الشكوى والعتاب

الثعالبي، أبو منصور

الشكوى والعتاب وما وقع للخلان والأصحاب

الشكوى والعتاب وما وقع للخلان والأصحاب تأليف أبي منصور الثعالبي رضي الله عنه وأرضاه وجعل الجنة منقلبه ومثواه. آمين: وصلى [الله] على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم: ورضي الله عن كل الصحابة أجمعين

[غلاف داخلي]

[غلاف داخلي] عن العبد، انتهى الكتاب بعون الله الملك الوهاب ثاني عشر ربيع الأول سنة خمس وثمانين وألف، والحمد لله وحده. اللهم اغفر لقارئه ولكاتبه ولمؤلفه ولمن دعا لهم بالمغفرة آمين. شعر [طويل] صبرت على بعض الأذى خوف كله ... ودافعت عن نفسي لنفسي فعزت وجرعتها المكروه حتى تدربت ... ولو لم أجرعها إذا لاشمأزت إذا ما مددت الكف ألتمس الغنى ... إلى غير من قال اشتكوا لي فشلت ألا رب ذل ساق للنفس عزة ... ويا رب نفسي بالتذلل عزت سأصبر جهدي إن في البصرة عزة ... وأرضى بدنياي وإن هي قلت

أنشد ذلك عن سيدي إبراهيم الخواص نفعنا الله [به] . [بسيط] قالوا غدا العيد ماذا أنت لابسه ... فقلت خلعة ساق عنده جرعا فقر وصبرهما ثوبان تحتهما ... قلب يرى ربه الأعياد والجمعا أخرى الملابس أن تلقى الحبيب [بها] ... يوم التزاور للثوب الذي خلعا الدهر [لي] مأتم إن غبت يا أملي ... والعيد ما دمت [لي] مرأى ومجتمعا تمَّ

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

الباب الأول

الباب الأول في العتاب والشكوى والتثريب والبث والاستعطاف وما أشبه ذلك 1-عن أنس رضي الله عنه: "خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين بالمدينة وأنا غلام ليس كل أمري كما يشتهي صاحبي أن يكون عليه، فما قال لي أف فيها قط، وما قال لي [لم] فعلت هذا، وألا فعلت [هذا] ؟ " 2-وقال صلى الله عليه وسلم "إذا زنت خادمة أحكم فليجلدها الحد ولا يثرب" وروي"ولا يعيرها"

3-عاتب عثمان عليا رضي الله عنهما، وعلى مطرق، فقال: مالك تقول؟ فقال: إن قلت لم أقل إلا ما تكره، وليس لك عندي إلا ما تحب". 4-مكتوب في الإنجيل: إن ظلمك أخوك فاذهب إليه فعاتبه فيما بينك وبينه فقط، [أ] طاعك ربحت أخاك، وإن هو لم يطعك فاستتبع رجلاً أو رجلين ليشهدا عليه ذلك الكلام، فإن لم يستمع فأنه أمره إلى أهل البيعة، فإن هو لم يسمع من أهل البيعة فليكن عندك كصاحب المكس". 5-وروى عن عيسى صلوات الله عليه: "إذا كان بينك وبين أخيك معاتبة فالقه فسلم عليه فاستغفر لك وله، فإن قبل فأخوك وإن أبى فاستشهد عليه شاهدين أو ثلاثة أو أربعة فعلى ذلك تقوم شهادة كل شيء في مجلس قومه، فإن قبل فأخوك وإن أبى فليكن كصاحب مكس أو كمن كفر بالله".

6-وقال أبو الدر داء رضي الله عنه: "معاتبة الأخ أهون من فقده، ومن لك بأخيك كله". 7-و [قيل] [الطويل] خليلي لو كان الزمان مساعدي ... وعاتبتماني لم يضق عندكما صدري فأما إذا كان الزمان محاربي ... فلا تجمعا أن تؤذياني مع الدهر 8-وكتب الصولي إلى ابن الزيات هذه الأبيات: [المتقارب] وكنت أخي بإخاء الزمان ... فلما نبا كنت حرباً عوانا

وكنت أذم إليك الزمان ... فأصبحت فيك أذم الزمانا 9-وكتب إليه: [طويل] أخ كنت آوي منه عند ادكاره ... إلى ظل فينان من العز باذخ سعت نوب الأيام بيني وبينه ... فأقلعن منا عن ظلوم وصارخ وإني وإعدادي لدهري محمداً ... كملتمس إطفاء نار بنافخ 10-وعن إياس بن معاوية: "خرجت في سفر ومعي رجل من الأعراب، فلما كان ببعض المناهل لقيه ابن عم له فتعانقا وتعاتبا، وإلى جانبهما شيخ من

الحي يفن فقال لهما: انعما عيشاً، إن المعاتبة تبعث التجني، والتجني يبعث المخاصمة، والمخاصمة تبعث العداوة، ولا خير في شيء ثمرته العداوة". 11-شعر: [الوافر] فدع ذكر العتاب فرب شر ... طويل هاج أوله العتاب 12-قال رجل لصديق يعاتبه: ما أشكوك إلا إليك، ولا أستبطيك إلا لك، ولا أستزيدك إلا بك" 13-وقال له: "أنا منتظر واحد من اثنتين: عتبى تكون منك أو عقبى تغني عنك" 14-وقال له: "قد حميت جانب الأمل فيك، وقطعت أسباب الرجاء منك. وقد أسلمني الإياس منك إلى العزاء عنك، فإن نزعت من الآن فصفح لا تثريب فيه، وإن تماديت فهجر لا وصل بعده". 15-وقال أوس بن حارثة لولده: "العتاب قبل العقاب"

16-وقال ابن أبي فنن: [متقارب] إذا كنت تغضب في غير ذنب ... وتعتب من غير جرم عليا طلبت رضاك فإن عزني ... عددتك ميتاً وإن كنت حيا 17-سأل سفيان بن الأبرد الكلبي هنداً بنت أسماء بن خارجة امرأة الحجاج أن تكلمه في شأنه فمطلته فأرسل إليها يقول: [طويل] أعاتب هنداً والسفاه عاتبها ... وماذا أرجو من معاتبتي هندا

أغيب فتنسى حاجتي وتصوغ لي ... حديثاً إذا صاحبتها يقطر الشهدا 18-قال المدني لأبي مروان القاضي: "إلى متى أستمطرك غيث الجميل، وأستطلعك شمس الإحسان وأنت تخوف برعد المطل، وتؤنس ببرق التسويف". 19-كاتب: "أنت فتى المجد ومعدن الحرية، ووطن الأدب، ومن كانت هذه صفاته فالخروج عن مودته [جهل] فضلاً عن الدخول في عداوته، وأنا وأنت أخوا مودة، ورحم المودة أمس من رحم القرابة: فكيف رشت سهامك؟ أم كيف امتحنت بعداوتك؟ ولكنه كما قال الشاعر: [طويل] بلى قد تهب الريح من غير وجهها ... وتقدح في العود الصحيح القوادح 20-[وقال] أبو الزبرقان: [متقارب] صحبتك إذ أنت لا تصحب ... وإذ أنت لا غيرك الموكب

21-وقال عمرو بن الأيهم بن أقلت التغلبي النصراني: شعر [خفيف] قاتل الله قيس غيلان طرا ... ما لهم دون غارة من حجاب ليس بيني وبين قيس عتاب ... غير طعن الكلى وضرب الرقاب 22-وقال: "من أحوجك إلى العتب فقد وطن نفسه على الهجرة". 23-قدم ابن المعتصم وكان شيخ الرملة والمشار إليه بفلسطين، على ابن قريعة القاضي فقدم على ما ساءه وناءه حتى قال: "لقد اقشعر

جلدي بتلك الديار من ضيم لعله ما كان ينالني، ولو نالني ما كان يغيظني. فأسندت نفسي إلى ابن عم لي بالعراق، ولو سلختني المغاربة سلخاً ونفخوا في جلدي نفخاً لكان أهون علي مما عاملني به". 24-كتبت عثعث على زر قميصها بالذهب: شعر [طويل] علامة ما بين المحبين في الهوى ... عتابهما في كل حق وباطل 25-وكتبت مستهام جارية الفضل بن الربيع على تفاحة إليه: شعر [طويل] تمنى رجال ما أحبوا وإنني ... تمنيت أن أشكوا إليه فيسمعا

26-وقال [غيره] : [طويل] وكنت إذا ما جئت أكرمت مجلسي ... ووجهك من ماء البشاشة يقطر فمن لي بالعين التي كنت مرة ... إلي بها في سالف الدهر تنظر 27-وقال الأحنف: شكوت إلى عمي صعصعة بن معاوية وجعاً في بطني فنهرني، ثم قال: يا ابن أخي إذا نزل بك شيء فلا تشكه إلى أحد فإنما الناس رجلان، صديق تسوؤه، وعدو تسره. والذي بك لا تشكه إلى مخلوق مثلك لا يقدر على دفع مثله عن نفسه، ولكن من ابتلاك هو قادراً أن يفرج عنك. يا ابن أخي إحد [ى] عيني هاتين ما أبصر بها سهلاً ولا جبلاً من أربعين سنة وما أطلعت على ذلك امرأتي ولا أحداً من أهلي"

28-وقال أبو دلف: [رمل] إذا عتب في سيئة ... لم يدعها وتعاطى أختها 29-محمد بن أميه: [طويل] وأضمر في قلبي العتاب فإن بدا ... وساعفني منه اللقاء نسيت 30-وقال غيرة: [طويل] ومن لم يعاتب في التواني خليله ... وأملى له صار التواني تماديا 31-وقال آخر: [الكامل] ترك العتاب إذا استحق أخ ... منك العتاب ذريعة الهجر

32-شكا رجل إلى آخر الفقر فقال له فضيل: "يا هذا تشكو من يرحمك إلى من لا يرحمك؟ ". 33-شعر: [طويل] شكوت وما الشكوى لمثلي عادة ... ولكن تفيض النفس عن امتلائها 34-قال المتنبي: [طويل] وكم من أخ ناديت عند ملمة=فألفيته منها أمض وأقدحا

35-وقال آخر: [بسيط] وليس تشكو إلى خلق فتشمته ... شكوى الجريح إلى الغربان والرخم 36-وقال وهيب بن الورد: "خالطت الناس منذ خمسين سنة ما وجدت رجلاً غفر لي زلة، ولا أقالني عثرة، ولا ستر لي عورة، ولا أمنته إذا غضب". 37-[وقيل] : "ما أصغيت لك إناء ولا أصننت لك فناء". أي ما فعلت بك ما يوجب الشكاية. 38-[قيل] : "باعني بيع الخلق فيما نقص لا فيما زاد". 39-شعر: [الكامل] وأراك تشربني وتمزجني ... ولقد عهدتك شاربي صرفا

40-وقال: [مجزوء الكامل] : يا ذا الذي منه التن ... كر والتغير والنبو إن كان أدرك الملا_ل فقد تداركني السلو 41-وقال: [خفيف] كل يوم قطيعة وعتاب ... ينقضي دهرنا ونحن غضاب 42-"كثرة العتاب تنغل أديم المودة" 43-عتاب جحظة مثل فيما رق ولطف

44-وقال بعضهم: [الوافر] ورق الجو حتى قيل هذا ... عتاب بين جحظة والزمان 45-وللبديع الهمداني: "بيننا عتاب لحظة كعتاب جحظة، واعتذارات بالغة كاعتذارات النابغة". 46-في نوابغ الكلم: "الكتاب الكتاب إذا أردت العتاب، إن العتاب مسافهة إن كان مشافهة". 47-قابوس: أراك واهي الود في مضارب الود غيرك زاكي الحب في منابت الحب. الوفاء عندك بمنزلة الأبلق العقوق، والصفاء عندك مشرب بريق العقوق".

48-وقال كثير عزة: [طويل] ومن لم يغمض عينه عن صديقه ... وعن بعض ما فيه يمت وهو عائب ومن يتتبع جاهداً كل عشرة ... يجدها ولم يسلم له الدهر صاحب 49-بشار: [طويل] إذا كنت في كل الأمور معاتباً ... صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه

50-كان أحمد بن يزيد المهلبي نديما للمنتصر فطلبه أبوه المتوكل لمنادمتهفلم يزل

50-كان أحمد بن يزيد المهلبي نديماً للمنتصر فطلبه أبوه المتوكل لمنادمتهفلم يزل نديمه حتى قتل، فلما ولي المنتصر حجبه ثم أذن له وأمر بنان بن عمرو أن ينشده فغنى يقول: [طويل] غدرت ولم أغدر وخنت ولم أخن ... ورمت بديلاً بي ولم أتبدل والبيت للمنتصر. فاعتذر المهلبي، فقال المنتصر: إنما قاله مازحاً أتراني أتجاوز بك حكم الله:

(وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) . ووصله بثلاثة آلاف دينار. 51-حبس عبد الله بن علي المستهل بن الكميت فكتب إليه: [طويل] لئن نحن خفنا في زمان عدوكم ... وخفناكمو إن البلاء لراكد 52-وكان زهير بن صرد السعدي أسر في يوم حنين فيمن أسر يوم هوزان

فقال يستعطف رسول الله صلى الله عليه وسلم ويذكره بحرمة الرضاع في بني سعد: [بسيط] امنن على عصبة أعناقها ذلل ... مفرق شملها في دارها غير امنن على نسوة قد كنت ترضعها ... إذ فوك يملؤها من محضها درر لا تجعلنا كمن شالت نعامته ... واستبق منا فإنا معشر شكر وألبس العفو من قد كنت ترضعه ... من أمهاتك إن العفو منتظر فمن عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإطلاق. 53-وقال: عثمان بن مظعون رضي الله عنه هاجر إلى أرض الحبشة فبلغه من

55-منصور النمري: [كامل]

أمية بن خلف كلام فقال: [طويل] تريش نبالاً لا يواتيك ريشها ... وتري نبالاً ريشها لك أجمع فكيف إذا نابتك يوماً ملمة ... وأسلمك الأوباش ما كنت تصنع 54-المؤمل بن أميل المحاربي: [بسيط] شكيت ما بي إلى هند فما اكترثت ... يا قلبها أحديد أنت أم حجر لا تحسبيني غنياً عن مودتكم ... إني إليك وإن أيسرت مفتقر 55-منصور النمري: [كامل] اقلل عتاب من استربت بأمره ... ليست تنال مودة بقتال

56-وقال معبد بن أخضر المازني: [طويل] لقد طال إعراضي وصفحي عن التي ... أبلغ عنكم والقلوب قلوب وطال انتظاري عطفة الرحم منكم ... ليرجع حكم والمعاد قريب ولست أراكم تحرمون عن التي ... كرهنا ومنها في القلوب ندوب فلا تأمنوا منا كفاية فعلكم ... فيشمت خصم أو يساء حبيب ويظهر منا في المقال ومنكم ... إذا ما ارتمينا بالمقال عيوب فإن لسان الباحث الداء ساخطاً ... بني مازن ألوى البنان كذوب

57-قعنب بن أم صاحب: [بسيط] إن يسموا ريبة طاروا بها فرحاً ... مني وما سمعوا من صالح دفنوا صم إذا سمعوا خيراً ذكرت به ... وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا 58-محمد بن جميل الكاتب التميمي: [طويل] إذا أنا لم أبلغ بجاهك حاجة ... ولم يك لي فيما وليت نصيب

وأنت أمير الأرض من حيث أطلعت ... لك الشمس قرنيها وحيث تغيب أبا غانم إني 'ذا لروضة ... لغيري يصفو رعيها ويطيب 59-كتب عمر بن عبد العزيز إلى الزهري يستقدمه فأبطأ عليه فقال¨"يا ابن شهاب لو كان غيرنا ما أبطأت عليه. لقد قلبتك ظهراً لبطن فوجدتك بني دنيا"

الباب الثاني

الباب الثاني في العبيد والإماء والخدم والأمر بالاستيصاء بالمماليك خيراً والنهي عن سوء الملكة ونحو ذلك 60-قال علي رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول من يدخل الجنة شهيد وعبد أحسن عبادة ربه ونصح لسيده". 61-وقال ابن عمر رضي الله عنه، رفعه: "إن العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة ربه فله أجر مرتين". 62-كان زيد بن حارثة لخديجة رضي الله عنها، اشترى لها بسوق عكاظ

فوهبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أبو زيد [يريد] شراءه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن رضي الله بذلك فعلت". فسئل زيد فقال: ذل الرق مع مصاحبته أحب إلي من عز الحرية مع مفارقته. فقال صلى الله عليه وسلم: "إذا اختارنا اخترناه". فأعتقه وزوجه أم أيمن وبعدها زينب بنت جحش. 63-عطاء [رفعة: الأبدال من الموالي] . 64-علي رضي الله عنه: "كان آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم".

65-وقال المعرور بن سويد: دخلنا على أبي ذر بالربذة فإذا عليه يرد وعلى غلامه مثله، فقلنا: لو أخطت برد غلامك إلى برديك فكانت حلة كاملة ولكسوته غيره. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليكسه مما يلبس ولا يكلفه ما يغلبه، فإن كلفه ما يغلبه فليعنه". 66-وعن أبي هريرة رضي الله عنه: "لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي، كلكم عبيد الله" وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل غلامي وجارتي وفتاي

[وفتاتي] . ولا يقل أحدكم اتق ربك، [اسق ربك و] أطعم ربك. ولا يقل أحدكم ربي وليقل سيدي ومولاي". 67-وقال أبو مسعود الأنصاري: "كنت أضرب غلاماً لي فسمعت من خلفي صوتاً: اعلم أبا مسعود الله أقدر عليك منك عليه. فالتفت فإذا هو النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله هو حر لوجه الله تعالى. فقال: أما لو تفعل للفحتك النار". 68-وعن رافع بن مكيث - رفعه -: "حسن الملكة نماء، وسوء الملكة شؤم". وروي: يمن.

69-ابن عمر: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، كم نعفو عن الخادم؟ ثم أعاد عليه فصمت، فلما كان الثالثة قال: اعف عنه كل يوم سبعين مرة". 70-وقال أبو هريرة رضي الله عنه: حدثني أبو القاسم نبي التوبة صلى الله عليه وسلم [قال] : "من قذف مملوكه بريئاً مما قال جلد له يوم القيامة حداً". 71-وقال هلال بن يساف: كنا نزولاً في دار ابن مقرن وفينا شيخ فيه حدة ومعه جارية فلطم وجهها، فما رأيت سويداً أشد غضباً منه ذلك اليوم. فقال: أعجز عليك إلا حر وجهها؟ لقد رأيتني سابع سبعة من ولد

مقرن [و] مالنا [إلا] خادم فلطم أصغرنا وجهها، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بعتقها. 72-وعن معاوية بن سويد: لطمت مولى لنا فدعاه أبي ودعاني فقال: "اقتص منه" 73-استبق بنو عبد الملك فسبقوا مسلمة وكان ابن أمة، فتمثل عبد الملك بقول عمرو بن مبردة العبدي: شعر [طويل] : نهيتكم أن تحملوا هجناءكم ... على خيلكم يوم الرهان فتدركوا

فتفتر كفاه ويسقط سوطه ... وتخدر ساقاه فما يتحرك وهل يستوي المرآن هذا ابن حرة ... وهذا ابن أخرى ظهرها متشرك وأدركه خالاته فاختدلنه ... ألا إن عرق السوء لا بد مدرك فقال مسلمة: يغفر الله لك يا أمير المؤمنين، ليس هذا مثلي ولكن كما قال علي ابن المغفر: [طويل] فما أنكحونا طائعين بناتهم ... ولكن خطبناها بأرماحنا قسرا فما ردنا منها السباء مذلة ... ولا كلفت خبزاً ولا طبخت قدراً وكم قد ترى فينا من ابن سبيه ... إذ لقي الأبطال يطعنهم شزرا ويأخذ رايات الطعان بكفه ... فيوردها بيضاً ويصدرها حمرا كريم إذا اعتز اللئيم تخاله ... إذا سار في ليل الدجى قمراً بدرا فقبل رأسه وذهب غمه وقال: أحسنت يا بني. وأمر له بمائة ألف مثل ما أخذ السابق.

74-وقال زاذان: "أتيت ابن عمر وقد أعتق مملوكاً له فأخذ من الأرض عوداً وقال: مالي من الأجر ما يساوي هذا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته أن يعتقه" 75-وعن أبي هريرة يرفعه: "من خب زوج امرئ أو مملوكه فليس منا". 76-وقال: أعتق عبد الله بن جعفر غلاماً، وأخذ يكتب كتاب العتق، فقال الغلام: اكتب كما أملي، كنت بالأمس لي فأوهبتك لمن وهبك لي، فأنت اليوم مني. فكتب ذلك واستحسنه وزاده خيراً". 77-وقال: مر ابن عمر رضي الله عنهما براع مملوك فاستباعه شاة فقال: ليست لي. فسأل عن صاحبه فاشتراه وأعتقه، فقال: اللهم رزقتني العتق الأصغر فارزقني العتق الأكبر".

78-وقال: أراد رجل بيع جارية له فبكت فسألها فقالت: لو ملكت منك ما ملكت مني ما خرجتك من يدي. فعتقها وتزوجها. 79-وقال: تغدى سليمان عند يزيد المهلب فقيل له: صف لنا أحسن ما كان في منزله، قال: رأيت غلمانه يخدمونه بالإشارة دون القول". 80-وقال سهل بن صخر وهو من الصحابة لابنه: "إذا ملكت ثمن غلام فاشتر به غلاماً فإن الجدود في نواصي الرجال". 81-الهيثم بن خالد يقول: شعر [منسرح] ولي صديق ما مسني عدم ... مذ وقعت عينه على عدمي بشرني بالغنى تهلله ... وقبل هذا تهلل الخدم

ومحنة الزائرين بينة ... تعرف قبل اللقاء في الحشم 82-وكان أبو يوسف [راكباً] وغلامه يعدو خلفه، فقيل له فقال: أيحل أن أسلم غلامي مكارياً؟ قيل: نعم، قال: فيعدو إذاً معي كما يعدو مع الحمار إذا كان مكارياً". 83-وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مثل الذي يعتق عند الموت مثل الذي يهدي إذا شبع". 84-وقال ابن [الزبير] لرجل كان يتعاطى بيع الرقيق: ما أشد إقدامك على ركوب الغرر وإضاعة المال، قال: بماذا؟ قال: بصناعتك الملعونة. قال: ومالها؟ قال: "هي ضمان نفس ومؤونة ضرس". 85-و [طلب] معاوية جواري فقال: "كل رائعة من بعيد مليحة من قريب".

