الشقائق النعمانيه في علماء الدوله العثمانيه

طاشْكُبْري زَادَهْ

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله الَّذِي رفع بفضله طَبَقَات الْعلمَاء وَجعل اصولهم ثَابِتَة وفروعهم فِي السَّمَاء وزين سَمَاء الشَّرِيعَة والاسلام بأنوار افكار الْفُضَلَاء وَأحكم مباني الاحكام بقواعد وَضعهَا بِاجْتِهَاد الْفُقَهَاء وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على نبيه سيد الرُّسُل وَخَاتم الانبياء من بَعثه الله تَعَالَى على فَتْرَة من الرُّسُل ليقيم بِهِ الْملَّة العوجاء وَهُوَ صَاحب الْملَّة الحنيفية السمحة اليضاء وَصَاحب ذيل الْعِزّ والشرف على الْقبَّة الخضراء وعَلى آله وَأَصْحَابه الَّذين هم نُجُوم الاهتداء وعَلى من تَبِعَهُمْ من الْمُسلمين الى يَوْم الْبَعْث وَالْجَزَاء وَبعد فَإِنِّي مُنْذُ مَا عرفت الْيَمين من الشمَال والمستقيم من الْمحَال كنت مشغوفا بتتبع مَنَاقِب الْعلمَاء وأخبارهم ومتهالكا على حفظ مآثرهم وآثارهم حَتَّى اجْتمع من ذَلِك شَيْء كثير فِي الخاطر الفاتر بِحَيْثُ يمتلئ بِهِ بطُون الْكتب والدفاتر وَلَقَد دون المؤرخون مَنَاقِب الْعلمَاء والاعيان مِمَّا ثَبت بِالنَّقْلِ اَوْ اثبته العيان وَلم يلْتَفت اُحْدُ الى جمع اخبار عُلَمَاء هَذِه الْبِلَاد وَكَاد لَا يبْقى اسمهم ورسمهم على السن كل حَاضر وباد وَلما شَاهد هَذِه الْحَال بعض من أَرْبَاب الْفضل والكمال التمس مني ان اجْمَعْ مَنَاقِب عُلَمَاء الرّوم فأجبت الى ملتمسه مستعينا بِالْملكِ الْحَيّ القيوم وأردفت ذكر عُلَمَاء الشَّرِيعَة بِبَيَان احوال مَشَايِخ الطَّرِيقَة زَاد الله أنوارهم وَقدس اسرارهم وَلَقَد ذكرت فِي هَذَا الْكتاب من بلغ مِنْهُم الى المناصب الجليلة وان كَانُوا متفاوتين فِي الْعلم والفضيلة وَمن لم يبلغ الى تِلْكَ

الطبقة الاولى

المناصب مَعَ مَالهم من الِاسْتِحْقَاق لتِلْك الْمَرَاتِب وَمَعَ ذَلِك فَلَعَلَّ مَا تركت اكثر مِمَّا ذكرت وَلما لم اطلع على تَارِيخ وفيات هَؤُلَاءِ الاعيان وضعت الرسَالَة على تَرْتِيب سلاطين آل عُثْمَان وَلِهَذَا سميت الرسَالَة ب الشقائق النعمانية فِي عُلَمَاء الدولة العثمانية وَقد وَقع هَذَا الْجمع والتأليف فِي ظلّ دولة من خصّه الله تَعَالَى بالألطاف السبحانية من سلاطين الدولة الْقَاهِرَة العثمانية الَّذِي تضعضع بسطوته مباني الاكاسرة وتطأطأ دون سرادقات عَظمته سوامد القياصرة وفوضت اليه السَّعَادَة مقاليدها وأنجزت بِهِ الايام للانام مواعيدها خُلَاصَة أَرْبَاب الْخلَافَة فِي الْعَالمين شرف الاسلام ملاذ الْمُسلمين اخص الخواقين الْعِظَام وقطب السلاطين الْكِرَام مُطَاع الْمُلُوك والسلاطين مُطِيع احكام الشَّرِيعَة وَالدّين السُّلْطَان ابْن السُّلْطَان والخاقان ابْن الخاقان ابو الْفَتْح والنصر السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان ابْن السُّلْطَان سليم خَان ادام الله أَيَّام سلطنته الزهراء الى آخر الزَّمَان وخلد اعوام دولته الغراء الى انْقِرَاض الدوران وَلَا زَالَت دولته الابدية محفوفة بالعواطف الرحمانية وَمَا بَرحت غرته السرمدية مقرونة باللطائف الربانية وَهَا أَنا اشرع فِي الْمَقْصُود متوكلا على الصَّمد المعبود وَمَا توفيقي الا بِاللَّه عَلَيْهِ توكلت واليه انيب وَهُوَ السَّمِيع الْقَرِيب الطَّبَقَة الاولى فِي عُلَمَاء دولة السُّلْطَان عُثْمَان الْغَازِي روح الله تَعَالَى روحه الْعَزِيز بُويِعَ لَهُ بالسلطنة فِي سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة وَمن الْعلمَاء فِي زَمَانه الْمولى اده بالي ولد بالبلاد القرامانية وَقَرَأَ هُنَاكَ بَعْضًا من الْعُلُوم ثمَّ ارتحل الى الْبِلَاد الشامية وتفقه بهَا على مَشَايِخ الشَّام وَقَرَأَ التَّفْسِير والْحَدِيث والاصول عَلَيْهِم ثمَّ ارتحل الى بِلَاده واتصل بِخِدْمَة السُّلْطَان عُثْمَان الْغَازِي ونال عِنْده الْقبُول التَّام وَكَانُوا يرجعُونَ اليه بالمسائل الشَّرْعِيَّة ويتشاورون مَعَه فِي أُمُور السلطنة وَكَانَ عَالما عَاملا عابدا زاهدا يرْوى انه كَانَ مَقْبُول الدعْوَة وَكَانُوا يتبركون بأنفاسه الشَّرِيفَة وَكَانَ رَحمَه الله ذَا ثروة عَظِيمَة الا انه سلك مَسْلَك الصُّوفِيَّة وَبنى فِي الدولة

ومنهم المولى طورسون فقيه ختن المولى اده بالي

العثمانية زَاوِيَة ينزل فِيهَا المسافرون وَرُبمَا يبيت فِيهَا السُّلْطَان عُثْمَان الْغَازِي وَبَات لَيْلَة فِيهَا فَرَأى فِي الْمَنَام قمرا خرج من حضن الشَّيْخ اده بالي وَدخل فِي حضنه وَعند ذَلِك نَبتَت من سرته شَجَرَة عَظِيمَة سدت أَغْصَانهَا الافاق وتحتها جبال عَظِيمَة تتفجر مِنْهَا الانهار وَالنَّاس يَنْتَفِعُونَ بِتِلْكَ الانهار لأَنْفُسِهِمْ ودوابهم وبساتينهم فَقص هَذِه الرُّؤْيَا على الشَّيْخ فَقَالَ لَك الْبُشْرَى بهَا نلْت مرتبَة السلطنة وَينْتَفع بك وبأولادك الْمُسلمُونَ وَإِنِّي زوجت لَك بِنْتي هَذِه فولد لعُثْمَان الْغَازِي مِنْهَا اولاد وَكَانَ الشَّيْخ بلغ من السن مائَة وَعشْرين سنة وَمَات فِي سنة سِتّ وَعشْرين وَسَبْعمائة وَمَاتَتْ بعد شهر ابْنَته ويه زَوْجَة السُّلْطَان عُثْمَان الْغَازِي وَأم السُّلْطَان اورخان وَبعد مُضِيّ ثَلَاثَة اشهر من وفاتها مَاتَ السُّلْطَان عُثْمَان الْغَازِي روح الله أَرْوَاحهم وَمِنْهُم الْمولى طورسون فَقِيه ختن الْمولى اده بالي وَهُوَ ايضا من بِلَاد قرامان قَرَأَ على الْمولى الْمَذْكُور التَّفْسِير والْحَدِيث والاصول وتفقه عِنْده وَبعد وَفَاته قَامَ مقَامه فِي أَمر الْفَتْوَى وتدبير امور السلطنة وتدريس الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَكَانَ عَالما عَاملا مجاب الدعْوَة وَمِنْهُم الْمولى خطاب بن ابي الْقَاسِم القره حصاري رَحمَه الله قَرَأَ ببلاده على عُلَمَاء عصره ثمَّ ارتحل الى الْبِلَاد الشامية وقرا على علمائها وَأخذ مِنْهُم الْفِقْه والْحَدِيث وَالتَّفْسِير ثمَّ عَاد الى بِلَاده وَتُوفِّي بهَا رَحمَه الله وَله شرح نَافِع على منظومة الشَّيْخ الْعَالم عمر النَّسَفِيّ فِي الخلافيات فرغ من تصنيفه فِي صفر سنة سبع عشرَة وَسَبْعمائة وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه مخلص بَابا توطن فِي بِلَاد قرامان وَحضر مَعَ السُّلْطَان عُثْمَان الْغَازِي فِي فتوحاته وَكَانَ رَحمَه الله مجاب الدعْوَة سالكا واصلا الى الله تَعَالَى وَكَانَ صَاحب كرامات علية ومقامات سنية قدس الله تَعَالَى سره الْعَزِيز وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى عاشق باشا ابْن الشَّيْخ مخلص بَابا الْمَذْكُور توطن رَحمَه الله فِي مَوضِع يُقَال لَهُ قر شَهْري من بِلَاد قرامان وَتُوفِّي بهَا

ومنهم الشيخ علوان جلبي ابن الشيخ عاشق باشا المذكور

وقبره مَشْهُور هُنَاكَ تستجاب عِنْده الدَّعْوَات وَالنَّاس يتبركون بِهِ كَانَ قدس سره عابدا زاهدا عَارِفًا بِاللَّه وَصِفَاته وعالما بأطوار السلوك ومقامات السالكين وَله كتاب منظوم بالتركية مُشْتَمل على أَحْوَال السلوك واطواره وَمِنْهُم الشَّيْخ علوان جلبي ابْن الشَّيْخ عاشق باشا الْمَذْكُور توطن رَحمَه الله فِي مَوضِع قريب من بَلْدَة اماسيه وَمَات هُنَاكَ وَدفن فِيهِ وَقد زرت مرقده الْمُقَدّس فِي عنفوان الشَّبَاب وتبركت بِهِ كَانَ رَحمَه الله عابدا زاهدا عَارِفًا بِاللَّه تَعَالَى وَكَانَ صَاحب جذبة عَظِيمَة وَله نظم ايضا فِي أطوار السلوك وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ حسن كَانَ عابدا زاهدا مجاب الدعْوَة ومظهر الكرامات ومعدن البركات وَكَانَ لَهُ زَاوِيَة قريبَة من دَار السَّعَادَة ببلدة بروسه وَكَانَ يلقب بأخي حسن قدس تَعَالَى سره الْعَزِيز الطَّبَقَة الثَّانِيَة فِي عُلَمَاء دولة السُّلْطَان اورخان بن عُثْمَان الْغَازِي طيب الله ثراه بُويِعَ لَهُ بالسلطنة بعد وَفَاة ابيه سنة سِتّ وَعشْرين وَسَبْعمائة وَمن الْعلمَاء فِي زَمَانه الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى دَاوُد القيصري القراماني اشْتغل فِي بِلَاده ثمَّ ارتحل الى مصر وقرا على علمائه التَّفْسِير والْحَدِيث والاصول وبرع فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وَحصل علم التصوف وَشرح فصوص ابْن الْعَرَبِيّ وَوضع لشرحه مُقَدّمَة بَين فِيهَا اصول علم التصوف وَيفهم من كَلَامه فِي تِلْكَ الْمُقدمَة مهارته فِي الْعُلُوم النقلية ايضا وَبنى السُّلْطَان اورخان مدرسة فِي بَلْدَة ازنيق وَهِي على مَا سمعته من الثِّقَات اول مدرسة بنيت فِي الدولة العثمانية وَعين تدريسها للشَّيْخ دَاوُد القيصري فدرس هُنَاكَ وَأفَاد وصنف وأجاد وَكَانَ عابدا زاهدا متورعا صَاحب اخلاق حميدة روح الله روحه

ومنهم المولى الفاضل تاج الدين الكردري

وَمِنْهُم الْمولى الْفَاضِل تَاج الدّين الكردري قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل سراج الدّين الارموي صَاحب الْمطَالع وَبَيَان الْحِكْمَة وَحصل من الْعُلُوم شَيْئا كثيرا وبرع فِي جَمِيعهَا وتمهر فِي الْفِقْه واشتهرت فضائله فِي الافاق وَلما مَاتَ دَاوُد القيصري مدرسا بمدرسة ازنيق نَصبه السُّلْطَان اورخان مقَامه ودرس هُنَاكَ مُدَّة وَأفَاد طلبة زَمَانه وَكَانَ زوج احدى ابْنَتَيْهِ للشَّيْخ اده بالي الْمَذْكُور وَزوج ابْنَته الاخرى للْمولى خير الدّين القَاضِي ثمَّ صَار هُوَ وزيرا ولقب بِخَير الدّين باشا رُوِيَ عَن بعض الثِّقَات ان السُّلْطَان اورخان الْغَازِي لما حاصر بَلْدَة ازنيق ظهر عَسْكَر الْكفَّار من بعض الجوانب يقصدون السُّلْطَان الْمَذْكُور فتحير السُّلْطَان وشاور مَعَ الْأَمِير شاهين لَا لَا من عبيد السُّلْطَان الْمَذْكُور فَأَشَارَ اليه ان لَا يُؤَخر امْر الْحصار وَقَالَ ان وهبت لي الْغَنِيمَة الْحَاصِلَة من هَؤُلَاءِ الْكفَّار ذهبت اليهم فَقبله السُّلْطَان فَهزمَ الامير الْمَذْكُور عَسْكَر الْكفَّار وَحصل لَهُ مِنْهُم غنيمَة عَظِيمَة فندم السُّلْطَان على مَا فعله فاستفتى من الْمولى الْمَذْكُور وَحكى لَهُ مَا جرى بَينه وَبَين الامير شاهين من هبة الْغَنِيمَة الْمَذْكُورَة لَهُ فقالى الْمولى ان هَذَا عبد اَوْ مُعتق قَالَ السُّلْطَان انه مُعتق فَقَالَ الْمولى ان الْغَنِيمَة لَهُ وَلَا يجوز اخذها مِنْهُ وَبنى ذَلِك الامير بذلك المَال مدرسة بِمَدِينَة بروسا وجسرا ببلدة كرماستي وزاوية وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى عَلَاء الدّين الاسود شَارِح الْمُغنِي فِي الاصول وشارح الْوِقَايَة اشْتهر عِنْد اهل الرّوم بقره خواجه وارتحل الى بِلَاد الْعَجم وَقَرَأَ على علمائها ثمَّ اتى بِلَاد الرّوم واعطاه السُّلْطَان اورخان مدرسة ازنيق بعد وَفَاة تَاج الدّين الكردري وصنف وَقت تدريسه بِتِلْكَ الْمدرسَة شرح الْوِقَايَة وَهُوَ كتاب حافل كافل لحل مشكلات الْوِقَايَة رَأَيْته فِي مجلدين فطالعته وانتفعت بِهِ شكر الله سَعْيه وَسمعت من بعض الثِّقَات ان الْمولى شمس الدّين الفناري قَرَأَ عَلَيْهِ لَكِن وَقع بَينهمَا مُخَالفَة ومنافرة وَلِهَذَا تَركه وَذهب الى خدمَة الْمولى جمال الدّين الاقسرائي روح الله أروحهم

ومنهم المولى العالم الفاضل مولانا خليل الجندري

وَمِنْهُم الْمولى الْعَالم الْفَاضِل مَوْلَانَا خَلِيل الجندري المشتهر بَين النَّاس بجندر لوقره خَلِيل كَانَ رَحمَه الله من طلبة الْمولى عَلَاء الدّين الاسود وَكَانَ هُوَ أول قَاض من قُضَاة الْعَسْكَر وقصته ان السُّلْطَان اورخان ذهب يَوْمًا الى بَيت الْمولى عَلَاء الدّين الاسود لاجل زيارته وَلما دخل دَاره وجد الْمولى الْمَذْكُور يُصَلِّي فِي منزله فتوقف سَاعَة وَقَالَ لبَعض الطّلبَة الْحَاضِرين هُنَاكَ اريد ان اصلي ايضا فَتقدم مَوْلَانَا خَلِيل الْمَذْكُور وَصلى هُوَ والحاضرون خَلفه وَلما خرج الْمولى عَلَاء الدّين من بَيته قَالَ لَهُ السُّلْطَان الرعايا يتحاكمون الي وَأَنا على السّفر وَلَا علم لي بالاحكام الشَّرْعِيَّة فعين لي وَاحِدًا من طلبتك ليسافر معي وَيحكم بَين النَّاس عِنْد الْحَاجة فَقَالَ الْمولى خُذ مَعَك وَاحِدًا من الْحَاضِرين فتضرع الْكل اليه ليرد عَنْهُم هَذِه الْمصلحَة فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان عين وَاحِدًا مِنْهُم آخذه جبرا فعين مَوْلَانَا خَلِيلًا الْمَذْكُور فَذهب وَهُوَ يبكي وَمن نَسْله خَلِيل باشا وَزِير السُّلْطَان مرادخان وَالسُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَفِي رِوَايَة اخرى ان الْمولى الْمَذْكُور كَانَ قَاضِيا فِي أَوَاخِر سلطنة السُّلْطَان عُثْمَان الْغَازِي ببلدة بلاجوك وَلما فتح السُّلْطَان اورخان بَلْدَة ازنيق نَصبه قَاضِيا بهَا ثمَّ جعله قَاضِيا بِمَدِينَة بروسه وَلما جلس السُّلْطَان مُرَاد الْغَازِي على سَرِير السلطنة جعله قَاضِيا بالعسكر ثمَّ جعله وزيرا وأمير الامراء ولقب نجم الدّين باشا وَالله اعْلَم بِحَقِيقَة الْحَال وَكَانَ رجلا عَاقِلا مُدبرا لامور السلطنة وَكَانَ من اقرباء الشَّيْخ اده بالي الْمَذْكُور وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى محسن القيصري قَرَأَ الْعُلُوم على الْمولى مجدالدين القيصري واطلع على فنون كَثِيرَة من أَقسَام الْفُنُون الادبية وانواع الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة ثمَّ ارتحل الى الْبِلَاد الشامية وقرا على علمائها التَّفْسِير والْحَدِيث ثمَّ عَاد الى بِلَاده وَتُوفِّي بهَا ونظم تَرْجَمَة كتاب فِي الْفِقْه وأجاد فِيهِ كل الاجادة ونظم ايضا علم الْفَرَائِض نظما حسنا بليغا جَامعا للمسائل ثمَّ شَرحه شرحا بَين فِيهِ دقائقه واسراره وَله شرح على مُخْتَصر الشَّيْخ الاندلسي فِي علم الْعرُوض احسن فِي ترتيبه وَضَمنَهُ فَوَائِد كَثِيرَة

ومن مشايخ زمانه الشيخ العارف بالله الشيخ المعروف بالنسبة الى الغزال

وَمن مَشَايِخ زَمَانه الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ الْمَعْرُوف بِالنِّسْبَةِ الى الغزال وَهُوَ الْمَشْهُور فِي لسانهم بكيكلوبابا وَلم يشْتَهر اسْمه وانما نسب الى الغزال لانه كَانَ يركب الغزال وَكَانَ الغزال مسخرا لَهُ ومولده ببلدة خوي من بلادالعجم ثمَّ ارتحل الى بلادالروم وَحضر فتح بروسا مَعَ السُّلْطَان اورخان رَاكِبًا الغزال وتوطن قَرِيبا من مَدِينَة بروسا وَمَات هُنَاكَ وَدفن بذلك الْموضع وَبنى السُّلْطَان اورخان على قَبره قبَّة وقبره مَشْهُور يزار ويتبرك بِهِ كَانَ قدس سره صَاحب جذبة عَظِيمَة وكرامات سنية متجردا عَن العلائق الدُّنْيَوِيَّة مُنْقَطِعًا الى الحضرة الالهية وَلَقَد زرت مرقده الشريف وَحصل لي عِنْد زيارته انس عَظِيم وَرَأَيْت عِنْده قبر آخر وَسَأَلت حَافظ قُبَّته عَن صَاحب هَذَا الْقَبْر قَالَ لقد سَمِعت انه من اولاد الامير كرميان وَلَقَد ترك الامارة واتصل بِخِدْمَة الشَّيْخ ونال عِنْده الْمَرَاتِب السّنيَّة وَكَانَ من جملَة احباء الشَّيْخ الْمَذْكُور رجل مُسَمّى بطور غوداب من أُمَرَاء السُّلْطَان الْغَازِي وَلما اسن الامير الْمَذْكُور وَضعف عَن الْحَرَكَة توطن فِي مَوضِع قريب من مقَام الشَّيْخ كيكلو بَابا وَذَلِكَ الْمَكَان مُسَمّى الان بطورغودابلي وَكَانَ الامير الْمَذْكُور مداوما لخدمة الشَّيْخ الْمَذْكُور الى ان مَاتَ وَقد أحب السُّلْطَان اورخان الشَّيْخ الْمَزْبُور واعطى لَهُ موضعا قَرِيبا من مقَامه يُقَال لَهُ اينه كول مَعَ مَا حوله من الْقرى وَلم يقبلهَا الشَّيْخ وَقَالَ الْملك وَالْمَال يَنْبَغِي لِلْأُمَرَاءِ والسلاطين وَلَا يحْتَاج اليه الْفُقَرَاء وَلما أبرم عَلَيْهِ السُّلْطَان قَالَ عين لي من مقَامي هَذَا الى هَذَا التل للْفُقَرَاء لاجل الاحتطاب وَسُئِلَ الشَّيْخ الْمَزْبُور عَن شَيْخه فَقَالَ انا من جملَة مريدي بَابا الياس وَمن طَريقَة الشَّيْخ ابي الْوَفَاء الْبَغْدَادِيّ قدس سره وَرُوِيَ ان السُّلْطَان اورخان سَأَلَ مِنْهُ الدُّعَاء لنَفسِهِ فَقَالَ الشَّيْخ اني لَا أغفل عَنْك وَإِذا وَقعت حَاجَة ادعو لَك وَبعد مُدَّة قلع الشَّيْخ شَجَرَة غَرِيبَة وَحملهَا الى مَدِينَة بروسا وَدخل دَار السلطنة بذلك وغرسها فِي دَاخل الْبَاب قَرِيبا من اُحْدُ جانبيه ثمَّ ذهب فَأخْبر السُّلْطَان بذلك ففرح فَرحا شَدِيدا ثمَّ ربى تِلْكَ الشَّجَرَة فعظمت وَهِي بَاقِيَة الى الان

ومنهم الشيخ العارف بالله قره جه احمد

وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه قره جه احْمَد كَانَ رَحمَه الله من بلادالعجم من أَبنَاء بعض الْمُلُوك وَلما حصلت لَهُ الجذبة ترك بِلَاده وأتى بلادالروم وتوطن فِي مَوضِع قريب من اقحصار وقبره هُنَاكَ مَشْهُور يتبرك بِهِ ويزار ويستجاب عِنْده الدُّعَاء ويستشفي بِهِ الْمَرِيض وَذَلِكَ مَشْهُور فِي بِلَادنَا عندالخواص والعوام قدس الله سره الْعَزِيز وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه أخي اوران كَانَ رَحمَه الله صَاحب دعوات مستجابة وأنفاس مستطابة وَظَهَرت مِنْهُ كرامات سنية قدس الله سره الْعَزِيز وَمِنْهُم الشَّيْخ المجذوب مُوسَى ابدال حضر مَعَ السُّلْطَان اورخان فتح بروسا وقبره مَشْهُور هُنَاكَ وَمن كراماته انه اخذ جَمْرَة ولفها فِي قطنه وأرسلها مَعَ وَاحِد من أحبائه الى الشَّيْخ الْمَزْبُور كيكلوبابا وَلما رَآهَا الشَّيْخ ارسل مَعَه قَصْعَة فِيهَا لبن فَلَمَّا أَتَى بِهِ الى الشَّيْخ مُوسَى تعجب من ذَلِك وَقَالَ الرجل الْمَذْكُور اللَّبن كثير فَأَي فَائِدَة فِي ارساله فَقَالَ الشَّيْخ مُوسَى انه غلب عَليّ لانه لبن الغزال وتسخير الْحَيَوَان اصعب من تسخير النَّبَات وَمِنْهُم الشَّيْخ المجذوب ابدال مُرَاد حضر مَعَ السُّلْطَان اورخان فتح بروسا وقبره مَشْهُور هُنَاكَ فِي مَوضِع عَال وَمِنْهُم الشَّيْخ المجذوب الْمَشْهُور بَدو غلوبابا حضر مَعَ السُّلْطَان اورخان فتح بروسا وَكَانَ يهيء للغزاة لَبَنًا ممزوجا بِالْمَاءِ ويقسمه عَلَيْهِم وَقت عطشهم ودوغ عبارَة عَن ذَلِك فِي لسانهم وَله مَوضِع مَنْسُوب اليه على جبل قريب من مَدِينَة بروسا عَلَيْهِ الرَّحْمَة والرضوان الطَّبَقَة الثَّالِثَة فِي عُلَمَاء دولة السُّلْطَان مُرَاد بن اورخان الْغَازِي الْمَشْهُور عِنْد النَّاس بغازي خداوند كار روح الله روحه وَنور ضريحه بُويِعَ لَهُ بالسلطنة بعد وَفَاة ابيه فِي سنة احدى وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وَمن الْعلمَاء فِي زَمَانه الْمولى مَحْمُود القَاضِي بِمَدِينَة بروسا ولد رَحمَه

قرأت الشرحين المذكورين على المولى الوالد روح الله روحه وقرأهما هو على خاله المولى محمد النكساري رحمه الله وقرأهما هو على مولانا فتح الله الشيرواني وقرأهما هو على المولى الشارح رحمه الله يروي انه قرأ على السيد

الله بِموضع يُقَال لَهُ سُلْطَان اوكي وَقَرَأَ على عُلَمَاء زَمَانه الْعُلُوم الْعَرَبيَّة والشرعية وَالتَّفْسِير والْحَدِيث وبرع فِي كل مِنْهَا ثمَّ استقضاه السُّلْطَان مُرَاد الْغَازِي بِمَدِينَة بروسا وَكَانَ قَاضِيا بهَا مُدَّة كَبِيرَة وَكَانَ رجلا عَالما صَالحا تقيا متورعا مرضِي السِّيرَة فِي قَضَائِهِ وَلِهَذَا كَانَ النَّاس يحبونه محبَّة شَدِيدَة وَكَانَ شَيخا هرما وَلِهَذَا سموهُ بقوجه افندي رُوِيَ انه لما زوج السُّلْطَان مُرَاد بنت ابْن الامير كرميان لِابْنِهِ السُّلْطَان بايزيد خَان ارسل الْمولى الْمَذْكُور مَعَ جمع كثير من الامراء الْكِرَام والخواقين الْعِظَام وَجعل الْمولى الْمَذْكُور رَئِيسا لهَؤُلَاء الْجَمَاعَة وارسله مَعَهم وَكَانَ للْمولى الْمَذْكُور ولد اسْمه مُحَمَّد وَكَانَ عَالما فَاضلا الا انه مَاتَ فِي سنّ الشَّبَاب وأعقب ولدا اسْمه مُوسَى باشا وَهُوَ حصل فِي بِلَاده بَعْضًا من الْعُلُوم وَلما سمع صيت الْعلم فِي بلادالعجم عزم ان يذهب اليها لتَحْصِيل الْعلم لكنه كتم الْعَزْم عَن اقاربه وفطنت لذَلِك اخته فَوضعت بَين كتبه شَيْئا كثيرا من حليها ليستعين فِي ديار الغربة فارتحل الى بِلَاد الْعَجم وَقَرَأَ على مَشَايِخ خُرَاسَان ثمَّ ارتحل الى مَا وَرَاء النَّهر وَقَرَأَ على علمائها ايضا وَحصل هُنَاكَ علوما كَثِيرَة وَبلغ من مَرَاتِب الْفضل اعلاها واشتهرت فضائله وَبعد صيته وَدَار على الالسنة ذكره ولقبوه بقاضي زَاده رومي واتصل بِخِدْمَة ملك سَمَرْقَنْد وَهُوَ الامير الاعظم الغ بك ابْن شاه بن الامير تيمور وَاقْبَلْ الامير الْمَذْكُور عَلَيْهِ اقبالا عَظِيما وقرا عَلَيْهِ بعض الْعُلُوم وَكَانَ الامير الْمَذْكُور محبا للعلوم الرياضية فَقَرَأَ عَلَيْهِ من الْعُلُوم الرياضية كتبا كَثِيرَة واعتنى هُوَ بالرياضة اشد اعتناء حَتَّى برع فِيهَا وفَاق على أقرانه بل على من تقدمه وَشرح اشكال التأسيس فِي الهندسة فِي سنة خمس عشرَة وَثَمَانمِائَة وَشرح كتاب الجغمني فِي الْهَيْئَة فِي سنة ارْبَعْ عشرَة وَثَمَانمِائَة وَاعْتذر فِي خطبَته عَن ترك وَطنه وإقامته بسمرقند وَقَالَ ... وَلَا عيب فيهم غير ان ضيوفهم ... تلام بنسيان الاحبة والوطن ... قَرَأت الشرحين الْمَذْكُورين على الْمولى الْوَالِد روح الله روحه وقرأهما هُوَ على خَاله الْمولى مُحَمَّد النكساري رَحمَه الله وقرأهما هُوَ على مَوْلَانَا فتح الله الشيرواني وقرأهما هُوَ على الْمولى الشَّارِح رَحمَه الله يروي انه قَرَأَ على السَّيِّد

ومنهم المولى الاعظم الشيخ جمال الدين محمد بن محمد الاقسرائي قدس الله سره العزيز

الشريف وَلم تحصل الْمُوَافقَة بَينهمَا فَترك درسه وَقَالَ السَّيِّد الشريف فِي حَقه غلب على طبعه الرياضيات وَقَالَ هُوَ فِي حق السَّيِّد الشريف هولا يقدر على الافادة لي فِي الْعُلُوم الرياضية ثمَّ إِنَّه طالع شرح المواقف للسيدالشريف ورد كثيرا من موَاضعه لكنه لم يكْتب بل أَشَارَ فِي حَاشِيَة الْكتاب الى تِلْكَ الْمَوَاضِع بِحَلقَة رسمها بالقلم وَالْعُلَمَاء فِي بِلَاد الْعَجم يمْتَحنُونَ الطلاب بِالْوُقُوفِ على مَا قَصده من الرَّد ويحكى انه كَانَ فِي بَلْدَة سَمَرْقَنْد مدرسة مربعة لَهَا حجرات كَثِيرَة وَوَضَعُوا فِي كل ضلع مِنْهَا مَوضِع درس وعينوا لكل مَوضِع مِنْهَا مدرسا رئيسيهم الْمولى الْمَذْكُور وَكَانَ من عَادَتهم ان المدرسين مَعَ طلبتهم يَجْتَمعُونَ عِنْد الْمولى الْمَذْكُور فيقرؤن عَلَيْهِ الدَّرْس ثمَّ يذهب الْمولى الْمَذْكُور الى منزله فيدرس كل مدرس فِي مَوضِع عين لَهُ وَكَانَ يحضر الامير الغ بك فِي بعض الاحيان درس الْمولى الْمَذْكُور وَاتفقَ ان عزل الامير الْمَذْكُور وَاحِدًا من هَؤُلَاءِ المدرسين فَترك الْمولى الْمَذْكُور اياما فَظن الغ بك انه وَقعت لَهُ عارضة مزاجية فَذهب الى بَيته لعيادته فَإِذا هُوَ صَحِيح فَسَأَلَهُ عَن سَبَب تَركه الدَّرْس مُنْذُ أَيَّام فَقَالَ اني خدمت بَعْضًا من مَشَايِخ الصُّوفِيَّة فأوصاني ان لَا اتولى المناصب الدُّنْيَوِيَّة الا منصبا لَا يعْزل صَاحبه عَنهُ عَادَة فَكنت ظَنَنْت الان ان التدريس كَذَلِك فَلَمَّا علمت انه يعْزل صَاحبه عَنهُ تركته فَاعْتَذر الامير الغ بك عَن فعله وتضرع اليه فِي قبُول التدريس وَأعَاد الْمدرس الَّذِي عَزله الى مقَامه وَحلف ان لَا يعْزل بعد ذَلِك مدرسا اصلا فَقبل الْمولى الْمَذْكُور التدريس ثمَّ ان الامير الغ بك قصد رصد الْكَوَاكِب لما رأى من الخللل فِي ارصاد الْمُتَقَدِّمين فرتب مَكَان الرصد بسمرقند فتولاه اولا غياث الدّين جمشيد فَلم يلبث الا قَلِيلا حَتَّى مَاتَ ثمَّ تولاه قَاضِي زَاده الرُّومِي فتوفاه الله تَعَالَى قبل اتمامه وأكمله الْمولى عَليّ بن مُحَمَّد القوسجي وستجيء تَرْجَمته تغمدهم الله تَعَالَى بغفرانه وَمِنْهُم الْمولى الاعظم الشَّيْخ جمال الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد الاقسرائي قدس الله سره الْعَزِيز كَانَ عَالما فَاضلا كَامِلا تقيا نقيا عَارِفًا بالعلوم الْعَرَبيَّة والشرعية والعقلية وَقد

ومنهم العالم الفاضل المولى برهان الدين احمد قاضي ارزنجان

درس فَأفَاد وصنف فأجاد وانتفع بِهِ كثير من الْفُضَلَاء وَتخرج عِنْده جمع من الْعلمَاء كتب حَوَاشِي على الْكَشَّاف وصنف شرح الايضاح فِي الْمعَانِي وَشرح الانموذج فِي الطِّبّ رُوِيَ ان الْمولى الْمَذْكُور من نسل الامام فَخر الدّين الرَّازِيّ وَهُوَ رَابِع مرتبَة مِنْهُم لانه هُوَ الْمولى جمال الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن الامام فَخر الدّين مُحَمَّد الرَّازِيّ روح الله أَرْوَاحهم وَكَانَ رَحمَه الله مدرسا فِي بِلَاد قرامان بمدرسة مَشْهُورَة بمدرسة السلسلة وَقد شَرط بانيها ان لَا يدرس فِيهَا الا من حفظ الصِّحَاح للجوهري فَتعين لذَلِك الْمولى جمال الدّين الْمَذْكُور فِي زَمَانه وَكَانَ طلبته ثَلَاث طَبَقَات الادنى مِنْهُم من يستفيدون مِنْهُ فِي ركابه عِنْد ذَهَابه الى الدَّرْس وَسَمَّاهُمْ بالمشائية والاوسطين مِنْهُم من يسكنون فِي رواق الْمدرسَة وَسَمَّاهُمْ الرواقيين على عَادَة الْحُكَمَاء الاقدمين والاعلى مِنْهُم من يسكنون فِي دَاخل الْمدرسَة وَكَانَ يدرس اولا للمشائين فِي ركابه ثمَّ ينزل عَن فرسه ويدرس للساكنين فِي الرواق ثمَّ يدْخل الْمدرسَة ويدرس للساكنين فِي داخلها وَكَانَ الْمولى الفناري سَاكِنا فِي رواق الْمدرسَة لحداثة سنه فِي ذَلِك الْوَقْت رُوِيَ انه لما بلغ السَّيِّد الشريف صيت الْمولى جمال الدّين الْمَذْكُور ارتحل الى بلادالروم ليقْرَأ عَلَيْهِ فَلَمَّا قرب مِنْهُ رأى شَرحه للايضاح فَلم يُعجبهُ حَتَّى رُوِيَ انه قَالَ فِي حَقه انه كالذباب على لحم الْبَقر وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِك لَان الايضاح كتاب مَبْسُوط لَا يحْتَاج الى الشَّرْح الا فِي بعض الْمَوَاضِع وَالْمولى الْمَذْكُور كتب فِي شَرحه الْمَتْن بِتَمَامِهِ وَضرب عَلَيْهِ بالمداد الاحمر فَبَقيَ الشَّرْح فِيمَا بَينه كالذباب على لحم الْبَقر وَلما قَالَ السَّيِّد الشريف هَذَا الْكَلَام فِي حَقه قَالَ لَهُ بعض الطالبين ان تَقْرِيره احسن من تحريره فقصده السَّيِّد الشريف فَأتى بِلَاد قرامان فصادف دُخُوله الى الْبَلَد موت الْمولى المرحوم جمال الدّين وَلَقي السَّيِّد الشريف هُنَاكَ الْمولى الفناري وَذهب مَعَه الى مَدِينَة مصر فَقَرَأَ ثمت على الشَّيْخ أكمل الدّين روح الله أَرْوَاحهم وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى برهَان الدّين احْمَد قَاضِي ارزنجان كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا ورعا تقيا نقيا وَكَانَ أَمِيرا على ارزنجان حِين فَتْرَة من الامراء صنف حَاشِيَة على التَّلْوِيح وسماها التَّرْجِيح وَهِي مَشْهُورَة بَين الْعلمَاء ومقبولة عِنْدهم قَالَ الشَّيْخ شهَاب الدّين بن حجر فِي الدُّرَر الكامنة فِي تَرْجَمته

ومنهم الشيخ العارف بالله تعالى الحاج بكتاش

تفقه قَلِيلا واشتغل بحلب ثمَّ رَجَعَ الى بَلَده وصادق اميره ثمَّ اتّفق انه وَقع بَينهمَا تنفر فَعمل عَلَيْهِ وَقتل وتسلط مَكَانَهُ وَكَانَ عَارِفًا فَاضلا ذَا هَيْئَة لَهُ نظم وشجاعة وَقد نازله عَسْكَر مصر فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة وَثمّ لما كَانَت سنة تسع وَتِسْعين قابله التتار الَّذين بأرزنجان فاستنجد الظَّاهِر برقوق فَأرْسل اليه جَرِيدَة فَهزمَ التتار ثمَّ وَقع بَينه وَبَين قرا ايلوك بن طور عَليّ فَقتل برهَان الدّين فِي المعركة وَذَلِكَ فِي أَوَاخِر سنة ثَمَانمِائَة اتهى كَلَامه وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الْحَاج بكتاش كَانَ رَحمَه الله من جملَة اصحاب الكرامات وأرباب الولايات وقبره بِبِلَاد تركمان وعَلى قَبره قبَّة وَعِنْده زَاوِيَة يزار ويتبرك بِهِ وتستجاب عِنْده الدَّعْوَات وَقد انتسب اليه فِي زَمَاننَا هَذَا بعض من الْمَلَاحِدَة نِسْبَة كَاذِبَة وَهُوَ بَرِيء مِنْهُم بِلَا شكّ قدس الله تَعَالَى سره الْعَزِيز وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ مُحَمَّد الكشتري أَتَى من بلادالعجم الى الرّوم وتوطن فِي مَدِينَة بروسا فِي مَوضِع يعرف بالانتساب اليه الان وَكَانَ صَاحب جذبة عَظِيمَة وكرامات سنية وَكَانَ مجاب الدعْوَة قدس سره وَمِنْهُم الشَّيْخ المجذوب الْمَعْرُوف ببوستين بوش أَتَى من بِلَاد الْعَجم الى بِلَاد الرّوم وتوطن بِمَدِينَة بروسا وَكَانَ صَاحب جذبة وكرامات سنية وأحوال عَظِيمَة وَكَانَ مجاب الدعْوَة وَبنى لَهُ السُّلْطَان مرادخان الْغَازِي زَاوِيَة فِي قَصَبَة بكي شهر وقبره بهَا يزار ويتبرك بِهِ قدس الله تَعَالَى سره الْعَزِيز الطَّبَقَة الرَّابِعَة فِي عُلَمَاء دولة السُّلْطَان بايزيد خَان ابْن السُّلْطَان مُرَاد الْغَازِي الملقب بيلدرم بايزيد روح الله روحه وَغفر لَهُ بُويِعَ لَهُ بالسلطنة بعد وَفَاة ابيه فِي رَابِع شهر رَمَضَان الْمُبَارك من شهور سنة احدى وَتِسْعين وَسَبْعمائة وَمن الْعلمَاء فِي زَمَانه الْمولى الْعَالم الْعَامِل ابو الْفَضَائِل والكمالات مَوْلَانَا

شمس الدين محمد بن حمزة بن محمد الفناري قدس الله روحه العزيز

شمس الدّين مُحَمَّد بن حَمْزَة بن مُحَمَّد الفناري قدس الله روحه الْعَزِيز قَالَ السُّيُوطِيّ سَمِعت من شَيخنَا الْعَلامَة محيي الدّين الكافيجي ان نِسْبَة الفناري الى صَنْعَة الفنار قلت سَمِعت من وَالِدي رَحمَه الله يَحْكِي عَن جدي ان نسبته الى قَرْيَة مُسَمَّاة بفنار وَالله أعلم قَالَ السُّيُوطِيّ لَازمه شَيخنَا الْعَلامَة محيي الدّين الكافيجي وَكَانَ يُبَالغ فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ جدا وَقَالَ ابْن حجر كَانَ الْمولى الفناري عَارِفًا بالعلوم الْعَرَبيَّة وَعلمِي الْمعَانِي وَالْبَيَان وَعلم القراآت كثير الْمُشَاركَة فِي الْفُنُون ولد رَحمَه الله فِي صفر سنة احدى وَخمسين وَسَبْعمائة وَأخذ عَن الْعَلامَة عَلَاء الدّين الاسود شَارِح الْمُغنِي والوقاية وَأخذ ببلاده عَن الْجمال مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الاقسرائي ولازم الِاشْتِغَال ورحل الى مصر لاجل الِاشْتِغَال واخذ عَن الشَّيْخ أكمل الدّين وَغَيره ثمَّ رَجَعَ الى الرّوم فولي قَضَاء بروسا وارتفع قدره عِنْد ابْن عُثْمَان جدا وَحل عِنْده الْمحل الاعلى وَصَارَ فِي معنى الْوَزير واشتهر ذكره وشاع فَضله وَكَانَ حسن السمت كثير الْفضل والافضال وَلما دخل الْقَاهِرَة يُرِيد الْحَج اجْتمع بِهِ فضلاء الْعَصْر وذاكروه وباحثوه وشهدوا لَهُ بالفضيلة ثمَّ رَجَعَ وَكَانَ قد أثرى الى الْغَايَة حَتَّى يُقَال ان عِنْده من النَّقْد خَاصَّة بِمِائَة وَخمسين الف دِينَار وَحج سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين فَلَمَّا رَجَعَ طلبه الْمُؤَيد فَدخل الْقَاهِرَة وَاجْتمعَ بفضلائها ثمَّ رَجَعَ الى الْقُدس فزار ثمَّ رَجَعَ الى بِلَاده ثمَّ حج سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ على طَرِيق انطاكية وَرجع فَمَاتَ ببلاده فِي شهر رَجَب وَكَانَ قد اصابه رمد وأشرف على الْعَمى بل يُقَال انه عمي ثمَّ رد الله تَعَالَى اليه بَصَره فحج فِي هَذِه الْحجَّة الاخيرة شكرا لله تَعَالَى على ذَلِك وَله مُصَنف فِي أصُول الْفِقْه سَمَّاهُ فُصُول الْبَدَائِع فِي أصُول الشَّرَائِع جمع فِيهِ الْمنَار والبزدوي ومحصول الامام الرَّازِيّ ومختصر ابْن الْحَاجِب وَغير ذَلِك واقام فِي عمله ثَلَاثِينَ سنة وَله تَفْسِير الْفَاتِحَة ورسالة اتى فِيهَا بمسائل من مائَة فن وَأورد عَلَيْهَا اشكالات وسماها انموذج الْعُلُوم قَالَ ابْن حجر كتب لي بِخَطِّهِ بالاجازة لما قدم الْقَاهِرَة مَاتَ فِي رَجَب سنة ارْبَعْ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة هَذَا مَا ذكره ابْن حجر وَلَقَد سَمِعت من بعض احفاده ان الرسَالَة الَّتِي اتى فِيهَا بمسائل من مئة فن إِنَّمَا هِيَ لِابْنِهِ مُحَمَّد شاه

وَرَأَيْت للْمولى الفناري عشْرين قِطْعَة منظومة كل قِطْعَة مِنْهَا مسئلة من فن مُسْتَقل وَغير أَسمَاء تِلْكَ الْفُنُون بطرِيق الالغاز امتحانا لفضلاء دهره وَلم يقدروا على تعْيين فنونها فضلا عَن حل مسائلها على انه قَالَ فِي خطْبَة تِلْكَ الرسَالَة وَذَلِكَ عجالة يَوْم مِمَّا تبصرون وَشرح هَذِه الرسَالَة ابْنه مُحَمَّد شاه الْمَذْكُور وَعين اسامي الْفُنُون وَبَين الْمُنَاسبَة فِيمَا ذكره من الالغازات وَحل مشكلات مسائلها ونظم عقيب كل قِطْعَة مِنْهَا قِطْعَة اخرى قَالَ فِي بَعْضهَا قلت مؤكدا وَفِي بَعْضهَا قلت مجيبا وأتى بِأَحْسَن الاجوبة وَشرح الْمولى الفناري الرسَالَة الاثيرية فِي الْمِيزَان شرحا لطيفا حسنا وَقَالَ فِي خطبَته شرعت فِيهِ غدْوَة يَوْم من اقصر الايام وختمت مَعَ اذان مغربه بعون الْملك العلام وَشرح الْفَرَائِض السِّرَاجِيَّة أَيْضا شرحا لطيفا وهومن احسن شروحها وَلما رأى شرح المواقف للسَّيِّد الشريف علق عَلَيْهِ تعليقات متضمنة لمؤاخذات لَطِيفَة على السَّيِّد الشريف وَله كثير من الرسائل والحواشي لَكِنَّهَا بقيت فِي المسودة وَمنع الافتاء والتدريس وَالْقَضَاء من تبييضها وَسمعت من بعض الثِّقَات ان مَوْلَانَا حَمْزَة وَالِد الْمولى الفناري كَانَ من تلامذة الشَّيْخ صدر الدّين القونوي وَقَرَأَ عَلَيْهِ من تصانيفه مِفْتَاح الْغَيْب واقرأه على وَلَده الْمولى الفناري ثمَّ ان الْمولى الْمَذْكُور شَرحه شرحا وافيا وَضَمنَهُ من معارف الصُّوفِيَّة مالم تسمعه الاذان وتقصر عَن فهمه الاذهان وَسمعت من وَالِدي رَحمَه الله يَحْكِي عَن جدي ان الْمولى الفناري كَانَ مدرسا بِمَدِينَة بروسا فِي مدرسة مناستر وَكَانَ قَاضِيا بهَا ومفتيا فِي المملكة العثمانية وَكَانَ صَاحب ثروة عَظِيمَة وجاه وَاسع وَصَاحب ابهة وشوكة وَكَانَ إِذا خرج الى الْجَامِع يَوْم الْجُمُعَة يزدحم النَّاس على بَابه بِحَيْثُ يمتلىء من النَّاس مَا بَين بَيته وَبَين الْجَامِع الشريف وَكَانَ لَهُ عبيد لَا يُحصونَ كَثْرَة حُكيَ ان الْمولى خطيب زَاده قَالَ للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان ان الْمولى الفناري من احسن مصنفاته فُصُول الْبَدَائِع وَأَنا ازيفه بادنى مطالعة وَكَانَ لَهُ مَعَ ذَلِك اثْنَا عشر من العبيد يلبسُونَ الثِّيَاب الفاخرة وَالْفراء النفيسة وَكَانَ لَهُ فِي بَيته جوَار لَا يحصين كَثْرَة اربعون مِنْهُنَّ يلبسن القلانس الذهبية وَحكي ايضا انه مَعَ هَذِه الابهة وَالْجَلالَة كَانَ يلبس نَفسه النفيسة ثيابًا دنيئة وَكَانَ على ر أسه

عِمَامَة صَغِيرَة على زِيّ مَشَايِخ الصُّوفِيَّة وَكَانَ يتعلل فِي ذَلِك وَيَقُول ان ثِيَابِي وطعامي من كسب يَدي وَلَا يَفِي كسبي بِأَحْسَن من ذَلِك وَكَانَ يعْمل صَنْعَة القزازية وَكَانَ بَيته بَين الْمدرسَة وَبَين قصر السُّلْطَان بايزيدخان الْمَذْكُور وَله مدرسة وجامع بِمَدِينَة بروسا ومرقده الشريف قُدَّام الْجَامِع يحْكى انه خلف عشرَة آلَاف مُجَلد من الْكتب يرْوى انه شهد السُّلْطَان الْمَذْكُور عِنْده يَوْمًا بقضية فَرد شَهَادَته فَسَأَلَهُ عَن سَبَب رده فَقَالَ انك تَارِك للْجَمَاعَة فَبنى السُّلْطَان قُدَّام قصره جَامعا وَعين لنَفسِهِ فِيهِ موضعا وَلم يتْرك الْجَمَاعَة بعد ذَلِك ثمَّ انه وَقع بَينهمَا خلاف فَترك الْمولى الفناري مناصبه ورحل الى بِلَاد قرامان وَعين لَهُ صَاحب قرامان كل يَوْم الف دِرْهَم ولطلبته كل يَوْم خَمْسمِائَة دِرْهَم وقرا عَلَيْهِ هُنَاكَ الْمولى يَعْقُوب الاصفر وَالْمولى يَعْقُوب الاسود وَكَانَ الْمولى الفناري يفتخر بذلك وَيَقُول ان يعقوبين قرآ عَليّ ثمَّ ان السُّلْطَان الْمَذْكُور نَدم على مَا فعله فِي حق الْمولى الفناري فارسل الى صَاحب قرامان يَسْتَدْعِي الْمولى الْمَذْكُور فَأجَاب اليه وَعَاد الى مَا كَانَ عَلَيْهِ من المناصب وَحكي انه صحب الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ حميد شيخ الْحَاج بيرام واخذ مِنْهُ التصوف ورايت لَهُ نظما ارسله الى الشَّيْخ عبد اللَّطِيف بن غَانِم الْقُدسِي خَليفَة الشَّيْخ زين الدّين الخافي قدس الله سره الْعَزِيز ... قدمت بِلَاد الرّوم يَا خير قادم ... بِخَير طَرِيق جلّ عَن كل نَائِم فمنذ فتوح الرّوم لم يَأْتِ مثله ... الى ملكه يهدي بِهِ كل عَالم على مَسْلَك الْمُخْتَار من سَائِر الورى ... الى حَضْرَة الْغفار من كل عَالم يلقب زين الدّين قد صَحَّ كَامِلا ... وَيُسمى اذا عبد اللَّطِيف بن غَانِم لعمرك ان ابْن الفناري طَالب ... وَلَكِن تقصيري لملزوم لَازم وَقد حثني شوق شَدِيد لارضه ... لاقضي بقايا الْعُمر هذي عزائمي وانتظر المخدوم فِي الْقُدس راجيا ... لجمع بِجمع السِّرّ عَن كل هائم فَقُمْ واستلم حبرًا يعز بعصرنا ... وَسلم لَهُ مَا دمت حَيا بقائم ورض واغتنم واخدم سَبِيلا لعارف ... تنَلْ بغية تعلو على كل خَادِم ...

ومن جملة اخباره ان الطلبة الى زمانه يعطلون يوم الجمعة ويوم الثلاثاء فأضاف المولى المذكور اليهما يوم الاثنين والسبب في ذلك انه اشتهر في زمانه تصانيف العلامة التفتازاني ورغب الطلبة في قراءتها ولم توجد تلك الكتب بالشراء لعدم انتشار نسخها فاحتاجوا الى

وارسل اليه الشَّيْخ عبد اللطيف الْقُدسِي نظما جَوَابا لنظمه وَهُوَ هَذَا ... الا يَا امام الْعَصْر يَا خير قَائِم ... بشرع رَسُول الله يَا خير حَاكم لانت فريد الْعَصْر فِي الْعلم والنهى ... وانت وحيد الدَّهْر اكرم حَازِم وانت ضِيَاء الدّين بل انت شمسه ... بعلمك سَاد النَّاس يَا خير عَالم ركبت مُحِيط الْعلم فِي سفن التقى ... ففقت على الاقران حَادث وقادم فَأَنت اذا مَا كنت فِي بَلْدَة صبَّتْ ... وايقظ يقظان بهَا كل نَائِم فان غبت لَا يخفى ضياك وايما ... حضرت فانت الشَّمْس فِي أفق عَالم سَأَلت الهي ان يديم بقاءكم ... تقيض على الطلاب جن وآدمي لعمرك شعري فِي جوابك عَاجز ... كنظم لحسان وكف لحاتم قريضي اذا مَا فَازَ مِنْك بنظرة ... فَلَا بُد ان تُخْفُوهُ عَن كل ناظم فَانِي لاستحيي اذا قيل انه ... اجاب مديح ابْن الفناري ابْن غَانِم ... وَمن جملَة اخباره ان الطّلبَة الى زَمَانه يعطلون يَوْم الْجُمُعَة وَيَوْم الثُّلَاثَاء فأضاف الْمولى الْمَذْكُور اليهما يَوْم الِاثْنَيْنِ وَالسَّبَب فِي ذَلِك انه اشْتهر فِي زَمَانه تصانيف الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ وَرغب الطّلبَة فِي قرَاءَتهَا وَلم تُوجد تِلْكَ الْكتب بِالشِّرَاءِ لعدم انتشار نسخهَا فاحتاجوا الى كتَابَتهَا وَلما ضَاقَ وقتهم عَن كتَابَتهَا اضاف الْمولى الْمَذْكُور يَوْم الِاثْنَيْنِ الى يَوْم العطلة وَمن جملَة اخباره ايضا انه كَانَ للسُّلْطَان الْمَذْكُور وَزِير مُسَمّى بعوض باشا وَكَانَ يبغض الْمولى الفناري وَلما عمي الْمولى الْمَذْكُور فِي أَوَاخِر عمره قَالَ الْوَزير الْمَذْكُور يَوْمًا ارجو من الله تَعَالَى ان اصلي على هَذَا الشَّيْخ الاعمى فَسَمعهُ الْمولى الفناري وَقَالَ انه جَاهِل لَا يحسن الصَّلَاة على الْمَيِّت وَأَرْجُو من الله تَعَالَى ان يشفيني ويعميه وأصلي عَلَيْهِ فشفى الله تَعَالَى الْمولى الفناري وكحل السُّلْطَان عين الْوَزير بحديدة محماة فَعميَ ثمَّ مَاتَ وَصلى عَلَيْهِ الْمولى الفناري رُوِيَ انه كَانَ سَبَب عماه انه لما سمع ان الارض لَا تَأْكُل لُحُوم الْعلمَاء العاملين نبش قبر استاذه الْمولى عَلَاء الدّين الاسود ليتَحَقَّق عِنْده الرِّوَايَة

ومنهم المولى العالم حافظ الدين بن محمد بن محمد الكردري المشهور بابن البزازي

الْمَذْكُورَة فَوَجَدَهُ كَمَا وضع مَعَ انه مر عَلَيْهِ زمَان مديد فَعِنْدَ ذَلِك سمع صَوتا من هَاتِف والتفت اليه فاذا هُوَ يَقُول هَل صدقت اعمى الله بَصرك وَمن جملَة اخباره ان الْمولى الْمَذْكُور ومولانا احمدي ناظم تَارِيخ اسكندر وَالْمولى حاجي باشا مُصَنف كتاب الشِّفَاء فِي الطِّبّ كَانُوا شُرَكَاء الدَّرْس عِنْد الشَّيْخ أكمل الدّين فزاروا يَوْمًا رجلا من اولياء الله تَعَالَى فَنظر اليهم ذَلِك الرجل فَقَالَ لمولانا احمدي انك ستضيع وقتك فِي الشّعْر وَقَالَ للْمولى حاجي باشا انك ستضيع عمرك فِي الطِّبّ وَقَالَ للْمولى الفناري انك ستجمع بَين رياستي الدّين وَالدُّنْيَا وَالْعلم وَالتَّقوى وَكَانَ كَمَا قَالَ لِأَن الموَالِي احمدي صحب الامير ابْن كرميان واشتغل لاجله بالنظم وَالْمولى حاجي باشا عرض لَهُ مرض فاضطره الى الِاشْتِغَال بالطب وَمِنْهُم الْمولى الْعَالم حَافظ الدّين بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الكردري الْمَشْهُور بِابْن البزازي لَهُ كتاب مَشْهُور فِي الفتاوي اشْتهر بالفتاوي الْبَزَّازِيَّة وَله كتاب فِي مَنَاقِب الامام الاعظم ابي حنيفَة رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ كتاب نَافِع فِي الْغَايَة مُشْتَمل على المطالب الْعَالِيَة طالعته من اوله الى آخِره واستفدت مِنْهُ وَلما دخل بِلَاد الرّوم باحث مَعَ الْمولى الفناري وَغلب هُوَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوع وَغلب ذَلِك عَلَيْهِ فِي الاصول وَسَائِر الْعُلُوم مَاتَ رَحمَه الله عَلَيْهِ فِي أواسط رَمَضَان سنة سبع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَمِنْهُم الْمولى الْفَاضِل صَاحب الْقَامُوس وَهُوَ مجد الدّين ابو طَاهِر مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن مُحَمَّد الشِّيرَازِيّ الفيروز ابادي وَكَانَ ينتسب الى الشَّيْخ ابي اسحق الشِّيرَازِيّ صَاحب التَّنْبِيه وَرُبمَا يرفع نسبه الى ابي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ يكْتب بِخَطِّهِ الصديقي دخل بلادالروم واتصل بِخِدْمَة السُّلْطَان الْمَذْكُور ونال عِنْده مرتبَة وجاها واعطاه السُّلْطَان الْمَذْكُور مَالا جزيلا واعطاه الامير تيمورخان خَمْسَة آلَاف دِينَار ثمَّ جال الْبِلَاد شرقا وغربا وَأخذ من علمائها حَتَّى برع فِي الْعُلُوم كلهَا سِيمَا الحَدِيث وَالتَّفْسِير

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل العارف بالله الشيخ شهاب الدين السيواسي ثم الاياثلوغي

واللغة وَله تصانيف كَثِيرَة تنيف على اربعين مصنفا واجل مصنفاته اللامع الْمعلم العجاب الْجَامِع بَين الْمُحكم والعباب وَكَانَ تَمَامه فِي سِتِّينَ مجلدة ثمَّ لخصها فِي مجلدتين وسمى ذَلِك الملخص بالقاموس الْمُحِيط وَله تَفْسِير الْقُرْآن الْعَظِيم وَشرح البُخَارِيّ والمشارق وَكَانَ رَحمَه الله لَا يدْخل بَلْدَة الا وأكرمه واليها وَكَانَ سريع الْحِفْظ وَكَانَ يَقُول لَا أَنَام الا واحفظ مِائَتي سطر وَكَانَ كثير الْعلم والاطلاع على المعارف العجيبة وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ آيَة فِي الْحِفْظ والاطلاع والتصنيف ولد سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة بكارزين وَتُوفِّي قَاضِيا بزبيد من بِلَاد الْيمن لَيْلَة الْعشْرين من شَوَّال سنة سِتّ اَوْ سبع عشرَة وَثَمَانمِائَة وَهُوَ ممتع بحواسه وَدفن بتربة الشَّيْخ اسمعيل الجبرتي وَهُوَ آخر من مَاتَ من الرؤساء الَّذين انْفَرد كل مِنْهُم بفن فاق فِيهِ اقرانه على رَأس الْقرن الثَّامِن وهم الشَّيْخ سراج الدّين البُلْقِينِيّ فِي الْفِقْه على مَذْهَب الشَّافِعِي رَحمَه الله وَالشَّيْخ زين الدّين الْعِرَاقِيّ فِي الحَدِيث وَالشَّيْخ سراج الدّين بن الملقن فِي كَثْرَة التصانيف فِي فن الْفِقْه والْحَدِيث وَالشَّيْخ شمس الدّين الفناري فِي الِاطِّلَاع على كل الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة والنقلية والعربية وَالشَّيْخ ابو عبد الله بن عَرَفَة فِي فقه الْمَالِكِيَّة وَفِي سَائِر الْعُلُوم بالمغرب وَالشَّيْخ مجد الدّين الشِّيرَازِيّ فِي اللُّغَة رَحِمهم الله تَعَالَى رَحْمَة وَاسِعَة وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ شهَاب الدّين السيواسي ثمَّ الاياثلوغي كَانَ رَحمَه الله عبد لبَعض من اهالي سيواس فتعلم فِي صغره مباني الْعُلُوم ثمَّ قرا على عُلَمَاء عصره حَتَّى فاق أقرانه وبرع فِي كل الْعُلُوم ثمَّ اتَّصل بِخِدْمَة الشَّيْخ مُحَمَّد خَليفَة الشَّيْخ زين الدّين الحافي وَحصل عِنْده عُلُوم الصُّوفِيَّة ثمَّ ارتحل مَعَ شَيْخه الى بَلْدَة أياثلوغ وأكرمه الامير ابْن ايدين غَايَة الاكرام فتوطن هُنَاكَ وَمَات فِي حُدُود الثَّمَانِينَ من الْمِائَة الثَّامِنَة وَدفن بهَا وقبره مَشْهُور يزار ويتبرك بِهِ وَله تَفْسِير الْقُرْآن الْعَظِيم سَمَّاهُ بعيون التفاسير وَهُوَ الْمَشْهُور بَين النَّاس بتفسير شيخ وَرَأَيْت لَهُ رِسَالَة فِي طَريقَة الصُّوفِيَّة سَمَّاهَا رِسَالَة النجَاة فِي شرف الصِّفَات من تصفحها يشْهد لَهُ بِأَن لَهُ قدما راسخا فِي التصوف ورايت لَهُ رِسَالَة أُخْرَى فِي

ومنهم العالم الفاضل المولى حسن باشا ابن المولى علاء الدين الاسود

التصوف ايضا وَلَكِن لم يحضرني اسْمهَا الان طيب الله مرقده وَفِي اعلى غرف الْجنان ارقده وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى حسن باشا ابْن الْمولى عَلَاء الدّين الاسود قرا على وَالِده اولا ثمَّ قَرَأَ على الْمولى جمال الدّين الاقسرائي وَاجْتمعَ عِنْده مَعَ الْمولى شمس الدّين الفناري رُوِيَ ان الْمولى جمال الدّين نظر يَوْمًا فِي حجرات الطّلبَة خُفْيَة فَرَأى الْمولى حسن باشا مُتكئا ينظر فِي الْكتاب وَنظر الى الْمولى الفناري فَرَآهُ جاثيا على رُكْبَتَيْهِ يطالع الْكتب وَيكْتب الْحَوَاشِي عَلَيْهَا فَقَالَ فِي حق الاول انه لَا يبلغ دَرَجَة الْفضل وَقَالَ فِي حق الثَّانِي انه سيحصل الْفضل وَيكون لَهُ شَأْن فِي الْعلم وَكَانَ كَمَا قَالَ وَالْمولى حسن باشا شرح المراح فِي الصّرْف وَشرح الْمِصْبَاح فِي النَّحْو وَسَماهُ بالافتتاح وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى صفر شاه كَانَ عَالما بِجَمِيعِ الْعُلُوم وَله يَد طولى فِي البلاغة وَقد جمع بَين الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول وَالْفُرُوع والاصول ارسل اليه الْمولى الْعَلامَة شمس الدّين الفناري بعض المشكلات من الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وَأمره بِالْجَوَابِ عَنْهَا فَكتب اجوبتها وأرسلها اليه وَاعْتذر عَن التَّعَرُّض للجواب اظهارا للتأدب مَعَه وَذكر انه شرع فِي الْجَواب بِحكم مَا قيل الْمَأْمُور مَعْذُور وَرَأَيْت لَهُ خطبا بليغة حَسَنَة التَّرْتِيب مَقْبُولَة النظام روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى المرحوم مُحَمَّد شاه ابْن الْمولى شمس الدّين الفناري كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا ذكيا وَكَانَ مطلعا على مَا اطلع عَلَيْهِ وَالِده من الْعُلُوم وَكَانَ زَائِدا عَلَيْهِ فِي الذكاء وفوض اليه فِي حَيَاة ابيه تدريس الْمدرسَة السُّلْطَانِيَّة بِمَدِينَة بروسا وَسنة ثَمَانِي عشرَة سنة وَاجْتمعَ عِنْده فِي أول يَوْم من درسه عُلَمَاء تِلْكَ الْبَلدة وفضلاء طلبتها وسألوه عَن مسَائِل من الْفُنُون المتفرقة فَأجَاب عَن كل مِنْهَا باحسن الاجوبة وشهدوا لَهُ بالفضيلة واعترفوا باطلاعه على جَمِيع الْعُلُوم وَكَانَ معيد درسه وقتئذ الْمولى فَخر الدّين العجمي وستجيء تَرْجَمته حُكيَ انه مَا عجز فِي ذَلِك الْيَوْم عَن جَوَاب اُحْدُ الا عَن جَوَاب

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى يوسف بالي ابن المولى شمس الدين الفناري روح الله روحمهما

وَاحِد من الطّلبَة وَكَانَ ذَلِك الطَّالِب مشتهرا بِالْفِسْقِ رُوِيَ انه حِين الزمه وَسلم ذَلِك الطَّالِب جَوَابه بَكَى من شدَّة غيرته وَرُوِيَ انه أَتَى وَالِده ذَلِك الْيَوْم بعد الدَّرْس وَقَالَ كنت تَقول ان الْفَاسِق لَا يكون عَالما وَمَا اتعبني هَذَا الْيَوْم الا سُؤال فلَان وانه فَاسق قَالَ الْمولى الفناري لَو لم يكن هُوَ فَاسِقًا لَكَانَ فَضله فَوق مَا رَأَيْت توفّي فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى يُوسُف بالي ابْن الْمولى شمس الدّين الفناري روح الله روحمهما كَانَ عَالما فَاضلا فوض اليه تدريس الْمدرسَة المزبورة بعد وَفَاة اخيه وَقَرَأَ عَلَيْهِ جدي المرحوم ثمَّ استقضي بِمَدِينَة بروسا وَمَات قَاضِيا بهَا فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَثَمَانمِائَة وَمِنْهُم الْعَالم الرباني والفاضل الصمداني الشَّيْخ قطب الدّين الازنيقي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا زاهدا متورعا وَكَانَ لَهُ حَظّ عَظِيم من التصوف ولد بازنيق وقرا على عُلَمَاء زَمَانه وتمهر فِي كل الْعُلُوم لَا سِيمَا الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَتُوفِّي بهَا وصنف فِي كتاب الصَّلَاة مصنفا جَامعا لمسائلها رُوِيَ انه لما اجتاز تيمور خَان بالبلاد الرومية اجْتمع مَعَ الشَّيْخ الْمَذْكُور فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ عَلَيْك ان تتْرك صنيعك هَذَا من قتل عباد الله وَسَفك الدِّمَاء الْمُحرمَة فَقَالَ يَا شيخ إِنِّي انْزِلْ فِي منزل وَبَاب خَيْمَتي الى الشرق فأجد بَابهَا فِي الْغَد الى الْمغرب فَإِذا ركبت يركب امامي نَحْو خمسين رجلا لَا يراهم غَيْرِي وَإِنِّي اقفو اثرهم وامتثل امرهم فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ كنت سَمِعتك رجلا عَاقِلا والان علمت انك جَاهِل فَقَالَ من ايْنَ قلت هَذَا قَالَ لانك تفتخر بِوَصْف الشَّيْطَان وَهُوَ كَونه مظْهرا لقهر الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ثمَّ افْتَرقَا مَاتَ رَحمَه الله فِي الْيَوْم الثَّامِن من ذِي الْقعدَة لسنة احدى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والواصل الْكَامِل الْمولى بهاء الدّين عمر ابْن مَوْلَانَا قطب الدّين الْحَنَفِيّ كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا فَقِيها متشرعا يرجع اليه فِي أَمر الْفَتْوَى فِي زَمَانه

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى إبراهيم بن محمد الحنفي

تغمده الله بغفرانه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْحَنَفِيّ كَانَ رَحمَه الله عَالما عَاملا فَقِيها فَاضلا يرجع اليه ايضا فِي أَمر الْفَتْوَى فِي زَمَانه اسكنه الله بحبوحة جنانه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى نجم الدّين الْحَنَفِيّ كَانَ رَحمَه الله عَالما عَاملا فَاضلا كَامِلا جَامعا بَين الرِّوَايَة والدراية يرجع اليه ايضا فِي أَمر الْفَتْوَى فِي زَمَانه أكْرمه الله برضوانه وَمِنْهُم الشَّيْخ يار عَليّ الشِّيرَازِيّ رُوِيَ انه كَانَ رجلا عَالما فَاضلا عَارِفًا بالاصول وَالْفُرُوع والمعقول والمشروع وَكَانَ يُفْتِي فِي زَمَانه وَيرجع النَّاس اليه فِي المشكلات رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الشَّيْخ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف الْجَزرِي يكنى بَابي الْخَيْر ولد فِيمَا حَقَّقَهُ نَفسه من لفظ وَالِده فِي لَيْلَة السبت الْخَامِس وَالْعِشْرين من شهر رَمَضَان سنة احدى وَخمسين وَسَبْعمائة بِدِمَشْق وَحفظ الْقُرْآن سنة أَربع وَسِتِّينَ وَصلى بِهِ سنة خمس وَسِتِّينَ وَسمع الحَدِيث من جمَاعَة وافردالقراآت على بعض الشُّيُوخ وَجمع السَّبْعَة فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَحج فِي هَذِه السّنة ثمَّ رَحل الى الديار المصرية فِي سنة تسع وَجمع القراآت الْعشْر والاثنتي عشرَة ثمَّ الثَّلَاث عشرَة ثمَّ رَحل الى دمشق وَسمع الحَدِيث من اصحاب الدمياطي والابرقوهي وَأخذ الْفِقْه عَن الاسنوي وَغَيره ثمَّ رَحل الى الديار المصرية وَقَرَأَ بهَا الاصول والمعاني وَالْبَيَان ورحل الى اسكندرية وَسمع من اصحاب ابْن عبد السلام وَغَيرهم وَأذن لَهُ بالافتاء شيخ الاسلام ابو الْفِدَاء اسمعيل بن كثير سنة أَربع وَسبعين وَسَبْعمائة وَكَذَلِكَ الشَّيْخ ضِيَاء الدّين سنة ثَمَان وَسبعين وَكَذَلِكَ شيخ الاسلام البُلْقِينِيّ سنة خمس وَثَمَانِينَ ثمَّ جلس للاقراء وَقَرَأَ عَلَيْهِ القراآت جمَاعَة كَثِيرُونَ وَولي قَضَاء الشَّام سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة ثمَّ دخل الرّوم لما ناله من الظُّلم من أَخذ أَمْوَاله وَغَيره بالديار المصرية فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وَسَبْعمائة فَنزل بِمَدِينَة بروسا دَار

دَار الْملك الْكَامِل الْمُجَاهِد بايزيد بن عُثْمَان فأكمل عَلَيْهِ القراآت الْعشْر بهَا جمَاعَة كَثِيرُونَ من اهل تِلْكَ الديار وَغَيرهم وَلما كَانَت الْفِتْنَة الْعَظِيمَة الْمَشْهُورَة من قبل تيمور خَان فِي أول سنة خمس وَثَمَانمِائَة فَأَخذه الامير تيمور مَعَه الى مَا وَرَاء النَّهر وأنزله بِمَدِينَة كش ثمَّ الى سَمَرْقَنْد وقرا عَلَيْهِ فِي كل مِنْهَا جمَاعَة كَثِيرُونَ وَلما توفّي الامير تيمور خَان فِي شعْبَان سنة سبع وَثَمَانمِائَة خرج من بِلَاد مَا وَرَاء النَّهر فوصل الى خُرَاسَان وَدخل الى هراة ثمَّ الى مَدِينَة يزدْ ثمَّ الى اصبهان ثمَّ الى شيراز فقرا عيه فِي كل مِنْهَا جمَاعَة بَعضهم السَّبْعَة وَبَعْضهمْ الْعشْرَة وألزمه صَاحب شيرازبير مُحَمَّد قَضَاء شيراز ونواحيها فَبَقيَ فِيهَا كرها حَتَّى فتح الله عَلَيْهِ فَخرج مِنْهَا الى الْبَصْرَة ثمَّ فتح الله لَهُ الْمُجَاورَة بِمَكَّة وَالْمَدينَة سنة ثَلَاث وَعشْرين وَحين اقامته بِالْمَدِينَةِ قَرَأَ عَلَيْهِ شيخ الْحرم وَألف فِي القراآت كتاب النشر فِي القراآت الْعشْر فِي مجلدين ومختصره التَّقْرِيب وتحبير التَّيْسِير فِي القراآت الْعشْرَة وطبقات الْقُرَّاء وتاريخهم كبرى وصغرى الَّتِي نقلت هَذِه التَّرْجَمَة من صغراها وَلما أَخذه الامير تيمور خَان الى مَا وَرَاء النَّهر ألف هُنَاكَ شرح المصابيح فِي ثَلَاثَة اسفار وَألف فِي التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْفِقْه ونظم قَدِيما غَايَة المهرة فِي الزِّيَادَة على الْعشْرَة ونظم طيبَة النشر فِي القراآت الْعشْر والجوهرة فِي النَّحْو والمقدمة فِيمَا على قَارِئ الْقُرْآن ان يُعلمهُ وَغير ذَلِك فِي فنون شَتَّى هَذَا مَا حَكَاهُ الْجَزرِي عَن نَفسه فِي طبقاته الصُّغْرَى نقلته عَن خطه وَقَالَ بعض تلامذته بِخَطِّهِ قَالَ الْفَقِير المغترف من بحاره توفّي شَيخنَا رَحمَه الله ضحوة الْجُمُعَة لخمس خلون من أول الربيعين سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة بِمَدِينَة شيراز وَدفن بدار الْقُرَّاء الي انشأها وَكَانَت جنَازَته مَشْهُورَة تبادر الاشراف والخواص الى حملهَا وتقبيلها ومسها تبركا بهَا وَمن لم يُمكنهُ الْوُصُول الى ذَلِك كَانَ يتبرك بِمن يتبرك بهَا وَقد اندرس بِمَوْتِهِ كثير من مهام الاسلام رَضِي الله عَنهُ وَعَن اسلافه واخلافه وَمن جملَة تصانيف الشَّيْخ الْمَذْكُور كتاب الْحصن الْحصين فِي الدَّعْوَات الماثورة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ كتاب نَفِيس جدا ثمَّ اخْتَصَرَهُ اختصارا غير مخل وَكَانَ للشَّيْخ الْمَذْكُور ابْنَانِ فاضلان احدهما وَهُوَ الاكبر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن

مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْجَزرِي ابو الْفَتْح الشَّافِعِي قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله ولد هُوَ فِي يَوْم الاربعاء ثَانِي شهر ربيع الاول سنة سبع وَسبعين وَسَبْعمائة بِدِمَشْق حفظ الْقُرْآن وَله ثَمَان سِنِين وَاسْتظْهر الشاطبية والرائية ومنظومتي الْهِدَايَة وَشرع فِي الْجمع بالعشر عَليّ ثمَّ رحلت بِهِ الى الديار المصرية وقرا القراآت على شيوخها ثمَّ اشْتغل بالفقه وَغَيره فحفظ عدَّة كتب فِي عُلُوم مُخْتَلفَة كالتنبيه للامام ابي اسحق والفية ابْن مَالك ومنهاج الْبَيْضَاوِيّ وتلخيص الْمِفْتَاح والمنهج فِي أصُول الدّين لشيخه شيخ الاسلام البُلْقِينِيّ وألفية شَيْخه الْعِرَاقِيّ فِي عُلُوم الحَدِيث وَغير ذَلِك وَقَرَأَ محفوظاته مَرَّات على شُيُوخ عصره واجازوه وَأذن لَهُ بالافتاء والتدريس شَيْخه الامام برهَان الدي الانباشي قَالَ الشَّيْخ لما دخلت الرّوم بَاشر وظائفي بِدِمَشْق ودرس وأقرا حَتَّى اخترمته يَد الْمنون فانا لله وانا اليه رَاجِعُون وَمَات بِمَرَض الطَّاعُون سنة ارْبَعْ عشرَة وَثَمَانمِائَة وَأَنا بشيراز وَلَا حول وَلَا قُوَّة الا بِاللَّه وَثَانِيهمَا وَهُوَ الاصغر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْجَزرِي ابو الْخَيْر قَالَ الشَّيْخ ولد هُوَ فِي جمادي الاولى سنة تسع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بعد عودنا من مصر واتمام اخيه القراآت وَأَجَازَهُ مَشَايِخ الْعَصْر وَحضر على أَكْثَرهم ثمَّ رحلت بِهِ وباخوته الى مصر فَسمع الشاطبية وَسَائِر كتب القراآت من مَشَايِخ مصر بِقِرَاءَة اخيه ابي بكر احْمَد وَلما عدنا الى دمشق سمع البُخَارِيّ وَلما دخلت الرّوم حضر الي فِي سنة احدى وَثَمَانمِائَة فصلى بِالْقُرْآنِ وَحفظ الْمُقدمَة والجوهرة وأكمل على جَمِيع القراآت الْعشْر فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث ثمَّ اعادها فِي ختمة اخرى فختمها يَوْم الِاثْنَيْنِ وَهُوَ يَوْم الوقفة تَاسِع ذِي الْحجَّة سنة ارْبَعْ وَثَمَانمِائَة ثمَّ لحقنى إِلَى مَدِينَة كش فِي أَيَّام الْأَمِير تيمور فِي اوائل سنة سبع وَثَمَانمِائَة ثمَّ كَانَ فِي صحبتي الى شيراز وأكمل بهَا أَيْضا القراآت الْعشْر سنة تسع وَثَمَانمِائَة وللشيخ ولد آخر اسْمه احْمَد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن مُحَمَّد بن الْجَزرِي قَالَ الشَّيْخ ولد هُوَ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة سَابِع عشر من شهر رَمَضَان سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة بِدِمَشْق ختم الْقُرْآن سنة تسعين وَصلى بِهِ سنة احدى وَتِسْعين وَحفظ الشاطبية والرائية وقصيدتي فِي الْعشْرَة ثمَّ قرا بالقراآت

فأرسل اليه الشيخ جوابا لنظمه وهو هذا في در نظمك بحر الفضل ذو لجب ودرنظمك عقد في طلي الادب

الاثْنَي عشر بِقِرَاءَة أَخِيه ابي الْفَتْح ثمَّ قَرَأَ ثَانِيًا القراآت الْعشْر واجازه الْمَشَايِخ وقرا عَليّ كتابي النشر والطيبة وسمعهما غير مرّة وَحفظ كتبا وَكتب عَن الشَّيْخ الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ وَغَيره وَسمع البُخَارِيّ وَلما دخلت الرّوم لَحِقَنِي بِكَثِير من كتبي فَأَقَامَ عِنْدِي يُفِيد ويستفيد وانتفع بِهِ اولاد الْملك الْكَامِل بايزيد بن عُثْمَان الْكَامِل مُحَمَّد والسعيد مصطفى والاشرف عِيسَى وَصَارَ مُتَوَلِّي الْجَامِع الاكبر البيزيدي بِمَدِينَة بروسا وَنَشَأ مَعَ دين وعفاف اسعده الله وَبَارك فِيهِ ثمَّ لما وَقعت الْفِتْنَة التيمورية فَأرْسلهُ تيمورلنك رَسُولا الى السُّلْطَان النَّاصِر فرج ابْن برقوق ففارقني نَحْو عشْرين سنة هُوَ بالروم وَأَنا بالعجم مَعَ تيمور وَلما يسر الله تَعَالَى لي الْحَج فِي سنة سبع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة كتبت اليه فَحَضَرَ عِنْدِي واجتمعنا بِمصْر نَحْو سِتَّة عشر يَوْمًا وتوجهت الى الْحَج وجاورت واقام هُوَ بِمصْر من شَوَّال الى شَوَّال سنة فحج معي سنة ثَمَان ورجعنا جَمِيعًا الى الديار المصرية وَتوجه الى الرّوم ليحضر اهله ففارقته بِدِمَشْق فِي جمادي الاخرة سنة تسع وَلما كَانَ بِمصْر فِي غيبتي وانا مجاور بِمَكَّة شرح طيبَة النشر فَأحْسن فِيهِ مَعَ انه لم يكن عِنْده نُسْخَة بالحواشي الَّتِي كنت كتبت عَلَيْهَا وَمن قبل ذَلِك شرح مُقَدّمَة التجويد ومقدمة علم الحَدِيث من نظمي فِي غَايَة الْحسن وولاه السُّلْطَان الاشرف برسباي وظائف أَخِيه ابي الْفَتْح رَحمَه الله من المشيخة والاقراء والتدريس وَتوجه لاحضار اهله من الرّوم وتوجهت انا لذَلِك الى الْعَجم وَالله تَعَالَى يجمع شملنا فِي خير وَذَلِكَ سنة تسع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وللشيخ غير هَؤُلَاءِ ابْنَانِ ابو الْبَقَاء اسمعيل وَأَبُو الْفضل اسحق وَبَنَات فَاطِمَة وَعَائِشَة وسلمى جَمِيع هَؤُلَاءِ من الْقُرَّاء المجودين والمرتلين وَمن الْحفاظ الْمُحدثين رَضِي الله عَنْهُم وأرضاهم ثمَّ ان الْمولى خضر بك ابْن جلال ارسل الى الشَّيْخ الْجَزرِي نظما وَهُوَ هَذَا ... لَو كَانَ فِي بَابه للنظم مفرخة ... الفت فِي مدحه الْفَا من الْكتب لكنه الْبَحْر فِي كل الْفُنُون فَمَا ... اهداء در الى بَحر من الادب ... فَأرْسل اليه الشَّيْخ جَوَابا لنظمه وَهُوَ هَذَا ... فِي در نظمك بَحر الْفضل ذُو لجب ... ودرنظمك عقد فِي طلي الادب ...

