المكى

ومنها، حديث: كنّا نؤمر أن نقول: «بارك الله لكم، وبارك عليكم، ولا نقول: بالرفاء والبنين» (2). روى عنه ابنه محمد بن عقيل، وحفيده عبد الله بن محمد بن عقيل، والحسن البصرى، وعطاء بن أبى رباح، وأبو صالح السمّان، وموسى بن طلحة. روى له البخارى، والنسائى، وابن ماجة. وكان له من الولد على ما قال ابن قتيبة: مسلم، وعبد الله، وعبيد الله، ومحمد، وعبد الرحمن، وحمزة وعلىّ، وجعفر، وعثمان، ويزيد، وسعد، وأبو سعيد، ورملة، وزينب، وفاطمة، وأسماء، وأم هانئ. قال محمد بن سعد: قالوا: مات فى خلافة معاوية بعد ما عمى. وقال ابن عبد البر: مات فى خلافة معاوية، وله دار بالمدينة، وقال: قدم عقيل البصرة، وأتى الكوفة. وقال النووى: توفى فى خلافة معاوية، وقد كفّ بصره. ودفن بالبقيع، وقبره مشهور، عليه قبة فى أول البقيع. وقال: كان طالب أسنّ من عقيل بعشر سنين، وعقيل أسنّ من جعفر بعشر سنين، وجعفر أسنّ من علىّ بعشر سنين. انتهى. وقال ابن قدامة: توفى بالشام فى خلافة معاوية. وذكر ذلك القطب الحلبى فى كتابه المسمّى: «بالمورد العذب الهنىّ فى شرح سيرة عبد الغنى». ومما يحكى من حسن جواب عقيل بن أبى طالب، أن معاوية قال له يوما: أين عمك أبو لهب؟ فقال له عقيل: فى النار مفترشا عمتك حمّالة الحطب. هذا معنى ما حكى فى هذا الخبر، والله أعلم. 2017 ـ عقيل بن مبارك بن رميثة بن أبى نمى الحسنى المكى: كان من أعيان الأشراف، وجعله ابن عمه أمير مكة عنان بن مغامس بن رميثة، شريكا له فى ولاية مكة، فى سنة تسع وثمانين وسبعمائة، وهى ولاية عنان الأولى، وبقى على ذلك أشهرا، وكان يدعى له فى الخطبة وعلى زمزم بعد المغرب. وتوفى سنة خمس وعشرين وثمانمائة، بعد أن أضرّ، وربما تغيّر عقله.

_ (2) أخرجه النسائى فى الصغرى، كتاب النكاح، حديث رقم 3371، وابن ماجة فى سننه، حديث رقم 1906، وأحمد فى المسند، حديث رقم 1740، 1741، 15313، 15314. 2017 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 5/ 148).

2018 ـ عكاشة بن محصن بن حرثان بن قيس بن مرة بن كبير ـ بالباء ـ ابن غنم بن دودان بن أسد، بن خزيمة الأسدى، حليف لبنى أمية، يكنى أبا محصن

2018 ـ عكّاشة بن محصن بن حرثان بن قيس بن مرّة بن كبير ـ بالباء ـ ابن غنم بن دودان بن أسد، بن خزيمة الأسدى، حليف لبنى أمية، يكنى أبا محصن: هكذا ذكره ابن عبد البر، وقال: من فضلاء الصحابة شهد بدرا وأبلى فيها بلاء حسنا، وانكسر سيفه، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرجونا، فصار بيده سيفا يومئذ، وشهد أحدا، والخندق، وسائر المشاهد، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتوفى فى خلافة أبى بكر الصديق رضى الله عنه، يوم بزاخة، قتله طليحة بن خويلد الأسدى، يوم قتل ثابت بن أقرم فى الردّة، فهذا قول جمهور أهل السير فى أخبار أهل الردة، إلا سليمان التيمى، فإنه ذكر أن عكاشة بن محصن قتل فى سريّة بعثها رسول اللهصلى الله عليه وسلم، إلى بنى أسد بن خزيمة، فقتله طليحة، وقيل ثابت بن أقرم، ولم يتابع سليمان على هذا القول. وقصة عكاشة مشهورة فى الردة. وكان عكاشة يوم توفى النبى صلى الله عليه وسلم، ابن أربع وأربعين سنة، وقتل بعد ذلك بسنة، وقال ابن سعد: سمعت بعضهم يشدّد الكاف من عكاشة، وبعضهم يخفّفها. وكان من أعظم الرجال وأجملها. انتهى. وذكر النووى: أن الأكثرين رووا: عكّاشة، بالتشديد. * * * من اسمه عكرمة 2019 ـ عكرمة بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر ابن مخزوم القرشى المخزومى المكى: ذكره الزبير بن بكار، بعد أن ذكر شيئا من خبر أخيه الحارث، وقال: روى عنه الحديث، وكان من وجوه قريش، وأمه أم سعيد بن كليب بن حزن بن معاوية بن خفاجة بن عمرو بن عقيل بن كعب. انتهى.

_ 2018 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1856، أسد الغابة ترجمة 3738، طبقات ابن سعد 3/ 64، طبقات خليفة 35، تاريخ خليفة 102، 103، التاريخ الكبير 7/ 86، التاريخ الصغير 1/ 34، المعارف 273، 274، الجرح والتعديل 7/ 39، مشاهير علماء الأمصار ترجمة 50، حلية الأولياء 2/ 12، تهذيب الأسماء واللغات، 1/ 338، العبر 1/ 13، مجمع الزوائد 9/ 304، الإصابة ترجمة 5648، شذرات الذهب 1/ 36، سير أعلام النبلاء 1/ 307). 2019 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 7/ 9).

2020 ـ عكرمة بن سليمان بن كثير بن عامر العبدرى الشيبى الحجبى، مولاهم، أبو القاسم المكى المقرئ

وقد روى عكرمة بن خالد هذا، عن أبى هريرة، وابن عبّاس، وابن عمر، وغيرهم. روى عنه أيوب السّختيانى، وقتادة، وابن جريج، وحنظلة بن أبى سفيان، والأوزاعى، وغيرهم. روى له الجماعة، إلا ابن ماجة. قال ابن معين: ثقة. وسئل عنه أبو زرعة الرازى فقال: مكى ثقة، يقال: مات بعد عطاء. ومات عطاء فى سنة أربع عشرة. وذكر الذهبى: أن الجماعة رووا له إلا ابن ماجة. وذكر صاحب الكمال: أنهم رووا له إلا البخارى. 2020 ـ عكرمة بن سليمان بن كثير بن عامر العبدرىّ الشّيبى الحجبى، مولاهم، أبو القاسم المكى المقرئ: ذكره الذهبى فى طبقات القراء وقال: قرأ القرآن على شبل بن عباد، وإسماعيل القسط. قرأ عليه البزّى، وهو شيخ مستور الحال، فيه جهالة. تفرد عنه البزّى بحديث مرفوع فى التكبير منه والضحى، والحديث وإن أخرجه أبو عبد الله الحاكم فى مستدركه، فهو خبر منكر، والبزّى غير حجة فى الحديث. 2021 ـ عكرمة بن سلمة بن ربيعة: هكذا ذكره مسلم فى الطبقة الثانية من تابعى أهل مكة، ولعله عكرمة بن سليمان بن ربيعة، الذى يروى عن مجمّع بن يزيد ورجال من الأنصار، وعنه هشام بن يحيى بن العاص. روى له ابن ماجة. 2022 ـ عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصى بن كلاب القرشى العبدرى: هكذا ذكره ابن عبد البر، وقال: هو الذى باع دار النّدوة من معاوية بمائة ألف درهم، وهو معدود فى المؤلّفة قلوبهم. والله أعلم.

_ 2020 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 7/ 11). 2021 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 7/ 260). 2022 ـ انظر ترجمته: (أسد الغابة ترجمة 4742، الاستيعاب ترجمة 1858، الإصابة ترجمة 5657).

2023 ـ عكرمة بن أبى جهل ـ واسم أبى جهل عمرو ـ بن هشام بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى المكى، يكنى أبا عثمان

2023 ـ عكرمة بن أبى جهل ـ واسم أبى جهل عمرو ـ بن هشام بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى المكى، يكنى أبا عثمان: ذكره الزبير بن بكار، فقال: وهو من مسلمة الفتح، وفيه يقول الشاعر [من الرجز] (1): إنّك لو شهدتنا بالخندمه ... إذ فرّ صفوان وفرّ عكرمه فلحقتنا بالسّيوف السلمه ... لم تنطفى فى اللوم أدنى كلمة وكان عكرمة خرج هاربا يوم الفتح، استأمنت له زوجته أم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة، من النبى صلى الله عليه وسلم فأمنّه، فأدركته باليمن، فردته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآه رسول اللهصلى الله عليه وسلم، قام إليه فرحا به، وقال: مرحبا بالمهاجر! . وقال الزبير: قال عمى مصعب بن عبد الله: زعم بعض من يعلم، أن قيام رسول اللهصلى الله عليه وسلم، وفرحه به، كان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأى فى منامه، أنه دخل الجنة، فرأى فيها عذقا مذلّلا، فأعجبه، فقال: لمن هذا؟ فقيل له، لأبى جهل. فشق ذلك عليه، فقال: ما لأبى جهل والجنة! والله لا يدخلها أبدا. فلما رأى عكرمة أتاه مسلما، تأوّل ذلك العذق، عكرمة بن أبى جهل، وقدم عليه عكرمة منصرفه من مكة بعد الفتح بالمدينة، فجعل عكرمة كلما مرّ بمجلس من مجالس الأنصار، قالوا: هذا ابن أبى جهل، وسبّوا أبا جهل، فشكى ذلك عكرمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تؤذوا الأحياء بسبّ الأموات». ولما ندب أبو بكر رضى الله عنه الناس إلى غزو الروم، وقدم الناس فعسكروا بالجرف، على ميلين من المدينة، خرج أبو بكر رضى الله عنه يطوف فى معسكرهم،

_ 2023 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 329، نسب قريش 310 ـ 311، طبقات خليفة 20/ 229، تاريخ خليفة 92، التاريخ الكبير 7/ 48، التاريخ الصغير 1/ 35، 39، 49، المعارف 334، الجرح والتعديل 7/ 6 ـ 7، مشاهير علماء الأمصار ترجمة 174، الاستيعاب ترجمة 1857، ابن عساكر 1/ 375، أسد الغابة ترجمة 3741، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 338 ـ 340، تهذيب الكمال 950، العبر 1/ 18، تهذيب التهذيب 7/ 257، الإصابة ترجمة 5654، خلاصة تذهيب الكمال 270، كنز العمال 13/ 540، شذرات الذهب 1/ 27 ـ 28، سير أعلام النبلاء 1/ 323). (1) البيتان ذكرهما مصعب فى نسب قريش (311)، وهما فى سيرة ابن هشام (2/ 407).

ويقوّى الضعيف منهم، فبصر بخباء عظيم حوله مرابطة ثمانية أفراس، ورماح وعدّة ظاهرة، فانتهى إلى الخباء، فإذا خباء عكرمة، فسلم عليه، وجزاه أبو بكر خيرا، وعرض عليه المعونة، فقال له عكرمة: أنا غنىّ عنها، معى ألفا دينار، فاصرف معونتك إلى غيرى. فدعا له أبو بكر بخير، ثم استشهد يوم أجنادين ولم يترك ولدا. وأمه أم مجالد بنت يربوع، إحدى نساء بنى هليل بن عامر. وذكر ابن عبد البر: أن عكرمة كان شديد العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأبوه، وكنّى النبىصلى الله عليه وسلم أباه بأبى جهل، وكان يكنى أبا الحكم. وكان عكرمة فارسا مشهورا، أسلم وحسن إسلامه، وكان مجتهدا فى قتال المشركين مع المسلمين، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حج على هوازن بصدقتها، ووجهّه أبو بكر إلى عمان، وكانوا ارتدوا، فظهر عليهم. ثم وجهّه أبو بكر إلى اليمن، وولّى عمان حذافة القلعان (2). ثم لزم عكرمة الشام مجاهدا، حتى قتل يوم اليرموك، فى خلافة عمر، هذا قول ابن إسحاق. واختلف فى ذلك قول الزبير بن بكار، فقال: قتل يوم اليرموك شهيدا. وقال فى موضع آخر: استشهد يوم أجنادين. وقيل إنه قتل يوم مرج الصفر، وكانت أجنادين ومرج الصّفرّ فى عام واحد، سنة ثلاث عشرة، فى آخر خلافة أبى بكر رضى الله عنه. وروى الزبير عن محمد بن الضحاك بن عثمان عن أبيه: أن عكرمة لما سأل رسول اللهصلى الله عليه وسلم أن يستغفر له، فاستغفر له. فقال عكرمة: والله لا أدع نفقة كنت أنفقها فى صدّ عن سبيل الله، إلا أنفقت ضعفها فى سبيل الله. ثم اجتهد فى العبادة، حتى قتل فى زمن عمر رضى الله عنه. وروى الزبير بسنده إلى الأعمش، عن أبى إسحاق نحوه، وقال: فلما كان يوم اليرموك، نزل فترجّل وقاتل قتالا شديدا فقتل، فوجد به بضع وسبعون، من بين طعنة وضربة ورمية. وقال الزبير: حدثنى عمّى، عن جدّى، عبد الله بن مصعب، قال: استشهد يوم اليرموك الحارث بن هشام، وعكرمة بن أبى جهل، وسهيل بن عمرو، وأتوا بماء وهم صرعى، فتدافعوه، كلما دفع إلى رجل منهم قال: اسق فلانا، حتى ماتوا ولم يشربوا. قال: طلب عكرمة الماء، فنظر إلى سهيل ينظر إليه، فقال: ادفعه إليه، فنظر سهيل إلى الحارث ينظر إليه، فقال: ادفعه إليه، فلم يصل إليه، حتّى ماتوا كلهم، رضى الله عنهم.

_ (2) «حذافة القلعان» ذكره الطبرى فى تاريخه أنه «حذيفة بن محصن الغلفانى».

2024 ـ عكرمة البربرى أبو عبد الله الهاشمى

وذكر هذا الحديث محمد بن سعد، إلا أنه جعل مكان سهيل: عيّاش بن أبى ربيعة. وذكر ابن سعد أنه ذكره للواقدى، فقال: هذا وهم، روينا عن أصحابنا أهل العلم والسّير أن عكرمة بن أبى جهل، قتل يوم أجنادين شهيدا، فى خلافة أبى بكر رضى الله عنه، لا خلاف بينهم فى ذلك. انتهى. وذكر الحسن بن عثمان الزيادى، أنه استشهد بأجنادين، وهو ابن اثنتين وستين سنة. انتهى. وروينا فى مسند أبى يعلى الموصلى، عن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه، أن النبىصلى الله عليه وسلم، أمّن الناس إلا أربعة رجال، وامرأتين، أمر بقتلهم، وإن وجدوا متعلقين بأستار الكعبة، منهم عكرمة بن أبى جهل، وأن عكرمة هرب فركب البحر، فأصابتهم شدة، فقال أصحاب السفينة لأهل السفينة: أخلصوا، فإن آلهتكم لا تغنى عنكم شيئا هاهنا. فقال عكرمة: إن لم ينجنى فى البحر إلا الإخلاص، ما ينجينى فى البرّ غيره. اللهم لك علىّ عهد، إن أنت عافيتنى مما أنا فيه، أن آتى محمدا، حتى أضع يدى بيده، فلأجدنّه عفوا كريما، فأسلم. انتهى. باختصار. 2024 ـ عكرمة البربرى أبو عبد الله الهاشمى: مولى ابن عباس رضى الله عنهما، وأحد فقهاء مكة، روى عن مولاه ابن عباس، وعلىّ بن أبى طالب، وصفوان بن أميةّ، ومعاوية بن أبى سفيان، وعبد الله بن عمر، وعقبة بن عامر، وأبى هريرة، وأبى قتادة، وأبى سعيد، وعائشة، وغيرهم، رضى الله عنهم. روى عنه: الشّعبى، وإبراهيم النّخعىّ، وأبو الشعثاء جابر بن زيد، وهم من أقرانه، وعمرو بن دينار، والزهرى، وأيوب، وقتادة، وخلق. روى له الجماعة، إلا أن مسلما، روى له مقرونا بغيره. قال عبد الرحمن بن حسّان: سمعت عكرمة يقول: طلبت العلم أربعين سنة، وكنت أفتى زمن ابن عباس.

_ 2024 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 7/ 263 ـ 273، التحفة اللطيفة 3/ 440، حلية الأولياء 3/ 326، ذيل المذيل 90، ميزان الاعتدال 2/ 208، ابن خلكان 1/ 319، الخلاصة 229، الأعلام 4/ 244، 245).

من اسمه علقمة

وقال ابن عيينة: سمعت عمّن سمع أبا الشعثاء يقول: هذا عكرمة مولى ابن عباس، هذا أعلم الناس. وقال قتادة: أعلمهم بالتفسير عكرمة. وقال مرّة: أعلمهم بالسّيرة عكرمة. وذكره ابن عبد البر فى فقهاء مكة من أصحاب ابن عباس، وقال: كان فقيها عالما بتفسير القرآن والسّير، وقد طعن عليه بعض من لم يلتفت العلماء إلى قوله، وهو عندهم ثقة مأمون، مقبول القول، حسن الرأى، لا يختلف أئمة الحديث ومتأخر والعلماء فى ذلك. انتهى. والكلام فى عكرمة، بسبب أنه كان يرأى رأى الخوارج، وكلام مالك، ويحيى بن سعيد فيه، بسبب رأيه ذلك. وقد وثّقه أحمد، وابن معين، وأبو حاتم، والنسائى، وغيرهم. وقال صاحب الكمال: قال يحيى: إذا رأيت أحدا يتكلم فى حمّاد بن سلمة، وعكرمة مولى ابن عباس، فاتّهمه على الإسلام، وهذه منقبة. وكان عكرمة كثير التنقل فى الأقاليم، دخل اليمن وخراسان والغرب، وكانت الأمراء تكرمه وتقبله. واختلف فى وفاته، فقيل سنة أربع ومائة، قاله ابن المدينى. وقيل خمس ومائة، قاله مصعب الزبيرى وجماعة: وقيل سنة ست ومائة، قاله الهيثم بن عدى وغيره. وقيل سنة سبع ومائة، قاله أبو نعيم وجماعة. ومات معه فى يوم موته: كثيّر عزة، فقيل: مات اليوم أفقه الناس وأشعرهم. وكانت وفاته بالمدينة، وله أربع وثمانون سنة فيما قيل. ولما مات مولاه عبد الله بن عباس، كان عكرمة رقيقا، فباعه علىّ بن عباس، من خالد بن يزيد بن معاوية، بأربعة آلاف دينار، فقيل له: بعت علم أبيك! فاستقاله علىّ من خالد، وأعتقه علىّ. * * * من اسمه علقمة 2025 ـ علقمة بن سعيد بن العاص بن أمية الأموى: شهد مع إخوته فتوح الشام، ذكره هكذا الذهبى فى التجريد. ولم أر من ذكره

_ 2025 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 551، التجريد 1/ 422).

2026 ـ علقمة بن سفيان الثقفى، ويقال علقمة بن سهيل

سواه، وأخشى أن يكون وهما، فإن ابن قدامة، لم يذكر فى كتاب «التبيين فى أنساب القرشيين» أحدا اسمه علقمة، فى أولاد سعد بن العاص بن أمية، والله أعلم. 2026 ـ علقمة بن سفيان الثقفى، ويقال علقمة بن سهيل: وقال ابن إسحاق فى حديثه ذلك، عن عطية بن أبى سفيان، واضطرب فيه هذا الاضطراب، ولا يعرف هذا الرجل فى الصحابة. ذكره هكذا ابن عبد البر. وقال الكاشغرىّ: علقمة بن صفوان الثّقفى، سكن البصرة، وفى إسناده اضطراب. قال أبو عمر: ولا تعرف له صحبة. انتهى. هذا صريح فى أنه المذكور، وإنما أوردت كلام الكاشغرىّ، لأنه يدل على خلاف فى اسم أبيه، ولما فيه من سكناه البصرة. 2027 ـ علقمة بن الفغواء الخزاعى: ذكر أبو عمر، أنه كان دليل النبى صلى الله عليه وسلم إلى تبوك. روى عنه ابنه عبد الله، وهو أخو عمرو بن الفغواء. وذكره الذهبى فقال: يقال له صحبة، سكن المدينة، قيل كان دليل المسلمين إلى تبوك. وإنما ذكرنا كلام الذهبى؛ لأنه يدل على خلاف ما جزم به أبو عمر فى دلالته إلى تبوك، وكلام الكاشغرىّ يدلّ على ما ذكره أبو عمر. والله أعلم. 2028 ـ علقمة بن ناجية بن الحارث بن كلثوم الخزاعى ثم المصطلقىّ: ذكره الذهبى، وقال: نزل البادية، له حديث. وذكره قبله أبو عمر بن عبد البر، فقال: علقمة بن ناجية الخزاعى، مدنىّ سكن البادية، له حديث واحد، مخرجه عن ولده. وذكره الكاشغرى كما ذكره ابن عبد البر، إلا أنه قال: ثم المصطلقى، وقال: روى نزول (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) [الحجرات: 6] الآية.

_ 2026 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5687، الاستيعاب ترجمة 1866، أسد الغابة ترجمة 3774). 2027 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5692، الاستيعاب ترجمة 1868، أسد الغابة ترجمة 3779). 2028 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5694، الاستيعاب ترجمة 1870، أسد الغابة ترجمة 3781).

2029 ـ علقمة بن نضلة بن عبد الرحمن بن علقمة الكندى، ويقال الكنانى

2029 ـ علقمة بن نضلة بن عبد الرحمن بن علقمة الكندى، ويقال الكنانى: سكن مكة، روى عنه عثمان بن أبى سليمان. وذكره المزّى فى التهذيب. فقال: علقمة بن نضلة بن عبد الرحمن بن علقمة الكنانى، ويقال الكندى المكى. روى عن عمر ابن الخطاب مرسلا، وأبى سفيان بن حرب. وروى عنه الحسن بن عثمان بن القاسم بن عقبة بن الأزرق الأزرقى، وعثمان بن أبى سليمان المكى. وقد ظنّ بعضهم أن له صحبة، وليس بشئ. وذكره ابن حبّان فى الثقات، فى أتباع التابعين من الثّقات، وقال: روى عن الحجازيّين. روى له ابن ماجة حديثا واحدا (1)، من رواية عثمان بن أبى سليمان عنه، قال: توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر رضى الله عنهما، وما تدعى رباع مكة إلا السوائب. زاد فى الكمال: من احتاج سكن، ومن استغنى أسكن. كما نسبه المزى، إلا أنه قدّم عبد الرحمن على علقمة. ونقل الذهبى عن ابن مندة أنه قال: هو تابعى. 2030 ـ علوان بن الحسن الأغلبى، يكنى أبا عقال: المجاور بمكة، كان من ملوك بنى الأغلب، وهم من ملوك المغرب، فانقطع وصحب الشيخ أبا هارون الأندلسى. وكان أبو عقال يقوم الليل، والشيخ هارون ينام الليل، فوجد أبو عقال فى نفسه من نوم الشيخ هارون، فقيل له فى النوم (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) [الجاثية: 21] الآية. فلحق أبو عقال بمكة شرفها الله تعالى، وكان يحمل القربة على ظهره لقوته. ومات بمكة شرفها الله تعالى، وهو ساجد فى صلاة الفريضة فى المسجد الحرام، سنة

_ 2029 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1871، الإصابة ترجمة 6821، أسد الغابة ترجمة 3782). (1) فى سننه، فى كتاب المناسك، حديث رقم (3107) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا عيسى بن يونس عن عمر بن سعيد بن أبى حسين عن عثمان بن أبى سليمان عن علقمة بن نضلة قال: توفى رسول اللهصلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وما تدعى رباع مكة إلا السوائب من احتاج سكن ومن استغنى أسكن.

من اسمه على

ست وتسعين ومائتين، وكان قد صحب عدة من أصحاب سحنون، وسمع منهم، وكتبت أخته العابدة على قبره أبياتا. نقلت هذه الترجمة من تعاليق أبى العباس الميورقى من خطه، أو من خط محمد بن أبى بكر بن حنكاس الزّبيدى اليمنى، والله أعلم. «وأبو» قبل «هارون» سقط فى موضعين، وثبت فى موضع، وما عرفت أىّ ذلك أصوب. فليحرّر. * * * من اسمه على ّ 2031 ـ على بن أحمد بن إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم بن محمد بن مهدى الكنانى المدلجّى، أبو الحسن نور الدين الفوّى: نزيل الحرمين. هكذا وجدت نسبه بخطه، ووجدت بخطه، أنه سمع صحيح البخارى على أبى على عبد الرحيم بن عبد الله الأنصارى المعروف بابن شاهد الجيش، وعلى أحمد بن كشتغدى: جزء الجمعة للنسائى، وعلى أبى نعيم الإسعردى: جزء البطاقة، وسمعه على أبى الفتح الميدومىّ، وغير ذلك. ووجدت بخطه جزءا خرّجه لنفسه سماه: «تحفة طالب التحديث بما علا إسناده من الحديث» أخرج فيه عن محمد بن غالى الدّمياطىّ، والأستاذ النحوى أبى حيّان الأندلسى، وزين الدين أبى بكر بن قاسم الرّحبىّ، ونجم الدين عبد العزيز بن أبى الدّر الرّبعى، وجماعة من أصحاب الفخر بن البخارى، وطبقته. وروى فيه بالإجازة عن الرضى الطبرى، وأبى العبّاس الحجّار، وغيرهم. وقرأ وسمع كثيرا بدمشق والمدينة ومكة، خصوصا مع ولده أبى الطيب محمد، وكان حمله إلى الشام وديار مصر، وأحضره على الزيتاوى بنابلس، وعلى ابن الشّيرجىّ، وستّ العرب بدمشق، ثم سمع على ابن أميلة وغيره. وحدّث. سمع منه والدى، وشيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، وسألته عنه فقال: كان فاضلا، له مشاركة فى علم الحديث والعربية، درّس بمكة دروسا فى الحديث، لإسماعيل ابن زكريا، وكان يتردد إلى مكة كثيرا، وجاور بها قديما ثم استوطنها، وكان يتوجه منها طالبا للرزق. انتهى.

_ 2031 ـ انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 3/ 10، شذرات الذهب 6/ 275).

2032 ـ على بن أحمد بن أبى بكر بن حسين المصرى، الشيخ الإمام علاء الدين المعروف بالوشاقى

وإسماعيل بن زكريا المشار إليه، هو أمير كان ببغداد، وبها مات مقتولا، فى يوم جمعة، فى وقت خروجه لصلاة الجمعة، فى نصف رجب، سنة إحدى وثمانين وسبعمائة، والدرس الذى قرّره للفوّى، هو بحرم المدينة، وأعطاه ـ فيما بلغنى لذلك، لما ورد عليه الفوى بغداد ـ نحو ألف مثقال ذهبا، ومات إسماعيل بعد تقريره لهذا الدرس بقليل، وولى الفّوى تدريسا فى الحديث بالمسجد الحرام، للسلطان شاه شجاع، صاحب الرباط المقابل لباب الصفا، وصاحب بلاد فارس، وكان يحصل له بسببه فى السنة ـ فيما بلغنى ـ نحو مائتى مثقال، وكان يدرّس خلف مقام الحنفية عند أول الرواق. وقد أجاز لى شيخنا الفوى باستدعاء شيخنا ابن سكر. توفى فى يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من جمادى الأولى، سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة، ودفن بتربة الصوفية بظاهر القاهرة. نقلت وفاته من خط شيخنا العلّامة الحافظ أبى زرعة العراقى. 2032 ـ على بن أحمد بن أبى بكر بن حسين المصرى، الشيخ الإمام علاء الدين المعروف بالوشاقى: نزيل مكة، ولد فى سنة ست وثمانين وسبعمائة، وأخذ الفقه عن الشيخ سراج الدين عمر المعروف بقارئ الهداية، شيخ الشّيخونية بالقاهرة فى تاريخه، وأخذ عن شيخنا العلّامة عز الدين محمد بن أبى بكر بن جماعة فنونا من العلم، وعن القاضى شمس الدين النسوى المصرى، القراءات السّبع أو بعضها. وكان ذا معرفة بالقراءات والعربية والفقه والأصول، وغير ذلك. فى خلقه حدّة. قدم إلى مكة فى آخر سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، وجاور بها قريبا من أربع سنين، وجاور بالمدينة غالب سنة ست وعشرين، وكان فى مجاورته بمكة طارحا للتكلّف، متقشفا مكثرا من العبادة، وسكن فى أكثر أوقاته برباط السّدرة، وقليلا برباط ربيع بمكة، وبه مات فى السادس والعشرين من شهر رمضان سنة سبع وعشرين وثمانمائة، ودفن بعد العصر بالمعلاة. أخبرنى باسم أبيه، وجده، وجد أبيه، وبمولده عنه، بعض أصحابنا المحدّثين، رحمه الله تعالى.

_ 2032 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 5/ 164).

2033 ـ على بن أحمد بن عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن، المعروف بالشهيد الناطق، بن القاسم بن عبد الله العقيلى ـ بفتح العين ـ الهاشمى، القاضى نور الدين أبو الحسن النويرى المكى المالكى

2033 ـ على بن أحمد بن عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن، المعروف بالشهيد الناطق، بن القاسم بن عبد الله العقيلى ـ بفتح العين ـ الهاشمىّ، القاضى نور الدين أبو الحسن النويرى المكى المالكى: إمام المالكية بالحرم الشريف، ولد [ ...... ] (1) من شعبان سنة أربع وعشرين وسبعمائة، كذا كتب لنا بخطه، وسمع بمكة مع جدّى، أخيه القاضى أبى الفضل النويرى، على عيسى بن عبد الله الحجى: صحيح البخارى. وعليه وعلى الزين الطّبرى، ومحمد بن الصفى، وبلال عتيق ابن العجمى، والجمال المطرى: جامع الترّمذى. وعلى الزّين: السيرة لجدّه المحبّ، وصفوة القرى، وعلى عيسى بن الملوك: الأحاديث السباعيّة والثمانية، لمؤنسة خاتون، وغير ذلك من مسموعات أخيه القاضى أبى الفضل، وغيرها بمكة على جماعة، وبالمدينة مع أخيه أيضا على الزبير بن على الأسوانى: الشفاء للقاضى عياض، وعلى المطرى، وخالص البهائى: إتحاف الزائر لابن عساكر، عنه. وعلى علىّ بن عمر حمزة الحجّار: عدة أجزاء. وأجاز له مع أخيه من مصر، فى سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، بدر الدين الفارقى، وبدر الدين حسن بن محمد بن السّديد الإريلى، وأبو نعيم بن الإسعردى، وأحمد بن محمد بن عمر الحلبى، وأحمد بن على المشتولى، وصلاح الدين يوسف بن أحمد بن عبيد الموقّع، وابن شاهد الجيش، وأحمد بن محمد بن أحمد بن الإخوة، وأبو الفتح الميدومى، وآخرون. ومن القدس: الأديب تاج الدين عبد الباقى بن عبد المجيد اليمانى، وآخرون. ومن دمشق: مسندها أحمد بن على الجزرىّ، والحافظان أبو الحجاج المزّى، وأبو عبد الله الذهبى، وعبد الرحيم بن إبراهيم بن إسماعيل بن أبى اليسر، وعلى بن العز عمر المقدسى، وعلى بن عبد المؤمن بن عبد العزيز بن عبد الحارث، وشمس الدين محمد بن عمر السّلاوىّ، ومحمد بن إسماعيل بن الخباز، وعمته نفيسة بنت إبراهيم، وعبد الرحمن ابن منّاع التّكريتىّ، وأحمد بن عمر بن عفاف الموسوى، وآخرون. وحدّث بالحرمين. سمعت منه الشفاء وغيره، وقرأت عليه جامع الترمذى، وإتحاف الزائر، وغير ذلك. وولى إمامة المالكيّة، بعد عمر بن عبد الله المالكىّ، ابن أخى الشيخ خليل المالكى حتى مات، وذلك ثلاثة وثلاثون سنة وأشهر، ونال بسبب الإمامة من التّكاررة والمغاربة دنيا

_ 2033 ـ انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 3/ 17). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2034 ـ على بن أحمد بن محمد بن سالم بن على، موفق الدين، المعروف بابن سالم الزبيدى المكى الشافعى

كثيرة، ومعظم ذلك من التّكاررة، وكان يناله من قبل سلطانهم، نحو ألف مثقال ذهبا، فى كثير من السنين، غير ما يناله من شيخ ركب التكاررة، ومن فيه من أعيانهم، وربما يحصل له من الذين فى الركب نحوا ممّا يحصل له من قبل السلطان، وتجمّل بذلك حاله كثيرا فى أمر دنياه وعياله، وكان يعين خاله القاضى شهاب الدين الطبرى فى أمر دنياه وغير ذلك من مصالحه، واكتسب فى حياته جانبا من الدنيا، وكان يذكر أن ما اكتسبه من الدنيا، قبل أن يلى الإمامة، من تركة الشيخ خليل المالكى، وهو زوج أمّه، وقد تزوج من بنات خاله بأمّ الحسين، ثم بزينب، ثم بخديجة. وناب فى الحكم عن أخيه القاضى أبى الفضل فى غالب ولايته، وسئل فى إخراج مرسوم من صاحب مصر بولايته فى الحكم بمكة، فامتنع من ذلك، رعاية لخاطر أخيه، ولم ينب لشهاب الدين بن ظهيرة، فلما عزل ابن ظهيرة بخالى القاضى محب الدين النّويرىّ بن القاضى أبى الفضل، ناب له عمه القاضى نور الدين النويرى حتى مات. وكان ينوب عنه فى حضور حاصل زيت الحرم وشمعه، وهو المتولى لحساب من يقبض ذلك، وأظنه كان يلى ذلك أيضا فى حياة أخيه. وكان ذا مروءة وعصبية لمن ينتمى إليه، وخبرة بأمر دنياه، وكان يذاكر بأشياء حسنة، وولى تدريس الحديث بالمنصورية، ودرّس الفقه للأشراف صاحب مصر، وغيره. توفى يوم الجمعة الثامن من جمادى الآخرة، سنة ثمان وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بعد العصر بالمعلاة، على أمه كماليّة بنت القاضى نجم الدين الطبرى، وكان فيما قيل يشبه جده القاضى نجم الدين الطبرى فى شكله، وكان طويلا غليظا أبيض منوّر الشّيبة، وخلفه فى الإمامة ولداه: بهاء الدين عبد الرحمن، وشهاب الدين أحمد. 2034 ـ على بن أحمد بن محمد بن سالم بن على، موفّق الدين، المعروف بابن سالم الزبيدى المكى الشافعى: ولد بزبيد ونشأ بها، وعنى فيها بالعلم، فأخذ عن غير واحد بها، ثم رحل إلى مكة، فأخذ العلم بها عن جماعة، منهم الشيخ أبو العباس بن عبد المعطى، أخذ عنه النحو، والشيخ جمال الدين الأميوطى، أخذ عنه الفقه، وغيره. وسمع كثيرا، وسمع بها من الكمال محمد بن عمر بن حبيب الحلبى: صحيح البخارى ـ على ما ذكر ـ وسنن ابن ماجة، ومسند الشافعى، ومعجم ابن قانع، وأسباب النزول للواحدى، وغير ذلك.

_ 2034 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 5/ 182).

2035 ـ على بن أحمد بن على بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون القيسى تاج الدين، أبو الحسن، بن الشيخ أبى العباس القسطلانى المصرى المكي المالكى

وسمع بمكة من آخرين، وأخذ العلم عن آخرين، وكان بصيرا بالفقه والعربية والعروض والفرائض والحساب وغير ذلك. درس بالمدارس بمكة، فى بعض أيام نظر عمه القاضى سراج الدين عبد اللطيف بن سالم عليها، وكان نائب عمه فى نظرها فى غيبته، ويتولى قبض ما ينفذه لأجلها ولعياله، وغير ذلك. ولما بلغه موت عمّه، رحل إلى اليمن، فلم ينل ما كان يؤمله من مصير أمر المدارس إليه، وما حصل له من وظائفها، إلا الإعادة بالمدرسة المجاهديّة، فانقطع باليمن، وعنى بالزرع، وما حصل منه على طائل، وأصابه ضعف فى نظره، وما عاد إلى مكة حتى مات. وكان رحل إلى دمشق بعد سنة ثمانين وسبعمائة، وسمع بها من بعض شيوخنا بالإجازة، منهم الحافظ الصّامت بن المحب، ودخل مصر أيضا، وأخذ بها عن غير واحد، وولى نظر المطهرة الناصرية بمكة، وكان مدّة مقامه بمكة، نحو ثلاثين سنة. وتوفى ـ فيما بلغنى ـ فى ذى القعدة سنة ثمان عشرة وثمانمائة بزبيد، ووصل نعيه إلى مكة فى شهر ربيع الأول من سنة تسع عشرة وثمانمائة، وكان قد جاوز سبعين سنة بنحو سنتين، فإنه ولد فى سنة سبع وأربعين وسبعمائة، فى جمادى الآخرة، على ما أخبرنى به. سمعت منه بزبيد: الباب الأول من سنن ابن ماجة، وحديثين منها، أحدهما ثلاثى، وأجاز لى مروياته، وكان فيه خير ودين ومروءة. 2035 ـ على بن أحمد بن على بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون القيسى تاج الدين، أبو الحسن، بن الشيخ أبى العباس القسطلانى المصرى المكي المالكى: سئل عن مولده، فذكر أنه فى ليلة السابع عشر من جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، وسمع من الشريف يونس بن يحيى الهاشمى: صحيح البخارى، ومن زاهر بن رستم: جامع الترمذى، ومن أبى الفتح الحصرى: مسند الشافعى، وسنن أبى داود، والنسائى.

_ 2035 ـ انظر ترجمته فى: (شجرة النور الزكية 169).

2036 ـ على بن أحمد بن على بن محمد بن داود البيضاوى، نور الدين أبو الحسن المكى المعروف بالزمزمى

وسمع من ابن أبى الصيف، وأبى عبد الله بن البناء، بمكة، وبمصر من أبى الحسن بن جبير: كتاب الشفاء للقاضى عياض، عن التميمى، إجازة عنه، وغيره بمصر. وحدّث بها وبمكة. سمع منه الأعيان، وآخر أصحابه أبو الفتح الميدومىّ، له منه إجازة، وتفقه وأفتى ودرّس بمدرسة المالكية المجاورة للجامع العتيق بمصر [توفى سنة ستمائة وخمس وستون] (1) ودفن بسفح المقطم. نقلت مولده ووفاته من خط الشريف أبى القاسم الحسينى، وذكر أنه سمع منه، قال: وكان أحد المشايخ المشهورين بالفضل والدين، المعروفين بحسن الخلق، وطيب الأصل، ولين الجانب، ومحبة الحديث وأهله، والتواضع والخشونة فى الدين. انتهى. وأقام الشيخ تاج الدين بمكة سنين كثيرة مع والده وبعده، وحدّث بها. 2036 ـ على بن أحمد بن على بن محمد بن داود البيضاوى، نور الدين أبو الحسن المكى المعروف بالزّمزمىّ: ولد ببلاد الهند، وحمل لمكة طفلا، فنشأ بها وحفظ القرآن العظيم، وكتبا علمية فى فقه الحنفية، وغير ذلك وأخذ الفرائض والحساب عن عمه الشيخ بدر الدين حسين بن على الزمزمى، وكان نبيها فى ذلك وفى الفقه، معتنيا بالعبادة، حسن الطريقة. رحل لأجل الرزق إلى شيراز ثم إلى اليمن والهند غير مرة، ونال فى بعضها دنيا من بلاد كلبرجة من بلاد الهند، وأدركه الأجل وهو مسافر لصوب الهند من عدن، فغرق وفاز بالشهادة، وذلك فى رمضان سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وهو فى آخر عشر الأربعين ظنّا. 2037 ـ على بن أحمد بن [على بن عيسى، العلاء أبو الحسن الحصكفى، ] (1) الماردينى: نزيل مكة، ذكر ـ وهو ثقة خيّر ـ أنه سمع صحيح مسلم، على بدر الدين محمد بن على بن عيسى بن قواليح، وأنه سمع صحيح البخارى، بقراءة الشيخ عماد الدين أبى بكر ابن أحمد الشهير بابن السّراج الدمشقى بها، ولا أبعد أن يكون حضر فى حال قراءته

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل، وأوردناه من شجرة النور. 2036 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 5/ 175). 2037 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 5/ 174). (1) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، وأوردنا من الضوء اللامع.

2038 ـ على بن أحمد بن محمد بن سلامة بن عطوف بن يعلى السلمى المكى، الشيخ الإمام المقرئ نور الدين، أبو الحسن على، المعروف بابن سلامة

أحد من شيوخ دمشق، الذين رووا صحيح البخارى عن الحجّار، ووزيرة، أو عن أحدهما، أو عن من فى طبقتهما، والله أعلم. وكان ابن السراج ممّن رواه عن الحجّار. وحدّث المذكور، ببعض صحيح مسلم بمكة، بقراءة بعض أصحابنا، ولم يقدّر لى السماع منه. وكان معتنيا بالعبادة، مقبلا على شأنه، سكن المدرسة البنجاليّة بمكة مدّة سنين، ثم انتقل عنها لرباط الخوزى، فسكنه مدّة سنين حتى مات فى آخر يوم الخميس ثامن عشرى شوال سنة خمس وعشرين وثمانمائة، ودفن بالمعلاة بعد المغرب، وقد بلغ السبعين ظنّا. وكانت إقامته بمكة نحو عشر سنين، وكان من أعيان بلدة ماردين. ثم تزهّد وقصد مكة للحج والمجاورة، فيسّر الله له قصده. 2038 ـ على بن أحمد بن محمد بن سلامة بن عطوف بن يعلى السّلمىّ المكى، الشيخ الإمام المقرئ نور الدين، أبو الحسن على، المعروف بابن سلامة: ولد فى سنة ست وأربعين وسبعمائة بمكة، وسمع بها على الفقيه خليل المالكىّ، والقاضى عز الدين بن جماعة، والشيخ عبد الله بن أسعد اليافعى، ومحمد بن أحمد بن عبد المعطى، سمع عليه صحيح ابن حبّان، خلا الكلام. وسمع بمكة على الكمال محمد بن عمر بن حبيب: صحيح البخارى، ومسندى الطّيالسىّ، والشافعى، وسنن ابن ماجة، ومعجم ابن قانع، وأسباب النزول للواحدى. ورحل إلى بغداد، فسمع بها على جماعة: جملة من الكتب والأجزاء. ورحل إلى البلاد الشامية والمصرية، فسمع بها جملة، من ذلك بالقاهرة، على مسندها عبد الرحمن ابن على البعلىّ: صحيح البخارى: ومسموع ابن الصواف من سنن النسائى، وجزء ابن الطلاية. وعلى جماعة بالقاهرة ودمشق، على الحافظ تقى الدين محمد بن رافع جانبا من أول الموطأ، رواية ابن بكير، وينتهى إلى قوله: العمل فى سجود القرآن. وعلى الحافظ عماد الدين إسماعيل بن كثير: مسند الدارمىّ. وعلى محمد بن على بن قواليح: صحيح مسلم، وعلى عمر بن أميلة: جامع الترمذى، وسنن أبى داود، ومشيخة الفخر بن البخارى، وعلى صلاح الدين بن أبى عمر، من مسند أحمد بن حنبل، المجلد الأول من مسند أبى هريرة، وجميع مسند عائشة. وعلى محمد بن عبد الله الصفوى: جزء البيتوتة.

_ 2038 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 5/ 183).

2039 ـ على بن أحمد بن شرف العقيلى، نور الدين

وعلى العلامة شمس الدين بن قاضى شهبة: الأموال لأبى عبيد. وسمع ببيت المقدس، وبلد الخليل ونابلس والإسكندرية، وعدّة من البلاد، وأجاز له جماعة من البلاد التى سمع بها وغيرها. وله مشيخة حسنة شاملة لجميع شيوخه بالسّماع والإجازة، وفهرسة بما سمعه وقرأه من الكتب والأجزاء، تخريج صاحبنا الإمام تقى الدين أبى الفضل محمد بن فهد الهاشمى. وتفقّه بجماعة، وأذن له منهم فى الإفتاء والترديس الإمامان: سراج الدين ابن الملقّن، وبرهان الدين الأبناسى. وكان يذكر أن العلامة شمس الدين بن قاضى شهبة فقيه الشام، أذن له فى الإفتاء. ودرس كثيرا فى الفقه وغيره، وأفتى قليلا لفظا غالبا، تأدبا مع قضاة مكة، وكتب لأميرها الشريف حسن بن عجلان، وغيره من أمرائها، وباشرها فى المسجد الحرام مدّة سنين، وأعاد بالمدرسة المنصورية بمكة. وكان ذا حظ من العبادة، وفيه خير ومروءة. وله نظم، وعناية كثيرة بالقراءات ومعرفة فيها. ومن شيوخه فيها، مقرئ الديار المصرية تقىّ الدين عبد الرحمن البغدادى، قرأ عليه بالسّبع، ويحيى بن صفوان الأندلسى بمكة، وأقام بالقاهرة مدة سنين، ثم عاد لمكة وسكنها حتى مات. وأقرأ الناس كثيرا، وحدّث كثيرا من مسموعاته. توفى فى ظهر يوم السبت الرابع والعشرين من شوال، سنة ثمان وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. رحمة الله تعالى عليه. 2039 ـ على بن أحمد بن شرف العقيلىّ، نور الدين: أمين الحكم العزيز بالبهنسا. توفى ليلة السبت، مستهل جمادى الأولى سنة إحدى عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 2040 ـ على بن أسيد بن أحيحة بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح القرشى الجمحىّ المكى: ذكره الزبير بن بكار، لما ذكر ولد أسيد بن أحيحة، لأنه قال: فولد أسيد: زمعة وعليا، وهو أبو ريحانة، وكان شديد الخلاف على عبد الله بن الزبير، فتوعّده عبد الله ابن صفوان، فلحق بعبد الملك بن مروان، فاستمدّ للحجاج بن يوسف وقال: لولا أن ابن الزبير، تأوّل قول الله عزوجل: (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ) [البقرة: 191]. ما كنا إلا أكلة رأس. وكان الحجاج بن يوسف فى سبعمائة،

2041 ـ على بن إبراهيم بن محمد بن حسين البجلى

فأمدّه عبد الملك بطارق، مولى عثمان بن عفان رضى الله عنه، فى أربعة آلاف، ولطارق يقول الراجز: يخرجن ليلا ويدعن طارقا ... والدهر قد أمّر عبدا سارقا فأشرف أبو ريحانة على أبى قبيس، وهو الجبل الذى فيه الصّفا، فصاح: أنا أبو ريحانة، أليس قد أخزاكم الله يا أهل مكة؟ قد أقدمت البطحاء من أهل الشام، أربعة آلاف. قال الزبير: فحدثنى محمد بن الضحاك الحزامىّ، عن أبيه الضحاك بن عثمان، قال: فقال له ابن أبى عتيق عبد الله بن محمد بن أبى بكر الصدّيق، وكان مع ابن الزبير: بلى والله. لقد أخزانا الله. قال له ابن الزبير: مهلا يا ابن أخى. قال: قلنا لك: إئذن لنا فيهم وهم قليل، فأبيت، حتى صاروا إلى ما صاروا إليه من الكثرة. 2041 ـ على بن إبراهيم بن محمد بن حسين البجلىّ: [ ........................................................ ] (1). 2042 ـ على بن الأعزّ على بن المظفر بن على بن الحسين البغدادى، أبو القاسم بن أبى المكارم بن أبى القاسم الصوفى الرفّاء، المعروف بابن الظهيرى: سمع أبا الفرج بن كليب الحرّانىّ، وحدّث، توفى سنة اثنتين وأربعين وستمائة بمكة. والأعزّ: بعين مهملة وزاى، ذكره الشريف أبو القاسم الحسينى فى وفياته، قال: كان يقول: الأعزّ لقب لأبى، واسمه المظفر. وذكره ابن رافع فى ذيل تاريخ بغداد، وقال: سمع منه الدمياطى فى الرحلة الثانية، وذكره فى معجمه. وأجاز لشيخنا أبى الفضل سليمان بن حمزة المقدسى، وذكر أنه سمع من والده. والظهيرى: بفتح الظاء المعجمة. انتهى. 2043 ـ على بن بابويه الصوفى المحدّث: توفى فى ذى الحجة سنة سبع عشرة وثلاثمائة بمكة، مقتولا فى فتنة القرامطة، وكان

_ 2041 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2044 ـ على بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم، تقى الدين أبو الحسن الطبرى المكى الشافعى

يطوف بالبيت والسيوف تنوشه وهو ينشد: ترى المحبّين صرعى فى ديارهم ... كفتيه الكهف لا يدرون كم لبثوا 2044 ـ على بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم، تقى الدين أبو الحسن الطبرى المكى الشافعى: إمام المقام، وخطيب المسجد الحرام. سمع من يونس بن يحيى الهاشمى: صحيح البخارى، ومن زاهر بن رستم: جامع الترمذى، وسمعه على ابن أبى الصّيف، وغير ذلك. وسمع من أبى الحسن عبد اللطيف بن إسماعيل بن أبى سعد النيسابورى: جزء الأنصارى، أخبرنا القاضى أبو بكر. وحدّث. سمع منه المحّب الطبرى وجماعة. وتوفى فى سنة أربعين وستمائة فى أوائلها بمكة، كذا وجدت وفاته بخط القطب القسطلانى. ومولده يوم السبت وقت صلاة الظهر يوم عشر من شهر رجب، سنة ست وسبعين وخمسمائة. نقلت مولده من خط شيخنا ابن سكّر، وذكر أنه نقله من خطّ المحب الطبرى. 2045 ـ على بن أبى بكر محمد العقيلى نسبا، موفّق الدين أبو الحسن الزّيلعىّ: هكذا ذكر فى حجر قبره بالمعلاة، وترجم: «بالفقيه الصالح العابد الناسك القطب. وفيه أنه: توفى يوم الثلاثاء السّابع والعشرين من ذى الحجة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة» وهذا القبر مشهور بالمعلاة، والناس يقصدونه بالزيارة. وسمعت غير واحد يذكر حكاية تدل على عظيم مقدار هذا الشيخ، وهى أن كريم الدين الكبير، وكيل الملك الناصر محمد بن قلاوون، حجّ فى بعض السنين إلى مكة، ومعه ثلاثمائة ألف درهم للصّدقة، فأناط تفريقها برأى القاضى نجم الدين الطبرى قاضى مكة، وأنه يفّرق على حسب احتياج الناس، بحيث لا يزاد أحد على خمسة آلاف، ولا ينقص عن خمسمائة درهم، فبعثوا لهذا الشيخ منها ثلاثة آلاف درهم، مع القاضى أحمد ابن القاضى نجم الدين، فردّها، فزادوه ألفا، فردّها، فتخيّلوا أن ردّ الشيخ لذلك استقلالا له، لاحتمال أن يكون بلغه أن غيره أعطى خمسة آلاف، واقتضى رأيهم أن يذهب إليه القاضى نجم الدين بخمسة آلاف، فذهب بها إلى الشيخ، وقال: ما رددتها

استقلالا لها، وإنما ذلك لعذر، فألّح عليه القاضى نجم الدين فى القبول فأبى، فقال لها القاضى نجم الدين: لابد من قبولك لذلك، أو تخبرنى بعذرك. فقال: إخبارى بالعذر أهون علىّ، وهو أنا يا بنى الزيلعى، نسكن السّلامة وحيس من بلاد اليمن، ولنا بهما مزارع، يتحصّل منها ما يقوم بكفايتنا، ويفضل لنا نزر يسير، فقدّر فى بعض السنين، أنى استدنت لأجل ولائم أعراس وطهارات، حتى بلغ دينى خمسة عشر ألف دينار، يعنى ستين ألف درهم، فشقّ ذلك علىّ، ولحقنى منه همّ، وبلغ خبرى إلى بعض جهات السلطان، فبعثت إلىّ بمقدار ما علىّ، وهو خمسة عشر ألف دينار، فى خمسة عشر كيسا مع خادمها، ولم أشعر بذلك إلا عندى، فوضعه بين يدىّ، وأبلغنى رسالة مولاته، وهو أنه بلغها ما علىّ الدين، فبعثت إلى هذا المال لوفائه، فرأيت كأن فى بيتى خمسة عشر حيّة، فعرفت من أين أتيت، وأجمعت على رد المال لمن أرسله، وقلت: هذا مال لا يملكونه، إذا أخذته صار فى ذمتى، ولا أعرف أنا أصحابه، فأستحلّ منهم، أو أؤديه إليهم، وأصحاب الدين الذى علىّ غير مطالبين لى، فنهانى عن ردّه جميع أهلى حتى الخادم، وأسا علىّ فى ذلك، فلم أقبل، فرددته. وكان ذلك فى أوان الحصاد، وسعر الطعام إذا ذاك، المدّ بخمسة وعشرين دينارا، فلم يزل السعر يرتفع قليلا قليلا، حتى بلغ المدّ مائة وخمسة وعشرين دينارا، فبعت بهذا السعر من غلتى ما يفى بدينى، وفضل لى فضلة، ثم تنازل السعر حتى صار المدّ بخمسة وعشرين. فعرفت أن ذلك عناية من الله بى، لتوقّفى فى ذلك المال، وعقدت مع الله عقدا، أن لا أقبل من أحد شيئا، فهل ترى يا نجم الدين أن أنقض هذا العقد؟ وأقبل هذا المال! . فقال: لا يا سيدى. هذا ما أخبرنى به بعض الناس، إلا أنه شكّ فى هذه الحكاية، هل اتفقت لهذا الشيخ أو لوالده الآتى ذكره؟ والصواب أنها لهذا الشيخ، لأن سياق الخبر يدل له، وهو كون صاحب المال كريم الدين الكبير، وغير ذلك. وسمعت بعض الناس يذكر هذه الحكاية على غير هذا الوجه، وملخّص ذلك: أن القاضى نجم الدين الطبرى، فرّق صدقة لفخر الدين ناظر الجيش، فبعث إليه منها بألف درهم، فردها، فزيد ألفا، فردها، ثم ألفا، فردها، ثم ألفا، فردها. فلما كان فى المرة الخامسة، توجه إليه القاضى نجم الدين، وسأله قبول ذلك، وبالغ واعتذر إليه بقلة الحاصل، فأبى الشيخ من القبول، وقال له: ما رددت ذلك استقلالا، وإنما رددته لعهد عقدته مع الله تعالى.

2046 ـ على بن أبى بكر بن عمران المكى العطار

وسبب ذلك: أنه كان علىّ دين كثير، فقصدنى الملك المظفر بالزيارة فحملنى أهلى على سؤاله فى قضائه، فلم أفعل، ولم يكن لى شيء أرصده لوفاء دينى، إلّا أرض أزرعها، فبارك الله فى زرعها، وحصل ما أوفى الله منه دينى، وفضلت لنا منه فضلة كبيرة، فعاهدت الله تعالى أنى لا أقبل من أحد شيئا، فترى لى أن أقبل؟ فقال له القاضى نجم الدين: لا يا سيدى. هذا معنى الحكاية التى ذكرت لى. 2046 ـ على بن أبى بكر بن عمران المكى العطار: كان ذا ملاءة وتسبّب فيها، واستفاد أملاكا بمكة وبشرا من وادى نخلة، وشهد عليه بعد موته، بوقفه لملك حسن من أملاكه بمكة، وهى دار بأعلاها قريبا من المسعى، وأنه جعلها رباطا للفقراء، وسكنوها بعد ثبوت ذلك. وكان موته فى سنة إحدى وثمانمائة، فى شوال أو ذى القعدة، ظنا غالبا وأظنه جاوز الستين، وخلّف بنتا وعصبة، فماتت البنت، وورثها العصبة، وزال من أيديهم ما ورثوه. 2047 ـ على بن بحير بن على بن ديلم العبدرى الشيبى: شيخ الحجبة، وفاتح الكعبة، يلقّب بالرضىّ. روى عن أبى اليمن بن عساكر: الأول والثانى من حديث أبى اليمان الحكم بن نافع [ ........ ] (1) وجزءا من تآليفه فضل رمضان. سمع منه ابن قطرال والغرناطى، وجماعة آخرهم الشيخ عبد الله بن خليل المكى. توفى يوم الخميس ثامن صفر سنة سبع عشرة وسبعمائة، ودفن من يومه بالمعلاة. نقلت وفاته من تاريخ البرزالىّ، وذكر أنه من أقران القاضى نجم الدين الطبرى، وقال: كان فاتح الكعبة وشيخ الحرم. انتهى. وبحير: بباء موحدة مضمومة، وحاء مهملة مفتوحة، وياء مثناة من تحت، وراء مهملة، يشبه بحير: بباء موحدة مفتوحة، وحاء مهملة مكسورة وهو بحير بن سعد الحمصى، الراوى عن خالد بن معدان. 2048 ـ على بن ثقبة بن رميثة بن أبى نمى الحسنى المكى: كان شجاعا شهما. قدم إلى الديار المصرية يروم ولاية مكة، واعتقل بالإسكندرية،

_ 2046 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 5/ 205). 2047 ـ (1) انظر ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2049 ـ على بن جسار بن عبد الله بن عمر بن مسعود العمرى المكى

وبها توفى فى آخر عشر السبعين وسبعمائة، بعد وقعة الفرنج بالإسكندرية. 2049 ـ على بن جسّار بن عبد الله بن عمر بن مسعود العمرى المكى: كان من أعيان القواد العمرة، مشهورا بعقل وخير ووفاء فى القول، وكان عالى الرتبة عند أحمد بن عجلان صاحب مكة، لأنه كان أخاه لأمه، وما زال مرعيّا عند ولاة مكة، حتى مات فى شوال سنة عشرين وثمانمائة بالعدّ، من منازل بنى حسن، ونقل إلى مكة، فدف، بالمعلاة، ورزق دنيا، وعدّة أولاد نجباء، وأظنه بلغ الستين أو جاوزها. وأمه: فخر بنت صبيحة بن عمر بن مسعود العمرى. 2050 ـ على بن جعفر [ ........... ] (1). 2051 ـ على بن الحسن بن على بن محمد بن عبد السلام بن المبارك بن محمد ابن راشد التميمى الدارمى، المنتخب أبو الحسن، المعروف بالرّيحانى المكى: الشاعر المشهور. سمع بمكة من أبى الفتح عبد الملك بن أبى القاسم محمود بن عبد الكريم بن على الدرهستانى، وأبو بكر أحمد بن المقرّب، وحدّث. ذكره المنذرى فى «التكملة» وقال: حدثنا عنه الحافظ أبو الحسن المقدسى وغيره، وله شعر حسن، ورحل إلى الشام لقصد الملك العادل محمود بن زنكى، ووفد أيضا على الملك الناصر صلاح الدين. والريحانى: بفتح الراء المهملة، وسكون الياء آخر الحروف، وفتح الحاء المهملة، وبعد الألف نون. وسألت ابن أخيه عن هذه النّسبة. فقال: لا أعرف هذه النسبة إلى شئ، غير أنى لقيت جماعة من الدّارميّين بالإسكندرية، ينتسبون بالريحانى، فسألتهم عن ذلك، واختلفوا علىّ، فمنهم من قال: نحن منسوبون إلى أرض الريحان، وهو موضع ذكره الفرزدق فى شعره. ومنهم من قال: نسبة إلى جد اسمه ريحان. وذكر المنذرى، أنه توفى فى سنة ست وتسعين وخمسمائة. انتهى.

_ 2049 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 5/ 209). 2050 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2052 ـ على بن الحسن بن على بن يوسف بن أبى بكر بن أبى الفتح بن على السجزى المكى الملقب بالتاج الحنفى

وما ذكره ابن المستوفى فى «تاريخ إربل» فى أثناء ترجمة ابن أخيه سليمان السّابق من أنه توفى سنة ثمان وستمائة. لا يصح. وقد ذكره العماد الكاتب فى الخريدة. وأنشد له أبياتا كتبها إلى الملك العادل، لّما ورد دمشق فى سنة ثمان وستين، وهى هذه الأبيات [من البسيط] (1): يا أوحدا عظّمته العرب والعجم ... وواحدا هو فى أثوابه أمم إنّا قصدناك والأقطار مظلمة ... والبدر يرجى إذا ما التجّت الظلم سرنا إليك من البيت الحرام ولم ... نعد المقام به إذ بيتك الحرم والملك العادل المشار إليه، هو المعروف بنور الدين الشهيد. 2052 ـ على بن الحسن بن على بن يوسف بن أبى بكر بن أبى الفتح بن على السّجزى المكى الملقب بالتاج الحنفى: سمع [ ........ ] (1) وعلى فاطمة وعائشة بنتى القطب القسطلانى: سداسيات الرازى، فى شعبان سنة إحدى عشرة وسبعمائة، وأجاز له: الدّشتى، والقاضى سليمان بن حمزة، وجماعة من شيوخ ابن خليل باستدعائه. وكان التاج هذا، ينازع ابن أخيه أبا الفتح بن يوسف فى الإمامة بمقام الحنفية، وكان هذا يؤمّ مدّة والآخر مدة، إلى أن توفى التاج، ولم يكن لديه علم، وكانت وفاته فى سنة ثلاث وستين وسبعمائة بنخلة، ونقل إلى المعلاة، فدفن بها. 2053 ـ على بن الحسن الهاشمى العباسى: أمير مكة. ذكر الفاكهى ولايته على مكة، وأنها فى سنة ست وخمسين ومائتين، وأن فى المحرم ذكر الحجبة لعلىّ بن الحسن هذا، أن المقام وهى، وتسلّلت أحجاره، ويخاف عليه، وسألوه فى تجديد عمله، وتضبيبه حتى يشتد، فأجابهم إلى ما سألوا، ودعا الصّاغة إلى دار الإمارة، وأخذ فى عمله، وحضرته فى ذلك نيّة، فأمر أن يعمل له طوقان من ذهب، ثم قال: وجعل فى الطوق كما يدور، أربع حلق من فضة يرفع بها المقام، وزاد فيها علىّ بن الحسن ما يصلحها من الذهب والفضة من عنده. انتهى من كتاب الفاكهى، بعضه باللفظ، وبعضه بالمعنى.

_ 2051 ـ (1) على هامش النسخة: «هذان البيتان الأولان كنتهما أبو الأصبغ للمعتمد بن عباد صاحب غرب الأندلس قبل تاريخ الترجمة بقريب من مائتى سنة، وللمعتمد جواب عليهما». 2052 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2054 ـ على بن الحسين بن برطاش، الأمير مبارز الدين

وقال فى الأوليات بمكة: وأول من فرق بين الرجال والنساء فى جلوسهم فى المسجد الحرام، على بن الحسن الهاشمى، أمر بحبال فربطت بين الأساطين التى يقعد عندها النساء، فكنّ يقعدن دون الحبال إذا جلسن فى المسجد، والرجال من وراء الحبال. انتهى. وذكر الفاكهى: أنه توفى بمكة، ولم يذكر الفاكهى تاريخ وفاته، ولم يزد فى نسبه على اسم أبيه، وأظنه والله أعلم: على بن الحسن بن إسماعيل بن العباس بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس، الذى ذكر ابن جرير: أنه حج بالناس سنة أربع وخمسين ومائتين. فإن كان هو، فاستفدنا من هذا نسبه وحجّه بالناس فى هذه السنة. وكلام العتيقىّ، يقتضى أن الذى حجّ بالناس فى هذه السنة: عبد الله بن محمد بن سليمان الزّينبىّ. والله أعلم بالصواب. 2054 ـ على بن الحسين بن برطاش، الأمير مبارز الدين: أمير مكة. وليها للملك المظفر صاحب اليمن، وقد ذكر خبر ولايته لها، وما من أمره بها، صاحب بهجة الزمن فى تاريخ اليمن، لأنه قال: إن المظفر فى شوال سنة اثنتين وخمسين وستمائة، جهّز ابن برطاس إلى مكة، فجرت الوقعة المشهورة بينه وبين الشريفين: أبى نمى، وإدريس بن قتادة، وكان أول اليوم له وآخره عليه، وكسر وقتل بعض عسكره، وأخذ ما كان معهم. انتهى. ووجدت بخط بعض مؤرخى اليمن فى عصرنا، هذه الحادثة أبسط من هذا، فنذكر ذلك لما فيه من الفائدة، ونصّ ما ذكره فى أخبار سنة اثنتين وخمسين وستمائة: وفى شوال، جهز السلطان الأمير مبارز الدين على بن الحسين بن برطاس إلى مكة المشرفة، فى مائتى فارس، فلقيه الأشراف على باب مكة فكسرهم وقتل منهم جماعة، ودخل مكة، وحج بالناس، ثم قال: وفى سنة ثلاث وخمسين، جمع أشراف مكة جمعا عظيما، وقصدوا الأمير مبارز الدين على بن الحسين بن برطاس، وحاصروه فى مكة حصارا شديدا، ودخلوا عليه مكة من رءوس الجبال، وقاتلهم فى وسط مكة فكسروه، وقتلوا جماعة من أصحابه، ولزموه، فاشترى نفسه منهم، وعاد إلى اليمن، هو والجند الذين كانوا معه. انتهى. وأفاد الشيخ أبو العباس الميورقى من خبر هذه الوقعة، ما لم أره لغيره، لأنه قال: ثم استحكم أبو نمىّ، وعمه إدريس على مكة، فأخرج الشرفاء الغزّ، فسفك دماء خيل ابن

2055 ـ على بن الحسين بن خالد، المعروف بابن العتر البزار المكى، أبو الحسن

برطاس، الوالى بها من جهة اليمن، وامتلأ الناس رعبا، وسفكت الدماء بالحجر يوم السبت لأربع ليال بقين من المحرم، سنة ثلاث وخمسين وستمائة، ولم يصلّ بالحرم والمقام إمام بمن حضر، إلا الشيخ أبو مروان، معلّم قرن ميقات نجد. انتهى. والوقعة الأولى كانت فى يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من ذى القعدة الحرام، سنة اثنتين وخمسين وستمائة. 2055 ـ على بن الحسين بن خالد، المعروف بابن العتر البزار المكى، أبو الحسن: حدّث عن أحمد بن عمران الأخفش. سمع منه ابن المقرى بمكة، وذكره فى معجمه. 2056 ـ على بن الحسين بن على بن الحسين الشيبانى الطبرى، أبو الحسن: كذا كنّاه أبو الحسن بن القطيعى فى تاريخه، وذكر ما يدل على أنه ولى القضاء بمكة، لأنه لما نسب ولده القاضى عبد الرحمن بن على الشيبانى الطبرى قال: القاضى ابن القاضى، مات بمكة؛ لأن فى حجر قبر ولده عبد الرحمن المذكور، أنه دفن على والده، وما علمت من حاله سوى هذا. 2057 ـ على بن الحسين بن محفوظ القريتى أبو الحسن الرفاعى: نزيل مكة. ذكره هكذا جدّى أبو عبد الله الفاسى فى تعاليقه، وقال: توفى آخر سنة اثنتى عشرة وسبعمائة بمكة المشرفة، وهو من قرية يقال لها قرية عبد الله، من أعمال واسط، وكان خيّرا فاضلا رحمه الله ورضى عنه، وذكر أنه أنشده بمكة لبعضهم [من السريع]: روّعها البرق وفى كفّها ... كأس من القهوة شعشاع عجبت منها وهى شمس الضحى ... كيف من البارق ترتاع قال: وكتب إلىّ كتابا، وقد سافرت من مكة المشرفة وفيه [من البسيط]: لا أوحش الله منكم من يحبكم ... وآنس الله دارا أنتم فيها انتهى. وقد سمع علىّ هذا، على التوزرى، وبعض سماعاته بخط التوزرى، إلا أنه سمّى أباه حسنا، وذكر اسم جده: محفوظ.

2058 ـ على بن حكيم بن السعدى، أبو الحسن

2058 ـ على بن حكيم بن السّعدىّ، أبو الحسن: من أهل سمرقند، يروى عن وكيع بن الجرّاح. روى عن أهل بلده، مات سنة خمس وثلاثين ومائتين. وكان صاحب سنّة وفضل، جاور بمكة قريبا من عشرين سنة. وقد كتب أصناف وكيع كلها عنه، ذكره ابن حبّان فى الطبقة الرابعة من الثقات. وذكره فى التذهيب، وذكر أنه يروى عن أبى خالد الأحمر، وابن عيينة، وأبى مقاتل حفص بن مسلم، ووكيع. عنه جعفر الفريابى، وجيهان الفرغانى، وجماعة. قال الخطيب: كان فقيها زاهدا يعرف بعلىّ البكّاء، لكثرة بكائه، جاور بمكة نحوا من عشرين سنة، وكان ثقة. مات سنة خمس وثلاثين ومائتين. 2059 ـ على بن حميد بن عمّار الأطرابلسىّ، أبو الحسن المكى: سمع صحيح البخارى من أبى مكتوم عيسى بن أبى ذرّ الهروى، وتفرّد به عنه، ورواه عنه جماعة، آخرهم عبد الرحمن بن أبى حرمىّ. قال الذهبى: حدّث به فى سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، وترجمه بالمقرى النحوى. توفى فى شوال سنة ست وسبعين وخمسمائة بمكة، كذا وجدت وفاته ملحقة فى وفيات الحافظ أبى الحسن على بن المفضل المقدسى، بخط شخص لا أعرفه، وذكر أنه وجدها فى ظهر نسخة من وفيات ابن المفضل، بخط أبى الحسن التونسى. 2060 ـ على بن خلف بن معرور بن على بن عبد الله الكومى المحمودى العنبروسىّ التّلمسانى، أبو الحسن الفقيه المالكى: تفقه على مذهب مالك بن أنس رحمه الله، ونظر فى الأصلين والحديث، مع ورع وزهد، وكان يحضر عند صاحب المغرب، وله منه جانب، وآثر الآخرة على الدنيا. ورحل وقدم مصر قديما، واشتغل بالإسكندرية على الإمام أبى صالح بن إسماعيل، المعروف بابن بنت معافى، مدّة، وجاور بمكة سنين، وسمع بها من أبى جعفر أحمد بن على بن أبى بكر القرطبى وغيره، ورحل إلى بغداد، فسمع بها من أبى القاسم يحيى بن ثابت بن بندار، وأبى محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد الخشاب، وأبى بكر عبد الله بن

_ 2059 ـ انظر ترجمته فى: (سير أعلام النبلاء 20/ 541). 2060 ـ انظر ترجمته فى: (سير أعلام النبلاء 21/ 393).

2061 ـ على بن داود بن يوسف بن عمر بن على بن رسول، السلطان الملك المجاهد بن الملك المؤيد بن الملك المظفر بن الملك المنصور

محمد بن أحمد النّقور، وجماعة غيرهم، وحصّل بها كثيرا، وكان شديد العناية والاجتهاد فى السماع والكتابة، وحدّث بمصر، ومنية ابن خصيب من صعيد مصر الأعلى، ودرس بها، وبها توفى فى الرابع والعشرين من رجب سنة تسع وتسعين وخمسمائة. والمحمودى: نسبة إلى بنى محمود من كومة العنبروس [ ............. ] (1). كتبت هذه الترجمة ملخصة من التكملة للمنذرى، وذكر أنه حدّث عنه، وترجمه بالفقيه الإمام. 2061 ـ على بن داود بن يوسف بن عمر بن على بن رسول، السلطان الملك المجاهد بن الملك المؤيد بن الملك المظفر بن الملك المنصور: صاحب اليمن والمدرسة التى بمكة، ذكرناه فى هذا الكتاب، لكونه من أصحاب المآثر بمكة، لأن له بها مدرسة حسنة، مشرفة على المسجد الحرام بالجانب اليمانى منه، وقفها على الشافعية، وأرباب وظائف بها، وذلك فى سنة تسع وثلاثين وسبعمائة. وفى ترجمته من تاريخ الخزرجىّ فى كتابه المسمى «بالعقود اللؤلؤية فى أخبار الدولة الرسولية» أن المجاهد أمر بعمارة مدرسته بمكة فى سنة أربعين، وهذا وهم قطعا. ومن أفعاله الجميلة بمكة: عمارته لمولد النبى صلى الله عليه وسلم، بسوق الليل فى سنة أربعين وسبعمائة، وتحليته لباطن الكعبة. وصح لى عن بعض فقهاء مكة، أنه رأى اسم الملك المجاهد، مكتوبا بأحرف غليظة الحروف، فى حلية من الفضة فى جوف الكعبة مما يلى بابها الشرقى، وأدركنا هذه الحلية وليس فيها اسم المجاهد. وله مآثر باليمن يأتى ذكرها، وسيرة طويلة، ونشير إلى ما يحصل به المقصود من ذلك على وجه الاختصار. بويع الملك المجاهد بعد موت أبيه بالسّلطنة، فى ذى الحجة سنة إحدى وعشرين وسبعمائة، وله من العمر نحو خمس عشرة سنة، فاستناب الأمير شجاع الدين عمر بن يوسف بن منصور، وجعله أتابك العسكر.

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2061 ـ انظر ترجمته فى: (العقود اللؤلؤية 2/ 2، 83، الدرر الكامنة 3/ 49، البدر الطالع 1/ 444، ابن خلدون 5/ 513، البداية والنهاية 14/ 237، 240، الأعلام 4/ 286 ـ 287).

وكان شادّ الدواوين فى دولة أبيه، وعزل من النيابة الأمير جمال الدين يوسف بن يعقوب. وفى أثناء ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين، توجه المجاهد إلى حصن الدّملوة، ولبث بها أياما، وافتقد الخزائن، ونزل منها ولم يحسن لأحد بشئ، على جارى عادة الملوك، وأتى ثعبات، وأقام بها، وأنفس العسكر عليه متغيرة، فسعوا فى إقامة عمه الملك المنصور أيوب بن المظفر فى السلطنة عوضه، ولما تم للسّاعين فى ذلك قصدهم، اجتمع المماليك بالأمراء الكبار ومضوا لدار الشجاع عمر بن يوسف بن منصور المحارب بتعز، فقتلوه وقتلوا من كان حاضرا عنده وخرجوا من فورهم إلى ثعبات، فقبضوا المجاهد، وعادوا إلى المنصور أيوب فى آخر ليلتهم، والمجاهد معهم أسير، ولبث عند المنصور ثلاثة أيام، والمنصور يستحلف العسكر على الطاعة له والوفاء، فحلفوا له أيمانا مغلّظة. وفى اليوم الرابع طلع المنصور فى أبّهة السلطنة إلى حصن تعزّ، ومعه المجاهد محتفظا به، وأودع دار الإمارة مكرّما، ، واستوسق الأمر للمنصور، وكانت سلطنته فى جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة، وصرف فى مدة سلطنته من المال، نحو سبعمائة ألف دينار، غير المركوب والملبوس، وكانت سلطنته ثمانين يوما، وقيل نحو تسعين يوما، وزالت سلطنته فى سادس رمضان، سنة اثنتين وعشرين، وسبب زوالها، أن والدة المجاهد فيما قيل، بعثت بعض غلمان لها إلى العربيين، واتفقت مع جماعة منهم، وعاملوا شخصا على طلوع الحصن من قفاه، بمباطنة جماعة من عبيد الشّر بخاناه الذين بالحصن. فلما حضروا إلى الحصن أدليت إليهم الحبال، وأطلعوا واحدا بعد واحد، وعددهم أربعون رجلا، وبعد استقرارهم بالحصن أرادوا الثورة، فنهاهم عن ذلك عبيد الشّربخاناه، وقالوا لهم: لا تحدثوا حدثا حتى نقول لكم، فلما نزل الخادم وقت الصباح بمفاتيح الحصن، وعلم بذلك عبيد الشربخاناه، أشاروا إلى الذين أطلعوهم بالقيام، فحضروا إلى الخادم وقتلوه وأخذوا المفاتيح منه، وما شعر بهم المنصور، إلا وهم معه فى موضع مبيته، فأخذوه أسيرا، ومضوا به إلى موضع ابن أخيه المجاهد، فسلموه إليه، وصاحوا بشعار المجاهد، فارتاع الناس لذلك، وحصل بين والى الحصن والرتبة معه، وبين الذين ثاروا بالحصن، قتال شديد، فقتل الوالى، واجتمع إلى الحصن أصحاب المنصور، فلم يجدوا إليه طريقا لإغلاقه دونهم، ولما رآهم المجاهد، أمر مناديا فصاح بإباحة بيوت المنصورية، فافترقوا إلى بيوتهم خوفا عليها، وتعدّى النهب لنساء الملوك، ثم أمر المجاهد بالإعراض عن النهب، وقبض على الناصر محمد بن الأشرف وأبيه، وغيرهم من الملوك، وكان المماليك البحرية والأمراء، قد أطمعوا الناصر بالملك. لما علموا بالنداء فى الحصن

بشعار المجاهد، وأمر المجاهد عمّه المنصور، أن يكتب إلى ابنه الظاهر عبد الله، وكان بالدّملوة، يأمره بتسليمها للمجاهد، فامتنع من ذلك، فبعث إليه المجاهد عسكرا، فأحسن الظاهر إلى بعض مقدّميهم فرحل، وتلاه الباقون، وأعرضوا عما فى المحطّة، وكان شيئا كثيرا، وكانت المحطة بالمنصورة، ودام الحرب والحصار بين الفريقين نحو شهرين. وفى سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة، مات المنصور والد الظاهر، وبعث الظاهر حسن ابن الأسد فى عسكر ومال جزيل إلى الجند، فاستولوا عليها، ومال إليهم بعض من كان فيها من قبل المجاهد من المماليك البحرية، وحلفوا للظاهر، وكان أخذهم للجند فى ثالث عشرى ربيع الأول، وأتى هذا العسكر إلى تعزّ وحطّوا على الحصن، وأتاهم من صوب الدّملوة الغياث بن الشيبانى فى عسكر أنفذه الظاهر، فحطّ معهم على حصن تعز، ثم رحلوا بعد سبعة أيام، وقتل من أصحاب الظاهر، أزيد من مائة نفر، ولم يقتل من أهل تعز، إلا اثنا عشر رجلا، ومضى جماعة من المماليك إلى الظاهر، فأحسن إليهم وطيّب خواطرهم، ولم يسهل ذلك بالمجاهد، وقطع الجامكيّة عن المماليك، فتعبوا لذلك، وجاهروا المجاهد بالقبيح والأذى، فأمر صائحا بإباحة قتل المماليك وأسرهم ونهبهم، فقتل منهم ستة عشر نفرا، ومضوا إلى زبيد، فدخلوها بإعانة متولّيها محمد بن طريطان، وكان من أعيان المماليك، وبإعانة بعض أهل زبيد، وملكوها للظاهر، وكان استيلاؤهم على زبيد فى غرة سنة ثلاث وعشرين. ولما علم بذلك المجاهد، بعث إليهم عسكرا مقدمهم نجم الدين أزدمر، وكانوا خمسمائة فارس وستمائة راجل، فخيموا بحائط المنصورة، بين القرتب وزبيد، فخرج إليهم من زبيد المماليك فى حال غفلة من أصحاب المجاهد وافتراق، فقتل المماليك معظم عسكر المجاهد، وأسروا مقدمهم، وذلك فى ثامن رجب سنة ثلاث وعشرين. وفى آخر شعبان منها، خطب للظاهر بعدن، والذى أخذها له، عمر بن الدّوادار بإعانة بعض المرتّبين من يافع، وقبض على نائبها للمجاهد، وأنفذه إلى الظاهر، وأرسل الظاهر إلى عدن، من أتاه منها بخزانة جيّدة، فى الحادى والعشرين من شهر ربيع الأول سنة أربع وعشرين، وقدم إلى تعزّ، عمر بن باليل الدوادار العلمى بعد نهبه للجند، فحطّ فى الجبيل موضع المدرسة المجاهدية والأفضلية، وأمر بإحضار المنجنيق من عدن، فأحضر بعضه فى البحر إلى موزع، وبعضه فى البر على أعناق الرجال، وركّب ورمى به إلى الحصن، فما أثّر شيئا، واستدعوا من الظاهر منجنيقا آخر، فأنفذه إليهم من الدّملوة. وممن وصل معه الغياث بن بوز، وكان قبل ذلك من أصحاب المجاهد، وكان يرمى

الحصن كل يوم بأربعين حجرا، وكان المجاهد ينتقل إلى عدة مواضع فى يومه وليلته، وكاد المجاهد يهلك بحجر المنجنيق فى بعض الأيام، لولا ما قيل من أن جنّيا خرج إليه من جدار فى الحصن، فنقل المجاهد من موضع جلوسه إلى موضع آخر، وبإثر نقله له، سقط الحجر فى الموضع الذى كان فيه المجاهد فأتلفه. ويقال إن هذا الجنّىّ أخ للمجاهد من جارية كانت لأبيه، وأنه اختطف من بطن أمه، ووعده هذا الجنّىّ بالنصر فى يوم ذكره له. ولما كان ذلك اليوم، جمع المجاهد أصحابه وقاتلوا، فظهر أصحاب المجاهد على قلّتهم، وكثرة عدوّهم. فلما كانت ليلة العشرين من ذى الحجة سنة أربع وعشرين، ارتفع أصحاب الظاهر عن محاطّهم على حصن تعزّ، ومضى ابن الداوادار للحج، ومضى بعض المماليك الذين كانوا معه إلى صوب زبيد. وسبب ذلك، أن طائفة من المماليك الذين كانوا محاصرين للمجاهد، انصرفوا قبل ذلك إلى صوب تهامة، نصرة لبعض الأشراف، ثم حصل حرب بين المماليك هؤلاء، وأشراف أتى بهم الزعيم، وكان من خواصّ المجاهد، لينصروه بمكان يقال له جاحف، استظهر فيه الأشراف على المماليك، ولمّا علم بذلك المماليك الذين كانوا مع ابن الدّوادار، لم يستقرّ لهم قرار، فرحلوا نحو أصحابهم. وفى يوم الجمعة الرابع عشر من ربيع الأول سنة خمس وعشرين وسبعمائة، خطب بزبيد للمجاهد، بإشارة عوّارين زبيد، وتهدّد بعض شياطينهم الخطيب بالقتل إن لم يفعل، فلم يتخلف، ولم يخطب بعد ذلك للظاهر على منبر من منابر تهامة. وسبب ذلك، أن المماليك الذين انصرفوا من المحطة بتعز، فى ليلة العشرين من ذى الحجة من السنة الماضية، لما دخلوا زبيد، سألوا القصرىّ، وهو من كبار المماليك الذين بها، أن يخرج عنها، وأن يكون الأمر بها لناس من المماليك سمّوهم له، ونسبوا ذلك للظاهر، ورأى منهم ما رأى، فخادعهم وبذل للعوّارين أربعة آلاف دينار على نصرته، والقبض على من عانده، فقصدوا دور القائمين عليه ونهبوها، وأتوه يطلبون منه ما وعدهم به، فامتنع، فرموه بالحجارة، وتسوّروا عليه داره فهرب، وأخذوا من منزله مالا جزيلا، وأتوا إلى الخطيب، فأمروه بالخطبة للمجاهد، ففعل كما ذكرنا، وقصد المماليك بعد خروجهم من زبيد، الناصر محمد بن الأشرف بالسّلامة، وأطمعوه بالملك، فسار معهم إلى زبيد، فقاتلهم أهل زبيد ساعة من نهار، ثم انتقل الناصر إلى التريبة ثم إلى الكدراء، وأقام بها شهرا وجبى أموالها، ثم قصد زبيد، فلقيه بفشال، جماعة من أصحاب المجاهد، فقاتلوه فظهر عليهم الناصر، ثم أتى زبيد، فخرج إليه العوارين فقاتلوه، فقتل من

العوارين نحو عشرين رجلا، وكتبوا للمجاهد يسألونه أن يرسل إليهم واليا يحفظ المدينة وعسكرا، ففعل. ثم ولّى والى المجاهد جماعة من أهل زبيد، وقالوا له: إن لم تنزل لزبيد، وإلا فلا بلاد لك ولا للظاهر. ثم سار إلى زبيد، فدخلها فى يوم الجمعة الثانى عشر من جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وسبعمائة، ونزل بحائط لبيق، ثم توجه المجاهد إلى النّخل، ولما علم بذلك الناصر ومن معه، وكانوا جمّا غفيرا انحلّت عراهم، وافترقت كلمتهم، وارتفعت محطتهم، وقصد الناصر فى طائفة من أصحابه السلامة، فلما علم بذلك المجاهد، بعث إليهم من قبض عليهم وسجنهم بحصن تعزّ. وفى يوم الأحد السابع عشر من رجب سنة خمس وعشرين، وصل إلى المجاهد نجدة من مصر، وكانت هذه النجدة ألفى فارس، ومعهم ألفا راحلة، وفيهم من الأمراء أربعة، والتعويل منهم على أميرين هما: بيبرس وطيلان، ومعهم من الجمال ما يحمل أزوادهم، وعددهم، اثنان وعشرون ألف جمل، وتلقّاهم المجاهد إلى القوز الكبير، وحين عاينوه ترجلوا له، وقبّلوا الأرض بين يديه، وساروا فى خدمته ساعة، واجتمعوا مع المجاهد فى خيمة نصبوها، وأخرجوا له من صندوق كان معهم، عمامة بعذبتين، وخلعة فاخرة، فألبسوه ذلك، وركبوا جميعا إلى أن حطوّا بباب الشّبارق، ومكثوا هناك أياما قليلة، ثم تقدّم المجاهد لتعزّ فى طائفة من عسكره والعسكر المصرى، ثم أتى بقية العسكر المصرى لتعز، فعاثوا فيها وفى نواحيها كثيرا، وأفسدوا زرع تعز، ونهبوا بعض البلاد، وسبوا حريمها وباعوهم، ومات كثير من الناس من ضربهم، ومضى بعضهم للظاهر إلى الدّملوة فأكرمهم، ووعدهم بمال جزيل، على أن يمسكوا المجاهد، وأوقفهم على مكاتيب تشهد له بأنه أرشد من المجاهد، وأتوا من عنده إلى تعزّ، واجتمعوا مع أصحابهم لفعل ما أمرهم به الظاهر، فيما قيل، فقصدوا المجاهد وهو بدار الشّجرة، فاعتذر لهم بأنه فى الحمّام، وخرج من باب السّر من فوره إلى حصن تعزّ، وكتب إلى مقدّمهم: أن قد بلغ شكركما، وهذا خطّنا بأيديكما، يشهد بوصولكما، وانقضاء الحاجة بكما. وقصدوا بعد ذلك أهل تعزّ، وتقاتلوا، فقتل من الترك نحو أربعين رجلا، ثم ظفروا بالقصرىّ، وكان ملائما للمجاهد بعد ملاءمته للظاهر، فوسّطوه وسحبوه، وعلّقوه على أثلة بسوق الوعد بتعز، وأسروا الغياث بن بوز، وتوجّهوا به معهم، لما سافروا من تعز، وكان سفرهم منها فى شعبان، ولم يدخلوا زبيد، ورجعوا فى طريقهم التى أتوا منها، واشتدّ نهبهم لتهامة.

وفى حرض وسّطوا ابن بوز، بعد أن بذل لهم المجاهد فيه مالا جزيلا، وبعد رحيل العسكر المصرى من تعز، قصد المجاهد عدن، وحاصرها سبعة أيام، ونزل بمسجد المباه، وتخيّل من بعض من فى عسكره السوء، فمسك بعضهم، وتأخر إلى لخبة، فأقام بها ثمانية أيام، ثم ارتحل إلى صوب زبيد، على طريق الساحل، لاضطراب حصل فى عسكره، ودخل زبيد فى أثناء شهر رمضان سنة خمس وعشرين. وفى شوال خرج المجاهد لبلاد المعازبة، فاستولى عليها بعد إخرابه لها، وقتل منهم جماعة، وبعث المجاهد بهدية لصاحب مصر فى هذه السنة، مع الجمال بن يونس، وعاد إليه فى ذى القعدة من السنة التى بعدها، ومعه ثلاثون مملوكا هدية. وفى سنة ست وعشرين، قصد المجاهد عدن، كان بها ابن عمه الظاهر، فخرج إليه جماعة من عسكره، واقتتلوا مع عسكر المجاهد، فقتل من أصحاب الظاهر نحو تسعين، وأقام المجاهد ستة أيام بلخبة، ثم حصل حرب آخر، فقتل فارسان من أصحاب المجاهد، وانهزم عسكره إلى جبل حديد، ثم حصل حرب آخر عند جبل حديد، وعاد المجاهد إلى لخبة، ثم رحل إلى تعز فى ربيع الآخر، لما توهّمه من أن عسكره يريدون المكر به، ورأى كتابا يؤيّد ذلك. وفى جمادى الآخرة، خرج الظاهر من عدن، فطلع السّمدان فأقام به. وفى شعبان، أوقع المجاهد بالعوّارين بزبيد، وشنق منهم طائفة. وفى سنة سبع وعشرين وسبعمائة، أخذت منصورة الدّملوة من الظاهر، بمساعدة مرتبيها، ورتّب عسكر من قبل المجاهد. وفى يوم الجمعة السادس والعشرين من رمضان منها، توجه المجاهد من تعز إلى عدن، فنزل بلخبة، ولم يزل المجاهد يغزو عدن، ويخرج إليه منها خيل ورجل، والحرب بينهم سجال، واستمر الحصار إلى آخر صفر من سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، ثم أخذ المجاهد عدن. وسبب ذلك: أن جماعة من المرتّبين بعدن من يافع، خرجوا إلى المجاهد، وقرروا معه كلاما، وأخذوا من عند المجاهد جماعة من الشّفاليت، وطلعوا بهم من جهة التّعكر ليلا. فلما كان يوم الخميس الثالث والعشرين من صفر سنة ثمان وعشرين، زحف المجاهد بعسكره على عدن، فخرج أهلها لحربهم على العادة، ولم يكن لهم شعور بمكيدة يافع لهم، فصاح عليهم من ورائهم عسكر المجاهد، وأعلنوا باسم المجاهد، ففشل من بعدن من

أصحاب الظاهر، وفتح باب عدن، ودخلها الزعيم، وهو كبير دولة المجاهد، والملك الأفضل بعد الظهر، وبات المجاهد بالتّعكر ليلة الجمعة الرابع والعشرين، فلما كان الصباح سار المجاهد من التّعكر، إلى الخضراء على طريق الدّرب، ثم قتل المجاهد من أصحاب الظاهر جماعة، وكحل جماعة، وغرّق جماعة. وفى حال حصاره لعدن، أخذت له الدّملوة من الظاهر، وسبب ذلك: أن المرتبين بالدّملوة، باعوها على يد المرتّبين بالمنصورة؛ فبادرت والدة المجاهد، جهة صلاح، بإرسال زمامها جوهر الرّضوانىّ إلى الدملوة فتسلّمها، وكان ثمنها ستة آلاف دينار ملكية، غير الخلع والكساوى، وذلك فى صفر سنة ثمان وعشرين، وأقام بعدن إلى أن خرج منها فى العشرين من جمادى الأولى من سنة ثمان وعشرين، يريد الدّملوة، فدخلها فى غرّة جمادى الآخرة. وفى المحرم من سنة ثلاثين وسبعمائة، حصل صلح بين المجاهد والظاهر، وما زال حال الظاهر يضعف، وحال المجاهد يستفحل، لأنه فى ذى القعدة سنة اثنتين وثلاثين، أخذ المجاهد حصن حبّ. وفى سنة ثلاث وثلاثين، قبض سائر الحصون المخلافية، وأذعنت له القبائل طوعا وكرها، واتّسق له الملك، فعند ذلك كتب الظاهر إلى القاضى جمال الدين محمد بن مؤمن، والأمير شرف الدين موسى بن حباجر، يسألهما أن يسعيا فى الصلح، وذمّة شاملة، له ولمن معه من أهله وغلمانه، فأجاب المجاهد إلى ذلك، وتقدّم ابن مؤمن وابن حباجر إلى السّمدان، ومعهما ذمّة من المجاهد للظاهر، فوصل فى صحبتهما، فأمر المجاهد بطلوعه لحصن تعزّ، وإيداعه فى دار الإمارة مكرّما، فأقام هناك حتى توفّى فى شهر ربيع الآخر، سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، وافى أولها، كان نزوله من حصن السّمدان. ولما علم المجاهد بموته، أمر قاضى تعزّ وسائر أعيان فقهائها، بأن يحضروا غسل الظاهر، ويتفقدوا أعضاءه، فما وجدوا فيه أثرا، ودفن بتربة الملوك الملاصقة لجامع عدينة من جهة القبلة. وفى سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، كملت عمارة ثعبات، والذى أمر بإنشائه المجاهد فى سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة. وفى سنة ست وثلاثين، استولى المجاهد على جميع الحصون السّردديّة. وفى سنة تسع وثلاثين، أمر المجاهد بتجديد عمارة سور زبيد وأبوابها وخنادقها.

وفى سنة إحدى وأربعين، انقضت عمارة سور زبيد وجدّدت أبوابها الثمانية، وزخرفت شراريفها. وفى سنة اثنتين وأربعين، توجه المجاهد إلى مكة للحجّ فى عسكر كثير، وفى خدمته الشريف ثقبة، ابن صاحب مكة رميثة بن أبى نمىّ، فلما بلغ يلملم، تصدّق بصدقة طائلة من الدراهم والثياب، وسقى الناس السّويق والسكر، وسبّل ذلك لعائلة الناس. وأتاه فى يلملم، الشريف رميثة فى وجوه أصحابه، فأعطاه من النقد أربعين ألف درهم جددا مجاهدية، ومن الكسوة والطّيب شيئا كثيرا، وأعطاه عدّة من الخيل والبغال كوامل العدد والآلات، وخلع عليه وعلى من معه، ثم سار إلى مكة، فدخلها عشاء ليلة الأربعاء ثانى ذى الحجة، فطاف وسعى، ودخل البيت بعد سعيه، ثم خلع على أميرى الحاجّ المصرىّ والشامىّ، بعد حضورهما إليه، وبات بمنى ليلة التاسع حتى أصبح، ثم سار إلى عرفة، وحضر صلاة الإمام فى يوم عرفة، ثم سار إلى الموقف، فوقف عند الصّخرات، وأفاض من منى إلى مكة، فى يوم الجمعة حادى عشر الحجة، ثم عاد إلى منى، فأقام بها إلى الرابع عشر، وودّع البيت بالطّواف فى هذا اليوم وسافر فى سابع عشر الحجة، وهو متغير الخاطر على بنى حسن، لكونهم لم يمكنوه من كسوة الكعبة، وتركيب باب عليها فيما قيل. وبلغ منازله سالما. وفى سنة ست وأربعين، استولى المجاهد على جميع جبل سورق. وفى سنة ثمان وأربعين، عصى أهل الشّوافى، فخرج لهم المجاهد فى جيش كثيف، فاستولى على البلاد جميعها، وقتل وكحل وغرّق جماعة من العصاة. وفى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، توجه المجاهد لمكة حاجّا، ولما دخلها، كان معه ثقبة بن رميثة، وأخواه سند ومغامس، فلم يسهل ذلك بأخيهم عجلان، وكان أمير مكة، قد طرد عنها إخوته المذكورين، فأغرى المصريين بالمجاهد، وقال لهم: إنه يريد أن يكسو الكعبة، ويولّى مكة غيرى، ويغيّر منازلكم، فقبلوا قوله، لأن المجاهد لم يلتفت إليهم، ولم يكن من أمراء المصريين سوى الأمير طاز، فلما كان يوم النّفر الأول، ركب أمير الحاج ومن انضم إليه، وتلاهم الطمّاعة، وكان غافلا عنهم، وفى قلّة من غلمانه، ففر إلى جبل بمنى، ونهبت محطّته عن آخرها، وراسلوه فى الحضور إليهم، فحضر بأمان إليهم، واحتفظوا به مع الكرامة، وساروا به معهم إلى مصر، وأحضروه عند صاحبها الملك الناصر حسن بن الناصر محمد بن قلاوون، فأكرمه وأحسن إليه، وأمره بالمسير إلى

بلاده، فسار حتى بلغ الدّهناء من وادى ينبع، ثم جاء أمره بردّ المجاهد، وإنفاذه إلى الكرك واعتقاله به، وكان سبب ذلك، أن المجاهد فيما قيل، لم يحسن معاشرة الأمير المسفّر فى خدمته، وأنه قال للمسفّر، لما سأله عما يعطيه له من بلاده: أعطيك حافة منيح فسأل المسفّر عنها بعض من كان معه من غلمان المجاهد، فقال له: إنها موضع الجذمان بتعزّ، فتأثّر لذلك خاطره، ونقل ذلك عنه وغيره إلى الدولة بمصر، والمجاهد لا يشعر بذلك، فكتبوا للمسفّر معه بردّه. واعتقاله بالكرك، وما زال بها حتى شفع فيه الأمير بيغاروس، فأطلق وتوجّه لمصر، وتوجه منها إلى بلاده، على طريق عيذاب وسواكن، وخرج من البحر إلى ساحل الحادث، فى سادس الحجة سنة اثنتين وخمسين، وتلقّاه العسكر، وضبطت والدته بعد عودها من مكة له البلاد، فلم يفته منها إلا بلاد بعدان، ثم حطّ المجاهد عليهم فى سنة أربع وخمسين، فلم يظفر بهم، وفاتت من بعده من الملوك، ومنع المجاهد التجار من السفر إلى مكة، حنقا على عجلان. وفى سنة خمس وخمسين، جهّز المجاهد هدية لمصر، مع الطواشى جوهر الرّضوانى، فغرق والهدّية عند جبل الزّقر. وفى سنة ست وخمسين، قويت شوكة العرب المفسدين فى التهائم، فخرب لذلك قرى كثيرة من أعمال زبيد، واشتدّ فسادهم فى سنة سبع وخمسين. وفى سابع شعبان من سنة تسع وخمسين، قصدت القرشيّون والمعازبة، نخل وادى زبيد، فاقتسموه بعد نهبهم لمن كان فيه من أهله، وارتفعت أيدى أصحاب النخل عن أملاكهم، وتملكوه العرب المفسدون. وفى سنة ستين، كانت خيول العرب المفسدين، من المعازبة والقرشيين، تدور حول مدينة زبيد. وفيها نوى نور الدين محمد بن ميكائيل العصيان على المجاهد، وكان إليه الأمر فى بعض البلاد الشامية. وفى سنة إحدى وستين، أظهر ابن ميكائيل ما نواه من العصيان، واستدعى الأشراف من صعدة وغيرهم، وصار أمره مستفحلا. وفى سنة ثلاث وستين، عصى على المجاهد ابناه: الصّالح والعادل. وفيها تسلطن ابن ميكائيل، فضربت السّكة باسمه، وخطب له فى حرض والمحالب والمهجم، وذلك فى صفر من هذه السنة، واستمرت سلطنته سنتين.

وفى سنة أربع وستين وسبعمائة، عصى على المجاهد ابنه المظفر يحيى، وأفسد المماليك، وهجم على اسطبل أبيه ومناخه، فأخذ من الخيل والجمال ما أحبّ، وقصد عدن، واستخدم جماعة من العقارب، وأمرهم أن يتقدموا قبله لباب عدن، فلما قدّر أنهم بالباب، تلاهم فيمن معه من المماليك، فألفوا جملا يحمل بطيخا، فنزلوا إليه واشتغلوا بأكله، وكان العقارب واقفين بباب عدن ينتظرون وصول المظفر، وتشوّش البوابون بعدن من طول وقوفهم، فنحّوهم عن الباب، فما امتثل العقارب قول البوابين، وظهر للبوابين من العقارب ما أحوجهم إلى طردهم وإغلاق الباب، وبعد إغلاقه، وصل المظفر ومن معه، ففاتهم قصدهم، وبرز لهم من عدن أميرها وأصحابه. فقاتلوا المظفر ومن معه ساعة، وقصد المظفر بعد ذلك لحج وأبين، وقبض وزير أبيه محمد بن حسّان وابنه عليا بأبين، وصادرهما ثم أطلقهما، ولما علم أبوه بخبره، بعث عسكرا لقتاله، فلقيهم المظفر بالشّراجى، فكان الظّفر له، وتوجّه المجاهد بسبب ابنه إلى عدن، وبعث عسكرا لابنه المظفر، فما ظفروا به. ثم تمنّى المجاهد حضوره إليه بعدن، وأن يفوّض إليه الأمر، لّما مرض مرضه الذى مات به. وكان موته فى يوم السبت الخامس والعشرين، من جمادى الأولى سنة أربع وستين وسبعمائة بعدن، عن ثمان وخمسين سنة، وقيل سبع وخمسين سنة، وتسلطن عوضه ابنه الملك الأفضل عباس، وحمل أباه إلى تعزّ، فدفنه بالمدرسة التى أنشأها أبوه بالجبيل بتعز، فى سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، ووقفها على جماعة من الفقهاء والمحدّثين والصوفية وغيرهم. ومن مآثره: جامع أنشأه بالنّويدرة خارج زبيد، فى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة، وزيادة بجامع عدينة بتعزّ، وهى بالجانب الغربى منه، وجامع ثعبات، ومسجد عند بستان الرّاحة، المعروف بحائط لبيق، خارج باب زبيد، المعروف بباب الشّبارق، وله على ذلك أوقاف جيّدة. وكان له حظّ من العلم، وشعر صالح. وبلغنى عن الشيخ عبد الله اليافعىّ شيخ مكة، أنه قال: إن المجاهد أفضل أهل بيته، وعندى فى ذلك نظر، بالنسبة إلى جدّه المظفر، والله أعلم. ومن أخباره فى الجود، ما حكاه عنه فقيه اليمن وقاضى قضائه، جمال الدين محمد بن عبد الله الريمىّ، شارح «التنبيه» وغيره، وكان خصيصا بالمجاهد قال: أعطانى السلطان الملك المجاهد، فى أول يوم دخلت عليه، أربعة شخوص من الذهب، وزن كلّ واحد

2062 ـ على بن زيد بن جدعان، وهو على بن زيد بن عبد الله بن أبى مليكة زهير بن عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب التيمى، أبو الحسن المكى

منهما مائتا مثقال، مكتوب على وجه كل شخص منها [من الطويل]: إذا جادت الدّنيا عليك فجد بها ... على الناس طرّا قبل أن تتفلّت فلا الجود يفنيها إذا هى أقبلت ... ولا الشّحّ يبقيها إذا ما تولّت نقل ذلك عن الرّيمىّ، مؤرّخ اليمن نور الدين على بن أبى بكر الخزرجىّ الزّبيدى، ومن كتابه «العقود اللؤلؤية فى أخبار الدولة الرسولية» لخّصنا كثيرا من هذه الترجمة بالمعنى، وفيها أشياء كثيرة لم يذكرها الخزرجىّ. 2062 ـ على بن زيد بن جدعان، وهو على بن زيد بن عبد الله بن أبى مليكة زهير بن عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب التّيمىّ، أبو الحسن المكى: نزيل البصرة، وكان أحد الحفّاظ بها، روى عن أنس، وابن المسيّب، وعبد الرحمن بن أبى بكرة، ومطرّف بن عبد الله الشّخّير، وأبى عثمان النّهدىّ، وغيرهم. روى عنه: قتادة، وشعبة، والحمّادان، والسّفيانان، وابن عليّة، وهشيم، وخلق. روى له الجماعة، إلا البخارى، إنما روى له فى الأدب المفرد، ومسلما قرنه بثابت البنانىّ. قال أحمد: ليس بالقوىّ، وقد روى عنه الناس، وقال مرّة: ضعيف. وقال عباس عن ابن معين: ليس بحجة. وقال أبو زرعة وغيره: ليس بالقوىّ. قال يعقوب بن شيبة: ثقة صالح الحديث، وإلى اللّين ما هو. قال الذهبّى: أحد الحفاظ بالبصرة وعلماء الشيعة، وقال: ليس بالقوى. وقال حمّاد ابن زيد: سمعت الجريرىّ يقول: أفصح فقهاء البصرة ثلاثة: قتادة، وعلىّ بن زيد بن جدعان، وأشعث الحدّانى. وقيل: كان علىّ بن زيد يصلّى أكثر الليل. وروى نصر بن المغيرة، عن ابن عيينة، قال: كان ابن جدعان مكفوفا، قال: ما أعرف أحمر ولا أبيض، وكان حافظا للقرآن، يعدّ كلّ ما فى القرآن: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا*) ويعدّ كلّ ما فى القرآن: لا إله إلا الله. قال مطيّن: مات سنة تسع وعشرين ومائة، وقيل مات فى الطاعون مع أيوب، سنة إحدى وثلاثين ومائة، قاله خليفة. انتهى.

_ 2062 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات خليفة 215، التاريخ الكبير 6/ 275، التاريخ الصغير 1/ 318، الجرح والتعديل 6/ 186، تهذيب الكمال 969، تذهيب التذهيب 3/ 61، تاريخ الإسلام 5/ 111، تذكرة الحفاظ 1/ 140، ميزان الاعتدال 3/ 127 ـ 129، تهذيب التهذيب 7/ 322، طبقات الحفاظ 58، خلاصة تذهيب الكمال 274، شذرات الذهب 1/ 176، سير أعلام النبلاء 5/ 206، 207).

2063 ـ على بن سنان بن عبد الله بن عمر بن مسعود العمرى المكى

وذكر صاحب الكمال: أنه ولد أعمى، وأنه نزل البصرة. وقيل إنه اختلط قبل موته، قاله شعبة. 2063 ـ على بن سنان بن عبد الله بن عمر بن مسعود العمرىّ المكى: كان أحد القوّاد العمرة، وكان وزيرا لأحمد بن عجلان. توفى سنة خمس وثمانمائة، أو قريبا منها. 2064 ـ على بن شعبان المقرى، أبو الحسن: ذكره ابن يبك الدمياطى فى وفياته، وذكر أنه قرأ القرآن على الشيخ زين الدين الزواوى، وكان صالحا ملازما للجماعات. توفى سنة ثمان وتسعين وستمائة، وقد جاوز الخمسين بمكة، وكان مجاورا بها. انتهى. 2065 ـ على بن صالح بن أبى على محمد بن يحيى بن إسماعيل العلوىّ الحسينى، أبو الحسن المكىّ البهنسىّ: إمام المقام، وخطيب المسجد الحرام، ذكره الذهبى فى تاريخ الإسلام، وقال: قال البرزالى: سمع من ابن البنّاء: جامع الترمذى، ومسند الشافعىّ، ومن ابن باقا. قال: وهو تاج الدين البهنسىّ، عاش نحوا من ثمانين سنة، وكان إمام المقام، وخطيب المسجد الحرام، ومعروفا بالصلاح، وحضر عند الشيخ أبى عبد الله القرشى، وعادت بركته عليه، وأجاز لنا مروياته. وقال الذهبى: حدّثنا عنه ابن العطّار، واستجازه لى. وقال: قال شيخنا التّوزرىّ: توفى فى نصف رجب سنة إحدى وثمانين وستمائة وأما ابن الخباز، فقال: توفى فى عاشر شوال سنة ثلاث وثمانين وستمائة، والأول أثبت. انتهى. ولم أدر متي ولى علىّ بن صالح هذا، إمامة المقام، وخطابة المسجد الحرام، ولعلّه ولى ذلك بعد ابن مسدى، ويكون الرضى الطبرى، أخذ عنه الإمامة، والتقى عبد الله ابن المحب الطبرى، أخذ عنه الخطابة، والله أعلم.

_ 2063 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 5/ 229).

2066 ـ على بن صالح المكى

2066 ـ على بن صالح المكىّ: هكذا ذكره ابن حبّان، فى الطبقة الثالثة، من الثّقات. يروى عن ابن خثيم روى عنه المعتمر بن سليمان، وقال: يغرب. وذكره الذهبى فقال: على بن صالح، أبو الحسن المكىّ العابد، عن عمرو بن دينار، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، والأعمش، وجماعة. وعنه: سفيان الثّورىّ، وسعيد بن سالم القدّاح، ومعتمر بن سليمان الرّقّىّ، وآخرون. ذكره ابن حبّان. 2067 ـ على بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر، يلقب بالتاج، الخطيب بمكة، ابن الخطيب تقى الدين، ابن الشيخ محب الدين الطبرى المكى، الخطيب بالحرم الشريف: أجاز له فى استدعاء مؤرخ بمحرم سنة سبع وثمانين وستمائة: جدّه المحب، وعمه الجمال محمد قاضى مكة، وأبوه، وعمّتاه: زينب وفاطمة، والبرهان إبراهيم بن يعقوب، وإسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن أبى بكر، والشّرف عبد الرحمن بن يوسف بن إسحاق، والصّدر عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن أبى بكر، والصّفى أحمد بن محمد ابن إبراهيم، وأخوه الرضىّ إبراهيم ـ إمام المقام ـ الطّبريّون، والرضى محمد بن أبى بكر بن خليل العسقلانى، وأخوه العلم أحمد، والأمين أبو المعالى ابن القطب القسطلّانى، وإخوته: أبو الهدى الحسن، وعبد الحق، وفاطمة. والعماد عبد الرحمن بن محمد الطّبرىّ ومحمد بن يحيى بن حمدان، وأخوه أحمد، وإقبال القزوينى، وابنه أحمد، وعلى بن محمد بن عبد السلام المؤذّن. وسمع من الفخر التّوزرى: صحيح البخارى، وجامع الترمذى. وعلى الرضىّ الطبرى: الأربعين البلدانية للسّلفىّ، وما علمت من سماعاته سوى ما ذكرت. وحدّث. سمع منه غير واحد من شيوخنا، منهم شيخنا ابن سكّر، ومن خطّه نقلت الاستدعاء الذى أجاز له فيه الشيوخ المذكوررون. وولى الخطابة بعد أخيه البهاء الخطيب، وخطب فى رابع عشرىّ ربيع الآخر، سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، ويقال إنّ القاضى شهاب الدين الطبرى، استنجز بها توقيعا، وترك التاج يخطب، وكان هو المقدّم للتاج، فإنه لم يكن له إذ ذاك أهلية.

_ 2066 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 7/ 333).

2068 ـ على بن عبد الله بن الحسن بن جهضم بن سعيد الهمدانى الصوفى أبو الحسن

وبلغنى أنه لما مات أخوه البهاء الخطيب، كان التاج يبكى عليه مع النّساء، ويلطم فى خدّه، ورآه القاضى شهاب الدين كذلك، أو أخبر عنه بذلك، فأخرجه من عند النّساء. ولما اجتمع الناس للصلاة على أخيه، قدّمه القاضى شهاب الدين للصلاة عليه، فصلى التاج على أخيه، وخطب الناس بأمر القاضى شهاب الدين الطبرى، فجاء خطيبا بليغا، وابتلى بالجذام فى أخرة، نسأل الله العافية. وسألت عنه شيخنا الشريف عبد الرحمن الفاسى، فقال: كان خطيبا بليغا، وناب عن قريبه القاضى شهاب الدين الطبرىّ فى الحكم، فى أواخر عمره، ولم يكن من أهل العلم، وكان ابتلى بجذام فاحش. انتهى. وتوفى سنة ست وخمسين وسبعمائة بمكة، هكذا ذكر وفاته ابن محفوظ، وذكر ما يدل على أنه توفى فى آخر النصف الأول من هذه السنة، أو أوّل شهر النصف الثانى منهان لأنه ذكر أن فى أول رمضان، وصل تقليد من مصر بالخطابة، للقاضى شهاب الدين الطبرى. 2068 ـ على بن عبد الله بن الحسن بن جهضم بن سعيد الهمدانى الصوفى أبو الحسن: نزيل مكة، صاحب كتاب «بهجة الأسرار» (1). حدّث عن أبى الحسن على بن إبراهيم بن سلمة القطّان، وأبى على بن زياد القطّان، وأحمد بن الحسن بن عتبة الرّازىّ، وأحمد بن عطيه بن إبراهيم بن عطية الحدّاد، وأحمد بن عثمان الأدمىّ، وعبد الرحمن بن حمدان الجلّاب وعلىّ بن أبى العقب، وأبى بكر بن أبى دجانة، وجمح بن القاسم المؤذّن، وطائفة.

_ 2068 ـ انظر ترجمته فى: (المنتظم 8/ 14، تاريخ الإسلام وفيات سنة 414 هـ‍، العبر 3/ 116، تذكرة الحفاظ 3/ 1057، المغنى فى الضعفاء 2/ 451، ميزان الاعتدال 3/ 142، 143، البداية والنهاية 12/ 16، لسان الميزان 4/ 238، شذرات الذهب 3/ 200، 201، سير أعلام النبلاء 17/ 275). (1) يراجع اسم الكتاب فى الأعلام 5/ 119، 118. والكتاب منسوب لنور الدين أبو الحسن على بن يوسف بن حريز معضاد اللخمى الشطنوفى المعروف ابن جهضم الهدانى والمتوفى فى سنة 713 هـ‍.

2069 ـ على بن عبد الله بن حمود الفاسى، أبو الحسن المكناسى

روى عنه عبد الغنى بن سعيد الحافظ، وإبراهيم بن محمد الحنائى، وأبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعىّ، وأبو يعلى الأهوازى، وأبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبى الحديد، وخلق كثير من المغاربة والحجّاج، وصنف «بهجة الأسرار فى أخبار الصوفية». قال ابن خيرون. تكلّم فيه. قال: وقيل إنه يكذب. وقال شيرويه الدّيلمىّ: وكان ثقة صدوقا عالما زاهدا حسن المعاملة، مذكورا فى البلدان، حسن المعرفة. انتهى. وذكره صاحب المرآة، وقال: ذكره جدّى فى المنتظم، وقال: ذكروا أنه كان كذابا، ويقال إنه وضع حديث صلاة الرغائب. وذكر أن جدّه، ذكر الحديث فى «الموضوعات» وذكر أنه مات بمكة فى سنة أربع عشرة وأربعمائة، وهكذا ذكر وفاته الذهبى فى «تاريخ الإسلام» ومنه كتبت أكثر هذه الترجمة، وأورد فى ترجمته، حديث صلاة الرغائب. وقال: لا يعرف إلا من روايته، واتهموه بوضعه. وكذا ذكر وفاته فى العبر، وترجمه بشيخ الصّوفية فى الحرم. 2069 ـ على بن عبد الله بن حمّود الفاسى، أبو الحسن المكناسىّ: إمام المالكية بالحرم الشريف، حجّ سنة اثنتى عشرة، وأخذ عن أبى بكر الطّرطوشى: سنن أبى داود، وصحيح مسلم ـ أخذه عن ابن طرخان ـ وجامع أبى عيسى بن المبارك، ودخل الأندلس مرابطا، ثم حجّ ثانيا، وجاور وأمّ بالحرم، وأصله من مكناسة الزّيتون. ذكره ابن الأبّار فى تكملة الصّلة لابن بشكوال، وقال: كان زاهدا ورعا محسنا إلى الغرباء، توفى بمكة سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، عن سبع وثمانين سنة، انتهى. وألفيت حجرا بالمعلاة مكتوب فيه: إن هذا قبر أبى الحسن على بن حمّود المكناسى. وأنه: توفى ليلة الاثنين فى العشر الأوسط من جمادى الآخرة، سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. وترجم فيه: بالفقيه الزاهد، إمام المالكية بالحرم الشريف. وإنما ذكرنا هذا، لأنّ ما فى حجر قبره من تاريخ وفاته، يخالف ما ذكره ابن الأبّار فيها. والصواب ما فى الحجر، والله أعلم. ولا يقال إنهما اثنان، لأنه فى الحجر نسب إلى جدّه، وهو حمّود. وابن الأبّار أكمل نسبه.

2070 ـ على بن عبد الله بن عثمان العسقلانى المكى، يكنى أبا الحسن، ويلقب شهاب الدين

ووجدت بخط شيخنا ابن سكّر: إن ابن أبى الصّيف اليمنى نزيل مكة، قرأ سنن أبى داود، على أبى الحسن على بن خلف بن معرور التلمسانى، عن أبى الحسن هذا، عن الطّرطوشىّ، بسنده المشهور. 2070 ـ على بن عبد الله بن عثمان العسقلانى المكى، يكنى أبا الحسن، ويلقّب شهاب الدين: توفى يوم السبت السّادس والعشرين من شعبان، سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره لخّصت هذا، وفيه مكتوب: هذا قبر الشاب شهاب الدين، وفيه [من البسيط]: إن العزا بشهاب الدين قد منعت ... منه القلوب وقد أودى بها التلف نشو تكامل فيه الظرف واجتمعت ... فيه شمائل لا تنفك تأتلف ومنظر مخجل للشمس إن طلعت ... يا ليته لم يكن بالبين ينكسف إذا بدا ناطقا فى وسط محتفل ... فالدر منتظم والشهد مقتطف محاسن نظم الإجماع صحتها ... كالؤلؤ انتقبت عن حسنه الصدق 2071 ـ على بن عبد الله بن على بن محمد بن عبد السلام بن أبى المعالى الكازرونىّ، أبو الحسن المكى، الملقّب نور الدين: مؤذّن الحرم الشريف. سمع من الرضىّ الطّبرىّ: سنن أبى داود وسنن النّسائى، وغير ذلك، عليه وعلى غيره، وما علمته حدّث. وذكر شيخنا ابن سكّر، أنه أجاز له. قال: وكان رجلا صالحا. انتهى. توفى ثالث جمادى الأولى سنة خمس وستين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، أخبرنى بوفاته، ولده بهاء الدين عبد الله بن علىّ، رئيس المؤذنين بالحرم الشريف، وأخبرنى أنه ولد فى سنة ثمان وسبعمائة بمكة. 2072 ـ على بن عبد الله بن عيسار، السّوسى، أبو الحسن: توفى فى العشر الأخير من ذى القعدة سنة ثمان وستين وخمسمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، ومن حجر قبره كتبت ما ذكرته من حاله، وترجم فيه: بالشيخ الفاضل العابد المقرى. 2073 ـ على بن عبد الله بن محمد بن عبد النّور التّلمسانىّ، القاضى أبو الحسن بن أبى محمد: قدم إلى مكة حاجّا، فى سنة أربع وستين وسبعمائة، وطاف بالبيت الحرام، وسعى

2074 ـ على بن عبد الله بن محمد بن محمد

فى يوم قدومه، وتوفى إثر ذلك، وذلك فى يوم الاثنين ثالث شهر ذى الحجة من السنة المذكورة، ودفن بالمعلاة، ومن حجر قبره، كتبت ما ذكرته من حاله، وترجم فيه: بالشيخ الصالح الزكى الفقيه العالم المفتى المدرس الأفضل الأكمل. 2074 ـ على بن عبد الله بن محمد بن محمد: [ ....................... ] (1). 2075 ـ على بن عبد الله بن محبوب الأطرابلسىّ المقرى: ذكره هكذا الذهبى فى تاريخ الإسلام، وقال: قال السّلفىّ: قدم الإسكندرية وكان متفقها، وكان له اهتمام بالتواريخ، صنّف تويريخا لطرابلس، حدّثنى به، وكتب عنّى، وكان فاضلا فى فنون. توفى بمكة سنة إحدى وعشرين وخمسمائة. انتهى. 2076 ـ على بن عبد الله الصّقلّى: إمام المالكية بمكة، ذكره أبو القاسم بن عساكر فى معجمه. وروى رزين عنه، عن أبى الوليد الباجىّ، والقاضى يونس بن مغيث: حديثا من الموطأ. 2077 ـ على بن عبد العزيز بن المرزبان بن سابور البغوىّ، أبو الحسن المكى: صحب أبا عبيد القاسم بن سلّام، وروى عنه تواليفه: غريب الحديث، وفضائل القرآن، والطهور، وغير ذلك. وروى عن أبى نعيم، وحجّاج بن منهال، ومحمد بن كثير العبدىّ، ومسلم بن إبراهيم الأزدى، والقعنبىّ، وعاصم بن علىّ، وغيرهم. وصنّف «المسند». حدث عنه ابن أخيه، أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوى، وعلى بن أحمد [ ........... ] (1) وحدث عنه بالمسند، أبو على حامد بن محمد الرفاء الهروى.

_ 2074 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2075 ـ انظر ترجمته فى: (سير أعلام النبلاء 15، إرشاد الأريب 5/ 231، الأعلام 4/ 304). 2077 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 196، معجم الأدباء 14/ 11 ـ 14، تذكرة الحفاظ 2/ 622 ـ 623، ميزان الاعتدال 3/ 143، لسان الميزان 4/ 241، شذرات الذهب 2/ 193، سير أعلام النبلاء 13/ 348). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2078 ـ على بن عبد العزيز الدقوقى

قال أبو حاتم: كان صدوقا. وسئل عنه الدّار قطنىّ فقال: ثقة مأمون. أخبرنى إبراهيم بن أبى بكر الصالحى، ومحمد بن محمد بن عبد الله المقدسى، إذنا مكاتبة، عن فاطمة بنت سليمان الأنصارى، أن الحافظ أبا بكر محمد بن عبد الغنى بن نقطة البغدادى، أخبرها إجازة، وتفرّدت بها عنه، قال: أنا عبد العزيز بن محمود بن الأخضر الحافظ، قال: أنا أبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون، إجازة عن أبى بكر الخطيب، قال: أخبرنى القاضى أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسين بن محمد الدّينورىّ بها، قال: حدثنا أبو بكر بن السنى قال: سمعت أبا عبد الرحمن النسائى، وسئل عن على بن عبد العزيز المكى، فقال: قبّح الله علىّ بن عبد العزيز، ثلاثا. فقيل: يا أبا عبد الرحمن، أتروى عنه؟ قال: لا. فقيل: أكان كاذبا؟ فقال: لا، ولكنّ قوم أجمعوا على أن يقرءوا عليه شيئا، ويبرّوه بما يسهل، وكان فيهم إنسان غريب فقير، لم يكن فى جملة من برّه، فأبى أن يقرأ عليهم وهو حاضر، حتى يخرج أو يدفع كما دفعوا، فذكر الغريب أن ليس معه إلا قصعة، فأمر بإحضار القصعة، فلما أحضرها، حدّثهم. وذكره ابن حبّان فى الطبقة الرابعة من الثقات، وقال: مات بمكة يوم الخميس، غرّة ربيع الأول سنة سبع وثمانين ومائتين. 2078 ـ على بن عبد العزيز الدقوقى: كان ذا ملاءة، جاور بمكة، وخلّف بها عقارا وأولادا. توفى يوم الخميس ثامن ذى الحجة سنة خمس وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 2079 ـ على بن عبد الكريم بن أحمد بن عطيّة بن ظهيرة بن مرزوق القرشى المخزومى المكى، يلقّب نور الدين، ويكنى أبا الحسن: سمع على الحافظ صلاح الدين العلائى بعض مؤلفاته الحديثية، وما علمته حدّث ولا أجاز. وتوفى فى سنة ست وثمانمائة بمكة ودفن بالمعلاة، وقد بلغ السبعين أو قاربها، سامحه الله تعالى. وهو أخو أبى عبد الله محمد بن عبد الكريم السابق.

_ 2078 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 5/ 240). 2079 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 5/ 244).

2080 ـ على بن عبد اللطيف بن أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى المكى، يلقب نور الدين

2080 ـ على بن عبد اللطيف بن أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنىّ الفاسىّ المكى، يلقب نور الدين: إمام مقام الحنابلة بالمسجد الحرام. ولد فى العشر الأخير من شوال سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة، قبل موت أبيه بيسير، واستقر عوضه بالإمامة، بمقام الحنابلة بالحرم الشريف، وباشر ذلك عنه، عمه الشريف أبو الفتح الفاسى مدّة سنين كثيرة، حتى تأهّل، ثم باشر هو بنفسه مدّة سنين، واستمرّ على ولايته، حتى مات فى ليلة الثالث والعشرين من جمادى الآخرة، سنة ست وثمانمائة، بزبيد من بلاد اليمن، ودفن بمقابرها. سمع من النّشاورىّ، وشيخنا ابن صدّيق، وغيرهما من شيوخنا، وله اشتغال بالعلم، وفيه خير. 2081 ـ على بن عبد اللطيف بن محمد بن على بن سالم الزّبيدى الأصل، المكى المولد والدار: ولد بمكة وبها نشأ، وسمع بها فيما أحسب على النشاورى وغيره، وأصابه بعد موت أبيه تعب، لقلّة ما بيده، وتوفى بمكة فى ربيع الأول سنة اثنتى عشرة وثمانمائة، عن نحو ثلاثين سنة. 2082 ـ على بن أبى طالب، واسم أبى طالب، عبد مناف ـ على الأصح فيما قال ابن عبد البر، والمشهور على ما قال النووى وقيل اسمه كنيته ـ بن عبد المطلب ابن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى: أمير المؤمنين أبو الحسن، ويكنى أبا تراب، كنّاه بذلك النبى صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك إليه أحب ما يدعى به صهر النبى صلى الله عليه وسلم ومؤاخيه، وأحد الخلفاء الأربعة الراشدين، والستّة

_ 2080 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 5/ 244). 2081 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 5/ 244). 2082 ـ انظر ترجمته فى: (ابن الأثير حوادث سنة 40، الطبرى 6/ 83، البدء والتاريخ 5/ 73، اليعقوبى 2/ 154، مقاتل الطالبيين 14، حلية الأولياء 1/ 61، شرح نهج البلاغة 2/ 579، منهاج السنة 3/ 2، تاريخ الخميس 2/ 276، المرزبانى 279، المسعودى 2/ 2 ـ 39، الإسلام والحضارة العربية 2/ 141، 379، الرياض النضرة 2/ 153 ـ 249، الإصابة ترجمة 5704، أسد الغابة ترجمة 3789، الاستيعاب ترجمة 1875، الأعلام 4/ 295 ـ 296، تلقيح فهوم أهل الأثر 110، 367، أزمنة التاريخ الإسلامى 1/ 773، مروج الذهب 2/ 358، صفوة الصفوة 1/ 308، معرفة القراء الكبار 1/ 30).

الذين جعل عمر بن الخطاب رضى الله عنهم الخلافة فيهم شورى، وأحد العشرة الذين شهد لهم النبى صلى الله عليه وسلم بالجنة، وتوفى وهو عنهم راض. وأول من أسلم وآمن بالله ورسوله، على ما روى عن سلمان الفارسى، وأبى ذرّ الغفارىّ، والمقداد بن الأسود، وخباب بن الأرتّ، وجابر بن عبد الله الأنصارى، وزيد ابن أرقم، وأبى سعيد الخدرىّ، رضى الله عنهم على ما نقل عنهم ابن عبد البر، قال: وفضله هؤلاء على غيره. وقد اختلف فى كونه أول من أسلم، فروى سلمان الفارسى رضى الله عنه، عن النبىصلى الله عليه وسلم، أنه قال: «أول هذه الأمة ورودا على الحوض، أولها إسلاما: على بن أبى طالب» وروى هذا موقوفا على سلمان رضى الله عنه، قال ابن عبد البر: ورفعه أولى، لأن مثله لا يذكر بالرأى. وقال ابن عباس: كان على بن أبى طالب رضى الله عنه، أول من آمن من الناس بعد خديجة رضى الله عنها، وساقه ابن عبد البر بسنده إلى ابن عباس: وقال: لا مطعن فيه لأحد، لصحته وثقة نقلته، وهو يعارض ما ذكرناه عن ابن عباس فى باب أبى بكر، والصحيح فى أمر أبى بكر، أنه أوّل من أظهر إسلامه، كذلك قال مجاهد وغيره. وقال ابن شهاب وعبد الله بن محمد بن عقيل، وقتادة، وابن إسحاق: أوّل من أسلم من الرجال على، واتفقوا على أن إسلامه بعد خديجة، وروى ابن عبد البر بسنده إلى محمد ابن كعب القرظىّ، أنه سئل عن علىّ وأبى بكر: أيهما أسلم أولا؟ . فقال: سبحان الله! علىّ أولهم إسلاما، وإنما شبّه على الناس، لأن عليا أخفى إسلامه من أبيه أبى طالب، وأسلم أبو بكر وأظهر إسلامه، قال: ولا شك عندى أن عليا أولهم إسلاما. انتهى. قال النووى: قال العلماء: والأورع أن يقال: أوّل من أسلم من الرجال الأحرار: أبو بكر، ومن الصبيان: علىّ، ومن النساء: خديجة، ومن الموالى: زيد بن حارثة، ومن العبيد: بلال. انتهى. واختلف فى سنّه وقت أسلم، فقيل ابن ثلاث عشرة سنة، وقيل ابن اثنتى عشرة سنة، وقيل ابن خمس عشرة سنة، وقيل ابن ستة عشرة سنة، وقيل ابن عشرين سنة، وقيل ابن ثمان سنين. والقول بأنه كان ابن ثلاث عشرة سنة، يروى عن ابن عمر من وجهين جيّدين، على ما قال ابن عبد البر. وقال: هذا أصح ما قيل فى ذلك.

واختلف فى أفضليته على غيره، فقال ابن عبد البر: واختلف السلف أيضا فى تفضيل على وأبى بكر. وحديث ابن عمر: كنّا نقول على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان، ثم نسكت ـ يعنى فلا نفاضل ـ وهم وغلط، وأنه لا يصح، وإن كان إسناده صحيحا، لأن أهل السنة من السلف والخلف، من أهل الفقه والأثر، مجمعون على أن عليّا أفضل الناس بعد عثمان، قال: وهذا مما لم يختلفوا فيه، وإنما اختلفوا فى تفضيل علىّ وعثمان، قال: ووقف فى تفضيل كل منهما على الآخر: مالك بن أنس، ويحيى بن سعيد القطان، ويحيى بن معين، وذكر أن ابن معين: تكلّم بكلام غليظ فى الذين يقولون: أبو بكر وعمر وعثمان، ويسكتون عن تفضيل علىّ. وقد جاء فى فضل علىّ رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم، أخبار صحيحة، منها أن النبىصلى الله عليه وسلم قال لعلى رضى الله عنه، لما خلفه فى غزوة تبوك، على المدينة وعلى عياله: «أنت منى بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبىّ بعدى» (1). رواه عن النبى صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة، منهم سعد بن أبى وقاص ـ من طرق كثيرة جدا ـ وابن عباس، وأبو سعيد الخدرى، وجابر، وأم سلمة، وأسماء بنت عميس، رضى الله عنهم، وهو مخرّج فى الصحيحين. ومنها أن النبى صلى الله عليه وسلم، قال يوم غدير خمّ عند الجحفة: «من كنت مولاه، فعلىّ مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه» (2). يروى ذلك عن النبى صلى الله عليه وسلم: بريدة، وأبو هريرة، وجابر، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم، وبعضهم لا يزيد على: «من كنت مولاه، فعلىّ مولاه». وأخرجه الترمذى من حديث أبى شريحة، أو زيد بن أرقم، عن النبى صلى الله عليه وسلم. وقال الترمذى: حسن، والشك فى غير الصحابى، لا يقطع فى صحة الحديث، لأن الصحابة رضى الله عنهم كلهم عدول. ومنها أن النبى صلى الله عليه وسلم، قال يوم خيبر: «لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله، ليس بفرّار، يفتح الله على يديه» (3) ثم دعا بعلىّ رضى الله عنه وهو أرمد، فتفل فى عينيه،

_ (1) أخرجه مسلم فى صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، حديث رقم 2404، والبخارى فى صحيحه، كتاب المناقب، حديث رقم 3706، وفى المغازى، حديث رقم 4416، والترمذى فى سننه، كتاب المناقب، حديث رقم 3731. (2) أخرجه الترمذى فى سننه، فى المناقب، حديث رقم 3713، وأحمد بن حنبل فى المسند، حديث رقم 18793، 18815، 18838. (3) أخرجه البخارى فى صحيحه، فى كتاب الجهاد والسير، حديث رقم 3009، ـ

وأعطاه الراية، ففتح الله على يديه. وهذا الحديث فى الصحيحين من حديث سهل بن سعد، رضى الله عنه. ومنها أن النبى صلى الله عليه وسلم، لّما آخى بين الصحابة رضى الله عنهم، وجاءه على رضى الله عنه تدمع عيناه، يقول له: يا رسول الله، آخيت بين أصحابك، ولم تؤاخ بينى وبين أحد، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم: «أنت أخى فى الدّنيا والآخرة» (4) أخرجه الترمذى، وقال: حديث حسن. ومنها أن النبى صلى الله عليه وسلم، عهد إلى على رضى الله عنه، أنه «لا يحبه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق» (5). وهذا الحديث فى صحيح مسلم، من رواية زرّ بن حبيش، عن على رضى الله عنه. ومنها أن الله تعالى، أمر النبى صلى الله عليه وسلم بحبّ على، كما فى الترمذى (6)، من حديث بريدة بن الحصيب رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم. والأخبار الواردة عن النبى صلى الله عليه وسلم، فى فضل على بن أبى طالب رضى الله عنه كثيرة مشهورة، وإنما أوردنا ذلك للتبرك. وأما الحديث المروى عن النبى صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «أنا دار العلم وعلىّ بابها». وفى رواية: «أنا مدينة العلم» فهو حديث منكر على ما قال الترمذى. وفى بعض نسخ الترمذى: غريب. ولا ريب فى أن عليا رضى الله عنه فى العلم بالمكان الأعلى. قال ابن عباس رضى الله عنهما: أعطى علىّ رضى الله عنه، تسعة أعشار العلم، وو الله لقد شاركهم فى العشر الباقى. انتهى. وكان رضى الله عنه أقضى الصحابة، على ما قال النبى صلى الله عليه وسلم فى الصحيح، وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه، يتعوّذ من معضلة ليس هو فيها. وقالت عائشة رضى الله عنها، لّما أخبرت أن عليا أفتى الناس بصوم عاشوراء: أمّا إنه لأعلم الناس بالسّنة.

_ ـ وأخرجه مسلم فى صحيحه، فى كتاب فضائل الصحابة، حديث رقم 2406. (4) أخرجه الترمذى فى سننه، كتاب المناقب، حديث رقم 3720. (5) أخرجه مسلم فى صحيحه، كتاب الإيمان، حديث رقم 78، والترمذى فى سننه، كتاب المناقب، حديث رقم 3736 .. (6) أخرجه الترمذى فى سننه، كتاب المناقب، حديث رقم 3718، وابن ماجة فى سننه، فى المقدمة، حديث رقم 149.

وقال معاوية، لما بلغه موت على رضى الله عنه: ذهب الفقه والعلم، بموت ابن أبى طالب. وكان معاوية رضى الله عنه، يكتب إليه فيما ينزل به، يسأله عنه، وسئل عطاء ابن أبى رباح: كان فى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم من علىّ؟ قال: لا والله، ما أعلمه. قال ابن المسيّب: ما كان أحد يقول: سلونى، غير علىّ بن أبى طالب. انتهى. وفضائله رضى الله عنه كثيرة. وهاجر رضى الله عنه، بعد هجرة النبى صلى الله عليه وسلم بمدّة، لأن النبى صلى الله عليه وسلم، لما هاجر إلى المدينة، أمره أن يقيم بمكة بعده أياما، حتى يؤدّى عنه أمانته. والودائع والوصايا التى كانت عند النبى صلى الله عليه وسلم، ثم يلحقه بأهله، ففعل. وشهد بدرا والحديبية، وسائر المشاهد، إلا تبوك، فإن النبى صلى الله عليه وسلم خلّفه على المدينة وعلى عياله، وأبلى ببدر وأحد والخندق وخيبر بلاء عظيما، وأغنى فى تلك المشاهد، وقام فيها المقام الكريم. وكان لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى يده فى مواطن كثيرة، منها يوم بدر، على اختلاف فى ذلك، ومنها يوم أحد، بعد قتل مصعب بن عمير. وبويع رضى الله عنه بالخلافة بعد عثمان، يوم قتل عثمان رضى الله عنه، سعى الناس إليه وهو فى داره. فأخرجوه منها، وقالوا: لابدّ للناس من إمام، وحضر طلحة والزبير وسعد بن أبى وقّاص والأعيان فبايعوه، وأوّل من بايعه طلحة، ثم سائر الناس من المهاجرين والأنصار، وتخلّف عن بيعته نفر، فلم يهجهم ولم يكرههم، وسئل عنهم فقال: هؤلاء قوم قعدوا عن الحق، ولم يقوموا مع الباطل. وفى رواية أخرى، : أولئك قوم خذلوا الحق، ولم ينصروا الباطل. وتخلّف عن بيعته رضى الله عنه، معاوية بن أبى سفيان، ومن معه من أهل الشام، غضبا لعثمان، ونعاه معاوية لأهل الشام، فتعاونوا على الطلب بدمه، ونصب ثوب عثمان رضى الله عنه، وهو مضرّج بالدم على منبر دمشق، ثم إن طلحة والزبير رضى الله عنهما، فارقا عليا، ولحقا بمكة، واجتمعا فيها مع عائشة أم المؤمنين رضى الله عنهم، وساروا إلى البصرة للطلب بدم عثمان، لأن قتلته التفّوا على علىّ رضى الله عنه، وصاروا معه من رءوس الملأ، وخاف علىّ رضى الله عنه من أن ينتقض الناس، فسار بمن معه من الناس إلى العراق، فجرى بينه وبين عائشة ومن معهما، الوقعة المعروفة بوقعة الجمل، أثارها سفهاء الفريقين، وخرج الأمر عن على وعن طلحة والزبير، وقتل من الفريقين نحو عشرين ألفا، منهم طلحة والزبير،

وظفر على رضى الله عنه بعائشة، فأكرمها ورعى لها حرمتها، وجهّز معها من أوصلها إلى المدينة. وكانت وقعة الجمل فى سنة ست وثلاثين من الهجرة، فى عاشر جمادى الأولى، وقيل فى عاشر جمادى الأخرى، والله أعلم. ثم ثار الحرب بينه وبين أهل الشام، لا متناعهم من مبايعته، فسار علىّ نحوهم من العراق فى تسعين ألفا، وقيل فى مائة ألف، وقيل فى خمسين ألفا، والتقى مع معاوية وأهل الشام، وكانوا سبعين ألفا، وقيل ستين، على أرض صفّين بناحية العراق، فى صفر سنة سبع وثلاثين من الهجرة، ودام الحرب والغارة بين الفريقين أياما وليالى، وقتل من الفريقين ستون ألفا، وقيل سبعون ألفا، وغلب أصحاب علىّ رضى الله عنه على الماء، وأزالوا عنه أهل الشام. ولما خاف أهل الشام الكسرة، رفعوا المصاحف بإشارة عمرو بن العاص رضى الله عنه، ودعوا إلى الحكم بما فى كتاب الله، فأجاب علىّ رضى الله عنه إلى تحكيم الحكمين، حكما من جهة علىّ، وحكما من جهة معاوية، على أن من اتفق الحكمان على توليته الخلافة، فهو الخليفة. واختلف على علىّ رضى الله عنه أصحابه، لإجابته إلى ذلك، وخرجت عليه الخوارج، وهم أزيد من عشرة آلاف، وقالوا: لا حكم إلا الله، وكفّروا عليا رضى الله عنه بفعله، واعتزلوه، وشقّوا عصا المسلمين، ونصبوا راية الخلاف، وسفكوا الدماء، وقطعوا السّبل، فخرج عليهم على رضى الله عنه بمن معه، ورام رجعتهم، فأبوا إلا القتال، فقاتلهم واستأصل جمهورهم، ولم ينج منهم إلا اليسير. وجملة من قتل منهم أربعة آلاف، على ما قيل. فلما كان شهر رمضان من سنة ثمان وثلاثين، اجتمع الحكمان، وهما أبو موسى الأشعرى، من جهة علىّ رضى الله عنه، فيمن معه من وجوه أصحاب على رضى الله عنه، وعمرو بن العاص، من جهة معاوية، فيمن معه من وجوه أصحاب معاوية، بدومة الجندل، وهى مسيرة عشر أيام من دمشق، وعشرة من المدينة، وعشرة أيام من الكوفة، فلم ينبرم أمر، لأن عمرا رضى الله عنه، خلا بأبى موسى فخدعه، فقال له: نخلع الرجلين ـ يعنى عليا ومعاوية ـ ونولّى من يختاره المسلمون، فأذعن لذلك أبو موسى، وقال له عمرو: تكلم قبلى، فأنت أفضل منى وأكبر سابقة. فلما خرجا إلى الناس، تكلّم أبو موسى، وخلع عليّا ومعاوية، ثم قام عمرو، فقام وقال: أما بعد، فإن أبا موسى قد خلع عليا كما سمعتم، وقد واقفته على خلع علىّ، وولّيت معاوية. وسار الشاميون وقد بنوا فى الظاهر على هذه الصورة، وود أصحاب علىّ الكوفة،

على أن الذى فعل عمرو حيلة وخديعة لا يعبأ بها، وكانت مصر مرّة يستولى عليها أصحاب على، ومرة يستولى عليها أصحاب معاوية، وقد ندم على التخلف عن على رضى الله عنه فى حروبه، غير واحد من كبار السّلّف، كما روى من وجوه، عن حبيب بن أبى ثابت، عن ابن عمر، أنه قال: ما آسى على شيء إلا أنى لم أقاتل مع أهلى مع علىّ أهل الفئة الباغية. قال الشّعبى: ما مات مسروق، حتى تاب إلى الله تعالى عن تخلّفه عن القتال مع على. قال ابن عبد البر: ولهذه الأخبار طرق صحاح، ذكرناها فى موضعها، قال: وكان علىّ رضى الله عنه يسير فى الفيئ سيرة أبى بكر الصديق رضى الله عنه فى القسم، وإذا ورد عليه مال، لم يبق منه شيئا، إلا قسمه، ولا يترك فى بيت المال منه إلا ما يعجز عن قسمته فى يومه. ويقول: يا دنيا غرّى غيرى. ولم يكن يستأثر من الفئ بشئ، ولا يخصّ به حميما ولا قريبا، ولا يخص بالولايات إلّا أهل الديانات. وروى بسنده عن مجمّع التميمى، أن عليا رضى الله عنه، قسم ما فى بيت المال بين المسلمين، ثم أمر به فكنس، وصلّى فيه، ورجاء أن يشهد له يوم القيامة. روى بسنده عن عاصم بن كليب عن أبيه، قال: قدم على علىّ رضى الله عنه، مال من أصبهان، فقسمه سبعة أقسام، ووجد فيه رغيفا، فقسمه سبع كسر، وجعل على كل جزء كسرة، ثم أقرع بينهم، أيّهم يعطى أولا. وثبت عن ابنه الحسن بن على بن أبى طالب من وجوه، أنه قال: لم يترك إلا ثمانمائة درهم، أو سبعمائة درهم، فضلت من عطائه، كان يعدّها لخادم كان يشتريها لأهله. وروى عن عبد الله بن الهذيل قال: رأيت عليا رضى الله عنه، يخرج وعليه قميص غليظ، إذا مدّ كُمّ قميصه بلغ الظفر، وإذا أرسله صار إلى نصف السّاعد. وروى عن الحسن بن [ ...... ] (7) عن أبيه قال: رأيت علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، يخرج من مسجد الكوفة، وعليه قطريتّان، متّزرا بالواحدة، متردّيا بالأخرى، وإزاره إلى نصف السّاق، وهو يطوف بالأسواق، وبيده الدّرّة، يأمرهم بتقوى الله تعالى، وصدق الحديث، وحسن البيع، والوفاء بالكيل والميزان. انتهى. ولعلىّ رضى الله عنه فى الزهد، والتقشّف فى المعيشة، والمواعظ البليغة لعمّاله، والأجوبة النفيسة عن مشكلات المسائل، أخبار كثيرة مشهورة. ومن كلامه رضى الله

_ (7) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

عنه فى الزهد: الدنيا جيفة، فمن أراد منها شيئا، فليصبر على مخالطة الكلاب. انتهى. وتوفى رضى الله عنه، وهو أفضل الأمة شهيدا مقتولا، قتله رجل من حمير، عداده فى مراد، وهو عبد الرحمن بن ملجم، أشقى الناس على ما أخبر به النبى صلى الله عليه وسلم، كما فى سنن النسائى وغيره، وهو من الخوارج الذين قتلهم يوم النّهروان، وكان واثنان مثله من الخوارج، تعاقدوا على قتل علىّ، ومعاوية بن أبى سفيان، وعمرو بن العاص، وأن لا يرجع أحد منهم عن صاحبه حتى يقتله أو يموت دونه. واتّعدوا لذلك ليلة معيّنة، وذهب كل منهم إلى المصر الذى فيه مراده، فرأى ابن ملجم بالكوفة امرأة من بنى عجل، يقال لها قطام، رائعة الجمال، فأعجبته ووقعت فى نفسه، فخطبها فقالت له: آليت ألا أتزوج إلا على مهر لا أريد سواه، فقال لها: ما هو؟ ، فقالت له: ثلاثة آلاف، وقتل علىّ، فأجابها إلى ذلك، وأخبرها بقصده له، فوعدته بمن يشدّ ظهره، وهو ابن عمها، وكلّمته فى ذلك فأجابها، وتكلّم هو مع شبيب بن بجرة الأشجعىّ فى ذلك، فوافقوه، واتفقوا على أن يكمنوا لعلىّ فى المسجد، فإذا خرج إلى الصلاة قتلوه. فلما خرج ضربه شبيب فأخطأه، وضربه ابن ملجم على رأسه بسيف اشتراه بألف، وسقاه السّم، حتى زعموا أنه لفظه، وقيل إنه ضرب عليّا بخنجر كان معه، وقال لعلى: الحكم لله يا علىّ لا لك ولا لأصحابك، فقال علىّ رضى الله عنه: فزت وربّ الكعبة، لا يفوتكم الكلب، فشدّ الناس عليه من كل جانب وأخذوه، فأمر به فحبس وقال: إن متّ فاقتلوه ولا تمثّلوا به، وإن لم أمت، فالأمر إلىّ فى العفو والقصاص. وروى أن عليّا رضى الله عنه، كان إذا رأى ابن ملجم قال: [من الوافر]: أريد حياته ويريد قتلى ... عذيرى من خليلك من مراد أما إن هذا قاتلى، قيل له: فما يمنعك من قتله؟ فقال: إنه لم يقتلنى بعد. ونقل عن علىّ رضى الله عنه أخبار كثيرة، تدل على أنه كان عنده علم السّنة والشّهر والليلة التى يقتل فيها، وأنه لما خرج لصلاة الصبح، صاحت الأوزّ فى وجهه، فطردن عنه، فقال: دعوهنّ فإنهنّ نوائح. انتهى. واختلف فى قتل ابن ملجم لعلىّ رضى الله عنه، فقيل وهو فى الصلاة، وقيل قبل دخوله فيها. واختلف على القول بأنه فتك فيه وهو يصلّى، هل استخلف علىّ من أتمّ الصلاة بالناس، أو أتمها بنفسه؟ . والأكثر على أنه استخلف جعدة بن هبيرة، فصلّى بالناس تلك الصّلاة، والله أعلم.

ومات علىّ رضى الله عنه بعد الفتك فيه بيومين، وكان الفتك به على ما ذكر ابن عبد البر: فى ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة، وقيل لإحدى عشرة ليلة، خلت، وقيل بقيت من رمضان سنة أربعين من الهجرة. وقال أبو الطّفيل، وزيد بن وهب، والشّعبىّ: قتل علىّ رضى الله عنه، لثمان عشرة ليلة بقيت من رمضان، وقبض فى أول ليلة من العشر الأواخر منه. انتهى بالمعنى. وقيل إن عليا رضى الله عنه، قتل ليلة الأحد تاسع عشرى شهر رمضان سنة أربعين. وقيل إنه قتل ليلة الجمعة، سابع عشر شهر رمضان سنة أربعين، وغسّله ابناه الحسن والحسين، وابن أخيه عبد الله بن جعفر، رضى الله عنهما، وكفّن فى ثلاثة أثواب، ليس فيما قميص ولا عمامة، وحنّط رضى الله عنه على ما قيل، بحنوط فضل من حنوط رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان معه بوصيّة منه فى ذلك، ودفن فى السّحر، وصلى عليه ابنه الحسن رضى الله عنه. واختلف فى موضع قبره رضى الله عنه، فقيل فى قصر الإمارة بالكوفة، وقيل فى رحبة الكوفة، وقيل فى نجف الحيرة، موضع بطريق الحيرة، وقبره رضى الله عنه مجهول. واختلف فى مبلغ سنّه، فقيل سبع وخمسون سنة، وقيل ثمان وخمسون، وقيل ثلاث وستون، قال أبو جعفر محمد بن على الباقر، وأبو نعيم، وغيرهما: وقيل خمس وستون. وقيل ثلاث وستون، أو أربع وستون، ذكر هذه الأقوال ابن عبد البر، وصحّح القول بأن مبلغ سنه، ثلاث وستون من غير زيادة، وذكر أن خلافته أربع سنين وتسعة أشهر وستة أيام، وقيل وثلاثة، وقيل أربعة عشر يوما. انتهى. وقيل إن خلافته خمس سنين إلا شهرا. وسئل أبو جعفر محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب، عن صفة على رضى الله عنه، فقال: كان رجلا آدم شديد الأدمة، ثقيل العينين عظيمهما، ذا بطن، أصلع، ربعة إلى القصر ما هو، لا يخضب. وقال أبو إسحاق السبيعى: رأيت عليا رضى الله عنه، أبيض الرأس واللحية، وقد روى أنه ما خضب وصفّر لحيته. وقال ابن عبد البر: وأحسن ما رأيت فى صفته رضى الله عنه، أنه كان ربعة من الرجال، إلى القصر ما هو، أدعج العينين، حسن الوجه، كأنه القمر ليلة البدر حسنا، ضخم البطن، عريض المنكبين، شثن الكفين، أغيد، كأن عنقه إبريق فضة، أصلع ليس فى رأسه شعر إلا من خلفه، كبير اللّحية، ولمنكبه مشاش كمشاش السّبع الضارى، لا يبين عضده من ساعده، قد أدمجت إدماجا، إذا مشى

تكفّأ، وإن أمسك بذراع رجل أمسك بنفسه فلم يستطيع أن يتنفّس، وهو إلى السّمن ما هو، شديد السّاعد واليد، إذا مشى إلى الحرب هرول، ثبت الجنان، قويا شجاعا، منصورا على من لاقاه. انتهى. وذكر خبرا عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، ذكر فيه أن عليّا رضى الله عنه، كان كثير الدّعابة، وأنه زوى عنه الخلافة لذلك. وقال غيره: كان أبيض اللون، أصلع، ربعة، أبيض الرأس واللّحية، وربما خضب لحيته، وكانت كثّة طويلة، حسن الوجه، ضحوك السّنّ. انتهى. وقد أكثر الناس فى قتل علىّ رضى الله عنه من المراثى، فممّا قيل فى ذلك، قول بكر بن حماد [من البسيط]: قل لابن ملجم والأقدار غالبة ... هدمت ويلك للإسلام أركانا قتلت أفضل من يمشى على قدم ... وأول الناس إسلاما وإيمانا وأعلم الناس بالقرآن ثم بما ... سن الرسول لنا شرعا وتبيانا صهر النبى ومولاه وناصره ... أضحت مناقبه نورا وبرهانا وكان منه على رغم الحسود له ... ما كان هارون من موسى بن عمرانا وثناء السلف على على رضى الله عنه لا يحصى كثرة، وذلك ما رويناه عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما، قال: قال عمر رضى الله عنه لأهل الشورى: إن ولّوها الأصيلع، كيف يحملهم على الحقّ! ولو كان السيف على عنقه؟ فقلت: أتعلم ذلك منه ولا تولّيه؟ فقال: إن لم أستخلف وأتركهم، فقد تركهم من هو خير منىّ. وروينا عن ابن عبّاس رضى الله عنهما، أن عمر رضى الله عنه، ذكر له أمر الخلافة بعده، فقال له عمر رضى الله عنه: إنى أراك تقول: إنّ صاحبك أولى الناس بها ـ يعنى عليّا ـ فقال له ابن العباس: أجل والله، إنى لأقول ذلك فى سابقته وعلمه وقرابته من رسول اللهصلى الله عليه وسلم وصهره، فقال له عمر رضى الله عنه: إنه كما ذكرت، ولكنه كثير الدّعابة. انتهى بالمعنى. وسئل عنه ابن عباس رضى الله عنهما فقال: كان قد ملئ جوفه حكما وعلما، وبأسا ونجدة، مع قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يظن أنه لا يمدّ يده إلى شيء إلا ناله، فما مد يده لشيء فناله. انتهى.

2083 ـ على بن عبد المؤمن بن محمد بن ذاكر بن عبد المؤمن بن أبى المعالى الكازرونى المكى

ولما دخل رضى الله عنه الكوفة، قال له بعض حكماء العرب: لقد زيّنت الخلافة وما زانتك، وهى كانت أحوج إليك منك إليها. انتهى. وفضائل على رضى الله عنه كثيرة، وأخباره شهيرة، وقد أتينا على عيون منها. وقد رأيت أن أذكر أولاده رضى الله عنهم، لما فى ذلك من الفائدة. قال ابن قتيبة: ولعلى رضى الله عنه من الولد: الحسن، والحسين، ومحسّنا، وأم كلثوم، وزينب الكبرى، كلهم من فاطمة، ومحمد بن الحنفية، وعبيد الله، وأبو بكر، وعمر، ورقيّة، ويحيى، أمهم أسماء بنت عميس، وجعفر، والعباس، وعبد الله، ورملة، وأم الحسن، وأم كلثوم الصغرى، وحمامة، وميمونة، وخديجة، وفاطمة، وأم الكرام، ونفيسة، وأم علقمة، وأمامة، وأم أبيها، رضى الله عنهم. انتهى. وذكر المزى فى التهذيب: أنه كان لعلى من الولد الذكور، أحد وعشرون: الحسن، والحسين، ومحمد الأكبر، وهو ابن الحنفية، وعمر الأطرف، وهو الأكبر، والعباس الأكبر أبو الفضل، قتل بالطف، ويقال له السقّاء أبو قربة، أعقبوا. والذين لم يعقبوا: محسن، درج سقطا، ومحمد الأصغر، قتل بالطف، والعباس الأصغر، يقال إنه قتل بالطف، وعمر الأصغر، درج، وعثمان الأكبر، قتل بالطف، وعثمان الأصغر، درج، وجعفر الأكبر، قتل بالطف، وجعفر الأصغر، درج، وعبد الله الأكبر، يكنى أبا محمد، قتل بالطف، وعبد الله الأصغر، درج، وعبيد الله، يكنى أبا على، يقال إنه قتل بكربلاء، وعبد الرحمن درج، وحمزة درج، وأبو بكر عتيق، يقال إنه قتل بالطف، وعوف درج، ويحيى، يكنى أبا الحسن، توفى صغيرا فى حياة أبيه. انتهى. 2083 ـ على بن عبد المؤمن بن محمد بن ذاكر بن عبد المؤمن بن أبى المعالى الكازرونى المكى: المؤذن بالحرم الشريف. أجاز له فى سنة ثلاث عشرة وسبعمائة: الدشتى، والقاضى سليمان بن حمزة، والمطعم، وابن مكتوم، وابن عبد الدائم، وابن سعد، وجماعة من دمشق. وسمع بمكة على: عيسى الحجّى، والزين الطبرى، ومحمد بن الصفى، وبلال عتيق ابن العجمى، وجمال الدين المطرى: جامع الترمذى. وسمع من غيرهم، وما علمتة حدّث بشئ، إلا أنى وجدت بخط شيخنا ابن سكر أنه أخذ عنه، ولم أدر ما أخذ عنه، وقال: كان من أولياء الله تعالى، وأصلح المؤذنين بالحرم الشريف، وله تهجّد وطواف وعمل

2084 ـ على بن عبد الوهاب بن هبة الله بن عبد الله بن أحمد بن على بن الحسن البغدادى، أبو القاسم، بن أبى الفرج بن أبى الحسن المعروف بابن الشيبى

صالح، فى كل ليلة فى جوف الليل، وكان ملازما للأذان بمأذنة باب على، والإقامة على قبّة زمزم، حتى توفى فى حدود سنة ستين وسبعمائة. انتهى. 2084 ـ على بن عبد الوهاب بن هبة الله بن عبد الله بن أحمد بن على بن الحسن البغدادى، أبو القاسم، بن أبى الفرج بن أبى الحسن المعروف بابن الشيبى: جاور بمكة سنين كثيرة، وكان أبوه قاضيا. توفى فى آخر ذى الحجة سنة خمس وخمسين وخمسمائة بمكة، ذكره أبى الحسن القطيعى فى تاريخ بغداد، وقال: ذكره صاحب التذيل، ولم يذكر وفاته. 2085 ـ على بن عبد الوهاب بن محمد بن أبى الفرج، القاضى الموفق، أبو الحسن بن القاضى السعيد المفتى أبى القاسم الإسكندرى: صاحب الرباط بأسفل مكة، وعلى بابه حجر عرّف فيه بما ذكرنا، وترجم فيه بتراجم، منها، بعد تعريفه بالموفق: الأمير الكبير جمال الدين ثقة الخلافة، ولى أمير المؤمنين. ومنها بعد أبى الفرج: العدل بالأعمال المصرية. وفيه أنه: وقفه وحبسه وتصدّق به على فقراء العرب الغرباء المتعبدين، ذوى الحاجات المجردين، ليس للمتأهلين فيه حظ ولا نصيب، سنة أربع وستمائة. وضبط كتاب الحجر لفظ العرب، بفتح العين والراء. سمع من السلفى وغيره، وحدث. وكان شامل المبرّات، كثير الطاعات وله على رباطه بمكة وقف. ومات فى شعبان سنة أربع وعشرين وستمائة، وهو جذامىّ النسب. 2086 ـ على بن عثمان المعروف باللبان: سمع من الشيخ رضى الدين الطبرى، وكان يحمل الشيخ رضى الدين الطبرى لما كبر إلى المسجد الحرام، وتزوّج بابنته ستّ الكل، أم الضياء. وولد له منها ابنته فاطمة، وكان رجلا صالحا. مات بمكة ظنّا، بعد أن أقام بها مدة. 2087 ـ على بن عثمان المعروف بالصالحى: جاور بمكة سنين كثيرة نحو العشرين، وتأهل فيها، وولد له بها أولاد، ثم انتقل إلى المدينة وتأهل فيها، وصار يتردد إلى مكة للحج، حتى توفى فى أوائل سنة خمس وتسعين وسبعمائة بالمدينة، ودفن بالبقيع، وكان ذا خير وعبادة.

2088 ـ على بن عجلان بن رميثة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى المكى، يلقب علاء الدين، ويكنى أبا الحسن

2088 ـ على بن عجلان بن رميثة بن أبى نمىّ محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى المكى، يلقب علاء الدين، ويكنى أبا الحسن: أمير مكة، ولى إمرة مكة ثمانى سنين، ونحو ثلاثة أشهر، مستقلا بالإمرة، غير سنتين أو نحوها، فإنه كان واليا فيها، شريكا لعنان بن مغامس بن رميثة الآنى ذكره، كما سيأتى بيانه. وأول ولايته فى رجب، وإلا ففى أول شعبان، من سنة تسع وثمانين وسبعمائة، بعد عزل عنان، حنقا عليه، لما اتفق فى ولايته، من استيلاء كبيش، وجماعة عجلان، وابنه أحمد، ومن انضم عليهم، على جدّة، وما فيها من أموال الكارم، وغلال المصريين، وعجز عنان عن دفعهم عن الاستيلاء على جدة، وعن استنقاذ الأموال منهم، ولا شراكة لبنى عمه فى إمرة مكة، ووصل إلى على تقليد وخلعة، بسبب ولايته لإمرة مكة، من الملك الظاهر برقوق، صاحب مصر، مع نجّاب معتبر من العيساويّة، ووصل النجاب إلى عنان فى النصف الثانى من شعبان، من سنة تسع وثمانين، لكى يسلّم مكة لعلىّ وجماعته، فامتنع من تسليمها إليهم أصحاب عنان، وتابعهم على ذلك عنان. ولما علم بذلك علىّ وجماعته، قوى عزمهم على التوجّه إلى مكة، وصرف الجمال محمد بن فرج المعروف بابن بعلجد، نفقة جيدة على من لايم عليا من الأشراف والقواد العمرة والحميضات، وساروا إلى مكة، وخرجوا على الأبطح من ثنيّة أذاخر، وخرج للقائم من مكة عنان وأصحابه، فلما تراءى الجمعان، انحاز الحميضات عن آل عجلان، فلم يكونوا معهم ولا مع عنان، وتقاتل الفريقان، فتم النصر لعنان وأصحابه، ورجع آل عجلان إلى محلّهم، وهو القصر بالوادى، بعد أن قتل منهم كبيش ولقاح بن منصور، من القواد العمرة، وعشرون عبدا فيما قيل، وذلك فى سلخ شعبان من السنة المذكورة. وفى شهر رمضان توجه على إلى مصر، فأقبل عليه السلطان، وولّاه نصف إمرة مكة، وولّى النصف الثانى لعنان بشرط حضور عنان لخدمة المحمل، ووصل علىّ مع المحمل إلى مكة، فدخلها مع الحاج، وقرئ توقيعه على مقام الحنابلة بالمسجد الحرام. وكان عنان قد أعرض عن لقاء المحمل، متخوفا من آل عجلان، وفر إلى الزّيمة بوادى نخلة اليمانية، وكان أصحابه قد سبقوه إليها، فسار إليهم علىّ وجماعته، وجماعة من الترك الحجاج، فوجدوا الأشراف محاربين لقافلة بجيلة.

_ 2088 ـ انظر ترجمته فى: (ابن الفرات 9/ 420، شذرات الذهب 6/ 350، ابن إياس 1/ 304، خلاصة الكلام 36، الأعلام 4/ 312).

ولما عرف بهم الأشراف، هربوا خوفا من سهام الترك، وقتل أصحاب علىّ منهم مبارك بن عبد الكريم من الأشراف، وابن شكوان من أتباعهم، وعادوا إلى مكة، ومعهم من خيل الأشراف خمسة، ومن دروعهم ثلاثة عشر درعا، وتوصلت قافلة بجيلة إلى مكة، فانتفع بها الناس. وبعد سفر الحاج من مكة، صار عنان والأشراف إلى وادى مرّ، واستولوا عليه وعلى جدّة، ونهبوا بعض تجار اليمن، وأفسدوا فى الطرقات، ولأجل استيلائهم على مدّة، احتاج علىّ إلى النفقة، فأخذ من تجار اليمن ومكة، ما استعان به على إزالة سرورته. وفى ربيع الآخر، أو جمادى الأولى من سنة تسعين وسبعمائة، أتاه من مصر أخوه الشريف حسن، بجماعة من الترك استخدمهم له، نحو خمسين فارسا وخلعة من السلطان، وكتاب منه يتضمن استمراره، فلبس الخلعة، وقرئ الكتاب بالمسجد الحرام، ووصل إليه أيضا خلعة، وكتاب يتضمن باستمراره، من الصالح حاجّى بن الأشرف شعبان، لما عاد إلى السّلطنة بمصر، بعد خلع الملك الظاهر، فى أثناء سنة إحدى وتسعين وسبعمائة. وفى آخر ذى القعدة منها، بلغه أن الأشراف آل أبى نمىّ، يريدون نهب الحاجّ المصرى، فخرج من مكة بعسكره لنصرهم ونصر أخيه محمد، فإنه كان قدم معهم من مصر، بعد أن أجيب لقصده فى حبس عنان، ولم يقع بين الفريقين قتال، لأن أمير الحاج أبا بكر بن سنقر الجمالى، لما عرف قصد الأشراف للحاج، لاطفهم مع الاستعداد لحربهم، فأعرضوا عن الحاجّ. وفى أوائل سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، حصل بين علىّ وأخويه، حسن ومحمد منافرة، فبان عن علىّ أخواه، ونزلا بمن انضم إليهما فى وادى مرّ، ثم هجم حسن مكة فى جماعة، وخرجوا منها من فورهم، وقتل بعضهم شخصا يقال له بحر. وفى سنة اثنتين وتسعين أيضا، اصطلح والأشراف آل أبى نمىّ، بسعى محمد بن محمود، وكان علىّ قد قلّده أمره لنيل رأيه، وحلفوا لعلى وحلف لهم، وأعطاهم إبلا وأصائل بوادى مرّ، وتزوّج بعد ذلك منهم، بنت حازم بن عبد الكريم بن أبى نمىّ. ولما كان قبيل النصف من شعبان سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، وصل عنان من مصر، متوليّا نصف الإمرة بمكة، من قبل الملك الظاهر، شريكا لعلىّ، فسعى الناس

بينهم فى المؤالفة، وأن يكون لكلّ منهما نوّاب بمكة، بعضهم للحكم بها، وبعضهم لقبض ما يخصه من المتحصّل، وإن كلّا منهما يقدم مكة إذا عرضت له بها حاجة فيقضيها، وأن يكون القواد مع عنان، والأشراف مع على، لملايمتهم له قبل وصول عنان، فرضيا بذلك، وفعلا ما اتفقا عليه. وكان أصحاب كل منهما غالبين له على أمره، فحصل للناس فى ذلك ضرر، سيّما الواردين إلى مكة، لأن حجّاج اليمن، نهبوا بالمعابدة بطريق منى وبمكة نهبا فاحشا، ونهب أيضا بعض الحجاج المصريين، وما خرج الحاج المصريون، حتى استنزل عليهم أمير الحاجّ أبو بكر بن سنقر، من بعض بنى حسن، وكان ذلك فى موسم سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة. ولمّا سمع ذلك السلطان بمصر، استدعى إليه عليا وعنانا، وكان وصول هذا الاستدعاء، فى أثناء سنة أربع وتسعين وسبعمائة، ووصل مع النجّاب المستدعى لهم، خلعتان من السلطان، لعلى ولعنان، وكان عنان إذ ذاك منقبضا عن دخول مكة، لأن بعض غلمان علىّ بن عجلان، همّ بالفتك به فى آخر صفر من سنة أربع وتسعين وسبعمائة بالمسعى، ففر هاربا، بعد أن كاد يهلك، وأزال أصحاب على نوّابه من مكة، وشعار ولايته بها، لأنهم قطعوا الدعاء له على زمزم بعد المغرب، وأمر الخطيب بقطع اسمه من الخطبة فما أجاب، ثم دخل عنان مكة، بموافقة علىّ وأصحاب رأيه، ليتجهّز منها إلى مصر. فلما انقضى جهازه، سافر منها فى جمادى الآخرة إلى مصر، وتلاه إليها علىّ، وقصد المدينة النبوية، فزار جده المصطفى صلى الله عليه وسلم وغيره، وجمع الناس بالحرم النبوى، لقراءة ختمة شريفة للسلطان، والدعاء له عقيبها، وكتب بذلك محضرا يتضمن ذلك، وما اتفق ذلك لعنان، لأنه قصد من بدر ينبع، ليسبق منها عليا إلى مصر، ولما وصل علىّ إلى مصر، أهدى للسلطان وغيره هدايا حسنة، واجتمع السّلطان يوم الخميس خامس شعبان من سنة أربع وتسعين، فى يوم الموكب بالإيوان، فأقبل عليه السلطان كثيرا، وأمره بالجلوس فوق عنان، وكان جلس تحته، وبعد أيام، فوّض إليه إمرة مكة بمفرده، وأعطاه أربعين فرسا، وعشرة مماليك من الترك، وثلاثة آلاف أردب قمح، وألف أردب شعير، وألف أردب فول. ومما أحسن إليه به، فرس خاص، وسرج مغرق بالذهب، وكنبوش ذهب، وسلسلة

ذهب وأحسن إليه الأمراء لإقبال السلطان عليه، فحصّل غلمانا من الترك، قيل إنهم مائة، وخيلا قيل إنها مائة، ونفقة جيدة، وتوجّه مع الحجاج إلى مكة، فوصلها سالما، وكان يوم دخوله إليها يوما مشهودا، وقام بخدمة الحاج، فى أيام الموسم من سنة أربع وتسعين وسبعمائة، وحج فى هذه السنة ناس كثير من اليمن بمتاجر، وانكسر من جلابهم ببندر جدّة، ستة وثلاثون جلبة فيما قيل، وسافروا من مكة بعد قضاء وطرهم منها فى قافلتين، وصحبهم فيها علىّ بعسكره، وأطلق القافلة الثانية من المكس المأخوذ منهم بمكة. وكان غالب الأشراف آل ألى نمىّ، لم يحجّوا فى سنة أربع وتسعين وسبعمائة لا نقباضهم منه، فإنه كان نافر رأسهم جار الله بن حمزة، بمصر، وسعى فى التّشويش عليه، فما وسع جار الله إلا أن يخضع لعلىّ فقلّ تعبه، واستدعى علىّ الأشراف آل أبى نمىّ، فحضر إليه جماعة منهم، مع جماعة من القواد والحميضات، فقبض على ثلاثين شريفا، وثلاثين قائدا فيما قيل، وطالبهم بما أعطاه لهم من الخيل والدّروع، فسلّم القواد ما طلب منهم، وسلّم إليه الأشراف بنو عبد الكريم بن أبى سعد، وبنو إدريس بن قتادة، ما كان له عندهم من ذلك. وأما الأشراف آل أبى نمىّ، فلم يسلّموا ما كان عندهم، فأقاموا فى سجنه، حتى سلّم إليه ما طلب منهم، بعد ثلاثة أشهر، وكان سجنه لهم فى آخر ذى الحجة من سنة أربع وتسعين وسبعمائة، وكان بمكة جماعة من الأشراف والقواد، غير الذين قبض عليهم، ففروا بمكة مستخفين، والتحق كل منهم بأهله، ومضى الأشراف إلى زبيد ونزلوا عليهم بناحية الشام، وراسلوا عليّا فى إطلاق أصحابهم، فتوقف، ثم أطلق منهم محمد بن سيف بن أبى نمى، لتكرّر سؤال كبيش بن سنان بن عبد الله بن عمر له فى إطلاقه، فإنه كان عنده يوم القبض عليه، ومضى محمد بن سيف بعد إطلاقه إلى علىّ، وكان نازلا ببئر شميس، فسعى عنده فى خلاص أصحابه، واستقر الحال معه على أن يسلّم الأشراف إليه أربعين فرسا وعشرين درعا، وأن يردوا إليه ما أعطاه لهم من الأصائل، وأن يكون بين الفريقين مجود، أى حسب إلى سنة، ومضى من عند علىّ جماعة إلى الأشراف لإبرام الصّلح على ذلك، وقبض الخيل والدروع والإشهاد بردّ الأصائل، ففعل الأشراف ذلك. وجاء علىّ إلى مكة، فأطلق الأشراف فى تاسع عشرى ربيع الأول، سنة خمس وتسعين وسبعمائة، وما كان إلا أن خرجوا، فساروا بأجمعهم حتى نزلوا البحرة بطريق

جدّة، فجمع علىّ الأعراب ومن معه من العبيد والترك، ومضى حتى نزل الحشّافة، فرحل الأشراف من البحرة ونزلوا جدّة، واستولوا عليها، وكان مما حرّكهم على ذلك، الطمع فى مركب وصل إليها من مصر، فيه ما أنعم به السّلطان عليه، من القمح والشعير والفول، وصار فى كل يوم يرغب فى المسير إلى جدّة، لقتال المذكورين، فيأبى عليه أصحابه من القواد، ويحيرون عليه من المسير، ودام الحال على ذلك شهرا، ثم سعى عنده القواد الحميضات، فى أن يعطى للأشراف أربعمائة غرارة قمح، من المركب الذى وصل إليه، ويرحل الأشراف من جدّة، فأجاب إلى ذلك وسلّمها إليهم. فلما صارت بأيديهم، توقفوا فى الرحيل، فزادهم مائة غرارة فرحلوا ونزلوا العدّ، وصاروا يفسدون فى الطريق، وبلغه أن ذوى عمر فى أنفسهم منه شئ، فمضى إلى الأشراف وصالحهم، وردّ عليهم ما أعطوه له، وأقبل على موادّتهم، فكان جماعة منهم يتحملون منه، وجماعة يبدون له الجفاء، ويعملون فى البلاد أعمالا غير صالحة، اقتضت أن التجار أعرضوا عن مكة، وقصدوا ينبع، لقلة الأمن بمكة وجدّة، فلحقه لأجل ذلك شدة. وكان يجتهد فى رضائهم عليه، بكل ما تصل قدرته إليه، وقنع منهم بأن يتركوا الفساد فى البلاد، فما أسعفوه بمراده، ومما ناله من الضرر بسبب حقدهم عليه، أن بعض الشرفاء والقواد، غزوه بمكة فى خدمة أخيه السيد حسن بن عجلان لوحشة كانت بينهما، ونزلوا الزّاهر أياما كثيرة، ثم رحلوا منه لأنهم لم يتمكنوا من دخول مكة، ويقال إن بعضهم ناله برّ من علىّ بن عجلان، فرحل وتلاه الباقون. وكان وصولهم إلى مكة فى جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وسبعمائة، وتوجه بعد ذلك حسن وعلىّ بن مبارك إلى مصر، راجين لإمرة مكة، فقبض عليهما السلطان الملك الظاهر برقوق، وبعث خلعة لعلىّ، وكتابا أخبره فيه بما فعل، وأمره فيه بالإحسان إلى الرعيّة والعدل فيهم، لما بلغه من أن عليّا تعرض لأخذ شيء من المجاورين بمكه، فقرئ الكتاب بالمسجد الحرام، بعد لبسه للخلعة، وأحسن السيرة، ونادى فى البلاد بأن من كان له حق، فليحضر إليه ليرضيه فيه، وكان الذى حمله على الأخذ، فقده لما كان يعهد من النفع بجدة، ومطالبة بنى حسن له بالعطاء، وما زال حريصا على أن يحصل منهم عليه رضا، إلى أن أدرك من بعضهم ما به الله عليه قضى، من سلب روحه وإسكانه فى ضريحه، وكان صوره ما فعل به، أنه لمّا خرج يريد البراز، اتبعه الكردىّ ولد عبد الكريم ابن مخيط، وجندب بن جخيدب بن لحاف، وعبيّة بن واصل، وهم

مضمرون فيه سوءا فبدر إليه الكردى، فسايره وهو راكب على راحلته، وعلىّ على فرس، ورمى بنفسه على علىّ وضربه بجنبيّة كانت معه، فطاحا جميعا إلى الأرض، فوثب عليه علىّ فضربه بالسيف ضربة كاد منها يهلك. وولّى علىّ راجعا إلى الحلّة، فأغرى به شخص يقال له أبو نمىّ ـ غلام لصهره حازم بن عبد الكريم ـ جندبا وعبيّة وحمزة بن قاسم، وعرّفهم أنه قتل الكردى، فوثبوا عليه فقتلوا وقطعّوه وكفّنوه، وبعثوا به إلى مكة فى شجار، فوصل إلى المعلاة ليلا، وصلّى عليه ودفن فى قبر أبيه. وكان قتله فى يوم الأربعاء سابع شوال سنة سبع وتسعين وسبعمائة، ودفن فى ليلة الخميس ثامنه، وعظم قتله على الناس، سيّما أهل مكة، لأنهم تخوّفوا أن الأشراف يقصدون مكة وينهبونها، وتخيّل ذلك بعض العبيد الذى فى خدمة علىّ، وهمّوا بنهبها، والخروج منها قبل وصول الأشراف إليها، فنهاهم عن ذلك العقلاء من أصحابهم، وحمى الله البلد من الأشراف وغيرهم. وفى الصباح وصل إليها السيّد محمد بن عجلان، وكان عند الأشراف منافرا لأخيه على، ووصل إليها أيضا السيد محمد بن محمود، وكان نازلا بحادثة قريبا من مكة، وقاما مع العبيد والمولّدين بحفظ البلد، إلى أن وصل السيد حسن من مصر، متوليّا لإمرة مكة، عوض أخيه علىّ، وذلك نصف سنة ونحو نصف شهر، وكان لعلىّ من العمر حين قتل، نحو من ثلاث وعشرين سنة، وكان تزوّج الشريفة فاطمة بنت ثقبة، بإثر ولايته بمكة، وتجمّل بها حاله، ثم تزوّج بنت حازم بن عبد الكريم بن أبى نمىّ، ثم بنت النّصيح أحمد بن عبد الكريم بن عبد الله بن عمر، وكان زواجه عليها قبل موته بنحو جمعة أو أقلّ، وكانت قبله عند أخيه السيّد حسن، فأبانها لما تزوّج عليها ابنة عنان، لتحريم الجمع بينهما باعتبار الرضاع. وكان مليح الشّكالة والأخلاق، ذا كرم وعقل رزين، وكان بنو حسن يتعجّبون منه، لأنهم كانوا يكثرون الحديث عنده فيما يريدونه من الأمور، ويرغبون فى أن يخوض معهم فى ذلك، فلا يتكلم إلا بما فيه فصل لذلك، وأصلح الله بوصول السيد حسن البلاد، لا جتهاده فى حسم موادّ الفساد، واستمرّ منفردا بإمرة مكة، إلى شعبان سنة تسع وثمانمائة، ثم شاركه فى ولايتها ابنه السيد بركات، بسعى أبيه له فى ذلك، ثم ولى ما كان بيد السيد حسن من الولاية، وهو نصف الإمرة بمكة، ابنه السيد أحمد،

بسعى أبيه له فى ذلك أيضا، وولى أبوهما نيابة السّلطنة بالأقطار الحجازيّة، وكان ولايته لذلك، وولاية ابنه أحمد، فى شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة وثمانمائة، واستمروا على ذلك إلى أثناء النصف الثانى من سنة اثنتى عشرة وثانمائة، ثم عزلوا عن ذلك مدّة يسيرة نحو شهر، ثم عادوا إلى ولاياتهم، فى ثالث عشر ذى القعدة من السنة المذكورة، وما ظهر لعزلهم أثر بسرعة عودهم للولاية، واستمروا على ولاياتهم، إلى أوائل صفر سنة ثمان عشرة وثمانمائة، ثم عزلوا عن ذلك كلّه، ووليه السيد رميثة بن محمد بن عجلان. وفى توقيعه أنه ولى نيابة السّلطنة عن عمه وإمرة مكة عوض ابنى عمّه، واستمر الدعاء فى الخطبة، وبعد المغرب على زمزم، للسيّد حسن وابنيه، إلى مستهلّ الحجة سنة ثمان عشرة وثمانمائة، وكان إليهم أمر مكة، من حين بلغهم الخبر بذلك، فى أول النصف الثانى من ربيع الأول سنة ثمانى عشرة وثمانمائة، وإلى استهلال ذى الحجة منها. وفى هذا التاريخ فارقها المذكورون، ودخلها فيه السيد رميثة، واستمرت بيده إلى أن فارقها فى ليلة السادس والعشرين من شوال سنة تسع عشرة وثمانمائة، بعد حرب كان بينه وبين عمّه، فى يوم الأربعاء خامس عشر شوال، ظهر فيه عسكر عمّه على عسكره، ومضوا لصوب اليمن، ثم أتى رميثة لعمه خاضعا، وفى صفر سنة عشرين وثمانمائة، فأكرم عمّه وفادته، وقد خطب لرميثة ودعى له على زمزم، فى مدّة إقامته بمكة على العادة، وضربت السّكة باسمه، فالله يصلح الجميع ويسدّدهم، وإلى الخير يرشدهم. ولوالدى قصيدة فى مدح على بن عجلان منها [من البسيط]: إن بان وجه الصفا من راكد الكدر ... وانشق فجر الضيا عن ظلمة الفكر لأنثرن على أبى عليا أبى حسن ... تال من الحمد أو نظما من الدرر وأوقف القصد فى ساحات مشعره ... كيما أفيض بنسك النجح والظفر ما لى وللنأى والترحال عن أفق ... علا على كرة الإشراق بالقمر نادى على بن عجلان سماء سما ... بنى رميثة والسادات من مضر ومنها: كم طاف حولك من ملوى ومن ملك ... وحول بيتك من حاج ومعتمر ومنها:

2089 ـ على بن عدى بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس القرشى

وأمك الملك من مصر به أدب ... إلى لقاك فلاقى الخبر كالخبر إن تابعتك صفوف تلو أفئدة ... فأنت قبلة أهل البدو والحضر لم لا يكون على الدنيا حلى بها ... وأنت جوهرة الأخبار والسير أحييت آثار أسلاف وقد سلفوا ... أحيت مكارمهم أموات مفتقر ومنها: فمذ هبطت إلى الأرضين أصعدنى ... أبو سريع سماء العز والكبر فالله يسكنه جنات مزخرفة ... مع النبيين فى صحب وفى زمر أبقى لنا عدة الأمرا خليفته ... والبدر فى الوهن مثل البدر فى السحر منشى سحائب جود مزنها درر ... تغنى عن السحب والأنواء والمطر 2089 ـ علىّ بن عدىّ بن ربيعة بن عبد العزّى بن عبد شمس القرشى: أمير مكة، ذكره هكذا الذهبى فى تجريد الصحابة رضى الله عنهم، وذكر أنه وليها لعثمان بن عفان رضى الله عنه، وما علمت من حاله سوى هذا. 2090 ـ علىّ بن عرفة بن سليمان المكى: توفى فى الرابع من رجب سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، ومن حجر قبره كتبت هذا. 2091 ـ على بن عمر بن على البغدادى الأزجى: الفراش بالحرم الشريف. استجازه القطب القسطلانى لنفسه، ولجماعة من أولاده وغيرهم، فى سنة ثلاث وستين وستمائة بمكة، ولم أدر ما روى. 2092 ـ علىّ بن عيسى بن حمزة بن وهّاس بن أبى الطيّب، الشريف السّليمانىّ الحسنىّ، أبو الحسن المكى، المعروف بابن وهّاس: هكذا نسبه العماد الكاتب فى الخريدة، وقال: من أهل مكة وشرفائها وأمرائها، من بنى سليمان بن حسن، وكان ذا فضل غزير، وله تصانيف مفيدة، وقريحة فى النظم

_ 2089 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 6277، التجريد 1/ 424، الاستيعاب ترجمة 1879، أسد الغابة ترجمة 3793). 2092 ـ انظر ترجمته فى: (التاج 10/ 253، الدول الإسلامية 142، خريدة القصر 3/ 32، إنباه الرواة 3/ 265، التحف 40، الأعلام 4/ 318).

والنثر مجيدة. قرأ على الزمخشرى بمكة وبرّز عليه، وصرفت أعنّة طلبة العلم بمكة إليه. توفى فى أول ولاية الأمير عيسى بن فليتة أمير مكة، فى سنة ست وخمسمائة، وكان الناس يقولون: ما جمع الله بين ولاية عيسى، وبقاء علىّ بن عيسى. أنشدنى له من قطعة [من البسيط]: أهلا بها من بنات فكر ... إلى أبى عذرهن صاد (1) وله مرثية فى الأمير قاسم جد الأمير عيسى. انتهى ما ذكره العماد من خبره، وسنذكر هذه فى ترجمة قاسم. ومن شعره ما ذكره الحافظ أبو طاهر السلفى فى «معجم السفر» له، وقد روينا عن الحافظ أبى طاهر السّلفىّ. قال: أنشدنا أبو بكر شهم بن أحمد بن عيسى الحسنى المكى بديار مصر. وذكر أنه كتب عنه أشياء من الشعر لابن وهاس لغرابة اسمه، قال: أنشدنى أبو الحسن على بن حمزة لنفسه بمكة [من الطويل]: وسائلة عنّى أهل هو كالذى ... عهدنا صروم الحبل ممن يجاذبه أم ارتجعت منه الليالى وربّما ... تفلّل من حدّ اليمانى مضاربه فقلت لها إنى لترّاك منزل ... إلى حبيب حين يزورّ جانبه ومن شعره ما مدح به شيخه أبا القاسم الزمخشرى حيث يقول: وأحر بأن تزهو زمخشر بامرئ ... إذا عدّ من أسد الشّرا زمخ الشّرا جميع قرى الدنيا سوى القرية الّتى ... تبوأها دارا فداء زمخشرا وللزمخشرى فى ابن وهّاس يمدحه [من الطويل]: ولولا ابن وهّاس وسابق فضله ... رعيت هشيما وانتقيت مصردا ولأجل ابن وهّاس صنّف الزمخشرى «الكشّاف». وبلغنى عن شيخنا القاضى مجد الدين الشيرازى، أن ابن وهّاس هذا، اسمه: علىّ، بضم العين المهملة وفتح اللّام تصغير على، وهذا بعيد أن يقع من الأشراف، لفرط حبهم فى على رضى الله عنه، فلا يصغّرون اسمه، ولم أر ذلك فى شيء من الكتب المؤلفة فى «المؤتلف خطّا والمختلف لفظا» وقد ذكروا فيها من هو دون ابن وهّاس، والله أعلم.

_ (1) فى الأصول: أملا بها من بنات فكرى ... إلا أن عذرهن صار والتصحيح من خريدة القصر.

2093 ـ على بن عيسى بن أبى جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس العباسى

وكان ابن وهّاس هذا إمام الزّيدية بمكة، كذا ذكر ابن المستوفىّ فى «تاريخ إربل» فى إسناد حديث رواه عن الشريف تاج العلاء أبى زيد الأشرف بن الأعزّ بن هاشم الحسينى عنه، عن أبى طاهر المخلّص، وقال: هكذا أملى علينا هذا الحديث، تاج العلاء، وقد سقط بين «السليمانى» يعنى ابن وهاس، وأبى طاهر، لأنه لا يتصوّر أن يكون السليمانى أدرك أبا طاهر. انتهى. ومن الفوائد المنقولة عن ابن وهّاس، أن «وادى الزّاهر» أحد أودية مكة المشهورة، فيما بين التنعيم ومكة، وهو «فخّ» الذى ذكره بلال رضى الله عنه فى شعره [من الطويل]: ألا ليت شعرى هل أبيتنّ ليلة ... بفخ وحولى إذخر وجليل كذا فى رواية الأزرقى، وفى البخارى وغيره «بواد» عوض «فخّ». وفى فخّ، كانت وقعة مشهورة بين العلويين، وبين أصحاب الخليفة موسى الهادى، قبيل الوقوف، من سنة تسع وستين ومائة، وقد سبق ذلك فى ترجمة الحسين بن على بن الحسن، رأس العلويّين فى هذا الحرب. 2093 ـ على بن عيسى بن أبى جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس العباسى: أمير مكة. ذكر ابن جرير فى أخبار سنة سبع وثلاثين ومائتين: أنه حجّ بالناس فيها، وكان والى مكة، وذكر أنه حجّ بالناس فى سنة ثمان وثلاثين. وذكر الفاكهى: أنه توفى بمكة، ولم يذكر تاريخ وفاته. وما عرفت أنا ذلك، والله أعلم بذلك. 2094 ـ على بن الجمال عيسى المصرى، أبو الحسن المكى: سمع من العفيف الدلاصى «وصايا العلماء»: لابن زبر، فى ذى القعدة سنة إحدى عشرة وسبعمائة، ثم قرأ على الشيخ خضر بن حسن النابتىّ: الصحيحين، وما أدرى هل حدّث أم لا، ولا متى مات، إلا أنه أجاز لشيخنا ابن سكر، كما ذكر، مع جماعة من الشيوخ، فى استدعاء مؤرّخ بشوال سنة خمس وستين وسبعمائة. 2095 ـ على بن الفضيل بن عياض العابد: روى عن عبد العزيز بن أبى روّاد. روى عنه أحمد بن يونس، وكان من الخائفين.

_ 2093 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ الطبرى 7/ 369). 2095 ـ انظر ترجمته فى: (الحلية 8/ 297، تهذيب الكمال 990، تذهيب التهذيب 3/ 73، تهذيب التهذيب 7/ 373، الكواكب الدرية 143، سير أعلام النبلاء 8/ 442).

2096 ـ على بن قريش بن داود الهاشمى المكى

كان يقدّم على أبيه فى الخوف والعبادة، مات قبل أبيه. وكان سبب موته، أنه بات يتلو القرآن فى محرابه، فأصبح ميّتا فى محرابه. ذكره هكذا ابن حبّان فى الطبقة الرابعة من الثقات، وذكره ابن الجوزى فى المصطفين من طبقات أهل مكة من التابعين ومن بعدهم، فى كتابه «صفة الصفوة». 2096 ـ على بن قريش بن داود الهاشمى المكى: سمع من عيسى بن عبد الله الحجى، والزين الطبرى، والجمال محمد بن الصفى، وبلال عتيق ابن العجمى، والجمال المطرى، من قوله فى جامع الترمذى: باب التيمّم، إلى سورة الأعراف، بقراءة المحدّث أمين الدين بن الوانى، فى رمضان سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة بالحرم الشريف، وما علمته حدّث. وتوفى سنة سبع وسبعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وكان رجلا خيرا من أعيان الناس بمكة، وكان وكيل أهل المدارس فى قبض الأوقاف باليمن. وبلغنى أن والد المذكور «قريش بن داود» طلع مع القاضى نجم الدين الطبرى، لرؤية هلال رمضان، إلى أبى قبيس، فادّعى أنه رآه، وشهد عند القاضى نجم الدين، فقبل شهادته، مع إنكار الحاضرين عليه وطعنهم، فلما كانت ليلة ثلاثين من رؤيته، طلعوا إلى الجبل فرأوا الهلال كلهم، فقام إليه القاضى نجم الدين، وقبّل ما بين عينيه، وقال: مثلك يشهد. 2097 ـ 2097 على بن أبى القاسم بن محمد بن حسين اليمنى، المعروف بابن الشّقيف الزيدى: كان من أعيان الزيدية بمكة، ممّن يفتيهم ويعقد لهم الأنكحة. وتوفى ليلة الأربعاء السادس عشر من ذى القعدة، سنة ست عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وهو فى أثناء عشر الثمانين. 2098 ـ على بن أبى الكرم المعروف بالشولى: تلميذ على بن إدريس. وكان أبو الكرم، أبا الكرم عند اسمه لفظا ومعنى. انتهى. وأخبرنى شيخنا الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير الحسنى المكى، أنه سمع الشيخ خليل المالكى يقول: إن الدعاء مستجاب عند قبور بالمعلاة، منها: قبر على بن أبى الكرم

_ 2097 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 5/ 275).

2099 ـ على بن مبارك بن رميثة بن أبى نمى الحسن المكى

الشولى، وقبر إمام الحرمين، يعنى عبد المحسن بن أبى العميد الحفيفى المقدم، وقبور سماسرة الخير، وهى الآن لا تعرف، إلا أنها فى محاذاة قبة الملك المسعود بالمعلاة. وأخبرنى شيخنا المذكور عن شيخه المذكور، أنه كان دفن عند الشيخ على الشولى، شخص من بنى النّهاوندىّ، أحد أعيان مكة، فعزم الشيخ عبد الله الدّلاصى على نقله من جوار الشيخ، لكونه كان يخالط السلطنة بمكة، ثم أعرض عن ذلك، لأنه رأى الشيخ وأمره أن لا يفعل، وقال: جاهنا يسعه. قال شيخنا عبد الرحمن: وكان يقول شيخنا: انظروا الفرق بين هذا الشيخ، كيف وسع جاهه غيره، وبين ابن عساكر ـ يعنى عبد الوهاب ـ كيف لم يسع جاهه سواه! فإنه كان فى تربة المؤذنين، فرآه ولده أبو اليمن عبد الصمد فى النوم، وشكى إليه من مجاورتهم، وأمره بنقله عنهم، فنقله عنهم. توفى بمكة يوم الأحد سلخ صفر سنة أربع وأربعين وستمائة، كذا وجدت بخط أبى العباس الميورقى، ووجدت فى حجر قبره بالمعلاة، أنه توفى فى ربيع الأول من السنة. 2099 ـ على بن مبارك بن رميثة بن أبى نمىّ الحسن المكى: كان يأمل إمرة مكة، وقوى رجاؤه لها، لّما انحرف الملك الناصر فرج بن الملك الظاهر برقوق صاحب مصر، على صاحب مكة الشريف حسن بن عجلان، ورسم بالقبض عليه وعلى ولديه، وندب لذلك الأمير بيسق، وأشير عليه بأن يكون علىّ بن مبارك المذكور مع بيسق، فيما ندب إليه، ليتألّف له بنى حسن لا ينفروا منه، وبعث علىّ المذكور إلى الإسكندرية، على أنه يعتقل بها، فإذا خرج الحاجّ من مصر إلى مكة، طلب علىّ وجهّز إلى مكة، بحيث يدرك أمير الحاج قبل وصوله إلى مكة، وكان إرساله إلى الإسكندرية ليبلغ ذلك صاحب مكة فلا ينفر منها، وتتم عليه المكيدة، فوقاه الله السوء، وعطف عليه قلب صاحب مصر، فبعث إليه وإلى ولديه بالتشاريف، والعهد ببقائهم على ولاياتهم، وإلى أمير الحاج بالكف عن حربهم، ورجع على بن مبارك إلى مصر، وقصده أولاده من مكة، رجاء أن يتم له أمر، فأدركه الحمام دون المرام، فى آخر سنة خمس عشرة وثمانمائة، وهو معتقل بقلعة الجبل. وكان اعتقاله فى هذه السنة، بإشارة الملك المؤيد أبى النضر شيخ، قبل توليته الملك، وكان علىّ المذكور فى سنة تسع وثمانين وسبعمائة، لايم آل عجلان بجدّه، وجعلوه سلطانا مع على بن عجلان، وأعطوه نصف ما تحصل فيها، ليصرفه على جماعته، ثم خوّف منهم، ففرّ إلى عنان وأصحابه بمكة، وأشركه عنان فى إمرة مكة، وصار له

_ 2099 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 5/ 277).

2100 ـ على بن مبارك بن عيسى بن غانم المكى، المعروف بابن عكاش

ولأخيه عقيل بن مبارك نصف البلاد، ولعنان وأحمد بن ثقبة النصف، وكان عنان قبل وصول علىّ إليه، جعل مكة أثلاثا، بينه وبين عقيل وابن ثقبة، فلما أشرك معهم عليّا، صار يدعى لأربعة على زمزم، وفى خطبة الصغار فى رمضان، وأما فى خطبة الجمعة، فلا يدعى إلا لعنان، لأن الخطيب بمكة، لم يوافق على الدعاء لغيره، وحضر علىّ بن مبارك حصار مكة فى دولة على بن عجلان، سنة سبع وتسعين وثمانمائة، ثم توجّه بعد انقضاء الحصار إلى مصر فى هذه السنة، فاعتقل بها، ثم نقل إلى الإسكندرية فاعتقل بها، ثم أطلق فيها، ثم أذن له فى القدوم إلى مصر، فقدمها وأقام بها حتى مات، خلا المدّة التى بعث فيها إلى الإسكندرية، للمكيدة المقدّم ذكرها. 2100 ـ على بن مبارك بن عيسى بن غانم المكى، المعروف بابن عكاش: كان ورث عن أبيه نقدا وعقارا كثيرا بوادى نخلة ووادى مرّ، وغير ذلك، فأذهبه بالبيع، وأذهب ثمنه فى إطعام من لا يلزمه إطعامه، فاحتاج وصار يتقّوت مما يحصّله أجرة فى كتابة الوثائق والشهادة، ودام على ذلك نحو عشرة أعوام، ثم توفى فى ليلة الثامن والعشرين من شعبان، سنة أربع عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، عن بضع وثلاثين سنة، سامحه الله تعالى، وبلغنى أنه عمّر مسجد التّنضب بوادى نخلة. * * * من اسمه على بن محمد 2101 ـ على بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى المكى، يلقّب نور الدين، أخو الرّضىّ والصّفى: سمع من شعيب الزّعفرانىّ: الأربعين الثقفية، وحدّث بها مع أخيه الرضىّ إمام المقام، وغيره من أقاربه، بقراءة ابن عبد الحميد، فى مجلسين، ثانيهما العشرين من ذى الحجة سنة ست وثمانين وستمائة بالمسجد الحرام. ولم أدر متى مات، ولا أعلم من حاله سوى هذا. 2102 ـ على بن محمد بن أبى بكر بن محمد بن ناصر العبدرىّ الشيبى الحجبى المكى الشافعى، الشيخ نور الدين: شيخ الحجبة وفاتح الكعبة. ولد فى ثالث عشر ربيع الأول، سنة خمس وخمسين وسبعمائة، على ما وجدت بخطّه.

_ 2100 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 5/ 277). 2102 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 5/ 295).

2103 ـ على بن أبى راجح محمد بن يوسف بن إدريس بن غانم بن مفرج العبدرى الشيبى

سمع من الجمال محمد بن أحمد بن عبد المعطى، والكمال محمد بن عمر بن حبيب الحلبى، وغيرهما، من شيوخ مكة والقادمين إليها، واشتغل بالعلم فى فنون، وكتب بخطه كتبا كثيرة، فى الفقه والأدب وغير ذلك، وكان يذاكر بأشياء حسنة فى الأدب وغيره، وله نظم وهمّة ومروءة، وإحسان إلى أقاربه، وولى مشيخة الكعبة، بعد على بن أبى راجح، من جهة أمير مكة، نحو ثلاث سنين فى نوبتين، لأنه ولى ذلك فى صفر سنة سبع وثمانين، إلى العشر الأخير من رمضان، سنة ثمان وثمانين، لعزله حينئذ عن ذلك، بأخيه أبى بكر بن محمد، إلا أنه لم يباشر ذلك لغيبته، وباشر عنه ابنه أحمد بن أبى بكر، حتى مات أحمد فى ذى القعدة من السنة المذكورة، وعاد حينئذ عمه نور الدين إلى ولاية ذلك، واستمر حتى عزل ثانيا بأخيه أبى بكر بن محمد، فى أوائل سنة تسعين وسبعمائة، واستمرّ معزولا حتى مات، غير أنه ولى ذلك نيابة عن أخيه أشهرا، فى أوائل السنة التى مات فيها، وكانت وفاته بعد علّة طويلة، فى يوم الأحد ثالث ذى القعدة الحرام، سنة خمس عشرة وثمانمائة ضحى، ودفن فى عصر يومه بالمعلاة. 2103 ـ علىّ بن أبى راجح محمد بن يوسف بن إدريس بن غانم بن مفرّج العبدرىّ الشيبى: شيخ الحجبة وفاتح الكعبة، نور الدين. سمع من الزين الطبرى: سنن النسائى، فى مجالس آخرها فى سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، وما علمته حدّث، ولى فتح الكعبة بعد أخيه يوسف بن أبى راجح الآتى ذكره، وكان هو الأكبر، حتى مات فى صفر سنة سبع وثمانين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة عن سبعين سنة فيما بلغنى، وكان رجلا جيّد الحفظ للقرآن ويتلوه. 2104 ـ على بن محمد بن أبى بكر بن عبد الله بن مفرّج الأنصارى، الفقيه شمس الدين الشافعى الإسكندرى: ذكره هكذا الصلاح الصّفدى فى أعوان النصر، وكان جيّد القريحة، ذكىّ الفطرة الصحيحة له مشاركات فى الأصول والفروع، سمع الحديث من الدمياطى، ومن الشيخ تقى الدين بن دقيق العيد ولازمه، وأملى عليه «شرح الإلمام»، وفى الفقه والأصول، والنحو، على العلم العراقى، وتوجه إلى قوص وأعاد بمدرسة السّديد، ثم أعرض عن ذلك، وحصل له فقر شديد مدقع مدّة، ثم تعرف بفخر الدين ناظر الجيش، فأعطاه

_ 2103 ـ انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 3/ 98).

2105 ـ على بن محمد بن حسب الله القرشى، المعروف بالزعيم، يلقب نور الدين

شهادة الكارم بعيذاب (1)، وحصّل مالا، وشفع فيه عند قاضى القضاة جلال الدين القزوينى، فولاه قضاء فوّة، وأجازه بالفتوى، ثم نقله إلى قضاء أسيوط، ثم عزله، فتوجه إلى مكة، فتوفى هناك سنة أربعين وسبعمائة، وقد جاوز الستين، وكتب بخطه كثيرا. ومن شعره [من الكامل]: سائلى عن شامة فى أنف من ... فضح الغصون بميسة فى عطفه إن الذى برأ الحواجب صاغها ... نونين فى وجه الحبيب بلطفه فتنزع النّونان نقطة حسنه ... فأقرّه ملك الجمال بأنفه انتهى. 2105 ـ على بن محمد بن حسب الله القرشى، المعروف بالزعيم، يلقب نور الدين: كان أكثر تجار مكة مالا، لاحتوائه على ما خلفّه أبوه من الأموال الكثيرة، وأصرف كثيرا منها على الدولة فرعوه، وعلى عوامّ مكة فخدموه، وكانوا يغتبطون بحمل نعله، ثم تغيّر حاله فى الحرمة لنقص ماله، ولم يزل به النقص حتى احتاج وسأل، وتوجّه وهو بهذه الصّفة إلى اليمن، فأدركه الأجل بزبيد، سنة ست عشرة وثمانمائة، فى ربيع الثانى منها ظنّا، والله أعلم، وسمع الحديث على القاضى عز الدين بن جماعة، ولم يحدّث، والله يغفر له. 2106 ـ على بن محمد بن داود البيضاوى، المعروف بالزمزمى: نزيل مكة، كان مشهورا بالخير، وكان شيخنا قاضى القضاة صدر الدين المناوىّ يثنى عليه كثيرا، وذكر أنه أعطاه شيئا يدخل فى الأدوية، كان محتاجا إليها، من غير سؤاله ولا إعلامه، وعدّ ذلك له مكاشفة، وسمع من القاضى عز الدين بن جماعة، والشيخ فخر الدين النويرى: بعض السنن، لأبى عبد الرحمن النسائى، فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة، والسماع بخط شيخنا ابن سكر، إلا أنه سمّى أباه شمسا، ولم يذكر محمدا، فلعل شمسا لقب غلب عليه، وقد أملى علىّ نسبه هكذا، ولده صاحبنا الأديب مجد

_ 2104 ـ (1) عيذاب: بالفتح ثم السكون، وذال معجمة، وآخره باء موحدة: بليدة على ضفة بحر القلزم هى مرسى المراكب التى تقدم من عدن إلى الصعيد. انظر: معجم البلدان مادة «عيذاب». 2105 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 5/ 297).

2107 ـ على بن محمد بن سند المصرى

الدين إسماعيل عنه، وأخبرنى أنه أخبره أنه قدم مكة عام قدمها الفيل من العراق، وأنه خدم عند الشيخ سالم بن ياقوت المؤذن فى بئر زمزم، فلما بلغ له خبره، نزل له عنها، وزوّجه بابنته، فولد له منها ولده المذكور، وغيره من إخوته، وصار لهم أمر البئر، وكان معه أيضا سقاية العبّاس، وذكر لى ولده المذكور، أنه توفى فى حادى عشر شهر ربيع الآخر، سنة خمس وثمانين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. انتهى. وكان قدوم الفيل مكة، فى سنة ثلاثين وسبعمائة. 2107 ـ على بن محمد بن سند المصرى: الفرّاش بالمسجد الحرام. ولى الفراشة به قبل الثمانمائة بسنين، ولم يزل متولّيا لها، حتى تركها قبيل موته بسنة، لصهريه زوجى ابنتيه، ونزل لهما عن البوابة بالمطهرة الناصرية بمكة، وكان وليها فى سنة عشر وثمانمائة، وكان سافر من مكة فى موسم سنة ثمان عشرة وثمانمائة إلى مصر، فأقام بها حتى توّجه إلى مكة مع الحجّاج المصريين، فى سنة عشرين وثمانمائة، وعرض له قبل موته ضعف فى ظهره، عسر عليه لأجله المشى، وكان حضر دروس بعض الفقهاء بمصر، وعلق بذهنه شيء من مسائل الفقه، وكان قزازا ببعض القياسر بمصر، ثم عانى التجارة بمكة، ووقف كتبا اقتناها، وجعل مقرها برباط ربيع بمكة، وبها مات فى ربيع الأول سنة سبع وعشرين وثمانمائة، وقد بلغ السبعين أو قاربها، رحمه الله تعالى. 2108 ـ على بن المحب محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن الصّفىّ أحمد الطبرى المكى: ولد بمكة، وكان ينطوى على عقل وسكون، وخدمة لأصحابه، وباشر الإمامة بقرية التّنضب من وادى نخلة الشامية، نيابة عن أخويه أوقاتا قليلة. توفى بمكة فى يوم الجمعة ثانى عشر صفر، سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة، ودفن بالمعلاة عند أسلافه، عقيب صلاة الجمعة، وهو فى عشر الأربعين ظنّا غالبا. 2109 ـ على بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن على بن الحسين الطبرى المكى: سمع من جدّه لأبيه، الفقيه عماد الدين عبد الرحمن: صحيح البخارى، فى أوائل سنة

_ 2107 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 5/ 307). 2108 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 5/ 310).

2110 ـ على بن محمد بن عبد السلام بن أبى المعالى بن أبى الخير بن ذاكر بن أحمد بن الحسن بن شهريار الكازرونى الأصل، المكى، يلقب بالتاج

سبع وتسعين وستمائة والسماع بخط أبيه، ومنه نقلت. وأجاز له من دمشق القاضى سليمان بن حمزة وطائفة سواه من شيوخ عبد الله بن الرضى بن خليل، والبرزالى، وما علمته حدّث. وذكر لى شيخنا أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطى المكى المصرى، أنه كان يشتغل بعلم الرّوحانيات، وأن بعض الناس فيما قيل شكا إليه فراق امرأته، وأنها تريد سفرا لنخلة، فكتب له على هذا، ورقة، وأمره بوضعها فى الموضع الذى تركب فيه، ففعل ذلك الرجل، فأعرضت المرأة عن السفر، هذا معنى ما حدّثنى به شيخنا ابن عبد المعطى. وقد اتفق لعلىّ هذا وأبيه محمد حكاية عجيبة، تقدّم ذكرها فى ترجمة أبيه، وملخصها: أن بعض الناس بالشام، حمل عنهما مرضا كان بهما فشفيا، وأعطاهما درهمين، وأمرهما أن لا يشتريا بهما جميعا حاجة، فكانا يشتريان بأحدهما الحاجة، ويرجع إليهما ذلك الدرهم، فاتفق أنهما اشتريا بالدرهمين حاجة، فما عادا إليهما. ولم أدر متى مات علىّ هذا. والله أعلم. 2110 ـ علىّ بن محمد بن عبد السلام بن أبى المعالى بن أبى الخير بن ذاكر بن أحمد بن الحسن بن شهريار الكازرونى الأصل، المكىّ، يلقّب بالتاج: مؤذّن الحرم الشريف. سمع من والده، ويعقوب الطبرى: بعض الترمذى، ومن أبى عبد الله محمد بن على الطبرى النجار: أربعين المحمدّين للجيّانى، وروى عن محمد بن أبى الفضل المرسىّ. كذا ذكر البرزالى، ولم أدر ما يروى عنه، وذكر أنه أجاز له. توفى فى رجب سنة خمس وتسعين وستمائة، وقعت عليه صاعقة على سطح زمزم، فمات هناك. 2111 ـ على بن محمد بن عبد العزيز العباسى الشريف النقيب، أبو الحسن: توفى ليلة الأحد لثمان بقين من [ ......... ] (1) سنة إحدى عشرة وخمسمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، ومن حجر قبره لخصت ما ذكرته. 2112 ـ على بن محمد بن عطيّة بن على بن عطيّة الحارثى، أبو الحسن بن أبى طالب المكىّ: ذكره الخطيب البغدادى، وقال: حدّث عن أبيه، وأبى طاهر طاهر المخلّص، كتب

_ 2111 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2112 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ بغداد 12/ 103).

2113 ـ على بن محمد بن على الإستراباذى، أبو مسعود

عنه أصحابنا، ولم أسمع منه شيئا، وذكر أن سماعه صحيح، ومات فى ذى الحجة من سنة ثمان وخمسين وأربعمائة. انتهى. 2113 ـ على بن محمد بن على الإستراباذى، أبو مسعود: تقدّم فى ترجمة أبى النصر إبراهيم بن محمد بن على الإستراباذى، أن المسجد المعروف بمسجد الهليلجة، الذى أحرمت منه عائشة الصدّيقة رضى الله عنها، لما حجّت، عمّر بأمر أبى النصر وأخيه أبى مسعود هذا، وذلك فى رجب سنة ست وستين وأربعمائة، وترجم أبو مسعود هذا فى الحجر الذى فى المسجد المكتتب بسبب هذه العمارة: بالرئيس الأجلّ السيّد ذى المحاسن. 2114 ـ على بن الزين محمد بن الأمين محمد بن القطب محمد بن أحمد بن على ابن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أحمد القسطلانى المكى، يلقب نور الدين: وجدت بخطه، أنه ولد فى الحادى والعشرين من شهر رمضان سنة تسعين وستمائة، وسمع من جده أمين الدين القسطلانى: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، من أوله إلى قوله: إعادة الصلاة مع الإمام. وأجاز له، وسمع من يحيى بن محمد الطبرى: نسخة أبى مسهر الغسّانى: وما معها، وسمع من الفخر التوزرى: الموطأ أيضا، وصحيح البخارى، وصحيح مسلم، وسنن أبى داود، وعلى الصفى الطبرى، وأخيه الرضى: من قوله فى صحيح البخارى: (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً) [الإعراف: 85]، إلى باب: مبعث النبىصلى الله عليه وسلم، وسمعه كاملا على الرضى، وسمع من غيره. وحدّث سمع منه جماعة من شيوخنا، منهم ابن سكّر، ووجدت بخطه، أنه توفى فى التاسع والعشرين من شهر رجب سنة تسع وخمسين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، بقرب جدّه أبى العباس القسطلانى. انتهى. وكان مشهورا بالخير، معتبرا عند الناس، وكان وافر العقل، ولذلك صحب قاضى مكة نجم الدين الطبرى، وأخاه القاضى زين الدين، وكانت بينهما عداوة، فلذلك عسرت صحبتهما على كثير من الناس، وتيسر ذلك لعلىّ بن الزين هذا. وبلغنى أنه نفى حمل أمة له، ولاعن على نفيه، وأستبعد أن يكون لاعن، والله أعلم. 2115 ـ على بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن على الحسنى، الشريف نور الدين أبو الحسن بن الشريف أبى عبد الله الفاسى، المكى المولد والدار: وجدت بخط أبيه أنه ولد بعد العصر من يوم الخميس سادس جمادى الآخرة سنة ثمان

وسبعمائة، بدار مظفّر من السّويقة بمكة، وعنى به أبوه، فأحضره فى الرابعة على الشيخ فخر الدين التوزرى: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، وصحيح مسلم [ ..... ] (1) وعلى الصفى الطبرى، وأخيه الرضى: صحيح البخارى وغير ذلك، وعلى الرضىّ فقط: مسند الشافعى، واختلاف الحديث له، وصحيح ابن حبّان، ثم سمعه عليه، وسمع عليه صحيح البخارى أيضا، وجامع الترمذى، وسنن أبى داود، والنّسائى، والثقفيات، وعلى العفيف الدلاصى: رسالة القشيرى، وعلى والده: العوارف للسّهروردىّ، وغير ذلك عليهم، وعلى غيرهم من شيوخ مكة والقادمين إليها، وحدّث باليسير. سمع منه من شيوخنا: الحافظان أبو الفضل العراقى، وأبو الحسن الهيثمى وغيرهم. وإنما حدّث باليسير من مروياته، لتوقفه فى التحديث بمكة، فى حياة الشيخ خليل المالكى، ويقول: هو أولى بذلك، كما ذكر لى عنه شيخنا ابن سكّر. وما علمت أنه سمع عليه، إلا أنه أجاز له، وتناول منه بعض مروياته، فى العشر الأول من ربيع الأول، سنة خمسين وسبعمائة، بالحرم الشريف، كذا وجدت بخطه، أعنى ابن سكر، وسألت عنه شيخنا السيد عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى، هو ابن أخيه، فذكر أنه كان ديّنا صالحا، كثير الطواف، خصوصا بالليل، واصلا لرحمه، يصحب أهل الخير كثيرا، ويؤثرهم، وكان صحب الشيخ داود وجماعة بالإسكندرية، وأخذ عنهم، وأذن له فى الفتوى، ودرّس فى الحرم، فى درس قرّره له بدر الدين الخرّوبى، أحد تجار الكارم بمصر، وتصدّق على يده بمائة ألف درهم، وكان قاضى القضاة عز الدين بن جماعة، وغيره من رؤساء الديار المصرية يعظمونه، وكان قاضى القضاة يعتمده فى أمور الحرم بمكة، وفوّض إليه ما له النظر فيه بالحرمين، وكان ولى مباشرة الحرم قبل الأربعين وسبعمائة، وكان الشيخ خليل المالكى، إمام المقام، يعظّمه كثيرا، وأخرج عن الشيخ خليل ألف كفّارة يمين، كان أوصى بها، لما لم يخرجها أوصياء الشيخ خليل. وكان شريف النّفس، عالى الهمة، كريما كثير المكارم، وكان يتكلفها بالدين، وكان حسن الشكالة، طويلا، وكان سافر إلى بالد التّكرور، وحصل له فيها قبول كثير ودنيا طائلة، وكان سفره إليها من مكة، فى شهر ربيع الآخر سنة أربع وخمسين، وعاد إلى مكة فى موسم سنة تسع وخمسين، ثم توجّه منها فى آخر سنة إحدى وستّين، وقصد بلاد التّكرور، وتوجه منها بعد أن حصّل دنيا، وأدركه الأجل فى الطريق، فى شهر رمضان سنة تسع وستين وسبعمائة، ووصل خبره مكة فى سنة سبعين، أخبرنى بشهر وفاته والدى، أحسن الله إليه ورحمه.

_ 2115 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2116 ـ على بن محمد بن على [ ..... ] (1) السكندرى

2116 ـ على بن محمد بن على [ ..... ] (1) السكندرى: [ ......................... ] (1). 2117 ـ على بن محمد بن على الصليحى: صاحب اليمن ومكة. قال صاحب المرآة فى أخبار سنة خمس وخمسين وأربعمائة: وفيها دخل الصليحىّ إلى مكة، واستعمل الجميل مع أهلها، وأظهر العدل والإحسان والأمن، وطابت به قلوب الناس، ورخصت الأسعار، وكثرت له الأدعية، وكان شابا أشقر اللحية أزرق العينين، وليس باليمن أزرق أشقر غيره، وكان متواضعا، إذا جاز على جمع سلّم عليهم بيده، وكان فطنا ما يخبر بشيء إلا ويصحّ، وكسا البيت ثيابا بيضا، وردّ بنى شيبة عن قبيح أفعالهم، ورد إلى البيت من الحلىّ، ما كان بنو أبى الطيب الحسنيون أخذوه، لما ملكوا بعد شكر، وكانوا قد عرّوا البيت والميزاب، ودخل البيت ومعه زوجته، ويقال لها الحرّة الكاملة، وكانت حرة كاسمها، مدبّرة مستولية عليه وعلى اليمن، وكان يخطب لها على المنابر، يخطب أولا للمسنتصر وبعده للصليحى، وبعده لزوجته، فيقال: اللهم وأدم أيّام الحرّة الكاملة السيدة كافلة المؤمنين. وكانت لها صدقات كثيرة، وكرم فائض، وكرم فائض، وعدل وافر. وقال: ذكر الصليحى: محمد ابن هلال الصابى فقال: وورد فى صفر من الحج، من ذكر دخول الصليحى مكة فى سادس ذى الحجة، واستعماله الجميل مع أهلها، وإظهاره العدل فيها، وأن الحجاج كانوا آمنين أمنا لم يعهد مثله، لإقامته السياسة والهيبة، حتى كانوا يعتمرون ليلا ونهارا، وأموالهم محفوظة، ورحالهم محروسة، وتقدّم بجلب الأقوات، فرخصت الأسعار، وانتشرت له الألسنة بالشكر، وأقام إلى يوم عاشوراء، وراسله الحسنيون، وكانوا قد بعدوا من مكة: أخرج من بلادنا، ورتّب منّا من تختاره. فرتب محمد بن أبى هاشم فى الإمارة، ورجع إلى اليمن ـ وقد سبق فى ترجمة ابن أبى هاشم، ما أحسن به إليه الصليحى لما أمّره بمكة ـ قال: وكان الصليحى يركب على فرس له يسمى «الملك» قيمته ألف دينار، وعلى رأسه مائة وعشرون قصبة ملبّسة بالذهب والفضة، وإذا ركبت الحرّة، ركبت فى مائتى جارية، مزينات بالحلى والجوهر،

_ 2116 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2117 ـ انظر ترجمته فى: (وفيات الأعيان 2/ 51، 52، 53، 3/ 411 ـ 415، 5/ 229، 7/ 323، تاريخ ثغر عدن 159).

وبين يديها الجنائب بمراكب الذهب المرصعّة، وفى رواية: أقام بمكة إلى ربيع الأول، فوقع فى أصحابه الوباء، فمات منهم سبعمائة رجل، ثم عاد إلى اليمن، لأن العلويين تجمّعوا عليه، ولم يبق معه إلا نفر يسير، فسار إلى اليمن، ومنع الحج من اليمن، فغلت الأسعار، وزادت البليّة. انتهى. وذكره الفقيه عمارة الشاعر فى تاريخه، فقال: كان أبوه محمد قاضيا باليمن، سنّىّ المذهب، وكان أهله وجماعته يطيعونه، وكان الداعى عامر بن عبد الله الزّواحىّ يلاطفه ويركن إليه، لرئاسته وسؤدده وصلاحه وعلمه، فلم يزل عامر المذكور، حتى استمال قلب ولده علىّ المذكور، وهو يومئذ دون البلوغ، ولا حت له فيه مخايل النجّابة، وقيل: كانت عنده حلية علىّ الصليحى فى كتاب «الصّور» من الذخائر القديمة، فأوقفه منه على ثقل حاله، وشرف مآله، وأطلعه على ذلك سرا من أبيه وأهله؛ ثم مات عامر عن قرب، وأوصى له بكتبه وعلومه، ورسخ فى ذهن علىّ من كلامه ما رسخ، فعكف على الدرس، وكان ذكيا، فلم يبلغ الحلم، حتى تضلّع من معارفه، التى بلغ بها وبالجد السعيد، غاية الأمل البعيد. وكان فقيها فى مذهب الدولة الإمامية، مستبصرا فى علم التأويل. ثم إنه صار يحج بالناس دليلا على طريق السّراة والطائف خمس عشرة سنة، وكان الناس يقولون له: إنه بلغنا أنك ستملك اليمن بأسره، ويكون لك شأن، فيكره ذلك وينكره على قائله، مع كونه أمرا قد شاع وكثر فى أفواه الناس، الخاصّة والعامّة. ولما كان فى سنة تسع وعشرين وأربعمائة، ثار فى رأس جبل مسار، وهو أعلى ذروة فى جبال حراز، وكان معه ستون رجلا، قد حالفهم بمكة فى موسم سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، على الموت والقيام بالدّعوة، وما منهم إلا من هو من قومه وعشائره فى منعة وعدد كثير، ولم يكن برأس الجبل المذكور بناء، بل كان قلعة منيعة عالية، فلما ملكها، لم ينتصف نهار ذلك اليوم الذى ملكها فى ليلته، إلا وقد أحاط به عشرون ألف ضارب سيف، وحصروه وشتموه وسفهوا رأيه. وقالوا له: إن نزلت، وإلا قتلناك أنت ومن معك بالجوع! فقال لهم: لم أفعل هذا إلا خوفا علينا وعليكم أن يملكه غيرنا، فإن تركتمونى أحرسه لكم، وإلّا نزلت إليكم، فانصرفوا عنه، ولم يمض عليه أشهر، حتى بناه وحصّنه وأتقنه. واستفحل أمر على الصليحى شيئا فشيئا، وكان يدعو للمستنصر صاحب مصر فى

الخفية، ويخاف من «نجاح» صاحب تهامة ويلاطفه، ويستكين لأمره، وفى الباطن، يعمل الحيلة فى قتله، ولم يزل حتى قتله بالسم مع جارية جميلة أهداها إليه، وذلك فى سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة بالكدراء. وفى سنة ثلاث وخمسين، كتب الصليحى إلى المستنصر، يستأذنه فى إظهار الدعوة، فأذن له، فطوى البلاد طيّا، وفتح الحصون والتهائم، ولم تخرج سنة خمس وخمسين إلا وقد ملك اليمن كله، سهله ووعره، وبرّه وبحره، وهذا أمر لم يعهد مثله فى جاهلية ولا إسلام، حتى قال يوما وهو يخطب الناس فى جامع الجند: فى مثل هذا اليوم نخطب على منبر عدن. ولم يكن ملكها بعد، فقال بعض من حضر مستهزئا: «سبّوح قدّوس» فأمر بالحوطة عليه، وخطب الصليحى فى مثل ذلك اليوم على منبر عدن، فقال ذلك الإنسان ـ وتغالى فى القول ـ: «سبّوحان قدّوسان» وأخذ البيعة، ودخل فى المذهب، ومن سنة خمس وخمسين، استقر حاله فى صنعاء، وأخذ معه ملوك اليمن الذين أزال ملكهم وأسكنهم معه وولىّ فى الحصون غيرهم، واختطّ بمدينة صنعاء عدة قصور، وحلف لا يولى تهامة إلا لمن وزن مائة ألف دينار، فوزنت له زوجته أسماء عن أخيها أسعد بن شهاب، فولاه وقال لها: يا مولاتنا، أنّى لك هذا؟ قالت (هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) [آل عمران: 37] فتبسم وعلم أنه من خزائنه، فقبضه وقال: (هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا) فقالت: (وَنَمِيرُ أَهْلَنا وَنَحْفَظُ أَخانا) [يوسف: 65]. ولما كان فى سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة، عزم الصليحى على الحجّ، فأخذ معه الملوك الذين كان يخاف منهم أن يثّوروا عليه، واستصحب زوجته أسماء بنت شهاب، واستخلف مكانه ولده منها، الملك المكرم أحمد، وهو ولدها أيضا، وتوجّه فى ألفى فارس، فيهم من آل الصليحى، مائة وستون شخصا، حتى إذا كان بالمهجم (1)، ونزل بظاهرها بقرية يقال لها أم الدّهيم وبئر أم معبد، وخيّمت عساكره والملوك الذين معه من حوله، ولم يشعر الناس حتى قيل: قد قتل الصليحى، فانذعر الناس وكشفوا عن الخبر، فكان سعيد الأحول بن نجاح المذكور، الذى قتله الجارية بالسم، قد استتر فى زبيد، وكان أخوه جياش فى دهلك (2)، فسيّر إليه وأعلمه أن الصليحى متوجه إلى مكة،

_ (1) المهجم: بلد وولاية من أعمال زبيد باليمن، بينها وبين زبيد ثلاثة أيام، ويقال لناحيتها خزاز، وأكثر أهلها خولان من أعلاها وأسافلها وشمالها بعد السّردد. (2) دهلك: بفتح أوله، وسكون ثانيه، ولام مفتوحة، وآخره كاف، اسم أعجمى ـ

فتحضر حتى نقطع عليه الطريق ونقتله، فحضر جيّاش إلى زبيد، وخرج هو وأخوه سعيد، ومعهما سبعون رجلا بلا مركب ولا سلاح، بل مع كل واحد جريدة فى رأسها مسمار حديد، وتركوا جادة الطريق، وسلكوا طريق الساحل، وكان بينهم وبين المهجم مسيرة ثلاثة أيام للمجدّ، وكان الصليحى قد سمع بخروجهم، فسيّر خمسة آلاف حربة من الحبشة الذين فى ركابه لقتالهم، فاختلفوا فى الطريق، فوصل سعيد ومن معه إلى طرف المهجم وقد أخذ منهم التعب والحفاء، وقلة الماء، فظن الناس أنهم من جملة عبيد العسكر، ولم يشعر بهم إلا عبد الله أخو الصّليحى، فقال لأخيه: يا مولانا، اركب، فو الله هذا الأحول سعيد بن نجاح، وركب عبد الله، فقال الصليحى لأخيه: إنى لا أموت إلا بالدّهيم وبئر أم معبد، معتقدا أنها أم معبد التى نزل بها رسول اللهصلى الله عليه وسلم، لما هاجر إلى المدينة، فقال له رجل من أصحابه: قاتل عن نفسك، فهذه والله الدّهيم، وهذه بئر أم معبد، فلما سمع الصليحى ذلك، لحقه زمع اليأس من الحياة، وبال ولم يبرح من مكانه، حتى قطع رأسه بسيفه، وقتل أخوه معه وسائر الصليحيين، وذلك فى ثامن عشر ذى القعدة، سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة، ثم إن سعيدا أرسل إلى الخمسة آلاف الذين أرسلهم الصليحى لقتاله، فقال لهم: إن الصليحى قد قتل، وأنا رجل منكم، وقد أخذت بثأر أبى، فقدموا عليه وأطاعوه، واستعان بهم على قتال عسكر الصليحى، فاستظهر عليهم قتلا وأسرا ونهبا. ثم رفع رأس الصليحى على عود المظلّة، وقرأ القارئ: (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [آل عمران: 26]. ورجع إلى زبيد، وقد حاز الغنائم ودخلها فى سادس عشر ذى القعدة من السنة وملكها، وملك بلادها وبلاد تهامة، ولم يزل على ذلك حتى قتل فى سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، بتدبير الحرّة، وهى امرأة من الصليحيين، وخبر ذلك يطول، ولما قتل الصليحى ورفع رأسه على عود المظلة كما تقدم، عمل فى ذلك القاضى العثمانى [من الكامل] (3): بكرت مظلّته عليه فلم ترح ... إلا على الملك الأجل سعيدها

_ ـ معرب، ويقال له دهيك أيضا: وهى جزيرة فى بحر اليمن، وهو مرسى بين بلاد اليمن والحبشة، بلدة ضيّقة حرجة حارة كان بنو أمية إذا سخطوا على أحد نفوه إليها. (3) الأبيات فى: (وفيات الأعيان 3/ 414، تاريخ ثغر عدن 163).

2118 ـ على بن محمد بن على بن محمد الكردى الأصل المكى المولد والدار، أبو الحسن الصوفى، المعروف باللور المنعوت بالسابق

ما كان أقبح وجهه فى ظلّها ... ما كان أحسن رأسه فى عودها سود الأراقم قاتلت أسد الشرى ... وارحمتا لأسودها من سودها ولعلى الصليحى المذكور، شعر جيد، فمن ذلك قوله [من الكامل] (4): أنكحت بيض الهند سمر رماحهم ... فرءوسهم عوض النثار نثار وكذا العلى لا يستباح نكاحها ... إلا بحيث تطلّق الأعمار انتهى. وذكره العماد الكاتب فى الخريدة، فقال: ومن شعره، وقيل لغيره على لسانه [من الكامل] (5): وألذّ من قرع المثانى عنده ... فى الحرب ألجم يا غلام وأسرج خيل بأقصى حضر موت أشدّها ... وزئيرها بين العراق ومنبج قال ابن خلكان: والصليحى: بضم الصّاد المهملة وفتح اللام وسكون الياء المثناة من تحت وبعدها حاء مهملة، ولا أعرف هذه النسبة إلى أى شيء هى، والظاهر أنها إلى رجل، فقد جاء فى الأسماء الأعلام «صليح»، ونسبوا إليه أيضا، وأما الأماكن المذكورة فكلها من بلاد اليمن، ولم أتحقق ضبطها، فكتبتها على الصورة التى وجدتها، وأكثر هذه الترجمة نقلتها من أخبار اليمن للفقيه عمارة الشاعر. 2118 ـ على بن محمد بن على بن محمد الكردىّ الأصل المكى المولد والدار، أبو الحسن الصّوفى، المعروف باللوّر المنعوت بالسّابق: سمع من أبى الفرج يحيى بن ياقوت الحرمى (1)، ويونس الهاشمى، وزاهر بن رستم، وغيرهم، وحدّث. سمع منه الدمياطى، وأجاز للرضىّ الطبرىّ. وتوفى بمكة ليلة رابع عشر الحجة، سنة ست وأربعين وستمائة. 2119 ـ على بن محمد بن محمد بن حديد بن على بن محمد بن حديد الحسينى الحضرمىّ اليمنى: كان يعرف عند أهل اليمن بالشريف أبى الحديد. أخذ عن القاضى إبراهيم بن أحمد

_ (4) انظر: (خريدة القصر 3/ 225، تاريخ ثغر عدن 163، وفيات الأعيان 3/ 415). (5) البيتان فى تاريخ ثغر عدن 163، خريدة القصر 3/ 225، وفيات الأعيان 3/ 415. 2118 ـ (1) فى الأصول: «الحرسمى». وقد وردت فيمن اسمه يحيى كما أوردناه هنا. 2119 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ ثغر عدن 157، السلوك للجندى 277).

2120 ـ على بن محمد بن عمر بن على بن إبراهيم المكى، المعروف بابن الوكيل

القريظىّ «المستصفى العثمانى» عن مؤلفه، وأخذ عنه جماعة، منهم المحدث محمد بن إبراهيم الفشلى، وكان إذا ذكر عنده قال: أبو حديد رجل ثقة من الحفاظ، وكان توجه إلى زيارة الشيخ مدافع، لما اشتهر عنه من الصّلاح، فلما قبض الملك المسعود على الشيخ مدافع، قبض عليه معه، فلما مات الشيخ مدافع، توجه الشريف أبو الحديد إلى مكة، وذكر أنه مات بها فى سنة عشرين وستمائة. لخصت هذه الترجمة من تاريخ الجندى، وقال: كان إذ ذاك حافظ عصره، لم يكن له إذ ذاك فى اليمن نظير فى معرفة الحديث. 2120 ـ على بن محمد بن عمر بن على بن إبراهيم المكى، المعروف بابن الوكيل: كان أبوه من أعيان تجار مكة، وخلّف له مالا جزيلا، نقدا وعقارا، فلما بلغ، أذهب غالب ما كان له من العقار فى غير وجهه، ثم توفيت والدته، وتركت له عقارا فأذهبه. توفى فى حدود سنة ست وثمانمائة، ودفن بالمعلاة. 2121 ـ على بن محمد بن عمر المصرى الأصل، المكى المولد والدار، نور الدين، المعروف بالفاكهانى: ولد بمكة ونشأ بها، وسافر بإثر بلوغه إلى مصر والشام طلبا للرزق، فسمع بمصر من محمد بن عمر البلبيسى: صحيح مسلم، عن الموسوى، ومال إلى الأدب، وعنى بتعلقاته من العروض والنحو وغير ذلك، فتنبّه فيه، ونظم كثيرا، قصائد وغيرها، كان يقع له فى نظمه ما يستجاد، سمعت منه شيئا من نظمه بوادى الطائف. ومن شيوخه فى الأدب الشيخ يحيى التلمسانى المدنى، أخذ عنه بالمدينة النبوية، وله إقبال على الفقه، وأخذه عن القاضى جمال الدين بن ظهيرة، وصحب الصوفية بزبيد: الشيخ إسماعيل الجبرتى وجماعته، ودخل اليمن غير مرّة، وحصل له فيها ما تجمّل به حاله، وعاد بنفع على ورثته، وممن نال منه البر باليمن، الملك الأشرف، وابنه الملك الناصر، وأستاداره الغياث بن حسان، وغيرهم. وكان ذا دين وحياء ومروءة، صحبناه فرأينا منه ما يحمد.

_ 2120 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 6/ 3). 2121 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 6/ 2).

2122 ـ على بن محمد بن المناظر بن سعد الدين العلوى علاء الدين، المعروف بالخوارزمى

توفى ليلة الخميس سادس عشرى شهر رمضان المعظم سنة ثمان عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، عن نحو خمسين سنة، ولعلّه بلغ الخمسين، والله أعلم. 2122 ـ على بن محمد بن المناظر بن سعد الدين العلوىّ علاء الدين، المعروف بالخوارزمىّ: نزيل مكة، هكذا وجدته منسوبا بخط شيخنا السيد عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى، وسمعته يبالغ فى الثناء عليه، ووصفه بالصلاح، ويقول: إنه أخبره أنه أقام بمكة سنين، لا ينام فى شهر رمضان لا ليلا ولا نهارا، وأن له مدة سنين لم يضع جنبه على الأرض، وذكر له مناقب كثيرة، وكتب عنه فوائد، ووجدت بخطه: أنه توفى ظهر يوم الأحد رابع عشر شهر ربيع الآخر، سنة ثمان وستين وسبعمائة، بمنزله برباط رامشت بمكة (1)، ودفن بالمعلاة، ووجدت فى حجر قبره بالمعلاة: أنه توفى فى يوم الأحد العاشر من ربيع الآخر من السنة المذكورة، وفيه بعد العلوى: الشّعيبىّ الشافعىّ. 2123 ـ على بن محمد البغدادى الصوفى، أبو الحسن المعروف بالمزين: صحب بنانا الحمّال، وسهل بن عبد الله التسترى، والجنيد. وجاور بمكة، ومات بها فى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة. ذكره الخطيب فى تاريخه، قال: كان صاحب تعبد واجتهاد. وقال الخطيب: أخبرنا إسماعيل بن محمد الحيرىّ، قال: أخبرنا محمد بن الحسين السّلمىّ، قال: سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت أبا الحسن المزيّن يقول: الكلام من غير ضرورة، مقت من الله للعبد. أخبرنى أبو الحسن محمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمى قال: على بن محمد، أبو الحسن المزين الكبير، بغدادى الأصل أقام بمكة، صحب بنانا الحمال، وغيره. وقال لى أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيرى: أبو الحسن على ابن محمد المزين من أهل بغداد، من أصحاب سهل بن عبد الله، والجنيد، مات بمكة مجاورا، سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وكان ورعا كبيرا. انتهى.

_ 2122 ـ (1) م انظر: (تاريخ بغداد 12/ 73). 2123 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات الصوفية 382 ـ 385، حلية الأولياء 8/ 135، صفة الصفوة 2/ 150، الرسالة القشيرية 35، نتائج الأفكار القدسية 1/ 196، طبقات الشعرانى 1/ 130، شذرات الذهب 2/ 316، تاريخ بغداد 12/ 73، المنتظم 13/ 388، الكواكب الدرية 2/ 4).

وأصله من بغداد، صحب سهل بن عبد الله والجنيد، ومن فى طبقتهما من البغداديين، وأقام بمكة مجاورا، ومات بها، وكان من أروع المشايخ وأحسنهم حالا. قال أبو عبد الله محمد بن خفيف: سمعت أبا الحسن المزين بمكة يقول: كنت فى بادية تبوك، فتقدمت إلى بئر لأستقى منها، فزلقت رجلى، فوقعت فى جوف البئر، فرأيت فى البئر زاوية واسعة، فأصلحت موضعا وجلست عليه، فقلت: إن كان منّى شيئا، لا أفسد الماء على الناس، فطابت نفسى وسكن قلبى، فبينا أنا قاعد، إذا بخشخشة، فتأملت فإذا بأفعى ينزل، فراجعت نفسى، فإذا هى ساكنة، فنزل ودار بى، وأنا هادى السر لا يضطرب علىّ، ثم لفّ بى ذنبه، وأخرجنى من البئر، وحلّ عنى ذنبه، فلا أدرى، أرض ابتلعته أو سماء رفعته، وقمت ومشيت. وقيل: إنه رئى يوما متفكرا، ثم اغرورقت عيناه، فقيل له: ما لك أيها الشيخ! فقال: ذكرت أيام تقطعّى فى إرادتى، وقطعى المنازل يوما فيوما، وخدمتى أولئك السّادة من أصحابى، وتذكرت ما أنا فيه من الفترة عن شريف تلك الأحوال، وأنشأ يقول [من البسيط] (1): منازل كنت تهواها وتألفها ... أيّام أنت على الأيام منصور وقال جعفر الخلدىّ: ودّعت المزيّن الصوفى، فقلت: زودنى شيئا. فقال: إن ضاع منك شئ، أو أردت أن يجمع الله بينك وبين إنسان، فقل: يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه، إن الله لا يخلف الميعاد، اجمع بينى وبين كذا، فإن الله تعالى يجمع بينك وبين ذلك الشئ، أو ذلك الإنسان، فما دعوت بها فى شيء إلا استجيب. وقال أبو بكر الرزاى: سمعت أبا الحسن المزّين يقول: «الذنب ـ بعد الذنب ـ عقوبة الذنب، والحسنة ـ بعد الحسنة ـ ثواب الحسنة» (2). وقال: متى ما ظهرت الآخرة، فنيت فيها الدنيا، ومتى ظهر ذكر الله تعالى، فنيت فيه الدنيا والآخرة، فإذا تحقّقت الأذكار، فنى العبد وذكره، وبقى المذكور بصفاته (3). وقال: الطريق إلى الله تعالى بعدد النجوم، وأنا مفتقر إلى طريق الله عزوجل، فلا أجد (4).

_ (1) البيت فى طبقات الصوفية للسلمى 13/ 384. (2) انظر: (الرسالة القشيرية 35). (3) طبقات السلمى 13/ 382. (4) انظر: الموضع السابق.

وقال: من طلب الطريق إليه لنفسه تاه فى أول قدم، ومن أريد به الخير، دلّ على الطريق، وأعين على بلوغ المقصد (5). وقال: «من استغنى بالله، أحوج الله الخلق إليه، ومن افتقر إلى الله وصحّح فقره إليه؛ بملازمة آدابه أغناه الله به عن كل ما سواه». وقال: من أعرض عن مشاهدة ربه، شغله الله تعالى بطاعته وخدمته، ولو بدا له نجم الاحتراق، لغيّبه عن وسواس الافتراق. وقال: المعجب بعمله مستدرج، والمستحسن لشيء من أحواله ممكور به. والذى يظن أنه موصول فهو مغرور. وقال: التصوف، الانقياد إلى الحق. وقيل له: من الفقير الصّادق؟ فقال: الذى يسكن إلى مضمون الله تعالى له، ويزعجه دخول الأرفاق عليه، من أىّ وجه كان. وقال: عرض علىّ طعام فامتنعت منه، فضربت بالجوع أربعين يوما، حتى علمت أنى قد عوقبت، فاستغثت الله تعالى وتبت، فزال ما بى عند ذلك. وقال: كنت مجاورا بمكة، فوقع لى انزعاج، فخرجت أريد المدينة، فلما وصلت إلى قبر ميمونة، إذا بشاب مطروح، فعدلت إليه وهو ينزع، فقلت له: قل لا إله إلا الله، ففتح عينيه، وقال [من الخفيف]: أنا إن متّ فالهوى حشو قلبى ... وبداء الهوى يموت الكرام ثم مات وغسّلته وكفّنته، وصلّيت عليه، فلما فرغت، سكن ما كان بى من إرادة السّفر، فرجعت إلى مكة. وقال: ولما مرض أبو يعقوب النّهرجورىّ مرض وفاته، قلت له وهو فى النزع: قل لا إله إلا الله، فتبسّم إلىّ وقال: إياى تعنى؟ وعزة من لا يذوق الموت، ما بينى وبينه إلا حجاب العزة، وانطفأ من ساعته، فكان المزّين يأخذ بلحيته بعد ذلك يقول: حجّام مثلى يلقّن أولياء الله الشهادة، واخجلتاه منه، ويبكى إذا ذكر هذه الحكاية. وقال: دخلت البادية على التجريد حافيا حاسرا، وكنت قاعدا على بركة الربده؟ ؟ ؟ (6)،

_ (5) انظر: الموضع السابق. (6) هكذا فى الأصل بلا نقط.