86-وقال البحتري: [خفيف] أنا من ياسر ويسر ونجح ... لست من عامر ولا عمار ما بأرض العراق يا قوم حر ... يفتديني من خدمة الأحرار لا أريد النظير يخرجه الشت ... م إلى الاحتجاج والافتخار وإذا رعته بناحية السو ... ط على الذنب راعني بالفرار هل جواد بأبيض من بني الأص ... فر ضخم الجدود ضخم النجار فوق ضعف الصغار إن وكل الأم ... ر إليه ودون كيد الكبار وكأن الذكاء يبعث منه ... في سواد الأمور شعلة نار ولعمري للجود للناس بالنا ... س سواه بالثوب والدينار وعزيز إلا لديك بهذا ال ... فج أخذ الغلمان بالأشعار 87-وعن بعض النخاسين: "حناء بدرهم تزيد في ثمن الجارية مائة درهم".

88-وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "عاتبوا أرقاء كم عل قدر عقولكم". 89-وقال أبو اليقظان: "إن قريشاً لم تكن ترغب في أمهات الأولاد حتى ولدن ثلاثة هم خير أهل زمانهم، علي بن الحسين والقاسم بن محمد وسالم ابن عبد الله وذلك أن عمر رضي الله عنه أتى ببنات يزدجرد بن شهريار ابن كسرى سبيات فأراد بيعهن فقال له علي كرم الله وجهه: إن

بنات الملوك لا يبعن ولكن قومهن. فأعطاه أثمانهن فقسمهن بين الحسين بن علي ومحمد بن أبي بكر وعبد الله بن عمر فولد الثلاثة". 90-وقال عبد الله بن طاهر: كنت عند المأمون ثاني اثنين فنادي يا غلام يا غلام بأعلى صوته، فدخل غلام تركي فقال: أيمنع الغلام أن يأكل ويشرب أو يتوضأ ويصلي، كلما خرجنا من عندك تصيح يا غلام يا غلام، إلى كم يا غلام يا غلام؟ فنكس رأسه طويلاً فما شككت أنه يأمر بضرب عنقه، فقال: يا عبد الله إن الرجل إذا حسنت أخلاقه ساءت أخلاق خدمه فلا نستطيع أن نسيء أخلاقنا لتحسن أخلاق خدمنا ". 91-وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " بئس المال في آخر الزمان المماليك"

92-وعن مجاهد: "إذا كثرت الخدم كثرت الشياطين". 93-وعن سالم بن أبي الجعد- رفعه -: عبد صالح عند الله خير من حر طالح". 94-وقال لقمان: " لا تأمنن امرءاً على سر، ولا تطأ خادماً تريدها للخدمة، و [لا تتخذ] غلاماً يأكل فارهاً، ويعمل كارهاً ويبغض قوماً ويحب نوماً". 95-وقال: أعنق عمرو بن عقبه غلاماً كبيراً فقال عبد له صغير: اذكرني يا مولاي ذكرك الله بخير. فقال: إنك لن تخرف فقال: إن النخلة قد

تجتني زهواً. قبل أن تصير معواً. فقال: قاتلك الله لقد استعتقت فأحسنت وقد وهبتك لواهبك، كنت الأمس لي واليوم مني". 96-وقال بعضهم: " العبد عز مستفاد وغيظ في الأكباد". 97-[شعر، (الخفيف) ] : قد ذممنا العبيد حتى إذا نح ... ن بلونا المولى عذرنا العبيد 98-ولبعضهم: [متقارب] [و] مالي غلام فأدعوا به=سوى من أبوه أخو عمتي 99-وقال أكثم: الحر حر وإن مسه الضر، والعبد عبد وإن مشى على الدر.

100-وقال: كانت لخالد بن برمك جارية اسمها سرور أكتب الناس بالقلم وأحسنهم علماً، وكانت توقع بين يديه فتخرج التوقيعات إلى الكاتب، وربما اقترحوا عليها نسخ الكتاب لبلاغتها. وكانت شيعية تركب معه بسيف ومنطقة وسواد فلا يعلم أجارية هي أم غلام. وكان لخازم ابن خزيمة مثلها اسمها قطاة". 101-قيل: وكان لعثمان بن عفان رضي الله عنه عبد فاستشفع بعلي أن يكاتبه فكاتبه، ثم دعا عثمان بالعبد فقال: إن كنت عركت أذنك فاقتص مني، فأخذ بأذنه ثم قال عثمان: شد يداً، يا حبذا قصاص الدنيا لا قصاص الآخرة ".

102-وقال رضي الله عنه: "ما ملك الدنيا رقيقاً من لم يتجرع بغيظ ريقاً". 103-وعنه: "خادم الملك لا يتقدم في رضاه خطوة إلا استفاد بها حظوة". 104-وقيل: أشرف الرشيد على الكسائي والأمين والمأمون بين يديه يعلمها، [فقام] لحاجته فابتدرا يقدمان نعليه. فقال الرشيد لجلسائه: أي الناس أكرم قدماً؟ فقالوا: أمير المؤمنين. قال: لا، هو الكسائي يخدمه عبد الله ومحمد". 105-"ليس حقك علينا بالخدمة دون حقنا عليك بالنعمة". 106-وقيل: "نشأ فلان في حضن عنايتك، وأرضع بلبان نعمتك وشرف بقدمه خدمتك".

107-وقيل: دعا بعض أهل الكوفة إخوانه وله جارية فقصرت في بعض ما ينبغي لهم فقال: [طويل] إذا لم تكن في بيت الحر حرة ... رأى خللاً فيما تولى الولائد فلا يتخذ منهن حر قعيدة فهن لعمر الله بئس القعائد 108-وعن أحمد بن سهل: "عز الملوك بالمماليك". 109-وقيل: "كان لمحمد بن سليمان بن عبد الملك بن عباس خمسون ألف مولى وهو وأخوه جعفر بن سليمان من ملوك بني هاشم وفرسانهم، وقد زوجه المهدي بنته العباسة ونقلها إليه إلى البصرة".

110-علي رضي الله عنه: "اجعل لكل إنسان من خدمك عملاً تأخذه به فإنه أحرى أن لا يتواكلوا في خدمتك". 111-لا تبذل رقك لمن لا يعرف حقك. 112-قل ما تنفع خدمة الجوارح إلا بخدمة القلب. 113-جندل مولى عدي بن حاتم يفتخر بأنه محرر الرجال دون النساء: [طويل] وما فك رقي ذات دل خريدة ... ولا خطأتني غرة وحجول نماني إلى العلياء أبيض ماجد ... فأصبحت أدري اليوم كيف أقول 114-كان لرجل غلام من أكسل الناس فأمره بشراء عنب وتين فأبطأ حتى نوط الروح، ثم جاء بإحداهما فضربه وقال: ينبغي لك إذا استقضيتك حاجة أن

تقضي حاجتين. ثم مرض فأمره أن يأتيه بطبيب فجاء به وبرجل آخر، فسأله فقال له: أما ضربتني وأمرتني أن أقضي حاجتين في حاجة؟ جئتك بطبيب فإن رجاك وإلا حفر هذا قبرك. فهذا طبيب وهذا حفار. 115-وقال المأمون: [مجزوء الرمل] كنت حراً هاشمياً ... فاسترقتني الإماء أنا مملوك لمملو ... ك وتحتي الأمراء 116-كانت للمأمون جويرية من أحسن الناس وجهاً وأسبقهم إلى كل نادرة فحلت عنده في ألطف محل فحسدتها الجواري، وقلن لا حسب لها. فنقشت على خاتمها "حسبي حبي " فازداد بها المأمون عجباً، فسمت فجزع عليها وأنشد: [سريع] اختلست ريحانتي [من] يدي ... أبكي عليها آخر المسند

كانت هي الأنس إذا استوحشت ... نفسي من الأقرب والأبعد وروضة كانت بها مرتعي ... ومنهلاً كان بها موردي كانت يدي كان بها قوتي ... فاختلس الدهر يدي من يدي 117-المتوكل في جارية: [وافر] أمازحها فتغضب ثم ترضى ... فكل فعالها حسن جميل فإن غضبت فأحسن ذي دلال ... وإن رضيت فليس لها عديل 118-دعا طلحة أبا بكر وعمر وعثمان فأبطأ عليه الغلام بشيء أراده فصاح: يا غلام، فقال: لبيك. فقال طلحة: لا لبيك. فقال أبو بكر: ما يسرني أني قلتها [ولي الدنيا، وقال عثمان: ما يسرني أني قلتها وأن لي حمر النعم. فصمت عليها طلحة فلما خرجوا باع ضيعته بخمسة عشر ألفاً وتصدق بها.

119-كان لمحمد بن أبي الحارث الكوفي صديق له قينه فباعها ببرذون فقال محمد شعر [مجزوء الرمل] قينه كانت تغني ... مسخت برذون أدهم عجبت بالساباط يوماً ... فإذا القينه تلجم 120-غلام الخالدين مثل في الشهامة والكياسة وجميع شرائط الخدمة، وهو غلام أبي عثمان الخالدي الشاعر. وقال الشيخ أبو الحسن الفارسي النحوي

ابن أخت أبي علي الفارسي: اسمه رشأ. رأيته بعد موت سيده في ناحية عبد العزيز بن يوسف، وقد ارتقى إلى مرتبة الوزارة ". 121-وقال أبو المنصور الثعالبي: قرأت أنا بخطه، قال: [كتب] ابن سكره الهاشمي إلى أبي عثمان يسأله فكتب إليه يقول: [منسرح] ما هو عبد لكنه ولد ... خولنيه المهيمن الصمد وشد أزري بحسن صحبته ... فهو يدري والذراع والعضد صغير سن كبير معرفة ... تمازح الضعف فيه والجلد

معشق الطرف كحله كحل ... معطل الجيد حليه الجيد وغصن بانٍ إذا بدى فإذا ... شدا فقمري بانه غرد ثقفه كيسه فلا عوج ... في بعض أخلاقه ولا أود ما غاظني ساعة فلا صخب ... يمر في منزلي ولا حرد مسامري إذا دجا الظلام فلي ... منه حديث كأنه الشهد خازن ما في يدي وحافظه ... فليس شيء لدي يفتقد يصون كتبي فكلها حسن ... يطوي ثيابي فكلها جدد وحاجبي فالخفيف محتبس ... عندي به والثقيل منطرد وحافظ الدار إن ركبت فلا ... على غلام سواه أعتمد ومنفق مشفق إذا أنا أسرف ... ت [و] بذرت فهو مقتصد وأبصرت الناس بالطبيخ فكالمش ... ك تراه والعنبر الثرد

وواجد بي من المحبة والرأ ... فة أضعاف ما به أجد إذا تبسمت فهو مبتهج ... وإن تنمرت فهو مرتعد ذا بعض أوصافه وقد بقيت ... له صفات لم يحوها العدد 122-كن أبان بن عبد الحميد بن لاحق مولى لبني رقاش فقال فيهم: [وافر] ألا يا ليت لي قوماً بقومي ... ولو عكلاً فينفعني معاشي فكنت لهم أخا ثقة ومولى ... ولم أك للئام بني رقاش 123-وقال وحشي الرياحي: [رجز] يعجبني [من] فعل كل مسلمة ... مثل الذي تفعل أم سلمة [إقصاؤها عن بيتها كل أمة] 124-أهدى داود بن روح بن حاتم المهبلي للمهدي جارية فحظيت عنده

فواعدته المبيت ثم منعها الحيض فكتب إليها يقول: [بسيط] لأهجرن حبيباً خان موعده ... ولا تذمن وعداً فيه تأخير ما كان حبسي إلا من حدوث أذى ... لا يستطاع له بالقول تفسير والدهر أطول فيه لإمام مدى ... يحيي السرور وتخليد وتعمير 125-ابتاع بعض الشيوخ غلاماً فقلت: بورك لك فيه. فقال: البركة مع من قدر على خدمة نفسه واستغنى عن استخدام غيره فخفت مؤونته، وهانت تكاليفه وكفي سياسة العبيد. 126-أصيب أنو شروان ببعض خدمه فجزع وقال: اثنان هما العدة والعمدة في النوائب: الخادم الناصح والقريب الصديق. وقد فجعت بأحداهما ولم اكتحل بالآخر".

128-قال القرشي: سألني سعيد بن المسيب عن أخوالي فقلت: أمي فتاة، فنقصت في عينيه.

127-وعن معاوية: "التسلط على المماليك من لؤم القدرة". 128-قال القرشي: سألني سعيد بن المسيب عن أخوالي فقلت: أمي فتاة، فنقصت في عينيه. فأهملت حتى دخل إليه سالم بن عبد الله بن عمر فقلت: من أمه؟ فقال: فتاة. ثم دخل قاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق فقلت: من أمه؟ فقال: فتاة. ثم دخل علي بن الحسين فقلت: من أمه؟ فقال: فتاة. فقلت رأيتني نقصت في عينك لأني ابن فتاة، إنما لي بهؤلاء أسوة. فجللت في عينه". 129-عبيد الله بن الحر: [طويل] فإن تك أمي من نساء أفاءها ... جياد القنا والمرهقات الصفائح فتباً لفضل الحر إن لم أنل به ... كرائم أولاد النساء الصرائح

130-عنترة: [كامل] إني امرؤ من خير عبسٍ منصباً ... شطري وأحمي سائري بالمنصل 131-قال هشام بن عبد الملك لزيد بن علي: بلغني أنك تطلب الخلافة

ولست لها بأهل. فقال: لم؟ قال: لأنك ابن أمة، قال: فقد كان إسماعيل ابن أمةٍ. وإسحاق ابن حرة، وأخرج الله من صلب إسماعيل خير ولد لآدم. 132-قال الحجاج بن عبد الملك بن الحجاج بن يوسف: لو كان رجل من ذهب لكنته. قيل: كيف؟ قال: لم تلدني أمة إلى آدم ما خلا هاجر. فقالوا: لولا هاجر لكنت كلباً من الكلاب". 133-قال رجل لعبد له استعقله: ألا ألحقك بنفسي؟ قال: لا، أن أكون عبداً [آبقا] أحب إلي من أن أكون حراً لاحقاً". 134-جعفر بن عقاب: [وافر] وضمتني العقاب إلى حشاها ... وخير الطير قد علموا العقاب

فتاة من بني سام بن نوح ... سبتها الخيل غصباً والركاب 135-[دخل جرير على الحجاج وعلى رأسه جارية، فقال له: بلغني أنك ذو بديهة] فقل فيها. فقال: ما لي [أن] أقول فيها حتى أتأملها، وما لي أن أتأمل جارية الأمير. فقال: بل، فتأملها. فقال: ما اسمك يا جارية؟ فأمسكت. فقال الحجاج: خبريه يالخناء. فقالت: أمامة. فأنشد: [كامل] ودع أمامة حان منك رحيل ... إن الوداع لمن تحب قليل هذي القلوب هوائماً تيمنها ... وأرى الشفاء وما إليه سبيل فقال الحجاج: جعل الله لك السبيل: فضرب بيده يدها فامتنعت منه فقال: [كامل] إن كان ظنكم الدلال فإنه ... حسن جمالك يا أميم جميل

فاستضحك الحجاج وأمر بتجهيزها إلى اليمامة، وكانت من أهل الري وإخواتها أحرار فبذلوا له عشرين ألفاً فأبى وقال: [طويل] إذا عرضوا عشرين ألفاً تعرضت ... لأم حكيم حاجة هي ماهيا لقد زدت أهل الري مني مودة ... وحببت أضعافاً إلي المواليا وأولدها حكيماً وبلالاً وحرزة". 136-وقال: "الرقيق جمال وليس بمال، فعليك من المال بما يعولك وليس تعوله". 137-اشترى يزيد بن عبد الملك حبابة بأربعة آلاف دينار، وكان صاحب لهو فحجر عليه سليمان فردها. فلما ولي يزيد وكانت تحته سعدة بنت عبد الله بن عمرو بن عثمان وكانت حرة عاقلة، قالت: يا أمير المؤمنين

هل بقي من الدنيا شيء تتمناه؟ قال: نعم، حبابه. فسألت عنها فقيل اشتراها رجل من أهل مصر، فأرسلت من اشتراها بأربعة آلاف وقدم بها فصنعها حتى ذهب عنها آثار السفر، ثم أتت بها فراش يزيد وأجلستها وراء الستر وقالت: هل بقي شيء من الدنيا تتمناه؟ قال: قال ألم تسأليني عن هذا مرة؟ فرفعت الستر وقالت: هذه حبابة. وقامت وخلتها. فحظيت سعدة عنده. 138-كانت لبصري جارية، وكانت أحب إليه من سمعه وبصره، فقعد الدهر به فاعتزم على بيعها، فاشتراها عمرو بن عبد الله بن معمر التميمي بألف دينار. فلما ذهبت الجارية لتدخل علق بثوبها وقال: [طويل] تذكر من بسباسة القلب حاجة ... دعت حزناً للعاشق المتذكر

عليك سلام لا زيارة بيننا ... ولا وصل إلا أن يشاء ابن معمر فقال ابن معمر: قد شئت، فخذها وخذ الألف. 139-وقال محمود بن مروان بن أبي حفصة يصف جارية، يقول: [كامل] ليست تباع ولو تباع بوزنها ... دراً بكى أسفاً عليها البائع 140-علق عبد الرحمن بن أبي عمار جارية وكان من نساك الحجاز فاستهتر بذكرها حتى مشى إليه عطاء وطاووس ومجاهد يعظونه فأنشد: [بسيط] يلومني فيك أقوام أجالسهم ... فما أبالي أطار اللوم أم وقعا

فحج عبد الله بن جعفر فزاره الناس إلا عبد الرحمن فاستزاره، وكان قد تقدم فاشترى له الجارية بأربعين ألفاً وأمر بتجهيزها. فقال له: ما فعل حب فلانة بك؟ قال: هو في اللحم والدم والمخ والعصب والعظام. قال: أتعرفها إن رأيتها؟ قال: إن دخلت الجنة لم أنكرها. فأمر بها، فأخرجت وهي ترفل في الحلي والحلل وقال: شأنك بها. وأمر أن يحمل معها مائة ألف درهم. فبكى عبد الرحمن فرحاً وقال: قد خصكم الله بشرف ما خص به أحد من صلب آدم، فليهنكم هذه النعمة، وبارك لكم واهباً". 141-عن جويرية بن أسماء: أراد ابن سيرين شراء جارية، فقلت: قد علمت مكانها، ولكن في شفتها عظم. فقال: ذاك أفخم لقبلتها".

الباب الثالث

الباب الثالث في العداوة والجسد والبغضاء والشماتة وذكر الأضغان والطوائل والوعيد والتهديد 142-قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أعدى عدوك نفسيتك التي بين جنبيك". 143-وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: "العداوة تتوارث". 144-وقال ابن مسعود رضي الله عنه: " اللهم إني لأستعديك على نفسي عدوى لا عقوبة فيها". 145-وقال داود عليه السلام: "لا تشتر عداوة واحد بصداقة ألف". 146-وقال: الحارث بن أبي شمر الغساني من اغتر بكلام عدوه فهو أعدى عدو لنفسه".

147-وقال أعرابي: "كبت الله كل عدو لك إلا نفسك". 148-أراد كسرى أن يتزوج بنت بزر جمهر بعد قتله فقالت: "لو كان ملككم حازماً ما جعل بينكم وبين شعاره موتورة". 149-وقال زياد بن عبيد الله بن عبد المدان خال أبي العباس السفاح وكان ولاه المدينة فعزله المنصور عنها وعذبه،

فأنشد [وافر] فلو أني بليت بهاشمي ... خؤولته بنو عبد المدان صبرت على عداوته ولكن ... تعالوا وانظروا بمن ابتلاني يقول: لو بليت بهذا من السفاح الذي أخواله كرام لكان أهون علي من أن أبلى به ممن أمه أمه، يعني المنصور. 150-شعر: [طويل] ولا غرو أن يبلى شريف بخامل ... فمن ذنب التنين تنكسف الشمس 151-بث رجل في وجه أبي عبيدة مكروهاً فأنشأ يقول: شعر [طويل] فلو أن لحمي إذا وهى لعبت به ... سباع كرام أو ضباع وأذؤب لهون وجدي أو لسلى مصيبتي ... ولكنما أودى بلحمي أكلب

152-كان حاتم أسيراً في بلاد عنزة فلطمته أمه لهم فقال: [وافر] عذرت البزل إذ هي خاطرتني ... فما بالي وبال ابن اللبون 153-وقال عبد الله بن الحسن بن الحسن: " إياك ومعاداة الرجال فإنك لن تعدم مكر حليم أو مفاجأة لئيم". 154-وقال أبو شروان: " العدو الضعيف المحترس من العدو القوي أحوى للسلامة من العدو القوي المغتر بالعدو الضعيف". 155-وقال صالح بن سليمان: لا تستصغروا عدواً. فإن العزيز ربما شرق بالذباب".

156-تقول العرب: "أصبحنا يتكاشحان ولا يتناصحان، ويتكاشران ولا يتعاشران". 157-قيل لكسرى: " أي الناس أحب إليك أن يكون عاقلاً؟ قال: عدوي. قال: لأنه إذا كان عاقلاً كنت منه في عافية". 158-دريج بن جابر الغيداقي: [طويل] إذا المرء عادى من يودك صدره ... وسالم ما اسطاع الذين تحارب فلا تفله عما يجن ضميره ... فقد جاء منه بالشناءة راكب 159-ذؤيب بن حبيب الخزاعي: [سريع] قلبي إلى ما ضرني داعي ... يكثر أحزاني وأوجاعي كيف احتراسي من عدوي إذا=كان عدوي بين أضلاعي 160-فيلسوف: كونوا من المسر المدغل أخوف من المكاشف المعلن فإن مداواة العلل الظاهرة أهون من مداواة ما خفي وبطن.