.. الدّرّ فِي الْبَحْر مَعْهُود تكونه ... وَالْبَحْر فِي الدّرّ يُبْدِي غَايَة الْعجب ... ثمَّ ان الشَّيْخ ابا الْخَيْر من ابناء الشَّيْخ الْجَزرِي اتى بِلَاد الرّوم فِي أَيَّام دولة السُّلْطَان مُحَمَّد بن مرادخان وَكَانَ عَالما فَاضلا كَمَا مر ذكره وَكَانَ بارعا فِي صنعه الانشاء حَتَّى فاق الاقدمين ونصبه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان موقعا بالديوان العالي وأكرمه غَايَة الاكرام لوفور فَضله وَحسن اخلاقه وشمائله الا انه كَانَ مبتلي بِاسْتِعْمَال بعض الترياقات واختل مزاجه لذَلِك وَكَانَ يَقُول السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فِي حَقه لَو لم يكن مَعَه هَذَا الِابْتِلَاء لقلدته الوزارة ثمَّ انه مرض وَكَانَ لَهُ بنت سنّهَا مِقْدَار عشر سِنِين وَكَانَ عين لَهَا ثَلَاثِينَ الف دِينَار وَكَانَ لَهُ ابْن صَغِير وَعين لَهُ ايضا ثَلَاثِينَ الف دِينَار وَكَانَ الْمولى عَليّ بن يُوسُف ابْن الْمولى شمس الدّين الفناري ارتحل الى بِلَاد الْعَجم لتَحْصِيل الْعلم وَسمع الشَّيْخ ابو الْخَيْر الْمَذْكُور فِي ايام مَرضه ان الْمولى عليا الفناري توجه الى بِلَاد الرّوم فاوصى ان تزوج بنته مِنْهُ فَلَمَّا توفّي الشَّيْخ ابو الْخَيْر اتى هُوَ بِلَاد الرّوم فزوجوا بنته مِنْهُ وسلموها اليه مَعَ ثَلَاثِينَ الف دِينَار وَحصل لَهُ مِنْهَا ابْنَانِ فاضلان وَسَيَجِيءُ ترجمتهما بعد تَرْجَمَة ابيهما ان شَاءَ الله تَعَالَى ثمَّ ان الشَّيْخ الْجَزرِي رَحْمَة الله عَلَيْهِ لما ذهب بِهِ الامير تيمور الى مَا وَرَاء النَّهر اتخذ الامير تيمور هُنَاكَ وَلِيمَة عَظِيمَة وَكَانَ السَّيِّد الشريف الْجِرْجَانِيّ مدرسا فِي ذَلِك الْوَقْت بسمرقند فعين الْأَمِير تيمور جَانب يسَاره للامراء وجانب يَمِينه للْعُلَمَاء وَقدم فِي ذَلِك الْمجْلس الشَّيْخ الْجَزرِي على السَّيِّد الشريف فَقَالُوا لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ كَيفَ لَا أقدم رجلا عَارِفًا بِالْكتاب وَالسّنة ويشاور مَا أشكل عَلَيْهِ مِنْهُمَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالذَّاتِ فَيحل لَهُ وَنَظِير هَذِه الْحِكَايَة مَا وَقع بَين الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ وَالسَّيِّد الشريف الْجِرْجَانِيّ حَيْثُ اجْتمعَا عندالامير تيمور خَان فَأمر بتقدم السَّيِّد الشريف عَليّ الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ وَقَالَ لَو فَرضنَا انكما سيان فِي الْفضل فَلهُ شرف النّسَب فَاغْتَمَّ لذَلِك الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ وحزن حزنا شَدِيدا فَمَا لبث حَتَّى مَاتَ رَحمَه الله وَقد وَقع ذَلِك بعد مباحثتهما عِنْده وَكَانَ الحكم بَينهمَا نعْمَان الدّين الْخَوَارِزْمِيّ المعتزلي فرجح هُوَ كَلَام السَّيِّد الشريف على كَلَام الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ وَكَانَ سَبَب ارتحال السَّيِّد الشريف من شيراز الى مَا وَرَاء النهران

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى عبد الواجد بن محمد بن محمد

الامير تيمور لما قدم شيراز أَمر بنهبها وأغار بهَا فَسَأَلَ بعض من وزرائه الامان للسَّيِّد الشريف فاعطى الامان لَهُ وعلقوا على بَابه سَهْما من سِهَام الامير تيمور خَان وَكَانَ من عَادَتهم عِنْد الامان ذَلِك فنجت بَنَات أهالي شيراز وَنِسَاؤُهُمْ فِي بَيت السَّيِّد الشريف ثمَّ ان الْوَزير الْمَذْكُور لما اثْبتْ حَقًا على السَّيِّد الشريف التمس مِنْهُ ان يذهب مَعَه الى مَا وَرَاء النَّهر فَأَجَابَهُ لذَلِك وَهَذَا قَوْله فِي خطْبَة شرح الْمِفْتَاح حَتَّى ابْتليت فِي آخر الْعُمر بالارتحال الى مَا وَرَاء النَّهر وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى عبد الْوَاجِد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد اتى رَحمَه الله من بلادالعجم وَصَارَ مدرسا فِي مدرسة كوتاهية وَتلك الْمدرسَة تنْسب اليه فِي عصرنا ايضا وَكَانَ عَالما فَاضلا عَالما بالعلوم الادبية بارعا فِي الْفُنُون الشَّرْعِيَّة والعقلية عَالما بالتفسير والْحَدِيث شرح كتاب النقاية شرحا حسنا وأتى فِيهِ بمسائل كَثِيرَة مهمة فرغ من تأليفه فِي جمادي الاولى سنة سِتّ وَثَمَانمِائَة وَرَأَيْت لَهُ كتابا منظوما فِي علم الاسطرلاب صنفه لاجل حفظ مَوْلَانَا مُحَمَّد شاه بن الْمولى الفناري وَكَانَ نظمه نظما بليغا فِي غَايَة الْحسن رَأَيْته بِخَطِّهِ الْمليح وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى عز الدّين عبد اللطيف بن الْملك كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى معلما للامير مُحَمَّد بن آيدين وَكَانَ مدرسا بِمَدِينَة تيره وَتلك الْمدرسَة مُضَافَة اليه الى الان كَانَ عَالما فَاضلا ماهرا فِي جَمِيع الْعُلُوم خُصُوصا الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة شرح مجمع الْبَحْرين شرحا حسنا جَامعا للفوائد وَهُوَ مقبلول فِي بِلَادنَا وَشرح ايضا مَشَارِق الانوار للامام الصَّاغَانِي شرحا لطيفا اتى فِيهِ من النكت اللطيفة مَالا يُحْصى وَشرح ايضا كتاب الْمنَار فِي الاصول وَرَأَيْت لَهُ رِسَالَة لَطِيفَة من علم التصوف تدل تِلْكَ الرسَالَة على ان لَهُ حظا عَظِيما من معارف الصُّوفِيَّة المتشرعة وَكَانَ للْمولى الْمَذْكُور اخ من اصحاب فضل الله التبريزي رَئِيس الطَّائِفَة الضَّالة الحروفية وَيَا سُبْحَانَ الله هَذَا ملح اجاج وَذَاكَ عذب فرات

ومنهم المولى الفاضل المرحوم محمد بن عبد اللطيف بن الملك روح الله روحه

وَمِنْهُم الْمولى الْفَاضِل المرحوم مُحَمَّد بن عبد اللَّطِيف بن الْملك روح الله روحه شرح الْوِقَايَة شرحا لطيفا وَله كتاب مُسَمّى بروضة الْمُتَّقِينَ وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه عبد الرحمن بن عَليّ بن احْمَد البسطامي مشربا والحنفي مذهبا والانطاكي مولدا كَانَ رَحمَه الله عَالما بِالْحَدِيثِ وَالتَّفْسِير وَالْفِقْه عَارِفًا بخواص الْحُرُوف وَعلم الوفق والتكسير وَله يَد طولى فِي معرفَة الجفر والجامعة وَالْوُقُوف على التواريخ وَلما رغب فِي الِاطِّلَاع على الْعُلُوم الغريبة طَاف الْبِلَاد ورحل الى الْبِلَاد الشامية وَدخل الْقَاهِرَة وَطَاف الْبِلَاد الغربية حَتَّى نَالَ بغيته وَكَانَ لَهُ تصرف عَظِيم بخواص الْحُرُوف وتأثير عَظِيم بالاشتغال بأسماء الله تَعَالَى وَكَانَ لَهُ فِي ذَلِك حكايات غَرِيبَة لَا يَفِي بذكرها هَذَا الْمُخْتَصر ثمَّ انه دخل مَدِينَة بروسا وَاجْتمعَ مَعَه الْمولى الفناري واستفاد مِنْهُ كثيرا من العوم الغريبة وَله تصانيف فِي علم الجفر وَعلم الوفق وخواص أَسمَاء الله تَعَالَى وَفِي علم التواريخ لَا يُمكن تعدادها وَرَأَيْت اكثرها بِخَطِّهِ وَكَانَ خطه فِي غَايَة الاحكام والاتقان وَجَمِيع مصنفاته محررة متقنة يعْتَمد عَلَيْهَا وَأجل مصنفاته كتاب الفوائح المسكية فِي الفواتح المكية أدرج فِيهِ مَا يفوق مائَة علم وَكتاب شمس الافاق فِي علم الْحُرُوف والاوفاق وَلما دخل مَدِينَة بروسا استأنس بهَا وتوطن فِيهَا وقبره هُنَاكَ قَالَ رَحمَه الله فِي بعض ابياته فَقير غَرِيب قد اتى روم زَائِرًا ... دعِي عبد الرحمن الْمُقِيم ببروسا روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْمولى عَلَاء الدّين الرُّومِي كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا حَدِيد الطَّبْع قوي الذكاء والبحث حضر دروس الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ وَالسَّيِّد الشريف الْجِرْجَانِيّ وَحضر مباحثتهما وَحفظ مِنْهُمَا اسئلة كَثِيرَة مَعَ اجوبتها وَكَانَ يلقِي تِلْكَ الاسئلة ويعجز الْحَاضِرين عَن المباحثة ثمَّ دخل الْقَاهِرَة واعجز علماءها وَله رِسَالَة جمع فِيهَا الاسئلة من فنون شَتَّى وَهِي عِنْدِي بِخَط جدي رَحمَه الله

ومنهم الشيخ العارف بالله المنقطع الى الله الشيخ فخر الدين الرومي

وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الْمُنْقَطع الى الله الشَّيْخ فَخر الدّين الرُّومِي كَانَ متوطنا ببلدة مدرني وَكَانَ عَالما عَارِفًا زاهدا ورعا منجمعا عَن الْخَلَائق ومشتغلا بِنَفسِهِ وَكَانَ من التقوي على جَانب عَظِيم كَانَ لَا يُصَلِّي خلف امام يؤم باجرة احْتِيَاطًا بِنَاء على ان السّلف قد كَرهُوا الاجرة فِي الْعِبَادَات وَكَانَ لَهُ حَظّ عَظِيم من الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَقد ألف كتابا فِي الدَّعْوَات المأثورة فِي عمل الْيَوْم وَاللَّيْلَة وَضَمنَهُ مبَاحث دقيقة ولطائف اينقة من كل علم يدل ذَلِك على حذاقته فِي الْعُلُوم روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الشَّيْخ رَمَضَان قَرَأَ على عُلَمَاء عصره وتفقه ثمَّ جعله السُّلْطَان بايزيدخان شَيخا لنَفسِهِ ثمَّ جعله قَاضِيا بالعسكر روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى احمدي كَانَ اصله من ولَايَة كرمان وقرا ببلاده على عُلَمَاء عصره ثمَّ دخل الْقَاهِرَة وَدخل هُوَ وَالْمولى الفناري والفاضل حاجي باشا على شيخ من مَشَايِخ الصُّوفِيَّة فَنظر الشَّيْخ اليهم وَقَالَ للْمولى احمدي واأسفي ستضيع عمرك فِي الشّعْر وَقَالَ للفاضل حاجي باشا انك ستضيع عمرك فِي الطِّبّ وَقَالَ للفاضل الْمولى الفناري انك ستصير عَالما ربانيا وَكَانَ كل مِنْهُم كَمَا قَالَ وَصَاحب الْمولى احمدي بعد قدومه الى بِلَاده الامير ابْن كرميان وَصَارَ معلما لَهُ وَكَانَ ذَلِك الامير رَاغِبًا فِي الشّعْر ثمَّ صَاحب مَعَ الامير سُلَيْمَان بن السُّلْطَان بايزيدخان وتقرب عِنْده وَحصل لَهُ جاه عَظِيم وحشمة وافرة ونظم لاجله كِتَابه الْمُسَمّى باسكندر نامه ونظم كثيرا من القصائد والاشعار وَمن نوادره ان الامير تيمورخان لما دخل تِلْكَ الْبِلَاد وَطلب الْمولى احمدي وَصَاحب مَعَه وَمَال الى مصاحبته وَدخل مَعَه الْحمام يَوْمًا فَقَالَ لَهُ قوم من كَانَ معي فِي الْحمام فَقَالَ نعم قَالَ هَذَا يُسَاوِي الْفَا وَهَذَا يُسَاوِي كَذَا وَكَذَا الى آخر من حضر فِي الْحمام ثمَّ قَالَ لَهُ الامير تيمور خَان قومني فَقَالَ أَنْت تَسَاوِي ثَمَانِينَ درهما وَقَالَ الامير تيمور مَا حكمت بِالْعَدْلِ وازاري وَحده يُسَاوِي ثَمَانِينَ درهما فَقَالَ الْمولى احمدي إِنَّمَا قومت الازار وَأما انت فَلَا تَسَاوِي درهما فَاسْتحْسن

ومنهم الشيخ بدر الدين محمد بن إسرائيل بن عبد العزيز الشهير بابن قاضي سماونة

الامير تيمور هَذَا الْكَلَام وَضحك مِنْهُ ضحكا كثيرا حَتَّى وهب لَهُ مَا فِي الْحمام من آلَات الذَّهَب وَالْفِضَّة وَكَانَ شيأ كثيرا جدا وَمِنْهُم الشَّيْخ بدر الدّين مُحَمَّد بن إِسْرَائِيل بن عبد العزيز الشهير بِابْن قَاضِي سماونة ولد فِي قلعة سماونة من بِلَاد الرو حِين كَانَ ابوه قَاضِيا بهَا وَكَانَ ايضا اميرا على عَسْكَر الْمُسلمين بهَا وَكَانَ فتح تِلْكَ القلعة على يَده ايضا يُقَال ان اُحْدُ اجداده كَانَ وزيرا لال سلجوق وَكَانَ هُوَ ابْن اخي السُّلْطَان عَلَاء الدّين السلجوقي وَكَانَ فتح القلعة الْمَذْكُورَة وولادة الشَّيْخ بدر الدّين فِي زمن السُّلْطَان غَازِي خداوندكار من سلاطين آل عُثْمَان ثمَّ ان الشَّيْخ اخذ الْعلم فِي صباه عَن وَالِده الْمَذْكُور وَحفظ الْقُرْآن الْعَظِيم وقرا على الْمولى المشتهر بالشاهدي وَتعلم الصّرْف والنحو من مَوْلَانَا يُوسُف ثمَّ ارتحل الى الديار المصرية مَعَ ابْن عَم ابيه وَهُوَ مؤيد ابْن عبد المؤمن وَقَرَأَ بقونية من بِلَاد الرّوم بَعْضًا من الْعُلُوم وَعلم النُّجُوم على مَوْلَانَا فيض الله من تلامذة فضل الله وَمكث عِنْده اربعة اشهر وَلما توفّي مَوْلَانَا فيض الله ارتحل الى الديار المصرية وقرا هُنَاكَ مَعَ الشريف الْجِرْجَانِيّ على مَوْلَانَا مبارك شاه المنطقي الْمدرس بِالْقَاهِرَةِ ثمَّ حج مَعَ مبارك شاه وقرا بِمَكَّة على الشَّيْخ الزَّيْلَعِيّ ثمَّ قدم الْقَاهِرَة وقرا مَعَ الشريف الْجِرْجَانِيّ على الشَّيْخ أكمل الدّين وَحصل عِنْده جَمِيع الْعُلُوم وقرا على الشَّيْخ بدر الدّين الْمَذْكُور السُّلْطَان فرج ابْن السُّلْطَان برقوق ملك مصر ثمَّ ادركته الجذبة الالهية والتجأ الى كنف الشَّيْخ سيد حُسَيْن الاخلاطي السَّاكِن بِمصْر وقتئذ وَحصل عِنْده مَا حصل وأرسله الشَّيْخ الاخلاطي الى بَلْدَة تبريز للارشاد وَحكي انه لما جَاءَ الامير تيمور خَان الى تبريز وَقع عِنْده مُنَازعَة بَين الْعلمَاء وَلم ينْفَصل الْبَحْث عِنْده فَذكر الشَّيْخ الْجَزرِي الشَّيْخ بدر الدّين الْمَذْكُور للمحاكمة بَين المتخاصمين فَدَعَاهُ الامير تيمور خَان فَحكم الشَّيْخ بَينهمَا وَرَضي الْكل بِحكمِهِ واعترف الْعلمَاء بفضله ونال من الامير الْمَذْكُور مَالا جزيلا واكراما بَالغا لاالى نِهَايَة ثمَّ ترك الشَّيْخ الْكل وَلحق ببدليس ثمَّ سَافر الى مصر وَوصل الى الشَّيْخ الاخلاطي الْمَذْكُور ثمَّ مَاتَ الشَّيْخ الاخلاطي وأجلس الشَّيْخ مَكَانَهُ فَجَلَسَ فِيهِ سِتَّة أشهر ثمَّ جَاءَ الى حلب ثمَّ الى قونية ثمَّ الى

ومنهم المولى العالم الفاضل الحاج باشا

نيره من بِلَاد الرّوم ثمَّ دَعَاهُ رَئِيس جَزِيرَة ساقز فَأسلم على يَدي الشَّيْخ وَصَارَ من جملَة مريدية ثمَّ جَاءَ الشَّيْخ الى أدرنه وَوجد وَالِديهِ هُنَاكَ حيين ثمَّ لما تسلطن مُوسَى جلبي من الاود عُثْمَان الْغَازِي نصب الشَّيْخ قَاضِيا بعسكره ثمَّ ان اخا مُوسَى جلبي السُّلْطَان مُحَمَّد قَتله وَحبس الشَّيْخ مَعَ أَهله وَعِيَاله ببلدة ازنيق وَعين لَهُ كل شهر الف دِرْهَم ثمَّ هرب من الْحَبْس الى الامير اسفنديار وَكَانَ قَصده الْوُصُول الى بِلَاد تاتار فَلم يَأْذَن لَهُ اسفنديار خوفًا من ابْن عُثْمَان ثمَّ ارسله الى زغرة من ولَايَة روم ايلي وَاجْتمعَ عِنْده احباؤه واضافوه مرَارًا مُتعَدِّدَة ووشى بِهِ بعض المفسدين الى السُّلْطَان انه يُرِيد السلطنة فاخذ وَقتل بافتاء مَوْلَانَا حيدر العجمي وَله تصانيف كَثِيرَة مِنْهَا لطائف الاشارات فِي الْفِقْه وَشَرحه التسهيل صنفهما مَحْبُوسًا فِي ازنيق وَمِنْهَا جَامع الْفُصُولَيْنِ وَمِنْهَا عنقود الْجَوَاهِر شرح كتاب الْمَقْصُود فِي الصّرْف وَمِنْهَا مَسَرَّة الْقُلُوب فِي التصوف والواردات فِيهِ ايضا وَكَانَ وَفَاته فِي سنة ثَمَان عشرَة وَثَمَانمِائَة تَقْرِيبًا رُوِيَ ان السَّيِّد الشريف كَانَ يمدحه بِالْفَضْلِ رحمهمَا الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْمولى الْعَالم الْفَاضِل الْحَاج باشا كَانَ رَحمَه الله من ولَايَة ايدين ايلي وارتحل الى الْقَاهِرَة وقرا هُنَاكَ على الشَّيْخ أكمل الدّين وَمن شُرَكَاء درسه الشَّيْخ بدر الدّين الْمَذْكُور وَكَانَ لَهُ قبُول تَامّ عندالشيخ أكمل الدّين وقرا الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة على الْمولى مبارك شاه المنطقي وَكَانَ مَقْبُولًا عِنْده ايضا ثمَّ انه عرض لَهُ مرض شَدِيد اضطره الى الِاشْتِغَال بالطب حَتَّى مهر فِيهِ وفوض لَهُ بيمارستان مصر وَدبره احسن التَّدْبِير وصنف كتاب الشِّفَاء فِي الطِّبّ باسم الامير مُحَمَّد بن ايدين وصنف مُخْتَصرا فِيهِ ايضا بالتركية وَسَماهُ التسهيل وصنف قبل اشْتِغَاله بالطب حَوَاشِي على شرح الْمطَالع للعلامة الرَّازِيّ على تصوراته وتصديقاته وصنف تِلْكَ الْحَوَاشِي قبل تحشية السَّيِّد الشريف حَتَّى انه يرد عَلَيْهِ فِي بعض الْمَوَاضِع وَله شرح على الطوالع للبيضاوي وَكَانَ السَّيِّد الشريف يشْهد لَهُ ايضا بالفضيلة التَّامَّة

ومن مشايخ الطريق في زمانه الشيخ العارف بالله الشيخ حامد بن موسى القيصري

وَمن مَشَايِخ الطَّرِيق فِي زَمَانه الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ حَامِد بن مُوسَى القيصري كَانَ قدس سره من بَلْدَة قيصرية وَكَانَ من كبار الْمَشَايِخ الْمُتَأَخِّرين وَكَانَ جَامعا للعلوم الظَّاهِرِيَّة والباطنية وَكَانَ صَاحب الكرامات الْعلية والمقامات السّنيَّة توطن فِي أَوَائِل احواله بِمَدِينَة بروسا وَكَانَ يَبِيع الْخبز ويحمله على ظَهره وَكَانَ النَّاس يُسَارِعُونَ الى اشْتِرَاء الْخبز مِنْهُ تبركا بِهِ وَكَانَ الشَّيْخ شمس الدّين الفناري يصاحبه ويستفيد مِنْهُ ويعترف بفضله وَلما بنى السُّلْطَان بايزيد خَان الْمَذْكُور الْجَامِع الْكَبِير بِمَدِينَة بروسا التمس من الشَّيْخ ان يكون واعظا فِيهِ وَلما عقدم عقد مجَالِس للوعظ وَرَأى اقبال النَّاس عَلَيْهِ ارتحل الى مَدِينَة اقسراي وَأخذ الطَّرِيقَة ظَاهرا عَن الشَّيْخ خوجه عَليّ الاردبيلي الا انه كَانَ اويسيا اخذها بَاطِنا من روح الْعَارِف بِاللَّه بايزيد البسطامي قدس سره ويروى انه صحب مَعَ الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام وَنقل عَن الْمولى اياس انه قَالَ قد انتهبب كثير من الْمَشَايِخ وَلم ينتهب الشَّيْخ حميد الدّين اصلا وَنقل انه أَخذ الطَّرِيقَة اولا من بعض الْمَشَايِخ السَّاكِن بزاوية البايزيدية بِدِمَشْق ثمَّ انْتقل مِنْهُ الى خوجه عَليّ الاردبيلي وَنقل ان بَعْضًا من مريديه زرع قِطْعَة ارْض لنَفسِهِ وَزرع قِطْعَة اخرى للشَّيْخ وانبتت ارْض المريد وَلم تنْبت ارْض الشَّيْخ اصلا فاجتاز بهَا يَوْمًا فَقَالَ للمريد ايتهما لي فَقَالَ المريد مُشِيرا الى زرعه هَذَا لكم استيحاء من الشَّيْخ فَاغْتَمَّ الشَّيْخ لذَلِك فَسَأَلَ المريد عَن سَبَب الْغم فَقَالَ انبتت ارضي زرعا كثيرا وَمَا ذَاك الا لذنب عَظِيم صدر مني مَاتَ قدس سره بِمَدِينَة اقسراي وقبره مَشْهُور هُنَاكَ يزار ويتبرك بِهِ قدس سره الْعَزِيز وَمِنْهُم الشَّيْخ شمس الدّين مُحَمَّد بن عَليّ الْحُسَيْنِي البُخَارِيّ قدس الله سره الْعَزِيز كَانَ عَالما بِالْكتاب وَالسّنة عَارِفًا بِاللَّه تَعَالَى وَصِفَاته وَكَانَ زاهدا متورعا صَاحب جذبة عَظِيمَة وَله قدم راسخ فِي التصوف ولد ببلدة بُخَارى وَظَهَرت لَهُ كرامات فِي حَال صباه وعاشر الْمَشَايِخ الْعِظَام ونال مِنْهُم مَا نَالَ من المقامات والاحوال ثمَّ دخل بِلَاد الرّوم وتوطن بِمَدِينَة بروسا وقرا على الْمولى شمس الدّين

ومنهم الشيخ العارف بالله الحاج بيرام الانقروي

الفناري وَرَأَيْت بِخَطِّهِ كتاب مِفْتَاح الْغَيْب لصدر الدّين القونوي قدس سره قَرَأَ على الْمولى الفناري وَكتب عَلَيْهِ اجازة بِخَطِّهِ الشريف ثمَّ ان اهالي بروسا احبوه محبَّة عَظِيمَة واشتهر عِنْدهم بأمير سُلْطَان وَصَارَت من جملَة احبائه بنت السُّلْطَان بايزيد الْمَذْكُور حَتَّى تزوج بهَا وَحصل لَهُ مِنْهَا اولاد ثمَّ ان السلاطين العثمانية فِي زَمَانه لما شاهدوا مِنْهُ الكرامات كَانُوا يعظمونه وَإِذا قصدُوا سفرا يذهبون اليه ويتبركون بدعائه ويتقلدون مِنْهُ السَّيْف رُوِيَ انه لما دخل الامير تيمور مَدِينَة بروسا وأفسد التتار فِي الْمَدِينَة اسْتَغَاثَ النَّاس بالشيخ الْمَذْكُور وَتَضَرَّعُوا اليه فِي دفع هَؤُلَاءِ الظلمَة فَقَالَ ادخُلُوا مُعَسْكَره واطلبوا فِيهِ رجلا على هَيْئَة رثَّة يصنع نعل الدَّوَابّ وَوصف لَهُم شكله وهيئته فَإِذا وجدتموه سلمُوا مني عَلَيْهِ وَقُولُوا لَهُ مني يسْأَل مِنْكُم الارتحال بعدهذا فطلبوه ووجدوه كَمَا وصف وأوصلوا الْخَبَر اليه فَقَالَ سمعا وَطَاعَة نرتحل غَدا ان شَاءَ الله تَعَالَى فَفِي غَد ذَلِك الْيَوْم ارتحل الامير تيمور مَعَ عسكره بِحَيْثُ لم ينْتَظر مقدمهم مؤخرهم مَاتَ قدس سره بِمَدِينَة بروسا فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَقيل سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بهَا وقبره مَشْهُور هُنَاكَ يعرفهُ كل اُحْدُ يزورونه ويتبركون بِهِ وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الْحَاج بيرام الانقروي ولد رَضِي الله عَنهُ بقرية قريبَة من أنقره مُسَمَّاة بصول فَصلي على جنب نهر مَعْرُوف بجبق صولي ثمَّ اشْتغل بالعلوم الشَّرْعِيَّة والعقلية وتمهر فيهمَا وَصَارَ مدرسا بِمَدِينَة أنقره ثمَّ ترك التدريس وتشرف بِصُحْبَة الشَّيْخ حَامِد الْمَذْكُور وَبلغ الى الْغَايَة القصوى من الكمالات وَكَانَ عَارِفًا باطوار السلوك ومنازله ومقاماته وَكَانَ صَاحب كرامات عيانية ومعنوية وَكَانَت صحبته مُؤثرَة فِي الْغَايَة وَوصل ببركة صحبته كثير من الانام الى الْمَرَاتِب الْعَالِيَة مَاتَ رَحمَه الله ببلدة انقره وَدفن بهَا وقبره مَشْهُور هُنَاكَ يزار ويتبرك بِهِ وتستجاب عِنْده الدَّعْوَات وتستنزل بِهِ البركات قدس سره وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ عبد الرحمن الارزنجاني قدس سره كَانَ رَحمَه الله من خلفاء الشَّيْخ صفي الدّين الاردبيلي ثمَّ اتى بِلَاد الرّوم

ومنهم الشيخ العارف بالله طابدق امره

وتوطن قَرِيبا من اماسيه وَكَانَ مُنْقَطِعًا عَن النَّاس سَاكِنا فِي الْجبَال قَالَ يَوْمًا لبَعض مريديه يَجِيء الينا يَوْمًا جمَاعَة من الاحباء فهيئوا لَهُم الطَّعَام قَالُوا لَيْسَ عندنَا شَيْء فَخرج الشَّيْخ من صومعته فَنظر فَإِذا قطيع من الظباء جئن اليه فَقَالَ الشَّيْخ ايتكن تفدي بِنَفسِهَا لقرى الاضياف فتقدمت وَاحِدَة مِنْهُنَّ فذبحوها فَعِنْدَ ذَلِك قدم الاضياف فطبخوها لَهُم حُكيَ ان الشَّيْخ الْمَذْكُور اصبح يَوْمًا حَزينًا كئيبا فسالوه عَن سَبَب حزنه فَقَالَ ان الطَّائِفَة الاردبيلية كَانُوا على تقوى وَحسن عقيدة وَالْيَوْم تداخلهم الشَّيْطَان فأضلهم عَن طَريقَة اسلافهم فَلم يمض الا ايام قَلَائِل حَتَّى جَاءَ سلوك الشَّيْخ حيدر طَريقَة الضلال وتغيير آدَاب اسلافه وتبديل احوالهم وعقائدهم قبحه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه طابدق امْرَهْ كَانَ رَحمَه الله متوطنا بقرية قريبَة من نهر صقريه وَكَانَ صَاحب عزلة وَانْقِطَاع عَن النَّاس وَكَانَ صَاحب ارشاد وكرامات عالية قدس سره وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه يُونُس امْرَهْ كَانَ رَحمَه الله من اصحاب الشَّيْخ طابدق امْرَهْ وَقد نقل الْحَطب الى زَاوِيَة شَيْخه مُدَّة كَثِيرَة وَلم يُوجد فِيهَا حطب معوج اصلا فساله الشَّيْخ عَن ذَلِك فَقَالَ لَا يَلِيق بِهَذَا الْبَاب شَيْء معوج وَله كرامات ظَاهِرَة وَكَانَ صَاحب وجد وَحَال وَله نظم كثير بالتركية يفهم مِنْهُ ان لَهُ مقَاما عَالِيا فِي التَّوْحِيد وَمَعْرِفَة عَظِيمَة بالاسرار الالهية قدس سره الطَّبَقَة الْخَامِسَة فِي عُلَمَاء دولة السُّلْطَان مُحَمَّد بن بايزيد خَان بُويِعَ لَهُ بالسلطنة فِي سنة سِتّ عشرَة وَثَمَانمِائَة وَمن الْعلمَاء فِي زَمَانه الْمولى الْعَالم الْفَاضِل برهَان الدّين حيدر بن مَحْمُود الحوافي الْهَرَوِيّ كَانَ رَحمَه الله من تلامذة مَوْلَانَا سعد الدّين التَّفْتَازَانِيّ كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا محققا مدققا بلغ من مَرَاتِب الْفضل اعلاها وَرَأَيْت لَهُ حَوَاشِي على شرح الْكَشَّاف لاستاذه الْمولى الْعَلامَة سعدالدين التَّفْتَازَانِيّ اورد فِيهَا اجوبة عَن اعتراضات الْفَاضِل الشريف على استاذه وَله شرح لايضاح الْمعَانِي وَسمعت ان لَهُ شرحا للفرائض السِّرَاجِيَّة

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى فخر الدين العجمي

وَكَانَ رَحمَه الله ذَا عفاف ومروأة وَصَاحب ورع وتقوى مَاتَ فِي عشر الثَّلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى فَخر الدّين العجمي قرا رَحمَه الله فِي بِلَاده على عُلَمَاء عصره رُوِيَ انه قَرَأَ على السَّيِّد الشريف ثمَّ اتى بلادالروم وَصَارَ معيدا لدرس الْمولى المرحوم مُحَمَّد شاه الفناري ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مفتيا فِي زمن السُّلْطَان مرادخان وَعين لَهُ كل يَوْم ثَلَاثُونَ درهما وَأَرَادَ السُّلْطَان ان يزِيد عَلَيْهَا فَلم يقبل وَقَالَ حَقي فِي بَيت المَال مَا يقوم بكفايتي وَلَا يحل الزِّيَادَة عَلَيْهِ وَكَانَ عَالما متشرعا متورعا صادعا بِالْحَقِّ لَا يَأْخُذهُ فِي الْحق لومة لائم قَرَأَ عَلَيْهِ الْمولى خواجه زَاده كتاب البُخَارِيّ واجازه بِالْحَدِيثِ وقرا وَالِدي رَحمَه الله على الْمولى خواجه زَاده كتاب البُخَارِيّ واجازه بِالْحَدِيثِ وقرأته على وَالِدي وأجازني بِالْحَدِيثِ وَأخذ الْمولى الْمَذْكُور الاجازة بِالْحَدِيثِ من الْمولى حيدر الْهَرَوِيّ وَهُوَ من الْمولى الْعَلامَة سعدالدين التَّفْتَازَانِيّ روح الله أَرْوَاحهم وللمولى الْمَذْكُور مَعَ السُّلْطَان مُحَمَّد ابْن مُرَاد خَان قصَّة غَرِيبَة وَهِي ان بَعْضًا من اتِّبَاع فضل الله التبريزي رَئِيس الطَّائِفَة الحروفية الضَّالة نَالَ خدمَة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَأظْهر بَعْضًا من معارفه المزخرفة حَتَّى مَال اليه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وآواه مَعَ اتِّبَاعه فِي دَار السَّعَادَة واعنتم لذَلِك الْوَزير مَحْمُود باشا غَايَة الاغتمام وَلم يقدر ان يتَكَلَّم فِي حَقهم شيأ خوفًا من السُّلْطَان وَأخْبر بِهِ الْمولى فَخر الدّين الْمَزْبُور وَأَرَادَ هُوَ ان يسمع كلماتهم مِنْهُم فاختفى فِي بَيت مَحْمُود باشا ودعا مَحْمُود باشا ذَلِك الملحد الى بَيته واظهر انه مَال الى مَذْهَبهم فَتكلم الملحد جَمِيع قواعدهم الْبَاطِلَة وَالْمولى الْمَذْكُور يسمع كَلَامه حَتَّى ادت مقَالَته الى القَوْل بالحلول وَعند ذَلِك لم يصبر الْمولى الْمَذْكُور حَتَّى ظهر من مَكَانَهُ وَسَب الملحد بِالْغَضَبِ والشدة فهرب الملحد الى دَار السَّعَادَة وَالْمولى الْمَذْكُور خَلفه واخذ الملحد وَالسُّلْطَان سكت عَنهُ استيحاء مِنْهُ ثمَّ اتى الْجَامِع الْجَدِيد بادرنه فاذن المؤذنون وَاجْتمعَ النَّاس فِي الْجَامِع وَصعد الْمولى الْمِنْبَر وَبَين مذاهبهم الْبَاطِلَة وَحكم بكفرهم وزندقتهم وَوُجُوب قَتلهمْ وَعظم ثَوَاب من اعان فِي قَتله ثمَّ

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى يعقوب الاصغر القراماني

اخذه مَعَ اصحابه الى مصلى الْمَدِينَة وأحرق رئيسهم رُوِيَ انه نفخ النَّار بِنَفسِهِ حَتَّى احترقت لحيته وَكَانَ عَظِيم اللِّحْيَة ثمَّ جمع النَّاس الْحَطب وأحرقوا الملحد بعد قَتله وَقتلُوا اصحابه باسرهم وأطفأوا نَار الالحاد يرْوى ان الْمولى الْمَذْكُور لما مرض مرض الْمَوْت عَاده الْمولى عَليّ الطوسي واستوصاه فاوصى ان لَا يخلي ظهر الْعَوام من عَصا الشَّرِيعَة وَلم يتَكَلَّم غير ذَلِك ثمَّ مَاتَ وَدفن بِمَدِينَة ادرنه افاض الله عَلَيْهِ سِجَال الغفران وَأَسْكَنَهُ دَار الْكَرَامَة والرضوان وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى يَعْقُوب الاصغر القراماني كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا وَكَانَ لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم قرا عَلَيْهِ جدي لامي كتاب التَّلْوِيح للعلامة التَّفْتَازَانِيّ وَكَانَ كلما قُرِئت عَلَيْهِ مسئلة من مسَائِل الاصول يُقرر جَمِيع مَا يتَفَرَّع عَلَيْهِ من مسَائِل الْفُرُوع وَكَانَ عَالما حَافِظًا للمسائل مدرسا مُقَيّدا متواضعا متخشعا طيب النَّفس كريم الاخلاق اتى مَدِينَة بروسا وَاجْتمعَ مَعَ الْمولى يكان وَعرض عَلَيْهِ بعض اشكالاته فَاسْتحْسن الْمولى الْمَذْكُور كَلَامه وَلم يجب عَن اشكالاته وأكرمه غَايَة الاكرام وَله رِسَالَة صنفها فِي دفع التَّعَارُض بَين الايتين وهما قَوْله تَعَالَى انا لننصر رسلنَا وَقَوله تَعَالَى وَيقْتلُونَ النَّبِيين بِغَيْر ح وَسبب تصنيفها مَا جرى بَينه وَبَين عُلَمَاء مصر فِي دفع التَّعَارُض الْمَذْكُور وَرَأَيْت هَذِه الرسَالَة وَعَلَيْهَا خطه وَتشهد تِلْكَ الرسَالَة بفضله وتبحره فِي الْعُلُوم وَسمعت ان لَهُ تصنيفا فِي مَنَاسِك الْحَج وَوجد فِي بعض المجاميع لبَعض الثِّقَات مَكْتُوبًا بِخَطِّهِ انه سَمِعت من بعض المدرسين وَهُوَ يروي عَن وَالِده وَكَانَ صَالحا وَهُوَ يروي عَن الْعَالم الْعَامِل الصَّالح الشهير بصاري يَعْقُوب الكراماني انه قَالَ رايت فِي رُؤْيَايَ فِي حَضْرَة الرسَالَة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت يَا رَسُول الله نقل عَنْك انك قلت لُحُوم الْعلمَاء مَسْمُومَة فَمن شمها مرض وَمن اكلها مَاتَ اهكذا قلت يَا رَسُول الله قَالَ يَا يَعْقُوب قل لُحُوم الْعلمَاء سموم روح الله روحه وأوفر فِي حظائر الْقُدس فتوحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى يَعْقُوب بن ادريس ابْن عبد الله النكيدي الْحَنَفِيّ الشهير بقرًا يَعْقُوب نِسْبَة الى نكيدة من بِلَاد قرامان

ومنهم العالم العامل المولى بايزيدالصوفي

ولد رَحمَه الله سنة تسع وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة واشتغل فِي بِلَاده وَمهر فِي الاصول والعربية والمعاني وَكتب على المصابيح شرحا وعَلى الْهِدَايَة حَوَاشِي وَدخل الى البلادالشامية والقاهرة ثمَّ رَجَعَ الى بِلَاده فاقام بلارنده الى ان مَاتَ فِي شهر ربيع الاول سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْمولى بايزيدالصوفي كَانَ رَحمَه الله عَالما عَاملا وعاقلا فَاضلا مُدبرا للأمور نَصبه السُّلْطَان بايزيد خَان معلما لِابْنِهِ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْمولى فضل الله كَانَ عَالما عَاملا فَقِيها وَكَانَ قَاضِيا ببلدة ككيويزه فِي زمن السُّلْطَان الْمَزْبُور تغمده الله بغفرانه وَمِنْهُم الْمولى الْعَلامَة محيي الدّين الكافية جي لقب بذلك لِكَثْرَة اشْتِغَاله بِكِتَاب الكافية فِي النَّحْو وَهُوَ مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بن سعد بن مَسْعُود الرُّومِي البرغمي قَالَ السُّيُوطِيّ شَيخنَا الْعَلامَة استاذ الاستاذ ابْن محيي الدّين ابو عبد الله الكافية جي ولد سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة واشتغل بِالْعلمِ أول مَا بلغ ورحل الى بِلَاد الْعَجم والتبريز وَلَقي الْعلمَاء الاجلاء فَأخذ الْعُلُوم عَن شمس الدّين الفناري والبرهان حيدره وَالشَّيْخ وَاجِد وَابْن فرشته شَارِح الْمجمع وحافظ الدّين البزازي وَغَيرهم وَدخل الْقَاهِرَة وَأخذ عَنهُ الْفُضَلَاء والاعيان وَولي مشيخة الشيخونية لما رغب عَنْهَا ابْن الْهمام وَكَانَ اماما كَبِيرا فِي المعقولات كلهَا الْكَلَام وأصول الْفِقْه والنحو والتصريف والاعراب والمعاني وَالْبَيَان والجدل والمنطق والفلسفة والهيئة بِحَيْثُ لَا يشق اُحْدُ غباره بِشَيْء من هَذِه الْعُلُوم وَله الْيَد الْحَسَنَة فِي الْفِقْه وَالتَّفْسِير وَالنَّظَر فِي عُلُوم الحَدِيث والف فِيهِ وَأما تصانيفه فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة فَلَا تحصى بِحَيْثُ اني سَأَلته ان يُسَمِّي لي جَمِيعهَا لاكتبها فِي تَرْجَمته فَقَالَ اقدر على ذَلِك قَالَ ولي مؤلفات كَثِيرَة نسيتهَا فَلَا أعرف الان اسماءها وأكثرها مختصرات وأجلها وأنفعها على الاطلاق شرح قواعدالاعراب وَشرح كلمتي الشَّهَادَة وَله مُخْتَصر فِي عُلُوم الحَدِيث ومختصر فِي عُلُوم التَّفْسِير مُسَمّى

ومن مشايخ الطريق في زمانه العارف بالله الشيخ عبد اللطيف المقدسي

بالتيسير قدر ثَلَاث كراريس وَكَانَ يَقُول انه اخترع هَذَا الْعلم وَلم يسْبق اليه وَذَلِكَ لَان الشَّيْخ لم يقف على الْبُرْهَان للزركشي وَلَا على مواقع الْعُلُوم للجلال البُلْقِينِيّ وَكَانَ صَحِيح العقيدة فِي الديانَات حسن الِاعْتِقَاد فِي الصُّوفِيَّة محبا لاهل الحَدِيث كَارِهًا لاهل الْبدع كثير التَّعَبُّد على كبر سنه كثير الصَّدَقَة والبذل لَا يبقي على شَيْء سليم الْفطْرَة صافي الْقلب كثير الِاحْتِمَال لاعدائه صبورا على الاذى وَاسع الْعلم جد لازمته ارْبَعْ عشرَة سنة فَمَا جِئْته من مرّة الا وَسمعت مِنْهُ من التحقيقات والعجائب مالم اسْمَعْهُ قبل ذَلِك قَالَ لي يَوْمًا مَا اعراب زيد قَائِم فَقلت قد صرنا فِي مقَام الصغار نسْأَل عَن هَذَا فَقَالَ لي فِي زيد قَائِم مائَة وَثَلَاثَة عشر بحثا فَقلت لَا أقوم من هَذَا الْمجْلس حَتَّى استفيدها فَاخْرُج لي تذكرتها فكتبتها مِنْهُ توفّي الشَّيْخ شَهِيدا بالاشهاد لَيْلَة الْجُمُعَة رَابِع جُمَادَى الاولى سنة تسع وَسبعين وَثَمَانمِائَة هَذَا مَا ذكره السُّيُوطِيّ رَحمَه الله وَرَأَيْت للْمولى الْمَذْكُور رِسَالَة فِي مسئلة الِاسْتِثْنَاء لم يُغَادر صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة الا احصاها وَأورد فِيهَا لطائف لم تسمعها آذان الزَّمَان وَلَقَد طالعتها وانتفعت بهَا روح الله روحه وَمن مَشَايِخ الطَّرِيق فِي زَمَانه الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ عبد اللطيف الْمَقْدِسِي كتب هُوَ بِخَطِّهِ نسبه فِي كتاب الاجازة هَكَذَا عبد اللطيف بن عبد الرَّحْمَن ابْن احْمَد بن عَليّ بن غَانِم الْمَقْدِسِي الانصاري ولد قدس سره فِي لَيْلَة الْجُمُعَة الموفية للعشرين من شهر رَجَب لسنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَسَبْعمائة واشتغل اولا بِالْعلمِ الشريف ثمَّ غَلبه الْميل الى طَرِيق التصوف واتصل بِخِدْمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ عبد العزيز واجازه للارشاد وَلما وصل الشَّيْخ زين الدّين الخافي الى الْقُدس الشريف انزله الشَّيْخ عبد اللَّطِيف فِي بَيته وأكرمه غَايَة الاكرام وَصَاحب مَعَه وَحصل لَهُ ميل عَظِيم اليه وَلما توجه الشَّيْخ زين الدّين الخافي الى الْحجاز أَرَادَ الشَّيْخ عبد اللطيف ان يُسَافر مَعَه فَمَنعه الشَّيْخ زين الدّين الخافي لانه كَانَت ام الشَّيْخ عبد اللطيف امْرَأَة شريفة مَرضت فِي تِلْكَ الايام فَأمره الشَّيْخ زين الدّين أَن يقوم بِخِدْمَة والدته ووعد لَهُ ان يحصل مُرَاده عندالمراجعة من الْحَج وَلما عَاد الشَّيْخ الى الْقُدس الشريف توجه هُوَ مَعَه الى خُرَاسَان وَقعد بأَمْره فِي الْخلْوَة واشتغل

بالرياضات والمجاهدات ثمَّ ذهب بامر الشَّيْخ الى بَلْدَة جَام وَقعد هُنَاكَ للخلوة الاربعينية على مرقد الشَّيْخ احْمَد النامقي الجامي وَكَانَ يعرض مَا عرض لَهُ من الاحوال على حَضْرَة الشَّيْخ زين الدّين بطرِيق المراسلة ووردت لَهُ آخر الامر آيَة النَّصْر فعرضه على الشَّيْخ فَكتب الشَّيْخ اليه كتاب الاجازة للارشاد ثمَّ ارتحل الى دمشق الشَّام ثمَّ ارتحل الى بِلَاد الرّوم وَدخل مَدِينَة قونيه رُوِيَ انه قَالَ لما دخلت مَدِينَة قونيه زرت اولا مَزَار الشَّيْخ جلال الدّين الْبَلْخِي فَرَأَيْت بدني عُريَانا قَالَ ثمَّ زرت مَزَار الشَّيْخ صدر الدّين القونوي وَكَانَ على مزاره شباك من خشب فجذبني هُوَ من ذيلي من دَاخل الشباك اليه قَالَ ثمَّ زرت مَزَار الشَّيْخ شمس الدّين التبريزي فالتمس مني ان اصلي عَلَيْهِ قَالَ فَصليت عَلَيْهِ قَالَ ثمَّ تَوَجَّهت الى مَدِينَة بروسا فَسمِعت أول يَوْم من سَفَرِي وَأَنا نَائِم على ظهر فرسي قَائِلا يَقُول ينتظرك اهل الْمعرفَة فاسرع وَلَكِن لم أر قَائِله قَالَ وقدمت مَدِينَة بروسا فِي أول شهر شعْبَان قعدت للخلوة مَعَ جمَاعَة من الْعلمَاء من أول الْعشْر الاخير من شعْبَان الى آخر رَمَضَان فَسمِعت فِي أول يَوْم من تِلْكَ الْمدَّة قَائِلا يَقُول هَذِه جمعية من الْجنَّة لَا يُوجد مثلهَا فِي الدُّنْيَا وَله بيتان اشار باول حرف من كل كلمة مِنْهُمَا الى أول حرف من اسماء رجال سلسلة وهما هَذَانِ ... علا زين عزي يَا حبائب مهجعا ... نجيا عل نهج غلا نوع كَونه عَفا كل رسم جَازَ سري مَتى عَفا ... كَفاهُ جرى بحرزها حِين عونه على نهج خير الْمُرْسلين مُحَمَّد ... واكرم خلق الله فِي نصر دينه ... وَأَسْمَاء رجال سلسلة هَذِه على التَّرْتِيب عبد اللطيف الْقُدسِي ثمَّ زين الدّين الخافي ثمَّ عبد الرحمن الشريسي ثمَّ يُوسُف العجمي ثمَّ حسن الشمشيري ثمَّ مَحْمُود الاصفهاني ثمَّ نور الدّين النطنزي ثمَّ عمر السهروردي ثمَّ نجيب السهروردي ثمَّ احْمَد الْغَزالِيّ ثمَّ النساج ابو عَليّ ثمَّ كرّ كَانَ ابو عَليّ ثمَّ ابو عُثْمَان المغربي ثمَّ ابو عَليّ الْكَاتِب ثمَّ ابو عَليّ الرُّوذَبَارِي ثمَّ جُنَيْد الْبَغْدَادِيّ ثمَّ سري السَّقطِي ثمَّ مَعْرُوف الْكَرْخِي ثمَّ عَليّ ابْن مُوسَى الرِّضَا ثمَّ مُوسَى الكاظم ثمَّ الامام جَعْفَر الصَّادِق ثمَّ الامام مُحَمَّد الباقر

ومنهم العارف بالله الشيخ عبد الرحيم بن الامير عزيز المرزيفوني

ثمَّ الامام زين العابدين ثمَّ الامام حُسَيْن بن عَليّ ثمَّ الامام عَليّ بن ابي طَالب كرم الله وَجهه وَرَضي الله تَعَالَى عَنهُ رُوِيَ ان اشْتِغَال اهل هَذَا الطَّرِيق لاجل دفع الضّر وجلب النَّفْع ومعاونة الاخوان ومقابلة الاعداء انما ظهر من الشَّيْخ عبد اللطيف الْقُدسِي وراثة من طَريقَة الشَّيْخ عبد العزيز والافلا مساغ لذَلِك فِي طَرِيق الزينية وَله تصنيف مُسَمّى بِكِتَاب التُّحْفَة فِي بَيَان المقامات والمراتب مَاتَ رَحمَه الله فِي قلعة بروسا فِي يَوْم الْخَمِيس غرَّة شهر ربيع الاول سنة سِتّ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَدفن بِمَدِينَة بروسا عِنْد الزاوية المنسوبة اليه وعَلى قَبره قبَّة يزار ويتبرك بِهِ قدس الله تَعَالَى سره الْعَزِيز وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ عبد الرحيم بن الامير عَزِيز المرزيفوني ولد رَحمَه الله بمرزيفون ثمَّ سَافر الى الْبِلَاد المصرية وَلَقي هُنَاكَ الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ زين الدّين الخاقي وَصَاحب مَعَه ثمَّ احبه محبَّة عَظِيمَة وسافر مَعَه الى خاق واختلى عِنْده خلوات كَثِيرَة وتلقن مِنْهُ ذكر لَا اله الا الله وَلبس مِنْهُ الْخِرْقَة الْمُبَارَكَة ونال عِنْده المقامات الْعَالِيَة وَوصل الى مَا وصل وَحصل مَا حصل ثمَّ اجازه الشَّيْخ زين الدّين الخاقي أجَازه الارشاد وَأَجَازَ لَهُ ان يروي عَنهُ كتاب عوارف المعارف وَكتاب اعلام الْهدى للشَّيْخ شهَاب الدّين السهروردي وَأَجَازَ لَهُ ان يروي عَنهُ تصنيفه الموسوم بالوصايا القدسية وَسَائِر مؤلفاته ومروياته وأرسله الى وَطنه مرزيفون من بلادالروم وَقَالَ بعد ذَهَابه اليه ارسلت الى بِلَاد الرّوم نَار الْعِشْق وَلما وصل الى وَطنه عين لَهُ السُّلْطَان مرادخان من اوقاف عِمَارَته بمرزيفون خَمْسَة دَرَاهِم كل يَوْم ثمَّ زَاد عَلَيْهَا ثَلَاثَة وَعين لَهُ كل سنة عشرَة امداد من الْغلَّة وَلما سُئِلَ الشَّيْخ عَن قبُوله هَذِه الدَّرَاهِم قَالَ لَا بَأْس حصرنا الايادي الْمُخْتَلفَة فِي الْيَد الْوَاحِدَة وسددنا بِتِلْكَ اللُّقْمَة فَم النَّفس مَاتَ قدس سره بوطنه مرزيفون وَدفن هُنَاكَ وقبره مَشْهُور هُنَاكَ يزار ويتبرك بِهِ وَله كرامات عيانية ومعنوية خَارِجَة عَن الْعد والاحصاء وَله نظم بالتركية مُشْتَمل على احوال الْعِشْق يلقب نسفه فِي نظمه بالرومي قدس الله روحه وللشيخ زين الدّين الخاقي خَليفَة آخر اسْمه عبد المعطي وَكَانَ سمي هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة بالعبادلة ولد رَحمَه الله بالبلاد الغربية وَكَانَ مالكي الْمَذْهَب ثمَّ وصل الى خدمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه زين الدّين

الخاقي وكمل عِنْده الطَّرِيقَة وَأَجَازَهُ للارشاد ثمَّ توطن بِمَكَّة الشَّرِيفَة زَادهَا الله تَعَالَى تَشْرِيفًا وتكريما ولقب بشيخ الْحرم وَله كرامات عيانية ومعنوية مَشْهُورَة فِي الافاق نقل عَن الْمولى مَحْمُود السندي الَّذِي قد نَيف سنه على مائَة وَعشْرين وَلم يظْهر فِي محاسنه بَيَاض وَقد صَاحب الشَّيْخ زين الدي الخاقي والخواجه عبيد الله السَّمرقَنْدِي وَالسَّيِّد قَاسم الانوك انه قَالَ حججْت فِي بعض السنين وَلَقِيت بِمَكَّة الشَّيْخ عبد المعطي ورأيته على الرياضة القوية والانقطاع عَن النَّاس وأحببته محبَّة عَظِيمَة فَقَالَ لي يَوْمًا سَمِعت انك رايت الخواجة عبيد الله السَّمرقَنْدِي وَهل تعرفه إِذا رَأَيْته الْيَوْم قَالَ قلت نعم قَالَ وَهَا هُوَ فِي الطّواف فَذَهَبت المطاف فرأيته يطوف بِالْبَيْتِ واشتغلت انا ايضا بِالطّوافِ وَقبل فراغي من الطّواف ذهب هُوَ الى مقَام إِبْرَاهِيم واشتغل بِالصَّلَاةِ فَلَمَّا اتممت الطّواف ذهبت الى مقَام إِبْرَاهِيم وشرعت فِي الصَّلَاة فَلَمَّا سلمت لم أر اثرا من الخواجة عبيد الله قَالَ وَبعد فَأتيت الشَّيْخ عبد المعطي فَقَالَ عرفت انك تعرف الخواجة عبيد الله قَالَ وَبعد مُدَّة سَافَرت الى سَمَرْقَنْد وَذَهَبت الى خدمَة الخواجه عبيد الله فَلَمَّا رَآنِي قَالَ لي اكتم مَا جرى قَالَ ثمَّ ذهبت الى مَكَّة فَوجدت الشَّيْخ عبد المعطي اشْتهر بَين النَّاس وَاجْتمعَ عَلَيْهِ جمَاعَة عَظِيمَة قَالَ وَلما ذهبت الى خدمته قَالَ لي شهرت الخواجه عبيد الله عنْدك وَهُوَ شهرني عِنْد النَّاس وَهَؤُلَاء الْمَشَايِخ الاعلام من خلفاء الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه زين الدّين الخاقي وَلَا علينا ان نذْكر بَعْضًا من مناقبه الشَّرِيفَة وان لم يدْخل بلادالروم تبركا بِذكرِهِ وتيمنا بِهِ إِذْ عِنْد ذكر الصَّالِحين تنزل الرحمه وَهُوَ الشَّيْخ زين الدّين ابو بكر بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْمَشْهُور بزين الدّين الخاقي ولد رَحمَه الله بقصبة خاق من بِلَاد خُرَاسَان فِي الْخَامِس عشر من شهر ربيع الاول سنة سبع وَخمسين وَسَبْعمائة كَانَ جَامعا للعلوم الظَّاهِرَة والباطنة وموفقا بمتابعة الشَّرِيعَة وَالسّنة وَكَانَ ذَلِك من أَعلَى الكرامات عِنْد أهل هَذِه الطَّرِيقَة وَأخذ التصوف عَن الشَّيْخ نور الدّين عبد الرحمن الْمصْرِيّ وَكتب لَهُ كتاب الاجازة وَذكر فِيهِ انه لما اسْتحق الْخلْوَة وَقبُول الواردات الغيبية والفتوحات استخرت الله تَعَالَى واخليته خلوتي الْمَعْهُودَة وَهِي سَبْعَة أَيَّام من

ومنهم الشيخ العارف بالله بير الياس الاماسي

الله تَعَالَى فِيهَا عَليّ بِمَا من بفضله فَفتح الله عَلَيْهِ ابواب الْمَوَاهِب من عِنْده فِي اللَّيْلَة الرَّابِعَة وازداد فِي الترقيات فِي دَرَجَات المقامات الى مقَام حَقِيقَة التَّوْحِيد وانحلت مِنْهُ قيود التَّفْرِقَة فِي شُهُود الْجمع قبل تَمام الايام السَّبْعَة ثمَّ فِي اتمامها ظهر لَهُ لوامع التَّوْحِيد الْحَقِيقِيّ الذاتي الْمشَار اليه على لِسَان اهل الْحَقِيقَة بِجمع الْجمع وَهُوَ لقُوَّة استعداده بعدفي الترقي وَالزِّيَادَة وَإِنِّي على رَجَاء من الله ان يَأْخُذ مِنْهُ اليه تَمامًا ويبقيه بَقَاء دواما ويجعله لِلْمُتقين اماما وَحكي عَنهُ انه قَالَ لما أخذت كتاب الاجازة وسافرت الى خُرَاسَان نسيت الْكتاب فِي بَغْدَاد وَلما رجعت الى مصر بعد أمد بعيد وجدت الشَّيْخ قد مَاتَ وَدخلت خلوته فَوجدت فِيهَا كتاب الاجازة الَّذِي كتب لي بِعَيْنِه وَلَا تفَاوت بَينهمَا الافي عدَّة حُرُوف وَلَا ادري انه عرف مَا جرى عَليّ وَكتب كتاب الاجازة وَوَضعه فِي الْخلْوَة لاجلي ام كَانَ هُوَ نُسْخَة اخرى من الْكتاب الْمَذْكُور وعَلى كلا التَّقْدِيرَيْنِ هُوَ من كراماته الظَّاهِرَة لَان الْخلْوَة مَفْتُوحَة الْبَاب يدخلهَا كل اُحْدُ وَبَقَاء الْكتاب الْمَذْكُور فِيهَا على حَاله كَرَامَة بِلَا شكّ وَحكي عَنهُ ايضا انه قَالَ كَانَ للشَّيْخ تَاج البسه لكثير من الْفُقَرَاء واعطاه لي عِنْد رجعتي الى بَغْدَاد وَسَأَلَ ومني التَّاج الْمَزْبُور هُنَاكَ رجل يُقَال لَهُ بير تَاج الكيلاني فأعطيته اياه على شَرط المردة الْمَعْهُودَة بَين اهل الطَّرِيقَة فاستغاث التَّاج الْمَذْكُور لدي فِي الْمَنَام وَقَالَ قد لبسني اكابر هَذِه الطَّرِيقَة وعد أَسمَاؤُهُم والان اعطيتني لرجل مشتغل بِشرب الْخمر فطلبت الرجل فَوَجَدته سَكرَان فِي بَيت الخمارين فَأخذ رفيقي التَّاج من رَأسه ثمَّ رَجعْنَا مَاتَ الشَّيْخ زين الدّين فِي لَيْلَة الاحد الثَّانِيَة من شهر شَوَّال سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة وَمُدَّة عمره اُحْدُ وَثَمَانُونَ سنة قدس الله سره الْعَزِيز وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه بير الياس الاماسي كَانَ قدس سره من الْعلمَاء المشتهرين بِالْفَضْلِ فِي زَمَانه وَكَانَ سَاكِنا فِي نواحي اماسيه وَلما اجتازها الامير تيمور ارسل الشَّيْخ الْمَزْبُور الى ولَايَة شرْوَان وَعين لَهُ فِيهَا مَا يَكْفِي لمعاشه فسكن فِيهَا بالاضطرار يدرس فِيهَا للطلبة وَصَاحب فِيهَا الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه بير صدر الدّين الشرواني وَجلسَ عِنْده فِي الْخلْوَة

ومنهم العارف بالله الشيخ زكريا الخلوتي

الاربعينية واشتغل فِيهَا بالمجاهدات والرياضات وَكَانَ الشَّيْخ صدر الدّين اميا وَلِهَذَا كَانَ يحصل للْمولى الْمَذْكُور فَتْرَة فِي بعض الاوقات وبالاخرة ارتحل من شرْوَان الى بِلَاده واشتغل فِي وَطنه بالمجاهدات والرياضات اثْنَتَيْ عشرَة سنة وَلما بلغه صيت زين الدّين الخاقي بخراسان أَرَادَ ان يتَوَجَّه اليه فَرَأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام وَقَالَ لَهُ يَا الياس توجه الى صَدرا لدين فَتوجه اليه بأَمْره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلما قرب مِنْهُ قَالَ الشَّيْخ صدر الدّين لاصحابه الْيَوْم يَجِيء الْمولى الياس فَعَلَيْكُم بالاستقبال وَلما حضر قبل يدالشيخ وَقَالَ لَهُ الشَّيْخ أَيهَا الْمولى لَا يَتَيَسَّر لكثير من النَّاس ان يرشده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأقَام بخدمته مُدَّة كَثِيرَة واشتغل بالمجاهدات والرياضات ثمَّ توجه باذنه الى بِلَاده لصلة الرَّحِم وَلما سمع وَفَاة الشَّيْخ صدر الدّين اشْتغل هُوَ بالارشاد فِي بِلَاده وَتُوفِّي بحديقته ببلدة اماسيه وَمن الْمَشْهُور ان الغسال لما وَضعه على السرير فَوق صفة انهار جَانب من الصّفة فَأخذ الْمولى الياس جَانب السرير بِيَدِهِ كَيْلا يَقع وَدفن بِموضع يُقَال لَهُ سواديه قدس الله تَعَالَى سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ زَكَرِيَّا الخلوتي كَانَ من اصحاب الشَّيْخ بير الياس وَلما مَاتَ الشَّيْخ توجه اصحابه وخلوا خلوات راصدين الاشارة من الْحق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الى تعْيين من يقوم مقَامه فَوَقَعت الاشارة الى الشَّيْخ زَكَرِيَّا فعقدوا الْبيعَة مَعَه وَكَانَ صَاحب مجاهدات ومعارف عَظِيمَة وقبره بجوار مسجدالسراجين باماسيه قدس الله سره وروحه وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن جلبي بن الْمولى حسام الدّين كَانَت امهِ بنت الشَّيْخ بير الياس الْمَذْكُور وَأخذ طَريقَة التصوف من الشَّيْخ زَكَرِيَّا وَقَامَ بعده مقَامه وَكَانَ يلقب بِابْن كمشلو لكَون وَالِده من قَصَبَة كمش وَكَانَ عَاشِقًا ومحبا للسماع وَكَانَ لَهُ مهارة فِي تَعْبِير المنامات وَكَانَ لَهُ نظم كثير بالتركية مُتَعَلق بالعشق والوجد وَالْحَال وَكَانَ يلقب نَفسه فِي أشعاره بالحسامي نِسْبَة الى ابيه وقبره بزواية يَعْقُوب باشا بسواد أماسيه

ومنهم الشيخ العارف بالله شجاع الدين القراماني صاحب الشيخ حامدا القيصري وترقى ببركة صحبته من حضيض نفسانية الى ذروة روحانية قدس سره

وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه شُجَاع الدّين القراماني صَاحب الشَّيْخ حامدا القيصري وترقى ببركة صحبته من حضيض نفسانية الى ذرْوَة روحانية قدس سره وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف مظفر الدي الارنددي تشرف هُوَ ايضا بِصُحْبَة الشَّيْخ حامدالمذكور ونال بِهِ المقامات الْعلية والكرامات السّنيَّة قدس الله سره وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه بدر الدّين الدَّقِيق صَاحب الشَّيْخ الحاجي بيرام ونال بِصُحْبَتِهِ مَا نَالَ من الكرامات السّنيَّة والمقامات الْعلية وَحصل اذواقا عَجِيبَة قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ بدر الدّين الاحمر صَاحب هُوَ ايضا الشَّيْخ الحاجي بير ام وَوصل ببركة صحبته الى الاحوال العجيبة والكرامات السّنيَّة والمقامات الْعلية قدس الله سره وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه بَابا نحايس الانقروي وَهُوَ ايضا من اصحاب الشَّيْخ الحاجي بيرام وَمن جملَة من اخذ مِنْهُ الطَّرِيقَة قدس سره وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه صلاحالدين البولوي هُوَ ايضا من اصحاب الشَّيْخ الحاجي برام وَمِمَّنْ اخذ مِنْهُ الطَّرِيقَة قدس سره وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه مصلح الدّين خَليفَة وَهُوَ مِمَّن اخذ من الشَّيْخ الْحَاج بيرام الطَّرِيقَة وَحصل مَا حصل عِنْده وَبلغ رُتْبَة الارشاد قدس الله سره وومنهم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه عمر دده البروساوي وَهُوَ ايضا مِمَّن اخذ من الشَّيْخ الْحَاج بير ام الطَّرِيقَة وَوصل مِنْهُ الى مَا وصل وَحصل عِنْده مَا حصل واجيز لَهُ بالارشاد وَيُقَال انه اخذ الطَّرِيقَة اولا عَن الشَّيْخ حَامِد الْمَذْكُور ثمَّ اتمها عِنْد الشَّيْخ الْحَاج بيرام قدس سره

ومنهم الشيخ العارف بالله الشيخ لطف الله

وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ لطف الله كَانَ من نسل الامير اسفنديار وَكَانَ من جملَة الامراء وَقد توطن فِي بَلْدَة بالي كسْرَى وَقد حضر مَدِينَة انقره للنَّظَر فِي أَمر البنائين للحمام لاجل وَاحِد من اكابر عصره واجتاز بِهِ يَوْمًا الشَّيْخ الْحَاج بيرام وتحدث مَعَه وَوصف مَدِينَة بالي كسْرَى وَرغب الشَّيْخ فِي الذّهاب اليها فَقبله الشَّيْخ وَقَالَ الشَّيْخ لطف الله مَتى تتَوَجَّه اليها قَالَ ان شِئْت اتوجه اليها السَّاعَة إِذْ نَحن فُقَرَاء وَلَا قيود لنا فسافر مَعَ الشَّيْخ الى الْبَلدة المزبورة وَقَالَ اصحاب الشَّيْخ لَهُ فِي الطَّرِيق وَالشَّيْخ يسير قدامهم ان للشَّيْخ همة عَظِيمَة فِي حَقك وَلَو جَلَست فِي الْخلْوَة الاربعينية لوصلت الى مرادك وَعند ذَلِك توقف الشَّيْخ وَقَالَ لَهُم يصل الى مُرَاده بنظرة وَاحِدَة فَنزل الشَّيْخ لطف الله عَن فرسه وَقبل رجل الشَّيْخ ووصلوا الى الْبَلدة المزبروة وَبنى الشَّيْخ هُنَاكَ بَيْتا وَسكن مُدَّة وَحصل الشَّيْخ لطف الله عِنْده مَا حصل وَوصل الى مَا وصل من المقامات الْعلية والحالات البهية ثمَّ ذهب الشَّيْخ الى مَدِينَة أنقره وَنصب الشَّيْخ لطف الله خَليفَة ببلدة بالي كسْرَى وَسكن هُوَ بهَا الى ان مَاتَ فِيهَا وَدفن بهَا قدس الله تَعَالَى سره الْعَزِيز الطَّبَقَة السَّادِسَة فِي عُلَمَاء دولة السُّلْطَان مرادخان ابْن السُّلْطَان مُحَمَّد طيب الله ثراه بُويِعَ لَهُ بالسلطنة بعد وَفَاة ابيه فِي سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة وَمن عُلَمَاء عصره الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى مُحَمَّد بن ارمغان الشهير بيكان رَحمَه الله قَرَأَ الْعُلُوم كلهَا على رجل عَالم فِي ولَايَة الامير ابْن ايدين كنت سَمِعت اسْمه من الْوَالِد المرحوم وَلم اتذكره الان ثمَّ قرا على الْمولى شمس الدّين الفناري ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس بِمَدِينَة بروسا ثمَّ انْتَهَت اليه رياسة الدَّرْس وَالْفَتْوَى ومنصب الْقَضَاء بعد الْمولى شمس الدّين الفناري وَكَانَ مُعظما ومكرما عِنْد السُّلْطَان مرضيا ومقبولا عندالخواص والعوام ودام على ذَلِك الى ان ترك الْكل وسافر الى الْحجاز ثمَّ عَاد الى بِلَاده وَلم يتول شيأ من المناصب الى ان مَاتَ رَحمَه

ومنهم العالم الفاضل المولى محمد شاه ابن المولى يكان

الله وَكَانَ فَاضلا ذكيا صَاحب طبع قوي الا انه كَانَ قَلِيل الْحِفْظ وَكَانَ ابيض اللَّوْن طَوِيل الْقَامَة كَبِير اللِّحْيَة وَكَانَ يحب الْعشْرَة مَعَ اصحابه ويهيء لَهُم الاطعمة النفيسة قرا عَلَيْهِ جدي مَوْلَانَا خير الدّين رَحمَه الله روى ان الْمولى يكان حكم بقضية وَهُوَ قَاض بِمَدِينَة بروسا فانكر ذَلِك الحكم اولادالمولى الفناري وهم كَانُوا بِهِ يتعصبون عَلَيْهِ لامر سَنذكرُهُ فارادوا عقدالمجلس لذَلِك فنصح لَهُم بعض المدرسين وَقَالَ ان هَذَا الرجل عَالم فَاضل رُبمَا يجدالملخص فِي هَذَا الامر فَلم يلتفتوا الى كَلَامه فعقدوا الْمجْلس وَحضر الْمولى الْمَذْكُور وَقَالُوا لَهُ حكمك هَذَا مُخَالف لعدة من الْكتب واظهروا لَهُ النَّقْل مِنْهَا فَقَالَ الْمولى الْمَذْكُور ان الامام زفر هَل هُوَ من الْمُجْتَهدين فَقَالُوا نعم قَالَ اني حكمت فِي هَذِه الْقَضِيَّة بمذهبه لمصْلحَة اقتضته فان قدرتم على نقض الحكم فانقضوه فتحير الْكل لعلمهم بِأَن الْمَذْهَب الضَّعِيف يقوى باتصال الْقَضَاء بِهِ وَسبب تعصبهم عَلَيْهِ هُوَ ان الْمولى الفناري اراد ان يُزَوجهُ بنته فَلم يقبل لانه كَانَ قد عهد مَعَ استاذه السَّابِق بِأَن يتَزَوَّج بنته فَلم ترض نَفسه بِنَقْض الْعَهْد وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى مُحَمَّد شاه ابْن الْمولى يكان كَانَ رَحمَه الله مدرسا بسلطانية بروسا ثمَّ استقضي بِالْمَدِينَةِ المزبورة وَمَات وَهُوَ قَاض بهَا رَحمَه الله وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى يُوسُف بالي ابْن الْمولى يكان قَرَأَ رَحمَه الله على وَالِده ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمِدْرَاس بِمَدِينَة بروسا وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا روح الله روحه وَله حواش على أَوَائِل التَّلْوِيح وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى مُحَمَّد بن بشير ارتحل من بِلَاده الى مَدِينَة بروسا وَسكن بمدرسة السُّلْطَان بايزيد خَان بِالْمَدِينَةِ المزبورة وَصَارَ من جملَة المتأدبين فِيهَا ثمَّ ارْتقى حَتَّى صَار من جملَة الطّلبَة الساكنين فِيهَا ثمَّ صَار معيدا لتِلْك الْمدرسَة ثمَّ صَار مدرسا بهَا وَمَات وَهُوَ

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى شرف الدين بن كمال الفريمي

مدرس بهَا رَحمَه الله وقرا وَهُوَ معيد بهَا حَوَاشِي شرح الْمطَالع للسيدالشريف سِتا وَثَلَاثِينَ مرّة وقرا عَلَيْهِ جدي رَحمَه الله وَهُوَ يدرس الْحَوَاشِي الْمَذْكُورَة سَابِع سَبْعَة وَثَلَاثِينَ وَكَانَ يدرس الايام كلهَا سوى يَوْم الْجُمُعَة وَالْعِيدَيْنِ وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى شرف الدّين بن كَمَال الفريمي قَرَأَ ببلاده جَمِيع الْعُلُوم سِيمَا الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة رُوِيَ انه قرا على حَافظ الدّين ابْن البزازي ودرس فِي بِلَاده وَأفَاد وصنف فاجاد وَلما أشرفت بَلْدَة فريم على الخراب وَتَفَرَّقَتْ علماؤها اتى هُوَ بِلَاد الرّوم وأكرمه السُّلْطَان مرادخان وَعين لَهُ دَرَاهِم وعاش فِي سَعَة نعْمَة الى ان توفّي رُوِيَ ان لَهُ شرحا للمنار وَلَكِنِّي لم اطلع عَلَيْهِ رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى سيد احْمَد بن عبد الله الفريمي قرا على شرف الدّين الْمَزْبُور آنِفا وأتى بلادالروم فَأعْطَاهُ السُّلْطَان الْمَذْكُور مدرسة بقصبة مزريفون ثمَّ أَتَى بَلْدَة قسطنطينية فِي زمن السُّلْطَان مُحَمَّد خَان عين لَهُ كل يَوْم خمسين درهما وَكَانَ يذكر ويدرس رُوِيَ انه لَقِي السُّلْطَان مُحَمَّد خَان يَوْمًا وَقد خرج من قسطنطينية مُتَوَجها الى ادرنه فَسَأَلَهُ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان عَن أَحْوَال مَدِينَة فريم فَقَالَ كُنَّا نسْمع ان بهَا سِتّمائَة مفت وثلثمائة مُصَنف وَأَنَّهَا بَلْدَة عَظِيمَة معمورة بِالْعلمِ وَالصَّلَاح قَالَ الْمولى الفريمي وَقد أدْركْت اواخر هَذَا النظام قَالَ السُّلْطَان وَمَا كَانَ سَبَب خرابها قَالَ حدث هُنَاكَ وَزِير أهان الْعلمَاء فَتَفَرَّقُوا وَالْعُلَمَاء بِمَنْزِلَة الْقلب من الْبدن وَإِذا عرضت للقلب آفَة سرى الْفساد الى سَائِر الْبدن فَقَالَ السُّلْطَان لبَعض خُدَّامه ادْع لي مَحْمُودًا واراد الْوَزير مَحْمُود باشا فَأتى وَحكى لَهُ السُّلْطَان مَا قَالَ الْمولى الْمَزْبُور فَقَالَ قد ظهر مِنْهُ ان خراب الْملك من الْوَزير قَالَ الْوَزير مَحْمُود باشا لَا بل من السُّلْطَان قَالَ لم قَالَ لاي شَيْء استوزر مثل هَذَا الرجل فَقَالَ السُّلْطَان صدقت وللمولى الْمَذْكُور حواش على شرح اللب للسَّيِّد عبد الله وحواش على شرح العقائد للعلامة التَّفْتَازَانِيّ وحواش على التَّلْوِيح للعلامة التَّفْتَازَانِيّ ايضا مَاتَ رَحْمَة الله تَعَالَى عَلَيْهِ بِمَدِينَة قسطنطينية وَدفن بهَا يزار ويتبرك بِهِ وتستجاب عِنْده الدَّعْوَات

ومنهم العارف بالله المولى العالم العامل السيد علاء الدين السمرقندي

وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه الْمولى الْعَالم الْعَامِل السَّيِّد عَلَاء الدّين السَّمرقَنْدِي اشْتغل فِي بِلَاده بِالْعلمِ الشريف بلغ من الْعُلُوم مرتبَة الْفضل ثمَّ سلك مَسْلَك الصُّوفِيَّة والتصوف ونال من تِلْكَ الطَّرِيقَة حظا جسيما وَبلغ مِنْهَا محلا عَظِيما ثمَّ اتى بِلَاد الرّوم وتوطن بِمَدِينَة لارنده وصنف فِي التَّفْسِير كتابا فِي ارْبَعْ مجلدات وَلم يكمله وانْتهى الى سُورَة المجادلة وأدرح فِيهِ فَوَائِد جزيلة ودقائق جليلة انتخبها من كتب التفاسير وأضاف اليها فَوَائِد من عِنْد نَفسه مَعَ عِبَارَات فصيحة بليغة وَكَانَ معمرا قيل انه جَاوز مائَة وَخمسين وَقيل جَاوز الْمِائَتَيْنِ وَالله اعْلَم بِحَقِيقَة الْحَال وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى شمس الْملَّة وَالدّين احْمَد بن إِسْمَعِيل الكوراني كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَارِفًا بِعلم الاصول فَقِيها حنفيا قَرَأَ ببلاده ثمَّ ارتحل الى الْقَاهِرَة وتفقه بهَا وَقَرَأَ هُنَاكَ القراآت الْعشْر بطرِيق الاتقان والاحكام وَقَرَأَ الحَدِيث وَالتَّفْسِير وَأَجَازَهُ عُلَمَاء عصره فِي الْعُلُوم الْمَذْكُورَة كلهَا وَأَجَازَهُ ابْن حجر ايضا فِي الحَدِيث وَشهد لَهُ بانه قرا الحَدِيث سِيمَا صَحِيح البُخَارِيّ رِوَايَة ودراية ودرس هُوَ بِالْقَاهِرَةِ درسا عَاما خَاصّا بالفحول وشهدوا لَهُ بالفضيلة التَّامَّة ثمَّ ان الْمولى يكان الْمَذْكُور سَابِقًا لما دخل الْقَاهِرَة فِي سَفَره الى الْحجاز لقِيه الْمولى الكوراني وَلما شهد فَضله اخذه مَعَه الى بِلَاد الرّوم وَلما لَقِي الْمولى يكان السُّلْطَان مُرَاد خَان قَالَ لَهُ السُّلْطَان هَل اتيت الينا بهدية قَالَ نعم معي رجل مُفَسّر ومحدث قَالَ ايْنَ هُوَ قَالَ هُوَ بِالْبَابِ فَأرْسل اليه السُّلْطَان فَدخل هُوَ عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ تحدث مَعَه سَاعَة فَرَأى فَضله فَأعْطَاهُ مدرسة جده السُّلْطَان مُرَاد الْغَازِي بِمَدِينَة بروسا ثمَّ اعطاه مدرسة جده السُّلْطَان بايزيد خَان الْغَازِي بِالْمَدِينَةِ المزبورة وَكَانَ ولد السُّلْطَان مرادخان السُّلْطَان مُحَمَّد أَمِيرا فِي ذَلِك الزَّمَان ببلدة مغنيا وَقد ارسل اليه وَالِده عدَّة من المعلمين وَلم يمتثل امرهم وَلم يقرا شيأ حَتَّى انه لم يخْتم الْقُرْآن فَطلب السُّلْطَان الْمَذْكُور رجلا لَهُ مهابة وحدة فَذكرُوا لَهُ الْمولى الكوراني فَجعله معلما