2124 ـ على بن الحسن البلخى الزاهد، برهان الدين أبو الحسن الحنفى

فخطر بقلبى أنه ما دخل العام البادية أحد، أشد تجرّدا منى، فجذبنى إنسان من ورائى، وقال: يا حجّام! كم تحدّث نفسك بالأباطيل! . وقال: الذى عليه أهل الحقائق فى وحدانيته، أن الله تعالى غير مفقود، ولا ذو غاية فيدرك، فمن أدرك موجودا معلوما، فهو بالموجود معروف، والموجود عندنا معرفة حال، وكشف علم بلا حال، لأن الحق بان بصفة الوحدانية التى هى نعته فى ذاته (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى: 11]. وقال: من أراد الله بهذا الأمر الذى هو رهبانية الرهبانيين، وأحوال الحواريين، فليصدق الله فيه، وإلا فليرجع إلى ظاهر العلم ورعايته، فيأخذ به ويعطى، ويعمّ ويخص، لا والله، أو تنقطع أوصاله، وتحرق أنفاسه. وسئل عن المعرفة فقال: أن تعرف الله تعالى بكمال الرّبوبية، وتعرف نفسك بالعبودية، وتعلم أن الله تعالى أوّل كل شئ، وبه يقوم كل شئ، وإليه يصير كل شئ، وعليه رزق كل شئ. وقال: ملاك القلب فى التّبرىّ من الحول والقوة. ومات بمكة سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، رحمة الله عليه ورضوانه. 2124 ـ على بن الحسن البلخىّ الزاهد، برهان الدين أبو الحسن الحنفى: إمام الحنفية بالمسجد الحرام. ذكره ابن عساكر فى تاريخ دمشق فقال: تفقّه بما وراء النهر، على البرهان بن مازة ببخارى، وعلى جماعة من الأئمة، وسمع الحديث بما وراء النهر وبغداد ومكة، وقدم دمشق فى سنة تسع عشرة وخمسمائة، فنزل المدرسة الصّادرية بباب البريد، ومدرسها يومئذ أبو علىّ بن مكى الكاسانى، فعقد له مجلس المناظرة، وجلس للوعظ، وكان عنده صدق، فوقع له القبول فى قلوب الناس، فحسده الكاسانى، وتعصّب عليه الحنابلة، لأنه أظهر خلافهم، فتغيّرت نفسه عن المقام بدمشق، فمضى إلى مكة وجاور بها، وكان إمام الحنفية فى المسجد الحرام، ثم ندم الكاسانىّ على خروجه من دمشق، وكاتبه فى العود إليها، فخرج من مكة وجعل طريقه على بغداد، ووصل دمشق، فوصل الكاسانى المدرسة الصّادرية عن تراض منه.

_ 2124 ـ انظر ترجمته فى: (الروضتين 1/ 91، دول الإسلام 2/ 64، العبر 4/ 131، عيون التواريخ ـ خ ـ 12/ 474، مرآة الجنان 3/ 288، طبقات الفقهاء لطائى كبرى 94، كتائب أعلام الأخبار رقم 345، مختصر تنبيه الطالب 80، 87، 94، 95، شذرات الذهب 4/ 148، الفوائد البهية 120، 121، سير أعلام النبلاء 20/ 276).

2125 ـ على بن محمد المصرى

قال الحافظ ابن عساكر: وكان صحيح الاعتقاد، حسن السّمت، سخىّ النفس، زاهدا فى الدنيا، وجعلت له دار طرخان مدرسة، ودرّس بها وبمسجد خاتون ووقفت عليه الأوقاف، وكثر عليه الفتوح، فما التفت إليها. وقد كان تزوّج بنت القاضى الشريف أبى الفضل إسماعيل بن إبراهيم، فادعى أخوها عدم الكفاءة، فانتسب البلخىّ إلى جعفر بن أبى طالب، وثبت نسبه، وعرف الناس صحته، وما كان ذنب البلخى عند ابن منير الشاعر، إلا أنه غيّر الأذان فى حلب، وأزال منه «حىّ على خير العمل». وقال ابن عساكر: ثم عاد إلى دمشق فى أول مملكة نور الدين محمود بن زنكى، بعد خروج أبق منها. وتوفى بها فى شعبان سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، ودفن بالباب الصغير. وقال صاحب المرآة: وقول ابن عساكر: عاد إلى دمشق فى أول مملكة نور الدين محمود بن زنكى، فيه نظر، لأنه قال: توفّى البرهان فى سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، ونور الدين إنما ملك دمشق سنة تسع وأربعين. 2125 ـ علىّ بن محمد المصرىّ: واقف الرباط المعروف برباط غزّىّ، بغين معجمة وزاى مشددة وياء النسبة، لأن على بابه حجرا مكتوب فيه: إنه وقفه على الفقراء والمساكين الرجال المجرّدين، أىّ جنس كان من المسلمين، سنة اثنتين وأربعين وستمائة. 2126 ـ على بن محمد الحنديدىّ، ويقال الحندودىّ، موفق الدين، ويقال نور الدين: شاعر مجيد مشهور، من بلاد اليمن فيما أحسب، سكن مكة، ومدح جماعة من أمرائها وغيرهم. وتوفى بمكة فى يوم الأحد الخامس عشر من شهر ربيع الأول، سنة سبع وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره نقلت تاريخ وفاته، ولقب فيه بنور الدين، وعرف بالحندودى، وقد تقدّم شيء من شعره فى ترجمة أبى نمىّ صاحب مكة، وولديه: حميضة ورميثة. ومن شعره يتغزّل [من الوافر]: إلى علم الّلوى شدّوا الرّحالا ... وفوق جمالهم حملوا الجمالا وولّوا سائرين إلى إلال ... على الأنضاء يا نائى ألا لا

وبين هوادج الغادين بدر ... تقلّد فوق لبّته هلالا ترنّح فى غلائله قضيبا ... تشيّع فى مآزره ومالا تبسّم عنبرا وافترّ درّا ... وراح غزالة ورنا غزالا وهزّ من القوام علىّ رمحا ... وسدّد من لواحظه نبالا جعلت هواه دنياى ودينى ... رشادا كان ذلك أم ضلالا ومنها: وكيف أصون دمع جفون عينى ... وقد أمسى ببينهم مدالا وكيف من الهوى يخلو فؤادى ... وقد أبصرت خلخالا وخالا وله أيضا رحمه الله [من الكامل]: بفتور حور عيونهم فتنوكا ... وبنافذات سهامهم رشقوكا أما نهاتك عن أميم فلو بدت ... لهم محاسن وجهها أمروكا عذلوك إذ سمعوا بكاك ولو دروا ... ما أنت فيه من الأسى عذروكا سألوك أن تسلو ولو ذاقوا الّذى ... قد ذقت ما سألوك ما سألوكا قالوا كلفت بحب أهل طويلع ... وحفظت عهدهم وهم غدروكا خانوا وفيت وأخلفوا فحفظتهم ... يوم النوى وذكرتهم فنسوكا إن أو عدوك بهجرهم صدقوا وإن ... وعدوا ولو بخيالهم كذبوكا ملّوك حين رأوك واعدت الصّبا ... ولو استدام صباك ما ملوكا صرموا وما وصلوا ولو علموا الّذى ... بك من علاقات الهوى رحموكا فارق هواك إذا أتاك ولا ترى ... من لا يراك ولو يكون أبوكا وله أيضا: دعها فلا تسمع زجر زاجر ... وما لها عن حاجر من حاجر وخلّها وخلّنى فكلّنا ... بلا عقول وبلا خواطر إن كنت لا تعلم عنها فأنا ... أعلم ما تخفى من السرائر لأنّ بى من ظاهر وباطن ... كما بها من باطن وظاهر أغذّك عيسى وكأن تحتها ... من قلق الشّوق شفار جازر هذا ولا تدرى فكيف لو درت ... عن خبر الماطر أو فى الماطر محدّثى عن رامة وحاجر ... زد من حديث رامة وحاجر فأىّ ظلّ غير ظلّ المنحنى ... وأىّ شعب غير شعب عامر

وله [من الرجز]: نمّ لسرّ الكلف المتيّم ... صبيب دمع بدم منسجم فإن رأت عيناك عين الحرم ... سل عند مىّ الوجنتين عن دمى واستفت معسول اللّما عن ألمى ... كم عبرة يوم النّوى أفضتها ودمعة من مقلتىّ أسلتها ... وزفرة من أضلعى أشعلتها من ناشدى عن كبد أضللتها ... بالعصب ما بين الصفا وزمزم أيدى النّوى جارت علينا وعدت ... وأنجزت فى حيننا ما وعدت والعيس فى الحىّ سرت بى وغدت ... ما زمزم الحادى بهم إلا حدت أكبادنا زمزمة المزمزم ... آل إلال ما عرفت فنّهم ظنّوا فما أخلف قلبى ظنّهم ... كم قلت لمّا أن رأيت ظعنهم لا سلّم الله الحداة إنهم ... ساروا بسلمى عن لوى ذى سلم كيف النوى لآية الصّبا محا ... وغيم جفنى مذ أدرّ ما صحا وبرّحت بى للغريق البرحا ... أخالع البرق عن شمس الضّحى طالعة من ليل شعر أفحم ... أبرا من السلوان قلبى وبرا سويحر اللّحظ بلبىّ سحرا ... طاف به إذ طاف أكباد الورى أحرم بالحجّ فحرّمنى الكرى ... وطيبه أجفان كلّ مغرم كحيل طرف ما رنا إلّا رمى ... بأسهم تقضى بإهراق الدّما ناديته فى حين لبّا محرما ... يا قاتلى فى حرم الله أما تخاف إهراق دمى فى الحرم ... لم أقض من آل إلال وطرا فهات خبّر عنهم بما جرى ... فكم لهم كفكفت دمعى فجرى عرّف دمعى عرفات فترى ... غير ادمعى على البنان العندم

قطّع قلبى من عرى العلائق ... بالأبرقين سائق الأيانق فلا تكن بى عنهم بعائق ... ففى منى منية كلّ عاشق والخيف فيه خوف كلّ مغرم ... جرح فؤادى لا يزال داميا وداء قلبى لم يجد مداويا ... وما له إلا الشّفاء شافيا وللجمار كم رأينا راميا ... من العيون البابليّات رمى ما حجّر النوم عن المحاجر ... إلّا فراقى لحلول حاجر والله مالى عنهم من حاجر ... واندمى فارقت شعب عامر وعامر قدمى واندمى ... ما الحب إلا منحة ومحنة وفرحة طورا وطورا ترحة ... وأهل ودى باللقا أشحة وغادة أسلم جفنى صحة ... من جفنها ممزوجة بالسّقم ممكورة عنها فؤادى ما نوى ... صدّا ولا أمسى عميدا للجوى إنى وقيس فى الصّبابات سوا ... لا تسألن عنى وعنه فالهوى أعظم شجونى وأدقّ أعظمى ... قولك عندى فى هواهم لم يصح فخلّ عنك العذل فيهم واطّرح ... أرح عن قلبى المعنّى واسترح لو سلمت أكبادنا لم تفتضح ... من الهوى وإنها لم تسلم وكان الحنديدىّ المذكور، هجا الأشراف أصحاب المخلاف السّليمانى (1)، فكتب إليه الأديب أبو عامر منصور بن عيسى بن سيحان، بقصيدة يعاتبه على ذلك، ويعظم عليه وينهاه، وهى على روى قصيدته التى هجاهم بها، يقول فيها [من الوافر]: [و] (2) قل لى يا علىّ بأى وجه ... جعلت قناع حرمتهم مذالا تلقّب بعضهم فيها حميرا ... وتجعل بعضهم فيها بغالا

_ 2126 ـ (1) كانت الأقاليم فى اليمن مقسمة إلى مخاليف منها المخلاف اليمانى، وكان أحد المخاليف اليمنية، وهو منسوب إلى أحد ولاته فى القرن الرابع الهجرى؛ سليمان بن مطرف. وهذا المخلاف هو المقاطعة المعروفة بمقاطعة جيزان، ويقع فى حدود المملكة العربية السعودية. من هامش ط. (2) زيادة اقتضاها الوزن ولا تغير من المعنى.

2127 ـ على بن مسعود بن أحمد بن على المكى، المعروف بالأزرق

أليسوا خير من ركب المطايا ... أليسوا خير من خلع النّعالا وإن زرنا قليل المال منهم ... أبشّ بنا وأنصفنا ووالا أما لك زاجر عن آل طه ... أما تلقى بغيرهم اشتغالا لقد أهلكت نفسك فاستقل ما ... فعلت فكلّ من عثر استقالا أتمدح أخبث العربين آلا ... وتهجو أشرف العربين آلا متى وردت ركائبنا خفافا ... صدرن بجمّ نائلهم ثقالا وإن جاءت إليهم بالقوافى ... وضعن مدائحا وحملن مالا ومنها: فلم وعلاك تهتك غير عرض ... سمين ليس يعتاد الهزالا وكيف تبيع دينارا بفلس ... يكون عليك مكسبه وبالا أترضى أن يقال عمى وولى ... عن الإسلام واختار الضّلالا فتب مما اجترحت من الخطايا ... لعلّ الله يغفرها تعالى فلا والله ما خبثوا نساء ... بنو حسن ولا خبثوا رجالا ولو جمع الورى فى كلّ فجّ ... لما وزنوا لنعلهم قبالا ليوث وغى ولكن لا توارى ... بدور دجى وجوههم تلالا ومنها: فقد أنصفتهم وأجبت عنهم ... بقول يطمس القول المحالا فإن كلّفت شتم الشّمس يوما ... فليس يزيدها إلا كمالا أفى ولد العواتك من قريش ... يصادف قائل الفحشا مقالا فدع ما رمت والتمس التّعطّى ... عسى بمحمد تعطى النّوالا ولا يغررك بعدك فالليالى ... بما ترجو وما تخشى حبالى فبعد هجاك محلاف بن طرف ... فلست لمكّة ترعى وصالا 2127 ـ على بن مسعود بن أحمد بن على المكى، المعروف بالأزرق: كان من خدام السلطنة بمكة، كتب للشريف أحمد بن عجلان فى ديوانه، ولابنه أيضا، ولعنان فى ولايته الأولى، ثم توزّر له فى ولايته الثانية، ثم لعلىّ بن عجلان، ثم لأخيه حسن بن عجلان، ومات بإثر ذلك، فى آخر سنة ثمان وتسعين وسبعمائة، أو فى أول سنة سبع وتسعين بمكة، ودفن بالمعلاة عن نحو خمسين سنة، وكان يحفظ شعرا كثيرا، ويذاكر به.

2128 ـ على بن مسعود بن عبد المعطى بن أحمد بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى الخزرجى المكى، يلقب نور الدين

2128 ـ على بن مسعود بن عبد المعطى بن أحمد بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى الخزرجىّ المكىّ، يلقّب نور الدين: ولد سنة تسع وثلاثين وسبعمائة وسمع بمكة من إبراهيم بن محمد بن نصر الله بن النحاس: مسند أهل البيت، من مسند أحمد، عن زينب بنت مكّىّ، ومشيخة العشارىّ، عن أحمد بن شيبان، ومن الصّارم أزبك الشّمسىّ: مجلس رزق الله التميمى، عن الأبرقوهىّ، وغير ذلك، ومن الفخر عثمان بن الصفى الطبرىّ: سنن أبى داود، ومن الفخر عثمان النّويرىّ، والسّراج الدّمنهورى: الموطأ، رواية يحيى بن بكير. وعلى القاضى عز الدين بن جماعة، والقاضى فخر الدين بن بنت أبى سعيد، والشيخ نور الدين على بن محمد الهمدانى، والشيخ شهاب الدين أحمد بن أحمد الهكّارى: قطعة كبيرة من جامع الترمذى، ومن القطب بن المكرّم: جزء الخرقىّ، وأمالى التّنوخىّ، وما فى آخره، وحدّث. سمعت منه مشيخة العشارى، وأحاديث من سنن أبى داود، مع جماعة من أصحابنا. وكان ذا ديانة. توفى ليلة الأربعاء تاسع المحرم، سنة ثلاث عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن فى صبيحتها بالمعلاة. 2129 ـ على بن مسعود بن فيروز البغدادى، أبو الحسن: نزيل مكة، سمع من أبى زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسى، وما علمته حدّث. وأجاز لابن مسدىّ، وذكر أنه كان مجبّرا بالبيمارستان بمكة. وتوفى فى شوال سنة خمس وخمسين وستمائة، وقد ناهز المائة. لخصت هذه الترجمة من معجم ابن مسدى. 2130 ـ على بن مظفّر بن على بن نعيم السّلامىّ، أبو الحسن، المعروف بابن الحبير التاجر: سمع مع ابن البطّىّ وغيره، وحدّث. وتولى النظر فى مصالح المسجد الحرام، ومصالح الكعبة، وتوفى فى رابع صفر سنة ست وعشرين وستمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. ومولده سنة ست وأربعين وخمسمائة. والحبير بحاء مهملة مضمومة وباء موحدة مفتوحة وياء مثناة من تحت وراء مهملة، قاله المنذرى، وذكره فى التكملة، وقال: كان شيخا متدينا حسن الطريقة.

2131 ـ على بن المفرج بن عبد الرحمن الصقلى

2131 ـ على بن المفرّج بن عبد الرحمن الصّقلّى: قاضى مكة. سمع أبا بكر محمد بن أبى سعد الإسفرائينى، صاحب أبى بكر الإسماعيلى، وأبا ذر الهروىّ المالكى، وغيرهما. روى عنه الحافظ أبو القاسم بن هبة الله بن عبد الوارث الشيرازى، وأبو بكر محمد ابن عبد الباقى، ذكره هكذا ابن السّمعانى فى الأنساب، ومن مختصره لابن الأثير، كتبت هذه الترجمة. 2132 ـ على بن منكبرس الآملىّ الطبرى، سيف الدين أبو الحسن الطبرى: هكذا نسبه البرزالى فى تاريخه، وقال: ذكر أنه ولد يوم الجمعة مستهلّ رمضان، سنة إحدى وأربعين وستمائة، وأنه من أولاد الأمراء. جاور بمكة نحوا من ثلاثين سنة، وفى مدة إقامته، تزوج بنت الشيخ رضىّ الدين الطبرى، ورزق منها بنتا، اسمها فاطمة بنت سيف الدين على بن حسن الآملىّ. وكان معروفا بمعرفة النجوم، وكان أحد الصّوفية بخانقاة سعيد السّعداء بالقاهرة، وبها توفى فى سحر ليلة الاثنين، الثالث من رمضان سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة، ودفن بمقبرة الصوفيّة خارج باب النّصر، وعلى قبره لوح فيه رخام، فيه اسمه وتاريخ موته. انتهى. وذكره الجزرىّ فى تاريخه، فقال: كان من السّادات وأكابر القوم من الصوفية، وله من الرياضيات والخلوات والسّياحات، وكان كثير الصوم والصلاة، ولا تخلو أوقاته من الذّكر، ولما كان بدمشق التزم بصيام سنة كاملة متتابعة، وأن كل يوم يفطره يصوم عنه أحد عشر يوما، واجتمع عليه نحو ثلاث سنين، ولم يزل حتى صام الجميع. وله ديوان شعر بالعجمى، ومقدمات كثيرة فى فنون من العلم. انتهى. 2133 ـ على بن موسى بن عيسى بن عمران المكى، المعروف بالنور المزرق: خدم الشريف عجلان فى أمواله وغيره من سلطنة مكة، وكان يكتب عنهم الكتب. وتوفى فى أثناء النصف الأول من سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 2134 ـ على بن نجم الكيلانىّ، المعروف بخواجا على: كان من أعيان تجار العجم. سكن ديار مصر مدّة، وكانت له فيها وجاهة، وابتنى تربة بظاهر القاهرة، ثم انتقل إلى الحجاز، فأقام بالمدينة مدّة سنين، ثم انتقل إلى مكة،

_ 2131 ـ انظر ترجمته فى: (الأنساب للسمعانى 3/ 549).

2135 ـ على بن نصر بن المبارك بن محمد بن أبى السيد الواسطى الأصل، ثم البغدادى، أبو الحسن بن أبى الكرم، المكى المولد والدار، المعروف بابن البنا

فأدركه الأجل بها، فى سلخ ذى الحجة سنة تسع وتسعين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. 2135 ـ على بن نصر بن المبارك بن محمد بن أبى السّيّد الواسطىّ الأصل، ثم البغدادى، أبو الحسن بن أبى الكرم، المكىّ المولد والدار، المعروف بابن البنا: سمع من أبى الفتح الكروخىّ: جامع الترمذى، مع كتاب العلل، فى مجالس آخرها سلخ المحرم سنة ثمان وأربعين وخمسمائة يمكة، وحدّث به فيها، وبمصر والإسكندرية ودمياط، سمعه منه خلق كثيرون، آخرهم محمد بن إبراهيم بن ترجم ـ بتاء مثناة من فوق وجيم بينهما راء مهملة ـ المازنىّ. توفى سنة اثنتين وعشرين وستمائة، واختلف فى شهر وفاته. فقال المنذرى: توفى فى الثامن من ربيع الأول، وقد علت سنّه. وقال ابن مسدىّ: توفى يوم الثلاثاء لسبع خلون من صفر، وجزم الرشيد العطار بوفاته فى صفر، ولم يذكر أنه توفى فى ربيع الأول، والله أعلم. والسيد: بفتح السين المهملة وكسر الياء آخر الحروف وتشديدها وبعدها دال، هكذا قال المنذرى، ولما نسبه قال: على بن أبى الكرم نصر بن المبارك بن أبى السيد بن محمد، وهذا يخالف ما ذكرناه فى نسبه الذى ذكر الحافظ ابن نقطة أنه أملاه عليه. وقد نسبه كذلك ابن مسدىّ، إلا إنه ذكر ما يخالف ذلك، لأنه قال: رأى بخطه أن أباه أبا الكرم، هو المبارك بن أبى السّيدّ بن محمد، فهذا يوافق ما ذكره المنذرى، فى تقدم أبى السيد، على محمد، ويخالف قوله وقول الجماعة، فيما ذكر من أن أبا الكرم، هو المبارك، وقد نسبه الرشيد العطار كالمنذرى. والله أعلم. وقال ابن مسدىّ: لا أعلم له شيخا سواه، ولا سماعا إلا ما ذكرناه، وذكر ابن نقطة أن سماعه صحيح. 2136 ـ على بن النعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حيّون القاضى، أبو الحسن بن أبى حنيفة: قاضى الحرمين وغيرهما. ذكره ابن خلكان فى تاريخه، وذكر أن العزيز العبيدىّ،

_ 2135 ـ انظر ترجمته فى: (التقييد لابن نقطة 186، تكمله المنذرى الترجمة 2021، تاريخ الإسلام 22، العبر 5/ 90، دول الإسلام 2/ 96، النجوم الزاهرة 6/ 63، حسن المحاضرة 1/ 177، شذرات الذهب 5/ 101، سير أعلام النبلاء 22/ 248). 2136 ـ انظر ترجمته فى: (يتيمة الدهر 1/ 384 ـ 385، وفيات الأعيان 5/ 417، العبر 2/ 367، حسن المحاضرة 1/ 561، 2/ 147، سير أعلام النبلاء 16/ 367).

2137 ـ على بن هاشم بن على بن مسعود بن غزوان القرشى الهاشمى المكى الشافعى، الفقيه نور الدين أبو الحسن

أشرك بينه وبين أبى طاهر محمد بن أحمد بن عبد الله الذّهلىّ، قاضى مصر فى الحكم، فلما تعطل شقّ أبى طاهر، فوّض له المعز القضاء مستقلا، فى ثالث صفر من سنة ست وستين وثلاثمائة، وكان فى سجله: القضاء بالديار المصرية والشامية والحرمين والمغرب، وجميع مملكة العزيز، والخطابة والإمامة والعيار فى الذهب والفضة، والموازين والمكاييل. ولم يزل مستمرا على أحكامه، وافر الحرمة عند العزيز، إلى أن توفى يوم الاثنين لست خلون من رجب سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، وصلّى عليه العزيز، ودفن فى داره بالحمراء. وكانت ولادته بالمغرب، فى شهر ربيع الأول سنة تسع وعشرين وثلاثمائة، وأقامت مصر بغير قاض ينظر فيها، ثمانية عشر يوما، لأن أخاه محمد بن النّعمان كان مريضا. وكان أبو الحسن هذا، مفنّنا فى عدّة علوم، منها علم القضاء، والقيام به بوقار وسكينة، وعلم الفقه والعربية والأدب والشعر، وأيام الناس، وكان شاعرا مجيدا فى الطبقة العليا. ومن ذلك ما رواه له فى دمية القصر، وابن زولاق فى أخبار القضاة، فى ترجمته [من الخيف] (1): ربّ خود عرفت فى عرفات ... سلبتنى بحسنها حسناتى حرّمت حين أحرمت نور عينى ... واستباحت حشاى باللّحظات وأفاضت مع الحجيج ففاضت ... من جفونى سوابق العبرات ولقد أضرمت على القلب جمرا ... محرقا إذ مشت إلى الجمرات لم أنل من منى منى النفس حتى ... خفت بالخيف أن تكون وفاتى لخصت هذه الترجمة من تاريخ ابن خلكان، رحمه الله تعالى. 2137 ـ على بن هاشم بن على بن مسعود بن غزوان القرشى الهاشمى المكى الشافعىّ، الفقيه نور الدين أبو الحسن: سمع الحديث كثيرا على جماعة من شيوخنا، منهم جمال الدين إبراهيم الأميوطىّ، والعفيف عبد الله محمد النّشاورىّ، وإبراهيم بن محمد بن صدّيق، وتفقّه كثيرا بقاضى مكة، جمال الدين محمد بن عبد الله بن ظهيرة وغيره، وكان بصيرا بالفقه، حسن المذّاكرة خيّرا، وسافر إلى اليمن للتجارة غير مرّة.

_ (1) نسب الأبيات فى دمية القصر (1/ 284) للقاضى النعمانى. 2137 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 6/ 46).

2138 ـ على بن يحيى بن عبد العليم اليمنى

وتوفى يوم الجمعة ثامن عشر جمادى الأولى من سنة ست وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة فى عصره، وقد جاوز الستين، بنحو سنة أو سنتين. 2138 ـ على بن يحيى بن عبد العليم اليمنى: ذكره الجندىّ فى تاريخ أهل اليمن، وذكر أنه أخذ عن الحافظ على بن أبى بكر العرشانىّ: الأربعين الآجرّية. وتوفى سنة خمس وتسعين وخمسمائة بمكة، وكان فقيها جليلا كبيرا. 2139 ـ على بن يحيى بن محمد بن يحيى بن عبيد بن حمزة بن بركات الشّيبىّ: أحد حجبة البيت الحرام. توفى يوم الجمعة سادس شهر رمضان سنة تسع وسبعين وخمسمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره لخّصت هذا، وترجم فيه: بالشاب. 2140 ـ على بن يعلى بن على بن عبيد بن حمزة البغدادىّ الأصل، المكىّ المولد والمنشأ، أبو الحسن التميمى، المعرف بالسختيلى، يلقّب بالسّديد: سمع من زاهر بن رستم: جزءا من عوالى أبى الحسين علىّ بن بشران، ومن يونس الهاشمى، من جزء الكوفانى أو جميعه، وحدّث. سمع من الدّمياطى الحافظ بالمسجد الحرام، وذكره فى معجمه، وتوفى سنة اثنتين وخمسين وستمائة بمكة فيما أظن، نقلت وفاته من خطّ أمين الدين القسطلّانى، فى استدعاء أجاز له فيه ولابنه قطب الدين، ووجدت بخط ابنه، أنه كان فقيها فاضلا شاعرا فرضيّا حاذقا. ولعلىّ هذا، ابن اسمه يحيى، سمع بدمشق على إسماعيل العراقى، سنة ثمان وأربعين وستمائة، ولم أدر متى مات. 2141 ـ على بن يوسف بن أيوب، الملك الأفضل بن السلطان الملك الناصر صلاح الدين: صاحب دمشق، وليها بعهد من أبيه، واستمرّ بها مدّة، حتى أخرجها منه أخوه العزيز عثمان، وعمه العادل أبو بكر، ثم ولى نيابة السلطنة بمصر، عن ابن أخيه العزيز، فجاء إليها عمّه العادل، فأخرجها منه، واستقر بسميساط، حتى مات فى سنة اثنتين وعشرين وستمائة.

_ 2141 ـ انظر ترجمته فى: (الكامل لابن الأثير 12/ 164، وفيات الأعيان 1/ 371، السلوك 1/ 216، الأعلام 4/ 33).

2142 ـ على بن يوسف بن عبد الله الجوينى، أبو الحسن، المعروف بشيخ الحجاز

وذكره ابن نظيف الحموىّ، فقال: كان سلطانا جوادا كريما حليما رحيما عالما بالفضائل، فعالا للمكارم، خبيرا بالسّير وفضيلة الأدب. انتهى. ومن شعره [من الكامل]: يا من يسوّد شعره بخضابه ... لعساه من أهل الشبيبة يحصل ها فاختضب بسواد حظّى دائما ... ولك الأمان بأنّه لا ينصل وله ـ وقيل إنه كتبه إلى الإمام الناصر العباسى يشكو من أخيه وعمه ـ[من البسيط]: مولاى إنّ أبا بكر وصاحبه ... عثمان قد أخذا بالسّيف حقّ على فانظر إلى حقّ هذا الاسم كيف لقى ... من الأواخر ما لاقى من الأول وهو صاحب الرباط الذى بأجياد، المعروف برباط ربيع، وسبب شهرته بربيع، أن الذى وقفه عن السلطان نور الدين علىّ المذكور، كان يقال له ربيع بن عبد الله بن محمود الماردينىّ، وكان وقفه عن السلطان فى العشر الأوسط من ذى الحجة سنة أربع وتسعين وخمسمائة، وقفه على فقراء المسلمين الغرباء، ووقف الملك الأفضل هذا كتبا بالرّباط المذكور، منها: «المجمل فى اللغة، لابن فارس»، و «الاستيعاب لابن عبد البر». 2142 ـ على بن يوسف بن عبد الله الجوينى، أبو الحسن، المعروف بشيخ الحجاز: حدّث عن أبى نعيم عبد الملك بن الحسن الإسفرايينى بصحيح أبى عوانة، سمعه منه شيخ القضاة، إسماعيل بن أبى بكر البيهقىّ، وسمع بالبصرة من أبى عمر الهاشمىّ، وبدمشق من ابن أبى نصر، وبمصر من ابن البخارى. وروى عنه جماعة، آخرهم وجيه ابن طاهر الشّحامى، ومن طريقه روينا حديثه. وقال ابن السّمعانى: كان دمث الأخلاق، سافر وجال فى الأقطار، جاور بمكة، وصنّف كتاب «السّلوة»، يشتمل على حكايات. توفى فى ذى القعدة سنة ثلاث وستين وأربعمائة. 2143 ـ على بن يوسف بن أبى بكر بن أبى الفتح السّجزى المكى، يلقّب بالتاج الحنفى: إمام الحنفية بالحرم الشريف. سمع على ابن أبى الفضل المرسى: أحاديث الجزء الأول

_ 2142 ـ انظر ترجمته فى: (الأنساب للسمعانى 2/ 129).

2144 ـ على بن يوسف بن سالم بن عطية بن صالح بن عبد النبى الجهنى المكى، المعروف بابن أبى إصبع

والثانى والثالث من صحيح ابن حبّان، ولعله سمعه كله، وذلك فى سنة أربع وأربعين وستمائة، وسمع من أبى نصر محمد بن أبى طاهر بن أبى الشجاع البغدادى: الأول من جامع الترمذى عن ابن البنّا، فى سنة اثنتين وأربعين وستمائة ـ وما علمته حدّث ـ وغيرهما بمكة، . وولى الإمامة بالحرم، ولم أدر متى ولّى، إلا أنه كان إماما فى سنة تسع وخمسين وستمائة، ولم أدر متى مات، إلا أنه كان حيّا فى سنة خمس وسبعين وستمائة، لأنى وجدت رسم شهادته فى مكتوب فيها. 2144 ـ على بن يوسف بن سالم بن عطية بن صالح بن عبد النبى الجهنىّ المكى، المعروف بابن أبى إصبع: هكذا أملى علىّ نسبه ابن أخيه عبد الرحمن بن يحيى. سمع من القاضى عز الدين بن جماعة، والفخر النويرى: بعض سنن النسائى، سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة وكان يتردّد إلى اليمن للتجارة، فأدركه الأجل بعدن منها، فى آخر سنة أربع وثمانمائة. 2145 ـ على الدّكّالى [ ............ ] (1). 2146 ـ على العجمى، الشهير بالشّماع: سكن الديار المصرية، وخدم بها الشيخ أبا بكر المغربى، الرجل الصالح الذى كان عند جامع الأزهر، ثم حجّ إلى مكة فى سنة تسع وثمانين وسبعمائة، صحبة الحاجّ المصريين، ودخل الكعبة المشرّفة، فى ليلة السبت ثانى ذى الحجة من السنة المذكورة، وخرج منها، فتوفى من ساعته تحت قبة زمزم بالمسجد الحرام، بعد أن شرب من ماء زمزم، ودفن بالمعلاة. 2147 ـ عمّار بن أبى عمار، مولى بنى هاشم، وقيل مولى بنى الحارث بن نوفل، أبو عمرو، ويقال أبو عبد الله المكى: روى عن أبى قتادة، وأبى هريرة، وأبى سعيد الخدرىّ، وعمران بن حصين، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، رضى الله عنهم.

_ 2144 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 6/ 52). 2145 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2147 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 7/ 404).

2148 ـ عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة العنسى ـ بالنون ـ ثم المذحجى

روى عنه عطاء بن أبى رباح، ونافع مولى ابن عمر ـ وهما من أقرانه ـ وحميد الطويل، ويونس بن عبيد، وخالد الحذّاء، وسعيد، ومعمر، وحماد بن سلمة. روى له مسلم، وأصحاب السنن. قال أحمد، وأبو زرعة، وأبو حاتم: ثقة. مات فى ولاية خالد بن عبد الله القسرىّ. 2148 ـ عمّار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة العنسىّ ـ بالنون ـ ثم المذحجىّ: حليف بنى مخزوم، فى قول الزهرى وغيره، وقيل مولى لهم، فى قول الواقدىّ، وطائفة من أهل العلم بالنّسب. وذكر الواقدى، أن أباه عرنىّ قحطانى مذحجىّ من عنس. قدم مكة مع أخوين له، يقال لهما: الحارث ومالك، فى طلب أخ لهم رابع، فرجع الحارث ومالك إلى اليمن، وأقام ياسر بمكة، فحالف أبا حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وزوّجه أبو حذيفة أمة له، يقال لها سميّة بنت خياط، فولدت له عمارا، فأعتقه أبو حذيفة، انتهى بالمعنى. يكنى عمّار: أبا اليقظان، وهو وأبوه وأمه سميّة، ممن عذّبهم المشركون فى الله على الإسلام، ويمرّ بهم النبى صلى الله عليه وسلم، ويقول: «اصبروا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة». وأطاعهم عمار فيما أمروه به بلسانه، وقلبه مطمئن بالإيمان. وفيه أنزل الله عزوجل قوله تعالى: (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) [النحل: 106]، ثم هاجر إلى أرض الحبشة، ثم هاجر إلى المدينة فى الأولين، وفى هجرته إلى

_ 2148 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5720، الاستيعاب ترجمة 1883، أسد الغابة ترجمة 3804، المنتظم 2/ 376، 3/ 132، 365، 4/ 308، 5/ 92، 118، 146، 147، 148، طبقات ابن سعد 3/ 186، 6/ 93، الثقات 3/ 302، الرياض المستطابة 211، المصباح المضئ 1/ 75، التحفة اللطيفة 3/ 286، تقريب التهذيب 2/ 48، تهذيب التهذيب 7/ 408، تجريد أسماء الصحابة 1/ 394، أصحاب بدر 111، الكاشف 2/ 301، التاريخ الصغير 1/ 79، 83، 84، العبر 25، 38، 40، الجرح والتعديل 6/ 389، التاريخ الكبير 7/ 25، تاريخ الإسلام 3/ 346، صفة الصفوة 1/ 422، تلقيح فهوم أهل الأثر 129، تهذيب الكمال 2/ 988، الطبقات الكبرى 9/ 138، أزمنة التاريخ الإسلامى 1/ 794، بقى بن مخلد 54، البداية والنهاية 7/ 312، الطبقات 21، 75، الزهد لوكيع 141، الفوائد العوالى 28، تنقيح المقال 8598، التبصرة والتذكرة 1/ 169، مشتبه النسبة 54، سير أعلام النبلاء 1/ 406).

2149 ـ عمارة بن جياش بن أبى ثامر المبارك القاسمي

الحبشة خلاف ذكره النووى. وصلى إلى القبلتين، وشهد بدرا والمشاهد كلها، وأبلى ببدر بلاء حسنا، وكذلك فى يوم اليمامة، وقطعت فيها أذنه. وقال النبى صلى الله عليه وسلم: «إن عمّارا ملئ إيمانا إلى مشاشه»، وروى «إلى إخمص قدميه» ويروى «إلى شحمة أذنيه» (1). وقال فى حقه أيضا، «واهتدوا بهدى عمّار» (2) أخرجه الترمذى بإسناد حسن، وهو ممن اشتاقت الجنة إليه، كما جاء عن النبى صلى الله عليه وسلم، من حديث أنس. وهو أول من بنى مسجدا لله عزوجل، وهو مسجد قباء، على ما ذكر النووى، واستعمله عمر رضى الله عنه على الكوفة، وكان من خواص على بن أبى طالب رضى الله عنه، واستشهد مع علىّ يوم صفّين، وذلك فى سنة سبع وثلاثين. وذكر ابن عبد البر أنّ صفّين فى شهر ربيع الأول من هذه السنة، وأن عليا دفنه فى ثيابه، ولم يغسّله، ونقل عن أهل الكوفة أنه صلّى عليه. وروى عن أبى عبد الرحمن السّلمىّ قال: شهدنا مع على رضى الله عنه صفّين، فرأيت عمار بن ياسر رضى الله عنه، لا يأخذ ناحية أو واد من أودية صفّين، إلا رأيت أصحاب محمدصلى الله عليه وسلم، يتبعونه، كأنه لهم علم. قال ابن عبد البر: وتواترت الأخبار عن النبى صلى الله عليه وسلم. أنه قال: «تقتل عمّارا الفئة الباغية» (3). وكان سنّه رضى الله عنه حين قتل، إحدى وتسعين سنة، وقيل اثنتين وتسعين، وقيل ثلاثا وتسعين. وكان فيما ذكر الواقدى: طويلا أشهل، بعيد ما بين المنكبين. 2149 ـ عمارة بن جيّاش بن أبى ثامر المبارك القاسمي: توفى فى يوم الأربعاء ثانى رجب سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، ودفن بالمعلاة، ومن حجر قبره كتبت هذه الترجمة، وترجم فيه: بالقائد. والقاسمى نسبة إلى أبى القاسم محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن أبى هاشم الحسنى أمير مكة.

_ (1) أخرجه النسائى فى الصغرى، كتاب الإيمان، حديث رقم (5007)، وابن ماجة فى سننه، فى المقدمة، حديث رقم (147). (2) أخرجه الترمذى فى سننه، كتاب المناقب، حديث رقم 3799، 3805. (3) أخرجه البخارى فى صحيحه، كتاب الصلاة، حديث رقم 447، ومسلم فى صحيحه، كتاب الفتن وأشراط الساعة، حديث رقم 2915.

2150 ـ عمارة بن حمزة [بن عبد المطلب بن هاشم

2150 ـ عمارة بن حمزة [بن عبد المطلب بن هاشم: أمه خولة بنت قيس بن فهر من بنى مالك بن النجار، وبه كان يكنى حمزة بن عبد المطلب. وقيل: إن حمزة كان يكنى بابنه يعلى بن حمزة. وقيل: كانت له كنيتان؛ أبو يعلى، وأبو عمارة، بابنيه يعلى وعمارة، ولا عقب لحمزة فيما ذكروا. توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعمارة ولد حمزة ولأخيه يعلى أعوام، ولا أحفظ لواحد منهما رواية] (1). 2151 ـ عمارة بن رويبة [الثقفى: من بنى جشم بن ثقيف، كوفى. روى عنه ابنه أبو بكر بن عمارة، وأبو إسحاق السبيعى، وحصين، وعبد الملك بن عمير. من حديثه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لن يلج النار امرؤ صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها»] (1). 2152 ـ عمارة بن عقبة بن أبى معيط، واسمه أبان بن أبى عمرو، واسمه ذكوان بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصىّ بن كلاب القرشى العبشمىّ الأموى: ذكره الزبير بن بكّار، بعد أن ذكر شيئا من خبر أخيه الوليد بن عقبة، فقال: وأخوه

_ 2150 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5729، أسد الغابة ترجمة 3810، الاستيعاب ترجمة 1888). (1) لم يرد أمام هذا الترجمة سوى الاسم فقط، وكتب أمامها كذا مبيض بأصله المنقول منه. ومن الأرجح أن تكون هذه الترجمة هى ترجمة عمارة بن حمزة بن عبد المطلب بن هاشم، فهو أشهر من كان بمكة يسمى بهذا الاسم وما بين المعقوفتين أوردناه من الاستيعاب، والله أعلم بالصواب. 2151 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1889، الإصابة ترجمة 5731، أسد الغابة ترجمة 3813، طبقات ابن سعد 6/ 40، طبقات خليفة 55، الثقات للعجلى 353، الثقات لابن حبان 5/ 263، مشاهير علماء الأمصار رقم 312، تحفة الأشراف 7/ 486، الإكمال 4/ 102، الجمع بين رجال الصحيحين 396، الوافى بالوفيات 22/ 404، تاريخ الإسلام 2/ 487). (1) هذه الترجمة مثل الترجمة السابقة لها، لم يرد أمامها سوى الاسم فقط. وما بين المعقوفتين أوردناه من الاستيعاب. 2152 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1895، نسب قريش 105، أسد الغابة ترجمة 3821، الإصابة ترجمة 5740).

من اسمه عمر

عمارة بن عقبة، نزل الكوفة، وله يقول الوليد بن عقبة [من الطويل]: وإن يك ظنى يابن أمّى صادقا ... عمارة لا يدرك بذحل ولا وتر ألا إنّ خير النّاس بعد ثلاثة ... قتيل التّجيبىّ الذى جاء من مصر يريد عثمان رضى الله عنه. وذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب، وقال: كان عمارة والوليد وخالد، بنو عقبة بن أبى معيط، من مسلمة الفتح. انتهى. * * * من اسمه عمر 2153 ـ عمر بن أحمد بن أحمد بن مهدى المدلجىّ، عز الدين النّشائىّ الشافعىّ: ذكره الإسنائى فى طبقاته، وقال: كان إماما بارعا فى الفقه والنحو والعلوم الحسابية، أصوليا محققا ديّنا ورعا زاهدا متصوفا، يحب السّماع ويحضره، وكانت فى أخلاقه حدّة، ودرّس بالمدرسة الفاضلية، وأعاد بالظاهرية، والكهاريّة، وفيها كان سكنه، وكان متصدّرا لإقراء النحو بجامع الأقمر، وانتفع به خلق كثيرون، منهم الشيخ مجد الدين الزّنكلونىّ، وصنّف على «الوسيط» نكتا حسنة كثيرة الفائدة، إلا أنها لم تكمل، وحج فى البحر من عيذاب، سنة ست عشرة وسبعمائة، وتوفى فى تلك السنة بمكة المشرفة، فى العشر الأخير من ذى القعدة، ودفن بالمعلاة. انتهى. ووجدت بخطّى فيما نقلته من تاريخ البرزالىّ، أنه قدم مكة فى رمضان، وتوفى فى ثانى ذى الحجة، وهذا مخالف لما ذكره الإسنائى، إلا أن النسخة التى نقلت منها من تاريخ البرزالى فيها سقم، ولا أدرى هل ذكر ذلك البرزالى هكذا، أو كما ذكر الإسنائى، والله أعلم. وهو والد الشيخ كمال الدين أبى العباس أحمد، مدرس جامع الطيرى ومؤلف المنتقى، وجامع المختصرات، والنكت على التنبيه، المتوفى فى عاشر صفر سنة سبع وخمسين وسبعمائة. ونشا: بنون وشين معجمة، بلدة فى الغربية من مصر المحروسة.

_ 2153 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات الشافعية 2/ 286، الدرر الكامنة 3/ 49، شذرات الذهب 6/ 44).

2154 ـ عمر بن أحمد المكين الزبيدى

2154 ـ عمر بن أحمد المكين الزّبيدى: هكذا وجدته مذكورا فى حجر قبره بالمعلاة، وترجم فيه: بالسيد الشريف شجاع الدين، وفيه أنه توفى يوم الاثنين سادس عشر ذى الحجة، سنة ست وسبعين وسبعمائة. 2155 ـ عمر بن أحمد المعروف بابن الحداد التّعزّىّ: كان ممّن يتردد إلى مكة للتجارة، وقدمها فى بعض السنين، بتجارة لصاحب اليمن، الناصر بن الأشرف، وكان رزق منه قبولا، ثم تغيّر عليه، وعلى أخويه العفيف عبد الله، وإبراهيم، وقدم مكة فى سنة إحدى عشرة وثمانمائة وأقام بها حتى توفى فى آخر رجب، سنة ثلاث عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، بعد علة طويلة أصابته. 2156 ـ عمر بن إبراهيم بن أبى بكر بن خلّكان، نجم الدين أبو حفص الإربلىّ الشافعىّ: ذكره المنذرى فى التكملة، وترجمه بالفقيه الأجلّ، وقال: تفقه على مذهب الشافعى رضى الله عنه، وسمع بإربل من شيخنا أبى حفص عمر بن محمد بن طبرزد، وسمع بمكة شرّفها الله تعالى، من الفقيه أبى عبد الله محمد بن إسماعيل بن أبى الصّيف، وأجاز له أبو الفرج يحيى بن محمود الثقفى، وعبد المنعم بن عبد الوهاب بن كليب، وغيرهما. وجاور بالحرم الشريف سنين، وحدّث بمكة شرفها الله تعالى، وبإربل، ودرّس بالمدرسة المجاهدية بإربل، وهو من بيت الفقه والرواية، حدّث من بيته غير واحد. وذكر أنه توفى فى الثالث عشر من شهر رمضان، سنة سبع وستمائة بإربل، ودفن بالمقبرة العامة. 2157 ـ عمر بن إبراهيم بن محمود الزّبيدىّ: كان من تجار اليمن، تردد إلى مكة وأقام بها، وله بها الآن ذريّة، وفيها توفى فى يوم الأحد النصف من ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. نقلت وفاته من حجر قبره بالمعلاة، وكان رجلا خيّرا. 2158 ـ عمر بن أبى أثاثة العدوىّ، وقيل عمرو: وسيأتى إن شاء الله تعالى فى بابه.

_ 2155 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 6/ 74). 2156 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات الشافعية للسبكى 5/ 130).

2159 ـ عمر بن حبيب القاضى

2159 ـ عمر بن حبيب القاضى: من أهل مكة. انتقل إلى اليمن وسكنها، يروى عن عطاء، وعمرو بن دينار. روى عنه رباح بن يزيد من أهل اليمن، وكان حافظا متقنا، وليس هو معمر بن حبيب القاضى الذى كان على البصرة، ذاك ضعيف. هكذا ذكره ابن حبّان فى الطبقة الثالثة من الثقات، ووثّقه أحمد، ويحيى، كما ذكر الذهبىّ. 2160 ـ عمر بن الحسن بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس ابن محمد بن على بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب العباسى: قاضى مكة ومصر وغيرهما. ذكره المسعودى فى تاريخه، وقال بعد أن نسبه كما ذكرنا: حجّ بالناس خليفة لأبيه سنة عشرين وثلاثمائة، ولم يزل يحج بالناس إلى سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، قال: وهو على قضاء مكة فى هذا الوقت، وهو جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، وإليه قضاء مصر وغيرها. وذكر أن أباه حجّ بالناس سنة اثنتى عشرة وثلاثمائة. انتهى. وذكره ابن حزم فى الجمهرة، وقال: حجّ بالناس نحو عشرين سنة، ولم يذكر من حاله سوى هذا. 2161 ـ عمر بن حسين بن عبد الله الجمحىّ، أبو قدامة المكى: روى عن مولاته عائشة بنت قدامة بن مظعون، وعن نافع مولى بن عمر، وعبد الله ابن أبى سلمة الماجشون. وروى عنه ابن إسحاق، وابن أبى ذئب، ومالك، وغيرهم. وروى له مسلم (1) وابن ماجة (2)، وولى قضاء المدينة.

_ 2159 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 7/ 431). 2160 ـ انظر ترجمته فى: (مروج الذهب للمسعودى 4/ 408، جمهرة الأنساب لابن حزم 33). 2161 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 7/ 433). (1) فى كتاب الحج، حديث رقم (1284) من طريق: حدثنى محمد بن حاتم وهارون بن عبد الله ويعقوب الدورقى قالوا: أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا عبد العزيز بن أبى سلمة عن عمر بن حسين عن عبد الله بن أبى سلمة عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غداة عرفة فمنا المكبر ومنا المهلل فأما نحن فنكبر، قال: قلت: والله لعجبا منكم كيف لم تقولوا له ماذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع. (2) لم أجده فى سننه والله أعلم.

2162 ـ عمر بن حسين بن على بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى المخزومى المكى، يلقب بالسراج

2162 ـ عمر بن حسين بن على بن أحمد بن عطيّة بن ظهيرة القرشىّ المخزومى المكىّ، يلقّب بالسّراج: مولده سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بمكة، ونشأ بها. وسمع بها على القاضى عز الدين بن جماعة بعض «منسكه الكبير» وعلى غيره. وأجاز له من دمشق جماعة من أصحاب ابن البخارى وغيره، وقرأ فى «الرسالة» على مذهب مالك، ولم ينجب، ودخل ديار مصر والشام لطلب الرزق مرات، ودخل اليمن، ثم انقطع بأخرة بمكة، حتى مات بها، سامحه الله تعالى، وقد حسن حاله فى أمر دنياه، بما صار إليه من مال أخيه ظهيرة بن حسين، ولما حضره الأجل، أقر بجانب من ذلك لابنة له طفلة، قاصدا بذلك إيثارها به على ورثته، أولاد أولاد أخيه أبى السعود، فليم فى ذلك، وقيل له: كنت تعيب على أخيك ظهيرة إقراره بما فى يده، لابن أخيه القاضى أبى البركات بن أبى السعود، وتعلّل ذلك بكونه قصد حرمانك من ميراثه، وغير ذلك. فقال: إنه راض بأن يكون فى درك فى النار، أسفل من درك أخيه ظهيرة، أو كلاما معناه هذا، نعوذ بالله من الضّلال. وقد أثبت القاضى الشافعىّ بمكة، إقراره لابنته، بصورة أنه وكلّ فى الدعوى لابنته بحقوقها وأثباتها، ووكّل وكيلا يجاوب عنه بالإنكار فيما أقرّ به، فادّعى الذى وكّله لا بنته على وكيله، فأجاب بالإنكار، وسأل البيّنة، فشهدت بإقراره، وأشهد الحاكم بثبوت ذلك لديه، وحكم به، وفى النفس من ذلك شئ، لا تحاد المدّعى والمدّعى عليه، وتوكيل الأب فى الدعوى بذلك لا بنته، إقرار منه، لها به، فلا يقبل توكيله من يجاوب عنه بإنكار ذلك، فإن قيل: توكيل الأب فى الدعوى لا بنته بحقوقها وأثباتها عام، وذلك لا يقتضى أنّ الأب مقرّ لا بنته بما يدّعى لها به، ولا أنه وكّل فى الدعوى لها بذلك. فالجواب: أن تعميم الأب التوكيل لا بنته، فى الدّعوى لها بحقوقها، يستلزم الدعوى لها بما أقرّ به لها، ولولا ذلك بطلت الدعوى لها بإقراره، وما ترتّب عليها من الثبوت والحكم، فيكون على هذا تعميم الأب التوكيل لا بنته، بالدعوى لها بحقوقها، مثل توكيله فى الدعوى لها بما أقرّ به لها، ويكون المدّعى والمدعّى عليه متّحدا، وهو مما لا يجوز، وإلى عدم جواز ذلك، وعدم صحة الثبوت المترتّب على هذه الدعوى، مال كثير غير واحد من فقهاء الشافعيّة والحنفيّة، وكتب بعض الشافعية بذلك خطه، فى سؤال صورته:

_ 2162 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 6/ 83).

2163 ـ عمر بن الحسين النسوى

«الحمد لله رب العالمين، المسئول من الأنظار السّديدة، الجواب عن مسألة: ما إذا أقرّ المريض فى مرض موته، بعين لبعض ورثته الصغار، الذين هم تحت حجره ونظره، هل يصح توكيله فى الدعوى لا بنته عليه، حتى تقام البينة على ذلك، أو لا تتحدّ الدعوى والمدعى والمدعى عليه فى ذات واحدة؟ وهل يصح الحكم المسند إلى هذه الدعوى أم لا؟ وسواء كان التوكيل فى مطلق الحقوق والمخاصمة، ومطالبة الحقوق أو غيره، وهل إذا أقام بعض الورثة بينة بأن العين كانت فى ملك المريض، إلى أن أقرّ، فهل تسمع دعواه وبنيته أم لا؟ وكذلك إذا ادعى أن المريض فسّر إقراره بالهبة، هل تسمع الدعوى والبينة أم لا؟ أفتونا مأجورين». وصورة الجواب: «الحمد لله الذى هدانا لهذا بمحمد صلى الله عليه وسلم، الله يهدى للحق، لا شك أنّ الحكم فى ذلك، مترتب صحته على الدعوى، والاتحاد فى الذات فى هذه الصّورة مانع من الصحة، لا سيّما إذا أقام بعض الورثة البيّنة الشرعية، أن العين المقرّ بها، فى ملك المقرّ، إلى أن أقرّ، لرجوع ذلك إلى تعليل ما شرط فى المقرّ به، أن لا يكون ملكا للمقرّ، وكذا إذا فسّر ذلك بالهبة على ما رجّح وللحال ما ذكر. قال ذلك وكتب: عمر ابن المخزومى الشافعىّ». وجواب آخر: «هذا أمر لا يتصور صحته، كيف والحال الاتحاد، وأمّا عدم صحة هذا الإقرار، مع وجود هذه البيّنة، فظاهر لا يحتاج إلى شئ، والقول قوله فيما يفسر به، والحالة هذه والله أعلم. كتبه محمد الصفطى». انتهى الجوابان بنصهما، وكذا السؤال. وتوفى المذكور وقت العصر، أو قريبا من ذلك، فى يوم الثلاثاء رابع عشر ذى القعدة الحرام، سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفن فى صبح الخميس بالمعلاة، بعد الصلاة عليه بالمسجد الحرام، تجاه الحجر الأسود، والصّلاة عليه بهذا المحلّ، قيل إن العادة جرت لبنى مخزوم. 2163 ـ عمر بن الحسين النّسوىّ: هكذا وجدته مذكورا فى حجر قبره بالمعلاة، وترجم فيه: بالشيخ الزاهد العابد، الشهيد الغريب، شيخ الشيوخ. وفيه: أنه توفى فى مستهل المحرم سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. انتهى. وهو والله أعلم، الذى ذكر ابن النجار، أنه نزل إلى الحجر الشريفة النبوية، لكشف أثر يتعلقّ بها، احتيج إلى تحقيقه، ونص [ ........... ] (1).

2164 ـ عمر بن حفص، أبو حفص المكى

2164 ـ عمر بن حفص، أبو حفص المكى: يروى عن سالم. روى عنه هاشم بن القاسم. ذكره هكذا ابن حبّان فى الطبقة الثالثة من الثقّات، وما علمت من حاله سوى هذا. 2165 ـ عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزّى بن رياح ـ براء مهملة مكسورة وياء مثناة من تحت ـ بن عبد العزّى بن قرط بن رزاح بن عدىّ بن كعب ابن لؤىّ بن غالب القرشى العدوىّ، أبو حفص الفاروق: سمى بذلك لأنه فرق بين الحق والباطل، أمير المؤمنين، أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، وتوفّى وهو عنهم راض وصهر النبى صلى الله عليه وسلم، وأحبّ الرجال إليه بعد أبى بكر رضى الله عنه، على ما جاء عن النبىّ صلى الله عليه وسلم، من حديث عمرو بن العاص رضى الله عنه فى الصحيحين، وسيّد كهول أهل الجنة، من الأولين والآخرين، غير النبيين والمرسلين، كما جاء عن النبى صلى الله عليه وسلم، من حديث أنس بن مالك رضى الله عنه، فى جامع الترمذى، وغيره بإسناد حسن على ما ذكر الترمذى، ووزير النبىّ صلى الله عليه وسلم من أهل الأرض، كما جاء عن النبى صلى الله عليه وسلم، من حديث سعد بن أبى وقّاص رضى الله عنه، فى جامع التّرمذى، بإسناد حسن، على ما ذكر الترمذى، إلا أن أبا بكر الصّدّيق رضى الله عنه، يشركه فى هاتين الفضيلتين، ولعمر رضى الله عنه فضائل أخر: منها: «أن الله تعالى جعل الحقّ على لسانه وقلبه» (1). رواه الترمذى بإسناد حسن صحيح، على ما ذكر من حديث ابن عمر مرفوعا.

_ 2163 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2165 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5752، أسد الغابة ترجمة 3830، الاستيعاب ترجمة 1899، الرياض المستطابة 147، التاريخ لابن معين 2/ 41، العبر 526، الكاشف 309، أصحاب بدر 46، تاريخ جرجان 730، تهذيب التهذيب 7/ 438، الرياض النضرة 2/ 85، الزهد لوكيع 3، التحفة اللطيفة 3/ 326، تقريب التهذيب 2/ 54، تجريد أسماء الصحابة 1/ 397، الأعلام 5/ 45، التاريخ الصغير 5/ 236، خلاصة تذهيب الكمال 2/ 268، الاستبصار 391، التاريخ الكبير 6/ 138، الجرح والتعديل 105، تاريخ الإسلام 2/ 102، 3/ 418، طبقات الحفاظ 658، صفة الصفوة 1/ 268، غاية النهاية 1/ 591، حلية الأولياء 1/ 38، 55، الطبقات الكبرى 9/ 141، بقى بن مخلد 11، التبصرة والتذكرة 1/ 23). (1) أخرجه الترمذى فى سننه، كتاب المناقب، حديث رقم 3682، وأحمد بن حنبل فى المسند، حديث رقم 5664.

ومنها: أمر النبى صلى الله عليه وسلم بالاقتداء به وبأبى بكر الصديق رضى الله عنهما (2)، كما فى الترمذى وغيره بإسناد حسن، من حديث أنس رضى الله عنه مرفوعا. ومنها: «أن الشيطان ما لقى عمر رضى الله عنه سالكا فجّا، إلا سلك فجّا غير فجّه» (3) كما فى الصحيحين من حديث سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه، عن النبىصلى الله عليه وسلم. ومنها: «أنه لو كان بعد النبىّ صلى الله عليه وسلم نبىّ لكان عمر» (4)، كما فى الترمذى، من حديث عقبة بن عامر بإسناد حسن. ومنها: «نزول القرآن الكريم بموافقته، فى أسارى بدر، وفى الحجاب، وتحريم الخمر [ ....... ] (5). ومنها: «إعزاز الإسلام به، حسب دعاء النبى صلى الله عليه وسلم بذلك» (6)، روينا عن ابن مسعود

_ (2) أخرجه الترمذى فى سننه، فى كتاب المناقب، (باب فى مناقب أبى بكر وعمر رضى الله عنهما. حديث رقم 3662 من طريق: الحسن بن الصباح البزار حدثنا سفيان بن عيينة عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن ربعى، وهو ابن حراش، عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقتدوا باللذين من بعدى أبى بكر وعمر. وقال: وفى الباب عن ابن مسعود قال أبو عيسى: هذا حديث حسن وروى سفيان الثورى هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير عن مولى لربعى عن ربعى عن حذيفة عن النبى صلى الله عليه وسلم حدثنا أحمد بن منيع وغير واحد قالوا: حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير نحوه وكان سفيان بن عيينة يدلس فى هذا الحديث فربما ذكره عن زائدة عن عبد الملك بن عمير وربما لم يذكر فيه عن زائدة وروى هذا الحديث إبراهيم بن سعد عن سفيان الثورى عن عبد الملك بن عمير عن هلال مولى ربعى عن ربعى عن حذيفة عن النبى صلى الله عليه وسلم وقد روى هذا الحديث من غير هذا الوجه أيضا عن ربعى عن حذيفة عن النبى صلى الله عليه وسلم ورواه سالم الأنعمى كوفى عن ربعى بن حراش عن حذيفة. (3) أخرجه البخارى فى صحيحه، كتاب بدء الخلق، حديث رقم 3294، وفى كتاب المناقب، حديث رقم 3683، وفى كتاب الأدب، حديث رقم 6085، ومسلم فى صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، حديث رقم 2397. (4) أخرجه الترمذى فى سننه، فى كتاب المناقب، حديث رقم 3686، وقال: قال هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث مشرح بن هاعان. (5) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (6) أخرجه الترمذى فى المناقب، حديث رقم (5663) من طريق: محمد بن بشار ومحمد ابن رافع قالا: حدثنا أبو عامر العقدى حدثنا خارجة بن عبد الله الأنصارى عن نافع عن ـ

رضى الله عنه قال: كان إسلام عمر رضى الله عنه فتحا، وهجرته نصرا، وإمامته رحمة، فلقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلّى فى البيت، حتى أسلم عمر رضى الله عنه، فلما أسلم قاتلهم حتى تركونا فصلينا. وعن حذيفة رضى الله عنه، قال: لما أسلم عمر رضى الله عنه، كان الإسلام كالرجل المقبل، لا يزداد إلا قربا، فلما غيل، كان الإسلام كالرجل المدبر، لا يزداد إلا بعدا. وكان إسلامه فى السنة السّادسة من النبوة، على ما قال ابن سعد، وذلك بعد دخول النبى صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وهى الدار المعروفة بدار الخيزران عند الصفا، بعد أربعين رجلا، وإحدى عشرة امرأة، وقيل عبد أربعين رجلا، وعشرة نسوة، قاله سعيد بن المسيّب. وسبب إسلامه، أن فاطمة أخته، زوجة سعيد بن زيد، أحد العشرة المبشرين بالجنة، أسلمت هى وزوجها، فسمع بذلك عمر، فقصدهما ليعاقبهما، فلما صار إليهما، قرئ عليه القرآن، فأوقع الله فى قلبه الإسلام فأسلم، فجاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهم مختفون فى دار الأرقم، فأظهر إسلامه، فسرّ المسلمون بذلك كثيرا، ثم خرج إلى مجامع قريش، فنادى بإسلامه، فضربه جماعة منهم، فأجاره خاله العاصى بن وائل السّهمىّ، فكفّوا عنه، ثم لم تطب نفس عمر حين رأى المسلمين يضربون، وهو لا يضرب فى الله تعالى لجوار خاله، فردّه عليه، وصار يضارب المشركين ويضاربونه كسائر المسلمين، إلى أن أظهر الله الإسلام. وكان قبل إسلامه شديدا على المسلمين، فاستجاب الله فيه دعوة نبيّهصلى الله عليه وسلم، وكان دعا الله أن يعزّ به الإسلام، أو بأبى جهل بن هشام، ولما همّ بالهجرة إلى المدينة تقلد سيفه، وتنكّب قوسه، وانتضى فى يده أسهما، وأتى إلى الكعبة وأشراف قريش بفنائها، فطاف سبعا، وصلّى ركعتين عند المقام، ثم أتى حلقهم واحدة واحدة، ثم قال: شاهت الوجوه، من أراد أن تثكله أمّه، ويوتم ولده، وترمل زوجته، فليلحقنى وراء هذا الوادى، فما تبعه منهم أحد. روينا ذلك عن على بن أبى طالب رضى الله عنه.

_ ـ ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبى جهل أو بعمر بن الخطاب. قال: وكان أحبهما إليه عمر قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن عمر.

وروينا عنه أنه قال: ما علمت أحدا هاجر إلا مختفيا، إلا عمر رضى الله عنه، فإنه لما همّ بالهجرة، تقلدّ سيفه، وذكر الخبر. وكان هاجر مع أخيه زيد بن الخطاب، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وغيرهما من سادات الصحابة رضى الله عنهم، وشهد مع النبى صلى الله عليه وسلم، بدرا وأحدا والخندق وبيعة الرضوان وخيبر، وفتح مكة وحنينا والطائف وتبوك، وسائر المشاهد، وكان شديدا على الكفار والمنافقين، وبويع رضى الله عنه بالخلافة، بعد موت أبى بكر الصّدّيق رضى الله عنه، وكان عهد إليه بذلك، فقام بعده بمثل سيرته وجهاده، وثباته وصبره على العيش الخشن وخبز الشعير، والثوب الخام المرقوع، والقناعة باليسير، ففتح الله فى خلافته الفتوحات الكبار والأقاليم الشاسعة، فافتتح عسكره مملكة كسرى، وكانت جيوش كسرى مائة ألف أو يزيدون، فكسرهم المسلمون غير مرّة، وسبوا نساءهم وأولادهم، وغنموا أموالهم، وكان على المسلمين يومئذ، سعد بن أبى وقّاص رضى الله عنه، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وبنى المسلمون حينئذ الكوفة والبصرة، وافتتحت فى خلافته رضى الله عنه جميع مدائن الشام، بعد مصافّات أربعة، أكبرها وقعة اليرموك بحوران بالشام، وكان المسلمون أكثر من عشرين ألفا، وكانت جيوش قيصر ملك النصارى، يزيدون على مائة ألف فارس، فقتل من الكفار نصفهم أو أقلّ، واستشهد من المسلمين جماعة من الصحابة، وافتتح فى خلافته رضى الله عنه بيت المقدس، وقتل فى خلافته فى وقعة جلولاء بالعراق، خلائق من المجوس، وغنم المسلمون منهم غنيمة عظيمة، يقال إنها ثلاثون ألف ألف درهم. وافتتح فى خلافته الموصل والجزيرة وديار بكر والعراق وأرمينيّة وأذربيجان وبلاد فارس وخوزستان ـ واختلفوا فى خراسان، فقيل فتحت فى زمانه، ثم انتقضت، وفتحت فى زمن عثمان رضى الله عنه، وقيل إن عثمان افتتحها وهو الصحيح، وإصطخر، وبلد الرىّ وهمذان وجرجان والدّينور ونهاوند وديار مصر ـ بعضها بالسيف وبعضها صلحا ـ والإسكندرية عنوة، وطرابلس من أوائل بلاد المغرب، وزهت له الدنيا إلى الغاية، فلم يغترّ بها، ولم يردها، وأنزل نفسه فى مال الله تعالى، منزلة رجل من المسلمين. وله رضى الله عنه فى الزهد أخبار عجيبة، منها: أنه لما قدم الشام، لقيته الجنود، وعليه إزار فى وسطه وعمامة، قد خلع خفّيه، وهو يغوص الماء آخذا بزمام راحلته، وخفّاه تحت إبطه، فقالوا له: يا أمير المؤمنين، الآن تلقاك الأمراء وبطارقة الشام، وأنت

هكذا؟ . فقال: إنا قوم أعزّنا الله بالإسلام، فلم نلتمس العزّ بغيره، ذكر هذا الخبر طارق ابن شهاب. ومنها: ما رويناه عن أنس بن مالك رضى الله عنه، أنه قال: لقد رأيت فى قميص عمر رضى الله عنه أربع رقاع بين كتفيه، وروينا عن أبى عثمان، قال: رأيت عمر رضى الله عنه يرمى الجمرة، وعليه إزار مرقوع بقطعة جراب، وروينا أنه رضى الله عنه، دخل على ابنته حفصة رضى الله عنها، فقدّمت إليه مرقا باردا، وصبّت عليه زيتا، فقال: إدامان فى إناء واحد! لا آكله أبدا. وقام رضى الله عنه بأمر الخلافة أحسن قيام، ولم يأخذه فى الله لومة لائم، واهتم رضى الله عنه بأمر المسلمين، اهتماما لا يشبهه شئ. وله رضى الله عنه فى ذلك أخبار، منها: أنه خرج بنفسه إلى العالية فى يوم صائف، يسوق بكرين من إبل الصّدقة تخلفا، ليلحقهما بالحمى، خشية الضّيعة. وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: خرجنا مع عمر رضى الله عنه إلى مكة، فما ضرب فسطاطا ولا خباء حتى رجع. وكان إذا نزل، يلقى له كساء، أو نطع على شجرة، فيستظلّ بها. ورتّب الناس على سابقتهم فى العطاء؛ وفى الإذن عليه والإكرام. وكان أهل بدر أوّل الناس دخولا عليه، وكان علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، أولهم دخولا عليه، وأثبت أسماءهم فى الديوان، على قربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبدأ ببنى هاشم وبنى المطلب، ثم الأقرب فالأقرب. وهو أول من دوّن الديوان، وأرّخ التاريخ من الهجرة، لقضية أوجبت ذلك، وأول من اتخذ الدّرّة، وأول من لقب أمير المؤمنين، وسبب لقبه بأمير المؤمنين، أنه بعث إلى عامل العراق: أرسل إلىّ رجلين جلدين شابين، أسألهما عن العراق وأهله، فأرسل إليه عامل العراق، لبيد بن ربيعة العامرىّ، وعدىّ بن حاتم الطائى، فلما قدما المدينة، أناخا راحلتيهما بفناء المسجد، ثم دخلا، فإذا هما بعمرو بن العاص رضى الله عنه، فقالا له: استأذن لنا على أمير المؤمنين، فصوّب عمرو مقالتهما، ودخل على عمر، وقال له: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فسأله عمر رضى الله عنه، عن سبب خطابه بذلك، فأخبره بقول لبيد وعدىّ بن حاتم، فاستحسنه، وجرى الكتّاب بذلك.

وقيل فى سبب تلقيبه بذلك غير ما سبق، وذلك أن عمر رضى الله عنه لما ولّى قال: كان يقال لأبى بكر رضى الله عنه، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف يقال لى خليفة خليفة رسول اللهصلى الله عليه وسلم، هذا يطول، فقال له المغيرة بن شعبة رضى الله عنه: أنت أميرنا ونحن المؤمنون، فأنت أمير المؤمنين، قال: فذلك إذا. ذكر الزبير بن بكار. وهو أول من كتب: من عبد الله أمير المؤمنين، وهو أول من جمع الناس لصلاة التراويح، وهو أول من ردّ مقام إبراهيم إلى مكانه اليوم، لّما غيّره عنه السّيل، وهو أول من وسّع المسجد الحرام. ثم قبضه الله تعالى إليه سعيدا شهيدا، وكان رضى الله عنه يسأل الله الشهادة، وثب عليه أبو لؤلؤة المجوسى، مولى المغيرة بن شعبة، وقد دخل المسجد لصلاة الصبح، فطعنه بخنجر فى بطنه، وقيل إنه ضربه بسكين مسمومة ذات طرفين، ست ضربات فى كبده، وفى خاصرته، وقد أحرم لصلاة الصبح، وجال أبو لؤلؤة الملعون فى مسجد النبىّصلى الله عليه وسلم، فقتل سبعة نفر، وجرح جماعة، فأخذ عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه، بساطا رماه عليه وقبضه، فلما رأى أنه قد أخذ، قتل نفسه، وحمل عمر رضى الله عنه إلى منزله، ودخل الناس يسلّمون عليه ويثنون، وهو يقول: ليت أنى نجوت كفافا، وأمر رضى الله عنه بالاقتصاد فى تجهيزه، وأن يدفن فى بيت عائشة رضى الله عنها بإذنها، فسمحت لهبذلك، ثم مات بعد يوم وليلة، وغسّله رضى الله عنه، ابنه عبد الله، على سرير رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلى عليه فى مسجده، وأمّ بالناس عليه صهيب، فكبّر أربعا، ودفن فى بيت عائشة رضى الله عنها، وكان قتل أبى لؤلؤة لعمر رضى الله عنه، على ما قال ابن عبد البر، لثلاث ليال بقين من ذى الحجة، سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، هكذا قال الواقدىّ وغيره. وقال الربيع: لأربع بقين من ذى الحجة، وكانت خلافته رضى الله عنه عشر سنين ونصفا، وناحت عليه الجنّ، قبل أن يقتل بثلاث، على ما رويناه عن عبادة بهذه الأبيات [من الطويل]: أبعد قتيل بالمدينة أظلمت ... له الأرض تهتزّ العضاه بأسؤق جزى الله خيرا من إمام وباركت ... يد الله فى ذاك الأديم الممزّق فمن يسع أو يركب جناحى نعامة ... ليدرك ما قدّمت بالأمس يسبق قضيت أمورا ثم غادرت بعدها ... بوائق من أكمامها لم تفتّق وما كنت أخشى أن تكون وفاته ... بكفّى سبنتى أزرق العين مطرق وثناء السلف على عمر رضى الله عنه لا يحصى كثرة، فمن ذلك ما رويناه عن ابن

مسعود رضى الله عنه، قال: لو وضع علم أحياء العرب فى كفّة، ووضع فى الكفة الأخرى علم عمر رضى الله عنه، لرجح علم عمر رضى الله عنه، ولقد كان ذهب بتسعة أعشار العلم، ولمجلس كنت أجلس مع عمر رضى الله عنه، أوثق فى نفسى من عمل سنة. وقال علىّ رضى الله عنه: خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو بكر وعمر رضى الله عنهما. وقال علىّ رضى الله عنه أيضا، بحضرة الناس، حين وضع عمر رضى الله عنه على سريره، والناس يدعون ويصلون عليه: والله ما خلفت أحدا أحبّ إلىّ أن ألقى الله عزوجل بمثل عمله منك، وترحّم عليه علىّ رضى الله عنه. وقال طلحة بن عبيد الله: كان عمر رضى الله عنه، أزهدنا فى الدنيا، وأرغبنا فى الآخرة. وقال سعد ابن أبى وقاص رضى الله عنه: علمت بأىّ شيء فضلنا عمر رضى الله عنه، كان أزهدنا فى الدنيا. وعن معاوية رضى الله عنه قال: أما أبو بكر رضى الله عنه، فلم يرد الدنيا ولم ترده، وأمّا عمر رضى الله عنه، فأرادته الدنيا ولم يردها، وأما عثمان رضى الله عنه، فأصاب منها، وأما نحن فركبناها ظهرا لبطن. انتهى. ومن مناقب عمر رضى الله عنه: أن العناصر الأربعة أطاعته، على ما قيل، وهى الأرض والريح والنار والماء. فأمّا الأرض، فلأنها كانت تزلزلت، فضربها برجله فقال: أتتحركين وأنا عليك! فسكنت. وأما الريح، فإنه خطب يوم جمعة ـ وكان فى ذلك اليوم وتلك الساعة قتال فى نهاوند ـ فصاح عمر: يا سارية، الجبل الجبل، فحملت الريح صوته إلى أمير الجيش سارية بن زنيم، فسمع صوت عمر، فالتجأ إلى جبل بالقرب منهم، وقد كاد يغلبوهم، فلما ارتفعوا، حصل النصر. وأما الماء، فذكر عبد الرحمن بن عبد الحكم، أن المسلمين لما فتحوا مصر، جاء أهلها إلى عمرو بن العاص رضى الله عنه، وقالوا: أيها الأمير إنّ لبلدنا سنّة لا يجرى النيل إلا بها، وذلك أنه إذا كان لاثنتى عشرة ليلة من شهر بؤونة، عمدنا إلى جارية بكر، فأرضينا أباها، وجعلنا عليها من الحلىّ والحلل والثياب أفضل ما يكون، فألقيناها فى النيل ليجرى، فقال لهم عمرو رضى الله عنه: إن هذا لا يكون فى الإسلام، فأقاموا

بؤونة وأبيب ومسرى، والماء لا يجرى قليلا ولا كثيرا، فهمّ الناس بالجلاء، فلما رأى عمرو رضى الله عنه ذلك، كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك، فكتب فى جوابه: أما بعد، فقد أصبت فى أن هذا فى الإسلام لا يكون، وقد بعثت إليك بطاقة، فألقها فى داخل النيل، وإذا فيها: من عبد الله أمير المؤمنين، إلى نيل مصر، أمّا بعد، فإن كنت تجرى من قبلك، فلا تجر، وإن كان الله الواحد القهار، هو الذى يجريك، فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك، فألقى عمرو بن العاص رضى الله عنه البطاقة فى النيل، قبل الصّليب بيوم، وقد تهيّأ أمر مصر للجلاء، فأصبحوا يوم الصليب، وقد أجرى الله النيل ستة عشر ذراعا فى ليلة واحدة. انتهى. وتوقّف النيل بعد ذلك أيضا، فرميت فيه تمرات من نخل بالمدينة، يقال إن عمر بن الخطاب رضى الله عنه زرعها، فجرى النيل بإثر ذلك جريانا عمّ البلاد، وهذا الخبر ذكره جدّى أبو عبد الله الفاسى فى تعاليقه، لأنه قال: سمعت الشيخ الصالح أبا على عمر بن عبد الرزاق الجزولىّ الفاسى صاحبنا يقول: سمعت الشيخ أبا الحسن على العينىّ، منسوب إلى رأس العين، يقول: قدم الشيخ الإمام أبو عبد الله القرطبى، وهو محمد بن عمر بن يوسف، من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مصر فى بعض السنين، فاتفق أنه وافق أيام النيل، وقد أبطأ النيل، وقلق الناس لإبطائه، واتفق أن السلطان ركب البحر، لينظر الأحوال ـ وكان الملك الكامل ـ وقدم الشيخ أبو عبد الله القرطبى، وأخبر بأن السلطان ركب البحر وأخبر بالحال، فجاء الشيخ إلى ساحل البحر، فأخبر الملك الكامل بمكانه، فدخل الساحل، وسلّم على الشيخ أبى عبد الله، وحمله معه فى المركب الذى كان فيه، وشكا إليه ما الناس فيه من القلق، بسب إبطاء النيل، ففتح الشيخ جرابا كان معه فيه تمر، وقال: هذا تمر من نخل بالمدينة، يذكر أنه من نخل زرعه عمر بن الخطاب رضى الله عنه بيده، فأخذ السّلطان من ذلك التّمر حفنة، ثم قال: اللهم إن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، كتب إلى نيل مصر: تطلع، فطلع. اللهم إنّ هذا من آثار عمر رضى الله عنه، ورمى بتلك الحفنة فى البحر، قال: فما أصبحوا من الغد إلّا والنيل قد عمّ البلاد جميعها. وكان الشيخ أبو الحسن العينىّ من الصالحين المعروفين، رحمه الله. انتهى. وكان عمر رضى الله عنه من أشراف قريش فى الجاهلية، قال الزبير: حدّثنى محمد ابن الحسن المخزومى، عن نصر بن مزاحم، عن معروف بن خرّبوذ، قال: من انتهى إليه الشّرف من قريش، فوصله الإسلام، عشرة نفر من عشرة بطون، من هاشم، وأميّة،

ونوفل بن أسد، وعبد الدار، وتيم، ومخزوم، وعدىّ، وسهم؛ فكان من بنى عدىّ عمر ابن الخطاب رضى الله عنه، كانت إليه السّفارات، إن وقعت حرب بين قريش وبين غيرهم بعثوه سفيرا، وإن فاخرهم مفاخر، بعثوه منافرا ورضوا به. انتهى. وكان رضى الله عنه، على ما ذكر ابن عبد البر: شديد الأدمة، طوالا كثّ اللحية أصلع أعسر يسر، يخضب بالحنّاء والكتم. وروى عن مجاهد، أن عمر رضى الله عنه كان لا يغيّر شيبته. قال: ووصفه رضى الله عنه، أبو رجاء العطاردىّ ـ وكان مغفّلا ـ قال: كان عمر بن الخطاب، طويلا جسيما، أصلع شديد الصّلع، أبيض شديد حمرة العينين، فى عارضيه خفّة، سبلته كثيرة الشّعر، فى أطرافها صهبة. قال: وذكر الواقدىّ من حديث عاصم بن عبيد الله، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: إنما جاءت الأدمة، من قبل أخوالى بنى مظعون، وكان أبيض. قال ابن عبد البر: وعاصم لا يحتج بحديثه، ولا بأحاديث الواقدى. وزعم الواقدىّ، أن سمرة عمر رضى الله عنه إنما جاءت من أكل الزيت عام الرمّادة، قال. وهذا منكر من القول. وأصح ما فى الباب والله أعلم، حديث سفيان الثورى عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، قال: رأيت عمر بن الخطاب رضى الله عنه ضخما كأنه من رجال سدوس، فى رجليه روح. وقال الذهبى: وقال سماك بن حرب: كان عمر رضى الله عنه أروح، كأنه راكب والناس مشاة، لطوله، والأروح: الذى إذا مشى يقارب خطاه. وذكر الذهبى عن أبى رجاء العطاردىّ، ما ذكره عنه ابن عبد البر بالمعنى من صفة عمر، وزاد الذهبى ـ بعد قوله صهبة ـ: إذا حزبه أمر فتلها، وكان أحول. ثم قال الذهبى: وقيل: كان يأخذ أذنه اليسرى بيده اليمنى، ويثب على فرسه، فكأنما خلق على ظهره، قال: وقيل: وكان فى خدى عمر رضى الله عنه، خطان أسودان من البكاء. انتهى. وأم عمر: حنتمة ـ بحاء مهملة ونون ومثناة من فوق مفتوحة ـ بنت هاشم بن المغيرة. وقيل بنت هشام بن المغيرة، أخت أبى جهل: قاله ابن مندة، وأبو نعيم، ونقله عن ابن إسحاق، وهو غلط، والأول هو الصواب على ما قال الزبير بن بكار، وابن عبد البر، وغيرهما.

وذكر ابن عبد البر: أنه يقال لهاشم، جد عمر: ذو الرمحين، وأنه ولد بعد الفيل بثلاث عشرة سنة. قال: وروى عنه أنه قال: ولدت قبل الفجار الأعظم بأربع سنين. قال ابن عبد البر: واختلف فى سن عمر رضى الله عنه، فقيل: توفى وهو ابن ثلاث وستين سنة، كسن النبى صلى الله عليه وسلم حين توفى، روى ذلك من وجوه، عن معاوية، وهو قول الشعبى. وروى عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، أنه توفى وهو ابن بضع وخمسين سنة. وقال أحمد بن حنبل، عن هشيم، عن على بن زيد عن سالم: أنه توفى وهو ابن خمس وخمسين سنة. وقال الزهرى: توفى وهو ابن أربع وخمسين. وقال قتادة: وهو ابن اثنتين وخمسين. وقيل: مات وهو ابن ستين سنة. انتهى. قال ابن قتيبة: وأولاد عمر رضى الله عنه: عبد الله وحفصة ـ وأمهما زينب بنت مظعون ـ وعبيد الله ـ أمه مليكة بنت جرول الخزاعية ـ وعاصم ـ أمه أم جميل بنت عاصم بن ثابت ـ وفاطمة وزيد ـ أمهما أم كلثوم بنت على بن أبى طالب، من فاطمة رضى الله عنهم ـ ومجبر واسمه عبد الرحمن، وأبو شحمة، واسمه عبد الرحمن أيضا، وفاطمة، وبنات أخر. وأما مواليه، فمنهم: أسلم، وهنى، وأبو أمية، جدّ المبارك بن فضالة بن أبى أمية، ومهجع، مولى عمر ـ استشهد يوم بدر ـ ومالك الدّار، وذكوان، وهو الذى سار من مكة إلى المدينة فى يوم وليلة. انتهى. وقال النووى: وروى لعمر رضى الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خمسمائة حديث وسبعة وثلاثون حديثا، اتفق البخارى ومسلم منها على ستة وعشرين، وانفرد البخارى بأربعة وثلاثين، ومسلم بأحد وعشرين. ومناقب عمر رضى الله عنه، وسيرته وزهده وشجاعته وهيبته وأخلاقه، يكوّن مجلدا، وقد أشرنا إلى عيون منها، فيها كفاية إن شاء الله تعالى.

2166 ـ عمر بن سالم الخزاعى ـ وقيل عمرو ـ وافد خزاعة، والأصح عمرو

2166 ـ عمر بن سالم الخزاعى ـ وقيل عمرو ـ وافد خزاعة، والأصح عمرو: ذكره هكذا الذهبى فى التجريد، وسيأتى إن شاء الله تعالى فى باب «عمرو». 2167 ـ عمر بن سراقة بن المعتمر بن أنس القرشى العدوىّ: ذكره هكذا ابن عبد البر، وقال: شهد بدرا هو وأخوه عبد الله بن سراقة. وقال فيه مصعب الزبيرى: عمرو بن سراقة. انتهى. رواه الذهبى بمعناه وقال: والأصح عمرو. 2168 ـ عمر بن سعيد بن أبى حسين القرشى النّوفلىّ المكى: سمع عطاء بن أبى رباح وعبد الله بن أبى مليكة، وطاوس بن كيسان، وعثمان بن أبى سليمان، والقاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق، وغيرهم. روى عنه سفيان الثورى، ويحيى بن سعيد بن القطان، وابن المبارك، وأبو عاصم، وروح بن عبادة، وغيرهم. روى له الجماعة، إلا أن أبا داود، إنما روى له فى المراسيل. وثّقه أحمد، وابن معين. وسئل أبو حاتم، فقال: صدوق. 2169 ـ عمر بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم: أخو الأسود بن سفيان، وهبّار بن سفيان، قال الزبير: هاجر إلى أرض الحبشة، وذكر أن أمه وأم إخوته: الأسود، وهبّار، وعبيد الله، وعبد الله: ريطة بنت عبد بن أبى قيس ابن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤىّ. 2170 ـ عمر بن سهل بن مروان المازنى التميمى، أبو حفص البصرى: نزيل مكة. عن أبى الأشهب العطاردىّ، وبحر بن كنيز السّقّاء، ومبارك بن فضالة، وغيرهم.

_ 2166 ـ انظر ترجمته فى: (التجريد 1/ 428، وسيأتى فى محله). 2167 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1900، الإصابة ترجمة 6841، أسد الغابة ترجمة 3832). 2169 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1902، أسد الغابة ترجمة 3835، الإصابة ترجمة 5755، نسب قريش 338. 2170 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 7/ 358).

2171 ـ عمر بن أبى سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى

روى عنه الحميدى، والفسوى، وابن [وارة] (1)، وهارون الحمّال، ومؤمّل بن إهاب، وغيرهم. روى له ابن ماجة (2). قال الذهبى: بصرى نزل مكة، ولم يذكره صاحب الكمال. 2171 ـ عمر بن أبى سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى: ربيب النبى صلى الله عليه وسلم، أمه أم سلمة، يكنى أبا جعفر. ولد بأرض الحبشة فى آخر السنة الثانية من الهجرة، وقيل إنه كان يوم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابن تسع سنين، وله عن النبى صلى الله عليه وسلم اثنا عشر حديثا، اتفق البخارى ومسلم منها على حديثين (1). روى عنه سعيد بن المسيّب، وعروة بن الزّبير، وأبو أمامة بن سهل بن حنيف. روى له الجماعة. وشهد مع على بن أبى طالب رضى الله عنه يوم الجمل، واستعمله على فارس، وعلى البحرين.

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. وأوردناه من تهذيب التهذيب. (2) فى كتاب الطب، حديث رقم (3451) من طريق: أبو بشر بكر بن خلف حدثنا عمر بن سهل حدثنا أبو حمزة العطار عن الحسن عن جابر بن عبد الله قال: أهدى للنبى صلى الله عليه وسلم عسل فقسم بيننا لعقة لعقة فأخذت لعقتى ثم قلت: يا رسول الله أزداد أخرى. قال: نعم. 2171 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5756، الاستيعاب ترجمة 1903، أسد الغابة ترجمة 3836). (1) الأول: عن هشام بن عروة عن أبيه عن عمر بن أبى سلمة قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى فى بيت أم سلمة فى ثوب قد خالف بين طرفيه». أخرجه البخارى فى الصحيح، كتاب الصلاة، حديث رقم 354، 355، 356، ومسلم فى صحيحه، كتاب الصلاة، حديث رقم 517. والثانى: عن وهب بن كيسان أبى نعيم عن عمر بن أبى سلمة وهو ابن أم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم قال أكلت يوما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: طعاما فجعلت آكل من نواحى الصحفة فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مما يليك. أخرجه البخارى فى صحيحه، كتاب الأطعمة، حديث رقم 5377، ومسلم فى صحيحه، كتاب الأشربة، حديث رقم 2022.

2172 ـ عمر بن عبد الله بن سليمان بن السرى الريمى اليمنى

وتوفى بالمدينة فى خلافة عبد الملك بن مروان، سنة ثلاث وثمانين، وقيل إنه قتل مع على رضى الله عنه يوم الجمل. قال المزّى: وليس بشئ. وقال الزبير بن بكار: سمعت محمد بن الضحاك وغيره من رواة القرشيين، يقولون: فى عمر بن أبى سلمة، وعاصم بن عمر بن الخطاب، يقول معن بن أوس فى نخلة باحوس بن الأكحل [من الطويل] (2): لعمرك ما نخلى بحال مضيعة ... ولا ربّها إن غاب عنها بخائف وإنّ لها جارين لن يغدر انها ... ربيب النّبىّ وابن خير الخلائف 2172 ـ عمر بن عبد الله بن سليمان بن السّرى الرّيمى اليمنى: ذكره الشيخ عبد الله اليافعى فى تاريخه، وقال: توفى سنة خمسين وخمسمائة حاجّا، وترجمه بالفقيه الفاضل الورع الزاهد، وقال: روى القاضى أبو الطيب طاهر بن يحيى بن أبى الخير اليمنى، أنه كان قد أصابه بثرات فى وجهه، فرام معالجتها على يد الحكيم، وارتحل إليه، وكان فى ذى جبلة. فرأى ليلة وصوله إليها، عيسى بن مريم عليه السلام، فقال: يا روح الله، امسح على وجهى، وادع لى، ففعل. فلما قام من آخر الليل، وأمرّ الماء على وجهه، وجد فيه خفة، وأحسّ عافية، فاستبشر بصدق رؤياه، فلما أسفر، نظر وجهه فى المرآة، وإذا وجهه قد أصحّ وأنار، فحمد الله، ورجع إلى منزله، قد عافاه الحكيم العليم. انتهى. وذكره الجندىّ. 2173 ـ عمر بن عبد الله بن ظهيرة بن أحمد بن عطيّة بن ظهيرة القرشى المخزومى المكىّ الشافعىّ، يلقّب بالسّراج: سمع من الجمال بن عبد المعطى، وأحمد بن سالم، وابن حبيب الحلبىّ، وجماعة، بإفادة أخيه شيخنا القاضى جمال الدين، وأجاز له من شيوخه: ابن أميلة، وابن أبى عمر، وجماعة، وسألت عنه شيخنا المذكور، فقال: بحث «التنبيه» فى الفقه على الشيخ برهان الدين الأبناسىّ، وأجازه بالتدريس، وجلّ اشتغاله علىّ، وفضل. وكان شديد الورع متين الديانة. توفى فى ذى القعدة سنة سبع وتسعين وسبعمائة بمكة. انتهى.

_ (2) البيتان أوردهما صاحب الأغانى 12/ 76. 2172 ـ انظر ترجمته فى: (مرآة الجنان لليافعى 3/ 297، طبقات الشافعية للسبكى 4/ 231).

2174 ـ عمر بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الضياء محمد بن عمر القسطلانى المكى المالكى، ابن اخى الشيخ خليل المالكى

2174 ـ عمر بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الضياء محمد بن عمر القسطلّانى المكىّ المالكىّ، ابن اخى الشيخ خليل المالكى: إمام مقام المالكية بالمسجد الحرام. ولى الإمامة بمقام المالكية، بعد عمه الشيخ خليل، حتى مات فى رمضان سنة خمس وستين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 2175 ـ عمر بن عبد الله بن يحيى القرشى المخزومىّ المعروف بابن الهليس اليمنىّ: أحد تجار اليمن. توفى فى آخر العشر الأخير من ذى الحجّة، سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره لخصّت ذلك. 2176 ـ عمر بن عبد الله بن أبى ربيعة، عمرو، وقيل حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرّة القرشى المخزومىّ المدنىّ المكىّ: الشاعر المشهور. ذكره الفضلاء فى كتبهم، وأوسع بعضهم فى ترجمته، وممن أحسن فيها ابن خلّكان، فنذكر كثيرا مما ذكره، ونضم إلى ذلك ما يناسبه، مع عزوه إلى ذاكره. قال ابن خلّكان: كانت ولادته فى الليلة التى مات فيها عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وهى ليلة الأربعاء، لأربع بقين من ذى الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة، وغزا فى البحر، فأحرقوا السفينة، فاحترق فى حدود سنة ثلاث وتسعين للهجرة، وعمره مقدار سبعين. رحمه الله تعالى. وفيما ذكره ابن خلّكان فى وفاة عمر بن أبى ربيعة نظر بحكاية رويت، فيها ما يقتضى أنه عاش إلى سنة سبع وتسعين من الهجرة، لأن فيها أنه اجتمع مع الخليفة سليمان بن عبد الملك بن مروان فى أيام الحج، لما حجّ سليمان، وخاطب عمر سليمان بأمير المؤمنين، وكان حجّ سليمان فى سنة سبع وتسعين، فيما ذكر غير واحد من أهل الأخبار، فيلزم على مقتضى الحكاية المشار إليها، حياة عمر فى هذا التاريخ، وهو يخالف

_ 2175 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ ثغر عدن 254). 2176 ـ انظر ترجمته فى: (الشعر والشعراء 457، الأغانى 1/ 30، تاريخ ابن عساكر 3/ 120، تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول من الجزء الثانى 15، وفيات الأعيان 3/ 436، تاريخ الإسلام 4/ 161 سرح العيون 356، البدايه النهاية 9/ 92، النجوم الزاهرة 1/ 247، شذرات الذهب 1/ 101، خزانة الأدب 2/ 32، سير أعلام النبلاء 4/ 379).

ما ذكره ابن خلكان. والله أعلم. وستأتى هذه الحكاية منقولة عن «التّمهيد» للحافظ أبى عمر بن عبد البر. انتهى. وقال ابن خلّكان: وكان الحسن البصرىّ رضى الله عنه، إذا جرى ذكر ولادة عمر ابن أبى ربيعة فى الليلة التى قتل فيها عمر رضى الله عنه، يقول: أى حق رفع، وأىّ باطل وضع. وقال قبل ذلك: ولم يكن فى قريش أشعر منه، وهو كثير الغزل والنوادر والوقائع والمجون والخلاعة، وله فى ذلك حكايات مشهورة، وكان يتغزل فى شعره بالثريّا بنت على بن عبد الله بن الحارث بن أميّة الأصفر بن عبد شمس بن عبد مناف الأموية. وقال السّهيلىّ فى «الرّوض الأنف»: هى الثريا ابنة عبد الله، ولم يذكر عليّا. وقال ابن خلكان، بعد شيء نقله عن السّهيلى: وكانت الثريا موصوفة بالجمال، فتزوّجها سهيل بن عبد الرحمن بن عوف الزهرىّ رضى الله عنهما، ونقلها إلى مصر، فقال عمر المذكور فى زواجها، يضرب المثل بالثّريا وسهيل، النجمين المعروفين [من الخفيف] (1): أيّها المنكح الثريا سهيلا ... عمرك الله كيف يلتقيان هى شاميّة إذا ما استقلّت ... وسهيل إذا استقلّ يمانى ثم قال: ومن شعر عمر المذكور [من الخفيف] (2): حىّ طيفا من الأحبّة زارا ... بعد ما صرّع الكرى السّمّارا طارقا فى المنام تحت دجى اللّي ... ل ضنينا بأن يزور نهارا قلت ما بالنا جفينا وكنّا ... قبل ذاك الأسماع والأبصارا قال إنّا كما عهدت ولكن ... شغل الحلى أهله أن يعارا وله أيضا [من الخفيف] (3): أيّها الرّاكب المجدّ ابتكارا ... قد قضى من تهامة الأوطارا إن يكن قلبك الغداة خليّا ... ففؤادى بالخيف أمسى معارا ليت ذا الدّهر حتما علينا ... كلّ يومين حجّة واعتمارا

_ (1) أوردهما ابن خلكان فى وفيات الأعيان (1/ 378)، وعمر بن أبى ربيعة فى ديوانه (50). (2) الأبيات فى وفيات الأعيان (3/ 439). (3) الأبيات فى ديوان عمر بن أبى ربيعة (152، 153) والأغانى (2/ 148).

وقال عبد الله بن عمر، لعمر بن أبى ربيعة: يا ابن أخى، ما اتّقيت الله حيث قلت (4): ليت ذا الدهر كان حتما علينا ... كلّ يومين حجّة واعتمارا فقال: يا أبا عبد الرحمن، إنى وضعت ليت حيث لا يعره، قال: صدقت. وبينا عمر يطوف بالبيت، إذ رأى امرأة تطوف فأعجبته، فسأل عنها، فإذا هى من أهل البصرة، فدنا منها وكلّمها، فلم تلتفت إليه، فلما كانت الليلة الثانية تعرّض لها، فقالت: إليك عنى أيها الرجل، فإنك فى حرم الله تعالى، موضع عظيم الحرمة، فلما ألحّ عليها ومنعها من الطّواف، أتت محرما لها فقالت: تعال معى، أرنى المناسك، فإنّى لا أعرفها، فأقبلت وهو معها، وعمر جالس على طريقها، فلما رآها عدل عنها، فتمثّلت بشعر الزّبرقان بن بدر السّعدى [من البسيط] (5): تعدو الذئاب على من لا كلاب له ... وتتّقى مربض المستأسد الحامى قال: فبلغ هذا الحديث المنصور، قال: وددت أنه لم تبق فتاة من قريش فى خدرها، إلا سمعت هذا الحديث. ويروى أن يزيد بن معاوية، لما أراد توجّه مسلم بن عقبة إلى المدينة، اعترض الناس، فمرّ به رجل من أهل الشام، معه ترس قبيح، فقال: يا أخا الشام، مجنّ ابن أبى ربيعة، أحسن من مجنّك، يريد قول ابن أبى ربيعة [من الطويل] (6): فكان مجنّى دون من كنت أتّقى ... ثلاث شخوص كاعبان ومعصر وهذا البيت من جملة قصيدة، وهو من ظريف شعره، ومن جملتها: فحيّيت إذ فاجأتها فتلهّفت ... وكادت بمكتوم التّحيّة تجهر وقالت وعضت بالبنان فضحتنى ... امرؤ ميسور أمرك أعسر أريتك إذ هنّا عليك ألم تخف ... رقيبا وحولى من عدوّك حضّر فو الله ما أدرى أتعجيل حاجة ... سرت بك أم قد نام من كنت تحذر فقلت لها قادنى الشّوق والهوى ... إليك وما عين من النّاس تنظر فلمّا تقضّى الليل إلا أقلّه ... وكادت توالى نجمه تتغوّر

_ (4) ديوان عمر بن أبى ربيعة (152). (5) البيت فى الأغانى (1/ 78). (6) ديوان عمر 92، ووفيات الأعيان (3/ 438).

أشارت بأنّ الحىّ قد حان منهم ... هبوب ولكن موعد منك عزور فما راعنى إلا مناد برحله ... وقد لاح مفتوق من الصّبح أشقر فلمّا رأت من قد تنوّر منهم ... وأيقاظهم قالت أشر كيف تأمر فقلت أباديهم فإمّا أفوتهم ... وإمّا ينال السّيف ثأرا فيثأر فقالت أتحقيقا لما قال كاشح ... علينا وتصديقا لما كان يؤثر وإن كان ما لابدّ منه فغيره ... من الأمر أدنى للخفاء وأستر أقصّ على أختىّ بدء حديثنا ... وما لى من أن تعلم متأخّر لعلّهما أن يبغيا لك مخرجا ... وأن يرخيا سترا بما كنت أحصر فقالت لأختيها أعينا على فتى ... أتى زائرا والأمر للمرء يقدر فأقبلتا فارتاعتا ثمّ قالتا ... أقلّى عليك اللّوم فالخطب أيسر يقوم فيمشى بيننا متنكّرا ... فلا سرّنا يفشو ولا هو يظهر فكان مجنّى دون من كنت أتقّى ... ثلاث شخوص كاعبان ومعصر انتهى ما اخترنا ذكره من كتاب ابن خلكان، فى أخبار عمر بن أبى ربيعة. ومن أخباره وشعره فى غير كتاب ابن خلكان، ما ذكره الفاكهىّ فى كتاب «أخبار مكة»، قال: حدّثنى أحمد بن حميد الأنصارى، عن الأصمعىّ، قال: حدّثنى صالح بن أسلم، قال: نظرت إلى امرأة تطوف بالبيت مستثفرة بثوب، فنظر إليها عمر بن أبى ربيعة من وراء الثوب، ثم قال [من الطويل] (7): ألمّا بذات الخال فاستطلعا لنا ... على العهد باق عهدها أم تصرّما وقولا لها إن النوى أجنبيّة ... بنا وبكم قد خفت أن يتيمّما فقلت له: امرأة مسلمة محرمة غافلّة، قد سيّرت فيها شعرا، وهى لا تدرى؟ فقال لها: لقد سيّرت من الشعر ما بلغك، وربّ هذه البنيّة، ما حللت إزارى على فرج امرأة حرام قطّ. ثم قال: وحدّثنى محمد بن أبى عمر، قال: حدّثنا ابن القدّاح سعيد بن سالم، قال: كان فلان الأعمى، يسكن فى شعب الخرّازين، وكانت له فيه زوجة، فبلغه أن عمر بن أبى ربيعة أطاف ببيته، فقال لقائده: صلّ بى الجمعة إلى جنب عمر بن أبى ربيعة، فلما انصرف من الجمعة، أخذ بحاشية ثوب عمر، ثم صاح [من الوافر]:

_ (7) انظر: ديوان عمر (352).

ألا من يشترى جارا نؤوما ... بجار لا ينام ولا ينيم ويلبس بالنّهار ثياب إنس ... وتحت الليل شيطان رجيم فقال له عمر: أقلنيها، فهى التوبة، فأرسله. وقال الفاكهى، بعد أن ذكر مسجد الشجرة، الذى دون يأجج، قال عمر بن أبى ربيعة يذكر يأجج [من الطويل]: وأسرح لى الدهماء واجعل بمطرفى ... ولا يعلمن حىّ من الناس مذهبى وموعدك البطحاء من أرض يأجج ... أو الشّعب ذى المرخ من بطن مغرب وقال: حدّثنا الزبير بن أبى بكر، قال: حدّثنى بكّار بن رباح، قال: أخبرنى ابن جريج، قال: كنت مع معن بن زائدة باليمن، فحضّر الحج، فلم تحضرنى نيّة، قال: فخطر ببالى قول ابن أبى ربيعة [من البسيط]: بالله قولى له فى غير معتبة ... ماذا أردت بطول المكث باليمن إن كنت حاولت دنيا أو نعمت بها ... فما أخذت بترك الحجّ من ثمن فدخلت على معن، فأخبرته أنى عزمت على الحج، فقال: ما نزعك إليه، ولم تكن تذكره؟ فقلت: ذكرت قول ابن أبى ربيعة، وأنشدته شعره هذا، فجهزنى وانطلقت. حدثنا عبد الله بن إسحاق الجوهرى البصرى قال: سمعت أبا عاصم الضحّاك بن مخلد، يقول: قدمت مكة، فإذا ابن جريج عند معن بن زائدة، فلما كان قبل يوم التروية بيوم أو يومين، قال لى رجل قد قدم، فذكر نحو الحديث الأول. وأوّل هذه الأبيات (8): هيهات من أمة الوهّاب منزلنا ... إذا حللنا بسيف البحر من عدن واحتلّ أهلك أوطانا فليس لهم ... إلّا التذكّر أو همّ مع الحزن قالت لأخت لها سرّا مراجعة ... وما أرادت به إلا لتبلغنى بالله قولى له فى غير معتبة ... ماذا أردت بطول المكث باليمن لو أنّها أبصرت بالجزع عبرته ... إذا تغرّد قمرىّ على فنن إذا رأت غير ما ظنّت لصاحبها ... وأيقنت أنّ لحجا ليس من وطنى ما يملك إن أمسى بصنعاء، فقال: قدم للحج. انتهى. وزاد عبد الله بن إسحاق: فدخل على معن بن زائدة، فقال: عتق ما يملك إن أمسى بصنعاء، فقال: قدم للحج. انتهى.

_ (8) ديوان عمر بن أبى ربيعة 413.

وروينا بإسناد لابن جريج، حكايته مع معن بن زائدة، وفيها غير ما ذكره الفاكهى ونقص عنه. أخبرنى الإمام الخيّر أبو اليمن محمد بن أحمد بن الرضىّ إبراهيم الطبرى وغيره سماعا، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن خالد بن محمد بن أبى بكر الفارقى إجازة، قال: أخبرنا قاضى القضاة شمس الدين أبو بكر محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد المقدسى، قراءة عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو يعلى حمزة بن السيد بن أبى الفوارس الأنصارى، قال: حدّثنا أبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان الأزدىّ قال: أخبرنا أبو القاسم على بن محمد بن أبى العلاء المصّيصىّ، قال: أملى علينا الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن علىّ بن عبد الله، ابن محمد الغازى فى داره بمصر، سنة تسع عشرة وأربعمائة، قال: حدثنا أبو بكر بن خروف إملاء قال: حدثنا يموت بن المزرّع، قال: حدثنا نصر بن منصور بن المطيعى قال: حدثنا علىّ بن المدينىّ قال: حدثنا سفيان قال: حدثنى ابن جريج قال: لزمنى دين، فضاقت علىّ ساحتى وبلدى، فأتيت معن بن زائدة وهو بأرض اليمن، فنزلت فى منزلى، ثم إنى سرت إليه، فقال لى: أهلا بك وسهلا، ما أقدمك هذه البلدة؟ فقلت: دين ـ أصلح الله الأمير ـ طردنى عن وطنى، فقال: نقضى دينك وتردّ إلى بلدك مجبورا، فأقمت عنده مديدة، ثم إنى رأيت الناس يتجهزون للحج، فحننت إلى مكة، وذكرت قول عمر بن أبى ربيعة (9): بل ما نسيت غداة الخيف موقفها ... وموقفى وكلانا ثمّ ذو شجن وقولها للثّريّا وهى باكية ... والدمع منها على الخدّين ذو سنن بالله قولى له فى غير معتبة ... ماذا أردت بطول المكث فى اليمن إن كنت حاولت دنيا أو ظفرت بها ... فما أفدت بترك الحجّ من ثمن انتهى. ومن أخبار عمر بن أبى ربيعة، الحكاية التى نقلها شيخنا القاضى مجد الدين الشيرازى فى كتابه «الوصل والمنى، فى فضائل منى» قال: لما حجّ سليمان بن عبد الملك، أرسل إلى عمر بن أبى ربيعة يقول له: أنت القائل [من الطويل]: وكم من قتيل لا يباء به دم ... ومن غلق رهنا إذا ضمّه منى ومن مالئ عينيه من شيء غيره ... إذا راح نحو الجمرة البيض كالدّمى

_ (9) انظر: ديوانه 413.

يسحّبن أذيال المروط بأسؤق ... خدال إذا ولّين أعجازها روى أوانس يسلبن الحليم فؤاده ... فيا طول ما شوق ويا حسن مجتلى فلم أر كالتّجمير منظر ناظر ... ولا كليالى الحج أفلتن ذا هوى قال: نعم. فقال سليمان بن عبد الملك: والله لا يشهد الحج العام مع الناس، أما والله لو اهتممت بحجك، لم تنظر إلى شيء غيرك! فإذا لم يفلت الناس منك فى هذه الأيام، فمتى يفلتون؟ ثم أمر بنفيه إلى الطائف، فقال: يا أمير المؤمنين، أو خير من ذلك؟ قال: ما هو؟ قال: أعاهد الله عزوجل، أن لا أعود لمثل هذا الشعر، ولا أذكر النساء فى شيء أبدا، وأجدّد توبة على يديك، قال: أو تفعل؟ قال: نعم: فعاهد الله على توبته وخلّاه. انتهى. واتفق لعمر بن أبى ربيعة حكاية طريفة بمنى، فى زمن الحج، ألفيتها فى كتاب شيخنا القاضى مجد الدين الشيرازى، قال بعد أن أشار إليها مستظرفا لها: وهى ما حكاه القاسم ابن محمد رحمه الله تعالى، قال: كنت فى مجلس فيه عمر بن أبى ربيعة المخزومىّ رحمه الله تعالى، فقلنا له: يا أبا الخطاب، إن لك مع النساء أحاديث عجيبة، قد نقلها الرّواة، وسارت بها الركبان، فحدّثنا بأعجبها! فقال: نعم، إنى سأحدثكم حديثا ظريفا: إنى كنت ذات يوم بمنى، إذ دخل علىّ الحاجب، فأعلمنى مكان عجوز بالباب، تطلب الإذن، فقلت له: إيذن لها، فدخلت عجوز بها مسحة من الجمال، وعليها كسوة فاخرة، فسلّمت علىّ، وسألتنى عن نسبى، فأخبرتها أنّى عمر بن أبى ربيعة، فقالت: يا أبا الخطاب، هل لك أن أريك أحسن خلق! . قلت: فداك أبى وأمى، كيف لى بذلك! قالت: يا أبا الخطاب، أنت ناظر إليها على شريطة، قلت: وما هى؟ قالت: آخذ عليك العهد، على أنك تريها من نفسك العفاف، ولا تتعرّض لها بسوء، قلت: نعم، ذاك لك، قالت: وعلى أن أعصب عينيك، وألبسك لبس النساء، وأقودك إلى الموضع، قلت: نعم. وذلك أيضا لك. قال: فأخرجت مصحفها من ردفها، فاستحلفتنى به على ذلك، ثم أخرجت عصابة فعصبت بها عينىّ. وألبستنى إزارا وخفّا، ثم قادتنى، حتى أدخلتنى على مضرب، فأخذنى من يدها وصائف، ثم حللن العصابة عن عينىّ، وإذا أنا فى مضرب من الديباج الأحمر، مفروش بالوشى المنسوج بالترهب، وإذا فيه جوار أبهى من البدور، فأجلسننى على سرير من الأبنوس المسجّف بالذهب، ووقفن على رأسى يروّحننى، فبينما أنا جالس على ذلك الحال، وإذا جارية قد طلعت من باب المضرب، أحسن من الشمس، فسلّمت علىّ، ثم

جلست إلى جانبى، وأقبلتّ علىّ تحدّثنى، وسألتنى عن حالى، وأنا والله منها فى غمرات شديدة، وقد زال عقلى حين شاهدت جمال صورتها، فلما مضى لى معها ساعة، قالت: يا عمر، من الذى يقول (10): وناهدة الثديين قلت لها اتّكى ... على الرّمل من جبّانة لم توسّد فقالت على اسم الله سمعا وطاعة ... وإن كنت قد كلّفت ما لم أعوّد فلمّا دنا الإصباح قالت فضحتنى ... فقم غير مطرود وإن شئت فازدد فزّودت منها واتّشحت بمرطها ... وقلت لعينىّ اسكبا الدّمع فى غد وقامت تعفّى بالرداء مكانها ... وتطلب شيئا من جمان مبدّد فقلت لها: أنا قائل ذاك، فداك أبى وأمى، قالت: يا عمر، من كانت هذه الناهدة الثديين، التى كانت هذه حالها معك؟ قلت لها: أطال الله بقاءك، ما كان هذا منّى من قصد ولا عمد، ولا قلته فى امرأة بعينها، غير أنى أحبّ الغزل، وأقول الشعر، والتّشبّب بالنساء، فقالت: أنت كذاب على الحرائر، فاضح للنساء، وقد فشا شعرك فى الحجاز والعراق والشام، ولم يكن فى امرأة بعينها! يا وصائف، أخرجن هذا الكذاب الفضاح للنساء الحرائر، فعصبن عينى، ودفعننى إلى العجوز، فقادتنى إلى مضربى، ثم قالت: يا أبا الخطاب، لا تيأس، فبتّ ليلتى قلقا لم أذق مناما، فلما كان الغد، دخل علىّ الحاجب، وقال: إن العجوز التى كانت أمس بالباب قد جاءت، فقلت: ائذن لها، فدخلت وسلمت وقالت: هل لك أن تراها ثانية؟ قلت: نعم. قالت: أأنت ناظر إليها على الشرط المتقدم، قلت: نعم. فأخرجت المصحف واستحلفتنى، وعصبت عينىّ، وقادتنى إلى مضربها، فأخذنى منها الوصائف، وحللن العصابة عن عينى، وإذا أنا فى مضرب من الديباج الأسود، منقوش بالذهب، مفروش بالحرير، وإذا فيه جوار كالظباء، فجلست على السرير، وإذا هى قد طلعت علىّ كالبدر بتمامه، فسلّمت علىّ وصافحتنى، فوجدت برد كبدها فى يدى، ثم جلست إلى جانبى، وسألتنى عن خبرى، وكيف كان بيتى فى ليلتى، وحادثتنى ساعة، فما رأيت أطيب من حديثها، ثم قالت لى فى غضون ذلك: يا أبا الخطاب، من الذى يقول [من الرمل]: بينما ينعتننى أبصرننى ... دون قيد الميل يعدو بى الأغرّ قالت الكبرى أتعرفن الفتى ... قالت الوسطى نعم هذا عمر قالت الصغرى وقد تيّمتها ... قد عرفناه فهل يخفى القمر

_ (10) انظر الأبيات: (فى الأغانى 1/ 78، ديوان عمر 113).

وإذا ما عثرت فى مرطها ... عثرت باسمى وقالت يا عمر قلت: أنا قائل ذاك، فدك أبى وأمى، قالت: فمن هذه الكبرى والوسطى والصغرى؟ قلت: أطال الله بقاك، قد تقدم عذرى عن هذا أمس، وإنى لم أقل ذلك فى جارية بعينها، ولا كان منى عن قصد ولا عمد، قالت: يا فضّاح الحرائر، يا كذابا على النساء، ما حملك على أن تقول على النساء ما لم يكن حقا، حتى شاع فى أقطار الأرض، وظن الناس أنه حق فى امرأة بعينها! يا وصائف، عزّرن هذا الفاسق على كذبه على الحرائر. وضربننى على وجهى ورأسى ضربات شديدة، ثم شددن العصابة على عينى، ودفعننى إلى العجوز، فقادتنى إلى مضربى، ثم قالت: لا تيأسنّ، فبتّ ليلتى قلقا مفكرا، لم أذق مناما، حتى برق الصبح، فلما طلعت الشمس، دخل علىّ الحاجب وأعلمنى بمكان العجوز، فقلت: اشغلها عنى ساعة، إلى أن يخرج إليك رسولى، ثم أمرت جارية أن تضرب لى فى باطية خلوقا، ففعلت، فغمست يدى فيه إلى معصمى، ثم أسدلت إزارى، وأمرت بإدخال العجوز، فدخلت فسألتنى عن حالى، ثم قالت: هل لك أن تراها ثالثة؟ قلت: نعم. فداك أبى وأمى، قالت: أنت ناظر إليها على الشرط؟ قلت: نعم. فأخرجت المصحف واستحلفتنى، ثم عصبت عينىّ، وقادتنى إلى الموضع، فلما حسّيت بباب المضرب، أخرجت يدى فمسحتها ببابه، وجعلت أمسك الطّنب بكفّى، ثم ناولتنى الوصائف، فأخذتنى منها وصيفة، وأدخلتنى الموضع، وفتحت عينىّ، فإذا أنا بمضرب من الديباج الأبيض، منقوش بالذهب، مفروش بالحرير، فجلست على السرير، فإذا هى قد طلعت، فلما نظرت إليها، سقطت على وجهى مغشيا علىّ، فلما أفقت، تناولت كفّى وجعلت تغمره، وقالت: كيف حالك يا أبا الخطاب؟ قلت: سوء حال، والنظر يغنى عن الشكوى، فتبسمت، فما رأيت شيئا أحسن من ثغرها، ثم جعلت تسائلنى عن أخبار أهل الحجاز، وأيام العرب، وأخبار أهل العشق، حتى انتصف النهار، وأنا والله يخيّل إلىّ كأنى فى بعض قصور الجنة مع حورها، فبينما أنا كذلك فى أسرّ حال، إذا التفتت إلىّ وقالت: يا أبا الخطاب، من الذى يقول [من الكامل] (11): سجج الغراب ببين ذات الدّملج ... ليت الغراب ببينها لم يسحج ما زلت أتبعهم لأسمع حدوهم ... حتى دخلت على ربيبة هودج قالت وحقّ أبى وحرمة والدى ... لأنبّهنّ أبى إن لم تخرج فتناولت كفّى لتعلم مسّه ... بمخضّب الأطراف غير مشنّج

_ (11) الأغانى الموضع السابق، وديوان عمر 82، 83.

فلثمت فاها آخذا بقرونها ... شرب النزيف ببرد ماء الحشرج فقلت لها: أنا قائل ذاك، فداك أبى وامى، فقالت: من هذه الجارية التى دخلت عليها، وأخذت بقرونها، ولثمت فاها؟ قلت: يا سيدتى، إن عذرى قد تقدّم والمحنة فيه واحدة، قالت: فأراك مقيما على الكذب وفضيحة النساء، وهتك أسرار الحرائر، أخرجن عنى هذا الفاسق الكذاب، مجرورا مدحورا معزّرا على كذبه وافترائه على النساء، فبادرن الوصائف إلىّ، وسحبننى على وجهى، وضربننى بأيديهنّ وأرجلهن ضربا موجعا، ثم عصبن عينىّ، وسلّمننى إلى العجوز، فأخرجتنى وأنا لا أعقل، فقادنى ساعة، سنح لها جمّال فى بعض الطريق، فقالت له: خذ هذه المرأة الضريرة إلى مضرب عمر بن إلى ربيعة، ولك هذه الدراهم، فبادر الجمال وأخذنى من يدها، وهو يظن أنى امرأة ضريرة، حتى وصل بى إلى مضربى، فأخذنى منه بعض غلمانى، فدخلت المضرب، ولبست ثيابى، وأمرت بإدخال الناس علىّ، ثم قلت لهم: أىّ غلام وجد لى باب مضرب عليه كفّ خلوق، فهو حرّ لوجه الله تعالى، وأىّ رجل من أهلى وجد ذلك، فله ألف درهم. فخرج الناس من عندى واجتهدوا فى طلب ذلك، فعاد بعض غلمانى وقال: يا سيدى، قد عرفت المضرب، ثم قمت معه، فانتهى بى إلى مضرب مروة بنت عبد الملك ابن مروان، فأمرت بمضربى أن يقلع ويضرب حيال مضربها، فلما علمت أنى قد عرفتها، فحرجت من ذلك، ثم أسدلت الستور بينى وبينها، وكان لعبد الملك عيون، فكتبوا بذلك، شعرا، فشاع فى الناس، وهو [من الطويل] (12): نظرت إليها بالمحصّب من منى ... ولى نظر لولا التحرّز عارم فقلت أشمس أم محاريب بيعة ... بدت لك بين السّجف أم أنت حالم بعيدة مهوى القرط إما لنوفل ... أبوها، وغما عبد شمس وهاشم ثم أزف خروجها إلى الشام، فرحلت معها، أنزل بنزولها، وأرحل برحيلها، واشتد بى الوجد والدّنف، حتى ركبت فى العمّاريّة من ضعفى وشدة مرضى، وأنا أكتم حالى وأخفيه عن أهلى وعوّادى، ولم أفش سرى على أحد، إلى أن صرنا من دمشق على مرحلتين، فتلقاها رسول عبد الملك يأمرها بالنزول فى موضعها إلى أن يخرج إليها، وأقبل عبد الملك إلى نحوها فى سادات بنى أمية، ووجوه القوّاد، حتى إذا صار قريبا منها، اعتزل عنه الناس، فدخل إليها فى مضربها وبارك لها فى حجّتها، وهنأها بمقدمها، ثم قال: يا مروة، ألم أنهك عن الطواف نهارا، حتى لا تقع عين أحد عليك! فقالت: والله ما طفت إلا ليلا، فخرج من عندها، فحانت منه التفاتة، فإذا هو بمضربى، فقال:

_ (12) ديوانه 348، والأغانى الموضع السابق.

2177 ـ عمر بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب العدوى

لمن هذا؟ فقيل: لعمر بن أبى ربيعة، فقال: علىّ به، فلما جئت إليه، دخلت عليه فسلّمت، فقال: لا سلّم الله عليك ولا أقرّ بك عينا، فقلت: بئست التحية من ابن العم، على بعد الدار وشحط المزار، فقال: ألست القائل: نظرت إليها بالمحصّب من منى ... ولى نظر لولا التحرّز عارم قاتلك الله، أما لك مندوحة عن ابنة عمك، حتى شبّبت بها فى شعرك! فقلت: يا أمير المؤمنين، إنى لم أقل فى امرأة بعينها، ولا كان منى عن قصد ولا عمد، فقال: كذبت يا فاسق، ثم إنه أطرق ساعة ورفع رأسه إلىّ، وقال: يا عمر، هل لك فى واحدة! قلت: نعم، وما هى فداك أبى وأمى يا أمير المؤمنين؟ . فقال: أزوّجك مروة، فقلت: أنا! فعبد من عبيدك يا أمير المؤمنين، وطاعتك علىّ واجبة، فاصنع ما شئت، فأمر بإحضار خمسمائة ألف درهم، فأحضرت، ثم دعا وجوه بنى أمية، وخطب خطبة حسنة، وعقد نكاحى على ابنته مروة بالمال الحاضر، ثم قال لى: قم فادخل على أهلك، فقمت فدخلت عليها، فلما أحسّت بى، نفرت نفور الظبى، وقالت: ويلك! من أنت ثكلتك أمك؟ فقلت: أنا بعلك وابن عمك عمر بن أبى ربيعة، صبرت وقدرت فظفرت، فأنست إلىّ عند ذلك، وعادلتها فى هودجها إلى دمشق، فأقر الله تعالى بها عينى. 2177 ـ عمر بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب العدوى: أمير مكة. هكذا نسبه صاحب الجمهرة، وقال: ولى مكة للسفاح، وولى اليمن لدواد ابن علىّ، خمسة أشهر، وكان فى غاية الفضل. وذكر أن والده عبد الحميد، ولى الكوفة لعمر بن عبد العزيز. انتهى. 2178 ـ عمر بن عبد الرحمن بن محيصن السهمى، مولاهم، المكى: قارئ أهل مكة، مع ابن كثير، وحميد الأعرج. وقد اختلف فى اسمه على ستة أقوال، أصحهما «عمر» هكذا سماه عبد الله بن المؤمل، وسفيان بن عيينة، وابن معين، وابن عدى. وقيل: محمد بن عبد الله بن محيصن، وقيل: عبد الرحمن بن محمد بن محيصن، وقيل: محمد بن عبد الرحمن بن محيصن، حكى هذه الأقوال ابن مجاهد. وقال مصعب الزبيرى: هو عبد الرحمن بن محيصن بن أبى وداعة. وقيل عبد الله بن محيصن، كذا سمّاه أبو أحمد السامرى، وأبو عبد الله الحاكم. قرأ على سعيد بن جبير، ومجاهد، ودرباس، مولى ابن عباس. قرأ عليه شبل بن

_ 2177 ـ انظر ترجمته فى: (جمهرة الأنساب لابن حزم 152). 2178 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 121، تهذيب التهذيب 7/ 474).

2179 ـ عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى الأموى، أبو حفص

عبّاد، وأبو عمرو بن العلاء، وعيسى بن عمر القارئ، وغيرهم، وله رواية شاذّة منقولة فى كتاب «المبهج» للإمام أبى محمد، وفى غير ما مصنفّ، والله أعلم بصحتها. وهو فى الحديث ثقة، احتجّ به مسلم وغيره، حدث عن أبيه، وصفيّة بنت شيبة، وعطاء بن أبى رباح، ومحمد بن قيس بن مخرمة. وحدّث عنه ابن جريج، وابن عيينة، وهشيم، وعبد الله بن المؤمل المخزومى، وغيرهم. روى له مسلم (1) والترمذى (2) والنسائى (3) فى كتبهم، وليس له فيها إلا حديث واحد فى قوله: (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) [النساء: 123]. وذكره ابن حبان فى الثقات. قال ابن القاسم الهذلى: مات سنة ثلاث وعشرين ومائة بمكة، ومن طبقات القراء للذهبى، لخّصت هذه الترجمة، وقال فى التذهيب: هو ثقة فى الحديث، مقلّ، ضعيف فى القراءة، له فى روايته أشياء شاذة. 2179 ـ عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى الأموى، أبو حفص: أمير المؤمنين، الإمام العادل. ولى مكة والمدينة، ولاه ذلك الوليد بن عبد الملك، فى

_ (1) فى صحيحه، فى البر والصلة، حديث رقم (2574) من طريق: قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبى شيبة كلاهما عن ابن عيينة واللفظ لقتيبة حدثنا سفيان عن ابن محيصن شيخ من قريش سمع محمد بن قيس بن مخرمة يحدث عن أبى هريرة قال: لما نزلت: (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) بلغت من المسلمين مبلغا شديدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قاربوا وسددوا ففى كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى النكبة ينكبها أو الشوكة يشاكها. قال مسلم: هو عمر بن عبد الرحمن بن محيصن من أهل مكة. (2) فى سننه فى التفسير، حديث رقم 2574، وأحمد بن حنبل فى مسنده، حديث رقم 7339. (3) فى الكبرى، فى التفسير، باب قوله تعالى: (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ) حديث رقم 11023. 2179 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات بن سعد 5/ 330، تاريخ خليفة، 321، 322، التاريخ الكبير 6/ 174، الطبرى 6/ 565، 573، الجرح والتعديل 6/ 122، الأغانى 9/ 254، حلية الأولياء 5/ 253، ابن الأثير 5/ 58، 66، تهذيب الكمال 1017، تاريخ الإسلام 4/ 164، تذكرة الحفاظ 1/ 118، العبر 1/ 120، فوات الوفيات 3/ 133، البداية 9/ 192، 219، تهذيب التهذيب 7/ 475، النجوم الزاهرة 1/ 246، تاريخ الخلفاء 228، خلاصة تذهيب التهذيب 284، شذرات الذهب 1/ 119، سير أعلام النبلاء 5/ 114).

سنة ست وثمانين من الهجرة، إلى سنة ثلاث وتسعين، وحج بالناس فيها، وفى سنة اثنتين وتسعين، وسنة تسعين، وسنة تسع وثمانين، هكذا ذكر ذلك ابن كثير، ولعله أخذه من تاريخ ابن الأثير، عن تاريخ ابن جرير الطبرى. ووجدت فى تاريخ ابن جرير، ما يدلّ لما ذكر ابن كثير، من أنه ولى ذلك، لأنه قال فى أخبار سنة تسعين: وفيها حجّ بالناس عمر بن عبد العزيز، وهو عامل بالمدينة ومكة والطائف. وقال فى أخبار سنة إحدى وتسعين: وكانت عمّال الأمصار فى هذه السنة، العمال فى التى قبلها، إلا مكة، وقيل إن مكة كانت فيها إلى عمر بن عبد العزيز. وقال فى أخبار سنة ثلاث وتسعين: وفيها عزل عمر بن عبد العزيز عن المدينة فى قول، وكان عزله، أن عمر كتب إلى الوليد يخبره، بعسف الحجاج أهل عمله بالعراق واعتدائه عليهم، وطلبه لهم بغير حق ولا جناية، فبلغ ذلك الحجاج، فاصطنعه على عمر، وكتب إلى الوليد: إنّ من قبلى من أهلى العراق وأهل الشقاق، قد لجأوا إلى المدينة ومكة، وأن ذلك وهن. فكتب الوليد إلى الحجاج: أشر لى برجلين، فكتب إليه يشير بعثمان بن خالد، وخالد ابن عبد الله القسرى، فولّى خالدا مكة، وعثمان المدينة، فخرج عمر من المدينة وأقام بالسويداء، وذكر أنه كان قدم المدينة واليا بعد عزل هشام بن إسماعيل المخزومى، فى شهر ربيع الأول سنة سبع وثمانين، وأنه حج بالناس فى هذه السنة، وفى سنة ثمان وثمانين. وهذا يدل على أنه كان واليا على مكة فى هذا التاريخ، كما ذكر ابن كثير، لأن الحج إنما يقيمه أمير المدينة غالبا، إلا إذا كانت مكة مضافة إليها، وكانت مكة كثيرا ما تضاف إلى أمير المدينة، مع كونه مقيما بالمدينة، وإنما كان يقيم بالمدينة، لقربها من الشام، بلد الخليفة إذ ذاك. وذكر ابن جرير، أنه لما حجّ بالناس فى سنة ثمان وثمانين، ذكر له بعض أهل مكة، قلّة الماء بها، وأنهم يخشون على الحجاج من العطش، فدعا عمر، فجاء المطر، وسال الوادى، حتى خاف أهل مكة، وأمطرت عرفة ومنى، وجمع، يعنى المزدلفة، فما كانت إلا أعين، وكانت مكة تلك السنة مخصبة. انتهى بالمعنى. وكان عمر بن عبد العزيز كثير الفضائل والمناقب، ولذلك عهد إليه بالخلافة، ابن

2180 ـ عمر بن عبد المجيد بن عمر بن حسين القرشى العبدرى، تقى الدين أبو حفص، المعروف بالميانشى

عمه سليمان بن عبد الملك بن مروان متكرّها، واستمرّ عليها حتى مات فى رجب سنة إحدى ومائة، بدير سمعان من أرض المعرة، ودفن هناك وله أربعون سنة، وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر وأياما، كمدّة خلافة الصديق رضى الله عنه، وهو خامس الخلفاء الراشدين رضى الله عنهم، وكان أبيض جميلا، نحيف الجسم، حسن اللحية، بجبهته أثر حافر فرس شجه وهو صغير، وكان يقال له أشجّ بنى أمية، ولما حفظ القرآن فى صغره، بعث به أبوه من مصر إلى المدينة، فتفقه فيها حتى بلغ رتبة الاجتهاد. روى عن أنس بن مالك، وعبد الله بن جعفر بن أبى طالب، وسعيد بن المسيّب، وعروة بن الزبير، وأبى سلمة بن عبد الرحمن، وجماعة، وأرسل عن عقبة بن عامر، وخولة بنت حكيم. روى عنه: الزهرى، وأيوب، وابن المنكدر، ويحيى بن سعيد الأنصارى، وغيرهم. حتى إن أبا سلمة، روى عنه. روى له الجماعة. وأمه بنت عاصم بن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وأخبار عمر بن عبد العزيز وفضائله كثيرة مشهورة. 2180 ـ عمر بن عبد المجيد بن عمر بن حسين القرشى العبدرى، تقى الدين أبو حفص، المعروف بالميانشىّ: نزيل مكة وشيخها وخطيبها، لقى بالإسكندرية أبا عبد الله محمد بن أحمد الرازى، وفرّط فيه، لأنه لم يأخذ عنه إلا سداسيّاته، تناولها منه، وسمع من أبى عبد الله محمد بن على بن عمر المازرىّ، كتابه «المعلم بفوائد مسلم»، وبمكة من أبى العباس أحمد بن معد ابن الأقليشىّ، كتابيه «النجم» و «الكوكب»، ومن أبى القاسم الكروخى «جامع الترمذى» ومن أبى المظفر محمد بن على الشيبانى الطبرى قاضى مكة. روى عنه خلق، منهم: ابن أبى الصيف، وابن أبى حرمىّ، والصّدر البكرى، وهو خاتمة أصحابه. ذكره منصور بن سليم فى «تاريخ الإسكندرية» وقال: المالكى، وترجمه بالفقيه، وذكر أن من تواليفه «المجالس المكية» و «إيضاح ما لا يسع المحدث جهله» وكتاب «الروضة، فى الرقائق». وذكر أنه حدث بمصر وبمكة، وصار خطيبا بها، وكان عالما ورعا ثقة، أخذ عنه العلم خلق كثيرون. انتهى.

_ 2180 ـ انظر ترجمته فى: (سير أعلام النبلاء 21/ 157).

وذكره الذهبى فى تاريخ الإسلام، وترجمه بشيخ الحرم، وقال: كان محدثا متقنا صالحا. انتهى. وقد روى فى كتابه «المجالس المكية» أحاديث باطلة، وسكت عليها، لشهرة رواتها بالكذب. توفى فى جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين وخمسمائة بمكة، هكذا أرخ وفاته المنذرى فى «التكملة» والذهبى. وذكر ابن مسدى فى أثناء ترجمة سليمان بن خليل العسقلانى، سبط الميانشى، أنه توفى سنة ثلاث وثمانين، كذا وجدت بخط الحافظ أبى الفتح بن سيّد الناس، فيما انتخبه من معجم ابن مسدى، وهذا هو الصواب والله أعلم، لأن فى حجر قبره فى المعلاة: أنه توفى لتسع من المحرم ليلة عاشوراء، من سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. ووجدت بخط الشيخ عبد الله بن خليل المالكى: الإمام أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد المجيد الصفراوى، سمع من قاضى الحرمين أبى حفص الميانجىّ، لقيه بمكة، سمع عليه فى شهور سنة سبع وسبعين وخمسمائة جامع الترمذى، عن الكروخى، وكتاب «المعلم» فى ذى الحجة من سنة التاريخ. انتهى. وهذا يدل على أمرين، أحدهما: أن أبا حفص الميانشىّ، يقال له: الميانجىّ، ولا يقال إنه غيره، لأنه كان بمكة فى هذا التاريخ، يروى الكتابين المذكورين، والثانى: أنه ولى قضاء الحرمين، وهذا عجيب، وقد تقدّم أنه خطيب مكة. أنشدنى أبو هريرة عبد الرحمن ابن الحافظ أبى عبد الله الفارقىّ إذنا، عن القاضى سليمان بن حمزة إجازة، والقاسم بن مظفر محمود بن عساكر الطبيب إجازة، إن لم يكن سماعا، أن الحافظ أبا الفتح عمر بن محمد الأمينى، أنبأهما قال: أنشدنا عبد الواحد، يعنى ابن إسماعيل بن إبراهيم العسقلانى، قال: أنشدنى جدى لأمى الإمام عمر بن عبد المجيد الميانشى لنفسه [من الطويل]: سألت طبيبى عن دوائى فقال لى ... تموت فتنجو أو تعيش فتسلما فإن متّ من وجدى ظفرت بجنتى ... وإن عشت محزونا كتبت محسّنا كذا سيرتى فى أهل ودى وصفوتى ... فإن كنت تعشقنا تأهب لقربنا فقلت مليكى ليس لى ما أريده ... فجد لى بعفو منك يا غاية المنى ومن الفوائد المنقولة عنه: أن الحجر الناتئ فى الدار المقابلة للدار التى تنسب لأبى

2181 ـ عمر بن أبى عبيدة بن الفضيل بن عياض التميمى اليربوعى

بكر الصديق رضى الله عنه، فى الزقاق المعروف بزقاق الحجر بمكة، كان يكلّم النبىصلى الله عليه وسلم، وقد ذكر ذلك عن الميانشى خطيب سبتة، الإمام أبو عبد الله محمد بن عمر ابن محمد بن عمر بن رشيد ـ بضم الراء ـ الفهرى فى رحلته، لأنه ذكر أن ممن لقى بمكة، فقيهى الحرم: الرضى محمد بن أبى بكر بن خليل، وأخاه العلم أحمد، ثم قال: فلما زرناهما، جزنا بالطريق ـ طريق دارهما ـ بحجر يتبرّك به الناس بالتمسّح به، فسألت عنه علم الدين، فقال: أخبرنى عمى سليمان قال: أخبرنى محمد بن إسماعيل بن أبى الصيف، قال: أخبرنى أبو حفص الميانشى قال: أخبرنى كلّ من لقيته بمكة، أن هذا الحجر، هو الذى كلمّ النبى صلى الله عليه وسلم. وهذا الحجر المذكور الذى مررنا به، هو الذى بجهة باب النبى صلى الله عليه وسلم، أمام دار أبى بكر رضى الله عنه، بارزا هنالك عن الحائط قليلا. انتهى. وهذا الحجر إن صح كلامه للنبى صلى الله عليه وسلم، فلعله الحجر الذى عناه النبى صلى الله عليه وسلم فى قوله: «إنى لأعرف حجرا بمكة، كان يسلمّ علىّ ليالى بعثت». انتهى بالمعنى. وقد اختلف فى هذا الحجر، فقيل هو الحجر الأسود، وقيل حجر غيره بمكة، ولعله هذا والله أعلم. وباب النبىّ صلى الله عليه وسلم الذى أشار إليه ابن رشيد، هو باب المسجد الحرام، المعروف بباب الجنائز، ونسب إلى النبى صلى الله عليه وسلم، لكونه فى طريقه إلى منزله، دار خديجة بنت خويلد رضى الله عنها، وهى بقرب الدار المشار إليها. 2181 ـ عمر بن أبى عبيدة بن الفضيل بن عياض التميمى اليربوعى: ما عرفت من حاله، سوى أنه مدفون فى قبر جده الفضيل بن عياض بالمعلاة، لأن فى حجر قبره مكتوبا: هذا قبر الفضيل بن عياض وولده أبى عبيدة، وولد ولده عمر بن أبى عبيدة. 2182 ـ عمر بن عطاء بن أبى الخوار الهاشمى مولاهم المكى: روى عن عبد الله بن عباس، والسائب بن يزيد، وعبيد بن جريج، وعبد الله بن عياض، وعطاء بن بخت، ونافع بن جبير. روى عن إسماعيل بن أمية، وابن جريج. روى له مسلم (1)، وأبو داود (2).

_ 2182 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 125). (1) حديثان فى صحيحه، الأول: فى كتاب المساجد، حديث رقم (649) من طريق: هارون بن عبد الله ومحمد بن حاتم قالا: حدثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج: ـ

قال يحيى بن معين، وأبو زرعة: هو ثقة. قال الذهبى: وبعضهم كذبه، ولم يصحّ.

_ ـ أخبرنى عمر بن عطاء بن أبى الخوار أنه بينا هو جالس مع نافع بن جبير بن مطعم إذ مر بهم أبو عبد الله ختن زيد بن زبان مولى الجهنيين فدعاه نافع فقال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة مع الإمام أفضل من خمس وعشرين صلاة يصليها وحده. الثانى: فى كتاب الجمعة، حديث رقم (883) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا غندر عن ابن جريج قال: أخبرنى عمر بن عطاء بن أبى الخوار أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب ابن أخت نمر يسأله عن شيء رآه منه معاوية فى الصلاة فقال: نعم صليت معه الجمعة فى المقصورة فلما سلم الإمام قمت فى مقامى فصليت فلما دخل أرسل إلى فقال: لا تعد لما فعلت إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تكلم أو تخرج فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك أن لا توصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج. وحدثنا هارون بن عبد الله حدثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج: أخبرنى عمر بن عطاء أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب بن يزيد ابن أخت نمر وساق الحديث بمثله غير أنه قال فلما سلم قمت فى مقامى ولم يذكر الإمام. (2) ثلاثة أحاديث: الأول: حديث: «لا توصل صلاة بصلاة». السابق ذكره، فى سننه، كتاب الصلاة، حديث رقم 1129. الثانى: فى كتاب الحروف والقراءات، حديث رقم (4003) من طريق: محمد بن عيسى حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: أخبرنى عمر بن عطاء أن مولى لابن الأسقع رجل صدق أخبره عن ابن الأسقع أنه سمعه يقول: إن النبى صلى الله عليه وسلم جاءهم فى صفة المهاجرين فسأله إنسان أى آية فى القرآن أعظم قال النبى صلى الله عليه وسلم: (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ). الثالث: فى كتاب الترجل، حديث رقم (4176) من طريق: موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا عطاء الخراسانى عن يحيى بن يعمر عن عمار بن ياسر قال: قدمت على أهلى ليلا وقد تشققت يداى فخلقونى بزعفران فغدوت على النبى صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فلم يرد على ولم يرحب بى وقال اذهب فاغسل هذا عنك فذهبت فغسلته ثم جئت وقد بقى على منه ردع فسلمت فلم يرد على ولم يرحب بى وقال: اذهب فاغسل هذا عنك فذهبت فغسلته ثم جئت فسلمت عليه فرد على ورحب بى، وقال: إن الملائكة لا تحضر جنازة الكافر بخير ولا المتضمخ بالزعفران ولا الجنب. قال: ورخص للجنب إذا نام أو أكل أو شرب أن يتوضأ. حدثنا نصر بن على حدثنا محمد بن بكر أخبرنا ابن جريج أخبرنى عمر ابن عطاء بن أبى الخوار أنه سمع يحيى بن يعمر يخبر عن رجل أخبره عن عمار بن ياسر زعم عمر أن يحيى سمى ذلك الرجل فنسى عمر اسمه أن عمارا قال: تخلقت بهذه القصة والأول أتم بكثير فيه ذكر الغسل قال: قلت لعمر: وهم حرم، قال: لا، القوم مقيمون.

2183 ـ عمر بن عكرمة بن أبى جهل بن هشام المخزومى

2183 ـ عمر بن عكرمة بن أبى جهل بن هشام المخزومى: ذكره هكذا الذهبى، وقال: قتل باليرموك، وقيل بأجنادين. 2184 ـ عمر بن على بن إبراهيم الحلوىّ الأصل المكى: كان من أعيان تجار مكة، وفيه خير. توفى فى العشرين من شهر رجب سنة خمس وستين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. والحلوىّ بحاء مهملة، نسبة إلى حلى (1) ابن يعقوب. 2185 ـ عمر بن على بن رسول ـ واسم رسول فيما قيل: محمد ـ بن هارون بن أبى الفتح بن نوحى بن رستم التركمانى الغسانى، من ذرية جبلة بن الأيهم، الملك المنصور، نور الدين أبو الفتح: صاحب اليمن ومكة. قيل إن جدّه محمد بن هارون، كان بعض الخلفاء العباسيين يأنس به، فرفع بينه وبينه الحجاب، واختصه برسالته إلى الشام وإلى مصر، فعرف برسول، وترك اسمه الحقيقى، لاشتهاره برسول، حتى صار لا يعرفه بذلك إلا النادر من الناس، ثم انتقل من العراق إلى الشام، ومن الشام إلى مصر، فيمن معه من أولاده، ولايم جماعة من بنى أيوب بمصر لما ملكوها، فرأى بعض بنى أيوب، إرسالهم إلى اليمن لنبلهم، وكره ذلك بعض بنى أيوب، خيفة من تغلبهم على اليمن، ثم أجمعوا على تسييرهم إلى اليمن، صحبة الملك المعظم توران شاه بن أيوب، أخى صلاح الدين يوسف بن أيوب، بعد أن استحلفهم له أخوه صلاح الدين بن أيوب، وأوصاهم بحسن صحبته، والنصح له، فساروا معه إلى اليمن، ثم إن الملك المسعود بن الملك الكامل بن الملك العادل أبى بكر ابن أيوب، بعد ملكه اليمن، ولّي نور الدين عمر بن على بن رسول، صاحب هذه الترجمة، الحصون الوصابيّة، وأقام فيها مدة، ثم ولّاه مكة المشرفة، بإثر ملكه لها، ورتب معه فيها ثلاثمائة فارس على ما قيل، وقصد حسن بن قتادة مكة، بجيش جاء به معه من ينبع، فخرج إليه نور الدين وقاتله، وكسر نور الدين حسن بن قتادة، وأقام نور الدين

_ 2183 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 593، التجريد 1/ 419). 2184 ـ (1) حلى: بالفتح ثم السكون، بوزن ظبى قال عمارة اليمنى: حلى مدينة باليمن على ساحل البحر، بينها وبين السرين يوم واحد، وبينها وبين مكة ثمانية أيام، وهى حلية المقدم. معجم البلدان مادة «حلى». 2185 ـ انظر ترجمته فى: (مرآة الزمان 8/ 771، تاريخ الإسلام للذهبى 20/ 90، العقود اللؤلوية فى تاريخ الدولة الرسولية للخزرجى 1/ 44 ـ 88، بهجة الزمن فى تاريخ اليمن لعبد الباقى اليمانى 85/ 88 وسير أعلام النبلاء 23/ 173).

على ولاية مكة مدة، وفى مدة ولايته لمكة، عمّر المسجد الذى أحرمت منه أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها، بعد حجها مع النبى صلى الله عليه وسلم، وهذا المسجد بالتّنعيم، وهو المسجد الذى يقال له مسجد الهليلجة. وعمارته لهذا المسجد، فى سنة تسع عشرة وستمائة، وعمّر فى ولايته على مكة أو فيما بعدها، الدّار التى يقال لها دار سيدنا أبى بكر الصديق رضى الله عنه، فى الزقاق المعروف بزقاق الحجر، وتاريخ عمارته لها فى المحرم سنة ثلاث وعشرين وستمائة، واستناب الملك المسعود نور الدين، هذا على بلاد اليمن، لما توجه منها قاصدا الديار المصرية، فى نصف رمضان سنة عشرين وستمائة، نيابة عامة، خلا صنعاء، فإنه استناب فيها بدر الدين حسن بن على بن رسول، أخا نور الدين هذا، وجرى بين نور الدين وبين مرغم الصوفى، لما دعا إلى نفسه، حرب، غلبه فيه نور الدين، ولما عاد الملك المسعود من الديار المصرية، قبض على نور الدين فيما قيل، وعلى أخيه حسن، وأخيه فخر الدين أبى بكر، وشرف الدين موسى، تخوفا منهم، لما ظهر منهم من النجابة فى غيبته، فإن نور الدين غلب مرغما كما ذكرنا، وبدر الدين غلب الشريف عز الدين محمد بن الإمام المنصور عبد الله بن حمزة، وبعث بهم إلى الديار المصرية مستحفظا بهم، خلا نور الدين، فإنه على ما قيل أطلقه من يومه، لأنه كان يأنس به كثيرا، واستخلفه وجعله أتابك عسكره، فلما عزم الملك المسعود على التوجّه من اليمن، إلى الديار المصرية والشامية، استناب نور الدين هذا مرة ثانية على جميع البلاد، وقال له: إن متّ، فأنت أولى بملك اليمن من إخوتى، لخدمتك لى ونصحك لى، وإن عشت فأنت على حالك، وإياك أن تترك أحدا من أهلى يدخل اليمن، ولو جاء الملك الكامل والدى مطويا فى كتاب. وسار الملك المسعود إلى مكة، فمات بها. فلما بلغ نور الدين خبر موته، أضمر الاستقلال بملك اليمن، وأظهر أنه نائب للملك المسعود، ولم يغيّر سكّة ولا خطبة، وجعل يولّى فى الحصون والمدن من يثق به، ويعزل من يخشى منه خلافا، ويعمل على من ظهر منه عصيان، حتى يقتله أو يأسره، ولما استوسق له الأمر فى البلاد التهامية، واستقرت قواعده فيها، قصد حصن تعز فحاصره حتى أجهد أهله، بحيث إنهم ابتاعوا حنطة بثلاثين ألف دينار ملكية، وذلك فى سنة ست وعشرين وستمائة. وفى سنة سبع وعشرين، تسلّم حصن التّعكر (1) وحصن خدد (2)، وتسلم صنعاء

_ (1) تعكر: بضم الكاف، وراء: قلعة حصينة عظيمة مكينة باليمن من مخلاف جعفر مطلّة على ذى جبلة.

وأعمالها، واستناب بها ابن أخيه أسد الدين محمد بن الأمير بدر الدين حسن، ثم سلم إليه الأمير نجم الدين أحمد بن زكى، براش، لما اضطرب أمره، حين حاصره فيها نور الدين. فلما كان سنة تسع وعشرين وستمائة، دعا نور الدين إلى نفسه، وأمره بالخطبة له والسّكّة، وقيل إن ذلك كان فى سنة ثلاثين. وفى سنة إحدى وثلاثين، بعث إلى الخليفة المستنصر العباسى، والد الخليفة المستعصم أبى أحمد عبد الله، خاتمة خلفاء بنى العباس، الذى يترّحم عليه خطباء اليمن على منابرهم، هدية عظيمة وسأله أن يقلده بلاد اليمن، ويكتب له بذلك، ويرسل به إليه تقليدا وخلعة، فعاد إليه الجواب، بأن التشريف والتقليد، يصل إليه فى عرفة، فخرج من اليمن على النّجب يريد الحج، فحجّ، فلم يصله شئ، ورجع إلى اليمن، وهو متغير من راجح بن قتادة، لكونه لم يواجهه لما حج وفر منه. ولما وصل إلى اليمن، وصله ما طلبه من الخليفة، فى سنة اثنتين وثلاثين فى البحر على طريق البصرة، مع رجل يقال له معالى، والسلطان نور الدين فى الجند، فصعد الرسول المنبر، وقال: يا نور الدين! الديوان السعيد يقريك السّلام، ويقول: قد تصدّقنا عليك باليمن، وألبسه الخلعة على المنبر. ولم يزل نور الدين يستزيد فى الولايات، حتى ملك من عدن إلى عيذاب، وكان المقوّى له على طلب السلطنة، إشارات من صاحبى عواجة، الشيخ البجلى والفقيه الحكمىّ، ومنامات رآها، منها المنام الذى أشرنا إليه، وجرى بينه وبين الملك الكامل، والد الملك المسعود حروب بسبب مكة، وجرى ذلك بينه وبين الملك الصالح، بن الملك الكامل أخى الملك المسعود. وأوّل ملكه لمكة، فى سنة تسع وعشرين وستمائة، وذلك أنه بعث فى هذه السنة إلى مكة، أميرا يقال له ابن عبدان، مع الشريف راجح بن قتادة، وبعث معهما خزانة كبيرة، فنزلوا الأبطح وحصروا الأمير الذى بمكة من جهة الملك الكامل، وكان يقال له ظغتكين، وأرسل الشريف راجح بن قتادة إلى من مع طغتكين، وذكرهم إحسان نور الدين إليهم، أيام ولايته على مكة، نيابة عن الملك المسعود، فمال إليه رؤساؤهم، فلما أحسن بذلك طغتكين، هرب إلى ينبع، وعرف الملك الكامل الخبر، فجهز جيشا كثيفا

_ (2) خدد: حصن فى مخلاف جعفر باليمن.

من مصر، وأمر الشريف أبا سعد صاحب ينبع، والشريف شيحة أمير المدينة، أن يكونا مع عسكره، ففعلا. فلما وصل العسكر إلى مكة، قاتلوا راجحا وابن عبدان، فقتل ابن عبدان، وانكسر أهل مكة، واستولى عليها طغتكين، وأظهر حقده فى أهلها. فلما كانت سنة إحدى وثلاثين، أرسل السلطان نور الدين، عسكرا جرارا وخزانة عظيمة، إلى راجح بن قتادة، فنهض راجح بمن معه من العسكر المنصورى، وأخرجوا من بمكة من عسكر صاحب مصر. فلما كانت سنة اثنتين وثلاثين، أرسل السلطان نور الدين بخزانة كبيرة، إلى راجح بن قتادة، على يد ابن النصيرى، وأمره باستخدام الجند، ليمنعوا العسكر المصرى الواصل إلى مكة من دخولها، فوصل ابن النصيرى إلى راجح، فى وقت لم يمكنه فيه استخدام من يقوى به على مقاومة العسكر المصرى، وكان العسكر المصرى خمسمائة فارس، فيه خمسة من الأمراء، مقدمهم الأمير جفريل، ففر راجح وابن النصيرى إلى اليمن. فلما كانت سنة ثلاث وثلاثين، أرسل السلطان نور الدين عسكرا، مقدمه الشهاب ابن عبدان، ومعه خزانة إلى راجح، ليستخدم بها عسكرا، ففعل. فلما صاروا قريبا من مكة، جهز إليهم العسكر المصرى، فالتقوا بمكان يقال له الخريقين، بين مكة والسّرّين، فانهزمت الأعراب، وأسر ابن عبدان، وبعث به جفريل إلى الديار المصرية مقيدا. فلما كانت سنة خمس وثلاثين، توجه السلطان نور الدين إلى مكة فى ألف فارس، وأطلق لكل جندى يصل إليه من أهل مصر المقيمين بمكة، ألف دينار وحصانا وكسوة، فمال إليه كثير من الجند، فأرسل إليه راجح بن قتادة، فواجهه فى أثناء الطريق، وحمل إلى راجح النقّارات والكؤوسات، واستخدم من أصحابه ثلاثمائة فارس، وسار راجح مسايرا للسلطان على الساحل، ثم تقدم إلى مكة، فلما تحقق جفريل وصول الملك المنصور، أحرق ما كان معه من الأثقال، وتقدم إلى الديار المصرية، فبعث راجح إلى السلطان يخبره الخبر وهو بالسّرّين، فبشره بذلك، فقال له السلطان: من أين جئت؟ قال: من مكة، قال: ومتى خرجت من مكة؟ قال: أمس العصر، قال له: ما أمارة ذلك؟ قال: هذا كتاب من الشريف راجح، فكثر تعجب السلطان من سرعة سيره، وأمر السلطان الأمراء والمماليك، أن يخلعوا عليه ما كان عليهم من الثياب، فخلعوا عليه ما أثقله. وسار السلطان من فوره إلى مكة، فدخلها معتمرا فى شهر رجب، وتصدق فى مكة

بأموال جزيلة، وأنفق على عساكره، وجعل فيها رتبة مائة وخمسين فارسا، وجعل عليهم ابن الوليدى وابن التعزى، وفى هذه الوقعة يقول الأديب جمال الدين محمد بن حمير يمدح الملك المنصور بقصيدة، منها [من البسيط]: من ذا يلوم أميرا فرّ من ملك ... لا ذاك ذاك ولا كالخنصر العضد ولم يزل عسكر المنصور بمكة، حتى خرجوا منها فى سنة سبع وثلاثين، لما وصل الأمير شيحة صاحب المدينة إلى مكة، فى ألف فارس، من جهة صاحب مصر. ثم إن السلطان نور الدين، جهّز ابن النصيرى والشريف راجحا إلى مكة فى عسكر جرار، فلما سمع بهم شيحة وأصحابه، خرجوا من مكة هاربين، فتوجّه شيحة إلى مصر قاصدا صاحبها الملك الصالح نجم الدين أيوب، فجهز معه عسكرا، فوصلوا إلى مكة فى سنة ثمان وثلاثين وستمائة، وحجّوا بالناس. فلما كانت سنة تسع وثلاثين، جهّز السلطان نور الدين جيشا كثيفا إلى مكة، فلما علم بهم العسكر المصرى الذى بمكة، كتبوا إلى ملكهم صاحب مصر، يطلبون منه نجدة، فأرسل إليهم مبارز الدين على بن الحسين بن برطاس، وابن التركمانى، فى مائة وخمسين فارسا، فلما علم بذلك عسكر صاحب اليمن، عرفوه الخبر، وأقاموا بالسرين، فتجهز السلطان بنفسه إلى مكة، فى عسكر جرار، فلما علم المصريون بقدومه، خرجوا هاربين، وأحرقوا ما فى دار السلطنة بمكة، فدخلها السلطان نور الدين، وصام بها شهر رمضان، وأرسل السلطان نور الدين إلى أبى سعد صاحب ينبع، فلما أتاه أكرمه وأنعم عليه واستخدمه، واشترى منه قلعة ينبع، وأمر بخرابها، حتى لا تبقى قرارا للمصريين، وأبطل السلطان نور الدين من مكة سائر المكوسات والجبايات والمظالم، وكتب بذلك مربّعة، وجعلت قبالة الحجر الأسود، ورتّب فى مكة مملوكه الأمير فخر الدين الشلاح وابن فيروز، وجعل الشريف أبا سعد بالوادى مساعدا لعسكره الذين بمكة ولم تزل مكة فى ولاية الملك المنصور، وبها نوابه حتى مات، إلا أن الشريف أبا سعد، تغلب على نائبه ابن المسيب، الذى ولى مكة بعد الشلاح، وأظهر أبو سعد أنه إنما تغلب على ابن المسيب، لما رأى منه من الخلاف فى حق الملك المنصور. وممّا صنعه الملك المنصور من المآثر بمكة: أنه أرسل بقناديل من الذهب والفضة للكعبة، فى سنة اثنتين وثلاثين، على يد ابن النصيرى، وعلق القناديل فيها، وعمر بها المدرسة التى له بالجانب الغربى من المسجد الحرام، ملاصقة لمدرسة الزنجيلى، وتاريخ عمارتها سنة إحدى وأربعين وستمائة.

2186 ـ عمر بن على بن عمر الهيثمى السحولى

وذكر الجندى: أن ملوك الأرض غبطوه على هذه المدرسة. وله مدارس أخر باليمن، منها مدرستان أنشأهما بمغربة تعز: الوزيرية، والغرابية ـ فالوزيرية سميت بمدرس كان بها، يقال له الوزيرى، والغرابية سميت بمؤذن كان بها يقال له الغراب ـ ومدرسة بعدن. وأما المساجد، فلا تكاد تحصى على ما قيل، وكان فى بدايته حنفى المذهب، ثم صار شافعيّا. وسبب انتقاله إلى مذهب الشافعى على ما قيل، أنه رأى النبىصلى الله عليه وسلم، فقال له: يا عمر! صر إلى مذهب الشافعى، أو كما قال. فأصبح ينظر فى كتب الشافعى ويعتمد مذهبه، وكان ذا هيبة، شجاعة وإقدام وحزم وعزم، دانت له البلاد والعباد، وأدرك فى نفسه المراد. وقضى الله له بالشهادة، وذلك أنه توفى مقتولا فى ليلة السبت، تاسع ذى القعدة، سنة سبع وأربعين وستمائة بقصر الجند، قتله مماليكه بتشجيع ابن أخيه الأمير أسد الدين محمد بن الحسن فيما قيل: لكون عمه أراد عزله من صنعاء، وكانت إقطاعه، ليولّيها الملك المنصور لابنه الملك المظفر يوسف. وأخباره كثيرة، وسيرته شهيرة، وقد أتينا على عيون منها كافية، ونسأل الله تعالى أن يختم لنا بخير وعافية، ولا منافاة بين نسبته إلى غسّان، ونسبته إلى التركمان، لأنه يجوز أن يكون أحد أجداده، نزل فى بلاد التركمان، فنسب إليهم، وسرت هذه النسبة إلى أولاده من بعده، والله أعلم. 2186 ـ عمر بن على بن عمر الهيثمى السحولى: نزيل مكة. سمع بمكة على الآقشهرى: الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، بقراءة إبراهيم بن يونس البعلبكّىّ، فى سنة خمس وثلاثين وسبعمائة، وكان صالحا خيرا، جاور بمكة سنين، وتزوج فى مكة بامرأة من أهلها، يقال لها عائشة [ ..... ] (1) الزاهدية، فولدت له شيخنا أبا الطيب محمد بن عمر السحولى السابق ذكره وخبره، وكان جدّى القاضى أبو الفضل يشكره لمرافقته له فى رحلته، وكانت رحلة القاضى أبى الفضل من مكة فى سنة تسع وثلاثين وسبعمائة، وغاب عنها سنة أربعين وسبعمائة، فاستفدنا من هذا حياة عمر فى هذا التاريخ، وأظنّه مات بعد ذلك بكثير، والله أعلم، وبلغنى أنه توفى باليمن.

_ 2186 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2187 ـ عمر بن على بن مرشد بن على الحموى الأصل، المصرى المولد والدار، أبو حفص، ويقال أبو القاسم، بن أبى الحسن شرف الدين المعروف بابن الفارض، الشاعر المشهور الملقب بسلطان العشاق

2187 ـ عمر بن على بن مرشد بن على الحموىّ الأصل، المصرى المولد والدار، أبو حفص، ويقال أبو القاسم، بن أبى الحسن شرف الدين المعروف بابن الفارض، الشاعر المشهور الملقب بسلطان العشاق: ذكره ابن مسدى فى معجمه، وقال: برع فى الأدب، وكان فصيح العبارة، دقيق الإشارة، وقد سمع من أبى محمد القاسم بن على بن عساكر وغيره، وحدث. سألته عن مولده، فقال: فى ذى القعدة من سنة ست وستين وخمسمائة بالمعزية، وتوفى رحمه الله بها فى يوم الثلاثاء الثامن من جمادى الأولى سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، وقد جاور بمكة مدة، ورجع فانقطع بالجامع الأزهر، وهناك سمعت شيئا عليه من روايته وشعره، قال: وكان أبوه فارضا على يدى الحاكم بمصر، من أهل العلم والطب. وذكره الرشيد العطار فى مشخته، وقال: يعرف بابن المفرّض هكذا، والفارض أصح، كان حسن النظم متوقد الخاطر، وكان يسلك طريق التصوف، وينتحل مذهب الشافعى، والأصل فيه من حماة، أقام بمكة مدة، وصاحب جماعة من المشايخ، ثم عاد إلى بلده وأقام بها إلى أن مات. وذكره الشيخ عبد الله اليافعى فى تاريخه، وذكر له حكاية بليغة فى مبدأ حاله، منها أنه وصل إلى مكة فى الحال مع بعض المشايخ وأقام بها اثنتى عشرة سنة، وفتح عليه، ونظم فيها ديوانه المشهور. ثم قال: ومن المشهور أنه وقع للشيخ الدين السّهروردىّ قبض فى بعض حجّاته، فخطر بقلبه: ترى هل ذكرت فى هذا الموسم؟ فسمع قائلا يقول: من فطيمة فى سوق الغزل! . فأتى إليه الشيخ شرف الدين بن الفارض المذكور فأنشده، وقيل إن الشيخ شهاب الدين، استنشده من قريضه قصيدة، فأنشده قصيدة مفتتحها [من البسيط] (1):

_ 2187 ـ انظر ترجمته فى: (تكملة المنذرى 3/ 2586، تكملة ابن الصابونى 270، وفيات الأعيان 3/ 454 ـ 456، مختصر أبى الفداء 3/ 164، تاريخ الإسلام للذهبى 123 ـ 124، العبر 5/ 129، ميزان الاعتدال 2/ 66، البداية والنهاية 13/ 143، لسان الميزان 4/ 317، النجوم الزاهرة 6/ 288 ـ 290، حسن المحاضرة 1/ 246، مجالس المؤمنين للشوشترى 2/ 56 ـ 57، شذرات الذهب 5/ 149 ـ 153، روضات الجنات للخونسارى 505، سير أعلام النبلاء 22/ 368). (1) ديوان ابن الفارض 144.

ما بين معترك الأحداق والمهج ... أنا القتيل بلا ذنب ولا حرج ثم استمر فى إنشادها إلى أن قال [من البسيط] (2): أهلا بما لم أكن أهلا لموقعه ... قول المبشّر بعد اليأس بالفرج لك البشارة فاخلع ما عليك لقد ... ذكرت ثمّ على ما فيك من عوج فقام الشيخ شهاب الدين، وتواجد هو ومن عنده من شيوخ الوقت الحاضرين، وكان المجلس عامرا، شيوخ أجلاء وسادة من الأولياء، فخلع عليه هو والحاضرون، فبلغ أربعمائة خلعة. انتهى. وذكره الذهبى فى الميزان، وقال: ينعق بالاتحاد الصريح فى شعره، وهذه بلية عظيمة، فتدبّر نظمه ولا تستعجل، ولكنك حسن الظن بالصوفية، وما ثم إلا زىّ الصوفية، وإشارات مجملة، وتحت الزى والعبارة، فلسفة وأفاعى، فقد نصحتك، والله الموعد. انتهى. وذكره فى العبر فقال: حجّة أهل الوحدة، وحامل لواء الشعراء. وسئل عنه شيخنا العلامة المحقق الحافظ أبو زرعة أحمد بن الحافظ زين الدين بن الحسين العراقى، فقال: وأما ابن الفارض، فالاتحاد فى شعره ظاهر، وأمرنا أن نحكم بالظاهر، وإنما يؤوّل كلام المعصومين. انتهى باختصار. وسئل عنه شيخنا الإمام الأصولى البارع، ولىّ الدين أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمى المالكى، قاضى المالكية بالقاهرة، عن ابن عربى الصوفى السّابق ذكره، فذكر من حاله أشياء، واستطرد فى كلامه إلى ابن الفارض هذا، لأنه قال فيما أنبأنا به، إذنا مشافهة: وأما حكم هذه الكتب المتضمنة لتلك العقائد المضلة، وما يوجد من نسخها بأيدى الناس، مثل الفصوص، والفتوحات لابن عربى، والبدّ لابن سبعين، وخلع النعلين لابن قسىّ، وعين اليقين لابن برّجان، وما أجدر الكثير من شعر ابن الفارض، والعفيف التلمسانى وأمثالهما أن يلحق بهذه الكتب، وكذا شرح ابن الفرغانى للقصيدة التائية، من نظم ابن الفارض، فالحكم فى هذه الكتب كلها وأمثالها، إذهاب أعيانها متى وجدت، بالتحريق بالنار والغسل بالماء، حتى ينمحى أثر الكتابة، لما فى ذلك من المصلحة العامة فى الدين، بمحو العقائد المضلة. إلى آخر كلامه السابق فى ترجمة ابن عربى.

_ (2) ديوان ابن الفارض 147.

2188 ـ عمر بن قيس المكى، ويعرف بسندل أخو حميد بن قيس القارى

أنشدنا الشيخ أبو العباس أحمد بن محمد بن إسماعيل الطبرى، إذنا عن قريبه الإمام رضىّ الدين أبى إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطبرى، قال: أنشدنا الحافظ محمد ابن يوسف بن مسدىّ، إجازة، إن لم يكن سماعا، قال: أنشدنا أبو القاسم المفرض لنفسه [من الطويل] (3): أخذتم فؤادى وهو بعضى فما الذى ... يضرّكم لو كان عندكم الكلّ وماذا عسى عنّى يقال سوى غدا ... بنعم له شغل نعم لى بها شغل إذا أنعمت نعم علىّ بنظرة ... فلا أسعدت سعدى ولا أجملت جمل ومن لم يجد فى حبّ نعمى بنفسه ... وإن جاد بالدنيا إليه انتهى البخل ومن هذه القصيدة مما لم يروه، وهو (4): فإن شئت أن تحيى سعيدا فمت به ... شهيدا وإلا فالغرام له أهل فمن لم يمت فى حبه لم يعش به ... ودون اجتناء النّحل ما جنت النّحل ومنها وما أحسنه: نصحتك علما بالهوى والذى أرى ... مخالفتى فاختر لنفسك ما يحلو 2188 ـ عمر بن قيس المكىّ، ويعرف بسندل أخو حميد بن قيس القارى: روى عن عطاء بن أبى رباح، وعمرو بن دينار، والزهرى، ونافع، ومولى عمر، وطائفة. روى عنه ابن عيينة، وابن وهب، ومحمد بن بكر البرسانى، وآخرون، منهم: الأوزاعى، وهو من أقرانه، وعمرو بن قيس الرازى. روى له ابن ماجة (1).

_ (3) ديوان ابن الفارض 134. (4) ديوان ابن الفارض 134. 2188 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 7/ 490). (1) ثلاثة أحاديث: الأول: فى كتاب إقامة الصلاة، حديث رقم (1222) من طريق: عمر ابن شبة بن عبيدة بن زيد حدثنا عمر بن على المقدمى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا صلى أحدكم فأحدث فليمسك على أنفه ثم لينصرف. حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا عبد الله بن وهب حدثنا عمر بن قيس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه. الثانى: فى كتاب المناسك، حديث رقم (2989) من طريق: هشام بن عمار حدثنا ـ

2189 ـ عمر بن أبى ليلى المكى

ضعفه ابن معين وغيره. وقال أحمد والنسائى: متروك. وقال البخارى: منكر الحديث. 2189 ـ عمر بن أبى ليلى المكى: يروى عن محمد بن كعب. روى عنه أهل الحجاز. ذكره ابن حبّان هكذا فى الطبقة الثالثة من الثقات. 2190 ـ عمر بن محمد بن أحمد بن منصور، بهاء الدين الهندى الحنفى: نزيل الحرم النبوى. كان عالما بالفقه والأصول والعربية، مع حلم وأدب، وعقل راجح وحسن خلق، جاور بالمدينة مدّة، وحجّ فى سنة ثمان وخمسين وسبعمائة، فسقط عن مركوبه إلى الأرض، فيبست أعضاؤه وبطلت حركته، وحمل إلى مكة، وتأخر عن الحج، ولم يقم بعده إلا قليلا، وانتقل إلى رحمه الله تعالى. ذكره ابن فرحون فى كتابه «نصيحة المشاور». ومنه لخصت هذه الترجمة، إلا أنه لم يقل: وسبعمائة، بعد سنة ثمان وخمسين، ولابدّ من ذلك، وإنما تركه لوضوحه فى كتابه. 2191 ـ عمر بن محمد بن أبى بكر بن على بن يوسف الأنصارى الذّروىّ الأصل، المكىّ المرشدىّ المعروف بابن الجمال المصرى، يلقب بالشجاع: عنى بالعلم قليلا وبالتجارة، وسافر لأجلها إلى بلاد شتّى، وكان ينسخ، وليس بخطه بأس، وتردّد إلى مكة للحج والتجارة غير مرّة، منها فى سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، وكان قد أودع شيئا من دنياه مع بعض المسافرين، ففات غرقا، فعظم أسفه عليه، وتعلّل لأجل ذلك، حتى مات فى يوم الخميس السابع والعشرين من ذى الحجة، من سنة ثلاث

_ ـ الحسن بن يحيى الخشنى حدثنا عمر بن قيس أخبرنى طلحة بن يحيى عن عمه إسحاق بن طلحة عن طلحة بن عبيد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الحج جهاد والعمرة تطوع. الثالث: فى كتاب الأطعمة، حديث رقم (3269) من طريق: محمد بن أبى عمر العدنى حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إذا أكل أحدكم طعاما فلا يمسح يده حتى يلعقها أو يلعقها، قال سفيان: سمعت عمر بن قيس يسأل عمرو بن دينار أرأيت حديث عطاء لا يمسح أحدكم يده حتى يلعقها أو يلعقها عمن هو؟ قال: عن ابن عباس، قال: فإنه حدثناه عن جابر قال: حفظناه من عطاء عن ابن عباس قبل أن يقدم جابر علينا وإنما لقى عطاء جابرا فى سنة جاور فيها بمكة. 2189 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 131). 2191 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 6/ 117).

2192 ـ عمر بن محمد بن أبى بكر بن ناصر بن أحمد العبدرى الشيبى الحجبى المكى، يلقب بالسراج

وعشرين وثمانمائة بمكة المشرفة، ودفن بالمعلاة، وهو فى عشر الأربعين أو بلغها. 2192 ـ عمر بن محمد بن أبى بكر بن ناصر بن أحمد العبدرى الشيبى الحجبى المكى، يلقب بالسراج: إمام الحنفية بمكة، ولى ذلك بعد أبى الفتح الحنفى، فى سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، حتى مات فى آخر ذى القعدة سنة تسع وسبعين وسبعمائة بخليص، وهو قادم إلى مكة، فحمل إلى مكة صحبة الرّكب، ودفن بالمعلاة عند والده، فى العشر الأول من ذى الحجة، وولى الإمامة بعده الشيخ شمس الدين محمد الخوارزمى، المعروف بالمعيد، السابق ذكره، وكان قرأ على المعيد فى العربيّة، وعلى الشيخ ضياء الدين الهندى فى الفقه، وسمع من الشيخ خليل، ومولده فى أوائل جمادى الأولى سنة تسع وأربعين وسبعمائة، وصاهر القاضى شهاب الدين بن ظهيرة، على ابنته أم الحسين. 2193 ـ عمر بن محمد بن على بن عطية، يكنى أبا حفص بن أبى طالب المكى: ذكره الخطيب فى تاريخ بغداد، وقال: سمع أباه، وأبا حفص عمر بن شاهين، ويوسف بن القواس، كتبت عنه وكان صدوقا، سكن ناحية باب الطاق، سألته عن مولده فقال: فى سنة ست وستين، وثلاثمائة، ومات فى شهر ربيع الآخر، سنة خمس وأربعين وأربعمائة. انتهى. 2194 ـ عمر بن محمد بن على بن فتّوح، سراج الدين أبو حفص الشافعى المقرى الدمنهورى: نزيل مكة. سمع من الشريف موسى بن على بن أبى طالب الموسوى: الموطأ، رواية يحيى بن بكير، وعلى أبى العباس الحجّار، ووزيرة بنت المنجّا: صحيح البخارى، وعلى حسن بن عمر بن على الكردى: مسند الدارمى، وعلى جماعة بالقاهرة وبدمشق، على النجم محمد بن محمد بن عبد القاهر العسقلانى: الموطأ، رواية يحيى بن أبى مصعب، وعلى جماعة بدمشق وبمكة، على الرضى الطبرى: صحيح ابن حبان، وتفقه على جماعة، منهم العلامة نور الدين على بن يعقوب البكرى. وأذن له فى الإفتاء جماعة من الأكابر، آخرهم العلامة شمس الدين الأصفهانى، وقرأ

_ 2193 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ بغداد 11/ 275). 2194 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات القراء لابن الجزرى 1/ 597).

2195 ـ عمر بن محمد بن عمر بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون التوزرى الإمام أبو البركات القسطلانى المكى

على قاضى القضاة علاء الدين القونوىّ: مختصر ابن الحاجب، وعلى قاضى القضاة جلال الدين القزوينى: التلخيص فى علم المعانى والبيان، وصحبه مدة، واستفاد منه وعظم به، وأخذ العربية عن الإمام شرف الدين محمد بن على الحسنى الشاذلى، وأقرأ القراءات على شمس الدين بن الشوّاء، ثم قرأ أيضا على التقى الصايغ وغيره، وحدث وأفتى ودرّس وأقرأ، وانتفع به جماعة، وجاور بمكة مدة، وتأهّل فيها إلى أن مات بها، فى شهر ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. ومولده بعد الثمانين وستمائة. نقلت مولده ووفاته وشيوخه فى العلم، من ذيل طبقات القراء للذهبى، الظاهر أنه من إملاء العفيف المطرى، وقال: أقرأ القراءات، بالحرمين الشريفين وأفاد، وكان ضنينا بعلمه، وخلّف جملة من الكتب والدنيا، ولم يعمل فيها خيرا، وهلكت بعده، [فلم] (1) ينتفع به ولا بها، سامحه الله وغفر له. وهكذا ذكر وفاته شيخنا ابن سكر فيما وجدت بخطه، وذكر أنه توفى فى يوم الثلاثاء الثالث عشر من الشهر المذكور، أعنى شهر ربيع الأول، ودفن فى عصر يومه بالمعلاة، قريبا من الفضيل بن عياض، وذكر شيخنا الحافظ العراقى، أنه توفى فى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بمكة، وهذا وهم، وقال: برع فى النحو والقراءات والحديث والفقه، وكان جامعا لعلوم. وقرأت عليه عشر ختمات، لأبى عمرو وابن كثير ونافع، وعنه أخذت النحو. وذكر لى شيخنا أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطى، أنه قرأ عليه ختمات، لهؤلاء ولابن عامر، وأنه تزوج رقية بنت الإمام شهاب الدين الحنفى، وكان لجدى به خصوصية، وكذلك الضياء الحموى، واستولى الضياء على تركته لأنه أوصى إليه، وقد حدثنا شيخنا الإمام أبو اليمن الطبرى عنه. 2195 ـ عمر بن محمد بن عمر بن الحسن بن عبد الله بن أحمد بن ميمون التوزرى الإمام أبو البركات القسطلانى المكى: إمام مقام المالكية بالحرم الشريف. سمع بالحرم الشريف من أبى عبد الله بن أبى الفضل المرسى: الجزء الثانى والثالث والرابع من صحيح مسلم، من تجزئة أربعة، وأظنّه سمع الجزء الأول، إلا أنّى لم أجد سماعه له، والسماع بقراءة الفقيه سليمان بن خليل، فى

_ (1) ما بين المعقوفتين منقول من طبقات القراء، ووضعناه ليستقيم المعنى.

ذى القعدة سنة تسع عشرة وستمائة، وبخط عبد الله بن محمد بن أبى بكر الطبرى، وترجمه: بالفقيه الإمام، إمام مقام المالكية. ولم أتحقق متى كانت ولايته للإمامة، لأنّى وجدت بخط الجدّ أبى عبد الله الفاسى، ورقة ذكر فيها وفاته ومولده: وأخبرنى أبو المعالى محمد بن شيخنا أبى بكر محمد بن أحمد القسطلانى، وهو ابن ابنته، أنه صلّى فى مقام المالكية سنة ست عشرة وستمائة. ووجدت بخط جدى على بن أبى عبد الله الفاسى أنه ولى الإمامة فى سنة أربع عشرة، بعد امتناعه منها، وإكراهه عليها، والله أعلم بالصواب. وكانت وفاته بين الظهر والعصر، من يوم الأربعاء رابع صفر سنة أربع وأربعين وستمائة بمكة، ومولده فى السابع عشر من شوال، سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، كذا وجدت بخط الجد أبى عبد الله، وذكر أنه وجد ذلك بخط شيخه أبى بكر القسطلانى، يعنى قطب الدين، ووجدت أنا ذلك بخط أبى بكر المذكور. وأخبرنى شيخنا عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى، أن الإمام تقىّ الدين القسطلانى، كان يحفظ «الجواهر» لابن شاس، وأنه كان جالسا عند سيدى الشيخ خليل المالكى، فجاء إليه شيخنا شمس الدين بن سكر بشيء ترجمه فيه وترجم أباءه، وقرأ ذلك عليه، فلما وصل إلى تراجم الإمام أبى البركات عمر هذا، قال الشيخ خليل: إنه فوق ذلك. انتهى. ومن المشهور أن شيخنا ابن سكر، يبالغ غالبا فى ألقاب آحاد الناس، فما بالك بالإمام أبى البركات عمر القسطلانى على جلالة قدره! ومن المعلوم ورع الشيخ خليل المالكى، رحمهم الله تعالى ونفعنا بهم. أنشدنى غير واحد من شيوخى إذنا، عن الحافظين: قطب الدين عبد الكريم بن عبد النور الحلبى، وأبى الفتح محمد بن محمد بن سيد الناس اليعمرىّ، إجازة إن لم يكن سماعا، قالا: أنشدنا الإمام قطب الدين أبو بكر محمد بن أحمد بن القسطلانى، إمام المالكية بمكة المشرفة، قال: أنشدنا أبو الحسين بن جبير الكيلانى [من الكامل]: نزل البلاء بجسم كلّ من هو ... متفلسف فى دينه متزندق بالمنطق اشتغلوا فقيل حقيقة ... إن البلاء موكل بالمنطق نقلت هذين البيتين من خط جدى أبى عبد الله الفاسى، وذكر أنه وجدهما بخط شيخه أبى بكر القسطلانى، قال: وأظن أنى سمعت منه من غير تحقيق.

2196 ـ عمر بن محمد بن مفرج القابسى

2196 ـ عمر بن محمد بن مفرّج القابسى : إمام المالكية بالحرم الشريف. سمع منه أبو بكر يحيى بن سعدون القرطبى، ومن ترجمة يحيى فى تاريخ القطيعى، استفدت ذلك. 2197 ـ عمر بن محمد بن مسعود بن إبراهيم النشاوري اليمنى المعروف بالعرابىّ: نزيل مكة. كان ذا خط جيد من الصلاح والخير، وللناس فيه اعتقاد، وكان مقصودا بالزيارة والفتوح من أماكن بعيدة، وكان الشريف حسن بن عجلان صاحب مكة، يعتقده ويزوره كثيرا، ويرجع إليه فى بعض ما يقول، واتفق فى سنة ست وعشرين وثمانمائة، أنه خالف صاحب هذه الترجمة فيما ذكره له، فتأثر لذلك خاطر الشيخ عمر، وأفهم أنه يتغير حال الشريف حسن فى ولايته، فبلغ ذلك الشريف حسنا، فأتاه مستعطفا له، وسائلا له فى أن لا يتغير عليه حاله، فقال له: فات الأمر، فقدّر أن الشريف تخوف من الأمراء الذين قدموا للحج فى السنة المذكورة، ولم يجتمع بهم، ومضوا لمصر وبعضهم عليه متغير، وحصل فى خاطر السلطان بمصر ما قوّى حنقه على الشريف حسن، فعزله عن إمرة مكة، بالسيد نور الدين على بن عنان، وجهز معه عسكرا من الترك، فتسلموا مكة فى جمادى الأولى من سنة سبع وعشرين وثمانمائة، بعد أن بان عنها الشريف حسن قبل الموسم من السنة الماضية، وبعد أن بان عنها نوابه، لّما سمعوا باقتراب العسكر من مكة، وقد جاور الشيخ عمر العرابى، بمكة سنين كثيرة، لعلّها تقارب العشرين ومضى منها للمدينة النبوية زائرا غير مرة، آخرها فى سنة ست وعشرين، وسافر فى سنة تسع عشرة وثمانمائة إلى اليمن، وعاد فيها إلى مكة، وأخذ باليمن عن جماعة من الصالحين، منهم الشيخ أحمد الحرضى المقيم بأبيات حسين ونواحيها، كان من جلة أصحابه، ذا حظ من العبادة، منوّر الوجه، حسن الأخلاق والمعاشرة، ابتنى منزلا على المروة قبيل موته بسنين، وبه مات، فى آخر اليوم السابع والعشرين من رمضان، يوم الأربعاء قبيل الغروب، سنة سبع وعشرين وثمانمائة، ودفن بكرة يوم الخميس بالمعلاة، بعد الصلاة عليه، خلف مقام به إبراهيم عليه السلام، وخرجوا من باب الجنائز بوصية منه، وكثر الازدحام على نعشه، رحمه الله تعالى.

_ 2197 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 7/ 131).

2198 ـ عمر بن محمد المعيدى، أبو حفص الشيخ الصالح

2198 ـ عمر بن محمد المعيدى، أبو حفص الشيخ الصالح: ذكره المنذرى فى التكملة، وقال: كان أحد المشهورين بالصلاح والديانة والخير، وذكر أنه توفى فى الثالث من رجب، سنة سبع وتسعين وخمسمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 2199 ـ عمر بن محمد المسجدىّ اليمنىّ: توفى فى ثامن عشر ذى الحجة، سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، ومن حجر قبره نقلت هذه الترجمة، وترجم فيه: بالشيخ الصالح. 2200 ـ عمر بن مالك بن عتبة بن نوفل بن عبد مناف بن زهرة القرشى الزهرى: هكذا ذكره الذهبى فى التجريد، وقال أدرك النبى صلى الله عليه وسلم، وشهد فتح دمشق، وولى فتوح الجزيرة. ولم يذكره الأربعة. 2201 ـ عمر بن مكى بن على الخوزى، أبو حفص، الملقب بالسّراج، الفقيه الشافعى: ذكر ابن النجار، أنه قرأ المذهب والأصول والخلاف والجدل، وكان متعبدا زاهدا سالكا طريق الزهد والخلوة، مداوما على الصيام والصلاة، زاهدا فى المناصب، مع اشتهار اسمه وعلوّ رتبته، ومضى إلى مكة، فحج وجاور بها على أحسن طريقة وأجمل سيرة، إلى أن توفى بها. انتهى. وذكره جماعة، منهم الإسنائى فى طبقاته، وقال بعد ان ذكر كلام ابن النجار: هذا والرّباط المشهور بمكة عند باب إبراهيم ينسب إليه. انتهى. وما ذكره فى نسبته الرباط المذكور، يمكن أن يصح باعتبار سكنى المذكور فيه، وأما باعتبار أنه وقفه فلا، لأن واقفه هو الأمير زين الدين قرامرز محمود بن قرامرز الأفزرى، واقف الدار المعروفة بدار المؤذنين بسوق الليل، وتاريخ وقفهما فى سنة سبع عشرة وستمائة بمكة، فى غالب ظنى بالنسبة إلى الرباط، فإن فى حجره ما يشبه ذلك. وأما الدار فحجرها صريح فى ذلك، وشرطهما واحد، وهو أنهما وقف على الصوفية الغرباء المجردين، وقد سبق فى المقدمة.

_ 2200 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 137، الإصابة 5/ 595، التجريد 1/ 430، أسد الغابة 4/ 81). 2201 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات الشافعية 1/ 239).

2202 ـ عمر بن أبى معروف المكى

والخوزىّ: بخاء معجمة مضمومة وواو ساكنة ثم زاى. وتوفى فى صفر سنة سبع وعشرين وستمائة، على ما ذكر ابن النجار، قال: وأظنه جاوز الستين. ووجدت فى حجر قبره بالمعلاة، أنه توفى ليلة الأربعاء سادس عشر المحرم سنة سبع وعشرين، وترجم فيه: بالشيخ الفقيه الإمام العالم العامل الزاهد الورع، شيخ الطريقة، معدن الحقيقة، قدوة السالكين، كهف الفقراء والمساكين، سراج الدين، مفتى الفريقين، ثم كنّاه ونسبه كما ذكرناه، واقتصر ابن النجار فى نسبه على: عمر بن مكى، فقط. 2202 ـ عمر بن أبى معروف المكى: عن الليث، لا يعرف، منكر الحديث، قاله ابن عدىّ. وروى عنه أبو حنيفة محمد بن ماهان. ذكره هكذا الذهبى فى الميزان. 2203 ـ عمر بن نهبان: [حجازى، روى عن أبى ثعلبة الأشجعى، وأبى هريرة. روى عنه أبو الزبير. قال أبو حاتم: لا أعرف أبا ثعلبة. وذكره ابن حبان فى الثقات. كذا قال المزى فى تهذيب الكمال. قال ابن حجر فى التهذيب: وقال البخارى: لا أدرى من عمر، ولا من أبو ثعلبة. ووقع عند أحمد فى مسنده عن حماد بن مسعدة عن ابن جريج، عن أبى الزبير، عن عمرو بن نبهان، عن أبى هريرة (1). والصواب هو الأول] (2)

_ 2202 ـ انظر ترجمته فى: (لسان الميزان 4/ 332، ميزان الاعتدال 3/ 224 ترجمة 6219). 2203 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 138، تهذيب التهذيب 7/ 500). (1) أخرجه أحمد بن حنبل فى المسند، حديث رقم (8220) من طريق: حماد بن مسعدة حدثنا ابن جريج عن أبى الزبير عن عمرو بن شهاب عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من كان له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن وضرائهن وسرائهن أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهن. فقال رجل: أو ثنتان يا رسول الله؟ قال: أو ثنتان، فقال رجل: أو واحدة يا رسول الله، قال: أو واحدة. وفى مسند أحمد، حديث رقم (26678) من طريق: حماد بن مسعدة قال: حدثنا ابن جريج عن أبى الزبير عن عمر بن نبهان عن أبى ثعلبة الأشجعى قال: قلت: مات لى يا رسول الله ولدان فى الإسلام فقال: من مات له ولدان فى الإسلام أدخله الله عزوجل ـ

2204 ـ عمر بن يزيد الكعبى الخزاعى

2204 ـ عمر بن يزيد الكعبى الخزاعى: ذكره ابن عبد البر هكذا، وقال: قال: كنت مع النبى صلى الله عليه وسلم، فكان مما حفظت من كلامه، أنه قال: «أسلم سلّمهم الله من كلّ آفة إلا الموت، فإنه لا يسلم منه معترف به ولا غيره، وغفار غفر الله لهم، ولا حىّ أفضل من الأنصار». انتهى. * * * من اسمه عمرو 2205 ـ عمرو بن أمية بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب القرشى الأسدى: هاجر إلى الحبشة، ومات بها، ذكره ابن عبد البر بمعنى هذا. 2206 ـ عمرو بن أوس الطائفى المكى الثقفى: روى عن أبيه، عن المغيرة بن شعبة، وعبد الرحمن بن أبى بكر، وعبد الله بن عمر، وأبى رزين العقيلى، وغيرهم. روى عنه النعمان بن سالم، ومحمد بن سيرين، وأبو إسحاق السّبيعىّ، وعمرو بن دينار. روى له الجماعة. قال ابن أبى لبيبة: سألت أبا هريرة عن شيء فقال: ممن أنت؟ فقلت: من ثقيف، قال: تسألنى وفيكم عمرو بن أوس! . قال صاحب الكمال: مات قبل سعيد بن جبير. وقتل سعيد بن جبير سنة خمس

_ ـ الجنة بفضل رحمته إياهما. قال: فلما كان بعد ذلك لقينى أبو هريرة قال: فقال: أنت الذى قال له رسول اللهصلى الله عليه وسلم فى الولدي ما قال: قلت: نعم، قال: فقال: لئن قاله لى أحب إلى مما غلقت عليه حمص وفلسطين. (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. وما أوردناه من تهذيب التهذيب. 2204 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5767، الاستيعاب ترجمة 1906، أسد الغابة ترجمة 3849). 2205 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1912، الإصابة 2/ 524، أسد الغابة 4/ 86، جمهرة نسب قريش 1/ 450). 2206 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 8/ 6).

2207 ـ عمرو بن أراكة الثقفى

وتسعين. ولم يذكر صاحب التهذيب أنه مكى، وإنما ذكر ذلك صاحب الكمال. وقال الكاشغرى فى اختصاره لأسد الغابة فى معرفة الصحابة لابن الأثير: عمرو بن أوس الثقفى، نزل الطائف، وقدم فى ثقيف، ذكره هكذا الكاشغرى قال: وهو تابعى. 2207 ـ عمرو بن أراكة الثقفى: سمع النبى صلى الله عليه وسلم، ينهى عن المثلة ويأمر بالصدقة. يعدّ فى البصريين، ذكره ابن عبد البر. 2208 ـ عمرو بن أبى أثاثة بن العزّى بن حرثان بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدىّ بن كعب القرضى العدوى: كان من مهاجرى الحبشة، وهو أخو عمرو بن العاص السهمى لأمه، لأن أمهما النابغة بنت حرملة. ذكره الزبير وابن عبد البر بمعنى هذا، وكذلك الذهبى، وذكر أنه أخو عقبة بن نافع الفهرى لأمه أيضا. وقال بعد أن نسبه: وقيل عروة، فاستفدنا من هذا الخلاف فى اسمه. 2209 ـ عمرو بن تميم: يروى عن ابن الزبير، عداده فى أهل مكة، روى عنه عثمان بن الأسود، ذكره هكذا ابن حبّان فى الطبقة الثالثة من الثقات. 2210 ـ عمرو بن الحارث، ويقال عامر بن الحارث، بن زهير بن أبى شدّاد ابن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن الحارث بن فهر القرشى الفهرى. كان قديم الإسلام بمكة، هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية، فى قول ابن إسحاق والواقدى. ولم يذكره ابن عقبة، ولا أبو معشر، فيمن هاجر إلى أرض الحبشة، وذكره ابن عقبة فى البدريين.

_ 2207 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5776، الاستيعاب ترجمة 1911، أسد الغابة ترجمة 3855). 2208 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5772، الاستيعاب ترجمة 1907، أسد الغابة ترجمة 3851، التجريد 1/ 430). 2209 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 222). 2210 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 5815، أسد الغابة ترجمة 3895، الاستيعاب ترجمة 1926، طبقات ابن سعد 4/ 161، المنتظم 2/ 376).

2211 ـ عمرو بن الحارث بن أبى ضرار بن حبيب بن عايذ بن مالك بن جذيمة، وهو المصطلق بن سعد بن كعب بن عمرو المصطلقى الخزاعى

2211 ـ عمرو بن الحارث بن أبى ضرار بن حبيب بن عايذ بن مالك بن جذيمة، وهو المصطلق بن سعد بن كعب بن عمرو المصطلقى الخزاعى: أخو جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار بن عايذ، زوج النبى صلى الله عليه وسلم. روى عنه أبو وائل شقيق بن سلمة، وأبو إسحاق السّبيعى، ذكره هكذا ابن عبد البر وساق له بسنده حديث «تالله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا، إلا بلغته البيضاء وسلاحه، وأرضا تركها صدقة». وقال صاحب التهذيب، بعد أن نسبه كما ذكر ابن عبد البر: وله ولأبيه صحبة، عداده فى أهل الكوفة، وكان أبوه صهر عبد الله بن مسعود، وذكر روايته عن النبىصلى الله عليه وسلم وغيره. 2212 ـ عمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى، يكنى أبا سعيد: رأى النبى صلى الله عليه وسلم، ومسح برأسه ودعا له بالبركة فى صفقته وبيعته، وخطّ له دارا بالمدينة، ثم نزل الكوفة، وابتنى بها دارا وسكنها، وولد له بها، وهو أول قرشى اتخذ بالكوفة دارا، وكان له فيها قدر وشرف، وولى إمارة الكوفة لبنى أميّة. وكان من أغنى أهل الكوفة، وبها مات سنة خمس وثمانين، على ما قال البخارى وغيره، وله عن النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث، وعن أبى بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلى بن أبى طالب، وغيرهم من الصحابة، رضى الله عنهم. روى عنه ابنه جعفر، والحسن البصرى. وروى له الجماعة. رأى النبى صلى الله عليه وسلم فى نعلين مخصوفتين، وكان حين قبض النبى صلى الله عليه وسلم، ابن اثنتى عشرة سنة على ما قيل، وشهد القادسية وأبلى فيها، وهو أخو سعيد بن حريث السابق ذكره، وكان على ما ذكر محمد بن سيرين، تزوج بنت عدى بن حاتم، على حكم عدىّ. فندّمه الناس قالوا: لعله يحكم فيكثر، فحكم عدى بثنتى عشرة أوقية. فأرسل إليها عمرو ببدرة فيها عشرة آلاف. انتهى. وذكره الزبير بن بكار، فقال: هو اول قرشى اعتقد بالكوفة مالا، كان اشترى من السائب بن الأقرع كنز النّخيرجان، فربح فيه مالا عظيما، ثم كان له بعد بالكوفة قدر وشرف، وكان بلى الكوفة، وبها ولده. انتهى.

_ 2211 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 4/ 618، أسد الغابة 4/ 86). 212 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5824، الاستيعاب ترجمة 1928، أسد الغابة ترجمة 3902، سير أعلام النبلاء 1/ 417).

2213 ـ عمرو بن حسن الجمحى المكى

2213 ـ عمرو بن حسن الجمحى المكى: قاضى مكة. ولى قضاءها وهو شاب، فحمدت ولايته، والذى ولاه ذلك، أمير مكة محمد بن إبراهيم الإمام، بإشارة عمرو بن قيس المكى، المعروف بسندل، ذكر الفاكهى خبر ولايته، فنذكر ذلك لما فيه من الفائدة، قال: حدثنى عبد الله بن أحمد بن زكريا قال: سمعت غير واحد من المكيين يقول: إن محمد بن إبراهيم ـ إذ كان أمير مكة ـ أراد أن يستقضى على مكة قاضيا، فأراد أن يبعث إلى المدينة يؤتى برجل يستقضيه، فبلغ ذلك عمر بن قيس سندل، فأتاه فقال: بلغنى أنك تريد أن تبعث إلى المدينة، تستقضى علينا منها إنسانا، فكيف تفعل هذا وعندنا من يصلح للقضاء! قال: ومن هو؟ قال: كل من بها من قريش يصلح، فإن شئت فاجلس لى فى المسجد، فأول فتى يطلع عليك فاستقضه، فهو يصلح، فقال له: تعالى العشية حتى تجلس معى، فلما كان بالعشىّ، جلس محمد بن إبراهيم فى المسجد، مما يلى دار الندوة، وجلس معه عمر بن قيس، فطلع من باب بنى جمح، عمرو بن حسن الجمحى، وهو شاب عليه ثوبان ممصّران، وله جمّة قد رجّلها، وعليه نعلان، لكل واحدة منهما رأس، فقال له: هذا؟ قال: نعم. هذا يصلح، قال: فاستقضه فى دينك، وفى رقبتك إثمه، قال: نعم، فأرسل إليه، فقال: قد رأيت أن أوليّك القضاء، فتولّه. قال: قد قبلت. ثم ذهب إلى أبويه وهما حيّان، فقال لهما: إن الأمير قد ولانى القضاء، وليس يستقيم أمرى إلا بخصلة، إن أجبتمانى إليها، وليت، وإلا تركت الولاية، قالا: وما هى؟ قال: لا تسألانى عن شيء من أمرى، ولا تذكران لى إنسانا يخاصم عندى، ولا تشفعان عندى فى شئ، فإن ضمنتما لى هذا دخلت. قال: فأوثقاه أن لا يكلماه فى شئ، فولّى وجلس، فكان أهل مكة يقولون: لم نر قاضيا مثله. انتهى. وقال الفاكهى فى الترجمة التى ذكر فيها قضاة مكة من أهلها من قريش: وكان من قضاة مكة، أبو الوضىّ الجمحى، وقد كتبنا قصته فى موضع غير هذا. انتهى. 2214 ـ عمرو بن الحمق بن كاهن، ويقال ابن كاهل، بن حبيب بن عمرو ابن القين بن رزاح بن عمرو بن سعد بن كعب الخزاعى: ذكره ابن عبد البر، مقتصرا على بعض نسبه، وقال: من خزاعة، عند أكثرهم،

_ 2214 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5834، الجرح والتعديل 6/ 225، الاستيعاب ترجمة 1931، أسد الغابة ترجمة 3908).

ومنهم من ينسبه فيقول: عمرو بن الحمق، والحمق هو سعد بن كعب، هاجر إلى النبىصلى الله عليه وسلم بعد الحديبية. وقيل: بل أسلم عام حجة الوداع، والأول أصح، صحب النبى صلى الله عليه وسلم، وحفظ عنه أحاديث، وسكن الشام، ثم انتقل إلى الكوفة فسكنها. روى عنه جبير بن نفير، ورفاعة بن شداد، وغيرهما. وكان ممن سار إلى عثمان، وهو من الأربعة الذين دخلوا عليه الدار، فيما ذكروا، ثم صاروا من شيعة علىّ رضى الله عنه. وشهد معه مشاهده كلها: الجمل وصفين والنهروان، وأعان جحش بن عدى، ثم هرب فى زمن زياد إلى الموصل، ودخل غارا، فنهشته حية، فقتلته، فبعث إلى الغار فى طلبه، فوجده ميتا، فأخذ عامل الموصل رأسه، وحمله إلى زياد، فبعث به زياد إلى معاوية، وكان أول رأس حمل من بلد إلى بلد فى الإسلام، وكانت وفاته سنة خمسين، وقيل: بل قتله عبد الرحمن بن عثمان الثقفى، عمّ عبد الرحمن بن أم الحكم. انتهى. وقيل: قتل بالحرّة، قتله عبد الرحمن بن أم الحكم، ذكره خليفة بن خياط، قال: وقيل قتله عبد الرحمن الثقفى سنة خمسين قبل الحرّة، وقال أيضا: قتل بالموصل سنة إحدى وخمسين. وروى عنه، أنه سقى النبى صلى الله عليه وسلم لبنا، فقال: «اللهم أمتعه بشبابه» فمرت به ثمانون سنة، لم ير شعرة بيضاء. ومن حديثه عن النبى صلى الله عليه وسلم، على ما قال صالح بن أحمد بن عبد الله العجلىّ، عن أبيه: «إذا أراد الله بعبد خيرا عسله» وحدّث: «ما من رجل أمّن رجلا على دمه فقتله، فأنا برئ من القاتل، وإن كان المقتول كافرا». وذكر العجلىّ عن أبيه: أنه ليس لعمرو بن الحمق، عن النبى صلى الله عليه وسلم، غير هذين الحديثين، والحديث الثانى منه، ما أخرجه النسائى (1)، وابن ماجة (2)، من رواية رفاعة بن شدّاد القتبانىّ. وروى عنه جبير بن نفير، وغيرهما.

_ (1) فى الكبرى، حديث رقم (8670) من طريق: عمرو بن على قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: حدثنا عبد الملك بن عمير عن رفاعة بن شدّاد عن عمرو بن الحمق قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من آمن رجلا على نفسه ثم قتله أعطى لواء غدر يوم القيامة. (2) فى سننه، كتاب الديات (2688) من طريق: محمد بن عبد الملك بن أبى الشوارب حدثنا أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير عن رفاعة بن شداد القتبانى قال: لولا كلمة سمعتها من عمرو بن الحمق الخزاعى لمشيت فيما بين رأس المختار وجسده سمعته يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أمن رجلا على دمه فقتله فإنه يحمل لواء غدر يوم القيامة.

2215 ـ عمرو بن حمير بن عبد الحميد التباعى ثم السحولى المخادرى

2215 ـ عمرو بن حمير بن عبد الحميد التّباعىّ ثم السّحولىّ المخادرى: قال الجندى: كان من أعيان الفقهاء وعبّادهم وزهّادهم، كثير الحج. وربما أقام مجاورا، فأخذ عن محمد بن مفلح العجيبى، كتب الغزالى الفروعية، كالوسيط والوجيز، وله كتب موقوفة، منها «البيان» عليه سماعه على المصنّف، وإجازته منه، ولما دخلت قرية المخادر، سألت عن تربته، فقيل لى: مات بمكة فى آخر المائة السّادسة تقريبا. 2216 ـ عمرو بن خارجة بن المنتفق الأشعرىّ: حليف أبى سفيان بن حرب، سكن الشام. روى عنه عبد الرحمن بن غنم، عن النبىصلى الله عليه وسلم، أنه سمعه يقول فى خطبته: «إن الله عزوجل، أعطى كلّ ذى حق حقّه، فلا وصية لوارث، الولد للفراش وللعاهر الحجر» ذكره هكذا ابن عبد البر. وقال صاحب تهذيب الكمال: عمرو بن خارجة بن المنتفق الأشعرى، ويقال الأنصارى، ويقال الأسدى، حليف أبى سفيان بن حرب، وقيل خارجة بن عمرو، والأول أصح، له صحبة، نزل الشام. روى عن النبى صلى الله عليه وسلم حديثا واحدا: «إن الله أعطى كل ذى حق حقه». رواه شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عنه. وقيل عن شهر، عن عمرو بن خارجة نفسه، ورواه ليث بن أبى سليم، عن مجاهد، عن عمرو بن جارجة مختصرا: «لا وصية لوارث» (1). روى له الترمذى والنسائى وابن ماجة (2). 2217 ـ عمرو بن خلف بن عمير بن جدعان القرشى التّيمىّ: ذكره هكذا ابن عبد البر، وقال: هو المهاجر بن قنفذ بن عمير بن جدعان، والمهاجر اسمه عمرو، وقنفذ، اسمه خلف، غلب على كلّ واحد منهما لقبه، وقد ذكر المهاجر فى باب الميم، بما يغنى عن ذكره هنا، لأنه لا يعرف إلا بالمهاجر. انتهى.

_ 2216 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 426، تهذيب التهذيب 8/ 25). (1) أخرجه الترمذى فى سننه، فى الوصايا، حديث رقم 2121، والنسائى فى سننه الكبرى، حديث رقم 3642، وابن ماجة فى سننه، كتاب الوصايا، حديث رقم 2712. (2) هو الحديث السابق تخريجه. 2217 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5842، تهذيب التهذيب 8 ـ 28، الاستيعاب ترجمة 1934، أسد الغابة 3919).

2218 ـ عمرو بن دينار الجمحى، مولاهم، وقيل المخزومى مولاهم، أبو محمد المكى الأثرم

2218 ـ عمرو بن دينار الجمحى، مولاهم، وقيل المخزومى مولاهم، أبو محمد المكىّ الأثرم: أحد الأعلام من التابعين. روى عن أبى هريرة ـ وقال أبو زرعة: لم يسمع منه ـ وعن أبى شريح الخزاعى، والعبادلة الأربعة: ابن عباس، وابن عمرو، وابن عمر، وابن الزبير، وجابر بن عبد الله، وغيرهم من الصحابة والتابعين رضى الله عنهم. روى عنه ابن جريج، وسعيد، والسفيانان، والحمادان، ومالك، وهشيم، وغيرهم. روى له الجماعة. قال شعبة: ما رأيت أثبت فى الحديث منه. وقال إبراهيم بن سيّار، عن ابن عيينة، قال: قيل لإياس بن معاوية: أىّ أهل مكة رأيت أفقه؟ قال: أسوأهم خلقا، عمرو بن دينار، الذى كنت إذا سألته عن حديث كأنما تقلع عينه. وقال ابن عيينة: سمعت ابن أبى نجيح يقول: ما رأيت مثل عمرو بن دينار، لا عطاء ولا مجاهدا، ولم يستثن أحدا. وقال نعيم بن حماد، عن ابن عيينة، قال: ما كان عندنا أحدا فقه ولا أعلم ولا أحفظ من عمرو بن دينار. وقال ابن عيينة: كان عمرو بن دينار، قد جزّء الليل ثلاثة أجزاء، ثلثا ينام، وثلثا يدرس حديثه، وثلثا يصلّى. وقال ابن عيينة: كان عمرو بن دينار لا يدع إتيان المسجد، كان يحمل على حمار، ما أدركته إلا وهو مقعد، وكان يقول: أخرج على من يكتب عنىّ، فما كتبت عنه شيئا، كنت أتحفّظ، وكان يحدّث بالمعانى، وكان فقيها. انتهى. وقال الفاكهى: ويقال إن عمرو بن دينار، كان مفتى أهل مكة بعد عطاء. انتهى. وقال ابن عيينة: مات أول سنة ست وعشرين ومائة، وكذا قال عمرو بن على، وبه جزم الذهبى فى العبر، وقال: عالم أهل مكة فى زمانه. قال الواقدىّ ويحيى بن بكير: مات سنة خمس وعشرين، زاد الواقدى: وهو ابن ثمانين سنة، وقيل سنة تسع وعشرين، حكاه صاحب الكمال. ولم يعزه إلى أحد. وذكر أنه مولى موسى بن باذان، مولى بنى جمح، وقيل باذان مولى بنى مخزوم، ويقال باذان عامل كسرى على اليمن. ولهم عمرو بن دينار سواه، اثنان، وهما عمرو ابن دينار البصرى، قهرمان آل الزبير، روى له الترمذى، وابن ماجة، وعمرو بن دينار ابن خلدة الكوفى، عن سهم بن منجاب، وعنه سيف بن عمر.

_ 2218 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 231، تهذيب التهذيب 8/ 28).

2219 ـ عمرو [بن زيان] (1) بن مهشم بن سعيد بن سهم القرشى السهمى

2219 ـ عمرو [بن زيان] (1) بن مهشّم بن سعيد بن سهم القرشى السهمى: ذكره ابن عبد البر هكذا وقال: يقال له أيضا عمير، كان من مهاجرة الحبشة، وقتل بعين التمر، مع خالد بن الوليد رضى الله عنه. 2220 ـ عمرو بن زائدة، ويقال عمرو بن قيس بن زائدة، وقيل زياد بن الأصمّ، والأصمّ هو جندب بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر ابن لؤىّ القرشى العامرى المعروف بابن أمّ مكتوم: المؤذن الأعمى. وقد اختلف فى اسمه، والأكثر فيه عند أهل الحديث، على ما قال ابن عبد البر، ونقله عن الزبير بن بكار، وعمه مصعب الزبيرى: عمرو، وقيل عبد الله. واختلف القائلون بأنه عمرو، فنسبه المزّىّ فى التهذيب كما ذكرنا، وقال: إنه الأكثر. وقال صاحب الكمال: عمرو بن قيس بن زائدة، ويقال زيادة، ثم قال: ويقال عمرو ابن زائدة. وكلام ابن عبد البر يشهد له، فإنه لما ذكره فى باب عمرو، قال: عمرو بن قيس بن زائدة. واختلف القائلون بأنه عبد الله، فى نسبه، فقال بعضهم: هو عبد الله بن زائدة بن الأصم، وقال آخرون: هو عبد الله بن قيس بن مالك بن الأصمّ، وهو على ما قال الزبير وعمه مصعب: ابن خال خديجة بنت خويلد، قدم المدينة مع مصعب بن عمير، قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال والواقدى: قدمها بعد بدر بيسير، واستخلفه النبى صلى الله عليه وسلم على المدينة، ثلاث عشرة مرة فى غزواته، وفى خروجه إلى حجّة الوداع، وشهد فتح القادسيّة إلى المدينة، وقتل بها شهيدا، وكان معه اللواء يومئذ. وقال الواقدى: رجع من القادسية إلى المدينة فمات بها، ولم يسمع له بذكر بعد عمر بن الخطاب رضى الله عنه. روى له أبو داود (1)، والنسائى (2)، وابن ماجة (3).

_ 2219 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1936، أسد الغابة ترجمة 3923). (1) ذكر فى الاستيعاب (عمرو بن رئاب). 2220 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5949، أسد الغابة ترجمة 4011، طبقات ابن سعد 4/ 1 / 150، المعارف 290، مشاهير علماء الأمصار ترجمة 53، حلية الأولياء 2/ 4، الاستيعاب ترجمة 1969، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 295 ـ 296، شذرات الذهب 1/ 28). (1) فى سننه، كتاب الصلاة، حديث رقم (552) من طريق: سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن أبى رزين عن ابن أم مكتوم أنه سأل النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنى رجل ضرير البصر شاسع الدار ولى قائد لا يلائمنى فهل لى رخصة أن ـ

2221 ـ عمرو بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى ابن كلاب القرشى الأسدى

2221 ـ عمرو بن الزّبير بن العوّام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى ابن كلاب القرشى الأسدى: أمه أمّ خالد بنت سعيد بن العاص بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف، على ما ذكر الزّبير بن بكار، وذكره فى أولاد الزبير بن العوّام فقال: وأما عمرو بن الزبير، فكان من أجمل أهل زمانه، قال: وكان الزبير يصفّ مصعبا وعمرا ابنى الزبير بين يديه، فينظر أيهما أحسن، ثم يقول: ما خلق الله عزوجل شيئا أحسن منكما، فكانا من أحسن زمانهما، وكانت فى أحدهما خضعة، فسمعت أصحابنا يقولون: الخضعة كانت فى عمرو بن الزبير، لأنها فى ولده. ونشأ عمرو وهو شديد العارض منيع الحوزة. وكان يقال: عمرو لا يكلم، من يكلم عمرا يندم وقد كان قد لابس بنى أبى جمح، فكان يجلس بالبلاط، ويطرح عصاه، فلا يتخطّاها أحد إلا بإذنه، وكان قد اتخذ من الرقيق مئين. وقال الزبير: حدّثنى مصعب بن عثمان، قال: قال عمرو بن الزبير فى رقيقه (1): نحن ملأنا السوق من كلّ قبيل ... معرض بين المنكبين شجاع وكان عبد الله بن الزبير، قد خرج إلى مكة، فمرّ على أمواله بالفرع، فتغوّل له قوم من أسلم، وتهوّلوا ليلا، ورموه بالحجارة، وشققوا أساقيه، فمضى عنهم ولم يعج بهم، وبلغ الخبر عمرو بن الزبير، فجاء فى رقيقه وقال: من أخذ أسلميّا فهو له، فجعل الغلام من رقيقه يأخذ الأسلمىّ، فيتضرعون إليه، كلما أخذ منهم أحدا، قال: اذهب، فقد أعتقتك. وعمرو الذى يقول [من الطويل]: ليت رجالا يعجب النّاس طولهم ... يكونون عند الناس مثل أبى الورد أبو الورد: مولى عمرو بن سعيد بن العاص. ولعمرو بن الزبير يقول عبد الله بن

_ ـ أصلى فى بيتى؟ قال: هل تسمع النداء؟ قال: نعم، قال: لا أجد لك رخصة. (2) وهو الحديث السابق ذكره، أخرجه فى الصغرى، كتاب الإمامة، حديث رقم 851. (3) وهو أيضا نفس الحديث، أخرجه فى كتاب المساجد والجماعات، حديث رقم 792. 2221 ـ انظر ترجمته فى: (المحبر 304، 481، المرزبانى 242، جمهرة الأنساب 113، ابن الأثير 3/ 199 الأعلام 5/ 78). (1) كذا فى الأصل وهو على هذه الصورة مختل الوزن وفى هامش الأصل تعليق أنه مختل الوزن والمعنى أيضا.

الزبير الأسدى [من الطويل]: نمت بك أعراق الزبير وهاشم ... وعرق سرى من خالد بن سعيد وذكر ابن الأثير شيئا من خبره، فنذكره لما فيه من الفائدة، ونصّ ما ذكره فى أخبار سنة ستين من الهجرة: وفى هذه السنة، عزل الوليد بن عتبة عن المدينة، عزله يزيد، واستعمل عليها عمرو ابن سعيد الأشدق، فقدمها فى رمضان، فدخل عليه أهل المدينة، وكان عظيم الكبر، واستعمل على شرطته عمرو بن الزبير، لما كان بينه وبين أخيه عبد الله من البغضاء، فأرسل إلى نفر من أهل المدينة فضربهم ضربا شديدا، لهواهم فى أخيه عبد الله، منهم أخوه المنذر بن الزبير، وابنه محمد بن المنذر، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، وغنم بن عبد الله بن حكيم بن عبد الله بن حزام، ومحمد بن عمّار بن ياسر، وغيرهم. فضربهم الأربعين إلى الخمسين إلى الستين، فاستشار عمرو بن سعيد، عمرو بن الزبير، فيمن يرسله إلى أخيه، فقال: لا توجّه إليه رجلا أنكى له منّى! فجهّز معه الناس، وفيهم أنيس بن عمرو الأسلمى فى سبعمائة. ثم قال: وقيل إن يزيد، كتب إلى عمرو بن سعيد ليرسل عمرو بن الزبير إلى أخيه عبد الله، ففعل، فأرسله ومعه جيش نحو ألفى رجل، فنزل أنيس بذى طوى، ونزل عمرو بالأبطح، فأرسل عمرو إلى أخيه: برّ يمين يزيد ـ وكان حلف أن لا يقبل بيعته، إلا أن يؤتى به فى جامعة ـ فتعال حتى أجعل فى عنقك جامعة من فضة، لا ترى، ولا يضرب الناس بعضهم ببعض، فإنك فى بلد حرام فأرسل عبد الله بن الزبير، عبد الله بن صفوان، نحو أنيس فيمن معه من أهل مكة، ممن اجتمع إليه، فهزمه ابن صفوان بذى طوى، وأجهز على جريحهم، وقتل أنيس بن عمرو، وسار مصعب بن عبد الرحمن إلى عمرو بن الزبير، فتفرّق عن عمرو أصحابة، فدخل دار ابن علقمة، فأتاه أخوه عبيدة فأجاره، ثم أتى عبد الله فقال له: إنى قد أجرت عمرا، فقال: أتجير من حقوق الناس! هذا ما لا يصلح. وما أمرتك أن تجير هذا الفاسق المستحلّ حرمات الله، ثم أقاد من عمرو كلّ من ضربه، إلا المنذر وابنه، فإنهما أبيا أن يستقيدا، ومات تحت السّياط. انتهى. وفى تاريخ الإسلام للذهبى، من خبر عمرو بن الزبير، الذى ذكره بن الأثير، ما يواقفه وما يخالفه، وغير ذلك من خبره، فنذكر ذلك لما فيه من الفائدة:

قال: قال الواقدىّ: وحدثنى عبد الله بن جعفر، عن عمته أم بكر، وحدّثنى شرحبيل ابن أبى عون، عن أبيه، وابن أبى الدّينار، قالوا: كتب يزيد إلى عمرو بن سعيد، أن يوجه إلى ابن الزبير جندا، فسأل: من أعدى الناس له؟ فقيل: عمرو أخوه، فولّاه شرطة المدينة، فضرب ناسا من الأوس والأنصار بالسياط، وقال: هؤلاء شيعة عبد الله بن الزبير، ثم توجه فى ألف من أهل الشام إلى قتال أخيه عبد الله، ونزل بذى طوى، فأتاه ناس يسلّمون عليه، فقال: جئت لأن يعطى أخى الطاعة ليزيد، ويبرّ قسمه، فإن أبى قاتلته، فقال له جبير بن شيبة: كان غيرك أولى منك، تسير إلى حرم الله وأمنه، وإلى أخيك فى سنّه وفضله، تجعله فى جامعة! ما أرى الناس يدعونك وما تريد! قال: أرى أن أقتل من حال دون ذلك، ثم أقبل ونزل داره عند الصفا، وجعل يرسل إلى أخيه، ويرسل إليه أخوه، وكان عمرو يخرج يصلّى بالناس وعسكره بذى طوى، وابن الزبير أخوه معه، يشبّك أصابعه فى أصابعه، ويكلمه فى الطاعة ويلين له، فقال عبد الله: ما بعد هذا شئ، إنى لسامع مطيع، أنت عامل يزيد، وأنا أصلى خلفك، ما عندى خلاف، فإما أن تجعل فى عنقى جامعة، ثم أقاد إلى الشام، فإنى نظرت فى ذلك، فرأيته لا يحل لى أن أحله بنفسى، فراجع صاحبك واكتب إليه، فقال: لا والله ما أقدر على ذلك، فهيّأ عبد الله بن صفوان قوما، وعقد لهم لواء، وأخذ بهم من أسفل مكة، فلم يشعر أنيس الأسلمى إلا بقوم، وكان على عسكر عمرو، فالتقوا، فقتل أنيس، وركب مصعب بن عبد الرحمن بن عوف فى طائفة إلى عمرو، فلقوه، فانهزم أصحابه والعسكر أيضا، وجاء عبيدة بن الزبير إليه، فقال: يا أخى، أنا أجيرك من عبد الله، وجاء به أسيرا، والدم يقطر على قدميه فقال: قد أجرته؟ قال عبد الله: أما حقى، فنعم، وأمّا حق الناس فلا، فيقتصّ منه لمن آذاه بالمدينة، وقال: من كان يطلبه بشيء فليأت، فجعل الرجل يأتى فيقول: قد نتف أشفارى، فيقول: قم، فانتف أشفاره، وجعل الرجل يقول: قد نتف لحيتى، فيقول: انتف لحيته، وكان يقيمه كل يوم، ويدعو الناس للقصاص منه فقام مصعب بن عبد الرحمن فقال: قد جلدنى مائة جلدة، فأمره فضربه مائة جلدة، فمات، وأمر به عبد الله فصلب. وروى ابن سعد عن الواقدى وقال: بل صحّ من ذلك الضرب، ثم أمر به ابن الزبير بعد إخراجه من السجن، فرآه جالسا بفناء منزله، فقال: ألا أراه حيّا! فأمر به فسحب إلى السجن، فلم يبلغه حتى مات، فأمر به عبد الله، فطرح فى شعب الخيف، وهو الموضع الذى صلب فيه عبد الله بعد. انتهى.

وقال أبو القاسم السّهيلىّ، فى كتابه «الروض الأنف»: فصل. وذكر ـ يعنى ابن إسحاق ـ حديث أبى شريح الخزاعىّ، واسمه خويلد بن عمرو، وقيل عمرو بن خويلد، وقيل كعب بن عمرو، وقيل هانئ بن عمرو، ثم قال: وقال: لما قدم عمرو بن الزبير مكة لقتال أخيه عبد الله بن الزبير بمكة، هذا وهم من ابن هشام، وصوابه عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية، وهو الأشدق، ويكنى أبا أمية، ثم قال: فالصواب إذا عمرو ابن سعيد، لا عمر بن الزبير، وكذا رواه يونس بن بكير عن ابن إسحاق، وهكذا وقع فى الصحيحين، ذكر هذا التنبيه على ابن هشام، أبو عمر رحمه الله، فى كتابه «الأجوبة عن المسائل المستغربة» وهى مسائل من كتاب الجامع للبخارى، تكلم عليها فى ذلك الكتاب، وإنما دخل الوهم على ابن هشام، أو على البكّائىّ فى روايته، من أجل أن عمرو بن الزبير كان معاديا لأخيه عبد الله، ومعينا لبنى أميّة عليه فى تلك الفتنة، والله أعلم. انتهى. وهذا الوهم الذى ذكره السّهيلى يحتاج إلى تحقيق، لأن فى السيرة لابن إسحاق تهذيب ابن هشام: وحدّثنى سعيد بن أبى سعيد المقبرى، عن أبى شريح الخزاعى، قال: لما قدم عمرو بن الزبير مكة، لقتال أخيه عبد الله بن الزبير، جئته فقلت له: يا هذا، إنّا كنّا مع رسول اللهصلى الله عليه وسلم حين فتح مكة، فذكر الحديث فى حرمتها، والنّهى عن القتال فيها، ثم قال عمرو لأبى شريح: انصرف أيها الشيخ، فنحن أعلم بحرمتها منك، إنها لا تمنع سافك دم، ولا خالع طاعة، ولا مانع خربة. انتهى. فإن أراد السهيلى كما هو الظاهر من كلامه، أن عمرو بن الزبير لم يقدم مكة لقتال أخيه، وأن عمرو بن سعيد الأشدق، قدم مكة لقتال عبد الله بن الزبير، فهذا غير مستقيم، لأنه لا يعرف أن عمرو بن سعيد أتى مكة لقتال ابن الزبير، والمعروف أن عمرو بن سعيد، بعث عمرو بن الزبير فى جيش إلى مكة، لقتال عبد الله بن الزبير، وأن عبد الله بن الزبير أخرج إليهم من قاتلهم حتى انهزموا، وقتلت طائفة من جيش عمرو ابن الزبير بعد ذلك، كما سبق نقلا عن الواقدى، وتاريخ ابن الأثير. وابن الأثير أخذ ذلك من ابن جرير وليس فى الصحيحين ما يدل على أن عمرو بن سعيد، أتى مكة لقتال ابن الزبير، وإنما فيهما أنه بعث لقتاله، ولفظ الصحيح بعد الإسناد إلى أبى شريح، أنه قال لعمرو بن سعيد، وهو يبعث البعوث إلى مكة: إيذن لى أيها الأمير، أحدثك قولا، قام فيه رسول اللهصلى الله عليه وسلم الغد من يوم فتح مكة، الحديث. وهو معنى ما فى السيرة مختصرا، فهذا صريح فى أن أبا شريح حين قال ذلك لعمرو

2222 ـ عمرو بن سالم بن حصين بن سالم بن كلثوم الخزاعى الحجازى

ابن سعيد، لم يكن عمرو بن سعيد بمكة، وإذا تقرّر ذلك، فلا مانع من أن يكون أبو شريح، قال ذلك لعمرو بن سعيد بالمدينة، حين رآه يبعث البعوث إلى مكة، ثم قال ذلك لعمرو بن الزبير حين أتى مكة، والله أعلم. وإذا احتمل أن يكون أبو شريح قال ذلك لعمرو بن سعيد، ولعمرو بن الزبير، لم يكن ما فى السيرة تهذيب ابن هشام وهما، والله أعلم، وبتقدير تسليم أن يكون ما فى هذه السيرة وهما، لمخالفتهما ما فى الصحيحين، فهو بالنسبة إلى كون أبى شريح، قال ذلك لعمرو بن الزبير، لا بالنسبة أن الذى قدم إلى مكة لحرب ابن الزبير، عمرو بن سعيد الأشدق، كما يقتضيه كلام السهيلى، لعدم استقامة ذلك كما سبق، والله أعلم. 2222 ـ عمرو بن سالم بن حصين بن سالم بن كلثوم الخزاعى الحجازى: روى عنه المكيون حديث: خرج مستنفرا من مكة إلى المدينة، حتى أدرك النبىّصلى الله عليه وسلم، فأنشا يقول [من الرجز] (1): يا ربّ إنى ناشد محمدا ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا قد كنتم ولدا وكنّا والدا ... ثّمت أسلمنا فلم ننزع يدا فانصر هداك الله نصرا أعتدا ... وادع عباد الله يأتوا مددا فيهم رسول الله قد تجرّدا ... أبيض مثل البدر يسمو صعدا إن سيم خسفا وجهه تربّدا ... فى فيلق كالبحر يجرى مزبدا إنّ قريشا أخلفوك الموعدا ... ونقضوا ميثاقك المؤكدا

_ 2222 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 6858، التجريد 112، الطبقات 4/ 31، أسد الغابة ترجمة 3929، الاستيعاب ترجمة 1938). (1) وردت الأبيات فى الاستيعاب ترجمة 1938 هكذا: يا رب إنى ناشد محمدا ... حلف أبيه وأبينا الأتلدا إن قريشا أخلفتك الموعدا ... ونقضوا ميثاقك المؤكدا وزعموا أن لست تدعو أحدا ... وهم أذل وأقل عددا قد جعلوا لى بكداء رصدا ... فادع عباد الله يأتوا مددا فيهم رسول الله قد تجردا ... أبيض مثل البدر ينمو صعدا إن سيم خسفا وجهه تربدا ... فى فيلق كالبحر يجرى مزبدا قد قتلونا بالصعيد هجد ... نتلو القرآن ركعا وسجدا ووالدا كنا وكنت الولدا ... ثمت أسلمنا ولم ننزع يدا فانصر رسول الله نصرا أبدا

2223 ـ عمرو بن سراقة بن المعتمر بن أنس بن أذاة بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدى القرشى العدوى

وجعلوا لى فى كداء رصدا ... وزعموا أن لست أدعو أحدا وهم أقل وأذل عددا ... هم بيّتونا بالوتير هجّدا وقتلونا ركعّا وسجّدا 2223 ـ عمرو بن سراقة بن المعتمر بن أنس بن أذاة بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدىّ القرشى العدوىّ: شهد بدرا وأحدا والمشاهد كلّها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفى فى خلافة عثمان رضى الله عنه، هو وأخوه عبد الله بن سراقة. 2224 ـ عمرو بن أبى سرح بن ربيعة بن هلال بن وهيب بن ضبّة بن الحارث ابن فهر بن مالك القرشى الفهرى، يكنى أبا سعيد: من مهاجرة الحبشة، هو وأخوه وهب بن أبى سرح، شهدا بدرا جميعا، هكذا سماه أبو عمر، وموسى بن عقبة، ومحمد بن إسحاق، وغيرهم. وقال الواقدى، وأبو معشر: هو معمر بن أبى سرح، وقالوا: شهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلّها، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومات بالمدينة سنة ثلاثين، فى خلافة عثمان، ذكره الطبرى. انتهى من الاستيعاب لابن عبد البر. 2225 ـ عمرو بن أبى أويس بن سعد بن أبى سرح بن الحارث بن حذيفة بن نصر بن مالك بن حسل القرشى العامرى: قتل يوم اليمامة شهيدا. ذكره هكذا ابن عبد البر.

_ انظر الأبيات فى: (أسد الغابة 3929، الإصابة ترجمة 5851). 2223 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5853، الاستيعاب ترجمة 1939، أسد الغابة ترجمة 3933، الثقات 3/ 274، تجريد أسماء الصحابة 1/ 407، أصحاب بدر 115، الطبقات 22). 2224 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5854، الاستيعاب ترجمة 1940، أسد الغابة ترجمة 3935). 2225 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1916، الثقات 3/ 277، تجريد أسماء الصحابة 1/ 400، الكاشف 324، الجرح والتعديل 6/ 220، تقريب التهذيب 2/ 66، تهذيب التهذيب 8/ 6، تاريخ من دفن بالعراق 100، الطبقات الكبرى 8/ 397).

2226 ـ عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى الأموى

2226 ـ عمرو بن سعيد بن العاص بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى الأموىّ: أسلم بعد أخيه بيسير، وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية، ومعه أمرأته فاطمة بنت صفوان الكنانية، ولم يزل بها هو وأخوه خالد، حتى قدما معا إلى النبى صلى الله عليه وسلم، مع من قدم فى السفينتين، والنبىّ صلى الله عليه وسلم بخيبر سنة سبع من الهجرة. وشهد عمرو مع النبى صلى الله عليه وسلم، الفتح وحنينا والطائف وتبوك، واستعمله النبى صلى الله عليه وسلم على قرى عرينة، منها: تبوك وفدك وخيبر. ولما خرج المسلمون إلى الشام، بعد النبى صلى الله عليه وسلم، إلى الجهاد، كان عمرو ممن خرج لذلك، واستشهد بأجنادين سنة ثلاث عشرة، على ما قال الواقدى، وأكثر أهل السّير. وقيل إنه قتل يوم مرج الصّفر، وكانت أجنادين ومرج الصّفر، فى جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة. وقال ابن إسحاق: إنه قتل يوم اليرموك، ولم يتابع على ذلك، على ما ذكر ابن عبد البر. وذكر الطحاوى، عن على بن معبد، عن إبراهيم بن محمد القرشى، عن عمرو ابن يحيى بن سعيد الأموى، عن جده، قال: قدم عمرو بن سعيد مع أخيه على النبى صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى حلقة فى يده، فقال: ما هذه الحلقة فى يدك؟ قال: هذه حلقة صنعتها لك يا رسول الله، قال: فما نقشها؟ قال: محمد رسول الله، قال: أرنيه. قال: فتختّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونهى أن ينقش أحد عليه، ومات وهو فى يده، ثم أخذه أبو بكر رضى الله عنه، فكان فى يده عامّة خلافته، ثم أخذه عمر رضى الله عنه، وكان فى يده، ثم أخذه

_ 2226 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5862، الاستيعاب ترجمة 1941، أسد الغابة ترجمة 3942، طبقات خليفة 11، السير والمغازى لابن إسحاق 227، المحبر 104، المغازى للواقدى 845، نسب قريش 175، تاريخ اليعقوبى 2/ 76، المعارف 145، مشاهير علماء الأمصار 20، تاريخ خليفة 97، فتوح البلدان 40، التاريخ الكبير 6/ 338، التاريخ الصغير 20، الجرح والتعديل 6/ 236، طبقات ابن سعد 5/ 237، البرصان والعرجان 274، جمهرة أنساب العرب 81، أنساب الأشراف 1/ 142، الكامل فى التاريخ 2/ 414، العقد الفريد 1/ 79، ثمار القلوب 75، تاريخ الطبرى 5/ 474، سيرة ابن هشام 1/ 292، مروج الذهب 1960، المعرفة والتاريخ 3/ 326، تاريخ أبى زرعة 1/ 72، عيون الأخبار 2/ 171، تاريخ دمشق 13/ 226، تهذيب الكمال 1035، سير أعلام النبلاء 3/ 449، الكاشف 2/ 285، مختصر التاريخ 110، لباب الآداب 35، تحفة الأشراف 8/ 151، تهذيب التهذيب 8/ 37، تقريب التهذيب 2/ 70، خلاصة تذهيب التهذيب 1/ 113، تاريخ الإسلام 2/ 203).

2227 ـ عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى، أبو أمية المعروف بالأشدق

عثمان رضى الله عنه، فكان فى يده عامة خلافته، حتى سقط منه فى بئر أريس. 2227 ـ عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى، أبو أمية المعروف بالأشدق: أمير مكة والمدينة. ولى ذلك فى خلافة معاوية بن أبى سفيان وابنه يزيد، فأما ولايته على مكة فى زمن معاوية، فذكرها الفاكهى، لأنه قال: حدثنا ميمون بن الحكم قال: حدثنا محمد بن جعشم، عن جريج، قال: أخبرنى عطاء، أن عبد الرحمن بن أبى بكر طاف فى إمرة عمرو بن سعيد على مكة، فخرج عمرو إلى الصلاة، فقال له عبد الرحمن: أنظرنى حتى أنصرف على وتر. انتهى. وعبد الرحمن هذا، هو ابن أبى بكر الصديق، وقد اختلف فى وفاته، فقيل سنة ثلاث وخمسين، وقيل سنة أربع وخمسين، وقيل سنة خمس وخمسين، والأول أكثر، على ما قال: ابن عبد البر. وإذا كان وفاته فى إحدى هذه السنين، فيكون عمرو بن سعيد الأشدق، واليا على مكة فى سنة موته أو قبلها، والله أعلم. وولايته مكة ليزيد، ذكرها ابن عبد ربه فى العقد، وذكر أنها نيابة عن أبيه سعيد بن العاص، كما سبق فى ترجمته. وذكر ابن الأثير ما يقتضى أنه كان على مكة فى سنة ستين، وقت ولاية يزيد بن معاوية للخلافة بعد أبيه. وذكر ابن جرير، أن فى هذه السنة، عزل يزيد بن معاوية الوليد بن عقبة عن المدينة، وولاها عمرو بن سعيد بن العاص، فى شهر رمضان، وحج فيها عمرو بالناس، وكان عمرو على مكة والمدينة بعد عزل الوليد عن المدينة. وذكر ابن جرير فى أخبار سنة إحدى وستين، أن ابن الزبير لما أظهر الخلاف بمكة على يزيد بن معاوية بعد مقتل الحسين، كان عمرو بن سعيد بمكة، وكان مع شدته على ابن الزبير، يدارى ويرفق، فقال الوليد بن عقبة، وناس من بنى أمية ليزيد: لو شاء عمرو ابن سعيد، لبعث إليك بابن الزبير، فسرّح يزيد الوليد بن عتبة على الحجاز أميرا، وعزل عمرا، فأقام الوليد الحج فى هذه السنة. انتهى بالمعنى. وذكر ابن الأثير ما يوافق ذلك بالمعنى، وزاد أن الوليد أخذ غلمان عمرو ومواليه وحبسهم، وكلمه عمرو فى تخليتهم، فأبى أن يخلّيهم، فسار عن المدينة ليلتين، وأرسل

_ 2227 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 5/ 294، الجرح والتعديل 6/ 236).

إلى غلمانه بعدّتهم من الإبل، فكسروا الحبس وركبوا إليه، فلحقوه عند وصوله إلى الشام، فدخل على يزيد وأعلمه ما كان فيه من مكابدة ابن الزبير، فعذره وعلم صدقه. وقال ابن الأثير فى أخبار سنة ستين من الهجرة: وفى هذه السنة، عزل الوليد بن عتبة عن المدينة، عزله يزيد، واستعمل عليها عمرو بن سعيد الأشدق، فقدمها فى رمضان، فدخل عليه أهل المدينة، وكان عظيم الكبر، واستعمل على شرطته عمرو بن الزبير، لما كان بينه وبين أخيه من البغضاء. ثم قال: فاستشار عمرو بن سعيد، عمرو بن الزبير، فيمن يرسله إلى أخيه، فقال: لا توجه إليه رجلا أنكى له منى! فجهز معه الناس، وفيهم أنيس بن عمرو الأسلمى فى سبعمائة. ثم قال: وقيل إن يزيد، كتب إلى عمرو بن سعيد، ليرسل عمرو بن الزبير إلى أخيه عبد الله، ففعل وأرسله ومعه جيش نحو ألفى رجل، فنزل أنيس بذى عمرو بالأبطح، ثم ذكر ما تقدم فى ترجمة عمرو بن الزبير، من إرسال أخيه عبد الله جماعة لحرب عمرو وحرب أنيس، وقتل أنيس وهروب عمرو إلى مكة، وموته معذبا تحت السياط. وقال ابن الأثير، فى أخبار سنة ثلاث وستين، بعد أن ذكر طرد أهل المدينة لعاملها من قبل يزيد بن معاوية، عثمان بن محمد بن أبى سفيان، وغيره من بنى أمية، وخلع أهل المدينة ليزيد: أن يزيد لما بلغه ذلك، بعث إلى عمرو بن سعيد، فأقرأه الكتاب، وأمره أن يسير إليهم ـ يعنى أهل المدينة ـ فى الناس، وقال: كنت ضبطت كل الأمور والبلاد، فأمّا الآن إذ صارت دماء قريش تهراق بالصعيد فلا، ولا أحبّ أن أتولى ذلك. وقال الذهبى فى دول الإسلام، فى أخبار سنة سبعين: وفى سنة سبعين ـ يعنى من الهجرة ـ سار عبد الملك بجيوشه إلى العراق ليملكها، فوثب بدمشق عمرو بن سعيد بن العاص الأشدق الأموى، ودعا إلى نفسه بالخلافة، واستولى على دمشق، فرجع إليه عبد الملك ولا طفه وراسله، وحلف له أنه يكون الخليفة من بعد عبد الملك، وأن يكون مهما شاء حكم وفعل، فاطمأن وفتح البلد لعبد الملك، ثم إن عبد الملك غدر به وذبحه. وقيل إنه قتل فى سنة تسع وستين، قاله اللّيث بن سعد وغيره، وكان وثوبه على دمشق، فى سنة تسع وستين، بعد أن توجّه منها عبد الملك بن مروان إلى العراق، لأخذ مصعب بن الزبير، وزعم عمرو بن سعيد الأشدق، أن مروان بن الحكم، جعله ولىّ عهده. وروى أبو حاتم عن العتبى قال: قال عبد الملك بعد قتله عمرو بن سعيد: إن كان أبو

أمية لأحبّ إلىّ من دم النواظر، ولكن والله ما اجتمع فحلان فى شول قط، إلا أخرج أحدهما صاحبه، وإن كان لحمّالا للعظائم ناهضا إلى المكارم. انتهى. وذكر السّهيلىّ له خبرا غريبا، لأنه قال بعد أن ذكر قتل عبد الملك له: ورأى رجل عند موته فى المنام قائلا يقول [من الطويل]: ألا يا لقومى للسافهة والوهن ... وللعاجز الموهون والرّأى ذى الأفن ولا بن سعيد بينما هو قائم ... على قدميه خرّ للوجه والبطن رأى الحصن منجاة من الموت فالتجا ... إليه فزارته المنية فى الحصن فقصّ رؤياه على عبد الملك، فأمره أن يكتمها، حتى كان من قتله ما كان. ومن أخباره المحمودة، ما رواه عند عبد الملك بن عمير، عن أبيه، قال: لما حضر سعيد بن العاص الوفاة جمع بنيه، وقال: أيّكم يكفل دينى؟ . فسكتوا، فقال عمرو بن سعيد الأشدق، وكان عظيم الشّدق: كم دينك يا أبة؟ قال: ثلاثون ألف دينار، قال: فيما استدنتها؟ قال: فى كريم سددت فاقته، وفى لئيم فديت عرضى منه، قال: هى علىّ يا أبة. قال: بناتى لا تزوجهنّ إلا من الأكفاء، ولو تعلق الخبز الشعير، قال: وأفعل يا أبة. فقال: إخوانى، إن فقدوا وجهى فلا يفقدوا معروفى، فقال: أفعل أيضا. قال سعيد: أما والله لئن قلت، لقد عرفت ذلك فى حماليق وجهك وأنت فى مهدك. انتهى. ومن أخباره المذمومة، ما ذكره السّهيلىّ فى كتابه «الروض الأنف» قال: فصل: وذكر حديث أبى شريح الخزاعى، ثم قال: لما قدم عمرو بن الزبير لقتال أخيه عبد الله ابن الزبير بمكة، وهذا وهم من ابن هشام، وصوابه: عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية وهو الأشدق، يكنى أبا أمية، وهو الذى كان يسمى لطيم الشيطان، وكان جبارا شديد البأس، حتى خافه عبد الملك على ملكه، وقتله بحيلة فى خبر طويل. ثم قال السهيلى بعد أن ذكر خبر الرؤيا السابقة ذكرها: وهو الذى خطب بالمدينة على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرعف حتى سال الدم إلى أسفله، فعرف بذلك معنى حديثهصلى الله عليه وسلم، الذى يروى عنه: «كأنى بجبّار من بنى أمية يرعف على منبرى هذا، حتى يسيل الدم إلى أسفله» أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فعرف الحديث فيه. ولعمرو بن سعيد الأشدق هذا، رواية للنبى صلى الله عليه وسلم فيما قيل، وأرسل عنه عليه السلام، وعن عمر وعثمان وعائشة وغيرهم.