161-وعنه:"إياك أن تعادي من إذا شاء طرح ثيابه ودخل مع الملك في لحافه". 162-وعن محمد بن يزداد الكاتب: إذا لم تستطع أن تعض يد عدوك فقبلها". 163-حكيم: إني لأغتنم من عدوي أن ألقي عليه النملة وهو لا يشعر فتؤذيه". 164-كتب مروان الحمار إلى الخارجي الشيباني: أنا وإياك كالحجر والزجاجة، إن وقع عليها رضها وإن وقعت عليه فضها". 165-نازع غلام من بني أمية عبد الملك بن مروان فأربى عليه، فقيل لعبد الملك: " لو تظلمت منه إلى عمه فقال: لا أرى انتقام غيري انتقاما".

166-وقال الواثق بالله وأجاد: [وافر] تنح عن القبيح ولا ترده ... ومن أوليته حسناً فزده ستكفى من عدوك كل كيد ... إذا كاد العدو ولم تكده 167-كانت جليلة بنت مرة أخت جساس تحت كليب فقتل أخوها زوجها وهي حبلى بهجرس بن كليب، فلما شب

أنشد يقول: [طويل] أصاب أبي خالي وما أنا بالذي ... أميل بين خالي ووالدي وأورث جساس بن مرة غصة ... إذا ما اعترتني حرها غير بارد ثم قال: [بسيط] يا للرجال لقلب ما له آسي ... كيف العزاء وثأري عند جساس ثم قتله وأنشد: [وافر] ألم تراني ثأرت أبي كليباً ... وقد يرجى المرشح للذحول غسلت العار عن جشم بن بكر ... بجساس بن مرة في التبول

بكت يوماً لقتلته أناس ... لعمر الله للجذع الأصيل 168-وعن علي رضي الله عنه وذكر عثمان: " وكان طلحة والزبير أهون سيرهما فيه الوجيف، وأرفق حدائهما العنيف". أراد أنهما كان يجدان في عداوته. 169-وعنه: "جد على عدوك بالفضل فإنه أحلى الظفرين. 170-مراجل أحقادهم تفور وطوالع إضغانهم لا تغور". 171-هبت عليهم ريح الأعادي فسفتهم عن البوادي.

172-من كثر غمره لم يطل عمره. 173-دار عدوك لأحد أمرين: إما لصداقة تؤمنك أو لفرصة تمكنك. 174-لكل إبراهيم نمرود ولكل موسى فرعون. 175-محاسبة الصديق دناءة وترك الحق للعدو غباء 176-سويد بن منجوف لمصعب: [وافر] فأبلغ مصعباً عني رسولا ... وهل يلقى النصيح بكل وادي لتعلم أن أكثر من تناجي ... وإن ضحكوا إليك هم الأعادي

177-أنشد الجاحظ: [رجز] الناس أمثال السباع فانشمر ... فمنهم السبع ومنهم النمر والضبع العرجاء والليث الحمر 178-" فلان كثير المزاق مر المذاق ". 179-وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بأشراركم، من أكل وحده، وشرب وحده، وضرب عبده، ومنع رفده. ألا أخبركم بشر من ذلك، من يبغض الناس ويبغضونه" 180-وقال الحجاج لخارجي: "والله إني لأبغضكم. قال: أدخل الله أشدنا بغضاً لصاحبه الجنة".

181-وقال وكيع: "جئنا مرة إلى الأعمش فلما سمع حسنا قام ودخل فلم يلبث أن خرج فقال: رأيتكم فأبغضتكم فدخلت إلى من هو أبغض منكم فخرجت إليكم". 182-[أراد] أنو شروان أن يقلد ولده هرمز ولاية العهد فاستشار عظماء مملكته فأنكروا عليه، وقال بعضهم: إن الترك ولدته وفي أخلاقهم ما علمت. فقال: الأبناء ينسبون إلى الآباء لا إلى الأمهات. وكانت أم قباذ تركية وقد رأيتم من حسن سيرته وعدله ما رأيتم. فقيل: هو قصير وذلك يذهب ببهاء الملك. فقال: إن قصره من رجليه ولا يكاد يرى إلا جالساً أو راكباً ولا يستبين [ذلك فيه. هو بغيض في الناس. فقال: أوه، أهلكت ابننا

هرمز، فقد قيل إن من كان فيه خير] واحد ولم يكن ذلك الخير للمحبة في الناس فلا خير فيه. ومن كان به عيب واحد ولم يكن ذلك العيب مبغضةً في الناس فلا عيب فيه". 183-وقال عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب في الفضل: [طويل] رأيت فضيلاً كان شيئاً ملفلفاً ... فكشفه التمخيض حتى بدا ليا

أأنت أخي ما لم تكن لي حاجة ... فإن عرضت أيقنت أن لا أخا ليا ولست براء عيب ذي الود كله ... ولا بعض ما فيه إذا كنت راضيا فعين الرضا عن كل عيب كليلة ... ولكن عين السخط تبدي المساويا 184-وقال غيره: [وافر] وعين البعض تبرز كل عيب ... وعين الحب لا تجد العيوبا 185-وقال: "ابن عمر رضي الله عنهما يقول: "نعوذ بالله من قدر وافق إرادة حسود". 186-قيل لأرسطالين: "ما بال الحسود أشد غماً؟ قال: لأنه يأخذ بنصيبه من غموم الدنيا ويضاف إلى ذلك غمه بسرور الناس". 187-وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "استعينوا على حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود".

188-تذاكر قوم من ظرفاء البصرة الحسد فقال رجل: إن الناس لربما حسدوا على الصلب. فأنكروا ذلك. ثم جاءهم بعد أيام فقال: إن الخليفة قد أمر بصلب الأحنف ومالك بن مشمع وقيس بن الهيثم وحمدان الحجام. فقالوا: هذا الخبيث يصلب مع هؤلاء؟ فقال: ألم أقل لكم إن الناس يحسدون على الصلب". 189-وقال منصور الفقيه: [وافر] منافسة الفتى فيما يزول ... على نقصان همته دليل ومختار القليل أقل منه ... وكل فوائد الدنيا قليل

190-المغيرة بن حبناء شاعر أبي المهلب: [بسيط] آل المهلب قوم إن مدحتهم ... كانوا المكارم أبناء وأجدادا إن العرانين تلقاها محسدة ... ولا ترى للئام القوم حسادا 191-وقال عثمان رضي الله عنه: "يكفيك من الحاسد أن ينعم وقت سرورك". 192-وقال مالك بن دينار: شهادة القراء مقبولة في كل شيء إلا شهادة بعضهم على بعض فإنهم أشد تحاسداً من السوس في الوبر.

193-وقال أنس رفعة: "إن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب". 194-وقال بعض حكماء العرب: "الحسد داء منصف يفعل في الحاسد أكثر من فعله في المحسود. يقول الله عز وجل: "الحاسد عدو نعمتي، متسخط لفعلي، غير راضي بقسمتي التي قسمت بين عبادي". 195-وقال عبد الله بن شداد بن الهاد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنه: "يا بني إن سمعت كلمة من حاسد فكن كأنك لست بشاهد، فإنك إن أمضيتها صار جميع العيب على من قالها". 196-وقال الأصمعي: "رأيت أعرابياً قد بلغ عمره مائة سنة فقلت له: ما طول عمرك؟ قال: تركت الحسد فبقيت".

197-وقال أعرابي: "ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من الحاسد". 198-شعر: [طويل] تراه كأن الله يجدع أنفه ... وأذنيه إذ مولاه بات له وفر 199-وقال أبو الطيب المتنبي وأجاد: [بسيط] ما لقيت من الدنيا وأعجبها ... أني بما أنا باك منه محسود 200-[ابن الحجاج] : [طويل] لا تحسدوني فلا والله ما بلغت ... لولا الخساسة حالي موضع الحسد

وإنما في يدي عظم أمششه ... من المعاش بلا لحم ولا غدد 201-لا يخلو السيد من ودود يمدح [وحسود يقدح] . 202-لا يسلم الفاضل من قادح يقدح، وإن غدا أقوم من قدح". 203-وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "ألا لا تعاد نعم الله. قيل: ومن يعادي نعم الله؟ قال: الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله". 204-كان يقال: "إياك والحسد فإنه يتبين فيك ولا يتبين في محسودك". 205-وقال حكيم: "الحسد خلق دنيء، ومن دناءته أنه يبدأ بالأقرب فالأقرب". 206-وقيل لعبد الله بن عروة: "لزمت البدو وتركت قومك. قال: وهل بقي إلا حاسد على نعمة أو شامت على نكبة؟ ". 207-وعنه: "الحسود غضبان على القدر، والقدر لا يعتبه". 208-بينما عبد الملك بن صالح العباسي يسير مع الرشيد في موكبه إذا هتف

هاتف: "يا أمير المؤمنين طأطئ من إشرافه، وقصر من عنانه واشدد من شكاله. فقال الرشيد ما يقول هذا؟ فقال عبد الملك: مقال حاسد، ودسيس حاسد. قال: صدقت، نقص القوم وفضلتهم، وتخلفوا وسبقتهم حتى برز شاؤك وقصر عنك غيرك، ففي صدورهم جمرات التخلف وحزازات التبلد. فقال عبد الملك: يا أمير المؤمنين فأضرمها عليهم بالمزيد" 209-شعر: [بسيط] يا طالب العيش في أمن وفي دعة ... رغدا بلا قتر صفواً بلا رنق خلص فؤادك من غل ومن حسد ... فالغل في القلب مثل الغل في العنق 210-عباد بن ثعلبة وهو أنف الكلب حسده بنو أخيه فقال: [بسيط] قد كنت أحسبكم أو خلتكم ولدا ... فاليوم أعلم أن لستم بأولادي

الله يعلم غيبي كيف كان لكم ... والله يعلم ما غبتم لعباد 211-كتب عبد الملك إلى الأحنف يستدعيه فقال: يدعوني ابن الزرقاء إلى ولاية أهل الشام، فو الله لوددت أن بيننا وبينهم جبلاً من نار، فمن أتانا منهم احترق ومن أتاهم منا احترق". 212-وقال ابن حيان: قال لقمان: نقلت الصخر، وحملت الحديد فلم أر شيئاً أثقل من الدين، وأكلت الطيبات وعانقت الحسان فلم أر ألذ من العافية. وأنا أقول: لو مسح القفار ونزح البحار وأحصى القطار لوجدها أهون من شماتة الأعداء خاصة إذا كانوا مساهمين في نسب أو مجاورين في بلد". 213-"اللهم إني أعوذ بك من تتابع الإثم وسوء الفهم وشماتة ابن العم". 214-قيل لأيوب عليه السلام: أي شيء كان عليك في بلائك أشد؟ قال: شماتة الأعداء". 215-وقال واثلة بن الأشقع رفعه: "لا تظهر الشماتة بأخيك المسلم فيرحمه الله ويبتليك".

216-أنشد الجاحظ: [وافر] تقول العاذلات تسل عنها ... وداو غليل قلبك بالسلو فكيف وقبلة منها اختلاسا ... ألذ من الشماتة بالعدو 217-الخبز أرزي: [طويل] شماتتكم من فوق ما قد أصابني ... وما بي دخول النار في طنز مالك 218-ابن أبي عيينة المهلبي: [كامل] كل المصائب قد تمر على الفتى ... فتهون غير شماتة الأعداء

219-وقال أعرابي: "نبو الطرف عنوان الشر". 220-وقال الجاحظ: "ما رأيت سناناً هو أنفذ من شماتة الأعداء". 221-قيل لأفلاطون: "بم ينتقم الإنسان من عدوه؟ قال: بأن يزداد فضلاً في نفسه". 222-وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " [خير] ما أعطي المؤمن من خلق حسن، وشر ما أعطي الرجل قلب سوء في صورة حسنة". 223-سئل الحسن: أيحسد المؤمن؟ قال: وما أنساك لبني يعقوب! ". 224-لو كانت المشاجرة شجرة لم تثمر إلا صخراً.

225-إذا رأى نعمة بهت، وإذا رأى عثرة شمت. 226-الخلاف غلاف الشر. 227-شعر: [بسيط] من العداوة آباء لنا سلفوا ... فلن تبيد وللآباء أبناء 228-بلغ عمرو بن عتبة شماتة قوم به في مصائب، فقال: "والله لئن عظم مصابنا يموت رجالنا لقد عظمت النعمة علينا بما أبقى الله لنا شباباً يشبون الحروب وسادة يشدون المعروف. وما خلقنا ومن شمت بنا إلا للموت". 229-لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع بموته نساء من كندة وحضرموت فخضبن أيديهن وضربن بالدفوف. فقال رجل منهم: شعر [كامل] أبلغ أبا بكر إذا ما جئته ... أن البغايا رمن أي مرام أظهرن في موت النبي شماتة ... وخضبن أيديهن بالعلام

فاقطع هديت أكفهن بصارم ... كالبرق أومض في متون غمام فكتب أبو بكر رضي الله عنه إلى المهاجر عامله، فأخذهن وقطع أيديهن. 230-وقيل: "فلان يتربص بك الدوائر، ويتمنى لك الغوائل، ولا يؤمل صلاحاً إلا في فسادك، ولا رفعة إلا في سقوط حالك". 231-كتب عبد الحميد عن مروان إلى أبي مسلم كتاباً قد نفث خراشي صدره. وكان من كبر حجمه قد حمل على جمل، فدعا أبو مسلم بنار

فطرحه فيها إلا قدر ذراع كتب فيه هذين البيتين يقول: [طويل] محا السيف أشطار البلاغة وانتخى ... عليك ليوث الغاب من كل جانب فإن تقدموا نعمل سيوفاً شحيذة ... يهون عليها العتب من كل عاتب 232-قيل لعبد الملك بن صالح الهاشمي: "إنك لحقود. فتمثل بقول: [طويل] إذا ما امرؤ لم يحقد الوتر لم يكن ... لديه لدى النعمى جزاء ولا شكر

غيره: [كامل] فدع الوعيد فما وعيدك ضائري ... أطنين أجنحة الذباب يضير 235-وقال علي كرم الله وجهه: "لأضغطن الكوفة ضغطة تحبق لها البصرة" 236-عمارة بن عقيل: [بسيط] يا أيها الراكب الماضي لطيته ... بلغ حنيفة وانشر فيهم الخبرا

مهلاً حنيفة إن الحرب إن طرحت ... عليكم بركها أسرعتم الضجرا 237-مغلس بن لقيط السري: [طويل] قرينين كالذئبين يعتورانني ... وشر صحابات الرجال ذئابها إذا رأيا بي غرة أغريا بها ... أعادي والأعداء تعوي كلابها وإن رأياني قد نجوت تلمسا ... لرجلي مغواة هياماً ترابها 238-حكيم: "لا تأمنن الضعيف فإن القناة قد تقتل وإن عدمت السنان والزج".

239-[طويل] : إذا ما رآني مقبلاً شان نبله ... ويرمي إذا وليت ظهري بأسهم 240-النابغة الجعدي: [طويل] وراثة نقص من أبيك ورثتها ... فلا برحت حتى تلاقي المنخلا 241-عمرو بن معدي كرب: [كامل] عجبت نساء بني زياد عجة ... كعجيج نسوتنا غداة الأرنب

242-طفيل الغنوي: [طويل] فذوقوا كما ذقنا غداة محجر ... من الغيظ في أكبادنا والتحوب 243-أوس بن حجر: [طويل] رأيت يزيداً يزدريني بعينه ... تشاوس رويداً إنني متأمل 244-وله: [طويل] فمن لم يكن منكم مسيئاً فإنه ... يشد على كف المسيء فيجلب 245-السمهري العكلي: [طويل] إذا خرسي قعقع الباب أرعدت ... فرائص أقوام وطارت قلوبها

فإن يك عكل سرها ما أصابني ... فقد كنت مصبوياً على من يريها 246-عبيد الله بن سليمان بن وهب: [بسيط] كاد الأعادي فلا والله ما تركوا ... قولاً وفعلاً وتلقيناً وتهجينا ولم نزد نحن في سر وفي علن ... على مقالتنا يا ربنا اكفينا 247-قدامة بن موسى المدني: [رمل] إن بدراً نعمة سابغة ... خصنا الله بها حين قسم

فضل الله بها أهل التقى ... وبنى الله بيوتاً وهدم إنما يحسد أو يبغضنا ... كشفاء الجد أعداء النعم 248-في نوابغ الكلم: "الحسد حسك، من تعلق به هلك". 249-نصير بن سيار: [بسيط] إني نشأت وحسادي ذوو عدد ... يا ذا المعارج لاتنقص لهم عددا إن يحسدوني على ما بي لما بهم ... فمثل ما بي مما يجلب الحسدا 250-معن بن زائدة: [بسيط] إني حسدت فزاد الله في حسدي=لا عاش من عاش يوماً غير محسود

251-حسيل بن عرفطة الأسدي: [طويل] ليهنئك بغض في الصديق وظنه ... وتحديك الشيء الذي أنت كاربه وإنك مشنوء إلى كل صاحب ... بلاك، ومثل الشر يكره راكبه فلم أر مثل الجهل أدنى إلى الردى ... ولا مثل بغض الناس غمض صاحبه 252-وقال الحسن: "الكبش يعتلف، والسكين تحد، والتنور يسجر". 253-كتب علي رضي الله عنه إلى أهل البصرة: "فإن خطت بكم الأهواء الردية

والآراء الجارية إلى منابذتي وخلافي فها أنا إذاً قد قرب جيادي ورحلت ركابي. ولئن ألجأتموني إلى المسير معكم لأوقعن بكم وقعة لا يكون يوم الجمل إليها إلا كلعقة لاعق، مع أني عارف لذي الطاعة منكم فضله، ولذي النصيحة حقه، غير متجاوز متهماً إلى بريء، ولا ناكثاً إلى وفي". 254-عقال بن شبة: "كنت رديف أبي فلقيه جرير فحياه ولاطفه. فقلت له: أبعد ما قال؟ قال: يا بني أفأوسع جرحي؟ ". 255-قال السفاح لسديف حين أغراه على بني مروان: "يا سديف خلق الإنسان من عجل".

ثم قال: [بسيط] أحيا الضغائن آباء لنا سلفوا ... فلن تبد وللآباء أبناء 256-عن المنصور: "إذا مد عدوك إليك يده فاقطعها إن أمكنك، وإلا فقلبها".

الباب الرابع

الباب الرابع في العدل والإنصاف واستعمال السوية في القسمة وغيرها ومن عدل وأوصى بالعدل 275-قال النبي صلى الله عليه وسلم: "زين الله الدنيا بثلاث: بالشمس والقمر والكواكب. وزين الأرض بثلاث: بالعلماء والمطر وسلطان عادل". 258-أول خطبة خطبها عمر رضي الله عنه: "أيها الناس إنه والله ما منكم أحد هو أقوى عندي من الضعيف حتى آخذ الحق له، ولا أضعف عندي من القوي حتى آخذ الحق منه". 259-وقال علي كرم الله وجهه: "أشد الأعمال ثلاثة: ذكر الله على كل حال، ومواساة الإخوان بالمال، وإنصاف الناس من نفسك". 260-وجه علي رضي الله عنه ابن عباس وعمار بن ياسر

والحسن ابنه حين توجه إلى صفين لعزل أبي موسى عن الكوفة، وحمل ما في بيت مالها فوجدوا فيه اثنين وخمسين ألف ألف درهم فقال: "كيف اجتمع هذا كله للأشعري ولم يجتمع لمن قبله؟ فقال مجاشع بن مسعود: أصدقكم. والله ما جمعه إلا العدل في الرعية وإقامة أمر الله في عباده". 261-كان الإسكندر يقول: "يا عباد الله إنما إلهكم الله الذي في السماء، الذي نصر نوحاً بعد حين، الذي يسقيكم الغيث عند الحاجة، وإليه مفزعكم عند الكرب. والله لا يبلغني أن الله أحب شيئاً إلا أحببته واستعملته إلى يوم

أجلي، ولا أبغض شيئاً إلا أبغضته وهجرته إلى يوم أجلي. وقد أنبئت أن الله يحب العدل في عباده ويبغض الجور من بعضهم على بعض. فويل للظالم من سيفي وسوطي. ومن ظهر منه العدل من عمالي فليتكئ في مجلسي كيف شاء، وليتمن علي ما شاء فلن تخطئه أمنيته. والله المجازي كلاً بعمله". 262-وعنه: "إذا لم يعمر الملك ملكه بالإنصاف خرب ملكه بالعصيان". 263-العباس بن عبد المطلب: [طويل] أبا طالب لا تقبل النصف منهم ... أبا طالب حتى تعق وتظلما أي قومنا إن ينصفونا فأنصفت ... قواطع في أيماننا تقطر الدما

264-أنو شروان قيل له: "أي الجنن أوقى؟ [قال] : الدين. قال: فأي العدد أقوى؟ قال: العدل". 265-شكوا إلى جعفر بن يحيى عاملاً له فوقع إليه: "قد كثر شكواك، فإما اعتدلت وإما اعتزلت". 266-قيل لعلي بن الحسين رضي الله عنه: "ما بالك إذا سافرت كتمت نسبك أهل الرفقة؟ فقال: [أكره] أن آخذ برسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أعطي مثله". 267-"أنصف وانظر إلي بعين الرضا، ثم اقتحم بي جمر الغضا". 268-"من أنصف من نفسه رضي [به] حكماً لغيره". 269-قال رجل إلى سليمان بن عبد الملك وهو جالس للمظالم: "ألم تسمع قول الله تعالى: (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين) .