لوَلَده وَأَعْطَاهُ بِيَدِهِ قَضِيبًا يضْربهُ بذلك إِذا خَالف أمره فَذهب اليه فَدخل عَلَيْهِ والقضيب بِيَدِهِ فَقَالَ ارسلني والدك للتعليم وللضرب إِذا خَالَفت امري فَضَحِك السُّلْطَان مُحَمَّد خَان من هَذَا الْكَلَام فَضَربهُ الْمولى الكوراني فِي ذَلِك الْمجْلس ضربا شَدِيدا حَتَّى خَافَ مِنْهُ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَختم الْقُرْآن فِي مُدَّة يسيرَة ففرح بذلك السُّلْطَان مرادخان وَأرْسل الى الْمولى الكوراني اموالا عَظِيمَة ثمَّ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان لما جلس على سَرِير السلطنة بعد وَفَاة ابيه المرحوم عرض للْمولى الْمَذْكُور الوزارة فَلم يقبل وَقَالَ ان من فِي بابك من الخدام وَالْعَبِيد إِنَّمَا يخدمونك لَان ينالوا الوزارة آخر الامر وَإِذا كَانَ الْوَزير من غَيرهم تنحرف قُلُوبهم عَنْك فيختل امْر سلطنتك فَاسْتَحْسَنَهُ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَعرض لَهُ قَضَاء الْعَسْكَر فَقبله وَلما بَاشر امْر الْقَضَاء اعطى التدريس وَالْقَضَاء لاهلهما من غير عرض على السُّلْطَان فانكره السُّلْطَان وَلَكِن استحيا مِنْهُ انه يظهره فَشَاور مَعَ الوزراء فأشاروا الى ان يَقُول لَهُ السُّلْطَان سَمِعت ان اوقاف جدي بِمَدِينَة بروسا قد اختلت فَلَا بُد من تداركها فَلَمَّا قَالَ لَهُ السُّلْطَان هَذَا الْكَلَام قَالَ الْمولى الْمَذْكُور ان امرتني بذلك اصلحها فَقَالَ السُّلْطَان هَذَا يَقْتَضِي زَمَانا مديدا فقلده قَضَاء بروسا مَعَ تَوْلِيَة الاوقاف فَقبل الْمولى الْمَزْبُور وَذهب الى مَدِينَة بروسا وَبعد مُدَّة ارسل السُّلْطَان اليه وَاحِدًا ن خُدَّامه بِيَدِهِ مَوْسُوم السُّلْطَان وَضَمنَهُ امرا يُخَالف الشَّرْع فمزق الْكتاب وَضرب الْخَادِم فأشمأز السُّلْطَان لذَلِك فَعَزله وَوَقع بَينهمَا منافرة فارتحل الْمولى الْمَذْكُور الى مصر وسلطانها يَوْمئِذٍ الْملك قايتباي فَأكْرمه غَايَة الاكرام ونال عِنْده الْقبُول التَّام وعاش عِنْده زَمَانا بعزة عَظِيمَة وحشمة وافرة وجلالة تَامَّة ثمَّ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان نَدم على مَا فعله فارسل الى السُّلْطَان قايتباي كتاب السُّلْطَان مُحَمَّد خَان للْمولى الْمَذْكُور ثمَّ قَالَ لَا تذْهب اليه فَإِنِّي اكرمك فَوق مَا يكرمك هُوَ قَالَ الْمولى نعم هُوَ كَذَلِك الا ان بيني وَبَينه محبَّة عَظِيمَة كَمَا بَين الْوَالِد وَالْولد وَهَذَا الَّذِي جرى بَيْننَا شَيْء آخر وَهُوَ يعرف ذَلِك مني وَيعرف اني اميل اليه بالطبع فَإِذا لم أذهب اليه يفهم ان الْمَنْع من جَانِبك فَيَقَع بَيْنكُمَا عَدَاوَة

فَاسْتحْسن السُّلْطَان قايتباي هَذَا الْكَلَام وَأَعْطَاهُ مَالا جزيلا وهيأ لَهُ مَا يحْتَاج اليه من حوائج السّفر وَبعث مَعَه هَدَايَا عَظِيمَة الى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فَلَمَّا جَاءَ الى قسطنطينية اعطاه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان قَضَاء بروسه ثَانِيًا وَوَقع ذَلِك فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة ودام على ذَلِك مُدَّة ثمَّ قَلّدهُ منصب الْفَتْوَى وَعين لَهُ كل يَوْم مِائَتي دِرْهَم وَفِي كل شهر عشْرين الف دِرْهَم وَفِي كل سنة خمسين الف دِرْهَم سوى مَا يبْعَث اليه من الْهَدَايَا والتحف وَالْعَبِيد والجواري وعاش فِي كنف حمايته مَعَ نعْمَة جزيلة وعيش رغد وصنف هُنَاكَ تَفْسِير الْقُرْآن الْعَظِيم وَسَماهُ غَايَة الاماني فِي تَفْسِير السَّبع المثاني اورد فِيهِ مؤاخذات كَثِيرَة على العلامتين الزَّمَخْشَرِيّ والبيضاوي وصنف ايضا شرح البُخَارِيّ وَسَماهُ بالكوثر الْجَارِي على رياض البُخَارِيّ ورد فِيهِ كثيرا من الْمَوَاضِع لشرح الْكرْمَانِي وَابْن حجر وصنف حَوَاشِي مَقْبُولَة لَطِيفَة على شرح الجعبري للقصيدة الشاطبية واقرأ الحَدِيث وَالتَّفْسِير وعلوم الْقُرْآن حَتَّى تخرج من عِنْده كثير من الطلاب وتمهروا فِي الْعُلُوم الْمَذْكُورَة وَكَانَت اوقاته مصروفة الى الدَّرْس وَالْفَتْوَى والتصنيف وَالْعِبَادَة حكى بعض من تلامذته انه بَات عِنْده لَيْلَة فَلَمَّا صلى الْعشَاء ابْتَدَأَ بِقِرَاءَة الْقُرْآن من اوله قَالَ وَأَنا نمت ثمَّ استيقظت فَإِذا هُوَ يقرا ثمَّ نمت فَاسْتَيْقَظت فَإِذا هُوَ يقرا سُورَة الْملك فاتم الْقُرْآن عِنْد طُلُوع الْفجْر قَالَ سَأَلت بعض خُدَّامه عَن ذَلِك فَقَالَ هَذِه عَادَة مستمرة لَهُ وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى رجلا مهيبا طوَالًا كَبِير اللِّحْيَة وَكَانَ يصْبغ لحيته وَكَانَ قوالا بِالْحَقِّ وَكَانَ يُخَاطب الْوَزير وَالسُّلْطَان باسمه وَكَانَ إِذا لَقِي السُّلْطَان يسلم عَلَيْهِ وَلَا ينحني لَهُ ويصافحه وَلَا يقبل يَده وَلَا يذهب اليه يَوْم عيد الا إِذا دَعَاهُ وَسمعت عَن ثِقَة انه ذهب اليه يَوْم عَرَفَة وَكَانَ يَوْم مطر فِي أَيَّام سلطنة السُّلْطَان بايزيد خَان فجَاء اليه وَاحِد من الخدام وَقَالَ السُّلْطَان يسلم عَلَيْكُم ويلتمس مِنْكُم ان تشرفوه غَدا فَقَالَ الْمولى لَا أذهب وَالْيَوْم يَوْم وَحل اخاف ان يتوحل خَفِي فَذهب الْخَادِم فَلم يلبث الا ان جَاءَ وَقَالَ سلم عَلَيْكُم السُّلْطَان واذن لكم ان تنزلوا عَن الدَّابَّة فِي مَوضِع نزُول السُّلْطَان حَتَّى لايتوحل خفكم فَذهب اليه وَكَانَ رَحمَه الله ينصح للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَيَقُول لَهُ دَائِما ان مطعمك حرَام وملبسك حرَام فَعَلَيْك بِالِاحْتِيَاطِ فاتفق فِي بعض الايام انه اكل مَعَ السُّلْطَان

مُحَمَّد خَان فَقَالَ السُّلْطَان ايها الْمولى انت اكلت ايضا من الْحَرَام فَقَالَ مَا يليك من الطَّعَام حرَام وَمَا يليني مِنْهُ حَلَال فحول السُّلْطَان الطَّعَام فاكل الْمولى فَقَالَ السُّلْطَان اكلت من جَانب الْحَرَام فَقَالَ الْمولى نفد مَا عنْدك من الْحَرَام وَمَا عِنْدِي من الْحَلَال فَلهَذَا حولت الطَّعَام وَقيل لَهُ يَوْمًا ان الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء يزور الْمولى خسرو وَلَا يزورك فَقَالَ اصاب فِي ذَلِك لَان الْمولى خسرو عَالم عَامل تجب زيارته وَإِنِّي وَإِن كنت عَالما لكنني خالطت مَعَ السلاطين فَلَا تجوز زيارتي وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى لَا يحْسد احدا من أقرانه إِذا فضل عَلَيْهِ فِي المنصب وَإِذا قيل لَهُ فِي ذَلِك كَانَ يَقُول الْمَرْء لَا يرى عُيُوب نَفسه وَلَو لم يكن لَهُ فضل عَليّ لما اعطاه الله تَعَالَى ذَلِك المنصب وَقَالَ الْمولى الْمَزْبُور وَيَوْما للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان بطرِيق الشكاية عَنهُ ان الامير تيمور خَان ارسل بريدا لمصْلحَة وَقَالَ لَهُ ان احتجت الى فرس خُذ فرس كل من لَقيته وان كَانَ ابْني شاهرخ فَتوجه الْبَرِيد الى مَا أَمر بِهِ فلقي الْمولى سعدالدين التَّفْتَازَانِيّ وَهُوَ نَازل فِي مَوضِع قَاعد فِي خيمته وافراسه مربوطة قدامه فَأخذ الْبَرِيد مِنْهَا فرسا فَأخْبر الْمولى بذلك فَضرب الْبَرِيد ضربا شَدِيدا فَرجع هُوَ الى الامير تيمور وَأخْبرهُ مَا فعله الْمولى الْمَذْكُور فَغَضب الامير تيمورخان غَضبا شَدِيدا ثمَّ قَالَ وَلَو كَانَ هُوَ ابْني شاهرخ لقتلته وَلَكِنِّي كَيفَ اقْتُل رجلا مَا دخلت فِي بَلْدَة الا وَقد دَخلهَا تصنيفه قبل دُخُول سَيفي ثمَّ قَالَ الْمولى الْمَزْبُور ان تصانيفي تقْرَأ الان بِمَكَّة الشَّرِيفَة وَلم يبلغ اليها سَيْفك فَقَالَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان نعم ايها الْمولى النَّاس يَكْتُبُونَ تصانيفه وَأَنت كتبت تصنيفك وارسلته الى مَكَّة الشَّرِيفَة فَضَحِك الْمولى الكوراني وَاسْتحْسن هَذَا الْكَلَام غَايَة الِاسْتِحْسَان ومناقبه كَثِيرَة لَا يتَحَمَّل ذكرهَا هَذَا الْمُخْتَصر توفّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة مَاتَ فِي قسطنطينية وَدفن بهَا وقصة وَفَاته انه امْر يَوْمًا فِي أَوَائِل فصل الرّبيع ان تضرب لَهُ خيمة فِي خَارج قسطنطينية فسكن هُنَاكَ فصل الرّبيع فَلَمَّا تمّ هَذَا الْفَصْل امْر ان يشترى لَهُ حديقة فسكن هُنَاكَ الى اول فصل الخريف وَفِي هَذِه الْمدَّة كَانَ الوزراء يذهبون الى زيارته فِي كل اسبوع مرّة ثمَّ انه صلى الْفجْر فِي يَوْم من الايام وَأمر ان ينصب لَهُ سَرِير فِي الْموضع الْفُلَانِيّ من بَيته بقسطنطينية فَلَمَّا صلى الاشراق جَاءَ الى بَيته واضطجع على جنبه الايمن

ومنهم العالم العامل المولى مجد الدين كان رحمه الله تعالى عالما فاضلا صاحب سيرة محمودة وطريقة مرضية نصبه السلطان محمد خان قاضيا بالعسكر المنصور بعدالمولى الكوراني رحمهم الله تعالى

مُسْتَقْبل الْقبْلَة وَقَالَ اخبروا من فِي الْبَلَد من الَّذين قرأوا عَليّ الْقُرْآن فَأَخْبرُوهُمْ فَحَضَرَ الْكل فَقَالَ الْمولى لي عَلَيْكُم حق وَالْيَوْم يَوْم قَضَائِهِ فاقراوا عَليّ الْقُرْآن الْعَظِيم الى وَقت الْعَصْر فاخبر الوزراء بذلك فجاؤوا اليه لعيادته فَبكى الْوَزير دَاوُد باشا لما بَينهمَا من الْمحبَّة الزَّائِدَة فَقَالَ الْمولى لماذا تبْكي يَا دَاوُد قَالَ فهمت فِيكُم ضعفا فَقَالَ ابك على نَفسك يَا دَاوُد فَإِنِّي عِشْت فِي الدُّنْيَا بسلامة وَاخْتِمْ ان شَاءَ الله تَعَالَى بسلامة ثمَّ قَالَ للوزراء سلمُوا منا على بايزيد يُرِيد السُّلْطَان بايزيدخان اوصيه ان يحضر صَلَاتي بِنَفسِهِ وان يقْضِي ديوني من بَيت المَال قبل دفني ثمَّ قَالَ اوصيكم إِذا وضعتموني عندالقبر ان تَأْخُذُوا برجلي وتسحبوني الى شَفير الْقَبْر ثمَّ تضعوني فِيهِ ثمَّ ان الْمولى صلى صَلَاة الظّهْر مومئا ثمَّ اخذ يسْأَل عَن أَذَان الْعَصْر فَلَمَّا قرب وقته اخذ يستمع صَوت الْمُؤَذّن فَلَمَّا قَالَ الْمُؤَذّن الله أكبر قَالَ الْمولى لَا اله الا الله فَخرج روحه فِي تِلْكَ السَّاعَة روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه ثمَّ ان السُّلْطَان بايزيد خَان حضر صلَاته وَقضى دُيُونه بِلَا شُهُود فَكَانَت ثَمَانِينَ الْفَا وَمِائَة الف دِرْهَم ثمَّ انهم لما وضعوه عِنْد قَبره لم يتجاسر اُحْدُ على ان يَأْخُذ بِرجلِهِ فوضعوه على حَصِير وجذبوا الْحَصِير الى شَفير الْقَبْر ثمَّ انزلوه فِيهِ وسلموه الى رَحْمَة الله تَعَالَى ورضوانه وامتلأت الْمَدِينَة ذَلِك الْيَوْم من الضجيج والبكاء من الصغار والكبار حَتَّى النِّسَاء وَالصبيان وَكَانَت جنَازَته مَشْهُورَة وانثلمت بِمَوْتِهِ ثلمة من الاسلام وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْمولى مجد الدّين كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا صَاحب سيرة محمودة وَطَرِيقَة مرضية نَصبه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور بعدالمولى الكوراني رَحِمهم الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى حضر بيك ابْن جلال الدّين نَشأ ببلدة سوريحصار من بلادالروم وَكَانَ ابوه قَاضِيا بهَا وقرا مباني الْعُلُوم على وَالِده ثمَّ وصل إِلَى خدمَة الْمولى الْفَاضِل الشير يكان وقرا عِنْده الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة والنقلية وَسَائِر الْعُلُوم المتداولة وَتخرج عِنْده وَتزَوج بنته وَحصل لَهُ مِنْهَا اولاد وَسَيَجِيءُ ترجمتهم ثمَّ صَار مدرسا بالبلدة المزبورة وَكَانَ محبا للْعلم شديدالطلب

لَهُ وَحصل من الْفُنُون مَالا يُحْصى حَتَّى انه كَانَ يُقَال لم يكن بعدالمولى الفناري من اطلع على الْعُلُوم الغريبة مثله لما رُوِيَ انه جَاءَ من بلادالعرب فِي اوائل سلطنة السُّلْطَان محمدخان رجل كثير الِاطِّلَاع على الْعُلُوم الغريبة وَاجْتمعَ مَعَ عُلَمَاء الرّوم عندالسلطان الْمَذْكُور فَسَأَلَهُمْ عَن مسَائِل من الْعُلُوم الغريبة الَّتِي لم يكن لَهُم اطلَاع عَلَيْهَا فَانْقَطع الْكل وعجزوا عَن الْجَواب فاضطرب السُّلْطَان محمدخان اضطرابا شَدِيدا وَحصل لَهُ عَار عَظِيم من ذَلِك فَطلب رجلا من اهل الْعلم لَهُ اطلَاع على الْعُلُوم الغريبة فَذكر عِنْده الْمولى الْمَذْكُور وَهُوَ يدرس بالبلدة الْمَذْكُورَة وَكَانَ شَابًّا سنه فِي عشر الثَّلَاثِينَ وَكَانَ زيه على زِيّ عَسْكَر السُّلْطَان فاحضروه عندالسلطان مَعَ الرجل الْمَزْبُور فَضَحِك الرجل مستحقرا للْمولى الْمَذْكُور لشبابه وزيه فَقَالَ الْمولى هَات مَا عنْدك فأورد الرجل عَلَيْهِ اسئلة من عُلُوم شَتَّى وَكَانَ الْمولى الْمَذْكُور عَارِفًا بجميعها فَأجَاب عَن اسئلته بِأَحْسَن الاجوبة ثمَّ سَأَلَ الْمولى الْمَذْكُور الرجل عَن مسَائِل سِتَّة عشر فَنًّا لم يطلع عَلَيْهَا ذَلِك الرجل حَتَّى انْقَطع الرجل وافحم فطرب السُّلْطَان مُحَمَّد خَان لذَلِك حَتَّى قَامَ وَقعد لشدَّة طربه واثنى على الْمولى الْمَذْكُور ثَنَاء جميلا واعطاه مدرسة جده السُّلْطَان مُحَمَّد خَان بِمَدِينَة بروسا فَصَارَ مدرسا بهَا وَاجْتمعَ عِنْده الْفُضَلَاء من الطّلبَة مثل الْمولى مصلح الدّين الْعَسْقَلَانِي وَالْمولى عَليّ الْعَرَبِيّ وامثالهما وَكَانَ لَهُ معيدان احدهما الْمولى مصلح الدّين الشهير بخواجه زَاده والاخر الْمولى شمس الدّين الشهير بالخيالي ثمَّ ضم اليها كل يَوْم خَمْسَة عشر درهما على وَجه الضميمة من محصول الْخراج فِي شهر ربيع الاول فِي السّنة الْمَذْكُورَة ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة يلدرم خَان ببروسا ثمَّ ضم اليها كل يَوْم عشرَة دَرَاهِم من محصول المملحة ثمَّ اعطاه قَضَاء اينه كول على وَجه الضميمة ثمَّ ضم اليها كل يَوْم عشرَة دَرَاهِم من جِهَة توصية عمَارَة السُّلْطَان الْمَذْكُور على وَجه الضميمة ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة جَدِيدَة احدى المدرستين المتجاورتين بادرنه ثمَّ اعطاه قَضَاء ينولي وَصرف الْمولى الْمَذْكُور أوقاته بالاشتغال بِالْعلمِ وَالْعِبَادَة وَكَانَ مُسْتَقِيم الطَّبْع سريع الْفَهم كثير الْحِفْظ وَكَانَ يهتم بتربية القارئين عَلَيْهِ وَكَانَ قصير الْقَامَة وَكَانَ يلقب بجراب الْعلم وَلما فتح السُّلْطَان مُحَمَّد خَان مَدِينَة قسطنطينية جعله قَاضِيا بهَا

وَهُوَ اول قَاض وَتُوفِّي وَهُوَ قَاض بهَا فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن فِي جوَار ابي ايوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الْبَارِي وَكَانَ ماهرا فِي النّظم بِالْعَرَبِيَّةِ والفارسية والتركية نظم فِي العقائد قصيدة نونية ابدع فِي نظمها واتقن فِي مسائلها وَقد شرحها الْمولى الخيالي شرحا لطيفا حسنا وَله نظم آخر من نوع المستزاد وَلَا بَأْس بِذكرِهِ هَهُنَا ... يَا من ملك الانس بلطف الملكات فِي حسن صِفَات حركت جنوني بفنون الحركات يَا جنَّة ذاتي الْعَارِض وَالْخَال واصداغك حفت اطراف محياك وَالْجنَّة كَيفَ احْتَجَبت بالشهوات من كل جِهَات ان ضَاقَ على الوسع عِبَارَات لِسَان لَا عِبْرَة فِيهَا فِي الْقلب نكات كتبت بالعبرات تحكي نكاتي قد سَالَ على بابك انهار دموعي لَيْلًا وَنَهَارًا فالرحم على السَّائِل اولى الْحَسَنَات يَوْم العرصات كرر عدَّة الْوَصْل وَصلهَا بِخِلَاف فالوعد كفاني والصب يرى لذته فِي الفلوات من ذكر فرات ...

وقد نظم قصيدة نونية ايضا وسماها عجالة ليلة او ليلتين ومطلعها هذا لقد زاد الهوى في البعد بيني وبين ابين بعدالمشرقين

.. لَو مر على تربي من جسمك ظلّ يَا مؤنس روحي حياك من الْقَبْر عِظَامِي ورفاتي من بعد وفاتي فِي خطى إِذا نقل من فِيهِ مِثَال يحكيك بلطف من شَاربه الْخضر روى فِي الظُّلُمَات عَن عين حَياتِي ... وَقد نظم قصيدة نونية ايضا وسماها عجالة لَيْلَة اَوْ لَيْلَتَيْنِ ومطلعها هَذَا ... لقد زَاد الْهوى فِي الْبعد بيني ... وَبَين ابين بعدالمشرقين ... وَأرْسل القصيدة الْمَذْكُورَة الى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَلما وصلته القصيدة عرضهَا السُّلْطَان على الْمولى الكوراني واذ نظر الى مطْلعهَا اعْترض عَلَيْهَا بِأَن زَاد لَازم لَا يتَعَدَّى فامره السُّلْطَان ان يكْتب الِاعْتِرَاض على ظهر القصيدة وأرسله الى الْمولى الْمَذْكُور طَالبا للجواب فَكتب الْمولى الْمَزْبُور تَحت الِاعْتِرَاض مجيبا قَوْله تَعَالَى فِي قُلُوبهم مرض فَزَادَهُم الله مَرضا رُوِيَ ان الْمولى مُحَمَّد بن الْحَاج حسن من تلامذة الْمولى الْمَذْكُور قَالَ لما قصّ الاستاذ علينا هَذِه الْقِصَّة قلت لَو كتبت قَوْله تَعَالَى وَإِذا تليت عَلَيْهِم آيَاته زادتهم إِيمَانًا لَكَانَ حسنا ايضا فَاسْتحْسن قولي اسْتِحْسَانًا وَإِنَّمَا سمي قصيدة الْمَزْبُور عجالة لَيْلَة اَوْ لَيْلَتَيْنِ لقَوْله فِي آخر القصيدة ... الا يَا أَيهَا السُّلْطَان نظمي ... عجالة لَيْلَة اَوْ لَيْلَتَيْنِ مَعَ الاشغال فِي أَيَّام درسي ... وَمَا فَارَقت شغلي ساعتين ... وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى شكر الله 4 كَانَ عَالما فَاضلا مشتهرا بِالْفَضْلِ مَقْبُولًا بَين الْخَواص والعوام وَقد ارسله السُّلْطَان مرادخان رَسُولا الى صَاحب قرامان وَكَانَ صَاحب قرامان ارسل اليه الْمولى حَمْزَة اعتذارا عَمَّا وَقع مِنْهُ من سوء الادب وارسل السُّلْطَان الْمولى الْمَزْبُور ليحلفه كي لَا يعود وَكَانَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان يعتني بِشَأْنِهِ اعتناء كثيرا

ومنهم العالم العامل المولى تاج الدين إبراهيم الشهير بابن الخطيب

وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْمولى تَاج الدّين إِبْرَاهِيم الشهير بِابْن الْخَطِيب قرا على الْمولى يكان تمهر عِنْده فِي كل الْعُلُوم وَأَعْطَاهُ السُّلْطَان مرادخان بعض الْمدَارِس ثمَّ اعطاه مدرسة ازنيق وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة وَثَلَاثِينَ درهما وَكَانَ شَيخا فَاضلا صَاحب شيبَة عَظِيمَة وَصَاحب مهابة حكى ابْنه الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد ان مَوْلَانَا يكان لما عافر الى الْحَج وَمر بازنيق استقبله وَالِدي وانزله فِي بَيت عَال وَعمل لَهُ ضِيَافَة عَظِيمَة قَالَ وَكنت حِينَئِذٍ صَغِيرا ثمَّ ذهب بِهِ وَالِدي الى الْحمام فَلَمَّا خرج الْمولى من الْحمام غسل وَالِدي رجلَيْهِ بِالْمَاءِ ثمَّ قبلهمَا وَقَالَ الْمولى يكان بَارك الله لَك مَوْلَانَا تَاج الدّين قَالَ وصوته هَذَا بأذني الان توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي اوائل سلطنة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان ببلدة ازنيق وَدفن بهَا نور الله مرقده وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى حضر شاه اصله من ولَايَة منتشاء قرا فِي بِلَاده بَعْضًا من الْعُلُوم ثمَّ ارتحل الى مصر واشتغل بهَا مِقْدَار خمس عشرَة سنة ثمَّ عَاد الى الرّوم عِنْد نزُول الْمولى عَليّ الطوسي وَاجْتمعَ مَعَه فِي بعض الْمجَالِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة بلاط وَعين لَهُ كل يَوْم خَمْسَة عشر درهما وَدعَاهُ السُّلْطَان مرادخان الى مدرسته الَّتِي بناها بِمَدِينَة بروسه وَعين لَهُ كل يَوْم خمسين درهما فَلم يقبل وَعلل فِي ذَلِك وَقَالَ إِنِّي وزعت خَمْسَة عشر درهما صارفي فَإِذا زَاد عَلَيْهَا يشوش وقتي وَكَانَ لَهُ بُسْتَان فِي بَلْدَة يذهب اليه بعد الدَّرْس ويركب على حِمَاره ويشد قدامه ثَوْبه وَيَضَع عَلَيْهِ كِتَابه ويطالعه ذَهَابًا وإيابا وَكَانَ مشتغلا بِالْعلمِ وَالْعِبَادَة رَاضِيا من الْعَيْش بِالْقَلِيلِ متواضعا متخشعا معرضًا عَن امور الدُّنْيَا توفّي بالبلدة المزبورة فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَله ولدان الاكبر اسْمه درويش مُحَمَّد وستجيء تَرْجَمته والاخر زين الدّين مُحَمَّد وَكَانَ رجلا فَاضلا استقضي بِبَعْض بلادالروم وَتُوفِّي قَاضِيا وَهُوَ فِي سنّ الشَّبَاب رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى مُحَمَّد ابْن قَاضِي اياثلوغ الْمَشْهُور عندالناس بايا ثلوغ جلبيسي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى صَاحب فضل وذكاء وَكَانَ لَهُ قُوَّة طبيعة وجودة قريحة

ومنهم العالم الفاضل علامة زمانه واستاذ اوانه المولى علاء الدين علي الطوسي نور الله تعالى مضجعه

وَكَانَ مشتغلا بِالْعلمِ وَالْعِبَادَة مُنْقَطِعًا عَن الْخَلَائق مُتَوَجها الى تَكْمِيل نَفسه قَرَأَ على الْمولى يكان وَكَانَ مدرسا بمدرسة اغراس وقرا عَلَيْهِ وَهُوَ مدرس بهَا الْمولى خواجه زَاده وَالْمولى إِيَاس وصنف شرح الْمجمع لِابْنِ الساعاتي وَهُوَ تصنيف عَظِيم مُشْتَمل على فَوَائِد جميلَة وَفِيه مؤاخذات كَثِيرَة على شُرُوح الْهِدَايَة وَيذكر فِي آخر كل كتاب مِنْهُ مَا يشذ عَنهُ من الْمسَائِل الْمُتَعَلّقَة بذلك الْكتاب طالعته وَللَّه الْحَمد وانتفعت بِهِ شكر الله تَعَالَى مساعيه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل عَلامَة زَمَانه واستاذ اوانه الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ الطوسي نور الله تَعَالَى مضجعه قرا فِي بلادالعجم على عُلَمَاء عصره وَحصل الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة والنقلية وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم كلهَا وَمهر فِيهَا وفَاق أقرانه ثمَّ أَتَى بِلَاد الرّوم وأكرمه السُّلْطَان مرادخان وَأَعْطَاهُ مدرسة ابيه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان بِمَدِينَة بروسه وَعين لَهُ كل يَوْم خمسين درهما ثمَّ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان لما فتح مَدِينَة قسطنطينية جعل ثَمَانِي من كنائسها مدارس واعطى وَاحِدَة مِنْهَا للْمولى الْمَذْكُور وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم وَأَعْطَاهُ قَرْيَة هِيَ أقرب الْقرى من مَدِينَة قسطنطينية ولقبت تِلْكَ الْقرْيَة بقرية مدرس وَهِي الان مشتهرة بذلك وَأعْطى وَاحِدَة مِنْهَا للْمولى خواجه زَاده وَوَاحِدَة مِنْهَا للْمولى عبد الكريم وَكَذَلِكَ عين لكل من الْبَوَاقِي مدرسا من فضلاء ذَلِك الدَّهْر ثمَّ لما بنى الْمدَارِس الثمان هُنَاكَ نقل التدريس مِنْهَا اليها والموضع الَّذِي عين للْمولى عَليّ الطوسي مشتهر الان بِجَامِع زيرك وَكَانَ وقتئذ حولهَا مِقْدَار اربعين من الحجرات يسكن فِيهَا الطّلبَة وَفِي بعض الايام اتى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان تِلْكَ الْمدرسَة وامر بعض الطّلبَة ان يحضر الْمولى الطوسي فَحَضَرَ فامره ان يدرس عِنْده وان يجلس فِي مَكَانَهُ الْمُعْتَاد فَجَلَسَ الْمولى وَجلسَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فِي جَانِبه الايمن والوزير مَحْمُود باشا مَعَه وأحضر الطّلبَة فقرأوا عَلَيْهِ حَوَاشِي شرح الْعَضُد للسَّيِّد الشريف فانبسط الْمولى لحضور السُّلْطَان فِي مَجْلِسه وَحل من المشكلات والدقائق مَالا يُحْصى وَنشر من الْعُلُوم والمعارف مَا لم تسمعه الاذان فطرب السُّلْطَان مُحَمَّد خَان عندمشاهدة فضائله حَتَّى ي يرْوى انه قَامَ وَقعد من شدَّة طربه فَأمر

للْمولى الْمَذْكُور بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم وخلعة نفيسة سنية واعطى لكل وَاحِد من الطّلبَة خَمْسمِائَة دِرْهَم ثمَّ ذهب وَالْمولى مَعَه الى مدرسة الْمولى عبد الكريم وَلم يتجاسر هُوَ ان يدرس عِنْد الْمولى الْمَزْبُور فعابه السُّلْطَان على ذَلِك ثمَّ انه مر فِي بعض الايام على مدرسة الْمولى خواجه زَاده وَهُوَ متهيء للدرس فَسلم عَلَيْهِ السُّلْطَان وَلم يدْخل الْمدرسَة واوصاه بالاشتغال وَذهب ثمَّ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان اعطى الْمولى الطوسي مدرسة وَالِده السُّلْطَان مرادخان بِمَدِينَة ادرنه وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم وَلما ذهب هُوَ الى بِلَاد الْعَجم بنى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان جنب تِلْكَ الْمدرسَة مدرسة اخرى وَجعل الْمِائَة نِصْفَيْنِ وَعين لكل وَاحِدَة من المدرستين المزبورتين كل يَوْم خمسين درهما ثمَّ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان أَمر الْمولى الْمَزْبُور وَالْمولى خواجه زَاده ان يصنفا كتابا للمحاكمة بَين تهافت الامام الْغَزالِيّ قدس سره والحكماء فَكتب الْمولى خواجه زَاده وأتمه فِي اربعة اشهر وَكتب الْمولى الطوسي وأتمه فِي سِتَّة اشهر وسمى كِتَابه بالذخر وفضلوا كتاب الْمولى خواجه زَاده على كتاب الْمولى الطوسي وَأعْطى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان لكل وَاحِد مِنْهُمَا عشرَة آلَاف دِرْهَم وَزَاد خواجه زَاده خلعة نفيسة كَانَ ذَلِك هُوَ السَّبَب فِي ذهَاب الْمولى الطوسي الى بِلَاد الْعَجم ثمَّ انه لما وصل الى تبريز لَقِي هُنَاكَ الشَّيْخ الالهي كَانَ الشَّيْخ من تلامذة الْمولى الطوسي فَعمل الشَّيْخ لَهُ ضِيَافَة فِي بعض بساتين تبريز وَكَانَ هُنَاكَ مَاء جَار فَقعدَ الْمولى الطوسي عِنْده ونكس رَأسه كالمتفكر فجَاء اليه الشَّيْخ وَقَالَ يَا مَوْلَانَا فيماذا تتفكر قَالَ حصل لي هُنَا خطور خاطر وَذهب عني مَا بِي من تشويش الخاطر بترك بِلَاد الرّوم ومناصبها فانشد الشَّيْخ بَيْتا فارسيا مضمونه ان فرَاغ الخاطر افضل من كل مَا يتَمَنَّى فصاح الْمولى هُنَاكَ وخر مغشيا عَلَيْهِ ثمَّ افاق رَحمَه الله تَعَالَى على حَاله ثمَّ انه ذهب الى مَا وَرَاء النَّهر وَوصل الى خدمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه خواجه عبيد الله وَحصل هُنَاكَ مَا حصل وَوصل الى مَا وصل من المقامات السّنيَّة والمعارف الذوقية وَله رَحمَه الله تَعَالَى حواش على شرح المواقف للسَّيِّد الشريف وحواش على حَاشِيَة شرح الْعَضُد للسيدالشريف ايضا وحواش على التَّلْوِيح لمولانا التَّفْتَازَانِيّ وحواش على

ومنهم العالم العامل الفاضل المولى حمزة القرماني

حَاشِيَة شرح الْكَشَّاف للسَّيِّد الشريف وحواش على حَاشِيَة شرح الْمطَالع للسَّيِّد الشريف ايضا وكل تصانيفه مستحسنة مَقْبُولَة عندالعلماء والفضلاء وَقَالَ بعض الْعلمَاء كنت فِي صغري اقرا على وَاحِد من طلبة الْمولى الطوسي وَكَانَ من اولاد بعض الاكابر وَكَانَ لَهُ فرش ووسائد نفيسة فَدخل الْمولى الطوسي حجرته يَوْمًا وَقَالَ مَا احسن فرشك ووسائدك فَقَالَ ذَلِك الرجل انها عَادَتْ اخلاقا فَقَالَ الْمولى هَذَا يدل على الدولة الْقَدِيمَة قَالَ الرَّاوِي هَذَا اول مَا شَعرت بِهِ من اعْتِبَار المزايا فِي الْكَلَام روح الله روحه وَزَاد فِي أَعلَى غرف جنانه فتوحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْمولى حَمْزَة القرماني قَرَأَ على عُلَمَاء عصره الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَالتَّفْسِير والْحَدِيث وَمهر فِي كل مِنْهَا وَبلغ من الْفَضِيلَة مُنْتَهَاهَا واشتغل بالدرس وَالْفَتْوَى وصنف حَوَاشِي على تَفْسِير الْعَلامَة الْبَيْضَاوِيّ وَهِي حواش مَقْبُولَة عِنْد الْعلمَاء مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى عَلَيْهِ فِي وَطنه فِي اوائل الْمِائَة التَّاسِعَة وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى ابْن التمجيد سَمِعت من الْمولى الْوَالِد انه كَانَ معلما للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان وانه كَانَ رجلا صَالحا صنف حَوَاشِي على التَّفْسِير للعلامة الْبَيْضَاوِيّ ولخصها من حَوَاشِي الْكَشَّاف ورايت لَهُ نظما عَرَبيا وفارسيا وَكَانَ نظما حسنا رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى السَّيِّد عَليّ العجمي حصل الْعُلُوم فِي بِلَاده وَيُقَال انه قَرَأَ على السَّيِّد الشريف ثمَّ اتى بلادالروم فاتى بَلْدَة قسطموني وواليها اذ ذَاك اسمعيل بك فاكرمه غَايَة الاكرام ثمَّ اتى الى مَدِينَة ادرنه فاعطاه السُّلْطَان مرادخان مدرسة جده السُّلْطَان بايزيد خَان بِمَدِينَة بروسه وعاش الى زمن السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَاجْتمعَ عِنْده مَعَ عُلَمَاء زَمَانه وباحث مَعَهم وَظهر فَضله بَينهم وَله من التصانيف حواش على حَاشِيَة شرح الشمسية للسَّيِّد الشريف وحواش على حَاشِيَة شرح الْمطَالع للسَّيِّد الشريف ايضا وحواش على شرح المواقف للسيدالشريف وَكَانَ لَهُ خطّ حسن يَحْكِي وَالِدي انه راى بِخَطِّهِ الْكَشَّاف وَكَانَ ذَلِك الْكتاب من اعلى نسخ الْكَشَّاف لحسن خطه وَصِحَّته توفّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة سِتِّينَ وَثَمَانمِائَة

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى السيد علي القومناني

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى السَّيِّد عَليّ القومناني كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من مَوضِع قريب من بَلْدَة توقات وَكَانَ صَاحب فَضِيلَة فِي الْعُلُوم كلهَا وَكَانَ صَالحا عابدا مُبَارَكًا كثير الْعِبَادَة صنف شرحا للوقاية فِي الْفِقْه وَسَماهُ الْعِنَايَة وصنف ايضا شرحا للزيج الشَّامِل يدل شَرحه للوقاية على فَضله وَكفى بِهِ شرفا وَكَانَ فِي لِسَانه لكنه مَاتَ رَحمَه الله اواخر الْمِائَة الثَّامِنَة نور الله مضجعه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى حسام الدّين وَيعرف بِابْن المداس التوقاتي كَانَ رجلا عَالما صَالحا محبا للْعلم مواظبا على الدَّرْس وَالْعِبَادَة صنف شرحا لمِائَة الشَّيْخ عبد القاهر الْجِرْجَانِيّ وَشَرحه هَذَا مَعَ وجازته مُتَضَمّن لفوائد لَا تكَاد تُوجد فِي الْكتب المبسوطة قرا عَلَيْهِ خَال وَالِدي وَهُوَ الْمولى مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم النكساري وَقَرَأَ وَالِدي على خَاله وقرات انا على وَالِدي اَوْ ان الصِّبَا وانتفعت بِهِ نفعا كثيرا لَهُ تعليقات على حَوَاشِي شرح التَّجْرِيد للسيدالشريف وَله تعليقات ايضا على أَسبَاب قَوس قزَح وَقَالَ فِي أواخرها هَذَا على مَذْهَب الْحُكَمَاء وَأما نَحن ايتها المتشرعة فالاولى بِنَا ان نضرب عَن امثال ذَلِك صفحا على انه قيل ان قزَح اسْم الشَّيْطَان وَالله تَعَالَى اعْلَم هَذَا مَا ذكره روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى الياس بن إِبْرَاهِيم السينابي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى رجلا فَاضلا حَدِيد الطَّبْع شديدالذكاء سريع الفطنة مشار كَافِي الْعُلُوم كلهَا ومشتغلا بالعلوم غَايَة الِاشْتِغَال صنف شرحا للفقه الاكبر تصنيفا لطيفا جدا طالعته وانتفعت بِهِ وَله رِسَالَة مُتَعَلقَة بتفسير بعض الايات أظهر فِيهَا حذاقته فِي علم التَّفْسِير ايضا وَله حواش على شرح الْمَقَاصِد للسعد التَّفْتَازَانِيّ وَهِي حَاشِيَة لَطِيفَة جدا رَأَيْتهَا بِخَطِّهِ وَكَانَ خطه حسنا جدا وَكَانَ سريع الْكِتَابَة سَمِعت من وَالِدي انه كتب مُخْتَصر الْقَدُورِيّ فِي الْفِقْه فِي يَوْم وَاحِد وَكتب حَوَاشِي شرح الشمسية للسَّيِّد الشريف فِي لَيْلَة وَاحِدَة وَكَانَ خَفِيف الرّوح كثير المزاح لطيف الطَّبْع صَار مدرسا بسلطانية بروسه وَتُوفِّي وَهُوَ مدرس بهَا روح الله روحه

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى الياس بن يحيى بن حمزة الرومي

وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى الياس بن يحيى بن حَمْزَة الرُّومِي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مدرسا وقاضيا ومفتيا بمرزيفون اخذ الْفِقْه عَن الشَّيْخ الْكَبِير السالك مسالك اهل الْحَقِيقَة صَاحب فصل الْخطاب والفصول السِّتَّة وَغَيرهمَا مَوْلَانَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن محمودالحافظ البُخَارِيّ المشتهر بخواجه مُحَمَّد بارسا وَأخذ الخواجه عَن قدوة الورى بَقِيَّة أَعْلَام الْهدى الشَّيْخ حَافظ الْحق وَالدّين ابي طَاهِر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْحسن بن عَليّ الطاهري اعلى الله تَعَالَى دَرَجَته وَهُوَ أَخذ من الشَّيْخ الامام مَوْلَانَا صدرالشريعة عبيد الله بن مَحْمُود بن مُحَمَّد البرهاني تغمده الله تَعَالَى بغفرانه وَقع الاجازة عَن صدر الشَّرِيعَة للشَّيْخ ابي طَاهِر فِي ذِي الْقعدَة سنة خمس واربعين وَسَبْعمائة فِي بُخَارى وَعَن الشَّيْخ أبي طَاهِر خواجة فِي آخر شعْبَان سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فِي بُخَارى وَقَالَ خواجه فِي تِلْكَ السّنة أكملت عشْرين وَمن خواجه لمولانا الياس فِي يَوْم الْجُمُعَة الْحَادِي وَالْعِشْرين من شعْبَان الْمُعظم سنة احدى وَعشْرين وَثَمَانمِائَة ببخارى روح الله تَعَالَى أَرْوَاحهم وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى مُحَمَّد بن قَاضِي ميناس الشهير بِابْن ميناس قرا على عُلَمَاء عصره وبرع فِي الْعُلُوم كلهَا وَصَارَ مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس بادرنه وَكَانَ مطلعا على غرائب الْعُلُوم وعجائبها وَكَانَ فَقِيها متكلما اصوليا عَارِفًا بالتفسير والْحَدِيث وَله حواش على شرح العقائد للعلامة التَّفْتَازَانِيّ وَله كتاب الغرائب والعجائب اورد فِيهِ علم الطلسمات والنيرنجات وَأورد فِيهِ من الغرائب والعجائب مَالا يُوجد فِي الْكتب روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ القوجحصاري قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ ارتحل الى بِلَاد الْعَجم وقرا هُنَاكَ على الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ اَوْ السَّيِّد الشريف ثمَّ اتى بِلَاد الرّوم وفوض اليه تدريس بعض الْمدَارِس وصنف حَاشِيَة على شرح الْمِفْتَاح للعلامة التَّفْتَازَانِيّ وَهِي حَاشِيَة مَقْبُولَة اورد فِيهَا تحقيقات كَثِيرَة وَيفهم من تِلْكَ الْحَاشِيَة ان لَهُ مهارة تَامَّة فِي الْعُلُوم الْعَرَبيَّة ورح الله تَعَالَى روحه

ومنهم العالم العامل المولى المشتهر بقاضي بلاط

وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْمولى المشتهر بقاضي بلاط كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا متورعا زاهدا صنف حَوَاشِي على ضوء الْمِصْبَاح فِي النَّحْو وَهِي حَاشِيَة مَقْبُولَة بَين النَّاس اجاد فِيهَا كل الاجادة رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْمولى الْعَالم الْفَاضِل الْفَقِيه بخشايش كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى رجلا صَالحا مبارك النَّفس شتغلا بالعلوم وَرَأَيْت لَهُ بَعْضًا من الرسائل صنفها لاجل السُّلْطَان مرادخان رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى مُحَمَّد بن قطب الدّين الازنيقي قدس الله تَعَالَى سره الْعَزِيز قَرَأَ على الْمولى الفناري الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة والعقلية وتمهر فِيهَا وفَاق اقرانه ثمَّ سلك مَسْلَك التصوف وَحصل طَريقَة الصُّوفِيَّة وَجمع بَين الشَّرِيعَة والطريقة والحقيقة ورايت لَهُ كَلِمَات على حَوَاشِي بعض الْكتب وتيقنت مِنْهَا انه كَانَ على جَانب عَظِيم من الْفضل صنف شرحا لمفتاح الْغَيْب للشَّيْخ صدر الدّين القونوي قدس سره وَهُوَ شرح نَفِيس اورد فِيهِ لطائف على وَجه الِاقْتِصَار محترزا عَن الاطناب والاخلال نفعا للمبتدئين وَشرح استاذه الْمولى الفناري فِي غَايَة الاطناب لاينتفع بِهِ الا المنتهي وصنف ايضا شرحا للنصوص للشَّيْخ صدر الدّين القونوي ايضا مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى فتح الله الشيرواني رَحمَه الله تَعَالَى قَرَأَ الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة والشرعية على السَّيِّد الشريف وقرا الْعُلُوم الرياضية على قَاضِي زَاده الرُّومِي بسمرقند ثمَّ أَتَى بلادالروم وتوطن ببلدة قسطموني فِي ايام لاية الامير اسمعيل بك فقرا عَلَيْهِ هُنَاكَ خَال وَالِدي الْمولى محمدالنكساري كتاب التَّلْوِيح وَشرح المواقف وقرا عَلَيْهِ ايضا شرح اشكال التأسيس وَشرح الجغمني كِلَاهُمَا من تصانيف الْمولى قَاضِي زَاده الرُّومِي وافاده كَمَا سَمعه من الشَّارِح فاقراهما الْمولى مُحَمَّد النكساري للْمولى الْوَالِد كَمَا سَمعه من الْمولى فتح الله فأقراهما الْمولى الْوَالِد لهَذَا العَبْد الضَّعِيف كَمَا سَمعه من خَاله وللمولى فتح الله الشيرواني حَاشِيَة على الهيات شرح المواقف وَله ايضا تعليقات على شرح الجغمني لقَاضِي

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى شجاع الدين الياس الشهير بمفرد شجاع

زَاده الرُّومِي وَله ايضا تعليقات على اوائل شرح المواقف مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي الْبَلدة المزبورة فِي أَوَائِل سلطنة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَدفن بهَا نور الله تَعَالَى مضجعه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى شُجَاع الدّين الياس الشهير بمفرد شُجَاع وَقد يلقب بشيخ اسكوب صَار مدرسا باسحاقية اسكوب مُدَّة اربعين سنة وَكَانَ عَالما محققا مدققا فَاضلا كَامِلا مجاب الدعْوَة وَسمعت من الْمولى ركن الدّين ابْن الْمولى زيرك انه قَالَ ان وَالِدي قَرَأَ على الشَّيْخ الْمَزْبُور مُدَّة كَبِيرَة وَحكى عَن وَالِده انه كَانَ مَقْبُول الدعْوَة يلبس الثِّيَاب الخشنة على زِيّ الصُّوفِيَّة نور الله مرقده وَفِي غرف الْجنان ارقده وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى الياس الْحَنَفِيّ كَانَ رَحْمَة الله تَعَالَى عَلَيْهِ عَالما بالعلوم الْعَقْلِيَّة والنقلية متمهرا فِي الْفِقْه والعربية جَامعا بَين الْعلم والتصوف وَلم اطلع من احواله على أَكثر مِمَّا ذكرت روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى سُلَيْمَان جلبي ابْن الْوَزير خَلِيل باشا كَانَ ابوه وزيرا للسُّلْطَان مرادخان كَانَ هُوَ قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور فِي زمن وَالِده وَكَانَ رجلا عَالما فَاضلا ذَا مَنَاقِب جليلة مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي حَيَاة وَالِده روح الله روحه وَمن الْمَشَايِخ فِي زَمَانه الشَّيْخ المجذوب آق بيق كَانَ من اصحاب الشَّيْخ الْحَاج بيرام وَفتحت لَهُ فِي أثْنَاء الْخلْوَة ابواب الدُّنْيَا وقنع بهَا فنصح لَهُ الشَّيْخ وَقَالَ الدِّينَا فانية وَلَا بُد من طلب الْبَاقِي وَقَالَ آق بيق الدُّنْيَا مزرعة الاخرة وَبهَا يفتح ابواب الْجنَّة وَانْصَرف عَن الشَّيْخ فَقَالَ الشَّيْخ اذن لَا يصحبك مني شَيْء وَلما اراد الْخُرُوج من الزاوية سقط التَّاج عَن رَأسه وَعرف انه من جِهَة الشَّيْخ فَبَقيَ حاسر الراس الى آخر عمره وَكَانَ يُرْسل شعره وَلَا يحلقه وَانْفَتح لَهُ ابواب الدُّنْيَا وَكَانَ يلقِي الصَّفْرَاء والبيضاء فِي زَاوِيَة من بَيته وَلَا يلْتَفت الى حفظهَا وينفقها على الْفُقَرَاء والمحاويج وَاشْترى دَارا عَظِيمَة فِي مَدِينَة بروسه وَتوسع فِي النَّفَقَات وَكَانَ صَاحب كشف وكرامات وَكَانَ سكره يغلب على صحوه حكى الْمولى الْوَالِد انه كَانَ لَهُ ولد مَكْشُوف الرَّأْس وشعره مُرْسل وَكَانَ

ومنهم العالم العارف بالله الشيخ محمد الشهير بابن الكاتب

يقْرَأ بِهَذَا الزي على الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ الْعَرَبِيّ مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى بِمَدِينَة بروسه وَدفن بهَا وقبره مَشْهُور هُنَاكَ قدس الله سره وَمِنْهُم الْعَالم الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ مُحَمَّد الشهير بِابْن الْكَاتِب كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من خلفاء الشَّيْخ الْحَاج بيرام قدس الله سره وتوطن فِي مَدِينَة كليبولي مُتَوَجها الى الْحق مُنْقَطِعًا عَن الْخلق ونظم كتابا بالتركية سَمَّاهُ بالمحمدية ذكر فِيهِ من مبدأ الْعَالم الى وَفَاة نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأورد فِيهِ مَا ذكر فِي التفاسير والاحاديث والاثار الصَّحِيحَة وَرُبمَا يمزجه بمعارف الصُّوفِيَّة وَهُوَ كتاب حسن يعْتَمد عَلَيْهِ فِي نَقله وَله شرح لفصوص ابْن الْعَرَبِيّ شَرحه على سَبِيل الاجمال وَلم يتَعَرَّض لتأويل مشكلاته وَله كرامات ظَاهِرَة وباطنة تعرف احواله من كِتَابه الْمَزْبُور وقبره بِالْمَدِينَةِ المزبورة نور الله تَعَالَى مضجعه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ احْمَد بن الْكَاتِب اخو الشَّيْخ مُحَمَّد الْمَذْكُور انفا وَهُوَ مَشْهُور بِأَحْمَد بيجان وَله كتاب مُسَمّى بانوار العاشقين وكراماته ومقاماته ظَاهِرَة من الْكتاب الْمَذْكُور وَهُوَ ايضا متوطن بِمَدِينَة كليبولي وقبره هُنَاكَ رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الْمولى شَيْخي الشَّاعِر كَانَ من بِلَاد كرميان وَتعلم فِي شبابه عنداحمدي الشَّاعِر ثمَّ قرا على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الْحَاج بيرام وَحصل عِنْده الطَّرِيقَة الصُّوفِيَّة ثمَّ تقاعد فِي وَطنه قَرِيبا من كوتاهيه وَكَانَ قَبره بهَا وَقد زرته وشاهدت فِيهِ انسا عَظِيما نظم شعرًا كثيرا بالتركية ونظم قصَّة كسْرَى ابرويز بالتركية وَهُوَ ونظم مَقْبُول عِنْد أهل اللِّسَان وَلم يُوجد لَهُ قرين الى الان كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى على زِيّ الْفُقَرَاء وَكَانَ دميم الْخلقَة عليل الْعَينَيْنِ وَلَقَد رَآهُ استاذي الْمولى عَلَاء الدّين وَهُوَ قد حكى كَذَلِك وَحكى ايضا انه كَانَ يصنع الاكحال وَيبِيع للطالبين فَاشْترى مِنْهُ اُحْدُ يَوْمًا كحلا بدرهم وَرَأى المُشْتَرِي ان عَيْنَيْهِ عليلة فاعطاه دِرْهَمَيْنِ فَقَالَ هَذَا ثمن كحلك وَهَذَا الاخر لَك اشْتَرِ بِهِ انت ايضا كحلا وكحل

ومنهم العارف بالله تعالى الشيخ مصلح الدين المشتهر بامام الدباغين بمدينة ادرنه

بِهِ عَيْنَيْك فَاسْتحْسن الْمولى شَيْخي هَذَا الْكَلَام وَكَانَ كثيرا مَا يذكرهُ ويضحك مِنْهُ روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ مصلح الدّين المشتهر بامام الدباغين بِمَدِينَة ادرنه كَانَ قدس سره عَارِفًا بِاللَّه تَعَالَى وَصِفَاته عَالما بالعلوم الظَّاهِرَة وَكَانَ جبلا من جبال الشَّرِيعَة وبحر من بحار الْحَقِيقَة وَقد شهد لَهُ الشَّيْخ عبد اللطيف الْمَقْدِسِي بِأَنَّهُ بَحر من بحار الْحَقِيقَة وَكَانَ رجلا دَائِم الِاسْتِغْرَاق مهيبا دَائِم الفكرة يحْكى انه كَانَ يُصَلِّي كل لَيْلَة مائَة رَكْعَة يجددالوضوء بعد كل رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى بِمَدِينَة ادرنه وقبره مَشْهُور هُنَاكَ يزار ويتبرك بِهِ قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ بيري خَليفَة الْحميدِي كَانَ قد تزوج بنت شيخ الاسلام المتوطن بقصبة اكروير وَكَانَ يدرس الْكتب الْمُعْتَبرَة للطلبة وَلما دخل الشَّيْخ عبد اللطيف الْمَقْدِسِي بَلْدَة قونية زَارَهُ الشَّيْخ الْمَذْكُور وأناب عِنْده وَتَابَ على يَده وَأقَام بخدمته ثمَّ رَجَعَ بِإِذْنِهِ الى وَطنه وَكَانَ عَالما مَشْهُورا بِالْفَضْلِ فِي الْعُلُوم الظَّاهِرَة ومكملا فِي الطَّرِيق الصُّوفِيَّة ومكملا للمسترشدين من الصُّوفِيَّة وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ جَامعا بَين الشَّرِيعَة والطريقة والحقيقة قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ تَاج الدّين إِبْرَاهِيم بن بخشى فَقِيه كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من ولَايَة منوغاذ وَكَانَ من جملَة الطّلبَة المشتغلين بالعلوم الظَّاهِرَة عندالشيخ بيري خَليفَة الْحميدِي الْمَذْكُور آنِفا وَلما زار هُوَ الشَّيْخ عبد اللطيف الْمَقْدِسِي بقونية ذهب الشَّيْخ تَاج الدّين مَعَه وَلما رَجَعَ هُوَ الى وَطنه قَالَ لَهُ الشَّيْخ عبد اللطيف خل الشَّيْخ تَاج الدّين عِنْدِي وَلما وصل الشَّيْخ عبد اللطيف الى بروسه كَانَ الشَّيْخ تَاج الدّين فِي خدمته واختلى عِنْده الخلوات وَحصل طَريقَة التصوف حَتَّى بلغ رُتْبَة الارشاد وَلما مَاتَ الشَّيْخ عبد اللطيف الْمَقْدِسِي ببروسه أَقَامَ مقَامه لارشاد الطالبين فاهتم فِي ارشادهم غَايَة الاهتمام وَاجْتمعَ عَلَيْهِ كثير من الطلاب وَوصل كل مِنْهُم الى متمناه وَحكي عَن بعض خُدَّامه انه قَالَ

كان من ولاية قراسي ولد في مدينة بالي كسرى وصحب الشيخ العارف بالله السيد محمد بن علي الحسيني المشهور بالسيد البخاري المدفون بمدينة بروسه ولما مرض السيد البخاري التمسوا منه ان يعين مقامه لاجل الارشاد واحدا من اصحابه فقال إذا مت اذهبوا الى الرجل الفلاني

قسمت اللَّيْلَة للطالبين المجتمعين عِنْده مائَة وَعشْرين قَصْعَة من الطَّعَام وَحكي عَن بعض اصحابه انه قَالَ فَقدنَا الشَّيْخ مُدَّة فاجتهدنا فِي طلبه فوجدناه على جبل مَدِينَة بروسا مشتغلا بالرياضة وَذَلِكَ الْموضع الان مصطاف اهل زاويته وَقد بنى رجل يدعى بخواجه رستم هُنَاكَ حجرات للطالبين من الصُّوفِيَّة وَأما زَاوِيَة الشَّيْخ عبد اللطيف ومسجده فِي مَدِينَة بروسه فَإِنَّمَا هما لرجل من تجار الْعَجم من احباء الشَّيْخ عبد اللَّطِيف يدعى بخواجه بخشايش مَاتَ قدس سره فِي شهر صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن عِنْد شَيْخه عبد اللطيف تَحت قبَّة مَبْنِيَّة عِنْد زاويته بِالْمَدِينَةِ المزبورة وَقَالَ المؤرخ فِي تَارِيخ وَفَاته ... انْتقل الشَّيْخ وتاريخه ... قدسك الله بسر رفيع ... وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى حسن خواجه كَانَ من ولَايَة قراسي ولد فِي مَدِينَة بالي كسْرَى وَصَحب الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه السَّيِّد مُحَمَّد بن عَليّ الْحُسَيْنِي الْمَشْهُور بالسيد البُخَارِيّ المدفون بِمَدِينَة بروسه وَلما مرض السَّيِّد البُخَارِيّ التمسوا مِنْهُ ان يعين مقَامه لاجل الارشاد وَاحِدًا من اصحابه فَقَالَ إِذا مت اذْهَبُوا الى الرجل الْفُلَانِيّ المجذوب السَّاكِن بِالْمَدِينَةِ المزبورة حَتَّى يعين وَاحِدًا من اصحابي للارشاد وَلما توفّي قدس سره ذهبت اصحابه الى المجذوب المزبورفتكلموا فِيمَا ذَهَبُوا لاجله من مصلحَة التَّعْيِين فَغَضب عَلَيْهِم المجذوب وطردهم من عِنْده ثمَّ ذَهَبُوا اليه ثَانِيًا وَذكروا عِنْده وَصِيَّة السَّيِّد البُخَارِيّ فَقبل المجذوب وَصيته وَقَالَ لَهُم انْظُرُوا الى الْعَرْش فنظروا فَإِذا السَّيِّد البُخَارِيّ جَالس فِيهِ وَعِنْده حسن خواجه الْمَزْبُور فعرفوا بِهَذِهِ الاشارة انه الْخَلِيفَة من بعد السَّيِّد الْمَذْكُور وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما عَارِفًا تقيا نقيا زاهدا متورعا قَائِما لمصْلحَة الارشاد وَمضى عمره على الْعِبَادَة وَالطَّاعَة قدس سره وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى ولي شمس الدّين من خلفاء حسن خواجه الْمَزْبُور

الطبقة السابعة

كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما زاهدا ورعا تقيا نقيا يعظ النَّاس وَيذكرهُمْ وانتفع بِهِ الاكثرون وَرَأَيْت بِخَطِّهِ مَجْمُوعَة جمع فِيهَا من لطائف التَّنْزِيل ودقائق الحَدِيث وكلمات اهل الْعرْفَان مَالا يُحْصى كَثْرَة ووقفت بِتِلْكَ الْمَجْمُوعَة على ان لَهُ اطلاعا عَظِيما على المعارف وان لَهُ يدا طولى فِي التَّفْسِير والْحَدِيث قدس الله سره الطَّبَقَة السَّابِعَة فِي عُلَمَاء دولة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان ابْن السُّلْطَان مُرَاد خَان طيب الله ثراهما بُويِعَ لَهُ بالسلطنة بعد وَفَاة ابيه فِي سنة خمس وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَقد كَانَ السُّلْطَان مرادخان قبل وَفَاته بعدة سِنِين ترك السلطنة وَذهب الى بَلَده مغنيسا وأجلس ابْنه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان مَكَانَهُ ثمَّ نَدم على ذَلِك لامور يطول شرحها فارسل ابْنه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان مَكَانَهُ بمغنيسا وَجلسَ هُوَ مَكَانَهُ الى ان مَاتَ ثمَّ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان لما جلس على سَرِير السلطنة اولا جعل الْمولى حشرو قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور فَلَمَّا عزل عَن السلطنة تَركه اركان السلطنة بأجمعهم وَلم يتْركهُ الْمولى خسرو فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان اذْهَبْ انت ايضا مَعَهم فَقَالَ لَا أذهب ان من المروأة ان يُشَارك الرجل صَاحبه فِي الدولة والعزل فَأَحبهُ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان لهَذَا الْكَلَام محبَّة عَظِيمَة حَتَّى اكرمه فِي أَيَّام سلطنته الثَّانِيَة اكراما عَظِيما وَعين لَهُ مناصب عالية وعاش فِي ابهة وجلالة وَهُوَ مُحَمَّد بن قرامرز كَانَ وَالِده من أُمَرَاء التراكمة وَكَانَ هُوَ رومي الاصل ثمَّ اسْلَمْ وَكَانَ لَهُ بنت زَوجهَا من أَمِير آخر يُسمى بخسرو وَابْنه مُحَمَّد كَانَ فِي حجر خسرو بعد وَفَاة ابيه فاشتهر بِأَخ زَوْجَة خسرو ثمَّ غلب عَلَيْهِ اسْم خسرو واخذ الْعُلُوم عَن مَوْلَانَا برهَان الدّين حيدر الْهَرَوِيّ الْمُفْتِي فِي الْبِلَاد الرومية ثمَّ صَار مدرسا بِمَدِينَة ادرنه فِي مدرسة يُقَال لَهَا مدرسة شاه ملك وَكَانَ لَهُ اخ مدرس بِالْمَدْرَسَةِ الحلبية وَكَانَ جدي يقْرَأ عِنْده وَلما توفّي هُوَ هُنَاكَ ارسل الْمولى خسرو جدي المرحوم الى الْمولى يُوسُف بالي ابْن الْمولى شمس الدّين الْغِفَارِيّ وَهُوَ مدرس وقتئذ فِي مدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ ان الْمولى خسرو كتب فِي الْمدرسَة المزبورة حَوَاشِي على المطول وَاتفقَ ان جَاءَ السَّيِّد احْمَد القريمي وارسل حَوَاشِيه اليه لينْظر

فِيهَا فَكتب هُوَ على حَاشِيَة تِلْكَ الْحَوَاشِي كَلِمَات يرد فِيهَا على الْمولى خسرو فَصنعَ الْمولى خسرو طَعَاما ودعا الْمولى القريمي الى بَيته للضيافة وَجمع عُلَمَاء بَلَده ايضا ثمَّ احضر حَوَاشِيه وَقرر كَلِمَات الْمولى القريمي وَقرر اجوبته عَنْهَا فَسلم الْمولى القريمي اجوبته بِمحضر من الْعلمَاء وَاعْتذر عَمَّا فعله ثمَّ ان الْمولى خسرو صَار مدرسا بمدرسة اخيه بعد وَفَاته ثمَّ صَار قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور وَلما جلس السُّلْطَان مُحَمَّد خَان على سَرِير السلطنة ثَانِيًا جعل لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم وَلما فتح قسطنطينية جعل الْمولى حضر بك قَاضِيا فِيهَا وَلما مَاتَ هُوَ اعطى قَضَاء قسطنطينية مَعَ خواصها وَقَضَاء غلطه وَقَضَاء اسكدار لمولانا خسرو وَضم اليها تدريس مدرسة اياصوفية كَانَ يذهب طلبته باجمعهم الى بَيته وَقت الضحوة ويتغدون عِنْده ثمَّ يركب الْمولى الْمَذْكُور بغلته وَيَمْشي الطّلبَة قدامه الى الْمدرسَة ثمَّ ينزل الْمولى فيدرس ثمَّ يَمْشُونَ قدامه الى بَيته وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مَرْبُوع الْقَامَة عَظِيم اللِّحْيَة وَكَانَ يلبس الثِّيَاب الدنيئة وعَلى ر أسه تَاج عَلَيْهِ عِمَامَة صَغِيرَة فَإِذا دخل يَوْم الْجُمُعَة جَامع ايا صوفية يقوم لَهُ من فِي الْجَامِع كلهم ويطرقون لَهُ الى الْمِحْرَاب وَيُصلي عندالمحراب وَالسُّلْطَان مُحَمَّد خَان ينظر من مَكَانَهُ ويفتخر بِهِ وَيَقُول لوزرائه انْظُرُوا هَذَا ابو حنيفَة زَمَانه وَكَانَ متخشعا متواضعا صَاحب اخلاق حميدة وَصَاحب سُكُون ووقار وَكَانَ يخْدم فِي بَيت مطالعته بِنَفسِهِ وَقد كَانَ عهد ذَلِك مَعَ مَا لَهُ من العبيد والجواري بِحَيْثُ لَا يُحصونَ كَثْرَة وَكَانَ يكنس بِنَفسِهِ بَيت مطالعته يُوقد فِيهِ نَارا وسراجا وَكَانَ مَعَ مَاله من أشغال الْقَضَاء والتدريس يكْتب كل يَوْم ورقتين من كتب السّلف وَكَانَ لَهُ خطّ حسن وَخلف بعد مَوته كتبا كَثِيرَة بِخَطِّهِ وَوجد فِيهَا نسختان بِخَطِّهِ من شرح المواقف للسَّيِّد الشريف واشتراهما بعض من عُلَمَاء هَذِه الديار بِسِتَّة الاف دِرْهَم ثمَّ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان اتخذ وَلِيمَة عَظِيمَة فِي ذَلِك الْعَصْر فارسل الى الْمولى الكوراني واستاذنه فِي أَيْن يجلس فَقَالَ الاليق بالكوراني ان يخْدم فِي هَذِه الْوَلِيمَة وَلَا يجلس فَوَقع هَذَا الْكَلَام فِي خاطر السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فعين لَهُ جَانب الْيَمين وَعين جَانب الْيَسَار لمولانا خسرو وَلم يرض بذلك الْمولى خسرو فَكتب كتابا وَقَالَ فِيهِ ان

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى خير الدين خليل بن قاسم ابن الحاج صفا روح الله روحه وأوفر في الجنان فتوحه

الْغيرَة العلمية والدينية اقْتَضَت ان لَا احضر ذَلِك الْمجْلس فارسل الْكتاب الى الدِّيوَان العالي وَركب هُوَ فِي السَّفِينَة وَذهب الى بروسه وَبنى هُنَاكَ مدرسة ودرس فِيهَا وَبعد زمَان نَدم السُّلْطَان مُحَمَّد خَان على مَا فعله وَدعَاهُ الى مَدِينَة قسطنطينية فامتثل امْرَهْ واعطاه منصب الْفَتْوَى وأكرمه اكراما بَالغا وَله مَسَاجِد بناها فِي عدَّة مَوَاضِع من قسطنطينية وَمن مصنفاته حَوَاشِي شرح المطول وَقد مر ذكره وحواشي التَّلْوِيح وحواش على اوائل تَفْسِير الْعَلامَة الْبَيْضَاوِيّ وَله متن فِي الاصول يُسمى بمرقاة الْوُصُول وَشَرحه شرحا لطيفا جَامعا لفوائد الْمُتَقَدِّمين مَعَ زَوَائِد أبدعها خاطره الشريف سَمَّاهُ مرآه الْأُصُول وَله متن فِي الْفِقْه سَمَّاهُ بالغرر وَشَرحه شرحا حسنا جَامعا متضمنا للطائف وَسَماهُ بالدرر وَله رِسَالَة فِي الْوَلَاء ورسالة مُتَعَلقَة بتفسير سُورَة الانعام وَغير ذَلِك مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة خمس وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة بقسطنطينية وَحمل الى مَدِينَة بروسه وَدفن فِي مدرسته روح الله تَعَالَى روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى خير الدّين خَلِيل بن قَاسم ابْن الْحَاج صفا روح الله روحه وأوفر فِي الْجنان فتوحه هُوَ جدي لوالدي كَانَ جده الاعلى اتى من بِلَاد الْعَجم الى بلادالروم هَارِبا من فتْنَة جنكيز خَان وتوطن فِي نواحي قسطموني وَكَانَ صَاحب كرامات ويستجاب عِنْد قَبره الدَّعْوَات وَهُوَ مَشْهُور بِتِلْكَ الْبِلَاد ولد لَهُ ولد اسْمه مَحْمُود وَهُوَ حصل شَيْئا من الفقاهة والعربية وَلم يترق الى دَرَجَة الْفَضِيلَة وَولد لَهُ ولد اسْمه احْمَد وَهُوَ ايضا كَانَ عَارِفًا بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْفِقْه وَلم يبلغ مبلغ الْفَضِيلَة وَولد لَهُ ولد اسْمه الْحَاج صفا وَهُوَ ايضا كَانَ فَقِيها وعابدا صَالحا وَلم يكن لَهُ فَضِيلَة زَائِدَة وَولد لَهُ ولد اسْمه قَاسم مَاتَ وَهُوَ شَاب فِي طلب الْعلم وَولد لَهُ ولد اسْمه خَلِيل وَهُوَ جدي مَوْلَانَا خير الدّين وَهُوَ قد بلغ مرتبَة الْفضل قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي بِلَاده مباني الْعُلُوم ثمَّ سَافر الى مَدِينَة بروسا وقرا هُنَاكَ على الْمولى ابْن بشير الْمَار ذكره ثمَّ سَافر الى ادرنه وَقَرَأَ هُنَاكَ على أخي مَوْلَانَا خسرو وَقَرَأَ التَّفْسِير والْحَدِيث على الْمولى فَخر الدّين العجمي ثمَّ اتى مَدِينَة بروسه وقرا على الْمولى يُوسُف بالي ابْن الْمولى شمس الدّين الفناري وَهُوَ مدرس بسلطانية بروسه ثمَّ وصل الى خدمَة

الْمولى الْفَاضِل مُحَمَّد الشهير بيكان واشتهر عِنْده بالفضيلة التَّامَّة وَكَانَ الامير وقتئذ على قسطموني اسمعيل بك نجل الامير جندار وَاتفقَ ان اكمل فِي ذَلِك الْوَقْت مدرسة مظفر الدّين الْوَاقِعَة فِي بَلْدَة طاشكبري من نواحي قسطموني فارسل الامير اسمعيل الى الْمولى يكان وَالْتمس مِنْهُ ان يُرْسل اليه وَاحِدًا من طلبته لتدريس الْمدرسَة المزبورة فَأرْسل الْمولى الْمَزْبُور جدي وَعين كل يَوْم لَهُ ثَلَاثِينَ درهما لوظيفة التدريس وَعين لَهُ كل يَوْم خمسين درهما من محصول كرة النّحاس وعاش هُنَاكَ فِي نعْمَة وافرة وَعزة متكاثرة ثمَّ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان لما اخذ تِلْكَ الْبِلَاد من يَد اسمعيل بك الْمَذْكُور فرغ جدي عماعين لَهُ من محصول كرة النّحاس تورعا لمداخلة بعض الْبدع عَلَيْهَا وَلما بنى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الْمدَارِس الثمان بقسطنطينية ذكر الْمولى خير الدّين الَّذِي كَانَ معلما للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان جدي المرحوم لتدريس احدى الثمان ومدحه عِنْده وَكَانَ قد قَرَأَ على جدي فارسل اليه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان امرا ليجيء الى قسطنطينية ويدرس فِي احدى الْمدَارِس الثمان فَلم يمتثل جدي امْرَهْ فَعَزله السُّلْطَان مُحَمَّد خَان عَن الْمدرسَة الْمَذْكُورَة وَقَالَ إِذا جَاءَ لطلب المنصب اكرهه على الْمقَام بقسطنيطنية فَلم يذهب جدي وَقَالَ بعض اغنياء اهل الْبَلدة لَعَلَّه لَيْسَ للْمولى مَال يَسْتَعِين بِهِ على السّفر ويستحيي ان يسْأَل وأفرز ذَلِك الْبَعْض عَن مَاله عشرَة آلَاف دِرْهَم وأتى بهَا الى جدي وَقَالَ اسْتَعِنْ بهَا على السّفر فَلم يقبل وَقَالَ لَا يَلِيق بِي ان اتوجه الى غير بَاب الله تَعَالَى بعد هَذَا كَانَ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله يَقُول كَانَ معاشنا بعد هَذَا الْعَزْل اوسع وأرغد مِمَّا كَانَ فِي أَيَّام المنصب قَالَ ثمَّ ان اهالي كرة النّحاس اتوا اليه وأخذوه الى كرة النّحاس بعد تضرع كثير وابرام وافر وَكَانَ يعظ النَّاس فِي كل يَوْم جُمُعَة وَمَات هُنَاكَ وَدفن عِنْد الْجَامِع فِي سنة تسع وَسبعين وَثَمَانمِائَة قَالَ الْمولى الْوَالِد كَانَ وَالِدي رَحمَه الله تَعَالَى مدرسا فِي الْمدرسَة المزبورة مُدَّة اربعين سنة وَكَانَ مشتهرا بعلمي البلاغة وَكَانَ لَهُ معرفَة تَامَّة بالاصولين وَالْفِقْه وَالتَّفْسِير والْحَدِيث وَكَانَ متشرعا متورعا طَاهِر الظَّاهِر وَالْبَاطِن متحرزا عَن اللَّغْو وفضول الْكَلَام وَكَانَ يكثر الِاعْتِكَاف فِي الْمَسْجِد وتلاوة الْقُرْآن وَصَوْم

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى محمد الشهير بزيرك

التَّطَوُّع ونوافل الصَّلَاة حكى لي مَوْلَانَا مُحَمَّد بن قَاسم الشهير بِابْن الْخَطِيب قَاسم عَن رجل صوفي اسْمه عَليّ من خلفاء الشَّيْخ عبد الرحيم المرزيفوني ان الشَّيْخ عبد الرحيم اتى مَدِينَة قسطنطينية قبل الْفَتْح على حمَار وَأَنا أَمْشِي قدامه ودخلها وباحث هُنَاكَ مَعَ بعض الرهابين الساكنين فِي أيا صوفية حَتَّى أسلم مِنْهُم مِقْدَار اربعين رجلا اخفوا اسلامهم خوفًا من طاغيتهم يرْوى انه وجد مِنْهُم سِتَّة أنفس عِنْد الْفَتْح وَلما رَجَعَ الشَّيْخ الْمَذْكُور من مَدِينَة قسطنطينية مر على بَلْدَة طاشكبري وَقَالَ للخادم الْمَذْكُور ان هَهُنَا مدرسا عَالما متورعا متشرعا يجب علينا زيارته قَالَ فَلَمَّا وصلنا الى بَابه قَالُوا انه فِي الْمَسْجِد فَذهب الشَّيْخ الى الْمَسْجِد وَلما وصل الى بَاب الْمَسْجِد قَالَ للخادم الْمَذْكُور يَا عَليّ خُذ هَذَا الْخَاتم واشار الى خَاتم فِي اصبعه ان هَذَا رجل عَالم متشرع اخاف ان يُنكر عَليّ لاجله ثمَّ ان الشَّيْخ دخل عَلَيْهِ بتعظيم وتوقير وَصَاحب مَعَه زَمَانا ثمَّ ودع وَذهب هَذَا مَا سمعته من الْمولى الْمَذْكُور وَحكى الْمولى الْوَالِد عَن الْمولى خواجه زَاده انه قَالَ كَانَ الْمولى خير الدّين طَالب علم وَكَانَ سَاكِنا فِي سلطانية بروسه وَكَانَ يقرا عَلَيْهِ بعض المتأدبين قَالَ وَكُنَّا نسْمع الى درسه وَكَانَ صَاحب تَحْقِيق وتدقيق وَحسن تَقْرِير حَتَّى كُنَّا نَنْتَظِر وَقت درسه ونتلذذ باستماع تَقْرِيره قَالَ وَمَنَعَنِي حَدَاثَة السن عَن الْقِرَاءَة عَلَيْهِ نور الله تَعَالَى قَبره وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى مُحَمَّد الشهير بزيرك قرا رَحمَه الله تَعَالَى فِي صباه على الشَّيْخ الْحَاج بيرام ولقبه هُوَ بزيرك وَأخذ عَن مَوْلَانَا حضر شاه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان مرادخان الْغَازِي بِمَدِينَة بروسه ثمَّ نَقله السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الى احدى الْمدَارِس الَّتِي عينهَا عِنْد فتح مَدِينَة قسطنطينية قبل بِنَاء الْمدَارِس الثمان وَهَذَا الْموضع مشتهر الان بالاضافة اليه وَعين لَهُ كل يَوْم خمسين درهما وَجعل يصرف الْعشْرين مِنْهَا الى مصارف بَيته وَيُرْسل الْبَاقِي الى فُقَرَاء الشَّيْخ الْحَاج بيرام قدس سره وَكَانَ اشْتِغَاله بِالْعبَادَة أَكثر من اشْتِغَاله بِالْعلمِ ادّعى الْفضل فِي يَوْم من الايام على السَّيِّد الشريف عِنْد السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فثقل ذَلِك الْكَلَام عَلَيْهِ ودعا خواجه زَاده وَهُوَ وقتئذ كَانَ