2228 ـ عمرو بن سفيان

روى عنه بنوه: أمية، وموسى، ويحيى، وسعيد، ويحيى بن سعيد الأنصارى، وعبد الكريم أبو أمية، وغيرهم. روى له الجماعة، إلا الترمذى، إلا أن أبا داود لم يرو له إلا فى المراسيل، وهو ابن أخت مروان بن الحكم. 2228 ـ عمرو بن سفيان: له رواية. قال ابن مندة: أراه عمرو بن سفيان الثقفى. ذكره هكذا الكاشغرى. 2229 ـ عمرو بن أبى سفيان بن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية الجمحى المكى: أخو حنظلة بن أبى سفيان، وعبد الرحمن. روى عن عم أبيه أمية بن صفوان، وابن عم أبيه عمرو بن عبد الله بن صفوان، ومسلم بن ثفنة. روى عنه أخوه حنظلة، وابن جريج، وزكريا بن إسحاق، وسفيان الثورى، وابن المبارك. روى له البخارى، وأبو داود، والترمذى، والنسائى. ذكره ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات، وقال: من أهل مكة. ووثّقه غير واحد. وقال أبو حاتم: مستقيم الحديث. 2230 ـ عمرو بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف العبشمىّ: ويقال: حبيب بن ربيعة بن عبد شمس، أخو عبد الرحمن بن سمرة: ذكره ابن عبد البر. وقال: مذكور فى الصحابة، أظنه الذى قطعت يده فى السرقة، إذ أمر النبىصلى الله عليه وسلم بقطعها، فقال: الحمد لله الذى طهرنى منك. وذكره الذهبى، فقال: عمرو بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس العبشمى، أخو عبد الرحمن، قطع فى سرقة. 2231 ـ عمرو بن شأس [بن عبيد بن ثعلبة: من بنى دودان بن أسد بن خزيمة الأسدى. له صحبة ورواية. هو ممن شهد الحديبية، وممن اشتهر بالبأس والنجدة.

_ 2228 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 5/ 294 الجرح والتعديل 6/ 234). 2229 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 234). 2230 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5874، الاستيعاب ترجمة 1945، أسد الغابة ترجمة 3955). 2231 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5881، أسد الغابة ترجمة 3959، الاستيعاب ترجمة 1947).

2232 ـ عمرو بن شبل بن عباد بن عجلان الثقفى

كان شاعرا مطبوعا يعد فى أهل الحجاز. ومن نسبه يقول هو عمرو بن شأس بن عبيد بن ثعلبة بن روبية بن مالك بن الحارث بن سعد بن ثعلبة بن دوادن بن أسد بن خزيمة. قد قيل التميمى من بنى مجاشع بن دارم، وإنه كان فى الوفد الذين قدموا من بنى تميم على رسول اللهصلى الله عليه وسلم، والأول أصح وأكثر، وأشعاره فى امرأته أم حسان وابنه عرار بن عمرو، مشهورة حسان، ومن قوله فيها وفى عرار ابنه وكانت تؤذيه وتظلمه [الطويل]: أرادت عرارا بالهوان ومن يرد ... عرارا لعمرى بالهوان لقد ظلم فإن كنت منى أو تريدين صحبتى ... فكونى له كالسمن ربت به الأدم ويروى: فكونى له كالسمن ربت له الأدم وهو شعر مجرد عجيب] (1). 2232 ـ عمرو بن شبل بن عبّاد بن عجلان الثقفى: شهد بيعة الرضوان. ذكره هكذا الكاشغرى. 2233 ـ عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص القرشى السهمى، أبو إبراهيم المدنى المكى الطائفى: روى عن أبيه فأكثر، ومجاهد، وطاوس، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وطائفة. وعن الربيّع بنت معوّذ، وزينب بنت أبى سلمة، وهو تابعى، وأرسل عن أم كرز الخزاعية. روى عنه عمرو بن دينار، وقتادة، وعطاء، والزهرى، ومكحول، وثابت، وأيوب السّختيانى، وخلق. روى له أصحاب السنن. قال صدقة بن الفضل، عن يحيى القطان. إذا روى عنه الثقات، فهو ثقة يحتج به. وروى ابن المدينى عن القطان، قال: حديثه عندنا واه. وقال الدرامى، وأحمد والعجلى:

_ (1) لم يرد أمام هذه الترجمة سوى الاسم والباقى بياض فى الأصل، وما بين المعقوفتين أوردناه من الاستيعاب باختصار. والله أعلم بالصواب. انظر: (الاستيعاب ترجمة 1947). 2232 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 4/ 647، أسد الغابة 4/ 114). 2233 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 238).

2234 ـ عمرو بن شعبة الثقفى

هو ثقة. وقال النسائى: ثقة. وقال أيضا: ليس به بأس. وقال أبو زرعة: هو مكى ثقة فى نفسه. وقال أبو زرعة: روى عنه الثقات، وإنما أنكروا عليه كثير روايته عن أبيه عن جده، وإنما سمع أحاديث يسيرة، وأخذ صحيفة كانت عندهم فرواها، مما روى عن أبيه عن جده من المنكر، وعامة هذه المناكير التى تروى عنه، إنما هى عن المثنّى بن الصباح، وابن لهيعة، والضعفاء. وقال البخارى وأحمد وابن المدينى وإسحاق بن راهويه وأبو عبيد: وعامة أصحابنا يحتجون به، فمن الناس بعدهم؟ . وقال الذهبى: هو حسن الحديث. وقال الأوزاعى: ما رأيت قرشيّا أكمل ـ أو قال أفضل ـ من عمرو بن شعيب. قال خليفة وغيره: مات سنة ثمان عشرة ومائة. وقال يحيى بن بكير: مات بالطائف. وقال صاحب الكمال: وعدّه بعضهم من أهل الطائف. وقال ابن أبى حاتم: سكن مكة، وكان يخرج إلى ضيعة له. 2234 ـ عمرو بن شعبة الثقفى: ذكره هكذا ابن عبد البر، وقال: ذكر فى الصحابة، ولا أعرف له خبرا. 2235 ـ عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد ـ بضم السين ـ بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤى بن غالب القرشى السهمى، أبو عبد الله، وأبو محمد: ذكر الزبير بن بكار شيئا من خبره، فقال: وأمّه سبية، يقال لها النابغة، من عنزة. قال: حدثنى محمد بن سلام قال: حدثنى محمد بن حفص التميمى قال: لما كانت الهدنة بين النبى صلى الله عليه وسلم وبين قريش، ووضعت الحرب، خرج عمرو بن العاص إلى النجاشى يكيد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت له منه ناحية، فقال له: يا عمرو، تكلمنى فى رجل يأتيه الناموس كما كان يأتى موسى بن عمران! قال: قلت: وكذلك هو أيها الملك؟ قال: نعم. قال: فأنا أبايعك له على الإسلام، ثم قدم مكة، فلقى خالد بن الوليد بن المغيرة، فقال له: ما رأيك؟ قال: قد استقام الميسم، والرجل نبىّ، قال: فأنا أريده. قال: وأنا معك. قال له عثمان بن طلحة: وأنا معك. قفدموا على النبى صلى الله عليه وسلم المدينة. وقال محمد بن سلام: قال لى أبان بن عثمان: فقال عمرو بن العاص: فكنت أسنّ منهما، فقدّمتهما لأستدبر أمرهما، فبايعا على أن لهما ما تقدم من ذنوبهما، فأضمرت

_ 2234 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1949، أسد الغابة ترجمة 3964). 2235 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1953، الإصابة ترجمة 5897).

أن أبايعه، على أنّ لى ما تقدم وما تأخر، فلما أخذت بيده وبايعته على ما تقدّم، نسيت ما تأخر. وقال الزبير: لما هاجر عمرو بن العاص، فى الهدنة التى كانت بين يدى رسول اللهصلى الله عليه وسلم وبين قريش، هو وخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة، فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رمتكم مكة بأفلاد كبدها» واشترط على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بايعه، أن يغفر له ما تقدم من ذنبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الإسلام يجبّ ما قبله». واشترط عليه أن يشركه فى الأمر، فأعطاه ذلك، ثم بعث إليه رسول اللهصلى الله عليه وسلم فقال: «إنى أردت أن أوجهك وجها، وأزعب لك زعبة من المال». فقال عمرو: أمّا المال، فلا حاجة لى فيه ووجّهنى حيث شئت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعمّا بالمال الصالح للرجل الصالح» وأمّره قبل الشام، وأمره أن يدعو إلى الجهاد، فشخص عمرو إلى ذلك الوجه، ثم كتب إلى رسول اللهصلى الله عليه وسلم يستمده، فأمده بجيش فيهم أبو بكر وعمر، وأميرهم أبو عبيدة بن الجراح رضى الله عنهم، فقال عمرو: أنا أميركم. وقال أبو عبيد: أنت أمير من معك، وأنا أمير من معى. فقال عمرو: إنما أنتم مددى، فأنا أميركم. فقال له أبو عبيدة: تعلم، يا عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلىّ، فقال: إذا قدمت على عمرو فتطاوعا ولا تختلفا فإن خالفتنى أطعتك. قال: فإنى أخالفك، فسلم له أبو عبيدة، وصلى خلفه. وقيل لعمرو بن العاص: ما أبطأ بك عن الإسلام، وأنت أنت فى عقلك؟ . فقال: إنا كنّا مع قوم لهم علينا تقدم وسنّ، وتوازن حلومهم الجبال، ما سلكوا فجّا فتبعناهم إلا وجدناه سهلا. فلما أنكروا على النبى صلى الله عليه وسلم، أنكرنا معهم، ولم نفكر فى أمرنا، وقلدّناهم. فلما ذهبوا وصار الأمر إلينا، نظرنا فى أمر النبى صلى الله عليه وسلم وتدبرناه، فإذا الأمر بيّن، فوقع فى قلبى الإسلام، فعرفت قريش ذلك فى إبطائى عما كنت أسرع فيه من عونهم على أمرهم، فبعثوا إلىّ فتى منهم، فقال: أبا عبد الله! إن قومك قد ظنوا بك الميل إلى محمد، فقلت له: يا ابن أخى! إن كنت تحب أن تعلم ما عندى، فموعدك الليل من حراء. فالتقينا هنالك، فقلت له: إنى أنشدك الله الذى هو ربك ورب من قبلك ورب من بعدك، أنحن أهدى أم فارس والروم؟ . قال: اللهم بل نحن. قلت: فما ينفعنا فضلنا عليهم فى الهدى، إن لم تكن إلا هذه الدنيا، وهم فيها أكثر منا أمرا، قد وقع فى نفسى، أن ما يقول محمد من البعث بعد

الموت حق، ليجزى المحسن فى الآخرة بإحسانه، والمسئ بإساءته. هذا يابن أخى الذى وقع فى نفسى، ولا خير فى التمادى فى الباطل. قال ابن عبد البر: أسلم سنة ثمان قبل الفتح، وقيل أسلم بين الحديبية وخيبر، ولا يصح. وقيل: إنه لم يأت من أرض الحبشة إلا وهو معتقد الإسلام، لما أخبره النجاشى بنبوة النبىصلى الله عليه وسلم. قال ابن عبد البر: والصحيح أنه قدم مسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، سنة ثمان قبل الفتح بستة أشهر، هو وخالد وعثمان، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية نحو الشام، إلى أخوال أبيه العاصى بن وائل من بكر، يدعوهم إلى الإسلام، ويستنفرهم إلى الجهاد، فشخص عمرو إلى ذلك الوجه، فى جمادى الآخرة سنة ثمان، فى ثلاثمائة نفر، فسار حتى إذا كانوا على ماء بأرض جذام، يقال له السلاسل، خاف، فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمده، فأمده بخمسين ومائتين فارسا من المهاجرين والأنصار، فيهم أبو بكر وعمر رضى الله عنهما، وأمر عليهم أبا عبيدة، فلما قدموا، قال لهم عمرو: أنا أميركم، وأنتم مددى. فقال أبو عبيدة: إنما أنت أمير من معك، وأنا أمير من معى، فأبى عمرو، فقال له أبو عبيدة: يا عمرو، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عهد إلىّ: إذا قدمت إلى عمرو فتطاوعا ولا تختلفا، فإن خالفتنى أطعتك، قال: فإنى أخالفك، فسلم له أبو عبيدة، وصلى خلفه فى الجيش كله، وكانوا خمسمائة. وتعرف هذه الغزوة، بغزوة ذات السلاسل، وولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمان، فلم يزل عليها حتى قبض النبى صلى الله عليه وسلم، وولاه عمر بن الخطاب رضى الله عنه، بعد موت يزيد ابن أبى سفيان، فلسطين والأردن، ثم عزله، وكتب إليه بالمسير إلى مصر، فسار إليها فى جيش فافتتحها، ولم يزل عليها حتى مات عمر رضى الله عنه، وأقره عثمان رضى الله عنه عليها أربع سنين أو نحوها، ثم عزله وولاها عبد الله بن سعد بن أبى سرح، وكان ذلك بدء الشر بين عمرو وعثمان، واعتزل عمرو عثمان، ونزل فى ناحية فلسطين، وكان يأتى المدينة أحيانا، ويطعن فى خلال ذلك على عثمان، فلما قتل عثمان، سار إلى معاوية باستجلابه إياه، وشهد صفين معه، وكان منه بصفين وفى التحكيم ما هو عند أهل العلم بأيام الناس معلوم. ثم ولاه مصر، فلم يزل عليها إلى أن مات بها أميرا عليها. انتهى. وروى له عن النبى صلى الله عليه وسلم، سبعة وثلاثون حديثا، اتفق البخارى ومسلم منها على ثلاثة، وروى له البخارى بعض حديث، وروى له مسلم حديثين.

وروى عنه أبو عثمان النهدى، وقيس بن أبى حازم، وعروة بن الزبير، وجماعة. روى له الجماعة. وله فضائل وأخبار حسنة كثيرة، منها على ما قال آدم، عن حمّاد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبى سلمة، عن أبى هريرة رضى الله عنه، قال: قال النبىصلى الله عليه وسلم: «ابنا العاص مؤمنان، عمرو وهشام» (1). ومنها [ .... ] (2) وأما حديث عقبة بن عامر رضى الله عنه، أن النبىصلى الله عليه وسلم قال: «أسلم الناس، وآمن عمرو بن العاص» (3) فضعيف. لأن الترمذى لمّا أخرجه، قال: لا يعرف إلا من حديث ابن لهيعة، وإسناده ليس بالقوى. قال ابن عبد البر: وكان عمرو بن العاص رضى الله عنه من فرسان قريش وأبطالهم فى الجاهلية، مذكورا بذلك فيهم وكان شاعرا حسن الشعر، حفظ عنه منه الكثير فى مشاهد شتّى. ومن شعره فى أبيات له يخاطب بها عمارة بن الوليد بن المغيرة عند النجاشى [من الطويل]: إذا المرء لم يترك طعاما يحبه ... ولم ينه قلبا غاويا حيث يمما قضى وطرا منه وغادر سبة ... إذا ذكرت أمثالها تملا الفما وكان عمرو بن العاص رضى الله عنه، أحد الدهاة فى أمور الدنيا، المقدمين فى الرأى والمكر والدهاء، وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه، إذا ستضعف رجلا فى عقله ورأيه، قال: أشهد أن خالقك وخالق عمرو واحد، يريد خالق الأضداد. وقال مجالد عن الشعبى: دهاة العرب أربعة: معاوية بن أبى سفيان، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وزياد. فأما معاوية فللأناة والحلم، وأما عمرو فللمعضلات، وأما المغيرة بن شعبة، فللمداهنة، وأما زياد فللصغير وللكبير. وقال أبو عمر بن عبد البر: ذكروا أنه جعل لرجل ألف درهم، على أن يسأل عمرو ابن العاص عن أمه وهو على المنبر، فسأله، فقال: أمى سلمى بنت حرملة، تلقّب النابغة، من بنى عنزة، ثم أحد بنى جلان، أصابتها رماح العرب، فبيعت بعكاظ، فاشتراها

_ (1) أخرجه أحمد بن حنبل فى المسند، حديث رقم 7982، 8138، 8427، 8428. (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (3) سبق تخريجه.

الفاكه بن المغيرة، ثم اشتراها منه عبد الله بن جدعان، ثم صارت إلى العاص بن وائل، فولدت له فأنجبت، فإن كان جعل لك شيء فخذه. قال موسى بن علىّ بن رباح، عن أبيه: سمعت عمرو بن العاص يقول: لا أملّ ثوبى ما وسعنى، ولا أملّ زوجتى إذا أحسنت عشرتى، ولا أمل دابتى ما حملتنى، إن الملال من سيّئ الأخلاق. وقال أبو أمية بن يعلى، عن على بن زيد بن جدعان، قال رجل لعمرو بن العاص: صف لى الأمصار، قال: أهل الشام، أطوع الناس للمخلوق وأعصاه للخالق. وأهل مصر، أكيسهم صغارا وأحمقهم كبارا. وأهل الحجاز، أسرع الناس إلى الفتنة وأعجزهم فيها. وأهل العراق، أطلب الناس للعلم وأبعدهم منه. انتهى. قال ابن عبد البر: ولما حضرته الوفاة، قال: اللهم إنك أمرتنى بأمور فلم أئتمر، وزجرتنى فلم أنزجر. ووضع يده فى موضع الغلّ، فقال: اللهم لا أنا قوىّ فأنتصر، ولا برئ فأعتذر، ولا مستكبر بل مستغفر، لا إله إلا أنت، فلم يزل يرددها حتى مات. انتهى. واختلف فى تاريخ موته، فقيل: مات سنة اثنتين وأربعين، قاله خليفة وأبو عبيد، وقيل: سنة ثلاث وأربعين، قاله الواقدى، والليث بن سعد، والمدائنى، ويحيى بن بكير، ويحيى بن معين، وجماعة. قال بعضهم: يوم الفطر وقال بعضهم: ليلة الفطر. وقيل: مات سنة ست وأربعين، ذكره ابن عبد البر. وقيل: سنة ثمان وأربعين، ذكره المزى فى التهذيب. وقيل: إحدى وخمسين، حكاه ابن سعد، عن الهيثم بن عدى. وقال طلحة الكوفى عن أشياخه: مات سنة ثمان وخمسين، فى خلافة معاوية رضى الله عنه. وقال البخارى، عن الحسن بن رافع، عن ضمرة بن ربيعة: مات سنة إحدى أو اثنتين وستين، فى خلافة يزيد، ذكر هذه الأقوال المزى فى التهذيب. واختلف فى سنه رضى الله عنه، فقال ابن بكير: سنه نحو مائة سنة. وقال الواقدى: وهو ابن تسعين. وقال العجلىّ: وهو ابن تسع وتسعين. وقال ابن عبد البر: وكان له يوم مات تسعون سنة، ودفن بالمقطم من ناحية الفخ، وصلى عليه ابنه عبد الله، ثم رجع فصلى بالناس العيد، وولّى مكانه. انتهى.

2236 ـ عمرو بن عبد الأسد المخزومى، أبو سلمة

وقال عبد الرحمن بن شماسة: لما حضرت عمرو بن العاص رضى الله عنه الوفاة، بكى، فقال له ابنه عبد الله: لم تبك أجزعا من الموت؟ قال: لا والله، ولكن لما بعده، وذكر ما تلبّس به من الأمر بعد النبى صلى الله عليه وسلم، ثم قال عمرو رضى الله عنه: فإذا متّ، فلا تبكين على باكية، ولا يتبعنى مادح، ولا نار، وشدّوا على إزارى، فإنى مخاصم، وشنّوا علىّ التراب شنا، فإن جنبى الأيمن ليس أحق بالأيسر، ولا تجعلن فى قبرى خشبة ولا حجرا، وإذا واريتمونى فاقعدوا عندى قدر نحر جزور وتقطيعها، أستانس بكم. انتهى. وقال الذهبى: خلّف أموالا عظيمة، من ذلك سبعين رقبة بعير مملوءة ذهبا. كان معاوية رضى الله عنه، قد أطلق له خراج الديار المصرية ست سنين، شارطه على ذلك لما أعانه على وقعة صفين. انتهى. وكان قصيرا يخضب بالسواد. 2236 ـ عمرو بن عبد الأسد المخزومى، أبو سلمة: وقيل اسمه عبد مناف، فى الكنية. ذكره هكذا الذهبى، وقد تقدم ذكره فى باب عبد الله. 2237 ـ عمرو بن عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحى المكى: روى عن يزيد بن شيبان، وكلدة بن الحنبل، وعبد الله بن السائب المخزومى. روى عنه: عمرو بن دينار، وعمرو بن أبى سفيان الجمحى. روى له: البخارى فى الأدب، وأصحاب السنن. ذكره ابن حبان فى الطبقة الثانية من الثقات، وقال: يروى عن أبيه، وجماعة من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، عداده فى أهل مكة. انتهى. وذكره الزبير بن بكار، مع شيء من خبره، لأنه قال لما ذكر أولاد عبد الله بن صفوان الأكبر: وعمرو بن عبد الله، وكان من وجوه قريش، وفيه يقول الفرزدق لرجل من قريش ـ أو غير الفرزدق ـ رآه يتختر بمكة: تمشى تبختر حول البيت منتحيا ... لو كنت عمرو بن عبد الله لم تزد وقال الزبير: حدّثنى محمد بن سلّام، عن بعض العلماء قال: ثلاثة أبيات من قريش، توالت خمسة خمسة فى الشرف، كل رجل منهم من أشرف أهل زمانه: خالد بن يزيد

_ 2236 ـ سبق تخريجه انظر: الترجمة رقم 1560. 2237 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 242).

2238 ـ عمرو بن عبد الرحمن بن ساباط الجمحى المكى

ابن معاوية بن أبى سفيان بن حرب، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة، وعمرو بن عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف. وقال الزبير: حدثنى محمد بن سلام، عن أبى اليقظان عامر بن حفص، وعثمان بن عبد الرحمن بن عبيد الله الجمحى، أحدهما ببعض الحديث، والآخر ببعضه، قالا: لما قدم سليمان بن عبد الملك مكة فى خلافته، قال: من سيّد أهلها؟ قالوا: بها رجلان يتنازعان الشرف: عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد، وعمرو بن عبد الله بن صفوان. قال: ما سوى عمرو بعبد العزيز فى سلطاننا ـ وهو ابن عمّنا ـ إلا وهو أشرف منه، فأرسل إلى عمرو يخطب ابنته، فقال: نعم، ولكن على بساطى وفى بيتى، فقال سليمان: نعم، فأتاه فى بيته، معه عمر بن عبد العزيز، فتكلّم سليمان، فقال عمرو: نعم، على أن تفرض لى فى كذا، وتقضى عنى كذا، وتلحق لى كذا، وسليمان يقول: قد كان ذلك، فأنكحه. فلما خرج سليمان، قال لعمر: ألم تر إلى تشرّطه علىّ! لولا أن يقال دخل ولم ينكح، لقمت. وقال الزبير: وحدثنى محمد بن سلام، عن عمرو بن الحارث، إنما خطب سليمان بنت عمرو، على ابن أخيه. وقال الزبير، قال عمى مصعب بن عبد الله: وكان لعمرو بن عبد الله رقيق يتّجرون، فكان ذلك مما يعينه على فعاله وتوسّعه. وقال الزبير: حدثنى محمد بن سلام قال: حدثنى عبد الله بن مصعب الزبيرى، قال: قدم الفرزدق مكة، فأتى عمرو بن عبد الله بن صفوان، فسأله فقال: يا أبا فراس، ما وافقت عندنا نقدا، ولكن عروسا، فأعطاه غلمانا من بنيه وبنى إخوته، وقد أظلهّم العطاء، فقال: يا أبا فراس، هؤلاء بنىّ وبنو إخوتى، وأنا مفتديهم منك بحكمك. وأم عمرو بن عبد الله بن صفوان: أم جميل بنت خليد الدّوسىّ، على ما ذكر الزبير ابن بكار. وقال الذهبى: وكان أحد الأشراف. 2238 ـ عمرو بن عبد الرحمن بن ساباط الجمحى المكى: روى عن ابن عباس رضى الله عنهما، أنه كان سمع منه. روى عنه خالد بن يزيد. ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الثالثة الثقات.

_ 2238 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 245).

2239 ـ عمرو بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى

2239 ـ عمرو بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى: قال الزبير بن بكار، بعد أن عرفه بما ذكرناه: أمه هند بنت البياع بن عبد ياليل بن مغيرة بن سعد بن ليث بن بكر. قتل بالقادسية مع سعد بن أبى وقاص، أيام عمر رضى الله عنه، وليس له عقب. وقال ابن عبد البر: أمه هند، امرأة من بنى ليث بن بكر، كان ممن هاجر إلى الحبشة، قتل بالقادسية مع سعد بن أبى وقاص، فى خلافة عمر بن الخطاب، وليس له عقب. 2240 ـ عمرو بن محمد بن كرب بن عصيص المكى، أبو عبد الله: أحد مشايخ الصوفية. سمع يونس بن عبد الأعلى، والربيع بن سليمان المرادى، وسيف بن سليمان الحرانى. روى عنه جعفر الخلدى، وغيره. ولقى أبا عبد الله الساجى، وصحب أبا سعيد الخراز، وغيره من القدماء. وله تصانيف فى التصوف. وقال الخطيب: أخبرنا سعيد بن أحمد الحيرى، أخبرنا محمد بن الحسين السلمى النيسابورى، قال: سمعت أبا عبد الله الرازى، يقول: لما ولى عمرو قضاء جدة، هجره الجنيد، فجاء إلى بغداد، فسلم عليه، فلم يجبه، فلما مات، حضر الجنيد جنازته، فقيل: الجنيد، الجنيد! فقال بعض من حضر: يهجره فى حياته، ويصلى عليه بعد وفاته! لا والله لا يصلى عليه أبدا، فصلى عليه غيره. وقد اختلف فى وفاته ومحلها، فقيل: سنة إحدى وتسعين ومائتين، وصحح ذلك أبو عبد الرحمن السلمى، وقيل: سنة سبع وتسعين، وصححه الخطيب، لأن أبا الشيخ ابن حبّان، ذكر أنه قدم أصبهان، سنة ست وتسعين، وجزم به الذهبى فى العبر.

_ 2239 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1960، الإصابة ترجمة 5920، أسد الغابة ترجمة 3987). 2240 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات الصوفية 200 ـ 205، حلية الأولياء 10/ 291 ـ 296، ذكر أخبار أصبهان 2/ 33، تاريخ بغداد 12/ 223 ـ 225، الرسالة القشيرية 21، المنتظم 6/ 93، صفة الصفوة 2/ 440 ـ 442، دول والإسلام 1/ 181 مرآة الجنان 2/ 227 ـ 228، طبقات الأولياء 343 ـ 344، النجوم الزاهرة 3/ 170، 184 ـ شذرات الذهب 2/ 225 ـ 226، سير أعلام النبلاء 14/ 57).

2241 ـ عمرو بن عثمان أبو عبد الله المكى

وروى الخطيب، عن أبى نعيم الحافظ، أنه قال: وتوفى بمكة بعد سنة ثلاثمائة، وقيل: قبل الثلاثمائة. قال الخطيب: والصحيح أنه مات ببغداد، قبل سنة ثلاثمائة. وقال السلمى: إنه مات ببغداد. لخصّت هذه الترجمة من تاريخ الخطيب. 2241 ـ عمرو بن عثمان أبو عبد الله المكى [ ....... ] (1): من البغدادين. وكان ينسب فى الصحبة إلى الجنيد، ولقى أبا عبد الله النّباجىّ وأبا سعيد الخراز، وغيرهما من المشايخ، وهو شيخ القوم فى وقته، وإمام الطائفة فى الأصول والطريقة. وروى الحديث عن محمد بن إسماعيل البخارى، ويونس بن عبد الأعلى، ومن فى طبقتهما. وله الكلام البليغ، فمن كلامه: لا يقع على كيفية الوجد عبارة، لأنه سر الله تعالى عند المؤمنين الموقنين. وقال: اعلم أن العلم قائد، والخوف سائق، والنفس بين ذلك حرون جموح خداعة رواغة، فاحذرها، وراعها بسياسة العلم، وتتبعها بتهديد الخوف، يتمّ لك ما تريد. وقال: سرعة قضاء الحاجة، على قدر الفاقة، ومن أسرع بمسألة قبل فاقته، كان بمنزلة الشارب للماء قبل عطشه، وقد قال الله تعالى: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ) [النمل: 62]. وقال: الصدق فى الورع مفترض، كافتراض الصبر فى الورع، ومعنى الصدق، الاعتدال والعدل. وقال: اعلم أن كل ما توهمه قلبك، أو سنح فى مجارى فكرك، أو خطر فى معارضات سرك، من حسن أو بهاء، أو أنس أو ضياء، أو جمال أو قبح، أو نور أو

_ 2241 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات الصوفية 200 ـ 205، حلية الأولياء 10/ 291، صفة الصفوة 2/ 248، طبقات الشعرانى 1/ 104، تاريخ الأفكار القدسية 1/ 157، شذرات الذهب 2/ 225، هدية العارفين 1/ 803، نفحات الأنس 84، الكواكب الدرية 1/ 259، النجوم الزاهرة 3/ 180، تاريخ بغداد 12/ 223، تاريخ إصبهان 2/ 23). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

شخص أو خيال، فالله بعيد من ذلك كله، بل هو أعظم وأجل وأكبر، ألا تسمع إلى قوله عزوجل: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى: 11] وقال تعالى: (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) [الإخلاص: 3، 4]. وقال: المروءة، التغافل عن زلل الإخوان. وقال: رأس الزهد وأصله فى القلوب، وهو احتقار الدنيا واستصغارها، والنظر إليها بعين القلة. وقال: إذا كان أنين العبد إلى ربه، فليس هو بشكوى ولا جزع. وقال: الصبر هو الثبات مع الله، وتلقى بلاءه بالرحب والدعة. وقال: الفتوة حسن الخلق. وقيل: دخل أصبهان، فصحبه حدث، وكان والده يمنعه من صحبته، فمرض الصبى، فدخل إليه عمرو مع قوّال، فنظر الحدث إلى عمرو، وقال له: قل له، قل له، حتى يقول شيئا، فقال القوال [من الكامل]: ما لى مرضت فلم يعدنى عائد ... منكم ويمرض عبدكم فأعود فتمطى الحدث على فراشه وقعد، وقال زدنى بحقك. فقال: وأشد من مرضى علىّ صدودكم ... وصدود عبدكم علىّ شديد فزاد به البرء حتى قام وخرج معهم، فسئل عمرو عن ذلك، فقال: إن الإشارة إذا كانت من قبل السماع، كانت من فوق، فالقليل منها يشفى، وإذا كانت بعد السماع، كانت من تحت، فالقليل منها يهلك. وقال: تنزعج القلوب إلى الله تعالى من جهات ثلاث، إما من كلام الله تعالى، أو كلام أنبيائه، أو كلام العلماء، فإذا انزعجت بكلام العلماء، كان رجوعها سريعا، وإذا انزعجت بكلام الأنبياء ثبتت، وإذا انزعجت بكلام الله تعالى، لم تسكن إلا بلقائه. وقال: واغمّاه من عهد لم تقم له بوفاء! ومن خلوة لم تصحب بخفاء، ومن أيام تفنى ويبقى ما كان فيها أبدا، ومن مسألة ما الجواب عنها غدا؟ ! . وقال عثمان بن سهل: دخلت على عمرو بن عثمان المكى فى علته التى توفى فيها، فقلت له: كيف تجدك؟ فقال له: أجد سرى واقفا مثل الماء، لا يختار النقلة ولا المقام.

2242 ـ عمرو بن أبى عمرو بن شداد الفهرى، من بنى الحارث بن فهر بن مالك، ثم من بنى ضبة، يكنى أبا شداد

قلت: قال الحافظ أبو نعيم: لعمرو بن عثمان كلاما طويلا مبسوطا فى هذا الفن، فتركناه اختصارا. وتوفى سنة سبع وتسعين ومائتين، وقيل: سنة ست، وقيل: سنة إحدى وتسعين ببغداد، رحمة الله تعالى عليه ورضوانه. 2242 ـ عمرو بن أبى عمرو بن شداد الفهرى، من بنى الحارث بن فهر بن مالك، ثم من بنى ضبة، يكنى أبا شداد: شهد بدرا، ومات سنة ست وثلاثين. ذكره هكذا ابن عبد البر، وقال: ذكره الواقدى فيمن شهد بدرا من بنى الحارث بن فهر، من بنى ضبة، وذكر أنه شهدها وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة، ومات وهو ابن ست وثلاثين سنة، يكنى أبا شريك. 2243 ـ عمرو بن غيلان الثقفى: حديثه عند أهل الشام، ليس بالقوى، يكنى أبا عبد الله، وأبوه غيلان بن سلمة له صحبة، سيأتى ذكره فى بابه، وابنه عبد الله بن عمرو بن غيلان، من كبار رجال معاوية، قد ولاه البصرة عند موت زياد، حين عزل سمرة عنها، فأقام أميرها ستة أشهر، ثم عزله، وولّاها عبيد الله بن زياد فلم يزل بها واليا حتى مات، فأقره يزيد. انتهى ذكره هكذا عند ابن عبد البر. وقال صاحب تهذيب الكمال: عمرو بن غيلان بن سلمة الثقفى، مختلف فى صحبته، عداده فى أهل الشام. وقال خليفة بن خيّاط: كان من ساكنى البصرة. روى عن النبى صلى الله عليه وسلم حديثا، وعن عبد الله بن مسعود، وكعب الأحبار، وروى عنه عبد الرحمن بن جبير المصرى، وقتادة، وأبو عبد الله، ولا تصح صحبته، وأبوه غيلان له صحبة، وهو الذى أسلم وتحته عشر نسوة، فأمره النبى صلى الله عليه وسلم، أن يختار منهن أربعا، ويفارق سائرهن. وابنه عبد الله بن عمرو بن غيلان، من كبار رجال معاوية، وكان أميرا له على البصرة بعد موت زياد، وذكره أبو الحسن بن سميع، فى الطبقة الأولى من تابعى أهل الشام، ممن أدرك الجاهلية. روى له ابن ماجة حديثا واحدا.

_ 2242 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5931، الاستيعاب ترجمة 1961، أسد الغابة ترجمة 3995). 2243 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5946، الاستيعاب ترجمة 1967، أسد الغابة ترجمة 4006).

2244 ـ عمرو بن الفغواء بن عبيد بن عمرو بن مازن بن عدى بن ربيعة الخزاعى

2244 ـ عمرو بن الفغواء بن عبيد بن عمرو بن مازن بن عدى بن ربيعة الخزاعى: أخو علقمة بن الفغواء، ويقال: ابن أبى الفغواء. روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، وروى عنه ابنه عبد الله بن عمرو، وروى له أبو داود (1). من حديثه: أن النبى صلى الله عليه وسلم دعاه وقد أراد أن يبعث بمال إلى أبى سفيان، يقسمه فى قريش بمكة بعد الفتح. 2245 ـ عمرو بن كثير بن أفلح المكى، ويقال: عمر: روى عن عبد الرحمن بن كيسان، عن أبيه، عن النبى صلى الله عليه وسلم. وعنه محمد بن بشر العبدى ويونس بن محمد المؤدّب، ومحمد بن عون الزيادى، وأبو حذيفة النّهدىّ، وموسى بن إسماعيل، وجماعة. روى له ابن ماجة حديثا فى قصر الصلاة (1). وسئل عنه ابن المدينىّ، فقال: مكى لا يعرف: وقال أبو حاتم: لا بأس به.

_ 2244 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5946، الاستيعاب ترجمة 1968، أسد الغابة ترجمة 4006، تقريب التهذيب 2/ 76). (1) فى سننه، كتاب الأدب، حديث رقم (4861) من طريق: محمد بن يحيى بن فارس حدثنا نوح بن يزيد بن سيار المؤدب حدثنا إبراهيم بن سعد قال: حدثنيه ابن إسحاق عن عيسى بن معمر عن عبد الله بن عمرو بن الفغواء الخزاعى عن أبيه قال: دعانى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أراد أن يبعثنى بمال إلى أبى سفيان يقسمه فى قريش بمكة بعد الفتح فقال: التمس صاحبا، قال: فجاءنى عمرو بن أمية الضمرى فقال: بلغنى أنك تريد الخروج وتلتمس صاحبا؟ قال: قلت: أجل، قال: فأنا لك صاحب قال: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: قد وجدت صاحبا قال: فقال: من؟ قلت: عمرو بن أمية الضمرى قال: إذا هبطت بلاد قومه فاحذره فإنه قد قال: القائل أخوك البكرى ولا تأمنه، فخرجنا حتى إذا كنت بالأبواء قال: إنى أريد حاجة إلى قومى بودان فتلبث لى قلت: راشدا، فلما ولى ذكرت قول النبى صلى الله عليه وسلم فشددت على بعيرى حتى خرجت أوضعه حتى إذا كنت بالأصافر إذا هو يعارضنى فى رهط قال: واوضعت فسبقته فلما رآنى قد فته انصرفوا وجاءنى فقال: كانت لى إلى قومى حاجة قال: قلت: أجل ومضينا حتى قدمنا مكة فدفعت المال إلى أبى سفيان. 2245 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 8/ 94). (1) فى سننه، فى كتاب الصلاة، حديث رقم (1015) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا محمد بن بشر حدثنا عمرو بن كثير حدثنا ابن كيسان عن أبيه قال: رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يصلى الظهر والعصر فى ثوب واحد متلببا به.

2246 ـ عمرو بن محمد بن يحيى بن عمرو بن خالد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان، رضى الله عنه، الأموى

2246 ـ عمرو بن محمد بن يحيى بن عمرو بن خالد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان، رضى الله عنه، الأموى: قاضى مكة. هكذا نسبه صاحب الجمهرة، وقال: محدث، ولى قضاء مكة، توفى أيام المعتمد. انتهى. وقد تقدم ذكر أيام المعتمد. 2247 ـ عمرو بن محصن بن حرثان الأسدى، أسد خزيمة: أخو عكاشة بن محصن، وقد تقدم نسبه، شهد أحدا. 2248 ـ عمرو بن مسلم الخزاعى: ذكره هكذا الذهبى، وقال: روى عنه ابنه يزيد، عن أبيه مسلم، غلط من عدّه صحابيا. وذكره الكاشغرى، وقال: له رواية. 2249 ـ عمرو بن ميمون المكى: هكذا ذكره صاحب الكمال. ممن روى عنه عنبسة بن سعيد البصرى، أخو أبى الربيع السمان، الذى روى له أبو داود، وما علمت من حاله سوى هذا. 2250 ـ عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية الأموى السعيدى، أبو أمية المكى: روى عن أبيه، وجده. روى عنه سفيان بن عيينة، وموسى بن إسماعيل، وأحمد بن محمد الأزرقى، وسويد بن سعيد، وغيرهم. روى له البخارى (1)، وابن ماجة (2).

_ 2247 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 5970، أسد الغابة ترجمة 4021، الاستيعاب 1974). 2248 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 4/ 271، التجريد 1/ 448). 2249 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 8/ 109). 2250 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 8/ 118). (1) عدة أحاديث منها حديث ابن ماجة الآتى ذكره، انظر صحيح البخارى، كتاب الوضوء، حديث رقم 155، وفى كتاب الإجارة، حديث رقم 2262، وفى كتاب السير، حديث رقم 2827، وفى كتاب المناقب، حديث رقم 3605، 3860، وفى كتاب المغازى، حديث رقم 4239، وفى كتاب الفتن، حديث رقم 7058. (2) فى سننه، كتاب التجارات، حديث رقم (2149) من طريق: سويد بن سعيد حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد القرشى عن جده سعيد بن أبى أحيحة عن أبى هريرة قال: قال ـ

2251 ـ عمرو بن يعلى الثقفى

قال ابن معين: صالح. وذكره ابن حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات، وقال: من أهل مكة. 2251 ـ عمرو بن يعلى الثقفى: له رواية، لا تصح له صحبة، ذكره هكذا الكاشغرى. * * * من اسمه عمران 2252 ـ عمران بن أنس المكى، أبو أنس: روى عن ابن أبى مليكة، وعطاء، وعنه معاوية بن هشام، وأبو نميلة يحيى بن واضح، ومصعب بن المقدام. روى له أبو داود، والترمذى، عن عطاء، عن ابن عمر رضى الله عنهما، حديث: «اذكروا محاسن موتاكم، وكفّوا عن مساوئهم» (1). قال البخارى: منكر الحديث. وذكره ابن حبان فى الثقات، وقال: عمران بن أنس، يخطئ. 2253 ـ عمران بن ثابت بن خالد بن سليمان بن عمر القرشى الفهرى، القاضى بهاء الدين، أبو محمد المكى: قاضى مكة. سمع من أبى الحسن بن المقيّر: سنن أبى داود، ومن ابن أبى الفضل المرسى: صحيح ابن حبان، وغير ذلك. وحدث. سمع منه الفخر التوزرى، وولى قضاء مكة نحو سبع وعشرين سنة، وكانت ولايته فى الخامس والعشرين من شوال، سنة خمس وأربعين وستمائة، إلى أن مات فى صفر، من

_ ـ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بعث الله نبيا إلا راعى غنم، قال له أصحابه: وأنت يا رسول الله؟ قال: وأنا كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط. قال سويد: يعنى كل شاة بقيراط. 2251 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1986، أسد الغابة ترجمة 4043، الإصابة ترجمة 6000). 2252 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 293). (1) أخرجه الترمذى فى سننه، كتاب الجنائز، حديث رقم 1019، وأبو داود، فى سننه، كتاب الأدب، حديث رقم 4900.

2254 ـ عمران بن حصين بن عبيد بن خلف الخزاعى الكعبى، يكنى أبا نجيد، بابنه نجيد

سنة ثلاث وسبعين وستمائة، ومولده فى سنة اثنتين وعشرين وستمائة. نقلت مولده ووفاته ومدة ولايته، من خط أبى العباس الميورقى، ووجدت بخطه، أنه ولى القضاء استهزاء به، حتى ينظر من يصلح. وذكر أن سبب ذلك، أنه عقد مجلس بسبب القاضى عبد الكريم بن أبى المعالى الشيبانى، بحضرة أمير مكة الشلاح، وابن أبى الفضل المرسى، فعين المرسىّ القطب القسطلانى، فبعثوا إليه، فأبطأ عليهم، لأنه تشاغل بالطهارة والاستخارة، وانفض المجلس قبل حضوره، لأن الشلاح، كان به فتق، فقال ابن أبى الفضل للقاضى عمران هذا: يا عمير، سدد الأمور، حتى يولوا قاضيا. انتهى. ووجدت فى تراجمه فى بعض الإسجالات عليه: إمام مقام إبراهيم الخليل عليه السلام. وهذا يحمل على أنه أمّ به نيابة، لأن الإمام بالمقام فى تاريخ الإسجال، الفقيه سليمان بن خليل العسقلانى، والله أعلم. وذكره المحب الطبرى فى «العقود الدرية، والمشيخة الملكية المظفرية» تخريج المحب الطبرى، للملك المظفر صاحب اليمن، فقال: الشيخ السابع والعشرون، الفقيه الإمام، علم العلماء، فخر القضاة، ورئيس الرؤساء، قاضى الحرم الشريف، بهاء الدين أبو محمد عمران بن ثابت القرشى الفهرى، أحد رؤساء علماء الحرم الشريف وفضلائهم، وصالحيهم ومدرسيهم ومفتيهم، وولى القضاء بالحرم الشريف، فسلك فيه مسلك السلف الصالح، فى الخمول والتغاضى والصبر على الأذى، ومقابلة المسئ بالإحسان، والامتناع من قبول الهدية، وحبس النفس على منفعة المسلمين، نفع الله به. انتهى. 2254 ـ عمران بن حصين بن عبيد بن خلف الخزاعى الكعبى، يكنى أبا نجيد، بابنه نجيد: أسلم عام خيبر، واستقضاه، على ما قال خليفة، عبد الله بن عامر بن كريز على البصرة، فأقام أياما، ثم استعفاه فأعفاه، وكان من أفاضل الصحابة وفقهائهم، رضى الله عنهم. روى عنه أهل البصرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه كان يرى الحفظة، وكانت تسلم عليه، حتى اكتوى، فلما ترك الكىّ عادت الملائكة تسلّم عليه ويراها عيانا، كما جاء مصرّحا به فى صحيح مسلم.

_ 2254 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1992، الإصابة ترجمة 6024، أسد الغابة ترجمة 4048).

2255 ـ عمران بن طلحة بن عبيد الله التيمى

وقال محمد بن سيرين: أفضل من نزل البصرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عمران ابن الحصين، وأبو بكرة، وكان الحسن البصرى يحلف بالله ما قدمها ـ يعنى البصرة ـ راكب خير لهم من عمران بن حصين. قال النووى: وكان مجاب الدعوة، وبعثه عمر رضى الله عنه إلى البصرة، ليفقه أهلها، ولم يشهد تلك الحروب. روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مائة حديث وثمانون حديثا، اتفقوا على ثمانية، وانفرد البخارى بأربعة، وانفرد مسلم بتسعة. روى عنه أبو رجاء العطاردى، ومطرّف بن عبد الله بن الشّخيّر، ومحمد بن سيرين، والشعبى، والحسن البصرى، وجماعة. روى له الترمذى والنسائى وابن ماجة. وكان أبيض الرأس واللحية. توفى فى خلافة معاوية رضى الله عنه، سنة اثنتين وخمسين بالبصرة، وكان سكنها، واختلف فى أبيه، هل أسلم وله صحبة، أم لا؟ فقال ابن الجوزى فى التنقيح: أسلم. ويؤيّده ما فى جامع الدعوات من الترمذى، عن عمران رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى: «يا حصين، كم تعبد اليوم إلها؟ قال: سبعة، ستة فى الأرض وواحد فى السماء، قال: فأيهم تعدّ لرغبتك ورهبتك؟ قال: الذى فى السماء. قال: يا حصين! أما إنك لو أسلمت، علمتك كلمتين تنفعانك؟ فلما أسلم، قال: يا رسول الله، علمنى الكلمتين اللتين وعدتنى، قال: قل: اللهم ألهمنى رشدى، وأعذنى من شر نفسى». قال الترمذى: هذا حديث حسن غريب. 2255 ـ عمران بن طلحة بن عبيد الله التيمى: أمه حمنة بنت جحش. يقال: ولد فى عصر النبى صلى الله عليه وسلم، فسماه، ذكره هكذا الذهبى، وذكره الكاشغرى بمعناه.

_ 2255 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات سعد 5/ 166، طبقات خليفة 2092 تاريخ البخارى 6/ 416، المعارف 232، الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الثالث 499، تاريخ ابن عساكر 12/ 339، أسد الغابة 4/ 138، تهذيب الكمال 1061، تاريخ الإسلام 3/ 286، تذهيب التهذيب 3/ 114، الإصابة 6271، تهذيب التهذيب 8/ 133، خلاصة تذهيب التهذيب 295، سير أعلام النبلاء 4/ 370.

2256 ـ عمران بن عبد الرحمن بن الحارث الهلالى

2256 ـ عمران بن عبد الرحمن بن الحارث الهلالى: يروى عن مجاهد. روى عنه ابنه محمد بن عمران. هو من أهل مكة. ذكره ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات. 2257 ـ عمران بن عبيد المكى: يروى عن أمه ليلى، مولاة أسماء. روى عنه أبو عاصم النبيل. ذكره ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات. 2258 ـ عمران بن محمد بن أبى حمير سبأ بن أبى السعود بن الزريع بن العباس بن موسى الكزّم اليامى الهمدانى، يكنى بأبى موسى: صاحب عدن، توفى بعدن، وحمل إلى مكة لغرامه فى الحج، ودفن بالمعلاة، ومن حجر قبره لخصت ما ذكرت، وفيه غير ذلك من حاله، فنذكره كما هو مكتوب فيه، ونصه: «هذا مشهد الملك الأجل الأوحد، الأمير المكرم، الظهر المؤيد النصير، سيف الأنام، ركن الإسلام، عماد الدين، نظام المؤمنين، عظيم اليمن، فريد الزمن، ذى المجدين، داعى أمير المؤمنين، أبى موسى عمران بن المعظم المتوج المكين، داعى أمير المؤمنين، أبى عبد الله محمد بن الأوحد المطهر فى الدين، داعى أمير المؤمنين، أبى حمير سبأ بن أبى السعود بن الزريع بن العباس بن موسى الكزم اليامى الهمدانى، تغمده الله بالرحمة والرضوان، وبوّأه منازل الجنان، توفى بمستقر ملكه مدينة عدن، يوم الجمعة لتسع خلون من ربيع الآخر، من سنة إحدى وستين وخمسمائة، وكان مع ما حلّاه الله من علوّ الشان، وعظيم السلطان، شديد الغرام بحج بيت الله الحرام، فاخترمه الحمام دون المرام، وعلم الله تعالى صحة نيته، فاختار لتربته سعة رحمته، بعد أن وقف به بعرفات والمشعر الحرام، وصلّى عليه خلف المقام، وأطلق جميع الحاج فى ذلك العام». انتهى. 2259 ـ عمران بن مسلم المكى: عن عبد الله بن دينار. ذكره الذهبى فى تجريد أسماء التهذيب، وذكر أنه للتمييز. * * *

_ 2258 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ ثغر عدن 182).

من اسمه عمير

من اسمه عمير 2260 ـ عمير بن رئاب بن حذيفة بن مهشّم بن سعيد بن سهم القرشى السهمى: هذا قول ابن الكلبى. وقال الواقدى: عمير بن رئاب بن حذافة بن سعيد بن سهم، كان من مهاجرة الحبشة، استشهد بعين التمر، تحت راية خالد بن الوليد، رضى الله عنه. 2261 ـ عمير بن عوف، مولى سهيل بن عمرو القرشى العامرى، يكنى أبا عمرو: وهذا قول بن عقبة، وأبى معشر، والواقدى. وكان ابن إسحاق يقول: عمرو بن عوف. ولم يختلفوا أنه من مولّدى مكة، شهد بدرا وأحدا والخندق، وما بعدها من المشاهد، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومات فى خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وصلى عليه عمر رضى الله عنه. روى له الجماعة، سوى أبى داود. 2262 ـ عمير بن قتادة بن سعيد الليثى: ذكره هكذا ابن عبد البر، وقال: سكن مكة، لم يرو عنه غير ابنه عبيد بن عمير، له صحبة ورواية، وساق له بسنده حديثا، أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الكبائر، فقال: «هى تسع: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التى حرم الله تعالى، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولى يوم الزحف، وقذف المحصنات، وعقوق الوالدين المسلمين، واستحلال البيت الحرام قبلتكم، أحياء وأمواتا». وذكره صاحب الكمال، وزاد فى نسبه «ابن عامر» وزاد بعد الليثى: «الجندعىّ». وذكر النووى فى حواشى الكمال، أن المشهور فى اسم أبيه «قتادة» قال: ويقال عمير ابن حبيب، ذكره الحافظ ابن عساكر.

_ 2260 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 6047، أسد الغابة ترجمة 4073، الطبقات 4/ 245، الاستيعاب ترجمة 2005). 2261 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 6064، الاستيعاب ترجمة 2012). 2262 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 6065، الجرح والتعديل 6/ 378، الاستيعاب ترجمة 2014، أسد الغابة ترجمة 4085).

2263 ـ عمير بن أبى وقاص، واسم أبى وقاص، مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة القرشى الزهرى

وكذا جاء فى رواية ابن ماجة، ثم قال: وقال: ابن أبى حاتم: مكى. انتهى. روى له أبو داود والنسائى وابن ماجة. 2263 ـ عمير بن أبى وقاص، واسم أبى وقاص، مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة القرشى الزهرى: أخو سعد بن أبى وقاص رضى الله عنهما، قال الزبير بن بكار، بعد أن ذكر شيئا من خبر أخيه سعد بن أبى وقاص: وأخوه عمير، استشهد يوم بدر، وكان رسول اللهصلى الله عليه وسلم استصغره، فأراد أن يخلفّه، وهو ابن ست عشرة سنة، فبكى، فخرج به معه، فاستشهد ببدر. انتهى. وقال غيره: قتل يوم بدر شهيدا، قتله عمرو بن عبد ودّ، فكان النبىصلى الله عليه وسلم، استصغره حين أراد الخروج إلى بدر، فرده، فبكى عمير رضى الله عنه، فأجازه، وكان يقول: أحب الخروج، لعل الله يرزقنى الشهادة، فرزقه الله تعالى إياها، وهو ابن ست عشرة سنة، على ما قال الواقدى. قال النووى: كان عمير رضى الله عنه صحابيا، قديم الإسلام، من المهاجرين، وكان سيفه طويلا، يعقد عليه حمائله. 2264 ـ عمير بن وهب بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحى، يكنى أبا أمية: ذكر الزبير، أن أمه، أم سخيلة بنت هشام بن سعيد بن سهم. قال: وهو الذى حزر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ثلاثمائة، إن زادوا فقليلا، ثم هم الحصى تحت الجحف. ثم أقبل على قريش فقال: لا تعرّضوا وجوهكم هذه، التى كأنها المصابيح، لوجوه كأنها وجوه الحيات، ولقد رأيت أقواما لا يموتون حتى يقتلوا أعداءهم، قالت قريش: دع هذا عنك، وحرش بين القوم. فهو أول من رمى بفرسه ونفسه أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، وأشبّ الحرب، وأسر ابنه يومئذ وهب بن عمير، ثم قدم على النبى صلى الله عليه وسلم، وهو يريد الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره رسول اللهصلى الله عليه وسلم خبره فأسلم، وشهد معه فتح مكة، واستأمن

_ 2263 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 6072، الاستيعاب ترجمة 2019، أسد الغابة ترجمة 4059، تجريد أسماء الصحابة 1/ 220). 2264 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 6073، الاستيعاب ترجمة 2020، أسد الغابة ترجمة 4096، الجرح والتعديل 6/ 2091، البداية والنهاية 3/ 113، 5/ 8).

لصفوان بن أمية، فأطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمير ابنه حين أسلم، وكان له قدر وشرف، وكان بالشام، وقد انقرض بنو وهب بن خلف فلا عقب لهم. وكان من أبطال قريش، وهو أحد الأربعة المعدود كل منهم بألف فارس، على ما قيل، الذين أمد بهم عمر بن الخطاب، عمرو بن العاص، رضى الله عنهم، فى فتح مصر، ولم يختلف فى أنه منهم، كما لم يختلف فى أن الزبير بن العوام، وخارجة بن حذافة السهمى منهم، واختلف فى بشر بن أرطاة، فبعضهم يعدّه فيهم، وبعضهم يجعل المقداد بن الأسود عوضه، وهو الذى مشى حول عسكر النبى صلى الله عليه وسلم فى نواحيه، ليحرز عددهم يوم بدر، وأسر ابنه وهب بن عمير يومئذ، ثم قدم عمير رضى الله عنه المدينة، يريد الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره، فأسلم. وسبب قدومه المدينة على ما قيل، أنه جلس يوما بعد بدر، مع صفوان بن أمية الجمحى فى الحجر، فتذاكرا قتلى بدر، فقال عمير: والله لولا بنات لى أخاف عليهم الضيعة بعدى، لذهبت إلى محمد حتى أقتله، فإن لى عنده حجّة، أقول: جئت فى فداء أسيرى، فقال له صفوان: دينك علىّ، واجعل بناتك عدل بناتى ما حييت. قال: فاكتم علىّ. قال: فجهزه صفوان، ثم ذهب ليفتك بالنبى صلى الله عليه وسلم، فقدم المدينة، فأناخ بعيره عند باب النبى صلى الله عليه وسلم، ثم دخل المسجد متقلدا سيفه، فلما رآه عمر، وثب إليه، وقال: يا رسول الله: هذا عدو الله عمير بن وهب، الذى حزرنا يوم بدر، ولا نأمن غدره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعه، فجاء حتى جلس بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له النبىصلى الله عليه وسلم: ما جاء بك يا عمير؟ قال: جئت لأفادى أسيرى، وتحسن إلىّ، قال: وأين ما جعلت لصفوان بن أمية وأنتما فى الحجر؟ فقال عمير: والله ما علم بهذا أحد يخبر بنا، إلا الله، وما سبقنى إليك أحد، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله. وكان صفوان يقول لقريش بعد مخرجه: أبشروا بوقيعة تنسيكم وقعة بدر، فيقال له: ما هى؟ فيقول: ستعلمونه بعد حين، وكان يسأل من قدم من المدينة عن عمير حتى أخبر بإسلامه، فجعل على نفسه ألا يكلمه أبدا، ولا ينفعه بنافعة أبدا. وقال الواقدى: حدثنى محمد بن أبى حميد، عن عبد الله بن عمرو بن أمية، عن أبيه، قال: لما قدم عمير بن وهب مكة، يعنى بعد أن أسلم، نزل بأهله، ولم يقف بصفوان بن أمية، فأظهر الإسلام، ودعا إليه، فبلغ ذلك صفوان، فقال: قد عرفت حين لم يبدأ بى قبل منزله، أنه قد ارتكس وصبأ، فلا أكلمه أبدا، ولا أنفعه ولا عياله بنافعة، فوقف عليه

2265 ـ عنان بن مغامس بن رميثة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى المكى، يكنى أبا لجام، ويلقب زين الدين

عمير وهو فى الحجر، فناداه، فأعرض عنه، فقال له عمير: أنت سيد من ساداتنا، أرأيت الذى كنا عليه من عبادة حجر، والذبح له. أهذا دين! أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله. فلم يجبه صفوان بكلمة. وشهد عمير رضى الله عنه، مع النبى صلى الله عليه وسلم فتح مكة، وقيل إن عميرا أسلم بعد وقعة بدر، وشهد أحدا مع النبى صلى الله عليه وسلم، وعاش إلى صدر من خلافة عثمان رضى الله عنه، وقيل إن النبىصلى الله عليه وسلم، بسط لعمير بن وهب رداءه حين أسلم، وقال: الخال والد. قال ابن عبد البر: وإسناده لا يصحّ، وبسط الرداء لوهب بن عمير، أكثر وأشهر. 2265 ـ عنان بن مغامس بن رميثة بن أبى نمىّ محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى المكى، يكنى أبا لجام، ويلقب زين الدين: أمير مكة. ولى إمرتها مرتين: الأولى سنة، غير أنه كان معزولا من قبل السلطان، نحو أربعة أشهر من آخرها، والثانية سنتان، أو نحوهما، غير أنه كان ممنوعا أشهرا من قبل آل عجلان، لغلبتهم له على الأمر بمكة، وسنوضح ذلك وغيره من خبره، وذلك أنه كان بعد قتل أبيه مغامسا، لايم عمه سند بن رميثة، فلما مات سند، استولى عنان على خيله وسلاحه، وفر بذلك عن عمه عجلان، لأنه وارث لسند، ثم لايم عنان عمه عجلان، وابنه أحمد، وكانا يغتبطان به، لما فيه من الخصال المحمودة. وبلغنى أنه دخل يوما على عجلان، وعنده بعض أعيان بنى حسن، مستقضيا منه حاجة، فقضاها له عجلان، ثم قال: هنيئا لمن كان له ابن مثله! . وكان أحمد بن عجلان يكرمه كثيرا، وزوجه على ابنته: أم المسعود، وفى ليلة مقامه للدخول عليها، قتل أخوه محمد بن مغامس، فأرضاه عنه أحمد بن عجلان بمال جيد، ثم نفر عنه أحمد، لميله عنه إلى صاحب حلى، لما رام أحمد القيام عليه، كما سبق مبينا فى ترجمة أحمد. وأمر عنانا بأن يبين عنه، فبان، وأخذ إبلا كثيرة للأعراب، فسألوا أحمد بن عجلان أن يستنقذها لهم من عنان، فأبى ذلك أحمد، فتوسل كل من له فيها حق إلى عنان، ببعض بنى حسن، فأجاب كل سائل بمراده، إلى أن لم يبق معه إلا اليسير، فقال لصاحبه: إن كان لك صاحب من بنى حسن، فكلّمه يسألنى فى رد ذلك فأرده، فقال له: إنما أسألك بالله فى رد ذلك، فرده عليه. وحصّل خيلا وسلاحا، بمعاونة صاحب حلى له على ذلك، ثم رأى أحمد بن عجلان، أن يعيده إلى مصاحبته، فأجاب عنان إلى ذلك،

_ 2265 ـ انظر ترجمته فى: (الإكليل 10/ 135، 158، الأعلام 90/ 5).

وأحسن له بعد عوده إليه، ثم أغرى به بعض بنى ثقبة، وأغراه ببعضهم، كما سبق مبينا فى ترجمة أحمد، ليشتغل عنان عن أحمد بمعاداة بنى ثقبة، ويشتغل بنو ثقبة عن أحمد، بمعاداة عنان، فما تم له قصد، وعرف ذلك عنان، وبنو ثقبة، ثم سافر عنان وحسن بن ثقبة إلى مصر، فبالغا فى شكوى أحمد، وسألا السلطان الملك الظاهر برقوق صاحب مصر، فى أن يرسم لهم عليه بأمور رغبا فيها، فأجاب سؤالهم، إلا أن عنانا رزق قبولا من السلطان، واتبعهم أحمد بن عجلان بهدية سنية للسلطان مع كبيش، ولما رأى كبيش حال عنان رائجا، أظهر للسلطان وللدولة، أن أحمد بن عجلان يوافق ما رسم لعنان وبنى ثقبة، لئلا يتم على أحمد بمصر سوء، وسالم المذكورين حتى وصل مكة، وعرف أحمد بالحال، وقال له: لا بد لك من الموافقة على ما رسم به لهما، أو الفتك بعنان، فمال إلى الثانى، وأضمر ذلك، واجتمع به عنان وحسن بن ثقبة، بعد التوثق منه، فما أجاب لمرادهما، ثم إن بعض المتكفلين لعنان، بأمان أحمد بن عجلان، عرّفه بقصد أحمد فيه، وكان ذلك بمنى، ففر إلى ينبع، وتلاه حسن بن ثقبة، ثم حسّن لهما أمير الحاج المصرى، أبو بكر بن سنقر الجمالى، أن يرجعا إلى مكة، وحسّن لمحمد ابن عجلان، أن يرجع معهما، وكان قد توجه من مكة مغاضبا لأخيه، وضمن لهم أن أحمد يقضى حوائجهم، إذا وصل إليه كتابه، فرجعوا إلى أحمد، فلما اجتمعوا به قبض عليهم، وضم إليهم أحمد ابن ثقبة، وابنه عليا، وقيد الخمسة وسجنهم بالعلقمية، من أول سنة سبع وثمانين وسبعمائة، وإلى موسمها، ثم نقلهم إلى أجياد، فى موسم هذه السنة، ثم أعادهم بعد الموسم إلى العلقمية، وكادوا يفلتون منها بحيلة دبروها، وهى أنهم ربطوا سررا كانت عندهم بثياب معهم، وصعدوا فيها، غير محمد بن عجلان، حتى بلغوا طاقة تشرف على منزل ملاصق لسجنهم، فنزلوا منها إليه، فنذر بهم بعض الساكنين فيه، فصاح عليهم يظنهم لصوصا، فسمع الصياح، الموكّلون بهم من خارج السجن، فتيقّظوا، وعرف الأشراف بتيقظ الموكّلين بهم، فأحجموا عن الخروج إلا عنانا، فإنه أقدم، ولما بلغ الدار، وثب وثبة شديدة، فانفك القيد عن إحدى رجليه، وما شعر به أحد حين خرج، فسار إلى جهة سوق الليل، وما كان غير قليل، حتى رأى كبيش والعسكر يفتشون عليه بضوء معهم، فدنا إلى مزبلة بسوق الليل، وأظهر أنه يبول، وأخفاه الله عن أعينهم. فلما رجعوا، سار إلى أن لقيه بعض معارفه، فعرفه خبره، وسأله فى تغييّبه، فغيبه فى بيت بشعب علىّ، فى صهريج فيه، ووضع على فمه حشيش ودابة، لئلا يظهر موضع الصهريج للناظر فى البيت، وفى الصباح أتى كبيش بعسكره إلى ذلك البيت، لأنه أنهى إليه أنه فيه، فما وجده فيه، فقيل له: إن فى البيت صهريجا، فأعرض عن ذلك، لما أراده

الله تعالى من سلامة المختفى فيه، ثم بعث إلى بعض الأشراف ذوى راجح، وكان له منهم قرابة، فحضر إليه غير واحد منهم، وسألهم فى إعانته، بمركوب له ولمن يسافر معه، فأجابوه لقصده، وأخرجوا له ركائب إلى المعابدة، وحملوا عليها فخّارا وغيره، ليخفى أمرها على من يراها، وخرج عنان من سوق الليل إلى المعابدة، ونزل عند امرأة يعرفها من أهلها، فأخفته بإلباسها له ثياب النساء، وأجلسته معها ومع غيرها، ونمى الخبر إلى كبيش، فأتى إلى المنزل الذى فيه عنان بالمعابدة، وسأل عنه صاحبة المنزل التى أخفته، فنالت بالقول من عنان كثيرا، وأنكرت أن يكون عندها، فصدقها كبيش. فلما كان الليل، ركب مع رجلين أو ثلاثة، الرواحل التى أعدت لهم، فوقفت بعض ركابهم، قبل وصولهم إلى وادى مرّ، وما وصل هو إلى خليص، إلا وقد كلّت راحلته، فسأل بعض أهل خليص عن راحلة لبعض أصحابه، بلغه أنها بخليص، فأخبر بوجودها، فأخذها؛ ويقال إن صاحبها كان إذا فرغ من علفها، يقول: ليت عنانا يخلص فينجو عليك، فكان ما تمناه، فتوصل عنان إلى ينبع، ثم إلى مصر، فى أثناء سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، فأقبل عليه الملك الظاهر، ووصل إليه فيما بلغنى، كتاب من أحمد بن عجلان، يسأله فى ردّ عنان إليه، فكتب إليه الظاهر يقول: وأما ما ذكرت من جهة عنان، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) [التوبة: 6] وبعد قليل، بلغ السلطان موت أحمد بن عجلان، وكحل ولده للأشراف المسجونين، فتغير على الولد، لأنه كان يسأل أباه فى إطلاقهم، فأبى وأضمر تولية عنان مكة عوضه، وكتم ذلك على عنان، وخادع محمد بن أحمد بن عجلان، بأن أرسل إليه العهد والخلعة بولاية مكة، وأذن لعنان فى التوجه صحبة الحاج، وأمر أمير الحاج، بقلة مراعاته لعنان فى طريق مكة، فكان لا يلتفت إليه، وربما أهانه لئلا يتشوّش محمد بن أحمد بن عجلان، وتمت عليه هذه الخدعة، لما قضى الله تعالى به من الشهادة، فإنه لما حضر لخدمة المحمل المصرى، على عادة أمراء الحجاز، قتله باطنينان، فى مستهل الحجة، من سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، وبعد قتله، أشعر أمير الحاج الماردينّى عنانا بولايته لإمرة مكة، عوض المذكور، ودخل مع الترك، وعليهم السلاح، حتى انتهوا إلى أجياد، فحاربهم فيه بعض جماعة محمد بن أحمد ثم ولوا، ونودى لعنان فى البلد بالولاية، وألبس الخلعة السلطانية بذلك، فى مستهل الحجة، ثم قرئ توقيعه على قبة زمزم، وكتاب السلطان بولايته، وإلزام بنى حسن من الأشراف والقواد بطاعته، وقام بخدمة الحاج حتى رحلوا، وتوجه بعد سير الحاج بمدة بسيرة، إلى جدة، فقرر أمرها ورتب بها نائبا، محمد بن عجلان، لملايمته له من السجن، وتوحشه

من كبيش، بسبب قيامه فى كحله، واستدنى جماعة كثيرة من عبيد أحمد، فأحسن إليهم، وقال لهم: أنا عوضكم فى مولاكم وابن مولاكم، فأظهروا له الرضا عنه، وجعلهم بجدة، وجعل بها محمد بن بركتى ـ وهو ابن مولى أبيه مغامس ـ عينا له على محمد، ومن معه من آل عجلان، فوقع من محمد بن عجلان، ما أنكر عليه محمد بن بركتى، وأنهى ذلك عنه إلى عنان، فكتب عنان إلى محمد بن عجلان يزجره، فغضب محمد، وأرسل إلى كبيش ومن ومعه من آل عجلان وغيرهم، يستدعيهم إليه، فقدموا إليه، واستولوا على جدة، وما فيها من أموال الكارم، وغلال المصريين، من أهل الدولة بمصر، وكان ذلك شيئا عظيما جدا، ومال إليهم للطمع، جماعة من أصحاب عنان، ولم يستطيع عنان الخروج إليهم، واحتاج، وأخذ بمكة ما كان فى بيت شمس الدين بن جن البئر، وكيل الأمير جركس الخليلى، أمير آخور الملكى الظاهرى، وأحد خواص السلطان، من الغلال والقماش والسكر وغير ذلك، وكان شيئا كثيرا، وأعطى ذلك لبنى حسن وغيرهم [ ..... ] (1) به حال عنان، وكان الذين مع عنان يختلفون عليه، فأرضى أحمد بن ثقبة وعقيل بن مبارك، بإشراكهما معه فى الإمرة بمكة، وصار يدعى لهما معه فى الخطبة، وبعد المغرب على زمزم، ولكل منهما طبلخانه وغلمانه، ثم أشرك معه فى الإمرة والدعاء، على بن مبارك، لما أتاه منافرا لآل عجلان، وبلغ ذلك ـ مع ما اتفق بجدة ومكة من النهب ـ السلطان بمصر، فعزل عنانا، وولى على بن عجلان إمرة مكة عوضه. وامتنع أصحاب عنان من تسليم البلد لعلى، فتابعهم عنان على ذلك، والتقوا مع أصحاب على بالأبطح، عند ثنية أذاخر، فقتل كبيش وغيره من آل عجلان ومن جماعتهم، وولّوا راجعين إلى منازلهم بالوادى، فأجار عنان من اللحاق بهم، ودخل هو وأصحابه مكة مسرورين بالنصر، بعد أن كاد يتم عليهم الغلب، وكان من أسباب نصرهم، أنهم عاجلوا آل عجلان بالقتال، قبل وصول بقيتهم إلى الأبطح، وعدم ظهور عنان وقت الحرب، لإشارة بعض خواصه عليه بذلك، لظنه أن آل عجلان يجتهدون فى حربه، إذا ظهر لهم، وقتل من جماعة عنان، شريف يقال له فيّاش، وخمسة من أهل مكة، وذلك يوم السبت سلخ شعبان سنة تسع وثمانين وسبعمائة، وفتحت الكعبة لعنان وأصحابه، لما انتهوا إلى المسجد، فدخلها جماعة منهم، وأقاموا بمكة إلى أن أطل الحجاج المصريون على دخول مكة، ثم فارقوها، وقصدوا الزيمة بوادى نخلة اليمانية، وتخلف

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

عنان لما بلغه من تقرير السلطان له فى نصف الإمرة بمكة، شريكا لعلى بن عجلان، بشرط حضور عنان لخدمة المحمل، وبرز للقائه حتى كاد يصل إليه، فبلغه أن آل عجلان، يريدونه بسوء عند لقائه، وتبع أصحابه إلى الزيمة، فأتاهم إليها على بن عجلان فى طائفة من جماعته ومن الترك، فقتلوا بعض الأشراف وغيرهم، وعادوا ظافرين بخيل ودروع، لأنهم لما وافوا الزيمة، كان الأشراف فى غفلة عنهم، وفى تعب من قتالهم لقافلة بجيلة، فأعرضوا عن قتال على ومن معه. وبعد الموسم نرل عنان وأصحابه وادى مر، واستولوا عليه وعلى جدة، وحصل فى طريقها وغيرها من الطرقات نهب وخوف، وكتب عنان إلى السلطان يعتذر عند ترك حضوره لخدمة المحمل، لما بلغه من قصد آل عجلان له بالسوء، وشكاهم إليه، فكتب إليه السلطان يقول له: أنت على ولايتك، فافعل ما تقدر عليه، فما تم له فيهم مراد، لاختلاف أصحابه عليه. فسار فى أثناء سنة تسعين وسبعمائة، وهو حنق عليهم إلى مصر، وما وجد بها الإقبال الذى كان يعهده، وأقام بها مطلقا، إلى أن زالت دولة الملك الظاهر، وصار الأمر لمن كان قبله، وهو الصالح حاجّى بن الأشرف شعبان، ولمدبر دولته الأمير يلبغا الناصرى، فسعى له عنده فى عوده لولاية مكة، فأجيب لقصده، ووعد بإلباس خلعة الولاية، فى يوم عيّن له، فلم يتم له الأمر، لأنه فى ذلك اليوم، ثار على الناصرى أمير يقال له تمربغا الأفضلى، ويلقب منطاش، وما كان غير قليل، حتى قبض على الناصرى. ونحو أربعين أميرا من أصحابه، وبعد قيام منطاش بقليل، قدم إلى مصر محمد بن عجلان، فسعى عند منطاش فى حبس عنان، فأجيب، وحبس عنان مع بعض مماليك الظاهر، فى النصف الثانى من سنة إحدى وتسعين وسبعمائة. ثم خلصوا هم وعنان، وصورة خلاصهم، أنهم نقبوا نقبا من الموضع الذى كانوا مسجونين فيه من القلعة، فوجدوا فيه سربا، فمشوا فيه حتى انتهوا إلى موضع آخر فنقبوه، فخرجوا منه إلى محل سكن نائب القلعة، فصاحوا على من بها، وهم غافلون ليلا، فأدهشوهم، وكانوا فى قلة، لخروج منطاش وغالب العسكر إلى الشام لقتال الظاهر، فإنه ظهر بالشام، واجتمع إليه ناس كثير، والتقى بشقحب، مع العسكر الذى فيه الصالح ومنطاش، فتم النصر للظاهر، وقبض على الصالح وغيره، وفر منطاش إلى دمشق هاربا، فتحصن بها. وكان سبب إطلاق الظاهر، أن الناصرى حين أحس بظهور منطاش عليه، كتب

كتابا إلى نائب قلعة الكرك، يأمره بإطلاق الظاهر، فأطلقه؛ وكان من أمره ما ذكرناه، وكان من أمر مماليكه الذين ثاروا بالقلعة، أنهم استولوا عليها لعجز أصحاب منطاش عن مقاومتهم، وبعثوا يبشرون مولاهم بذلك، وكان ممن بعثوه لبشارته عنان. فلما عرف السلطان ذلك، أقبل إلى مصر، وأعرض عن حصار منطاش بدمشق، وبعد استقرار السلطان بالقلعة، شفع كبير مماليكه المستولين على القلعة، وهو بطا الدوادار، لعنان، فى ولاية مكة، فأجابه السلطان لسؤاله، ولكن أقر علىّ بن عجلان على ولاية نصف إمرة مكة، شريكا لعنان، لما فى نفسه على عنان، وتجهز عنان إلى مكة، ومعه شخص تركى من جهة السلطان، ليقلده الولاية بمكة، فلما انتهى عنان إلى ينبع، حسّن له وبير بن مخبار أمير ينبع، أن يحارب معه بنى إبراهيم، ووعده بشيء على ذلك، فمال إلى ذلك عنان. وحارب مع وبير، بنى إبراهيم، فظهروا على بنى إبراهيم، ثم توجه عنان إلى مكة، وتلقاه كثير من بنى حسن، قبل وصوله إلى الوادى، ثم مشى الناس فى الألفة بينه وبين آل عجلان، فمال كل منهم إلى ذلك، فتوافقوا على أن كلا منهما، يدخل مكة لحاجته، فإذا قضاها خرج من مكة، ولكل منهما فيها نواب، بعضهم لقبض ما يخص كلا منهما من المتحصّل، وبعضهم للحكم بها، وأن يكون القواد مع عنان، والأشراف مع على، وكان الاتفاق على ذلك ووصوله إلى الوادى، فى النصف الأول من شعبان سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة. وقبل نصفه بيومين، دخل عنان مكة لابسا لخلعة السلطان، وقرئ بها توقيعه، ثم دعى له على زمزم وفى الخطبة، ودام هذا بين المذكورين، إلى الرابع والعشرين من صفر سنة أربع وتسعين وسبعمائة، ثم أزيل شعار ولاية عنان من مكة، غير الدعاء له فى الخطبة، فإنه لم يزل، وسبب ذلك، أن آل عجلان، قطعوا الدعاء له على زمزم بعد المغرب، وأخرجوا نوابه من مكة، بعد أن هموا بقتله بالمسعى، فى التاريخ المذكور، وما نجا إلا بجهد عظيم، وقصد فى حال هربه الأشراف، مستنصرا بهم على آل عجلان، وكانوا معه، فأمره الأشراف بالانتصار بالقواد أصحابه، فحركهم لنصره، فما تحركوا، لأنهم رأوا منه قبل ذلك تقصيرا، وسبب ذلك أن بعض آل عجلان، أحب تكدير خاطر القواد عليه ليتمكن منه آل عجلان، وقال لعنان: أرى القواد جفاة، ونحن نعينك عليهم، فظن ذلك حقيقة، وفعل ما أشير به عليه، فتأثر منه القواد، وحكوا ما رأوا منه لأصحابهم من آل عجلان، فذموه معهم، ونفروهم منه، فازدادوا نفورا، ولذلك تخلوا

عن نصره، حين سألهم ذلك، وبعد مفارقته لمكة على الوجه المذكور، اجتمع به على بن عجلان، ومحمد بن محمود، وكان علىّ لا يفصل أمرا دون ابن محمود، واعتذر إليه بعدم العلم بتجرّى غلمانهم عليه، وكان فى مدة ولايته مغلوبا مع أصحابه، وكذا علىّ مع أصحابه، وحصل بسبب ذلك ضرر على السفار إلى مكة، لزيادة العرافة وقلة الأمن، وخطف الأموال، وأنهى هذا الحال إلى السلطان، فاستدعى عنانا وعليا مع جماعة من أعيان الأشراف والقواد، فأعرضوا عن الوصول لباب السلطان، غير على وعنان، فإنهما لم يجدا بدا من ذلك، وبعد وصول هذا الاستدعاء، تحرك لنصر عنان بعض الأشراف، الذين مع على بن عجلان، وألزموه بإخلاء مكة من العبيد وأتباعهم، حتى يدخل إليها عنان، ليتجهز منها لسفره، فإذا تم جهازه، خرج وعادوا إليها، فما وسع علىّ إلا الموافقة، فخرج المشار إليهم إلى منى، ودخل عنان مكة، وأقام بها حتى انقضى جهازه، ثم توجه إلى مصر فى جمادى الآخرة سنة أربع وتسعين، وتلاه علىّ إليها، وحضر إلى السلطان غير مرة، ففوض إمرة مكة لعلى بمفرده، وأمر عنانا بالإقامة بمصر، ورتب له شيئا يصرفه، ولم يسجنه، ثم إن بعض بنى حسين أهل المدينة، وشى به إلى السلطان، وقال له: إنه يريد الهرب إلى مكة يفسد بها، وأنه أعد نجبا لذلك، فسجنه السلطان ببرج فى القلعة، فى أثناء سنة خمس وتسعين وسبعمائة، واستمر به إلى أن أنفذه السلطان إلى الإسكندرية، فى آخر سنة تسع وتسعين وسبعمائة، مع جمّاز بن هبة الحسينى صاحب المدينة، وكان قبض عليه فى هذه السنة، بإثر وصوله إلى مصر، وبعث السلطان معهما إلى الإسكندرية، على بن المبارك بن رميثة وولديه، وسجن الجميع بالإسكندرية، إلى أن مات الملك الظاهر. فلما ولى ابنه الملك الناصر فرج، شفع لهم بعض الناس فى إطلاقهم بالإسكندرية، ومنعهم من الخروج من أبوابها، فتم لهم ذلك، ثم تكرر سجنهم وإطلاقهم بالإسكندرية على الصفة المذكورة، ثم نقل عنان إلى مصر فى آخر سنة أربع وثمانمائة، أو فى أول التى بعدها، بسعى القاضى برهان الدين إبراهيم بن عمر، تاجر الخواص الشريفة السلطانية، لتغيره على صاحب مكة، الشريف حسن بن عجلان، لما أخذه من الذهب الكثير، من ولده القاضى شهاب الدين أحمد، لما انكسر المركب الذى كان فيه، وهو إذ ذاك متوجها إلى اليمن، وقصد المحلى بإطلاق عنان، إخافة السيد حسن، كى يردّ عليه المال، أو ما أمكن منه، ونوّه لعنان بولاية مكة، فما قدّر ذلك، لمعاجلة المنية عنانا. وسبب موته، أنه حصل له مرض خطر، يقتضى إبطال بعض جسده، فعولج من ذلك بإضجاعه بمحلّ فيه أثر النار، حتى يخلص ذلك إلى أعضائه فيقويها.

2266 ـ عنبسة بن أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموى، أبو الوليد، ويقال أبو عثمان، ويقال أبو عامر المكى

وكان أثر النار الذى أضجعوه عليه، شديد القوة فأحرقه فمات، يوم الجمعة مستهل شهر ربيع الأول، وقيل ثانيه، سنة خمس وثمانمائة، عن ثلاث وستين سنة. وكان كثير الشجاعة والكرم، عالى الهمة، قليل الحظ فى الإمرة، وأما فى بيت روحه، فسعده فى ذلك عظيم، وخلّف ولدين نجيبين، أحدهما السيد محمد، توفى بينبع فى النصف الثانى من ذى القعدة، سنة ست وثمانمائة، قافلا إلى مكة، باستدعاء السيد حسن صاحب مكة، والآخر السيد على، وهو بقيد الحياة. وله اعتبار كبير بين قومه. ومن محاسن أبيه، أنه سمح لبنى شيبة، سدنة الكعبة المعظمة، ما كان يأخذه منهم أمراء مكة قبله، وذلك جانب كبير من كسوتها، فى كل سنة، أو خمسة آلاف درهم عوضا عن ذلك، مع ستارة الباب، وثوب مقام إبراهيم عليه السلام. ومما سمح به لبعض الشعراء، وهو الجمال محمد بن حسن بن العليف، ثلاثون ألف درهم، جزاء على قصيدة مدحه بها أولها: بروج زاهرات أو مغانى 2266 ـ عنبسة بن أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموى، أبو الوليد، ويقال أبو عثمان، ويقال أبو عامر المكى: روى عن أخته أم حبيبة، وشداد بن أوس. روى عنه شهر بن حوشب، وأبو صالح السمان، وعمرو بن أوس الثقفى، والمسيب بن رافع، ومكحول، وعطاء بن أبى رباح، وآخرون. روى له الجماعة، إلا البخارى. قال خليفه بن خياط، والليث بن سعد: حج بالناس سنة ست وأربعين، وسنة سبع وأربعين. وذكره مسلم فى الطبقة الثانية من تابعى أهل مكة، وذكره ابن حبّان فى الثقات. وقال الحافظ أبو نعيم: أدرك النبى صلى الله عليه وسلم، ولا تصح له صحبة، ولا رؤية. روى عنه أبو أمامة الباهلى. انتهى. وذكر الزبير بن بكار: أن معاوية بن أبى سفيان، كان ولّى أخاه عنبسة الطائف، ثم عزله وولاه لأخيهما عتبة بن أبى سفيان، فعاتب عنبسة، معاوية بن أبى سفيان على ذلك، فقال معاوية: يا عنبسة، إنه عتبة بن هند، فقال عنبسة:

_ 2266 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة 5/ 69، الجرح والتعديل 6/ 400).

2267 ـ عوسجة الهاشمى

كنّا لصخر صالحا ذات بيننا ... جميعا فأمست فرّقت بيننا هند فإن تك هند لم تلدنى فإننى ... لبيضاء تنميها غطارفة مجد أبوها أبو الأضياف فى كل شتوة ... ومأوى ضعاف قد أضرّ بها الجهد له جفنات ما تزال مقيمة ... لمن ساقه غورا تهامة أو نجد فقال له معاوية: لا تسمعها منى بعد. وذكر الزبير، أن أمه وأم أخيه محمد بن أبى سفيان: عاتكة بنت أبى أزيهر بن أقيش ابن الحقيق بن كعب بن الحارث بن عبد الله بن الحارث بن الغطريف، من الأزد. 2267 ـ عوسجة الهاشمى: مولى عبد الله بن عباس رضى الله عنهما، المكى، روى عن مولاه. روى عنه عمرو ابن دينار. روى له أصحاب السنن الأربعة، وحديثه فى «أن المعتق يرث سيّده» قال أبو زرعة: مكى ثقة. وقال أبو حاتم: ليس بمشهور. 2268 ـ عون بن أثاثة بن عبّاد بن المطلب بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى المطلبى، يكنى أبا عبّاد، وقيل أبا عبد الله: قاله الواقدى، وهو المعروف بمسطح على ما قال ابن عبد البر، قال: واسمه عوف لا اختلاف فى ذلك. انتهى. قال الزبير بن بكار: شهد مسطح بدرا والمشاهد كلها، وأطعمه النبى صلى الله عليه وسلم خمسين وسقا بخيبر. انتهى. وهو ممن تكلم فى أمر عائشة رضى الله عنها، بسبب الإفك الذى نسب إليها، ولما أنزل الله تعالى براءة عائشة رضى الله عنها، قال أبو بكر رضى الله عنه: والله لا أنفق على مسطح شيئا، بعد الذى قاله لعائشة، وكان رضى الله عنه ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره، فأنزل اللهعزوجل: (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى) [النور: 22] الآية. فقال أبو بكر رضى الله عنه: والله إنى لأحب أن يغفر الله لى، فرجّع إلى مسطح رضى الله عنه النفقة التى كان ينفق عليه، وقال: والله لا أنزعها عنه أبدا.

_ 2267 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 7/ 24). 2268 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 6105، الاستيعاب ترجمة 2022، أسد الغابة ترجمة 4118).

2269 ـ عون بن العباس بن عبد المطلب الهاشمى

والقرابة التى بين مسطح وبين أبى بكر رضى الله عنهما، كون أم مسطح بنت خالة أبى بكر الصديق رضى الله عنه، كما سيأتى إن شاء الله تعالى فى ترجمته. وذكر الأموى، عن أبيه، عن ابن إسحاق، أن أبا بكر الصديق رضى الله عنه، قال شعرا يعاتب به مسطحا، بسبب كلامه فى عائشة رضى الله عنها. وذكر ابن عبد البر، أن النبى صلى الله عليه وسلم، جلد مسطحا فيمن جلد، لرميهم عائشة رضى الله عنها بالإفك، الذى بّرأها الله تعالى منه فى كتابه العزيز، واختلف فى وفاة مسطح رضى الله عنه، فذكر الزبير، أنه توفى سنة أربع وثلاثين من الهجرة فى خلافة عثمان رضى الله عنه، وهو ابن ست وخمسين سنة، وقيل إنه شهد مع على رضى الله عنه صفين. وقال ابن عبد البر: وهو الأكثر، فعلى هذا تكون وفاته فى سنة سبع وثلاثين من الهجرة. ومسطح: بميم مكسورة وسين مهملة ساكنة. وأثاثة بهمزة مضمومة، ثم ثاء مثلثة مكررة. 2269 ـ عون بن العباس بن عبد المطلب الهاشمى: ذكره هكذا الذهبى وقال: ذكره ابن عبد البر، ولم يزد على ذلك. ولم أره فى كتابه «الاستيعاب» وذكره الكاشغرى، وقال: له صحبة. 2270 ـ عون بن جعفر بن أبى طالب الهاشمى: ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمه أسماء بنت عميس رضى الله عنها، وهى أم أخويه: عبد الله بن جعفر الجواد المشهور، وأخيه محمد، واستشهد عون ومحمد رضى الله عنهما بتستر، ولعون رضى الله عنه عقب، ولما جاء إلى المدينة نعى جعفر بن أبى طالب رضى الله عنه، دخل النبى صلى الله عليه وسلم على بنى جعفر هؤلاء، فدعا الحالق، فحلق رءوسهم وقال: «أنا وليّهم فى الدنيا والآخرة». 2271 ـ عون بن سليمان: الفراش بالحرم الشريف. سمع من الحافظ صلاح الدين بن كيكلدىّ العلائى: الشفاء

_ 2269 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 4/ 157). 2270 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2073، أسد الغابة ترجمة 4134، الإصابة ترجمة 6122).

من اسمه العلاء

للقاضى عياض، بفوت الميعاد الأول، فى مجالس آخرها فى رجب سنة خمس وخمسين وسبعمائة بالحرم الشريف، بقراءة شيخنا أبى العباس أحمد بن محمد بن عبد المعطى المكى النحوى، رحمة الله عليه. * * * من اسمه العلاء 2272 ـ العلاء بن جارية الثقفى: أحد المؤلفة قلوبهم، كان من وجوه ثقيف. ذكره هكذا ابن عبد البر، وذكره الذهبى، وزاد فى نسبه: ابن عبد الله، وكان من حلفاء بنى زهرة. 2273 ـ العلاء بن أبى العباس الشاعر: من أهل مكة. واسم أبى العباس: السائب بن فرّوخ، مولى بنى الدّيل. يروى عن أبى جعفر محمد بن على. روى عنه السفيانان، وابن جريج، وأثنى عليه سفيان بن عيينة. وقال الأزدى: شيعىّ غال. وقد روى عن أبى الطفيل، أنه كان سمع منه. ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الثانية من الثقات. 2274 ـ العلاء بن الحضرمى: واسم الحضرمى، عبد الله، من غير خلاف، واختلف فى اسم أبى «عبد الله»، فقيل: عبد الله بن عمار، وقيل عبد الله بن عباد، بالباء. قاله الأملوكىّ، وهو تصحيف على ما قال الدارقطنى، وقيل غير ذلك. ولا يختلفون فى أنه من حضرموت، وأنه حليف بنى أمية. ذكر أبو عبيد، أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم، بعثه إلى المنذر بن ساوى ملك البحرين، ثم ولّاه على البحرين، إذ فتحها الله عليه، وأقره عليها أبو بكر الصديق، ثم عمر الفاروق، ثم ولّاه عمر رضى الله عنه البصرة، فمات قبل أن يصل إليها، بماء من مياه بنى تميم، سنة أربع عشرة. وقال الحسن بن عثمان: توفى العلاء بن الحضرمى، سنة إحدى وعشرين، واليا على

_ 2272 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1859، أسد الغابة ترجمة 3744، الإصابة ترجمة 5657). 2273 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 60/ 356). 2274 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 1860، تهذيب التهذيب 8/ 178).

البحرين، واستعمل عمر رضى الله عنه مكانه أبا هريرة رضى الله عنه. وروى الأنصارى، عن ابن عوف، عن موسى بن أنس، أن أبا بكر رضى الله عنه، ولى أنس بن مالك رضى الله عنه البحرين. قال ابن عبد البر: وهذا شيء لا يعرفه أهل السّير. قال: وكان يقال إن العلاء بن الحضرمى، كان مجاب الدعوة، وأنه خاض البحر بكلمات قالها، ودعا بها، وذلك مشهور عنه. وروينا فى الطبرانى بسنده إلى أبى هريرة رضى الله عنه، قال: لما بعث النبىصلى الله عليه وسلم العلاء بن الحضرمى إلى البحرين، تبعته فرأيت منه ثلاث خصال، لا أدرى أيتهنّ أعجب: انتهى إلى شاطئ البحر، فقال: سمّوا الله واقتحموا، فسمّينا الله واقتحمنا وعبرنا، فما بلّ الماء إلا أسافل خفاف إبلنا، فلما قفلنا، عبرنا معه بفلاة من الأرض، وليس معنا ماء، فشكونا إليه، فصلى ركعتين، ثم دعا، فإذا سحابة مثل التّرس، ثم أرخت عزاليها، فسقينا، ومات فدفناه فى الرمل، فلما سرنا غير بعيد، قلنا: يجئ سبع فيأكله، فرجعنا فلم نره. انتهى. وهو أول من نقش خاتم الخلافة، وله ثلاثة إخوة، أحدهم عمرو بن الحضرمى، أوّل قتيل من المشركين قتله مسلم، قتل يوم نخلة، وماله أول مال خمس. والآخر عامر بن الحضرمى، قتل يوم بدر كافرا. والآخر ميمون بن الحضرمى. قال ابن عبد البر: وهو صاحب البئر بأعلى مكة، المعروفة ببئر ميمون، كان حفرها فى الجاهلية. ولهم أخت اسمها الصّعبة بنت الحضرمى، كانت تحت أبى سفيان بن حرب فطلقّها، فخلف عليها عبيد الله بن عثمان، فولدت له طلحة بن عبيد الله. ووللعلاء بن الحضرمى عن النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث، منها: حديث: «يمكث المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا» (1). ومنها حديث: «أن أباه كتب إلى النبىصلى الله عليه وسلم، فبدأ بنفسه» (2). رواه أبو داود عن أحمد بن حنبل، وهو الحديث الذى قبله، فى مسند ابن حنبل. وروى له أبو داود، والترمذى والنسائى.

_ (1) أخرجه مسلم فى صحيحه، كتاب الحج، حديث رقم 1352، والترمذى فى سننه، كتاب الحج، حديث رقم 949، والنسائى فى الصغرى، كتاب تقصير الصلاة، حديث رقم 1454، 1455، وأحمد بن حنبل فى مسنده، حديث رقم 18505، 20002. (2) أخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده، حديث رقم 18507.

2275 ـ العلاء بن عبد الجبار العطار، أبو الحسن الأنصارى مولاهم، البصرى

2275 ـ العلاء بن عبد الجبار العطّار، أبو الحسن الأنصارى مولاهم، البصرى: نزيل مكة. روى عن مبارك بن فضالة، وجرير بن حازم، وحمّاد بن سلمة، وعبد العزيز بن مسلم، ونافع بن عمر الجمحى، وطبقتهم. روى عنه: البخارى، وأبو خيثمة، وأحمد الدّورقىّ، وأحمد بن الفرات، وبشر بن موسى، ويحيى بن أبى ميسرة، وخلق. روى له البخارى تعليقا، وأصحاب السنن، كما ذكر صاحب الكمال. وقال: قال أحمد بن عبد الله: بصرى ثقة، سكن مكة. قال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال النسائى: ليس به بأس، توفى سنة اثنتى عشرة ومائتين. 2276 ـ العلاء بن وهب العامرى: ذكره هكذا الذهبى، وذكر أنه من مسلمة الفتح، وأنه شهد القادسية، وولى الجزيرة لعثمان رضى الله عنه. وذكره الكاشغرى، فقال: العلاء بن وهب بن محمد، شهد القادسية. 2277 ـ العلاء بن يزيد الفهرى: رأى النبى صلى الله عليه وسلم، ونزل مصر، وله بها عقب. ذكره هكذا الذهبى. وذكره الكاشغرى، فقال: العلاء بن يزيد بن أنيس الفهرى، له رواية. 2278 ـ عيّاش بن أبى ربيعة، واسم أبى ربيعة عمرو، بن المغيرة بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم المخزومى، يكنى أبا عبد الرحمن، وقيل: يكنى أبا عبد الله: وهو أخو عبد الله بن أبى ربيعة المتقدم ذكره، لأبيه وأمه، وأخو أبى جهل بن هشام لأمه. قال الزبير، لما ذكر أولاد أبى ربيعة: وعيّاش بن أبى ربيعة، كان هاجر إلى المدينة،

_ 2275 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 8/ 185). 2276 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 4/ 9، التجريد 1/ 420، الإصابة 4/ 9). 2277 ـ انظر ترجمته فى: (أسد الغابة 4/ 78). 2278 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2032، أسد الغابة ترجمة 4145، الإصابة ترجمة 6138).

حين هاجر عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فقدم عليه أخواه لأمه أبو جهل بن هشام، والحارث بن هشام، فذكرا له أن أمه، حلفت لا يدخل رأسها دهن، ولا تستظلّ حتى تراه، فرجع معهما، فأوثقاه رباطا، وحبساه بمكة. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يدعو له. وأمه، وأم عبد الله بن أبى ربيعة: أسماء بنت مخربة ابن جندل بن أبير بن نهشل بن دارم، وهى أم الحارث، وأبى جهل ابنى هشام بن المغيرة، وكان هشام طلقها، فتزوجها أخوه أبو ربيعة، فندم هشام على فراقها إياه، فقال: ألا أصبحت أسماء حجرا محجّرا ... وأصبحت من أدنى حموّتها حما وأصبحت كالمقهور جفن سلاحه ... يقلب بالكفين قوسا وأسهما وقال غيره: أسلم قديما قبل أن يدخل النبى صلى الله عليه وسلم، دار الأرقم، المعروفة بدار الخيزران، عند الصفا، وهاجر إلى أرض الحبشة مع امرأته أسماء بنت أبى سلمة، فولدت له بها، ابنه عبد الله، وهاجر عياش إلى المدينة، فجمع بين الهجرتين، ولم يذكره موسى بن عقبة، ولا أبو معشر، فيمن هاجر إلى الحبشة، وكانت هجرته إلى المدينة، حين هاجر عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وقدم عليه أخواه لأمه: أبو جهل بن هشام، والحارث بن هشام، وقالا له: إن أمه حلفت ألا تدخل رأسها دهنا، ولا تستظل، حتى تراه، فخرج معهما فأوثقاه وربطاه وحبساه بمكة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو له، وللمستضعفين بمكة، كما فى الصحيحين وغيرهما، فى الصلاة فى القنوت شهرا. وله رواية عن النبى صلى الله عليه وسلم. روى عنه أنس بن مالك رضى الله عنه، وابنه عبد الله بن عياش، وعبد الرحمن بن سابط، وعمر بن عبد العزيز مرسلا، ونافع مولى ابن عمر مرسلا أيضا. روى له ابن ماجة حديثا واحدا، ووقع لنا بعلوّ عنه، وهو حديث «لا تزال هذه الأمّة بخير، ما عظّموا هذه الحرمة حقّ تعظيمها ـ يعنى الكعبة والحرم ـ فإذا ضيعّوها هلكوا» رواه بهذا اللفظ أبو عمر بن عبد البر فى الاستيعاب. واختلف فى تاريخ وفاته، فقيل قتل يوم اليمامة، فى خلافة أبى بكر، رضى الله عنه، وقيل يوم اليرموك، قاله موسى بن عقبة. وقيل فى خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وقيل مات بمكة، قاله أبو جعفر الطبرى. * * *

من اسمه عياض

من اسمه عياض 2279 ـ عياض بن الحارث التيمى: عم محمد بن إبراهيم التيمى، له صحبة. روى عنه ابن أخيه محمد. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد. 2280 ـ عياض بن زهير بن أبى شداد بن ربيعة بن هلال بن وهيب بن ضبّة ابن الحارث بن فهر القرشى الفهرى. يكنى أبا سعد: كان من مهاجرة الحبشة وشهد بدرا، ذكره إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، فى البدريين، وذكره فيهم ابن عقبة، وخليفة، والواقدى وتوفى سنة ثلاثين. وذكره خليفة كما ذكرنا، قال: ويقال عياض بن غنم معروف بالفتوح فى الشامات، ولم يذكر الزبير، عياض بن زهير فى بنى فهر، ولا ذكره عمه. وقد ذكره غيرهما. وقد جرده الواقدى فقال: عياض بن غنم، ابن أخى عياض بن زهير. وقال خليفة: ليس يعرف أهل النسب عياض بن غنم قال: وهو معروف فى الفتوحات فى الشام، والله أعلم، ذكره ابن عبد البر. 2281 ـ عياض بن غنم بن زهير بن أبى شداد بن ربيعة بن هلال بن وهيب القرشى الفهرى: هكذا ذكره ابن عبد البر قال: وقال الحسن بن عثمان: عياض بن غنم، هو ابن عم أبى عبيدة بن الجراح، قال: ويقال إنه كان ابن امرأته. انتهى. وهذا يخالف ما ذكره ابن عبد البر فى نسبه ـ قال: وذكر البخارى، عن أحمد بن صالح، عن ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، قال: لما توفى أبو عبيدة، استخلف ابن خاله أو ابن عمه أو قال خاله أو ابن عياض بن غنم، أحد بنى الحارث بن فهر،

_ 2279 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2033، أسد الغابة ترجمة 4149، الإصابة ترجمة 6141). 2280 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2035، أسد الغابة ترجمة 4151، الإصابة ترجمة 6146). 2281 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 407، سير أعلام النبلاء 2/ 354، الاستيعاب ترجمة 2037، أسد الغابة ترجمة 4161، الإصابة ترجمة 6155).

2282 ـ عياض بن غنم بن زهير بن أبى شداد بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن الحارث بن فهر القرشى الفهرى

فأقره عمر رضى الله عنه وقال: ما أنا بمبدّل أميرا أمّره أبو عبيدة رضى الله عنه، قال: ثم توفى عياض بن غنم، فأمّر عمر رضى الله عنه مكانه سعيد بن عامر بن حذيم. قال أبو عمر: عياض بن غنم لا أعلم خلافا، فى أنه افتتح عامة بلاد الجزيرة والرقة، وصالحه وجوه أهلها، وزعم بعضهم أن كتاب الصلح باسمه، باق عندهم إلى اليوم، وهو أول من أجاز الدروب إلى الروم، فيما ذكر الزبير. وكان شريفا فى قومه، وقد ذكره ابن الرقيات، فيمن ذكره من أشراف قريش، فقال: وعياض منا عياض بن غنم ... كان من خير من أجنّ النساء قال الحسن بن عثمان وغيره: مات عياض بن غنم بالشام، سنة عشرين، وهو ابن ستين سنة، وقال على بن المدينى: عياض بن غنم، كان أحد الولاة باليرموك. قال ابن عبد البر: أسلم قبل الحديبيّة، وشهدها فيما ذكر الواقدى. 2282 ـ عياض بن غنم بن زهير بن أبى شداد بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبّة بن الحارث بن فهر القرشى الفهرى: هكذا نسبه الزبير، وقال: كان شريفا وله فتوحات بناحية الجزيرة فى زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وهو أول من أجاز الدروب إلى أرض الروم. وقد ذكره عبد الله بن قيس الرقيات، فيمن ذكر من أشراف قريش، فقال: وعياض منا عياض بن غنم ... كان من خير من أجن النساء انتهى. والظاهر أن أحد المذكورين قبل، وما ذكره الزبير فى نسبه، يدلّ على أنه سقط فى النسخة التى رأيتها من الاستيعاب: «مالك بن ضبّة» فى نسب عياض بن زهير. 2283 ـ عياض الثقفى: والد عبيد الله بن عياض. روى عنه ابنه عبيد الله أن النبى صلى الله عليه وسلم، لاقى هوازن بحنين، فى اثنى عشر ألف. يعد فى أهل الطائف. * * *

_ 2283 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2039، أسد الغابة ترجمة 4147، الإصابة ترجمة 6915).

من اسمه عيسى

من اسمه عيسى 2284 ـ عيسى بن أحمد بن عيسى بن عمران، المعروف بعصارة النخلى ـ بنون وخاء معجمة ـ المكى: سمع من القاضى عز الدين بن جماعة، والشيخ فخر الدين النويرى: بعض سنن النسائى، وفى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة. وما علمته حدّث. وكان خيّرا ديّنا، تقرّب عند موته بقربات، منها: أنه وقف أصيلة له بالتنضب، من وادى نخلة الشامية، يقال لها العفيريّة، على الفقراء برباط ربيع، والفقراء برباط الموفق، والفقراء برباط غزى، والفقراء برباط العز الأصفهانى، على أن للرباطين الأخيرين، ثلث الوقف بالسوية بينهما، وثلثى الوقف للرباطين الأولين بينهما بالسوية، وكان يتولى وقف أبيه، ويجيد النظر فيه. وتوفى فى آخر رمضان سنة عشر وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وعصارة: بعين مهملة مضمومة وصاد مهملة مفتوحة وألف ثم راء مهملة وهاء، لقب لبعض آبائه أو أقاربه، فعرف هو بذلك. وكان لعيسى هذا أموال بسولة والزيمة، وهما من وادى نخلة اليمانية، وكان يقيم بسولة كثيرا، وخلف ولدا اسمه عمران، من أمة له، فمحق كل ما ورثه من أبيه. 2285 ـ عيسى بن أحمد بن عيسى الهاشمى العجلونى: جاور بمكة سنين كثيرة، وكان يجيد الكتابة، يكتب بخطه كتبا كثيرة، منها البخارى فى مجلد، ومسلم فى مجلد، وشرح مسلم للنووى فى مجلد، وحفظ المنهاج للنواوى فيما أظن، وكان يذاكر ببعضه وكان يذكر أنه سمع الحديث بدمشق، من بعض شيوخها، ولم يحدث. لكنه أجاز فى بعض الاستدعاءات. وتوفى فى آخر صفر سنة ثلاث عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 2286 ـ عيسى بن جعفر بن محمد بن الحسن بن محمد بن موسى عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى: أمير مكة. ذكر شيخنا ابن خلدون أنه ولى مكة بعد أبيه، وذكر أن فى سنة ست

_ 2284 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 6/ 151). 2285 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 6/ 150).

2287 ـ عيسى بن سيلان القرشى مولاهم، المكى

وستين وثلاثمائة، جاءت جيوش العزيز صاحب مصر ومكة والمدينة، وضيّقوا عليهم، وذلك بسبب الخطبة، ولا زالوا محاصريهم، حتى خطب للعزيز بمكة، وأميرها إذا ذاك عيسى بن جعفر، والمدينة أميرها إذ ذاك طاهر بن مسلم. كذا ذكر شيخنا ابن خلدون، أن عيسى هذا، مات فى سنة أربع وثمانين وثلاثمائة وولى مكة بعده، أخوه أبو الفتوح الحسن بن جعفر الحسنى. 2287 ـ عيسى بن سيلان القرشى مولاهم، المكى: سكن مصر. حدث بمصر عن أبى هريرة، روى عنه حيوة بن شريح، وعبد الله بن لهيعة، والليث بن سعد. روى له أبو داود (1). وسيلان: بسين مهملة مكسورة بعدها ياء مثناة من تحت. ذكر ذلك صاحب الكمال. وذكره الذهبى، وقال: ذكره ابن حبان فى الثقات (2)، وقال: وهو أخو جابر بن سيلان، وقيل غير ذلك. 2288 ـ عيسى بن عبد الله بن خطاب القرشى المخزومى اليمنى، يلقب بالعماد، ويعرف بابن الهليس: نزيل مكة، كان من أعيان التجار باليمن، قدم مكة، وأقام بها نحو خمسة عشر عاما متوالية، ثم انتقل عنها إلى اليمن، فى أوائل سنة تسعين وسبعمائة، وولاه الأشرف صاحب اليمن عدن، ثم عزل عن ذلك بعد سنين قليلة، بالقاضى نور الدين على بن يحيى بن جميع، وانتقل عيسى إلى أبيات حسين، وأقام بها حتى مات فى رجب سنة اثنتين وثمانمائة.

_ 2287 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل 6/ 278). (1) فى سننه، حديث رقم (1258) من طريق: مسدد حدثنا خالد حدثنا عبد الرحمن يعنى ابن إسحاق المدنى عن ابن زيد عن ابن سيلان عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدعوهما وإن طردتكم الخيل. هكذا ذكره أبو داود، عن ابن سيلان، وكذا أحمد بن حنبل، حديث رقم 9000، 9005. راجع الحاشية التالية. (2) قال المزى فى التهذيب: ذكره ابن حبان فى الثقات، روى له أبو داود، كذا قال. وقيل هو جابر بن سيلان، وقيل عبد ربه، وقيل غير ذلك، وقد ذكرنا حديثه فى ترجمة جابر بن سيلان. 2288 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 6/ 154، تاريخ ثغر عدن 254).

2289 ـ عيسى بن عبد الله بن عبد العزيز بن عيسى بن محمد بن عمران الحجى أبو عبد الله الفاسى اليمنى المكى النخلى، بالنون والخاء المعجمة

2289 ـ عيسى بن عبد الله بن عبد العزيز بن عيسى بن محمد بن عمران الحجى أبو عبد الله الفاسى اليمنى المكى النخلى، بالنون والخاء المعجمة: ولد بمكة سنة إحدى وأربعين وستمائة، وسمع من المعمّر أبى عبد الله محمد بن أبى البركات الهمدانى: صحيح البخارى، خلا من سورة الأعراف إلى آخر سورة الصف، وخلا من أول كتاب الدعوات، إلى آخر الصحيح. وعلى يعقوب بن أبى بكر الطبرى: جامع الترمذى، خلا من أوله إلى باب المضمضة من اللبن، ومن كتاب كراهية البكاء على الميت، إلى باب ما جاء فى الرجل يطلّق امرأته ثلاثا البتة، ومن كتاب الإيمان إلى أبواب التفسير، فأجازه وأجاز له فى استدعاء وجدته بخط القطب القسطلانى، مؤرّخ بسادس جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وستمائة جماعة، منهم التاج عبد الوهاب بن عساكر، وابنه أبو اليمن عبد الصمد، والفقيه سليمان بن خليل، وابن أخيه الكمال محمد بن عمر بن خليل، وقريبهما إسماعيل بن عد الواحد بن إسماعيل، العسقلانيون، وضياء الدين محمد بن عمر القسطلانى إمام المالكية، والحافظ جمال الدين أبو بكر بن مسدى خطيب مكة، عبد الرحيم وأبو عبد الله محمد المعروف بالخادم، وشيخ الحرم عفيف الدين منصور بن منعة، والعماد عبد الرحيم ابن العجمى، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن الحاج السلمى البلفيقى، وجماعة. وأجاز له أيضا فى استدعاء القطب القسطلانى، فى سنة تسع وأربعين وستمائة، أبو بكر بن أحمد بن أبى بكر بن أبى الليات، وعبد الله بن محمود بن أبى القاسم الشّدّادى، وأبو حفص عمر بن معروف بن أحمد بن ثابت، وكامل بن [بروبه] (1) بن رضوان بن أبى البركات بن عثمان المقرى، وعبد العزيز بن خضر بن عبد العزيز بن خضر، ونجيب الدين أبو الحسن المبارك بن أبى بكر محمد بن مزيد بن هلال الخّواص، وموهوب بن أحمد بن إسحاق بن موهوب الجواليقىّ، وعبد العزيز بن عبد المنعم بن الخضر بن شبل الحارثى، وإياس بن عبد الله الكندى، ويوسف بن مكتوم القيسى، وحدّث. سمع منه جماعة من المصريين والشاميين، منهم أبو عبد الله محمد بن الشيخ النحوى شمس الدين محمد بن أبى الفتح البعلى، وأبو إسحاق إبراهيم بن يونس البعلبكى، وجماعة

_ 2289 ـ انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 3/ 205). (1) ما بين المعقوفتين هكذا فى الأصل بلا نقط.

2290 ـ عيسى بن عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، يكنى أبا مكتوم، ابن الحافظ أبى ذر الهروى

من شيوخنا، آخرهم شيخنا الإمام أبو اليمن محمد بن أحمد بن الرضى الطبرى، ولشيخنا قطب الدين عبد الكريم بن محمد بن الحافظ قطب الدين الحلبى منه إجازة، وطال عمره وانتفع به. وتوفى فى المحرم سنة أربعين وسبعمائة، بوادى نخلة، من أعمال مكة المشرفة، ودفن بها. نقلت وفاته ومولده من خط الشيخ تقى الدين أبى المعالى محمد بن رافع فى وفياته، وترجمه: بالمعمّر الصالح التقى ونقلت من خط شيوخه البغداديين والشاميين، وذكر أنه نقل من خط ابن يونس البعلبكى، ونقل هو ذلك من خط الآقشهرىّ، ونقل ذلك من استدعاء قطب الدين القسطلانى. والحجّى: بفتح الحاء المهملة ثم جيم. كذا وجدت بخط ابن رافع. والنخلى: بنون وخاء معجمة، نسبة إلى وادى نخلة، من أعمال مكة المشرفة، لكونه كان يسكن هناك، وبالبلدة التى يقال لها سولة، من وادى نخلة، مكان يقال له درب الحجّيّين، وهم أقارب المذكور، ولعله كان يسكن هناك، والله أعلم. 2290 ـ عيسى بن عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، يكنى أبا مكتوم، ابن الحافظ أبى ذر الهروىّ: ولد سنة خمس عشرة وأربعمائة، بسراة بنى شبابة، لأن أباه كان تزوج هناك. وأقام مدة، سمع جملة من مسند عبد الرزاق، من أبى عبد الله الصنعانى، صاحب البغوى، وسمع من أبيه صحيح البخارى، وكتاب الدعوات. روى عنه الصحيح جماعة، آخرهم على بن حميد بن عمّار الأطرابلسىّ. وروى عنه بالإجازة، الحافظ أبو طاهر السلفى، وكان ميمون بن ياسين الصّنهاجىّ من أمراء المرابطين، رغب فى السماع منه بمكة، فاستقدمه من سراة بنى شبابة، واشترى منه صحيح البخارى أصل أبيه، الذى سمعه منه بجملة كثيرة، وسمعت عليه عدة أشهر، قبل وصول الحجاج، فلما حجّ ورجع من عرفات إلى مكة، رحل مع النفر الأول من أهل اليمن، وذلك سنة سبع وتسعين وأربعمائة، وانقطع خبره من هذا الوقت، كما قال الذهبى فى تاريخ الإسلام، ومنه لخصت هذه الترجمة. وذكره فى العبر فى المتوفّين فى هذه السنة.

_ 2290 ـ انظر ترجمته فى: (العبر 3/ 438).

2291 ـ عيسى بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الحميد بن عبد الله ابن أبى عمرو حفص بن المغيرة المخزومى

2291 ـ عيسى بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الحميد بن عبد الله ابن أبى عمرو حفص بن المغيرة المخزومى: أمير مكة. وليها للمعتمد العباسى، على ما ذكر ابن حزم فى الجمهرة، وفيها نسبه هكذا. وذكر الفاكهى ولايته لمكة، فى غير موضع من كتابه، وأفاد فى بعضها، أنه كان واليا على مكة فى سنة ثلاث وخمسين ومائتين، وفى سنة أربع وخمسين ومائتين، وأنه فى سنة ثلاث وخمسين، تولّى جرّ ما فى المسجد من التراب الذى طرحه فيه السّيل، لما دخله فى هذه السنة، وقال لما ذكر دار حزابة، وهى الدار التى عند اللبانين، بفوّهة خط الحزامية، شارعة فى الوادى، وبعض هذه الدار لعيسى بن محمد المخزومى، كان قد بناها فى ولايته على مكة، فى سنة أربع وخمسين ومائتين، بالحجر المنقوش والآجرّ والجص، وشرع لها جناحا على الوادى فى الحزورة، وأشرع فى بنائها، ثم عمرها بعد ذلك ابنه، وسكن فيها ابنه، فلما نزل ابن أبى السّاج به فى الموسم وظهر عليه، حرقها وحرق دار الحارث معها. انتهى. وقد سبق فى ترجمة محمد بن أحمد عيسى بن المنصور العباسى الملقب كعب البقر، ما ذكره الفاكهى، من أنه: أول من استصبح فى المسجد الحرام فى القناديل فى الصحن محمد بن أحمد المنصورى جعل عمدا من خشب فى وسط المسجد، وجعل بينها حبالا، وجعل فيها قناديل يستصبح بها، فكان كذلك فى ولايته، حتى عزل محمد بن أحمد، فعلقها عيسى بن محمد فى إمارته الآخرة. انتهى. وعيسى بن محمد هذا، هو المخزومى المذكور، واستفدنا من هذا أنه ولى مكة مرتين. وقال ابن الأثير، ولما ذكر فتنة إسماعيل بن يوسف العلوى بمكة، فى سنة إحدى وخمسين ومائتين: ثم وافى إسماعيل عرفة، وبها محمد بن إسماعيل بن المنصور، الملقب كعب البقر، وعيسى بن محمد المخزومى صاحب جيش مكة، كان المعتز وجههما إليها، فقاتلهم. انتهى. وقد سبق التنبيه فى ترجمة محمد بن أحمد، على أن تسمية أبيه بإسماعيل، كما فى كتاب ابن الأثير، وهم ثم والله أعلم. وقال ابن حزم فى الجمهرة: وبنو طرف، الذين ولّوا بعض جهات اليمن، هم موالى

_ 2291 ـ انظر ترجمته فى: (جمهرة الأنساب لابن حزم 149).

2292 ـ عيسى بن محمد بن عبد الله المليساوى، ويعرف بابن مكينة اليمنى الأصل، الطائفى المولد والدار المالكى

عيسى بن محمد، والد أبى المغيرة، وكان طرف مولى عيسى، وجد أبى المغيرة لأمه. 2292 ـ عيسى بن محمد بن عبد الله المليساوى، ويعرف بابن مكينة اليمنى الأصل، الطائفى المولد والدار المالكى: قاضى الطائف. ولى نيابة الحكم بقريته المليسا، بوادى الطائف، عن القاضى محب الدين النويرى، ثم ولى ذلك عن ابنه، ثم عن القاضى جمال الدين بن ظهيرة، واستنابه فى جميع بلاد الطائف، ثم ولى ذلك عن القاضى عز الدين النويرى ثم قصره على قريته المليسا، ورفع يده عن إمامة مسجد الطائف وخطابته، وكان قد ولى إمامته وخطابته نحو أربع سنين، وكان يتردد إلى مكة للحج والعمرة، ويقيم بها الأيام الكثيرة، واخترمته المنية فى خامس المحرم سنة أربع عشرة وثمانمائة، ودفن بالمعلاة، وقد بلغ الستين، وكان خيّرا محمود السيرة، رحمه الله. 2293 ـ عيسى بن فليتة بن قاسم بن محمد بن جعفر، المعروف بابن أبى هاشم: وبقية نسبه تقدم فى ترجمة جده، محمد بن جعفر الحسنى المكى. أمير مكة. ولى إمرة مكة فى آخر سنة ست وخمسين وخسمائة، بعد ابن أخيه قاسم بن هاشم بن فليتة، وذلك على ما ذكر ابن الأثير، أن قاسما لما سمع بقرب الحجاج من مكة فى هذه السنة، صادر المجاورين، وأعيان أهل مكة، وأخذ كثيرا من أموالهم، وهرب من مكة خوفا من أمير الحاج أرغش، وكان حج فى هذه السنة، زين الدين على بن بلتكين صاحب جيش الموصل، ومعه طائفة صالحة من العسكر فرتّب مكان قاسم، عمه عيسى، فبقى كذلك إلى شهر رمضان، ثم إن قاسما جمع جمعا كثيرا من العرب، أطمعهم فى مال له بمكة، فاتبعوه، فسار بهم إليها، فلما سمع عمه عيسى، فارقها ودخلها قاسم، وأقام بها أميرا أياما، ولم يكن له مال يوصله إلى العرب، ثم إنه قتل قائدا كان معه حسن السيرة، فتغيّرت نيّات أصحابه عليه، وكاتبوا عمه عيسى، فقدم عليهم، فهرب قاسم وصعد جبل أبى قبيس، فسقط عن فرسه، فأخذه أصحاب عيسى وقتلوه، فسمع عيسى، فعظم عليه قتله، وأخذه وغسّله ودفنه بالمعلاة عند أبيه فليتة، واستقر الأمر لعيسى. انتهى بلفظ ابن الأثير فى الغالب، إلا مواضع فيه على غير الصواب، رأيتها فى النسخة التى نقلت منها، لأنه قال فى أخبار هذه السنة: كان أمير مكة قاسم بن فليتة بن قاسم بن أبى

_ 2292 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 6/ 156). 2293 ـ انظر ترجمته فى: (الكامل لابن الأثير 11/ 279).

هاشم، ثم قال: فلما وصل أمير الحاج، رتب مكان قاسم بن فليتة، عيسى بن قاسم بن أبى هاشم والصواب فى نسب عمه عيسى: عيسى بن فليتة بن قاسم، كما ذكرنا فيهما، وهذا مما لا ريب فيه، لأنى رأيت هذا منسوبا فى غير ما حجر بالمعلاة، وفى بعض المكاتيب، وترك ابن الأثير بيان شهر رمضان، الذى أقام إليه عيسى أمير مكة، لوضوح السنة التى منها رمضان، وهى سنة سبع وخمسين وخمسمائة. ومن خبر عيسى، ولم يذكره ابن الأثير فى تاريخه، ما وجدته بخط بعض المكيين، وهو أنه حصل بين عيسى بن فليتة، وبين أخيه مالك بن فليتة، اختلاف فى أمر مكة غير مرة، منها فى سنة خمس وستين وخمسمائة، ولم يحجّ عيسى فى هذه السنة، وتخلف بمكة، وحج مالك، ووقف بعرفة، وبات الحاج بعرفة إلى الصبح، وخاف الناس خوفا شديدا. فلما كان يوم عاشوراء، من سنة ست وستين، دخل الأمير مالك وعسكره إلى مكة، وجرى بينهم وبين عيسى وعسكره فتنة إلى وقت الزوال، ثم أخرج الأمير مالك واصطلحوا بعد ذلك، وسافر الأمير مالك إلى الشام، وجاء من الشام فى آخر ذى القعدة، وأقام ببطن مرّ أياما، ثم جاء إلى الأبطح هو وعسكره، وملك خدّام الأمير مالك، وبنو داود جدة، وأخذا جلبة وصلت إليها، فيها صدقة من قبل شمس الدولة، وجميع ما مع التجار الذين وصلوا فى الجلبة، ونزل مالك فى المربّع هو والشرف، وحاصروا مكة مدة أيام، ثم جاء هو والشرف من المعلاة، وجاء هذيل والعسكر من جبل أبى الحارث، فخرج إليهم عسكر الأمير عيسى فقاتلوهم، فقتل من عسكر الأمير مالك جماعة، ثم ارتفع إلى خيف بنى شديد. انتهى بالمعنى. وجبل أبى الحارث المذكور فى هذا الخبر، هو أحد أخشبى مكة، المقابل أبى قبيس، إلى صوب قيقعان، وباب الشبيكة بأسفل مكة. ووجدت بخط بعض أصحابنا، فيما نقله من مجموع للفخر بن سيف، شاعر عراقى، ما نصه: دخلت على الأمير عيسى بن فليتة الحسنى، وكنت كثير الإلمام به، والدخول عليه، لكونه كان لا يشرب مسكرا، ولا يسمع الملاهى، وكان يجالس أهل الخير، ولم ير فى سير من تقدّمه من الولاة مثل سيرته، وكان كريم النفس، واسع الصدر، كثير الحلم، فقال: أنشدنى شيئا من شعرك، فقلت له: قد عملت بيتين الساعة فى مدحك فقال: أنشدنى ما قلت، فأنشدته [من البسيط]:

أضحت مكارم عيسى كعبة ولقد ... تعجب الناس من ثنتين فى الحرم فهذه تحبط الأوزار ما برحت ... وهذه تشمل الأحرار بالنّعم قال: فاستحسنهما غاية الاستحسان، قال: ودخلت عليه فى سنة ستين وخمسمائة، وكنت مجاورا أيضا، وكان نازلا بالمربّع، فوجدت عنده أخاه مالكا، وكان ذلك اليوم ثانى عشر ذى القعدة من السنة المذكورة، ونحن فى حديث الحاج وتوجههم إلى مكة، فأنشدته قصيدة أولها [من المتقارب]: حملت من الشوق عبئا ثقيلا ... فأورث جسمى المعنّى نحولا وصيرنى كلفا بالغرا ... م أندب ربعا وأبكى طلولا نشدتكما الله يا صاحبىّ ... إن جزتما بلواء الطّلح ميلا نسائل عن حيّهم بالعرا ... ق هل قوّضت أن تراهم حلولا فقال لى عند إنشاد هذا البيت: لا إن شاء الله، قوضت وتوجّهت إن شاء الله تعالى بالسلامة، ثم أنشدته إلى أن انتهيت منها: كفا كم فخارا بأنّ الوصىّ ... جدّكم وأمّكم الطهور البتولا وحسبكم شرفا فى الأنا ... م أن بعث الله منكم رسولا وجرى فى ولاية عيسى على مكة، بمكة وظواهرها، حوادث، منها: أن فى سنة سبع وخمسين وخمسمائة، كانت بمكة فتنة بين أهلها والحجاج العراقيين، سببها أن جماعة من عبيد مكة، أفسدوا فى الحاج بمنى، فنفر عليهم بعض أصحاب أمير الحاج، فقتلوا منهم جماعة، ورجع من سلم إلى مكة، وجمعوا جمعا، وأغاروا على جمال الحاج وأخذوا منها قريبا من ألف جمل، فنادى أمير الحاج فى جنده بسلاحهم، ووقع القتال بينهم، فقتل جماعة، ونهب جماعة من الحجاج، وأهل مكة، فرجع أمير الحاج ولم يدخل مكة، ولم يقم بالزاهر غير يوم واحد، وعاد كثير من الناس رجّالة لقلة الجمال، ولقوا شدة، ورجع بعضهم قبل إتمام حجّه، وهم الذين لم يدخلوا مكة يوم النحر للطواف والسعى، ذكر هذه الحادثة هكذا ابن الأثير. وذكر صاحب المنتظم: أن أمير مكة بعث إلى أمير الحاج يستعطفه ليرجع، فلم يفعل، ثم جاء أهل مكة بخرق الدم، فضرب لهم الطبول، ليعلم أنهم قد أطاعوا. ومنها: غلاء كثير، أكل الناس فيه بمكة الدم والجلود والعظام، ومات أكثر الناس، وذلك فى سنة تسع وستين وخمسمائة.

2294 ـ عيسى بن موسى بن عبد الرحمن بن على بن الحسين بن على القاضى عفيف الدين، أبو موسى الشيبانى الطبرى المكى

ومنها: سيل عظيم فى هذه السنة، دخل من باب بنى شيبة، ودخل دار الإمارة، ولم ير قط سيل قبله دخل دار الإمارة فيما قيل. وذكر ابن الأثير، أن الوزير الجواد جمال الدين أبا جعفر محمد بن على بن أبى منصور الأصفهانى، وزير صاحب الموصل، لما أراد أن يزخرف الكعبة بالذهب ويرخّمها، ويبنى الحجر بجانب الكعبة، أرسل إلى الأمير عيسى بن فليتة أمير مكة هذا، هدية كبيرة، وخلعا سنية، منها عمامة مشتراها ثلاثمائة دينار، حتى مكنّه من ذلك. انتهى. وكانت وفاة عيسى بن فليتة هذا، فى الثانى من شعبان سنة سبعين وخمسمائة، وولى مكة بعده بعهد منه، ابنه داود، وقد تقدم خبره، وولاية عيسى بن فليتة بمكة، نحو خمس عشرة سنة، فى غالب الظن. 2294 ـ عيسى بن موسى بن عبد الرحمن بن على بن الحسين بن على القاضى عفيف الدين، أبو موسى الشيبانى الطبرى المكى: قاضى الحرم الشريف. وجدت خطه على مكتوبين ثبتا عليه، أحدهما فى صفر سنة ثلاثين وستمائة، والآخر فى شهر رمضان من هذه السنة، وشهد عليه جماعة، منهم: أحمد بن عبد الواحد بن إسماعيل العسقلانى، وذكر فى رسم شهادته، أنه نافذ القضاء، ماضى الحكم بمكة وأعمالها، ولا أدرى هل ولى ذلك استقلالا أو نيابة، ولا هل هذه السنة ابتداء ولايته أو قبلها، ولا متى انقضت؟ إلا أنى وجدت ما يدل على أن ابن عمه القاضى عبد الكريم بن أبى المعالى يحيى بن عبد الرحمن الشيبانى، كان قاضيا بمكة فى سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، والله أعلم بحقيقة الحال. وقد وجدت سماعه على الشريف يونس بن يحيى الهاشمى، للجزء الأول من صحيح البخارى، من نسخة بيت الطبرى، فى مجالس آخرها العشر الأوسط من سنة ست وتسعين وخمسمائة بالحرم الشريف، مع أخيه القاضى حسن بن موسى، وترجم بالفقيه، وأخوه بالشيخ. 2295 ـ عيسى بن موسى بن على بن قريش بن داود القرشى الهاشمى المكى، يلقب بالعماد: عنى ـ وله بضع وعشرون سنة ـ بحفظ القرآن فجوده، وكان كثير التلاوة، وعنى

_ 2295 ـ انظر ترجمته فى: (الضوء اللامع 6/ 157).

2296 ـ عيسى بن ميمون المكى، أبو موسى الحرشى

بالتجارة، فاستفاد عقارا بمكة والخضراء وخيف بنى عمير، من أعمال مكة، وغير ذلك، وصاهر الشيخ نجم الدين المرجانى على ابنته، فولدت له أولادا، وتزوج قبل ذلك بابنة القاضى سراج الدين عبد اللطيف بن سالم، وكان قبل ذلك فى خدمة أبيها، أيام ولايته بشدّ زبيد، وبه تجمل حاله فى ابتداء أمره، ومات فى ربيع الآخر، أو جمادى الأولى، سنة خمس وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وقد قارب الخمسين، وكان انقطاعه بمنزله نحو يومين أو ثلاثة. 2296 ـ عيسى بن ميمون المكى، أبو موسى الحرشى: صاحب التفسير، المعروف بابن داسة، روى عن مجاهد، وابن أبى نجيح، وقيس بن سعد. روى عنه السفيانان، وأبو عاصم. روى له أبو داود فى الناسخ والمنسوخ، وقال: ثقة يرى القدر. ووثّقه ابن معين. كتبت هذه الترجمة من التهذيب. 2297 ـ عيسى بن يحيى الرّيغىّ المغربى المالكى: نزيل مكة، كان خيّرا متعبدا، معتنيا بالعلم نظرا وإفادة، وله فى النحو وغيره نباهة، وكان كثير السعى فى مصالح الفقراء الطرخى، وجمعهم من الطرقات إلى المرستان المستنصرى، بالجانب الشامى من المسجد الحرام، وربما حمل الفقراء المنقطعين بعد الحج إلى مكة من منى ويحصب، حاشية المطاف بالمسجد الحرام، ويحصب، حاشية المطاف بالمسجد الحرام، ويقوم بما يجب فى ذلك، لمن يحمل الحصباء لهذا المحل. وقد جاور بمكة سنين كثيرة، تقارب العشرين، وتأهّل فيها بنساء من أعيان مكة، ورزق بها أولادا، وبها توفى ليلة الاثنين، سلخ المحرم، أو مستهل صفر، سنة سبع وعشرين وثمانمائة، ودفن بالمعلاة، وهو فى عشر الستين ظنا، وقد سمع الحديث بمكة على جماعة من شيوخها والقادمين إليها. والريغى: بمثناة من تحت وغين معجمة وياء للنسبة. 2298 ـ عيسى بن يزيد الجلودى: نقلت من كتاب «مقاتل الطالبيين» عن أبى العباس أحمد عبد الله بن عمار الثقفى،

_ 2296 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 2/ 102). 2298 ـ انظر ترجمته فى: (الكامل لابن الأثير 6/ 211، جمهرة ابن حزم 143).

فيما رواه من كتاب هارون بن عبد الملك الزيات، قال: حدثنى أبو جعفر محمد بن عبد الواحد بن النصير بن القاسم، مولى عبد الله بن على، أن عيسى بن يزيد الجلودى، أقام بمكة ـ وهى مستقيمة له ـ والمدينة، حتى قدم هارون بن المسيب واليا على الحرمين، فبدأ بمكة، فصرف الجلودى عنها، وحج وانصرف إلى المدينة، فأقام سنة. انتهى. وذكر الذهبى، ما يقتضى أن عيسى بن يزيد الجلودى، ولى مكة فى سنة مائتين، بعد هزيمة العلويين منها، وكانت هزيمتهم فى جمادى الآخرة من السنة المذكورة، لأن فى الخبر الذى ذكره فى خبر العلويين بمكة فى هذه السنة، بعد أن ذكر أن مجئ الديباجة إلى مكة، وطلوعه المنبر مع الجلودى، وإشهاده بخلع نفسه: ثم خرج به عيسى الجلودى إلى العراق، واستخلف على مكة ابنه محمد بن عيسى. انتهى. وذكر ابن حزم فى الجمهرة، ما يدل لولاية الجلودى على مكة، لأنه ذكر أن يزيد بن محمد بن حنظلة المخزومى، استخلفه عيسى بن يزيد الجلودى على مكة، فدخلها عنوة إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين، وقتل يزيد بن محمد. انتهى. والجلودى هذا، حارب العقيلى الذى قدم من اليمن فى سنة مائتين، لإقامة الحج فى هذه السنة، وأعاد الجلودى ما كان أخذه العقيلى من كسوة الكعبة وأموال التجار، وقد ذكره هذه الحادثة ابن الأثير، لأنه قال فى أخبار سنة مائتين من الهجرة: ذكر ما فعله إبراهيم بن موسى وفى هذه السنة، وجّه إبراهيم بن موسى جعفر، من اليمن، رجلا من ولد عقيل بن أبى طالب فى جند للحج بالناس، فسار العقيلى حتى أتى بستان ابن عامر، فبلغه أن أبا إسحاق المعتصم، قد حج فى جماعة من القواد، فيهم حمدويه بن على بن موسى بن ماهان، وقد استعمل الحسن بن سهل على اليمن، فعلم العقيلى أنه لا يقوى بهم، فأقام ببستان ابن عامر، فاجتاز قافلة من الحاج، ومعهم كسوة الكعبة وطيبها، فأخذوا كسوة الكعبة وطيبها، وقدم الحاج مكة عراة منهوبين، فاستشار المعتصم أصحابه، فقال الجلودى: أنا أكفيك ذلك، فانتخب مائة رجل، وسار بهم إلى العقيلى، فصبّحهم فقاتلهم، فانهزموا وأسر أكثرهم، وأخذ كسوة الكعبة وأموال التجار، إلا ما كان مع من هرب قبل ذلك فرده، وأخذ الأسرى، فضرب كل واحد منهم عشرة أسواط، وأطلقهم، فرجعوا إلى اليمن، يستطعمون الناس، فهلك أكثرهم فى الطريق. انتهى (1).

_ (1) على هامش الأصل: «نجز الجزء الثالث من كتاب العقد الثمين، فى تاريخ البلد الأمين، تأليف السيد الشريف الإمام العلامة الحافظ المؤرخ، قاضى المسلمين، أبى الطيب محمد تقى الدين بن الإمام العلامة أقضى القضاة شهاب الدين أبى العباس أحمد بن على الحسنى ـ

2299 ـ غالب بن عيسى بن أبى يوسف الأنصارى، أبو التمام الأندلسى

2299 ـ غالب بن عيسى بن أبى يوسف الأنصارى، أبو التمام الأندلسى: كتب عنه السلفى أبياتا لأبى العلاء المعرى عنه، فى المحرم سنة ثمان وتسعين وأربعمائة، وذكر أنه جاور بمكة سنين كثيرة، بعد أن جاوز الستين، وأنه سمع من أبى يعلى بن الفراء، وابن المهندس، وابن المأمون، ونظرائهم. وروى عنه أبو بكر الطرطوشى، وأثنى عليه، وكان من أعيان فقهاء المالكية، لخصت هذه الترجمة من معجم السفر للسفلى. 2300 ـ غانم بن إدريس بن حسن بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم الحسنى: ذكر ابن محفوظ، أنه وجمّاز بن شيحة صاحب المدينة، وصلا فى سنة سبعين وستمائة وأخذا مكة، وبعد أربعين يوما، أخرجهما أبو نمى. ووجدت بخط المؤرخ شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزرى الدمشقى، أن فى التاسع عشر من ربيع الآخر سنة خمس وسبعين، يعنى وستمائة، كانت وقعة بين أبى نمى صاحب مكة، وبين جماز بن شيحة صاحب المدينة، وبين صاحب ينبع إدريس بن حسن بن قتادة، فظهر عليهما أبو نمى، وأسر إدريس، وهرب جماز بن شيحة، وكانت الوقعة فى مر الظهران. وكان عدة من مع أبى نمى، مائتى فارس، ومائة وثمانين راجلا، ومع إدريس وجماز، مائتين وخمسة عشر فارسا، وستمائة راجل، انتهى. وهذا الخبر يقتضى أن الذى حارب أبا نمى فى هذا التاريخ مع جماز، إدريس بن حسن، صاحب ينبع، والظاهر أنه غانم بن إدريس بن حسن المذكور، بدليل ما سبق فى كلام ابن محفوظ، ولعل غانما سقط فى خط ابن الجزرى سهوا، والله أعلم. 2301 ـ غانم بن راجح بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم الحسنى: أمير مكة، ذكر ابن محفوظ، أن فى ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين وستمائة، تسلم

_ ـ الفاسى المكى المالكى، تغمدهم الله بالرحمة والرضوان، وأسكنهم فسيح الجنان. فى يوم الثلاثاء رابع عشرى شوال، أحد شهور سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة بمكة المشرفة. والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا، وحسبنا الله ونعم الوكيل. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم».

2302 ـ غانم بن يوسف بن إدريس بن غانم بن مفرج بن محمد بن عيسى بن محمد بن عبيد بن حمزة بن بركات بن عبد الله بن شيبة بن شيبة بن شيبة بن شعيب ابن وهب بن عثمان بن طلحة بن أبى طلحة عبيد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصى بن كلاب بن مرة العبدرى

غانم بن راجح من أبيه البلاد ـ يعنى مكة ـ بغير قتال، وأقام بها إلى شوال، فأخذها منه أبو نمى، وإدريس بن قتادة بالقتال، ولم يقتل منهم إلا ثلاثة أنفس، منهم عالى شيخ المبارك. 2302 ـ غانم بن يوسف بن إدريس بن غانم بن مفرج بن محمد بن عيسى بن محمد بن عبيد بن حمزة بن بركات بن عبد الله بن شيبة بن شيبة بن شيبة بن شعيب ابن وهب بن عثمان بن طلحة بن أبى طلحة عبيد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصى بن كلاب بن مرة العبدرى الشيبى: شيخ الحجبة وفاتح الكعبة. هكذا وجدت هذا النسب بخط الآقشهرى، وقال: هكذا نسبة صاحبنا صاحب مفتاح الكعبة المعظمة المشرفة، ورئيس السدنة الشيبيين. وقال: هذه النسبة نقلتها من نصبة القبر فيها نظر، وذكر مع ذلك أبياتا وجدها على قبر بعض الشيبيين، ثم قال: وكان ذلك فى العشر الأول من شهر جمادى الأولى، من عام ثلاثين وسبعمائة. انتهى. [ ... ] (1). وأجاز له فى سنة ثلاث عشرة من دمشق: الدشتى، والقاضى سليمان بن حمزة، والمطعم، وابن مكتوم، وابن عبد الدائم، وابن سعد، ووزيرة، والحجاج، وجماعة من شيوخ ابن خليل، باستدعائه واستدعاء البرزالى، وما عرفت له سماعا. وتوفى فى رمضان سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. [ .... ] (1). 2303 ـ غسان بن الفضل السجستانى، أبو عمرو: نزيل مكة. روى عن حماد بن زيد، وابن المبارك، وجماعة. وروى له أبو داود فى المراسيل، وأبو زرعة، والأثرم، وغيرهم. وقد كتبت هذه الترجمة من التذهيب (1).

_ 2302 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2303 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل ترجمة 292، المعجم المشتمل ترجمة 716، الثقات لابن حبان 9/ 2، تذهيب التهذيب ورقة 134، تقريب التهذيب 2/ 105، خلاصة الخزرجى ترجمة 5675، تهذيب الكمال 4691). (1) قال ابن حجر فى التقريب: مقبول.

2304 ـ غيلان بن سلمة بن شرحبيل الثقفى

2304 ـ غيلان بن سلمة بن شرحبيل الثقفى: أسلم يوم الطائف، وكان عنده عشر نسوة، فأمره النبى صلى الله عليه وسلم، يتخير منهن أربعا، ويفارق باقيهن. روى حديثه عنه، عبد الله بن عمر، من رواية معمر، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، ولم يتابع معمر على هذا الإسناد. وقد روى عن غيلان هذا بشر بن عاصم. ومن نسب غيلان هذا، قال: هو غيلان بن سلمة بن معتّب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن قسى، وهو من ثقيف بن منبه بن بكر بن هوازن، وأمه سبيعة بنت عبد شمس. أسلم بعد فتح الطائف، ولم يهاجر، وكان أحد وجوه ثقيف ومقدميهم، وهو ممن وفد على كسرى، وخبره معه عجيب، قال له كسرى ذات يوم: أى ولدك أحب إليك؟ قال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يؤوب. فقال كسرى: زه. ما لك ولهذا الكلام؟ هذا كلام الحكماء، وأنت من قوم جفاة لا حكمة فيهم، فما غذاؤك؟ قال: خبز البر، قال: هذا العقل من البر، لا من اللبن والتمر. وكان شاعرا محسنا. توفى غيلان بن سلمة، فى آخر خلافة عمر رضى الله عنه. ذكره هكذا ابن عبد البر. ومعتّب فى نسبه، بفتح العين المهملة. * * *

_ 2304 ـ انظر ترجمته فى: (مجمع الأمثال 1/ 26، الإصابة 6940، الاستيعاب 2090، اليعقوبى 1/ 214، ابن سلام 69، المحبر 357، الأعلام 5/ 124، الثقات 5/ 291، الجرح والتعديل 7/ 143، البداية والنهاية 7/ 143، التاريخ الصغير 1/ 297، أسد الغابة 4190).

حرف الفاء

حرف الفاء 2305 ـ فراس الخزاعى: مخضرم، له شعر. ذكره هكذا الذهبى، ولم أر من ذكره سواه. 2306 ـ فراس بن النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصى بن كلاب القرشى العبدرى: ذكره هكذا ابن قدامة، وقال: من مهاجرة الحبشة، فيما ذكر ابن إسحاق، قتل يوم اليرموك شهيدا، وكان أبوه النضر بن الحارث، شديد العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسر يوم بدر، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله بالصفراء (1). وذكر الكاشغرى معنى ذلك، وقال: وقيل: كلدة بن علقمة، فاستفدنا من هذا الخلاف فى نسبه، هل هو علقمة بن كلدة، أو كلدة بن علقمة؟ والله أعلم باصواب. 2307 ـ فرقد المكى: يروى عن عمر بن الخطاب. روى عنه صفوان بن عبد الله. ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الثانية من الثقات. 2308 ـ فضالة بن دينار الخزاعى: له إدراك. ذكره المستغفرى هكذا. وذكره الذهبى فى التجريد، وذكره الكاشغرى، وقال: أدرك النبى صلى الله عليه وسلم. 2309 ـ الفضل بن عبد الرحمن الهاشمى: قال أبو موسى: أورده أبو مسعود، وقال: يتأمّل. وقال ابن الأثير: قلت: لا حاجة إلى تأمله، فإن بنى هاشم لم يك فيهم من يعاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، اسمه عبد الرحمن، ولا الفضل، إلا الفضل بن العباس. انتهى.

_ 2306 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب 2115، الإصابة 6984، أسد الغابة 24210). (1) الصّفراء: بلفظ تأنيث الأصفر من الألوان، وادى الصفراء: من ناحية المدينة، وهو واد كثير النخل والزرع والخير فى طريق الحاجّ وسلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم، غير مرّة، وبينه وبين بدر مرحلة. انظر: معجم البلدان مادة «صفراء».

2310 ـ الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب الهاشمى، ابن عم النبى صلى الله عليه وسلم، أبو عبد الله، وقيل أبو محمد، وقيل أبو العباس

وقال الذهبى فى التجريد: الفضل بن عبد الرحمن الهاشمى، وهم فيه بعضهم، ولعله ابن العباس. 2310 ـ الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب الهاشمى، ابن عم النبى صلى الله عليه وسلم، أبو عبد الله، وقيل أبو محمد، وقيل أبو العباس: أمه أم الفضل لبابة الصغرى، بنت الحارث بن حزن الهلالية، أخت ميمونة، زوج النبىصلى الله عليه وسلم، وهى أم إخوته على ما ذكرنا فى باب تمام. شهد مع النبى صلى الله عليه وسلم فتح مكة وحنينا، وثبت معه يوم حنين، حين انهزم عنه الناس، وشهد معه حجة الوداع، وأردفه النبى صلى الله عليه وسلم معه من جمع إلى منى، ثم غزا مع النبى صلى الله عليه وسلم حنينا، وشهد غسل النبى صلى الله عليه وسلم، وكان يصب الماء على علىّ رضى الله عنه، حين غسل النبى صلى الله عليه وسلم، وكان من أجمل الناس وجها. قال ابن قدامة: وكان يقال: من أراد الجمال والفقه والسخاء، فليأت دار العباس، الجمال للفضل، والفقه لعبد الله، والسخاء لعبيد الله. وذكر صاحب الكمال، أن للفضل عن النبى صلى الله عليه وسلم، أربعة وعشرين حديثا، اتفقا على حديثين. روى عنه أخوه عبد الله بن عباس، وأبو هريرة، وربيعة بن الحارث، وعباس بن عبيد الله بن العباس. روى له الجماعة. واختلف فى تاريخ موته، فقال الزهرى: لم يعرف للفضل بعد النبىصلى الله عليه وسلم حال، هذا أو معناه. وقال بعضهم: مات بالشام فى طاعون عمواس، قال صاحب الكمال: وهو الأظهر، وقيل قتل يوم أجنادين سنة ثلاث عشرة، وقيل يوم اليرموك. وهو يروى عن ابن معين، وقيل قتل يوم مرج الصّفّر، ولم يترك ولدا، إلا أم كلثوم،

_ 2310 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2117، الإصابة ترجمة 7018، أسد الغابة ترجمة 4237، الثقات 3/ 329، تقريب التهذيب 2/ 110، تلقيح فهوم أهل الأثر 137، 367، خلاصة تهذيب الكمال 2/ 335، التاريخ الصغير 1/ 36، 52، سير أعلام النبلاء 3/ 444، الكاشف 2/ 382، التاريخ الكبير 7/ 114، تجريد أسماء الصحابة 2/ 8، التحفة اللطيفة 2/ 394، شذرات الذهب 1/ 28، الرياض المستطابة 240، تهذيب الكمال 2/ 1095).

2311 ـ الفضل بن العباس بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس

تزوجها الحسن بن على بن أبى طالب، ثم فارقها، فتزوجها أبو موسى الأشعرى، رضى الله عنهم أجمعين. 2311 ـ الفضل بن العباس بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس [ ..... ] (1): أمير مكة، ذكر ابن جرير الطبرى: أنه حج بالناس سنة إحدى وتسعين ومائة، وكان والى مكة للعباسيين. ولا أدرى هل هذه السنة ابتداء ولايته، أو كانت قبل ذلك. وذكر أن داود بن عيسى الهادى، حج بالناس وهو والى مكة، سنة ثلاث وتسعين، فلا أدرى هل كان عزل الفضل فى هذه السنة، أو فى سنة اثنتين وتسعين؟ والله أعلم. 2312 ـ الفضل بن العباس بن الحسين بن إسماعيل بن محمد العباسى: أمير مكة، ذكر الفاكهى، أنه كان على مكة فى سنة ثلاث وستين ومائتين، ولم يزد فى نسبه على اسم أبيه، وما ذكرناه فى نسبه، ذكره العتيقى فى كتابه «أمراء الموسم» وذكر أنه حج بالناس فى سنة ثمان وخمسين ومائتين، وسنة تسع وخمسين ومائتين. ورأيت فى تاريخ ابن جرير الطبرى ما يخالف ما ذكره العتيقى فى نسب الفضل، وفى حجه بالناس فى سنة تسع وخمسين ومائتين، وأنه حج بالناس سنة سبع وخمسين ومائتين. وهذا أيضا يخالف ما ذكره العتيقى، فيمن حج بالناس فى هذه السنة، لأنه ذكر أن محمد بن أحمد بن عيسى المنصور، الملقب كعب البقر، حج بالناس فى سنة سبع وخمسين، ونذكر كلام ابن جرير المخالف لما ذكره العتيقى. قال فى أخبار سنة سبع وخمسين ومائتين: وفيها حج بالناس، الفضل بن إسحاق بن الحسن بن إسماعيل بن العباس بن محمد بن على بن عبد الله بن العباس. وقال: وحج بالناس أيضا سنة ثمان وخمسين ومائتين الفضل المذكور. وقال: سنة تسع وخمسين ومائتين حج بالناس فيها، إبراهيم بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن سليمان بن على بن عبد الله بن عباس المعروف ببرية. انتهى (1). وقد ظهر بهذا مخالفة ما ذكره ابن جرير، لما ذكره العتيقى فى نسب الفضل. وقثم حج بالناس سنة سبع وخمسين، وسنة تسع وخمسين، ولعل الخلاف فى نسب الفضل، من ناسخ كتاب ابن جرير، وكتاب العتيقى، فإن النسخة التى رأيتها من كتاب كل منهما سقيمة، والله أعلم بالصواب.

_ 2311 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2312 ـ (1) تابعه ابن الجوزى فى المنتظم.

2313 ـ فضيل بن عياض بن مسعود بن بشر التميمى اليربوعى، أبو على الزاهد

2313 ـ فضيل بن عياض بن مسعود بن بشر التميمى اليربوعى، أبو على الزاهد: نزيل مكة، روى عن: حميد الطويل، وسليمان الأعمش، وسليمان التيمى، ومحمد ابن إسحاق، وجماعة. روى عنه: سفيان الثورى ـ وهو من شيوخه ـ وسفيان بن عيينة ـ وهو من أقرانه ـ وعبد الله بن المبارك ـ ومات قبله ـ والحميدى، والقعنبى. والإمام الشافعى، وهارون الرشيد أمير المؤمنين، وخلق. قال إبراهيم بن محمد الشافعى: سمعت سفيان بن عيينة يقول: فضيل ثقة. قال عبد الرحمن بن مهدى: فضيل بن عياض رجل صالح، ولم يكن بحافظ. وقال الحسين بن إدريس الأنصارى، عن محمد بن عبد الله بن عمار: ليت الفضيل كان يحدثك بما يعرف، قلت: ترى حديثه حجة؟ قال: سبحان الله! وقال إبراهيم بن ميسرة، عن ابن المبارك: ما بقى على ظهر الأرض عندى، أفضل من الفضيل بن عياض. وقال شريك بن عبد الله: لم يزل لكل قوم حجة فى أهل زمانهم، وأن فضيل بن عياض، حجة لأهل زمانه. وقال النضر بن شميل: سمعت هارون الرشيد يقول: ما رأيت فى العلماء أهيب من مالك، ولا أورع من الفضيل بن عياض. انتهى. للفضيل بن عياض مع الرشيد موعظة مشهورة، رويناها من طريق أبى نعيم، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا زكريا الغلابى قال: حدثنا أبو عمرو الجرمى النحوى، قال: حدثنا الفضل بن الربيع، قال: حج أمير المؤمنين ـ يعنى هارون الرشيد ـ

_ 2313 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 1/ 28، 6/ 43، 282، تاريخ الدورى 2/ 476، تاريخ خليفة 458، طبقات خليفة 284، علل ابن المدينى 74، علل أحمد 1/ 21، 44، 203، 251، 2/ 150، التاريخ الكبير للبخارى الترجمة 550، تاريخ الصغير 2/ 241، المعرفة ليعقوب 1/ 179، تاريخ أبى زرعة الدمشقى 468، 557، الجرح والتعديل ترجمة 416، ثقات ابن حبان 7/ 315، الثقات لابن شاهين الترجمة 1124، حلية الأولياء 8/ 84، السابق واللاحق 292، الجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسرانى 2/ 414، الكامل فى التاريخ 6/ 189، 220، سير أعلام النبلاء 8/ 372، تذكرة الحفاظ 1/ 245، الكاشف ترجمة 6768، تهذيب التهذيب 8/ 294، تقريب التهذيب 2/ 113، خلاصة الخزرجى ترجمة 5739، شذرات الذهب 1/ 316، صفوة الصفوة 2/ 134، التوابون 27، الجواهر المضية 1/ 409).

فأتانى فخرجت مسرعا. فقلت: يا أمير المؤمنين! لو أرسلت إلىّ أتيتك، فقال: ويحك، قد حاك فى نفسى شئ، فانظر لى رجلا أسأله، فقلت: هاهنا سفيان بن عيينة. قال: امض بنا إليه فأتيناه، فقرعت الباب، فقال: من ذا؟ فقلت: أجب أمير المؤمنين، فخرج مسرعا، فقال: يا أمير المؤمنين، لو أرسلت إلىّ أتيتك، فقال له، خذ لما جئناك له رحمك الله، فحدثه ساعة، ثم قال له: عليك دين؟ فقال: نعم. فقال: يا عباس، اقض دينه. فلما خرجنا قال: ما أغنى عنى صاحبك شيئا، انظر لى رجلا أسأله، قلت: هاهنا عبد الرزاق بن همام، قال: امض بنا إليه، فأتيناه فقرعنا الباب، فخرج مسرعا، فقال: من هذا؟ فقلت: أجب أمير المؤمنين، فقال: يا أمير المؤمنين، لو أرسلت إلىّ أتيتك، فقال: خذ لما جئناك له، فحادثه ساعة، ثم قال له: عليك دين؟ قال: نعم. قال: يا عباس، افضل دينه، فلما خرجنا قال: ما أغنى عنى صاحبك شيئا، انظر لى رجلا أسأله، قلت: هاهنا الفضيل بن عياض، قال: امض بنا إليه، فأتيناه، فإذا هو قائم يصلى، يتلو آية من القرآن يردّدها، فقال: اقرع الباب. فقرعت الباب، فقال: من هذا؟ قلت: أجب أمير المؤمنين، فقال: ما لى ولأمير المؤمنين! فقلت: سبحان الله، أما عليك طاعة؟ أليس قد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم: «ليس للمؤمن أن يذلّ نفسه». فنزل ففتح الباب، ثم ارتقى إلى الغرفة فأطفأ السراج، ثم ارتقى إلى زاوية من زوايا البيت، فدخلنا فجعلنا نجول عليه بأيدينا، فسبقت يد هارون قبلى إليه، فقال: يا لها من كف، ما ألينها إن نجت غدا من عذاب الله عزوجل، فقلت فى نفسى: ليكلّمنّه الليلة بكلام نقى من قلب تقى، فقال له: خذ فيما جئناك له، فقال: إن عمر بن عبد العزيز لما ولى الخلافة، دعا سالم بن عبد الله، ومحمد بن كعب القرظىّ، ورجاء بن حيوة، فقال لهم: إنى قد ابتليت بهذا البلاء، فأشيروا علىّ، فعدّ الخلافة بلاء، وعددتها أنت وأصحابك نعمة، فقال له سالم بن عبد الله: إن أردت النجاة من عذاب الله فصم الدنيا، وليكن إفطارك منها الموت. وقال له محمد بن كعب: إن أردت النجاة من عذاب الله، فليكن كبير المسلمين عندك أبا، وأوسطهم عندك أخا، وأصغرهم عندك ابنا فوقرّ أباك، وأكرم أخاك، وتحنّن على ولدك. وقال له رجاء بن حيوة: إن أردت النجاة غدا من عذاب الله، فأحب للمسلمين ما تحب لنفسك، واكره لهم ما تكره لنفسك، ثم مت إذا شئت، وإنى أقول لك هذا، وإنى أخاف عليك أشد الخوف يوما تزل فيه الأقدام، فهل معك رحمك الله مثل هؤلاء، أو من يشير عليك بمثل هذا! فبكى هارون بكاء شديدا، حتى غشى عليه، فقلت له: ارفق بأمير المؤمنين، فقال: يا ابن أم الربيع، تقتله أنت وأصحابك، وأرفق به

أنا؟ ثم أفاق فقال له: زدنى رحمك الله، فقال: يا أمير المؤمنين، بلغنى أن عاملا لعمر ابن عبد العزيز شكا إليه، فكتب إليه عمر: يا أخى، اذكر طول شهر أهل النار فى النار، مع خلود الأبد، وإياك أن ينصرف بك من عند الله، فيكون آخر العهد بك وانقطاع الرجاء. قال: فلما قرأ الكتاب، طوى البلاد حتى قدم على عمر بن عبد العزيز، فقال له: ما أقدمك؟ قال: خلعت قلبى بكتابك، لا أعود إلى ولاية حتى ألقى الله عزوجل، فبكى هارون بكاء شديدا، ثم قال: زدنى يرحمك الله، فقال: يا أمير المؤمنين، إن العباس عم المصطفىصلى الله عليه وسلم، جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أمرنى على إمارة، فقال له النبىصلى الله عليه وسلم: «إن الإمارة حسرة وندامة يوم القيامة، فإن استطعت أن لا تكون أميرا فافعل». فبكى هارون بكاء شديدا، فقال: زدنى رحمك الله، فقال: يا حسن الوجه، أنت الذى يسألك الله عن هذا الخلق يوم القيامة، فإن استطعت أن تقى هذا الوجه من النار فافعل، وإياك أن تصبح وتمسى وفى قلبك غش لأحد من رعيتك، فإن النبىصلى الله عليه وسلم قال: «من أصبح لهم غاشا لم يرح رائحة الجنة». فبكى هارون وقال له: عليك دين؟ قال: نعم، دين لربّى لم يحاسبنى عليه، فالويل لى إن سألنى، والويل لى إن حاسبنى، والويل لى إن لم ألهم حجّتى، قال: إنما أعنى من دين العيال. قال: إن ربى لم يأمرنى بهذا، أمرنى أن أصدق وعده وأطيع أمره، فقال جل وعز: (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ.) [الذاريات: 56] فقال له: هذه ألف دينار، خذها فأنفقها على عيالك، وتقو بها على عبادة ربك، فقال: سبحان الله! أنا أدلك على طريق النجاة، وأنت تكافئنى بمثل هذا! سلمك الله ووفقك، ثم صمت ولم يكلمنا، فخرجنا من عنده. فلما صرنا على الباب، قال هارون: أيا عباس، إذا دللتنى على رجل، فدلنى على مثل هذا، هذا سيد المسلمين، فدخلت عليه امرأة من نسائه فقالت: يا هذا، قد ترى ما نحن فيه من ضيق الحال، فلو قبلت هذا المال فتفرحنا به، فقال: إنما مثلى ومثلكم، كمثل قوم لهم بعير يأكلون من كسبه، فلما كبر نحروه، فأكلوا لحمه، فلما سمع هارون هذا الكلام قال: ندخل، فعسى أن يقبل المال! فلما علم الفضيل، خرج فجلس فى السطح على باب الغرفة، فجاء هارون فجلس إلى جنبه، فجعل يكلمه فلا يجيبه، فبينا نحن كذلك، خرجت جارية سوداء فقالت: يا هذا، قد آذيت الشيخ منذ الليلة، فانصرف رحمك الله، فانصرفنا.

وقال هارون بن إسحاق الهمذانى: حدثنى رجل من أهل مكة قال: كنا جلوسا مع الفضيل بن عياض، فقلنا: يا أبا على، كم سنّك؟ فقال [من المتقارب]: بلغت الثمانين أو جزتها ... فماذا أؤمل أو أنتظر أتت لى ثمانون من مولدى ... ودون الثمانين لى معتبر علتنى السنون فأبليننى ... فدق العظام وكل البصر وقال أبو عمار الحسين بن حريث، عن الفضل بن موسى: كان الفضيل بن عياض شاطرا يقطع بين أبيورد وسرخس، وكان سبب توبته، أنه عشق جارية، فبينا يرتقى الجدران إليها، إذ سمع تاليا يتلو: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) [الحديد: 16] فلما سمعها، قال: بلى يا رب، قد آن، فرجع فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها قافلة، فقال بعضهم: نرتحل. وقال بعضهم: حتى نصبح، فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا، قال: ففكرت، وقلت: أنا أسعى بالليل فى المعاصى، وقوم من المسلمين هاهنا يخافوننى! وما أرى الله تعالى ساقنى إليهم إلا لأرتدع، اللهم إنى قد تبت إليك، وجعلت توبتى مجاورة البيت الحرام. انتهى. ذكره خليفة بن خياط فى الطبقة الخامسة من أهل مكة. وذكره محمد بن سعد فى الطبقة السادسة منهم، وقال: ولد بخراسان بكورة أبى ورد، وقدم مكة وهو كبير، فسمع بها الحديث من ابن المعتمر وغيره، ثم تعبد وانتقل إلى مكة، ونزلها، إلى أن مات بها فى أول سنة سبع وثمانين ومائة، فى خلافة هارون الرشيد. وقال يحيى بن معين، وعلى بن المدينى، وأبو عبيد القاسم بن سلام، ومحمد بن عبد الله بن نمير، والبخارى، فى آخرين: مات بمكة سنة سبع وثمانين ومائة، وزاد بعضهم: فى أول المحرم. وحكى عن هشام بن عمار أنه قال: مات يوم عاشوراء. انتهى. وقال مجاهد بن موسى: مات سنة ثمانين ومائة. وقال أبو بكر بن عفان: سمعت وكيعا يوم مات الفضيل بن عياض يقول: ذهب الحزن اليوم من الأرض. قال الحافظ أبو بكر الخطيب: حدث عنه سفيان الثورى، والحسين بن داود البلخى، وبين وفاتيهما مائة وإحدى وعشرون سنة، وحدث عنه أبو سهل الخياط، وبين وفاته ووفاة البلخى، مائة سنة وسنة وواحد (1). روى له الجماعة، سوى ابن ماجة.

_ (1) هذا التعبير جاء على هذه الصورة بالأصل.

2314 ـ فليتة بن قاسم بن أبى هاشم محمد بن جعفر بن أبى هاشم محمد بن الحسن بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ابن على بن أبى طالب الحسنى

[ ..... ] (2). 2314 ـ فليتة بن قاسم بن أبى هاشم محمد بن جعفر بن أبى هاشم محمد بن الحسن بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ابن على بن أبى طالب الحسنى: أمير مكة، هكذا سماه غير واحد، منهم ابن القادسى والذهبى، وبعضهم يقول فيه: أبو فليتة، وممن قال بذلك الذهبى أيضا، وذكر بأنه خلف أباه فأحسن السياسة، وأسقط المكس عن أهل مكة. وذكر ابن الأثير، أنه كان أعدل من أبيه وأحسن سيرة، فأسقط المكوس وأحسن إلى الناس. انتهى. وتوفى فى يوم السبت الحادى والعشرين من شعبان سنة سبع وعشرين وخمسمائة، وكان له أولاد، منهم: شكر، ومفرّج، وموسى، وترجم كل منهم بالأمير، وما عرفت شيئا من حالهم سوى ذلك. 2315 ـ فواز بن عقيل بن مبارك بن رميثة بن أبى نمى الحسنى المكى: كان ممن أغار على مكة مع بنى عمه وغيرهم من الأشراف والقواد، فى يوم السبت الثانى عشر من رمضان سنة عشرين وثمانمائة، فقتله فى هذا اليوم بعض عسكر السيد حسن بن عجلان، لما خرجوا من مكة لقتالهم، وهو فى عشر الثلاثين فيما أحسب، وكان كثير التسلط على أهل قرية المبارك من وادى نخلة، والتكليف لهم. 2316 ـ فياض بن أبى سويد بن أبى دعيج بن أبى نمى محمد بن أبى سعد الحسنى المكى: كان من أعيان الأشراف. توفى مقتولا فى الثالث عشر أو الرابع عشر، من عشر ربيع الأول سنة ثمان وتسعين وسبعمائة، قتله القواد العمرة، لأن الأشراف كانوا أغاروا على إبل لهم قبل، وذلك فى ثانى عشر الشهر وانتهبوها، فلحقوهم القواد فى التاريخ الذى ذكرناه، وقتلوه مع غيره. * * *

_ (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2314 ـ انظر ترجمته فى: (المنتظم 7/ 226).

حرف القاف

حرف القاف 2317 ـ قارب بن عبد الله الأسود بن مسعود بن معتب بن مالك الثقفى: روى عنه ابنه عبد الله بن قارب، حديثا عن النبى صلى الله عليه وسلم: «رحم الله المحلّقين». قال ابن عبد البر: وهو معروف مشهور، من وجوه ثقيف. قال ابن عيينة: كانت راية الأحلاف أيام قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثقيف، وحصاره لهم بيده، ثم قال: قال فيه الحميدى، عن سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن وهب بن عبد الله بن قارب، أو مارب، هكذا على الشك، عن أبيه، عن جده، ولا أحفظ هذا الحديث من غير رواية ابن عيينة، وغير الحميدى يرويه «قارب» من غير شك، وهو الصواب. * * * من اسمه القاسم 2318 ـ القاسم بن حسين بن قاسم المكى المعروف بالذويد، بذال معجمة مفتوحة وواو مكسورة وياء مثناة من تحت ساكنة ودال مهملة: كان رجلا جيدا [ ....... ] (1). توفى يوم الجمعة خامس صفر سنة سبع وسبعين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. 2319 ـ القاسم بن الربيع، أبو العاص: صهر النبى صلى الله عليه وسلم، ويقال لقيط. ذكره هكذا الذهبى. وذكر الكاشغرى نحوه، ولم أر من ذكره فيمن اسمه القاسم، وسيأتى فى الكنى.

_ 2317 ـ انظر ترجمته فى: (الإصابة ترجمة 7071، الاستيعاب ترجمة 2188، أسد الغابة ترجمة 4248، تجريد أسماء الصحابة 2/ 9، تلقيح فهوم أهل الأثر 383، التاريخ الكبير 7/ 196، ذيل الكاشف 1238). 2318 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2320 ـ القاسم بن سلام الأنصارى، مولاهم، وقيل مولى الأزد، وقيل مولى بنى أمية، أبو عبيد البغدادى

2320 ـ القاسم بن سلام الأنصارى، مولاهم، وقيل مولى الأزد، وقيل مولى بنى أمية، أبو عبيد البغدادى: روى عن هشيم، وإسماعيل بن عياش، وأبى بكر بن عياش، وإسماعيل بن جعفر، وسفيان بن عيينة، وشريك بن عبد الله، وعباد بن عباد، وجرير بن عبد الحميد، وابن المبارك، ووكيع، وخلق. حتى إنه روى عن هشام بن عمار. روى عنه: سعيد بن أبى مريم ـ وهو أحد شيوخه ـ ومحمد بن إسحاق، وعباس الدورى، والحارث بن أبى أسامة، وابن أبى الدنيا، وعلى بن عبد العزيز البغوى، وغيرهم. روى له أبو داود (1). وقال أبو عمرو الدانى: أخذ القراءة عرضا وسماعا عن الكسائى، وعن شجاع البلخى، وعن إسماعيل بن جعفر، وعن حجاج بن محمد، وعن أبى مسهر.

_ 2320 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 7/ 355، تاريخ ابن معين 479، 480، التاريخ الكبير 7/ 172، التاريخ الصغير 2/ 350، المعارف 549، الجرح والتعديل 7/ 111، طبقات الزبيدى 217، 221، الفهرست 78، تاريخ بغداد 12/ 403 ـ 416، طبقات الشيرازى 26، طبقات الحنابلة 1/ 259، تاريخ ابن عساكر 35/ 82 ـ 110، نزهة الألباء 136 ـ 142، صفة الصفوة 4/ 130، معجم الأدباء 16/ 254 ـ 261، الكامل 6/ 509، إنباه الرواة 3/ 12 ـ 23، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 257، 258، وفيات الأعيان 4/ 60 ـ 63، المختصر فى أخبار البشر 2/ 34، تذهيب التهذيب 3/ 146، 147، دول الإسلام 1/ 136، تذكرة الحفاظ 1/ 417، العبر 1/ 392، ميزان الاعتدال 3/ 371، معرفة القراء 1/ 141 ـ 143، الكاشف 2/ 390، عيون التواريخ 94، مرآة الجنان 2/ 83 ـ 86، طبقات الشافعية 2/ 153 ـ 160، البداية والنهاية 10/ 291، 292، غاية النهاية 2/ 17، 18، تهذيب التهذيب 8/ 315، النجوم الزاهرة 2/ 241، روضات الجنان 526، بغية الوعاة 2/ 253، 254، المزهر 2/ 411، 419، 464، خلاصة تهذيب الكمال 312، طبقات المفسرين 2/ 32، مفتاح السعادة 2/ 306، شذرات الذهب 2/ 54، 55، سير أعلام النبلاء 10/ 490). (1) لم أجد له رواية عند أبى داود، وله رواية عند الدارمى فى سننه، فى كتاب الطهارة، حديث رقم (1019) من طريق: أبو عبيد القاسم بن سلام حدثنا عبد الرحمن بن مهدى عن سفيان عن ثابت الحداد عن عدى بن دينار مولى أم قيس بنت محصن عن أم قيس قالت: سألت النبى صلى الله عليه وسلم عن دم الحيضة يكون فى الثوب، فقال: اغسليه بماء وسدر وحكيه بضلع.

2321 ـ قاسم بن سليمان بن محمود النجار المكى، يكنى أبا فليتة

وروى عنه القراءات: ورّاقه أحمد بن إبراهيم، ورّاق خلف بن هشام، وأحمد بن يوسف التغلبى، وعلى بن عبد العزيزى البغوى، وغيرهم. قال الذهبى: وله قراءة منقولة فى كتاب «المنتهى» لأبى الفضل الخزاعى. وأخذ العربية عن أبى زيد الأنصارى، والأصمعى وغيرهما. وله تواليف فى القرآن والحروف والفقه والحديث واللغة والشعر. قال أبو داود: كان ثقة مأمونا. وقال الدارقطنى: ثقة جبل إمام. وذكره ابن حبان فى الثقات، وقال: كان أحد أئمة الدنيا، صاحب حديث وفقه وورع ودين، ومعرفة بالأدب وأيام الناس، ممن جمع وصنف واختار، وذب عن الحديث ونصره، وقمع من خالف وحاد عنه. وقال أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: الحق يحبه الله، أبو عبيد أفقه منى وأعلم. وناهيك بهذه منقبة. وقال الذهبى: وكان يجتهد ولا يقلد أحدا، وذكر ابن سعد، أنه ولى قضاء طرسوس أيام ثابت بن مضر الخزاعى، ولم يزل معه ومع ولده، وحج فتوفى بمكة سنة أربع وعشرين ومائتين. وهكذا قال ابن حبان فى وفياته، وغير واحد، منهم الذهبى، وقال: وله سبع وستون سنة، وحكى عن الخطيب أنه قال: ولد بهراة، وقال: كان رومىّ الأصل. 2321 ـ قاسم بن سليمان بن محمود النجار المكى، يكنى أبا فليتة: ذكره أبو العباس الميورقى فى تعاليقه، وذكر أنه سمعه يقول: رحلت إلى مصر، وكنت مشتغلا بالبناء، فكنت ذات يوم بالقصير، الذى هو الساحل الذى تشحن منه المراكب فى أيام الملك الكامل، فى نحو سنة ثلاثين وستمائة، وقبور أهل القصير على يمين طريق الحاج ويساره، وكان بها شر [ ... ] (1) الخمر، فأتى فى سكرته، فعاتبته أمه، فضربها بركبته اليمنى، فعاش شهرا ثم مات، فدفنوه وهى عليه ساخطة، وكانت عند ضربته قد قالت له: اغد يا بنى، كشفك الله فى دار الدنيا ودار الآخرة. فلما كان يوم الخميس من دفنه، خرجت من قبره ركبته التى ضرب بها أمه. قال أبو فليتة: فنادانى تاجر من تجار الكارم، فبنيت عليه ورصصت البناء بالحصى والنّورة، فلم يشعر للخميس الآخر، إلا وركبته بارزة كما كانت، وما نفع بنيانى وإتقانى شيئا، فلما رأى الناس تلك الموعظة، راحوا إلى أمه وأتوا بها لتعاين قدرة الله

_ 2321 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2322 ـ قاسم بن عبد المعطى بن أحمد بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى

تعالى فيه وترحمه، فلما عاينت ذلك منه، وعاينت البناء المرصص الذى لم ينفع فيه [ ... ] (2) وابتهلت إلى الله تعالى فيه، فستره وعادت الركبة إلى القبر. حدثنى بذلك يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من رمضان سنة ثمان وستين وستمائة، ودموعه تسيل. انتهى. 2322 ـ قاسم بن عبد المعطى بن أحمد بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى: ذكره لى ولده شيخنا أبو بكر، أنه كان كثير المكارم، يجود بما يجد، حتى بقميصه. مات بفاس من بلاد الغرب، سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة تقريبا. ومولده بمكة [ ... ] (1). 2323 ـ القاسم بن عبد الواحد بن أيمن القرشى، مولاهم، مولى ابن أبى عمرة المكى: روى عن عبد الله بن محمد بن عقيل، وأبى حازم الأعرج، وعمرو بن عبد الله بن عمرو. وروى عنه همام بن يحيى، وهو أكبر منه، وعبد الوارث بن سعيد، وآخرون. روى له الترمذى، والنسائى، وابن ماجة. وذكره ابن حبّان فى الثقات. قال الذهبى: ومات شابا. 2324 ـ القاسم بن على بن أحمد بن على بن عبد المعطى الأنصارى الأندلسى، أبو محمد: سمع بمصر والشام من جماعة، وحج وأقام بمكة حتى مات بها، فى ذى الحجة سنة ستين وستمائة. ذكره الشريف أبو القاسم الحسينى فى وفياته.

_ (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2322 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2323 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 761، المعرفة ليعقوب 1/ 436، الجرح والتعديل ترجمة 654، الثقات لابن حبان 7/ 337، الكاشف ترجمة 4585، المغنى ترجمة 5000، تاريخ الإسلام 6/ 114، ميزان الاعتدال ترجمة 6823، تهذيب التهذيب 8/ 324، تقريب التهذيب 2/ 118، خلاصة الخزرجى ترجمة 5786، تهذيب الكمال 4801).

2325 ـ قاسم بن أبى الغيث بن أحمد بن عثمان العبسى ـ بباء موحدة وسين مهملة ـ اليمنى الزبيدى

2325 ـ قاسم بن أبى الغيث بن أحمد بن عثمان العبسى ـ بباء موحدة وسين مهملة ـ اليمنى الزبيدى: ولد بزبيد ونشأ بها، وتردد منها إلى عدن، وإلى غيرها من بلاد اليمن والهند ومصر للتجارة، وحصّل دنيا طائلة، ثم ذهب كثير منها فى سفرة سافرها إلى مصر، فى سنة خمس وثمانمائة، ثم عاد منها إلى مكة سنة [ ... ] (1) وثمانمائة، وأقام بها حتى مات، بعد أن عمر بها دارا حسنة بالسويقة، وقفها مع دور له بعدن وزبيد، على أولاد له صغار، سنة اثنتى عشرة، وكان حسن الطريقة خيرا. توفى سحر ليلة الأحد، السادس عشر من شوال سنة أربع عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وقد قارب السبعين. 2326 ـ القاسم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمى: ذكره الذهبى وقال: ذكره الزبير وغيره. وقيل عاش جمعة. وقال الكاشغرى: مات وهو ابن سبعة أيام، وقيل ابن سنتين، قبل الدعوة، ولا يعد فى الصحابة، وقيل توفى بعد الوحى. 2327 ـ قاسم بن محمد بن جعفر بن أبى هاشم بن محمد بن الحسن بن محمد ابن موسى بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى، أبو محمد بن أبى هاشم: أمير مكة. ذكر ابن الأثير: أنه هرب عن مكة فى سنة سبع وثمانين وأربعمائة، لما تولى عليها أصبهبذ عنوة، ثم جمع له وكبسه بعسفان، فانهزم أصبهبذ، ودخل قاسم مكة فى شوال هذه السنة. وفى هذه السنة كان موت أبيه أبى هاشم. وذكره النّويرىّ فى تاريخه، فى أخبار سنة اثنتى عشرة وخمسمائة: أن أبا محمد قاسم ابن أبى هاشم أمير مكة، عمر مراكب حربية، وشحنها بالمقاتلة، وسيرهم إلى عيذاب، فنهبوا مراكب التجار، وقتلوا جماعة منهم، فحضر من سلم من التجار إلى باب الأفضل، يعنى ابن أمير الجيوش وزير الديار المصرية، وشكوا ما أخذ منهم، وأمر بعمارة حراريق ليجهزها، ومنع الناس أن يحجوا فى سنة أربع عشرة، وقطع الميرة عن الحجاز، فغلت الأسعار، وكان الأفضل قد كتب إلى الأشراف بمكة، يلومهم على فعل صاحبهم، وضمن كتبه التهديد والوعيد، وضاقوا بذلك ذرعا ولاموا صاحبهم، فكتب الشريف إلى الأفضل يعتذر، والتزم برد المال إلى أربابه، ومن قتل من التجار رد ماله لورثته، وأعاد الأموال فى سنة خمس عشرة. انتهى. وذكر ابن الأثير فى «الكامل»: أن فى سنة خمس عشرة وخمسمائة، ظهر بمكة إنسان

_ 2325 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2328 ـ القاسم بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى المطلبى

علوى، وأمر بالمعروف، فكثر جمعه، ونازع أمير مكة ابن أبى هاشم، فقوى أمره وعزم على أن يخطب لنفسه، فعاد ابن أبى هاشم، وظفر به ونفاه عن الحجاز إلى البحرين، وكان هذا العلوى من فقهاء النظامية ببغداد. انتهى. ولم يبين ابن الأثير، ابن أبى هاشم المشار إليه، وهو قاسم المذكور، لأنه كان أمير مكة فى هذا التاريخ بلا ريب، وتوفى كما ذكر الذهبى فى صفر سنة ثمان عشرة وخمسمائة، وقد ذكر وفاته فى هذه السنة غير واحد. ورأيت فى بعض التواريخ، أنه توفى يوم السابع عشر من الشهر المذكور. وفى تاريخ ابن الأثير، أنه توفى فى سنة سبع عشرة وخمسمائة، والله أعلم بالصواب. ومن شعره فى وصف حرب، فخر فيه بقومه، على ما وجدت بخط ابن مسدى، وذكر أن أبا الحسن على بن يعلى السخيلى، أنشد ذلك بمكة، عن غير واحد من مشيخة مكة للمذكور [من الكامل]: قوم إذا خاضوا العجاج حسبتهم ... ليلا وخلت وجوههم أقمارا لا يبخلون برفدهم عن جارهم ... عدل الزمان عليهم أم جارا وإذا الصريخ دعاهم لملمة ... بذلوا النفوس وفارقوا الأعمارا وإذا زناد الحرب أكبت نارها ... قدحوا بأطراف الأسنة نارا 2328 ـ القاسم بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى المطلبى: أخو قيس بن مخرمة. أعطاه النبى صلى الله عليه وسلم ولأخيه الصلت، مائة وسق من خيبر. قال ابن عبد البر: لا أعلم للقاسم ولا للصلت رواية. 2329 ـ قاسم بن مهنّا بن حسين بن مهنّا بن داود بن أبى أحمد القاسم بن أبى عبد الله بن أبى القاسم طاهر بن يحيى النسابة بن الحسين بن جعفر حجة الله بن أبى جعفر عبد الله بن الحسين الأصغر بن زين العابدين على بن الحسين بن على بن أبى طالب الحسينى، أبو فليتة ال مدنى: أمير المدينة. ولى إمرتها فى زمن المستضئ العباسى، وأقام على ذلك خمسا وعشرين سنة، على ما وجدت ولايته، وليست فى تاريخ شيخنا ابن خلدون. ووجدت بخط بعض المكيين، أنه قدم إلى مكة فى موسم سنة إحدى وسبعين وخمسمائة مع الحاج، وأن أمير الحاج سلم إليه مكة ثلاثة أيام، ثم سلّمت بعد ذلك لداود بن عيسى بن فليتة السابق ذكره. 2330 ـ قاسم بن هاشم بن فليتة بن قاسم بن محمد بن جعفر الحسنى، أمير مكة، المعروف بابن أبى هاشم: ولى بعد أبيه إمرة مكة، واختلف فى تاريخ ولايته، فذكر عمارة اليمنى الشاعر، فى

_ 2328 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2121، الإصابة 7067، أسد الغابة 4254).

تأليف له سماه «النكت العصرية فى أخبار الوزراء المصرية» ولايته مع شيء من خبره، لأنه قال بعد ذكر شيء من حاله باليمن: خرجت إلى مكة حاجّا، بل هاجّا، سنة تسع وأربعين، يعنى وخمسمائة. وفى موسم هذه السنة، مات أمير الحرمين هاشم بن فليتة، وولى الحرمين، ولده قاسم بن هاشم، فألزمنى السفارة عنه، والرسالة منه إلى الدولة المصرية، فقدمتها فى شهر ربيع الأول، سنة خمسين وخمسمائة، والخليفة بها يومئذ الفائز ابن الظافر، والوزير له الملك الصالح طلائع بن رزّيك. ثم قال: ثم عدت من مصر فى شوال سنة خمسين، وأدركنا الحج والزيارة، فى بقية سنة خمسين وورد أمر الخليفة ببغداد، وهو المقتفى، إلى أمير الحرمين، قاسم بن هاشم، يأمره أن يركب على باب الكعبة المعظمة، باب ساج جديد، قد ألبس جميع خشبه الفضة وطلى بذهب، وأن يأخذ أمير الحرمين حلية الباب القديم لنفسه، وأن يسيّر إليه خشب الباب القديم مجردا، ليجعله تابوتا يدفن فيه عند موته، فلما قدمت من الزيارة، سألنى أمير الحرمين أن أبيع له الفضة التى أخذها من على الباب فى اليمن، ومبلغ وزنها خمسة عشر ألف درهم، فتوجهت إلى زبيد وعدن، من مكة حرسها الله تعالى سنة إحدى وخمسين، وحججت فى الموسم منها، ودفعت لأمير الحرمين ماله، ثم توجهت أريد الخروج إلى اليمن، فألزمنى أمير الحرمين التّرسّل عنه إلى الملك الصالح، بسبب جناية جناها خدمه على حاج مصر والشام، وهو مال أخذ منهم بمكة، فخرج الأمر من عند الصالح إلى الوالى بقوص، أن يعوقنى بقوص، ولا يأذن لى فى الرجوع ولا فى القدوم إلى باب السلطان، حتى يرد أمير الحرمين ما أخذ من مال التجار. ثم ذكر عمارة فى أخبار الناصر بن الصالح طلائع بن رزيك، أنه قام عن الحجيج بما يستأديه منهم أمير الحرمين، وسير على يد الأمير شمس الخلافة، إما خمسة عشر ألف أو دونها، إلى أمير الحرمين، قاسم بن هاشم، برسم إطلاق الحاج. انتهى. ووجدت بخط الفقيه جمال الدين بن البرهان الطبرى، أن الأمير قاسم بن هاشم بن فليتة، ولى بعد أبيه يوم الأربعاء ثانى عشر محرم، سنة إحدى وخمسين وخمسمائة، وما اختلف عليه اثنان، وأنه أمن البلاد. وفى ولاية قاسم هذا على مكة، دخل هذيل إلى مكة ونهبوا، وذلك فى سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، على ما وجدت بخط ابن البرهان أيضا، ووجدت بخطه أن قاسما المذكور، قتل يوم السابع والعشرين، من جمادى الأولى سنة ست وخمسين وخمسمائة، ولم يذكر من قتله، ولا سبب قتله. وذكر ذلك ابن الأثير فى كامله، مع شيء من خبر قاسم هذا، لأنه قال فى أخبار سنة ست وخمسين: كان أمير مكة هذه السنة قاسم بن فليتة بن قاسم بن أبى هاشم العلوى الحسنى، فلما سمع بقرب الحجاج من مكة، صادر المجاورين وأعيان أهل مكة،

2331 ـ القاسم بن أبى بزة، يسار، وقيل نافع، مولى عبد الله بن السائب بن صيفى، أبو عبد الله، ويقال أبو عاصم المكى القارى

وأخذ كثيرا من أموالهم، وهرب من مكة خوفا من أمير الحاج أرغن. وكان قد حج هذه السنة زين الدين على بن بالتكين صاحب جيش الموصل، ومعه طائفة صالحة من العسكر، فلما وصل أمير الحاج إلى مكة، رتب مكان قاسم بن فليتة عمه عيسى بن قاسم بن أبى هاشم، فبقى كذلك إلى شهر رمضان، ثم إن قاسم بن فليتة، جمع جمعا كثيرا من العرب، أطمعهم فى مال له بمكة، فاتبعوه، فسار بهم إليها، فلما علم عمه عيسى، فارقها ودخلها قاسم، وأقام بها أميرا أياما، ولم يكن له مال يوصله إلى العرب، ثم إنه قتل قائدا كان معه حسن السيرة، فتغيرت نيات أصحابه، عليه فكاتبوا عمه عيسى، فقدم عليهم، فهرب قاسم وصعد جبل أبى قبيس، فسقط عن فرسه، فأخذه أصحاب عيسى فقتلوه، فسمع عيسى، فعظم عليه قتله، وأخذه وغسله، ودفن بالمعلاة عند أبيه فليتة، واستقر الأمر لعيسى. انتهى بنصه. وما ذكره ابن الأثير، يقتضى أن قاسم بن هاشم، إنما توفى سنة سبع وخمسين، وهو يخالف ما سبق من أنه توفى فى سابع عشرى جمادى الأولى سنة ست وخمسين وستمائة. والصواب فى نسبته: قاسم بن هاشم بن فليتة، لا قاسم بن فليتة، كما ذكر ابن الأثير، وقد نبهنا على ذلك فى ترجمة عمه عيسى بن فليتة. 2331 ـ القاسم بن أبى بزّة، يسار، وقيل نافع، مولى عبد الله بن السائب بن صيفى، أبو عبد الله، ويقال أبو عاصم المكى القارى: روى عن أبى الطفيل، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وسليمان بن قيس، وجماعة. روى عنه عمرو بن دينار، مع تقدمه، وابن جريج، وسعيد بن هلال، وشعبة، ومسعر، وداود ابن عبد الرحمن العطار، وطائفة. روى له الجماعة. قال يحيى بن معين، وأحمد بن عبد الله، وابن سعد: هو ثقة. وذكره ابن حبّان فى الثقات، وقال: لم يسمع التفسير من مجاهد أحد، غير القاسم بن أبى بزة. وقال: يسار جده من فاس، وأسلم على يد السائب بن صيفى. مات سنة أربع عشرة ومائة، أو خمس عشرة، وقد قيل إنه مات سنة خمس وعشرين، والأول أصح. انتهى. وقال الذهبى: قال الواقدى: توفى بمكة سنة أربع وعشرين، وهكذا ذكر فى الكاشف والعبر. وكذا جزم به صاحب الكمال.

_ 2331 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 4/ 117، 6/ 28، 8/ 43، تاريخ الدورى 2/ 479، تاريخ خليفة 356، علل أحمد 1/ 162، 2/ 179، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 744، المعرفة ليعقوب 2/ 154، 327، 659، 808، 3/ 73، تاريخ أبى زرعة 643، 644، الجرح والتعديل ترجمة 697، الثقات لابن حبان 7/ 330، الجمع لابن القيسرانى 2/ 420، الكاشف ترجمة 4570، تاريخ الإسلام 5/ 122، تهذيب التهذيب 8/ 310، تقريب التهذيب 2/ 115، خلاصة الخزرجى ترجمة 5767، شذرات الذهب 1/ 162، تهذيب الكمال 4782).

2332 ـ القاسم، مولى أبى بكر الصديق رضى الله عنه

2332 ـ القاسم، مولى أبى بكر الصديق رضى الله عنه: له صحبة ورواية. ذكره هكذا ابن عبد البر، وقال الذهبى: القاسم، مولى أبى بكر الصديق، له صحبة، ذكره البغوى، والأشهر فيه أبو القاسم. 2333 ـ القاسم، أبو عبد الرحمن، مولى معاوية: ذكره هكذا الذهبى وقال: أورده عبدان فى الصحابة، وهو وهم بيّن. وقال الكاشغرى معنى ذلك. قال: قال ابن الأثير: ظن بعض النساخ أنه معاوية بن أبى سفيان، والذى أظنه، مولى بنى معاوية بن مالك الأوسى، يدل عليه ما روى: أنه ضرب رجلا يوم أحد، وقال: خذها وأنا الغلام الفارسى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وما منعك أن تقول: خذها وأنا الغلام الأنصارى، وأنت منهم، وإن مولى القوم منهم». 2334 ـ قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة بن عمرو بن كليب بن أصرم الخزاعى، يكنى أبا إسحاق، وقيل أبا سعيد: ولد فى أول سنة من الهجرة، وقيل فى عام الفتح، وروى عن أبى هريرة، وأبى الدرداء، وزيد بن ثابت، وغيرهم من الصحابة، رضى الله عنهم. وروى عنه رجاء بن حيوة، ومكحول، والزهرى، وكان إذا ذكره قال: كان من

_ 2332 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2122، 3159، الطبقات الكبرى 9/ 156، تجريد أسماء الصحابة 2/ 10، الإصابة 7068، 10438، أسد الغابة ترجمة 4250). 2334 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2124، الإصابة ترجمة 7286، أسد الغابة ترجمة 4263، طبقات ابن سعد 5/ 176، المحبر لابن حبيب 261، طبقات خليفة 309، تاريخ خليفة 292، التاريخ لابن معين 2/ 484، التاريخ الصغير 100، التاريخ الكبير 7/ 174، تاريخ الثقات للعجلى 388، المعرفة والتاريخ 1/ 236، تاريخ أبى زرعة 1/ 62، تاريخ الطبرى 23912، المعارف 108، 447، أنساب الأشراف 1/ 418، البرصان والعرجان 363، المغازى للواقدى 749، السير والمغازى لابن إسحاق 222، أخبار مكة للأزرقى 1/ 220، أخبار القضاة لوكيع 2/ 89، الجرح والتعديل 7/ 125، الثقات لابن حبان 5/ 317، جمهرة أنساب العرب 236، طبقات الفقهاء للشيرازى 47، 62، الجمع بين رجال الصحيحين 2/ 422، الكامل فى التاريخ 3/ 6، العقد الفريد 2/ 144، الكنى والأسماء للدولابى 1/ 187، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 56، تهذيب الكمال 2/ 1119، تذكرة الحفاظ 1/ 57، العبر 1/ 101، سير أعلام النبلاء 4/ 282، الكاشف 2/ 340، المعين فى طبقات المحدثين 35، عهد الخلفاء الراشدين (تاريخ الإسلام) 399، مختصر التاريخ لابن الكازرونى 90، 93، مرآة الجنان 1/ 177، البداية والنهاية 9/ 73، فوات الوفيات 2/ 402، الوفيات لابن قنفذ 99، تهذيب التهذيب 8/ 346، تقريب التهذيب 2/ 122، النجوم الزاهرة 1/ 214، طبقات الحافظ 21، خلاصة تذهيب التهذيب 314، شذرات الذهب 1/ 97، تاريخ الإسلام 3/ 170، 171).

2335 ـ قبيصة المخزومى

علماء هذه الأمة. روى له الجماعة. قال ابن عبد البر: كان يقال: له فقه وعلم، وكان على خاتم عبد الملك بن مروان. وذكره ابن سعد فى الطبقة الأولى من أهل المدينة، قال: وكان تحول إلى الشام، وكان أنزل الناس عند عبد الملك بن مروان، وكان يقرأ الكتب إذا وردت، ثم يدخلها على عبد الملك فيخبره بما فيها، وكان البريد إليه، وكان ثقة كثير الحديث. وقال العلاء، عن يحيى بن معين: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبيصة بن ذؤيب الخزاعى، ليدعو له بالبركة بعد وفاة أبيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا رجل يسار». قال الوليد: يعنى أنه لم يبق لأهله ذكر غيره. وقال الأعمش عن أبى الزناد: فقهاء المدينة أربعة: سعيد بن المسيب، وقبيصة بن ذؤيب، وعروة بن الزبير، وعبد الملك بن مروان. قال الهيثم بن عدى، عن عبد الله بن عباس، فى تسمية العور من الأشراف: قبيصة بن ذؤيب، ذهبت عينه يوم الحرة. انتهى. وتوفى قبيصة سنة ست وثمانين، على ما قال خليفة، والفلاس، وعلى بن المدينى، وغيرهم. وله من العمر ست وثمانون، وقيل سنة ست أو سبع، قاله الواقدى، زاد سعد: بالشام. وقيل سنة ثمان وثمانين، قاله خيثمة، عن يحيى بن معين، وقيل سنة تسع وثمانين، قاله المدائنى. 2335 ـ قبيصة المخزومى: يقال هو الذى صنع منبر النبى صلى الله عليه وسلم، ذكره بعض المغاربة. هكذا ذكره الذهبى فى التجريد. 2336 ـ قبيصة بن الدمون بن عبيد الصدفى: بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو وأخوه، وهما من ثقيف. 2337 ـ قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم بن عيسى بن حسين بن سليمان بن على بن عبد الله بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله ابن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب، يكنى أبا عزيز الينبعىّ المكى: صاحب مكة وينبع، وغير ذلك من بلاد الحجاز، ولى مكة عشرين سنة أو نحوها،

_ 2337 ـ انظر ترجمته فى: (الكامل 12/ 165، مرآة الزمان 8/ 617 ـ 618 تكملة المنذرى 3/ 749، ذيل الروضتين 123، تاريخ الإسلام 237، العبر 5/ 69، السلوك 1/ 206، النجوم الزاهرة 6/ 49، 50، شذرات الذهب 5/ 76، خلاصة ابن زينى دحلان 22، شفاء الغرام 2/ 198، تاريخ العصامى 4/ 208، سير أعلام النبلاء 22/ 159).

على الخلاف فى مبدأ ولايته بمكة، هل هو سنة سبع وتسعين وخمسمائة، على ما ذكر الميورقى، نقلا عن القاضى فخر الدين عثمان بن عبد الواحد العسقلانى المكى، أو هو سنة ثمان وتسعين كما ذكر الذهبى فى العبر، أو هو سنة تسع وتسعين، بتقديم التاء على السين، على ما ذكر ابن محفوظ، وذلك بعد ملكه لينبع، وكان هو وأهله مستوطنين نهر العلقمية من وادى ينبع، وصارت له على قومه الرئاسة، فجمعهم وأركبهم الخيل، وحارب الأشراف بنى حراب، من ولد عبد الله بن الحسن بن الحسن، وبنى على، وبنى أحمد، وبنى إبراهيم، ثم إنه استألف بنى أحمد، وبنى إبراهيم، وذلك أيضا بعد ملكه لوادى الصفراء، وإخراجه لبنى يحيى منه، وكان سبب طمعه فى إمرة مكة، على ما بلغنى، ما بلغه من انهماك أمرائها الهواشم بنى فليتة على اللهو، وتبسطهم فى الظلم، وإعراضهم عن صونها ممن يريدها بسوء، اغترارا منهم بما هم فيه من العز والهسف (1) لمن عارضهم فى مرادهم، وإن كان ظلما أو غيره، فتوحش عليهم لذلك خواطر جماعة من قوادهم، ولما عرف ذلك منهم قتادة، استمالهم إليه، وسألهم المساعدة على ما يرونه من الاستيلاء على مكة، وجرأه على المسير إليها مع ما فى نفسه، أن بعض الناس، فزع إليه مستغيثا به فى ظلامة ظلمها بمكة، فوعده بالنصر. وتجهز إلى مكة فى جماعة من قومه، فما شعر به أهل مكة، إلا وهو بها معهم، وولاتهم على ما هم فيه من الانهماك فى اللهو، فلم يكن لهم بمقاومته طاقة، فملكها دونهم، وقيل إنه لم يأت إليها بنفسه فى ابتداء ملكه لها، وإنما أرسل إليها ابنه حنظلة فملكها، وخرج منها مكثّر بن عيسى بن فليتة إلى نخلة، ذكره ابن محفوظ، وذكر أن فى سنة ستمائة، وصل محمد بن مكثر، وتقاتلوا عند المتكا، وتمت البلاد لقتادة، وجاء إليها بنفسه بعد ولده حنظلة. انتهى والله أعلم بالصواب فى ذلك. وذكر ابن الأثير، أن فى سنة إحدى وستمائة، كانت الحرب بين قتادة الحسنى أمير مكة المشرفة، وبين الأمير سالم بن قاسم الحسينى أمير المدينة، ومع كل واحد منهما جمع كثير، فاقتتلوا قتالا شديدا، وكانت الحرب بذى الحليفة بالقرب من المدينة، وكان قتادة قد قصد المدينة ليحصرها ويأخذها، فلقيه سالم بعد أن قصد الحجرة الشريفة النبوية، على ساكنها السلام، وصلى عندها ودعا، وسار فلقيه، فانهزم قتادة، وتبعه سالم إلى مكة فحصرها، فأرسل قتادة إلى من مع سالم من الأمراء، فأفسدهم عليه، فمالوا إليه وحالفوه، فلما علم سالم ذلك، رحل عنه عائدا إلى المدينة، وعاد أمر قتادة يقوى. انتهى.

_ (1) يحتمل أنه يقصد: «العسف».

وقد ذكر ابن سعيد، مؤرخ المغرب والمشرق، حرب قتادة وصاحب المدينة فى هذه السنة، وأفاد فيه ما لم يفده ابن الأثير، فنذكر ذلك لما فيه من الفائدة، ونص ما ذكره قال: وفى سنة إحدى وستمائة، كانت بالحجاز، وهى من البلاد التى يخطب فيها للعادل بن أيوب، وقعة المصارع، التى يقول فيها أبو عزيز قتادة الحسنى صاحب مكة [من الطويل]: مصارع آل المصطفى عدت مثلما ... بدأت ولكن صرت بين الأقارب قتل فيها جماعة من الفاطميين، وكان أمرها، على ما ذكره مؤرخو الحجاز: أن أبا عزيز، هجم من مكة على المدينة النبوية، فخرج له صاحب المدينة سالم بن قاسم الحسينى، فكسره أبو عزيز، وحصره أياما، وكان سالم فى أثناء ذلك يحسن سياسة الحرب، ويستميل أصحاب أبى عزيز، إلى أن خرج عليه، وهو مغتر متهاون به، فكسره سالم، وأسر جمعا من أصحابه، وتبعه إلى مكة فحصره فيها على عدد أيام حصاره بالمدينة، وكتب إليه: يابن العم، كسرة بكسرة، وأيام حصار بمثلها، والبادى أظلم، فإن كان أعجبكم عامكم، فعودوا ليثرب فى القابل. انتهى. وذكر أبو شامة شيئا غير هذا من خبر قتادة مع أهل المدينة، لأنه قال بعد أن ذكر أن المعظم صاحب دمشق عيسى بن العادل أبى بكر بن أيوب، حج فى سنة إحدى عشرة وستمائة: ولما عاد إلى المدينة شكا إليه سالم من جور قتادة، فوعده أن ينجده عليه، ثم قال: فجهز جيشا مع الناهض بن الجرخى إلى المدينة، والتقاهم سالم فأكرمهم، وقصدوا مكة، فانهزم قتادة منهم إلى البرية، ولم يقف بين أيديهم. انتهى. وقال أبو شامة فى أخبار سنة اثنتى عشرة وستمائة: ووصل الخبر من جهة الحجاز، بنزول قتادة صاحب مكة على المدينة حرسها الله تعالى، تاسع صفر، وحصرها أياما، وقطع ثمرها جميعه، وكثيرا من نخيلها، فقاتله من فيها، وقتل جماعة من أصحابه، ورحل عنها خاسرا. وقال فى أخبار هذه السنة أيضا: وفى ثالث شعبان، سار الأمير سالم صاحب المدينة بمن استخدمه من التركمان، والمراحل إليها من المخيمّ السلطانى بالكسوة، ثم توفى بالطريق قبل وصوله إلى المدينة، وقام ولد أخيه جماز بالإمرة بعده، واجتمع أهله على طاعته، فمضى بمن كان مع عمه، لقصد قتادة صاحب مكة، فجمع قتادة عسكر وأصحابه، والتقوا بوادى الصفراء، فكانت الغلبة لعسكر المدينة، فاستولوا على عسكر قتادة قتلا ونهبا، ومضى قتادة منهزما إلى ينبع، فتبعوه وحصروه بقلعته، وحصل لحميد

ابن راجب من الغنيمة، ما يزيد على مائة فرس، وهو واحد من جماعة كثيرة من العرب الكلابيين، وعاد الأجناد الذين كانوا مضوا مع الأمير سالم من الشام، من التركمان وغيرهم، صحبة الناهض بن الجرخى خادم المعتمد، وفى صحبتهم كثير مما غنموه من أعمال قتادة، ومن وقعة وادى الصفراء، من نساء وصبيان، وظهر فيهم أشراف حسنيون وحسينيون، فاستعيدوا منهم، وسلّموا إلى المعروفين من أشراف دمشق، ليكفلوهم ويشاركوهم فى قسمهم من وقفهم. انتهى. وهذا الخبر يقتضى أن سالما لم يحضر القتال الذى كان بين قتادة والعسكر، الذى أنفذه المعظم لقتال قتادة، نصرة لسالم، لموت سالم فى الطريق، وأنه سار مع العسكر من دمشق إلى أن مات بالطريق، والخبر الأول يقتضى أن سالما حضر مع العسكر قتالهم لقتادة، ويقتضى أيضا أن سالما لم يسر مع العسكر من دمشق، وإنما لقيهم بالمدينة أو فى الطريق. وهذا الخبر نقله أبو شامة عن صاحب مرآة الزمان، وما ذكره أبو شامة أصوب مما ذكره عن صاحب المرآة، لا تحاد القصة. والله أعلم. وذكر أبو شامة سبب إنجاد المعظم لسالم على قتادة، لأنه قال لما ذكر حج المعظم: وتلقاه سالم أمير المدينة وخدمه، وقدم له الخيل والهدايا، وسلم إليه مفاتيح المدينة، وفتح الأهراء، وأنزله فى داره، وخدمه خدمة عظيمة، ثم سار إلى مكة، فوصلها يوم الثلاثاء سادس ذى الحجة. ثم قال أبو شامة: قال أبو المظفر سبط بن الجوزى: والتقاه قتادة أبو عزيز أمير مكة، وحضر فى خدمته. قال أبو المظفر: وحكى لى رحمه الله ـ يعنى المعظم ـ قال: قلت له ـ يعنى قتادة ـ: أين ننزل؟ فأشار إلى الأبطح بسوطه، وقال: هناك. فنزلنا بالأبطح، وبعث إلينا هدايا يسيرة. انتهى. وذكر أبو شامة خبرا اتفق لقتادة وقاسم بن مجاز أمير المدينة، ونص ما ذكره فى أخبار سنة ثلاث عشرة وستمائة: فيها وصل الخبر بتسليم نواب الكامل الينبع، من نواب قتادة، حماية له من قاسم بن جماز صاحب المدينة، وبأن قاسم بن جماز أخذ وادى القرى ونخلة من قتادة؛ وهو مقيم به ينتظر الحاج، حتى يقضوا مناسكهم، وينازل هو مكة بعد انفصالهم عنها. انتهى. وذكر ابن محفوظ شيئا من خبر قتادة وقاسم، لأنه قال: سنة ثلاث عشرة وستمائة، كان فيها وقعة الحميمة، جاء الأمير قاسم الحسينى بعسكر من المدينة، وأغار على جدة، وخرج له صاحب مكة قتادة، والتقوا بين القصر والحميمة، وكانت الكسرة على قاسم، وكان ذلك يوم النحر فى هذه السنة. انتهى.

هذا ما علمته من حروب قتادة مع أهل المدينة، وقد سبق فى ترجمة ابنه حسن بن قتادة، أن أباه قتادة فى سنة موته، جمع جموعا كثيرة، وسار عن مكة إلى المدينة، ولما نزل بالفرع، سيّر على الجيش أخاه، وابنه حسنا لمرض عرض له، وما عرفت خبر عسكر قتادة هذا مع أهل المدينة، وكان بين قتادة صاحب مكة، وثقيف أهل الطائف، حرب ظهر فيه قتادة على ثقيف، وبلغنى أنه لما ظهر على ثقيف، هرب منه طائفة منهم، وتحصنوا فى حصونهم، فأرسل إليهم قتادة يستدعيهم للحضور إليه، ويؤمنهم، وتوعدهم بالقتل إن لم يحضروا إليه فتشاور ثقيف فى ذلك، ومال أكثرهم إلى الحضور عند قتادة، خيفة أن يهلكهم إذا ظهر عليهم، فحضروا عند قتادة، فقتلهم واستخلف على بلادهم نوابا من قبله، وعضدهم بعبيد له، فلم يبق لأهل الطائف معهم كلمة ولا حرمة، فأعمل أهل الطائف حيلة فى قتل جماعة قتادة، وهى أنهم يدفنون سيوفهم فى مجالسهم، التى جرت عادتهم بالجلوس فيها مع أصحاب قتادة، ويستدعون أصحاب قتادة للحضور إليهم، فإذا حضروا إليهم وثب كل من أهل الطائف بسيفه المدفون، على جليسه من أصحاب قتادة، فيقتله به، فلما فعلوا ذلك، استدعوا أصحاب قتادة إلى الموضع الذى دفنوا فيه سيوفهم، وأوهموهم أن استدعاءهم لهم بسبب كتاب ورد عليهم من قتادة، فحضر إليهم أصحاب قتادة بغير سلاح، لعدم مبالاتهم بأهل الطائف، لما أوقعوا فى قلوبهم من الرعب منهم، فلما اجتمع الفريقان واطمأنت بهم المجالس، وثب كل من أهل الطائف على جليسه، ففتك به، ولم يسلم من أصحاب قتادة إلا واحد، على ما قيل، هرب ووصل إلى قتادة، وقد تخبل عقله لشدة ما رآه من الروع فى أصحابه، وأخبر قتادة بالخبر، فلم يصدقه، وظنه جنّ لما رأى فيه من التخبل، وكان حرب قتادة لأهل الطائف، فى سنة ثلاث عشرة وستمائة، على ما ذكر الميورقى، وذكر أن فى هذه الواقعة، فقد كتاب النبى صلى الله عليه وسلم لأهل الطائف، لما نهب جيش قتادة البلاد، ونص ما ذكره الميورقى فى ذلك، قال: قال لى تميم بن حمدان الثقفى العوفى: قتل أبى رحمه الله، فى نوبة قتل الشريف قتادة لمشايخ ثقيف، بدار بنى يسار، من قرى الطائف، ونهب الجيش البلاد، ففقدنا الكتاب فى جملة ما فقدناه، وهو كان عند أبى، لكونه كان شيخ قبيلته. قال قاضى الطائف يحيى بن عيسى: قتل أبى عيسى رحمه الله فى هذه النوبة، بقرية لقيم، لثلاث عشرة من جمادى سنة ثلاث عشرة وستمائة. انتهى. وذكر أبو شامة لقتادة أخبارا مذمومة، لأنه قال فى أخبار سنة سبع وستمائة: وقال أبو المظفر: وفى عاشر محرم، وصل حسن الحجاز، من مكة سائقا للحاج، وأخبر بأن قتادة صاحب مكة، قتل المعروف بعبد الله الأسير، ثم وصل كتاب من مرزوق

الطشتدار الأسدى، فى الخامس والعشرين من المحرم، وكان حاجا، يخبر فيه بأن قتادة قتل إمام الحنفية وإمام الشافعية بمكة، ونهب الحاج اليمنيين. وقال أيضا سنة ثمان وستمائة: فيها نهب الحاج العراقى، وكان حج بالناس من العراق، علاء الدين محمد بن ياقوت، نيابة عن أبيه، ومعه ابن أبى فراس، يثقفه ويدبره، وحج من الشام، الصمصام إسماعيل، أخو سياروج النجمى على حاج دمشق وعلى حاج القدس، الشجاع على بن سلار. وكانت ربيعة خاتون بنت أيوب أخت العادل فى الحج. فلما كان يوم النحر بمنى بعد رمى الناس الجمرة وثب بعض الإسماعيلية، على رجل شريف من بنى عم قتادة، أشبه الناس به، وظنوه إياه، فقتلوه عند الجمرة، ويقال إن الذى قتله، كان مع أم جلال الدين، وثار عبيد مكة والأشراف، وصعدوا على الجبلين بمنى، وهللوا وكبروا، وضربوا الناس بالحجارة والمقاليع والنّشّاب، ونهبوا الناس يوم العيد والليلة واليوم الثانى، وقتل من الفريقين جماعة، فقال ابن أبى فراس لمحمد بن ياقوت: ارحلوا بنا إلى الزاهر، إلى منزلة الشاميين، فلما حصلت الأثقال على الجمال، حمل قتادة أمير مكة والعبيد، فأخذوا الجميع إلا القليل. وقال قتادة: ما كان المقصود إلا أنا، والله لا أبقيت من حاج العراق أحدا، وكانت ربيعة خاتون بالزاهر، ومعها ابن السلار، وأخو سياروج، وحاج الشام، فجاء محمد بن ياقوت أمير الحاج العراقى، فدخل خيمة ربيعة خاتون مستجيرا بها، ومعه خاتون أم جلال الدين، فبعثته ربيعة خاتون مع ابن السلار، إلى قتادة تقول له: ما ذنب الناس! قد قتلت القاتل، وجعلت ذلك وسيلة إلى نهب المسلمين، واستحللت الدماء فى الشهر الحرام، فى الحرم، والمال، وقد عرفت من نحن، والله لئن لم تنته، لأفعلن، ولأفعلن. فجاء إليه ابن السلار، فخوفه وهدده، وقال: ارجع عن هذا، وإلا قصدك الخليفة من العراق ونحن من الشام، فكف عنهم، وطلب مائة ألف دينار، فجمعوا له ثلاثين ألفا من أمير الحاج العراقى، ومن خاتون أم جلال الدين، وأقام الناس ثلاثة أيام حول خيمة ربيعة خاتون، بين قتيل وجريح ومسلوب وجائع وعريان. وقال قتادة: ما فعل هذا إلا الخليفة، ولئن عاد قرب أحد من بغداد إلى هنا، لأقتلن الجميع. ويقال إنه أخذ من المال والمتاع وغيره، ما قيمته ألفا ألف دينار، وأذن للناس فى الدخول إلى مكة، فدخل الأصحاء الأقوياء، فطافوا وأى طواف. ومعظم الناس ما دخل، ورحلوا إلى المدينة، ودخلوا بغداد على غاية الفقر والذل والهوان، ولم ينتطح فيها عنزان. انتهى.

وكلام أبى شامة، يقتضى أن العراقيين لما دخلوا للالتجاء بالحجاج الشاميين، كان الشاميون نازلين بالزاهر. وكلام ابن الأثير، يقتضى أن ذلك وقع والشاميون بمنى، ثم رحلوا جميعا إلى الزاهر، وهذا أشبه بالصواب، والله أعلم. وأما قول أبى شامة: ولم ينتطح فيها عنزان، فسببه أن قتادة، أرسل إلى الخليفة ببغداد يسأله العفو، فأجيب إلى سؤاله، وسيأتى ذلك إن شاء الله تعالى قريبا. وذكر ابن سعيد المغربى هذه الحادثة، وذكر فيها أن أصحاب قتادة، فعلوا بمن كان من الحجاج فى مكة، مثل ما فعلوا فيهم بمنى، وذكر أن الأشراف قتلوا القاتل بمنى، وظنوا أنه حشيشى، وذكر ابن سعيد شيئا مما كان بين قتادة وأهل العراق، بسبب هذه الحادثة، وأفاد فى ذلك ما لم أره لغيره، فنذكره. ونص ما ذكره فى أخبار سنة تسع وستمائة: وصل من قبل الخليفة الناصر، إلى أبى عزيز الحسنى صاحب مكة، مع الركب العراقى، مال وخلع وكسوة البيت على العادة، ولم يظهر له الخليفة إنكارا على ما تقدم من نهب الحاج، وجعل أمير الركب يستدرجه ويخدعه، بأنه لم يصح عند الديوان العزيز، إلا أن الشرفاء وأتباعهم نهبوا أطراف الحاج، ولولا تلافيك أمرهم، لكان الاصطلام، وقال: يقول لك مولانا الوزير: وليس كمال الخدمة الإمامية، إلا بتقبيل العتبة، ولا عز الدنيا والآخرة، إلا بنيل هذه المرتبة، فقال له: أنظر فى ذلك، ثم تسمع الجواب، واجتمع ببنى عمه الأشراف، وعرّفهم أن ذلك استدراج لهم وله، حتى يتمكن من الجميع، وقال: يا بنى الزهراء، عزكم إلى آخر الدهر، مجاورة هذه البنية والاجتماع فى بطائحها، واعتمدوا بعد اليوم، أن تعاملوا هؤلاء القوم بالشر، يوهنوكم من طريق الدنيا والآخرة، ولا يرغبوكم بالأموال والعدد والعدد، فإن الله قد عصمكم وعصم أرضكم بانقطاعها، وإنها لا تبلغ إلا بشق الأنفس، قال: ثم غدا أبو عزيز على أمير الركب، وقال له: اسمع الجواب، ثم أنشده ما نظمه فى ذلك (2): ولى كف ضرغام أصول ببطشها ... وأشرى بها بين الورى وأبيع تظل ملوك الأرض تلثم ظهرها (3) ... وفى بطنها للمجدبين ربيع أأجعلها تحت الثرى ثم أبتغى ... خلاصا لها إنى إذا لرقيع وما أنا إلا المسك فى كل بلدة ... أضوع وأما عندكم فأضيع

_ (2) انظر الكامل لابن الأثير 12/ 403. (3) فى الكامل: «فظل ملوك الأرض تلثم ظهرها». انظر الكامل 12/ 403.

فقال له أمير الركب: يا شريف، أنت ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخليفة ابن عمك، وأنا مملوك تركى، لا أعلم من الأمور التى فى الكتب ما علمت، ولكنى قد رأيت أن هذا من شرف العرب، الذين يسكنون البوادى، ونزعات قطاع الطريق ومخيفى السبيل، حاش لله أن أحمل هذه الأبيات عنك إلى الديوان العزيز، فأكون قد جنيت على بيت الله، وبنى بنت نبيهصلى الله عليه وسلم، ما ألعن عليه فى الدنيا، وأحرق بسببه فى الآخرة، والله لو بلغ هذا إلى حيث أشرت، لترك كل وجه، وجعل جميع الوجوه إليك حتى يفرغ منك، ما لهذا ضرورة، إنه قد خطر لك أنهم استدرجوك، لا تسر إليهم، ولا تمكن من نفسك، وقل جميلا، وإن كان فعلك ما علمت. قال: فأصغى إليه أبو عزيز، وعلم أنه رجل عاقل ناصح، ساع بخير لمرسله وللمسلمين، فقال له: كثر الله فى المسلمين مثلك، فما الرأى عندك؟ قال: أن ترسل من أولادك من لا تهتم به إن جرى عليه ما يتوقعه، ومعاذ الله أن يجرى إلا ما تحبه، وترسل معه جماعة من ذوى الأسنان والهيئات من الشرفاء، فيدخلون مدينة السلام، وفى أيديهم أكفانهم منشورة، وسيوفهم مسلولة، ويقبلون العتبة، ويتوسلون برسول الله صلى الله عليه وسلم، وبصفح أمير المؤمنين، وسترى ما يكون من الخير لك وللناس، والله لئن لم تفعل هذا، لتركبنّ الإثم العظيم، ويكون ما لا يخفى عنك، قال: فشكره ووجه صحبته ولده وأشياخ الشرفاء، ودخلوا بغداد على تلك الهيئة التى رسم، وهم يضجون ويبكون ويتضرعون، والناس يبكون لبكائهم، واجتمع الخلق كأنه المحشر، ومالوا إلى باب النوبى من أبواب مدينة الخليفة، فقبلوا هنالك العتبة، وبلغ الخبر الناصر، فعفى عنهم وعن مرسلهم، وأنزلوا فى الديار الواسعة، وأكرموا الكرامة التى ظهرت واشتهرت، وعادوا إلى أبى عزيز بما أحب، فكان بعد ذلك يقول: لعن الله أول رأى عند الغضب، ولا عدمنا عاقلا ناصحا يثنينا عنه. انتهى. وذكر ابن محفوظ: أن قتادة أرسل إلى الخليفة ولده راجح بن قتادة فى طلب العفو، وكلامه يقتضى أن ذلك وقع بإثر الفتنة. وذكر ابن الأثير ما يوافق ذلك، وما ذكره ابن سعيد، يقتضى أن ذلك بعد سنة من الفتنة، والله أعلم. وقد ذكر قتادة جماعة من العلماء فى كتبهم، وذكروا ما فيه من الأوصاف المحمودة والمذمومة، مع غير ذلك من خبره، فنذكر ما ذكروه لما فيه من الفائدة. قال المنذرى فى التكملة: كان مهيبا وقورا قوى النفس شجاعا مقداما فاضلا، وله شعر. قال: وتولى إمرة مكة مدة، رأيته بها وهو يطوف بالبيت شرفه الله تعالى، ويدعو

بتضرع وخشوع كثير. قال: وكان مولده بوادى ينبع، وبه نشأ. وذكر أنه قدم مصر غير مرة، وأن أخاه أبا موسى عيسى بن إدريس، أملى عليه نسبه هذا، يعنى الذى ذكرناه حين قدم مصر. وقال ابن الأثير: وكانت ولايته قد اتسعت، من حدود اليمن إلى مدينة النبى صلى الله عليه وسلم، وله قلعة ينبع بنواحى المدينة، وكثر عسكره، واستكثر من المماليك، وخافه العرب فى تلك البلاد خوفا عظيما. وكان فى أول أمره لما ملك مكة حرسها الله تعالى، حسن السيرة، أزال عنها العبيد المفسدين، وحمى البلاد، وأحسن إلى الحجاج وأكرمهم، وبقى كذلك مدة، ثم إنه أساء السيرة، وجدد المكوس بمكة، وفعل أفعالا شنيعة، ونهب الحاج فى بعض السنين كما ذكرنا. وقال ابن سعيد، بعد أن ذكر وفاته وشيئا من حال أجداده: وكان أبو عزيز أدهى وأشهر من ملك مكة منهم، وكان يخطب للخليفة الناصر، ثم يخطب لنفسه بالأمير المنصور، ودام ملكه نحو سبع وعشرين سنة، وكان قد ابتاع المماليك الأشراف، وصيّرهم جندا يركبون بركوبه، ويقفون إذا جلس على رأسه، وأدخل فى الحجاز من ذلك ما لم يعهده العرب وهابته، وكان متى قصد منهم فريقا، أمر فيهم بالسهام، فأطاعته التهائم والجنود، وصار له صيت فى العرب لم يكن لغيره، وكانت وراثته الملك عن مكثّر بن قاسم بن فليتة، الذى ورثه عن آبائه المعروفين بالهواشم، ولم كن أبو عزيز من الهواشم، إلا من جهة النساء، وظهر فى مدة مكثر، فورث ملكه، واستقام أمره. ثم استقام الأمر فى عقبه إلى الآن. قال: وكان أبو عزيز فى أول أمره، حسن السيرة، صافى السريرة، فلما وثب على شبيهه وابن عمه، الرجل الذى توهم أنه من العراق وقتله، انقلبت أحواله، وصار مبغضا فى العراقيين، وفسدت نيته على الخليفة الناصر، وساءت معاملته للحجاج، وأكثر المكوس والتغريم فى مكة، حتى ضج الناس، وارتفعت فيه الأيدى بالدعاء، فقتله الله تعالى على يد ابنه حسن بن قتادة. ثم قال ابن سعيد: وكان أبو عزيز، أديبا شاعرا ـ وقد تقدم شعره الذى قاله، عند ما حاول الإمام الناصر وصوله إلى بغداد ـ قال: ولما قتلت العرب فى الركب العراقى، حين أسلمه أميره المعروف بوجه السبع وفر إلى مصر بسبب عداوة جرت بينه وبين الوزير العلوى، كتب ابن زياد عن الديوان العزيز: إلى أبى عزيز، وغير خفى عن سمعك، وإن خفى عن بصرك، فيك إلا جاوره فى آرام بكل ريم، وغشيان حرب بين الحرمين، حتى عموا قلب كل محرم كالعميم.

فكان جواب أبى عزيز: أمّا ما كان بأطراف نجد، فالعتب فيه راجع على من قرب من خدام الديوان العزيز الكاف، وأما ما ارتكبوه بين الحرمين، فهو مشترك بين بنى الحسن والحسين. قال: وكأنهم رأوا فى هذا الكلام استخفافا لم يحتمله الديوان العزيز، فكانت أول الوحشة حتى أظهر التوبة، وأرسل ابنه والأشراف بأكفانهم منشورة بين أيديهم وسيوفهم مجردة. وذكر وزيره النجم الزنجانى أن أبا عزيز، وقع بالفصل الذى كتب إليه من بغداد، ولم يزل هجّيراه، إلى أن أنشده فيما نظمه [من الوافر]: بآرام فتنت بكل ريم ... وهم عموا فؤادى بالعميم وفى وادى العقيق رأوا عقوقى ... كما حطموا ضلوعى بالحطيم فأتى بما لا يخفى انطباعه فيه. ومن مختار شعره، قوله [من الخفيف]: أيها المعرض الذى قوله إن ... جئت أشكو فضحتنى فى الأنام فأرح نفسك التى قد تعيت ... وأرحنى من بث هذا الغرام كان هذا يكون قبل امتزاجى ... بك مزج الطلا بماء الغمام ليس لى من رضاك بد وقصدى ... يوم عيد من سائر الأيام وقال أبو سعيد أيضا. قال الزنجانى: ومما يجب أن يؤرخ من محاسن الأمير أبى عزيز، أن شخصا من سرو اليمن، يعرف بنابت بن قحطان، ورد برسم الحج، وكان له مال يتاجر فيه، فتطرق إليه أبو عزيز، بسبب احتوائه عليه، قال: فبينما هو يتمشى فى الحرم، إذ سمع شخصا يقول، وهو يطوف بالبيت: اللهم بهذا البيت المقصود، وذلك المقام المحمود، وذاك الماء المورود، وذاك المزار المشهود، إلا ما أنصفتنى ممن ظلمنى، وأحوجت إلى غيرك، من إلى الناس أحوجنى، وأريته بعد حلمك أخذك الأليم الشديد، ثم أصليته نارك، وما هى من الظالمين ببعيد. فارتاع أبو عزيز، ثم حمله طبعه وعادته، على أن وكل به من يعنفه، ويحمله إلى السجن بعنف، وانصرف إلى منزله، وكان له جارية حبشية، نشأت بالمدينة، فقالت: يا أمير حرم الله، إن لك الليلة لشأنا، فأخبرها بخبر الشخص، فقالت: معاذ الله يا ابن بنت رسول الله، أن تأخذك العزة بالإثم، رجل غريب قصد بيت الله، واستجار بحرم الله، تظلمه أولا فى ماله، ثم تظلمه آخرا فى نفسه. أين عزبت عنك المكارم الهاشمية والمراحم النبوية، غير هذا أولى بك يا ابن فاطمة الزهراء! قال: فعمل كلامها فى خاطره، وأمر بإحضار الرجل، فلما حضر، قال: له، اجعلنى فى حل، قال: ولم؟ قال:

لأنى ابن بنت رسول الله، فقال: لو كنت ابن بنت رسول الله، ما فعلت الذى فعلت، حين ولاك الله أمر عباده وبلاده، فاستعذر أبو عزيز وقال: قد تبت إلى الله، وصدقت عليك مالك فقال الرجل: نعم، الآن أنت ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا فقد تصدقت بجميع ذلك المال، شكرا الله تعالى على أن أعتق من العار والنار، شخصا يعتزى إلى ذلك النسب الكريم. فقال أبو عزيز: الحمد لله على كل حال، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم استدعى شاهدين ونص عليهما الحكاية، ثم قال: فاشهدا أنى قد أعتقت هذه الجارية، ووهبت لها من المال كذا وكذا، فإن أراد هذا اليمنى أن يتزوجها، فعلىّ صداقها عنه، وما يتجهزان به إلى بلاده، وما يعيشان به هناك فى نعمة ما شاء الله، فقال اليمنى: قد قبلت ذلك، ولم ينفصل إلى بلاده إلا بها. انتهى. وقال أبو شامة فى أخبار سنة سبع عشرة وستمائة: وفيها فى جمادى الأولى مات بمكة أبو عزيز قتادة بن إدريس أمير مكة، الشريف الحسنى الزيدى، كان عادلا منصفا، نقمة على عبيد مكة والمفسدين، والحاج فى أيامه مطمئنون، آمنون على أنفسهم وأموالهم. وكان شيخا مهيبا طوالا، وما كان يلتفت إلى أحد من خلق الله، ولا وطئ بساطا لخليفة ولا غيره، وكان يحمل إليه فى كل سنة من بغداد، الخلع والذهب، وهو فى داره بمكة، وكان يقول: أنا أحق بالخلافة من الناصر لدين الله ولم يرتكب كبيرة على ما قيل: وكان فى زمانه يؤذّن فى الحرم «بحى على خير العمل»، على مذهب الزيدية، وكتب إليه الخليفة يستدعيه ويقول: أنت ابن العم والصاحب، وقد بلغنى شهامتك وحفظك للحاج، وعدلك وشرف نفسك، وعفتك ونزاهتك، وقد أحببت أن أراك وأشاهدك، وأحسن إليك، فكتب إليه: ولى كف ضرغام الأبيات الأربعة. إلا أن فيما ذكره أبو شامة فيها مخالفة لما سبق، فى لفظيات يسيرة، منها أنه قال: ولى كف ضرغام أذل ببطشها ومنها: وكل ملوك الأرض. ومنها: أأجعلها تحت الرحى. ومنها [من الطويل]:

وما أنا إلا المسك فى كل بقعة ... يضوع وأما عندكم فيضيع ففى هذا البيت، مخالفة لما سبق فى ثلاث لفظات، والمعنى فى ذلك كله متقارب. وذكر ابن الجوزى فى كتاب «الأذكياء» ما يقتضى أن بعض هذه الأبيات لغير قتادة، لأنه قال: كان لأحمد بن الخطيب، وكيل له فى ضياعه، فرفع إليه عنه جناية، فعزم على القبض عليه، والإساءة إليه فهرب، فكتب إليه أحمد يؤمّنه ويحلف له على بطلان ما اتصل إليه، ويأمره بالرجوع إلى عمله، فكتب إليه [من الطويل]: أنا لك يا ذا سامع ومطيع ... وإنى لما تهوى إليه سريع ولكن لى كفا أعيش ببطشها ... فما أشترى إلا بها وأبيع أأجعلها تحت الرحى ثم أبتغى ... خلاصها لها إنى إذا لرقيع ورأيت من ينسب هذه الأبيات لأبى سعد بن قتادة، واعتمد فى ذلك على ورقة رأيتها معه: أن أبا سعد على بن قتادة، توجه إلى العراق، فلما أشرف على نخيل بغداد أو غيرها من البلاد ـ الشك منى ـ رجع وقال هذه الأبيات، ولا دلالة فى ذلك، لاحتمال أن يكون أبو سعد، قالها استشهادا، والله أعلم. ولم أرها معزوة لأبى سعد، إلا فى هذه الورقة، وقد عزاها ابن سعيد، وأبو شامة، وغيرهما، لقتادة كما ذكرنا، وفى ذلك النظر الذى ذكرناه من كلام ابن الجوزى. وذكر المنذرى: أن قتادة توفى فى آخر جمادى الآخرة، من سنة سبع عشرة وستمائة بمكة. وذكر وفاته فى هذه السنة: أبو شامة والذهبى، وابن كثير، وقالوا: إنه مات فى جمادى الأولى. وذكر ابن الأثير فى «الكامل»: أنه توفى سنة ثمان عشرة وستمائة، فى جمادى الآخرة، قال: وكان عمره نحوا من تسعين سنة. انتهى. وقد سبق فى ترجمة ابنه حسن بن قتادة، أن الملك المسعود صاحب اليمن، لما ملك مكة بعد غلبه لحسن بن قتادة، أمر بنبش قبر قتادة وإحراقه، فوجدوا فى القبر تابوتا ليس فيه شئ، فعرف الناس بذلك، أن حسنا قتل أباه، ودفن التابوت فى قبره، ليخفى أمره. ويقال: إن سبب قتل حسن بن قتادة لأبيه، أن أباه قتادة، توعده بالقتل، لما بلغه أنه قتل عمه، بعد أن ندبه أبوه بجيش إلى المدينة مع ابنه حسن، وبلغ ذلك حسنا، فدخل على أبيه بعد عوده من المدينة، فبالغ أبوه فى ذمه وتهديده، فوثب إليه حسن فخنقه لوقته. هذا معنى ما ذكره ابن الأثير، فى سبب قتل حسن بن قتادة لأبيه، وصورة قتله.

2338 ـ قتادة بن ربعى

ونقل ابن سعيد المغربى، عن سليمان بن الزنجانى، وزير قتادة، أن أخا حسن بن قتادة وأقاربه، يزعمون أن حسن قتل أباه خنقا، واستعان على ذلك بجارية كانت تخدم أباه، وغلام له، فى إمساك يديه، ثم قتلهما بعد ذلك ليخفى سبب قتله أبيه، وزعم أن قتله الغلام والجارية، لكونهما قتلا أباه. ورأيت ما يقتضى، أن حسن بن قتادة قتل أباه بالسم، والله أعلم أى ذلك كان. وقيل إن قتادة بلغ تسعين سنة، فيتحصل فى سنه قولان، أحدهما: أنه تسعون، والآخر أنه نحو تسعين. وهذا القول ذكره ابن الأثير والأول ذكره الذهبى فى تاريخ الإسلام، ويتحصل فى سنة وفاته قولان، أحدهما: أنه سنة سبع عشرة، والآخر: أنه سنة ثمان عشرة وستمائة، ويتحصل فى شهر وفاته قولان، أحدهما: أنه جمادى الأولى، والآخر: أنه جمادى الآخرة، من سنة سبع عشرة. ويتحصل فى صفة قتله قولان، أحدهما: أنه خنق، والآخر: أنه سمّ، والله أعلم بالصواب. وكان لقتادة من الولد: حسن، الذى ولى إمرة مكة بعده، وراجح، وهو الأكبر الذى كان ينازع حسن فى الإمرة، وعلىّ الأكبر، جد الأشراف المعروفين بذوى علىّ، وعلىّ الأصغر، جد أبى نمى، جد الأشراف ولاة خليص. ولكل من أولاد هؤلاء ذرية إلى الآن. ومما صنع قتادة أيام ولايته على مكة، أنه بنى عليها سورا من أعلاها على ما بلغنى، وأظنه سورها الموجود اليوم. وبلغنى أن الذى بوادى نخلة الشامية، فيما بين التنضب وبشرا، بناء على هيئة الدروب فى مسيل الوادى، ليمكس عنده حجّاج العراق، وآثار هذا البناء فيه إلى الآن، وأنه بنى على الجبل الذى بأسفل السبط، من وادى نخلة المذكورة، مصبّا على جبل يقال له العطشان، وآثار ذلك باقية إلى الآن، والله أعلم. 2338 ـ قتادة بن ربعى: له صحبة. كان عامل علىّ رضى الله عنه على مكة، ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الأولى من الثقات. انتهى. هكذا رأيت هذه الترجمة فى «ترتيب ثقات ابن حبان» لشيخنا الحافظ نور الدين الهيثمى، وفى ذلك نظر. والصواب فى ذلك والله أعلم: أبو قتادة بن ربعى الأنصارى، صاحب رسول اللهصلى الله عليه وسلم وفارسه، ويدل لذلك قول ابن حبان: عامل على رضى الله عنه على مكة. لأن أبا قتادة المشار إليه، كان عامل على رضى الله عنه على مكة، كما ذكر ابن عبد البر فى الاستيعاب، فى ترجمة قثم بن العباس. وستأتى ترجمة أبى قتادة فى الكنى، للخلاف فى اسمه، والله تعالى أعلم.

2339 ـ قتادة بن عبد الكريم بن أبى سعد بن عبد الكريم بن أبى سعد بن على بن قتادة الحسنى المكى

2339 ـ قتادة بن عبد الكريم بن أبى سعد بن عبد الكريم بن أبى سعد بن على بن قتادة الحسنى المكى: كان من أعيان الأشراف ذوى عبد الكريم، ذا ملاءة، توفى فى شهر رمضان سنة عشر وثمانمائة [ .... ] (1) ونقل إلى المعلاة ودفن بها. 2340 ـ قتادة بن ملحان الجمحى، والد عبد الملك: له رواية، ذكره هكذا الكاشغرى. وجعله ابن مندة: قتادة أيضا، وسماه الذهبى: قدامة، كما سيأتى فى بابه. 2341 ـ قثم بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمى: ابن عم النبى صلى الله عليه وسلم، وأمير مكة، رآه النبى صلى الله عليه وسلم، هو وعبد الله بن جعفر، فقال: «ارفعوا لى هذا» يعنى قثم، فرفع إليه، فأردفه خلفه، وجعل عبد الله بين يديه، ودعا لهما. الحديث كما رواه النسائى فى الخصائص، من حديث عبد الله بن عباس رضى الله عنهما، وهو آخر الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه آخر من خرج من قبره صلى الله عليه وسلم، ممن نزل فيه، وقد ادعى المغيرة بن شعبة، أنه آخر الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنكر ذلك عبد الله بن عباس، وقال: آخرنا عهدا بالنبى صلى الله عليه وسلم، قثم بن العباس، وروى عن علىّ مثل ما روى عن ابن عباس. ولقثم رواية عن النبى صلى الله عليه وسلم. روى عنه أبو إسحاق السبيعى وغيره. روى له النسائى فى الخصائص، وله ذكر فى اللباس، من صحيح البخارى.

_ 2339 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2340 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2130، الثقات 3/ 345، تجريد أسماء الصحابة 2/ 12، الجرح والتعديل 7/ 132، تقريب التهذيب 2/ 123، تهذيب التهذيب 8/ 358، تهذيب الكمال 2/ 1122، خلاصة تهذيب الكمال 2/ 350، الكاشف 2/ 397، تلقيح فهوم أهل الأثر 377، الطبقات 64، 181، التاريخ الكبير 7/ 185، تراجم الأخبار 3/ 284، بقى بن مخلد 459، الإصابة ترجمة 7089، أسد الغابة ترجمة 4276) 2341 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2190، الإصابة ترجمة 7096، أسد الغابة ترجمة 4279، طبقات ابن سعد 7/ 367، نسب قريش 27، طبقات خليفة ترجمة 1973، التاريخ الكبير 7/ 194، التاريخ الصغير 1/ 142، الجرح والتعديل 7/ 145، أنساب الأشراف 3/ 65، جمهرة أنساب العرب 19، الجمع بين رجال الصحيحين 2/ 427، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 2 / 59، تهذيب الكمال 1120، تاريخ الإسلام 3172، العبر 1/ 61، تذهيب التهذيب 3/ 157، مرآة الجنان 1/ 138، البداية والنهاية 8/ 78، تهذيب التهذيب 8/ 361، خلاصة تهذيب الكمال 271، شذرات الذهب 1/ 61).

قال ابن عبد البر: وكان قثم واليا لعلىّ على مكة، وذلك أن على بن أبى طالب لما ولى الخلافة، عزل خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة عن مكة، وولاها أبا قتادة الأنصارى، ثم عزله، وولى قثم بن العباس، فلم يزل واليا عليها، حتى قتل على بن أبى طالب رضى الله عنه. هذا قول خليفة. انتهى. ورأيت فى تاريخ ابن الأثير: أن قثم بن العباس، كان عامل على بن أبى طالب رضى الله عنه على مكة والطائف، وأنه كان عاملا على مكة فى سنة ثمان وثلاثين، وحج بالناس فيها، وأنه كان عامل علىّ رضى الله عنه على مكة، وأن معاوية بن أبى سفيان فى هذه السنة، لما بويع بالشام، بعد مبايعة على رضى الله عنه، بعث إلى مكة فى سنة تسع وثلاثين من الهجرة، يزيد بن سخبرة الرهاوى، فى ثلاثة آلاف فارس، ليقيم الحج للناس بمكة، ويأخذ له البيعة بها، وينفى عنها عامل أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه، ولما علم قثم بن العباس، وهو عامل على رضى الله عنه على مكة، بمسير يزيد بن سخبرة، خطب الناس وعرّفهم مسير الشاميين، ودعاهم إلى غزوهم، فلم يجيبوه بشئ، وأجابه شيبة بن عثمان العبد رى بالسمع والطاعة، فعزم قثم على مفارقة مكة، واللحاق ببعض شعابها، ومكاتبة أمير المؤمنين بالخبر، فإن أمدّه بالجيوش، قاتل الشاميين، فنهاه أبو سعيد الخدرى عن مفارقة مكة، وقال: أقم، فإن رأيت منهم القتال وبك قوة، فاعمل برأيك، وإلا فالمسير عنها أمامك، فأقام وقدم الشاميون، فلم يعرضوا لقتال أحد. وأرسل قثم إلى أمير المؤمنين يخبره، فسيّر جيشا فيهم الريان بن ضمرة بن هوذة بن على الحنفى، وأبو الطفيل، أول ذى الحجة، وكان قدوم يزيد بن سخبرة، قبل التروية بيومين، فنادى فى الناس: أنتم آمنون، إلا من تعرض لقتالنا أو نازعنا، واستدعى أبا سعيد الخدرى، وقال له: إنى لا أريد الإلحاد فى الحرم، ولو شئت لفعلت، لما فيه أميركم من الضعف، فقل له يعتزل الصلاة بالناس، وأعتزلها أنا، ويختار الناس من فصلى بهم فقال أبو سعيد لقثم ذلك، فاعتزل الناس، واختار الناس شيبة بن عثمان، فصلى بهم وحج بهم، فلما قضى الناس حجهم، سار يزيد إلى الشام، وأقبل خيل على، فأخبروهم بعود أهل الشام، فتبعوهم إلى وادى القرى، وظفروا بنفر منهم، فأخذوهم أسارى، وأخذوا ما معهم، ورجعوا بهم إلى أمير المؤمنين، ففادى بهم أسارى كانت لهم عند معاوية. انتهى من تاريخ ابن الأثير، وغيره. وذكر الزبير بن بكار: أن على بن أبى طالب رضى الله عنه، استعمل قثم على المدينة، ولم يذكر استعماله على مكة، فالله أعلم. قال: وكان يشبّه بالنبى صلى الله عليه وسلم، ومر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يلعب، فحمله خلفه.