قال: فما خطبك؟ قال: وكيلك اغتصبني ضيعتي وضمها إلى ضيعتك الفلانية. قال: فضيعتي لك وضيعتك مردودة إليك". وكتب إلى الوكيل بذلك وبصرفه من عمله. 270-رقي إلى كسرى بن قباذ أن في بطانة الملك من فسدت نياتهم وخبثت ضمائرهم. فقال: إنما أملك الأجساد لا النيات، وأحكم بالعدل لا بالرضا، وأفحص عن الأعمال لا عن السرائر". 271-هارون بن محمد البالسي: [خفيف] زيد في قدرك العلي علواً ... يا ابن وهب من كاتب ووزير أنت وجه الإمام لا زلت طلقاً ... بك تفتر عابسات الأمور أسفر الشرق منك والغرب عن ضو ... ء من العدل فاق ضوء البدور أشر الناس غيثكم بعد ما كا ... نوا رفاتاً من قبل يوم النشور شرد الجور عدلكم فسرحنا ... منكم بين روضة وغدير 272-نزل رجل بعلي كرم الله وجهه فمكث عنده أياماً ثم تغوث إليه في خصومة، فقال علي: "أخصم أنت؟ " قال: "نعم". قال: "تحول عنا، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يضاف خصم إلا ومعه خصمه".

273-وعنه: "بالسيرة العادلة يقهر المناوئ". 274-مات بعض الأكاسرة فوجدوا له سفطاً، ففتح فإذا فيه حبة رمان كأكبر ما يكون من النوى معها رقعة مكتوب فيها: "من حب رمان عمل في خراجه بالعدل". 275-تظلم أهل الكوفة إلى المأمون من واليهم فقال: ما علمت في عمالي أعدل وأقوم بأمر الرعية، وأعود بالرفق عليهم منه. فقال رجل منهم: يا أمير المؤمنين ما من أحد أولى بالعدل والإنصاف منك. فإن كان بهذه الصفة فعلى أمير المؤمنين أن يوليه بلداً بلداً حتى يلحق كل بلد من عدله مثل الذي لحقنا، ويأخذ بقسطه منه كما أخذنا. وإذا فعل ذلك لم يصبنا منه أكثر من ثلاث سنين. فضحك وعزله. 276-كتب عدي بن أرطأة إلى عمر بن عبد العزيز: أما بعد، فإن قبلنا قوم لا يؤدون الخراج إلا أن يمسهم العذاب. فاكتب إلي رأيك فيهم. فكتب إليه: أما بعد، فالعجب لك كل العجب. تكتب إلي تستأذنني في عذاب البشر، كأن

إذني لك جنة من عذاب [الله] . وكأن رضاي ينجيك من سخط الله. فمن أعطاك ما عليه عفواً فخذه منه، ومن أبي فاستحلفه وكله إلى الله تعالى. لأن يلقوا الله بجرائمم أحب إلي من أن نلقاه بعذابهم. والسلام. 277-جاء رجل من مصر إلى عمر رضي الله تعالى عنه فقال: يا أمير المؤمنين، هذا مقام العائذ. فقال: لقد عذت عياذاً. فما شأنك؟. قال: سابقت ولد عمرو بن العاص فسبقته، فجعل يقنعني بسوطه ويقول: أنا ابن الأكرمين. وبلغ عمراً فحسبني خشية أن آتيك، فانفلت. فكتب عمر إلى عمرو: إذا أتاك كتابي هذا فاشهد الموسم أنت وابنك. وقال للمصري: أقم حتى يقدم عمرو ويشهد الحج. فلما كان وقت قدومه رمى إليه بالدرة فضرب ولد عمرو وعمر يقول: اضرب ابن الأمير حتى قال: يا أمير المؤمنين، قد استغنيت. ثم قال: ضعها على صلعة عمرو. فقال: يا أمير المؤمنين، ضربت

الذي ضربني. فقال: ايم الله، لو فعلت ما منعك أحد حتى تكون أنت الذي تنزع. ثم قال: يا عمرو، متى تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟. 279-قدم المنصور البصرة قبل الخلاقة فنزل بواصل بن عطاء، وقال: بلغتني أبيات عن سليمان بن يزيد العدوي في العدل فمر بنا إليه. فأشرف إليهم من غرفة فقال لواصل: من هذا الذي معك؟ قال: عبد الله بن محمد بن علي بن عباس. وقال: رحب على رحب، وقرب إلى قرب. قال: يحب أن يسمع أبياتك في العدل. فأنشده: [بسيط] حتى متى لا ترى عدلاً نسرُّ به ... ولا نرى لولاة الحق أعوانا

مستمسكين بحق، قائمين به ... إذا تلون أهل الجور ألوانا يا للرجال لداء لا دواء له ... وقائد ذي عمى يقتاد عميانا فقال المنصور: "وددت أني رأيت يوم عدل ثم مت". قال ابن المبارك: فهلك أبو جعفر والله وما عدل". 280-وقال فضيل: "ما ينبغي لك أن تتكلم بفمك كله، تدري من يتكلم بفمه كله؟ عمر بن الخطاب، كان يطعمهم الطيب ويأكل الغليظ، ويكسوهم اللين ويلبس الخشن، ويعطيهم الحق ويزيدهم. وأعطى رجلاً عطاءه أربعة آلاف درهم، وزاده ألفاً فقيل له: ألا تزيد ابنك كما تزيد هذا؟ فقال: إن هذا ثبت أبوه يوم أحد، ولم يثبت أبو هذا". 281-وقال عبادة بن الصامت: "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من إبل الصدقة

فلما سلم تناول وبرة من البعير وقال: مالي مما أفاء الله عليكم ولا مثل هذه إلا الخمس، والخمس مردود فيكم". 282-وقال سليمان بن عبد الملك لأبي حازم: "ما النجاة من هذا الأمر؟ قال: شيء هين. قال: لا تأخذ شيئاً إلا من حقيه، ولا تضعه إلا في حقه. قال: ومن يطيق هذا؟ قال: من طلب الجنة وهرب من النار". 283-"لا يكون العمران إلا حيث يعدل السلطان". 284-"العدل حصن وثيق في رأس نيق، لا يحطمه سيل ولا يهدمه منجنيق". 285-وعنه:"اكفني أمره وإلا كفيته أمرك".

286-وقال بعض السلف: العدل ميزان الله، والجور مكيال الشياطين". 287-"الملك العادل مكنوف بعون الله، محروس بعين الله". صورة 288-بليغ: "رأيت صورة قمرية وسيرة عمرية". 289-آخر: "رأيت بفلان نور القمرين وعدل العمرين". 290-وقال أردشير: "إذا رغب الملك عن العدل رغبت الرعية عن الطاعة". 291-وعنه: "لا سلطان إلا برجال، ولا رجال إلا بمال، ولا مال إلا بعمارة، ولا عمارة إلا بعدل وحسن سياسة". 292-ولم يكن بعد أردشير أعدل من أنو شروان، وهو الذي ولد [رسول الله صلى الله عليه وسلم] لسبع سنين خلت من ملكه. وقال: "ولدت في زمن الملك العادل". وسائر الأكاسرة كانوا ظلمة يستعبدون الأحرار، ويتسخرون الرعايا ويستأثرون عليهم بكل شيء فلا يجرؤ أحد أن يطبخ سكباجاً أو يلبس ديباجاً أو يركب هملاجاً أو ينكح حسناء أو ينكح حسناء أو يبني قوراء

أو يؤدب ولده أو يمد إلى مروءة يده، ويبنون الأمر على قول عمرو بن مسعدة للمأمون: "كل ما يصلح للمولى على العبد حرام". 293-وقال أنو شروان: "كفاك من بركة العدل في الرعية، وحفظ الله لصاحبه ما أعطى [الله] الضحاك من ملك ألف سنة. أما والله لو أن ملوك يونان وهموران يعني حمير والأشغان عدلوا لطالت أعمارهم. فاقتدوا بخيار ملوكهم وأهل الفضل منهم تسعدوا بالعيش ما عشتم، وتصيروا بعد الموت إلى خير منه". 294-وقال أرسطاليس: "العدل حسن وهو علة كل حسن، ولذلك الحسن مع كل معتدل، والجور قبيح وهو علة كل قبح، وكذلك القبح مع كل خارج عن حد الاعتدال".

295-وقال سقراط: "ينبوع فرح الإنسان القلب المعتدل، وينبوع فرح العالم الملك العادل. وينبوع حزن الإنسان القلب المختلف المزاج، وينبوع حزن العالم الملك الجائر". 296-قدم عبد الله بن زمعة على علي كرم الله وجهه في خلافته وكان من شيعته، وطلب منه مالاً فقال له: إن هذا المال ليس لي ولا لك وإنما هو للمسلمين وجلب أسيافهم. فإن شركتهم في حربهم كان لك مثل حظهم وإلا فجناة أيديهم لا تكون لغير أفواههم". 297-وقال لعامله: "انطلق على تقوى الله وحده لا شريك له. ولا تروعن مسلماً. ولا تختارن عليه كارهاً. ولا تأخذن منه أكثر من حق الله في ماله. فإذا قدمت على الحي فانزل بمائهم من غير أن تخالط أبياتهم، ثم امض إليهم بالسكينة

والوقار حتى تقوم بينهم فتسلم عليهم. ولا تخدج التحية لهم ثم تقول: عباد الله، أرسلني إليكم ولي الله وخليفته لآخذ منكم حق الله في أموالكم، فهل لله في أموالكم من حق فتؤدوه إلى وليه؟. فإن قال قائل: لا، فلا تراجعه. وإن أنعم لك منعم فانطلق معه من غير أن تخيفه أو توعده أو تعسفه أو ترهقه، فخذ ما أعطاك من ذهب أو فضة، فإن كانت لك ماشية أو إبل فلا تدخلها إلا بإذنه فإن أكثرها له. فإذا أتيتها فلا تدخلها دخول متسلط عليه ولا عنيف به. ولا تنفرن بهيمةً ولا تفزعها، ولا تسوأن صاحبها فيها". 298-وقال للأشتر حين ولاه مصر: "واجعل لذوي الحاجات منك قسماً تفرغ لهم في شخصك، وتجلس لهم مجلساً عاماً فتتواضع فيه لله الذي

خلقك، وتقعد عنهم جندك وأعوانك من أحراسك حتى يكلمك مكلمهم غير متعتع، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم [يقول] في غير موطن: "لن تقدس أمة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي غير متعتع". ثم احتمل الخرق منهم والعي ونح عنك الضيق والأنف يبسط الله عليك أكناف رحمته ويوجب لك ثواب طاعته". 299-لما ولي عمر بن عبد العزيز أخذ في رد المظالم فابتدأ بأهل بيته، فاجتمعوا إلى عمة كان يكرمها وسألوها أن تكلمه فقال لها: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سلك طريقاً فلما قبض سلك صاحباه ذلك الطريق، فلما ولي عثمان رضي الله عنه سلك مثله غير أنه خد فيه أخدوداً. فلما أفضى الأمر إلى معاوية فجره يميناً وشمالاً. وأيم الله لئن مد [لي] عمر لأردنه إلى الطريق الذي سلكه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه. فقالت له: يا ابن أخي إني أخاف عليك منهم يوماً عصيباً. فقال: كل يوم أخافه غير يوم القيامة فلا أمننيه الله. فخرجت

إليهم فقالت: أتتزوجون في آل عمر بن الخطاب فإذا نزعهم الشبه تكلمتم. وذلك أن أم عمر [هي] أم عاصم [بنت عاصم] بن عمر بن الخطاب. 300-وعن بعض الحكماء: "عدل السلطان أنفع من خصب الزمان". 301-أزرع الأحرار بسيبك واحصد الأشرار بسيفك". 302-كثير عزة في عمر بن عبد العزيز: [بسيط] قد غيب الدافنون [اللحد] في عمر ... بدير [سمعان] قسطاس الموازين

ضمن غيب معنى أودع وضمن، فذلك عدا [هـ] إلى أثنين. 303-نزل بالحسن بن علي ضيف فاستسلف درهماً اشترى له به خبزاً، واحتاج إلى الإدام فطلب من قنبر أن يفتح له زقاً فيه عسل جاء من اليمن فأخذ منه رطلاً. فلما قعد علي كرم الله وجهه ليقسمها، فقال: يا قنبر قد حدث في هذا الزق حادث. فقال: صدقت. وأخبره بالخبر. فغضب وقال: علي به. فرفع عليه الدرة فقال: بحق عمي جعفر. وكان إذا سئل بحق جعفر سكن، وقال: ما حملك على أن أخذت منه قبل القسمة؟ قال: إن لنا فيه حقاً، فإذا أعطيتنا رددناه. قال: فداك أبوك، وإن كان لك فيه حق فليس لك أن تنتفع بحقك قبل أن ينتفع المسلمون بحقوقهم. ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ثنيتك لأوجعتك ضرباً. ثم دفع إلى قنبر درهماً وقال: اشتر به أجود العسل. قال الراوي: فكأني أنظر إلى يدي علي على فم الزق وقنبر يقلب العسل فيه، ثم شده وجعل يبكي ويقول: اللهم اغفر للحسن فإنه لا يعلم".

304-وقال الحسن: "أتى عمر رضي الله عنه مال كثير فأتت إليه حفصة فقالت: يا أمير المؤمنين، حق أقربائك، فقد أوصى الله بالأقربين". فقال: يا حفصة إنما حق أقربائي من مالي، فأما مال المسلمين فلا. فقالت حفصة: "نصحت قومك وغششتنا". وقامت تجر ذيلها.

الباب الخامس

الباب الخامس في العجز والتواني والكسل والبطء والتردد في الأمر وما اشبه ذلك 305-قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: كنا عند رسول الله فقال: أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة؟ فسأله سائل: كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال: يسبح ألف تسبيحة فيكتب له ألف حسنة ويحط عنه ألف خطيئة". 306-وقال علي كرم الله وجهه: "من أطاع التواني ضيع الحقوق". 307-وقال أكثم بن صيفي: "ما أحب أن أكفى جميع أمر الدنيا. قيل: ولم ذاك؟ قال: أخاف عادة العجز".

308-حكيم: "من دلائل العجز كثرة الإحالة على المقادير". 309-[كتب] على عصا ساسان: "الحركة بركة والتواني هلكة، والكسل شؤم والأمل زاد العجز. وكلب طائف خير من أسد رابض. ومن لم يحترف لم يعتلف". 310-وقال أبو المعالي: [طويل] [و] إن التواني أنكح العجز بنته ... وساق إليها حين زوجها المهرا

فراشاً وطيئاً ثم قال لها اتكي ... فقصراكما لا شك أن تلدا الفقرا 311-قال جرير للفرزدق: "ظننت أن تفعل كذا. فقال: طالما أخلفت ظن العجزة، وما ظنك بالحلفاء أدنيت لها ناراً؟ ". 312-خرج المعتصم إلى بعض متنزهاته فظهر لهم أسد فقال لرجل من أصحابه أعجبه قوامه وسلاحه وتمام خلقه: "يا رجل، أفيك خير؟ فقال بالعجلة: لا والله يا أمير المؤمنين. فضحك المعتصم، فقال: قبحك الله".

313-شعر: [بسيط] لا تضجرن ولا يدخلك معجزة ... فالنجح [يذهب] بين العجز والكسل 314 غيرة: [وافر] ولا تركن إلى كسل وعجز ... تحيل على المقادر والقضاء 315-أبو بكر العرزمي: [طويل] أرى عاجزاً يدعى جليداً لغشمه ... ولو كلف التقوى لكلت مضاربه وعاف يسمى عاجزاً لعفافه ... ولولا التقى ما أعجزته مذاهبه وليس بعجز المرء أخطأه الغنى ... ولا باحتيال أدرك المال كاسبه

316-وقال أعرابي: "العاجز هو الشاب القليل الحيلة، الملازم للحليلة". 317-وقيل: فلان يخدعه الشيطان عن الحزم فيمثل له التواني في صورة التوكل ويورثه الهوينا بإحالته على القدر". 318-وقال الحسن رضي الله عنه: "إن أشد الناس صراخاً يوم القيامة رجل سن سنة ضلالة فاتبع عليها. ورجل فارغ مكفي قد استعان بنعم الله على معاصيه". 319-وقيل لسهل بن هارون: "خادم القوم سيدهم. [قال] : هذا من أخبار الكسالى". 320-وقال بعضهم: [بسيط] أصبحت لا رجل يغدو لمطلبه ... ولا قعيدة بيت تحسن العملا

321-وقال لبيد: "واعص ما يأمر توصيم الكسل". 322-الخيبة نتيجة مقدمتين: الكسل والفشل، وثمرة شجرتين: الضجر والملل. 323-قيل: شعاره الكسل ودثاره التسويف والعلل. 324-"الكسل باب الخصاصة". 325-"الكسلان إذا أرسلته في حاجة تكهن عليك". 326-"يسحب رجلاً لا تكاد تنسحب". 327-شعر: [رجز] إن الهوينا تورث الهوانا.

328-غيره: [بسيط] لو سابق الذر مشدوداً قوائمه ... يوم الرهان لكان الذر يسبقه 329-"التعبد يثقل على أهله كثقله في الميزان، والكسل يخف على أهله كخفته في الميزان". 330-وقال لقمان عليه السلام: "يا بني إياك والكسل والضجر، فإنك إذا كسلت لم تؤد حقاً، وإذا ضجرت لم تصبر على حق". 330-وقال طاهر بن الفضل:"الكسلان منجم، والبخيل طبيب". 332-وقال العطاف الكلبي: [طويل] كلوا عجوة الوادي فإن بلاءكم ... ضعيف إذا ما كان يوم قماطر ولا تغضبوا مما أقول فإنما ... أنفت لكم مما يقول المعاشر

333-ابن الدنقعي: [طويل] إذا وضع الراعي على الأرض صدره ... فحق على المعزى بأن تتبددا 334-وقال ابن السماك: "جلاء القلوب استماع الحكمة، وصدؤها الملالة والفتور". 335-[كان] : إذا سئم تبدى 336-المأمون: "إن النفس لتمل الراحة كما تمل التعب". 337-أبجر بن جابر ألعجلي: "يا بني، إياك والسآمة في الأمور فتقذفك الرجال خلف أعقابها".

338-"فلان لا ينتبه ولو أعيد في الكور ونفخ عليه إلى أن ينفح في الصور". 339-علي كرم الله وجهه: "إلى كم أغضي على القذى، وأسحب ذيلي على الأذى وأقول لعل وعسى". 340-عمر رضي الله عنه:" [إني لأكره] أن أرى أحدكم فارغاً سب لا في عمارة دنيا ولا في عمل آخرة". 341-"أحذركم من عاقبة الفراغ فإنها أجمع لأبواب المكروه من السكر". 342-"إذا كان الشغل مجهدة فإن الفراغ مفسدة". 343-حجام ساباط مثل في الفراغ وهي ساباط المدائن كان بها حجام إذا مر به البعوث حجمهم بنسيئة إلى وقت القفول. وقيل: حجم مرة أبرويز فأمر له بما أغناه عن الحجامة، فلم يزل فارغاً مكفياً".

344-[سريع] دار أبي العباس مفروشة ... ما شئت من بسط وأنماط لكنما بعدك من خبزه ... كبعد بلخ من سميساط مطبخه قفر وطباخه ... أفرغ من حجام ساباط 345-[كان] ابن الرومي إذا ذكر أبا حفص الوراق سماه وراق ساباط لفراغه. 346-"اخلع علي ساعة من ساعاتك"، أي تفرغ لي. 347-وعن أنس رضي الله عنه رفعه: "أشد الناس حساباً يوم القيامة المكفي والفارغ".

348-قدامة بن جعفر: "كنت مروياً في أمر آتيه أم أذره فأنشدت في المنام: [طويل] فلا تكن النفس التي نيط آمرها ... بنفسين نفسي تائق وعزوف 349-وقال غيره: [كامل] كان الفراغ إلى سلامك قادني ... فلربما طلب الفضول الفارغ 350-قولك: في أذني قرط، أي لا أنساه. 351-لو غابت عنك العافية لنسيتها. 353-وعن جابر بن عبد الله: خمس يورثن النسيان: أكل التفاح، وسؤر الفأر، والحجامة في النقرة، ونبذ القمل حياً، والبول في الماء الراكد".

354-وعن علي كرم الله وجهه: عشر يورثن النسيان: كثرة الهم، والحجامة في النقرة، ولبول في الماء الراكد، وأكل التفاح الحامض، وأكل الكزبرة الخضراء، وأكل سؤر الفار، وقراءة ألواح القبور، والنظر إلى المصلوب، والمشي بين الجملين، وإلقاء القمل حياً". 355-وفي نوابغ الكلم: "يا إنسان عادتك النسيان". 356-"أذكر الناس ناس، وأرق القلوب قاس". 357-"فلان نغل القلوب [كذا؟] والفؤاد، غير نشاء الأحقاد". 358-المعتز: [بسيط] وما أمل حبيبي ليتني أبداً ... مع الحبيب ويا ليت الحبيب معي

359-العباس بن الأحنف: [كامل] لو كنت عاتبة لسكن عبرتي ... أملي رضاك وزرت غير مراقب لكن مللت فلم يكن لي حيلة ... صد الملول خلاف صد العاتب 360-العرب تقول: "إنك لذو ملة طرف"، أي تتخذ حبيباً ثم تمله وتستظرف آخر. 361-"هذا أمر يضيق به فضاؤك، وتسقط منه كسفاً سماؤك". 362-كان رجل يسمي أسماء غلمانه ثم ينساهم فقال: اشتروا لي غلاماً يكون له اسم مشهور لا أنساه. فاشتروا له غلاماً اسمه واقد فقال: هذا الاسم لا أنساه. اجلس يا فرقد".

363-وقال: [خفيف] أتناسيت أم نسيت إخائي ... والتناسي شر من النسيان". 364-قالت العرب: "عقرة العلم النسيان". 365-قيل لرجل من عبد القيس في مرضه: "أوصينا. قال: أنذركم سوف".

