العزلة والانفراد

ابن أبي الدنيا

ـ[العزلة والانفراد]ـ المؤلف: أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس البغدادي الأموي القرشي المعروف بابن أبي الدنيا (المتوفى: 281هـ) المحقق: مسعد عبد الحميد محمد السعدني الناشر: مكتبة الفرقان - القاهرة عدد المجلدات: 1 [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]

_ الكتاب مرتبط بنسخة مصورة لطبعة أخرى (ط دار الوطن - الرياض / السعودية تحقيق الشيخ مشهور حسن آل سلمان)

مقدمة التحقيق

بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة التحقيق إن الحمد لله نحمده ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهذ أن محمدًا عبده ورسوله. أمّا بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. وبعد: فهذا كتاب للإمام الحافظ الواعظ ابن أبي الدنيا، فيه حثٌّ على العزلة، وترغيب في الإنفراد، وترك المخالطة. والعُزلة اختلف فيها الناس بين مؤيد لها، وبين رافض لها. فذهب إلى اختيار العزلة، وتفضيلها على المخالطة: سفيان الثوري، وإبراهيم بن أدهم، وداود الطائي، وفضيل بن عياض، وسليمان الخواص، ويوسف بن أسباط، وحذيفة المرعشي، وبشر الحافي، كذا في " الإحياء " (2/22) . أمّا من رفضها وفضل المخالطة: سعيد بن المسيب، والشَّعبي، وابن أبي ليلى، وهشام بن عروة، وابن شبرمة، وشُريح القاضي، وشريك بن عبد الله، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك، ومحمد بن إدريس الشافعي، وأحمد ابن جنبل، وجماعة. الإحياء (2/222) . وقد احتجَّ هؤلاء بما رواه مسلم وغيره، من حديث أبي هريرة، مرفوعًا بلفط: " من ترك الجماعة فمات فميتته جاهلية ". قال الغزالي أبو حامد في " الإحياء " (2/222) : " وهذا ضعيف ـ أي رأي ضعيف وليس الحديث ـ لأن المراد به: الجماعة التي اتفقت آراؤهم على لإمام بعقد البيعة، فالخروج عليهم بغي، وذلك مخالفة بالرأي وخروج عليهم، وذلك محظور لاضطرار الخلق إلى الإمام يجمع رأيهم، ولا يكون ذلك إلاَّ بالبيعة

من الأكثر، فالمخالفة تشويش مثير للفتنة، فليس في هذا تعرض للعزلة اهـ. وللمزيد انظر: الإحياء (2/222 ـ 224) . وعن فوائد العزلة، يقول الغزالي في: الإحياء " (2/226 ـ وما بعدها) : الفائدة الأولى: التفرغ للعبادة والفكر والاستئناس بمناجات الله تعالى عن مناجاة الخلق. الفائدة الثانية: التخلص بالعزلة عن المعاصي التي يتعرض الإنسان لها غالبًا بالمخالطة، ويسلم منها في الخلوة، وهي أربع " الغيبة، والنميمة، والرياء، والسكوت عن الأمر بالمعروف الونهي عن المنكر، ومسارقة الطبع من الأخلاق الرديئة، والأعمال الخبيثة التي يوجبها الحرص على الدنيا. الفائدة الثالثة: الخلاص من الفتن والخصومات وصيانة الدين والنفس عن الخوض فيها والتعرض لأخطارها، وقلما تخلو البلاد عن تعصبات وفتن وخصومات، فالمعتزل عنهم في سلامة منها. الفائدة الرابعة: الخلاص من شر الناس. الفائدة الخامسة: أن ينقطعَ الناسُ عنك، وينقطع طمعك عن الناس. الفائدة السادسة: الخلاص من مشاهدة الثقلاء، والحمقى، ومقاساة حمقهم وأخلاقهم، فإن رؤية الثقيل هي العمى الأصغر. اهـ بتصرف. وقال أبو حاتم بن حِبَّان في " روضة العقلاء " (ص 81) : " الواجب على العاقل لزوم الاعتزال عن الناس عامًا، مع توقي مخالطتهم؛ إذ الاعتزال من الناس لو يُكَدِّر وجود السلامة بلزوم السبب المؤدي إلى المناقشة ". وللمزيد انظر: مختصر منهاج القاصدين (ص 111 ـ 114) ، وموعظة المؤمنين للقاسمي (2/132) ، والأمر بالعزلة، لابن الوزير (ص 27 ـ وما بعده / ط. دار الصحابة للتراث) .

آفات العزلة: أمّا آفات العزلة فهي سبع، في العزلة حرمان منها وابتعاد عنها وهي: 1 - التعليم والتعلم، وهما أعظم العبادات، والعزلة قبل تعلم العلم المفروض عصيان. 2 - النفع والانتفاع، لأن كلاٌّ منهما بالمخالطة. 3 - التأديب والتأدب، بقهر الشهوات، وهو أفضل من العزلة لمن لم تتهذب بعد أخلاقه. 4 - الاستئناس والإيناس، وذلك قد يكون حرامًا، كمجالس الغيبة واللهو وقد يكون مباحًا في الدين، كمجالسة المشايخ، وأهل العلم. 5 - في نيل الثواب وإنالته، وذلك بحضور الصلوات الخمس في جماعة، وصلاة العيدين، وعيادة المريض، وحضرو الجنائز، وغيرها، وهذا لا يأتي إلاَّ بالمخالطة. 6 - التجارب في كل شيء، وهذا لا يأتي إلاَّ بالمخالطة. 7 - التواضع، ولايقدر عليه من الوحدة، وقد يكون أيضًا أكبر سبب في اختيار العزلة. وانظر للمزيد " الإحياء (2/236 ـ 134) . قلت: وجملة القول في هذه المسألة ما قاله عليُّ ملا القاريّ في " مرقاة المفاتيح " (4/743) : " والمختار هو: التوسط بين العُزلةِ عن أكثر الناسِ وعوامِّهم، والخُلطة بالصاحين، والاجتماع مع عامتهم في نحو جمعهم وجماعتهم " اهـ. وكتابنا هذا سيوضح هذا الموضوع بجلاء، والله الموفق لما فيه الخير. كتبه مسعد عبد الحميد محمد السعدنى عفا الله عنه وعن والديه

ترجمة مختصرة لابن أبي الدنيا

ترجمة مختصرة لابن أبي الدنيا هو: أبو عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عبيد بن سفيان بن قيس، القرشي الأموي، البغدادي، المشهور بابن أبي الدنيا. ولد ببغداد سنة 208 هـ وكانت أسرته بيت علم وصلاح، فأبوه من العلماء المهتمين بالحديث ورواته، وهذا مما ساهم في نشأته العلمية، وتكوينه في وقت مبكر. وشيوخه كثيرون، حتى قال الذهبي عنه: " وقد جمع شيخنا أبو الحجاج أسماء شيوخه على المعجم، وهم خلق كثير ". ومن مشايخه: عليُّ بن الجَعْد، وخالد بن خداش، وغيرهما. وقال ابن الجوزي: " كان ذا مروءة، ثقةً، صدوقًا ". وقال الذهبي: " المحدث العالم الصدوق ". وقال الزَّبيديّ: " حافظ الدنيا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا ". وقد صنف الكثير من الكتب، وقد طبع منها الكثير، منها: 1 - الصمت وحفظ اللسان. 2 - التهجد وقيام الليل، طبع بتحقيقي. 3 - الرقة والبكاء، طبع بتحقيقي. 4 - الورع، طبع بتحقيقي. 5 - حسن الظن بالله. 6 - العزلة والانفراد، وهو كتابنا هذا. وقد توفي ـ رحمه الله ـ يوم الثلثاء لأربع عشرة ليلة خلق من جمادى الآخرة سنة 281 هـ.

وصف المخطوط وتوثيقه

وللمزيد عنه انظر: الجرح والتعديل (5/163) ، وتاريخ بغداد (10/89) ، وطبقات الحنابلة (1/192) ، والسير (13/397) وهامشه، ومقدمة: " التهجد وقيام الليل " بتحقيقي. وصف المخطوط وتوثيقه لهذا الكتاب نسختان: الأولى: محفوظة بمكتبة (لاللي) تحت رقم (3664/4) ، وعنها مصورة في معهد المخطوطات تحت رقم (387 ـ تصوف) . والثانية: بمكتبة رامبور (1/360) ، وقد ذكرها كارل بروكلمان في " تاريخ الأدب العربي " (2/131 ـ ط. دار المعارف بمصر) . وعن توثيق الكتاب، فقد ذكره الذهبي في " السير " (13/397، 403) ، وابن حجر في " المجمع المؤسس " (2/396) ، والمنذري في " الترغيب والترهيب " (3/275 ـ 276) ، والسيوطي في ّ الدر المنثور " (6/474) ، وفي " الجامع الكبير ـ ترتيبه المسمى بكنر العمال " (ج 3 رقم 8709، 8711، 8712، 8714، 8715، 8717، 8719، 8721، 8724) . والراوندي في " صلة الخلف " (ص 307) . طرة الغلاف وقد كُتب على طرة الغلاف , الآتي: " الجزء الأول من كتاب العزلة والانفراد، تأليف الشيخ: أبي بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بن عبيد الله بن أبي الدنيا القرشي ـ رحمه الله تعالى. رواية: أبي عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ الْبَرْذَعِيُّ عنه.

تراجم رجال هذا الإسناد

رواية: أبي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يوسف بن دوست العلاّف عنه. رواية: الإمام أبي الكرم بن الحسن بن أحمد الشهرزوري عنه. رواية: الشيخ أبي الحسن بن أبي عبد اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ المقير البغدادي عنه. سماعًا منه لكتابه: أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي الغنايم الْمُسْلِمِ بْنِ حَمَّادِ بْنِ مَيْسَرَةَ الأزديّ، غفر الله لهن وَلأَبَوْيِه وَلِمَنِ اسْتَغْفَرَ لَهُمْ أَجْمَعِينَ. اهـ. ثم بعده سماع يأتي نصه في قسم السماعات إن شاء الله تعالى. وهاكم تراجم رجال هذا الإسناد: 1 - ترجمة أبي عليّ البَرْذعِي هو: أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ بن إسحاق بن إبراهيم البرذعيّ، سمع محمد بن الفرج الأزرق، ومحمد بن شداد المسمعي، وأبا العباس البرتي، وجعفر بن أبي عثمان الطيالسي، وطبقتهم. وروى عن أبي بكر بن أبي الدنيا مصنفاته، حدث عنه: محمد بن عبد الله ابن أخي ميمي، وأبو عبد الله بن دوست، وأبو الحسين بن بشران، وقال الخطيب: " كان صدوقًا ". وقال فيه الذهبي: " الشيخ، المحدث، الثقة ". توفي في شعبان سنة 340 هـ ببغداد. انظر: تاريخ بغداد (8/54) ، والسير (15/442) وهامشه.

2 - ترجمة أبي عبد الله بن دوست

2 - ترجمة أبي عبد الله بن دوست هو: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ محمد بن يوسف بن دُوست، قال فيه الخطيب: " كان محدثًا مكثرًا عارفًا "، وقال الذهبي " الإمام الحافظ الأوحد المسند ". حدث عن محمد بن جعفر المطيري، وعمر بن الحسن بن الأشناني، وأبي عليّ البرذعي، وآخرين. وعنه: الحسن بن محمد الخلال، وحمزة بن محمد الدقاق، وأبو القاسم الأزهري، وآخرون. توفي في رمضان سنة 407 هـ. انظر: تاريخ بغداد (5/124) ، والمنتظم (7/284) ، والسير (17/322) ، وتذكرة الحفاظ (3/1066) ، والميزان (1/153) 3 - ترجمة أبي محمد التميمي هو: الإمام المحدث أَبُو مُحَمَّدٍ رِزْقُ اللَّهِ بْنُ عبد الله بن عبد العزيز التميمي البغدادي الحنبلي المقرئ الواعظ. ولد سنة 400 هـ، وسمع من: أبي الحسين أحمد بن المتيم، وأبي عمر بن مهدي، ,أبي الحسين بن بشران، وابن دوست، وآخرين، وعنه: أبو الفتح بن البطي، وأبو طاهر السلفي، وغيرهما. وقال السمعاني: " هو فقيه الحنابلة وإمامهم "، وقال الذهبي: " كان إمامًا مقرئًا، محدثًا، مفسرًا، فرضيًا، كبير الشأن وافر الحرمة ". توفي سنة 488 هـ. انظر: معرفة القراء الكبار (1/441 رقم 378) ، والتذكرة (4/1208) .

4 - ترجمة أبي الكرم الشهرزوري

والسير (18/609) ثلاثتهم للذهبي، وإكمال ابن ماكولا (1/109) ، والمنتظم (9/88 ـ 89) ، وهامش السير. 4 - ترجمة أبي الكرم الشهرزوري هو: أَبُو الْكَرَمِ الْمُبَارَكُ بْنُ الْحَسَنِ بن أحمد الشهرزوري، من أهل بغداد، سمع من: أبي القاسم إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي، وأحمد بن الحسن عن خيرون، ورزق الله بن عبد الوهاب التميمي، وغيرهم وعنه السمعاني. وأبو الحسن الأزجي. ولد سنة 462 هـ في شهر ربيع الآخر. وقال فيه السمعاني: " مقرئ فاضل صالح دين، قائم بكتاب الله تعالى ". وقال أيضًا: " شيخ صالح، دَيِّن، خيِّر، قيِّم بكتاب الله ". وقال الذهبي: " الإمام المقرئ المجود، الأوحد ". توفي سنة 550 هـ في ذي الحجة. انظر: الأنساب (3/474 ـ 475) ، والمنتظم (10/164) ، والسير (20/289) . 5 - ترجمة أبي الحسن الأزجي هو: أبو الحسين عليّ بن أبي عبيد الله الحسين بن أبي الحسن منصور بن المُنَيَّر البغدادي، مسند الديار المصرية، ولد سنة 545 هـ، وسمع من شُهْدة، ومعمر بن الفاخر، وجماعة، ونعته الذهبي في " السير " (23/119) فقال: " الشيخ، المسند، الصالح، رحلة الوقت ". توقي سنة 643 هـ. انظر " السير (23 /119) وهامشه، و " تكملة الإكمال " لابن الصابوني (342 ـ 347) ، والعبر (3/247) ، وشذرات الذهب (5/223) . وله " جزء حديثي "، هو قيد التحقيق بمعرفتي، وفيه ترجمته بإسهاب، والله الموفق.

6 - ترجمة أبي العباس الأزدي

6 - ترجمة أبي العباس الأزدي هو: المحدث الجليل أبو العباس أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ المسلم بن حامد ميسرة الأزدي، الدمشقي التاجر، ولد سنة 604 هـ، وسمع من أبي القاسم الحرستاني، وأبي الحسن الأزجي، وغيرهما، وكتب العالي النازل، ورحل إلى بغداد، ومصر والإسكندرية، وخرَّج " المعجم "، توفي سنة 666 هـ في 11 ربيع الأول. انظر: العبر (3/315) ، والشذرات (5/322) ، والنجوم الزاهرة (7/227) . ومن هنا نتأكد من صحة الكتاب لمؤلفه، وذلك بصحة الإسناد إليه. ومن ذكر العلماء له كما تقدم، والحمد لله وحده. إسنادي الكتاب وأروي كتاب " العزلة والإنفراد " للإمام الحافظ ابن أبي الدنيا، عن المحدث العلاَّمة محمد ياسين بن محمد عبسى الفاداني المالكي ـ رحمه الله ـ إجازة، عن الشريف محمد عبد الحي الكتابني، عن الشهاب أحمد بن صالح السويدي، عن السيد مرتضى الزبيدي، عن محمد بن سِنَّة، عن مولاي الشريف، عن ابن أركماش، عن المحدث شيخ الحفاظ ابن حجر العسقلاني، عن عيسى المطعم، عن حعفر بن علي بن هبة الله الهمداني، عن أبي الطاهر السلفي، قال: أخبرنا رِزْقُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ التميمي، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ دوست، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ صفوان البرذعي، قال: حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا به. وهذا إسناد في غاية العلو، نظافة السند، والله الموفق لما يحبه ويرضاه، إنه على كل شيءٍ قدير.

الجزء الأول من كتاب العزلة ولإنفراد

الجزء الأول من كتاب العزلة ولإنفراد تأليف الشيخ الإمام: أبي بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ ابن عبيد بن أبي الدنيا القرشيّ ـ رحمه الله. رواية: أبي عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ الْبَرْذَعِيُّ عنه. رواية: أبي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن يوسف ابن دوست العلاَّف عنه. رواية الإمام: أبي الكرم المبارك بن الحسن أحمد الشهرزوري عنه. رواية: الشيخ: أبي الْحَسَنِ بْنُ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْمُقِيرِ البغدادي كتابةً عنه. سماعًا منه لكاتبه: أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي العنايم الْمُسْلِمِ بْنِ حَمَّادِ بْنِ مَيْسَرَةَ الأَزْدِيُّ ـ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَلأَبَوْيِه ولمن استغفر لهم أجمعين.

رب يسر برحمتك

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ رَبِّ يَسِّرْ بِرَحْمَتِكَ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الأَعَزُّ الصَّالِحُ الزَّاهِدُ الْمُعَمَّرُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْمُقِيرِ الْمُؤَدِّبُ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنَا أَسْمَعُ فِي يَوْمِ السَّبْتِ رَابِعَ عَشَرَ رَمَضَانَ الْمُبَارَكِ عَامَ ثَلاثٍ وَسِتِّ مِائَةٍ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، عَمَّرَهُ اللَّهُ بِتِلاوَةِ ذِكْرِهِ، قِيلَ لَهُ: أَخْبَرَكُمُ الشَّيْخُ الْفَقِيهُ الإِمَامُ الْعَالِمُ الْحَافِظُ جَمَالُ الإِسْلامِ، أَبُو الْكَرَمِ الْمُبَارَكُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الشَّهْرَزُورِيِّ، إِجَازَةً، كَتَبَ لَكُمْ بِهَا، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ رِزْقُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ دُوَسْتَ الْعَلافُ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ الْبَرْذَعِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا:

ما النجاة؟

مَا النَّجَاةُ؟ 1 - ثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ الضَّبِّيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ: " امْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ (¬1) ".. ¬

(¬1) إسناده ضعيف جدا، والحديث صحيح: أخرجه ابن أبي الدنيا في " الرقة والبكاء " رقم (179) بتحقيقي، بنفس السند والمتن. تنبيه: وقع في " الرقة ": " خلف بن عمر بن زهير "، والصواب: " دَاوُدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ " وأخرجه ابن أبي الدميا في " الصمت وحفظ اللسان " برقم (2) قال: حدثنا داود بن عمرو، وسعدويه، عن ابن المبارك، وهذا في " زهده " برقم (134) ، به. وأخرجه من طريق ابن أبي الدنيا: ابن البنا في " الرسالة المغنية في السكوت ولزوم البيوت " برقم (15 ـ بتحقيقي /ط. دار الطلائع) . والحديث أخرجه من طريق ابن المبارك: الترمذي (2406) ، وأحمد في " مسنده " (5/259) ، وابنه في " زوائد الزهد " (ص 15) ، وابن أبي عاصم في " الزهد " رقم (3) ، والخطابي في " العزلة " (17 ـ 18 ط. مكتبة الزهراء / وقد سقط منه يحي بن أيوب) ، وأبو عمرو الداني في: السنن الواردة في الفتن " رقم (119) ، وقوام السنة للأصبهاني في " الترغيب والترهيبب " برقم (1686، 1704) ، والبيهقي في: الشعب (4930) ، وأبو نعيم في " الحلية " (2/9، 8/175) ، والشجري في " أماليه " (2/156) ، والسِّلفي في " معجم السفر " (ص 119 ـ رقم 363/ط ـ دار الفكر) . وقد توبع على ابن المبارك. تابعه:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= 1 - سعيد بن أبي مريم، عن يحي بن أيوب به: أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلاّم في " المواعظ والخطب " رقم (11 ـ ط رمضان عبد التواب) ، والطبراني في " كبيره " (ج 17 رقم 741) والروياني في " مسنده ط (185) ، والبيهقي في " الشعب " (4930) ، وفي " الزهد " (236) 2 - ابن وهب، قال: أخبرني يحي بن أيوب، به أخرجه في " الجامع في الحديث " له برقم (374) . قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، عبيد الله بن زحر، ضعيف، وشيخه منكر الحديث وقد توبع على ابن زحر، تابعه: معان بن رفاعة، عن عليّ به: أخرجه أحمد (4/148) ، والطبراني في " الكبيرة (ج17 رقم 741) . وتوبع على ابن يزيد، تابعه: ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن أبي أمامة به: أخرجه الطبراني في "كبيره " (ج17 رقم 743) ، وفي " مسند الشاميين " برقم (253) قلت: وسنده حسن في الشواهد. وأخرجه أحمد (4/148) ، وهناد في " الزهد " (460، 1027) ، وابن النجار في " ذيل تاريخ بغداد " (3/225 ـ 226) ، من طريق إسماعيل بن عياش، حدثني أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي عن فروة بن مجاهد، عن عقبة، به. ووقع في " ذيل التاريخ ": " أسد بن عبد الرحمن " وهذا خطأ. قلت: وهذا إسناد صحيح، وبه صح الحديث والحمد لله وحده. وفي الباب عن: 1 - ثوابان - رضي الله عنه - مرفوعا بلفظ: " طُوبَى لِمَنْ مَلَكَ لِسَانَهُ وَوَسِعَهُ بيته، وبكى على خطيئته ". أخرجه الطبراني في " الأوسط " (5102 ـ مجمع البحرين) ، وفي " صغيره " (204) . وسنده حسن إن شاء الله. ويسأتي برقم (2) بمزيد من التخريج، والله الموفق. 2 - أبي أمامة - رضي الله عنه - مرفوعا وفيه: " فليسعه بيته، ولبيك على خطيئته ". أخرجه الطبراني في " كبيره " (ج8 رقم 7706) . وقال الهيثمي في " المجمع " (10/299) : " وفيه: غفير بن معدان، وهو ضعيف ". بل هو: ضعيف جدا. 3 - الحارث بن هشام - رضي الله عنه - مرفوعا بلفظ: " أملك عليك هذا " وأشار إلى لسانه. أخرجه الطبراني في " كبيره " (ج3 رقم 3348) ، وابن قانع في " معجم الصحابة " (1/185) ، والضياء في " المختارة " (ق 89/أ) ، من طريق عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان، أخبرنا ابن شهاب أخبرنا عبد الرحمن بن سعد المقعد، أخبرنا عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبيه، به، وعبد الله بن زياد، متروك الحديث. وقد توبع عليه، تابعه: عقيل، عن ابن شهاب به. أخرجه الطبراني في " كبيره " (ج3 رقم 3346) ، من طريق رشدين بن سعد، عن عقيل، به. وسنده ضعيف لضعف رشدين ذا. قلت: وقد توبع على رشدين، تابعه: عبد الرحمن بن عبد الحميد بن سالم المهري، وهو ثقة، عن عقيل به: أخرجه الرامهرمزي في " المحدث الفاضل " رقم (616) : وهذا إسناد صحيح، ولم يورده الشيخ الألباني في " الصحيحة " (2/583 ـ ط ـ المكتب الإسلامي) : وهذا الطريق عزيز، والحمد لله وحده. 4 - أسود بن أصرم - رضي الله عنه - قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي، قال: " املك يدك " قال: قلت: فما أملك إن لم أملك؟ ، قال: " املك لسانك "، قال: قلت: فما أملك إن لم أملك لساني؟ ، قال: " لا تبسط يديك إلاَّ إلى الخير، ولا تقل بسانك إلاَّ معروفًا ". أخرجه البخاري قي " التاريخ الكبيرة " (1ق1/443) ، والقاضي وكيع في " أخبار القضاة " (3/212) ، والطبراني في " كبيره " (ج 1 رقم 818 ـ ط. ابن تيمية) ، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2/179) ، وابن الأثير في " أسد الغابة " (1/82) ، من طريق صدقة بن عبد الله السمين، عن عبد الله بن عليّ القرشي، عن سليمان بن حبيب المحاربي، عن أسود، به =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= وقال البخاري: " وفي إسناده نظر "، وحسن إسناده الهيثمي في " المجمع " (10/300) . قلت: وقد أبعد الهيثمي النجعة، فالسند ضعيف كما قال البخاري، بأن فيه صدقة، وهو ضعيف وقد توبع عليه، تابعه: محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحمن، عن عبد الوهاب بن بخت، عن سليمان به، أخرجه الطبراني في " كبيره " برقم (817) . وأخرجه ابن قانع في " معجم الصحابة " (1/21) من طريق خالد بن أبي يزيد، عن عبد الوهاب بن بخت به. 5 - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ العاص - رضي الله عنهما ـ: وسيأتي تخريجه إن شاء الله برقم (204) .

طوبى لمن ملك لسانه

طُوبَى لِمَنْ مَلَكَ لِسَانَه 2 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ التَّمِيمِيُّ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " طُوبَى لِمَنْ مَلَكَ لِسَانَهُ، وَوَسِعَهُ بَيْتُهُ، وَبَكَى عَلَى خَطِيئَتِهِ (¬1) ". ¬

(¬1) إسناده حسن؛ وهو صحيح: أخرجه أبو داود في " الزهد " برقم (378) ، وابن أبي عاصم في " الزهد " (74) ، وسعيد بن منصور في " سننه " برقم (2897) ، من طرق عن إسماعيل بن عياش، به. قلت وهذا إسناده حسن. قلت: وقد رواه عن إسماعيل كل من: " مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ التَّمِيمِيُّ، وعبد الوهاب بن نجدة "، وخالفهما عيسى بن سليمان، فرواه عن إسماعيل به مرفوعًا: أخرجه الطبراني في " الأوسط " (2361 = 5102 ـ محمع البحرين) ، و " الصغير " برقم (204) ، وفي " مسند الشاميين " (548 ـ 459) . وقال الطبراني: " لا يروي هذا الحديث عن ثوبان إلا بهذا الإسناد، تفرد به: عيسى بن سليمان، وهو ثقة، سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: سمعت أبي يقول: شرحبيل بن مسلم، من ثقات الشاميين، وحدثنا بن عثمان بن أبي شيبة قال: سمعت يحي بن معين يقول: لإسماعيل بن عياش ثقة فيما روى عن الشاميين، وأما روايته عن أهل الحجاز، فإن كتابه ضاع، فخلط في حفظه عنهم اه. قلت: على ما تقدم نقول: إن الحديث بهذا الإسناد صحيح. والله الموفق. قلت وقد ورد من قول عيسى ابن مريم ـ عليه السلام ـ: أخرجه وكيع (31، 255) ، وأحمد (55) ، وابن المبارك (ص 53) ، وابن أبي الدنيا في " الصمت " برقم (15) ، من طريق سفيان الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن سالم بن أبي الجعد، قال: قال عيسى ابن مريم ـ عليه السلام ـ ... وذكره قلت: وهذا إسناد صحيح إلى سالم، والله الموفق.

من وصايا ابن مسعود

مِنْ وَصَايَا ابْنِ مَسْعُودٍ 3 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ لِي أَبِي: " يَا بُنَيَّ! اتَّقِ رَبَّكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَابْكِ مِنْ ذِكْرِ خَطِيئَتِكَ (¬1) ". ¬

(¬1) إسناده ضعيف، وهو صحيح: = -[17]- = أخرجه ابن أبي الدنيا في " الرقة والبكاء " برقم (180 ـ بتحقيقي) بنفس السند والمتن. قلت: هذا الإسناد ضعيف، فيه شريك القاضي، حسن الحديث قبل أن يلي القضاء، أمّا بعده فقد ضعف أمره، وله أصحاب يروون عنه قبل توليه القضاء، ليس عليّ بن الجعد منهم، لذا فالسند ضعيف، وقد، توبع على شريك، تابعه: 1 - سفيان الثوري، عن عبد الملك به: أخرجه أبو داود في " الزهد " (164) ، من يحي القطان، عن سفيان به. 2 - إسماعيل ابن أبي خالد، عن عبد الملك به: أخرجه ابن أبي عاصم في " الزهد " برقم (25) . 3 - زائدة بن قدامة، عن عبد الملك به: أخرجه ابن ابي شيبة (34514) ، وابن أبي عاصم في " الزهد " (100) ، والطبراني في " كبيره " (ج9 رقم 8753) ، والبيهقي في " الشعب " (4999) . 1 - أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود به: أخرجه الطبراني (ح5 رقم 8536) ، وسنده ضعيف لانقطاعه. 2 - القاسم، عن ابن مسعود: أخرجه ابن المبارك (130) ، ووكيع (256) ، وأحمد (ص130) ، ثلاثتهم في " الزهد:، وأبو نعيم في " الحلية " (1/135، 2/9، 8/175) ، والشجري في " الأمالي " (2/156) ، من طريق المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن به. قلت: ومما تقدم يتبين لنا صحة الخبر عن ابن مسعود - رضي الله عنه -.

من وصايا أبي الدرداء

مِنْ وَصَايَا أَبِي الدَّرْدَاءِ 4 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ التَّمِيمِيُّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْن عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَلْهَانِيِّ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ، كَانَ يَقُولُ: " امْلِكْ لِسَانَكَ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ (¬1) ". ¬

(¬1) إسناده ضعيف: في سنده إنقطاع بين أبي عبد الله الألهاني، واسمه: رزيق، وأبي الدرداء - رضي الله عنه -، فهو لم يسمع منه كما قال المزي في " تهذيب الكمال " (6/202) ط. دار الفكر.