وذكر ابن عبد البر أيضا أن قثم بن العباس، كان يشبه بالنبى صلى الله عليه وسلم، قال: وفيه يقول الشاعر، وهو داود بن سلم من بنى سليم [من السريع]: عتقت من حلّى ومن رحلتى ... يا ناق إن أدنيتنى من قثم إنك إن أدنيت منه غدا ... حالفنى اليسر ومات العدم فى وجهه بدر وفى كفه ... بحر وفى العرنين منه شمم أصم عن قيل (1) الخنا سمعه ... وما عن الخير به من صمم لم يدر ما «لا» و «بلى» قد درى ... فعافها واعتاض منها «نعم» وقال الزبير فى الشعر الذى أوله (2) [من البسيط]: هذا الذى تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم إنه قاله بعض شعراء المدينة، لقثم بن العباس، وزاد فى الشعر الزبير بيتين أو ثلاثة، منها قوله (3): كم صارخ بك مكروب وصارخة ... يدعوك يا قثم الخيرات يا قثم وقد ذكرنا فى «بهجة المجالس» الشعر الذى أوله هذا البيت وهو (4): هذا الذى تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم ولمن هو، والاختلاف فيه، ولا يصح أنه لقثم بن العباس، وذلك شعر آخر على عروضه وقافيته. وما قاله الزبير، فهو صحيح، والله أعلم. انتهى. قلت: لم يذكر الزبير بن بكار فى ترجمة قثم بن العباس هذا الشعر، الذى أوله: يا ناق ... ولا الشعر الذى فيه: كم صارخ، ولم يذكر فى ترجمته هذا الشعر ولا غيره، وإنما ذكر هذا الشعر فى ترجمة قثم بن العباس بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، الآتى ذكره تلو هذه الترجمة، فليعلم ذلك. وقال الحاكم، بعد أن ذكر شيئا من حال قثم بن العباس هذا، منه: أنه كان أخا الحسين بن على من الرضاعة، وإنما وفاة قثم بن العباس، وموضع قبره فمختلف فيه، فقيل إنه توفى بسمرقند، وبها قبره، وقيل إنه توفى بمرو. قال: الصحيح أن قبره [ .... ] (5) انتهى.

_ (1) فى الاستيعاب: فعل. انظر الاستيعاب ترجمة 2190. (2) انظر الاستيعاب ترجمة 2190. (3) انظر الاستيعاب ترجمة 2190. (4) انظر الاستيعاب ترجمة 2190. (5) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2342 ـ قثم بن العباس بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم

وأفاد الزبير ما يدل على معرفة شيء من تاريخ موت قثم هذا، لأنه قال: واستشهد بسمرقند، وكان خرج مع سعيد بن عثمان زمن معاوية. انتهى. وقال ابن سعد: غزا قثم خراسان، وعليها سعيد بن عثمان، فقال له: أضرب لك بألف سهم؟ قال: لا، بل بخمسين، وأعط الناس حقوقهم، ثم أعطنى بعد ما شئت. 2342 ـ قثم بن العباس بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم: أمير مكة، هكذا ذكره ابن حزم فى الجمهرة، وذكر أنه ولى مكة مع اليمامة. وذكر الزبير بن بكار ولايته اليمامة، ولم يذكر ولايته لمكة، وذكر شيئا من خبره، رأيت أن أذكره لما فيه من الفائدة، ونص ما ذكر، قال: قال عمى مصعب بن عبد الله: روى الحسن الأثرم، عن ابن الكلبى: ولقثم بن العباس يقول ابن الولى، وكان عاملا على اليمامة (1) [من السريع]: عتقت من حلى ومن رحلتى ... يا ناق إن أدنيتنى من قثم وحدثنى عمى قال: سمعت داود بن سلم ينشد لنفسه فى قثم بن العباس (2): نجوت من حلى ومن رحلتى ... يا ناق إن أدنيتنى من قثم إنك إن أدنيتنى منه غدا ... عاش لنا اليسر ومات العدم (3) فى باعه طول وفى وجهه ... نور وفى العرنين منه شمم (4) لم يدر ما «لا» و «بلى» قد درى ... فعافها واعتاض منها «نعم» وأنشدنى عبد الله بن محمد بن موسى بن طلحة بن عمر، لداود بن سلم يمدح قثم ابن العباس، وأنشدنى ذلك يونس بن عبد الله، قال: سمعت من داود بن سلم (5) [من البسيط]: كم صارخ بك من راج وصارخة ... تدعوك يا قثم الخيرات يا قثم (6) هذا الذى تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم

_ 2342 ـ (1) انظر الأغانى 6/ 26. (2) انظر الأغانى 6/ 26. (3) فى الأغانى: «حالقى اليسر ومات العدم». انظر الأغانى 6/ 26. (4) فى الأغانى 6/ 26: فى وجهه بدر وفى كفه ... بحر وفى العرنين منه شمم (5) انظر الأغانى 15/ 317.

يكاد يعلقه (7) عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم إذا رأته قريش قال قائلها ... إلى مكارم هذا ينتهى الكرم هذا الذى لم يضع للملك حرمته ... إن الكريم الذى يحظى به الحرم وحدثنى يونس بن عبد الله، عن داود بن سلم، قال: كنت يوما جالسا مع قثم بن العباس، قبل أن يملّكوا بفنائه، فمرت بنا جارية، فأعجبت قثم، ولم يمكنه ثمنها. فلما ولى قثم اليمامة، اشترى الجارية إنسان يقال له صالح. فكتب داود بن سلم إلى قثم بن العباس (8) [من المنسرح]: يا صاحب العيس ثم راكبها ... أبلغ إذا ما أتيته (9) قثما أن الغزال التى أجاز بنا ... معارضا إذ توسط الحرما حوّله صالح فصار مع الإن ... س وخلى الوحوش والسلما فأرسل قثم فى طلب الجارية ليشتريها، فوجدها قد ماتت. وأتاه أعرابى باليمامة، فأنشده [من الرجز]: يا قثم الخير جزيت الجنة ... أكس بنيّاتى وأمّهنّه أقسم بالله لتفعلنه فقال: قد أبر يمينك. وابنه عبد الله بن قثم، كان واليا على اليمامة وعلى مكة. انتهى. وذكر الزبير فى ولد عباس بن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب: قثما آخر، وعرف أحدهما بالأكبر، والآخر بالأصغر، ولم يبين صاحب هذه الواقعة منهما، وذكر أن قثم الأكبر لا بقية له. ورأيت فى تاريخ الإسلام للذهبى، أنه توفى سنة تسع وخمسين ومائة، والله أعلم. * * *

_ (6) فى الأغانى 15/ 317: كم صارخ بك من راج وراجية ... يرجوك يا قثم الخيرات يا قثم (7) فى الأغانى: يمسكه. انظر الأغانى 15/ 316. (8) انظر الأغانى 6/ 25. (9) فى الأغانى: لقيته. انظر الأغانى 6/ 25.

من اسمه قدامة

من اسمه قدامة 2343 ـ قدامة بن حنظلة الثقفى: حمصى. له رواية. وذكره الذهبى. [ ... ] (1). 2344 ـ قدامة بن عبد الله بن عمار بن معاوية الكلابى، من بنى كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، يكنى أبا عبد الله: أسلم قديما، وسكن مكة، ولم يهاجر، وشهد حجة الوداع، وأقام بركيّة فى البدو من بلاد نجد وسكنها. له حديثان، حديث: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يرمى الجمرة يوم النحر على ناقة صهباء، لا ضرب ولا طرد، ولا إليك، إليك. رواه عنه أيمن بن نابل»، والحديث فى جامع الترمذى، وحسنه وصححه فى سنن النسائى، وابن ماجة، ووقع لنا عاليا. وحديث: «أنه رأى رسول اللهصلى الله عليه وسلم يوم عرفة، عليه حلة حبرة». رواه عنه ابن أخته حميد ابن كلاب. قال ابن عبد البر: لا أحفظ له غير هذين الحديثين، والله أعلم. وذكر ما ذكرناه من حاله. 2345 ـ قدامة بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة الجمحى، يكنى أبا عمر، وقيل أبا عمرو، والأول أكثر وأشهر: هاجر إلى أرض الحبشة مع أخويه: عثمان، وعبد الله بن مظعون، ثم شهد بدرا وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستعمله عمر بن الخطاب رضى الله عنه على

_ 2343 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2344 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2133، الإصابة ترجمة 7099، أسد الغابة ترجمة 4281، طبقات خليفة ترجمة 415، التاريخ الكبير 7/ 178، جمهرة أنساب العرب 288، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 60، تهذيب الكمال 1126، تاريخ الإسلام 3/ 291، تذهيب التهذيب 3/ 158، تهذيب التهذيب 8/ 364، خلاصة تذهيب الكمال 268، سير أعلام النبلاء 3/ 451). 2345 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2132، الإصابة ترجمة 7103، أسد الغابة ترجمة 4283).

البحرين، ثم عزله، وولى عثمان بن العاص. وسبب عزله، على ما رواه معمر، عن ابن شهاب، قال: أخبرنى عبد الله بن عامر بن ربيعة، أن عمر بن الخطاب، استعمل قدامة ابن مظعون على البحرين ـ وهو خال حفصة، وعبد الله ابنى عمر ـ وقدم الجارود سيد عبد القيس، على عمر بن الخطاب من البحرين، فقال: يا أمير المؤمنين، إن قدامة شرب فسكر، وإنى رأيت حدا من حدود الله تعالى، حقا علىّ أن أرفعه إليك. فقال عمر رضى الله عنه: من يشهد معك؟ فقال: أبو هريرة، فدعا أبا هريرة رضى الله عنه، فقال له: تشهد؟ فقال: لم أره يشرب، ولكنى رأيته سكران يقئ، فقال عمر: لقد تنطّعت فى الشهادة. ثم كتب إلى قدامة، ليقدم عليه من البحرين فقدم، فقال الجارود. أقم على هذا كتاب الله عزوجل، فقال عمر: أخصم أنت أم شهيد؟ فقال: بل شهيد. قال: قد أديت شهادتك. قال: ثم صمت الجارود، فغدا على عمر، فقال: أقم على هذا حد الله عزوجل، فقال عمر رضى الله عنه: ما أراك إلا خصما، وما شهد معك إلا رجل واحد، فقال الجارود: إنى أنشدك الله! فقال عمر: لتمسكنّ لسانك، أو لأسوءنّك! فقال: يا عمر، أما والله ما ذلك بالحق، أن يشرب ابن عمك الخمر وتسوءنى! فقال أبو هريرة رضى الله عنه: إن كنت تشك فى شهادتنا، فأرسل إلى ابنة الوليد فسلها، فهى امرأة قدامة. فأرسل عمر بن الخطاب رضى الله عنه، إلى هند بنت الوليد ينشدها. فأقامت الشهادة على زوجها. فقال عمر رضى الله عنه لقدامة: إنى حادّك، فقال: لو شربت كما يقولون، ما كان لكم أن تحدونى. فقال عمر رضى الله عنه: لم؟ قال قدامة: قال الله عزوجل: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [المائدة: 93]. قال عمر رضى الله عنه: أخطأت فى التأويل، إنك إذا اتقيت الله تعالى اجتنبت ما حرم عليك. ثم قام عمر على الناس فقال: ماذا ترون فى جلد قدامة؟ فقال القوم: لا نرى أن تجلده ما كان مريضا. فسكت على ذلك أياما، ثم أصبح يوما، وقد عزم على جلده، فقال لأصحابه: ما ترون فى جلد قدامة؟ فقال القوم: لا نرى أن تجلده ما كان وجيعا، فقال عمر رضى الله عنه: لأن يلقى الله تحت السياط، أحب إلىّ من ألقاه وهو فى عنقى، إيتونى بسوط، ثم قام، فأمر عمر رضى الله عنه بقدامة فجلد، فغاضب عمر قدامة، وهجره، فحج عمر وقدامة معه مغاضبا له، فلما قفلا من حجهما، ونزل عمر

2346 ـ قدامة بن ملحان الجمحى، والد عبد الملك

ابن الخطاب رضى الله عنه بالسقيا، نام. فلما استيقظ من نومه، قال: عجّلوا علىّ بقدامة، فو الله لقد أتانى آت فى منامى هذا، فقال: سالم قدامة فإنه أخوك، فعجّلوا علىّ به، فلما أتوه، أبى أن يأتى، فأمر به عمر رضى الله عنه، إن أبى أن يجروه إليه، فكلمه عمر، واستغفر له، فكان ذلك أول صلحهما. ثم روى ابن عبد البر بسنده، أن أيوب بن أبى تميمة السختيانى. قال: لم يحدّ أحد فى الخمر من أهل بدر إلا قدامة بن مظعون. وتوفى قدامة سنة ست وثلاثين، وهو ابن ثمان وستين سنة. وذكر أنه خال حفصة وعبد الله، ابنى عمر بن الخطاب، وأن صفية بنت الخطاب، أخت عمر، كانت تحت قدامة، وأن أمه امرأة من بنى جمح. 2346 ـ قدامة بن ملحان الجمحى، والد عبد الملك: روى عنه ابنه. هكذا قال الذهبى. وقد تقدم أن الكاشغرى، سماه قتادة، وكذلك ابن مندة. 2347 ـ قدامة بن موسى بن عمر بن قدامة بن مظعون الجمحى المكى: روى عن أبيه، وابن عمر، وأنس، وأبى صالح السمان، وأيوب بن الحصين ـ ويقال محمد بن الحصين ـ وجماعة. روى عنه: ابنه إبراهيم، وأخوه عمر، ووهيب بن خالد، وعبد العزيز الدّراوردىّ، وجعفر بن عون، وعثمان بن عمر، وسعيد بن أبى مريم، وآخرون. روى له: مسلم وأبو داود والترمذى وابن ماجة. ووثقه ابن معين، وأبو زرعة. وذكره ابن حبّان فى الثقات، وقال: كان إمام مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: وابن أبى عاصم مات سنة ثلاث وخمسين ومائة. قال الذهبى: وما أعتقد أن سعيد بن أبى مريم لقى هذا، فإن سعيدا ولد سنة أربع وأربعين ومائة.

_ 2347 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 1/ 175، 238، 3/ 306، 5/ 91، 303، 444، 8/ 129، تاريخ الدورى 2/ 486، التاريخ الكبير للبخارى 7/ 803، التاريخ الصغير 3/ 31، تاريخ أبى زرعة 430، الجرح والتعديل ترجمة 734، الثقات لابن حبان 7/ 340، الثقات لابن شاهين الترجمة 1168، الجمع لابن القيسرانى 2/ 427، الكاشف ترجمة 4628، تاريخ الإسلام 6/ 280، ميزان الاعتدال ترجمة 6872، تهذيب التهذيب 8/ 365، تقريب التهذيب 2/ 124، خلاصة الخزرجى ترجمة 5842، تهذيب الكمال 4860).

2348 ـ قريش بن حسن بن على بن ديلم بن محمد بن إبراهيم بن شيبة بن إبراهيم القرشى العبدرى الشيبى

2348 ـ قريش بن حسن بن على بن ديلم بن محمد بن إبراهيم بن شيبة بن إبراهيم القرشى العبدرى الشيبى: توفى يوم الأربعاء النصف من ذى الحجة، سنة ثلاث وستين وخمسمائة، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره كتبت هذه الترجمة. 2349 ـ قزعة: مكى. مولى لعبد القيس. سمع عكرمة، مولى ابن عباس. روى عنه زياد بن سعد. روى له النسائى (1). قال أبو زرعة: ثقة (2). 2350 ـ قطلبك بن عبد الله الحسامى المنجكى: كان أحد الأمراء بالقاهرة، وكان يتردد إلى الحرمين متوليا لتفرقة صدقة القمح، التى ينفذها الملك الظاهر، وعمر المسجد الذى بأعلى مكة المعروف بمسجد الراية، سنة إحدى وثمانمائة، وعمر فيها عين خليص، وتوجه بعد الحج إلى مصر، فأدركه الأجل بينبع فى أول سنة اثنتين وثمانمائة، وكان فيه خير، وعنده قوة زائدة. 2351 ـ القعقاع بن أبى حدود الأسلمى: عداده فى أهل مكة، يقال إن له صحبة. ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الأولى من الثقات. 2352 ـ قنفذ بن عمر بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى: ذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب، واقتصر على اسمه واسم أبيه واسم جده. وقال:

_ 2349 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 853، الجرح والتعديل ترجمة 781، الثقات لابن حبان 7/ 347، الكاشف ترجمة 4646، ميزان الاعتدال ترجمة 6895، تهذيب التهذيب 8/ 377، تقريب التهذيب 2/ 126، خلاصة الخزرجى ترجمة 5857، تهذيب الكمال 4878). (1) أخرجه النسائى فى الصغرى 2/ 86. (2) وذكره ابن حبان فى الثقات. وقال الذهبى فى الميزان: لا يدرى من هو، وقال ابن حجر فى التقريب: مقبول. 2351 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2144، الإصابة ترجمة 7141، أسد الغابة ترجمة 4314). 2352 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2196، الإصابة 7151، أسد الغابة 4323، تجريد أسماء الصحابة 2/ 17).

من اسمه قيس بن حذافة

له صحبة. ولاه عمر بن الخطاب رضى الله عنه مكة، ثم عزله وولى نافع بن عبد الحارث. انتهى. وقد رفع نسبه فى ترجمة ابنه المهاجر بن قنفذ، يقال إن اسم المهاجر هذا «عمرو»، وإن اسم قنفذ «خلف»، وإن مهاجرا وقنفذا: لقبان. انتهى. وقال الزبير بن بكار: ولقنفذ بن عمير بن جدعان، يقول أبو طالب، ولمن ذكر معه، حين أصفقوا عليهم [من الطويل]. وعثمان لم يربع علينا وقنفذ ... ولكن أطاعا أمر تلك القبائل قال: وكان قنفذ بن عمير من أشراف قريش. انتهى. * * * من اسمه قيس بن حذافة 2353 ـ قيس بن حذافة بن قيس بن عدى بن سهم القرشى السهمى: ذكره ابن عبد البر، وقال: هاجر إلى الحبشة هو وأخوه عبد الله. وذكره ابن قدامة، وقال: من مهاجرة الحبشة. وذكره الذهبى، وقال: أخو عبد الله، من السابقين. 2354 ـ قيس بن السائب بن عويمر بن عائذ بن عمران بن مخزوم المخزومى: هكذا ذكره ابن عبد البر، وقال: مكى، هو مولى مجاهد بن جبر صاحب التفسير، وله ولاء مجاهد، كان شريك رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الجاهلية، وروى عنه أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم شريكى فى الجاهلية، فكان خير شريك، لا يدارى ولا يمارى. ويروى: لا يشارك ولا يمارى، هذا أصح ما قيل فى ذلك إن شاء الله تعالى. وزعم ابن الكلبى، أن الذى قال ذلك القول، هو عبد الله بن السائب بن أبى السائب. وقال غيره: بل كان شريك رسول الله صلى الله عليه وسلم: السائب بن أبى السائب. وقال غيره: بل ذاك السائب: السائب بن عويمر، والد قيس هذا. قال مجاهد: فى مولاى قيس بن السائب، نزلت هذه الآية: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً

_ 2353 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2151، الإصابة ترجمة 7170، أسد الغابة ترجمة 4339). 2354 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2157، الإصابة ترجمة 7191، أسد الغابة ترجمة 4352، الثقات 3/ 341، الطبقات الكبرى 5/ 466، تجريد أسماء الصحابة 2/ 20، تلقيح فهوم أهل الأثر 384).

2355 ـ قيس بن سعد، مولى نافع بن علقمة، ويقال مولى أم علقمة بن عبد الملك، ويقال أبو عبد الله، المكى

فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ) فأفطر وأطعم عن كل يوم مسكينا، وكان عبد الله بن كثير يقول: مجاهد مولى عبد الله بن السائب، وعنه أخذ ابن كثير القراءة. 2355 ـ قيس بن سعد، مولى نافع بن علقمة، ويقال مولى أم علقمة بن عبد الملك، ويقال أبو عبد الله، المكى: مفتى مكة. روى عن مجاهد، وطاوس، وعطاء، وعمرو بن دينار. روى عنه جرير ابن حازم، وعبد الملك بن أبى سليمان، وهشام بن حسان، والحمّادان، وطائفة. روى له البخارى تعليقا، ومسلم، وأبو داود، والنسائى، وابن ماجة. وثقه أحمد بن حنبل، وأبو زرعة. وقال ابن معين: لا بأس به. وقال ابن سعد: كان قد خلف عطاء بن أبى رباح فى مجلسه، وكان يفتى بقوله، وكان قد استقل بذلك، ولكنه لم يعمّر، مات سنة تسع عشرة ومائة، وكان ثقة قليل الحديث. وقد ذكر وفاته هكذا غير واحد، منهم: الذهبى، وقال: كان مفتى أهل مكة فى وقته. وكلام ابن حبان يقول: على أن الراجح فى وفاته غير هذا، لأنه قال: مات سنة سبع عشرة ومائة. وقد قيل سنة تسع عشرة (1). 2356 ـ قيس بن أبى العاص بن قيس بن عدى السهمى: هكذا ذكره الذهبى، وقال: صحابى، ولى قضاء مصر لعمر بن الخطاب رضى الله عنه، وهو من مسلمة الفتح. وذكر الكاشغرى نحوه، ولم يذكره ابن عبد البر، ولا ابن قدامة.

_ 2355 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 6/ 31، تاريخ الدورى 2/ 372، طبقات خليفة 281، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 689، التاريخ الصغير 1/ 282، المعرفة ليعقوب 1/ 709، 710، 2/ 53، 153، 3/ 181، 368، تاريخ أبى زرعة 253، الكنى للدولابى 2/ 59، الجرح والتعديل ترجمة 562، الثقات لابن حبان 7/ 328، الثقات لابن شاهين 1161، السابق واللاحق 181، الجمع لابن القيسرانى 2/ 419، الكامل فى التاريخ 5/ 215، الكاشف ترجمة 4669، تاريخ الإسلام 4/ 297، ميزان الاعتدال ترجمة 6915، جامع التحصيل 643، تهذيب التهذيب 8/ 397، تقريب التهذيب 2/ 128، خلاصة الخزرجى ترجمة 5880، تهذيب الكمال 4907). (1) قال عباس الدورى: سئل ـ يعنى يحيى بن معين ـ عن قيس بن سعد عن عطاء أثبت، أو ابن جريج عن عطاء؟ قال: ابن جريج عن عطاء أثبت. وأرخ خليفة بن خياط وفاته فى سنة تسع عشرة ومائة. وأخرجه البخارى فى سنة عشرة ومائة. وقال العجلى: مكى ثقة، وقال الذهبى فى الميزان: ثقة فقيه. قال أبو حاتم: كان يحيى بن سعيد يتكلم فيه، يكتب حديثه، وقال ابن حجر فى التقريب: ثقة.

2357 ـ قيس بن عبد الله الأسدى، من بنى أسد بن خزيمة

2357 ـ قيس بن عبد الله الأسدى، من بنى أسد بن خزيمة: هاجر إلى الحبشة مع امرأته بركة بنت يسار، مولاة أبى سفيان بن حرب. قال ابن عقبة: كان ظئرا لعبيد الله بن جحش، ولأم حبيبة. 2358 ـ قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف بن قصى بن كلاب المطلبى، أبو محمد، وقيل أبو السائب: قال الزبير بن بكار: أطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قيس بن مخرمة بخيبر خمسين وسقا. انتهى. وروى عنه أنه كان يقول: ولدت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل، فنحن لدان. أمه أم ولد، وهو أحد المؤلفة قلوبهم، وممن حسن إسلامه منهم، ولم يبلغه رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة من الإبل عام حنين، كما صنع بسائر المؤلفة. وكذا فعل مع عباس بن مرداس السلمى وغيرهم، وكلهم إلى إيمانهم، وأطعمه بخيبر خمسين وسقا، وقيل ثلاثين وسقا. روى عنه ابنه عبد الله بن قيس، وكان عبد الله من العقلاء النجباء، وذكر صاحب الكمال نحوه. وقال: روى الترمذى: ولدت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل: وقال المزى: روى عن النبىصلى الله عليه وسلم، وعن قباث بن أشيم. روى عنه ابنه عبد الله بن قيس، وذكر أن الترمذى، روى له (1).

_ 2357 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2166، الإصابة ترجمة 7217، أسد الغابة ترجمة 4373). 2358 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2177، الإصابة ترجمة 7250، أسد الغابة ترجمة 4401، الثقات 3/ 338، الطبقات الكبرى 9/ 161، تجريد أسماء الصحابة 2/ 25، الجرح والتعديل 7/ 103، تقريب التهذيب 2/ 30، تهذيب التهذيب 8/ 402، تهذيب الكمال 2/ 1138، خلاصة تذهيب 2/ 358، الكاشف 2/ 406، التلقيح 384، التاريخ الكبير 7/ 145، بقى ابن مخلد 277). (1) روى الترمذى له الحديث المذكور، فى كتاب المناقب، حديث رقم (3619) من طريق: محمد بن بشار العبدى حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبى قال: سمعت محمد بن إسحاق يحدث عن المطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمة عن أبيه عن جده قال: ولدت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل وسأل عثمان بن عفان قباث بن أشيم أخا بنى يعمر بن ليث أأنت أكبر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر منى وأنا أقدم منه فى الميلاد، ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل ورفعت بى أمى على الموضع. قال: ورأيت خذق الطير أخضر ـ

2359 ـ قيصر بن آقسنقر قفجاق بن تكش بن عبد الله التركمانى الصوفى، أبو عبد الله

وقال النووى: روى عنه ابناه: عبد الله، ومحمد. انتهى. وأمه على ما ذكر الزبير بن بكار: أسماء بنت عبد الله بن سبع بن مالك بن جنادة ابن الحارث بن سعد بن عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار. 2359 ـ قيصر بن آقسنقر قفجاق بن تكش بن عبد الله التركمانى الصوفى، أبو عبد الله: ذكره أبو محمد عبد الله بن عبد العزيز بن عبد القوى المهدوى، فى كتابه «مجتنى الأزهار» وترجمه بالشيخ الصالح، وقال: شيخ معمّر كبير مجاور بمكة، لقيته بمكة شرفها الله تعالى، وسمعت كثيرا من أشياخى يشهدون بصدقه، وكبر سنه. حدثنى أنه قرأ على أبى الفتح الكروخى، وعلى شهدة بنت أبى نصر، وغيرهما، ولم يظهر لى خطّا، وقرأت عليه بذلك جملة من «كتاب الترمذى». انتهى. وهذا قارّ بالنسبة إلى الكروخى بلا تردد، لأنه لا يصح إلا أن يكون قد جاوز المائة بسنين، وهو إنما جاوز الثمانين، كما ذكر الشريف أبو القاسم الحسينى فى وفياته، ولم يذكر أنه سمع إلا على الشريف يونس بن يحيى الهاشمى، ولو كان سمع من شهدة لذكر ذلك، فضلا عن الكروخى. وكانت وفاته بمكة فى سنة سبع وأربعين وستمائة، ولا يقال إنه غيره، لأن المهدوى إنما أدرك بمكة ابن أبى حرمى، وأصحاب يونس الهاشمى، ومن عاصره. وذكر الدمياطى فى «معجمه» أنه اجتمع به بمكة فى أوائل سنة أربع وأربعين وستمائة وأجاز له، وذكر له أن له بمكة ما يزيد على ستين سنة مجاورا، وأنه سمع من جماعة ببغداد قدماء. قال الدمياطى: ثم أخبرنى بعد ذلك أبو بكر محمد بن القسطلانى ـ يعنى القطب ـ أنه وقف على سماعه لثلاثّيات البخارى، من الشريف يونس الهاشمى. قال الدمياطى: وقد أخرج عنه الأبيوردىّ، حديثا من الثلاثيات فى معجمه، وذكر أنه مات بمكة فى سلخ المحرم، ويقال فى صفر، سنة سبع وأربعين وستمائة. قال الدمياطى: وكان معمرا قد جاوز الثمانين. 2360 ـ قيصر، فتى شمس الدين إيلدكز، أستاذدار الملك العادل: وجدت فى حجر قبره بالمعلاة: هذا قبر الأمير الأجل الأسفهسلار المحترم الكبير

_ ـ محيلا. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن إسحاق.

2361 ـ قيماز بن عبد الله

الغريب الشهيد، علم الدين قيصر، أمير الحاج المصرى إلى الحرمين، الملكى الكاملى، عتيق الأمير الأجل الأسفهسلار الكبير، شمس الدين إيلدكز، أستاذ دار الملك العادل. توفى يوم الثلاثاء خامس عشرى ربيع الآخر، سنة ثلاث وستين وستمائة. 2361 ـ قيماز بن عبد الله: صاحب الرباط المعروف برباط أبى سماحة، لسكناه به، الذى على يمين الصاعد إلى أعلا مكة، قرب المجزرة، لأن على بابه حجرا مكتوبا فيه ما ملخصه: وقفه وحبّسه وتصدق به، الأمير الأجل الكبير، فخر الأمراء، مخلص الدين، معين الفقراء المساكين، الأمير قيماز بن عبد الله السلطانى، سلطان الروم والأرمن، أبى الفتح قليج الرسلان بن مسعود بن قليج الرسلان، ناصر أمير المؤمنين. أوقف هذا الرباط بجميع حدوده كلها، أسفلها وأعلاها، وجميع ما يشتمل عليه، وهى الدار المعروفة بالقفطى، على المجاورين والمقيمين والمنقطعين بمكة، من أصحاب الإمام الأعظم أبى حنيفة النعمان بن ثابت، وقفا عليهم مؤبدا محبّسا، لا يباع ولا يورث بوجه. وكتب سنة ثمان وسبعين وخمسمائة. انتهى. * * * آخر الجزء الخامس، ويليه الجزء السادس، أوله «حرف الكاف».

فهرس محتويات الجزء الخامس من العقد الثمين

حرف الكاف

بسم الله الرّحمن الرّحيم حرف الكاف 2362 ـ كامل بن أحمد بن محمد بن أحم د بن سلامة الدمشقى [ .... ] (1) المقرى: قرأ على [ .... ] (1) تلميذ الأهوازى، وسمع من جماعة، وعرض عليه القرآن أبو القاسم بن عساكر، وذكر أنه حج، فتوفى بمكة سنة أربع وخمسمائة، كتبت هذه الترجمة من تاريخ الإسلام. 2363 ـ كبيش بن عجلان بن رميثة بن أبى نمى الحسنى المكى، يكنى أبا فوز: كان ينوب فى إمرة مكة عن أبيه وأخيه أحمد، وألقى إليه مقاليد الإمرة، لوفور رأيه وشهامته وكفايته، وأمره بتدبير أمر ولده بعده، فقام به أحسن قيام، إلا أنه لم يحمد على ما فعله من كحل الأشراف، الذين كان اعتقلهم فى سنة سبع وثمانين وسبعمائة الشريف محمد بن أحمد بن عجلان، بعد موت أبيه أحمد بن عجلان، وهم محمد بن عجلان، وأحمد وحسن ابنا ثقبة، وعلى بن أحمد بن ثقبة، وكان كحلهم بعد موت أحمد بن عجلان، بنحو عشرة أيام، وذلك فى آخر شعبان سنة ثمان وثمانين وسبعمائة. والذى حمل كبيشا على ذلك، ما توهمه فى أن ذلك حسم لمادة شرهم عنه، وعن ابن أخيه، فلم يتم له مراده، لأنه لما كان الموسم من هذه السنة، خرج ابن أخيه محمد ابن أحمد للقاء المحمل، على عادة أمراء مكة، فى يوم الاثنين مستهل الحجة سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، فلما وصل عند المحمل، أحاط به الترك الذين حوله، فلما رأى كبيش إحاطتهم به، فر إلى جهة جدة، وكان منعزلا عن ابن أخيه بمقربة منه، لأنه كان أشار عليه بأن لا يحضر لخدمة المحمل، لما بلغه من إضمار الشر من أمير المحمل على ابن أخيه، وتبع بعض الترك كبيشا فلم يظفروا به، وظن أن ابن أخيه لا يصل إليه بغير القبض

_ 2362 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

عليه، فلما بلغه قتل ابن أخيه، ألم عليه وود؟ ؟ ؟ أنه كان حضر عنده، وقاتل من قتله، ولو قدر أنه فر إلى مكة، لما خرجت من يد آل عجلان، ولكنه ساق فى يومه حتى بلغ جدة ـ بالجيم ـ فأقام بها ثلاثا. ثم فارقها لما حضر إليها على بن مبارك بن رميثة، ومن معه من جماعة عنان بن مغامس الحسنى، وكان ولى إمرة مكة، بعد قتل محمد بن أحمد بن عجلان ولما فارق كبيش جدة، قصد طريق الحاج، وتعرض للقاء الأمير جركس الخليلى، وكان حج فى هذه السنة، وهى أول حجاته، وحسّن لمحمد بن أحمد بن عجلان، الحضور لخدمة المحمل، وأوهمه أن لا خوف عليه فى ذلك، واستعطف كبيش الخليلىّ على آل عجلان، وقال كبيش للخليلى: إنما تركت التعرض للحاج إكراما لك، وسأله المساعدة على ما يعود نفعه على آل عجلان، إذا وصل إلى الديار المصرية، ووعده الخليلى بذلك، ثم إن كبيشا جمع جمعا كثيرا من الأعراب، وقصد بهم جدة، ومعه أيضا القواد العمرة، فملكها هو ومن معه، ونزل عند صهاريج جدة. ولما سمع بذلك عنان، خرج من مكة ومعه من آل عجلان، محمد بن عجلان المكحول، ونزل الموضع المعروف بالحدبة، وحصل له ولأصحابه عطش كثير، لاستيلاء كبيش ومن معه على صهاريج جدة، وأقام هو ومن معه هناك ثلاثة عشر يوما [ .... ] (1) فى كل يوم، ولم يقع بينهم قتال، لأن فى كل يوم يجير كل واحد من الفريقين فى ترك القتال فى ذلك اليوم، ثم إن كبيشا رأى من أصحابه القواد العمرة، انحلالا عن القتال، واحتجوا بأنهم يخشون أن يقتل أحد من الأعراب الذين مع كبيش، أحدا من جماعة عنان، فيؤاخذون به لملايمتهم له. فلما رأى ذلك منهم كبيش، عاد إلى الموضع الذى كان به لما فارق جدة أولا، وهو الموضع المعروف بأم الدمن عند خليص، ثم إنه بعد مدة، عاد إلى جدة وتولى الأمر بها، وسبب ذلك، أن محمد بن عجلان، كان عنان قد استنابه على جدة، لما ملكها بعد رحيل كبيش عنها، ثم وقع بينهما منافرة، اقتضت أن محمد بن عجلان، استدعى جميع من لايم عنان من آل عجلان بوساطته، ففارقوا عنانا أمير مكة، وحضروا إلى محمد بجدة، فقوى أمره بهم، وغلبوا على جدة، واستدعى محمد كبيشا للحضور إليه، فتوقف كبيش لما وقع منه فى حق محمد، من التقصير بسبب كحله، ثم حضر كبيش إلى جدة بطلب ثان من محمد، بعد أن توثق منه، واقتضى رأيهما نهب ما فى جدة من أموال التجار وغيرهم فى المراكب وغيرها، وكان تجار اليمن قد اجتمعوا بجدة للسفر منها إلى اليمن، وقد حضر إليها ثلاثة مراكب للكارم، متوجهة من اليمن إلى مصر، فنهب ذلك

_ 2363 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

كله، ويقال إن ذلك قوّم بستمائة ألف مثقال ذهبا، والله أعلم. ثم نهب ما فى جدة من الغلة المخزونة بها للأمير جركس الخليلى وإيتمش، ولما وقع النهب فى المراكب، حضر إلى جدة جماعة من الأشراف من أصحاب عنان، منهم على ابن مبارك بن رميثة، فأقبل عليه آل عجلان، وأمّروه، وجعلوا له نصف المتحصل من ذلك، وأضافوا إليه جماعة منهم يكونون فى خدمته، والنصف الثانى لعلى بن عجلان، يتصرف فيه جماعته، وعموا كلهم بالعطاء، كل من حضر إليهم من الأشراف من أصحاب عنان، ولم يبق بجدة شيء [ ....... ] (2) أجمع رأيهم على المسير إلى مكة، فتوجهوا إليها ثامن جمادى الأولى من سنة تسع وثمانين وسبعمائة، فلما بلغوا الركانى، فارقهم على بن مبارك بن رميثة، وقصد عنانا متخفيا، ثم تبعه ابنه وغيره من إخوته، فقصد آل عجلان البرابر من وادى مر، وأقاموا بها، وصار عبيدهم ينتشرون فى الطرقات، ويختطفون ما يجدونه، وأهل مكة فى خوف منهم ووجل. فلما كان شعبان من سنة تسع وثمانين، وصل إلى آل عجلان قاصد من الديار المصرية، ومعه تقليد وخلعة لعلى بن عجلان بإمرة مكة، عوض عنان، فبعثه كبيش إلى عنان لإعلامه بذلك، وإخلاء البلد لهم، فأبى وصمم على قتالهم، فجمع كبيش أصحابه القواد العمرة والحميضات، وأصرف عليهم هو ومحمد بن بعلجد مالا عظيما، من الزباد والمسك والإبل وغير ذلك، وتوجهوا إلى مكة فى نحو مائة فارس وألف راجل، فى آخر اليوم التاسع والعشرين من شعبان، وأخذوا طريق الواسطية وساروا قليلا قليلا، حتى أصبحوا فى يوم السبت الموفى ثلاثين من شعبان، وهم بآبار الزاهر أو حولها، فاقتضى رأى الشريف محمد بن محمود بن أحمد بن رميثة، النزول هناك يستريحون، ويلحق بهم من يوادهم، ممن هو مع عنان، فى الليلة المسفرة، فأبى ذلك كبيش، وخشى من طول الإقامة، وأن يصنع معه بنو حسن، كما صنعوا معه بجدة أولا، من أن كلا منهم يجير فى كل يوم من القتال، وصمم على القتال فى ذلك اليوم، وسار العسكر إلى مكة، وأخذوا الطريق التى تخرجهم من الزاهر إلى شعب أذاخر. فلما قطعوا الشعب، افترق العسكر، فأخذ الحميضات الطريق التى تخرجهم على مسجد الإجابة، وأخذ كبيش ومن معه من القواد العمرة والعبيد، طريقا أقرب إلى الأبطح، فرأوا بها عنانا وأصحابه، وكانوا قريبا منهم فى المقدار، فأزال الرجل الذى مع كبيش، الرجل الذى مع عنان من مواضعهم بعد قتال جرى بينهم، وعقروا الجمال التى

_ (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2364 ـ كثير بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الهاشمى، يكنى أبا تمام

عليها طبلخانتهم، وصاح كبيش بعنان يطلبه للبراز، فلم يجبه، وبرز إليه بعض الأشراف، فلم يره كبيش كفؤا له، وضربه كبيش برمح معه، فأصابت الضربة فرس المضروب فقتلها وسقط راكبها، فعمد بعض أصحاب عنان إلى فرس كبيش فعقرها، فسقط كبيش إلى الأرض وصار راجلا، فقصده أصحاب عنان من كل جانب وقاتلوه، فقاتلهم أشد القتال. ثم إن بعضهم استغفله فى حال قتاله، ورفع الدرع عن ساقه، وضربه فيه ضربة حتى جثى على ركبتيه، وقاتل وهو على تلك الحالة، حتى أزهقت روحه، وانهزم أصحابه الذين شهدوا معه الحرب، بعد سقوطه عن فرسه إلى الأرض. وأما الحميضات، فإنهم لم يقاتلوا جملة لمباطنة بينهم وبين عنان، وقتل فى هذا اليوم من القواد العمرة، لقاح بن منصور، وجماعة من عبيد آل عجلان، ورجع بقيتهم بمن معهم من سادتهم، إلى منزلهم بوادى مر، وحمل كبيش إلى المعلاة فدفن بها، وهو فى عشر الستين أو السبعين. 2364 ـ كثير بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الهاشمى، يكنى أبا تمام: ذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب، وقال: ولد قبل وفاة النبى صلى الله عليه وسلم بأشهر من سنة عشر. ليس له صحبة، ولكن ذكرناه لشرطنا، أمه رومية تسمى سبأ، وقيل حميرية. وكان فقيها ذكيّا فاضلا. روى عنه عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وابن شهاب. وذكر المزى فى التهذيب: أنه يروى عن أبيه، وأخيه عبد الله، وعثمان بن عفان، وعمر، وأبى بكر رضى الله عنهم. روى له البخارى ومسلم وأبو داود والنسائى. وقال الزبير: كان فقيها فاضلا، لا عقب له، وأمه أم ولد. وقال عبد الرحمن بن أبى الزناد: وكان ينزل فى بنى مالك، على اثنين وعشرين ميلا من المدينة، وكان ينزل المدينة كل جمعة، فينزل دار أبيه، التى هى عند مجزرة ابن عباس.

_ 2364 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2202، الإصابة ترجمة 7495، أسد الغابة ترجمة 4431، الطبقات الكبرى 4/ 6، تجريد أسماء الصحابة 2/ 27، 28، الثقات 5/ 329، الجرح والتعديل 7/ 153، تقريب التهذيب 2/ 132، تهذيب التهذيب 8/ 450، تهذيب الكمال 3/ 1143، سير أعلام النبلاء 3/ 444، الطبقات 230، التحفة اللطيفة 3/ 429، التاريخ الكبير 7/ 207، المعرفة والتاريخ 1/ 361).

2365 ـ كثير بن كثير بن المطلب بن أبى وداعة السهمى

قال يعقوب بن سفيان: إنه يعدّ فى الطبقة الأولى من أهل المدينة. وذكره ابن حبان فى الثقات، وقال: كان رجلا صالحا فاضلا فقيها، لا عقب له. وكان هو وتمام، من أم واحدة، أمهما أم ولد، ومات قرب المدينة فى أيام عبد الملك ابن مروان، وقيل كان أعبد الناس. 2365 ـ كثير بن كثير بن المطلب بن أبى وداعة السهمى: روى عن أبيه كثير، وسعيد بن جبير [ ............ ] (1) روى عنه ابن جريج، ومعمر، وإبراهيم بن نافع، وابن عيينة، وآخرون. روى له البخارى، وأبو داود، والنسائى، وابن ماجة. قال أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين: هو ثقة. وقال ابن سعد: كان شاعرا قليل الحديث. انتهى. وذكره الزبير بن بكار فقال: فمن ولد كثير بن المطلب بن أبى وداعة: كثير بن كثير الشاعر، روى عنه الحديث، وأمه عائشة بنت عمرو بن أبى عقرب، وهو خويلد بن عبد الله بن خالد بن بجير بن حماس بن عويج بن بكر بن عبد مناة، وهو الذى يقول (2) [من الخفيف]: لعن الله من يسب عليا ... وحسينا من سوقة وإمام أيسبّ المطيّبين جدودا ... والكريمى الأخوال والأعمام وهو الذى يقول [من الخفيف]: عين جودى بعبرة أسراب ... من دموع كثيرة التسكاب إن أهل الخضاب قد تركونى ... موزعا مولعا بأهل الخضاب كم بذاك الحجون من حى صدق ... وكهول أعفة وشباب

_ 2365 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 380، 6/ 11، تاريخ الدورى 2/ 494، علل أحمد ابن حنبل 1/ 129، 2/ 322، 341، التاريخ الكبير ترجمة 918، المعرفة ليعقوب 1/ 713، 2/ 702، الجرح والتعديل ترجمة 867، الثقات لابن حبان 7/ 349، رجال البخارى للباجى 2/ 610، الإكمال لابن ماكولا 4/ 302، الكاشف ترجمة 4712، تاريخ الإسلام 5/ 124، جامع التحصيل ترجمة 649، تهذيب التهذيب 8/ 426، تقريب التهذيب 2/ 133، خلاصة الخزرجى ترجمة 5943، تهذيب الكمال 4959). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (2) انظر نسب قريش 11/ 408.

2366 ـ كثير بن المطلب بن أبى وداعة السهمى المكى

سكنوا الجزع بيت أبى مو ... سى إلى النخل من صفى السباب فارقونى وقد علمت يقينا ... ما لمن ذاق ميتة من إياب ولا عقب لكثير بن كثير. 2366 ـ كثير بن المطلب بن أبى وداعة السهمى المكى: روى عن أبيه. وعنه: بنوه: سعيد، وجعفر، وكثير. روى له: أبو داود، والنسائى وابن ماجة، حديثا واحدا (1). انتهى. ووثق. قاله الذهبى. 2367 ـ كثير الهاشمى: روى عنه ابنه جعفر. قال أبو نعيم: هو كثير بن العباس. وفى كلام أبى نعيم نظر، فإن كثير بن العباس، ليس له ولد اسمه جعفر، ولو كان له ولد لذكره هكذا الذهبى فى التجريد. 2368 ـ كثير بن عمرو السلمى: حليف بنى أسد، ويقال حليف بنى عبد شمس، وبنو أسد حلفاء بنى عبد شمس. شهد بدرا، فيما ذكره ابن إسحاق، من رواية زياد، وليس فى رواية ابن هشام. ذكره ابن السراج، عن عمر بن محمد بن الحسن الأسدى، عن أبيه، عن زياد، عن ابن إسحاق. قال: وشهد بدرا من حلفاء بنى أسد: كثير بن عمرو، وأخواه: مالك بن عمرو، وثقف ابن عمرو، ولم أر كثيرا فى غير هذه الرواية، ولعله أن يكون ثقف، له لقبا، واسمه كثير. 2369 ـ كردم بن سفيان الثقفى: روى عنه ابنته ميمونة بنت كردم، عن النبى صلى الله عليه وسلم فى النذر.

_ 2366 ـ انظر ترجمته فى: (المعرفة 2/ 702، الجرح والتعديل ترجمة 871، الثقات لابن حبان 5/ 331، الكاشف ترجمة 4716، تهذيب التهذيب 8/ 429، تقريب التهذيب 2/ 134، خلاصة الخزرجى 5950، تهذيب الكمال 4964). (1) والحديث أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم يصلى مما يلى باب بنى سهم والناس يمرون بين يديه وليس بينهما سترة. أخرجه أبو داود فى سننه (2016)، وابن ماجة فى السنن (2958)، والنسائى فى الصغرى (2/ 67)، (5/ 235). 2368 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2203، الإصابة 7396، أسد الغابة 4433). 2369 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2207، الإصابة 7405، أسد الغابة 4441، الثقات 3/ 355، تجريد أسماء الصحابة 2/ 28، الجرح والتعديل 7/ 171، الطبقات 54، 285، التاريخ الكبير 7/ 237، بقى بن مخلد 419، ذيل الكاشف 1287).

2370 ـ كردم بن أبى السنابل الأنصارى، ويقال الثقفى

2370 ـ كردم بن أبى السنابل الأنصارى، ويقال الثقفى: له صحبة، سكن المدينة، ومخرج حديثه عن أهل الكوفة. 2371 ـ كردم بن قيس الثقفى: حديثه عند جعفر بن عمرو بن أمية، عن إبراهيم بن عمر، عنه. ذكره الثلاثة. هكذا عند ابن عبد البر فى الاستيعاب. 2372 ـ كرز بن جابر بن حسيل، ويقال ابن حسل، بن لاحب بن حبيب بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر بن مالك القرشى الفهرى: أسلم بعد الهجرة. قال ابن إسحاق: أغار كرز بن جابر الفهرى على سرح المدينة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى طلبه، حتى بلغ واديا يقال له سفوان، ناحية بدر، ففاته كرز، ولم يدركه ـ وهى بدر الأولى ـ ثم أسلم كرز بن جابر وحسن إسلامه، وولاه رسول اللهصلى الله عليه وسلم الجيش الذين بعثهم فى أثر العرنيّين الذين قتلوا راعية. وقتل كرز بن جابر يوم الفتح، وذلك سنة ثمان من الهجرة، فى رمضان، وكان قد أخطأ الطريق، وسار فى غير طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقيه المشركون فقتلوه، رحمه الله. وذكر الطبرى، عن ابن حميد، عن سلمة، عن ابن إسحاق: أن كرز بن جابر، وخنيس بن خالد الكعبى، كانا فى خيل خالد بن الوليد يوم فتح مكة، فشذّا عنه، فسلكا طريقا غير طريقه، فقتلا جميعا. قتل خنيس قبل كرز، فجعله كرز بين رجليه، ثم قاتل حتى قتل، وهو يرتجز (1): قد علمت صفراء من بنى فهر ... نقية الوجه نقية الصدر لأضربن اليوم عن أبى صخر وكان خنيس، يكنى أبا صخر. 2373 ـ كرز بن علقة الخزاعى، ينسبونه كرز بن علقمة بن هلال بن جريبة ابن عبد نهم بن حليل بن حبشيّة بن سلول الخزاعى: أسلم يوم فتح مكة، وعمّر عمرا طويلا، وهو الذى نصب أعلام الحرم فى خلافة

_ 2370 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2208، الإصابة 7404، أسد الغابة 4442). 2371 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2209، الإصابة 7406، أسد الغابة 4443). 2372 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2211، الإصابة 7409، أسد الغابة 4449). (1) انظر: (الطبرى 2/ 92). 2373 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2212، الإصابة 7412، أسد الغابة 4450، الثقات 3/ 355، الطبقات الكبرى 1/ 357، تجريد أسماء الصحابة 2/ 29، الأنساب 3/ 261، الجرح والتعديل 7/ 170، المصباح المضئ 2/ 239، 240، تلقيح فهوم أهل الأثر 372، التحفة اللطيفة 3/ 4323، التاريخ الكبير 7/ 238، تعجيل المنفعة 351، الإكمال 3/ 180، 286، الأعلمى 24/ 267، ذيل الكاشف 1289).

2374 ـ كلثوم بن علقمة بن ناجية بن المصطلق، ويقال كلثوم بن الأقمر، ويقال كلثوم بن عامر بن الحارث بن أبى ضرار بن المصطلق الخزاعى المصطلقى الكوفى

معاوية، وإمارة مروان بن الحكم. وروى عنه عروة والزبير. من حديثه ما رواه سفيان ابن عيينة، وغيره، عن الزهرى، عن عروة، عن كرز بن علقمة الخزاعى، قال: قال رجل: يا رسول الله، هل للإسلام من منتهى؟ قال: نعم، أى أهل بيت من العرب أو العجم، أراد الله بهم خيرا، أدخل عليهم الإسلام. قال الرجل: ثم مه؟ . قال: ثم تقع فتن كأنها الظّلل. قال الرجل: كلا والله، إن شاء الله. قال: بلى، والذى نفسى بيده، ثم يعودون فيها أساود صبّا، يضرب بعضهم رقاب بعض. 2374 ـ كلثوم بن علقمة بن ناجية بن المصطلق، ويقال كلثوم بن الأقمر، ويقال كلثوم بن عامر بن الحارث بن أبى ضرار بن المصطلق الخزاعى المصطلقى الكوفى: يقال: له صحبة، روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، وعن أسامة بن زيد، وعبد الله بن مسعود، وجويرية بنت الحارث بن أبى ضرار بن المصطلق ـ ويقال إنها عمته ـ وزينب بنت جحش، وأم سلمة، أزواج النبى صلى الله عليه وسلم. روى عنه أبو صخر جامع بن شداد، والزبير بن عدى، وعمران بن عمير، ومهاجر أبو الحسن. ذكره ابن حبان فى التابعين من كتاب الثقات (1). روى له أبو داود، والنسائى، وابن ماجة. هكذا ذكره المزى فى التهذيب. وذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب، فقال: كلثوم بن علقمة بن ناجية المصطلقى الخزاعى. روى عنه: جامع بن شداد، وابنه الحضرمى بن كلثوم، أحاديث مرسلة لا تصح، له صحبة، وسمع ابن مسعود.

_ 2374 ـ انظر ترجمته فى: (التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 976، الجرح والتعديل ترجمة 922، الثقات لابن حبان 5/ 335، الاستيعاب ترجمة 2236، أسد الغابة ترجمة 4492، الكاشف ترجمة 4735، تجريد أسماء الصحابة 2/ 365، جامع التحصيل 659، تهذيب التهذيب 8/ 443، الإصابة ترجمة 7542، التقريب 2/ 136، خلاصة الخزرجى ترجمة 5973، تهذيب الكمال 4988). (1) فرق ابن حبان فى قسم التابعين بين كلثوم بن علقمة، وبين كلثوم بن عامر، وأفرد لكل واحد منهما ترجمة. وقال ابن عبد البر فى الاستيعاب: أحاديثه مرسلة لا تصح له صحبة. وسمع ابن مسعود. وقال ابن حجر فى التهذيب: وكذا فرق بينهم البخارى فى تاريخه، وابن أبى خيثمة، وابن أبى حاتم، والذى يظهر أن كلثوم بن المصطلق هو كلثوم بن عامر، وإنما نسب إلى جده، وأما كلثوم بن الأقمر فهو غيره قطعا. وقال ابن حجر فى التقريب: ثقة ويقال له صحبة.

2375 ـ كلدة بن الحنبل بن مليل الغسانى، وقيل الأسلمى المكى

2375 ـ كلدة بن الحنبل بن مليل الغسانى، وقيل الأسلمى المكى: أسلم يوم الفتح. وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم روى عنه أمية بن صفوان بن أمية وعمرو ابن عبد الله بن صفوان بن أمية: روى له البخارى فى الأدب وأبو داود، والترمذى، والنسائى. وهو أخو صفوان بن أمية الجمحى لأمه، قاله الواقدى، وصوبه ابن سعد، قال: وهو قول أهل المدينة كلهم. وحكى عن هشام بن محمد بن السائب الكلبى، أنه قال له: إنه ابن أخت صفوان بن أمية، لأن أمه صفية بنت أمية، وأم صفوان: صفية بنت معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، واختلف أيضا فى نسبه. والصواب فيه كما ذكرناه، قاله ابن الأثير، قال: وقيل كلدة بن عبد الله بن الحنبل، وقيل غير ذلك، واختلف فى نسبه، فقيل الغسانى، وقيل الأسلمى، وقيل غير ذلك. وقال الواقدى: وهو أسود، من سودان مكة. وذكره مسلم فى الصحابة المكيين. وقال ابن حبان: عداده فى أهل مكة، قال: وبعثه صفوان بن أمية إلى النبى صلى الله عليه وسلم بلبن. وذكر بعضهم، أن صفوان بعث معه لبنا وجدايا وضغابيس، وهى بقلة تكون فى البادية. وذكر ابن الأثير، أنه توفى بمكة، ولم يزل مقيما بها إلى أن توفى. 2376 ـ كنانة بن عبد ياليل الثقفى: كان من أشراف أهل الطائف، الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد منصرفه من الطائف، بعد قتلهم عروة بن مسعود، فأسلموا وفيهم عثمان بن أبى العاص. ذكره هكذا ابن عبد البر. 2377 ـ كنانة بن عدى بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصى بن كلاب القرشى العبشمى: ذكر الزبير بن بكار، أنه الذى خرج بزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، من مكة إلى المدينة، وذكره ابن عبد البر بمعنى ذلك.

_ 2375 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 6/ 12، طبقات خليفة 112، 278، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 1030، الجرح والتعديل 7/ 991، الثقات لابن حبان 3/ 356، الاستيعاب ترجمة 2257، إكمال ابن ماكولا 7/ 180، أسد الغابة ترجمة 4495، التجريد 2/ 368، تهذيب التهذيب 8/ 444، الإصابة ترجمة 7461، تقريب التهذيب 2/ 136، خلاصة الخزرجى 2/ 5996، تهذيب الكمال 4989، تجريد أسماء الصحابة 2/ 34). 2376 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2243، الإصابة ترجمة 7478، أسد الغابة ترجمة 4505). 2377 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2244، الإصابة ترجمة 7479، أسد الغابة ترجمة 4506).

2378 ـ كناز بن حصن، ويقال ابن حصين، أبو مرثد الغنوى

2378 ـ كنّاز بن حصن، ويقال ابن حصين، أبو مرثد الغنوى: هكذا ذكره ابن عبد البر، وقال: قال ابن إسحاق: هو كناز بن حصن بن يربوع بن عمرو بن يربوع بن خرشة بن سعد بن طريف بن جلّان بن غنم بن غنى بن يعصر بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر. شهد بدرا هو وابنه مرثد بن أبى مرثد، وهما حليفا حمزة بن عبد المطلب، وهو من كبار الصحابة. وروى عنه واثلة بن الأسقع، وقال فى ترجمته فى الكنى: وقد قيل اسم أبى مرثد: حصن بن كناز، والأول أكثر وأشهر ـ يعنى كناز بن حصن ـ وقيل ابن خلان أو جلان بن غنى. قال: وأما أبو مرثد، فآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينه وبين عبادة ابن الصامت، وشهد بدرا وسائر المشاهد، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومات سنة اثنتى عشرة فى خلافة أبى بكر، وهو ابن ست وستين سنة، وكان فيما قيل رجلا طوالا، كثير الشعر، صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو مرثد الغنوى، وابنه مرثد بن أبى مرثد، وابنه أنيس ابن مرثد بن أبى مرثد. يعد أبو مرثد فى الشاميين. 2379 ـ كوكبرى بن أبى الحسن على بن بكتكين، الملك المعظم، مظفر الدين. صاحب إربل: ذكرناه فى هذا الكتاب للمآثر الحسنة التى صنعها بظاهر مكة، منها عمارته للأعلام التى هى حد عرفة من جهة مكة، وهى ثلاثة، سقط منها واحد إلى جهة المغمّس، وآثاره باقية إلى الآن، وتاريخ عمارته لذلك، فى شعبان سنة خمس وستمائة [ ..... ] (1) ومنها عمارته للعلمين اللذين هما حد الحرم من جهة مكة، وتاريخ

_ 2378 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 2/ 4، 3/ 34، 413، طبقات خليفة 8، التاريخ الكبير ترجمة 1031، التاريخ الصغير 1/ 116، المعرفة ليعقوب 3/ 167، تاريخ أبى زرعة 478، الجرح والتعديل ترجمة 990، الثقات لابن حبان 3/ 354، حلية الأولياء 2/ 19، الاستيعاب ترجمة 2258، إكمال ابن ماكولا 7/ 178، الجمع لابن القيسرانى 2/ 412، أسد الغابة ترجمة 4504، الكاشف ترجمة 4741، التجريد 2/ 281، تهذيب التهذيب 8/ 448، الإصابة ترجمة 7477، تقريب التهذيب 2/ 136، تهذيب الكمال 4997). 2379 ـ انظر ترجمته فى: (مرآة الزمان 8/ 680 ـ 683، تكملة المنذرى 3/ 2498، ووفيات الأعيان 4/ 113 ـ 121، تاريخ الإسلام 97 ـ 99، العبر 5/ 121 ـ 122، دول الإسلام 2/ 102، نثر الجمان 2/ 32، البداية والنهاية 13/ 137، النجوم الزاهرة 6/ 282، شذرات الذهب 5/ 138 ـ 140، سير أعلام النبلاء 22/ 334). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

عمارته لها سنة ست عشرة وستمائة، [ ...... ] (2) ومنها بئران بعرفة، لا ماء فيهما الآن، وتاريخ عمارته لهما سنة خمس وستمائة، وفى الحجر المكتوب لعمارته لكل من البئرين، أنه أنشأ كلا من البئرين. ومنها عمارته لبئر ميمون بن الحضرمى، أخى العلاء بن الحضرمى بأعلا مكة، فى السبيل المعروف الآن بسبيل الست، وذلك فى سنة أربع وستمائة. ومنها إصلاحه للعقبة التى عند باب مكة، المعروفة بباب الشّبيكة، واتساعه هذه المحجة، وذلك فى سنة سبع وستمائة. ومنها إصلاحه للعقبة المعروفة بعقبة المتكا، بطريق العمرة، وعمارته للموضع الذى يقال له المتكا، وذلك فى سنة خمس وستمائة. وقد ذكر ابن خلكان له ترجمة كبيرة، تشتمل على جملة من محاسنه. وذكرنا هنا شيئا من ذلك للتعريف بحاله: كان والده زين الدين على المعروف بكجك مالكا لإربل، وبلاد كثيرة من تلك النواحى، ففرقها، ولم يبق له سوى إربل، فلما توفى، ولى موضعه ولده مظفر الدين المذكور، وعمره أربع عشرة سنة، وكان أتابكه مجاهد الدين قايماز، فأقام مدة، ثم تعصب عليه مجاهد الدين، وكتب محضرا، أنه ليس أهلا لذلك، وشاور الديوان العزيز فى أمره، واعتقله، وأقام أخاه زين الدين أبا المظفر يوسف، وكان أصغر منه، ثم أخرج مظفر الدين المذكور من البلاد، فتوجه إلى بغداد فلم يحصل له بها مقصود، فانتقل إلى الموصل، ومالكها يومئذ سيف الدين غازى بن مودود، فاتصل بخدمته، وأقطعه مدينة حران، فانتقل إليها، وأقام بها مدة. ثم اتصل بخدمة السلطان صلاح الدين، وحظى عنده، وتمكن منه، وزاده فى الإقطاع: الرها وشميساط، وزوّجه أخته الست ربيعة خاتون بنت أيوب، وشهد معه مواقف كثيرة، وأبان فيها عن نجدة وقوة نفس وعزمة، وثبت فى مواضع لم يثبت فيها غيره، على ما تضمنه تواريخ: العماد الأصبهانى، وابن شداد، وغيرهما، وشهرة ذلك تغنى عن الإطالة فيه، ولو لم تكن له إلا وقعة حطين لكفته، لأنه وقف هو وتقى الدين صاحب حماة، وانكسر العسكر بأسره. ثم لما سمعوا بوقوفهما تراجعوا، حتى كانت النصرة للمسلمين، وفتح الله سبحانه عليهم. ثم لما كان السلطان صلاح الدين منازلا عكا بعد استيلاء الفرنج عليها، وردت عليها ملوك الشرق تنجده وتخدمه، وكان فى جملتهم زين الدين يوسف، أخو مظفر

_ (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

الدين، وهو يومئذ صاحب إربل، فأقام قليلا ثم مرض، وتوفى ثامن عشرى شهر رمضان سنة ست وثمانين وخمسمائة بالناصرة، وهى قرية بالقرب من عكا، يقال إن المسيح عليه السلام، ولد بها، على الاختلاف الذى فى ذلك. فلما توفى، التمس مظفر الدين من السلطان، أن ينزل عن حران والرها وشميساط، ويعوضه إربل، فأجابه إلى ذلك، وضم إليه شهرزور، فتوجه إليها، ودخل إربل فى ذى الحجة سنة ست وثمانين وخمسمائة، هذه خلاصة أمره. وأما سيرته، فلقد كان له فى فعل الخير غرائب، لم يسمع أن أحدا فعل فى ذلك، مثل فعله، لم يكن فى الدنيا شيء أحب إليه من الصدقة، كان له كل يوم قناطير مقنطرة من الخبز، يفرقها على المحاويج فى عدة مواضع من البلد، يجتمع فى كل يوم خلق كثير، يفرق عليهم فى أول النهار، وكان إذا نزل من الركوب، يكون قد اجتمع خلق كثير عند الدار، فيدخلهم إليه، ويدفع لكل واحد كسوة، على قدر الفصل من الشتاء والصيف، أو غير ذلك، ومع الكسوة شيء من الذهب، من الدينار والاثنين والثلاثة، وأقل وأكثر، وكان قد بنى أربع خانقاهات، للزمنى والعميان، وملأها من هذين الصنفين، وقرر لهم ما يحتاجون إليه كل يوم، وكان يأتيهم بنفسه فى كل عصرية اثنين وخميس، ويدخل عليهم، ويدخل إلى كل واحد فى بيته، ويسأله عن حاله، ويتفقده بشيء من النفقة، وينتقل من واحد إلى واحد حتى يدور على الجميع، وهو يباسطهم ويمزح معهم، ويجبر قلوبهم، وبنى دارا للنساء الأرامل، ودارا للصغار والأيتام، ودارا للملاقيط، ورتب فيها جماعة من المراضع، وكل مولود يلتقط، يحمل إليهن فيرضعنه، وأجرى على أهل كل دار ما يحتاجون إليه فى كل يوم، وكان يدخل أيضا إليهن ويتفقد أحوالهن، ويعطيهن النفقات، زيادة على المقرر لهن، وكان يدخل إلى البيمارستان، ويقف على مريض مريض، يسأله عن مبيته وكيفية حاله وما يشتهيه، وكان له دار مضيف، يدخل إليها كل قادم إلى البلد، من فقيه أو فقير أو غيرهما. وعلى الجملة، فما كان يمنع منها كل من قصد الدخول إليها، ولهم الراتب الدّارّ فى الغداء والعشاء، وإذا عزم الإنسان على السفر، أعطوه نفقة على ما يليق لمثله، وبنى مدرسة رتب فيها فقهاء من الفريقين، من الشافعية والحنفية، وكان فى كل وقت يأتيها بنفسه، ويعمل السماط بها، ويبيت بها، ويعمل السماع، وإذا طاب وخلع شيئا من ثيابه، سير للجماعة بكرة شيئا من الإنعام، ولم يكن له لذة سوى السماع، فإنه كان لا يتعاطى المنكر، ولا يمكّن من إدخاله البلد، وبنى للصوفية خانقاتين فيهما خلق كثير، من المقيمين والواردين، ويجتمع فيهما فى أيام المواسم من الخلق، ما يعجب الإنسان من

كثرتهم، ولهما أوقاف كثيرة، تقوم بجميع ما يحتاج إليه ذلك الخلق، ولا بد عند سفر كل واحد من نفقة يأخذها، وكان ينزل بنفسه إليهم، ويعمل عندهم السماعات فى كثير من الأوقات. وكان يسيّر فى كل سنة دفعتين، جماعة من أمنائه إلى بلاد الساحل، ومعهم جملة مستكثرة من المال، يفتكّ بها أسرى المسلمين من أيدى الكفار، فإذا وصلوا إليه، أعطى كل واحد شيئا، وإن لم يصلوا، فالأمناء يعطونهم بوصية منه فى ذلك، وكان يقيم فى كل سنة سبيلا للحاج، ويسيّر معه جميع ما تدعو حاجة المسافر إليه فى الطريق، ويسيّر صحبته أمينا، صحبته خمسة أو ستة آلاف دينار، ينفقها بالحرمين على المحاويج وأرباب الرواتب. وله بمكة حرسها الله تعالى آثار جميلة وبعضها باق إلى الآن. وهو أول من أجرى الماء إلى جبل عرفات ليلة الوقوف، وغرم عليه جملة كثيرة، وعمل فى الجبل مصانع للماء، فإن الحاج كانوا يتضررون من عدم الماء هناك، وبنى له تربة أيضا هناك. وذكر شيئا من صفة المولد، ثم قال: وقد ذكرت فى ترجمة الحافظ أبى الخطاب بن دحية، وصوله إلى إربل، وعمله كتاب «التنوير فى مولد السراج المنير» لما رأى اهتمام مظفر الدين به، وأنه أعطاه ألف دينار، غير ما غرم عليه مدة إقامته من الإقامات الوافرة، وكان رحمه الله إذا أكل شيئا من الطعام وغيره واستطاب به، لا يختص به، بل إذا كان أكل لقمة طيبة من زبدية، قال لبعض الجنادرة: احمل هذه إلى الشيخ فلان أو فلانة، ممن هم عنده مشهورون بالصلاح، وكذلك يعمل فى سائر المأكول من الفاكهة والحلوى وغير ذلك من المطاعم والمشارب والكسا. وكان كريم الأخلاق، كثير التواضع، حسن العقيدة، سالم البطانة، شديد الميل إلى أهل السنة والجماعة، لا ينفق عنده من أرباب العلوم، سوى الفقهاء والمحدّثين، ومن عداهما لا يعطيهم شيئا إلا تكلفا، وكذلك الشعراء، لا يقول بهم، ولا يعطيهم إلا إذا قصدوه، فما كان يضيع قصدهم، وكان يميل إلى علم التاريخ، وعلى خاطره منه شيء يذاكر به. ولم يزل رحمه الله تعالى مؤيدا فى مواقفه ومصافّاته مع كثرتها، لم ينقل أنه انكسر فى مصافّ قط، ولو استقصيت فى تعداد محاسنه، لطال الشرح فى ذلك، وفى شهرة معروفة، غنية عن الإطالة. ثم قال: وكانت ولادته بقلعة الموصل، ليلة الثلاثاء سابع عشرى المحرم سنة تسع

2380 ـ كيسان، أبو عبد الرحمن بن كيسان

وأربعين وخمسمائة. وتوفى ليلة الجمعة رابع عشر رمضان سنة ثلاثين وستمائة بقلعة إربل، ودفن بها، ثم حمل بوصية منه إلى مكة شرفها الله تعالى. وكان قد أعد له بها قبة تحت الجبل فى ذيله، يدفن فيها، وقد سبق ذكرها. فلما توجه الركب إلى الحجاز، فى سنة إحدى وثلاثين، سيّروه فى الصحبة، فاتفق أن رجع الحاج تلك السنة من لينة، ولم يصلوا إلى مكة، فردوه ودفنوه بالكوفة، بالقرب من المشهد، رحمه الله تعالى. وكوكبورى بضم الكافين، وهو اسم تركى معناه بالعربى: ذئب أزرق. وبكتكين، بضم الباء الموحدة (وسكون الكاف وكسر التاء المثناة من فوقها والكاف وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها نون، هو اسم تركى أيضا. ولينة، بكسر اللام وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح النون وبعدها هاء ساكنة: منزلة فى طريق الحجاز من جهة العراق. وكان الركب فى تلك السنة، قد رجع منها لعدم الماء، وقاسوا مشقة عظيمة. 2380 ـ كيسان، أبو عبد الرحمن بن كيسان: يقال هو مولى خالد بن أسيد، سكن مكة والمدينة. روى عنه ابنه عبد الرحمن حديثه، قال: «رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يصلى فى ثوب واحد، عند البئر العليا» (1). ذكره هكذا ابن عبد البر فى الاستيعاب. وذكره المزى فى التهذيب، فقال: كيسان بن جرير القرشى الأموى، أبو عبد الرحمن المدنى، والد عبد الرحمن بن كيسان، مولى خالد بن أسيد، عداده فى الصحابة، روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، فى الصلاة فى ثوب واحد. روى عنه ابنه عبد الرحمن بن كيسان وغيره. روى له ابن ماجة، وممن يسمى كيسان من الصحابة: كيسان بن عبد الله بن طارق اليمانى؛ ثم الشامى، أبو نافع الدمشقى، والد نافع بن كيسان، له حديثان: أحدهما يرويه عبد الله بن لهيعة، عن سليمان بن عبد الرحمن، عن نافع بن كيسان، عن أبيه، أنه كان يتّجر فى الخمر فى زمان النبى صلى الله عليه وسلم، فأقبل من الشام، ومعه خمر فى زقاق، يريد

_ 2380 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2245) (1) أخرجه ابن ماجة فى سننه كتاب إقامة الصلاة حديث رقم (1050) من طريق: أبو إسحاق الشافعى إبراهيم بن محمد بن العباس، حدثنا محمد بن حنظلة بن محمد بن عباد المخزومى، عن معروف بن مشكان، عن عبد الرحمن بن كيسان، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بالبئر العليا فى ثوب.

التجارة [ .... ] (2) الحديث فى تحريم الخمر وتحريم بيعها. والآخر، يرويه الوليد بن مسلم، عن ربيعة بن ربيعة، عن نافع بن كيسان، عن أبيه، قال: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: «ينزل عيسى بن مريم عند باب دمشق الشرقى». قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر فى تاريخ دمشق: وقد أخطأ ابن مندة فى كتابه خطأ فاحشا، فقال، كيسان، بن عبد الله بن طارق، وقيل ابن بشر، عداده فى أهل الحجاز. روى عنه ابناه: نافع، وعبد الرحمن، عن أبيه كيسان، قال: رأيت النبىصلى الله عليه وسلم، وساق فى الترجمة هذا الحديث، يعنى تحريم الخمر. وحديث عبد الرحمن عن أبيه كيسان، قال: رأيت النبى صلى الله عليه وسلم، يصلى بالبئر العليا فى ثوب. وهما اثنان: كيسان أبو عبد الرحمن، غير كيسان أبى نافع، أحدهما مدنى، والآخر دمشقى، وقد فرّق بينهما البخارى فى تاريخه، وابن أبى حاتم فى كتابه، والبغوى فى معجمه، إلا أن ابن أبى حاتم، قال فى نسب أبى نافع: كيسان بن عبد الله بن طارق، وحكى ذلك عن ابن لهيعة، وما قالوه أولى بالصواب من قول ابن مندة، والله أعلم، غير أن ابن أبى حاتم، فرق بين كيسان راوى حديث الخمر، وبين كيسان راوى حديث نزول عيسى، وذكر أن كل واحد منهما، روى عنه ابنه نافع، وأن الصواب فى حديث عيسى: نافع بن كيسان، عن النبى صلى الله عليه وسلم، وحكاه عن أبيه أبى حاتم، ولم يصنع شيئا، فإن قول من روى عن الوليد بن مسلم، عن ربيعة بن ربيعة، عن نافع بن كيسان، عن أبيه، ما يعضده من رواية سليمان بن عبد الرحمن، عن نافع بن كيسان، عن أبيه، بحديث آخر، أولى من قول أبى بخلاف ذلك، والله أعلم. * * *

_ (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

حرف اللام

حرف اللام 2381 ـ لحاف بن راجح بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسنى المكى: كان من أعيان الأشراف ذوى أبى نمى. وتوفى فى رمضان سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، وخلف ولدين، أحدهما: جخيدب بن لحاف، السابق ذكره، والآخر مالك ابن لحاف. 2382 ـ لقيط بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى ابن كلاب القرشى العبشمى، يكنى أبا العاص: صهر النبى صلى الله عليه وسلم على ابنته زينب، ولقيط، أصح ما قيل فى اسم أبى العاص، على ما قال ابن عبد البر. وقيل اسمه القاسم، وقيل مقسم، وهو مشهور بكنيته، وسيأتى ذكره إن شاء الله تعالى فى الكنى، بأبسط من هذا. 2383 ـ لقيط بن عامر بن صبرة بن عبد الله بن المنتفق بن عامر بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة العامرى، أبو رزين العقيلى: وافد بنى المنتفق إلى النبى صلى الله عليه وسلم. ويقال لقيط بن صبرة، نسبه إلى جده، وقيل إن لقيط ابن عامر، غير لقيط بن صبرة. قال ابن عبد البر وغيره: وليس بشئ. وقال الترمذى:

_ 2382 ـ انظر ترجمته فى: (نسب قريش 230 ـ 231، تاريخ خليفة 119، مشاهير علماء الأمصار 156، الاستيعاب ترجمة 2265، ابن عساكر 19/ 61، أسد الغابة ترجمة 4539، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 248 ـ 249، العبر 1/ 15، مجمع الزوائد 9/ 379، الإصابة ترجمة 7569، سير أعلام النبلاء 1/ 330). 2383 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 1/ 73، 6/ 54، طبقات خليفة 278، 285، علل أحمد 1/ 174، 256، 325، 2/ 326، 332، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 1058، المعرفة ليعقوب 3/ 69، 169، تاريخ واسط 233، الكنى للدولابى 1/ 29، الجرح والتعديل ترجمة 1008، موضح أوهام الجمع والتفريق 2/ 334، الاستيعاب ترجمة 2266، أسد الغابة ترجمة 4541، الكاشف 3/ 4753، التجريد 2/ 423، تهذيب التهذيب 8/ 456، 456، الإصابة ترجمة 7571، تقريب التهذيب 2/ 138، خلاصة الخزرجى 2/ 6006، تهذيب الكمال 5012).

2384 ـ لقاح بن منصور

قال أكثر أهل الحديث: لقيط بن صبرة، هو لقيط بن عامر، قال: وسألت عبد الله بن عبد الرحمن الدارمى عن هذا، فأنكر أن يكون لقيط بن صبرة، هو لقيط بن عامر، وجعلهما مسلم بن الحجاج أيضا فى كتاب «الطبقات» اثنين. روى عنه ابن أخيه وكيع بن عدس ـ ويقال ابن حدس ـ وابنه عاصم بن لقيط، وعمرو بن أوس، وعبد الله بن حاجب بن عامر. روى له البخارى فى الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة، وهو معدود فى أهل الطائف، على ما ذكر النووى، والمزى فى التهذيب. وقال: روى أن النبى صلى الله عليه وسلم، كان يكره المسائل، فإذا سأله أبو رزين، أعجبته مسألته. وصبرة فى نسبه: بفتح الصاد وكسر الباء، ويجوز إسكان الباء مع فتح الصاد وكسرها. نص على ذلك النووى. 2384 ـ لقاح بن منصور: أحد القواد العمرة. توفى مقتولا فى وقت [ ...... ] (1) وهى فى يوم السبت، سلخ شعبان سنة سبع وثمانين وسبعمائة. * * *

_ 2384 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

حرف الميم

حرف الميم 2385 ـ ماجد بن سليمان بن عمر بن على بن محمد بن ثابت بن أبى بكر بن محمد بن عبد الرحمن بن سهل بن عبد الرحمن بن عبد شمس القرشى الفهرى، الشيخ الصالح: هكذا ذكره المحدّث تقى الدين عبد الله بن عبد الرحمن المهدوى، فى كتابه «مجتنى الأزهار فى ذكر من لقيت من علماء الأمصار» وقال: هكذا أملى علىّ نسبه. وأخرج عنه حديثا، قال: أخبرنا أبو العلاء ماجد بن سليمان، أنا أبو الفرج بن أبى الهاشمى، القاضى علاء الدين أبو العلاء الفهرى المكى، سمع من الشريف يونس بن يحيى الهاشمى: جزءا فيه ثلاثة مجالس من «أمالى الجوهرى»، أخبرنا الحافظ ابن ناصر، وأبو العباس أحمد ابن أبى العز المرقّعاتىّ بسماع الأول، وإجازة الثانى من القاضى أبى بكر بن عبد الباقى، عنه. وعلى زاهر بن رستم الأصبهانى: جزءا من فوائد أبى بكر بن داود السجستانى، عن أبى القاسم على بن أبى نصر الصباغ، عن ابن هزار مرد، عن ابن زنبور، عنه. وروى عن خاله قاضى الحرم الشريف، عز الدين أبى المعالى يحيى بن عبد الرحمن بن على الشيبانى الطبرى. وحدث. روى عنه أبو محمد عبد الله بن عبد العزيز بن عبد القوى المهدوى فى كتابه «مجتنى الأزهار فى ذكر من لقيته من علماء الأمصار» ومنه نقلت نسبه هذا، وذكر أنه أملاه عليه، وسمع منه القطب القسطلانى وأولاده، منهم: عائشة وفاطمة: جزءا فيه ثلاث مجالس من «أمالى أبى محمد الجوهرى» سنة ست وأربعين وستمائة، وتفردت عنه فاطمة بنت القطب بالسماع، وأجاز للرضى الطبرى، وولى القضاء بمكة، كذا ذكر الشريف أبو القاسم الحسينى فى وفياته، وأطلق، وأظن أن ذلك نيابة، لأنى وجدت خطه على مكتوب ثبت عليه وحكم بصحته، فى مستهل ذى الحجة سنة خمس وثلاثين وستمائة، بعد [ ..... ] (1) على القاضى فخر الدين إسحاق بن أبى بكر الطبرى، فى صفر من هذه السنة، ثم أثبت هذا المكتوب، وحكم بصحته القاضى عبد الكريم بن القاضى أبى المعالى يحيى بن عبد الرحمن الشيبانى، فى خامس عشرى الحجة من السنة المذكورة، فلو كان القاضى أبو العلاء ماجد هذا، قاضيا بمكة مستقلا، لا كتفى بإثباته على ما هو معهود من

_ 2385 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

من اسمه مالك

تصرف القضاة، ولولا أن القاضى عبد الكريم كان قاضيا بمكة فى هذا التاريخ، لما أثبت عليه هذا المكتوب، بعد ثبوته على قاضيين، مع اتفاقهم فى المذهب، ويدل على ذلك أيضا، أنه أثبت على القاضى عمران بن ثابت الفهرى، وهو ولى قضاء مكة بعد القاضى عبد الكريم، والله أعلم. توفى القاضى أبو العلاء ماجد هذا، فى جمادى الآخرة سنة خمس وخمسين وستمائة بمكة، هكذا وجدت وفاته بخط الشريف أبى القاسم الحسينى فى وفياته، قال: ومولده فى سنة أربع وستين وخمسمائة، ووجدت وفاته بخط أبى المعالى بن القطب القسطلانى؟ . * * * من اسمه مالك 2386 ـ مالك بن زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك ابن حسل بن عامر بن لؤى القرشى العامرى: كان قديم الإسلام، هاجر إلى أرض الحبشة، ومعه امرأته أم عمرة بنت السعدى العامرية، وهو أخو سودة بنت زمعة، زوج النبى صلى الله عليه وسلم. ذكره هكذا ابن عبد البر فى الاستيعاب. 2387 ـ مالك بن عبد الله الخزاعى، ويقال ابن عبيد الله، ويقال مالك بن أبى عبد الله، والأول أكثر: معدود فى الكوفيين. روى عنه ابن أخيه سليمان بن بشر الخزاعى. قال البخارى: يقال سليمان بن بشر، ويقال سليم بن بشر. 2388 ـ مالك بن عمرو السلمى حليف بنى عبد شمس: شهد بدرا، هو وأخوه ثقيف بن عمرو، ومدلج بن عمرو، وقتل مالك بن عمرو يوم

_ 2386 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2296، الإصابة ترجمة 7650، أسد الغابة ترجمة 4597). 2387 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2304، الإصابة ترجمة 7661، أسد الغابة ترجمة 4613، الثقات 3/ 377، الجرح والتعديل 8/ 211، الطبقات 108، تجريد أسماء الصحابة 2/ 46، ذيل الكاشف 1430). 2388 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2311، الإصابة ترجمة 7682، أسد الغابة ترجمة 4625).

2389 ـ مالك بن عميلة بن السباق بن عبد الدار

اليمامة شهيدا. وقال ابن إسحاق: شهد بدرا من حلفاء بنى عبد شمس: مالك، وأخواه مدلج بن عمرو، وكثير بن عمرو. ذكره هكذا ابن عبد البر فى الاستيعاب. 2389 ـ مالك بن عميلة بن السبّاق بن عبد الدار: شهد بدرا. ذكره موسى بن عقبة فيمن شهد بدرا. ذكره هكذا ابن عبد البر. وعبد الدار فى نسبه. 2390 ـ مالك بن فليتة بن قاسم بن محمد بن جعفر الحسنى المكى، المعروف بابن أبى هاشم، يكنى أبا [ ..... ] (1). كان بينه وبين أخيه عيسى بن فليتة السابق ذكره، منازعة فى الأمر بمكة، وذلك أن فى سنة ست وستين وخمسمائة، جاء الأمير مالك هذا من الشام، فى آخر ذى القعدة، وأقام ببطن مر أياما، ثم جاء هو وعسكره إلى الأبطح، وحاصروا مكة مدة، ثم جاء هو والشرف من المعلاة، وجاء هذيل والعسكر من جبل أبى الحارث، فخرج عليهم عسكر الأمير عيسى وقاتلوهم، فقتل من عسكر الأمير مالك جماعة، ثم توجه مالك إلى خيف بنى شديد ومعه عسكره، وأقام هناك أياما، ثم ارتحل إلى نخلة، ولبث فيها أياما، ثم ارتحل إلى الطائف، وتوصل مع بعض العرب، وغدا إلى الشام. وفى هذه السنة ملك خدام الأمير مالك والأشراف بنو داود جدة، ونهبوا ما فى الجلبة التى وصلت إليها فى هذه السنة، من قبل شمس الدولة، وكان فيها صدقة من قبله، وأموال للتجار، فأخذ المشار إليهم جميع ذلك. وفى سنة سبع وستين وخمسمائة، انتزع منه ما كان له بالعراق من الإقطاع والرسوم، ومات هو فى هذه السنة بتيماء من بلاد الشام، وهو متوجه إليها من المدينة النبوية. 2391 ـ مالك بن القشب [ ...... ] (1). 2392 ـ مالك بن وهب الخزاعى: له حديث عند عقبة.

_ 2389 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2317، الإصابة ترجمة 7688، أسد الغابة ترجمة 4632). 2390 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2391 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2393 ـ مالك بن وهيب بن عبد مناف، والد سعد بن أبى وقاص

2393 ـ مالك بن وهيب بن عبد مناف، والد سعد بن أبى وقاص: أورده عبدان، ولا يتابع عليه. ذكر هاتين الترجمتين هكذا الذهبى فى التجريد. * * * من اسمه مبارك 2394 ـ مبارك بن ثقبة بن رميثة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على ابن قتادة الحسنى المكى: [ ........ ] (1). توفى سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة بالعراق، من عضة كلب كلب نهشه. 2395 ـ المبارك بن حسان السلمى البصرى ثم المكى: روى عن الحسن، ومعاوية بن قرة، وعطاء بن أبى رباح، ونافع مولى ابن عمر، وجماعة. روى عنه: سفيان الثورى، وإسماعيل بن صبيح، وعبيد الله بن موسى، ووكيع، وموسى بن إسماعيل، وآخرون. روى له البخارى فى الأدب، وابن ماجة. ووثّقه ابن معين. وقال أبو داود: منكر الحديث. وقال النسائى: ليس بالقوى (1).

_ 2394 ـ قد سبق ذكر أبوه ثقبة بن رميثة فى الترجمة رقم 868، وأشار المؤلف فى ترجمته أنه سيأتى ذكر مبارك هو وأخوات حسن، وعلى. (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2395 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ الدورى 2/ 548، تاريخ الدارمى 807، علل أحمد بن حنبل 1/ 86، 144، 217، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 1866، الجرح والتعديل ترجمة 1560، الثقات لابن حبان 7/ 501، الثقات لابن شاهين ترجمة 1438، الكاشف ترجمة 5363، ديوان الضعفاء ترجمة 3526، المغنى ترجمة 5157، تاريخ الإسلام 6/ 273، ميزان الاعتدال ترجمة 7038، تهذيب التهذيب 10/ 26، تقريب التهذيب 2/ 227، خلاصة الخزرجى 3/ 6834، تهذيب الكمال 5762). (1) وذكره ابن حبان فى الثقات، وقال: يخطئ ويخالف. وقال يعقوب: هو ثقة، وذكره ابن عدى، وابن الجوزى والذهبى فى جملة الضعفاء. وقال ابن عدى: روى أشياء غير محفوظة. وقال ابن الجوزى: قال الأزدى: متروك الحديث لا يحتج به، يرمى بالكذب. وقال ابن حجر فى التقريب: ليس الحديث.

2396 ـ مبارك بن رميثة بن أبى نمى الحسنى المكى

2396 ـ مبارك بن رميثة بن أبى نمى الحسنى المكى: كان ملايما لأخيه عجلان، أيام منازعته لأخيه ثقبة فى إمرة مكة، ودخل مبارك إلى مصر، بعد موت ثقبة، واستقرار مكة لأخيه عجلان، فما شوّش على عجلان، ولو أراد ذلك لتأتى له فيما بلغنى، لأنه بلغنى أن يلبغا الخاصكىّ، كان حنقا على عجلان، فلما بلغه قدوم مبارك، فرح به، وظن أنه يسأله فى ولاية مكة، لأن يلبغا كان إليه تدبير المملكة بمصر، فما سأله مبارك فى ذلك، وإنما سأله فى خبز يكون له ولبناته من بعده، فأعرض يلبغا عن الإقبال عليه. وكان دخوله إلى مصر مرتين، وبلغنى أنه سار فى إحداهما إليها فى اثنى عشر يوما، وفى الأخرى أربعة عشر يوما، ودخل بغداد فى زمن أويس وناله منه بر، وملك بأرض خالد أصيلة حسنة، وخلف ثلاثة ذكور أنجبوا، وهم: على، السابق ذكره، وعقيل، أشركه عنان فى إمرة مكة فى ولايته الأولى، وأحمد، المعروف بالهدبانى، معتبر عند الناس، وخلف [ ........ ] (1). 2397 ـ مبارك بن عبد الكريم [ ..... ] (1) بن عبد الكريم بن أبى سعد بن على ابن قتادة الحسنى المكى: كان [ ........... ] (1). توفى مقتولا بالزيمة فى وادى نخلة، فى الخامس من ذى الحجة، سنة تسع وثمانين وسبعمائة، قتله بعض العسكر الذين توجهوا مع على بن عجلان، لما ولى إمرة مكة فى هذا التاريخ، لقتال عفان ومن معه من الأشراف، الذين توجهوا إلى الزيمة، وكان مبارك من جملة من مع عفان، فقتل رحمه الله. 2398 ـ مبارك بن على بن الحسين بن عبد الله بن محمد البغدادى، أبو محمد، المعروف بابن الطباخ الحنبلى: إمام الحنابلة بالمسجد الحرام، سمع كتاب «دلائل النبوة للبيهقى» على أبى الحسين عبيد الله بن محمد بن الحافظ أبى بكر بن أحمد بن الحسين البيهقى، عن جده مؤلفه، وحدّث عن أبى القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر المقرى بكتاب «تاريخ مكة للأزرقى» عن أبى طالب العشارىّ إجازة، عن أبى بكر أحمد بن محمد بن أبى موسى الهاشمى، عن إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى، عنه.

_ 2396 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2397 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2399 ـ مبارك بن عطيفة بن أبى نمى الحسنى المكى

وحدث أيضا عن أبى القاسم بن الحصين، والقاضى أبى بكر الأنصارى، وأبى غالب أحمد بن الحسن بن البناء، وأبى سعد إسماعيل بن أبى صالح المؤذن، وغير واحد. وخرج وكتب بخطه. روى عنه أبو سعد السمعانى ـ مع تقدمه ـ والموفق بن قدامة، وغير واحد. وآخر أصحابه لاحق بن عبد المنعم الأرتاحى، له منه إجازة، روى عنه بها كتاب «الدلائل للبيهقى» وقد قرأت بعضه على غير واحد من شيوخنا، عن ابن الصناج، عن لاحق، عنه. قال الذهبى: وكان يكتب العمر، ويؤمّ بحطيم الحنابلة. توفى فى شوال سنة خمس وسبعين وخمسمائة بمكة. ووجدت فى حجر قبره بالمعلاة، أنه توفى يوم السبت، ثانى شوال من السنة المذكورة. 2399 ـ مبارك بن عطيفة بن أبى نمى الحسنى المكى: كان ذا شهامة وإجادة فى الرمى، رمى القائد محمد بن عبد الله بن عمر، أحد القواد المعروفين بالعمرة بسهم فمات موضعه، لموجدة وجدها عليه، لكون محمد خرج فيمن خرج من أهله وغيرهم، مع رميثة بن أبى نمى، لاستخلاص محمد بن الزين القسطلانى، لما قبض عليه مبارك، وذهب به إلى ساية (1)، وكان مبارك ينوب عن أبيه فى الإمرة بمكة، وفى سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، وقع بين مبارك وبين ابن عمه مغامس بن رميثة منافرة، فركب مبارك من مكة ـ وكان أبوه تركه بها ـ إلى الجديد، لقتال مغامس، وكان أبوه رميثة قد تركه فيها، وكان مع مبارك أصهاره الأعراب المعروفون ببنى عمير ـ أصحاب الخيف المعروف بخيف بنى عمير، بوادى نخلة، وكان تزوج منهم فى هذه السنة بامرأة وبنى بها ـ وجماعة من أهل مكة، فالتقى عسكره وعسكر ابن عمه، فقتل من أصحاب مبارك خمسة نفر، ومن أصحاب مغامس نفر واحد، وأخذت لأصحاب مغامس خيول، وهرب مغامس إلى الخيف. وكان خروج مبارك من مكة لقتال مغامس، فى يوم السبت السابع والعشرين من رجب، من سنة سبع وثلاثين وسبعمائة. ولما كان اليوم العاشر من شعبان، خرج مبارك بن عطيفة ومعه جماعة من أهل مكة، لمنع عمه رميثة من دخول مكة، لما توجه إليها من اليمن، مع النجاب الذى وصل من صاحب مصر، لاستدعائه واستدعاء عطيفة، للحضور إلى صاحب مصر، ومنع

_ 2399 ـ (1) اسم واد قريب من حدود الحجاز. انظر: معجم البلدان (ساية).

مبارك بن رميثة من دخول مكة، ثم تراسلا، فمكنه مبارك من دخول مكة، فدخلها ومكث فيها إلى ليلة الثالث عشر من شعبان، ثم خرج منها إلى الوادى. وفى صبيحة الليلة التى خرج فيها رميثة من مكة، دخلها عطيفة مودّعا، وسافر إلى مصر بعد أخيه رميثة بمقدار خمسة أيام، وترك ابنه مباركا نائبا بمكة، ومعه بها أخوه مسعود بن عطيفة، وكان أخوهما محمد بن عطيفة فى اليمن، بمن معه من الأشراف الذين لايموا عطيفة، بعد أن كانوا مع أخيه رميثة، لما فارق القواد عطيفة، ولا يموا رميثة، بسبب قتل مبارك لمحمد بن عبد الله بن عمر، وشاع بمكة أن مباركا، قصده أن ينهب بيوت التجار، حتى بيت قاضى مكة شهاب الدين الطبرى. ولما بلغ مباركا ذلك، أعلن بالنداء بالأمان، وحلف فى يوم الجمعة من شوال هذه السنة، بعد صلاة الجمعة عند مقام إبراهيم، أنه ما همّ بهذا ولا يفعل ذلك، بمحضر جماعة من الفقهاء. ثم إنه أرسل أخاه مسعودا إلى الوادى، لقطع نخيل القواد ذوى عمر، فقطع منها نخلا كثيرا، ثم أرسل مبارك أربع رواحل، لاستعلام أخبار الحاج، ولم يكن بلغه خبر عن أبيه وعمه، من حين توجها إلى مصر، وكان مبارك [ ..... ] (2). وفى ليلة السبت الرابع عشر من ذى القعدة من هذه السنة، خرج مبارك بن عطيفة إلى وادى المبارك، لقطع نخيل بعض أهلها، بسبب حشمهم له، فإنه كان قطع حسبا بينهم، على أنهم لا يقتتلون إلى مدة حدها لهم، فقتل بعض الفريقين من الفريق الآخر رجلين غدرا، فقطع على القاتل وأصحابه نحو ستين نخلة، وأعطى أربعة أفراس، فقبض بعضها، ثم جاء الخبر بأن الذين أرسلهم إلى ينبع، قبض عليهم الترك الذين وصلوا إليها، ولم يفلت منهم غير رجل واحد، وصل إلى مكة وأخبر بذلك، فوصل مبارك فى ليلة الثلاثاء السابع عشر من ذى القعدة، وتجهز للخروج منها، وخرج منها ومعه حاشيته، ليلة الجمعة العشرين من ذى القعدة، ونزل بالمزدلفة، وفى وقت آذان الجمعة من اليوم المذكور، دخل مسعود بن عطيفة وبعض غلمانهم، فاختطفوا بعض من صدفوه فى الطريق [ ..... ] (2) بعض البيوت ودار الإمارة، ثم خرجوا من مكة، ودخلها رميثة ومعه ابناه عجلان ومغامس، فى اليوم الخميس السادس والعشرين من ذى القعدة من السنة المذكورة، متوليا مكة بمفرده، بعض القبض على أخيه عطيفة [ ...... ] (2)

_ (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

بالقاهرة، فأمن الناس بمكة، وقطع بعض نخيل إخوته الملائمين لأخيه عطيفة، وبعد خروج مبارك من مكة بقليل، التقى أخوه مسعود والقواد العمرة، ومعهم ثقبة بن رميثة فى جهة اليمن، وكانوا هناك يرعون، فقتل مسعود بن عطيفة، واثنا عشر رجلا من أصحاب مبارك، ولم يحضر مبارك هذا الحرب، لأنه كان فى ناحية عنهم. ولما سمع بما تم على أصحابه من القتل، ولّى منهزما مع صاحب له على فرسين سابقين، فسيق خلفهما فلم يلحقا. فلما كان سنة ثمان وثلاثين، تعرض مبارك للجلاب الصادرة من مكة، فنهبها وأخذ جميع ما فيها من الأموال، وأصرفها على زبيد وكنانة، واستنجدوا به على أحمد بن سالم صاحب حلى، فحضر إليه مبارك، والتقوا مع صاحب حلى، فانكسر صاحب حلى، ونهب مبارك ومن معه بيته وحلى، واستنجد صاحب حلى برميثة، فأنجده ومكنه من البلاد فسكنها. وما عرفت شيئا من حال مبارك بعد ذلك، سوى أنه توجه إلى سواكن وملكها، ومات بها فى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة شهيدا، من حربة رماه بها بعض العبيد، وخلّف ولدا أسود اسمه منصور، يأتى ذكره. ومبارك بن عطيفة هذا، ممن اتّهم بقتل الأمير ألدمر، أمير جاندار الناصرى المقدم ذكره، والله أعلم. وللأديب يحيى بن يوسف المكى المعروف بالنشو، فى الشريف مبارك بن عطيفة هذا مدائح كثيرة، منها قصيدة أولها [من الكامل]: قسما عليك بلحظك الفتاك ... من ذا بقتلى فى الهوى أفتاك لولاك لم يهو العذيب وبارقا ... فالبرق ثغرك والعذيب لماك أخجلت بدر التّمّ عند كماله ... وفضحت غصن البان فى ممشاك ومخلّصها: حزت الملاحة مثل ما حاز العلا ... مبارك بن عطيفة مولاك نجل النبى محمد وسليله ... من منبت الشرف الرفيع الزاكى يحكى عليا جده ليث الوغى ... فى يوم مكرمة ويوم عراك لولا سطاه لما دعاه عدوه ... عوضا عن السفاح بالسفاك لو لم تمت أعداؤه من سيفه ... ماتوا من الأخواف والأدراك

قد خافه حتى الكرى بجفونهم ... تخشاه كل العرب والأتراك فالسيف يضحك منهم يوم الوغى ... والكل من خوف المنية باك حاز الفخار بأسره فى أسرة ... خدمت له الأملاك فى الأفلاك وله فيه من قصيدة أخرى [من الطويل]: عليك بخير الناس جدا ووالدا ... ومن حسنت منه السريرة والجهر ومن ذا رأى الراءون مثل مبارك ... مليك له الإحسان والنائل الغمر فتى تشرق الدنيا بغرّة وجهه ... إذا قيل بحر قيل من دونه البحر يجود على العافى ويبدى اعتذاره ... ويعفو عن الجانى وإن عظم الوزر مآثره مأثورة قد تواترت ... بها تشهد الآثار والعين والخبر به قد حمى الله البلاد وصانها ... هو الغيث لولا الغيث ما نبت البذر أباد الأعادى بالصوارم والقنا ... ففى كل نحر من عداه له نحر أجلّ ملوك الأرض قدرا ورفعة ... منازله معروفة دونها النسر تغطيت من دهرى بظل جنابه ... فليس يرى من بعد رؤيته الدهر ولم تعلم الأحداث باسمى ولا درت ... ولا من أنا [ ........ ] (3) سلالة مولانا الشريف عطيفة ... خيار ملوك العصر زين به العصر وله من قصيدة أخرى أولها [من الخفيف]: لا تلمنى على هواه جهاله ... فهو بالقلب حلّه واستماله ومخلّصها: بلد شرّف الإله رباها ... مثل ما شرف الشريف وآله فهو السيد الذى شاع ذكرا ... ملك أرفع الملوك جلاله وهو من خير آل أحمد بدر ... مستنير له من الدّست هاله ورث الفخر عن جدود كرام ... قد بنى فوق ما بنى أمثاله شرف ما استفاده من بعيد ... لا ولا أدرك العلا عن كلاله ومنها: نسب بين أحمد وعلىّ ... فهو من خير تلك السلاله ملك إن سطا على الأرض يوما ... كاد يهفى فى الجو قلب الغزاله فهو كالسيف حيث يقطع حدّا ... هـ ويستحسن الأنام مثاله

_ (3) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

ما لأعدائه هناك مقر ... فهو كالشمس مدرك آماله يا مليكا له الملوك عبيد ... وجميع البلاد تهوى وصاله إن تكن قد حللت فى أرض مصر ... أنت حقا عزيزها لا محاله ومنها: أنا عبد لعبد آل على ... فهو كاف والناس عندى فضاله فابق فى نعمة وملك عظيم ... وسرور يدوم فى كل حاله وله فيه من أخرى أولها [من البسيط]: أما لقلبى لان منك يا قمر ... فأنت تجنى على ضعفى وأعتذر لا واخذ الله من يغرى بسفك دمى ... ظلما وإن مسّنى فى حبه الضرر ومنها: أشكو إليك صباباتى وما صنعت ... يد الغرام بقلبى وهو منكسر فلم يلن قلبك القاسى لمسكنتى ... وقد يلين إذا حاولته الحجر ومنها فى المدح: أنت الذى عقدت فى العز رايته ... فتى به تضرب الأمثال والسّير أبو خذام الذى شاعت مناقبه ... فالجود والفضل والإحسان مشتهر الأروع الندب بحر لا قرار له ... بدر عطاياه فى من أمّه البدر أسطى بنى عمه فى كل نائبة ... كأنه الدهر لا يبقى ولا يذر المكرم المنعم الموفى بذمته ... فمن ندى كفه قد أورق الحجر سلالة من رسول الله طيّبة ... والفرع ينمو على ما ينبت الشجر ماضى العزائم محمود سريرته ... يدرى عواقب ما يأتى وما يذر وله فيه من قصيدة أخرى، يهنئه فيها بعيد الفطر، سنة خمس وأربعين وسبعمائة، أولها [من البسيط]: رفقا على قلب صب مسّه السّقم ... لولاك ما شاقه بان ولا علم ومنها: ألا تحنّ على ضعفى ومسكنتى ... فالراحمون من الأحباب قد رحموا إن كنت لا ترتضى يوما بمعذرتى ... ظلما فلى فى البرايا حاكم حكم مبارك الجود أعلى الناس منزلة ... تسمو به الرتبتان العلم والعلم ما فى ملوك الورى من جاء يشبهه ... ماضى العزائم فالدنيا به حرم

من جوده نظر الأعمى بلا نظر ... وأنطق الأخرسان الطرس والقلم أجل من عقدت بالمجد رايته ... يعفو ويصفح إحسانا وينتقم وله من قصيدة يمدحه فيها [من البسيط]: الله أكبر جاء النصر والظفر ... وأقبل السعد والإقبال يبتدر ونلت ما ترتجيه يابن فاطمة ... من الإله وزال الخوف والحذر ومنها [من البسيط]: خضت الصعيد ومصرا والبلاد معا ... وما خشيت ولم يلوى بك الخبر وصرت تقتهر العربان قاطبة ... وقد أطاعك حتى الجن والبشر ما أنت إلا فريد العصر أوحده ... والشاهدان عليه الخبر والخبر فما سواكن أرض أو تقيم بها ... وما مقامك إلا الركن والحجر فسر إلى مكة وانزل بساحتها ... فأنت بالله رب العرش تنتصر إياك تركن فى الدنيا إلى أحد ... من الملوك جميعا ربما غدروا ما كل وقت أتى يرجى الخلاص به ... فأنت جرّبت والأحوال تختبر لا تجعلنّ يدا تحت الرحى أبدا ... فقول جدك فيه النصح يعتبر فاهرب من الناس كن منهم على حذر ... فربّ سار بليل غره القمر فالملك ليس له بين الأنام أب ... ولا أخ إنهم إن صودقوا مكروا ليس التوانى به نال المنى أحد ... وليس يقطع إلا الصارم الذكر لو لم يقم جدك المختار من مضر ... بالسيف ما آمن القوم الذى كفروا وانظر حميضة فى عزم وفى همم ... فإن أضداده فى عصره كثروا مازال فى طلب العلياء مجتهدا ... حتى استقامت له الأحكام والنظر ولم يطع لملوك الأرض أجمعهم ... وكان فى ملكه يرنو له البصر وأنت عزمك أقوى من عزائمه ... فما قعادك أين العين والأثر أمثل مكة تسلوها وتتركها ... عجبت منك فعنها كيف تصطبر؟ فإن مصرا ومن فيها بأجمعهم ... حتى الحجاز لعزم منك قد شكروا لو وازنوك بمن فى الأرض من ملك ... لكنت أرجح منهم مثل ما ذكروا ألست أكرم من يسعى الركاب له ... أما لرمحك هامات العدا ثمر فليس تركك ملكا أنت وارثه ... رأيا سديدا فماذا أنت تنتظر؟ ومنها: أعلامك الخضر فى الآفاق قد شهرت ... كأنما سار فى الدنيا بها الخضر

2400 ـ مبارك بن محمد بن عطيفة بن أبى نمى الحسنى المكى

أغنيت فقرى فمن أجل الغنى أبدا ... تهدى لمدحك منى هذه الدرر ومدحه الأديب عيسى بن محمد العليف أيضا بقوله [من البسيط]: يا مالكى بخصال كلّها غرر ... وبالعطايا التى من دونها المطر ومن إذا ما سعى فى نيل مرتبة ... من العلا قاده التأييد والظفر فى كل أرض وقطر منك سابغة ... تسر كل صديق نشرها عطر مكارم يتمنّى البحر أيسرها ... وعزمة كل عنها الصارم الذّكر وهمّة فى المعالى لا يهيم بها ... من الخلائق إلا الشمس والقمر وليس ذا بعظيم منك إنك من ... أسد مرابضهنّ الحجر والحجر طابت فروعك إذ طابت منابتها ... إن الأصول عليها ينبت الشّجر ألقى عليك أبو سعد فضائله ... من جانبيك فطاب الخبر والخبر وفيك من حيدر سرّ عرفت به ... يوم الوغى حيث سمر الخط تشتجر ما قابلتك جيوش فانتصبت لها ... إلا وساعد فى تشتيتها القدر قلدتنى منك إحسانا ملكت به ... رقى فأنت لرق الحر مقتدر وللأديب شهاب الدين أحمد بن غنائم المكى فيه من قصيدة يمدحه بها، أولها [من الكامل]: إن شط من قرب الحبيب مزاره ... ونأت بغير رضا المتيم داره ومخلّصها: وقف الهوى بى حيث أنت كما الثنا ... وقف على من طاب منه فخاره ملك الملوك مبارك بن عطيفة ... خير امرئ دلت عليه ناره المالك الملك الذى فخرت به ... فى العالمين معدّه ونزاره وسعى فأدرك كل ساع قبله ... وسمت به همّاته ووقاره كلف بشيد المجد وهو مولّع ... ببناء ما درست بلى آثاره هذا الذى خفّت عليه مكارم ال ... أفعال فاشتهرت به أخباره من ذا يقيس سماحة بسماحة ... فى الخافقين ومن له إيثاره يا أيها الملك الذى لولاه ما ... نفق المديح ولا سخا معطاره نفق المديح على عطائك فاستوى ... بالمدح فيك كباره وصغاره 2400 ـ مبارك بن محمد بن عطيفة بن أبى نمى الحسنى المكى: ابن أخى السابق ذكره. كان حسن الشكالة، توجه إلى القاهرة فى سنة سبع

2401 ـ مبارك بن وهاس بن على بن يوسف المكى

وتسعين وسبعمائة، مع الشريف حسن بن عجلان صاحب مكة، فقبض عليهما، ثم أطلق الشريف حسن، وولى إمرة مكة، عوض أخيه علىّ فى بقية السنة، واستمر مبارك مقبوضا عليه بالقاهرة، ثم نقل منها إلى الإسكندرية، مع عنان، وعلى بن مبارك بن رميثة، وابنه، وجماز بن هبة، صاحب المدينة، واعتقلوا جميعا بالإسكندرية مدة، ثم أطلقوا فرادى، وكان مبارك آخرهم إطلاقا، ثم توفى بعد ذلك بقليل، فى أواخر سنة تسع وثمانمائة، بظاهر القاهرة. 2401 ـ مبارك بن وهّاس بن على بن يوسف المكى: كان من أعيان القواد المعروفين باليواسفة، ونال مكانة عند الشريف عنان بن مغامس، فى ولايته الثانية على مكة، ثم إنه بأخرة أظهر التزهد فى خدمة السلطنة والاستغناء عنهم، ودام على ذلك، حتى توفى فى سنة عشر وثمانمائة. 2402 ـ المثنى بن الصباح اليمانى الأبناوى، أبو عبد الله، ويقال أبو يحيى المكى: من أبناء فارس، نزيل مكة، روى عن إبراهيم بن ميسرة، وطاوس بن كيسان، وعبد الله بن أبى مليكة، وعطاء بن أبى رباح، وعمرو بن دينار، وعمرو بن شعيب، والقاسم بن أبى بزة، ومجاهد، ومسافع الحجبى، وغيرهم. روى عنه: أيوب بن سويد الرّملى، وخالد بن سويد المصرى، وسعيد بن سالم القداح، وسليم بن مسلم المكى، وعبد الله بن رجاء المكى، وعبد الله بن المبارك، ويعقوب بن يوسف المكى، وجماعة، منهم سفيان الثّورى. روى له: أبو داود، والترمذى، وابن ماجة. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت

_ 2402 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 1/ 340، 6/ 37، 71، تاريخ الدورى 2/ 549، تاريخ الدارمى 788، تاريخ خليفة 425، طبقات خليفة 283، علل أحمد بن حنبل 1/ 254، 314، 2/ 359، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 1845، التاريخ الصغير 2/ 97، الضعفاء الصغير للبخارى 367، أحوال الرجال 253، المعرفة ليعقوب 2/ 165، الضعفاء للنسائى 576، الجرح والتعديل 8/ 1494، المجروحين لابن حبان 3/ 20، الضعفاء للدارقطنى 533، الكاشف 3/ 5374، ديوان الضعفاء 3538، المغنى 2/ 5175، العبر 1/ 212، تاريخ الإسلام 6/ 129، ميزان الاعتدال 3/ 7061، تهذيب التهذيب 10/ 35 ـ 37، تقريب التهذيب 2/ 228، خلاصة الخزرجى 3/ 6846، شذرات الذهب 1/ 225، تهذيب الكمال 1/ 225).

2403 ـ مجاهد بن جبر، ويقال ابن جبير، والأول أصح، المكى، سكن الكوفة بأخرة، أبو الحجاج القرشى المخزومى، مولاهم

أبى يقول: لا يسوى حديثه شيئا، مضطرب الحديث. وقال عباس الدورى، عن يحيى ابن معين: مثنى بن الصباح، مكى، ويعلى بن مسلم، مكى، والحسن بن مسلم، مكى، وجميعا ثقة. قال عبد الرحمن بن أبى حاتم: سألت أبى وأبا زرعة عنه، فقالا: لين الحديث. وقال النسائى: ليس ثقة. وقال فى موضع آخر: متروك الحديث. وقال محمد ابن سعد، عن أحمد بن محمد الأزرقى: قال لى داود العطار: لم أدرك فى هذا المسجد أحدا، أعبد من المثنى بن الصباح، والزّنجى بن خالد، وله أحاديث، وهو ضعيف. وذكره الفاكهى فى عباد مكة، وقال: حدثنا أبو يحيى بن ميسرة قال: سمعت أصحابنا المكيين يقولون: كان المثنى بن الصباح، ومسلم بن خالد، وهو حدث، يبتدران المقام بعد صلاة العتمة، فأيهما سبق إليه، كان الآخر خلفه، فلا يزالان يصليان إلى قريب من الصبح. انتهى. قال البخارى، عن يحيى بن بكير: مات سنة تسع وأربعين ومائة. وذكر اليافعى فى تاريخه: أنه توفى بمكة فى سنة تسع وأربعين، وقال كان من أعبد الناس. 2403 ـ مجاهد بن جبر، ويقال ابن جبير، والأول أصح، المكى، سكن الكوفة بأخرة، أبو الحجاج القرشى المخزومى، مولاهم: روى عن جماعة من الصحابة، منهم: سراقة بن مالك بن جعشم، وسعد بن أبى وقاص، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وأبو هريرة، وأم هانئ بنت أبى طالب، وأم سلمة، وعائشة الصدّيقة ـ وروايته عنها مرسلة، على ما قال أبو حاتم، ولكن حديثه عنها فى الصحيحين ـ وعن خلق من التابعين.

_ 2403 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 1/ 73، 344، 3/ 15، 6/ 19، طبقات خليفة 2535، تاريخ البخارى 7/ 411، المعارف 444، المعرفة والتاريخ 1/ 711، الجرح والتعديل 4/ 319، الحلية 3/ 279، طبقات الفقهاء 69، تاريخ ابن عساكر 16/ 125، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 83، تهذيب الكمال 5783، تاريخ الإسلام 4/ 190، تذكرة الحفاظ 1/ 86، العبر 1/ 125، تذهيب التهذيب 4/ 22، البداية والنهاية 9/ 224، غاية النهاية 2659، تهذيب التهذيب 10/ 42، طبقات الحفاظ 35، خلاصة تذهيب التهذيب 369، شذرات الذهب 1/ 125، سير أعلام النبلاء 4/ 449 تاريخ الدورى 2/ 549، الثقات لابن حبان 5/ 419، أنساب قريش 133، 346، 356).

روى عنه أيوب السختيانى، وسليم أبو عبد الله المكى، والأعمش، وعبد الله بن كثير القارئ، وعبد الله بن أبى نجيح المكى، وعبد الملك بن جريج، وعطاء بن أبى رباح، وعكرمة مولى ابن عباس وخلق. روى له الجماعة. وقرأ عليه ابن كثير، وابن محيصن، وأبو عمرو بن العلاء، قال أبو محمد بن عبد الله الأنصارى، عن أبى الليث الفضل بن ميمون: سمعت مجاهدا يقول: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة، وجاء عنه، أنه كان يسأله عن كل آية، فيم نزلت، وكيف كانت؟ قال الذهبى: وهذا ثابت عنه. وقال عبد السلام بن حرب عن خصيف: كان أعلمهم بالتفسير مجاهد، وبالحج عطاء. قال ابن حبان: كان فقيها عابدا متقنا، وكان يقص. وذكره ابن عبد البر فى فقهاء مكة، من أصحاب ابن عباس. ويروى عن مجاهد، أنه قال: ربما أخذ لى ابن عمر بالركاب. انتهى. وهذه منقبة. قال سفيان الثورى، عن سلمة ابن كهيل: ما رأيت أحدا أراد بهذا العلم وجه الله، إلا عطاء وطاوسا ومجاهدا. وروى عن مجاهد، قال: قال لى ابن عمر: وددت أن نافعا يحفظ حفظك، وأن علىّ درهما زائفا. قلت: هلا كان جيدا؟ قال: هكذا كان فى نفسى. وقال أبو عبيد الآجرّى: قلت لأبى داود: مراسيل عطاء أحب إليك، أو مراسيل مجاهد؟ قال: مراسيل مجاهد، عطاء كان يحمل عن كل ضرب. انتهى. واتفقوا على توثيقه وإمامته، واختلف فى وفاته، فقيل سنة مائة. قال الهيثم بن عدى: قيل سنة إحدى ومائة، وهو ابن ثلاث وثمانين، قاله يحيى بن بكير، وقيل سنة اثنتين ومائة، قاله أبو نعيم. وقيل سنة ثلاث ومائة. قاله عثمان بن الأسود، والقاسم بن سلام، وغيرهم. وقيل سنة أربع ومائة، ومولده فى خلافة عمر رضى الله عنه سنة عشرين، وكان قاضيا، وتوفى وهو ساجد بمكة، على ما ذكر ابن حبان. وذكره محمد بن سعد، فى الطبقة الثانية من أهل مكة، اختلف فى ولائه، فقيل هو مولى عبد الله بن السائب بن أبى السائب المخزومى، قاله أحمد بن حنبل، والبخارى، وإليه ذهب عبد الغنى بن سعيد الحافظ، وقيل مولى قيس بن السائب بن عويمر بن عايد المخزومى، قاله مصعب بن عبد الله الزبيرى، وابن مهدى، وابن المدينى، وابن سعد، وقيل مولى السائب بن أبى السائب، حكاه المزى فى التهذيب.

2404 ـ محرز بن حارثة بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصى بن كلاب القرشى العبشمى، أمير مكة

2404 ـ محرز بن حارثة بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصى بن كلاب القرشى العبشمى، أمير مكة: قال الزبير بن بكار: استخلفه عتاب بن أسيد على مكة، فى سفر سافره وبنوه بالكوفة. وقال ابن عبد البر: استخلفه عتّاب بن أسيد على مكة، فى سفرة سافرها، ثم ولاه عمر بن الخطاب مكة فى أول ولايته، ثم عزله، وولّى قنفذ بن عمير التميمى، وقتل محرز يوم الجمل. يعدّ فى المكيين، وبنوه بمكة. وذكر ابن قدامة معنى ذلك، إلا أنه قال: ابن ربيعة بن عبد شمس. 2405 ـ محرز بن سلمة بن يزداد المكى، المعروف بالعدنى: يقال حج ثلاثا وثمانين حجة، روى عن: عبد العزيز بن أبى حازم، وعبد العزيز بن محمد الدّراوردىّ، ومالك بن أنس، والمغيرة بن عبد الرحمن المخزومى، والمنكدر بن محمد ابن المنكدر، ونافع بن عمر الجمحى. روى عنه: ابن ماجة، وأبو يعلى الموصلى، وأبو بكر بن أبى عاصم، وأبو بكر حاتم ابن إسماعيل، وعبد الله بن محمد بن الوليد الأزرقى، ومطيّن، ومحمد بن على بن زيد الصائغ، ويحيى بن إسحاق الأنصارى القاضى. ذكره ابن حبان فى الثقات، وقال: محرز ابن سلمة البغدادى، أصله من مكة. انتهى. وتوفى سنة أربع وثلاثين ومائتين. قاله ابن أبى عاصم. ولم يذكره الخطيب فى تاريخ بغداد. كتبت هذه الترجمة من التهذيب بلفظه فى الغالب، وهو بحاء مهملة وبعدها راء مهملة، ثم زاى معجمة. 2406 ـ محرز بن نضلة بن عبد الله بن مرة بن كثير بن غنم بن دودان ابن أسد الأسدى، من بنى أسد بن خزيمة، يكنى أبا نضلة: حليف لبنى عبد شمس، وكانت بنو عبد الأشهل يذكرون أنه حليفهم. شهد بدرا وأحدا والخندق، وخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى غزوة الغابة يوم السرح، حين أغير على

_ 2404 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2551، الإصابة ترجمة 7760، أسد الغابة ترجمة 4687). 2405 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل ترجمة 1587، المعجم المشتمل 1025، الكاشف 3/ 5403، تهذيب التهذيب 10/ 56، تقريب التهذيب 10/ 56، خلاصة الخزرجى ترجمة 6871، تهذيب الكمال 5802) 2406 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2342، الإصابة ترجمة 7762، أسد الغابة ترجمة 4692).

2407 ـ محرش بن سويد بن عبد الله بن مرة الكعبى الخزاعى

لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صاحب ذلك اليوم، وهى غزوة ذى قرد، سنة ست، فقتله مسعدة بن حكمة، وكان يوم قتل، ابن سبع وثلاثين، أو ثمان وثلاثين سنة، يقال له الأحوم، ويلقّب فهيرة. وقال فيه موسى بن عقبة: محرز بن وهب، ولم يقل محرز بن نضلة، وذكره فيمن شهد بدرا، من حلفاء بنى عبد شمس. 2407 ـ محرّش بن سويد بن عبد الله بن مرة الكعبى الخزاعى: معدود فى أهل مكة، روى عنه حديث واحد، وهو أن النبى صلى الله عليه وسلم اعتمر من الجعرّانة، ثم أصبح كبائت، قال: فرأيت ظهره كأنه سبيكة فضة. روى عنه عبد العزيز بن عبد الله بن أسيد. روى له أبو داود، والترمذى، والنسائى. واختلف فى ضبط «محرش» فقيل بميم مضمومة وحاء مهملة مفتوحة وراء مهملة مكسورة مشددة وشين معجمة، هكذا قيده ابن ماكولا، وقيل بخاء معجمة. قال على ابن المدينى: زعموا أن ذلك هو الصواب فيه. 2408 ـ محفوظ بن سليمان [ .......... ] (1). 2409 ـ محمود بن جمال الدين أبى طاهر الهروى الناسخ: جاور بمكة مدة، وسمع بها الكثير، على الشيخ جمال الدين الأميوطى، والعفيف عبد الله بن محمد النشاورى، وغيرهما من شيوخنا، بالسماع والإجازة، وكتب بخطه الكثير، ووقف كتبا فى الحديث والفقه، وجعل مقرّها برباط الخوزى بمكة، واشتهر بالخير، وقد سألت عنه شيخنا ابن ظهيرة فقال: كان رجلا صالحا. انتهى. توفى فى أوائل سنة ست وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وكان يسكن فى رباط غزى بأجياد، من مكة.

_ 2407 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 6/ 14، طبقات خليفة 108، 278، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 2129، المعرفة ليعقوب 3/ 279، الثقات لابن حبان 3/ 399، الاستيعاب ترجمة 2559، أسد الغابة ترجمة 4794، الكاشف 3/ 5407، التجريد 2/ 588، تهذيب التهذيب 10/ 58، الإصابة ترجمة 7853، تقريب التهذيب 2/ 232، خلاصة الخزرجى 3/ 372، تهذيب الكمال 5807). 2408 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2410 ـ محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمى الحنفى، أبو القاسم، المعروف بالزمخشرى

2410 ـ محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمى الحنفى، أبو القاسم، المعروف بالزمخشرى: الملقب جار الله، لطول إقامته بمكة، صاحب الكشاف، وغير ذلك من التصانيف الثابتة فى أصول العلم، الدالة على وفور فضله. ولد سحر يوم الأربعاء، سابع عشرى رجب سنة سبع وستين وأربعمائة بزمخشر، قرية من قرى خوارزم، ودخل بغداد قبل سنة خمسمائة، وسمع بها من أبى الخطاب نصر بن البطر وغيره، وتوجه إلى الحجاز، فأقام هناك مدة مجاورا بمكة، يفيد ويستفيد، فقرأ على ابن طلحة اليابرى الأندلسى، وكان رحل بسببه من خوارزم، ثم عاد إلى خوارزم، فأقام بها مدة، ثم قدم إلى بغداد، بعد الثلاثين وخمسمائة، ولقى بها الشريف العالم أبا السعادات هبة الله بن على بن محمد بن حمزة العلوى الحسنى المعروف بابن الشجرى، أنشد الشريف الشجرى الإمام الزمخشرى، لما قدم عليهم بغداد [من الطويل]: وأستكثر الأخبار قبل لقائه ... فلما التقينا صدّق الخبر الخبر والعلامة اللغوى أبا منصور الجواليقى وغيرهما، واعترفوا بفضله، وأثنوا على علمه. رأيت بخط الوالد عمر بن فهد رحمه الله، ما صورته: روى عنه أبو المحاسن إسماعيل بن عبد الله الطويل، وأبو سعد أحمد بن محمود الشاشىّ وغيرهما. انتهى. وقد روى عن الزمخشرى كتابه الكشاف، القاضى أبو المعالى يحيى بن عبد الرحمن بن

_ 2410 ـ انظر ترجمته فى: (الأنساب 6/ 297، 298، نزهة الألباب 391 ـ 393، المنتظم 10/ 112، معجم البلدان 3/ 147، معجم الأدباء 19/ 126 ـ 135، اللباب 2/ 74، الكامل 11/ 97، إنباه الرواة 3/ 265 ـ 272، وفيات الأعيان 5/ 168 ـ 174، المختصر فى أخبار البشر 3/ 16، البدر السافر 193، تاريخ الإسلام وفيات سنة 538، ميزان الاعتدال 4/ 78، العبر 4/ 906، دول الإسلام 2/ 56، تذكرة الحفاظ 4/ 1283، تلخيص ابن مكتوم 243، 244، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 228، 229، تتمة المختصر 2/ 70، 71، مرآة الجنان 3/ 269 ـ 271، البداية والنهاية 12/ 219، الجواهر المضية 2/ 160، 161، طبقات المعتزلة 20، طبقات ابن قاضى شهبة 2/ 241 ـ 244، لسان الميزان 6/ 4، النجوم الزاهرة 5/ 274، تاج التراجم 71، بغية الوعاة 2/ 279 ـ 280، طبقات المفسرين للسيوطى 41، طبقات المفسرين للداودى 2/ 314 ـ 316، طبقات الفقهاء 1674، 1774، 1787، شذرات الذهب 4/ 118، 121، الفوائد البهية 209، 210، روضات الجنان 681 ـ 684، إيضاح المكنون 1/ 67، 2/ 86، هدية العارفين 2/ 402، 403، معجم المطبوعات 973، الفهرس التمهيدى 259، 303، كنوز الأجداد 291 ـ 294، تاريخ بروكلمان 5/ 215، 238، سير أعلام النبلاء 20/ 151).

على الشيبانى، قاضى مكة المشرفة، لأنى رأيت فى فهرست الفقيه أبى إسحاق إبراهيم ابن محمد بن عيسى بن مطير اليمنى، أن القاضى أبا المعالى ماجد بن سليمان الفهرى، ابن أخت القاضى أبى المعالى الشيبانى، روى الكشاف عن خاله أبى المعالى المذكور، بروايته عن مؤلفه بالحرم الشريف، وخاتمه الرواة عنه، أم المؤيد زينب بنت عبد الرحمن الشّعريّة، لها منه إجازة، تفردت بها عنه، ومن طريقها وقع لنا حديثه. وأجاز لأبى طاهر بركات بن إبراهيم الخشوعى، والحافظ: أبى الطاهر أحمد بن محمد السلفى، بسؤاله له فى ذلك، بعد أن تأبى عليه الزمخشرى، وذكره فى كتاب «الوجيز فى ذكر المجاز والمجيز» وقال بعد أن ترجمه بالعلامة: أحد أفراد الدهر فى علوم متنوعة وفنون مختلفة، وبالخصوص فى النحو واللغة، وله شعر رائق، وترسّل فائق، وتواليف مفيدة، وقد جاور بمكة مدة مديدة. انتهى. وذكره ابن خلكان فى تاريخه، فقال: الإمام الكبير فى التفسير والحديث والنحو واللغة وعلم البيان، كان إمام عصره غير مدافع، تشدّ إليه الرحال فى فنونه، أخذ الأدب عن أبى منصور نصر، وصنف التصانيف البديعة، منها: الكشاف فى تفسير القرآن العظيم، لم يصنف قبله مثله، والفائق فى تفسير الحديث، وأساس البلاغة فى اللغة، وربيع الأبرار، ونصوص الأخبار، ومتشابه أسامى الرواة، والنصائح الكبار، والنصائح الصغار، وضالة الناشد، والرائض فى علم الفرائض، والمفصل فى النحو ـ وقد اعتنى بشرحه خلق كثير ـ والأنموذج فى النحو، والمفرد والمؤلف فى النحو، ورءوس المسائل فى الفقه وشرح أبيات سيبويه. والمستقصى فى أمثال العرب. وصميم العربية. وسوائر الأمثال، وديوان التمثيل، وشقائق النعمان فى حقائق النعمان، وشافى العىّ من كلام الشافعى، والقسطاس فى العروض، ومعجم الحدود، والمنهاج فى الأصول، ومقدمة الأدب، وديوان الرسائل، وديوان الشعر، والرسالة الناصحة، والأمالى فى كل فن، وغير ذلك. وكان شروعه فى تأليف «المفصّل» فى غرّة شهر رمضان سنة ثلاث عشرة وخمسمائة، وفرغ منه فى غرة المحرم سنة خمس عشرة وخمسمائة، وكان قد سافر إلى مكة حرسها الله تعالى، وجاور زمانا، فصار يقال له جار الله لذلك، وكان هذا الاسم علما عليه، وسمعت من بعض المشايخ، يقول: إن إحدى رجليه كانت ساقطة، وأنه كان يمشى فى جارن خشب، وكان سبب سقوطها، أنه كان فى بعض أسفاره ببلاد خوارزم، أصابه ثلج كثير وبرد شديد فى الطريق، فسقطت منه رجله، وأنه كان بيده محضر فيه شهادة خلق كثير، ممن اطلعوا على حقيقة ذلك، خوفا من أن يظنّ ظان ممن

لم يعلم صورة الحال أنها قطعت لريبة، والثلج والبرد كثيرا ما يؤثر فى الأطراف فى تلك البلاد فتسقط، خصوصا خوارزم، فإنها فى غاية البرد. ولقد شاهدت خلقا كثيرا ممن سقطت أطرافهم بهذا السبب، فلا يستبعده من لم يعهده. ورأيت فى تاريخ بعض المتأخرين، أن الزمخشرى لما دخل بغداد، واجتمع بالفقيه الحنفى الدامغانى، وسأله عن سبب قطع رجله، فقال: دعاء الوالدة، وذلك أننى كنت فى صباى، أمسكت عصفورا وربطته بخيط فى رجله، فانفلت من يدى، فأدركته وقد دخل فى خرق فجذبته، فانقطعت رجله فى الخيط، فتألّمت والدتى لذلك، وقالت: قطع الله رجل الأبعد، كما قطعت رجله، فلما وصلت إلى سنّ الطلب، رحلت إلى بخارى لطلب العلم، فسقطت عن الدابة، فانكسرت رجلى، وعملت علىّ عملا أوجب قطعها. والله تعالى أعلم بالصحة. وكان الزمخشرى المذكور، معتزلى الاعتقاد متظاهرا به، حتى نقل عنه، أنه كان إذا قصد صاحبا له واستأذن عليه فى الدخول، يقول لمن يأخذ له الإذن: قل له أبو القاسم المعتزلى بالباب. وأول ما صنّف كتاب «الكشاف» كتب استفتاح الخطبة: «الحمد لله الذى خلق القرآن» فيقال إنه قيل له: متى تركته على هذه الهيئة هجره الناس، ولا يرغب أحد فيه، فغيّرها بقوله: «الحمد لله الذى جعل القرآن» و «جعل» عندهم بمعنى «خلق» والبحث فى ذلك يطول، ورأيت فى كثير من النسخ: الحمد لله الذى أنزل القرآن. وهذا إصلاح الناس لا إصلاح المؤلف. وكان أبو الطاهر أحمد بن محمد السلفى المقدم ذكره، قد كتب إليه من الإسكندرية، وهو يومئذ يجاور بمكة، يستجيزه فى مسموعاته ومصنفاته، فرد عليه جوابه بما لا يشفى الغليل، فلما كان فى العام الثانى، كتب إليه أيضا مع بعض الحجاج استجازة أخرى، اقترح فيها مقصوده، ثم قال فى آخرها: «ولا يحوج أدام الله توفيقه إلى المراجعة، فالمسافة بعيدة، وقد كاتبته فى السنة الماضية فلم يجب بما يشفى الغليل، وله فى ذلك الأجر الجزيل». فكتب الزمخشرى سامحه الله جوابه، ولولا خوف التطويل، لكتبت الاستدعاء والجواب، لكن نقتصر على بعض الجواب فنذكر شيئا من ذلك، وقد رأيت أنى أثبت السؤال والجواب بنصه، لما فى ذلك من الفوائد، على ما وجدته منقولا فى نسخة منقولة، من نسخة نسخت من الأصل، ونص ذلك:

بسم الله الرحمن الرحيم. ربّ أعن يا كريم، إن رأى الشيخ الأجل العالم العلامة، أدام الله توفيقه، أن يجيز جميع مسموعاته وإجازاته ورواياته، وما ألفه فى فنون العلم، وأنشأه من المقامات والرسائل والشعر، لأحمد بن محمد بن أحمد السلفى الأصبهانى، ويذكر مولده ونسبه، إلى أعلى أب يعرفه، ويثبت كل ذلك بخطه تحت هذا الاستدعاء، مضافا إليه ذكر ما صنفه، وذكر شيوخه الذين أخذ عنهم، وما سمع عليهم من أمهات المهمات، حديثا كان أو لغة أو نحوا أو بيانا فعل مثابا، وإن تم إنعامه بإثبات أبيات قصار، ومقطوعات، مستفادة فى الحكم والأمثال والزهد، وغير ذلك من نظمه، ومما أنشده شيوخه من قبلهم، أو من قبل شيوخهم، بعد تسميته كلّا منهم، وإضافة شعره إليه. والشرط فى كل هذا، أن يكون بالإسناد المتصل إلى قائله، كان له الفضل. وكذلك إن أصحبه شيئا من رواياته، وأنعم بكتب أحاديث عالية، والله تعالى يوفقه ويحسن جزاءه، ويطيل لنشر العلم والإفادة بقاءه. ويعلم وفقه الله تعالى، أنه قد وقع إلينا كتاب من يعقوب بن شيرين الجندى إليه، وفيه قصيدة يرثى بها البرهان البخارى، والحاجة داعية إلى معرفة اسمه ونسبه وضبطه، هل هو ابن شيرين بالشين المعجمة، أو بالسين المهملة، وكذلك الجندى، بفتح الجيم والنون، أو ضم الجيم وإسكان النون بعدها، والحمد لله حق حمده، وصلواته على سيدنا محمد نبيه وعبده، وعلى آله وأصحابه أجمعين من بعده، وحسبنا الله ونعم الوكيل. فأجابه: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم غفرا، أسأل الله أن يطيل بقاء الشيخ العالم، ويديمه لعلم يغوص على جواهره، ويفتق الأفئدة عن ذخائره، ويوفقه للعمل الصالح، الذى هو من أعراض العقل، ومطمح أبصار المرابطين إلى غايات الفضل، ولقد عثرت من مقاطر قلمه، على جملة تتأدّى على غزارة بحره وتصبى القلوب إلى الدين بسموط دره، وأما ما طلب عندى، وخطب إلىّ من العلوم والدرايات، والسماعات والروايات، فثياب خلقت علىّ من بينهن الثياب، ثم دفنتهنّ وحثوت عليهنّ التراب، وذلك حين آثرت الطريقة الأويسية على سائر الطرائق، وأخذت نفسى برفض الحجب والعوائق، ونقلت كتبى كلها، إلى مشهد أبى حنيفة، فوقفتها وأصفرت منها يدى إلا دفترا، قد تركته تميمة فى عضدى، وهو كتاب الله الحبل المتين، والصراط المبين، لأهب ما قعدت بصدده كلّى، وألقى عليه وحده ظلى، لا يشغلنى عنه بعض ما يجعل الرأى مشتركا، ويرد القلب مقتسما. ولذت بحرم الله المعظم، وبيته المحرم، وطلقت ما ورائى بتّا، وكفتّ ذيلى عنه كفتا، ما بى إلا همّ خويصتى، وما يلهينى إلا النظر فى قصتى، أنتظر داعى الله صباحا ومساء، وكأنى بى وقد امتطيت الآلة الحدباء قد وهنت العظام

ووهت القوى، وقلت الصحة وكثر الجوى، وما أنا إلا ذماء يتردد فى جسد، هو هامة اليوم أو غد، فما لمثلى، وما ليس من الآخرة لى شئ، ولقد أجزت له أن يروى عنى تصانيفى، وقد أثبت أشياء منها فى وريقة لبعض الإسكندرانيين، وأنا محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمى ثم الزمخشرى، منسوب إلى قرية منها، هى مسقط رأسى، ولبعض أفاضل المشرق فيها [من الطويل]: فلو وازن الدنيا تراب زمخشر ... لأنك منها زاده الله رجحانا وللشريف الأجل الإمام علىّ بن عيسى بن حمزة بن وهّاس الحسنى [من الطويل]: جميع قرى الدنيا سوى القرية التى ... تبوأها دارا فدا لزمخشرا وأحر بأن تزهى زمخشر بامرئ ... إذا عدّ فى أسد الشرى زمخ الشرا فلولاه ما طن البلاد بذكرها ... ولا طار فيها منجدا ومغورا فليس ثناها فى العراق وأهله ... بأعرف منه فى الحجاز وأشهرا ومن المقطوعات التى اقترحتها من قبلى [من الكامل]: ومروعة بمشيب رأسى أقبلت ... تبكى، فقلت لها ودمعى جارى هذا المشيب لهيب نار أوقدت ... فى القلب يوقدها حرار النار [مقطوعة أخرى] [من الطويل]: إلهى إليك المشتكى نفس مسيئة ... إلى الشر تدعونى عن الخير تنهانى وما يشتكى الشيطان إلا مغفل ... ألا إن نفس المشتهى ألف شيطان [مقطوعة أخرى] [من الطويب]: شكوت إلى الأيام سوء صنيعة ... ومن عجب باك يشتكى إلى المبكى فما زاد فى الأيام إلا شكاية ... وما زالت الأيام تشكى ولا تشكى [مقطوعة أخرى] [من الطويل]: مسرة أحقاب تلقيت بعدها ... مساءة يوم أريها سنة الصاب فكيف بأن تلقى مسرة ساعة ... وراء تقضّيها مساءة أحقاب [مقطوعة أخرى]: الخوض فى دول الدنيا يلج بكم ... كأنها لجج خواضها لجج كم خلصت لجج البحر الرجال وما ... أقل من خلّصته هذه اللجج [مقطوعة أخرى] [من الطويل]:

مبالاة مثلى بالرزايا غضاضة ... أباها وثيق العقدتين مضيف إذا أقبلت يوما علىّ صروفها ... لأنيابها فى مسمعىّ صريف عبأت لها حتى أشق نحورها ... أسنّة عزم حدّهنّ رهيف يمسّحن أركانى وهنّ قوافل ... صفا صادرات النيل عنه نصيف والقاضى العزيز أديب الملوك، أبو إسماعيل يعقوب بن شيرين ـ بالشين المعجمة ـ وهو الحلو فى لسان العجم. والجندى ـ بفتح الجيم وسكون النون ـ وهو تعريف، وهى للبلد فى لسان الترك، والرجل تركى، وبلاده من بلاد الترك، المجاورة لبلاد ما وراء النهر، وهو على كل الإطلاق، أفضل الفتيان فى عصره، وأعقلهم وأذكاهم وأوعاهم وكان كاتب سلطان خوارزم، فاستعفى، وهو يكتب باللسانين: العربية والفارسية، ونحن وهو من رنب؟ ؟ ؟ (1) وخرجت وبلغت تلك الذروة، وهو أوثق سهم من كنانتى، والحمد لله أولا وآخرا، والصلاة على محمد نبيه وآله الطيبين. انتهى نقل السؤال والجواب بنصه. ثم قال ابن خلكان، ومن شعره السابق قوله، وقد ذكره ابن السمعانى فى الذيل، قال: أنشدنى أحمد بن محمود الخوارزمى إملاء بسمرقند، قال أنشدنا محمود بن عمر الزمخشرى لنفسه بخوارزم، وذكر الأبيات (2) [من الطويل]: ألا قل لسعدى أما لنا (3) فيك من وطر ... وما تطلبين النّجل من أعين البقر فإنا اقتصرنا بالذين تضايقت ... عيونهم والله يجزى من اقتصر مليح ولكن عنده كل جفوة ... ولم أر فى الدنيا صفاء بلا كدر ولم أر (4) إذ غازلته قرب روضة ... إلى جنب حوض فيه للماء منحدر فقلت له جئنى بورد وإنما ... أردت به ورد الخدود وما شعر فقال انتظرنى رجع طرف أجئ به ... فقلت له هيهات مالى منتظر فقال ولا ورد سوى الخد حاضر ... فقلت له إنى قنعت بما حضر ومن شعره يرثى شيخه أبا نصر منصور المذكور أولا (5) [من الطويل]: وقائلة ما هذه الدرر التى ... تساقط من عينيك سمطين سمين

_ (1) هكذا فى الأصول بدون نقط! (2) انظر وفيات الأعيان 5/ 172. (3) فى وفيات الأعيان: ما لنا. انظر وفيات الأعيان 5/ 172. (4) فى وفيات الأعيان: ولم أنس. انظر وفيات الأعيان 5/ 172. (5) انظر وفيات الأعيان 5/ 172.

فقلت هو الدر الذى كان قد حشا ... أبو مضر أذنى تساقطن من عينى ثم قال ابن خلكان: ومما أنشده لغيره فى كتابه «الكشاف» عند تفسير قوله تعالى فى سورة البقرة (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها) [البقرة: 26] فإنه قال: أنشدت لبعضهم (6): يا من يرى مدّ البعوض جناحها ... فى ظلمة الليل البهيم الأليل ويرى عروق نياطها فى نحرها ... والمخّ فى تلك العظام النّحّل إغفر لعبد تاب عن فرطاته ... ما كان منه فى الزمان الأول قال: وكان بعض الفضلاء قد أنشدنى هذه الأبيات بمدينة حلب، وقال: إن الزمخشرى المذكور، أوصى أن تكتب على لوح قبره. ثم قال ابن خلكان: وكانت ولادة الزمخشرى، يوم الأربعاء سابع عشرى رجب، سنة سبع وستين وأربعمائة بزمخشر، توفى ليلة عرفة سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة بجرجانية خوارزم، بعد رجوعه من مكة، رحمه الله تعالى. ورثاه بعضهم بأبيات، من جملتها (7) [من البسيط]: فأرض مكة تذرى الدمع مقلتها ... حزنا لفرقة جار الله محمود وزمخشر: بفتح الزاى والميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الشين المعجمة وبعدها راء، وهى قرية كبيرة من قرى خوارزم. وجرجانية: بضم الجيم لأولى وفتح الثانية وسكون الراء بينهما وبعد الألف نون مكسورة وبعدها ياء مثناة من تحتها مفتوحة مشددة ثم هاء ساكنة، هى قصبة خوارزم. قال ياقوت الحموى فى كتاب «البلدان»: يقال لها بلغتهم كركانج، وقد عرّبت فقيل لها: الجرجانية، وهى على شاطئ جيحون: انتهى. ومن شعر الزمخشرى على ما يقال [من الطويل]: هو النفس الصّعّاد من كبد حرّى ... إلى أن أرى أم القرى مرة أخرى وما عذر مطروح بمكّة رحله ... على غير بؤس لا يجوع ولا يعرى يسافر عنها يبتغى بدلا بها ... وربك لا عذرى وربك لا عذرى وقد روينا حديثا من روايته، على أحسن الوجوه التى يروى بها حديثه. أخبرنى به العدل شهاب الدين يوسف بن محمد المحلّى سماعا، بدار سعيد السعداء من القاهرة، فى

_ (6) انظر وفيات الأعيان 5/ 173. (7) انظر وفيات الأعيان 5/ 173.

2411 ـ محمود بن مسكن بن معين القرشى الفهرى

رمضان سنة ثلاث وثمانمائة، والحافظان عبد الرحيم بن الحسين، وعلى بن أبى بكر الشافعيان إجازة، قالوا: أخبرنا مظفر الدين محمد بن محمد بن يحيى بن عبد الكريم العسقلانى سماعا، أن أم محمد ست الأهل، بنت الحافظ أبى الفتح نصر بن أبى الحصرى، أخبرته سماعا عن أم المؤيد زينب بنت أبى القاسم عبد الرحمن بن الحسن الشعرى إجازة، قالت: أنبأنا أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشرى الأديب، فيما كتب به خطه، وأذن فى الرواية عنه، قال: أنا أبو بكر محمد بن عمر بن عبد العزيز النسفى بمكة، قال: أنا أبو بكر محمد بن أحمد البلدى، أنا أبو المعالى المعتمد بن أحمد المكحول، أنا هارون بن أحمد الإسترابادى، أنا أبو محمد إسحاق بن أحمد الخزاعى قال: حدثنا أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقى، قال: حدثنا جدى، قال: قال لى داود بن عبد الرحمن العطار، وسألته عن حديث، فقال: اكتب هذا الحديث، فإن أهل العراق يستطرفونه ويسألون عنه كثيرا: حدثنا عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، اعتمر أربع عمر، عمرة الحديبية، وعمرة القضا، من قابل، والثالثة من الجعرانة، والرابعة التى مع حجته. وأخبرنى بهذا الحديث أعلى من هذه الطريق بدرجتين، عبد الله بن عمر الصوفى، بقراءتى عليه، عن يحيى بن يوسف إذنا، إن لم يكن سماعا، أن على بن هبة الله، وعبد الوهاب بن ظافر، أنبآه عن أبى طاهر أحمد بن محمد الحافظ، أنا ابن الطيورى، أنا أبو طالب العشارى، أنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أبى موسى الهاشمى، أنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمى، أنا أبو الوليد الأزرقى، فذكره. 2411 ـ محمود بن مسكّن بن معين القرشى الفهرى: توفى فى مستهل المحرم سنة ست وثلاثين وستمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، ومن حجر قبره نقلت وفاته. 2412 ـ محمود بن يوسف بن على الكرّانى الهندى، يلقب نصير الدين الحنفى: نزيل مكة، سمع من الرضى الطبرى: بعض صحيح ابن حبان، وأجاز له، وسمع من الزين الطبرى، ومحمد بن الصفى، وبلال عتيق ابن العجمى، والجمال المطرى، وعيسى ابن عبد الله الحجّى: جامع الترمذى، وغير ذلك على غيرهم، منهم: الشيخ خليل المالكى. وحدث، سمع منه شيخنا ابن سكّر، بقراءته أحاديث من الجزء الرابع من المجلد الأول

2413 ـ محمية بن جزء بن عبد يغوث بن عويج بن عمرو بن زبيد الأصغر الزبيدى، حليف لبنى سهم بن عمرو بن هصيص

من «صحيح ابن حبان» وتناول منه هذا المجلد والمجلد الخامس والسادس، وأجاز له ذلك، وجميع ما يجوز له وعنه روايته، وذلك فى رابع شهر رجب سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة، بمكان درس الحديث من باب إبراهيم. كذا وجدت بخط شيخنا ابن سكر، وترجم المذكور: بالشيخ الصالح الفقيه العلامة المفيد، وسألت عنه شيخنا السيد تقى الدين الفاسى [ ...... ] (1) مات بعد توجهه من مكة إلى بلاد الهند [ .... ] (1) ولم يذكر تاريخ موته، وهو والد محمد بن محمود المقدم ذكره، وأبى بكر بن محمود الآتى ذكره. 2413 ـ محمية بن جزء بن عبد يغوث بن عويج بن عمرو بن زبيد الأصغر الزبيدى، حليف لبنى سهم بن عمرو بن هصيص: كان من مهاجرة الحبشة وتأخر إقباله منها، وأول مشاهده المريسيع، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأخماس، وأمره أن يصدق على قوم من بنى هاشم فى مهور نسائهم، منهم الفضل بن العباس. وحديث استعماله على الأخماس فى الصحيح. ومحمية على ما قال النووى: بضم الميم وإسكان الحاء المهملة وكسر الميم الثانية بعدها ياء مثناة من تحت. وجزء: بفتح الجيم وإسكان الزاى بعدها همزة. ومحمية هو عم عبد بن الحارث بن جزء الزبيدى. * * * من اسمه المختار 2414 ـ المختار بن عوف الأزدى الإباضى، أبو حمزة، المعروف بالخارجى: تغلّب على مكة فى سنة تسع وعشرين ومائة، بعد الحج منها، وحضر الموقف بعرفة، وما شعر الناس إلا به معهم فيها، وسأله أمير مكة، إذ ذاك، عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك فى المسالمة، حتى تنقضى أيام الحج، ففعل أبو حمزة، فلما كان النفر الأول، هرب فيه عبد الواحد إلى المدينة، فاستولى أبو حمزة على مكة، وتوجه منها إلى المدينة، فى سنة ثلاثين، فلقيه بقديد، جيش أنفذه عبد الواحد من المدينة، فغلبهم أبو حمزة، وسار أبو حمزة إلى المدينة فقتل فيها، ثم جاءه ابن عطية السعدى من الشام، من

_ 2412 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2413 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2553، الإصابة ترجمة 7840، أسد الغابة ترجمة 4783، الثقات 3/ 404، الجرح والتعديل 8/ 426، تجريد أسماء الصحابة 2/ 63).

ذكر أبى حمزة الخارجى وطالب الحق

قبل مروان بن محمد، فلقيهم وقتل أبو حمزة فى جماعة من أصحابه بمكة، فى سنة ثلاثين ومائة، وكان الذى قدم إلى مكة، عبد الله بن يحيى الكندى الأعور، الملقب طالب الحق، الثائر باليمن، فى عشرة آلاف، وقيل فى سبعمائة، وما ذكرناه من خبره، ملخّض مما ذكره أهل الأخبار، وقد ذكر خبره أبسط من هذا، غير واحد من أهل الأخبار، منهم ابن الأثير وغيره، فنذكر شيئا من ذلك لما فيه من الفائدة، قال ابن الأثير، فى أخبار سنة تسع وعشرين ومائة: ذكر أبى حمزة الخارجى وطالب الحق وفى هذه السنة: قدم أبو حمزة، وبلج بن عقبة الأزدى الخارجى من الحج، من قبل عبد الله بن يحيى الحضرمى طالب الحق محكما مظهرا للخلاف على مروان بن محمد، فبينما الناس بعرفة، ما شعروا إلا وقد طلعت عليهم أعلام وعمائم سود على رءوس الرماح، وهم سبعمائة، ففزع الناس حين رأوهم، وسألوهم عن حالهم، فأخبروهم بخلافة مروان وآل مروان، فراسلهم عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك، وهو يومئذ على مكة والمدينة، وطلب منهم الهدنة، فقالوا: نحن بحجّنا أضنّ، وعليه أشح، فصالحهم على أنهم جميعا آمنون بعضهم من بعض، حتى ينفر الناس النفر الأخير، فوقفوا بعرفة على حدة، ودفع بالناس عبد الواحد، فنزل بمنى فى منزل السلطان، ونزل أبو حمزة بقرن الثعالب، فأرسل عبد الواحد إلى أبى حمزة الخارجى، عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علىّ، ومحمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبى بكر، وعبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وربيعة بن أبى عبد الرحمن، فى رجال أمثالهم، فدخلوا على أبى حمزة وعليه إزار قطرىّ غليظ، فتقدمهم إليه عبد الله بن الحسن، ومحمد بن عبد الله، فنسبهما فانتسبا له، فعبس فى وجوههما، وأظهر الكراهة لهما، ثم سأل عبد الله بن القاسم، وعبيد الله بن عمر، فانتسبا له، فهش إليهما وتبسم فى وجوههما، وقال: والله ما خرجنا إلا لنسير بسيرة أبويكما، فقال له عبد الله بن الحسن: والله ما خرجنا لتفضل بين آبائنا، ولكن بعثنا إليك الأمير برسالة، وهذا ربيعة يخبركها. فلما ذكر له ربيعة نقض العهد، قال أبو حمزة: معاذ الله أن ننقض العهد، أو نخيس به، والله لا أفعل ولو قطعت رقبتى هذه، ولكن تنقضى الهدنة بيننا وبينكم. فرجعوا إلى عبد الواحد فأخبروه، فلما كان يوم النفر الأول، نفر عبد الواحد فيه، وخلى مكة، فدخلها أبو حمزة بغير قتال، فقال بعضهم فى عبد الواحد [من الكامل]:

ذكر وقعة أبى حمزة الخارجى بقديد

زار الحجيج عصابة قد خالفوا ... دين الإله ففرّ عبد الواحد ترك الحلائل والإمارة هاربا ... ومضى يخبّط كالبعير الشادر ثم مضى عبد الواحد حتى دخل المدينة، فضرب على أهلها البعث، وزادهم فى العطاء عشرة، واستعمل عليهم عبد العزيز بن عبد الله بن عمرو بن عثمان فخرجوا، فلما كانوا بالحرة، تلقتهم جزر منحورة، فمضوا. وقال فى أخبار سنة ثلاثين ومائة: ذكر وقعة أبى حمزة الخارجى بقديد وفى هذه السنة، لسبع بقين من صفر، كانت الوقعة التى كانت بقديد، بين أهل المدينة وأبى حمزة الخارجى، قد ذكرنا أن عبد الواحد بن سليمان، ضرب البعث على أهل المدينة، واستعمل عليهم عبد العزيز بن عبد الله فخرجوا، فلما كانوا بالحرة، لقيتهم جزر منحورة فتقدموا، فلما كانوا بالعقيق تعلق لواؤهم بسمرة، فانكسر الرمح، فتشاءم الناس بالخروج، وأتاهم رسل أبى حمزة يقولون: إننا والله ما لنا بقتالكم حاجة، دعونا نمض إلى عدونا، فأبى أهل المدينة ولم يجيبوه إلى ذلك، وساروا حتى نزلوا قديدا، وكانوا مترفين ليسوا بأصحاب حرب، فلم يشعروا إلا وقد خرج عليهم اصحاب أبى حمزة من الغياض فقتلوهم، وكانت المقتلة بقريش، وفيهم كانت الشوكة، فأصيب منهم عدد كثير، وقدم المنهزمون المدينة، فكانت المرأة تقيم النوائح على حميمها ومعها النساء، فما تبرح النساء حتى تأتيهن الأخبار عن رجالهن، فيخرجن امرأة امرأة، كل واحدة منهن تذهب لقتل زوجها، فلا تبقى عندها امرأة، لكثرة من قتل. وقيل إن خزاعة دلت أبا حمزة على أصحاب قديد. قيل: كانت عدة القتلى سبعمائة. وقال فى أخبار سنة ثلاثين: سار إلى المدينة ودخلها فى ثالث عشر صفر، ومضى عبد الواحد منها إلى الشام، وكان مروان قد انتخب من عسكره أربعة آلاف فارس، واستعمل عليهم عبد الملك بن محمد بن عطية السعدى ـ سعد هوازن ـ وأمره أن يجد السير، وأمره أن يقاتل الخوارج، فإن هو ظفر بهم، يسير حتى يبلغ اليمن، ويقاتل عبد الله بن يحيى طالب الحق، فسار ابن عطية، فالتقى أبا حمزة بوادى القرى، فقال أبو حمزة لأصحابه: لا تقاتلوهم حتى تختبروهم، فصاحوا بهم: ما تقولون فى القرآن والعمل به؟ فقال ابن عطية: نصعه فى جوف الجوالق، قالوا: فما تقولون فى مال اليتيم؟ قال ابن عطية: نأكل ماله ونفجر بأمه، فى أشياء سألوه عنها. فلما سمعوا كلامه، قاتلوه حتى أمسوا، فصاحوا: ويحك يا ابن عطية! إن الله قد

جعل الليل سكنا، فاسكن، فأبى وقاتلهم حتى قتلهم، وانهزم من أصحاب أبى حمزة من لم يقتل، وأتوا المدينة، فلقيهم أهلها فقتلوهم، وسار ابن عطية إلى المدينة، فأقام بها شهرا. انتهى. وذكر الذهبى شيئا من خبر أبى حمزة الخارجى وطالب الحق، وفى بعض ما ذكره مخالفة لما ذكره ابن الأثير، وزيادة على ما ذكره، فنذكر ذلك: قال فى أخبار سنة تسع وعشرين ومائة: وفيها خرج ـ قاله خليفة ـ عبد الله بن يحيى الأعور الكندى بحضر موت، وتسمى بطالب الحق، فغلب على حضر موت، واجتمع عليه الإباضية، ثم سار إلى صنعاء، وعليها القاسم بن عمر الثقفى، وهو فى ثلاثين ألفا، فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا، ثم انهزم القاسم، وكثر القتل فى أصحابه، وسار عبد الله، وقد خندق القاسم على نفسه، فبيته فى وضح الصبح، فهرب القاسم، وقتل أخوه الصّلت وطائفة، ودخل عبد الله بن يحيى صنعاء، فأخذ الأموال وتقوّى، وجهّز إلى مكة عشرة آلاف، وواليها عبد الواحد ابن سليمان بن عبد الملك، فكره قتالهم، فوقفوا بعرفات، ووقف الناس، ثم غلبوا على مكة، فنزح عبد الواحد إلى المدينة. وقال فى أخبار سنة ثلاثين ومائة: وفيها قتل بقديد خلق من أهل المدينة، وذلك أن عبد الواحد لما غاب عن مكة، وتقهقر عن المدينة، كتب إلى الخليفة يخبره بخذلان أهل مكة، فعزله ووجه جيشا من المدينة، فسار من مكة المتغلّب عليها من جهة عبد الله الأعور، وهو أبو حمزة، واستخلف على مكة أبرهة بن الصباح الحميرى، ثم التقى أبو حمزة هو وأهل المدينة بقديد، فى صفر من السنة، فانهزم أهل المدينة، وقتل من قتل، ودخل أبو حمزة المدينة، فقتل حمزة بن مصعب بن الزبير، وابنه عمارة، وابن أخيه مصعب بن عكاشة، وعتيق ابن عامر بن عبد الله بن الزبير، وابنه عمرو، وصالح بن عبد الله بن عروة بن الزبير، وابن عمهم الحكم بن يحيى، والمنذر بن عبد الله بن المنذر بن الزبير، وسعيد بن محمد بن خالد بن الزبير، وابن لموسى بن خالد بن الزبير، وابن عمهم مهند. قال خليفة: قتل أربعون رجلا من بنى أسد بن عبد العزى، وقتل يومئذ أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان، فأصيب يومئذ من قريش ثلاثمائة رجل، فقالت نائحة [من الكامل]: ما للزمان وماليه ... أفنى قديد رجاليه فحدثنا ابن عليّة، قال: بعث مروان أربعة آلاف فارس، عليهم عبد الملك بن محمد بن

2415 ـ مختار بن عبد الله، ظهير الدين المعروف بالزمردى

عطية السعدى، فسار ابن عطية، فلقى بلجا على مقدمة أبى حمزة بوادى القرى، فاقتتلوا، فقتل بلج وعامة أصحابه، ثم سار ابن عطية طالبا أبا حمزة، فلحقه بمكة بالأبطح، ومع أبى حمزة خمسة عشر ألفا، ففرق عليه ابن عطية الخيل، من أسفل مكة ومن أعلاها، ومن قبل منى، فاقتتلوا إلى نصف النهار، فقتل أبرهة بن الصباح عند بئر ميمون، وقتل أبو حمزة، وقتل خلق كثير من جيشه، فبلغ عبد الله الأعور ذلك، فسار من اليمن فى ثلاثين ألفا، وسار ابن عطية، فنزل بتبالة (1)، ونزل الأعور صعدة (2)، ثم التقوا، فانهزم الأعور، فسار إلى جرش (3)، وسار ابن عطية، فالتقوا أيضا، فاقتتلوا حتى حال الليل بينهم، ثم أصبحوا، فنزل الأعور فى نحو ألف رجل من حضر موت، فقاتل حتى قتل ومن معه، وبعث برأسه إلى مروان إلى الشام، ثم سار ابن عطية فأتى صنعاء، فثار به رجل من حمير، فأخذ الجند (4)، فوجه إليه ابن عطية جيشا فهزموه، ولحق بعدن، فجمع نحو ألفين، وسار إليه ابن عطية، فلقيه بواد، فاقتتلوا، فقتل الحميرى وعامة عسكره، ورجع عبد الملك بن محمد بن عطية إلى صنعاء. ثم خرج عليه رجل من حمير أيضا، فقاتله عسكر ابن عطية، ثم قتلوه، ثم صالح ابن عطية أهل حضر موت، وسار مسرعا فى خمسة عشر رجلا من الوجوه، ليقيم الموسم، وخلف على اليمن ابن أخيه، فنزل وادى شبام (5) ليله، فشد عليه طائفة من العرب فقتلوه، وقتلوا سبعة عشر من أصحابه، وأفلت منهم رجل واحد. انتهى. [ ...... ] (6). 2415 ـ مختار بن عبد الله، ظهير الدين المعروف بالزمردى: كان من خدام الحرم النبوى. سمع من المكرم، وموسى الزهرانى بمكة، توفى يوم الجمعة خامس رمضان سنة خمس وسبعمائة بمكة بعد المجاورة بها ودفن بالمعلاة.

_ 2414 ـ (1) تبالة: بلدة مشهورة فى أرض تهامة على طريق اليمن. انظر: معجم البلدان (تبالة). (2) صعدة: بلدة فى شمالى صنعاء على مسافة ستين فرسخا. انظر: معجم البلدان (صعدة). (3) جرش: مدينة عظيمة باليمن من جهة مكة. انظر: معجم البلدان (جرش). (4) الجند: بادة مشهورة فى اليمن جنوب صنعاء، وهى مقابلة لمدينة تعز. انظر: معجم البلدان (الجند). (5) شبام: فى اليمن أربعة مواضع اسمها شبام، شبام كوكبان، غربى صنعاء، وشبام سخيم، قبلى صنعاء بشرق، وشبام حراز، غربى صنعاء، نحو الجنوب، وشبام حضر موت. انظر: معجم البلدان (شبام). (6) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2416 ـ مخرمة بن شريح الحضرمى

ذكر ابن فرحون فى «تاريخ المدينة» أن مختارا الزمردى، ومخمس الأخميمى، كانا على نسق واحد من حسن الهيئة والمهابة والرّحلة والحذاقة، مع المحافظة على المروءة والسلامة من الناس فى مخالطتهم. 2416 ـ مخرمة بن شريح الحضرمى: حليف لبنى عبد شمس، استشهد يوم اليمامة. ذكر الليث بن سعد، عن قريش، عن ابن شهاب، قال: أخبرنى السائب بن يزيد، أن مخرمة بن شريح الحضرمى، ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: ذاك رجل لا يتوسّد القرآن. 2417 ـ مخرمة بن القاسم بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف بن قصى ابن كلاب القرشى المطلبى: قال الزبير بن بكار: أطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم مخرمة بن المطلب بخيبر أربعين وسقا، وليس له عقب. قال: وأمه أروى الكبرى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب. 2418 ـ مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة القرشى الزهرى: ذكر ابن عبد البر، أنه يكنى أبا صفوان، وقيل أبا مسور، وقيل أبا الأسود، وأبو صفوان أكثر. وقال: روى الليث بن سعد، عن ابن أبى مليكة، قال: أخبرنى المسور بن مخرمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى: يا أبا صفوان. انتهى. أمة رقيقة بنت أبى صيفى بن هاشم بن عبد مناف. قال الزبير: وكان مخرمة من مسلمة الفتح، وكانت له سن عالية وعلم بالنسب، كان يؤخذ عنه النسب، قال: حدثنى مصعب بن عثمان وغيره، قال: مرّ المسور بن مخرمة، بأبيه مخرمة بن نوفل، وهو يخاصم رجلا، فقال: يا أبا صفوان، أنصف الناس! فقال: من هذا؟ قال: من لا ينصحك ولا يغشك. قال: مسور؟ قال: نعم. فضرب بيده فى ثوبه، وقال: اذهب بنا إلى مكة، أريك بيت أمى وترينى بيت أمك. فقال له مسور: يغفر الله لك يا أبة، شرفك شرفى.

_ 2416 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2377، الإصابة ترجمة 7855، أسد الغابة ترجمة 4796). 2418 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2378، الإصابة ترجمة 7857، أسد الغابة ترجمة 4798).

2419 ـ مرثد بن أبى مرثد، كناز بن الحصين، ويقال ابن حصين الغنوى

وأم مسور عاتكة بنت عوف بن عبد عوف. قال الزبير: وحدثنى عبد الرحمن بن عبد الله الزهرى، قال: قال معاوية بن أبى سفيان يوما، وعنده عبد الرحمن بن الأزهر: من لى من مخرمة بن نوفل، ما يضعنى من لسانه تنقصا! فقال له عبد الرحمن بن الأزهر: أنا أكفيكه يا أمير المؤمنين، فبلغ ذلك مخرمة بن نوفل، فقال: جعلنى عبد الرحمن بن الأزهر يتيما فى حجره، يزعم لمعاوية أنه يكفيه إياى، فقال له ابن برصاء الليثى: إنه عبد الرحمن بن الأزهر! فرفع عصا فى يده فضربه، فقال: أعداؤنا فى الجاهلية، وحسدتنا فى الإسلام، وتدخل بينى وبين ابن الأزهر! . قال الزبير: وأخبرنى مصعب بن عثمان، قال: لما حضر مخرمة بن نوفل الوفاة، بكته ابنته، فقالت: وا أبتاه، كان هينّا لينا، فأفاق. فقال: من النادبة؟ . فقالوا: ابنتك. فقال: تعالى، فجاءت، فقال: ليس هكذا يوصف مثلى، قولى: وا أبتاه! كان أبيا عصيا. انتهى. قال ابن عبد البر: كان من مسلمة الفتح، وكان له سن وعلم بأيام قريش، كان يؤخذ عنه النسب، وكان أحد علماء قريش، وكان شهما أبيا، شهد حنينا، وهو أحد المؤلّفة قلوبهم، وممن حسن إسلامه منهم، وهو أحد الذين نصبوا أعلام الحرم لعمر، مات فى المدينة زمن معاوية، سنة أربع وخمسين، وقد بلغ مائة سنة وخمس عشرة سنة، وكفّ بصره فى زمن عثمان، يعد فى أهل الحجاز. انتهى من الاستيعاب. وقال النووى: وكان النبى صلى الله عليه وسلم، يتّقى لسانه، وأعطاه خمسين بعيرا يوم حنين. 2419 ـ مرثد بن أبى مرثد، كنّاز بن الحصين، ويقال ابن حصين الغنوى: وبقية نسبه تقدم فى ترجمة أبيه، كانا حليفين لحمزة بن عبد المطلب، وشهدا بدرا، وشهد مرثد أحدا، وآخى النبى صلى الله عليه وسلم، بينه وبين أوس بن الصامت، أخى عبادة بن الصامت، وأمره ـ على ما ذكر ابن إسحاق ـ على السرية التى وجهها إلى عضل والقارة وبنى لحيان، ليفقهوهم فى الدين، ويعلموهم القرآن وشرائع الإسلام، وذلك فى صفر سنة ثلاث من الهجرة. وذكر الزهرى، أن المؤمر على هذه السرية: عاصم بن ثابت بن أبى الأقلح، وأن السرية كانوا ستة نفر: عاصما، ومرثدا، وخالد بن البكير، وخبيب ـ بالخاء المعجمة ـ

_ 2419 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2393، الإصابة ترجمة 7895، أسد الغابة ترجمة 4831، الثقات 3/ 399، أزمنة التاريخ الإسلامى 1/ 864، تقريب التهذيب 2/ 470، البداية والنهاية 6/ 353، الطبقات 8/ 47، تجريد أسماء الصحابة 2/ 68، الكاشف 3/ 130، حلية الأولياء 2/ 19، الجرح والتعديل 8/ 299، أصحاب بدر 90، الأعلام 7/ 201، تهذيب الكمال 3/ 1314، تهذيب التهذيب 10/ 82).

2420 ـ مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصى بن كلاب القرشى الأموى

ابن عدى، وزيد بن الدثنة، وعبد الله بن طارق، فغدر بهم الذين أرسلوا إليهم، واستصرخوا عليهم هذيلا، فقتل مرثد وعاصم وخالد، بعد أن قاتلوا، وألقى خبيب وعبد الله وزيد بأيديهم بعد أن سلّموا إليهم أنفسهم، ثم استشهد خبيب. وكان مرثد يحمل الأسرى من مكة، حتى يأتى بهم المدينة لشدته وقوته، وكان بمكة بغىّ يقال لها عناق، وكانت صديقة له فى الجاهلية وكان وعد رجلا يحمله من أسرى مكة، قال: فجئت حتى انتهيت إلى حائط من حيطان مكة، فى ليلة قمراء، قال: فجاءت عناق فأبصرت سواد ظلى بجانب الحائط، فلما انتهت إلىّ عرفتنى، فقالت: مرثد؟ قلت: مرثد. قالت: مرحبا وأهلا، هلم، فبت عندنا الليلة، قال: قلت: يا عناق، إن الله حرم الزنا، قالت: يا أهل الخباء، هذا الرجل الذى يحمل الأسرى، قال: فاتبّعنى ثمانية رجال، وسلكت الخندمة، فانتهيت إلى كهف أو غار فدخلته، وجاءوا حتى قاموا على رأسى، وأعماهم الله عنى، ثم رجعوا ورجعت إلى صاحبى فحملته، وكان رجلا ثقيلا، حتى انتهيت إلى الإذخر، ففككت عنه كبله، ثم جعلت أحمله حتى قدمنا المدينة، فأتيت رسول اللهصلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، أنكح عناقا؟ فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يرد علىّ شيئا، حتى نزلت هذه الآية: (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً، وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [النور: 3] قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: لا تنكحها. ومن حديث مرثد الغنوى، عن النبى صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «إن سركم أن تقبل صلاتكم، فليؤمكّم خياركم، فإنهم وفد فيما بينكم وبين ربكم» رواه أبو عبد الرحمن الشامى، وأنكر ابن عبد البر رواية القاسم عنه، قال: وهو عندى وهم وغلط، لأن من قتل فى حياة النبىصلى الله عليه وسلم ومغازيه، لم يدركه القاسم المذكور، ولا رآه، فلا يجوز أن يقال فيه حدثنى، لأنه منقطع، أرسله القاسم أبو عبد الرحمن، عن مرثد بن أبى مرثد هذا، إلا أن يكون رجلا آخر، وافق اسمه واسم أبيه. 2420 ـ مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصى بن كلاب القرشى الأموى:

_ 2420 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2399، الإصابة ترجمة 7931، أسد الغابة ترجمة 4848، طبقات ابن سعد 5/ 35، نسب قريش 159، 160، طبقات خليفة 1984، التاريخ الكبير 7/ 368، المعارف 353، الجرح والتعديل 8/ 271، تاريخ الطبرى 5/ 530، 610، مروج الذهب 3/ 285، أنساب العرب 87، الكامل 4/ 191، تهذيب الأسماء واللغات 1، 2/ 87، تهذيب الكمال 1315، تاريخ الإسلام 3/ 70، تذهيب التهذيب 2/ 34، البداية والنهاية 8/ 239، 257، تهذيب التهذيب 10/ 91، النجوم الزاهرة 1/ 164، 169، خلاصة تذهيب الكمال 318، شذرات الذهب 1/ 73).

أمير مكة والمدينة، وصاحب مصر والشام، وغير ذلك من البلاد، يكنى أبا عبد الملك، وقبل أبا القاسم، وقيل أبا الحكم. ولد بمكة، وقيل بالطائف، على عهد النبى صلى الله عليه وسلم، سنة اثنتين من الهجرة على ما قيل. وقيل ولد يوم أحد، قاله مالك. وقيل ولد يوم الخندق، ولم يسمع من النبىصلى الله عليه وسلم. وقد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم حديث الحديبية بطوله، وروى عن زيد بن ثابت، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، وعثمان بن عفان، وعلى بن أبى طالب، وأبى هريرة، وبسرة بنت صفوان. روى عنه سعيد بن المسيب، وسهل بن سعد الساعدى، وابنه عبد الملك، وجماعة. روى له الجماعة، إلا مسلما. وذكر ابن عبد البر، أنه لم ير النبى صلى الله عليه وسلم، لأنه خرج إلى الطائف طفلا لا يعقل، قال: وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان قد نفى أباه الحكم إليها، فلم يزل بها حتى ولى عثمان ابن عفان، فرده عثمان، فقدم المدينة هو وولده فى خلافة عثمان، وتوفى أبوه، فاستكتبه عثمان رضى الله عنه، وكتب له فاستولى عليه إلى أن قتل عثمان رضى الله عنه. ثم قال ابن عبد البر: وكان معاوية لما صار الأمر إليه، ولاه المدينة، ثم رجع له إلى المدينة مكة والطائف، ثم عزله عن المدينة سنة ثمان وأربعين، وولاها سعيد بن أبى العاص، فأقام عليها أميرا إلى سنة أربع وخمسين، ثم عزله وولىّ مروان، ثم عزله، وولىّ الوليد بن عتبة، انتهى. وكان مروان بعد موت معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبى سفيان، أجمع على المسير لابن الزبير بمكة، ليبايعه بالخلافة، ويأخذ منه الأمان لبنى أمية، فلواه عن ذلك عبيد الله ابن زياد، لما قدم من العراق هاربا، وعاب ذلك عليه كثيرا، وأعانه عليه بعض أعراب الشام اليمانية، لأنهم كرهوا انتقال الخلافة من الشام إلى الحجاز، وكان رئيسهم حسان ابن مالك بن بحدل الكلبى سيد قحطان، يطلب الخلافة لخالد بن يزيد بن معاوية، لأنه من أخوال أبيه، فأماله أصحابه عن ذلك لصغر خالد، وحملوه على المبايعة لمروان، على شروط يلتزمها مروان لحسان وخالد، منها: أن تكون إمرة حمص لخالد، وأن تكون له الخلافة بعد مروان، وأن لا يفصل أمرا دون حسان وقومه، فبايعوه على ذلك، لثلاث خلون من ذى القعدة سنة أربع وستين بالجابية.

وقيل إن بنى أمية بايعوا مروان قبلها بتدمر، وقيل بالأردن، وسار مروان من الجابية، قاصدا الضحاك بن قيس الفهرى، وكان بمرج راهط فى الغوطة، ومعه أعراب الشام القيسية، وقد بايعوه لابن الزبير، فتحاربوا، وكان الحرب بينهم سجالا، ثم قتل الضحاك فى ثمانين رجلا من أشراف الشام، وجمع كثير من قيس، لم يقتل منهم مثلهم فى وقعة قط، وذلك فى المحرم سنة خمس وستين من الهجرة، وقيل فى آخر سنة أربع وستين. واستوسق الأمر بالشام لمروان، وسار إلى مصر فملكها، واستناب عليها ولده عبد العزيز، والد عمر بن عبد العزيز، وأخرج عنها عامل ابن الزبير، فبعث إليه ابن الزبير جيشا مع أخيه مصعب، فجهز له مروان، عمرو بن سعيد الأشدق، ليقاتله قبل دخوله إلى الشام، فالتقيا، فانهزم مصعب. ولما عاد مروان من مصر، أخذ حسان بن مالك بالرغبة والرهبة، حتى بايع لعبد الملك بن مروان بعد أبيه، ثم عبد العزيز بن مروان، ونقض ما كان عقد من اليبعة لخالد بن يزيد، ثم لعمرو بن سعيد، على ما قيل، وكان مسير مروان إلى مصر وعوده منها، فى سنة خمس وستين، وفيها مات مروان بدمشق. واختلف فى سبب موته، فقيل مات حتف أنفه، وقيل قتلته زوجته أم خالد بن يزيد، وكان زوجها يضع منه عند أهل الشام. واختلف فى سبب قتلها له، وفى صفته، فأما السبب، فقيل إن مروان كان استعار من خالد سلاحا إلى مصر، فلما عاد منها، طالبه به خالد، فامتنع مروان من رده، فألح عليه خالد فى طلبه، فقال له مروان، وكان فاحشا: يا ابن الربوخ، يا أهل الشام، إن أم هذا ربوخ، يا ابن الرطبة. وقيل: إن خالدا دخل على مروان وعنده جماعة، فمشى بين الصفين، فقال مروان: إنه والله لأحمق، تعال يا ابن الرطبة الإست، يغض به ليضعه من أعين أهل الشام. وقيل: إن مروان لما عزم على نقض البيعة التى وقعت لخالد من بعده، وأن يبايع لابنيه: عبد الملك وعبد العزيز، دخل عليه خالد وكلمه فى ذلك وأغلظ له، فغضب مروان وقال له: تكلمنى يا ابن الرطبة! فدخل خالد على أمه، فقبّح لها تزوجيها بمروان، وشكى لها ما ناله منه، فأمرته بكتم حاله، ووعدته بكفاية مروان. فلما دخل عليها مروان، قال لها: هل قال لك خالد فىّ شيئا؟ قالت له: هو أشد تعظيما لك من أن يقول فيك شيئا، وتركته أياما، ثم غطت وجهه وهو نائم بوسادة، وجلست عليها مع جواريها حتى مات. وقيل: إنها أعدت له لبنا مسموما، وسقته

إياه، فلما استقر فى جوفه، بقى يجود بنفسه، ويشير إلى أم خالد برأسه، أنها قتلته. فقالت لبنيه عبد الملك ومن معه: بأبى أنت، حتى عند النزع لم يشتغل عنى! إنه يوصيكم بى. ومات وهو ابن ثلاث وستين، وقيل: ابن إحدى وستين. وكانت خلافته تسعة أشهر، وقيل: عشرة أشهر إلا أياما. وكان أحمر الوجه، قصيرا، أوقص، كبير الرأس واللحية، دقيق الرّقبة، وكان فقهيا، وهو أول من قدّم الخطبة على صلاة العيد، حين رأى الناس ينصرفون بعد صلاة العيد عن خطبته بالمدينة، أيام ولايته لها عن معاوية، فأنكر ذلك عليه أبو سعيد الخدرى رضى الله عنه. قال ابن عبد البر: ونظر إليه علىّ يوما، فقال له: ويلك وويل أمة محمد منك، ومن بنيك إذا شابت ذراحك! قال: وكان مروان يقال له: خيط باطل. وضرب يوم الدار على قفاه فخرّ لفيه، فلما بويع بالإمارة، قال فيه أخوه عبد الرحمن بن الحكم، وكان ماجنا شاعرا محسنا، وكان لا يرى رأى مروان (1) [من الطويل]: فو الله ما أدرى وإنى لسائل ... حليلة مضروب القفا كيف تصنع (2) لحى الله قوما أمّروا خيط باطل ... على الناس يعطى من (3) يشاء ويمنع وقيل: إنما قال أخوه عبد الرحمن ذلك، حين ولاه معاوية أمر المدينة، وكان كثيرا ما يهجوه، ومن قوله فيه (4) [من الطويل]: وهبت نصيبى منك يا مرو كله ... لعمرو ومروان الطويل وخالد فكل ابن أم زائد غير ناقص ... وأنت ابن أم ناقص غير زائد وقال مالك بن الريب يهجو مروان بن الحكم (5) [من الطويل]: لعمرك ما مروان يقضى أمورنا ... ولكنّما تقضى لنا بنت جعفر فياليتها كانت علينا أميرة ... وليتك يا مروان أمسيت ذا حر ومروان معدود فى الصحابة، على مذهب من يشترط فيه المعاصرة، وإن لم تتفق الرؤية، وكان فقيها. وقال عروة: كان مروان لا يتهم فى الحديث. انتهى. وهو الذى قتل طلحة بن عبيد الله، أحد العشرة يوم الجمل بسهم رماه به.

_ (1) الأبيات فى الاستيعاب. (2) فى الاستيعاب: «يصنع». (3) فى الاستيعاب: «ما». (4) الأبيات فى الاستيعاب. (5) الأبيات فى الاستيعاب.

2421 ـ مروان بن عبد الحميد، أبو الحكم

2421 ـ مروان بن عبد الحميد، أبو الحكم: كان يسكن مكة. يروى عن موسى بن عقبة. روى عنه قتيبة، وقد سمع موسى أم خالد، ولها صحبة. ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات. 2422 ـ مروان بن معاوية بن الحارث بن أسماء بن خارجة بن عتبة بن حصن ابن حذيفة بن بدر الفزارى، أبو عبد الله الكوفى: سمع إسماعيل بن أبى خالد، وحميد الطويل، وسليمان التيمى، ويحيى بن سعيد الأنصارى، وعاصم الأحول، وغيرهم. روى عنه أحمد بن حنبل، وابن المدينى، وابن راهويه، وابن معين وابن [ ..... ] (1) وأبو كريب، وأبو خيثمة، وخلق. روى له الجماعة. قال أبو بكر الأسدى، عن أحمد بن حنبل: ثبت حافظ، يحفظ حديثه كله، كأنه نصب عينيه، فإذا رأيته تقول أبله. وقال ابن المدينى: ثقة فيما يروى عن المعروفين. وقال الذهبى: عالم، صاحب حديث، لكنه يروى عمّن دبّ ودرج. وذكر أنه حج وأدركه الأجل بمكة. وقال ابن معين والنسائى: ثقة. وقال ابن معين: والله ما رأيت أحيل للتدليس منه. قال ابن حبان: مات قبل التروية بيوم، سنة ثلاث وتسعين ومائة فجأة، وذكر أنه سكن مكة. ويقال إنه مات فجأة فى عشر ذى القعدة سنة ثلاث وتسعين. وقال

_ 2422 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 85، 6/ 120، 7/ 238، تاريخ الدورى 2/ 556، تاريخ الدارمى من ترجمة 740، 894، العلل لأحمد بن حنبل 1/ 186، 2/ 44، 199، 280، 318، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 1598، التاريخ الصغير 2/ 274، سؤالات الآجرى لأبى داود 3/ 191، تاريخ أبى زرعة 461، 462، 560، 618، الجرح والتعديل ترجمة 1246، الثقات لابن حبان 7/ 473، الثقات لابن شاهين 13/ 149، رجال البخارى للباجى 2/ 731، الجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسرانى 2/ 501، الكامل فى التاريخ لابن الأثير 6/ 120، 226، سير أعلام النبلاء 9/ 51، تذكرة الحفاظ 1/ 295، العبر 1/ 311، الكاشف ترجمة 5463، المغنى ترجمة 6174، تهذيب التهذيب 10/ 96، 98، تقريب التهذيب 2/ 239، خلاصة الخزرجى ترجمة 6930، شذرات الذهب 1/ 38، 42، 73، تهذيب الكمال 5877، مشاهير علماء الأمصار 1367). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2423 ـ مروان الظاهرى، أمير مكة، يلقب شمس الدين

صاحب الكمال: سكن مكة، ثم صار إلى دمشق، فسكنها ومات بها. 2423 ـ مروان الظاهرى، أمير مكة، يلقب شمس الدين: كان نائبا للأمير عز الدين أمير جاندار الظاهرى، وحج مروان مع السلطان الملك الظاهر بيبرس الصالحى صاحب الديار المصرية والشامية، فى سنة سبع وستين وستمائة، ولما سأل أميرا مكة: إدريس بن قتادة، وابن أخيه أبى نمى، السلطان الملك الظاهر هذا، أن يولّى من جهته نائبا بمكة تقوى به نفسهما، رتب السلطان بيبرس، مروان هذا نائبا بمكة، فرجع أمر أميريها إليه، وقد ذكرنا فى المقدمة بعض فصول الباب الرابع والعشرين منها، شيئا من خبر حج الملك الظاهر فى هذه السنة، مما ذكره كاتبه ابن عبد الظاهر، فى «السيرة» التى جمعها له، ومنه لخصت ما ذكرناه هنا. وكان من خبر مروان: أن أشراف مكة أخرجوه منها، فى سنة ثمان وستين وستمائة، على ما وجدت بخط أبى العباس الميورقى. 2424 ـ مرة بن (1) حبيب القرشى الفهرى: روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، حديث: «أنا وكافل اليتيم فى الجنة كهاتين» (2). روت عنه ابنته أم سعد، يعد فى أهل المدينة. ذكره هكذا ابن عبد البر.

_ 2424 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2387، الإصابة ترجمة 7992، أسد الغابة ترجمة 4855، الثقات 3/ 398، تجريد أسماء الصحابة 2/ 70، تلقيح فهوم أهل الأثر 384، تهذيب التهذيب 10/ 90، ذيل الكاشف 1455). (1) ذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب فى الترجمة رقم 2387، وذكر أن اسمه مرة بن عمرو الفهرى بن حبيب القرشى الفهرى. وذكر نفس الترجمة التى نقلها عنه الفاسى، وهو نفس الاسم الذى نقله الفاسى عن الذهبى فى الترجمة التالية. (2) أخرجه الترمذى فى سننه كتاب البر والصلة حديث رقم (1918) من طريق عبد الله ابن عمران أبو القاسم المكى القرشى، حدثنا عبد العزيز بن أبى حازم، عن أبيه، عن سهل ابن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا وكافل اليتيم فى الجنة كهاتين وأشار بإصبعيه يعنى السبابة والوسطى». قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وأخرجه أبو داود فى سننه كتاب الأدب حديث رقم (5150) من طريق: محمد بن الصباح بن سفيان، أخبرنا عبد العزيز يعنى ابن أبى حازم، قال: حدثنى أبى، عن سهل أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «أنا وكافل اليتيم كهاتين فى الجنة وقرن بين إصبعيه الوسطى والتى تلى الإبهام».

2425 ـ مرة بن عمرو بن حبيب الفهرى

2425 ـ مرة بن عمرو بن حبيب الفهرى: من مسلمة الفتح. ذكره هكذا الذهبى فى تجريد الصحابة. 2426 ـ مزاحم بن أبى مزاحم المكى: مولى عمر بن عبد العزيز، وقيل مولى طلحة. أصله من سبى البربر. روى عن: عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد الأموى، وعبيد الله بن أبى يزيد، وعمر بن عبد العزيز. روى عنه: إسماعيل بن أمية، وداود بن عبد الرحمن العطار ـ ونسبه إلى ولاء طلحة ـ وابنه سعيد بن مزاحم، وعبد الملك بن جريج، وعيينة بن أبى عمران، والد سفيان بن عيينة، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهرى، وميمون بن مهران، وهو أكبر منه. روى له أبو داود، والترمذى، والنسائى حديثا واحدا. ذكره ابن سعد فى الطبقة الرابعة من أهل مكة. وذكره ابن حبان فى الثقات، وقال: يروى المراسيل عن ميمون ابن مهران، أنه قال: ما رأيت ثلاثة فى بيت، خيرا من عمر بن عبد العزيز، وابنه عبد الملك، ومولاه مزاحم، قيل: إنه سقط فمات. كتبت غالب هذه الترجمة من التهذيب للمزى. ولهم مزاحم بن أبى مزاحم رجل آخر، وهو مزاحم بن أبى مزاحم، زفر الضبى، له ترجمة فى التهذيب. 2427 ـ مزهر بن عبد الله المكى، أبو الضوء: أديب، ذكره أبو نصر الحسن بن أسد الفارقى فى كتابه، [ .... ] (1) وقال: أنشدنى أبو الضوء مزهر بن عبد الله المكى لنفسه: [ ....... ] (1) [ ........ ] (1).

_ 2426 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 6/ 35، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 2015، المعرفة ليعقوب 1/ 419، 420، 570، 583، 585، 589، 592، 595، 610، 617، الجرح والتعديل ترجمة 1859، الثقات لابن حبان 7/ 511، الكامل فى التاريخ 5/ 63، الكاشف ترجمة 5469، تاريخ الإسلام 4/ 53، تهذيب التهذيب 10/ 101، تقريب التهذيب 2/ 240، خلاصة الخزرجى 3/ 6936، تهذيب الكمال 5884). 2426 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2428 ـ مسافع بن عبد الله الأكبر بن شيبة بن عثمان بن طلحة بن أبى طلحة القرشى الحجبى المكى

2428 ـ مسافع بن عبد الله الأكبر بن شيبة بن عثمان بن طلحة بن أبى طلحة القرشى الحجبى المكى: روى عن عمته صفية بنت شيبة، ومعاوية، والحسن، وعبد الله بن عمرو، وغيرهم. روى عنه: ابن عمته منصور بن صفية، وابن ابن عمه مصعب بن شيبة بن جبير بن شيبة بن عثمان، وأبو يحيى رجاء، والزهرى، والمثنى بن الصباح، وجويرية بن أسماء، وغيرهم. روى له مسلم (1)، والترمذى وأبو داود (2) ثلاثة أحاديث. قال عبد الله العجلى: مكىّ تابعى ثقة. ووثقة غيره. 2429 ـ مسافع بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الله بن مسافع بن عبد الله ابن شيبة بن عثمان بن طلحة بن أيبك الحجبى المكى: روى عن بشر بن السرى. وروى عنه الأزرقى فى كتابه خبرا، ونصه: حدثنى مسافع بن عبد الرحمن الحجبى، قال: لما بويع بمكة لمحمد بن جعفر بن محمد بن على بن حسين بن على بن أبى طالب رضى الله عنه، فى الفتنة فى سنة مائتين، حين ظهرت المبيضة بمكة، أرسل إلى الحجبة يتسلف منهم من مال الكعبة خمسة آلاف دينار، وقال: نستعين بها على أمرنا. فإذا أفاء الله علينا رددناها فى مال الكعبة، فدفعوا إليه، وكتبوا عليه بذلك كتابا، وأشهدوا فيه شهودا، فلما خلع نفسه، ورفع إلى أمير المؤمنين، تقدم الحجبة واستعدوا عليه عند المأمون، فقضاهم أمير المؤمنين عن محمد بن جعفر خمسة آلاف دينار، وكتب لهم بها إلى إسحاق بن العباس بن محمد، وهو وال على اليمن، فقبضها الحجبة، وردوها فى خزانة الكعبة. وقال الأزرقى: حدثنى مسافع بن عبد الرحمن الحجبى، حدثنا بشر بن السرى، عن أيمن بن نايل، قال: رقدت فى الحجر، فركضنى سعيد بن جبير، وقال: مثلك يرقد فى هذا المكان؟ . انتهى.

_ 2428 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 6/ 26، تاريخ الدورى 2/ 558، طبقات خليفة 281، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 2196، الجرح والتعديل ترجمة 1975، الثقات لابن حبان 5/ 464، الجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسرانى 2/ 525، الكاشف ترجمة 5471، تاريخ الإسلام 4/ 202، تهذيب التهذيب 10/ 102، تقريب التهذيب 2/ 241، خلاصة الخزرجى ترجمة 7389، تهذيب الكمال 7389). (1) أخرجه مسلم فى صحيحه (1/ 172). (2) أخرجه أبو داود فى سننه (2030).

2430 ـ مسافع بن عياض بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى

2430 ـ مسافع بن عياض بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى: هكذا قال ابن عبد البر، له صحبة، لا أحفظ له رواية. قال الزبير والعدوى جميعا ـ يزيد بعضهم على بعض فى الشعر ـ قال: كان مسافع بن عياض شاعرا محسنا، فتعرض لهجاء حسان بن ثابت، فقال حسان (1) [من البسيط]: يا آل تيم ألا تنهون جاهلكم ... قبل القذاف بصم كالجلاميد فنهنهوه فإنى غير تارككم ... إن عاد ما اهتز ماء فى ثرى عود لو كنت من هاشم أو من بنى أسد ... أو عبد شمس أو أصحاب اللوا الصيد أو من بنى نوفل أو ولد مطلب ... لله درك لم تهمم بتهديدى أو من بنى زهرة الأبطال قد عرفوا ... أو من بنى جمح الخضر الجلاعيد أو فى الذؤابة من تيم إذا انتسبوا ... أو من بنى الحارث البيض الأماجيد لولا الرسول وأنى لست عاصيه ... حتى يغيبنى فى الرمس ملحودى وصاحب الغار إنى سوف أحفظه ... وطلحة بن عبيد الله ذى الجود قال: وأنشدنى العدوى (2) [من البسيط]: يآل تيم ألا تنهوا سفيهكم ... قبل القذاف بأمثال الجلاميد أو فى الذؤابة من قوم أولى حسب ... لم (3) تصبح اليوم نكسا مائل العود لكن سأصرفها عنكم وأعدلها (4) ... لطلحة بن عبيد الله ذى الجود 2431 ـ المستورد بن سلامة بن عمرو بن حسل الفهرى: قال ابن يونس: هو صحابى، شهد فتح مصر، واختلط بها، توفى بالإسكندرية سنة خمس وأربعين. روى عنه على بن رباح، وأبو عبد الرحمن الحبلىّ، وورقاء بن شريح. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد، على ما وجدت بخط بعض أصحابنا، فى نسخة منقولة منه. وأخشى أن يكون الذى بعده. والله أعلم.

_ 2430 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2576، الإصابة ترجمة 7942، أسد الغابة ترجمة 4862). (1) الأبيات فى الاستيعاب. (2) الأبيات فى الاستيعاب. (3) فى الاستيعاب: «ولم». (4) فى الاستيعاب: «فأعدلها».

2432 ـ المستورد بن شداد بن عمرو بن حسل بن الأجب بن حبيب بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر بن مالك القرشى

2432 ـ المستورد بن شداد بن عمرو بن حسل بن الأجب بن حبيب بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر بن مالك القرشى: هكذا نسبه الطبرانى فى ترجمة أبيه شداد بن عمرو. روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، وعن أبيه شداد. روى عنه أبو عبد الرحمن الحبلى (1)، وجبير بن نفير، وعلى بن رباح، وغيرهم من المصريين، وقيس بن أبى حازم، وغيره من الكوفيين، وغيرهم. استشهد به البخارى فى الصحيح، وروى له فى الأدب المفرد. وروى له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة. قال ابن عبد البر: يقال إنه كان غلاما يوم قبض النبى صلى الله عليه وسلم، ولكنه سمع منه، وروى عنه، سكن الكوفة ثم مصر. انتهى. وقال النووى: سمع من النبى صلى الله عليه وسلم سبعة أحاديث. روى مسلم منها حديثين. 2433 ـ مسطح بن أثاثة بن عباد بن عبد المطلب بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى المطلبى: تقدم فى حرف العين، فيمن اسمه عوف (1)، لأنه اسمه، ومسطح لقبه. 2434 ـ مسعدة بن سعد العطار المكى: هكذا ذكره الطبرانى فى معجمه الصغير، فى حديث رواه عنه، عن إبراهيم بن المنذر الحزامى. حدثنا حمزة بن عتبة اللهبى، عن عبد الوهاب، عن مجاهد، قال: كنت مع عطاء، فجاءه رجل، فأنشده قول العرجى [من السريع] (1):

_ 2432 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2577، الإصابة ترجمة 7946، أسد الغابة ترجمة 4866، الثقات 3/ 403، الطبقات 29، 127، تجريد أسماء الصحابة 2/ 72، الكاشف 3/ 135، الأعلام 7/ 145، تلقيح فهوم أهل الأثر 371، تهذيب الكمال 3/ 1320، التاريخ الكبير 8/ 16، بقى بن مخلد 799، 247). (1) فى تهذيب الكمال: «الختلى». 2433 ـ سبق ترجمته فى: رقم (2268). (1) ذكره المصنف: فيمن اسمه عون، وقال: يكنى أبا عبّاد، وقيل: أبا عبد الله. وقاله الواقدى، وهو المعروف بمسطح على ما قال ابن عبد البر، وقال: اسمه عوف لا اختلاف فى ذلك. انتهى.

من اسمه مسعود

إنى أتيحت لى يمانية ... إحدى بنى الحرث من مذحج نلبث حولا كاملا كله ... ما نلتقى إلا على منهج فى الحج إن حجت وماذا منى ... وأهله إن هى لم تحجج فقال عطاء: تمنى والله أهله خيرا كثيرا، ذا غيبه الله تعالى عن مشاعره. انتهى. من تاريخ حلب لابن العديم، فى ترجمة عطاء. * * * من اسمه مسعود 2435 ـ مسعود بن أحمد بن على المكى، يكنى أبا عثمان، ويعرف بالأزرق: خدم غير واحد من سلطنة مكة، منهم عجلان بن رميثة، وابنه أحمد، وابنه محمد بن أحمد، وعنان بن مغامس بن رميثة، فى ولايته. وكان وزيرا للجميع، ونال بذلك وجاهة عند الناس، وكانت فيه مروءة. توفى سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 2436 ـ مسعود بن أحمد بن منصور الخطابى البغدادى: حدث عن ابن النقور، وابن البسرى، والصّريفينى. سمع منه السلفى، بباب الصفا بمكة، وقال: كان من المجاورين بمكة. 2437 ـ مسعود بن أحمد، نور الدين العجمى، واعظ مكة: مات سنة خمس وستين وستمائة. انتهى. نقلت ذلك من خط الوالد، فى تذكرته المسماة «نزهة العيون فيما تفرق من الفنون» نقلا من مجاميع أبى العباس الميورقى. انتهى. ونقلت من خط الشيخ جمال الدين المرشد المكى الحنفى، عن خط الميورقى: توفى واعظ الحرمين مسعود بن أحمد الطرازى الأطلعى فى أوائل سنة خمس وستين وستمائة. انتهى. 2438 ـ مسعود بن الأسود بن حارثة بن نضلة بن عوف بن عبيد بن عويج ابن عدى بن كعب القرشى العدوى: كان من السبعين الذين هاجروا من بنى عدى، وكان من أصحاب الشجرة،

_ 2434 ـ (1) انظر: ديوان العرجى 404. 2438 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2401، الإصابة ترجمة 7954، أسد الغابة ترجمة 4873، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 1850، الثقات 3/ 396، أنساب القرشيين 389، الكاشف 3/ 137، تجريد أسماء الصحابة 2/ 70، تهذيب التهذيب 10/ 115، تقريب التهذيب 2/ 243، خلاصة الخزرجى 3/ 6947، تهذيب الكمال 5907، تلقيح فهوم أهل الأثر 384).

2439 ـ مسعود بن خالد الخزاعى

واستشهد يوم مؤتة. وأمه وأم أخيه مطيع: العجماء بنت عامر بن الفضل بن عفيف بن كليب بن حبشيّة بن سلول. 2439 ـ مسعود بن خالد الخزاعى: قال: ابتعت للنبى صلى الله عليه وسلم شاة. روى عنه ابنه الوليد. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد. 2440 ـ مسعود بن الربيع ـ على ما قال الواقدى. وقيل: ابن ربيعة، على ما قال ابن عقبة ـ بن عمرو بن سعد بن عبد العزى القارىّ، بتشديد الياء ـ من القارة، وهو الهون بن خزيمة بن مدركة، يكنى أبا عمير: أحد حلفاء بنى زهرة، أسلم قديما بمكة، قبل دخول النبى صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وآخى النبى صلى الله عليه وسلم، بينه وبين عبيد بن التيّهان. شهد بدرا. قال الواقدى: ومات سنة ثلاثين، وقد زادت سنّه على الستين. ورأيت فى التجريد، أنه توفى سنة سبع وثلاثين، ولعل «سبع» سقطت فى النسخة التى رأيتها من الاستيعاب، المنقول فيها ذلك عن الواقدى، وهى سقيمة. والله أعلم. 2441 ـ مسعود بن سويد بن حارثة بن نضلة بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدى بن كعب القرشى العدوى: كان أيضا من السبعين الذين هاجروا من بنى عدى، واستشهد يوم مؤتة، فيما زعم ابن الكلبى، وحده، وهو ابن عم الذى قبله، قال العدوى: لم يذكر ذلك غير الكلبى. وقال الزبير: قتل مسعود بن سويد يوم مؤتة شهيدا، وليس له عقب. انتهى. ذكره هكذا ابن عبد البر فى الاستيعاب. 2442 ـ مسعود بن عطيفة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على ابن قتادة الحسنى المكى: توفى فى آخر ذى القعدة سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، قتله القواد العمرة فى حرب

_ 2440 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2407، الإصابة ترجمة 7960، أسد الغابة ترجمة 4882، تاريخ الإسلام 3/ 193، الثقات 3/ 395، البداية والنهاية 7/ 156، عنوان النجابة 155، تجريد أسماء الصحابة 2/ 73، حلية الأولياء 2/ 21، أصحاب بدر 102، 265، الطبقات الكبرى 3/ 168، 4490). 2441 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2411، الإصابة ترجمة 7969، أسد الغابة ترجمة 4890).

2443 ـ مسعود بن على بن أحمد بن عبد المعطى بن سعد الدين أحمد بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى الخزرجى المصرى المكى

كانت بينهم وبينه، لمحمد بن عبد الله بن عمر، الذى قتله مبارك بن عطيفة، وكان مسعود بن عطيفة فى هذه السنة، قطع نخلا كثيرة للقواد العمرة، بأمر أخيه مبارك، وكان مسعود بن عطيفة دخل إلى مكة وقت آذان الجمعة، العشرين من ذى القعدة من هذه السنة، ومعه بعض غلمانهم، ففتحوا بيتا لشخص يقال له عمر الزيدى، ودار الإمارة، وأخذوا بعض من صادفوه فى الطريق، ثم رجع إلى أخيه مبارك، وكان نازلا بالمزدلفة، بعد أن خرج من مكة، فى ليلة الجمعة المشار إليها، لما بلغه توليته عمه رميثة لإمرة مكة، دون أبيه عطيفة، واعتقاله بالقاهرة، وكان هو وعمه رميثة ذهبا إليها، بطلب من صاحبها الملك الناصر محمد بن قلاوون. 2443 ـ مسعود بن على بن أحمد بن عبد المعطى بن سعد الدين أحمد بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى الخزرجى المصرى المكى: ولد بمصر ونشأ بها، وجذبه للاشتغال الشريف أبو الخير الفاسى، فقرأ عليه ولازمه وتخرج به، وسمع منه ومن عثمان بن الصفى وغيرهم بقراءته، وذكر لى قريبه شيخنا أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطى، أنه كان فاضلا فى القراءات والفقه والحديث والعربية، وأنه أخذها عن أبى حيّان. مات فى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة تقريبا بمكة. أكملت هذه الترجمة من ترجمة المذكور للمصنف، من اختصاره الأول لهذا التاريخ. 2444 ـ مسعود بن عمرو الثقفى: روى عن النبى صلى الله عليه وسلم فى كراهية السؤال. روى عنه سعيد بن يزيد، والذى تفرد بحديثه محمد بن جامع العطار، متروك. 2445 ـ مسعود بن محمد بن شعيب المكى، المعروف بالبخارى الحنفى: ولد بمكة ونشأ بها، وسمع من صلاح الدين محمد بن أحمد بن يونس القلقشندى، أحد عدول مصر: جزءا من حديث الشيخ نور الدين الهمذانى، خرّجه له أحمد بن أبيك، وذلك بمكة سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وكان أحد المكبرين بمقام الحنفية، ويحضر دروس الحنفية، وفيه كياسة وحسن عشرة، كتب إلىّ متشوقا فى مرض موته [من الوافر]: إذا هجر الربيع بقاع قوم ... تنكر حالهم وازداد وهنا

_ 2444 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب 2416، أسد الغابة ترجمة 4895، تجريد أسماء الصحابة 2/ 74).

2446 ـ مسعود بن هاشم بن على بن غزوان القرشى الهاشمى المكى، يلقب سعد الدين

فمن لهم بعود المزن منه ... لعل وجوههم تزداد حسنا وكان أصابه قبيل موته ضعف طويل مؤلم، نال فيه أجرا كثيرا إن شاء الله، وتوفى فى ضحى يوم السبت خامس شهر رمضان سنة خمس عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن عصر يومه بالمعلاة، وقد جاوز الخمسين بيسير. 2446 ـ مسعود بن هاشم بن على بن غزوان القرشى الهاشمى المكى، يلقب سعد الدين: ولد قريبا من سنة خمس وستين وسبعمائة، وسمع من الأميوطى، والنّشاورى، وجماعة بعده سمعنا منهم، وأقبل على الاشتغال بالفقه، ولازم مجلس شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة، وتنبه فى الفقه، وكان كثير الاستحضار له و «للروضة»، وربما أفتى بالقول قليلا، وفيه خير وديانة ومروءة. توفى فى السادس والعشرين من جمادى الأولى سنة تسع عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وأشار أخوه الفقيه نو الدين على بن هاشم عافاه الله، بالصلاة عليه فى الساباط الذى يتصل بقبة مقام إبراهيم الخليل عليه السلام، لكون الصلاة فى هذا الموضع عادة لقريش بنى هاشم فعارض بعض الناس، وهو القاضى محيى الدين عبد القادر بن أبى الفتح محمد بن أحمد بن أبى عبد الله الحسنى الفاسى المكى الحنبلى فى ذلك، وحصل بسبب ذلك ملاحاة كثيرة، آخر الأمر أنه صلّى عليه فى الساباط المشار إليه. وكان يسافر مع أخيه للتجارة إلى اليمن. 2447 ـ مسعود بن وهّاس بن على بن يوسف المكى: كان من أعيان القواد المعروفين باليواسفة. * * * من اسمه مسلم 2448 ـ مسلم بن الحارث الخزاعى، ثم المصطلقى: يروى عن أولاده عنه، له صحبة. هكذا ذكره الذهبى فى التجريد، وهو والله أعلم، الذى ترجمه أبو عمر بن عبد البر، بقوله: مسلم المصطلقى الخزاعى، حديثه عند يعقوب

_ 2448 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب 2430، الإصابة 7983، أسد الغابة 4903، ديوان الهذليين 3/ 39).

2449 ـ مسلم بن خالد بن قرقرة ويقال ابن جرجة، ويقال ابن سعيد ابن جرجة القرشى المخزومى، مولاهم، أبو خالد المكى، فقيه مكة ومفتيها، المعروف بالزنجى، مولى عبد الله بن سفيان بن عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم

ابن محمد الزهرى، قال: حدثنا يزيد بن عمرو بن مسلم الخزاعى قال: أخبرنى أبى عن أبيه، قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنشد ينشد قول سويد بن عامر المصطلقى (1) [من البسيط]: لا تأمنن وإن أمسيت فى حرم ... إن المنايا بجنبى كل إنسان واسلك طريقك تمشى غير مختشع ... حتى تلاقى ما يمنى لك المانى وكل ذى صاحب يوما مفارقه ... وكل زاد وإن أبقيته فانى والخير والشر مقرونان فى قرن ... بكل ذلك يأتيك الجديدان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أدرك هذا الإسلام لأسلم، فبكى أبى، فقلت: يا أبة، تبكى لمشرك مات فى الجاهلية؟ فقال: يا بنى، والله ما رأيت مشركا خيرا من سويد بن عامر. وقال الزبير بن بكار: هذا الشعر لأبى قلابة الشاعر الهذلى. قال: وهو أول من قال الشعر فى هذيل. قال: واسم أبى قلابة الحارث بن صعصعة بن كعب بن طابخة بن لحيان بن هذيل. قال أبو عمر: ما رواه يعقوب الزهرى، أثبت من قول الزبير، والله أعلم. 2449 ـ مسلم بن خالد بن قرقرة ويقال ابن جرجة، ويقال ابن سعيد ابن جرجة القرشى المخزومى، مولاهم، أبو خالد المكى، فقيه مكة ومفتيها، المعروف بالزنجى، مولى عبد الله بن سفيان بن عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم: روى عن: داود بن أبى هند، وعبد الله بن عبيد الله بن أبى مليكة، وعمرو بن دينار، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهرى، وابن جريج، وجماعة.

_ (1) الأبيات فى الاستيعاب. 2449 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 1/ 151، 2/ 138، 5/ 133، 6/ 42، تاريخ الدورى 2/ 561، تاريخ الدارمى 364، طبقات خليفة 284، العلل لأحمد بن حنبل 1/ 302، 3/ 31، التاريخ الكبير للبخارى 7/ 1097، التاريخ الصغير 2/ 5263، الضعفاء الصغير للبخارى ترجمة 342، المعرفة ليعقوب 3/ 51، تاريخ واسط 248، الضعفاء للنسائى 569، الجرح والتعديل 8/ 800، الثقات لابن حبان 7/ 448، الثقات لابن شاهين 1394، السابق واللاحق 342، سير أعلام النبلاء 8/ 158، تذكرة الحفاظ 1/ 355، الكاشف 3/ 5506، ديوان الضعفاء 4100، المغنى 2/ 6206، العبر 1/ 277، 343، 395، ميزان الاعتدال 4/ 8485، تهذيب التهذيب 10/ 128، تهذيب الكمال 5925، تقريب التهذيب 2/ 245، خلاصة الخزرجى 3/ 6964، شذرات الذهب 1/ 194).

روى عنه: سفيان الثورى ـ فيما قيل ـ وعبد الله بن مسلمة القعنبى، وعبد الله بن الزبير الحميدى، وعبد الله بن وهب، وعبد الملك بن الماجشون، والإمام الشافعى محمد ابن إدريس ـ وبه تفقه بمكة ـ ويعقوب بن أبى عباد المكى، وجماعة. روى له: أبو داود، وابن ماجة. قال ابن معين، فى رواية عنه: ثقة: وقال فى رواية عنه: ليس به بأس. وقال فى رواية عنه: ضعيف. وضعفه أبو داود وغيره. وقال النسائى: ليس بالقوى. وقال الساجى: كان كثير الغلط، كان يرى القدر. قال محمد بن سعد: حدثنا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقى، قال: كان الزنجى بن خالد، فقيها عابدا يصوم الدهر، وكان كثير الغلط فى حديثه، وكان فى هديه نعم الرجل، ولكنه كان يغلط، وداود العطار أروج فى الحديث منه. وقال إبراهيم بن إسحاق الحربى: كان فقيه أهل مكة. قال عبد الرحمن بن أبى حاتم: الزنجى إمام فى الفقه والعلم. وذكره ابن حبان فى كتاب الثقات، فقال: كان من فقهاء أهل الحجاز، ومنه تعلّم الشافعى الفقه، وإياه كان يجالس قبل أن يلقى مالك بن أنس، وكان مسلم بن خالد يخطئ أحيانا. انتهى. وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازى فى طبقات الفقهاء له: كان مسلم بن خالد مفتى مكة بعد ابن جريج. انتهى. وسبقه إلى مثل ذلك الفاكهى، لأنه قال فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله: «ذكر فقهاء أهل مكة»: ثم هلك ابن جريج، فكان مفتى مكة بعده مسلم بن خالد الزنجى، وسعيد بن سالم القداح. انتهى. وذكره الفاكهى فى عباد مكة، فقال: حدثنا أبو يحيى بن أبى مسرة، قال: سمعت أصحابنا المكيين يقولون: كان المثنى بن الصباح، ومسلم بن خالد ـ وهو حدث ـ يبتدران المقام بعد صلاة العتمة، فأيهما سبق إليه، كان الآخر خلفه، فلا يزالان يصلّيان إلى قريب الصبح. وقال الفاكهى أيضا: حدثنى أبو يحيى بن أبى مسرة، قال: حدثنى محمد بن أبى عمر، قال: حدثنى عمرو بن عمير الوهطى، قال: أقبلت من الطائف وأنا على بغلة لى، فلما كنت بمكة حذو المقبرة، نعست، فرأيت فى منامى وأنا أسير، كأن فى المقبرة فسطاطا مضروبا فيه سدرة، فقلت: لمن هذا الفسطاط والسدرة؟ قالوا: لمسلم ابن خالد ـ وكأنهم الأموات ـ فقلت لهم: ولم فضل عليكم بهذا؟ قالوا: بكثرة الصلاة. قال: فقلت: فأين ابن جريج؟ قالوا: هيهات، رفع ذلك فى علّيّين، وغفر لمن شهد جنازته. انتهى.

2450 ـ مسلم بن رياح الثقفى

والزنجى: بفتح الزاى وكسرها، على ما قال النووى. واختلف فى سبب تلقيبه بذلك، فقيل لشدة سواده، وهذا يروى عن سويد بن سعيد؛ لأن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: قلت لسويد بن سعيد: لم سمّى الزنجى؟ قال: كان شديد السواد. وقيل سمى بذلك لشدة بياضه، وهذا مروى عن إبراهيم بن إسحاق الحربى، لأنه قال: وإنما سمى الزنجى، لأنه كان أشقر، مثل البصلة. وعلى هذا، فتكون تسميته بذلك من باب الأضداد. وقيل إنما لقب بالزنجى، لمحبته أكل التمر، وهذا يروى عن عبد الرحمن بن أبى حاتم، لأنه قال: وإنما لقب بالزنجى، لمحبته أكل التمر، قالت له جاريته يوما: ما أنت إلا زنجى لأكل التمر، فبقى عليه هذا اللقب. وقيل إنه لقب لقّب به وهو صغير، ذكره ابن سعد، عن بكر بن محمد المكى، لأنه قال: مسلم بن خالد أبيض مشربا حمرة، وإنما الزنجى، لقب لقّب به وهو صغير. انتهى. واختلف فى وفاته، فقيل سنة ثمانين ومائة، قاله أحمد بن محمد الأزرقى. وقيل سنة تسع وسبعين، قاله ابن حبان، وحكى القول الأول بصيغة التعريض. وكانت وفاته بمكة على ما ذكر الأزرقى، وبلغ ثمانين سنة على ما ذكر الذهبى. 2450 ـ مسلم بن رياح الثقفى: روى عنه عون بن أبى جحيفة مرفوعا، فى فضل الأذان، حديثا حسنا. هكذا ذكره ابن عبد البر. 2451 ـ مسلم بن سالم الجهنى (1): كان يكون بمكة، قال أبو داود السجستانى: ليس بثقة (2)، ذكره الذهبى فى الميزان،

_ 2450 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2422، الإصابة ترجمة 7985، أسد الغابة ترجمة 4906، تجريد أسماء الصحابة 2/ 75، تلقيح فهوم أهل الأثر 384، بقى بن مخلد 649). 2451 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 6/ 322، تاريخ الدورى 2/ 562، العلل لأحمد بن حنبل 1/ 280، التاريخ الكبير للبخارى 7/ 1110، الجرح والتعديل 8/ 808، الثقات لابن حبان 5/ 395، سؤالات البرقانى للدارقطنى ترجمة 475، 488، الثقات لابن شاهين 1388، رجال البخارى 2/ 719، الجمع لابن القيسرانى 2/ 493، الكاشف 3/ 5508، تاريخ الإسلام 5/ 301، ميزان الاعتدال 4/ 8489، تهذيب التهذيب 10/ 130، تقريب التهذيب 2/ 245، خلاصة الخزرجى 3/ 6966، تهذيب الكمال 5927). (1) فى تهذيب الكمال ساق نسبه هكذا: «مسلم بن سالم النهدى، أبو فروة الكوفى الأصغر، ويعرف بالجهنى لأنه كان نازلا فيهم».

2452 ـ مسلم بن السائب بن خباب

وقال: ما أبعد أن يكون مسلمة بن سالم الجهنى البصرى، إمام مسجد بنى حرام، الذى أخرج له الدارقطنى فى سننه. وساق له حديثا من الخلعيات، من رواية عبد الله بن محمد العبادى عنه، عن عبد الله ابن عمر، عن نافع، عن سالم، عن ابن عمر، قال: «من جاءنى زائرا لم تنزعه حاجة إلا زيارتى، كان حقا علىّ أن أكون له شفيعا يوم القيامة». رواه أبو الشيخ عن محمد بن أحمد بن سليمان الهروى، حدثنا مسلم بن حاتم الأنصارى، حدثنا مسلمة بهذا. انتهى من لسان الميزان لشيخنا قاضى القضاة ابن حجر، رحمة الله تعالى عليه. 2452 ـ مسلم بن السائب بن خباب: روى عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلا، وقد ذكره بعضهم فى الصحابة. روى عنه ابنه محمد بن مسلم (1). 2453 ـ مسلم بن عبيد الله القرشى: هكذا ذكره ابن عبد البر، وقال: وليس بوالد رائطة، ولا أدرى أيضا من أى قريش هو، واختلف فيه، فقيل مسلم بن عبيد الله، وقيل عبيد الله بن مسلم، ومن قال: عبيد الله، عندى أحفظ. له حديث واحد فى صوم رمضان، والذى يليه، وصوم كل أربعاء وخميس، وكراهية صوم الدهر، وقد قيل: إن الصحبة لأبيه عبيد الله القرشى. انتهى.

_ (2) قال أبو بكر بن خيثمة عن يحيى بن معين: ثقة. قال أبو حاتم: صالح الحديث ليس به بأس، ذكره ابن حبان فى الثقات. وقال الدارقطنى: لا بأس به، وقال ابن حجر فى التهذيب: قال يعقوب بن سفيان: لا بأس به، وقال فى التقريب: صدوق. 2452 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل ترجمة 804، الثقات لابن حبان 5/ 395، الاستيعاب ترجمة 2423، أسد الغابة ترجمة 4907، جامع التحصيل 759، الإصابة ترجمة 8589، تقريب التهذيب 2/ 245، تهذيب الكمال 5928، خلاصة الخزرجى ترجمة 6967). (1) قال أبو حاتم: هو من التابعين، وأدخله قوم فى الصحابة ظنوا أن له صحبة. وذكره ابن حبان فى الثقات وقال: يروى المراسيل. وقال العسكرى: روايته مرسلة، وقال البغوى: يقال إنه روى عن أبيه السائب عن النبى صلى الله عليه وسلم ولا أحسب له صحبة، وهو من التابعين، وأدخله بعضهم فى الصحابة ظنا. وقال ابن حجر فى التقريب: مقبول. 2453 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2426، الإصابة ترجمة 8591).

2454 ـ مسلم بن عميرة الثقفى

2454 ـ مسلم بن عميرة الثقفى: روى عنه مزاحم بن عبد العزيز الثقفى، حديثه فى الانتباذ فى الجرة الخضراء. ذكره هكذا ابن عبد البر فى الاستيعاب. 2455 ـ مسلم بن يسار البصرى، ويقال المكى، أبو عبد الله الفقيه: مولى بنى أمية، وقيل مولى عثمان بن عفان، وقيل مولى طلحة بن عبيد الله، وقيل مولى طلحة الطلحات، وقيل مولى مزينة، ويقال له مسلم سكرة، ومسلم المصبح، كان يسرج مصابيح المسجد الحرام. روى عن: حمران بن أبان، وعبادة بن الصامت مرسلا، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وابنه يسار، وأبى الأشعث الصنعانى. روى عنه أيوب السّختيانى، وثابت البنانىّ، وابنه عبد الله بن مسلم بن يسار، وعمرو بن دينار، ومحمد بن سيرين، وجماعة. روى له: أبو داود، والنسائى، وابن ماجة. وله ذكر فى «كتاب اللباس» من صحيح مسلم. قال خليفة بن خيّاط: كان يعدّ خامس خمسة من فقهاء أهل البصرة. وقال محمد بن سعد: قالوا: وكان ثقة فاضلا عابدا ورعا. وقال أزهر بن سعد، عن ابن عون: كان مسلم بن يسار، لا يفضل عليه أحد فى ذلك الزمان. قال أبو عبيد الآجرّى: سمعت أبا داود يقول: روى عمرو بن دينار، عن مسلم المصبّح، يقال له مسلم شكرة، وهو ابن يسار المكى، كان يسرج السّرج. وثقه أحمد بن حنبل، والعجلى. وقال يحيى بن معين: رجل صالح قديم. قال ابن سعد: قالوا: وتوفى فى خلافة عمر بن عبد العزيز، سنة مائة، أو إحدى

_ 2454 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2428، الإصابة ترجمة 7997، أسد الغابة ترجمة 4916). 2455 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 1/ 385، 5/ 231، 7/ 138، الزهد 248، طبقات خليفة 1672، تاريخ البخارى 7/ 275، المعارف 234، المعرفة والتاريخ 2/ 85، الجرح والتعديل 4/ 198، حلية الأولياء 2/ 290، طبقات الفقهاء للشيرازى 88، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 93، تهذيب الكمال 5949، تاريخ الإسلام 4/ 54، 203، العبر 1/ 120، تذهيب التهذيب 4/ 38، البداية والنهاية 9/ 186، تهذيب التهذيب 10/ 140، خلاصة تذهيب التهذيب 376، شذرات الذهب 1/ 119، سير أعلام النبلاء 4/ 510، تاريخ الدورى 564، تاريخ خليفة 286، 321، الثقات لابن حبان 5/ 390).

2456 ـ مسلم بن يناق الخزاعى، أبو الحسن المكى، والد الحسن بن مسلم بن يناق، مولى نافع بن عبد الحارث الخزاعى

ومائة، وقال خليفة: مات سنة مائة. 2456 ـ مسلم بن ينّاق الخزاعى، أبو الحسن المكى، والد الحسن بن مسلم بن ينّاق، مولى نافع بن عبد الحارث الخزاعى: روى عن: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعن أمه، عن عائشة رضى الله عنها. روى عنه: إبراهيم بن نافع المكى، وإسماعيل بن أمية، وحاتم بن أبى صغيرة، والسائب بن عمر المخزومى، وشعبة بن الحجاج، وعبد الملك بن أبى سليمان، وقزعة ابن سعيد الباهلى، ومعمر بن قيس السلمى. روى له مسلم، والنسائى، حديثا واحدا. وقد وقع لنا عنه عاليا جدا. قال إسحاق بن منصور، عن يحيى بن معين: مشهور. وقال أبو زرعة والنسائى: ثقة. وذكره ابن حبّان فى كتاب «الثقات». أنبأنى الحافظ أبو بكر بن المحب، وغيره، قالوا: أنا الحافظ أبو الحجاج المزى، أنا أبو الحسن بن البخارى، أنبأنا محمد بن أبى زيد الكرانى، أنا محمود بن إسماعيل الصيرفى، أنا أبو الحسين بن فاذشاه، أخبرنا أبو القاسم الطبرانى، حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطى، حدثنا محمد بن كثير، حدثنا إبراهيم بن نافع المكى، عن مسلم بن ينّاق، عن ابن عمر رضى الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جرّ إزاره لم ينظر الله إليه يوم القيامة». أخرجاه من غير وجه عنه (1)، وانفرد مسلم بحديث إبراهيم بن نافع، فرواه عن ابن أبى خلف، عن يحيى بن أبى بكير، عنه. 2457 ـ مسلم القرشى، والد رائطة بنت مسلم:

_ 2456 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 6/ 27، تاريخ الدورى 2/ 564، طبقات خليفة 281، علل أحمد بن حنبل 1/ 162، التاريخ الكبير للبخارى 7/ 1171، التاريخ الصغير 1/ 243، المعرفة ليعقوب 1/ 436، 2/ 103، الكنى 1/ 147، الجرح والتعديل ترجمة 867، الثقات لابن حبان 5/ 400، الجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسرانى 2/ 494، الكاشف ترجمة 5530، تاريخ الإسلام 4/ 301، تهذيب التهذيب 10/ 142، تقريب التقريب 2/ 248، خلاصة الخزرجى ترجمة 6994، تهذيب الكمال 5952). (1) أخرجه مسلم فى الصحيح 6/ 147. 2457 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2429، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 1075، ـ

2458 ـ مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبى العاص الأموى

ذكره هكذا ابن عبد البر، واقال: لا أدرى من أى قريش هو؟ يعدّ من أهل مكة، كان اسمه «غرابا» فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم «مسلما». روت عنه ابنته رائطة. انتهى. 2458 ـ مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبى العاص الأموى: أمير مكة. ذكر ولايته عليها، ابن قتيبة فى «الإمامة والسياسة»، لأنه قال: ذكروا أن مسلمة بن عبد الملك، كان واليا على أهل مكة، فبينا هو يخطب على المنبر، إذ أقبل خالد ابن عبد الله القسرى من الشام واليا عليها، فدخل المسجد، فلما قضى مسلمة خطبته، صعد خالد المنبر، فلما ارتقى فى الدرجة الثالثة تحت مسلمة، أخرج طومارا مختوما ففضّه، ثم قرأه على الناس، فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين، إلى أهل مكة، أما بعد: فإنى ولّيت عليكم خالد بن عبد الله القسرى، فاسمعوا له وأطيعوا، ولا يجعلن امرؤ على نفسه سبيلا، فإنما هو القتل لا غيره، وقد برئت الذمة من رجل آوى سعيد بن جبير، والسلام. ثم التفت إليهم خالد فقال: والذى يحلف به ويحجّ إليه، لا أجده فى دار أحد إلا قتلته، وهدمت داره ودار كل من جاوره، واستبحت حرمه، وقد أجلت لكم فيه ثلاثة أيام، ثم نزل، ودعا مسلمة برواحله ولحق بالشام. وذكر باقى خبر سعيد بن جبير، وكلاما قبيحا لخالد القسرى فى أمره. وذكر الزبير بن بكار، أن مسلمة كان من رجالهم ـ يعنى بنى عبد الملك ـ قال: وكان يلقّب الجرادة الصفراء، وله آثار كثيرة فى الحروب ونكاية فى الروم. انتهى. 2459 ـ مسلمة الفهرى، والد حبيب بن مسلمة: روى عنه ابنه حبيب بن مسلمة. ذكره هكذا ابن عبد البر.

_ ـ الجرح والتعديل ترجمة 877، تجريد أسماء الصحابة ترجمة 838، تهذيب الكمال 595، تهذيب التهذيب 10/ 143، تقريب التهذيب 2/ 248، خلاصة الخزرجى ترجمة 6996). 2458 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ خليفة 301، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 1683، التاريخ الصغير 1/ 245، 254، المعرفة والتاريخ ليعقوب 1/ 579، 585، 600، 2/ 51، 101، 226، تاريخ أبى زرعة 57، 160، الجرح والتعديل ترجمة 1214، الثقات لابن حبان 7/ 490، سير أعلام النبلاء 5/ 241، الكاشف ترجمة 5533، تاريخ الإسلام 5/ 163، تهذيب التهذيب 10/ 144، تهذيب الكمال 5956، تقريب التهذيب 2/ 138، خلاصة الخزرجى 3/ 7003). 2459 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2433).

2460 ـ مسور الحجبى

2460 ـ مسور الحجبى: عن أبيه، عن جده، فى الصلاة فى الكعبة. أخرج الطبرانى من طريق العلاء بن أخضر، عن شيخ من الحجبة يقال له مسمع، فذكرها. قال العلائى: لا أعرف العلاء ابن أخضر، ولا من فوقه. انتهى من لسان الميزان لشيخنا ابن حجر. وقال فى الكنى: أبو مسمع الحجبى، فى «مسمع». انتهى. 2461 ـ المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشى الفهرى، يكنى أبا عبد الرحمن: كذا ذكر كنيته ابن عبد البر، والنووى، والمزى فى التهذيب. وقيل يكنى أبا عثمان، حكاه النووى فى التهذيب. واختلف فى أمّ المسور بن مخرمة، فذكر الزبير بن بكار، أن أمه عاتكة ابنة عوف بن عبد عوف، أخت عبد الرحمن بن عوف، وأن أم عاتكة، وعبد الرحمن بن عوف: الشفاء بنت عوف بن عبد، وأنهما هاجرتا. وقال النووى: أمه عاتكة بنت عوف، أخت عبد الرحمن بن عوف، قيل اسمها الشفاء. انتهى. وذكر ابن عبد البر، أن أمه الشفاء بنت عوف. ويقال بل أمه عاتكة بنت عوف، أخت عبد الرحمن. وقال: ولد بمكة بعد الهجرة بسنتين، وقدم به أبوه المدينة، فى عقب ذى الحجة سنة ثمان، وهو أصغر من ابن الزبير بأربعة أشهر، وقبض النبى صلى الله عليه وسلم، وهو ابن ثمان سنين، وسمع من النبى صلى الله عليه وسلم، وحفظ عنه. انتهى.

_ 2461 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2434، الإصابة ترجمة 8011، أسد الغابة ترجمة 4926، تاريخ خليفة 177، طبقات خليفة 15، علل أحمد بن حنبل 1/ 77، 2/ 285، 321، التاريخ الكبير ترجمة 1798، التاريخ الصغير 1/ 214، المعرفة ليعقوب 2/ 429، 430، تاريخ أبى زرعة 190، 209، 417، 418، 499، تاريخ واسط 56، 286، الجرح والتعديل ترجمة 1366، الثقات لابن حبان 3/ 394، رجال البخارى للباجى 2/ 745، الجمع لابن القيسرانى 2/ 515، أنساب القرشيين 57، 261، 264، الكامل فى التاريخ لابن الأثير 2/ 42، 3/ 49، سير أعلام النبلاء 3/ 360، العبر 1/ 4، 70، الكاشف ترجمة 5542، تجريد أسماء الصحابة 2/ 861، تهذيب الكمال 5967، تهذيب التهذيب 10/ 151، خلاصة الخزرجى ترجمة 7013، شذرات الذهب 1/ 72، مرآة الجنان 1/ 140).

روى له عن النبى صلى الله عليه وسلم، اثنان وعشرون حديثا، على ما ذكر النووى. اتفق الشيخان منها على حديث، وانفرد البخارى بأربعة، ومسلم بحديث واحد، على ما ذكر النووى أيضا. وروى عن جماعة من الصحابة، منهم: أبوه، وخاله عبد الرحمن بن عوف، والخلفاء الراشدون الأربعة: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلى، ومعاوية بن أبى سفيان، والمغيرة ابن شعبة، وأبو هريرة، وابن عباس، وعمرو بن عوف، حليف بنى عامر. روى عنه أبو أمامة أسعد بن سهل بن حنيف، وعلى بن الحسين بن على بن أبى طالب، وسعيد بن المسيّب، وسليمان بن يسار، وابن أبى مليكة، ومروان بن الحكم، وعروة بن الزبير، وجماعة. روى له الجماعة. قال الزبير: وكان المسور ممنّ يلزم عمر بن الخطاب رضى الله عنه، ويحفظ عنه، وكان من أهل الفضل والدين، ولم يزل مع خاله عبد الرحمن مقبلا ومدبرا فى أمر الشورى، حتى فرغ عبد الرحمن. قال الزبير: وحدثنى إبراهيم بن حمزة، قال: أتى عمر بن الخطاب رضى الله عنه ببرود من اليمن، فقسمها بين المهاجرين والأنصار، وكان فيها برد فائق، فقال: إن أعطيته أحدا منهم غضب أصحابه، ورأوا أنى فضلته عليهم، فدلونى على فتى من قريش نشا نشوة حسنة أعطيه إياه، فأسموا له المسور بن مخرمة، فدفعه إليه، فنظر إليه سعد بن أبى وقاص على المسور، فقال: ما هذا؟ قال: كسانية أمير المؤمنين. فجاء سعد إلى عمر رضى الله عنه، فقال: تكسونى هذا وتكسو ابن أخى المسور أفضل منه! قال له: يا أبا إسحاق: إنى كرهت أن أعطيه أحدا منكم، فيغضب أصحابه، فأعطيته فتى من قريش نشا نشوة حسنة، لا يتوهّم فيه أنى أفضّله عليكم. قال سعد: فإنى قد حلفت لأضربن بالبرد الذى أعطيتنى رأسك، فخضع له عمر رأسه، وقال: عبدك يا أبا إسحاق، وليرفق الشيخ بالشيخ، فضرب رأسه بالبرد. قال الزبير: ثم انحاز إلى مكة حتى توفى معاوية، وكره بيعة يزيد، فلم يزل هنالك حتى قدم الحصين بن نمير، وحضر عبد الله بن الزبير وأهل مكة، وكانت الخوارج تغشى المسور بن مخرمة ويعظّمونه، وينتحلون رأيه، حتى قتل تلك الأيام، أصابه حجر المنجنيق، فمات فى ذلك. انتهى. وقال ابن عبد البر: بقى بالمدينة إلى أن قتل عثمان، ثم انحدر إلى مكة، فلم يزل بها حتى مات معاوية، وكره بيعة يزيد، فلم يزل بمكة، حتى قدم الحصين بن نمير مكة لقتال

ابن الزبير، وذلك عقب المحرم، أو صدر صفر، وحاصر مكة، وفى حصاره ومحاربته أهل مكة، أصاب المسور حجر من حجارة المنجنيق، وهو يصلى فى الحجر، فقتله، وذلك مستهل ربيع الآخر سنة أربع وستين، وصلى عليه ابن الزبير بالحجون. قال: وقيل: كانت وفاته، يوم جاء نعى يزيد إلى ابن الزبير، وحصين بن نمير محاصر لابن الزبير، وجاء نعى يزيد مكة، يوم الثلاثاء غرة ربيع الآخر سنة أربع وستين. وذكر ابن عبد البر، أنه توفى وهو ابن اثنتين وستين سنة. انتهى. وقال الواقدى: مات بسنة أربع وستين، وصلّى عليه ابن الزبير بالحجون. وقال عمرو بن على: أصاب المسور بن مخرمة المنجنيق، وهو يصلّى فى الحجر، فمكث خمسة أيام ثم مات، ومات فى ربيع الآخر سنة أربع وستين، وهو يومئذ ابن ثلاث وستين سنة. وقيل ولد بمكة بعد الهجرة بسنتين، فقدم به أبوه المدينة فى عقب ذى الحجة سنة ثمان، عام الفتح، وهو ابن ست سنين، وكان مروان ولد معه فى تلك السنة، وقيل إنه قتل مع الزبير سنة ثلاث وسبعين، والأول أصح على ما قال المزى. قال ابن عبد البر: وهو معدود فى المكيين. وكان المسور لفضله ودينه وحسن رأيه، تغشاه الخوارج وتعظّمه، وتنتحل رأيه، وقد برّأه الله منهم. روى ابن القاسم عن مالك قال: بلغنى أن المسور بن مخرمة، دخل على مروان، فجلس معه وحادثه، فقال المسور لمروان فى شيء سمعه منه: بئس ما قلت، فركضه مروان برجله، فخرج المسور، ثم إن مروان نام، فأتى فى المنام، فقيل له: ما لك وللمسور! (كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً) [الإسراء: 84] قال: فأرسل مروان إلى المسور، فقال: إنى زجرت عنك فى المنام، وأخبره بالذى رأى، فقال له المسور: لقد نهيت عنى فى اليقظة والنوم، وما أراك تنتهى! وهو القائل [من الطويل]: أيشربها صرفا يفض ختامها ... أبو خالد ويجلد الحد مسور ولذلك قصة ذكرها صاحب العقد، فقال: وكان المسور بن مخرمة جليلا فقيها، وكان يقول فى يزيد بن معاوية، إنه يشرب الخمر، فبلغه ذلك، فكتب إلى عامله بالمدينة، أن يجلده الحدّ، ففعل فقال المسور بن مخرمة فى ذلك: أيشربها صرفا يفض ختامها ... أبو خالد ويجلد الحد مسور

2462 ـ المسيب بن حزن بن أبى وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشى المخزومى، المكى، يكنى أبا سعيد

2462 ـ المسيّب بن حزن بن أبى وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشى المخزومى، المكى، يكنى أبا سعيد: والد سعيد بن المسيب، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، كان ممن بايع تحت الشجرة، على ما روى عنه، لأن سفيان بن عيينة، روى عن طارق بن عبد الرحمن، عن سعيد بن المسيب، عن أبيه، قال: شهدت بيعة الرضوان تحت الشجرة معهم، ثم أنسوها من العام المقبل. وقال مصعب الزبيرى: الذى لا يختلف أصحابنا فيه، أن المسيب وأباه من مسلمة الفتح. قال أبو أحمد العسكرى: ومصعبا وهم، لأن المسيب حضر بيعة الرضوان. قال النووى: وشهد اليرموك. روى عن النبى صلى الله عليه وسلم سبعة أحاديث، اتفقا على حديثين، وانفرد البخارى بحديث، وهو راوى حديث وفاة أبى طالب. قالوا: ولم يرو عنه غير ابنه سعيد. انتهى. قال: والمسيب: بفتح الباء على المشهور، وقيل بكسرها، وهو قول أهل المدينة، وكان سعيد يكره فتحها، وحزن: بفتح الحاء المهملة وإسكان الزاى. انتهى. روى له البخارى، ومسلم، وأبو داود، والنسائى. قال عبد الله بن لهيعة، عن بكير بن الأشجّ، عن سعيد بن المسيب، قال: كان المسيب رجلا تاجرا، فدخل عليه عبد الله بن سلام فقال: يا أبا سعيد، إنك رجل تبايع الناس، وإن أفضل مالك يغيب عنك، وإنه ليس المفلس الذى يفلس بأموال الناس، ولكن المفلس الذى يوقف يوم القيامة، فلا يزال يؤخذ من حسناته حتى لا تبقى له حسنة. فكان أبو سعيد مستوصيا بها. قال ابن سلام: كان إذا كان له حق على أحد، فجاءه ببعضه، قال: لا أقبل منك إلا الذى لى كله، حرصا على الحسنات. هاجر المسيّب مع أبيه حزن إلى المدينة، على ما ذكر ابن عبد البر.

_ 2462 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2436، الإصابة ترجمة 8014، أسد الغابة ترجمة 4928، تاريخ الدورى 2/ 566، طبقات خليفة 20، علل أحمد بن حنبل 1/ 78، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 1782، المعرفة ليعقوب 3/ 300، الجرح والتعديل ترجمة 1345، الثقات لابن حبان 5/ 436، رجال البخارى للباجى 2/ 737، الجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسرانى 2/ 505، الكاشف ترجمة 5544، تجريد أسماء الصحابة ترجمة 863، تهذيب التهذيب 10/ 152، تقريب التهذيب 2/ 250، تهذيب الكمال 5969، خلاصة الخزرجى ترجمة 7014).

2463 ـ المسيب بن أبى السائب ـ واسم أبى السائب، صيفى بن عائذ ـ بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشى المخزومى

2463 ـ المسيب بن أبى السائب ـ واسم أبى السائب، صيفى بن عائذ ـ بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشى المخزومى: أخو السائب بن أبى السائب، قال الزبير: ومن ولد السائب بن عائذ: المسيّب بن أبى السائب. ذكر عن أبى معشر، أنه قال: هاجر المسيب بن أبى السائب، بعد مرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر. 2464 ـ المسيرد بن محمد [ .... ] (1) الحسنى الشديدى ـ بشين معجمة ـ المكى: استشهد رحمه الله، فى يوم الاثنين مستهل ذى الحجة، سنة ثمان وثمانين وسبعمائة بظاهر مكة، مع أميرها محمد بن أحمد بن عجلان، وكان خرج فى خدمته للقاء المحمل المصرى، فقتلا معا. 2465 ـ مصطفى بن محمود بن موسى بن محمود بن على الشيخ الصالح المحدث، صفى الدين أبو عبد الدائم، وقيل أبو على، بن شيبة الأنصارى، أبو عبد الدائم، بن أبى الثناء المصرى: نزيل مكة، شرفها الله تعالى، هكذا ذكره ابن مسدىّ فى معجمه وقال: يعرفون ببنى الحصين، أحد المشيخة الصّلحاء من مجاورى الحرم الشريف، وممن اختار القناعة سكنى [ ... ] (1) سمع [ ... ] (1) وأبى المفاخر المأمونى وغيرهما، بإفادة عمه أبى الحسن على بن موسى، وقد استجاز له من أبى محمد بن الطبّاخ، وأبى الحسن بن حميد وغيرهما. مولده بفسطاط مصر بعد الستين وخمسمائة بيسير، وتوفى رحمه الله فى سنة خمس وأربعين وستمائة بمكة. وذكر الشريف أبو القاسم الحسينى فى وفياته، أنه توفى فى ليلة الرابع عشر من جمادى الأولى، من سنة خمس وأربعين وستمائة بمكة، قال: وجاور بها سنين عديدة. انتهى. وذكره ابن مسدى فى معجمه، وزاد فى نسبه «محمدا» بين «على وأحمد» وقال: المصرى أخو جبريل. وساق عنه حديثا من مسلم عن المأمونى، وآخر عن ابن برّى.