الباب السادس

الباب السادس في العفاف والورع والعصمة وذكر الحلال والحرام ومن تحرج وتنزه من الرجال والنساء 366-عن عطية السعدي قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذراً مما به بأس". 267-وعن أبي بكر رضي الله عنه: أنا منذ وليت أمر المؤمنين لم آخذ لهم درهماً ولا ديناراً، ولكن قد أكلت من جريش طعامهم، ولبست من خشن ثيابهم، وليس عندنا من فيئهم إلا هذا الناضج وهذا العبد الحبشي وهذه القطيفة. فإذا قبضت فادفعوها إلى عمر. فلما قبض أرسلوها إليه فبكى حتى سالت دموعه ثم قال: رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده". 368-وقال علي كرم الله وجهه: "العفاف زينة الفقر".

369-وقال داود عليه السلام لبني إسرائيل: "لا يدخل أجوافكم إلا طيب ولا يخرج من أفواهكم إلا طيب". 370-إن أحببت أن تعلم علم اليقين فاجعل بينك وبين الشهوات حائطاً من حديد. 371-وقال سليمان عليه السلام: "إن الغالب لهواه أشد من الذي يفتح المدينة وحده". 372-حلقت قرشية شعرها وكانت من أحسن الناس وجهاً وشعراً، فقيل لها في ذلك فقالت: أردت أفتح الباب فلمحني رجل ورأسي مكشوف، فما كنت لأدع علي شعراً رآه من ليس بمحرم". 373-وقال بعض بني كلب: [خفيف] إن أكن طامح اللحاظ فإني ... والذي يملك الفؤاد عفيف 374-وقال غيره: [طويل] فقالت بحق الله إلا أتيتنا ... إذا كان لون الليل شبه الطيالس فجئت ما في القوم يقظان غيرها ... وقد نام عنها كل واش وحارس فبتنا بليل طيب نستلذه ... جميعاً ولم أقلب لها كف لامس 375-"الحلال يقطر والحرام يسيل".

376-لقي مخنث آخر وقد تاب، فقال له: "من أين معاشك؟ فقال: بقيت لي بقية من الكسب القديم. فقال: إذا كانت نفقتك من ذلك الكسب فلحم الخنزير طرياً خير من قديد". 377-نزل خارجي على أخ له مستتراً من الحجاج فخرج صاحب المنزل لبعض حاجاته وقال لامرأته: "يا زرقاء أوصيك بضيفي هذا خيراً. فلما عاد بعد شهر قال لها: كيف ضيفنا؟ قالت: ما أشغله بالعماء عن كل شيء! وكان الضيف يطبق عينيه فلم ينظر إلى المرأة إلى أن عاد زوجها. 378-وقيل: مرت امرأة من بني نمير فقال رجل منهم: هي رسحاء. فقالت: يا بني نمير، ما أطعتم الله تعالى ولا أطعتم قول الشاعر! قال الله تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصرهم) . وقال الشاعر: [وافر] "فغض الطرف إنك من نمير"

379-وقال عبد الرحمن بن الحكم بن العاص: [بسيط] هيفاء فيها إذا استقبلتها عجف ... عجزاء غامضة الكعبين معطار من الأوانس مثل الشمس لم يرها ... بساحة الدار لا بعل ولا جار 380-لم يذهب على أحد من الرواة أن عمر بن أبي ربيعة كان عفيفاً: يصف ويقف ويحوم ولا يرد. 381-قيل للحسن: "إن عند فلان عشرة آلاف. قال: ما أحسبها اجتمعت من حلال" 382-وقيل له: "إن فلاناً مات وترك مائة ألف. قال: إذاً لا تتركه".

383-وعن زاهد: "إني لأشتهي الشواء منذ أربعين سنة ما صفا لي درهمه". 384-"لا تعود نفسك الشبع من الحلال فتأكل الحرام". 385-سقط من يد كهمس بن الحسن الحنفي دينار فطلبوه حتى وجدوه، فأبى أن يأخذه وقال: "لعله ليس بديناري". 386-وقال ابن سيرين: ما غشيت امرأة قط في يقظة ولا نوم غير أم عبد الله. وإني لأرى المرأة في المنام فأعلم أنها لا تحل لي فأصرف بصري عنها". 387-قال بعضهم: "ليت عقلي في اليقظة كعقل ابن سيرين في المنام". 388-وقال: [طويل] وإني لعف عن فكاهة جارتي ... وإني لمشنوء إلي اغتيابها إذا غاب عنها بعلها لم أكن لها ... زؤوراً ولم تأنس إلي كلابها ولم أك طلاباً أحاديث سرها ... ولا عالماً من أي حوك ثيابها 389-تذاكروا أشد الأعمال في مجلس يونس بن عبد الله فاتفقوا أنه الورع

فجاء حسان بن أبي سنان وقال: إن الصلاة لمؤونة وإن الصوم لمؤونة وما أهون الورع وإذا رابك شيء فاتركه". 390-من ورع حسان أن غلاماً كتب إليه من الأهواز أن قصب السكر أصابته آفة فاشترها قبلك ففعل، فطلب منه بعد قليل بربح ثلاثين ألفاً فاستقال صاحبه البيع وقال: لم تعلم ما كنت أعلم حين اشتريت. فقال: قد أعلمتني الآن وقد طيبتك. فلم يطمئن قلبه، ولم يزل حتى رده عليه. 391-وقال محمود الوراق: [سريع] لا تشعرن قلبك حب الغنى ... إن من العصمة أن لا تجد

كم مدمن خمراً وغاد على ... سماع لهو وغناء غرد لو لم يجد خمراً ولا مسمعاً ... برد بالماء غليل الكبد 392-وقال ابن المبارك: "أراد أبو حنيفة رضي الله عنه أن يشتري جارية فمكث يختار ويشاور من أي سبي يشتريها". 393-اختلطت غنم الغارة بغنم أهل الكوفة فسأل أبو حنيفة: كم تعيش الشاة؟ قالوا: سبع سنين. فترك أكل الغنم سبع سنين. 394-وحملت إليه بدرة من عند المنصور فرمى بها في زاوية البيت، فلما توفي

جاء بها ولده حماد إلى الحسن بن قحطبة وقال: "أوصاني أبي برد هذه الوديعة إليك". فقال: "رحم الله أباك، لقد شح على دينه إذ سخت به أنفس أقوام". 395-وقال الثوري: "انظر إلى درهمك من أين هو، وصل في الصف الآخر". 396-كان عمر رضي الله عنه يتمثل بهذا البيت: [بسيط] حلالها حسرة تفضي إلى ندم ... وفي المحارم منها السم مدرور 397-وعن جابر: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لكعب بن عجرة: "لا يدخل الجنة من نبت لحمه من سحت النار أولى به".

398-وقال أبو بكر رضي الله عنه: "إن الله حرم الجنة أن يدخلها جسد غذي بحرام". 399-وعن أبي هريرة- رفعه -: "يأتي على الناس زمان لا يسألون من حلال كسبوا أم حرام". 400-وعن حذيفة- رفعه -: "أن قوماً يجيئون يوم القيامة ولهم من الحسنات أمثال الجبال فيجعلها الله هباء ثم يؤمر بهم إلى النار. فقال سليمان: حلهم لنا يا رسول الله. فقال: أما إنهم كان يصلون ويصومون ويأخذون أهبة من الليل، ولكنهم كانوا إذا عرض لهم شيء من الحرام وثبوا عليه". 401-أيمن بن خريم: [طويل] فقلت اصطحبها أو لغيري أهدها ... فما أنا بعد الشيب ويبك والحمر

تعففت عنها بالسنين التي خلت ... فكيف التصابي بعد ما كلأ العمر 402-"فلان يعقد نطاقه على طبع، [تقال] للطيب الإزار". 403-وقال أبو سليمان الداراني: "من صدق في ترك الشهوة كفي مئونتها، الله أكرم من أن يعذب قلبه بها وقد تركها له". 404-مر سليمان الخواص بإبراهيم بن أدهم وهو عند قوم أضافوه فقال: يا أبا إسحاق نعم الشيء هذا إن لم يكن تكرمة على الدين".

405-وقال مروان بن معاوية: "ما من أحد إلا وقد أكل بدينه حتى سفيان الثوري، وكان له أخ يعمل ببضاعته وهو جالس، ولولا دينه ما فعل به ذلك". 406-وقيل: "ملك اللذات أن تتعبدنه". 407-وهو بماله متبرع، وعن مال عشيرته متورع. 408-"لم يتدنس بحطام ولم يتلبس بآثام". 409-"عف السريرة غيبه كالمشهد" 410-قالت امرأة لرجل أكثر تأملها: "عبر عينك وشيء غيرك!! ". 411-وقال أبو أمامة الباهلي: "لما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم أتت إبليس جنوده وقالوا: قد بعث محمد وخرجت أمته. قال: أفيحبون الدنيا؟ قالوا: نعم. قال: إن كانوا يحبون الدنيا فإني لا أبالي أن يعبدوا الأوثان، أنا أغدو عليهم وأروح لهم بثلاث: أخذ المال من غير حله، وإنفاقه في غير حقه، وإمساكه عن حقه. والشرك تابع لهذا".

412-قال حكيم: "عز النزاهة أحب إلي من فرح الفائدة، والصبر على العسرة أحب إلي من احتمال المنة". 413-قيل لابن المسيب: "العن الحجاج، [فقال] : ويأخذ الحجاج مظلمته مني، حسبه ذنبه". 414-دخلت بثينة على عبد الملك بن مروان فقال: يا بثينة ما أرى شيئاً مما كان يقول جميل. فقالت: يا أمير المؤمنين إنه كان يرنو إلي بعينين ليستا في رأسك. قال: فكيف صادفت عفته؟ قالت: كما

وصف نفسه بقوله: [منسرح] لا والذي تسجد الجباه له ... مالي بما تحت ثوبها خبر ولا بفيها ولا هممت بها ... ما كان إلا الحديث والنظر 415-وعن أبي السهل ألساعدي: "دخلت على جميل وبوجهه آثار الموت فقال لي: يا أبا سهل إن رجلاً يلقى الله ولم يسفك دماً حراماً. ولم يشرب خمراً، ولم يأت بفاحشة، أترجو له الجنة؟ قلت: إي والله. فمن هو؟ قال: إني لأرجو الله أن أكون ذلك. فذكرت بثينة فقال: إني لفي آخر يوم من الدنيا وأول يوم [من] الآخرة ولا نالتني شفاعة محمد إن كنت حدثت نفسي بريبة قط".

416-وقال عبد الله بن عبد المطلب أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم دعته بغي إلى نفسها، وكانت تسمع من الكهنة بإتيان رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت حسنة. وأرادت أن تخدع عبد الله رجاء أن يكون [منها] رسول الله صلى الله عليه وسلم للنور الذي رأته بين عينيه وقال: [رجز] أما الحرام فالحمام دونه ... والحل لا حل فأستبينه فكيف بالأمر الذي تبغينه ... يحمي الكريم عرضه ودينه 417-وقال: [طويل] وأحور مخضوب البنان محجب ... دعاني فلم أعرف إلى ما دعا وجها بخلت بنفسي عن مقام يشينها ... فست مريداً ذاك طوعاً ولا كرها

418-وقال الحسن: "لو وجدت رغيفاً من حلال لأحرقته، ثم دققته، ثم ذريته ثم داويت به المرضى". 419-وقيل عدمت أم أبي ذر رضي الله عنه ما تكفنه به فبكت. فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم: ليموتن أحدكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين، فأبصري الطريق. فإذا برجال أقبلوا ففدوه بأمهاتهم وبآبائهم. فقال: أنشدكم الله، إن كفنني رجل يكون عريفاً أو أميراً أو شرطياً أو نقيباً! فكفنه فتى من الأنصار بثوبين من غزل أمه".

420-راود توبة الحميري ليلى الأخيلية عن نفسها فاشمأزت وقالت: [طويل] وذي حاجة قلنا له لا تبح بها ... فليس إليها ما حييت سبيل لنا صاحب لا يبتغينا بخونة ... وأنت لأخرى صاحب وخليل 421-ابن ميادة: [طويل] موانع لا يعطين حبة خردل ... وهن دوان في الحديث أوانس ويكرهن أن يسمعن في اللهو ريبة ... كما كرهت صوت اللجام الشوامس 422-وقال رجل للثوري: "أصاب ثوبي خلوق من خلوق الكعبة. فقال: اغسله فكم [فيه] من دم مسلم".

423-وقال فضيل في ابنه علي: "كانت لنا شاة أكلت شيئاً يسيراً من علف بعض الأمراء، فما شرب من لبنها بعد". 424-وقال إبراهيم بن أدهم: "أنا بالشام من أربع وعشرين سنة، ما جئت لجهاد ولا رباط، ولكن لأشبع من خبز حلال". 425-وقال عمرو بن العاص: "لئن كان أبو بكر وعمر تركا هذا المال وهما يريان أن يحل لهما، لقد غبنا ونقص رأيهما، والله ما كان مغبونين ولا ناقصي الرأي. ولئن كان ما أصبنا منه يحرم علينا، لقد هلكنا. وأيم الله، ما أتى الوهم والوهن إلا من قبلنا". 426-عبد الله بن الحسن بن الحسن: [كامل] أنس غرائر ما هممن بريبة ... كظباء مكة صيدهن حرام

يحسبن من لين الكلام فواسقاً ... ويصدهن عن الخنا الإسلام 427-كان الأصمعي يستحسن بيتي العباس بن الأحنف: [بسيط] أتأذنون لصب في زيارتكم ... فعندكم شهوات السمع والبصر لا يضمر السوء إن طال الجلوس به ... عف الضمير ولكن فاسق النظر 428-كان ابن المولى المدني متواصفاً بالعفة وطيب الإزار، فأنشد عبد الملك بن مروان وهو متنكب قوسه يقول: [طويل] وأبكي فلا ليلى بكت من صبابة ... لباك ولا ليلى لذي الود تبذل

وأخنع بالعتبى إذا كنت مذنباً ... وإن أذنبت كنت الذي أتنصل فقال له: "من ليلى هذه؟ إن كانت [حرة] لأزوجنكها. وإن كانت مملوكة لاشترينها لك بالغة ما بلغت. فقال: كلا يا أمير المؤمنين، ما كنت لأمعن بوجه حر أبداً في حرته ولا في أمته. ووالله ما ليلى إلا قوسي هذه سميتها ليلى فأنا أتشبب بها". 429-وقال مهدي بن الملوح الجعدي: [طويل] كأن على أنيابها الخمر شابها ... بماء الندى من آخر الليل غابق وما ذقته إلا بعيني تفرساً ... كما شيم في أعلى السحابة بارق

430-وقالت عائشة رضي الله عنها: "يا رسول الله، من المؤمن؟ قال: المؤمن من إذا أصبح نظر إلى رغيفه من أين يكسبها. قالت: يا رسول الله أما إنه لو كلفوه ولكنهم يعسفون الدنيا عسفاً". 431-وقيل: اختفى إبراهيم بن المهدي في هربه من المأمون عند عمته زينب بنت أبي جعفر، فوكلت بخدمته جارية اسمها ملك، واحدة زمانها في الحسن والأدب، طلبت منها بخمسمائة ألف، فهويها وتذمم أن يطلبها إليها، فغنى يوماً وهي عنده يقول: [مجزوء الرمل] يا غزلاً لي إليه ... شافع [من] مقلتيه والذي أجللت خدي ... هـ فقبلت يديه

بأبي حسنك ما أك ... ثر حسادي عليه أنا ضيف وجزاء الضي ... ف إحسان إليه ففطنت الجارية، فحكت لمولاتها فقالت: اذهبي إليه فأعلميه أني قد وهبتك إليه. فعادت الجارية فلما رآها أعاد الغناء فانكبت عليه، فقال لها كفي. فقالت قد وهبتني مولاتي لك، وأنا الرسول. فقال: أما الآن فنعم. 432-وأنشد المبرد يقول: [منسرح] ما إن دعاني الهوى لفاحشة ... إلا نهاني الحياء والكرم فلا إلى محرم مددت يدي ... ولا مشت بي لريبة قدم 433-وقيل: [طلب] عمر بن عبد العزيز رحلاً لمصحفه، فأتى برحل أعجبه فقال: "من أين أصبتموه؟ فقيل: عمل من خشبة وجدت في

بعض الجزائر. فقال: قوموه في السوق. فقوم بنصف دينار. فقال: ضعوا في بيت المال دينارين". 434-وقال عيسى عليه السلام: "لا تكونن حديد النظر إلى ما ليس لك فإنه لن يزني فرجك ما حفظت عينيك، فإن استطعت أن لا تنظر إلى ثوب المرأة التي لا تحل لك فافعل. ولن تستطيع ذلك إلا بإذن الله تعالى".

الباب السابع

الباب السابع في التعجب وذكر العجائب والنوادر وما خرج من العادات 435-قال علي بن ربيعة: "شهدت علياً رضي الله عنه أتي بدابة ليركبها، فلما وضع رجله في الركاب قال: بسم الله. فلما استوى على ظهرها قال: (سبحن الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون) . ثم قال: الحمد لله، والله أكبر ثلاث مرات. ثم قال: سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. ثم ضحك. فقلت: يا أمير المؤمنين، من أي شيء تضحك؟ قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل ما فعلت أنا ثم ضحك فقلت: يا رسول الله من أي شيء تضحك؟ فقال: إن ربك يتعجب من عبده إذا قال اغفر لي ذنوبي وهو يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري". 436-وعنه صلى الله عليه وسلم: "تعجب ربكم من شاب ليس له صبوة".

437-وعنه: "عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل وهم كارهون". 438-وقال علي كرم الله وجهه: "عجبت للبخيل يستعجل الفقر الذي منه هرب، ويفوته الغنى الذي إياه طلب، فيعيش في الدنيا عيش الفقراء ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء. وعجبت للمتكبر الذي كان بالأمس نطفة ويكون غداً جيفة. وعجبت لمن شك في الله وهو يرى خلق الله. وعجبت لمن نسي الموت وهو يرى من يموت. وعجبت لمن أنكر النشأة الآخرة وهو يرى النشأة الأولى. وعجبت لعامر دار الفناء وتارك دار البقاء". 439-وقال قعنب بن أم الصاحب: [بسيط] لو كنت أعجب من شيء لأعجبني ... سعي الفتى وهو مخبوء له القدر 440-"نظرت فيه نظر العجب به لا العجب منه".

441-وذكرت قول أرسطاليس للإسكندر: "أما التعجب من مناقبك فقد أسقطه توارثها، فصارت كالشيء المألوف الذي لا يتعجب منه". 442-قيل لبحار: ما رأيت من عجائب البحر؟ قال: سلامتي منه". 443-ركب أعرابي البحر فرأى من أمواجه الأهوال، ثم ركبه مرة أخرى وهو ساكن فقال: "لا يغرني حلمك فعندي من جهلك العجائب". 444-وقيل: أسمع المعتز عبيد الله بن عبد الله بن طاهر غناء حظية له وقال: كيف تراها؟ قال: يا أمير المؤمنين حظ العجب منها أكثر من حظ العجب بها". 445-قيل لبزر جمهر: "من أعلم الناس بالدنيا؟ قال: أقلهم منها تعجباً". 446-وعنه: "العجب ممن يعرف ربه ثم يغفل عنه طرفة عين". 447-يقال للمشعوذ أبو العجب.

448-وقال أبو تمام: [بسيط] وحادثات أعاجيب خساً وزكاً ... ما الدهر في فعلها إلا أبو العجب 449-وقال ابن الرومي في البحتري: [بسيط] أولى بمن عظمت في الناس لحيته ... من حاكة الدهر أن يدعى أبا العجب الجد أعمى ولولا ذاك لم تره ... في البحتري بلا عقل ولا أدب 450-لو قيل أي شيء أعجب عندك لقلت: قلب عرف الله ثم عصى. 451-كان ببابل سبع مدائن، في كل مدينة أعجوبة: في أحدها تمثال الأرض،

فإذا التوى على الملك بعض أهل مملكته بخراجهم خرق أنهارها عليهم في التمثال فلا يطيقون سداً حتى يعتدلوا، وما لم يسد في التمثال لم يسد في ذلك البلد. وفي الثانية حوض إذا أراد الملك أن يجمعهم إلى طعامه أتى كل واحد بما أحب من شراب فصبه في ذلك الحوض فاختلطت الأشربة، وكل من سقي منه كان شرابه الذي جاء به. وفي الثالثة طبل إذا أرادوا أن يعلموا حال الغائب قرعوه، فإن كان حياً صوت وإن كان ميتاً لم يسمع له صوت. وفي الرابعة مرآة إذا أرادوا [أن يعلموا] حال الغائب نظروا فيها فأبصروه على أي حالة هو عليها كأنهم يشاهدونه. وفي الخامسة إوزة من نحاس. فإذا دخل غريب صوتت الإوزة صوتاً يسمعه أهل المدينة. وفي السادسة قاضيان جالسان على الماء فيأتي الخصمان فيمشي المحق على الماء حتى يجلس مع القاضي، ويرتطم المبطل. وفي السابعة شجرة ضخمة لا تظل إلا ساقها، فإن جلس تحتها [أحد] أظلته إلى ألف رجل، فإن زاد عن الألف واحد جلسوا كلهم في الشمس.