مدرسا بِمَدِينَة بروسا فِي مدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَأمره بالبحث مَعَ الْمولى زيرك وَكَانَ للْمولى خواجه زَاده سُؤال على برهَان التَّوْحِيد فارسله الى الْمولى زيرك ليكتب جَوَابا عَنهُ فَلَمَّا كتب جَوَابه حضرا عِنْد السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَالْحكم بَينهمَا الْمولى خسرو والوزير مَحْمُود باشا قَائِم على قَدَمَيْهِ فشرع الْمولى خواجه زَاده فِي الْكَلَام اولا فَقَالَ فَليعلم السُّلْطَان انه لَا يلْزم من الانكار على الْبُرْهَان الانكار على الْمُدَّعِي وَإِنِّي اخاف ان يَقُول النَّاس ان خواجه زَاده انكر التَّوْحِيد ثمَّ قرر سُؤَاله وَأجَاب عَنهُ الْمولى زيرك وَجرى بَينهمَا مبَاحث عَظِيمَة وكلمات كَثِيرَة وَلم ينْفَصل الامر فِي ذَلِك الْيَوْم حَتَّى استمرت المباحثة الى سَبْعَة ايام وَأمر السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فِي الْيَوْم السَّادِس ان يطالع كل مِنْهُمَا مَا حَرَّره صَاحبه فَقَالَ الْمولى زيرك لَيْسَ عِنْدِي نُسْخَة غير هَذِه فَقَالَ الْمولى خواجه زَاده عِنْدِي نُسْخَة اخرى وَأعْطِي هَذِه اليه وآخذ مَا حَرَّره وأكتب مَا حَرَّره على ظهر نُسْخَتي فَاخْرُج الْوَزير مَحْمُود باشا من وَسطه دَوَاة وَوَضعه عِنْد خواجه زَاده فشرع هُوَ فِي الْكِتَابَة فَقَالَ السُّلْطَان تلطفا بِهِ ايها الْمولى لَا تكْتب كَلَامه غَلطا قَالَ وَلَو كتبت غَلطا لَا يكون ذَلِك الْغَلَط أَكثر من غلطه فَضَحِك السُّلْطَان من هَذَا الْكَلَام ثمَّ فِي الْيَوْم السَّابِع ظهر فضل الْمولى خواجه زَاده عَلَيْهِ وَحكم بذلك الْمولى خسرو أَيْضا فَقَالَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان مُخَاطبا الخواجه زَاده أَيهَا الْمولى قد ورد فِي الحَدِيث ان من قتل قَتِيلا وَله بَيِّنَة فَلهُ سلبه وانت قتلت هَذَا الرجل وانا شَاهد بذلك فاعطيتك مدرسته وَكَانَ خواجه زَاده مدرسا وقتئذ بكنيسة من كنائس قسطنطينية الَّتِي وَضعهَا السُّلْطَان مُحَمَّد خَان مدارس قبل بِنَاء الْمدَارِس الثمان فَخَرَجَا من عِنْده فَاجْتمع احباء الْمولى زيرك عَلَيْهِ فَقَالُوا لَهُ كَيفَ كَانَ الامر قَالَ ان خواجه زَاده انكر التَّوْحِيد فَمَا زلت اضْرِب رَأسه حَتَّى اعْترف بِالتَّوْحِيدِ وخسرو مَا زَالَ يدْفع يَدي عَنهُ ثمَّ ذهب الْمولى زيرك الى بروسه وتوطن بهَا وَكَانَ لَهُ جَار هُنَاكَ يدعى بخواجه حسن فجَاء اليه وَقَالَ يَا مَوْلَانَا كم خراجك كل يَوْم قَالَ عشرُون درهما قَالَ انا اكفل بِهِ كل يَوْم فاعطى لَهُ خواجه حسن الْمَذْكُور مَا كفل بِهِ الى ان مَاتَ الْمولى الْمَزْبُور ثمَّ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان نَدم على مَا فعله فَعرض عَلَيْهِ

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى مصلح الدين مصطفى بن يوسف بن صالح البروسوي المشتهر بين الناس بالمولى خواجه زاده نور الله تعالى مرقده وفي أعلى غرف الجنان ارقده

مناصب فَلم يقبل وَقَالَ ان السُّلْطَان هُوَ خواجه حسن وَالْمولى الْمَذْكُور لم يشْتَغل بالتصنيف صدر مِنْهُ بعض التعليقات على حَوَاشِي الْكتب وَرَأَيْت لَهُ رِسَالَة فِي بحث الْعلم تدل على ان فرط ذكائه مَنعه عَن تعْيين الْحق وَصرف همته الى جَانب الاعتراضات نور الله تَعَالَى روحه الْعَزِيز وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى مصلح الدّين مصطفى بن يُوسُف بن صَالح البروسوي المشتهر بَين النَّاس بالمولى خواجه زَاده نور الله تَعَالَى مرقده وَفِي أَعلَى غرف الْجنان ارقده كَانَ وَالِده من طَائِفَة التُّجَّار وَكَانَ صَاحب ثروة عَظِيمَة وَكَانَ اولاده مترفهين فِي اللبَاس وَالْعَبِيد وَعين للْمولى خواجه زَاده فِي شبابه كل يَوْم درهما وَاحِدًا فَقَط وَكَانَ ذَلِك لاشتغاله بِالْعلمِ وَتَركه طَريقَة وَالِده وَقد سخط ابوه عَلَيْهِ لذَلِك وَفِي يَوْم من الايام اجْتمع وَالِده مَعَ الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى ولي شمس الدّين البُخَارِيّ قدس سره فَرَأى الشَّيْخ شمس الدّين الْمولى خواجه زَاده وَعَلِيهِ سوء الْحَال يجلس فِي صف النِّعَال وَعَلِيهِ ثِيَاب دنيئة وَرَأى اخوته متجملين بالثياب النفيسة مَعَ الخدم وَالْعَبِيد فَقَالَ الشَّيْخ الْمَذْكُور لوالده من هَؤُلَاءِ وَأَشَارَ الى اولاده فَقَالَ اولادي قَالَ وَمن هَذَا واشار الى الْمولى خواجه زَاده قَالَ هُوَ ايضا وَلَدي قَالَ لأي سَبَب هُوَ فِي سوء الْحَال قَالَ إِنِّي اسقطته من عَيْني لتَركه طريقتي فنصح الشَّيْخ لَهُ وَلم يُؤثر فِيهِ نصحه وَلما قَامُوا عَن الْمجْلس قَالَ الشَّيْخ للْمولى خواجه زَاده ادن مني فَدَنَا مِنْهُ فَقَالَ لَا تتأثر من سوء الْحَال فَإِن الطَّرِيق طريقك وَيكون لَك ان شَاءَ الله تَعَالَى شَأْن عَظِيم وَيقوم اخوتك عنْدك فِي مقَام الخدم وَالْعَبِيد وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى لَا يملك الا قَمِيصًا وَاحِدًا وَكَانَ لَا يقدر على اشْتِرَاء الْكتاب وَيكْتب كِتَابه بِنَفسِهِ على اوراق ضَعِيفَة لرخصها ثمَّ انه حصل الْعُلُوم ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى ابْن قَاضِي اياثلوغ وَقد مر ذكره وقرا عِنْده الاصولين والمعاني وَالْبَيَان فِي مدرسة اغراس ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى حضر بك ابْن جلال وَهُوَ مدرس سلطانية بروسه ثمَّ صَار معيدا لدرسه وَحصل عِنْده علوما كَثِيرَة وَهُوَ فِي سنّ الشَّبَاب وَكَانَ الْمولى الْمَذْكُور يُكرمهُ اكراما عَظِيما وَكَانَ يَقُول إِذا اشكلت

عَليّ مسئلة لتعرض على الْعقل السَّلِيم يُرِيد بِهِ الْمولى خواجه زَاده ثمَّ ارسله الْمولى حضر بك الى السُّلْطَان مُرَاد خَان وَشهد لَهُ باستحقاقه التدريس فَقبله السُّلْطَان الا انه كَانَ مُتَوَجها الى السّفر وَأَعْطَاهُ قَضَاء كستل وَلما رَجَعَ عَن السّفر أعطَاهُ مدرسة الاسدية بِمَدِينَة بروسه وَعين لَهُ كل يَوْم عشْرين درهما فَمَكثَ هُنَاكَ سِتّ سِنِين واشتغل بِالْعلمِ مَعَ فقر وفاقه حَتَّى انه كَانَ يخْدم فِي بَيته بِنَفسِهِ وَحفظ هُنَاكَ شرح المواقف ثمَّ لما انْتَهَت السلطنة الى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وشاهدالعلماء رغبته فِي الْعلم ذَهَبُوا اليه واراد الْمولى خواجه زَاده الذّهاب اليه لَكِن مَنعه فقره عَن السّفر وَكَانَ لَهُ خَادِم من أَبنَاء التّرْك فاقترض لَهُ ثَمَانمِائَة دِرْهَم فَاشْترى بهَا فرسا لنَفسِهِ وفرسا لِخَادِمِهِ وَذهب الى السُّلْطَان ولقيه وَهُوَ ذَاهِب من قسطنطينية الى ادرنه وَلما رَآهُ الْوَزير مَحْمُود باشا قَالَ لَهُ اصبت فِي مجيئك اني ذكرتك عِنْد السُّلْطَان اذْهَبْ اليه وَعِنْده الْبَحْث فَذهب اليه وَسلم على السُّلْطَان فَقَالَ السُّلْطَان لمحمود باشا من هَذَا فَقَالَ هُوَ خواجه زَاده فَرَحَّبَ بِهِ السُّلْطَان فَإِذا فِي أحد جانبيه الْمولى زيرك وَفِي جَانِبه الاخر الْمولى سَيِّدي عَليّ فَتوجه خواجه زَاده الى جَانب سَيِّدي عَليّ وَاعْترض على الْمولى زيرك فَجرى بَينهمَا كَلَام كثير وَذهب الْمولى سَيِّدي عَليّ وَبَقِي هُوَ فِي جَانب السُّلْطَان وَكثر المباحثة وأفحم الْمولى زيرك حَتَّى قَالَ لَهُ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان كلامك لَيْسَ بِشَيْء وَذهب الْمولى زيرك وَبَقِي الْمولى خواجه زَاده عِنْد السُّلْطَان وتحدث مَعَه الى الْمنزل ثمَّ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان احسن الى الْمولى سَيِّدي عَليّ والى الْمولى زيرك وَبَقِي الْمولى خواجه زَاده حَزينًا مهموما حَتَّى ان خادمه صَار لَا يَخْدمه وَيَقُول لَهُ لَو كَانَ لَك علم لأكرمك كَمَا اكرمهم وَفِي بعض الْمنَازل نَام الْخَادِم وخدم خواجه زَاده الْفرس بِنَفسِهِ ثمَّ جلس حَزينًا فِي ظلّ شَجَرَة فَإِذا ثَلَاثَة من حجاب السُّلْطَان يسْأَلُون عَن خيمة خواجه زَاده ويظنون ان لَهُ خيمة كَسَائِر الاكابر فاشار بعض النَّاس اليهم ان هَذَا الْجَالِس فِي ظلّ الشَّجَرَة هُوَ خواجه زَاده فانكروا ذَلِك ثمَّ جاؤوا وسلموا عَلَيْهِ وَقَالُوا انت خواجه زَاده قَالَ نعم قَالُوا اصحيح هَذَا قَالَ نعم قَالُوا انت مدرس الاسدية وانت الَّذِي الزمت على الْمولى زيرك قَالَ نعم فتقدموا اليه وقبلوا يَده وَقَالُوا ان

السُّلْطَان جعلك معملما لنَفسِهِ قَالَ الْمولى خواجه زَاده فَظَنَنْت انهم يسخرون مني ثمَّ ضربوا هُنَاكَ خيمة فقدموا اليه طَوِيلَة فرس مَعَ عبيد والبسة فاخرة وَعشرَة الاف دِرْهَم وَالْعَبِيد اسرجوا مِنْهَا فرسا وَقَالُوا قُم الى السُّلْطَان وَالْخَادِم الْمَذْكُور نَائِم بعد فَذهب اليه الْمولى خواجه زَاده ونبهه من النّوم فَقَالَ الْخَادِم خَلِّنِي انام قَالَ قُم فَانْظُر الى حَالي قَالَ اني اعرف حالك دَعْنِي انام فابرم عَلَيْهِ فَقَامَ وَنظر الْحَال فَقَالَ أَي حَال هَذَا قَالَ اني صرت معلم السُّلْطَان فَقبل الْخَادِم يَده وتضرع اليه وَاعْتذر عَن تَقْصِيره فِي خدمته ثمَّ ان الْمولى خواجه زَاده ادى فِي ذَلِك الْوَقْت مَا عَلَيْهِ من دينه للخادم الْمَذْكُور وَهُوَ ثَمَانمِائَة دِرْهَم ثمَّ ركب الى السُّلْطَان وقرا عَلَيْهِ السُّلْطَان متن عز الدّين الزنجاني فِي التصريف وَكتب هُوَ شرحا عَلَيْهِ وتقرب عِنْده غَايَة التَّقَرُّب حَتَّى حسده الْوَزير مَحْمُود باشا وَقَالَ يَوْمًا للسُّلْطَان يُرِيد خواجه زَاده منصب قَضَاء الْعَسْكَر قَالَ لاي شَيْء يتْرك صحبتي قَالَ يُريدهُ وَقَالَ لخواجه زَاده امرك السُّلْطَان ان تصير قَاضِي الْعَسْكَر فَقَالَ انا لَا اريده قَالَ هَكَذَا جرى الامر فامتثل امْرَهْ وَصَارَ قَاضِيا بالعسكر وَكَانَ وَالِده وقتئذ فِي الْحَيَاة فَسمع ان لده صَار قَاضِيا بالعسكر فَلم يصدق وَلما تَوَاتر الْخَبَر قَامَ من بروسه الى مَدِينَة ادرنه لزيارة ابْنه فَلَمَّا قرب من ادرنه استقبله الْمولى خواجه زَاده وَتَبعهُ عُلَمَاء الْبَلَد واشرافه فَنظر وَالِده فَرَأى جمعا عَظِيما وَقَالَ من هَؤُلَاءِ قَالُوا ابْنك قَالَ ان ابْني هَل بلغ الى هَذِه الْمرتبَة قَالُوا نعم فَلَمَّا رأى الْمولى خواجه زَاده وَالِده نزل عَن فرسه وَنزل وَالِده ايضا فَقبل وَلَده وعانقه وَاعْتذر اليه عَن تَقْصِيره وَقَالَ الْمولى خواجه زَاده انك لَو اعطيتني مَالا لما بلغت الى هَذَا الجاه ثمَّ انه عرض وَالِده على السُّلْطَان واذن لَهُ فِي الدُّخُول عَلَيْهِ فَدخل هُوَ عَلَيْهِ بِهَدَايَا جزيلة وَقبل يَد السُّلْطَان ثمَّ ان الْمولى خواجه زَاده صنع ضِيَافَة عَظِيمَة لوالده وَجمع الْعلمَاء والاكابر وَجلسَ هُوَ فِي صدر الْمجْلس ووالده عِنْده وَسَائِر الاكابر جَلَسُوا على قدر مَرَاتِبهمْ وَلم يُمكن لاخوانه الْجُلُوس فِي الْمجْلس لازدحام الاكابر فَقَامُوا مقَام الخدم فَقَالَ الْمولى خواجه زَاده فِي نَفسه هَذَا مَا ذكره لي الشَّيْخ ولي شمس الدّين رَحمَه الله تَعَالَى على ذَلِك ثمَّ ان السُّلْطَان اعطاه تدريس سلطانية

رأيت هذين البيتين مكتوبين بخط المولى خواجه زاده في ظهر كتاب التوضيح وقال هناك للاخ الفاضل مولانا سراج الدين المرحوم في حق الفقير الحائر عند معاداة الوزير الجائر ثم ان المولى خواجه زاده اتى من بلدة ازنيق الى بلدة قسطنطينية في حياة الوزير المزبور فذهب

بروسه وَعين لَهُ كل يَوْم خمسين درهما وَحكى وَالِدي رَحمَه الله تَعَالَى عَنهُ انه قَالَ حِين كنت مدرسا بسلطانية بروسه كنت فِي سنّ ثَلَاث وَثَلَاثِينَ سنة وَلَيْسَ لي محبَّة شَيْء سوى محبَّة الْعلم وَكَانَ يفتخر بتدريس سلطانية بروسه فَوق مَا يفتخر بِقَضَاء الْعَسْكَر وَتَعْلِيم السُّلْطَان مُحَمَّد خَان قَالَ وَكَانَ لي وقتئذ مائَة ألف دِرْهَم ثمَّ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان امْرَهْ بالمباحثة مَعَ الْمولى زيرك حَتَّى الزمه واعطاه مدرسته بقسطنطينية وَقد مر ذكره مشروحا واشتغل بِتِلْكَ الْمدرسَة اشتغالا عَظِيما وصنف هُنَاكَ كتاب التهافت بِأَمْر السُّلْطَان وَقد مر ذكره ايضا ثمَّ انه استقضي ببلدة ادرنه ثمَّ استقضي بِمَدِينَة قسطنطينية يَحْكِي وَالِدي عَن الْمولى العذاري انه قَالَ الْمُصِيبَة كل الْمُصِيبَة قبُوله الْقَضَاء اذ لَو داوم على الِاشْتِغَال الَّذِي كَانَ هُوَ عَلَيْهِ لظهر لَهُ آثَار عَظِيمَة فِي الْعلم بِحَيْثُ يتحير فِيهِ اولو الالباب ثمَّ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان جعل مُحَمَّد باشا القرماني وزيرا وَكَانَ هُوَ من تلامذة الْمولى عَليّ الطوسي وَكَانَ متعصبا لذَلِك على الْمولى خواجه زَاده فَقَالَ للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان ان خواجه زَاده يشكو من هَوَاء قسطنطينية وَيَقُول قد نسيت مَا حفظت من الْعُلُوم ويمدح هَوَاء ازنيق فَقَالَ السُّلْطَان اعطيته قَضَاءَهُ مَعَ مدرسته فَذهب الى ازنيق امتثالا لامره ثمَّ ترك قَضَاءَهُ وَقَالَ انه مَانع لاشتغالي بِالْعلمِ وَبَقِي مدرسا بهَا الى ان مَاتَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان عَلَيْهِ الرَّحْمَة والرضوان وَفِي ذَلِك قَالَ بعض من تلامذته وَهُوَ المرحوم الْمولى سراج الدّين ... وُجُوه اعْتِرَاف قد عنت لَك سَيِّدي ... ويرجى عنايات وَيظْهر تعنيت وتعطس عَن انف من الْفضل شامخ ... وَلَيْسَ يرى غير الشماتة تشميت ... رَأَيْت هذَيْن الْبَيْتَيْنِ مكتوبين بِخَط الْمولى خواجه زَاده فِي ظهر كتاب التَّوْضِيح وَقَالَ هُنَاكَ للاخ الْفَاضِل مَوْلَانَا سراج الدّين المرحوم فِي حق الْفَقِير الحائر عِنْد معاداة الْوَزير الجائر ثمَّ ان الْمولى خواجه زَاده اتى من بَلْدَة ازنيق الى بَلْدَة قسطنطينية فِي حَيَاة الْوَزير الْمَزْبُور فَذهب اليه رَاكِبًا على بغلته وتلامذته يَمْشُونَ قدامه مِنْهُم الْمولى

سراج الدّين الْمَذْكُور وَالْمولى بهاء الدّين المرحوم وَكَانَا مدرسين حِينَئِذٍ بالمدارس الثمان وَمِنْهُم الْمولى مصلح الدّين اليارحصاري وَكَانَ هُوَ مدرسا بمدرسة مُرَاد باشا بِمَدِينَة قسطنطينية فَلَمَّا رَآهُ الْوَزير بِهَذِهِ الابهة والجلال تحير واستقبله الى بَابه واجلسه مَكَانَهُ وَجلسَ هُوَ قدامه والتلامذة قائمون على اقدامهم فَتحدث مَعَه سَاعَة ثمَّ قَامَ واخذ هَؤُلَاءِ الاكابر بركابه وَمَشوا قدامه الى بَيته وتأوه الْوَزير وَقَالَ مَا قَدرنَا على كسر عرضه وَمَا علمت ان عزته بِالْعلمِ لَا بالمنصب وَكَانَ السَّبَب لمجيئه الى قسطنطينية ان الْوَزير الْمَذْكُور حرض الْمولى خطيب زَاده حَتَّى طلب المباحثة مَعَ الْمولى خواجه زَاده فَقَالَ خواجه زَاده انه يباحث اولا مَعَ تلامذتي فان غلب عَلَيْهِم يباحثني فَسمع الْمولى خطيب زَاده ذَلِك الْكَلَام فاتهمه بالاحجام عَن المباحثة وسَمعه الْمولى خواجه زَاده وارسل الى ازنيق خَادِمًا ان يَجِيء بكتبه اليه فَذهب المرحوم سِنَان باشا الى الْوَزير الْمَذْكُور فَقَالَ هَل تُرِيدُ كسر عرض خطيب زَاده قَالَ لَا قَالَ ان خواجه زَاده بعدتكميل مطالعته لَا يُمكن لَاحَدَّ ان يتَكَلَّم مَعَه فَقَالَ الْوَزير الامر هَكَذَا قَالَ نعم ثمَّ اذن للْمولى خواجه زَاده ان يذهب الى ازنيق فَلم يلبث الا قَلِيلا حَتَّى مَاتَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَجلسَ السُّلْطَان بايزيد خَان على سَرِير السلطنة فَأعْطَاهُ سلطانية بروسه وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم ثمَّ اعطاه منصب الْفَتْوَى بِمَدِينَة بروسه وَقد اخْتَلَّ رِجْلَاهُ وَيَده الْيُمْنَى وَكَانَ يكْتب الْفَتْوَى بِالْيَدِ الْيُسْرَى وَكَانَ لَا يكْتب الْفَتْوَى الا بعد النّظر فِي الْفَتَاوَى حَتَّى إِذا كررت عَلَيْهِ مسئلة وَاحِدَة كرر النّظر اليها وَكَانَ يُعلل فِي ذَلِك وَيَقُول لَو سامحت النَّفس فِيهَا لربما تسَامح فِي غَيرهَا وَكَانَ إِذا لم تُوجد مسئلة فِي الْفَتَاوَى يسْلك مَسْلَك الراي وَرُبمَا يظْهر لَهُ وُجُوه ويرجح وَاحِدًا مِنْهَا على الْبَوَاقِي قَالَ ثمَّ اني اجدتلك المسئلة فِي بعض الْكتب وَاجِد انه قد ذهب الى كل مَا لَاحَ لي من الْوُجُوه وَاحِد من الائمة وَاجِد مَا رجحته قد قيل فِيهِ وَهُوَ الاصح وَعَلِيهِ الْفَتْوَى قَالَ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى قلت حِين سَمِعت هَذِه الْحِكَايَة مِنْهُ ان هَذِه مرتبَة عَظِيمَة قَالَ وَلَيْسَ لي فضل على سَائِر الْعلمَاء الا بِهَذِهِ قَالَ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى قَرَأت عَلَيْهِ حَوَاشِي شرح الْمُخْتَصر للسيدالشريف فَلَمَّا بلغنَا الى مَبْحَث

خَواص الذاتي وَكُنَّا نسْمع ان لَهُ هُنَاكَ اعتراضات على السَّيِّد الشريف قرر الْمولى تِلْكَ الاعتراضات وَمَا قَدرنَا ان نتكلم عَلَيْهَا لقوتها ثمَّ قَالَ الْمولى الْمَذْكُور وَهَذِه من الاعتراضات الَّتِي لَو كَانَ حَضْرَة الشريف فِي الْحَيَاة وعرضتها عَلَيْهِ لقبلها بِلَا توقف وَلَا اقل من الْقبُول بعدالمباحثة ثمَّ قَالَ وَلَا تَظنن من كَلَامي هَذَا اني ادعِي الْفضل على حَضْرَة الشريف اَوْ التَّسَاوِي مَعَه فحاشا ثمَّ حاشا انه استاذي فِي الْعُلُوم لقداستفدت من تصانيفه وَلَكِن كَانَ لَهُ همة صَادِقَة وَلم يتخللها سوء المزاج وَلَا المناصب الاجنبية وَلَقَد كَانَت معي تِلْكَ الهمة الصادقة وَلَكِن تخللها سوء المزاج والمناصب الْأَجْنَبِيَّة كالقضاء وَنَحْوه وَلَو لم يتخللها هَذِه لَكَانَ لي شَأْن فِي الْعلم قَالَ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى هَذِه عِبَارَته بِعَينهَا قَالَ وَكَانَ يَقُول مَا نظرت فِي كتاب اُحْدُ بعد تصانيف حَضْرَة الشريف بنية الاستفادة وَحكى الْمولى الْوَالِد انه قَالَ اني صَاحب اقدام واحجام قلت مَا التَّوْفِيق بَينهَا قَالَ إِذا كملت مطالعتي لَا اخاف احدا كَائِنا من كَانَ وَإِذا لم اكملها اخاف كل اُحْدُ قَالَ الْمولى الْوَالِد انه كَانَ لايتكلم بِلَا مطالعة اصلا نقل الْمولى الْوَالِد عَنهُ انه قَالَ يَوْمًا ان الْعُلُوم على ثَلَاثَة اقسام قسم مِنْهَا مَا يُمكن تَقْرِيره وتحريره وَهُوَ الْمَكْتُوب فِي المصنفات وَمِنْهَا مَا يُمكن تَقْرِيره وَلَا يجوز تحريره وَهُوَ الْجَارِي عِنْد المباحثة وَمِنْهَا مَا لايمكن تَقْرِيره وَلَا تحريره قَالَ قلت واي علم لَا يُمكن التَّعْبِير عَنهُ قَالَ مَالا يُمكن التَّعْبِير عَنهُ لدقته الا اذا حصل لَاحَدَّ تِلْكَ الْحَالة الذوقية فيتكلم مَعَه فِيهِ بالايماء والاشارة لَا بِصَرِيح الْعبارَة وَحكى عَنهُ ايضا انه قَالَ ذهبت يَوْمًا الى الْوَزير الْمَذْكُور وَجَلَست عِنْده وَفِي جَانِبه الاخر خير الدّين المهزول واراد بِهِ الْمولى خواجة خير الدّين معلم السُّلْطَان مُحَمَّد خَان قَالَ ثمَّ جَاءَ ابْن افضل الدّين فَجَلَسَ عِنْد خير الدّين وأنف ان يجلس عِنْدِي فتكدرت عَلَيْهِ لذَلِك قَالَ قَالَ ثمَّ جرى فِي الْمجْلس فضل السَّيِّد الشريف واتفقا على انه لَا يرد عَلَيْهِ اعْتِرَاض اصلا قَالَ قلت انه بشر يُمكن ان يخطيء وَلَكِن خَطؤُهُ قَلِيل قَالَ فانكرا عَليّ فَقلت انه يعْتَرض فِي شرح المواقف على الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ فِي قَوْله ان علم الْكَلَام مُحْتَاج الى الْمنطق وَيَقُول لَا يجترئ عَلَيْهِ الا فلسفي اَوْ متفلسف يلحس من فضلات

الفلاسفة قَالَ وَيذكر نَفسه كَلَام الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ فِي حَوَاشِيه على شرح الْمُخْتَصر بقوله وَالْحق قَالَ قلت وَهَذَا خطأ صَرِيح قَالَ فاعترفا بِمَا نقلته عَن شرح المواقف وأنكرا مَا نقلته عَن الْحَوَاشِي الْمَذْكُورَة قَالَ قلت انه مَكْتُوب فِي نُسْخَتي فِي الصفحة الْيُمْنَى بعد اربعة اسطر وَهُوَ الان نصب عَيْني قَالَ قَالَ الْوَزير عِنْدِي الْحَوَاشِي الْمَذْكُورَة فَأمر باحضارها فاحضرت وَكَانَ غَرَضه من ذَلِك ان لَا يُوجد فِيهَا وَيظْهر افترائي على حَضْرَة الشريف قَالَ فَوجدت الْكَلَام الْمَذْكُور فِي الْحَاشِيَة فَنظر اليه فَسكت خير الدّين وَقَالَ ابْن افضل الدّين مَا فِي هَذِه الْحَاشِيَة بَيَان فِي نفس الامر وَمَا فِي شرح المواقف اعْتِرَاض قَالَ قلت انك قلت فِي نفس الامر وَمَا مَعْنَاهَا قَالَ ان لَهَا مَعْنيين قَالَ قلت قداخطأت وجهلت ان لَهَا معنى وَاحِدًا يصدق على أَمريْن وَأَنت مِمَّن لَا يفرق بَين الْمَفْهُوم وَبَين مَا صدق هُوَ عَلَيْهِ وَمَعَ ذَلِك تَدعِي الْعلم قَالَ فَسكت ابْن افضل الدّين قَالَ قَالَ الْوَزير يَا مَوْلَانَا ان فِيك لحدة قَالَ قلت نعم ان لي حِدة لَكِن على الْكَلَام الْبَاطِل قَالَ قَالَ الْوَزير أهكذا تعامل مَعَ طلبتك قَالَ قلت لَو تكلم وَاحِد مِنْهُم بِمثل هَذَا الْكَلَام الْبَاطِل لضَرَبْت بِالْكتاب على رَأسه قَالَ فَضَحِك الْوَزير ثمَّ قُمْت فَذَهَبت قَالَ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى أرسل سُلْطَان حُسَيْن ابْن بيقرا ملك خُرَاسَان الى السُّلْطَان بايزيد مُحَمَّد خَان لتهنئة السلطنة رَسُولا مَعَ هَدَايَا جزيلة وتحف سنية وارسل مَعَه رجلا من طلبة الْعلم بخراسان وَالْتمس من السُّلْطَان بايزيد خَان ان يَأْخُذ الاذن من الْمولى خواجه زَاده ليقرا ذَلِك الرجل عِنْده فجَاء الرجل الى الْمولى خواجه زَاده مَعَ كتاب السُّلْطَان بايزيد خَان اليه وَمَعَهُ هَدَايَا الى الْمولى خواجه زَاده فَعمل الْمولى ضِيَافَة ثمَّ أَمر لَهُ بَان يقرا حَوَاشِي شرح الْمُخْتَصر للسيدالشريف من بحث تَعْرِيف الْعلم قَالَ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى وَكنت انا فِي ذَلِك الدَّرْس فحضرنا مجْلِس الْمولى مَعَ ذَلِك الرجل فامرني الْمولى بِالْقِرَاءَةِ فقرات وَمَا تَكَلَّمت انا وَسَائِر الشُّرَكَاء فِي ذَلِك الْيَوْم وانما تكلم ذَلِك الرجل فَقَط وَفِي الدَّرْس الثَّانِي قرر ذَلِك الرجل اعتراضا فاجبت عَنهُ فَقبل الْمولى خواجه زَاده جوابي ثمَّ اورد اعتراضا ثَانِيًا فاجبت عَنهُ ايضا فَقبل الْمولى ايضا جوابي ثمَّ اورد اعتراضا ثَالِثا فاجبت عَنهُ

قال المولى الوالد رحمه الله تعالى لما شاع حواشي حاشية التجريد للمولى خطيب زاده طلبها فاحضرناها له فطالعها ولم تعجبه ثم لما شاع حواشي الشرح الجديد للتجريد للمولى جلال الدين الدواني طلبها واحضرناها له فطالعها واعجبته وسمعت عن ثقة ان المولى ابن المؤيد

ايضا وَلم يقبل الْمولى جوابي وَبعد قِرَاءَة سطرين من الْحَاشِيَة المزبورة استعاد الْمولى الْمَذْكُور جوابي الثَّالِث فاعدته فَحكم بِصِحَّتِهِ وَقَالَ هَذَا الْكَلَام من الشريف يُؤَيّد مَا ذكرته من الْجَواب فقمنا من الْمجْلس وَسمعت من ولد الْمولى ان الْمولى قَالَ فِي حَقي وَافق مطالعته مطالعتي وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى يفتخر بِهَذَا الْكَلَام مِنْهُ وَكَانَ يَقُول يَكْفِينِي هَذَا فخرا مُدَّة عمري وَسمعت من مُحَمَّد بن افلاطون كَاتب المحكمة الشَّرِيفَة ببروسه ونائبها إِنَّه جَاءَ أَمر من جناب السُّلْطَان بايزيد الى الْمولى خواجه زَاده وَهُوَ مفت بِمَدِينَة بروسه بَان يسمع دَعْوَى لوَاحِد من اهالي بروسه فَسَمعَهَا فَحكم لوَاحِد من المتخاصمين فَطلب ان يكْتب لَهُ حجَّة فدعاني وَقَالَ اكْتُبْ فِي هَذِه الْقَضِيَّة حجَّة فتحيرت لَان الْمولى كَانَ مَشْهُورا بِالْفَضْلِ فِي الافاق وانا دخيل فِي صناعَة الْكِتَابَة وقتئذ لَكِن امتثلت امْرَهْ واستفرغت مجهودي فِي كِتَابَة الْحجَّة وَأَنا رَاض بَان يضْرب بعض موَاضعهَا وَلَا يرد كلهَا فَذَهَبت اليه فَنظر فِي الْحجَّة وَقرأَهَا من اولها الى آخرهَا وَسكت ثمَّ قَرَأَهَا ثَانِيًا فَطلب الدواة والقلم فَقلت الان يضْرب على مَحل الْغَلَط فَأخذ الْقَلَم وتفكر سَاعَة ثمَّ قَالَ اتدري فِي أَي شَيْء اتفكر قَالَ قلت لَا قَالَ انك احسنت فِي إنْشَاء هَذِه الْحجَّة وَأَنِّي اتفكر عنوانا يُنَاسِبهَا قَالَ ابْن أفلاطون مَا فرحت بِشَيْء بعدالاسلام مثل فرحي بِهَذَا الْكَلَام مِنْهُ ثمَّ كتب الْمولى عنوان الْحجَّة نظما وَهُوَ هَذَا ... مَا هُوَ المسطور فِي طي الْكتاب ... صَحَّ عِنْدِي خَالِيا عَن ارتياب مصطفى بن يُوسُف قد حرر ... راجيا من ربه حسن الثَّوَاب الْمولى فِيهِ مِمَّن امْرَهْ ... نَافِذ وَالله أعلم بِالصَّوَابِ ... قَالَ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى لما شاع حَوَاشِي حَاشِيَة التَّجْرِيد للْمولى خطيب زَاده طلبَهَا فاحضرناها لَهُ فطالعها وَلم تعجبه ثمَّ لما شاع حَوَاشِي الشَّرْح الْجَدِيد للتجريد للْمولى جلال الدّين الدواني طلبَهَا واحضرناها لَهُ فطالعها واعجبته وَسمعت عَن ثِقَة ان الْمولى ابْن الْمُؤَيد لما وصل الى خدمَة الْمولى الدواني قَالَ لَهُ بِأَيّ هَدِيَّة جِئْت الينا قَالَ كتاب التهافت لخواجه زَاده قَالَ ذَاك هُوَ الرجل المبروص

قَالَ قلت لَيْسَ هُوَ بمبروص قَالَ انه هُوَ مَشْهُور فِي بِلَادنَا بذلك قَالَ فَدفعت اليه الْكتاب الْمَذْكُور فطالعه مُدَّة ثمَّ قَالَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْك وَعَن مُؤَلفه قد كَانَ فِي نيتي ان اكْتُبْ فِي هَذَا الْبَاب كتابا وَلَو كتبت قبل أَن ارى هَذَا الْكتاب لافتضحت ثمَّ ان الْمولى خواجه زَاده حِين كَانَ مفتيا واختلال رجلَيْهِ وَيَده الْيُمْنَى امْرَهْ السُّلْطَان بايزيد خَان ان يكْتب حَاشِيَة على شرح المواقف فَاعْتَذر عَن ذَلِك وَقَالَ ان كلماتي على شرح المواقف أَخذهَا الْمولى حسن جلبي وَضمّهَا الى حَاشِيَته وان لي مسودة على التَّلْوِيح ان اراد السُّلْطَان ابيضها فَأمره السُّلْطَان ثَانِيًا بِأَن يكْتب حَاشِيَة على شرح المواقف فامتثل امْرَهْ فَكَانُوا يضعون شرح المواقف أَمَامه فَوق الوسائد وَينظر فِيهِ وَلَا يقدر ان ينظر فِي كتاب آخر لضعف يَده حَتَّى إِنَّه إِذا احْتَاجَ الى تقليب ورقة يتَوَقَّف الى ان يَجِيء اُحْدُ فيقلبها وَكتب الْحَاشِيَة الْمَذْكُورَة بِيَدِهِ الْيُسْرَى الى اثناء مبَاحث الْوُجُود وَعند ذَلِك توفاه الله تَعَالَى وَوصل الى رَحمته وَبقيت الْحَاشِيَة مسودة ثمَّ اخرجها الى الْبيَاض الْمولى بهاء الدّين من تلامذته فَلَمَّا اتم تبييضها مَاتَ هُوَ ايضا وَمن غرائب الِاتِّفَاق انه وَقع آخر كلمة من تِلْكَ الْحَاشِيَة كلمة لَا يتم الْمَطْلُوب توفّي رَحمَه الله تَعَالَى بِمَدِينَة بروسه وَهُوَ مفت بهَا فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن فِي جوَار السَّيِّد البُخَارِيّ قدس سره الْعَزِيز وَله من المصنفات كتاب التهافت وحواشي شرح المواقف وحواش على شرح هِدَايَة الْحِكْمَة لمولانا زَاده يَحْكِي وَالِدي عَنهُ اني مَا قصدت تأليف هَذِه الْحَاشِيَة وانما قَرَأَ عَليّ الشَّرْح الْمَذْكُور ابو بكر جلبي وَهُوَ أَخُو احْمَد باشا ابْن ولي الدّين وَكنت اكْتُبْ مَا ظهر لي فِي مطالعتي على ورقة وادفعها اليه وَهُوَ نظم تِلْكَ الاوراق كنظم السبحة قَالَ الْمولى الْوَالِد هَذِه عِبَارَته وَله شرح للطوالع لكنه بَقِي فِي المسودة وحواش على التَّلْوِيح بقيت ايضا فِي المسودة وَله غير ذَلِك من

وخلف ابنين اسم الاكبر منهما شيخ محمد صار هو مدرسا في حياة ابيه بمدرسة جنديك بمدينة بروسه وضم اليها قضاء كسكل كته ثم ترك التدريس والقضاء في حياة والده ورغب في التصوف واتصل بخدمة الشيخ العارف بالله الشيخ حاجي خليفة من طريقة المذينية ثم ذهب مع بعض ملوك

المسودات لَكِنَّهَا بعد وَفَاته تَفَرَّقت ايادي سبا ... فجزء حوته الدبور ... وجزء حوته الصِّبَا ... وَخلف ابْنَيْنِ اسْم الاكبر مِنْهُمَا شيخ مُحَمَّد صَار هُوَ مدرسا فِي حَيَاة ابيه بمدرسة جنديك بِمَدِينَة بروسه وَضم اليها قَضَاء كسكل كته ثمَّ ترك التدريس وَالْقَضَاء فِي حَيَاة وَالِده وَرغب فِي التصوف واتصل بِخِدْمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ حاجي خَليفَة من طَريقَة المذينية ثمَّ ذهب مَعَ بعض مُلُوك الْعَجم الى بِلَاد الْعَجم وَتُوفِّي هُنَاكَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ اَوْ ثَلَاث وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى رَحمَه وَاسِعَة محققا مدققا يحل المباحث الغامضة بِقُوَّة فكرته وَكَانَ مشاركا فِي الْعُلُوم كلهَا وَكَانَ لَهُ اخْتِصَاص بالعلوم الْعَقْلِيَّة وَاسم الاصغر مِنْهُمَا عبد الله كَانَ طَالبا للْعلم ومشتغلا بِهِ وَكَانَ صَاحب ذكاء وفطنة وطلاقة لِسَان وجراءة جنان مَاتَ وَهُوَ شَاب قَالَ الْمولى الْوَالِد لَو عَاشَ هُوَ لَكَانَ لَهُ شَأْن عَظِيم فِي الْعلم روح الله تَعَالَى أَرْوَاحهم وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْكَامِل الْفَاضِل الْمولى شمس الدّين احْمَد بن مُوسَى الشهير بالخيالي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما عَاملا فَاضلا تقيا نقيا زاهدا متورعا وَكَانَ ابوه قَاضِيا قَرَأَ عِنْده بعض الْعُلُوم ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى حضربك جلبي وَهُوَ مدرس بسلطانية بروسه وَصَارَ معيد الدرسه ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ انْتقل الى مدرسة فلبه وَكَانَ لَهُ كل يَوْم ثَلَاثُونَ درهما وَكَانَ الْمولى ابْن الْحَاج حسن فِي ذَلِك الْوَقْت قَاضِيا بِمَدِينَة كليبولي فَأخذ لَهُ الْوَزير مَحْمُود باشا من السُّلْطَان مُحَمَّد خَان مرادية بروسه فحسده الْمولى الخيالي على ذَلِك وَكتب الى الْوَزير مَحْمُود باشا كتابا وارسله اليه واورد فِيهِ هذَيْن الْبَيْتَيْنِ لنَفسِهِ ... اعجوبة فِي آخر الايام ... تبديك صِحَة ظفرة النظام وَفَسَاد آراء الْحَكِيم لانها ... فِي الان قطع مَسَافَة الاعوام ... وَلما قَرَأَ الْوَزير مَحْمُود باشا هذَيْن الْبَيْتَيْنِ قَالَ ان الْمولى لَا يعرف هَذَا الرجل وَهُوَ مُسْتَحقّ لذَلِك ثمَّ ان الْمولى تَاج الدّين المشتهر بِابْن الْخَطِيب لما توفّي بازنيق

وَهُوَ مدرس بهَا عرضه الْوَزير مَحْمُود باشا فتأسف عَلَيْهِ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان تأسفا عَظِيما ثمَّ قَالَ للوزير الْمَزْبُور اطلب مَكَانَهُ رجلا فَاضلا شَابًّا مهتما بالاشتغال فتبادر ذهن الْوَزير الى الْمولى الخيالي لَكِن لم يتَكَلَّم فِي ذَلِك الْمجْلس ثمَّ عرض الْمولى الخيالي فِي مجْلِس آخر فَقَالَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الْيَسْ هُوَ الَّذِي كتب الْحَوَاشِي على شرح العقائد وَذكر فِيهَا اسْمك قَالَ نعم هُوَ ذَلِك قَالَ انه مُسْتَحقّ لذَلِك فاعطاه الْمدرسَة لمذكورة وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة وَثَلَاثِينَ درهما فَلَمَّا جَاءَ الى قسطنطينية لم يقبل الْمدرسَة لانه قد تهَيَّأ لِلْحَجِّ فأبرم عَلَيْهِ الْوَزير مَحْمُود باشا فَقَالَ ان اعطيتني وزارتك واعطى السُّلْطَان سلطنته لَا أترك هَذَا السِّرّ فَعرض الْوَزير مَحْمُود باشا على السُّلْطَان فَقَالَ هلا ابرمت عَلَيْهِ قَالَ ابرمت وَقَالَ ان اعطيتني وزارتك لَا أترك هَذَا السّفر وَلم يذكر السُّلْطَان استحياء من السلاطين فَحزن لذَلِك السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَأمر ان يدرس معيده فِي تِلْكَ الْمدرسَة الى ان يرجع هُوَ من الْحجاز وَلما رَجَعَ من الْحَج صَار مدرسا بهَا وَلم يلبث الا سِنِين قَليلَة حَتَّى مَاتَ وَكَانَ سنه وقتئذ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سنة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مشتغلا بِالْعلمِ وَالْعِبَادَة لَا يَنْفَكّ عَنْهُمَا سَاعَة وَكَانَ يَأْكُل فِي كل يَوْم وَلَيْلَة مرّة وَاحِدَة ويكتفي بالاقل وَكَانَ نحيفا فِي الْغَايَة حَتَّى رُوِيَ انه كَانَ يحلق سبابته وابهامه وَيدخل فِيهَا يَده الى ان يَنْتَهِي الى عضده وَحكى الْمولى غياث الدّين اني لازمته مِقْدَار سنتَيْن وقرات عَلَيْهِ فِي بَلْدَة ازنيق وَلم اره فَرح وَلَا ضحك وَكَانَ دَائِم الصمت مشتغلا بِالْعبَادَة وملاحظة دقائق الْعُلُوم وَكَانَ لَا يتَكَلَّم الا عِنْد مبَاحث الْعُلُوم وَقد اجْتمع يَوْمًا مَعَ الْمولى خواجه زَاده فِي الْجَامِع وباحث مَعَه فغلب عَلَيْهِ فَلَمَّا رَجَعَ الى بَيته قَالَ لَهُ بعض الْحَاضِرين الْيَوْم غلبت على خواجه زَاده فَقَالَ اني مَا زلت اضْرِب على راس ابْن صَالح الْبَخِيل وَكَانَ يلقب جد الْمولى خواجه زَاده بذلك قَالَ الرَّاوِي مَا رَأَيْت ضحكه الا فِي هَذِه السَّاعَة يحْكى ان الْمولى خواجه زَاده مَا نَام على الْفراش قطّ الى ان مَاتَ الْمولى الخيالي خوفًا مِنْهُ لفضله وَقَالَ بعد وَفَاته انا استلقي بعد ذَلِك على ظَهْري وَكَانَ الشَّيْخ عبد الرحيم المرزيغوني خَليفَة الشَّيْخ زين الدّين الخافي لقن الْمولى الخيالي كلمة الذّكر بالجامع الْجَدِيد بادرنه رَأَيْته مَكْتُوبًا بِخَطِّهِ على ظهر

ومنهم العالم العامل والكامل الفاضل المولى مصلح الدين مصطفى القسطلاني روح الله روحه قرأ على علماء الروم ثم وصل الى خدمة المولى الفاضل حضر بك نور الله مرقده كان المولى خواجه زاده والمولى الخيالي وقتئذ معيدين لدرسه ثم صار مدرسا بقصبة مدرني ثم انتقل الى

بعض كتبه الَّتِي بِخَطِّهِ وَهُوَ كتاب التَّلْوِيح وَله من المصنفات حواش على شرح العقائد النسفية سلك فِيهَا مَسْلَك الايجاز يمْتَحن بِهِ الاذكياء من الطلاب وَهِي مَقْبُولَة بَين الْخَواص وشهرتها تغني عَن مدحها وحواش على اوائل حَاشِيَة التَّجْرِيد وَله شرح لنظم العقائد لاستاذه الْمولى حضر بك وَلَقَد أَجَاد فِيهِ واحسن وَرَأَيْت بِخَطِّهِ كتاب التَّلْوِيح وَكتب فِي حَوَاشِيه كثيرا من كَلِمَاته الشَّرِيفَة وَرَأَيْت ايضا بِخَطِّهِ تَفْسِير القَاضِي الْبَيْضَاوِيّ وَكتب على حَوَاشِيه كثيرا من افكاره اللطيفة طيب الله تَعَالَى مهجعه وَنور مضجعه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والكامل الْفَاضِل الْمولى مصلح الدّين مصطفى الْقُسْطَلَانِيّ روح الله روحه قَرَأَ على عُلَمَاء الرّوم ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل حضر بك نور الله مرقده كَانَ الْمولى خواجه زَاده وَالْمولى الخيالي وقتئذ معيدين لدرسه ثمَّ صَار مدرسا بقصبة مدرني ثمَّ انْتقل الى مدرسة ديمه توقه ثمَّ لما بنى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الْمدَارِس الثمان اعطاه وَاحِدَة مِنْهَا كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى لَا يفتر من الِاشْتِغَال والدرس وَكَانَ يَدعِي انه لَو اعطي الْمدَارِس الثمان كلهَا لقدر ان يدرس كل يَوْم فِي كل مِنْهَا ثَلَاثَة دروس ثمَّ استقضي بِكُل من الْبِلَاد الثَّلَاث ثَلَاث مَرَّات وَهِي مَدِينَة بروسه ومدينة ادرنه ومدينة قسطنطينية ثمَّ جعله السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فِي أَوَاخِر سلطنته قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور وَكَانَ قَاضِي الْعَسْكَر الى ذَلِك الزَّمَان وَاحِدًا وَكَانَ الْوَزير وقتئذ مُحَمَّد باشا الفراماني فخاف من الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ لانه كَانَ لَا يُدَارِي النَّاس وَيتَكَلَّم بِالْحَقِّ على كل حَال فَعرض على السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَقَالَ ان الوزراء ايدهم الله تَعَالَى اربعة وَلَو كَانَ قَاضِي الْعَسْكَر اثْنَيْنِ احدهما فِي روم ايلي والاخر فِي اناطولي يكون اسهل فِي اتمام مصَالح الْمُسلمين وَيكون زِينَة للديوان العالي فَمَال السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الى رايه فَجعل الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ قَاضِي عَسْكَر روم ايلي وَجعل الْمولى ابْن الْحَاج حسن قَاضِي عَسْكَر اناطولي وَهُوَ كَانَ وقتئذ قَاضِيا بقسطنطينية فَلم يقبل الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ وَلم يرض بالمشاركة وَأرْسل اليه الْوَزير الْمَزْبُور لَان يلين قلبه فَلم يفد ثمَّ قَالَ الْوَزير اني اذْهَبْ اليه بنفسي فنصحوا للْمولى الْقُسْطَلَانِيّ وَقَالُوا

انه اذا جَاءَ اليك يرضيك الْبَتَّةَ وَلَكِن لَا تأمن بعد ذَلِك من شَره فَذهب اليه وارضاه بلين الْكَلَام كَمَا قَالُوا قيل ان الْمولى ابْن الْحَاج حسن حلف بِالطَّلَاق ان يخبر الْوَزير الْمَذْكُور بِكُل مَا يتَكَلَّم بِهِ الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ عندالسلطان فِي حق الْوَزير الْمَزْبُور وَبعد مُدَّة قَليلَة توفّي السُّلْطَان مُحَمَّد خَان طيب الله تَعَالَى ثراه وَلما جلس السُّلْطَان بايزيد خَان على سَرِير السلطنة عزل الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ عَن قَضَاء الْعَسْكَر وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم وَنصب مَكَانَهُ المرحوم إِبْرَاهِيم باشا ابْن خَلِيل باشا وَسَيَجِيءُ تَرْجَمته حكى الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى انه لما مَاتَ الْمولى مصنفك وَحضر عُلَمَاء الْبَلَد كلهم دَفنه وَكَانَ الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ وقتئذ قَاضِيا بِمَدِينَة قسطنطينية وَكَانَ بَيته فِي مَوضِع بني فِيهِ الان جَامع السُّلْطَان سليم خَان قَالَ الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ عِنْد رُجُوعه الى منزله للْمولى الشهير ابْن مغنيسا وَالْمولى الشهير بقاضي زَاده اسألكما ان تبيتا عِنْدِي هَذِه اللَّيْلَة وَنَذْهَب مَعَكُمَا غَدا ان شَاءَ الله تَعَالَى الى زِيَارَة الْمولى مصنفك قَالَ الْمولى الْوَالِد قَالَ الْمولى قَاضِي زَاده قلت للْمولى الْقُسْطَلَانِيّ اني اذْهَبْ الى بَيْتِي ثمَّ اجيء وَكَانَ بَيته قَرِيبا من بَيته قَالَ وَلما اجْتَمَعنَا فِي بَيته عَشِيَّة تِلْكَ اللَّيْلَة احضر حَقه فِيهَا معجون قَالَ وَكَانَ هُوَ مُتَّهمًا بالحشيش قَالَ فتحققته فِي تِلْكَ اللَّيْلَة انه يداوم اكله قَالَ فَأكل نَفسه مِنْهُ شيأ كثيرا ثمَّ ابرم عَليّ وانا اخْتَرْت الْكَذِب وَقلت اني ذهبت الى بَيْتِي لهَذَا الامر فتركني ثمَّ ابرم على الْمولى ابْن مغنيسا فَأكل مِنْهُ قدرا يَسِيرا وَبعد مُدَّة يسيرَة عملت فِي الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ كَيْفيَّة المعجون فشرع فِي بَث المعارف فَتَارَة تكلم فِي الْعُلُوم الْحكمِيَّة وَسمعت مِنْهُ فِيهَا دقائق لم اسمعها مُدَّة عمري وَتكلم تَارَة فِي الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَبسط فِيهَا حقائق لم اسمعها ابدا وَتارَة تكلم فِي التواريخ وأرود مِنْهَا غرائب لم تسمعها الاذان وَتارَة تكلم فِي القصائد الْعَرَبيَّة وَسمعت فِيهَا غرائب لم تسمعها الاذان قَالَ وشاهدت تبحرة فِي كل الْعُلُوم جلائلها ودقائقها قَالَ وَقَالَ هُوَ فِي اثناء الْكَلَام ان هَذَا واشار الى المعجون حَال بيني وَبَين معلوماتي قَالَ قلت حالك الان هَذَا فَمَا حالك قبل هَذَا وَحكى لي ثِقَة عَن الْمولى لطفي التوقاتي انه قَالَ كنت من طلبة الْمولى سِنَان باشا وَكَانَ هُوَ وزيرا وقتئذ وَكَانَ من عَادَته احضار الْعلمَاء ليَالِي العطلة واحضار الاطعمة اللطيفة فَاجْتمعُوا

عِنْده لَيْلَة فيهم الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ وَالْمولى خواجه زَاده وَالْمولى خطيب زَاده وَكَانُوا مشتغلين بالصحبة والمحادثة وَكَانَ عِنْدِي رَفِيق لي كنت اتحدث مَعَه سرا قَالَ وَقلت لَهُ فِي اثناء الْكَلَام مَرضت انا فِي زمَان فتعرقت بِالدَّمِ حَتَّى انصبغ مِنْهُ قَمِيصِي فَضَحِك رفيقي فَتنبه الْعلمَاء وَقَالُوا لَهُ لم ضحِكت قَالَ ان الْمولى لطفي يَقُول كَذَا وَكَذَا فَضَحكت مِنْهُ وضحكت الْعلمَاء ايضا من قولي قَالَ الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ من أَي شَيْء تضحكون هَذَا مرض فلاني يذكرهُ ابْن سينا فِي الْفَصْل الْفُلَانِيّ من كتاب القانون قَالَ الْمولى خواجه زَاده للْمولى الْقُسْطَلَانِيّ طالعت القانون بِتَمَامِهِ قَالَ نعم بل وَجَمِيع مصنفات ابْن سينا حَتَّى طالعت كتاب الشِّفَاء بِتَمَامِهِ ثمَّ قَالَ الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ للْمولى خواجه زَاده انت طالعت كتاب الشِّفَاء بِتَمَامِهِ قَالَ لَا وَإِنَّمَا طالعت مَوَاضِع احتجت اليها قَالَ الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ اني طالعته بِتَمَامِهِ سبع مَرَّات وَالسَّابِع مثل مطالعة التلميذ اول درسه عِنْد مدرس جَدِيد فتعجب الْحَاضِرُونَ من إحاطته بالعلوم وشمول مطالعته جَمِيع الْكتب وَكَانَ الْمولى خواجه زَاده إِذا ذكره يُصَرح بِلَفْظ الْمولى دون من عداهُ من اقرانه وَكَانَ يَقُول انه قَادر على حل جَمِيع المشكلات وعَلى احاطة عُلُوم كَثِيرَة فِي مُدَّة يسيرَة الا انه إِذا اخطأ بِحكم البشرية لَا يرجع عَن ذَلِك قَالَ وَقد اخطأ فِي مسئلة فِي مجْلِس الْوَزير مَحْمُود باشا وأسمع الان انه لم يرجع عَنهُ قَالَ وَهُوَ يَقُول ايضا فِي حَقي ان خواجه زَاده قد اخطأ فِي المسئلة الْمَذْكُورَة وأسمع انه لم يرجع عَن ذَلِك رُوِيَ انه كَانَ طَوِيل الْقَامَة نحيف الْجِسْم اصفر اللَّوْن واللحية ازرق الْعَينَيْنِ وَكَانَ رجلا دميما بني جَامعا بِمَدِينَة قسطنطينية وَكتب حَوَاشِي على شرح العقائد وَكتب رِسَالَة يذكر فِيهَا سَبْعَة اشكالات على المواقف وَشَرحه وَكتب حَوَاشِي على الْمُقدمَات الاربع الَّتِي ابدعها خاطر الْمولى الْفَاضِل الْعَلامَة صدر الشَّرِيعَة أكْرمه الله تَعَالَى فِي الدَّرَجَات الرفيعة وَقد كتب حَوَاشِي عَلَيْهَا اولا الْمولى على الْعَرَبِيّ وَالْمولى الْقُسْطَلَانِيّ يرد عَلَيْهِ فِي بعض الْمَوَاضِع وَلم يتفرغ الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ فِي التصنيف لِكَثْرَة اشْتِغَاله بالدرس وَالْقَضَاء توفّي رَحمَه الله تَعَالَى رَحْمَة وَاسِعَة سنة احدى وَتِسْعمِائَة وَدفن بجوار ابي ايوب الانصاري رَضِي الله عَنهُ

ومنهم المولى العالم العامل والكامل الفاضل المولى محيي الدين محمد الشهير بابن الخطيب تربى في صباه عند والده المولى تاج الدين وقد ترجمته وقرا عليه العلوم وقرأ على العلامة علي الطوسي وعلى المولى حضر بك ثم صار مدرسا بالمدرسة الصغيرة بازنيق ثم صار مدرسا

وَمِنْهُم الْمولى الْعَالم الْعَامِل والكامل الْفَاضِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد الشهير بِابْن الْخَطِيب تربى فِي صباه عِنْد وَالِده الْمولى تَاج الدّين وَقد تَرْجَمته وقرا عَلَيْهِ الْعُلُوم وَقَرَأَ على الْعَلامَة عَليّ الطوسي وعَلى الْمولى حضر بك ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الصَّغِيرَة بازنيق ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان فَهُوَ من اول المدرسين بهَا ثمَّ عَزله السُّلْطَان مُحَمَّد خَان لامر جرى بَينهمَا ثمَّ نصح الْمولى الكوراني للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان فاعاده الى مدرسته ثمَّ جعله معلما لنَفسِهِ وَلما ادّعى الْبَحْث مَعَ الْمولى خواجه زَاده قَالَ لَهُ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان انت تقدر على الْبَحْث مَعَه قَالَ نعم سيمالي مرتبَة عِنْد السُّلْطَان فَعَزله السُّلْطَان مُحَمَّد خَان لهَذَا الْكَلَام وَجعله مدرسا فدرس مُدَّة كَبِيرَة وافاد وَكَانَ طليق اللِّسَان جريء الْجنان قَوِيا على المحاورة فصيحا عِنْد المباحثة وَلِهَذَا قهر كثيرا من عُلَمَاء زَمَانه حكى لي استاذي الْمولى محيي الدّين الفناري انه كَانَ يقْرَأ على الْمولى ابْن الْخَطِيب مَعَ اخيه المرحوم شاه افندي وَكَانَ المرحوم ابْن الْخَطِيب عِنْد ذَلِك متقاعدا عين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم فَذهب الى السُّلْطَان بايزيد خَان فِي يَوْم عيد وأمرنا ان نَذْهَب مَعَه ليذكرنا عِنْد السُّلْطَان بِخَير وَكَانَ ابْن افضل الدّين مفتيا فِي ذَلِك الْوَقْت وَله تسعون درهما وَكَانَ يتَقَدَّم الْمولى ابْن الْخَطِيب عَلَيْهِ فَلَمَّا مر بالديوان والوزراء جالسون فِيهِ سلم الْمولى ابْن افضل الدّين عَلَيْهِم فَضرب الْمولى ابْن الْخَطِيب بِظهْر يَده على صَدره وَقَالَ هتكت عرض الْعلم وسلمت عَلَيْهِم انت مخدوم وهم خدام سِيمَا وانت رجل شرِيف قَالَ ثمَّ دخل على السُّلْطَان وَنحن مَعَه وَالسُّلْطَان استقبله قَالَ الاستاذ عددت باصبعي فَكَانَ سبع خطوَات فَسلم عَلَيْهِ وَمَا انحنى لَهُ وَصَافحهُ وَلم يقبل يَده وَقَالَ للسُّلْطَان بَارك الله لَك ي هَذِه الايام الشَّرِيفَة ثمَّ ذكرنَا عِنْده وَقَبلنَا يَد السُّلْطَان واوصانا السُّلْطَان بالاشتغال بِالْعلمِ ثمَّ سلم وَرجع ورجعنا مَعَه وَقُلْنَا لَهُ هَذَا سُلْطَان الرّوم واللائق ان تنحني لَهُ وَتقبل يَده قَالَ انتم لَا تعرفُون يَكْفِيهِ فخرا ان يذهب اليه عَالم مثل ابْن الْخَطِيب وَهُوَ رَاض بِهَذَا الْقدر هَذَا مَا حَكَاهُ الاستاذ من تكبره على الوزراء والسلاطين ثمَّ ان السُّلْطَان بايزيد خَان جمعه مَعَ الْمولى عَلَاء الدّين الْعَرَبِيّ وَسَائِر

الْعلمَاء وَجرى بَينهمَا مباحثة وانْتهى الْبَحْث الى كَلَام انكر السُّلْطَان عَلَيْهِ لذَلِك كل الانكار وتكدر عَلَيْهِ تكدرا عَظِيما وفطن لذَلِك الْمولى ابْن الْخَطِيب فصنف رِسَالَة فِي بحث الرُّؤْيَة وَالْكَلَام وحقق فِي بحث الْكَلَام مَا ادَّعَاهُ وَذكر فِي خطبتها اسْم السُّلْطَان بايزيد خَان وارسلها بيد الْوَزير ابراهيم باشا فَلَمَّا عرضهَا على السُّلْطَان قَالَ مَا اكْتفى بِذكر ذَلِك الْكَلَام الْقَبِيح الْبَاطِل بِاللِّسَانِ وَكتبه فِي الاوراق اضْرِب برسالته وَجهه وَقل لَهُ انه يخرج الْبَتَّةَ من مملكتي فتحير الْوَزير وكتم هَذَا الْكَلَام من الْمولى ابْن الْخَطِيب وَمَعَ ذَلِك يَرْجُو ابْن الْخَطِيب جَائِزَة من قبل السُّلْطَان وتألم من تأخرها وَقَالَ للوزير اسْتَأْذن السُّلْطَان انا اذْهَبْ من هَذِه المملكة واجاور بِمَكَّة وادى أمره الى الاختلال عِنْد السُّلْطَان فتحير الْوَزير ثمَّ ارسل الى الْمولى الْمَذْكُور عشرَة آلَاف دِرْهَم من مَاله باسم السُّلْطَان وأنسي السُّلْطَان مَا أمره بِهِ من خُرُوج الْمولى الْمَذْكُور عَن مَمْلَكَته وَمَعَ ذَلِك اعْتقد الْمولى الْمَذْكُور ان تَأْخِير الْجَائِزَة وتقليلها من جِهَة الْوَزير وَوَقعت لذَلِك بَينهمَا وَحْشَة عَظِيمَة ثمَّ ان الْمولى جلال الدّين الدواني ارسل كتابا الى بعض اصدقائه بِبِلَاد الرّوم وَهُوَ الْمولى الْمُفْتِي وَكتب فِي حَاشِيَته السَّلَام على الْمولى ابْن الْخَطِيب وعَلى الْمولى خواجه زَاده فَسمع الْمولى ابْن الْخَطِيب هَذَا الْكَلَام فَطَلَبه مِنْهُ وارسله الى الْوَزير الْمَزْبُور فَقَالَ انه يعْتَقد فضل خواجه زَاده عَليّ وانا مفضل عَلَيْهِ بِبِلَاد الْعَجم يدل عَلَيْهِ كتاب جلال الدّين الدواني حَيْثُ قدمني عَلَيْهِ ذكرا فَلَمَّا وصل الْكتاب الى الْوَزير نظر فِيهِ وَقَالَ انه سُؤال دوري والتقديم فِي الذّكر لَا يسْتَلْزم التَّقْدِيم فِي الْفضل وَلَعَلَّ الْمولى ابْن الْخَطِيب لَا يعرف هَذِه المسئلة وَبعد مُدَّة قَليلَة توفّي الْمولى الْمَزْبُور بتاريخ احدى وَتِسْعمِائَة وَله من المصنفات حواش على حَاشِيَة شرح التَّجْرِيد للسَّيِّد الشريف وَهِي متداولة بَين ارباب التدريس وَبَين الطّلبَة وحواش على حَاشِيَة الْكَشَّاف للسَّيِّد الشريف ايضا وحواش على اوائل شرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة كتبهَا بامر السُّلْطَان بايزيدخان وَلم يُتمهَا لعائق الزَّمَان وَهُوَ انه كَانَ لَهُ ابْن شَاب فَاضل حَتَّى ان اكثر النَّاس كَانُوا يرجحونه على ابيه فِي الْفضل وَكَانَ مدرسا بمدرسة ابي ايوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الله الْملك الْبَارِي فَقتله بعض غلمانة

ومنهم العالم العامل الكامل الفاضل المولى علاء الدين علي العربي طيب الله مضجعه ونور مهجعه كان اصله من نواحي حلب قرأ اولا على علماء حلب ثم قدم بلاد الروم وقرأ على المولى الكوراني وهو مدرس بمدرسة السلطان بايزيد خان ابن السلطان مرادخان الغازي بمدينة بروسه

فَلهَذَا بقيت الْحَاشِيَة المزبورة بتراء ثمَّ اشْتغل بِكِتَابَة حَوَاشِي حَاشِيَة الْكَشَّاف وَله حَاشِيَة على اوائل حَاشِيَة شرح الْمُخْتَصر للسَّيِّد الشريف ورسالة فِي بحث الرُّؤْيَة وَالْكَلَام وَقد تقدم ذكرهَا وَله حَاشِيَة على اوائل شرح المواقف وحواش على الْمُقدمَات الاربع ورسالة فِي فَضَائِل الْجِهَاد وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْكَامِل الْفَاضِل الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ الْعَرَبِيّ طيب الله مضجعه وَنور مهجعه كَانَ اصله من نواحي حلب قَرَأَ اولا على عُلَمَاء حلب ثمَّ قدم بِلَاد الرّوم وَقَرَأَ على الْمولى الكوراني وَهُوَ مدرس بمدرسة السُّلْطَان بايزيد خَان ابْن السُّلْطَان مرادخان الْغَازِي بِمَدِينَة بروسه حكى الْمولى الْوَالِد عَنهُ انه قَالَ قَالَ لي الْمولى الكوراني يَوْمًا انت عِنْدِي بِمَنْزِلَة السَّيِّد الشريف عِنْد مباركشاه المنطقي وقص عَلَيْهِ قصتهما وَهِي على مَا نَقله الْمولى الْوَالِد عَنهُ ان السَّيِّد الشريف بعد مَا قَرَأَ شرح الْمطَالع سِتّ عشرَة مرّة قَالَ فِي نَفسه لَا بُد لي من ان اقْرَأ على مُصَنفه فَذهب اليه وَهُوَ بهراة وَالْتمس مِنْهُ ان يقرا عَلَيْهِ شرح الْمطَالع وَكَانَ الشَّارِح عِنْد ذَلِك شَيخا هرما وَقد بلغ من الْعُمر مائَة وَعشْرين وَقد سقط حاجباه على عَيْنَيْهِ من الْكبر فَرفع حاجبيه بِيَدِهِ عَن عَيْنَيْهِ فَنظر الى السَّيِّد الشريف فَإِذا هُوَ فِي سنّ الشَّبَاب فَقَالَ انت رجل شَاب وانا شيخ ضَعِيف لَا اقدر الدَّرْس لَك فان اردت ان تسمع شرح الْمطَالع مني فَاذْهَبْ الى مباركشاه وَهُوَ يُقْرِئك كَمَا سمع مني وَكَانَ الْمولى مباركشاه وقتئذ مدرسا بِمصْر الْقَاهِرَة وَكَانَ هُوَ غُلَام الشَّارِح رباه وَهُوَ صَغِير فِي حجره وَعلمه جَمِيع مَا علمه فَذهب السَّيِّد الشريف من هراة الى مصر وَمَعَهُ كتاب الشَّارِح الى مباركشاه فَلَمَّا قَرَأَ هُوَ كتاب الشَّارِح قبله وَقَالَ نعم الا انه لَيْسَ لَك درس مُسْتَقل وَلَيْسَ لَك قِرَاءَة اصلا وَلَا اذن لَك فِي التَّكَلُّم بل تقنع بِمُجَرَّد السماع فَرضِي السَّيِّد الشريف جَمِيع مَا ذكره وَقد ابْتَدَأَ الشَّرْح الْمَذْكُور رجل من اولاد الاكابر بِمصْر فَحَضَرَ السَّيِّد الشريف الدَّرْس مَعَه وَكَانَ بَيت مباركشاه مُتَّصِلا بِالْمَدْرَسَةِ وَله بَاب اليها فَخرج لَيْلَة الى صحن الْمدرسَة يَدُور فِيهَا اذ سمع فِي حجرَة ذَلِك الرجل فاستمع فَإِذا السَّيِّد الشريف يَقُول قَالَ الشَّارِح

كَذَا وَقَالَ الاستاذ كَذَا وَأَنا اقول كَذَا وَقرر كَلِمَات لَطِيفَة اعْجَبْ بهَا مباركشاه حَتَّى رقص من شدَّة طربه فَأذن للسَّيِّد للشريف ان يقرا وَيتَكَلَّم وَيفْعل مَا يُرِيد وسود الشريف حَاشِيَة شرح الْمطَالع هُنَاكَ وَبعد مَا قصّ الْمولى الكوراني هَذِه الْقِصَّة قَالَ للْمولى الْعَرَبِيّ انا فِي شدَّة طرب مِنْك وافتخار بك مثل طرب مباركشاه وافتخاره بالسيد الشريف ثمَّ ان الْمولى الْعَرَبِيّ وصل الى خدمَة الْمولى حضر بك ابْن جلال الدّين وَحصل عِنْده علوما كَثِيرَة ثمَّ انه صَار معيدا لَهُ بأدرنه بمدرسة دَار الحَدِيث وصنف هُنَاكَ حَوَاشِي شرح العقائد ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان مرادخان ابْن ادرخان الْغَازِي بِمَدِينَة بروسه وَاتفقَ ان جَاءَ الشَّيْخ عَلَاء الدّين من رُؤَسَاء الطَّائِفَة الخلوتية فَذهب يَوْمًا الى دَار الْمولى الْعَرَبِيّ ودق بَابه فَخرج وَسلم هُوَ عَلَيْهِ ثمَّ ادخله بَيت مطالعته وأحضر لَهُ الطَّعَام وتحدث مَعَه فِي فن التصوف فانجذب اليه الْمولى الْعَرَبِيّ انجذابا شَدِيدا حَتَّى اخْتَار صحبته على التدريس وأكمل عِنْده الطَّرِيقَة الصُّوفِيَّة حَتَّى أجَازه فِي الارشاد وَلما اجْتمع النَّاس على الشَّيْخ عَلَاء الدّين الْمَذْكُور لقُوَّة جذبته حصل مِنْهُ الْخَوْف للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان فنفاه من الْبَلَد واراد الْمولى عَلَاء الدّين ان يُجَادِل عَنهُ ويجيب لخصمائه فنفوه مَعَه فَذهب مَعَه الى بَلْدَة مغنيسا وَكَانَ اميرها وقتئذ السُّلْطَان مصطفى ابْن السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فَصَاحب هُوَ مَعَ الْمولى عَلَاء الدّين الْمَزْبُور الْعَرَبِيّ وأحبه محبَّة عَظِيمَة فشفع لَهُ الى ابيه فَأعْطَاهُ ابوه مدرسة ببلدة مغنيسا فاشتغل هُنَاكَ بِالْعلمِ غَايَة الِاشْتِغَال واشتغل ايضا بطريقة التصوف فَجمع بَين رياستي الْعلم وَالْعَمَل يحْكى عَنهُ انه سكن فَوق جبل هُنَاكَ فِي أَيَّام الصَّيف فزاره يَوْمًا وَاحِد من ائمة بعض الْقرى فَقَالَ الْمولى الْمَذْكُور اني اجد مثلك رَائِحَة النَّجَاسَة ففتش الامام ثِيَابه وَلم يجد شَيْئا فَلَمَّا أَرَادَ ان يجلس سقط من حضنه رِسَالَة وَهِي واردات الشَّيْخ بدر الدّين ابْن قَاضِي سمادنه فَنظر فِيهَا الْمولى الْمَذْكُور فَوجدَ فِيهَا مَا يُخَالف الاجماع وَقَالَ الْمولى كَانَ الرّيح الْمَذْكُور لهَذِهِ الرسَالَة فَأمره باحراقها فخالفه الامام وَلم يرض بذلك وَقَالَ لَهُ الْمولى الْمَذْكُور عَلَيْك باحراقها وَلَا يحصل لَك مِنْهَا الْخَيْر وَبينا هما فِي ذَلِك الْكَلَام ظهر من بعيد اثر النَّار فَنظر الامام وَقَالَ انها فِي قريتي ثمَّ نظر بعد ذَلِك

وَتَأمل وَقَالَ اوه انها فِي بَيْتِي فَتوجه الامام الى بَيته نَادِما على مُخَالفَته وَرُوِيَ أَنه كَانَ لبَعض ابنائه ولد فَمَرض فِي بعض الايام مَرضا شَدِيدا حَتَّى قرب من الْمَوْت فَذهب وَالِده الى بَيت الْمولى الْمَذْكُور وَهُوَ فِي الْخلْوَة الاربعينية فتضرع اليه بِأَن يذهب الى الْمَرِيض وَيَدْعُو لَهُ فَلم يرض بذلك ثمَّ ابرم عَلَيْهِ غَايَة الابرام فَخرج من الْخلْوَة وَدخل على الْمَرِيض وَهُوَ فِي آخر رَمق من الْحَيَاة فَمَكثَ سَاعَة مراقبا ثمَّ دَعَا لَهُ بالشفاء فَاسْتَجَاب الله تَعَالَى دَعوته حَتَّى قَامَ الْمَرِيض من فرَاشه فَأخذ الْمولى الْمَذْكُور بِيَدِهِ فَأخْرجهُ من الْبَيْت كَأَن لم يمسهُ مرض اصلا وعاش ذَلِك الْوَلَد بعد وَفَاة الْمولى الْمَذْكُور مُدَّة كَبِيرَة ثمَّ صَار الْمولى الْعَرَبِيّ مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنه ثمَّ باحدى الْمدَارِس الثمان وَكَانَ فِي كل جُمُعَة يقْعد فِي الْجَامِع مجْلِس الذّكر مَعَ المريدين لَهُ وَكَثِيرًا مَا يغلب عَلَيْهِ الْحَال فِي ذَلِك الْمجْلس ويغيب عَن نَفسه وَلِهَذَا كَانَ لَا يقدر على الدَّرْس يَوْم السبت ويدرس بدله يَوْم الِاثْنَيْنِ ثمَّ عين لَهُ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فِي آخر سلطنته كل يَوْم ثَمَانِينَ درهما فَلَمَّا جلس السُّلْطَان بايزيد خَان على سَرِير السلطنة غير ذَلِك وَعين لَهُ خمسين درهما وَكَانَ ذَلِك رغما من جَانب بعض الوزراء فتردد فِي الْقبُول فنصحوا لَهُ فَقبل ثمَّ جعلُوا لَهُ ثَمَانِينَ درهما ثمَّ صَار مفتيا بقسطنطينية وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم مَاتَ وَهُوَ مفت بهَا سنة احدى وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما بالعلوم الْعَقْلِيَّة والشرعية سِيمَا الحَدِيث وَالتَّفْسِير وَعلم اصول الْفِقْه وَكَانَ كتاب التَّلْوِيح فِي حفظه ويدرس مِنْهُ كل يَوْم ورقتين قَالَ الْمولى الْوَالِد كنت فِي خدمته مِقْدَار سنتَيْن وقرأت عَلَيْهِ كتاب التَّلْوِيح من الرُّكْن الاول الى آخر الْكتاب وَكَانَ يمْتَحن الطلاب فِي الْمَوَاضِع المشكلة وَيُصَرح بالاستحسان لمن اصاب قَالَ وَكَانَ رجلا طَويلا عَظِيم اللِّحْيَة قوي المزاج جدا حَتَّى انه كَانَ يجلس عِنْد الدَّرْس مَكْشُوف الرَّأْس فِي أَيَّام الشتَاء وَكَانَ لَهُ ذكر قلبِي كُنَّا نَسْمَعهُ من بعيد وَرُبمَا يغلب صَوت الذّكر من قلبه على صَوته فِي أثْنَاء تَقْرِير المسئلة وَيمْكث سَاعَة حَتَّى يدْفع صَوت قلبه ثمَّ يشرع فِي تَقْرِير كَلَامه وَكَانَ يُجَامع كل لَيْلَة مَعَ

ومنهم العالم العامل الكامل الفاضل المولى عبد الكريم

جواريه ويغتسل فِي بَيته فِي أَيَّام الشتَاء ثمَّ يُصَلِّي مائَة رَكْعَة ثمَّ ينَام سَاعَة ثمَّ يقوم للتهجد ثمَّ يطالع الى الصُّبْح وَقد ولد من صلبه سبع وَسِتُّونَ نفسا وَخلف مِنْهُم خَمْسَة عشر اَوْ نَحْو ذَلِك وَكَانَ لَا يدْخل الْحمام اصلا استحياء من ذَلِك وَلما مرض مرض الْمَوْت عَاده الوزراء الاربعة وَمَعَهُمْ طَبِيب فامر لَهُ الطَّبِيب بالاستحمام فَلم يرض بذلك فأجلسه الوزراء جبرا على سَرِير فَقبض كل وَاحِد مِنْهُم طرفا مِنْهُ وذهبوا بِهِ الى الْحمام وَله حواش على الْمُقدمَات الاربع قَرَأَهَا وَالِدي عَلَيْهِ غير بَعْضًا من الْمَوَاضِع مِنْهَا ونسختها مَضْرُوبَة فِي بعض الْمَوَاضِع وَهِي الان عِنْدِي وَكتب الْوَالِد فِي مَوَاضِع الضَّرْب ضرب بأَمْره سلمه الله وَكَانَ هُوَ اول من كتب حَاشِيَة على الْمُقدمَات الاربع ثمَّ كتب عَلَيْهِ الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ حَاشِيَة ورد عَلَيْهِ فِي بعض الْمَوَاضِع ثمَّ كتب الْمولى حسن الساميسوني ثمَّ كتب الْمولى ابْن الْخَطِيب ثمَّ كتب الْمولى ابْن الْحَاج حسن رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْكَامِل الْفَاضِل الْمولى عبد الكريم كَانَ هُوَ والوزير مَحْمُود باشا وَالْمولى اياس عبيدا لمُحَمد أغا من أُمَرَاء السُّلْطَان مرادخان الْغَازِي وَقد اتى بهم من بِلَادهمْ وهم صغَار وَالْمولى عبد الكريم والوزير مَحْمُود باشا كَانَا عدلا وَالْمولى اياس لكَونه أكبر مِنْهُمَا كَانَ هُوَ عدلا لَهما وَكَانَ يَقُول لَهما تلطفا كَمَا كنت عدلكما على الدَّابَّة فالان اعْدِلْ لَكمَا فِي الْفَضِيلَة ثمَّ نصب لَهُم مُحَمَّد آغا الْمَذْكُور معلما فأقرأهم وَأرْسل مَحْمُود الى السُّلْطَان مرادخان ووهبه السُّلْطَان مُرَاد خَان لِابْنِهِ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَنَشَأ هُوَ مَعَه وَلما انْتَهَت نوبَة السلطنة اليه جعله وزيرا وَالْمولى عبد الكريم قَرَأَ الْعُلُوم بأسرها واشتهر بالفضيلة وَقَرَأَ على الْمولى عَليّ الطوسي وَقَرَأَ ايضا على الْمولى سِنَان العجمي من تلامذة الْمولى الْفَاضِل مُحَمَّد شاه الفناري ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان الَّتِي احدثها السُّلْطَان مُحَمَّد خَان عِنْد فتح قسطنطينية ثمَّ جعله قَاضِيا بالعسكر ثمَّ عَزله وَجعله مفتيا ثمَّ مَاتَ فِي أَيَّام سلطنة السُّلْطَان بايزيدخان وَله حواش على اوائل التَّلْوِيح حكى لي بعض من حضر مجْلِس مَحْمُود باشا ان الْمولى الشهير بولدان قَالَ يَوْمًا للوزير مَحْمُود باشا

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى حسن بن عبد الصمد الساميسوني طيب الله تعالى ثراه