_ 2463 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2437، الإصابة ترجمة 8015، أسد الغابة ترجمة 4929). 2446 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2465 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

من اسمه مصعب

وزاد فى وفاته، أنها ليلة الجمعة لمكة. * * * من اسمه مصعب 2466 ـ مصعب بن شيبة بن جبير بن شيبة بن عثمان بن أبى طلحة القرشى الحجبى المكى: روى عنه عمة أبيه صفية بنت شيبة، وابن أخيها مسافع بن عبد الله الأكبر بن شيبة، وطلق بن حبيب. روى عنه: عبد الملك بن عمير، وزكريا بن أبى زائدة، وابن جريج، ومسعر، وآخرون. روى له أصحاب السنن. وقال أحمد: روى مناكير. وقال ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: ليس بالقوى. وقال النسائى: منكر الحديث (1). 2467 ـ مصعب بن عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث ابن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤىّ بن غالب القرشى الزهرى [ .... ] (1): ذكر الزبير بن بكار، أنه توفى بمكة فى حصار الحصين بن نمير لابن الزبير بمكة. وذكر أشياء من خبره، فقال: حدثنى ابن أبى بكر المؤمّلىّ، عن سعيد بن عبد الكبير بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، فى حديث يطول، قال: خرج مروان بن الحكم وهو أمير المدينة، فى خلافة معاوية بن أبى سفيان حاجا، فبينما هو يسير يوما

_ 2466 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 6/ 35، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 1520، الجرح والتعديل ترجمة 1409، الإلزامات 448، الجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسرانى 2/ 512، الكاشف ترجمة 5558، المغنى ترجمة 6264، تاريخ الإسلام 4/ 303، جامع التحصيل 770، تهذيب الكمال 5985، تهذيب التهذيب 10/ 162، تقريب التهذيب 2/ 251، خلاصة الخزرجى 3/ 7023). (1) وقال النسائى فى موضع آخر: فى حديثه شئ، قال أبو حاتم: لا يحمدونه، وليس بالقوى، قال ابن سعد: كان قليل الحديث. قال العجلى: مكى ثقة، قال الدارقطنى: ليس بالقوى ولا بالحافظ. وقال فى موضع آخر: ضعيف، وقال: منكر الحديث. قال ابن حجر فى التهذيب: قال أبو داود بعد تخريجه حديث عائشة عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر بالغسل من الجنابة والحجامة ومن غسل الميت ويوم الجمعة: ضعيف. وقال ابن عدى: تكلموا فى حفظه، وقال ابن حجر فى التقريب: لين الحديث. 2467 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

فى موكبه ببعض الطريق، دنا منه عبد الله بن مطيع بن الأسود، فكلّمه بشئ، فرد عليه مروان، فأجابه ابن مطيع، فأغلظ له فى القول، فأقبل مصعب بن عبد الرحمن بن عوف، وهو يومئذ على شرط مروان، فضرب وجه ناقة ابن مطيع بسوطه، وقال له، تنحّ، فتنحى، وأقبل صخير بن أبى جهم يتخلل الموكب، حتى دنا من مصعب، فحطم أنفه بالسوط، ثم ولى وهو على ناقة له مهريّة منكرة، وأمسك مصعب أعلا وجهه، ثم دنا من مروان فأخبره الخبر، واستعداه على صخير، فغضب غضبا وقال: علىّ به، والله لأقطعنّ يده، فقال له ابن مطيع: لقد أردت أن تكسر جذمى قريش، فاتّبعه قوم فلم بقدروا عليه، ولم يتعلقوا بشيء حتى نجا، فقال فى ذلك صخير بن أبى جهم: نحن حطمنا بالقضيب مصعبا ... يوم كسرنا أنفه ليغضبا لعل حربا بيننا أن ينشبا ... ثم أساء عارتنا أن يعتبا فلم نجد إلا السلام مذهبا ... إذا مشت حولى عدىّ نصبا وفيها غير ذلك مما كرهت أن أذكره. وقال الزبير أيضا: ولطم صخير بن أبى جهم وجه مصعب، ومصعب على شرط مروان، ثم أعجزه، وحالت دونه بنو عدى، وجمعت له زهرة، وكاد الشر يقع بينهم. وقدم معاوية حاجا، فمشت إليه رجال بنى عدى، وكلموه أن يسأل مصعبا أن يعرض عن ذلك، وقالوا: كانت طيرة من صاحبنا، فليستقد منه مثل ما صنع به، أو من أينّا شاء، وليهب لنا حق السلطان. فكلمه معاوية، فأبى أشد الإباء وامتنع، وقال: استخفّ بسلطانى، لا أرضى حتى يؤتى به وأعاقبه عقوبة مثله، فقيل لبنى عدى: أخطأتم موضع الطلب، كلموا مروان، فكلموه فقال: أبعد أمير المؤمنين؟ قالوا: نعم، أنت اصطنعته، وأنت أولى به، فأتى مروان فكلمه، فقال له: فهلا أرسلت إلىّ؟ وما عنّاك؟ لو علمت هواك لفعلته، قد تركت ذلك لك، فبلغ معاوية ما صنع، فغضب عليه، وقال: أجبت مروان ولم تجبنى! فقال له مصعب: وما تنكر من ذلك؟ أخذنى مروان وقد أفسدتنى، فاصطنعنى وأصلح ما أفسدت منى، فشكرته على ذلك. فلم ينكر عليه معاوية. وقال أيضا: ومن ولد هبّار ـ يعنى ابن الأسود ـ: إسماعيل بن هبار. وأمه أم ولد. وكان من فتيان المدينة المشهورين بالجلد والفتوة، فأتاه مصعب بن عبد الرحمن بن عوف، ومعاذ بن عبيد الله بن معمر، وعقبة بن جعونة بن شعوب الليثى، فصاحوا به ليلا، فخرج إليهم مغترّا، فاستتبعوه فى حاجة، فمضى معهم، فقتلوه، فأصبح فى خراب لبنى زهرة، يسمى حشّ بنى زهرة، أدبار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الزبير: فأخبرنى عمى مصعب بن عبد الله، أن مصعب بن عبد الرحمن لما قتله، خرج حتى أتى أخاه حميد بن عبد الرحمن، فأخبره خبره، فأمر حميد بالتّنّور فأوقد، ثم أمر بثيابه فطرحت فى التّنّور، ثم ألبسه ثيابا غيرها، وغدا به معه إلى الصبح. وقال له: إنك ستسمع قائلا يقول: كان من الأمر كيت وكيت، حتى تراه كان معكم، فلا يروعنّك ذلك. فأصبح الناس يتحدثون بقتل ابن هبار كأنهم حضروه، وينظرون إلى مصعب جالسا مع أخيه حميد، فيكذّبون بذلك. وكانت أخت إسماعيل بن هبار قد قالت لأخيها حين دعوه: لا تخرج إليهم، فعصاها. فلما قتل، أرسلت أخته إلى عبد الله بن الزبير فأخبرته خبرهم، فركب فى ذلك عبد الله والمنذر ابنا الزبير، وغيرهما من بنى أسد بن عبد العزى، إلى معاوية بالشام مرّتين. وقالت فى ذلك أخت إسماعيل بن هبار [من البسيط]: قل لأبى بكر الساعى بذمته ... ومنذر مثل ليث الغابة الضارى شدّا فدى لكما أمى وما ولدت ... لا يخلصنّ إلى المخزاة والعار وقال قائل (2) [من البسيط]: فلن أجيب بليل داعيا أبدا ... أخشى الغرور كما غرّ ابن هبّار قد بات جارهم فى الحشّ منعفرا (3) ... بئس الهدّية لابن العم والجار فقال لهم معاوية: احلفوا على واحد من ثلاثة. فأبى ابن الزبير أن يحلفوا إلا على الثلاثة، فأمرهم معاوية، فحملوا إلى مكة، فاستحلف كل واحد منهم خمسين يمينا عن نفسه، ثم جلد كل رجل منهم مائة، وسجنهم سنة، ثم خلّى سبيلهم. فاستعمل بعد ذلك مروان بن الحكم، مصعب بن عبد الرحمن على شرط المدينة، وضم إليه رجالا من أهل أبيه، وكان سلطان مروان قد ضعف، فلما استعمل مصعب بن عبد الرحمن على شرطه، اشتد على الناس، وحبس كل من وجده يخرج بالليل، فقال فى ذلك عبيد الله ابن قيس الرقيات (4) [من الخفيف]: حال دون الهوى ودو ... ن سرى الليل مصعب وسياط على أل ... ف رجال تقلب

_ (2) البيتان لابن عبيد الله بن قيس الرقيات. انظر ديوانه 183. (3) فى الديوان: باتوا يجرونه فى الحش منجدلا. (4) انظر نسب قريش 8/ 268.

فلما اشتد مصعب على الناس، ومنعهم من إغارة بعضهم على بعض، وضربهم، شكوه إلى مروان، فأراد عزله، فدخل عليه المسور بن مخرمة، فقال له: ما ترى فيما يصنع مصعب؟ فقال المسور (5): ليس بهذا م ... ن سياق عتب يمشى القطوف ... وينام الركب وذكر الزبير هذا الخبر فى موضع آخر، وزاد فيه بعد قوله الركب: فلم يزل على الشّرط حتى مات معاوية. وفى هذا الخبر، أنه كان يهدم على الناس دورهم. وقال الزبير: حدثنى مصعب بن عبد الله قال: أخبرنى مصعب بن عثمان: أنه ساء الذى بين معاذ بن عبيد الله، ومصعب بن عبد الرحمن، وتباعدا، فلم يكن شيء أحبّ إلى مصعب بن عبد الرحمن، من أن يؤتى بمعاذ بن عبيد الله فى شئ، ومصعب على الشّرط، فأتاه رجل من الحاجّ يدمى أنفه، فاستعداه على معاذ وقال: كسر أنفى، اشترى منى ثوبا واستتبعنى إلى منزله، فحبسنى بالدراهم، فاستعجلته، فخرج علىّ فكسر أنفى. فأرسل إليه مصعب فأتاه فلما رآه مصعب استحيى منه، فنكس رأسه، ثم قال: الله أنك اشتريت من رجل من الحاج ثوبا، فحبسته بدراهمه، فاستعجلك بها، فخرجت عليه فكسرت أنفه، أنّ ذلك من الحق؟ قال: فنكس معاذ رأسه، ثم قال: الله أن يكون الأمر كما وصف، يستحثنى بدراهمه، فأخرج إليه أحملها، وأعتب عليه الصّياح، فيقول لى: أتريد أن تقتلنى كما قتلت ابن هبّار؟ (إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ) [القصص: 19] أن ذلك من الحق؟ فرفع مصعب رأسه مغضبا، ثم أقبل على الحاج، فقال: أقلتها؟ قال: قد قلتها، فمه؟ قال: اردد عليه ثوبه، قم، فقد أهدرت دمك، هلمّ لك يا معاذ. فأجلسه معه، وكان سبب صلح بينهما. قال الزبير: وقد كان عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب بن مرة القرشى الأموى، إذ كان واليا ليزيد بن معاوية، ولىّ مصعبا الشرط، ثم أمره بهدم دور بنى هاشم، ومن كان فى حيّزهم والشدّة عليهم، وبهدم دور أسد بن عبد العزى والشدة عليهم، حين خرج الحسين بن على بن أبى طالب، وعبد الله بن الزبير، وأبيا بيعة يزيد، فقال له مصعب: «أيها الأمير! إنه لا ذنب لهؤلاء، ولست أفعل». فقال: انتفخ سحرك يا ابن أم حريث ـ وكانت أمه

_ (5) انظر نسب قريش 8/ 268.

سبيّة من بهراء ـ ألق سيفنا؟ . فرمى بالسيف، وخرج عنه، ولحق بابن الزبير، فقتل فى الحصر الأول، حصر الحصين بن نمير، وكان من أشد الناس بطشا، وأشجعهم قلبا. وقال الزبير: أخبرنى عمى مصعب بن عبد الله، قال: سمعت أبى، عبد الله بن مصعب يقول: خرج مصعب بن عبد الرحمن بن عوف، ومصعب بن الزبير، والمختار بن أبى عبيد، والمختار يومئذ مع عبد الله بن الزبير بمكة فى طاعته، فخرجوا ثلاثتهم، فوقعوا على مسلحة للحصين بن نمير، فهاجوا بهم، فباتوا يقاتلونهم، فأصبحوا، وقد قتلوا من أهل الشام مائة رجل. وقال: قال عمى: قال محمد بن عمر الواقدى لى فى بعض إسناده: كان يعرف قتلى مصعب بن عبد الرحمن بوثبات بينهن، كان ذرع كل وثبة اثنى عشر ذراعا، وكان لا يخفى جرح سيفه. وقال الزبير: حدثنى عمى مصعب بن عبد الله قال: حدثنى الزبير بن خبيب، قال: أصاب مصعبا سهم فقتله، فرثاه رجل من جذام، فقال (6) [من الطويل]: ولله عينا من رأى مثل مصعب ... أعف وأقضى بالكتاب وأفهما وقالوا أصابت مصعبا بعض نبلهم ... فعز علينا من أصيب وعزما وشد أبو بكر لدى (7) الركن شدة ... أبت للحصين أن يطاع فيغرما مشدّ امرئ لم يدخل الذّلّ قلبه ... ولم يك أعمى من هدى الله أبكما وقال الزبير: وأنشدنيهما محمد بن الضحاك الحزامى عن ابنه أرى العنق الجذامى. وقال الزبير: وأنشدنى عبد الرحمن بن يحيى العدوى، لرجل من العرب، أسماه لى، فأنسيت اسمه، فى مقتل مصعب بن عبد الرحمن، والمنذر بن الزبير، وقتلا فى حصار الحصين بن نمير [من الكامل]: إن الإمام ابن الزبير فإن أبى ... فذروا الإمارة فى بنى الخطاب لستم لها أهلا ولستم مثله ... فى فضل سابقة وفصل خطاب وغدا النّعىّ بمصعب وبمنذر ... وكهول صدق سادة وشباب قتلوا غداة قعيقعان وحبّذا ... قتلاهم قتلى ومن أسلاب أقسمت لو أنى شهدت فراقهم ... لا خترت صحبتهم على الأصحاب وقال الزبير: حدثنى غير واحد من أصحابنا، منهم محمد بن الضحاك بن عثمان

_ (6) انظر نسب قريش 8/ 269. (7) فى نسب قريش: لذا.

2468 ـ مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصى بن كلاب القرشى العبدرى، يكنى أبا عبد الله

الحزامى، وعمى مصعب بن عبد الله، ومحمد بن الحسن، قالوا: كان ابن الزبير فى الحصار الآخر، حصار الحجاج، يشدّ على أهل الشام فيكشفهم، ثم يرجع إذا انكشفوا، وهو يقول (8): يا له فتى لو كان له رجال ... لو كان له مصعب ومصعب والمختار 2468 ـ مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصى بن كلاب القرشى العبدرى، يكنى أبا عبد الله: ذكره الزبير بن بكار، فقال: مصعب الخير. وذكر نسبه إلى عبد الدار، ثم قال: هو المقرئ، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأنصار، يقرئهم القرآن بالمدينة، قبل قدوم رسول اللهصلى الله عليه وسلم بالمدينة، فأسلم على يده خلق كثير، وشهد بدرا، وكان معه اللواء، حتى قتل يوم أحد. كان من السابقين إلى الإسلام، أسلم والنبى صلى الله عليه وسلم فى دار الأرقم، وكتم إسلامه خوفا من أبيه وقومه، كان يختلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سرا، فبصر به عثمان بن طلحة العبدرى، ورآه يصلّى، فأخبر به قومه وأمه، فأخذوه وحبسوه، فلم يزل محبوسا إلى أن خرج إلى أرض الحبشة مهاجرا، فى أول من هاجر إليها، ثم بعثه النبى صلى الله عليه وسلم بعد عوده من الحبشة إلى المدينة، ليقرئ من أسلم من أهلها القرآن ويفقههم فى الدين، وكان بعثه إلى المدينة بعد العقبة الثانية، وقبل أن يهاجر النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ثم شهد بدرا مع النبى صلى الله عليه وسلم، ولم يشهدها من بنى عبد الدار مسلم سواه، وسوى سويبط بن سعد بن حرملة السابق ذكره. ثم شهد أحدا واستشهد بها، قتله ابن قمئة الليثى، فيما قال ابن إسحاق. قال ابن عبد البر: ولم يختلف أهل السّير، أن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ويوم أحد، كانت بيد مصعب بن عمير، فلما قتل يوم أحد، أخذها على بن أبى طالب. قال: وكان من جلّة الصحابة وفضلائهم، وكان يدعى القارئ والمقرئ، ويقال: إنه أول من جمع الجمعة بالمدينة قبل الهجرة. قال البراء بن عازب: أول من قدم علينا من المهاجرين المدينة: مصعب بن عمير، أخو بنى عبد الدار. انتهى. قال النووى: وأسلم على يده سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وكفى بذلك فضلا

_ (8) لا يوجد وزن شعرى أو معنى مستقيم لهذا البيت. 2468 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2582، الإصابة ترجمة 8020، أسد الغابة ترجمة 4936).

2469 ـ مصعب بن محمد بن شرحبيل [بن أبى عزيز القرشى، العبدرى، المكى

وأثرا فى الإسلام، وكان قبل إسلامه أنعم فتى بمكة، وأجوده حالة، وأكمله شبابا وجمالا وجودا، وكان أبواه يحبانه حبا كثيرا، وكانت أمه تكسوه أحسن ما يكون من الثياب بمكة، وكان أعطر أهل مكة، ثم انتهى به الحال فى الإسلام، إلى أن كان عليه بردة مرقوعة بفرو. انتهى. ولما مات مصعب، لم يوجد له ما يكفّنه إلا بردة، إذا غطى بها رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطّيت بها رجلاه خرج رأسه، فأمر النبى صلى الله عليه وسلم، أن يغطّى بها رأسه، وأن يجعل على رجليه من الإذخر. وكان رضى الله عنه حين قتل، ابن أربعين سنة أو يزيد شيئا، وفيه وفى أصحابه على ما قيل، نزلت: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ) [الأحزاب: 33] الآية. وذكر الواقدى عن إبراهيم بن محمد بن العبدىّ، عن أبيه، أن النبى صلى الله عليه وسلم، كان يذكر مصعبا فيقول: «ما رأيت بمكة أحسن لمّة، ولا أرق حلّة، ولا أنعم نعمة، من مصعب ابن عمير». وذكر الواقدى فى سنده: أنه كان يلبس النعال الحضرمى. لخصت هذه الترجمة من الاستيعاب لابن عبد البر. 2469 ـ مصعب بن محمد بن شرحبيل [بن أبى عزيز القرشى، العبدرى، المكى: روى عن ذكوان أبى صالح السمان، وأبيه محمد بن شرحبيل، ويعلى بن أبى يحيى. روى عنه سفيان الثورى، وسفيان بن عيينة، وسهيل بن أبى صالح. قال أحمد بن حنبل: لا أعلم إلا خيرا، قال يحيى ابن معين: ثقة: قال أبو حاتم: صالح، يكتب حديثه ولا يحتج به. وذكره ابن حبان فى الثقات. روى له أبو داود، والنسائى، وابن ماجة] (1).

_ 2469 ـ انظر ترجمته فى: (تاريخ الدورى 2/ 517، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 1519، التاريخ الصغير 1/ 322، الجرح والتعديل 8/ 1408، الثقات لابن حبان 477، الكاشف 3/ 5561، ميزان الاعتدال ترجمة 8570، تهذيب الكمال 5989، تهذيب التهذيب 10/ 164، تقريب التهذيب 2/ 252، خلاصة الخزرجى 3/ 7026). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل، وأوردناه من تهذيب الكمال.

2470 ـ المطعم

2470 ـ المطعم [ ...... ] (1). * * * من اسمه المطلب 2471 ـ المطلب بن الأزهر بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة القرشى الزهرى: أخو عبد الرحمن، وطليب بن الأزهر. ذكر الزبير أن المطلب وطليب، من مهاجرة الحبشة، وأنهما ماتا جميعا بها. انتهى. وقال: وخرج المطلب لما هاجر إلى الحبشة بامرأته رملة ابنة أبى عوف بن صبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم، وولدت له بأرض الحبشة، ابنه عبد الله بن المطلب. 2472 ـ المطلب بن أبى وداعة، واسم أبى وداعة، الحارث بن صبيرة بن سعيد ـ بضم السين ـ بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤى بن غالب القرشى السهمى، يكنى أبا عبد الله: أمه أروى بنت الحارث بن عبد المطلب، أسلم هو وأبوه يوم الفتح، وروى عن النبىصلى الله عليه وسلم حديثا فى الطواف، وروى أيضا عن حفصة بنت عمر بن الخطاب أم المؤمنين، [ ...... ] (1) روى عنه بنوه: كثيّر، وجعفر، وعبد الرحمن، والسائب بن يزيد، وعكرمة بن خالد المخزومى.

_ 2470 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2471 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2440، الإصابة ترجمة 8042، أسد الغابة ترجمة 4950، الثقات 3/ 401، تجريد أسماء الصحابة 2/ 79، الكاشف 3/ 151، المصباح المضئ 1/ 334، تلقيح فهوم أهل الأثر 377، تهذيب الكمال 3/ 1336، تهذيب التهذيب 10/ 178، بقى بن مخلد 441، التاريخ الكبير 8/ 7). 2472 ـ انظر ترجمة فى: (الاستيعاب ترجمة 2443، الإصابة ترجمة 8046، أسد ترجمة الغابة 4953، طبقات ابن سعد 6/ 9، تاريخ الدورى 2/ 571، طبقات خليفة 26، العلل لأحمد ابن حنبل 2/ 322، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 1941، التاريخ الصغير 2/ 20، المعرفة ليعقوب 1/ 499، الجرح والتعديل ترجمة 1641، الجمع لابن القيسرانى 2/ 525، أنساب القرشيين 421، الكامل فى التاريخ 2/ 132، 253، الكاشف 3/ 5579، التجريد 2/ 292، تهذيب الكمال 6008، تهذيب التهذيب 10/ 179، تقريب التهذيب 2/ 254، خلاصة الخزرجى 3/ 7041). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2473 ـ المطلب بن حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى

روى له مسلم وأصحاب السنن الأربعة، وذكره مسلم فى الصحابة المكيين، وذكره فيهم ابن سعد كاتب الواقدى. قال ابن عبد البر: أسلم يوم فتح مكة، ثم نزل الكوفة، ثم نزل بعد ذلك المدينة، وله بها دار. روى عنه أهل المدينة. قال مصعب الزبيرى: أسر أبوه وداعة ـ يوم بدر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تمسّكوا به، فإن له ابنا كيّسا بمكة». فقالت قريش، بعضها لبعض: لا تعجلوا فى فداء أساركم، فيأرب بكم محمد، فخرج المطلب سرّا حتى فدى أباه بأربعة آلاف درهم، وهو أول أسير فدى، ولامته قريش فى بداره ودفعه فى الفداء، فقال: ما كنت لأدع أبى أسيرا، فشخص الناس بعده، ففدوا أساراهم. 2473 ـ المطلب بن حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى: روى عن النبى صلى الله عليه وسلم: «أبو بكر وعمر منّى بمنزلة السمع والبصر من الرأس» (1). إسناده ليس بالقوى. ومن ولد المطلب بن حنطب هذا: الحكم بن المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب، كان أكرم أهل زمانه وأسخاهم، ثم تزهّد فى آخر عمره، ومات بمنبج (2)، وفيه يقول الراتجى يرثيه [من البسيط] (3): سألوا عن الجود والمعروف ما فعلا ... فقلت إنهما ماتا مع الحكم (4) ماتا مع الرجل الموفى بذمته ... قبل السؤال إذا لم يوف بالذّمم انتهى ذكر هذه الترجمة هكذا عند ابن عبد البر فى الاستيعاب.

_ 2473 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2441، الإصابة ترجمة 8044، أسد الغابة ترجمة 4951، الثقات 3/ 401، تجريد أسماء الصحابة 2/ 79، الكاشف 3/ 151، المصباح المضئ 1/ 334، تلقيح فهوم أهل الأثر 377، تهذيب الكمال 3/ 1336، تهذيب التهذيب 10/ 178، بقى بن مخلد 441، التاريخ الكبير 8/ 7). (1) ذكره الهندى فى كنز العمال رقم 32655. (2) منبج: من بلاد الجزيرة، على نهر الفرات قرب حلب. انظر: معجم البلدان (منبج). (3) انظر الأبيات فى الاستيعاب ترجمة 2441. (4) فى الآمالى: سألوا عن المجد والمعروف ما فعلا ... فقلت إنهما ماتا مع الحكم

2474 ـ المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى الهاشمى

2474 ـ المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى الهاشمى: كان عاملا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذكره المزى فى التهذيب، فقال: ابن عم النبى صلى الله عليه وسلم، له صحبة، وقيل إنه عبد المطلب بن ربيعة. روى عن النبى صلى الله عليه وسلم. روى عنه عبد الله بن الحارث بن نوفل، وفى إسناد حديثه اختلاف. وقد ذكرناه فى ترجمة أنس بن أبى أنس. روى له الأربعة، إلا أن ابن ماجة قال فيه: المطلب بن أبى وداعة، وهو وهم، والله أعلم. 2475 ـ المطلب بن عبد الله بن حنطب بن المطلب بن حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى: قال الزبير بن بكار: كان من وجوه قريش، روى عنه الحديث. وأمه أم أبان بنت الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس. ومن ولده الحكم بن المطلب بن عبد الله، كان من سادة قريش ووجوهها. وكان ممدّحا. ثم قال الزبير: حدثنى عبد الرحمن بن عبد الله الزهرى، عن بعض عمومته، عن محمد ابن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف، قال: كان الحارث بن المطلب لى صديقا، فحج أبوه بعد موته، فلقيته بمنى، وهو ماش يريد مضربه، فلسمت عليه، فتوكّأ على يدى، وذكر ابنه الحارث، حيث رآنى فبكى، فقطرت قطرة من دمعه على

_ 2474 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2442، الإصابة ترجمة 8045، أسد الغابة ترجمة 4952، المعرفة ليعقوب 1/ 499، الجرح والتعديل ترجمة 1642، الكاشف ترجمة 5575، تجريد أسماء الصحابة 2/ 891، تهذيب الكمال 6004، تهذيب التهذيب 10/ 117، تقريب التهذيب 2/ 253، خلاصة الخزرجى 3/ 7037). 2475 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 1/ 142، 160، 2/ 176، 182، 3/ 67، 305، 406، 465، 5/ 11، 8/ 31، 91، تاريخ الدورى 2/ 570، طبقات خليفة 245، 256، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 1942، التاريخ الصغير 1/ 17، المعرفة ليعقوب 1/ 223، 246، 282، 374، 459، 2/ 472، 3/ 162، تاريخ أبى زرعة 720، الجرح والتعديل ترجمة 1644، المراسيل 209، 210، الثقات لابن حبان 5/ 450، سؤالات البرقانى للدارقطنى 295، سير أعلام النبلاء 5/ 317، الكاشف 3/ 5577، تهذيب الكمال 6006، تهذيب التهذيب 10/ 178، تقريب التهذيب 2/ 254، تاريخ الإسلام 2/ 303، ميزان الاعتدال ترجمة 8593، جامع التحصيل 774، خلاصة الخزرجى 7039).

ذراعى، فوجدتها باردة، فبلغت به منزله، ثم رجعت إلى أبى، فقلت له: اعلم أنى أحسب المطلب سيموت، فقال: وما ذاك؟ فقلت له: توكأ على يدى، وذكر ابنه والحرمة التى كانت بينى وبينه فبكى، فقطرت قطرة من دمعه على ذراعى فوجدتها باردة. ولما صار المطلب إلى مضربه قال: هاهنا كان مضجع الحارث العام الأول، وجعل يردد ذلك حتى مات من ساعته. ومن أخبار الحكم بن المطلب هذا فى الجود، ما ذكره الزبير بن بكار، لأنه قال: فأخبرنى عمى مصعب بن عبد الله، عن مصعب بن عثمان، عن نوفل بن عمارة، قال: إن رجلا من قريش، ثم من بنى أمية بن عبد شمس، له قدر وخطر، لم يسمّ لى، لحقه دين، وكان له مال من نخل وزرع، فخاف أن يباع عليه، فشخص من المدينة يريد الكوفة، يعمد خالد بن عبد الله القسرى، وكان واليا لهشام بن عبد الملك على العراق، وكان يبرّ من قدم عليه من قريش، فخرج الرجل يريده، وأعدّ له هدايا من طرف المدينة، حتى قدم فيدا (1) فأصبح بها، ونظر إلى فسطاط عنده جماعة، فسأل عنه، فقيل: للحكم بن المطلب، فلبس نعليه، ثم خرج حتى دخل عليه، فلما رآه، قام إليه، فتلقاه فسلّم عليه، ثم أجلسه فى صدر فراشه، ثم سأله عن مخرجه، فأخبره بدينه، وما أراد من إتيان خالد بن عبد الله القسرى، فقال له الحكم: انطلق بنا إلى منزلك، فلو علمت مقدمك لسبقتك إلى إتيانك، فمضى معه حتى أتى منزله، فرأى الهدايا التى أعد لخالد، فتحدث معه ساعة، ثم قال: إن منزلنا أحضر عدّة، وأنت مسافر، ونحن مقيمون، فأقسمت عليك إلا قمت معى إلى المنزل، وجعلت لنا من هذه الهدايا نصيبا فقام معه الرجل فقال: خذ منها ما أحببت. فأمر بها فحملت كلها إلى منزله، وجعل الرجل يستحيى أن يمنعه منها شيئا، حتى صار معه إلى المنزل، فدعا بالغداء، وأمر بالهدايا، ففتحت، فأكل كل منها ومن حضره، ثم أمر ببقيتها ترفع إلى خزائنه، وقام فقام الناس، ثم أقبل على الرجل، فقال: أنا أولى بك من خالد، وأقرب إليك رحما ومنزلا، وهاهنا مال للغارمين، أنت أولى الناس به، ليس لأحد عليك فيه منّة إلا الله عزوجل، تقضى دينك. ثم دعا بكيس فيه ثلاثة آلاف دينار، فدفعه إليه وقال: قد قرّب الله عزوجل عليك الخطو، فانصرف إلى أهلك مصاحبا محفوظا. فقام الرجل من عنده، يدعو له ويشكره، فلم تكن له همة إلى الرجوع إلى أهله، وانطلق الحكم معه يشّيعه، فسار معه شيئا، ثم

_ (1) فيدا: موضع فى منتصف طريق الحاج من الكوفة إلى مكة. انظر: معجم البلدان (فيدا).

2476 ـ مطيع بن الأسود بن حارثة بن نضلة بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدى بن كعب بن لؤى القرشى العدوى

قال له: كأنى بزوجتك قد قالت لك: أين طرائف العراق: بزّها وخزّها وعراضاتها؟ ما كان لنا معك نصيب؟ ثم أخرج صرّة قد حملها معه، فيها خمسمائة دينار، فقال: أقسمت عليك إلا جعلت هذه لها عوضا من هدايا العراق، وودّعه وانصرف. وذكر الزبير فى وفاة الحكم بن المطلب خبرا طريفا، لأنه قال: وسمعت القاسم بن محمد بن المعتمر بن عياض بن حمنن بن عوف، يحدّث أبى بمنى، فى سنة أربع وتسعين ومائة، قال: أخبرنى حميد بن معيوف، عن أبيه، قال: كنت فيمن حضر الحكم بن المطلب عند موته، فلقى من الموت شدة، فقلت ـ أو قال رجل ممن حضره، وهو فى غشيه ـ: اللهم هوّن عليه، فإنه كان وكان ـ يثنى عليه ـ وقال: فأفاق فقال: من المتكلم؟ فقال المتكلم: أنا. قال: إن ملك الموت عليه السلام يقول لك: إنى بكل سخىّ رفيق، فكأنما كانت فتيلة أطفئت. انتهى. ولم يمت الحكم حتى تزهد بثغر منبج، وفيه يقول الراتجى يرثيه، على ما روى الزبير ابن بكار عن عمه [من البسيط]: ماذا بمنبج لو نبش مقابرها ... من التهرّم بالمعروف والكرم سألوا عن الجود والمعروف أين هما ... فقلت إنهما ماتا مع الحكم ماتا مع الرجل الموفى بذمته ... قبل السؤال إذا لم يوف بالذمم 2476 ـ مطيع بن الأسود بن حارثة بن نضلة بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدى بن كعب بن لؤى القرشى العدوى: كان اسمه العاص، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم «مطيعا». وقال لعمر بن الخطاب: «إن ابن عمك العاصى ليس بعاص، ولكنه مطيع» ويروى فى سبب تسمية رسول اللهصلى الله عليه وسلم إياه مطيعا، خبر، ذكره الزبير بن بكار، فقال: حدثنى إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس، حدثنى أيوب بن سلمة بن عبد الله بن الوليد، عن أبان بن عثمان، قال: جلس النبى صلى الله عليه وسلم على المنبر، فقال: اجلسوا. فدخل العاصى بن الأسود، فسمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول: اجلسوا، فجلس. فلما نزل النبى صلى الله عليه وسلم، جاء العاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لى لم أرك فى الصلاة؟ . فقال: بأبى أنت وأمى، دخلت، فسمعتك تقول:

_ 2476 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2585، الإصابة ترجمة 8049، أسد الغابة ترجمة 4954، الثقات 3/ 405، التاريخ الصغير 1/ 61، الرياض المستطابة 261، المتحف 324، الطبقات 23، عنوان النجابة 157، بقى بن مخلد 869، تجريد أسماء الصحابة 2/ 80، الكاشف 3/ 151، تلقيح فهوم أهل الأثر 384، التاريخ الكبير 8/ 47، الجرح والتعديل 8/ 399، تهذيب الكمال 3/ 1337، تهذيب التهذيب 10/ 181).

2477 ـ مظاهر بن أسلم [ويقال ابن محمد بن أسلم القرشى المخزومى المدنى

اجلسوا، فجلست حيث انتهى إلىّ السمع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لست بالعاصى، ولكنك مطيع. فسمى مطيعا. فى حديث أكثر من هذا. قال الزبير: ولم يدرك الإسلام من عصاة قريش، غير مطيع، كان اسمه العاصى، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم مطيعا. وذكر ابن عبد البر، أن إسلامه كان يوم فتح مكة، وأنه من المؤلفة قلوبهم. ومن حديثه، أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يقتل قرشى صبرا بعد اليوم» يعنى فتح مكة. وقال: قال العدوى: هو أحد السبعين الذين هاجروا من بنى عدى. انتهى. وهو والد عبد الله بن مطيع، الذى كان أمير أهل المدينة يوم الحرة، وفى كونه كان أميرا على جميع أهل المدينة، أو على قريش فقط، خلاف سبق. روى عنه ابنه عبد الله بن مطيع، وعيسى بن طلحة بن عبيد الله. روى له البخارى فى الأدب المفرد، ومسلم. قال الزبير: ومات مطيع بن الأسود بالمدينة، فى خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه، وأوصى إلى الزبير بن العوام بتركته، وأن يتزوج زوجته الحلال بنت قيس الأسدية، من أسد خزيمة، وأن يقطع رجله، وكان شعب، فأبى الزبير أن يقبل وصيته، وقال: فى قومك سعيد بن زيد، وعبد الله بن عمر، فقال: له: يا أبا عبد الله، اقبل وصيتى، فإنى سمعت عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول: لو كنت تاركا بعدى ضياعا، لأوصيت إلى الزبير، فإنه ركن من أركان الإسلام. فقبل الزبير وصيته، وقطع رجله، وتزوج زوجته، فولدت له خديجة الصغرى بنت الزبير. انتهى. وذكره مسلم فى الصحابة المكيين. وذكر النووى فى موضع وفاته خلافا، هل هو بمكة أو بالمدينة. 2477 ـ مظاهر بن أسلم [ويقال ابن محمد بن أسلم القرشى المخزومى المدنى: روى عن سعيد المقبرى، والقاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق، وابن جريج. وروى عنه سفيان الثورى، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد.

_ 2477 ـ انظر ترجمته فى: (سؤالات ابن الحنيد لابن معين 101، التاريخ الكبير للبخارى 8/ 2189، 2211، التاريخ الصغير 2/ 128، 129، الجرح والتعديل ترجمة 2003، الثقات لابن حبان 7/ 528، الكاشف ترجمة 5587، ديوان الضعفاء 4155، المغنى ترجمة 6295، تهذيب الكمال 6016، تهذيب التهذيب 10/ 183، تقريب التهذيب 2/ 255).

2478 ـ مظفر بن محمود بن أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله ابن الحسين الدمشقى، نجم الدين أبو الثناء بن تاج [ ..... ] (1) المعروف بابن عساكر

قال يحيى بن معين: ليس بشئ. قال أبو حاتم: منكر الحديث، ضعيف الحديث. وقال أبو داود: رجل مجهول، وحديثه فى طلاق الأمة منكر. قال الترمذى: لا يعرف له فى العلم غير هذا الحديث، وقال فيه: غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث مظاهر. وضعفه النسائى. وذكره ابن حبان فى الثقات. روى له أبو داود، والترمذى، وابن ماجة] (1). 2478 ـ مظفّر بن محمود بن أحمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله ابن الحسين الدمشقى، نجم الدين أبو الثناء بن تاج [ ..... ] (1) المعروف بابن عساكر: حج فى سنة ثلاث وخمسين وستمائة، فأدركه الأجل بعرفات فى يومها، ودفن قريبا من الصّخرات. وذكر الذهبى، أنه توفى كهلا، وأنه حدّث عن القاضى أبى القاسم بن الحرستانّى. وهو والد القاسم بن مظفّر، شيخ شيوخنا. 2479 ـ معاذ بن عثمان، أو عثمان بن معاذ القرشى: ذكره هكذا ابن عبد البر، وقال: هكذا قال ابن عيينة، عن ابن قيس، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى، عن رجل من قومه، يقال له عثمان بن معاذ، أو معاذ بن عثمان، من بنى تيم، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعلّم الناس مناسكهم، وكان فيما قال لهم: «وارموا الجمرة بمثل حصى الخذف». 2480 ـ معاوية بن أبى سفيان صخر بن حرب بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى، أبو عبد الرحمن، الخليفة: كان هو وأبوه وأخوه يزيد، من مسلمة الفتح. وروى عن معاوية، أنه أسلم يوم الحديبية، وكتم إسلامه من أبيه وأمه، وهو وأبوه من المؤلفة قلوبهم، ثم حسن إسلامهما، وشهد معاوية مع النبى صلى الله عليه وسلم حنينا، وأعطاه من غنائم هوازن مائة بعير، وأربعين أوقيّة. وكان أحد كتّاب الوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ودعا له النبى صلى الله عليه وسلم، فقال:

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل، وما أوردناه من تهذيب الكمال. 2478 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2479 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2449، الإصابة ترجمة 8067، أسد الغابة ترجمة 4968، تجريد أسماء الصحابة 2/ 81). 2480 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2464، الإصابة ترجمة 8087، أسد الغابة ترجمة 4984، معرفة الرجال 2/ 177).

«اللهم علّمه الكتاب والحساب وقه العذاب» (1). وقال فى حقه: «اللهم اجعله هاديا مهديا» (2). رواه الترمذى من حديث عبد الرحمن بن أبى عميرة الصحابى، عن النبىصلى الله عليه وسلم، وحسنّه الترمذى. وروى له على ما قال النووى، عن النبى صلى الله عليه وسلم: مائة حديث وثلاثة وستون حديثا، اتفق البخارى ومسلم على أربعة منها، وانفرد البخارى بأربعة، ومسلم بخمسة. روى عنه من الصحابة: أبو الدراداء، وأبو سعيد الخدرى، والنعمان بن بشير، وابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وغيرهم. روى له الجماعة. وقيل لابن عباس رضى الله عنهما: هل لك فى أمير المؤمنين معاوية، ما أوتر إلا فى واحدة، قال: أصاب، إنه فقيه. وروى جبلة بن سحيم، عن ابن عمر، قال: ما رأيت أحدا بعد رسول اللهصلى الله عليه وسلم، أسود من معاوية، فقيل له: فأبو بكر وعمر وعثمان وعلىّ؟ فقال: كانوا والله خيرا من معاوية فأفضل، وكان معاوية أسود منهم. انتهى. قال ابن عبد البر: وذمّ معاوية عند عمر يوما، فقال: دعونا من ذمّ فتى قريش، من يضحك فى الغضب، فلا (3) ينال ما عنده إلا على الرضى (4)، ولا يؤخذ ما فوق رأسه إلا من تحت قدميه. وقال عمر رضى الله عنه، إذ دخل الشام، ورأى معاوية: هذا كسرى العرب. وكان

_ (1) أخرجه أحمد فى المسند بمسند الشاميين حديث رقم (16702) من طريق: عبد الرحمن ابن مهدى، عن معاوية يعنى ابن صالح، عن يونس بن سيف، عن الحارث بن زياد، عن أبى رهم، عن العرباض بن سارية السلمى، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يدعونا إلى السحور فى شهر رمضان: «هلموا إلى الغذاء المبارك»؛ ثم سمعته يقول: «اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب». (2) أخرجه الترمذى فى سننه كتاب المناقب حديث رقم (3842) من طريق: محمد بن يحيى، حدثنا أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر، عن سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن عبد الرحمن بن أبى عميرة وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاوية: «اللهم اجعله هاديا مهديا واهد به». قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب. وأخرجه أحمد فى المسند بمسند الشاميين حديث رقم (17438). (3) فى الاستيعاب: «ولا». (4) فى الاستيعاب: «الرضا».

قد تلقّاه معاوية فى موكب عظيم، فلما دنا منه قال: أنت صاحب المكوكب العظيم؟ . قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: مع ما يبلغنى [عنك] (5) من وقوف ذوى الحاجات ببابك؟ . قال: مع ما يبلغك من ذلك. قال: ولم تفعل هذا؟ . قال: نحن بأرض جواسيس، العدوّ بها كثير، فيجب أن نظهر من عز السلطان ما نرهبهم به، فإن أمرتنى فعلت، وإن نهيتنى انتهيت. فقال عمر: يا معاوية، ما أسألك عن شيء إلا تركتنى فى مثل رواجب الضّرس، لئن كان ما قلت حقا، إنه لرأى أريب. وإن كان باطلا، إنه لخدعة أديب. قال: فمرنى يا أمير المؤمنين، قال: لا آمرك ولا أنهاك. قال عمرو: يا أمير المؤمنين، ما أحسن ما صدر الفتى عمّا أوردته فيه! قال: لحسن مصادره وموارده، جشّمناه ما جشّمناه. انتهى. قال الزبير بن بكار، لما ذكر أولاد أبى سفيان: ومعاوية بن أبى سفيان كان يقول: «أسلمت عام القضيّة، ولقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوضعت إسلامى عنده، وقبل منى». وكان من أمره بعد ما كان ولم يزل مع أخيه يزيد بن أبى سفيان، حتى توفى يزيد فاستخلفه على عمله، وأقره عمر، وعثمان ـ رضى الله عنهما ـ من بعد عمرو ركب البحر غازيا بالمسلمين إلى قبرس، فى خلافة عثمان. ثم قال الزبير: وحدثنى أبو الحسن المدائنى، قال: كان عمر بن الخطاب إذا نظر إلى معاوية، قال: هذا كسرى العرب. وكان عمر ولاه على الشام، عند موت أخيه يزيد، وكان موت يزيد، على ما قال صالح بن دحية: فى ذى الحجة سنة تسع عشرة، بعد أن عمر فيها نائب عمر قيسارية، وبها بطارقة الروم، وحصرهم أياما، وخلف عليها معاوية، وسار هو إلى دمشق، فافتتحها معاوية، فى شوال هذه السنة. وكتب إليه عمر بعهده على ما كان يليه يزيد من عمل الشام، ورزقه ألف دينار فى كل شهر، وقيل إنه رزقه على عمله بالشام، عشرة آلاف دينار كل سنة، حكاه ابن عبد البر. أقام معاوية واليا لذلك أربع سنين، بقيت من خلافة عمر، فلما مات عمر أقره عثمان على ذلك، حتى مات عثمان. ولما بلغه موت عثمان، وأتاه البريد بموته بالدماء مضرجا، نعاه معاوية إلى أهل الشام، وتعاقدوا على الطلب بدمه، وامتنعوا من مبايعة علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، وكان قد بويع بالمدينة بعد قتل عثمان، فسار علىّ رضى الله عنه من العراق نحو أهل الشام، فى سبعين ألفا أو تسعين ألفا، وسار إليه معاوية فى ستين ألفا، فالتقى الفريقان على أرض صفين، بناحية العراق، ودام الحرب والمصابرة أياما ولياليا، قتل فيها من الفريقين، أزيد من ستين ألفا.

_ (5) ما بين المعقوفتين أوردناه من الاستيعاب.

ولما رأى أهل الشام ضعفهم عن أهل العراق، نصبوا المصاحف على الرماح، وسألوا الحكم بما فيها، وأجابهم علىّ رضى الله عنه إلى ذلك، واتفق الحال على تحكيم حكمين، أحدهما من جهة علىّ، والآخر من جهة معاوية، وأن الخلافة تكون لمن يتفق عليه الحكمان، وتحاجزوا عن القتال. ثم إن عليا رضى الله عنه، أتى بأبى موسى الأشعرى حكما، وندب معاوية، عمرو ابن العاص حكما، ومع كل من الحكمين طائفة من جماعته، واجتمعوا بدومة الجندل، على عشرة أيام من دمشق، وعشرة من الكوفة، فلم يبرم أمر، لأن عمرا خلى بأبى موسى الأشعرى وخدعه، بأن أو همه أنه يوافقه على خلع الرجلين، على ومعاوية، وتولية الخلافة لعبد الله بن عمر بن الخطاب، على ما قيل: وكان عند أبى موسى ميل إلى ذلك، وقرر عمرو مع أبى موسى، أنه يقوم فى الناس، ويعلمهم بخلعه لعلى ومعاوية، ثم يقوم عمرو بعده ويصنع مثل ذلك، ولولا ما لأبى موسى من السابقة فى الإسلام، لقام عمرو بذلك قبله. فصنع أبو موسى ما أشار إليه عمرو، ثم قام عمرو فذكر ما صنعه أبو موسى، وذكر أنه وافقه على ما ذكر من خلع علىّ، وأنه أقر معاوية خليفة، ورجع الشاميون وفى ذهنهم أنهم حصلوا على شئ، فبايعوا معاوية. وبعث إلى مصر جندا، فغلبوا عليها، وصارت بين جنده وجند علىّ رضى الله عنه، فلما مات علىّ، ولى ابنه الحسن الخلافة بعده، وسار من العراق ليأخذ الشام، وخرج إليه معاوية لقتاله بمن معه من أهل الشام. ثم إن الحسن رغب فى تسليم الأمر لمعاوية، على أن يكون له ذلك من بعده، وأن يمكنه مما فى بيت المال، ليأخذ منه حاجته، وأن لا يؤاخذ أحدا من شيعة علىّ بذنب، ففرح بذلك معاوية، وأجاب إليه، فخلع الحسن نفسه وسلم الأمر لمعاوية، ودخلا الكوفة، فقام الحسن فى الناس خطيبا، وأعلم الناس بذلك، فلم يعجب شيعته، وذموه الناس لذلك، فلم يلتفت لقولهم، وحقق الله تعالى بفعل الحسن هذا، ما قاله فيه جده المصطفىصلى الله عليه وسلم: «إن ابنى هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين». ولما سلم الحسن الخلافة لمعاوية، اجتمع الناس على بيعته، وسمى العام الذى وقع فيه ذلك، عام الجماعة، لاجتماع الأمة بعد الفرقة على خليفة واحد، وذلك فى سنة إحدى وأربعين من الهجرة، وقيل فى سنة أربعين، والأول أصح، على ما قال ابن عبد البر، وذكر أن ذلك فى ربيع أو جمادى سنة إحدى وأربعين. وبعث معاوية بعد ذلك نوابه على البلاد، وله فى ذلك أخبار مشهورة، ليس ذكرها هاهنا من غرضنا.

وحج بالناس غير مرة [ ...... ] (6) وصنع بمكة مآثر حسنة، منها: أنه اشترى من عقيل بن أبى طالب، دار خديجة بنت خويلد، زوج النبى صلى الله عليه وسلم، التى بنى بها فيها النبىصلى الله عليه وسلم، وولدت فيها أولادها من النبى صلى الله عليه وسلم، وماتت فيها، وهى الموضع المعروف قديما بزقاق العطارين بمكة، وتعرف الآن بمولد فاطمة، وجعلها معاوية مسجدا. ودام معاوية فى الخلافة حتى مات. واختلف فى مقدار مدة إمرته بالشام وخلافته، فقيل: كان أميرا عشرين سنة، وخليفة عشرين سنة، وثمانية وعشرين يوما، قاله ابن إسحاق. وقيل: كانت خلافته تسع عشرة سنة ونصفا، قاله الوليد بن مسلم. وقيل: كانت خلافته تسع عشرة سنة، وثلاثة أشهر، وعشرين يوما، حكاه ابن عبد البر، ولم يبين قائله. وقال: إن إمرته بالشام كانت نحوا من عشرين سنة. واختلف فى وفاته، فقيل: سنة ستين من الهجرة فى رجب، قاله ابن إسحاق، والليث ابن سعد، والوليد بن مسلم، واختلف فى تاريخها من رجب فقيل: فى النصف منه، قاله ابن إسحاق، وقيل: لأربع ليال بقين منه، قاله الليث بن سعد. وقيل: إنه توفى سنة تسع وخمسين، يوم الخميس لثمان بقين من رجب، ذكره ابن عبد البر، ولم يعزه، وكذلك المزى. واختلفوا فى سنه، فقيل: كان ابن ثمان وسبعين، وقيل: ابن ست وثمانين، ذكرهما ابن إسحاق، وقيل ابن ثلاث وثمانين سنة، حكاه ابن عبد البر، من جملة قول من قال: إنه توفى سنة تسع وخمسين. واتفقوا على أنه توفى بدمشق، وقبره بها مشهور [ ....... ] (7): ولما احتضر، كان يتمثل بقول القائل [الوافر] (8): فهل من خالد إما هلكنا ... وهل بالموت يا للناس عار ولما حضره الموت، قال لابنه يزيد: إنى صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج لحاجته، فتبعته بإدواة، فكسانى أحد ثوبيه الذى كان يلى جلده، فخبأته لهذا اليوم، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أظفاره وشعره ذات يوم، فأخذته وخبأته لهذا اليوم، فإن أنا مت، فاجعل ذلك القميص دون كفنى مما يلى جلدى، وخذ ذلك الشعر والأظفار، فاجعله فى فمى،

_ (6) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (7) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (8) انظر البيت فى الاستيعاب ترجمة 2464.

وعلى عينى، ومواضع السجود منى، فإن نفع شئ، فذاك، وإلا فإن الله غفور رحيم. ويقال: إنه لما نزل به الموت، قال: ياليتنى كنت رجلا من قريش بذى طوى، وأنى لم أنل من هذا الأمر شيئا. وقال الليث: إنه أول من جعل ابنه ولى العهد خليفة بعده فى صحته. قال ابن عبد البر: قال الزبير: هو أول من اتخذ ديوان الخاتم، وأمر بهدايا النيروز والمهرجان، واتخذ المقاصير فى الجوامع، وأول من قتل مسلما صبرا حجرا وأصحابه، وأول من أقام على رأسه حرسا، وأول من قيدت بين يديه الجنائب، وأول من اتخذ الخدام الخصيان فى الإسلام، وأول من بلغ درجات المنبر خمس عشرة مرقاة (9)، وكان يقول: أنا أول الملوك. انتهى. ومن أولياته على ما فى كتاب الأزرقى: أنه أول من طيب الكعبة من بيت المال، وأجرى لها وظيفة الطيب عند كل صلاة، وأول من أجرى الزيت لقناديل المسجد الحرام، من بيت المال، وأول من خطب على منبر بمكة. وقال أبو عبد رب: رأيت معاوية يصفر لحيته كأنها الذهب. وروى ابن وهب، عن مالك قال: قال معاوية: لقد نتفت الشيب، كذا وكذا سنة. قال النووى: وكان معاوية أبيض جميلا يخضب [ .............. ] (10) وكان معاوية نهاية فى الحلم والدهاء، وله فى ذلك أخبار مشهور. ومن أخباره فى ذلك، ما ذكره الزبير فى كتابه قال: وحدثنى على بن صالح قال: حدثنى أبو أيوب يحيى بن سعيد ـ من ولد سعيد بن العاص ـ عن عثمان بن عبد الله، عن معمر، عن الزهرى، قال: قدم المسور بن مخزومة على معاوية، قال: فلما دخلت وسلمت، قال لى: ما فعل طعنك على الأئمة يا مسور؟ قال: قلت: ارفضنا من هذا يا أمير المؤمنين، وأحسن فيما قدمنا له. قال: عزمت عليك لتخبرنى بذات نفسك، فو الله ما ترك شيئا كنت أعيبه عليه إلا عبته له. قال: فلما فرغت، قال: لا تبرأ من الذنب، فهل لك يا مسور ذنوب تخاف أن تهلك إن لم يغفرها الله عزوجل! قلت: نعم، فما يجعلك أحق أن ترجو المغفرة منى، والله لما إلىّ من إقامة الحدود والجهاد فى سبيل الله تعالى، والإصلاح من الناس أعظم، وإنى لعلى دين يقبل الله فيه الحسنات، ويعفو فيه

_ (9) فى الاستيعاب: «رقاة». (10) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

عن السيئات، والله ما كنت لأخير بين الله عزوجل وغيره، إلا اخترت الله عزوجل على ما سواه. فكان المسور إذا ذكره استغفر له، وقال: خصمنى. ومنها على ما ذكر الزبير: أن سعيد بن عثمان بن عفان رضى الله عنه، قدم على معاوية، فقال له معاوية: يا ابن أخى، ما شيء يقوله أهل المدينة؟ فقال: ما يقولون؟ قال: قولهم: والله لا ينالها يزيد ... حتى ينال راشد الحديد إن الأمير بعده سعيد قال: ما تنكر من ذلك يا معاوية؟ ، والله إن أبى لخير من أبى يزيد، ولأمى خير من أم يزيد ولأنا خير منه. ولقد استعملناك فما عزلناك بعد، ووصلناك فما قطعناك، ثم صار فى يديك ما قد ترى، فحلأتنا عنه أجمع. فقال له معاوية: يا بنى: أما قولك: إن أبى خير من أبى يزيد، فقد صدقت، عثمان خير من معاوية. وأما قولك: أمى خير من أم يزيد، فقد صدقت، امرأة من قريش، خير من امرأة من كلب، وبحسب امرأة أن تكون من صالح نساء قومها. وأما قولك: إنى خير من يزيد، فو الله ما يسرنى أن حبلا بينى وبين أهل العراق، ثم نظم فيه أمثالك به! . ثم قال معاوية لسعيد بن عثمان: الحق بعمك زياد ابن أبى سفيان، فإنى قد أمرته أن يوليك خراسان. وكتب إلى زياد: أن وله ثغر خراسان، وابعث على الخراج رجلا جلدا حازما، فقدم عليه، فولاه، وتوجه سعيد إلى خراسان على ثغرها، وبعث زياد أسلم بن زرعة الكلابى معه على الخراج. ومنها على ما قال الزبير: حدثنى عمى مصعب بن عبد الله، عن عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير ـ أو غير عبد الله ـ وحدثنيه محمد بن الضحاك الحزامى، عن أبيه: أن عمرو بن عثمان اشتكى، فكان العواد يدخلون عليه، فيخرجون، ويتخلف مروان بن الحكم عنده، فيطيل. فأنكرت رملة بنت معاوية ذلك، فخرقت كوة، فاستمعت على مروان، فإذا هو يقول لعمرو: ما أخذ هؤلاء ـ يعنى بنى حرب بن أمية ـ الخلافة إلا باسم أبيك! فما يمنعك أن تنهض بحقك؟ فلنحن أكثر منهم رجالا! منا فلان، ومنهم فلان، ومنا فلان، ومنهم فلان، حتى عدد رجالا، ثم قال: ومنا فلان، وهو فضل، وفلان أفضل، حتى عدد فضول رجال بنى أبى العاص، على رجال بنى حرب.

2481 ـ معاوية بن صالح بن جدير الحضرمى، أبو عمرو الحمصى

فلما برأ عمرو، تجهز للحج، وتجهزت رملة فى جهازه. فلما خرج عمرو إلى الحج، خرجت رملة إلى أبيها، فقدمت عليه الشام. قال محمد بن الضحاك: فأخبرته الخبر، وقالت: ما زال يعد فضل رجال بنى أبى العاص، على بنى حرب، حتى عد ابنى عثمان وخالدا، ابنى عمرو، فتمنيت أنهما ماتا. فكتب معاوية إلى مروان (11) [من الطويل]: أواضع رجل فوق أخرى يعدنا ... عديد الحصى ما إن تزال تكاثر وأمّكم تزجى تؤاما لبعلها ... وأم أخيكم نزرة الولد عاقر أشهد يا مروان، أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا بلغ ولد الحكم ثلاثين رجلا، اتخذوا مال الله دولا، ودين الله دخلا، وعباد الله خولا». فكتب إليه مروان: أما بعد، يا معاوية! فإنى أبو عشرة، وأخو عشرة، وعم عشرة، والسلام. قال الذهبى: وكان ملكا مهيبا حازما شجاعا جوادا حليما سيدا، كأنما خلق للملك، يعد من أفراد الملوك حزما وحلما ودهاء، وتمت فى أيامه عدة فتوحات. انتهى. 2481 ـ معاوية بن صالح بن جدير الحضرمى، أبو عمرو الحمصى: قاضى الأندلس. روى عن: مكحول، وراشد بن سعد، وربيعة بن يزيد، وعبد الرحمن بن جبير، وسليم بن عامر، وغير واحد. روى عنه: الثورى، والليث، وأبو إسحاق الفزارى، وابن وهب، وابن مهدى، وطائفة، آخرهم عبد الله بن صالح. روى له: مسلم، وأصحاب السنن. وثّقه ابن مهدى، وابن حنبل، وأبو زرعة.

_ (11) انظر: نسب قريش 4/ 110. 2481 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 1/ 19، 27، 36، 118، 270، 299، 2/ 164، 1115، 4/ 162، 5/ 423، 7/ 275، 299، 361، تاريخ الدورى 2/ 573، طبقات خليفة 296، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 1443، التاريخ الصغير 2/ 175، الكنى للدولابى 2/ 43، الجرح والتعديل ترجمة 1750، الثقات لابن حبان 7/ 470، الكامل لابن عدى 3/ 143، الثقات لابن شاهين 1337، تاريخ ابن الفرضى 2/ 138، جذوة المقتبس 320، السابق واللاحق 223، الجمع لابن القيسرانى 2/ 491، تاريخ الإسلام 6/ 291، سير أعلام النبلاء 7/ 158، تذكرة الحفاظ 1/ 176، العبر 1/ 329، 387، الكاشف 3/ 5621، ديوان الضعفاء 4166، المغنى 2/ 6315، ميزان الاعتدال 4/ 8624، تهذيب الكمال 6058، تهذيب التهذيب 10/ 209، تقريب التهذيب 2/ 259، خلاصة الخزرجى 3/ 7082).

2482 ـ معاوية الهذلى

وذكر ابن يونس: أنه قدم مصر، وخرج إلى الأندلس، فلما دخل عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان الأندلس وملكها، اتصل به، فأرسله إلى الشام فى بعض أمره، فلما رجع إليه من الشام، ولاه قضاء الجماعة بالأندلس. وكان خروجه من حمص، فى سنة خمس وعشرين ومائة، وتوفى سنة ثمان وخمسين ومائة. انتهى. وقد ذكر وفاته هكذا غير واحد، منهم: الذهبى فى العبر. وقال: حج، فأدركه الأجل بمكة، وصلى عليه الثورى، وأكثر عنه فى هذا العام المصريون والحجاج. وقيل مات فى سنة تسع وخمسين ومائة. انتهى. 2482 ـ معاوية الهذلى: روى عنه سليم بن عامر الخبائرى. يعد فى الشاميين، مذكور فيمن نزل حمص، وهو من حلفاء قريش. ذكره هكذا ابن عبد البر فى الاستيعاب. * * * من اسمه معبد 2483 ـ معبد بن أكثم الخزاعى: صحابى. له ذكر فى حديث لابن عقيل، عن جابر رضى الله عنه. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد. 2484 ـ معبد بن أمية بن خلف الجمحى: ذكره هكذا الذهبى، وقال: مرّ مع أخيه سلمة. انتهى كلامه. 2485 ـ معبد بن زهير بن أبى أميّة حذيفة، وقيل سهل، وقيل هشام، بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى: ابن أخى أم سلمة، زوج النبى صلى الله عليه وسلم. قال ابن عبد البر: له رواية، وإدراك، ولا صحبة له. قتل يوم الجمل.

_ 2482 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2469، الإصابة ترجمة 8106، أسد الغابة ترجمة 4995، تجريد أسماء الصحابة 2/ 84). 2483 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2470، الإصابة ترجمة 8108، أسد الغابة ترجمة 4996). 2485 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2472، الإصابة ترجمة 8346، أسد الغابة ترجمة 5000).

2486 ـ معبد بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم القرشى الهاشمى

2486 ـ معبد بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم القرشى الهاشمى: أمير مكة، يكنى أبا العباس، ابن عم النبى صلى الله عليه وسلم، ولد على عهد النبى صلى الله عليه وسلم، ولم يحفظ عنه، وولى مكة لعلىّ بن أبى طالب رضى الله عنه، على ما ذكره الزبير بن بكار، وابن حزم. قتل بإفريقية شهيدا، لما خرج فى الغزو إليها مع عبد الله بن أبى سرح، وذلك فى زمن عثمان، سنة خمس وثلاثين. وأمه: أم الفضل لبابة بنت الحارث، أخت ميمونة بنت الحارث، زوج النبىصلى الله عليه وسلم. وهى أم إخوته: عبد الله، وعبيد الله، وقثم، وعبد الرحمن، وأم حبيبة، وأم الفضل، أولاد العباس بن عبد المطلب، رضى الله عنهم. 2487 ـ معبد بن أبى معبد الخزاعى: الذى رد أبا سفيان بن حرب، عما عزم عليه من الرجوع بمن معه إلى المدينة، لقتال النبى صلى الله عليه وسلم، بعد منصرف أبى سفيان ومن معه من أحد، ثم أسلم معبد بعد ذلك. وقد ذكر خبر معبد هذا، ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم، قال: لما انصرف المشركون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إلى حمراء الأسد، وهى من المدينة على ثمانية أميال، ليبلغ المشركين، أن بهم قوة على اتباعهم، فمر به معبد الخزاعى، وكانت خزاعة، عيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، مسلمهم ومشركهم، لا يخفون عنه شيئا، ولا يدخرون عنه نصيحة. ومعبد يومئذ مشرك، فقال: يا محمد، أما والله لقد عز علينا ما أصابك فى أصحابك، ولوددنا أن الله أعفاك منهم. ثم خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بحمراء الأسد، حتى لقى أبا سفيان بن حرب، ومن معه بالروحاء، وقد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: أصبنا حد أصحابهم وقادتهم وأشرافهم، ثم رجعنا قبل أن نستأصلهم، لنكر على بقيتهم، فلنفرغن منهم. فلما رأى أبو سفيان معبدا، قال: ما وراءك يا معبد؟ قال: محمد، قد خرج فى أصحابه يطلبكم فى جمع لم أر مثله، يتحرقون عليكم تحرقا، قد اجتمع إليه من كان

_ 2486 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2476، الإصابة ترجمة 8347، أسد الغابة ترجمة 5004، نسب قريش 27، طبقات خليفة 1974، التاريخ الصغير 1/ 52، أنساب الأشراف 3/ 66، جمهرة أنساب العرب 18، تاريخ الإسلام 2/ 93). 2487 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2484، الإصابة ترجمة 8131، أسد الغابة ترجمة 4999).

2488 ـ معبد القرشى

تخلف عنه فى يومكم، وندموا على ما ضيعوا، ولهم من الحنق عليكم شيء لم أر مثله قط. قالوا: ويلك! ما تقول؟ قال: والله ما أراك ترتحل حتى ترى نواصى الخيلى، قال: فو الله، لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصل بقيتهم، قال: فإنى أنهاك عن ذلك، فو الله لقد حملنى ما رأيت، أن قلت فيه أبياتا من الشعر، قال: وما ذاك؟ قال: قلت [من البسيط] (1): كادت تهدّ من الأصوات راحلتى ... إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل فذكر الأبيات فى المغازى، وتمام الخبر. 2488 ـ معبد القرشى: روى عنه سماك بن حرب. وخرج له الطبرانى فى معجمه. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد. 2489 ـ 2489 معروف بن خرّبوذ المكى: مولى عثمان. عن أبى الطفيل الليثى، وأبى جعفر محمد بن عبد الباقى، وغيرهما. روى عنه: وكيع، وعبيد الله بن موسى، وأبو داود الطيالسى، وأبو نعيم، والخريبى، وغيرهم. روى له: البخارى (1)، ومسلم (2)، وأبو داود (3)، وابن ماجة (4). ضعفه ابن معين. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه. وذكره ابن حبان فى الثقات. 2490 ـ معروف بن مشكان بن عبد الله بن فيروز، الإمام أبو الوليد المكى: قارئ أهل مكة. قرأ على عبد الله بن كثير القارئ، وقرأ عليه القرآن، وروى عنه، وعن مجاهد، وعطاء بن أبى رباح، وعبد الرحمن بن كيسان. روى عنه: ابن المبارك، ومروان بن معاوية، ومحمد بن حنظلة المخزومى، وغيرهم. روى له ابن ماجة حديثا واحدا، وقرأ عليه إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين، وهو من

_ (1) انظر البيت فى الاستيعاب ترجمة 2484. 2489 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال ترجمة 7479، تهذيب التهذيب ترجمة 19667، تقريب التهذيب ترجمة 31665). (1) روى له البخارى فى صحيحه كتاب العلم حديث رقم (127). (2) روى له مسلم فى صحيحه كتاب الحج حديث رقم (1275). (3) روى له أبو داود فى سننه كتاب المناسك حديث رقم (1879). (4) روى له ابن ماجة فى سننه كتاب المناسك حديث رقم (2949).

2491 ـ معتب بن عوف بن عمرو بن عامر بن الفضل بن عفيف بن كليب ابن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو السلولى، وقيل الخزاعى، ويعرف بمعتب بن الحمراء

رفقائه فى الأخذ، وقرأ عليه ابن واضح وغيره. وذكره صاحب «المغنى فى القراءات» وقال بعد أن نسبه كما ذكرنا: مولى عامر بن نفيل الكندى، من أبناء فارس الذين بعثهم كسرى فى السفن، لطرد الحبشة عن اليمن. انتهى. واختلف فى ضبط مشكان، فقيل بكسر الميم. وقال أبو عبد الله القصاع: سألت شيخنا رضى الدين الشاطبى عن مشكان، فقال: لا يجوز كسر ميمه. وقال القصاع: ولد سنة مائة. قال الذهبى: وهذا لا يستقيم مع وجود روايته عن مجاهد. قال الذهبى: وكانت وفاته فى سنة خمس وستين ومائة. وذكره صاحب الكمال وقال: بانى كعبة الرحمن. وكذا قال الذهبى، ولم أدر ما معنى هذا، فإن أريد أنه بنى الكعبة، فلا يصح ذلك، والله أعلم. 2491 ـ معتّب بن عوف بن عمرو بن عامر بن الفضل بن عفيف بن كليب ابن حبشّية بن سلول بن كعب بن عمرو السلولى، وقيل الخزاعى، ويعرف بمعتب بن الحمراء: حليف بنى مخزوم، كان من مهاجرة الحبشة وشهد بدرا. وذكره فى البدريين: موسى بن عقبة، وابن إسحاق، وأبو معشر. وآخى النبى صلى الله عليه وسلم بينه وبين ثعلبة بن حاطب الأنصارى. توفى سنة سبع وخمسين، وهو ابن ثمان وخمسين، قاله الطبرى. وفى ذلك نظر، على ما ذكر ابن عبد البر، ولم ينبه فى مبلغ التنبيه، ووجهه: أن من مات سنة سبع وخمسين، وهو ابن ثمان وخمسين سنة، كيف شهد بدرا مقاتلا وهى فى السنة الثانية من الهجرة؟ وكيف إذا انضم إلى ذلك، كونه هاجر إلى الحبشة؟ والله أعلم. 2492 ـ معتب بن أبى لهب عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم القرشى الهاشمى: ابن عم النبى صلى الله عليه وسلم. قال ابن عبد البر: له صحبة، أسلم عام الفتح، وشهد حنينا مسلما

_ 2491 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2486، الإصابة ترجمة 8136، طبقات ابن سعد 3/ 264، السير والمغازى 177، 225، سيرة ابن هشام 1/ 354، 2/ 326، أنساب الأشراف 1/ 211، المغازى للواقدى 155، 341، المحبر 73، تاريخ الإسلام 1/ 302). 2492 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2488، الإصابة ترجمة 8138، أسد الغابة ترجمة 5018، مؤتلف الدارقطنى 1993).

من اسمه معمر

مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخوه عتبة، وفقئت عين معتب يوم حنين. وأمه: أم جميل ابنة حرب بن أمية، وهى حمالة الحطب، امرأة أبى لهب. ومن ولده القاسم بن عباس بن محمد بن معتب بن أبى لهب. روى عنه ابن أبى ذئب، وابنه عباس بن القاسم. قتل يوم قديد. انتهى. وقوله: قتل يوم قديد، يعنى القاسم، ويوم قديد فى سنة ثلاثين ومائة، كان فيه حرب بين أبى حمزة الخارجى، وبين الجيش الذى أنفذه عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك، عامل مروان بن محمد ـ خاتمة خلفاء بنى أمية ـ على مكة والمدينة، لقتال أبى حمزة، داعية طالب الحق الحضرمى، الثائر باليمن على مروان. وفى ترجمة أبى حمزة الخارجى، زيادة فى هذا الخبر، فليراجع. * * * من اسمه معمر 2493 ـ معمر بن جياش بن أبى ثامر المبارك القاسمى: توفى فى جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره كتبت هذه الترجمة، وترجم فيه: بالقائد ابن القائد. والقاسمى: نسبة إلى القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن أبى هاشم الحسنى، أمير مكة. 2494 ـ معمر بن الحارث بن قيس بن عدى بن سعد بن سهم القرشى السهمى: كان من مهاجرة الحبشة، مع أخيه بشر بن الحارث، ذكره هكذا ابن عبد البر. قال: وقد ذكرنا إخوته فى باب «تميم» وكان الكلبى يقول فيه: معبد بن الحارث. 2495 ـ معمر بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح القرشى الجمحى: أخو حاطب وحطاب. أمهم: قتيلة بنت مظعون، أخت عثمان بن مظعون. أسلم

_ 2494 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2494، الإصابة ترجمة 8162، أسد الغابة ترجمة 5041). 2495 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2495، الإصابة ترجمة 8163، أسد الغابة ترجمة 5042).

2496 ـ معمر بن أبى سرح بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث ابن فهر القرشى

معمر قبل دخول النبى صلى الله عليه وسلم دار الأرقم. قالوا: وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بين معمر بن الحارث، ومعاذ بن عفراء، وشهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها. وتوفى فى خلافة عمر ابن الخطاب رضى الله عنه. ذكر هكذا صاحب الاستيعاب. 2496 ـ معمر بن أبى سرح بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبّة بن الحارث ابن فهر القرشى: هكذا ذكره الواقدى، وأبو معشر. وقال ابن إسحاق، وموسى بن عقبة، وابن الكلبى: عمرو بن أبى سرح. وذكره الواقدى فيمن شهد بدرا مع النبى صلى الله عليه وسلم، ومات سنة ثلاثين. 2497 ـ معمر بن عبد الله بن نافع بن نضلة بن عبد العزى بن حرثان بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدى بن كعب القرشى العدوى، ويقال فيه معمر بن أبى معمر: أسلم قديما، ولم يهاجر إلى الحبشة إلا فى الهجرة الثانية، وتأخرت هجرته إلى المدينة، وهو معدود فى أهل المدينة. وكان شيخا من شيوخ بنى عدى، وعاش عمرا طويلا. روى عنه سعيد بن المسيب: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحتكر إلا خاطئ». قال ابن عبد البر: وكان معمر وسعيد يحتكران الزيت، فدل على أنه أراد بالحكرة: الحنطة، وما يكون قوتا فى الأغلب، والله أعلم. روى عنه بسر بن سعيد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الطعام بالطعام، مثلا بمثل». كتبت هذه الترجمة من الاستيعاب بالمعنى. وهو الذى حلق شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع، وقيل إن الذى حلق له فيها: خراش بن أمية بن ربيعة بن الفضل بن منقذ بن عوف بن عفيف الكليبى، منسوب إلى كليب بن حبشية، ذكره ابن الأثير فى مختصر الأنساب. وفى صحيح البخارى، ما يشهد بأن الحالق معمرا، لأنه قال: زعموا أنه معمر بن عبد الله. وذكر النووى، أنه أصح وأشهر، وأن فى بعض نسخ «المهذب» فى باب «النجش» فى نسب معمر هذا: العذرى. بضم العين وإسكان الذال المعجمة وبالراء،

_ 2496 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2496، أسد الغابة ترجمة 5046). 2497 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2497، الإصابة ترجمة 8169، أسد الغابة ترجمة 5047).

2498 ـ معمر بن عثمان بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى

قال: وهو خطأ وتصحيف، صوابه: العدوى، بفتح العين وبالدال المهملة وبالواو، نسبة إلى جده: عدى بن كعب، وذكر: أن حدثان فى نسبه، بحاء مهملة مضمومة، وثاء مثلثة بينهما دال ساكنة. وأن عبيد: بفتح العين وكسر الباء. وأن عويج: بفتح العين وكسر الواو وبالجيم. 2498 ـ معمر بن عثمان بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى: هكذا نسبه ابن عبد البر، وقال: صحب النبى صلى الله عليه وسلم، وكان ممن أسلم يوم الفتح، وابنه عبيد الله بن معمر، له أيضا صحبة. 2499 ـ معيقيب بن أبى فاطمة الدوسى، على ما قيل: ذكر موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، أنه مولى سعيد بن العاص، وقال غيره: وهو دوسى، حليف لأبى سعيد بن العاص. أسلم معيقيب قديما بمكة، وهاجر منها إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية، وأقام بها حتى قدم على النبى صلى الله عليه وسلم المدينة فى السفينتين على ما قيل، والنبى صلى الله عليه وسلم بخيبر، وقيل إنه قدم عليه قبل ذلك، وكان على خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستعمله أبو بكر وعمر على بيت المال، وكان قد نزل به داء الجذام، فعولج منه، بأمر عمر بن الخطاب بالحنظل، فتوقف أمره. قاله ابن عبد البر. قال: وهو قليل الحديث. روى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن النبىصلى الله عليه وسلم: «ويل للأعقاب من النار». وروى عنه حديث آخر مرفوع فى مسح الحصى.

_ 2498 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2498، الإصابة ترجمة 8171، أسد الغابة ترجمة 5048). 2499 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2588، أسد الغابة ترجمة 5058، طبقات ابن سعد 1/ 269، 3/ 87، تاريخ الدورى 2/ 578، تاريخ خليفة 156، 199، 202، طبقات خليفة 13، 123، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 2123، المعارف لابن قتيبة 316، الكنى للدولابى 1/ 87، الجرح والتعديل ترجمة 1938، رجال البخارى للباجى 2/ 747، الجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسرانى 2/ 516، أنساب القرشيين 75، الكامل لابن الأثير 3/ 199، 403، سير أعلام النبلاء 2/ 491، العبر 1/ 47، الكاشف ترجمة 5675، تجريد أسماء الصحابة ترجمة 1014، تهذيب الكمال 6119، تهذيب التهذيب 10/ 254، تقريب التهذيب 2/ 268، خلاصة الخزرجى 3/ 7425، شذرات الذهب 1/ 48، النجوم الزاهرة 1/ 90).

2500 ـ مغامس بن رميثة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسنى المكى

وقال النووى: روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة أحاديث، اتفقا على حديث واحد. يعنى حديث النبى عن مس الحصى. انتهى. روى عنه على ما قال المزى: ابن ابنه إياس بن الحارث بن معيقيب، وابنه محمد بن معيقيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن. روى له الجماعة. قال النووى: وهو الذى سقط من يده خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى بئر أريس فى المدينة، فى خلافة عثمان، ومن حين سقط، اختلفت الكلمة بين المسلمين، وكان الخاتم كالأمان. توفى معيقيب فى آخر خلافة عثمان، وقيل سنة أربعين فى خلافة على رضى الله عنه. انتهى. ذكر وفاته هكذا ابن عبد البر. 2500 ـ مغامس بن رميثة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسنى المكى: وجدت بخط بعض المكيين: أن أخاه عجلان بن رميثة، لما وصل من مصر متوليا لإمرة مكة، فى سابع عشر جمادى الآخرة، سنة ست وأربعين وسبعمائة، أعطى أخويه مغامسا ومباركا السّرّين، ثم سافر مغامس إلى مصر، بعد سفر ثقبة إليها. وذكر ابن محفوظ: أن عجلان لما ولى مكة فى التاريخ المذكور، أعطى مغامسا وسندا رسما فى البلاد، وأقام على ذلك مدة مع عجلان، ثم إنه تشوش منهما، فأخرجهما من البلاد بحيلة إلى وادى مر، ثم أمر بهما أن يوسعا فى البلاد، فلحقا بعد شهر بأخيهما ثقبة، وكان قد توجه إلى الديار المصرية فقبض عليهم صاحب مصر، ثم إنهم ومحمد بن عطيفة، وصلوا من مصر فى سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، ثم قبض على ثقبة وأخويه مغامس وسند، لما خرجوا لخدمة المحمل المصرى، على جارى عادة أمراء الحجاز، فى سنة أربع وخمسين، لكون ثقبة لم يوافق أمير الركب على ما سأله من الإصلاح بينهم وبين عجلان، على المشاركة فى الإمرة، وذهب الأمير بالأشراف إلى مصر تحت الحوطة. فلما كان اليوم السابع عشر من شهر رمضان سنة ست وخمسين وسبعمائة، وصل الأشراف المشار إليهم من مصر إلى وادى نخلة، وليس معهم إلا خمسة أفراس. فلما كان الثالث والعشرون من شوال هذه السنة، وصلوا إلى الجديد من وادى مر فى ثلاثة وخمسين فرسا، وأقاموا بها أياما.

_ 2500 ـ انظر ترجمته فى: (السلوك 4/ 222).

من اسمه المغيرة

فلما كان الثالث عشر من ذى القعدة من هذه السنة، وصلوا إلى مكة لحصار عجلان، وكان قد وصل إلى مكة من خيف بنى شديد، لما سمع بوصولهم من مصر، ونزلوا المعابدة، وأقاموا بها محاصرين لعجلان، ثم رحلوا من المعابدة فى الرابع والعشرين من ذى القعدة المشار إليها، وقصدوا الجديد وأقاموا به، ثم ذهبوا منه إلى ناحية جدة، حين وصول الحاج، وأخذوا الجلاب ودبروا بها، ولم يحجوا تلك السنة ثم اصطلحوا مع عجلان فى المحرم سنة سبع وخمسين، ثم نافروا عجلان فى جمادى الآخرة من هذه السنة، ثم اصطلحوا مع عجلان فى موسم سنة ثمان وخمسين وسبعمائة، ودام ذلك فيما علمت، إلى أن توفى مغامس بعد أيام الحج، بيوم أو يومين، من سنة إحدى وستين وسبعمائة، عن ستين سنة أو نحوها مقتولا فى الفتنة التى كانت بين بنى حسن، والعسكر الثانى المأمور بالمقام بمكة، عوض العسكر الأول، لتأييد أميرى مكة: سند وابن عطيفة. وكان سبب قتل مغامس، أن الفتنة لما ثارت بمكة، بين بنى حسن والترك فى هذا التاريخ، جاء مغامس من أجياد راكبا، ومعه بعض بنى حسن، ليقاتلوا الترك الذين عند المدرسة المجاهدية، فتعرض بعض هجانة الترك لفرس مغامس، بما أوجب نفورها، فألقته، فقتل. وقيل إن فرسه رميت بنشابة، فتكعكعت به، فطرحته بين الترك، فقتلوه، وبقى مرميا فى الأرض، من ضحى إلى المغرب، ثم دفن بالمعلاة وقت المغرب. وبلغنى أن الترك أرادوا إحراقه، فنهاهم عن ذلك قاضى مكة، تقى الدين الحرازى، ووجدت بخط بعض أصحابنا، فيما نقله من خط ابن محفوظ: أنه دفن بغير غسل ولا صلاة عليه. وأنا أستبعد ذلك، والله أعلم. وكان يقال: أفرس بنى حسن: ولدا جبلة، يعنون سندا ومغامسا، ابنى رميثة، أمهما جبلة بنت منصور بن جماز بن شيحة الحسينى، أمير المدينة النبوية. وسئل بعض الفرسان من بنى حسن، عن سند ومغامس، أيهما أفرس؟ فذكر ما يقتضى أن مغامسا أفرس. * * * من اسمه المغيرة 2501 ـ المغيرة بن الأخنس بن شريق الثقفى، حليف بنى زهرة: ذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب، وقال: له فى يوم الدار أخبار كثيرة، منها: أنه قال

_ 2501 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2508، مؤتلف الدارقطنى 1675، الإصابة 8193، أسد الغابة 5066).

2502 ـ المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى، أبو سفيان بن الحارث

لعثمان، حين أحرقوا بابه: والله لا قال الناس عنا: إنا خذلناك. وخرج بسيفه، وهو يقول (1) [من البسيط]: لما تهدّمت الأبواب واحترقت ... يمّمت منهن بابا غير محترق حقا أقول لعبد الله آمره ... إن لم تقاتل لدى عثمان فانطلق والله أتركه ما دام بى رمق ... حتى يزايل بين الرأس والعنق هو الإمام فلست اليوم خاذله ... إن الفرار علىّ اليوم كالسّرق وحمل على الناس. فضربه رجل على ساقيه، فقطعهما، ثم قتله. فقال رجل من بنى زهرة، لطلحة بن عبيد الله: قتل المغيرة بن الأخنس، فقال: قتل سيد حلفاء قريش. وذكر المدائنى، عن على بن مجاهد، عن فطر بن خليفة، قال: بلغنى أن الذى قتل المغيرة ابن الأخنس، تقطع جذاما بالمدينة. وقال قتادة: لما أقبل أهل مصر إلى المدينة فى شأن عثمان، رأى رجل منهم فى المنام، كأن قائلا يقول له: بشر قاتل المغيرة بن الأخنس بالنار. وهو لا يعرف المغيرة، رأى ذلك ثلاث ليال، فجعل يحدث بذلك أصحابه. فلما كان يوم الدار، خرج المغيرة يقاتل، والرجل ينظر إليه، فخرج إليه رجل فقتله، ثم خرج آخر فقتله، حتى قتل ثلاثة، والرجل ينظر إليه، ويقول: ما رأيت كاليوم، أما لهذا أحد يخرج إليه! فلما قتل الثلاثة، وثب إليه الرجل، فحذفه بسيفه، فأصابت رجله، ثم ضربه حتى قتله، ثم قال: من هذا؟ قالوا: المغيرة بن الأخنس، فقال: ألا أرانى صاحب الرؤيا المبشرة بالنار! فلم يزل بشر حتى هلك. ذكره هكذا ابن عبد البر. 2502 ـ المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى، أبو سفيان بن الحارث: وهو مشهور بكنيته، وفى اسمه خلاف، قد سماه «المغيرة»: الزبير بن بكار، وابن الكلبى، وغيرهما. وسيأتى إن شاء الله تعالى فى الكنى بأبسط من هذا. 2503 ـ المغيرة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم القرشى: أخو أبى سفيان بن الحارث، هكذا ذكره ابن عبد البر. قال الذهبى: وهو وهم، بل هو أبو سفيان.

_ (1) انظر الأبيات فى الاستيعاب ترجمة 2508. 2502 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2510، أسد الغابة ترجمة 5068). 2503 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2509، الإصابة ترجمة 8195، أسد الغابة ترجمة 5067، طبقات خليفة 6، العبر 1/ 24).

2504 ـ المغيرة بن الحارث بن هشام

2504 ـ المغيرة بن الحارث بن هشام: أورده الحضرمى فى الصحابة (1)، وساق له حديثا، والحديث مرسل. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد .. 2505 ـ المغيرة بن حكيم الأبناوىّ الصنعانى: نزيل مكة. روى عن أبيه، وأبى هريرة، وعبد الله بن عمر، وصفية بنت شيبة، وأم كلثوم بنت أبى بكر الصديق، وطاوس وغيرهم. روى عنه مجاهد ـ مع تقدمه ـ ونافع ـ وهو من أقرانه ـ وليث بن أبى سليم، وابن جريج، وعبد العزيز بن أبى رواد، وآخرون. روى له البخارى فى الأدب، والترمذى، والنسائى، وابن معين. وذكره الفاكهى فى عباد مكة، قال: حدثنا سلمة بن شيب، قال: حدثنا عبد الله بن إبراهيم، قال: حدثنى أبى، قال: سافر المغيرة بن حكيم إلى مكة، أكثر من خمسين سفرا، صائما محرما حافيا، لا يترك صلاة السحر فى السفر، إذا كان السحر نزل فصلى ومضى أصحابه، فإذا صلى الصبح، لحق بهم متى ما لحق، وكان المغيرة يكثر المقام بمكة، وبها مات. حدثنا أبو بشر، حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا أبى، قال: ما رأيت البيت بغير طائف، إلا يوم مات المغيرة بن حكيم، قال أبو بشر: وزعموا أنه كان رجلا صالحا. انتهى. 2506 ـ المغيرة بن خالد بن العاص المخزومى المكى، أخو عكرمة: رجلا من أهل مكة، يروى عن عبد الله بن عمر. روى عنه نافع بن عبد الله، ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الثانية من الثقات. 2507 ـ المغيرة بن سليمان الخزاعى: روى عن حميد الطويل. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد.

_ 2504 ـ انظر ترجمته فى: (جامع التحصيل فى أحكام المراسيل باب مغيرة). (1) ذكره الصغانى فيمن فى صحبته نظر. 2505 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 318، 6/ 71، تاريخ الدورى 2/ 579، طبقات خليفة 287، العلل لأحمد بن حنبل 1/ 18، 308، 2/ 456، 301، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 1351، المعرفة ليعقوب 1/ 571، 590، 2/ 28، 29، الجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسرانى 2/ 500، الكاشف 2/ 5680، تهذيب الكمال 6125، تهذيب التهذيب 10/ 258، تقريب التهذيب 2/ 268، خلاصة الخزرجى 3/ 7148).

2508 ـ المغيرة بن شعبة بن أبى عامر بن مسعود بن معتب بن مالك بن كعب ابن عمرو بن سعد بن عوف بن قيس ـ وهو ثقيف ـ الثقفى، يكنى أبا عبد الله، وقيل أبا عيسى، كناه بها النبى صلى الله عليه وسلم على ما قيل، وقيل أبا محمد

2508 ـ المغيرة بن شعبة بن أبى عامر بن مسعود بن معتّب بن مالك بن كعب ابن عمرو بن سعد بن عوف بن قيس ـ وهو ثقيف ـ الثقفى، يكنى أبا عبد الله، وقيل أبا عيسى، كناه بها النبى صلى الله عليه وسلم على ما قيل، وقيل أبا محمد: صحابى مشهور، له عن النبى صلى الله عليه وسلم مائة حديث وستة وثلاثون حديثا، اتفقا منها على تسعة، وانفرد البخارى بحديث، ومسلم بحديثين. ذكر ذلك النووى. روى عنه من الصحابة: أبو أمامة الباهلى، والمسور بن مخرمة، وقرة المزنى الصحابيون. ومن التابعين: بنوه الثلاثة: حمزة وعروة وعقار ـ بقاف مشددة وراء مهملة بعد الألف ـ ووراد كاتب المغيرة، والشعبى، وخلق. روى له الجماعة، وقال: إسلامه عام الخندق، وقدم مهاجرا، وقيل: إن أول مشاهده الحديبية، وله فى خبر صلحها، كلام مشهور، مع عروة بن مسعود الثقفى، وشهد مع النبى صلى الله عليه وسلم ما بعدها من المشاهد، ولما قدم وفد ثقيف على النبى صلى الله عليه وسلم، أنزلهم على المغيرة، وبعثه مع أبى سفيان بن حرب إلى الطائف، فهدموا الرّبّة. ونقل الواقدى عن المغيرة، أنه قال: إن أبا بكر الصديق، بعثنى إلى أرض النجير، ثم شهدت اليمامة، ثم شهدت فتوح الشام مع المسلمين، ثم شهدت اليرموك، وأصيبت عينى يوم اليرموك، ثم شهدت القادسية، وكنت رسول سعد إلى رستم، وولّيت لعمر ابن الخطاب فتوحا. وقال النووى: وشهد اليمامة وفتح الشام، وذهبت عينه يوم اليرموك، وشهد القادسية، وشهد فتح نهاوند، وكان على ميسرة النعمان بن مقرّن، وشهد فتح همذان، وغيرها. انتهى.

_ 2508 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2512، الإصابة ترجمة 8197، أسد الغابة ترجمة 5071، مسند أحمد 4/ 244، التاريخ لابن معين 2/ 579، المغازى للواقدى 3/ 1240، السير والمغازى 210، المحبر لابن حبيب 20، ترتيب الثقات 437، الطبقات لابن سعد 2/ 284، الثقات لابن حبان 3/ 372، التاريخ الصغير 57، التاريخ الكبير 7/ 316، تاريخ خليفة 586، طبقات خليفة 53، سيرة ابن هشام 3/ 260، فتوح البلدان 3/ 664، أنساب الأشراف 1/ 168، تاريخ أبى زرعة 1/ 183، عيون الأخبار 1/ 204، العقد الفريد 7/ 155، مروج الذهب 1656، الجرح والتعديل 8/ 224، جمهرة أنساب العرب 267، البدء والتاريخ 5/ 104، الأخبار الموفقيات 474، ربيع الأبرار 4/ 168، الخراج وصناعة الكتابة 55، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 109، تحفة الأشراف 8/ 469، الكنى والأسماء للدولابى 1/ 77، الكاشف 3/ 148، عهد الخلفاء الراشدين 754، مرآة الجنان 1/ 124، سير أعلام النبلاء 3/ 21، تقريب التهذيب 2/ 269، خلاصة التهذيب 329، شذرات الذهب 1/ 56، النكت الظراف 8/ 470).

ومن الولايات التى وليها المغيرة: البصرة، ولاها له عمر بن الخطاب، ثم عزله عنها، لما شهد عليه بالزنا، ولم تكمل الشهادة عليه عند عمر بذلك، وجلد عمر الثلاثة الذين شهدوا عليه، وولاه عمر الكوفة، فلم يزل عليها حتى قتل عمر، وولى عثمان بعده، وأمره عثمان على ذلك ثم عزله، ولم يشهد المغيرة صفين، لا نعزاله عن الفتنة، ثم لحق بمعاوية بعد انقضاء التحكيم. ثم ولاه معاوية الكوفة، لما سلم الحسن بن على بن أبى طالب الأمر لمعاوية بعد قتل على. وروى مجالد عن الشعبى، قال: الدّهاة أربعة: معاوية بن أبى سفيان، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وزياد. فأما معاوية فللأناة والحلم، وأما عمرو، فللمعضلات، وأما المغيرة، فللمبادهة، وأما زياد، فللصغير وللكبير. وحكى الرّياشىّ عن الأصمعى، قال: كان معاوية يقول: أنا للأناة، وعمرو للبديهة، وزيادة للصغير والكبير، والمغيرة للأمر العظيم. قال ابن عبد البر: يقولون: إن قيس بن سعد بن عبادة، لم يكن فى الدهاء بدون هؤلاء، مع كرم كان فيه وفضل. وقال معمر عن الزهرى: كان دهاة الناس فى الفتنة خمسة نفر: عمرو بن العاص، ومعاوية، ومن الأنصار، قيس بن سعد، ومن ثقيف المغيرة بن شعبة، ومن المهاجرين عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعى، واعتزل المغيرة بن شعبة. وقال مجالد عن الشعبى: سمعت قبيصة بن جابر، يقول: صحبت المغيرة بن شعبة، فلو أن مدينة لها ثمانية أبواب، لا يخرج من باب منها، إلا تمكن أن يخرج من أبوابها كلها. وقال الهيثم بن عدى، عن مجالد، عن الشعبى: سمعت المغيرة بن شعبة يقول: ما غلبنى أحد قط ـ وفى رواية: ما خدعنى أحد فى الدنيا ـ إلا غلام من بنى الحارث بن كعب، فإنى خطبت امرأة منهم، فأصغى إلىّ الغلام، وقال: أيها الأمير، لا حاجة لك فيها، إنى رأيت رجلا يقبلها، فانصرفت عنها، فبلغنى أن الغلام تزوجها، فقلت: أليس زعمت أنك رأيت رجلا يقبلها! قال: ما كذبت أيها الأمير، رأيت أباها يقبلها. فكلما ذكرت قوله، علمت أنه خدعنى، وفى رواية: فإذا ذكرت ما فعل بى غاظنى. وقال ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذب: أحصن المغيرة بن شعبة، أربعا من بنات أبى سفيان. وقال بكر بن عبد الله المزنى، عن المغيرة بن شعبة، فى حديث ذكره: ولقد تزوجت سبعين امرأة أو بعضا وسبعين امرأة. وقال ليث بن أبى سليم: قال المغيرة بن شعبة: أحصنت ثمانين امرأة. وقال حرملة بن يحيى، عن ابن وهب: سمعت نافعا يقول: كان المغيرة بن شعبة نكاحا للنساء، وكان يقول: صاحب الواحدة إن مرضت مرض

معها، وإن حاضت حاض معها، وصاحب المرأتين بين نارين تشتعلان. وكان ينكح أربعا جميعا، ويطلقهن جميعا. وقال محمد بن وضاح، عن سحنون بن سعيد، عن عبد الله بن نافع الصائغ: أحصن المغيرة بن شعبة، ثلاثمائة امرأة فى الإسلام. قال ابن وضاح: غير ابن نافع، يقول: ألف امرأة. قال أبو عبيد القاسم بن سلام: توفى سنة تسع وأربعين بالكوفة، وهو أميرها. وقال الواقدى، عن محمد بن أبى موسى الثقفى، عن أبيه: مات بالكوفة فى شعبان سنة خمسين فى خلافة معاوية بن أبى سفيان، وهو ابن سبعين سنة. وقال على بن عبيد الله التميمى، والهيثم بن عدى، ومحمد بن سعد، وأبو حسان الزيادى، فى آخرين: مات سنة خمسين. وقال الحافظ أبو بكر الخطيب: مات سنة خمسين، أجمع العلماء على ذلك. وقال أبو عمر ابن عبد البر: مات سنة إحدى وخمسين. وقال بعضهم: سنة ثلاث وخمسين، وكلاهما خطأ، والله أعلم. وقال سفيان بن عيينة، عن عبد الله بن عمير: رأيت زيادا واقفا على قبر المغيرة بن شعبة، وهو يقول (1) [من الخفيف]: إن تحت الأحجار حوما وعزما (2) ... وخصيما ألد ذا معلاق حية فى الوجار أربد لا ين ... فع منه السليم نفث الراقى وذكر ابن عبد البر: أن مصقلة بن هبيرة الشيبانى، وقف على قبر المغيرة وقال هذين البيتين، ثم قال: أما والله لقد كنت شديد العداوة لمن عاديت، شديد الأخوّة لمن آخيت. وذكر ابن عبد البر، أنه استخلف على الكوفة عند موته ابنه عروة، وقيل: بل استخلف، جريرا، فولى معاوية حينئذ الكوفة زيادا، مع البصرة، وجمع له العراق. قال: وكان المغيرة رجلا طوالا ذا هيبة أعور، أصييت عينه يوم اليرموك. انتهى. وروى عن عائشة قالت: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام المغيرة بن شعبة، فنظر إليها، فذهبت عينه. ذكر ذلك المزّى فى التهذيب. وقال محمد بن سعد: وكان ـ يعنى المغيرة ـ أصهب الشعر، جعدا أكشف، يفرق رأسه فروقا أربعة، أقلص الشفتين، مهتوما، ضخم الهامة، عبل الذراعين، بعيد ما بين

_ (1) انظر البيتان فى الاستيعاب ترجمة 2512. (2) ورد فى الاستيعاب: «إن تحت الأحجار حزما وجودا».

2509 ـ المغيرة بن أبى شهاب المخزومى

المنكبين، قال: وكان يقال له: مغيرة الرأى، وكان داهية لا يشتجر فى صدره أمران إلا وجد فى أحدهما مخرجا. قال: وأمه أسماء بنت الأفقم بن عمرو بن ظويلم بن جعيل بن عمرو بن دهمان بن نصر. وقال غيره: أمه أمامة بنت الأفقم. انتهى. قال النووى: قالوا: وهو أول من وضع ديوان البصرة. وأخبار المغيرة كثيرة. وقد أتينا على فنون منها فيها مقنع. 2509 ـ المغيرة بن أبى شهاب المخزومى: شيخ ابن عامر. قيل إنه ولد سنة اثنتين من الهجرة أو قبلها، وهو مجهول. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد. 2510 ـ المغيرة بن عمرو بن الوليد العدنىّ المكى: روى عن المفضل بن محمد الجندى كتابه «فضائل مكة». روى عنه: أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم النصرابادى. وذكره الذهبى فقال: المغيرة بن عمرو المكى، عن المفضل الجندى، روى حديثا موضوعا، الحمل فيه عليه. وقال أيضا: مغيرة المكى، عن المفضل بن محمد الجندى، اتّهم بحديث، لأنه موضوع، ورواته ثقات. 2511 ـ المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن قصى بن كلاب القرشى الهاشمى، يكنى أبا يحيى: ولد على عهد النبى صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة، وقيل: إنه لم يدرك من حياة النبى صلى الله عليه وسلم إلا ست سنين. له رواية عن النبى صلى الله عليه وسلم، وقيل: إن حديثه عنه مرسل لم يسمع منه. وقد روى عن أبىّ بن كعب، وكعب الأحبار [ ...... ] (1) وكان قاضيا فى خلافة عثمان، وشهد مع على بن أبى طالب صفين، ولما ضرب عبد الرحمن بن ملجم، على بن أبى طالب على هامته، وحمل بسيفه على الناس، أفرجوا عنه، فتلقاه المغيرة بن نوفل بقطيفة،

_ 2511 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2513، الإصابة ترجمة 8198، أسد الغابة ترجمة 5072، الطبقات الكبرى 5/ 22، طبقات خليفة 231، المعرفة والتاريخ 1/ 315، التاريخ الكبير 7/ 318، المعارف 127، السير والمغازى 246، أنساب الأشراف 1/ 400، الجرح والتعديل 8/ 231، مروج الذهب 1732، البدء والتاريخ 5/ 21، معجم الشعراء للمرزبانى 369، مقاتل الطالبيين 62، المعجم الكبير 20/ 366، جمهرة أنساب العرب 16، تاريخ الإسلام 44). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2512 ـ المغيرة بن أبى ذئب، واسم أبى ذئب: هشام، بن شعبة بن عبد الله بن قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى بن غالب القرشى العامرى

فرمى بها عليه، واحتمله وضرب به الأرض، وقعد على صدره، وانتزع السيف من يده، وكان المغيرة أيدا. انتهى من الاستيعاب بالمعنى. وذكره الذهبى فقال: له رؤية، وكان من أنصار على. وله جماعة إخوة. 2512 ـ المغيرة بن أبى ذئب، واسم أبى ذئب: هشام، بن شعبة بن عبد الله بن قيس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤىّ بن غالب القرشى العامرى: ولد عام الفتح. روى عن عمر بن الخطاب، روى عنه حفيده، محمد بن عبد الرحمن ابن المغيرة بن أبى ذئب، الفقيه المدى الذى ذكره ابن عبد البر بمعنى ذلك، والذهبى، إلا أنه اختصر بعض نسبه. 2513 ـ مغيث: زوج بريرة. كان عبدا لبنى مطيع، ذكره هكذا ابن عبد البر. قال النووى: «وقال ابن مندة، وأبو نعيم: هو مولى أبى أحمد بن جحش. وقال ابن عبد البر: هو مولى بنى مطيع: وقيل: كان مولى لبنى مخزوم، فهو قرشى بالولاء، على قول من يقول: هو مولى بنى مخزوم، أو مولى بنى مطيع، لأنهم من عدى قريش. وأما أبو أحمد، فمن أسد خزيمة، ثم الصحيح المشهور، أن مغيثا كان عبدا حال عتق بريرة، ثبت ذلك فى الصحيح عن عائشة. وقيل: كان حرا، وذلك فى رواية لمسلم، والمشهور أنه كان عبدا. وفى صحيح البخارى، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن زوج بريرة كان عبدا يقال له مغيث، كأنى أنظر إليه يطوف خلفها يبكى، ودموعه تسيل على لحيته. فقال النبىصلى الله عليه وسلم: «ألا تعجبون من حب مغيث بريرة، ومن بغض بريرة مغيثا! وقال النبى صلى الله عليه وسلم: لو راجعتيه! قالت: يا رسول الله، تأمرنى؟ . قال: إنما أنا أشفع. قالت: لا حاجة لى فيه» انتهى. ومغيث بضم الميم وكسر الغين المعجمة. 2514 ـ مفتاح البدرى: مولى القاضى بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة، والد القاضى عز الدين عبد العزيز بن جماعة.

_ 2512 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2511، الإصابة ترجمة 8351، أسد الغابة ترجمة 5078). 2513 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2504، الإصابة ترجمة 8190، أسد الغابة ترجمة 5062، المؤتلف والمختلف 119، مؤتلف الدارقطنى 2069).

2515 ـ مفتاح بن عبد الله البلينى، المعروف بالزفتاوى. نائب مكة، يلقب أمين الدين

سمع من زينب بنت شكر المقدسية، سنة ست عشرة وسبعمائة بمصر، وبدمشق من أبى العباس الحجار، صحيح البخارى، ومن غيره. سمع منه شيخنا العراقى، وغيره، وحدث بشيء من كتاب «الأدب المفرد للبخارى» بسماعه من ست الفقهاء بنت الواسطى. وكان سماعه مع ابن مولاه قاضى القضاة عز الدين بن جماعة، وكان يحبه كثيرا، ويعتمد عليه، ويقول: هذا من بركة الوالد. ومن العجيب أنهما توفيا فى عام واحد ببلد واحد. توفى مفتاح فى رمضان سنة سبع وستين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، نقلت وفاته من خط شيخنا الحافظ أبى زرعة بن العراقى، أبقاه الله تعالى. 2515 ـ مفتاح بن عبد الله البلينى، المعروف بالزّفتاوى. نائب مكة، يلقب أمين الدين: كان من موالى الشريف أحمد بن عجلان، فصيّره لأخيه السيد حسن بن عجلان وهو صغير، فنشأ فى خدمته حتى كبر، فبدت منه نجابة وشهامة وشجاعة، فاغتبط به مولاه السيد حسن. ولما ولى مولاه إمرة مكة، قدّمه فى كثير من أموره وحروبه، واستنابه على مكة مرتين، وبعثه رسولا إلى الناصر فرج صاحب مصر، فى سنة أربع عشرة وثمانمائة، فعاد بخير، ونيابته الأخيرة على مكة فى رجب سنة عشرين وثمانمائة، لما توجه مولاه من مكة، بسبب الفتنة التى عرضت بينه وبين بنى عمه، أولاد على بن مبارك، وأولاد أحمد ابن ثقبة، ومن انضم إليهم من القواد العمرة والحميضات، والذى حرك هذه الفتنة، أن الشريف حسن ألزم القواد العمرة والحميضات، بتسليم خيلهم ودروعهم، أو الجلاء من بلاده، وأمهلهم فى ذلك نحو نصف شهر، فتحيلوا فى هذه المدة حتى أفسدوا عليه بنى عمه الأشراف المشار إليهم، وغيرهم من الأشراف، ذوى أبى نمى، وذوى عبد الكريم، وغيرهم. وكان السيد حسن إذ ذاك بالشرق، فلما عرف خبرهم، وصل سريعا، وقصد وادى مر، ونزل على الأشراف ذوى أبى نمى، ونازل القواد والأشراف الذين معهم بالغد، وقصدوا جدة، واستولوا عليها فى يوم الخميس التاسع عشر من رجب، سنة عشرين وثمانمائة، وأقاموا الشريف ميلب بن على بن مبارك، والشريف ثقبة بن أحمد سلطانين، واستولوا على ذرة كثيرة جدا، نحو خمسمائة غرارة. وجبوا بعض الجلاب التى وصلت فى هذا التاريخ.

2516 ـ المفضل بن محمد بن إبراهيم بن مفضل بن سعيد بن عامر بن شراحيل الشعبى، أبو سعيد الجندى

ثم أرسل السيد حسن، ابن أخيه السيد رميثة بن محمد بن عجلان، وكان قد دخل فى طاعته فى أول هذا العام إلى جدة؛ فى طائفة من عسكره، فاستولوا عليها، واستقر القواد والأشراف الذين معهم فى الغد، ونزل الشريف حسن بحذاء طريق جدة. ثم إن جماعة من القواد، رحلوا بأهليهم من الغد، ونزلوا بحلة الأشراف بالدّكناء، بوادى مر، وأقاموا هناك نحو جمعة، ثم أغاروا على مكة، والشريف حسن لا يشعر بهم، فخرج للقائهم من مكة، نائبها أمين الدين مفتاح الزفتاوى المذكور، فى طائفة من عبيد مولاه، ومن الترك الذين فى خدمته، ومن المولدين وغيرهم، والتقى الفريقان، فاستظهر القواد ومن معهم، على الذين خرجوا من مكة لقتالهم، وقتل مفتاح الزفتاوى واثنان معه، وجرح منهم خلق كثير، وأخذ سلاحهم وبعض خيولهم، وكان عدد خيل القواد أربعين، وعدد خيل أهل مكة عشرين، ورجلهم مائة وستون عبدا، وقتل من الأشراف: فواز بن عقيل بن مبارك، وبإثر موته، قتل مفتاح، ولولا ذلك لخفر. وكانت هذه الوقعة فى يوم السبت ثانى عشر رمضان سنة عشرين وثمانمائة، بقرب الموضع المعروف بعين أبى سليمان، ونقل مفتاح وغيره من القتلى من أصحابه إلى المعلاة، فدفنوا بها فى ليلة الأحد ثالث عشر الشهر. 2516 ـ المفضل بن محمد بن إبراهيم بن مفضل بن سعيد بن عامر بن شراحيل الشّعبى، أبو سعيد الجندىّ: نزيل مكة، ومؤلف «فضائلها»، حدث عن عبد الرحمن بن محمد الصنعانى، ابن أخت عبد الرزاق، «بسنن أبى قرة» عن على بن زياد اللخمى عنه وحدث [ ..... ] (1) محمد ابن يوسف الزبيدى، ومحمد بن يحيى بن أبى عمر العدنى، وإبراهيم بن محمد الشافعى، وسلمة بن شبيب النيسابورى، وصامت بن معاذ [ .... ] (1) وغيرهم. حدث عنه غير واحد، منهم: الطبرانى، وابن حبّان، وابن المقرى، وقال: قدمت مكة أيام ابن أبى ميسرة، ولأبى سعيد الجندىّ حلقة فى المسجد الحرام. وقال أبو على النيسابورى: هو ثقة. وقال الذهبى: توفى سنة ثمان وثلاثمائة. 2517 ـ مقبل بن أبى نمىّ محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى المكى: توفى ليلة الأربعاء لليلتين بقيتا من ذى الحجة، سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة.

_ 2516 ـ انظر ترجمته فى: (معجم البلدان 2/ 170، العبر 2/ 137، مرآة الجنان 2/ 250، البداية والنهاية 11/ 131، طبقات القراء للجزرى 2/ 307، لسان الميزان 6/ 81 ـ 82، شذرات الذهب 2/ 253، الرسالة المستطرفة 60، سير أعلام النبلاء 14/ 257). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2518 ـ مقبل بن عبد الله الرومى، المعروف بالشهابى

2518 ـ مقبل بن عبد الله الرومى، المعروف بالشّهابى: شيخ الخدّام بالحرم الشريف النبوى، بلغنى أنه كان مملوكا للسلطان الملك الصالح بن الملك الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر، وتنقلت به الأحوال، إلى أن صار من خواص الأمير ألجاى اليوسفى، الذى كان متزوجا بأم الملك الأشرف شعبان صاحب مصر، ثم انتقل إلى مكة، وجاور بها على طريقة حسنة، وتصدى لإصلاح ما دثر من آثار عرفة، وأجرى الماء من منى، إلى بركة السلم، وابتنى بمكة رباطا بأسفل مكة، إلى جهة الشبيكة، يعرف الآن برباط الطويل، بقرب المطهرة المعروفة بالطويل، ثم ولى مشيخة الحرم النبوى، بعد افتخار الدين ياقوت الرسولى، حتى مات فى أثناء سنة خمس وتسعين وسبعمائة، أو فى التى قبلها، بالمدينة النبوية، ودفن ببقيع الغرقد، وكانت مدة ولايته لمشيخة الحرم النبوى، نحو خمس عشرة سنة. وبلغنى أن المال الذى كان تولى منه إجراء الماء، وإصلاح ما دثر من المآثر، من مال الأمير ألجاى اليوسفى، وكان إلى ألجاى المرجع فى تدبير الأمور فى الديار المصرية، فى دولة الملك الأشرف، بعد ذهاب الأحلاف الذين قاموا على أستاذهم الأمير يلبغا الخاصكى وقتلوه، ثم وقع بين ألجاى والملك الأشرف منافرة، ولما عاين ألجاى الهلاك، لم يمكن من نفسه، وخاض البحر على فرسه ليخلص، فهلك فى سنة أربع، أو خمس وسبعين وسبعمائة. 2519 ـ المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود بن عمرو بن سعد بن دهير ـ بفتح الدال المهملة وكسر الهاء ـ بن لؤىّ بن ثعلبة بن مالك بن الشريد ـ بفتح الشين المعجمة ـ بن هون: ويقال ابن أبى هون ـ بن فايش ـ ويقال قابس ـ بن حزن ـ ويقال ابن دريم ـ ابن القين بن الغوث، ويقال ابن أهود، ابن بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة الكندى البهرانى. ويقال له المقداد بن الأسود، لأنه كان فى حجر الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشى الزهرى، فتبنّاه ونسب إليه، وصار

_ 2519 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2590، الإصابة ترجمة 8210، أسد الغابة ترجمة 5076، طبقات ابن سعد 1/ 144، 2/ 5، 7، 9، 10، 3/ 119، التاريخ الكبير 8/ 54، التاريخ الصغير 60، 61، المعارف 263، الجرح والتعديل 8/ 426، مشاهير علماء الأمصار ترجمة 105، حلية الأولياء 1/ 172، 176، ابن عساكر 17/ 66 تهذيب الأسماء واللغات 2/ 111 ـ 112، معالم الإيمان 1/ 71 ـ 76، تهذيب الكمال 6162، دول الإسلام 1/ 27، تهذيب التهذيب 10/ 285، شذرات الذهب 1/ 39).

يعرف بالمقداد بن الأسود، وليس بابن له، وقيل إنه كان حليفا للأسود بن عبد يغوث، ويقال كان عبدا حبشيا للأسود بن عبد يغوث، فاستلاطه وألزقه به، فقيل له: ابن الأسود لذلك، وقيل إنه كان رجلا من بهراء، فأصاب دما، فهرب إلى كندة، فحالفهم، ثم أصاب فيهم دما، فهرب إلى مكة، فحالف الأسود بن عبد يغوث. وقال أحمد بن صالح المصرى: حضرمى، وحالف أبوه كندة، فنسب إليها، وحالف هو بنى زهرة، فقيل الزهرى، لمحالفته الأسود بن عبد يغوث الزهرى. وذكر ابن عبد البر: أن الأصح فيه والأكثر، قول من قال: إنه من كندة، وأن الأسود تبناه وحالفه، وأنه لا يصح قول من قال: إنه كان عبدا، والصحيح أنه بهرانى من بهراء، يكنى أبا معبد، وقيل أبا الأسود، وقيل أبا عمرو. وذكر هذا القول النووى، والمزى. وذكر النووى، أنه روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، اثنان وأربعون حديثا، اتفقا على حديث واحد. ولمسلم ثلاثة أحاديث. روى عنه من الصحابة: على بن أبى طالب، وابن مسعود، وابن عباس والسائب بن يزيد، وسعيد بن العاص، والمستورد بن شداد، وطارق بن شهاب. وروى عنه من التابعين: عبيد الله بن عدى، وعبد الرحمن بن أبى ليلى، وجبير بن نفير، وغيرهم. روى له الجماعة. كان قديم الإسلام، روينا عن ابن مسعود قال: أول من أظهر إسلامه بمكة سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمار، وأمه سميّة، وصهيب، وبلال، والمقداد. قال ابن عبد البر: وكان من الفضلاء النجباء الكبار الأخيار من أصحاب النبىصلى الله عليه وسلم. روى فطر بن خليفة، عن كثير بن إسماعيل، عن عبد الله بن مليل، عن على رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم يكن نبى إلا أعطى سبعة نجباء ووزراء ورفقاء، وإنى أعطيت أربعة عشر: حمزة، وجعفر، وأبو بكر، وعمر، وعلى، والحسن، والحسين، وعبد الله بن مسعود، وسلمان، وعمار، وحذيفة، وأبو ذرّ، والمقداد، وبلال. وروى سليمان وعبد الله ـ ابنا بريدة ـ عن أبيهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى، أمرنى بحب أربعة من أصحابى، وأخبرنى أنه يحبّهم، فقيل: يا رسول الله، من هم؟ قال صلى الله عليه وسلم: على، والمقداد، وسلمان، وأبو ذرّ. رواه الترمذى وحسّنه. وروى حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، أن النبى صلى الله عليه وسلم، سمع رجلا يقرأ ويرفع صوته بالقرآن، فقال: أوّاب. وسمع آخر يرفع صوته، فقال: مراء، فنظروا، فإذا الأول المقداد بن عمرو.

وروى طارق، عن المقداد، قال: لما نزلنا المدينة، عشّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة عشرة، قال: فكنت فى العشرة الذين كانوا مع النبى صلى الله عليه وسلم، ولم تكن لنا إلا شاة نتجزى لبنها. وروى طارق بن شهاب، عن ابن مسعود قال: لقد شهدت من المقداد مشهدا، لأن أكون صاحبه، كان أحبّ إلىّ مما طلعت عليه الشمس، وذلك أنه أتى النبىصلى الله عليه وسلم وهو يذكر المشركين، فقال: يا رسول الله، إنا والله لن نقول لك كما قال أصحاب موسى لموسى: (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) [المائدة: 24]. ولكن نقاتل من بين يديك ومن خلفك وعن يمينك وعن شمالك، قال: فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرق وجهه لذلك، وسّره وأعجبه، ذكره ابن عبد البر، وهو فى صحيح البخارى بالمعنى. قال ابن عبد البر: كان قديم الإسلام، ولم يقدم على الهجرة ظاهرا، وأتى مع المشركين من قريش، هو وعتبة بن غزوان ليتوصّلا بالمسلمين، فانحازا إليهم، وذلك فى السّريّة التى بعث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، عبيدة بن الحارث إلى ثنيّة المروة، فلقوا جمعا من قريش، عليهم عكرمة بن أبى جهل، فلم يكن بينهم قتال، وهرب عتبة بن غزوان، والمقداد بن الأسود يومئذ إلى المسلمين، وشهد المقداد فى ذلك العام بدرا، ثم شهد المشاهد كلها. ثم قال ابن عبد البر: وشهد المقداد فتح مصر. انتهى. وقال المزّى: وكان فارسا يوم بدر، لم يثبت أنه شهد فارسا غيره، وقد قيل إن الزبير ابن العوام، كان فارسا يومئذ أيضا، وكذلك مرثد بن أبى مرثد الغنوى، والله أعلم. وذكره محمد بن سعد فى الطبقة الأولى. قال: وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية، فى رواية محمد بن إسحاق، ومحمد بن عمر، ولم يذكره موسى بن عقبة، ولا أبو معشر. قال: وشهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من الرّماة المذكورين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكره يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، فيمن هاجر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة. قال أبو الحسن المدائنى، وأبو عبيد القاسم بن سلّام، وعمرو بن علىّ، وخليفة بن خيّاط، وغير واحد: مات المقداد سنة ثلاث وثلاثين، زاد بعضهم. وهو ابن سبعين سنة بالجرف، على ثلاثة أميال من المدينة. وقيل: على عشرة أميال، وحمل إلى المدينة ودفن بها، وصلّى عليه عثمان. وذكر النووى: أنه أوصى إلى الزبير بن العوام.

2520 ـ مقسم بن بجرة ـ ويقال بن بجرة ـ على مثال شجرة ـ ويقال ابن نجدة ـ مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل، ويقال مولى عبد الله بن عباس، وليس مولى له، وإنما قيل له: مولى ابن عباس، للزومه له، يكنى أبا القاسم. ويقال: أبا العباس

وذكر البخارى فى التاريخ الصغير، عن كريمة ابنة المقداد: أن المقداد أوصى للحسن والحسين، ابنى على بن أبى طالب، لكلّ واحد منهما ثمانية عشر ألف درهم، وأوصى لأزواج النبى صلى الله عليه وسلم، لكل امرأة منهن سبعة آلاف درهم، فقبلوا وصيته. وقال عمرو بن أبى المقدام: حدثنا ثابت بن هرمز، عن أبيه، عن أبى فايد: أن المقداد ابن الأسود، شرب دهن الخروع، فمات. وقال محمد بن سعد: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا موسى بن يعقوب، عن عمته، عن أمها كريمة بنت المقداد، أنها وصفت لهم أباها، فقالت: كان رجلا طوالا آدم، ذا بطن، كثير شعر الرأس، يصفّر لحيته وهى حسنة، ليست بالعظيمة ولا الحفيفة، أعين، مقرون الحاجبين، أقنى. 2520 ـ مقسم بن بجرة ـ ويقال بن بجرة ـ على مثال شجرة ـ ويقال ابن نجدة ـ مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل، ويقال مولى عبد الله بن عباس، وليس مولى له، وإنما قيل له: مولى ابن عباس، للزومه له، يكنى أبا القاسم. ويقال: أبا العباس: روى عن: خفاف بن إيما بن رحضة الغفارى، ومولاه عبد الله بن الحارث بن نوفل، وعبد الله بن شرحبيل بن حسنة، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، ومعاوية بن أبى سفيان، وعائشة، وأم سلمة. روى عنه: الحكم بن عتيبة، وخصيف بن عبد الرحمن الجزرى، وعبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، وعبد الكريم بن مالك الجزرى، وغيرهم. روى له الجماعة إلا مسلما. قال حجاج بن محمد، عن شعبة، عن أيوب، قال: وكانت لمقسم سفيرة، وكان يقرأ فى المسجد الحرام فى مصحف، وكان يتعتع فى قراءته، لم يكن جيّد القراءة، وكان إذا ختم، اجتمع إليه لختمته.

_ 2520 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 6/ 23، تاريخ الدورى 2/ 584، تاريخ خليفة 325، طبقات خليفة 281، العلل لأحمد بن حنبل 1/ 5، 152، 192، 2/ 307، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 2057، التاريخ الصغير 1/ 292 ـ 295، المعارف لابن قتيبة 460، المعرفة ليعقوب 1/ 508، 2/ 16، 584، 830، 831، تاريخ أبى زرعة 582، 589، تاريخ واسط 170، الجرح والتعديل ترجمة 1889، الجمع بن القيسرانى 2/ 521، الكاشف ترجمة 5714، العبر 1/ 121، المغنى 2/ 6404، تهذيب الكمال 6166، ميزان الاعتدال ترجمة 8745، تهذيب التهذيب 10/ 288 ـ 289، تقريب التهذيب 2/ 273، خلاصة الخزرجى ترجمة 7429).

2521 ـ مكثر بن عيسى بن فليتة بن قاسم بن محمد بن جعفر الحسنى المكى

قال أبو حاتم: صالح الحديث. قال محمد بن سعد: أجمعوا أنه توفى سنة إحدى ومائة. ذكره ابن سعد فى طبقاته الصغرى فى الطبقة الثانية من التابعين المكيين. وذكر العجلى فى ثقاته. وقال الحافظ نور الدين الهيثمى فى ترتيب ثقات العجلى: مولى ابن عباس، مكى تابعى ثقة. 2521 ـ مكثّر بن عيسى بن فليتة بن قاسم بن محمد بن جعفر الحسنى المكى: وبقية نسبه تقدم فى ترجمة جده الأعلى محمد بن جعفر، المعروف بابن أبى هاشم: أمير مكة. كانت ولاية مكثر لمكة مدة سنين، وكان يتداول إمرتها هو وأخوه داود السابق ذكره، وقد خفى علينا مقدار مدة ولاية كل منهما، مع كثير من حالهما، وكانت إمرة مكة فيه وفى أخيه داود، نحو ثلاثين سنة، كما سيأتى إن شاء الله تعالى ذكره، مع شيء من حالهما، وبمكثر انقضت ولاية الهواشم من مكة، ووليها بعده أبو عزيز قتادة ابن إدريس الحسنى المعروف بالنابغة، صاحب مكة المقدم ذكره، وذلك فى سنة سبع وتسعين وخمسمائة، على ما ذكره الميورقى، نقلا عن عثمان بن عبد الواحد العسقلانى المكى، أو فى سنة ثمان وتسعين، كما ذكر الذهبى فى «العبر»، أو فى سنة تسع وتسعين وخمسمائة، كما ذكر ابن محفوظ. وأما ابتداء ولاية مكثّر على مكة، فى سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، وذلك أنى وجدت بخط بعض المكيين، أنه لما مات عيسى بن فليتة فى شعبان سنة سبعين وخمسمائة، ولى إمرة مكة بعده ابنه داود ولىّ عهده، فأحسن السيرة، وعدل فى الرعية. فلما كانت ليلة النصف من رجب، سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، خرجت خوارج على داود، ففارق منزله وسار فى بقية ليلته إلى وادى نخلة، وولى أخوه مكثّر عوضه فى الحال، ولم يتغيّر عليه أحد بشئ، فلما كان ليلة النصف من شعبان، قدم من اليمن إلى مكة شمس الدولة توران شاه بن أيوب، أخو صلاح الدين يوسف بن أيوب، قاصدا بلاد الشام، فاجتمع به الأمير داود والأمير مكثر بالزاهر ظاهر مكة، وأصلح بينهما. فلما كان السابع من ذى الحجة سنة إحدى وسبعين، وصل الخبر إلى مكة بأن أمير

_ 2521 ـ انظر ترجمته فى: (خلاصة الكلام 21 ـ 23، ابن ظهيرة 308، صبح الأعشى 4/ 271، مرآة الجنان 3/ 494 الأعلام 7/ 284).

الحاج طاشتكين، وصل بعسكر كثير وسلاح وعدد من المنجنيقات والنّفّاطين وغير ذلك، فجمع الأمير مكثر الشرف والعرب على قدر وسعه لضيق الوقت. ولم يحج مكة إلا القليل، وبات الحاج بعرفة، ولم يبت بمزدلفة، ولم يرم إلا جمرة العقبة، ولم ينزل منى، ولا بات بها إلا ليلة، ونزل الأبطح، وقاتل فى نزوله الأبطح فى بقية يوم النحر، وفى اليوم الثانى والثالث، وقوى القتال على أهل مكة، وأحرقت من دورها عدة دور، ونهبت الدور التى على أطراف البلد من ناحية المعلاة. وفى اليوم الرابع، خرج مكثر من مكة، بعد أن سلّم الحصن ـ يعنى الذى بناه على أبى قبيس ـ لأمير الحاج، وسلّمت مكة إلى الأمير قاسم بن مهنا أمير المدينة، وكان وصل صحبة أمير الحاج، لأنه كان سافر فى هذه السنة إلى [ ..... ] (1) وإلى العراق، وأقامت مكة بيد الأمير قاسم ثلاثة أيام، ثم سلّمت للأمير داود، بعد أن أخذ عليه ألا يغيّر شيئا مما شرط عليه، من إسقاط المكوس وغير ذلك من الأرفاق، وأمر أمير الحاج بهدم الحصن المشار إليه. انتهى بالمعنى. وذكر ابن الأثير شيئا من خبر الفتنة التى بين أمير الحاج ومكثر المشار إليهما، لأنه قال فى أخبار سنة إحدى وسبعين وخمسمائة: فى هذه السنة فى ذى الحجة، كان بمكة حرب شديدة بين أمير الحاج طاشتكين، وبين الأمير مكثر بن عيسى أمير مكة، وكان الخليفة قد أمر أمير الحاج بعزل مكثر وإقامة داود مقامه، وسبب ذلك، أنه كان قد بنى قلعة على جبل أبى قبيس، فلما سار الحاج من عرفات، لم يبيتوا بالمزدلفة، وإنما اجتازوا بها، ولم يرموا الجمار، إنما رمى بعضهم وهو سائر، ونزلوا الأبطح، فخرج إليهم ناس من أهل مكة فحاربوهم، وقتل من الفريقين جماعة، وصاح الناس: الفرار إلى مكة، وهجموا عليها، فهرب أمير مكة مكثر، فصعد إلى القلعة التى بناها على جبل أبى قبيس، فحصروه بها، ففارقها وسار عن مكة، وولى أخوه داود الإمارة بها، ونهب كثير من الحجاج بمكة، وأخذوا من أموال التجار المقيمين بها شيئا كثيرا، وأحرقوا دورا كثيرة. ومن أعجب ما جرى، أن إنسانا زرّاقا، ضرب دارا فيها بقارورة نفط فأحرقها، وكانت لأيتام، فأحرق ما فيها، ثم أخذ قارورة أخرى، فأتاه حجر فأصاب القارورة فكسرها، فاحترق هو بها، فبقى ثلاثة أيام يتعذّب بالحريق، ثم مات. وذكر ابن جبير فى «رحلته» شيئا من حال مكثر هذا، فمن ذلك: أن خطيب مكة

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

كان يدعو لمكثر بعد الخليفة الناصر العباسى، وقبل صلاح الدين يوسف بن أيوب صاحب الديار المصرية والشامية، وذكر أن مكثرا ممن يعمل غير صالح، ونال منه بسبب المكس الذى كان يؤخذ من الحجاج بجدّة، إن لم يسلّموا بعيذاب، وذكر أن هذا المكس كان سبعة دنانير ونصف دينار مصرية، يؤخذ ذلك من كل إنسان بعيذاب، فإن عجز عنه عوقب بأليم العذاب، وربما اخترع له من أنواع العذاب التعليق بالأنثيين، وغير ذلك. قال: وكان بجدّة أمثال هذا التنكيل وأضعافه، لمن لم يؤدّ مكسه بعيذاب، ووصل اسمه غير معلّم عليه علامة الأداء، وكان ذلك مدة دولة العبيديين، فمحا السلطان صلاح الدين هذا الرسم اللعين، وكان لأمير مكة والمدينة، وعوّض أمير مكة ألفى دينار، وألفى أردب قمح، وإقطاعات بصعيد مصر، وجهة اليمن. وذكر ابن جبير أيضا: أنهم لما وصلوا إلى جدّة، أمسكوا حتى ورد أمر مكثر بأن يضمن الحاج بعضهم بعضا، ويدخلوا إلى حرم الله تعالى، فإن ورد المال والطعام اللذان برسمه من قبل صلاح الدين، وإلا فهو لا يترك ماله عند الحجاج. انتهى. وكان زوال هذه البدعة القبيحة، على يد السلطان صلاح الدين، فى سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، على ما ذكر أبو شامة «فى الروضتين فى أخبار الدولتين الصلاحية والنورية». ووجدت بخط بعض أهل العصر، مثال كتاب كتبه السلطان صلاح الدين يوسف ابن أيوب، إلى الأمير مكثر هذا، ينهاه فيه عن الجور، ونص الكتاب: «بسم الله الرحمن الرحيم، اعلم أيها الأمير الشريف، أنه ما أزال نعمة عن أماكنها، وأبرز الهمم عن مكامنها، وأثار سهم النوائب عن كنانتها، كالظلم الذى لا يعفو الله عن فاعله، والجور الذى لا يفرق فى الإثم بين قائله وقابله، فإما رهبت ذلك الحرم الشريف، وأجللت ذلك المقام المنيف، وإلا قوينا العزائم، وأطلقنا الشكائم، وكان الجواب ما تراه لا ما تقرأه، وغير ذلك، فإنا نهضنا إلى ثغر مكة المحروسة فى شهر جمادى الأخرى، طالبين الأولى والأخرى، فى جيش قد ملأ السهل والجبل، وكظم على أنفاس الرياح، فلم يتسلسل بين الأسل، وذلك لكثرة الجيوش، وسعادة الجموع، وقد صارت عوامل الرماح تعطى فى بحار الدر» انتهى. وتوفى مكثر فى سنة ستمائة، على ما ذكر ابن محفوظ، لأنه ذكر أن فى سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وصل حنظلة بن قتادة إلى مكة، وخرج إلى نخلة، وأقام بنخلة إلى أن مات فى سنة ستمائة.

2522 ـ مكى بن أبى حفص عمر بن أبى الخير نعمة بن يوسف بن سيف بن عساكر بن عسكر بن شبيب بن صالح بن محمود بن على بن نعمة بن راشد بن أبى العز بن رؤبة، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو الحرم الروبتى المقدسى الأصل، المصرى الدار والمولد

وذكر بعضهم أنه مات سنة تسع وثمانين وخمسمائة، وذكر بعضهم أنه مات سنة تسعين وخمسمائة، وكلا القولين وهم، والذى مات فى هذا التاريخ أخوه داود. والله أعلم. انتهى. ومن أولاد مكثر: أحمد، ومحمد، وهنيدة، وحسنة، وكرانة، وشميل. 2522 ـ مكى بن أبى حفص عمر بن أبى الخير نعمة بن يوسف بن سيف بن عساكر بن عسكر بن شبيب بن صالح بن محمود بن على بن نعمة بن راشد بن أبى العز بن رؤبة، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو الحرم الرّوبتى المقدسى الأصل، المصرى الدار والمولد: ذكره هكذا ابن مسدى فى «معجمه» وقال: جاور بمكة سنين، ثم عاد إلى مصر، وكان شيخا صالحا فيما علمت، غير أنه كان مغفلا فيما رأيت، سمع من والده القاضى أبى حفص، ومن أبى محمد بن عبد الله بن برّى، ومن أبى القاسم البوصيرى، واختصّ بالحافظ أبى محمد عبد الغنى بن عبد الواحد المقدسى، هذا الذى وقفت عليه، وكان [ ..... ] (1) مصاحبا لأهل الرواية، ذكر أنه قرأ «مقدمة» أبى الحسن بن بابشاذ، على حفيد له، فطعنوا عليه فى دعواه، ونفوا وجود من أسماه، وحسابه وحسابهم على الله، غير أن الذى رأيت منه، أنه كان متعاطيا للتأليف والتطريق، من غير تمكن فى معرفة هذه الطريق. قيل له يوما: أعلى ما وقع لك من حديثك؟ فأخرج لهم أحاديث سمعها من أبى: [ ..... ] (1) التميمى، عن رجل، عن الفراوىّ، وهذا يدلك على علمه وفهمه [ ..... ] (1) ثابتة فى الأصول، وفى صحيح المنقول. توفى رحمه الله فى الموفّى عشرين من جمادى الآخرة، سنة أربع وثلاثين وستمائة. وأخبرنى أن مولده فى شعبان من سنة ثمان وأربعين وخمسمائة. 2523 ـ المنذر بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصى ابن كلاب القرشى الأسدى: أمه أسماء بنت أبى بكر الصديق رضى الله عنهما [ .... ] (1) ذكر الزبير بن بكار شيئا من خبره فقال: فحدثنى مصعب بن عثمان، أن المنذر بن الزبير، غاضب عبد الله بن الزبير، فخرج إلى الكوفة، ثم قدم على معاوية قبل وفاته،

_ 2522 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2523 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

فأجازه بألف ألف درهم، وأقطعه موضع داره بالبصرة، بالكلّاء، التى تعرف بالزبير، وأقطعه موضع ماله بالبصرة التى تعرف بمنذران، فمات معاوية وهو عنده، قبل أن يقبض جائزته، وأوصى معاوية أن يدخل المنذر فى قبره، فكان أحد من نزل فى قبر معاوية. فلما أراد يزيد بن معاوية أن يدفع إلى المنذر الجائزة التى أمر له بها معاوية، قيل له: ما تصنع؟ تعطى المنذر هذا المال، وأنت تتوقع خلاف أخيه لك، فيعينه به عليك! فقال: أكره أن أردّ شيئا فعله أبى، فقيل له: تعطيه إياه، ثم استسلفه منه، فإنه لا يردّك، فدفعه إليه ثم استسلفه إياه فأسلفه. وقال الزبير: قال: قال عمى مصعب بن عثمان: فكان ولد المنذر يقبضون ذلك المال بعد من ولد يزيد بن معاوية، فأدركت صكّا فى كتب محمد بن المنذر، بمائتى ألف درهم، بقية ذلك المال. وكتب يزيد بن معاوية للمنذر بن الزبير: إلى عبيد الله بن زياد، بإنفاذ قطائعه، فأنفذها له عبيد الله، وأقطعه زيادة فيها، وورد على يزيد بن معاوية، خلاف عبد الله بن الزبير له، وإباؤه بيعته، فكتب إلى عبيد الله بن زياد: إن عبد الله بن الزبير أبى البيعة وصار إلى الخلاف، وقبلك أخوه المنذر، فاستوثق منه، وابعث به إلىّ. فورد كتابه بذلك على عبيد الله، فأخبر المنذر بما كتب إليه يزيد، وقال له: اخترمنى إحدى خلّتين، إن شئت اشتملت عليك، ثم كانت نفسى دون نفسك، وإن شئت فاذهب حيث شئت، وأنا أكتم الكتاب ثلاث ليال ثم أظهره، ثم أطلبك، فإن ظفرت بك، بعثت بك إليه. فاختار أن يكتم عنه الكتاب ثلاثا، ففعل، وخرج المنذر، فأصبح بمكة صبح ثامنة من الليالى، فقال بعض من يرجز معه: قاسين قبل الصّبح ليلا منكرا ... حتى إذا الصبح انجلى فأسفرا أصبحن صرعى بالكثيب حسّرا ... لو يتكلّمن شكون المنذرا (2) فسمع عبد الله بن الزبير صوت المنذر على الصفا ـ وابن الزبير فى المسجد الحرام ـ فقال: هذا أبو عثمان، جاشته إليكم الحرب. ثم تمثل [من الطويل]: حررت على راجى الهوادة منهم ... وقد يلحق المولى العنود الجرائر (3)

_ (2) فى نسب قريش 7/ 245: تركن بالرمل قياما ماحرا ... لو يتكلن اشتكين المنذرا (3) فى نسب قريش 7/ 245: جنيت على باغى الهوادة منهم ... وقد تلحق المولى العنود الجرائر

قال الزبير: وحدثنى محمد بن الضحاك الحزامى، قال: كان المنذر بن الزبير، وعثمان ابن عبد الله بن حكيم بن حزام، يقاتلان أهل الشام بالنهار، ويطعمانهم بالليل. وقال الزبير: حدثنى محمد بن الضحاك، قال: كان منذر بن الزبير يقاتل مع أخيه عبد الله بن الزبير جيش الحصين بن نمير فى الحصار الأول، ويرتجز ويقول: يأبى الحواريّون إلا وردا ... من يقتل اليوم يزوّد حمدا (4) قال: سمعت أنه يقول: يأبى بنو العوام إلا وردا قال: وجعل يقاتل يوم قتل، ويقول [من الرجز]: لم يبق إلا حسبى ودينى ... وصارم تلتذّه يمينى وهو على أبى قبيس، مختب فى المسجد الحرام ينظر إليه، ويقول، ابن الزبير ـ وهو لا يسمع رجز المنذر ـ: هذا رجل يقاتل عن حسبه ودينه، فقتل المنذر، فما زاد عبد الله ابن الزبير على أن قال: عطب أبو عثمان. قال الزبير: حدّثنى مصعب بن عثمان قال: قتل المنذر بن الزبير وهو ابن أربعين سنة. قال الزبير: وحدّثنى عبد الرحمن بن يحيى الفروىّ قال: قال رجل من العرب ـ وأسماه لى، فذهب علىّ اسمه ـ يرثى المنذر بن الزبير، ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف [من الكامل]: إن الإمام بن الزبير فإن أبى ... فذروا الإمارة فى بنى الخطاب لستم لها أهلا ولستم مثله ... فى فضل سابقة وفصل خطاب وغدا النّعىّ بمصعب وبمنذر ... وكهول صدق سادة وشباب قتلوا غداة قعيقعان وحبّذا ... قتلاهم قتلى ومن أسلاب أقسمت لو أنى شهدت فراقهم ... لا خترت صحبتهم على الأصحاب قتلوا حوارىّ النبى وحرّقوا ... بيتا بمكّة طاهر الأثواب وقالت بنت هبار بن الأسود، فى قتل أخيها إسماعيل بن هبّار [من البسيط]: قل لأبى بكر السّاعى بذمّته ... ومنذر مثل ليث الغابة الضّارى شدّا فدا لكما أمى وما ولدت ... لا توصلنّ إلى المخزاة والعار

_ (4) فى نسب قريش 7/ 245: يأبى بنو العوام إلا وردا ... من يقتل اليوم يزود حمدا

2524 ـ منبوذ بن أبى سليمان المكى القرشى

2524 ـ منبوذ بن أبى سليمان المكىّ القرشى: مولى بنى سلمة بن لؤى، وقد قيل: منبوذ بن سليمان. يروى عن الحجازيين. روى عنه ابن جريج، وابن عيينة. هكذا ذكره ابن حبّان فى الطبقة الثالثة من الثقات. روى له النسائى عن أبيه، عن ميمونة، حديث: «كان النبىصلى الله عليه وسلم، يضع رأسه فى حجر إحدانا، وهى حائض» وروى عنه ابن أبى ذئب. * * * من اسمه منصور 2525 ـ منصور بن حمزة بن عبد الله المحاصى، أبو على المكناسى: إمام المالكية بالحرم الشريف. سمع من أبى عبد الله بن أبى الصّيف: صحيح مسلم، وجدت سماعه عليه لمجلدات من صحيح البخارى، وجامع الترمذى، ولقد سمع ذلك كله، والسّماع فى سنة خمس وتسعين وخمسمائة فى الحرم الشريف، وهو بخط أحمد ابن أبى بكر الطبرى، وترجمه: بالفقيه الأجلّ إمام المالكية بالمسجد الحرام. وما عرفت من حاله سوى هذا. 2526 ـ منصور بن عبد الرحمن بن طلحة بن الحارث بن عثمان بن طلحة بن أبى طلحة القرشى العبدرى الحجبى المكى: روى عن أمه صفية بنت شيبة، وخاله مسافع بن شيبة، وسعيد بن جبير، وأبى معبد مولى ابن عباس، وغيرهم. روى عنه: ابن جريج، والسفيانان، ووهيب بن خالد، وزهير بن معاوية، وزهير بن

_ 2524 ـ انظر ترجمه فى: (طبقات ابن سعد 6/ 35، التاريخ الكبير للبخارى ترجمة 2165، الجرح والتعديل ترجمة 1905، الثقات لابن حبان 7/ 524، الكاشف ترجمة 5720، تهذيب الكمال 6173، تهذيب التهذيب 10/ 297، تقريب التهذيب 2/ 273، خلاصة الخزرجى ترجمة 7189). 2526 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 6/ 34، العلل لأحمد بن حنبل 2/ 150، تاريخ البخارى الكبير 7/ 1487، تاريخ أبى زرعة 516، الجرح والتعديل ترجمة 771، الثقات لابن حبان 7/ 476، موضح أوهام الجمع والتفريق 2/ 405، رجال البخارى للباجى 2/ 723، الجمع لابن القيسرانى 2/ 497، الكاشف ترجمة 5738، تهذيب الكمال 6197، تاريخ الإسلام 5/ 304، ميزان الاعتدال ترجمة 8787، تهذيب التهذيب 10/ 310، تقريب التهذيب 2/ 276، خلاصة الخزرجى ترجمة 7213، شذرات الذهب 1/ 206).

2527 ـ منصور بن عمر بن مسعود المكى

محمد التميمى، وداود بن عبد الرحمن العطار، وغيرهم. روى له الجماعة إلا الترمذى. قال الأثرم: سئل عنه أحمد بن حنبل، فأحسن الثناء عليه، وقال: كان ابن عيينة يثنى عليه. وقال ابن عيينة: كان يبكر وقت كلا صلاة، فكانوا يرون أنه يذكر الموت والقيامة عند كل صلاة. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال ابن سعد، والنّسائى، وغيرهما: ثقة. وقال محمد بن سعد، عن هشام بن محمد بن السائب الكلبى: رأيت منصور بن عبد الرحمن فى زمن خالد بن عبد الله يحجب البيت، وهو شيخ كبير. وقال الذهبى: قيل مات سنة سبع، أو سنة ثمان وثلاثين ومائة. 2527 ـ منصور بن عمر بن مسعود المكى: أحد أعيان القواد المعروفين بالعمرة، كان حيا فى سنة سبع وثلاثين وسبعمائة. 2528 ـ منصور بن أبى الفضل محمد بن أبى على عبد بن عبد الكريم الطائى الزعفرانى البغدادى، شيخ الحرمين، عفيف الدين أبو المظفر، المعروف بابن منعة: سمع بمكة من سليمان ابن خليل: صحيح البخارى، فى سنة إحدى وأربعين وستمائة، ومن أبى الحسن بن المقبرى، وأبى الحسن بن الجميزى، وأبى القاسم بن أبى حرمى، وابن أبى الفضل المرسى، وصفية بنت إبراهيم بن [ .... ] (1) وخرج له عنهم ـ خلا المرسى ـ: أربعين حديثا، للحافظ أبى بكر بن مسدى، وحدّث بها غير مرة [ .... ] (1) مخرجها، وقراءة جماعة من الفضلاء، منهم: القطب القسطلانى، والمحب الطبرى. وسمعها جماعة من الأعيان، منهم: ابن أخيه ظهير الدين محمد بن عبد الله بن منعة، الذى خلفه فى المشيخة. ووجدت على حجر قبره بالمعلاة، أنه قلّد أمرهما ـ يعنى الحرمين ـ فى سنة أربع وعشرين وستمائة، إلى حين وفاته. ووجدت بخط أبى العباس الميورقى، أنه ولى مشيخة الحرم، نحو أربعين سنة، وأنا أستبعد صحة ذلك، لأن ابن [ ..... ] (1) ذكر أن الشيخ نجم الدين بشير التبريزى [ .... ] (1) شيخا للحرم، وفوّض إليه النظر فى عمارته ومصالحه، وذلك فى الأيام المستنصرية، ولم يزل على هذه حتى أضر بصره فيه [ .... ] (1) منه. انتهى. وقد وجدت خط الشيخ نجم الدين المذكور، فى مكتوب شهد فيه، مؤرخ بالعشر الأول من صفر سنة خمس وثلاثين وستمائة، فاستفدنا من هذا، أن الشيخ نجم الدين

_ 2528 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2529 ـ منصور بن محمد بن أحمد بن الحسن بن يوسف بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن جعفر بن أحمد بن أبى أحمد

كان متوليا لذلك فى هذا التاريخ، اللهم إلا أن يكون ولى ذلك شريكا للشيخ نجم الدين، والله أعلم. وكانت وفاة ابن منعة فى خامس عشرى شهر ذى القعدة، سنة أربع وستين وستمائة، ودفن بالمعلاة. نقلت وفاته من على حجر قبره، وكذا وجدتها بخط أبى العباس الميورقى، إلا أنه لم يذكر شهر وفاته. ونقلت نسبه هذا، من خط ابن مسدى فى «أربعينه» قال: والزعفرانية: قرية من أعمال نهر [ ..... ] (2) بغداد. 2529 ـ منصور بن محمد بن أحمد بن الحسن بن يوسف بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن جعفر بن أحمد بن أبى أحمد الموفق بن جعفر بن محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله ابن عباس، الخليفة المستنصر بالله، أبو جعفر، بن الظاهر، بن الناصر، بن المستضئ بأمر الله، بن المستنجد بالله، بن المقتفى، بن المستظهر، بن المقتدى العباسى: ذكرناه فى هذا الكتاب، لما صنع فى خلافته من المآثر بمكة وبظاهرها، فمن ذلك عمارته [ .... ] (1) المطاف فى سنة إحدى وثلاثين وستمائة، ولعين بازان فى سنة خمس وعشرين وستمائة، وفى سنة أربع وثلاثين وستمائة [ .... ] (1) وعمارته لمختبى النبىصلى الله عليه وسلم بدار الخيزران عند الصفا [ .... ] (1) وعمارته لمولد سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه فى سنة خمس وعشرين وستمائة، وعمارته لمسجد البيعة بقرب منى على يسار الذاهب إليها، فى سنة عشرين وستمائة، وعمارته للعلمين اللذين هما حد عرفة، فى سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، وغير ذلك من المآثر التى صنعها فتاه الأمير شرف الدين إقبال الشرابى، وأضاف ذلك إلى مولاه المستنصر هذا، منها الرّباط الذى على باب بنى شيبة، والبرك التى بعرفة بقرب جبل الرحمة، وعين عرفة، وغير ذلك. بويع بالخلافة بعد أبيه الظاهر، فى رجب سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وبلغ عدد الخلع التى خلعت على الناس عند بيعته، ثلاثة آلاف خلعة وخمسمائة خلعة وسبعين خلعة، على ما قيل، ذكر ذلك ابن الساعى، واستمر فى الخلافة حتى مات، فى جمادى الآخرة سنة أربعين وستمائة، وله اثنتان وخمسون سنة، وكانت خلافته سبع عشرة سنة إلا أياما، ونهض بأعباء الخلافة، وقمع المتمردين، واستخدم عسكرا عظيما إلى الغاية، حتى بلغ جريدة جيشه نحو مائة ألف فارس، استعدادا لحرب التتار. وخطب له ببعض

_ (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2529 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

الأندلس، وبعض المغرب، ودانت له الملوك، ووقف مساجد ومدارس. منها المدرسة التى أنشأها ببغداد المعروفة بالمستنصرية، لا نظير لها على ما قيل. وكان ذا عدل ودين، وكان جده الناصر، يسميه القاضى، لعقله ومحبته للحق. قال ابن الساعى: كان أبيض بحمرة، أزج الحاجبين، أدعج العينين، سهل الخدّين، أقنى، رحب الصدر. وأمه تركية. وذكر بعضهم: أنه لما بويع بالخلافة، خلع يسيرا، ثم أعيد من فوره، وقد كان هو سادس خليفة بعد الراشد بالله منصور بن المسترشد الفضل بن المستظهر العباسى. وسبب خلعه، دفع التّطيّر مما قيل، فى أن كل خليفة سادس يخلع، واستقرى ذلك فى جماعة من خلفاء بنى العباس، وكان أبو العباس عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس، ثم أخوه أبو جعفر عبد الله المنصور، ثم المهدى محمد بن المنصور، ثم الهادى موسى بن المهدى، ثم الرشيد هارون بن المهدى، ثم الأمين محمد بن الرشيد، وهو السادس، خلع بأخيه المأمون عبد الله بن الرشيد، ثم المأمون، ثم المعتصم محمد بن الرشيد، ثم الواثق هارون بن المعتصم، ثم المتوكل جعفر بن المعتصم، ثم المنتصر محمد ابن المتوكل، ثم المستعين أحمد بن المعتصم، وهو السادس بعد الأمين، خلع بالمعتز محمد، وقيل الزبير بن المتوكل، ثم المعتز، ثم المهتدى محمد بن الواثق، ثم المعتمد أبو العباس أحمد بن الواثق، ثم المعتضد أبو العباس أحمد بن أحمد الموفق بن المتوكل، ثم المكتفى على بن المعتضد، ثم المقتدر جعفر بن المعتضد، وهو السادس، خلع مرتين، الأولى بعبد الله بن المعتز، ثم عاد المقتدر بعد قليل، ثم خلع، والثانية بأخيه القاهر محمد، ثم عاد المقتدر بعد قليل أيضا، ثم المقتدر، ثم القاهر، ثم الراضى محمد بن المقتدر، ثم المتقى إبراهيم بن المقتدر، ثم المستكفى عبد الله بن المكتفى، ثم المطيع الفضل بن المقتدر، ثم الطائع لله عبد الكريم بن المطيع، وهو السادس بالقاهرة، خلع بالقادر بالله أحمد بن إسحاق بن المقتدر، ثم القادر، ثم القائم بأمر الله عبد الله بن القادر، ثم المقتدى بأمر الله عبد الله بن محمد بن القائم، ثم المستظهر أحمد بن المقتدى، ثم المسترشد بالله الفضل بن المستظهر، ثم الراشد بالله بن منصور بن المسترشد، وهو السادس، خلع بعمه المقتفى لأمر الله محمد بن المستظهر، ثم المستظهر، ثم ابنه المستنجد يوسف، ثم ابنه المستضئ الحسن، ثم ابنه الناصر أحمد، ثم ابنه الظاهر محمد، ثم ابنه المستنصر منصور، وهو السادس، خلع تطيرا، وأعيد من فوره كما قيل. وقد خلع جماعة سوى هؤلاء من بنى العباس، ولكن كلا منهم لم يكن سادس خليفة للخليفة المخلوع، كما اتفق للمذكورين، وجعل بعضهم ـ وهو الصّولى أو غيره من المؤرخين ـ الحسن بن على، من قبيل هؤلاء الخلفاء، لأنه عدّ النبى صلى الله عليه وسلم، ثم الخلفاء

2530 ـ منصور بن مبارك بن عطيفة بن أبى نمى الحسنى المكى

الأربعة، فكان الحسن سادسهم، وفى ذلك نظر، لأن الحسن لم يخلع، وإنما ترك الأمر رغبة عنه، لما فى ذلك من حقن دماء المسلمين وصلاح حالهم، وتحقيق ما أخبر به جده المصطفى صلى الله عليه وسلم، بأن الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين. وذكر بعضهم، أن عبد الله بن الزبير بن العوام رضى الله عنهما، هو الخليفة السادس المخلوع بعد الحسن ابن على، وعدّ قائل ذلك الخلفاء قبله، فقال: معاوية بن أبى سفيان، ثم ابنه يزيد، ثم ابنه معاوية بن يزيد، ثم مروان بن الحكم، ثم ابنه عبد الملك، ثم عبد الله بن الزبير. وفى ذاك نظر، لأن عبد الله بن الزبير، بويع بالخلافة قبل مروان بن الحكم، فضلا عن ابنه عبد الملك، الذى قيل إن ابن الزبير خلع به، والله أعلم. وإذا اعتبرنا خلفاء بنى أمية بعد عبد الملك بن مروان، وجدنا السادس منهم خلع، وقيل لأنه ولى الخلافة بعد عبد الملك، ابنه الوليد بن عبد الملك، ثم سليمان بن عبد الملك، ثم عمر بن عبد العزيز بن مروان، ثم يزيد بن عبد الملك، ثم هشام بن عبد الملك، ثم الوليد بن يزيد بن عبد الملك، خلع بابن عمه يزيد بن الوليد بن عبد الملك، الملقب بالناقص، لكونه لما استخلف نقص أرزاق العسكر، وبعث عسكرا لحرب الوليد، فحاربوه حتى ذبحوه. 2530 ـ منصور بن مبارك بن عطيفة بن أبى نمى الحسنى المكى: توفى فيما أظن، فى آخر سنة أربع وتسعين وسبعمائة. 2531 ـ المنكدر بن عبد الله بن الهدير القرشى التيمى: والد محمد بن المنكدر، وإخوته، روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، حديثه مرسل عندهم، ولا تثبت له صحبة، ولكنه ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكره هكذا صاحب الاستيعاب. 2532 ـ المهاجر بن أبى أمية ـ واسم أبى أمية على ما قال الزبير بن بكار: حذيفة ـ بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى: أخو أم سلمة، زوج النبى صلى الله عليه وسلم لأبيها وأمها، كان اسمه الوليد، فسماه النبى صلى الله عليه وسلم المهاجر، على ما ذكر الزبير بن بكار، وذكر شيئا من خبره، لأنه ذكر أن عاتكة بنت جذل الطّعان، أمه وأم سلمة، زوج النبى صلى الله عليه وسلم. وقال: حدثنى محمد بن سلام، قال:

_ 2531 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2602، الإصابة ترجمة 8263، أسد الغابة ترجمة 5129، مؤتلف الدارقطنى 2059، 318). 2532 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2531، الإصابة ترجمة 8271، أسد الغابة ترجمة 5134).

2533 ـ المهاجر بن خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى

حدثنى حماد بن سلمة، وابن جعدبة جميعا ـ وفيه اختلاف بينهما ـ قالا: دخل النبىصلى الله عليه وسلم على أم سلمة وعندها رجل، فقال: «من هذا؟ » قالت: أخى الوليد، قدم مهاجرا. فقال: «هذا المهاجر». فقالت: يا رسول الله، هذا الوليد، فأعاد وأعادت، فقال: «إنكم تريدون أن تتخذوا الوليد جبانا، إنه يكون فى أمتى فرعون يقال له الوليد». قال: وفى حديث حماد: «يسرّ الكفر ويظهر الإيمان» وعرفت أم سلمة ما أراد من تحويل اسمه، فقالت: نعم يا رسول الله، هو المهاجر. وقالا: قال الجعدى فى حديثه: لقد رأيته يوم بدر، وجاء مقنّعا فى الحديد لا يرى منه إلا عيناه، ووقف ودعا إلى البراز، فاستشرفه الناس، فقلنا: من هذا؟ فقال: أنا ابن زاد الرّكب، فعرفنا أنه ابن أميّة، فقلنا: أيهم؟ فقال: أنا ابن جذل الطّعان، فعرفناه. انتهى. قال الزبير: وإنما قيل له: زاد الركب، لأنه كان إذا خرج سفرا، لم يتزوّد معه أحد. انتهى. وقال ابن عبد البر، بعد أن ذكر معنى الخبر الذى ذكره الزبير، فى كراهية النبىصلى الله عليه وسلم تسمية المهاجر الوليد: ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، المهاجر بن أبى أمية إلى الحارث بن عبد كلال الحميرى ملك اليمن، واستعمله أيضا رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات كندة والصّدف، ثم ولّاه أبو بكر اليمن، وهو الذى افتتح حصن النّجير بحضر موت، مع زياد ابن لبيد الأنصارى، وبعث بالأشعث بن قيس الكندى أسيرا إلى أبى بكر الصديق، فمن عليه الصديق، وحقن دمه. 2533 ـ المهاجر بن خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى: كان غلاما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو وأخوه عبد الرحمن بن خالد، وكانا مختلفين، كان عبد الرحمن مع معاوية، وكان المهاجر مع على بن أبى طالب، محبّا فيه وفى ذويه، وشهد معه الجمل وصفين، وفقئت عينه على ما قيل يوم الجمل، وقيل يوم صفين. وللمهاجر ابن يسمى خالد بن المهاجر، قتل ابن أثال اليهودى طبيب معاوية، بعمّه عبد الرحمن، لأنه اتّهم بقتل عبد الرحمن فى دواء عمله له ابن أثال. وللمهاجر فى ذلك شعر مذكور فى ترجمة عبد الرحمن بن خالد، مع سبب قتل ابن المهاجر لابن أثال، فأغنى ذلك عن إعادته هنا.

_ 2533 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2532، الإصابة ترجمة 8354، أسد الغابة ترجمة 5135).

2534 ـ المهاجر بن قنفذ بن عمير بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى

2534 ـ المهاجر بن قنفذ بن عمير بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة القرشى التيمى: جد محمد بن يزيد بن عبد الرحمن بن المهاجر، ذكره هكذا ابن عبد البر، وقال: يقال إن اسم المهاجر هذا: عمرو، وإن اسم قنفذ: خلف، وأن مهاجرا وقنفذا لقبان، فهو عمرو بن خلف بن عمير، وإنما قيل له المهاجر، لأنه قدم على رسول اللهصلى الله عليه وسلم مسلما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا المهاجر حقا». وقد قيل إن المهاجر بن قنفذ، أسلم يوم فتح مكة، وسكن البصرة، ومات بها، روى عنه أبو ساسان حضين بن المنذر. 2535 ـ المهاجر، مولى أم مسلمة: قال: خدمت النبى صلى الله عليه وسلم، روى عنه بكير، مولى عميرة ـ أو عمرة ـ جدّ يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومى، مولى لهم، يعدّ مهاجر هذا فى أهل مصر، لا أدرى أهو الذى روى فى نعل النبى صلى الله عليه وسلم: كان لها قبالان، أم لا. ذكره هكذا ابن عبد البر. 2536 ـ مهدىّ بن قاسم بن حسين بن قاسم المكى، المعروف بالذويد: كان [ .... ] (1) توفى فى خامس عشرى المحرم سنة تسع وثمانين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 2537 ـ مهشّم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى العبشمى، أبو حذيفة: يأتى إن شاء الله تعالى فى الكنى، للخلاف فى اسمه، هل هو مهشّم، أو هاشم، أو هشيم؟ .

_ 2534 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2535، الإصابة ترجمة 8274، أسد الغابة ترجمة 5138، الثقات 3/ 381، تجريد أسماء الصحابة 2/ 98، تقريب التهذيب 2/ 278، الجرح والتعديل 8/ 259، تاريخ من دفن بالعراق 456، تهذيب الكمال 3/ 1379، تلقيح فهوم أهل الأثر 372، التاريخ الكبير 8/ 379، تهذيب التهذيب 7/ 322، بقى بن مخلد 273). 2535 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2534، الإصابة ترجمة 8275، أسد الغابة ترجمة 5137، تجريد أسماء الصحابة 2/ 97، الجرح والتعديل 8/ 259، تلقيح فهوم أهل الأثر 385). 2536 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2537 ـ سيأتى ذكره للاختلاف فى اسمه فى باب هشام الترجمة رقم (2643)، وباب هشيم الترجمة رقم (2649)، وباب الكنى فى اسم أبو حذيفة الترجمة رقم (2856).

2538 ـ مهنا بن أبى بكر بن إبراهيم بن يوسف البغدادى الأصل ثم الدنيسرى ثم المصرى

2538 ـ مهنّا بن أبى بكر بن إبراهيم بن يوسف البغدادى الأصل ثم الدنيسرىّ ثم المصرى: نزيل مكة وشيخ رباط الخوزىّ بها. ولد فى ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، وقدم مكة، فسمع بها فى سنة ست وثلاثين وسبعمائة، من التاج محمد بن أحمد بن عمر بن موسى بن النعمان الأنصارى، كتاب «مصباح الظلام فى المستعين بخير الأنام، محمد بن يوسف بن النعمان» وحدّث به مرارا، حضرته عليه فى [ .... ] (1) وأجاز لى، وسمع من الجمال الأميوطى بعض «السيرة الكبرى» لابن سيّد الناس، والمجلس الأخير من «الشفا» ومنه ومن البرهان الأبناسىّ، والشريف جمال الدين البترتى بعض «سنن بن ماجة». انتهى. جاور بمكة نحو أربعين سنة أو أزيد، وكان فيه خير وإحسان لجماعة من الفقراء، وخدم الفقراء برباط الخوزى مدة سنين، ثم ولى مشيخته نحو ثلاثين سنة، واشتهر بذلك عند الناس. توفى فى آخر ربيع الأول من سنة عشرين وثمانمائة، وهو فى عشر السبعين أو جاوزها، وكان متفقها للإمام أبى حنيفة. 2539 ـ مهلهل بن محمد بن مهلهل الدّمياطى: نزيل مكة، كذا رأيته فى «المنتقى من المنتخب من معجم الدمياطى» انتخاب محمد ابن على بن عشائر، فإنه قال: وأنشدنا مهلهل الدمياطى نزيل مكة لنفسه بمكة شرفها الله. يروق لى منظر البيت العتيق إذا ... بدا لطرفى فى الإصباح والطّفل كأن حلته السوداء قد نسجت ... من حبة القلب أو من أسود المقل ثم رأيته بمعجم الدمياطى، وأنشد بعده أيضا سطرا. انتهى. 2540 ـ مورّق بن حذيفة بن غانم العدوى: له رؤية بلا رواية. ذكره أبو عمر (1) مع أبى خيثمة، ذكره هكذا الذهبى فى التجريد. * * *

_ 2538 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2540 ـ (1) لم يذكره أبو عمر فى ترجمة أبى خيثمة، فى الاستيعاب. وقد قال ابن عبد البر فى الاستيعاب فى ترجمة أبو خيثمة السالمى أنه لا يعلم أحد من الصحابة يكنى أبا خيثمة غيره إلا عبد الرحمن بن سبرة الجعفى والد خيثمة بن عبد الرحمن الجعفى، ولم يذكر مورق بن حذيفة فى ترجمته أيضا. انظر: (الاستيعاب ترجمة 2965، 1427).

من اسمه موسى

من اسمه موسى 2541 ـ موسى بن أبى الجارود، الفقيه أبو الوليد المكى: روى عن الشافعى حديثا كثيرا، وصحبه، وعن ابن عيينة، وأبى يعقوب البويطى. روى عنه: الترمذى، والحسن بن محمد الزّعفرانىّ، والربيع المرادى، ويعقوب، وجماعة. وذكره ابن حبّان فى الثقات، وقال الدّارقطنىّ: روى عن الشافعى حديثا كثيرا، وروى عنه كتاب «الأمالى» وكان من فقهاء مكة المفتين بمذهب الشافعى. 2542 ـ موسى بن الحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة القرشى التيمى: هاجر إلى الحبشة فيما ذكر الطبرى، وذكره فى موضع آخر فقال: إنه مات مع أختيه عائشة وزينب، فى طريقه إلى أرض الحبشة، من ماء شربوه. وذكره أيضا فيمن ولد بأرض الحبشة. وذكره هكذا ابن عبد البر. 2543 ـ موسى بن حسن بن موسى بن عبد الرحمن بن على بن الحسين ابن على الشيبانى الطبرى المكى، يلقّب بالرضى: شيخ الحرم، سمع من ابن أبى الفضل المرسى بمكة: مجلدات من «صحيح ابن حبان»، ولعلّه سمعه كلّه، والسماع على ابن أبى الفضل لأحاديث الكتاب، دون الكلام والتراجم، وسمع من سليمان بن خليل [ ..... ] (1) وسمع من الضياء بن أبى الحسن محمد ابن أبى الأنجب النّعالى البغدادى بمكة، «الأربعين السّباعيات» لعبد المنعم الفراوىّ فى رمضان سنة أربع وأربعين وستمائة، وحدث عنه، سمع منه عن النّعالى، المسند بدر الدين أبو المحاسن يوسف بن محمد بن إبراهيم الكردى، سبط التقىّ إسماعيل بن أبى اليسر الدمشقى. وقد روينا حديثه فى جزء فيه أحاديث مخرّجة من أصول سماعات جماعة من أهل مكة المشرفة، رأيته بخط الحافظ تقى الدين محمد بن رافع السّلامى، وهكذا ترجم الجزء،

_ 2541 ـ انظر ترجمته فى: (الكاشف ترجمة 5780، تهذيب التهذيب 10/ 339، تهذيب الكمال ترجمة 6245، التقريب 2/ 281، خلاصة الخزرجى ترجمة 7255). 2542 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة ترجمة 2607، الإصابة ترجمة 8289، أسد الغابة ترجمة 5148). 2543 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2544 ـ موسى بن دينار

وذكر أنه كتبه عن أبى المحاسن المذكور عنهم، ولما خرج حديث صاحب هذه الترجمة، قا: وأخبرنا الشيخ الأجل بقية السلف، شيخ حرم الله تعالى، رضى الدين موسى بن الإمام قاضى الحرم الشريف حسن بن موسى بن عبد الله الشيبانى. انتهى. وعبد الله تصحيف، وصوابه عبد الرحمن، بلا ريب فى ذلك، وقد سبق ذكر أبيه، ولم أعرف وقت وفاة رضى الدين موسى هذا، والله أعلم بحقيقة ذلك، وكان حيّا فى صفر سنة ست وثمانين وستمائة بمكة، وفيها سمع منه النجم محمد بن عبد الحميد. وترجمه بشيخ الحرم، وترجمه بذلك غيره. ووجدت بخط ابن صهبانة، ما يدل على أنه ولى القضاء بمكة، ولعل ذلك نيابة عن أقاربه من الشيبانيين، وكان أبوه قاضيا بمكة. انتهى. من ترجمته من المختصر الأول لهذا التاريخ للمصنف. 2544 ـ موسى بن دينار: مكى، عن سعيد بن جبير، وجماعة، قال البخارى: ضعيف، كان حفص بن غياث يكذّبه، وقال علىّ: سمعت يحيى القطان، يقول: دخلت على موسى بن دينار، أنا وحفص، فجعلت لا أريده على شيء إلا لقيته. وقال أبو حاتم: مجهول. وضعّفه الدارقطنى. ذكره هكذا الذهبى فى الميزان. وقال صاحب لسان الميزان، رفيقنا الحافظ أبو الفضل بن حجر، أبقاه الله تعالى، بعد أن ذكر ما ذكره الذهبى فيه: وقال السّاجىّ: كذاب متروك الحديث، وذكره العقيلى، والدّولابى، ويعقوب بن سفيان، وابن السكن، وابن الجارود، وابن شاهين فى الضعفاء. انتهى. 2545 ـ موسى بن رشيد العيساوى: فتى أمير الحرمين، القائد أبو عمران، توفى يوم الثلاثاء ثامن جمادى الآخرة، سنة ثمان وخمسين وخمسمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره نقلت ذلك. 2546 ـ موسى بن على بن عبد الصمد بن محمد بن عبد الله المرّاكشى، العلامة القدوة العارف بالله، أبو محمد، وأبو عبد الله المالكى: نزيل مكة. صحب بها الشيخ عبد الله اليافعى مدة، وسمع منه كتاب «الرسالة للقشيرى» وحدّث به عنه، ودرّس وأفتى بالحرمين، مع غزارة العلم، وأهلية النظر والترجيح، والعبادة الكثيرة، والورع الشديد الدائم، وانتفع به فى العلم جماعة، منهم: السيد تقى الدين الفاسى، وسألته عنه فقال ـ مع وصفه له بكثرة العلم والزهد ـ:

2547 ـ موسى بن على بن قريش بن داود القرشى الهاشمى المكى

كان كريم النفس، كثير الإيثار للفقراء، وذكر لى: أنه ورد مكة فى سنة ثلاث وستين وسبعمائة حاجا على طريق الصحراء، مع التّكاررة، وتوجّه بعد حجه إلى المدينة، فأقام بها سنة أربع وستين، ثم رجع إلى مكة واستوطنها فى سنة خمس وستين، وصار يتردّد إلى المدينة، ومات بمكة فى يوم السبت التاسع عشر، من محرم سنة تسع وثمانين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة، وشهد جنازته، أمير مكة، عنان بن مغامس، ومشى فيها. انتهى. وقد شهدت جنازته بحمد الله، وكان تأهّل بمكة بابنة الشيخ عبد الله اليافعى، ورزق منها ولده محمدا وغيره، وتأهل بالمدينة بابنة بنت القاضى بدر الدين بن فرحون، وقد ذكره فى كتابه «نصيحة المشاور» وذكر من أوصافه الجميلة كثيرا. 2547 ـ موسى بن على بن قريش بن داود القرشىّ الهاشمى المكى: كان يتردّد إلى اليمن بسبب التجارة، وحصل له بذلك شهرة ووجاهة عند الناس بمكة واليمن، وسكن بعض بلاد اليمن، وولد له بها عدّة أولاد، وذهب فى بعض السّنين إلى اليمن للعلم الذى ينفذه صاحب اليمن فى كل سنة ليوقف بعرفة، وتوفى بمكة بعد الحج، من سنة خمس وثمانين وسبعمائة، عن خمس وخمسين سنة، على ما بلغنى. 2548 ـ موسى بن على بن محمد بن عبد الله بن محمد بن ثابت البكرى، أبو عمران السّروىّ ـ بسين مهملة ـ المعروف بالزهرانى: نزيل مكة، وسمع بها من الرضىّ الطبرىّ صحيح البخارى، وصحيح ابن حبان، والثقفيات، وغير ذلك، وبالمدينة من زينب بنت شكر المقدسية: جزء أبى الجهم، وبدمشق من القاضى سليمان بن حمزة، والمطعم، والحجّار، وابن مكتوم، وابن عبد الدائم، وابن سعد، وابن النشو، وابن الشيرازى، وابن عساكر، وغيرهم، وبحماة من فاطمة بنت محمد بن الحسين بن عبد الله بن رواحة الأنصارى، عن عمها أبى القاسم بن رواحة، وبحلب من أبى الفضائل عبد الرحيم بن محمد بن العجمى، وغيره، وبمصر من أبى النون يونس بن إبراهيم الدبوسى، وبالإسكندرية من إبراهيم بن أحمد الغرافى، وحدث عنهم بجزء خرجه الحافظ الذهبى، بقراءة عبد الله بن المحب، فى شوال سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة بدمشق. سمعه منه الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الهادى، وسمعه عليه أيضا شيخنا أحمد بن حسن القسطلانى، وحدثنا عنه الحافظان: أبو الفضل العراقى، وأبو الحسن الهيثمى، عن الرضى الطبرى، من صحيح ابن حبّان، وقد سمعا عليه بعضه بمصر، فى سنة

2549 ـ موسى بن على بن موسى المصرى المناوى المالكى

اثنتين وخمسين وسبعمائة، ولم أدر متى مات، إلا أنا استفدنا من هذا حياته فى هذا التاريخ. مات موسى الزهرانى فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 2549 ـ موسى بن على بن موسى المصرى المناوى المالكى: الشيخ العالم العامل المكاشف المشهور المعتقد، شرف الدين، عنى بفنون كثيرة من العلم، وصار نبيها فى الفقه والعربية والقراءات والحديث، وحفظ فيه «الموطأ» لمالك، رواية يحيى بن يحيى حفظا جيدا، وكتب ابن الحاجب الثلاثة وله حظ وافر من الصلاح والخير، ومكاشفات كثيرة. ولد بمنية القائد (1) من عمل مصر، فى سنة بضع وخمسين وسبعمائة، ونشأ بها، وشرع فى حفظ مختصر أبى شجاع على مذهب الإمام الشافعى، ثم أعرض عن ذلك، ورغب فى مذهب الإمام مالك، فقدم القاهرة للاشتغال بالعلم، فجد فى ذلك حتى حصل، ومن شيوخه فى العلم: القاضى نور الدين على بن الجلال المالكى، والنحوى شمس الدين الغمارى. وروى الحديث عن الشيخ سراح الدين بن الملقّن، وبرع فى العربية، وحصل الوظائف، ثم أقبل على العبادة والزهد، وترك ما كان بيده من الوظائف، من غير عوض يعوّضه، وانفرد بالصحراء مدة، وسكن الجبل، وأعرض عن جميع أمور الدنيا، وصار يقتات مما تنبته الجبال، ولا يدخل البلد إلا يوم الجمعة، ليشهدها ثم يمضى، ففتح عليه بخير كثير، وصار يكاشف بأشياء غامضة، ويبشر بأشياء، فتتفق كما يشير إليه، ويخبر عن أمور عظيمة شاهدها فى تجرّده. فمن ذلك على ما أخبرت عنه: أنه رأى الخضر عليه السلام عند خروجه من مصر متوجّها للحج، وأنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة النبوية، وقال له صلى الله عليه وسلم: قل لهذا الحائط ينشقّ، فقال ذلك للحائط، فقال الحائط: من أمر بذلك! فقال له: النبى صلى الله عليه وسلم، فانشق الحائط. وأنه رأى سيدنا إبراهيم بن النبى صلى الله عليه وسلم، وتكلم معه فى شيء من العلم. وأنه رأى سيدنا العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه، والإمام مالكا رضى الله عنه، والشافعى رضى الله عنه. فقال له: ما هى إلا عنايات وصحابات، وأبا حنيفة رضى الله عنه مرتين، ونافع بن أبى نعيم القارئ، وجماعة من العلماء.

_ 2549 ـ (1) منية القائد: فى أول الصعيد قبلى الفسطاط، بينها وبين مدينة مصر يومان. انظر: معجم البلدان (منية القائد).

ومن مكاشفاته على ما أخبرنى به بعض أصحابنا: أن بعض الناس أرسل مع المخبر لى بخمسين درهما يعطيها للشيخ موسى المذكور، فجاء بها إليه، فردها، فسأل الآتى بها المرسل له بها: هل فيها شبهة؟ فقال: نعم. فأعطاه خمسين درهما من غير هذه الجهة، وأمر بإعطائها للشيخ موسى، فامتنع من قبولها ثانيا، فلامه الرسول على امتناعه، فقال له: تطعمنى النار! وأخبرنى صاحبنا المشار إليه: أنه أحضر للشيخ موسى حقّا فيه زنجبيل مربّى، فأكل منه الشيخ موسى أكلا كثيرا، فخطر ببال صاحب الزنجبيل، أنه لا يؤكل على هذه الصفة، لكونه يتداوى به، فما انقضى هذا الخاطر، إلا والشيخ موسى قد أعرض عن الأكل، وغطّى الحقّ وقال: ما بقينا نأكل شيئا. وأخبرنى أيضا، أن بعض أصحابه دعاه إلى منزله، والشيخ موسى عنده، فقال له الشيخ موسى: تغدّى؟ فقال المخبّر لى: فقلت فى نفسى: أنا صائم. فقال الشيخ موسى: تعشّى عنده بعد المغرب. وأخبرنى صاحبنا المشار إليه، عن الشيخ موسى بمكاشفات أخر، وهذا معنى ما أخبرنى به. وأخبرنى أيضا أن بعض أصحابه، تخوّف من بعض الأمراء لما ورد إلى مكة، قال: فاجتمعت بالشيخ موسى، وشكوت عليه ذلك، فقال: ما يصيبه إلا خير، فسلم من شر الأمير. ومما بشّر به على ما أخبرنى به بعض أصحابنا، أنه استفتى بعض علماء مكة عن مسألة، فقال فى آخر السؤال: ويحجّون بالناس، ويقفون بهم بعرفة وغيرها، فقدّر أن المسئول حجّ بالناس، وفعل ما أشار إليه الشيخ موسى. وأخبرنى المخبّر لى بهذه الحكاية، أنه عاد بعض الناس، فلما خرج من عنده، لقى الشيخ موسى، فقال له: كنتم عند فلان؟ فقال له المخبر: نعم. فقال له الشيخ موسى: ما يجئ منه شئ. فمات الرجل المشار إليه فى مرضه ذلك. وبشارته ومكاشفته كثيرة، وقد سمعت بعض أصحابنا يقول: لم أر أكثر منه مكاشفة. وكنت أنا أجتمع به كثيرا، وأستفيد منه أشياء حسنة، وأول اجتماعى به بالقاهرة، فى سنة ثمان وتسعين وسبعمائة، وتوجه فيها أو بعدها بقليل إلى الحجاز، فحج وجاور بالحرمين الشريفين، وكان يغيب فى برارى المدينة اليوم واليومين، ثم يأتى ويخبر ببعض ما شاهده من الأمور التى أشرنا إليها وغيرها، وكان يجوع كثيرا وينفر من الناس، ويسألونه من الأكل عندهم، فيمتنع مع شدة جوعه، ثم تحيل عليه الناس، حتى استألفوه قليلا قليلا، فأنس بهم وصار يأكل عندهم، فكثرت شهوته للطعام، وصار

2550 ـ موسى بن عمر [ .... ] (1) الجعبرى

يتناول من ذلك كثيرا عند أصحابه، ويشتريه فى كثير من الأوقات، وكان يعيب ذلك على نفسه، ويعده نقصا فيه، وفى رتبته من الصلاح، ويقول: أتيت من مخالطتى لأهل الدنيا. ومع ذلك فخيره وافر، وبركته ظاهرة، حتى مضى لسبيله، بعد أن تعلل خمسين يوما من مرض فى جوفه. ومما حفظ عنه من المكاشفة فى مرضه، أن جماعة عادوه، فبكوا عليه لتوقعهم قرب وفاته، ففهم عنهم ذلك، وأشار إلى أنه لا يموت فى ذلك الوقت، وأنه يموت يوم الاثنين، فقدّر أنه عاش بعد ذلك أياما، ومات يوم الاثنين، الثانى والعشرين من شعبان المكرم، سنة عشرين وثمانمائة بمكة المشرفة، ودفن بالمعلاة، بعد الصلاة عليه عند باب الكعبة، ولم أر مثل جنازته، وما قدر أحد على الوصول إلى حملها ـ لكثرة الازدحام على حملها ـ إلا بمشقة فادحة، وأظنه بلغ الستين. ومن الفوائد التى سمعتها منه، وعزاها «للمبسوط» تأليف القاضى إسماعيل المالكى: أن محمد بن عبد الحكم المالكى، رئى على باب أشهب ـ أحد أصحاب مالك ـ للأخذ عنه، وكان أخذ قبل ذلك عن ابن القاسم، فقيل لابن عبد الحكم [من الطويل]: تبدلت بعد الخيزران جريدة ... وبعد ثياب الخزّ أحلام نائم قال الشيخ موسى: وأحلام نائم: ثياب من القطن مصبوغة. هذا معنى ما سمعته منه فى هذه الحكاية، وما بلغنى عنه من الأمور التى أخبر بها، وكاشف بها، وبشر بها. فالله سبحانه وتعالى يرحمه. 2550 ـ موسى بن عمر [ .... ] (1) الجعبرى: محب الدين بن الشيخ ركن الدين. ترجم فى حجر قبره بالمعلاة: الإمام القدوة العارف بالله. وترجم والده: بالشيخ الصالح، أوحد زمانه. ومن حجر قبره نقلت لقبهما، وفيه أنه توفى فى حادى عشر رمضان سنة تسع وأربعين وسبعمائة. 2551 ـ موسى بن عمران [ .... ] (1): كان كاتبا للشريف عجلان صاحب مكة. وتوفى [ ..... ] (1) ستين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة.

_ 2550 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2551 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2552 ـ موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص القرشى الأموى

2552 ـ موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص القرشى الأموى: من أهل مكة. يروى عن الحجازيين. روى عنه ابنه أيوب. ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات. 2553 ـ موسى بن عميرة بن موسى المخزومى اليبناوى: نزيل مكة. سمع بدمشق من الحافظ أبى الحجاج المزى «المائة المتباينة» له، وغير ذلك، وسمع بمكة من عثمان بن الصّفى، بعض «سنن أبى داود» ومن جماعة بعده، منهم: الشيخ عبد الله اليافعى. وذكر لى شيخنا ابن ظهيرة، أنه خدمه مدّة. قال: وكان رجلا صالحا. انتهى. توفى فى سنة أربع وسبعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. نقلت تاريخ وفاته من خط ابن موسى. 2554 ـ موسى بن قاسم بن حسين المعروف بالذّويد المكى: كان يذكر بخير، وملك عقارا بالهدة، وغيرها من أعمال مكة المشرفة [ .... ] (1). توفى فى سادس المحرم، سنة أربع عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 2555 ـ موسى بن مسعود الموصلى: نزيل الحرم الشريف المكى، مقرئ القرآن الكريم بباب الندوة، الشيخ الأجل الصالح العابد الورع الزاهد القدوة، شرف الدين، رأيت له تأليفا، وهو «شرح أرجوزة الشيخ [ ..... ] (1) السخاوى فى متشابه القرآن، المعروفة بهداية المرتاب» وترجم بما ذكرناه بعد الخطبة، وفى آخره بعد تسميته أيضا «بالمؤدّب بباب الندوة بالمسجد الحرام»: فسح الله فى مدته. وأن فراغ الكاتب من الكتاب فى مستهل ربيع الأول من سنة إحدى وخمسين وسبعمائة. انتهى. وفهم من الدعاء له «بفسح الله فى مدته» أنه كان يعيش فى تاريخ كتابة الكتاب، والله أعلم.

_ 2552 ـ انظر ترجمته فى: (الجرح والتعديل ترجمة 694، ثقات ابن حبان 7/ 448، الكاشف ترجمة 5815، ميزان الاعتدال ترجمة 8915، تهذيب التهذيب 10/ 364، تهذيب الكمال ترجمة 6285، التقريب 2/ 286، خلاصة الخزرجى ترجمة 7296). 2554 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2555 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2556 ـ موسى بن معاذ المكى

2556 ـ موسى بن معاذ المكى: روى عن عمر بن يحيى بن عمر بن أبى سلمة. عن مالك. روى عنه أحمد بن صالح المكى. قال الدارقطنى: من دون مالك ضعفاء. كتبت هذه الترجمة من «لسان الميزان» لصاحبنا أبى الفضل بن حجر الحافظ. 2557 ـ موسى بن هارون بن عبد الله المكى، أبو الحسن البزّار: حدّث عن يحيى بن عبد الحميد الحمّانى، فى سنة إحدى وتسعين ومائتين. روى عنه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الديبلى: أحاديث فى الجزء المترجم بالأول من «الأحاديث المنتقاة عن شيوخ المكيين» ويعرف بالأول من حديث القرمطى، أحد الشيوخ المذكورين، وثالثهم هو محمد بن على الصائغ المكى. 2558 ـ موسى بن النعمان بن مالك، يكنى أبا هارون: من أهل الكوفة. أقام بمكة، وقدم مصر، وحدث بها. توفى فى يوم الاثنين النصف من رجب سنة ثلاث وسبعين ومائتين. هكذا ذكره ابن يونس فى «تاريخ الغرباء القادمين إلى مصر» انتهى. 2559 ـ موسى بن يسار، أبو الطيب المكى: عن عائشة بنت طلحة. قال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوى عندهم. ذكره الذهبى فى الميزان هكذا. ولهم موسى بن يسار اثنان آخران، أحدهما: موسى بن يسار، القرشى المطلبى مولاهم، المدنى، عم محمد بن إسحاق بن يسار، صاحب المغازى، استشهد به البخارى فى الصحيح، وروى له فى «الأدب المفرد». وروى له مسلم، وأبو داود، والترمذى، والنسائى، وابن ماجة. يروى عن أبى هريرة. والآخر: موسى بن يسار الأردنى. روى له البخارى فى «الأدب المفرد» والترمذى. يروى عن عطاء بن أبى رباح، والزهرى، وعن أبى هريرة مرسلا. قال أبو حاتم: شيخ مستقيم الحديث. 2560 ـ الموفق بن أحمد بن محمد المكى، أبو المؤيد. العلامة خطيب خوارزم: كان أديبا فصيحا مفوّها، خطب بخوارزم دهرا، وأنشأ الخطب، وأقرأ الناس، وتخرج به جماعة، وتوفى بخوارزم فى صفر سنة ثمان وستين وخمسمائة، ذكره هكذا الذهبى فى تاريخ الإسلام.

2561 ـ موفق بن عبد الله اليمنى البركاتى، مولاهم

وذكره الشيخ محيى الدين عبد القادر الحنفى فى «طبقات الحنفية» وقال: «ذكره القفطى فى «أخبار النحاة»، أديب فاضل، له معرفة بالفقه والأدب، وروى مصنفات محمد بن الحسن، عن عمر بن محمد بن أحمد النسفىّ». وذكر أنه أستاذ ناصر الدين عبد السيد صاحب «المغرب» وأن مولده فى حدود سنة أربع وثمانين وأربعمائة، ومات سنة ست وتسعين وخمسمائة، وأخذ علم العربية عن الزمخشرى كذا فى النسخة التى نقلت منها من الطبقات. ومن مؤلفاته «مناقب الإمام أبى حنيفة». 2561 ـ موفق بن عبد الله اليمنى البركاتى، مولاهم: نزيل مكة، كان كثير الاجتهاد فى العبادة والخير، له فى الصلاح مكانة، ومن أحواله السنية، أنه كان مسافرا من المدينة إلى مكة، فقال لبعض من معه، بإثر أن صلّوا الصبح: قل لفلان ـ يعنى إمامهم الذى صلى بهم ـ يصلّى على والدك، فإنه مات الليلة، سقط بتعزّ من منزله. فصلى على المشار إليه صلاة الغائب، ثم جاء الخبر من اليمن بوفاة الميت، وفق ما أخبر به الشيخ موفق الدين هذا، رحمه الله. وكان جدى الإمام القاضى أبو الفضل النويرى، رحمه الله، من الموالين له بالخير، واجتمعا فى طريق المدينة، وهو الذى صلى على الميت بأمره بالصلاة على والده يوم الأحد. أخبرنى بهذه الحكاية من أثق به من أصحابنا، عن ولد الميت. وكانت وفاة المذكور بمكة، فى يوم الأحد تاسع عشرى شوال سنة أربع وثمانين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة بقرب مقابر الظّهرة. وذكره الشيخ ولى الدين العراقى فى «وفياته» فقال: كان رجلا صالحا كثير العبادة، قليل الاختلاط بالناس، وتركا لما لا يعنيه، وعنده بعض اشتغال على طريقة أهل اليمن، وكان شافعى المذهب، حسن الملتقى، شديد الورع والاحتراز، مات فى سن الكهولة. 2562 ـ موفق بن عبد الله المكى، عتيق الضياء الحموى: سمع من عثمان بن الصفى الطبرى، وغيره، وسمع على القاضى عز الدين بن جماعة، فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة. وسمع منه ولده أحمد، وعبد الكريم [ ..... ] (1) توفى [ .... ] (1) من سنة أربع وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة.

_ 2562 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2563 ـ مؤمل بن إسماعيل العمرى، مولى آل عمر بن الخطاب، أبو عبد الرحمن، وقيل مولى بنى كنانة، البصرى

2563 ـ مؤمّل بن إسماعيل العمرى، مولى آل عمر بن الخطاب، أبو عبد الرحمن، وقيل مولى بنى كنانة، البصرى: نزيل مكة. حدّث عن: شعبة، والثورى، ومبارك بن فضالة، ونافع بن عمر الجمحىّ، وعكرمة ابن عمار، وطائفة. روى عنه: أحمد، وإسحاق، وابن المدينى، وأبو كريب، ومؤمّل بن إهاب، وخلق. روى له: الترمذى، والنسائى، وابن ماجة. وثّقه ابن معين، وغيره. وقال أبو عبيد الآجرى: سألت أبا داود عنه، فعظّمه ورفع من شأنه، إلا أنه يهم فى الشئ. وقال أبو حاتم. صدوق، شديد فى السنّة، كثير الخطأ، وقيل: دفن كتبه، وكان يحدث من حفظه، فكثر خطأه. وقال البخارى: منكر الحديث. ومات سنة خمس، أو ست ومائتين. وذكره ابن حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات، وقال: مات يوم الأحد، لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان سنة ست ومائتين. وقال: ربما أخطأ. 2564 ـ مؤمّل بن إهاب (1) بن عبد العزيز بن قفل بن سدل المكى، أبو عبد الرحمن: ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات، وقال: يروى عن يزيد بن هارون، حدّث عنه ابن جوصاء، وهو من شيوخنا مات [ .... ] (2) ستين ومائتين أو بعدها بقليل. انتهى. وذكره صاحب الكمال، فقال: «الكوفى، نزل الرملة: وقال اللالكائىّ: نزل مصر. وقال: قال ابن يونس: قدم مصر، فكتبت عنه، وخرج وكانت وفاته بالرملة فى رجب سنة أربع وخمسين ومائتين». وذكر أنه يروى عن مالك بن سعيد، وأبى داود الطيالسى، ومحمد بن عبيد الطّنافسىّ، وأبى عبد الرحمن المقرى، وإسماعيل بن أبى أويس، وخلق. وروى عنه [ ..... ] (2) منهم: ابن أبى الدنيا، وأبو داود، والنسائى، وقال: لا بأس به. وفى رواية: رملى، أصله كرمانى، ثقة. وقال ابن الجنيد: سألت يحيى بن معين عنه، فكأنه ضعّفه.

_ 2563 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال ترجمة 7738). 2564 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب ترجمة 19919، تهذيب الكمال ترجمة 7739). (1) ويقال: ابن يهاب. انظر: تهذيب الكمال. (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2565 ـ مؤمن بن محمد بن الموفق ذاكر بن عبد المؤمن الكازرونى المكى

2565 ـ مؤمن بن محمد بن الموفّق ذاكر بن عبد المؤمن الكازرونى المكى: المؤدب بالحرم الشريف، سمع من يعقوب بن أبى بكر الطبرى [ .... ] (1) من «جامع الترمذى» من تجزئة ثلاثة، سنة سبع وخمسين وستمائة، وما عرفت من حاله سوى هذا. وسمع من أبى اليمن بن عساكر، فى سنة اثنتين وستين وستمائة «مشيخة» المقرى أبى محمد عبد الكافى بن حسين القرشى، تخريج محمد بن يوسف البرزالى. 2566 ـ مؤنس الخادم [ ...... ] (1). 2567 ـ مهنّا بن أبى بكر بن إبراهيم المصرى: نزيل مكة وشيخ رباط الخوزى، جاور بمكة نحو أربعين سنة أو أزيد، وكان فيه خير وإحسان لجماعة من الفقراء، وخدم الفقراء برباط الخوزى مدة سنين، ثم ولى مشيخته نحو ثلاثين سنة، واشتهر بذلك عند الناس، توفى فى آخر ربيع الأول من سنة عشرين وثمانمائة، وهو فى عشر السبعين أو جاوزها. 2568 ـ ميمون المكى: روى عن ابن عباس، وابن الزبير. روى عنه عبد الله بن هبيرة الشيبانى فى رفع الحديث، وتفرد عنه كما قال الذهبى، وقال: لا يعرف. روى له أبو داود (1). انتهى. * * *

_ 2565 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2566 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2568 ـ انظر ترجمته فى: (الكاشف ترجمة 5864، ميزان الاعتدال ترجمة 8974، تهذيب التهذيب 10/ 394، تهذيب الكمال ترجمة 6343، التقريب 2/ 292، خلاصة الخزرجى ترجمة 7359). (1) أخرج له أبو داود فى سننه كتاب الصلاة حديث رقم (739) من طريق: قتيبة بن سعيد، حدثنا ابن لهيعة، عن أبى هبيرة، عن ميمون المكى أنه رأى عبد الله بن الزبير وصلى بهم يشير بكفيه حين يقوم وحين يركع وحين يسجد وحين ينهض للقيام فيقوم فيشير بيديه فانطلقت إلى ابن عباس فقلت: إنى رأيت ابن الزبير صلى صلاة لم أر أحدا يصليها فوصفت له هذه الإشارة فقال: إن أحببت أن تنظر إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقتد بصلاة عبد الله بن الزبير. وأخرجه أحمد فى المسند بمسند بنى هاشم حديث رقم (2308).

حرف النون

حرف النون [من اسمه ناصر] 2569 ـ ناصر بن عبد الله بن عبد الرحمن بن حاتم المصرى العطار بمكة، أبو على، وأبو الفتح المكى: الفقيه المفتى الشافعى، كان اسمه قديما عبد الله، سمع «صحيح البخارى» من أبى الحسن على بن حميد بن عمّار الأطرابلسىّ، وحدّث عنه، وعن أبى محمد بن الطباخ، وأبى عبد الله محمد بن عبد الله القلعى، وغيرهم. وقرأ الفقه على الإمام تقى الدين أبى عبد الله بن أبى الصيف، وغيره، وكان به خصيصا، وحدث «بالصحيح». سمع منه الرشيد العطار، «صحيح البخارى» وغيره، وذكره فى «مشيخته» وقال بعد أن أخرج عنه حديثا: الشيخ أبو على هذا، شيخ مصرى، استوطن مكة، وجاور بها أكثر عمره، وكان رجلا صالحا، شافعى المذهب، وبلغنى أنه كان يعيد فى المدرسة التى أنشأها ابن الأرسوفى، بمكة خارج باب العمرة، سمعته يقول: دخلت مكة سنة سبعين وخمسمائة، ووقفت تلك السنة بعرفات، ولم يفتنى بها وقفة منذ دخلت إليها، وكان سماعى هذا القول منه، فى سنة ثلاث وعشرين وستمائة، ثم عاش بعد ذلك، ووقف بعرفات مقدار عشر وقفات أخر، فكمل له بذلك ما يزيد على ستين وقفة. وقال القطب القسطلانى: وذكر لى أنه حج ستين حجة ـ وأشك هل قال: أربعا وستين ـ وذكر لى، أنه له عام وفاته، ستا وتسعين سنة. وتوفى بمكة فى أوائل صفر سنة أربع وثلاثين وستمائة، وحضرت الصلاة عليه ودفنه بالمعلاة، وصحبته وقرأت عليه، وسمعت منه. وكان رجلا مشهورا مشغولا بما يعنيه، ينقل من مسائل الفقه، وكتب العلم وأهله، ويصب أهل الفضائل ويلازمهم للإفادة والاستفادة. وقال القطب: وكان يسمى «معبد» قديما، وما ذكره القطب من مبلغ سنه، يدل على أن مولده، إما فى أثناء سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة، أو فى سنة تسع وثلاثين. وفى «مشيخة الرشيد العطار» ما يخالف ذلك، لأنه قال: سألته عن مولده فقال: فى سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. كذا وجدت فى نسخة من «المشيخة» الغالب عليها السّقم، فالله أعلم، وذكر أن بعض أولاده أخبره أنه توفى فى صفر سنة ثلاث وثلاثين

2570 ـ ناصر بن أبى اليمن محمد بن أحمد بن إبراهيم الطبرى المكى

وستمائة بمكة، ثم حكى عن القطب ما ذكره فى وفاته، وذكر أنه عنده أصح، والله أعلم. 2570 ـ ناصر بن أبى اليمن محمد بن أحمد بن إبراهيم الطبرى المكى: سمع معنا من أبيه وغيره، وتوفى فى مستهل شعبان سنة إحدى وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وقد بلغ العشرين أو جاوزها. 2571 ـ ناصر بن مسعود [ ..... ] (1) 2572 ـ ناصر بن مفتاح النويرى المكى: ولى نيابة الأذان بمئذنة باب الندوة بالمسجد الحرام، مدة سنين، وكان يتردد إلى القاهرة لمصالح أهله بيت النويرى، فأدركه بها الأجل، فى رمضان سنة سبع وثمانمائة، وهو فى عشر الخميس. * * * من اسمه نافع 2573 ـ نافع بن بديل بن ورقاء الخزاعى: ذكره هكذا ابن عبد البر، وقال: كان هو وأبوه وإخوته من فضلاء الصحابة وجلّتهم. وقال محمد بن إسحاق: قتل نافع بن بديل يوم بئر معونة، مع المنذر بن عمرو، وعامر بن فهيرة. وقال عبد الله بن رواحة (1) [من الخفيف]: رحم الله نافع بن بديل ... رحمة المبتغى ثواب الجهاد صابرا صادق اللّقاء إذا ما ... أكثر القوم قال قول السداد 2574 ـ نافع بن الحارث بن كلدة ـ بفتح الكاف واللام ـ بن عمرو بن عجلان بن أبى سلمة، وهو ابن عبد العزى بن غيرة ـ بكسر الغين المعجمة ـ بن عوف بن قيس ـ بفتح القاف وكسر السين المهملة، وهو ثقيف ـ الثقفى الطائفى البصرى، أخو أبى بكرة، يكنى أبا عبد الله، على م اقال النووى: ذكره ابن عبد البر، واقتصر فى نسبه على: الحارث، وقال: الثقفى الطائفى، أخو أبى بكرة.

_ 2571 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2573 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2614، الإصابة ترجمة 8671، أسد الغابة ترجمة 5174). (1) انظر الأبيات فى الاستيعاب ترجمة 2614. 2574 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2615، الإصابة ترجمة 8673، أسد الغابة ترجمة 5177).

2575 ـ نافع بن سليمان، مولى قريش

وزاد النووى فى نسبه بعد الحارث: ابن كلدة. وقد نسب الحارث بن كلدة، كما ذكر ابن عبد البر فى الاستيعاب، وقال فى ترجمة نافع: روى من حديث ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان نازلا بالطائف، فنادى مناديه: من خرج إلينا من عبيدهم فهو حرّ، فخرج إليه نافع ونفيع ـ يعنى أبا بكرة وأخاه ـ فأعتقهما رسول الله صلى الله عليه وسلم. ونافع هذا، أحد الشهود الذين شهدوا على المغيرة، وكانوا أربعة: أبو بكرة، وأخوه، وزياد، وشبل بن معبد، إلا أن زيادا لم يقطع بالشهادة، فسلم من الحدّ. وقال النووى فى ترجمة نافع: ونافع هذا، هو أحد الأربعة الشهود بالزنا على المغيرة، وهم: نافع، وأبو بكرة ـ وهما الأخوان لأبوين ـ وزياد بن أبيه، وهو أخوهما لأمهما، والرابع شبل بن معبد، لكن زياد لم يجزم بالشهادة بحقيقة الزنا، فلم يثبت، ولم يحدّ المغيرة، وجلد عمر رضى الله عنه الثلاثة، وكان نافع هذا بالطائف، حين حاصره النبى صلى الله عليه وسلم، فأمر النبى صلى الله عليه وسلم مناديا، فنادى: من أتانا من عبيدهم فهو حر، فخرج إليهم نافع، وأخوه أبو بكرة، فأعتقهما. وسكن نافع البصرة، وبنى بها دارا، وأقطعه عمر عشرة أجربة، وهو أول من اقتنى الخيل بالبصرة. وذكر نسب الحارث بن كلدة وضبط نسبه كما ذكرناه. انتهى. 2575 ـ نافع بن سليمان، مولى قريش: مكى، قدم مصر. روى عنه حيوة بن شريح، وعبد الله بن حميد الأصبحى، وعبد الله ابن لهيعة. هكذا ذكره ابن يونس فى الغرباء القادمين إلى مصر. 2576 ـ نافع بن ظريب بن عمرو بن نوفل بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى النوفلى: أسلم يوم فتح مكة، وصحب النبى صلى الله عليه وسلم. قال ابن عبد البر: لا أعلم له رواية، وهو الذى كتب المصاحف لعمر بن الخطاب رضى الله عنه، على ما قال العدوى. كتبت هذه الترجمة من الاستيعاب بالمعنى.

_ 2575 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال ترجمة 7787). 2576 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2619، الإصابة ترجمة 8677، أسد الغابة ترجمة 5184).

2577 ـ نافع بن عبد الحارث بن حبالة بن عمير بن الحارث، وهو غبشان، ابن عبد عمرو بن عمرو بن لؤى بن ملكان بن أفصى بن حارثة، وحارثة هو خزاعة، الخزاعى

2577 ـ نافع بن عبد الحارث بن حبالة بن عمير بن الحارث، وهو غبشان، ابن عبد عمرو بن عمرو بن لؤىّ بن ملكان بن أفصى بن حارثة، وحارثة هو خزاعة، الخزاعى: أمير مكة. ذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب، مقتصرا على اسمه واسم أبيه، وجده، وجد أبيه، وقال: الخزاعى، له صحبة ورواية، استعمله عمر بن الخطاب على مكة، وفيهم سادة قريش، فخرج نافع إلى عمر، واستعمل مولاه عبد الرحمن بن إبزى، فقال له عمر: استخلفت على آل الله مولاك! فعزله، وولى خالد بن هشام بن المغيرة المخزومى. وكان نافع بن عبد الحارث من كبار الصحابة وفضلائهم. وقد قيل: إن نافع بن عبد الحارث، أسلم يوم الفتح، وأقام بمكة، ولم يهاجر. روى عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن، وغيره، من حديثه عن النبى صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «من سعادة المرء المسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنئ». وأنكر الواقدى أن يكون لنافع بن عبد الحارث صحبة، وقال: حديثه هذا، عن أبى موسى الأشعرى، عن النبى صلى الله عليه وسلم. انتهى. وقال النووى: كان من فضلاء الصحابة، قيل: أسلم يوم الفتح، وأقام بمكة، واستعمله عمر بن الخطاب رضى الله عنه على مكة والطائف، وفيهما سادات قريش وثقيف، وله رواية عن النبى صلى الله عليه وسلم. روى عنه: أبو الطفيل، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وخميل ـ بضم الخاء المعجمة وباللام ـ وأنكر الواقدى صحبته، هو تابعى، والمشهور أنه صحابى، وقوله فى «المهذب»: إن عمر أمر نافعا بشراء دار بمكة للسجن، يعنى أمره بذلك حين كان عاملا له عليها، ذكره الأزرقى وغيره. انتهى. وذكر النووى أيضا، أن جبالة بفتح الجيم وكسرها، وما ذكرناه فى نسبه ذكره هكذا المزى فى التهذيب، وابن حبان، إلا أنه أسقط من نسبه «ابن عمرو» بعد «عبد عمرو» و «لؤى» أيضا، ولعل السقط فى النسخة التى وقفت عليها من ثقات ابن حبان. وقال: كان عامل عمر على مكة ـ انتهى. وذكر الفاكهى ولايته لمكة وموته فيها، لأنه قال فى بيان من مات من الولاة بمكة:

_ 2577 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2621، الإصابة ترجمة 7678، أسد الغابة ترجمة 5176، الثقات 3/ 412، الطبقات 109، تجريد أسماء الصحابة 2/ 102، تقريب التهذيب 295، تهذيب التهذيب 10/ 406، الأعلام 8/ 5، الجرح والتعديل 8/ 451، التاريخ الكبير 8/ 82، الطبقات الكبرى 3/ 242، بقى بن مخلد 501).

2578 ـ نافع بن عتبة بن أبى وقاص ـ واسم أبى وقاص مالك ـ بن وهيب، ويقال أهيب، بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى القرشى الزهرى

ومات بها نافع بن عبد الحارث، وكان عاملا لعمر بن الخطاب. انتهى. روى له البخارى فى «الأدب المفرد»، ومسلم، وأبو داود، والنسائى، وابن ماجة. 2578 ـ نافع بن عتبة بن أبى وقاص ـ واسم أبى وقاص مالك ـ بن وهيب، ويقال أهيب، بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى القرشى الزهرى: ابن أخى سعد بن أبى وقاص، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأخو المرقال. شهد نافع أحدا كافرا مع أبيه عتبة، الذى كسر رباعية النبى صلى الله عليه وسلم يوم أحد، ثم أسلم نافع يوم الفتح، وأصاب دما فى الجاهلية بمكة، فانتقل إلى المدينة. روى عنه جابر بن سمرة الصحابى. روى له مسلم، وابن ماجة، وقد وقع لنا حديثه بعلوّ، أنبأناه أبو بكر محمد بن عبد الله الحافظ وغيره، عن أبى الحجاج الحافظ، أنبأنا أحمد بن أبى الخير، أنبأنا أبو الحسن الجمال، أنبأنا أبو على الحداد، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، أخبرنا أبو محمد بن حبان، أخبرنا أبو على الموصلى، حدثنا أبو خيثمة، حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة، عن نافع بن عتبة، قال: كنا عند النبى صلى الله عليه وسلم فى غزوة، فأتى النبىّ صلى الله عليه وسلم قوم من العرب، عليهم ثياب الصوف، فوافقوه عند أكمة، فإنهم لقيام ورسول اللهصلى الله عليه وسلم لقاعد، فقالت لى نفسى: قم بينهم وبينه لا يغتالونه، قال: فقمت بينهم وبينه، فحفظت منه أربع كلمات، أعدّهن فى يدى، قال: «تغزون جزيرة العرب، فيفتحها الله تعالى. ثم تغزون فارس فيفتحها الله، ثم تغزون الروم، فيفتحها الله، ثم تغزون الدجّال فيفتحها الله. قال: وقال نافع لجابر: لا نرى الدجال يخرج، حتى تفتح الروم». رواه مسلم عن قتيبة بن سعيد، عن جرير بن عبد الحميد، فوقع لنا بدلا عاليا. 2579 ـ نافع بن علقمة الكنانى: أمير مكة، ذكر الزبير بن بكار: أن عمه مصعب بن عبد الله، أخبره أن هشام بن

_ 2578 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2620، الإصابة ترجمة 8681، أسد الغابة ترجمة 5885، الثقات 3/ 412، المحن 287، تلقيح فهوم أهل الأثر 385، الطبقات 15، 126، تجريد أسماء الصحابة 8/ 451، التاريخ الكبير 8/ 81، الكاشف 3/ 196، الطبقات الكبرى 5/ 32، تهذيب الكمال 1404).

عبد الملك، قدم حاجّا فى سنة ست ومائة، فتظلّم إليه إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله التيمى، الذى يقال له أسد الحجاز، من عبد الملك بن مروان، فى دار آل علقمة، التى بين الصفا والمروة. وكان لآل طلحة شيء منها، فأخذه نافع بن علقمة الكنانى، وهو خال مروان بن الحكم، وكان عاملا لعبد الملك بن مروان على مكة، فلم ينصفهم عبد الملك من نافع بن علقمة، فقال له هشام: «ألم تكن ذكرت ذلك لأمير المؤمنين عبد الملك؟ ! » قال: «بلى، فترك الحق، وهو يعرفه! » قال: «فما صنع الوليد؟ » قال: «اتّبع أثر أبيه، وقال ما قال القوم الظالمون: (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ) [الزخرف: 23] قال: «فما فعل فيها سليمان؟ » قال: «لا قفى ولا سيرى! » قال: «فما فعل فيها عمر بن عبد العزيز؟ » قال: «ردها، يرحمه الله» قال: فاستشاط هشام غضبا، وكان إذا غضب بدت حولته، ودخلت عينه فى حجاجه، ثم أقبل عليه، فقال: «أما والله أيها الشيخ! لو كان فيك مضرب لأحسنت أدبك». قال إبراهيم: «فهو والله فىّ فى الدين والحسب! لا يبعدنّ الحقّ وأهله، ليكوننّ هذا نجث بعد اليوم» انتهى. وقال الزبير: حدثنا عيسى بن سعيد بن زادان، قال: كان معاذ بن عبيد الله بن معمر ابن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة التيمى وأمه كثرة بنت مالك بن عبيد الله بن عثمان بن عبيد الله بن معمر، وأمها صفية بنت عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، يختصم هو ونافع بن علقمة فى مال بتهامة، فطالت فيه خصومتهما، فاختصما عند يحيى بن الحكم، وهو يومئذ والى مكة، قال نافع: أنا ابن كذا وكذا، فقال معاذ: أنا ابن قنونا والأحسبة، فقال نافع: أنا ابن قنونا والأحسبة. فقال معاذ: الحمد لله رد الحق إلى أهله، الآن أصبت، أنا ابن كذا وكذا. قال: لا أنت، ثم قال: ثم إن معاذا اجتمع هو ونافع عند عبد الملك فى خصومتهما، فقال عبد الملك: قد طالت خصومتكما، وأنا جاعل بينكما رجلين من قريش، ينظران بينكما. قال نافع: قد رضيت بفلان، فقال معاذ: والله لقد اضطربت فى البلاد أنا وقومى نطلب الخيار، فأخطأناه، حتى أعطانا الله عزوجل، ونحن له كارهون، فاختر من اختار الله عزوجل أنت يا أمير المؤمنين، فنظر بينهما عبد الملك ثم قضى بينهما، واجتهد الحق. انتهى باختصار. وذكر الفاكهى الخبر الأول، وذكر ما يقتضى أن نافع بن علقمة ولى مكة لعبد الملك ابن مروان، وابنه هشام، لأنه قال: وكان ممن ولى مكة، نافع بن علقمة الكنانى ـ وهو خال مروان بن الحكم ـ لعبد الملك بن مروان، ثم لابنه هشام بعده. انتهى.

2580 ـ نافع بن عمر بن عبد الله بن جميل بن عامر بن حذيم ـ بكسر الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة وفتح الياء المثناة من تحت ـ بن سلامان بن ربيعة بن سعد بن جمح القرشى المكى، الحافظ

وفى ولاية مكة لهشام نظر، لأن ابن جرير ذكر ما يقتضى أن ولاة مكة فى زمن هشام: عبد الواحد النصرى، ثم خالا هشام: إبراهيم بن هشام المخزومى، ثم محمد بن هشام المخزومى، والله أعلم بالصواب. وذكره الفاكهى فيمن مات من الولاة بمكة، فقال: ومات بها نافع بن علقمة. انتهى. 2580 ـ نافع بن عمر بن عبد الله بن جميل بن عامر بن حذيم ـ بكسر الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة وفتح الياء المثناة من تحت ـ بن سلامان بن ربيعة بن سعد بن جمح القرشى المكى، الحافظ: محدّث مكة فى زمانه. أمه أم ولد. روى عن: أميّة بن صفوان بن عبيد الله بن صفوان بن أمية، وبشر بن عاصم الثقفى، وسعيد بن حسان الحجازى، وسعيد بن أبى هند، وصالح بن سعيد، وعبد الله بن أبى مليكة، وعبد الله بن أبى محذورة، وعمرو بن دينار، وأبى بكر بن أبى شيخ السهمى. روى عنه: عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن مسلمة القعنبى، وعبد الرحمن بن مهدى ويحيى بن سعيد، وخلاد بن يحيى، وسعيد بن أبى مريم، ومحرز بن سلمة، وداود بن عمرو الضبى، وأبو نعيم الفضل بن دكين، ووكيع بن الجرّاح، ويزيد بن هارون، وجماعة. روى له الجماعة. قال عبد الرحمن بن مهدى: كان من أثبت الناس. وقال أبو طالب، عن أحمد بن حنبل: ثبت، ثبت، صحيح الحديث. ووثقه ابن معين، والنسائى، وأبو حاتم، وقال: يحتج بحديثه. قال محمد بن سعد، عن نبهان بن عباد: مات بمكة سنة تسع وستين ومائة. وكان ثقة قليل الحديث، فيه شئ. وذكره ابن حبان فى كتاب الثقات، وقال: مات بفخ، سنة تسع وستين ومائة، وأمه أم ولد وقد أخرج له الحافظ الذهبى حديثا، فى طبقات الحفاظ.

_ 2580 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات ابن سعد 5/ 494، المعرفة ليعقوب 1/ 539، 2/ 734، الجرح والتعديل ترجمة 2088، ثقات ابن حبان 7/ 533، ثقات ابن شاهين ترجمة 1472، سير أعلام النبلاء 7/ 433، تذكرة الحفاظ 1/ 231، الكاشف ترجمة 5882، العبر 1/ 257، المغنى ترجمة 6584، ميزان الاعتدال 4/ 8994، تهذيب التهذيب 10/ 409، تهذيب الكمال ترجمة 6367، التقريب 2/ 296، خلاصة الخزرجى ترجمة 7462، شذرات الذهب 1/ 270).

2581 ـ نافع بن غيلان بن سلمة الثقفى

2581 ـ نافع بن غيلان بن سلمة الثقفى: استشهد مع خالد بن الوليد بدومة الجندل، فرثاه أبوه، وجزع عليه جزعا شديدا. فمن قوله (1) [من الطويل]: فما (2) بال عينى لا تغمّض ساعة ... إلا اعترتنى ساعة تغشانى فى أبيات كثيرة يرثيه بها، منها قوله (3): يا نافعا إن (4) الفوارس أحجمت ... عن شدّة مذكورة وطعان لو أستطيع جعلت منّى نافعا ... بين اللهاة وبين عقد لسانى انتهى. 2582 ـ نافع: مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى عن النبى صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنّة مستكبر، ولا شيخ زان، ولا منّان بعمله». روى عنه خالد بن أبى أمية. 2583 ـ نامى بن محمد بن موسى الحسنى، أبو كثير المكى: ذكره السلفى فى «معجم السّفر» له، وقال: نامى هذا، علوى من أولاد الحسن بن على رضوان الله عليهما، وعلى أبويهما، وهو من سكان مكة الحرم المقدس، قدم الثغر، واستنشدته لغرابة اسمه، فأنشدنى هذين البيتين لا غير. أنشدنا نامى بن محمد بن موسى الحسنى بديار مصر، قال: أنشدنى الرّدينىّ الحربى بمكة لكثيّر عزّة (1) [من الطويل]: خليلىّ هذا ربع عزة فاعقلا ... قلوصيكما ثم انزلا (2) حيث حلّت

_ 2581 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2623، الإصابة ترجمة 8684، أسد الغابة ترجمة 5190). (1) انظر الأبيات فى الاستيعاب ترجمة 2623. (2) فى الاستيعاب «ما». (3) انظر البيتين الاستيعاب. (4) فى الاستيعاب: «من». 2582 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2616، الإصابة ترجمة 8689، أسد الغابة ترجمة 5178، الثقات 3/ 413، الجرح والتعديل 8/ 451، التاريخ الكبير 8/ 82). 2583 ـ (1) انظر ديوان كثير 87. (2) فى الديوان: انزلا.

2584 ـ نبت بن عبيد بن محمد بن عبد الله بن يوسف بن رحيم ـ بفتح الراء وكسر الحاء المهملة ـ أبو عيسى المهدى

ومسّا ترابا طالما مسّ جلدها ... وظلّا وبيتا حيث باتت وظلّت 2584 ـ نبت بن عبيد بن محمد بن عبد الله بن يوسف بن رحيم ـ بفتح الراء وكسر الحاء المهملة ـ أبو عيسى المهدى: من أهل اليمن، ذكره السلفى فيمن أجاز له، وقال: كان فقيها من فقهاء أصحاب الشافعى. ولد باليمن، ثم أقام بمكة، إلى أن توفى بها بعد سنة ست وعشرين وخسمائة، تفقه على شيخها أبى عبد الله الحسين بن على الطبرى، وكان يذكر أنه سمع من إسماعيل التيمى، وسنجر بن عبد الله الطبرى، وأبى نصر البندنيجى، ولم يذكر وفاته. انتهى. 2585 ـ نبيشة الخير، وهو نبيشة بن عمرو بن عوف بن عبد الله ـ وقيل نبيشة الخير بن عبد الله بن عتّاب بن الحارث بن نصير بن حصين بن دابغة ـ ويقال رابعة ـ بن لحيان بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار الهذلى: سماه النبى صلى الله عليه وسلم: نبيشة. روى عن النبى صلى الله عليه وسلم. روى عنه: أبو المليح الهذلى، وأم عاصم، جدّة أبى اليمان المعلى بن راشد النّبّال. روى له الجماعة، سوى البخارى، حديث: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيام التشريق، أيام أكل وشرب، وذكر الله عزوجل». 2586 ـ نبيل بن جرر بن جررون البادسى: الرجل الصالح، نزيل مكة [ ...... ] (1). أخبرنا البرهان إبراهيم بن أحمد البعلى إذنا، أنبأنا العلامة قاضى القضاة بدر الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكنانى، عن الرشيد يحيى بن على الحافظ، إجازة إن لم يكن سماعا، قال: سمعت الشيخ الصالح نبيل بن جرر بن جررون

_ 2585 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2681، الإصابة ترجمة 8908، أسد الغابة ترجمة 5198، طبقات ابن سعد 7/ 50، طبقات خليفة 36، 176، الجرح والتعديل ترجمة 2314، ثقات ابن حبان 3/ 421، الكاشف ترجمة 5894، تهذيب التهذيب 10/ 417، تهذيب الكمال ترجمة 6380، التقريب 2/ 297، خلاصة الخزرجى 3/ 7591، تبصير المنتبه 4/ 1415، الإكمال 7/ 1415، علوم الحديث 295، دائرة معارف الأعلمى 29/ 35). 2586 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

من اسمه نبيه

[ .... ] (2) بمصر، يقول: جاورت بمكة نيّفا وستين سنة، ورأيت فيها من الرجال كثيرا، من العرب والعجم، وشاهدت بها من واصل تسعين يوما، ثلاثة أشهر، وهى رجب وشعبان ورمضان، فسألته عن ذلك الرجل من هو؟ فقال: رجل من أهل إخميم، اسمه مقلد، كان يخرز الأنطاع اليمنية، وكان يفعل ذلك فى كل سنة ـ يعنى المواصلة ـ. انتهى. قال نبيل: وسمعت الشيخ أبا مدّين يقول: رأيت قطّا ميتا على مزبلة، فذكرت قوله تعالى: (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ) [يس: 79] أو قال: حلوها. فقام القط حيا يمشى، قال نبيل: وسمعت الحديث بمكة على جماعة، منهم: الشيخ عبد الوهاب بن سكينة، سمعت عليه «الجمع بين الصحيحين». سألت نبيلا هذا عن سنّه، فقال: قد أكملت التسعين، ودخلت فى عشر المائة فى هذه السنة، يعنى السنة التى لقيته فيها، وهى سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، وبلغنى أنه توفى بالإسكندرية. انتهى. * * * من اسمه نبيه 2587 ـ نبيه بن حذافة بن غانم بن عامر بن عبد الله بن عبيد بن عويج بن عدى بن كعب القرشى العدوى: ذكره ابن عبد البر، وقال: له صحبة، وهو أخو أبى جهم بن حذافة، ولا أعلم له ولا لأحد من إخوته رواية. انتهى. وعبيد فى نسبه، بفتح العين وكسر الباء، وعويج والد عبيد، بفتح العين وكسر الواو، وبالجيم. 2588 ـ نبيه بن عثمان بن ربيعة بن وهبان بن وهب بن حذافة بن جمح القرشى الجمحى: نسبه ابن عبد البر كما ذكرنا، وقال: كان قديم الإسلام بمكة، وهاجر إلى أرض

_ (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2587 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2628، الإصابة ترجمة 8705، أسد الغابة ترجمة 5203). 2588 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2630، الإصابة ترجمة 8707، أسد الغابة ترجمة 5206).

2589 ـ نبيه، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

الحبشة الهجرة الثانية، هذا قول الواقدى. وقال ابن إسحاق: الذى هاجر إلى أرض الحبشة، أبوه عثمان بن ربيعة. ولم يذكر موسى بن عقبة، ولا أبو معشر، واحدا منهما فيمن هاجر إلى أرض الحبشة. انتهى. 2589 ـ نبيه، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذكره ابن عبد البر، وقال: لا أعرفه بأكثر من أن بعضهم، ذكره فى موالى رسول اللهصلى الله عليه وسلم، وأن رسول اله صلى الله عليه وسلم اشتراه وأعتقه، وقد قيل فى نبيه هذا، مولى النبى صلى الله عليه وسلم: «النبيه» بالألف واللام، وضم النون وقيل: «النّبيه» بفتح النون. انتهى. 2590 ـ نّجاد بن أبى نمىّ محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى المكى: هو الشريف حميضة (1) صاحب مكة، على ما وجدته فى بعض الوثائق. 2591 ـ نجيد بن عمران الخزاعى: له شعر يوم الفتح، ذكره فى السّيرة [ .... ] (1). 2592 ـ نزار بن عبد الملك المكى: ذكره عمارة اليمنى الشاعر، فى كتابه «المفيد فى تاريخ زبيد». وروى عنه فيه، ووصفه بمعرفة تامة بأيام الناس، وأشعارهم، وترجمه: بالشيخ الفقيه. انتهى. 2593 ـ نصر بن محمد بن على بن أبى الفرج بن على بن أبى الفرج الهمدانى ـ بميم ساكنة ـ النهاوندى، ثم البغدادى، برهان الدين أبو الفتوح بن أبى الفرج المعروف بالحصرى: إمام الحنابلة بالحرم الشريف، قرأ القرآن على أبى بكر محمد بن عبد الله بن الزّاغونى،

_ 2589 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2631، أسد الغابة ترجمة 5204). 2590 ـ (1) حميضة بن أبى نمى محمد بن الحسن بن على الحسنى العلوى الهاشمى: شريف من أمراء مكة وليها سنة 701 هـ‍مشتركا هو وأخوه رميثة، ثم قامت بينهما الفتن واستمرت طويلا إلى أن قتل حميضة غيلة. انظر ترجمته فى: (الدرر الكامنة 2/ 78، ابن الوردى 2/ 269، الأعلام 2/ 285). 2591 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال ترجمة 7820، تهذيب التهذيب ترجمة 19993). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

وأبى الكرم المبارك بن الحسن الشّهرزورىّ، وأبى منصور مسعود بن عبد الواحد بن الحصين، وجماعة. وسمع من أبى الوقت السّجزى «مسند الدارمى» ومن الشريف أبى طالب محمد بن محمد بن أبى زيد النقيب «سنن أبى داود» ومن أبى زرعة المقدسى «سنن النسائى» و «ابن ماجة» و «مسند الشافعى» و «فضائل القرآن» لأبى عبيد، وغير ذلك، على جماعة كثيرين وحدث. سمع منه جماعة من الحفّاظ والأعيان، منهم: برهان الدين [ ..... ] (1) والزكىّ البرزالى، والضياء المقدسى، وابن النجار وذكره فى ذيل «تاريخ بغداد»، وقال: سمعنا منه وبقراءته كثيرا، وكان يقرأ قراءة صحيحة، إلا أنه يدغمها بحيث لا تفهم، ويكتب خطا رديئا جدا، وكان من حفاظ الحديث، العارفين بفنونه، متقنا ضابطا، غزير الفضل، متفنّنا، كثير المحفوظ، ثقة حجة نبيلا، من أعلام الدين، وأئمة المسلمين، وكان يصوم الدهر، ويكثر تلاوة القرآن ليلا ونهارا فى صلاة النافلة، وخرج عن بغداد إلى مكة، وجاور بها نيّفا وعشرين سنة، مديما للصيام والقيام، ويكثر الطواف والعمرة فى حر الهواجر، حتى إنه كان يطوف فى كل يوم وليلة سبعين أسبوعا، وكان يصلى إماما فى مقام الحنابلة بالمسجد الحرام، ويروى الحديث، حتى عجز وضعف، وكان يطوف متكئا على عصا. سمعت منه شيئا يسيرا ببغداد، ولما حججت فى سنة ست وستمائة حجتى الثانية، أقمت بمكة مجاورا سنة سبع، وقرأت عليه كثيرا، واستفدت منه، وانتخبت عليه، وسألته سؤالات. وكان من العلم والدين بمكان، خرج فى آخر عمره لما اشتد القحط بمكة، مسافرا إلى اليمن، فأدركه الأجل بها. انتهى. وقد اختلف فى وفاته على أقوال، فقيل: فى ذى القعدة سنة ثمان عشرة وستمائة، حكاه ابن نقطة فى «التقييد» عن أولاد أبى الفرج الحصرى هذا، وقيل فى المحرم سنة تسع عشرة، قاله الضياء المقدسى، وجزم به ابن النجار، والمنذرى، والذهبى فى «طبقات القراء» وقيل فى شهر ربيع الأول، كذا وجدت بخطى فيما علّقته من «تاريخ ابن النجار»، و «تاريخ الإسلام» للذهبى. وقيل فى ربيع الآخر، حكاه المنذرى فى «التكملة» وجزم به ابن مسدىّ، وقال: قد اضطرب فى وفاته، وهذا أصح ما عندى فيها، كذا قال فى «معجمه» ومنه نقلت هذا النسب.

_ 2593 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

وكانت وفاته بالمهجم من بلاد اليمن وقبره بها معروف يزار، عند الرباط المنسوب إلى الشيخ أبى الغيث. وذكره الخزرجى فى «تاريخه». وأما مولده، فذكره ابن النجار، أنه سأله عنه، فقال: أخبرنى والدى أنه فى شهر رمضان سنة ست وثلاثين وخمسمائة، وذكره هكذا غير واحد، منهم المنذرى، وذكر أنه كان يقول: إنه من همدان، القبيلة المشهورة، وذكر أنه اشتعل بالأدب، وحصل طرفا حسنا، ومن شعره [من الوافر]: أطرف العين ما لك لا تنام ... عسى طيف يقرّ به لمام فتنقع غلّة وتسب لبا ... وتشفى من أضرّ به السقام تقضّت بالمنى أيام عمرى ... وأخلق جدّتى شهر وعام ولى أرب لو انّ الدهر يوما ... يقرّ به وينسانى الحمام لروض ما تصوّح من شبابى ... وأضحى الشّيخ وهو به غلام أخبرنى المسند ناصر الدين محمد بن محمد بن داود بن حمزة المقدسى، قال: أنبأنا العلامة أبو عمرو عثمان بن محمد بن عثمان التوزرى، عن أبى الحسين يحيى بن على الحافظ، قال: سمعت الشيخ الصالح العارف الزاهد، أبا عبد الله محمد بن لب بن أحمد الأنصارى الأندلسى الشاطبى، صاحب الشيخ أبى الحسن بن الصبّاغ، رضى الله عنهما، يقول: سألت صاحبا لى بمكة شرفها الله، وكان رجلا صالحا من المجاورين، من أهل المغرب: أنت إذا فاتتك الصلاة خلف إمام المقام، تصلّى خلف البرهان؟ يعنى الحافظ أبا الفتوح بن الحصرى، إمام الحنابلة، فقال: قد كنت أتوقف عن ذلك، حتى رأيت فى المنام كأنى على شاطئ نيل مصر، وقد حضرت جنازة، فقال لى من حضر: تقدم فصلّ عليها، فقلت: لا أصلى حتى أعرفه، فكشفوا عن وجهه، فإذا هو البرهان إمام الحنابلة، فقلت: لا أصلى عليه! فبينا نحن كذلك، إذ أقبلت جماعة عليهم نور عظيم، فإذا فيهم النبىصلى الله عليه وسلم وأصحابه حوله، فقال لى صلى الله عليه وسلم: تقدم فصل عليه، فإنه ليس منهم. فصليت عليه. قال: فلما أن رأيت هذا المنام، زال ما كان فى قلبى، وصرت أصلى خلفه. هذا معنى كلام الشيخ الشاطبى، حكاه لى بجامع عمرو بن العاص، رضى الله عنه بمصر، فى ثلاث وثلاثين وستمائة، وعلقت عنه هاهنا من حفظى، والله ولى التوفيق. انتهى. وهذه الحكاية فيها منقبة لأبى الفتوح الحصرى.

2594 ـ نصر بن وهب الخزاعى

2594 ـ نصر بن وهب الخزاعى: روى عنه أبو مليح الهذلى، عن النبى صلى الله عليه وسلم، نحو حديث معاذ فى اليمن، قوله: «ما حق الله على الناس .... » الحديث. ذكره هكذا ابن عبد البر، وذكر، الذهبى، فقال: له رؤية. روى عنه أبو المليح الهذلى فقط. * * * من اسمه النضر بضاد معجمة مكبّر 2595 ـ النضر بن إبراهيم بن سلمة المكى، يلقب شاذان: ذكره ابن طاهر فى «مختصره» لألقاب الشيرازى، وهو النضر بن سلمة الآتى ذكره بأبسط من هذا. انتهى. 2596 ـ النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار ابن قصى بن كلاب القرشى العبدرى: هكذا نسبه أبو نعيم، وابن مندة، على ما قال النووى، قال: وغلطا فيه غلطين فاحشين، أحدهما: أنهما قالا فى نسبه: كلدة بن علقمة، وإنما هو علقمة بن كلدة، هكذا ذكره الزبير بن بكار، وابن الكلبى، وخلائق لا يحصون من أهل هذا الفن. والثانى: أنهما قالا: شهد النضر بن الحارث حنينا، مع النبى صلى الله عليه وسلم، وأعطاه مائة من الإبل، وكان مسلما، من المؤلفة، وعزوا ذلك إلى ابن إسحاق، وهذا غلط بإجماع أهل السير والمغازى، فقد أجمعوا على ما ذكرناه أولا، أنه قتل يوم بدر كافرا، وقد أطنب الإمام ابن الأثير، فى تغليطهما، والرد عليهما. والذى أشار إليه النووى بقوله: فقد أجمعوا على ما ذكرناه، وهو قوله، بعد أن نسبه على الصواب: أسر يوم بدر، وقتل كافرا، قتله على بن أبى طالب بأمر رسول اللهصلى الله عليه وسلم، وأجمع أهل المغازى والسير، أنه قتل كافرا، وإنما قتل لأنه كان شديد الأذى للإسلام والمسلمين، ولما قتل، قالت أخته قتيلة أبياتا مشهورة، من جملتها (1) [من الكامل]:

_ 2594 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2636، رجال السند والهند 539، الإصابة ترجمة 8727، تجريد أسماء الصحابة 2/ 105، أسد الغابة ترجمة 5215). 2596 ـ (1) انظر نسب قريش 7/ 255.

2597 ـ النضر بن سلمة، يلقب شاذان النضرى المروزى

أمحمد ولأنت صنو (2) نجيبة ... من قومها والفحل فحل معرق ما كان ضرّك لو مننت وربما (3) ... منّ الفتى وهو المغيظ المحنق انتهى. وذكر الذهبى فى التجريد، معنى ما ذكره النووى. وسبب الوهم من ابن مندة، وأبى نعيم، فى قوله: إن النضر شهد حنينا، وأعطاه النبى صلى الله عليه وسلم من غنائمها، مائة من الإبل، أن للنضر أخا اسمه «النضير» بزيادة ياء، شهد حنينا مع النبى صلى الله عليه وسلم، وأعطاه مائة بعير. انتهى. 2597 ـ النضر بن سلمة، يلقب شاذان النضرى المروزى: سكن المدينة ومكة، كما ذكر ابن عدى. وذكر ابن حبان، أنه سكن مكة. روى عن: أحمد بن محمد الأزرقى المكى، وسعيد بن عفير، ويحيى بن إبراهيم بن أبى قتيلة، وجعفر بن عون، وعبد الله بن نافع، والوليد بن عطاء، وغيرهم. روى عنه: عبد الله بن شبيب، وعبد الجبار بن أحمد السمرقندى، وأحمد بن محمد بن عبد الكريم الوزّان. وذكر ابن حبان، أنه سمعه يقول: عرفنا كذبه فى المذاكرة. قال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه إلا للاعتبار. وقال أبو حاتم: كان يفعل الحديث. وذكر عبد الرحمن بن خراش، أنه وضع أحاديث. وذكر ابن عدى، أنه سمع أبا عروبة يثنى عليه خيرا، وقال: كان حافظا لحديث المدينة. وذكر الذهبى، أنه الذى حدّث عنه البزى فى التكبير، وذكر جماعة يسمّون النضر ابن سلمة، وذكر فى ترجمة كل منهم، أنه صدوق. 2598 ـ النضر بن شبل: شيخ كان بمكة، يروى عن مالك. روى عنه أحمد بن زهير، وذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات. 2599 ـ نضرة بن أكثم الخزاعى، ويقال الأنصارى: حديثه عن يحيى بن أبى كثير، عن يزيد بن أبى نعيم، عن سعيد بن المسيب، عن

_ (2) فى نسب قريش: «ضن». (3) فى نسب قريش «فربما». 2599 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2686، الإصابة ترجمة 8734، أسد الغابة ترجمة 5222، تلقيح فهوم أهل الأثر 385، تجريد أسماء الصحابة 2/ 106، تقريب التهذيب 2/ 303، تهذيب الكمال 3/ 1414).

2600 ـ النضير بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار ابن قصى بن كلاب القرشى العبدرى

نضرة بن أكثم: أنه تزوج امرأة، فلما جامعها، وجدها حبلى، فرفع شأنها إلى النبىصلى الله عليه وسلم، فقضى أن لها صداقها، وأن ما فى بطنها عبد له، وجلدت مائة، وفرق بينهما. انتهى باختصار من الاستيعاب. 2600 ـ النضير بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار ابن قصى بن كلاب القرشى العبدرى: ذكره الزبير بن بكار هكذا، وقال: قتل يوم اليرموك شهيدا، وكان من حلماء قريش، ومن المهاجرين. انتهى. وذكره ابن عبد البر، وقال: يكنى أبا الحارث، وأبوه الحارث بن علقمة، يعرف بالرهين. كان النضير من المهاجرين، وقيل بل كان من مسلمة الفتح، والأول، أكثر وأصح، وكان النضير كثيرا ما يشكر الله تعالى، على ما منّ به عليه من الإسلام، ولم يمت على ما مات عليه أخوه وأبوه وآباؤه، وأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين بمائة بعير، وأتاه رجل من بنى الدّيل، يبشره بذلك، وقال له: احذنى منها، فقال النضير: ما أريد أخذها، لأنى أحسب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يعطنى ذلك، إلا تألفا على الإسلام، وما أريد أن أرتشى على الإسلام، ثم قلت: والله ما طلبتها وما سألتها، وهى عطية من رسول اللهصلى الله عليه وسلم، فقبضتها، وأعطيت الدّيلىّ منها عشرة، ثم خرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلست معه فى مجلسه، وسألته عن فرض الصلوات ومواقيتها، فو الله لقد كان أحب إلىّ من نفسى، وقلت له: يا رسول الله، أى الأعمال أحب إلى الله تعالى؟ فقال: «الجهاد، والنفقة فى سبيل الله». قال: وهاجر النضير إلى المدينة، ولم يزل بها حتى خرج إلى الشام غازيا، وحضر اليرموك وقتل بها شهيدا، وذلك فى رجب سنة خمس عشرة، وكان يعدّ من حلماء قريش، رحمه الله. وكان للنضير من الولد: على، ونافع، والمرتفع. ومن ولد المرتفع: محمد بن المرتفع، يروى عنه ابن جريج، وابن عيينة. انتهى من الاستيعاب بلفظه فى الغالب، وبعضه بالمعنى. 2601 ـ النضير بن النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة: يقال له صحبة، وليس بمعروف، ذكره هكذا الذهبى فى التجريد. ومقتضى ما

_ 2600 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2687، المشتبه 643، أسد الغابة ترجمة 5229).

من اسمه النعمان

ذكره من نسبه، أن يكون ابن النضر، أخى السابق الذى قتل كافرا بعد بدر، قتله على ابن أبى طالب بالصفراء صبرا، بأمر النبى صلى الله عليه وسلم. * * * من اسمه النعمان 2602 ـ النعمان بن خلف الخزاعى: أخو مالك، كانا طليعتين يوم أحد، فاستشهدا، قاله الكلبى. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد. 2603 ـ النعمان بن عدى بن نضلة ـ ويقال ابن نضيلة ـ بن عبد العزى بن حرثان بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدى العدوى: ذكر الزبير: أن أمه: بعجة بنت أمية بن خلف الخزاعى قال: وكان النعمان مع أبيه بأرض الحبشة، استعمله عمر بن الخطاب رضى الله عنه، على ميسان (1)، فقال النعمان (2) [من الطويل]: فمن (3) مبلغ الحسناء أن حليلها ... بميسان يسقى فى زجاج وحنتم إذا شئت غنتنى دهاقين قرية ... وصنّاجة تجذو على كل منسم إذا كنت ندمانى فبالأكبر اسقنى ... ولا تسقنى بالأصغر المتثلم لعل أمير المؤمنين يسوءه ... تنادمنا بالجوسق (4) المتهدم فعزله عمر رضى الله عنه. وقال الزبير: حدثنى محمد بن الضحاك بن عثمان الحزامى، عن أبيه، قال: لما بلغ عمر بن الخطاب رضى الله عنه هذا الشعر، كتب إلى النعمان بن عدى بن نضلة: بسم الله الرحمن الرحيم (حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) [غافر: 1، 3]. أما

_ 2603 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2649، الإصابة ترجمة 8768، أسد الغابة ترجمة 5255). (1) ميسان: بالفتح ثم السكون، وسين مهملة، وآخره نون، اسم كورة واسعة كثيرة القرى والنخل بين البصرة وواسط قصبتها ميسان. انظر: معجم البلدان (ميسان). (2) انظر الأبيات فى: نسب قريش 11/ 382، الاستيعاب ترجمة 2649. (3) فى نسب قريش: «من». (4) فى نسب قريش، والاستيعاب: «فى الجوسق».

2604 ـ نعيم بن عبد الله بن أسيد بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدى بن كعب بن لؤى القرشى العدوى المعروف بالنحام

بعد، فقد بلغنى قولك (5): لعل أمير المؤمنين يسوءه ... تنادمنا بالجوسق المتهدم وايم الله، إنه ليسوءنى، وعزله. فلما قدم على عمر بكّته بهذا الشعر، فقال له: يا أمير المؤمنين، ما شربتها قط، وما الشعر إلا شعر طفح على لسانى، فقال عمر: أظن ذلك، ولكن لا تعمل لى على عمل أبدا. انتهى. وقال ابن عبد البر، بعد أن نسبه كما ذكرنا: كان من مهاجرة الحبشة، هاجر إليها هو وأبوه عدى بن نضلة ـ أو نضيلة ـ فمات عدى هناك بأرض الحبشة، فورثه ابنه النعمان هناك، فكان النعمان أول وارث فى الإسلام، وكان عدى أبوه، أول موروث فى الإسلام، ثم ولّى عمر النعمان هذا ميسان، ولم يول عمر بن الخطاب رجلا من قومه عدويا غيره، وأراد امرأته على الخروج معه إلى ميسان، فأبت عليه، فأنشد النعمان أبياتا، وكتب بها إليها، وهى: فمن مبلغ الحسناء أن حليلها ... بميسان يسقى فى زجاج وحنتم فذكر الأبيات المتقدمة، وذكر بقية القصة كما ذكر الزبير، ثم قال: فنزل ـ يعنى النعمان بن عدى ـ البصرة، ولم يزل يغزو مع المسلمين، حتى مات رحمه الله. وهو فصيح، يستشهد أهل اللغة بقوله: ندمان، فى معنى نديم. انتهى. وقال الزبير: وقد انقرض ولد النعمان. 2604 ـ نعيم بن عبد الله بن أسيد بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدى بن كعب بن لؤى القرشى العدوى المعروف بالنّحّام: قال الزبير: إن أمه فاختة بنت أبى حرب بن خلف بن صدّاد بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدى بن كعب. وقال بعد أن سماه: هو النحّام، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «دخلت الجنة، فسمعت نحمة من نعيم فيها» وهى السّعلة، وما يكون فى آخر النّحنحة الممدودة آخرها، قال الراجز فيها:

_ (5) انظر البيت فى الاستيعاب. 2604 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2657، الإصابة ترجمة 8799، أسد الغابة ترجمة 5276، الثقات 3/ 414، تلقيح فهوم أهل الأثر 377، تبصير المنتبه 4/ 1412، الطبقات 24، تجريد أسماء الصحابة 2/ 111، تاريخ جرجان 6/ 267، المصباح المضئ 1/ 50، 51، بقى بن مخلد 535، الجرح والتعديل 8/ 459، التاريخ الكبير 8/ 92، الطبقات الكبرى 4/ 72).