452-وقال الخليل في سليمان بن حبيب، وأجاد: [بسيط] وزلة يكثر الشيطان إن ذكرت ... منها التعجب جاءت من سليمانا

لا تعجبن لخير زل عن يده ... فالكوكب النحس يسقي الأرض أحيانا 453-"ورد على قلبي منه ما طبقه عجباً ولم يطبقه شجباً 454-[مجزوء الكامل] : الدهر فيه لمن تعج ... جب عبرة وعجائب 455-الظبي يخضم الحنظل خضماً، ويمضغه مضغاً، وماؤه يسيل من شدقيه ويتبين فيه الاستلذاذ له والحلاوة لطعمه، ويرد البحر فيشرب الماء الأجاج كما تغمس الشاة [لحييها] في الماء العذب. فأي شيء أعجب من حيوان يستعذب ملوحة البحر ويستحلي مرارة الحنظل. 456-وعن عبد الرحمن بن عدي: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: ضرس

الكافر مثل أحد، فقلت في نفسي: فكيف برأسه؟ فكيف بيديه؟ كالشاك. فرأيت في النوم من القابلة أن بثرة خرجت في خصري فملأت المدينة، فقيل لي: هذا الشك في قول أبي هريرة". 457-وعن أبي مقبل: كنت عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى مروان بن الحكم بحبال وفعله يريد أن يزيد في درجات منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك بإمرة معاوية فزلزلت الأرض وكسفت الشمس وبدت النجوم واصطففت القناديل". 458-كانت في زمن بني إسرائيل جارية متعبدة تسمى سوس، وكانت تخرج إلى مصلى يليه شيخان، وكان بجنبه بستان يتوضأ منه. فعلقها الشيخان

فراوداها عن نفسها فأبت، فقالا: إن لم تمكنينا [من نفسك] شهدنا عليك بالزنا. فقالت: الله كافي من شركما. ففتحا باب البستان وعيطا على الناس فقالا: وجدناها مع شاب يفجر بها وانفلت من أيدينا. وكانوا يقيمون الزاني ثلاثة أيام ثم يرجم، فأقاموها، وكانا يدنوان منها ويضعان يديهما على رأسها ويقولان: الحمد لله الذي أنزل عليك نقمته. فلما أريد رجمها تبعهم دانيال وهو ابن اثنتي عشرة سنة أول ما تنبأ، فقال: لا تعجلوا فإني أقضي بينهم، فوضع له كرسي، ففرق بين الشيخين، وهو أول يوم فرق [فيه] بين الشهود، فقال لأحدهما: ما رأيت؟ فذكر حديث الشاب. فقال: أي مكان من البستان؟ فقال: تحت شجرة الكمثرى. وسأل الآخر فقال: تحت شجرة التفاح. وسوس رافعة يديها تدعو بالخلاص فأنزل الله ناراً أحرقت الشاهدين وأظهر الله براءتها.

459-عن الشافعي رحمة الله عليه: بينما أنا أدور في طلب العلم فدخلت بلدة من بلاد اليمن فرأيت فيها إنساناً من وسطه إلى أسفله بدن امرأة، ومن وسطه إلى فوق بدنان ذكران متفرقان بأربع أيد ورأسين ووجهين فسألت عنه وهما يتقابلان ويتلاطمان ويصطلحان ويأكلان ويشربان. ثم غبت عنهما سنتين ورجعت فسألت عنهما فقيل لي: أحسن الله عزاءك في الجسد الواحد. توفي فربط من أسفله بحبل وثيق وترك حتى ذبل فقطع. فلعهدي بالجسد الآخر في السوق ذاهباً وجائياً. 460-وقال: "رأيت باليمن أعميين يتقاتلان وأبكم يصلح بينهما". 461-وقال: "رأيت باليمن قوماً يشق أحدهم لحمه ثم يرده فيلتئم من ساعته. ويقال: إن غذاء أولئك اللبن".

462-وقال: "رأيت باليمن بنات سبع يحضن كثيراً". 463-وقال: "رأيت بالمدينة ثلاث عجائب لم أر مثلها في موضع قط. رأيت رجلاً فلس في مد من نوى، فلسه القاضي. ورأيت رجلاً له سن شيخ كبير يدور على بيوت القينات ماشياً يعلمهن الغناء فإذا حضرت الصلاة صلى قاعداً ورأيت رجلاً أعسر يكتب بشماله وهو يسبق من يكتب بيمينه. والله أعلم

الباب الثامن

الباب الثامن في العشق وذكر من بلي به وقال فيه الشعر ومن مات منهم كمداً ومن رق لهم وترحم عليهم 464-قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من عشق وعف وكتم ثم مات، مات شهيداً". 465-لما عتقت عائشة رضي الله عنها جاريتها بريرة وكان زوجها حبشياً اسمه مغيث خيرت بين الإقامة معه وبين مفارقته فاختارت المفارقة. فكانت إذا طافت بالبيت طاف معها مغيث ودموعه تسيل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس: يا عم ما ترى [في] حب مغيث لبريرة؟ لو كلمناها أن تتزوج به. فدعاها فكلمها فقالت: يا رسول الله إن أمرتني فعلت. فقال: أما أمر فلان ولكن أشفع. فأبت أن تتزوجه. قال الراوي: فهذا من قد رآه رسول صلى الله عليه وسلم وشهد لشدة عشقه وشفع فيما به. 466-وقال يحيى بن معاذ الرازي: "لو أمرني الله أن أقسم العذاب بين الخلق ما قسمت للعاشقين عذاباً".

467-وقال بعضهم: "رأيت امرأة مستقبلة البيت في غاية الضر والنحافة رافعة يديها تدعو فقلت لها: هل من حاجة؟ فقالت: حاجتي أن تنادي في الموقف بقولي هذا: [طويل] تزود كل الناس زاداً يقيمهم ... ومالي زاد والسلام على نفسي فقلت، فإذا أنا بفتى منهوك فقال: أنا الزاد. فمضيت به إليها فما زاد عن النظر والبكاء، ثم قالت له: انصرف مصاحباً للسلامة. فقلت: ما علمت أن لقاءكما يقتصر على هذا. فقالت: أمسك، أما علمت أن ركوب العار ودخول النار شديد". 468-وقال إبراهيم بن محمد [بن] عرفة المهلبي الواسطي: [بسيط] كم قد ظفرت بمن أهوى فيمنعني ... منه الحياء وخوف الله والحذر كم قد خلوت بمن أهوى فيقنعني ... منه الفكاهة والتحديث والنظر

أهوى الملاح وأهوى أن أجالسهم ... وليس لي في حرام منهم وطر كذلك الحب لا إتيان معصية ... لا خير في لذة من بعدها سقر 469-عن زبيدة: "قرأت في طريق مكة على حائط: [طويل] أما في عباد الله أوفى أمانة ... كريم يجلي الهم عن ذاهب العقل له مقلة أما المآقي فقرحة ... وأما الحشا فالنار فيه على رجل فنذرت أن أحتال لقائلها حتى أجمع بينه وبين من يهوى، فإني لبالمزدلفة إذا سمعت من ينشدها فأدنيته فزعم أنه قائلهما في بنت عم له، وقد نذر أهلها لا يزوجوه بها. فوجهت إلى الحي وما زلت أبذل لهم حتى زوجوه، وإذا المرأة أعشق من الرجل. وكانت زبيدة تعدها من أعظم حسناتها وتقول: ما أنا بشيء أسر بجمعي بين ذلك الفتى والفتاة. 470-قيل: كان لسليمان بن عبد الملك غلام وجارية تحابا فكتب

إليها يقول: [كامل] ولقد رأيتك في المنام كأنما ... عاطيتني من ريق فيك البارد وكأن كفك في يدي وكأنما ... بتنا جميعاً في فراش واحد فطفقت يومي كله متراقداً ... لأراك في نومي ولست براقد فأجابته: [كامل] خير رأيت وكل ما عاينته ... ستناله مني برغم الحاسد إني لأرجو أن تكون معانقي ... فتبيت مني فوق ثدي ناهد وأراك بين خلاخلي ودمالجي ... وأراك بين مراجلي ومجاسدي فبلغ ذلك سليمان فأنكحهما وأحسن جهازهما. 471-وقال الجاحظ: "العشق اسم لما فضل عن المحبة، كما أن السرف اسم لما جاوز الجود، والبخل اسم لما جاوز حد الاقتصاد".

472-سئل أفلاطون عن العشق فقال: "داء لا يعرض إلا للفراغ". 473-"العشق جهل عارض صادف قلب فارغ". 474-قيل لأعرابي: "ما بلغ من حبك لفلانة؟ قال: إني لأذكرها وبيني وبينها عقبة الطائف فأجد من ذكرها رائحة المسك". 475-[سأل] الرشيد رجلاً: ما أشد ما يكون من العشق؟ قال: أن يكون ريح البصل منه أحب إليك من رائحة المسك من غيره. 476-[عن] عمر بن [أبي] ربيعة المخزومي أن "نعماً" التي فيها يقول: [طويل] "أمن آل نعم أنت غاد فمبكر" اغتسلت من غدير [فأقام] يشرب منه حتى جف. 477-[رأى] شبيب أخو بثينة جميلاً عندها فوثب عليه وآذاه، ثم أتى مكة وفيها

جميل فقيل له: دونك شبيباً فاثأر منه فقال: [وافر] وقالوا يا جميل أتى أخوها ... فقلت أتى الحبيب أخو الحبيب 478-كتبت جارية للمتوكل على جبهتها: "هذا ما عمل في طراز فتنة لعباد الله". 479-أنشد الأخفش في حداد: [بسيط] مطارق الشوق منها في الحشا أثر ... يطرقن سندان قلب حشوه الفكر ونار كور الهوى في الجسم موقدة ... ومبرد الحب لا يبقى ولا يذر

480-وقال: عبد الله بن عجلان النهدي أحد العشاق المذكورين، تزوجت عشيقته فرأى أثر كفها في ثوب زوجها فمات كمداً. 481-أهدى أبو العتاهية للمهدي برنية فيها ثوب مطيب قد كتب في حواشيه: (شعر) [بسيط] نفسي [بشيء] من الدنيا معلقة ... الله والقائم المهدي يكفيها إني لآيس منها ثم يطمعني ... فيها احتقارك للدنيا وما فيها فهم بدفع عتبة إليه فضجرت وقالت: يا أمير المؤمنين، بعد حرمتي

وخدمتي أتدفعني إلى رجل قبيح المنظر بائع جرار متكسب بالشعر؟ فأعفاها، وأمر أن تملأ البرنية مالاً. فأرادوا أن يملؤوها دراهم فقال: إنما أمر بالدنانير، فاختلف في ذلك حولاً. فقالت عتبة: "لو كان عاشقاً لم يختلف حولاً في التمييز بين الفضة والذهب وقد أعرض عني صفحاً". 482-صحب جميل رجلاً من بني عذرة يدعى العشق وهو سمين، فقال: [طويل] وقد راعني من زهدم أن زهدماً ... يشد على خبزي ويبكي على جمل فلو كنت عذري العلاقة لم تكن ... سميناً وأنساك الهوى كثرة الأكل 483-قال محمد بن عبد الله بن طاهر لأولاده: عفوا تشرفوا، واعشقوا تظرفوا.

484-[أول] العشق النظر، وأول الحريق الشرر. 485-زار علي بن عبيدة الريحاني جارية كان يهواها وعنده إخوانه، فحان وقت الظهر فبادروا للصلاة وهما يتحادثان فأطالا حتى كادت الصلاة أن تموت، فقبل: يا أبا الحسن، الصلاة. فقال: رويدك، حتى تزول الشمس. أي حتى تقوم الجارية. 486-وصف أعرابي امرأة فقال: ما زال القمر يرينيها، فلما غاب رأيتها. قيل: فما كان بينكما؟ قال: أبعد ما أحل الله مما حرم الله، إشارة في غير باس ودنو في غير مساس. ولا وجع أشد من الذنوب. 487-وقال أبو العيناء: أضحكني بائع رمان،

يقول: [سريع] وقعت من فوق جبال الهوى ... إلى بحار الحب طرطب 488-عبد بني الحسحاس: [طويل] وكم قد شققنا من رداء محبر ... ومن برقع عن طفلة غير عابس إذا شق برد شق بالبرد برقع ... دواليك حتى كلنا غير لابس وذلك أن الرجل يشق برفع حبيبه والمرأة تشق برد حبيبها، ويقولون: إن لم يفعل ذلك عرض البغض بينهما. 489-ذكر أعرابي امرأة فقال: "كاد الغزال يكونها لولا ما تم منها ونقص منه. وما كانت أيامي معها إلا كأباهيم القطا قصراً ثم طالت بعدها شوقاً إليها وأسفاً عليها".

490-عشق رجل امرأة فقيل له: ما بلغ من عشقك لها؟ قال: كنت أرى القمر على سطح دارها أحسن منه على سطوح الناس". 491-"من جرى مع هواه طلقاً جعل للعذل فيه طرقاً". 492-وقال عبد الله بن رواحة: [طويل] سبتك بعيني جؤذر بخميلة ... وجيد كجيد الريم زينه النظم وأنف كحد السيف يشرب قبلها ... وأشنب رفاف الثنايا به ظلم 493-وقالت أعرابية في صفة العشق: "جل والله أن يرى، وخفي عن أبصار الورى، فهو في الصدور كامن كمون النار في الحجر. إن قرعته أورى وإن تركته توارى، وإن لم يكن شعبة من الجنون فهو عصارة السحر".

494-وقال كثير عزة: [طويل] وإني لأرضى منك يا عز بالذي ... لو أيقنه الواشي لقرت بلابله بلا وبأن لا أستطيع وبالمنى ... وبالوعد حتى يسأم الوعد آمله وبالنظرة العجلى وبالحول تنقضي ... أواخره لا نلتقي وأوائله 495-وقيل: "سرقت فؤاده إذا عشقها وتحللت مسك الروح منه". 496-ويقال: "ناط قلبي بحبها نائط، وساطه بدمي سائط". 497-وقال أعرابي: "لقد [كنت] آتيها عند أهلها فيتجهمني لسانها، ويرحب بي طرفها".

498-وقالت ليلى العامرية في قيسها: [سريع] لم يكن المجنون في حالة ... إلا وقد كنت كما كانا لكنه باح بسر الهوى ... وإنني قد ذبت كتمانا 499-وقال ابن مرخية: [طويل] سألت سعيد بن المسيب مفتي ال ... مدينة هل في حب دهماء من وزر فقال سعيد بن المسيب إنما=تلام على ما تستطيع من الأمر فقال سعيد: والله ما سألني أحد ولو سألني ما كنت أجبت إلا بهذا.

500-كان أهل الهوى فيما مضى يسر أحدهم بلبانة مضغتها حبيبته أو بسواك استاكت به، واليوم يطلب أحدهم الخلوة الصحيحة كأنه قد أشهد على نكاحها أبا سعيد وأبا هريرة. 501-مر مالك بن دينار بدار ليلى وإذا بقائل يقول: شعر [سريع] يا سيدي قد جاءك المذنب ... يرجو الذي يرجوه من يتعب فاصفح له عن ذنبه منعماً ... وهب له منك الذي يطلب فوقف مالك يسمع ويبكي والقائل يردد البيتين بصوت حزين، فلما قارب السحر قال: [سريع] يا ناصباً مقلته فتنة ... إليك من مقلتك المهرب فقال: يا فاسق، إنما كان تضرعك لغير الله، ومضى.

502-هوي أحمد بن [أبي] عثمان الكاتب جارية لزبيدة اسمها نعم حتى مرض ونهك وقال فيها أبياتاً منها قوله: [طويل] وإني ليرضيني الممر ببابها ... وأقنع منها بالشتيمة والزجر فوهبتها له. 503-وقال زبان بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم: [رمل] علق القلب مهاة طفلة ... من بني عبد مناف في اللباب وبنو زهرة أخوال لها ... وبنو الإصبع أولاد الرباب من ذرى كلب وكلب هامة ... من معد في المعالي والروابي جمعتني وسليمى نسوة ... فاتكات من عدي بن حباب

504-وقال المعتز بالله: [منسرح] بيضاء ورد الشباب قد غمست ... في خجل ذائب يعصرها مجدولة هزها الصبا وغدت ... يشغل لحظ العيون منظرها الله جار لها فما امتلأت ... عيني إلا من حيث أبصرها 505-أبو عبد الله الغواص: [رمل] قمر لم يبق مني حبه ... وهواه غير مقلوب قمر 506-وقال خليد مولى العباس بن محمد الهاشمي شاعر الظاهرية: [وافر] أما والرقصات بكل فج ... ومن صلى بنعمان الأراك

لقد أضمرت حبك في فؤادي ... وما أضمرت حبا من سواك أطعت الأمر فيك بقطع حبلي ... مريهم في أحبتهم بذاك فإن هم طاوعوك فطاوعيهم ... وإن عاصوك فاعصي من عصاك 507-وقال: عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه رأى بالشام امرأة فقال: [طويل] تذكرت ليلى والسماوة دونها ... فما لابنة الجودي ليلى وماليا وأنى تعاطى قلبه حارثية ... تدمن بصرى أو تحل الجوابيا

508-وقال أعرابي: [طويل] أقول لعيس قد برى السير نيها ... فلم يبق منها غير عظم مجلد خذي بي ابتلاك الله بالشوق والهوى ... وهاجتك أصوات الحمام المغرد فطارت مراحاً خوف دعوة عاشق ... تجوب في الظلماء في كل فدفد فلما ونت في السير ثنيت دعوتي ... وكانت لها سوطاً إلى ضحوة الغد 509-وقال الفتح بن خاقان صاحب المتوكل: شعر [خفيف] أيها العاشق المعذب صبراً ... فخطايا أهل الهوى مغفورة

زفرة في الهوى أحط لذنب ... من غزاة وحجة مبرورة 510-وقال يوسف بن الماجشون: "أنشدت محمد بن المنكدر قول وضاح اليمن: إذا قلت هاتي نوليني تبسمت ... وقالت معاذ الله [من] فعل ما حرم فما نولت حتى تضرعت حولها ... وعرفتها ما رخص الله في اللمم فضحك وقال: إن كان وضاح لفقيهاً في نفسه".

511-وقال علي بن هشام فرخسروا، وكان المأمون يزوره ويستأنس به ثم قتله، ومن شعره: [بسيط] يا موقد النار يذكيها فيخمدها ... قر الشتاء بأرواح وأمطار قم فاصطل النار من قلبي مضرمة ... للشوق تغن بها يا موقد النار ويا أخا الذود قد طال الظماء بها ... ما تعرف الري من جدب وإقفار رد بالعطاش على عيني وعبرتها ... تروي العطاش بدمع واكف جار 512-عبد الرحمن القارئ القس: [الكامل] قد كنت أعذل في الصبابة أهلها ... فاعجب لما تأتي به الأيام

فاليوم أعذرهم وأعلم أنما ... سبل الضلالة والهدى أقسام 513-برمة النحوي: [سريع] يا طيب مرعى مقلة لم تخف ... بوجنتيه زجر حراس حلت بخد لم يغض ماؤه ... ولم تخضه أعين الناس 514-كشاجم: [بسيط] فلم يزل خدها ركناً ألوذ به ... والخال في صحنه يغني عن الحجر

515-الخبز أرزي: [منسرح] لو أبصر الوجه منه منهزم ... يطلبه ألف فارس وقفا 516-عن عمر بن [أبي] ربيعة: "كنت بين امرأتين هذه تسارني وهذه تعضني فما شعرت بعضة هذه من سرار هذه". 517-وقال ريسان العذري: [بسيط] لو حز بالسيف رأسي في مودتها ... لطار يهوي سريعاً نحوها راسي وسمع به ابن أبي ربيعة بعد ما نسك ولبس الصوف فقال: أحسن والله. وتحرك، فقال: تالله لقد هيجتم علي ما كان مني ساكناً". 518-وقال محمود بن مروان بن أبي حفصة: [كامل] يدمي الحرير جلودهن وإنما ... يكسين من حلل الحرير رقاقها

الباب التاسع

الباب التاسع في العقل والفطنة والشهامة والتدبير والرأي والتجارب والنظر في العواقب 519-قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما استودع عبد عقلاً إلا استنقذه به يوماً". 520-وعنه عليه السلام: "العقل نور في القلب يفرق بين الحق والباطل". 521-وعن أنس رضي الله عنه: "قيل: يا رسول [الله] الرجل يكون حسن العقل كثير الذنوب. قال: ما من آدمي إلا وله ذنوب وخطايا يقترفها، فمن كانت سجيته العقل وغريزته اليقين لم تضره ذنوبه. قيل: كيف ذلك يا رسول الله؟ قال: لأنه كلما أخطأ لم يلبث أن يتدارك ذلك بتوبة وندامة على ما كان منه فيمحو ذنوبه ويبقى له فضل يدخل به الجنة".

522-وعنه: "أثنى قوم على رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بالغوا في الثناء بخصال الخير. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف عقله؟ فقالوا: يا رسول الله نخبرك باجتهاده في العبادة وأصناف الخير وتسألنا عن عقله! فقال نبي الله: "إن الأحمق يصيب بحمقه أعظم من فجور الفاجر. وإنما يرتفع العباد في الدرجات وينالون الزلفى من ربهم على قدر عقولهم". 523-وقال الحسن: "كان عقل آدم مثل عقل جميع ولده". 524-وقال عامر بن عبد القيس: "إذا عقلكَ عقلُك عن ما لا يعنيك فأنت عاقل". 525-وقال عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث: "ما رأيت عقول الناس إلا متقاربة إلا ما كان من الحجاج وإياس".

526-وقال علي بن عبيدة: "العقل ملك والخصال رعيته، فإذا ضعف عن القيام عليها وصل الخلل إليها". فسمعه أعرابي فقال: "هذا كلام يقطر عسله". 527-وقال معن بن زائدة: "ما رأيت قفا رجل إلا عرفت عقله. قيل فإن رأيت وجهه؟ قال: ذلك حينئذ إقراره". 528-وقال فيلسوف: "عقل الغريزة سلم إلى عقل التجربة". 529-وقيل: "أيدي العقول تمسك أعنة الأنفس". 530-"كل شيء إذا كثر رخص غير العقل فإنه إذا كثر غلا". 531-قوله تعالى: (لينذر من كان حيا) . قيل: من كان عاقلاً. 532-وقيل: "العقل بخشونة العيش مع العقلاء آنس منه بلين العيش مع التفهاء". 533-وقال بزر جمهر: "لا شرف إلا شرف العقل، ولا غنى إلا غنى النفس". 534-وقال أعرابي: "العاقل متصفح، والجاهل متسمح".

535-وصف المعلى بن أيوب ابن الزيات فقال: "كأنه لسان حية من ذكائه". 536-وقال أبو العيناء لرجل: "ما فيك من العقل إلا مقدار ما يجب به الحجة عليك والنار لك". 537-وقال أعرابي: "لو صور العقل لأظلمت معه الشمس، ولو صور الحمق لأضاء معه الليل". 538-وقيل: "العاقل من كان على جميع شهوته رقيب من عقله". 539-"من [لم] يؤسس عقله [على] التقوى فلا عقل له". 540-وقيل: "يعيش العاقل بعقله حيث كان، كما يعيش الأسد بقوته حيث كان". 541-"كل شيء يحتاج إلى العقل، والعقل يحتاج إلى التجارب".