من أعجب الناس؟

مَنْ أَعْجَبُ النَّاسِ؟ 5 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، ثَنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " إِنَّ أَعْجَبَ النَّاسِ إِلَيَّ، رَجُلٌ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَيُقِيمُ الصَّلاةَ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَيُعَمِّرُ مَالَهُ، وَيَحْفَظُ دِينَهُ، وَيَعْتَزِلُ النَّاسَ (¬1) ". ¬

(¬1) في سنده: إبراهيم بن عبد الملك، لم أهتد إليه. أمّا من يضعّفه بابن لهيعة، فقد وهم، فقد رواه عنه أحد أصحابه القدماء، الذين رووا عنه قبل احتراق كتبه واختلاطه، وهو يحي بن عبد الله بن بكير، وهو صدوق، حسن الحديث، انظر: سؤالات ابن بكير للدارقطني (نص 27) ، و " من تكلم فيه وهو موثق " للذهبي (رقم 374) ، و "السير " للذهبي أيضا (10/614) ، والرجل من رجال الشيخين. = -[18]- = والحديث قد تفرد بن ابن أبي الدنيا، وعزاه إليه المنذري في " ترغيبه " (3/275) .

من أمنيات ابن مسعود

مِنْ أُمْنِيَاتِ ابْنِ مَسْعُودٍ 6 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ عَدَسَةَ الطَّائِيِّ، قَالَ: أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ بِطَيْرٍ صِيدَ فِي شَرَافٍ، فَقَالَ: " لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ حَيْثُ صِيدَ الطَّيْرُ، لا أُكَلِّمُ بَشَرًا، وَلا يُكَلِّمُنِي، حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ (¬1) ". ¬

(¬1) إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي الدنيا في " المتمنين " برقم (104 ـ بتحقيقي) بنفس السند والمتن. وأخرجه ابن أبي شيبة (16417) ، وهناد في " الزهد " (1242) ، من طريق أبي معاوية محمد بن خازم الضرير به. أخرجه أبو داود (166) ، ووكيع (257) ، والبيهقي (120) ثلاثتهم في " الزهد "، ونعيم بن حماد في " زياداته على زهد ابن المبارك " رقم (13) ، والطبراني في " كبيره " (ج9 رقم 8758) من طرق عن الأعمش، به. وصحح الهيثمي سنده في " المجمع " (10/304) .

أبو الجهيم والعزلة

أَبُو الْجُهَيْمِ وَالْعُزْلَةُ 7 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، ثَنا أَصْبَغُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو الْجُهَيْمِ الْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ لا يُجَالِسُ الأَنْصَارَ، فَإِذَا ذُكِرَتْ لَهُ الْوِحْدَةُ، قَالَ: النَّاسُ شَرٌّ مِنَ الْوِحْدَةِ (¬1) ". ¬

(¬1) ضعيف الإسناد: أخرجه ابن وهب في " الجامع في الحديث " برقم (501) ، قال: سمعت يحي بن أيوب، يحدث عن يحي بن سعيد به. وسنده ضعيف لانقطاعه بين يحي بن سعيد، وأبي الجهيم - رضي الله عنه -.

وهل يفسد الناس إلا الناس

وَهَلْ يُفْسِدُ النَّاسَ إِلا النَّاسُ 8 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي دَهْثَمُ بْنُ الْفَضْلِ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُكَيْمٍ، ثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَوْلا مَخَافَةَ الْوَسْوَاسِ، لَدَخَلْتُ إِلَى بِلادٍ لا أَنِيسَ بِهَا، وَهَلْ يُفْسِدُ النَّاسَ إِلا النَّاسُ؟ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: شيخ مالك بن أنس لم يسمّ، فهو مجهول العين والحال.

العزلة أسلم

الْعُزْلَةُ أَسْلَمُ 9 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، ثنا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، ثنا ابْنُ -[19]- لَهِيعَةَ، عَنْ سَيَّارِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ لِي بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ: مَا فَعَلَ عَمُّكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَزِمَ الْبَيْتَ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: إِنَّ رِجَالا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ لَزِمُوا بُيُوتَهُمْ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ، نَضَّرَ اللَّهُ وَجْهَهُ، فَلَمْ يَخْرُجُوا إِلا إِلَى قُبُورِهِمْ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: في سنده: ابن لهيعة، مختلط وسماع موسى بن داود منه بعد اختلاطه. وقد سمع من ابن لهيعة جماعة من أصحابه القدماء، منهم: ابن المبارك، وابن مهب، وابن المقرئ سيأتي ذكرهم إن شاء الله في محله مه الدلائل، والله الموفق.

وجدت مجالسة الناس شرا

وَجَدْتُ مُجَالَسَةَ النَّاسِ شَرًّا 10 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، ثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو الْجُهَيْمِ الأَنْصَارِيُّ بَدْرِيًّا، وَكَانَ لا يُجَالِسُ النَّاسَ، وَكَانَ يَعْتَزِلُ فِي بَيْتِهِ، فَقَالُوا لَهُ: لَوْ جَالَسْتَ النَّاسَ وَجَالَسُوكَ؟ فَقَالَ: وَجَدْتُ مُجَالَسَةَ النَّاسِ شَرًّا , وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَكْثَرَ النَّاسِ مُجَالَسَةً لَهُ، وَكَانَ يُحَدِّثُهُ عَنِ الْفِتَنِ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَا كَانَ بِالشَّامِ، قَالَ: تُحَدِّثُنِي مَا تُحَدِّثُنِي، وَكَانَ هَذَا مِنْ أَمْرِهِ، لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لا أُكَلِّمَهُ أَبَدًا " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: يحي بن سعيد لم يدرك أبو الجهيم - رضي الله عنه -

11 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثنا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ: " وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ لِي إِنْسَانًا يَكُونُ فِي مَالِي، ثُمَّ أُغْلِقُ عَلَيَّ بَابًا، فَلا يَدْخُلُ عَلَيَّ أَحَدٌ حَتَّى أَلْحَقَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: أخرجه ابن أبي الدنيا في " كتاب المتمنين " برقم (105 ـ بتحقيقي) بسنده ومتنه. وأخرجه هناد (1233) ، وأبو داود (277) كلاهما في " الزهد "، وابن أبي شيبة (13/379 ـ 380) ، وأبو نعيم في " الحلية " (1/278) ، من طريق محمد بن الأعمش، به. وأخرجه نعيم بن حماد في " زوائد الزهد " (20) من طريق الأعمش، به. وأخرجه الداني في: الفتن " (121) من طريق موسى بن عبد الله، به. وسنده ضعيف لانقطاعه بين موسى، وحذيفة.

صفة خير الناس

صِفَةُ خَيْرِ النَّاسِ 12 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ -[20]- سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ الأَنْصَارِيَّةِ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ لأَصْحَابِهِ: " أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ رَجُلا؟ " , قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، فَقَالَ: " رَجُلٌ آخِذٌ بِعَنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَنْتَظِرُ أَنْ يُغِيرَ أَوْ يُغَارَ عَلَيْهِ، أَفَلا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِهِمْ بَعْدَهُ؟ " , قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْحِجَازِ، فَقَالَ: " رَجُلٌ فِي غَنِيمَةٍ يُقِيمُ الصَّلاةَ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، قَدْ عَلِمَ حَقَّ اللَّهِ، تَعَالَى، فِي مَالِهِ، وَاعْتَزَلَ شُرُورَ النَّاسِ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف، والحديث صحيح: أخرجه ابن أبي عاصم في " الزهد " برقم (62، 82) ، والطبراني في " كبيره " 5ج25 رقم 271 -، من طريق محمد بن سلمة به، قلت: وسنده ضعيف، فيه: ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه، لذا قال الهيثمي في " المجمع " (10/304) " ورجاله ثقات، إلاّ أن ابن إسحاق مدلس ". وقال صنوه العراقي في " تخريج أحاديث الإحياء " (2/226) : " وراه الطبراني عن ابن إسحاق معنعنًا " قلت: لكنه قد توبع عليه، تابعه: سفيان، عن ابن أبي نجيح، به. أخرجه ابن أبي عاصم في " الزهد " (35) . قلت: فصح الحديث، والحمد لله وحده.

من كلام الفاروق في العزلة

مِنْ كَلامِ الْفَارُوقِ فِي الْعُزْلَةِ 13 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " خُذُوا بِحَظِّكُمْ مِنَ الْعُزْلَةِ " (¬1) . ¬

(¬1) ضعيف: أخرجه وكيع في " الزهد " برقم (253) ، وابن سعد في " الطبقات الكبرى " (4/161) ، ونعيم بن حماد في " زيادات زهد ابن المبارك " (رقم 11) ، وابن أبي عاصم في " الزهد " برقم (84) ، وابن حبّان في " روضة العقلاء " (ص81) ، والبيهقي في " الزهد الكبير " رقم (121) ، والخطابي في " العزلة " (ص 22) ، من طرق عن شعبة، به وقال الخطابي: " لو لم تكن العزلة إلاّ السلامة من الغيبة، ومن رؤية المنكر لا يقدر على إزالته، لكان ذلك خيرًا كثيرًا ". قلت: وإسناده ضعيف، فيه انقطاع بين بن عاصم، عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عنه -، فهو لم يدركه. وعزاه السيوطي في " جمع الجوامع " (3/442 رقم 8710 ـ ترتيبه للمتقى الهندي) ، لأحمد في " الزهد "، والعسكري في " المواعظ ". ولم أجده في: زهد أحمد " المطبوع، وهذا دليلٌ على أن النسخة المطبوعة ناقصة غير تامة. والله أعلم.

العزلة عبادة

الْعُزْلَةُ عِبَادَةٌ 14 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَكَّارٍ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ الرَّيَّانِ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: " الْعُزْلَةُ عِبَادَةٌ " (¬1) ¬

(¬1) في سنده عُمير بن الرَّيَّان، ذكره ابن حبَّان في " الثقات " (7/274) ، وقال: " سمعت ابن سيرين يقول: العزلة عبادة، وروى عنه: عليّ بن بكّار المصيصي ". اه قُلتُ: فهو مجهول العين والحال، فلإسناد ضعيف.

خير مال المسلم

خَيْرُ مَالِ الْمُسْلِمِ 15 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ (¬1) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُوشَكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرُ مَالِ الْمُسْلِمِ شَاةٌ يَتَتَبَّعُ بِهَا صَاحِبُهَا شَعَفَ الْجِبَالِ، وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ " (¬2) . ¬

(¬1) في أصل المخطوط: " ... بن أبي صعصعة، عن ابن نهار، والصواب ما أثبته. (¬2) صحيح: قلت: وقد رواه عن ابن أبي صعصعة جماعة من أصحابه، منهم: 1 - سفيان بن عيينة؛ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بن أبي صعصعة: أخرجه أحمد (3/6) ، ونعيم بن حمّاد في " الفتن " برقم (726) . قلت: وقد وهم فيه نعيم، فقال: " عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ". وصوابه العكس. 2 - يحيى بن سعيد؛ وقد رواه عن يحيى كل من: أ - عبد الله بن نمير: أخرجه ابن ماجة (3980) ، وأحمد (3/60) . ب - عبد الوهاب الثقفي: أخرجه نعيم ين حماد في " الفتن " (217، 723) 3 - عبد العزيز بن أبي سلمة بن الماجشون: أخرجه البخاري (3600، 6495) 4 - مالك بن أنس، وله عن مالك طرق: أ - إسماعيل بن أبي أويس: أخرجه البخاري (19، 3300) . ب - عبد الله بن مسلمة: أخرجه أبو داود (4267) ، والخطابي في " العزلة " (ص19) ، والسهرودي في " عوارف المعارف " (ص424) =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= د - معن بن عيسى: أخرجه النسائي (8/123) . هـ - ابن القاسم: أخرجه النسائي (8/123) ، وأبو عمرو الداني في " الفتن " رقم (156) . وإسحاق بن عيسى: أخرجه أحمد (3/43) . ز - عبد الرازق: أخرجه أحمد (3/57) . جميعهم عن مالك، وهذا في " الموطأ " (2/790 ـ رواية يحي، وبرقم 2043 ـ رواية أبي مصعب) . قوله: " شعف الجبال ": رءوس الجبال وقوله: " مواضع القطر "، قال السندي في " حاشيته على النسائي " (8/123) : " أي: المواضع التي يستقر فيها المطر كالأودية. وفيه: أنه يجوز العزلة، بل هي أفضل أيام الفتن ". اه.

خير معايش الناس

خَيْرُ مَعَايِشِ النَّاسِ 16 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلُ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَعْجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ مِنْ خَيْرِ مَعَايِشِ النَّاسِ لَهُمْ: رَجُلٌ مُمْسِكٌ بِعَنَانِ فَرَسِهِ يَطِيرُ عَلَى مَتْنِهِ، كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً أَوْ فَزْعَةً، طَارَ عَلَى مَتْنِهِ يَلْتَمِسُ الْمَوْتَ وَالْقَتْلَ مَكَانَهُ، أَوْ رَجُلٌ فِي رَأْسِ شَعَفَةٍ مِنَ هَذِهِ الشَّعَفِ، أَوْ بَطْنِ وَادٍ مِنْ هَذِهِ الأَوْدِيَةِ، يُقِيمُ الصَّلاةَ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَيَعْبَدُ رَبَّهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْيَقِينُ، لَيْسَ مِنَ النَّاسِ إِلا فِي سَبِيلِ خَيْرٍ (¬1) ". ¬

(¬1) صحيح. أخرجه مسلم (1889/125) ، والنسائي في " السنن الكبرى " (11767) ، وابن ماجة (3977) وسعيد بن منصور في " سننه " (2736) ، وأبو عوانة (5/57 ـ 59) ، وابن منده في " الإيمان " (459) ، والبيهقي في " السنن الكبرى " (9/159) ، وفي " الشعب " (9596) ، والقشيري في " الرسالة " (ص 50) ، من طريق أبي حازم، به. قوله: " معاش الناس ": المعاش هو: العيش، أي: الحياة. قال النووي: " وتقديره ـ والله أعلم ـ: من خير أحوال عيشهم رجل ممسك " قوله: " ممسك عنان فرسه ": اي: متأهب ومنتظر وواقف بنفسه على الجاهد في سبيل الله. و" طار على متنه "، أي: يسرع جدًّا على ظهره حتى كأنه يطير. و" هيعة ": الصوت عند حضور العدو. و" أو قزعة " النهوض إلى العدو. و" يلتمس الموت والقتل مكانه ": يعني: يطلبه من مواطنه التي يرجى فيها، لشدة رغبته في الشهادة.

خير الناس منزلة

خَيْرُ النَّاسِ مَنْزِلَةً 17 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا فُلَيْحٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ مَنْزِلَةً؟ رَجُلٌ آخِذٌ بِعَنَانِ فَرَسِهِ -[23]- فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ مَنْزِلَةً بَعْدَهُ؟ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي غَنِيمَةٍ لَهُ، يُقِيمُ الصَّلاةَ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَيَعْبُدُ اللَّهَ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده حسن، والحديث صحيح: أخرجه أحمد (2/523) ، وابن أبي عاصم في " الجهاد " برقم (155) ، وابن منده في " الإيمان " (454) ، والحاكم (2/67) ، وشمس الدين المقدسي في: فضل الجاهد والمجاهدين " (2) ، من طريق فليح بن سليمان، به. وقال الحاكم: " هذا الحديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه ". قلت: وليس كما قال ـ رحمه الله ـ فلإسناد حسن فقط، فيه: فليح بن سليمان، قال الذهبي في " تذكرة الحفاظ " (1/224) : " وحديثه في رتبة الحسن ". وكذا قال ابن حجر في " الفتح " (2/472) . والحديث صحيح بما سبق. وقد توبع على سعيد بن يسار، تابعهن: ابو صالح، عن أبي هريرة، مرفواع به،: أخرده البخاري (2887) ، وابن ماجة (4135 ـ 4136) ، والبيهقي في " السنن الكبرى " (9/159) ، والبغوي في " شرح النسة " (14/261) ، وابن عساكر في " الأربعين في الحث على الجهاد " (ص109 ـ 110) .

18 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: ثنا أُسَامَةُ بْن زَيْدٍ، عَنْ بَعْجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَيْنِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ أَحْسَنَ النَّاسِ فِيهِ مَنْزِلَةً: رَجُلٌ آخِذٌ بِعَنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً اسْتَوَى عَلَى مَتْنِهِ ثُمَّ طَلَبَ الْمَوْتَ مَكَانَهُ، أَوْ رَجُلٌ فِي شِعْبٍ مِنْ هَذِهِ الشِّعَابِ، يُقِيمُ الصَّلاةَ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَيَدَعُ النَّاسَ إِلا مِنْ خَيْرٍ (¬1) ". ¬

(¬1) صحيح: أخرجه أحمد في " مسنده " (2/443) ، قال: حدثنا يونس بن محمد، به. وأخرجه مسلم (1889 ـ 127) ، وابن أبي شيبة (5/291) ، وابن حبان (4581 ـ الإحسان) ، واليغوي في " شرح السنة " (10/357) . وفي الباب عن: ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، وله عنه طرق: 1 - عطاء بن يسار، عنه: أخرجه ابن أبي عاصم في " الجهاد " (152) ، وابن حبان (604 ـ الإحسان) ، من طريق عمرو بن الحارث، عن بكير بن عبد الله، عن عطاء، به. وقد اختلف في هذا الحديث، هل هو من رواية: بكير بن عبد الله، عن عطاء، أم من رواية: بكير بن عبد الله، عن أبيه، عن عطاء. فقال بالأول: حرملة ين يحي، عن ابن وهب، وأسامة بن زيد، كلاهما عن عمرو بن الحارث، به. وتوبع على عمرو بن الحارث، تابعه: ابن لهيعة، عن بكير، عن عطاء، به. أخرجه الترمذي (1652) ، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا ابن لهيعة به. قلت: وسنده جيد، قتيبة سمع من ابن لهيعة قبل الاختلاط، كما سيأتي بيانه إن شاء الله. وقد خولف على ابن وهب، وابن زيد، وهذا أوضحته في " فتح العلي بتخريج مسند الحميدي " وسقت بقية طرق حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما.

العزلة راحة

الْعُزْلَةُ رَاحَةٌ 19 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أُمَيَّةَ، قَالَ: بَلَغَنِي , أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: " الْعُزْلَةُ رَاحَةٌ مِنْ أَخْلاطِ السُّوءِ " (¬1) . ¬

(¬1) ضعيف: أخرجه وكيع (250) ، وأحمد (119) ، وابن أبي عاصم (85) ، والبيهقي (119) كلهم في " الزهد "، وابن وهب في " الجامع " (418) ، وابن أبي شيبة (13/275) ، والخطابي في " العزلة " (ص22) . وسنده ضعيف لانقطاعه بين إسماعيل، والفاروق، وبهذا أعله الحافظ ابن حجر في: فتح الباري " (11/331) .

اتقوا الناس

اتَّقُوا النَّاسَ 20 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخَا أَبِي مُرَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " اتَّقُوا اللَّهَ، وَاتَّقُوا النَّاسَ " (¬1) . ¬

(¬1) ضعيف: أخرجه ابن عدي في " الكامل " (3/1227) ، من طريق عبد الله بن داود، به. قلت: وسنده ضعيف، فيه انقطاع بين ابن سيرين، والفاروق ـ رضي الله عنه.

من كلام داود الطائي في العزلة

مِنْ كَلامِ دَاوُدَ الطَّائِيِّ فِي الْعُزْلَةِ 21 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ بَكْرٍ الْعَابِدِ، قَالَ: سَمِعْتُ دَاوُدَ الطَّائِيَّ يَقُولُ: " تَوَحَّشْ مِنَ النَّاسِ كَمَا تَتَوَحَّشُ مِنَ السِّبَاعِ " (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه ابن حبان في: روضة العقلاء " (ص 82) ، وأبو نعيم في " حلية الأزلياء " (7/343) ، من طريق الحسن بن مالك، به.

22 - قَالَ (¬1) : وَكَانَ دَاوُدُ يَقُولُ: " كَفَى بِالْيَقِينِ زُهْدًا، وَكَفَى بِالْعِلْمِ عِبَادَةً، وَكَفَى بِالْعِبَادَةِ شُغْلا (¬2) " ¬

(¬1) القائل هو: بكير العابد. (¬2) أورد مقالة داود، الذهبي في " سير أعلام النبلاء " (7/424) .

23 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، يَقُولُ: " مَا مِنْ شَيْءٍ خَيْرٌ لِلإِنْسَانِ مِنْ جُحْرٍ يَدْخُلُ فِيهِ (¬1) ". ¬

(¬1) أخرجه البيهقي في " الزهد الكبير " رقم (144) ، وأبو نعيم في " حلية الأولياء " (7/25 ـ 26) ، من طريق أحمد بن يونس به.

الترغيب في العزلة

التَّرْغِيبُ فِي الْعُزْلَةِ 24 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صَوَامِعُ الْمُسْلِمِينَ بُيُوتُهُمْ " (¬1) . ¬

(¬1) ضعيف: أخرجه العسكري، والسِّلفي، كما في " المقاصد الحسنة " برقم (1258) ، عن الحسن مرسلاً. قلت: وسنده ضعيف لإرساله. وقد خولف على إسحاق بن إبراهيم، خالفه: محمد بن سليمان بن هشام الخزار عن ابن أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الحسن، عن أنس، موصولاً وموفوعًا. أخرجه ابن حبان في " المجروحين " (2/305) . وقال في الخزار هذا: " منكر الحديث بين الثقات، كأنه يسرق الحديث، يعمد إلى أحاديث معروفة بأعيانهم حدّث بها عن شيوخهم، لا يجوز الاحتجاج به بحال ". وقال فيه ابن عدي: " يوصل الحديث ويسرقه ". قلت: فلإسناد منكر، فالمعروف أنه مرسل، والله أعلم. وفي الباب عن: أبي أمامة ـ مرفوعًا، به: أخرجه الطبراني في " كبيره " (ج8 رقم 1980) ، والقضاعي في " السهاب " برقم (1322) ، والشجري في " أماليه " (2/156 ـ 157، 157) ، بسند واه جدًّا , فيه: غفير بن معدان، متروك الحديث. والصواب أنه موقوف على أبي الدرداء كمما سيأتي برقم (26) . وورد ايضا عن: الفضيل بن عياض، أخرجه أبو عمرو الداني في " الفتن " (120) ، وابن البنا في " الرسالة المغنية " برقم (16 ـ بتحقيقي / ط. دار الطلائع) . والصوامع؛ جمع: صومعه، وهي: منار الراهب.

25 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: " إِنَّ أَقَلَّ الْعَيْبِ عَلَى امْرِئٍ أَنْ يَجْلِسَ فِي بَيْتِهِ " (¬1) . ¬

(¬1) صحيح: أخرجه وكيع (253à، وهناد (1236) ، وأبو داود (117 ـ 118) ، وابن أبي عاصم (81 ـ 99) أربعتهم في " الزهد "، وابن سعد في " الطبقات الكبرى " (3/221à) ، ونعيم بن حماد في " زوائد زهد ابن المبارك " (12) ، والخطابي في " العزلة " (ص22) "، وابن الأعرابي في " معجمه " (1241) ، والخرائطي في " مكارم الأخلاق " (366 ـ انتقاء السِّلفي) ، وغيرهم من طريق إسماعيل ابن ابي خلد به.

من كلام أبي الدرداء في العزلة

مِنْ كَلامِ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي الْعُزْلَةِ 26 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: " نِعْمَ صَوْمَعَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ بَيْتُهُ، يَكُفُّ لِسَانَهُ، وَفَرْجَهُ، وَبَصَرَهُ، وَإِيَّاكُمْ وَمُجَالَسَةَ الأَسْوَاقِ، تُلْهِي وَتُلْغِي " (¬1) . ¬

(¬1) صحيح: قلت: وقد رواه عن ثور، جماعة من أصحابه، منهم: = -[26]- = 1 - يحي بن سعيد: هنا، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (ج 13 ق 387 ـ مخطوط دار الكتب) . والخرائطي في " مكارم الأخلاق " (367 ـ منتقى السِّلفي) . 2 - سفيان الثوري، به: أخرجه وكيع (251) ، وأحمد برقم (135) ، وهناد (1235) ، وابن أبي عاصم (80) كلهم في " الزهد "، وابن أبي شيبة (13/309) ، وقوام السنة في " الترغيب والترهيب (2234) ، والبيهقي في " الشعب " (10656) . 3 - عيسى بن يونس: أخرجه البيهقي في " الزهد " (128) . وغيرهم. وتلغى: من اللغو، وهو ملا يعتد به من الكلام.

السلامة في العزلة

السَّلامَةُ فِي الْعُزْلَةِ 27 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ الأَزْدِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دَاوُدَ يَذْكُرُ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: " إِنْ كَانَ الْفَضْلُ فِي الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ السَّلامَةَ فِي الْعُزْلَةِ " (¬1) . ¬

(¬1) صحيح: أخرجه البيهقي في " الزهد الكبير " (126) ، من طريق مُسدد، ثنا عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، به. قلت: وهذا إسناد صحيح. وقد توبع على الأوزاعي، تابعه: سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول به: أخرجه ابن حبان في " روضة العقلاء " (ص185) ، والبيهقي في " الزهد " (125) ، من طريق أبي مهر عن سعيد به. قلت: وهذا اسناد شاميٌّ صحيحٌ.

ما يحملك على الاعتزال

مَا يَحْمِلُكَ عَلَى الاعْتِزَالِ 28 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: أنا عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أنا ابْنُ لَهِيعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَعْتَزِلُ النَّاسَ إِنَّمَا هُوَ وَحْدَهُ، فَجَاءَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ! مَا يَحْمِلُكَ عَلَى أَنْ تَعْتَزِلَ النَّاسَ؟ قَالَ: إِنِّي أَخْشَى أَنْ أُسْلَبَ دِينِي وَأَنَا لا أَشْعُرُ، قَالَ: أَتَرَى فِي الْجُنْدِ مِائَةً يَخَافُونَ مَا تَخَافُ؟ فَلَمْ يَزَلْ يُنْقِصُ حَتَّى بَلَغَ عَشَرَةً , فَحَدَّثَ بِذَلِكَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَقَالَ: ذَلِكَ شُرَحْبِيلُ بْنُ السِّمْطِ " (¬1) . ¬

(¬1) صحيح: أخرجه نعيم بن حماد في " زوائد زهد ابن المبارك " (16) ، وابن عساكر (22/462) ، من طريق ابن المبارك به.

أبو الجهيم والعزلة

أَبُو الْجُهَيْمِ وَالْعُزْلَةُ 29 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ، قَالَ: أَنَا عَبْدَانُ، قَالَ: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ غَزِيَّةَ، قَالَ: " كَانَ أَبُو الْجُهَيْم -[27]- الْحَارِثُ بْنُ الصِّمَّةِ لا يُجَالِسُ الأَنْصَارَ، فَإِذَا قِيلَ لَهُ، قَالَ: النَّاسُ شَرٌّ مِنَ الْوِحْدَةِ، وَكَانَ يَقُولُ: لا أَؤُمُّ أَحَدًا عَلَى مَا عِشْتُ، وَلا أَرْكَبُ دَابَّةً إِلا وَأَنَا ضَامِنٌ، يُرِيدُ عَلَى اللَّهِ، قَالَ: وَكَانَ زَعَمُوا، مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ أَشَدِّهِمُ اجْتِهَادًا، وَكَانَ لا يُفَارِقُ الْمَسْجِدَ " (¬1) . ¬

(¬1) صحيح: أخرجه نعيم بن حمّاد في " وزائد زهبد ابن المبارك " برقم (17) ، أنا يحي بن أيوب، به. قلتُ: ووقع في " زوائد نعيم ": " أبو الجهم "، وهذا خطأ، والصواب ما أثبته وانظر: كنى مسلم (598) ، وكنى البخاري (20) ، وطبقات خليفة (101) ، والإصابة (4/36) ، وغيرها. وقال النووي في: شرح مسلم " (4/63) : " وهو غلط ـ أي: " أبو الجهم " ـ، وصوابه في " صحيح البخاري "، وغيره: أبو الجهيم، بضم الجيم، وفتح الحاء، وزيادة ياء "، ثم قال: " هذا هو المشهور في كتب الأسماء "، وقال: " كذا ذكره مسلم في كتابه في أسماء الرجال، والبخاري في " تاريخه "، وأبو داود، والنسائي، وغيرهم، وكل من ذكره من المصنفين في الأسماء والكنى " اه.

من كلام الفضيل في العزلة

مِنْ كَلامِ الْفُضَيْلِ فِي الْعُزْلَةِ 30 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْعَثِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ يَقُولُ: " مَنِ اسْتَوْحَشَ مِنَ الْوِحْدَةِ، وَاسْتَأْنَسَ بِالنَّاسِ، لَمْ يَسْلَمْ مِنَ الرِّيَاءِ " (¬1) . ¬

(¬1) حسن: فيه: إبراهيم بن الأشعث ـ خادم فُضَيْل بن عياض ـ لا بأس به في الرقاق. وانظر: ميزان الاعتدال (1/20) ، ولسان الميزان (1/36) .

31 - قَالَ (¬1) : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " مَنْ خَالَطَ النَّاسَ لَمْ يَسْلَمْ وَلَمْ يَنْجُ مِنْ إِحْدَى اثْنَتَيْنِ: 1 - إِمَّا أَنْ يَخُوضَ مَعَهُمْ إِذَا خَاضُوا فِي بَاطِلٍ. 2 - وَإِمَّا أَنْ يَسْكُتَ إِذَا رَأَى مُنْكَرًا أَوْ سَمِعَهُ مِنْ جُلَسَائِهِ، فَلا يُغَيِّرَ، فَيَأْثَمَ، وَيُشْرِكَهُمْ فِيهِ (¬2) . ¬

(¬1) القائل هو: إبراهيم بن الأشعث. (¬2) أخرجه البيهقي في " الزهد " (130) ، والخطابي في " العزلة " (ص41) .