ما لك لا تنحم يا رواحه ... إنّ النحيم للسقاة راحه ويقال للنحمة: النحطة أيضا. وكان نعيم، قديم الإسلام، أسلم بمكة قبل عمر بن الخطاب رضى الله عنه، ولكنه أقام بمكة حتى كان قبيل الفتح، لأنه كان ممن ينفق على أرامل بنى عدى وأيتامهم، فقال له قومه، حين أراد الهجرة وتشبثوا به: أقم عندنا ودن بأى دين شئت. فذكروا أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال له حين قدم عليه: «قومك يا نعيم، كانوا لك خيرا من قومى لى» قال: بل قومك خير يا رسول الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن قومى أخرجونى، وأقرك قومك». فقال نعيم: يا رسول الله، قومك أخرجوك إلى الهجرة، وقومى حبسونى عنها. وكان بيت عدى بن كعب فى الجاهلية، بيت بنى عويج، حتى تحول فى بيت بنى رزاح، بعمرو وزيد ابنى الخطاب رضى الله عنهما، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رحمه الله. قال عبد الرحمن بن نمير بن عبد الله: كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه، يأتى الشفاء، فإذا رأته قالت: هذا عمر، إذا مشى أسرع، وإذا تكلم أسمع ـ وقال غيره: إذا ضرب أوجع ـ وهو الناسك حقا، ما زال بنو عبيد تعلونا ظهرا، حتى جاءنا الله بك. قال نمير: وكان نعيم النحّام وأبوه من قبله، يحملون يتامى بنى عدى، ويمونهم. قال الزبير: حدثنى محمد بن سلام، عن عثمان بن عثمان، الذى كان قاضيا بالبصرة، وهو خال أبى عبيدة، قال: قال عبد الله بن عمر بن الخطاب لأبيه: اخطب علىّ بنت نعيم النحام، فقال له أبوه: اخطبها أنت، فإن ردك، اعرف. فخطبها عبد الله إلى نعيم، فلم يزوّجه إياها. فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه للنحام: خطب إليك ابن أخيك عبد الله بن عمر، فرددته! فقال له نعيم: لى ابن أخ مضعوف لا يزوجه الرجال، فإذا تركت لحمى تربا، فمن يذبّ عنه؟ . وقتل نعيم بن عبد الله شهيدا بالشام، يوم أجنادين. انتهى. وقال ابن عبد البر: كان نعيم النحام قديم الإسلام، يقال إنه أسلم بعد عشرة أنفس قبل الإسلام عمر بن الخطاب، وكان يكتم إسلامه، ومنعه قومه لشرفه فيهم من الهجرة، لأنه كان ينفق على أرامل بنى عدى وأيتامهم ويمونهم، فقالوا: أقم عندنا على أى دين شئت، وأقم على ربك، واكفنا ما أنت كاف من أمر أراملنا، فو الله لا يتعرض لك أحد إلا ذهبت أنفسنا جميعا دونك.

2605 ـ نفيس بن عبد الخالق بن محمد الهاشمى القشبى، أبو الحسن

وزعموا أن النبى صلى الله عليه وسلم، قال له حين قدم عليه: «قومك يا نعيم كانوا خيرا لك من قومى لى». قال: بل قومك خير يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قومى أخرجونى وأقرك قومك» ـ وزاد الزبير فى هذا الخبر ـ فقال نعيم: يا رسول الله، قومك أخرجوك إلى الهجرة، وقومى حبسونى عنها. وكانت هجرة نعيم عام خيبر، وقيل: بل هاجر فى أيام الحديبية. وقيل: إنه أقام بمكة حتى كان قبل الفتح. واختلف فى وقت وفاته، فقيل: قتل بأجنادين شهيدا سنة ثلاث عشرة، فى آخر خلافة أبى بكر رضى الله عنه، وقيل: قتل يوم اليرموك شهيدا، فى رجب سنة خمس عشرة، فى خلافة عمر رضى الله عنه. وقال الواقدى: كان نعيم قد هاجر أيام الحديبية، فشهد مع النبى صلى الله عليه وسلم ما بعد ذلك من المشاهد، وقتل يوم اليرموك شهيدا، فى رجب سنة خمس عشرة. روى عنه نافع، ومحمد بن إبراهيم التيمى. وقال: ما أظنهما سمعا منه. انتهى من الاستيعاب. قال النووى: والنحام وصف لنعيم لا لأبيه، وقيل له النحام، للحديث المشهور: أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «دخلت الجنة فسمعت نحمة نعيم». والنحمة ـ بفتح النون ـ: السعلة ـ بفتح السين ـ وقيل النحنحة الممدود آخرها. هذا الصواب، إن نعيما هو النحام، ويقع فى كثير من كتب من الحديث: نعيم بن النحام، وهكذا وقع فى بعض نسخ «المهذب» وهو غلط؛ لأن النحام وصف لنعيم لا لأبيه. 2605 ـ نفيس بن عبد الخالق بن محمد الهاشمى القشبى، أبو الحسن: ذكره السلفى وقال: نفيس هذا، رجل من أهل القرآن والمعرفة بالقراءات، وقد قرأ بالأندلس والحجاز، على شيوخ، وقرأ الحديث، وسمع على رسالة «ابن أبى زيد» وغيرها، بعد رجوعه من مكة، وتوجه إلى الأندلس، وكان قد جاور بمكة مدة. انتهى. 2606 ـ نفيع بن مسروح، ويقال نفيع بن الحارث بن كلدة بن عمرو الثقفى: وقد تقدّم نسب الحارث بن كلدة فى ترجمة نافع، أخى نفيع هذا، يكنى نفيع هذا: أبا بكرة. قال ابن عبد البر: فى ترجمة نفيع هذا: كان من عبيد الحارث بن كلدة، فاستلحقه

_ 2606 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2689، 2907، الإصابة ترجمة 8816، 9638، أسد الغابة ترجمة 5289، 5738).

وأمّه سمية أمة للحارث بن كلدة، وهى أم زياد بن أبى سفيان. ونقل عن أحمد بن حنبل أنه قال: أبو بكرة نفيع بن الحارث. قال: والأكثر يقولون: نفيع بن الحارث، كما قال أحمد، وقال ابن عبد البر: قال أحمد بن زهير: سمعت يحيى بن معين يقول: أملى على هوذة بن خليفة البكراوى، نسبه إلى أبى بكرة، فلما بلغ إلى أبى بكرة، قلت: ابن من؟ قال: دع لا تزده، دعه. وكان أبو بكرة يقول: أنا من إخوانكم فى الدين، وأنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن أبى الناس إلا أن ينسبونى، فأنا نفيع بن مسروح. انتهى. وقال ابن عبد البر: قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كناه بأبى بكرة، لأنه تعلق ببكرة من حصن الطائف، فنزل إليه. قال: وكان أبو بكرة رضى الله عنه يقول: أنا مولى رسول اللهصلى الله عليه وسلم، ويأبى أن ينتسب. قال: وذكره أحمد بن زهير فى موالى النبى صلى الله عليه وسلم. قال: حدثنا عبد الرحمن بن سليمان، عن الحجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، قال: خرج غلامان يوم الطائف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعتقهما، أحدهما أبو بكرة. وذكر ابن عبد البر فى موضع آخر، أن أبا بكرة رضى الله عنه، نزل من حصن الطائف فى غلمان من أهل الطائف، فأعتقهم النبى صلى الله عليه وسلم. وقال ابن عبد البر: وكان من فضلاء الصحابة رضى الله عنهم، وهو الذى شهد على المغيرة بن شعبة، فبثّ الشهادة، فحدّه عمر رضى الله عنه حدّ القذف، إذ لم تتم الشهادة. ثم قال له: تب، تقبل شهادتك، فقال. له: إنما تستتيبنى لتقبل شهادتى؟ فقال: أجل، قال: لا جرم، لا أشهد بين اثنين أبدا ما بقيت فى الدنيا. وقال سعيد بن المسيب: كان ـ يعنى أبا بكرة رضى الله عنه ـ مثل النصل من العبادة، حتى مات. وقال ابن عبد البر: قال الحسن: لم يسكن البصرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أفضل من عمران بن حصين، وأبى بكرة. انتهى. قال ابن عبد البر: وكان أبو بكرة رضى الله عنه، أخا زياد لأمّه، أمهما سمية، فلما بلغ أبا بكرة، أن معاوية استلحقه، وأنه رضى بذلك، آلى يمينا أن لا يكلمه أبدا، وقال: هذا زنّى أمه، وانتفى من أبيه، ولا والله ما أعلم سمية رأت أبا سفيان قط. ويله، ما يصنع بأم حبيبة زوج النبى صلى الله عليه وسلم، أيريد أن يراها؟ فإن حجبته فضحته، وإن رآها فيالها مصيبة! يهتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمة عظيمة.

2607 ـ نفيرة بن عمرو الخزاعى

ثم قال ابن عبد البر: وقد قيل إنه ـ يعنى زيادا ـ حج ولم يزر، من قول أبى بكرة، وقال: جزى الله أبا بكرة خيرا، فلم يدع النصيحة على كل حال. وقال ابن عبد البر: كان أحد فضلاء الصحابة رضى الله عنهم، وكان ممن اعتزل يوم الجمل، لم يقاتل مع واحد من الفريقين. قال: وكان أولاده أشرافا بالبصرة بالولاية والعلم. وله عقب كثير. وقال النووى: روى له عن النبى صلى الله عليه وسلم مائة حديث، واثنان وثلاثون حديثا. اتفق البخارى ومسلم منها على ثمانية أحاديث، وانفرد البخارى بخمسة، ومسلم بحديث. روى عنه: ابناه: عبد الرحمن، ومسلم، وربعى بن خراش، والحسن، والأحنف. انتهى. روى له الجماعة. واختلف فى وفاته، فقيل: سنة إحدى وخمسين، وقيل سنة اثنتين وخمسين بالبصرة، وصلّى عليه أبو برزة الأسلمى، بوصية منه. 2607 ـ نفيرة بن عمرو الخزاعى: عن عمر. وعنه حزام بن هشام، لا تثبت له صحبة. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد. 2608 ـ نمير الخزاعى [ .... ] (1). 2609 ـ نمير بن خرشة بن ربيعة الثقفى: حليف لهم، من بلحارث (1) بن كعب، كان أحد القوم الذين قدموا مع عبد ياليل بإسلام ثقيف. ذكره هكذا ابن عبد البر فى الاستيعاب. 2610 ـ نمير بن أبى نمير الخزاعى، ويقال الأزدى، يكنى أبا مالك، بابنه مالك ابن نمير: سكن البصرة، لم يرو حديثه غير عصام بن قدامة، عن مالك بن نمير، عن أبيه، عن النبى صلى الله عليه وسلم، فى الجلوس فى الصلاة. ذكره هكذا ابن عبد البر.

_ 2608 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2609 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2665، الإصابة ترجمة 8829، أسد الغابة ترجمة 5299، الثقات 3/ 418، تجريد أسماء الصحابة 5/ 113، المصباح المضئ 1/ 327، 328). (1) هكذا فى الأصول. وفى الاستيعاب: «بنى حارث». 2610 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2666، الإصابة ترجمة 8830، أسد الغابة ترجمة 5302، تلقيح فهوم أهل الأثر 385، الثقات 3/ 421، تجريد أسماء الصحابة 2/ 113، تهذيب التهذيب 10/ 477، الإكمال 7/ 362، الكاشف 3/ 210، بقى بن مخلد 802).

2611 ـ نهشل بن عمرو بن عبد الله بن وهب القرشى الفهرى

وذكره الذهبى فقال: نمير بن أبى نمير مالك الخزاعى، وقيل الأزدى، أبو مالك. بصرى، له صحبة، عنه: ابنه مالك، وابنه مجهول. 2611 ـ نهشل بن عمرو بن عبد الله بن وهب القرشى الفهرى: ذكره ابن سعد فى «الطبقات»، فى مسلمة الفتح، وأن أولاده: عبد الرحمن، وعبد الله، ونضلة، وقطن، قتلوا يوم الحرّة. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد. 2612 ـ نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الهاشمى، يكنى أبا الحارث: كان أسنّ من إخوته، ومن سائر من أسلم من بنى هاشم، حتى من العباس وحمزة، أسر يوم بدر، ففداه العباس رضى الله عنه، ثم أسلم. وقيل فدى نفسه برماحه، وأسلم فى يومه. ذكر ذلك محمد بن سعد كاتب الواقدى، لأنه قال: حدثنا على بن عيسى النوفلى، عن أبيه، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن نوفل، قال: لما أسر نوفل بن الحارث ببدر، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: افد نفسك. قال: ما لى شيء أفتدى به، قال له: افد نفسك برماحك التى بجدّة. فقال: والله ما علم أحد أن لى بجدة رماحا غيرى، بعد الله، أشهد أنك رسول الله. ففدى نفسه بها، وكانت ألف رمح. انتهى. وهاجر أيام الخندق، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين العباس رضى الله عنهما، وكانا فى الجاهلية متفاوتين فى المال متحابين، وشهد نوفل مع النبى صلى الله عليه وسلم فتح مكة وحنينا والطائف، وأعان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، بثلاثة آلاف رمح. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأيت كأنى أنظر إلى رماحك يا أبا الحارث، تقصف أصلاب المشركين». وهو ممن ثبت مع النبى صلى الله عليه وسلم يوم حنين. توفى فى داره بالمدينة، سنة خمس عشرة، فى خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وصلّى عليه عمر بن الخطاب، بعد أن مشى معه إلى البقيع، ووقف على قبره حتى دفن. انتهى من الاستيعاب. وذكر الزبير بن بكار من ذلك، أنه أسنّ من إخوته، ومن عمّيه حمزة والعباس، وثباته مع النبى صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وأنه توفى لسنتين خلتا من خلافة عمر رضى الله عنه. فعلى هذا

_ 2612 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2671، الإصابة ترجمة 8849، أسد الغابة ترجمة 5317، طبقات خليفة 6، تاريخ خليفة 134، الجرح والتعديل 8/ 487، مشاهير علماء الأمصار 166، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 416، الثقات 3/ 416).

2613 ـ نوفل بن معاوية بن عمرو الديلى، ويقال الكنانى

تكون وفاته فى آخر جمادى الآخرة، من ستة خمس عشرة، أو فيما بعدها منها. وكلام أبى عمر بن عبد البر، لا ينبى عن ذلك، وذكر له من الولد: الحارث، وعبد الله بن الحارث الملقب «ببّة» وقد تقدم ذكرهما. وعبد الله بن نوفل، قضى بالمدينة فى خلافة معاوية بن أبى سفيان، لمروان بن الحكم، وهو أول قاض كان بالمدينة، وكان يشبّه بالنبى صلى الله عليه وسلم. وتوفى سنة أربع وثمانين. وقال بعض أهله: فى زمن معاوية. وعبد الرحمن، ومعاوية ابنا نوفل، لا بقية لهما، وسعيد بن نوفل، وكان فقيها، والمغيرة ابن نوفل، الذى قال علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه لأمامة بنت أبى العاص، وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين أوصاها: إن أرادت النكاح، أن يجعل أمرها إليه. فخطبها معاوية بن أبى سفيان، فجعلت أمرها إلى المغيرة بن نوفل، فتوقف عليها، ثم زوجها نفسه، فهلكت عنده، ولم تلد له. وأم المغيرة، تزوجها تميم الدارى رضى الله عنه، وأم سعيد، كانت عند عبد الله بن سعد بن أبى سرح، وأم بنى نوفل بن الحارث كلهم، طريفة بنت سعيد بن القشب، واسمه جندب ابن عبد الله بن رافع بن نضلة بن محضب بن صعب من الأزد. 2613 ـ نوفل بن معاوية بن عمرو الديلى، ويقال الكنانى: وهو من بنى الديل بن بكر بن عبد مناف بن كنانة، تم أحد بنى نفاثة بن عدى بن الديل. شهد مع النبى صلى الله عليه وسلم فتح مكة، وكان أسلم قبل ذلك، ولم يشهد مع النبى صلى الله عليه وسلم مشهدا قبل فتح مكة، وخرج مع النبى صلى الله عليه وسلم منصرفه من المدينة، ونزل بها فى بنى الديل، وحج فى سنة تسع من الهجرة، مع أبى بكر الصديق رضى الله عنه، وفى سنة عشر، مع النبى صلى الله عليه وسلم، ولم يزل بالمدينة ساكنا، حتى توفى بها فى زمن يزيد بن معاوية، عن مائة سنة، على ما قيل، ويقال إنه عمّر فى الجاهلية ستين سنة، وفى الإسلام ستين سنة. روى عنه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعبد الرحمن بن مطيع بن الأسود، وعراك بن مالك.

_ 2613 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2673، الإصابة ترجمة 8854، أسد الغابة ترجمة 5322، الثقات 3/ 416، عنوان النجابة 165، الطبقات 34، الأعلام 8/ 55، تجريد أسماء الصحابة 2/ 115، تقريب التهذيب 2/ 309، تهذيب التهذيب 10/ 492، الرياض المستطابة 263، الجرح والتعديل 1/ 487، التاريخ الكبير 8/ 108، الكاشف 3/ 212، الطبقات الكبرى 1/ 87، الأنساب 5/ 449، بقى بن مخلد 189، البداية والنهاية 8/ 217).

2614 ـ نوفل بن مساحق القرشى العامرى

2614 ـ نوفل بن مساحق القرشى العامرى: له صحبة، بقى إلى أول زمن عبد الملك، هكذا ذكره الذهبى فى التجريد، وقال: قلت: إنما الصحبة لجده عبد الله بن مخرمة، وأما هو فتابعى. روى عن عمرو بن سعيد بن زيد، وعنه عمر بن عبد العزيز، وطائفة. * * *

_ 2614 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال ترجمة 7955، تهذيب التهذيب ترجمة 20114، تقريب التهذيب ترجمة 32142).

حرف الهاء

حرف الهاء 2615 ـ هادى المستجيبين: ظهر فى آخر أيام الحاكم العبيدى صاحب مصر، وكان يدعو إلى عبادة الحاكم. وحكى عنه، أنه سبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبصق على المصحف، وسار فى البوادى يدعوهم، إلى أن قتله الله تعالى بمكة، وكان لما وصل إليها، اجتمع مع أبى الفتوح أميرها، فنزل عليه، فلما رآه المجاورون يطوف بالكعبة، مضوا إلى أبى الفتوح، وذكروا له شأنه، فقال: هذا قد نزل علىّ، وأعطيته الذمام. فقالوا: إن هذا سب النبى صلى الله عليه وسلم، وبصق على المصحف، فسأله عن ذلك، فأقر به، وقال: قد تبت. وقال المجاورون: توبة هذا لا تصح، وقد أمر النبى صلى الله عليه وسلم، بقتل ابن خطل، وهو متعلق بأستار الكعبة، وهذا لا يصح أن يعطى الذمام، ولا يسع إلا قتله، فدافعهم أبو الفتوح عنه، فاجتمع الناس عند الكعبة، وضجوا إلى الله سبحانه وتعالى وبكوا، وكان من قضاء الله تعالى، أن الله تعالى أرسل ريحا سوداء، حتى أظلمت الدنيا، ثم انجلت الظلمة، وصار على الكعبة فوق أستارها كهيئة الترس الأبيض، له نور كنور الشمس، دون سقف الكعبة، بنحو القامة، فلم يزل كذلك يرى ليلا ونهارا على حاله، مدة سبعة عشر يوما. فلما رأى أبو الفتوح ذلك، أمر بالمسمىّ بهادى المستجيبين، وغلام كان صحبته مغربى، إلى باب العمرة، فضربت أعناقهما، وصلبا، ولم يزل المغاربة يرجمونهما بالحجارة، حتى سقطا إلى الأرض، فجمعوا لهما الحطب والعظام وأحرقوهما، وكان قتل المذكور فى سنة عشر وأربعمائة، كما ذكر [ ..... ] (1) فى «وفياته» ومنه لخصت هذه الترجمة، وهو نقلها عن كتاب شخص صوفى، يكنى أبا الوفا بن أبى الفتح بن أبى الفوارس البغدادى الحافظ. * * * من اسمه هارون 2616 ـ هارون بن أبى بكر بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله الزبيرى: من أهل مكة، يروى عن أبى ضمرة، ويحيى بن أبى قتيلة. روى عنه أبو الدرداء عبد الرحيم بن حبيب المروزى.

_ 2615 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2617 ـ هارون بن عبد الله بن كثير بن معن بن عبد الرحمن بن عوف القرشى الزهرى

ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات. 2617 ـ هارون بن عبد الله بن كثير بن معن بن عبد الرحمن بن عوف القرشى الزهرى: هكذا ذكره الزبير بن بكار، لما ذكر أولاده عبد الرحمن بن عوف الزهرى، أحد العشرة رضى الله عنهم. قال: وأمه سهلة بنت معن بن عمر بن معن بن عبد الرحمن بن عوف. وكان من الفقهاء، وكان يقوم بنصرة قول أهل المدينة فيحسن، ولاه المأمون أمير المؤمنين قضاء المصيصة، ثم صرفه عنها، وولاه قضاء الرقة، ثم صرفه عنها، وولاه قضاء عسكر المهدى ببغداد، ثم صرفه. وولاه قضاء مصر، وتوفى أمير المؤمنين المأمون، وهو على قضاء مصر، حتى صرف فى آخر خلافة أمير المؤمنين المعتصم. انتهى. 2618 ـ هارون بن عبد الله الزهرى العوفى، القاضى أبو يحيى المكى المالكى: نزيل بغداد، تفقّه بأصحاب مالك. وقال الخطيب: إنه سمع من مالك، وإنه ولى قضاء العسكر، ثم قضاء مصر. وقال أبو إسحاق الشيرازى: هو أعلم من صنّف الكتب فى مختلف قول مالك. توفى سنة اثنتين وثلاثين ومائتين بسامرّا. كما قال ابن يونس. ذكره الذهبى فى العبر، ومنه لخّصت هذه الترجمة. 2619 ـ هارون بن محمد بن إسحاق بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد ابن على بن عبد الله بن عباس الهاشمى، أبو موسى: أمير مكة والمدينة، هكذا نسبه ابن حزم فى «الجمهرة» وذكر أنه ولى مكة والمدينة، وحج بالناس من سنة ثلاث وستين ومائتين إلى سنة ثمان وسبعين ومائتين ولاء، ثم هرب من مكة عند الفتنة، فنزل مصر ومات بها. وألف «نسب العباسيين» وغير ذلك. انتهى. وذكر ابن كثير قى «تاريخه» أنه توفى فى رمضان سنة ثمان وثمانين ومائتين بمصر، وقال: سمع وحدث، وترجمه بأمير الحرمين والطائف. وقال الذهبى: وكان شريفا نبيلا ثقة، سمع من طبقة أبى كريب. انتهى.

2620 ـ هارون بن المسيب

2620 ـ هارون بن المسيب: أمير مكة. وجدت فى كتاب «مقاتل الطالبيين» فيما رواه عن «كتاب هارون بن محمد الزياد» بالسند المتقدم فى ترجمة عيسى بن يزيد الجلودىّ: أن هارون المذكور، قدم مكة واليا على الحرمين، بعد صرف الجلودى المذكور، فبدأ بمكة، وحج وانصرف إلى المدينة، فأقام سنة. * * * من اسمه هاشم 2621 ـ هاشم بن عتبة بن أبى وقاص مالك بن أهيب ويقال ـ وهيب ـ بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرّة القرشى الزهرى المعروف بالمرقال: قال ابن عبد البر: أسلم هاشم يوم الفتح، وكان من الفضلاء الأخيار، وكان من الأبطال البهم، فقئت عينه يوم اليرموك، ثم كتب إليه عمر بن الخطاب رضى الله عنه بعد اليرموك، بأن يسير إلى عمر بن سعد، فسار إليهم، وشهد معهم القادسية، وأبلى فيها بلاء حسنا، وقام منه فى ذلك، ما لم يقم من أحد، وكان سببا لفتح المسلمين. ثم عقد له سعد لواء، ووجهه إلى جلولاء، ففتحها الله على يديه، ولم يشهدها سعد، وقيل إن سعدا شهدها، وكانت جلولاء تسمى فتح الفتوح، بلغت غنائمها ثمانية عشر ألف ألف، وكانت جلولاء سنة سبع عشرة، وقيل سنة تسع عشرة، قاله قتادة. وشهد مع على رضى الله عنه الجمل وصفين، وأبلى فيهما بلاء حسنا مشهورا، وكان على رجالة علىّ رضى الله عنه يوم صفين، وبيده راية علىّ يومئذ، وفيه قتل. انتهى بالمعنى. وذكر الزبير بن بكار من خبره: أنّ عينه أصيبت يوم اليرموك، وأن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، أمدّ سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه به، فى سبعة عشر رجلا، أمده بهم من جند الشام. قال: وقتل هاشم مع على بن أبى طالب رضى الله عنه بصفين. قال: وفيه يقول عامر بن واثلة، يعنى أبا الطفيل الليثى (1) [من الرجز]: يا هاشم الخير جزيت الجنة ... قاتلت فى الله عدوّ السنّة

_ 2621 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2729، الإصابة ترجمة 8934، أسد الغابة ترجمة 5328، العبر 1/ 39، طبقات خليفة 831، مروج الذهب 3/ 130، تاريخ بغداد 1/ 196، مرآة الجنان 1/ 101، شذرات الذهب 1/ 46). (1) انظر الأبيات فى: الاستيعاب ترجمة 2729.

2622 ـ هاشم بن على بن مسعود بن أبى سعد بن غزوان بن حسين القرشى الهاشمى، أبو على المكى، المعروف بابن غزوان

أفلح بما فزت به من منّه قال: وقطعت رجله يومئذ بصفين، قبل أن يقتل، فجعل يقاتل من دنا منه وهو بارك، ويتمثل: الفحل يحمى شوله معقولا قال الزبير: وهو الذى يقول (2): أعور يبغى أهله محلّا ... قد عالج الحياة حتى ملّا لا بدّ أن يفلّ أو يفلّا وذكر الزبير: أن أم هاشم هذا: بنت خالد بن عبيدة بن مرداس بن سويد، من بنى الحارث بن عبد مناف، حليف بنى زهرة. انتهى. 2622 ـ هاشم بن على بن مسعود بن أبى سعد بن غزوان بن حسين القرشى الهاشمى، أبو على المكى، المعروف بابن غزوان: سمع فى كبره من محمد بن أحمد بن عبد المعطى، وغيره «صحيح البخارى» ورغبنا فى السماع إليه لأجل اسمه، فلم يقدّر لنا ذلك، وكان يعانى التجارة ويسافر لأجلها إلى اليمن، ثم ترك. وكان ذا خير وعبادة، وبلغنى أنه أقام أربعين سنة أو نحوها، لا يشرب إلا ماء زمزم، فى مدة مقامه فيها بمكة. وتوفى فى آخر يوم الاثنين الرابع عشر من ذى القعدة سنة ست عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة بقبر أخيه «حسين» وهو فى عشر التسعين، بتقديم التاء. 2623 ـ هاشم بن فليتة بن قاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن أبى هاشم الحسنى المكى، المعروف بابن أبى هاشم: أمير مكة، وبقية نسبه تقدم فى ترجمة جده محمد بن جعفر بن أبى هاشم. أظنه ولى إمرة مكة بضعا وعشرين سنة، لأنه ولى بعد وفاة أبيه فى شعبان سنة سبع وعشرين وخمسمائة، حتى مات فى سنة تسع وأربعين، كما هو مقتضى كلام ابن خلكان. وقيل إنه توفى وقت العصر من يوم الثلاثاء حادى عشر المحرم، سنة إحدى وخمسين وخمسمائة، ودفن ليلة الأربعاء الثانى عشر من المحرم، وقد بقى من الليل ثلثه، وولى

_ (2) انظر الأبيات فى: نسب قريش 8/ 264، الاستيعاب ترجمة 2729.

2624 ـ هالة بن أبى هالة

بعده ابنه الأمير قاسم. كذا وجدت وفاته، وخبر دفنه، وولاية ابنه بعده، بخط ابن البرهان الطبرى، فكان بين هاشم بن فليتة هذا، وبين الأمير نظر الخادم، أمير الحج العراقى فتنة، فنهب أصحاب هاشم الحجاج، وهم فى المسجد الحرام يطوفون ويصلون، ولم يرقبوا فيهم إلّا ولا ذمة، وذلك فى سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، وسئل فى الحج بعد ذلك، فاعتذر بأن بينه وبين أمير مكة من الحروب ما لا يمكنه معه الحج، وكان فى ولايته على مكة، وقعة بعسفان، ذكرها ابن البرهان، وذكر أنها كانت يوم الأحد الثانى والعشرين من ذى الحجة، سنة سبع وعشرين وخمسمائة. قال: وانهزم عبد الله وعسكره، وما عرفت عبد الله هذا، وأتوهم أنه قريب لهاشم بن فليتة، وما عرفت سبب هذه الفتنة أيضا، والله أعلم بحقيقة ذلك. انتهى. 2624 ـ هالة بن أبى هالة: واختلف فى اسم أبى هالة. فقال الزبير: أبو هالة، مالك بن نباش بن زرارة بن وقدان بن حبيب بن سلامة بن عدى، من بنى أسيّد بن عمرو بن تميم، حليف بنى عبد الدار بن قصى. وقال ابن عبد البر: اختلف فى اسم أبى هالة. فقيل اسمه زرارة ابن نباش بن وقدان ابن حبيب بن سلامة بن عدى بن جروة بن أسيّد بن عمرو بن تميم التميمى. وقيل اسمه: زرارة بن نباش، وقيل مالك بن نباش بن زرارة، من بنى نباش بن عدى الدارمى، قاله الزبير بن بكار. قال ابن عبد البر: وليس بشئ. وقال: أكثر أهل النسب يخالفون الزبير. وقال: له صحبة. روى عنه ابنه هند. انتهى. كذا رأيت فى نسختين من الاستيعاب: «روى عنه ابنه هند»، والصواب: أخوه هند. وذكر الزبير: أن هالة وهند، إخوة ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم من خديجة بنت خويلد، من أمهم، وأبوه من حلفاء بنى عبد الدار. 2625 ـ هانئ المخزومى: يروى عن أبيه مخزوم عنه، وهو مخضرم. له حديث طويل فى المولد. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد. * * *

_ 2624 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2730، الثقات 3/ 437، تجريد أسماء الصحابة 2/ 116، الطبقات الكبرى 8/ 19، الإصابة ترجمة 8956، أسد الغابة ترجمة 5329).

من اسمه هبار

من اسمه هبار 2626 ـ هبار بن أبى زمعة الأسود بن المطّلب بن أسد بن عبد العزى بن قصى بن كلاب القرشى الأسدى المكى: ذكر ابن عبد البر: أنه أسلم يوم الفتح، وحسن إسلامه، وصحب النبى صلى الله عليه وسلم. انتهى. وذكر الزبير: أن هبار بن الأسود، شهد بدرا، مع ابنه زمعة بن الأسود، وغيره من إخوانه، فجعل زمعة يقول له «أقدم حار، إذ فرّ عنّى هبار» وعنى زمعة بقوله: «حار» ابنه الحارث بن زمعة. وقال الزبير: وهبار بن الأسود، هو الذى نخس بزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى سفهاء من كفار قريش، وكانت حاملا، فأسقطت. فذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعث سرية، وقال: «إن وجدتم هبارا فاجعلوه بين حزمتى حطب، ثم أحرقوه بالنار». ثم قال: «لا ينبغى لأحد أن يعذّب بعذاب الله عزوجل، إن وجدتموه فاقتلوه» ثم قدم هبار بعد ذلك مسلما مهاجرا، فاكتنفه الناس من المسلمين يسّبونه، فقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل لك فى هبار؟ يسبّ ولا يسبّ؟ » وكان هبار فى الجاهلية سبابا، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: «يا هبار، سبّ من يسبّك». فأقبل هبار عليهم، فتفرقوا عنه. انتهى. وكانت قصة هبار مع زينب رضى الله عنها، لما بعث بها زوجها أبو العاص بن الربيع بن عبد شمس، من مكة إلى المدينة. وذكر الذهبى، أن هبارا نزل الشام. 2627 ـ هبّار بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى: هاجر إلى الحبشة، ومات شهيدا، واختلف فى تاريخ موته، فقيل بمؤتة، قاله الزبير ابن بكار، وقيل بأجنادين. قاله الواقدى، والحسن بن عثمان، قال ابن عبد البر: وهو عندى أشبه، لأن ابن عقبة لم يذكره فيمن استشهد يوم مؤتة. انتهى. وذكر الزبير: أن أمه: ربطة بنت عبد بن أبى قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى.

_ 2626 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2701، الإصابة ترجمة 8951، أسد الغابة ترجمة 5341). 2627 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2702، الإصابة ترجمة 8952، أسد الغابة ترجمة 5342).

2628 ـ هبار بن صيفى

2628 ـ هبار بن صيفى: [ذكر ابن عبد البر: أنه مذكور فى الصحابة. وفيه نظر. انتهى] (1). 2629 ـ هبة بن أحمد بن سنان بن عبد الله بن عمر بن مسعود المكى: كان من أعيان القواد المعروفين بالعمرة. توفى بعد سنة تسعين وسبعمائة بقليل، مذحولا فى جوفه، من بعض عوامّ مكة، لتعّرضه لبعض حريمهم فيما قيل. 2630 ـ هبة بن أحمد بن عمر الحسنى المكى: كان من أعيان الأشراف ذوى علىّ بن قتادة الأصغر، صحب الشريف حسن بن عجلان قبل ولايته كثيرا، فلما ولى مكة، رعى له ذلك السيد حسن، وبالغ فى الإحسان إليه، وحرص على تجميل حاله، فمحق ما ناله من البر فى اللهو، واستمر فقيرا حتى مات فجأة، أو فى معنى الفجأة، فى حال لهو، فى ربيع الثانى، أو جمادى الأولى، من سنة تسع عشرة وثمانمائة، وكان سافر لبلاد العراق، رسولا من صاحب مكة السيد حسن، فى سنة سبع وثمانمائة، وعاد بغير طائل من البر. 2631 ـ هبة الله بن منصور بن الفضل بن على الواسطى، أبو الفضل الشافعى المقرئ: ولد سنة خمس وسبعين وخمسمائة بواسط، وسمع بها من القاضى أبى الفتح الميدانى، وحدث ببغداد، وقرأ القراءات، وتفقه ببغداد على مذهب الشافعى. وكان خازن كتب النظامية ببغداد. وتوفى بمكة فى التاسع من شعبان، سنة اثنتين وأربعين وستمائة. ذكره الشريف أبو القاسم الحسينى فى «وفياته» ومنها لخصت هذه الترجمة. 2632 ـ هبيرة بن شبل بن العجلان بن عتاب الثقفى: أمير مكة على ما قيل، ذكر ابن عبد البر، أنه أسلم بالحديبية، وأن النبىصلى الله عليه وسلم، استخلفه على مكة، إذ سار إلى الطائف، فيما ذكر الطبرى. وقال: هو أول من صلى بمكة جماعة بعد الفتح، أمره النبى صلى الله عليه وسلم بذلك. انتهى من الاستيعاب.

_ 2628 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2703، الإصابة ترجمة 8953، أسد الغابة ترجمة 5343). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل، وما أوردناه من الاستيعاب.

2633 ـ هدية بن عبد الوهاب المروزى، أبو صالح

وكانت ولايته بمكة أياما، قبل ولاية عتاب بن أسيد بمكة، لأن الذهبى قال: هبيرة ابن شبل بن عجلان الثقفى، ولى مكة، قبل عتّاب بن أسيد أياما. انتهى. وشبل بشين معجمة، وقيل بسين مهملة. 2633 ـ هدية بن عبد الوهاب المروزى، أبو صالح: روى عن: سفيان بن عيينة، والفضل بن موسى السّينانىّ، والنضر بن شميل، ووكيع ابن الجراح، والوليد بن مسلم، ويحيى بن سليم الطائفى، وأبى معاوية الضرير. روى عنه: ابن ماجة، وإبراهيم بن أبى طالب النيسابورى، وأبو بكر أحمد بن عمر ابن أبى عاصم، وبقىّ بن مخلد الأندلسى، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازى، ويعقوب بن سفيان الفسوىّ، وذكره فى شيوخه، رجال مكة، فى الأول من «مشيخته» وذكره ابن حبان فى الثقات، وقال: ربما أخطأ. وقال ابن أبى عاصم: ثقة. وقال أبو القاسم: مات سنة إحدى وأربعين ومائتين. 2634 ـ هذيم (1) بن عبد الله بن علقمة بن المطلب بن عبد مناف بن قصى ابن كلاب القرشى المطلبى [ .... ] (2): استشهد يوم اليمامة مع أخيه جنادة. * * * من اسمه هشام 2635 ـ هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر ابن مخزوم المخزومى: أمير مكة والمدينة، أما ولايته للمدينة فمشهورة، وذكرها جماعة من أهل الأخبار، منهم: ابن الأثير وابن حزم فى «الجمهرة» وأما ولايته لمكة، فذكر الفاكهى ما يدل لها،

_ 2633 ـ انظر ترجمته فى: (الإكمال لابن ماكولا 2/ 422، سير أعلام النبلاء 11/ 442). 2634 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2738، الإصابة ترجمة 8973، أسد الغابة ترجمة 5366). (1) ذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب هريم بن عبد الله بن علقمة بن المطلب بن عبد مناف القرشى المطلبى. (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2635 ـ انظر ترجمته فى: (تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة ترجمة 24151).

2636 ـ هشام بن إسماعيل المكى

لأنه قال فى ترجمة ترجم عليها بقوله: «ذكر من مات من الولاة بمكة»: ومات بها هشام بن إسماعيل، وابناه محمد، وإبراهيم، وذكر فى الترجمة غيرهم من ولاة مكة المشهورة ولايتهم، ويبعد أن يقال: مراده بمن مات من الولاة بمكة، من وليها أو ولى غيرها، لأنه يلزم على ذلك، أن مراد الفاكهى بيان من مات بمكة من الأعيان، وهذا لم يرده الفاكهى، بدليل أنه مات بمكة جماعة من أعيان الصحابة والعلماء، ولم يخصّهم الفاكهى بترجمة يذكر فيها ذلك، ولو كان هذا مراده، لفعل، فإنهم أولى بالذكر، لكونهم أجلّ قدرا من غالب من ذكرهم من الولاة، الذين ماتوا بمكة، والله أعلم. وبتقدير تسليم أن مراده: من مات بمكة من ولاتها، أو ولاة غيرها، فهشام بن إسماعيل هذا، ترجمتنا له فى هذا الكتاب، متجهة، فإنا قصدنا ذكر كل من علمناه مات بمكة من الأعيان. وقد حج هشام بن إسماعيل هذا بالناس عدة سنين، لأن العتيقى، قال فى أمراء الموسم: وحج بالناس سنة ثلاث وثمانين، هشام بن إسماعيل المخزومى، وهو أمير المدينة. وحج بالناس سنة أربع وثمانين، وخمس وثمانين، وست وثمانين: هشام بن إسماعيل المخزومى. انتهى. وإلى هشام بن إسماعيل هذا ينسب المدّ الهشامى. 2636 ـ هشام بن إسماعيل المكى: عن زياد السّهمى. روى عنه إسحاق بن عيسى. روى له أبو داود فى كتاب «المراسيل». 2637 ـ هشام بن حجير المكى: روى عن: طاوس بن كيسان، ومالك بن أبى عامر الأصبحىّ، وغيرهما. وروى عنه: ابن جريج، وشبل بن عبّاد، وابن عيينة، ومحمد بن مسلم الطائفى. روى له: البخارى (1)، ومسلم (2)، والنسائى (3).

_ 2636 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال ترجمة 8043، تهذيب التهذيب ترجمة 20223، تقريب التهذيب ترجمة 32219). 2637 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال ترجمة 8045، تهذيب التهذيب ترجمة 20225). (1) روى له البخارى فى صحيحه كتاب كفارات الأيمان حديث رقم (6720) من طريق: على بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن هشام بن حجير، عن طاوس سمع أبا هريرة ـ

2638 ـ هشام بن حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى ابن كلاب القرشى الأسدى

قال أحمد بن حنبل: ليس هو بالقوى. وقال العجلى: ثقة، صاحب سنّة. وقال أبو حاتم: مكى، يكتب حديثه. وقال ابن شبرمة: ليس بمكة مثله. 2638 ـ هشام بن حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى ابن كلاب القرشى الأسدى: قال الزبير: صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان له فضل، وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وكان عمر بن الخطاب إذا أنكر الشيء قال: لا يكون هذا ما عشت أنا وهشام. وذكره محمد بن سعد فى «الكبير» فى الطبقة الرابعة، ممن أسلم يوم فتح مكة، وقال: كان رجلا صليبا مهيبا. وذكره فى «الصغير» من الطبقة الخامسة، فيمن أسلم بعد فتح مكة. وقال الزهرى: كان يأمر بالمعروف فى رجال معه، وكان عمر بن الخطاب، إذا بلغه الشيء يقول: ما عشت أنا وهشام بن حكيم، فلا يكون هذا. وقال عبد الله بن وهب،

_ ـ قال: قال سليمان: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كل تلد غلاما يقاتل فى سبيل الله فقال له صاحبه: قال سفيان يعنى الملك قل إن شاء الله فنسى فطاف بهن فلم تأت امرأة منهن بولد إلا واحدة بشق غلام. فقال أبو هريرة يرويه: قال: لو قال: إن شاء الله لم يحنث وكان دركا له فى حاجته. وقال مرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو استثنى». وحدثنا أبو الزناد عن الأعرج مثل حديث أبى هريرة. (2) روى له مسلم فى صحيحه كتاب الحج حديث رقم (1246) من طريق: عمرو الناقد حدثنا سفيان بن عيينة، عن هشام بن حجير، عن طاوس قال: قال ابن عباس: قال لى معاوية: أعلمت أنى قصرت من رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المروة بمشقص. فقلت له: لا أعلم هذا إلا حجة عليك. وروى له أيضا فى كتاب الأيمان حديث رقم (1654) الحديث الذى رواه البخارى. (3) روى له النسائى فى سننه كتاب المواقيت حديث رقم (569) من طريق: أحمد بن حرب، قال: حدثنا سفيان، عن هشام بن حجير، عن طاوس، عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر. وروى له أيضا فى كتاب مناسك الحج حديث رقم (2737) من طريق: عبد الله بن محمد ابن عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن هشام بن حجير، عن طاوس، قال: قال معاوية لابن عباس: أعلمت أنى قصرت من رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المروة. قال: لا يقول ابن عباس هذا معاوية ينهى الناس عن المتعة وقد تمتع النبى صلى الله عليه وسلم. 2638 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2710، الإصابة ترجمة 8984، أسد الغابة ترجمة 5374).

عن مالك: كان هشام بن حكيم كالسائح، ما يتخذ أهلا ولا ولدا. وكان عمر بن الخطاب إذا سمع بالشيء من الباطل يريد أن يفعل، أو ذكر له، يقول: لا يفعل هذا ما بقيت أنا وهشام بن حكيم. قال مالك: ودخل هشام بن حكيم على العامل فى الشام فى الشئ، يريد الوالى أن يعمل به، قال: فيتواعده ويقول له: لأكتبنّ إلى أمير المؤمنين بهذا، فيقوم إليه العامل فيتشبث به، قال: وسمعت مالكا يقول: إن هشام بن حكيم، والذين كانوا معه بالشام، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، قال: وكانوا يمشون فى الأرض بالإصلاح والنصيحة، يحتسبون. انتهى. وقال النووى: روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أحاديث. روى له مسلم حديثا واحدا. وروى عنه جماعة من التابعين. انتهى. وممن يروى عنه: جبير بن نفير، وعروة بن الزبير، وقتادة السلمى البصرى، والد عبد الرحمن بن قتادة. وروى له مسلم، وأبو داود، والنسائى حديثا واحدا، فى الذين يعذّبون الناس فى الدنيا، ووقع لنا بعلوّ، واختلف فى أمه على ثلاثة أقوال، فقيل: إنها زينب بنت العوام، أخت الزبير بن العوام، حكاه المزى فى التهذيب. وقيل مليكة بنت مالك بن سعد من بنى الحارث بن فهر، حكاه المزى أيضا. وقيل أمه بنت عامر بن صعصعة من بنى محارب بن فهر، حكاه المزى أيضا عن ابن البرقى. وقيل أمه من بنى فراس بن غنيم، حكاه المزى فى التهذيب، ولم يعزه، وذكره أيضا الزبير بن بكار، ولم يحك غيره. وذكر ابن البرقى: أن هشام بن حكيم ولد ثمانية: عمر، وعبد الملك، وأمة الله، وسعيد، وخالد، والمغيرة، وفليح، وزينب. وذكر الزبير بن بكار، أنه مات قبل أبيه، ولم يعيّن تاريخ سنة موته. وذكر أبو نعيم الأصبهانى، أنه استشهد بأجنادين من أرض الشام، ونقل ذلك النووى عن غير أبى نعيم أيضا، قال: وغلطهم فيه ابن الأثير، وقال: هذا وهم، والذى قتل بأجنادين هشام بن العاص، يعنى أخا عمرو بن العاص، قال: وقصة هشام بن حكيم مع عياض بن غنم، تدلّ على أنه عاش بعد أجنادين، وهى أنه مرّ على عياض، وهو وال على حمص، وقد شمّس ناسا من النّبط فى الجزية، فقال له هشام: ما هذا يا عياض! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يعذّب الذين يعذبون الناس فى الدنيا» رواه مسلم فى صحيحه. وحمص إنما فتحت بعد أجنادين بزمان طويل. انتهى.

2639 ـ هشام بن أبى حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى القرشى

2639 ـ هشام بن أبى حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومى القرشى: كان ممن هاجر إلى الحبشة، فى قول ابن إسحاق، والواقدى، إلا أن الواقدى كان يقول: هاشم بن أبى حذيفة، ويقول: هشام، وهم ممن قاله. ولم يذكره موسى بن عقبة، ولا أبو معشر، فيمن هاجر إلى أرض الحبشة. 2640 ـ هشام بن سليمان بن عكرمة بن خالد بن العاص المخزومى: روى عن: هشام بن عروة، وابن جريج، ويونس بن عبد الأعلى، وجماعة. روى عنه: أحمد بن محمد الأزرقى، وسويد بن سعيد، وعبد العزيز بن يحيى المكى، ومحمد بن يحيى بن أبى عمر العدنىّ، ويعقوب بن حميد بن كاسب، وآخرون. روى له مسلم (1)، وابن ماجة (2).

_ 2639 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2709، الإصابة ترجمة 8983، أسد الغابة ترجمة 5373). 2640 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال ترجمة 8053، تهذيب التهذيب ترجمة 20233، تقريب التهذيب ترجمة 32229). (1) روى له مسلم فى صحيحه كتاب الحج حديث رقم (1229) من طريق: ابن أبى عمر، حدثنا هشام بن سليمان المخزومى وعبد المجيد، عن ابن جريج، عن نافع، عن ابن عمر، قال: حدثتنى حفصة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر أزواجه أن يحللن عام حجة الوداع، قالت حفصة: فقلت: ما يمنعك أن تحل. قال: «إنى لبدت رأسى وقلدت هديى فلا أحل حتى أنحر هديى». وروى له أيضا فى كتاب البيوع حديث رقم (1519) من طريق: ابن أبى عمر، حدثنا هشام بن سليمان، عن ابن جريج، أخبرنى هشام القردوسى، عن ابن سيرين، قال: سمعت أبا هريرة يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تلقوا الجلب فمن تلقاه فاشترى منه فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار». وروى له أيضا فى كتاب المساقاة حديث رقم (1559) من طريق: ابن أبى عمر، حدثنا هشام بن سليمان وهو ابن عكرمة بن خالد المخزومى، عن ابن جريج، حدثنى ابن أبى حسين أن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أخبره أن عمر بن عبد العزيز حدثه عن حديث أبى بكر بن عبد الرحمن عن حديث أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم فى الرجل الذى يعدم إذا وجد عنده المتاع ولم يفرقه أنه لصاحبه الذى باعه. وروى له فى كتاب الأشربة حديث رقم (2003)، وفى كتاب الحج حديث رقم (1341). (2) روى له ابن ماجة فى سننه كتاب المناسك حديث رقم (2897) من طريق: سويد بن سعيد، حدثنا هشام بن سليمان القرشى، عن ابن جريج، قال: وأخبرنيه أيضا عن ابن ـ

2641 ـ هشام بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى

قال أبو حاتم: محلّه الصدق، مضطرب الحديث، ما أرى به بأسا. 2641 ـ هشام بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى: قال الزبير بن بكار: حدثنى محمد بن يحيى، عن ابن أبى زريق، مولى بنى مخزوم، عن الأوقص محمد بن عبد الرحمن قاضى مكة، عن خالد بن سلمة، قال: لما كان يوم الفتح، جاء هشام بن العاص بن هشام بن المغيرة، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكشف ثوبه عن ظهره، ثم وضع يده على خاتم النبوة. قال: فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، فأحاله، فأقعده بين يديه، ثم ضرب فى صدره ثلاثا، ثم قال: «اللهم أذهب عنه الغلّ والحسد» ثلاثا. فكان الأوقص يقول: نحن أقل أصحابنا حسدا. وذكر الزبير، أن أمه وأم إخوته: خالد بن العاص والوليد بن العاص: عاتكة بنت الوليد بن المغيرة. انتهى. وذكره الذهبى فى التجريد، من مسلمة الفتح، ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم. 2642 ـ هشام بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم القرشى السهمى المكى: أخو عمرو بن العاص، ذكره الزبير بن بكار، فقال: كان من أصحاب النبىصلى الله عليه وسلم، وقتل يوم أجنادين شهيدا، وأمه: أم حرملة بنت هشام بن المغيرة. قال الزبير: وحدثنى محمد بن سلام، قال: كان هشام بن العاص، مع أخيه عمرو بالشام، فى خلافة عمر بن الخطاب، فلقوا العدو فى مضيق، فقتل هشام بين الصفّين، فأمسك المسلمون عن الإقدام عليه بخيولهم، ولم يقدروا على أخذه، فقال عمرو بن العاص: إنه جسد بلا روح فيه، فأوطئوه، فلما انجلت المعركة، جمعه عمرو فى ثوب، بعد ما قطعته الحوافر، ودفنه.

_ ـ عطاء، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الزاد والراحلة يعنى قوله: من استطاع إليه سبيلا». 2641 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2713، الإصابة ترجمة 8987، أسد الغابة ترجمة 5378، تجريد أسماء الصحابة 2/ 121، الجرح والتعديل 9/ 68، الطبقات الكبرى 1/ 127). 2642 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2712، الإصابة ترجمة 8986، أسد الغابة ترجمة 5377، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 2 / 137، تاريخ الإسلام 1/ 382، طبقات ابن سعد 4/ 191، نسب قريش 409، طبقات خليفة 148 و 2821، المحبر 433، الجرح والتعديل 9/ 63، جمهرة أنساب العرب 163).

فلما كان بعد ذلك، ورجع عمرو إلى مكة، دخل المسجد للطواف، فمرّ بمجلس من قريش، فنظروا إليه وتكلموا، فقال لهم: قد رأيتكم تكلمتم حين رأيتمونى، فما قلتم؟ قالوا: تكلمنا فيك، وفى أخيك هشام، أيّكما أفضل؟ قال: أفرغ من طوافى وأخبركم. فلما انصرف من طوافه، أتاهم، فقال: أخبركم عنى وعنه، بيننا خصال ثلاث: أمه بنت هشام بن المغيرة، وأمى أمى. وكان أحبّ إلى أبيه منى، وفراسة الوالد فى ولده فراسته، واستبقنا إلى الله عزوجل، فسبقنى. وذكره ابن عبد البر فقال: كان قديم الإسلام، أسلم بمكة، وهاجر إلى أرض الحبشة، ثم قدم مكة حين بلغه مهاجرة النبى صلى الله عليه وسلم، فحسبه أبوه وقومه بمكة، حتى قدم بعد الخندق على النبى صلى الله عليه وسلم، وكان أصغر سنّا من أخيه عمرو، وكان فاضلا خيرا، ثم ذكر قول عمرو بن العاص فيه، حين سئل عنه بزيادة، وهو أنه قال بعد قوله: واستبقنا إلى الله تعالى فسبقنى: أمسك علىّ السترة حتى تطهّرت، وتحفظت. ثم أمسكت عليه، حتى فعل مثل ذلك، ثم عرضنا أنفسنا على الله تعالى، فقبله وتركنى. ثم قال: وقال الواقدى: حدثنا عبد الملك بن وهب، عن جعفر بن يعيش، عن الزهرى، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: حدثنى من حضر أن هشام بن العاص قال: ضربت رجلا من غسان، فأبدى منحره، فكرّت غسان على هشام، فضربوه بأسيافهم حتى قتلوه، فلقد وطئته الخيل، حتى كرّ عليهم عمرو، فجمع لحمه فدفنه، قال: وحدثنى ثور بن يزيد، عن خالد بن معدان، قال: لما انهزمت الروم يوم أجنادين، انتهوا إلى موضع لا يعبره إلا إنسان إنسان، فجعلت الروم تقاتل عليه، وقد تقدموه وعبروه، فتقدم هشام بن العاص، فقاتلهم حتى قتل، ووقع على تلك الثّلمة فسدّها، فلما انتهى المسلمون إليها، هابوا أن يوطئوه الخيل، فقال عمرو بن العاص: أيها الناس، إن الله استشهده، ورفع روحه، وإنما هى جثة، فأوطئوه الخيل، ثم أوطأه هو، ثم تبعه الناس حتى قطّعوه، فلما انتهت الهزيمة، ورجع المسلمون إلى العسكر، كرّ إليه عمرو، فجعل يجمع لحمه وأعضاءه وعظامه، ثم حمله فى نطع، فواراه. روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «ابنا العاص مؤمنان: عمرو وهشام». رواه محمد بن عمرو، عن أبى سلمة، عن أبى هريرة، عن النبى صلى الله عليه وسلم، قال: وقتل هشام بن العاص بالشام يوم أجنادين، فى خلافة أبى بكر، سنة ثلاث عشرة. وروى ابن المبارك عن أهل الشام، أنه استشهد يوم اليرموك. انتهى.

2643 ـ هشام بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى ابن كلاب القرشى العبشمى، أبو حذيفة

2643 ـ هشام بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى ابن كلاب القرشى العبشمى، أبو حذيفة: يأتى فى الكنى للخلاف فى اسمه، هل هو: هشام، أو هشيم، أو مهشم. 2644 ـ هشام بن عمرو بن ربيعة بن الحارث العامرى: [قال ابن عبد البر: لا أعرفه بأكثر من أنه معدود عندهم فى المؤلفة قلوبهم، ومن عدّ هذا ومثله بلغهم أربعين رجلا] (1). 2645 ـ هشام بن أبى حذيفة، واسم أبى حذيفة على ما ذكر الزبير: مهشّم، ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى: قال الزبير بن بكار، لما ذكر ولد أبى حذيفة بن المغيرة: وهشام بن أبى حذيفة، هاجر إلى أرض الحبشة. وذكر أن أمه، وأم أخيه أبى أمية بن أبى حذيفة، الذى أسر يوم بدر، وقتل يوم أحد كافرا: أمّ حذيفة بنت أسد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. 2646 ـ هشام بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى: أخو خالد بن الوليد، ذكره ابن عبد البر وقال: من المؤلفة قلوبهم. وفى ذلك نظر. 2647 ـ هشام بن يحيى [ ....... ] (1): 2648 ـ هشام مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: روى عنه أبو الزبير، عن النبى صلى الله عليه وسلم، قال: جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول

_ 2643 ـ سبق ذكره للاختلاف فى اسمه فى باب مهشم فى الترجمة رقم (2537)، وسيأتى ذكره فى باب هشيم الترجمة رقم 2649، وباب الكنى فى اسم أبو حذيفة الترجمة رقم (2856). 2644 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2715، الإصابة ترجمة 8992، أسد الغابة ترجمة 5381). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل، وما أوردناه من الاستيعاب. 2645 ـ سبق ترجمته فى هذا الجزء فى الترجمة رقم (2639). 2646 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2716، الإصابة ترجمة 8994، أسد الغابة ترجمة 5384). 2647 ـ (1) لم يذكر سوى الاسم فقط والباقى بياض فى الأصل. 2648 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2717، الإصابة ترجمة 8996، أسد الغابة ترجمة 5375، تجريد أسماء الصحابة 2/ 120).

2649 ـ هشيم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى العبشمى، أبو حذيفة

الله، إن امرأتى لا تردّ يد لامس، قال: «طلقّها». قال: إنها تعجبنى. قال: «فاستمتع بها»! . 2649 ـ هشيم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى العبشمى، أبو حذيفة: ذكره الذهبى بمعنى ذلك. وقال: كذا سماه ابن سعد، ويأتى فى الكنى. 2650 ـ هند بن أبى هالة التميمى: وقد تقدم نسبه فى ترجمة أخيه هالة بن أبى هالة، وما فيه من الاختلاف، فأغنى ذلك عن إعادته. قال الزبير: وهند وهالة: ابنا أبى هالة، مالك بن نبّاش بن زرارة، إخوة ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، من خديجة بنت خويلد من أمهم. قال الزبير: وحدثنى حماد بن نافع، قال: سمعت سليمان المكى يقول: كان يقال فى الجاهلية: والله لأنت أعز من آل النباش، وأشار بيده إلى دور حول المسجد، فقال: هذه كانت رباعهم. فولد هند بن أبى هالة: هند بن هند، وقتل هند بن أبى هالة، مع على يوم الجمل. قال ابن عبد البر: وكان هند بن أبى هالة فصيحا بليغا وصّافا، وصف رسول اللهصلى الله عليه وسلم، فأحسن وأتقن. وقد شرح أبو عبيد، وابن قتيبة وصفه ذلك، لما فيه من الفصاحة وفوائد اللغة. وروى عنه أهل البصرة حديثا واحدا. انتهى. وحديثه هذا، هو حديثه الذى وصف فيه النبى صلى الله عليه وسلم، وقد وقع لنا عاليا. 2651 ـ هنيدة بن خالد الخزاعى: له صحبة، روى عنه أبو إسحاق السبيعى. ذكره هكذا ابن عبد البر.

_ 2649 ـ سبق ذكره للاختلاف فى اسم فى باب مهشم الترجمة رقم (2537)، وباب هشام الترجمة رقم (2643)، وسيأتى ذكره فى باب الكنى فى اسم أبو حذيفة الترجمة رقم (2856). 2650 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2728، الإصابة ترجمة 9027، أسد الغابة ترجمة 5411، أنساب الأشراف 1/ 506، الثقات 3/ 436، الكامل 7/ 2594، تجريد أسماء الصحابة 2/ 123، تقريب التهذيب 2/ 322، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 141، تهذيب التهذيب 11/ 72، الطبقات الكبرى 1/ 422، تاريخ الإسلام 2/ 265، تاريخ من دفن بالعراق 472، تاريخ الإسلام 3/ 220، تهذيب الكمال 3/ 1450، التاريخ الكبير 8/ 240، تلقيح فهوم أهل الأثر 385، الطبقات 43، 179، معجم الثقات 356، بقى ابن مخلد 598، المعرفة والتاريخ 3/ 284، 288، جامع التحصيل 364). 2651 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب ترجمة 20263، تقريب التهذيب ترجمة 29575، تهذيب الكمال ترجمة 8087).

2652 ـ هياج بن عبيد بن حسن الحطينى، أبو محمد الفقيه الزاهد، فقيه الحرم وزاهده، ومفتى أهل مكة

وقال النووى فى «التهذيب»: هنيدة بن خالد، الذى شهد عليا رضى الله عنه، أقام على رجل حدا. وذكره فى «المهذب» فى باب إقامة الحدود، وهو بالهاء فى آخره تصغير «هند»، وهو خزاعى، ويقال نخعى. وقال فى «المهذب». إنه كندى، والمعروف ما سبق. قال ابن أبى حاتم وغيره: كانت أم هنيدة هذا، تحت عمر بن الخطاب، ونزل هنيدة بالكوفة، وذكره ابن عبد البر وابن مندة، وأبو نعيم، وغيرهم، فى كتب الصحابة، قالوا: واختلفوا فى صحبته. روى عنه أبو إسحاق السبيعى. انتهى. 2652 ـ هيّاج بن عبيد بن حسن الحطّينى، أبو محمد الفقيه الزاهد، فقيه الحرم وزاهده، ومفتى أهل مكة: سمع الحديث بدمشق وقيساريّة وبغداد، سمع أبا الحسن على بن موسى السّمسار، وعبد الرحمن بن عبد العزيز بن الطبر، ومحمد بن عوف المدنى، وجماعة، بدمشق. وعلىّ ابن حمّصة بمصر، وعبد العزيز الأزجىّ ببغداد وأبا ذرّ الهروى بمكة، وغيرهم، وحدّث. روى عنه جماعة، منهم: هبة الله الشيرازى فى «معجمه» وقال: أخبرنا هياج الزاهد الفقيه، وما رأت عيناى مثله فى الزهد والورع. وروى عنه محمد بن طاهر المقدسى، وقال: كان هياج فقيه الحرم. وقال ابن طاهر: كان هياج قد بلغ من زهده، أنه يصوم ثلاثة أيام، ويواصل ولا يفطر إلا على ماء زمزم، وإذا كان آخر اليوم الثالث، من أتاه بشيء أكله ولا يسأل عنه، وكان نيف على الثمانين، وكان يعتمر فى كل يوم ثلاث عمر على رجليه حافيا، ويدرّس عدة دروس لأصحابه. وكان يزور عبد الله بن عباس رضى الله عنهما بالطائف، كل سنة مرة، يأكل بمكة أكلة، ويأكل بالطائف أخرى. وكان يزور النبى صلى الله عليه وسلم مع أهل مكة فى كل سنة ماشيا حافيا، كان يتوقف إلى يوم الرحيل، ثم يخرج، فأول من أخذ بيده، كان فى مؤونته إلى أن يرجع، وكان يمشى حافيا من مكة إلى المدينة ذاهبا وراجعا، ومنذ دخل الحرم ما لبس نعلا، وكان زاهدا مجتهدا فى العبادة، ولا يدخر شيئا لغد، ولا يملك غير ثوب واحد، يصوم الدهر، ولا يفطر على الطعام إلا بعد ثلاثة أيام، ويفطر على ماء زمزم وقت الإفطار، ورزق الشهادة فى وقعة لأهل السنة؛ وذلك أن بعض الروافض، شكا إلى أمير مكة ـ يعنى ابن أبى هاشم ـ أن أهل السنة ينالون منا ويبغضونا، فأنفذ وأخذ الشيخ هياجا وجماعة من أصحابه، مثل أبى محمد الأنماطى، وأبى الفضل بن قوام، وغيرهما، وضربهم، فمات الاثنان فى الحال، وحمل هيّاج إلى زاويته وبقى أياما، ومات من ذلك رضى الله

2653 ـ الهيثم بن معاوية العتكى

عنه، وذلك فى سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، وقد نيّف عمره على الثمانين. وقال السمعانى: سألت إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ، عن هياج بن عبيد، فقال: كان فقيها زاهدا، وأثنى عليه. انتهى. والحطينى: نسبة إلى حطّين، بحاء مهملة مكسورة، ثم طاء مهملة، بعدها ياء بنقطتين من تحت، وبعدها نون: قرية من قرى الشام، بين طبرية وعكا. قاله الإسنائى فى طبقاته. وذكر الذهبى، أن بها قبر شعيب عليه السلام فيما قيل. والله أعلم. 2653 ـ الهيثم بن معاوية العتكى: أمير مكة والطائف، قال ابن الأثير فى أخبار سنة إحدى وأربعين ومائة: فى هذه السنة، عزل زياد بن عبيد الله الحارثى، عن مكة والمدينة والطائف، واستعمل على المدينة محمد بن خالد بن عبد الله القسرى، فى رجب، وعلى مكة والطائف الهيثم بن معاوية العتكىّ، من أهل خراسان. ثم قال: وحجّ بالناس فى هذه السنة، صالح بن على ابن عبد الله بن عباس. ثم قال فى سنة اثنتين وأربعين ومائة: وحج بالناس إسماعيل بن على بن عبد الله، وكان العمّال من تقدّم ذكرهم. ثم قال فى سنة ثلاث وأربعين ومائة: وفيها عزل الهيثم بن معاوية عن مكة والطائف، وولى ذلك السّرىّ بن عبد الله بن الحارث بن العباس، وكان على اليمامة، فسار إلى مكة واستعمل المنصور، على اليمامة: قثم بن العباس بن عبيد الله بن العباس. * * *

حرف الواو

حرف الواو [من اسمه واصل] 2654 ـ واصل بن عيسى المكى المعروف بالزّباع: أحد القواد المعروفين بالزّبابعة. كان وزير رميثة بن أبى نمىّ صاحب مكة. ودخل معه مكة لما هجمها فى ثامن عشرى رمضان، سنة ست وثلاثين وسبعمائة على أخيه عطيفة بن أبى نمى، وكان بها، فقتل أصحاب عطيفة واصلا عند خرابة قريش، ودفن فى طريق وادى مرّ الظهران. 2655 ـ واصل بن واصل بن شميلة بن أبى نمىّ محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى المكى: كان من أعيان الأشراف، توفى مقتولا فى الثالث عشر، أو الرابع عشر، من ربيع الأول سنة ثمان وتسعين وسبعمائة، قتله القواد العمرة، لأن الأشراف كانوا أغاروا على إبل لهم قبل ذلك، فى ثانى عشر الشهر، وانتهبوها، فلحقهم القواد فى التاريخ الذى ذكرناه، وقتلوه مع غيره. 2656 ـ واصلة بن حباب القرشى: إنما هو واثلة بن الخطاب، صحّفه بعضهم، فإن صاحبه، هو مجاهد بن فرقد المذكور، والمتن واحد. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد. [من اسمه واقد] 2657 ـ واقد بن عبيد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم التميمى: كان حليفا للخطاب بن نفيل العدوى، أسلم قبل دخول النبى صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينه وبين بشر بن البراء بن ممرور، وخرج واقد مع عبد الله بن جحش، حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نخلة، فقتل واقد عمرو بن الحضرمى، وكان عمرو خارجا إلى نحو العراق، فبعث المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم تعظمون هذا الشهر الحرام، وتزعمون أن القتال فيه لا يصلح، فما بال صاحبكم قتل صاحبنا؟ فأنزل الله عزوجل: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) [البقرة: 217] الآية.

_ 2657 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2743، الإصابة ترجمة 9117، أسد الغابة ترجمة 5440).

2658 ـ واقد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

وواقد هذا، أول قاتل من المسلمين، وعمرو بن الحضرمى أول قتيل من المشركين فى الإسلام. وشهد واقد بن عبد الله بدرا وأحدا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتوفى فى خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه. وفى قتل واقد اليربوعى هذا عمرو بن الحضرمى، قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه (1) [من الطويل]: سقينا من ابن الحضرمى رماحنا ... بنخلة لما أوقد الحرب واقد 2658 ـ واقد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: روى عنه زاذان قوله: «من أطاع الله فقد ذكره، وإن قلّت صلاته وصيامه وتلاوته القرآن، ومن عصى الله فلم يذكره، وإن كثرت صلاته وصيامه وتلاوته القرآن». 2659 ـ وبر، وقيل وبرة، بن يحنّس الخزاعى (1): له صحبة. روى عن النعمان بن بزرج، ذكره هكذا الذهبى فى التجريد. 2660 ـ وحشىّ بن حرب الحبشى القرشى، مولاهم، المكى: أسلم يوم الفتح، وشهد اليمامة، وقتل مسيلمة الكذاب، وكان يقول: قتلت خير الناس: حمزة بن عبد المطلب، وشر الناس: مسيلمة. ثم قدم الشام، وسكن حمص. وروى عنه: ابنه حرب، وعبد الله بن عدى.

_ (1) انظر البيت فى: الاستيعاب ترجمة 2743. 2658 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2744، الإصابة ترجمة 9118، أسد الغابة ترجمة 5438، تجريد أسماء الصحابة 2/ 126). 2659 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2745، الإصابة ترجمة 9124، أسد الغابة ترجمة 5447، طبقات فقهاء اليمن 26، 49). (1) قال ابن عبد البر فى الاستيعاب: وبرة بن يحنس. ويقال: ابن محصن الخزاعى. 2660 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2768، الإصابة ترجمة 9129، أسد الغابة ترجمة 5449، الثقات 3/ 430، الاستبصار 81، طبقات فقهاء اليمن 56، الرياض المستطابة 266، تقريب التهذيب 2/ 330، تلقيح فهوم أهل الأثر 373، الجرح والتعديل 9/ 145، الأعلام 8/ 111، التاريخ الكبير 8/ 180، الأنساب 11/ 111، 112، الميزان 4/ 331، الأنساب 13/ 289، لسان الميزان 7/ 424، الطبقات الكبرى 2/ 42، البداية والنهاية 4/ 20، تاريخ الثقات 464، بقى بن مخلد 320، ذيل الكاشف 1436، مشاهير علماء الأمصار 356).

2661 ـ وداعة بن أبى وداعة السهمى

وروى له: البخارى، وأبو داود، والترمذى، رحمة الله عليهم. 2661 ـ وداعة بن أبى وداعة السهمى: له وفادة، فى إسناد حديثه مقال، تفرّد به ابن الكلبى. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد. 2662 ـ ودىّ بن أحمد بن سنان بن عبد الله بن عمر بن مسعود العمرى المكى: كان أحد أعيان القواد العمرة، توفى مقتولا فى ليلة الثالث عشر أو الرابع عشر، من شهر ربيع الأول، سنة سبع وتسعين وسبعمائة، بمكان يقال له الشّعيبة، قتله الأشراف آل أبى نمى مع غيره، لما بيّتهم الأشراف، ونهبوا أيضا إبلا لهم كثيرة. 2663 ـ ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى بن قصى بن كلاب القرشى الأسدى المكى: قال ابن مندة: اختلف فى إسلامه، والأظهر أنه مات قبل الرسالة، وبعد النبوة. انتهى. وقد ذكر الزبير بن بكار شيئا من خبره، ورأيت أن أذكره لما فيه من الفائدة، قال: ومن ولد نوفل بن أسد: ورقة وصفوان، أمهما: هند بنت أبى كثير بن عبد بن قصى. قال: فأما ورقة، فلم يعقب، وكان قد كره عبادة الأوثان، وطلب الدين فى الآفاق، وقرأ الكتب، وكانت خديجة بنت خويلد، تسأله عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول لها: ما أراه إلا نبى هذه الأمة، الذى بشر به موسى وعيسى. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسبّوا ورقة، فإنى أريته فى ثياب بيض». قال الزبير: حدثنى عبد الله بن معاذ الصنعانى، عن معمر، عن الزهرى، عن عروة بن الزبير، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن ورقة بن نوفل، كما بلغنا، فقال: «رأيته فى المنام عليه ثياب بيض، فقد أظن أنه لو كان من أهل النار، لم أر عليه البياض» وقال: حدثنى عمى مصعب بن عبد الله، قال: حدثنى الضحاك بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبى الزناد، عن هشام بن عروة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لأخى ورقة بن نوفل: عدى بن نوفل، أو لابن أخيه: أشعرت أنى قد رأيت لورقة جنة أو جنتين» شكّ هشام. قال عروة: ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سب ورقة. وقال الزبير: حدثنى عمى مصعب بن عبد الله، قال: حدثنى الضحاك بن عثمان،

عن عبد الرحمن بن أبى الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن خديجة بنت خويلد، كانت تأتى ورقة، بما يخبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يأتيه، فيقول ورقة: والله لئن كان ما يقول، إنه ليأتيه الناموس الأكبر، ناموس عيسى عليه السلام، الذى ما يخبره أهل الكتاب إلا بثمن، ولئن نطق وأنا حىّ، لأبلينّ لله فيه بلاء حسنا. وقال الزبير: حدثنى عمى مصعب بن عبد الله، عن الضحاك بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبى الزناد، قال: قال عروة: كان بلال لجارية من بنى جمح بن عمرو، وكانوا يعذّبونه برمضاء مكة، يلصقون ظهره بالرمضاء، ليشرك بالله، فيقول: «أحد أحد»، فيمر عليه ورقة بن نوفل وهو على ذلك، يقول: أحد أحد، فيقول ورقة بن نوفل: «أحد أحد، والله يا بلال. والله لئن قتلتموه لأتّخذنّه حنانا» كأنه يقول: لأتمسّحنّ به، قال: وقال ورقة فى ذلك [من البسيط]: لقد نصحت لأقوام وقلت لهم ... أنا النذير فلا يغرركم أحد لا تعبدنّ إلها غير خالقكم ... فإن دعوكم فقولوا بيننا حدد (1) سبحان ذى العرش سبحانا يعادله ... ربّ البرية فرد واحد صمد (2) سبحانه ثم سبحانا يعود له ... وقبل سبّحه الجودىّ والجمد مسخّر كلّ ما تحت السماء له ... لا ينبغى أن يساوى ملكه أحد (3) لا شيء مما ترى إلا بشاشته ... يبقى الإله ويودى المال والولد (4) لم تغن عن هرمز يوما خزائنه ... والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا ولا سليمان إذ دان الشعوب له ... والإنس والجن تجرى بينها البرد (5) انتهى.

_ 2662 ـ (1) فى نسب قريش 6/ 208: لا تعبدن إلها غير خالقكم ... فإن أبيتم فقولوا بيننا مدد (2) فى نسب قريش 6/ 208: سبحان ذى العرش لا شيء يعادله ... رب البرية فرد واحد صمد (3) فى نسب قريش 6/ 208: مسخر كل من تحت السماء له ... لا ينبغى أن يساوى ملكه أحد (4) فى نسب قريش 6/ 208: لا شيء مما ترى تبقى بشاشته ... يبقى الإله ويودى المال والولد (5) فى نسب قريش: ولا سليمان إذ دان الشعوب له ... الجن والإنس تجرى بينها البرد

من اسمه الوليد

وفى هذا الخبر دلالة على أنه أدرك الإسلام، والله أعلم. * * * من اسمه الوليد 2664 ـ الوليد بن عبد العزيز بن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكى: هكذا نسبه ابن حبان، وذكر أنه روى عن أبيه، عن جده. وروى عنه أحمد بن محمد الأزرقى. قال: وكان ينزل بئر ميمون بمكة، فى أصل ثبير، على ثلاثة أميال مكة. انتهى. 2665 ـ الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى القرشى الأموى، أبو العباس، الخليفة: كان ولى عهد أبيه، وولى الخلافة بعده حتى مات، وكانت مدة خلافته عشر سنين، إلا أربعة أشهر، وافتتح فى دولته الهند، وبعض بلاد والترك، وجزيرة الأندلس، وغير ذلك. وله مآثر حسنة بمكة وغيرها. فمن مآثره الحسنة: أنه حلى الكعبة بالذهب، ورخّمها، وهو أول من رخمها وحلاها فى الإسلام، وجملة ما حلى به الكعبة، ستة وثلاثون ألف دينار، عملت فى أركانها وأساطينها، وفى بابها وميزابها، وعمر المسجد الحرام عمارة حسنة، بعد أن نقض ما عمله أبوه فى المسجد الحرام، وسقفه بالساج، وعمل على رءوس الأساطين الذهب، على صفائح ألبسه من الصفر، وجعل فى وجوه الطيقان من أعلاها الفسيفساء، وهو أول من عملها فيه، وأول من نقل إليه أساطين الرخام، وأزّر المسجد بالرخام من داخله. ومن مآثره بغير مكة: أنه وسّع مسجد النبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وزخرفه، عمل ذلك له عامله على المدينة، ابن عمه عمر بن عبد العزيز بن مروان رضى الله عنه. ومن مآثره الحسنة: عمارته لجامع دمشق، وكان نصفه الذى ليس فيه محراب الصحابة، كنيسة للنصارى، فأرضاهم الوليد عنه بعدة كنائس، وهدمه، سوى حيطانه الأربعة، وبقى العمل فيه تسع سنين، حتى قيل إن الذين يعملون فيه، اثنا عشر ألف مرخّم، وغرم عليه مائة قنطار، وأربعة وأربعين قنطارا بالدمشقى ذهبا مضروبا، وحلاه أيضا بالجواهر وأستار الحرير، وصار نزهة فى الدنيا. وهو أول من زخرف المساجد. وكان دميما سائل الأنف، يختال فى مشيته، قليل العلم. وكان يختم القرآن فى ثلاث. قال إبراهيم بن أبى عبلة: كان يختم فى رمضان سبع عشرة مرة. وكان يعطينى أكياس الدراهم، أقسمها فى الصالحين.

2666 ـ الوليد بن عبد شمس بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى المكى

ويحكى عن الوليد بن عبد الملك هذا، أنه قال: لولا أن الله تعالى ذكر اللواط فى كتابه، ظننت أن أحدا يفعله. توفى فى جمادى الآخرة سنة ست وتسعين، عن خمسين سنة، وترك أربعة عشر ولدا. 2666 ـ الوليد بن عبد شمس بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى المكى: أسلم يوم فتح مكة، واستشهد يوم اليمامة تحت لواء عمه خالد بن الوليد. قال الزبير: وأمه قيلة بنت جحش بن ربيعة بن أهيب بن الضّباب بن حجير بن عبد ابن معيص بن عامر بن لؤى. وقال: قتل الوليد بن عبد شمس باليمامة شهيدا، مع خالد ابن الوليد. انتهى. 2667 ـ الوليد بن عتبة بن أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد مناف ابن قصى بن كلاب القرشى الأموى: أمير مكة والمدينة، ولى المدينة لمعاوية بن أبى سفيان، وجاء نعى معاوية إلى المدينة، وهو عليها وال، على ما ذكر الزبير بن بكار، وذكر له خيرا مع الحسين بن على بن أبى طالب، وابن الزبير، وحمد فيه الوليد، ويرجى له ثوابه إن شاء الله تعالى. قال الزبير: وكان الوليد بن عتبة رجلا من بنى عتبة، ولاه معاوية المدينة، وكان حليما كريما، وتوفى معاوية، فقدم عليه رسول يزيد، يأمره أن يأخذ البيعة على الحسين بن على، وعلى عبد الله بن الزبير، رضى عنهما، فأرسل إليهما ليلا، حين قدم عليه الرسول، ولم يظهر عند الناس موت معاوية، فقالا: نصبح، ويجتمع الناس، فنكون منهم. فقال له مروان: إن خرجا من عندك، لم ترهما، فنازعه ابن الزبير الكلام وتغالظا، حتى قام كل واحد منهما إلى صاحبه، فتناصيا، وقام الوليد، يحجز بينهما، حتى خلص كل واحد منهما من صاحبه، فأخذ عبد الله بن الزبير بيد الحسين، وقال له: انطلق بنا، فقاما، وجعل ابن الزبير يتمثل بقول الشاعر [من الكامل]: لا تحسبنّى يا مسافر شحمة ... تعجّلها من جانب القدر جائع (1)

_ 2666 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2749، الإصابة ترجمة 9166، أسد الغابة ترجمة 5474). 2667 ـ (1) انظر نسب قريش 4/ 133.

فأقبل مروان على الوليد بلومه، ويقول: لا تراهما أبدا. فقال له الوليد: إنى قد أعلم ما تريد، ما كنت لأسفك دماءهما، ولا أقطع أرحامهما. انتهى. وكان من خبر الوليد بعد ذلك، أن يزيد بن معاوية بن أبى سفيان، عزله عن المدينة، لأنه نقم عليه ما فعله مع الحسين وابن الزبير، من عدم إلزامه لهما بالبيعة له، وإهما له لهما، حتى خرجا من ليلتهما إلى مكة، وامتنعا فيها من يزيد، وولى يزيد المدينة، عمرو ابن سعيد بن العاص، المعروف بالأشدق، عوض الوليد بن عتبة. ذكر معنى ذلك ابن الأثير، وذكر أن يزيد بن معاوية، فى سنة إحدى وستين من الهجرة، عزل عمرو بن سعيد عن المدينة، وولاها الوليد بن عتبة مع الحجاز، قال: وكان سبب ذلك، أن عبد الله بن الزبير، أظهر الخلاف على يزيد، وبويع له بمكة بعد قتل الحسين بن على رضى الله عنهما. فقال الوليد بن عتبة، وناس من بنى أمية ليزيد: لو شاء عمرو، لأخذ ابن الزبير، وسرح به إليك، فعزل عمرا، وولى الوليد الحجاز، فأخذ الوليد غلمان عمرو ومواليه، وحبسهم، وكلمه عمرو فيهم، فأبى أن يخليهم، فسار عمرو عن المدينة، وأرسل إلى غلمانه بعدتهم من الإبل، فكسروا الحبس، وركبوا إليه. وذكر أن الوليد بن عتبة، حج بالناس فى سنة إحدى وستين. وقال فى أخبار سنة اثنتين وستين: لما ولى الوليد الحجاز، أقام يريد غرة ابن الزبير، فلا يجده إلا محترزا ممتنعا. قال: وكان الوليد يفيض من المغرب ويفيض معه سائر الناس، وابن الزبير واقف وأصحابه، ونجدة واقف فى أصحابه. قال: ثم إن ابن الزبير عمل بالمكر فى أمر الوليد، وكتب إلى يزيد: إنك بعثت إلينا رجلا أخرق، لا يتجه لرشد، ولا يرعوى لعصمة الحليم، فلو بعثت رجلا سهل الخلق، رجوت أن يسهل من الأمور ما استوعر منها، وأن يجمع ما تفرق. فعزل يزيد الوليد، وولى عثمان بن محمد بن أبى سفيان، وهو فتى غر حدث، لم يجرب الأمور، ولم تحنّكه السن. وقال: حج بالناس فى هذه السنة، الوليد بن عتبة. انتهى. وذكر خليفة بن خياط: أن يزيد بن معاوية، عزل الوليد بن عتبة بالحارث بن خالد المخزومى، وهذا يخالف ما ذكره ابن الأثير، من أن يزيد بن معاوية، عزل الوليد بعثمان، ويمكن الجمع، أن يكون يزيد، لما عزل الوليد بعثمان، أعاد الوليد ثانيا، لعدم كفاية عثمان، كما سبق، ثم عزل يزيد الوليد ثانيا، بالحارث، والله أعلم. وذكر ابن الأثير: أن الوليد بن عتبة كان حيا فى اليوم الذى تسميه أهل الشام، يوم

جيرون الأول، وهو يوم كانت فيه فتنة بالشام، وسببها: أن حسان بن مالك بن بحدل الكلبى، كتب إلى الضحاك بن قيس، داعية ابن الزبير بدمشق كتابا، يثنى فيه على بنى أمية، ويذم فيه ابن الزبير، وكتب كتابا آخر مثله، وأعطاه لمولى له، وقال له: إن لم يقرأ الضحاك كتابى، فاقرأ هذا على الناس، فلم يقرأ الضحاك كتابه، وقرأ مولى حسان على الناس الكتاب الذى معه. وكان الوليد حاضرا، فقال الوليد: صدق حسان، وكذب ابن الزبير، وشتمه. فحصب الوليد مع من قال كقوله، وحبسوا بأمر الضحاك، فجاء خالد بن يزيد بن معاوية، وأخوه عبد الله، مع أخوالهما من كلب، أصحاب حسان، فأخرجوا الوليد. انتهى بالمعنى. وهذه القصة كانت بعد موت معاوية بن يزيد بن معاوية، وقبل مبايعة مروان بن الحكم بالشام. وذكر المسعودى ما يخالف ذلك، لأنه ذكر: أن الوليد صلى على معاوية بن يزيد، فلما كبر الثانية، طعن فسقط ميتا، قبل تمام الصلاة. وذكر ابن الأثير: أن الوليد صلى على معاوية، ثم مات فى يومه الذى مات فيه معاوية، عن طاعون أصابه. ومقتضى ما ذكره المسعودى، من أن الوليد توفى فى اليوم الذى مات فيه معاوية، أن تكون وفاة الوليد فى النصف الثانى من شهر ربيع الآخر، سنة أربع وستين، لأن فى هذا التاريخ مات معاوية بن يزيد بن معاوية، بعد أن ولى الخلافة عوض أبيه، وهذا ينبنى على القول، بأن خلافة معاوية بن يزيد أربعين يوما، وأما على القول بأن خلافته شهران، فتكون وفاة الوليد فى العشر الأوسط من جمادى الأولى. وأما على القول بأنها ثلاثة أشهر، فتكون وفاة الوليد، فى العشر الأوسط من جمادى الآخرة. وهذا كله إنما يتم على القول، بأن وفاة يزيد بن معاوية، فى شهر ربيع الأول من سنة أربع وستين. وأما على القول بأنها لسبع عشرة خلت من صفر، فلا يتم ذلك، والله أعلم بالصواب. وجزم الذهبى فى «العبر»، بوفاته فى سنة أربع وستين مطعونا. وقال: كان جوادا ممدحا دينا. وذكر بعضهم: أن الوليد لم يتقدم للصلاة على معاوية بن يزيد، إلا لبيعته للخلافة بعده. وذكر ابن إسحاق وغيره من أهل الأخبار، خبرا جرى بين الوليد بن عتبة، والحسين ابن على بن أبى طالب. ونص الخبر على ما ذكر ابن إسحاق: وحدثنى يزيد بن عبد الله ابن أسامة بن الهاد الليثى: أن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى، حدثه أنه كان بين

2668 ـ الوليد بن عروة بن محمد بن عطية بن عروة السعدى

الحسين بن على بن أبى طالب، وبين الوليد بن عتبة بن أبى سفيان ـ والوليد يومئذ أمير المدينة، أمره عليها عمه معاوية بن أبى سفيان ـ منازعة فى مال كان بينهما بذى المروة فكان الوليد تحامل على الحسين فى حقه لسلطانه، فقال له الحسين: أحلف بالله لتنصفنى من حقّى، أو لآخذنّ سيفى، ثم لأقومّن فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لأدعونّ بحلف الفضول، قال: فقال عبد الله بن الزبير ـ وهو عند الوليد حين قال له الحسين ما قال ـ: وأنا أحلف بالله، لئن دعا به، لآخذن سيفى، ثم لأقومن معه، حتى ينصف من حقه، أو نموت جميعا. قال: وبلغت المسور بن مخرمة بن نوفل الزهرى، فقال مثل ذلك. وبلغت عبد الرحمن بن عثمان بن عبد الله التيمى، فقال مثل ذلك، فلما بلغ ذلك الوليد بن عتبة، أنصف حسينا من حقه، حتى رضى. انتهى. وذكر ابن حبان الوليد بن عتبة فى الطبقة الثانية من الثقات، وقال: يروى عن ابن عباس. روى عنه محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى. وذكر الزبير بن بكار، أن أمّ الوليد: بنت عبد بن زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر مالك بن حسل القرشى العامرى. وذكر له عدة أولاد، وهم: عثمان، ومحمدا وهندا، وأم عمر وأم الوليد تزوّجها سليمان بن عبد الملك، وأمهم: أم حجير بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، والقاسم بن الوليد، وأمّه لبابة بنت عبد الله بن العباس، والحصين بن الوليد، وأمّه: رملة بنت سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص. وأبو بكر بن الوليد، وعتبة بن الوليد، لأمّ ولد. 2668 ـ الوليد بن عروة بن محمد بن عطية بن عروة السعدى: أمير مكة، ذكر ابن جرير، أنه كان عامل مكة والمدينة والطائف، من قبل عمه عبد الملك بن محمد بن عطية بن عروة، فى سنة إحدى وثلاثين ومائة، وحجّ بالناس فيها. وذكر أن هذا يخالف لما تقدّم فى أخبار سنة ثلاثين ومائة، من أن عمه قتل فى سنة ثلاثين. ويمكن أن يكون عمه ولاه ذلك، فى سنة ثلاثين ومائة، وأقرّه على ذلك بعد قتل عمه مروان الخليفة الأموى، وينتفى بذلك التعارض الذى أشار إليه ابن جرير، والله أعلم. ولا يعارض هذا ما ذكره ابن جرير، من أن عبد الملك بن محمد بن عطية السعدى، لما توجه لليمن من مكة فى سنة ثلاثين ومائة، استخلف على مكة ابن ماعز، رجل من أهل الشام، لإمكان أن يكون عبد الملك عزل ابن ماعز بعد أن ولاه، ثم ولى عوضه ابن أخيه الوليد، ثم قتل عبد الملك بعد توليته لابن أخيه، ثم أقرّ الخليفة ابن أخيه. والله أعلم.

2669 ـ الوليد بن عطاء بن الأغر

ودامت ولاية الوليد بن عروة على مكة، إلى انقضاء ولاية مروان، فى سنة اثنتين وثلاثين ومائة، ولما سمع بقدوم داود بن على العباسى إلى مكة، بعد مصير الخلافة لابن أخيه أبى العباس السفاح، هرب منه الوليد إلى اليمن، لأنه أيقن بالهلكة، بسبب ما فعله مع سديف بن ميمون، فإن سديفا كان يتكلم فى بنى أمية ويهجوهم، ويخبر بأن دولة بنى هاشم قريبة، وبلغ ذلك عنه الوليد بن عروة، فتحيل، حتى قبض على سديف وحبسه، وجعل يجدله فى كل سبت مائة سوط، كلما مضى سبت، أخرجه وضربه مائة سوط، حتى ضربه أسبتا. وما ذكرناه من فعل الوليد بسديف، وهروبه إلى اليمن، خوفا من داود بن على، ذكره الفاكهى بمعنى ما ذكرناه. 2669 ـ الوليد بن عطاء بن الأغر: شيخ مكى، روى عن مسلم الزّنجى، وعنه عبد الله بن شبيب، ووثقه، وشاذان، والنضر بن سلمة. ذكره هكذا الذهبى فى الميزان. وقال: ذكره ابن عدى، وما كان ينبغى له أن يورده، فإنه وثّق، ثم ساق له حديثا، وبرّأ ابن عدى ساحته، وقال: البلاء فيه من شاذان. 2670 ـ الوليد بن عقبة بن أبى معيط، واسم أبى معيط: أبان بن أبى عمرو، واسمه ذكوان، بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى، وأبو وهب: قال ابن عبد البر: أسلم يوم الفتح، هو وأخوه خالد بن عقبة، وأظنه يومئذ كان قد ناهز الاحتلام، وضعف ابن عبد البر الحديث المروى عن الوليد هذا، فى أن أهل مكة، لما فتح النبى صلى الله عليه وسلم مكة، ظل أهلها يأتون بصبيانهم، فيمسح على رءوسهم، ويدعو لهم بالبركة، وأنه أتى به إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فلم يمسح عليه من أجل الخلوق الذى خلّقته به أمه. وذكر ابن عبد البر، أن هذا الحديث منكر مضطرب لا يصح، ولا يمكن، واستدل على كونه لم يكن صبيا حين فتح مكة بأمرين، أحدهما: ما ذكره الزبير وغيره من أهل العلم بالسير والخبر، من أن الوليد، وعمارة ابنى عقبة، خرجا ليردّا أختهما أم كلثوم

_ 2670 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2750، الإصابة ترجمة 9167، أسد الغابة ترجمة 5475، طبقات ابن سعد 6/ 24، نسب قريش 138، طبقات خليفة 75، المعارف 318، الجرح والتعديل 9/ 8، مروج الذهب 3/ 79، الأغانى 5/ 122، جمهرة أنساب العرب 115، تاريخ ابن عساكر 17، 434، تذهيب التهذيب 4/ 138، البداية والنهاية 8/ 214، تهذيب التهذيب 11/ 142).

عن الهجرة، وكانت هجرتها فى الهدنة بين النبى صلى الله عليه وسلم، وبين أهل مكة، والأمر الآخر: أن النبى صلى الله عليه وسلم، بعثه إلى بنى المصطلق مصدّقا، فأخبر عنهم، أنهم ارتدّوا عن الإسلام، وأبوا من أداء الصدقة، وذلك أنهم خرجوا إليه، فهابهم، ولم يعرف ما عندهم، فانصرف عنهم، وأخبر بما ذكرنا، فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد، وأمره أن يتثبت فيهم، فأخبره أنهم متمسكون بالإسلام. قال ابن عبد البر: ولا يمكن أن يكون من بعث مصدّقا فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم، صبيا يوم الفتح. انتهى. وذكره محمد بن سعد فى الطبقة الرابعة، وقال: يكنى أبا وهب، أسلم يوم فتح مكة، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقات بنى المصطلق، وولاه عمر بن الخطاب رضى الله عنه صدقات بنى تغلب، وولاه عثمان بن عفان رضى الله عنه الكوفة، بعد سعد ابن أبى وقاص، ولم يزل بالمدينة حتى بويع على رضى الله عنه، فخرج إلى الرقة فنزلها، واعتزل عليا ومعاوية، فلم يكن مع واحد منهما، حتى مات بالرقة، فقبره بعين الرومية، على خمسة عشر ميلا من الرقة، وكانت ضيعة له، فمات بها. وقال ابن البرقى: وكان فى زمان النبى صلى الله عليه وسلم رجلا، له حديث. انتهى. وقال الزبير بن بكار: وكان من رجال قريش وشعرائهم، وكان له سخاء، استعمله عثمان رضى الله عنه على الكوفة، فرفعوا عليه، أنه شرب الخمر، فعزله عثمان رضى الله عنه، وجلده الحد، وقال فيه الحطيئة يعذره [من الكامل] (1): شهد الحطيئة يوم يلقى ربه ... أن الوليد أحق بالعذر خلعوا عنانك إذ جريت ولو ... خلوا عنانك لم تزل تجرى فزادوا فيها من غير قول الحطيئة: نادى وقد تمت صلاتهم ... أأزيدكم! ! ثملا وما يدرى ليزيدهم خيرا ولو فعلوا (2) ... لأتت صلاتهم على العشر قال الزبير: وقال الوليد بن عقبة حين ضرب [من البسيط]:

_ (1) جاءت هذه الأبيات فى الاستيعاب هكذا: شهد الحطيئة يوم يلقى ربه ... أن الوليد أحق بالغدر نادى وقد تمت صلاتهم ... أأزيدكم سكرا وما يدرى فأبوا أبا وهب ولو أذنوا ... لقرنت بين الشفع والوتر كفوا عنانك إذ جريت ولو ... تركوا عنانك لم تزل تجرى (2) فى نسب قريش 4/ 138: ليزيدهم خمرا ولو فعلوا ... مرت هلاتهم على العشر

يا باعد الله ما بينى وبينكم ... بنى أمية من قربى ومن نسب من يكسب المال يحفر حول زبيته ... وإن يكن سائلا مولاهم يخب (3) ثم قال: وخرج الوليد بن عقبة من الكوفة يرتاد منزلا، حتى أتى الرقة، فأعجبته، فنزل على [ ..... ] (4) وقال: منك المحشر، فمات بها. قال ابن عبد البر: ولا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن فيما علمت، أن قوله عزوجل: (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ) [الحجرات: 6] نزلت فى الوليد بن عقبة. وذكر أن سبب ذلك، ما حكاه الوليد عن بنى المصطلق. قال: ثم ولاه عثمان رضى الله عنه الكوفة، وعزل عنها سعد بن أبى وقاص، فلما قدم الوليد على سعد، قال له سعد: والله ما أدرى، أكست بعدنا أم حمقنا بعدك؟ فقال: لا تجزعن أبا إسحاق، فإنما هو الملك، يتغداه قوم ويتعشاه آخرون، فقال سعد: أراكم والله ستجعلونها ملكا. قال: وروى جعفر بن سليمان، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، قال: لما قدم الوليد بن عقبة أميرا على الكوفة، أتاه ابن مسعود، فقال له: ما جاء بك؟ قال: جئت أميرا، فقال ابن مسعود: ما أدرى أصلحت بعدنا أم فسد الناس؟ . قال ابن عبد البر: وله أخبار فيها نكارة وشناعة، تقطع على سوء حاله، وقبح أفعاله، غفر الله لنا وله، فقد كان من رجال قريش، ظرفا وحلما وشجاعة وأدبا، وكان من الشعراء المطبوعين، كان الأصمعى، وأبو عبيدة، وابن الكلبى، وغيرهم، يقولون: كان الوليد بن عقبة فاسقا شريب خمر، وكان شاعرا كريما. قال ابن عبد البر: أخباره كثيرة فى شربه الخمر، ومنادمته أبا زبيد الطائى كثيرة مشهورة، يسمج بنا ذكرها هنا، ونذكر منها طرفا ذكره عمر بن شبّة، قال: حدثنا هارون بن معروف، قال: حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن شوذب، قال: صلى الوليد ابن عقبة بأهل الكوفة صلاة الصبح أربع ركعات، ثم التفت إليهم فقال: أزيدكم؟ فقال عبد الله بن مسعود: ما زلنا معك فى زيادة منذ اليوم، وذكر أن الحطيئة الشاعر قال فى ذلك (5) [من الوافر]: تكلّم فى الصلاة وزاد فيها ... علانية وجاهر بالنفاق

_ (3) انظر البيت فى نسب قريش 4/ 139: (4) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. (5) انظر الأبيات فى الاستيعاب ترجمة 2750.

ومجّ الخمر فى سنن المصلّى ... ونادى والجميع على (6) افتراق أزيدكم على أن تحمدونى ... فما لكم وما لى من خلاق قال ابن عبد البر: وخبر صلاته بهم سكران، وقوله لهم: أزيدكم ـ بعد أن صلى الصبح ـ أربعا، مشهور من حديث الثقات، من نقل أهل الحديث وأهل الأخبار. وقد روى فيما ذكر الطبرى، أنه تعصّب عليه قوم من أهل الكوفة، بغيا وحسدا، وشهدوا عليه زورا، أنه تقيّأ الخمر، وذكر القصة وفيها: أن عثمان رضى الله عنه قال له: يا أخى، اصبر، فإن الله يأجرك ويبوء القوم بإثمك. قال ابن عبد البر: وهذا الخبر من نقل أهل الأخبار، لا يصح عند أهل الحديث، ولا له عندهم أصل، والصحيح فى ذلك، ما رواه عبد العزيز بن المختار، وسعيد بن أبى عروبة، عن عبد الله الدّاناج، عن حضين بن المنذر، أبى ساسان، أنه ركب إلى عثمان، فأخبره بقصة الوليد. وقدم على عثمان رجلان، فشهدا عليه بشرب الخمر، وأنه صلى الغداة بالكوفة أربعا، ثم قال: أزيدكم؟ قال أحدهما: رأيته يشربها، وقال الآخر: رأيته يتقيأها. فقال عثمان، رحمه الله: إنه لم يتقيأها حتى شربها. فقال لعلى: أقم عليه الحد، فقال على لابن أخيه عبد الله بن جعفر: أقم عليه الحد، فأخذ السوط فجلده، وعثمان يعدّ، حتى بلغ أربعين، فقال على: أمسك، جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الخمر أربعين، وجلد أبو بكر رضى الله عنه أربعين، وجلد عمر رضى الله عنه ثمانين، وكلّ سنّة. قال ابن عبد البر: ولم يرو الوليد بن عقبة سنّة يحتاج فيها إليه. وروى ابن إسحاق عن حارثة بن مضرّب، عن الوليد بن عقبة قال: ما كانت نبوّة إلا وبعدها ملك. وقال أبو الحسن الدارقطنى: أخبرنا منصور بن محمد الأصبهانى، معلّم الأمير ابن بدر، قال: حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن أحمد بن زيرك، قال: حدثنا عبد الواحد بن محمد، حدثنا أبو الوليد هشام بن محمد، حدثنا أبو مخنف لوط بن يحيى، قال: حدثنى خالى المصعب بن زهير بن عبد الله بن زهير بن سلم الأزدى، عن محمد بن مخنف، قال: كان أول عمال عثمان أحدث منكرا: الوليد بن عقبة، كان يدنى السحرة، ويشرب الخمر، وكان يجالسه على شرابه، أبو زبيد الطائى، وكان نصرانيا، وكان صفيا له، فأنزله دار القبطى، وكانت لعثمان بن عفان، واشتراها من عقيل بن أبى طالب، وكانت لأضيافه، وكان يجالسه أيضا على شرابه، عبد الرحمن بن خنيس الأسدى،

_ (6) فى الاستيعاب: «إلى».

وكان الناس يتذاكرون شربهم وإسرافهم على أنفسهم، فخرج بكير بن حمران من القصر، فأتى النعمان بن أوس المزنى، وجرير بن عبد الله البجلى، فأسر إليهما، أن الوليد شرب الساعة، فقاما ومعهما رجل من جلسائهما، فمروا بحذيفة بن اليمان، فأخبروه الخبر، فقال: ادخلا عليه، فانظرا إن أحبتما، فمضيا حتى دخلا عليه، فسلما، ونظر إليهما الوليد، فأخذ كل شيء كان بين يديه، فأدخله تحت السرير، فأقبلا حتى جلسا، فقال لهما: ما حاجتكما؟ قالا: ما هذا الذى تحت السرير، ولم يريا بين يديه شيئا، فأدخلا أيديهما تحت السرير، فإذا هو طبق عليه قطف من عنب، قد أكل عامته، فاستحييا وقاما، وأخذا يظهران عذره، ويرّدان الناس عنه، ثم لم يرعهما من الوليد إلا وقد أخرج سريره، فوضعه فى صحن المسجد، وجاء بساحر يدعى بطروى، وكان ابن الكلبى يسميه الشيبانى من أهل بابل، فاجتمع إليه الناس، فأخذ يريهم الأعاجيب، يريهم حبلا فى المسجد مستطيلا، وعليه فيل يمشى، وناقة تخبّ، وفرس تركض، والناس يتعجبون مما يرون، ثم يدع ذلك ويريهم حمارا بحى سد (7) حتى يدخل من فيه ويخرج من دبره، ثم يعود فيدخل من دبره، فيخرج من فيه، ثم يريهم رجلا قائما، ثم يضرب عنقه، فيقع رأسه جانبا، ويقع الجسد جانبا، ثم يقول له: قم، فيرونه يقوم، وقد عاد حيا كما كان. فرأى جندب بن كعب ذلك، فخرج إلى معقل، مولى لمصعب بن زهير بن أنس الأزدى، كانت عنده سيوف، وكان معقل صقيلا، فقال: أعطنى سيفا قاطعا، فأعطاه إياه، فأقبل على مصعد التيمى، من بنى تيم الله بن ثعلبة، فقال له: أين تريد يأبا عبد الله؟ فقال: أريد أن أقتل هذا الطاغوت، الذى عليه الناس عكوف، قال: من تعنى؟ قال: هذا العلج الساحر، الذى سحر أميرنا الفاجر العاتى، فإنى والله لقد مثلث الرأى فيهما، فظننت إن قتلت الأمير، ستوقع بيننا فرقة تورث عداوة، فأجمع رأيى على قتل الساحر، قال: فاقتله ولا تك فى شك، وأنت على هدى، وأنا شريكك، فجاء حتى انتهى إلى المسجد، والناس فيه مجتمعون على الساحر، وقد التحف على السيف بمطرف كان عليه، فدخل بين الناس، فقال: أفرجوا، أفرجوا، فأفرجوا له، فدنا من العلج، فشد عليه، فضربه بالسيف فأردى رأسه، ثم قال: أحى نفسك! فقال الوليد: علىّ به، فأقبل به إليه عبد الرحمن بن خنيس الأسدى، وهو على شرطته، فقال: اضرب عنقه، فقام مخنف بن سليم فى رجال من الأزد، فقالوا: سبحان الله! أتقتل صاحبنا بعلج ساحر؟ لا يكون هذا أبدا.

_ (7) هكذا فى الأصل بلا نقط.

فحالوا بين عبد الرحمن وبين جندب، فقال الوليد: علىّ بمضر، فقام إليه شبث ابن ربعى، فقال: لم تدعو مضر؟ تريد أن تستعين بمضر على قوم منعوا أخاهم منك، أن تقتله بعلج ساحر كافر من أهل السواد، لا تجيبك والله مضر إلى الباطل، وإلى ما لا يحل. قال الوليد: انطلقوا به إلى السجن، حتى أكتب فيه إلى عثمان، قالوا: أما السجن، فإنا لا نمنعك أن تحبسه، فلما حبس جندب، أقبل ليس له عمل إلا الصلاة بالليل كله وعامة النهار، فنظر إليه رجل يدعى دينارا، ويكنى أبا سنان، صالحا مسلما، وكان على سجن الوليد، فقال له يا أبا عبد الله، ما رأيت رجلا قط خيرا منك، فأذهب رحمك الله حيث أحببت، فقد أذنت لك. قال: إنى أخاف عليك هذا الطاغية أن يقتلك، قال أبو سنان: ما أسعدنى إن قتلنى، انطلق أنت راشدا. فخرج، فانطلق إلى المدينة، وبعث الوليد إلى أبى سنان، فأمر به، فأخرج إلى السبخة، فقتل. فانطلق جندب ابن كعب، فلحق بالحجاز، وأقام بها سنين، ثم إن مخنف بن سليم، وجندب بن زهير، قدما على عثمان، فأتيا عليه فقصا عليه قصة جندب بن كعب، وأخبراه بظلم الوليد له. فكتب عثمان إلى الوليد: أما بعد، فإن مخنف ابن سليم، وجندب بن زهير، شهد عندى لجندب بن كعب بالبراءة، وظلمك إياه، فإذا قدما عليك، فلا تأخذن جندبا بشيء مما كان بينك وبينه، ولا الشاهدين بشهادتهما، فإنى والله أحسبهما قد صدقا، والله لئن أنت لم تعتب، ولم تتب، لأعزلنك عنهم عاجلا، والسلام. وقد روينا فى كتاب «فضل الأسخياء والأجواد» للدارقطنى، حكاية تدل على جوده، وفيها أبيات مدح فيها. أخبرنا أبو الحسن على بن محمد بن أبى المجد الدمشقى إذنا، عن أبى بكر أحمد بن محمد بن أبى القاسم الرشتى، وغيره، قالوا: أنبأنا يوسف بن خليل الحافظ، أخبرنا يحيى بن أسعد بن يونس التاجر، أخبرنا أبو عبد الله يحيى بن الحسن بن البنا، أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد الآبنوسى، أخبرنا أبو الحسن على بن عمر الدارقطنى، حدثنا القاضى الحسين بن إسماعيل، حدثنا عبد الله بن أبى سعد، حدثنى محمد بن الحسن بن محمد بن سيار البجلى، حدثنا الحسن بن حفص المخزومى: أن لبيدا، جعل على نفسه أن يطعم ما هبت الصبا، قال: فألحت عليه [ ..... ] (8) زمن

_ (8) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

الوليد بن عقبة، فصعد الوليد المنبر فقال: أعينوا أخاكم، وبعث إليه بثلاثين جزورا، وكان لبيد قد ترك الشعر فى الإسلام، فقال لابنته: أجيبى الأمير، فأجابت [من الوافر]: إذا هبت رياح أبى عقيل ... ذكرنا عند هبتها الوليدا أبا وهب جزاك الله خيرا ... نحرناها وأطعمنا الثريدا طويل الباع أبيض عبشميا ... أعان على مروءته لبيدا بأمثال الهضاب كأن ركبا ... عليها من بنى حام قعودا فعد إن الكريم له معاد ... وظنى يا ابن أروى أن تعودا فقال لبيد: أحسنت، لولا أنك سألت! قالت: إن الملوك لا يستحيى من مسألتهم، قال: وأنت فى هذا أشعر. وقد ذكر هذا الخبر غير واحد، منهم: صاحب الأغانى. وقال ابن عبد البر: وكان معاوية لا يرضاه، وهو الذى حرّضه على قتال على رضى الله عنه، فربّ حريص محروم، وهو القائل لمعاوية يحرضه ويغريه بعلى رضى الله عنه [من الطويل]: فو الله ما هند بأمك إن مضى الن ... هار ولم يثأر بعثمان ثائر أيقتل عبد القوم سيّد أهله ... ولم يقتلوه ليت أمّك عاقر وإنا متى نقتلهم لا يقدبهم ... مقيد وقد دارت عليك الدوائر وذكر الزبير بن بكار له أبياتا غير هذه، يحرض فيها معاوية على علىّ، فقال الزبير: حدثنى عمى مصعب بن عبد الله، قال: قدم معاوية الكوفة، فلما صعد المنبر، قال: أين أبو وهب؟ فقام إليه الوليد، فقال: أنشدنى قولك [من الوافر]: ألا أبلغ معاوية بن صخر ... فإنك من أخى ثقة مليم قطعت الدهر كالسّدم المعنّى ... تهدّر فى دمشق وما تريم يمنّيك الخلافة كلّ ركب ... لأنضاء العراق بهم رسيم فإنك والكتاب إلى علىّ ... لكدابغة وقد حلم الأديم لك الخيرات فاحملنا عليهم ... فإن الطالب التّرة الغشوم وقومك بالمدينة قد أبيحوا ... فهم صرعى كأنّهم هشيم فأنشده إياها، فلما فرغ، قال معاوية (9) [من الطويل]: ومستعجب مما يرى من أناتنا ... ولو زبنته الحرب لم يترمرم

_ (9) انظر نسب قريش 4/ 140.

وهو القائل على ما ذكر ابن عبد البر (10) [من الطويل]: ألا من لليل لا تغور كواكبه (11) ... إذ لاح نجم غار نجم يراقبه بنى هاشم ردوا سلاح ابن أختكم ... ولا تنهبوه لا تحل مناهبه بنى هاشم لا تعجلونا فإنه ... سواء علينا قاتلوه وسالبه وإنا وإياكم وما كان منكم (12) ... كصدع الصفا لا يرأب الصدع شاعبه بنى هاشم كيف التعاقد بيننا ... وعند على سيفه وحرائبه لعمرك لا أنسى ابن أروى وقتله ... وهل ينسين الماء ما عاش شاربه هم قتلوه كى يكونوا مكانه ... كما فتكت يوما بكسرى مرازبه وقد ذكرها الزبير بن بكار، وفيها مخالفة لما ذكره ابن عبد البر، فقال: وهو الذى يقول (13): بنى هاشم إنا وما كان بيننا ... كصدع الصفا لا يرأب الدهر شاعبه بنى هاشم كيف التغدر عندنا ... وبز ابن أروى عندكم وحوائبه بنى هاشم أدوا سلاح ابن أختكم ... ولا تنهبوه لا تحل مناهبه فإلا تردوه إلينا فإنه ... سواء علينا قاتلاه وسالبه فأجابه الفضل بن العباس بن عتبة بن أبى لهب، على ما ذكر ابن عبد البر، ولم يذكر ذلك الزبير بن بكار (14): فلا تسألونا بالسلاح فإنه ... أضيع وألقاه لدى الروع صاحبه وشبهته كسرى وقد كان مثله ... شبيها بكسرى هديه وضرائبه وإنى لمجتاب إليكم بجحفل ... يصم السميع جرسه وجلائبه انتهى. وابن أروى فى شعر ابنة لبيد، هو الوليد بن عقبة، وفى شعر الوليد، هو عثمان بن عفان، أخو الوليد بن عقبة، هذا لأن أمهما أروى بنت كريز بن زمعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب.

_ (10) انظر الاستيعاب ترجمة 2750. (11) فى الاستيعاب: «ألا يا لليل لا تغور نجومه». (12) فى الاستيعاب: «فإنا وإياكم وما كان بيننا». (13) انظر نسب قريش 4/ 139. (14) انظر أول بيتين فى الاستيعاب ترجمة 2750.

2671 ـ الوليد بن عمارة بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى، ابن أخى خالد بن الوليد

وقال ابن عبد البر: سكن الوليد بن عقبة المدينة، ثم نزل الكوفة، وبنى فيها دارا، فلما قتل عثمان، نزل البصرة، ثم خرج إلى الرقة، فنزل بها، واعتزل عليا ومعاوية، ومات بها، وقبره بالرقة. انتهى. وكانت ولاية الوليد بن عقبة للكوفة خمس سنين على ما ذكر محمد بن إسحاق، فيما رواه عمار بن الحسن الدارى، عن سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق. وكانت ولايته لها فى سنة خمس وعشرين من الهجرة، لأن خليفة بن خياط، ذكر أن فى هذه السنة، عزل عثمان سعد بن أبى وقاص، عن الكوفة، وولاها الوليد بن عقبة. وقال فى أخبار سنة تسع وعشرين: فيها عزل عثمان الوليد بن عقبة عن الكوفة، وولاها سعيد ابن العاص. وقال أبو عروبة: مات فى أيام معاوية. 2671 ـ الوليد بن عمارة بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى، ابن أخى خالد بن الوليد: قال الزبير لما ذكر ولد عمارة بن الوليد: والوليد بن عمارة، قتل مع خالد بأجنادين، وأمه فاطمة بنت هشام بن المغيرة. انتهى. 2672 ـ الوليد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى، أخو خالد بن الوليد: قال ابن عبد البر: شهد بدرا مع المشركين، وأسر يوم بدر، أسره عبد الله بن جحش الأسدى، وقيل سليط بن قيس المازنى الأنصارى، فقدم أخواه: خالد، وهشام، فى فدائه فافتكاه بأربعة آلاف درهم، لما تمنع عبد الله من افتكاكه، وكان خالد لا يريد أن يفتكه بذلك، فقال هشام لخالد: إنه ليس بابن أمك، والله لو أبى إلا كذا وكذا لفعلت. وقيل إن النبى صلى الله عليه وسلم، قال لعبد الله بن جحش: «لا تقبل فى فدائه إلا شكة أبيه الوليد»، وكانت الشكة درعا فضفاضة، وسيفا، وبيضة، فأبى خالد ذلك، وأطاع به هشام، لأنه أخو الوليد لأبيه وأمه، فأقيمت الشكة بمائة دينار، فطاعا بذلك وسلماها إلى عبد الله بن جحش. انتهى.

_ 2671 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2751، الإصابة ترجمة 9168، أسد الغابة ترجمة 5476). 2672 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2753، الإصابة ترجمة 9172، أسد الغابة ترجمة 5479، الثقات 3/ 430، عنوان النجابة 165، أزمنة التاريخ الإسلامى 931، تجريد أسماء الصحابة 2/ 130، الأعلام 8/ 122، التاريخ الكبير 8/ 154، تهذيب التهذيب 11/ 156، ذيل الكاشف 1639، الطبقات الكبرى 2/ 18 ـ 4/ 130).

2673 ـ الوليد بن الوليد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم

وقال الزبير: أسر يوم بدر، فلما افتدى أسلم، فقيل له: هلا أسلمت قبل أن تفتدى، وأنت مع المسلمين؟ قال: كرهت أن يظن أنى إنما جزعت من الإسار، فحبسوه بمكة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو له. ثم قال الزبير: فأفلت الوليد من إسارهم، ولحق برسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال: قال عمى مصعب بن عبد الله: وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة القضية. ثم قال: وقد قيل إن الوليد بن الوليد، أفلت من الحبس بمكة، فخرج على رجليه، فطلبوه، فلم يدركوه شدا ونكيت إصبع من أصابعه، فجعل يقول (1) [من الرجز]: هل أنت إلا إصبع دميت ... وفى سبيل الله ما لقيت فمات فى بئر أبى عنبة، على ميل من المدينة. قال عمى: والأول أثبت عندنا، والله أعلم. وقال: حدثنى محمد بن الضحاك الحزامى، عن أبيه، قال: قالت أم سلمة ابنة أبى أمية، زوج النبى صلى الله عليه وسلم، تبكى الوليد بن الوليد بن المغيرة [من الكامل]: يا عين فابكى للولي (2) ... د بن الوليد بن المغيره قد كان غيثا فى السن (3) ... ين ورحمة فينا وميره ضخم الدسيعة ماجدا ... يسمو إلى طلب الوتيره مثل الوليد بن الولي ... د أبى الوليد كفى العشيره قال الزبير: جعفر نهر [ ....... ] (4). 2673 ـ الوليد بن الوليد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم: كان اسمه الوليد، فسماه النبى صلى الله عليه وسلم عبد الله، وقد سبق خبره فى ذلك، فى ترجمته فى باب «عبد الله» وإنما ذكرناه هنا للتنبيه عليه، وهو ابن الوليد هذا. انتهى. * * *

_ (1) انظر البيت فى: نسب قريش 9/ 324، الاستيعاب ترجمة 2753. (2) فى نسب قريش 9/ 329: يا عين بكى للولي ... د ....... (3) فى نسب قريش 9/ 329: قد كان غيثا فى الستي ... ن وجعفرا خضلا وميره (4) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2673 ـ سبق ترجمته فى باب عبد الله الترجمة رقم (1656).

من اسمه وهب

من اسمه وهب 2674 ـ وهب بن الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب القرشى الزهرى: ذكره ابن عبد البر مقتصرا على اسمه، واسم أبيه، وقال: هو ابن خال رسول اللهصلى الله عليه وسلم، فيما ذكر زيد بن أسلم. انتهى. وذكره الذهبى، وقال: ابن خال النبى صلى الله عليه وسلم، فى صحبته نظر. روى عنه زيد بن أسلم، حديثه فى «عاشر فوائد ابن حمدان». انتهى. وذكر الزبير: أن الأسود بن عبد يغوث بن المستهزئين، حنى جبريل ظهره، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا جبريل! خالى خالى! » فقال جبريل: دعه عنك، فمات الأسود. قال: وأمه هنيدة بنت مازن بن عامر بن علقمة، من أهل اليمن. انتهى. 2675 ـ وهب بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصى القرشى الأسدى: قال ابن عبد البر: من مسلمة الفتح، له خبر فى حجّة الوداع، لا أحفظ له رواية، وأخوه قد روى ثلاثة أحاديث. انتهى. وقد ذكره الزبير فى أولاد زمعة، ولم يذكر له إسلاما ولا صحبة. وذكر أن أباه زمعة من أشراف قريش، وأنه أحدا الثلاثة من قريش، الذين يقال لهم أزواد الركب، والآخران: مسافر بن أبى عمرو بن أمية بن عبد شمس، وأبو أمية بن المغيرة بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم، قال الزبير: وإنما قيل لهم أزواد الركب، أنه لم يكن ليسافر معهم أحد، فينفق شيئا، يطعمون كل من سافر معهم، وكان أشهرهم بهذا الاسم عند العامة: أبو أمية بن المغيرة. انتهى.

_ 2674 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2754، الإصابة ترجمة 9175، أسد الغابة ترجمة 5480). 2675 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2757، الإصابة ترجمة 9181، أسد الغابة ترجمة 5487، الثقات 3/ 426، الكاشف 3/ 244، الأعلام 8/ 125، تجريد أسماء الصحابة 2/ 130، الجرح والتعديل 9/ 28، التاريخ الكبير 8/ 163، تهذيب التهذيب 11/ 163، تهذيب الكمال 3/ 1479).

2676 ـ وهب بن أبى سرح بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن حارث ابن فهر بن مالك القرشى الفهرى

2676 ـ وهب بن أبى سرح بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبّة بن حارث ابن فهر بن مالك القرشى الفهرى: شهد بدرا مع أخيه عمرو. وذكره ابن عبد البر هكذا، وذكره مصعب الزبيرى، فقال: وعمرو، ووهب: ابنا أبى سرح بن ربيعة بن هلال، شهد بدرا مع رسول صلى الله عليه وسلم. انتهى. وذكره الذهبى بمعنى ذلك. 2677 ـ وهب بن سعد بن أبى سرح بن الحارث بن حبيب بن جذيمة بن مالك ابن حسل بن عامر ببن لؤى بن كعب القرشى العامرى: قال ابن عبد البر، فيما نقله عن موسى بن عقبة: هو أخو عبد الله بن سعد بن أبى سرح، شهد أحدا، والخندق، والحديبية، وخيبر، وقتل يوم مؤتة شهيدا. وكان رسول اللهصلى الله عليه وسلم، قد آخى بينه وبين سويد بن عمر، فقتلا جميعا يوم مؤتة. وقال الذهبى: وهب بن سعد بن أبى سرح بن الحارث العامرى، شهد بدرا على الصحيح، وأحدا، واستشهد يوم مؤتة. انتهى. 2678 ـ وهب بن عمير بن وهب بن خلف بن حذافة بن جمح القرشى الجمحى: شهد بدرا كافرا، وأسر يومئذ، ثم قدم أبوه المدينة، ليغتال النبى صلى الله عليه وسلم، لما ندبه لذلك صفوان بن أمية على أمر شرطه له، فأطلع الله تعالى على ذلك نبيه صلى الله عليه وسلم، وذكره لعمير، فآمن عمير بالنبى صلى الله عليه وسلم لإخباره له بأمر لم يعلم به سواه، وسوى صفوان، وعلم عمير أن الله تعالى أطلع نبيّه على ذلك. وكان عمير لما قدم المدينة، أظهر أنه إنما قدم فى فداء ابنه وهب، فأطلق النبى صلى الله عليه وسلم وهب بن عمير فأسلم. قال ابن عبد البر: وكان له قدر وشرف، وهو الذى بسط له رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه، إذ جاءه يطلب الأمان لصفوان بن أمية، ومات بالشام مجاهدا، رحمه الله. انتهى.

_ 2676 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2758، الإصابة ترجمة 9182، أسد الغابة ترجمة 5488). 2677 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2759، الإصابة ترجمة 9183، أسد الغابة ترجمة 5489، الثقات 3/ 426، أصحاب بدر 126، تجريد أسماء الصحابة 2/ 131، الأعلام 8/ 125، الطبقات الكبرى 3/ 623). 2678 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2762، الإصابة ترجمة 9191، أسد الغابة ترجمة 4596).

2679 ـ وهب بن قيس [الثقفى

2679 ـ وهب بن قيس [الثقفى: قال ابن عبد البر: حديثه عند أميمة بنت رقيقة، عن أمها، هناك جرى ذكره، لا أعرفه بغير ذلك. هذا أخو سفيان بن قيس بن أبان الطائى الثقفى] (1). 2680 ـ وهيب بن واضح المكى: مولى عبد العزيز بن أبى رواد المقرى، أبو القاسم، ويلقب أبا الإخريط. قرأ على إسماعيل القسط، وشبل بن عبّاد، ومعروف بن مشكان، وتصدّر للإقراء، فقرأ على البزّى، والقفّال، وغيرهما. وتوفى سن تسعين ومائة. 2681 ـ وهيب بن الورد بن أبى الورد، أبو أمية المكى، وقيل أبو عثمان، مولى بنى مخزوم، من عبّاد المكيين وأعيانهم، وكان اسمه عبد الوهاب فصغّر، فقيل: وهيب: أدرك جماعة من التابعين، كعطاء بن أبى رباح، ومنصور بن أبى زاذان، وأبان بن أبى عياش، واشتغل بالعبادة عن الرواية، فلم يرو عنه إلا القليل. قال سفيان بن عيينة: قال وهيب: بينا أنا واقف فى بطن الوادى، إذا أنا برجل قد أخذ بمنكبى، فقال: يا وهيب، خف الله لقدرته عليك، واستحى منه لقربه منك، قال: فالتفت، فلم أر أحدا. وقال بشر بن الحارث: أربعة رفعهم الله بطيب المطعم: وهيب بن الورد، وإبراهيم ابن أدهم، ويوسف بن أسباط، وسام الخواص. وقال محمد بن يزيد: سمعت سفيان الثورى إذا حدّث الناس فى المسجد الحرام، وفرغ من الحديث، قال: قوموا إلى الطّيّب، يعنى وهيبا. وكان سفيان يقول: اذهبوا بنا إلى هذا الرجل الصالح، نسلّم عليه.

_ 2679 ـ (1) انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2764، الإصابة ترجمة 9193، الثقات 3/ 427، الطبقات 54، 285، تجريد أسماء الصحابة 2/ 131، الجرح والتعديل 9/ 22، التاريخ الكبير 8/ 161، الطبقات الكبرى 8/ 492). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل، وما أوردناه من الاستيعاب. وقد أوردناه لأنه أشهر من يحمل هذا الاسم من المكيين، وهو أخو سفيان بن قيس بن أبان الطائفى، الذى ذكره الفاسى فى الترجمة رقم (1312) ولم يذكر سوى اسمه فقط والباقى بياض فى الأصل، وقد ذكر محقق الاستيعاب، العقد الثمين فى المراجع التى ذكر فيه وهب بن قيس الثقفى.

وقال زهير بن عباد: وكان فضيل بن عياض، ووهيب بن الورد، وعبد الله بن المبارك، جلوسا، فذكرو الرطب، فقال وهيب: قد جاء الرطب، فقال عبد الله بن المبارك: يرحمك الله، هذا آخره، أو لم تأكله؟ قال: لا. قال: ولم؟ قال وهيب: بلغنى أن عامة أجنة مكة من الصوافى والقطائع، فكرهتها. فقال ابن المبارك: يرحمك الله، أو ليس قد رخص فى الشراء من السوق، إذا لم تعرف الصوافى والقطائع منه، وإلا ضاق على الناس خيرهم، أو ليس عامة ما يأتى من قمح مصر، إنما هو من الصوافى والقطائع؟ ولا أحسبك تستغنى عن القمح، فسهّل عليك. قال: فصعق وهيب، فقال فضيل لعبد الله: ما صنعت بالرجل؟ فقال ابن المبارك: ما علمت أن كل هذا الخوف قد أعطيه. فلما أفاق وهيب، قال: يا ابن المبارك، دعنى من ترخيصك، لا جرم لا آكل من القمح إلا كما يأكل المضطر من الميتة. فزعموا أنه نحل جسمه حتى مات هزلا. وقال حازم الديلمى: قيل لوهيب بن الورد: ألا تشرب من زمزم؟ قال: بأى دلو؟ . وقال شعيب بن حرب: ما احتملوا لأحد ما احتملوا لوهيب، كان يشرب بدلوه. وقال ابن المبارك: ما جلست إلى أحد، كان أنفع لى مجالسة من وهيب. وكان لا يأكل من الفواكه، وكان إذا انقضت السنة، وذهبت الفواكه، يكشف عن بطنه وينظر إليه ويقول: يا وهيب، ما أرى بك بأسا، ما أرى تركك للفواكه ضرك شيئا! . وقال: كان يقال: الحكمة عشرة أجزاء، فتسعة منها فى الصمت، والعاشرة عزلة الناس، فعالجت نفسى على الصمت، فلم أجدنى أضبط كما أريد منه، فرأيت أن هذه الأجزاء العشرة، عزلة الناس. وقال ابن أبى رواد: انتهيت إلى رجل ساجد خلف المقام، فى ليلة باردة مطيرة، يدعو ويبكى، فطفت أسبوعا، ثم عدت، فوجدته على حاله، فقعدت قريبا منه الليل كله، فلما كان جوف الليل، سمعت هاتفا يقول: يا وهيب بن الورد: ارفع رأسك، فقد غفر لك، فلم أر شيئا. فلما برق الصبح، رفع رأسه ومضى، فاتبعته، قلت: أو ما سمعت الصوت؟ فقال: أى صوت؟ فأخبرته، فقال: لا تخبر أحدا. فما حدثت به أحدا حتى مات وهيب. وقال محمد بن يزيد: كانوا يرون الرؤيا لوهيب، أنه من أهل الجنة، فإذا أخبر بها

اشتد بكاؤه، وقال: قد خشيت أن يكون هذا من الشيطان، وقال: عجبا للعالم! كيف تجيبه دواعى قلبه إلى ارتياح الضحك، وقد علم أن له فى القيامة روعات ووقفات وفزعات، ثم غشى عليه. وقال: لو أن علماءنا عفا الله عنا وعنهم، نصحوا لله فى عباده، فقالوا: يا عباد الله، اسمعوا ما نخبركم عن نبيكم صلى الله عليه وسلم، وصالح سلفكم، من الزهد فى الدنيا، فاعملوا به، ولا تنظروا إلى أعمالنا هذه الفسلة، كانوا قد نصحوا لله فى عباده، ولكنهم يأبون إلا أن يجروا عباد الله إلى فتنتهم، وما هم فيه. وقيل له: أيجد طعم العبادة من يعصى الله؟ قال: لا، ولا من يهم بالمعصية. وقال على بن أبى بكر: اشتهى وهيب لبنا، فجاءته خالته به من شاة لآل عيسى بن موسى، فسألها عنه، فأخبرته، فأبى أن يأكله، فقالت له: كل، فأبى، فعاودته وقالت له: إنى أرجو إن أطعته أن يغفر الله لك ـ أى باتباع شهوتى ـ فقال: ما أحب أنى أكلته، وأن الله غفر لى! فقالت: لم؟ فقال: إنى أكره أن أنال مغفرته بمعصيته. وقال: لو قمت قيام هذه السارية، ما نفعك، حتى تنظر ما يدخل بطنك، حلال أم حرام! وقال: اتق الله أن تسبّ إبليس فى العلانية، وأنت صديقه فى السر. وقال بشر بن الحارث: كان وهيب بن الورد، تبين خضرة البقل فى بطنه من الهزال. قال: وبلغنى أن وهيبا كان إذا أتى بقرصيه، بكى حتى يبلهما. وقال: من عد كلامه من علمه، قل كلامه. وقال: اتق أن يكون الله أهون الناظرين إليك. وقال: نظرنا فى هذا الحديث، فلم نجد شيئا أرق لهذه القلوب، ولا أشد استجلابا للحق، من قراءة القرآن لمن تدبره. وقال لابن المبارك: غلامك يتجر ببغداد؟ قال: لا يبايعهم، قال: أليس هو ثم؟ فقال له ابن المبارك: فكيف تصنع بمصر وهم إخوان؟ قال: فو الله لا أذوق من طعام مصر أبدا، فلم يذق حتى مات. وكان يتعلل بتمر ونحوه حتى مات. وقال سفيان: رأى وهيب قوما يضحكون يوم الفطر، فقال: إن كان هؤلاء يقبل منهم صيامهم، فما هذا فعل الشاكرين! . وإن كان هؤلاء لم يتقبل منهم صيامهم، فما هذا فعل الخائفين! .

وقال: ما اجتمع قوم فى مجلس أو ملأ إلا كان أولاهم بالله تعالى، الذى يفتتح بذكر الله عزوجل، حتى يفيضوا فى ذكره، وما اجتمع قوم فى مجلس أو ملأ، إلا كان أبعدهم من الله، الذى يفتتح بالشر، حتى يخوضوا فيه. وقال: لو أن المؤمن لا يبغض الدنيا، إلا أن الله يعصى فيها، لكان حقا عليه أن يبغضها. وقال سعيد الكندى: أتينا سعد بن عطارد، ومعنا رجل، فسأله، فقال: بمكة رجل يشتهى الشيء فيجده فى بيته فى إناء قد كفئ عليه، وإن فأرة أتت جرابا له فيه سويق فخرقته. فقال: اللهم أخزها، قد أفسدت علينا، فخرجت، فاضطربت بين يديه حتى ماتت. فقال: ذاك وهيب المكى. وقال: لا يزال الرجل يأتينى فيقول: ما ترى فيمن يطوف بهذا البيت سبعا، ماذا فيه من الأجر؟ فأقول: اللهم غفرا، قد سألنى عن هذا غيرك، فقلت: بل سلونى عمن طاف بهذا البيت، ماذا قد أوجب الله عليه فيه من الشكر، حيث رزقه الله طواف ذلك السبع. ثم يقول: لا تكونوا كالعامل، يقال له: اعمل كذا وكذا، فيقول: نعم، إن أحسنتم لى من الأجر. وقال: إن الله تعالى إذا أراد كرامة عبد، أصابه بضيق فى معاشه، وسقم فى جسده، وخوف فى دنياه، حتى ينزل به الموت، وقد بقيت عليه ذنوب، شدّد عليه بها، حتى يلقاه وما عليه شئ، فإذا هان عليه عبد، يصحّح فى جسده، ويوسّع عليه فى معاشه، ويؤمن له فى دنياه، حتى ينزل به الموت، وله حسنات تخفف عنه بها الموت، حتى يلقاه وما له عنده شئ. وقال محمد بن يزيد: حلف وهيب بن الورد، أن لا يراه الله ضاحكا، ولا أحد من خلقه، حتى يعلم ما تأتى به رسل الله، قال: فسمعوه عند الموت يقول: وفّيت لى، ولم أوف لك. ومات سنة ثلاث وخمسين ومائة، رحمة الله تعالى عليه ورضوانه. * * *

حرف اللام ألف

حرف اللام ألف 2682 ـ لاجين بن عبد الله المنصورى، الملك المنصور، صاحب الديار المصرية والشامية، وغير ذلك من البلاد الإسلامية: كان من شجعان الملوك وخيارهم، وله مآثر حسنة، منها عمارته للمطاف، واسمه مكتوب بسبب ذلك فى شاذروان الكعبة، فيما بين الركن والحجر الأسود. ومنها أنه عمل دار العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه بالمسعى بمكة المشرفة، مطهرة يتوضأ فيها الناس، ثم جعلها ابن أستاذه الملك الناصر محمد بن قلاوون المنصورى رباطا. ومنها أنه عمر جامع ابن طولون بمصر، ووقف عليه وقفا جيدا. كان ولى قبل سلطنته نيابة السلطنة بدمشق، نحو عشر سنين، فى زمن أستاذه الملك المنصور قلاوون، ثم عزل، وانحطت مرتبته فى زمن ابن أستاذه الملك الأشرف خليل، وهمّ بقتله، فشفع فيه الملك العادل كتبغا، وكان إذا ذاك لم يتسلطن، فلما تسلطن، استنابه بمصر، وسار به معه فى جملة العسكر إلى دمشق، فلما توجهوا منها، ثار على مستنيبه، وتوجه بالجيش إلى مصر، وبايعه الناس بالسلطنة، فى شهر صفر سنة سبع وتسعين وستمائة، واستمر إلى أن قتل استغفالا، وهو يلعب بالشطرنج، فى شهر ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين وستمائة. * * *

حرف الياء

حرف الياء [من اسمه ياسر] 2683 ـ ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة بن قيس بن الحصين بن لودين (1)، ويقال لوديم (2)، بن ثعلبة بن عوف بن حارثة بن عامر بن يام بن عنس بن مالك بن أدد بن زيد العنيسى المذحجى، حليف لبنى مخزوم: هكذا ذكره ابن عبد البر، قال: ومنهم من يقول: ياسر بن مالك، فيسقط «عامرا» ويقول أيضا: عامر بن عنس فيسقط «ياما» والصحيح ما ذكرناه إن شاء الله تعالى. يكنى أبا عمار، بابنه عمار بن ياسر، كان قدم من اليمن، وحالف أبا حذيفة بن المغيرة المخزومى، وزوجه أبو حذيفة أمة له، يقال لها سمية، فولدت له عمارا، فأعتقه أبو حذيفة. ولم يزل ياسر وابنه عمار مع أبى حذيفة إلى أن مات، وجاء الله بالإسلام، فأسلم ياسر، وعمار، وسمية، وعبد الله، أخو عمار بن ياسر. وكان إسلامهم قديما فى أول الإسلام، وكانوا ممن يعذب فى الله عزوجل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يمرّ بهم وهم يعذبون، فيقول: «صبرا يا آل ياسر، اللهم اغفر لآل ياسر، وقد فعلت» (3). ومن حديث ابن شهاب، عن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه، قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بياسر، وعمار، وأم عمار، وهم يؤذون فى الله، فقال لهم: «اصبروا يا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة» (4). توفى بمكة [ ......... ] (5).

_ 2683 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2851، الإصابة ترجمة 9230، أسد الغابة ترجمة 5503). (1) فى الاستيعاب: «الوذين». (2) فى الاستيعاب: الوزيم. وقال محقق الاستيعاب: أنه فى نسخة أخرى: لوزيم. (3) أخرجه الحاكم فى المستدرك 3/ 383، وذكره ابن كثير فى البداية والنهاية 3/ 59، وابن حجر فى المطالب العالية حديث رقم 4034، والهندى فى كنز العمال حديث رقم 37366، 3768. (4) ذكره ابن كثير فى البداية والنهاية 3/ 59. (5) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2684 ـ ياسر بن أبى خلف المكى

2684 ـ ياسر بن أبى خلف المكى: روى عنه خالد بن نزار الأبلى. * * * من اسمه ياقوت 2685 ـ ياقوت بن عبد الله، الأمير حسام الدين الملكى المسعودى: أمير الحاج والحرمين، ومتولّى الحرب السعيد بمكة، بالتولية الصحيحة الملكية المسعودية، المتصلة بالأوامر الملكية الكاملية، ومدبّر أحوال الأجناد بها، وما حوت من الرعية. كذا وجدته مترجما فى مكتوب ببيع، باعه ممن هو جار تحت نظره وولايته، وهو دار بمكة لاحتياج الأجناد المذكورين بمكة، إلى ما ينفق عليهم، لأنه لم يكن لبيت المال بمكة، مال فائض من ذهب ولا فضة، ولا غلال ولا خراج، ولا أعشار حاضرة، ينفق عليهم منه. كذا ذكر فى مكتوب المبيع، وتاريخه الثالث من جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وستمائة، واستفدنا من هذا، ولاية الأمير حسام الدين هذا لمكة، فى هذا التاريخ. 2686 ـ ياقوت بن عبد الله المكى المعروف بالحزام، بحاء مهملة وزاى معجمة: وقاد المسجد الحرام، باشر هذه الوظيفة خمسا وخمسين سنة، على ما بلغنى عنه، وحمدت مباشرته، لأنه كان عارفا بهذه الصناعة إلى الغاية، بحيث بلغ من أمره، أنه كان يضع فى القناديل زيتا، يقدّر أنه يكفى إلى وقت طلوع القمر، فى الليالى التى يتأخر طلوعه فيها من أول الليل، فلا يفرغ الزيت إلا فى ذلك الوقت، وكان يذكر عنه قوة فى المشى، وسرعة زائدة، بحيث حكى عنه، أنه كان يقيم بمكة إلى بعد صلاة الأئمة الأربعة للعشاء الآخرة، ثم يذهب إلى الوادى، لوطر له، ويرجع إلى مكة، فى الوقت الذى يقوم فيه فى آخر الليل. توفى فى رجب، أو قريبا منه، من سنة ست وتسعين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة، وكان اللصوص ذبحوه وهو خارج إلى الحج، عند بركة السلم، بطريق منى، وظنوا أنهم قد أجهزوا عليه، ولم يكن كذلك، وما [ ...... ] (1) فقصده بعض المارة، وسأله عن خبره، فأعلمه بما تم عليه، فحمله إلى منى، وعولج حتى برئ. انتهى.

_ 2686 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2687 ـ ياقوت بن عبد الله الحبشى، افتخار الدين

2687 ـ ياقوت بن عبد الله الحبشى، افتخار الدين: عتيق العماد يحيى بن القاضى جمال الدين محمد بن فهد الهاشمى، الآتى إن شاء الله تعالى، ذكره. سمع من بعض شيوخنا: الجمال الأميوطى، والبرهان الإبناسى، والشريف البنزرتى، وغيرهم. وذكر لى بعض أصحابنا، أنه سمع من الكمال بن حبيب: «مسند الطيالسى» و «مقامات الحريرى» أو شيئا منهما. ومن التقى البغدادى «الشاطبية» وما علمته حدث، ولكنه أجاز فى بعض الاستدعاءات. ودخل بلاد اليمن طلبا للرزق، وكان معتبرا عند كافة الناس، خصوصا شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. وفيه خير ومروءة وعقل. توفى فى ظهر يوم السبت، سابع عشرى المحرم، سنة تسع وعشرين وثمانمائة، بمكة، وصلى عليه بعد صلاة العصر، عند باب الكعبة، ودفن بالمعلاة بمقبرة مواليه. * * * من اسمه يحيى 2688 ـ يحيى بن أحمد بن أحمد بن صفوان القينى الأندلسى المالقى، المكى، أبو زكريا: هكذا وجدت نسبه بخطه فى غير ما موضع، ووجدت بخطه أيضا: يحيى بن أحمد بن صفوان، ولعل سقوط «أحمد» هنا، من باب النسبة إلى الجد، ووجدت بخطه، أنه قرأ القرآن العظيم، من أوله إلى آخره، بقراءات الأئمة السبعة، من طريق «التيسير» و «التبصرة» و «الكافى» و «الإدغام الكبير» من طريق ابن شريح، على الشيخ أبى محمد عبد الله بن أيوب. وقرأ ابن أيوب بذلك على شيخه أبى محمد عبد الواحد بن محمد بن على بن أبى السداد الأموى المالكى الشهير بالباهلى، وأنه قرأ القرآن جمعا بالسبع الروايات، والإدغام الكبير فى ختمة واحدة، على الإمام المقرى النحوى أبى العباسى أحمد بن يوسف بن محمد بن مسعود إبراهيم الحلبى الشافعى المعروف بالسمين، من طريق «التيسير» للدانى، و «قصيدة الشاطبى» الموسومة «بحرز الأمانى» وقرأ القرآن جمعا للثمانية، بالإدغام الكبير، فى ختمة واحدة، على الشيخ مجد الدين إسماعيل بن يوسف ابن محمد بن يونس الشهير بالكفتى، من طريق كتاب «التذكرة» لابن غلبون و «التيسير» للدانى، و «قصيدة الشاطبى» و «العنوان» للصفراوى.

ووجدت بخطه أنه قرأ على الكفتى «قصيدة الشاطبى» المسماة «بحرز الأمانى» وتعرف بالشاطبية، وقصيدته المسماة «عقيلة أتراب القصائد فى أسنى المقاصد» وتعرف بالرائية، وعرضهما على الكفتى. وروى له الكفتى القراءات من «حرز الأمانى» عن الشيخ تقى الدين محمد بن أحمد ابن عبد الخالق الشهير بابن الصائغ. وروى له الكفتى: الرائية، عن الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن نمير السراج، الكاتب المجود، عن سبط زيادة سماعا، وقرأ «التيسير» على الإمام أبى العباس أحمد بن إبراهيم بن محمد المرادى، وقرأ يحيى بن صفوان أيضا، ببلدة مالقة، على المقرى أبى محمد عبد الله بن أيوب، عن القاضى أبى على الحسين بن عبد العزيز بن أبى الأحوص سماعا، وعن غيره إجازة، وقرأ على عبد الله بن أيوب كتاب «الكافى» لابن شريح، عن ابن أبى الأحوص سماعا، عن القاضى أبى القاسم أحمد بن بقى، عن شريح بن محمد بن شريح بن أحمد الرعينى، عن أبيه مؤلفه، ورواه بن أيوب أيضا لابن صفوان، من طريق آخر. ووجدت بخطه، أنه قرأ على ابن أيوب، جميع كتاب «تحفة الليالى فى أشراف المعالى» تأليف ابن أبى السداد المقدم ذكره، فى الجمع بين «التيسير» للدانى و «التبصرة» للمكى، و «الكافى» لابن شريح. ورواه له ابن أيوب، عن مؤلفه إجازة. وحدث ابن صفوان بالكتب المذكورة، وأقرأ القرآن العظيم، وآثار القيمة للسبعة، قرأ عليه بذلك الشيخ نور الدين على بن أحمد بن محمد بن سلامة المكى، وغيره. ووجدت بخط ابن صفوان، أن له تأليفا سماه كتاب «البيان فى الجمع بين القصيدة والعنوان» قرأه عليه ابن سلامة، على ما وجدت بخط ابن صفوان. وبلغنى أن ابن صفوان، كان عارفا بالقراءات، وأنه أمّ بمقام المالكية، نيابة عن الشيخ خليل المالكى، وأنه توفى فى سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، بالتربة المعروفة بتربة بيت القسطلانى. ذكره الحافظ غرس الدين خليل الأقفهسى، فى مشيخة القاضى جلال الدين بن ظهيرة، وقال فى ترجمته: قدم مكة، فجاور بها مدة، على طريقة حسنة مرضية، وأم بمقام المالكية عن شيخنا الإمام أبى الفضل خليل وغيره، وكان إماما عالما عارفا بالقراءات الغريبة، صالحا زاهدا. سمعت منه.

2689 ـ يحيى بن القاضى أحمد بن القاضى عبد الله بن الفقيه أبى المعالى يحيى بن عبد الرحمن بن قاضى الحرمين على بن الحسين بن على بن محمد بن عبد الرحيم الشيبانى الطبرى الفقيه

2689 ـ يحيى بن القاضى أحمد بن القاضى عبد الله بن الفقيه أبى المعالى يحيى بن عبد الرحمن بن قاضى الحرمين على بن الحسين بن على بن محمد بن عبد الرحيم الشيبانى الطبرى الفقيه [ .......... ] (1): بقية الطبور الشيبانيين. هكذا هو مذكور فى تعاليق الإمام أبى العباس الميورقى. 2690 ـ يحيى بن إسماعيل بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى المكى [ ......... ] (1): توفى فى العشر الأوسط من جمادى الأولى، سنة تسع وعشرين وستمائة. نقلت وفاته من حجر قبره بالمعلاة، وترجم فيه «بالشاب». 2691 ـ يحيى بن جعدة بن هبيرة بن أبى وهب بن عمرو بن عائذ ـ بالذال المعجمة ـ بن عمران بن مخزوم المخزومى: روى عن: أبى هريرة، وزيد بن أرقم، وعبد الله بن مسعود، وجدته أم أبيه أم هانئ بنت أبى طالب، وغيرهم. روى عنه: عمرو بن دينار، وأبو الزبير، وعلى بن زيد بن جدعان. روى له أبو داود، والنسائى، وابن ماجة. ووثقه النسائى، وأبو حاتم. وذكره مسلم فى الطبقة الثانية من تابعى أهل مكة. انتهى. 2692 ـ يحيى بن جياش بن أبى ثامر المبارك القاسمى: توفى يوم الاثنين، آخر جمادى الآخرة، سنة ثمان وثمانين وخمسمائة. ومن حجر قبره بالمعلاة، كتبت هذه الترجمة، وترجم فيها «بالقائد». انتهى. والقاسمى: نسبة إلى القاسم بن محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن أبى هاشم الحسنى، أمير مكة. 2693 ـ يحيى بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى الأموى: أمير مكة، ذكره الزبير بن بكار، فى أولاد الحكم بن أبى العاص، وذكر أنه ولى مكة لعبد الملك بن مروان، فى خبر ذكره، ونص الخبر:

_ 2689 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2690 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2691 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال ترجمة 8324، تهذيب التهذيب ترجمة 20201، تقريب التهذيب ترجمة 32488).

حدثنى عيسى بن سعيد بن زاذان، قال: كان معاذ بن عبيد الله بن معمر بن عثمان ابن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة التميمى، وأمه كثرة بنت مالك بن عبيد الله بن عثمان بن معمر، وأمها صفية بنت عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، يختصم هو ونافع بن علقمة فى مال بتهامة، فطالت فيه خصومتهما، فاختصما عند يحيى بن الحكم، وهو يومئذ والى مكة، فقال نافع: أنا ابن كذا وكذا، فقال معاذ: أنا ابن قنونة والأحسبة. فقال نافع: أنا ابن قنونة والأحسبة، فقال معاذ: الحمد لله الذى رد الحق إلى أهله، الآن أصبت، أنا ابن كذا وكذا. قال: لا، أنت. فغضب يحيى بن الحكم، ونافع خاله، فأقبل على معاذ، فمس منه، ثم قال: فيم تجمح النظر إلىّ يابن كثرة؟ فوضع معاذ يده على وجهه، فقال يحيى: انظر إليه يهزأ بى، أتهزأ بى يابن كثرة؟ قال معاذ: والله ما أدرى أنى آتى لك، إن نظرت، قلت: تجمح، وإن لم أنظر إليك. قلت: تهزأ بى. فأما كثرة، فإنها ماتت سمينة، إذ بعض أمهات الرجال تموت هزلا ـ يعرض بأم مروان بن الحكم، ويحيى بن الحكم ـ ولا أحسبك علمت أن أمى لو عقدت خرقة برأس جريدة، ما أنف قرشى أن يجلس تحتها. فلما قدم عبد الملك، شكا إليه معاذ من يحيى، فقال أمير المؤمنين: إن عمك يحيى، يزعم أن ليس لى أن أشتم من يشتمنى من قريش، قال: بلى، فأشتم من شتمك، بصغر له وقمأة. انتهى باختصار. وذكر الزبير، أن عبد الملك بن مروان، غضب على عمه يحيى، واصطفى كل شيء له عارضه فيه. ونص الخبر: وحدثنى محمد بن حسن، عن إبراهيم بن محمد الزهرى، عن أبيه، قال: كانت زينب بنت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بارعة الجمال، وكانت تدعى الموصولة، وكانت عند أبان بن مروان بن الحكم. فلما توفى أبان بن مروان، دخل عليها عبد الملك، فرآها، فأخذت بنفسه، فكتب إلى أخيها المغيرة بن عبد الرحمن، يأمره بالشخوص إليه، فشخص إليه، فنزل على يحيى بن الحكم، فقال يحيى: إن أمير المؤمنين، إنما بعث إليك لتزوجه أختك زينب، فهل لك فى شيء أدعوك إليه؟ . قال: هلم فاعرض! قال: أعطيك لنفسك أربعين ألف دينار، ولها على رضاها، وتزوجنيها! قال له المغيرة: ما بعد هذا شئ، فزوجه إياها. فلما بلغ عبد الملك بن مروان ذلك، أسف عليها، فاصطفى كل شيء ليحيى بن الحكم، فقال يحيى بن الحكم: كعكتين وزينب، يريد أنه يجتزئ بكعكتين، إذا كانت عنده زينب.

2694 ـ يحيى بن حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى ابن كلاب القرشى الأسدى

وذكر الزبير بن بكار ليحيى بن الحكم بن أبى العاص شعرا، إلا أنه لما ذكر شيئا من خبر عمرو بن سعيد بن العاص، قال: فلما شخص عبد الملك إلى حرب مصعب بن الزبير، خالف عليه عمرو على دمشق، فرجع إليه عبد الملك فأعطاه الأمان، ثم غدر به، فقتله. فقال يحيى بن الحكم بن أبى العاص فى ذلك [من الطويل]: أعينىّ جودا بالدموع على عمرو ... عشيّة تبتز الخلافة بالغدر كأنّ بنى مروان إذ يقتلونه ... بغاث من الطير اجتمعن على صقر غدرتم بعمرو يا بنى خيط باطل ... وأنتم ذوو قربى به وذوو صهر فرحنا وراح الشامتون عشية ... كأن على أكتافنا فلق الصخر لحا الله دنيا تدخل النار أهلها ... وتهتك ما دون المحارم من ستر 2694 ـ يحيى بن حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى ابن كلاب القرشى الأسدى: قال ابن عبد البر فى ترجمة أخيه عبد الله بن حكيم: صحب النبى صلى الله عليه وسلم، هو وأبوه حكيم بن حزام، وإخوته: هشام، وخالد، ويحيى، بنو حزام، وكان إسلامهم يوم الفتح. انتهى. 2695 ـ يحيى بن حكيم بن صفوان بن أمية بن خلف بن جمح القرشى الجمحى: أمير مكة، على ما ذكر الزبير بن بكار، وهكذا نسبه، لأنه قال: فولد حكيم بن صفوان، يحيى بن حكيم، ولى مكة ليزيد بن معاوية، وكان عبد الله بن الزبير مقيما معه بمكة، لم يعرض له يحيى بن حكيم، فكتب الحارث بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة إلى يزيد، يذكر له مداهنة يحيى بن حكيم، عبد الله بن الزبير، فعزل يزيد يحيى بن حكيم، وولى الحارث بن خالد مكة، فلم يدعه ابن الزبير يصلى بالناس، فكان الحارث يصلى فى جوف داره بمواليه، ومن أطاعه من أهله، وكان مصعب بن عبد الرحمن يصلى بالناس فى المسجد الحرام، بأمر عبد الله بن الزبير، فلم يزل كذلك، حتى وجه يزيد بن معاوية إلى عبد الله بن الزبير، مسلم بن عقبة المرى، فبويع عبد الله بن الزبير رضى الله عنهما بالخلافة، وصلى بالناس بمكة. وقد انقرض ولد يحيى بن حكيم. 2696 ـ يحيى بن الربيع المكى: روى عن سفيان بن عيينة، روى عنه أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال البزار.

_ 2694 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2778، الإصابة ترجمة 9241، أسد الغابة ترجمة 5510). 2695 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال ترجمة 8337، تقريب التهذيب ترجمة 32502).

2697 ـ يحيى بن زكريا ـ ويقال ابن زكرى ـ السوارى، محيى الدين الحورانى الشافعى

ووقع لنا حديثه عاليا، فى جزء من حديثه، رواه عنه الحافظ أبو عبد الله بن مندة. 2697 ـ يحيى بن زكريا ـ ويقال ابن زكرى ـ السوارى، محيى الدين الحورانى الشافعى: سمع بمكة من المحب الطبرى: صحيح مسلم. وذكر ابن فرحون فى كتاب «نصيحة المشاور»، أنه تفقه على المحب الطبرى، وأنه أقام بمكة مدة طويلة، ثم أقام بالمدينة نحوا من عشرين سنة، على اشتغال بالعلم، وتجرد عن الدنيا، ووقف خزانة كتب، وجعل مقرها بالمدرسة الشهابية، وكان ينوب فى الحكم عن القاضى السراج عمر بن أحمد بن الخضر ابن ظافر بن أبى الفتوح الأنصارى، قاضى المدينة، لما سافر إلى مصر، فحكم وعدل ودرس وناقض. قال: وكانت وفاته بعد والدى بثلاثة أيام، ودفن بالبقيع إلى جانب والده. وذكر أن والده، توفى فى يوم الخميس الرابع والعشرين من شهر ربيع الأول، سنة إحدى وعشرين وسبعمائة. فعلى هذا تكون وفاة محيى الدين الحورانى، فى السابع والعشرين، أو الثامن والعشرين. هكذا ذكر وفاته ابن فرحون. والحورانى ذكره ابن الجزرى فى تاريخه. وذكر أن المحب الطبرى [ ..... ] (1) الحورانى فى الفتوى وأثنى عليه. 2698 ـ يحيى بن سليمان بن محمود الذهبى، محيى الدين الدمشقى: كان رجلا مباركا صالحا مواظبا على الخير، حسن الخلق، وأوصى عند موته بمائة ألف درهم، وكان موته بمكة، بعد أن جاور بها، فى ثالث شهر رمضان سنة عشرة وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. وذكره البرزالى فى تاريخه، ومنه لخصت هذه الترجمة. 2699 ـ يحيى بن سليم القرشى، مولاهم، أبو محمد، ويقال أبو زكريا الطائفى، المكى الدار، الحذاء، الخراز: روى عن: إسماعيل بن أميّة القرشى، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، وابن جريج، وداود بن أبى هند، وعبد الله بن عمر العمرى، وغيرهم. روى عنه: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو بكر بن أبى شيبة، وقتيبة، والحسن بن عرفة، وآخرون.

_ 2697 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2699 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال ترجمة 8368، تهذيب التهذيب ترجمة 20517، تقريب التهذيب ترجمة 32537).

2700 ـ يحيى بن عبد الله بن محمد بن صيفى ـ ويقال يحيى بن محمد بن عبد الله بن صيفى ـ المخزومى، مولاهم، وقيل مولى عثمان المكى

روى له الجماعة. ووثقه ابن معين، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وقال: طائفى، ترك مكة. وقال أبو نصر الكلاباذى: إنما قيل له الطائفى، لأنه كان يختلف إليها. مات سنة خمس وتسعين ومائة، قاله أحمد بن محمد، بن القاسم بن أبى بزة فيما حكاه عنه الذهبى. زاد الذهبى: بمكة، وقال: كان ثقة، صاحب حديث. والخراز: بخاء معجمة وراء، ثم زاى. قاله صاحب الكمال. 2700 ـ يحيى بن عبد الله بن محمد بن صيفى ـ ويقال يحيى بن محمد بن عبد الله بن صيفى ـ المخزومى، مولاهم، وقيل مولى عثمان المكى: روى عن أبى معبد، مولى ابن عباس، وأبى سلمة بن سفيان، وعكرمة بن عبد الرحمن المخزومى. روى عنه: إسماعيل بن أمية، وابن أبى نجيح، وزكريا بن إسحاق، وابن جريج، وعبد الله بن المؤمل، وغيرهم. روى له الجماعة. وثقه النسائى، وغيره، وقال الذهبى لما وثقه فى «التذهيب»: مكى جليل. انتهى. وذكر الفاكهى ما يقتضى أنه ولى قضاء مكة، لأنه قال فى الأوليات بمكة: وأول من قضى على مكة من بنى مخزوم: يحيى بن عبد الله بن صيفى، وقالوا: المطلب بن حنطب. انتهى. 2701 ـ يحيى بن عبد الله بن عبيد الله بن أبى مليكة القرشى التيمى المكى: روى عن أبيه. وروى عنه يحيى بن محمد، مولى آل أبى بكر. وروى له ابن ماجة. 2702 ـ يحيى بن عبد الرحمن بن بركات الشيبى ـ بشين معجمة ـ العبدرى: أحد حجبة الكعبة، ما عرفت من حاله، سوى أنه توفى يوم السبت النصف من رمضان سنة سبعين وأربعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره نقلت وفاته ونسبه. 2703 ـ يحيى بن عبد الرحمن بن على بن الحسين بن محمد بن شيبة بن إياد بن عمرو بن العلاء، القاضى عز الدين أبو المعالى الشيبانى الطبرى المكى: قاضى مكة، ما عرفت له ابتداء ولايته ولا انتهائها، [ ........ ] (1) وبلغنى أنه وفد

_ 2703 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2704 ـ يحيى بن عبد الرحمن بن هارون بن عبد الله بن محمد بن كثير بن معن ابن عبد الرحمن بن عوف القرشى الزهرى

على السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، صاحب الديار المصرية والشامية، ووقف عليه وعلى ذريته بلدة بديار مصر، يقال لها فمسان (2)، هى مع ذريته إلى الآن. انتهى. 2704 ـ يحيى بن عبد الرحمن بن هارون بن عبد الله بن محمد بن كثير بن معن ابن عبد الرحمن بن عوف القرشى الزهرى: قاضى مكة، هكذا نسبه صاحب «الجمهرة» وقال: «ولى قضاء مكة للمقتدر، وكان محمودا فى ولايته، لم يرتزق شيئا، ووليها ستة عشر شهرا، وكان من أهل الحزم والنفاذ فى الأمور كلها، وكانت له ضياع فى الفرع، وكان مطاعا فى أهل العدل، وهرب بعياله حين دخول القرامطة مكة، إلى وادى الرهجان، وأخذ القرامطة له حينئذ، ما قيمته ألف دينار وخمسون ألف دينار، ولم يسمع شاكيا ولا ذاكرا شيئا مما أخذ له». انتهى. 2705 ـ يحيى بن عبيد المكى، مولى السائب المخزومى: روى عن أبيه. وروى عنه ابن جريج، وواصل، مولى ابن عيينة. وروى له أبو داود، والنسائى، وذكره ابن حبان فى الثقات. انتهى. 2706 ـ يحيى بن عثمان بن يوسف بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم لأنصارى، يلقب [ ....... ] (1) بن الشيخ فخر الدين النويرى: سمع بمصر وبدمشق، من أحمد بن على الجزرى، وبمكة من عثمان بن الصفى الطبرى. وقرأ بها على والده، وغيرهما. وكان شابا فاضلا ذكيا شاعرا، أقام بمكة مدة، ولزم الشيخ عبد الله اليافعى. وأمه، أخت الإمام تقى الدين محمد بن على، ابن إمام جامع الصالح. [ .................. ] (1) ومن شعره [من البسيط]: ما هبّ لى من ربا نجد نسيم صبا ... إلا ترنّج قلبى للقّا وصبا ولا تغنّت حمامات على فنن ... إلا أثار غناها عندى الوصبا ولا تألقّ برق فى دجى غسق ... يحكى فؤدا من الهجران قد وجبا

_ (2) هكذا فى الأصل بلا نقط. 2706 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

إلا استهلّت دموعى من محاجرها ... وأبدت العذر إن لم تقض ما وجبا ولا تأوّه من حرّ الجوى قلق ... إلا وذكرنى العيش الذى عزبا ولا تنفّس من عرف الخزام شذا ... إلا وشوقنى البانات والعدبا ولا ترنم حادى العيس مرتجزا ... إلا ذكرت ليالينا بسفح قبا ومنها: وا حسرتاه على قلب يذوب ولم ... ينل من لقاكم سادتى أربا أحقاب وصلكم قد خلتها حلما ... وساعة الهجر عندى عادلت حقبا سلبتم العقل يا سكان ذى سلم ... ولست أوّل مشغول بكم سلبا فكم طريح على أبواب عزّكم ... قد مات شوقا ولم يظفر بما طلبا وكم محبّ قضى لم يقض مأربه ... وكم مريد لكم عن بابكم حجبا وآخر نازح عنكم قضى وطرا ... وجاذبته يد الأشواق فانجذبا هذا هو العيش لكن لم أذقه فما ... صنعى وليس لقا الأحباب مكتسبا ومنها، وتخلص به إلى مدح النبى صلى الله عليه وسلم: لكن مديحى لخير الخلق كلّهم ... أرجو به أن أنال القصد والطلبا فهو الكريم الذى ما أمّه أحد ... يرجو إعانته فى معضل فأبى وهو الذّى يرتجى فى كل نائبة ... إذا ادلهمّت خطوب أو ألمّ نبا ومنها: يا سائرا لحمانا سرت فى دعة ... ولا لقيت عنا كلّا ولا نصبا إذا وصلت إلى باب المدينة قف ... واذر الدموع وقبل عنى العتبا وادخل إلى الحرم الميمون مرتجيا ... حسن القبول فقد بلّغت ما طلبا وأقرأ (وَلَوْ أَنَّهُمْ) وابشر بنيل منى ... (فقد أمنت الجفا والصّدّ والغضبا) وقف لدى الحجرة الغرا وناد وقل ... يا سيّد الرسل يا من قد علا حسبا يا من ببعثته للخلق كلهم ... قد بشّر الأنبيا والسّادة النجبا يا أوحد الكون فى خلق وفى خلق ... وأكرم الناس إن أعطى وإن وهبا يحيى النويرى يقريكم تحيته ... ويشتكى سوء حظّ عنكم حجبا خدمتكم بقصيد أستغيث به ... والعبد من جملة المدّاح قد حسبا وليس لى قدم فى النظم راسخة ... لكن تطفّلت فى نظمى على الأدبا وله أيضا من قصيدة نبوية، أولها [من الكامل]:

2707 ـ يحيى بن على [بن بحير] (1) بن محمد بن أحمد القرشى العبدرى الحجبى

يا من لقتل المستهام تعمّدوا ... منّوا وجودوا بالوصال وأنعموا يا من أذابوا مهجتى ببعادهم ... هلّا رحمتم والها لا يرقد بالله إن دام الصدود فأرسلوا ... لى من ثراكم فهو عندى إثمد وحياتكم يا أهل سلع والنّقى ... إنى ظمئت وتاه عنّى المورد ودّعت نوم العين حين نأيتم ... وظللت بعدكم لقلبى أنشد فإذا به متأخّر فى أرضكم ... فترفقوا يا سادتى به وأرددوا إن تحكموا بالبعد يا عرب النّقى ... فيد الخلافة لا تطاولها يد ومنها: يا سائرين إلى النقى حييتم ... من مهجتى إن شئتموا نارا قدوا أو كانت العيس اللواتى عندكم ... نحتاج أن تروى فمن دمعى ردوا ومنها فى المدح: أنت الذى خلق الوجود لأجله ... لولاك لم يخلق نعيم سرمد أنت الرسول المرتضى والهاشمىّ ... المصطفى أنت النبىّ الأجود أنت الذى تّممت كلّ مكارم ال ... أخلاق هذا منك قول مسند أنت المشفّع فى العصاة إذا أتوا ... يوم القيامة والفرائص ترعد 2707 ـ يحيى بن على [بن بحير] (1) بن محمد بن أحمد القرشى العبدرى الحجبى: شيخ الحجبة، وفاتح الكعبة، أجاز له فى سنة ثلاث عشرة وسبعمائة من دمشق: القاضى سليمان بن حمزة، وجماعة من شيوخ ابن خليل، باستدعائه. وسمع بمكة على أبى محمد عبد الله بن موسى الزواوى: «الأحاديث والآثار السباعية والثمانية، تخريج ابن الظاهرى، لمؤنسة خاتون بنت العادل» عنها. ووجدت بخط الفقيه جمال الدين محمد بن على بن محمد بن أبى بكر الشيبى المكى، وهو ابن ابنة يحيى هذا، ولى السدانة ـ يعنى فتح الكعبة ـ بعد غانم بن يوسف الشيبى المقدم ذكره. وتوفى سنة إحدى وأربعين، أو اثنتين وأربعين وسبعمائة، وذكر لى غير واحد، نحو ما وجدت بخطه، ومن خطه نقلت: محمد بن أحمد، فى نسبه «بحير» ولم أر ذلك بخط غيره، وقد تقدم ضبط «بحير» فى ترجمة أبيه علىّ.

_ 2707 ـ (1) ذكرها المصنف فى ترجمته وترجمة أبوه «ابن بحير»، وذكرهما فى باب الكنى فيمن اشتهر باسم «ابن بحير».

2708 ـ يحيى بن عيسى بن إسماعيل بن محمد بن ملامس اليمنى، الفقيه الشافعى، الإمام أبو الفتوح

2708 ـ يحيى بن عيسى بن إسماعيل بن محمد بن ملامس اليمنى، الفقيه الشافعى، الإمام أبو الفتوح: ذكره اليافعى فى تاريخه، وهو ممن نشر عنه فقه الإمام الشافعى فى بلاد اليمن، تفقه بجماعة، منهم الإمام الحسين بن جعفر المراغى، ومنهم الإمام محمد بن يحيى بن سراقة، ثم ارتحل إلى مكة، فجاور فيها، وشرح «مختصر المزنى»، شرحه المشهور له باليمن، وذكر فى أوله: أنه شرحه بمكة المشرفة فى أربع سنين، مقابلا للكعبة الشريفة. وروى القاضى طاهر بن الإمام يحيى بن أبى الخير العمرانى، مصنف «كتاب البيان» بسنده عن الإمام يحيى بن عيسى المذكور، أنه لما استأذنه ولده فى المجاورة بمكة، نهاه أن يتزوج من النساء من هى بالغ سنها. قال: لأنى تزوجت بها ستين امرأة فى أربع سنين، ولا آمن عليك أن تتزوج من كنت تزوجت. وذكر اليافعى، أنه توفى سنة إحدى وعشرين وأربعمائة أو فيما بعدها. ذكره الجندى فى تاريخ أهل اليمن، وقال توفى بمخلاف جعفر، سنة عشرين وأربعمائة تقريبا، وكان من أعيان الفقهاء وأكابر الفضلاء. انتهى. 2709 ـ يحيى بن قزعة القرشى، المؤدب: عن مالك، وسليمان بن بلال، ونافع بن أبى نعيم، وإبراهيم بن سعد، وطبقتهم. روى عنه: البخارى، وأحمد بن صالح، وأبو يحيى بن أبى مسرّة، وجماعة. وذكره ابن حبان فى الثقات. 2710 ـ يحيى بن محمد بن أحمد بن ظهير بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى المخزومى، أبو الطيب بن الفقيه أبى الفضل، بن القاضى شهاب الدين بن ظهيرة المكى الشافعى: سمع من شيخنا ابن صديق، وغيره. وحفظ كتبا فى فنون العلم، منها: «التنبيه» و «المنهاج» و «الحاوى» فى الفقه، وعجب الناس منه فى حفظه هذه الثلاثة الكتب، فإنها لم تجتمع لغيره، والذى أعانه على ذلك، شدة ذكائه. وحضر دروس ابن عمه القاضى جمال الدين بن ظهيرة، واخترمته المنية فى مبدأ شبابه. توفى فى النصف الثانى من جمادى الآخرة سنة خمس وثمانمائة بزبيد، من بلاد اليمن، وقد جاوز العشرين بيسير، وكان مولده فى سنة أربع وثمانين وسبعمائة، على ما أخبر به أبوه. انتهى.

2711 ـ يحيى بن محمد بن أحمد بن فتوح بن نصر بن سليمان بن المرحل الأنصارى الأندلسى

2711 ـ يحيى بن محمد بن أحمد بن فتوح بن نصر بن سليمان بن المرحّل الأنصارى الأندلسى: الفقيه، قاضى الطائف، وخطيب مشهد سيدنا عبد الله بن عباس رضى الله عنهما. رأيت جميع ذلك، بخط الشيخ جمال الدين المرشدى المكى الحنفى، فيما نقله من خط الشيخ أبى العباس الميورقى، فإنه ذكر أن ولده أبا يوسف يعقوب، أنشده شيئا لربيعة الرأى، شيخ الإمام مالك، وذكره ووصف والده صاحب الترجمة بما ذكرناه، ووصف ولده بالابن النجيب المبارك الحسيب، ووالده محمد بالفقيه الإمام الصالح الورع، المهاجر إلى أقطار مكة شرفها الله تعالى، الأندلسى مولدا، اللقيمى موطنا، ذو الكرامات المذكورة، والبركات المشهورة. انتهى. 2712 ـ يحيى بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن القاسم بن إسماعيل الضبى، أبو طاهر المحاملى البغدادى: سمع من الشريف محمد بن على بن عبد الله بن المهتدى بالله، وعبد الصمد بن على ابن المأمون، والقاضى أبى يعلى بن الفراء، وابن المسلمة، وابن الآبنوسى، وابن النقور، وعبد الله بن محمد الصريفينى، وغيرهم. وبرع فى المذهب، وله تصانيف، منها: «كتاب شرف النبى صلى الله عليه وسلم» و «كتاب بستان القلوب» فى الزهد. وهو من بيت الحديث والرواية والفقه، كان حده فقيها كبيرا، ورعا كثير العبادة، وكان جده أبو الحسن من أئمة الشافعية، له المصنفات الحسنة. توفى أبو طاهر المحاملى بمكة شهيدا، فيما ذكروا، وذلك أنه جاء إلى مكة مطر عظيم، أقام سبعة أيام، فسقطت الدور على جماعة، وهو منهم، وذلك فى جمادى الآخرة، سنة ثمان وعشرين وخمسمائة. 2713 ـ يحيى بن محمد بن عبد الله بن محمد بن فهد القرشى الهاشمى، يلقب بالعماد، ابن الجمال، ويعرف بابن فهد المكى الشافعى: ولد فى رجب سنة تسع وعشرين وسبعمائة، وقيل فى سنة ثمان وعشرين بمكة، وسمع بها على الحجى: «صحيح البخارى»، وحضر عليه وعلى الزين الطبرى، ومحمد ابن الصفى، وبلال عتيق ابن العجمى، والجمال المطرى: بعض «جامع الترمذى» مع رقاد حصل له، وسمع من الزين الطبرى، وعثمان بن الصفى، والآقشهرى: بعض «السنن لأبى داود» وسمع على الآقشهرى، والزين الطبرى، وابن المكرم: بعض «سنن النسائى»، بفوت

2714 ـ يحيى بن محمد على بن الحسين بن على بن عبد الملك بن أبى النصر الطبرى، أبو الفضل الصالح شرف الدين، أبو الحسين وأبو محمد، ويسمى هو أيضا محمد المكى

معين فى طبقة السماع، وعلى الشيخ برهان الدين إبراهيم المسرورى المقرى، والشيخ فخر الدين عثمان بن شجاع الدمياطى: «مسند الشافعى»، وغير ذلك على جماعة سواهم. وأجاز له خلق من الشيوخ، منهم: أبو الحرم القلانسى، ومحمد بن على القطروانى، ومحمد بن أبى القاسم الفارقى، ومحمد بن محمد بن أبى القاسم التونسى، ومحمد بن يعقوب بن الرصاص، وأحمد بن يوسف الخلاطى. وما علمته حدث، ولم يجز لأحد، فإنى رأيت بخط الإمام شمس الدين بن سكر، قال: سألته فى حدود الثمانين وسبعمائة، أن يتلفظ بالإجازة للمسميين فى الاستدعاءات، فلم يجب لذلك، ولم يتلفظ لهم بالإجازة، ولم يسمع أحدا شيئا من الحديث فيما علمته، والله أعلم. انتهى. وكان صاحب القاضى أبا الفضل النويرى قاضى مكة، قبل ولايته لقضاء مكة مدة، واشتغل عليه، وكان به خصيصا، وناب عنه فى العقود، ثم نفر من القاضى أبى الفضل. وكان كثير الطواف، مواظبا على حضور الجماعة، وقضى الله له بالشهادة، فإنه توفى مبطونا، فى ثالث عشرى ذى القعدة، سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. وتزوج ولم يرزق ولدا، ذكرا ولا أنثى. أخبرنى شيخنا الإمام برهان الدين إبراهيم بن على الزمزمى، أن القاضى أبا السعود ابن ظهيرة، سأل الشيخ محمد المشوات المقدم ذكره فى آخر المحمدين، أن يسأل الله له، أن يرزقه أولادا، فقال له الشيخ محمد: اعمل للفقراء حظرة ـ يعنى جشيشة ـ فعمل ذلك، ودعا الشيخ، فحضر، فأكل هو ومن حضر، من الفقراء، وقال له: يا أبا السعود، من الدرب إلى الدرب ـ يعنى من الكثرة ـ فكان كما أخبر، رحمه الله. وكان حاضرا من الجماعة، الفقيه يحيى بن فهد، صاحب هذه الترجمة، فسأل الشيخ كسؤال القاضى أبى السعود، فقال له الشيخ: اعمل للفقراء حظرة، فعمل له فى يوم آخر، ودعا الشيخ، وأكل هو والفقراء، قال له الشيخ: يا يحيى، ولا جرادة، ولا قنشورة، فكان كما قال رحمه الله. انتهى. 2714 ـ يحيى بن محمد على بن الحسين بن على بن عبد الملك بن أبى النصر الطبرى، أبو الفضل الصالح شرف الدين، أبو الحسين وأبو محمد، ويسمى هو أيضا محمد المكى: سبط سليمان بن خليل العسقلانى، سمع من ابن أبى حرمىّ «نسخة أبى مسهر الغسّانى»، ويحيى بن صالح الوحاظىّ، وما معهما، و «أربعين» ابن [ ... ] (1) عنه،

_ 2714 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2715 ـ يحيى بن محمد يحيى بن عياد ـ بياء مثناة من تحت ـ الصنهاجى المكى

وجزءا من حديث أبى الحسن بن [ ... ] (1) وغير ذلك، وعلى شعيب بن يحيى الزعفرانى [ ..... ] (1) وعلى أبى الحسن الجميزى: «الثقفيات» و «الأربعين الثقفية» و «ثمانين الآجرى» و «خامس المزكيات» وغير ذلك، وعلى ابن أبى الفضل المرسى: مجلدات من «صحيح ابن حبان» ولعله سمعه كله، وعلى جده كثيرا، وعلى والده «أربعى المحمدين» للجيانى، وحدث بها فى رجب منه سنة ست وسبعمائة، سمعها منه محمد بن سالم بن إبراهيم الحضرمى، وقرأها على الحضرمى، شيخنا القاضى مجد الدين الشيرازى، وغير ذلك، وعلى صفية بنت إبراهيم بن أحمد الزبيدى «جزء ابن عرفة» عن ابن كليب، وعلى أبى اليمن بن عساكر، وترجمه أبو اليمن، بالفقيه الإمام. وحدث. سمع منه الجد أبو عبد الله الفاسى، والحافظ البرزالى بدمشق وبمنى، وذكر أنه توفى فى يوم الأحد، سابع شعبان منه سنة سبع وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، ومولده فى سنة سبع وثلاثين وستمائة. 2715 ـ يحيى بن محمد يحيى بن عيّاد ـ بياء مثناة من تحت ـ الصنهاجى المكى: سمع بمكة من شيخنا ابن صدّيق، وغيره من شيوخنا، وحضر معنا دروس شيخنا الشريف عبد الرحمن الفاسى، وحضر على شيخنا القاضى تاج الدين بهرام الدّميرى المالكى، مدرّس الشّيخونيّة بالقاهرة، بقراءتى عليه لكتابه الحافل المسمى «بالشامل» وكان رجلا حسنا عاقلا. توفى فى أحد الربيعين، أو الجمادين، من سنة سبع وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، عن ثلاثين سنة، وهو سبط الشيخ المحدث على بن أحمد الفوى. انتهى. 2716 ـ يحيى بن ملاعب المكى: أحد القواد المعروفين بالملاعبة، توفى بمكة مقتولا، فى ثامن عشرى رمضان، سنة ست وثلاثين وسبعمائة، قتله أصحاب عطيفة بن أبى نمى، وكان هجم مكة مع رميثة ابن أبى نمى. 2717 ـ يحيى بن موسى بن محمد الحجبى، يكنى أبا الحسن: هكذا وجدته مذكورا فى حجر قبره بالمعلاة. وترجم فيه «بالشيخ الصالح» وفيه أنه «توفى فى ثامن عشر جمادى الأولى، سنة ثلاث وعشرين وستمائة».

2718 ـ يحيى بن الأمير المؤيد بن قاسم بن غانم بن وهاس بن أبى الطيب بن عبد الرحمن بن قاسم بن أبى الفاتك بن داود بن سليمان بن عبد الله بن موسى الجون ابن عبد الله بن بالحسن بن على بن أبى طالب، الحسنى المكى

2718 ـ يحيى بن الأمير المؤيد بن قاسم بن غانم بن وهاس بن أبى الطيب بن عبد الرحمن بن قاسم بن أبى الفاتك بن داود بن سليمان بن عبد الله بن موسى الجون ابن عبد الله بن بالحسن بن على بن أبى طالب، الحسنى المكى: توفى يوم الاثنين العشرين من جمادى الآخرة، سنة ثلاثين وستمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره بها كتبت ما ذكرته من حاله، وترجم فيه: «بالأمير السعيد السيد الشهيد، المفارق للأهل والأحباب». 2719 ـ يحيى بن ياقوت بن عبد الله الحرمى البغدادى، شيخ الحرم، أبو الفرج: سمع من أبى القاسم إسماعيل السمرقندى «فضائل العباس» تأليفه، ومن أبى منصور عبد الجبار بن أحمد بن بونة ـ ويقال إنه آخر من حدث عنهما ـ ومن جماعة. وحدث ببغداد وبمكة. سمع منه جماعة من أهلها. وكان شيخ الحرم، ومعمارا مدة طويلة، ولذلك قيل له الحرمى، ثم عاد إلى بغداد، وبها توفى، فى الثامن والعشرين من جمادى الأولى، سنة اثنتى عشرة وستمائة، وذكر ما يدل على أن مولده، سنة خمس وعشرين. سمع منه أبو بكر بن عمر بن شهاب الصوفى، الآتى ذكره: «فضائل العباس» لحمزة السهمى. انتهى. 2720 ـ يحيى بن يوسف بن سالم بن عطية بن صالح بن عبد النبى الجهنى، المعروف بابن أبى الإصبع المكى: هكذا نسبه لى ولده عبد الرحمن، سمع على القاضيين: عز الدين، وموفق الدين الحنبلى: «جزء ابن نجيد» مع جماعة من أشياخنا، منهم والدى، وشيخنا ابن ظهيرة، وسألته عنه فقال: كان رجلا دينا خيرا، يعانى المتجر. توفى بسواكن (1) بعد التسعين وسبعمائة. انتهى. 2721 ـ يحيى بن يوسف بن محمد بن يحيى المكى، يلقب محيى الدين، المعروف بالنشو، الشاعر: سمع على القاضى نجم الدين الطبرى «أربعى الميانجى» وعلى الزين الطبرى، ومحمد بن

_ 2720 ـ (1) سواكن: مدينة بقرب جزيرة عيذاب، وهى مدينة عامرة فى ساحل بلاد البجاة وبلاد الحبشة. انظر: معجم البلدان (سواكن)، الروض المعطار 332، تقويم البلدان 370، نخبة الدهر 151.

الصفى، وبلال عتيق ابن العجمى، والجمال المطرى، وعيسى الحجى: «جامع الترمذى» وما علمته حدث، إلا أنه كتب فى الأجايز، لى ولجماعة غيرى معى وقبلى، باستدعاء شيخنا ابن سكر. وعنى بالشعر، وله شعر كثير سائر، مدح به، وهجا به جماعة من الأعيان ويقع له فيه ما يستحسن. وكان شديد الذكاء. حكى لى شيخنا أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطى، أنه حفظ «التنبيه» فى أربعة أشهر، و «الحاوى». وقرأ فى العربية على ابن عمه الشيخ أبى العباس النحوى. انتهى. وتوفى سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، ومولده فى سنة اثنتى عشرة وسبعمائة، وكتب الإنشاء لأمراء مكة [ ...... ] (1) ومن شعره [من الكامل]: عرّج بمنعرج اللوى والمنحنى ... فعساك تظفر من لقاهم بالمنى عرب بأكناف الأباطح خيّموا ... قد حلّلوا قتلى على وادى منى كرّر حديثهم يلذ لمسمعى ... فيهون عن قلبى مكابدة العنا أهواهم وهواهم لا ينقضى ... أبدا وإن شط التباعد بيننا فلئن ظفرت بزورة أحيى بها ... فلى السعادة والمسرة والهنا يا ليت شعرى هل أحبة مهجتى ... يدرون ما بى فى رضاهم من ضنى أنا عبد ودهم الذى لا ينكروا ... إن يعطفوا كرما وإلا من أنا يا أهل طيبة إن لى فى حيكم ... قمرا له كل المحاسن والسنا أنواره منها الدياجى أشرقت ... وله من الشكر الف راو والثنا فله الفضائل والمآثر والعلى ... وله المفاخر والمحامد والثنا من أنقذ الله الأنام بجاهه ... فبه إلى كل البرية أحسنا وبه جميع الأنبياء تشرفت ... يعفوا ويصفح دائما عن من جنى فله الرسالة والمقام وذكره ... يحيى القلوب وبره قد عمنا أوصافه مشهورة بين الملا ... والله قد أثنى عليه فأمعنا فهو الذى يسقى الغمام بوجهه ... بدر به قد أشرقت كل الدنا يا سيد الثقلين يحيى عبدكم ... نفس عليه بما يروم من المنى صلى عليك الله يا بحر الندى ... ما غردت ورق بوادى المنحنى وقوله من قصيدة نبوية أيضا، أولها [من الخفيف]:

_ 2721 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

كل قلبى إلى هواكم يميل ... وسقامى على الغرام دليل أبذل النفس فى رضاكم وأصبو ... لهواكم ولا يقال ملول ليس فى العشق والمحبة عار ... فاسمعوا من محبكم ما يقول أنا راض بكل ما قد رضيتم ... لست عن صحبتى وعهدى أحول ما نويت السلو فى طول عمرى ... إن ذكر السلو عندى ثقيل كل سمعى عن الملام فما لى ... عن هواكم إلى السلو سبيل لا أرى فى المنام طرا سواكم ... يا أناسا بالرقمتين حلول أنتم محبتى فكلى شجون ... وعذابى هو العذاب الطويل أعليكم أن تسمحوا بخيال ... منكم فهو عندى المأمول أو بعثتم إلى النسيم رسولا ... فعسى يشفى الفؤاد العليل أنا جار لكم فلا تهملونى ... فبكم يحفظ الغريب النزيل هذه مهجتى فزيدوا عذابا ... أو فمنوا فلست عنكم أحول عللونى بحبكم وهواكم ... فأنا العاشق المحب الحمول إن بدا البرق من حماكم لعينى ... كاد قلبى من الغرام يزول يا بدورا على الحمى قد أضاءت ... ليس عنكم وإن برحتم عدول ومنها: حى يا صاح حاجرا والمصلى ... وقباها فذاك نعم السول فإذا جئت رامة ورباها ... ودنت طيبة وطاب النزول وبدا نورها وفاح شذاها ... وتراءت للعين منها النخيل فاقر عنى السلام من حل فيها ... فهو بالجود والآمال كفيل النبى الرسول هادى البرايا ... خاتم الرسل من له التفضيل فله النعت بالرسالة تنبى ... وكذلك التوارة والإنجيل وبحيرا لما رآه عيانا ... قال هذا هو النبى الرسول ومنها: فله الأرض مسجد وطهور ... وله كالسنا وجه جميل ما له إن مشى على الأرض ظل ... حين تبدو الظلال وهى تميل يا كريم الأنساب بالباب عبد ... مستجير من الخطوب ذليل فهو يحيى بن يوسف ضاق صدرا ... من هموم عريضها مستطيل وأنشد لنفسه إجازة من قصيدة أخرى نبوية، أولها [من الطويل]:

أعد بسمعى حديث النازلين قبا ... إن كان عهدك بالأحباب قد قربا كرر أحاديثهم يوما على أذنى ... فالقلب منى إلى أهل العقيق صبا هم الأحبة لا أنسى حديثهم ... كم قد لقيت بمصر بعدهم وصبا أنا الغريب الذى أغرى الغرام به ... ماذا على سادتى أن يرحموا الغربا لولا الذى شرف الله الحجاز به ... لما سرى الركب بطوى البيد والكثبا له الرسالة والآيات شاهدة ... الله أعلى له فى الخافقين نبا ومنها: صلى عليه إله العرش ما طلعت ... شمس وما لاح بدر التم أو غربا وآله الغر والأصحاب فاطبة ... فهم أو لو الفضل والأعلام والنجبا وأنشدنى لنفسه إجازة، قوله من أخرى نبوية أيضا [من الكامل]: حاشى الفؤاد بغيركم أن يعلقا ... يا نازلين المنحنى والأبرقا خلفتمونى فى هواكم ضائعا ... قلبى وجسمى بالفراق تمزقا والنفس يوم وداعكم ودعتها ... لولا تعللها بساعات اللقا يا نازحين وفى فؤادى منهم ... نار تكاد بها الحشى أن تحرقا البين أقلقنى وعذب مهجتى ... لو لاكم يا سادتى ما أقلقا أصبو إلى وادى العقيق وحاجر ... وأهيم إن ذكر المحصب والنقا أرتاح إن مر النسيم بطيبة ... وبه أزيد صبابة وتشوقا بلد بها الهادى البشير محمد ... تاج المفاخر والعلا علم النقا يا خير من وطئ التراب بنعله ... يا رحمة للعالمين ومشفقا يحيى بن يوسف من أباطح مكة ... بك قد توسل أن يكون موفقا وأنشدنى لنفسه إجازة، قوله من قصيدة يمدح بها الشريف طفيل بن منصور الحسينى أمير المدينة، أولها [من الكامل]: لولا الغرام وما به من دائه ... ما راح يمزج دمعه بدمائه إن المنام على الجفون محرم ... إن لم يجد محبوبه بلقائه أعليه لو سمح الخيال بزورة ... فيعوده والطرف فى إغفائه فبكت ظباء المنحنى بأسوده ... ومن العجائب فيه فتك ظبائه ومنها فى المدح [من الكامل]: ما فى الحجاز بأسرها شبه له ... فى جوده ونواله وعطائه

من فاته نظر النبى محمد ... فطفيل خير الناس من أبنائه فالناس إن كفروا عطايا كفه ... ما رده عن جوده وسخائه وقوله من قصيدة فيه أيضا من غزلها [من الطويل]: أسائل عن جيران سلع وحاجر ... فهل عندهم مما أكابده فكر هم نزلوا بالمنحنى من أضلعى ... فحبهم باق وإن عظم الأسر سلوا موقفى بالمنحنى من طويلع ... وحجر فما لى عن محبتهم حجر ومنها فى المدح [من الطويل]: جرت أعين الإحسان بعد انقطاعها ... ووافى إليها السعد واليمن والبشر بسلطاننا نجل الرسول وسبطه ... طفيل بن منصور لها العز والنصر فيوم علاه بالمسرة أبيض ... وليل الأعادى من أسنته ظهر وأنشدنى لنفسه إجازة، قوله متعزلا [من الكامل]: أين المفر لمن هواك طليبه ... وسهام لحظك بالسقام تصيبه كيف الخلاص لمن هوى بهوائه ... يشكو ولا أحد سواك يجيبه عذبته بالبين وهو بلية ... رفقا عليه وإن حلا تعذيبه ما حال من أبلى السقام بجسمه ... قد مل منه صديقه وقريبه يشكو ولا أحد يرق لما به ... وارحمتاه لمن جفاه حبيبه فجميع ما فى القلب منك عرفته ... أيكون ساكنه وأنت تذيبه حن العذول عليه حين هجرته ... ورنا له الواشى ورق رقيبه يا ويح من يرثى له أعداوه ... فشجونه لا تنقضى ونحيبه قد صار فى رق الخلال من الضنى ... والقلب منك قسا وأنت طبيبه أعليك لو أحييته بزيارة ... فعسى يكون من الحياة نصيبه لى أنّة الشاكى إلى محبوبه ... إن كنت ترحم صبره ونحيبه يا يوسفا فى حسنه وجماله ... وأنا المتيم فى الهوى يعقوبه أنا أوحد العشاق لكن ليس لى ... إلا الغرام وناره وأنينه وقوله أيضا يتغزل [من البيسط]: دعنى من اللوم ما أصغى إلى عذل ... ولا تزدنى على ما بى من الوجل لو ذقت طعم الهوى ما كنت تعذلنى ... ألست تعلم أنى عنك فى شغل جسمى نحيل وقلبى لا يطاوعنى ... على السلو ودمعى أى منهمل

2722 ـ يحيى بن يوسف بن يحيى الحمامى المكى

2722 ـ يحيى بن يوسف بن يحيى الحمامى المكى: اشتغل بالفقه، وعانى التجارة، وسافر لأجلها إلى اليمن، وإلى ظفار، وإلى مصر، ثم عاد إلى مكة، وبها مات، وملك بها عقارا. وكانت وفاته فى ليلة السادس أو السابع من جمادى الآخرة، سنة ثلاثين وثمانمائة، بعد مرض طويل. انتهى. 2723 ـ يحيى التونسى: صحب الشيخ أبا العباس المرسى، وتوجه بعد وفاته مع الشيخ نجم الدين الأصبهانى، والشيخ عبد الحميد الموقانى إلى مكة، فجاور بها مدة طويلة، ثم توجه الشيخ يحيى، والشيخ عبد الحميد، إلى المدينة، وناب الشيخ يحيى فى الإمامة والخطابة بها، عن القاضى شرف الدين الأميوطى. وتوفى سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة بالمدينة. انتهى. 2724 ـ يحيى التونسى: ذكره لى شيخنا ابن عبد المعطى، وقال: قرأ على البرهان الجعبرى، وعلى ابن وثاب. وقرأ بمكة على البرهان المسرورى، وأجاز الإقراء بالسبع، وقرأ هو عليه لابن كثير. وتوفى بمكة فى الفصل، يعنى سنة تسع وأربعين وسبعمائة، وكان تزوج زوجة الفخر التوزرى. 2725 ـ يحيى الزواوى المقرى: كان تصدر للإقراء بالحرم الشريف، بعد البرهان المسرورى [ .... ] (1). * * * من اسمه يزيد 2726 ـ يزيد بن الأسود بن أبى الأسود الخزاعى السوائى، ويقال العامرى شهرة: رأى النبى صلى الله عليه وسلم، وروى عنه حديثا فى الصلاة، وروى عنه ابنه جابر، وبه كان يكنى. وروى له: أبو داود، والترمذى، والنسائى.

_ 2725 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2726 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2784، تجريد أسماء الصحابة 2/ 134، أسد الغابة ترجمة 5525، الثقات 3/ 442، تهذيب التهذيب 11/ 313، الأعلمى 30/ 124، تقريب التهذيب 2/ 362، الجرح والتعديل 4/ 250، الكاشف 3/ 272، الأنساب 3/ 246، تهذيب الكمال 3/ 6529، تلقيح فهوم أهل الأثر 372، التاريخ الكبير 8/ 318، بقى بن مخلد 290، البداية والنهاية 8/ 328، المعرفة والتاريخ 2/ 316، مشاهير علماء الأمصار 915).

2727 ـ يزيد بن الأصم

وذكر ابن حبان فى الطبقة الأولى من الثقات، وقال: عداده فى أهل مكة. وذكر صاحب الكمال، أنه معدود فى الكوفيين. انتهى. 2727 ـ يزيد بن الأصم: اختلف فى اسم الأصم، فقيل: عمرو، وقيل: عبد عمرو. يأتى إن شاء الله تعالى فى محله بعده. 2728 ـ يزيد بن أوس، [حليف لبنى عبد الدار بن قصى: أسلم يوم فتح مكة، وقتل يوم اليمامة شهيدا] (1). 2729 ـ يزيد بن ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف القرشى المطلبى: ذكره ابن عبد البر، فقال: له صحبة ورواية، ولأبيه ركانة، صحبة ورواية. روى عن يزيد بن ركانة. ابناه: علىّ، وعبد الرحمن، وفى ابنه عبد الرحمن بن يزيد بن ركانة، نظر. وروى عن يزيد بن ركانة أيضا: أبو جعفر محمد بن على (1). [ ...... ] (2) وذكره النووى فى «تهذيب الأسماء واللغات» فقال: يزيد بن ركانة، مذكور فى المهذب أول المسابقة، يقال إنه صارع النبى صلى الله عليه وسلم. وهذا غلط، إنما المنقول عنه المصارعة: ركانة بن عبد يزيد، وقد سبق فى ترجمة ركانة واضحا. وهكذا حديثه فى السنن كما بيناه هناك. والحديث فى المصارعة ضعيف، وأما يزيد بن ركانة فصحابى أيضا، ولكنه لا ذكر له فى المصارعة. انتهى. 2730 ـ يزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصى القرشى الأسدى: ذكره ابن عبد البر، فقال: أمه قريبة بنت أبى أمية، أخت أم سلمة، صحب النبىصلى الله عليه وسلم،

_ 2727 ـ سيأتى ذكره فى الترجمة رقم (2733). 2728 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2788، الإصابة ترجمة 9254، أسد الغابة ترجمة 5531). (1) ما بين المعقوفتين محله بياض فى الأصل، وما أوردناه من الاستيعاب. 2729 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2799، الإصابة ترجمة 9279، أسد الغابة ترجمة 5551، تهذيب الكمال 3/ 1532، ذيل الكاشف 1697، تجريد أسماء الصحابة 2/ 136). (1) هنا ينتهى كلام ابن عبد البر. انظر: (الاستيعاب ترجمة 2799). (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2730 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2800، الإصابة ترجمة 9280، أسد الغابة ترجمة 5552).

2731 ـ يزيد بن أبى سفيان، صخر بن حرب، بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى الأموى

وروى عنه هو وأخوه عبد الله بن زمعة، وقتل يزيد بن زمعة يوم حنين، جمح به فرسه فقتل، وكان من أشراف قريش ووجوههم، وإليه كانت فى الجاهلية المشورة. وذلك أن قريشا لم يجمعوا على أمر إلا عرضوه عليه، فإن وافق رأيهم رأيه، سكت. وإلا شغب فيه، وكانوا له أعوانا حتى يرجع عنه. ذكر ذلك الزبير، وقال: قتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الطائف. كذا قال الزبير: يوم الطائف. وقال ابن إسحاق: استشهد يوم حنين من قريش من بنى أسد بن عبد العزى: يزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد. 2731 ـ يزيد بن أبى سفيان، صخر بن حرب، بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى الأموى: ذكره ابن عبد البر، فقال: كان أفضل بنى سفيان، كان يقال له: يزيد الخير، أسلم يوم فتح مكة، وشهد حنينا، وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم من غنائم حنين، مائة بعير، وأربعين أوقية، وزنها له بلال رضى الله عنه، واستعمله أبو بكر الصديق رضى الله عنه وأوصاه، وخرج يشيعه راجلا. قال ابن إسحاق: لما قفل أبو بكر رضى الله عنه من الحج راجعا ـ يعنى سنة اثنتى عشرة ـ بعث عمرو بن العاص، ويزيد بن أبى سفيان، وأبا عبيدة بن الجراح، وشرحبيل ابن حسنة، إلى فلسطين، وأمرهم أن يسلكوا على البلقاء، وكتب إلى خالد ابن الوليد، فسار إلى الشام، فأغار على غسان بمرج راهط، ثم سار فنزل على قناة بصرى، وقدم عليه يزيد بن أبى سفيان، وأبو عبيدة بن الجراح، وشرحبيل بن حسنة، فصالحت بصرى، فكانت أول مدائن الشام فتحت، ثم ساروا قبل فلسطين، فالتقوا بالروم بأجنادين، بين الرملة وبين جبرين، والأمراء كل على حدة، ومن الناس من يزعم، أن عمرو بن العاص كان عليهم جميعا، فهزم الله المشركين، وكان الفتح بأجنادين، فى جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة، فلما استخلف عمر رضى الله عنه، ولى أبا عبيدة رضى الله عنه فاستحلف، وفتح الله عليه الشامات، وولى يزيد ابن أبى سفيان على فلسطين وناحيتها، ثم لما مات أبو عبيدة، استخلف معاذ بن جبل رضى الله عنه، ومات معاذ، فاستخف

_ 2731 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2801، الثقات 3/ 443، تجريد أسماء الصحابة 2/ 137، الإصابة ترجمة 9285، البداية والنهاية 7/ 95، تهذيب التهذيب 11/ 332، تهذيب الكمال 3/ 1034، الكاشف 3/ 278، أزمنة التاريخ الإسلامى 1/ 942، الأعلام 8/ 184، المصباح المضئ 1/ 132، أسد الغابة ترجمة 5557، شذرات الذهب 1/ 24، 30، 37، العبر 1/ 15، التاريخ الصغير 1/ 41).

2732 ـ يزيد بن عبد الله بن الجراح القرشى الفهرى، أخو أبى عبيدة بن الجراح، أمين هذه الأمة

يزيد بن أبى سفيان، ومات يزيد، فاستخلف أخاه معاوية، وكان موت هؤلاء كلهم، فى طاعون عمواس، سنة ثمان عشرة. حدثنا خلف بن قاسم، حدثنا الحسن بن رشيق، حدثنا أبو بشر الدولابى، قال: أخبرنى محمد بن سعد عن الحسن بن عثمان بن حسان، قال: أخبرنى الوليد بن مسلم، قال: مات يزيد بن أبى سفيان، سنة تسع عشرة، بعد أن افتتح قيسارية. 2732 ـ يزيد بن عبد الله بن الجراح القرشى الفهرى، أخو أبى عبيدة بن الجراح، أمين هذه الأمة: ذكره النووى فى «تهذيب الأسماء واللغات» فقال: يزيد بن الجراح ـ أخو أبى عبيدة ابن الجراح، أحد العشرة رضى الله عنهم ـ صحابى، ذكره ابن مندة، وأبو نعيم فى الصحابة، ولا يعرف له حديث مسند. انتهى. 2733 ـ يزيد بن عمرو، ويقال عبد عمرو، التميمى، ويقال النميرى: وفد على النبى صلى الله عليه وسلم، مع قيس بن عاصم وأصحابه. روى عنه عائذ بن ربيعة. أخبرنا خلف بن قاسم، وعلى بن إبراهيم، قالا: أخبرنا الحسن بن شيق، قال: أخبرنا أبو بشر الدولابى محمد بن حماد، قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهرى، قال: حدثنى قيس بن حفص، قال: حدثنا دلهم بن دهشم العجلى، عن عائذ بن ربيعة، قال: حدثنى قرة بن دعموص، وقيس بن عاصم، وأبو زهير بن أسد بن جعونة بن الحارث، ويزيد بن عمرو، والحارث بن شريح، قالوا: وفدنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: ما تعهد إلينا؟ فقال: «تقيمون الصلاة، وتؤتون الزكاة، وتحجون البيت، وتصومون رمضان، فإن فيه ليلة خير من ألف شهر». انتهى. 2734 ـ يزيد بن عبد الله بن ميمون اليمانى، أبو محمد: نزيل مكة. روى بها عن عكرمة بن عمار. وروى عنه: ابن ماجة، وموسى بن هارون الحمال، ومطين. ذكره ابن حبان فى الثقات، وقال: عداده فى أهل مكة. 2735 ـ يزيد بن عبد الرحمن المكى، أبو الوليد: روى عن جابر بن عبد الله. نقلت هاتين الترجمتين، من المختصر الأول لهذا التاريخ للمصنف. انتهى.

_ 2733 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2817، الإصابة ترجمة 9311، أسد الغابة ترجمة 5590). 2734 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب ترجمة 20705، تقريب التهذيب ترجمة 32738).

2736 ـ يزيد بن محمد بن حنظلة بن محمد بن عباد بن جعفر بن رفاعة، واسمه أمية بن عائذ بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشى المخزومى

2736 ـ يزيد بن محمد بن حنظلة بن محمد بن عباد بن جعفر بن رفاعة، واسمه أمية بن عائذ بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشى المخزومى: أمير مكة، هكذا نسبه صاحب «الجمهرة» وقال: استخلفه عيسى بن يزيد الجلودى على مكة، فدخلها عنوة إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن على بن الحسين. وقتل يزيد بن محمد هذا. انتهى. وقد بين الفاكهى تاريخ قتل يزيد هذا، بيانا لم أره فى غير كتابه، لأنه قال: وجاء سيل آخر فى سنة اثنتين ومائتين فى خلافة المأمون، وعلى مكة يومئذ يزيد بن محمد بن حنظلة، خليفة لمحمد بن هارون الجلودى، ثم قال: وكان يقال له سيل ابن حنظلة، وفى هذه السنة قتل يزيد بن محمد بن حنظلة فى أول يوم من شعبان، ودخل إبراهيم بن موسى مكة، مقبله من اليمن. انتهى. والمعروف فى الجلودى الذى كان واليا على مكة، أنه عيسى بن يزيد، كما ذكره ابن حزم وغيره. ولعيسى هذا، ابن اسمه محمد، استخلفه أبوه على مكة لما خرج إلى العراق، بالديباجة العلوى، الذى ولى الجلودى مكة، بعد هزيمته منها. وأما محمد بن هارون الجلودى، المذكور فيما ذكره الفاكهى، فغير معروف، ولعله محمد بن عيسى الجلودى، وتسمية أبيه «بهارون» تصحيف من ناسخ كتاب الفاكهى، والله أعلم. ولعل محمد بن عيسى الجلودى، استخلف ابن حنظلة المخزومى بإذن أبيه عيسى بن يزيد الجلودى، ويصدق على هذا، أن كلا منهما، استخلف ابن حنظلة، وبذلك يندفع توهم المعارضة فيمن استخلف ابن حنظلة، هل هو عيسى الجلودى أو ابنه محمد؟ والله أعلم. وذكر الأزرقى، أن يزيد هذا، كان خليفة على مكة لغير الجلودى، وذكر شيئا من خبره، فنذكر ذلك لما فيه من الفائدة، ونص ما ذكره، بعد أن ذكر خبر التاج والسرير الذى أهدى إلى الكعبة فى خلافة المأمون: ثم دفعه ـ يعنى المرسل معه ذلك ـ إلى الحجبة، وأشهد عليهم بقبضه، فجعلوه فى خزانة الكعبة، فى دار شيبة بن عثمان، حتى استخلف حمدون بن على بن عيسى بن ماهان، يزيد بن محمد بن حنظلة المخزومى على مكة، وخرج إلى اليمن، فخالفه إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد العلوى إلى مكة مقبلا من اليمن، فسمع به يزيد بن محمد، فخندق على مكة، وشبكها بالبنيان من

من اسمه يسار

أنقابها، وأرسل إلى الحجبة، فأخذ السرير وما عليه منهم، واستعان به على حربه. وقال: أمير المؤمنين يخلفه لها، وضربه دنانير ودراهم، وذلك فى سنة اثنتين ومائتين، فبقى التاج واللوح فى الكعبة إلى اليوم. انتهى. وذكر فى باب سيول مكة، ما يوافق ما ذكره هنا، من كون يزيد هذا، كان على مكة خليفة لحمدون بن على بن عيسى بن ماهان. وهذا يخالف ما ذكره ابن حزم، من أنه ولى مكة للجلودى، والله أعلم بالصواب. انتهى. * * * من اسمه يسار 2737 ـ يسار الثقفى، مولاهم، أبو نجيح المكى: روى عن: عمر، وسعد بن أبى وقاص، وجماعة، مرسلا، وعن ابن عباس، وابن عمر، وعبيد بن عمير، وغيرهم. وروى عنه: ابنه عبد الله، وعمرو بن دينار. وروى له: مسلم، وأبو داود، والترمذى، والنسائى. ووثقه: وكيع، وابن معين، والعجلى. وقال أحمد: كان أبوه من خيار عباد الله. وقال الفلاس: توفى سنة تسع ومائة. انتهى. 2738 ـ يسار، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: قيل: كان نوبيا، وهو الراعى الذى قتله العرنيون الذين استاقوا ذود رسول اللهصلى الله عليه وسلم، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى طلبهم، فأتى بهم، فقتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم، وألقاهم فى الحرة حتى ماتوا. وذلك فى سنة ست من الهجرة، وكان العرنيون قطعوا يديه ورجليه وغرزوا الشوك فى رأسه وعينيه حتى مات، وأدخل المدينة ميتا، وهربوا بالسرح، فأرسل رسول الله فى طلبهم، فأدركوا، وفعل بهم ما فى حديث أنس، وغيره، رضى الله عنهم. انتهى. 2739 ـ يسار بن عبد الرحمن المكى، أبو الوليد: روى عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما [ ......... ] (1). * * *

_ 2738 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2832، الإصابة ترجمة 9361، أسد الغابة ترجمة 5628). 2739 ـ سبق فى الترجمة (1302)، وسيأتى فى باب الكنى الترجمة (3026). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

من اسمه اليسع

من اسمه اليسع 2740 ـ اليسع بن زيد بن سهل الزينبى المكى، أبو نصر: حدث بمكة فى سنة اثنتين وثمانين ومائتين، عن سفيان بن عيينة، وهو آخر من حدث عنه فى الدنيا. وعنه عبد الله بن محمد بن موسى الكعبى النيسابورى. هكذا ذكره الذهبى فى «تاريخ الإسلام»، وذكره أيضا فى «المغنى» بنحو من ذلك، لأنه اختصر تاريخ تحديثه بمكة، والراوى عنه، ولم يقل «ابن زيد» إنما قال: «ابن سهل». كذا وجدت بخطى، ولعل المخالفة منى، والله أعلم بالصواب. وقال: لا أعلم لأحد فيه كلاما، ولكن أتى بخبر منكر بإسناد صحيح. انتهى. 2741 ـ اليسع بن سهل المكى: روى حديث: «سلم على أهل بيتك، يكثر خير بيتك» عن سفيان بن عيينة، عن حميد، عن أنس. ذكر ذلك الحافظ جمال الدين محمد بن طاهر المقدسى، فى الجزء الثالث من «منتقى كتاب الكشف عن أخبار الشهاب، فى معرفة الخطأ منها والصواب». انتهى. 2742 ـ اليسع بن طلحة بن أبرود: عن: أبيه، ومجاهد، وطاوس، وعطاء. وعنه: سبط عبد الوهاب بن فليح، ونعيم بن حماد، ومحمد بن بكر الضرير، وفيض الرقى، ويحيى بن محمد. قال البخارى، وأبو زرعة: منكر الحديث. وقال ابن عدى: أحاديثه غير محفوظة. قال أبو حاتم: ليس بالقوى، منكر الحديث. وتوفى فى عشر التسعين ومائة، كما قال الذهبى فى «تاريخ الإسلام»، وقال: وقع لنا حديثه عاليا. انتهى. * * * من اسمه يعقوب 2743 ـ يعقوب بن أحمد [ ..... ] (1). 2744 ـ يعقوب بن أحمد [ .... ] (1) الأبيارى المكى: ذكر لى أنه قرأ القرآن العظيم بمكة، على الشيخ سراج الدين الدمنهورى، وأظن أنه

_ 2743 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2744 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2745 ـ يعقوب بن إبراهيم المعروف بأبى الحمد

قال: قرأ عليه بجميع الروايات. وأما قراءته عليه ببعضها، فأحققها عنه. وكان يسافر من مكة طلبا للرزق إلى اليمن وغيره. وتوفى سنة تسع وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 2745 ـ يعقوب بن إبراهيم المعروف بأبى الحمد: كان مقيما بقرية التنضب من وادى نخلة الشامية، ويعقد بها الأنكحة، ويكتب الوثائق، وله شهرة كبيرة عند العرب، ويعتمدون عليه، وفيه خير ومروءة وعقل، وملك عقارا بوادى نخلة. سمعت منه شعرا حسنا لغيره، من قول القائل (1) [من الطويل]: تعيرنا إنا قليل عديدنا ... فقلت لها إن الكرام قليل وما ضرنا أنا قليل وجارنا ... عزيز وجار الأكثرين ذليل وسألته عن أكثر ما علمه من ثمر النخيل، فذكر أن ثلاث نخلات ببشرى من وادى نخلة، جد منها نيف وأربعون صاعا مكيا، وأظنه قال: خمسة وأربعون صاعا. وهذا عجيب. وأمه مكية، وكان يتردد كثيرا إلى مكة، ويقيم بها، وبها مات بعد الحج من سنة ثلاث عشرة وثمانمائة، أو فى المحرم سنة أربع عشر وثمانمائة، وقد جاوز الستين ظنا غالبا. والله أعلم. 2746 ـ يعقوب بن إسحاق بن أبى عباد: العبدى البصرى المكى القلزمى ـ بفتح القاف وسكون اللام وضم الزاى وفى آخرها ميم ـ نسبه إلى القلزم، وهى مدينة على ساحل البحر، وينسبه بحر القلزم إليها، بين مصر ومكة، وهى من بلاد مصر، وهو من البصرة، وأقام بمكة، وقدم مصر، وأقام بالقلزم، فنسب إليها. يروى عن: إبراهيم بن طهمان، وداود العطار، وغيرهما. روى عنه: موسى بن سهل، وعبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم المصرى. ومات بالقلزم نحو سنة عشرين ومائتين، وهو ثقة. انتهى من خط الوالد الحافظ نجم الدين عمر ابن فهد الهاشمى رحمة الله عليه، وهو نقله من خط شيخه الجمال محمد بن موسى المراكشى، فيما ذكر بخطه. انتهى.

_ 2745 ـ (1) انظر ديوان السموأل 90.

2747 ـ يعقوب بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى المكى الشافعى، يلقب بالجمال

ثم رأيته بخط ابن موسى المكى: عن إبراهيم بن طهمان، وحميد بن شعيب، وجماعة، وعنه: عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، ومحمد بن الحجاج. وقال أبو حاتم: كان يسكن القلزم، فقدمتها وهو غائب وكان لا بأس به. ذكره الذهبى فى «تاريخ الإسلام» انتهى. أكملت هذه الترجمة من المختصر الأول لهذا التاريخ للمصنف. انتهى. 2747 ـ يعقوب بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى المكى الشافعى، يلقب بالجمال: ولد فى المحرم سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة بمكة، وسمع بها من يونس الهاشمى «صحيح البخارى» ومن زاهر «جامع الترمذى»، ومن أبى الفتوح الحصرى «سنن أبى داود» و «النسائى» ومن أبى عبد الله محمد بن أحمد بن مشترى الجنة الغزنوى «تفسير القرآن للسجاوندى» عن ابن مؤلفه أبى نصر أحمد بن أبى الفضل محمد بن أبى يزيد بن طيفور السجاوندى، بسماعه من أبيه، وغير ذلك. وحدث. توفى فى سلخ، سنة خمس وستين وستمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. انتهى. ذكره المهدوى: أبو محمد عبد الله بن عبد العزيز، فى كتابه «مجتنى الأزهار فى ذكر من لقيناه من علماء الأمصار» فقال: الفقيه الإمام المحدث، جمال الدين أبو أحمد، أحد فقهاء مكة وفضلائها. حدث عن أبى بكر بن حريم الله بن حجاج التونسى، وأبى المظفر محمد بن علوان بن مهاجر، ويونس بن أبى البركات، وزاهر، وغيرهم. قرأت عليه، وسمعت كثيرا، وأجازنى، وأسندت عنه حديثا، عن أبى مهاجر. 2748 ـ يعقوب بن جبريل، أبو يوسف المكى: يروى عن الحجازيين، روى عن زكريا بن إسحاق، وعروة بن ثابت، وقد روى عن أنس، ولم يسمع منه. ذكره هكذا ابن حبان، فى الطبقة الثالثة من «الثقات». وقال الذهبى فى «المغنى»: يعقوب بن جبريل المكى، مجهول. قاله أبو حاتم، وغيره. انتهى. 2749 ـ يعقوب بن حميد بن كاسب المكى المدنى: روى عن: إبراهيم بن سعد، وعبد العزيز بن أبى حازم، وسفيان بن عيينة، وآخرين. روى عنه: البخارى فى الصلح ـ كما قال الذهبى ـ وابن ماجة، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وقال: ضعيف. وذكره ابن حبان فى «الثقات».

2750 ـ يعقوب بن داود بن عمر بن عثمان بن طهمان السلمى، مولى أبى صالح عبد الله بن حازم السلمى، مولاهم، أبو عبد الله الوزير

سكن مكة، وتوفى سنة أربعين ومائتين، وقيل سنة إحدى وأربعين. انتهى. 2750 ـ يعقوب بن داود بن عمر بن عثمان بن طهمان السلمى، مولى أبى صالح عبد الله بن حازم السلمى، مولاهم، أبو عبد الله الوزير: كان ذا فضل فى فنون العلم، سمحا، جوادا، كثير الصدقة والبر، وكان كاتبا لإبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب، الذى خرج هو وأخوه محمد، على المنصور، وقتلا فى سنة خمس وأربعين ومائة، والقصة مشهورة، فظفر المنصور بيعقوب، فضربه المنصور واعتقله فى المطبق، فلما مات، أطلقه ابنه المهدى وواخاه، وحل منه محلا عظيما، حتى كانت كتب المهدى لا تنفذ، حتى يرد كتابه بإنفاذها، ثم استوزره فى سنة ثلاث وستين ومائة، فانفق أموال بيت المال، وأقبل على اللذات والشرب وسماع الغناء، فكثرت الأقوال فيه، ووجد أعداؤه مقالا فيه، فقالوا، وذكروا خروجه على المنصور، مع إبراهيم بن عبد الله العلوى، فامتحنه المهدى فى ميله إلى العلويين، فدفع إليه بعض العلويين. وقال: أشتهى أن تكفينى مؤنته وتريحنى منه، بعد أن توثق منه، ووهب له مائة ألف وجارية، فاستعطف العلوى يعقوب، فأطلقه وأحسن إليه، ووصله بمال، فعرفت الجارية المهدى الخبر، فبعث من أحضر له العلوى والمال، واستدعى يعقوب، وسأله عن العلوى فأخبره أنه كفاه أمره، فاستحلفه بالله وبرأسه، فحلف، فأمر المهدى العلوى، بالخروج، فخرج، فبقى يعقوب متحيرا، فأمر بحبسه فى المطبق، فحبس به، واستمر به سنين، فى أيام المهدى والهادى، وخمس سنين فى أيام الرشيد، حتى شفع فيه يحيى بن خالد بن برمك عند الرشيد، بعد خمس سنين من خلافته وشهور، فأخرج وقد ذهب بصره، فأحسن إليه الرشيد، ورد إليه ماله، وخيره فى المقام حيث شاء، فاختار مكة، فأذن له فى ذلك، فأقام بها حتى مات سنة اثنتين وثمانين، وقيل سنة تسع وثمانين ومائة. وله ترجمة مبسوطة فى «تاريخ ابن خلكان» ومنها لخصت هذه الترجمة. انتهى. 2751 ـ يعقوب بن عطاء بن أبى رباح القرشى مولاهم، المكى: روى عن: أبيه، وصفية بنت شيبة، وعمرو بن شعيب، وغيرهم. وروى عنه: ابن المبارك، وابن عيينة، وعبد الرزاق، ومكى بن إبراهيم، وآخرون. وروى له النسائى، وضعفه ابن معين، وأبو زرعة، وذكره ابن حبان فى «الثقات» وذكر أنه مات سنة خمس وخمسين ومائة، وله ست وثمانون سنة. انتهى.

2752 ـ يعقوب بن عمر بن على العجمى الشافعى، يلقب بالشرف، ويعرف بالكورانى

2752 ـ يعقوب بن عمر بن على العجمى الشافعى، يلقب بالشرف، ويعرف بالكورانى: نزيل مكة، سمع بها من الحجى، وجماعة، فى سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة وكتب بخطه فوائد، كانت له كتب كثيرة، وكان مقيما برباط رامشت، واشتهر بالخير والصلاح. وتوفى فى سنة ست، أو سبع وخمسين وسبعمائة، وهو فى سن السبعين، وكان له ولدان: محمد، وعبد الرحمن. 2753 ـ يعقوب بن محمد بن أحمد الكيلانى: سمع على الحجى، والزين الطبرى، ومحمد بن الصفى، والجمال المطرى، وبلال عتيق ابن العجمى: «جامع الترمذى» بقراءة ابن الوانى، فى رمضان سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة بالحرم، وكان شيخ رباط مراغة بمكة، ولم أدر متى مات، إلا أنه كان حيا فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة، وتوفى بإثرها بمكة ورأيت بخط الآقشهرى فى «رحلته»: وما علمته حدث، وذكر لى ولده أحمد، ما يدل على أنه مات فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة. انتهى. 2754 ـ يعقوب بن محمد بن هارون الإربلى، يلقب بالشرف: كتب عنه الآقشهرى، وذكر أنه توفى بمكة، فى آخر سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة، وأنه حضر جنازته، وأنه سأله عن مولده فقال: فى سنة خمسين وستمائة. قال الآقشهرى: أنشدنى الشيخ الصالح المجاور ببيت الله الكريم، شرف الدين يعقوب بن محمد بن هارون الإربلى، بوادى الجعرانة من أعمال مكة، يوم الثلاثاء السابع عشر من ذى القعدة، عام تسعة وعشرين وسبعمائة، قال: أنشدنى نجم الدين الغزى، عن الشيخ جمال الدين الدمشقى، فى شهور العرب العرباء فى القديم من نظمه: [ ...... ] (1). 2755 ـ يعقوب بن يحيى بن محمد بن أحمد بن فتوح بن نصر بن سليمان بن المرحل الأنصارى الأندلسى، أبو يوسف: ابن الفقيه الإمام الصالح، قاضى الطائف وخطيبها، ابن الفقيه الإمام الصالح الورع المهاجر إلى أقطار مكة، الأندلسى مولدا، اللقيمى موطنا، ذو الكرامات المذكورة، والبركات المشهورة. ذكره بما ذكرناه، الشيخ أبو العباس الميورقى، فيما نقل من خط

_ 2754 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

من اسمه يعلى

الشيخ جمال الدين المرشدى المكى الحنفى، نقلا عن خطه، وذكر أنه أنشده شيئا لربيعة الرأى، ووصفه: بالابن النجيب المبارك الحسيب، وذكرت الشعر وجميع ما هنا، على الترتيب فى ترجمة أبيه يحيى، فى قضاء الطائف، فليراجع هناك. انتهى. * * * من اسمه يعلى 2756 ـ يعلى بن أمية التميمى، ويقال يعلى بن منية: ذكره ابن عبد البر، وقال بعد أن نسبه: أبو صفوان، وأكثرهم يقولون: يكنى أبا خالد: أسلم يوم الفتح، وشهد حنينا، والطائف، وتبوك. روى عنه ابنه صفوان بن يعلى. وروى عنه عبد الله بن ثابت، وخالد بن دريك. وقال أبو عمر: ذكر المدائنى، عن مسلمة بن محارب، عن عوف الأعرابى، قال: استعمل أبو بكر رضى الله عنه يعلى بن أمية على بلاد حلوان فى الردة، ثم عمل لعمر على بعض اليمن، فحمى لنفسه حمى، فبلغ عمر، فأمره أن يمشى على رجليه إلى المدينة، فمشى خمسة أيام أو ستة إلى صعدة، وبلغه موت عمر، فركب، فقدم المدينة على عثمان، فاستعمله على صنعاء، ثم قدم وافدا على عثمان، فرأى بغلته جوفاء عظيمة، فقال: لمن هذه البغلة؟ قالوا: هى ليعلى، قال: ليعلى والله! وكان عظيم الشأن عند عثمان، وله يقول الشاعر (1) [من الطويل]: إذا ما دعا يعلى وزيد بن ثابت ... لأمر ينوب الناس أو لخطوب وذكر المداينى، عن ابن جعونة، عن محمد بن زيد بن طلحة، قال: كان يعلى بن منية على الجند، فبلغه قتل عثمان، فأقبل لينصره، فسقط عن بعيره فى الطريق، فانكسرت فخذه، فقدم مكة بعد انقضاء الحج، فخرج إلى المسجد وهو كسير على سرير، فاستشرف إليه الناس، واجتمعوا، فقال: من خرج يطلب بدم عثمان، فعلى جهازه.

_ 2756 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2844، طبقات ابن سعد 5/ 456، طبقات خليفة ترجمة 291، التاريخ الكبير 8/ 414، المعرفة والتاريخ 1/ 308، الجرح والتعديل 9/ 301، جمهرة أنساب العرب 229، الجمع بين رجال الصحيحين 2/ 586 تهذيب الأسماء واللغات 1/ 2 / 165، تاريخ الإسلام 2/ 326، تذهيب التهذيب 4/ 187، الإصابة ترجمة 9379، تهذيب التهذيب 11/ 399، خلاصة تذهيب الكمال 376، آمالى اليزيدى 96، أسماء الصحابة الرواة 281، الوسائل إلى مسامرة الأوائل 34/ 124، ذيل المذيل 40، أسد الغابة ترجمة 5647). (1) انظر الاستيعاب ترجمة 2844.

2757 ـ يعلى بن حكيم الثقفى، مولاهم المكى

وذكر عن مسلمة عن عوف، قال: أعان يعلى الزبير بأربعمائة ألف، وحمل سبعين رجلا من قريش، وحمل عائشة رضى الله عنها على جمل يقال له عسكر، كان اشتراه بثمانين دينارا. قال أبو عمر: كان يعلى بن أمية سخيا معروفا بالسخاء، وقتل يعلى بن أمية سنة ثمان وثلاثين بصفين، مع على رضى الله عنه، بعد أن شهد الجمل مع عائشة رضى اللهعنها، وهو صاحب الجمل، أعطاه عائشة رحمها الله، وكان الجمل يسمى عسكرا، ويقال: إنه تزوج بنت الزبير بن العوام، وبنت أبى لهب. 2757 ـ يعلى بن حكيم الثقفى، مولاهم المكى: نزيل البصرة، روى عن: طاوس، وعكرمة. وروى عنه: قتادة، وأيوب. روى له الجماعة، إلا الترمذى، ووثقه أحمد، ويحيى، وأبو زرعة. ومات سنة تسع وعشرين ومائة، قاله الذهبى. 2758 ـ يعلى بن حمزة بن عبد المطلب بن هاشم القرشى الهاشمى: ذكره ابن عبد البر، وقال: قال مصعب: لم يعقب. انتهى. 2759 ـ يعلى بن سياه: يأتى إن شاء الله تعالى فى محله، وهو يعلى بن مرة. 2760 ـ يعلى بن شبيب الزبيرى القرشى، مولاهم، المكى: روى عن: هشام بن عروة، وعبد الله بن خثيم. وروى عنه: الحميدى، وقتيبة، ويعقوب بن حميد، وإبراهيم بن يسار، وآخرون. روى له: الترمذى، وابن ماجة.

_ 2757 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال ترجمة 8677، تهذيب التهذيب ترجمة 20823، تقريب التهذيب ترجمة 32678). 2758 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2846، الإصابة ترجمة 9404، أسد الغابة ترجمة 5648). 2759 ـ سيأتى ذكره فى الترجمة رقم (2763). 2760 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال ترجمة 8679، تهذيب التهذيب ترجمة 20825، تقريب التهذيب ترجمة 32676).

2761 ـ يعلى بن عطاء

وذكره ابن حبان فى الثقات، فى الطبقة الثالثة. انتهى. 2761 ـ يعلى بن عطاء [ ........ ] (1) 2762 ـ يعلى بن عبيد [ ........ ] (1) 2763 ـ يعلى بن مرة [بن وهب بن جابر الثقفى: ويقال العامرى. اسم أمه سيابة، فربما نسب إليها فقيل يعلى بن سيابة، يكنى أبا المرازم، شهد مع النبى صلى الله عليه وسلم الحديبية وخيبر والفتح وحنينا والطائف. روى عنه ابنه عبد الله بن يعلى، والمنهال بن عمرو، وغيرهما. يعد فى الكوفيين. وقد قيل: إنه بصرى، وإن له دارا بالبصرة] (1). 2764 ـ يعلى بن مسلم بن هرمز المكى: روى عن: أبى الشعثاء، وسعيد بن جبير، وعكرمة. روى عنه: ابن جريج، وشعبة، وغيرهم. روى له الجماعة، إلا ابن ماجة، ووثقه ابن معين، وأبو زرعة. 2765 ـ يعلى بن مملك المكى: روى عن أم سلمة، وأم الدرداء. روى عنه ابن أبى مليكة. وروى له البخارى فى «الأدب»، وأبو داود، والترمذى، والنسائى. ذكره ابن حبان فى الثقات. وذكره مسلم فى الطبقة الأولى من تابعى أهل مكة.

_ 2761 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2762 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2763 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2847، الإصابة ترجمة 9382، أسد الغابة ترجمة 5651، طبقات ابن سعد 6/ 40، الثقات 3/ 440، طبقات خليفة 53، تجريد أسماء الصحابة 2/ 144، تهذيب الكمال 3/ 1557، الكاشف 3/ 296، تلقيح فهوم أهل الأثر 367، 377، تاريخ ابن معين 2/ 46، الجرح والتعديل 4/ 301، الكنى والأسماء 1/ 54). (1) ما بين المعقوفتين محله بياض فى الأصل. وما أوردناه من الاستيعاب. 2764 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال ترجمة 8687، تهذيب التهذيب ترجمة 20833، تقريب التهذيب ترجمة 32668). 2765 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال ترجمة 8688، تهذيب التهذيب ترجمة 20834، تقريب التهذيب ترجمة 32667).

2766 ـ يعيش بن مالك

2766 ـ يعيش بن مالك [ ........ ] (1). * * * من اسمه يوسف 2767 ـ يوسف بن أحمد بن يوسف بن الدخيل الصيدلانى أبو يعقوب المكى: روى عن أبى جعفر العقيلى كتابه فى «الضعفاء»، ورواه عنه [ ............. ] (1) وروى عنه أبو عبد الله محمد بن أحمد القزوينى [ ............. ] (1) توفى بمكة سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. 2768 ـ يوسف بن إسحاق بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى، أبو شرفى، وأبو المحاسن المكى، يلقب بالعز بن القاضى فخر الدين: سمع «جامع الترمذى» من ابن البنا، وتفرد به عنه فى الحجاز، وحدث به، وسمعه منه جماعة من أهل بلده، ومنهم الرضى الطبرى، وسمعه منه جماعة من الأعيان، آخرهم وفاة: الزين الطبرى، وأما آخر أصحابه بالإجازة، فالإمام أحمد بن الرضى الطبرى. وتوفى سنة سبع ـ أو ثمان ـ وثمانين وستمائة، ومولده يوم الأربعاء خامس شهر ربيع الأول، سنة ثمان وستمائة. 2769 ـ يوسف بن أيوب بن شاذى بن مروان، السلطان الملك الناصر صلاح الدين: صاحب الديار المصرية والشامية [ ......... ] (1). 2770 ـ يوسف بن أبى بكر يحيى بن أبى الفتح بن عمر السجزى، ويقال السجستانى المكى الحنفى، جمال الدين بن الإمام نجيب الدين: إمام الحنفية بالمسجد الحرام، سمع من أبيه «تاريخ مكة» للأزرقى فى مجالس آخرها فى ذى القعدة سنة ثلاث وستمائة، بدار زبيدة الصغرى بمكة المشرفة، وترجم فى الطبقة: بالفقيه الإمام العالم الأمين، جمال الدين أبو الحجاج. والطبقة أظنها بخط القارئ، وهو إسماعيل بن عبد الله بن محمد الحسينى الموسوى. انتهى.

_ 2766 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2767 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2769 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2771 ـ يوسف بن الحسن بن على بن يوسف بن أبى بكر السجزى المكى الحنفى، يلقب بالجمال بن البدر بن التاج

ومن أبى بكر بن حرز الله القفصى: صحيح مسلم. ومن يونس الهاشمى: خماسيات ابن النقور. وما علمته حدث. وهو من شيوخ الرضى الطبرى بالإجازة، ولم أدر متى مات، إلا أنه كان حيا فى سنة خمس وأربعين وستمائة. انتهى. 2771 ـ يوسف بن الحسن بن على بن يوسف بن أبى بكر السجزى المكى الحنفى، يلقب بالجمال بن البدر بن التاج: سمع من فخر الدين التوزرى: الملخص للقابسى أجاز يوسف بن الحسن السجزى فى سنة ست وخمسين وسبعمائة. لشيخنا أبى الفضل محمد بن أحمد بن ظهيرة، وقريبه ظهيرة بن حسين، وفى ثمان وخمسين، لشيوخنا: القاضى مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازى، وجاد الله بن صالح، وأخيه عبد الله الشيبانى. وفى سنة تسع وخمسين، لشيوخنا محمد بن حسين بن مؤمن، ومحمد بن يعقوب بن زبرق، وأحمد بن محمد بن محمود، وعبد الله بن محمد بن أحمد بن قاسم الحرازى. انتهى. ومن الرضى: صحيح البخارى، وغير ذلك. وأجاز له باستدعاء البرزالى سنة ثلاث عشرة وسبعمائة جماعة، وحدث، ودرس وأفتى، وله تأليف فى العروض، وشعر. سمع منه الحافظ قطب الدين الحلبى، والمحدث جمال الدين بن يونس البعلبكى، وكان ولى تدريس مدرسة الأمير أرغون النائب، للحنفية، فى دار العجلة بمكة، بولاية من الواقف، درس بها مدة سنين، وناب عن عمه الشهاب الحنفى بمقام الحنفية، وعن القاضى شهاب الدين الطبرى فى العقود، ثم عزله، فلم يترك، لأنه كان يرى أنه لا يتعزل إلا بجنحة. وتوفى فجأة فى صفر، سنة إحدى وستين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 2772 ـ يوسف بن حسين بن يوسف بن يعقوب الحصن كيفاى المكى: كان ينوب فى الحسبة بمكة، عن قاضيها عز الدين بن محب الدين النويرى، ثم عن شيخنا القاضى جمال الدين محمد بن عبد الله بن ظهيرة، وباشر ذلك بعد موت أبيه نحو خمس عشرة سنة، وكان يقرأ فى المسجد الحرام وغيره من المجالس التى يجتمع الناس فيها. توفى فى ليلة الأحد خامس شهر رجب، سنة ست عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وقد قارب الستين. 2773 ـ يوسف بن الحكم بن أبى سفيان: [ ............ ] (1).

_ 2773 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال ترجمة 8702، تهذيب التهذيب ترجمة 20848). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2774 ـ يوسف بن أبى راجح محمد بن إدريس بن غانم بن مفرج العبدرى الشيبى المكى.

2774 ـ يوسف بن أبى راجح محمد بن إدريس بن غانم بن مفرج العبدرى الشيبى المكى. شيخ الحجبة وفاتح الكعبة. ولى ذلك بعد محمد بن أبى بكر الشيبى، حتى مات فى سادس عشر رمضان، سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وكانت مدة مباشرته، ستة أعوام إلا يسيرا. 2775 ـ يوسف بن الحكم [ ........... ] (1). 2776 ـ يوسف بن الزبير القرشى الأسدى، مولاهم، المكى. مولى الزبير، ويقال مولى عبد الله بن الزبير، روى عنهما، وعن يزيد بن معاوية، وعبد الملك بن مروان. وروى عنه مجاهد، وبكر بن عبد الله المزنى. روى له النسائى، وذكره ابن حبان فى الثقات. قال صاحب الكمال: وكان يقرأ الكتب، وقال: المكى. ولم يذكر ذلك الذهبى. انتهى. 2777 ـ يوسف بن سالم بن عطية بن صالح بن عبد النبى الجهنى المكى، المعروف بأبى الإصبع: هكذا نسبه لى حفيده عبد الرحمن بن يحيى، توفى سنة سبعين وسبعمائة، أو فى التى قبلها، أو فى التى بعدها بمكة. ودفن بالمعلاة. 2778 ـ يوسف بن أبى الساج: أخو محمد بن أبى الساج، المذكور فى هذا الكتاب. ذكرهما المصنف فى كتابه «شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام» فى من ولى مكة فى خلافة المعتمد أحمد بن المتوكل العباسى، وقال: وأما ولاية أخيه يوسف بن أبى الساج، فذكرها ابن الأثير، لأنه قال فى أخبار سنة إحدى وسبعين ومائتين: وفيها عقد لأحمد بن محمد الطائى على المدينة، وطريق مكة، فوثب يوسف بن أبى الساج، وهو والى مكة، على بدر غلام الطائى ـ وكان أميرا على الحاج ـ فحاربه، وأسره، فثار الجند والحاج بيوسف فقاتلوه،

_ 2775 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب ترجمة 20890). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2776 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال ترجمة 8707، تهذيب التهذيب ترجمة 20853، تقريب التهذيب ترجمة 32649).

2779 ـ يوسف بن عبد الله بن ميمون المكى

واستنقذوا بدرا، وأسروا يوسف، وحملوه إلى بغداد. وكانت الوقعة بينهم على أبواب المسجد الحرام. انتهى. 2779 ـ يوسف بن عبد الله بن ميمون المكى: يروى عن عطاء. وعنه يعقوب بن القعقاع. ذكره ابن حبان فى الطبقة الثالثة من «الثقات». 2780 ـ يوسف بن على بن سليمان القروى: نزيل مكة، المؤدب بالمسجد الحرام، سمع على الزين الطبرى، غيره بمكة، وكان قارئ الحديث، بدرس وزير بغداد فى الحرم الشريف، وأدّب الأطفال. وتوفى بمكة بعد أن جاور بها سنين كثيرة متأهلا، وذلك فى سنة أربع وستين وسبعمائة. انتهى. 2781 ـ يوسف بن عمر بن على بن رسول، الملك المظفر، نصرة الدين، بن الملك المنصور، صاحب اليمن: ولى السلطنة بعد أبيه، ثم قلده المعتصم الخليفة العباسى اليمن، واستمر على سلطنته حتى مات، إلا أنه عهد بها لابنه الأشرف عمر، وكان استولى على سائر بلاد اليمن وحصونها، حتى على صنعاء، وملك مكة أيضا، والطائف، وما والاه، وكان ملكه لمكة فى ذى القعدة سنة اثنتين وخمسين وستمائة، لأنه جهز إليها ابن برطاس، فاستولى عليها، ثم أخرجه منها الأشراف فى آخر المحرم سنة ثلاث وخمسين وستمائة. وفى سنة سبع وخمسين، تولى أمر الحرم وعمارته، وإقامة منارة، وجرامك خدمته. وفى سنة سبع وخمسين، حج، فعمت صدقته بيوت مكة، وأحسن إلى الحاج، ونثر الذهب والفضة على الكعبة، وغسلها، وحمل الماء بنفسه، وكساها، وكان يكسوها غالب السنين، وكانت كسوته إنما تجعل على الكعبة بعد سفر الحاج المصرى من مكة، مراعاة لصاحب مصر، وعمل للكعبة بابا، وأقام بها، حتى أبدل فى آخر سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، بالباب الذى بعث به الملك الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر، وأخذ بنو شيبة حليته، وكانت ستين رطلا فضة، والقفل الذى على باب الكعبة الآن منسوب إليه. وله بمكة مآثر باقية إلى الآن منها: عمارة المواليد، وعمارة مأذنة مسجد الخيف، وجدد مسجد عبد الله بن عباس رضى الله عنهما بالطائف، فى سنة خمس وسبعين وستمائة، وله مآثر كثيرة.

2782 ـ يوسف بن عيسى بن عياش التجيبى الأندلسى المالكى

وكان سمع الحديث بمكة، وأجازه جماعة من شيوخها، وباليمن، وخرج لنفسه أربعين حديثا، وكان له إلمام بالعلم، واطلاع على الهيئة والهندسة والمنطق والروحانيات، وكان يحب العلماء ويكرمهم، وكانت مدة سلطنته ستا وأربعين سنة، وأحد عشر يوما، وعاش أربعا وسبعين سنة وثمانية أشهر وعشرة أيام. وكانت وفاته فى يوم الثلاثاء، ثالث عشر رمضان، سنة أربع وتسعين وستمائة بمكة، أيام ولاية أبيه لها، نيابة عن الملك المسعود. 2782 ـ يوسف بن عيسى بن عياش التجيبى الأندلسى المالكى: المؤدب بالمسجد الحرام، سمع من العفيف النشاورى «السيرة» للمحب الطبرى، وسمع عليه، وعلى الشيخ أبى العباس بن عبد المعطى، والقاضى فخر الدين أبى اليمن محمد بن العلاء محمد بن الكمال محمد بن أسعد بن عبد الكريم الثقفى القاياتى الشافعى «الشفاء» للقاضى عياض، بالمسجد الحرام، فى مجالس آخرها الرابع من شعبان سنة خمس وثمانين وسبعمائة. وأجازه الثلاثة، وحضره معه ولده محمد فى الثالثة من عمره، وسمع مجلس الختم، وأوله: فصل واعلم أن من استخف بالقرآن أو المصحف [ ...... ] (1) أولاده الثلاثة: إبراهيم ومريم وآمنة، وأجاز وحفظ. كان يؤم بمقام المالكية، نيابة عن القاضى نور الدين النويرى، وأدب أولاده مع جماعة من أولاد أعيان الحرم، وكان خيرا. توفى بمكة بعد أن جاور بها سنين كثيرة، فى ليلة السبت تاسع عشرى شهر ربيع الأول، من سنة أربع وتسعين وسبعمائة، ودفن بالمعلاة. 2783 ـ يوسف بن محمد بن إبراهيم العطار المكى: مفتى مكة، روى عن داود بن عبد الرحمن العطار، وعبد الله بن زرارة الحجبى [ ....... ] (1). روى عنه: أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقى، مؤلف «أخبار مكة» وأبو يحيى عبد الله بن أحمد بن أبى مسرة، المكيان. وذكره الفاكهى فى فقهاء مكة، فقال: ثم كان مفتيهم يوسف بن محمد العطار، وعبد الله بن قنبل، وأحمد بن زكريا بن أبى مسرة. انتهى.