اني احبك محبَّة عَظِيمَة وَمن الْعجب انك تحب عبد الكريم اكثر مني قَالَ صدقت قَالَ ان عبد الكريم يَأْخُذ بِيَدِك وَيُدْخِلك الْجنَّة قَالَ ارجو ذَلِك مِنْهُ قَالَ كَيفَ قَالَ كنت رَئِيس البوابين عِنْد السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَكنت مبتلى بِشرب الْخمر وافرطت مِنْهَا لَيْلَة فجَاء فِي وَقت الصُّبْح الْمولى عبد الكريم فطهرت بَيْتِي وازلت عَنهُ الات الْخمر وبخرت الْبَيْت حَتَّى لَا يطلع عَلَيْهِ فتكلمت مَعَه سَاعَة ثمَّ قَامَ فَلَمَّا وصل الى الْبَاب وقف وَقَالَ أُكَلِّمك شَيْئا فَقَالَ انك بِحَمْد الله تَعَالَى من أهل الْعلم وَلَك منزلَة عِنْد السُّلْطَان وَعَن قريب من الزَّمَان تكون وزيرا لَهُ فَلَا يَلِيق بك ان تصب فِي باطنك هَذَا الْخَبيث قَالَ فتعرفت استحياء مِنْهُ حَتَّى ترشح الْعرق من ثوبي وَكَانَ يَوْمًا بَارِدًا وَكنت البس الثَّوْب المحشو فَكَانَ الْمولى عبد الكريم سَببا لتوبتي فَهَل احبه ام لَا فَقَالَ الْمولى ولدان وَجَبت عَلَيْك محبته فِي صميم الْقلب وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى حسن بن عبد الصمد الساميسوني طيب الله تَعَالَى ثراه كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا محبا للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين ومريدا للمشايخ المتصوفة قَرَأَ على عُلَمَاء الرّوم ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى خسرو وصل عِنْده جَمِيع الْعُلُوم اصليها وفرعيها وعقليها وشرعيها ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ انْتقل الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار معلما للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان ثمَّ جعل قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور ثمَّ اعيد الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ جعل قَاضِيا بِمَدِينَة قسطنطينية وَكَانَ مرضِي السِّيرَة محمودالطريقة فِي قَضَائِهِ وَكَانَ سليم الطَّبْع قوي الاسلام متشرعا متورعا وَكَانَ لَهُ خطّ حسن كتب بِخَطِّهِ كتبا كَثِيرَة رُوِيَ انه كتب للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان كتاب صِحَاح الْجَوْهَرِي وَله حواش على المقدامات الاربع وحواش على حَاشِيَة شرح الْمُخْتَصر للسَّيِّد الشريف وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة احدى وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى محمد بن مصطفى ابن الحاج حسن

وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى مُحَمَّد بن مصطفى ابْن الْحَاج حسن قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى يكان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ديمه توقه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ميغلغره ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة كليبولي ثمَّ مدحه الْوَزير مَحْمُود باشا عِنْد السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فَأعْطَاهُ مدرسة وَالِده السُّلْطَان مرادخان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ جعله قَاضِيا بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ أعطَاهُ احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ جعله قَاضِيا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ جعله السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فِي السّنة الَّتِي توفّي هُوَ فِيهَا قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة اناطولي وَهِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَلما جلس السُّلْطَان بايزيدخان على سَرِير السلطنة قَرَّرَهُ فِي مَكَانَهُ ثمَّ جعله قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة روم ايلي وَمَا زَالَ قَاضِيا بالعسكر الى ان مَاتَ فِي سنة احدى عشرَة وَتِسْعمِائَة وسنه قد جَاوز التسعين وَكَانَ رجلا طَويلا عَظِيم اللِّحْيَة طليق الْوَجْه متواضعا محبا للمشايخ والفقراء وَكَانَ بحرا فِي الْعُلُوم وَكَانَ محبا للْعلم وَالْعُلَمَاء وَكَانَ عَارِفًا بالعلوم الْعَقْلِيَّة والشرعية جَامعا لِلْأُصُولِ وَالْفُرُوع كتب حَاشِيَة على تَفْسِير سُورَة الانعام للعلامة الْبَيْضَاوِيّ وَكتب ايضا حَاشِيَة على الْمُقدمَات الاربع فِي التَّوْضِيح وَكتب حَاشِيَة للمحاكمة بَين الْعَلامَة الدواني والفاضل مير صدر الدّين وصنف كتابا فِي الصّرْف وَسَماهُ ميزَان التصريف وَكتب ايضا بِأَمْر السُّلْطَان كتابا عجيبا فِي اللُّغَة جمع فِيهِ غرائب اللُّغَات لَكِن لم يساعده عمره الى الاتمام فَبَقيَ نَاقِصا وَبنى بَيت التَّعْلِيم والمدرسة ومسجدا ببلدة قسطنطينية وجامعا بقرية ازادلو وقبره فِي دَار التَّعْلِيم روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل عَلَاء الدّين عَليّ بن مُحَمَّد القوشجي روح الله روحه كَانَ ابوه مُحَمَّد من خدام الامير الغ بك ملك مَا وَرَاء النَّهر وَكَانَ هُوَ حَافظ الْبَازِي وَهُوَ معنى القوشجي فِي لغتهم قَرَأَ الْمولى الْمَذْكُور على عُلَمَاء سَمَرْقَنْد وَقَرَأَ على الْمولى الْفَاضِل قَاضِي زَاده الرُّومِي وقرا عَلَيْهِ الْعُلُوم الرياضية وَقرأَهَا ايضا على الامير الغ بك وَكَانَ الامير الْمَذْكُور مائلا الى الْعُلُوم الرياضية ثمَّ

ذهب الْمولى الْمَذْكُور مختفيا الى بِلَاد كرمان فقرا هُنَاكَ على علمائها وسود هُنَاكَ شَرحه للتجريد وَغَابَ عَن الغ بك سِنِين كَثِيرَة وَلم يدر خَبره ثمَّ انه عَاد الى سَمَرْقَنْد وَوصل الى خدمَة الامير الْمَذْكُور وَاعْتذر عَن غيبته لتَحْصِيل الْعلم فَقبل عذره وَقَالَ بِأَيّ شَيْء اَوْ بِأَيّ هَدِيَّة جِئْت الي قَالَ برسالة حللت فِيهَا إِشْكَال الْقَمَر وَهُوَ اشكال تحير فِي حلّه الاقدمون قَالَ الامير الغ بك هَات بهَا انْظُر فِي أَي مَوضِع اخطات فَأتى بالرسالة فقرأها قَائِما على قَدَمَيْهِ فأعجب بهَا الغ بك ثمَّ ان الامير الغ بك بنى مَوضِع رصد سَمَرْقَنْد وَصرف فِيهِ مَالا عَظِيما وتولاه اولا غياث الدّين جمشيد من مهرَة هَذَا الْعلم فتوفاه الله تَعَالَى فِي اوائل الامر ثمَّ تولاه الْمولى قَاضِي زَاده الرُّومِي فتوفاه الله تَعَالَى قبل اتمامه وأكمله الْمولى عَليّ القوشجي فَكَتَبُوا مَا حصل لَهُم من الرصد وَهُوَ الْمَشْهُور بالزيج الْجَدِيد لالغ بك وَهُوَ احسن الزيجات وأقربها من الصِّحَّة ثمَّ انه لما توفّي الامير الغ بك وتسلطن بعض اولاده وَلم يعرف قدر الْمولى الْمَذْكُور وَنَفر قلبه عَنهُ فاستاذن لِلْحَجِّ وَلما جَاءَ الى تبريز والامير هُنَاكَ فِي ذَلِك الزَّمَان السُّلْطَان حسن الطَّوِيل فَأكْرم الْمولى الْمَذْكُور اكراما عَظِيما وارسله بطرِيق الرسَالَة الى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان ليصالح بَينهمَا وَلما اتى الى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان اكرمه اكراما عَظِيما فَوق مَا أكْرمه السُّلْطَان حسن وَسَأَلَهُ ان يسكن فِي ظلّ حمايته فَأجَاب فِي ذَلِك وعهد ان يَأْتِي اليه بعد اتمام امْر الرسَالَة فَلَمَّا ادى الرسَالَة ارسل السُّلْطَان مُحَمَّد خَان اليه من خُدَّامه فخدموه فِي الطَّرِيق وصرفوا بامره اليه فِي كل مرحلة الف دِرْهَم فَأتى مَدِينَة قسطنطينية بالحشمة الوافرة وَالنعَم المتكاثرة وَحين قدم اليه اهدى الى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان عِنْد ملاقاته رسَالَته فِي علم الْحساب وسماها المحمدية وَهِي رِسَالَة لَطِيفَة لَا يُوجد انفع مِنْهَا فِي ذَلِك الْعلم ثمَّ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان لما ذهب الى محاربة السُّلْطَان حسن الطَّوِيل اخذ الْمولى الْمَذْكُور مَعَه وصنف فِي أثْنَاء السّفر رِسَالَة لَطِيفَة فِي علم الْهَيْئَة باسم السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وسماها الرسَالَة الفتحية لمصادفتها فتح عراق الْعَجم وَلما رَجَعَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الى مَدِينَة قسطنطينية اعطاه مدرسة ايا صوفيه وَعين لَهُ كل يَوْم مِائَتي دِرْهَم وَعين لكل من

اولاده وتوابعه منصبا يرْوى انه لما نزل الى قسطنطينية كَانَ مَعَه من توابعه مِائَتَا نفس وَلما قدم الى قسطنطينية اول قدومه استقبله عُلَمَاء الْمَدِينَة وَكَانَ الْمولى خواجه زَاده اذ ذَاك قَاضِيا بهَا فَلَمَّا ركبُوا فِي السَّفِينَة ذكر الْمولى عَليّ القوشجي مَا شَاهده فِي بَحر هُرْمُز من الجزر وَالْمدّ فَبين الْمولى خواجه زَاده سَبَب الجزر وَالْمدّ ثمَّ ان الْمولى عَليّ القوشجي ذكر مباحثة السَّيِّد الشريف مَعَ الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ عِنْد الامير تيمورخان وَرجح جَانب الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ قَالَ الْمولى خواجه زَاده وَإِنِّي كنت اظن الامر كَذَلِك الا اني حققت الْبَحْث الْمَذْكُور فَظهر ان الْحق فِي جَانب السَّيِّد الشريف فَكتبت عِنْد ذَلِك فِي حَاشِيَة كتابي فَأمر لبَعض خُدَّامه باحضار ذَلِك الْكتاب عِنْد خُرُوجه من السَّفِينَة فطالع الْمولى عَليّ القوشجي تِلْكَ الْحَاشِيَة فاستحسنها فَلَمَّا لَقِي الْمولى الْمَذْكُور السُّلْطَان مُحَمَّد خَان قَالَ لَهُ السُّلْطَان كَيفَ شاهدت خواجه زَاده قَالَ لَا نَظِير لَهُ فِي الْعَجم وَالروم قَالَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان لَا نَظِير لَهُ فِي الْعَرَب ايضا يُقَال ان الْمولى عَليّ الطوسي لما ذهب الى بِلَاد الْعَجم لَقِي هُنَاكَ الْمولى عَليّ القوشجي وَقَالَ لَهُ الى ايْنَ تذْهب قَالَ الى بلادالروم قَالَ عَلَيْك بالمداراة مَعَ الكوسج يُقَال لَهُ خواجه زَاده فان مَعْلُوم الرجل عِنْده كالمجهول فَعمل الْمولى عَليّ القوشجي بوصيته وَزوج بنته من ابْن الْمولى خواجه زَاده وَزوج ايضا الْمولى خواجه زَاده بنته من ابْن بنت الْمولى عَليّ القوشجي وَهُوَ الْمولى قطب الدّين وَله من التصانيف شَرحه للتجريد وَهُوَ شرح عَظِيم لطيف فِي غَايَة اللطافة لخص فِيهِ فَوَائِد الاقدمين احسن تَلْخِيص وأضاف اليها زَوَائِد وَهِي نتائج فكره مَعَ تَحْرِير سهل وَاضح وَله الرسالتان المذكورتان المحمدية والفتحية وَله حَاشِيَة على اوائل شرح الْكَشَّاف للعلامة التَّفْتَازَانِيّ وَكتاب عنقود الزواه فِي الصّرْف سَمِعت انه من تصانيفه وَله رِسَالَة فِي مبَاحث الْحَمد حقق فِيهَا كَلِمَات السَّيِّد الشريف فِي المباحث الْمَذْكُورَة فِي حَوَاشِيه على شرح الْمطَالع وَقد جمع عشْرين متْنا فِي مجلدة وَاحِدَة كل متن من علم وَسَماهُ مَحْبُوب الحمائل وَكَانَ بعض غلمانه يحملهُ وَلَا يُفَارِقهُ ابدا وَكَانَ ينظر فِيهِ كل وَقت يُقَال انه حفظ كل مَا فِيهِ من الْعُلُوم توفّي بِمَدِينَة قسطنطينية وَدفن بجوار ابي ايوب

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى علاء الملة والدين الشيخ علي ابن مجد الدين محمد بن مسعود بن محمود بن محمد بن عمر الشاهرودي البسطامي الهروي الرازي العمري البكري الشهير بالمولى مصنفك انما لقب بذلك لاشتغاله بالتصنيف في حداثة سنه والكاف في لغة

الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الْبَارِي وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى عَلَاء الْملَّة وَالدّين الشَّيْخ عَليّ ابْن مجد الدّين مُحَمَّد بن مَسْعُود بن مَحْمُود بن مُحَمَّد بن عمر الشاهرودي البسطامي الْهَرَوِيّ الرَّازِيّ الْعمريّ الْبكْرِيّ الشهير بالمولى مصنفك انما لقب بذلك لاشتغاله بالتصنيف فِي حَدَاثَة سنه وَالْكَاف فِي لُغَة الْعَجم للتصغير وَهُوَ رَحمَه الله من اولاد الامام فَخر الدّين الرَّازِيّ قدس الله روحه وَأقر فِي الْجنَّة فتوحه وَرفع نسبه اليه فِي بعض تصانيفه وَقَالَ كَانَ للامام الرَّازِيّ رَحمَه الله ولدا اسْمه مُحَمَّد وَكَانَ الامام يُحِبهُ كثيرا وَأكْثر تصانيفه صنف لاجله وَقد ذكر اسْمه فِي بَعْضهَا وَمَات مُحَمَّد فِي عنفوان شبابه وَولد لَهُ ولد بعد وَفَاته وسموه ايضا مُحَمَّدًا وَبلغ رُتْبَة ابيه فِي الْعلم ثمَّ مَاتَ وَخلف ولدا اسْمه مَحْمُود وَبلغ هُوَ ايضا رُتْبَة الْكَمَال ثمَّ عزم على سفر الْحجاز وَخرج من هراة وَلما وصل الى بسطَام اكرمه اهلها لمحبتهم الْعلمَاء سِيمَا اولاد فَخر الدّين الرَّازِيّ فَأَقَامَ هُنَاكَ بِحرْمَة وافرة وَخلف ولدا اسْمه مَسْعُود وسعى هُوَ ايضا فِي تَحْصِيل الْعلم لكنه لم يبلغ رُتْبَة آبَائِهِ وقنع برتبة الْوَعْظ لانه لم يُهَاجر وَطنه وَخلف ولدا اسْمه مُحَمَّد ايضا وَحصل هُوَ من الْعُلُوم مَا يَقْتَدِي بِهِ اهل تِلْكَ الْبِلَاد ثمَّ خلف ولدا اسْمه مجد الدّين مُحَمَّد وَصَارَ هُوَ ايضا مقتدى النَّاس فِي الْعلم وَهُوَ وَالِدي وشاهرود قَرْيَة قريبَة من بسطَام وبسطام بَلْدَة من بِلَاد خُرَاسَان وينسب الى عمر ابْن الْخطاب وابي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا لَان الامام الرَّازِيّ كَانَ يُصَرح فِي مصنفاته بِأَنَّهُ من اولاد عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَذكر اهل التَّارِيخ انه من اولاد ابي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ ولد الْمولى مصنفك فِي سنة ثَلَاث وَثَمَانمِائَة وسافر مَعَ اخيه الى هراة لتَحْصِيل الْعُلُوم فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة وصنف شرح الارشاد فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَشرح الْمِصْبَاح فِي النَّحْو سنة خمس وَعشْرين وَشرح آدَاب الْبَحْث فِي سنة سِتّ وَعشْرين باشارة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَشرح اللّبَاب فِي سنة ثَمَان وَعشْرين وَشرح المطول فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَشرح شرح الْمِفْتَاح للعلامة التَّفْتَازَانِيّ فِي سنة ارْبَعْ وَثَلَاثِينَ

وصنف حَاشِيَة التَّلْوِيح فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَشرح الْبردَة فِي هَذِه السّنة ايضا وَكَذَا شرح فِيهَا القصيدة الروحية لِابْنِ سينا ثمَّ ارتحل فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ الى هراة وَشرح هُنَاكَ الْوِقَايَة وَشرح الْهِدَايَة فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وصنف فِي هَذِه السّنة ايضا حدائق الايمان لأهل الْعرْفَان ثمَّ ارتحل فِي سنة ثَمَان واربعين الى ممالك الرّوم وصنف هُنَاكَ فِي سنة خمسين وَثَمَانمِائَة شرح المصابيح لِلْبَغوِيِّ باشارة حَضْرَة الرسَالَة صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَشرح فِي تِلْكَ السّنة ايضا شرح الْمِفْتَاح للسَّيِّد الشريف وصنف فِي هَذِه السّنة ايضا حَاشِيَة شرح الْمطَالع وَأَيْضًا شرح بَعْضًا من اصول فَخر الاسلام الْبَزْدَوِيّ وصنف فِي سنة سِتّ وَخمسين شرح الْكَشَّاف للزمخشري وصنف من الْكتب على اللِّسَان الْفَارِسِي انوار الاحداق وَحَدَائِق الايمان وتحفة السلاطين وصنف فِي تَارِيخ احدى وَسِتِّينَ كتاب التُّحْفَة المحمودية صنفه لاجل الْوَزير مَحْمُود باشا على اللِّسَان الْفَارِسِي فِي نصيحة الوزراء وَذكر مَا قدمْنَاهُ من احواله فِي الْكتاب الْمَذْكُور وَذكر فِيهِ انه عزم ان لَا يصنف شَيْئا بعده اعتذارا عَنهُ بكبر السن سِيمَا الْكتب الفارسية وَكَانَ سنه اذ ذَاك على مَا ذكره فِي ذَلِك الْكتاب ثمانيا وَخمسين الا ان لَهُ تصانيف أخر غير مَا ذكره وَلم ندر انه نقض عزيمته وصنفها بعد ذَلِك التَّارِيخ اَوْ صنف قبله وَلم يذكر عِنْد ذكر مصنفاته وَذَلِكَ كالتفسير الْفَارِسِي وَلَقَد اجاد فِي ترتيبه وَاعْتذر هُوَ عَن تاليفه على ذَلِك اللِّسَان وَقَالَ كتبته بامر السُّلْطَان مُحَمَّد خَان والمأمور مَعْذُور وَله ايضا شرح الشمسية على اللِّسَان الْفَارِسِي وَله ايضا حَاشِيَة على شرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة وحاشية على شرح العقائد وَغير ذَلِك قرا الْعُلُوم الادبية على الْمولى جلال الدّين يُوسُف الاوبهي من تلامذة الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ وقرا ايضا على الْفَاضِل الْعَلامَة قطب الْملَّة وَالدّين احْمَد بن مُحَمَّد بن مَحْمُود الامام الْهَرَوِيّ من تلامذة الْمولى جلال الدّين يُوسُف الْمَذْكُور آنِفا وَقَرَأَ فقه الشَّافِعِي على الامام الْهمام عبد الْعَزِيز بن الابهري وَقَرَأَ فقه ابي حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ على الامام نصيح الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد عَلَاء الدّين وَلما اتى بِلَاد الرّوم صَار مدرسا بقونية ثمَّ عرض لَهُ الصمم فَأتى بَلْدَة قسطنطينية فِي أَيَّام وزارة مَحْمُود باشا

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى سراج الدين محمد بن عمر الحلبي

وَعرضه على السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانِينَ درهما ثمَّ مَاتَ بقسطنطينية فِي سنة خمس وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَدفن عِنْد مَزَار ابي ايوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الْملك الْبَارِي رُوِيَ انه قَالَ لقِيت بعض الْمَشَايِخ من بِلَاد الْعَجم وَجرى بَيْننَا مباحثة واغلظت عَلَيْهِ فِي القَوْل فِي اثنائها فَلَمَّا انْقَطع الْبَحْث قَالَ لي اسأت الادب عِنْدِي وانك تجازى بالصمم وَبِأَن لَا يبْقى بعْدك عقب وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى يَقُول قد لَحِقَنِي الصمم الا ان لي بنتين وَكَأن الْبِنْت لَا تسمى عقبا وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى شَيخا على طَريقَة الصُّوفِيَّة ايضا واجيز لَهُ بالارشاد من بعض خلفاء زين الدّين الحافي قدس سره وَكَانَ جَامعا بَين رياستي الْعلم وَالْعَمَل وَكَانَ صَاحب شيبَة عَظِيمَة وَكَانَ يلبس عباء وعَلى ر أسه تَاج رُوِيَ انه حضر يَوْمًا مجْلِس الْوَزير مَحْمُود باشا وَحضر ايضا الْمولى حسن جلبي الفناري فَذكر حسن جلبي تصانيف الْمولى مصنفك عِنْد الْوَزير مَحْمُود باشا وَقَالَ قد رددت عَلَيْهِ فِي كثير من الْمَوَاضِع وَمَعَ ذَلِك قد فضلته عَليّ فِي المنصب وَكَانَ الْمولى حسن جلبي لم ير شخص الْمولى مصنفك قبل وَقَالَ الْوَزير مَحْمُود باشا هَل رايت الْمولى مصنفك قَالَ قَالَ هَذَا هُوَ واشار الى الْمولى مصنفك فَخَجِلَ الْمولى حسن جلبي من كَلَامه فِي حَقه خجلا قَوِيا وَقَالَ الْوَزير مَحْمُود باشا لَا تخجل ان لَهُ صمما لَا يسمع كلَاما اصلا وَكَانَ المرحوم سريع الْكِتَابَة يكْتب كل يَوْم كراسا من تصانيفه وَغَيرهَا وَكَانَ يدرس للطلبة بِالْكِتَابَةِ يَكْتُبُونَ اليه مَوَاضِع الاشكال فَيكْتب حل كل مِنْهَا فِي ورقة ويدفعها الى صَاحب الاشكال روح الله تَعَالَى روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى سراج الدّين مُحَمَّد بن عمر الْحلَبِي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من نواحي حلب وَلما أغار تيمور خَان على الْبِلَاد الحلبية أَخذه مَعَه الى مَا وَرَاء النَّهر وَقَرَأَ هُنَاكَ على علمائها ثمَّ اتى بِلَاد الرّوم فِي زمن السُّلْطَان مرادخان وأكرمه السُّلْطَان ونصبه معلما لِابْنِهِ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان ثمَّ اعطاه مدرسة بأدرنه وَتلك الْمدرسَة مشتهرة بالانتساب اليه الى الان ودرس فَأفَاد وصنف فأجاد وَكَانَ سريع الْكِتَابَة وَسمعت بعض احفاده انه قَالَ اكثر الْكتب الَّتِي عندنَا بِخَط جدي وَله حواش على الشَّرْح الْمُتَوَسّط للكافية وحواش

ومنهم العالم الفاضل المولى محيي الدين درويش محمد بن خضر شاه

على شرح الطوالع للسَّيِّد العبري توفّي رَحمَه الله تَعَالَى وَهُوَ مدرس بِالْمَدْرَسَةِ المزبورة فِي أَوَائِل سلطنة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى محيي الدّين درويش مُحَمَّد بن خضر شاه وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مدرسا بسلطانية بروسه وَقَرَأَ وَالِدي عَلَيْهِ وَكَانَ يَحْكِي من فضائله وزهده وتقواه مَالا يُمكن وَصفه وَكَانَ يلبس عباءة ويلف رَأسه بشملة وَيذْهب من بَيته الى الْمدرسَة مَاشِيا قَالَ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى لما مر السُّلْطَان مُحَمَّد خَان بِمَدِينَة بروسه لقصد محاربة السُّلْطَان حسن الطَّوِيل استقبله الْمولى الْمَذْكُور على حِمَاره ووقف فِي جنب الطَّرِيق وَلما مر عَلَيْهِ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان سلم عَلَيْهِ الْمولى الْمَذْكُور ثمَّ رَجَعَ وَقَالَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَكَانَ جَهورِي الصَّوْت أَلَيْسَ هَذَا درويش مُحَمَّد قَالَ الْوَزير مَحْمُود باشا بلَى هُوَ ذَاك قَالَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان للوزير اِدَّرَكَ خَلفه واوصه بِالدُّعَاءِ وَكَانَ الْوَالِد المرحوم يَقُول كَانَ الْمولى الْمَذْكُور مجاب الدعْوَة وَكَانَ هُوَ مَشْهُورا بذلك عِنْد السُّلْطَان وَالنَّاس وَكَانُوا يتبركون بأنفاسه الشَّرِيفَة وَكَانَ من عَادَته ان يحلق رَأسه فِي السّنة مرّة وَاخْتَارَ لذَلِك يَوْم عَاشُورَاء وَكَانَ النَّاس يَجْتَمعُونَ فِي ذَلِك الْيَوْم على بَابه وَيَأْخُذُونَ من شعره ويداوون بِهِ المرضى قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى وَرُبمَا يَجِيء بعض النَّاس وَهُوَ فِي الدَّرْس ويلتمسون من شعره لاجل المرضى وَكَانَ يكْشف لَهُم رَأسه فَيَأْخُذُونَ من شعره قَالَ وَلَقَد سرق كتاب لبَعض الطّلبَة فَأمر الْمولى الْمَذْكُور ان يجْتَمع عِنْده من بِالْمَدْرَسَةِ من الطّلبَة والمتأدبين فَنظر اليهم نظرة وَقَالَ لوَاحِد من التأدبين هَات الْكتاب فَأنْكر الرجل واستبعد ذَلِك كل من حضر لاعتقادهم لذَلِك الرجل بالصلاح وَقَالَ فتشوا حجرته ففتشوا فوجدوا الْكتاب فِي حجرته فَقَالَ لَهُ تب من هَذَا الْفِعْل فَتَابَ عِنْده وَقَالَ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ الْمولى الْمَذْكُور ثقيل اللِّسَان لَا يحسن تجويد الْقُرْآن وَلذَلِك كَانَ لَا يؤم فِي الصَّلَاة اصلا قَالَ وَقد سقط الْمولى الْمَذْكُور من السَّطْح وَمَات من ذَلِك روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه

ومنهم العالم العامل والكامل الفاضل المولى اياس

وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والكامل الْفَاضِل الْمولى اياس قرا الْعُلُوم على الْمولى الاياثلوغي وَكَانَ شَرِيكا عِنْده للْمولى خواجه زَاده وَقَرَأَ على الْمولى حضر بك وَهُوَ مدرس بسلطانية بروسه وَكَانَ معلما للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَهُوَ صَغِير ثمَّ لحقته الجذبة الالهية حَتَّى وصل الى خدمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ تَاج الدّين المارذكره الشريف فِي تَرْجَمَة الْمَشَايِخ فِي دولة السُّلْطَان مُرَاد خَان من خلفاء الشَّيْخ عبد اللطيف الْمَقْدِسِي حَتَّى أكمل طَرِيق الصُّوفِيَّة واجازه للارشاد ثمَّ انه سكن ببلدة بروسه وَانْقطع الى الله تَعَالَى وَصرف اوقاته الى الْعلم وَالْعِبَادَة الى ان وصل الى رَحْمَة الله تَعَالَى وَكَانَ لَهُ اهتمام عَظِيم فِي تَصْحِيح الْكتب وَكِتَابَة الْفَوَائِد فِي حواشيها وَهُوَ مشتهر بذلك حَتَّى انه كَانَ يصحح المختصرات والمطولات من الْكتب الْمَشْهُورَة ثمَّ يعمد الى نسخ اخرى مِنْهَا ويصححها كالنسخ الاول وَقد وجد عِنْده نسخ ثَلَاث من كتاب وَاحِد صحّح كلا مِنْهَا من اوله الى آخِره وحشاه وَحكى لي وَاحِد من الاشراف وَكَانَ شَيخا عَارِفًا بِاللَّه انه حج مَعَ شَيْخه قَالَ قَالَ لي شَيْخي وَنحن متوجهون الى عَرَفَات يَا وَلَدي ان قطب الزَّمَان يقوم بِعَرَفَات على يَمِين الامام فَانْظُر كَيفَ يعرف القطب فَنَظَرت فَإِذا هُوَ الْمولى اياس وَكَانَ فِي تِلْكَ السّنة بِمَدِينَة بروسه فَأخْبرت بِهِ شَيْخي فَنظر فصدقني وَلما قَفَلْنَا من الْحَج مَرَرْنَا على مَدِينَة بروسه فَاسْتقْبلنَا اهلهما فَسَأَلَنِي وَاحِد مِنْهُم وَقَالَ هَل رَأَيْت القطب بِعَرَفَات قلت نعم هُوَ الْمولى اياس السَّاكِن ببلدتكم فَفِي تِلْكَ اللَّيْلَة مَرضت مَرضا شَدِيدا حَتَّى شارفت الْمَوْت ثمَّ من الله تَعَالَى عَليّ بالخلاص فَفِي غَد تِلْكَ اللَّيْلَة ذهب شَيْخي الى مَوْلَانَا اياس للزيارة وأخذني مَعَه وَلما دَخَلنَا على الْمولى اياس نظر الي وَقَالَ من هُوَ قَالَ الشَّيْخ من اولادي قَالَ اشاع سري وَقد تضرعت اللَّيْلَة ان يقبض الله روحه فشفع مُحَمَّد صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَقد علمت انه من اولاد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى اولاده ثمَّ قَالَ افشاء السِّرّ خطر عَظِيم فاحذر مِنْهُ

ومنهم العالم العامل الكامل الفاضل خواجه خير الدين معلم السلطان محمد خان

وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْكَامِل الْفَاضِل خواجه خير الدّين معلم السُّلْطَان مُحَمَّد خَان قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى المرحوم حضر بك ابْن جلال الدّين ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار معلما للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَبنى جَامعا ومدرسة فِي مَدِينَة قسطنطينية وَكَانَ عَالما فَاضلا متفننا لذيذ الصُّحْبَة حسن النادرة طريف الطَّبْع قَالَ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى ان الْمولى الْمَذْكُور قَرَأَ على وَالِدي وَعِنْدِي كتاب شرح المواقف بعضه بِخَط جدي وَبَعضه بِخَط غَيره قَالَ الْمولى الْوَالِد كتب هَذِه الاجزاء الْمولى خواجه خير الدّين الْمَذْكُور لوالدي عِنْد قِرَاءَته عَلَيْهِ وَهُوَ خطّ مطبوع صَحِيح غَايَة الصِّحَّة توفّي رَحمَه الله تَعَالَى عَلَيْهِ فِي آخر سلطنة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى حميد الدّين بن افضل الدّين الْحُسَيْنِي روح الله تَعَالَى روحهما وأوفر فتوحهما كَانَ عَالما عَاملا وَكَانَ لَهُ جَانب عَظِيم من الْفضل والورع وَالتَّقوى وَكَانَ حَلِيم النَّفس صبورا على الشدائد متخشعا متواضعا قَرَأَ اولا على وَالِده وَهُوَ ايضا كَانَ عَالما صَالحا عابدا زاهدا قانعا صبورا ثمَّ قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى يكان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان مُرَاد خَان ابْن اودخان الْغَازِي بِمَدِينَة بروسه وعزل عَنْهَا فِي اوائل سلطنة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وأتى هُوَ الى مَدِينَة قسطنطينية وبينما هُوَ يمر فِي بعض طرقها اذ لَقِي السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَهُوَ ماش فِي عدَّة من غلمانه وَكَانَ من عَادَته ذَلِك قَالَ فعرفته وَنزلت عَن فرسي ووقفت فَسلم عَليّ وَقَالَ انت ابْن افضل الدّين قَالَ قلت نعم قَالَ احضر الدِّيوَان غَدا قَالَ فَحَضَرت وَلما دخل الوزراء عَلَيْهِ قَالَ جَاءَ ابْن افضل الدّين قَالُوا نعم قَالَ اعطيته مدرسة وَالِدي السُّلْطَان مُرَاد خَان بِمَدِينَة بروسه وعينت لَهُ كل يَوْم خمسين درهما وَطَعَامًا يَكْفِيهِ من مطبخ عِمَارَته فَلَمَّا دخلت عَلَيْهِ وَقبلت يَده اوصاني بالاشتغال بِالْعلمِ وَقَالَ انا لَا اغفل عَنْك قَالَ فاشتغلت بِتِلْكَ لمدرسة وَسَقَطت لحيتي من كَثْرَة الِاشْتِغَال حَتَّى اتهمني بعض الاعداء بِمَرَض

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى سنان الدين يوسف بن المولى حضر بك ابن جلال الدين رحمهم الله تعالى

هائل قَالَ فَكتبت هُنَاكَ اجوبة عَن اعتراضات الشَّيْخ اكمل الدّين فِي شَرحه للهداية قَالَ ثمَّ انه اعطاني السُّلْطَان مُحَمَّد خَان اُحْدُ الْمدَارِس الثمان فَذهب هُوَ الى الْغَزْوَة وَوَقع فِي قسطنطينية طاعون عَظِيم فَخرجت بأولادي الى بعض الْقرى قَالَ وَكنت الازم مِنْهَا الى قسطنطينية وأدرس كل يَوْم من الايام الْمُعْتَادَة من ارْبَعْ كتب مَعَ اهتمام عَظِيم بِحَيْثُ لَا يُمكن الْمَزِيد عَلَيْهِ وَلما رَجَعَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان من الْغَزْوَة استقبلته فَلَمَّا رَآنِي قَالَ ادن مني فَلَمَّا دَنَوْت مِنْهُ قَالَ لي سَمِعت انك تسكن بَعْضًا من الْقرى وتلازم الدَّرْس من اربعة كتب مَعَ كَمَال الاهتمام وَأَنت اديت مَا عَلَيْك وَبَقِي مَا عَليّ واهدي الى كل من عُلَمَاء الْبَلَد اسيرا وَأهْدى الى ابْن افضل الدّين اسيرين ثمَّ جعله قَاضِيا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مفتيا بهَا فِي أَيَّام السُّلْطَان بايزيد خَان وَمَات وَهُوَ مغت بهَا فِي سنة ثَمَان وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى رجلا صبورا لَا يرى مِنْهُ الْغَضَب حكى الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى انه قَالَ حضرت فِي مجْلِس قَضَائِهِ فتحاكمت اليه امْرَأَة مَعَ رجل فَحكم الْمولى الْمَذْكُور للرجل فأطالت الْمَرْأَة لسانها عَلَيْهِ واساءت القَوْل فِيهِ فَصَبر على ذَلِك وَمَا زَاد على ان قَالَ لَا تتعبي نَفسك حكم الله تَعَالَى لَا يُغير وان شِئْت ان اغضب عَلَيْك فَلَا تطمعي فِيهِ وَحكى استاذي الْمولى محيي الدّين الفناري انه قَرَأَ عَلَيْهِ مُدَّة كَثِيرَة وَشهد لَهُ بِأَنَّهُ لم يجد مسئلة من الْمسَائِل شَرْعِيَّة اَوْ عقلية الا وَهُوَ يحفظها قَالَ وَلَو ضَاعَت كتب الْعُلُوم كلهَا لامكن ان يكْتب كلهَا من حفظه وَله حواش على شرح الطوالع للأصفهاني وَهِي مَقْبُولَة متداولة وحواش على حَاشِيَة شرح الْمُخْتَصر للسَّيِّد الشريف وَهِي ايضا مَقْبُولَة عِنْد العلماءر وح الله تَعَالَى روحه وَزَاد فِي أَعلَى غرف الْجنان فتوحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى سِنَان الدّين يُوسُف بن الْمولى حضر بك ابْن جلال الدّين رَحِمهم الله تَعَالَى كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا كثير الِاطِّلَاع على الْعُلُوم عقلياتها وشرعياتها وَكَانَ ذكيا فِي الْغَايَة يتوقد ذكاء وفطنة وَكَانَ لحدة ذهنه وَقُوَّة فطنته يغلب على طبعه الشريف ايراد الشكوك والشبهات وقلما يلْتَفت الى تَحْقِيق الْمسَائِل وَلِهَذَا

كَانَ يلومه وَالِده عَلَيْهِ يرْوى انه كَانَ يَأْكُل مَعَه اللَّحْم يَوْمًا فِي طبق فلامه على ميله الى الشكوك وَقَالَ بلغ بك الشكوك الى مرتبَة يُمكن ان تشك فِي ان هَذَا الظّرْف من نُحَاس قَالَ يُمكن ذَلِك لَان للحواس اغاليط فَغَضب وَالِده عَلَيْهِ وَضرب بالطبق على رَأسه وَلما مَاتَ وَالِده كَانَ هُوَ فِي جوَار الْعشْرين من سنه فَأعْطَاهُ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان مدرسة بأدرنه ثمَّ اعطاه مدرسة دَار الحَدِيث بأدرنه ثمَّ جعله معلما لنَفسِهِ وَمَال الى صحبته وَكَانَ لَا يُفَارِقهُ وَلما جَاءَ الْمولى عَليّ القوشجي الى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان حرض السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الْمولى سِنَان باشا على تعلم الْعُلُوم الرياضية مِنْهُ فَأرْسل هُوَ الْمولى لطفي وَكَانَ من تلامذته فِي ذَلِك الْوَقْت الى الْمولى عَليّ القوشجي فَقَرَأَ هُوَ على الْمولى عَليّ القوشجي الرياضية وَأخْبر كل مَا سمع مِنْهُ للْمولى سِنَان باشا حَتَّى أكمل الْعُلُوم الرياضية كلهَا وَكتب بِأَمْر السُّلْطَان مُحَمَّد خَان حَوَاشِي على شرح الجغميني لقَاضِي زَاده الرُّومِي ثمَّ جعل السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الْمولى الْمَذْكُور وزيرا وتقرب عِنْده غَايَة التَّقَرُّب فَطلب السُّلْطَان مُحَمَّد خَان يَوْمًا رجلا من الْعلمَاء يكون امينا على خَزَنَة كتبه فَذكر عِنْده الْمولى لطفي فَجعله امينا على تِلْكَ الخزانة ووقف هُوَ بواسطته على لطائف الْكتب وغرائب الْعُلُوم مَعَ انه وَقع بَينه وَبَين السُّلْطَان مُحَمَّد خَان امْر كَانَ سَببا لعزله وحبسه لما سَمعه عُلَمَاء الْبَلدة اجْتَمعُوا فِي الدِّيوَان العالي وَقَالُوا لَا بُد من اطلاقه من الْحَبْس والا نحرق كتبنَا فِي الدِّيوَان العالي ونترك مملكتك فَأخْرجهُ وَسلمهُ اليهم وَلما سكنوا اعطاه قَضَاء سفر يحصار مَعَ مدرسته وَأخرجه فِي ذَلِك الْيَوْم من قسطنطينية فَخرج وَلما وصل الى ازنيق ارسل خَلفه طَبِيبا ووقال عالجه لقدا ختل عقله فَأعْطَاهُ الطَّبِيب الْمَذْكُور شربة وَضرب كل يَوْم خمسين عَصا فَلَمَّا سَمعه الْمولى ابْن حسام الدّين ارسل كتابا الى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَقَالَ لَهُ اما ان ترفع هَذَا الظُّلم واما ان اخْرُج من مملكتك فَرفع عَنهُ الظُّلم الْمَذْكُور وَذهب هُوَ الى سفريحصار وَأقَام هُنَاكَ بِمَا لَا يُمكن شَرحه من الكآبة والحزن وَمَات السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَهُوَ فِيهَا وَلما جلس السُّلْطَان بايزيد خَان على سَرِير السلطنة أعطَاهُ مدرسته دَار الحَدِيث بأدرنه وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم وَكتب

هُنَاكَ حَوَاشِي على مبَاحث الْجَوَاهِر من شرح المواقف وَأورد اسئلة كَثِيرَة على السَّيِّد الشريف حَتَّى انه يُورد سؤالين اَوْ ثَلَاثَة فِي سطر وَاحِد فنصحه بعض اصحابه وَقَالَ لَا بُد من انتخاب تِلْكَ الاسئلة لَان السَّيِّد رفيع الشَّأْن فَأذن للطلبة ان يطالعوا تِلْكَ الاسئلة فأسقط مِنْهَا مَا اجابوا عَنهُ ثمَّ تقاعد عَن المناصب فِي شهر رَمَضَان الْمُبَارك فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم عَن محصول سرخانه ثمَّ اعطاه فِي شهر ذِي الْقعدَة فِي السّنة الْمَذْكُورَة تيمارا على وَجه الضميمة ثمَّ صَار فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة امير كليبولي وَله كتاب بالتركية فِي مُنَاجَاة الْحق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وانه انشاء لطيف اظهر فِيهِ شوقه الْعَظِيم الى جَانب الْحق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَكتاب آخر بالتركية ايضا فِي مَنَاقِب الاولياء ثمَّ انه مَاتَ بقسطنطينة وَدفن بجوار ابي ايوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الْملك الْبَارِي فِي سنة احدى وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَلم يُوجد لَهُ فِي بَيته حطب يسخن بِهِ المَاء وَذَلِكَ لافراطه فِي السخاء ووصوله الى حد السَّرف وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى محبا للمشايخ يلازمهم ويستمد مِنْهُم سِيمَا الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء قدس سره الْعَزِيز وَحكي ان الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء كَانَ يجْهر بالبسملة وَكَانَ حَنَفِيّ الْمَذْهَب فَجمع الْمولى الكوراني عُلَمَاء قسطنطينية فِي الْجَامِع وَهُوَ مفت بهَا ليحضروا الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء ويمنعوه عَن الْعَمَل بِخِلَاف الْمَذْهَب فَاجْتمعُوا وَكَانُوا ينتظرون الْمولى سِنَان باشا فَلَمَّا حضر هُوَ قَالَ مَا الدَّاعِي الى هَذَا الِاجْتِمَاع فَبين الْمولى الكوراني سَببه فَقَالَ هُوَ إِذا حضر الرجل وَقل اني اجتهدت فِي هَذِه المسئلة فَأدى اجتهادي الى الْجَهْر بالبسملة احضروا لَهُ الْجَواب قَالَ لَهُ الْمولى الكوراني امجتهد هُوَ قَالَ نعم انه يعلم التَّفْسِير بالبطون السَّبْعَة ويحفظ من السّنة الصِّحَاح السِّتَّة وَهُوَ عَارِف بشرائط الِاجْتِهَاد وَالْقَوَاعِد الاصولية قَالَ الْمولى الكوراني انت تشهد بِهَذَا قَالَ نعم قَالَ للحاضرين قومُوا فَمن كَانَ لَهُ مثل هَذَا الشَّاهِد لَا يَنْبَغِي ان يُعَارض فَتَفَرَّقُوا عَن الْمجْلس

ومنهم العالم العامل الفاضل الكامل المولى يعقوب باشا ابن المولى حضربك بن جلال الدين

وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى يَعْقُوب باشا ابْن الْمولى حضربك بن جلال الدّين كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما صَالحا محققا متدينا صَاحب الاخلاق الحميدة وَكَانَ مدرسا بسلطانية بروسه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ استقضي بِمَدِينَة بروسه وَمَات وَهُوَ قَاض بهَا فِي سنة احدى وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَله حواش على شرح الْوِقَايَة لصدرا لشريعة اورد فِيهَا دقائق وأسئلة مَعَ الايجاز فِي التَّحْرِير وَهِي مَقْبُولَة عندالعلماء وَرَأَيْت لَهُ نُسْخَة من شرح المواقف للسَّيِّد الشريف كتب فِي حَوَاشِيه كَلِمَات كَثِيرَة واسئلة لَطِيفَة وَأكْثر حَوَاشِي الْمولى حسن جبلي مَأْخُوذَة مِنْهَا وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْكَامِل الْفَاضِل احْمَد باشا ابْن الْمولى حضربك بن جلال الدّين كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا سليم النَّفس متواضعا محبا للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَلما بنى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الْمدَارِس الثمان اعطاه وَاحِدَة مِنْهَا وسنه اذ ذَاك دون الْعشْرين وَعين لَهُ كل يَوْم اربعين درهما ثمَّ عزل اخوه سِنَان باشا عَن الوزارة وعزل هُوَ عَن التدريس الْمَذْكُور واعطي هُوَ مدرسة بَلْدَة اسكوب وقضاءها وَلما جلس السُّلْطَان بايزيدخان على سَرِير السلطنة اعطاه احدى المدرستين المتجاورتين بِمَدِينَة ادرنه ثمَّ اعطاه احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ جعله مفتيا بِمَدِينَة بروسه وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم وَضم اليه قَرْيَة قريبَة من بروسه وعاش هُنَاكَ مُدَّة متطاولة حَتَّى جَاوز سنه التسعين وَله مدرسة فِي بروسه فِي قرب الْجَامِع الْكَبِير وَتلك الْمدرسَة مَشْهُورَة بالانتساب اليه الان وَله كتب مَوْقُوفَة على الْمدَارِس وَمَات فِي سنة سبع وَعشْرين وَتِسْعمِائَة وقبره فِي جوَار الامير البُخَارِيّ عَلَيْهِ رَحْمَة الْملك الْبَارِي وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى صَلَاح الدّين كَانَ مدرسا فِي بعض الْمدَارِس ثمَّ نَصبه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان معلما لِابْنِهِ السُّلْطَان بايزيدخان وَقَرَأَ على شرح العقائد وَكتب لاجله حَوَاشِي عَلَيْهِ وَقَرَأَ

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى عبد القادر

ايضا شرح هِدَايَة الْحِكْمَة لمولاناه زَاده وَكتب عَلَيْهِ ايضا حَوَاشِي لاجله وكلتا الحاشيتين مقبولتان عِنْد الْعلمَاء وتتداولهما ايدي الطلاب وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عابدا صَالحا غَايَة الصّلاح مبارك النَّفس كريم الاخلاق ثمَّ صَار مدرسا بسلطانية بروسه وَتُوفِّي بهَا روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى عبد القادر كَانَ اصله من قَصَبَة اسبارته من ولَايَة حميد قرا على عُلَمَاء عصره حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى الْعَالم الْفَاضِل الْمولى عَليّ الطوسي رُوِيَ انه كَانَ شَرِيكا مَعَ الْمولى الْفَاضِل الخيالي ثمَّ تولى بعض المناصب حَتَّى صَار معلما للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان وتقرب عِنْده حَتَّى حسد عَلَيْهِ الْوَزير مَحْمُود باشا وَفِي بعض الايام استدعاه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان ليصاحبه وَكَانَ فِي مزاجه فتور فتعلل بذلك وَقَالَ لَهُ بعض اصحابه ان فِي الحديقة الْفُلَانِيَّة جمعا كثيرا من الظرفاء ونلتمس مِنْك ان تذْهب اليهم حَتَّى يتفرج خاطرك يتخفف مزاجك وَمَال الْمولى الْمَزْبُور الى قَوْله فَذهب مَعَه الى تِلْكَ الحديقة يرْوى ان ذَلِك التَّرْغِيب من ذَلِك الْبَعْض فِي الذّهاب الى ذَلِك الْمجْلس كَانَ بِمُبَاشَرَة الْوَزير محود باشا فَقَالَ الْوَزير الْمَزْبُور للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان انه تعلل فِي صحبتك وَذهب مَعَ الظرفاء الى الحديقة الْفُلَانِيَّة فتفحص عَنهُ السُّلْطَان فتحقق عِنْده مَا قَالَ الْوَزير فَعَزله فِي ذَلِك الْيَوْم وأبعده عَن حَضرته وَذهب الى وَطنه فَلم يلبث الا قَلِيلا حَتَّى مرض وَمَات من ذَلِك الْمَرَض فِي وَطنه رُوِيَ انه كَانَ ذَاهِبًا مَعَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الى محاربة بعض مُلُوك الْعَجم وَلَعَلَّه الامير حسن الطَّوِيل وَلما اجتاز بقونية استقبله علماؤها فَقَالَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان للْمولى الْمَذْكُور وَكَانَ رَاكِبًا مَعَه قد اضناك السّفر انْظُر الى هَؤُلَاءِ الْعلمَاء وَقُوَّة مزاجهم فَأَنْشد الْمولى الْمَذْكُور عِنْد ذَلِك بَيْتا بِالْفَارِسِيَّةِ ... اسب نازي اكر ضَعِيف بود ... همجنان از طَوِيلَة خربة ... وَمَعْنَاهُ الْفرس الْعَرَبِيّ وان كَانَ نحيفا فَهُوَ اجود من جمَاعَة الْحمر فَضَحِك السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَاسْتحْسن جَوَابه وَرُوِيَ ان الْمولى الْمَذْكُور كَانَ يتمدح عِنْد السُّلْطَان مُحَمَّد خَان بِأَن الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ وَالسَّيِّد الْجِرْجَانِيّ لَو كَانَ حيين يحْملَانِ

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى علاء الدين علي بن يوسف بالي ابن المولى شمس الديي الفناري

قدامه غاشية سَرْجه فاشمأز بِهِ خاطر السُّلْطَان من هَذَا الْكَلَام وَأمره بالمباحثة مَعَ الْمولى خواجه زَاده فاجتمعا عِنْد السُّلْطَان الْمَذْكُور فأفحمه الْمولى خواجه زَاده روح الله روحهما وَنور ضريحهما وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ بن يُوسُف بالي ابْن الْمولى شمس الديي الفناري كَانَ رَحْمَة الله تَعَالَى عَلَيْهِ عَالما فَاضلا متقنا متفننا محققا مدققا حَرِيصًا على الِاشْتِغَال بالعلوم ارتحل فِي شبابه الى بلادالعجم وَدخل هراة وَقَرَأَ على علمائها ثمَّ دخل سَمَرْقَنْد وبخارا وقرا على علمائها ايضا وبرع فِي كل الْعُلُوم حَتَّى انهم جَعَلُوهُ مدرسا هُنَاكَ ثمَّ غلب عَلَيْهِ حب الوطن وأتى بلادالروم فِي أَوَائِل سلطنة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَكَانَ الْمولى الكوراني يَقُول للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان لَا تتمّ سلطنتك الا بِأَن يكون عنْدك وَاحِد من اولاد الْمولى الفناري وَلما جَاءَ هُوَ الى بِلَاد الرّوم اخبر الْمولى الكوراني بمجيئه فَأعْطَاهُ السُّلْطَان مدرسة مناستر بِمَدِينَة بروسه وَعين لَهُ كل يَوْم خمسين درهما ثمَّ اعطاه مدرسة وَالِده السُّلْطَان مُرَاد خَان بِالْمَدِينَةِ الْمَذْكُورَة وَعين لكل يَوْم سِتِّينَ درهما ثمَّ جعله قَاضِيا بِمَدِينَة بروسه ثمَّ اجْعَلْهُ قَاضِيا بالعسكر وَمكث فِيهِ عشر سِنِين وَبَلغت زمرة الْعلمَاء بهمته الْعلية الى وَج الشّرف وتصاعد شرف الْعلم وَالْفضل الى قبَّة السَّمَاء وَبِالْجُمْلَةِ كَانَت ايامه تواريخ الايام ثمَّ عزل وَعين لَهُ كل يَوْم خَمْسُونَ درهما وَفِي كل سنة عشرَة الاف دِرْهَم وَعين لوَلَده الْكَبِير خَمْسُونَ درهما وللصغير اربعون درهما وَجعل قَضَاء ابْنه كول ضميمة لأولاده ثمَّ لما جلس السُّلْطَان بايزيد خَان على سَرِير السلطنة جعله قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة روم ايلي وَمكث فِي مِقْدَار ثَمَان سِنِين ثمَّ عزل عَنهُ وَعين لَهُ كل يَوْم سَبْعُونَ درهما وَعشرَة الاف دِرْهَم فِي كل سنة وَكَانَ يدرس ايام الاسبوع كلهَا سوى يَوْم الْجُمُعَة وَيَوْم الثُّلَاثَاء وَكَانَ مهتما بالاشتغال بِالْعلمِ وَكَانَ لَهُ مَكَان على جبل فَوق مَدِينَة بروسه وَكَانَ يمْكث فِيهِ الْفُصُول الثَّلَاثَة من السّنة ويسكن فِي الْمَدِينَة الْفَصْل الرَّابِع وَرُبمَا ينزل هُنَاكَ ثلج مَرَّات كَثِيرَة وَلَا يمنعهُ ذَلِك عَن الْمكْث فِيهِ كل ذَلِك

لمصْلحَة الِاشْتِغَال بِالْعلمِ وَكَانَ لَا ينَام على فرَاش وَإِذا غلب عَلَيْهِ النّوم يسْتَند عل الْجِدَار والكتب بَين يَدَيْهِ فَإِذا اسْتَيْقَظَ ينظر الْكتب كَانَ مَعَ هَذَا الِاشْتِغَال وَمَعَ مَا لَهُ من التحقيقات والتدقيقات لم يصنف شَيْئا الا شرح الكافية فِي النَّحْو وَشرح قسم التَّجْنِيس من علم الْحساب وَكَانَ ماهرا فِي أَقسَام الْعُلُوم الرياضية كلهَا وَفِي علم الْكَلَام وَعلم الاصول وَعلم الْفِقْه وَعلم البلاغة وَكَانَ رجلا عَاقِلا صَاحب ادب ووقار ثمَّ اتَّصل بِخِدْمَة بعض الْمَشَايِخ وَدخل الْخلْوَة عِنْده وَحصل من علم الصُّوفِيَّة ذوقا عَظِيما وَكَانَ ذَلِك الشَّيْخ هُوَ الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه المجذوب السالك الى الله صَاحب كرائم الاخلاق المشتهر اسْمه فِي الافاق الشَّيْخ حاجي خَليفَة قدس سره وَمن انصاف الْمولى الْمَذْكُور مَا حكى الْمولى الْوَالِد عَنهُ انه بعدعزله ذكر يَوْمًا قلَّة مَاله فَقيل لَهُ قد توليتم هَذِه المناصب الجليلة فَأَيْنَ مَا حصل لكم من المَال قَالَ كنت رجلا سَكرَان يُرِيد بِهِ غرور الجاه وَلم يُوجد عِنْدِي من يحفظه قَالَ قَالَ بعض الْحَاضِرين اذا عَاد اليكم المنصب مرّة اخرى عَلَيْكُم بِحِفْظ المَال قَالَ لَا يُفِيد اذا عَاد المنصب يعود مَعَه السكر قَالَ خَالِي رَحمَه الله تَعَالَى لازمت قِرَاءَة الدَّرْس عِنْده عشر سِنِين وَكَانَ يغلب عَلَيْهِ الصمت الا اذا ذكر صحبته مَعَ السلاطين فَعِنْدَ ذَلِك يُورد الحكايات العحيبة واللطائف الغريبة فَسَأَلته يَوْمًا مَا كَانَ اعظم لذائذكم عِنْد السلاطين قَالَ مَا سالني عَن ذَلِك اُحْدُ الى الان وَإنَّهُ أَمر غَرِيب قَالَ سَافر السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فِي أَيَّام الشتَاء وَكَانَ ينزل ويبسط لَهُ بِسَاط صَغِير وَيجْلس عَلَيْهِ الى ان تضرب لَهُ الْخَيْمَة واذا أَرَادَ الْجُلُوس عَلَيْهِ يخرج وَاحِد من غلمانه الْخُف عَن رجلَيْهِ وَعند ذَلِك يسْتَند الى شخص معِين وَكَانَت عَادَته ذَلِك وَفِي يَوْم من الايام لم يحضر ذَلِك الشَّخْص فاستند الي وَهَذَا أعظم لذائذي فِي صُحْبَة السلاطين وَقَالَ خَالِي رَحمَه الله تَعَالَى شرعت عِنْده فِي قِرَاءَة الشَّرْح المطول وَكُنَّا نَقْرَأ عَلَيْهِ فِي يَوْم وَاحِد سطرا اَوْ سطرين وَمَعَ ذَلِك يَمْتَد الدَّرْس من الضحوة الى الْعَصْر وَلما مَضَت على ذَلِك سِتَّة اشهر قَالَ ان الَّذِي قرأتموه عَليّ الى الان يُقَال لَهُ قِرَاءَة الْكتاب وَبعد ذَلِك اقرؤا الْفَنّ قَالُوا وَبعد ذَلِك أقرأنا كل يَوْم ورقتين وأتممنا بَقِيَّة الْكتاب فِي سِتَّة اشهر قَالَ وَلما بلغنَا الى فن البديع كَانَ يذكر لكل صَنْعَة عدَّة

ابيات من الفارسية وَقُلْنَا لَهُ يَوْمًا مَا اكثر حفظكم للابيات قَالَ عَادَة الطّلبَة فِي بلادالعجم انهم يَجْتَمعُونَ بعد الْعَصْر فيتذاكرون الشّعْر الى الْمغرب وَالَّذِي قرأته من الابيات مَا حفظته فِي ذَلِك الزَّمَان قَالَ وَلما ارتحلت من بلادالعجم عددت فِي الطَّرِيق مَا حفظته من الْغَزل فَبلغ عشرَة الاف غزل وَمن انصافه ايضا ماحكاه خَالِي عَنهُ اعْترض يَوْمًا على كتاب التَّلْوِيح قَالَ وَقلت لَهُ هَذَا الاعترض لَيْسَ بِشَيْء اني فَكرت فِي منزلي واجبت عَنهُ قَالَ فَنَكس رَأسه وَظهر عَلَيْهِ سِيمَا الْغَضَب وَلم يتَكَلَّم اصلا الى آخر الدَّرْس فَلَمَّا قَامَ الشُّرَكَاء اشار الي بِالْجُلُوسِ فَجَلَست فَلَمَّا ذهب الشُّرَكَاء قَالَ السِّت بأستاذك قلت نعم وَقد كَانَ مَا كَانَ فاختر لي احدالامرين اما ان اذْهَبْ الى مدرس آخر اَوْ احضر الدَّرْس وَلَا أَتكَلّم ابدا قَالَ فَلَمَّا قلت هَذَا الْكَلَام حلف بِاللَّه تَعَالَى انه فعل مَا فعل لَا عَن سخط وَقَالَ قرر مَا ظهر لَك فِي مطالعتك من اللطائف واشتمني بأقبح مَا قدرت عَلَيْهِ وَحلف انه لَا يتكدر خاطره من ذَلِك اصلا وَمن لطائفه مَا حَكَاهُ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى ان السُّلْطَان بايزيد خَان خرج الى بعض جبال قسطنطينية وَقت اشتداد الْحر وَكَانَت تِلْكَ الايام ايام رَمَضَان الْمُبَارك قَالَ فصلينا مَعَه الْعَصْر يَوْمًا وَجَلَسْنَا عِنْده الى الافطار حَتَّى صلينَا الْمغرب وافطرنا مَعَه فَلَمَّا قربت الشَّمْس من الْغُرُوب وَالْيَوْم يَوْم حر وَالْمولى الْمَذْكُور كَأَنَّهُ استبطأ الْغُرُوب وَقَالَ الشَّمْس ايضا لَا تقدر على الْحَرَكَة من شدَّة الْحر وَمن لطائفه ايضا مَا حَكَاهُ خَالِي عَنهُ انه كَانَ يسكن بعدعزله فِي جبل بروسه وَكَانَ يجلس هُنَا الْفُصُول الثَّلَاثَة من السّنة وَنزل الثَّلج عَلَيْهِ عدَّة مَرَّات فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ يَوْمًا للْقِرَاءَة فَرَأَيْنَا قد نزل عَلَيْهِ الثَّلج وعَلى كتبه وَفِي أثْنَاء الدَّرْس احْتَاجَ الى النّظر فِي كتاب فَأخذ ذَلِك الْكتاب بِيَدِهِ وَعَلِيهِ الثَّلج وَقَالَ مَا اشبه هَذَا بمحبوب ابيض اللَّوْن بَارِد الطَّبْع وَحكى خَالِي رَحمَه الله تَعَالَى عَنهُ انه قَالَ يَوْمًا مَا بَقِي من حوائجي الاثلاث الاولى ان اكون اول من يَمُوت فِي دَاري وَالثَّانيَِة ان لَا يَمْتَد بِي مرض وَالثَّالِثَة ان يخْتم لي بالايمان فالى خَالِي رَحمَه الله تَعَالَى قد كَانَ هُوَ اول من مَاتَ فِي الدَّار وَتَوَضَّأ يَوْمًا لِلظهْرِ ثمَّ مرض وَختم مَعَ اذان الْعَصْر قَالَ خَالِي استجيبت دَعوته فِي الاوليين

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى حسن جلبي ابن محمد شاه الفناري

ظَنِّي انه اجيبت دَعوته فِي الثَّالِثَة ايضا توفّي رَحمَه الله تَعَالَى عَلَيْهِ فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعمِائَة تَقْرِيبًا وَالْحق انه توفّي فِي احدى وَتِسْعمِائَة وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى حسن جلبي ابْن مُحَمَّد شاه الفناري كَانَ عَالما فَاضلا صَالحا قسم ايامه بَين الْعلم وَالْعِبَادَة وَكَانَ يلبس الثِّيَاب الخشنة وَلَا يركب دَابَّة للتواضع وَكَانَ يحب الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين ويعاشر مَشَايِخ الصُّوفِيَّة كَانَ مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الحلبية بأدرنه وَكَانَ ابْن عَمه الْمولى على الفناري الْمَذْكُور آنِفا قَاضِيا بالعسكر فِي أَيَّام السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فَدخل عَلَيْهِ وَقَالَ اسْتَأْذن من السُّلْطَان اني اريد ان اذْهَبْ الى مصر لقِرَاءَة كتاب مُغنِي اللبيب فِي النَّحْو على رجل مغربي سمعته بِمصْر يعرف ذَلِك الْكتاب غَايَة الْمعرفَة فعرضه على السُّلْطَان فَأذن وَقَالَ قداختل دماغ ذَلِك الْمرَائِي وَكَانَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان لَا يُحِبهُ لاجل انه صنف حَوَاشِيه على كتاب التَّلْوِيح باسم السُّلْطَان بايزيدخان فِي حَيَاة وَالِده ثمَّ انه دخل مصر وَكتب كتاب مُغنِي اللبيب بِتَمَامِهِ وقرأه على ذَلِك المغربي قِرَاءَة تَحْقِيق وتدقيق واتقان وَكتب ذَلِك المغربي بِخَطِّهِ على ظهر كِتَابه اجازه لَهُ فِي ذَلِك الْكتاب وقرا هُنَاكَ ايضا صَحِيح البُخَارِيّ على بعض تلامذة ابْن حجر وَحصل مِنْهُ لاجازة فِي رِوَايَة الحَدِيث عَنهُ ثمَّ انه حج وأتى بلادالروم وَأرْسل كتاب مُغنِي اللبيب الى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فَلَمَّا نظر فِيهِ زَالَ عَنهُ تكدر خاطره عَلَيْهِ فاعطاه مدرسة ازنيق ثمَّ اعطاه احدى الْمدَارِس الثمان وَكَانَ يسكن فِي حجرَة من حجرات الْمدرسَة وَكَانَ يلازم الْجَامِع فِي الاوقات الْخَمْسَة والعباء فِي ظَهره والشملة فِي رَأسه والتاج على رَأسه وَكَانَ يذهب بعد الدَّرْس الى مدرسة قَاضِي زَاده ويزوره وَفِي الْغَد يزوره قَاضِي زَاده ثمَّ عين لَهُ السُّلْطَان بايزيد خَان كل يَوْم ثَمَانِينَ درهما وَسكن ببروسه الى ان مَاتَ فِيهَا وَله حواش على الشَّرْح المطول للتلخيص وحواش على شرح المواقف للسَّيِّد الشريف وحواش على التَّلْوِيح للعلامة التَّفْتَازَانِيّ وَكلهَا مَقْبُولَة عندالعلماء تتداولها أَيدي الطّلبَة والمدرسين وَمن احواله الشَّرِيفَة مَا حَكَاهُ عَنهُ استاذي الْمولى محيي الدّين الشهير بسيدي جلبي وَقد

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى مصلح الدين مصطفى ابن المولى حسام

كَانَ معيدا لَهُ قَالَ طلبني يَوْمًا وَقت السحر فَدخلت بَيته وَلما وصلت الى بَاب حجرته سَمِعت بكاء عَالِيا فتحيرت وظننت انه اصابته مُصِيبَة عَظِيمَة ثمَّ دخلت وسلمت عَلَيْهِ فَأمرنِي بِالْجُلُوسِ فَجَلَست فَقلت مَا سَبَب بكائكم هَذَا قَالَ خطر ببالي فِي الثُّلُث الاخير من اللَّيْل خاطر فَلم اجد بدا من الْبكاء فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ تفكرت انه لم يحصل لي ضَرَر دُنْيَوِيّ مُنْذُ ثَلَاثَة اشهر قَالَ وَقد سَمِعت من الثِّقَات ان الضَّرَر اذا توجه الى الاخرة يتَوَلَّى عَن الدُّنْيَا وَلِهَذَا بَكَيْت خوفًا من توجه الضَّرَر الى الْآخِرَة وَبينا نَحن فِي هَذَا الْكَلَام إِذْ دخل عَلَيْهِ وَاحِد من غلمانه وَهُوَ حَزِين فَقَالَ لَهُ مَا سَبَب حزنك قَالَ امرتموني ان اذْهَبْ الى الْمصلحَة الْفُلَانِيَّة فركبت البغلة البيضاوية الْفُلَانِيَّة فَسَقَطت البغلة وَمَاتَتْ فَقَالَ الْمولى الْحَمد لله الَّذِي حصل لي ضَرَر دُنْيَوِيّ وَأَنت يَا غُلَام بشرتني بِهَذَا فَأَنت حر لوجه الله تَعَالَى شكرا لذَلِك وَمن انصافه رَحمَه الله تَعَالَى مَا حَكَاهُ الْمولى الْمَذْكُور انه قَالَ اني معترف بِفضل خواجه زَاده عَليّ لكَونه لَا يمر من بحث الى بحث قبل تيقنه وتحققه وانا امْر بَعْدَمَا فهمت الْبَحْث قبل اتقانه ثمَّ قَالَ وعَلى كل حَال هُوَ افضل مني رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى مصلح الدّين مصطفى ابْن الْمولى حسام كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما بالعلوم الادبية والعلوم الشَّرْعِيَّة اصولها وفروعها وعارفا بالاحاديث والتفاسير وَكَانَ صَالحا محبا للصوفية وَكَانَ يدْخل الْخلْوَة مَعَهم وينقل عَنهُ بعض الاحوال الْوَاقِعَة للصوفية قرا على عُلَمَاء عصره وَصَارَ مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان ابْن بايزيد خَان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مفتيا بهَا وَمَات وَهُوَ مفت بهَا وَله حواش على التلوبح وحواش على شرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة وَكَانَت لَهُ يَد طولى فِي علم الانشاء وَله مُصَنف اورد فِيهِ رسائله الى اخوانه وأصدقائه وَكَانَت الفاظه فصيحة ومعانيه بليغة ونظمه عذبا سلسا وَكَانَ رجلا طَويلا عَظِيم اللِّحْيَة كثير الْكَلَام والمزاح وَكَانَ متواضعا حسن الاخلاق وَكَانَ متدينا كريم الاعراق طيب الله مضجعه وَنور مهجعه

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل محيي الدين محمد الشهير باخوين

وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل محيي الدّين مُحَمَّد الشهير باخوين قرا على بعض عُلَمَاء الرّوم وَحصل كثيرا من الْعُلُوم ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ انْتقل الى احدى الْمدَارِس الثمان وَله حواش على حَاشِيَة شرح التَّجْرِيد ورسالة فِي احكام الزنديق ورسالة فِي شرح الرّبع الْمُجيب مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي أَوَاخِر الْمِائَة التَّاسِعَة روح الله تَعَالَى روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى قَاسم المشتهر بقاضي زَاده وَكَانَ ابوه قَاضِيا ببلدة قسطموني كَانَ متواضعا محبا للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين صَحِيح القعيدة وسليم النَّفس مشتغلا بِالْعلمِ وَالْعِبَادَة وَقَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل حضر بك ابْن جلال الدّين وَحصل عِنْده علوما كَثِيرَة ثمَّ صَار مدرسا ببلدة تيره ثمَّ نَقله السُّلْطَان محمدخان حِين بنى الْمدَارِس الثمان من مدرسة تيره الى احدى الْمدَارِس الْمَذْكُورَة وَكَانَ مشتغلا بالعلوم ذكي الطَّبْع جيدالقريحة متصفا بالاخلاق الحميدة قَرَأَ عَلَيْهِ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله الْملك الْمَاجِد شرح المواقف من أول قسم الاعراض الى آخر قسم الْجَوَاهِر وَكَانَ لَهُ معرفَة بالعلوم الرياضية ايضا ثمَّ جعل قَاضِيا بِمَدِينَة بروسه وَكَانَ فِي قَضَائِهِ مرضِي السِّيرَة محمودالطريقة حَتَّى كَانَت ايامه تواريخ الايام فِي بلادالاسلام ثمَّ اعيد الى احدى الْمدَارِس الثمان وَلما جلس السُّلْطَان بايزيد خَان على سَرِير السلطنة اعطاه قَضَاء بروسه ثَانِيًا فَلم يقبل حَتَّى أكرهه عَلَيْهِ فَقبله كرها وَسَار فِي بروسه سيرة حَسَنَة مَاتَ وَهُوَ قَاض بهَا فِي ثَالِث رَمَضَان الْمُبَارك سنة تسع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة نور الله مرقده وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين الشهير بِابْن مغنيسا قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى خسرو وَهُوَ مدرس بمدرسة أيا صوفية وَكَانَت حجرَة الْمولى الْمَذْكُور ابْن مغنيسا فِي الطَّبَقَة الْعليا من الْمدرسَة

وَكَانَ يشتعل سراجه طول اللَّيْل الى السحر وَكَانَ يرَاهُ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان من دَار سعادته وَلَا يدْرِي من هُوَ فَسَالَ الْمولى خسرو يَوْمًا عَن افاضل طلبته قَالَ ابْن مغنيسا قَالَ ثمَّ من قَالَ ابْن مغنيسا قَالَ هُوَ رجلَانِ قَالَ لَا وَلكنه وَاحِد كألف فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان انه سَاكن فِي الْحُجْرَة الْفُلَانِيَّة وَعين الْحُجْرَة الْمَذْكُورَة قَالَ نعم هُوَ ذَاك وَلما بنى الْوَزير مَحْمُود باشا مدرسته بقسطنطينية اعطاها السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الْمولى ابْن مغنيسا فَحَضَرَ فِي أول يَوْم من درسه استاذه الْمولى خسرو وَالْمولى ابْن الْخَطِيب وَسَائِر عُلَمَاء الْبَلدة فدرس بحضرتهم وَلما ختم الدَّرْس قَالَ الْمولى خسرو اني رَأَيْت فِي الرّوم درسين احدهما لمُحَمد شاه الفناري وَحَضَرت أول يَوْم من درسه والاخر هَذَا الدَّرْس الَّذِي حضرناه الان قَالَ ابْن الْخَطِيب انْظُرُوا هَذِه الشَّهَادَة كَانَ مدرس الدَّرْس الاول مُحَمَّد شاه الفناري وقارئه الْمولى فَخر الدّين العجمي وَهَذَا الدَّرْس مدرسة ابْن مغنيسا وقارئة فلَان واين هَذَا من ذَاك ثمَّ اعطاه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ جعله قَاضِيا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ جعله قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور وَاتفقَ ان سَافر السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الى جَانب روم ايلي فَسَأَلَهُ يَوْمًا وَهُوَ رَاجع الى قسطنطينية عَن بَيت عَرَبِيّ فَقَالَ الْمولى ابْن مغنيسا اتفكر فِيهِ بالمنزل ثمَّ اجيب فَقَالَ لَهُ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان يحْتَاج الى فكر فِي بَيت وَاحِد فَسكت الْمولى ابْن مغنيسا وَقَالَ السُّلْطَان لبَعض خُدَّامه احضر مَوْلَانَا سراج الدّين وَهُوَ كَانَ اذ ذَاك موقعا للديوان الالي فَحَضَرَ فساله عَن ذَلِك الْبَيْت فَقَالَ هُوَ للشاعر الْفُلَانِيّ من قصيدته الْفُلَانِيَّة من الْبَحْر الْفُلَانِيّ ثمَّ قَرَأَ سباق الْبَيْت وسباقه وحقق معنى الْبَيْت فَقَالَ السُّلْطَان لِابْنِ مغنيسا يَنْبَغِي ان يكون الْعَالم هَكَذَا فِي الْعلم والمعرفة والتتبع وَلما نزل السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فِي ذَلِك الْيَوْم عَزله عَن قَضَاء الْعَسْكَر واعطه احدى الْمدَارِس الثمان وَقَالَ هُوَ مُحْتَاج بعد الى التدريس وَمضى على ذَلِك مُدَّة كَثِيرَة ثمَّ جعله وزيرا ثمَّ عَزله عَن الوزارة وَعين لَهُ كل يَوْم مِائَتي دِرْهَم ثمَّ جعله السُّلْطَان بايزيد خَان قَاضِيا بالعسكر وَتُوفِّي وَهُوَ قَاض بالعسكر حكى عمي مَوْلَانَا قَاسم انه كَانَ يقْرَأ عَلَيْهِ عِنْد قَضَائِهِ بالعسكر قَالَ فحضرنا عِنْده فِي لَيْلَة من ليَالِي رَمَضَان الْمُبَارك قَالَ قَالَ فِي مزاجي شَيْء فَكُلُوا

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى حسام الدين حسين بن حسن ابن حامد التبريزي المشهور بأم ولد انما لقب بذلك لأنه تزوج ام ولد المولى فخر الدين العجمي

الطَّعَام وَأَنا ارقد سَاعَة فرقد على سَرِيره وَلما أكلنَا الطَّعَام قَالَ وَاحِد من خُدَّامه انْظُرُوا فقد تغير حَال الْمولى فَنَظَرْنَا فاذا هُوَ فِي حَالَة النزع فقرأنا عَلَيْهِ سُورَة يس فختم هُوَ مَعَ ختم السُّورَة روح الله تَعَالَى روحه وَلم يسمع لَهُ تصنيف لانه كَانَ اكثر ميله الى جَانب الرياسة وَكَانَ اكثر تفكره فِي تَحْصِيلهَا وَرَأَيْت لَهُ رِسَالَة صَغِيرَة مِمَّا يتَعَلَّق بالعلوم الْعَقْلِيَّة يفهم مِنْهَا انه ذكي ومدقق وَالْمولى الْوَالِد كَانَ قَرَأَ عَلَيْهِ وَكَانَ يشْهد بفضله رَحْمَة الله عَلَيْهِ وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى حسام الدّين حُسَيْن بن حسن ابْن حَامِد التبريزي الْمَشْهُور بِأم ولد انما لقب بذلك لِأَنَّهُ تزوج ام ولد الْمولى فَخر الدّين العجمي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما صَالحا تقيا نقيا مشتغلا بِنَفسِهِ مُنْقَطِعًا عَن الْخَلَائق وَكَانَ يصرف اوقاته فِي الْعلم وَالْعِبَادَة وَقد طالع كثيرا من الْكتب وصححها من اولها الى آخرهَا وَكتب الْفَوَائِد الْمُتَعَلّقَة بهَا فِي حواشيها وَكَانَ مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ اعطاه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان احدى الْمدَارِس الثمان وَكَانَ يُحِبهُ لِسَلَامَةِ فطرته وَصَلَاح نَفسه حكى لي بعض اولاده انه رُبمَا يمر السُّلْطَان مُحَمَّد خَان قُدَّام بيتنا ذَاهِبًا الى زِيَارَة ابي ايوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الْبَارِي وَيخرج ابي الى الْبَاب وَيسلم عَلَيْهِ وَيقدم اليه شربة وَيَقُول السُّلْطَان مُحَمَّد وَالله اشرب هَذِه الشربة ويناوله وَالِدي بِيَدِهِ فيشرب مِنْهَا ثمَّ يسلم عَلَيْهِ وَيذْهب وَكَانَ يحسن اليه احسانا عَظِيما رُوِيَ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان خرج من قسطنطينية لاجل الْجِهَاد وَالْعُلَمَاء مَعَه والطبول تضرب خَلفه قَالَ بعض الْعلمَاء مَا الْحِكْمَة فِي أَمر الْمُؤمنِينَ بِالْإِيمَان فِي قَوْله تَعَالَى يَا أَيهَا الَّذين الَّذين آمنُوا آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله فَقَالَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان للْمولى الْمَذْكُور ايها العجمي بَين الْحِكْمَة فِيهِ قَالَ تجيب عَنْهَا هَذِه الطبول قَالَ مَا هُوَ قَالَ الطبول تَقول دم دم وَالْمرَاد بقوله تَعَالَى آمنُوا دوموا على الايمان فأعجب السُّلْطَان هَذَا الْكَلَام وَاسْتَحْسنهُ وَمَعَ هَذَا الْفضل كَانَ يغلب عَلَيْهِ الْغَفْلَة فِي أُمُور الدُّنْيَا حَتَّى انه كَانَ لَا يَهْتَدِي الى مدرسة من الْمدَارِس الثمان لَو لم يُوجد من يدله عَلَيْهَا حكى الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى كُنَّا نَقْرَأ يَوْمًا عِنْد الْمولى

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المعروف بابن المعرف

عَلَاء الدّين الْعَرَبِيّ فِي احدى الْمدَارِس الثمان فَقَامَ الْمولى فِي اثناء الدَّرْس فَنَظَرْنَا فَإِذا الْمولى الْمَذْكُور قد دخل مَوضِع الدَّرْس وَلما عرف انها غير مدرسته رَجَعَ فَضَحِك الْمولى الْعَرَبِيّ وَقَالَ لم يُوجد دَلِيل الْمولى عِنْده وَلِهَذَا اشتبهت عَلَيْهِ مدرسته رُوِيَ انه ذهب يَوْمًا الى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان يُرِيد ان يقبل يَده فَنَاوَلَهُ كَفه وَقَالَ ايها الْمولى الى أَي شَيْء اشرت بِهَذَا قَالَ الى مدرسة ايا صوفيه وايا صوفيه فِي اللُّغَة اليونانية اسْم لذَلِك الْموضع الَّذِي كَانَت فِيهِ الْمدرسَة الْمَذْكُورَة وَكَذَلِكَ ايا اسْم رَاحَة الْيَد فِي اللُّغَة التركية فَاسْتحْسن السُّلْطَان مُحَمَّد خَان هَذَا الْكَلَام واعطاه تِلْكَ الْمدرسَة وَكَانَت كتبه رَحْمَة الله عَلَيْهِ كَثِيرَة غَايَة الْكَثْرَة لِأَنَّهُ كَانَ يَشْتَرِي بِكُل مَا فضل من معاشه الْكتب وَلَا يزَال يطالعها وَيصرف اوقاته فِيهَا نور الله مرقده وَفِي فراديس الْجنان ارقده وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمَعْرُوف بِابْن الْمُعَرّف كَانَ من ولَايَة بالي كسْرَى قرا على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى حضر بك بن جلال الدّين ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار معلما للسُّلْطَان بايزيدخان ونال عِنْده الْقبُول التَّام واحبه محبَّة عَظِيمَة يرْوى انه قَالَ فِي حَقه لَوْلَا صحبتي مَعَه لما صحت عقيدتي وَكَانَ يثني عَلَيْهِ ثَنَاء جميلا ويكرمه اكراما عَظِيما وَقد عمي فِي آخر عمره وَمَا ترك السُّلْطَان بايزيدخان صحبته الى ان توفّي قرر الله مضجعه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْمولى محيي الدّين المشتهر بير الْوَجْه أَنما لقب بذلك لِأَنَّهُ كَانَ فِي عنفوان شبابه يحارب مَعَ اقرانه فأصابته جِرَاحَة واللقب الْمَذْكُور إِنَّمَا يُطلق على من اصابته جِرَاحَة قَرَأَ على بعض الْعلمَاء وَصَارَ مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة ادرنه وبروسه وَلَكِن لم يكن لَهُ سيرة حَسَنَة فِي قَضَائِهِ فعزل عَن ذَلِك ثمَّ صَار معلما للسُّلْطَان بايزيدخان ثمَّ عَزله عَن ذَلِك لأمر جرى بَينهمَا واعطاه قَضَاء مَدِينَة ادرنه ثَانِيًا ثمَّ عَزله عَن ذَلِك وَعين لَهُ كل يَوْم مِائَتي دِرْهَم وعاش على ذَلِك الى ان توفّي وَله حواش على شرح العقائد للعلامة التَّفْتَازَانِيّ رَحمَه الله تَعَالَى

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى بهاء الدين ابن الشيخ العارف بالله تعالى الواصل في طريق الحق الى غاية متمناه المرشد الكامل لطف الله من خلفاء قطب العارفين مرشد السالكين ومنقذ الهالكين بركة الله بين المسلمين الشيخ الحاجي بيرام قدس الله سره

وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى بهاء الدّين ابْن الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الْوَاصِل فِي طَرِيق الْحق الى غَايَة متمناه المرشد الْكَامِل لطف الله من خلفاء قطب العارفين مرشد السالكين ومنقذ الهالكين بركَة الله بَين الْمُسلمين الشَّيْخ الحاجي بيرام قدس الله سره الْعَزِيز كَانَ عَالما فَاضلا شَدِيد الذكاء قوي الطَّبْع قسم اوقاته بَين الْعلم وَالْعِبَادَة واشتغل على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى خواجه زَاده وَصَارَ معيدا لدرسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة بالي كسْرَى ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيد خَان بن مُرَاد خَان الْغَازِي بمدرسة بروسه ثمَّ اعطاه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ عزل من الْمدرسَة الْمَذْكُورَة وَنصب مَكَانَهُ الْمولى ابْن مغنيسا حِين عَزله عَن قَضَاء الْعَسْكَر ثمَّ ترك الْمولى الْمَذْكُور التدريس وَاعْتَزل عَن النَّاس وَتمكن من قَصَبَة بالي كسْرَى وَلما بنى السُّلْطَان بايزيدخان مدرسته الكائنة بأدرنه اعطاها الى الْمولى الْمَذْكُور وَصَارَ مدرسا بهَا الى ان مَاتَ فِي سنة خمس وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَقيل فِي تَارِيخه ... فَقدنَا بهاء الدّين فَاضل عصره ... فَقُلْنَا لتاريخه ترحم لَهُ رَبِّي ... رُوِيَ انه لقِيه يَوْمًا بأدرنه رجل مجذوب وَقَالَ ايها الْمولى تدارك امرك وَقد آن وَقت الرحيل فَأتى بَيته وَذكر وَصيته وَمرض سَبْعَة أَيَّام ثمَّ انْتقل الى دَار الاخرة وَقد قَرَأَ الْمولى الْوَالِد عَلَيْهِ وَكَانَ يشْهد بفضله وسلامة عقله وَشدَّة ذكائه وَقُوَّة طبعه وَقَالَ كَانَ يحصل الْعلم الْكثير فِي زمَان يسير وَكَانَ قد لبس تَاج الشَّرِيعَة الْحَاج بيرام فِي صغره فَلم يتْركهُ الى ان مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى سراج الدّين قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى خواجه زَاده وَصَارَ معيدا لدرسه ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ اعطاه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان احدى الْمدَارِس الثمان وَحين كَانَ مدرسا بهَا أعْطى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَاحِدَة مِنْهَا للْمولى الْقُسْطَلَانِيّ وَكَانَ الْمولى سراج الدّين قَرَأَ عَلَيْهِ فِي سوابق الْأَيَّام وَكَانَ يدْخل

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى محيي الدين محمد الشهير بابن كوبلو

مدرسته ويدرس بهَا وَعين شخصا يرصد خُرُوج الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ من الْمدرسَة فحين يخبر هُوَ بذلك يتْرك الدَّرْس وَيخرج من الْمدرسَة ليَأْخُذ بركاب الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ وَكَانَ هُوَ يمنعهُ عَن ذَلِك ثمَّ يسلم عَلَيْهِ ثمَّ يرجع إِلَى درسه فيتمه وَلم يزل يُرَاعِي ذَلِك الادب الى ان انْتقل الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ عَن تِلْكَ الْمدرسَة وَكَانَ حَافِظًا لمسائل جَمِيع الْعُلُوم حَتَّى شهد الْمولى خواجه زَاده بِأَن كل مَا قَرَأَهُ وطالعه مَا غَابَ عَن خاطره حَتَّى فِي الْعُلُوم الغريبة وَكَانَ ماهرا فِي حفظ قصائدالعرب وَكَانَ قَادِرًا على النّظم بالعربي وَقد ذكرنَا نظمه فِي حق الْمولى خواجه زَاده وَجعله السُّلْطَان مُحَمَّد خَان موقعا بالديوان الْعَالم مهارته فِي إنْشَاء الْكتب وَقد مر ان السُّلْطَان مُحَمَّد عزل الْمولى ابْن مغنيسا لغَلَبَة الْمولى سراج الدّين عَلَيْهِ فِي معرفَة القصائد الْعَرَبيَّة وَتُوفِّي فِي عنفوان شبابه وَكَانَ مَوته مُصِيبَة للْعُلَمَاء وَحكى الْمولى الْوَالِد عَن الْمولى خواجه زَاده انه رأى فِي الْمَنَام انه قطع يَده قَالَ قَالَ وَلم يمر عَلَيْهِ زمَان كثير الا وَقد سَمِعت خبر وَفَاة الْمولى سراج الدّين وَكَانَ مَوته تعبيرا للرؤيا الْمَذْكُورَة روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد الشهير بِابْن كوبلو قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره واشتهر بِالْفَضْلِ فِي زَمَانه ثمَّ تولى بعض المناصب حَتَّى جعله السُّلْطَان مُحَمَّد خَان قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور ثمَّ عَزله بعد قفوله من فتح بِلَاد قرامان وَذَلِكَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وعزل فِي ذَلِك الْيَوْم الْوَزير مَحْمُود باشا وَكَانَ لَهُ اختان تزوج احداهما الْمولى الْعَالم سِنَان باشا وَولد لَهُ مِنْهَا ولد اسْمه مُحَمَّد جلبي وَصَارَ مدرسا بمدرسة الْوَزير مَحْمُود باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار قَاضِيا بِبَعْض الْبِلَاد ثمَّ تقاعد عَن المناصب وَتُوفِّي وَهُوَ شَاب وَتزَوج احداهما سُلَيْمَان جلبي ابْن كَمَال باشا وَولد لَهُ مِنْهَا ولد اسْمه احْمَد شاه وَهُوَ الْمولى الْعَالم الْفَاضِل المشتهر فِي الافاق بِابْن كَمَال باشا روح الله روحه

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى محيي الدين محمد بن بكك الشهير بملاونا ولدان

وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد بن بكك الشهير بملاونا ولدان قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة كليبولي وَلما رأى فِيهِ الْوَزير مَحْمُود باشا آثَار النجابة مدحه عِنْد السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فَدَعَاهُ الى قسطنطينية فَلَمَّا اتى اليها مرض قَاضِي الْعَسْكَر وقتئذ مَرضا عاقه عَن الْخدمَة فَجعلُوا الْمولى الْمَذْكُور نَائِبا عَنهُ لمصْلحَة قَضَاء الْعَسْكَر وَدخل على السُّلْطَان مُحَمَّد خَان مُدَّة لعرض القضايا وَلما رأى السُّلْطَان أدبه وذكاءه وَقُوَّة بصيرته اعطاه مدرسة وَالِده السُّلْطَان مرادخان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ جعله قَاضِيا بهَا ثمَّ جعله قَاضِيا بالعسكر ثمَّ عَزله عَن ذَلِك وَلما جلس السُّلْطَان بايزيد خَان على سَرِير السلطنة جعله قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور ايضا فِي ولَايَة اناطولي ثمَّ توفّي وَكَانَ مرضِي السِّيرَة مَحْمُود الطَّرِيقَة فِي قَضَائِهِ وَكَانَ فارقا بَين الْحق وَالْبَاطِل ببصيرته الناقدة وحدسه الصائب وَاتفقَ فِي أَيَّام قَضَائِهِ بالعسكر ان وَاحِدًا من غلْمَان السُّلْطَان ظهر مِنْهُ بعض الْفساد بِمَدِينَة ادرنه فَمَنعه عَنهُ نَائِب المحكمة بارسال بعض الخدام فَلم يمْتَنع فَغَضب النَّائِب فَركب اليه بِنَفسِهِ وَقصد مَنعه عَنهُ فَضرب هُوَ النَّائِب ضربا شَدِيدا فَلَمَّا سمع السُّلْطَان مُحَمَّد خَان هَذِه الْحَادِثَة أَمر بقتل ذَلِك الْغُلَام لتحقيره نَائِب الشَّرِيعَة فشفع لَهُ الوزراء وَلم يقبل شفاعتهم حَتَّى التمسوا من الْمولى الْمَذْكُور ان يصلح هَذَا الْأَمر فعرضه على السُّلْطَان فَرد السُّلْطَان كَلَامه فَقَالَ الْمولى الْمَذْكُور ان النَّائِب لقِيَامه عَن مجْلِس الْقَضَاء بِسَبَب الْغَضَب سقط عَن رُتْبَة الْقَضَاء فَلم يكن هُوَ عِنْد الضَّرْب قَاضِيا فَلم يلْزم تحقير الشَّرْع حَتَّى يحل قَتله فَسكت السُّلْطَان مُحَمَّد خَان ثمَّ جَاءَ الْغُلَام الى قسطنطينية فَأتى بِهِ الوزراء الى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان لتقبيل يَده شكرا للعفو عَنهُ فأحضر السُّلْطَان مُحَمَّد خَان عَصا كَبِيرَة فَضَربهُ بِنَفسِهِ بهَا ضربا شَدِيدا حَتَّى مرض الْغُلَام اربعة اشهر فعالجوه فبرىء ثمَّ صَار ذَلِك الْغُلَام وزيرا للسُّلْطَان بايزيدخان واسْمه دَاوُد باشا وَكَانَ يَدْعُو هُوَ للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَيَقُول ان رشدي هَذَا مَا حصل الا من ضربه

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل احمد باشا ابن المولى ولي الدين الحسيني نور الله مرقدهما وفي فراديس الجنان ارقدهما

وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل احْمَد باشا ابْن الْمولى ولي الدّين الْحُسَيْنِي نور الله مرقدهما وَفِي فراديس الْجنان ارقدهما قَرَأَ على عُلَمَاء عصره وَحصل من الْفضل جانبا عَظِيما ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان مرادخان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار قَاضِيا بأدرنه ثمَّ جعله السُّلْطَان مُحَمَّد خَان قَاضِيا بالعسكر ثمَّ جعله معلما لنَفسِهِ وَصَاحبه مصاحبة دائمة وَكَانَ لذيذ الصُّحْبَة كثير النادرة صَعب البداهة وَكَانَ مائلا إِلَى جَانب الشّعْر وَأكْثر من الشّعْر بالتركية وَغلب فِي شعره فَصَاحَته على بلاغته وَقد مَال اليه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان ميلًا عَظِيما حَتَّى استوزره ثمَّ عَزله عَن الوزارة لأمر جرى بَينهمَا وَجعله اميرا على بعض الْبِلَاد مثل تيره وانقره وبروسه مَاتَ وَهُوَ أَمِير ببروسه فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعمِائَة وَدفن بهَا وَله فِيهَا مدرسة وقبة مَبْنِيَّة على قَبره وقدكتب على بَابهَا تَارِيخ وَفَاته والتاريخ لمُحَمد بن أفلاطون نَائِب المحكمة الشَّرِيفَة ببروسه وَهُوَ هَذِه الابيات ... هَذِه مشكاة انوار لمن ... عده الرَّحْمَن من ممدوحه فر من ادناس تِلْكَ الدَّار إِذْ ... كَانَ مشتاقا الى سبوحه قَالَ روح الْقُدس فِي تَارِيخه ... ان فِي الجنات مأوى روحه ... كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى شرِيف النّسَب رفيع الْقدر عَليّ الهمة كريم الطَّبْع سخي النَّفس وَلم يبْق لَهُ عقب لانه لم يتَزَوَّج اصلا وقداتهمه لذَلِك بعض النَّاس بالميل الى الغلماء الا ان الْمولى الْوَالِد حكى عَن استاذه الْمولى خواجه زَاده انه ركب مَعَه فِي بَلْدَة ادرنه وَكَانَا يطوفان حولهَا ويتحدثان فَسَأَلَ فِي اثناء الْكَلَام عَن لَذَّة الْجِمَاع وَقَالَ اني سَأَلت عَنْهَا كثيرا من النَّاس وَلم يقدروا على وصفهَا لكنك عَالم فَاضل تقدر على التَّعْبِير عَنْهَا قَالَ قلت انها تدْرك وَلَا يُمكن وصفهَا فَأنْكر هَذَا الْكَلَام قَالَ قلت لَهُ بَين لي لَذَّة الْغسْل قَالَ هِيَ لَا تدْرك الا بالذوق قَالَ قلت وَكَذَا هَذِه قَالَ الْمولى الْوَالِد قَالَ الْمولى خواجه زَاده وَعند ذَلِك تحققت ان بِهِ عنة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى ينظم بِالْعَرَبِيَّةِ وَمن نظمه قصيدته الَّتِي جعلهَا نظيرة لقصيدة الْمولى الْفَاضِل الْكَامِل حضر بك الْمَار ذكره وَهِي هَذِه

وقد رأيت في بعض مكاتباته انه اورد في عنوانه بيتا اشار فيه الى شرف نسبه وهو هذا سلام كأنفاسي إذا كنت ناطقا بمدح رسول الله جدي وسيدي

.. يَا رامي قلبِي بسهام اللحظات ... هَيْهَات نجاتي مَا زلت فدَاء لَك روحي ... وحياتي من قبل مماتي نمقت الى بك ... بك يَا قُرَّة عَيْني بالدمع كتابا اشهدت على الوجد مدادي ... ودواتي سل من عبراتي جِلْبَاب دجا صدغك قد ... اصبح مسكا يَا ظَبْي حَرِيم قد احْرِقْ فِي الصين قُلُوب ... الظبيات نَار الحسرات كم تحرق احشاي وَفِي فِيك ... زلال والشارب مِنْهُ يَحْكِي خصرا مورده مَاء ... حَياتِي لَا فِي الظُّلُمَات من احْمَد فِي لَيْلَة اصداغ ... ملاح لاحت كَلِمَات من نسمتها فاح بمسك ... الدَّعْوَات حبيب الغدوات ... وَقد رَأَيْت فِي بعض مكاتباته انه اورد فِي عنوانه بَيْتا اشار فِيهِ الى شرف نسبه وَهُوَ هَذَا ... سَلام كأنفاسي إِذا كنت ناطقا ... بمدح رَسُول الله جدي وسيدي ... روح الله روحه وَزَاد فِي أَعلَى الْجنان فتوحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى تَاج الدّين إِبْرَاهِيم باشا ابْن خَلِيل بن إِبْرَاهِيم بن خَلِيل باشا وَقد مر ذكر جده الاعلى خَلِيل باشا بِأَنَّهُ اول قَاض بالعسكر الْمَنْصُور فِي الدولة العثمانية وَأما وَالِده خَلِيل باشا فَهُوَ كَانَ وزيرا للسُّلْطَان مُرَاد خَان وَلما جلس السُّلْطَان مُحَمَّد خَان على سَرِير السلطنة عَزله عَن الوزارة بعد فتح قسطنطينية وحبسه وَأخذ جَمِيع امواله لأمر اوجب ذَلِك مَاتَ وَهُوَ مَحْبُوس وَكَانَ المرحوم إِبْرَاهِيم باشا وقتئذ قَاضِيا بأدرنه فَعَزله عَن الْقَضَاء وَلم يعين لَهُ شَيْئا وَصَارَ مهانا بَين النَّاس حَتَّى قصد ان يكون من طلبة بعض الْعلمَاء فَلم يقبلوه خوفًا من السُّلْطَان مُحَمَّد خَان ثمَّ تحولت بِهِ الاحوال حَتَّى صَار مُتَوَلِّيًا على عمَارَة السُّلْطَان

بايزيدخان ابْن السُّلْطَان مرادخان الْغَازِي بِمَدِينَة بروسه وفتشه الْمولى الكرماسني وَقد كَانَ قَاضِيا بهَا وناقشه فِي الْحساب كل المناقشة حَتَّى اضجر وَاغْلُظْ عَلَيْهِ فِي الْكَلَام فعرضه على السُّلْطَان وعزله السُّلْطَان عَن التَّوْلِيَة الْمَذْكُورَة ثمَّ آل بِهِ الْحَال الى ان تولى منصب الاحتساب بِمَدِينَة بروسه وَهُوَ من ادون المناصب عِنْد النَّاس وَكَانَ يسرج دَابَّته بِنَفسِهِ فيوما من الايام حزن على حَاله اشد الْحزن فَترك الْكل وَذهب الى خدمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه حاجي خَليفَة وانخرط فِي سلك مريديه وَلبس لِبَاس الْفُقَرَاء وتزيا بزيهم وَقَالَ بعض اعدائه للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان انه صَار مَجْنُونا يعالج فِي مارستان بروسه فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِك اذ خرج الشَّيْخ الْمَذْكُور الى جبل بروسه وَاجْتمعَ هُنَاكَ مَعَ مريديه وَكَانَ للشَّيْخ فرس فِي عُنُقه جرس ليمكن وجدانه اذا توغل فِي الغياض فَأمر الشَّيْخ بعض خُدَّامه وَقَالَ اذْهَبْ بِهَذَا الْفرس الى إِبْرَاهِيم وَقل لَهُ يركب الْفرس ويحضر عِنْدِي وَلَا يحل الجرس من عُنُقه قَالَ الرَّاوِي فَبَدَأَ إِبْرَاهِيم باشا من خلال الشّجر وَعَلِيهِ لِبَاس الْفُقَرَاء وناداه الشَّيْخ وَقَالَ يَا إِبْرَاهِيم لَا تنزل عَن الْفرس الا عِنْدِي قَالَ يَا سَيِّدي الشَّيْخ نعم فَنزل عِنْد الشَّيْخ فَبسط لَهُ الشَّيْخ جلد شَاة وَأمره بِالْجُلُوسِ عَلَيْهِ فَجَلَسَ وَقَالَ يَا أَيهَا الشَّيْخ ان صَوت هَذَا الجرس الَّذِي منحتمونيه سيبلغ مَشَارِق الارض وَمَغَارِبهَا قَالَ الشَّيْخ ارجو هَكَذَا ان شَاءَ الله تَعَالَى ثمَّ قَالَ يَا إِبْرَاهِيم اذْهَبْ غَدا الى مَدِينَة قسطنطينية وَلَا تغفل عَن جَانب السُّلْطَان بايزيدخان وَهُوَ اذ ذَاك كَانَ اميرا على اماسيه فَقبل يدالشيخ وودعه ودعا لَهُ الشَّيْخ بِالْخَيرِ وَالْبركَة قَالَ الرَّاوِي حاكيا عَن إِبْرَاهِيم باشا انه قَالَ لما قدمت الى قسطنطينية لقِيت فِي بعض طرقها السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَهُوَ يذهب مَاشِيا وَعِنْده اربعة نفر من غلمانه وَكَانَ ذَلِك من عَادَته قَالَ فَنزلت عَن فرسي وَقمت فِي جَانب الطَّرِيق فَلَمَّا رَآنِي قَالَ مَا انت إِبْرَاهِيم بن خَلِيل باشا قَالَ قلت نعم قَالَ الْحَمد لله زَالَ جنونك قَالَ قلت نعم قَالَ احضر الدِّيوَان غَدا فَلَمَّا دخل الوزراء عَلَيْهِ فِي الْغَد قَالَ هَل حضر ابْن خَلِيل باشا قَالُوا نعم قَالَ سلوه أَي منصب يُرِيد قَالَ فسألوني فَقلت قَضَاء اماسيه رِعَايَة لوَصِيَّة الشَّيْخ قَالَ فكرروا السُّؤَال فاجبت كالاول فَلَمَّا عرضوه على السُّلْطَان قَالَ الان علمت انه مَا تخلص بعد من الْجُنُون

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى مصلح الدين مصطفى بن اوحد الدين البارحصاري

وَلَو سَأَلَني اكبر المناصب لاعطيته وَلَكِن اعطيته مَا سَأَلَهُ قَالَ قَالَ لما وصلت الى اماسيه رَأَيْت رُؤْيا وَهِي ان السُّلْطَان بايزيد خَان قد ركب فيلا وأردفني عَلَيْهِ فَلَمَّا دخلت على السُّلْطَان بايزيدخان قَالَ ايها الْمولى إِنِّي اعرف انك قبلت هَذَا المنصب لأجلي وَلَو رَزَقَنِي الله تَعَالَى دولة السلطنة لَكَانَ لَك معي شَأْن قَالَ فَمَا لبث كثيرا حَتَّى مَاتَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَجلسَ السُّلْطَان بايزيدخان على سَرِير السلطنة فارسل اليه الامر بَان ينْقل اهله من اماسيه الى قسطنطينية وَلما أَتَى قسطنطينية عزل السُّلْطَان بايزيدخان الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ عَن قَضَاء الْعَسْكَر بروم ايلي وَأَعْطَاهُ إِبْرَاهِيم باشا وَلما كَانَ قَاضِيا بالعسكر كَانَ الْمولى الكرماسني الَّذِي كَانَ سَببا لعزله عَن التَّوْلِيَة حَاضرا بقسطنطينية فَأَتَاهُ للتهنئة خَائفًا من ان يهينه ويستحقره فَأكْرمه إِبْرَاهِيم باشا إِكْرَاما عَظِيما حَتَّى اسْتَحى الْمولى الكرماسني مِمَّا فعله فِي حَقه وتبدل خَوفه بِالْحَيَاءِ ثمَّ ان السُّلْطَان بايزيد خَان جعله رَئِيس الوزراء وَمَات وَهُوَ وَزِير وَكَانَ سيرته فِي الْقَضَاء والوزارة سيرة حَسَنَة وطريقته طَريقَة محمودة وَكَانَ سِتّمائَة نفر من فُقَرَاء قسطنطينية يَأْخُذُونَ من مطبخه الطَّعَام كل يَوْم وَعند وَفَاته لم يُوجد عِنْده الا ثَمَانِيَة الاف دِرْهَم وَله جَامع ومدرسة بِمَدِينَة قسطنطينية طيب الله ثراه وَجعل الْجنَّة مثواه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى مصلح الدّين مصطفى بن اوحد الدّين البارحصاري كَانَ عَالما فَاضلا صَالحا شرِيف النَّفس عالي الهمة كَبِير الْقدر عَظِيم الْحُرْمَة قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى خواجه زَاده ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مُرَاد باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة العتيقة بِمَدِينَة ادرنه ثمَّ صَار مدرسا باحد الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة قسطنطينية فِي أَيَّام دولة السُّلْطَان بايزيدخان مُدَّة عشر سِنِين مَاتَ وَهُوَ قَاض بهَا وَحكي ان الوزراء ابرموا عَلَيْهِ بِقبُول قَضَاء قسطنطينية فَلم يقبل وعرضوا على السُّلْطَان بايزيدخان وَقَالَ إِنِّي اكْتُبْ اليه كتابا بيَدي فَكتب وَقَالَ إِنِّي اعرف انك مُسْتَحقّ للْقَضَاء الْمَذْكُور وَأعرف اني ان وليت على الْقَضَاء الْمَزْبُور غَيْرك لعصيت امْر الله تَعَالَى قَالَ وأتضرع اليك ان تقبل

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى يوسف بن حسين الكرماسني

الْقَضَاء الْمَزْبُور فَلَمَّا جَاءَ الْكتاب اليه قبل وباشر امْر الْقَضَاء بسيرة حَسَنَة تغمده الله بغفرانه واسكنه بحبوحة جنانه وَكَانَ فَاضلا فِي الْعُلُوم كلهَا وَقد اعْترف عُلَمَاء عصره بفضله وَلكنه لم يشْتَغل بالتصنيف وَرَأَيْت لَهُ رِسَالَة فِي تَجْوِيز الْفِرَار عَن الوباء تنبىء تِلْكَ الرسَالَة عَن فَضله وَكَانَت سيرته فِي الْقَضَاء محمودة وطريقته فِيهِ مرضية وَكَانَت الظلمَة يخَافُونَ مِنْهُ خوفًا عَظِيما جزاه الله تَعَالَى عَن الشَّرِيعَة خير الْجَزَاء توفّي رَحْمَة الله تَعَالَى عَلَيْهِ قَاضِيا بِمَدِينَة قسطنطينية سنة احدى عشرَة وَتِسْعمِائَة وَدفن عندمسجده بِالْمَدِينَةِ المزبورة نور الله تَعَالَى مرقده وَفِي غرف جنانه ارقده وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى يُوسُف بن حُسَيْن الكرماسني قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى الْفَاضِل خوجه زَاده وبرع فِي الْعُلُوم الْعَرَبيَّة والشرعية وَصَارَ مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ انْتقل الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة قسطنطينية وَكَانَ فِي قَضَائِهِ مرضِي السِّيرَة ومحمود الطَّرِيقَة وَكَانَ سَيْفا من سيوف الْحق وَلَا يخَاف فِي الله تَعَالَى لومة لائم رُوِيَ انه ذهب يَوْمًا الى الْمَسْجِد بعمامة صَغِيرَة وَلما خرج من الْمَسْجِد طلبه الْوَزير إِبْرَاهِيم باشا لمصْلحَة اقْتَضَت حُضُوره فَلم يُبدل عمَامَته خوفًا من تَرْجِيح جَانب الْوَزير على الْمَسْجِد فَلَمَّا رَآهُ الْوَزير عَليّ تِلْكَ الْهَيْئَة سَأَلَهُ عَنْهَا قَالَ فِي جَوَابه حضرت خدمَة الْخَالِق بِهَذِهِ الْهَيْئَة وَلم أجد فِي نَفسِي رخصَة فِي تَغْيِير الْهَيْئَة لاجل الْوَزير فَوَقع هَذَا الْكَلَام عِنْد الْوَزير موقع الْقبُول وَالرِّضَا وَحَكَاهُ الى السُّلْطَان بايزيدخان فارسل السُّلْطَان بايزيدخان الى الْمولى الْمَذْكُور جوائز سنية لأجل فعله الْمَذْكُور وَله عدَّة مصنفات مِنْهَا حَاشِيَة شرح المطول للتلخيص وَشرح الْوِقَايَة فِي الْفِقْه وَله مُخْتَصر فِي علم اصول الْفِقْه سَمَّاهُ الْوَجِيز وَكتاب فِي علم الْمعَانِي توفّي فِي حُدُود التسْعمائَة وَدفن فِي جنب مكتبه الَّذِي بناه عِنْد جَامع السُّلْطَان مُحَمَّد خَان بِمَدِينَة قسطنطينية روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى ابن الاشرف

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى ابْن الاشرف قَرَأَ على الْمولى خواجه زَاده وَكَانَ يشْهد لَهُ بالفضيلة التَّامَّة ثمَّ قرا على الْمولى عَليّ الطوسي وَصَارَ معيدا لدرسه واشتهرت فضائله فِي الافاق حَتَّى ان بعض الطّلبَة تحاكموا فِي الْبَحْث الى الْمولى الطوسي وَلم يشف غللهم ثمَّ ذَهَبُوا الى الْمولى الْمَذْكُور فَحل اشكالهم فِي أول كَلَامه حَتَّى يرْوى انه لَيْسَ عِنْده مُشكل اصلا فِي مسئلة من الْمسَائِل وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى اعجوبة زَمَانه ونادرة أَوَانه حكى الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى عَنهُ انه قَالَ امرني وَالِدي بِحِفْظ الفاظ متن من كل علم قبل أَن أَقرَأ مَعَانِيهَا فَلَمَّا شرعت فِي قرَاءَتهَا وَبَلغت الى مرتبَة الاستخراج صَار مَا حفظته جَمِيعًا مَعْلُوما عِنْدِي دفْعَة وَاحِدَة وَكَانَ وَالِدي يَقُول لَو داوم هُوَ على الِاشْتِغَال لانسى ذكر الْمُتَقَدِّمين الا انه اخترمته صروف الايام وَجرى عَلَيْهِ مَا جرى وتفصيل ذَلِك انه مَال الى طَرِيق التصوف والتحق بزمرة الصُّوفِيَّة ثمَّ رغب فِي السباحة واقتدى بِهِ طَائِفَة القلندرية وأخذوه مَعَهم جبرا وقهرا وَلم يتَخَلَّص من أَيْديهم حَتَّى سَار مَعَهم فِي الْبِلَاد زَمَانا كثيرا الى ان مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى عبد الله الاماسي قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة اماسيه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مرزيفون ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان باماسيه وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا وَكَانَ عَالما بالعلوم الادبية والاصول وَالْفِقْه والْحَدِيث وَالتَّفْسِير وَكَانَ عَارِفًا عابدا زاهدا صَالحا صَاحب كرامات وَكَانَ يقرئ الطّلبَة مِفْتَاح الْعُلُوم من غير مُرَاجعَة الى الشَّرْح وَكَانَ علم البلاغة نصب عَيْنَيْهِ وانتفع بِهِ الكثيرون وَكَانَ يصرف اوقاته فِي الْعِبَادَة وَالْعلم وَلَا يلْتَفت الى احوال الدُّنْيَا روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى حاجي بَابا الطوسي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما بالعلوم الادبية والشرعية مشتغلا بالدرس وانتفع بِهِ كثير من الطّلبَة وشاع تصانيفه بَين الطّلبَة مِنْهَا اعراب الكافية فِي النَّحْو واعراب

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى ولي الدين القراماني والد الشاعر المشهور بنظامي

الْمِصْبَاح فِي النَّحْو وَشرح قَوَاعِد الاعراب فِي النَّحْو وَشرح العوامل فِي النَّحْو روح الله روحه نور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى ولي الدّين القراماني وَالِد الشَّاعِر الْمَشْهُور بنظامي قَرَأَ على عُلَمَاء عصره وَبلغ من الْعُلُوم النافعة مبلغا عَظِيما وَكَانَ يجلس للتذكير فِي بعض الايام وَينْتَفع بِهِ الْخَواص والعلوم وَكَانَ يغلب عَلَيْهِ الْحَال اثناء وعظه وَرُبمَا يسْقط من الْمِنْبَر لغَلَبَة الْحَال وَتُوفِّي وَلَده الْمَذْكُور فِي حَيَاته وحزن عَلَيْهِ حزنا شَدِيدا وَكَانَ ينشد بعض ابياته اثناء وعظه بمناسبة تَقْتَضِيه ويبكي بكاء شَدِيدا ويبكي الْحَاضِرين حَكَاهُ لي استاذي الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ الْمَشْهُور باليتيم وَله شرح لديباجة شرح الشمسية للعلامة التَّفْتَازَانِيّ روح الله روحهما واشتهر اشعار وَلَده فِي بِلَاد الرّوم واستحسنها النَّاس حَتَّى ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان دَعَاهُ الى قسطنطينية وَمَات المرحوم نظامي فِي الطَّرِيق روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ المنتسب الى الفناري وَلَيْسَ هَذَا من اولاد الْمولى الفناري كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما عَاملا فَاضلا قَرَأَ على الْمولى الطوسي ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ انْتقل الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور بِولَايَة اناطولي ثمَّ عزل عَنهُ وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما بطرِيق التقاعد ثمَّ مَاتَ فِي أَيَّام سلطنة السُّلْطَان بايزيدخان كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى بارعا فِي الْعُلُوم الْعَرَبيَّة عَالما فِي الْفِقْه والاصول وَله حاشيه على شرح الْمِفْتَاح للسَّيِّد الشريف وَكَانَ لَهُ يَد طولى فِي الانشاء بِالْعَرَبِيَّةِ روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى سِنَان الدّين يُوسُف الْمَشْهُور بقره سِنَان قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس وَكَانَت لَهُ مهارة فِي الْعُلُوم الْعَرَبيَّة والفنون الادبية صنف شرحا لمراح الارواح فِي الصّرْف وشرحا للشافية فِي الصّرْف ايضا وَله شرح الملخص للجغميني فِي علم

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى مصلح الدين مصطفى بن زكريا بن آي طوغمش القراماني

الْهَيْئَة وَله حواش على شرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى مصلح الدّين مصطفى بن زَكَرِيَّا بن آي طوغمش القراماني قَرَأَ ببلاده على عُلَمَاء عصره ثمَّ ارتحل الى الْقَاهِرَة وَقَرَأَ على علمائها ثمَّ أَتَى بِلَاد الرّوم وصنف حَوَاشِي على شرح الْمِصْبَاح الْمُسَمّى بالضوء وصنف شرحا لمقدمة الْفَقِيه ابي اللَّيْث لكتاب الصَّلَاة وَهُوَ كتاب مَقْبُول مُشْتَمل على فَوَائِد وَسَماهُ بالتوضيح روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى مصلح الدّين مصطفى اخو زَوْجَة الْمولى عبد الْكَرِيم قرا على عُلَمَاء الرّوم واشتهرت فضائله بَينهم وفوض اليه تدريس بعض الْمدَارِس وَمَات مدرسا بمرادية بروسه رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى شمس الدّين احْمَد الشهير بقراجه احْمَد كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان ابْن السُّلْطَان مرادخان الْغَازِي بِمَدِينَة بروسه وَتُوفِّي وَهُوَ مدرس بهَا فِي أواسط شعْبَان الْمُعظم سنة ارْبَعْ وَخمسين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى صارفا جَمِيع اوقاته فِي الِاشْتِغَال بِالْعلمِ وَكَانَ كثير الِاشْتِغَال قَلِيل التَّحْصِيل لثقل فهمه وَمَعَ هَذَا فقد وصل بِشدَّة اجْتِهَاده الى الْمَرَاتِب الْعَالِيَة من الْعلم وصنف حَوَاشِي على المختصرات واستفاد مِنْهَا كثير من الطّلبَة مِنْهَا حَوَاشِيه على شرح الرسَالَة الاثيرية فِي الْمِيزَان لحسام الدّين الكاتبي وحواشيه على حَاشِيَة شرح الرسَالَة الاثيرية فِي الْمِيزَان لحسام الدّين الكاتبي وحواشيه على حَاشِيَة شرح الشمسية للسيدالشريف وحواشيه على شرح الشمسية لمولانا اِسْعَدْ الدّين التَّفْتَازَانِيّ وحواشيه على شرح العقائد للْمولى الْمَذْكُور روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى شمس الدّين احْمَد الشهير بديكقوز كَانَ رَحمَه الله مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس الرومية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة

ومنهم العالم العامل الفاضل المولى طشغون خليفة

السُّلْطَان بايزيدخان بن مرادخان الْغَازِي بِمَدِينَة بروسه وَتُوفِّي وَهُوَ مدرس بهَا وَلَقَد درس فافاد وصنف فاجاد وَمن تصانيفه شرح المراح فِي الصّرْف وَهُوَ شرح نَافِع مُشْتَمل على التَّحْقِيق ومفيد غَايَة الافادة وَله حواش على شرح آدَاب الْبَحْث لمسعود الرُّومِي وَهِي حَاشِيَة مَقْبُولَة لَطِيفَة شريفة وَله شرح على كتاب الْمَقْصُود فِي الصّرْف روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْمولى طشغون خَليفَة كَانَ عَالما عَاملا قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل الْكَامِل مَوْلَانَا خسرو وأكمل عِنْده الْعُلُوم النافعة ثمَّ سلك مَسْلَك التصوف وتوطن ببروسه والمحلة الَّتِي سكن هُوَ فِيهَا مَشْهُورَة بالانتساب اليه الان يُقَال لَهَا محلّة طشغون صوفي واشتغل بالوعظ والتذكير وانتفع بِهِ الاكثرون أحبه النَّاس محبَّة عَظِيمَة وَتُوفِّي وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال فِي أَيَّام سلطنة السُّلْطَان بايزيد خَان روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى مصلح الدّين مصطفى الشهير بالبغل الاحمر كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى محبا للْعلم فِي الْغَايَة وحافظا لجَمِيع الْمسَائِل مهتما فِي اشْتِغَال الطّلبَة صارفا جَمِيع اوقاته فِي التدريس حكى عمي رَحمَه الله تَعَالَى انه كَانَ يدرس كل يَوْم من عشرَة كتب من الْكتب الْمُعْتَبرَة وَكَانَ يحفظ جَمِيع الْمسَائِل لجَمِيع الْعُلُوم قَالَ اشتغلت عِنْده مِقْدَار سنتَيْن وَمَا قدرت على ترك الدَّرْس خوفًا مِنْهُ لشدَّة اهتمامه وَكَانَ رَحمَه الله يَقُول مَا ذكرت عِنْده مسئلة من الْفُنُون الادبية والعقلية والعلوم الشَّرْعِيَّة الاصلية والفرعية الا وَهِي فِي حفظه بالفاظها وعباراتها حَتَّى انه كَانَ يعرف اخْتِلَاف السنخ ايضا قَالَ وَغَضب يَوْمًا على بعض الطّلبَة لعناده فِي مسئلة وَقَالَ مَا من مسئلة من كتاب الْمَقْصُود فِي الصّرْف الى الْكَشَّاف للزمخشري الا وَهِي فِي خاطري وَمَا ذكرته من المسئلة غير مَذْكُور فِي كتاب اصلا قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى وَكَلَامه هَذَا حق صَادِق لَا ريب فِيهِ اصلا وَكَانَ مدرسا بمدرسة مناستر ببروسه فاعطاه السُّلْطَان محمدخان الْمدرسَة الجديدة

ومنهم العالم العامل الفاضل المولى شمس الدين

بادرنه وانحلت فِي ذَلِك الْيَوْم مدرسة من الْمدَارِس الثمان قَالَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان اعطيها للْمولى مصلح الدّين فَلَا أَحَق مِنْهُ بِتِلْكَ الْمدرسَة قَالَ الْوَزير اعطيتموه الْيَوْم مدرسة بادرنه قَالَ لَا بَأْس هُوَ مُسْتَحقّ لذَلِك وَلما جلس السُّلْطَان بايزيد خَان على سَرِير السلطنة اعطاه مدرسته الاولى وَهِي مدرسة مناستر ثمَّ اعطاه مدرسته الثَّانِيَة بادرنه وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى خَفِيف اللِّحْيَة احمر اللَّوْن عَظِيم الجثة جدا حَتَّى كَانَ لَا يحملهُ الافرس قوي غَايَة الْقُوَّة وَكَانَ اذا لم يحضر وَاحِد من طلبته مَوضِع الدَّرْس يذهب الى حجرته بعد الدَّرْس فان كَانَ مَرِيضا يعودهُ والا فيوبخه غَايَة التوبيخ ويهدده تهديدا عَظِيما قَالَ عمي رَحمَه الله تَعَالَى أَتَى خَالِي من بَلْدَة قسطموني الى مَدِينَة ادرنه فاردنا ضيافته فِي بعض الْبَسَاتِين فِي يَوْم من ايام الدَّرْس فاستأذنت الْمولى الْمَذْكُور فِي ذَلِك فَغَضب عَليّ وَقَالَ جعلت ذَلِك مَانِعا عَن الدَّرْس ولاي شَيْء مَا جعلت الدَّرْس مَانِعا عَنهُ وَقَالَ وَلَوْلَا حيائي من خَالك لرددتك عَن الْمدرسَة روح الله تَعَالَى روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْمولى شمس الدّين كَانَ اصله من ولَايَة ايدين قَرَأَ اولا على عُلَمَاء الرّوم ثمَّ ارتحل الى بِلَاد الْعَجم وَقَرَأَ هُنَاكَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ ارتحل الى بِلَاد الْعَرَب وَقَرَأَ هُنَاكَ ايضا على علمائها وَحصل طرفا صَالحا من الْعُلُوم وتمهر فِي علمي البلاغة وفَاق أهل زَمَانه فِي علم النغمات ثمَّ ارتحل الى بِلَاده وَصَحب السُّلْطَان مُحَمَّد خَان لاجل علم النغمات وتقرب عِنْده غَايَة التَّقَرُّب ثمَّ وَقع مِنْهُ سوء ادب فِي بعض الايام فابعده عَن حَضرته فاتى مَدِينَة بروسه وَاعْتَزل عَن النَّاس وَقعد فِي بَيته وَكَانَ إِذا نفدت نَفَقَته يظْهر من بَيته فيجتمع عَلَيْهِ أهل النغمات وَيَأْخُذ من وَاحِد مِنْهُم درهما وَاحِدًا لاجل عرضة وَاحِدَة فِي صَنْعَة النغمات وَيجمع بذلك دَرَاهِم كَثِيرَة ثمَّ يدْخل بَيته وَلَا يخرج الى ان تنفد نَفَقَته وَهَكَذَا كَانَ حَاله الى ان توفّي فِي حُدُود التسْعمائَة وَكَانَ لَا تصحبه الا بنته الْمُسَمَّاة بيتيمة واختل دماغه فِي آخر عمره لاغتمامه من اجل مُفَارقَته عَن صُحْبَة السُّلْطَان وَكَانَ إِذا اهدي اليه هَدِيَّة لَا يأكلها ويتوهم ان فِيهَا سما وَكَانَ ينظم القصائد الْعَرَبيَّة والفارسية والتركية ويمدح

ومنهم المولى المشتهر بالمليحي

بهَا الاكابر ويرسلها اليهم وكل قصيدة اذا صحفت من اولها الى آخرهَا يحصل مِنْهَا هجو وَكَانَ لَهُ تصنيفا فِي علم الادوار وَهِي دَائِرَة بَين اهلها الى الْآن رَحمَه الله تالى عَلَيْهِ وَمِنْهُم الْمولى المشتهر بالمليحي كَانَ اصله من ولَايَة ايدين قَرَأَ على عُلَمَاء عصره وفَاق اقرانه وتمهر فِي الْعُلُوم ثمَّ دخل بِلَاد الْعَجم وَقَرَأَ هُنَاكَ على عُلَمَاء عصره وَكَانَ الْمولى عبد الرَّحْمَن الجامي شَرِيكا لدرسه ثمَّ اتى بِلَاد الرّوم وتوطن بقسطنطينية فِي اول فتحهَا ثمَّ اصابه الخذلان من الله سُبْحَانَهُ وانبلي بِالْخمرِ الى ان مَاتَ وَكَانَ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى يَقُول كَانَ الصِّحَاح للجوهري فِي حفظ الْمولى المليحي قَالَ وَإِذا اشكل علينا لُغَة كُنَّا نرْجِع اليه وَكَانَ يقْرَأ علينا من الصِّحَاح مَا يتَعَلَّق بِتِلْكَ الْكَلِمَة من حفظه حكى وَاحِد من بعض الصلحاء انه قَالَ زرت الْمولى عبد الرحمن الجامي وَكنت مُتَوَجها الى الرّوم فَدفع الي الْمولى عبد الرحمن الجامي رِسَالَة من تصنيفاته وَقَالَ كَانَ لنا شريك مدعُو بالمولى المليحي والان اسْمَعْهُ بِمَدِينَة قسطنطينية فَخذ هَذِه الرسَالَة مَعَك وادفعها إِلَيْهِ هَدِيَّة مني إِلَيْهِ قَالَ ال رَاوِي فَأتيت مَدِينَة قسطنطينية وَطلبت الْمولى المليحي وَأَنا اظن انه من الْعلمَاء الصلحاء لاجل صحبته مَعَ الْمولى الجامي فاخبرت انه فِي بَيت الخمارين فَوَجَدته واوصلت اليه السَّلَام من قبل الْمولى الجامي وَدفعت الرسَالَة اليه فَبكى بكاء عَظِيما وَقَالَ ان الْقدر سَاقه الى الصّلاح وساقني الى الْفُجُور وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا وَلم يقبل الرسَالَة وَقَالَ لَا يَلِيق بِسوء حَالي ان انْظُر الى مثل هَذِه الرسَالَة الشَّرِيفَة فاعطاني الرسَالَة فَقُمْت وسلمت عَلَيْهِ وفارقته وَهُوَ يبكي بكاء شَدِيدا تأسفا على مَا مضى وندامة على الْحَال وخوفا من الْعَاقِبَة والمآل سامحه الله تَعَالَى وَغفر لَهُ انه وَاسع الْمَغْفِرَة رُوِيَ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان سمع ان الْمولى المليحي شرب الْخمر فِي سوق البزازين وصب الْخمر على النَّاس فَأمر الخمارين بَان لَا يعطوه خمرًا وهددهم بِالْقَتْلِ وَعين للمليحي كل يَوْم خَمْسَة عشر درهما وعاش فِي زَمَانه على زهد وَصَلَاح وعفة ورأوه يَوْمًا سَكرَان فوشوا بِهِ الى السُّلْطَان فاحضره فَمَا وجد فِيهِ رَائِحَة الْخمر وَالْحَال انه سَكرَان فَقَالَ لَهُ عَلَيْك بِالصّدقِ فِي مقالك من ايْنَ حصل لَك

ومنهم المولى سراج الخطيب بجامع السلطان محمد خان بمدينة قسطنطينية

هَذَا السكر قَالَ احتقنت بِالْخمرِ فَحصل لي السكر من تِلْكَ الْجِهَة فَضَحِك السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَأطْلقهُ وَكَانَ المليحي يَقُول عجبا للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان كَيفَ صدق قَوْلهم ان المليحي صب الْخمر على النَّاس وَمن الْبَين ان المليحي اذا وجد الْخمر لَا يضيع مِنْهَا قَطْرَة وَمَا لبث كثيرا الا وَقد توفّي السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فَلَمَّا توفّي بَدَأَ المليحي بِشرب الْخمر كَمَا كَانَ فِي الاول بل أَزِيد غفر الله تَعَالَى لَهُ بفضله وَكَرمه انه كريم رَحِيم وَمِنْهُم الْمولى سراج الْخَطِيب بِجَامِع السُّلْطَان مُحَمَّد خَان بِمَدِينَة قسطنطينية كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من بِلَاد الْعَجم مَقْبُولًا عِنْد علمائها وأمرائها وَلما وَقعت الْفِتْنَة فِي بِلَاد الْعَجم هرب الى الرّوم على زِيّ الاتراك وَوصل الى مَدِينَة بروسه وَكَانَ القَاضِي هُنَاكَ وقتئذ هُوَ المليحي عَلَاء الدّين الفناري وَكَانَ بَينهمَا معارفة فِي بلادالعجم وَدخل الْمولى سراج مجْلِس قَضَائِهِ فَعرفهُ القَاضِي الْمَذْكُور وأكرمه وعظمه وَرفع مَجْلِسه فتحير النَّاس فِي تَعْظِيم القَاضِي لَهُ مَعَ رثاثة هَيئته ولباسه ثمَّ ارسله القَاضِي الْمَذْكُور الى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَكتب اليه احواله بالتمام وصادف قدومه مَدِينَة قسطنطينية تَمام جَامع السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَطلب خَطِيبًا مناسبا لَهُ فاستمعه السُّلْطَان فاعجبه غَايَة الاعجاب ونصبه خَطِيبًا بجامعه الشريف وَهُوَ أول خطيب بالجامع الْمَزْبُور وَعين لَهُ كل يَوْم خمسين درهما وَكَانَ صدر خطبَته الْحَمد لله الَّذِي وصف الحامدين بالمحامد اني حَامِد على نعمائه الْحَمد لله وَاعْترض الْمولى ابْن الْخَطِيب على كَلَام الْمَذْكُور وَقَالَ وَالصَّوَاب ان يُقَال وَصفه الحامدون بالمحامد وَكَانَ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى يرجح كَلَام الْخَطِيب الْمَذْكُور وَيَقُول قَوْله اني حَامِد جملَة مستأنفة وَتَقْدِير الْكَلَام اذا وصف الله الحامدين بالمحامد فَمَاذَا نَفْعل فَيَقُول فِي جَوَابه اني حَامِد على نعمائه وَقَالَ رَحمَه الله تَعَالَى هَذِه النُّكْتَة لَطِيفَة يَخْلُو عَنْهَا مَا اخْتَارَهُ الْمُعْتَرض وَصَوَابه وَكَانَ الْمولى سراج الْخَطِيب اديبا لبيبا صَاحب بَيَان وفصاحة وفائقا فِي علم البلاغة وَحسن الالحان وَطيب الاصوات وَكَانَ يقْرَأ الْخطْبَة مَعَ السّكُون وَالْوَقار والادب التَّام وَكَانَ لَهُ فِي رِعَايَة النغمات شَيْء عَظِيم لم يلْحق بِهِ بعده اُحْدُ روح الله روحه وَنور ضريحه

ومنهم العالم الفاضل الحكيم قطب الدين العجمي

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْحَكِيم قطب الدّين العجمي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى وزيرا لبَعض مُلُوك الْعَجم ثمَّ ارتحل الى بِلَاد الرّوم لفترة فِي بِلَاده واتصل بِخِدْمَة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وأكرمه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان غَايَة الاكرام وَعين لَهُ كل يَوْم خَمْسمِائَة دِرْهَم وَعين لَهُ عشْرين الف دِرْهَم مشاهرة سوى مَا انْعمْ عَلَيْهِ من الْخلْع والانعامات وعاش فِي كنف حمايته بعيش ارغد وَكَانَ يتوسع فِي مأكله وملابسه ويتجمل فِي حَوَاشِيه وغلمانه وَكَانَ يعرف علم الطِّبّ غَايَة الْمعرفَة وتقرب لاجله عِنْد السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وحظي عِنْده غَايَة الحظوة وَمَات فِي أَيَّام دولته روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْحَكِيم شكر الله الشيرواني ارتحل من وَطنه الى بِلَاد الرّوم واتصل بِخِدْمَة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وتقرب عِنْده لاجل الطِّبّ وَكَانَ طَبِيبا حاذقا صَاحب مُرُوءَة وَكَانَت لَهُ معرفَة بالتفسير والْحَدِيث والعلوم الْعَرَبيَّة وَلما حج أَقَامَ بِمصْر مُدَّة وَقَرَأَ الحَدِيث على علمائها مِنْهُم الشَّيْخ السخاوي ونظراؤه وَسمع الحَدِيث بالروم من الْمولى احْمَد الكوراني وَكلهمْ اجازوه اجازة ملفوظة مَكْتُوبَة رَأَيْت صور اجازاتهم بخطهم وَكلهمْ شهدُوا لَهُ بِالْفَضْلِ وَالْعلم وَالصَّلَاح وَمَات فِي أَيَّام دولة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل خواجه عَطاء الله العجمي قَرَأَ فِي بِلَاد الْعَجم على علمائها ثمَّ ارتحل الى بِلَاد الرّوم فِي أَيَّام دولة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَمَات فِي أَوَائِل سلطنة السُّلْطَان بايزيدخان كَانَ عَالما فَاضلا عَارِفًا بالعلوم كلهَا من الحَدِيث وَالتَّفْسِير والعربية والطب والفنون الْعَقْلِيَّة باسرها وَكَانَت لَهُ يَد طولى فِي الْعُلُوم الرياضية وَمَعْرِفَة الزيجات واستخراج التقاويم ورايت لَهُ رِسَالَة كَبِيرَة فِي الْعُلُوم الرياضيات لحل الاسطرلاب وَالرّبع الْمُجيب والمقنطرات وَرَأَيْت لَهُ رِسَالَة لَطِيفَة فِي معرفَة الاوزان وَسمعت بعض اساتذتي انه كَانَ يَقُول فِي حَقه مَا رَأَيْت من الْعُلُوم كلياتها وجزئياتها الا وَله فِيهَا معرفَة تَامَّة روح الله روحه وَنور ضريحه

ومنهم العالم الفاضل الكامل يعقوب الحكيم

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل يَعْقُوب الْحَكِيم كَانَ طَبِيبا ماهرا فِي الطِّبّ غَايَة المهارة وَبِذَلِك تقرب عِنْد السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَكَانَ يَهُودِيّا وَجعله السُّلْطَان مُحَمَّد خَان حَافِظًا للدفتر بالديوان العالي وَهُوَ يَهُودِيّ ثمَّ اسْلَمْ فاستوزره السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَلما صَار مُحَمَّد باشا القراماني وزيرا للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان حسد عَلَيْهِ وَاتفقَ فِي تِلْكَ الايام ان مرض السُّلْطَان محمدخان فعالجه يَعْقُوب الْحَكِيم وَذكر الْوَزير مُحَمَّد باشا عِنْد السُّلْطَان الْحَكِيم اللاري ورغبه فِي الدُّخُول على حَضرته فَلَمَّا دخل هُوَ عَلَيْهِ عالج خلاف معالجات الْحَكِيم يَعْقُوب وَغَيرهَا فَزَاد ضعف السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فاستدعى المرحوم السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الْحَكِيم يَعْقُوب وَلما رَآهُ الْحَكِيم يَعْقُوب عرف انه غير قَابل للعلاج بعد هَذَا وَلم يتَكَلَّم بِشَيْء وَصوب راي الْحَكِيم اللاري وَلم يلبث السُّلْطَان الا قَلِيلا حَتَّى مَاتَ اسكنه الله تَعَالَى فِي جناته واحله مَحل رضوانه وَمن جملَة اخبار الْحَكِيم يَعْقُوب انه كَانَ فِي ذَلِك الزَّمَان رجل ابيض اللَّوْن اسود بدنه كُله وَلم يعرف اطباء زَمَانه هَذَا الْمَرَض فضلا عَن معالجته فَذهب الى الْحَكِيم يَعْقُوب فَعرض عَلَيْهِ انه كَانَ ابيض اللَّوْن ثمَّ اسود بدنه كُله فَقَالَ الْحَكِيم يَعْقُوب ان هَذَا الْمَرَض غير مَذْكُور فِي الْكتب وَيُقَال لَهُ البهق الشَّامِل فعالجه فبرىء وَعَاد الى لَونه الاصلي وَرُوِيَ ان رجلا عرض لَهُ مرض وَهُوَ انه يجْرِي الدَّم من فِيهِ وَكَانَ يتقيأ جَمِيع مَا أكله وشربه وَعجز الاطباء عَن علاجه لعدم لبث الدَّوَاء فِي معدته فَذهب الى الْحَكِيم يَعْقُوب وَعرض عَلَيْهِ حَاله فَقَالَ لَهُ الْحَكِيم يَعْقُوب اصبر سَاعَة فَدخل بَيته ثمَّ اخْرُج لَهُ طَعَاما فِيهِ لُحُوم مغرية فالح عَلَيْهِ فِي أكله فاستعفى الرجل لما عرف ان معدته لَا تقبل الطَّعَام فابرم عَلَيْهِ واطعمه جبرا وَبعد ذَلِك سقَاهُ شربة فقاء مَا فِي بَطْنه فَخرج الطَّعَام وَمَعَهُ قراد عِظَام مِقْدَار حفنتين ثمَّ قَالَ قُم فقد بَرِئت من مرضك فَسَأَلَهُ تلامذته عَن سر هَذَا العلاج قَالَ عرفت بِهَذَا الدَّم الْجَارِي انه من قراد فِي معدته وان قيأه الطَّعَام لاجله وَاللَّحم المغري الَّذِي كَانَ فِي الطَّعَام كَانَ من لحم الْكَلْب قَالَ والقراد يحب لحم الْكَلْب فَلَمَّا وصل لحم الْكَلْب الى معدته اجْتمع القراد عَلَيْهِ والشربة الَّتِي اعطيتها كَانَ مقيئا فقاء مَا فِي بَطْنه من الطَّعَام والقراد

ومنهم الفاضل الكامل الحكيم العجمي اللاري

فخلصت معدته من ذَلِك الْمَرَض وَهَذَا علاج لَا يخْطر ببال اُحْدُ من الاطباء الا الحذاق من السّلف وَمن جملَة اخباره ان امْرَأَة حَامِل سَقَطت من علو فَمَاتَتْ وَلم يبْق لَهَا تنفس وَلَا حَرَكَة نبض الا انه لم تَنْقَطِع حرارة بدنهَا فتحيروا فِي أمرهَا واستغاثوا الى الْحَكِيم يَعْقُوب فَنظر حَالهَا فاستدعى ابرة فَأدْخلهَا فِي بَطنهَا ففتحت الْمَرْأَة عينهَا وَقَامَت كانها لم يَمَسهَا شَيْء فَسَأَلُوهُ عَن سَبَب هَذَا العلاج قَالَ كَانَت الْمَرْأَة حَامِلا فَلَمَّا سَقَطت اخذ الْوَلَد بِيَدِهِ نِيَاط قَلبهَا فَبِهَذَا السَّبَب عرض لَهَا مَا عرض فادخلت ابرة فوصلت الى يَد الْوَلَد فَجمع يَده اليه فَزَالَتْ عَنْهَا تِلْكَ الْحَالة انْظُرُوا الى هَذِه الفراسة العجيبة والحذاقة الغريبة روح الله تَعَالَى روحه الْعَزِيز وَمِنْهُم الْفَاضِل الْكَامِل الْحَكِيم العجمي اللاري ارتحل الى بِلَاد الرّوم واتصل بِخِدْمَة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان كَانَ ماهرا فِي الطِّبّ الا انه اخطأ فِي مُتَابعَة رَأْي الْوَزير مُحَمَّد باشا ومطاوعته هَوَاهُ فِي معالجة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان كَمَا حكيناه آنِفا وَسمعت هَذِه الْقِصَّة عَن السَّيِّد إِبْرَاهِيم الاماسي المتوطن بجوار مَزَار حَضْرَة ابي ايوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الْملك الْبَارِي وَمِنْهُم الطَّبِيب الْمَشْهُور بالحكيم عرب حصل علم الطِّبّ فِي بِلَاد الْعَرَب ثمَّ ارتحل الى بِلَاد الرّوم واتصل بِخِدْمَة الامير عِيسَى بك ابْن اسحق بك السَّاكِن ببلدة اسكوب واكرمه الامير الْمَذْكُور غَايَة الاكرام ونال بِسَبَبِهِ مَالا جزيلا وَبلغ صيته فِي الطِّبّ الى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فاستدعاه وأكرمه وعاش فِي كنف حمايته بعيش وَاسع وَكَانَ حاذقا فِي الطِّبّ كريم النَّفس جوادا مراعيا للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين نور الله قَبره وضاعف اجره وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل العابد الزَّاهِد الْمَشْهُور بِابْن الذَّهَبِيّ اتَّصل بِخِدْمَة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان واكرمه لطلبه وصلاحه وزهده وورعه غَايَة الاكرام وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى شَيخا نورانيا عفيفا نقيا مداوما لقِرَاءَة الْقُرْآن الْعَظِيم وَكَانَ ماهرا فِي معرفَة العشب غَايَة الْمعرفَة وَلم يُؤْت اليه بِشَيْء مِنْهَا الا وَقد عرفه باسمه ورسمه ومنافعه رُوِيَ انه كَانَ يرى حَضْرَة الرسَالَة صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي كل شهر روى بعض اساتذتي انه نبت لحم فِي مجْرى الْبَوْل

ومن مشايخ الطريقة في زمانه الشيخ العارف بالله تعالى الواصل الى الله شمس الملة والدين محمد بن حمزة الشهير بآق شمس الدين نجل العارف بالله الشيخ شهاب الدين السهروردي قدس سره

قَالَ حَتَّى كدت ان اموت فعرضت ذَلِك على الاطباء فَأمروا بِقطع الْعُضْو قَالَ ثمَّ ذهبت الى ابْن الذَّهَبِيّ الْمَذْكُور فعرضت عَلَيْهِ حَالي وَقَول الاطباء من قطعه قَالَ فَضَحِك من قَوْلهم ثمَّ استدعى بِرَصَاصٍ فَعمل مِنْهُ ابرا كَثِيرَة بَعْضهَا اغلظ من بعض فَجعل فِيهِ الدَّقِيق اولا ثمَّ الاغلظ فالأغلظ وَمَا تمّ يَوْم وَلَيْلَة حَتَّى انْفَتح قَالَ ثمَّ أَمرنِي بَان لَا اخلي الْعُضْو من ان ادخل فِيهِ ابرة عَظِيمَة غَلِيظَة من تِلْكَ الابر مِقْدَار سنة وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ ذَلِك الْعَالم من محَاسِن الاسلام ونوادر الْأَيَّام عَلَيْهِ رَحْمَة الْملك العلام وَمن مَشَايِخ الطَّرِيقَة فِي زَمَانه الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الْوَاصِل الى الله شمس الْملَّة وَالدّين مُحَمَّد بن حَمْزَة الشهير بآق شمس الدّين نجل الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ شهَاب الدّين السهروردي قدس سره ولد بِدِمَشْق الشَّام المحروسة ثمَّ اتى مَعَ وَالِده وَهُوَ صبي الى بِلَاد الرّوم واشتغل بالعلوم وكملها حَتَّى صَار مدرسا بمدرسة عثمانجق وَكَانَ مائلا الى طَريقَة الصُّوفِيَّة وَكَانَ يرغبه بعض الصلحاء فِي الْوُصُول الى خدمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الْحَاج بيرام الا انه كَانَ يُنكر عَلَيْهِ لَان الشَّيْخ الْحَاج بيرام كَانَ يسْأَل النَّاس ويدور فِي الاسواق لحوائج الْفُقَرَاء والمديونين مَعَ مَا فِيهِ من كسر النَّفس وَفِي ذَلِك الْوَقْت بلغه صيت الشَّيْخ زين الدّين الخافي فَترك التدريس وَتوجه اليه وَلما وصل الى حلب رأى فِي الْمَنَام ان فِي عُنُقه سلسلة طرفها بيد الشَّيْخ الْحَاج بيرام بِمَدِينَة انقره فَتوجه بِالضَّرُورَةِ الى بَلْدَة عثمانجق ثمَّ توجه الى خدمَة الشَّيْخ الْحَاج بيرام فَوَجَدَهُ مَعَ مريديه يحصدون الزَّرْع وَلم يلْتَفت اليه الشَّيْخ بيرام واشتغل آق شمس الدّين مَعَ الْجَمَاعَة فِي الْخدمَة الْمَذْكُورَة وَلما فرغوا مِنْهَا احضر لَهُم الطَّعَام فوزعوه على الْفُقَرَاء وَجعلُوا من الطَّعَام حِصَّة للكلاب وَلم يلْتَفت الشَّيْخ الْحَاج بيرام الى الشَّيْخ آق شمس الدّين وَلم يَدعه الى الطَّعَام فَقعدَ الشَّيْخ آق شمس الدّين مَعَ الْكلاب واشتغل بالاكل مَعَهم وَعند ذَلِك ناداه الشَّيْخ الْحَاج بيرام وَقَالَ يَا كوسج ادن مني وَقد جذبت قلبِي فاشتغل عِنْده بالتحصيل وَحصل طَريقَة الصُّوفِيَّة ونال مَا نَالَ من الكرامات الْعلية والمقامات السّنيَّة من جملَة مناقبه

انه كَانَ طَبِيبا للأبدان كَمَا هُوَ طَبِيب للأرواح وَله فِي الطِّبّ الظَّاهِر تصانيف يرْوى ان العشب تناديه وَتقول انا شِفَاء من الْمَرَض الْفُلَانِيّ وَمن جملَة اخباره ان سُلَيْمَان جلبي بن خَلِيل باشا الْوَزير كَانَ قَاضِيا بالعسكر فِي زمن السُّلْطَان مرادخان وَقد مرض بِمَدِينَة ادرنه فِي أَيَّام وزارة وَالِده وَكَانَ الشَّيْخ الْمَزْبُور بِالْمَدِينَةِ الْمَذْكُورَة فِي ذَلِك الْوَقْت وَقد دَعَا الْوَزير الْمَذْكُور الشَّيْخ للدُّعَاء لوَلَده والعلاج لَهُ رُوِيَ ان الشَّيْخ عبد الرَّحِيم الشهير بِابْن الْمصْرِيّ من خلفاء الشَّيْخ الْمَذْكُور قَالَ ذهبت مَعَ الشَّيْخ الى الْمَرِيض الْمَذْكُور فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَوَجَدنَا اطباء السُّلْطَان حول الْمَرِيض يحْضرُون الادوية للعلاج فَقَالَ الشَّيْخ للأطباء أَي مرض هَذَا قَالُوا الْمَرَض الْفُلَانِيّ فَقَالَ الشَّيْخ عالجوه بدواء السرسام فَأنْكر عَلَيْهِ الاطباء وَخَرجُوا من عِنْد الْمَرِيض فاخذ الشَّيْخ بِدَوَاةٍ وَكتب اسامي الادوية فأحضروها وعالجه بهَا وَظهر النَّفْع فِي الْحَال وَمَعَ ذَلِك لم يسْأَل عَن حَال الْمَرِيض وَلم يتتبع عَلَامَات مَرضه قَالَ ابْن الْمصْرِيّ وَلما خرجنَا من عِنْد الْمَرِيض قَالَ لي لَو سكت عَنهُ لأهلكته الاطباء بعلاجهم ثمَّ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان لما أَرَادَ فتح قسطنطينية دَعَا الشَّيْخ للْجِهَاد ودعا ايضا الشَّيْخ آق بيق وارسل اليهما المرحوم احْمَد باشا ابْن ولي الدّين للتوجه الى فتح قسطنطينية وَكَانَ آق بيق رجلا مجذوبا لم يصحل مِنْهُ شَيْء وَأما الشَّيْخ آق شمس الدّين فَقَالَ سيدخل الْمُسلمُونَ القلعة من الْموضع الْفُلَانِيّ فِي الْيَوْم الْفُلَانِيّ وَقت الضحوة الْكُبْرَى وَأَنت تكون حِينَئِذٍ عِنْد السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَحكى لي بعض اولاده انه جَاءَ ذَلِك الْوَقْت وَلم تنفتح القلعة فَحصل لنا خوف عَظِيم من جِهَة السُّلْطَان فَذَهَبت اليه وَهُوَ فِي خيمته وَوَاحِد من خُدَّامه وَاقِف على الْبَاب وَمَنَعَنِي عَن الدُّخُول لانه اوصاه ان لَا يدْخل عَلَيْهِ اُحْدُ فَرفعت اطناب الْخَيْمَة وَنظرت فاذا هُوَ ساجد على التُّرَاب وراسه مَكْشُوف وَهُوَ يتَضَرَّع ويبكي فَمَا رفعت رَأْسِي الا قَامَ على رجله وَكبر وَقَالَ الْحَمد لله منحنا الله تَعَالَى فتح القلعة قَالَ فَنَظَرت الى جَانب القلعة فاذا الْعَسْكَر قد دخلُوا بأجمعهم فَفتح الله تَعَالَى ببركة دُعَائِهِ وَكَانَت دَعوته تخترق السَّبع الطباق ثمَّ تفرق وتملأ بركاتها الافاق وَلما دخل السُّلْطَان مُحَمَّد خَان القلعة نظر الى جَانِبه فاذا ابْن

ولي الدّين فَقَالَ هَذَا مَا اخبر بِهِ الشَّيْخ وَقَالَ مَا فرحت بِهَذَا الْفَتْح وَإِنَّمَا فرحي من وجود مثل هَذَا الرجل فِي زماني ثمَّ بعد يَوْم جَاءَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الى خيمة الشَّيْخ وَهُوَ مُضْطَجع فَلم يقم لَهُ فَقبل السُّلْطَان مُحَمَّد خَان يَده وَقَالَ جئْتُك لحَاجَة عنْدك قَالَ مَا هِيَ قَالَ اريد ان ادخل الْخلْوَة عنْدك اياما قَالَ الشَّيْخ لَا فأبرم عَلَيْهِ مرَارًا وَهُوَ يَقُول لَا فَغَضب السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَقَالَ ان وَاحِدًا من الاتراك يَجِيء اليك وتدخله الْخلْوَة بِكَلِمَة وَاحِدَة قَالَ الشَّيْخ انك اذا دخلت الْخلْوَة تَجِد هُنَاكَ لَذَّة تسْقط السلطنة من عَيْنك وتختل امورها فيمقت الله ايانا وَالْغَرَض من الْخلْوَة تَحْصِيل الْعَدَالَة فَعَلَيْك ان تفعل كَذَا وَكَذَا وَذكر مَا بدا لَهُ من النصائح ثمَّ ارسل اليه الفي دِينَار وَلم يقبل فَقَامَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وودعه وَالشَّيْخ مُضْطَجع كَمَا هُوَ مُضْطَجع على جنبه وَلما خرج السُّلْطَان مُحَمَّد خَان قَالَ لِابْنِ ولي الدّين مَا قَامَ الشَّيْخ لي واظهر التأثر من ذَلِك قَالَ ابْن ولي الدّين ان الشَّيْخ شَاهد فِيكُم الْغرُور بِسَبَب هَذَا الْفَتْح الَّذِي لم يَتَيَسَّر للسلاطين الْعِظَام وان الشَّيْخ مرب فاراد بذلك ان يدْفع عَنْكُم الْغرُور ثمَّ بعد غَد دَعَا السُّلْطَان الشَّيْخ فِي الثُّلُث الاخير من اللَّيْل وخفنا عَلَيْهِ من ذَلِك فَذهب اليه قَالَ فَلَمَّا ذهبت اليه تبادر الي الامراء يقبلُونَ يَدي قَالَ وَجَاء السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَاللَّيْل مظلم مَا ادركته بالبصر بِسَبَب الظلمَة لَكِن عرفه روحي فعانقته وضممته الي ضما شَدِيدا حَتَّى ارتعد وَكَاد ان يسْقط فَمَا خليته الى ان يَزُول عَنهُ الْحَال وَقَالَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان كَانَ فِي قلبِي شَيْء فِي حق الشَّيْخ فَلَمَّا ضمني اليه انْقَلب ذَلِك حبا ثمَّ انه دخل مَعَه الْخَيْمَة فَصَاحب مَعَه حَتَّى طلع الْفجْر واذن للصَّلَاة وَصلى السُّلْطَان خَلفه ثمَّ قَرَأَ الشَّيْخ الاوراد وَالسُّلْطَان جَالس امامه على رُكْبَتَيْهِ يستمع الاوراد فَلَمَّا اتمها التمس مِنْهُ ان يعين مَوضِع قبر أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ يرْوى فِي كتب التواريخ أَن قَبره بِموضع قريب من سور قسطنطينية ثمَّ ان الشَّيْخ جَاءَ وَقَالَ اني اشاهد فِي هَذَا الْموضع نورا لَعَلَّ قَبره هَهُنَا فجَاء اليه وَتوجه زَمَانا ثمَّ قَالَ الْتَقت روحه مَعَ روحي قَالَ وَهَنأَنِي بِهَذَا الْفَتْح وَقَالَ شكر الله سعيكم حَتَّى خلصتموني من ظلمَة الْكفْر فَأخْبر

السُّلْطَان مُحَمَّد خَان بذلك وَجَاء الى ذَلِك الْموضع فَقَالَ للشَّيْخ اني اصدقك وَلَكِن التمس مِنْك ان تعين لي عَلامَة اراها بعيني ويطمئن بذلك قلبِي فَتوجه الشَّيْخ سَاعَة ثمَّ قَالَ احفروا هَذَا الْموضع من جَانب الرَّأْس من الْقَبْر مِقْدَار ذراعين يظْهر رُخَام عَلَيْهِ خطّ عبراني تَفْسِيره هَذَا وَقرر كلَاما فَلَمَّا حفر مِقْدَار ذراعين ظهر رُخَام عَلَيْهِ خطّ فقرأه من يعرفهُ وَفَسرهُ فَإِذا هُوَ مَا قَرَّرَهُ الشَّيْخ فتحير السُّلْطَان وَغلب عَلَيْهِ الْحَال حَتَّى كَاد ان يسْقط لَوْلَا ان اخذوه ثمَّ امْر بِبِنَاء الْقبَّة على ذَلِك الْموضع وَأمر بِبِنَاء الْجَامِع الشريف والحجرات وَالْتمس ان يجلس الشَّيْخ فِيهِ مَعَ مريديه فَلم يقبل وَاسْتَأْذَنَ ان يرجع الى وَطنه فَأذن لَهُ السُّلْطَان تطييبا لِقَلْبِهِ فَلَمَّا عبر الْبَحْر قَالَ لأكبر اولاده لما جَاوَزت الْبَحْر امْتَلَأَ قلبِي نورا وَقد فَسدتْ الهاماتي بقسطنطينية من ظلمَة الْكفْر فِيهَا وَلما سَار سَاعَة لقِيه رجل من اجلاف بِلَاد الرّوم وَتَحْته فرس نَفِيس يمِيل اليه قلب كل اُحْدُ فَذهب الرجل وَلم يلْتَفت الى الشَّيْخ وَلم يسلم عَلَيْهِ فَلم يذهب الا قَلِيلا حَتَّى رَجَعَ وَنزل عَن فرسه وَقَالَ للشَّيْخ وَهبتك هَذَا الْفرس فَأَشَارَ الشَّيْخ الى ابْنه فَنزل عَن فرسه وَأَعْطَاهُ لذَلِك الرجل وَركب هُوَ فرس الرجل ثمَّ سَأَلَهُ ابْن الشَّيْخ عَن هَذَا الْأَمر فَقَالَ لَو كَانَ لرجل كريم عبد وَكَانَ فِي طَاعَته واستدعى مِنْهُ يَوْمًا شَيْئا حَقِيرًا هَل يمنعهُ مِنْهُ قَالَ ابْنه لَا قَالَ الشَّيْخ وَأَنا مُنْذُ ثَلَاثِينَ سنة لم أخرج عَن طَاعَة الله تَعَالَى فَلَمَّا مَال قلبِي الى هَذَا الْفرس الْهم الله تَعَالَى ذَلِك الرجل حَتَّى وهبه لي ثمَّ انْتهى الشَّيْخ الى وَطنه وَهُوَ قَصَبَة كونيك وَقعد هُنَاكَ زَمَانا ثمَّ مَاتَ وَدفن فِيهِ رَحمَه الله تَعَالَى صنف فِي التصوف رِسَالَة سَمَّاهَا رِسَالَة النُّور وصنف رِسَالَة اخرى فِي دفع مطاعن الصُّوفِيَّة وصنف ايضا رِسَالَة فِي علم الطِّبّ جمع فِيهَا من العلاجات النافعة جربها لكل مرض وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى ماهرا فِي علم الطِّبّ غَايَة المهارة وَكَانَ للشَّيْخ ولد صَغِير اسْمه نور الْهدى ولد مجذوبا مغلوب الْعقل وَكَانَ فِي زمن الشَّيْخ امير كَبِير يُقَال لَهُ ابْن عطار وَكَانَ اطلس لَا شعر فِي وَجهه فلقي الشَّيْخ وَهُوَ مار الى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فاذا هُوَ عِنْد الشَّيْخ دخل عَلَيْهِ ذَلِك المجذوب فَضَحِك وَقَالَ مَا هَذَا بِرَجُل وَإِنَّمَا هُوَ امْرَأَة فَغَضب عَلَيْهِ الشَّيْخ وتضرع الامير الى

ومنهم الشيخ العارف بالله تعالى عبد الرحيم الشهير بابن المصري

الشَّيْخ ان لَا يزجره عَن الْكَلَام ثمَّ قَالَ الامير للمجذوب الْمَذْكُور ادْع لي حَتَّى تنْبت لحيتي فَأخذ المجذوب من فَمه بزاقا كثيرا وَمسح بِيَدِهِ وَجه الامير فطلعت لحيته الى ان يدْخل قسطنطينية فَلَمَّا لَقِي السُّلْطَان قَالَ للوزراء سلوه من ايْنَ حصل هَذِه اللِّحْيَة فَحكى لَهُ مَا جرى فتعجب السُّلْطَان ووقف على ذَلِك الصَّغِير اوقافا كَثِيرَة وَهِي فِي ايدي اولاد الشَّيْخ الى الان وَسمعت عَن بعض اولاد الشَّيْخ ان الشَّيْخ جمع يَوْمًا ابناءه وهم اثْنَا عشر فِي بَيت وَاحِد وَوضع لَهُم الطَّعَام فَلَمَّا جَلَسُوا على التَّرْتِيب نظر اليهم وَاحِدًا وَاحِدًا وَقَالَ الْحَمد لله تَعَالَى فظننا انه يحمد الله تَعَالَى على ان وهبه هَذِه الاولاد فَقَالَ ابْنه المجذوب انا اعرف على مَاذَا حمدت الله تَعَالَى فَقَالَ الشَّيْخ على أَي شَيْء حمدت الله تَعَالَى قَالَ حمدت على ان رزقك الله هَذِه الاولاد وَلم يكن لَك محبَّة لوَاحِد من هَؤُلَاءِ فَقَالَ الشَّيْخ احسنت يَا وَلَدي وصدقت قدس الله تَعَالَى سره الْعَزِيز وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى عبد الرحيم الشهير بِابْن الْمصْرِيّ مولده ببلدة قراحصار واتصل بِخِدْمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه آق شمس الدّين وَحصل عِنْده المعارف ونال من الاذواق حظا جزيلا يشْهد بذلك كِتَابه الموسوم بوحدت نامه ثمَّ رَجَعَ الى وَطنه وَمَات وَدفن بِهِ رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ ابراهيم بن حُسَيْن الصراف السيواسي مولدا قَرَأَ الْعُلُوم اولا على الْمولى يَعْقُوب بقونية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة خوندخاتون بِمَدِينَة قيصرية وَلما اطلع على ان الْمدرسَة مَشْرُوطَة للحنفية وَكَانَ هُوَ شَافِعِيّ الْمَذْهَب تَركهَا وَغلب عَلَيْهِ محبَّة الله تَعَالَى وحصلت لَهُ جذبة الهية وَقصد ان يصل الى مَشَايِخ اردبيل ثمَّ وصل اليه اوصاف الشَّيْخ آق شمس الدّين فَتوجه اليه رَاكِبًا على حمَار وَالشَّيْخ عِنْد ذَلِك مشتغل بالارشاد فِي بَلْدَة بكبازاري وَلما وصل الى الشَّيْخ رأى النَّاس مُجْتَمعين حوله ويسألونه عَن الْأَمْرَاض الْبَدَنِيَّة فَلَمَّا تفَرقُوا قَالَ الشَّيْخ يَا عجبا لَيْسَ اُحْدُ يسألني عَن الامراض الروحانية قَالَ فتقدمت الى الشَّيْخ فَقَالَ لي من انت قلت كنت مدرسا بقيصرية فَحصل فِي قلبِي هم عَظِيم اتيت راجيا لمداواته فَقَالَ الشَّيْخ هَل مَعَك هَدِيَّة لنا قَالَ فَاسْتَحْيَيْت لِأَنِّي

كنت رجلا فَقِيرا غير قَادر على الْهَدِيَّة قَالَ فَفطن الشَّيْخ لذَلِك وَقَالَ اسألك عَن الْوَاقِعَات وَالْأَحْوَال فَقلت لَيْسَ لي شَيْء سوى سَواد الْقلب وَالْوَجْه فَأمرنِي بالخلوة واحياء تِلْكَ اللَّيْلَة وَرَأَيْت تِلْكَ اللَّيْلَة اربعمائة وَاقعَة فملا اصبحت اخذت قَلما وأشرت الى أَوَائِل الْوَاقِعَات فَوجدت تفاصيلها فِي خاطري مَعَ اني كنت رجلا كثير النسْيَان رُبمَا انسى مَا نَوَيْت قِرَاءَته فِي الصَّلَاة فَعلمت ان هَذَا الْحِفْظ من بَرَكَات الشَّيْخ فداومت على الْخلْوَة والاحياء وَكَانَ اصحاب الشَّيْخ فِي الْخلْوَة مأمورين بالرياضة وَالشَّيْخ يُرْسل لي قَصْعَة من الطَّعَام وخبزة وجرة من المَاء فمضت على ذَلِك مُدَّة وخطر ببالي فِي بعض اللَّيَالِي اني مَا تخلصت من الحيوانية فَرددت الطَّعَام تِلْكَ اللَّيْلَة فَمَا قدرت على تِلْكَ الْوَاقِعَة فَعرف مني الشَّيْخ ذَلِك فعتب على الْخَادِم فَقَالَ لأي شَيْء تتعدى طورك وطبيبك اعرف بحالك مِنْك وَلما كَانَ لَيْلَة السَّابِع وَالثَّلَاثِينَ من ليَالِي الْخلْوَة وَكَانَت لَيْلَة الْبَرَاءَة اشتاقت نَفسِي الى قَصْعَة من طَعَام الارز المفلفل مَعَ السّمن الْكثير فَدَعَا لي الشَّيْخ وَقت الْعشَاء وأحضر الطَّعَام الْمَذْكُور واعطاني وَقَالَ كل من هَذَا قدر مَا اشْتهيت وَلَيْسَ شمس الدّين عنْدك فَأكلت مَا فِي الْقَصعَة بِتَمَامِهِ وَبعد ذَلِك أَمرنِي بِالْخرُوجِ عَن الْخلْوَة ثمَّ انه كَانَ من عَادَة الشَّيْخ إِبْرَاهِيم الْمَزْبُور ان يَأْمر لمريديه بِالْخدمَةِ نَهَارا وبالاحياء لَيْلًا الى ان ينفتح لَهُ شَيْء من الطَّرِيقَة ثمَّ يَأْمر بالخلوة يرْوى انه حصل للشَّيْخ إِبْرَاهِيم الْمَزْبُور قبض عَظِيم عِنْد اشْتِغَاله بالارشاد بقيصرية فِي حَيَاة شَيْخه وَلم يقدر على دَفعه فَتوجه الى شَيْخه فَرَأى فِي الطَّرِيق فِي الْوَاقِعَة ان الشَّيْخ أَمر لَهُ بالقعود على التَّنور للتعرق فَفعل كَمَا أَمر وسال مِنْهُ عرق كثير فتبدل الْقَبْض بالبسط فَحكى مَا وَقع للشَّيْخ فَاسْتَحْسَنَهُ الشَّيْخ وَأمر لَهُ بِالْعَمَلِ بِهِ عِنْد حُصُول الْقَبْض وَكَانَ الشَّيْخ إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور يَأْمر مريديه عِنْد الْقَبْض بالقعود على التَّنور وسقيهم جرارا من المَاء فيسيل مِنْهُم عرق كثير ويتبدل قبضهم بالبسط يرْوى ان الشَّيْخ الْمَذْكُور كَانَ يغلب عَلَيْهِ الِاسْتِغْرَاق حَتَّى انه رُبمَا كَانَ لَا يعرف وَلَده وَيَقُول من هَذَا وصنف كتابا فِي اطوار السلوك وَسَماهُ بِكِتَاب كلزار وَكَانَت وَفَاته بقيصرية فِي فصل الخريف لَيْلَة الثُّلَاثَاء فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة

ومنهم الشيخ العارف بالله حمزة المشهور بالشيخ الشامي

وقبره بالبلدة المزبورة قدس الله سره الْعَزِيز وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه حَمْزَة الْمَشْهُور بالشيخ الشَّامي كَانَ ذَلِك ايضا من اصحاب الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه آق شمس الدّين وَكَانَ من اكابر اصحابه وَكَانَ مشتغلا بالارشاد بعده وانتفع بِهِ كثير من الطالبين مَاتَ فِي بعض بِلَاد الرّوم وَدفن بِهِ قدس الله سره الْعَزِيز وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ مصلح الدّين الشهير بِابْن الْعَطَّار وَكَانَ هُوَ ايضا من جملَة اصحاب الشَّيْخ آق شمس الدّين واشتغل بالارشاد بعده مَاتَ ببلدة اسكليب وَدفن بهَا نور الله تَعَالَى قَبره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ اِسْعَدْ الدّين بن الشَّيْخ آق شمس الدّين كَانَ هُوَ أكبر اولاده قَرَأَ على عُلَمَاء عصره حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل عَلَاء الدّين عَليّ الطوسي واشتهر فَضله بَين الطّلبَة وفَاق أقرانه وَكَانَ الْمولى الْمَذْكُور يمدحه مدحا عَظِيما ثمَّ سلك مَسْلَك ابيه وتجرد عَن علائق الدُّنْيَا وَانْقطع الى الله تَعَالَى وَجمع بَين الْعلم وَالتَّقوى وَقعد مقَام ابيه وَمَات هُنَاكَ رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه فضل الله بن آق شمس الدّين قَرَأَ على عُلَمَاء عصره وَحصل من الْعُلُوم جانبا عَظِيما ثمَّ سلك مَسْلَك التصوف وتربى عِنْد خَليفَة ابيه الشَّيْخ الشَّامي وَحصل عِنْده طَريقَة التصوف ونال مَا مَال من الكرامات السّنيَّة حُكيَ ان وَالِده دخل يَوْمًا الى الْحمام وَخرج وَكَانَ مَعَه الشَّيْخ الشَّامي فِي الْحمام فَلَمَّا خرج الشَّامي من الْحمام أَشَارَ الشَّيْخ الى ابْنه فضل الله وَهُوَ صَغِير وَقَالَ اسْتُرْ ظهر شيخك بِهَذَا الفرو اشار الى انه سيصير شَيخا لَهُ وَصَارَ كَمَا قَالَ روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ امْر الله ابْن آق شمس الدّين قَرَأَ على عُلَمَاء عصره حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل احْمَد الشهير الخيالي وَلما مَاتَ وَالِده اخذوا اوقافه من يَده فجَاء الى عتبَة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان لتخليصه فَأعْطَاهُ الْوَزير مُحَمَّد باشا القرماني تَوْلِيَة اوقاف الامير البُخَارِيّ بِمَدِينَة

ومنهم العارف بالله الشيخ حمد الله ابن الشيخ آق شمس الدين وهو المشتهر بين الناس بحمدي جلبي كان اصغر اولاده

بروسه عوضا من اوقافه فَصَارَ مُتَوَلِّيًا الى ان صَار مُتَوَلِّيًا على اوقاف السُّلْطَان مرادخان بِمَدِينَة بروسه وداوم على ذَلِك مُدَّة ثمَّ اختلت رجله واحدى يَدَيْهِ بِسَبَب النقرس فَصَارَ متقاعدا سِنِين كَثِيرَة وَعين لَهُ كل يَوْم خمسين درهما بطرِيق التقاعد وَكَانَ المرحوم يبكي كل وَقت وَيَقُول مَا اصابتني هَذِه البلية الا بترك وَصِيَّة وَالِدي وَكَانَ المرحوم يُوصي اولاده ان لَا يقبلُوا منصب الْقَضَاء وَالتَّوْلِيَة مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة تسع وَتِسْعمِائَة روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ حمد الله ابْن الشَّيْخ آق شمس الدّين وَهُوَ المشتهر بَين النَّاس بحمدي جلبي كَانَ اصغر اولاده وَكَانَ عَالما صَالحا زاهدا متواضعا مُنْقَطِعًا عَن النَّاس وَكَانَت لَهُ يَد طولى فِي النّظم بالتركية نظم قصَّة ليلى مَعَ الْمَجْنُون ونظم ايضا قصَّة يُوسُف النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وزليخا ونظم ايضا مولد نَبينَا مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَتَعَالَى وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا وكل هَذِه مَقْبُولَة عِنْد اهلها روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الشَّيْخ مصلح الدّين مصطفى بن احْمَد الشهير بِابْن الْوَفَاء وَقد كتب على ظهر بعض كتبه هَكَذَا كتبه الْفَقِير مصطفى بن احْمَد الصدري القنوي الْمَدْعُو بوفاء اخذ التصوف اولا عَن الشَّيْخ مصلح الدّين الشهير بامام الدباغين وَقد مر ذكره الشريف ثمَّ انْتقل بِأَمْر مِنْهُ الى خدمَة الشَّيْخ عبد اللَّطِيف الْمَقْدِسِي وأكمل عِنْده الطَّرِيقَة وَأَجَازَهُ للارشاد وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى جَامعا للعلوم الظَّاهِرَة والباطنة وَكَانَت لَهُ يَد طولى فِي الْعُلُوم الظَّاهِرَة كلهَا وكل مَا شرع هُوَ فِيهِ كَانَ لَهُ شَأْن عَظِيم من التَّصَرُّفَات الفائقة وَكَانَ عَارِفًا بِعلم الوفق وَظَهَرت لَهُ ببركته تَصَرُّفَات عَظِيمَة وَكَانَت لَهُ معرفَة تَامَّة بِعلم الموسيقى وَكَانَت لَهُ بلاغة عَظِيمَة فِي الشّعْر والانشاء وَكَانَ يخْطب يَوْم الْجُمُعَة وَيقْرَأ خطبا بليغة وَكَانَ مُنْقَطِعًا عَن النَّاس ويختار الْخلْوَة على الصُّحْبَة وَلَا يخرج الا فِي اوقات معينه وَكَانَ يزدحم الاكابر على بَابه وَلَا يخرج اليهم قبل وقته وَكَانَ لَا يلْتَفت الى

ارباب الدُّنْيَا ويؤثر صُحْبَة الْفُقَرَاء وَقصد السُّلْطَان مُحَمَّد خَان ان يجْتَمع مَعَه فَلم يرض بذلك وَقصد السُّلْطَان بايزيد خَان ايضا الِاجْتِمَاع مَعَه فَلم يرض بذلك ايضا فَلَمَّا مَاتَ الشَّيْخ حضر السُّلْطَان بايزيد خَان جنَازَته فَأمر بكشف وَجهه لينْظر وَجهه الْمُبَارك اشتياقا لرُؤْيَته فَقَالُوا لَهُ انه غير مَشْرُوع فأصر على ذَلِك وكشف عَن وَجهه فَنظر اليه فَكَانَ يغلب على ظَاهره الْجلَال وَمَعَ ذَلِك كَانَ عِنْد صحبته مَعَ اللطف وَالْجمال وَكَانَ تشْتَمل كَلِمَاته على الحكم من جُمْلَتهَا أَنه سُئِلَ يَوْمًا عَن قَول ابْن الْعَرَبِيّ فِي حق فِرْعَوْن انه مَاتَ طَاهِرا ومطهرا فَأجَاب بِأَنَّهُ ليته كَانَ يشْهد لي بِمثل هَذَا رجلَانِ من الْمُؤمنِينَ وَسُئِلَ يَوْمًا عَن قَول الْمَنْصُور انا الْحق فَقَالَ كَيفَ يعْمل وَلم يسوغ لنَفسِهِ ان يَقُول انا الْبَاطِل وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى حَنَفِيّ الْمَذْهَب الا انه كَانَ يجْهر بالبسملة فِي الصَّلَاة الجهرية وَيجْلس فِيهَا للاستراحة فانكر عَلَيْهِ الْعلمَاء لذَلِك بناءعلى انه لَا يَصح خلط الْمذَاهب واجاب عَنهُ الْمولى سِنَان باشا وَقَالَ لَعَلَّه ادى اجْتِهَاده الى ذَلِك فِي السمئلتين المذكورتين وَقَالُوا هَل يُمكن مِنْهُ الِاجْتِهَاد فَقَالَ نعم انا اشْهَدْ بِأَن شَرَائِط الِاجْتِهَاد مَوْجُودَة فِيهِ فقبلوا شَهَادَته وَلم يتَعَرَّضُوا لَهُ ثمَّ ان السُّلْطَان بايزيدخان لما اراد ان يُزَوّج بنته لوَاحِد من امرائه التمس ان يكون عقد النِّكَاح عِنْد حَضْرَة الشَّيْخ الْمَذْكُور تبركا بِهِ وَأرْسل اليه اربعين الف دِرْهَم فَلم يقبل الشَّيْخ وَقَالَ ان الشَّيْخ محيي الدّين القوجوي فَقير وَنَفسه مبارك احملوه اليه فَحَمَلُوهُ اليه وعقدوا النِّكَاح بَين يَدَيْهِ وَقَالُوا لَهُ فِي بعض ايام الرّبيع ان الزَّمَان قد طَابَ بآثار الرّبيع ونلتمس مِنْكُم ان تخْرجُوا الى صحن الْجَامِع لتنظروا الى آثَار رَحْمَة الله تَعَالَى فَقَالَ اصْبِرُوا الْيَوْم آكل اللَّيْلَة لقْمَة وَاحِدَة زَائِدَة على الْمُعْتَاد كي استطيع ان اخْرُج الى صحن الْجَامِع وَمن جملَة مناقبه ان الشَّيْخ مصلح الدّين القوجوي لما قدم قسطنطينية ارسل اليه الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء من عِنْده من المريدين ليتبركوا بزيارته فَذَهَبُوا اليه وقبلوا يَده وَكَانَ من عَادَة الشَّيْخ الْمَذْكُور انه اذا قبل اُحْدُ يَدَيْهِ كَانَ يغسل يَده وَكَانَ من جملَة المريدين الشَّيْخ ولي الدّين فَلَمَّا قبل هُوَ يَد الشَّيْخ الْمَذْكُور لم يغسل يَده وَحكى الشَّيْخ ولي الدّين الْمَذْكُور وَقَالَ حصل لي من هَذِه الْجِهَة غرور عَظِيم قَالَ فَلَمَّا اتينا الى الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء حكينا الْقِصَّة عَلَيْهِ قَالَ فَقلت وَلَكِنِّي قبلت يَده

ومنهم الشيخ العارف بالله عبد الله المشهور بحاجي خليفة

وَلم يغسلهَا قَالَ وَلما رأى الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء مني الْبَهْجَة وَالسُّرُور من هَذِه الْجِهَة قَالَ كَيفَ يغسلهَا وَقد وَجب قطعهَا قَالَ الشَّيْخ ولي الدّين الْمَذْكُور وَلم يفتح لي بَاب التصوف الا بِهَذِهِ الْكَلِمَة وَمن جملَة مناقبه ايضا انه قيل لَهُ جَاءَ رجل الى الْبَلَد مِمَّن يقدر على جر الاثقال يحمل كَذَا وَكَذَا قِنْطَارًا من الْحجر قَالَ الشَّيْخ حمل ابريق الْوضُوء اصعب مِنْهُ وَلَقَد اصاب فِي الْجَواب لِأَن فِي حمل هَذَا الْحجر الثقيل حَظّ النَّفس فيهون عَلَيْهَا وَفِي حمل ابريق الْوضُوء مُخَالفَة النَّفس فَيكون اصعب مِنْهُ وَله مَنَاقِب كَثِيرَة لَا يُمكن شرحها الا فِي مجلدة مُسْتَقلَّة ثمَّ انه سَافر لِلْحَجِّ من طَرِيق الْبَحْر فَأَخَذته النَّصَارَى وحبسوه فِي قلعة رودس وَاشْتَرَاهُ مِنْهُم الامير إِبْرَاهِيم بك ابْن قرامان ثمَّ توطن بِمَدِينَة قسطنطينية وَله فِيهَا زَاوِيَة وجامع وقبره قُدَّام الْجَامِع وَهُوَ مَشْهُور يزار ويتبرك بِهِ وَكَانَت وَفَاته قدس سره الْعَزِيز فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَقَالَ المؤرخ فِي تَارِيخ وَفَاته الى رَحْمَة ربه وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه عبد الله الْمَشْهُور بحاجي خَليفَة كَانَ اصله من ولَايَة قسطموني واشتغل أَولا بالعلوم الظَّاهِرَة وأكملها ثمَّ اتَّصل الى خدمَة الشَّيْخ تَاج الدّين إِبْرَاهِيم بن بخشى فَقِيه وَحصل عِنْده طَريقَة الصُّوفِيَّة وانكشف لَهُ الْمَرَاتِب الْعَالِيَة حَتَّى اجازه للارشاد واقامه مقَامه بعد وَفَاته كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى جَامعا للعلوم والمعارف كلهَا وَكَانَ متواضعا متخشعا صَاحب اخلاق حميدة وآثار سعيدة وَكَانَت لَهُ يَد طولى فِي تَعْبِير الْوَاقِعَات وَكَانَ مظْهرا لِلْخَيْرَاتِ والبركات وَصَاحب عز وكرامات وَكَانَ مرجعا للْعُلَمَاء والفضلاء ومربيا للْفُقَرَاء والصلحاء وَآيَة فِي المروات والفتوة وَالْكَرم والسخاوة وَكَانَ بدنه الشريف جسيما وخلقه عَظِيما وَكَانَ لَهُ فَم بسام وَوجه بَين الْجلَال وَالْجمال قسام حُكيَ عَنهُ انه قَالَ اتى الي الشَّيْخ مُحَمَّد ابْن الْمولى الْفَاضِل خواجه زَاده وَقَالَ رَأَيْت فِي الْمَنَام ان وَاحِدًا من اولاد الافرنج كَانَ مَحْبُوسًا فِي قلعة مُنْذُ سبع وَعشْرين سنة قَالَ الشَّيْخ فحسبت سنه فَوَافَقت عدَّة سنه بعد بُلُوغه الْعدة الْمَذْكُورَة وَمن جملَة احواله الشَّرِيفَة ان الْمولى الْفَاضِل عَلَاء الدّين الفناري لما عزل عَن قَضَاء

الْعَسْكَر اراد ان يسْلك مَسْلَك التصوف عِنْد الشَّيْخ الْمَذْكُور فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ النِّهَايَة تَابِعَة للبداية فَمن سلك المسلك الْمَذْكُور بِقطع جَمِيع الْعَوَائِق يكون سلوكه على ذَلِك فِي النِّهَايَة وَلَكِن يجوز ان يسْلك على الِاعْتِدَال وَلَا يلْزم على المريد ان يعْتَقد فِي شَيْخه الْكَرَامَة وَالْولَايَة بل يَكْفِي لَهُ ان يَعْتَقِدهُ سالكا طَرِيق الْحق واصلا اليه وجاريا على منهاج الطَّرِيقَة والشريعة ثمَّ قَالَ وَكَانَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَرَادَ ان ينظر الى شَيْء كَانَ لَا يلوي عُنُقه الى ذَلِك الْجَانِب فَقَط بل يتَوَجَّه اليه بكليته قَالَ فَفِيهِ اشارة الى ان الطَّالِب يَنْبَغِي ان يتَوَجَّه الى مَطْلُوبه بكليته حَتَّى يحصل لَهُ ذَلِك وَحكي ان الْمولى الْمَذْكُور لما طلب من الشَّيْخ الْمَذْكُور الاذن بالرياضة وَترك اكل الْحَيَوَانَات قَالَ الشَّيْخ اني مَا اكلت حَيَوَانا وَمَا شربت مَاء سِتَّة اشهر فِي أَوْقَات رياضة وَمَا انتفعت بذلك بل بامتثال امْر الشَّيْخ وَمن كَلَامه الشريف ايضا ان وَاحِدًا من المريدين قَالَ لَهُ يَوْمًا رُبمَا يمر عَليّ وَقت لَا اقدر على التَّلَفُّظ بِكَلِمَة الشَّهَادَة ويخطر ببالي ان وَاحِدًا لَو قَالَ فِي احضور السُّلْطَان كل وَقت لَا سُلْطَان اكبر مِنْك يعد هَذَا سوء ادب وَمن الْمَعْلُوم انه لَا اله الا الله فَذكره فِي حُضُوره كل وَقت يكون بَعيدا عَن الادب فَقَالَ الشَّيْخ هَذَا معنى الاحسان فَمن وصل اليه يَكْفِيهِ ان يُلَاحظ حُضُور الْحق وَذَلِكَ الرجل قَالَ رُبمَا لَا أقدر على مُلَاحظَة معنى الذّكر ايضا بل لَا اقدر على الدُّعَاء فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ قَالَ الشَّيْخ تَاج الدّين مَا قدرت ان ادعو الله تَعَالَى مُدَّة سِتَّة وَشهر وَقَالَ الشَّيْخ عِنْد ذَلِك الْوَقْت يكل اللِّسَان فيكفيه مُلَاحظَة حُضُور الْحق قَالَ الرجل وترتعد اعضائي قَالَ الشَّيْخ هَذَا ابْتِدَاء الْحُضُور وَلَو قدرت على الصَّيْحَة لَكَانَ ازيد وَحكي ان الْفَاضِل قَاضِي زَاده كَانَ قَاضِيا ببروسه فِي ذَلِك الْوَقْت وَقد حضر يَوْمًا عندالشيخ الْمَذْكُور فَسَأَلَهُ عَن مَذْهَب الجبرية وَمذهب اهل الْحق فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ الْجَبْر قِسْمَانِ جبر مُحَقّق وجبر مقلد اما جبر الْمُحَقق فَهُوَ تَفْوِيض اموره جَمِيعًا الى الله تَعَالَى واسقاط اخْتِيَاره بعد الِامْتِثَال بالأوامر والاجتناب عَن المناهي واما جبر الْمُقَلّد فَهُوَ تَفْوِيض اموره الى هَوَاهُ وَاتِّبَاع شهوات نَفسه واسقاط ارادته فِي الاوامر والنواهي ويتمسك بِأَنَّهُ لَيْسَ لي اخْتِيَار

ومنهم العالم الفاضل العارف بالله تعالى الشيخ سنان الدين الفروي

وقدرة بل يجْرِي على مَا كتب فِي الازل قَالَ الشَّيْخ وَهَذَا كفر ثمَّ قَالَ الشَّيْخ خرج صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا على اصحابه وَبِيَدِهِ كِتَابَانِ فَقَالَ للَّذي فِي يَمِينه هَذَا كتاب من الله وَفِيه اسماء اهل الْجنَّة وَقد اجمل على آخرهَا وَقَالَ للَّذي فِي شِمَاله هَذَا كتاب من الله تَعَالَى وَفِيه اسماء أهل النَّار وَقد اجمل على آخرهَا فَقَالَ الصَّحَابَة اذن نَدع الْعَمَل فَقَالَ رَسُول الله = ص اعْمَلُوا فَكل ميسر لما خلق لَهُ وَقَالَ الشَّيْخ اراد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان لأهل الْجنَّة عَلامَة فَمن وجد فِيهِ تِلْكَ الْعَلامَة فهومن اهلها وان لأهل النَّار عَلامَة فَمن وجد فِيهِ تِلْكَ الْعَلامَة فَهُوَ من اهلها ثمَّ قَالَ وَلَا بُد لَك ان تحصل عَلامَة اهل الْجنَّة كَمَا فعل اصحاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ اجتهدوا فِي الْعَمَل وَلم يَتْرُكُوهُ اعْتِمَادًا على الْكتاب وَإِذا بلغت مبلغ اهل التَّحْقِيق بِاتِّبَاع شَرِيعَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَصح لَك ان تَقول لَيْسَ لي قدرَة وَلَا اخْتِيَار بل الْكل من الله تَعَالَى اما تعرف ان السّلف اجتهدوا فِي اتِّبَاع الشَّرِيعَة والاعمال الشاقة والرياضات الصعبة فَإِذا كَانَ حَالهم كَذَلِك فَمَا بالنا لَا نجتهد فِي الْعَمَل فَلَمَّا قرر الشَّيْخ هَذَا الْكَلَام قَالَ الْمولى قَاضِي زَاده صَدقْتُمْ كنت انا وَالْمولى الساميسوني يَقُول لَا نجاة الا فِي مُتَابعَة أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاتَ الشَّيْخ الْمَذْكُور قدس سره الْعَزِيز فِي سلخ جُمَادَى الاخرة من شهور سنة ارْبَعْ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن عِنْد تربة شَيْخه قدس الله أسرارهم وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ سِنَان الدّين الْفَروِي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من خلفاء الشَّيْخ تَاج الدّين وَكَانَ زاهدا ورعا غَايَة الْوَرع سَمِعت عَن وَالِدي رَحمَه الله تَعَالَى انه اتى بَلْدَة بروسه وَنزل فِي زَاوِيَة الشَّيْخ حاجي خَليفَة فأوصى الشَّيْخ المريدين العاكفين بزاويته ان لَا يخالفوا آدَاب الطَّرِيقَة بِوَجْه من الْوُجُوه استحياء من ورع الشَّيْخ الْمَذْكُور وَحكى رَحمَه الله تَعَالَى انه كَانَ عِنْد الشَّيْخ حاجي خَليفَة وَكَانَ وَاحِد من مريديه تزوج بنت وَاحِد من التُّجَّار وَقد البسه ذَلِك التَّاجِر ثوبا من الصُّوف ولبسه هُوَ حَيَاء من التَّاجِر

ومنهم العالم العامل الكامل الشيخ مصلح الدين القوجوي

وَحضر لابسا ذَلِك الثَّوْب عِنْد الشَّيْخ وَالشَّيْخ سِنَان الدّين الْمَذْكُور حَاضر عِنْده فَلَمَّا رأى ثَوْبه غضب وَقَالَ للشَّيْخ حاجي خَليفَة أتسامح ان يلبس اصحابك لِبَاس الاغنياء لم لَا تنهاه عَن ذَلِك فَاعْتَذر الشَّيْخ وَقَالَ لبسه حَيَاء من صهره فَلم يفد الِاعْتِذَار وَلم يسكن غَضَبه الى ان خلع ذَلِك الثَّوْب وَلبس لِبَاس الْفُقَرَاء وَحكى خَالِي رَحمَه الله تَعَالَى انه قَالَ كنت صَغِيرا عِنْد نزُول الشَّيْخ الْمَزْبُور زَاوِيَة الشَّيْخ حاجي خَليفَة ونهاني الشَّيْخ واخواني ان نحضر عِنْده وَقَالَ ان لَهُ نفسا مؤثرا وانه رُبمَا يرى مِنْكُم سوء ادب فيتكدر خاطره عَلَيْكُم فَلَا يحصل لكم الْخَيْر بعد ذَلِك وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْكَامِل الشَّيْخ مصلح الدّين القوجوي كَانَ رَحمَه الله عَارِفًا بِاللَّه وَصِفَاته وَكَانَ زاهدا متورعا وَحكى عَنهُ بعض اصحابه انه ارسل مَعَه جملا من الْبر الى الطاحون قَالَ وقدمني النَّاس على انفسهم رِعَايَة لجَانب الشَّيْخ فَلَمَّا ذهبت اليه قَالَ اسرعت فِي الْمَجِيء وَمَا كَانَ السَّبَب فِي ذَلِك فحكيت لَهُ الْقِصَّة فَسكت وَذهب الى جَانب من ساحة دَاره فحفر هُنَاكَ حفيرة وَقَالَ ساعدني على ذَلِك فساعدته حَتَّى رَضِي ثمَّ اتى بالدقيق فدفنه فِي الحفيرة فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ هَذَا الدَّقِيق لَا يجوز اكله ودفنته خوفًا من ان يَأْكُلهُ كلابي وَحكي عَنهُ ايضا انه احضر من يختن ابْنه فختنه واحضر قَصْعَة من الزَّبِيب فَجعله وَلِيمَة لَهُ وَحكى هُوَ ايضا انه قطع لأولاده عباءة وَكَانَت زَوجته فِي الْحمام فَلَمَّا جَاءَت وَرَأَتْ الثِّيَاب فَقَالَت العباء يَلِيق بالذكور وَأما هَذِه الْبِنْت فَيَنْبَغِي لَهَا الثَّوْب من الكرباس فَقَالَ الشَّيْخ اخرت لَهَا هَذَا الثَّوْب الى وَقت تَزْوِيجهَا وَحكى ابْنه الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد رَحمَه الله انه قَالَ ذهبت مَعَ وَالِدي الى الْحجاز لِلْحَجِّ وَكنت نَحْو خمس عشرَة سنة اَوْ اكثر قَالَ فَلَمَّا نزلنَا دمشق اعْتكف وَالِدي فِي جَامع بني امية وَكَانَ لَا ينَام اللَّيْلَة بِطُولِهَا وارتاض هُنَاكَ رياضة عَظِيمَة فَقَالَ لي يَوْمًا غلبت عَليّ نَفسِي وشوشت خاطري من جِهَة الْقمل قَالَ فأخرجت قَمِيصه فَوَجَدته مملوءا من الْقمل بِحَيْثُ لم اقدر على قَتلهَا وَإِنَّمَا القيتها بيَدي على الارض قَالَ ثمَّ ذَهَبْنَا الى مَكَّة الشَّرِيفَة وَلما وصلنا اليها شرفها الله

ومنهم العارف بالله الشيخ مصلح الدين الابصلاوي

تَعَالَى اوصاني الى بعض اصحابه واعطاه مِقْدَارًا من الدَّرَاهِم ليصرف فِي حوائجي قَالَ فَغَاب ابي مِقْدَار شَهْرَيْن وَلم نَعْرِف حَاله ثمَّ حضر وَمَا عرفت ابي فِي أول نظره لما حصل لَهُ من الْبَهْجَة فِي وَجهه الْمُبَارك كَأَن الانوار تتلألأ من وَجهه وَحكى ايضا انه كَانَ الوزراء يزورونه وَهُوَ يوبخهم توبيخا عَظِيما وَيذكر مَا سَمعه من مظالمهم قَالَ وَكَانُوا يَعْتَذِرُونَ اليه ويتوبون عِنْده من الظُّلم ويقبلون يَده مَاتَ قدس سره فِي مَدِينَة قسطنطينية وقبره عِنْد مَسْجده هُنَاكَ وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ مصلح الدّين الابصلاوي كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا ورعا زاهدا مُنْقَطِعًا عَن النَّاس متبتلا الى الله تَعَالَى مشتغلا بارشاد الطالبين توفّي رَحمَه الله تَعَالَى ببلدة ابصلا وقبره هُنَاكَ قدس سره وَمِنْهُم الْفَاضِل الْكَامِل الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ محيي الدّين القوجوي اشْتغل اولا بالعلوم الظَّاهِرَة ثمَّ سلك مَسْلَك التصوف عِنْد الشَّيْخ بيري خَليفَة الْحميدِي وتربى عِنْده وَوصل الى مقَام الارشاد وَأَجَازَهُ للارشاد وتوطن بِمَدِينَة قسطنطينية وَله هُنَاكَ مَسْجِد وزاوية مَاتَ بهَا وَدفن عِنْده وَكَانَ صَاحب كرامات ومقامات جَامعا بَين الظَّاهِر وَالْبَاطِن وَكَانَ معرضًا عَن ابناء الزَّمَان مُقبلا على تَكْمِيل الْفُقَرَاء والصلحاء قدس الله سره وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه سُلَيْمَان خَليفَة كَانَ عَالما بالعلوم الظَّاهِرَة كَامِلا فِيهَا ثمَّ وصل الى خدمَة الشَّيْخ تَاج الدّين الْمَذْكُور وَوصل عِنْده مرتبَة الارشاد واجازه بِهِ وتوطن بِمَدِينَة قسطنطينية قَرِيبا من جَامع زيرك وَكَانَ لَهُ هُنَاكَ مَسْجِد ومنزل وَكَانَ مُجَردا عَن الاهل والاولاد ومشتغلا بِنَفسِهِ ومنقطعا الى الله تَعَالَى وَلم يشْتَغل بالارشاد وَسُئِلَ هُوَ عَن ذَلِك فَأجَاب عَنهُ وَقَالَ لما اجاز لي الشَّيْخ بالارشاد سَأَلته عَن ادائه قَالَ لي الشَّيْخ إِذا رَأَيْت طَالبا للحق وَعرفت ان فيضه منحصر فِيك ارشده قَالَ ومنذ مُدَّة كَثِيرَة اجْلِسْ هَهُنَا وَمَا رَأَيْت طَالبا للحق اصلا قدس الله سره الْعَزِيز

ومنهم الشيخ العارف بالله تعالى الشيخ عبد الله الالهي

وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ عبد الله الالهي كَانَ مولده بقصبة سماو من ولَايَة اناطولي اشْتغل فِي اول عمره بِالْعلمِ الشريف وتوطن مُدَّة بِمَدِينَة قسطنطينية فِي الْمدرسَة الْمَشْهُورَة هُنَاكَ بمدرسة زيرك وَلما ارتحل الْمولى عَليّ الطوسي الى بِلَاد الْعَجم ارتحل هُوَ مَعَه ايضا الى بِلَاد الْعَجم ولقبه بقصبة كرمان واشتغل عِنْده بالعلوم الظَّاهِرَة وَغلب عَلَيْهِ دَاعِيَة التّرْك فَجمع كتبه وَقصد ان يحرقها بالنَّار ثمَّ بدا لَهُ ان يغرقها بِالْمَاءِ وَلما كَانَ هُوَ فِي هَذَا التَّرَدُّد اذ دخل عَلَيْهِ فَقير فَعرض خاطرته عَلَيْهِ فَقَالَ بِعْ الْكتب وَتصدق بِثمنِهَا الا هَذَا الْكتاب فَإِنَّهُ يهمك فاذا هُوَ كتاب فِيهِ رسائل الْمَشَايِخ ثمَّ عزم هُوَ بِمَدِينَة سَمَرْقَنْد وَوصل هُنَاكَ الى خدمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه خواجه عبيد الله السَّمرقَنْدِي وَحصل عِنْده الطَّرِيقَة وتشرف بتلقين من الشَّيْخ ثمَّ ذهب باشارة مِنْهُ الى بخارا وَاعْتَكف هُنَاكَ عِنْد قبر الشَّيْخ خواجه بهاء الدّين النقشبندي وتربى عِنْده من روحانيته حَتَّى انه رُبمَا ينشق الْقَبْر ويتمثل لَهُ خواجه بهاء الدّين ويعبر واقعته ثمَّ اتى مَدِينَة سَمَرْقَنْد وَصَحب مَعَ الْمولى عبيد الله مُدَّة اخرى ثمَّ ذهب باشارته الشَّرِيفَة الى بِلَاد الرّوم وَمر بِبِلَاد هراة وَصَحب مَعَ الْمولى عبد الرحمن الجامي وَغير ذَلِك من مَشَايِخ خُرَاسَان ثمَّ اتى وَطنه وَسكن بِهِ واشتهر حَاله فِي الافاق وَاجْتمعَ عَلَيْهِ الْعلمَاء والطلاب ووصلوا الى مآربهم وَبلغ صيته الى مَدِينَة قسطنطينية وَطَلَبه علماؤها وأكابرها فَلم يلْتَفت اليهم الى ان مَاتَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَظَهَرت الْفِتَن فِي وَطنه فَأتى مَدِينَة قسطنطينية وَسكن هُنَاكَ بِجَامِع زيرك وَاجْتمعَ عَلَيْهِ الاكابر والاعيان فتشوش الطلاب بمزاحمة الاكابر وَمَال الشَّيْخ الى الارتحال مِنْهَا فَبَيْنَمَا هُوَ على ذَلِك اذ استدعاه الامير احْمَد بك الاورنوسي وَكَانَ من محبيه بِأَن يشرف مقَامه بِولَايَة روم ايلي الْمُسَمّى بوارطار يكيجه سي فَقبل كَلَامه وارتحل اليه وَاجْتمعَ عَلَيْهِ الطلاب وانتفعوا بِهِ وَمَات هُنَاكَ سنة سِتّ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَدفن بذلك الْموضع وَهُنَاكَ جَامع ومزار يزار ويتبرك بِهِ وَكَانَ قدس سره الْعَزِيز فِي مجالسه الشَّرِيفَة على الْحُضُور التَّام وَكَانَ اذا غلب على وَاحِد من اهل الْمجْلس فَتْرَة اَوْ

غلب عَلَيْهِ خاطرة يلْتَفت الى جَانِبه للدَّفْع وَيتَكَلَّم بِمَا يَدْفَعهَا وَكَانَ متواضعا صَاحب خلق عَظِيم بِحَيْثُ لَو دخل عَلَيْهِ اُحْدُ صَغِير اَوْ كَبِير اَوْ فَقير اَوْ غَنِي يقوم لَهُ من مَجْلِسه وَذكر عِنْده انْقِطَاع الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء عَن النَّاس وَخُرُوجه اليهم مؤقتا وَعدم التفاته الى الاصاغر والأكابر فَقَالَ اخْتَار جَانب الْحُضُور على حسن الْخلق وَمن جملَة مناقبه الشَّرِيفَة مَا حُكيَ عَن الشَّيْخ مصلح الدّين الطَّوِيل وَكَانَ هُوَ من جملَة احبائه انه قَالَ كنت مَعَ سَائِر الطالبين عِنْد حُضُور الشَّيْخ بِجَامِع زيرك وَعِنْده الشَّيْخ عَابِد جلبي من ابناء جلال الدّين الرُّومِي وَكَانَ قَاضِيا ثمَّ تَركه وَصَارَ مِمَّن يلازم خدمَة الشَّيْخ فَأسرهُ الشَّيْخ بِكَلَام اليه فَنظر هُوَ الى جَانب وَتَبَسم قَالَ فتعجبت من هَذَا الْحَال فسالت عَابِد جلبي عَن هَذَا فَقَالَ قَالَ لي الشَّيْخ انْظُر الى بدر الدّين خَليفَة وَكَانَ اماما بالجامع الْمَذْكُور وَكَانَ رجلا صَالحا من اهل الطَّرِيقَة الخلوتية قَالَ قَالَ فَنَظَرت فاذا هُوَ فِي زِيّ رَاهِب فتبسمت من هَذَا قَالَ الشَّيْخ مصلح الدّين رَحمَه الله تَعَالَى فازداد بِهَذَا الْكَلَام اضطرابي فَقلت فِي نَفسِي كَيفَ كشف الشَّيْخ حَال ذَلِك الامام مَعَ انه رجل صَالح من اهل الطَّرِيقَة وَكَيف خص هَذَا الْكَلَام بعابد جلبي وَلم يكن ذَلِك من عَادَته فغلب عَليّ هَذَا الخاطر حَتَّى تَكَلَّمت عِنْد الشَّيْخ قَالَ الشَّيْخ ذَلِك الزي صُورَة انكاره عَليّ لَا صُورَة دينه وَتَخْصِيص الْكَلَام بعابد جلبي هُوَ ان مشارب النَّاس مُخْتَلفَة مثلا صبيان الْعَوام يعلمُونَ بِالضَّرْبِ وصبيان الاكابر يعلمُونَ باللطف وَلَو لم اتلطف مَعَه لتركني وَترك هَذَا الطَّرِيق وَمن جملَة مناقبه ان عجوزا من احبائه جَاءَت اليه يَوْمًا فَقَالَت رَأَيْت وَاقعَة عَجِيبَة رَأَيْتنِي فِي الْمَنَام ضفدعا فَقَالَ الشَّيْخ لَا بَأْس بذلك وَلَا ضَرَر فِيهِ عَلَيْك وَلم تقنع الْعَجُوز بِهَذَا الْكَلَام وَلم تَبْرَح من مَكَانهَا ثمَّ الْتفت اليها الشَّيْخ وَقَالَ لَعَلَّك نَوَيْت الضِّيَافَة فتركتها قَالَت نعم نَوَيْت ضِيَافَة احباء الشَّيْخ ثمَّ تركتهَا لضيق مَكَاني عَنْهُم فراحت الْعَجُوز وقنعت بِهَذَا التَّعْبِير قَالَ فسالناه عَن هَذَا التَّعْبِير قَالَ ان التَّعْبِير قد يُؤْخَذ من اللَّفْظ وَكلمَة ضفدع مركب من ضف وَهُوَ من الضِّيَافَة وَمن دع وَهُوَ معنى التّرْك وَنقل عَن الْمولى عَابِد جلبي الْمَزْبُور انه قَالَ اقمت عِنْد الشَّيْخ مُدَّة وَلم ينفتح لي شَيْء ونويت ان

نتقل الى خدمَة الشَّيْخ محيي الدّين الاسكليبي قَالَ فَصليت فِي الْجَامِع يَوْمًا وَأَنا على هَذِه الخاطرة وَالشَّيْخ يُصَلِّي فِي الْعُلُوّ وَبعد الصَّلَاة الْتفت الي الشَّيْخ قَالَ رَأَيْتُك تصلي ولكنني رَأَيْتُك فِي صُورَة الشَّيْخ محيي الدّين الاسكليبي قَالَ فاعتذرت اليه وَقبلت يَده ولازمت خدمته قدس الله تَعَالَى سره الْعَزِيز وَاعْلَم ان الطَّرِيقَة النقشبندية تَنْتَهِي الى الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ خواجه بهاء الدّين النقشبندي ولنذكر بَعْضًا من مناقبه وَمن مَنَاقِب بعض احبائه رَجَاء ان ينفعنا الله تَعَالَى بِذكر مناقبهم الشَّرِيفَة واوصافهم اللطيفة نفعنا الله تَعَالَى بهم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَنَقُول اصل هَذِه الطَّرِيقَة خواجه بهاء الدّين النقشبندي قدس سره الْعَزِيز واسْمه الشريف مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد البُخَارِيّ كَانَ نسبته فِي الطَّرِيق الى السَّيِّد امير كلال وتلقن مِنْهُ الذّكر وتربى ايضا من روحانية الشَّيْخ عبد الخالق الفجدواني سُئِلَ هُوَ عَن طَرِيقَته وَقيل انها مكتسبة اَوْ موروثة فَقَالَ شرفت بمضمون جذبة من جذبات الْحق توازي عمل الثقلَيْن وَسُئِلَ هُوَ ايضا عَن معنى طَرِيقَته فَقَالَ الْخلْوَة فِي الْكَثْرَة وَتوجه الْبَاطِن الى الْحق وَالظَّاهِر الى الْخلق قَالَ واليه يُشِير قَول الله عز وَجل رجال لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلَا بيع عَن ذكر الله وَكَانَ لَا يذكر عَلَانيَة وَيعْتَذر فِي ذَلِك يَقُول امرني عبد الخالق الفجدواني فِي الْوَاقِعَة بِالْعَمَلِ بالعزيمة فَلهَذَا تركت الذّكر فِي الْعَلَانِيَة وَلم يكن لَهُ غُلَام وَلَا جَارِيَة فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ العَبْد لَا يَلِيق ان يكون سيدا وَسُئِلَ ايْنَ مُنْتَهى سلسلتك فَقَالَ لَا يصل اُحْدُ بالسلسلة الى مَوضِع وَكَانَ يُوصي باتهام النَّفس وَمَعْرِفَة كيدها ومكرها وَكَانَ يَقُول لَا يصل اُحْدُ الى هَذِه الطَّرِيقَة الا بِمَعْرِِفَة مكايد النَّفس وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى يَا ايها الَّذين آمنُوا آمنُوا بِاللَّه اشارة الى ان الْمُؤمن يَنْبَغِي ان يَنْفِي وجوده الطبيعي فِي كل طرفَة عين وَيثبت معبوده الْحَقِيقِيّ وَكَانَ يَقُول نفي الْوُجُود اقْربْ الطّرق عِنْدِي وَلَكِن لَا يحصل الا بترك الِاخْتِيَار ورؤية قُصُور الاعمال وَكَانَ يَقُول التَّعَلُّق بِمَا سوى الله تَعَالَى حجاب عَظِيم للسالك وَكَانَ يَقُول طريقتنا الصُّحْبَة وَالْخَيْر فِي الجمعية بِشَرْط نفي الاصحاب بَعضهم بَعْضًا وَفِي الْخلْوَة شهرة والشهرة آفَة وَقَالَ ايضا طريقتنا هِيَ العروة الوثقى لانها مَبْنِيَّة على

من جملة مشايخ هذه الطريقة الشيخ العارف بالله تعالى خواجه محمد بارسا البخاري وهو من جملة اصحاب خواجه بهاء الدين المذكو

الْمُتَابَعَة لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وآثار الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم وَرَضوا عَنهُ وآدابهم وَقَالَ لَا بُد للطَّالِب ان يعرف احواله اولا فَإِذا صحب مَعَ وَاحِد من اهل الطَّرِيقَة فان وجد فِي حَاله زِيَادَة يلازمه بِحكم قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام اصبت فَالْزَمْ مَاتَ قدس سره لَيْلَة الِاثْنَيْنِ الثَّالِثَة من شهر ربيع الاول سنة احدى وَتِسْعين وَسَبْعمائة من جملَة مَشَايِخ هَذِه الطَّرِيقَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى خواجه مُحَمَّد بارسا البُخَارِيّ وَهُوَ من جملَة اصحاب خواجه بهاء الدّين المذكو قَالَ شَيْخه لَهُ بِمحضر من اصحابه الامانة الَّتِي وصلت الى من مَشَايِخ طريقتنا هَذِه وَجَمِيع مَا اكتسبته فِي هَذِه الطَّرِيقَة سلمت كلهَا اليك فَقبل خواجه مُحَمَّد بارسا وَقَالَ شَيْخه فِي آخر حَيَاته فِي غيبته الْمَقْصُود من ظهوري وجوده وربيته بطرِيق الجذبة والسلوك فَلَو اشْتغل بذلك لتنور مِنْهُ الْعَالم ووهب لَهُ شَيْخه صفة الرّوح فِي وَقت وقصته مَشْهُورَة ووهب لَهُ ايضا فِي وَقت آخر بركَة النَّفس وَكَانَ مظهر الْمَضْمُون قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام ان من عباد الله تَعَالَى من لَو اقْسمْ على الله لَأَبَره ولقنه الذّكر الْخَفي وَأذن لَهُ فِي تَعْلِيم آدَاب الطَّرِيقَة للطالبين توجه فِي الْعشْرين من الْمحرم الْحَرَام سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَثَمَانمِائَة الى حج بَيت الله تَعَالَى الْحَرَام من طَرِيق نسف وَمر بصفانيان وترمذ وبلخ وهراة وزار المزارات المبروكة كلا مِنْهَا وأكرمه عُلَمَاء تِلْكَ الْبِلَاد ومشايخها وعظموه غَايَة التَّعْظِيم وَرَأَوا مشاهدته وخدمته غنيمَة عَظِيمَة وَلما أتم أَمر الْحَج مرض وَلم يقدر على طواف الْوَدَاع الا بِحمْلِهِ ثمَّ توجه الى الْمَدِينَة المنورة صلى الله تَعَالَى وَسلم على ساكنها مَرِيضا وَتُوفِّي بعد زِيَارَة النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِي الْيَوْم الرَّابِع وَالْعِشْرين من ذِي الْحجَّة من السّنة الْمَذْكُورَة وَصلى عَلَيْهِ كثير من النَّاس مِنْهُم الْمولى شمس الدّين الفناري وَدفن بجوار قبر عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه خواجه عبيد الله السَّمرقَنْدِي ولد رَحمَه الله تَعَالَى فِي بَلْدَة طاشكند من ولَايَة شاش حُكيَ عَن بعض احفاده وَهُوَ خواجه مُحَمَّد قَاسم بن خواجه عبد الْهَادِي بن

خواجه مُحَمَّد عبد الله بن خواجه عبيد الله انه يَنْتَهِي نسبه الى الْمُؤمنِينَ عمر ابْن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَقَالَ ايضا نقل عَن جدي انه قَالَ مَا غفلت عَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الا مرّة وَهُوَ اني كنت فِي سنّ عشر وَكنت اذْهَبْ الى الْمعلم بطاشكند والوحل فِي تِلْكَ الْبِلَاد كثير فَوَقع نَعْلي فِي الوحل واشتغلت باخراجه وَوَقعت الْغَفْلَة مني فِي ذَلِك الْوَقْت وَقَالَ أَيْضا أَخذ جدي طَريقَة التصوف عَن الْمولى يَعْقُوب الجرخي وَهُوَ لقنه الذّكر قَالَ وَنقل عَن جدي أَنه قَالَ غلب على خاطري دَاعِيَة تَحْصِيل الْعلم وَكنت فِي سنّ الْعشْرين فَذَهَبت من طاشكند الى خدمَة الْمولى نظام الدّين خاموس وَهُوَ مدرس فِي ذَلِك الزَّمَان بمدرسة الغ بيك بسمرقند وَكنت سَمِعت حَاله وجذبته واستغراقه فَوَجَدته فِي الْمدرسَة يدرس للطلبة فَجَلَست فِي زَاوِيَة من الْمدرسَة صامتا وساكنا وَلما فرغ من الدَّرْس نظر الي وَقَالَ لأي شَيْء اخْتَرْت الصمت وَقبل ان اتكلم اجاب هُوَ وَقَالَ الصمت نَوْعَانِ صمت المترقين من عَالم البشرية وانه مبارك لصَاحبه وَصمت الساكنين فِيهِ وانه مكر لصَاحبه وَكَانَ خواجه عبيد الله يَقُول علمت جلالة قدر الْمولى الْمَذْكُور من كَلَامه هَذَا وَنقل عَن خواجه عبيد الله ايضا انه ذكر للسُّلْطَان فِي ذَلِك الزَّمَان اقبال النَّاس على الْمولى الْمَذْكُور فخاف السُّلْطَان من ذَلِك وامره بَان يشرف مقَاما آخر قَالَ خواجه عبيد الله اخذت الْمولى الْمَذْكُور من سَمَرْقَنْد الى طاشكند وأنزلته منزلي هُنَاكَ وخدمته كَمَا يَنْبَغِي واهيىء لَهُ كل يَوْم طَعَامه وضوأه واصلي مَعَه الْفجْر ثمَّ اشْتغل بالحراثة ثمَّ اجيء واصلي مَعَه الظّهْر ثمَّ اشْتغل بالحراثة ثمَّ اجيء واصلي مَعَه الْعَصْر وَهَكَذَا كَانَت عادتي مُدَّة فَوَجَدته يَوْمًا متغيرا متكدرا عَليّ فَعلمت اني وشي بِي اليه مَعَ اني اعرف اني لم اقصر فِي خدمته وَلما نظر الي الْمولى توجه الى المراقبة فاضطربت نَفسِي حَتَّى كَادَت ان تخرج روحي وَكَانَ من عَادَة الْمولى انه اذا توجه الى المراقبة لَاحَدَّ لَا يتَخَلَّص هُوَ اصلا فقصدت قبر جدي الاعلى الشَّيْخ خاونتهور فَمَا قدرت على فتح بَاب الْقبَّة حَتَّى رميت نَفسِي من الكوة فعرضت على جدي براءتي مِمَّا اتهموني بِهِ وتوجهت فَوَقع لي هُنَاكَ غيبَة فَأخذُوا مَا وَقع عَليّ من الثقلة فطرحوها على الْمولى الْمَذْكُور فَلَمَّا

افقت من الْغَيْبَة وجدت نَفسِي على الخفة فَذَهَبت الى الْمولى الْمَذْكُور وَلما رَآنِي قَالَ يَا عبيد الله انه سهل ثمَّ مَاتَ فجهزته ودفنته رَحمَه الله تَعَالَى وَنقل عَن خواجه عبيد الله انه قَالَ ان الْمولى حسام الدّين الشَّاشِي من اولاد السَّيِّد امير كلال كَانَ من أَصْحَاب السَّيِّد حَمْزَة وَكَانَ صَاحب استغراق نصب قَاضِيا ببخارى قَالَ خواجه عبيد الله حضرت محكمته وَجَلَست فِي مَوضِع اراه وَهُوَ لايراني وتأملت وَمَا رَأَيْت مِنْهُ الذهول والفترة مَعَ اشْتِغَاله بمصالح النَّاس قَالَ وَكَانَ يَقُول الْمولى حسام الدّين لَيْسَ لهَذِهِ الطَّرِيقَة لِبَاس احسن من الِاشْتِغَال بالافادة والاستفادة فِي زِيّ الْعلمَاء وَقَالَ ايضا كَانَ السُّلْطَان فِي زمن خواجه عبيد الله هُوَ السُّلْطَان احْمَد وَقد خرج عَلَيْهِ اخ لَهُ مُسَمّى بالسلطان مَحْمُود قد كتب اليه خواجه عبيد الله كتابا نصحه فِيهِ وحذره من هَذَا الامر فَلم يقبل نصحه وحاصر مَدِينَة سَمَرْقَنْد فَدخل خواجه عبيد الله حجرته واشتغل بِدفع الْعَدو وَأمر السُّلْطَان بَان يجمع عسكره فَلَمَّا خرج السُّلْطَان مَعَ عسكره من ابواب سَمَرْقَنْد خرج مَعَهم ريح من الابواب وَفرق جمع الْعَدو وَأهْلك اكثرهم فَانْهَزَمَ السُّلْطَان مَحْمُود وَقد اسر من ذَلِك الْعَدو رجل من أُمَرَاء التراكمة اسْمه مير بيرك وَقد حضر لمعاونة السُّلْطَان مَحْمُود الْمَزْبُور فَأتوا بِهِ الى السُّلْطَان احْمَد وَكَانَ السُّلْطَان وقتئذ فِي حُضُور خواجه عبيد الله فَقَالَ انا رجل تركماني لَا اعرف شَيْئا وَلَو حضر رستم لما قدر على انزالي عَن الْفرس وَلَكِن مَا اخذني الا هَذَا الشَّيْخ واشار الى خواجه عبيد الله وَحكي عَن مير شرِيف المعماسي وَكَانَ شَيخا صَالحا سَاكِنا بِمَدِينَة بروسه انه قَالَ كنت حِين مَا تكلم التركماني هَذَا الْكَلَام وَاقِفًا على بَاب خواجه عبيد الله قَالَ وَسمعت هَذَا الْكَلَام مِنْهُ باذني وَحكي عَن مُحَمَّد قَاسم انه قَالَ سَمِعت ان جدي خواجه عبيد الله امْر يَوْمًا بسمرقند بعد الظّهْر وَكَانَ يَوْم الْخَمِيس باحضار فرسه فَركب عَلَيْهِ وَتَبعهُ بعض اصحابه فَلَمَّا انْفَصل من الْمَدِينَة امرهم بِالْوُقُوفِ هُنَاكَ وَتوجه الى صحراء تسمى بدشت عَبَّاس وَذهب خَلفه وَاحِد من اصحابه مُسَمّى بمولى شيخ وَحكى هُوَ ان الشَّيْخ لما وصل الى دشت عَبَّاس اعدى فرسه الى جَوَانِب ذَلِك الْموضع وَرُبمَا يغيب عَن الْبَصَر فِي بعض الاوقات وَلما اتى الشَّيْخ منزله سُئِلَ

عَن هَذَا الْحَال فَقَالَ ان سُلْطَان الرّوم مُحَمَّد خَان قَاتل مَعَ الْكفَّار فِي ذَلِك الْوَقْت فاستمد مني فَذَهَبت الى معاونته فغلب بِحَمْد الله تَعَالَى على الْكفَّار وَقَالَ خواجه مُحَمَّد قَاسم لما اتى وَالِدي خواجه عبيد الهادي الى بِلَاد الرّوم دخل على السُّلْطَان بايزيدخان فَسَأَلَهُ السُّلْطَان عَن زِيّ خواجه عبيد الله وَعَن هَيئته وَعَن فرسه وَقَالَ هَل كَانَ لَهُ فرس ابيض قلت نعم قَالَ السُّلْطَان بايزيدخان قَالَ وَالِدي السُّلْطَان مُحَمَّد خَان كنت يَوْمًا مَعَ محاربة الْكفَّار بعد الظّهْر وتوهمت الْغَلَبَة من الْكفَّار فتوجهت الى حَضْرَة خواجه عبيد الله قَالَ فَحَضَرَ شيخ صفته كَذَا وَكَذَا موفقا لما اخبرته وَقَالَ لي ايها السُّلْطَان مُحَمَّد خَان لَا تخف قلت كَيفَ لَا اخاف وعسكر الْكفَّار كثير غَايَة الْكَثْرَة وَقَالَ انْظُر الى كمي هَذَا فَنَظَرت فاذا فِيهِ صحراء وفيهَا مَا لَا يحد من عَسَاكِر الاسلام وَقَالَ هَؤُلَاءِ كلهم جَاءُوا لنصرة الاسلام قَالَ ثمَّ قَالَ لي اذْهَبْ الى هَذَا التل وَاضْرِبْ الطبل ثَلَاث مَرَّات وامر عسكرك بالكر على الْكفَّار فَفعلت مَا قَالَ وَرَأَيْت ان خواجه عبيد الله حمل على الْكفَّار مَرَّات فَانْهَزَمُوا بأسرهم قَالَ وَقَالَ ظن الوزراء كَلَامي لخواجه عبيد الله ان عَسْكَر الْكفَّار كثير كَلَام الْحيرَة لانهم كَانُوا لايرون خواجه عبيد الله وَنقل عَن شيخ الْحرم الشَّيْخ عبد المعطي انه قيل لَهُ انك لقِيت خواجه عبيد الله قَالَ نعم انه مُنْذُ مَا فرض الله تَعَالَى الْحَج يحجّ كل سنة واصحابه مَعَه مَعَ انه مُقيم بسمرقند وَكَانَت طَريقَة الشَّيْخ خواجه عبيد الله الِاعْتِقَاد على مَذْهَب اهل السّنة وَالْجَمَاعَة والانقياد لأحكام الشَّرِيعَة والاتباع لسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ودوام الْعُبُودِيَّة وَهُوَ مُلَاحظَة جناب الْحق من غير شُعُور بِمَا سواهُ وَقَالَ التَّوْحِيد تَخْلِيص الْقلب عَن الشُّعُور بِمَا سواهُ وَقَالَ الْوحدَة خلاص الْقلب عَن الْعلم بِوُجُود مَا سوى الله وَقَالَ الِاتِّحَاد الِاسْتِغْرَاق فِي وجودالحق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَقَالَ السَّعَادَة خلاص السالك عَن نَفسه فِي مُشَاهدَة الله تَعَالَى وَقَالَ الشقاوة الِالْتِفَات الى النَّفس والانقطاع عَن الْحق وَقَالَ الْوَصْل نِسْيَان العَبْد نَفسه فِي شُهُود نور الْحق وَقَالَ الْفَصْل قطع السِّرّ عَمَّا سوى الله تَعَالَى وَقَالَ السكر غَلَبَة حَال على الْقلب لَا يقدر مَعَه على ستر

ومنهم الشيخ العارف بالله عبد الرحمن بن احمد الجامي

مَا وَجب عَلَيْهِ ستر توفّي قدس سره فِي سنة خمس وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وقبره الشريف بِظَاهِر سَمَرْقَنْد وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه عبد الرحمن بن احْمَد الجامي ولد رَحمَه الله بجام من قَصَبَة خُرَاسَان واشتغل اولا بِالْعلمِ الشريف وَصَارَ من افاضل عصره فِي الْعلم ثمَّ صحب مَشَايِخ الصُّوفِيَّة وتلقن كلمة التَّوْحِيد من الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى سعد الدّين كاشغري وَصَحب مَعَ خواجه عبيد الله السَّمرقَنْدِي وانتسب اليه اتم الانتساب وَكَانَ يذكر فِي كثير من تصانيفه اوصاف خواجه عبيد الله وَيذكر محبته لَهُ وَكَانَ مشتهرا بِالْعلمِ وَالْفضل وَبلغ صيت فَضله الى الافاق حَتَّى دَعَاهُ السُّلْطَان بايزيدخان الى مَمْلَكَته وارسل اليه جوائز سنية وَكَانَ يَحْكِي من اوصلها اليه انه جهز آلَات السّفر وسافر من خُرَاسَان مُتَوَجها الى بلادالروم وَلما انْتهى الى همذان قَالَ للَّذي اوصله الْجَائِزَة اني امتثلت امْرَهْ الشريف حَتَّى وصلت الى همذان وَبعد ذَلِك اتشبث بذيل الِاعْتِذَار وَأَرْجُو الْعَفو مِنْهُ اني لَا اقدر على الدُّخُول الى بلادالروم لما اسْمَع فِيهَا من مرض الطَّاعُون وَحكى الْمولى الاعظم سَيِّدي محيي الدّين الفناري عَن وَالِده الْمولى عَليّ الفناري انه قَالَ وَالِده وَكَانَ هُوَ قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان ان السُّلْطَان قَالَ لي يَوْمًا ان الباحثين عَن عُلُوم الْحَقِيقَة المتكلمون والصوفية والحكماء وَلَا بُد من المحاكمة بَين هَؤُلَاءِ الطوائف قَالَ قَالَ وَالِدي قلت للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان لَا يقدر على المحاكمة بَين هَؤُلَاءِ الا الْمولى عبد الرحمن الجامي قَالَ قَالَ فَأرْسل السُّلْطَان مُحَمَّد خَان اليه رَسُولا مَعَ جوائز سنية وَالْتمس مِنْهُ المحاكمة الْمَذْكُورَة فَكتب رِسَالَة حَاكم فِيهَا بَين هَؤُلَاءِ الطوائف فِي مسَائِل سِتّ مِنْهَا مسئلة الْوُجُود وأرسلها الى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَقَالَ ان كَانَت الرسَالَة مَقْبُولَة يلْحقهَا بباقي بَيَان الْمسَائِل والا فَلَا فَائِدَة فِي تَضْييع الاوقات فوصلت الرسَالَة الى الرّوم بعد وَفَاة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان قَالَ الْمولى محيي الدّين الفناري وَبقيت تِلْكَ الرسَالَة عِنْد وَالِدي وأظن انه قَالَ انها عِنْدِي الان وَله نظم بِالْفَارِسِيَّةِ يرجحونه على نظم بعض السّلف وَله منشآت لَطِيفَة بِالْفَارِسِيَّةِ وَهِي فِي غَايَة الْحسن وَالْقَبُول

ومن المشايخ الخلوتية في عصره الشيخ العارف بالله المولى علاء الدين الخلوتي

عِنْد اهل الانشاء وَله مصنفات اخر منظومة ومنثورة مِنْهَا شرح الكافية وَقد لخص فِيهِ مَا فِي شُرُوح الكافية من الْفَوَائِد على احسن الْوُجُوه وأكملها مَعَ زايادات من عِنْده وَقد كتب على اوائل الْقُرْآن الْعَظِيم تَفْسِير ابرز فِيهِ بَعْضًا من بطُون الْقُرْآن الْعَظِيم وَله كتاب شَوَاهِد النُّبُوَّة بِالْفَارِسِيَّةِ وَله كتاب نفحات الانس بِالْفَارِسِيَّةِ ايضا وَكتاب سلسلة الذَّهَب وَقد طعن فِيهَا على طوائف الرفضية وَله غير ذَلِك من التصانيف كرسالة المعمى وَالْعرُوض والقافية وكل تصانيفه مَقْبُولَة عندالعلماء الْفُضَلَاء وَتُوفِّي قدس سره بهراة سنة ثَمَان وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَقَالَ المؤرخ فِي تَارِيخه وَمن دخله كَانَ آمنا قيل لما توجه الطَّائِفَة الطاغية الاردبيلية الى خُرَاسَان اخذ ابْنه مَيتا من قَبره وَدَفنه فِي ولَايَة اخرى وَلما تسلط عَلَيْهَا الطَّائِفَة الْمَذْكُورَة نبشوا قَبره فَلم يجدوه واحرقوا مَا فِيهِ من الاخشاب وَمن الْمَشَايِخ الخلوتية فِي عصره الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الْمولى عَلَاء الدّين الخلوتي كَانَ رَحمَه الله من خلفاء السَّيِّد يحيى وَكَانَ صَاحب جذبة عَظِيمَة وَكَانَ النَّاس يلحقهم الجذبة بنظرة مِنْهُ اَوْ بِكَلَام مِنْهُ فِي اذنهم وَلما دخل مَدِينَة بروسه وَكَانَ الْمولى عَلَاء الدّين الْعَرَبِيّ وقتئذ مدرسا بمدرسة قيلوجه انكر سَمَاعه ووجده غَايَة الانكار وَاتفقَ انه اجْتمع مَعَه فَتكلم الشَّيْخ فِي اذنه فصاح وخر مغشيا عَلَيْهِ مُدَّة وَلما افاق تَابَ على يَده وَترك الانكار وَدخل عِنْده الْخلْوَة وَحصل طَرِيق التصوف ثمَّ اتى الشَّيْخ مَدِينَة قسطنطينية فِي زمن السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَاجْتمعَ عَلَيْهِ الاكابر والاعيان وَسَائِر النَّاس فخاف مِنْهُ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان على عرض السلطنة فَأمره بتشريف بلاداخر فَلَمَّا وصل الى بِلَاد قرامان توفّي ببلدة لارنده وقبره مَشْهُور بهَا قدس الله سره الْعَزِيز وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه دده عمر الايديني الشهير بروشني كَانَ من طلبة الْعلم فِي شبابه مشتغلا بِهِ بِمَدِينَة بروسه وَكَانَ فِي شبابه مشتغلا بالملاهي وهجر النَّاس ثمَّ ذهب الى بِلَاد الْعَجم لتَحْصِيل الْعلم وَمر بِبِلَاد قرامان وَلَقي هُنَاكَ اخاه الاكبر وَهُوَ الشَّيْخ عَلَاء الدّين الْمَزْبُور وَتَابَ اولا على يَده ثمَّ

ومنهم العارف بالله تعالى الشيخ حبيب العمري القراماني

وصل الى ولَايَة شرْوَان واتصل هُنَاكَ بِخِدْمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه السَّيِّد يحيى الشرواني واشتغل عِنْده بالرياضات والمجاهدات وتبدلت احواله وانتقل عشقه الْمجَازِي الى الْحَقِيقِيّ وَكَانَ يسكن تَارَة ببردعة وَتارَة بكنجة وَتارَة بقرًا اغاخ واحبه الْأَمِير حسن الطَّوِيل وَالِي بِلَاد تبريز محبَّة عَظِيمَة وارتحل إِلَى تبريز وأحبته سلجوق خاتون زَوْجَة الامير الْمَزْبُور وَهِي وَالِدَة السُّلْطَان يَعْقُوب وانزله السُّلْطَان يَعْقُوب زَاوِيَة بنتهَا زَوْجَة الامير جهانشاه بتبريز وَسكن بهَا مُدَّة واشتهر بِتِلْكَ الْبِلَاد وَصَارَ مرجعا للأكابر والاعيان وَنقل عَن بَابا نعْمَة الله النقشبندي انه قَالَ عدته فِي مرض مَوته فَوَجَدته متأسفا على الرياسة الَّتِي حصلت لَهُ من قبُول الزاوية المزبورة مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى سنّ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ حبيب الْعمريّ القراماني كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عمريا من جِهَة الاب وبكريا من جِهَة الام وَكَانَ اصله من ولَايَة قرامان من قَرْيَة تسمى بالقرية الْوُسْطَى بِالْقربِ من قَصَبَة نيكنده اشْتغل فِي أول عمره بِالْعلمِ وَعند اشْتِغَاله بِقِرَاءَة شرح العقائد ارتحل الى خدمَة السَّيِّد يحيى فلقي اولا جمَاعَة من مريديه فَقَالَ لَهُم هَل يقدر شيخكم ان يريني الرب تَعَالَى فِي يَوْم وَاحِد وَكَانَ فيهم الْحَاج حَمْزَة المدفون بقرية قراجه لر بِقرب من قَصَبَة فورشو نلو من ولَايَة كانقري فَلَطَمَهُ لطمة شَدِيدَة حَتَّى خر مغشيا عَلَيْهِ فَعلم الشَّيْخ هَذِه الْقَضِيَّة فَدَعَا الشَّيْخ حبيب وَقَالَ لَهُ انه لَا بَأْس ان الصُّوفِيَّة يغلب عَلَيْهِم الْغيرَة وان الامر كَمَا ظَنَنْت فامر لَهُ بِالْجُلُوسِ فِي مَوضِع ويقص عَلَيْهِ مَا رَآهُ فِي الْمَنَام ثمَّ قَالَ لمريديه انه من الْعلمَاء وَنقل عَنهُ انه قَالَ لما جَلَست فِي هَذَا الْموضع جَاءَت تجليات الْحق مرّة بعداخرى وفنيت كل مرّة وَبعد مداومته خدمته اثْنَتَيْ عشرَة سنة رَجَعَ باجازة مِنْهُ الى بِلَاد الرّوم وَلما اتى بِلَاد الرّوم طَاف بِتِلْكَ الْبِلَاد فَدخل ولَايَة قرامان وَولَايَة ايدين وَولَايَة الرّوم وَسكن مُدَّة بانقره ولازم زِيَارَة الشَّيْخ الْحَاج بيرام وَصَحب مَعَ الشَّيْخ آق شمس الدّين وَمَعَ الشَّيْخ إِبْرَاهِيم السيواسي وَمَعَ الامير النقشبندي القيصري وَمَعَ الشَّيْخ عبد المعطي من الزينية وَكَانَ لَهُ اشراف على الخواطر وَلم يره اُحْدُ رَاقِدًا وَلَا مُسْتَندا الا فِي مرض مَوته توفّي قدس سره

ومنهم الشيخ العارف بالله تعالى المولى مسعود

الْعَزِيز فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعمِائَة وقبره بِمَدِينَة اماسيه فِي عمَارَة مُحَمَّد باشا وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الْمولى مَسْعُود كَانَ مدرسا اولا ثمَّ رغب فِي التصوف واتصل بِخِدْمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الْمولى عَلَاء الدّين وَحصل عِنْده طَريقَة التصوف واجاز لَهُ بالارشاد وتوطن بِمَدِينَة ادرنه واشتغل بتربية المريدين فظهرت بركاته واشتهرت كراماته ونال عِنْده كثير من المريدين مَا نَالَ من المقامات الْعلية والكرامات السّنة وَكَانَ رَحمَه الله عَارِفًا بِاللَّه تَعَالَى وَصَاحب جذبة عَظِيمَة وَكَانَ لَهُ قدم راسخ فِي مواظبة الْعِبَادَات ومحافظة آدَاب الشَّرِيعَة توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي أَوَاخِر سلطنة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ محمدالجمال الشهير بجلبي خَليفَة وَهُوَ من نسل جمال الدّين الاقسرايني كَانَ مشتغلا بِالْعلمِ اولا وَعند اشْتِغَاله بالشرح الْمُخْتَصر للتلخيص غلب عَلَيْهِ محبَّة الصُّوفِيَّة وَمَال الى طريقتهم واختلى اولا بِبِلَاد قرامان عندالشيخ عبد الله من خلفاء الشَّيْخ عَلَاء الدّين الخلوتي وَفِي اثناء تِلْكَ الْمدَّة اتى الْمولى عَلَاء الدّين الى بِلَاد قرامان فَذهب اليه وَرَآهُ لابسا جُبَّة سَوْدَاء وعمامة سَوْدَاء وراكبا على فرس اسود واظهر لَهُ الْمحبَّة فَقَالَ الشَّيْخ عَلَاء الدّين ان اردت هَذِه الْجُبَّة اعطيتك اياها فاجاب هُوَ بَان لبس الْخِرْقَة يَنْبَغِي ان يكون بِاسْتِحْقَاق وَلَا اسْتِحْقَاق لي ان البسها وَقَالَ الشَّيْخ اذا تحْتَاج الى توابعي فَلم يلبث الشَّيْخ الا وَقد توفّي بِتِلْكَ الْبِلَاد وَتُوفِّي بعده الشَّيْخ عبد الله ثمَّ اتى الى بَلْدَة توقات وَجلسَ فِي الْخلْوَة عندالشيخ الْمَعْرُوف بِابْن طَاهِر وَكَانَ يَأْمر مريديه بالرياضة القوية حَتَّى ان بَعضهم لم يصبروا على ذَلِك فطردهم من عِنْده فَبَقيَ هُوَ عِنْده وَحده واشتغل بالرياضة حَتَّى قيل للشَّيْخ يَوْمًا فِي حَقه انه مشتغل بالرياضة القوية فَقَالَ خله حَتَّى يَمُوت وَكَانَ ذَلِك الشَّيْخ من طَائِفَة التراكمة وَكَانَ اميا الا انه كَانَ فِي بَاطِنه قُوَّة عَظِيمَة وَاتفقَ لَهُ فِي تِلْكَ الايام وَاقعَة كشف الْحَال فَقَصَّهَا على الشَّيْخ فعامل الشَّيْخ مَعَه بعد ذَلِك بالملاطفة ثمَّ توفّي الشَّيْخ وَذهب بعده الى بَلْدَة ارزنجان وَصَاحب هُنَاكَ مَعَ الْمولى بيري ثمَّ قصد ان يذهب الى بِلَاد شرْوَان

للوصول الى خدمَة السَّيِّد يحيى وَلما انْفَصل عَن ارزنجان مَسَافَة يَوْمَيْنِ اسْتمع وَفَاة السَّيِّد يحيى وَرجع الى ارزنجان ولازم خدمَة الْمولى بيري وارسله هُوَ الى بلادالروم لارشاد الْفُقَرَاء حُكيَ ان الْوَزير مُحَمَّد باشا القراماني كَانَ وزيرا للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَكَانَ يمِيل الى السُّلْطَان جم وَينْقص السُّلْطَان بايزيدخان عِنْد وَالِده فتضرع السُّلْطَان بايزيدخان الى الشَّيْخ جلبي خَليفَة فاستعفى عَن ذَلِك فَزَاد السُّلْطَان بايزيدخان فِي التضرع فَتوجه اليه فَرَأى اولياء قرامان فِي جَانب السُّلْطَان جم فقصدهم الشَّيْخ الْمَزْبُور فَرَمَوْهُ بِنَار واخطأته واصابت بنته وَبعد أَيَّام مَرضت الْبِنْت وَمَاتَتْ فتضرع اليه السُّلْطَان بايزيدخان وأبرم عَلَيْهِ فَتوجه ثَانِيًا وَحضر أَوْلِيَاء قرامان فَقَالُوا لَهُ مَاذَا تُرِيدُ فَقَالَ ان هَذَا الرجل وَأَرَادَ الْوَزير مُحَمَّد باشا القراماني قد ابطل اوقاف الْمُسلمين وضبطها لبيت المَال ففرغ الْكل عَن الِانْتِصَار لَهُ وَمَا بَقِي الا الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء ورأيته قد رسم حول الْوَزير الْمَذْكُور دَائِرَة قَالَ فَدخلت الدائرة بِجهْد عَظِيم وسيظهر الاثر بعد ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ يَوْمًا حكى بعض اقربائه عَنهُ انه حصلت لي فِي اثناء ذَلِك التَّوَجُّه غيرَة عَظِيمَة حَتَّى رُوِيَ انه وصلت النكبة فِي تِلْكَ الْمدَّة الى كل من يُسمى بِمُحَمد قَالَ الرَّاوِي وانا اسمى بِمُحَمد وَعند ذَلِك كنت صَبيا فَصَعدت على شَجَرَة فانكسر غصنها فَوَقَعت وشج رَأْسِي وَعند ذَلِك كُنَّا فِي بَلْدَة اماسيه فعدوا فِيهَا اربعين رجلا اسْمه مُحَمَّد قد وصلت النكبة الى كل مِنْهُم رُوِيَ انه لما تمّ ثَلَاثَة وَثَلَاثُونَ يَوْمًا جَاءَ خبر وَفَاة السُّلْطَان محمدخان فَتوجه السُّلْطَان بايزيدخان الى قسطنطينية وَبعد خَمْسَة ايام من توجهه سمع فِي الطَّرِيق ان الْوَزير مُحَمَّد باشا قد قتل حُكيَ ان الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء عمل لَهُ وفْق مائَة فِي مائَة وَكَانَ يحملهُ الْوَزير على رَأسه وَعند وَفَاة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان عرق عرقا كثيرا لشدَّة حيرته وخوفه فانطمس بعض بيُوت الوفق الْمَذْكُور فارسله الى الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء ليصلحه فَقتل الْوَزير الْمَزْبُور قبل وُصُول الوفق اليه وَلَعَلَّ هَذَا مَا رَآهُ الشَّيْخ الْمَزْبُور من رسم الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء دَائِرَة حول الْوَزير الْمَذْكُور ثمَّ ان السُّلْطَان بايزيدخان بعدجلوسه على سَرِير السلطنة ارسل الشَّيْخ الْمَزْبُور مَعَ اربعين رجلا من اصحابه الى الْحَج ليدعوا هُنَاكَ لدفع الطَّاعُون من بِلَاد الرّوم

ومنهم العارف بالله الشيخ سنان الدين يوسف الشهير بشيخ سنان

فاعطى الشَّيْخ صرة من الدَّرَاهِم واعطى كل وَاحِد من اصحابه ثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم فَمَاتَ الشَّيْخ فِي الطَّرِيق ذَهَابًا رُوِيَ انه بعدتوجه الشَّيْخ الى الْحَج خف الطَّاعُون فِي قسطنطينية عدَّة سِنِين بل انْقَطع فِي تِلْكَ الْمدَّة باذن الله تَعَالَى قدس الله سره الْعَزِيز وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ سِنَان الدّين يُوسُف الشهير بشيخ سِنَان كَانَ متوطنا بقرية قريبَة من قسطنطينية وَتلك الْقرْيَة مشتهرة بالانتساب اليه الى الان وَسمعت عَمَّن صَحبه انه قَالَ كَانَ ذَلِك الشَّيْخ عَالما زاهدا مشتغلا بارشاد الطالبين وَقد بلغ عِنْده كثير مِنْهُم مرتبَة الْكَمَال وَقَالَ ايضا انه كَانَ صَاحب الاخلاق الحميدة وَكَانَ خاضعا متخشعا مُنْقَطِعًا عَن النَّاس وَمَات بالقرية الْمَذْكُورَة وَدفن بهَا روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه السَّيِّد يحيى بن السَّيِّد بهاء الدّين الشرواني ولد رَحمَه الله تَعَالَى بِمَدِينَة شماخي وَهِي ام مَدَائِن ولَايَة شرْوَان وَكَانَ ابوه من اهل الثروة وَكَانَ هُوَ صَاحب جمال وَكَمَال وَكَانَ يلْعَب بالصولجان يَوْمًا اذ مر عَلَيْهِ الشَّيْخ الْمَعْرُوف ببير زَاده ابْن الشَّيْخ الْحَاج عز الدّين الخلوتي وَكَانَ مُرِيد للشَّيْخ صدر الدّين الخلوتي وَتزَوج ابْنَته وَلما رأى ادبه وجماله دَعَا لَهُ بالفوز بطرِيق الصُّوفِيَّة فَرَأى السَّيِّد يحيى فِي تِلْكَ اللَّيْلَة وَاقعَة تَغَيَّرت بهَا احواله فالتجأ الى خدمَة الشَّيْخ صدر الدّين الخلوتي ولازم خدمته فكره وَالِده ذَلِك لدُخُوله الْخلْوَة مَعَ الصُّوفِيَّة مَعَ هَذَا الْجمال وَأنكر على الشَّيْخ صدر الدّين ايضا لاذنه لَهُ فِي ذَلِك وقدنصح لِابْنِهِ السَّيِّد يحيى مَرَّات فَلم ينفع حَتَّى قيل انه قصداهلاك الشَّيْخ صدر الدّين وَاتفقَ فِي بعض تِلْكَ اللَّيَالِي ان السَّيِّد يحيى لم يحضر الْجَمَاعَة فِي صَلَاة الْعشَاء لاشتغاله بصفاء التَّنور وَكَانَت الايام ايام الشتَاء قتعطل رِجْلَاهُ وَحصل لَهُ وجع وَبَقِي أَيَّامًا على تِلْكَ الْحَالة فَدخل الشَّيْخ لَيْلَة بَيته من كوَّة الدَّار فاخذ بِيَدِهِ وَقَالَ قُم يَا وَلَدي فاندفعت تِلْكَ الْعلَّة عَنهُ واطلعت جَارِيَة على هَذِه الْحَالة فاخبرت بهَا وَالِده فَزَاد انكاره عَلَيْهِ وَقَالَ لوالده لاي سَبَب دخل شيخك من الكوة وَلم يدْخل من الْبَاب وانت تعتقد انه متشرع فَقَالَ السَّيِّد يحيى خَافَ من

الطبقة الثامنة

الشوك فِي الطَّرِيق قَالَ وَأي شوك هُوَ قَالَ افكارك عَلَيْهِ فَعِنْدَ ذَلِك زَالَ انكاره ولازم هُوَ ايضا خدمَة الشَّيْخ الْمَذْكُور رُوِيَ ان الشَّيْخ صدر الدّين امْر السَّيِّد بهاء الدّين ان يخْدم نعل وَلَده سنة ليحصل لَهُ المجاهدة بذلك وَكَانَ السَّيِّد يحيى يتأثر من ذَلِك غَايَة التأثر الى ان امْرَهْ الشَّيْخ صدر الدّين ان يخْدم نعل وَالِده ثمَّ ان الشَّيْخ صدر الدّين لما مَاتَ وَقع خلاف بَين السَّيِّد يحيى وَبَين الشَّيْخ بير زَاده لانه كَانَ قديم الصُّحْبَة مَعَ الشَّيْخ صدر الدّين وَمَعَ ذَلِك كثر اقبال النَّاس على السَّيِّد يحيى وَلِهَذَا الْخلاف انْتقل السَّيِّد يحيى من شماخي الى بَلْدَة باكو من ولَايَة شرْوَان وتوطن هُنَاكَ وَاجْتمعَ عله النَّاس مِقْدَار عشرَة آلَاف نفس وَنشر الْخُلَفَاء الى اطراف الممالك وَهُوَ أول من سنّ ذَلِك وَكَانَ يَقُول يجوز إكثار الْخُلَفَاء لتعليم الاداب للنَّاس وَأما المرشد الَّذِي يقوم مقَام الارشاد بعد شَيْخه لَا يكون الا وَاحِدًا يحْكى انه لم يَأْكُل طَعَاما فِي آخر عمره مِقْدَار سِتَّة اشهر واشتهى يَوْمًا فِي تِلْكَ الْمدَّة طَعَاما عينه فباشر تَحْصِيله وَلَده الاكبر واهتم فِيهِ غَايَة الاهتمام حَتَّى احضره بَين يَدَيْهِ فَلَمَّا اخذ مِنْهُ لقْمَة اشْتغل بتقرير المعارف الالهية زَمَانا ثمَّ ترك اللُّقْمَة وَلم يأكلها فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ ان الْحَكِيم لُقْمَان تغذى برائحة بعض من الترياقات عدَّة سِنِين وَلَا بعد فِي ان اتفذى برائحة هَذِه اللُّقْمَة يرْوى انه كَانَ يَقُول اذا دعِي لَهُ بطول الْعُمر ادعو بطول الْعُمر للسُّلْطَان خَلِيل لَان عمري فِي مُدَّة حَيَاته وَكَانَ كَمَا قَالَ حَيْثُ لم يَعش بعد وَفَاته الا مِقْدَار تِسْعَة اشهر وَتُوفِّي قدس سره الْعَزِيز فِي بَلْدَة باكو فِي سنة تسع اَوْ ثَمَان وَسِتِّينَ وَثَمَانمِائَة الطَّبَقَة الثَّامِنَة فِي عُلَمَاء دولة السُّلْطَان بايزيدخان ابْن السُّلْطَان مُحَمَّد خَان بُويِعَ لَهُ بالسلطنة بعد وَفَاة ابيه فِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة رَحمَه الله تَعَالَى رَحْمَة وَاسِعَة وَمن الْعلمَاء فِي عصره الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن حسن النكساري قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى اولا على الْمولى حسام الدّين التوقاتي ثمَّ قَرَأَ على الْمولى