من آفات المخالطة

مِنْ آفَاتِ الْمُخَالَطَةِ 32 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ نَصْرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ: " مَنْ خَالَطَ النَّاسَ دَارَاهُمْ، وَمَنْ دَارَاهُمْ رَاءَاهُمْ " (¬1) . ¬

(¬1) أورده القشيري في " رسالته " (ص51) .

33 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْوَلِيدِ عَيَّاشُ بْنُ عَاصِمٍ الْكَلْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ صَدَقَةَ أَبُو مُهَلْهَلٍ، قَالَ: أَخَذَ بِيَدِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَأَخْرَجَنِي إِلَى الْجَبَّانِ، فَاعْتَزَلْنَا نَاحِيَةً عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا مُهَلْهَلٍ! إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لا تُخَالِطَ فِي زَمَانِكَ هَذَا أَحَدًا فَافْعَلْ، فَلْيَكُنْ هَمُّكَ مَرَمَّةَ جِهَازِكَ، وَاحْذَرْ إِتْيَانَ هَؤُلاءِ الأُمَرَاءِ، وَارْغَبْ إِلَى اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، فِي حَوَائِجِكَ لَدَيْهِ، وَافْرَغْ إِلَيْهِ فِيمَا يَنُوءُ بِكَ، وَعَلَيْكَ بِالاسْتِغْنَاءِ عَنْ جَمِيعِ النَّاسِ، فَارْفَعْ حَوَائِجَكَ إِلَى مَنْ لا تَعْظُمُ الْحَوَائِجُ عِنْدَهُ، فَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ الْيَوْمَ بِالْكُوفَةِ أَحَدًا لَوْ فَرَغْتُ إِلَيْهِ فِي قَرْضِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَأَقْرَضَنِي، لَمْ يَكْتُمْهَا عَلَيَّ حَتَّى يَذْهَبَ وَيَجِيَء، وَيَقُولَ: جَاءَنِي سُفْيَانُ فَاسْتَقْرَضَنِي فَأَقْرَضْتُهُ " (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه الخلال في " الورع " برقم (684) ، وأبو نعيم في " الحلية " (7/13) . وأورده الذهبي في " مناقب سفيان الثوري " (ص 40) . ومَرَّمَة: أي: إصلاح ما فسد.

وهل الأنس اليوم إلا في الوحدة؟

وَهَلِ الأُنْسُ الْيَوْمَ إِلا فِي الْوِحْدَةِ؟ 34 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْفُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُخْتِي، وَكَانَتْ أَكْبَرَ مِنْ مُحَمَّدٍ، قَالَتْ: أَتَيْتَ دَاوُدَ لأُسَلِّمَ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لِي، فَقَعَدْتُ عَلَى بَابِ الْحُجْرَةِ، فَقُلْتُ: أَنْتَ وَحْدَكَ هَهُنَا؟ فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ! وَهَلِ الأُنْسُ الْيَوْمَ إِلا فِي الْوِحْدَةِ وَالانْفِرَادِ؟ ! إِمَّا مُتَجَمِّلٌ لَكَ. أَوْ مُتَجَمِّلٌ لَهُ، فَفِي أَيِّ ذَلِكَ مِنْ خَيْرٍ (¬1) ". ¬

(¬1) أخرجه أبو نعيم في " حلية الأولياء " (7/343) ، من طريق ابن الدنيا به. وسنده ضعيف، فيه جهالة أخت الفضيل بن عبد الوهاب.

35 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي رُسْتُمُ بْنُ أُسَامَةَ أَبُو النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَيْرُ بْنُ صَدَقَةَ، قَالَ: كَانَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ لِي صَدِيقًا، وَكُنَّا نَجْلِسُ جَمِيعًا فِي حَلَقَةِ أَبِي حَنِيفَةَ، حَتَّى اعْتَزَلَ وَبَعُدَ، فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ! جَفَوْتَنَا، قَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، لَيْسَ مَجْلِسُكُمْ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ الآخِرَةِ فِي شَيْءٍ، ثُمَّ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، ثُمَّ قَامَ وَتَرَكَنِي (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه أبو نعيم في " حلية الأولياء " (7/336) ، والخطيب في " تاريخ بغداد " (8/347 ـ 348) .

مع الربيع بن أبي راشد

مَعَ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ 36 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، ثَنا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ السَّلامِ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ: قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ: اقْرَأْ عَلَيَّ: يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ سورة الحج آية 5، قَالَ: فَقَرَأْتُهَا عَلَيْهِ، فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: " وَاللَّهِ! لَوْلا أَنْ تَكُونَ بِدْعَةٌ لَسُحْتُ، أَوْ قَالَ: لَهِمْتُ، فِي الْجِبَالِ " (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (5/77) ، من طريق عبد السلام بن حرب به.

العافية عشرة أجزاء

الْعَافِيَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ 37 - حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ: ثَنَا حَمَّادُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الزِّنَادِيِّ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: " الْعَافِيَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ: تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْهَا صَمْتٌ، وَجُزْءٌ مِنْهَا اعْتِزَالُكَ عَنِ النَّاسِ " (¬1) . ¬

(¬1) ورد أيضًا من قول وهيب بن الورد، أخرجه ابن أبي الدنيا في " الصمت " وغيره، كما سيأتي بيانه برقم (79) .

تفقه ثم اعتزل

تَفَقَّهْ ثُمَّ اعْتَزِلْ 38 - حَدَّثَنَي الْعَبَّاسُ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: ثَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ الْحَارِثِيِّ، قَالَ: قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَمٍ: " تَفَقَّهْ ثُمَّ اعْتَزِلْ " (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه الخطابي في " العزلة " (ص 25) ، والخطيب في " الفقيه والمتفقه " برقم (63) ، والبيهقي في " الزهد الكبير " برقم (122) ، من طرقٍ عن عبد الرحمن بن مهدي به. وقد رواه عنه: " أحمد بن إبراهيم الدورقي، وهارون بن سليمان الأصبهاني، وأبو حفص عمرو بن عليّ ". وأخرجه عبد الله بن أحمد في " زوائد زهد أبيه " (403) ، حدثنا من سمع عبد الرحمن بن مهدي به.

مع صفوان بن محرز

مَعَ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ 39 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: " كَانَ لِصَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ سَرَبٌ يَبْكِي فِيهِ " (¬1) . ¬

(¬1) حسن: المُعَلَّى، وجعفر، صدوقان الحديث والسِّرَب: حفير تحت الأرض لا منفذ له

فر من الناس فرارك من الأسد

فِرَّ مِنَ النَّاسِ فِرَارَكَ مِنَ الأَسَدِ 40 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَدَنِيُّ، عَنْ -[30]- بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ لِي دَاوُدُ الطَّائِيُّ: " فِرَّ مِنَ النَّاسِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ " (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه الخطابي في " العزلة " (ص 29 ـ 30) ، وأبو نعيم في " الحلية " (7/342) ، والخطيب في " تاريخ بغداد " (8/350 ـ 351) .

العزلة عبادة

الْعُزْلَةُ عِبَادَةٌ 41 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثنا الْمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ الْمَغِيرَةِ، قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: " عَلَيْكَ بِالْعُزْلَةِ، فَإِنَّهَا عِبَادَةٌ " (¬1) . ¬

(¬1) ضعيف: أخرجه أحمد (459) ، وأبو داود (421) ، كلاهما في " الزهد "، من طريق المؤمل، به. قلت: وسنده ضعيف، فيه: الوليد بن المغيرة، قال أبو حاتم: " مجهول "، انظر: الجرح والتعديل لابنه (9/17) .

استشارة

اسْتِشَارَةٌ 42 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي الصَّلْتُ بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: اسْتَشَرْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: قُلْتُ: أَيْنَ تَرَى أَنْ أَنْزِلَ؟ قَالَ: بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، حَيْثُ لا يَعْرِفُكَ إِنْسَانٌ " (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه أبو نعيم في " حلية الأولياء " (7/8) ، من طريق ابن أبي الدنيا به.

نصائح غالية

نَصَائِحُ غَالِيَةٌ 43 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبَرْزَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، يَقُولُ: " أَقِلَّ مِنْ مَعْرِفَةِ النَّاسِ، تَقِلَّ غَيْبَتُكَ " (¬1) . ¬

(¬1) صحيح: أخرجه ابن أبي الدنيا في " المنامات " (44) ، وفي " التواضع والخمول " (29، 39) ، وأبو نعيم في " الحلية " (6/383، 379، 7/8) ، وابن أبي حاتم في " مقدمة الجرح والتعديل " (ص 120/ج1) ، وابن حبان في " السير " (7/276) ، وفي " مناقب سفيان الثوري " (ص 41)

44 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: ثنا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَابِدًا بِالْيَمَنِ يَقُولُ: سُرُورُ الْمُؤْمِنِ وَلَذَّتُهُ فِي الْخَلْوَةِ بِمُنَاجَاةِ سَيِّدِهِ " (¬1) . ¬

(¬1) ضعيف: فيه جهالة هذا العابد اليمني.

45 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ مُصْلِحٍ الْعَتَكِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَفَّافُ، قَالَ: قَالَ لِي سُفْيَانُ: يَا عَطَاءُ! احْذَرِ النَّاسَ وَاحْذَرْنِي، فَلَوْ خَالَفْتُ رَجُلا فِي رُمَّانَةٍ فَقَالَ: حَامِضَةٌ، وَقُلْتُ: حُلْوَةٌ، أَوْ قَالَ: حُلْوَةٌ، وَقُلْتُ: حَامِضَةٌ، لَخَشِيتُ أَنْ يَشِيطَ بِدَمِي " (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه الخطابي في " العزلة " (ص 201) ، وأبو نعيم في " الحلية " (7/8) .

العزلة عند الحكماء

الْعُزْلَةُ عِنْدَ الْحُكَمَاءِ 46 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: " أَلَمْ تَرَ إِلَى ذِي الْوَحْدَةِ مَا أَحْلَى وَرَعَهُ وَأَرْفَعَ عَيْشَهُ، وَأَقْنَعَ نَفْسَهُ بِالْقَصْدِ، وَآمَنَهُ لِلنَّاسِ، وَأَبْعَدَهُ وَإِنْ بَدَا بِالْحِرْصِ مُسْتَعِدًّا لِصُرُوفِ الأَيَّامِ مُسْتَكِينًا؟ إِنْ مُنِعَ قَلَّتْ هُمُومُهُ، وَإِنْ طُرِقَ قَلَّ أَسَفُهُ، وَإِنْ أَخَذَ لَمْ تَكْثُرِ الْحُقُوقُ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَكْدَى لَمْ يَكْبُرِ الصَّبْرُ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَنَعَ لَمْ يَحْصُرْهُ الْمَوْتُ، وَإِنْ طَلَبَ لَمْ تُلْذِذْهُ الْكَثْرَةُ، لا يَشْتَكِي أَلَمَ غَيْرِهِ، وَلا يُحَاذِرُ إِلا عَلَى نَفْسِهِ، وَذُو الْكَثْرَةِ غَرَضُ الأَيَّامِ الْمَقْصُودُ، وَثَأْرُهَا الْمَطْلُوبُ، وَصَرِيعُ مَصَائِبِهَا وَآفَاتِهَا، مَا أَدْوَمَ نَصَبَهُ، وَأَقَلَّ رَاحَتَهُ، وَأَخَسَّ مِنْ مَالِهِ نَصِيبَهُ وَحَظَّهُ، وَأَشَدَّ مِنَ الأَيَّامِ حَذَرَهُ، وَأَعْيَا الزَّمَانَ بِكَلْمِهِ وَنَقْصِهِ، ثُمَّ هُوَ بَيْنَ السُّلْطَانِ يَرْعَاهُ، وَعَدُوٍّ يَبْغِي عَلَيْهِ، وَحُقُوقٍ تَسْتَرِيبُهُ، وَأَكْفَاءٍ يُنَافِسُونَهُ، وَوَلَدٍ يَوَدُّونَ مَوْتَهُ، قَدْ بُعِثَ عَلَيْهِ مِنْ سُلْطَانِهِ بِالْعَنَتِ، وَمِنْ أَكْفَائِهِ الْحَسَدُ، وَمِنْ أَعْدَائِهِ الْبَغْيُ، وَمِنَ الْحُقُوقِ الذَّمُّ، لا يُحْدِثُ الْبُلْغَةَ، قَنَعَ فَدَامَ لَهُ السُّرُورُ، وَرَفَضَ الدُّنْيَا فَسَلِمَ مِنَ الْحَسَدِ، وَرَضِيَ بِالْكَفَافِ فَتَنَكَّبَتْهُ الْحُقُوقُ " (¬1) . ¬

(¬1) قوله: ذي الوحدة، أي: صاحب الوحدة. والمستكين: الخاضع الذليل. وطرق: استرخى. وأسفه: الحزن. وأكدى: أي: قل خيره. والنصب: التعب. ويبغى: يجور عليه ويظلمه. وأكفاء: أنداد. والعنت: المشقة. والبلغة: ما يتبلّغ به من العيش. التنكيب: العدول عن الشيء.

47 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَأَنْشَدَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: تَوَحَّشْتُ لِكَيْ أُسَرَّ بِالْوَحْدَةِ أَحْيَانًا ... وَفِي الْوَحْشَةِ مَا يُؤْنِسُ مِنْ صُحْبَةِ مَنْ خَانَا

48 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَأَنْشَدَنِي الْحُسَيْنُ: يَا حَبَّذَا الْوَحْشَةُ مِنْ أَنِيسِ ... إِذَا خَشِيتَ مِنْ أَذَى الْجَلِيسِ

49 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَأَنْشَدَنِي الْحُسَيْنُ: طِبْ عَنِ الأَئِمَّةِ نَفْسَا ... وَارْضَ بِالْوَحْدَةِ أُنْسَا مَا رَأَيْنَا أَحَدًا يُسَاوِي ... عَلَى الْخُبْرَةِ فِلْسَا

50 - وَأَنْشَدَنِي: مَنْ حَمِدَ النَّاسَ وَلَمْ يَبْلُهُمْ ... ثُمَّ بَلاهُمْ ذَمَّ مَنْ يَحْمَدُ وَصَارَ بِالْوَحْدَةِ مُسْتَأْنِسًا ... يُوحِشُهُ الأَقْرَبُ وَالأَبْعَدُ

51 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ، قَالَ: قَالَتْ أَعْرَابِيَّةٌ مَرَّةً: " يَا حَبَّذَا الْوَحْدَةُ، أَلَيْسَ خَلْقِي وَارِعًا أَنْقَى؟ " (¬1) . ¬

(¬1) الحسين، هو ابن عبد الرحمن، مقبول عند المتابعة، وإلاَّ فلين الحديث. ومقولة الأعرابية هكذا وردت بالمخطوط، ولم أستطع تقويمه، لأن ابن أبي الدنيا قد تفرد بإخراجه، وليحرر قولها هذا، ولعلها: (ورعة) ، والله أعلم.

مالك بن مغول والعزلة

مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ وَالْعُزْلَةُ 52 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي رَوْحٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ بِالْكُوفَةِ، وَهُوَ فِي دَارِهِ وَحْدَهُ جَالِسٌ، فَقُلْتُ لَهُ: أَمَا تَسْتَوْحِشُ فِي هَذِهِ الدَّارِ وَحْدَكَ؟ فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ أَحَدًا يَسْتَوْحِشُ مَعَ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ , قَالَ ابْنُ أَبِي رَوْحٍ: قَالَ السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى: أَنِسْتُ مِنْ بَعْدِ مَا قَدْ كُنْتُ بِالْوَحْشَةِ مُسْتَوْحِشًا (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه الخطابي في " العزلة " (ص 81 ـ ط. سوريا) ، والخدري في " فوائده " برقم (18) .

خير أنيس

خَيْرُ أَنِيسٍ 53 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: ثنا سَهْلُ بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: قِيلَ لِرَجُلٍ بِطَرُسوَس: مَا هُنَا أَحَدٌ تَأْنَسُ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَمَنْ؟ فَمَدَّ يَدَهُ إِلَى الْمُصْحَفِ وَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ، وَقَالَ: هَذَا (¬1) . ¬

(¬1) أرده القشيري في " رسالته " (ص 51 ـ ط. الحلبي) .

54 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلَمَةُ، قَالَ: ثنا سَهْلٌ، قَالَ: سَمِعْتُ -[33]- سَلَمَ بْنَ مَيْمُونٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ فُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ يَقُولُ: " مَنْ لَمْ يَسْتَأْنِسْ بِالْقُرْآنِ، فَلا آنَسَ اللَّهُ وَحْشَتَهُ (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه الخطابي في " العزلة " (ص 83) عن الفضيل بنحوه.

حال الرجل عند ذكره للقبر

حَالُ الرَّجُلِ عِنْدَ ذِكْرِهِ لِلْقَبْرِ 55 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى رَجُلٍ بِالْمِصِّيصَةِ فِي بَيْتٍ فِيهِ: فَرَسُهُ، وَعَلَفُهُ، وَقُمَاشُهُ، فَقُلْتُ: أَمَا تَضِيقُ نَفْسُكَ مِنْ هَذَا؟ ! فَبَكَى، وَقَالَ: إِذَا ذَكَرْتُ الْقَبْرَ وَضِيقَهُ وَظُلْمَتَهُ، اتَّسَعَ هَذَا عِنْدِي، وَلَهِيتُ عَنْ غَيْرِهِ ".

مع سليمان الخواص

مَعَ سُلَيْمَانَ الْخَوَّاصِ 56 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: إِسْحَاقُ، مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ الْخَوَّاصُ بِبَيْرُوتَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ: مَا لِي أَرَاكَ فِي الظُّلْمَةِ؟ قَالَ: ظُلْمَةُ الْقَبْرِ أَشَدُّ، قَالَ: مَا لِي أَرَاكَ وَحْدَكَ لَيْسَ لَكَ رَفِيقٌ؟ قَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ لِي رَفِيقٌ لا أَقْدِرُ أَنْ أَقُومَ بِحَقِّهِ، قَالَ لَهُ سَعِيدٌ: خُذْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ، فَإِنَّا لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ: يَا سَعِيدُ! إِنَّ نَفْسِي لَمْ تُجِبْنِي إِلَى هَذَا الَّذِي أَجَابَتْنِي إِلَيْهِ إِلا بَعْدَ كَدِّكَ، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ أُعَوِّدَهَا مِثْلَ دَرَاهِمِكَ هَذِهِ، فَمَنْ لِي بِمِثْلِهَا إِذَا أَنَا أَصْبَحْتُ؟ لا حَاجَةَ لِي فِيهَا، قَالَ: فَذَكَرَ سَعِيدٌ لِلأَوْزَاعِيِّ، فَقَالَ: دَعْ سُلَيْمَانَ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ فِي السَّلَفِ لَكَانَ عَلامَةً " (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8/377) من طريق ابن أبي الدنيا به.

57 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ، ثنا أَبِي، عَنْ سُلَيْمَانَ الْخَوَّاصِ، قَالَ: قِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَكَوْكَ أَنْ تَمُرَّ وَلا تُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا ذَاكَ لِفَضْلٍ أَرَاهُ عِنْدِي، وَلَكِنِّي شِبْهُ الْحَشِّ، إِذَا ثَوَرْتُهُ ثَارَ، وَإِذَا قَعَدْتُ مَع النَّاسِ جَاءَ مِنِّي مَا أُرِيدُ وَمَا لا أُرِيدُ " (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه أبو نعيم في " الحلية الأولياء " (8/277) ، من طريق ابن أبي الدنيا به. ثوَّره: أثاره وأهاجه والحش: الكنيف. وقد وقع في " الحلية " بعض الأخطاء في المتن والأثر، والصواب ما هنا.

58 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى -[34]- شُعَيْبِ بْنِ حَرْبٍ وَهُوَ بِمَكَّةَ، قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: جِئْتُ أُونِسُكَ، قَالَ: جِئْتَ تُؤْنِسُنِي وَأَنَا أُعَالِجُ الْوَحْدَةَ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً؟ (¬1) . ¬

(¬1) قوله: أعالج: أي: أصارع.

من لم يأنس بالله لم يأنس بشيء

مَنْ لَمْ يَأْنَسْ بِاللَّهِ لَمْ يَأْنَسْ بِشَيْءٍ 59 - قَالَ: وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ الصَّيَّادِ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: أَكُونُ مَعَكَ، قَالَ: يَا أَخِي! إِنَّ الْعِبَادَ لا تَكُونُ بِالشَّرِكَةِ، وَمَنْ لَمْ يَأْنَسْ بِاللَّهِ، تَعَالَى، لَمْ يَأْنَسْ بِشَيْءٍ " (¬1) . ¬

(¬1) ذكره القشيري في " رسالته " (ص 51 ـ ط. الحلبي) .

مع سعد بن أبي وقاص

مَعَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ 60 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ: قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: " وَاللَّهِ! لَوَدِدْتُ أَنَّ بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ بَابًا مِنْ حَدِيدٍ، لا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ وَلا أُكَلِّمُهُ، حَتَّى أَلْحَقَ بِاللَّهِ سُبْحَانَهُ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: فيه علتان: الأولى: الانقطاع بين ابن أبي الدنيا، وإبراهيم بن محمد. الثانية: الانقطاع بين شمر، وسعد بن أبي وقاص.

61 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَحُدِّثْتُ عَنْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَحُدِّثْتُ عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ بُكَيْرٍ، أَوْ يَعْقُوبَ بْنِ الأَشَجِّ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، وَسَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ لَزِمَا بُيُوتَهُمَا بِالْعَقِيقِ، وَلَمْ يَكُونَا يَأْتِيَانِ الْمَدِينَةَ لِجُمُعَةٍ وَلا لِغَيْرِهَا، حَتَّى مَاتَا بِالْعَقِيقِ (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف، والأثر صحيح: في إسناده انقطاع بين ابن أبي الدنيا، وحرملة. والأثر في " الجامع في الحديث "، لابن وهب برقم (388) ، قال: حدثني ابن لهيعة، به. وسنده صحيح، فإن ابن وهب روى عن ابن لهيعة قبل الإختلاط.

كرز بن وبرة والعزلة

كُرْزُ بْنُ وَبْرَةَ وَالْعُزْلَةُ 62 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ بَدْرِ بْنِ مُعَاذٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ لِكُرْزِ بْنِ وَبْرَةَ: لَوْ قَعَدْتَ فِي الْمَسْجِدِ، قَالَ: إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَقْعُدَ، فَإِمَّا أَنْ أَسْمَعَ كَلِمَةً تَسُرُّنِي فَأُصْغِي إِلَيْهَا أُذُنِي، وَإِمَّا أَنْ أَسْمَعَ كَلِمَةً تَسُوءُنِي فَيُشْغَلُ عَلَيَّ قَلْبِي، وَلَقَدْ عَجِبْتُ بِمَنْ عِنْدَهُ الْقُرْآنُ كَيْفَ يَشْتَاقُ إِلَى حَدِيثِ الرِّجَالِ؟ (¬1) . ¬

(¬1) إسناد ضعيف: فيه انقطاع بين ابن أبي الدنيا، وبدر بن معاذ .

63 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثنا مَيْسَرَةُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَنْطَاكِيِّ، قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: كَانَتِ الْمَسَاجِدُ عَلَى ثَلاثَةِ أَصْنَافٍ: فَصِنْفٌ سَاكِتٌ سَالِمٌ، وَصِنْفٌ فِي ذِكْرِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَالذِّكْرُ مَعْرُوجٌ بِهِ، وَصِنْفٌ فِي صَلاةٍ، وَالصَّلاةُ لَهَا مِنَ اللَّهِ نُورٌ، فَخَلَفَتْ خُلُوفٌ مِنْ أَفْنَاءِ الدُّورِ وَأَنْدِيَةِ الأَسْوَاقِ، فَكَانَ مَعْدِنُ خَوْضِهِمْ، وَمَرَاجِمُ ظُنُونِهِمْ يَتَفَكَّهُونَ بِالْغَيْبَةِ، وَيُفِيدُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِالنَّمِيمَةِ. (¬1) ¬

(¬1) الخُلوف: الحُضَّر والغُيَّب، من الأضداد. ومراجم: أي: مرمى، يقال: تراجموا بينهم بمراجم؛ أي: ترامو. ويتفكهون: أي: يغتابون ويتناولون منه.

64 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: قَالَ دَاوُدُ الطَّائِيُّ: لِمَنْ تَجْلِسُ؟ لِرَجُلٍ يَحْفَظُ سَقَطَكَ، أَوْ غُلامٍ يَتَعَنَّتُكَ (¬1) ؟ ! ¬

(¬1) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (7/344) ، من طريق ابن أبي الدنيا، به. يتعنتك: يدخل عليك الأذى.

65 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنِ ابْنِ السَّمَّاكِ، قَالَ: كَلَّمْتُ دَاوُدَ الطَّائِيَّ، قَالَ: قُلْتُ: لَوْ جَالَسْتَ النَّاسَ، قَالَ: إِنَّمَا أَنْتَ بَيْنَ اثْنَيْنِ، بَيْنَ صَغِيرٍ لا يُوَقِّرُكَ، وَكَبِيرٍ يُحْصِي عَلَيْكَ عُيُوبَكَ (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه أبو نعيم في " الحلية "، من طريق ابن أبي الدنيا به.

66 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: سَمِعْتُ شُعَيْبَ بْنَ حَرْبٍ يَقُولُ: لا تَجْلِسْ إِلا مَعَ أَحَدِ رَجُلَيْنِ: رَجُلٍ جَلَسْتَ إِلَيْهِ يُعَلِّمُكَ خَيْرًا فَتَقْبَلُ مِنْهُ، أَوْ رَجُلٍ تُعَلِّمُهُ خَيْرًا فَيَقْبَلُ مِنْكَ، وَالثَّالِثِ اهْرُبْ مِنْهُ.

67 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: ثنا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمْ يَجْلِسِ الرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَمٍ فِي طَرِيقٍ مُنْذُ اتَّزَرَ بِإِزَارٍ، قَالَ: أَخَافُ أَنْ يَفْتَرِيَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ، فَأَتَكَلَّفُ الشَّهَادَةَ، أَوْ تَقَعُ حُمُولَةٌ فَأَغُضُّ الْبَصَرَ. (¬1) ¬

(¬1) صحيح: أخرجه ابن سعد في " الطبقات الكبرى " (6/183) ، والفسوي في " المعرفة " (2/569) ، ونعيم بن حمّاد في " زوائده على زهد ابن المبارك " (21) ، وأبو نعيم في " الحلية " (2/116) ، من طرق عن مالك بن مغول، به والحمولة (بالضم) : الأحمال.

68 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ -[36]- بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَزَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعْدٍ الْبَقَّالَ، يَقُولُ: رَأَيْتُ رَجُلا بِالْكُوفَةِ قَدِ اسْتَعَدَّ لِلْمَوْتِ مُنْذُ ثَلاثِينَ سَنَةً، قَالَ: مَا لِي عَلَى أَحَدٍ شَيْءٌ وَلا لأَحَدٍ عِنْدِي شَيْءٌ، وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُكَلِّمَ أَحَدًا، وَلا يُكَلِّمَنِي أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، إِلا بِذِكْرِ اللَّهِ، تَعَالَى، وَكَانَ يَأْوِي إِلَى الْجَبَّانِ وَالْمَقَابِرِ. (¬1) ¬

(¬1) إسناده ضعيف: في سنده: أبو سعد البقال، واسمه: سعيد بن المرزبان، ضعيف، ومدلس. انظر: تهذيب الكمال (7/289 ـ 291) ، وهامشه.

69 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا رُسْتُمُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: ثَنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، قَالَ: كَانَ عَطْوَانُ بْنُ عَمْرٍو التَّمِيمِيُّ رَجُلا مُنْقَطِعًا، وَكَانَ يَلْزَمُ الْجِبَانَ بِظَهْرِ الْكُوفَةِ، فَأَتَاهُ قَوْمٌ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، فَوَجَدُوهُ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ بَيْنَ الْقُبُورِ، فَلَمْ يَزَالُوا عِنْدَهُ حَتَّى أَفَاقَ. أَوْ قَالَ: اسْتَحْيَا مِنْهُمْ، وَجَعَلَ، كَهَيْئَةِ الْمُعْتَذِرِ، يَقُولُ لَهُمْ: رُبَّمَا غَلَبَ عَلَيَّ النَّوْمُ، وَرُبَّمَا أَصَابَنِي الإِعْيَاءُ، فَأَلْقَى نَفْسِي هَكَذَا. (¬1) ¬

(¬1) في إسناده: رستم بن النعمان، لم أقف على حاله. والله أعلم.

من صفات خير الناس

مِنْ صِفَاتِ خَيْرِ النَّاسِ 70 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا أَبُو خَيْثَمَةَ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، ثنا حَبِيبُ بْنُ شِهَابٍ، ثنا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ خَطَبَ بِتَبُوكَ: " مَا فِي النَّاسِ مِثْلُ رَجُلٍ يَأْخُذُ بِرَأْسِ فَرَسِهِ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَيَجْتَنِبُ شُرُورَ النَّاسِ، وَمِثْلُ رَجُلٍ بَادَ فِي غَنَمِهِ يَقْرِي ضَيْفَهُ وَيُعْطِي حَقَّهُ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده صحيح: أخرجه أحمد (1/226) ، والطبراني في " كبيره " (ج12 رقم 12924) ، وابن أبي عاصم في " الجهاد " برقم (154) ، وأبو نعيم في " الحلية " (8/386) ، من طريقٍ عن يحي بن سعيد، به. وقد توبع على يحي، تابعه: روح بن عبادة، عن حبيب به: لأخرجه أحمد (1/311) ، والحارث بن أبي أسامة في " مسنده " (617 ـ بغية الباحث / بتحقيقي) ، والحاكم في " المستدرك " (2/67) . وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح الإسناد "، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. قلت: هو كما قالا ـ رحمهما الله. وحبيب بن الشهيد، وثّقه ابن معين، والنسائي، وقال فيه أحمد بن حنبل: " ليس بنه بأس ". انظر: الجرح والتعديل (1/ق2/103) ، والثقات، لابن حبان (6/180) ، و " تعجيل المنفعة "، لابن حجر (ص59) . وأبوه: وثقه أبو زرعة الرازي، كما في " الجرح والتعديل " (3/306 برقم 1978) . وسيأتي من طريق آخر برقم (101) . = -[37]- = قوله: يَقْرِي: أي: يضيفة ويحسن إليه. انظر: الصحاح للجوهري (6/2461) ، والحكم، لابن سيده (6/308) ، وتاج العروس، للزبيدي (10/290) .