542-[طويل] : إذا لم يكن للمرء عقل فإنه ... وإن كان ذا بيت على الناس هين ومن كان ذا عقل أجل لعقله ... وأفضل عقل عقل من يتدين 543-وقال المهلب: "لأن أرى لعقل الرجل فضلاً على لسانه أحب إلي من [أن] أرى للسانه فضلاً على عقله". 544-وقال لقمان: "غاية الشرف والسؤدد حسن العقل، فمن حسن عقله غطى عيوبه وأصلح مساوئه ورضي عنه مولاه". 545-وقال علي رضي الله عنه: "العاقل من وعظته التجارب". 546-كان يقال: "الأريب: العاقل الفطن المتغافل". 547-"نعوذ بالله أن نكون ممن عقله صديق مقطوع وهواه عدو متبوع". 548-يقال: "لفلان من عقله رقيب على شهوته يهديه إلى الهدى ويرده عن الردى". 549-وقيل لحكيم: "متى عقلت؟ قال: حين ولدت. فلما رأى إنكارهم قال: أما أنا

فقد بكيت حين جعت، وطلبت الثدي حين احتجت، وسكت حين أعطيت". يعني: من عرف مقادير حاجاته فهو عاقل. 550-"أحلام عاد" مثل عند العرب في رجاحة العقول، قاسوا عقولهم على أجسادهم فاسترجحوها. فقال [طويل] : وأحلام عاد لا يخاف جليسهم ... وإن نطق العوراء غرب لسان 551-وقال ابن المعتز: "ما أبين وجوه الخير والشر في مرآة العقل إن لم يصدها الهوى". 552-"العاقل يروي ثم يروي، ويخبر ثم يخبر". 553-وقال أردشير بن هرمز [بن] بابك: "من لا يكون عقله أغلب خلال

الخير عليه كان حتفه [في أغلب خلالالشر عليه] ". 554-وعنه: "العاقل من ملك عنان شهوته". 555-وقال بطليموس: "كل عمل يأذن فيه العقل فهو صواب". 556-وعنه: "العاقل لا يشرب من السم اتكالاً على ما عنده من الترياق". 557-وقال ملك الخزر: "إذا شاورت العاقل صار عقله لك". 558-وقال المنذر لابنه النعمان فيما أوصاه به: "دع الكلام وأنت عليه قادر، وليكن لك من عقلك خبيئٌ ترجع إليه أبداً. فقال النعمان: مرني بأمر جامع. قال: الزم الحزم والحياء".

559-"و [ذو] العقل لا تبطره المنزلة السنية، كالجبل لا يتزعزع وإن اشتدت عليه الريح، والسخيف يبطره أدنى منزلة كالحشيش تحركه أدنى ريح". 560-وقال الحجاج لابن القرية: "من أعقل الناس؟ قال: الذي يحسن المداراة مع أهل زمانه". 561-وقال حكيم: "العقل والتجربة في التعاون بمنزلة الماء والأرض، لا يطيق أحدهما دون الآخر ثباتاً". 562-وقال العتبي: "العقل عقلان: عقل تفرد الله بخلقه وعقل يستفيده الرجل بأدبه وتجربته، ولا سبيل إلى العقل المستفاد إلا بصحة العقل المركب في الجسد فإذا اجتمعا قوى كل واحد منهما صاحبه تقوية النار في الظلمة نور البصر".

563-وقال المأمون: "إذا أنكرت من عقلك شيئاً فاقدحه بعاقل". 564-قيل لعلي كرم الله وجهه: "صف لنا العاقل، قال: هو الذي يوضع الشيء موضعه. قيل: وصف لنا الجاهل. قال: قد فعلت". يعني الذي لا يضع الشيء موضعه. 565-وعنه: "الحلم غطاء ساتر، والعقل حسام قاطع، فاستر خلل خلقك بحلمك وقاتل هواك بعقلك". 566-وقال حكيم: "اجعل سرك إلى واحد ومشورتك إلى ألف". 567-"لن يعدم المشاور مرشداً، والمستبد برأيه موقوف على مداحض الزلل". 568-وقال أعرابي: "من لم تسمه التجارب دبت إليه العقارب". 569-العرب: "بر تخبر". 570-وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه "أفضل الناس عند الله من عز به الحق وانتشر برأيه الصدق وريق برأيه الفتق".

571-وقال عبد الملك بن مروان: "لأن أخطئ وقد استشرت أحب إلى من أن أصيب وقد استبددت". 572-ذكر أعرابي رجلاً فقال: "كان الفهم منه ذا أذنين والجواب ذا لسانين". 573-فيلسوف: "من عرف التجارب طابت له المشارب". 574-وقال الفضل بن سهل: "الرأي يشد ثلم السيف، والسيف لا يشد ثلم الرأي". 575-دخل أحمد بن يوسف على المأمون وعريب تغمز رجله فخالسها النظر وأومأ إليها بقبلة، فقالت: كحاشية البرد. فلم يدر ما قالت، فحدث به محمد بن

بشير فقال له: أنت تدعي الفطنة ويذهب عليك مثل هذا؟ ذهبت إلى قول الشاعر: رمى ضرع ناب فاستمر بطعنه ... كحاشية البرد اليماني المسهم 576-[وقيل] : [طويل] إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن ... بحزم نصيح أو نصيحة حازم

ولا تحسب الشورى عليك غضاضة ... فإن الخوافي قوة للقوادم وخل الهوينا للضعيف ولا تكن ... نؤوماً فإن الحزم ليس بنائم وأذن من القربى المقرب نفسه ... ولا تشهد الشورى امرءًا غير كاتم وما خير كف أمسك الغل أختها ... وما خير سيف لم يؤيد بقائم فإنك لا تستطرد الهم بالمنى ... ولا تبلغ العليا بغير المكارم 577-وقال النبي صلى الله عليه وسلم "المستشير معان".

578-وصف أعرابي امرءاً فقال: "يشرق بعزم لا يدجو معه خطب، ويومض بصواب لا يلتبس عنده صعب حتى يغادر المستعجم معجماً والمشكل مشكولاً". 579-أدخل الركاض وهو ابن أربع سنين إلى الرشيد ليتعجب من فطنته فقال له: "ما تحب أن أهب لك؟ فقال: جميل رأيك، فإني أفوز به في الدنيا والآخرة. فأمر له بدنانير ودراهم فصبت بين يديه. فقال: اختر الأحب إليك. فقال: الأحب إلي الأمير، وهذا من هذين وضرب بيده الدنانير، فضحك الرشيد وضمه إلى ولده وأجرى عليه. 580-"الحازم لا تدهش له عزيمة ولا تكهم له صريمة". 581-بزر جمهر: "إن الحازم إذا أشكل عليه أمر بمنزلة من أضل لؤلؤة فجمع

ما حول مسقطها من التراب ثم التمسها حتى وجدها، وكذلك الحازم يجمع وجوه الرأي في الأمر المشكل ثم يضرب بعضها على بعض حتى يخلص الرأي". 582-"هجين عاقل خير من هجان جاهل". 583-فيلسوف: "لا رأي لمن تفرد برأيه". 584-قيل لبزر جمهر: "من أكمل الناس؟ قال: من [لم] يجعل عقله وسمعه غرضاً للفحشاء، وكان الأغلب عليه التغافل". 585-وقال عبد الله بن وهب الراسبي: "دعوا الرأي يغب فإن غبوبه يكشف لك عن محضه". 586-وقال: "استفتحوا باب الرأي بالاستخارة".

587-وقال ابن المقفع: "ما رأيت حكيماً إلا وتغافله أكثر من فطنته". 588-حكيم: "المشورة موكل بها التوفيق لصواب الرأي". 589-"أعقل الرجال لا يستغني عن مشورة أولي الألباب، وأفره الدواب لا يستغني عن السوط، وأروع النساء لا تستغني عن الزوج". 590-وقال الحسن: "الناس على ثلاثة أقسام: فرجل رجل، ورجل نصف رجل، ورجل لا رجل. فأما الرجل فذو الرأي والمشورة، وأما نصف الرجل [فهو] الذي له رأي ولا يشاور، وأما الرجل الذي ليس برجل [فهو] الذي ليس له رأي ولا يشاور". 591-وقال: [بسيط] أنى أتيح لها حرباء تنضبةٍ ... لا يرسل الساق إلا ممسكاً ساقا يضرب للحازم.

592-ونحوه أن رجلاُ أتى أخاه واستشاره في التقضي منه فقال له: إن كلباً لقي كلباً في فمه رغيف محترق. فقال: ويحك، ما أردأ هذا الرغيف. فقال: لعنة الله على من يتركه حتى يجد خيراً منه". 593-وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للحطيئة: "كيف صبرتم على حرب بني ذبيان وهم أضعافكم في العدد؟ قال: كان فينا ألف حازم. قال: كيف كان فيكم ألف حازم؟ وهل كان في عبس وغطفان هذا؟ قال: كان فينا قيس ابن زهير".

594-كان بعض الماضين إذا استشير قال لمشاوره: "أنظرني حتى أصقل عقلي بنومة". 595-وقال المنصور لولده: "خذ عني اثنين: لا تقل بغير تفكير، ولا تعمل بغير تدبير". 596-وقال طاهر بن الحسين: [بسيط] اعمل صواباً تنل بالحزم مأثرة ... فلم يذم لأهل الحزم تدبير وإن ظهرت على جهل وفزت به ... قالوا جهول أعانته المقادير أنكد بدنيا ينال المخطئون بها ... حظ المصيبين والمقدور مقدور 597-وقال إبراهيم بن التميمي: "مثلت نفسي في النار أعالج أغلالها وسعيرها

وزقومها وزمهريرها فقلت: يا نفس أيش تشتهين؟ قالتا: أن أرجع إلى الدنيا فأعمل عملاً أنجو به من هذا العذاب. ومثلتها الجنة مع حورها ألبس من سندسها وحريرها فقلت: أيش تشتهين؟ قالت: أرجع فأعمل عملاً أزداد [به] في الثواب. فقلت: فأنت في الدنيا، وفي الأمنية فاعملي". 598-وقيل: فضيل: "المشورة فيها بركة. إني لأستشير حتى هذه الحبشية". 599-وقال ابن عيينة: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أمر شاور فيه الرجال. وكيف يحتاج إلى مشورة المخلوقين والخالق مدبر أمره، ولكنه تعليم منه ليشاور الرجل الناس وإن كان عالماً". 600-وقال أعرابي: "لا مال أوفر من العقل، ولا فقر أعظم من الجهل، ولا ظهر أقوى من المشورة".

601-وقال: أكثم بن صيفي: "في الاعتبار غنى عن الاختبار". 602-حكيم: "الرأي الفذ كالخيط السحيل، والرأيان [كالخيطين] المبرمين، والثلاثة مرائر لا تكاد تنقض". 603-وقال لقمان عليه السلام: "يا بني، إذا أردت أن تقطع أمراً فلا تقطعه حتى تستشير مرشداً". 604-في وصية علي رضي الله عنه: "يا بني، إني وإن كنت عمرت عمر من كان قبلي فقد نظرت في أعمالهم، وفكرت في أخبارهم حتى عدت كأحدهم. بل كأني مما انتهى إلي من أمورهم قد عمرت مع أولهم إلى آخرهم فعرفت صفو ذلك من كدره ونفعه من ضرره. واستخلصت لك من كل أمر نخيله وتوخيت لك جميله وصرفت عنك مجهوله". 605-وعن عمر رضي الله عنه: "لا أمين إلا من خشي الله، فشاور في أمرك من يخشى الله".

606-وقيل: "له رأي كالسهم أصاب غرة الهدف، ودهاء كالبحر بعد غور، وقرب مغترف". 607-وقيل: شعر [طويل] وقد يتعامى المرء في عظم أمره ... ومن تحت برديه المغيرة أو عمرو 608-وقال: [رجز] شاور نفسي طمع مع خيبة ... يقول هاتي لا وهاتيك بلى 609-وقيل: "من بدأ بالاستخارة وثنى بالاستشارة فحقيق أن لا يقبل له رأي". 610-"له دراية مستعارة من حنكته". 611-وقال سلمة بن عياش: قال لي رؤبة: "ما كنت أحب أن أرى في رأيك فيالة".

612-"إذا حلت المقادير ضلت التدابير". 613-وقيل: "من نظر في المغاب ظفر في المحاب". 614-"من اشتدت عزائمه اشتدت دعائمه". 615-"الرأي السديد أحمى من الأيد الشديد". 616-وقال أبو القاسم الهر ندي: [طويل] وما ألف مطرود السنان مسدد ... يعارض يوم الروع رأياً مسدداً 617-"كل السرور حجر على كل ذي حجر".

618-ذكر المأمون ولد علي رضي الله عنه [فقال] : "أدوا بتدبير الآخرة وحرموا تدبير الدنيا". 619-قيل للأحنف: "بم سدت قومك؟ قال: بحسب لا يطعن فيه، ورأي لا يستغنى عنه". 620-وقيل: "إذا غلب العقل الهوى صرف المساوئ إلى المحاسن فجعل البلادة حلماً، والحدة ذكاء، والمكر فطنة، والهذر بلاغة، والعي صمتاً، والعقوبة أدباً والجبن حذراً، والإسراف جوداً". 621-وقيل: "من اجتهد رأيه، واستخار ربه، واستشار صديقه فقد قضى ما عليه، ويقضي الله في أمره ما أحب". 622-وقال عمر رضي الله عنه: "ما تشاور قوم قط إلا هدوا إلى رشاد أمرهم". 623-وقال بعض العرب لولده: "يا بني إن أباك أهدى من القطا ومن دعيميص الماء ومن الطير في الهواء. قد حلب الدهر أشطره، وعرف

أعاجيب الدهور وغوامض الأمور، وأخذ عن النساك والفتاك، وبات في القفر مع الوعول، وتزوج السعلاة وجاور الغول، ودخل في كل باب، وجرى مع كل ريح، وامتحن بالسراء والضراء، وجالس السلاطين والمساكين، ومثلث له التجارب عواقب الأمور". 624-وقال سليمان عليه السلام: "يا بني، لا تقطع أمراً حتى تؤامر مرشداً، فإذا فعلت فلا تحزن". 625-"أحزم الناس رجلان: "رجل وسع الله عليه في الدنيا فشكر ليوسع عليه في الآخرة، ورجل ضيق عليه في الدنيا فصبر لئلا يضيق عليه في الآخرة". 626-وقال بهمن بن اسفنديار: "تجريب المجرب يضيع الروزجار". 627-وقال أبو بكر رضي الله عنه: "ليكن الإبرام بعد التشاور، والصفقة بعد التناظر". 628-وقال علي كرم الله وجهه: "خاطر من استغنى برأيه". 629-وقال المعتصم: "إذا نصر الهوى خذل الرأي".

630-وقال بعض علماء الهند: "المستشير وإن كان أفضل رأياً من المستشار فإنه يزداد برأيه رأياً كما تزداد النار بالسليط ضوءاً". 631-وقيل: لما قتل المنصور أبا مسلم قال لصاحب شرطته أبي نصر مالك الخزاعي: "هل استشارك أبو مسلم في القدوم فأشرت عليه أن لا يفعل؟ قال: نعم". 632-وقال: سمعت إبراهيم الإمام يحدث عن أبيه: "لا يزال الرجل يزاد له في رأيه ما نصح لمن استشاره". 633-وقال أحمد بن موسى السلمي من بني الشريد: شعر [طويل] إذا خصلتان أشكل الرأي فيهما ... فسعيك في شعب التي هي أجمل

ورأيك من رأي المشيرين كلهم ... غداة اختلاف الرأي أرأى وأعدل 634-وعن علي رضي الله عنه: "لا تدخلن في مشورتك بخيلاً يعدل بك عن الصواب ولا جباناً يضعفك عن الأمور، ولا حريصاً يزين لك الشرة بالجور، فإن البخل والجبن [والحرص] غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله". 635-وعنه: "من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها [في عقولها] ". 636-الأشجع السلمي: [بسيط] رأي سرى وعيون الناس هاجعة ... ما أخر الحزم رأي قدم الحذرا 637-سمع محمد بن يزداد وزير المأمون قول

القائل حيث يقول: [طويل] إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة ... فإن فساد الرأي أن يترددا فأضاف إليه: وإن كنت ذا عزم فأنقذه عاجلاً ... فإن فساد العزم أن يتفندا 638-وقال: محمد بن أدريس الطائي حيث يقول: [كامل] ذهب الصواب برأيه فكأنما ... آراؤه اشتقت من التأييد فإذا دجا خطب تبلج رأيه ... صبحاً من التوفيق والتسديد 639-وقال محمود الوراق رحمه الله تعالى: [كامل] إن اللبيب إذا تفرق أمره ... فتق الأمور مناظراً ومشاورا

وأخو الجهالة يستبد برأيه ... فتراه يعتسف الأمور مخاطرا 640-وقال الرشيد حين بدا له تقديم الأمين على المأمون في العهد: [طويل] لقد بان وجه الرأي لي غير أنني ... غلبت على الأمر الذي كان أحزما فكيف يزد الدر في الضرع بعدما ... توزع حتى صار نهباً مقسما أخاف التواء الأمر بعد استوائه ... وأن ينقض الحبل الذي كان أبرما 641-غيرة: [طويل] وما المرء منفوعاً بتجريب غيره ... إذا لم تعظه نفسه وتجاربه 642-غيرة: [طويل] خليلي ليس الرأي في صدر واحد ... أشيرا علي اليوم ما تريان

643-محمد بن ذؤيب: [طويل] ويفهم قول الحكل لو أن ذرة ... تساود أخرى لم يفته سوادها 644-وصف رجل عضد الدولة فقال: "له وجه فيه ألف [عين، وفم فيه ألف] لسان، وصدر فيه ألف قلب". 645-وقال لقمان: "يا بني، شاور من جرب الأمور فإنه يعطيك من رأيه ما قام عليه بالغلاء، وأنت تأخذه بالمجان.

646-وقال أردشير بن بابك: "أربعة تحتاج إلى أربعة: الحسب إلى الأدب، والسرور إلى الأمن، والقرابة إلى المودة، والعقل إلى التجربة". 647-وقال الإسكندر: لا تستحقر الرأي الجزيل من الرجل الحقير فإن الدرة لا يستهان بها لهوان غائصها". 648-وجاء في الحديث: "ما أوتي أحد عقلاً ولا فضلاً إلا احتسب عليه من رزقه". 649-وقال مسلمة بن عبد الملك: "ما ابتدأت أمراً قط بحزم فرجعت إلى نفسي بلائمة، وإن [كانت] العاقبة علي، ولا ضيعت شيئاً من الحزم فسرت به وإن كانت العاقبة لي". 650-[و] هنأ [العتبي المهدي] لما ولي الخلافة فسأل عن العتبي فقيل: "هو من أولاد عتبة بن أبي سفيان، فقال أوبقي من أحجارهم ما أرى؟ ". من قولهم: "رمى بحجر الأرض". والله أعلم

الباب العاشر

الباب العاشر في العمل والكد والتعب والشغل والجد [والعزم] والنية والكفاية والكيس والعجلة والسرعة والعدو وحسن التأني في الأمور وانتهاز الفرص 651-قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفضل العمل أدومه وإن قل". 652-وعن عائشة رضي الله عنها: "كان عمله ديمة". 653-وقال علي كرم الله وجهه: "قليل مدوم عليه خير من كثير مملول منه". 654-وعنه: "أفضل الأعمال ما أكرهت نفسك عليه". 655-وقيل: "لما مات علي بن الحسين فغسلوه وجدوا على ظهره مجلاً مما كان يستقي لضعفة جيرانه بالليل، ومما كان يحمل إلى بيوت المسلمين من جرب الطعام".

656-في التوراة: "حرك يدك أفتح لك باب الرزق". 657-وقال داود الطائي: "أرأيت المحارب إذا أراد أن يلقى الحرب أليس يجمع آلته! فإذا أفنى عمره في جمع آلته فمتى يحارب؟ إن العلم آلة العمل وإذا أفنى عمره في جمعه فمتى يعمل؟ ". 658-كان إبراهيم بن أدهم يستقي ويرعى ويعمل بكراء ويحفظ البساتين للناس والمزارع، ويحصد بالنهار ويصلي بالليل. 659-وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تعلموا ما شئتم أن تعلموا فلن ينفعكم الله بالعلم حتى تعملوا به فإن العلماء همتهم الوعاية وإن السفهاء همتهم الرواية".

660-وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "كونوا للعلم وعاة ولا تكونوا رواة، فإنه قد يروى ولا يرعوى، ويرعوى ولا يروى". 661-وقال عيسى عليه السلام: "ليس بنافعك أن تعلم م لا تعمل. إن كثرة العلم لا تزيدك إلا جهلاً إذا لم تعمل به". 662-وقال مالك بن دينار: "إن العالم إذا لم يعمل زلت موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفا". 663-وقال شبيب بن سليم الأسدي: "دخلنا على الحسن حجاجاً فدعا لنا ثم قال: "لعلكم من أصحاب السبورجات. قلنا لا. قال: إياكم وإياهم، فإنه بلغني أن الرجل منهم يكتب حمس مائة حديث ثم يضيعها، ولا يعلم أن الله سائله عنها حرفاً حرفاً". 664-وقال علي كرم الله وجهه: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما ينفي عني حجة الجهل؟ قال: العلم. قال: فما ينفي عني حجة العلم؟ قال: العمل".