_ 2782 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2783 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2784 ـ يوسف بن أبى راجح محمد بن إدريس بن مفرج العبدرى الشيبى المكى، شيخ الحجبة، وفاتح الكعبة

وما ذكرنا فى نسبه أبيه «بمحمد»، وجده «بإبراهيم»، موافق ما ذكره الأزرقى فى غير موضع من تاريخه، ووقع له فى موضع آخر من كتابه، نسبة أبيه «بإبراهيم» وجده «بمحمد»، ولم أره هكذا إلا فى موضع واحد، فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله: ذكر الجبّ الذى كان فى الكعبة، ومال الكعبة الذى يهدى لها، وما جاء فى ذلك. ولعل تسمية أبيه وجده فى هذه الترجمة، سبق قلم من الأزرقى، أو من ناسخ كتابه، والله أعلم. وقد روى الأزرقى أمورا كثيرة، منها: أنه قال: سمعت جدى أحمد بن محمد، ويوسف بن محمد بن إبراهيم، يسألان عن المتكأ، وهل صح عندهما أن النبى صلى الله عليه وسلم، اتكى فيه، فرأيتهما ينكران ذلك، ويقولان: لم نسمع به من ثبت. انتهى. 2784 ـ يوسف بن أبى راجح محمد بن إدريس بن مفرج العبدرى الشيبى المكى، شيخ الحجبة، وفاتح الكعبة: ولى ذلك بعد محمد بن أبى بكر الشيبى، حتى مات فى سادس عشر رمضان، سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وكانت مدة مباشرته؛ [ .... ] (1) أعوام إلا يسيرا. أكملت هذه الترجمة من المختصر الأول لهذا التاريخ للمصنف. 2785 ـ يوسف بن محمد بن أبى بكر محمد بن أيوب، الملك المسعود بن الملك الكامل أبى المعالى بن الملك العادل، صاحب اليمن ومكة: جهزه أبوه إلى اليمن فى ألف فارس، ومن الخازندارية والرّماة خمسمائة، ورحل من القاهرة فى سابع عشر شهر رمضان، سنة إحدى عشرة وستمائة، ووصل مكة فى ثالث ذى القعدة، وخطب له بها، ونثر على الناس ألف دينار، وأهدى لقتادة أمير مكة ألف دينار، وقماشا بألف دينار، وتوجه منها بعد الحج إلى اليمن. كذا ذكر ابن خلكان، والنويرى «فى تاريخه»، وذكر أنه ملك زبيد، فى مستهل المحرم سنة اثنتى عشرة. وذكر بيبرس الداوادار فى «تاريخه» أنه رحل من مكة فى العشر الثانى من ذى القعدة، لأنه خشى تفرق الأجناد إذا جاءه الموسم، وأقيمت له الخطبة بزبيد، يوم الجمعة لسبع بقين من ذى الحجة من السنة المذكورة، فهذا كما تراه مخالفا والله أعلم. ثم ملك تعز فى تاسع صفر، وقبض على سليمان بن شاهنشاه الأيوبى، وجهزه إلى

_ 2784 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

مصر، وجرد العسكر إلى صنعاء، فهرب منها المنصور عبد الله بن حمزة الحسنى ولحق بالجبال، وملك المسعود البلاد، ويقال: إنه قتل باليمن ثمانمائة شريف وخلقا من الأكابر. ثم ملك مكة فى ربيع الآخر، وقيل الأول، من سنة عشرين وستمائة، وقيل فى سنة تسع عشرة وستمائة، انتزعها من حسن بن قتادة، بعد أن تحاربا بين الصفا والمروة، وثبت عسكر الملك المسعود بمكة إلى العصر، وجرت أمور عجيبة، وكثر الجلب إلى مكة فى أيامه، وأمنت الطرق، وقلت الأشرار، لعظم هيبته. وكان شهما مقداما، منع إطلاع علم الخليفة الناصر لدين الله العباسى إلى جبل عرفة، وأطلع علمه وعلم أبيه، ويقال: إنه أذن فى إطلاعه قبيل الغروب، لما ليم فى ذلك وخوف، وذلك فى سنة تسع عشرة، وبدا منه فى هذه السنة، تجبر وقلة دين، فإن سبط ابن الجوزى، ذكر أن شيخه جمال الدين الحصرى قال: قال: رأيته وقد صعد على قبة زمزم، وهو يرمى حمام مكة بالبندق، ورأيت غلمانه يضربون الناس بالسيوف فى أرجلهم بالمسعى، ويقولون: اسعوا قليلا قليلا، فإن السلطان نائم سكران، فى دار السلطنة التى بالمسعى، والدم يجرى على ساقات الناس. وكان ظلم التجار، لم عزم على التوجه إلى اليمن، بعد موت عمه الملك المعظم صاحب دمشق، طمعا فيها، فلم يصل إلى مكة إلا وقد فلج، ويبست يداه ورجلاه، ورأى فى نفسه العبر، فلما حضر، بعث إلى رجل مغربى، وقال: والله ما أرضى لنفسى من جميع ما معى كفنا أكفن فيه، فتصدق علىّ بكفن. فبعث إليه نصفتين بغدادى، ومائتى درهم، فكفنوه فيهما. وكانت وفاته فى ثالث عشر جمادى الأولى، سنة ست وعشرين وستمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وبنى عليه بعد ذلك قبة، هى مشهورة إلى الآن. هكذا أرخ وفاته المنذرى فى التكملة، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى. وما ذكره صاحب بهجة الزمن، من أنه توفى فى ربيع الأول من هذه السنة، وهم، وإنما خرج من اليمن فى هذا الشهر، كما قال الحاتمى، فاشتبه تاريخ خروجه بتاريخ موته. وأما ما ذكره الجندى، من أنه توفى مسموما فى رجب، وقيل فى شعبان، سنة خمس وعشرين، فخطأ بلا شك.

2786 ـ يوسف بن محمد بن محمد بن محمد بن عمران الطنجى. المؤدب بالحرم الشريف

وذكر صاحب البهجة، أنه أوصى ألا تهلب عليه الخيل، ولا تطلب عليه السروج، وأن يدفن بين الغرباء. وكان مولده فى ربيع الآخر سنة سبع وتسعين وخمسمائة. وذكر أبو شامة: أنه بنى القبة التى على مقام إبراهيم عليه السلام. والدراهم المسعودية، المتعامل بها، منسوبة إليه فى غالب ظنى. والله أعلم. 2786 ـ يوسف بن محمد بن محمد بن محمد بن عمران الطنجى. المؤدب بالحرم الشريف: هكذا وجدته منسوبا بخط شيخنا ابن سكّر، وسألت عنه السيد العلامة تقى الدين الفاسى، فذكر أنه كان فقيها صالحا عابدا ورعا زاهدا كريما محسنا إلى الفقراء، وكان شيخ الفقراء برباط ربيع، وعمل فيه صهريجا من ماله، وبيض الرباط، وعمر فيه أماكن، ثم انتقل إلى المدينة بعد أن أقام بمكة أكثر من ثلاثين سنة، ومات بها فى سنة خمس وسبعين وسبعمائة، ودفن عند شهداء أحد، رضى الله عنهم. 2787 ـ يوسف بن محمد عطية: [ .......... ] (1). 2788 ـ يوسف بن محمد بن عمر بن على بن محمد بن حموية، الأمير فخر الدين، المعروف بابن الشيخ، ويقال ابن شيخ الشيوخ، الجوينى: أمير مكة، جهزه إليها الملك الكامل، سنة تسع وعشرين وستمائة، لإخراج راحج ابن قتادة، وعسكر الملك المنصور صاحب اليمن فى جيش كثيف، فاستولوا على مكة، ثم أخرجه منها راجح فى صفر سنة ثلاثين. وكان وزير الملك الصالح أيوب بن الكامل، وقام بتدبير الأمر بعده، حتى وصل ولده المعظم توران شاه، وتهيأت له السلطنة، فلم يقبلها، ثم قتل بإثر ذلك، فى رابع ذى القعدة سنة سبع وأربعين وستمائة بالمنصورة من دمياط، وحمل إلى القاهرة، فدفن فى تربته بالقرافة، وكان ذا رأى وعقل ودهاء وشجاعة وكرم، وله شعر، منه قوله [من الطويل]: عصيت هوى نفسى صغيرا فعند ما ... رمتنى الليالى بالمشيب وبالكبر أطعت الهوى عكس القضية ليتنى ... خلقت كبيرا وانتقلت إلى الصغر

_ 2787 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2789 ـ يوسف بن محمد بن يوسف بن الحكم بن أبى عقيل الثقفى

2789 ـ يوسف بن محمد بن يوسف بن الحكم بن أبى عقيل الثقفى: أمير مكة والمدينة والطائف، ولى لابن أخته الوليد بن يزيد بن عبد الملك، فى سنة خمس وعشرين ومائة، ثم عزله فى سنة ست وعشرين ومائة. انتهى .. 2790 ـ يوسف بن ماهك بن بهزاد الفارسى المكى: روى عن: حكيم بن حزام، وأبى هريرة، وغيرهما، وروى عنه: عطاء ـ وهو من أقرانه ـ وأيوب، وحميد الطويل، وآخرون. روى له الجماعة. ووثقه ابن معين، والنسائى، وغيرهما. وتوفى سنة ثلاث عشرة ومائة، وقيل سنة ست عشرة. انتهى. 2791 ـ يوسف بن يعقوب بن موسى [ ........... ] (1). 2792 ـ يوسف بن يعقوب البغدادى النجاحى ـ بفتح النون والجيم وبعد الألف حاء مهملة ـ أبو بكر: سكن مكة، وحدث بها عن سفيان بن عيينة، وروى عنه القاضى المحاملى، وإسماعيل ابن العباس الوراق، وغيرهما. ذكره الخطيب، وقال: كان ثقة. انتهى. 2793 ـ يوسف بن أبى القاسم بن أحمد بن عبد الصمد بن أبى بكر الأنصارى الخزرجى اليمانى المكى الحنفى، يلقب بالجمال: سمع من الجمال الأميوطى: «صحيح مسلم»، ومن أحمد بن سالم المؤذن. وعبد الوهاب القرمى: قطعة من آخر «الموطأ»، رواية يحيى بن يحيى، ومن الضياء الهندى، وفاطمة بنت أحمد بن قاسم الحرازى: بعض «المصابيح» للبغوى، وأجاز له فى سنة إحدى وسبعين وسبعمائة وما بعدها، الشهاب الأذرعى، والجمال الإسنائى، وأبو البقاء السبكى، وعبد الرحمن بن القارئ، وغيرهم. واشتغل بالفقه وله به إلمام، ويذاكر بمسائل منه، وفيه دين وخير، ويتحرى فى الشهادة كثيرا، وله نظم. توفى فى [ .... ] (1) ربيع [ ..... ] (1) سنة ست وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفن

_ 2790 ـ انظر ترجمته فى: (تقريب التهذيب ترجمة 32633). 2791 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2793 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2794 ـ يوسف بن نصير بن عبد الله المصرى

بالمعلاة. له أولاد، منهم: أم هانئ بنت خالة الوالدة، وأحمد، سمع على أبى بكر، نظما لابن دقيق العيد، ولأبى حيان، فى سنة تسعين وسبعمائة بمكة، كما رأيته بخط القارئ، الجمال المرشدى. انتهى. 2794 ـ يوسف بن نصير بن عبد الله المصرى: المؤدب بالمسجد الحرام، ويعرف بالدباغ، جاور بمكة سنين كثيرة تزيد على العشرين، وسمع الحديث، وأدب بها الأطفال، منهم جدى تقى الدين، ووالدى نجم الدين، وأنجب منهم جماعة، ثم أعرض عن تأدبيهم، وعمل طباخا بالمسعى، ثم تحول لمصر، وأدب بها بعض المماليك، وبها مات فى سنة تسع وعشرين وثمانمائة. انتهى. أخبرنى القاضى نجم الدين محمد بن قاضى القضاة كمال الدين أبى البركات محمد ابن ظهيرة القرشى رحمه الله، أن الفقيه يوسف بن نصير الدباغ قدم إلى مكة المشرفة بعد الثمانين وسبعمائة من البحر المالح، على طريق القصير، وأقام بها يؤدب الأطفال بالمسجد الحرام، إلى بعد العشرين وثمانمائة، بسنتين أو ثلاثة، ثم ترك ذلك، وسافر إلى القاهرة، وقام بها يؤدب بطبقة الزمام بالقلعة، مماليك الأمير بشتك الساقى، إلى أن مات فى آخر المحرم، أو أول صفر، سنة تسع وعشرين وثمانمائة، وصلى عليه بمصلى جامع الماردانى، ودفن خارج باب المحروق، بتربة الصحراء، وشيعه خلق، رحمه الله وسامحه. 2795 ـ يونس بن محمد بن بندار السنبسى، أبو الفضل بن أبى بكر الدينورى: حدث عن القاضى أبى غالب محمد بن عمر الشيرازى، بجزء فيه أحاديث فى فضل شهر رمضان، وعن أبى الوقت السجزى، بجزء الكوفانى، سمعهما منه ابن أبى حرمى، ولم أدر متى مات، إلا أنه كان حيا فى سنة ست وسبعين وخمسمائة بالحرم الشريف. 2796 ـ يونس بن يحيى بن أبى الحسن بن أبى البركات بن أحمد بن عبيد الله ابن محمد بن أحمد بن حمزة بن إسماعيل بن محمد بن عيسى بن موسى بن محمد بن على بن عبد الله بن الحسين بن العباس بن عبد المطلب الهاشمى العباسى، أبو محمد، وأبو الحسن، المعروف بالقصار الب غدادى: نزيل مكة، حدث عن أبى الوقت بصحيح البخارى، وسمع عليه، وعلى جماعة، أشياء كثيرة منهم القاضى أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموى، سمع منه الأعيان، منهم: القاضى إسحاق الطبرى، وأقام بزبيد مدة، أخذ عنه بها جماعة، منهم الفقيه إسماعيل بن محمد الحضرمى، ووثق، وتكلم فيه ابن مسدى بما لا يقدح فيه، وهو

أنه حدث بصحيح البخارى، من نسخة من رواية أبى ذر الهروى، لما بين الحموى شيخ أبى ذر، وشيخ شيخ أبى الوقت، وبين شيخ أبى ذر والكشميهنى، والمستملى، من الخلاف فىلتقديم والتأخير، والزيادة والنقص، ولبس خرقة التصوف، من الشيخ عبد القادر الكيلانى، لبسها منه الشيخ محيى الدين بن العربى واختلف فى وفاته، فقيل يوم الخميس ثامن صفر، وقيل فى حادى عشر شعبان، من سنة ثمان وستمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وذكره الجندى فى «تاريخ أهل اليمن»، وقال: أقام بمكة مدة إماما بالمقام. وهذا غريب، وأظنه وهم فى ذلك، لأن الإمام به فى وقت مجاورة يونس، وغيره، اللهم إلا أن يكون أمّ نيابة، وهو بعيد من مراد الجندى. والله أعلم. تم الجزء السابع من تجزئتنا، وهو يقابل نصف الربع من تجزئة المؤلف. ويليه إن شاء الله: الجزء الثامن. وأوله: «باب الكنى». * * *

باب الكنى

باب الكنى هذا الباب يذكر فيه ذوى الكنى، من لم يعرف له اسم، ومن عرف بكنيته، ولكن اختلف فى اسمه، ومن اشتهر بكنيته وإن كان اسمه معروفا، وهؤلاء لم أترجمهم كما ترجمت المذكورين فى هذا الباب، لتقدم تراجمهم فى محلها من الكتاب، وإنما أذكر كنية الإنسان منهم، وما يعرف به من نسبته إلى قبيلة أو بلد، ثم أذكر اسمه واسم أبيه وجده فى الغالب. وذكرت فى آخر هذا الباب أربعة فصول: الأول: فيمن اشتهر بلقبه مضافا إلى الدين، مثل: محب الدين، وغيره من الألقاب. والثانى: فيمن اشتهر بالنسبة إلى أبيه أو جده، مثل: ابن جريج، وابن أبى حرمى، وشبه ذلك. والثالث: فيمن اشتهر بالنسبة إلى قبيلة، أو بلد، أو لقب مفرد، مثل: الإخشيد. وكل من ذكرناه فى هذه الثلاثة الفصول، ذكرناه على صفة من ذكرناه فى هذا الباب، ممن اشتهر بكنيته، ولم يختلف فى اسمه إلا قليلا. والفصل الرابع: فيمن نسب إلى أبيه أو جده، ولم أعرف اسمه، وفيه جماعة سواهم معروفون بصفات، مثل: شاب، أو شاعر، أو أسود، وليس منهم من يعرف بالنسبة إلى أحد. * * * حرف الألف 2797 ـ أبو أحمد بن جحش الأعمى: اسمه: عبد بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان ابن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر الأسدى.

_ 2797 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2860، الإصابة ترجمة 9505، أسد الغابة ترجمة 5669، إمتاع الأسماع 1/ 55، حلية الأولياء 1/ 108، 5/ 120، حسن الصحبة 300، الأعلام 4/ 76، الطبقات الكبرى بيروت 8/ 46).

2798 ـ أبو الأخنس بن حذافة بن قيس بن عدى بن سعد بن سهم القرشى السهمى

أمه وأم أخيه عبد الله بن جحش المجدع فى الله: أميمة بنت عبد المطلب، عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل اسمه: ثمامة، ولا يصح. والصحيح فى اسمه «عبد» وكان أبو أحمد هذا شاعرا. قال محمد بن إسحاق: كان أول من خرج إلى المدينة مهاجرا من مكة، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدى، حليف بن أمية بن عبد شمس، احتمل بأهله وبأخيه أبى أحمد بن جحش الشاعر الأعمى. وكانت عند أبى أحمد: الفارعة بنت أبى سفيان بن حرب. وتوفى أبو أحمد بن جحش، بعد زينب بنت جحش أخته، زوج النبى صلى الله عليه وسلم، وكانت وفاتها سنة عشرين. وقال يحيى بن معين: اسم أبى أحمد بن جحش: عبد الله بن جحش بن قيس، فلم يصنع شيئا، والصحيح ما ذكرناه: عبد بن جحش. 2798 ـ أبو الأخنس بن حذافة بن قيس بن عدى بن سعد بن سهم القرشى السهمى: [أخو خنيس بن حذافة، وعبد الله بن حذافة، فى صحبته نظر، ولا يوقف له على اسم] (1). 2799 ـ أبو الأرقم القرشى [ .... ] (1). 2800 ـ أبو أمية المخزومى: [قال ابن عبد البر: حديثه عن حماد بن سلمة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة، عن المنذر مولى أبى ذر، عن أبى أمية المخزومى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بسارق اعترف ولم يوجد عنده متاع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما إخالك سرقت ... » الحديث. ذكره العقيلى فى الصحابة. وذكره الحاكم، فقال أبو أمية المخزومى، وذكر له هذا الخبر: «ما إخالك سرقت ... » مرتين. قال: بلى، فأمر به فقطع. فقال: «أستغفر الله

_ 2798 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2862، الإصابة ترجمة 5671، الإصابة ترجمة 9510، الكنى والأسماء 1/ 117). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. وما أوردناه من الاستيعاب. 2799 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2800 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2888، الإصابة ترجمة 9562، أسد الغابة ترجمة 5704، تجريد أسماء الصحابة 1492).

2801 ـ أبو أمية المخزومى، ويقال: الأنصارى

وأتوب إليه»، فقالها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم تب عليه». وهذا الخبر قد روى بنحو هذا عن رجل من الأنصار] (1). 2801 ـ أبو أمية المخزومى، ويقال: الأنصارى [ ..... ] (1). 2802 ـ أبو أمية الجمحى: [قال: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة فقال له: «إن من أشراطها أن يلتمس العلم عند الأصاغر». لا أعرفه بغير هذا، ذكره بعضهم فى الصحابة، وفيه نظر. وفى الصحابة من بنى جمح من يكنى أبا أمية صفوان بن أمية، وعمير بن وهب كلاهما يكنى أبا أمية] (1). 2803 ـ أبو إياس الديلى [ويقال الكنانى: وهو من كنانة من بنى الديل رهط أبى الأسود الديلى، وهو من أشرافهم، وعمه سارية بن زنيم الذى قال فيه عمر بن الخطاب: يا سارية، الجبل الجبل، وكان أبو إياس شاعرا، وهو القائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: [الطويل] تعلم رسول الله أنك قادر ... على كل حاب من تهام ومن جد وهى أبيات كثيرة، منها قوله فيها: [الطويل] وما حملت من ناقة فوق رحلها ... أبر وأوفى ذمة من محمد وله ابن شاعر يقال له أنس بن أبى إياس، استخلفه الحكم بن عمرو الغفارى على خراسان حين حضرته الوفاة، فعز له زياد وولى خليد بن عبد الله الحنفى، فقال أنس: [الوافر]: ألا من مبلغ عنى زيادا ... مغلغلة يخب به البريد أتعزلنى وتطعمها خليدا ... لقد لاقت حنيفة ما تريد] (1). * * *

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. وما أوردناه من الاستيعاب. 2801 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2802 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2885، الإصابة ترجمة 9554، أسد الغابة ترجمة 5701، الطبقات الكبرى بيروت 4/ 199). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. وما أوردناه من الاستيعاب. 2803 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2892). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. وما أوردناه من الاستيعاب.

حرف الباء الموحدة

حرف الباء الموحدة 2804 ـ أبو بصير الثقفى: اختلف فى اسمه ونسبه، فقيل: عبيد بن أسيد بن جارية، وذكر خليفة عن أبى معشر، قال: اسمه عتبة بن أسيد بن جارية بن أسيد بن عبد الله بن سلمة بن عبد الله بن غيرة بن عوف بن قسى ـ وهو ثقيف ـ بن منبه بن بكر بن هوزان، حليف لبنى زهرة. وقال ابن إسحاق: أبو بصير، عتبة بن أسيد بن جارية. وقال ابن شهاب: هو رجل من قريش. وقال ابن هشام: هو ثقفى، وأظن أن ابن شهاب نسبه إلى حلفه فى بنى زهرة. ذكره عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن شهاب، فى قصة القضية عام الحديبية، قال: ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فجاءه أبو بصير ـ رجل من قريش ـ وهو مسلم، فأرسلت قريش فى طلبه رجلين، فقالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: العهد الذى جعلت لنا، أن ترد إلينا كل من جاءك مسلما. فدفعه النبى صلى الله عليه وسلم إلى الرجلين، فخرجا حتى بلغا ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إنى لأرى سيفك هذا جيدا يا فلان، فاستله الآخر وقال: أجل، والله إنه لجيد، لقد جربت به، ثم جربت ثم جربت، فقال أبو بصير: أرنى أنظر إليه، فأمكنه منه، فضربه به حتى برد، فخرج حتى أتى سيف البحر، قال: وانفلت منهم أبو جندل بن سهيل، فلحق بأبى بصير، وجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم، إلا لحق بأبى بصير، حتى اجتمعت منهم عصابة. قال: فو الله ما يسمعون بعير خرجت لقريش، إلا اعترضوا لهم، فقتلوهم وأخذوا أموالهم. وكان أبو بصير يصلى لأصحابه، وكان يكثر من قول: الله العلى الأكبر، من ينصر الله فسوف ينصره، فلما قدم عليهم أبو جندل، كان هو يؤمهم. 2805 ـ أبو بكر بن أحمد بن عمر العجلونى: خطيب سرمين (1) العقبة، قرية من عمل عزاز (2)، أصله من عجلون، ثم انتقل والده

_ 2804 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2904، الإصابة ترجمة 9633، أسد الغابة ترجمة 5734). 205 ـ (1) سرمين: بفتح أوله، وسكون ثانيه، وكسر ميمه ثم ياء مثناة من تحت ساكنة، وآخره نون: بلدة مشهورة من أعمال حلب، قيل: إنها سميت بسرمين بن اليفز بن سام بن نوح، عليه السلام، وقد ذكر الميدانى فى كتاب الأمثال أن سرمين هى مدينة سدوم التى يضرب بقاضيها المثل، وأهلها اليوم إسماعيلية. انظر: معجم البلدان (سرمين). (2) عزاز: بفتح أوله، وتكرير الزاى، وربما قيلت بالألف فى أولها. والعزاز الأرض الصلبة: وهى بليدة فيها قلعة ولها رستاق شمالى حلب بينهما يوم. انظر: معجم البلدان (عزاز).

2806 ـ أبو بكر بن أحمد بن محمد الشراحى

إلى عزاز فسكنها. ثم إن الشيخ أبا بكر ولى خطابة سرمين، وقدم إلى حلب، فقرأ على الشيخ زين الدين حفص البارينى، وسمع الحديث من الشيخ ظهير الدين بن العجمى، وغيره. ثم رحل إلى المدينة، وحج وجاور، وسمع بمكة وغيرها. وكان يعظ على الكرسى بالجامع الأموى بحلب وغيره. وهو رجل خيّر، دين، مواظب على العبادة، كان يذكر أن والده يقول: إنهم جعفريون، من أولاد جعفر بن أبى طالب. توفى رحمه الله تعالى بمكة فى سادس عشر صفر، سنة إحدى وثمانمائة. انتهى لفظه من تاريخ العلامة القاضى علاء الدين بن خطيب الناصرية الحلبى، الذى هو ذيل على «بغية الطلب فى تاريخ حلب» لابن العديم. 2806 ـ أبو بكر بن أحمد بن محمد الشراحى: نزيل مكة، سمع من ابن أبى الصيف، ومن يونس الهاشمى: صحيح البخارى، ومن زاهر، ومن الحصرى، مسند الشافعى؛ وغير ذلك، وحدث وأجاز لأمين الدين القسطلانى، وأظنه خاتمة أصحابه. ونقلت من خطه، أنه توفى فى ثامن ذى القعدة سنة اثنتين وأربعين وستمائة بمكة، ونقلت من خط الشراحى، وأنه ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة. والشراحى: بشين معجمة وحاء مهملة. 2807 ـ أبو بكر أحمد بن الجبرتى المؤدب بالمسجد الحرام: جاور بمكة مدة طويلة، وأدب الأطفال بالحرم تحت مئذنة باب على، وكان خيرا. وتوفى فى ثامن عشر ذى القعدة سنة ست وثمانين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. 2808 ـ أبو بكر بن أحمد العيدى اليمنى الوزير: ذكره الخزرجى فى «تاريخ اليمن». وذكر له ترجمة مطولة. مختصرها: وقال: كان أديبا فاضلا لبيبا عاقلا عالما رئيسا كاملا. أثنى عليه عمارة ثناء مرضيا. ولد سنة سبع وخمسمائة بأبين (1)، فحفظ بها القرآن، ودخل عدن سنة إحدى

_ 2808 ـ (1) أبين: يفتح أوله ويكسر، بوزن أحمر ويقال يبين، وذكره سيبويه فى الأمثلة بكسر الهمزة، ولا يعرف أهل اليمن غير الفتح، وحكى أبو حاتم، قال: سألنا أبا عبيدة كيف تقول عدن أبين أو إبين، فقال: أبين وإبين جميعا. وهو مخلاف باليمن، منه عدن، يقال أنه سمّى بأبين بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبأ. وقال الطبرى: عدن وأبين ابنا عدنان ابن أدد. معجم البلدان (أبين).

2809 ـ أبو بكر بن أحمد بن محمد بن أبى بكر بن العاقل السلامى ـ بتشديد اللام ـ المكى، المنعوت بالصفى

وثلاثين وخمسمائة، فقرأ فيها علم الأدب، والفقه، وعلم الحساب، ومهر فى جميع ذلك، ونظم ونثر، وحاز فضلا واسعا، وعلما نافعا. وكانت عدن يومئذ فى يد الشيخ بلال بن جرير المحمدى، مولى السلطان الداعى محمد بن سبأ بن أبى السعود الزريعى، وكان له كاتب، فتوفى، فأخذه الشيخ كاتبا، فلما عرف فضله وعقله، جعله بمنزلة الولد، والصاحب المدبر لأموره، فكان لا يقطع أمرا دون مراجعته، وامتحن فى آخر عمره بكفا بصره. وحج أول حجة فى سنة خمسين وخمسمائة، ثم حج ثانيا، فتوفى بمكة فى الخامس من المحرم، سنة أربع وسبعين وخمسمائة. 2809 ـ أبو بكر بن أحمد بن محمد بن أبى بكر بن العاقل السلامى ـ بتشديد اللام ـ المكى، المنعوت بالصفى: هكذا ذكره الشيخ تقى الدين بن رافع السلامى، فى «ذيل تاريخ بغداد»، وذكر أنه كان تاجرا ذا ثروة، فترك ذلك، وانقطع بمكة، وتعبد بها، وأنه ولد فى سنة إحدى وأربعين وستمائة، وتوفى فى سادس عشر شوال، وقيل: فى ذى القعدة سنة ست وعشرين وسبعمائة، بالمدينة. قلت: وجدت بخط غير واحد ممن أعتمد عليهم، ومنهم جدى على بن أبى عبد الله الفاسى، بأنه توفى فى ليلة الجمعة سادس ذى القعدة من السنة المذكورة، ودفن بالبقيع إلى جنب قبر إبراهيم بن النبى صلى الله عليه وسلم، ومولده فى العشر الأول من ربيع الأول، سنة إحدى وأربعين وستمائة. هكذا وجدت بخط جدى، وذكر أنه نقل ذلك من خطه، ووجدت بخط جدى، أنه كان يكتب: أبو بكر عبد الله، وأبو بكر أحمد، وكان سمع على جماعة ببغداد ودمشق، منهم: الفخر بن البخارى، وعبد الرحمن بن الزين أحمد بن عبد الملك، القدسيات، سمع عليهما جزء الأنصارى، وحدث. وأجاز لشيخنا أحمد بن محمد بن إسماعيل الطبرى. وذكر ابن فرحون، أنه انقطع بالمدينة على عبادة عظيمة، لا يفتر، لا ليلا ولا نهارا، وأن له بها رباطا للرجال والنساء. 2810 ـ أبو بكر بن إبراهيم بن محمد الإربلى، يلقب بالشمس: نزيل مكة، سمع بها من يونس الهاشمى، وعبد الرحمن بن أبى حرمى، مع القاضى إسحاق الطبرى، وكتب السماع بخطه، وترجمه بتراجم، منها: مفتى الحرمين، والمدرس بهما. ونقلت من خط ابن أبى حرمى فى حجر قبره بالمعلاة، أنه توفى فى سنة ثلاث عشرة وستمائة بالموقف، فى يوم عرفة. انتهى.

2811 ـ أبو بكر بن إبراهيم بن محمد الجرباذقانى

2811 ـ أبو بكر بن إبراهيم بن محمد الجرباذقانى [ ..... ] (1). 2812 ـ أبو بكر بن أبى الحسن الطوسى: إمام مقام إبراهيم الخليل عليه السلام بالمسجد الحرام. ما عرفت متى مات، إلا أنه كان حيا فى رمضان، سنة تسع وعشرين وخمسمائة بمكة، لأنه فى هذا التاريخ، شهد على رامشت بوقفه لرباطه بمكة. انتهى. رأيت حجر قبره بالمعلاة، وفيه أنه توفى فى ليلة الخميس، غرة صفر سنة ثلاث وستين وخمسمائة. انتهى. 2813 ـ أبو بكر بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم التيهانى: هكذا ذكره «صاحب الدرة السنية»، وذكر أنه جاور بمكة، وسمع بها من يونس الهاشمى، وغيره، ثم قدم الثغر، واستوطنه، وبه توفى، فى ثالث عشر جمادى الأولى سنة أربع وعشرين وستمائة. 2814 ـ أبو بكر بن خالد [ ........ ] (1). 2815 ـ أبو بكر بن عبد الله بن ظهيرة [ ....... ] (1). مات أبو بكر بن ظهيرة فى سنة اثنتى عشرة وثمانمائة بمكة. انتهى. 2816 ـ أبو بكر بن عبد الحليم بن أبى العز العسقلانى: كذا ذكره القاضى علاء الدين بن خطيب الناصرية فى «ذيله» على بغية الطلب فى تاريخ حلب، للصاحب كمال الدين بن العديم، وقال: ذكره الحافظ فى معجمه، وقال فيه: المقرى الرجل الصالح الزاهد، من قراء أهل دمشق فى الختم، مولده بحران فى حدود سنة اثنتين وستمائة، وسمع من الجمال البغدادى، وغيره. وتغير ذهنه بعد سماعنا منه بمدة، وذكر ذلك قبل موته بعامين، وآواه أولاد أخته، وقد حج مرات. وفقئت عينه بأم غيلان، وكان إذا قرأ هو والشيخ محمد بن الشواء، أطربا وأبكيا. مات فى ذى الحجة سنة ثلاث عشرة وسبعمائة بمر. روى عنه حديث. انتهى. 2817 ـ أبو بكر بن عبد الله بن أبى سبرة المكى: [ ............. ] (1):

_ 2811 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2814 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2815 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2817 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2818 ـ أبو بكر بن عبيد الله بن أبى مليكة القرشى التيمى المكى

مات سنة اثنتين وستين ومائة. وقد ولى قضاء مكة لزياد الحارثى. 2818 ـ أبو بكر بن عبيد الله بن أبى مليكة القرشى التيمى المكى: روى عن عائشة، وعثمان بن عبد الرحمن التيمى وعبيد بن عمير. وروى عنه ابنه عبد الرحمن، وابن جريج، وغيرهما. وروى له البخارى. وذكره ابن حبان فى الثقات. 2819 ـ أبو بكر بن عبد الرازق الدكالى المالكى: نزيل مكة، كان كثير الخير والصلاح والورع، مجتهدا فى العبادة، بحيث يستغرق فيها أوقاته، جاور بمكة بضعا وعشرين سنة، ملازما للصلاة والطواف والصيام، وتوجه فى سنة عشر وثمانمائة أو قربها، إلى المدينة النبوية زائرا، فمكث بها أشهرا، ثم عاد إلى مكة، وكذلك فى سنة اثنتين وثمانمائة، وعاد إلى مكة، وما خرج من مكة بعد ذلك لغير الحج والعمرة. وله معرفة بمذهب مالك، وتفقه فيه على الفقيه محمد بن يوسف الإسكندرى المالكى بالإسكندرية وسكنها مدة سنين، وظهر بها خيره لأهلها، فاعتقدوه. وكان أشار لبعض حكام الإسكندرية فى أمر بخير، فلم يقبل ذلك منه الحاكم المشار إليه، ثم أصيب الحاكم بعد مدة، فكثر اعتقادهم للشيخ أبى بكر، وكان للناس بمكة فيه اعتقاد جميل، وشفع عند بعض قضاتها فى قضية فلم يجبه، فلما عرف ذلك أخبر بتغير حال بعض ذلك القاضى، فظهر ذلك بعد قليل، وشفع عند مفتاح الزفتاوى، نائب الإمرة بمكة، بأن لا يتعرض لامرأة يعرفها الشيخ أبو بكر بسوء، فأظهر مفتاح موافقته على ذلك، ثم عاد للتشويش على المرأة، فعرف بذلك الشيخ المذكور، فقال: لا يفلح. فقدر أن بعض بنى حسن أغاروا على مكة، فخرج مفتاح لحربهم، فقتل فى اليوم الذى عاد فيه

_ 2818 ـ عبد الله بن عبيد الله بن أبى مليكة، زهير بن عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤى، الإمام الحجة الحافظ أبو بكر. انظر ترجمته فى: (تهذيب التهذيب 5/ 306، المعارف 209، الأعلام 4/ 102، طبقات ابن سعد 5/ 473، طبقات خليفة 257، تاريخ البخارى 5/ 137، التاريخ الصغير 1/ 283، الجرح والتعديل 5/ 99، تهذيب الكمال 708، تهذيب التهذيب 2/ 146، تذكرة الحفاظ 1/ 101، العبر 1/ 145، تاريخ الإسلام 4/ 267، طبقات القراء 1/ 430، النجوم الزاهرة 1/ 276، طبقات الحفاظ 41، خلاصة تهذيب الكمال 205، شذرات الذهب 1/ 153، سير أعلام النبلاء 5/ 88).

2820 ـ أبو بكر بن على بن يوسف الذروى، يلقب بالفخر ويعرف بالمصرى

التشويش على المرأة، أو بقربه، وكان السيد حسن بن عجلان يكرمه كثيرا، وكان لى كثير المودة، ويسألنى عن كثير من مسائل المذهب، وكان على ذهنه شيء من أسرار الحروف والأسماء، وكان قدومه إلى مكة فى سنة إحدى وثمانمائة، أو قبلها بقليل، ورزق بمكة من أمة تسرى بها ولدا وبنتا، فماتا، ثم أمهما، وكثر أسفه على ابنه، فتعلل بعده نحو أربعة أشهر، حتى مات شهيدا مبطونا، وكان موته وقت الظهر من يوم الأربعاء، سادس عشر رجب سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمنزله بالخزامية بمكة المشرفة، وصلى عليه عند الكعبة المعظمة عقيب صلاة العصر، ودفن بالمعلاة، وكان الجمع وافرا فى تشييعه، وممن شيع جنازته ومشى فيها إلى المعلاة وحملها، الشريف نور الدين على ابن عنان بن مغامس بن رميثة الحسنى المكى، أمير مكة، والأمير الكبير السيفى قرقماس الأشرفى، مقدم العسكر المنصور بمكة، وغيرهم، أثابهم الله تعالى، وكنت فيمن شيعه، وأظنه من أبناء الستين أو قربها. 2820 ـ أبو بكر بن على بن يوسف الذروى، يلقب بالفخر ويعرف بالمصرى: الفراش بالحرم الشريف المكى. سمع بها على الحجى والزين الطبرى، ومحمد بن الصفى، وجماعة. وقرأ بنفسه، وكتب بخطه طبقات يسيرة، وكان فراشا بالحرم الشريف، وأمينا على الشراب، وكانت له خصوصية بالقاضى تقى الدين الحرازى، وتوفى فى رمضان أو بعده، من سنة سبع وستين وسبعمائة ببلده فيما أظن. وتوفى ولده أبو الفضل محمد، فى آخر سنة أربع وتسعين، أو فى سنة خمس، فى الإسكندرية فيما أظن. 2821 ـ أبو بكر بن عمر بن شهاب الهمذانى الصوفى: نزيل مكة، سمع من يونس الهاشمى، وشيخ الحرم أبى الفرج يحيى بن ياقوت البغدادى، وغيرهما، وحدث. سمع منه الحافظ شرف الدين الدمياطى، برباط خاتون بالمسجد الحرام، فضائل العباس لحمزة السهمى، والمحدث تقى الدين عبد الله بن عبد العزيز المهدوى، وذكره فى كتابه «مجتنى الأزهار فى ذكر من لقيناه من علماء الأمصار». ووصفه بالهمذانى، الشيخ الصالح الصوفى، نزيل مكة، شرفها الله تعالى. وروى عنه حديثا من فضائل العباس لحمزة السهمى، بصيغة: أخبرنا ابن شهاب، أخبرنا أبو الفرج يحيى بن ياقوت، مملوك العتبة الشريفة. انتهى. وتوفى يوم السبت ثالث عشر ربيع الأول سنة سبع وأربعين وستمائة بمكة، ودفن

2822 ـ أبو بكر بن عمر بن على القرشى اليمنى

بالمعلاة، نقلت وفاته من حجر قبره، وترجم فيها بتراجم، منها: بقية السلف، شيخ الصوفية بالحرم الشريف. 2822 ـ أبو بكر بن عمر بن على القرشى اليمنى: نزيل مكة. جاور بالحرمين ثلاثين سنة متوالية، وكان غالبها مقيما بمكة، وتولى فيها مشيخة الفقراء برباط ربيع بمكة، وحمد فى ذلك باعتبار دينه، وأدب الأطفال بالحرمين مدة، ثم ترك ذلك قبل موته بسنين كثيرة، إلا أنه أدّب أياما يسيرة بعد تركه، وكنت ممن قرأ عليه القرآن وغيره، وانتفعت ببركة تعليمه، وكان له إلمام بمسائل كثيرة من العبادات وغيرها، وله حظ وافر من العبادة والدين. توفى بمكة فى سحر اليوم الخامس عشر من شهر رمضان، سنة خمس عشرة وثمانمائة، وصلى عليه بالمسجد الحرام، عند باب الكعبة، ودفن بالمعلاة، وازدحم الأعيان بمكة على حمل نعشه للتبرك به، وحضر دفنه خلق كثير. ومولده سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، أو فى سنة سبع وأربعين، الشك منى، لأنه أخبرنى بمولده فى إحدى هاتين السنتين، وشككت أنا فى إحداهما، ومولده بقرية يقال لها القرشية بقرب زبيد، من اليمن، وكان يذكر لنا أن القرشيين الذين هو منهم، من بنى أمية بن عبد شمس بن عبد مناف. 2823 ـ أبو بكر بن أبى الفتح بن عمر بن على بن أحمد بن محمد السجزى الحنفى: إمام الحنفية بالمسجد الحرام، يلقب نجيب الدين. حدث بكتاب «أخبار مكة لأبى الوليد الأزرقى» عن المبارك بن الطباخ، سماعا، على ما وجدت فى طبقة سماع به عليه، وفيها ما يخالف ما ذكرناه فى نسبه، وصورة ما رأيت: سمع جميع «كتاب مكة» هذا، تأليف أبى الوليد الأزرقى، مع «رسالة المهدى» و «افتخار الحرمين» و «رسالة الحسن البصرى» على الشيخ الإمام العالم نجيب الدين أبى بكر بن الشيخ الإمام أبى الفتح بن أبى عمر بن على السجستانى، إمام مقام الحنفية بمكة، أيده الله، بحق سماعه من الشيخ أبى محمد المبارك المعروف بابن الطباخ البغدادى، من لفظه: أخبرنا الشيخ أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر المقرى الحريرى، وساق إسناده إلى الأزرقى، وفى الطبقة بعد ذلك، وبعد السامعين: وذلك بحرم الله الشريف، تجاه الكعبة المعظمة بقرب باب السدة، فى مجالس آخرها يوم الأربعاء خامس شعبان المكرم، سنة ست عشرة وستمائة. انتهى.

2824 ـ أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطى بن أحمد بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى الخزرجى المكى المصرى المالكى

واستفدنا من هذا، حياته فى هذا التاريخ، وما عرفت من حاله سوى هذا. ورأيت أنا تاريخا للأزرقى عليه طبقة غير هذه، بأنه سمع عليه التاريخ المذكور، وذلك بقراءة الشريف إسماعيل الموسوى، وتاريخ ذلك، سنة ثلاث عشرة وستمائة، وذلك بدار زبيدة الصغرى، من مكة المشرفة، وفيها أيضا، سماع ابنه الجمال يوسف، وترجم صاحب الترجمة المسمع: بالشيخ الأجل الفقيه الفاضل العالم الأمين الصدر. انتهى. 2824 ـ أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطى بن أحمد بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى الخزرجى المكى المصرى المالكى: سمع بمكة من عثمان بن الصفى الطبرى: سنن أبى داود. وعلى غيره بها، وذكر لى أنه سمع باليمن من محدثها إبراهيم بن عمر العلوى، فى سنة تسع وأربعين وسبعمائة، وأنه قرأ على الشيخ سراج الدين الدمنهورى بمكة، عدة ختمات، لأبى عمرو، ونافع، وابن كثير، وابن عامر، وأنه حضر مجلس تدريس الشريف أبى الخير الفاسى فى الفقه، وأنه قرأ فى الفقه على قريبه، مسعود بن عبد المعطى، وأنه حضر عند الشيخ يحيى الرهونى قراءة «مختصر ابن الحاجب فى الفقه» وأنه حفظ ربع هذا المختصر، و «مختصر ابن الحاجب فى الأصول» و «الرسالة» لابن أبى زيد، و «العمدة فى النحو» لابن مالك. وكان له إلمام بالعلم وأخبار الناس، مع عبادة، اجتمعت به مرات كثيرة بمصر والإسكندرية، ومع ذلك فلم يتفق السماع منه، إلا أنه أجاز لى مروياته، وكتبت عنه عدة تراجم. وتوفى فى أثناء سنة ست وثمانمائة، قبل رجب، بمصر، ودفن بالقرافة، وكان قد أقام بها سنين كثيرة، بعد أن دخل بلاد التكرور (1)، على ما أخبرنى به، ويقال إنهم استسقوا به فسقوا، وذلك ببلد ماملى، وكان حسن الذاكرة، كثير الاستحضار للتواريخ. وذكر لى ما يدل على أن مولده فى سنة تسع وعشرين وسبعمائة بمكة. 2825 ـ أبو بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى المكى: جاور بمكة مستوطنا بها، ورزق بها أولادا نجباء، وأنجب من ذريته جماعة، صاروا علماء مكة ورواتها وقضاتها وخطبائها وأئمتها. ووجدت بخط الميورقى، أن يعقوب، ابن أبى بكر هذا، أخبره أن أباه استوهب من

_ 2824 ـ (1) التكرور: براءين مهملتين: بلاد تنسب إلى قبيل من السودان فى أقصى جنوب المغرب، وأهلها أشبه الناس بالزنوج. انظر: معجم البلدان (تكرور).

2826 ـ أبو بكر بن محمد بن أبى بكر بن على بن يوسف، الذروى الأصل المكى المولد والدار، فخر الدين بن الجمال المصرى

النبى صلى الله عليه وسلم، ذرية صالحة، فقضى الله حاجته، ووجدت بخطه، أنه توفى سنة ثلاث عشرة وستمائة بعرفات محرما، وكان قدومه مكة، فى أول عشر الثمانين وخمسمائة، أو قبل ذلك. 2826 ـ أبو بكر بن محمد بن أبى بكر بن على بن يوسف، الذروى الأصل المكى المولد والدار، فخر الدين بن الجمال المصرى: ولد بمكة ونشأ بها، ثم انتقل إلى اليمن، وقد بلغ أو راهق، لأن أباه كان قد استوطن اليمن، وصار له بها وجاهة، واشتغل هناك بالفقه والنحو وغيره، وتنبه، وتولى الحسبة بعدن، ثم عزل عنها، وصار يتردد إلى مكة، وأخذ بها الفقه عن القاضى جمال الدين بن ظهيرة، والأصول عن الشيخ شهاب الدين الغزى الدمشقى، وغيره. واشتغل بها فى غير ذلك من العلوم، وكتب بخطه كثيرا من كتب العلم، ونظم الشعر، وكان يتسبب بالبيع والشراء فى زمن الموسم، وتردد بأخرة إلى وادى نخلة (1)، واشترى فيه بالبردان مكانا، وعمر فيه دارا بالموضع المعروف بالتنضب. وتوفى فى ليلة الثلاثاء الثامن من ذى القعدة، سنة ست عشرة وثمانمائة، ودفن بالمعلاة، وقد بلغ الأربعين أو قاربها، وكان قد انقطع بمكة عن سفر اليمن قبل موته، نحو سبع سنين، وكان فى بعضها يقيم بوادى نخلة، وأصابه ثقل فى سمعه، مدة انقطاعه بمكة، وسمع بمكة من بعض شيوخها، وأجاز له جماعة من شيوخنا الشاميين بالإجازة. 2827 ـ أبو بكر بن محمد بن أبى بكر بن على بن يوسف الذروى الأصل، المكى، فخر الدين بن جمال الدين المعروف والده بالمرشدى المصرى: أجاز لأبى بكر بن المرشدى، فى سنة ثمان وتسعين وسبعمائة: العراقى والبلقينى، والهيثمى، وابن الملقن، والبرهان الشامى، والحلاوى والسويداوى، وابن الشيخة، ومريم بنت الأذرعى، وأخوها محمد وغيرهم. سمع على [ ..... ] (1) وحفظ «المنهاج» فى الفقه، و «مختصر ابن الحاجب» فى الأصول، وغير ذلك. واشتغل فى الفقه والنحو، وكثرت عنايته بالأدب، وكان ذا معرفة به وبغيره، وله نظم حسن ومجاميع مفيدة، وكان صاحبنا الإمام الأديب المحدث،

_ 2826 ـ (1) نخلة على لفظ واحدة النخل: موضع على ليلة من مكة، وهى التى ينسب إليها بطن نخلة، وهى التى ورد فيها الحديث ليلة الجن. وقال ابن ولاد: هما نخلة الشامية، ونخلة اليمانية: فالشامية: واد ينصب من الغمير، واليمانية: واد ينصب من بطن قرن المنازل، وهو طريق اليمن إلى مكة، فإذا اجتمعا فكانا واديا واحدا، فهو المسد، ثم يضمها بطن مر. انظر: معجم البلدان (نخلة). 2827 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2828 ـ أبو بكر بن محمد بن إبراهيم المرشدى المكى الحنفى، فخر الدين بن جمال الدين

جمال الدين محمد بن موسى المراكشى المكى، كثير الاستحسان لنظمه. ومن شعره: ولو أنى استطعت إليك سعيا ... لجزت البحر نحوك والمخاضه ولكنى سأصبر فى سلوكى ... لأنى قد بلغت إلى الرياضه ودخل طلبا للرزق مرات إلى اليمن، وأدركه الأجل بزبيد، فمات فى يوم عرفة، سنة ست وعشرين وثمانمائة، وقد جاوز الثلاثين بيسير. ومن شعره فى رسالة كتبها إلى الشيخ جمال الدين محمد بن عبد الوهاب اليافعى: شاقك القلب وإن لم تزل ... فيه ويصبو نحوك الخاطر ولا يلذ العيش إلا إذا ... قابل وجهى وجهك الناضر وحق نصف اسمك فى عكسه ... إنى دموعى نصفه الآخر وله ـ وقد درس الخطيب أبو الفضل محمد بن قاضى القضاة محب الدين النويرى بالمدرسة الأفضلية بمكة ـ: مدرسة الأفضل قالت لنا ... لا تسألوا ما حل بى من هوان الجاهل الأحمق جا يبتغى ... التدريس فى تفسير آى القرآن وما درى من جهله أنه ... تبوّا النار وخسر الجنان ومنها: فليته يا صاح يبتغ ... وليت لا جاء من دمشق فلان حتى علا الإسلام فى رفعة ... والله يقبض من كل جان من قال إن النجم فى فعله ... يؤثر استوجب حد السنان 2828 ـ أبو بكر بن محمد بن إبراهيم المرشدى المكى الحنفى، فخر الدين بن جمال الدين: ولد بين الظهر والعصر من يوم السبت ثالث شهر رمضان، سنة إحدى وثمانمائة، وأجاز له فى سنة خمس وثمانمائة وما بعدها: أحمد بن محمد بن أبى البدر الجوهرى، وعبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الحلبى، وأبو اليمن الطبرى، وعائشة بنت محمد بن عبد الهادى، وأبو اليسر أحمد بن عبد الله بن الصائغ، والعراقى، والهيثمى، وأبو الطيب السحولى، وعبد القادر الأرموى، وخلق. حفظ «الكنز» فى الفقه، وغيره، واشتغل، ومات فى شوال، أو ذى القعدة، سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وهو فى عشر الثلاثين.

2829 ـ أبو بكر بن محمد بن أبى بكر محمود بن ناصر الشيبى الحجبى المكى، شيخ الحجبة، وفاتح الكعبة، يلقب فخر الدين

2829 ـ أبو بكر بن محمد بن أبى بكر محمود بن ناصر الشيبى الحجبى المكى، شيخ الحجبة، وفاتح الكعبة، يلقب فخر الدين: سمع بمكة على الشيخ خليل المالكى: «الشفا» للقاضى عياض، والأربعين الفراوية، وبعض الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، وغير ذلك، ومن العز بن جماعة: «المنسك الكبير» له، ومنه ومن الفخر النويرى، بعض «السنن الصغرى للنسائى» ومن الكمال بن حبيب بعض «مشيخته» وذكر أنه سمع بدمشق على ابن أميلة، ولم أر ذلك، وولى مشيخة الحجبة بعد على بن أبى راجح الشيبى، من صاحب مصر، وولى ذلك أخوه على، من أمير مكة بعد موت على بن أبى راجح المذكور، فلما وصل توقيع أبى بكر بولايته لمشيخة الحجبة، باشر ذلك عنه ابنه أحمد، لكون أبيه كان غائبا عن مكة باليمن، فى حال ولايته، وفى حال وصول توقيعه بالولاية إلى مكة، ثم مات أحمد بعد شهر أو نحوه، فعاد إلى مباشرة الفتح، لغيبة أبى بكر من مكة، وباشر ذلك بحضرة أبى بكر، بعد وصوله، لأنه سأل أبا بكر أن يعطيه ما ذكر أنه تكلفه على الولاية، فتوقف فى ذلك أبو بكر. فلما كان فى أول سنة تسعين وسبعمائة، باشر أبو بكر فتح الكعبة بغير كلفة، لأمر أوجب ذلك، واستمر أبو بكر على ولايته، حتى مات فى آخر ليلة السبت ثانى عشرى صفر، سنة سبع عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وهو فى عشر الثمانين، فإنه ذكر لى ما يقتضى أنه ولد بعد سنة أربعين وسبعمائة بيسير. وكان شديد السواد، فى سمعه ثقل كثير، وسافر بعد مباشرته للمشيخة غير مرة من مكة، وكان يستخلف فيها ابن أخيه علىّ فى بعض الأوقات، واستخلف فى بعضها أخاه عليّا، وفى مرض موته، استخلف الجمال محمد بن على بن أبى راجح الشيبى، وباشر ذلك مرتين قبل موته، وكان استخلفه فى ذلك فى بعض سفراته من مكة. 2830 ـ أبو بكر بن أبى الخير محمد بن عبد الله بن محمد القرشى الهاشمى المكى، المعروف بابن فهد: سمع فى سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، من الكمال بن حبيب: «سنن ابن ماجة» بفوت، ومن الجمال بن عبد المعطى: «صحيح ابن حبان» بفوت، وسمع من العفيف النشاورى، وغيره. وأجاز له فى سنة ثمان وستين وسبعمائة وما بعدها: شهاب الدين الأذرعى، وابن أميلة، وزينب ابنة أحمد الدمانيسى وغيرهم.

2831 ـ أبو بكر بن محمد العقيلى ـ بفتح العين ـ السلامى بتخفيف اللام ـ اليمنى، المعروف بالزيلعى

توفى فى جمادى الأولى من سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة باليمن، بأبيات حسين. 2831 ـ أبو بكر بن محمد العقيلى ـ بفتح العين ـ السلامى بتخفيف اللام ـ اليمنى، المعروف بالزيلعى: وذكر الجندى فى «تاريخ أهل اليمن» أنه: ولد بالقرية المعروفة بالسلامة، من عمل حيس (1)، بقرب زبيد، وحج إلى مكة عدة حجج، قيل تسعا، وتوفى بعاشرتها، وكان ابن العجيل قد حج تلك السنة، فقال لأهل مكة: ما كنتم فاعلين لكبراء قريش، فعلتموه لهذا، فقد تحققت أنه قرشى، فغسلوه وكفنوه، ثم قبروه. وقبره بالمعلاة معروف، يقصد بالزيارة، وفيه دفن ولده على بن أبى بكر المقدم ذكره. 2832 ـ أبو بكر بن محمد بن موسى بن عمر الجبرتى المعروف بالمعتمر: نزيل مكة، كان من المجتهدين فى العبادة وحب الخير، سليم الصدر، لديه معرفة بعلم الحرف، وعلى ذهنه أحاديث وفوائد، جاور بمكة نحو ثلاثين سنة، وعرفه بها قاضيها خالى محب الدين النويرى، واغتبط به، واشتهر عند الناس، وما زال يشتهر ذكره، حتى شاع خبره فى البلاد، وأقبل عليه الشريف حسن بن عجلان صاحب مكة، وتوسط عنده فى أمور حسنة، وكان فى مبدأ أمره بمكة فقيرا جدا، ثم فتح عليه بدنيا طائلة، ودخل اليمن قبل موته بنحو خمس سنين، فأكرم مورده، ونال بها دنيا ورفعة، ثم عاد إلى مكة، فأقام بها حتى توفى وله مساع مشكورة فى أفعال الخير، وسعى فى قضاء حوائج الناس، وكان قل أن يترك الاعتمار فى كل يوم، إلا إذا كان مريضا، أو فى أيام الحج، ولذلك قيل له: المعتمر. توفى فى يوم السبت سابع عشر المحرم، سنة عشرين وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وكثر الازدحام على حمل نعشه، وله بمكة أولاد وملك. 2833 ـ أبو بكر بن محمود بن يوسف بن على الكرانى الهندى المكى الحنفى، يلقب بالفخر: سمع على الزين الطبرى، وعبد الوهاب بن محمد الواسطى «جامع الترمذى» وغير ذلك، على غيرهما، وما علمته حدث، وكان حفظ «المختار» فى الفقه واشتغل على يوسف الحنفى، وناب عن أبى الفتح بن يوسف الحنفى فى الإمامة بمقام الحنفية، وكان

_ 2831 ـ (1) حيس: بالسين المهملة، والحيس طعام يصطنعه العرب من التمر والأقط: وهو بلد وكورة من نواحى زبيد باليمن، بينها وبين زبيد نحو يوم للمجدّ، وهو كورة واسعة، وهى للراكب من الأشعرين. انظر: معجم البلدان (حيس).

2834 ـ أبو بكر بن أمين الأصبهانى

فيه تواضع وقضاء لحوائج الناس، وولى الإمامة والخطابة بقرية سولة (1)، من وادى نخلة الشامية، قبيل موته. انتهى. سمع على أبى بكر بن محمود المذكور: على النشاورى، وأبو العباس بن عبد المعطى، والقاضى فخر الدين القاياتى: «الشفاء» بقرب عين معين، فى سنة خمس وثمانين بالمسجد الحرام، وأجاز له الثلاثة، وترجم والده بالفقيه فخر الدين، والترجمة بخط القاضى شهاب الدين ابن الضياء). وتوفى فى آخر ذى القعدة سنة إحدى وتسعين وسبعمائة. بمكة، ودفن بالمعلاة. وتوفى ولده محمد بن أبى بكر بمصر، فى سنة تسعين وسبعمائة. وفيها توفى ولده أيضا، عبد الرحمن بن أبى بكر، فى آخر السنة وكان رزق عدة أولاد، سمى جماعة منهم بأسماء بعض العشرة، رضى الله عنهم. 2834 ـ أبو بكر بن أمين الأصبهانى [ ..... ] (1). 2835 ـ أبو بكر الآجرى: نزيل مكة، صاحب التواليف، هو: محمد بن الحسين بن عبد الله البغدادى، تقدم فى محله. 2836 ـ أبو البركات القسطلانى: إمام المالكية بالحرم الشريف، هو: عمر بن محمد بن عمر المالكى. تقدم ذكره فى محله. 2837 ـ أبو البركات بن ظهيرة: قاضى مكة. محمد بن محمد بن حسين بن على القرشى. تقدم فى محله. 2838 ـ أبو بكرة الثقفى: ذكره هكذا ابن عبد البر فى الكنى. وقال: اسمه نفيع بن مسروح. وقيل: نفيع بن

_ 2833 ـ (1) سولة: قلعة على رابية بوادى نخلة تحتها عين جارية ونخل، وهى لبنى مسعود بطن من هذيل. انظر: معجم البلدان (سولة). 2834 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2835 ـ سبق فى الترجمة رقم (151). 2836 ـ سبق فى الترجمة رقم (2195). 2837 ـ سبق فى الترجمة رقم (433). 2838 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2907، الإصابة ترجمة 9638، أسد الغابة ترجمة 5738).

حرف الثاء المثلثة

الحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج بن أبى سلمة بن عبد العزى بن عبدة بن عوف ابن قسى، وهو ثقيف. وأم أبى بكرة: سمية، جارية الحارث بن كلدة. وكان قد نزل يوم الطائف إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، من حصن الطائف، فأسلم فى غلمان أهل الطائف، فأعتقهم رسول صلى الله عليه وسلم، وقد عد فى مواليه صلى الله عليه وسلم. وكان من فضلاء الصحابة رضى الله عنهم. وهو الذى شهد على المغيرة بن شعبة، فبت الشهادة، وجلده عمر رضى الله عنه حد القذف، إذ لم تتم الشهادة. قيل إن رسول صلى الله عليه وسلم، كناه بأبى بكرة، لأنه تعلق ببكرة من حصن الطائف، فنزل إليهصلى الله عليه وسلم، وكان أولاده أشرافا بالبصرة، بالولايات والعلم. وله عقب كثير. وتوفى أبو بكرة بالبصرة، سنة إحدى خمسين، وقيل سنة اثنتين وخمسين. وقال الحسن البصرى: لم ينزل البصرة من الصحابة ممن سكنها، أفضل من عمران بن حصين، وأبى بكرة، رضى الله عنهما. * * * حرف الثاء المثلثة 2839 ـ أبو ثابت القرشى [ ..... ] (1). 2840 ـ أبو ثعلبة الثقفى: حديثه عند إسماعيل بن عياش، عن عبد العزيز بن عبيد الله، عن جعفر بن عمرو بن أمية، عن إبراهيم بن عمر، قال: سمعت كردم بن قيس يقول: «خرجت مع ابن عم لى، يقال له أبو ثعلبة، فى يوم حار، وعلىّ حذاء، ولا حذاء عليه، فقال: أعطنى نعليك، فقلت: لا، إلا أن تزوجنى ابنتك، فقال: أعطنى، فقد زوجتكها. فلما انصرفنا، بعث إلىّ بالنعلين، وقال: لا زوجة لك عندنا. فذكرت ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم، فقال: دعها، فلا خير لك فيها. فقلت يا رسول الله، إنى نذرت لأنحرن ذودا من ذودى، بمكان كذا وكذا، فقال: على عيد من أعياد الجاهلية، أو على قطيعة رحم، أو ما لا تملك؟ فقلت: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك. ثم قال: لا نذر فى قطيعة رحم، ولا فيما لا يملك ابن آدم» (1).

_ 2839 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2840 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2915، الإصابة ترجمة 9670، أسد الغابة ترجمة 5750). (1) أخرجه أبو داود فى سننه (3314) من طريق: الحسن بن على، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا عبد الله بن يزيد بن مقسم الثقفى من أهل الطائف، قال: حدثتنى سارة ـ

2841 ـ أبو الثورين الجمحى

2841 ـ أبو الثورين الجمحى: تقدم فى محله. هو: محمد بن عبد الرحمن. * * * حرف الجيم المعجمة 2842 ـ أبو جراب الأموى: أمير مكة، هو: محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله، تقدم فى محله. 2843 ـ أبو جعفر الكنانى [ ..... ] (1).

_ ـ بنت مقسم الثقفى أنها سمعت ميمونة بنت كردم، قالت: خرجت مع أبى فى حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت الناس يقولون رسول الله صلى الله عليه وسلم فدنا إليه أبى وهو على ناقة له معه درة كدرة الكتاب فسمعت الأعراب والناس يقولون: الطبطبية الطبطبية، فدنا إليه أبى فأخذ بقدمه قالت: فأقر له ووقف فاستمع منه، فقال: يا رسول الله، إنى نذرت إن ولد لى ولد ذكر أن أنحر على رأس بوانة فى عقبة من الثنايا عدة من الغنم، قال: لا أعلم إلا أنها قالت: خمسين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل بها من الأوثان شئ» قال: لا، قال: «فأوف بما نذرت به لله». قالت: فجمعها فجعل يذبحها فانفلتت منها شاة فطلبها وهو يقول: اللهم أوف عنى نذرى فظفرها فذبحها. حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو بكر الحنفى، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن عمرو بن شعيب، عن ميمونة بنت كردم بن سفيان، عن أبيها نحوه مختصر منه شيء قال: «هل بها وثن أو عيد من أعياد الجاهلية». قال: لا. قلت: إن أمى هذه عليها نذر ومشى أفأقضيه عنها؟ وربما قال ابن بشار: أنقضيه عنها؟ قال: نعم. وأخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده (16171) من طريق: أبو بكر الحنفى، قال: حدثنا ابن جعفر، عن عمرو بن شعيب، عن ابنة كردمة، عن أبيها أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنى نذرت أن أنحر ثلاثة من إبلى. فقال: إن كان على جمع من جمع الجاهلية أو على عيد من أعياد الجاهلية أو على وثن فلا، وإن كان على غير ذلك فاقض نذرك. قال يا رسول الله، إن على أم هذه الجارية مشيا أفأمشى عنها؟ قال: نعم. وأخرجه أيضا برقم (22685) من طريق: أبو بكر الحنفى أخبرنا عبد الحميد بن جعفر عن عمرو بن شعيب عن ابنة كردمة عن أبيها أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنى نذرت أن أنحر ثلاثة من إبلى. قال: إن كان على جمع من جمع الجاهلية أو على عيد من عيد الجاهلية أو على وثن فلا. وإن كان على غير ذلك فاقض نذرك فقال: يا رسول الله. إن على أم هذه الجارية مشيا أفتمشى عنها؟ قال: نعم. 2841 ـ سبق فى الترجمة (251). 2842 ـ سبق فى الترجمة (232). 2843 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2844 ـ أبو جعفر، المعروف بالمزين الكبير

2844 ـ أبو جعفر، المعروف بالمزين الكبير: هذا ذكره ابن كثير فى «تاريخه» وقال: جاور بمكة، وبها مات، وكان من العباد. وقد تقدم فى باب من اسمه «على» ترجمة لعلى بن محمد البغدادى الصوفى، وهو المزين الكبير، على ما يقتضيه كلام الخطيب. 2845 ـ أبو جعفر العقيلى ـ بضم العين ـ المكى: مؤلف كتاب «الضعفاء»، هو: محمد بن عمرو بن موسى الحافظ، تقدم فى محله. 2846 ـ أبو جعفر المنصور: هو عبد الله بن محمد بن على، تقدم. 2847 ـ أبو جندل بن سهيل بن عمرو القرشى العامرى: قال الزبير: اسم أبى جندل: سهيل بن عمرو بن العاص بن سهيل بن عمرو، أسلم بمكة، فطرحه أبوه فى حديدة، فلما كان يوم الحديبية، جاء يرسف فى الحديد إلى الرسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان أبوه سهيل قد كتب فى كتاب الصلح: «إن من جاءك منا، فهو لنا، ترده علينا» فخلاه رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك، وذكر كلام عمر، وقال: ثم إنه أفلت بعد ذلك أبو جندل، فلحق بأبى بصير الثقفى، وكان معه فى سبعين رجلا من المسلمين، يقطعون على من مر بهم من عير قريش وتجارهم، فكتبوا فيهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يضمهم إليه، فضمهم إليه. وقد غلطت طائفة ألفت فى الصحابة، فى أبى جندل هذا، فقالوا: اسمه عبد الله بن سهيل، وأنه الذى أتى مع أبيه سهيل إلى بدر، فأنحاز من المشركين إلى المسلمين، وأسلم وشهد بدرا مع النبى صلى الله عليه وسلم، قال موسى بن عقبة: لم يزل جندل بن سهيل وأبوه مجاهدين بالشام، حتى ماتا، يعنى، فى خلافة عمر رضى الله عنه. انتهى.

_ 2844 ـ انظر ترجمته فى: (انظر طبقات الصوفية 382 ـ 385، تاريخ بغداد 12/ 73، الرسالة القشيرية 27، الأنساب 527، 528، المنتظم 6/ 304، العبر 2/ 215، مرآة الجنان 2/ 295، البداية والنهاية 11/ 193، طبقات الأولياء 140 ـ 141، النجوم الزاهرة 3/ 269، شذرات الذهب 2/ 316، سير أعلام النبلاء 15/ 232). 2845 ـ سبق فى الترجمة (350). 2846 ـ سبق فى الترجمة (1619). 2847 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2928، الإصابة ترجمة 9699، أسد الغابة ترجمة 5775، الثقات 5/ 568، الطبقات الكبرى بيروت 2/ 97، 99، 101، 4/ 154).

2848 ـ أبو جنيدة الفهرى

2848 ـ أبو جنيدة الفهرى [ ..... ] (1). 2849 ـ أبو جهم بن حذيفة بن غانم بن عامر بن عبد الله بن عبيد بن عويج بن عدى بن كعب القرشى العدوى: قيل: اسمه عامر بن حذيفة، وقيل عبيد بن حذيفة. أسلم عام الفتح، وصحب النبى صلى الله عليه وسلم، وكان مقدما فى قريش معظما، وكانت فيه وفى بنيه شدة وعزامة. قال الزبير: «كان أبو جهم بن حذيفة من مشيخة قريش، عالما بالنسب، وهو أحد الأربعة الذين كانت قريش تأخذ عنهم علم النسب، وقد ذكرتهم فى «باب عقيل» قال: وقال عمى: كان أبو جهم بن حذيفة، من المعمرين من قريش، بنى الكعبة مرتين، مرة فى الجاهلية، حين بنتها قريش، ومرة حين بناها ابن الزبير. هكذا ذكر الزبير عن عمه، أن أبا جهم بن حذيفة شهد بنيان الكعبة فى زمان ابن الزبير، وغيره يقول: إنه توفى فى آخر خلافة معاوية، والزبير وعمه أعلم الناس بأخبار قريش، وأبو جهم بن حذيفة، هو الذى أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خميصة لها علم، فشغلته فى الصلاة، فردها عليه. * * * حرف الحاء المهملة 2850 ـ أبو حامد المطرى المدنى: هو محمد بن عبد الرحمن بن محمد الخزرجى. 2851 ـ أبو حامد الفاسى: هو محمد بن عبد الرحمن بن أبى الخير محمد بن أبى عبد الله الفاسى [ ...... ] (1).

_ 2848 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2849 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2929، الإصابة ترجمة 9703، أسد الغابة ترجمة 5780، طبقات ابن سعد 5/ 451، التاريخ لابن معين 700، تاريخ خليفة 227، تاريخ الإسلام 2/ 330، سير أعلام النبلاء 2/ 556، نسب قريش 369، سمط اللآلى 539، الأعلام 3/ 250). 2850 ـ سبق فى الترجمة (260). 2851 ـ سبق فى الترجمة (266). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2852 ـ أبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى القرشى العامرى

2852 ـ أبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى القرشى العامرى: أخو سهيل بن عمرو، هاجر إلى أرض الحبشة، فيما قال ابن إسحاق. 2853 ـ أبو حبيب بن يعلى بن أمية التميمى المكى: روى عن ابن عباس رضى الله عنهما. روى عنه مصعب بن شيبة. وروى له ابن ماجة. (1) وذكره ابن حبان فى الثقات. وذكره مسلم فى الطبقة الأولى من تابعى أهل مكة. 2854 ـ أبو حثمة بن حذيفة بن غانم القرشى العدوى: والد سليمان بن أبى حثمة. زوج الشفاء بنت عبد الله العدوية، وأخو أبى الجهم بن حذيفة. 2855 ـ أبو الحديد، الشريف اليمنى: هو على بن محمد بن حديد بن على الحسينى الحضرمى. تقدم فى محله. انتهى. 2856 ـ أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى العبشمى (1): كان من فضلاء الصحابة، من المهاجرين الأولين، جمع الله له الشرف والفضل،

_ 2852 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2936، الإصابة ترجمة 9742، أسد الغابة ترجمة 5793). 2853 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال ترجمة 9038، تهذيب التهذيب ترجمة 21187، تقريب التهذيب ترجمة 32317). (1) أخرجه ابن ماجة فى سننه (507) من طريق: أبو بكر بن أبى شيبة، حدثنا محمد بن بشر، حدثنا مسعر، عن مصعب بن شيبة، عن أبى حبيب بن يعلى بن منب، عن ابن عباس أنه أتى أبى بن كعب ومعه عمر فخرج عليهما فقال: إنى وجدت مذيا، فغسلت ذكرى وتوضأت؟ فقال عمر: أو يجزئ ذلك، قال: نعم قال: أسمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نعم. 2854 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2939، الإصابة ترجمة 9752، أسد الغابة ترجمة 5801، الثقات 3/ 453، تجريد أسماء الصحابة 2/ 158، الاستبصار 246). 2855 ـ سبق فى الترجمة (2119). 2856 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2944، الإصابة ترجمة 9760، أسد الغابة ترجمة 5807، طبقات ابن سعد 3/ 59 ـ 60، تاريخ خليفة 611، المعارف 272، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 212، العبر 1/ 14، سير أعلام النبلاء 1/ 164، تاريخ الإسلام 1/ 364، الأعلام 2/ 171). (1) سبق ذكره للاختلاف فى اسمه فى باب مهشم فى الترجمة رقم (2537)، وباب هشام فى الترجمة رقم 2643، وباب هشيم الترجمة رقم (2649).

2857 ـ أبو الحسن بن أحمد بن عبد الله المكى

صلى القبلتين، وهاجر الهجرتين، وكان إسلامه قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم للدعاء فيها إلى الإسلام. هاجر مع امرأته سهلة بنت سهيل إلى أرض الحبشة، وولدت له هناك محمد بن أبى حذيفة، ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة، فأقام بها حتى هاجر إلى المدينة، وشهد بدرا، وأحدا، والخندق، والحديبية، والمشاهد كلها، وقتل يوم اليمامة شهيدا، وهو ابن ثلاث، أو أربع وخمسين سنة. يقال: اسمه مهشم، ويقال هشيم، وقيل هاشم. 2857 ـ أبو الحسن بن أحمد بن عبد الله المكى: توفى [ ..... ] (1) سنة خمس وتسعين وسبعمائة بمكة ودفن بالمعلاة. 2858 ـ أبو الحسن الشولى الرجل الصالح: هو على بن أبى الكرم. تقدم فى محله. 2859 ـ أبو الحسن بن محمد بن جبريل: [ ............... ] (1). 2860 ـ أبو حمزة الخارجى: المتغلب على مكة، هو المختار بن عوف الأزدى الإباضى. تقدم فى محله. * * * حرف الخاء المعجمة 2861 ـ أبو خالد القرشى المخزومى: والد خالد بن أبى خالد، روى عنه ابنه خالد بن أبى خالد، عن النبى صلى الله عليه وسلم فى الطاعون مثل حديث أسامة وغيره، سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك. 2862 ـ أبو الخير، الشريف الفاسى: هو محمد بن أبى عبد الله بن عبد الرحمن، تقدم فى محله.

_ 2857 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2858 ـ سبق فى الترجمة (2098). 2859 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2860 ـ سبق فى الترجمة (2414). 2861 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2954، الإصابة ترجمة 9831). 2862 ـ سبق فى الترجمة (266).

2863 ـ أبو الخير الفاسى الأصغر

2863 ـ أبو الخير الفاسى الأصغر: هو محمد بن عبد الرحمن بن أبى الخير المقدم ذكره، تقدم فى محله. 2864 ـ أبو الخير بن فهد: هو محمد بن محمد بن عبد الله القرشى، تقدم فى محله. 2865 ـ أبو الخير بن الصفى الطبرى: هو محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن الصفى أحمد. تقدم فى محله. 2866 ـ أبو الخير بن البهاء بن عبد المؤمن: هو محمد بن البهاء محمد بن عبد المؤمن الدكالى. تقدم فى محله. 2867 ـ أبو الخير بن أبى السعود بن طهيرة: هو محمد بن محمد بن حسين بن على القرشى. 2868 ـ أبو الخير بن الزين القسطلانى: هو محمد بن حسين بن الزين. تقدم فى محله. 2869 ـ أبو الخير بن على بن عبد الله بن على بن محمد بن بن عبد السلام بن أبى المعالى الكازرونى المكى: المؤذن بالحرم الشريف، ولد سنة أربع وخمسين وسبعمائة بمكة [ .... ] (1). توفى فى شعبان سنة تسع وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، سامحه الله تعالى. 2870 ـ أبو الخير بن أبى اليمن محمد بن أحمد بن الرضى إبراهيم بن محمد الطبرى المكى الشافعى: إمام المقام بالمسجد الحرام، زكى الدين، سمع من الجمال بن عبد المعطى فى سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، ببعض «سنن ابن ماجة»، وبعض «صحيح ابن حبان» ومن أحمد بن سالم المؤذن، وعبد الوهاب الغزولى: بعض «الموطأ»، رواية يحيى بن يحيى. ومن والده.

_ 2863 ـ سبق فى الترجمة (267). 2864 ـ سبق فى الترجمة (402). 2865 ـ سبق فى الترجمة (258). 2866 ـ سبق فى الترجمة (408). 2867 ـ سبق فى الترجمة (394). 2868 ـ سبق فى الترجمة (156). 2869 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

حرف الدال المهملة

وأجاز له فى سنة إحدى وسبعين وما بعدها: الصلاح بن أبى عمر، وابن أميلة. وابن الهبل، وأحمد بن النجم، والعماد بن كثير، ومحمد بن الحسن بن عمار الحارثى، وخلق، وما علمته حدث. وناب فى الإمامة بمقام إبراهيم الخليل بالمسجد الحرام عن والده. ثم نزل له والده فى مرض موته عن نصف الإمامة [ ..... ] (1) قتل ليلا خطأ، ظنه بعض مماليك السيد حسن، العسس لصا، فضربه، فصادف منيته، فى ليلة الجمعة تاسع صفر، سنة ثلاث عشرة وثمانمائة بمكة، ودفن بالمعلاة، وله أربعون سنة، ووداه السيد حسن من عنده وسلم الدية دراهم إلى ورثته وإخوته، فى شهر ربيع الأول. * * * حرف الدال المهملة 2871 ـ أبو دعيج بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى: أجاز له باستدعاء الحافظ علم الدين البرزالى، مؤرخ بسنة ثلاث عشرة وسبعمائة: أبو العباس الحجار، والشيخ تقى الدين بن تيمية، وأحمد بن على الجزرى، وأحمد بن محمد البجدى، وإسحاق الآمدى، والقاسم بن المظفر بن عساكر، ومحمد بن أحمد بن الزراد، ومحمد بن محمد بن محمد بن هبة الله بن الشيرازى، وأبو بكر بن أحمد بن عبد الدائم، وزينب ابنة الكمال، وخلق. * * * حرف الذال المعجمة 2872 ـ أبو ذر الهروى، الحافظ: هو عبد بن أحمد بن محمد الأنصارى. تقدم. * * * حرف الراء المهملة 2873 ـ أبو راجح الشيبى: هو محمد بن إدريس الحجبى. تقدم فى محله.

_ 2870 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2872 ـ سبق فى الترجمة (1921). 2873 ـ سبق فى الترجمة (102).

2874 ـ أبو رزين العقيلى

2874 ـ أبو رزين العقيلى: اسمه لقيط بن عامر بن صبرة بن عبد الله بن المنتفق بن عامر بن عقيل. عداده فى أهل الطائف. وروى عنه وكيع بن عدس، ويقال ابن حدس [ ...... ] (1) 2875 ـ أبو الروم بن عمير بن هاشم [بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصى: أخو مصعب بن عمير القرشى العبدرى. أمه أمة رومية. كان ممن هاجر إلى أرض الحبشة مع أخيه مصعب بن عمير. قال محمد بن عمر: كان أبو الروم قديم الإسلام بمكة، وهاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية، وشهد أحدا. قال: وحدثنا عبد الرحمن بن أبى الزناد عن أبيه، قال: ليس أبو الروم ممن هاجر إلى أرض الحبشة، ولو كان منهم لشهد بدرا مع من شهدها ممن رجع من أرض الحبشة قبل بدر، ولكنه قد شهد أحدا. قال أبو عمر: قد هاجر إلى أرض الحبشة، وقدم المدينة ولم يقدر له شهودها، وممن لم يقدر له شهود بدر جماعة، وقتل أبو الروم يوم اليرموك شهيدا فى خلافة عمر] (1). 2876 ـ أبو رافع، مولى النبى صلى الله عليه وسلم: ذكره ابن عبد البر، فقال: اختلف فى اسمه، فقيل: إبراهيم. وقيل: أسلم. وقيل: ثابت، وكان فقبطيا. واختلف فيمن كان له، قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل: كان للعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوهبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أسلم العباس، بشر أبو رافع رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامه، فأعتقه. وقيل: كان لسعيد بن العاص أبى أحيحة، وقد تقدم من ذكره فى باب أسلم ـ لأنه أشهر أسمائه ـ ما فيه كفاية، ولم أر لإعادة ذلك وجها. * * *

_ 2874 ـ سبق فى الترجمة (2383) (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2875 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2991، الإصابة ترجمة 9913، أسد الغابة ترجمة 5892، الطبقات الكبرى بيروت 3/ 120، 122). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. وما أوردناه من الاستيعاب. 2876 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 2978، الإصابة ترجمة 9888، أسد الغابة ترجمة 5874، مسند أحمد 6/ 8، طبقات ابن سعد 4/ 73 ـ 75، التاريخ لابن معين 704، المعارف 145، 146، الجرح والتعديل 2/ 149، معجم الطبرانى 1/ 286، المستدرك 3/ 597، تهذيب الكمال 1603، تهذيب التهذيب 4/ 12، خلاصة تهذيب الكمال 449، سير أعلام النبلاء 2/ 16).

حرف الزاى المعجمة

حرف الزاى المعجمة 2877 ـ أبو زيد المروزى: الفقيه الشافعى، هو محمد بن أحمد بن عبد الله. تقدم فى محله. 2878 ـ أبو الزبير المكى: هو محمد بن مسلم بن تدرس. تقدم فى محله. 2879 ـ أبو زهير الثقفى الطائفى: والد أبى بكر بن أبى زهير. اختلف فى اسمه، فقيل اسمه: معاذ، وقيل عمار بن حميد. يعد فى الحجازيين. وقيل: يعد فى الكوفيين. روى عنه ابنه أبو بكر. ويروى عن ابنه إسماعيل بن أبى خالد، وأمية بن صفوان بن أمية. قال عمرو بن على: أبو زهير الثقفى، اسمه: معاذ، وهو أبو بكر بن أبى زهير. * * * حرف السين المهملة 2880 ـ أبو سبرة بن أبى رهم بن عبد العزى بن أبى قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لوى القرشى العامرى: هاجر الهجرتين جميعا، وكانت معه فى الهجرة الثانية ـ فى قول ابن إسحاق والواقدى ـ زوجته أم كلثوم بنت سهيل بن عمرو، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سلمة بن سلامة بن وقش. وشهد أبو سبرة بدرا وأحدا والمشاهد كلها، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. أمه برة بنت عبد المطلب، فهو أخو أبى سلمة بن عبد الأسد لأمه، واختلف فى هجرته إلى الحبشة، ولم يختلف فى أنه شهد بدرا، ذكره ابن عقبة، وابن إسحاق فى البدريين. وقال الزبير: لا نعلم أحدا من أهل بدر رجع إلى مكة، غير أبى سبرة، فإنه رجع بعد

_ 2877 ـ سبق فى الترجمة (25). 2878 ـ سبق فى الترجمة (452). 2879 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3001، أسد الغابة ترجمة 5920، الثقات 3/ 457، تقريب التهذيب 2/ 425، بقى بن مخلد 805، تهذيب التهذيب 12/ 101، تهذيب الكمال 3/ 1606). 2880 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3014، الإصابة ترجمة 9991).

2881 ـ أبو سروعة

وفاة النبى صلى الله عليه وسلم إلى مكة، فنزلها، وولده ينكرون ذلك. وتوفى أبو سبرة فى خلافة عثمان ابن عفان رضى الله عنه. 2881 ـ أبو سروعة: عقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف بن قصى القرشى النوفلى. ذكره ابن عبد البر، وقال: حجازى، له صحبة. روى عنه عبيد بن أبى مريم، وابن أبى مليكة. وقد ذكرناه فى باب من اسمه عقبة. على ما ذكر جماعة من أهل الحديث. وأما أهل النسب: الزبير وعمه مصعب والعدوى، فإنهم قالوا: أبو سروعة بن الحارث هذا، هو أخو عقبة بن الحارث، وقد ذكروا أنه أسلم عام الفتح، وله صحبة. 2882 ـ أبو السعادات بن عبيد [ .......... ] (1). 2883 ـ أبو سعد الحرمى: هو محمد بن الحسين الحافظ، تقدم فى محله. 2884 ـ أبو سعد بن على بن قتادة الحسنى: صاحب مكة، اسمه حسن. تقدم فى محله. 2885 ـ أبو سعد بن حازم بن عبد الكريم بن أبى نمى الحسنى المكى: كان من أعيان الأشراف، آل أبى نمى، وحضر حرب الزيارة بوادى مر، بين أمير مكة حسن بن عجلان، وآل أبى نمى، فقتل أبو سعد وأخوه أحمد بن حازم، فى يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من شوال سنة ثمان وتسعين وسبعمائة. 2886 ـ أبو سعد بن أبى راجح بن أبى عزيز قتادة النابغة الحسنى المكى، المعروف بالحلى: كان من أعيان الأشراف، ذا عقل وعبادة، وعلى ذهنه مسائل من مذهب الزيدية، وأخبار عن سيدنا على بن أبى طالب رضى الله عنه، ومن قارب مدته من أهل البيت،

_ 2881 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3017، الإصابة ترجمة 9996، أسد الغابة ترجمة 5946). 2882 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2883 ـ سبق فى الترجمة (155). 2884 ـ سبق فى الترجمة (1000).

2887 ـ أبو سعد بن أبى نمى بن أبى سعد بن على

ومن أخبار الأشراف ولاة مكة. وتوفى فى جمادى الأولى سنة ست وعشرين وثمانمائة. 2887 ـ أبو سعد بن أبى نمى بن أبى سعد بن على [ ...... ] (1): 2888 ـ أبو سعد الأعمى المكى: روى عن أبى هريرة، وروى عنه ابن جريج، وروى له ابن ماجة، كما ذكر صاحب الكمال. وذكر المزى، أنه لم يقف على رواية ابن ماجة له. والله أعلم. 2889 ـ أبو السعود بن أبى بكر بن عبد الملك بن ظهيرة المخزومى المكى [ ......... ] (1) توفى فى [ ....... ] (1) من سنة خمس عشرة وثمانمائة بزبيد، ووصل نعيه مكة فى رمضان 2890 ـ أبو السعود بن حسين بن ظهيرة: هو محمد بن حسين تقدم فى محله. 2891 ـ أبو السعود بن أبى الفضل بن ظهيرة: هو محمد بن أبى الفضل محمد بن أحمد بن ظهيرة تقدم. 2892 ـ أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى الهاشمى: ابن عم النبى صلى الله عليه وسلم، وكان أخا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، أرضعتهما حليمة بنت أبى ذؤيب السعدية. وأمه غزبة (1) بنت قيس بن طريف، من ولد فهر بن مالك بن النضر بن

_ 2887 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2888 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال ترجمة 9259). 2889 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2890 ـ سبق فى الترجمة (153). 2891 ـ سبق فى الترجمة (384). 2892 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3032، الإصابة ترجمة 10028، تجريد أسماء الصحابة 2/ 173، طبقات ابن سعد 4/ 134، طبقات خليفة 6، ابن عساكر 162، العبر 1/ 24، مجمع الزوائد 9/ 274، سير أعلام النبلاء 1/ 202). (1) فى الاستيعاب: «غزية».

كنانة. وقال قوم، منهم إبراهيم بن المنذر: اسمه المغيرة. وقال آخرون: بل اسمه كنيته. والمغيرة أخوه، كان وأبو سفيان بن الحارث من الشعراء المستوفين وكان سبق له هجاء فى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإياه عارض حسان بن ثابت رضى الله عنه بقوله (2): ألا أبلغ أبا سفيان عنى ... مغلغلة فقد برح الخفاء هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله فى ذاك الجزاء ثم أسلم فحسن إسلامه. فقيل: إنه ما رفع رأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حياء منه، وكان إسلامه عام الفتح قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، لقيه هو وابنه جعفر بن أبى سفيان بالأبواء، فأسلم، وشهد أبو سفيان حنينا، فأبلى فيها بلاء حسنا. وكان ممن ثبت فلم يفر يومئذ، ولم تفارق يده لجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى انصرف الناس إليه. وكان يشبه النبى صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه ويشهد له بالجنة، وكان يقول: أرجو أن يكون خلفا من حمزة. وكان معدودا فى فضلاء الصحابة رضى الله عنهم. وروى عفان عن وهيب عن هشام بن عروة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو سفيان بن الحارث من شباب أهل الجنة، أو سيد فتيان أهل الجنة. ويروى عنه أنه لما حضرته الوفاة قال: لا تبكوا علىّ فإنى أنتطف بخطية منذ أسلمت. وروى أبو حبة البدرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أبو سفيان خير أهلى، أو من خير أهلى. وقال ابن دريد وغيره من أهل العلم بالخبر: إن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «كل الصيد فى جوف الفرا» أنه أبو سفيان بن الحارث، ابن عمه هذا. وقد قيل: ذلك كان منه صلى الله عليه وسلم فى أبى سفيان بن حرب. فالله أعلم. قال عروة: وكان سبب موته أنه حج فلما حلق الحلاق رأسه قطع ثؤلولا كان فى رأسه فلم يزل مريضا منه حتى مات، بعد مقدمه من الحج بالمدينة، سنة عشرين، ودفن فى دار عقيل بن أبى طالب رضى الله عنه، وصلى عليه عمر بن الخطاب رضى الله عنه. وقيل: بل مات، أبو سفيان بن الحارث بالمدينة بعد أخيه نوفل بن الحارث بأربعة

_ (2) البيتان فى: (الاستيعاب ترجمة 3032، الإصابة ترجمة 10028، أسد الغابة ترجمة 5966).

2893 ـ أبو سفيان بن حرب الأموى

أشهر إلا ثلاث عشرة ليلة، وكان هو الذى حفر قبر نفسه قبل أن يموت بثلاثة أيام، وكان وفاة نوفل بن الحارث على ما ذكرناه فى بابه سنة خمس عشرة. 2893 ـ أبو سفيان بن حرب الأموى: هو صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس الأموى. تقدم. 2894 ـ أبو سفيان بن حويطب بن عبد العزى القرشى العامرى: ذكره ابن عبد البر وقال: قتل يوم الجمل. أسلم مع أبيه يوم الفتح وأبوه من أسن الصحابة رضى الله عنهم. وقد ذكرناه (1). انتهى. 2895 ـ أبو سلام الهاشمى، خادم النبى صلى الله عليه وسلم [ومولاه: له صحبة، ذكره خليفة فى تسمية الصحابة من موالى بنى هاشم بن عبد مناف، حدثنا سعيد، قال: حدثنا قاسم، حدثنا محمد، حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة، حدثنا محمد ابن بشر، حدثنا مسعر، حدثنى أبو عقيل، عن سابق بن ناجية، عن أبى سلام خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من عبد يقول حين يمسى وحين يصبح ـ ثلاث مرات: رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيّا إلا كان حقّا على الله أن يرضيه يوم القيامة» (1)] (2). 2896 ـ أبو سلمة بن سفيان بن عبد الأسد: هو سلمة بن سفيان بن عبد الأسد المخزومى، روى عن عمر [ ...... ] (1).

_ 2893 ـ سبق فى الترجمة (1400). 2894 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3034، الإصابة ترجمة 10035). (1) هذا من كلام ابن عبد البر ويقصد أنه ذكره فى بابه فى الاستيعاب. 2895 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3040، الإصابة ترجمة 10045، أسد الغابة ترجمة 5975، تقريب التهذيب 2/ 433، تهذيب التهذيب 12/ 125، 3/ 1613، تلقيح فهوم أهل الأثر 386، بقى بن مخلد 681، الكاشف 3/ 344، تجريد أسماء الصحابة 2/ 175). (1) أخرجه أبو داود فى سننه كتاب الأدب حديث رقم (5072)، وابن ماجة فى سننه كتاب الدعاء حديث رقم (3870). (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. وما أوردناه من الاستيعاب. 2896 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2897 ـ أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومى

2897 ـ أبو سلمة بن عبد الأسد المخزومى: هو عبد الله بن عبد الأسد بن هلال، صحابى. تقدم. 2898 ـ أبو السمح، خادم النبى صلى الله عليه وسلم: [أبو السمح، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويقال له خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم. قيل: اسمه إياد. وحديثه عن النبى صلى الله عليه وسلم فى بول الجارية والغلام عند يحيى بن الوليد عن محل بن خليفة، يقال: إنه ضل ولا يدرى أين مات] (1). 2899 ـ أبو السنابل بن بعكك بن الحجاج بن الحارث بن السباق بن عبد الدار ابن قصى القرشى العبدرى: ذكره ابن عبد البر، فقال: أمه عمرة بنت أوس، من بنى عذرة بن سعد بن هذيم. قيل: اسمه حبة بن بعكك، من مسلمة الفتح. كان شاعرا. ومات بمكة، روى عنه الأسود بن يزيد قصته مع سبيعة الأسلمية. 2900 ـ أبو سنان بن [ ......... ] (1). 2901 ـ أبو سويد بن أبى دعيج بن أبى نمى الحسنى المكى [ ..... ] (1) * * * حرف الشين المعجمة 2902 ـ أبو شراك القرشى الفهرى: عمر وشهد بدرا، هكذا ذكره الذهبى فى التجريد.

_ 2897 ـ سبق فى الترجمة (1560). 2898 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3049، الإصابة ترجمة 10058، أسد الغابة ترجمة 5985). (1) ما بين المعقوفتين محله بياض فى الأصل. وما أوردناه من الاستيعاب. 2899 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3050، الإصابة ترجمة 10060، أسد الغابة ترجمة 5986، الكنى والأسماء 1/ 432، تهذيب التهذيب 12/ 121، تقريب التهذيب 2/ 431، الجرح والتعديل 9/ 387). 2900 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2901 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل، وقد ذكر ابنه فى الترجمة رقم (189)، ولم يأتى سوى اسمه، والباقى بياض فى الأصل أيضا.

2903 ـ أبو شريح الكعبى الخزاعى

2903 ـ أبو شريح الكعبى الخزاعى: ذكره ابن عبد البر فى الكنى وقال: اسمه خويلد. * * * حرف الصاد المهملة 2904 ـ أبو صفية مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أبو صفية مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. كان من المهاجرين. روى عنه: سعيد بن عامر، عن يونس بن عبيد أنه سمعه يقول لأمه: ماذا رأيت أبا صفية يصنع؟ قالت: رأيت أبا صفية ـ وكان من المهاجرين من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ـ يسبح بالنوى. روى عبد الواحد بن زياد، عن يونس بن عبيد، عن أمه: وقالت بالحصى] (1). * * * حرف الضاد المعجمة 2905 ـ أبو ضمرة بن [ ...... ] (1). 2906 ـ أبو ضمرة بن [ ...... ] (1). * * *

_ 2903 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3063، الإصابة ترجمة 6004، أسد الغابة ترجمة 10103، التاريخ الصغير 82، التاريخ الكبير 3/ 224، الجرح والتعديل 3/ 398، طبقات خليفة 108، المعرفة والتاريخ 1/ 398، طبقات ابن سعد 4/ 295، مشاهير علماء الأمصار 27، المغازى للواقدى 616، سيرة ابن هشام 4/ 57، تاريخ خليفة 265، الأخبار الموفقيات 512، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 243، الكامل فى التاريخ 3/ 105، تحفة الأشراف 9/ 223، المعين فى طبقات المحدثين 28، الكاشف 3/ 305، شفاء الغرام 2/ 190، النكت الظراف 9/ 223، تهذيب التهذيب 12/ 125، تقريب التهذيب 2/ 434، تاريخ الإسلام 2/ 288). 2904 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3078، الإصابة ترجمة 10147، أسد الغابة ترجمة 6023). (1) هذه الترجمة وقفت على الاسم فقط. وما بين المعقوفتين أوردناه من الاستيعاب. 2905 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2906 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

حرف الطاء المهملة

حرف الطاء المهملة 2907 ـ أبو طاهر بن حسن الإربلى: وجدت بخط الميورقى فى تعاليقه قال: وكنت خرجت بالأمس لرمى الجمار، فقابلنى شيخ تفرست فيه الولاية، فسألته، فقال: لى فى هذه مائة وخمسون سنة. فسألته عن اسمه، فقال: أبو طاهر الإربلى، ألبس الخرفة عن شيخى وقدوتى عدى بن مسافر رضى الله عنه، فألبسنى فى الحسين فارحا بى كفرحى به، قال: أنا برباط كلالة بمكة شرفها الله تعالى. وتأول قوله تعالى: (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ) [يس: 68] أى نرده إلى حكم الصبى، لا نكتب عليه خطيئة. ثم قال: ومع هذا الرجاء الذى يقويه الخبر والأثر، فما دام عقل المرء بعد بلوغه فهو مكلف بالشرع وأحكامه. وجعل يلقننى التوحيد، فأطلق الله لسانى بما سره، فأثنى على أهل بلادى، وقال: أنا على مذهبك. والسنة التى أشار إليها هى سنة خمس وسبعين وستمائة. 2908 ـ أبو طالب المكى: مؤلف «قوت القلوب» هو محمد بن على بن عطية الحارثى. تقدم. 2909 ـ أبو الطاهر المؤذن: هو محمد بن عبد الرحمن العمرى. تقدم. 2910 ـ أبو طرطور: الرجل الصالح، نزيل مكة، اسمه محمد. تقدم. 2911 ـ أبو طيبة الآقشهرى: هو محمد بن أحمد بن أمين، نزيل الحرمين الشريفين. تقدم فى محله.

_ 2908 ـ سبق فى الترجمة (320). 2909 ـ سبق فى الترجمة (259). 2910 ـ سبق فى الترجمة (503). 2911 ـ سبق فى الترجمة (9).

2912 ـ أبو الطفيل الليثى

2912 ـ أبو الطفيل الليثى: خاتمة الصحابة رضى الله عنهم. هو عامر بن واثلة. تقدم. 2913 ـ أبو الطيب السحولى المؤذن: هو محمد بن عمر بن على المكى. 2914 ـ أبو الطيب الفوى: هو محمد بن على بن أحمد. تقدم فى محله. 2915 ـ أبو الطيب بن أبى الفضل بن ظهيرة: هو يحيى بن محمد بن أحمد بن ظهيرة القرشى، تقدم فى محله. 2916 ـ أبو الطيب بن عم أبى الفتوح الحسنى أمير مكة: ذكر بعض المؤرخين أن الحاكم العبيدى ولاه الحرمين لما خرج ابن عمه أبو الفتوح عن طاعته. ولعله، والله أعلم، أبو الطيب بن عبد الرحمن بن قاسم بن أبى الفاتك بن داود بن سليمان بن عبد الله بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن على بن أبى طالب الحسنى. هكذا رأيت أبا الطيب هذا منسوبا فى حجر بالمعلاة، مكتوب فيه أنه قبر يحيى بن الأمير المؤيد بن الأمير قاسم بن غانم بن حمزة بن وهاس بن أبى الطيب، وساق بقية النسب كما سبق. وذكر ابن حزم فى «الجمهرة» أبا الطيب هذا، وساق نسبه كما ذكرنا، إلا أنه سقط فى النسخة التى رأيتها فى الجمهرة قاسما، بين عبد الرحمن وأبى الفاتك، ويسمى أبا الفاتك عبد الله. وذكر فيها أن لعبد الرحمن اثنين وعشرين ذكرا، فذكرهم وذكر أبا الطيب فيهم، ثم قال: سكنوا كلهم أذنه، حاشى نعمة، وعبد الحميد، وعبد الحكيم، فإنهم سكنوا أمج بقرب مكة. انتهى.

_ 2912 ـ سبق فى الترجمة (1465). 2913 ـ سبق فى الترجمة (343). 2914 ـ سبق فى الترجمة (306). 2915 ـ سبق فى الترجمة (2710).

2917 ـ أبو الطيب التكراوى التونسى

ولعل سكناهم أذنة للخوف من أبى الفتوح بسبب تأمر أبى الطيب بعده. وأستبعد، والله أعلم، أن يكون الذى ولاه الحاكم عوض أبى الفتوح أبا الطيب بن عبد الرحمن، لكون ابن جرير لم يذكر لأبى الطيب بن عبد الرحمن ولاية. والله أعلم. وذكر الشريف النسابة محمد بن محمد بن على الحسينى فى «أنساب الطالبيين» من بنى أبى الفاتك هذا، وعد فيهم قاسما وعبد الرحمن. وقال: فى كل منهما له عدد، إلا أنه قال عبد الرحمن: أعقب من ولده لصلبه أحد عشر ذكرا. انتهى. فيحتمل أن يكون هو والد أبى الطيب كما ذكر ابن حزم، ويحتمل أن يكون عم أبيه، واشتركا فى الاسم. والله أعلم. 2917 ـ أبو الطيب التكراوى التونسى: ذكره لى شيخنا أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطى، وذكر أنه كان مالكيا ثم صار شافعيا. وكان عارفا بخلاف العلماء، ورعا، زاهدا، شريف النفس، وكان صوفيا، وله اعتقاد فى ابن سبعين، وميل إلى مذهبه، كان جاور بمكة نحو اثنى عشر عاما، وصحب بنى العجمى، وخرج من مكة فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة، فأدركه الأجل بحماة. وسألت عنه شيخنا تقى الدين الفاسى، فأثنى عليه بالصلاح والعبادة الكثيرة، وذكر أنه رزق حظا من الملك الكامل شعبان بن محمد بن قلاوون، صاحب مصر. ولم يحرر شيخنا ابن عبد المعطى وفاته، وقد حرر شيخنا الحافظ زين الدين العراقى فى سنة إحدى وخمسين بحماة، وهذا يخالف ما ذكره ابن عبد المعطى، وخالفه فى ذلك تقى الدين بن رافع؛ لأنه ذكره فى المتوفين فى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة، فى شهر رجب بجماة، وهذا بوافق ما ذكره ابن عبد المعطى من حياة أبى الطيب فى هذه السنة، والله أعلم. وذكر شيخنا العراقى من حال أبى الطيب ما يوافق ما ذكره ابن عبد المعطى بزيادة فائدة. وقال فى أخبار سنة إحدى وخمسين: الشيخ الإمام العلامة الربانى، أبو الطيب بن محمد التونسى الشافعى، رحمه الله، كان والده نائب قاضى الجماعة، فلما قلد أبو الطيب الشافعى، وهو حينئذ بالمغرب، انتقل إلى الديار المصرية؛ فنزل بزاوية الصاحب أمين الملك على شاطئ النيل، وكنت مقيما بها، فجاورناه بها مدة، ونعم الجار كان،

حرف العين المهملة

ثم أقام بعد ذلك بالروضة، بقرب المقياس مدة، وانقطع هناك يقصد للزيارة، ويتبرك بدعائه، وربما اجتمع عنده جماعة، فيتكلم عليهم فى التفسير وغيره، بكلام متين، ثم حج وأقام بمكة مجاورا، ثم رجع إلى القاهرة فى سنة خمسين، فأقام بالروضة مديدة، ثم انتقل إلى الشام وأقام بحماة، إلى أن أدركه أجله بها. وذكر أنه فى الليلة التى مات فيها دعا أصحابه ليبيتوا عنده، وأنه أيقظهم فى الليل، فأمرهم أن يوجهوا سريره إلى القبلة، وقال لهم: أنزلوه فتوضأوا ثم تعالوا اقرأوا عندى، فنزلوا فتوضأوا ثم طلعوا إليه، فإذا هو ميت. وكان كل من جاءه يواعده أن يجئ غدا من بكرة النهار، فاجتمعوا عنده كلهم فى الصبح، فحضروا جنازته، وكان يوما مشهودا. انتهى. وذكره ابن رافع فقال: وفى رجب توفى الشيخ الصالح أبو الطيب المغربى بحماه، حكى لى عنه أنه حج وجاور واشتغل بالعلم وتفسير كثير، واشتهر وقدم علينا دمشق، رأيته بجامعها. انتهى. * * * حرف العين المهملة 2918 ـ أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى، القرشى العبشمى: صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، زوج ابنته زينب، أكبر بناته رضى الله عنهن. كان يعرف بجرو البطحاء، هو وأخوه، ويقال لهما جروا البطحاء، وقيل: بل كان ذلك أبوه وعمه. اختلف فى اسمه، فقيل: لقيط، وقيل: مهشم، وقيل: هشيم، والأكثر لقيط. وأمه هالة بنت خويلد بن أسد، أخت خديجة لأبيها وأمها. وكان أبو العاص بن الربيع مؤاخيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، مصافيا، وكان قد أبى أن يطلق ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب، إذ مشى إليه مشركو قريش فى ذلك، فشكر له رسول

_ 2918 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3091، الإصاب ترجمة 10182، أسد الغابة ترجمة 6042، نسب قريش 230 ـ 231، تاريخ خليفة 119، مشاهير علماء الأمصار 156، ابن عساكر 19/ 61، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 948 ـ 249، العبر 1/ 15، مجمع الزوائد 9/ 379، سير أعلام النبلاء 1/ 330).

2919 ـ أبو العباس القسطلانى الولى المشهور

الله صلى الله عليه وسلم مصاهرته، وأثنى عليه بذلك خيرا. وهاجرت زينب رضى الله عنها مسلمة، وتركته على شركه، ثم خرج حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما، وحسن إسلامه، ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته عليه. قال إبراهيم بن المنذر: وتوفى أبو العاص بن الربيع رضى الله عنه فى ذى الحجة من سنة اثنتى عشرة. 2919 ـ أبو العباس القسطلانى الولى المشهور هو أحمد بن على القيسى. 2920 ـ أبو العباس الميورقى الولى المشهور: هو أحمد بن على العبدرى. 2921 ـ أبو العباس بن خليل: هو أحمد بن الرضى محمد بن أبى بكر بن خليل العسقلانى. 2922 ـ أبو العباس المرجانى: هو أحمد بن محمد بن عبد الله التونسى الشيخ أبو العباس بن الشيخ أبى محمد صالح. كذا ذكره المحدث تقى الدين عبد الله بن عبد العزيز المهدوى فى كتابه «مجتنى الأزهار فى ذكر من لقيناه من علماء الأمصار». وقال تلو ما تقدم: توفى أبوه الشيخ أبو محمد صالح فى سنة إحدى وثلاثين وستمائة، كان الشيخ أبو مدين شعيب بن الحسين قد توجه إلى المغرب وقال له: رح يابا محمد صالح، وأحيى سراجه، فإنه قد انطفأ، فأحيى المغرب ببركة أبى مدين. وولد له أبو العباس وبشر به، فورث الطريقة عن أبيه. كان أبوه قطب بلاده، ونشأ له أولاد كلهم فضلاء سادة، وكان أبو العباس هذا خيار ولده وأكبرهم مقاما. قال أبوه: بشرنى به سبعون وليا. ونشأ فى حجر أبيه، ونازل المقامات وتعاطى المجاهدات، وارتحل إلى مكة، وجاور

_ 2919 ـ سبق فى الترجمة (602). 2920 ـ سبق فى الترجمة (596). 2921 ـ سبق فى الترجمة (627). 2922 ـ سبق فى الترجمة (633).

2923 ـ أبو العباس بن عبد المعطى النحوى

بها سنين غاية المجاهدة، ثم رجع وحضر وفاة أبيه، وأخذ مقامه بأسفى، وأسفى بلد بالمغرب، بينه وبين حضرة مراكش ثلاثة أيام على ساحل البحر. اجتمعت به فى المهدية وهو راجع إلى المغرب، سنة ثلاثين وستمائة. انتهى. 2923 ـ أبو العباس بن عبد المعطى النحوى: هو أحمد بن محمد بن عبد المعطى. تقدم والأربعة قبله. 2924 ـ أبو عزيز صاحب مكة: هو قتادة بن إدريس الحسنى. تقدم. 2925 ـ أبو عبد الله القرطبى: نزيل الحرمين، هو محمد بن عمر. 2926 ـ أبو عبد الله الفاسى الشريف: هو محمد بن عبد الرحمن الحسنى. 2927 ـ أبو عبد الله بن خليل العسقلانى: هو محمد بن الرضى محمد بن أبى بكر بن خليل. 2928 ـ أبو عبد الله الحرازى: هو محمد بن أحمد بن قاسم. 2929 ـ أبو عبد الله بن عبد الكريم بن ظهيرة: هو محمد بن عبد الكريم بن أحمد القرشى. 2930 ـ أبو عبد الله بن الزين: هو محمد بن حسن بن الزين محمد القسطلانى.

_ 2923 ـ سبق فى الترجمة (637). 2924 ـ سبق فى الترجمة (2337). 2925 ـ سبق فى الترجمة (347). 2926 ـ سبق فى الترجمة (267). 2927 ـ سبق فى الترجمة (399). 2928 ـ سبق فى الترجمة (43). 2929 ـ سبق فى الترجمة (274). 2930 ـ سبق فى الترجمة (147).

2931 ـ أبو عبد الله بن أبى العباس بن عبد المعطى

2931 ـ أبو عبد الله بن أبى العباس بن عبد المعطى: هو محمد بن أحمد بن محمد بن عبد المعطى. 2932 ـ أبو عبد الله بن أبى اليمن الطبرى: هو محمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم. تقدم والسبعة قبله. 2933 ـ أبو عبد الله بن هارون [ ............ ] (1). 2934 ـ أبو عبد الله المخزومى [ ......... ] (1). 2935 ـ أبو عبد الله المكى: لا يعرف، له خبر باطل عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس رضى الله عنهما، حديث: «لا تأكل بإصبع فإنه أكل الملوك، ولا بإصبعين فإنه أكل الشياطين» تفرد به عنه رشدين. ذكره هكذا الذهبى فى الميزان. 2936 ـ أبو عبد الله الشاطبى: خادم الشيخ أبى العباس المعروف بالرأس الإسكندرى. ذكره القطب القسطلانى فى «ارتقاء الرتبة» وقال: قد أقامه الله تعالى فى خدمة الفقراء والإيثار لهم، وجاور بمكة فى آخر عمره إلى أن مات بها، ولم أر أكثر منه اطراحا لنفسه بين أبناء جنسه، ولا أكثر منه خدمة لمن يصحبه. تغمده الله برحمته، وأعاد علينا من بركته. انتهى. 2937 ـ أبو عبد الرحمن السلمى الجدى الأعمى: من أصحاب عبد الله. وكان يقرى فى زمان عثمان، إلى زمان الحجاج، وقرأ على

_ 2931 ـ سبق فى الترجمة (52). 2932 ـ سبق فى الترجمة (379). 2933 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2934 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2936 ـ انظر ترجمته فى: (نفح الطيب 1/ 394، النجوم الزاهرة 7/ 243، 245، الوافى بالوفيات 3/ 128، الأعلام 6/ 150). 2937 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات خليفة ترجمة 1102، تاريخ البخارى 5/ 72، المعارف 528، المعرفة والتاريخ 2/ 589).

2938 ـ أبو عبد الرحمن الفهرى القرشى

عثمان بن عفان، وعرض على علىّ بن أبى طالب. ذكره كما ذكرناه الحافظ نور الدين الهيثمى فى «ترتيبه لثقات العجلى». 2938 ـ أبو عبد الرحمن الفهرى القرشى: من بنى فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، له صحبة ورواية. قال الواقدى: اسمه عبد، وقال غيره: اسمه يزيد بن أنيس (1) وقيل: اسمه كرز بن ثعلبة. شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا، ووصف الحرب يومئذ. وفى حديثه: فولى المسلمون يومئذ مدبرين، كما قال الله تعالى، فقال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «يا عباد الله، أنا عبد الله ورسوله» ثم قال يا معشر المهاجرين، أنا عبد الله ورسوله» واقتحم عن فرسه، وأخذ كفا من تراب. قال أبو عبد الرحمن: فحدثنى من كان أقرب منى: أنه ضرب به وجوههم، وقال: «شاهت الوجوه» فهزمهم الله عزوجل. ذكره حماد بن سلمة، عن يعلى بن عطاء، عن أبى همام عبد الله بن يسار، عن أبى عبد الرحمن الفهرى. قال يعلى: فحدثنى أبناؤهم عن آبائهم. قال: فما بقى أحد إلا امتلأت عيناه وفوه ترابا. قال: وسمعنا صلصلة بين السماء والأرض كإمرار الحديد على الطست الجديد. وهو الذى قال له ابن عباس: يا أبا عبد الرحمن، هل تحفظ الموضع الذى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم فيه للصلاة؟ قال: نعم، عند الشقة الثالثة تجاه الكعبة، مما يلى باب بنى شبية، فقال له ابن عباس رضى الله عنهما: أثبته؟ قال: نعم، قد أثبته. انتهى.

_ 2938 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3103، الإصابة ترجمة 10212، أسد الغابة ترجمة 6071، طبقات ابن سعد 7/ 409، طبقات خليفة 162، 2830، التاريخ الكبير 2/ 310، التاريخ الصغير 1/ 129، الجرح والتعديل 3/ 108، المستدرك 3/ 346، 432، جمهرة أنساب العرب 178، 179، تاريخ ابن عسكر 4/ 90، تهذيب الكمال 234، تاريخ الإسلام 2/ 215، تذهيب التهذيب 1/ 120، تهذيب التهذيب 2/ 190، خلاصة تذهيب الكمال 61، تهذيب ابن عساكر 4/ 38، سير أعلام النبلاء 3/ 188). (1) فى الاستيعاب: أنس، والتقريب: يزيد بن إياس.

2939 ـ أبو عبد الرحمن المقرئ

2939 ـ أبو عبد الرحمن المقرئ: نزيل مكة، هو عبد الله بن يزيد العمرى، مولاهم. تقدم. 2940 ـ أبو عبيدة بن الجراح: أحد العشرة من الصحابة رضى الله عنهم، المشهود لهم بالجنة. هو عامر بن عبد الله بن الجراح الفهرى. تقدم. 2941 ـ أبو عبيدة بن عمارة بن الوليد [ ..... ] (1). 2942 ـ أبو عبيدة بن الفضيل بن عياض الكوفى المكى: حدث عن أبيه، وتوفى بمكة فى صفر، سنة ست وثلاثين ومائتين، بعد قدومه من مصر، وكان قدم مصر فى وكالة توكلها، وكتبت عنه بها. ذكره ابن يونس والذهبى. قال أبو يعلى فى «مسنده» رواية ابن المقرى عنه: حدثنا أبو عبيدة بن الفضيل بن عياض، قال: حدثنا مالك بن سعير، قال: حدثنا السرى بن إسماعيل، عن الشعبى، عن وابصة بن معبد، قال: انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجل يصلى خلف القوم وحده، فقال: «يا أيها المصلى وحده، ألا تكون وصلت صفا فدخلت معهم، أو اجتررت إليك رجلا إن ضاق بك المكان؟ أعد صلاتك، فإنه لا صلاة لك». انتهى. 2943 ـ أبو عبيدة بن مسعود [ ...... ] (1): 2944 ـ أبو عبيد، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ويقال: خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا أقف على اسمه، وله رواية. من حديثه أنه كان يطبخ لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال له: «ناولنى الذراع» (1) ـ وكان يعجبه لحم الذراع

_ 2939 ـ سبق فى الترجمة (1664). 2940 ـ سبق فى الترجمة (1458). 2941 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2943 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3106، الإصابة ترجمة 10228، أسد الغابة ترجمة 6083). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. ولعله أبو عبيد بن مسعود الثقفى. 2944 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3106، تقريب التهذيب 2/ 448، الجرح والتعديل 9/ 405، ذيل الكاشف 1876، التاريخ الكبير 9/ 61). (1) أخرجه الدارمى فى سننه كتاب المقدمة حديث رقم (44).

2945 ـ أبو عتيق بن عبد الرحمن بن أبى بكر رضى الله عنهم

الحديث، رواه قتادة عن شهر بن حوشب عنه. يذكر فى الصحابة] (2). 2945 ـ أبو عتيق بن عبد الرحمن بن أبى بكر رضى الله عنهم [ .... ] (1) 2946 ـ أبو عثمان بن سنه [الخزاعى: سمع منه ابن شهاب، قال قوم: له صحبة. وأبى ذلك آخرون، وفيه نظر] (1). 2947 ـ أبو عثمان الحكيم المغربى: أظنه سعيد بن عبد الله بن محمد الزواوى المليانى. جاور بمكة سنين كثيرة، حتى مات بها فى أوائل المائة الثامنة. وكان أبو عثمان هذا عارفا بالطب، لأن أهل مكة نقلوا عنه حكايات عجيبة دالة على كثرة معرفته بالطب؛ منها أن شخصا شكى عليه ضعفا بامرأة، فأمره أن يأييه بإراقتها، فأتاه بإراقة نفسه، لأن المرأة امتنعت من الإراقة، فقال له عثمان: ما هذه إراقة المرأة، وصاحب هذه الإراقة لا يعيش إلا ثلاثة أيام، فكان الأمر كذلك. هذا معنى الحكاية. 2948 ـ أبو عزيز بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصى بن كلاب، القرشى العبدرى: هو أخو مصعب وأخو أبى الروم بن عمير، أمه وأم مصعب وهند بنى عمير: أم

_ (2) ما بين المعقوفتين محله بياض فى الأصل. وما بين المعقوفتين أوردناه من الاستيعاب. 2945 ـ سبق فى الترجمة (255). وهو محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق، عبد الله بن قحافة عثمان بن عامر القرشى التيمى أبو عتيق. (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2946 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3112، الإصابة ترجمة 10363، أسد الغابة ترجمة 6093، تهذيب الكمال 1625، المشتبه 379، الإكمال 5/ 35، تهذيب التهذيب 12/ 162، مؤتلف الدارقطنى 1372، تقريب التهذيب 2/ 449، ميزان الاعتدال 4/ 739، الجرح والتعديل 9/ 408، لسان الميزان 7/ 473، تبصير المنتبه 2/ 771، المؤتلف والمختلف 79). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. وما أوردناه من الاستيعاب. 2947 ـ سبق فى الترجمة (1292). 2948 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3121، الإصابة ترجمة 10252، أسد الغابة ترجمة 6103).

2949 ـ أبو عسيب، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

خناس بنت مالك من بنى عامر بن لؤى، وهند بنت عمير هى أم شيبة بن عثمان. قيل: اسم أبى عزيز هذا زرارة، له صحبة وسماع من النبى صلى الله عليه وسلم، ورواية. حدث عنه نبيه بن وهب. يعد فى أهل المدينة. وزعم الزبير أنه قتل يوم بدر كافرا، وذلك غلط، والله أعلم. ولعل المقتول بأحد كافرا أخ لهم، قتل كافرا يوم أحد، وأما مصعب بن عمير فقتل بأحد مسلما، وأبو يزيد بن عمير أخوهم كذلك، ذكره ابن إسحاق وغيره. وقال خليفة بن خياط فى تسمية الصحابة رضى الله عنهم: من بنى عبد الدار بن قصى بن كلاب، أبو عزيز بن عمير بن هاشم بن عبد مناف ابن عبد الدار. 2949 ـ أبو عسيب، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: له صحبة ورواية. أسند عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين، أحدهما فى الحمى والطاعون. روى عنه مسلم بن عبيد أبو نصيرة، وخازم بن القاسم. وقال القاسم بن حمزة: رأيت أبا عسيب خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم يخضب لحيته ورأسه. قيل: اسم أبى عسيب أحمر، انتهى. 2950 ـ أبو عقرب البكرى، ويقال الكنانى: صحابى. له حديث، رواه عنه ابنه أبو نوفل، رواه البخارى والنسائى. وهو معدود فى أهل مكة، كما قال الواقدى. وقال خليفة: عداده فى أهل البصرة. واختلف فى اسمه، فقال خليفة: اسمه خويلد بن بجير. وقيل: عويج بن خويلد.

_ 2949 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3122، أسد الغابة ترجمة 6104، الإصابة ترجمة 10253، طبقات ابن سعد 7/ 61، طبقات خليفة 28، التاريخ الكبير 9/ 61، الكنى 1/ 44، الجرح والتعديل 9/ 418، الحلية 4/ 27، سير أعلام النبلاء 3/ 475). 2950 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3126، الإصابة ترجمة 10265، أسد الغابة ترجمة 6111، الكاشف 3/ 359، بقى بن مخلد 704، تقريب التهذيب 2/ 452، تجريد أسماء الصحاب 2/ 187، الجرح والتعديل 9/ 417، تهذيب الكمال 3/ 168، تهذيب التهذيب 12/ 171).

2951 ـ أبو على بن عبد الله بن الحارث [بن رحضة بن عامر بن رواحة ابن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤى القرشى العامرى

2951 ـ أبو على بن عبد الله بن الحارث [بن رحضة بن عامر بن رواحة ابن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤى القرشى العامرى: قتل يوم اليمامة شهيدا، لا أعلم له رواية، وكان من مسلمة الفتح. ويقال فيه: على ابن عبد الله] (1). 2952 ـ أبو عمرو بن حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشى المخزومى: وقيل: أبو حفص بن عمر بن المغيرة. ويقال: أبو حفص بن المغيرة. اختلف أيضا فى اسمه، فقيل: أحمد، وقيل: عبد الحميد. قال النووى وهو الأشهر وقول الأكثرين. وقيل: اسمه كنيته، حكى هذه الثلاثة الأقوال النووى [ ..... ] (1) وذكره فى حرف الحاء وحرف العين، وقال فى الموضعين: زوج فاطمة بنت قيس. وذكر ابن الأثير فى اسمه وكنيته غير ذلك، لأنه قال فى باب الحاء: «حفص بن المغيرة، وقيل: أبو حفص، وقيل: أبو أحمد. روى محمد بن راشد، عن سلمة بن أبى سلمة، عن أبيه، أن حفص بن المغيرة طلق أمرأته فاطمة بنت قيس، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث تطليقات فى كلمة واحدة، ورواه عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر، قال: طلق حفص بن المغيرة امرأته. أخرجه ابن مندة وأبو نعيم، وقد تقدم فى أحمد بن حفص. انتهى. وهذا الذى ذكره ابن الأثير فى تسميته بحفص بن المغيرة، لا يقال فيه سبق قلم؛ لذكره له فى باب الألف، وباب الحاء، وتكرر اسمه بحفص فى باب الحاء. وكلام ابن الأثير يقتضى أنه يكنى أبا أحمد، وهذا أيضا غريب، إلا أن يكون «أبو» زيادة من الناسخ، فيكون أحمد اسما لا كنية. والله أعلم. وذكر ابن الأثير ما يقتضى ترجيح كون اسمه أحمد، وذكر له قصة مع عمر بن

_ 2951 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 10280، أسد الغابة ترجمة 6121، اللآلئ 2/ 351). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. وما أوردناه من الاستيعاب. 2952 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3135، الإصابة ترجمة 10291، أسد الغابة ترجمة 6129، التاريخ الكبير 9/ 54، الجرح والتعديل 9/ 409، تهذيب الكمال 1630). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2953 ـ أبو عياض

الخطاب رضى الله عنهما، فنذكر ذلك لما فيه من الفائدة. قال ابن الأثير: أحمد بن حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، أبو عمرو المخزومى، وهو ابن عم خالد بن الوليد، وأبى جهل بن هشام، وحنتمة بنت هاشم بن المغيرة، أم عمر بن الخطاب رضى الله عنه. ذكره أبو عبد الرحمن النسائى، عن إبراهيم بن يعقوب الجوزجانى، أنه سأل أبا هاشم المخزومى، وكان علامة بأنساب بنى مخزوم، عن اسم أبى عمرو بن حفص، فقال: أحمد، وأمه درة بنت خزاعى بن الحارث بن حويرث الثقفى. روى على بن رباح، عن ناشرة بن سمى اليزنى، قال: سمعت عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول يوم الجابية، وهو يخطب: إنى أعتذر إليكم من خالد بن الوليد، إنى أمرته أن يحبس هذا المال على المهاجرين، فأعطاه ذا البأس وذا الشرف وذا اللسان، فنزعته وأثبت أبا عبيدة بن الجراح. فقام أبو عمرو بن حفص فقال: والله ما عدلت يا عمر، لقد نزعت عاملا استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغمدت سيفا سله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضعت لواء نصبه رسول اللهصلى الله عليه وسلم، ولقد قطعت الرحم وحسدت ابن العم. فقال عمر رضى الله عنه: إنك قريب القرابة، حدث السن، مغضب فى ابن عمك. أخرجه ابن مندة وأبو نعيم. وهذا أبو حفص هو زوج فاطمة بنت قيس، ويرد ذكره أيضا. انتهى. وقد أخرج النسائى لأبى عمرو، الحديث المشار إليه، وهو يدل على حياته إلى زمن عمر رضى الله عنه، وذلك يوافق ما ذكره البخارى؛ لأنه حكى فى تاريخه أنه عاش إلى خلافة عمر رضى الله عنه. انتهى. وقيل: بعثه النبى صلى الله عليه وسلم بعد إسلامه إلى اليمن، مع على رضى الله عنه، فمات باليمن بعد أن طلق فيه زوجته فاطمة بنت قيس، وهذا يوافق ما ذكره ابن عبد البر، وذكر القولين النووى وغيره. والله أعلم بالصواب. 2953 ـ أبو عياض: مكى تابعى ثقة. كذا ذكره الهيثمى فى ترتيبه «لثقات العجلى».

2954 ـ أبو عيسى المخزومى

2954 ـ أبو عيسى المخزومى: أمير مكة، هو محمد بن عيسى بن محمد المخزومى. تقدم. * * * حرف الغين المعجمة 2955 ـ أبو غرارة القرشى المليكى: هو محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر، تقدم. 2956 ـ أبو الغمر الطنجى: هو السائب بن عبد الله بن السائب الأنصارى، تقدم. 2957 ـ أبو غياث المكى: من موالى جعفر بن محمد، حدث عن أحمد بن يونس اليربوعى، عن مالك. وذكره ابن الجوزى فى «صفوة التصوف» (1). وهو صاحب حكاية الهميان التى أخبرنا بها عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبد الله المقدسى، بقراءتى عليه بسفح قاسيون، فى الرحلة الثالثة: أن أبا العباس أحمد بن أبى طالب الحجار أخبره إجازة إن لم يكن سماعا، عن الأنجب بن محمد الحمامى، أخبرنا أحمد بن المقرب أخبرنا المبارك بن عبد الجبار، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر البرمكى، وأبو القاسم على بن المحسن التنوخى، وأبو الفتح عبد الكريم بن محمد المحاملى، قالوا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان، حدثنا أبو حازم المعلى بن سعيد البغدادى، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن جرير الطبرى، يقول: كنت فى سنة ثلاثمائة بمكة، فذكر هذه الحكاية. وملخصها: أن أبا غياث وجد هميانا فيه ألف دينار ذهبا، فلما رأى أبو غياث صاحبه يسأل عنه، تعرض له أبو غياث ورغب فى رده على أن يعطيه صاحبه منه

_ 2954 ـ سبق فى الترجمة (353). 2955 ـ سبق فى الترجمة (250). 2956 ـ سبق فى الترجمة (1244). (1) من هامش ط: كتاب ابن الجوزى الذى ذكره المصنف يسمى: صفوة الصفوة أو صفة الصفوة. أما «صفوة التصوف» فهو اسم كتاب لأبى الفضل محمد بن طاهر بن على المقدسى، المتوفى 507.

2958 ـ أبو الغيث بن أبى نمى، محمد بن أبى سعد بن على بن قتادة الحسنى المكى، الأمير عماد الدين

عشره؛ مائة دينار، فأبى صاحبه إلا أن يأخذه بغير شئ، فلما سأل عنه صاحبه ثالثة، رغب أبو غياث فى رده إليه على دينار واحد، عشر العشرة، فأبى صاحبه إلا أن يأخذه بغير شئ، فرده أبو غياث إليه مع شدة حاجته إليه، فلما رآه صاحبه على هيئته وهبه لأبى غياث، ففرقه أبو غياث على بناته وكن أربعا، وأختيه وزوجته وأمها. وراوى الحكاية الإمام أبو جعفر محمد بن حرير الطبرى؛ لأنه كان حاضرا، لما وهب له الكيس، فحصل لكل منهم مائة دينار. وأنه سأل عن أبى غياث بمكة فى سنة ست وخمسين، فقيل له: مات بعد ذلك بشهور، فى سنة إحدى وأربعين. وكان لأبى غياث من العمر وقت هذه الحكاية ست وثمانون سنة. وفيها مناقب لأبى غياث؛ منها رده المال مع حاجته إليه، فإنه كان فقيرا، لم يكن له إلا قميص فيه، ثم يخلعه لأهله، فيصلون فيه. ومنها سماحة المال وتفرقته على أهله ومن حضر، بحيث لم يستأثر عنهم بشئ. ذلك فضل الله يأتيه من يشاء. 2958 ـ أبو الغيث بن أبى نمى، محمد بن أبى سعد بن على بن قتادة الحسنى المكى، الأمير عماد الدين: أمير مكة، ولى إمرتها فى موسم سنة إحدى وسبعمائة، شريكا لأخيه عطيفة، وقيل: لمحمد بن إدريس، كما ذكر صاحب «بهجة الزمن» وذكر أنه أخرج محمد بن إدريس واستبد بالإمرة، وجرت بينهما حروب كثيرة قتل فيها جماعة من الأشراف، ثم عزل فى الموسم من سنة أربع وسبعمائة بأخويه رميثة وحميضة. ثم ولى الإمرة فى سنة ثلاث عشرة وسبعمائة، ووصل فيها إلى مكة، ومعه عسكر جرار، فيه ثلاثمائة وعشرون فارسا من الترك، وخمسمائة فارس من أشراف المدينة، خارجا عما يتبعهم من المتخطفة. فلما علم به أخواه هربا إلى صوب حلى بن يعقوب، فسار إليهما فى سنة أربع عشرة، فلم ير لها أثرا؛ لأنهما لحقا ببلاد السراة. انتهى. وذكر البرزالى أن الجيش التركى أقام مع أبى الغيث شهرا، ثم ضاق منهم وقصر فى حقهم، وصار يتكسب عليهم، وكتب لهم خطه باستغنائه عنهم، فتوجهوا من عنده،

حرف الفاء

فتوجه له أخوه حميضة بعد جمعة وحاربه، فقتل من أصحاب أبى الغيث نحو خمسة عشر رجلا، ومن الخيل أكثر من عشرين، فانهزم أبو الغيث، ولحق بأخواله من هذيل، بوادى نخلة، وأرسل إلى السلطان هدية، فوعده بنصره، ويقال: إنه أمر صاحب المدينة بنصره، ثم التقى مع أخيه حميضة. وكانت هذه الوقعة فى رابع ذى الحجة سنة أربع عشرة وسبعمائة، بقرب مكة وكلام صاحب «بهجة الزمن» يفهم أنها كانت فى سنة خمس عشرة، وهو وهم. والله أعلم. * * * حرف الفاء 2959 ـ أبو الفتح الفاسى: محمد بن أحمد الحسنى. تقدم. 2960 ـ أبو الفتح بن يوسف بن الحسن بن على بن يوسف بن أبى بكر بن أبى الفتح السجزى الحنفى المكى: إمام مقام الحنفية بالحرم الشريف، سمع من الزين الطبرى، وعثمان بن الصفى، وعبد الوهاب الواسطى، وغيرهم. وصحب الشيخ أحمد الأهدل اليمنى، وتزهد ودار بمكة وفى عنقه زنبيل، وكان يتنازع مع عمه التاج على فى الإمامة، ثم اتفقا على أن كلا منهما يؤم يوما، ثم استقل بها بعده، ووليها من جهة أمير مكة، ولذلك، ما كان يصله معلوم على الإمامة من مصر. وكان كثير العناية بالوقيد فى ليلة ختمة المقام فى رمضان، ولا يلتفت إلى إنكار الناس عليه فى ذلك، وكان مقداما. وتوفى فى سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وهو خاتمة أهل بيته. وقد سماه بعضهم محمدا وبعضهم عليا، والله أعلم بالصواب. 2961 ـ أبو الفتوح صاحب مكة: هو الحسن بن جعفر بن محمد الحسنى.

_ 2959 ـ سبق فى الترجمة (60). 2961 ـ سبق فى الترجمة (983).

2962 ـ أبو الفرج بن جياس

2962 ـ أبو الفرج بن جيّاس [ ..... ] (1) 2963 ـ أبو الفضل الحرازى: هو محمد بن أحمد بن قاسم. 2964 ـ أبو الفضل بن ظهيرة: هو محمد بن أحمد بن ظهيرة. 2965 ـ أبو الفضل الشيبى: هو أحمد بن يوسف المكى الحجبى. 2966 ـ أبو الفضل العباسى المكى البغدادى: هو عبد القاهر بن عبد السلام. 2967 ـ أبو الفضل النويرى: قاضى مكة وعالمها، هو محمد بن أحمد بن عبد العزيز العقيلى. 2968 ـ أبو الفضل بن المصرى: هو محمد بن أبى بكر بن على. 2969 ـ أبو الفضل بن محمود: هو محمد بن محمد بن محمود بن يوسف بن على الحنفى. 2970 ـ أبو الفضل الحرازى، آخر: هو ابن أخى الأول، محمد بن عبد الله بن التقى محمد بن أحمد بن قاسم. تقدم والستة قبله.

_ 2962 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2963 ـ سبق فى الترجمة (42). 2964 ـ سبق فى الترجمة (22). 2965 ـ سبق فى الترجمة (675). 2966 ـ سبق فى الترجمة (1843). 2967 ـ سبق فى الترجمة (29). 2968 ـ سبق فى الترجمة (113). 2969 ـ سبق فى الترجمة (420). 2970 ـ سبق فى الترجمة (231).

2971 ـ أبو الفضل بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد المعطى الأنصارى الخزرجى المكى

2971 ـ أبو الفضل بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عبد المعطى الأنصارى الخزرجى المكى: يلقب بالكمال، ويعرف بابن الصفى؛ لكون أبيه كان سبط الصفى الطبرى. سمع [ ..... ] (1) وكان يعمل العمر ويبيعها، ويتردد من مكة إلى اليمن، وأدركه فيه الأجل، فى سنة أربع عشرة وثمانمائة بزبيد. 2972 ـ أبو الفضل بن قوام: توفى سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة بمكة، شهيدا فى وقعة لأهل السنة. وكان سبب ذلك أن بعض الروافض شكا إلى أمير مكة ابن أبى هاشم أن أهل السنة ينالون منهم ويبغضونهم، فأخذ مع جماعة فضرب فمات فى الحال. انتهى. 2973 ـ أبو الفضل الدمشقى المشهور بالشريف العباسى: ذكره الجندى فى «تاريخ أهل اليمن»، وذكر أنه كان قدم اليمن بقصد الاجتماع بالشيخ أبى الغيث، يعنى ابن جميل، نفع الله به، والفقيه سفيان فاجتمع بهما، ثم عاد إلى بلده دمشق بعد مدة ثم عاد إلى اليمن، وقدم عدن فتأهل بها، وأخذ عنه العلم جماعة، واستضافه كافور البالسى، وحمله وحمل عائلته وقام بمؤونتهم. وكان مشهورا بإجابة الدعوة، والإخبار بالمغيبات، وامتحن بكفاف بصره. وذكر من كراماته أنه لما دخل المظفر عدن أول مرة، وكان يشفق على كافور، فقال له: يا ولد دلنا على رجل صالح نزوره ونتبرك به، لعله يخبرنا بعاقبة أمرنا، فأخبره بحال هذا الشريف وما هو عليه، وأنه يخبر عن الأمور المغيبة. فقال: أحب أن تعمل لى فى زيارته، فقال: سمعا وطاعة. ثم لما خرج من عند السلطان وصل إلى بيت الشريف، وقال له: جماعة من سنادبلى، من خدام السلطان يحبون زيارتك، فتصدق بالإذن، أصل أنا وهم فى الليل، فقال: لا بأس. ولما كان الليل وصل كافور باب السلطان، وهو إذ ذاك بالمنظر فدخل إلى السلطان وأخبره بما اتفق مع الشريف، فخرج السلطان إلى ذلك ومعه أربعة من الخدام، ومقدمهم كافور إلى بيته.

_ 2971 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2974 ـ أبو فكيهة

فلما صار بالباب استأذن، فأذن له، فكان أول من وقع يده بيد السلطان، فهزها وقال: أنت السلطان فارحم من فى الأرض يرحمك من فى السماء، فما لأحد معك مشاركة، والحاجة التى فى نفسك تقع عن قريب، وكان حصن الدماوة يومئذ ممتنعا، والسلطان مشتغل القلب بحصوله، فعلم السلطان أنه كاشف عن ذلك، واستبشر بما بشره، وسأله الدعاء. ثم خرج فلم يكد يقف بعد ذلك غير مدة حتى صار إليه ما كان أضمره. ومن غريب ما ذكر عن هذا السيد أنه وصل إلى عدن مركب من الهند، وأخبر الناخوذا كافور أنه مر بالبحر والسراق قد أحاطوا بالمركبين له، وهم معهما فى القتال شديد، وقال المخبرون لكافور: يخشى أنهما يغلبان، وتعب الناخوذا من ذلك، وتقدم إلى الشريف وأخبره، فأطرق ساعة ثم رفع رأسه، وقال: لا تخش يا كافور، قد غلب السراق ومركباك مقبلان يجريان كفرسى رهان، وفى غد يأتيك البشير بهما قبل صلاة الجمعة، فكان كما قال الشريف. ثم إن الشريف سافر بعائلته إلى مكة، فأكرمه صاحبها، وهو يومئذ أبو نمى الشريف المشهور، ولم يزل عنده حتى توفى بمكة، ولم أتحقق له تاريخا. انتهى. 2974 ـ أبو فكيهة (1): مولى لبنى عبد الدار، يقال: إنه من الأزد، أسلم بمكة، وكان يعذب ليرجع عن دينه فيأبى، وكان قوم من بنى عبد الدار يخرجونه نصف النهار فى حر شديد فى قيد من حديد ولا (3) يلبس ثيابا ويبطح فى الرمضاء، ثم يؤتى بالصخرة فتوضع على ظهره حتى لا يعقل، فلم يزل كذلك حتى هاجر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة، فخرج معهم رضى الله عنهم فى الهجرة الثانية.

_ 2974 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3157، الإصابة ترجمة 10397، أسد الغابة ترجمة 6167). (1) قال ابن إسحاق: أبو فكيهة اسمه يسار مولى صفوان بن أمية بن محرث انظر: (الاستيعاب ترجمة 3157). (2) ما بين المعقوفتين غير مثبت فى الأصل. وأوردناه من الاستيعاب.

2975 ـ أبو الفيل الخزاعى

2975 ـ أبو الفيل الخزاعى: له صحبة ورواية (1). حديثه عن النبى صلى الله عليه وسلم «لا تسبوا ما عزا» (2) بعد أن رجم. روى عنه عبد الله بن جبير. كوفى. * * * حرف القاف 2976 ـ أبو القاسم بن أحمد بن عبد الصمد بن أبى بكر الأنصارى الخزرجى الخولانى اليمنى: المقرئ بالحرم الشريف، نزيل مكة، شرف الدين. قرأ القراءات على ابن مثبت ببيت المقدس، وبالشام وبغيرها. وذكر أنه اجتمع بالشيخ تقى الدين بن تيمية بدمشق. ولم يعرف له سماع، منه ولا من غيره. وله إجازة من التوزرى، والرضى الطبرى، والعفيف الدلاصى. وجاور بمكة فى حدود سنة نيف وأربعين وسبعمائة، وتزوج ابنة الفقيه يوسف الحنفى، وحصل له منها أولاد ذكور وابنتان، زوج إحداهما من القاضى شهاب الدين أحمد بن الضياء. وتصدر للإقراء مدة، ثم ولى وظيفة تلقين القرآن من الوقف النجمى وزير بغداد، فى الحجة سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة، وبقى بحرم الله على ذلك حتى مات. وكان يتعلق بعلم القراءات، ولم يكن بالمحقق فيه. ولى تصدير الإقراء لوزير بغداد بالحرم الشريف، وتصدر به مدة سنين. وكان يذكر أن الجن يقرأون عليه القرآن، يحضرون إليه من اليمن، وأخبر أن عندهم

_ 2975 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3158، الإصابة ترجمة 10398، أسد الغابة ترجمة 6169، تجريد أسماء الصحابة 2/ 193، الكنى والأسماء 1/ 48، تبصير المنتبه 3/ 1079). (1) قال البخارى: لا تصح لأبى الفيل صحبة. ذكره البخارى فى باب عبد الله. انظر: (الاستيعاب ترجمة 3158). (2) ذكره الهيثمى فى الزوائد (9/ 402)، الدولابى فى الأسماء والكنى (1/ 48)، الهندى فى كنز العمال حديث رقم (33645).

2977 ـ أبو القاسم بن راجح بن غنام

بلادة، وغاية الماهر منهم أن وصل إلى سورة الرحمن، وأن امرأته تأذت بحضورهم عنده فى البيت، فصار يخرج إلى الحرم، يقرئهم به ليلا. انتهى. ورأيت بخط الوالد أنه ناب فى الإمامة بمقام الحنفية بعد خاله أبى الفتح بن يوسف السجزى. انتهى. وفى الترجمة كما ترى هنا مخالفة لهذا، وهو أن أبا الفتح إنما هو خال ولده، وأنه اجتمع بالشيخ تقى الدين بن تيمية. وقد أجاز لى باستدعاء شيخنا ابن سكر، وما عرفت ما يروى حتى استجازه. وتوفى فى شوال سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة بمكة، ودفن بالمعلاة. وتوفى ولده محمد بن أبى القاسم فى آخر سنة أربع وتسعين وسبعمائة بدمشق، وكان رام الإمامة بمقام الحنفية، بعد خاله أبى الفتح بن يوسف الحنفى، وتهيأ له ذلك من قبل السلطان، ولم يمكن من ذلك بمكة، لما اشتهر عنه من قبح السيرة. سامحه الله. وتقدم فى ترجمة محمد بن أبى القسم المذكور أنه منعه من ذلك قاضى مكة أبو الفضل النويرى، لأمر فيه اقتضى ذلك سامحه الله تعالى. انتهى. 2977 ـ أبو القاسم بن راجح بن غنام (1). 2978 ـ أبو القاسم بن محمد بن حسين بن محمد المعروف بابن الشقيف: بشين معجمة ثم واو ثم ياء التصغير ساكنة ثم فاء، الزيدى. كان كبير الزيدية بمكة، ثم عقد له مجلس بحضرة القاضى عز الدين بن جماعة بمكة، واستتيب فيه، وأشهد على نفسه، وكتب بخطه أنه تبرأ إلى الله تعالى من اعتقاد أهل البدع الزيدية والإمامية وغيرهم، وأنه يواظب على الجمعة والجماعة، وإن خرج عن ذلك فعليه فيه ما تقتضيه الشريعة المطهرة، وذلك فى رمضان سنة خمسين وسبعمائة، وذلك بعد سؤاله لأهل السنة وخضوعه لهم. وكان سبب ذلك خوفا حصل له من ضرب الأمير عمر شاه لعلى مؤذن الزيدية حتى مات فى موسم سنة أربع وخمسين. ومات ابن الشقيف [ ..... ] (1) من سنة ستين وسبعمائة بمكة، على ما بلغنى.

_ 2977 ـ (1) وقعت هذه الترجمة هكذا فى الأصول. 2978 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

2979 ـ أبو القاسم بن كلالة الطيبى

ووجدت بخطه أنه قرأ على الشيخ خضر النابتى «سنن أبى داود» وحدث بها عنه. وذكر لى شيخنا ابن عبد المعطى أن الشيخ أبا الطيب التكراوى كان يثنى عليه، ويقول: إنه ضعف فى مسألة التحسين والتقبيح، وخلق القرآن. 2979 ـ أبو القاسم بن كلالة الطيبى: صاحب الرباط بالمسعى، وقفه فى سنة أربع وأربعين وستمائة على الفقراء [ ....... ] (1) 2980 ـ أبو القاسم الزمخشرى المفسر: هو محمود بن عمر. تقدم. 2981 ـ أبو القاسم الموسوى [ ..... ] (1) 2982 ـ أبو قتادة الأنصارى: فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم. كان يعرف بذلك. اختلف فى اسمه، فقيل: الحارث بن ربعى بن بلدمة. وقيل: النعمان بن ربعى. وقيل:

_ 2979 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2981 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2982 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3161، الإصابة ترجمة 10411، أسد الغابة ترجمة 6173، طبقات ابن سعد 6/ 15، التاريخ لابن معين 2/ 720، تاريخ خليفة 99، طبقات خليفة 139، تاريخ أبى زرعة 1/ 477، التاريخ الكبير 1/ 258، التاريخ الصغير 221، الجرح والتعديل 3/ 74، الأخبار الطوال 210، المغازى للواقدى 3/ 1222، المحبر 122، ربيع الأبرار 4/ 67، تاريخ اليعقوبى 2/ 78، المعرفة والتاريخ 1/ 214، مقدمة مسند بقى ابن مخلد 82، المعجم الكبير للطبرانى 3/ 270، تاريخ الطبرى 2/ 293، فتوح البلدان 117، جمهرة أنساب العرب 360، سيرة ابن هشام 91، مشاهير علماء الأمصار 14، مروج الذهب 1631، الكنى والأسماء 1/ 48، الاستبصار 146، تحفة الأشراف 9/ 240، صفة الصفوة 1/ 647، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 265، وفيات الأعيان 6/ 14، مرآة الجنان 1/ 128، البداية والنهاية 8/ 68، دول الإسلام 1/ 40، المعين فى طبقات المحدثين 28، الكاشف 3/ 325، العبر 1/ 60، سير أعلام النبلاء 2/ 449، المغازى 185، السيرة النبوية 25، عهد الخلفاء الراشدين 602، النكت الظراف 9/ 241، تهذيب التهذيب 12/ 204، تقريب التهذيب 2/ 463، خلاصة تذهيب التهذيب 457، تاريخ الإسلام 1/ 340).

2983 ـ أبو قحافة التيمى

النعمان بن عمرو (1) بن بلدمة، وقيل: عمرو بن ربعى بن أبى بلدمة. وقيل: بلدمة بن خناس بن سنان بن عبيد بن عدى بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصارى السلمى. أمير مكة لعلى، ثم عزله بقثم، ذكره المصنف فى ترجمة قثم. وأمه كبشة بنت مطهر بن حرام بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة. اختلف فى شهوده بدرا، فقال بعضهم: كان بدريّا، ولم يذكره ابن عقبة، ولا ابن إسحاق فى البدريين، وشهد أحدا وما بعدها من المشاهد كلها. وذكر الواقدى: حدثنى يحيى بن عبد الله بن أبى قتادة، عن أبيه، عن أبى قتادة، قال: أدركنى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذى قرد، فنظر إلى فقال: «اللهم بارك فى شعره وبشره» وقال: «أفلح وجهك» فقلت: ووجهك يا رسول الله. قال: «قتلت مسعدة؟ » قلت: نعم قال: «فما هذا الذى بوجهك؟ » قلت: سهم رميت به يا رسول الله، قال: «فادن» فدنوت منه، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه، فما ضرب على قط ولا قاح. وروى من مرسل محمد بن المنكدر، ومرسل عطاء، ومرسل عروة أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال لأبى قتادة: «من اتخذ شعرا فليحسن إليه أو ليحلقه». وقال له: «أكرم جمتك وأحسن إليها» (2) فكان يرجلها غبا. واختلف فى وقت وفاته. فقيل: مات بالمدينة سنة أربع وخمسين، وقيل: بل مات فى خلافة على رضى الله عنه بالكوفة، وهو ابن سبعين سنة. وصلى عليه على رضى الله عنه، وكبر عليه سبعا. وروى من وجوه، عن موسى بن عبد الله بن يزيد الأنصارى، وعن الشعبى أنهما قالا: صلى على رضى الله عنه على أبى قتادة، فكبر عليه سبعا. قال الشعبى: وكان بدريا. 2983 ـ أبو قحافة التيمى: والد أبى بكر الصديق رضى الله عنهما، هو عثمان بن عامر. تقدم فى محله.

_ (1) قال محقق الاستيعاب فى: بعض المخطوطات: عمر. (2) ذكره الهيثمى فى الزوائد (5/ 167). 2983 ـ سبق فى الترجمة (1747).

2984 ـ أبو قيس بن الحارث بن قيس بن عدى بن سهم القرشى السهمى

2984 ـ أبو قيس بن الحارث بن قيس بن عدى بن سهم القرشى السهمى: وهو من ولد سعد بن سهم، لا من ولد سعيد بن سهم، وكان قيس بن عدى سيّد قريش فى الجاهلية، غير مدافع، وكان أبو قيس هذا من مهاجرة الحبشة، ثم قدم فشهد أحدا وما بعدها من المشاهد. قال ابن إسحاق: أبو قيس اسمه عبد الله، وقد روى عن ابن إسحاق أنه أخوه. وكان أبوه الحارث بن قيس أحد المستهزئين، الذين جعلوا القرآن عضين، وجده قيس بن عدى، وهو جد ابن الزبعرى أيضا، وكان فى زمانه من أجل رجل (1) من قريش، وهو الذى جمع الأخلاف على بنى عبد مناف. والأحلاف: عدى، ومخزوم وسهم وجمح (2). قتل أبو قيس بن الحارث يوم اليمامة شهيدا. ولا أعلم له رواية. * * * حرف الكاف 2985 ـ أبو كبشة بن [ .... ] (1) * * * حرف اللام 2986 ـ أبو ليلى الخزاعى [ ..... ] (1) 2987 ـ أبو لكوط، الولى المشهور: هو عبد الله بن عبد السلام بن عبد الرحمن الدكالى. نزيل مكة. تقدم فى محله. * * *

_ 2984 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3170، الإصابة ترجمة 10435، أسد الغابة ترجمة 6184). (1) فى الاستيعاب: «من أجل رجال». (2) هذه الترجمة فى الاستيعاب بالنص والمصنف ينقل عنه. 2985 ـ ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. وقد ذكر ابن عبد البر فى الاستيعاب اثنين باسم أبو كبشة وهم: «أبو كبشة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم»، و «أبو كبشة الأنمارى». انظر ترجمتهما فى: (الاستيعاب ترجمة 3174، 3175، الإصابة ترجمة 10449، 10448، أسد الغابة ترجمة 6195، 6194). 2986 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2987 ـ سبق فى الترجمة (1569).

حرف الميم

حرف الميم 2988 ـ أبو المحاسن بن البرهان الطبرى: هو محمد بن محمد بن أحمد بن البرهان إبراهيم بن يعقوب الطبرى. تقدم. 2989 ـ أبو محجن الثقفى: اختلف فى اسمه، فقيل: اسمه مالك بن حبيب وقيل عبد الله بن حبيب بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غيرة بن عوف بن قسى، وهو ثقيف، النفقى. وقيل: اسمه كنيته. أسلم حين أسلمت ثقيف، وسمع من النبى صلى الله عليه وسلم وروى عنه. حدث عنه أبو سعد البقال. وكان أبو محجن هذا من الشجعان الأبطال، فى الجاهلية والإسلام، ومن الفرسان إلبهم. وكان شاعرا، وأنه كان متهما فى الشراب. وكان أبو بكر الصديق رضى الله عنه يستعين به، وجلده عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى الخمر مرارا، ونفاه إلى جزيرة فى البحر، وبعث معه رجلا فهرب منه، ولحق سعد بن أبى وقاص الله عنه بالقادسية وهو محارب للفرس، وكان قد هم بقتل الرجل الذى بعثه معه عمر رضى الله عنه، فأحس الرجل بذلك وخرج هاربا، فلحق بعمر رضى الله عنه، فأخبره خبره، فكتب عمر إلى سعد رضى الله عنهما يحبس أبى محجن فحبسه، فلما كان يوم الناطف بالقادسية والتحم القتال، سأل أبو محجن رضى الله عنه امرأة سعد أن تحل قيده وتعطيه فرس سعد، وعاهدها أنه إن سلم عاد إلى حاله من القيد والسجن، وإن استشهد فلا تبعة عليه، فخلت سبيله، وأعطته الفرس، فقاتل وأبلى بلاء حسنا، ثم عاد إلى محبسه. وكانت بالقادسية أيام مشهورة، منها الناطف، ومنها يوم أرماث ويوم أغواث، ويوم الكتائب وغيرها. وكانت قصة أبى محجن فى يوم الناطف، ويومئذ قال. وأخبرنا معمر، عن أيوب قال: كان أبو محجن الثقفى لا يزال يجلد فى الخمر فلما كثر عليهم سجنوه وأوثقوه، فلما كان يوم القادسية رآهم يقتتلون، فكأنه رأى أن

_ 2988 ـ سبق فى الترجمة (382). 2989 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3193، الإصابة ترجمة 10507، أسد الغابة ترجمة 6228، تجريد أسماء الصحابة 2/ 200).

المشركين قد أصابوا من المسلمين، فأرسل إلى أم ولد سعد، أو إلى امرأة سعد، يقول لها: إن أبا محجن يقول لك: إن خليت سبيله وحملته على هذا الفرس، ودفعت إليه سلاحا ليكونن أول من يرجع إليك إلا أن يقتل، وأنشأ يقول (1): كفى حزنا أن تردى الخيل بالقنا (2) ... وأترك مشدودا على وثاقيا إذا قمت عنانى الحديد وغلقت ... مصارع من دونى تصم المناديا (3) فذهبت الأخرى، فقالت ذلك لامرأة سعد، فحلت عنه قيوده، وحمل على فرس كان فى الدار، وأعطى سلاحا. ثم خرج يركض حتى لحق بالقوم، فجعل لا يزال يحمل على رحل فيقتله ويدق صلبه، فنظر إليه سعد، وجعل يتعجب ويقول: من ذلك الفارس؟ . قال: فلم يلبثوا إلا يسيرا حتى هزمهم الله تعالى، ورجع أبو محجن ورد السلاح، وجعل رجليه فى القيود، كما كان، فجاء سعد فقالت له امرأته وأم ولده: كيف كان قتالكم؟ فجعل يخبرها، وجعل يقول: لقينا ولقينا، حتى بعث الله تعالى رجلا على فرس أبلق، لولا أنى تركت أبا محجن فى القيود لطننت أنها بعض شمائل أبى محجن. فقالت: والله إنه لأبو محجن، كان من أمره كذا وكذا. فقصت عليه قصته، فدعا به، وحل عنه قيوده وقال: والله لا نجلدك على الخمر أبدا، قال أبو محجن: وأنا والله لا أشربها أبدا، كنت آنف أن أدعها من أجل جلدكم. قال: فلم يشربها بعد ذلك. وزعم الهيثم بن عدى أنه أخبره من رأى قبر أبى محجن الثقفى بأذربيجان، أو قال: فى نواحى جرجان، وقد نبتت عليه ثلاثة أصول كرم، وقد طالت وأثمرت، وهى معرشة على قبره، مكتوب على القبر: هذا قبر أبى محجن، قال: فجعلت أتعجب، وأذكر قوله: إذا مت فادفنى إلى جنب كرمة وذكر البيت.

_ (1) انظر: الاستيعاب ترجمة 3193. (2) فى الاستيعاب: «كفى حزنا أن ترتدى الخيل بالقنا». (3) فى الاستيعاب: «مصارع من دونى تصم المناديا».

2990 ـ أبو محذورة المؤذن القرشى الجمحى

2990 ـ أبو محذورة المؤذن القرشى الجمحى: اختلف فى اسمه، فقيل: سمرة بن معير. وقيل اسمه: معير بن محيريز. وقيل: أوس بن معير بن لوذان بن ربيعة بن عويج (1) بن سعد بن جمح، هكذا نسبه خليفة. قال أبو عمر: اتفق الزبير وعمه مصعب، ومحمد بن إسحاق المسيبى، على أن اسم أبى محذورة: أوس، وهؤلاء أعلم بطريق الأنساب فى قريش. ومن قال فى اسم أبى محذورة: سلمة فقد أخطأ. وكان أبو محذورة مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، أمره بالأذان بها منصرفه من حنين، وكان سمعه يحكى الأذان، فأعجبه صوته، فأمر أن يؤتى به، فأسلم يومئذ وأمره بالأذان، فأذن بين يديه، صلى الله عليه وسلم، ثم أمره فانصرف إلى مكة، وأقره على الأذان بها، فلم يزل يؤذن بها هو وولده، ثم عبد الله بن محيريز، ابن عمه وولده. فلما انقطع ولد ابن محيريز صار الأذان بها إلى ولد ربيعة بن سعد بن جمح. وأبو محذورة وابن محيريز من ولد لوذان بن سعد بن جمح. قال الزبير: كان أبو محذورة أحسن الناس أذانا، وأنداهم صوتا. قال الطبرى: توفى أبو محذورة بمكة، سنة تسع وخمسين، وقيل سنة تسع وسبعين، ولم يهاجر، ولم يزل مقيما حتى مات. 2991 ـ أبو محمد بن حمو البجاى: هذا وجدته مذكورا بخط الميورقى، وترجمه بمفتى مكة المالكى. انتهى.

_ 2990 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3194، الإصابة ترجمة 10508، أسد الغابة ترجمة 6229، طبقات ابن سعد 5/ 450، طبقات خليفة 24، مقدمة مسند بقى بن مخلد 97، المعرفة والتاريخ 2/ 23، المحبر 161، المغازى للواقدى 151، التاريخ لابن معين 2/ 724، المعارف 301، التاريخ الصغير 57، 64، تاريخ أبى زرعة 1/ 476، المعجم الكبير 7/ 203، التاريخ الكبير 4/ 177، الجرح والتعديل 4/ 155، المعين فى طبقات المحدثين 28، الكاشف 3/ 331، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 266، 56، الكامل فى التاريخ 3/ 526، الوافى بالوفيات 9/ 451، سيرة ابن هشام 2/ 352، أنساب الأشراف 1/ 300، مشاهير علماء الأمصار 31، جمهرة أنساب العرب 162، تحفة الأشراف 9/ 285، تهذيب الكمال 3/ 1644، الكنى والأسماء 1/ 52، النكت الظراف 9/ 285، تهذيب التهذيب 12/ 222، تقريب التهذيب 2/ 469، خلاصة تذهيب التهذيب 459، المنتخب من ذيل المذيل 564، تاريخ الإسلام 1/ 343). (1) فى الاستيعاب: عريج.

2992 ـ أبو محمد الأنماطى

2992 ـ أبو محمد الأنماطى: توفى فى سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، شهيدا فى وقعة لأهل السنة. وكان سبب ذلك أن بعض الروافض شكا إلى أمير مكة ابن أبى هاشم أن أهل السنة يبغضونهم وينالون منهم، فأخذ هو وأبو الفضل بن قوام، وهياج الحطينى، وضربوا، فمات هو وابن قوام فى الحال، وبقى هياج أياما ثم مات. انتهى. 2993 ـ أبو مرثد الغنوى: [ ..... ] (1). 2994 ـ أبو مرة بن عروة بن مسعود الثقفى: قيل: إنه ولد فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا صحبة له، وأبوه من كبار الصحابة رضى الله عنهم. 2995 ـ أبو مرة الطائفى [ ..... ] (1) 2996 ـ أبو مصعب المكى: عن زيد بن أرقم والمغيرة، وأنس، بحديث الغار. وعنه عون بن عمرو القيسى. قال العقيلى: مجهول، كذا ذكره شيخنا خاتمة الحفاظ أبو الفضل بن حجر فى كتابه «لسان الميزان» وقال: ذكره، يعنى الذهبى، فى ترجمة عون، وقد تقدم ذلك فيها أيضا، والذى تقدم فيها هو: «مسلم بن إبراهيم، حدثنا عون بن عمرو، سمعت أبا مصعب المكى يقول: أدركت زيد بن أرقم وأنسا، والمغيرة بن شعبة، وسمعتهم يتحدثون أن النبىصلى الله عليه وسلم، ليلة الغار، أمر الله شجرة تنبت فى وجه النبى صلى الله عليه وسلم فسترته، وأمر الله حمامتين وحشيتين فوقعتا بفم الغار ... الحديث. وأبو مصعب لا يعرف». انتهى. 2997 ـ أبو المعالى الشيبانى: قاضى مكة، هو يحيى بن عبد الرحمن بن على المكى. تقدم.

_ 2993 ـ سبق فى الترجمة (2378). وهو كناز بن حصن، ويقال ابن حصين. (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. انظر ترجمته فى: (الاستيعاب باب الكنى ترجمة 3200). 2994 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3202، الإصابة ترجمة 10526، أسد الغابة ترجمة 6242). 2995 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 34/ 277). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 2997 ـ سبق فى الترجمة (2703).

2998 ـ أبو المعالى القسطلانى

2998 ـ أبو المعالى القسطلانى: هو محمد بن القطب محمد بن أحمد بن على القيسى. تقدم. 2999 ـ أبو المعالى المؤذن: هو أحمد بن على بن محمد بن عبد السلام الكازرونى المكى. تقدم. 3000 ـ أبو معبد الخزاعى: [زوج أم معبد الخزاعية. له رواية عن النبى صلى الله عليه وسلم، ويقولون: إن حديثه إنما سمعه من أم معبد فى قصتها حين مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيمتها ونزل عليها، وعرض لها معه فى شاتها ما هو مذكور فى ذلك الحديث. توفى أبو معبد قبل موت النبى صلى الله عليه وسلم، وكان يسكن قديدا، قاله البخارى وغيره، وقد روى حديث أم معبد جماعة بتمامه وكماله عن أم معبد، وعن أبى معبد زوجها، وعن حبيش بن خالد أخيها، كلهم يرويه بمعنى واحد، وفيه ألفاظ مختلفة قليلة بمعنى متقارب] (1). 3001 ـ أبو معبد مولى ابن عباس: مكى تابعى ثقة. وكان من خيار موالى ابن عباس. كذا ذكره الحافظ نور الدين الهيثمى فى ترتيبه «لثقات العجلى». 3002 ـ أبو معدان المكى [ .... ] (1) 3003 ـ أبو معشر الطبرى: مقرئ مكة، هو عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد. تقدم.

_ 2998 ـ سبق فى الترجمة (387). 2999 ـ سبق فى الترجمة (604). 3000 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3209، الإصابة ترجمة 10551، أسد الغابة ترجمة 6262). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل، وما أوردناه من الاستيعاب. 3001 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 34/ 304). 3002 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 3003 ـ سبق فى الترجمة (1850).

3004 ـ أبو المغلس ميمون المكى

3004 ـ أبو المغلس ميمون المكى: عن ابن أبى نجيح، وعنه ابن جريج وحده. كذا ذكره شيخنا قاضى القضاة شهاب الدين بن حجر فى كتابه «لسان الميزان» فى الفصل الذى عقده للمحذوف من «الميزان» وهو فى تهذيب الكمال فتنظر ترجمته من «تهذيب الكمال». وقد قدمته فى «ميمون» نقلا من المختصر الأول لهذا التاريخ. 3005 ـ أبو المغيرة المخزومى: أمير مكة، هو محمد بن عيسى بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم. تقدم. 3006 ـ أبو مليكة القرشى السهمى: اسمه زهير بن عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة. جد ابن أبى مليكة المحدث، له صحبة، يعد فى أهل الحجاز. من حديثه ما ذكر عمرو بن على، عن أبى عاصم، عن ابن جريج، عن ابن أبى مليكة، عن ابيه، عن جده، عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه، أن رجلا عض يد رجل فسقطت سنه فأبطلها أبو بكر، رضى الله عنه. 3007 ـ أبو المكارم الفاسى: هو الشريف أحمد بن أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى المكى. 3008 ـ أبو المكارم بن البرهان الطبرى: هو أخو أبى المحاسن السابق. محمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم. 3009 ـ أبو المكارم الشيبى: هو أحمد بن على بن أبى راجح محمد بن إدريس الحجبى المكى. تقدم واللذان قبله.

_ 3004 ـ سبق فى الترجمة (2568). 3005 ـ سبق فى الترجمة (353). 3006 ـ سبق فى الترجمة (1213). 3007 ـ سبق فى الترجمة (651). 3008 ـ سبق فى الترجمة (381). 3009 ـ سبق فى الترجمة (601).

3010 ـ أبو مكتوم بن أبى ذر الهروى

3010 ـ أبو مكتوم بن أبى ذر الهروى: هو عيسى بن عبد بن أحمد الأنصارى. 3011 ـ أبو موسى الحذاء المكى: اسمه صهيب تقدم فى محله. 3012 ـ أبو موسى المكى: المقيم بمقصورة جامع السلطان ببغداد. وقع من سطح الجامع فمات، وكان رجلا صالحا كثير العبادة. كذا ذكره ابن الأثير فى «كامله» فى المتوفين سنة اثنتين وستمائة. انتهى. * * * حرف النون 3013 ـ أبو نبقة: [اسمه علقمة بن المطلب. ذكره بعضهم فى الصحابة، وهو عندى مجهول، والله أعلم] (1). 3014 ـ أبو نصر السجزى الحافظ: هو عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوائلى، تقدم. 3015 ـ أبو النصر الفارسى الإستراباذى: الذى كسا الكعبة، وعمر مسجد عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها، بالتنعيم. هو إبراهيم بن محمد بن على. تقدم. 3016 ـ أبو نصر البندنيجى: مؤلف «المعتمد»، هو محمد بن هبة الله بن ثابت. نزيل مكة. تقدم.

_ 3010 ـ سبق فى الترجمة (2290). 3011 ـ سبق فى الترجمة (1420). 3013 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3231، الإصابة ترجمة 10637، أسد الغابة ترجمة 6306). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل، وما أوردناه من الاستيعاب. 3014 ـ سبق فى الترجمة (1680). 3015 ـ سبق فى الترجمة (726). 3016 ـ سبق فى الترجمة (475).

3017 ـ أبو النضر الطبرى

3017 ـ أبو النضر الطبرى: هو عبد الله بن محمد بن على، سبط سليمان بن خليل. تقدم. 3018 ـ أبو النعمان التبريزى: هو شيخ الحرم، نجم الدين، بشير بن حامد الجعفرى. تقدم. 3019 ـ أبو نمى: صاحب مكة، هو محمد بن حسن بن على بن قتادة الحسنى. تقدم فى محله. * * * حرف الهاء 3020 ـ أبو الهاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد المناف القرشى العبشمى: خال معاوية، وأخو أبى حذيفة لأبيه، وأخو مصعب بن عمير لأمه، أمهما أم خناس بنت مالك القرشية العامرية، قيل: اسمه شيبة، وقيل: هشيم، وقيل: مهشم. أسلم يوم الفتح، وسكن الشام، وتوفى فى خلافة عثمان رضى الله عنه. كان فاضلا، رحمه الله، وكان أبو هريرة إذا ذكر أبا هاشم قال: ذك الرجل الصالح. 3021 ـ أبو الهدى بن القسطلانى: هو [الحسن] (1) بن القطب محمد بن أحمد بن على القيسى، تقدم فى محله. 3022 ـ أبو الهيجا بن عيسى [ ....... ] (1) * * *

_ 3017 ـ سبق فى الترجمة (1618). 3018 ـ سبق فى الترجمة (850). 3019 ـ سبق فى الترجمة (144). 3020 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3238، الإصابة ترجمة 10670، أسد الغابة ترجمة 6320، تهذيب التهذيب 12/ 261، تجريد أسماء الصحابة 2/ 209، سير أعلام النبلاء 1/ 166). 3021 ـ سبق فى الترجمة (1009). (1) فى الأصول: «حسن»، وذكره المصنف فيمن اسمه: «الحسن». 3022 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل، ومن الجائز أن يكون هو الأمير جمال الدين بن أبى الهيجاء بن عيسى بن الحسن المهرانى الجراحى، أخو الأمير فخر الدين، المذكور فى الترجمة 1600.

حرف الواو

حرف الواو 3023 ـ أبو واقد الليثى: ذكره ابن عبد البر وقال: من بنى ليث بن بكر بن عبد مناة بن على بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر. اختلف فى اسمه، فقيل: الحارث بن عوف، وقيل: عوف بن الحارث وقيل: الحارث ابن مالك بن أسيد بن جابر بن عبد مناة (1) بن [شجع] (2) بن عامر بن ليث. قيل: إنه شهد بدرا مع النبى صلى الله عليه وسلم، وكان قديم الإسلام، وكان معه لواء بنى ليث وضمرة وسعد بن بكر يوم الفتح. وقيل: إنه من مسلمة الفتح، والأول أصح وأكثر. يعد فى أهل المدينة، وجاور بمكة سنة، ومات بها، فدفن فى مقبرة المهاجرين، بفخ (3)، سنة ثمان وستين، وهو ابن خمس وسبعين سنة، وقيل ابن خمس وثمانين سنة. 3024 ـ أبو وداعة السهمى القرشى: اسمه الحارث بن صبيرة، ذكره ابن عبد البر فى الكنى وقال: أسلم هو وابنه المطلب ابن أبى وداعة يوم فتح مكة. 3025 ـ أبو الوليد بن أبى الجاورد [ ...... ] (1).

_ 3023 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3247، الإصابة ترجمة 10701، أسد الغابة ترجمة 6334، سيرة ابن هشام 4/ 89، التاريخ لابن معين 2/ 731، المعرفة والتاريخ 3/ 374، التاريخ الكبير 2/ 258، الجرح والتعديل 3/ 82، التاريخ الصغير 53، جمهرة أنساب العرب 182، مشاهير علماء الأمصار 25، تاريخ خليفة 265، طبقات خليفة 29، مقدمة مسند بقى بن مخلد 89، المغازى للواقدى 453، ثمار القلوب 296، المحبر 237، تحفة الأشراف 11/ 110، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 271، المعين فى طبقات المحدثين 28، الكاشف 3/ 343، الوفيات 78، تهذيب التهذيب 12/ 270، تقريب التهذيب 2/ 486، خلاصة تذهيب التهذيب 68، تاريخ الإسلام 2/ 299). (1) فى الاستيعاب: جابر بن عوثرة. (2) فى الاستيعاب: أشجع. (3) زيادة من المصنف وهى ليست فى الاستيعاب. 3024 ـ سبق فى الترجمة (933). 3025 ـ ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل، وهو موسى بن أبى الجارود، الفقيه المكى. سبق فى الترجمة (2541).

3026 ـ أبو الوليد المكى

3026 ـ أبو الوليد المكى: عن جابر. قيل: هو سعيد بن ميناء، وقيل: يسار بن عبد الرحمن [ ....... ] (1) * * * حرف اللام ألف 3027 ـ أبو لاس الخزاعى، ويقال الحارثى: قيل: اسمه عبد الله وقيل: بل اسمه زياد. له صحبة، يعد فى أهل المدينة. روى عنه عمر بن الحكم بن ثوبان (1) [ ........ ] (2) * * * حرف الياء 3028 ـ أبو يحيى المكى: روى عن أبى هريرة رضى الله عنه فى الأذان. وروى عنه موسى بن أبى عثمان، وروى له البخارى، وأبو داود، والنسائى، وابن ماجة. وذكره ابن حبان فى «الثقات» وزعم أنه سمعان الأسلمى. 3029 ـ أبو يحيى المكى: عن فروخ مولى عثمان، عن عمر، فى الاحتكار.

_ 3026 ـ سبق فى الترجمة (1302) فى باب سعيد، وسبق فى باب يسار الترجمة (2739) وفيها بياض فى الأصل أيضا. (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 3027 ـ انظر ترجمته فى: (الاستيعاب ترجمة 3178، الإصابة ترجمة 10470، أسد الغابة ترجمة 6023، الثقات 3/ 456، بقى بن مخلد 699، الكاشف 3/ 389، تهذيب التهذيب 12/ 276، الكنى والأسماء 1/ 62، تقريب التهذيب 2/ 488، تهذيب الكمال 3/ 1658، تجريد أسماء الصحابة 2/ 197، الجرح والتعديل 9/ 456، تبصير المنتبه 3/ 1225، المشتبه 633). (1) ينقل المصنف عن ابن عبد البر وإن لم يصرح بذلك، وقد انتهى كلامه إلى هنا. (2) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 3028 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 34/ 404). 3029 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 34/ 404).

3030 ـ أبو يحيى بن أبى مسرة المكى

وعنه الهيثم بن رافع. وروى له ابن ماجة. وذكره ابن حبان فى «الثقات» وقال: يقال إنه مصدع. انتهى. 3030 ـ أبو يحيى بن أبى مسرة المكى: هو عبد الله بن أحمد بن زكريا بن الحارث. مفتى مكة. تقدم. 3031 ـ أبو يزيد المكى: والد عبيد الله بن أبى يزيد. روى عن عمرو بن سباع بن ثابت، وأم أيوب الأنصارية. وروى عنه ابنه عبيد الله. وروى له أبو داود، والترمذى، والنسائى. وذكره ابن حبان فى «الثقات» وكذا العجلى، وقال أيضا: تابعى. 3032 ـ أبو يعقوب الأقطع: قال السلمى فى التاريخ: من أهل البصرة، من جلة مشايخهم، وأسند عنه أنه قال: جاءنى إنسان وأنا قاعد فى المسجد الحرام، فقال لى: افتح حجرك، ففتحت، فحل مزودا له، وصب فى حجرى مقدار ألف دينار قراضة، من قيراطين إلى سدس، وتركنى فقمت من وقتى فما جلست حتى فرقتها كلها على الفقراء، ثم عدت إلى مكانى ولا أدرى من الرجل. انتهى من خط الوالد الحافظ نجم الدين عمر بن فهد الهاشمى، لطف الله بهم. 3033 ـ أبو يوسف المكى: روى عن عطاء، روى عنه يعقوب بن القعقاع، ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الثالثة من «الثقات». 3034 ـ أبو اليمن بن عساكر: هو عبد الصمد بن عبد الوهاب الدمشقى. نزيل مكة. تقدم. 3035 ـ أبو اليمن الطبرى: إمام المقام، هو محمد بن أحمد بن الرضى إبراهيم. تقدم فى محله. ولنختم هذا الباب بالفصول الأربعة التى أشرنا إليها: * * *

_ 3030 ـ سبق فى الترجمة (1477). 3031 ـ انظر ترجمته فى: (تهذيب الكمال 34/ 410). 3034 ـ سبق فى الترجمة (1815). 3035 ـ سبق فى الترجمة (3).

الفصل الأول فيمن اشتهر بلقبه مضافا إلى الدين

الفصل الأول فيمن اشتهر بلقبه مضافا إلى الدين 3036 ـ أمين الدين القسطلانى: هو محمد بن القطب محمد بن أحمد بن على القيسى. تقدم. 3037 ـ بدر الدين الإسنانى: هو محمد بن صالح بن أحمد. تقدم. 3038 ـ البرهان الأردبيلى: هو إبراهيم بن أحمد بن محمد. تقدم. 3039 ـ برهان الدين الفرضى: هو إبراهيم بن أبى بكر بن محمد البرلسى. تقدم. 3040 ـ البهاء الخطيب الطبرى: هو محمد بن عبد الله بن أحمد. تقدم. 3041 ـ البهاء بن عبد المؤمن: هو محمد بن عبد المؤمن الدكالى. تقدم. 3042 ـ بهاء الدين بن خليل المكى: هو عبد الله بن الرضى محمد بن أبى بكر بن خليل العسقلانى. تقدم.

_ 3036 ـ سبق فى الترجمة (387)، (2998). 3037 ـ سبق فى الترجمة (191). 3038 ـ سبق فى الترجمة (681). 3039 ـ سبق فى الترجمة (689). 3040 ـ سبق فى الترجمة (205). 3041 ـ سبق فى الترجمة (409). 3042 ـ سبق فى الترجمة (1624).

3043 ـ بهاء الدين السبكى

3043 ـ بهاء الدين السبكى: هو أحمد بن على بن عبد الكافى. تقدم فى «تمام» من حرف التاء المثناة من فوق. 3044 ـ التاج بن عساكر: هو عبد الوهاب بن الحسن الدمشقى. تقدم. 3045 ـ التاج الخطيب: هو على بن عبد الله بن أحمد الطبرى. تقدم. 3046 ـ التقى الحورانى: هو أحمد بن عبد الواحد بن مرى الشافعى. تقدم. 3047 ـ التقى الحرازى: قاضى مكة، هو محمد بن أحمد بن قاسم. تقدم. 3048 ـ تقى الدين الحرازى، آخر: هو حفيد الأول، هو محمد بن عبد الله بن التقى. تقدم. 3049 ـ تقى الدين الطبرى الخطيب: هو عبد الله بن المحب أحمد بن عبد الله الطبرى. 3050 ـ جمال الدين الأصفهانى (1): هو محمد بن على بن أبى منصور، المعروف بالجواد، وزير صاحب الموصل. تقدم. 3051 ـ جمال الدين الطبرى: قاضى مكة، هو محمد بن المحب أحمد بن عبد الله. تقدم.

_ 3043 ـ سبق فى باب أحمد الترجمة (598) وباب تمام فى الترجمة (860). 3044 ـ سبق فى الترجمة (1912). 3045 ـ سبق فى الترجمة (2067). 3046 ـ سبق فى الترجمة (588). 3047 ـ سبق فى الترجمة (44). 3048 ـ سبق فى الترجمة (230). 3049 ـ سبق فى الترجمة (1478). 3050 ـ سبق فى الترجمة (330). (1) ذكره المصنف فى الترجمة التى تقدم فيها: «الأصبهانى». 3051 ـ سبق فى الترجمة (23).

3052 ـ جمال الدين بن ظهيرة

3052 ـ جمال الدين بن ظهيرة: هو شيخنا قاضى مكة وعالمها وحافظها، محمد بن عبد الله بن ظهيرة القرشى. تقدم. 3053 ـ جمال الدين بن فهد: هو محمد بن عبد الله بن محمد الحسن العمرى. تقدم. 3054 ـ خير الدين الرومى: هو خضر بن إبراهيم بن يحيى. تقدم. 3055 ـ الرضى الصاغانى اللغوى: هو الحسن بن محمد بن الحسن العمرى. تقدم. 3056 ـ الرضى بن خليل العسقلانى: هو محمد بن أبى بكر عبد الله بن خليل، مفتى الحرم. تقدم. 3057 ـ الرضى الطبرى: ثلاثة: الرضى إبراهيم بن محمد بن إبراهيم، إمام المقام. 3058 ـ الرضى: محمد بن أحمد بن إبراهيم السابق، إمام المقام أيضا. 3059 ـ الرضى: محمد بن محمد بن عثمان بن الصفى. تقدموا.

_ 3052 ـ سبق فى الترجمة (213). 3053 ـ سبق فى الترجمة (233)، وكان سياق الاسم فى هذه الترجمة: محمد بن عبد الله بن محمد ابن عبد الله، القاضى جمال الدين بن فهد القرشى، الهاشمى المكى، وليس فيها الحسن العمرى. 3054 ـ سبق فى الترجمة (1130). 3055 ـ سبق فى الترجمة (1013). 3056 ـ سبق فى الترجمة (112). 3057 ـ سبق فى الترجمة (719). 3058 ـ سبق فى الترجمة (1). 3059 ـ سبق فى الترجمة (411).

3060 ـ الزين القسطلانى

3060 ـ الزين القسطلانى: هو محمد بن الأمين محمد بن القطب محمد. تقدم. 3061 ـ الزين الطبرى، اثنان: أحدهما: أحمد بن محمد بن المحب أحمد بن عبد الله. والآخر: ابنه زين الدين محمد بن أحمد. تقدما. 3062 ـ زين الدين بن الأنصارى: قاضى دمنهور، هو محمد بن أحمد بن هبة الله. تقدم. 3063 ـ السراج الدمنهورى: المقرئ النحوى، نزيل مكة، هو عمر بن محمد بن على. تقدم. 3064 ـ سعد الدين الإسفراينى الصوفى: هو سعد الله بن عمر بن محمد. تقدم. 3065 ـ الشرف القسطلانى: هو أحمد بن القطب محمد بن أحمد. تقدم. 3066 ـ شهاب الدين الحرازى: مفتى مكة، هو أحمد بن قاسم العمرى. تقدم. 3067 ـ الشهاب الحنفى: إمام الحنفية بالحرم الشريف، هو أحمد بن على بن يوسف السجزى. تقدم.

_ 3060 ـ سبق فى الترجمة (156). 3061 ـ الأول: سبق فى الترجمة (616)، والثانى: سبق فى الترجمة (46). 3062 ـ سبق فى الترجمة (65). 3063 ـ سبق فى الترجمة (2194). 3064 ـ سبق فى الترجمة (1263). 3065 ـ سبق فى الترجمة (618). 3066 ـ سبق فى الترجمة (613). 3067 ـ سبق فى الترجمة (607).

3068 ـ شهاب الدين الشريفى

3068 ـ شهاب الدين الشريفى: هو أحمد بن عبد الله. فراش الحرم الشريف. تقدم. 3069 ـ شهاب الدين بن ظهيرة: هو أحمد بن ظهيرة. قاضى مكة. تقدم. 3070 ـ شهاب الدين الطبرى، اثنان هما: أحمد بن قاضى مكة نجم الدين قاضى مكة جمال الدين محمد بن المحب الطبرى. وأحمد بن الرضى إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطبرى. تقدما. 3071 ـ الشرف بن الضياء الهندى: هو محمد بن محمد بن محمد بن سعيد. تقدم. 3072 ـ شهاب الدين الشوبكى المقرئ: هو أحمد بن محمد بن موسى. تقدم. 3073 ـ شمس الدين الحلبى المقرئ: هو محمد بن إسماعيل. تقدم. 3074 ـ شمس الدين المعروف بالمعيد: إمام الحنفية، هو محمد بن محمود بن محمود الخوارزمى. تقدم. 3075 ـ شرف الدين البدماصى الشاهد: هو محمد بن أحمد بن إسماعيل. تقدم.

_ 3068 ـ سبق فى الترجمة (575). 3069 ـ سبق فى الترجمة (562). 3070 ـ الأول: سبق فى الترجمة (647)، والثانى: سبق فى الترجمة (512). 3071 ـ سبق فى الترجمة (434). 3072 ـ سبق فى الترجمة (655). 3073 ـ سبق فى الترجمة (99). 3074 ـ سبق فى الترجمة (448). 3075 ـ سبق فى الترجمة (7).

3076 ـ الصفى الطبرى، اثنان

3076 ـ الصفى الطبرى، اثنان: أحدهما: الصفى أحمد بن محمد بن إبراهيم، أخو الرضى الطبرى. والآخر: حفيد ولده الصفى محمد بن عثمان بن الصفى أحمد. تقدما. 3077 ـ الضياء المالكى، اثنان: أحدهما: محمد بن عمر بن محمد القسطلانى. والآخر: حفيده ضياء الدين محمد خليل بن عبد الرحمن بن الضياء محمد بن عمر. 3078 ـ الضياء الحموى: هو محمد بن عبد الله بن محمد، خطيب الحرم الشريف. تقدم. 3079 ـ الضياء الهندى: هو محمد بن محمد بن سعيد الحنفى، شيخ الحنفية بمكة. تقدم. 3080 ـ الضياء بن سالم الحضرمى: هو محمد بن محمد بن سالم المكى. نزيل مصر. تقدم. 3081 ـ الظهير بن منعة: شيخ الحرم، هو محمد بن عبد الله البغدادى. تقدم. 3082 ـ العفيف بن منعة: شيخ الحرم، هو منصور بن أبى الفضل. تقدم. 3083 ـ العفيف النشاورى: هو عبد الله بن محمد بن محمد. تقدم.

_ 3076 ـ الأول: سبق فى الترجمة (620)، الثانى: سبق فى الترجمة (412). 3077 ـ الأول: سبق فى الترجمة (345)، الثانى: سبق فى الترجمة (1141). 3078 ـ سبق فى الترجمة (235). 3079 ـ سبق فى الترجمة (397). 3080 ـ سبق فى الترجمة (396). 3081 ـ سبق فى الترجمة (228). 3082 ـ سبق فى الترجمة (2528). 3083 ـ سبق فى الترجمة (1627).

3084 ـ العلم بن خليل

3084 ـ العلم بن خليل: أحد فقهاء مكة، هو أحمد بن أبى بكر عبد الله بن خليل. تقدم. 3085 ـ عماد الدين الطبرى: مفتى مكة، هو عبد الرحمن بن محمد بن على، سبط سليمان بن خليل. تقدم. 3086 ـ العز الأصبهانى: هو إبراهيم بن محمد بن إبراهيم المكى. تقدم. 3087 ـ القاضى عز الدين بن جماعة: هو عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم. تقدم. 3088 ـ غياث الدين، اثنان: أحدهما: محمد بن إسحاق الأبرقوهى. ويقال له: الغياث الكبير. والآخر: حسن [ ... ] (1) الشيرازى، ويعرف بغياث الصغير. تقدما. 3089 ـ فخر الدين بن الشيخ: هو يوسف بن محمد بن عمر. تقدم. 3090 ـ الفخر الفارسى: هو محمد بن إبراهيم. تقدم. 3091 ـ الفخر التوزرى: هو عثمان بن محمد. تقدم.

_ 3084 ـ سبق فى الترجمة (568). 3085 ـ سبق فى الترجمة (1777). 3086 ـ سبق فى الترجمة (718). 3087 ـ سبق فى الترجمة (1834). 3088 ـ الأول: سبق فى الترجمة (88). والثانى: لم يتقدم ترجمته. (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 3089 ـ سبق فى الترجمة (2788). 3090 ـ سبق فى الترجمة (71). 3091 ـ سبق فى الترجمة (1970).

3092 ـ الفخر النويرى

3092 ـ الفخر النويرى: هو عثمان بن يوسف. تقدم. 3093 ـ قطب الدين القسطلانى: الإمام المشهور، هو محمد بن أحمد بن على. تقدم. 3094 ـ قطب الدين المكرم الكاتب: هو محمد بن محمد المكرم الخزرجى (1) المصرى. تقدم. 3095 ـ قطب الدين بن الصفى: هو محمد بن أحمد بن عبد المعطى. تقدم. 3096 ـ الكمال بن خليل: هو محمد بن عمر العسقلانى. تقدم. 3097 ـ الكمال الدميرى: هو محمد بن موسى بن عيسى الشافعى المصرى، مؤلف كتاب «حياة الحيوان» وغيره. تقدم. 3098 ـ مجد الدين الطبرى: إمام المساجد الثلاثة، هو عبد الله بن محمد بن [محمد] (1) بن أبى بكر. تقدم.

_ 3092 ـ سبق فى الترجمة (1978). 3093 ـ سبق فى الترجمة (35). 3094 ـ سبق فى الترجمة (424). (1) لم يذكر المصنف فى اسمه فى ترجمته السابقة أنه خزرجى، وذكرها هنا فقط. وذكرها المصنف فى اسم صاحب الترجمة التى تليه فى باب محمد بن محمد فى الترجمة (386). 3095 ـ سبق فى الترجمة (386). 3096 ـ سبق فى الترجمة (340). 3097 ـ سبق فى الترجمة (467). 3098 ـ سبق فى الترجمة (1625). (1) هكذا فى الأصول وذكر المصنف اسمه فى الترجمة رقم (1625): عبد الله بن محمد بن أبى بكر.

3099 ـ المجد الطبرى. آخر

3099 ـ المجد الطبرى. آخر: هو محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن الصفى الطبرى. تقدم. 3100 ـ المجد بن ديلم الشيبى: هو أحمد بن ديلم بن محمد. تقدم. 3101 ـ المحب الطبرى: عالم الحجاز، هو أحمد بن عبد الله بن محمد. تقدم. 3102 ـ المحب بن عثمان الطبرى: هو محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن الصفى. تقدم. 3103 ـ المحب الإمام: هو محمد بن أحمد بن الرضى إبراهيم. تقدم. 3104 ـ محب الدين النويرى: قاضى الحرمين، هو أحمد بن أبى الفضل بن أحمد العقيلى. تقدم. 3105 ـ محب الدين بن ظهيرة: هو أحمد بن محمد بن عبد الله بن ظهيرة، قاضى مكة. تقدم. 3106 ـ محيى الدين الحورانى: هو يحيى بن زكريا السوارى. تقدم. 3107 ـ الموفق: صاحب الرباط بأسفل مكة، هو القاضى الموفق على بن عبد الوهاب الإسكندرى. تقدم.

_ 3099 ـ سبق فى الترجمة (257). 3100 ـ سبق فى الترجمة (545). 3101 ـ سبق فى الترجمة (571). 3102 ـ سبق فى الترجمة (256). 3103 ـ سبق فى الترجمة (2). 3104 ـ سبق فى الترجمة (617). 3105 ـ سبق فى الترجمة (628). 3106 ـ سبق فى الترجمة (2697). 3107 ـ سبق فى الترجمة (2085).

3108 ـ ناصر الدين العقيبى المقرئ

3108 ـ ناصر الدين العقيبى المقرئ: هو محمد بن عبد الله الدمشقى، نزيل مكة. تقدم. 3109 ـ ناصر الدين السخاوى: هو محمد بن أحمد. تقدم. 3110 ـ نجم الدين الطبرى، اثنان: أحدهما: قاضى مكة نجم الدين محمد بن محمد بن المحب أحمد بن عبد الله. والآخر: حفيده نجم الدين محمد بن القاضى شهاب الدين. تقدما. 3111 ـ نجم الدين الأصبهانى: شيخ الحرم، هو عبد الله بن محمد. تقدم. 3112 ـ نجم الدين الحموى: هو عبد الله بن محمد أبى المكارم، والد خطيب مكة ضياء الدين محمد بن عبد الله الحموى. تقدم. 3113 ـ نجم الدين الأصفونى: مفتى مكة، هو عبد الرحمن بن يوسف القرشى. تقدم. 3114 ـ نجم الدين بن فهد: هو محمد بن أبى الخير محمد بن محمد الهاشمى. تقدم. 3115 ـ نجيب الدين الهندى: هو محمد بن محمد بن محمد. تقدم.

_ 3108 ـ سبق فى الترجمة (215). 3109 ـ سبق فى الترجمة (70). 3110 ـ الأول: سبق فى الترجمة (385). والثانى: سبق فى الترجمة (59). 3111 ـ سبق فى الترجمة (1628). 3112 ـ سبق فى الترجمة (1630). 3113 ـ سبق فى الترجمة (1800). 3114 ـ سبق فى الترجمة (436). 3115 ـ سبق فى الترجمة (443).

3116 ـ نسيم الدين الكازرونى

3116 ـ نسيم الدين الكازرونى: نزيل مكة، هو محمد بن محمد، ويدعى سعيد بن مسعود. تقدم. 3117 ـ الوجيه بن عبد المعطى: هو عبد الرحمن بن عبد المعطى الخزرجى. ويعرف بالوجيه أيضا حفيده محمد بن أحمد بن عبد الرحمن (1). 3118 ـ الوجيه الشيبى: هو عبد الرحمن بن يوسف بن أحمد المكى. * * * هذا ما تيسير جمعه فى هذا الفصل، مع الإعراض عن ذكر جماعة غيرهم معروفين بألقابهم، لكونهم مع معرفتهم بألقابهم معروفين بأسمائهم، ومعرفتهم بها أكثر من معرفتهم بألقابهم. وكل من ذكرناه فى هذا الفصل بلقب غير مضاف إلى الدين، كالوجيه وغيره من الألقاب، فهو مضاف إلى الدين، وتركنا إضافته رغبة فى الاختصار غالبا، واتباعا لأئمة المقادسة أهل الصالحية فإنهم يلقبون على هذه الصفة. * * *

_ 3116 ـ انظر ترجمته فى: (طبقات السبكى 4/ 122، 123، طبقات الإسنوى 2/ 347، كشف الظنون 1/ 1، هدية العارضين 2/ 71، سير أعلام النبلاء 18/ 171). 3117 ـ سبق فى الترجمة (1755)، وقد ذكر المصنف نسبه فى هذه الترجمة: عبد الرحمن بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى الخزرجى المكى، يلقب بالوجيه. (1) سبق فى الترجمة (28). 3118 ـ سبق فى الترجمة (1799).

الفصل الثانى فيمن اشتهر بالنسب إلى أبيه أو جده

الفصل الثانى فيمن اشتهر بالنسب إلى أبيه أو جده 3119 ـ ابن الأجل الدمشقى: نزيل مكة، هو محمد بن أبى قاسم. تقدم. 3120 ـ ابن الأعرابى الصوفى: نزيل مكة وشيخها. هو أحمد بن محمد بن زياد. تقدم. 3121 ـ ابن بجير الشيبى، اثنان: أحدهما: على بن بجير. والآخر: ابنه يحيى بن على، تقدما. 3122 ـ ابن برطاس: أمير مكة، المظفر، صاحب اليمن. هو على بن الحسين، تقدم. 3123 ـ ابن البرهان الطبرى، جماعة: منهم: المجد أحمد بن إبراهيم بن يعقوب، وابنه الفقيه جمال الدين محمد بن أحمد بن لبرهان، وأولاده أبو المكارم وأبو المحاسن، وعبد اللطيف، أولاد جمال الدين المذكور. وابن عمه عبد الله بن محمد بن البرهان، تقدموا.

_ 3119 ـ انظر ترجمته فى: (سير أعلام النبلاء 15/ 572). 3120 ـ سبق فى الترجمة (626). 3121 ـ الأول: سبق فى الترجمة (2047). الثانى: سبق فى الترجمة (2707). 3122 ـ سبق فى الترجمة (2054). 3123 ـ الأول: سبق فى الترجمة (514). الثانى: سبق فى الترجمة (4). الثالث: سبق فى الترجمة (381). الرابع: سبق فى الترجمة (382). الخامس: لم يتقدم فى باب عبد اللطيف. السادس: سبق فى الترجمة (1611).

3124 ـ ابن بعجلد

3124 ـ ابن بعجلد: صاحب الرباط بمكة، هو محمد بن فرج، تقدم. 3125 ـ ابن البنا: راوى الترمذى، هو على بن نصر البغدادى المكى. تقدم. 3126 ـ ابن بنت الشافعى: هو أحمد بن محمد بن عبد الله، مفتى مكة. تقدم. 3127 ـ ابن جريج: مفتى مكة، هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج. تقدم. 3128 ـ ابن جهضم الصوفى: نزيل مكة، هو على بن عبد الله بن الحسن بن جهضم. تقدم. 3129 ـ ابن جن البير: هو شمس الدين محمد بن أحمد بن على. تقدم. 3130 ـ ابن جوشن: هو أحمد بن على المكى، وأخوه محمد. تقدما. 3131 ـ ابن الحبشى: هو محمد بن إبراهيم بن بدر. تقدم. 3132 ـ ابن الحبير: ناظر الحرم، هو على بن مظفر السلامى. تقدم.

_ 3124 ـ سبق فى الترجمة (363). 3125 ـ سبق فى الترجمة (2135). 3126 ـ سبق فى الترجمة (630). 3127 ـ سبق فى الترجمة (1882). 3128 ـ سبق فى الترجمة (2068). 3129 ـ سبق فى الترجمة (36). 3130 ـ سبق فى الترجمة (597). 3131 ـ سبق فى الترجمة (74). 3132 ـ سبق فى الترجمة (2130).

3133 ـ ابن الحداد، اثنان

3133 ـ ابن الحداد، اثنان: أحدهما: صاحب المدرسة بالشبيكة مدرسة المالكية، عبد الحق بن عبد الرحمن المهدوى. والآخر: هو محمد بن عبد الرحمن الصنهاجى الفاسى. تقدما. 3134 ـ ابن أبى حرمى الكاتب: هو عبد الرحمن بن أبى حرمى فتوح بن بنين العطار المكى، مسند مكة. تقدم. 3135 ـ ابن حريث السبتى (1): نزيل مكة، هو محمد بن محمد بن محمد. تقدم. 3136 ـ ابن الحكاك المكى، اثنان: أحدهما: الحافظ أبو الفضل جعفر بن يحيى التميمى. والآخر: أخوه الحسين بن يحيى. تقدما. 3137 ـ ابن حنظلة المخزومى: أمير مكة، هو يزيد بن محمد بن حنظلة المخزومى. تقدم. 3138 ـ ابن الخادم، اثنان: أحدهما: محمد بن عبد الله المكى. والآخر: ابنه محمد بن محمد بن عبد الله. تقدما. 3139 ـ ابن خشيش: مفتى مكة، هو محمد بن عيسى. تقدم.

_ 3133 ـ الأول: سبق فى الترجمة (1703). الثانى: سبق فى الترجمة (249). 3134 ـ سبق فى الترجمة (1773). 3135 ـ سبق فى الترجمة (438). (1) السبتى: نسبة إلى سبتة. 3136 ـ الأول: سبق فى الترجمة (906). الثانى: سبق فى الترجمة (1049). 3137 ـ سبق فى الترجمة (2736). 3138 ـ الأول: سبق فى الترجمة (223). الثانى: سبق فى الترجمة (401). وقد ذكر المصنف أن محمد بن عبد الله المكى كان خادم الشيخ أبى محمد عبد الرحمن المغربى، فعلى هذا يكون اسم ابن الخادم يطلق على ابنه فقط. 3139 ـ سبق فى الترجمة (352).

3140 ـ ابن خطيب بيروذ

3140 ـ ابن خطيب بيروذ (1): هو الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الدمشقى. تقدم. 3141 ـ ابن خليل، جماعة: منهم: إمام المقام وخطيب المسجد الحرام الوالد سليمان بن خليل بن إبراهيم بن يحيى ابن سليمان بن فارس بن أبى عبد الله الكنانى العسقلانى المكى. وقريبه: العلم أحمد بن عبد الله بن خليل، أبو محمد. وأخوه: البهاء عبد الله بن محمد بن عبد الله بن خليل. 3142 ـ ابن ديلم الشيبى، جماعة (1): منهم: المجد أحمد بن ديلم بن محمد الحجبى. تقدم. 3143 ـ ابن راشد: أحد تجار مكة، هو أحمد بن سليمان بن راشد السالمى. ويعرف بذلك أيضا أبوه سليمان، وابنه سليمان بن أحمد بن سليمان. تقدموا. 3144 ـ ابن زبرق: هو محمد بن يعقوب بن إسماعيل الشيبانى. تقدم.

_ 3140 ـ سبق فى الترجمة (26). (1) بيروذ: ضبط هكذا فى الأصول من معجم ياقوت، وهى فى الترجمة السابق بيرود بالدال. 3141 ـ الأول: سبق فى الترجمة (1331). الثانى: سبق فى الترجمة (572). الثالث: سبق فى الترجمة (1617). 3142 ـ سبق فى الترجمة (545)، وقد سبق أن ذكره المصنف فى هذا الباب فى الفصل الأول منه فيمن اشتهر بلقبه مضافا إلى الدين باسم المجد بن ديلم الشيبى الترجمة رقم (3100). (1) اكتفى المصنف بذكر اسم واحد ممن كان فى اسمه ديلم الشيبى، ومنهم: عبد الرحمن بن ديلم الشيبى الحجبى المكى. ذكره المصنف فى الترجمة (1727). 3143 ـ الأول: سبق فى الترجمة (554). الثانى: سبق فى الترجمة (1332). الثالث: سبق فى الترجمة (1327). 3144 ـ سبق فى الترجمة (487).

3145 ـ ابن الزنجانى (1)، جماعة

3145 ـ ابن الزنجانى (1)، جماعة: منهم: الأديب على بن الحسن بن على التميمى. وابن أخيه المحدث الأديب نجم الدين سليمان بن عبد الله بن الحسين (2). 3146 ـ ابن زنبور المكى: هو محمد بن جعفر. تقدم. 3147 ـ ابن أبى برة المقرئ المكى: هو أحمد بن محمد بن عبد الله بن البزى. تقدم. 3148 ـ ابن الزين: جماعة من أولاد الزين القسطلانى، وأولاد أولاده، وكلهم معروفون بأسمائهم فى الغالب. تقدموا. وممن يعرف بابن الزين، ولكن غير هذا: الزين عبد الله بن الزين أحمد بن محمد الطبرى (1). تقدم. 3149 ـ ابن سالم الحضرمى: هو محمد بن سالم بن على المكى (1). تقدم.

_ 3145 ـ الأول: سبق فى الترجمة (2051). الثانى: سبق فى الترجمة (1336). (1) الزنجانى: وردت فى الترجمتين السابق ذكرهما الريحانى. (2) هكذا اسمه فى باب الكنى وضبط المصنف اسمه فى باب سليمان بن على الترجمة (1336) سليمان بن عبد الله بن الحسن بن على بن محمد بن عبد السلام بن المبارك بن راشد التميمى الدارمى، يكنى أبا الربيع بن أبى محمد، ويلقب نجم الدين ويعرف بابن الرّيحانى المكى، ولم يذكر فى اسمه الحسين. 3146 ـ سبق فى الترجمة (131)، وذكره المصنف أيضا فى الترجمة (137) باسم محمد بن زنبور المكى. 3147 ـ سبق فى الترجمة (629). كذا فى الأصول ولكن ما يقتضيه الترتيب الهجائى يجب أن يتقدم. 3148 ـ انظر من يعرف بابن الزين القسطلانى فى الترجمة (147، 148، 156، 442). (1) سبق فى الترجمة (1479). 3149 ـ سبق فى الترجمة (178).

3150 ـ ابن سالم المؤذن

3150 ـ ابن سالم المؤذن: هو أحمد بن سالم بن ياقوت. ويعرف بابن سالم أيضا: ابناه محمد وعبد العزيز. تقدموا. 3151 ـ ابن سالم الزبيدى: هو القاضى سراج الدين عبد اللطيف بن محمد. ويعرف بذلك أولاده: محمد، وعلى، وعمر، تقدموا. 3152 ـ ابن سبعين الصوفى: نزيل مكة، هو عبد الحق بن إبراهيم المرسى. تقدم. 3153 ـ ابن سكر المحدث: نزيل مكة، هو محمد بن على البكرى. تقدم. 3154 ـ ابن سليم المحلى: هو القاضى عز الدين عبد العزيز بن أحمد. تقدم. 3155 ـ ابن الشامى المدنى: هو جمال الدين محمد بن أحمد بن عبد الرحمن. تقدم. 3156 ـ ابن شاهد القيمة: هو محمد بن عبد الله بن على. تقدم.

_ (1) ضبط المصنف اسمه فى الترجمة (178): محمد بن سالم بن إبراهيم بن على الحضرمى، جمال الدين، أبو عبد الله المكى الشافعى. 3150 ـ الأول: سبق فى الترجمة (552). الثانى: سبق فى الترجمة (17). الثالث: سبق فى الترجمة (1819). 3151 ـ الأول سبق فى الترجمة (1867). الثانى: لم يتقدم فيما سابق. الثالث: سبق فى الترجمة (2081). الرابع: لم يتقدم فيما سابق. 3152 ـ سبق فى الترجمة (1702). 3153 ـ سبق فى الترجمة (325). 3154 ـ سبق فى الترجمة (1820). 3155 ـ سبق فى الترجمة (27). 3156 ـ سبق فى الترجمة (222).

3157 ـ ابن الشماع، اثنان

3157 ـ ابن الشماع، اثنان: أحدهما: أمين الدين محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن الدمشقى. والآخر: ابنه محمد، نزيل اليمن. تقدما. 3158 ـ ابن الشقيف، جماعة: منهم: فقهاء الزيدية بمكة، أبو القاسم بن محمد بن حسين. والآخر: ابنه على بن أبى القاسم. تقدما. 3159 ـ ابن الشيخ: هو يوسف بن محمد بن عمر. تقدم. 3160 ـ ابن أبى الصيف: هو محمد بن إسماعيل بن على اليمنى. تقدم. 3161 ـ ابن الطباخ الحنبلى: هو المبارك بن على البغدادى، إمام الحنابلة. تقدم. 3162 ـ ابن الظريف: الموقّع المشهور، هو تاج الدين أحمد بن على بن إسماعيل المالكى المصرى. تقدم. 3163 ـ ابن ظهيرة، جماعة، تقدموا: منهم: شيخنا قاضى القضاة جمال الدين بن ظهيرة، وابنه محب الدين.

_ 3157 ـ الأول: سبق فى الترجمة (78). الثانى: سبق فى الترجمة (389). 3158 ـ الأول: ذكره المصنف هنا فى باب الكنى الترجمة (2978). الثانى: سبق فى الترجمة (2098). 3159 ـ سبق فى الترجمة (2788) وقد سبق أيضا فى هنا فى باب الكنى فيمن عرف بلقبه مضافا إلى الدين فى الترجمة (3089). 3160 ـ سبق فى الترجمة (97). 3161 ـ سبق فى الترجمة (2398). 3162 ـ سبق فى الترجمة (595). 3163 ـ الأول: سبق فى الترجمة (213)، وهو: «محمد بن عبد الله بن ظهيرة». الثانى: سبق فى الترجمة (628)، وهو: «أحمد بن محمد بن عبد الله بن ظهيرة».

3164 ـ ابن ظفر

3164 ـ ابن ظفر: هو محمد بن أبى محمد بن محمد بن ظفر. تقدم. 3165 ـ ابن عبد الحميد، اثنان: أحدهما: المحدث عز الدين أبو بكر محمد بن عبد الحميد القرشى المصرى، نزيل مكة. والآخر: تقى الدين محمد بن إبراهيم بن عبد الحميد بن على الموغانى المدنى الأصم. تقدما. 3166 ـ ابن عبد السلام المؤذن، جماعة: منهم: محمد بن عبد السلام بن أبى المعالى الكازرونى وذريته، تقدموا. 3167 ـ ابن العربى الصوفى: صاحب «الفصوص» و «الفتوحات المكية». هو محمد بن على الطائى تقدم. 3168 ـ ابن العرجاء، اثنان: أحدهما: أبو محمد عبد الله بن عمر بن على القيروانى، إمام مقام الخليل عليه السلام. والآخر: ابنه أبو على حسن المقرئ مكة. تقدما. 3169 ـ ابن العز الأصبهانى: هو محمد بن العز إبراهيم. تقدم. 3170 ـ ابن عكاش: هو على بن مبارك بن عيسى بن غانم المكى.

_ 3164 ـ سبق فى الترجمة (445). 3165 ـ الأول: سبق فى الترجمة (248). الثانى: سبق فى الترجمة (79). 3166 ـ الأول: سبق فى الترجمة (271). أما ذريته فيصعب تحديد أماكن تراجمهم ومن وجدت منهم فى التراجم: (152، 221، 316، 584، 604، 1165، 1584، 1585، 1810، 2071، 2110). 3167 ـ سبق فى الترجمة (322). 3168 ـ الأول: سبق فى الترجمة (1591). الثانى: سبق فى الترجمة (988). 3169 ـ سبق فى الترجمة (80). 3170 ـ سبق فى الترجمة (2100).

3171 ـ ابن العليف الشاعر

3171 ـ ابن العليف الشاعر: هو محمد بن حسن. تقدم. 3172 ـ ابن عمران: على بن أبى بكر بن محمد بن عمران العطار المكى، صاحب الرباط بها. 3173 ـ ابن الغزال المصرى: نزيل مكة، هو عبد الله بن محمد بن إسماعيل. تقدم. 3174 ـ ابن غنائم المكى الشاعر: هو أحمد بن غنائم. تقدم. 3175 ـ ابن الفارض الشاعر: صاحب «الديوان». هو عمر بن على بن مرشد. تقدم. 3176 ـ ابن الفخار، اثنان: أحدهما: أبو نصر محمد بن إبراهيم الأصبهانى. والآخر: أبو عبد الله محمد بن محمد بن ميمون الجزائرى. تقدما. 3177 ـ ابن فراس: مسند الحجاز، هو أحمد بن إبراهيم بن أحمد العبقسى. تقدم. 3178 ـ ابن فهد، جماعة: منهم: القاضى جمال الدين محمد بن عبد الله بن محمد الهاشمى وأقاربه. تقدموا، منهم:

_ 3171 ـ سبق فى الترجمة (145). 3172 ـ سبق فى الترجمة (2046). 3173 ـ سبق فى الترجمة (1612). 3174 ـ سبق فى الترجمة (612). 3175 ـ سبق فى الترجمة (2187). 3176 ـ الأول: سبق فى الترجمة (85). الثانى: سبق فى الترجمة (427). 3177 ـ سبق فى الترجمة (509). 3178 ـ الأول: سبق فى الترجمة (233). الثانى: «حسن» سبق فى الترجمة (989). الثالث: أبى «الخير» سبق فى الترجمة (402). الرابع: «ابنه» سبق فى الترجمة (436). الخامس «أبو زرعة» سبق فى الترجمة (444).

3179 ـ ابن أبى الفضل المرسى

أخوه حسن، وابن أخيه أبو الخير محمد، وابنه نجم الدين محمد، وأبو زرعة محمد بن تقى الدين بن نجم الدين. 3179 ـ ابن أبى الفضل المرسى: الإمام المشهور، محمد بن عبد الله بن محمد. تقدم. 3180 ـ ابن القزاز: محمد بن أحمد بن أبى بكر الحرانى. تقدم. 3181 ـ ابن قطرال: هو محمد بن على الأنصارى. تقدم. 3182 ـ ابن كثير: مقرئ مكة، هو عبد الله بن كثير الدارى. تقدم. 3183 ـ ابن محيصن: المقرئ المكى، هو عمر بن عبد الرحمن بن محيصن. وفى اسمه خمسة أقوال سوى هذا، وهو أصحها. تقدم. 3184 ـ ابن مرزوق التلمسانى: هو أبو العباس أحمد بن محمد بن محمد بن مرزوق. تقدم. 3185 ـ ابن مسدى: خطيب الحرم، هو محمد بن يوسف الأندلسى الحافظ. تقدم. 3186 ـ ابن مسكن، اثنان: أحدهما: أحمد بن حسن بن يوسف الفهرى.

_ 3179 ـ سبق فى الترجمة (234). 3180 ـ سبق فى الترجمة (10). 3181 ـ سبق فى الترجمة (326). 3182 ـ سبق فى الترجمة (1606). 3183 ـ سبق فى الترجمة (2178). 3184 ـ سبق فى الترجمة (653). 3185 ـ سبق فى الترجمة (493). 3186 ـ الأول: سبق فى الترجمة (535). الثانى: سبق فى الترجمة (1476).

3187 ـ ابن المسيب

والآخر: ابنه عبد الله. تقدما. 3187 ـ ابن المسيب: أمير مكة، هو محمد بن أحمد بن المسيب اليمنى. تقدم. 3188 ـ ابن مطرف: الولى المشهور، هو محمد بن حجاج. تقدم. 3189 ـ ابن معالى الحلبى: هو محمد بن معالى بن عمر. تقدم. 3190 ـ ابن المغربى، اثنان: هما: محمد وحسن ابنا أحمد بن ميمون. تقدم. 3191 ـ ابن المقدم الدمشقى: صاحب المدرسة المعروفة بالمقدمية بدمشق عند باب الفراديس. هو محمد بن عبد الملك بن المقدم. تقدم. 3192 ـ ابن مكرم الكاتب: قطب الدين محمد بن محمد بن مكرم الأنصارى. تقدم. 3193 ـ ابن الملجوم: هو محمد بن عبد الرحمن الأزدى المكى. تقدم. 3194 ـ ابن منعة، اثنان: هما: العفيف منصور بن أبى الفضل البغدادى.

_ 3187 ـ سبق فى الترجمة (62). 3188 ـ سبق فى الترجمة (138). 3189 ـ سبق فى الترجمة (457). 3190 ـ الأول: سبق فى الترجمة (63). الثانى: سبق فى الترجمة (978). 3191 ـ سبق فى الترجمة (284). 3192 ـ سبق فى الترجمة (424). وذكره المصنف هنا فى باب الكنى فى الفصل الأول فيمن اشتهر بلقبه مضافا إلى الدين فى الترجمة (3094). 3193 ـ سبق فى الترجمة (263). 3194 ـ الأول: سبق فى الترجمة (2528). وذكره المصنف هنا فى باب الكنى فى الفصل الأول فيمن اشتهر بلقبه مضافا إلى الدين فى الترجمة (3082). الثانى: سبق فى الترجمة (228). وذكره أيضا هنا فى باب الكنى فى الفصل الأول فى الترجمة (3082).

3195 ـ ابن المنذر

والآخر: ابن أخيه الظهير محمد بن عبد الله. تقدما. 3195 ـ ابن المنذر: شيخ الحرم، هو محمد بن إبراهيم النيسابورى. تقدم. 3196 ـ ابن المؤذن المقدسى: هو محمد بن محمد، نزيل الحرمين. تقدم. 3197 ـ ابن ميجال، الطبيب: هو الحسن بن على بن محمد البغدادى. 3198 ـ ابن أبى مسرة، اثنان: أحدهما: مفتى مكة، أحمد بن زكريا بن الحارث بن أبى مسرة. والآخر: ابنه أبو يحيى عبد الله، مفتى مكة. 3199 ـ ابن أبى مليكة: قاضى مكة، هو عبد الله بن عبيد الله بن أبى مليكة زهير القرشى التيمى. تقدم. 3200 ـ ابن أبى الموت: هو أحمد بن محمد بن أحمد المكى. تقدم. 3201 ـ ابن النجم الصوفى: هو محمد بن أحمد بن محمد بن على البصرى، نزيل مكة. تقدم. 3202 ـ ابن أبى نجيح: مفتى مكة، هو عبد الله بن يسار. تقدم.

_ 3195 ـ سبق فى الترجمة (86). 3196 ـ فى الأصول محمد بن محمد، ولم أجده فيمن اسمه محمد بن محمد، ويوجد فى الترجمة (69). من يسمى محمد بن أحمد ويعرف بابن المؤذن القدسى. ومن الممكن أن يكون هو؛ لأن المقدسى والقدسى سواء. 3197 ـ سبق فى الترجمة (1002). 3198 ـ الأول: سبق فى الترجمة (548). الثانى: سبق فى الترجمة (1477). 3199 ـ سبق فى الترجمة (1572). 3200 ـ سبق فى الترجمة (619). 3201 ـ سبق فى الترجمة (54). 3202 ـ سبق فى الترجمة (1665).

3203 ـ ابن أبى هاشم

3203 ـ ابن أبى هاشم: أمير مكة، محمد بن جعفر بن أبى هاشم الحسنى. وجماعة من ذريته، أمراء على مكة، وغير أمراء. تقدموا. 3204 ـ ابن هلال: التاجر الدمشقى، هو محمد بن محمد بن محمد. تقدم. 3205 ـ ابن الوكيل، جماعة: منهم: الفقيه أحمد بن موسى بن على، وابن عمه الجمال محمد بن عمر بن على (1)، تقدما. ويعرف بابن الوكيل أيضا غيرهما من أقاربهما. * * * هذا ما تيسر جمعه فى هذا الفصل، مع الإعراض عن جماعة كثيرين معروفين بآبائهم، لكونهم لا يعرفون بذلك إلا مع أسمائهم، مثل أحمد بن ناصر الواسطى، ومحمد ابن أبى الطاهر، وغيرهما. * * *

_ 3203 ـ الأول: سبق فى الترجمة (128). أما ذريته فيصعب تحديد أماكن تراجمهم وهذا من وجدت منهم فيمن تقدم فى التراجم: (800، 896، 1161، 1380، 2293، 2314، 2327، 2330). 3204 ـ سبق فى الترجمة (440). 3205 ـ الأول: سبق فى الترجمة (670). الثانى: سبق فى الترجمة (342). (1) وممن يعرف أيضا بابن الوكيل، محمد بن عمر بن على سبق فى الترجمة (2120).

الفصل الثالث فى المعروفين بأنسابهم إلى قبيلة أو بلد أو لقب مفرد غير مضاف إلى الدين

الفصل الثالث فى المعروفين بأنسابهم إلى قبيلة أو بلد أو لقب مفرد غير مضاف إلى الدين 3206 ـ الآجرى: نزيل مكة، هو محمد بن الحسين البغدادى، صاحب التواليف المشهورة. تقدم. 3207 ـ الأزرقى، جماعة، اشتهر منهم اثنان: أحدهما: أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة الغسانى، مؤذن المسجد الحرام. والآخر: حفيده، مؤلف «أخبار مكة» أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقى. تقدما. 3208 ـ الأستجى الشاعر: هو شمس الدين محمد بن عبد الله بن أحمد. تقدم. 3209 ـ الأقليشى: مؤلف «النجم» و «الكواكب». هو أحمد بن معد بن عيسى. تقدم. 3210 ـ الآقشهرى: هو أبو طيبة، محمد بن أحمد بن أمين، نزيل الحرمين. تقدم. 3211 ـ الأميوطى: هو الشيخ جمال الدين إبراهيم بن محمد بن عبد الرحيم اللخمى. تقدم.

_ 3206 ـ سبق فى الترجمة (151). 3207 ـ الأول: سبق فى الترجمة (657). الثانى: سبق فى الترجمة (206). 3208 ـ سبق فى الترجمة (204). 3209 ـ سبق فى الترجمة (666). 3210 ـ سبق فى الترجمة (9). 3211 ـ سبق فى الترجمة (725).

3212 ـ الإخشيد

3212 ـ الإخشيد: أمير مصر والحرمين، هو محمد بن طغج. ويعرف بذلك ابناه: أنوجور، وأبو الحسن على. تقدموا. 3213 ـ الأفضل: صاحب الرباط المعروف برباط ربيع بأجياد، هو صاحب دمشق، الملك الأفضل بن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن ايوب. تقدم. 3214 ـ الأفضل: صاحب المدرسة بمكة، هو صاحب اليمن، الملك الأفضل عباس بن الملك المجاهد على بن الملك المؤيد داود بن الملك المظفر يوسف بن الملك المنصور عمر بن على بن رسول. تقدم. 3215 ـ الأوقص: قاضى مكة، هو محمد بن عبد الرحمن المخزومى. تقدم. 3216 ـ الأهدل: هو أحمد بن يوسف بن عبد الرحمن الحضرمى. تقدم. 3217 ـ البزى: المقرئ المكى، هو أحمد بن محمد بن عبد الله. تقدم. 3218 ـ البنزرتى: هو الشريف محمد بن قاسم الحسنى، نزيل الحرمين. تقدم.

_ 3212 ـ سبق فى الترجمة (197). أما ابناه أنوجور وأبو الحسن على فلم يذكرهما المصنف فى ترجمة لكل منهما وذكرهما فى ترجمة أبيهما. 3213 ـ سبق فى الترجمة (2141). 3214 ـ سبق فى الترجمة (1473). 3215 ـ سبق فى الترجمة (269). 3216 ـ سبق فى الترجمة (676). 3217 ـ سبق فى الترجمة (629). 3218 ـ سبق فى الترجمة (368).

3219 ـ بطال الركبى

3219 ـ بطال الركبى: هو محمد بن أحمد، أحد فقهاء اليمن المجاورين بمكة. تقدم. 3220 ـ التعكرى: هو الجمال محمد بن عمر بن مسعود المكى. تقدم. 3221 ـ بريه: أمير مكة، هو إبراهيم بن محمد بن إسماعيل. تقدم. 3222 ـ الجواد: هو محمد بن على بن أبى منصور. تقدم. 3223 ـ جوبكار المقرئ: هو محمد بن أحمد بن حسن السجزى. تقدم. 3224 ـ الحبيشى: المؤدب بالمسجد الحرام، هو محمد بن أبى بكر اليمنى. نزيل مكة. تقدم. 3225 ـ الحنديدى، ويقال: الحندودى، الشاعر: هو على بن محمد. تقدم. 3226 ـ الحرازى، جماعة: منهم: مفتى مكة، شهاب الدين أحمد بن قاسم.

_ 3219 ـ لم أجده فيما تقدم. 3220 ـ سبق فى الترجمة (346). 3221 ـ سبق فى الترجمة (720). 3222 ـ سبق فى الترجمة (330). وذكره المصنف هنا فى باب الكنى فى الفصل الأول فيمن اشتهر بلقبه مضافا إلى الدين فى الترجمة (3050). 3223 ـ سبق فى الترجمة (15). 3224 ـ سبق فى الترجمة (119). 3225 ـ سبق فى الترجمة (2126). 3226 ـ الأول: سبق فى الترجمة (613). الثانى: «التقى» سبق فى الترجمة (44)، الثالث: «أبو الفضل» سبق فى الترجمة (42)، الرابع: «أبو عبد الله» سبق فى الترجمة (43).

3227 ـ الحراشى

وأولاده التقى قاضى مكة، وأبو الفضل، وأبو عبد الله. تقدموا. 3227 ـ الحراشى: هو جابر بن عبد الله. تقدم. 3228 ـ الحصرى: إمام الحنابلة بالحرم الشريف، هو أبو الفتوح نصر بن محمد بن على البغدادى. تقدم. 3229 ـ الحمال: الفقيه الشافعى، هو رافع بن نصر البغدادى. تقدم. 3230 ـ الحناط: بحاء مهملة ونون، هو الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن العباسى المكى الشافعى. تقدم. 3231 ـ الدباهى: هو الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد بن أبى نصر. تقدم. 3232 ـ الخوزى: إبراهيم بن يزيد الأموى، مولاهم. 3233 ـ الدلاصى: مقرئ مكة، هو العفيف عبد الله بن عبد الحق المخزومى. تقدم. 3234 ـ الديبلى: هو محمد بن إبراهيم. تقدم.

_ 3227 ـ سبق فى الترجمة (870). 3228 ـ سبق فى الترجمة (2593). 3229 ـ سبق فى الترجمة (1178). 3230 ـ سبق فى الترجمة (992). 3231 ـ سبق فى الترجمة (64). 3232 ـ سبق فى الترجمة (736). 3233 ـ سبق فى الترجمة (1564). 3234 ـ سبق فى الترجمة (75).

3235 ـ الدهلوى

3235 ـ الدهلوى: هو محمد بن كمال الهندى الحنفى. تقدم. 3236 ـ الديباجة: الذى بويع بالخلافة بمكة، هو محمد بن جعفر الصادق بن محمد الباقر. تقدم. 3237 ـ رامشت: صاحب الرباط بمكة، وهو إبراهيم بن الحسين الفارسى، ورامشت لقب إبراهيم. تقدم. 3238 ـ الزجاجى الصوفى: هو أبو عمرو، محمد بن إبراهيم بن يوسف النيسابورى. تقدم. 3239 ـ الزعيم: تاجر مكة، هو محمد بن حسب الله القرشى. ويعرف بالزعيم أيضا ابناه: على، وأحمد، تقدموا. 3240 ـ الزنجى: مفتى مكة، هو مسلم بن خالد. تقدم. 3241 ـ الزنجيلى: صاحب المدرسة بمكة، هو الأمير فخر الدين عثمان بن على، نائب عدن. تقدم. 3242 ـ الزمخشرى: المفسر النحوى، هو أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الخوارزمى. تقدم.

_ 3235 ـ سبق فى الترجمة (378). 3236 ـ سبق فى الترجمة (129). 3237 ـ لم أجده فى باب إبراهيم. 3238 ـ سبق فى الترجمة (87). 3239 ـ الأول: سبق فى الترجمة (141). الثانى: «على» سبق فى الترجمة (2105). الثالث: «أحمد» سبق فى الترجمة (623). 3240 ـ سبق فى الترجمة (2449). 3241 ـ سبق فى الترجمة (1964). 3242 ـ سبق فى الترجمة (2410).

3243 ـ الزوكى

3243 ـ الزوكى: الرجل الصالح، نزيل مكة، هو محمد بن أبى بكر بن أحمد اليمنى. تقدم. 3244 ـ سندل المكى: هو عمر بن قيس. تقدم. 3245 ـ شاه شجاع: صاحب الرباط بمكة، هو السلطان شاه شجاع بن محمد بن المظفر، صاحب بلاد فارس. تقدم. 3246 ـ الشرابى: صاحب الرباط عند باب بنى شيبة، هو الشرف إقبال المستنصرى العباسى. تقدم. 3247 ـ الشلاح: أمير مكة، هو مملوك صاحب اليمن الملك المنصور نور الدين عمر بن على. يأتى ـ إن شاء الله تعالى ـ ذكره أبسط من هذا فى الفصل الذى بعده. 3248 ـ الشولى: هو الشيخ على بن أبى الكرم. تقدم. 3249 ـ الصائغ الكبير المكى: هو محمد بن إسماعيل بن سالم. 3250 ـ الصائغ الصغير المكى: هو محمد بن على بن زيد. تقدما.

_ 3243 ـ سبق فى الترجمة (110). 3244 ـ سبق فى الترجمة (2188). 3245 ـ سبق فى الترجمة (1368). 3246 ـ سبق فى الترجمة (798). 3248 ـ سبق فى الترجمة (2098). 3249 ـ سبق فى الترجمة (95). 3250 ـ سبق فى الترجمة (313).

3251 ـ الصليحى

3251 ـ الصليحى: صاحب اليمن ومكة، هو على بن محمد بن على اليمنى. تقدم. 3252 ـ الطويل: صاحب الرباط والمطهرة بأسفل مكة، هو طيبغا، أحد الأمراء المقدمين بمصر وغيرها. تقدم. 3253 ـ العراقى الشيبى: هو أحمد بن على. تقدم. 3254 ـ العرجى: الشاعر المشهور، هو عبد الله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان. تقدم. 3255 ـ عصارة: هو أحمد بن عيسى بن عمران المكى العطار. ويعرف بذلك ابنه عيسى بن أحمد، وجماعة من أقاربه. 3256 ـ الغرناطى الشامى: نزيل الحرمين، هو أبو عبد الله محمد بن على بن يحيى. تقدم. 3257 ـ الفاكهى: محمد بن إسحاق بن العباس، من المتقدمين، مؤرخ مكة. والفاكهانى من المتأخرين، على بن محمد بن عمر المصرى الأديب. 3258 ـ القداح: مفتى مكة، هو سعيد بن سالم. تقدم.

_ 3251 ـ سبق فى الترجمة (2117). 3252 ـ سبق فى الترجمة (1448). 3253 ـ سبق فى الترجمة (606). 3254 ـ سبق فى الترجمة (1592). 3255 ـ الأول: سبق فى الترجمة (611). الثانى: «ابنه عيسى» سبق فى الترجمة (2284). 3256 ـ سبق فى الترجمة (331). 3257 ـ الأول: سبق فى الترجمة (90). الثانى: «على» سبق فى الترجمة (2121). 3258 ـ سبق فى الترجمة (1285).

3259 ـ القيراطى

3259 ـ القيراطى: الشاعر المصرى، هو برهان الدين إبراهيم بن عبد الله بن محمد الطائى. تقدم. 3260 ـ قرطمة: هو محمد على البغدادى الحافظ. تقدم. 3261 ـ القس: العابد المكى، هو عبد الرحمن بن عبد الله بن أبى عمار. تقدم. 3262 ـ القسرى: أمير مكة، هو خالد بن عبد الله القسرى. تقدم. 3263 ـ قطان المكى: خادم القاضى أبى الفضل النويرى، هو أحمد بن صلاح بن فتح المكى. تقدم. 3264 ـ القواس المقرئ: هو أحمد بن محمد بن علقمة المكى. تقدم. 3265 ـ الكابلى الحنفى: نائب إمام الحنفية بالمسجد الحرام، هو محمد بن محمد بن عمر الهندى. تقدم. 3266 ـ الكركى المكى: هو محمد بن أحمد بن يونس. تقدم. 3267 ـ الكوارنى: هو يعقوب بن عمر بن على. تقدم.

_ 3259 ـ سبق فى الترجمة (702). 3260 ـ سبق فى الترجمة (336). 3261 ـ سبق فى الترجمة (1749). 3262 ـ سبق فى الترجمة (1108). 3263 ـ سبق فى الترجمة (559). 3264 ـ سبق فى الترجمة (644). 3265 ـ سبق فى الترجمة (418). 3266 ـ سبق فى الترجمة (67). 3267 ـ سبق فى الترجمة (2752).

3268 ـ الكامل

3268 ـ الكامل: صاحب مصر ومكة، هو محمد الكامل بن العادل أبى بكر بن أيوب. تقدم. 3269 ـ كيلجة: هو محمد بن صالح بن عبد الرحمن الأنماطى. تقدم. 3270 ـ المراغى: صاحب الرباط بمكة عند باب الجنائز. هو القاضى صدر الدين أبو بكر محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم المراغى. تقدم. 3271 ـ المرجانى، جماعة: منهم: الشيخ عبد الملك بن الشيخ أبى محمد عبد الله بن محمد المرجانى. وابناه: محمد، وعبد الله، وحفيده عبد الملك بن محمد. تقدموا. 3272 ـ المرجانى آخر: هو أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله التونسى. وعرف بالمرجانى لمصاهرته للذين قبله. تقدم. 3273 ـ المرجانى آخر: هو محمد بن أبى بكر بن على بن يوسف. تقدم. 3274 ـ المرشدى، جماعة: منهم: إبراهيم بن أحمد بن أبى بكر بن عبد الوهاب الفوى الشافعى، والد أحمد وعبد الواحد ومحمد. انتهى.

_ 3268 ـ سبق فى الترجمة (390). 3269 ـ سبق فى الترجمة (192). 3270 ـ سبق فى الترجمة (218). 3271 ـ الأول: سبق فى الترجمة (1880). الثانى: «محمد» سبق فى الترجمة (281). الثالث: «عبد الله» سبق فى الترجمة (1571). الرابع: «عبد الملك» سبق فى الترجمة (1886). 3272 ـ سبق فى الترجمة (633). 3273 ـ سبق فى الترجمة (115). 3274 ـ سبق الوالد فى الترجمة (683). ولم يذكر المصنف أحدا من أولاده المذكورين، ومن الممكن أن يكون يقصد بلفظ جماعة، من يكنى بالمرشدى غيرهم مثل: أحمد بن محمد بن أبى بكر الذروى الأصل، المكى المولد والدار، المعروف بابن المرشدى المصرى، وهو فى الترجمة (621).

3275 ـ المعيد

3275 ـ المعيد: هو الشيخ شمس الدين محمد بن محمود الحنفى، إمام الحنفية بالمسجد الحرام. تقدم. 3276 ـ الميانشى: خطيب مكة، هو أبو حفص عمر بن عبد المجيد القرشى المالكى. تقدم. 3277 ـ الميورقى: هو أبو العباس أحمد بن على العبدرى. 3278 ـ المنصور: الخليفة العباسى، هو عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس. 3279 ـ المهدى: الخليفة العباسى، هو محمد بن المنصور. 3280 ـ الموكل العباسى: هو جعفر بن المعتصم محمد بن هارون الرشيد بن المهدى. 3281 ـ المنتصر: الخليفة العباسى، هو محمد بن المتوكل. 3282 ـ المعتمد العباسى: هو أحمد بن المتوكل. 3283 ـ المعتضد العباسى، الخليفة: هو أحمد بن الموفق بن أحمد بن المتوكل.

_ 3275 ـ سبق فى الترجمة (448). 3276 ـ سبق فى الترجمة (2180). 3277 ـ سبق فى الترجمة (596). 3278 ـ سبق فى الترجمة (1619). 3279 ـ سبق فى الترجمة (229). 3280 ـ سبق فى الترجمة (902). 3281 ـ سبق فى الترجمة (130). 3282 ـ لم يسبق ذكره فى العقد. 3283 ـ سبق فى الترجمة (561).

3284 ـ المقتدر العباسى

3284 ـ المقتدر العباسى: هو جعفر بن المعتضد. 3285 ـ المسعود: صاحب اليمن ومكة، هو يوسف، ويقال: أقسيس، ويقال: أتسز بن الكامل محمد ابن العادل أبى بكر بن أيوب. 3286 ـ المنصور: صاحب اليمن والمدرسة بمكة، هو عمر بن على بن رسول. 3287 ـ المظفر: صاحب اليمن، هو يوسف بن المنصور. 3288 ـ المجاهد: صاحب اليمن، والمدرسة بمكة، هو على بن المؤيد داود بن المظفر. 3289 ـ النسوى، ثلاثة: الأول: الحافظ أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب، صاحب «السنن». والثانى: أحمد بن محمد بن زكريا النسوى أبو العباس، شيخ الحرم. والثالث: عمر بن الحسين النسوى. تقدموا. 3290 ـ النشاورى: مسند مكة، هو عبد الله بن محمد بن محمد بن سليمان المكى. * * *

_ 3284 ـ سبق فى الترجمة (884). 3285 ـ سبق فى الترجمة (2785). 3286 ـ سبق فى الترجمة (2185). 3287 ـ سبق فى الترجمة (2781). 3288 ـ سبق فى الترجمة (2061). 3289 ـ الأول: سبق فى الترجمة (556) وذكر هناك «النسائى». الثانى: سبق فى الترجمة (625). الثالث: سبق فى الترجمة (2163). 3290 ـ سبق فى الترجمة (1627).

الفصل الرابع فيمن نسب إلى أبيه أو جده ولم أعرف اسمه

الفصل الرابع فيمن نسب إلى أبيه أو جده ولم أعرف اسمه وفيه جماعة سواهم معروفون بصفات، مثل: شاب، أو شاعر أو أسود، وليس منهم من يعرف بالنسبة إلى أحد [ .... ] (1) من مختصر العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين، لمؤلفه القاضى تقى الدين الفاسى والذى اختصره فى سنة ست وثمانمائة ببلاد اليمن. ذكره جماعة من ولاة مكة، لم يقع لنا معرفتهم إلا بالنسبة لآبائهم أو شهرتهم. 3291 ـ ابن التعزى: وجدت فى تاريخ لبعض العصريين: أن الملك المنصور، صاحب اليمن تركه بمكة مع ابن الوليدى لما توجه من مكة فى سنة ست وثلاثين وستمائة، وأنهما أقاما بمكة حتى انقضت هذه السنة. ووجدت فى التاريخ المذكور: أن الملك المظفر بن المنصور أمر فى سنة ست وستين وستمائة بتحلية باب الكعبة على يد ابن التعزى، وأظنه المذكور. والله أعلم. 3292 ـ ابن عبدان: وجدت فى التاريخ المذكور: أن الملك المنصور صاحب اليمن أرسله فى جيش مع الشريف راجح بن قتادة، فى سنة تسع وعشرين وستمائة إلى مكة فاستولوا عليها، فلما جاء الجيش المصرى حاصروهم، وقتلوا ابن عبدان، وهرب راجح. انتهى. 3293 ـ ابن فيروز: وجدت فى التاريخ المذكور: أن الملك المنصور لما استولى على مكة فى رمضان سنة تسع وثلاثين، ترك بمكة ابن فيروز والشلاح، فأما ابن فيروز فلم أدر متى أقام بمكة، وأما الشلاح فسيأتى ذكر مدة إقامته بمكة. 3294 ـ ابن مجلى: وجدت فى التاريخ المذكور: أن السلطان الملك الكامل صاحب مصر لما عزل

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

3295 ـ ابن محارب

طغتكين متولى مكة من قبله، لإساءته إلى أهلها أرسل أميرا غيره يقال له ابن مجلى، فوصل إلى مكة فى سنة ثلاثين وستمائة. 3295 ـ ابن محارب: أمير مكة، ذكر الذهبى فى «العبر» أن أبا طاهر القرمطى، لعنه الله، قتله فى الفتنة التى أثارها بمكة، وكان فى الثامن من ذى الحجة سنة سبع عشرة وثلاثمائة. 3296 ـ ابن المسيب: وجدت فى تاريخ بعض العصريين: أن الملك المنصور صاحب اليمن فى سنة ست وأربعين وستمائة عزل مملوكه الشلاح عن مكة، وأمر عوضه ابن المسيب، بعد أن لزم نفسه مالا يؤديه من الحجاز، بعد كفاية الجند، وقود مائة فرس فى كل سنة. وتقدم إلى مكة بمرسوم السلطان، فدخلها وخرج عنها الشلاح، فأقام ابن المسيب بها سنة ست وأربعين، والتى بعدها، حتى قبض عليه، فغير فى هذه المدة الخير الذى وضعه الملك المنصور، وأعاد الجبايات والمكوس بمكة، وقلع المربعة التى كان السلطان كتبها وجعلها على زمزم، واستولى على الصدقة التى كانت تصل من اليمن، وأخذ من المجد بن أبى القاسم المال الذى كان تحت يده، للمظفر بن المنصور، وبنى حصنا بنخلة، يسمى العطشان، واستخلف هذيلا لنفسه، ومنع الجند النفقة، فنفروا عنه. ومكر مكرا، فمكر الله به، فوثب عليه الشريف أبو سعد، وأخذ ما كان معه من خيل وعدد ومماليك، وقيده وأحضر أعيان الحرم، وقال: ما لزمته إلا لتحقق خلافه على مولانا السلطان، وعلمت أنه أراد الهروب بهذا المال الذى معه إلى العراق. وكان قبض أبى سعد على ابن المسيب يوم الجمعة، لتسع خلون من ذى القعدة، سنة سبع وأربعين وستمائة. كذا وجدت بخط الميورقى، وذكر أنه سمع محمد بن سنجر، حاكم الطائف بقول ذلك. ووجدت بخطه أن قدوم ابن المسيب مكة فى يوم الاثنين منتصف ربيع الأول سنة خمس وأربعين وستمائة. وهذا مخالف لما ذكره العصرى من أن ابن المسيب ولى فى سنة ست وأربعين. والله أعلم.

3297 ـ ابن النصيرى

3297 ـ ابن النصيرى: وجدت فى تاريخ العصرى المذكور: أن الملك المنصور جهز ابن النصيرى، وراجح ابن قتادة، فى عسكر جرار، فلما سمع بهم شيحة صاحب المدينة وأصحابه، هربوا من مكة، وذلك فى سنة سبع وثلاثين وستمائة. 3298 ـ ابن الوليدى: وجدت فى التاريخ المذكور: أن الملك المنصور لما توجه من مكة فى سنة ست وثلاثين ترك فيها ابن الوليدى وابن التعزى، وأقاما بمكة حتى انقضت هذه السنة. والله أعلم. 3299 ـ أولاد حسن بن قتادة: وجدت بخط ابن محفوظ المكى: أن فى سنة ست وخمسين وستمائة جاء إلى مكة أولاد حسن بن قتادة، وأخذوها ولزموا إدريس بن قتادة وأقاموا بها ستة أيام، ثم جاء أبو نمى، وأخرجهم منها، ولم يقتل بينهم أحد. 3300 ـ الشلاح الأمير فخر الدين: مملوك الملك المنصور صاحب اليمن، وجدت فى تاريخ العصرى المذكور: أن الملك المنصور استنابه بمكة لما استولى عليها فى رمضان سنة تسع وثلاثين وعزله بابن للمسيب فى سنة ست وأربعين وستمائة. وقد تقدم فى ترجمة ابن المسيب أن قدومه مكة وعزل الشلاح كان يوم الاثنين، منتصف ربيع الأول، سنة خمس وأربعين وستمائة. كما وجدت بخط الميورقى. وذكر الجندى مؤرخ أهل اليمن أن الشلاح قام بضبط الحجاز قياما مرضيا، بحيث ابنتى بين المدينتين حصونا، ورتب فيها الرتب، وبنى المصانع. انتهى. * * *

_ 3300 ـ سبق هنا فى باب الكنى فى الترجمة (3247).