حكايات مالك عن المعتزلين

حِكَايَاتُ مَالِكٍ عَنِ الْمُعْتَزِلِينَ 71 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ النَّاسُ الَّذِينَ مَضَوْا يُحِبُّونَ الْعُزْلَةَ وَالانْفِرَادَ مِنَ النَّاسِ، وَلَقَدْ كَانَ سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَكَانَ يَأْتِي مَجْلِسَ رَبِيعَةَ فَيَجْلِسَ فِيهِ، وَكَانُوا يُحِبُّونَ ذَلِكَ مِنْهُ، فَإِذَا كَثُرَ فِيهِ الْكَلامُ وَكَثُرَ فِيهِ النَّاسُ، قَامَ عَنْهُمْ. قَالَ مَالِكٌ: وَكَانَ النَّاسُ أَصْحَابَ عُزْلَةٍ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَتِيمُ عُرْوَةَ صَاحِبَ عُزْلَةٍ وَحَجٍّ وَغَزْوٍ. (¬1) ¬

(¬1) صحيح: أخرجه الفسوي في " المعرفة والتاريخ " (1/664) ، من طريق ابن وهب به.

72 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ زِيَادٌ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاشٍ مُعْتَزِلا، لا يَكَادُ يَجْلِسُ مَعَ أَحَدٍ، إِنَّمَا هُوَ أَبَدًا يَخْلُو وَحْدَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ (¬1) . ¬

(¬1) صحيح: أخرجه الفسوي (1/667) ، من طريق ابن وهب به.

الزم ما أنت عليه

الْزَمْ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ 73 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثَنا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، قَالَ: قَالَ شُرَحْبِيلُ: كَانَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ، قِيلَ لَهُ: ابْنُ مَيْمُونٍ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قِيلَ لِلْحَسَنِ: هَهُنَا رَجُلٌ لَمْ نَرَهُ قَطُّ جَالِسًا إِلَى أَحَدٍ، إِنَّمَا هُوَ أَبَدًا خَلْفَ سَارِيَةٍ وَحْدَهُ، فَقَالَ الْحَسَنُ: إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَخْبِرُونِي بِهِ، قَالَ: فَمَرُّوا بِهِ ذَاتَ يَوْمٍ وَمَعَهُمُ الْحَسَنُ، فَأَشَارُوا لَهُ إِلَيْهِ، فَقَالُوا: ذَاكَ الرَّجُلُ الَّذِي أَخْبَرْنَاكَ بِهِ. فَقَالَ: امْضُوا حَتَّى آتِيَهُ، فَلَمَّا جَاءَهُ قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! أَرَاكَ قَدْ حُبِّبَتْ إِلَيْكَ الْعُزْلَةُ، فَمَا يَمْنَعُكَ مِنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ؟ قَالَ: مَا أَشْغَلَنِي عَنِ النَّاسِ، قَالَ: فَتَأْتِي هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: الْحَسَنُ، فَتَجْلِسَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: مَا أَشْغَلَنِي عَنِ الْحَسَنِ وَعَنِ النَّاسِ، قَالَ لَهُ الْحَسَنُ: فَمَا الَّذِي شَغَلَكَ، رَحِمَكُ اللَّهُ، عَنِ النَّاسِ وَعَنِ الْحَسَنِ؟ قَالَ: إِنِّي أُمْسِي وَأُصْبِحُ بَيْنَ ذَنْبٍ وَنِعْمَةٍ، فَرَأَيْتُ أَنْ أَشْغَلَ نَفْسِي عَنِ النَّاسِ بِالاسْتِغْفَارِ لِلذَّنْبِ، وَالشُّكْرِ لِلَّهِ -[38]- عَلَى النِّعْمَةِ، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: أَنْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ! أَفْقَهُ عِنْدِي مِنَ الْحَسَنِ، الْزَمْ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ. (¬1) ¬

(¬1) ضعيف: أخرجه المؤلف في " كتاب الشكر " برقم (196) ، بسنده ومتنه. وفيه: محمد بن زيد مقبول عند المتابعة، وهو لم يتابع عليه، فهه لين الحديث.

74 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ الْحَسَنُ: قَدِمَ عَلَيْنَا رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ لأَصْحَابِي: هَلْ لَكُمْ فِي الذَّهَابِ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ، فَنُؤَدِّيَ مِنْ حَقِّهِ؟ وَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَنَا مِنْهُ كَلِمَةً يَنْفَعُنَا اللَّهُ بِهَا، فَجِئْنَا إِلَى رَجُلٍ مَشْغُولٍ بِنَفْسِهِ، كَثِيرِ حَدِيثِ النَّفْسِ، ضَارِبٍ بِذَقْنِهِ فِي صَدْرِهِ، فَسَلَّمْنَا، فَرَدَّ السَّلامَ، وَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْنَا، ثُمَّ عَادَ لِحَالِهِ الأُولَى، فَمَكَثْنَا طَوِيلا لا يُكَلِّمُنَا، وَلا نَجْتَرِئُ أَنْ نُكَلِّمَهُ، فَأَشَرْتُ إِلَى أَصْحَابِي بِالْقِيَامِ، فَلَمَّا أَحَسَّنَا قَدْ قُمْنَا، رَفَعَ إِلَيْنَا رَأْسَهُ، فَإِذَا هُوَ يَرَى زِيًّا غَيْرَ زِيِّ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ أَدْرَكَ، قَالَ: حَتَّى مَتَى أَنْتُمْ عَلَى مَا أَرَى؟ مَا أَصْبَحْتُمْ إِلا كَالْبَهَائِمِ، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ أَتْعَبْتُمُ الْوَاعِظِينَ، ثُمَّ عَادَ لِحَالِهِ الأُولَى، فَوَاللَّهِ مَا زَادَنَا عَلَيْهَا، وَلا ازْدَدْنَا مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْهَا. (¬1) ¬

(¬1) إسناده كالسابق.

من مواعظ الفضيل بن عياض

مِنْ مَوَاعِظِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ 75 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: مَرَرْتُ ذَاتَ يَوْمٍ بِالْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ وَهُوَ خَلْفَ سَارِيَةٍ وَحْدَهُ، وَكَانَ لِي صَدِيقًا فَجِئْتُهُ، فَسَلَّمْتُ وَجَلَسْتُ، فَقَالَ لِي: يَا أَخِي! مَا أَجْلَسَكَ إِلَيَّ؟ قُلْتُ: رَأَيْتُكَ وَحْدَكَ فَاغْتَنَمْتُ وَحْدَتَكَ، قَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ لَمْ تَجْلِسْ إِلَيَّ لَكَانَ خَيْرًا لَكَ وَخَيْرًا لِي، فَاخْتَرْ إِمَّا أَنْ أَقُومَ عَنْكَ فَهُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ لِي وَخَيْرٌ لَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَقُومَ عَنِّي، فَقُلْتُ: لا، بَلْ أَنَا أَقُومُ عَنْكَ يَا أَبَا عَلِيٍّ! فَأَوْصِنِي بِوَصِيَّةٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا، قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! أَخْفِ مَكَانَكَ، وَاحْفَظْ لِسَانَكَ، وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ كَمَا أَمَرَكَ. (¬1) ¬

(¬1) إسناده كسابقه: وانظر: روضة العقلاء، لابن حبان (ص85) .

من كرامات أولياء الله

مِنْ كَرَامَاتِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ 76 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجَرَوِيُّ، ثنا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، ثنا أَبُو الْهَيْثَمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي فِي سَفَرٍ، فَرَكِبْنَا مَفَازَةً، فَلَمَّا أَنْ كُنَّا فِي وَسَطٍ مِنْهَا إِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَتَلَوَّمَهُ أَبِي أَنْ يَنْصَرِفَ إِلَيْهِ فَمَا فَعَلَ، فَقَالَ: يَا هَذَا! قَدْ نَرَاكَ فِي هَذَا الْمَكَانِ، وَلا نَرَى مَعَكَ طَعَامًا وَلا شَرَابًا، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ نُخَلِّفَ لَكَ طَعَامًا وَشَرَابًا، قَالَ: فَأَوْمَأَ إِلَيْنَا أَنْ: لا، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا بَرِحْنَا حَتَّى جَاءَتْ سَحَابَةٌ نَشَأَتْ فَأَمْطَرَتْ حَتَّى أَسْقَاهُ وَمَا حَوْلَهُ، وَقَالَ: فَانْطَلَقْنَا، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى أَوَّلِ الْعُمْرَانِ، ذَكَرَهُ أَبِي لَهُمْ فَعَرَفُوهُ، وَقَالُوا: ذَاكَ فُلانٌ، لا يَكُونُ فِي أَرْضٍ إِلا سُقُوا (¬1) . ¬

(¬1) إسناده حسن: والمفازة: الصحراء.

77 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا أَبُو الْهَيْثَمِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَالِبٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ، قَالَ: خَرَجْتُ إِلَى جَزِيرَةٍ فَرَكِبْنَا السَّفِينَةَ، قَالَ: فَأَرْفَأَتْ (¬1) بِنَا إِلَى نَاحِيَةِ قَرْيَةٍ عَارِيَةٍ فِي سَفْحِ جَبَلٍ خَرَابٍ، لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ، قَالَ: فَخَرَجْتُ فَطَوَّفْتُ فِي ذَلِكَ الْخَرَابِ أَتَأَمَّلُ آثَارَهُمْ، وَمَا كَانُوا فِيهِ إِذْ دَخَلْتُ بَيْتًا يَشْبُهُ أَنْ يَكُونَ مَأْهُولا، قَالَ: فَقُلْتُ: إِنَّ لِهَذَا لَشَأْنًا، قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى أَصْحَابِي، فَقُلْتُ: إِنَّ لِي إِلَيْكُمْ حَاجَةً، قَالُوا: وَمَا هِيَ؟ قُلْتُ: تُقِيمُونَ عَلَيَّ لَيْلَةً، قَالُوا: نَعَمْ، فَدَخَلْتُ ذَلِكَ الْبَيْتَ، فَقُلْتُ: إِنْ يَكُنْ لَهُ أَهْلٌ فَسَيَأْوُونَ إِلَيْهِ إِذَا جَاءَ اللَّيْلُ، فَلَمَّا أَنْ جَنَّ اللَّيْلُ، سَمِعْتُ عَلَيْهِ صَوْتًا قَدِ انْحَطَّ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ يُسَبِّحُ اللَّهَ وَيُكَبِّرُهُ وَيَحْمَدُهُ، فَلَمْ يَزَلِ الصَّوْتُ يَدْنُو بِذَلِكَ حَتَّى دَخَلَ الْبَيْتَ، قَالَ: وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ الْبَيْتِ شَيْئًا إِلا جَرَّةً لَيْسَ فيِهَا شَيْءٌ، وَوِعَاءً لَيْسَ لَهُ فِيهِ طَعَامٌ، فَصَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُصَلِّيَ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى ذَلِكَ الْوِعَاءِ فَأَكَلَ مِنْهُ طَعَامًا، ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ، تَعَالَى، ثُمَّ أَتَى الْجَرَّةَ فَشَرِبَ مِنْهَا شَرَابًا، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى حَتَّى أَصْبَحَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَقَامَ الصَّلاةَ فَصَلَّيْتُ مَعَهُ، فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ، دَخَلْتَ بَيْتِي بِغَيْرِ إِذْنٍ؟ ! قَالَ: قُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، لَمْ أُرِدْ إِلا الْخَيْرَ، قُلْتُ: رَأَيْتُكَ أَتَيْتَ هَذَا الْوِعَاءَ فَأَكَلْتَ مِنْهُ طَعَامًا، وَقَدْ نَظَرْتُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا! وَأَتَيْتَ تِلْكَ الْجَرَّةَ فَشَرِبْتُ مِنْهَا شَرَابًا، وَقَدْ نَظَرْتُ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا! ، قَالَ: أَجَلْ، مَا مِنْ طَعَامٍ أُرِيدُهُ مِنْ طَعَامِ -[40]- النَّاسِ، إِلا أَكَلْتُهُ مِنْ هَذَا الْوِعَاءِ، وَلا شَرَابًا أُرِيدُهُ مِنْ شَرَابِ النَّاسِ إِلا شَرِبْتُهُ مِنْ هَذِهِ الْجَرَّةِ. قَالَ: قُلْتُ: وَإِنْ أَرَدْتَ السَّمَكَ الطَّرِيَّ؟ قَالَ: وَإِنْ أَرَدْتُ السَّمَكَ الطَّرِيَّ. فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ لَمْ تُؤْمَرْ بِالَّذِي صَنَعْتَ، أُمِرَتْ بِالْجَمَاعَةِ وَالْمَسَاجِدِ بِفَضْلِ الصَّلَوَاتِ فِي الْجَمَاعَةِ، وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، قَالَ: هَهُنَا قَرْيَةٌ فِيهَا كُلُّ مَا ذَكَرْتَ، وَأَنَا مُنْتَقِلٌ إِلَيْهَا، قَالَ: فَكَأَبَنِي حِينًا ثُمَّ انْقَطَعَ كَآبُهُ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ مَاتَ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ لَمَّا مَاتَ وَجَدَ مِنْ قَتَرِهِ رِيحَ الْمِسْكِ (¬2) . ¬

(¬1) دنت من المرفأ. (¬2) حسن: وقوله: فكأبني: أي تغير نفسه. القُتْر: الجانب والناحية.

78 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ، ثَنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، ثنا السُّدِّيُّ بْنُ يَحْيَى الصَّدُوقُ الأَمِينُ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي فَكُنَّا فِي أَرْضِ فَلاةٍ، رُفِعَ لَنَا سَوَادٌ فَظَنَنَّاهُ شَجَرَةً، فَلَمَّا دَنَوْنَا إِذَا بِرَجُلٍ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَانْتَظَرَهُ لِيَنْصَرِفَ فَيُرْشِدَنَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي نُرِيدُ، فَلَمَّا لَمْ يَنْصَرِفْ، قَالَ لَهُ أَبِي: إِنَّا نُرِيدُ قَرْيَةَ كَذَا أَوْ كَذَا، فَأَوْمئْ لَنَا قِبَلَهَا بِيَدِكَ، قَالَ: فَفَعَلَ. قَالَ: فَإِذَا لَهُ حَوْضٌ مُحَوَّضٌ، يَابِسٌ لَيْسَ فِيهِ مَاءٌ، وَإِذَا قِرْبَةٌ يَابِسَةٌ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: إِنَّا نَرَاكَ فِي أَرْضِ فَلاةٍ، وَلَيْسَ عِنْدَكَ مَاءٌ فَتَجْعَلُ فِي قِرْبَتِكَ مِنْ هَذَا الْمَاءِ الَّذِي عِنْدَنَا؟ فَأَوْمَأَ أَنْ: لا، فَلَمْ يَبْرَحْ حَتَّى جَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ، فَامْتَلأَ حَوْضُهُ ذَلِكَ، فَلَمَّا أَنْ دَخَلْنَا الْقَرْيَةَ ذَكَرْنَاهُ لَهُمْ، قَالُوا: نَعَمْ، ذَاكَ فُلانٌ، لا يَكُونُ فِي مَوْضِعٍ إِلا سُقِيَ، قَالَ: فَقَالَ أَبِي: كَمْ مِنْ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ لا نَعْرِفُهُ! (¬1) . ¬

(¬1) صحيح: أومأ: أشار

79 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا عَامِرُ بْنُ يَسَافٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: " كُونُوا يَنَابِيعَ الْعِلْمِ، جُدُدَ الْقُلُوبِ خُلْقَانَ الثِّيَابِ، سُرُجَ اللَّيْلِ، كَيْ تُعْرَفُوا فِي أَهْلِ السَّمَاءِ، وَتُخْفَوْا عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ " (¬1) . ¬

(¬1) ضعيف: اخرجه ابن أبي الدنيا في " التواضع والخمول " (14) ، بسنده ومتنه. وفي سنده علتان؛ الأولى: عامر بن يساف، مجهول. والثانية: الانقطاع بين يحي، وابن مسعود.

80 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَوْحُ بْنُ سَلَمَةَ الْوَرَّاقُ، حَدَّثَنِي قُثَمُ الْعَابِدُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: هَبَطْتُ مَرَّةً -[41]- وَادِيًا، فَإِذَا أَنَا بِرَاهِبٍ قَدْ حَبَسَ نَفْسَهُ فِي بَعْضِ غِيرَانِهِ، فَرَاعَنِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ: أَجِنِّيٌّ أَمْ إِنْسِيٌّ؟ فَبَكَى، وَقَالَ: وَفِيمَ الْخَوْفُ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ؟ ! رَجُلٌ أَوْبَقَتْهُ ذُنُوبُهُ، فَهَرَبَ مِنْهَا إِلَى رَبِّهِ، وَلَيْسَ بِجِنِّيٍّ، وَلَكِنْ إِنْسِيٌّ، مَغْرُورٌ، قُلْتُ: مُنْذُ كَمْ أَنْتَ هَهُنَا؟ قَالَ: مُنْذُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، قُلْتُ: فَمَنْ أُنْسُكَ؟ قَالَ: الْوَحْشَةُ، قُلْتَ: فَمَا طَعَامُكَ؟ قَالَ: الثِّمَارُ وَنَبَاتُ الأَرْضِ، قُلْتُ: فَمَا تَشْتَاقُ إِلَى النَّاسِ؟ قَالَ: مِنْهُمْ هَرَبْتُ، قُلْتُ: فَعَلَى الإِسْلامِ أَنْتَ؟ قَالَ: مَا أَعْرِفُ غَيْرَهُ , قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَحَسَدْتُهُ وَاللَّهِ عَلَى مَكَانِهِ ذَلِكَ (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه ابن عساكر في: تارخ دمشق " (37/219) ، من طريق روح بن سلمة به. ووقع فيه: روح ابن مسلمة. وغِيرَانِهِ، الغيران: جمع غار، وهو الكهف، أو البيت في الجبل.

81 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ عَامِرٍ الأَزْدِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ رَاهِبًا عَنْ قَائِمٍ لَهُ مِنْ حَدِيدٍ، قُلْتُ: مَا أَشَدَّ مَا يُصِيبُكَ فِي مَوْضِعِكَ هَذَا مِنَ الْوَحْدَةِ؟ فَقَالَ: لَيْسَ فِي الْوَحْدَةِ شِدَّةٌ، إِنَّمَا الْوَحْدَةُ أُنْسُ الْمُرِيدِينَ (¬1) . ¬

(¬1) في سنده: مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ عَامِرٍ، لم أهتد لحاله. والله أعلم.

82 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ: أَنَّهُ دَخَلَ كَهْفَ جَبَلٍ فِي نَاحِيَةٍ عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، فَإِذَا هُوَ بِشَيْخٍ مَكْبُوبٍ عَلَى وَجْهِهِ، وَإِذَا هُوَ يَقُولُ: إِنْ كُنْتُ ظَمِئْتُ جَهْدِي فِي دَارِ الدُّنْيَا، وَتُطِيلُ شَقَائِي فِي الآخِرَةِ، فَلَقَدْ أَهْمَلْتَنِي وَأَسْقَطْتَنِي مِنْ عَيْنِكَ أَيُّهَا الْكَرِيمُ، قَالَ: فَسَلَّمْتُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ، فَإِذَا دُمُوعُهُ قَدْ بَلَّتِ الأَرْضَ، فَقَالَ: أَلَمْ تَكُنِ الدُّنْيَا لَكُمْ وَاسِعَةً وَأَهْلُهَا لَكُمْ أُنَاسًا؟ فَلَمَّا رَأَيْتُ مِنْ عَقْلِهِ مَا رَأَيْتُ، قُلْتُ لَهُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، وَاعْتَزَلْتَ النَّاسَ، وَاغْتَرَبْتَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ؟ فَقَالَ: فَأَنْتَ أَيْ أَخِي، فَحَيْثُ مَا ظَنَنْتَ أَنَّهُ أَقْرَبُ لَكَ إِلَى اللَّهِ، فَابْتَغِ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلا، فَلَنْ يَجِدَ مُبْتَغُوهُ مِنْ غَيْرِهِ عِوَضًا، قَالَ: قُلْتُ: فَالْمَطْعَمُ؟ قَالَ: أَقْبَلُ ذَاكَ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، قَالَ: قُلْتُ: فَالْقِلَّةُ؟ قَالَ: إِذَا أَرَدْنَا ذَلِكَ، فَيُنْبِتُ الأَرْضَ وَقُلُوبَ الشَّجَرِ، قَالَ: قُلْتُ: أَلا أُخْرِجُكَ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ فَآتِي بِكَ أَرْضَ الرِّيفِ وَالْخِصْبِ؟ قَالَ: فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا الرِّيفُ وَالْخَصْبُ حَيْثُ يُطَاعُ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ , وَأَنَا شَيْخٌ كَبِيرٌ أَمُوتُ الآنَ، وَلا حَاجَةَ لِي بِالنَّاسِ (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: فيه جهالة من حدّث الخزاعي

83 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي الْحَارِثِ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا، قَالَ: كَتَبَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ إِلَى الْعُمَرِيِّ: إِنَّكَ بَدَوِيٌّ ثمَّ فَلو كُنْتَ عِنْدَ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْعُمَرِيُّ: إِنِّي أَكْرَهُ مُجَاوَرَةَ مِثْلِكَ , إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى، لَمْ يَرَكَ مُتَغَيِّرَ الْوَجْهِ فِيهِ سَاعَةً قَطُّ (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8/283) ، من طريق ابن أبي الدنيا به. وسنده ضعيف، فيه راو مجهول.

العمري والعزلة

الْعُمَرِيُّ وَالْعُزْلَةُ 84 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: بَلَغَنِي عَنْهُ، يَعْنِي: الْعُمَرِيَّ، أَنَّهُ كَانَ يَلْزَمُ الْجِبَانَ كَثِيرًا، وَكَانَ لا يَخْلُو مِنْ كِتَابٍ يَكُونُ مَعَهُ يَنْظُرُ فِيهِ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَوْعَظُ مِنْ قَبْرٍ، وَلا أَسْلَمُ مِنْ وَحْدَةٍ، وَلا آنَسُ مِنْ كِتَابٍ (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه أبو نعيم في " الحلية 58/283) ، من طريق ابن أبي الدنيا به. وأخرجه الخطيب في: تقييد العلم: (ص 142) ، من طريق أخرى، عن العمري به. والعمري هو: عبد الله بن عبد العزيز، ثقة، عابد، ناسك، عالم أهل المدينة، مات سنة 184 هـ. له ترجمة في " التهذيب " (5/302 ـ لابن حجر) .

من أدعية المعتزلين

مِنْ أَدْعِيَةِ الْمُعْتَزِلِينَ 85 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَنْبَسَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ خَالَتِي: أُمَّ إِسْمَاعِيلَ ابْنَةَ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي الْمُتَّئِدِ، عَنْ أَبِيهَا: نُعَيْمِ بْنِ أَبِي الْمُتَّئِدِ، قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قُرْبِ مَنْ يَزِيدُنِي قُرْبُهُ بُعْدًا مِنْكَ (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: فيه: جهالة من حدث ابن أبي الدنيا.

عثمان بن أبي العاص والعزلة

عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ وَالْعُزْلَةُ 82 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَحُدِّثْتُ عَنْ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَحُدِّثْتُ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَلامٍ، ثنا عُيَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، قَالَ: " لَوْلا الْجُمُعَةُ وَصَلاةُ الْجَمَاعَةِ، لَبَنَيْتُ فِي أَعْلَى دَارِي هَذِهِ بَيْتًا، ثُمَّ دَخَلْتُهُ فَلَمْ أَخْرُجْ مِنْهُ، حَتَّى أَخْرُجَ إِلَى قَبْرِي " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: والأثر صحيح: فيه: جهالة من حدث ابن أبي الدنيا. = -[43]- = أخرجه الإمام أحمد في " الزهد " (ص 151) ، قال ثنا مصعب بن سلاَّم به. وقد توبع على الإمام أحمد ـ وهو لا يحتاج للمتابعة ـ: ابن زنفيل، حدثنا مصعب به. أخرجه أبو داود في " الزهد " (395) . وقد توبع على عبد الرحمن بن جوش ـ والد عيينة ـ الحسن البصري، قال: كان لعثمان بن أبي العاص بيت قد استخلاه كنا نأتيه فيه، قال: فقال: ابن آدم ساعة للدنيا وساعة للآخرة، فالله أعلم. أي الساعتين تغلب علينا. أخرجه أبو داود في " الزهد " (رقم 396) ، وأحمد في " الزهد " (ص 170 ـ 204) ، والطبراني في " كبيره " (ج9 رقم 8331 ـ 8332) .

87 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَجَلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ -[43]- ابْنَ شِمَاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ حُمَيْدٍ، قَالَ: قَالَ لِي (¬1) : كَيْفَ أَنْتَ؟ قُلْتُ: بِخَيْرٍ، قَالَ: كَيْفَ قَدِمْتَ؟ قُلْتُ: بِخَيْرٍ، قَالَ: قَدْ تَكَلَّمَ أَهْلُ مَرْوٍ بِقُدُومِكَ، فَقُلْتُ: لا أَدْرِي، قَالَ: جَاءَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ، فَقَالَ: قَدْ قَدِمَ إِبْرَاهِيمُ، ثُمَّ قَالَ لِي: مِنْ بَني مَدِينَةِ مَرْوَ؟ قُلْتُ: لا أَدْرِي، قَالَ: رَجُلُ بَني مَدِينَةٍ مِثْلِ هَذِهِ لا يَدْرِي مَنْ بَنَاهَا؟ فَغَدَا مَنْ يَكُونُ حَفْصٌ؟ مَنْ يَكُونُ إِبْرَاهِيمُ؟ لا يُغْتَرُّ بِهَذَا الْقَوْلِ، ثُمَّ قَالَ: جَرَّبْتُ النَّاسَ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً، فَمَا وَجَدْتُ لِي أَخًا يَسْتُرُ لِي عَوْرَةً، وَلا غَفَرَ لِي ذَنْبًا فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَلا وَصَلَنِي إِذَا قَطَعْتُهُ، وَلا أَمِنْتُهُ إِذَا غَضِبَ، فَالاشْتِغَالُ بِهَؤُلاءِ حُمْقٌ كَبِيرٌ، كُلَّمَا أَصْبَحْتُ أَقُولُ: تَتَّخِذُ الْيَوْمَ صَدِيقًا، ثُمَّ تَنْظُرُ مَا يُرْضِيهِ عَنْكَ أَيَّ هَدِيَّةٍ، أَيَّ تَسْلِيمٍ، أَيَّ دَعْوَةٍ؟ فَأَنْتَ أَبَدًا مَشْغُولٌ (¬2) . ¬

(¬1) الذي يقول: قال لي، هو: إبراهيم بن شماس. (¬2) أخرجه ابن حبان في " روضة العقلاء " (ص 73 ـ مختصرا) والخطابي في " العزلة " (ص 170) ، عن إبراهيم، به.

مع الربيع بن أبي راشد

مَعَ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ 88 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ، قَالَ: قِيلَ لِلرَّبِيعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ: مَالَكَ لا تُخَالِطُ النَّاسَ وَتُحَدِّثُهُمْ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ، حَتَّى أَعْلَمَ مَا صَنَعَتِ الْوَاقِعَةُ (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: فيه جهالة من حدَّثَ ابن أبي الدنيا.

مع عامر بن عبد قيس

مَعَ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ 89 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، ثَنا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بِشْرٍ يَعْنِي: الْوَلِيدَ، يُحَدِّثُ عَنْ سَهْمِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: أَتَيْتُ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْسٍ، فَقَعَدْتُ بِبَابِهِ، فَخَرَجَ وَقَدِ -[44]- اغْتَسَلَ، فَقُلْتُ: إِنِّي أَرَى الْغُسْلَ يُعْجِبُكَ، قَالَ: رُبَّمَا اغْتَسَلْتُ، قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: الْحَدِيثُ قَالَ: عَهِدْتَنِي أُحِبُّ الْحَدِيثَ؟ (¬1) . ¬

(¬1) صحيح: قلت قد رواه عن شعبة، كل من: 1 - عبد الله بن المبارك: وهذا في " الزهد " (267 ـ زيادات المروزي) ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (26/37) . وقال أبو محمد بن صاعد: " لا أعلم رواه عن شعبة غير ابن المبارك ". وتعقبه ابن عساكر فقال: " قد رواه عن شعبة أيضًا ": الحسن بم موسى الأشيب ". قلت: هو الآتي: 2 - الحسن بن موسى الأشيب: رواه المصنف هنا. فقول أبو محمد بن صاعد، متعقب عليه رواه المؤلف هنا، والصواب مع ابن عساكر ـ رحمه الله.