665-وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت. والعاجز من أتبع نفسه هواها ثم تمنى على الله". 666-"شر الأعمال ما كان عناؤه طويلاً وغناؤه قليلاً". 667-رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجة في لبن قبر ولده إبراهيم فأمر أن تسد وقال: "أما إنها لا تضر ولا تنفع، ولكن العبد إذا عمل عملاً أحب الله أن يتقنه". 668-وقال الوزاعي: "إذا أراد الله بقوم شراً أعطاهم الجدل ومنعهم العمل". 669-مفرد: [طويل] وما المرء إلا حيث يجعل نفسه ... ففي صالح الأعمال نفسك فاجعل

670-وقال عمر بن عبد العزيز: "إن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما". 671-وعن حكيم: "ما شيء أحسن من عقل زانه علم، ومن علم زانه حلم، ومن حلم زانه صدق، ومن صدق زانه عمل، ومن عمل زانه رفق". 672-كتب لبعض الملوك على صحيفة من ذهب: "لا عمل إلا العمل للثواب". 673-شعر: [طويل] ألم تر أن الله أوحى لمريم ... إليك فهزي الجذع يساقط الرطب ولو شاء أن تجنيه من غير هزة ... لكان، ولكن كل أمر له سبب 674-أكثل السدوسي: [كامل] صبراًً خلاج ولن تعانق طفلة ... شرقاً بها الجادي كالتمثال

حتى تلاقي في الكتيبة معلماً ... عمرو القنا وعبيدة بن هلال 675-صعصعة بن معاوية التميمي: [طويل] وللمجد حومات تلقاك دونها ... مهالك مقطوع عليها جسورها 676-وقال عبد الله بن السائب: "إن أعمال الأحياء تعرض على أقاربهم الموتى، فلا تحزنوا موتاكم". 677-وعن عباد الخواص أنه دخل على إبراهيم بن صالح وهو أمير فلسطين

فقال: أصلحك الله، بلغني أن أعمال الأحياء تعرض على أقاربهم من الموتى، فانظر ماذا يعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم من عملك. فبكى إبراهيم حتى سالت دموعه. 678-وكان أبو أيوب الأنصاري يقول: "اللهم إني أعوذ بك أن أعمل عملاً أخزى به عند عبد الله بن رواحة. وقد آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهما، ومات ابن رواحة قبله. 679-وعن علي كرم الله وجهه: "كونوا بقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل فإنه لا يقل عمل بالتقوى، وكيف يقل عمل بتقبل". 680-وعن بعضهم: "صف عملك من الآفات وإن قل تسعد به في الدارين. ومن لم يتق الآفات في عمله فإنه لا يكاد يفلح وإن كثر اجتهاده. وإنما ارتفع القوم لاعتنائهم بإصلاح سرائرهم فعند ذلك أمدهم الله بالنصر على الشيطان وبصرهم مكائده وصاروا من الأبطال، حتى إن الشيطان ليفر من ظل أحدهم".

681-وقال مطرف: "لأن يقول لي ربي لم لم تعمل أحب إلي من أن يقول لي لم عملت؟ ". 682-وقال الداراني: "إن عمل الرجل مع رفيقه ومع أهله عمل في السر لأنه لا يقدر أن يكتم منهما". 683-وقيل: "تفرقت بفلان شعب الدنيا. إذا كثرت أشغاله". 684-وقال عبيد الله بن سليمان لأبي العيناء: "اعذرني فإني مشغول. فقال: إذا فرغت لم أحتج إليك، وما أصنع بك فارغاً؟ وأنشد: [طويل] فلا تعتلل بالشغل عنا فإنما ... تناط بك الآمال ما اتصل الشغل 685-واعتذر بعضهم إلى رجل بالشغل فقال: لا بلغت يوم فراغك".

686-وقيل لروح بن حاتم: "لقد طال وقوفك في الشمس. قال: ليطول وقوفي في الظل". وأنشد: [طويل] تقول سليمى لو أقمت بأرضنا ... ولم تدر أني للمقام أطوف 687-أعرابية في ابنها: [رجز] لو ظمى القوم فقالوا من فتى ... يحلف لا يردعه خوف الردى فبعثوا سعداً إلى الماء سدى ... في ليلة بيانها مثل العمى بغير دلو ورشاء لاستقى ... أمرد يهدي رأيه رأي اللحى

688-من على دماغه في القيظ غلت قدره في الشتاء 689-وقال لقيط بن زرارة يرتجز يوم جبلة: [رجز] إن الشواء والنشيل والرغيف ... والقينة الحسناء والكأس الأنف للضاربين الهام والخيل هيف 690-كان عمر بن حبيب إذا فرغ من تهجده قال: "الرواح الرواح، السباق السباق. سبقتم إلى الماء والظل، إنه من يسبق إلى الماء يظمأ ومن يسبق إلى الظل يضح". 691-"وكان في بستان له ومعه غلامه فأذن المؤذن فقال الغلام: الله أكبر، الله أكبر. فقال: سبقتني إليها. أنت حر ولك هذه النخلة".

692-"إن كلف السعي سعى، وإن يقل قم يثبت". 693-وقال عبيد بن عمير: "ما المجتهد فيكم إلا كاللاعب فيما مضى". 694-"ما في كل صدر اتساع ولا في كل نفس اضطلاع". 695-مدح أعرابي رجلاً فقال: "كان والله إذا نزلت به النوائب قام إليها ثم قام بها، ولم تقعد به علات النفوس". 697-وقال أبو مسلم صاحب الدولة: [بسيط] أدركت بالجد والتشمير ما عجزت ... عنه ملوك بني مروان إذ حشدوا

ما زلت أسعى بجهدي في دمارهم ... والقوم في ملكهم بالشام قد رقدوا حتى ضربتهمو بالسيف فانتبهوا ... من نومة لم ينمها قبلهم أحد ومن رعى غنماً في أرض مسبعة ... ونام عنها تولى رعيها الأسد 698-"إذا هم بأمر هان علاجه، وانفتح رتاجه". 699-وقيل: "فلان يستعير السيف حده، ويتعلم الليث جده". 700-"فلان لا يجف لبده، إذا لم يفتر. 701-"هو في طلبه قاضي نذور". 702-"أخف من حسو طائر، ولفتة ناظر، ومن لمعة بارق، وخلسة سارق".

703-"أخف من خلسة منتهز، وجلسة مستوفز". 704-"فلان لا يزعزع عما يرتئيه، ولا يستنزل عما ينتويه". 705-[وافر] : تسنم ظهر مفخرة أنيخت ... لتركبها ولاتك بالهيوب 706-"ما دري على البرق سار أم على البراق". 707-"والشنفرى هو وابن براق أسرع من النجم منكدراً ومن الماء منحدراً". 708-"أسرع حتى ظله لا يلحقه". 709-"لا يمس [الأرض] إلا تحليلاً وإيماء، ولا يطؤها إلا إشارة وإيحاء".

710-"برز عن الغاية وقصب، وغبر في وجوه الخيل وحصب". 711-شعر: [طويل] برئت إلى الرحمن من كل صاحب ... أصاحبه إلا خماس بن ثامل وظني به بين السماطين أنه ... سينجو بحق أو سينجو بباطل 712-"لا يكاد يعدم الصرعة من عادته السرعة". 713-وقال صلى الله عليه وسلم: "سرعة المشي يذهب ببهاء المؤمن". 714-وقال عدي بن أرطأة لإياس بن معاوية: "إنك لسريع المشية. قال: ذاك أبعد من الكبر، وأسرع في الحاجة". 715-كان الأسود بن يزيد صاحب ابن مسعود يجتهد في العبادة، ويصوم في الحر حتى يخضر جسده ويصفر، ويكاد لسانه يسود من الظمأ في الهواجر

فيقول له علقمة: كم تعذب هذا الجسد. فيقول: إن الأمر [جد] يا أبا شبل، الجد الجد". 716-وقال عيسى عليه السلام لرجل: "ما تصنع؟ قال أتعبد. قال: فمن يعود عليك؟ قال: أخي. قال: أخوك أعبد منك". 717-وقيل: عدا كلب خلف غزال فقال له: لن تلحقني. قال: لم ذا؟ قال: لأني أعدو لنفسي وأنت تعدو لصاحبك". 718-وقيل: نظر رجل إلى ظبية ترود فقال له أعرابي: هل تحب أن تكون لك؟ قال: نعم. قال: أعطني أربعة دراهم حتى أردها عليك. ففعل. فجعل يمحص في إثرها حتى أخذ بقرنيها فجاء بها وهو يقول: [رجز] وهي على البعد تلوي خدها ... تريغ شدي وأريغ شدها كيف ترى عدو غلام ردها

719-[بسيط] : وقل من جد في أمر يطالبه ... واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر 720-"من جد وجد". 721-تقول العرب: "فلان وثاب على الفرص". 722-"الزق ما دام التنور حاراً". أي اطلب الأمر في إبان إمكانه. 723-"هو من فرس الأيام وغرورها، وحجول الأماني وغررها". 724-مفرد: [طويل] وإني إذا باشرت أمراًً أريده ... تدانت أقاصيه وهان أشده 725-[وقيل] : [متقارب] لو بت تقدح في ظلمة ... صفاة [بنبع] لأوريت نارا

726-وقال حماس بن الأبرش الكلبي: [طويل] ولو جمع الأقوام إذ أنت وسطنا ... لما عدلوا في موطئ منك إصبعا 727-"في كد البدن روح الروح". 728-"يعمد الشغل لأوسع أوقاتي فيضيقه". 729-كتب مسلمة إلى أخيه الوليد من القسطنطنية يقول: [طويل] أرقت وصحراء الطوانة بيننا ... لبرق تلالا نحو غمرة يلمح أزاول أمراً لم يكن ليطيقه ... من القوم إلا اللوذعي الصمحمح 730-غيرة: [بسيط] نقل الجبال الرواسي من مواضعها ... أخف من رد نفسي حين تنصرف 731-"لا أريد كذا ولو جعل العليون إقطاعي، والعالمون أتباعي".

732-[وقيل: (مجزوء الكامل] : فلئن كفيت مهمها ... فلمثلها أعددت مثلك

الباب الحادي عشر

الباب الحادي عشر العز، والشرف، وعلو الخطر، والتقدم، والرياسة، والجاه، والهيبة، والاحتشام والشهرة] 733-[تميم الداري رضي الله عنه] : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم [يقول] : "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز يعز الله به الإسلام، وذل ذليل يذل الله به الكفر". 734-وعن علي رضي الله عنه- رفعه -: "من نقله الله من ذل المعاصي إلى عز التقوى أغناه بلا مال، وأعزه بلا عشيرة، وآنسه بلا أنيس". 735-زقيل للحسن بن علي رضي الله عنه:"فيك عظمة. قال: لا، بل في عزة الله تعالى، قال الله تعالى: (ولله العزة ولرسوله [وللمؤمنين] ) . 736-وقال ابن أبي لبابة: "من طلب عزاً بباطل أورثه الله ذلا بحق".

737-النابغة الجعدي: [طويل] فإن كنت ترجو أن تحول عزنا ... بكفيك فانقل ذا المناكب يذبلا وإني لأرجو إن أردت انتقاله ... بكفيك أن يأتي عليك ويثقلا 738-نصر بن سيار: [كامل] إن ينصرونا لا نعز بنصرهم ... أو يخذلونا فالسماء سماء يريد: فشرفنا بحالة لا يحطه [معها] خذلانهم، فضرب السماء ودوامها على حال واحدة مثلاً. 739-قال رجل للحسن: "إني أريد السند فأوصني. قال: أعز أمر الله حيث ما كنت يعزك الله. قال: فلقد كنت بالسند وما بها أحد أعز مني". 740-سئل محمد بن الحنفية عن أعظم الناس خطراً فقال: "الذي لا يرى الدنيا

كلها عوضاً من بدنه، ثم قال: إن أبدانكم هذه ليس [لها] أثمان إلا الجنة فلا تبيعوها إلا بها". 741-وقيل: قدم البصرة بدوي فقال لخالد بن صفوان: أخبرني عن سيد هذه المصر. قال: هو الحسن بن أبي الحسن. قال: عربي هو أو مولى؟ قال: مولى. قال: وبم استادها؟ قال: احتاجوا إليه في دينهم واستغنى عن دنياهم. فقال البدوي: كفى بهذا سؤدداً". 742-وقال علي رضي الله عنه: "ما أرى شيئاً أضر بالرجال من خفق النعال وراء ظهورهم".

743-يقال: "فلان من حضان الشرف". 744-ابن الكلبي: [كان] عصام القائل: [رجز] نفس عصام سودت عصاماً ... وعامته الكر والإقداما وقدمته في الأمور كلها ... وصيرته ملكاً هماما [مملوكاً] اتصل بالرزال رجل من أتباع النعمان فلم يزل بارتفاع همته حتى استولى [على] أمر النعمان قي ذلك. فسئل النعمان

فقال: "ما قدمته الأخلاق السرية المجتمعة فيه". 745-وقال الأهتم السعدي: [وافر] ولو أني كننت نفسي ... وغاداني شواء أو قدير ولاعبني على الأنماط لعس ... عليهن المجاسد والحرير ولكني إلى تركات قوم ... هم الرؤساء والنبل البحور 746-وقال فضيل: "ما عشق الرئاسة أحد إلا حسد وبغى وطغى". 747-وعنه: "من عشق الرئاسة لم يفلح".

748-وعنه: "لا يطلب الرئاسة أحد إلا طلب عيوب الناس ومساوئهم، وكره أن يذكر عنده أحد بخير". 749-وعنه: "ما كثر تبع رجل إلا كثرت شياطينه". 750-وقال إبراهيم بن أدهم: "كن ذنباً ولا تكن رأساً، فإن الذنب ينجو والرأس يهلك". 751-[وقيل] : "كان الرجل يجلس إلى جانب الحسن ثلاث حجج لا يسأله مسألة هيبةً له". 752-في مالك بن أنس: [كامل] يأبى الجواب فلا يراجع هيبة ... والسائلون نواكس الأذقان

هدي التقى وعز سلطان التقى ... فهو المهيب وليس ذا سلطان 753-وقال خالد بن صفوان: "كان الأحنف يفر من الشرف والشرف يتبعه". 754-وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قدموا قريشاً ولا تقدموها، وتعلموا منها ولا تعلموها". 755-شعر: [رجز] إن قريشاً [و] هي من خير الأمم ... لا يضعون قدماً على قدم 756-وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا كان يوم القيامة دعا الله بعبد من عباده فيقف بين يديه فيسأله عن جاهه كما يسأله عن ماله". 757-قال رجل لقتيبة بن مسلم: "أتيناك [لا] لنرزأك ولا ننكأك، وإنما

نسألك جاهك. فقال: سألتم أثقل الأمور". 758-وقال محمد بن عبد السلام البغدادي: [منسرح] وا سوءتا لامرئ شبيبته ... في عنفوان وماؤه خضل راض بقوت المعاش مقتنع ... على تراث الآباء يتكل لا حفظ الله ذاك من رجل ... ولا رعاه ما أطت الإبل كلا وربي حتى يكون فتى ... قد نهكته الأسفار والرجل تسمو به همة تغادره ... وطرفه بالسهاد مكتحل مصمم يطلب الرئاسة أو ... يضرب فتكاً بفعله المثل حتى متى تخدم الرجاء ولا ... تخدم يوماً لأمك الهبل

759-وقال أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "كفى بالمرء فتنة أن يشار إليه بالأصابع في دين أو دنيا". 760-كان شبيب بن شيبة إذا ذكر عمرو بن عبيد يقول: [طويل] إذا ما تراءته الرجال تحفظوا ... فلم تنطق العوراء وهو قريب

761-أراد عاصم الخروج إلى البصرة فقال للشعبي: "ألك حاجة؟ قال: إذا أتيتها فبلغ الحسن سلامي. فقال: ما أعرفه. قال: انظر إلى أجمل رجل في عينك وأهيبه في صدرك فأقرئه عني السلام. هو أنور من ليلة البدر، وأشهر من يوم بدر". 762-وقال الحسن: "لقد صحبت أقواماً، إن الرجل لتعرض له الكلمة من الحكمة لو نطق بها لنفعته ونفعت أصحابه فما يمنعه منها إلا مخافة الشهرة". 763-وقال ابن سيرين: "لم يمنعني من مجالستكم إلا مخافة الشهرة، فلم يزل بي

البلاء حتى أخذ بلحيتي، فأقمت على المصطبة. فقيل: هذا ابن سيرين". 764-كان أيوب السختياني يخفي زهده، وما رئي أحد أشد تبسماً في وجوه الرجال منه. ودخلوا عليه مرة فإذا على فراشه محبس أحمر فرفعوه فإذا خصفة محشوة ليفاً. وكان يقوم الليل فإذا كان آخر الليل يرفع صوته يوهم أنه قام تلك الساعة. وكان يقول: أهلكت المعرفة. والله إني أخاف أن أكون بها شقياً". 765-وقال معمر: "رأيت قميص أيوب يكاد يمشي على الأرض، فقلت: ما هذا؟ قال: إنما كانت الشهرة فيما مضى في تذييلها واليوم الشهرة في تقصيرها".

766-وكان يقول للخياط: "اقطع وأطل فإن الشهرة اليوم في القصر". 767-وقال النمري: [طويل] يقولون في بعض التذلل عزة ... وعاداتنا أن ندرك العز بالعز أبى الله لي والأكرمون عشيرتي ... مقامي على دحض ونومي على وخز 768-ذكرت البيوتات عند هشام بن عبد الملك فقال: "البيت ما كان له سالفة ولاحقة وعماد حال ومساك دهر، فإذا كان كذلك فهو بيت قائم". أراد بالسالفة ما سلف من شرف الآباء، واللاحقة ما لحق من شرف الأبناء، وبعماد الحال الثروة، ومساك الدهر الجاه عند السلطان. 769-وقيل: اصطنع أنو شروان رجلاً فقيل له: "إنه لا قديم له. فقال: اصطناعنا إياه بيته وشرفه". 770-وعنه: "لي همة لو غرقت الدنيا فيها ما طلبت إلا بالغاصة، ولو كانت الليل ما تنفس فيه صبح".

771-وقال بعضهم: [طويل] ولي همة أسمو بها وعزيمة ... تبلغني أعلى من السرطان إذا النفس لم تتبعك في طلب العلا ... فتلك من الأموات لا الحيوان 772-وقال الأمير الصليحي: [طويل] : ولي همة تعلو على كل همة ... ولي أمل يعلو على كل آمل ولي حرفة تعلو كل حرفة ... صليحية ليست بهبش القبائل

773-قيل للعتابي: "فلان بعيد الهمة. فقال: إذاً لا يكون له غاية دون الجنة". 774-يقال: "فلان بعيد المنزعة" أي الهمة. 775-وقيل: أتى دكين الشاعر عمر بن عبد العزيز بعدما استخلف يستنجز وعداً كان وعده إياه فقال له: "يا دكين إن الله وضع بين جنبي نفساً نزاعة إلى معالي الأمور. نزعت إلى إمارة المدينة فرزقتها، فنزعت إلى إمارة الحجاز فنالتها، فنزعت إلى الخلافة فلما حظيت بها قالت هي الفوز بالدنيا كلها. فتاقت إلى الآخرة وترقت بهمتها إلى أهل الجنة وما رزأت من أموال المسلمين شيئاً وما عندي إلا ألفا درهم. فأعطاني ألفاً وقال: خذها بارك الله لك فيها. فابتعت بها إبلاً وسقتها إلى البادية فرمى الله في أذنابها بالبركة ورزقني ما ترون".

776-يقال: همته ترمي به وراء سنه مرمى بعيداً". 777-وقال بعضهم: "إني لأعشق الشرف كما يعشق الجمال". 778-وقال معاوية لعرابة بن أوس: أنت الذي يقول لك الشماخ: [وافر] رأيت عرابة الأوسي يسمو ... إلى الخيرات منقطع القرين إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة باليمين

فبم سدت قومك؟ قال: والله ما أنا بأكرمهم حسباً ولا أفضلهم نسباً ولكن أعرض عن جاهلهم وأسمح لسائلهم، فمن عمل عملي فهو مثلي ومن زاد فهو أفضل مني. فقال معاوية: هذا والله الكرم والسؤدد". 779-وقال مخرمة بن عبد الملك: "ما رأيت من العلماء أهيب من الشافعي من بعيد، ولا أبر وأكرم منه من قريب، في عيش غريض وجاه عريض". 780-وقال الشعبي: كانت درة عمر أهيب من سيف الحجاج". 781-قيل: لما جيء بالهرم زان ملك خوزستان أسيراً إلى عمر لم يزل الموكل به يقتفي أثر عمر حتى عثر عليه بالمسجد، فرآه نائماً متوسداً درته، فلما رآه الهرم زان قال: هذا هو الملك ألهني، عدلت فأمنت فمنت. والله إني قد خدمت أربعة من ملوك الأكاسرة وأصحاب التيجان فما وهبت أحداً منهم هيبتي لصاحب هذه الدرة". 782-وقال الأخطل في عبد الملك [كامل] تسمو العيون إلى إمام عادل ... معطى المهابة نافع ضرار وترى عليه إذا العيون رمقنه ... سيما التقى ومهابة الجبار

783-تذكروا أشراف الجاهلية في مجلس عبد الله بن الزبير فقال: "إن كنتم لا بد فاعلين فاذكروا عبد الله بن جدعان فما اقتسم الشرف إلا بعده". 784-وقيل: "أصاب الناس بالبصرة مجاعة، وكان ابن عامر يغدي عشرة آلاف ويعشي مثلهم حتى انجلت الأزمة، فكتب إليه عثمان يجزيه خيراً، وأمر له بأربعة آلاف معونة على نوائبه وكتب إليه: "لقد رفعك السؤدد إلى موضع لا يناله إلا الشمس والقمر، فتوخ أن يكون ما أعطيت لله فإنه لا شرف إلا ما كان فيه وله".

785-وقال رجل لفضيل: "عظني. فقال: كن ذنباً ولا تكن رأساً". حسبك. والله سبحانه أعلم. تم الكتاب المبارك بحمد الله تعالى وعونه وحسن توفيقه في ثامن عشر شهر الحجة الحرام من شهور سنة أربعة وثمانين ولألف من الهجرة النبوية على يد أفقر عباده وأحوجهم إليه علي محمد العمري عفا الله عنه. والحمد لله وحده

§1/1