باب فى النساء

باب فى النساء حرف الألف 3301 ـ أروى بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب، القرشية الهاشمية: عمة النبى صلى الله عليه وسلم، ذكرها أبو عمر بن عبد البر فقال: ذكرها أبو جعفر العقيلى فى الصحابة، وذكر أيضا عاتكة بنت عبد المطلب وأبى غيره من ذلك، وهما مختلف فى إسلامهما. فأما محمد بن إسحاق ومن قال بقوله، فذكر أنه لم يسلم من عمات رسول اللهصلى الله عليه وسلم غير صفية. وغيره يقول: إن أروى وصفية أسلمتا جميعا من عمات رسول الله صلى الله عليه وسلم. 3302 ـ أسماء بنت أبى بكر الصديق: واسمه عبد الله بن أبى قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، القرشية التيمية.

_ 3301 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3258، الإصابة ترجمة 10791، أسد الغابة ترجمة 6701، ابن هشام 1/ 173، طبقات ابن سعد 8/ 42، 43، المعارف 119، 129، المستدرك 4/ 52، سير أعلام النبلاء 2/ 272). (3302) ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3259، الإصابة ترجمة 10798، أسد الغابة ترجمة 6705، المحبر 22، نسب قريش 236، تاريخ خليفة 269، طبقات خليفة 333، الزهد لابن المبارك 359، مقدمة مسند بقى بن مخلد 85، المغازى للواقدى 824، المغازى للزهرى 99، سيرة ابن هشام 34، المعارف 172، فتوح البلدان 558، العقد الفريد 4/ 16، تاريخ اليعقوبى 2/ 255، السير والمغازى 116، أنساب الأشراف 3/ 40، ثمار القلوب 294، ربيع الأبرار 4/ 38، البداية والنهاية 8/ 346، مرآة الجنان 1/ 151، المرصع 43، طبقات ابن سعد 8/ 249، جمهرة أنساب العرب 122، حلية الأولياء 2/ 55، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 328، تحفة الأشراف 11/ 242، الوافى بالوفيات 9/ 57، تاريخ أبى زرعة 1/ 496، المعرفة والتاريخ 1/ 224، الكاشف 3/ 420، المعين فى طبقات المحدثين 29، تهذيب التهذيب 12/ 397، تقريب التهذيب 2/ 589، النكت الظراف 11/ 243، خلاصة تذهيب التهذيب 488، الأخبار الطوال 264، فوات الوفيات 2/ 171، الوفيات 80، شذرات الذهب 1/ 44، تاريخ الإسلام 2/ 354).

3303 ـ أسماء بنت سلمة ويقال: سلامة بن مخربة (1) بن جندل بن أبير بن نهشل بن دارم، الدرامية التميمية

والدة عبد الله بن الزبير بن العوام رضى الله عنهم. ذكرها أبو عمر بن عبد البر، فقال: كانت أسماء بنت أبى بكر الصديق تحت الزبير بن العوام. وكان إسلامها قديما بمكة، وهاجرت إلى المدينة، وهى حامل بعبد الله بن الزبير، فوضعته بقباء. وقد ذكرنا خبر مولده، وسائر أخباره فى بابه من هذا الكتاب. وتوفيت أسماء بمكة فى جمادى الأولى، سنة ثلاث وسبعين، بعد قتل ابنها عبد الله بن الزبير بيسير، لم تلبث بعد إنزاله من الخشبة ودفنه إلا ليالى. وكانت قد ذهب بصرها. وكانت تسمى ذات النطاقين وإنما قيل لها ذلك؛ لأنها صنعت للنبى صلى الله عليه وسلم سفرة حين أراد الهجرة إلى المدينة، فعسر عليها ما تشدها به، فشقت خمارها، وشدت السفرة بنصفه، وانتطقت بالنصف الثانى، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات النطاقين. هكذا ذكره ابن إسحاق وغيره. وقال الزبير فى هذا الخبر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: «لك بنطاقك هذا نطاقين فى الجنة» فقيل لها: ذات النطاقين. وزعم ابن إسحاق أن أسماء بنت أبى بكر الصديق رضى الله عنهما أسلمت بعد إسلام سبعة عشر إنسانا. واختلف فى مكث أسماء بعد ابنها عبد الله، فقيل: عاشت بعده عشرة أيام، وقيل: عشرين يوما، وقيل: بضعا وعشرين يوما، حتى أتى جواب عبد الملك بإنزال ابنها من الخشبة، وماتت وقد بلغت مائة سنة. 3303 ـ أسماء بنت سلمة ويقال: سلامة بن مخربة (1) بن جندل بن أبير بن نهشل بن دارم، الدرامية التميمية: كانت من المهاجرات، هاجرت مع زوجها عياش بن أبى ربيعة، إلى أرض الحبشة، وولدت له بها عبد الله بن عياش بن أبى ربيعة، ثم هاجرت إلى المدينة. وتكنى أم الجلاس. روت عن النبى صلى الله عليه وسلم. روى عنها ابنها عبد الله بن عياش بن أبى ربيعة.

_ 3303 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3260، أسد الغابة ترجمة 6708). (1) فى الاستيعاب مخرمة، وذكر محقق الاستيعاب أنها فى بعض النسخة مخربة.

3304 ـ أسماء بنت عميس الخثعمية

3304 ـ أسماء بنت عميس الخثعمية: زوج جعفر بن أبى طالب، ثم أبى بكر الصديق رضى الله عنهما. قال ابن عبد البر: كانت أسماء بنت عميس الخثعمية من خثعم [كانت] (1) أسماء بنت عميس من المهاجرات إلى أرض الحبشة، مع زوجها جعفر بن أبى طالب، فولدت له هناك: محمدا [و] (2) عبد الله، وعونا. ثم هاجرت إلى المدينة، فلما قتل جعفر بن أبى طالب تزوجها أبو بكر الصديق رضى الله عنهما، فولدت له محمد بن أبى بكر، ثم مات عنها فتزوجها على بن أبى طالب، رضى الله عنه، فولدت له يحيى بن على بن أبى طالب، لا خلاف فى ذلك. وروى عن أسماء بنت عميس من الصحابة، رضى الله عنهم، عمر بن الخطاب، وأبو موسى الأشعرى، وابنها عبد الله بن جعفر بن أبى طالب، رضى الله عنهم.

_ 3304 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3264، أسد الغابة ترجمة 3275، الطبقات الكبرى 8/ 280، نسب قريش 81، المغازى للواقدى 739، 766، تاريخ أبى زرعة 1/ 588، 655، سير ابن هشام 1/ 290، المعارف 171، 173، مروج الذهب 1908، فتوح البلدان 451، المحبر 108، 109، البدء والتاريخ 4/ 137، الأغانى 11/ 76، تاريخ اليعقوبى 2/ 114، 128، العقد الفريد 4/ 263، تاريخ الطبرى 3/ 124، الزاهر للأنبارى 1/ 429، جمهرة أنساب العرب 38، المعرفة والتاريخ 1/ 510، مقدمة مسند بقى بن مخلد 85، ربيع الأبرار 4/ 208، المنتخب من ذيل المذيل 623، تهذيب الكمال 3/ 1678، سير أعلام النبلاء 24/ 282، 287، المعين فى طبقات المحدثين 29، الكاشف 3/ 420، المغازى 431، 432، النكت الظراف 11/ 26، تهذيب التهذيب 12/ 398، 399، تقريب التهذيب 2/ 589، الوافى بالوفيات 9/ 53، 54، خلاصة تذهيب التهذيب 488، شذرات الذهب 1/ 15، 48، حلية الأولياء 2/ 74، 76، تاريخ الإسلام 1/ 179). (1) كذا فى الأصول بتكرار «كانت» والكلام السابق لكانت ليس كلام ابن عبد البر صراحة ولكنه بمعناه. وبدأ ينقل المصنف عن ابن عبد البر بالنص من أول «كانت ... إلى لا خلاف فى ذلك». ثم ترك جزء من كلام ابن عبد البر ونقل الباقى منه أيضا. انظر الاستيعاب ترجمة 3264. (2) فى الاستيعاب: «أو».

3305 ـ أمامة بنت أبى العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد الشمس بن عبد مناف

3305 ـ أمامة بنت أبى العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد الشمس بن عبد مناف: أمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبها، وكان ربما حملها على عنقه فى الصلاة. وتزوجها علىّ بعد فاطمة، زوجها منه الزبير بن العوام، وكان أبوها أبو العاص قد أوصى بها إلى الزبير، فلما قتل على بن أبى طالب وآمت منه أمامة، وكان على بن أبى طالب قد أمر المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أن يتزوج أمامة بنت أبى العاص بن الربيع زوجته بعده، لأنه خاف أن يتزوجها معاوية، فتزوجها المغيرة فولدت له يحيى، وبه كان يكنى، وهلكت عند المغيرة، رضى الله عنهما. 3306 ـ أميمة بنت خلف بن أسعد بن عامر، الخزاعية: زوج خالد بن سعيد بن العاص بن أمية، هاجرت معه إلى أرض الحبشة، وولدت له هناك سعيد بن خالد، وأمة بنت خالد. ويقال فى أميمة: هميمة (1) بنت خلف بن أسعد بن عامر الخزاعية وقد قال فيها بعض الناس: أمينة، فصحف (2). 3307 ـ أميمة بنت رقيقة: أمها رقيقة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى، أخت خديجة زوج النبى صلى الله عليه وسلم.

_ 3305 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3270، الإصابة ترجمة 10828، أسد الغابة ترجمة 6724، نسب قريش 158، الطبقات الكبرى 8/ 232، 233، المحبر 53، المعارف لابن قتيبة 127، المعرفة والتاريخ للفسوى 3/ 270، أنساب الأشراف 1/ 400، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 231، السيرة النبوية للذهبى 74، 75، الوافى بالوفيات 9/ 377، تاريخ الإسلام 1/ 24). 3306 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3274، الإصابة ترجمة 10851، أسد الغابة ترجمة 6737). (1) فى أسد الغابة: «همينة». (2) نقل المصنف هذه الترجمة من ابن عبد البر وإن لم يصرح بذلك. 3307 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3275، الإصاب ترجمة 10855، أسد الغابة ترجمة 6739، طبقات ابن سعد 8/ 255، طبقات خليفة 334، مقدمة مسند بقى بن مخلد 100، تهذيب الكمال 3/ 1678، الوافى بالوفيات 9/ 389، نسب قريش 229، الإكمال 1/ 205، الكاشف 3/ 421، تهذيب التهذيب 12/ 401، خلاصة تذهيب التهذيب 489، تاريخ الإسلام 2/ 363).

3308 ـ أمة الله بنت أبى بكرة الثقفية

وهى أميمة بنت عبد بن بجاد بن عمير بن الحارث بن حارثة بن سعد بن تيم بن مرة. روى عن أميمة بنت رقيقة محمد بن المنكدر، وابنتها حكيمة بنت أميمة (1). 3308 ـ أمة الله بنت أبى بكرة الثقفية: فى الصحابة، روى عنها عطاء بن أبى ميمونة. تعد فى أهل البصرة (1). 3309 ـ أمة بنت خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس، القرشية الأموية: تكنى أم خالد، وهى مشهورة بكنيتها، ولدت بأرض الحبشة، مع أخيها سعيد بن خالد بن سعيد بن العاص. وأمها أميمة. ويقال: هميمة بنت خلف بن أسعد بن عامر، زوج خالد بن سعيد بن بياضة بن خزاعة. تزوج أمة بنت خالد، الزبير بن العوام، ولدت له عمرو بن الزبير وخالد بن الزبير. وبخالد ابنها من الزبير كانت تكنى بأم خالد. روت عن النبى صلى الله عليه وسلم: أنها سمعته يتعوذ بالله من عذاب القبر. روى عنها موسى وإبراهيم ابنا عقبة. 3310 ـ آمنة بنت عنان بن حسن بن عنان، العذرية، أم محمد: نزيل مكة. قاله الدمياطى فى «معجمه»، المكية. كانت زوجة الشيخ أبى عبد الله القرشى، فلما مات خلفه عليها الشيخ أبو العباس القسطلانى، ورزق منها ولده قطب الدين محمدا، وحفظ عنها دعاء فى معنى الحجب عن الأعداء، ورواه له عنها، وأجازت له، ولابنه أمين الدين القسطلانى، فى استدعاء كتبت فيه بخطها.

_ (1) الترجمة نقلها المصنف أيضا من ابن عبد البر. 3308 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3271، الإصابة ترجمة 10901، أسد الغابة ترجمة 6728، أعلام النساء 1/ 65، تجريد أسماء الصحابة 2/ 246). (1) نصا عن ابن عبد البر. 3309 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3273، أعلام النساء 1/ 65، تجريد أسماء الصحاب 2/ 247، تقريب التهذيب 2/ 590، تهذيب التهذيب 12/ 400، الكاشف 3/ 465، تهذيب الكمال 3/ 1678، خلاصة تهذيب الكمال 3/ 405، تلقيح فهوم أهل الأثر 370).

سمع منها الحافظ شرف الدين الدمياطى، ببغداد والموصل. هكذا ذكر فى «معجمه». وروى أحمد بن يونس بن بركة فى «معجمه» عن ولدها القطب، عنها. ونقلت من خط جدى أبى عبد الله الفاسى: أنها توفيت فى ظهر يوم الخميس، نصف صفر سنة ست وخمسين وستمائة. وهكذا وجدت وفاتها بخط الشيخ تقى الدين محمد بن رافع السلامى فى ذيله على تاريخ بغداد، وزاد: بمكة. ومولدها فى أول المحرم سنة ثمانين وخمسمائة، كذا وجدت بخط ولدها قطب الدين القسطلانى. قال الحافظ شرف الدين الدمياطى فى «معجمه»: سمعت آمنة ببغداد، والموصل تقول: سمعت الشيخ العارف أبا عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم القرشى الأندلسى الجزيرى الخضراء، وكان يقول: ومن فى إرادته تعمل فى الرق، فلا يعامل إخوانه إلا بالصدق، يؤدى إليهم ما استحقوه، ولا يبالى بهم؛ بروه أو عقوه. وسمعتها تقول: سمعت القرشى ينشد: ومهفهف رقم الجمال بوجهه ... طرازا فرقرق ورده من آسه تنهلت الصهباء من وجناته ... وبدت على عينيه فى جلاسه حتى إذا ملأ الزجاجة خده ... نورا وفاح المسك من أنفاسه ظن الزجاجة أنعمت بمدامه ... فعدا ليشرب نوره من كأسه ماتت آمنة بمكة، يوم الخميس، النصف من صفر، سنة ست وخمسين وستمائة. انتهى من «معجم الدمياطى». نقلت من جدى العلامة القاضى جمال الدين محمد بن عبد الله بن محمد بن فهد الهاشمى، رحمه الله ما نصه: أنشدنا سيدنا الشريف أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى، قال: أنشدنا الشيخ قطب الدين أبو بكر محمد بن أحمد القسطلانى، قال: أنشدتنى والدتى آمنة: لا يكون الأمر سهلا كله ... إنما الدنيا سهول وحزون هون الأمر تعش فى راحة ... قل ما هونت إلا سبهون تطلب الراحة فى دار العنى ... خاب من يطلب شيئا لا يكون انتهى. * * *

حرف الباء

حرف الباء 3311 ـ بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصين بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان: وهى أم أيمن. غلبت عليها كنيتها، كنيت بابنها أيمن بن عبيد، وهى بعد: أم أسامة ابن زيد، تزوجها زيد بن حارثة بعد عبيد الحبشى، فولدت له أسامه بن زيد. يقال لها: مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتعرف بأم الظباء. هاجرت الهجرتين، إلى أرض الحبشة، وإلى المدينة جميعا. ذكر المفضل بن غسان الغلابى، عن الواقدى، قال: كانت أم أيمن اسمها بركة، وكانت لعبد الله بن عبد المطلب، وصارت للنبى صلى الله عليه وسلم ميراثا، وهى أم أسامة بن زيد. 3312 ـ بسرة بنت صفوان بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصى القرشية الأسدية: وقال ابن البرقىّ: قد قيل: إن بسرة بنت صفوان بن كنانة. وقال أبو عمر: ليس قول من قال: إنها من كنانة بشئ، والصواب أنها من بنى أسد بن عبد العزى، من قريش، وعمها ورقة بن نوفل. روى عنها من الصحابة رضى الله عنهم أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط، وروى عنها مروان بن الحكم حديث مس الذكر. وهى من المبابعات. انتهى.

_ 3311 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3287، 3557، الإصابة ترجمة 10921، 11902، أسد الغابة ترجمة 7371، مسند أحمد 6/ 421، طبقات خليفة 331، المعارف 144، 145، 150، 164، 239، الجرح والتعديل 9/ 461، المستدرك 4/ 63، 64، تهذيب الكمال 1678، العبر 1/ 13، 59، مجمع الزوائد 9/ 258، تهذيب التهذيب 12/ 459 ـ 460، خلاصة تذهيب الكمال 497، شذرات الذهب 1/ 15، سير أعلام النبلاء 2/ 224). 3312 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3291، الإصابة ترجمة 10937، أسد الغابة ترجمة 6779، الثقات 3/ 37، أعلام النساء 1/ 110، تجريد أسماء الصحابة 2/ 251، تقريب التهذيب 2/ 591، تهذيب التهذيب 12/ 404، الكاشف 3/ 466، تهذيب الكمال 3/ 1679، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال 3/ 376، تلقيح فهوم أهل الأثر 320، تبصير المنتبه 4/ 1493، در السحابة 757، تراجم الأخيار 1/ 157، الإكمال 7/ 426).

3313 ـ برة بنت عامر بن الحارث بن السباق بن عبد الدار بن قصى القرشية العبدرية

3313 ـ برة بنت عامر بن الحارث بن السباق بن عبد الدار بن قصى القرشية العبدرية: كانت تحت أبى إسرائيل من بنى الحارث، وهو الذى جاء فى قصة الحديث فى النذر، فولدت له إسرائيل بن أبى إسرائيل، قتل يوم الجمل. وكانت برة بنت عامر من المهاجرات. انتهى. 3314 ـ برة بنت أبى تجزأة (1) العبدرية، من حلفائهم، مكية: ذكر الزبير أن بنى أبى تجزأة قوم من كندة وقعوا بمكة. روت عنها صفية أم منصور بن عبد الرحمن، من حديثها فى أعلام النبوة، وفى الإبعاد عند حاجة الإنسان. 3315 ـ بحينة بنت [ ....... ] (1). * * * حرف التاء 3316 ـ تاج النساء بنت رستم بن أبى الرجاء (بن محمد) الأصبهانية: أخت إمام المقام زاهر بن رستم، روت بالإجازة عن أبى منصور عبد الرحمن بن زريق، وأبى الحسن بن عبد السلام. روى عنها ابن خليل، وسكنت مكة، وكانت مقدمة الصوفية بها. وتوفيت سنة عشر وستمائة بمكة، وعاشت بضعا وتسعين سنة.

_ 3313 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3286، الإصابة ترجمة 10929، أسد الغابة ترجمة 6775). 3314 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3285، أسد الغابة ترجمة 6773). (1) هكذا فى الأصول وهى فى الاستيعاب «تجراة». والترجمة منقولة من ابن عبد البر 3314). 3315 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3283، الإصابة ترجمة 10916، أسد الغابة ترجمة 6765). (1) وردت هذا الترجمة هكذا والباقى بياض فى الأصل، وأغلب الظن أنها «بجينة بنت الحارث» ذكرها ابن عبد البر فى الاستيعاب فقال: «أقطع لها رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر ثلاثين وسقا». ذكرها هشام، عن ابن إسحاق.

3317 ـ تملك الشيبة العبدرية

ذكرها الذهبى فى «تاريخ الإسلام» انتهى. وقد جددت بأجياد، من مكة المشرفة رباطا خرابا، هكذا رأيت مكتوبا على حجر، على باب الرباط المذكور، ولم يذكر فيه تاريخ. انتهى. 3317 ـ تملك الشيبة العبدرية: من بنى شيبة بن عثمان بن طلحة بن أبى طلحة، حديثها فى وجوب السعى بين الصفا والمروة. روت عنها صفية بنت شيبة. تعد فى أهل مكة. * * * حرف الثاء المثلثة 3318 ـ الثريا ابنة على بن عبد الله بن الحارث بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وقيل: الثريا ابنة عبد الله، القرشية الأموية المكية: كانت موصوفة بالجمال، وكان عمر بن أبى ربيعة الشاعر المشهور يتغزل فيها، ولما تزوجها سهيل بن عبد الرحمن قال بيتيه المشهورين: أيها المنكح الثريا سهيلا (1) 3319 ـ ثبيتة بنت يعار (1) بن زيد بن عبيد بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف، الأنصارية: كانت من المهاجرات الأول، ومن فضلاء نساء الصحابة، رضى الله عنهم، وهى

_ 3317 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3298، الثقات 3/ 42، أعلام النساء 1/ 149، تجريد أسماء الصحابة 2/ 253). 2318 ـ (1) وتمام البيتين: .... ... عمرك الله كيف يلتقيان هى شامية إذا ما استقلت ... وسيل إذا استقل يمانى انظر: (ديوان عمر بن أبى ربيعة 438). 3319 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3301، الإصابة ترجمة 10969، أسد الغابة ترجمة 6797). (1) هكذا فى الأصول وفى الاستيعاب يسار. وذكر اختلافهم فى اسمها الذى ذكره المصنف فى قول أبى عمر، وزاد عليها فقال: «حدثنا عبد الوارث، حدثنا قاسم بن الأصبغ، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا إبراهيم بن المنذر، حدثنا ابن فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، قال: سالم بن معقل مولى سلمى بنت يعار بالتاء. قال إبراهيم بن المنذر: وإنما هو يعار بالياء».

حرف الجيم

زوج أبى حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وهى مولاة سالم بن معقل، الذى يقال له: سالم مولى أبى حذيفة، أعتقته سائبة، فوالى سالم أبا حذيفة، وقتل سالم مولى أبى حذيفة يوم اليمامة، هو وأبو حذيفة. قال أبو عمر: اختلف فى اسم مولاة سالم الذى يقال له: سالم مولى أبى حذيفة هذه، فقال مصعب: ثبيتة، كما وصفنا، وقال أبو طوالة: عمرة بنت يعار الأنصارية. وقال ابن إسحاق فى رواية الأموى عنه: اسمها سلمى بنت يعار. وقال غيره، عن ابن إسحاق: سالم مولى امرأة من الأنصار. * * * حرف الجيم 3320 ـ جوهرة ابنة عطية بن إبراهيم الفارقى: أم أولاد الشيخ أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى. رأيت ذلك بحجر قبرها بالمعلاة بتربة الطبرى. 3321 ـ جويرية بنت القاضى زين الدين أبى الطاهر بن قاضى مكة جمال الدين محمد بن الشيخ محب الدين أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر. الطبرية، أم الخير المكية: جدتى لأمى، أجاز لها من مصر مع أخيها زين الدين محمد، ابن القماح، وابن غالى الدمياطى، وابن كشتغدى، وابن الإسعردى والمشتولى، وجماعة. ومن دمشق: أحمد بن على الجزرى، وجماعة. وما علمتها حدثت ولا أجازت. وكانت صالحة خيرة، على طريق السلف الصالح، من التقلل من الدنيا، والإيثار بما تجد، وملازمة قيام الليل والصوم، حتى إنها توفيت صائمة بالمدينة النبوية، وكانت قد انقطعت بها مدة سنين، مع ابنها القاضى محب الدين النويرى وبعده، وآثرت الإقامة بها على مفارقة الأهل والوطن. وكانت وفاتها فى آخر المحرم سنة خمس وتسعين وسبعمائة، ودفنت بالبقيع، وشهد جنازتها خلق كثير. وهى جدتى أم والدتى، والوالدة أحسن الله إليها على طريقتها.

3322 ـ جويرية بنت المجلل

3322 ـ جويرية بنت المجلل: تكنى أم جميل، وهى مشهورة بكنيتها. واختلف فى اسمها، وهى زوج حاطب بن الحارث الجمحى، وسنذكرها فى باب الكنى بما ينبغى إن شاء الله تعالى. * * * حرف الحاء 3323 ـ حبيبة، ويقال: حبيبة بنت أبى تجزأة (1) الشيبية العبدرية: مكية، حديثها عن النبى صلى الله عليه وسلم: «اسعوا فإن الله كتب عليكم السعى» (2) مثل حديث تملك الشيبية، روت عنها صفية بنت شيبة، روى الشافعى ومعاذ بن هانئ وطائفة، عن عبد الله بن المؤمل، قال: حدثنا عمر بن عبد الرحمن بن محيصن، عن عطاء بن أبى رباح، قال: حدثتنى صفية بنت شيبة، عن امرأة يقال لها حبيبة ابنة أبى تجزأة، قال: دخلنا دار أبى حسين فى نسوة من قريش، والنبى صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت، حتى إن ثوبه ليدور به، وهو يقول لأصحابه: «اسعوا فإن الله كتب عليكم السعى». هذا لفظ حديث معاذ بن هانئ وإسناده، ذكره الطحاوى، عن إبراهيم بن مرزوق، عن معاذ، وقد ذكرنا الاضطراب على عبد الله بن المؤمل فى إسناد هذا الحديث فى «التمهيد» (3).

_ 3322 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3319، 3564، الإصابة ترجمة 11010، 11939، أسد الغابة ترجمة 6830، 7394، الكاشف 3/ 485، أعلام النساء 1/ 174، الثقات 3/ 336، تهذيب التهذيب 12/ 444، 461، تهذيب الكمال 3/ 1693، 1700، تجريد أسماء الصحاب 2/ 295، تقريب التهذيب 2/ 609، 619). 3323 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3321، الإصابة ترجمة 11025، أسد الغابة ترجمة 6833، الثقات 3/ 100، تجريد أسماء الصحابة 2/ 257، تلقيح فهوم أهل الأثر 379، بقى بن مخلد 1013، تعجيل المنفعة 555). (1) هكذا فى الأصول وهى فى الاستيعاب «تجراة». وانظر ترجمة أختها برة فى رقم (3314). (2) أخرجه أحمد 6/ 422، الحاكم بالمستدرك 4/ 70، البغوى بشرح السنة 7/ 141، الدارقطنى 2/ 255، أبو نعيم بالحلية 9/ 159، ذكره البيهقى بالجمع 3/ 247 وعزاه لأحمد، الهيثمى فى الزوائد 3/ 250، 251، الهندى فى كنز العمال حديث رقم 12043، 12046. (3) انظر ما ذكره ابن عبد البر فى إسناد هذا الحديث فى: (التمهيد، فى باب جامع السعى).

3324 ـ حبيبة بنت جحش

3324 ـ حبيبة بنت جحش: قاله قوم، وزعموا، يعنى، أنها أم حبيب، والأشهر: أنها أم حبيبة، مشهورة بكنيتها، وسنذكرها فى الكنى، إن شاء الله تعالى (1). 3325 ـ حزمة بنت قيس الفهرية: أخت فاطمة بنت قيس، تزوجها سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، فولدت له. حديثها عند الزهرى، عن عبيد الله بن عبد الله. 3326 ـ حزيمة بنت أبى دعيج بن أبى نمى، الحسنية المكية: زوج الشريف عجلان بن رميثه، أمير مكة [ ..... ] (1). 3327 ـ حسنة بنت الشيخ أبى اليمن محمد بن الإمام شهاب الدين أحمد بن الإمام رضى الدين إبراهيم الطبرى، المكية: كانت زوجا لعبد الملك بن محمد بن عبد الملك المرجانى، وطلقها، وتزوجها ابن عمها الرضى محمد بن المحب بن الشهاب بن الرضى الطبرى، ورزق منها ولدا اسمه محمد، وبنتا اسمها فاطمة، وماتا صغيرين. وتزوجها الشيخ حسن المعروف بغياث الصغير، وأولدها محمدا، وأم الحسين، وماتت عنده. وكان فيها خير ودين، ويعتريها فى بعض الأحيان حال يقل فيه ضبطها. وتوفيت فى سنة ثمان وثماثمائة ظنا، وإلا ففى سنة خمس وثماثمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة. 3328 ـ حسنة بنت محمد بن كامل بن يعسوب، الحسنية، أم محمد المكية: سمعت من التوزرى جزءا من حديثه، فيه: المسلسل بالأولية، من طريق بن السمر قندى، سمعه منها جماعة، منهم: ولدها شيخنا المحب محمد بن أحمد بن الرضى الطبرى،

_ 3324 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3322، 3569، الإصابة ترجمة 11026، 11949، أسد الغابة ترجمة 6834، 7401). (1) نصا عن ابن عبد البر حرفيّا. 3325 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3330). 3326 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

3329 ـ حفصة بنت عمر بن الخطاب، القرشية الغدوية، أم المؤمنين

وشيخنا ابن سكر، وسمعت من الرضى الطبرى «البلدانيات» للسلفى، فى سنة إحدى عشرة، و «خماسيات ابن النقور»، فى سنة اثنتى عشرة، ومن الفخر التوزرى، فى سنة إحدى عشرة «جزء البطاقة» و «الأحاديث الموالى المخرجة» لأبى عبد الله الفراوى، تخريج ولده أبى البركات عبد الله، وفى سنة ثلاث عشرة «المائة الفراوية» ومن الصفى والطبرى «البلدانيات» للسفلى، فى سنة إحدى عشرة. ومن لفظ الشريف أبى عبد الله الفاسى كلام الشيخ أبى عبد الله القرشى جمع أبى العباس القسطلانى، فى سنة ثلاث عشرة. وتوفيت فى أحد الربيعين سنة خمس وستين وسبعمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة. وهى خالة الشريف أبى الخير الفاسى، لأن أمه شريفة بنت محمد بن كامل. وكان لها أخوان، حسن وحسين، سمعا على التورزى كثيرا، والصفى والرضى، وغيرهما، وسمع حسن من العماد الطبرى، وما علمت متى ماتا، وبلغنى أن حسينا هذا حصلت له فاقة شديدة حملته على أن شنق نفسه. 3329 ـ حفصة بنت عمر بن الخطاب، القرشية الغدوية، أم المؤمنين: كانت حفصة من المهاجرات، وكانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت خنيس بن حذافة بن قيس بن عدى السهمى. وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أكثرهم، فى سنة ثلاث من الهجرة. وقال أبو عبيدة: تزوجها سنة ثنتين من التاريخ. قال أبو عمر: وطلقها تطليقة ثم ارتجعها، وذلك أن جبريل عليه السلام قال له: «راجع حفصة، فإنها صوامة قوامة، وإنها زوجتك فى الجنة». وأوصى عمر رضى الله عنه بعد موته إلى حفصة، وأوصت حفصة إلى عبد الله بن عمر، بما أوصى به إليها عمر، وبصدقة تصدقت بها وبمال وقفته بالغابة. وتوفيت فى حين بايع الحسن بن على لمعاوية، وذلك فى جمادى، سنة إحدى وأربعين، وكذلك قال أبو معشر.

_ 3329 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3333، الإصابة ترجمة 11053، أسد الغابة ترجمة 6852، طبقات ابن سعد 8/ 81، طبقات خليفة 334، تاريخ خليفة 66، المعارف 135، تهذيب الكمال 1680، تاريخ الإسلام 2/ 220، العبر 1/ 5، تهذيب التهذيب 12/ 410، خلاصة تذهيب الكمال 490، شذرات الذهب 1/ 10، سير أعلام النبلاء 2/ 227).

3330 ـ حمنة بنت جحش بن رئاب الأسدية

وقال غيره: توفيت حفصة رضى الله عنها سنة خمس وأربعين. وذكر الدولابى، عن أحمد بن محمد بن أيوب: أن حفصة توفيت سنة سبع وعشرين. 3330 ـ حمنة بنت جحش بن رئاب الأسدية: من بنى أسد بن خزيمة، أخت زينب بنت جحش، كانت عند مصعب بن عمير، وقتل عنها يوم أحد، فتزوجها طلحة بن عبيد الله، فولدت له محمدا، وعمران ابنى طلحة بن عبيد الله. وكانت حمنة رضى الله عنها ممن خاض فى الإفك على عائشة، رضى الله عنها، وجلدت فى ذلك مع من جلد فيه، عند من صحح جلدهم. وكانت تستحاض هى وأختها أم حبيبة بنت جحش. روى عنها ابنها عمران بن طلحة بن عبيد الله. * * * حرف الخاء المعجمة 3331 ـ خاتون بنت محمد بن على بن عبد الله الحطينى الأصبهانى: أم محمد المكية، وتسمى فاطمة. تروى عن يونس الهاشمى، وزاهر بن رستم، والحصرى، وغيرهم، إجازة. وذكرها ابن مسدى فى «معجمه» وقال: متصوفة معنى ولفظا، متصرفة حالا ووعظا، وذكر أنه سمع منها هذين البيتين: عطشى دائم ولهفى شديد ... وغرامى مع الزمان جديد صاح هيهات أن ترانى خليا ... وبقلبى من الغرام وقود وذكرها المحب الطبرى فى «المشيخة» التى خرجها للمظفر صاحب اليمن، وذكر أنها ممن جمعت الصلاح التام، والدين المتين، والعلم والعمل به، ولها طرق حسنة فى

_ 3330 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3338، الإصابة ترجمة 11060، أسد الغابة ترجمة 6857، الثقات 3/ 99، أعلام النساء 1/ 251، تجريد أسماء الصحابة 2/ 257، تقريب التهذيب 2/ 595، تهذيب التهذيب 12/ 411، الكاشف 3/ 468، تهذيب الكمال 3/ 1681، الإكمال 2/ 514، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال 3/ 405، تلقيح فهوم أهل الأثر 319/ 380، التمييز والفصل 423، بقى بن مخلد 1010، سير أعلام النبلاء 2/ 2).

من اسمها خديجة

الوعظ، وتواليف حسنة، ككتابها الموسوم «بالرموز من الكنوز» يقارب خمس مجلدات، وغير ذلك. ولم أدر متى ماتت، إلا أنها كانت حية فى سنة ست وأربعين وستمائة، بمكة. * * * من اسمها خديجة 3332 ـ خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى القرشية الأسدية: زوج النبى صلى الله عليه وسلم، قال الزبير: كانت تدعى فى الجاهلية: الطاهرة. ولم يختلفوا أنه صلى الله عليه وسلم ولد له منها ولده كلهم حاشى ولده إبراهيم. زوجه إياها عمرو بن أسد بن عبد العزى بن قصى. وكانت إذ تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت أربعين سنة، وأقامت معه صلى الله عليه وسلم أربعا وعشرين سنة. وتوفيت وهى بنت أربع وستين سنة وستة أشهر. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ تزوج خديجة ابن إحدى وعشرين سنة، وقيل: ابن خمس وعشرين، وهو الأكثر، وقيل: ابن ثلاثين. وأجمعوا أنها ولدت له أربع بنات، كلهن أدركن الإسلام، وهاجرن، وهن: زينب، وفاطمة، ورقية، وأم كلثوم. وأجمعوا أنها ولدت له ابنا يسمى القاسم، وبه كان يكنى صلى الله عليه وسلم، هذا ما لا خلاف فيه بين أهل العلم. قال أبو عمر: لا يختلفون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتزوج فى الجاهلية غير خديجة، ولا تزوج عليها أحدا من نسائه حتى ماتت، ولم يلد له من المهارى غيرها. وهى أول من آمن بالله عزوجل ورسوله.

_ 3332 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3347، الإصابة ترجمة 11092، أسد الغابة ترجمة 6874، طبقات ابن سعد 8/ 52، المعارف 59، 70، 132، 144، 150، 219، 311، تاريخ الفسوى 3/ 253، 255، 256، 257، المستدرك 3/ 182 ـ 186، جامع الأصول 9/ 120 ـ 125، تاريخ الإسلام 1/ 41، مجمع الزوائد 9/ 218 ـ 225، كنز العمال 13/ 690، شذرات الذهب 1/ 14، سير أعلام النبلاء 2/ 109).

3333 ـ خديجة بنت قاضى مكة شهاب الدين أحمد بن قاضى مكة نجم الدين محمد بن قاضى مكة جمال الدين محمد بن الشيخ محب الدين الطبرى، المكية

هذا قول قتادة، والزهرى، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وابن إسحاق وجماعة، قالوا: خديجة أول من آمن بالله، وصدق محمدا، من الرجال والنساء، ولم يستثنوا أحدا. وروى من وجوه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «يا خديجة إن جبريل يقرئك السلام». بعضهم يروى هذا الخبر: أن جبريل قال: يا محمد، أقرئ خديجة من ربها السلام. فقال النبى صلى الله عليه وسلم: «يا خديجة هذا جبريل يقرئك من ربك السلام» فقالت خديجة: الله السلام، ومنه السلام، وعلى جبريل السلام. عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد بن أسد، وفاطمة بنت محمد». عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل نساء أهل الجنة، خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون. واختلف فى وقت وفاتها، فقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: توفيت خديجة قبل الهجرة بخمس سنين، قال: وقيل بأربع سنين، وكان وفاتها قبل تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة رضى الله عنها. وقال قتادة: توفيت خديجة رضى الله عنها قبل الهجرة بثلاث سنين. قال أبو عمر: قول قتادة عندنا أصح. قال أبو عمر يقال: إنها كانت وفاتها بعد موت أبى طالب بثلاثة أيام، وقيل: إنها كانت يوم توفيت بنت خمس وستين سنة. توفيت فى شهر رمضان، ودفنت فى الحجون. ذكره محمد بن عمر وغيره. 3333 ـ خديجة بنت قاضى مكة شهاب الدين أحمد بن قاضى مكة نجم الدين محمد بن قاضى مكة جمال الدين محمد بن الشيخ محب الدين الطبرى، المكية: أم الفضل، ولدت ظنا سنة أربعين وسبعمائة، كانت ذات مروءة كثيرة وخير وحشمة. تزوجها الجمال محمد بن العز الأصبهانى، ثم ابن عمتها، كمالية ابنة القاضى نجم

3334 ـ خديجة بنت الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن الشهيد الناطق الهاشمى العقيلى النويرى

الدين الطبرى، القاضى نور الدين على بن أحمد النويرى المالكى، وبانت منه حتى ماتت، ولم تلد لأحد منهما. وجاورت بالمدينة النبوية مرات، فى بعضها نحو سنتين، وحصل لها فى آخر عمرها سقطة ضعفت بها حركتها فى المشى. وسمعت الحديث على جدتها لأمها حسنة بنت محمد بن كامل بن يعسوب، وما علمتها حدثت. وتوفيت فى يوم الجمعة ثالث عشرى رمضان، سنة أربع عشرة وثمانمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة. انتهى. 3334 ـ خديجة بنت الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن الشهيد الناطق الهاشمى العقيلى النويرى: أخت القاضيين أبى الفضل النوبرى، ونور الدين على. كانت ذات حشمة ومروءة. ذكر لى سبطها صاحبنا الشيخ جمال الدين محمد بن على الشيبى المكى أن لها شعرا حسنا، وأنها كاتبت به الشيخ بهاء الدين السبكى. انتهى. وتوفيت فى سنة سبع وسبعين وسبعمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة. وقد ذكرها سبطها شيخنا القاضى جمال الدين محمد بن على الشيبى فى كتابه «الشرف الأعلا فى ذكر قبور مقبرة المعلا» عند ذكر الشيخ بهاء الدين أحمد بن على ابن عبد الكافى السبكى، وأطنب فى الثناء عليها، فقال: كانت من الفضل والعلم بمكان شهير، ومن الدين والصلاح بمحل كبير خطير، فاتفق أنها بعثت إليه، يعنى الشيخ بهاء الدين، فى الطريق، يعنى طريق المدينة، وكانا ذاهبين فى قافلة لزيارة النبى صلى الله عليه وسلم بحلواء من عقيد، وكتبت مع ذلك: بعثت لكم بشيء من عقيد ... هديته لقلته فضيحه ولكنا لنخبر كم بأنا ... عقيدة ودنا فيكم صحيحه فأجابها بما لا أستحضره الآن. وكتبت إليه بأبيات، فأجابها عنها بقوله: بركات أم المؤمنين خديجة ... عمت قوافلها وفاض نداها

3335 ـ خديجة بنت الإمام رضى الدين إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطبرى، المكية

ولها قصائد فى النبى محمد ... ستنال فى الجنات طيب جناها وكتبت إليه بأبيات، تمدحه بها، على قافية النون، فأجابها بأبيات على وزنها ورويها، نقلتها هى والأبيات السابقة من خطه: أسعفتم بالفصل والإحسان ... وربحتم أجرا عظيم الشان بقصيدة تحلو لدى كأنها ... أطوار أطوارى من الأوطان وإذا أردت جوابكم فكأننى ... أهدى الحصى بدلا من المرجان يا أخت خير أخ وبنت أب مضى ... والشمس منك تضئ والقمران لو كان ست فى النساء كذا لما ... فضل الرجال إذا على النسوان لا عيب فيكم غير أن جمالكم ... ينسى الغريب معاهد الأوطان وهى طويلة. كانت هذه المرأة من سروات النساء، دينا وعفة وكرما وطيبا وعبادة. كانت لها خلوات، تقيم الليالى الكثيرة للتعبد، وكانت على طريقة عظيمة من ملازمة الذكر، وحب الصالحين، وترك ما عليه غالب النساء. وكانت قد اشتهرت بأم خليل الصوفية. وبينها وبين علماء عصرها وصلحائه مكاتبات ومحاورات، لا يسعها هذا الموضع. وكان أخواها السيدان الجليلان العالمان القاضيان، شيخ الإسلام كمال الدين أبو الفضل الشافعى، وسيد القضاة نور الدين على المالكى، تغمدهما الله برضوانه، يبالغان فى إكرامها غاية المبالغة، ويتبركان بدعائها. ونظمها كثير، ولها فى النبى صلى الله عليه وسلم عدة قصائد، منها قصيدة لامية أولها: حمل الغرام علىّ ما لا أحمل ... فرثى لحالى من يلوم ويعذل ولولا خوف التطويل لذكرت جملة من ذلك. انتهى. 3335 ـ خديجة بنت الإمام رضى الدين إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطبرى، المكية: كانت زوجا لقاضى مكة نجم الدين الطبرى، وولد له منها ولده القاضى شهاب الدين أحمد، وأخواته: زينب، وعائشة، وفاطمة، وكمالية، وأم الحسين. وللقاضى نجم الدين فيها أبيات، أولها:

3336 ـ خديجة بنت الشيخ نجم الدين عبد الرحمن بن يوسف بن إبراهيم ابن محمد بن إبراهيم القرشى المخزومى الأصفونى، المكية

أشبيهة البدر التمام إذا بدا ... حسنا وليس البدر من أشباهك ماسور حسنك إن يكن مستشفعا ... فإليك فى الحسن البديع تجاهك أشفى أسا أعيى الأساه دواءه ... وشفاء يحصل بأرتشاف شفاهك فصليه واغتنمى بقاء حياته ... لا تقتليه أسا بحق إلهك 3336 ـ خديجة بنت الشيخ نجم الدين عبد الرحمن بن يوسف بن إبراهيم ابن محمد بن إبراهيم القرشى المخزومى الأصفونى، المكية: أمها فاطمة بنت ظهيرة بن القرشى. تزوجها الفقيه أبو الخير محمد بن القاضى جمال الدين محمد بن عبد الله بن فهد الهاشمى، وأولدها أولاده كلهم: نجم الدين، وعبد الرحمن، وأبا بكر، وعمر، وعثمان، وأم الحسن فاطمة. وماتت عنده قبل السبعين وسبعمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة. وكانت امرأة صالحة، ذات خير ودين. انتهى. 3337 ـ خديجة بنت الشيخ عبد الملك بن الشيخ أبى محمد عبد الله بن محمد ابن محمد القرشى البكرى المرجانى، المكية التونسية الأصل، المعروف ببنت المرجانى: أجاز لها الوانى، والدبوسى، والختنى، وجماعة من شيوخ أخيها شيخنا محمد بن عبد الملك المرجانى، المقدم ذكره. وما علمتها حدثت. وتوفيت بمكة، بعد التسعين وسبعمائة بنحو ثلاث سنين، فيما أظن. 3338 ـ خديجة بنت الإمام تقى الدين على بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى المكى: أم مفضل المكية، تروى بالإجازة عن يونس بن يحيى، وزاهر بن رستم، وأبى عبد الله محمد بن إبراهيم بن أبى الصيف، وأبى عبد الله محمد بن عبد الله بن موهوب بن البنا البغدادى، وشيخ الحرم يحيى بن ياقوت، وأبى الفتوح نصر بن أبى الفرج الحصرى وخرج لها، وحدثت. ولم أدر متى ماتت، إلا أنها كانت حية فى سنة خمس وأربعين وستمائة. وكان أبوها إمام المقام وخطيب المسجد الحرام.

3339 ـ خديجة بنت زين الدين محمد بن القاضى زين الدين أحمد بن القاضى جمال الدين محمد بن المحب الطبرى

3339 ـ خديجة بنت زين الدين محمد بن القاضى زين الدين أحمد بن القاضى جمال الدين محمد بن المحب الطبرى: كانت زوجا لأبى عبد الله محمد بن الشيخ أبى العباس بن عبد المعطى، فطلقها وتأيمت بعده، حتى ماتت. وسمعت على كمال الدين محمد بن عمر بن حبيب الحلبى، بمكة، وبها توفيت، قريبا من سنة عشرين وثمانمائة. 3340 ـ خديجة بنت الشريف أبى الخير محمد بن الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى: ولدت ثانى عشرى أو ثالث عشرى صفر سنة أربع وثمانين وسبعمائة، تزوجها أخى شقيقى نجم الدين عبد اللطيف، وولدت له، وماتت عنده فى جمادى [ ..... ] (1) سنة خمس عشرة وثمانمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة، وهى فى عشر الأربعين. وتوفيت أختها عائشة بنت أبى الخير بن عبد الرحمن الفاسى، شقيقة خديجة فى رمضان، سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، بمكة، وتزوجها أخى عبد اللطيف بعد خديجة. وتوفيت جدتها أم على، تفاحة الحبشية مستولدة عبد اللطيف بن أحمد بن أبى عبد الله الفاسى، فى سنة ست وعشرين وثمانمائة، بالمدينة النبوية، وهى والدة كمالية بنت عبد اللطيف بن أحمد، وكمالية والدة خديجة وعائشة المذكورتين. 3341 ـ خزيمة بنت جهم بن قيس العبدرية: من بنى عبد الدار بن قصى، هاجرت مع أبيها وأمها خولة أم حرملة إلى أرض الحبشة. 3342 ـ خولة بنت الأسود بن حذافة، تكنى أم حرملة: هاجرت مع زوجها جهيم بن قيس إلى أرض الحبشة. هكذا قال موسى بن عقبة.

_ 3340 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 3341 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3348، الإصابة ترجمة 11100، أسد الغابة ترجمة 6876). 3342 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3352، الإصابة ترجمة 1113، أسد الغابة ترجمة 6884).

3343 ـ خولة (1) بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص بن مرة بن هلال السلمية، امرأة عثمان بن مظعون، تكنى أم شريك

وقال ابن إسحاق: أم حرملة بنت عبد الأسود، هاجرت مع زوجها جهيم بن قيس. 3343 ـ خولة (1) بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص بن مرة بن هلال السلمية، امرأة عثمان بن مظعون، تكنى أم شريك: وهى التى وهبت نفسها للنبى صلى الله عليه وسلم، فى قول بعضهم. وكانت امرأة صالحة. روى عنها سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم فى التعوذ بكلمات الله عند النزول فى السفر. وروى عنها سعيد بن المسيب، ومحمد بن يحيى بن حبان، وعمر بن عبد العزيز. وحديث سعد عنها من حديث سعيد بن المسيب عنه، ومن حديث بسر بن سعيد عنه، اختلف فيه ابن العجلان، والحارث بن يعقوب. 3344 ـ الخيزران: أم الخليفتين موسى الهادى، وهارون الرشيد، ابنى المهدى محمد بن أبى جعفر المنصور العباسى. ولم تلد امرأة خليفتين سواها، وسوى شاه أفريد بنت فيروز، أم يزيد بن الوليد بن عبد الملك الأموى، وأخيه إبراهيم الذى ولى الخلافة بعده، وسوى الولادة بنت العباس العباسية، أم الخليفتين الوليد وسليمان بن عبد الملك بن مروان. ومن المآثر التى صنعتها الخيزران بمكة أنها جعلت الموضع الذى ولد فيه النبىصلى الله عليه وسلم مسجدا، وأخرجته من دار محمد بن يوسف الثقفى، أخى الحجاج بن يوسف الثقفى، وكان قد باعها له بعض ولد عقيل بن أبى طالب، لأن عقيل بن أبى طالب كان استولى على ذلك لما هاجر النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. * * *

_ 3343 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3355، الإصابة ترجمة 11119، أسد الغابة ترجمة 6888، تجريد أسماء الصحابة 2/ 264، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال 3/ 380). (1) قال ابن عبد البر ويقال: «خويلة». 3344 ـ انظر ترجمتها فى: (تاريخ بغداد 14/ 430، نزهة الجليس 2/ 72، النجوم الزاهرة 2/ 72، البداية والنهاية 10/ 163، الدر المنثور 188، الأعلام 2/ 328).

حرف الدال

حرف الدال 3345 ـ درة بنت أبى سلمة بن عبد الأسد، القرشية المخزومية: ربيبة النبى صلى الله عليه وسلم، بنت امرأته أم سلمة، زوج النبى صلى الله عليه وسلم. وهى معروفة عند أهل العلم بالسير والخير والحديث فى بنات أم سلمة، ربائب رسول الله صلى الله عليه وسلم. 3346 ـ درة بنت أبى لهب بن عبد المطلب بن هاشم: كانت عند الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، فولدت له عتبة والوليد، وأبا مسلم. روت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه سئل: أى الناس خير؟ فقال: «أتقاهم لله، وآمرهم بالمعروف، وأنهاهم عن المنكر، وأوصلهم لرحمه» (1). * * * حرف الراء المهملة 3347 ـ رقية بنت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، القرشية المكية: أمها خديجة بنت خويلد رضى الله عنهما، قد تقدم ذكرها.

_ 3345 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3367، الإصابة ترجمة 11153، أسد الغابة ترجمة 6904). 3346 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3368، الإصابة ترجمة 11154، أسد الغابة ترجمة 6905، مسند أحمد 6/ 431، طبقات ابن سعد 8/ 50، طبقات خليفة 330، مجمع الزوائد 9/ 257، سير أعلام النبلاء 2/ 275). (1) أخرجه أحمد فى المسند بمسند القبائل حديث رقم (26888) من طريق: أحمد بن عبد الملك، حدثنا شريك، عن سماك، عن عبد الله بن عميرة، عن زوج درة بنت أبى لهب، عن درة بنت أبى لهب قالت: قام رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر فقال: يا رسول الله أى الناس خير؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «خير الناس أقرؤهم وأتقاهم وآمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر وأوصلهم للرحم». 3347 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3377، الإصابة ترجمة 11187، أسد الغابة ترجمة 6929، ذيل المذيل 65، تاريخ الخميس 1/ 274، طبقات ابن سعد 8/ 24، سير أعلام النبلاء 3/ 31).

3348 ـ رملة بنت صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، القرشية العبشمية

زعم الزبير وعمه مصعب أنها كانت أصغر بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإياه صحح الجرجانى النسابة. ذكر أبو العباس محمد بن إسحاق السراج، قال: سمعت عبيد الله بن محمد بن سليمان بن جعفر بن سليمان الهاشمى، قال: ولدت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ثلاثين سنة، وولدت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول اللهصلى الله عليه وسلم ابن ثلاث وثلاثين سنة. وقال مصعب وغيره من أهل النسب: كانت رقية تحت عتبة بن أبى لهب، وكانت أختها أم كلثوم تحت عتيبة بن أبى لهب، فلما نزلت (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) قال لهما أبو لهب وأمهما حمالة الحطب: فارقا ابنتى محمد، وقال أبو لهب: رأسى من رأسيكما حرام إن لم تفارقا ابنتى محمد، ففارقاهما. قال ابن شهاب: فتزوج عثمان بن عفان رقية رضى الله عنهما، بمكة، وهاجرت معه إلى أرض الحبشة، وولدت له هناك ابنا، فسماه عبد الله، فكان يكنى به. وقال قتادة: تزوج عثمان رضى الله عنه رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتوفيت عنده ولم تلد منه، قال: قول ابن شهاب وجمهور أهل هذان الشأن [ ..... ] (1) 3348 ـ رملة بنت صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، القرشية العبشمية: تكنى أم حبيبة بنت أبى سفيان، زوج النبى صلى الله عليه وسلم، اختلف فى اسمها، فقيل: رملة، وقيل: هند، والمشهور رملة، وهو الصحيح عند جمهور أهل العلم بالنسب والسير والحديث والخبر، وكذلك قال الزبير. وكانت أم حبيبة تحت عبيد الله بن جحش الأسدى ـ أسد خزيمة ـ خرج بها مهاجرا من مكة إلى أرض الحبشة مع المهاجرين، ثم افتتن وتنصر، ومات نصرانيا، وأبت أم حبيبة أن تنتصر، وأثبت الله لها الإسلام والهجرة حتى قدمت، فخطبها رسول اللهصلى الله عليه وسلم، فزوجها إباه عثمان بن عفان رضى الله عنه. هذا قول يروى عن قتادة، وكذلك روى الليث، عن عقيل عن ابن شهاب أن النبىصلى الله عليه وسلم تزوج أم حبيبة بالمدينة.

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 3348 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3378، 3568، الإصابة ترجمة 11191، أسد الغابة ترجمة 6932، أعلام النساء 1/ 397، السمط الثمين 111).

3349 ـ رملة بنت شيبة بن ربيعة

وقال ابن المبارك، عن معمر، عن الزهرى، عن عروة، عن أم حبيبة، أنها كانت عند عبيد الله بن جحش، وكان رحل إلى النجاشى، فمات، وأن النبى صلى الله عليه وسلم تزوج بأم حبيبة هى بأرض الحبشة، زوجه إياها النجاشى، ومهرها أربعة آلاف درهم، وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة، وجهزها من عنده، وما بعث إليها النبى صلى الله عليه وسلم بشئ، وكان مهر سائر أزواج النبى صلى الله عليه وسلم أربعمائة درهم. وكذلك قال مصعب والزبير: إن النجاشى زوجه إياها، خلاف قول قتادة إن عثمان زوجه إياها بالمدينة، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى. 3349 ـ رملة بنت شيبة بن ربيعة: كانت من المهاجرات، هاجرت مع زوجها عثمان بن عفان، رضى الله عنه [ ..... ] (1) 3350 ـ ريا بنت أمير مكة، عز الدين عجلان بن رميثة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة، الحسنية المكية: كان الشريف جياش بن راجح بن عبد الكريم تزوجها، ثم تزوجها حازم بن عبد الكريم بن أبى نمى، ومات عندها. وتوفيت هى ظنا فى سنة أربع عشرة وثمانمائة، أو قريبا منها بمكة، ودفنت بالمعلاة، وكانت ذات حشمة ورئاسة. 3351 ـ ريا بنت سعد بن محمد المجاش: الشريفة الحسنية المكية، زوج الشريف حسن بن عجلان أمير مكة. توفيت فى ذى الحجة سنة اثنتى عشرة وثمانمائة، بمكة. 3352 ـ راية بنت الشريف عجلان بن رميثة، الحسنية المكية: كانت زوجا للشريف محمود بن أحمد بن رميثة، وأولدها الشريف محمد بن محمود. 3352 ـ ريسة بنت أحمد بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم:

_ 3349 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3379، الإصابة ترجمة 11192، أسد الغابة 6933، الثقات 3/ 131، تجريد أسماء الصحابة 2/ 269). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. وتكملة ترجمتها عند ابن عبد البر: ..... وفى ذلك تقول لها هند بنت عتبة: لحى الرحمن صابئة بوج ... ومكة عند أطراف الحجون تدين لمعشر قتلوا أباها ... أقتل أبيك جاءك باليقين انظر: (الاستيعاب ترجمة 3379).

3354 ـ ريطة بنت الحارث بن جبيلة (2) بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم ابن مرة

أم أحمد، بنت القاضى محيى الدين أبى جعفر الطبرى، المكية. تروى عن يونس الهاشمى، وزاهر، وابن أبى الصيف، وابن البنا، وابن ياقوت، والحصرى، وغيرهم من شيوخ بنت عمها خديجة بنت على الطبرى. وخرج لها أيضا، وحدثت. ولم أدر متى ماتت، إلا أنها كانت حية فى سنة خمس وأربعين وستمائة، والله أعلم. 3354 ـ ريطة بنت الحارث بن جبيلة (2) بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم ابن مرة: زوجة الحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة. هاجرت مع زوجها إلى أرض الحبشة، وولدت له هناك موسى وأخوانه: عائشة، وزينب، وفاطمة بنى الحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة. ثم خرجوا من أرض الحبشة إلى المدينة، فلما وردوا ماء من مياه الطريق شربوا منه، فلم يروحوا عنه حتى توفيت ريطة وبنوها المذكورون، إلا فاطمة ابنة الحارث. * * * حرف الزاى من اسمها زينب 3355 ـ زينب بنت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب: أكبر بناته رضى الله عنهن. قال محمد بن إسحاق السراج: سمعت عبيد الله بن محمد بن سليمان الهاشمى، يقول:

_ 3354 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3385، الإصابة ترجمة 11205، الثقات 3/ 133، تجريد أسماء الصحابة 2/ 266، 270). (1) فى الاستيعاب جبلة وقال محقق الاستيعاب: إنها فى نسخة: جبيلة. 3355 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3394، الإصابة ترجمة 1123، أسد الغابة ترجمة 6974، طبقات ابن سعد 1/ 30، نسب قريش 22، تاريخ خليفة 92، التاريخ الصغير 1/ 7، تهذيب الأسماء واللغات 2/ 344، العبر 1/ 10، المعارف 72، 127، تاريخ الفسوى 13/ 270).

3356 ـ زينب بنت أحمد بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى

ولدت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سنة ثلاثين، من مولد النبى صلى الله عليه وسلم، وماتت فى سنة ثمان من الهجرة. قال أبو عمر: كانت زينب أكبر بناته رضى الله عنهن، بلا خلاف علمته فى ذلك، إلا ما لا بصح ولا يلتفت إليه، وإنما الخلاف بين القاسم وزينب، أيهما ولد له صلى الله عليه وسلم أولا، فقالت طائفة من أهل العلم بالنسب: أول ولد ولد له صلى الله عليه وسلم القاسم ثم زينب (وقال بن الكلبى: زينب ثم القاسم. قال أبو عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم محبا فيها. أسلمت وهاجرت حين أبى زوجها أبو العاص بن الربيع أن يسلم. وكان سبب موتها أنها لما خرجت من مكة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عمد لها هبار بن الأسود ورجل آخر، فدفعها أحدهما فيما ذكروه، فسقطت وأهراقت الدماء، فلم يزل بها مرضها ذلك حتى ماتت سنة ثمان من الهجرة، وكان زوجها محبا فيها. 3356 ـ زينب بنت أحمد بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى: أم أحمد ابنة القاضى محيى الدين. تروى بالإجازة عن يونس الهاشمى، وزاهر، وابن أبى الصيف، وغيرهم من شيوخ أختها ريسة، وبنت عمها خديجة بنت على بن أبى بكر. 3357 ـ زينب بنت البرهان إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد الأردبيلى: ولدت بمكة ونشأت بها، حتى بلغت أو كادت، ثم توجهت إلى بلاد العجم مع عمها أخى أبيها، فزوجها بابنه فى بلده أردبيل، وأقامت بها أزيد من عشرين سنة، وولدت هناك ابنها فخر الدين، ثم توجهت إلى مكة، وتزوج بها الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد بن محمد بن على بن النجم الصوفى، ورزقت منه بنتا تسمى عائشة. وتوفيت فى يوم السبت ثانى عشر ذى القعدة سنة ست عشرة وثمانمائة. وأمها عائشة بنت دانيال. وتوفيت ابنتها عائشة بنت شمس الدين بن النجم فى رمضان، سنة ثمان وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة وقد قاربت الأربعين.

3358 ـ زينب بنت قاضى مكة، شهاب الدين أحمد بن قاضى مكة نجم الدين محمد الطبرى المكية أم محمد

وهى زوج شهاب الدين أحمد بن الشيخ شمس الدين، المعروف بابن المعيد الحنفى، وأم أولاده. 3358 ـ زينب بنت قاضى مكة، شهاب الدين أحمد بن قاضى مكة نجم الدين محمد الطبرى المكية أم محمد: كانت كثيرة المكارم، ولها رئاسة وعبادة، وزارت القدس والخليل، فى سنة تسعين وسبعمائة، وتوجهت من هناك إلى مصر، وجاءت إلى مكة فى موسم هذه السنة. وتزوجت عجلان صاحب مكة، فى سنة سبعين وسبعمائة، ثم اختلعت منه لتسريه عليها، ونالت منه مالا جزيلا، وتزوجت قبله ابن عمتها كمالية، القاضى نور الدين على ابن أحمد النويرى فى سنة تسع وخمسين، وأولدها القاضى جمال الدين أبا الخير محمد الخضر، وبنتا ماتت صغيرة. وتوفيت فى يوم الأربعاء ثالث عشر جمادى الآخرة، سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، بمكة ودفنت بالمعلاة. 3359 ـ زينب بنت أحمد بن ميمون بن قاسم، التونسية الأصل، المكية: أم محمد، وتعرف ببنت المغربى. كذا ذكرها الحافظ صلاح الدين خليل الأقفهسى، فى «مشيخة قاضى مكة وعالمها، جمال الدين بن ظهيرة» وقال تلو ذلك: ولدت بمكة، وسمعت بها من الفخر التوزرى «المائة الفراوية». ومن الصفى أحمد بن محمد الطبرى «الأربعين البلدانية» لأبى طاهر السلفى و «الأربعين الثقفية» و «نسخة أبى معاوية، وبكار بن قتيبة». ومن الشريف أبى عبد الله الفاسى «الفصول الأربعة من كلام أبى عبد الله القرشى». وحدثت، سمع منها الفضلاء، وكانت وفاتها بمكة بعيد سنة ثمانين وسبعمائة. انتهى. 3360 ـ زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر: زوج النبى صلى الله عليه وسلم، هى زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير

_ 3360 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3389، الإصابة ترجمة 11277، أسد الغابة ترجمة 6949، طبقات ابن سعد 8 ـ 71 ـ 82، ذيل المذيل 74، صفة الصفوة 2/ 24، حلية الأولياء 2/ 51، السمط الثمين 105، الأعلاق النفيسة 193، الأعلام 3/ 66).

3361 ـ زينب بنت الحارث بن خالد بن صخر، القرشية التيمية

ابن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة. أمها أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم، عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لها: «ما اسمك»؟ قال: برة، فسماها زينب. تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها فى سنة ثلاث من التاريخ، ولا خلاف أنها كانت قبله تحت زيد بن حارثة، وأنها التى ذكرت الله تعالى قصتها فى القرآن فى قوله عزوجل: (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها) [الأحزاب: 37]. فلما طلقها زيد وانقضت عدتها، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأطعم عنها خبزا ولحما. وكانت تفخر على نساء النبى صلى الله عليه وسلم، تقول: إن آباءكن أنكحوكن، وإن الله تعالى أنكحنى إياه من فوق سبع سماوات. وروينا من وجوه، عن عائشة رضى الله عنها، قالت: كانت زينب بنت جحش تسامينى فى المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما رأيت امرأة قط خيرا فى الدين من زينب، وأتقى الله وأصدق حديثا، وأوصل للرحم وأعظم صدقة. وتوفيت زينب جحش رضى الله عنها سنة عشرين، فى خلافة عمر رضى الله عنه. وفى هذا العام فتحت مصر. وقيل: بل توفيت زينب بنت جحش رضى الله عنها سنة إحدى وعشرين، وفيها فتحت الإسكندرية. 3361 ـ زينب بنت الحارث بن خالد بن صخر، القرشية التيمية: ولدت بأرض الحبشة مع أختيها عائشة وفاطمة، وماتت بالطريق، فى منصرفها منها، فقبرها هناك. 3362 ـ زينب بنت عبد الله الثقفية: امرأة عبد الله بن مسعود، رضى الله عنه [ .... ] (1)

_ 3361 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3390، الإصابة ترجمة 11264، أسد الغابة ترجمة 5956). 3362 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3396، الإصابة ترجمة 11247، أعلام النساء 2/ 75). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. انظر باقى الترجمة فى المصادر المذكورة.

3363 ـ زينب بنت أبى سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومى

3363 ـ زينب بنت أبى سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومى: ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اسم زينب: برة، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب. ولدتها أم سلمة بأرض الحبشة، وقدمت بها، وحفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويروى أنها دخلت على النبى صلى الله عليه وسلم، وهو يغتسل، فنضج فى وجهها، قالوا: فلم يزل ماء الشباب فى وجهها حتى كبرت وعجزت. وكانت زينب بنت أبى سلمة عند عبد الله بن زمعة بن الأسود الأسدى، فولدت له، وكانت من أفقه أهل زمانها. روى ابن المبارك، قال: حدثنا جرير بن حازم، قال: سمعت الحسن، يقول: لما ان يوم الحرة قتل أهل المدينة، فكان فيمن قتل ابنا زينب ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحملا ووضعا بين يديها مقتولين، فقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون (1). 3364 ـ زينب بنت قيس بن مخرمة، القرشية المطلبية: كانت قد صلت القبلتين جميعا، وهى مولاة السدى المفسر، أعتقت أباه (1).

_ 3363 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3395، الإصابة ترجمة 11241، أسد الغابة ترجمة 6966، أعلام النساء 2/ 67، الثقات 3/ 145، تجريد أسماء الصحابة 2/ 272، تقريب التهذيب 2/ 600، الكاشف 3/ 471، تهذيب التهذيب 12/ 421، تهذيب الكمال 3/ 1684، التاريخ الصغير 1/ 12، 140، بقى بن مخلد 253، تلقيح فهوم أهل الأثر 371، الأخبار الموفقيات 131، طبقات ابن سعد 8/ 461، المحبر 84، المعارف 136، أنساب الأشراف 1/ 207، تاريخ الثقات 520، الثقات لابن حبان 3/ 145، تاريخ الطبرى 3/ 164، سيرة ابن هشام 3/ 314، تحفة الأشراف 11/ 324، سير أعلام النبلاء 3/ 200، المعين فى طبقات المحدثين 29، البداية والنهاية 8/ 347، الوافى بالوفيات 15/ 61، تهذيب التهذيب 12/ 421، خلاصة تذهيب التهذيب 423، المعرفة والتاريخ 1/ 226، تاريخ الإسلام 2/ 405). (1) هكذا وقعت هذه الترجمة فى الأصول، وبقية كلامها فى الاستيعاب ترجمة 3395: « ...... والله إن المصيبة علىّ لكبيرة، وهى علىّ فى هذا أكبر منها فى هذا، أما هذا فجلس فى بيته فكف يده، فدخل عليه، وقتل مظلوما، وأنا أرجو له الجنة، وأما هذا فبسط يده فقاتل حتى قتل فلا أدرى على ما هو فى ذلك، فالمصيبة به علىّ أعظم منها فى هذا». 3364 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3397، الإصابة ترجمة 11251، تجريد أسماء الصحابة 2/ 273). (1) هذا كلام ابن عبد البر. ولهذه الترجمة بقية عنده. انظر: (الاستيعاب ترجمة 3397).

3365 ـ زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح

3365 ـ زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح: أخت عثمان بن مظعون، وزوج عمر بن الخطاب. هى أم عبد الله وحفصة وعبد الرحمن الأكبر بنى عمر بن الخطاب. وذكر الزبير: أنها كانت من المهاجرات، وأخشى (1) أن يكون وهما، لأنه قد قيل: إنها ماتت مسلمة بمكة قبل الهجرة، وحفصة ابنتها من المهاجرات. 3366 ـ زينب بنت القاضى نور الدين على بن أحمد بن عبد العزيز العقيلى النويرى المكى، تلقب توفيق: كان خالى القاضى محب الدين النويرى ابن عمها، تزوجها بمكة فى سنة سبع وثمانين، وولدت له عدة أولاد، هم: أبو الفضل الأكبر، وأم الحسن سعيدة، وكمالية ومات عنها، وتزوجها والدى فى سنة إحدى وثمانمائة، وولدت له، ثم طلقها بعد سنين، وتزوجها الشيخ نور الدين على بن محمد الشيبى، وأولدها، ومات عنها، ثم تزوجها الشيخ نجم الدين المرجانى، وطلقها بعد أشهر، ولم تتزوج بعده حتى ماتت، فى يوم الأحد السادس والعشرين من ربيع الأول سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفنت فى المعلاة. ومولدها فى سنة خمس وسبعين وسبعمائة. 3367 ـ زينب بنت قاضى مكة وخطيبها، كمال الدين أبى الفضل محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن، الشهيد الناطق العقيلى، بفتح العين، الهاشمى الطالبى، المكى، تكنى أم السعد: ولدت فى سنة خمس وستين وسبعمائة بمكة. وأجاز لها ابن أميلة وغيره، من أصحاب الفخر بن البخارى، وغيره. وروت لنا ببدر، شيئا من الحديث، مع زوجها القاضى جمال الدين بن ظهيرة. وقد تزوجها الإمام محب الدين محمد بن أحمد الرضى الطبرى وهى بكر، وطلقها بعد أن ولد له منها ابنة، هى أم كلثوم سعيدة.

_ 3365 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3399، الإصابة ترجمة 11256، أسد الغابة ترجمة 6974). (1) المصنف هنا ينقل عن ابن عبد البر وهذا من كلامه.

3368 ـ زينب بنت الشريف أبى الخير، محمد بن الشريف أبى عبد الله محمد ابن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى

ثم تزوجها فى سنة تسع وثمانين الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله اليافعى وأقام معها أشهرا، وطلقها فى رمضان من هذه السنة، وهى حامل، فولدت بنتها أم الحسين. ثم تزوجها القاضى جمال الدين بن ظهيرة، فى سنة خمس وتسعين، وولد له منها أم هانئ، وفاطمة، ومات عندها. وكانت ذات رياسة ومروءة، وعقل وافر، وهمة عالية، وتقرأ القرآن، وتذاكر بأخبار وأشعار حسنة وزارت المدينة النبوية غير مرة. وكانت ناظرة على أوقاف والدتها أم الحسين بنت القاضى شهاب الدين الطبرى، واحتفلت والدتها بجهازها كثيرا. وتوفيت فى ليلة الخميس ثالث عشر شهر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، بمكة ودفنت فى صبيحتها بالمعلاة. وهى أخت والدتى أم الحسن لأبيها. 3368 ـ زينب بنت الشريف أبى الخير، محمد بن الشريف أبى عبد الله محمد ابن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى: أم محمد المكية، كان عمى محمد بن على الفاسى تزوجها، وولدت له بنتا تسمى ست الأهل، وفاطمة أيضا، ومات عنها وتزوجها ابن عمتها البهاء محمد بن عبد المؤمن الدكالى، وولدت له ولدا اسمه محمد، ومات عنها، ثم تزوجها الشيخ عبد الوهاب اليافعى، وولدت له بنتا تسمى أم الخير، ماتت عنده بعد سنة ثمان وسبعين وسبعمائة بقليل، بمكة ودفنت بالمعلاة. ولها أخت شقيقة تسمى خديجة، تزوجها ابن عم أبى الشريف أبو الفتح محمد بن أحمد الفاسى، ورزق منها أولادا ماتوا صغارا. 3369 ـ زينب بنت قاضى مكة نجم الدين محمد بن قاضى مكة جمال الدين بن الشيخ محب الدين الطبرى: سمعت من جدها رضى الدين الطبرى وغيره. كانت ذات رياسة وكمال ومكارم. وكانت زوجة لقريبها الخطيب، ثم الشهاب الحنفى، ثم الشيخ عبد الله اليافعى، وماتت فى عصمته بالمدينة النبوية، ودفنت بالبقيع، وذلك فى رجب سنة ست وسبعين وسبعمائة.

3370 ـ زينب بنت محمد بن عبد الملك ابن الشيخ أبى محمد المرجانى المكى

3370 ـ زينب بنت محمد بن عبد الملك ابن الشيخ أبى محمد المرجانى المكى: كان ابن عم أبى الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى تزوجها فى محرم سنة ست وثمانين وسبعمائة إثر موت عمتى أم هانئ بنت على الفاسى، فولدت له زينب، وأولادا هم المحمدان أبو اليمن وأبو الفضل، وطلقها قبل وفاته، ولم تتزوج بعده حتى توفيت. وكانت وفاتها فى السادس من ذى الحجة الحرام، سنة ست وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة. وأمها عمتى منصورة بنت على الفاسى. ولها أختان شقيقتان، أم الحسين بنت محمد بن عبد الملك المرجانى، تزوجها زين الدين محمد بن الزين الطبرى، وماتت عنده فى عشر السبعين، ظنا. وكمالية، تزوجها الشيخ عبد الوهاب اليافعى، وماتت فى عشر التسعين، بتقديم التاء، وسبعمائة بمكة. 3371 ـ زينب بنت الضياء محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن الحسن القسطلانى المكى: أجاز لها من بغداد فى سنة تسع وأربعين: إبراهيم بن الخير، وأبو جعفر بن السيد وفضل الله بن عبد الرازق الجيلى، والرضى الصاغانى، وآخرون، وما علمتها حدثت. وذكرها ابن رافع فى «معجمه» وأظنها أجازت له. وتوفيت فى صفر، سنة سبع وعشرين وسبعمائة. كذا ذكر وفاتها البرزالى، نقلا عن بهاء الدين محمد بن على، المعروف بابن إمام المشهد، عن ابن أخيها الشيخ خليل المالكى. 3372 ـ زينب الأسدية مكية: حدث عنها مجاهد [ ...... ] (1)

_ 3372 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3401، الإصابة ترجمة 11259، تجريد أسماء الصحابة 2/ 271). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصول. وبقية الترجمة فى الاستيعاب: « ..... أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن أبى مات وترك جارية فولدت غلاما وإنا كنا نتهمها، فقال: ائتونى به، فأتوه به فنظر إليه، فقال: أما الميراث فله، وأما أنت فاحتجبى منه».

3373 ـ زبيدة بنت أبى الفضل جعفر بن أبى جعفر المنصور عبد الله بن محمد ابن على بن عبد الله بن عباس العباسى

3373 ـ زبيدة بنت أبى الفضل جعفر بن أبى جعفر المنصور عبد الله بن محمد ابن على بن عبد الله بن عباس العباسى: والدة الخليفة الأمين محمد بن الخليفة هارون الرشيد، تكنى أم الفضل، وأم جعفر. واسمها أمة العزيز. ولم تلد هاشمية خليفة هاشميا سواها، وسوى فاطمة بنت سيدنا رسول اللهصلى الله عليه وسلم، ولدت الحسن بن على بن أبى طالب، وفاطمة بنت أسد، ولدت على بن أبى طالب، رضى الله عنهم. وكانت من سادات نساء قريش، قدمت مكة للحج غير مرة، وعظمت عنايتها بإجراء الماء إلى مكة، وصرفت على ذلك أموالا عظيمة، وآثار عمارتها باقية إلى الآن. ووجدت بخط بعض المؤرخين أنها اهتمت بحفر الأعين، بعرفة ومنى، ومكة. ويقال: إن وكيلها حضر إليها فى بعض الأيام، وقال: قد انصرف إلى الآن نحو أربعمائة ألف درهم، فقالت له: ما أردت بهذا القول إلا أن تعنفنى وتندمنى وتمنعنى من الخير، أصرف وتمم العمل، ولو كان أضعاف ذلك. واقترحت عليه أشياء أخر يعملها، فلما انتهى العمل، وأحضر العمال إلى بين يديها ليكتبوا الحساب قدامها قالت لهم: خلوا الحساب إلى يوم الحساب، ثم أمرت بغسل الدفاتر والأوراق رضى الله عنها. ماتت سنة عشرة ومائتين، ببغداد فى خلافة المأمون. واسمها أمة العزيز. ونقلت من خط الوالد الحافظ نجم الدين عمر بن فهد الهاشمى، رحمة الله عليه: أنها لما حجت بلغت نفقتها فى ستين يوما أربعة وخمسين ألف ألف. انتهى. 3374 ـ زليخا بنت إلياس بن فارس بن إسماعيل، الغزنوية: أم أحمد الواعظة، سمعت أبا معشر الطبرى، وسعدا الزنجانى، وهياج بن عبيد

_ 3373 ـ انظر ترجمتها فى: (تاريخ بغداد 4/ 433، شرح المقامات 2/ 225، رحلة ابن جبير 208، وفيات الأعيان 2/ 314، 317، عيون التواريخ 7 / لوحة 311 ـ 313، البداية والنهاية 10/ 271، النجوم الزاهرة 2/ 213، 214 الدر المنثورة فى طبقات ربات الخدور 215، 219، سير أعلام النبلاء 10/ 241).

3375 ـ زمرد خاتون

الحطينى، وغيرهم من شيوخ مكة. وجاورت بها سنين كثيرة، ثم انتقلت إلى مدينة ساوة. وكانت تعظ وتلبس المرقعة فى دويرة النساء. ذكرها السلفى فى «معجم السفر» له. 3375 ـ زمرد خاتون: والدة الإمام الناصر لدين الله أبى العباس أحمد، الخليفة العباسى. لها من المآثر بمكة الرباط الذى بالجانب الشمالى من المسجد الحرام، المعروف قديما برباط أم الخليفة، وحديثا برباط عطيفة بن أبى نمى، أمير مكة؛ لأنه كان مستوليا عليه، وبلغنى أنه وجد فيه خشبة قصة، وهو مع ذريته إلى الآن. وبلغنى أنها أوقفته على عشرة أشراف سنيين [ .... ] (1) وكانت حجت فى سنة خمس وثمانين وخمسمائة فى تجمل هائل، وأسدت إلى الناس معروفا كثيرا. ويقال: إنه لم تحج أم خليفة فى حياته إلا هى وأرجوان أم المقتدى، وزبيدة أم الأمين. ماتت فى ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وخمسمائة، ودفنت فى التربة التى بنتها لنفسها. وكانت كثيرة المعروف. انتهى من ابن الأثير. 3376 ـ زنيرة مولاة أبى بكر الصديق رضى الله عنهما: هى أحد السبعة الذين كانوا يعذبون فى الله، فاشتراهم أبو بكر الصديق فأعتقهم. وكانت رومية لبنى عبد الدار، فلما أسلمت عميت، فقالت المشركون: أعمتها اللات والعزى، لكفرها، فرد الله عليها بصرها. روى ذلك كله هشام بن عروة، عن أبيه، من رواية ابن إسحاق وغيره، عن هشام. * * *

_ 3375 ـ انظر ترجمتها فى: (سير أعلام النبلاء 20/ 393). (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 3376 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3388، الإصابة ترجمة 11222، أسد الغابة ترجمة 6948).

حرف السين المهملة

حرف السين المهملة 3377 ـ سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك ابن حسل، ويقال: حسيل، بن عامر بن لؤى العامرى: زوج النبى صلى الله عليه وسلم، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، بعد موت خديجة رضى الله عنها، وقبل العقد على عائشة؛ هذا قول قتادة وأبى عبيدة، وكذلك روى عقيل، عن ابن شهاب أنه تزوج بسودة قبل عائشة رضى الله عنهما. وقال عبد الله بن محمد بن عقيل: تزوجها بعد عائشة، وكذلك قال يونس، عن ابن شهاب. ولا خلاف أنه لم يتزوجها إلا بعد موت خديجة، وكانت قبل تحت ابن عم لها، يقال له السكران بن عمرو، أخو سهيل بن عمرو، من بنى عامر بن لؤى. وكانت امرأة ثقيلة ثبطة، وأسنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم بطلاقها، فقالت له: لا تطلقنى، وأنت فى حل من شأنى، فإنما أريد أن أحشر فى أزواجك، وإنى قد وهبت يومى لعائشة، وإنى لا أريد ما تريد النساء، فأمسكها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى توفى عنها، مع سائر من توفى عنهن من أزواجه. وفى سودة نزلت: (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً) [النساء: 128]. حدثنا عبد الوارث، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضى الله عنها، قالت: «ما من الناس أحد أحب إلىّ أن أكون فى مسلاخه من سودة بنت زمعة، إلا أن بها حدة». قال أحمد بن زهير: توفيت سودة بنت زمعة فى آخر زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه.

_ 3377 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3428، الإصابة ترجمة 11363، أسد الغابة ترجمة 7035، طبقات ابن سعد 8/ 52 ـ 58، المعارف 133، 284، جامع الأصول 9/ 145، تهذيب الكمال 1685، تاريخ الإسلام 2/ 66، مجمع الزوائد 9/ 246، 248، تهذيب التهذيب 12/ 426 ـ 427، خلاصة تذهيب الكمال 492، شذرات الذهب 1/ 34، 60، سير أعلام النبلاء 2/ 265).

3378 ـ سهلة بنت سهيل بن عمرو القرشية العامرية

3378 ـ سهلة بنت سهيل بن عمرو القرشية العامرية: قد تقدم ذكر نسبها عند ذكر أبيها، وهى امرأة أبى حذيفة بن عتبة بن ربيعة. روت عن النبى صلى الله عليه وسلم الرخصة فى رضاع الكبير. روى عنها القاسم بن محمد. وهى زوجة عبد الرحمن بن عوف، خلف عليها بعد أبى حذيفة. 3379 ـ سمية أم عمار بن ياسر: كانت أمة لأبى حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، فزوجها من حليفة ياسر بن عامر بن مالك العنسى، والد عمار بن ياسر، فولدت له عمارا، فأعتقه أبو حذيفة، وأبوه من عنس. وقد ذكرنا عمارا فى بابه (1). وكانت سمية ممن عذب فى الله تعالى، فصبرت على الأذى فى ذات الله عزوجل، وكانت من المبايعات الخيرات الفاضلات، رحمها الله. وسمية أم عمار أول شهيدة فى الإسلام، وجأها أبو الجهل بحربة فى قبلها فقتلها، وماتت بمكة رحمها الله قبل الهجرة. 3380 ـ ست الكل بنت الإمام رضى الدين إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر الطبرى، المكية: أم الضياء الحموى، أجاز لها فى استدعاء مؤرخ فى صفر سنة اثنتين وتسعين وستمائة جماعة من شيوخ مصر، منهم سيدة بنت موسى بن عثمان بن عيسى، ودرباس المارانى. وذكر لى شيخنا ابن ظهيرة: أنها سمعت من أبيها «خماسيات ابن النقور» فى سنة اثنتى عشرة وسبعمائة، وحدثت عنه. وسمع منها شيخنا الحافظ العراقى.

_ 3378 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3423، الإصابة ترجمة 11351، أسد الغابة ترجمة 7027). 3379 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3421، الإصابة ترجمة 11338، أعلام النساء 2/ 260، تجريد أسماء الصحابة 2/ 278، الروض الأنف 1/ 203، الأعلام 3/ 141). (1) المصنف هنا ينقل عن ابن عبد البر وهذا كلامه.

3381 ـ ست الكل بنت أحمد بن محمد بن الزين محمد بن أمين الدين محمد بن قطب الدين محمد بن أحمد بن على القيسى القسطلانى

وتوفيت بمنزل ولدها، بباب إبراهيم داخل الحرم الشريف، فى عشر السبعين وسبعمائة، قبل ابنها الضياء الحموى بسنوات، ودفنت بالمعلاة. 3381 ـ ست الكل بنت أحمد بن محمد بن الزين محمد بن أمين الدين محمد بن قطب الدين محمد بن أحمد بن على القيسى القسطلانى: المكية، تكنى أم الحسين، وتعرف ببنت رحمة، وهى أمها: رحمة بنت البهاء الخطيب محمد بن البهاء الخطيب عبد الله بن المحب الطبرى. أجاز لها من مصر: يحيى بن يوسف المصرى، ومحمد بن غالى الدمياطى، وأحمد بن على المشتولى، وأبو نعيم الأسعردى، والقاضى شمس الدين بن القماح، وعائشة بنت عمر الصنهاجى، وجماعة. ومن دمشق: أبو بكر بن الرضى، وزينب بنت الكمال، وآخرون مع ابن خالتها أم هانئ بنت البهاء الخطيب محمد بن عبد الله الطبرى الشريف أبى الفتح الفاسى، رحمه الله، بخط ابن أيبك السروجى، مؤرخ بسنة ست وثلاثين وسبعمائة، واقتصر فيه على اسمها هذا. وكانت مشهورة بكنيتها دون اسمها، بل أكثر الناس لا يعرف لها اسما، والمخبر باسمها هذا ولدها صاحبنا الفقيه عفيف الدين عبد الله بن شيخنا شهاب الدين أحمد بن حسن بن الزين القسطلانى، وسمع معنا عليها جزءا مخرجا لها ولغيرها. وتوفيت فى المحرم سنة ثلاث وثمانمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة، وقد بلغت السبعين. وتوفيت ابنتها عائشة بنت أحمد بن الحسن بن الزين القسطلانى، فى سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، وهى زوج رضى الدين أبى السعادات محمد بن محب الدين محمد بن أحمد الرضى الطبرى، أم أولاده: المحب محمد، وحسنة، وزينب، وست الكل، وأم الحسين، وأم الخير، وأم الوفاء، وست الأهل. وماتت عنها وماتت بعده. 3382 ـ ست الكل بنت الخواجا برهان الدين إبراهيم بن كريم الدين عبد الكريم الجيلانى: أم الخطيب أبى الفضل محب الدين النويرى. كان خالى قاضى الحرمين محب الدين النويرى تزوجها فى سنة ست وتسعين بمكة،

3383 ـ ست الكل بنت الشيخ قطب الدين القسطلانى

وولدت له ابنه أبا الفضل محمدا، ومات عنها، وتزوجها بعده ابن عمه بهاء الدين عبد الرحمن بن القاضى نور الدين النويرى، وولدت له بنتين، إحداهما فاطمة المدعوة بركة، والأخرى عائشة خاتون، ومات عنها، ولم تتزوج بعده، حتى ماتت فى آخر جمادى الآخر أو رجب سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة. وفى ربيع الآخر من السنة توفيت ابنتها بركة، وقبل ذلك بأيام توفى ابنها أبو الفضل، رحمهم الله. وكانت ذات ملاءة ثم رق حالها. 3383 ـ ست الكل بنت الشيخ قطب الدين القسطلانى: تأتى إن شاء الله تعالى فى «عائشة». 3384 ـ ست الأهل، بنت الشيخ دانيال بن على بن سليمان اللرستانى العجمى: أم عبد الله المكية، زوج القاضى تقى الدين الحرازى. كان القاضى تقى الدين الحرازى تزوجها، وولد له منها أولاده: عبد الله، عبد الرحمن، وفاطمة، وكمالية. وكانت ذات خير وحشمة ومروة. توفيت فى سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، بالمدينة النبوية، ودفنت بالبقيع. وهى خالة والدى. قال ابن سكر: وهى آخر أولاد الشيخ دانيال وفاة، ومن أكثر الناس الموجودين فى مكة سناء وحشمة، ودنيا ورياسة وجلالة، وصلاحا وفقها وطهارة. انتهى. 3385 ـ ست الأهل بنت عبد الله بن عبد الحق بن عبد الأحد بن على القرشى المخزومى، المكية: تكنى أم الفضل بنت الشيخ عفيف الدين الدلاصى، مقرئ مكة، واسمها حفصة، واشتهرت بست الأهل، ولذلك ذكرناها هنا. أجاز لها العز الفارونى. وكانت زوجة الشيخ ظهيرة بن أحمد بن على بن ظهيرة المخزومى، فولدت له القاضى شهاب الدين أحمد، والفقيه عفيف الدين عبد الله، وابنتين هما فاطمة، زينب. وتوفيت سنة إحدى وأربعين وسبعمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة.

3386 ـ ست الأهل بنت الشريف محمد بن الشريف على بن الشريف أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى، المكية

3386 ـ ست الأهل بنت الشريف محمد بن الشريف على بن الشريف أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى، المكية: ابنة عمى، كانت زوجا لخليل بن عبد الرحمن المالكى، وولدت له بنتا تسمى فاطمة، ومات عنها، وورثت منه عقارا بوادى المبارك وغيره. ثم تزوجها بهاء الدين عبد الرحمن بن القاضى نور الدين على النويرى، وولدت له، وتأيمت بعده، حتى ماتت. وكان فيها خير ودين. وتوفيت فى العشر الوسط من شعبان، قبل نصفه، سنة وعشرين وثمانمائة بمكة ودفنت بالمعلاة، وقد قاربت التسعين. 3387 ـ ست قريش بنت هاشم بن على بن غزوان الهاشمية المكية: اسمها زينب، ولكن لقبها ست قريش فعرفت به. كانت ذات خير وعبادة. تزوجها العفيف عبد الله بن أحمد بن حسن بن الزين القسطلانى، وولدت له عشرة أولاد، منهم أم الهدى هدية. وماتت فى ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة. 3388 ـ ستيت، بنت الشريف على بن الشريف أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى: أم محمد المكية، عمتى، ولدت ببلاد التكرور، إذ كان أبوها هناك، وحملها إلى مكة، فوصلت معه إليها، فى سنة تسع وخمسين وسبعمائة، وهى مميزة. ونشأت بمكة، وتزوج بها ابن عمها الشريف أبو الفتح محمد بن أحمد الفاسى، بعد وفاة زوجته خديجة بنت أبى الخير الفاسى، وولدت له عدة أولاد هم محمد، وعبد اللطيف الأكبر، وعبد اللطيف الأصغر، وعبد القادر الأكبر، وعبد القادر الأصغر، وعلى، وأم الحسين، وأم الهدى. ومات عنها وتأيمت بعده، حتى ماتت فى يوم الأربعاء خامس جمادى الأولى، سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة. وفيها دين وخير. وهى والدة القاضى سراج الدين عبد اللطيف بن أبى الفتح الحنبلى وإخوته المذكورين فى الترجمة.

3389 ـ سعادة بنت القاضى سراج الدين عبد اللطيف بن محمد بن سالم الزبيدى، المكية

3389 ـ سعادة بنت القاضى سراج الدين عبد اللطيف بن محمد بن سالم الزبيدى، المكية: كان ابن عمها الفقيه موفق الدين على بن أحمد بن سالم تزوجها، ولم تلد له، ومات بعد سنين كثيرة، ولم تتزوج بعده حتى ماتت فى [ ..... ] (1) سنة سبع وعشرين وثمانمائة. وكان لها من الدنيا ما تتجمل به، ثم ضعف حالها كثيرا وصبرت. 3390 ـ سعدانة بنت عجلان بن رميثة بن أبى نمى الحسنى، أم ميلب المكية: كان ابن عمها الشريف على بن مبارك بن رميثة تزوجها، وولد له منها ميلب وشفيع وهيازع ومنصور، وغيرهم. وتوفيت [ .... ] (1) عشرين وثمانمائة، بمكة، ودفنت بالمعلاة بعد أختها شمسية بنت عجلان. وأمها من بنى شعبة. 3391 ـ سعيدة بنت البهاء الخطيب محمد بن عبد الله بن المحب الطبرى، المكية: كانت زوجا لأبى الفضل الشيبى، وتوفيت فى سنة إحدى وثمانين وسبعمائة بمكة. وهى شقيقة أم هانئ الآتية. 3392 ـ سيدة بنت الإمام رضى الدين إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر الطبرى، إمام المقام الشريف بالمسجد الحرام، والدها: أم محمد المكية، أجازت لها سيدة بنت المارانى، وغيرها مع أختها ست الكل المذكورة قبل. ووجدت بخطى أنها سمعت من أبيها، وأجازت لشيخنا الحافظ العراقى، ولعله سمع منها فى استدعاء مؤرخ بشهر رمضان سنة خمس وخمسين وسبعمائة. وتوفيت فى حدود سنة سبع وخمسين وسبعمائة بمكة، على ما ذكر لى شيخنا ابن ظهيرة.

_ 3389 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 3390 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

حرف الشين المعجمة

وهى أم أولاد الشيخ شهاب الدين الحرازى، وهم المحمدون: تقى الدين، وأبو عبد الله، وأبو الفضل، وأبو البركات، وأم الحسن فاطمة، وهى شقيقة ست الكل، وعلماء. وأخت أمهم: عائشة بنت الضياء محمد بن عمر القسطلانى، وأخت محمد، وعلى وأحمد وخديجة، ومريم، وزينب، وعائشة، وفاطمة. انتهى. * * * حرف الشين المعجمة 3393 ـ الشفاء، أم سليمان بن أبى حثمة: هى الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس بن خالد بن صداد ـ ويقال ضرار ـ بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدى بن كعب القرشية العدوية من المبايعات. قال أحمد بن صالح المصرى: اسمها ليلى، وغلب عليها الشفاء. أمها فاطمة بنت أبى وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم. أسلمت الشفاء قبل الهجرة، وهى من المهاجرات الأول وبايعت النبى صلى الله عليه وسلم. وكانت من عقلاء النساء وفضلائهن، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيها ويقيل عندها فى بيتها، وكانت قد اتخذت له فراشا وإزارا ينام فيه، فلم يزل ذلك عند ولدها حتى أخذه منهم مروان. وقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «علمى حفصة رقية النملة كما علمتيها الكتاب» (1). وأقطعها رسول الله صلى الله عليه وسلم دارها عند الحكاكين، فنزلتها مع ابنها سليمان. وكان عمر رضى الله عنه يقدمها فى الرأى ويرضاها ويفضلها، وربما ولاها شيئا من أمر السوق.

_ 3393 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3432، الإصابة ترجمة 11379، أسد الغابة ترجمة 7045، أعلام النساء 2/ 300، تجريد أسماء الصحابة 2/ 281، تقريب التهذيب 2/ 602، تهذيب التهذيب 12/ 428، الكاشف 3/ 474، تهذيب الكمال 3/ 1686، أزمنة التاريخ الإسلامى 987، خلاصة تهذيب الكمال 3/ 384، تلقيح فهوم أهل الأثر 369، بقى بن مخلد 173). (1) أخرجه الحاكم فى المستدرك 4/ 414، ذكره الهندى فى كنز العمال حديث رقم 28368، 34381.

3394 ـ الشفاء بنت عوف بن عبد عوف

روى عنها أبو بكر بن سليمان بن أبى حثمة، وعثمان بن سليمان بن أبى حثمة. انتهى. ومما يحكى عنها: أنها رأت فتيانا يقصدون فى المشى ويتكلمون رويدا، فقالت: ما هؤلاء؟ قيل: نساك، فقالت: كان عمر رضى الله عنه إذا تكلم أسمع، وإذا مشى أسرع، وإذا ضرب أوجع، هو والله الناسك حقا. انتهى. 3394 ـ الشفاء بنت عوف بن عبد عوف: أخت عبد الرحمن بن عوف، هاجرت مع أختها عاتكة، وعاتكة هى أم المسور بن مخرمة. كذا قال الزبير، وقد قيل: الشفاء أمه. انتهى. 3395 ـ الشفاء بنت عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة: قال الزبير: هذه أم عبد الرحمن بن عوف، وأم أخيه الأسود بن عوف. قال الزبير: وقد هاجرت مع أختها لأمها الضيزية بنت أبى قيس بن عبد مناف. 3396 ـ شريفة بنت الشريف شهاب الدين أبى المكارم أحمد بن الشريف أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى، المكية: ابنة عم أبى، أجاز لها مع أخيها سيدى الشريف أبى الفتح الفاسى أبو نعيم الإسعردى، ومحمد بن غالى الدمياطى، والقاضى شمس الدين بن القماح، وأحمد بن على المشتولى، ويحيى بن يوسف بن المصرى، وآخرون من مصر. ومن دمشق: القاضى محيى بن فضل الله العمرى، وأبو بكر بن الرضى، وزينب بنت الكمال القدسية، وغيرهم. وما علمتها حدثت ولا أجازت. وكانت زوجة الشيخ عبد الله اليافعى ومات عندها وتزوجها إمام الحنابلة محمد بن محمد بن عثمان بن موسى الآمدى، ولم تلد له. وتوفيت فى جمادى الآخر سنة ست وثمانين وسبعمائة، بالطائف، ونقلت إلى مكة ودفنت بالمعلاة. 3397 ـ ششك بنت البدر محمد بن عثمان التركمانى: أم محمد المصرية، سمعت «جامع الترمذى» على عبد الله بن عمر الصنهاجى، ومن

_ 3394 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3434، الإصابة ترجمة 11381). 3395 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3435، الإصابة ترجمة 11380، أسد الغابة ترجمة 7047).

3398 ـ شمس الضحى بنت محمد بن عبد الجليل بن الساوى الواعظ الزاهد

«أبواب المناقب» إلى آخره، على يوسف بن عمر الختنى. وحدثت، سمع منها شيخنا برهان الدين الأبناسى، وغيره من شيوخنا. وتوفيت سنة ثمان وثمانين وسبعمائة بمكة، على ما ذكر شيخنا العلامة الحافظ أبو زرعة بن العراقى فى «تاريخه» ومنه كتبت هذه الترجمة. 3398 ـ شمس الضحى بنت محمد بن عبد الجليل بن الساوى الواعظ الزاهد: أخت القاضى عبيد الله، روت عن أبى منصور سعيد بن محمد الفرار. وسمع منها جماعة من طلبة الحديث، وكانت عالمة، وجاورت بمكة عدة سنين، إلى أن ماتت بها فى سنة [ ... ] (1) وثمانين وخمسمائة. ذكرها ابن القطيعى فى «تاريخه» وأخرج عنها حديثا. انتهى. وقال ابن النجار: كانت امرأة زاهدة متعبدة، صحبت أبا النجيب السهروردى، وسمعت معه الحديث، وروت شيئا يسيرا. سمع منها القاضى أبو المحاسن عمر بن على القرشى، وأثنى عليها. جاورت بمكة إلى حين وفاتها. توفيت بمكة فى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. انتهى من خط الوالد الحافظ نجم الدين عمر بن فهد الهاشمى، رحمة الله عليه. 3399 ـ شمسية بنت أمير مكة الشريف عجلان بن رميثة بن أبى نمى، الحسنية المكية: كان الشريف على بن محمد من ذوى عبد الكريم تزوجها ثم طلقها، ثم تزوجها بعده ابن عمها الشريف حسن بن ثقبة، وأقامت معه سنين كثيرة، ثم طلقها، ولم تلد له، ولا لغيره. وكانت ذات حشمة ورئاسة، وتبالغ فى الطيب والعطر. وتوفيت فى النصف الثانى من شعبان سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة. * * *

_ 3398 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

حرف الصاد

حرف الصاد 3400 ـ صفية بنت عبد المطلب بن هاشم: عمة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أم الزبير بن العوام رضى الله عنها. كانت صفية فى الجاهلية تحت الحارث بن حرب بن أمية بن عبد شمس، ثم هلك عنها، وتزوجها العوام بن خويلد بن أسد، فولدت له الزبير، والسائب، وعبد الكعبة. وعاشت طويلا، وتوفيت فى خلافة عمر بن الخطاب، رضى الله عنهما، سنة عشرين، ولها ثلاث وسبعون سنة، ودفنت بالبقيع، بفناء دار المغيرة بن شعبة، رضى الله عنه. وقد قيل: إن العوام كان عليها قبل، وليس بشئ. 3401 ـ صفية بنت شيبة بن عثمان: من بنى عبد الدار بن قصى. روى عنها عبيد الله بن أبى ثور (1)، وميمون بن مهران. يقال: إن لها رؤية وحديثا عن النبى صلى الله عليه وسلم. وروت عن عائشة، وأختها أسماء، وأم حبيبة، وأم سلمة، رضى الله عنهن. وروى عنها ابنها منصور بن عبد الرحمن، وابن أخيها عبد الحميد بن جبير، وابن أخيها مسافع ابن عبد الله، وابن ابن أخيها مصعب بن شيبة، وآخرون. وروى لها الجماعة. قال الذهبى: وتوفيت فى خلافة الوليد، يعنى ابن عبد الملك الأموى. وكان أبوها حاجب الكعبة.

_ 3400 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3442، الإصابة ترجمة 11411، طبقات ابن سعد 8/ 41، المعارف 128، 219، 220، المستدرك 4/ 50 ـ 51، مجمع الزوائد 9/ 255 تاريخ الإسلام 2/ 38، كنز العمال 13/ 631، سير أعلام النبلاء 2/ 269). 3401 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3441، الإصابة ترجمة 11410، أسد الغابة ترجمة 7066، طبقات ابن سعد 8/ 469، المغازى للواقدى 835، سيرة ابن هشام 4/ 54، تاريخ الثقات للعجلى 520، الثقات لابن حبان 3/ 197، مقدمة مسند بقى بن مخلد 106، تاريخ أبى زرعة 1/ 228، تهذيب الأسماء واللغات 128/ 349، الكاشف 3/ 429، أخبار مكة 1/ 169، تهذيب التهذيب 12/ 320، تقريب التهذيب 2/ 603، شفاء الغرام 2/ 189، رجال مسلم 2/ 423، تاريخ الإسلام 2/ 90). (1) فى الاستيعاب: «نور».

3402 ـ صفية بنت إبراهيم بن أحمد بن يحيى الزبيدى، المكية، تكنى أم الفضل

ذكرها العجلى فى «ثقاته» وقال الهيثمى فى «ترتيبها»: مكية تابعية، ثقة. 3402 ـ صفية بنت إبراهيم بن أحمد بن يحيى الزبيدى، المكية، تكنى أم الفضل: روت عن ابن كليب الحرانى «جزء ابن عرفة» بقراءتها عليه، وحدثت به بمكة، فى سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، سمعه منها سليمان بن خليل العسقلانى، وسبطاه أحمد، ويحيى ابنا محمد بن على الطبرى. وكانت وفاتها من خط القطب القسطلانى، فى استدعاء أجازت فيه له، ولابنه أمين الدين، وكتبت فيه بخطها، ولم يذكر أنها توفيت بمكة، وكانت وفاتها بمكة على ما ألفيت بحجر فى قبرها بالمعلاة فى التاريخ المذكور، ترجمت فيه بتراجم، منها: الست الشيخة العالمة العاملة الزاهدة الفاضلة الورعة السعيدة الشهيدة، شيخة الصوفيات، خادمة الفقراء بالحرمين الشريفين. وفيه ذكر كنيتها، كما ذكرنا، وقبرها من السور، والزبيدى، بفتح الزاى. 3403 ـ صفية بنت محمد بن عبد المحسن بن سلمان بن عبد المرتفع المخزومى الأبوتيجى، المكية: أم عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى، سمعت من زوجها الشريف أبى الخير الفاسى الحديث المسلسل بالأولية، فى ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة. ذكر ولدها شيخنا السيد تقى الدين عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى أنها كانت صالحة تحفظ القرآن وتقوم الليل، ولا تخرج من بيتها إلا للحج والتحلل منه. وتوفيت سنة ست وأربعين وسبعمائة بمكة، وصلى عليها خارج المسجد. وهى أخت عائشة الآتى ذكرها. * * * حرف الضاد 3404 ـ ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بن هاشم: تزوجها المقداد بن عمرو البهرانى، حليف بنى زهرة، يعرف بالمقداد بن الأسود،

_ 3404 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3451، الإصابة ترجمة 11429، أسد الغابة ترجمة 7076، مسند أحمد 6/ 419، 360، طبقات ابن سعد 8/ 46، طبقات خليفة 331، المعارف 120، المستدرك 4/ 65، تهذيب الكمال 1687، تاريخ الإسلام 2/ 229، تهذيب التهذيب 12/ 432، خلاصة تذهيب الكمال 493، سير أعلام النبلاء 2/ 274).

حرف الطاء

لتبنيه له، فولدت له عبد الله، وكريمة، وقتل عبد الله يوم الجمل، مع عائشة رضى الله عنها. لضباعة رضى الله عنها عن النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث، منها الاشتراط فى الحج. روى عنها الأعرج، وعروة بن الزبير. * * * حرف الطاء 3405 ـ طالب الزمان الحبشية: عتيقة الخليفة المستضئ العباسى، لها من المآثر بمكة: دار زبيدة، وقفتها على عشرة من الفقهاء الشافعية، فى شعبان، سنة ثمانين وخمسمائة. ولم أدر متى ماتت. والله أعلم. * * * حرف العين [من اسمها عائشة] 3406 ـ عائشة بنت أبى بكر الصديق، رضى الله عنهما: واسمه عبد الله بن أبى قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة. القرشية التيمية، أم المؤمنين، تكنى أم عبد الله. تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة بسنتين. هذا قول أبى عبيدة، وقال غيره: بثلاث سنين، وهى بنت ست سنين، وقيل: وهى بنت سبع. وابتنى بها بالمدينة وهى بنت تسع، لا أعلمهم اختلفوا فى ذلك. قال أبو عمر: كان نكاحه صلى الله عليه وسلم لعائشة رضى الله عنها فى شوال، وابتناؤه بها فى شوال. وتوفى عنها صلى الله عليه وسلم وهى بنت ثمانى عشرة سنة. كان مكثها معه صلى الله عليه وسلم تسع سنين. قال أبو عمر: ولم ينكح رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرا غيرها، واستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الكنية، فقال لها: اكتنى بابنك عبد الله بن الزبير، يعنى ابن أختها. وكان مسروق إذا حدث عن عائشة رضى الله عنها، يقول: حدثتنى الصادقة ابنة

_ 3406 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3463، الإصابة ترجمة 11461، أسد الغابة ترجمة 7093، طبقات ابن سعد 8/ 58، التاريخ لابن معين 73، طبقات خليفة 333، تاريخ خليفة 225، المعارف 134، تاريخ الفسوى 3/ 268، حلية الأولياء 2/ 43، تهذيب الكمال 1688، تاريخ الإسلام 2/ 294، البداية والنهاية 8/ 91، تهذيب التهذيب 12/ 433، خلاصة تذهيب الكمال 493، شذرات الذهب 1/ 9).

الصديق البرية المبرأة، بكذا وكذا. وذكره الشعبى، عن مسروق. وقال أبو الضحاك، عن مسروق: رأيت مشيخة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم الأكابر يسألونها عن الفرائض. وقال عطاء بن أبى رباح: كانت عائشة رضى الله عنها أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن رأيا فى العامة. وقال هشام بن عروة، عن أبيه: ما رأيت أحدا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة، رضى الله عنها. وذكر الزبير، قال: حدثنى عبد الرحمن بن المغيرة الحزامى، عن عبد الرحمن بن أبى الزناد، عن أبيه، قال: ما رأيت أحدا أروى لشعر من عروة، فقيل له: ما أرواك يا أبا عبد الله! قال: وما روايتى فى رواية عائشة رضى الله عنها، وما كان ينزل بها شيء إلا أنشدت فيه شعرا. قال الزهرى: لو جمع علم عائشة رضى الله عنها إلى جميع أزواج النبى صلى الله عليه وسلم، وعلم جميع النساء لكان علم عائشة رضى الله عنها أفضل. وروى أهل البصرة عن أبى عثمان النهدى، عن عمرو بن العاص، سمعه يقول: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أى الناس أحب إليك؟ قال: «عائشة»، قلت: فمن الرجال؟ قال: «أبوها». ومن حديث أبى موسى الأشعرى، وحديث أنس رضى الله عنهما، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» (1)، قال أبو عمر: أمر

_ (1) أخرجه البخارى فى صحيحه كتاب أحاديث الأنبياء حديث رقم (3411) من طريق: يحيى بن جعفر، حدثنا وكيع، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن مرة الهمدانى، عن أبى موسى رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام». وأخرجه فى كتاب المناقب حديث رقم (3770) من طريق: عبد العزيز بن عبد الله، قال: حدثنى محمد بن جعفر، عن عبد الله بن عبد الرحمن أنه سمع أنس بن مالك رضى الله عنه يقول: سمعت رسول اللهصلى الله عليه وسلم يقول: «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام». وأخرجه مسلم فى كتاب فضائل الصحابة حديث رقم (2431، 2446)، والترمذى فى ـ

3407 ـ عائشة بنت إبراهيم بن أحمد بن عثمان بن عبد الله بن غدير الطائى الدمشقى

النبى صلى الله عليه وسلم بالذين رموا عائشة رضى الله عنها بالإفك حين نزل القرآن ببراءتها، فجلدوا ثمانين، فيما ذكر جماعة من أهل السير والعلم بالخبر. وتوفيت عائشة رضى الله عنها سنة سبع وخمسين. ذكره ابن المدينى، عن سفيان بن عيينة، عن هشام بن عروة. وقال خليفة: وقد قيل: إنها توفيت سنة ثمان وخمسين، ليلة الثلاثاء، لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان، وأمرت أن تدفن ليلا، فدفنت بعد الوتر بالبقيع، وصلى عليها أبو هريرة رضى الله عنه. 3407 ـ عائشة بنت إبراهيم بن أحمد بن عثمان بن عبد الله بن غدير الطائى الدمشقى: أم محمد بنت الصدر زين الدين، المعروف بابن القواس. ولدت تقريبا سنة خمس وأربعين وستمائة. أجاز لها فى رمضان سنة تسع وأربعين وستمائة أبو القاسم بن قميرة، وروت عنه مع جماعة. وأجاز لها أيضا ابن مسلمة، ومكى بن علان، وبهاء الدين زهير وبن زيلاق، وابن دفتر خوان، والسليمانى، والنور بن سعيد، صاحب «المرقص والمطرب»، «وتاريخ المغرب» والتلعفرى، وهلاء السبعة من أعيان الشعراء، وغيرهم. وأجازت للبرهان إبراهيم بن أحمد البعلى الشامى. وسمع منها البرزالى، وذكر أنها كانت امرأة صالحة كثيرة العبادة، ملازمة للتقوى، حجت غير مرة، وجاورت بمكة سنين، وتوفيت بعد أن صلت الصبح، فى يوم الأحد سادس ذى القعدة، سنة ثمان عشرة وسبعمائة. 3408 ـ عائشة بنت القاضى شهاب الدين أحمد بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة، القرشية المخزومية: أم كمال، وتعرف بكنيتها، أمها أم كلثوم بنت القاضى جمال الدين محمد بن عبد الله ابن فهد الهاشمى.

_ ـ سننه كتاب الأطعمة حديث رقم (1834، 3887)، والنسائى فى سننه كتاب عشرة النساء حديث رقم (3947، 3948)، وابن ماجة فى سننه كتاب الأطعمة حديث رقم (3280، 3281)، وأحمد فى المسند بمسند المكثرين حديث رقم (12187، 13374).

3409 ـ عائشة بنت عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر

أجاز لها محمد بن على القطروانى، ومحمد بن يعقوب بن الرصاص، والقاضى ناصر الدين محمد بن محمد التونسى المالكى، وأبو الحرم محمد بن محمد القلانسى، وآخرون كثيرون، فى استدعاء مؤرخ بسنة ست وخمسين وسبعمائة، فيه إخوتها: أبو الفضل محمد، وعلماء، وأم الحسين. وتزوجها القاضى جمال الدين أبو السعود بن حسين بن على بن ظهيرة، وولدت له أولادا، هم: المحمدون: أبو السعادات، وأبو البركات، وأبو الخير، وأم الهدى. ومات عنها، وتأيمت بعده حتى ماتت. وكانت ذات خير وعبادة، وعندها وسوسة كثيرة فى الطهارة. توفيت فى شوال أو ذى القعدة سنة عشر وثمانمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة. وهى والدة قاضى مكة كمال الدين أبى البركات بن القاضى أبى السعود. 3409 ـ عائشة بنت عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر: أم الهدى، بنت الخطيب تقى الدين بن الشيخ محب الدين الطبرى، المكية. سمعت من جدها المحب الطبرى، وفخر الدين النويرى، وغيرهما. أجاز لها فى استدعاء مؤرخ بمحرم سنة سبع وثمانين وستمائة جدها المحب، وأبوها، وعمها القاضى جمال الدين، والرضى بن خليل، وأخوه العلم أحمد، وجماعة. وروى لنا عنها بالإجازة، خالى القاضى محب الدين النويرى، وما علمت متى ماتت، إلا أنها كانت حية فى سنة إحدى وستين وسبعمائة، لأنها أجازت لجماعة، منهم شيخنا العلامة فقيه الشام ومفتيه، شهاب الدين أحمد بن فقيه الشام علاء الدين حجى بن موسى السعدى الحسبانى، على ما وجدت بخطه. تزوجها يوسف بن أحمد بن صالح بن عبد الرحمن الشيبى، فولدت له أبا الفضل أحمد، ومريم، ثم تزوجها عبد الله بن الزين الطبرى، فولدت له شيختنا زينب، وفاطمة، انتهى. 3410 ـ عائشة بنت الوجيه عبد الرحمن بن أبى الخير محمد بن محمد بن فهد الهاشمى: ولدت فى يوم الأربعاء تاسع شوال، سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة بمكة.

3411 ـ عائشة بنت الشيخ نجم الدين عبد الرحمن بن يوسف بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم القرشى المخزومى الأصفونى

وأجاز لها فى سنة خمس وثمانمائة وما بعدها، جماعة من شيوخنا، منهم الحافظان زين الدين العراقى، ونور الدين الهيثمى، والبرهان بن صديق، وأحمد بن عمر بن أبى البدر الجوهرى، ومحمد بن حسن الفرسيسى، وعبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الحلبى. تزوجها العماد عيسى بن موسى بن على بن قريش، ورزق منها ولدا اسمه محمد، ثم فارقها، وتزوجها عمه عبد الله بن على بن قريش، ورزق منها بنتا، اسمها فاطمة، ثم فارقها وتأيمت بعده حتى ماتت. وكانت ذات خير ودين وسكون. ماتت فى سابع عشر ذى الحجة الحرام، سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة بقبر والدها. 3411 ـ عائشة بنت الشيخ نجم الدين عبد الرحمن بن يوسف بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم القرشى المخزومى الأصفونى: أخت خديجة السابقة، أمها فاطمة ابنة ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشى. تزوجها الإمام محب الدين محمد بن أحمد بن إبراهيم الطبرى، وأولدها أولادا، درجوا صغارا [ ..... ] (1) 3412 ـ عائشة بنت محمد بن أحمد بن على القيسى: أم الخير، وتسمى أيضا: ست الكل، بنت الشيخ قطب الدين أبى بكر بن الشيخ أبى العباس القسطلانى. المكية. حضرت فى الثالثة [ ... ] (1) وسمعت من أبى عبد الله محمد بن عبد الله المتيجى «سداسيات الرازى» وحدثت بها، سمعها منها الحافظ بهاء الدين عبد الله بن أبى بكر ابن خليل، والشيخ خليل بن عبد الرحمن المالكى، والكمال محمد بن أحمد بن عبد المعطى، ومن ماجد بن سليمان الفهرى ثلاث مجالس من «أمالى أبى بكر الجوهرى». وأجاز لها جماعة من شيوخ أبيها البغداديين والشاميين، والمكيين. ولبست خرقة التصوف من الشيخ نجم الدين بشير التبريزى وألبستها. وحدثت، وكانت صالحة مباركة.

_ 3411 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 3412 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

3413 ـ عائشة بنت محمد بن عبد المحسن بن سلمان بن عبد المرتفع. المخزومية

وتزوجها المحب الطبرى وأولدها أم الحسن فاطمة، وأم عبد اللطيف. وتوفيت فى سحر يوم الاثنين تاسع عشرى ذى الحجة سنة ست عشرة وسبعمائة، بمكة ودفنت بالمعلاة. ومولدها فى سنة ثلاث وأربعين وستمائة، تقريبا. 3413 ـ عائشة بنت محمد بن عبد المحسن بن سلمان بن عبد المرتفع. المخزومية: أم محمد المكية المعروفة بالأبوتيجية. خالة شيخنا السيد تقى الدين عبد الرحمن الفاسى، لأن أمه أختها صفية، وسألته عنها فقال: كانت من الصالحات الخيرات وعمرت حتى رأت أولاد أولاد أولادها، ومتعها الله تعالى مع ذلك بقوتها وحواسها. وتوفيت فى ذى القعدة، سنة سبع وتسعين وسبعمائة. سمعت من الشيخ أبى الخير بن أبى عبد الله الفاسى «المسلسل بالأولية» فى ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، مع أختها صفية السابق ذكرها. وتزوجها يحيى بن عياد الصنهاجى، فأولدها فاطمة، الآتى ذكرها. وتزوجها أيضا الشيخ أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد المعطى، فولدت له أم الحسن الآتى ذكرها أيضا. انتهى. 3414 ـ عائشة بنت زين الدين أبى الخير محمد بن القاضى زين الدين أبى الطاهر أحمد بن قاضى مكة جمال الدين محمد بن الشيخ محب الدين الطبرى، المكية: سمعت بمكة على كمال الدين محمد بن عمر بن حبيب الحلبى [ ..... ] (1) وتزوجها قريبها عبد اللطيف بن جمال الدين محمد بن البرهان الطبرى، والشيخ عبد الوهاب اليافعى، ثم قاضى مكة عز الدين محمد بن محب الدين النويرى، أياما قليلة وطلقها، وتأيمت بعده حتى ماتت فى أثناء سنة ست وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة، بعد وفاة أختها شقيقتها خديجة. 3415 ـ عائشة بنت الفقيه عفيف الدين عبد الله بن ظهيرة بن أحمد بن عطية ابن ظهيرة، القرشيه المخزومية المكية: أم على، تزوجها قريبها ظهيرة بن حسين، ومكثت عنده سنين، ولم تلد له، وطلقها، ثم تزوجها القاضى عز الدين بن محب الدين النويرى، وولدت له أولادا هم على الأصغر، وزينب، وأم الحسين، وأم هانئ، ومات عنها، ثم تزوجها عمر بن حسين

_ 3414 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

3416 ـ عائشة بنت قدامة بن مظعون، القرشية الجمحية

أخو ظهيرة، ومات عنها بعد أن ولدت له بنتا اسمها فاطمة، ثم تزوجها عز الدين عبد العزيز بن على النويرى، وطلقها تطيرا، فمات بعد ذلك بقليل. وتوفيت فى رجب سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة، وفيها خير. 3416 ـ عائشة بنت قدامة بن مظعون، القرشية الجمحية: هى وأمها (1) ابنة أبى سفيان، من المبايعات. تعد فى أهل المدينة. 3417 ـ عائشة بنت [ ... ] (1) العجمية الملقبة خاتون: والدة ست الكل بنت إبراهيم الجيلانية السابقة. كانت ذات ملاءة وخير ومروءة، ترددت إلى مكة للتجارة مرات. وتوفيت بمكة فى أثناء سنة إحدى وثمانمائة. وكانت تسكن بعدن باليمن، وتتردد منها إلى مكة. * * * من اسمها عاتكة 3418 ـ عاتكة بنت عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب: أخت عبد الرحمن بن عوف، وأم المسور بن مخرمة، هاجرت هى وأختها فهى من المهاجرات. 3419 ـ عاتكة بنت أسيد بن أبى العيص بن أمية بن عبد شمس: لها صحبة، ولا أعلمها روت شيئا. انتهى.

_ 3416 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3465، الإصابة ترجمة 11468، أسد الغابة ترجمة 7100، الثقات 3/ 323، أعلام النساء 3/ 185، تجريد أسماء الصحابة 2/ 286، التاريخ الصغير 1/ 175، تلقيح فهوم أهل الأثر 376، بقى بن مخلد 544، تعجيل المنفعة 558). (1) فى الاستيعاب: «هى وأمها ريطة». 3417 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 3418 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3460، الإصابة ترجمة 11456، أسد الغابة ترجمة 7089، طبقات ابن سعد 8/ 43 ـ 45، طبقات خليفة 331، المعارف 118، 119، 128، مجمع الزوائد 9/ 255، سير أعلام النبلاء 2/ 272). 3419 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3456، الإصابة ترجمة 11450، أسد الغابة ترجمة 7085).

3420 ـ عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، القرشية العدوية

3420 ـ عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل، القرشية العدوية: أخت سعيد بن زيد، أمها أم كريز بنت عبد الله بن عمار بن مالك الحضرمى. كانت من المهاجرات. تزوجها عبد الله بن أبى بكر الصديق رضى الله عنهما، وكانت حسناء جميلة ذات خلق بارع، فولع بها وشغلته عن مغازيه، فأمره أبوه بطلاقها لذلك، فقال (1): يقولون طلقها وخيم مكانها ... مقيما تمنى النفس أحلام نائم وإن فراقى أهل بيتى جميعهم ... على كبرة (2) منى لإحدى العظائم أرانى وأهلى كالعجول تروحت ... إلى بوّها قبل العشار الروائم فعزم عليه أبوه حتى طلقها، ثم تبعتها نفسه، فهجم عليه أبو بكر رضى الله عنه وهو يقول (3): أعاتك قلبى كل يوم وليلة ... إليك بما تخفى النفوس معلق ولم أر مثلى طلق اليوم مثلها ... ولا مثلها فى غير جرم يطلق لها خلق جزل ورأى ومنصب ... وخلق سوى فى الحياة ومصدق فرق له أبوه، فأمره فارتجعها، وقال فيها أيضا شعرا (4)، ثم أعطاها حديقة على أن لا تتزوج بعده.

_ 3420 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3458، الإصابة ترجمة 11452، أسد الغابة ترجمة 7087، الثقات 3/ 324، أعلام النساء 3/ 201، تجريد أسماء الصحابة 285، التاريخ الصغير 1/ 37، الأعلام 3/ 242). (1) انظر الأبيات فى الاستيعاب ترجمة 3458. (2) فى الاستيعاب: «كثرة». (3) البيتان فى الاستيعاب ولكنه زاد عليهما بيت قبلهما وهو: أعاتك لا أنساك ما ذر شارق ... وما ناح قمرى الحمام المطوق (4) وردت الأبيات التى قالها حينئذ فى الاستيعاب [الطويل]: أعاتك قد طلقت فى غير ريبة ... وروجعت للأمر الذى هو كائن كذلك أمر الله غاد ورائح ... على الناس فيه ألفة وتباين وما زال قلبى للتفرق طائرا ... وقلبى لما قد قرب الله ساكن ليهنك أنى لا أرى فيه سخطة ... وأنك قد تمت عليك المحاسن وأنك ممن زين الله وجهه ... وليس لوجه زانه الله شائن انظر الاستيعاب ترجمة 3458.

ثم شهد عبد الله الطائف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرمى بسهم فمات منه بعد المدينة، فقالت عاتكة ترثيه (5): رزئت بخير الناس بعد نبيهم ... وبعد أبى بكر وما كان قصرا فآليت لا تنفعك عينى سخينة (6) ... عليك ولا ينفك جلدى أغبرا فلله عينا من رأى مثله فتى ... أكر وأحمى فى الهياج وأصبرا إذا شرعت فيه الأسنة خاضها ... إلى الموت حتى يترك الرمح أحمرا فتزوجها زيد بن الخطاب، على اختلاف فى ذلك، فقتل عنها يوم اليمامة شهيدا. ثم لما أراد زواجها عمر بن الخطاب، بعد عبد الله بن أبى بكر، أخبرته بخبر الحديقة، فأمرها بردها على أهله، وتزوجها عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فى سنة اثنتى عشرة، فأو لم عليها ودعى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيهم على بن أبى طالب، رضى الله عنه، فقال له: يا أمير المؤمنين، دعنى أكلم عاتكة، قال: نعم، فأخذ على بجانب الخدر، ثم قال: يا عدية نفسها (7). فآليت لا تنفعك عينى حزينة ... عليك ولا ينفك جلدى أصفرا (8) فبكت، فقال عمر رضى الله عنه: ما دعاك إلى هذا يا أبا حسن؟ كل النساء يفعلن هذا، فقال على: ولم أردت أن تقول ما لا تفعل؟ وقد قال تعالى: (كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ) [الصف: 3] وهذا شيء كان فى نفسى أحببت أن يخرج، فقال عمر: ما حسن الله فهو حسن ثم قتل عنها عمر رضى الله عنه، فقالت تبكيه (9): عين جودى بعبرة ونحيب ... لا تملى على الجواد النجيب (10) فجعتنى المنون بالفارس المع ... لم يوم الهياج والتثويب

_ (5) انظر الأبيات فى: الاستيعاب ترجمة 3458. (6) فى الاستيعاب: فآليت تنفك عينى حزينة (7) فى الاستيعاب: يا عدية نفسها أين قولك. (8) فى الاستيعاب: فآليت لا تنفك عينى حزينة ... عليك ولا ينفك جلدى أغبرا وقد وردت «حزينة» فى الرواية السابقة: «سخينة»، وردت «أصفرا» فى الرواية السابقة: «أغبرا». (9) انظر الأبيات فى الاستيعاب ترجمة 3458. (10) فى الاستيعاب: «لا تملى على الإمام النجيب».

قل لأهل الضراء والبؤس موتوا ... قد سقته المنون كأس شعوب ورثته بغير هذه الأبيات أيضا (11). تم تزوجها الزبير بن العوام رضى الله عنه، فلما قتل عنها الزبير قالت أيضا ترثيه (12): غدر ابن جرموز بفارس بهمة ... يوم اللقاء وكان غير معرد يا عمرو لو نبهته لوجدته ... لا طائشا رعش البنان ولا اليد (13) كم غمرة قد خاضها لم يثنه ... عنها رادك يا ابن فقع القردد (14) ثكلتك أمك إن ظفرت بمثله ... فيما مضى ممن يروح ويغتدى والله ربك إن قتلت لمسلما ... حلت عليك عقوبة المتعمد فلما انقضت عدتها تزوجها الحسين بن على رضى الله عنهما، وكان أول من وقع فى التراب يوم قتل، فقالت ترثيه (15): وحسينا فلا عدمت حسينا (16) ... أقصدته أسنة الأعداء غادروه بكربلاء سريعا ... جادت المزن فى ذرا كربلاء (17) ثم تأيمت بعد ذلك، ويقال: إن مروان خطبها بعد الحسين، فامتنعت، وقالت: ما كنت لأتخذ حما بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويقال: إن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما كان يقول: من أراد الشهادة فعليه بعاتكة. ثم خطبها على بن أبى طالب رضى الله عنه بعد انقضاء عدتها من الزبير رضى الله

_ (11) مما رثت به عمر رضى الله عنه أيضا قولها [الكامل]: منع الرقاد فعاد عينى عائذ ... مما تضمن قلبى المعمود قد كان يسهرنى حذارك مرة ... فاليوم حق لعينى التسهيد أبكى أمير المؤمنين ودونه ... للزائرين صفائح وصعيد انظر: (الاستيعاب ترجمة 3458). (12) انظر: الأبيات فى الاستيعاب. (13) فى الاستيعاب: «لا طائشا رعش الجنان ولا اليد». (14) فى الاستيعاب: «عنها طرادك يابن فقع القردد». (15) انظر معجم البلدان 4/ 445. (16) فى معجم البلدان: «واحسينا فلا نسيت حسينا». (17) فى معجم البلدان 4/ 445: غادروه بكر بلاء صريعا ... لا سقى الغيث بعد كربلاء

من اسمها علماء

عنه، فقالت: إنى لأضن بك يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القتل. انتهى. وفى بعض المجاميع المعتمدة بالسند إلى ابن عائشة، قال: حدثنى أبى، قال: تناهى إلى على رضى الله عنه أن عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل هجته بشعر: فأشدد معاوى شدة ... تشفى بها الداء الدفينا أنت الذى من قبله ... تدعى أمير المؤمنينا قال: فنفاها على رضى الله عنه إلى دهلك. انتهى ما نقلته من خط الوالد فى «تذكرته» عن خط القاضى جمال الدين الشيبى. * * * من اسمها علماء 3421 ـ علماء بنت قاضى مكة وخطيبها، شهاب الدين أحمد بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة، القرشية المخزومية: أم أحمد، أمها أم كلثوم ابنة القاضى جمال الدين محمد بن عبد الله بن فهد الهاشمى المكى، كان شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة تزوجها، وولدت له ابنه محب الدين أحمد، وابنته سعادة أم كلثوم، وغيرهما، ومات عنها. وقد أجاز لها باستدعاء مؤرخ بسنة ست وخمسين وسبعمائة: معين الدين بن الرصاص، ومحمد بن على القطروانى، وناصر الدين التونسى، وأبو الحزم القلانسى، وجماعة. وما علمتها حدثت، وفيها خير ودين. وتوفيت فى سنة ثمان عشرة وثمانمائة، فى صفر ظنا أو قريبا منه، بمكة ودفنت بالمعلاة. 3422 ـ علماء بنت الشيخ المقرئ عفيف الدين عبد الله بن عبد الحق بن عبد الأحد المخزومى الدلاصى، المكية: ذكر لى شيخنا قاضى مكة جمال الدين محمد بن عبد الله بن ظهيرة أن العز الفارونى أجاز لها، وأنها توفيت سنة خمس وسبعمائة بمكة. وكانت زوجة ابن خالها محمد بن الزين القسطلانى المكى.

3423 ـ علماء بنت الشيخ أبى اليمن محمد بن الإمام شهاب الدين أحمد بن الإمام رضى الدين إبراهيم بن محمد الطبرى

3423 ـ علماء بنت الشيخ أبى اليمن محمد بن الإمام شهاب الدين أحمد بن الإمام رضى الدين إبراهيم بن محمد الطبرى: أم محمد المكية، كانت ذات خير ودين، ويعتريها حالة يقل فيها ضبطها. تزوجها يوسف بن أبى القاسم اليمانى الحنفى، وولدت له عدة أولاد منهم أم هانئ، وطلقها بعد سنين كثيرة. وبلغنى أنها سمعت على عمتها أم الحسن فاطمة بنت أحمد بن الرضى الطبرى الحديث المسلسل بالأولية، وتساعيات جدها الرضى الطبرى وحدثت بذلك، سمعت ذلك منها. وهى أختى من الرضاع. وتوفيت فى سنة ست وعشرين وثمانمائة، فى جمادى الآخر بمكة، ودفنت بالمعلاة. ومولدها فى سنة خمس وسبعين وسبعمائة، أو فى سنة أربع وسبعين. 3424 ـ عمرة بنت أمير مكة رميثة بن أبى نمى، الحسنية المكية: أم محمد، كانت زوجا للشريف عاطف بن دعيج، وولد له منها عدة أولاد، وتوفيت قريبا من سنة عشر وثمانمائة بمكة، وأمها هذلية. 3425 ـ عيناء بنت الشريف أحمد بن الشريف أحمد بن الشريف رميثة بن أبى نمى، الحسنية المكية: كان عمها عجلان أمير مكة زوجها على ابنه أحمد بن عجلان قبل أن تبلغ، وأقامت فى عصمته سنين كثيرة. وولد له منها بنت تسمى فاطمة. وكانت ذات رياسة وحشمة. وتوفيت بعد سنة تسعين وسبعمائة بسنين قليلة، بمكة، ودفنت بالمعلاة. * * * حرف الغين المعجمة 3426 ـ غزية (1) بنت دودان بن عوف بن عمرو بن عامر بن رواحة بن حجر، ويقال: حجير بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤى، القرشية العامرية: * * * أم شريك. يقال: إنها التى وهبت نفسها للنبى صلى الله عليه وسلم.

_ 3426 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3479، 3603، الإصابة 11562، 12103، أسد الغابة ترجمة 7158، 7497، أعلام النساء 4/ 9، تجريد أسماء الصحابة 2/ 292، تقريب التهذيب 2/ 608، تهذيب التهذيب 12/ 440). (1) فى الاستيعاب: غزيلة، ويقال: غزية، وقال: إن الصواب عزيلة، إن شاء الله تعالى.

حرف الفاء

حرف الفاء من اسمها فاطمة 3427 ـ فاطمة بنت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، الهاشمية المكية، المدنية: أم أبيها، كانت هى وأختها أم كلثوم أصغر بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، واختلف فى الصغرى منهما، وقد قيل: إن رقية أصغرهما، وليس ذلك عندى بصحيح، والذى تسكن إليه النفس، على ما تواترت به الأخبار، فى ترتيب بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله أعلم، أن زينب الأولى، ثم الثانية رقية، ثم الثالثة أم كلثوم، ثم الرابعة فاطمة. والله أعلم. قال ابن السراج: سمعت عبيد الله بن محمد بن سليمان بن جعفر الهاشمى، يقول: ولدت فاطمة رضى الله عنها عام إحدى وأربعين، من مولد النبى صلى الله عليه وسلم. وأنكح رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة على بن أبى طالب رضى الله عنه بعد وقعة أحد. وقيل. إنه تزوجها بعد أن ابتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة بأربعة أشهر ونصف، وبنى بها بعد تزويجه إياها بتسعة أشهر ونصف، وكان سنها يوم تزوجها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر ونصفا، وسن على رضى الله عنه يومئذ إحدى وعشرون سنة وخمسة أشهر. قال أبو عمر: فولدت له الحسن والحسين وأم كلثوم وزينب، ولم يتزوج على رضى الله عنه عليها غيرها حتى ماتت. واختلف فى مهره إياها رضى الله عنها، فروى أنه أمهرها درعه، وأنه لم يكن له ذلك الوقت صفراء ولا بيضاء. وقيل: إن عليّا رضى الله عنه تزوج فاطمة على أربعمائة وثمانين درهما، فأمر النبى صلى الله عليه وسلم أن يجعل ثلثها فى الطيب. وزعم أصحابنا أن الدرع قدمها على رضى الله عنه من أجل الدخول بأمر رسول

_ 3427 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3491، الإصابة ترجمة 11587، أسد الغابة ترجمة 7183، مسند أحمد 6/ 282، طبقات ابن سعد 8/ 19 ـ 43 طبقات خليفة 33، تاريخ خليفه 65، 96 المعارف 141، 142، 158، 200، حلية الأولياء 2/ 39، 43، المستدرك 3/ 151 ـ 161، تهذيب الكمال 3/ 1691، تاريخ الإسلام 1/ 360، العبر 1/ 13، مجمع الزوائد 9/ 201 ـ 212، تهذيب التهذيب 12/ 440 ـ 442، خلاصة تذهيب الكمال 494، كنز العمال 13/ 674، سير أعلام النبلاء 2/ 118).

الله صلى الله عليه وسلم إياه بذلك. وتوفيت رضى الله عنها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بثمانية أشهر (1)، قال ابن بريدة: عاشت رضى الله عنها بعد أبيها سبعين يوما. وروى عبد الرحمن بن أبى نعم عن أبى سعيد الخدرى، رضى الله عنه، قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم: «فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، إلا ما كان من مريم بنت عمران». عن عائشة رضى الله عنها، قالت: ما رأيت أحدا أصدق لهجة من فاطمة رضى الله عنها، إلا أن يكون الذى ولدها صلى الله عليه وسلم. وروى الدراوردى، عن موسى بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس، رضى الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سيدة نساء أهل الجنة مريم، ثم فاطمة بنت محمد، ثم خديجة، ثم آسية امرأة فرعون» (2). قال (3): وتوفيت ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من شهر رمضان سنة إحدى عشرة. وذكر عن جعفر بن محمد، قال: كان (4) كنية فاطمة رضى الله عنها بنت رسول اللهصلى الله عليه وسلم: أم أبيها. وقال المدائنى: ماتت ليلة الثلاثاء، لثلاث خلون من شهر رمضان سنة إحدى عشرة، وهى ابنة تسع وعشرين سنة، ولدت قبل النبوة بخمس سنين، صلى عليها العباس رضى الله عنه. واختلف فى سنها وقت وفاتها، رضى الله عنها، فذكر الزبير بن بكار أن عبد الله ابن حسن بن حسن (5) دخل على هشام بن عبد الملك، وعنده الكلبى، فقال هشام لعبد الله بن حسن: يا أبا محمد، كم بلغت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم من السن؟ فقال:

_ (1) هذا من كلام عمرو بن دينار، وهو فى الاستيعاب. (2) ذكره السيوطى فى الدر المنثور 2/ 23، وابن كثير فى البداية والنهاية 2/ 61. (3) المصنف ينقل من الاستيعاب بتصرف منه. وقائل هذه العبارة كما فى الاستيعاب هو الواقدى وهذا نص ما قاله فى ذلك: حدثنا معمر، عن الزهرى، عن عروة، عن عائشة، قال: وأخبرنا ابن جريج، عن الزهرى، عن عروة أن فاطمة توفيت بعد النبى صلى الله عليه وسلم بستة أشهر. قال محمد بن عمر: وهو أشبه عندنا. ثم ذكر ما هو مذكور أعلاه. انظر: (الاستيعاب ترجمة 3491). (4) هكذا فى الأصول وفى الاستيعاب: «كانت». (5) فى الاستيعاب: «عبد الله بن الحسن بن الحسن».

3428 ـ فاطمة بنت الشيخ قطب الدين أبى بكر محمد بن الشيخ أبى العباس أحمد بن على القيسى القسطلانى، وتسمى أمة الرحيم، المكية، وتلقب جمالية، بالجيم

ثلاثين سنة، فقال هشام للكلبى: كم بلغت من السن؟ قال: خمسا وثلاثين سنة، فقال هشام لعبد الله بن حسن: أسمع، الكلبى يقول ما تسمع، وقد عنى بهذا الشأن. فقال عبد الله بن حسن: يا أمير المؤمنين، سلنى عن أمى، وسل الكلبى عن أمه. 3428 ـ فاطمة بنت الشيخ قطب الدين أبى بكر محمد بن الشيخ أبى العباس أحمد بن على القيسى القسطلانى، وتسمى أمة الرحيم، المكية، وتلقب جمالية، بالجيم: والدة قاضى مكة نجم الدين الطبرى، وأخويه زين الدين وخديجة، أخت عائشة القدم ذكرها. سمعت من على بن عبيد العدنى الراوى عن يونس الهاشمى، وعلى أبى عبد الله المنبجى «سداسيات الرازى» حدثت بها سمعها منها فى سنة ست وسبعمائة الجمال محمد بن أحمد بن عبد المعطى، والشيخ خليل بن عبد الرحمن المالكى، وأحمد بن سالم بن ياقوت المؤذن. وفى سنة إحدى عشرة البهاء عبد الله بن محمد بن أبى بكر بن خليل العشماوى. انتهى. وأجازت للشهاب أحمد بن على بن يوسف الحنفى. انتهى. وأجاز لها ابن الخير، وابن السيدى، وابن العليق، وجماعة من بغداد والشام ومكة، وحدثت، سمع منها جماعة من الأعيان، وألبستهم خرقة التصوف، كما لبستها من الشيخ نجم الدين التبريزى. ووجدت بخط جدى أبى عبد الله الفاسى أنها ولدت فى سنة أربعين وستمائة. كانت من أهل الصلاح والورع والفضل، وكانت تذكر ما تذكر الفضلاء. وذكر البرزالى أنه كانت كثيرة الخير والعبادة، وأنها توفيت فى شهر ربيع الأول أو نحو ذلك، من سنة إحدى وعشرين وسبعمائة بمكة. كذا ذكر وفاتها فى تاريخه. ووجدت بخطى فيما نقلت من «وفيات ابن الوانى» أنها توفيت فى صفر سنة إحدى وعشرين، ومولدها سنة أربعين. وهى أم القاضى نجم الدين الطبرى. 3429 ـ فاطمة بنت القاضى أبى الفضل محمد بن أحمد بن عبد العزيز الهاشمى العقيلى النويرى، المكية: أمها أم الحسين ابنة القاضى شهاب الدين الطبرى كانت زوجا لابن عمها بهاء

3430 ـ فاطمة بنت القاضى تقى الدين محمد بن أحمد بن قاسم الحرازى، المكية

الدين عبد الرحمن بن على النوبرى، وولدت له أولاد (منهم نجم الدين محمد وأم كمال) وماتت عنده فى سنة أربع وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة، عن خمس وعشرين سنة، أو أزيد قليلا. وهى أخت والدتى لأبيها، رحمة الله عليهما. 3430 ـ فاطمة بنت القاضى تقى الدين محمد بن أحمد بن قاسم الحرازى، المكية: كانت زوجا لنجم الدين بن القاضى شهاب الدين أحمد الطبرى، ومات عنها. وتزوجها بعده القاضى شهاب الدين أحمد بن ظهيرة، وولد له منها ثنتان، هما أم هانئ وأم الهدى، ومات عنها. وتوفيت فى ضحى يوم الثلاثاء، سادس عشر رمضان، سنة ثمان عشرة وثمانمائة بمكة. انتهى. وصلى عليها عصر يومها، عند باب الكعبة، ودفنت بمقبرتهم بالمعلاة. انتهى. 3431 ـ فاطمة بنت الرضى محمد بن الإمام شهاب الدين أحمد بن الرضى إبراهيم الطبرى، إمام المقام بالمسجد الحرام، أم الأمان المكية: تزوجها عبد الهادى بن الشيخ عبد الله اليافعى، ثم بانت منه؛ لظهور محرمية بينهما، وله فيها مدح. ثم تزوجها القاضى محب الدين النويرى، وأولدها عدة أولاد منهم أم الحسين، ثم طلقها. ثم تزوجها عمر بن عبد الله بن ظهيرة، ثم طلقها، ولم تتزوج بعده حتى ماتت فى رمضان، سنة عشرين وثمانمائة ليلا بضيق النفس، ولم يشعر أحد بموتها وقت ماتت، وإنما عرف موتها بعد. وهى صهرتى أم زوجتى أم الحسين بنت القاضى محب الدين النويرى. وفيها خير وعقل. 3432 ـ فاطمة بنت إدريس بن قتادة، الحسنية المكية: زوج عجلان أمير مكة [ ..... ] (1) 3433 ـ فاطمة بنت النفيس محمد بن عبد المنعم البهنسى، أم محمد المكية: سمعت من الشريف أبى عبد الله الفاسى «اليقين» لأبن أبى الدنيا، عن المفتى عماد

_ 3432 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

3434 ـ فاطمة بنت نور الدين محمد بن محمد بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى، أم عبد الكريم، المكية

الدين عبد الرحمن بن محمد الطبرى، سماعا عن ابن المقير، وحدثت به، بقراءة المحدث صدر الدين أحمد بن بهاء الدين، المعروف بابن إمام المشهد الدمشقى وسمعه عليها معه ولدها شيخنا محمد بن عبد الملك بن الشيخ أبى محمد عبد الله بن محمد المرجانى، وشيخنا ابن سكر. ولم أدر متى ماتت، إلا كانت حية فى العشر الأول من ذى الحجة سنة سبعين وسبعمائة، بمكة. انتهى. قال ابن سكر: كتبت بخطها الكثير من الحديث والعلم، وسمعت من الشريف أبى عبد الله الفاسى «كتاب القدر» و «كتاب اليقين» كلاهما لابن أبى الدنيا، فى سنة خمس عشرة وسبعمائة، ولها ولزوجها ولولدها رواية كثيرة. توفيت بعد أن سمعت جملة من مروياتها، فى سنة ست وثمانين وسبعمائة، وكانت من الصالحات الأخيار الأجواد السعداء الرؤساء. انتهى ما نقلته من خط الوالد الحافظ نجم الدين عمر بن فهد الهاشمى، رحمة الله عليه، عن خط ابن سكر. ونقلت من خط الوالد أيضا: قرأ عليها الشريف أحمد الفاسى «اليقين» لابن أبى الدنيا، سنة سبعين وسبعمائة، وأجازت فى سنة خمس وستين للشريف أحمد بن على الفاسى، وظهيرة بن حسين، وعبد الرحمن بن صالح، وعبد الله الحرازى، ومحمد بن على النويرى، وأبى البركات بن ظهيرة، وفى سنة سبع وستين لأبى البركات الطبرى. وهى أخت خديجة بنت سالم بن على الحضرمى لأمها. انتهى. 3434 ـ فاطمة بنت نور الدين محمد بن محمد بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى، أم عبد الكريم، المكية: روت عن خديجة بنت على بن أبى بكر الطبرى [ ..... ] (1) سمع منها الشريفان أبو الخير، وأبو المكارم أحمد، ولدا أبى عبد الله الفاسى، بقراءة ابن قطرال فى سنة [ .... ] (1) وسبعمائة. ووجدت بخط بعض العصر بين ما يدل على أنها عاشت إلى عشر الأربعين وسبعمائة، وأنا أستبعد ذلك. والله أعلم. 3435 ـ فاطمة بنت الشريف أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى، أم الهدى المكية: سمعت من التوزرى، والصفى، والرضى، وغيرهم.

_ 3434 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

3436 ـ فاطمة بنت الشريف أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى، أم الحسن المكية

وأجاز لها جماعة من مصر أنها كانت حية فى سبع سبع وعشرين وسبعمائة. ومولدها فى ذى الحجة سنة سبعمائة بمكة. 3436 ـ فاطمة بنت الشريف أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى، أم الحسن المكية: أخت أم الهدى، أجاز لها الوانى، والدبوسى، والختنى، وإبراهيم العراقى، وجماعة. ولم أدر متى ماتت، إلا أنها كانت حية فى عشر السبعين وسبعمائة. وكان الشيخ يعقوب الكورانى تأهل بها، وهى أم ولده محمد، ولها مكارم. 3437 ـ فاطمة بنت الزين محمد بن أمين الدين محمد بن قطب الدين محمد بن أحمد بن على القيسى القسطلانى، المكية: ذكر شيخنا تقى الدين عبد الرحمن الفاسى أنها كانت صالحة خيرة، مؤثرة. وتوفيت فى سنة خمس وستين وسبعمائة، بمكة، ودفنت بالمعلاة. وكانت زوجة الشيخ خليل المالكى، وهى سبطة الشيخ عفيف الدين الدلاصى. 3438 ـ فاطمة بنت الأمير أبى ليلى محمد بن أنور شروان بن زيد الحسنى: هى واقفة الرباط المستأجر ببدل محمود. ذكر ذلك المصنف فى شفاء الغرام. انتهى. 3439 ـ فاطمة بنت الشريف أحمد بن رميثة بن أبى نمى، الحسنية المكية: كانت زوجا للشريف عنان بن مغامس بن رميثة، وطلقها [ ..... ] (1) وتوفيت. ظنا غالبا فى ربيع الأول سنة إحدى عشرة وثمانمائة، بمكة ودفنت بالمعلاة. 3440 ـ فاطمة بنت أمير مكة الشريف أحمد بن عجلان بن رميثة بن أبى نمى، الحسنية المكية: كان الشريف محمد بن محمود بن أحمد بن رميثة تزوجها فى حياة أبيها، ثم طلقها، وتزوجها بعده الشريف عنان بن مغامس بن رميثة، فى إمارته الثانية على مكة، وذلك فى آخر سنة اثنتين وتسعين، أو سنة ثلاث وتسعين، ومات عنها، ثم زوجها عمها الشريف حسن بن عجلان، على ابنه الشريف بركات بن حسن، فماتت عنده، بعد أن أقامت فى عصمته سنين قليلة.

_ 3439 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

3441 ـ فاطمة بنت بن أحمد بن عطية بن ظهيرة، القرشية المخزومية المكية

وكانت ذات حشمة ورياسة وعقار كثير. وتوفيت فى سنة أربع عشرة وثمانمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة. 3441 ـ فاطمة بنت بن أحمد بن عطية بن ظهيرة، القرشية المخزومية المكية: ذكر لى شيخنا القاضى جمال الدين محمد بن عبد الله بن ظهيرة أنها كانت من الصالحات، وأنها عمرت حتى أدركها وعرفها، فمقتضى ذلك أن تكون حية فى أثناء عشر الستين وسبعمائة، لأن شيخنا ولد فى ليلة عيد الفطر، سنة إحدى وخمسين وسبعمائة. وكانت زوجة الشيخ فخر الدين التوزرى. 3442 ـ فاطمة بنت الشيخ محب الدين أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبى بكر الطبرى، المكية: سمعت من شعيب الزغفرانى «الأربعين الثقفية»، وما علمتها حدثت. وأجازت لجماعة من شيوخ شيوخنا، فى استدعاء مؤرخ بمحرم سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، ولم أدر متى ماتت، إلا أنا استفدنا حياتها فى هذا التاريخ. ولها أخت يقال لها: أم الحسن فاطمة، بقيت إلى سنة [ ... ] (1) عشرة وسبعمائة. 3443 ـ فاطمة بنت أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن بن أبى بكر الحرازى: مسندة مكة، أم الحسن، ويقال لها: أم نجم الدين، مفتى مكة، شهاب الدين. ولدت بعد سنة عشر وسبعمائة. وأجاز لها الفخر التوزرى، وسمعت من جدها لأمها الإمام رضى الدين الطبرى الكتب الستة، خلا سنن ابن ماجة، وصحيح ابن حبان، والملخص للقابسى، والثقفيات، والسادس من المحامليات، وما فى حديث سعدان، والشمائل، للترمذى، والأربعين المختارة، لابن مسدى، وجزء ابن نجيد، وجزء مطين، وسداسيات الرازى، ونسخة بكار، وغير ذلك. وحدثت، سمع منها الأعيان من شيوخنا وغيرهم، وسمعت عليها «الثقفيات»، بالمدينة النبوية لما كانت مجاورة فيها، وبها توفيت فى أوائل شوال ثلاث وثمانين وسبعمائة، ودفنت بالبقيع. وتوفيت بنتها أم كلثوم بنت محمد بن يوسف الزارندى المكية فى جمادى [ ..... ] (1)

_ 3442 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

3444 ـ فاطمة بنت الصفى أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر الطبرى، المكية

سنة [ ..... ] (1) وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة. أخبرتنا فاطمة بنت أحمد بن قاسم الحرازى مفتى مكة، قراءة عليها وأنا أسمع، بطيبة، أن جدها إبراهيم بن محمد الطبرى أخبرها، قال: أخبرنا على بن محمد الخطيب، أخبرنا أبو طاهر الحافظ أخبرنا [ .... ] (1) 3444 ـ فاطمة بنت الصفى أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبى بكر الطبرى، المكية: ذكر الآقشهرى أن القاضى تقى الدين محمد بن الحسين الأزدى الشافعى، والقاضى شمس الدين أبا بكر محمد بن العماد إبراهيم المقدسى، وأبا اليمن بن عساكر، أجازوا لها ولجماعة، فى سنة أربع وسبعين وستمائة، باستدعاء القطب القسطلانى، وخرج لها ولمن شاركها فى الإجازة أربعين حديثا، فى سنة وثلاثين وسبعمائة وما علمت متى ماتت. 3445 ـ فاطمة بنت الإمام شهاب الدين أحمد بن الإمام رضى الدين إبراهيم ابن محمد الطبرى، المكية: أم الحسن، سمعت من جدها الرضى الطبرى «تساعياته»، ومن فاطمة بنت القطب القسطلانى «سداسيات الرازى». وتوفيت فى آخر ذى الحجة سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة، بمكة ودفنت المعلاة. ومولدها فى سنة اثنتى عشرة وسبعمائة. 3446 ـ فاطمة بنت أحمد بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة: أم الحسين بنت القاضى شهاب الدين، القرشية المكية. أجاز لها باستدعاء أمها فى سنة ست وخمسين وسبعمائة المفتى محمد بن يعقوب بن رصاص، والقطب محمد بن على القطروانى، والقاضى ناصر الدين محمد بن محمد التونسى، وأبو الحرم محمد بن محمد بن محمد القلانسى، وآخرون، مع إخواتها أبى الفضل محمد، وعلماء، وأم كمال عائشة، وما علمتها حدثت. وتوفيت فى مستهل جمادى الآخر سنة سبع وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة.

_ 3443 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

3447 ـ فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، القرشية الهاشمية

3447 ـ فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، القرشية الهاشمية: أم على بن أبى طالب وإخوته رضى الله عنهم، قيل: إنها ماتت قبل الهجرة، وليس بشئ، والصواب أنها هاجرت إلى المدينة، وبها ماتت. عن ابن عباس قال (1): لما ماتت فاطمة أم على بن أبى طالب، ألبسها رسول اللهصلى الله عليه وسلم قميصه، واضطجع معها فى قبرها، فقالوا: ما رأيناك صنعت ما صنعت بهذه! فقال صلى الله عليه وسلم: «إنه لم يكن أحد بعد أبى طالب أبر بى منها، إنما ألبستها قميصى لتكسى من حلل الجنة، واضطجعت (2) ليهون عليها». 3448 ـ فاطمة بنت الشريف أمير مكة ثقبة بن رميثة بن أبى نمى، الحسنية المكية: أم محمد، كان الشريف أحمد بن عجلان تزوجها فى أثناء عشر السبعين وسبعمائة، وولدت له ابنه محمدا الذى ولى بعده إمرة مكة، وابنته أم الكامل، فمات عنها، وتزوجها الشريف على بن عجلان بن رميثة فى سنة تسعين ومات عنها، ثم الشريف حسن بن عجلان. وكانت كثيرة الرئاسة والحشمة والمروءة واليسار، ملكت عقارا كثيرا جدّا بوادى مر، وغيره، معظمة عند الناس، تقرى الأضياف وإن كثروا، وتكرمهم، وتحسن إلى النازلين عندها، وأوصت لمعتقاتها بأصيلة حسنة، وغير ذلك. وتوفيت فى ليلة الثامن والعشرين من رمضان، سنة سبع وعشرين وثمانمائة، ودفنت بالمعلاة بعد الصلاة عليها، مع سيدى الشيخ عمر العرابى، خلف المقام، بعد أن أخرت من باب البيت إلى الشيخ، خلف المقام، وأخرجا جميعا من باب النبى صلى الله عليه وسلم. وقد بلغت السبعين أو قاربتها. ولم تخلف بعدها مثلها، فى الرئاسة والحشمة. انتهى.

_ 3447 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3486، الإصابة ترجمة 11588، أسد الغابة ترجمة 7176، التاريخ لابن معين 739، طبقات ابن سعد 8/ 222، تاريخ خليفة 180، المعارف 71، 120، 303، المستدرك 3/ 108، مجمع الزوائد 9/ 257، كنز العمال 13/ 635، سير أعلام النبلاء 2/ 118، أعلام النساء 4/ 33، الثقات 3/ 336، تجريد أسماء الصحابة 2/ 293، تلقيح فهوم أهل الأثر 317). (1) أسند هذا الحديث ابن عبد البر فى الاستيعاب هكذا: «روى سعدان بن الوليد السابرى، عن عطاء بن أبى رباح، عن ابن عباس ... » الحديث. (2) فى الاستيعاب: «واضطجعت معها».

3449 ـ فاطمة بنت الحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد ابن تيم بن مرة، القرشية التيمية

3449 ـ فاطمة بنت الحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن كعب بن سعد ابن تيم بن مرة، القرشية التيمية: ولدت هى وأختاها زينب وعائشة بأرض الحبشة، وقد قيل: إن موسى أخاهن (1) ولد بأرض الحبشة أيضا. وقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أرض الحبشة، وكانت قد نجت من الماء الذى شربه إخوتها فماتوا فى انصرافهم من أرض الحبشة فى الطريق. 3450 ـ فاطمة بنت أبى حبيش بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصى، القرشية: هى التى استحيضت فشكت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها: «إنما ذلك عرق (1)، وليس بالحيضة» (2) الحديث. 3451 ـ فاطمة بنت الخطاب بن نفيل بن عبد العزى القرشية العدوية: أخت عمر بن الخطاب رضى الله عنهما، زوجة سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل. أسلمت قديما قبل زوجها، وقيل: مع زوجها، وذلك قبل إسلام عمر، أخيها.

_ 3449 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3488، الإصابة ترجمة 11591، أسد الغابة ترجمة 7178). (1) فى الاستيعاب: «أخاهن موسى». 3450 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3489، الإصابة ترجمة 11592، أسد الغابة ترجمة 7179، تجريد أسماء الصحابة 2/ 294، تقريب التهذيب 2/ 609، تهذيب التهذيب 12/ 442، أزمنة التاريخ الإسلامى 997، خلاصة تذهيب الكمال 3/ 389). (1) قال السيوطى: عرق: بكسر العين وسكون الراء، هو المسمى بالعاذل، بالذال المعجمة. انظر: (تنوير الحوالك 61). (2) أخرجه البخارى كتاب الوضوء برقم 228، ومسلم برقم 333، والترمذى كتاب الطهارة برقم 116، والنسائى كتاب الحيض والاستحاضة برقم 359، 363، 364، 365، 366، 367، وأبو داود كتاب الطهارة برقم 282، 286، 304، وابن ماجة كتاب الطهارة وسننها برقم 621، 624، وأحمد بالمسند برقم 25094، 26814، 27083، والدارمى كتاب الطهارة برقم 774، 779. 3451 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3490، الإصابة ترجمة 11594، أسد الغابة ترجمة 7182، طبقات ابن سعد 8/ 195، السيرة النبوية 1/ 271، 367، جمهرة الأنساب 142، الأعلام 4/ 131).

3452 ـ فاطمة بنت طنطاش بن كمشتكين، البغدادية، المدعوة المقرئة

وخبرها فى إسلام عمر رضى الله عنه خبر عجيب. 3452 ـ فاطمة بنت طنطاش بن كمشتكين، البغدادية، المدعوة المقرئة: سمعت من زاهر بن رستم، فى جمادى الآخر سنة تسع وستمائة «جامع الترمذى» وحدثت. سمع منها الحافظان قطب الدين القسطلانى، وشرف الدين الدمياطى ببغداد، وبها توفيت فى يوم الأربعاء ثالث عشر ربيع الأول سنة خمسين وستمائة، ودفنت بباب حرب، قال الدمياطى: وأنا ببغداد، وكانت جاورت بمكة سنين. ذكرها الشيخ تقى الدين محمد بن رافع، فى «ذيل تاريخ بغداد». 3453 ـ فاطمة بنت الخطيب تقى الدين عبد الله بن الشيخ محب الدين أحمد ابن عبد الله الطبرى، المكية: أم محمد، ذكر الآقشهرى أن القاضيين تقى الدين رزين الحموى، وشمس الدين بن العماد المقدسى، وأبا اليمن بن عساكر، أجازوا لها باستدعاء القطب القسطلانى، فى سنة أربع وستين وستمائة، وخرج لها ولمن شاركها فى إجازتهم أربعين حديثا، فى سنة ست وثلاثين وسبعمائة. 3454 ـ فاطمة بنت الإمام بهاء الدين عبد الرحمن بن الإمام ضياء الدين محمد ابن عمر القسطلانى، المكية: أم الحسن، سمعت من التوزرى جزء البطاقة، ومن غيره وأظن أن شيخنا ابن سكر سمع منها، ووجدت بخطه أنها توفيت فى شهر ربيع [ .... ] (1) سنة ستين وسبعمائة، بمكة ودفنت بالمعلاة. وكانت وفاتها بمكة. وهى أخت الشيخ خليل المالكى، وزوجة القاضى شهاب الدين الطبرى. انتهى. وكان الشيخ خليل أسن منها فى العمر، ولها زيارات إلى المدينة، وهى من أصلح زمانها. 3455 ـ فاطمة بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف: خالة معاوية بن أبى سفيان، روت عنها أم محمد بن عجلان [وهى مولاتها] (1).

_ 3454 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 3455 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3494، الإصابة ترجمة 11604، أسد الغابة ترجمة 7190، الثقات 3/ 335، أعلام النساء 4/ 148، الدر المنثور 315، تجريد أسماء الصحابة 4/ 295).

3456 ـ فاطمة بنت الشيخ فخر الدين عثمان بن يوسف بن أبى بكر بن محمد ابن إبراهيم بن محمد بن محمد الأنصارى النويرى، المكية

3456 ـ فاطمة بنت الشيخ فخر الدين عثمان بن يوسف بن أبى بكر بن محمد ابن إبراهيم بن محمد بن محمد الأنصارى النويرى، المكية: أم عمر، وتعرف ببنت جماعة، وهى أمها: جماعة بنت بن زيان. تزوجها الفقيه عبد الله بن ظهيرة القرشى، فولدت له عمر، وعثمان، وعليا، وعائشة. ومات عنها، وتأيمت بعده حتى ماتت بمكة، فى سنة ثمان عشرة وثمانمائة ودفنت بالمعلاة، وكانت خيرة. 3457 ـ فاطمة بنت الشريف على بن الشريف أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى: أم عبد الرحمن المكية، عمتى، ولدت ببلاد التكرور، إذ كان هناك أبوها، وحملها إلى مكة، فوصلت معه فى سنة تسع وخمسين وسبعمائة، ونشأت بمكة، وتزوجها محمد بن البهاء محمد بن عبد المؤمن الدكالى، فى سنة سبع وثمانين، وولدت له أولادا. وتوفيت فى ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة. 3458 ـ فاطمة بنت الشريف عنان بن مغامس بن رميثة بن أبى نمى، الحسنية المكية: أم على، تزوجها الشريف حسن بن عجلان، أمير مكة، وولد له منها ابنه على. وكانت خيرة دينة متعبدة. وتزوجها قبله الشريف ميلب بن مبارك، وولد له منها ابنه فارس. وتوفيت فى ظهر يوم السبت، حادى عشر شوال سنة ثمان عشرة وثمانمائة، ودفنت عصر يومه بالمعلاة. انتهى. نقلته من خط الوالد الحافظ نجم الدين عمر بن فهد الهاشمى، رحمة الله عليه، نقلا عن خط الحافظ جمال الدين محمد بن موسى المراكشى، ثم رأيته بخط ابن موسى: قريبا من سنة عشر وثمانمائة. 3459 ـ فاطمة بنت قيس بن خالد الأكبر بن وهب بن ثعلبة بن وائلة (1) بن عمرو بن شيبان بن محارب بن فهر، القرشية الفهرية: أخت الضحاك بن قيس، يقال: إنها كانت أكبر منه بعشر سنين، كانت من

_ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل، وما أوردناه من الاستيعاب. وليس هناك سوى هذه الزيادة فقط. 3459 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3496، الإصابة ترجمة 11608، أسد الغابة ترجمة 7193، التاريخ لابن معين 739، طبقات خليفة 335، تهذيب الكمال 1692، تاريخ الإسلام 2/ 310، تهذيب التهذيب 12/ 443، خلاصة تذهيب الكمال 494، سير أعلام النبلاء 2/ 319). (1) فى الاستيعاب: «واثلة».

3460 ـ فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف

المهاجرات الأول، وكانت ذات جمال وعقل وكمال. قال الزبير: وكانت امرأة نجودا، والنجود: النبيلة. 3460 ـ فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف: كانت زوج سالم مولى أبى حذيفة، زوجها منه أبو حذيفة بن عتبة. قال ابن شهاب: كانت ابنة أخيه، وكانت من المهاجرات الأول. قال: وهى يومئذ من أفضل أيامى قريش، ثم تزوجها بعده الحارث بن هشام، فيما ذكر إسحاق بن أبى فروة، وليس ممن يحتج به. هكذا ذكر العقيلى فى نسبها، ولم ينسبها ابن أبى خيثمة، ونسبها العقيلى، وغيره يخالفه فيها، فيقول: هى فاطمة ابنة الوليد بن المغيرة المخزومى. 3461 ـ فاطمة بنت الوليد بن المغيرة المخزومى: أخت خالد بن الوليد رضى الله عنهما، أسلمت يوم فتح مكة، وبايعت النبىصلى الله عليه وسلم. وهى زوج الحارث بن هشام المخزومى، يقال: إنه تزوجها بعده عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وفى ذلك نظر (1). 3462 ـ فاطمة بنت يحيى بن عياد الصنهاجى: أم أحمد المكية، كانت زوجا لبرهان الدين إبراهيم بن أحمد المرشدى، وولدت له ابنه شهاب الدين أحمد، وطلقها، ثم تزوجها هاشم بن على بن غزوان الهاشمى، فولدت له زينب، المدعوة ست قريش، وطلقها، وتزوجها بعده الشيخ كمال الدين محمد بن موسى الدميرى، وولدت له أم حبيبة، وأم سلمة، وعبد الرحمن، وتوجهت إليه إلى القاهرة، فمكثت بها عنده ثلاث سنين، أو قريبا من ذلك، وعادت إلى مكة، بعد سنة تسعين وسبعمائة بقليل.

_ 3460 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3497، الإصابة ترجمة 11613، أسد الغابة ترجمة 7196، الثقات 7/ 231، أعلام النساء 4/ 148، الدر المنثور 315، تجريد أسماء الصحابة 4/ 295). 3461 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3498، الإصابة ترجمة 11614، أسد الغابة ترجمة 7198، الثقات 3/ 336، أعلام النساء 4/ 151، تقريب التهذيب 2/ 610، تهذيب التهذيب 12/ 445). (1) المصنف هنا ينقل عن ابن عبد البر.

3462 ـ فاختة (1) بنت أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشية

وتوفيت بعد أن أضرت فى سنة ست عشرة وثمانمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة. وفيها دين وخير. وعياد بمثناة من تحت. وأمها عائشة بنت محمد بن عبد المحسن الأبوتيجية. 3462 ـ فاختة (1) بنت أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشية (2): أم هانئ، تأتى إن شاء الله فى الكنى. 3463 ـ فاختة بنت الوليد بن المغيرة: أسلمت قبل زوجها صفوان بن أمية بشهر. قاله داود بن الحصين. ذكرها هكذا أبو عمر بن عبد البر فى «الاستيعاب». 3464 ـ الفارعة بنت أبى الصلت: أخت أمية بن أبى الصلت الثقفى، قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعد فتح الطائف. وكانت ذات لبّ وعفاف وجمال، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجب بها. 3465 ـ فريعة بنت مبارك بن رميثة بن أبى نمى، الشريفة الحسنية المكية: زوج الشريف أحمد بن عجلان بن رميثة، أمير مكة. كان الشريف أحمد بن عجلان تزوجها، وولدت له ابنته حزيمة، وأقامت عنده سنين كثيرة وكان يميل إليها، ومات

_ 3462 م ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3480، 3547، 3656، الإصابة ترجمة 11572، 12289، أسد الغابة ترجمة 7165، 7620، تهذيب الكمال 1690، الاستبصار 359، تاريخ الإسلام 12/ 332، تهذيب التهذيب 12/ 481، خلاصة تذهيب الكمال 500، طبقات ابن سعد 8/ 47، المعارف 36، 120، الجرح والتعديل 9/ 467، الثقات 3/ 440، أعلام النساء 5/ 203، تجريد أسماء الصحابة 2/ 310، الكاشف 3/ 492). (1) قد اختلف فى اسمها قيل: هند، وقيل: فاختة. وستأتى فى حرف الهاء باسم هند الترجمة (3484) وكتاب الكنى باسم أم هانئ الترجمة (3539). (2) هذه الترجمة كانت متصل بالترجمة السابقة لها فى الأصول. 3463 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3481، الإصابة ترجمة 11576، أسد الغابة ترجمة 7167). 3464 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3483، الإصابة ترجمة 11581، أسد الغابة ترجمة 7171، أعلام النساء 4/ 19، الدر المنثور 357، تجريد أسماء الصحابة 2/ 293).

حرف القاف

عنها، وتأيمت بعده حتى ماتت بعد سنة عشرين وثمانمائة بمكة، وتوفيت قبلها ابنتها حزيمة بنت أحمد بن عجلان. * * * حرف القاف 3466 ـ قتيلة بنت النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار: قال الزبير: كانت تحت عبد الله بن الحارث بن أمية الأصغر بن عبد شمس بن عبد مناف، فولدت له عليا، والوليد، ومحمدا، وأم الحكم. قال أبو عمر: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم أباها يوم بدر صبرا. قال الواقدى: أسلمت قتيلة يوم الفتح. قال أبو عمر: كانت شاعرة محسنة، ولما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر كتبت إليه قتيلة ابنة النضر بن الحارث فى أبيها قبل إسلامها (1): يا راكبا إن الأثيل مظنة ... من صبح خامسة وأنت موفق أبلغ به ميتا بأن تحية (2) ... ما إن تزال بها النجائب تخفق منى إليه وعبرة مسفوحة ... جادت لمائحها وأخرى تخنق (3) هل يسمعن النضر إن ناديته ... بل كيف تسمع ميتا لا ينطق ظلت سيوف بنى أبيه تنوشه ... لله أرحام بهن تشقق (4) قسرا يساق إلى المنية متعبا ... رسف المقيد وهو عان موثق (5) أمحمد أو لست صفو نجيبة ... فى قومها والفحل فحل معرق (6)

_ 3466 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3504، الإصابة ترجمة 11646، أسد الغابة ترجمة 7220). (1) انظر الأبيات فى: (المصادر السابقة، البيان والتبيين للجاحظ 4/ 43 ـ 44). (2) فى الاستيعاب: «أبلغ به ميتا فإن تحية». (3) فى الاستيعاب: «جادت بواكفها وأخرى تخنق». (4) فى الاستيعاب: «لله أرحام هناك تشقق». (5) ورد الشطر الأول منه فى الاستيعاب: «صبرا يقاد إلى المنية متعبا». (6) فى الاستيعاب: أمحمد ولدتك صنو نجيبة ... من قومها والفحل فحل معرق

حرف الكاف

ما كان ضرك لو مننت وربما ... منّ الفتى وهو المغيظ المحنق النضر أقرب من تركت قرابة ... وأحقهم إن كان عتق يعتق (7) فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بكى حتى أخضلت دموعه لحيته، وقال: «والله لو بلغنى شعرها قبل أن أقتله لعفوت عنه». وقال الزبير: سمعت بعض أهل العلم يغمز أبياتها هذه، ويذكر أنها مصنوعة. * * * حرف الكاف 3467 ـ كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم، المروزية أم الكرام: المجاورة بمكة المشرفة، سمعت من زاهر بن أحمد السرخسى، ومن أبى الهيثم محمد بن مكى الكشميهنى «صحيح البخارى» وحدثت به وكانت عالمة بضبط كتابها. سمع منها جماعة من الأعيان، منهم الخطيب البغدادى. وماتت بكرا لم تتزوج، بعد أن أقامت بها دهرا، فى سنة خمس وستين وأربعمائة. قاله ابن نقطة، وذكر أنه نقل ذلك من خط ابن ناصر. وقال الذهبى: الصحيح وفاتها فى سنة ثلاث وستين وأربعمائة، وكانت بلغت المائة. انتهى. 3468 ـ كريمة بنت دانيال بن على بن سليمان بن محمود اللرستانى، المكية: كان عبد العزيز بن على الأصبهانى لكّىّ، المعروف بالعجمى تزوجها، وولدت له دانيال [ ...... ] (1) 3469 ـ كلثم بنت خليل بن إبراهيم الأنصارى: وتسمى موفقة هكذا وجدتها مذكورة بخط عبد الله بن عبد الملك فى «تاريخه»، وذكر: أن أمه أريت قبرها بالمعلاة، فى أول شعب دكالة، وعليها حجر مكتوب فيه:

_ (7) ورد الشطر الأول منه فى الاستيعاب: «النضر أقرب من أسرت قرابة». 3467 ـ انظر ترجمتها فى: (الإكمال 7/ 171، المنتظم 8/ 270، الكامل 10/ 69، المختصر فى أخبار البشر 2/ 188، العبر 3/ 254، دول الإسلام 1/ 274، تتمة المختصر 1/ 565، البداية والنهاية 12/ 105، شذرات الذهب 3/ 314، تاج العروس 9/ 43، الدر المنثور 458، سير أعلام النبلاء 18/ 233). 3468 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

3470 ـ كمالية بنت قاضى مكة نجم الدين محمد بن القاضى جمال الدين محمد ابن الشيخ محب الدين أحمد بن عبد الله الطبرى، المكية

هذا قبر عتيقة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الزمن، وذكرها هكذا. توفيت ليلة التاسع عشر من شهر رمضان، سنة ثلاث وأربعين وستمائة. وذكر أن قبر الضياء المكى جانب قبرها من جهة القبلة. 3470 ـ كمالية بنت قاضى مكة نجم الدين محمد بن القاضى جمال الدين محمد ابن الشيخ محب الدين أحمد بن عبد الله الطبرى، المكية: أم القاضى أبى الفضل النويرى وأخويه على وخديجة. سمعت على جدتها أم أبيها فاطمة بنت القطب القسطلانى «اليقين» لأبى أبى الدنيا، وعليها وعلى أختها عائشة بنت القطب «الأربعين البلدانية» لابن عساكر. وذكر لى شيخنا ابن ظهيرة أنها سمعت من جدها لأمها الرضى الطبرى، وما علمتها حدثت. وذكر لى شيخنا السيد هو الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير الحسنى تقى الدين الفاسى أنها كانت عالية الهمة، وأن زوجها الشيخ خليل المالكى كان يقول: إنها لو حاولت جبلا لأزالته. وتوفيت فى النصف من شوال سنة خمس وخمسين وسبعمائة، بمكة ودفنت بالمعلاة. نقلت وفاتها من خط شيخنا ابن سكر. وتوفيت بنتها خديجة بنت الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد العزيز النويرى، فى سنة سبع وسبعين وسبعمائة بمكة. وهى ـ أعنى كمالية ـ جدة الوالدة أم الحسين بنت القاضى أبى الفضل النويرى لأبيها. 3471 ـ كمالية بنت الشريف عبد الرحمن بن الشريف أبى الخير محمد بن الشريف أبى عبد الله محمد الحسنى الفاسى المكية: كان الشريف حسن بن عجلان أمير مكة تزوجها، وأقامت فى عصمته أياما قليلة، وطلقها، ثم تزوجها القاضى محب الدين أحمد بن القاضى جمال الدين بن ظهيرة، فى سنة عشرة وثمانمائة، قبل موت أبيه بقليل، وولدت له عدة بنات هن: علماء ومنصورة، وأم الحسين الصغرى، وذكرا هو أبو عبد الله محمد، وطلقها فى آخر يوم من رمضان،

3472 ـ كمالية بنت عبد اللطيف بن أحمد بن الشريف أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى، المكية

سنة خمس وعشرين وثمانمائة، بعد أن تزوج عليها أم الحسين بنت عبد الرحمن اليافعى، فلم تصبر. وماتت أم الحسين إثر الحج، من السنة المذكورة. وتزوج القاضى محب الدين كمالية المذكورة، فى المحرم سنة ست وعشرين، ومات عنها، وتوفيت بعده بشهرين وثلاثة أيام، فى الحادى والعشرين من جمادى الآخرة، سنة سبع وعشرين وثمانمائة، بمكة ودفنت بالمعلاة، وقد بلغت الأربعين. 3472 ـ كمالية بنت عبد اللطيف بن أحمد بن الشريف أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى، المكية: كان الشريف أبو الخير بن الشريف عبد الرحمن الفاسى تزوجها، وولدت له عدة أولاد، ذكورا وإناثا منهم خديجة وعائشة. وماتت عنده فى سنة ثمانمائة، بمكة، ودفنت بالمعلاة، وهى فى عشر الأربعين، رحمة الله عليها. * * * حرف اللام 3473 ـ لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية، من بنى هلال بن عامر بن صعصعة: ينسبونها: لبابة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم (1) بن روبية بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة. هى أم الفضل، أخت ميمونة، زوج النبى صلى الله عليه وسلم، وزوجة العباس بن عبد المطلب، وأم أكثر بنيه. يقال: إنها أول امرأة أسلمت بعد خديجة. وكان النبى صلى الله عليه وسلم يزورها، ويقيل عندها، وروت عنه أحاديث كثيرة. وكانت من المنجبات، ولدت للعباس ست رجال، لم تلد امرأة مثلهم، وهم:

_ 3473 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3514، الإصابة ترجمة 11699، أسد الغابة ترجمة 7252، الثقات 3/ 361، أعلام النساء 4/ 170، 272، الكاشف 3/ 480، تجريد أسماء الصحابة 2/ 301، تقريب التهذيب 2/ 613، تهذيب التهذيب 12/ 449، تهذيب الكمال 3/ 1697، خلاصة تهذيب الكمال 3/ 392). (1) فى الاستيعاب: «الهرم».

3474 ـ ليلى ابنة أبى حثمة بن حذيفة بن غانم بن عامر بن عبد الله (2) بن عويج بن عدى بن كعب، القرشية العدوية

الفضل، وبه كانت تكنى، ويكنى زوجها العباس أيضا أبا الفضل، وعبد الله الفقيه، وعبيد الله، ومعبد، وقثم، وعبد الرحمن، وأم حبيبة، سابعة. 3474 ـ ليلى ابنة أبى حثمة بن حذيفة بن غانم بن عامر بن عبد الله (2) بن عويج بن عدى بن كعب، القرشية العدوية: امرأة عامر بن ربيعة، هاجرت الهجرتين، وصلت القبلتين. روت عنها الشفاء. وقيل: إنها أول ظعينة دخلت المدينة مهاجرة. وقيل: تلك أم سلمة. وقال الزبير ومصعب: ليلى بنت أبى حثمة، وهى أول ظعينة قدمت المدينة مع زوجها عامر بن ربيعة. انتهى. * * * حرف الميم 3475 ـ مريم بنت القاضى محيى الدين أحمد بن أبى بكر بن محمد بن إبراهيم الطبرى، المكية: تروى بالإجازة عن شيوخ أخيها، وهم: يونس الهاشمى، وزاهر بن رستم، وابن أبى الصيف، وابن البنا البغدادى، والحصرى، وغيرهم. وخرج لها، وحدثت. ولم أدر متى ماتت، إلا أنها كانت حية فى سنة خمس وأربعين وستمائة. 3476 ـ مريم بنت المجد عبد الله بن محمد بن محمد بن أبى بكر الطبرى، المكية: ذكر الآقشهرى أن القاضيين تقى الدين بن رزين، وشمس الدين بن العماد، وابن عساكر أجازوا لها فى سنة أربع وسبعين وستمائة، باستدعاء القطب القسطلانى، وخرج لها ولمن شاركها فى إجازتهم أربعون حديثا. وذلك فى سنة ست وثلاثين وسبعمائة. 3477 ـ مريم بنت المقرئ أبى القاسم بن أحمد بن عبد الصمد الأنصارى اليمنى: أم محمد المكية، كان القاضى شهاب الدين أحمد بن الشيخ ضياء الدين الحنفى

_ 3474 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3516، الإصابة ترجمة 11712، أسد الغابة ترجمة 7261). (1) فى الاستيعاب: «عبد الله بن عبيد بن عويج».

3478 ـ مسيكة المكية

تزوجها قبل أن يلى القضاء بمكة، وولدت له عدة ذكور [هم] أبو البقاء وأبو حامد، وبنتا يقال لها: شمامة. ومات عنها. وتوفيت فى ربيع الآخر أو جمادى الأولى، سنة ست وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة. وكانت تقرأ وتكتب. وتوفيت ابنتها شمامة فى ربيع الآخر، سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، 3478 ـ مسيكة المكية: روت عن عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها. وروى عنها ابنها يوسف بن ماهك حديث: «منى مناخ من سبق». وروى لها أبو داود، والترمذى، وابن ماجة. 3479 ـ منصورة بنت الشريف على بن الشريف أبى عبد الله محمد بن محمد ابن عبد الرحمن الفاسى: أم عبد الملك المكية، وتسمى أيضا فاطمة، إلا أنها اشتهرت بمنصورة، فلذلك ذكرناها فى حرف الميم أمها أم الحسين بنت الشيخ أبى عبد الله محمد بن على بن يحيى الغرناطى. سألتها عن مولدها، فذكرت أنه سابع عشرى القعدة سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، بمكة. وأجاز لها يحيى بن يوسف المصرى، وأبو بكر بن الرضى، وزينب بنت الكمال، وآخرون، من مصر والشام، مع ابن عمها سيدى الشريف أبى الفتح الفاسى. وأجازت لى، وسألت عنها شيخنا ابن عمها تقى الدين هو الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير محمد بن أبى عبد الله الحسنى الفاسى، فقال: كانت صالحة خيرة كثيرة الإيثار من قفر، عالية الهمة، وذكر أنه لما مات أخوها محمد بن على حصل لها عليه حزن كثير، حتى أقعدت، ثم سافرت إلى المدينة النبوية لزيارة النبى صلى الله عليه وسلم، والاستشفاء به، فأدخلت الحجرة الشريفة محمولة، وخرجت منها تمشى على قدميها. وتوفيت يوم الخميس سابع شهر ربيع الآخر، من سنة خمس وتسعين وسبعمائة،

_ 3478 ـ انظر ترجمتها فى: (تهذيب الكمال 35/ 307، مسند أحمد 6/ 207).

3480 ـ ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية، زوج النبى صلى الله عليه وسلم، رضى الله عنها

بمكة ودفنت بالمعلاة، عند قبر سيدى الشيخ على بن أبى الكرم الشولى، توصية منها فى ذلك. وتوفيت أختها لأبيها أم هانئ بنت على، فى شعبان من سنة أربع وثمانين وسبعمائة. 3480 ـ ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية، زوج النبى صلى الله عليه وسلم، رضى الله عنها: عن ابن عباس، قال: كان اسم ميمونة برة فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة. وكذلك روى عطاء بن أبى ميمونة، عن أبى رافع، عن أبى هريرة. قال أبو عبيدة: لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر توجه إلى مكة معتمرا، سنة سبع، وقدم عليه جعفر بن أبى طالب رضى الله عنه، من أرض الحبشة، فخطب عليه ميمونة بنت الحارث الهلالية، وكانت أختها لأمها أسماء بنت عميس عند جعفر، وسلمى بنت عميس عند حمزة، وأم الفضل عند العباس، فأجابت جعفر بن أبى طالب إلى رسول اللهصلى الله عليه وسلم، وجعلت أمرها إلى العباس رضى الله عنه، فأنكحها النبى صلى الله عليه وسلم، وهو محرم، فلما رجع بنى بها بسرف، حلالا. وكانت قبله عند أبى رهم بن عبد العزى بن عامر بن لؤى. قال: ويقال: بل سخبرة ابن أبى رهم. قال: وماتت بسرف. قال ابن شهاب: وهى التى وهبت نفسها للنبى صلى الله عليه وسلم، وكذلك قال قتادة (1). قال: وفيها نزلت: (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِ) [الأحزاب: 50] الآية. قال أبو عمر: وتوفيت ميمونة بسرف، سنة ست وستين، وقيل: بل توفيت سنة

_ 3480 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3533، الإصابة ترجمة 11783، أسد الغابة ترجمة 7305، طبقات ابن سعد 8/ 94 ـ 100، ذيل المذيل 77، مجمع الزوائد 9/ 249، المحبر 91، شرحا ألفية العراقى 1/ 206، مسالك الأبصار 1/ 121، النويرى 18/ 188 ـ 190، الأعلام 7/ 342، تنوير قلوب المسلمين 93، الكاشف 1/ 482، تجريد أسماء الصحابة 2/ 306، تقريب التهذيب 2/ 614، تهذيب التهذيب 12/ 453، تهذيب الكمال 3/ 1698، التاريخ الصغير 1/ 112، 114، 126، علوم الحديث لابن الصلاح 240). (1) وقد اختلف فى ذلك وقيل إنها غزية بنت دودان بن عوف بن عمرو السابق ذكرها فى الترجمة (3425).

3481 ـ ميمونة بنت كردم بن يعيش، اليسارية الثقفية المكية، صحابية

ثلاث وستين بسرف، وصلى عليها ابن عباس رضى الله عنهما، ودخل قبرها. 3481 ـ ميمونة بنت كردم بن يعيش، اليسارية الثقفية المكية، صحابية: روى عنها عبد الله بن عبد الرحمن، ويزيد بن مقسم، وسارة بنت مقسم. وروى لها أبو داود، وابن ماجة. وذكر ابن حبان أنها من أهل مكة. * * * حرف النون 3482 ـ نصيرة بنت الشريف مبارك بن رميثة بن أبى نمى الحسنية المكية: كانت زوجا للشريف عنان بن مغامس بن رميثة، وولد له منها ابنته فاطمة. وكانت ذات خير ودين وعبادة. وتوفيت فى آخر سنة اثنتى عشرة وثمانمائة، بعد الحج، بمكة. * * * حرف الهاء 3483 ـ هند بنت أبى أمية حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر مخزوم، المخزومية: أم سلمة، زوج النبى صلى الله عليه وسلم، ذكرها أبو عمر بن عبد البر، وذكر أن اسم أبى أمية والد هند، حذيفة، يعرف بزاد الراكب، وهو أحد أجواد قريش المشهورين بالكرم. واختلف فى اسم أم سلمة، فقيل: رملة، وليس بشئ. وقيل: هند، وهو الصواب، وعليه جماعة من العلماء فى اسم أم سلمة. كانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت أبى سلمة بن عبد الأسد وكانت هى وزوجها أول من هاجر إلى أرض الحبشة.

_ 3481 ـ انظر ترجمتها فى: (تهذيب الكمال 35/ 313، ابن حبان 3/ 408، ابن مندة 12/ 454). 3483 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3545، 3594، الإصابة ترجمة 11846، 12065، أسد الغابة ترجمة 7343، 7472، الثقات 3/ 439، أعلام النساء 5/ 221، تهذيب التهذيب 12/ 455، تجريد أسماء الصحابة 2/ 305، تقريب التهذيب 2/ 614، خلاصة تهذيب الكمال 3/ 393، العبر 1/ 65، كنز العمال 13/ 699، شذرات الذهب 1/ 69، سير أعلام النبلاء 2/ 201).

3484 ـ هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشية العبشمية، أم معاوية بن أبى سفيان

ويقال أيضا: إن أم سلمة أول ظعينة دخلت المدينة مهاجرة، وقيل: بل ليلى بنت أبى حثمة، زوجة عامر بن ربيعة. تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة سنة ثنتين من الهجرة، بعد وقعة بدر، عقد عليها فى شوال، وابتنى بها فى شوال. وتوفيت أم سلمة رضى الله عنها، فى أول خلافة يزيد بن معاوية، سنة ستين، وقيل: إنها توفيت فى شهر رمضان أو شوال سنة تسع وخمسين، وصلى عليها أبو هريرة. وقد قيل: إن الذى صلى عليها سعيد بن زيد. ودفنت بالبقيع. رحمها الله تعالى، ورضى عنها. 3484 ـ هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشية العبشمية، أم معاوية بن أبى سفيان: أسلمت عام الفتح، بعد إسلام زوجها أبى سفيان بن حرب، فأقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم على نكاحهما. وكانت امرأة فيها ذكر، ولها نفس وأنفة. وشكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن زوجها أبا سفيان لا يعطيها من الطعام ما يكفيها وولدها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خذى من ماله بالمعروف ما يكفيك أنت وولدك». وتوفيت هند بنت عتبة فى خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فى اليوم الذى مات فيه أبو قحافة والد أبى بكر الصديق، رضى الله عنهما. 3485 ـ هند بنت أبى طالب بن عبد المطلب، الهاشمية: هى أم هانئ، فيما قيل، وقيل: فاختة، وكلاهما قاله جماعة من العلماء بهذا الشأن، وقد ذكرناها فى الفاء، وسنذكرها إن شاء الله تعالى فى الكنى. * * *

_ 3484 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3548، الإصابة ترجمة 11860، أسد الغابة ترجمة 7350، الثقات 2/ 439، أعلام النساء 5/ 239، تجريد أسماء الصحابة 2/ 310، أزمنة التاريخ الإسلامى 1008، تلقيح فهوم أهل الأثر 319، در السحابة 824). 3485 ـ سبق ذكرها فى حرف الفاء باسم فاختة الترجمة (3461 م)، وستأتى فى باب الكنى باسم أم هانئ الترجمة (3539).

باب فى النساء ذوات الكنى

باب فى النساء ذوات الكنى ذكرنا فى هذا الباب من ذوات الكنى من لا يعرف لها اسم، أو عرف اسمها، ولكن اختلف فيه، ومن عرفت بكنيتها وإن كان اسمها معروفا. حرف الألف 3486 ـ أم أبان بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف. القرشية العبشمية: لما قدمت من الشام خطبها عمر، وعلى، والزبير، وطلحة، رضى الله عنهم، فأبت من كل واحد منهم إلا طلحة، فتزوجها طلحة بن عبيد الله رضى الله عنه، لا أعلم لها رواية (1). 3487 ـ أم أيمن: هى بركة، خادمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. تقدمت فى الباء الموحدة. 3488 ـ أم الأمان بنت الرضى الطبرى: هى فاطمة بنت محمد. تقدمت. * * * حرف الجيم 3489 ـ أم جميل بنت المجلل بن عبد، ويقال: ابن عبيد، بن أبى قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤى بن غالب بن فهر، القرشية العامرية: اختلف فى اسمها، فقيل: فاطمة، وقيل: جويرية.

_ 3486 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3552، الإصابة ترجمة 11888، أسد الغابة ترجمة 7360). (1) المصنف هنا ينقل عن ابن عبد البر. 3487 ـ سبق ذكرها فى الترجمة (3311). 3488 ـ سبق ذكرها فى الترجمة (3430). 3489 ـ سبق ذكرها فى الترجمة (3322).

حرف الحاء

أسلمت قديما، وهاجرت مع زوجها حاطب بن الحارث بن معمر الجمحى، إلى أرض الحبشة، وولدت له هناك محمد بن حاطب، والحارث بن حاطب، ثم توفى عنها، فخلف عليها زيد بن الضحاك، فولدت له. وأم جميل ممن جمعت الهجرتين إلى أرض الحبشة، وإلى المدينة. روى عنها ابنها محمد ابن حاطب. يقول أهل النسب: إنه لا عقب للمجلل إلا من أم جميل. * * * حرف الحاء 3490 ـ أم الحارث بنت عياش بن أبى ربيعة المخزومى: روى عنها محمد بن يحيى بن حبان أنها رأت بديل بن ورقاء يطوف على جمل على أهل المنازل بمنى، يقول: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاكم أن تصوموا هذه الأيام، فإنها أيام أكل وشرب». 3491 ـ أم حبيبة بنت أبى سفيان بن حرب، الأموية، زوج النبى صلى الله عليه وسلم: اسمها رملة، على الصحيح. تقدمت فى باب الراء. 3492 ـ أم حبيبة ـ ويقال: أم حبيب ـ بنت جحش بن رئاب الأسدية: أخت زينب بنت جحش، وأخت حمنة، وأكثرهم يسقطون الهاء فيقولون: أم حبيب. كانت تحت عبد الرحمن بن عوف، وكانت تستحاض، وأهل السير يقولون: إن المستحاضة حمنة (1).

_ 3490 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3566، الإصابة ترجمة 11949، أسد الغابة ترجمة 7401). 3491 ـ سبق ذكرها فى الترجمة (3348). 3492 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3569، الإصابة ترجمة 11966، أسد الغابة ترجمة 7408). (1) قال ابن عبد البر: إن بنات جحش الثلاثة زينب وأم حبيبة وحمنة زوج طلحة كن يستحضن كلهن، وقيل: إنه لم يستحض منهن إلا أم حبيبة، وذكر القاضى يونس بن مغيث فى كتاب المستوعب فى شرح الموطأ مثل هذا، وذكر أن كل واحدة منهن اسمها زينب ولقب إحداهن حمنة، وكنية الأخرى أم حبيبة. وقد قيل: أنهما حبيبة وحمنة وهو الأصح. ـ

من تكنى أم الحسن

والصحيح عند أهل الحديث أنهما كانتا تستحاضان جميعا. وقيل: إن زينب بنت جحش استحيضت، ولا يصح. وزعم بعض الناس أن أم حبيبة هذه اسمها حبيبة. * * * من تكنى أم الحسن 3493 ـ أم الحسن، اسمها فاطمة، بنت الشيخ أبى العباس أحمد بن محمد بن عبد المعطى، الأنصارية الخزرجية المكية: سمعت فى سنة اثنتين وستين وسبعمائة، من حسنة ابنة محمد بن كامل الحسنى «خماسيات ابن النفور» بمنزلها بمكة. كانت زوجا للإمام محب الدين محمد بن أحمد ابن الرضى الطبرى، وولد له منها أولاد، منهم رضى الدين محمد (ومحمد وأحمد) وأم الحسين، وطلقها، بعد أن أقامت عند سنين كثيرة، وتزوجها والدى، وولد له منه عدة أولاد، منهم أم هانئ. ومكنت عنده سنين كثيرة، وطلقها فى سنة ثمانمائة، وتأيمت بعده حتى ماتت، بعد وفاة جميع أولادها المشار إليهم وعظم ألمها عليهم. وكانت وفاتها فى سنة أربع وعشرين وثمانمائة، بمكة ودفنت بالمعلاة. ومولدها فى سنة أربع وأربعين وسبعمائة، أو سنة خمس وأربعين. وفيها خير. انتهى. وأمها عائشة بنت محمد بن عبد المحسن الأبوتيجى الشافعى. 3494 ـ أم الحسن بنت الشيخ أبى اليمن محمد بن الإمام شهاب الدين أحمد ابن الإمام رضى الدين إبراهيم الطبرى، المكية، تلقب نسيم: كان تزوجها شخص عجمى فاضل، يقال له: سعد الدين، وأولدها وطلقها، وتزوجت بعده العفيف عبد الله بن محمد بن على العجمى، ومكثت عنده سنين، وولدت له عدة أولاد هم عبد العزيز، وأبو النصر، وكمالية، وعائشة والدة كاتبه. وتوفيت فى عصمته فى سنة سبع وعشرين وثمانمائة، بمكة ودفنت بالمعلاة. وهى أختى من الرضاع. وفيها خير. وتوفى بعدها زوجها عفيف الدين العجمى، وكانت وفاته فى سابع عشرى جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وثمانمائة.

_ ـ انتهى بتصرف. انظر: (موطأ مالك وشرحه تنوير الحوالك 62، 63).

3495 ـ أم الحسن بنت الرضى محمد بن محمد بن عثمان بن الصفى أحمد بن محمد بن إبراهيم الطبرى

3495 ـ أم الحسن بنت الرضى محمد بن محمد بن عثمان بن الصفى أحمد بن محمد بن إبراهيم الطبرى: أم محمد المكية، والدة صاحبنا الشيخ جمال الدين محمد بن على الشيبى. كان الشيخ نور الدين على بن محمد الشيبى تزوجها فى سنة اثنتين وسبعين، وولدت له عدة أولاد، وماتت عنده فى سنة عشر وثمانمائة، فى رجب أو فى جمادى الآخر، بمكة ودفنت بالمعلاة. وفيها دين وخير. 3496 ـ أم الحسن بنت أبى الخير محمد بن القاضى جمال الدين محمد بن عبد الله ابن فهد القرشى الهاشمى: أم على المكية، أجاز لها فى استدعاء مؤرخ بسنة تسع وخمسين وسبعمائة مسند دمشق عمر بن أميلة، وصلاح الدين بن أبى عمر، والشهاب أحمد بن على بن يوسف الحنفى، وعمر بن إبراهيم النقبى، وتقى الدين محمد بن رافع، ومحمد بن إبراهيم البيانى، والبرهان القيراطى، والكمال بن حبيب، وعبد الرحمن بن القارى، وأحمد بن سالم المؤذن، وعبد الله بن عبد الرحمن بن عقيل، وعبد الله بن محمد بن عبد الملك الربعى، وغيرهم. وحدثت، وكانت خيرة مباركة. وتزوجها جار الله بن صالح الشيبانى، فى سنة سبع وثمانين وسبعمائة، وولدت له عدة أولاد هم أحمد الأكبر، وأحمد الأصغر، وعلى، وعبد الكريم وأم ريم، وآسية، وستيت ومات عنها. وتوفيت فى عصر يوم الثلاثاء، خامس ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة، بقبر عند باب الكعبة، صبح يوم الأربعاء. رحمة الله عليها. 3497 ـ أم الحسن بنت النفيس محمد بن عبد المنعم البهنسى: هى فاطمة. تقدمت. 3498 ـ أم الحسن بنت الحرازى: هى فاطمة بنت الفقيه أحمد بن قاسم الحرازى. تقدمت فى باب «فاطمة». * * *

_ 3497 ـ سبق ذكرها فى الترجمة (3432). وهناك قال: أم محمد المكية. 3498 ـ سبق ذكرها فى الترجمة (3442).

من تكنى أم الحسين

من تكنى أم الحسين 3499 ـ أم الحسين بنت قاضى مكة شهاب الدين أحمد بن قاضى مكة نجم الدين محمد بن محمد بن المحب الطبرى. المكية: زوج القاضى أبى الفضل النويرى، أجاز لها فى استدعاء مؤرخ بسنة إحدى وأربعين وسبعمائة من مصر: ابن القماح، وابن غالى، والإسعردى، وآخرون. ومن الشام: أحمد بن على الجزرى، وآخرون. وسمعت من الكمال بن حبيب الحلبى بمكة. ولها نظم، ومآثر بمكة، منها سبيل بالمسعى، ورباط بزقاق الحجر، وكتاب أيتام، ووقفت على ذلك وقفا كافيا بمكة، وفى بعض أعمالها، وأوصت عند موتها بمال، يقال: إنه خمسون ألف درهم لجماعة من أقاربها وغيرهم. وكانت تزوجت عبد الرحمن بن عبد اللطيف، ثم تزوجها القاضى أبو الفضل، وأولدها عدة أولاد هم المحمدان، أبو حامد وأبو اليمن، وزينب، وفاطمة. وماتت بعده بنحو أربعة أشهر، فى آخر ذى القعدة أو شوال، سنة ست وثمانين وسبعمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة. وتوفيت بنتها فاطمة بنت القاضى أبى الفضل النويرى، فى أثناء سنة أربع وتسعين وسبعمائة. 3500 ـ أم الحسين بنت الإمام شهاب الدين أحمد بن الإمام رضى الدين إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الطبرى، المكية، يقال: اسمها فاطمة: تزوجها الشيخ عبد المؤمن بن خليفة الدكالى، نائب الإمامة بمقام المالكية بالمسجد الحرام عن الشيخ خليل المالكى. وسمعت فيما بلغنى، من جدها الرضى الطبرى وكذلك من والدها وكانت خيرة. وتوفيت بعد سنة ثمانين وسبعمائة بقليل، بمكة. 3501 ـ أم الحسين بنت القاضى شهاب الدين أحمد بن ظهيرة المخزومية المكية: هى فاطمة. تقدمت.

_ 3501 ـ سبق ذكرها فى الترجمة (3445).

3502 ـ أم الحسين بنت الإمام محب الدين محمد بن الإمام شهاب الدين أحمد ابن الإمام رضى الدين إبراهيم الطبرى المكية

3502 ـ أم الحسين بنت الإمام محب الدين محمد بن الإمام شهاب الدين أحمد ابن الإمام رضى الدين إبراهيم الطبرى المكية [ ..... ] (1) 3503 ـ أم الحسين بنت الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعى، المكية: أمها خالتى زينب بنت القاضى أبى الفضل النويرى، وطلق أبوها أمها وهى حامل بها، زينب بنت القاضى أبى الفضل النوبرى، وولدت بعد ذلك بأشهر، وعلمتها والدتها الكتابة، وسورا من القرآن، وحفظت الأربعين النووية، وعرضتها. وتزوجها فى سنة تسع وثمانمائة الشريف أبو حامد بن الشريف عبد الرحمن الفاسى، وولدت له ابنا يسمى يحيى، ومات عنها فى خامس عشر ربيع الأول، سنة أربع وعشرين وثمانمائة. وتزوجها بعد انقضاء عدتها بليلة أو ليلتين القاضى محب الدين أحمد بن القاضى جمال الدين بن ظهيرة، فمال إليها، وكانت تحته كمالية بنت الشريف عبد الرحمن الفاسى، فلقى منها تعبا كثيرا، ثم طلق كمالية. وماتت أم الحسين بعد طلاقها بشهرين ونصف، فى رابع عشر ذى الحجة سنة خمس وعشرين وثمانمائة، سقط عليها الحائط بمنزلها والسقف، وفازت بالشهادة. ومات معها تحت الهدم ابنها أبو حامد محمد ولد القاضى محب الدين، وكثر أسفه عليها. 3504 ـ أم الحسين بنت القاضى سراج الدين عبد اللطيف بن محمد بن سالم الزبيدى، المكية: كانت زوجا للشريف حسن بن عجلان، وتزوجها بعد طلاقه لها، محمد بن جابر الحراشى، وتزوجها بعد طلاقه لها، عيسى بن موسى بن على بن قريش الهاشمى المكى. وماتت عنده فى سنة عشر وثمانمائة، أو قريبا منها بمكة، ودفنت بالمعلاة، وهى فى عشر الثلاثين ظنا. 3505 ـ أم الحسين بنت الزين: هى ست الكل بنت أحمد بن محمد بن الزين القسطلانى.

_ 3502 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل. 3505 ـ سبق ذكرها فى الترجمة (3381).

3506 ـ أم حرملة بنت عبد الأسود بن جذيمة (1) السهمية

تقدمت فى السين. وتعرف ببنت رحمة. 3506 ـ أم حرملة بنت عبد الأسود بن جذيمة (1) السهمية: هاجرت إلى أرض الحبشة مع زوجها جهيم بن قيس. 3507 ـ أم حكيم بنت الزبير بن عبد المطلب بن هاشم، القرشية الهاشمية: أخت ضباعة بنت الزبير، كانت تحت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، أسلمت وهاجرت. روى عنها ابنها ابن أم حكيم. روى عن أم حكيم بنت الزبير عبد الله بن الحارث بن نوفل، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ضبابة بنت الزبير، فنهس (1) عندها كتفا ثم صلى وما توضأ من ذلك». 3508 ـ أم حكيم بنت عتبة بن أبى وقاص الزهرية: أخت هاشم ونافع ابن عتبة بن أبى وقاص، كانت من المهاجرات. 3509 ـ أم الحكم بنت أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية، القرشية الأموية: من مسلمة الفتح، كانت فى حين نزول: (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) [الممتحنة: 10] تحت عياض بن غنم الفهرى، فطلقها حينئذ، فتزوجها عبد الله بن عثمان الثقفى. هى أم عبد الرحمن بن أم الحكم. * * *

_ 3506 ـ سبق ذكرها فى الترجمة (3342). وهى: خولة بنت عبد الأسود. (1) فى الترجمة المتقدمة لها «بن حذافة». 3507 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3577، الإصابة ترجمة 11986، أسد الغابة ترجمة 7423، أعلام النساء 1/ 235، تجريد أسماء الصحابة 2/ 317، تقريب التهذيب 2/ 620، تهذيب التهذيب 12/ 463، الكاشف 3/ 487، تهذيب الكمال 3/ 1702، خلاصة تذهيب الكمال 3/ 398، بقى بن مخلد 542). (1) فى الاستيعاب: «فنهش». 3508 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3578، الإصابة ترجمة 11989، أسد الغابة ترجمة 7425). 3509 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3575، الإصابة ترجمة 11977، أسد الغابة ترجمة 7417).

حرف الخاء المعجمة

حرف الخاء المعجمة 3510 ـ أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاصى الأموية: اسمها أمة بنت خالد. تقدمت فى باب الألف. * * * من تكنى أم الخير 3511 ـ أم الخير بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، القرشية التيمية: أم أبى بكر الصديق، رضى الله عنهما. قال الزبير: كانت من المبايعات، بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال ابن دأب: أم أبى بكر الصديق رضى الله عنهما أم الخير، [هذا] (1) اسمها. 3512 ـ أم الخير بنت الزين الطبرى: هى جويرية، جدتى لأمى، تقدمت فى الجيم. 3513 ـ أم الخير بنت الإمام شهاب الدين أحمد بن الإمام رضى الدين بن محمد الطبرى، المكية: اسمها عائشة، كان القاضى شهاب الدين أحمد بن القاضى نجم الدين الطبرى ـ تزوجها، وولد له منها بنته خديجة وأم الحسن فاطمة ثم تزوجها الشيخ عبد الله بن أسعد الشافعى، وولد له منها أولاده: عبد الرحمن، وعبد الوهاب، وعبد الهادى، ثم تزوج عليها زينب بنت القاضى نجم الدين الطبرى، واجتمعا عنده بالمدينة النبوية. وتوفيتا فى سنة ست وستين وسبعمائة، بالمدينة النبوية، ودفنتا بالبقيع. 3514 ـ أم الخير بنت الشيخ أبى العباس أحمد بن محمد بن عبد المعطى الأنصارى المكية [ ..... ] (1) 3515 ـ أم الخير بنت الشيخ أبى العباس: تزوجها شيخنا الجمال بن أبى بكر المرشدى، وأولدها أولاده: أبا بكر، وأبا عبد الله، وأحمد، وأبا حامد، وعمر.

_ 3510 ـ سبق ذكرها فى الترجمة (3309). 3511 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3583). (1) فى الأصول: «عند». وما بين المعقوفتين أوردناه من الاستيعاب. 3514 ـ (1) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

3516 ـ أم الخير بنت دانيال اللرستانى

وماتت فى ضحى يوم الثلاثاء رابع شعبان، سنة ثمان عشرة وثمانمائة، ودفنت عصر يومها بالمعلاة. انتهى من خط الوالد عمر بن فهد الهاشمى، رحمة الله عليه، وذكر أنه نقل الوفاة وحدها من خط محمد بن موسى المراكشى. 3516 ـ أم الخير بنت دانيال اللرستانى: أم أحمد المكية، كان الشريف على بن أبى عبد الله الفاسى تزوجها، وولد له منها ولدى أحمد، وأختاه شقيقتاه: أم هانئ وأم الهدى. وكانت خيرة، وتوفيت فى آخر عشر الستين وسبعمائة، بمكة، ودفنت بالمعلاة. 3517 ـ أم الخير بنت الشيخ عبد الوهاب بن الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعى المكية: أمها زينب بنت أبى الخير بن أبى عبد الله الشريف الفاسى. ولدت فى يوم الأربعاء سابع عشر صفر، سنة ثمان وسبعين وسبعمائة. وتزوجها ابن خالها الشريف أبو عبد الله بن الشريف عبد الرحمن الفاسى، فى سنة تسعين وسبعمائة، ثم طلقها بعد سنين، وتزوجها تاج الدين السمنودى، ثم طلقها، وتزوجها الشريف أبو الخير بن عبد الرحمن الفاسى، وطلقها بعد قليل، وتزوجها بعده أخوه أبو عبد الله، فى سنة ست وثمانمائة ومات عنها. وتوفيت بعده قبل أن تستكمل عدتها فى ثالث عشرى جمادى الآخرة، سنة ثلاث وعشرين ثمانمائة، بمكة ودفنت بالمعلاة. وتوفيت أختها فاطمة بنت عبد الوهاب اليافعى، فى ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وثمانمائة، بعد وفاة فاطمة بأيام قليلة. وتوفيت فاطمة بنت الأديب شمس الدين محمد بن عبد الله الأستجى، والدة أم هانئ المذكورة، فى جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وثمانمائة، رحمهم الله. * * *

حرف الراء

حرف الراء 3518 ـ أم رومان ـ يقال بفتح الراء وضمها ـ بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتاب بن أذينة بن سبيع بن دهمان بن الحارث بن غنم بن مالك بن كنانة: هكذا نسبها مصعب، وخالفه غيره، والخلاف من أبيها إلى كنانة كثير جدا. وأجمعوا أنها من بنى غنم بن مالك بن كنانة. امرأة أبى بكر الصديق، وأم عائشة وعبد الرحمن ابنى أبى بكر الصديق، رضى الله عنهم. وتوفيت فى حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك فى سنة ست من الهجرة، فنزل النبى صلى الله عليه وسلم قبرها، واستغفر لها، وقال: «اللهم لم يخف عليك ما لقيت أم رومان فيك وفى رسولك». وروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من سره أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى أم رومان». وماتت فيما زعموا فى ذى الحجة سنة أربع أو خمس، عام الخندق. وقال الزبير: سنة ست، فى ذى الحجة. وكذلك قال الواقدى، سنة ست فى ذى الحجة. 3519 ـ أم ريم بنت على بن ثاقب، القرشية السهمية المكية: أجاز لها فى سنة ثلاث عشرة وسبعمائة الدشتى، والقاضى سليمان بن حمزة، والمطعم، وجماعة. وذكر لى شيخنا ابن ظهيرة أنها كانت صالحة من خيار النساء وأعيانهن. وهى أم أولاد القاضى جمال الدين بن فهد: أحمد، وعلى، ويحيى، وأبى الخير محمد، وأم كلثوم. وتوفيت بالمدينة النبوية فى سنة ثمان وستين وسبعمائة، ودفنت بالبقيع. وتوفيت بنتها أم كلثوم بنت القاضى جمال الدين محمد بن عبد الله بن فهد الهاشمى، فى سنة سبع وسبعين، بمكة، وهى أم أولاد القاضى شهاب الدين أحمد بن ظهيرة. * * *

_ 3518 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3586، الإصابة ترجمة 12027، أسد الغابة ترجمة 7450، الثقات 3/ 459، أعلام النساء 1/ 405، تجريد أسماء الصحابة 2/ 320، تقريب التهذيب 2/ 621، تهذيب التهذيب 12/ 467، الكاشف 3/ 488، تهذيب الكمال 3/ 1703، بقى بن مخلد 1004، خلاصة تهذيب الكمال 3/ 399، تلقيح فهوم أهل الأثر 321، 387).

حرف السين

حرف السين 3520 ـ أم سلمة، زوج النبى صلى الله عليه وسلم: اسمها هند. تقدمت. 3521 ـ أم سليمان: صاحبة الزواية بسوق الليل بمكة، والحوض والسبيل والتربة، بالمعلاة. جاورت بمكة سنين كثيرة، وحصل لها فيها شهرة. وتوفيت فى شهر صفر أو ربيع الأول، من سنة اثنتين وثمانمائة، ودفنت بتربتها بالمعلاة. * * * حرف الشين المعجمة 3522 ـ أم شريك، القرشية العامرية: اسمها غزية بنت دودان بن عوف. سبقت فى الغين المعجمة. 3523 ـ أم شيبة الأزدية: مكية. روى عنها عبد الملك بن عمير. حديثها فى أدب المجالسة حديث حسن. ذكرها هكذا صاحب الاستيعاب. * * * حرف العين 3524 ـ أم عثمان بنت سفيان، القرشية الشيبية العبدرية، أم بنى شيبة الأكابر: كانت من المبايعات روت عنها صفية بنت شيبة. وروى عبد الله بن مسافع، عن أمه، عنها.

_ 3520 ـ سبق ذكرها فى الترجمة (3482). 3522 ـ سبق ذكرها فى الترجمة (3425). 3523 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3604، الإصابة ترجمة 12105، أسد الغابة ترجمة 7498). 3524 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3617، الإصابة ترجمة 12166، أسد الغابة ترجمة 7536، تجريد أسماء الصحابة 2/ 328، بقى بن مخلد 976، أعلام النساء 3/ 251، تقريب التهذيب 2/ 622، الكاشف 3/ 490، تهذيب الكمال 3/ 1704، تلقيح فهوم أهل الأثر 387).

3525 ـ أم عبيس

3525 ـ أم عبيس (1): قال الزبير: كانت فتاة لبنى تيم بن مرة، فأسلمت. وكانت ممن يعذب فى الله تعالى، فاشتراها أبو بكر رضى الله عنه فأعتقها. * * * حرف الفاء 3526 ـ أم فروة بنت أبى قحافة عثمان، القرشية التيمية: أخت أبى بكر الصديق رضى الله عنهما. أمها هند بنت نفير (1) بن بجير بن عبد بن قصى. هى التى زوجها أبو بكر الصديق رضى الله عنه، من الأشعث بن قيس الكندى، فولدت له محمدا وإسحاق، وحبابة وقريبة. وأم فروة كانت من المبايعات. 3527 ـ أم الفضل بنت حمزة بن عبد المطلب بن هاشم، القرشية الهاشمية: روى عنها عبد الله بن شداد، قالت: توفى مولى لنا وترك ابنة وأختا، فأنيا رسولصلى الله عليه وسلم، فأعطى الابنة النصف (1). * * *

_ 3525 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3616). (1) فى الاستيعاب: «عبس». 3526 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3628، الإصابة ترجمة 12201، أسد الغابة ترجمة 7565، الثقات 3/ 460، أعلام النساء 4/ 160، تجريد أسماء الصحابة 2/ 331، تقريب التهذيب 2/ 623). (1) فى الاستيعاب: «نفيل». 3527 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3630، الإصابة ترجمة 12205، أسد الغابة ترجمة 7567، أعلام النساء 4/ 170، تجريد أسماء الصحابة 2/ 331، تلقيح فهوم أهل الأثر 367، الجرح والتعديل 9/ 465). (1) انتهى الكلام إلى هنا. وفى الاستيعاب: «وأعطى الأخت النصف».

حرف القاف

حرف القاف 3528 ـ أم قيس بنت محصن بن حرثان (1) الأسدية: أخت عكاشة بن محصن، أسلمت بمكة قديما، وبايعت النبى صلى الله عليه وسلم، وهاجرت إلى المدينة. روى عنها من الصحابة رضى الله عنهم وابصة بن معبد، وروى عنها عبيد الله بن عبد الله، ونافع مولى حمنة بنت شجاع. * * * حرف الكاف 3529 ـ أم كلثوم بنت سيدنا رسول صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، القرشية الهاشمية: أمها خديجة بنت خويلد رضى الله عنها، ولدتها قبل فاطمة، وقبل رقية، فيما ذكر مصعب. وقال غيره: كانت أم كلثوم أصغر، ولم يختلفوا أن عثمان رضى الله عنه إنما تزوج أم كلثوم بعد رقية، وكان نكاحه إياها فى سنة ثلاث من الهجرة، بعد موت رقية رضى الله عنها، وكان نكاحه لها فى ربيع الأول، وبنى عليها فى جمادى الآخر، من السنة الثالثة من الهجرة. وتوفيت فى سنة تسع من الهجرة، وصلى عليها أبوها رسول صلى الله عليه وسلم، ونزل فى حفرتها على والفضل وأسامة بن زيد، رضى الله عنهم. وقد روى أن طلحة الأنصارى رضى الله عنه أستأذن رسول صلى الله عليه وسلم أن ينزل معهم فى

_ 3528 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3631، الإصابة ترجمة 12213، أسد الغابة ترجمة 7571، الثقات 3/ 459، أعلام النساء 4/ 224، تجريد اسماء الصحابة 2/ 332، تقريب التهذيب 2/ 623، تهذيب التهذيب 12/ 476، الكاشف 3/ 491، تهذيب الكمال 3/ 1705، تلقيح أهل الأثر 367). (1) هكذا فى الأصول، وفى الاستيعاب: «جرثان». 3529 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3635، الإصابة ترجمة 12226، أسد الغابة ترجمة 7581، طبقات ابن سعد 8/ 37 ـ 39، تاريخ خليفة 66، المعارف 126، 141، 142، تاريخ الفسوى 3/ 159، المستدرك 4/ 48 ـ 49، العبر 1/ 5، 10، مجمع الزوائد 9/ 216، شذرات الذهب 1/ 10، 13، 16، 17، سير أعلام النبلاء 2/ 252).

3530 ـ أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط، واسم أبى معيط أبان بن أبى عمرو، واسم أبى عمرو ذكوان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف

قبرها، فأذن له، وغسلتها أسماء بنت عميس، وصفية بنت عبد المطلب. وهى التى شهدت أم عطية غسلها، وحكت قول رسول صلى الله عليه وسلم: «أغسلها ثلاثا، أو أكثر من ذلك» ـ الحديث. انتهى. 3530 ـ أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط، واسم أبى معيط أبان بن أبى عمرو، واسم أبى عمرو ذكوان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف: أمها أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف. أسلمت أم كلثوم بنت عقبة بمكة قبل أن تأخذ النساء فى الهجرة إلى المدينة، ثم هاجرت وبايعت، فهى من المهاجرات المبايعات. وقيل: هى أول من هاجر من النساء، كانت هجرتها فى سنة سبع، من الهدنة التى كانت بين رسول صلى الله عليه وسلم وبين المشركين من قريش. قال أبو عمر: يقولون: إنها مشت على قدميها من مكة إلى المدينة، فلما قدمت المدينة تزوجها زيد بن حارثة، فقتل عنها يوم مؤتة، فتزوجها الزبير بن العوام، فولدت له زينب، ثم طلقها، فتزوجها عبد الرحمن بن عوف، ومات عنها، فتزوجها عمرو بن العاص، فمكثت عنده شهرا وماتت. وهى أخت عثمان لأمه. عن الزهرى قال: أخبرنى حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن أمه أم كلثوم بنت عقبة ابن أبى معيط، وكانت من المهاجرات اللاتى بايعن النبى صلى الله عليه وسلم وأخبرته أنها سمعت رسول اللهصلى الله عليه وسلم يقول: «ليس بالكذاب الذى يقول خيرا أو ينمى خيرا، ليصلح بين الناس». 3531 ـ أم كلثوم بنت البرهان إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد الأردبيلى: كان فيها خير ودين، تزوجها الرضى محمد بن أحمد بن الرضى الطبرى، فولدت له بنتا تسمى فاطمة، وتكنى أم الأمان، ثم مات عنها، وتزوجها الشيخ أبو بكر بن الشيخ على بن عبد الله الطواشى، وولد له منها ابن اسمه أحمد، ثم تزوجها المحب محمد أخو الرضى السابق، وأقامت معه سنين، وولدت له أولا درجوا صغار، وجمع بينها وبين أم الحسن بنت أبى العباس بن عبد المعطى مدة، ثم حنث فى أم كلثوم، ولم تتزوج بعده أحدا حتى ماتت.

_ 3530 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3637، الإصابة ترجمة 12231، أسد الغابة ترجمة 7585، الأعلام 4/ 231، طبقات ابن سعد 8/ 230 ـ 232، طبقات خليفة 332، تاريخ خليفة 86، المعارف 237، المستدرك 4/ 66، تهذيب الكمال 1704، تهذيب التهذيب 12/ 477 ـ 478، خلاصة تذهيب الكمال 499، كنز العمال 13/ 626، سير أعلام النبلاء 2/ 276).

3532 ـ أم كلثوم بنت الشيخ أبى عبد الله محمد بن على بن يحيى الغرناطى

وكان موتها فى شوال سنة أربع عشرة وثمانمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة. 3532 ـ أم كلثوم بنت الشيخ أبى عبد الله محمد بن على بن يحيى الغرناطى: أم زين الدين الطبرى، المكية، أجاز لها ولأختها أم الحسين، فى استدعاء مؤرخ بسلخ رمضان سنة سبع وعشرين وسبعمائة: الوانى والدبوسى، والختنى، وإبراهيم العراقى ووجيهية، وآخرون من مصر والإسكندرية. وكان القاضى شهاب الدين الطبرى تزوجها، وهى أم ابنته أم الحسين، المقدم ذكرها. ثم تزوجها عمه القاضى زين الدين الطبرى، وهى أم ولده شيخنا زين الدين محمد. وتوفيت سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة، بمكة، ودفنت بالمعلاة. وأختها أم الحسين هى أم عمتى منصورة بنت على بن عبد الله الفاسى. 3533 ـ أم كلثوم بنت الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف بن الحسن بن محمود، الزرندية المدنية المكية: أمها أم الحسن فاطمة بنت الفقيه أحمد بن قاسم الحرازى، ونشأت بمكة، وتزوجها أبو عبد الله بن عبد الكريم بن ظهيرة، فولدت له أم الحسين وأم الخير وأم الهدى. وتوفيت بمكة فى جمادى الأولى، سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، ودفنت بالمعلاة. وهى أخت الفقيه سراج الدين عبد اللطيف بن محمد الزرندى المدنى. وتوفيت ابنتها أم الخير فى سنة سبع وعشرين وثمانمائة، وهى زوج الفقيه عفيف الدين عبد الله بن القاضى تقى الدين الحرازى، وأم أولاده المحمدين: تقى الدين وأبى الفضل وأبى عبد الله، وعلى وعمر ومنصورة، وتوفيت قبلها بسنين كثيرة أختها أم الحسين بنت أبى عبد الله. 3534 ـ أم كلثوم بنت القاضى جمال الدين محمد بن عبد الله بن محمد بن فهد، القرشية الهاشمية: أم أبى الفضل المكية، أجاز لها فى سن إحدى وعشرين وسبعمائة وما بعدها الرضى الطبرى، وأبو العباس والحجار، وأحمد بن كشتغدى، وأخوه محمد، والقطب الحلبى، وعلى بن إسماعيل بن قريش، والقاضى بدر الدين بن جماعة، وعلى بن إسماعيل القونوى، وأبو الفتح الميدوى، ومحمد بن غالى الدمياطى، والحافظ أبو الحجاج المزى، ويوسف بن عمر الختنى، ويونس الدبوسى، وخليل بن كيكلدى العلائى، وسالم

3535 ـ أم الكامل بنت أمير مكة الشريف أحمد بن عجلان بن رميثة، الحسنية المكية

المؤذن، وجماعة. وما علمتها حدثت. وكانت خيرة ذات عفة وصيانة. وكان القاضى شهاب الدين أحمد بن ظهيرة تزوجها عقيب موت والدها بقليل، وولدت له أولاده الذين سبق ذكرهم وهم أبو الفضل محمد، وأم الحسين وأم كمال عائشة، وعلماء وغيرهم. وتوفيت فى سنة سبع وسبعين وسبعمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة. انتهى. أخبرنى القاضى نجم الدين محمد بن القاضى كمال الدين أبى البركات بن ظهيرة القرشى، عن جدته أم كلثوم ابنة القاضى جمال الدين محمد بن عبد الله بن فهد الهاشمى، أنها أقامت مع زوجها القاضى شهاب الدين أحمد بن ظهيرة سنة كاملة لم يروجهها، وأقام معها إلى أن ماتت لم ير مفرق رأسها، بل ولم ير شعر رأسها أيضا، ولم يرها تأكل إذا رأت أحدا من بناتها مكشوفة الرأس تضاربها على ذلك. وكانت خيرة عاقلة، ذات عفة وصيانة. انتهى. 3535 ـ أم الكامل بنت أمير مكة الشريف أحمد بن عجلان بن رميثة، الحسنية المكية: كان قريبها الشريف محمد بن محمود بن أحمد بن رميثة تزوجها، وتوفيت سنة ثلاث وثمانمائة. 3536 ـ أم كرز الخزاعية الكعبية: مكية، روت عن النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث، منها قوله: فى العقيقة «عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة» (1).

_ 3536 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3634، الإصابة ترجمة 12223، أسد الغابة ترجمة 7578، بقى بن مخلد 188، أعلام النساء 4/ 239، الثقات 3/ 459، 464، تجريد أسماء الصحابة 2/ 332، تقريب التهذيب 2/ 623، تهذيب التهذيب 12/ 477، الكاشف 3/ 491، تهذيب الكمال 3/ 1705، تلقيح فهوم أهل الأثر 330). (1) أخرجه الترمذى فى سننه كتاب الأضاحى حديث رقم (1516) من طريق: الحسن ابن على الخلال، حدثنا عبد الرزاق، عن ابن جريج، أخبرنا عبيد الله بن أبى يزيد، عن سباع بن ثابت أن محمد بن ثابت بن سباع أخبره أن أم كرز أخبرته أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال: «عن الغلام شاتان وعن الأنثى واحدة ولا يضركم ذكرانا كن أم إناثا». قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وأخرجه النسائى فى سننه كتاب العقيقة حديث رقم (4212، 4216، 4217، ـ

حرف الميم

روى عنها عطاء، ومجاهد، وسباع بن ثابت، وحبيبة بنت ميسرة. * * * حرف الميم 3537 ـ أم مالك البهزية المكية، صحابية: روى عنها طاوس، وروى لها الترمذى (1)، وذكرها مسلم فى الصحابيات المكيات. 3538 ـ أم مرثد الأسلمية، ويقال: الغنوية: أسلمت يوم الفتح، وبايعت النبى صلى الله عليه وسلم، روت عنها أم خارجة، امرأة زيد بن ثابت أن النبى صلى الله عليه وسلم قال يوما: «يشرف عليكم من هذا الوادى رجل من أهل الجنة» فأشرف عليهم على بن أبى طالب، رضى الله عنه. 3539 ـ أم السعود بنت الشريف أحمد بن عجلان بن رميثة، الحسنية المكية: كان الشريف عنان بن مغامس تزوجها فى حياة أبيها، وفى أيام عرسه عليها قتل

_ ـ 4218)، وأبو داود فى سننه كتاب الضحايا حديث رقم (2834، 2835، 2836، 2842)، وابن ماجة فى سننه كتاب الذبائح حديث رقم (3162)، وأحمد فى المسند بمسند المكثرين من الصحابة حديث رقم (6674، 6783) وباقى مسند الأنصار (23508، 26598، 26601، 26602) ومسند القبائل (26823، 26825، 26826، 26827، 27035)، والدارمى فى سننه كتاب الأضاحى حديث رقم (1966، 1968). 3537 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3641، الإصابة ترجمة 12244، أسد الغابة ترجمة 7589، أعلام النساء 5/ 12، تجريد أسماء الصحابة 2/ 334، تقريب التهذيب 2/ 624، تهذيب التهذيب 12/ 479، الكاشف 3/ 492، تهذيب الكمال 3/ 1706، بقى بن مخلد 971، تلقيح فهوم أهل الأثر 387). (1) روى لها الترمذى فى سننه كتاب الفتن حديث رقم (2177) من طريق: عمران بن موسى القزاز البصرى، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، حدثنا محمد بن جحادة، عن رجل، عن طاوس، عن أم مالك البهزية، قالت: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فقربها قالت: قلت يا رسول الله: من خير الناس فيها. قال: «رجل فى ماشيته يؤدى حقها ويعبد ربه ورجل آخذ برأس فرسه يخيف العدو ويخيفونه». قال أبو عيسى: وفى الباب عن أم مبشر وأبى سعيد وابن عباس وهذا حديث حسن غريب من هذا الوجه وقد رواه الليث بن أبى سليم عن طاوس عن أم مالك البهزية عن النبى صلى الله عليه وسلم. 3538 ـ انظر ترجمتها فى: (الاستيعاب ترجمة 3643، الإصابة ترجمة 12252، أسد الغابة ترجمة 7596، تجريد أسماء الصحابة 2/ 335، أعلام النساء 5/ 33).

حرف الهاء

أخوه محمد بن مغامس بوادى مر، وأقامت عنده سنين، وطلقها، ثم تزوجها الشريف محمد بن جار الله بن أبى سعد بن أبى نمى، ثم طلقها، وتزوجها الشريف مسور بن على بن مبارك بن رميثة، وماتت عنده بعد سنة عشر وثمانمائة بقليل، بمكة ودفنت بالمعلاة. * * * حرف الهاء 3540 ـ أم هانئ بنت أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم، القرشية الهاشمية المكية: اختلف فى اسمها، فقيل: هند، وقيل: فاختة، وقيل: فاطمة. وروى لها عن النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث. وروى عنها ابنها جعدة المخزومى، وحفيدها يحيى بن جعدة، ومولياها أبو مرة، وبازان، وابن عمها عبد الله بن عباس، وآخرون. وروى لها الجماعة. وكانت أسلمت يوم الفتح وأجارت رجلا، فأنفذ النبى صلى الله عليه وسلم جيرتها وأجاره، وصلى الضحى فى بيتها. وما علمت متى توفيت إلا أن الذهبى قال: لعلها توفيت بعد الخمسين. وذكرها مسلم فى الصحابيات المكيات. انتهى. أكملت هذه الترجمة من المختصر الأول لهذا التاريخ للمصنف. 3541 ـ أم هانئ بنت الشريف أحمد بن على بن أبى عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الحسنى الفاسى المكية: أختى لأبى، كان الشريف حسن بن عجلان تزوجها فى المحرم، سنة خمس وثمانمائة، وولدت له ولدا يسمى عبد الله، فى ذى القعدة أو شوال من هذه السنة، بعد طلاقها منه. ومات عبد الله فى سنة ست وثمانمائة، وتزوجها الشريف جسار بن قاسم بن قاسم ابن أبى نمى، وولدت له ولدا يسمى جار الله، ثم طلقها وتزوجها بعده الشريف حمزة، وولدت له بنتا، وطلقها بعد أيام قلائل.

_ 3540 ـ سبق ذكرها فى حرف الفاء باسم فاختة الترجمة (3461 م) وفى حرف الهاء باسم هند الترجمة (3484).

3542 ـ أم هانئ بنت الشيخ أبى العباس أحمد بن محمد بن عبد المعطى الأنصارى، المكية

وماتت فى آخر يوم من المحرم سنة ست عشرة وثمانمائة، بمكة، ودفنت بالمعلاة، وهى فى أوائل عشر الأربعين. 3542 ـ أم هانئ بنت الشيخ أبى العباس أحمد بن محمد بن عبد المعطى الأنصارى، المكية: كانت من الصالحات الخيرات، ورئيت لها سمات تدل على خيرها. وهى زوجة شيخنا أبى اليمن الطبرى وأم أولاده: أبى الوفاء محمد، وعبد الله، وعبد الهادى، وحسنة، وعلماء، وأم الحسن نسيم، وأم الخير، وأخت والدى من الرضاع. وتوفيت فى رمضان سنة سبع وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة. 3543 ـ أم هانئ بنت القاضى شهاب الدين أحمد بن ظهيرة، القرشية المخزومية المكية: كانت زوجا لعمر بن حسين بن على بن ظهيرة وولدت له أحمد، وماتت عنده فى سنة تسع وتسعين وسبعمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة. وأمها فاطمة بنت القاضى تقى الدين الحرازى. ولم تبلغ الثلاثين. 3544 ـ أم هانئ بنت الشريف على بن الشريف أبى عبد الله محمد بن محمد ابن عبد الرحمن الحسنى الفاسى، المكية: كان ابن عمها الشريف عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى، تزوجها، وولدت له أربعة ذكور هم المحمدون: أبو الخير، والمحب أبو عبد الله، وأبو البركات أبو السرور، وأبو حامد، وماتت عنده فى أواخر شعبان، سنة أربع وثمانين وسبعمائة، بمكة ودفنت بالمعلاة. وكان فيها خير ودين. 3545 ـ أم هانئ بنت البهاء الخطيب بمكة، محمد بن عبد الله بن المحب الطبرى، المكية: أم الشريف أبى الفتح الفاسى، أجاز لها فى سنة ثمان وعشرين وسبعمائة من دمشق أبو العباس الحجار وجماعة، وما علمتها حدثت. وكانت من الخيرات، كثيرة الذكر، وهى أم سيدى الشريف أبى الفتح بن أحمد بن أبى عبد الله محمد بن عبد الرحمن الفاسى وأخيه عبد اللطيف، وأختهما شريفة.

3546 ـ أم الهدى بنت القاضى شهاب الدين أحمد بن ظهيرة، القرشية المخزومية المكية

وتوفيت قبل الثمانين وسبعمائة بيسير، أو بعدها بيسير، بمكة ودفنت بالمعلاة. وتوفيت أختها سعيدة بنت البهاء الخطيب قبلها بيسير، بمكة. 3546 ـ أم الهدى بنت القاضى شهاب الدين أحمد بن ظهيرة، القرشية المخزومية المكية: أمها فاطمة بنت القاضى الدين الحرازى، وتزوجها القاضى جمال الدين محمد بن على النويرى، فى سنة ثمان وتسعين وسبعمائة، وأقامت عنده سنين، ولم تلد له، وماتت عنده فى آخر ربيع الأول، سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة، ودفنت بالمعلاة. 3547 ـ أم الهدى بنت جمال الدين محمد بن عيسى بن محمود بن عالى القرشية: أم الهدى ابنة محمد بن عيسى. أمها أم الحسين بنت الوجيه عبد المعطى، وأخوها لأمها عبد الكريم بن على بن عبد الكريم بن أحمد بن عطية بن ظهيرة، لأن أمه أم الحسين المذكورة. زوج القاضى نور الدين على النويرى، وأم أولاده. كان القاضى نور الدين على النويرى تزوجها فى سنة سبعين وسبعمائة، وولدت له أولادا كثيرين، ذكورا وإناثا، هم: المحمدان أبو عبد الله وأبو البركات، وأحمد، وعبد العزيز، وعبد الله، وخديجة، وزينب توفيق، وفاطمة، وأم الحسين، وأم الوفاء الصغرى، وكمالية الصغرى، وعبد الرحمن، ورأيت بخط والدى فى مكان دون مكان، وأبو بكر سبق منهم جماعة. وماتت فى سنة أربع وعشرين وثمانمائة بمكة. وتوفيت ابنتها أم الحسين بنت القاضى على النويرى فى سنة سبع وعشرين وثمانمائة. وكان الخطيب أبو الفضل محب الدين النويرى تزوجها، وولدت له عدة أولادهم: المحمدون: أبو القاسم، وأبو الفتح، وأبو الفضل، وعبد القادر، وكمالية، وأم الخير. انتهى. * * * حرف الواو 3548 ـ أم ودان بنت أمير مكة إدريس بن قتادة بن إدريس الحسنية المكية: زوج الشريف رميثة أمير مكة، كان الشريف رميثة بن أبى نمى الحسنى تزوجها، وولد له منها ابنه أحمد بن رميثة. وماتت بعد سنة أربعين وسبعمائة، ومات ابنها أحمد بن رميثة قبلها بقليل، وعلت سنها كثيرا. وكانت ذات رئاسة كبيرة وحشمة. * * *

ذكر من لم يعرف اسمها من النساء

ذكر من لم يعرف اسمها من النساء 3549 ـ أم ابن أم قاسم، شارح «الألفية»: ماتت بمكة. رأيت ذلك فى المجموع لقاضى المدينة شمس الدين محمد بن أحمد السخاوى القصبى المالكى. 3550 ـ ابنة أبى الحسن المكى، الزاهدة العابدة: كانت مقيمة بمكة حتى توفيت بها، فى سنة ست وثلاثين وستمائة، كما ذكر صاحب «المرآة». وقال: حدثنا غير واحد، عن محمد بن أبى طاهر البزار، عن القاضى على بن المحسن التنوخى، عن أبيه، قال: حدثنى عبيد الله بن أحمد بن بكر، قال: كان لأبى الحسن المكى ابنة مقيمة بمكة، وكانت أشد ورعا من أبيها وكانت تقتات فى كل سنة بثلاثين درهما، يبعثها إليها أبوها من شق الخوص. قال: وأخبرنى ابن أبى الرواس، وكان جارا لأبى الحسن المكى، قال: عزمت على الحج، فأتيته أستعرض حوائجه، فدفع إلى قرطاسا فيه دراهم، وقال: ترسله إلى ابنتى بمكة، فى الموضع الفلانى، قال: فأخذته، فلما وصلت إلى مكة سألت عنها، فوجدتها فى الزهد والعبادة أشهر من أبيها، ففتحت القرطاس وجعلت الثلاثين خمسينا وأتيت إليها، فسلمت عليها، وقلت: أبوك يسلم عليك، وقد بعث لك هذه الدراهم، فلما حصل القرطاس فى يدها، قالت: ايش خبر أبى؟ قلت: على خير وسلامة، قالت: هل خالط أبناء الدنيا وترك الانقطاع إلى العبادة؟ قلت: لا، قالت: فأسألك بمن حججت إلى بيته، هلى خلطت هذه الدراهم بشيء من مالك؟ قلت: ومن أين علمت؟ فقالت: ما كان أبى يزيدنى على الثلاثين شيئا، لأن حاله لا يحتمل أكثر من ذلك، إلا أن يكون قد خالط أهل الدنيا. ثم رمت بالقرطاس وقالت: خذه فقد عققتنى وأجعتنى طول السنة، وأحوجتنى إلى أن أقتات من المزابل إلى الموسم الآخر، لأن هذه كانت قوتى طول السنة، ولولا أنك ما قصدت أذاى لدعوت عليك. قال: فقلت لها: خذى ثلاثين وردى الباقى.

3551 ـ عابدة مكية

قالت: ما أعرفها بعينها وقد اختلطت، ولا آخذ مالا لا أدرى من أين هو. قال: فأغتممت، وعدت إلى أبيها، فأخبرته واعتذرت. فقال: لا آخذها، وقد اختلطت بغير مالى، فقد عققتنى وإياها. فقلت: فما أصنع بها؟ قال: تصدق بها. 3551 ـ عابدة مكية: قال مالك بن دينار: رأيت بمكة امرأة من أحسن الناس عينين، فكن النساء يجئن فينظرن إليها، فأخذت فى البكاء، فقيل لها: تذهب عيناك، فقالت: إن كنت من أهل الجنة فسيبدلنى عينين أحسن من هاتين، وإن كنت من أهل النار فسيصيبها أشد من هذا. قال: فبكت حتى ذهبت إحدى عينها. انتهى. 3552 ـ عابدة أخرى: قال ابن أبى رواد: كانت عندنا بمكة امرأة تسبح كل يوم اثنتى عشرة ألف تسبيحة، فماتت فلما بلغت القبر اختلست من أيدى الرجال. انتهى. ذكر هاتين الترجمتين كما ذكرنا العلامة محيى الدين عبد القادر بن محمد بن على العمرى الحجار المدنى الحنبلى فى «مختصره» لكتاب أحكام النساء وما يتعلق بهن، للإمام أبى الفرج عبد الرحمن بن على بن الجوزى، رحمه الله تعالى. انتهى (1). * * *

_ (1) على هامش الأصل المخطوط تم الجزء الرابع. وبتمامه تم جميع كتاب العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين، تأليف السيد الشريف الإمام العلامة الحافظ المؤرخ قاضى المسلمين أبى الطيب محمد تقى الدين بن الإمام العلامة أقضى القضاة شهاب الدين أبى العباس أحمد بن على الحسنى الفاسى المكى المالكى، تغمدهم الله بالرحمة والرضوان، وأسكنهم فسيح الجنان، فى يوم الثلاثاء المبارك سادس يوم من شهر شعبان، من شهور سنة 1117، على يد أفقر العباد الراجى عفو ربه ذى الطول محمد الطودى غفر الله له ولوالديه وللمسلمين أجمعين ولمن يقول: آمين آمين.

§1/1