عزلة الناس من الحكمة

عُزْلَةُ النَّاسِ مِنَ الْحِكْمَةِ 90 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَزَّازُ، ثَنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، عَنْ وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ: الْحِكْمَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ: فَتِسْعَةٌ مِنْهَا فِي الصَّمْتِ وَالْعَاشِرَةُ: عُزْلَةُ النَّاسِ (¬1) . ¬

(¬1) حسن: أخرجه ابن أبي الدنيا في " الصمت وحفظ اللسان " برقم (36) ، بنفس السند الومتن، وأخرجه الخطابي في " العزلة " (ص 85 ـ 86) ، من طريق مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، به. ومن طريق محمد بن يزيد، أخرجه أيضًا: أبو نعيم في " الحلية " (8/142) .

تفسير العزلة

تَفْسِيرُ الْعُزْلَةِ 91 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثَنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبُو إِسْحَاقَ الطَّالْقَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: قَالَ لِي بَعْضُهُمْ فِي تَفْسِيرِ الْعُزْلَةِ: هُوَ أَنْ تَكُونَ مَعَ الْقَوْمِ، فَإِنْ خَاضُوا فِي ذِكْرِ اللَّهِ، فَخُضْ مَعَهُمْ، وَإِنْ خَاضُوا فِي غَيْرِ ذَلِكَ، فَأَمْسِكْ (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه ابن أبي الدنيا في " الصمت " رقم (37) ، بسنده ومتنه. وسنده حسن.

العزلة في اللسان

الْعُزْلَةُ فِي اللِّسَانِ 92 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُزَاحِمٍ، عَنْ وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ، قَالَ: وَجَدْتُ الْعُزْلَةَ فِي اللِّسَانِ (¬1) . ¬

(¬1) إسناده حسن: وأخرجه ابن أبي الدنيا في " الصمت " برقم (38) ، بنفس السند والمتن. وأخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8/153) ، عن محمد بن مزاحم، به.

من مواعظ الحكماء

مِنْ مَوَاعِظِ الْحُكَمَاءِ 93 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ لابْنِهِ: -[45]- يَا بُنَيَّ! اعْتَزِلِ النَّاسَ، فَإِنَّهُ لَنْ يَضُرَّكَ مَا لَمْ يُسْمَعْ، وَلَنْ يُؤْذِيَكَ مَنْ لَمْ تَرَيَا بُنَيَّ! إِنَّ الدُّنْيَا لا تُوَافِقُ مَنْ أَحَبَّهَا، وَلا مَنْ أَبْغَضَهَا، غَيْرَ أَنَّهَا لِمَنْ أَبْغَضَهَا أَوْفَقُ، لأَنَّهَا تَأْتِيهِ بِغَيْرِ شُغْلِ قَلْبٍ وَلا تَعَبِ بَدَنٍ (¬1) . ¬

(¬1) إسناد حسن: إبراهيم بن عبد الملك، حسن الحديث. انظر: تهذيب الكمال (2/140) .

العزلة والشعراء

الْعُزْلَةُ وَالشُّعَرَاءُ 94 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَأَنْشَدَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: وَمَنْ حَمِدَ النَّاسَ وَلَمْ يَبْلُهُمْ ... ثُمَّ بَلاهُمْ ذَمَّ مَنْ يَحْمَدُ وَصَارَ بِالْوَحْدَةِ مُسْتَأْنِسًا ... يُوحِشُهُ الأَقْرَبُ وَالأَبْعَدُ (¬1) ¬

(¬1) أورده ابن البنا في " السكوت ولزوم البيوت " برقم (31) .

95 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: قَالَ سُمَيْطُ بْنُ عَجْلانَ: إِنَّ اللَّهَ، تَعَالَى، وَسَمَ الدُّنْيَا بِالْوَحْشَةِ، لِيَكُونَ أُنْسَ الْمُطِيعِينَ بِهِ (¬1) . ¬

(¬1) أورده ابن البنا في " السكوت ولزوم البيوت " برقم (45 ـ بتحقيقي / ط. دار الطلائع) .

96 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، يُوحِشُكَ مِنْ خَلْقِهِ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُؤْنِسَكَ بِهِ (¬1) 97 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنِ ابْنِ السَّمَّاكِ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: أَوْصِنِي، قَالَ: هَذَا زَمَانُ السُّكُوتِ وَلَزُومِ الْبُيُوتِ (¬2) . ¬

(¬1) انظر: العزلة، للإمام الخطابي (ص 82) . (¬2) إسناده ضعيف: فيه انقطاع بين ابن أبي الدنيا، وابن السمك. وأخرجه الخطابي في " العزلة " (ص 87 ـ 88) ، من طريق يوسف بن أسباط، عن سفيان الثوري. وأورده الذهبي في " مناقب سفيان الثوري " (ص 40) . وأورده ابن البنا في " الرسالة المغنية " (رقم 17) ، بلا نسبة.

من وصايا الأبرار

مِنْ وَصَايَا الأَبْرَارِ 98 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ عِصَامٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ، قَالَ: كَانَ الأَبْرَارُ يَتَوَاصَوْنَ بِثَلاثٍ: -[46]- بِسَجْنِ اللِّسَانِ، وَكَثْرَةِ الاسْتِغْفَارِ، وَالْعُزْلَةِ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (2/377) ، من طريق ابن أبي الدنيا به. قلت: وسنده ضعيف، فيه انقطاع بين ابن أبي الدنيا، وأبي جعفر الكندي.

99 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ هَاشِمٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، ثنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ: " مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكْثُرَ عِلْمُهُ، وَيَعْظُمَ حِلْمُهُ، فَلْيَجْلِسْ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ عَشِيرَتِهِ (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: فيه: انقطاع بين يحي بن سعيد، وأبي أيوب، فهو لم يسمع منه. انظر: تهذيب التهذيب (11/223) .

100 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ هَاشِمٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، ثنا أَبُو مُطِيعٍ، عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَخِيهِ: مَحْفُوظٍ، عَنِ ابْنِ عَائِذٍ، قَالَ: لأَنْ تَغْزُوَ مِنْ غَيْرِ قَوْمِكَ أَحْسَنُ، وَأَحَقُّ أَنْ يُحْتَفَى بِكَ، يَعْنِي: تَجِلَّ وَتَكْرُمَ (¬1) . ¬

(¬1) إسناده حسن: فيه: أبو مطيع، واسمه: معاوية بن يحي الأطرابلسي، حسن الحديث.

خير الناس منزلة

خَيْرُ النَّاسِ مَنْزِلَةً 101 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ هَاشِمٍ، ثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، ثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ، عَلَيْهِ السَّلامُ، عَلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ جُلُوسٌ، فَقَالَ: " أَلا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ النَّاسِ مَنْزِلا؟ " , قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: " رَجُلٌ مُمْسِكٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يُقْتَلَ، أَلا أُخْبِرُكُمْ بِالَّذِي يَلِيهِ؟ " , قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: " امْرُؤٌ يَعْتَزِلُ فِي شِعْبٍ، يُقِيمُ الصَّلاةَ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَيَعْتَزِلُ شُرُورَ النَّاسِ، أَلا أُخْبِرُكُمْ بِشَرِّ النَّاسِ مَنْزِلَةً؟ " , قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: " الَّذِي يُسْأَلُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلا يُعْطِي بِهِ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده حسن: أخرجه النسائي (5/83) ، والدرامي (2400) ، وأحمد (1/237، 319، 322) ، وابن أبي شيبة (5/294) ، وابن المبارك (169) ، وابن أبي عاصم (153) ، كلاهما في " الجهاد "، وعبد بن = -[47]- = حميد (667 ـ المنتخب من المسند) ، والطيالسي (2661) ، والطبراني في " كبيره " (ج10 رقم 10767) ، وابن حبان (603 ـ إحسان) ، وغيرهم من طرقٍ عن ابن أبي ذئب، عن سعيد بن خالد، عن إسماعيل به. ولعل: سعيد بن خالد، سقط من ناسخ كتابنا هذا، والصواب إثباته كما في المراجع المتقدمة. وقال المباركفوري في " تحفة الأحوذي " (5/293) : " رجل يسأل بالله ولا يُعْطَى به ": " هذا يحتمل الوجهين: أدهما: أن قوله: " يُسْأَل " بلفظ المجهول، و " يُعْطَى " على بناء المعلوم، أي: شر الناس من يسأل منه صاحب حاجة بأن يقول: أعطني لله، وهو يقدر، ولا يعطى شيئًا، بل يرده خائبا، والثاني: أن يكون قولع: " يَسْأل " على بناء المعلوم، وقوله: " يُعطى " على بناء المفعول، أي: يقول: أعطني بحق الله ولا يعطى " اه.

من كلام وهب بن منبه في العزلة

مِنْ كَلامِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ فِي الْعُزْلَةِ 102 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا أَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، ثنا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: كَانَ ابْنُ مُنَبِّهٍ يَقُولُ: " الْمُؤْمِنُ يُخَالِطُ لِيَعْلَمَ، وَيَسْكُتُ لِيَسْلَمَ، وَيَتَكَلَّمُ لِيَفْهَمَ، وَيَخْلُو لِيَغْنَمَ " (¬1) . ¬

(¬1) انظر بنحوه في " العظمة " لأبي الشيخ برقم (56 ـ ط. مكتبة القرآن) .

103 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثنا أَسَدُ بْنُ عَمَّارٍ التَّمِيمِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، ثنا أَصْحَابُنَا، قَالَ: كَانَ حَبِيبٌ أَبُو مُحَمَّدٍ يَخْلُو فِي بَيْتِهِ، فَيَقُولُ: مَنْ لَمْ تَقَرَّ عَيْنُهُ بِكَ فَلا قَرَّتْ، وَمَنْ لَمْ يَأْنَسْ بِكَ فَلا أَنِسَ " (¬1) . ¬

(¬1) فيه: أسد بن عمار، ذكره الخطيب في " تاريخه " (7/19) ، ولم يحك فيه قولاً، وجهالة من حدث عبيد الله، فالسند ضعيف.

104 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَسَدُ بْنُ عَمَّارٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، ثنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، سَمِعْتُ أَبَا صَخْرَةٍ، قَالَ: قِيلَ لِعَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ: رَضِيتَ مِنْ حَسَبِكَ وَشَرَفِكَ بِبَيْتِكَ هَذَا وَهَذِهِ أَلْبِسَتُكَ؟ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى، جَعَلَ قُرَّةَ عَيْنِ عَامِرٍ فِي هَذَا.

105 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثَنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْخَالِقِ أَبُو هَمَّامٍ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ لِرَجُلٍ: أَقِلَّ مِنْ مَعْرِفَةِ النَّاسِ، فَإِنَّكَ لا تَدْرِي مَا يَكُونُ، فَإِنْ كَانَ سَيِّئٌ، يَعْنِي: فَضِيحَةً، فِي الدُّنْيَا، كَانَ مَنْ يَعْرِفُكَ قَلِيلٌ. (¬1) ¬

(¬1) لأخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6/241) ، من طريق أحمد بن إبراهيم به.

106 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَنْشَدَنِي أَبُو زَكَرِيَّا الْخَثْعَمِيُّ: لا دَرَّ دَرُّ زَمَانِكَ الْمِسْكِينِ ... الْجَاعِلِ الأَذْنَابِ فَوْقَ الأَرْؤُسِ -[48]- إِنْ كُنْتُ عِنْدَكَ فِي الْمَقَالَةِ كَاذِبًا ... فَإِذَا مَرَرْتَ بِمَحْفَلٍ أَوْ مَجْلِسِ فَارْمِ بِطَرْفِكَ هَلْ تَرَى مِنْ سَيِّدٍ ... تَسْمُو إِلَيْهِ فَرَاسَةُ الْمُتَفِّرِس أَمْ هَلْ تَرَى مِنْ أَهْلِهِ مَنْ يَشْتَرِي ... لِلْمَجْدِ مَكْرُمَةً بِخَمْسَةِ أَفْلُسِ يَا رَبِّ إِنْ عَنِيَ الْبَخِيلُ بِسَوْءَتِي ... فَانْقُلْ عَنَاهُ إِلَى الْجِوَارِ الْمُفْلِسِ

107 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، وَأَنْشَدَنِي حَسَّانٌ، أَعْرَابِيٌّ مِنْ بَنِي أَسَدٍ: أَلا ذَهَبَ التَّذَمُّمُ وَالْوَفَاءُ ... وَبَادَ رِجَالُهُ وَبَقَى الْغُثَاءُ وَأَسْلَمَنِي الزَّمَانُ إِلَى أُنَاسٍ ... كَأَنَّهُمُ الذِّئَابُ لَهُمْ عِوَاءُ إِذَا مَا جِئْتُهُمْ يَتَدَافَعُونِي ... كَأَنِّي أَجْرَبٌ أَعْدَاهُ دَاءُ صَدِيقٌ لِي إِذَا اسْتَغْنَيْتُ عَنْهُمْ ... وَأَعْدَاءٌ إِذَا نَزَلَ الْبَلاءُ أَقُولُ وَلا أُلامُ عَلَى مَقَالٍ ... عَلَى الإِخْوَانِ كُلِّهِمُ الْعَفَاءُ (¬1) . ¬

(¬1) أورده الخطابي في " العزلة " (ص 86) ، قال: أنشدني ابن أبي الدنيا، به. والتَّذَمُّمُ: من تذمم الرجل: إذا استنكف أو استحيا، أو ذم نفسه واتهمها. وقال الخطابي متعقّبًا قول هذا الشاعر: " هذا قول بشع، وكلام جاف، والأخوة مصونة عن مثل هذه الصفات، وحاشا للإخاء أن يكون عليه العفاء، وإنما غلط القوم بالإسم فنحلوه غير أهله، وبدّلوه غير مستحقه، فسموا المعارف إخوانًا، ثم أنشئوا يذمون الإخوة، ويعيبون الصداقة من أجلهم، وهذا جور وعدوان ".

لم خلوت؟

لِمَ خَلَوْتَ؟ 108 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمُؤْمِنِ الْمَوْصِلِيُّ، قَالَ: قِيلَ لِرَاهِبٍ: بِمَا خَلَوْتَ؟ قَالَ: بِطُولِ مُكْثِي

109 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ لِرَاهِبٍ: مَا دَعَاكَ إِلَى التَّخَلِّي وَالانْفِرَادِ؟ قَالَ: بِهِ يَنْجُو الأَكْيَاسُ مِنْ فَخِّ الدُّنْيَا، ثُمَّ أَدْخَلَ رَأْسَهُ.

110 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي عَوْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَوْحٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ كَثِيرٍ، قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ: سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يُرَى النَّاسُ فِي صُورَةِ أُنَاسٍ، وَقُلُوُبهُمْ قُلُوبُ الذِّئَابِ، شَابُّهُمْ شَاطِرٌ، وَصَبِيُّهُمْ عَارِمٌ، وَشَيْخُهُمْ -[49]- لا يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلا يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، الْفَاسِقُ فِيهِمْ عَزِيزٌ، وَالْمُؤْمِنُ فِيهِمْ حَقِيرٌ (¬1) . ¬

(¬1) الشاطر: اللص. والعارم: الشرس.

111 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيُم بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ صَالِحٍ، قَالَ: أَتَيْنَا أَبَا سِنَانٍ، قَالَ: فَسَأَلَنِي عَنْ مَنْزِلِي، فَقُلْتُ: بِبَنِي ثَوْرٍ، قَالَ: الْمَحِلِّ؟ قَالَ: قُلْتُ: لا، ثَوْرَ هَمَذَانَ هَهُنَا فِي بَطْنِ الْكُوفَةِ، قَالَ: فَأَسَرَّ إِلَيَّ، فَقَالَ: إِنَّ مَنْزِلَكَ بَعِيدٌ فَاذْكُرِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ أَنْ تَبْلُغَ.

لماذا اعتزل طاوس؟

لِمَاذَا اعْتَزَلَ طَاوُسٌ؟ 112 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا الْفِرْيَابِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: كَانَ طَاوُسٌ يَجْلِسُ فِي بَيْتِهِ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: هِبْتُ حَيْفَ الأَمِيرِ، وَفَسَادَ النَّاسِ (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (4/4) ، من طريق ابن أبي الدنيا، به

113 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ أَشْهَبَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ طَاوُسٌ يَرْجِعُ مِنَ الْحَجِّ فَيَدْخُلُ بَيْتَهُ، فَلا يَخْرُجُ مِنْهُ حَتَّى يَخْرُجَ إِلَى الْحَجِّ مِنْ قَابِلَ، قَالَ: وَكَانَ طَاوُسٌ يَصْنَعُ الطَّعَامَ وَيَدْعُو لَهُ الْمَسَاكِينَ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ، فَيُقَالُ لَهُ: لَوْ صَنَعْتَ طَعَامًا دُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُ: إِنَّهُمْ لا يَكَادُونَ يَجِدُونَهُ (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: فيه جهالة من حدّث ابن أبي الدنيا.

مع سيد التابعين

مَعَ سَيِّدِ التَّابِعِينَ 114 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِيسَى الطُّفَاوِيُّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، ثَنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ شُمَيْطٍ، عَنْ أَبِيهِ: شُمَيْطٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَسْلَمَ الْعِجْلِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو الضَّحَّاكِ الْجَرْمِيُّ، عَنْ هَرِمِ بْنِ حَيَّانَ الْعَبْدِيِّ، قَالَ: قَدِمْتُ الْكُوفَةَ، فَلَمْ يَكُنْ لِي هَمٌّ إِلا أُوَيْسٌ الْقَرْنِيُّ أَطْلُبُهُ وَأَسْأَلُ عَنْهُ، حَتَّى سَقَطْتُ عَلَيْهِ جَالِسًا وَحْدَهُ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ نِصْفَ النَّهَارِ، يَتَوَضَّأُ وَيَغْسِلُ ثَوْبَهُ، فَعَرَفْتُهُ بِالنَّعْتِ -[50]- الَّذِي نُعِتَ لِي، فَإِذَا رَجُلٌ لَحِيمٌ، آدَمُ شَدِيدُ الأُدْمَةِ، أَشْعَرُ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، عَلَيْهِ إِزَارٌ مِنْ صُوفٍ، بِغَيْرِ حِذَاءٍ، كَرِيمُ الْوَجْهِ، مَهِيبُ الْمَنْظَرِ جِدًّا، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيَّ وَنَظَرَ إِلَيَّ، فَقَالَ: حَيَّاكَ اللَّهُ مِنْ رَجُلٍ، وَمَدَدْتُ يَدِي إِلَيْهِ لأُصَافِحَهُ، فَأَبَى أَنْ يُصَافِحَنِي، فَقَالَ: وَأَنْتَ فَحَيَّاكَ اللَّهُ، فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ يَا أُوَيْسُ وَغَفَرَ لَكَ، كَيْفَ، أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ ثُمَّ خَنَقَتْنِي الْعَبْرَةُ مِنْ رَحْمَتِي إِيَّاهُ، وَرِقَّتِي لَهُ إِذْ رَأَيْتُ مِنْ حَالِهِ مَا رَأَيْتُ، حَتَّى بَكَيْتُ وَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: وَأَنْتَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا هَرِمَ بْنَ حَيَّانَ! كَيْفَ أَنْتَ يَا أَخِي، مَنْ دَلَّكَ عَلَيَّ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ، قَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ: سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولا [سورة الإسراء آية 108] ، فَعَجِبْتُ مِنْهُ حِينَ عَرَفَنِي وَسَمَّانِي، وَلا وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ وَلا رَآنِي، قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ عَرَّفْتَنِي اسْمَ أَبِي؟ وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُكَ قَطُّ قَبْلَ الْيَوْمِ، قَالَ: نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ [سورة التحريم آية 3] ، عَرَفَتْ رُوحِي رُوحَكَ حَيْثُ كَلَّمَتْ نَفْسِي نَفْسُكَ، إِنَّ الأَرْوَاحَ لَهَا أَنْفُسٌ كَأَنْفُسِ الأَجْسَادِ، إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَتَحَابُّونَ بِرُوحِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنْ لَمْ يَلْقَوْا وَيَتَعَارَفُوا وَيَتَكَلَّمُوا، وَإِنْ نَأَتْ بِهِمُ الدِّيَارُ، وَتَفَرَّقَتْ بِهِمُ الْمَنَازِلُ. قُلْتُ: حَدِّثْنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِحَدِيثٍ مَعَهُ عَنْكَ، قَالَ: إِنِّي لَمْ أُدْرِكْ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ تَكُنْ لِي صُحْبَةٌ، وَلَكِنْ قَدْ رَأَيْتُ رِجَالا قَدْ رَأَوْهُ، وَقَدْ بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثِهِ كَبَعْضِ مَا بَلَغَكُمْ، وَلَسْتُ أُحِبُّ أَنْ أَفْتَحَ هَذَا الْبَابَ عَلَى نَفْسِي، لا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ مُحَدِّثًا وَلا قَاصًّا وَلا مُفْتِيًا، لِي فِي نَفْسِي شُغْلٌ عَنِ النَّاسِ يَا هَرِمَ بْنَ حَيَّانَ، قَالَ: قُلْتُ: أَيْ أَخِي! اقْرَأْ عَلَيَّ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، أَسْمَعُهُنَّ مِنْكَ، فَإِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ حُبًّا شَدِيدًا، أَوِ ادْعُ لِي بِدَعَوَاتٍ، أَوْ أَوْصِنِي بِوَصِيَّةٍ أَحْفَظُهَا عَنْكَ، فَأَخَذَ بِيَدِي عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ، ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَالَ: ثُمَّ شَهِقَ شَهْقَةً، -[51]- قَالَ: ثُمَّ بَكَى مَكَانَهُ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَبِّي، وَأَحَقُّ الْقَوْلِ قَوْلُ رَبِّي وَأَصْدَقُ الْحَدِيثِ حَدِيثُهُ، وَأَحْسَنُ الْكَلامِ كَلامُهُ: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ [سورة الدخان آية 38] حَتَّى بَلَغَ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [سورة الدخان آية 42] . قَالَ: ثُمَّ شَهِقَ شَهْقَةً، ثُمَّ سَكَنَ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا أَحْسَبُهُ قَدْ غُشِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا هَرِمَ بْنَ حَيَّانَ! مَاتَ أَبُوكَ، وَيُوشِكُ أَنْ تَمُوتَ، وَمَاتَ أَبُو حَيَّانَ، فَإِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ، وَمَاتَ آدَمُ، وَمَاتَتْ حَوَّاءُ يَابْنَ حَيَّانَ، وَمَاتَ نُوحٌ، وَإِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ يَابْنَ حَيَّانَ، وَمَاتَ مُوسَى نَجِيُّ الرَّحْمَنِ يَابْنَ حَيَّانَ، وَمَاتَ دَاوُدُ خَلِيفَةُ الرَّحْمَنِ، وَمَاتَ مُحَمَّدٌ، رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ خَلِيفَةُ الْمُسْلِمِينَ يَابْنَ حَيَّانَ، وَمَاتَ أَخِي وَصَدِيقِي وَصَفِيِّي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، ثُمَّ قَالَ: وَاعُمَرَاهُ! رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ، وَعُمَرُ يَوْمَئِذٍ حَيٌّ، وَذَلِكَ فِي آخِرِ خِلافَتِهِ، فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ! إِنَّ عُمَرَ حَيٌّ لَمْ يَمُتْ، قَالَ: بَلَى، إِن رَبِّي قَدْ نَعَاهُ إِلَيَّ، إِنْ كُنْتَ تَفْهَمُ، فَقَدْ عَلِمْتَ مَا قُلْتُ، وَأَنَا وَأَنْتَ فيِ الْمَوْتَى غَدًا، ثُمَّ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَعَا بِدَعَوَاتٍ خِفَافٍ، ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ وَصِيَّتِي إِيَّاكَ يَا هَرِمَ بْنَ حَيَّانَ: كِتَابُ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَبَقَايَا الصَّالِحِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، نَعَيْتُ لَكَ نَفْسِي وَنَفْسَكَ، فَعَلَيْكَ بِذِكْرِ الْمَوْتِ، فَلا يُفَارِقْنَ قَلْبَكً طرفة عَيْنٍ مَا بَقِيتُ، وَأَنْذِرْ قَوْمَكَ إِذَا رَجَعْتَ إِلَيْهِمْ، وَانْصَحْ لأَهْلِ مِلَّتِكَ جَمِيعًا، وَاكْدَحْ لِنَفْسِكَ، وَإِيَّاكَ وَإِيَّاكَ أَنْ تُفَارِقَ الْجَمَاعَةَ، فَتُفَارِقَ دِينَكَ وَأَنْتَ لا تَعْلَمُ، فَتَدْخُلَ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَا هَرِمَ بْنَ حَيَّانَ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ يُحِبُّنِي فِيكَ، وَزَارَنِي فِيكَ، مِنْ أَجْلِكَ عَرَفَنِي وَجْهُهُ فِي الْجَنَّةِ، وَأَدْخِلْهُ عَلَيَّ زَائِرًا فِي دَارِكَ دَارِ السَّلامِ، وَاحْفَظْهُ مَا دَامَ فِي الدُّنْيَا حَيْثُ مَا كَانَ، وَضُمَّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ، وَرَضِّهِ مِنَ الدُّنْيَا بِالْيَسِيرِ، وَمَا أَعْطَيْتَهُ مِنَ الدُّنْيَا، فَيَسِّرْهُ لَهُ، وَاجْعَلْهُ لِمَا تُعْطِيهِ مِنْ نِعَمِكَ مِنَ الشَّاكِرِينَ، اجْزِهِ عَنِّي خَيْرَ الْجَزَاءِ، أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ يَا هَرِمَ بْنَ حَيَّانَ، وَالسَّلامُ عَلَيْكِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. -[52]- ثُمَّ قَالَ: لا أَرَاكَ بَعْدَ الْيَوْمِ رَحِمَكَ اللَّهُ، فَإِنِّي أَكْرَهُ الشُّهْرَةَ، وَالْوَحْدَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ، لأَنِّي كَثِيرُ الْغَمِّ، شَدِيدُ الْهَمِّ مَا دُمْتُ مَعَ هَؤُلاءِ النَّاسِ حَيًّا فِي الدُّنْيَا، وَلا تَسْأَلْ عَنِّي وَلا تَطْلُبْنِي، وَاعْلَمْ أَنَّكَ مِنِّي عَلَى بَالٍ، وَإِنْ لَمْ أَرَكَ وَلَمْ تَرَنِي، فَاذْكُرْنِي وَادْعُو لِي، فَإِنِّي سَأَذْكُرُكَ، وَأَدْعُو لَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، انْطَلِقْ هَهُنَا حَتَّى آخُذَ أَنَا هَهُنَا , فَحَرَصْتُ عَلَى أَنْ أَمْشِيَ مَعَهُ سَاعَةً، فَأَبَى عَلَيَّ، فَفَارَقْتُهُ يَبْكِي وَأَبْكِي، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي قَفَاهُ حَتَّى دَخَلَ بَعْضَ السِّكَكِ، فَكَمْ طَلَبْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَمَا وَجَدْتُ أَحَدًا يُخْبِرُنِي عَنْهُ بِشَيْءٍ، فَرَحِمَهُ اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُ، وَمَا أَتَتْ عَلَيَّ جُمُعَةٌ إِلا وَأَنَا أَرَاهُ فِي مَنَامِي مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ كَمَا قَالَ (¬1) . آخِرُ الْجُزْءِ الأَوَّلِ مِنَ الأَصْلِ، وَيَتْلُوهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي الْجُزْءِ الثَّانِي: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا وَكِيعٌ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلِّمْ، كَتَبَهُ لِنَفْسِهِ بَعْدَ سَاعَةٍ: الْعَبْدُ الضَّعِيفُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْغَنَائِمِ الْمُسْلِمِ بْنِ حَمَّادِ بْنِ مَيْسَرَةَ الأَزْدِيُّ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَلأَبَوْيِه وَلِمَنِ اسْتَغْفَرَ لَهُمْ أَجْمَعِينَ. ¬

(¬1) القصة لا تصح، وفيها ما ينكر: والخبر في " زهد الثمانية من التابعين " (ص 79 ـ 87) ، رواية ابن أبي حاتم، وأبو نعيم في " الحلية " (2/84 ـ 85) ، والذهبي في " السير " (4/28 ـ 29) ، وقال عقب إيرادها: " لم تصح، وفيها ما ينكر " اه. وانظر: هامش زهد الثمانية.

الجزء الثاني من كتاب العزلة والانفراد

الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْعُزْلَةِ والانفراد تأليف الشيخ الإمام: أبي بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ ابن عبيد بن أبي الدنيا القرشي ـ رحمه الله. رواية: أبي عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ الْبَرْذَعِيُّ، عنه. رواية: أبي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن يوسف بن دوست، عنه. رواية: أبي محمد رزق الله بن هبد الوهاب التميمي، عنه. رواية: أبي الكرم المبارك بن الحسين الشهرزوري، عنه. رواية: أبي الْحَسَنِ بْنُ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ بن أبي الحسن البغدادي، عنه. سمعًا منه لكاتبه ومالكه العبد الضعيف: أحمد ابن عبد الله بن أبي الغنام الْمُسْلِمِ بْنِ حَمَّادِ بْنِ مَيْسَرَةَ الأَزْدِيُّ. غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، وَلأَبَوْيِه، ولمن استغفر لهم أجمعين.

رب يسر برحمتك

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ رَبِّ يَسِّرْ بِرَحْمَتِكَ أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الصَّالِحُ الْمُعَمَّرُ الْمُسْنِدُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْمُقِيرِ الْبَغْدَادِيُّ النَّجَّارُ الْمُؤَدِّبُ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، فِي الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ عَامَ ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ وَسِتِّ مِائَةٍ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، قِيلَ لَهُ: أَخْبَرَكَ الشَّيْخُ أَبُو الْكَرَمِ الْمُبَارَكُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الشَّهْرَزُورِيِّ، إِجَازَةً، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ رِزْقُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ دُوَسْتَ الْعَلافُ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، ثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ الْبَرْذَعِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا:

115 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا وَكِيعٌ، وَمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: " إِنَّ أَقَلَّ الْعَيْبِ عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يَجْلِسَ فِي دَارِهِ "، قَالَ وَكِيعٌ: " فِي بَيْتِهِ " (¬1) . ¬

(¬1) تقدم تخريجهما [[يعني 115، 116]] برقم (25) .

116 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا الأَحْمَرُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: " إِنَّ أَقَلَّ الْعَيْبِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَجْلِسَ فِي دَارِهِ ". وَكَانَ يُقَالُ: إِنَّهُ مِنْ حُكَمَاءِ قُرَيْشٍ (¬1) . ¬

(¬1) تقدم تخريجهما [[يعني 115، 116]] برقم (25) .

117 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْعُكْلِيُّ، ثَنا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: قَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: " جُلُوسُ الْمَرْءِ بِبَابِهِ مُرُوءَةٌ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: فيه انقطاع بين عبد الملك بن عمير، وطلحة ـ رضي الله عنه.

لماذا اعتزل عروة

لِمَاذا اعْتَزَلَ عُرْوَةُ 118 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ أَبُو جَعْفَرٍ الآدَمِيُّ، ثنا أَبُو ضَمْرَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَالَ: لَمَّا اتَّخَذَ قَصْرَهُ بِالْعَقِيقِ، قَالَ لَهُ النَّاسُ: جَفَوْتَ مَسْجِدَ رَسُولِ -[55]- اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ مَسَاجِدَهُمْ لاهِيَةً، وَأَسْوَاقَهُمْ لاغِيَةً، وَالْفَاحِشَةَ فِي فِجَاجِهِمْ، أَظُنُّه قَالَ: ظَاهِرَةً، وَكَانَ فِيمَا هُنَالِكَ عَمَّا هُمْ فِيهِ فِي عَافِيَةٍ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده صحيح: أخرجه الخطابي في " العزلة " (ص 79 ـ 80) ، من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض به. والعقيق: واد بناحية المدينة المنورة.

119 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْعُكْلِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، قَالَ: قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَنْزِلَ الْمَدِينَةَ؟ قَالَ: إِنَّ النَّاسَ بِهَا الْيَوْمَ بَيْنَ حَاسِدٍ لِنِعْمَةٍ، وَفَارِحٍ بِنَكْبَةٍ (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه الخطابي في " العزلة " (ص80) ، من طريق سفيان، وهو: ابن عيينة به.

مع إبراهيم بن أدهم

مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ 120 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي حَاتِمٍ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ النُّعْمَانِ الرَّازِيُّ، قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ ذَاتَ يَوْمٍ: " يَا أَهْلَ الشَّامِ! تَعْجَبُونَ مِنِّي؟ وَإِنَّمَا الْعَجَبُ مِنَ الرَّجُلِ الإِسْكَنْدَرَانِيِّ، فَإِنِّي طَلَبْتُهُ فِي جِبَالِ الإِسْكَنْدَرِيَّةِ حَتَّى وَقَعْتُ عَلَيْهِ بَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ يُصَلِّي كَأَنَّهُ مَدْهُوشٌ، ثُمَّ حَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ إِلَيَّ، فَقَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَعْرَابِيٌّ، قَالَ: هَلْ عِنْدَكَ شَيْءٌ تُحَدِّثُنَا عَنْهُ؟ قَالَ: فَحَدَّثْتُهُ بِخَمْسَةِ أَحْرُفٍ، فَغُشِيَ عَلَيْهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: خُذْ أَنْتَ هَهُنَا حَتَّى آخُذَ أَنَا هَهُنَا. فَطَلَبْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ.

121 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي عَمَّارُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ مَعْنٍ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: لَمْ أَرَ مِثْلَ قَوْمٍ رَأَيْتُهُمْ هَجَمْنَا مَرَّةً عَلَى نَفَرٍ مِنَ الْعِبَادِ فِي بَعْضِ سَوَاحِلِ الْبَحْرِ، فَتَفَرَّقُوا حِينَ رَأَوْنَا، فَبِتْنَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَأَرْفَأْنَا فِي تِلْكَ الْجَزِيرَةِ، فَمَا كُنْتُ أَسْمَعُ عَامَّةَ اللَّيْلِ إِلا الصُّرَاخَ وَالتَّعَوُّذَ مِنَ النَّارِ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا طَلَبْنَاهُمْ، وَاتَّبَعْنَا آثَارَهُمْ، فَلَمْ نَرَ مِنْهُمْ أَحَدًا. 122 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنِي عَمَّارُ بْنُ عُثْمَانَ الْحَلَبِيُّ، حَدَّثَنِي الْحُصَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْوَرَّاقُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَاحِدِ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ: خَرَجْتُ إِلَى الشَّامِ فِي طَلَبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلْتُ أَجِدُ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ شَدِيدَ الاجْتِهَادِ، حَتَّى قَالَ لِي رَجُلٌ -[56]-: قَدْ كَانَ هَهُنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ النَّحْوِ الَّذِي تُرِيدُ، وَلَكِنَّا فَقَدْنَا مِنْ عَقْلِهِ، فَلا نَدْرِي يُرِيدُ أَنْ يَحْتَجِزَ مِنَ النَّاسِ بِذَلِكَ، أَمْ هُوَ شَيْءٌ أَصَابَهُ؟ قُلْتُ: وَمَا أَنكَرْتُمْ مِنْهُ؟ قَالَ: إِذَا كَلَّمَهُ أَحَدُنَا، قَالَ: الْوَلِيدُ وَعَاتِكَةُ، لا يَزِيدُ عَلَيْهِ، قَالَ: قُلْتُ: فَكَيْفَ لِي بِهِ؟ قَالَ: هَذِهِ مَدْرَجَتُهُ، فَانْتَظَرْتُهُ، فَإِذَا بِرَجُلٍ وَالِهٍ، كَرِيهِ الْوَجْهِ، كَرِيهِ الْمَنْظَرِ، وَافِرِ الشَّعْرِ، مُتَغَيِّرِ اللَّوْنِ، وَإِذَا الصِّبْيَانُ حَوْلَهُ وَخَلْفَهُ، وَهُوَ سَاكِتٌ يَمْشِي وَهُمْ خَلْفَهُ سُكُوتٌ يَمْشُونَ، عَلَيْهِ أَطْمَارٌ لَهُ دَنِسَةٌ، قَالَ: فَتَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلامَ، فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُكَلِّمَكَ، فَقَالَ: الْوَلِيدُ وَعَاتِكَةُ، قُلْتُ: قَدْ أُخْبِرْتُ بِقِصَّتِكَ، فَقَالَ: الْوَلِيدُ وَعَاتِكَةُ، قُلْتُ: أُخْبِرْتُ بِقِصَّتِكَ، قَالَ: الْوَلِيدُ وَعَاتِكَةُ، قُلْتُ: أُخْبِرْتُ بِقِصَّتِكَ، قَالَ: الْوَلِيدُ وَعَاتِكَةُ. ثُمَّ مَضَى حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَرَجَعَ الصِّبْيَانُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ يَتْبَعُونَهُ، قَالَ: فَاعْتَزَلَ إِلَى سَارِيَةٍ فَرَكَعَ، فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، رَجُلٌ غَرِيبٌ يُرِيدُ أَنْ يُكَلِّمَكَ وَيَسْأَلَكَ عَنْ شَيْءٍ، فَإِنْ شِئْتَ فَأَطِلْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَقْصِرْ، وَلَسْتُ بِبَارِحٍ حَتَّى تُكَلِّمَنِي، قَالَ: وَهُوَ فِي سُجُودِهِ يَدْعُو وَيَتَضَرَّعُ، قَالَ: فَفَهِمْتُ عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ وَهُوَ سَاجِدٌ: سَتْرَكَ سَتْرَكَ، قَالَ: فَأَطَالَ السُّجُودَ حَتَّى سَئِمْتُ، قَالَ: فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَلَمْ أَسْمَعْ لَهُ نَفَسًا، وَلا حَرَكَةً، قَالَ: فَحَرَّكْتُهُ، فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ، كَأَنَّهُ قَدْ مَاتَ مِنْ دَهْرٍ طَوِيلٍ. قَالَ: فَخَرَجْتُ إِلَى صَاحِبِي الَّذِي دَلَّنِي عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: تَعَالَ فَانْظُرْ إِلَى الَّذِي زَعَمْتَ أَنَّكَ أَنْكَرْتَ مِنْ عَقْلِهِ، قَالَ: فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ قِصَّتَهُ: فَهَيَّأْنَاهُ وَدَفَنَّاهُ (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (37/220 ـ 221/ط. دار الفكر) ، من طريق ابن أبي الدنيا، به.

123 - حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ هَاشِمٍ، ثنا ابْنُ عَيَّاشٍ الْحِمْصِيُّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ الرَّحَبِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْسَةَ، قَالَ: " لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ لِلرَّجُلِ مِنَ الْوَحْدَةِ مَا لَكُمُ الْيَوْمَ فِي الْجَمَاعَةِ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: فيه: أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وهو: ابن أبي مريم، ضعيف الحديث.

124 - حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، ثَنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " لَوْلا أَنْ يُقَالَ: فَعَلَ أَبُو نَجِيحٍ، لأَلْحَقْتُ مَالِي سُبُلَهُ، ثُمَّ لَحِقْتُ وَادِيًا مِنْ أَوْدِيَةِ لُبْنَانَ، فَعَبَدْتُ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ، حَتَّى أَمُوتَ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده كالسابق: وأخرجه أبو داود في " الزهد " (371) ، من طريق أبي بكر بن أبي مريم، به. وفيه: " عمرو بن عبسة "، بدل: " العرباض بن سارية ". وأرى أن الوهم من أبي بكر بن أبي مريم، فقد لخص حاله ابن حجر فقال: " ضعيف، كان قد سُرِقَ بيته، فاختلط ".

125 - حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ، عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ سورة [العنكبوت آية 56] ، قَالَ: " إِذَا أُمِّرْتُمْ عَلَى مَعْصِيَتِي، فَاهْرُبُوا، فَإِنَّ فِي أَرْضِي سَعَةً " (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه ابن جرير الطبري في: تفسيره " (21/9) ، من طريق شريك، به.

الوحدة خير من جليس السوء

الْوَحْدَةُ خَيْرٌ مِنْ جَلِيسِ السُّوءِ 126 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ رُسْتُمَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلالٍ، عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ يُسَبِّحُ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ، فَقَالَ: أَمْلِ الْخَيْرَ تُمْلأْ خَيْرًا، أَلَيْسَ خَيْرًا؟ قُلْتُ: بَلَى وَاللَّهِ، أَصْلَحَكَ اللَّهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى التَّسْبِيحِ، قَالَ: وَالسُّكُوتُ خَيْرٌ مِنْ إِمْلاءِ الشَّرِّ، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ قُلْتُ: بَلَى، ثُمَّ قَالَ: وَالْجَلِيسُ الصَّالِحُ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: وَالْوَحْدَةُ خَيْرٌ مِنْ جَلِيسِ السُّوءِ، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ قُلْتُ: بَلَى " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده حسن: أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (4992) ، من طريق سعيد بن عامر، به. قلت: وسنده حسن، صالح بن رستم، حسن الحديث.

من مواعظ الصالحين

مِنْ مَوَاعِظِ الصَّالِحِينَ 127 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ جَرِيرٍ الْعَتَكِيُّ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ اللَّاحِقِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ لاحِقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ -[58]- أَبَا حَمْزَةَ الْكُوفِيَّ يَقُولُ لِلْفَضْلِ بْنِ لاحِقٍ: يَا أَبَا بِشْرٍ! احْذَرِ النَّاسَ، فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَوْ أُعْطِيَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يَقْتُلَ إِنْسَانًا قَتَلَهُ بَعْدَ أَنْ يَخْتَبِئَ لَهُ، فَلا تَتَّخِذْ مِنَ الْخَدَمِ إِلا مَا لا بُدَّ لَكَ مِنْهُ، فَإِنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ شَيْطَانًا.

128 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الأُرْدُنِيُّ، حَدَّثَنِي عَبَّادٌ أَبُو عُتْبَةَ الْخَوَّاصُ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنَ الزُّهَّادِ مِمَّنْ يَسِيحُ فِي الْجِبَالِ، قَالَ: لَمْ تَكُنْ فِيَّ هِمَّةٌ فِي شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا وَلا لَذَّةٌ إِلا فِي لُقْيَاهُمْ، يَعْنِي: الأَبْدَالَ وَالزُّهَّادَ، قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى سَاحِلٍ مِنْ سَوَاحِلِ الْبَحْرِ لَيْسَ يَسْكُنُهُ النَّاسُ، وَلا تَرْفَأُ إِلَيْهِ السُّفُنُ، إِذَا أَنَا بِرَجُلٍ قَدْ خَرَجَ مِنْ تِلْكَ الْجِبَالِ، فَلَمَّا رَآنِي هَرَبَ وَجَعَلَ يَسْعَى، وَاتَّبَعْتُهُ أَسْعَى خَلْفَهُ، فَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ وَأَدْرَكْتُهُ [[فقلت: ممن تهرب رحمك الله؟ فلم يكلمني، فقلت: إني أريد الخير؛ فعلمني]] ، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِلُزُومِ الْحَقِّ حَيْثُ كُنْتَ، فَوَاللَّهِ مَا أَنَا بِحَامِدٍ لِنَفْسِي فَأَدْعُوَكَ إِلَى مِثْلِ عَمَلِهَا، ثُمَّ صَاحَ صَيْحَةً فَسَقَطَ مَيِّتًا، فَمَكَثْتُ لا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ بِهِ، قَالَ: وَهَجَمَ اللَّيْلُ عَلَيْنَا، فَتَنَحَّيْتُ وَنِمْتُ نَاحِيَةً عَنْهُ، فَأُرِيتُ فِي مَنَامِي أَرْبَعَةَ نَفَرٍ هَبَطُوا عَلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى خَيْلٍ لَهُمْ، فَحَفَرُوا لَهُ، وَكَفَّنُوهُ، وَصَلَّوْا عَلَيْهِ ثُمَّ دَفَنُوهُ، فَاسْتَيْقَظْتُ فَزِعًا لِلَّذِي رَأَيْتُ، فَذَهَبَتْ عَنِّي وَسْنَةُ النَّوْمِ بَقِيَّةَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ انْطَلَقْتُ إِلَى مَوْضِعِهِ، فَلَمْ أَزَلْ أَطْلُبُ أَثَرَهُ وَأَنْظُرُ، حَتَّى رَأَيْتُ قَبْرًا جَدِيدًا ظَنَنْتُ أَنَّهُ الْقَبْرُ الَّذِي رَأَيْتُ فِي مَنَامِي " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: فيه راوٍ مجهول، وهو من حدّت عباد الخواص.

129 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدٌ، ثنا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَابِدًا بِالْيَمَنِ يَقُولُ: سُرُورُ الْمُؤْمِنِ وَلَذَّتُهُ فِي الْخَلْوَةِ وَمُنَاجَاتِهِ سَيِّدَهُ (¬1) . ¬

(¬1) تقدم برقم (44)

130 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، ثنا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ، ثنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ بِرَبِيعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى صُنْدُوقٍ مِنْ صَنَادِيقِ الْحَذَّائِينَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: لَوْ دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ فَجَالَسْتَ إِخْوَانَكَ، قَالَ: لَوْ فَارَقَ ذِكْرُ الْمَوْتِ قَلْبِي سَاعَةً لَخَشِيتُ أَنْ يَفْسَدَ عَلَيَّ قَلْبِي (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (5/75 ـ 76) ، من طريق حسين ين عليّ الجعفي، به = -[59]- = ورواه ابن المبارك (266) ، وأحمد (371) ، كلاهما في " الزهد "، من طريق مالك بن مغول، به.

131 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الآدَمِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ، ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ أَبِي رَاشِدٍ فِي جَبَّانَةٍ، فَقَرَأَ رَجُلٌ: يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ [سورة الحج آية 5] . فَقَالَ رَبِيعُ بْنُ أَبِي رَاشِدٍ: حَالَ ذِكْرُ الْمَوْتِ بَيْنِي وَبَيْنَ كَثِيرٍ مِمَّا أُرِيدُ مِنَ التِّجَارَةِ، وَلَوْ فَارَقَ ذِكْرُ الْمَوْتِ قَلْبِي سَاعَةً، لَخَشِيتُ أَنْ يَفْسَدَ عَلَيَّ قَلْبِي، وَلَوْلا أَنْ أُخَالِفَ مَنْ كَانَ قَبْلِي، لَكَانَتِ الْجَبَّانَةُ مَسْكَنِي حَتَّى أَمُوتَ (¬1) . ¬

(¬1) رواه أبو نعيم في " الحلية " (5/77) ، من طريق سفيان بن عيينة، به.

من مواعظ سفيان الثوري

مِنْ مَوَاعِظِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ 132 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا حَاتِمٌ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ رُشَيْدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: يَا حَسَنُ! لا تَعَرَّفَنَّ إِلَى مَنْ لا يَعْرِفُكَ، وَأَنْكِرْ مَعْرِفَةَ مَنْ يَعْرِفُكَ (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: أخرجه ابن أبي الدنيا في " التواضع والخمول " (45) ، بسنده ومتنه، من طريقه: أبو نعيم في " الحلية " (7/8) . قلت: وهذا إسناده ضعيف، فيه: الحسن بن رشيد، مجهول الحديث. انظر: الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم (3/14) .

133 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا حَاتِمٌ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَزْدِيُّ، أَنَّهُ حَدَّثَ عَنِ الْمُؤَمَّلِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، لِرَجُلٍ: أَخْبِرْنِي، يَأْتِيكَ مَا تَكْرَهُ مِمَّنْ تَعْرِفُ أَوْ مِمَّنْ لا تَعْرِفُ؟ قَالَ: لا، بَلْ مِمَّنْ أَعْرِفُ؟ قَالَ: فَمَا قَلَّ مِنْ هَؤُلاءِ، فَهُوَ خَيْرٌ (¬1) ¬

(¬1) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (7/8) ، من طريق ابن أبي الدنيا، به.

134 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: قَالَ أَبُو وَهْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ: لَيْسَ لِلنَّضْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ إِخْوَانٌ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّضْرَ، فَقَالَ: لَمْ أَعْلَمْ لِمُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ أَخًا وَاحِدًا وَكَانَ بِالْحَالِ الَّتِي كَانَ عِنْدَ النَّاسِ، أَيْ: مِنَ الْحُبِّ. 135 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، عَنِ الْمُؤَمَّلِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، يَقُولُ: أُحِبُّ أَنْ أَعْرِفَ النَّاسَ وَلا يَعْرِفُونِي

من وصايا داود الطائي

مِنْ وَصَايَا دَاوُدَ الطَّائِيِّ 136 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ الأَوْدِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِدَاوُدَ الطَّائِيِّ: أَوْصِنِي، قَالَ: أَقِلَّ مِنْ مَعْرِفَةِ النَّاسِ (¬1) ¬

(¬1) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (7/343) ، من طريق ابن أبي الدنيا، به. وذكره ابن الملقن في " طبقات الأولياء " (201) .

137 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، ثنا طَالُوتُ قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ، يَقُولُ: مَا صَدَقَ اللَّهَ عَبْدٌ أَحَبَّ الشُّهْرَةَ، قَالَ (¬1) : وَلَمْ أَرَهُ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ بِالتَّسْبِيحِ قَطُّ (¬2) . ¬

(¬1) القائل هو: طالوت. (¬2) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8/31) ، من طريق عبد الرحمن بن مهدي، به.

138 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنِي أَبُو فَرْوَةَ السَّائِحُ، وَكَانَ وَاللَّهِ مِنَ الْعَامِلِينَ لِلَّهِ بِمَحَبَّتِهِ، قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا أَطُوفُ فِي بَعْضِ الْجِبَالِ، إِذْ سَمِعْتُ صَدَى صَوْتٍ، فَقُلْتُ: إِنَّ هَهُنَا لأَمْرًا، فَاتَّبَعْتُ الصَّوْتَ، فَإِذَا أَنَا بِهَاتِفٍ يَهْتِفُ: يَا مَنْ آنَسَنِي بِذِكْرِهِ، وَأَوْحَشَنِي مِنْ خَلْقِهِ، وَكَانَ لِي عِنْدَ مَسَرَّتِي، ارْحَمِ الْيَوْمَ عَبْرَتِي، وَهَبْ لِي مِنْ مَعْرِفَتِكَ مَا أَزْدَادُ بِهِ تَقَرُّبًا إِلَيْكَ، يَا عَظِيمَ الصَّنْعَةِ إِلَى أَوْلِيَائِهِ! اجْعَلْنِي الْيَوْمَ مِنْ أَوْلِيَائِكَ الْمُتَّقِينَ، قَالَ: ثُمَّ سَمِعْتُ صَرْخَةً فَلَمْ أَرَ أَحَدًا، فَأَقْبَلْتُ نَحْوَهَا، فَإِذَا أَنَا بِشَيْخٍ سَاقِطٍ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، قَدْ بَدَا بَعْضُ جَسَدِهِ، فَغَطَّيْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ لَمْ أَزَلْ عِنْدَهُ حَتَّى أَفَاقَ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ؟ قُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ، قَالَ: إِلَيْكُمْ عَنِّي فَمِنْكُمْ هَرَبْتُ، قَالَ: ثُمَّ بَكَى، وَقَامَ، فَانْطَلَقَ وَتَرَكَنِي فَقُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، دُلَّنِي عَلَى الطَّرِيقِ، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: هَهُنَا.

139 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَشَّارٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَدِ اعْتَزَلَ النَّاسَ، فَنَزَلَ بِذِي طُوًى، فَقَالَ لِغُلامِهِ ذَاتَ يَوْمٍ: يَا غُلامُ! افْتَحِ افْتَحْ، يَا لَهَا مِنْ لَيْلَةٍ لَمْ أُكَلِّمْ فِيهَا أَحَدًا، وَلَمْ يُكَلِّمْنِي (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: فيه انقطاع بين ابن أبي الدنيا، وإبراهيم بن بشار.

140 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ مَعْمَرٍ، قَالَ: قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: " لِتَسَعْكُمْ بُيُوتُكُمْ، وَلا يَضُرُّكُمْ أَلا يَعْرِفَكُمْ أَحَدٌ، وَسَابِقُوا النَّاسَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: فيه انقطاع بين عون بن معمر، ومعاذ، فهو لم يسمع منه، انظر: " جامع التحصيل " (ص350) .

141 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نُوحٍ، قَالَ: لَقِيتُ رَجُلا مِنَ الْعُبَّادِ فِي بَعْضِ الْجَزَائِرِ مُنْفَرِدًا، فَقُلْتُ: يَا أَخِي! مَا تَصْنَعُ هَهُنَا وَحْدَكَ؟ أَمَا تَسْتَوْحِشُ؟ قَالَ: الْوَحْشَةُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَعَمُّ، قُلْتُ: مُنْذُ كَمْ أَنْتَ هَهُنَا؟ قَالَ: مُنْذُ ثَلاثِينَ سَنَةً، قُلْتُ: مِنْ أَيْنَ الْمَطْعَمُ؟ قَالَ: مِنْ عِنْدِ الْمُنْعِمِ، قُلْتُ: فَهَهُنَا فِي الْقُرْبِ مِنْكَ شَيْءٌ تُعَوِّلُ عَلَيْهِ إِذَا احْتَجْتَ إِلَيْهِ مِنَ الْمَطْعَمِ رَجَعْتَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: مَا أَكْرَبَكَ بِمَا قَدْ كُفِيتَهُ وَضُمِنَ لَكَ، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِأَمْرِكَ، قَالَ: مَا لِي أَمْرٌ غَيْرَ مَا تَرَى، غَيْرَ أَنِّي أَظَلُّ فِي هَذَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، مُتَّكِلا عَلَى كَرَمِ مَنْ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ، قَالَ: ثُمَّ صَاحَ صَيْحَةً أَفْزَعَتْنِي، فَوَثَبْتُ، وَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ، فَتَرَكْتُهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، وَمَضَيْتُ (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: فيه: حكيم بم جعفر، ذكره ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (3/202) ، ولم يحك فيه قولاً، فهو مجهول. والأثر فيه تواكل وليس توكلا، إذ صاحبنا هذا لا يعمل ولا يكد ولا يتعب، ثم ينتظر الطعام والشراب، كيف هذا؟ ، بلا عمل ولا كد ولا تعب؟ ، وهذا مناف للسُّنة الشريفة، فكان خير البشر - صلى الله عليه وسلم - يعمل ويأكل من عمل يده، فالحذر من التواكل أخي القارئ العزيز، وعليك بالعمل والجد والمثابرة، فمن زرع حصد، والله الموفق.

كونوا مصابيح الهدى

كُونُوا مَصَابِيحَ الْهُدَى 142 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الأَزْدِيُّ، ثنا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " كُونُوا يَنَابِيعَ الْعِلْمِ، مَصَابِيحَ الْهُدَى، أَحْلاسَ الْبُيُوتِ، سُرُجَ اللَّيْلِ، جُدُدَ الْقُلُوبِ، خِلْقَانَ الثِّيَابِ، تُعْرَفُونَ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ، وَتُخْفَوْنَ فِي أَهْلِ الأَرْضِ (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن أبي الدنيا في " التواضع والخمول " (11) ، بسنده ومتنه. وأخرجه الدارمي (1/80) ، قال: أخبرنا يعلى، به. وفي سنده: محمد بن عون، متروك الحديث.

143 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَقِيقٍ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأَشْعَثِ، حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنَ النَّخَعِ، عَنْ أَشْيَاخٍ لَهُ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ -[62]- عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، قَالَ: " كَفَى بِهِ دَلِيلا عَلَى سَخَافَةِ دِينِ الرَّجُلِ كَثْرَةُ صَدِيقِهِ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: أخرجه ابن أبي الدنيا في " التواضع " (41) ، بسنده ومتنه وفيه " امتحان دين الرجل ". وسنده فيه مجاهيل. وقد صحَّ من قول الثوري، أخرجه ابن أبي حاتم في " مقدمة الجرح والتعديل " (1/94) ، وأبو نعيم في " الحلية " (8/19) ، وهذا هو الصواب.

بشر بن منصور والعزلة

بِشْرِ بْنُ مَنْصُورٍ وَالْعُزْلَةُ 144 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنِي زُهَيْرٌ السِّجِسْتَانِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ بِشْرَ بْنَ مَنْصُورٍ، يَقُولُ: مَا جَلَسْتُ إِلَى أَحَدٍ وَلا جَلَسَ إِلَيَّ أَحَدٌ فَقُمْتُ مِنْ عِنْدِهِ، أَوْ قَامَ مِنْ عِنْدِي، إِلا عَلِمْتُ أَنِّي لَوْ لَمْ أَقْعُدْ إِلَيْهِ أَوْ يَقْعُدْ إِلَيَّ، كَانَ خَيْرًا لِي " (¬1) ¬

(¬1) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6/241) ، من طريق ابن أبي الدنيا، به.

145 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: وَاعَدْتُ بِشْرَ بْنَ مَنْصُورٍ أَنَا وَأَبُو الْخَصِيبِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ، وَبِشْرُ بْنُ السَّرِيِّ أَنْ نَأْتِيَهُ، فَلَمَّا أَتَيْنَاهُ، قَالَ: اسْتَخَرْتُ اللَّهَ فِي صُحْبَتِكُمْ، فَكَانَ الْغَالِبَ عَلَى قَلْبِي أَنْ لا تَجِيئُوا " (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه أبو نعيم في الحية " (6/239) ، من طريق أحمد بن إبراهيم، به.

146 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثَنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، ثَنا أَيُّوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ بِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ، فَحَدَّثَنَا، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ فَاتَنِي مُنْذُ كُنْتُ مَعَكُمْ خَيْرٌ كَثِيرٌ (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6/241) ، من طريق ابن أبي الدنيا، به.

147 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثَنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنا عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ نَصْرٍ، قَالَ: قَالَ لَنَا، يَعْنِي: بِشْرَ بْنَ مَنْصُورٍ: مَا أَكَادُ أَلْقَى أَحَدًا. فَأَرْبَحَ عَلَيْهِ شَيْئًا (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6/239) ، من طريق أحمد بن إبراهيم، به.

من وصايا إبراهيم بن أدهم

مِنْ وَصَايَا إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ 148 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، ثنا أَبُو مُسْهِرٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ هَاشِمٍ، قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ: " إِيَّاكَ وَكَثْرَةَ الإِخْوَانِ وَالأَخِلاءِ (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8/19) ، من طريق أحمد بن أبي الحواري، به.

من وصايا سماك بن سلمة

مِنْ وَصَايَا سِمَاكِ بْنِ سَلَمَةَ 149 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، قَالَ: قَالَ لِي سِمَاكُ بْنُ سَلَمَةَ: يَا فُلُ! إِيَّاكَ وَكَثْرَةَ الأَخِلاءِ (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه ابن أبي الدنيا في " التواضع والخمول " (40) ، بنفس السند والمتن. وقوله يافل، أي: يا فلان.

مع عمرو بن العاص

مَعَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ 150 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُفَيْرٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: " إِذَا كَثُرَ الأَخِلاءُ كَثُرَ الْغُرَمَاءُ " , قُلْتُ لِمُوسَى: مَا الْغُرَمَاءُ؟ قَالَ: أَصْحَابُ الْحُقُوقِ (¬1) . ¬

(¬1) إسناده حسن: أخرجه الخطابي في " العزلة " (ص 128 ـ 129) ، من طريق سعيد بن عفير، به. وسنده حسن، يحي بن أيوب، حسن الحديث.

رد جميل

رَدُّ جَمِيلٍ 151 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الْحَنْظَلِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، ثَنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَزْدِيُّ، قَالَ: كُنْتُ أَدُورُ عَلَى حَائِطٍ بِبَيْرُوتَ، فَمَرَرْتُ بِرَجُلٍ مُتَدَلِّي الرِّجْلَيْنِ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ يُكَبِّرُ، فَاتَّكَأْتُ إِلَى الشُّرْفَةِ الَّتِي إِلَى جَنْبِهِ، فَقُلْتُ: يَا شَابُّ! مَالَكَ جَالِسًا وَحْدَكَ؟ قَالَ: اتَّقِ اللَّهَ، وَلا تَقُلْ إِلا حَقًّا، مَا كُنْتُ وَحْدِي مُنْذُ وَلَدَتْنِي أُمِّي، إِنَّ مَعِي رَبِّي حَيْثُ مَا كُنْتُ، وَمَعِي مَلَكَانِ يَحْفَظَانِ عَلَيَّ، وَشَيْطَانٌ مَا يُفَارِقُنِي، فَإِذَا عَرَضَتْ لِي حَاجَةٌ إِلَى رَبِّي، عَزَّ وَجَلَّ، سَأَلْتُهُ إِيَّاهَا بِقَلْبِي وَلَمْ أَسْأَلْهُ بِلِسَانِي، فَجَاءَنِي بِهَا (¬1) . ¬

(¬1) إسناده صحيح: قوله: " حائط " أي بستان.

خير الناس

خَيْرُ النَّاسِ 152 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أُمِّ مَالِكٍ الْبَهْزِيَّةِ، قَالَتْ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْفِتَنَ، فَقَالَ: " خَيْرُكُمْ فِيهَا، أَوْ خَيْرُ النَّاسِ فِيهَا: رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي مَالِهِ يَعْبُدُ رَبَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، أَوْ رَجُلٌ آخِذٌ بِفَرَسِهِ يُخِيفُ الْعَدُوَّ وَيُخِيفُونَهُ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف، والحديث صحيح: أخرجه إسحاق بن راهويه في " مسنده " برقم (2325) ، وأحمد (6/419) ، والطبراني في " كبيره "= -[64]- = 5ج25 رقم 360 ـ 362) ، وابن منده في " الصحابة " كما في " الإصابة " (4/494) ، من طريق ليث بن أبي سليم، به. وقال ابن منده: " رواه جرير في آخرين عن ليث،: ورواه محمد بن جحادة، عن رجل يقال إنه: ليث؛ قال: وروى النعمان بن المنذر، عن مكحول، عن أم مالك ". قُلْتُ: رواه محمد بن جحادة؛ أخرجها الترمذي (2177) ، وقال: " وفي الباب عن: أم مبشر، وأبي سعيد، وابن عباس "، وقال: " هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه "، وقال: " وقد رواه الليث ورواية النعمان، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أُمِّ مَالِكٍ البهزية، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - " اهـ. عليّ بن بحر، عن سويد بن سعيد، عن النعمان، به. وسويد، ضعيف الحديث. قلت: ومدار هذا الحديث على: ليث بن أبي سليم، ضعيف الحديث. والحديث صحيح بشواهد؛ منها: عن أم مبشر، وقد تقدم برقم (12) ، وأبي سعيد الخذري، تقدم برقم (15) ، وان عباس برقم (70، 101) . فبهذه الشواهد يصح الحديث، والحمد لله وحده.

من مواعظ مجاهد

مِنْ مَوَاعِظِ مُجَاهِدٍ 153 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ حَسَّانٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " أُخْبُرِ النَّاسَ، ثُمَّ اقْلُهُمْ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده صحيح.

154 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثنا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَابِدُ، ثنا بُرْدٌ أَبُو زُهَيْرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: " أَرَى رِجَالا وَلا أَرَى عُقُولا، أَسْمَعُ أَصْوَاتًا وَلا أَرَى أَنِيسًا، أَخْصَبَ أَلْسِنَةً، وَأَجْدَبَ قُلُوبًا " (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه أبو نعيم في " حلية الأولياء " (2/158) : من طريق إسحاق بن إسماعيل، به.

155 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَاهِلِيُّ، ثنا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ حَزْمٍ، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، خَتَنِ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: كَانَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ يَقُولُ لِي: احْفَظْ عَنِّي: كُلُّ أَخٍ وَجِليسٍ وَصَاحِبٍ لا تَسْتَفِيدُ مِنْهُ خَيْرًا فِي أَمْرِ دِينِكَ، فَفِرَّ مِنْهُ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده حسن: أخرجه عاصم في " الزهد " (86) ، وأبو نعيم في " الحلية " (2/372) ، عن مالك بن دينار، به. = -[65]- = وانظر: روضة العقلاء، لابن حبان (ص 82) .

156 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَالَ لِي الْحَارِثُ بْنُ شِهَابٍ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ! لا تَخْرُجَنَّ إِلَى أَحَدٍ فِي هَذَا الزَّمَانِ، كُنْ مُؤْمِنَ آلِ فِرْعَوْنَ.

157 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا الْعَبَّاسُ الْعَنْبَرِيُّ، ثَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ -[65]- جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: كَانَ لِصَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ سَرَبٌ يَبْكِي فِيهِ (¬1) . ¬

(¬1) رواه ابن سعد في " الطبقات الكبرى " (7/147) ، وأبو نعيم غي " الحلية " (2/214) ، من طريق جعفر بن سليمان، به. والسِّرَب: قيل: بيت تحت الأرض. وتقدم برقم (49) .

158 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ عَبْدِ السَّلامِ بْنِ مُطَهِّرٍ، قَالَ: ثنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ، عَنْ أَوْفَى بْنِ دَلْهَمٍ، قَالَ: كَانَ لِلْعَلاءِ بْنِ زِيَادٍ مَالٌ وَرَقِيقٌ، فَأَعْتَقَ بَعْضَهُمْ، وَوَصَلَ بَعْضَهُمْ، وَبَاعَ بَعْضَهُمْ، وَأَمْسَكَ غُلامًا أَوِ اثْنَيْنِ يَأْكُلُ غَلَّتَهُمَا، فَتَعَبَّدَ فَكَانَ يَأْكُلُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفَيْنِ، وَتَرَكَ مُجَالَسَةَ النَّاسِ، فَلَمْ يَكُنْ يُجَالِسُ أَحَدًا، يُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ، وَيُجَمِّعُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ، وَيُشَيِّعُ الْجَنَائِزَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَعُودُ الْمَرِيضَ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ، فَطُفِئَ، وَبَلَغَ ذَلِكَ إِخْوَانَهُ، فَاجْتَمَعُوا، فَأَتَوْهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَالْحَسَنُ وَالنَّاسُ، فَقَالُوا: رَحِمَكَ اللَّهُ، أَهْلَكْتَ نَفْسَكَ لا يَسَعْكَ هَذَا، فَكَلَّمُوهُ وَهُوَ سَاكِتٌ، حَتَّى إِذَا فَزِعُوا مِنْ كَلامِهِمْ، قَالَ: إِنَّمَا أَتَذَلَّلُ لِلَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، لَعَلَّهُ أَنْ يَرْحَمَنِي (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (2/243) ، من طريق ابن أبي الدنيا، به. وسنده ضعيف، فيه جهالة من حدّث ابن أبي الدنيا. ويقال " طفئ فلان: ذهبت بهجته ونضارته.

كلام فاسد

كَلامٌ فَاسِدٌ 159 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا سُفْيَانُ، رَحِمَهُ اللَّهُ، ثنا رِيَاحُ بْنُ عَمْرٍو الْقَيْسِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ يَقُولُ: لا يَبْلُغُ الرَّجُلُ مَنْزِلَةَ الصِّدِّيقِينَ، حَتَّى يَتْرُكَ زَوْجَتَهُ كَأَنَّهَا أَرْمَلَةٌ، وَيَأْوِي إِلَى مَزَابِلِ الْكِلابِ (¬1) . ¬

(¬1) إسناده منكر: أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (2/359 ـ 6/194) ، من طريق عليّ بن مسلم، به. قلت: وفيه: رباح ـ بياء مثناه من تحت ـ بن عمرو، قال فيع أبو داود: " رجل سوء "، الميزان للذهبي (2/16) ، وانظر " المؤتلف للدراقطني (2/1038) . والكلام كله لا يصح ومنكر، فكيف للرجل أن يترك زوجته، ويأوي لمزايل الكلاب؟؟ ، أيكون بعد هذا من الصديقين؟ ، وهل هذه الأفعال من صفات الصديقيين؟ كلا بالطبع، فالحذر الحذر من أخبار أهل السوء.

160 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ، ثنا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ مُطَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ لابْنِهِ: يَا بُنَيَّ! إِنْ حَدَثَ فِي النَّاسِ حَدَثٌ فَائْتِ الْغَارَ الَّذِي رَأَيْتَنِي اخْتَبَأْتُ فِيهِ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُنْ فِيهِ، فَإِنَّهُ سَيَأْتِيكَ رِزْقُكَ فِيهِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف جدًّا: أخرجه ابن عدي في " الكمال " (6/2338) ، من طريق خلف بن تميم، به. = -[66]- = قلت: وفي سنده: موسى بن مطير، متروك الحديث. انظر: الميزان (4/223) .

مع طلحة بن عبيد الله

مَعَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ 161 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ: رَأَى طَلْحَةُ قَوْمًا يَمْشُونَ مَعَهُ نَحْوًا مِنْ عَشَرَةٍ، فَقَالَ: " ذِبَّانُ طَمَعٍ، وَفَرَاشُ نَارٍ " (¬1) . ¬

(¬1) صحيح: أخرجه ابن أبي الدنيا في " التواضع " برقم (50) ، بنفس السند والمتن. وأخرجه خليفة بن خياط في " تاريخه " (ص 184) ، من طريق عرف، به. والأثر ذكره الذهبي في " السير " (1/35)

162 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، ثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، عَنْ شُعْبَةَ، ثَنا حُصَيْنٌ، قَالَ: سَمِعْتُ هِلالَ بْنَ يَسَافٍ يَقُولُ: " لَيْسَ بِشَرٍّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَخْلُوَ بِنَفْسِهِ (¬1) . ¬

(¬1) صحيح: أخرجه ابن أبي عاصم في " الزهد " (102) ، من طريق شعبة، به.

من مواعظ أبي ذر الغفاري

مِنْ مَوَاعِظِ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ 163 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الْمُحَجَّلِ، عَنِ ابْنِ عِمْرَانَ بْنِ حِطَّانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: " الصَّاحِبُ الصَّالِحُ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ، وَالْوَحْدَةُ خَيْرٌ مِنْ صَاحِبِ السُّوءِ، وَمُمَلِّ الْخَيْرِ خَيْرٌ مِنَ الصَّامِتِ، وَالصَّامِتُ خَيْرٌ مِنْ مُمَلِّ الشَّرِّ، وَالأَمَانَةُ خَيْرٌ مِنَ الْخَائِنِ، وَالْخَائِنُ خَيْرٌ مِنْ ظَنِّ السُّوءِ " (¬1) . ¬

(¬1) حسن: أخرجه ابن أبي شيبة (3/341) ، وابن أبي عاصم في " الزهد " (49، 65 / مفرقًا) ، وابن حبان في " الروضة " (ص101) ، من طريق أبي أسامة، به. وأبو المحجل: اسمه روينى بن مرة، وقيل: ابن مخلد، وقيل: ابن خالد، وابن عمران هو: معفس بن عمران.

164 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، ثنا الْفَيْضُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ حُذَيْفَةَ الْمَرْعَشِيِّ الْوَحْدَةُ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهَا، قَالَ: إِنَّمَا يَكْرَهُ ذَلِكَ الْجَاهِلُ، فَأَمَّا عَالِمٌ يَعْرِفُ مَا نَأْتِي أَيْ: فَلا.

165 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، ثنا الْفَيْضُ، قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ الْمَرْعَشِيُّ: مَا أَعْلَمُ شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ أَفْضَلُ مِنْ لُزُومِكَ بَيْتَكَ، وَلَوْ كَانَتْ لَكَ حِيلَةٌ لِهَذِهِ الْفَرَائِضِ، كَانَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَحْتَالَ لَهَا.

الثلاث المنجيات

الثَّلاثُ الْمُنْجِيَاتُ 166 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، ثنا ابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي السَّوْدَاءِ، قَالَ: قَالَ كَعْبٌ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَلا أُخْبِرُكَ بِثَلاثٍ مُنْجِيَاتٍ جَاءَ بِهِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ؟ لُزُومُكَ بَيْتَكَ، وَبُكَاؤُكَ عَلَى خَطِيئَتِكَ، وَكَفُّكَ لِسَانَكَ , قَالَ: فَعَارَضَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: أَلا أُخْبِرُكَ بِثَلاثٍ مُهْلِكَاتٍ؟ نَكْثُ الصَّفْقَةِ، وَتَرْكُ السُّنَّةِ، وَمُفَارَقَةُ الْجَمَاعَةِ (¬1) . ¬

(¬1) فيه: داود بن أبي السوداء، لم أجد له ترجمة.

جليس الصدق خير من الوحدة

جَلِيسُ الصِّدْقِ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ 167 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنِي عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَدُوسَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، قَالَ: " جَلِيسُ الصِّدْقِ خَيْرٌ مِنَ الْوَحْدَةِ، وَالْوَحْدَةُ خَيْرٌ مِنْ جَلِيسِ السُّوءِ، وَمَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ مَثَلُ صَاحِبِ الْعِطْرِ، إِنْ لَمْ يُحْذِكَ يُعْبِقْكَ مِنْ رِيحِهِ (¬1) ، وَمَثَلُ الْجَلِيسِ السُّوءِ مَثَلُ الْقَيْنِ إِنْ لَمْ يَحْرِقْكَ يُعْبِقْكَ مِنْ رِيحِهِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْقَلْبُ لِتَقَلُّبِهِ، وَمَثَلُ الْقَلْبِ مَثَلُ رِيشَةٍ فِي الْفَلاةِ أَلْجَأَتْهَا الرِّيحُ إِلَى شَجَرَةٍ، فَالرِّيحُ تُصَفِّقُهَا ظَهْرًا لِبَطْنٍ، وَإِنَّ بَعْدَكُمْ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ؟ قَالَ: كُونُوا أَحْلاسَ الْبُيُوتِ (¬2) . ¬

(¬1) وفي رواية " إن لم يحذك من عطره علقك من ريحه " ويقال: أحذاه: أعطاه. (¬2) أخرجه ابن ابي شيبة (13/385 ـ 386) ، وابن المبارك في " الزهد " (342) ، وهناك في " الزهد " رقم (1237) ، والعقيلي في " الضعفاء " (1/60) ، وابو الشيخ في " الأمثال " (325) ، وأبو نعيم في " الحلية " (1/263) ، من طريق عاصم الأحول، به. ويقال: هو حلس بيته: لا يبرحه. وعندهم، عدا ابن المبارك سموا الرجل السدوسي باسم: أبي كبشة السدوسي.

168 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا عَوْنُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَوْحٍ الْمِصْرِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَمْرٍو الْمِصْرِيِّ، قَالَ: لَمَّا عَلِمُوا أَنَّ الْعَطَبَ فِي الْمُؤَانَسَةِ، أَلْزَمُوا أَنْفُسَهُمْ تَرْكَ الْمُخَالَطَةِ.

169 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مُنِيبٍ الْمِصِّيصِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مَخْلَدَ بْنَ حُسَيْنٍ يَقُولُ: مَا أَحَبَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، عَبْدًا وَأَحَبَّ أَنْ يُعَرِّفَ النَّاسَ مَكَانَهُ، قَالَ: فَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: لَمْ يَعْرِفُوا حَتَّى أَحَبُّوا أَنْ لا يُعْرَفُوا.

170 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُشَمِيُّ، قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: مَا رَأَيْتُ الزُّهْدَ فِي شَيْءٍ أَقَلَّ مِنْهُ فِي الرِّيَاسَةِ (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (7/39) ، عن سفيان الثوري.

171 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالَ: قُلْتُ لإِبْرَاهِيمَ: أَوْصِنِي: قَالَ: اتَّخِذِ اللَّهَ صَاحِبًا ... وَدَعِ النَّاسَ جَانِبًا (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه السلمي في " طبقات الصوفية " (37) ، من طريق ابن أبي الدنيا، به. وأخرجه أبو نعيم في " الحلية " (7/373) ، والخطابي في " العزلة " (ص82 ـ 83) .

مع الحسن البصري

مَعَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ 172 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى الْحَسَنِ يَوْمًا، فَمَلأْنَا عَلَيْهِ سَطْحَهُ، فَنَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ، فَقَالَ: أَرَى أَعْيُنِا وَلا أَرَى أَنِيسًا، مَعْرِفَةٌ وَلا صِدْقٌ، قَوْلٌ وَلا فِعْلٌ، صُورَةٌ تَلْبَسُ الثِّيَابَ (¬1) . ¬

(¬1) الحديث في " الزهد " عبد الله بن المبارك (185) ، والأثر صحيح.

من أمنيات حذيفة

مِنْ أُمْنِيَاتِ حُذَيْفَةَ 173 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ: " لَوَدِدْتُ أَنِّي قَدِرْتُ عَلَى مِائَةِ رَجُلٍ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذَهَبٍ، فَأَقُومُ عَلَى صَخْرَةٍ، فَأُحَدِّثُهُمْ لا تَضُرُّهُمْ فِتْنَةٌ أَبَدًا ثُمَّ أَفِرُّ، فَلا يَقْدِرُونَ عَلَيَّ " (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في " الزهد " (279) ، ونعيم بن حماد في " الفتن " (129) ، من طريق الأعمش، به.

174 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثَنا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، قَالَ: قَالَ وُهَيْبُ بْنُ الْوَرْدِ: كَانَ يُقَالُ: الْحِكْمَةُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ: فَتِسْعَةٌ مِنْهَا فِي الصَّمْتِ، وَالْعَاشِرَةُ عُزْلَةُ النَّاسِ، قَالَ: فَعَالَجْتُ نَفْسِي عَلَى الصَّمْتِ، فَلَمْ أَجِدْنِي أَضْبِطُ كُلَّمَا أُرِيدُ مِنْهُ، فَرَأَيْتُ أَنَّ هَذِهِ الأَجْزَاءَ الْعَشَرَةَ عُزْلَةَ النَّاسِ (¬1) . ¬

(¬1) تقدم برقم (90) .

من وصايا الصحابة والتابعين

مِنْ وَصَايَا الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ 175 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثَنا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِسَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَوْصِنِي. قَالَ: " لا تُخَالِطِ النَّاسَ "، قَالَ: وَكَيْفَ يَعِيشُ مَعَ النَّاسِ مَنْ لا يُخَالِطُهُمْ؟ قَالَ: " فَإِنْ كَانَ وَلا بُدَّ مِنْ مُخَالَطَتِهِمْ فَاصْدُقِ الْحَدِيثَ، وَأَدِّ الأَمَانَةَ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: أخرجه ابن أبي الدنيا في " الصمت وحفظ اللسان " (44) بسنده ومتنه، وفيه انقطاع بين عبد العزيز بن أبي رواد، وسلمان الفارسي ـ رضي الله عنه.

176 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثَنا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، قَالَ: قَالَ وُهَيْبٌ: قَالَ رَجُلٌ مِمَّنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ الْحِكْمَةَ: إِنِّي لأَخْرُجُ مِنْ مِنْبَرٍ لِي، وَإِنِّي لأَطْمَعُ فِي الرِّبْحِ فِي أَمْرِ الدِّينِ، فَوَاللَّهِ مَا أَنْقَلِبُ إِلا بِالْوَضِيعَةِ (¬1) . ¬

(¬1) حسن: أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (8/153) ، من طريق هارون بن عبد الله، به.

177 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْعُكْلِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بِنْ مَسْمُولٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُخَوِّلٍ الْبَهْزِيَّ ثُمَّ السُّلَمِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي، وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ وَالإِسْلامَ، يَقُولُ: نَصَبْتُ حَبَائِلَ لِي بِالأَبْوَاءِ، فَوَقَعَ فِي حَبْلٍ مِنْهَا ظَبْيٌ، فَأَفْلَتَ بِهِ فَخَرَجْتُ فِي أَثَرِهِ، فَوَجَدْتُ رَجُلا قَدْ أَخَذَهُ، فَتَنَازَعْنَا فِيهِ، فَتَسَاوَقْنَا فِيهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدْنَاهُ نَازِلا بِالأَبْوَاءِ تَحْتَ شَجَرَةٍ مُسْتَظِلا بِنِطْعٍ، فَاخْتَصَمْنَا إِلَيْهِ فَقَضَى بِهِ بَيْنَنَا شَطْرَيْنِ، ثُمَّ أَنْشَأَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُحَدِّثُنَا، قَالَ: " سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ خَيْرُ الْمَالِ فِيهِ غَنَمٌ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ، تَأْكُلُ مِنَ الشَّجَرِ وَتَرِدُ الْمَاءَ، يَأْكُلُ صَاحِبُهَا مِنْ رِسْلِهَا، وَيَشْرَبُ مِنْ أَلْبَانِهَا، وَيَلْبَسُ مِنْ أَشْعَارِهَا، أَوْ قَالَ: أَصْوَافِهَا، وَالْفِتَنُ تَرْتَكِسُ بَيْنَ جَرَاثِيمِ الْعَرَبِ , وَاللَّهِ مَا تُفْتَنُونَ، يَقُولُهَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثَلاثًا: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَوْصِنِي، قَالَ: " أَقِمِ الصَّلاةَ، وَآتِ الزَّكَاةَ، وَصُمْ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَحُجَّ الْبَيْتَ وَاعْتَمِرْ، وَبِرَّ وَالِدَيْكَ , وَصِلْ رَحِمَكَ، وَأَقْرِ الضَّيْفَ، وَمُرْ بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَزُلْ مَعَ الْحَقِّ حَيْثُ زَالَ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (1568) ، وفي " المفاريد " (80) ، وابن قانع في " معجم الصحابة " (3/115 ـ 116) ، والطبراني في " كبيره " (ج 20 رقم 763) ، وفي " الأوسط " (7538) ، من طريق مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بِنْ مَسْمُولٍ، به. = -[70]- = قلت: وسنده ضعيف ك، فيه: مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بِنْ مَسْمُولٍ، ضعيف، وشيخه القاسم بن مخول، أورده البخاري في " التاريخ الكبير " (4/1/165) ، وابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (3/2/122) ، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلاً، والرجل لم يرو عنه غير مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بِنْ مَسْمُولٍ، فهو مجهول العين والحال. قوله: " النطع " غطاء من الجلد؟ و" رسلها ": الرَّسَل: القطيع من الإبل والغنم. و" وَالْفِتَنُ تَرْتَكِسُ بَيْنَ جَرَاثِيمِ الْعَرَبِ "، أي: تزدحم وتتردد.

178 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبِّرِ، ثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ غَزْوَانَ يَقُولُونَ لَهُ: هَبْكَ لا تَضْحَكُ، مَا يَمْنَعُكَ مِنْ مُجَالَسَةِ إِخْوَانِكَ؟ فَيَبْكِي غَزْوَانُ عِنْدَ ذَلِكَ، وَيَقُولُ: أَصَبْتُ رَاحَةَ قَلْبِي فِي مُجَالَسَةِ مَنْ لَدَيْهِ حَاجَتِي (¬1) . ¬

(¬1) إسناده موضوع: فيه: داود بن المحبر، متهم بالكذب، وعبد الواحد، ضعيف جدًّا.

179 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: وَدِدْتُ أَنِّي فِي مَكَانٍ لا أُعْرَفُ، وَلا أَرَى النَّاسَ وَلا يَرَوْنِي، حَتَّى أَمُوتَ " (¬1) . ¬

(¬1) سبق برقم (136) بنحوه.

مع يحيى بن زكريا عليهما السلام

مَعَ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلامُ 180 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيَّ، ثَنا ابْنُ السَّمَّاكِ: قَالَ: كَانَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا عَلَيْهِمَا السَّلامُ، إِذَا دَخَلَ قَرْيَةً، فَصَلَّى فِيهَا فَعُرِفَ، تَحَوَّلَ مِنْهَا إِلَى غَيْرِهَا (¬1) . ¬

(¬1) إسناده حسن: لكنه من الإسرائيليات.

181 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، ثَنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ، ثَنا عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: قَالَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ: مَا تَلَذَّذُ بِمِثْلِ الْخَلْوَةِ بِمُنَاجَاةِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ (¬1) . ¬

(¬1) أسناده حسن: أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (2/294) ، من طريق ابن أبي الدنيا، به.

مع سيد العابدين

مَعَ سَيِّدِ الْعَابِدِينَ 182 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدٌ، ثنا أَحْمَدُ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَيْرٍ، قَالَ: قِيلَ لِعَبْدِ الْعَزِيزِ الرَّاسِبِيِّ، وَكَانَتْ رَابِعَةُ تُسَمِّيهِ: سَيِّدَ الْعَابِدِينَ،: مَا بَقِيَ مِمَّا تَتَلَذَّذُ بِهِ؟ قَالَ: سِرْدَابٌ أَخْلُو فِيهِ (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه البيهقي في " الزهد الكبير " برقم (162) ، من طريق أحمد بن أبي الحواري، به.

183 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ، ثنا أَحْمَدُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ صَاعِدٍ الصُّورِيَّ، يَقُولُ: كَانَتِ الرَّاحَةُ قَبْلَ الْيَوْمِ فِي لِقَاءِ الإِخْوَانِ، وَإِنَّمَا الرَّاحَةُ الْيَوْمَ فِي الْخَلْوَةِ بِهِ (¬1) . ¬

(¬1) إسناده صحيح:

184 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، ثنا سَعِيدٌ الْقُطَعِيُّ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: " كُونُوا يَنَابِيعَ الْعِلْمِ، مَصَابِيحَ اللَّيْلِ، أَحْلاسَ الْبُيُوتِ، جُدُدَ الْقُلُوبِ، خِلْقَانَ الثِّيَابِ، تُعْرَفُونَ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ، وَتُخْفَوْنَ فِي أَهْلِ الأَرْضِ " (¬1) . ¬

(¬1) سبق تخريجه برقم (146) .

185 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الأَزْدِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ، وثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ خَيْرٌ أَنْ يَكُونَ أَحَدُكُمْ فِي شِعْبِ جَبَلٍ فِي غَنِيمَةٍ، يُقِيمُ الصَّلاةَ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَيَعْبُدُ اللَّهَ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، حَتَّى يَأْتِيَهُ الْيَقِينُ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: فيه: إسحاق بن محمد الفروي، وعبد الله بن عمر، ضعيفان الحديث.

العزلة والشعراء

الْعُزْلَةُ وَالشُّعَرَاءَ 186 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَأَنْشَدَنِي أَبُو بَكْرٍ الْعَنْبَرِيُّ: لَيْتَ السِّبَاعَ لَنَا كَانَتْ مُجَاوِرَةً ... وَأَنَّنَا لا نَرَى مِمَّنْ نَرَى أَحَدَا إِنَّ السِّبَاعَ لَتَهْدَا فِي مَوَاطِنِهَا ... وَالنَّاسُ لَيْسَ بِهَادٍ شَرُّهُمْ أَبَدَا فَاهْرُبْ بِنَفْسِكَ وَاسْتَأْنِسْ بِوَحْدَتِهَا ... تَبْقَى سَعِيدًا إِذَا مَا كُنْتَ مُنْفَرِدَا (¬1) ¬

(¬1) الأبيات للشافعي في " ديوانه " (ص 49 ـ ط. مكتبة ابن سينا) ، والحلية (9/149) ، وغيرهما

187 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: وَأَنْشَدَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيُّ بَعْضَ هَذَا الشِّعْرِ لِحَنْتَمِ بْنِ جَحْشَةَ الْعِجْلِيِّ، وَكَانَ عَابِدًا: وَأنبئكم ليت لي بقراء ... دَهْرِي مِثْلَ مَنْ قَدْ مَضَى مِنَ الْفِتْيَانِ مِنْ رِجَالٍ كَانَتْ لَهُمْ أَخْلاقٌ ... وَحِفَاظٌ مِنْ نَائِبِ الْحَدَثَانِ طُرْحٌ لِلْخَنَا (¬1) إِذَا سَمِعُوهُ ... قُطْفٌ عَنْ مَظَالِمِ الْجِيرَانِ -[72]- يُنْصِفُونَ الذَّلِيلَ إِذَا نَازَعُوهُ ... وَيَجْلُونَ شَيْبَةَ الإِنْسَانِ لَيْتَ لِي بِالْكَثِيرِ مِنْ دَهْرِنَا ... الْيَوْمَ قَلِيلا مِنْ أَهْلِ ذَاكَ الزَّمَانِ ¬

(¬1) الخنا " القول الفاحش.

188 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " لَمَّا أَنْ كَانَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ مَا كَانَ، قَالَ أَبُو مُوسَى: لَوَدِدْتُ أَنِّي وَأَهْلِي أَوْ مَنْ يُتَابِعُنِي مِنْ أَهْلِ هَذَيْنِ الْمِصْرَيْنِ لَنَا مَا يُغْنِينَا حَتَّى يَدْفِنَ آخِرُنَا أَوَّلَنَا " (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه أبو داود في " الزهد " (292) ، من طريق أشعث، وهو: ابن عبد الملك الحمراني، به.

189 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ مُوسَى بْنِ دَاوُدَ، قَالَ: لَقِيتُ بَكْرًا الْعَابِدَ مُنْذَ نَحْوِ ثَلاثِينَ سَنَةً، فَقُلْتُ لَهُ: لَمْ أَرَكَ مِنْ أَيَّامٍ، فَقَالَ: أَيْ أَخِي! لَيْسَ هَذَا زَمَانُ تَلاقٍ، لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلا الْهُمُومُ وَالأَحْزَانُ، وَتَرَكَنِي.

190 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَابِدِ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ الْعَابِدَ يَقُولُ: لَوْلا الْجَمَاعَةُ، يَعْنِي: الصَّلاةَ فِي الْجَمْعِ، مَا خَرَجْتُ مِنْ بَابِي أَبَدًا حَتَّى أَمُوتَ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَا وَجَدَ الْمُطِيعُونَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَذَّةً فِي الدُّنْيَا أَحْلَى مِنَ الْخَلْوَةِ بِمُنَاجَاةِ سَيِّدِهِمْ، وَلا أَحَبَّ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ مِنْ عَظِيمِ الثَّوَابِ أَكْثَرَ فِي صُدُورِهِمْ وَأَلَذَّ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ، قَالَ: ثُمَّ غُشِيَ عَلَيْهِ، وَكَانَ سَلَمَةُ يُفْطِرُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنَ السَّحَرِ إِلَى السَّحَرِ، وَيَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَبْلَ الْفَجْرِ إِلَى مِثْلِهَا.

191 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي عَمَّارُ بْنُ عُثْمَانَ الْحَلَبِيُّ، حَدَّثَنِي حُصَيْنُ بْنُ الْقَاسِمِ الْوَرَّاقُ، قَالَ: قَالَ لِي عَابِدٌ كَانَ قَدْ تَخَلَّى فِي بِلادِ الشَّامِ وَعَاتَبْتُهُ عَلَى التَّفَرُّدِ وَالتَّوَحُّشِ، فَقَالَ: أَيْ أَخِي! قِلَّةُ الصَّبْرِ عَلَى الْحَقِّ أَحَلَّنِي هَذَا الْمَحِلَّ. قَالَ: قُلْتُ: فَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: كُنْتُ أَرَى أُمُورًا يَجِبُ عَلَيَّ تَغْيِيرُهَا، فَلا أَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا كَبُرَ عَلَيَّ، خِفْتُ أَنْ يَضِيقَ عَلَيَّ تَرْكُ الإِقْدَامِ عَلَيْهِ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ التَّلَفُ، فَهَمَمْتُ بِهِ، ثُمَّ خِفْتُ فَأَكُونُ عَلَى نَفْسِي مُتَّقِيًا، وَقَدْ وَسَّعَ لِي فِي النَّقْلَةِ وَالْهَرَبِ مِنْهُمْ. قَالَ: ثُمَّ أَسْبَلَ دُمُوعَهُ وَهُوَ يَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ: يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ [سورة العنكبوت آية 56]

المجالس الثلاثة

الْمَجَالِسُ الثَّلاثَةُ 192 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ عُبَيْدٍ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ شَيْخٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: " الْمَجَالِسُ ثَلاثَةٌ: مَجْلِسٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَجْلِسٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهِ فَيُذْكَرُ بِهِ، وَمَجْلِسٌ فِي بَيْتِكَ لا تُؤْذِي وَلا تُؤْذَى " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف، والأثر صحيح عن غير أبي الدرداء ـ رضي الله عنه. في سنده: شيخ مبهم مجهول. وقد صحَّ الأثر عن أخي بلال ـ رضي الله عنه ـ، أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (14/22) ، وأحمد في " الزهد " (ص 206) ، وأبو عبيد القاسم بن سلام في " غريب الحديث " (2/437) ، وغيرهم، من طريق شيبان، عن آدمك بن عليّ، قال: سمعت أخا بلال ... به. وأخو بلال هو: خالد بن رباح ـ رضي الله عنه. انظر: الإصابة (1/405) ، وأسد الغابة (2/93) .

كيف النجاة

كَيْفَ النَّجَاةُ 193 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، ثَنا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى، ثنا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، ثنا وَاصِلٌ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، قَالَ: دَفَعَ إِلَيَّ يَحْيَى بْنُ عَقِيلٍ صَحِيفَةً، فَقَالَ: هَذِهِ خُطْبَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أُنْبِئْتُ أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ كُلَّ عَشِيَّةِ خَمِيسٍ يَخْطُبُ بِهَذِهِ الْخُطْبَةِ عَلَى أَصْحَابِهِ، فِيهَا: إِنَّهُ سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ تُمَاتُ فِيهِ الصَّلاةُ، وَيُشْرِفُ فِيهِ الْبُنْيَانُ، وَيَكْثُرُ فِيهِ الْحَلْفُ وَالتَّلاعُنُ، وَتَفْشُو فِيهِ الرِّشَى وَالزِّنَا، وَتُبَاعُ الآخِرَةُ بِالدُّنْيَا، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ، فَالنَّجَاةُ فَالنَّجَاةُ، قَالُوا: وَكَيْفَ النَّجَاةُ؟ قَالَ: كُنْ حِلْسًا مِنْ أَحْلاسِ بَيْتِكَ وَكُفَّ لِسَانَكَ وَيَدَكَ (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: فيه: محمد بن هارون، قال الدارقطني: " لاشيء "، انظر: ميزان الاعتدال (4/57) . وفيه انقطاع بين يحي، وابن مسعود ـ رضي الله عنه.

أي الناس خير؟

أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ 194 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا أَبُو خَيْثَمَةَ، ثَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ: " رَجُلٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَرَجُلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَدَعُ النَّاسَ " (¬1) . ¬

(¬1) أخرجه أحمد (3/88) ، من طريق الأوزاعي، به. وسيأتي بمزيد من التخريج برقم (203) .

195 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عِيسَى الْعُبْرِيُّ، قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُ جَدِّي فِي السَّحَرِ يَبْكِي وَيَقُولُ: تُرَجِّحُ بِي لَلأَمَانِي، وَخَلِيلُهُ إِبْرَاهِيمُ، عَلَيْهِ السَّلامُ، يَقُولُ: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ [سورة الشعراء آية 82] ، قَالَ: وَيَبْكِي.

مم يعجب ربنا عز وجل؟

مِمَّ يَعْجَبُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ؟ 196 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْقُرَشِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، حَدَّثَنِي أَبُو عُشَانَةَ الْمَعَافِرِيُّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَعْجَبُ رَبُّكَ عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ رَاعِي غَنَمٍ فِي رَأْسِ شَظْيَةٍ فِي الْجَبَلِ يُؤَذِّنُ بِالصَّلاةِ فَيُصَلِّي. وَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، لِمَلائِكَتِهِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هُنَا، يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلاةَ يَخَافُ مِنِّي، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ، وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّةَ " (¬1) . ¬

(¬1) حديث صحيح: أخرجه أبو داود (1203) ، والنسائي (2/20) ، وأحمد (4/158) ، وابن حبان (1220 ـ إحسان) ، والروياني في " مسنده " (232) ، والطبراني في " كبيره " (ج 17 رقم 301) ، وابن منده في " التوحيد " (804) ، والبيهقي في " السنن الكبرى " (1/405) ، وابن بلبان في " المقاصد السنية " (306) ، من طرقٍ عن ابن وهب، به. وسنده صحيح. وله طرق أخرى، فقد أخرجه أحمد (4/145 ـ 157) ، وقوام السنة الأصبهاني في " الحجة " برقم (270) ، من طريقين عن ابن لهيعة، عن أبي عشانة، به. قلت: وقد رواه عن ابن لهيعة: قتيبة بن سعيد، وهو من أصحابه القدماء الذين حدثوا عنه قبل احتراق كتبه، فحديثه عنه صحيح، والحمد لله. قوله: شظية الجبل:؛ أي القطعة من الجبل، مثل: الصخرة. انظر نهاية ابن الأثير (2/476)

من وصايا رسول الله، صلى الله عليه وسلم

مِنْ وَصَايَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 197 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي أَبِي، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، قَالا: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيَّ، أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ تَعَالَى بِهَذَا الْخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: " نَعَمْ "، فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: " نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ "، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: " قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ "، قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: " نَعَمْ، دُعَاةٌ -[75]- عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا "، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ: " هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا "، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: " الْزَمْ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلا إِمَامٌ، فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ وَلَوْ أَنْ تَعُضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ كَذَلِكَ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده صحيح: أخرجه البخاري (3606 ـ 7084) ، ومسلم (1847) ، وابن ماجة (3979) ، والبزار (2962 ـ البحر الزخار) ، والبيهقي في " سننه " (8/190) ، وفي " الدلائل " (6/490) ، وغيرهم من طرقٍ عن الوليد بن مسلم، به. وله طرق أخرى، ذكرتها في " تقريب البغية بتخريج أحاديث الحلية ". قوله: " دخن "؛ المراد: أن لا تصفو القلوب بعضها لبعض. قوله: " ولو أن تعض.. " أي: اعتزل الناس واصبر على المكاره والمشاق، واخرج منهم إلى البوادي، وكُلْ ما فيها من أصول الشجر، واكتف بها.

من علامات الساعة

مِنْ عَلامَاتِ السَّاعَةِ 198 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ مَكْحُولٍ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: مَتَى قِيَامُ السَّاعَةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ! وَلَكِنْ لَهَا أَشْرَاطٌ وَتَقَارُبُ أَسْوَاقٍ "، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمَا تَقَارُبُ أَسْوَاقِهَا؟ قَالَ: " كَسَادُهَا، وَمَطَرٌ وَلا نَبَاتٌ، وَأَنْ تَفْشُوَ الْغَيْبَةُ، وَيَكْثُرَ أَوْلادُ الْبَغِيَّةِ، وَأَنْ يَعْظُمَ رَبُّ الْمَالِ، وَأَنْ تَعْلُوَ أَصْوَاتُ الْفَسَقَةِ فِي الْمَسَاجِدِ، وَأَنْ يَظْهَرَ أَهْلُ الْمُنْكَرِ عَلَى أَهْلِ الْحَقِّ "، قَالَ رَجُلٌ: فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: " فِرَّ بِدِينِكَ، وَكُنْ حِلْسًا مِنْ أَحْلاسِ بَيْتِكَ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف جدًّا: فيه: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ، قال ابن معين: " يروي المناكير عن المجاهيل "، انظر: " ميزان الاعتدال " (2/585) ، والحديث مرسل. قوله: " وَكُنْ حِلْسًا مِنْ أَحْلاسِ بَيْتِكَ "؛ أي: الزم بيتك ولا تبرحه. انظر: لسان العرب مادة (حلس) .

199 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُوسَى بْنِ الأَشْعَثِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، يُقَالُ لَهُ: الْحَارِثُ بْنُ خَالِدٍ، أَوْ خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، وَقَالَ: " إِنَّ خَيْرَ النَّاسِ رَجُلٌ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، وَأَقَامَ الصَّلاةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ، وَعَمَّرَ مَالَهُ وَاعْتَزَلَ النَّاسَ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف: فيه: هشيم، مدلس، وقد عنعنه، وعبد الرحمن بن يحي، لينه الإمام أحمد، انظر: " ميزان الاعتدال " للذهبي (2/598) .

200 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثَنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ خَيْرٌ أَنْ يَكُونَ أَحَدُكُمْ فِي شِعْبِ جَبَلٍ فِي غَنِيمَةٍ لَهُ، يُقِيمُ الصَّلاةَ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَيَعْبُدُ اللَّهَ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، حَتَّى يَأْتِيَهُ الْيَقِينُ " (¬1) . ¬

(¬1) تقدم تخريجه برقم (185) .

201 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمُغِيرَةِ التَّوْفَلِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " إِذَا كَانَ الشِّتَاءُ [[قيظا، وكان الولد غيظا، وفاض اللئام فيضا، وغاض الكرام]] غَيْضًا، فَشُوَيْهَاتُ عَفْرٍ بِجَبَلٍ وَعْرٍ خَيْرٌ مِنْ مُلْكِ بَنِي النَّضِيرِ " (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف جدا: فيه: يحي بن يزيد التَّوْفَلِيُّ، منكر الحديث، وأبوه مجمع على ضعفه. انظر: " ميزان الاعتدال " (4/414) . قوله: " الشتاء غيضًا " أي قلَّ مطره. وشويهات: تصغير: شاه.

202 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبُو نَصْرٍ الْكَشِّيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خُبَيْقٍ الأَنْطَاكِيُّ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ السَّاجِيَّ يَقُولُ: كَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ إِلَى أَخٍ لَهُ: أَمَا آنَ لَكَ أَنْ تَسْتَوْحِشَ مِنَ النَّاسِ؟ .

من أفضل الناس

مَنْ أَفْضَلُ النَّاسِ 203 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الطَّهْرَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَوْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ "، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: " رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ " (¬1) . ¬

(¬1) صحيح: أخرجه عبد بن حميد في " مسنده " (973 ـ المنتخب) ، ومسلم (3/1503) ، وعبد الرزاق برقم (20761) ، وأحمد (3/37) ، وأبو عوانه (5/56) ، والخطابي في " العزلة " (ص 19) من طريق مَعْمَر، به. وقد توبع على معمر؛ تابعه: شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، به. أخرجه البخاري (2786) ، وأحمد (3/88) ، وأبو عوانه (5/56) ، وابن أبي عاصم في " الجهاد " (36) ، وابن منده في " الإيمان " (456) ، والبيهقي في " السنن الكبرى " (9/159) ، والبغوي في " شرح السنة " (10/356) ، وغيرهم. والحديث أخرجه البخاري (2786) ، ومسلم (1888) ، وأبو داود (2485) ، والترمذي = -[77]- = (1660) ، والنسائي (6/11) ، وابن أبي شيبة (5/335 ـ 336) ، وأبو يعلى (1225) ، وابن حبان (605، 458) ، والحاكم (2/71) ، والبيهقي في " السنن الكبرى " (9/159) ، وفي " شعب الإيمان " (4214) ، وفي " الآداب " (311) ، والبغوي في " شرح السنة " (10/356) ، وابن عساكر في " كتاب الأربعين في الحث على الجهاد " (ص 65 ـ 66) ، والطائي في " الأربعين الضائية " (رقم 32) ، وأبو الفرج المقرئ في " الأربعين في فضل الجهاد والمجاهدين " برقم (7) ، وغيرهم، من طرق عن الزهري، به بنحوه. والحديث خرجته بما لا مزيد عليه في " العزلة " للإمام الخطابي. والله الموفق.

وصية جامعة

وَصِيَّةٌ جَامِعَةٌ 204 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ، ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هِلالِ بْنِ خَبَّابٍ أَبِي الْعَلاءِ، حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا ذَكَرَ الْفِتْنَةَ أَوْ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ، فَقُلْتُ: كَيْفَ أَفْعَلُ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ؟ قَالَ: " الْزَمْ بَيْتَكَ، وَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ " (¬1) . ¬

(¬1) حديث حسن: أخرجه أبو داود (4343) ، والنسائي في " عمل اليوم " (205) ، وابن المبارك في " مسنده " (257) ، وابن أبي شيبة (15/9ـ 10) ، وأحمد (2/212) ، والطحاوي في " بيان مشكل حديث النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " (2/67 ـ 68) ، وابن السني في " عمل اليوم (439) ، والحاكم (4/282 ـ 238) ، وأبو عمرو الداني في " الفتن " (117) ، والطبراني في " كبيره " (ج 13 رقم 4/قطعة من الجزء الثالث عشر) ، والخطابي في " العزلة " (ص 63 ـ 64) ، من طرق عن يونس بن أبي إسحاق، به. وللحديث طرق أخرى عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ العاص؛ منها 1 - عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أخرجه أحمد (2/220) ، من طرق أبي حازم، عن عمرو، به. وسنده قوي 2 - عمارة بن عمرو، عن ابن عمرو، به: أخرجه أبو داود (4342) ، وابن ماجة (3957) ، وأحمد (2/221) ، ونعيم بن حماد في " الفتن " (693) ، والطحاوي في " بيان المشكل " (1/67) ، والطبراني في " كبيره " (ج 13 رقم 5) ، والداني في " الفتن " (253) ، والحاكم (4/435) ، وسنده قوي. وهناك طرق أخرى، أكتفي بما ذكرته هنا.

205 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُسْلِمَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، ثنا بَشِيرُ بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: قُلْتُ لِيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَلاءِ: مَا كَانَ يَصْنَعُ مُطَرِّفٌ إِذَا هَاجَ فِي النَّاسِ هَيْجٌ؟ قَالَ: كَانَ يَلْزَمُ قَعْرَ بَيْتِهِ وَلا يَأْتِي لَهُمْ صَفًّا وَلا جَمَاعَةً، حَتَّى تَتَجَلَّى عَمَّا انْجَلَتْ (¬1) . ¬

(¬1) صحيح: أخرجه ابن سعد في " الطبقات الكبرى " (7/142) ، قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم، به.

أويس والعزلة

أُوَيْسٌ وَالْعُزْلَةُ 206 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نُعَيْمٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ هَارُونَ الْبُرْجُمِيِّ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ سَابُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْخٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ، عَنْ هَرِمِ بْنِ حَيَّانَ، قَالَ: قَالَ أُوَيْسٌ الْقَرْنِيُّ: " الْوَحْدَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ " (¬1) . ¬

(¬1) ضعيف: أخرجه ابن سعد (7/131 ـ 132) ، وعبد الله بن أحمد في " زوائد الزهد " (345) ، من طريق سيف بن هارون، به قلت: وسيف ضعيف، وفيه راوٍ مجهول.

القبر لا يأكل الإيمان

الْقَبْرُ لا يَأْكُلُ الإِيمَانَ 207 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا النُّعْمَانِ، قَالَ: ثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ يَغْشَى السُّلْطَانَ وَيُصِيبُ مِنْهُمْ، فَتَرَكَ ذَلِكَ، وَجَلَسَ فِي بَيْتِهِ، فَأَتَاهُ أَهْلُهُ وَبَنُوهُ، فَقَالُوا: تَرَكْتَ السُّلْطَانَ وَحَظَّكَ مِنْهُ؟ فَجَعَلَ لا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَوْ فَعَلْتَ لَتَمُوتَنَّ هَرْسًا، فَقَالَ: يَا بَنِيَّ! وَاللَّهِ لأَنْ أَمُوتَ مُؤْمِنًا مَهْرُوسًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمُوتَ مُنَافِقًا سَمِينًا، قَالَ الْحَسَنُ رَحِمَهُ اللَّهُ: عَلِمَ وَاللَّهِ، أَنَّ الْقَبْرَ يَأْكُلُ الشَّحْمَ وَاللَّحْمَ، وَلا يَأْكُلُ الإِيمَانَ (¬1) . ¬

(¬1) إسناده صحيح: وأبو النعمان هو ـ محمد بن الفضل عارم السدوسي.

من كلام الحكماء في العزلة

مِنْ كَلامِ الْحُكَمَاءِ فِي الْعُزْلَةِ 208 - قَالَ الْحُسَيْنُ: قَالَ لَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا: كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ نَصْرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَكَانَ مِنَ الْحُكَمَاءِ: لَمْ نَجِدْ شَيْئًا أَبْلَغَ فِي الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا مِنْ ثَبَاتِ حُزْنِ الآخِرَةِ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ، وَمَنْ ثَبُتَ ذَلِكَ فِي قَلْبِهِ، آنَسَهُ بِالْوَحْدَةِ، فَأَنِسَ بِهَا، وَاسْتَوْحَشَ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ، وَذَلِكَ حِينَ يَرَى عُذُوبَةَ حُبِّ الْخَلْوَةِ فِي أَعْضَائِهِ كَمَا يَجْرِي الْمَاءُ فِي أُصُولِ الشَّجَرَةِ فَأَوْرَقَتْ أَغْصَانُهَا،

وَأَثْمَرَتْ عِيدَانُهَا، وَلَزِمَهُ حُزْنُ مَا يُحْزِنُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَخَالَطَ سُوَيْدَاءَ قَلْبِهِ، فَهَاجَ مِنَ الْخَلْوَةِ فُنُونٌ مِنْ أُصُولِ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا صَارَ الْعَبْدُ إِلَى دَرَجَةِ الْخَلْوَةِ، وَصَبَرَ عَلَى ذَلِكَ، وَدَامَ عَلَيْهِ، نَقَلَهُ ذَلِكَ إِلَى حُبِّ الْخَلْوَةِ، فَأَوَّلُ مَا يَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: طَلَبُ الْعَبْدِ الإِخْلاصَ وَالصِّدْقَ فِي جَمِيعِ قَوْلِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ، وَوَرَّثَتْهُ الْخَلْوَةُ رَاحَةَ الْقَلْبِ مِنْ غُمُومِ الدُّنْيَا، وَتَرْكَ مُعَامَلَةِ الْمَخْلُوقِينَ فِي الأَخْذِ وَالإِعْطَاءِ. وَسَقَطَ عَنْهُ وُجُوبُ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَمُدَاهَنَةُ النَّاسِ. وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: خُمُولُ النَّفْسِ، وَالإِغْمَاضُ فِي النَّاسِ، وَهُوَ أَوَّلُ طَرِيقِ الصِّدْقِ، وَمِنْهُ الإِخْلاصُ، وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: الزُّهْدُ فِي مَعْرِفَةِ النَّاسِ، وَالأُنْسُ بِاللَّهِ وَالاسْتِثْقَالُ بِمُجَالَسَةِ غَيْرِ أَهْلِ الذِّكْرِ، وَيُورِثُ حُبُّ الْخَلْوَةِ، طُولَ الصَّمْتِ فِي غَيْرِ تَكَلُّفٍ، وَغَلَبَةَ الْهَوَى، وَهُوَ الصَّبْرُ، وَمِنْهَا يَظْهَرُ الْحِلْمُ وَالأَنَاةُ، وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: شُغْلُ الْعَبْدِ بِنَفْسِهِ، وَقِلَّةُ اشْتِغَالِهِ بِذِكْرِ غَيْرِهِ، وَطَلَبُ السَّلامَةِ مِمَّا فِيهِ النَّاسُ، وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: كَثْرَةُ الْهُمُومِ وَالأَحْزَانِ، مِنْهُ مَا يُهَيِّجُ الْفِكْرَ، وَهُوَ أَفْضَلُ الْعِبَادَةِ وَمَخْرَجُهُ مِنْ خَالِصِ الذِّكْرِ، وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: الأَعْمَالُ الَّتِي تَغِيبُ عَنْ أَعْيُنِ الْعِبَادِ وَتَظْهَرُ لِلَّهِ، وَقَلِيلُ ذَلِكَ كَثِيرٌ، وَمَخْرَجُهُ مِنَ الصِّدْقِ، وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: التَّيَقُّظُ مِنْ غَفْلَةِ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَفَقْدُ أَخْبَارِ مَا يُذْكَرُ مِنْهَا فِي الْخَاصِّ وَالْعَامِّ، وَيُورِثُ حُبُّ الْخَلْوَةِ: قِلَّةَ الرِّيَاءِ، وَالتَّزَيُّنِ لِلْمَخْلُوقِينَ، وَذَلِكَ مِنْ دَوَاعِي الإِخْلاصِ، وَهُوَ مَحْضُ الصِّدْقِ. وَيُورِثُ حُبُّ الْخَلْوَةِ: تَرْكَ الْخُصُومَةِ وَالْجِدَالِ، وَهُمَا يَنْفِيَانِ طَلَبَ الرِّئَاسَةِ، وَيُسْلِمَانِ إِلَى الصِّدْقِ، وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: إِمَاتَةُ الطَّمَعِ وَدَوَاعِيهِ مِنَ الْحِرْصِ وَالرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا، وَفِيهِ قُوَّةٌ لِلْعَمَلِ، وَيُورِثُ حُبُّ الْخَلْوَةِ: قِلَّةَ الْغَضَبِ، وَالْقُوَّةَ عَلَى كَظْمِ الْغَيْظِ، وَتَرْكَ الْحِقْدِ وَالشَّحْنَاءِ، وَالْعَمَلَ بِسَلامَةِ الصَّدْرِ، وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: رِقَّةُ الْقُلُوبِ وَالرَّحْمَةُ، وَهُمَا يَنْفِيَانِ الْغِلْظَةَ وَالْقَسْوَةَ، وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: تَذَكُّرُ النِّعَمِ وَطَلَبُ الإِلْهَامِ لِتُشْكَرَ، وَالزِّيَادَةَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَيَهِيجُ مِنْ حُب

الْخَلْوَةِ: وُجُودُ حَلاوَةِ الْعَمَلِ، وَالنَّشَاطُ فِي الدُّعَاءِ بِحُزْنٍ مِنَ الْقَلْبِ وَتَضَرُّعٍ وَاسْتِكَانَةٍ، وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: الْقُنُوعُ، وَالتَّوَكُّلُ، وَالرِّضَى بِالْكَفَافِ، وَالاسْتِغْنَاءِ بِالْعَفَافِ عَنِ النَّاسِ، وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: عُزُوفُ النَّفْسِ عَنِ الدُّنْيَا، وَالشَّوْقُ إِلَى لِقَاءِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ، وَخَوْفِ النَّقْصِ فِي الدِّينِ، وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: حَيَاةُ الْقَلْبِ، وَضِيَاءُ نُورِهِ وَنَفَاذُ بَصَرِهِ بِعُيُوبِ الدُّنْيَا، وَمَعْرِفَتُهُ بِالنَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ فِي دِينِهِ، وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: الإِنْصَافُ لِلنَّاسِ، وَالإِقْرَارُ بِالْحَقِّ، وَإِذْلالُ النَّفْسِ بِالتَّوَاضُعِ، وَتَرْكُ الْعُدْوَانِ. وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: خَوْفُ وُرُودِ الْفِتَنِ الَّتِي فِيهَا ذَهَابُ الدِّينِ، وَالشَّوْقُ إِلَى الْمَوْتِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُسْلَبَ الإِسْلامُ، وَيَهِيجُ مِنْ حُبِّ الْخَلْوَةِ: الْوَحْشَةُ مِنَ النَّاسِ، وَالاسْتِثْقَالُ لِكَلامِهِمْ، وَالأُنْسُ بِكَلامِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَهُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ نُورًا وَشِفَاء لِلْمُؤْمِنِينَ وَحُجَّةً وَوَبَالا عَلَى الْمُنَافِقِينَ، فَاجْعَلْهُ مَفْزَعَكَ الَّذِي إِلَيْهِ تَلْجَأُ، وَحِصْنَكَ الَّذِي بِهِ تَعْتَصِمُ، وَكَهْفَكَ الَّذِي إِلَيْهِ تَأْوِي، وَدَلِيلَكَ الَّذِي بِهِ تَهْتَدِي، وَشِعَارَكَ وَدِثَارَكَ وَمَنْهَجَكَ وَسَبِيلَكَ، وَإِذَا الْتَبَسَتْ عَلَيْكَ الطُّرُقُ، وَاشْتَبَهَتْ عَلَيْكَ الأُمُورُ، وَصِرْتَ فِي حَيْرَةٍ مِنْ أَمْرِكَ، وَضَاقَ بِهَا صَدْرُكَ، فَارْجِعْ إِلَى عَجَائِبِ الْقُرْآنِ الَّذِي لا حَيْرَةَ فِيهِ، فَقِفْ عَلَى دَلائِلِهِ مِنَ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَالتَّشْوِيقِ، وَإِلَى مَا نَدَبَ اللَّهُ إِلَيْهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الطَّاعَةِ وَتَرْكِ الْمَعْصِيَةِ، فَإِنَّكَ تَخْرُجُ مِنْ حَيْرَتِكَ، وَتَرْجِعُ عَنْ جَهَالَتِكَ، وَتَأْنَسُ بَعْدَ وَحْدَتِكَ، وَتَقْوَى بَعْدَ ضَعْفِكَ، فَلْيَكُنْ دَلِيلَكَ دُونَ الْمَخْلُوقِينَ، تَفُزْ مَعَ الْفَائِزِينَ، وَلا تَهُذَّهُ كَهَذِّ الشِّعْرِ، وَقِفْ عِنْدَ عَجَائِبِه، وَمَا أَشْكَلَ عَلَيْكَ، فَرُدَّهُ إِلَى عَالِمِهِ، وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ (¬1) . ¬

(¬1) إسناده ضعيف جدًّا: فيه: يحي بن سعيد العطار الأنصاري، ضعَّفه جماهير العلماء، انظر " تهذيب الكمال " (31/343 ـ 346) ، وأبو عبد الله الباهلي، لم أهتد إليه. الهذ: الإسراع في قراءة القرآن وهو غير محمود.

آخِرُ الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْعُزْلَةِ، وَهُوَ آخِرُ الْكِتَابِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. ِِ كَتَبَهُ لِنَفْسِهِ بَعْدَ سَمَاعِهِ وَالَّذِي قَبْلَهُ: الْعَبْدُ الضَّعِيفُ الرَّاجِي عَفْوَ اللَّهِ، تَعَالَى: أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْغَنَائِمِ الْمُسْلِمِ بْنِ حَمَّادِ بْنِ مَيْسَرَةَ الأَزْدِيُّ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَلأَبَوَيْهِ وَلِمَنِ اسْتَغْفَرَ لَهُمْ أَجْمَعِينَ. وَوَافَقَ الْفَرَاغَ مِنْ تَعْلِيقِهِ فِي لَيْلَةٍ يُسْفِرُ صَبَاحُهَا عَنْ يَوْمِ الْخَمِيسِ ثَالِثَ عَشَرَ مِنْ جُمَادَى الأُولَى عَامَ 624 هـ بِدِمَشْقَ، حَرَسَهَا اللَّهُ، تَعَالَى، وَسَائِرَ بِلادِ الإِسْلامِ (¬1) . ¬

(¬1) تم التحقيق والحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ونسأل الله تعالى أن نلقاكم في مؤلَّف آخر للواعظ المحدث ابن أبي الدنيا. ونسأله تعالى التوفيق والهداية لنا ولكم

§1/1