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى اخي يوسف بن جنيد التوقاتي

يُوسُف بالي بن شمس الدّين الفناري ثمَّ قَرَأَ على الْمولى يكان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة اسمعيل بك ببلدة قسطموني وَبنى الامير الْمَذْكُور تِلْكَ الْمدرسَة لاجله ووقف عَلَيْهَا ثلثمِائة مجلدة من التفاسير والاحاديث والشرعيات والعقليات ودرس هُنَاكَ واستفاد من تِلْكَ الْكتب وَأفَاد الطّلبَة وانتفع بِهِ كَثِيرُونَ وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما بِالْعَرَبِيَّةِ والعلوم الشَّرْعِيَّة والعقلية وَكَانَ عَارِفًا بالعلوم الرياضية ايضا وَقد قَرَأَهَا على الْمولى فتح الله الشرواني من تلامذة الْمولى قَاضِي زَاده الرُّومِي وَكَانَ حَافِظًا لِلْقُرْآنِ الْعَظِيم وعارفا بعلوم الْقرَاءَات وَكَانَ ماهرا فِي علم التَّفْسِير غَايَة المهارة وَكَانَ يذكر النَّاس كل يَوْم الْجُمُعَة وَلما جلس السُّلْطَان بايزيدخان على سَرِير السلطنة ووصفوه عِنْده بالفضيلة فِي التَّفْسِير والمهارة فِي التَّذْكِير عين لَهُ كل يَوْم خمسين درهما لاجل التَّفْسِير وَكَانَ يذكر النَّاس تَارَة فِي جَامع ايا صوفية وَتارَة فِي جَامع السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَقد حضر السُّلْطَان بايزيد خَان فِي جَامع ايا صوفية لاستماع تَفْسِيره وَقد ختم تَفْسِير الْقُرْآن الْعَظِيم فِي جَامع ايا صوفية ثمَّ قَالَ ايها النَّاس اني سَأَلت الله تَعَالَى ان يمهلني الى ختم تَفْسِير الْقُرْآن الْعَظِيم وَلَعَلَّ الله تَعَالَى يختمني عقيب ذَلِك فَدَعَا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالختم على الْخَيْر والايمان فامن النَّاس لدعائه ثمَّ اتى بَيته وَمرض وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى كَانَ خَال وَالِدي واشتاذه وَكَانَ وَالِدي رَحمَه الله يَحْكِي انه كَانَ مَعْدن الصّلاح وَمجمع مَكَارِم الاخلاق وَكَانَ قنوعا رَاضِيا من الْعَيْش بِالْقَلِيلِ وَكَانَ مشتغلا بِنَفسِهِ مُنْقَطِعًا الى الله تَعَالَى منجمعا عَن خلقه وصنف تَفْسِير سُورَة الدُّخان واهداه الى السُّلْطَان بايزيدخان وَاسْتَحْسنهُ عُلَمَاء عصره ورأيته بِخَطِّهِ وَعرفت مِنْهُ انه كَانَ آيَة كبرى فِي علم التَّفْسِير وَكتب على حَوَاشِي كتاب تَفْسِير القَاضِي فَوَائِد حل بهَا الْمَوَاضِع المشكلة من ذَلِك الْكتاب وصنف حَوَاشِي على شرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة وَلَقَد أَجَاد فِيهَا كل الاجادة وَمَات رَحمَه الله تَعَالَى بِمَدِينَة قسطنطينية سنة احدى وَتِسْعمِائَة وَدفن عِنْد مَزَار الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء قدس سره الْعَزِيز وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى اخي يُوسُف بن جُنَيْد التوقاتي

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى قاسم بن يعقوب الاماسي المشتهر بالخطيب

قَرَأَ اولا على الْمولى السَّيِّد احْمَد الفريمي وَهُوَ مدرس بمدرسة مرزيفون ثمَّ قَرَأَ على الْمولى صَلَاح الدّين معلم السُّلْطَان بايزيدخان ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْعَالم الْفَاضِل الْمولى خسرو ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْمولى الْمَذْكُور بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الحجرية بِمَدِينَة ادرنه ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الشهيرة بالقلندرية بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مَحْمُود باشا بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة سلطانية بروسه ثمَّ انْتقل الى احدى الْمدَارِس الثمان وَعين لَهُ كل يَوْم خَمْسُونَ درهما ثمَّ زيد عَلَيْهَا عشرَة ثمَّ عشرَة الى ان بلغت وظيفته ثَمَانِينَ درهما وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا وَبنى مَسْجِدا بِقرب دَاره بقسطنطينية وَكَانَت لَهُ كتب كَثِيرَة وَقفهَا على الْعلمَاء بعده وَكَانَ مشتغلا بِالْعلمِ ومواظبا على تِلَاوَة الْقُرْآن الْعَظِيم ومطالعة الْكتب الْفِقْهِيَّة وصنف حَوَاشِي على شرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة وَهِي مَقْبُولَة متداولة بَين النَّاس وصنف رِسَالَة جمع فِيهَا مسَائِل مُتَعَلقَة بالفاظ الْكفْر وسماها هَدِيَّة المهتدين وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى قَاسم بن يَعْقُوب الاماسي المشتهر بالخطيب قرا رَحمَه الله على الْمولى السَّيِّد احْمَد الفريمي ثمَّ صَار مدرسا ببلدة اماسيه ثمَّ صَار معلما للسُّلْطَان بايزيدخان حِين كَانَ اميرا عَلَيْهَا وَلما جلس السُّلْطَان بايزيد خَان على سَرِير السلطنة اعطاه مدرسة السُّلْطَان مُرَاد خَان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ جعله معلما لِابْنِهِ السُّلْطَان احْمَد حِين نَصبه اميرا على اماسيه وَمَات هُنَاكَ كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما عَارِفًا بعلوم القراآت والتفاسير والاحاديث والاصول وَالْفُرُوع وَكَانَ طيب النَّفس كريم الاخلاق محبا للصوفية وملازما لَهُم روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى سِنَان الدّين يُوسُف كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من عبيد بعض وزراء السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وقرا فِي صغره مباني الْعُلُوم ثمَّ اشْتغل على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل عَليّ القوشجي ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مناستر

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى سنان الدين يوسف المشتهر بسنان الشاعر

ببروسه ثمَّ بسلطانية بروسه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَعين لَهُ كل يَوْم خَمْسُونَ درهما ثمَّ زيدت عَلَيْهَا عشرَة ثمَّ عشرَة حَتَّى بلغت وظيفته ثَمَانِينَ درهما وَمَات مدرسا بهَا وَهُوَ من جملَة الصارفين جَمِيع اوقاتهم فِي الْعلم وَالْعِبَادَة وَكَانَ كثير الِاشْتِغَال بِالْعلمِ الشريف جدا وَقد علق على حَوَاشِي كتبه فَوَائِد لحل الْمَوَاضِع المشكلة من الْكتب وَرَأَيْت من كتبه كتاب تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَقد حشاه من اوله الى آخِره وَلم يمر على مَوضِع مُشكل الا وَكتب لَهُ حلا وَكَذَا سَائِر الْكتب وَقد صنف شرحا للرسالة الفتحية فِي علم الْهَيْئَة لاستاذه عَليّ القوشجي وَهُوَ شرح نَافِع فِي الْغَايَة روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى سِنَان الدّين يُوسُف المشتهر بسنان الشَّاعِر كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا جَامعا بَين الاصول وَالْفُرُوع والمعقول وَالْمَنْقُول شتغلا بِالْعلمِ غَايَة الِاشْتِغَال صارفا اواقته فِيهِ اخذ الْعُلُوم من الْعَالم الْفَاضِل الْمولى خسرو وَله حواش على شرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة وَهِي حَاشِيَة مقبلوة عِنْد الطلاب رَحمَه الله تَعَالَى رَحْمَة وَاسِعَة وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْمولى شُجَاع الدّين الياس الشهير بالموصلي شُجَاع قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَمَات مدرسا بهَا كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى قوي النَّفس سليم الْعقل مُسْتَقِيم الطَّبْع حصل من الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة والعقلية طرفا صَالحا ودرس وَأفَاد وَلم يسمع لَهُ تصنيفات روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى شُجَاع الدّين الياس كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عبدا لبَعض الْعلمَاء فرباه فِي حَال صغره وَعلمه علوما كَثِيرَة وَكَانَ مُسْتَقِيم الطَّبْع سليم النَّفس الا انه كَانَ يعاب بالعناد قرا على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا وَلَقَد سَمِعت انه كَانَ يدرس للطلبة ويفيدهم وَتخرج

ومنهم العالم العامل الفاضل الكامل المولى علاء الدين علي اليكاني

عِنْده جمع كثير مِنْهُم الا انه لم يشْتَغل بالتصنيف اذ قد اخترمته الْمنية وَلم يمهله الزَّمَان روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ اليكاني قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما وَنصب مفتيا بِمَدِينَة بروسه وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى لطيف الطَّبْع سليم الْعقل صافي القريحة شَدِيد الذكاء وَكَانَ مهتما بالدرس وانتفع بِهِ الاكثرون الا انه لم يشْتَغل بالتصنيف توفّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة تسع وَتِسْعمِائَة وَقيل فِي تَارِيخه وحيد مَاتَ مرحوما سعيدا وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى لطف الله التوقاتي الشهير بمولانا لطفي قَرَأَ رَحمَه الله على الْمولى سِنَان باشا وَتخرج عِنْده وَلما أَتَى الْمولى عَليّ القوشجي ببلادالروم ارسله الْمولى سِنَان باشا اليه وقرا عَلَيْهِ الْعُلُوم الرياضية وَحصل سِنَان باشا الْعُلُوم الرياضية بوساطته ورباه سِنَان باشا حَال وزارته عِنْد السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فَجعله افينا على خزانَة الْكتب واطلع بوساطته عِنْده على غرائب من الْكتب وَلما جرى على الْمولى سِنَان باشا مَا جرى وَنفي عَن الْبَلدة الى سفريحصار صحب مَعَه الْمولى لطفي وَلما جلس السُّلْطَان بايزيدخان على سَرِير السلطنة اعطاه مدرسة السُّلْطَان مرادخان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ اعطاه مدرسة فلبه ثمَّ اعطاه مدرسة دَار الحَدِيث بادرنه وَعين لَهُ كل يَوْم اربعين درهما ثمَّ اعطاه احدى الْمدَارِس الثمان ودرس فِيهَا مُدَّة من الزَّمَان ثمَّ اعطاه مدرسة جده السُّلْطَان مرادخان ببروسه وَعين لَهُ كل يَوْم سِتِّينَ درهما كَانَ رَحمَه الله فَاضلا لَا يجارى وعالما لَا يُبَارى وَكَانَ يُطِيل لِسَانه على اقرانه وعَلى السّلف ايضا ولكثرة فضائله حسده اقرانه ولاطالة لِسَانه ابغضه الْعلمَاء الْعِظَام وَلِهَذَا نسبوه الى الالحاد والزندقة حَتَّى فتشوه وَلم يحكم الْمولى افضل الدّين باباحة دَمه وَتوقف فِيهِ وَحكم الْمولى خطيب زَاده باباحة دمة فَقَتَلُوهُ وَقَالَ المؤرخ فِي تَارِيخه

وَلَقَد مت شَهِيدا يحْكى ان الْمولى خطيب زَاده لما حكم بقتْله واتى منزله قَالَ خلصت كتابي من يَده وَكَانَ يسمع انه يقْصد ان يزيف كِتَابه وَلَقَد سمعنَا مِمَّن حضر قَتله انه كَانَ يُكَرر كلمة الشَّهَادَة ونزه عقيدته عَمَّا نسبوها اليه من الالحاد حَتَّى قيل انه تكلم بِكَلِمَة الشَّهَادَة بعد مَا سقط رَأسه على الارض وَكَانَ عمي رَحمَه الله يَقُول كنت اقْرَأ عَلَيْهِ وَهُوَ يروي صَحِيح البُخَارِيّ وَكَانَ عِنْد فتح الْكتاب يَقُول كنت أَقرَأ عَلَيْهِ وَهُوَ يروي صَحِيح البُخَارِيّ وَكَانَ عِنْد فتح الْكتاب ينزل دموع عَيْنَيْهِ على الْكتاب وَكَانَ يبكي الى ان يخْتم الْكتاب قَالَ وَحكى يَوْمًا وَهُوَ يبكي ان عَليّ بن ابي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ضرب فِي بعض الْغَزَوَات بِسَهْم فَبَقيَ نصله فِي بدنه فجزع عِنْد قصد اخراجه فصبروا حَتَّى اشْتغل بِالصَّلَاةِ فاخرجوه وَلم يحس بذلك قَالَ عمي وَقد حكى الْمولى لطفي هَذِه الْحِكَايَة ثمَّ قَالَ وَهُوَ يبكي هَذِه هِيَ الصَّلَاة حَقِيقَة واما صَلَاتنَا فَهِيَ قيام وَانْحِنَاء فَلَا فَائِدَة فِيهَا قَالَ عمي رَحمَه الله تَعَالَى احْلِف بِاللَّه تَعَالَى اني سَمِعت هَذِه الْحِكَايَة مِنْهُ على هَذَا الْوَجْه قَالَ وَحين اخذوا الْمولى الْمَذْكُور شهد شُرَكَاء الدَّرْس عَلَيْهِ بانه قَالَ الصَّلَاة قيام وَانْحِنَاء لَا عِبْرَة بهَا قَالَ عمي رَحمَه الله تَعَالَى انْظُرُوا ايْنَ مَا قَالَه مِمَّا شهدُوا بِهِ عَلَيْهِ رُوِيَ ان الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ محيي الدّين القوجوي لما سمع قَتله قَالَ اني اشْهَدْ بَان الْمولى الْمَذْكُور بَرِيء من الالحاد والزندقة وَكَانَ يلبس الالبسة الرَّديئَة وَكَانَ يركب دَابَّته وَيَجِيء الى الْمدرسَة وعلف الدَّابَّة بِيَدِهِ فَينزل فِي بَاب الْمدرسَة ويربط الدَّابَّة بِحَلقَة الْبَاب ويلقي قدامها الْعلف ثمَّ يدرس الى وَقت الْعَصْر ثمَّ يركب دَابَّته وَيذْهب الى زَاوِيَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى ابْن الْوَفَاء قدس سره ويروي هُنَا صَحِيح البُخَارِيّ الى اذان الْمغرب ثمَّ يذهب الى بَيته وَكَانَ هَذَا دأبه كل يَوْم وَمن نوادره العجيبة انه كَانَ على جبل بروسه حِين كَانَ مدرسا بهَا فَذهب يَوْمًا مَعَ اصحابه فِي التَّنَزُّه الى جنب عين جَارِيَة فِي ذَلِك الْجَبَل وَلما جَلَسُوا جَاءَ رجل من اهل الْقرى وَبِيَدِهِ خطام دَابَّة وعَلى عُنُقه مخلاة فَشرب من المَاء ثمَّ اسْتلْقى على ظَهره فَقَالَ الْمولى لطفي لاصحابه بعد مَا تَأمل سَاعَة ان هَذَا الرجل من قَصَبَة ابْنة كول وَقد ضلت دَابَّته وَهُوَ فِي طلبَهَا ثمَّ تَأمل سَاعَة وَقَالَ اسْم

ومنهم العالم العامل الفاضل الكامل المولى قاسم الشهير بغداري الكرمياني

الرجل سوندك ثمَّ تَأمل سَاعَة وَقَالَ ان فِي مخلاته نصف خبْزَة وَقطعَة جبن وَثَلَاث بصلات وتعجب اصحابه من ذَلِك الحكم ثمَّ طلبُوا الرجل فَقَالُوا لَهُ من ايْنَ انت قَالَ من ابْنه كول قَالُوا أَي شَيْء تُرِيدُ هَهُنَا قَالَ اطلب دَابَّتي وَقد ضلت فِي الْجَبَل قَالُوا لَهُ مَا اسْمك قَالَ سوندك قَالُوا أَي شَيْء فِي مخلاتك قَالَ طَعَام الْفُقَرَاء فاستخرجوه فاذا فِيهَا نصف خبْزَة وَقطعَة جبن وَثَلَاث بصلات كَمَا أخبر بِهِ الْمولى لطفي فتعجبوا من ذَلِك غَايَة التَّعَجُّب وَهَذَا فِي الْوَاقِع امْر عَجِيب لَوْلَا اني سمعته من الثِّقَات لم اصدقه الا ان الله تَعَالَى جعل فِي عابده اسرار لَا يطلع عَلَيْهَا غَيره وَمن جملَة نوادره ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان امْر المدرسين بالمدارس الثمان ان يجمعوا بَين الْكتب السِّتَّة من علم اللُّغَة كالصحاح والتكملة والقاموس وامثالها وَكَانَ فِي ذَلِك الْعَصْر مولى يُسمى بِشُجَاعٍ وملقبا باوصلي وَهِي كلمة رُومِية وَمَعْنَاهَا الْحمار الضخم فَاجْتمع مَعَ الْمولى لطفي فِي الْحمام وَقَالَ لَهُ كَيفَ حالك مَعَ اللُّغَة قَالَ اضع عَلامَة الشَّك فِي كل سطر فَقَالَ الْمولى لطفي انا اضع عَلامَة الشَّك فِي كل صحيفَة فانت اشك مني وَلَفْظَة اشك بالتركية بِمَعْنى الْحمار وَله امثال هَذَا عجائب ونوادر لَا يسع ذكرهَا هَذَا الْمُخْتَصر وَفِي الْمثل القطرة تنبىء عَن الغدير صنف حَوَاشِي على شرح الْمطَالع وَأورد فِيهَا فَوَائِد وتحقيقات خلت مِنْهَا كتب الاقدمين وَمن طالعها يعرف مِقْدَار فَضله وَله ايضا حواش على شرح الْمِفْتَاح للسَّيِّد الشريف وَلَقَد حل فِيهَا الْمَوَاضِع المشكلة من الْكتاب بِحَيْثُ يتحير فِيهَا اولو الالباب وَله ايضا رِسَالَة سَمَّاهَا بالسبع الشداد وَهِي مُشْتَمِلَة على سَبْعَة اسئلة على السَّيِّد الشريف فِي بحث الْمَوْضُوع وَلَقَد ابدع فِيهَا كل الابداع واجاد كل الاجادة وَلَو لم يكن لَهُ تصنيف غير هَذِه الرسَالَة لكفته فضلا وشرفا وَأجَاب عَن تِلْكَ الاسئلة الْمولى غداري الا انه لم يقدر على دَفعهَا وَالْحق احق بَان يتبع وَله ايضا رِسَالَة ذكر فِيهَا اقسام الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة والعربية حَتَّى بلغت مِقْدَار مائَة علم واورد فِيهَا غرائب وعجائب لم تسمعها آذان الزَّمَان وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى قَاسم الشهير بغداري الكرمياني

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى قوام الدين قاسم بن احمد ابن محمد الجمالي

كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى ابْن اخت الْمولى شَيْخي الشَّاعِر ناظم كتاب قصَّة خسرو وشيرين قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى عبد الكريم ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة اماسيه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ابي ايوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الْملك الْبَارِي فعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة قلندرخانه بقسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بادرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة احدى وَتِسْعمِائَة كَانَ شَدِيد الذكاء سليم الطَّبْع مُسْتَقِيم الْعقل صافي القريحة ذَا الحدس الصائب والذهن الثاقب وَكَانَ يدرس كل يَوْم سطرين اَوْ ثَلَاثَة اسطر وَكَانَ يجْرِي فِيهَا جَمِيع قَوَاعِد الصّرْف والنحو والمعاني وَالْبَيَان والمنطق واصول الْفِقْه وقواعد علم المناظرة وَيدْفَع جَمِيع مَا اشكل على الطّلبَة على احسن الْوُجُوه والطفها ثمَّ يُحَقّق الْمقَام تَحْقِيقا وَاضحا مثل فلق الصُّبْح قَالَ عمي رَحمَه الله تَعَالَى قَرَأت عَلَيْهِ مِقْدَار سنتَيْن وَكُنَّا اذا حَضَرنَا عِنْده للْقِرَاءَة يُقرر الْمقَام اولا على وَجه التَّحْقِيق ويندفع بذلك جَمِيع مَا خطر ببالنا من الشُّبُهَات واذا غفل بعض من الطّلبَة عَن دفع شُبْهَة وَذكر الشُّبْهَة بعد ذَلِك كَانَ يوبخه عَلَيْهِ وَيَقُول لَعَلَّه لم يحضر عندنَا عِنْد تَقْرِير الْمقَام وَكَانَ يعيب الطّلبَة على الْغَفْلَة فِي ذَلِك واذا جَاءَ يَوْم العطلة يذهب مَعَ الطّلبَة الى بعض المتنزهات فِي أَيَّام الصَّيف وَفِي أَيَّام الشتَاء يَجْتَمعُونَ فِي بَيته ويباحث مَعَهم الى وَقت حُضُور الطَّعَام وَبعد الطَّعَام يشتغلون باللطائف وَسمعت من بعض طلبته انه قَالَ ينْحل فِي اثناء تِلْكَ المباحثات من الْمَوَاضِع المشكلة مَالا ينْحل فِي الدَّرْس وَله حواش على الهبات شرح المواقف اورد فِيهَا لطائف وتحقيقات يتعجب مِنْهَا النظار وَيعْتَبر بهَا اولو الابصار وَله اجوبة عَن السَّبع الشداد الَّتِي علقها الْمولى لطفي وَقد مر ذكرهَا وَله اشعار لَطِيفَة على لِسَان الفارسية والتركية وشعره فِي غَايَة الْحسن واللطافة روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى قوام الدّين قَاسم بن احْمَد ابْن مُحَمَّد الجمالي قرا رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل عَليّ بن

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى علاء الدين علي بن احمد بن محمد الجمالي

مُحَمَّد القوشجي ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ تقلد قَضَاء قسطنطينية وَتُوفِّي وَهُوَ قَاض بهَا كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مشتغلا بِالْعلمِ غَايَة الِاشْتِغَال وَكَانَ كثير الْحِفْظ رُوِيَ انه حفظ كثيرا من الْكتب المطولة وَكَانَ لَهُ نباهة شان وفخامة عقل وسخاوة نفس الا انه لم ينْقل انه صنف شيأ روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ بن احْمَد بن مُحَمَّد الجمالي قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي صغره على الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ ابْن حَمْزَة القراماني وَحفظ عِنْده مُخْتَصر الامام الْقَدُورِيّ ومنظومة النَّسَفِيّ ثمَّ اتى مَدِينَة قسطنطينية وَقَرَأَ على الْمولى الْعَالم الْفَاضِل الْمولى خسرو ثمَّ ارسله الْمولى الْمَذْكُور الى الْمولى مصلح الدّين بن حسام وَعلل فِي ذَلِك وَقَالَ اني مشتغل بالفتوى وَالْمولى مصلح الدّين يهتم لتحصيلك اكثر مني فَذهب اليه وَهُوَ مدرس بسلطانية بروسه فَقَرَأَ عِنْده الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة والشرعية ثمَّ صَار معيدا لدرسه ثمَّ زوجه الْمولى الْمَذْكُور بنته وَحصل لَهُ مِنْهَا اولاد ثمَّ اعطاه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الْمدرسَة الحجرية بادرنه وَعين لَهُ كل يَوْم ثَلَاثِينَ درهما واعطاه خَمْسَة آلَاف دِرْهَم وبعضا من الالبسة وَذَلِكَ لانه سمع فقره وَلما صَار مُحَمَّد باشا القراماني وزيرا للسُّلْطَان مُحَمَّد خَان نقمه لِكَثْرَة مصاحبته مَعَ سِنَان باشا فنقله من تِلْكَ الْمدرسَة الى مدرسة اخرى وَنقص من وظيفته خَمْسَة دَرَاهِم وَالْمولى الْمَذْكُور لم يَنْقَطِع عَن سِنَان باشالسابقة فَضله عَلَيْهِ وَكَرمه وَلِهَذَا نَقله الْوَزير الْمَذْكُور الى مدرسة اخرى وَنقص من وظيفته خَمْسَة اخرى واشمأز الْمولى الْمَذْكُور من ذَلِك فَترك التدريس واتصل الى خدمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه مصلح الدّين ابْن الْوَفَاء ثمَّ مَاتَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَقتل الْوَزير الْمَذْكُور وَجلسَ السُّلْطَان بايزيدخان على سَرِير السلطنة وَرَأى السُّلْطَان بايزيدخان الْمولى الْمَذْكُور فِي الْمَنَام فَأرْسل اليه الوزراء وَدعَاهُ اليه فَلم يجب ثمَّ ارسله جبرا الى بَلْدَة اماسيه وَعين لَهُ كل يَوْم ثَلَاثِينَ درهما وفوض اليه أَمر الْفَتْوَى هُنَاكَ ثمَّ اعطاه مدرسة السُّلْطَان مرادخان الْغَازِي بِمَدِينَة بروسه ثمَّ ترك الْمولى

الْمَذْكُور تِلْكَ الْمدرسَة وَذهب الى أماسيه لزيارة ابْن عَمه وَهُوَ الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ محيي الدّين مُحَمَّد الجمالي ثمَّ اعطاه السُّلْطَان بايزيد خَان مدرسة ازنيق وَعين لَهُ كل يَوْم خمسين درهما ثمَّ اعطاه السُّلْطَان بايزيد خَان سلطانية بروسه وَلما بنى السُّلْطَان بايزيدخان مدرسته باماسيه نَصبه مدرسا بهَا وفوض اليه أَمر الْفَتْوَى هُنَاكَ ثمَّ اعطاه احدى الْمدَارِس الثمان فدرس هُنَاكَ مُدَّة كَبِيرَة ثمَّ توجه بنية الْحَج الى مصر وَاتفقَ انه لم يَتَيَسَّر لَهُ الْحَج فِي تِلْكَ السّنة لفتنة حدثت بِمَكَّة الشَّرِيفَة وَتوقف الْمولى الْمَذْكُور بِمصْر سنة وَفِي أَثْنَائِهَا توفّي الْمولى حميد الدّين بن افضل الدّين الْمُفْتِي بقسطنطينية فَأمر السُّلْطَان بايزيدخان بَان يكْتب الْفَتْوَى مدرسوالمدارس الثمان وَلما أَتَى الْمولى الْمَذْكُور من الْحَج اعطاه منصب الْفَتْوَى وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم ثمَّ ان السُّلْطَان بايزيدخان لما بنى مدرسته بقسطنطينية اضافها الى الْمولى الْمَذْكُور وَعين لَهُ كل يَوْم خمسين درهما لاجل التدريس فَصَارَت وظيفته كل يَوْم مائَة وَخمسين درهما فحسده على ذَلِك بعض الْعلمَاء وَهُوَ الْمولى سيد عَليّ وَالسَّيِّد الْحميدِي وَجمع بعض فَتَاوَاهُ وَقَالَ إِنَّه اخطأ فِيهَا وارسلها الى الدِّيوَان العالي وارسلها الوزراء الى الْمولى الْمَذْكُور فَكتب اجوبتها وَفِي اثناء تِلْكَ الايام قَالَ اني حينما نزلت من عَرَفَة حصل لي جذبة لم يبْق بيني وَبَين الْحق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حجاب وفوضت امْر الْمولى سيد عَليّ الى الْحق سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلم يمر عَلَيْهِ اسبوع الا وَقد مَاتَ سيد عَليّ فِي لَيْلَة وَاحِدَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى يصرف جَمِيع أوقاته فِي التِّلَاوَة وَالْعِبَادَة والدرس وَالْفَتْوَى وَيُصلي الصَّلَوَات الْخمس بِالْجَمَاعَة وَكَانَ كريم النَّفس طيب الاخلاق متخشعا متواضعا ويبجل الصَّغِير كَمَا يوقر الْكَبِير وَكَانَ لِسَانه طَاهِرا لَا يذكر احدا بِسوء وَكَانَ انوار الْعِبَادَة تتلألأ فِي صفحات وَجهه الْمُبَارك وَكَانَ يقْعد فِي علو دَاره وَله زنبيل مُعَلّق فيلقي المستفتي ورقته فِيهِ ويحركه فيجذبه الْمولى الْمَذْكُور وَيكْتب جَوَابه ثمَّ يدليه اليه وَإِنَّمَا فعل ذَلِك كي لَا ينْتَظر النَّاس لاجل الْفَتْوَى ثمَّ ان السُّلْطَان سليم خَان فِي زمَان سلطنته امْر بقتل مائَة وَخمسين رجلا من حفاظ الخزائن فَتنبه لذَلِك الْمولى الْمَذْكُور فَذهب الى الدِّيوَان العالي وَلم يكن من عَادَتهم ان يذهب الْمُفْتِي الى الدِّيوَان العالي الا لحاديث

عَظِيم فتحير اهل الدِّيوَان وَلما دخل الدِّيوَان سلم على الوزراء فاستقبلوه واجلسوه فِي صدر الْمجْلس ثمَّ قَالُوا لَهُ أَي شَيْء دَعَا الْمولى الى الْمَجِيء الى الدِّيوَان العالي قَالَ اريد ان ادخل على السُّلْطَان ولي مَعَه كَلَام فَعَرَضُوهُ على السُّلْطَان سليم خَان فاذن لَهُ وَحده فَدخل وَسلم عَلَيْهِ وَجلسَ ثمَّ قَالَ وَظِيفَة أَرْبَاب الْفَتْوَى ان يحافظوا على آخِرَة السُّلْطَان وَقد سَمِعت انك قد امرت بقتل مائَة وَخمسين رجلا لَا يجوز قَتلهمْ شرعا فَعَلَيْك بعفوهم فَغَضب السُّلْطَان سليم خَان وَكَانَ صَاحب حِدة وَقَالَ إِنَّك تتعرض لامر السلطنة وَلَيْسَ ذَلِك من وظيفتك قَالَ لَا بل اتعرض لامر آخرتك وانه من وظيفتي فان عَفَوْت فلك النجَاة والا فَعَلَيْك عِقَاب عَظِيم فانكسر كند ذَلِك سُورَة غَضَبه وَعَفا عَن الْكل ثمَّ تحدث مَعَه سَاعَة وَلما اراد ان يقوم من مَجْلِسه قَالَ تَكَلَّمت فِي أَمر آخرتك وَبَقِي لي كَلَام مُتَعَلق بالمروءة قَالَ السُّلْطَان مَا هُوَ قَالَ ان هَؤُلَاءِ من عبيد السلطان فَهَل يَلِيق بِعرْض السلطنة ان يتكففوا النَّاس قَالَ لَا قَالَ فقررهم فِي منصبهم فَقبله السُّلْطَان قَالَ الا اني اعذبهم لتقصيرهم فِي خدمتهم قَالَ الْمولى الْمَذْكُور وَهَذَا جَائِز لَان التَّعْزِير مفوض الى راي السُّلْطَان ثمَّ سلم عَلَيْهِ وَانْصَرف وَهُوَ مشكور ثمَّ ان السُّلْطَان سليم خَان ذهب الى مَدِينَة ادرنه فشيعه الْمولى الْمَذْكُور فلقي فِي الطَّرِيق اربعمائة رجل مشدودة بالحبال فَسَأَلَ عَن حَالهم فَقَالُوا انهم خالفوا أَمر السُّلْطَان وَقد اشْتَروا الْحَرِير وَكَانَ قد منع السُّلْطَان عَن ذَلِك فَذهب الْمولى الْمَذْكُور الى السُّلْطَان وَهُوَ رَاكب فَكلم فيهم وَقَالَ لَا يحل قَتلهمْ فَغَضب السُّلْطَان وَقَالَ ايها الْمولى اما يحل قتل ثُلثي الْعَالم لنظام الْبَاقِي قَالَ نعم وَلَكِن اذا ادى الى خلل عَظِيم قَالَ السُّلْطَان وَأي خلل اعظم من مُخَالفَة الامر قَالَ الْمولى هَؤُلَاءِ لم يخالفوا امرك لانك نصبت الامناء على الْحَرِير وَهَذَا اذن بطرِيق الدّلَالَة قَالَ السُّلْطَان وَلَيْسَ امور السلطنة من وظيفتك قَالَ انه من امور الاخرة فالتعرض لَهَا من وظيفتي ثمَّ قَالَ الْمولى الْمَذْكُور هَذَا الْكَلَام وَذهب وَلم يسلم عَلَيْهِ فَحصل للسُّلْطَان سليم خَان حِدة عَظِيمَة حَتَّى وقف على فرسه زَمَانا كثيرا وَالنَّاس واقفون قدامه وَخَلفه متحيرين فِي ذَلِك الامر ثمَّ ان السُّلْطَان سليم خَان لما وصل الى منزله عَفا عَن الْكل وَلما وصل الى مَدِينَة ادرنه ارسل الى الْمولى الْمَذْكُور امرا وَقَالَ فِيهِ اعطيتك

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى عبد الرحمن ابن علي ابن المؤيد الاماسي

قَضَاء الْعَسْكَر وجمعت لَك بَين الطَّرفَيْنِ لاني تحققت انك تَتَكَلَّم بِالْحَقِّ فَكتب الْمولى الْمَذْكُور فِي جَوَابه وَقَالَ وصل الي كتابك سلمك الله تَعَالَى وأبقاك وأمرتني بِالْقضَاءِ وَأَنِّي ممتثل امرك الا ان لي مَعَ الله عهدا ان لَا يصدر عني لفظ حكمت فاحبه السُّلْطَان سليم خَان محبَّة عَظِيمَة لاعراضه عَن الْعِزّ والجاه وَالْمَال صِيَانة لدينِهِ وارسل اليه خَمْسمِائَة دِينَار فقبلها ثمَّ ان سُلْطَان زَمَاننَا ايده الله تَعَالَى وَنَصره زَاد على وظيفته خمسين درهما فَصَارَت وظيفته مِائَتي دِرْهَم توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة وَقد ذهب اليه الْمولى الْوَالِد لعيادته فِي مرض مَوته وَكَلمه سرا فَبكى الْمولى الْوَالِد وَمَا علمنَا سَبَب بكائه وَلما اتى منزله سألناه عَن سَبَب الْبكاء فَقَالَ إِنَّه أخبر بِمَوْتِهِ وَقَالَ جَاءَ الي روح مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَقت الاشراق وَقَالَ شرفوا بعدهذا ديار الاخرة وَقد صنف فِي الْفِقْه كتابا جمع فِيهِ مختارات الْمسَائِل وَسَماهُ المختارات وَهُوَ كتاب نَافِع لطيف جدا وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى آيَة كبرى فِي التَّقْوَى وَمن مُفْرَدَات الدُّنْيَا فِي الْفَتْوَى وَكَانَ جبلا من جبال الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة الدِّينِيَّة وَدفن بدفنه الْعلم وَالتَّقوى وَكَانَ كَمَا قيل ... يدع الْجَواب وَلَا يُرَاجع هَيْبَة ... والسائلون نواكسو الاذقان ادب الْوَقار وَعز سُلْطَان التقى ... وَهُوَ المطاع وَلَيْسَ ذَا سُلْطَان ... رَضِي الله عَنهُ وارضاه وَجعل الْجنَّة مثواه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى عبد الرحمن ابْن عَليّ ابْن الْمُؤَيد الاماسي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى بَالغا الى الامد الاقصى من الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة ومنتهيا الى الْغَايَة القصوى من الْفُنُون النقلية بارعا فِي الْفُنُون الادبية وشيخا فِي الْعُلُوم الْعَرَبيَّة وماهرا فِي التَّفْسِير والْحَدِيث وَسَائِر مَا دون فِي الْعُلُوم من الْقَدِيم والْحَدِيث وَكَانَ مهيبا عَظِيم الشَّأْن ماهرا فِي البلاغة وَالْبَيَان وَكَانَ ينظم بالتركية والفارسية والعربية وَكَانَ حسن الْخط جدا يكْتب انواع الخطوط وَمن نظمه فِي مدح رِسَالَة بعض الْعلمَاء وَقد وضع عَلَيْهَا خطه وَقَالَ

وقد كتب على الرسالة المذكورة المولى ابن الحاج حسن وقد كانا قاضيين بالعسكر المنصور وقال رسالة لنكات الفن جامعة ومثلها لدليل الفضل صاحبها

.. هاتيك رِسَالَة على وفْق السول ... من امعن فِيهَا يتلَقَّى بِقبُول يستعظم من الفها ثمَّ يَقُول ... يَا خير رِسَالَة وَيَا خير رَسُول ... وَقد كتب على الرسَالَة الْمَذْكُورَة الْمولى ابْن الْحَاج حسن وَقد كَانَا قاضيين بالعسكر الْمَنْصُور وَقَالَ ... رِسَالَة لنكات الْفَنّ جَامِعَة ... وَمثلهَا لدَلِيل الْفضل صَاحبهَا ... انْظُر ايْنَ هَذَا من ذَلِك ولد ببلدة اماسيه فِي صفر سنة سِتِّينَ وَثَمَانمِائَة وَنَشَأ على تَحْصِيل الْفضل والكمال فِي نعْمَة وافرة ودولة وَاسِعَة وَلما بلغ سنّ الشَّبَاب صحب السُّلْطَان بايزيدخان وَهُوَ اذ ذَاك كَانَ اميرا على بَلْدَة اماسيه ووشى بِهِ بعض المفسدين الى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فَأمر بقتْله فَأخْبر بِهِ السُّلْطَان بايزيدخان قبل وُصُول أَمر وَالِده اليه فَأعْطَاهُ عشرَة آلَاف دِرْهَم وأفراسا وآلات سفر حَتَّى اخرجه لَيْلَة من اماسيه وادخله الى الْبِلَاد الحلبية وَتلك الْبِلَاد وقتئذ على ايدي الجراكسة وَكَانَ دُخُوله اليها فِي سنة احدى وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَأقَام هُنَاكَ مُدَّة يسيرَة وقرا على بعض علمائها كتاب الْمفصل فِي النَّحْو للزمخشري وَقصد ان يقرا علوما أخر وَلم يجد من يفِيدهُ ذَلِك فنصحه بعض تجار الْعَجم وَقَالَ عَلَيْك ان تذْهب الى الْمولى جلال الدّين الدواني فِي بَلْدَة شيراز وَهُوَ كَذَا وَكَذَا وَوصف لَهُ بَعْضًا من فضائله ثمَّ خرج مَعَ تجار الْعَجم فِي السّنة الْمَذْكُورَة وَوصل الى خدمَة الْمولى الْمَذْكُور وَقد مر فِي تَرْجَمَة الْمولى خواجه زَاده مَا جرى بَينهمَا فِي حق كتاب التهافت وقرا عَلَيْهِ زَمَانا كَبِيرا من الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة والعربية والتفاسير والاحاديث ورايت لَهُ صُورَة اجازة وَشهد لَهُ فِيهَا بالفضيلة التَّامَّة وَكتب اجازته لَهُ فِي جَمِيع مَا ذكر من الْعُلُوم واقام عِنْده مُدَّة سبع سِنِين وَلما سمع جُلُوس السُّلْطَان بايزيد خَان على سَرِير السلطنة سَافر من بلادالعجم الى بِلَاد الرّوم فوصل الى بَلْدَة اماسيه فِي شهر رَمَضَان الْمُبَارك سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَأقَام هُنَاكَ مِقْدَار اربعين يَوْمًا ثمَّ جَاءَ الى قسطنطينية فصحب موَالِي الرّوم وَتكلم مَعَهم فِي الْعُلُوم حَتَّى استحسنوه غَايَة الِاسْتِحْسَان وارسل الْمولى خطيب زَاده الى وزراء ذَلِك الْعَصْر وَشهد لَهُ بالفضيلة فَعَرَضُوهُ على السُّلْطَان فاعطاه مدرسة قلندرخانه بِمَدِينَة

قسطنطينية فِي السّنة الْمَذْكُورَة ثمَّ تزوج الْمولى الْمَذْكُور بنت الْمولى مصلح الدّين الْقُسْطَلَانِيّ فِي سَابِع عشر شهر ربيع الاول سنة احدى وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة واعطاه السُّلْطَان بايزيدخان فِي ذَلِك الْيَوْم احدى الْمدَارِس الثمان وَكَانَت هِيَ مدرسة ابْن افضل الدّين وَقد انْتقل مِنْهَا هُوَ الى قَضَاء قسطنطينية وَأقَام فِي الْمدرسَة الْمَذْكُورَة مُدَّة ثَمَان سِنِين ثمَّ اعطاه السُّلْطَان يايزيد خَان قَضَاء ادرنه فِي سنة تسعين وَثَمَانمِائَة ثمَّ جعل قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة اناطولي فِي شهر ربيع الاول فِي سنة سبع وَتِسْعمِائَة ثمَّ انْتقل الى قَضَاء الْعَسْكَر بِولَايَة روم ايلي بعد وَفَاة الْمولى ابْن الْحَاج حسن فِي سنة احدى عشرَة وَتِسْعمِائَة ثمَّ نهبت دَاره لحادثة يطول شرحها وَلَيْسَ هَذَا مَوضِع بَيَانهَا فعزل لذَلِك عَن قَضَاء الْعَسْكَر فِي رَجَب سنة سبع عشرَة وَتِسْعمِائَة وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة وَخَمْسُونَ درهما فَلم يقبل وَلم يلبث الا قَلِيلا حَتَّى جلس السُّلْطَان سليم خَان على سَرِير السلطنة فَسَأَلَ الوزراء عَن حَاله فأخبروه بذلك فاضاف هُوَ الى الْوَظِيفَة المزبورة قَضَاء قره فريه ثمَّ اعيد الى قَضَاء الْعَسْكَر فِي رَجَب سنة تسع عشرَة وَتِسْعمِائَة وسافر مَعَ السُّلْطَان سليم خَان الى بِلَاد الْعَجم وَكَانَ مَعَه فِي محاربة شاه اسمعيل الاردبيلي ثمَّ لما رَجَعَ مِنْهَا وَوصل الى جسر الرَّاعِي عزل الْمولى الْمَذْكُور عَن قَضَاء الْعَسْكَر بِسَبَب اختلال فِي عقله فِي شعْبَان سنة عشْرين وَتِسْعمِائَة وَعين لَهُ كل يَوْم مِائَتي دِرْهَم وأتى مَدِينَة قسطنطينية معزولا وَمَات فِي لَيْلَة الْجُمُعَة الْخَامِس عشر من شهر شعْبَان الْمُعظم سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة قَالَ المؤرخ فِي تَارِيخ وَفَاته ... نفس الْفِدَاء لحبر حل حِين قضى ... فِي رَوْضَة وَهُوَ فِي الجنات محبور مقَامه فِي الْعلَا الفردوس مَسْكَنه ... انيسه فِي الثرى الْولدَان والحور ... قل للَّذي يَبْتَغِي تَارِيخ رحلته ... نجل الْمُؤَيد مَرْحُوم ومبرور ... وَأبقى من بعده ذُرِّيَّة نجبا يزْدَاد فِي قَبره مِنْهُم لَهُ نور وَدفن عندمزار ابي ايوب الانصاري وللمولى الْمَذْكُور كَلِمَات كَثِيرَة ولطائف عَجِيبَة بقيت كلهَا فِي المسودة مَنعه عَن تبييضها اشْتِغَاله بِأُمُور الْقَضَاء وَله رِسَالَة لَطِيفَة اورد

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى مصلح الدين مصطفى الشهير بابن البركي زاده

فِيهَا الْمَوَاضِع المشكلة من علم الْكَلَام وَقد ارسلها الى السُّلْطَان قورقود وَضمن فِي خطبتها قصيدة عَرَبِيَّة يمدحه بهَا وَهِي فِي غَايَة البلاغة وَنِهَايَة اللطافة وَله رِسَالَة اخرى فِي حل الشُّبْهَة الْعَامَّة ولقدا حسن فِيهَا واجاد وَله ايضا رِسَالَة فِي تَحْقِيق الكرة المدحرجة وَهِي ايضا فِي غَايَة اللطافة وَقد جمع غرائب من الْكتب وفيهَا كتب لم يسمع بهَا اُحْدُ من ابناء زَمَانه فضلا عَن الِاطِّلَاع عَلَيْهَا وَسمعت انها سَبْعَة آلَاف مُجَلد سوى المكررات وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى مصلح الدّين مصطفى الشهير بِابْن البركي زَاده كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من اولاد بعض الْقُضَاة قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل قَاسم الشهير بقاضي زَاده ثمَّ صَار معيدا لدرسه ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ نَصبه السُّلْطَان يايزيد خَان معلما لِابْنِهِ السُّلْطَان احْمَد حَال امارته ببلدة اماسيه ثمَّ اعطاه احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ نَصبه قَاضِيا بأدرنه وَصَارَ هُنَاكَ قَاضِيا مُدَّة كَبِيرَة وَكَانَ فِي قَضَائِهِ على سيرة حَسَنَة وَطَرِيقَة مرضية ثمَّ عزل عَنهُ فِي أَوَائِل سلطنة السُّلْطَان سليم خَان وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة وَثَلَاثُونَ درهما ثمَّ مَاتَ بِمَدِينَة قسطنطينية فِي سنة تسع عشرَة اَوْ عشْرين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا متفننا جريء الْجنان طليق اللِّسَان فصيح الْبَيَان صَاحب الْكَمَال وَالْجمال روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد ابْن الْمولى الْفَاضِل حسن الساميسوني قَرَأَ رَحمَه الله على وَالِده وعَلى الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ الْعَرَبِيّ ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مَوْلَانَا خسرو ببروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الحجرية بأدرنه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مَحْمُود باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة اورخان الْغَازِي بِمَدِينَة ازنيق ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ عين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما بطرِيق التقاعد ثمَّ جعله السُّلْطَان سليم خَان قَاضِيا بِمَدِينَة ادرنه وَتُوفِّي وَهُوَ قَاض بهَا فِي

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى سيدي الحميدي

سنة تسع عشرَة وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مشتغلا بِالْعلمِ غَايَة الِاشْتِغَال بِحَيْثُ لَا يُفَارق عَن حل الدقائق لَيْلًا وَنَهَارًا وَكَانَ معرضًا عَن مزخرفات الدُّنْيَا وَكَانَ يَسْتَوِي عِنْده الذَّهَب والمدر وَكَانَ يُؤثر الْفُقَرَاء على نَفسه حَتَّى يخْتَار لاجلهم الْجُوع والعري وَكَانَ رَاضِيا من الْعَيْش بِالْقَلِيلِ وَكَانَ لَهُ محبَّة صَادِقَة للصوفية وَله حواش على شرح الْمِفْتَاح للسَّيِّد الشريف وحواش على حَاشِيَة شرح التَّجْرِيد للسَّيِّد الشريف ايضا وحواش على التَّلْوِيح للعلامة التَّفْتَازَانِيّ وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى سَيِّدي الْحميدِي قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ الفناري ثمَّ صَار مدرسا بسيواس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان مرادخان الْغَازِي ببروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة اورخان ببلدة ازنيق ثمَّ صَار مدرسا بسلطانية بروسه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ عين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما بطرِيق التقاعد ثمَّ نصب قَاضِيا بِمَدِينَة قسطنطينية وَلم يلبث الا قَلِيلا حَتَّى مَاتَ وَهُوَ قَاض بهَا فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة اَوْ ثَلَاث عشرَة وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مشتغلا بِالْعلمِ غَايَة الِاشْتِغَال وَحصل من الْفضل جانبا عَظِيما وَكَانَ النَّاس يقدمونه على اقرانه فِي الْفضل وَكَانَ اسود اللَّوْن عَظِيم الجثة كَبِير اللِّحْيَة جدا وَكَانَ ذَا مهابة ووقار وَله اسئلة على شرح الْمِفْتَاح للسَّيِّد الشريف وَله ايضا اسئلة على شرح المواقف للسَّيِّد الشريف ايضا وَله نظم بِالْعَرَبِيَّةِ لكنه نظم ضَعِيف روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى سَيِّدي القراماني قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ الْعَرَبِيّ ثمَّ صَار معيدا لدرسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة توقات ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة قلندرخانه بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بسلطانية بروسه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بِمَدِينَة ادرنه ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور بِولَايَة اناطولي ثمَّ صَار قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة روم ايلي ثمَّ

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى نور الدين القراصوي

عزل عَنهُ فِي اوائل سلطنة السُّلْطَان سليم خَان وَجعل مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة وَعِشْرُونَ درهما وَمَات مدرسا بهَا فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَتِسْعمِائَة وَدفن عِنْد دَار التَّعْلِيم الَّتِي بناها بقسطنطينية كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مشتغلا بِالْعلمِ ومشتهرا بِالْفَضْلِ وَكَانَ صَاحب ذكاء ودقة وَصَاحب شيبَة عَظِيمَة وَوجه حسن تتلألأ انوار الْعلم وَالصَّلَاح فِي جَبينه وَكَانَ صَاحب هَيْبَة ووقار وَصَاحب ادب وَحسن خلق وتواضع للصَّغِير وَالْكَبِير وَقد صنف رِسَالَة متضمنة للاجوبة عَن اشكالات الْمولى سَيِّدي الْحميدِي رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى نور الدّين القراصوي قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ قَرَأَ على الْمولى خطيب زَاده ثمَّ قَرَأَ على الْمولى خواجه زَاده ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل سِنَان باشا وَلم يُفَارِقهُ حِين نفي عَن الْبَلَد وَقد مر ذكره وَلما اعيد الْمولى سِنَان باشا الى تدريس دَار الحَدِيث بأدرنه صَار الْمولى الْمَذْكُور معيدا لدرسه ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيد خَان ببروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة اسكوب ثمَّ صَار مدرسا بدار الحَدِيث بأدرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ عين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما بطرِيق التقاعد ثمَّ جعله السُّلْطَان سليم خَان قَاضِيا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور بِولَايَة اناطولي ثمَّ صَار قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور بِولَايَة روم ايلي المعمورة ثمَّ عَزله السُّلْطَان سليم خَان عَن ذَلِك لامر جرى بَينهمَا واعطاه احدى الْمدَارِس الثمان وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة وَعشْرين درهما وَمَات على تِلْكَ الْحَال فِي سنة سبع اَوْ ثَمَان وَعشْرين وَتِسْعمِائَة وَدفن عِنْد مَسْجده بِمَدِينَة قسطنطينية كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا مُحدثا فَقِيها وَكَانَ قوالا بِالْحَقِّ وَصَاحب صولة وهيبة وَكَانَ سَيْفا من سيوف الله تَعَالَى وَكَانَ متشرعا متورعا صافي العقيدة متعبدا صنف رِسَالَة متضمنة الاجوبة عَن اشكالات الْمولى سَيِّدي الْحميدِي وصنف متْنا فِي الْفِقْه اورد فِيهِ مختارات الْمسَائِل وَسَماهُ المرتضى نور الله ضريحه وأوفر يَوْم الْجَزَاء فتوحه

ومنهم العالم العامل الفاضل الكامل المولى محيي الدين سيدي محمد بن محمد القوجوي

وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين سَيِّدي مُحَمَّد بن مُحَمَّد القوجوي كَانَ وَالِده من مشاهير الْعلمَاء فِي عصره وَكَانَ مدرسا بمدرسة مرزيغون مُدَّة كَبِيرَة وقرا الْمولى الْمَذْكُور على وَالِده ثمَّ على الْمولى الْفَاضِل بهاء الدّين ثمَّ على الْمولى عَبدِي الْمدرس بأماسيه ثمَّ على الْمولى حسن جلبي ابْن مُحَمَّد شاه الفناري ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ميغلغرة ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة إِبْرَاهِيم باشا بِمَدِينَة قسطنطينية وَهُوَ اول مدرس بهَا ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان اورخان الْغَازِي ببلدة ازنيق ثمَّ صَار مدرسا بدار الحَدِيث بأدرنه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مصطفى باشا بِمَدِينَة قسطنطينية وَهُوَ أول مدرس بهَا ايضا ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ عين لَهُ السُّلْطَان بايزيدخان كل يَوْم ثَمَانِينَ درهما بطرِيق التقاعد ثمَّ جعله السُّلْطَان سليم خَان قَاضِيا بقسطنطينية ثمَّ جعله قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور بِولَايَة اناطولي ثمَّ استعفى عَن قَضَاء الْعَسْكَر وَتَركه فَأعْطَاهُ السُّلْطَان سليم خَان احدى الْمدَارِس الثمان وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة وَعشْرين درهما ثمَّ ترك التدريس ايضا وَبَقِي فِي بَيته زَمَانا ثمَّ جعل قَاضِيا بِمصْر المحروسة وَأقَام هُنَاكَ سنة ثمَّ حج وأتى مَدِينَة قسطنطينية وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة وَثَلَاثُونَ درهما ثمَّ مَاتَ فِي سنة احدى وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما بعلوم الْعَرَبيَّة كلهَا وعالما بالتفسير والْحَدِيث والاصول وَالْفُرُوع والعلوم الْعَقْلِيَّة وَكَانَ صَاحب الْبَيَان فصيح اللِّسَان وَاسع التَّقْرِير كَامِل التَّحْرِير وَكَانَ لَهُ انشاء بليغ فِي الْعَرَبيَّة وصف شَيْبه فِي بعض رسائله وَقَالَ نزل الثلوج على هامتي حَتَّى تقوس بهَا قامتي وَلَا يخفى ان هَذِه اسْتِعَارَة بليغة حَسَنَة مَعَ ترشيح بليغ مَعَ مَا فِيهِ من عذوبة اللَّفْظ وسلاسته وَحسن السبك روح الله تَعَالَى روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى بالي الايديني قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى خطيب زَاده ثمَّ الى خدمَة الْمولى سِنَان باشا ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير عَليّ باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى عبد الرحيم ابن المولى علاء الدين العربي

بأدرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ عين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما بطرِيق التقاعد ثمَّ جعل قَاضِيا بِمَدِينَة بروسه ثمَّ عزل عَن ذَلِك وَجعل مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما ثمَّ اضيف اليها عشرُون درهما فَصَارَت وظيفته مائَة دِرْهَم ثمَّ جعل قَاضِيا بِمَدِينَة بروسه ثَانِيًا ثمَّ اعيد الى احدى الْمدَارِس الثمان بالوظيفة المزبورة وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة تسع وَعشْرين وَتِسْعمِائَة وَدفن عِنْد مَسْجده بِمَدِينَة قسطنطينية كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى يصرف جَمِيع اوقاته فِي الِاشْتِغَال بِالْعلمِ حَتَّى انه سقط عَن فرسه وانكسر رجله وَكَانَ مُسْتَلْقِيا على ظَهره مُدَّة شَهْرَيْن اَوْ اكثر وَلم يتْرك درسه فِي تِلْكَ الْمدَّة وَكَانَت الطّلبَة تَأتي الى بَيته ويقرءون عَلَيْهِ وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي جَمِيع الْعُلُوم وَكَانَ قَادِرًا على حل غوامضها قوي الْحِفْظ جدا وَكَانَت لَهُ كتب كَثِيرَة وقف كلهَا على الْعلمَاء وَالصَّالِحِينَ وَله ايضا رِسَالَة متضمنة للاجوبة عَن اشكالات الْمولى سَيِّدي الْحميدِي نور الله مضجعه وَطيب مهجعه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى عبد الرحيم ابْن الْمولى عَلَاء الدّين الْعَرَبِيّ وَقد لقبه وَالِده ببابك واشتهر بذلك اللقب قَرَأَ على وَالِده وعَلى الْمولى خطيب زَاده ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثَانِيًا وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم مَاتَ وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَارِفًا بالعلوم اصولها وفروعها معقولها ومنقولها الا انه لقُوَّة ذهنه كَانَ لَا يشْتَغل بِالْعلمِ الا فِي بعض الاوقات وَمَعَ ذَلِك كَانَ حسن المحاورة كثير النادرة طليق اللِّسَان جريء الْجنان روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل صَلَاح الدّين الْمولى مُوسَى بن الْمولى حميد الدّين بن افضل الدّين الْحُسَيْنِي اكرمهم الله تَعَالَى برضوانه واسكنهم فسيح جنانه كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما عَاملا زاهدا ورعا صارفا اوقاته فِي الْعلم وَالْعِبَادَة

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى محيي الدين العجمي

والدرس والافادة صَار مدرسا اولا بمدرسة الْوَزير مَحْمُود باشا ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ عين لَهُ كل يَوْم سِتُّونَ درهما بطرِيق التقاعد كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مُعْتَزِلا عَن النَّاس مُنْقَطِعًا الى الله تَعَالَى وَكَانَ يتعبد فِي بَيته كل وَقت وَلَا يتَكَلَّم مَعَ من يزروه من كَلَام الدُّنْيَا وَكَانَ مُجَرّد الا اهل لَهُ وَلَا عِيَال لَهُ وَكَانَ عِنْده عَجُوز كَانَت حاضنته لَا يَخْدمه الا هِيَ وَكَانَت لَهُ وَسْوَسَة فِي الْوضُوء روى بعض من رأى وضوءه انه كَانَ يصب على ذِرَاعَيْهِ فِي أَيَّام الْبرد الشَّديد مِقْدَار عشْرين دلوا وَكَانَ ذَلِك سَبَب مَوته لانه قرب من النَّار لتجفيف ثَوْبه فَاحْتَرَقَ طرف ذيله وَلم يشْعر الى ان وصل الى بَطْنه فَاحْتَرَقَ بذلك وَلم يقدر على اطفائها وَلم تحضر الْعَجُوز عِنْده فَمَاتَ من ذَلِك روى بعض الثِّقَات عَنهُ قَالَ وَكنت اقْرَأ عِنْده يَوْمًا فِي مدرسة الْوَزير مَحْمُود باشا وَأذن الْمُؤَذّن فَلَمَّا قَالَ الْمُؤَذّن الله اكبر قَالَ الْمولى الْمَذْكُور تَعَالَى وتقدس ثمَّ قَالَ وَهَذَا اللَّفْظ كنت سمعته اولا من الْمَلَائِكَة ثمَّ نَدم على كَلَامه هَذَا وَقَالَ مَا يَنْبَغِي ان يفيش هَذَا وَضرب بِيَدِهِ على ركبته تأسفا على افشائه لهَذَا السِّرّ روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين العجمي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من تلامذة الْمولى الكوراني ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بأدرنه مَاتَ وَهُوَ قَاض بهَا وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى متشرعا متورعا متصلبا فِي الْحق وَكَانَ لَهُ تَقْرِير وَاضح وتحرير حسن وَكَانَ يكْتب الْخط الْحسن الْمليح وَقد صنف حَوَاشِي على شرح الْفَرَائِض للسَّيِّد الشريف وَله تعليقات ورسائل مِنْهَا رِسَالَة فِي بَاب الشَّهِيد كتبهَا على شرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة برد الله تَعَالَى مضجعه وَنور مهيجمه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى سِنَان الدّين يُوسُف العجمي كَانَ من قَصَبَة كنجه قَرِيبا من بردعه قَرَأَ على عُلَمَاء تِلْكَ الْبِلَاد ثمَّ أَتَى بِلَاد الرّوم وَصَارَ مدرسا بمدرسة مَوْلَانَا خسرو بِمَدِينَة ب بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ازنيق ثمَّ صَار مدرسا بسلطانية بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان ببلدة اماسيه وفوض اليه امْر الْفَتْوَى هُنَاكَ وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل الحسيب النسيب المولى السيد إبراهيم

وَكَانَ صَالحا تقيا مشتغلا بِالْعبَادَة وَالْعلم ودرس مُدَّة عمره فَأفَاد وصنف فأجاد فِيهَا حَوَاشِيه على شرح المواقف للسَّيِّد الشريف وحواشيه على حَوَاشِي شرح التَّجْرِيد للسَّيِّد الشريف ايضا كتبهَا ردا على حَوَاشِي الْمولى خطيب زَاده وَله رِسَالَة فِي علم الْهَيْئَة ايضا ورسالة فِي آدَاب الْبَحْث روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الحسيب النسيب الْمولى السَّيِّد إِبْرَاهِيم كَانَ وَالِده من سَادَات الْعَجم ارتحل من بلادالعجم وقدتوطن فِي قَرْيَة قريبَة من اماسيه يُقَال لَهَا قَرْيَة بكيجه وَكَانَ من اولياء الله الْكِبَار وَصَاحب الكرامات السّنيَّة ينْقل عَنهُ كثير من خوارق الْعَادَات وَلم نتعرض لتفصيلها خوفًا من الاطناب وَمن جملَة ذَلِك انه عمي فِي آخر عمره وكشف ولد الْمولى الْمَذْكُور عَن رَأسه وَهُوَ عِنْده فَقَالَ سيد إِبْرَاهِيم لَا تكشف رَأسك رُبمَا يَضْرِبك الْهَوَاء الْبَارِد فَقَالَ لَهُ ابْنه كَيفَ رَأَيْت انت بِهَذِهِ الْحَالة قَالَ دَعَوْت الله ان يريني وَجهك فمكنني من ذَلِك فصادف نَظَرِي انكشاف رَأسك وَقد كف بَصرِي الان كَمَا كَانَ وَمِنْهَا ان السُّلْطَان بايزيدخان حِين امارته على اماسيه كَانَ يلازمه ويستمد من دُعَائِهِ وَقد اوصاه ان لَا يفرط فِي الصَّيْد فَتَركه اياما ثمَّ بَاشر يَوْمًا الصَّيْد فساقوا لاجله قطيعا من الظباء فَتَركهَا وَلم يرمها بِسَهْم فَسئلَ عَن ذَلِك قَالَ رايت ابي رَاكِبًا على وَاحِد مِنْهَا وَكَانَ السُّلْطَان بايزيدخان يَدعُوهُ بِلَفْظ الاب قَالَ وَقَالَ لي اما نهيتك عَن الصَّيْد فَرجع السُّلْطَان بايزيدخان الى منزله خَائفًا من كَلَامه وَنَشَأ الْمولى الْمَذْكُور فِي حجر وَالِده بعفاف وَصَلَاح ثمَّ رَحل لطلب الْعلم الى مَدِينَة بروسه وَقَرَأَ عناك على جدي لأمي الشَّيْخ سِنَان الدّين زَمَانا وَلما الْتحق جدي بِخِدْمَة الْمَشَايِخ الصُّوفِيَّة بَقِي هُوَ معتكفا بالجامع الْكَبِير بِمَدِينَة بروسه قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى وَقد تفقدني يَوْمًا الشَّيْخ سِنَان الدّين الْمَزْبُور وَقَالَ لي اشْتغل بتزكية النَّفس واوصاني بوصايا فَوَقَعت لي وَاقعَة رَأَيْتنِي فِي صُورَة طير كَبِير ابيض اخضر الجناحين احمر المنقار ورأيتني اطير على الْعَرْش وعَلى

الْكُرْسِيّ وعَلى السَّمَوَات السَّبع قَالَ وَرَأَيْت شَجَرَة ثَابِتَة فِي الارض وفرعها فِي السَّمَوَات وَلها غُصْن ممتد من الْمشرق الى الْمغرب قَالَ فَوَقَعت على ذَلِك الْغُصْن ثمَّ جَاءَ الشَّيْخ الْمَزْبُور الي فحكيت لَهُ الْوَاقِعَة وَلم يعبرها وَقَالَ دم على الِاشْتِغَال وَبعد ايام وَقعت لي وَاقعَة اخرى رَأَيْتنِي على حمَار يجر خطامه على الارض مشدود على الْحمار ظرف فِيهِ خمر وَخَلْفِي غُلَام مليح الْوَجْه وَبِيَدِي طنبور اضْرِب بهَا فاشمأزت نَفسِي من هَذِه الْوَاقِعَة وحزنت من ذَلِك حزنا عَظِيما قَالَ فجَاء الي الشَّيْخ الْمَذْكُور بعد أَيَّام فحكيت لَهُ الْوَاقِعَة وحزني عَلَيْهَا قَالَ لَا تحزن هَذِه الْوَاقِعَة احسن من الاولى لَان الْخمر صُورَة الجذبة والغلام صُورَة الرّوح والطنبور صُورَة الجذبة الى عَالم الْقُدس الا انه لما لم يكن زِمَام الْحمار بِيَدِك لاتقتد انت بِأحد اصلا واشتغل بعد ذَلِك بِالْعلمِ ثمَّ تركني قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ كَمَا قَالَ ثمَّ اشْتغل بِالْعلمِ حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى حسن الساميسوني وعينه لاهية التدريس فَلم يقبل التدريس فَرغب فِي خدمَة الْمولى خواجه زَاده وَذهب اليه حَال تدريسه بِمَدِينَة ازنيق بعد قَضَاء قسطنطينية وَصَارَ فِي خدمته مُدَّة كَبِيرَة ثمَّ استدعاه الْوَزير مُحَمَّد باشا القراماني لتعليم وَلَده فَعلمه مُدَّة ثمَّ صَار معلما للسُّلْطَان قورقود ابْن السُّلْطَان بايزيدخان فِي حَيَاة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مرزيغون ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة قره حِصَار ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مصطفى باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بِمَدِينَة اماسيه وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما وفوض اليه أَمر الْفَتْوَى هُنَاكَ ثمَّ ترك التدريس وَالْفَتْوَى وَعين لَهُ السُّلْطَان بايزيدخان فِي اواخر سلطنته كل يَوْم مائَة دِرْهَم بطرِيق التقاعد وَلما جلس السُّلْطَان سليم خَان على سَرِير السلطنة اشْترى لَهُ دَارا فِي جوَار مَزَار ابي ايوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الْملك الْبَارِي والان هِيَ وقف وَقفهَا الْمولى الْمَذْكُور على كل من يكون مدرسا فِي مدرسة ابي ايوب الانصاري رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَسكن هُنَاكَ الى ان توفّي فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة وَقد نَيف على تسعين من الْعُمر وَكَانَ مُجَردا لم يتأهل مُدَّة عمره وقصدت ان يُزَوجهُ ابوه بالتماس بعض من

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى علاء الدين علي الاماسي

توابعه فوجدوا لَهُ بِنْتا من بَنَات الصلحاء فأبرم عَلَيْهِ وَالِده لنكاحها فَأجَاب لذَلِك رِعَايَة لخاطر وَالِده ثمَّ ان وَالِده رَجَعَ عَن هَذَا الابرام فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام فَقَالَ لي اعطاك الله تَعَالَى ولدا مثل السَّيِّد إِبْرَاهِيم اما رضيت بِهَذَا وَطلبت لَهُ ولدا وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مُنْقَطِعًا عَن النَّاس مشتغلا بِالْعلمِ وَالْعِبَادَة وَكَانَ زاهدا ورعا يَسْتَوِي عِنْده الذَّهَب والمدر وَكَانَ ذَا عفة وَصَلَاح وديانة وتقوى وَكَانَ حسن السمت صَاحب الادب وَلم يره اُحْدُ حَتَّى غلمانه الا جاثيا على رُكْبَتَيْهِ وَلم يضطجع ابدا وَكَانَ ينَام جَالِسا مَعَ كبر سنه وَمن عَادَته انه لم يَأْمر احدا حَتَّى مماليكه بِشَيْء اصلا وَرُبمَا يَأْخُذ الْكوز ويجده فَارغًا وَلَا يَقُول لِخَادِمِهِ املأه حذرا من الامر وَكَانَ يَقُول مَا صنعه من صنعه الا للْمَاء وَكَانَ رَحمَه الله طَوِيل الْقَامَة كَبِير اللِّحْيَة حسن الشيبة يتلألأ انوار الْعلم وَالْعِبَادَة والشرف والسيادة فِي وَجهه الْكَرِيم وَكَانَ طيب المحاورة حسن النادرة متواضعا متخشعا يبجل الصَّغِير كَمَا يوقر الْكَبِير وَكَانَ كثير الصَّدقَات وَكَانَ يَجِيء فِي الْمَسْجِد بَين العشاءين وَيُصلي الاوقات الْخمس مَعَ الْجَمَاعَة وَبِالْجُمْلَةِ يعجز الْمَرْء عَن مدحه وَكَانَ يكْتب الْخط الْحسن جدا وَكَانَ عِنْده الْكتب المتداولة كلهَا صغارها وكبارها بِخَطِّهِ الشريف وَقد عمي فِي آخر عمره مُدَّة ثمَّ عولج فَفتح احدى عَيْنَيْهِ وَاكْتفى بذلك الى آخر عمره وَقد ذهبت اليه فِي مرض مَوته وَهُوَ قريب من الْقَبْض فَفتح عينه وَقَالَ ان الله كريم لطيف لقد شاهدت من كرمه ولطفه مَا يعجز عَنهُ الْوَصْف ثمَّ اشْتغل بِنَفسِهِ ودعوت لَهُ وَذَهَبت وَمَات فِي تِلْكَ اللَّيْلَة وَدفن عِنْد جَامع ابي ايوب الانصاري رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَكَانَ بعض من الطّلبَة فِي زَمَانه يُطِيل لِسَانه عَلَيْهِ فِي غيبته وَكَانَ ذَلِك الْبَعْض خَبِيث النَّفس جدا فَأخْبر هُوَ بذلك مرَارًا وَسكت وَذكر عِنْده يَوْمًا فَقَالَ هَل يَتَحَرَّك لِسَانه الان فاعتقل لِسَان ذَلِك الْبَعْض فِي تِلْكَ اللَّيْلَة وَلم ينْحل الى ان مَاتَ رَحْمَة الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ الاماسي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من نواحي اماسيه من قَصَبَة يُقَال لَهَا جورم وَكَانَ إِمَامًا

ومنهم العالم العامل الفاضل الكامل المولى بدر الدين محمود ابن الشيخ محمد

للسُّلْطَان بايزيدخان وَقد كَونه اميرا على أماسيه ثمَّ شفع لَهُ عِنْد وَالِده السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فَأعْطَاهُ مدرسة كومش فِي نواحي اماسيه بعد توقف كثير وَلما جلس السُّلْطَان بايزيدخان على سَرِير السلطنة اعطاه قَضَاء انقره وَضم اليه الْمدرسَة الْبَيْضَاء بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ اعطاه قَضَاء بروسه ثمَّ ارسله رَسُولا من جِهَته الى سُلْطَان مصر قايتباي واصلح بَينهمَا ثمَّ جَاءَ الى قسطنطينية فَأعْطَاهُ السُّلْطَان بايزيدخان قَضَاء الْعَسْكَر بِولَايَة اناطولي وعزل عَنهُ فِي سنة سبع وَتِسْعمِائَة وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم ثمَّ اوصله الى ابْنه السُّلْطَان قورقود للصلح بَينهمَا وَلما جَاءَ الى قسطنطينية عميت عَيناهُ قيل وَقد دَعَا عَلَيْهِ السُّلْطَان قورقود بالعمى لعدم نقل كَلَامه الى ابيه على مَا اوصاه وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة سبع وَعشْرين وَتِسْعمِائَة كَانَ طليق اللِّسَان جريء الْجنان محبا لِلْخَيْرَاتِ وراغبا فِي المبرات روح الله روحه وَزَاد فِي الْجنَّة فتوحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى بدر الدّين مَحْمُود ابْن الشَّيْخ مُحَمَّد كَانَ رَحمَه الله إِمَامًا للسُّلْطَان يابزيدخان بعد جُلُوسه على سَرِير السلطنة بتربية الْمولى ابْن الْمُعَرّف معلم السُّلْطَان بايزيد خَان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة بروسه مُدَّة عشر سِنِين اَوْ أَكثر ثمَّ اعطاه السُّلْطَان بازيد خَان قَضَاء الْعَسْكَر بِولَايَة اناطولي فِي سنة احدى عشرَة وَتِسْعمِائَة ثمَّ عزل عَنهُ وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم وَمَات بعد زمَان يسير كَانَ كريم النَّفس حميدالاخلاق محبا للْعُلَمَاء والصلحاء وَله نظم كتاب بالتركية سَمَّاهُ المحمودية نَظِير لكتاب المحمدية الا انه نظم نَازل الدَّرَجَات وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى المشتهر بالمولى خليلي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ اعطاه السُّلْطَان بايزيدخان مدرسته بِمَدِينَة ادرنه ثمَّ اعطاه قَضَاء قسطنطينية ثمَّ اعطاه قَضَاء الْعَسْكَر بِولَايَة اناطولي ثمَّ اعطاه قَضَاء الْعَسْكَر بِولَايَة روم ايلي وَمَات على تِلْكَ الْحَال فِي اوائل سلطنة السُّلْطَان سليم خَان كَانَ

ومنهم العالم الكامل بير محمد الجمال

رَحمَه الله تَعَالَى حَلِيمًا كَرِيمًا محبا للخير متواضعا متخشعا الا انه كَانَ يغلب عَلَيْهِ الْغَفْلَة فِي أَكثر احواله روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْكَامِل بير مُحَمَّد الْجمال قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار قَاضِيا بِبَعْض الْبِلَاد مثل صوفية وفلبه وغلطه ثمَّ صَار مُتَوَلِّيًا بأوقاف عمَارَة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار حَافِظًا للدفتر بالديوان العالي فِي أَوَاخِر سلطنة السُّلْطَان بايزيدخان وصدرا من سلطنة السُّلْطَان سليم خَان ثمَّ استوزره السُّلْطَان سليم خَان ولقبه بير باشا وَكَانَ هُوَ وزيرا اعظم عِنْد جُلُوس سلطاننا الاعظم على سَرِير السلطنة ثمَّ عزل عَن الوزارة وتقاعد فِي مَوضِع قريب من ديمه توقه وَختم عمره بِعبَادة وَصَلَاح وعفة وديانة رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ عَاقِلا مهيبا صَاحب حدس صائب وذكاء فائق لَا يذكر احدا بِسوء وَكَانَ محبا للْعُلَمَاء والصلحاء وَكَانَ مراعيا للْفُقَرَاء وَكَانَت ايامه تواريخ الايام وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ حَسَنَة من حَسَنَات الزَّمَان وبركة بَرَكَات الايام توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي حُدُود الاربعين وَتِسْعمِائَة وَدفن عِنْد جَامِعَة الَّذِي بناه فِي قَصَبَة سيلوري وَله جَامع آخر ومدرسة فِي مَدِينَة قسطنطينية ومدرسة اخرى وَدَار الْمُسَافِرين فِي قَصَبَة سيلوري وزاوية للصوفية فِي مَدِينَة قسطنطينية وَله ايضا دَار الْمُسَافِرين اخرى بِمَدِينَة قوينة وَله غير ذَلِك من الْخيرَات تقبلهَا الله تَعَالَى مِنْهُ ورحمه رَحْمَة وَاسِعَة يرْوى ان السُّلْطَان سليم خَان كَانَ يعدله بأرسطاطاليس وَيَقُول ان كَانَ اسكندر بن فيلفوس يفتخر بوزيره ارسطو فَأَنا افتخر بوزيري بير باشا فِي عقله ورأيه وحذقه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى ركن الدّين ابْن الْمولى الْفَاضِل مُحَمَّد الشهير بِابْن زيرك مَاتَ وَالِده وَهُوَ صَغِير وَقَرَأَ على الْمولى سِنَان باشا وعَلى الْمولى خواجه زَاده وعَلى الْمولى خطيب زَاده وَأَعْطَاهُ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان مدرسة مُسَمَّاة بالواعظية بِمَدِينَة بروسه وَكَانَ يدرس بهَا ويقرا على الْمولى درويش مُحَمَّد بن حضر شاه وَهُوَ

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى قوام الدين يوسف المشتهر بقاضي بغداد

مدرس بسلطانية بروسه وَكَانَ لَهُ حجرَة فِي تِلْكَ الْمدرسَة يسكن فِيهَا فِي بعض الاوقات ثمَّ اعطاه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان مدرسة ابْن كرميان فِي بَلْدَة كوتاهيه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة اينه كول ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ازنيق ثمَّ صَار مدرسا بسلطانية بروسه ثمَّ اعطاه السُّلْطَان بايزيدخان مدرسة اماسيه وفوض اليه أَمر الْفَتْوَى هُنَاكَ ثمَّ اعيد الى سلطانية بروسه ثمَّ اعطاه السُّلْطَان بايزيد خَان مدرسة جده ببروسه ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة ادرنه ثمَّ صَار قَاضِيا بقسطنطينية ثمَّ صَار قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة اناطولي ثمَّ صَار قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة روم ايلي ثمَّ ارسله السُّلْطَان سليم خَان من قبله الى السُّلْطَان الغوري ثمَّ عَاد الى منصبه ودام على ذَلِك مُدَّة ثمَّ عزل عَن ذَلِك فِي سنة ارْبَعْ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم ثمَّ زَاد عَلَيْهَا ثَلَاثِينَ درهما وَمَات فِي سنة تسع ثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة روح الله تَعَالَى روحه وأوفر فتوحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى قوام الدّين يُوسُف المشتهر بقاضي بَغْدَاد وَكَانَ من بِلَاد الْعَجم من مَدِينَة شيراز وَكَانَ قَاضِيا بِبَغْدَاد مُدَّة فَلَمَّا حدثت فتْنَة ابْن اردبيل ارتحل الى ماردين وَسكن هُنَاكَ مُدَّة ثمَّ ارتحل الى بِلَاد الرّوم واعطاه السُّلْطَان بايزيدخان سلطانية بروسه ثمَّ اعطاه احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ ارتحل الى جوَار الرَّحْمَن فِي أَوَائِل سلطنة السُّلْطَان سليم خَان ادخله الله تَعَالَى دَار الْجنان وشرفه بالكرامة والرضوان كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى شريفا عَالما صَالحا متشرعا زاهدا ذَا هَيْبَة ووقار صنف شرحا جَامعا للفوائد للتجريد وَشرح نهج البلاغة للامام الْهمام عَليّ بن ابي طَالب كرم الله تَعَالَى وَجهه وصنف كتابا جَامعا لمقدمات التَّفْسِير وَله رسائل وحواش وَغير ذَلِك الا انها ضَاعَت بعد وَفَاته لصِغَر اولاده طيب الله تَعَالَى مهجعه وَبرد مضجعه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى ادريس بن حسام الدّين البدليسي كَانَ موقفا لديوان امراء الْعَجم وَلما حدثت فتْنَة ابْن اردبيل ارتحل الى بِلَاد الرّوم فَأكْرمه السُّلْطَان بايزيدخان غَايَة الاكرام وَعين لَهُ مشاهرة ومسانهة

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى يعقوب بن سيدي علي

وعاش فِي كنف حمايته عيشة راضية وَأمره ان ينشيء تواريخ آل عُثْمَان بِالْفَارِسِيَّةِ فصنفها وَكَانَت عديمة النظير فاقدة القرين بِحَيْثُ فاقت انشاء الاقدمين وَلم يبلغ شأوه اُحْدُ من الْمُتَأَخِّرين وَله قصائد بِالْعَرَبِيَّةِ والفارسية بِحَيْثُ تفوت الْحصْر وَله رسائل عَجِيبَة فِي مطَالب مُتَفَرِّقَة لَا يُمكن تعدادها وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ من نَوَادِر الدَّهْر ومفردات الْعَصْر انْتقل الى رَحْمَة الله تَعَالَى فِي اوائل سلطنة سلطاننا الاعظم السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان خلد الله ملكه وايد سلطنته وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى يَعْقُوب بن سَيِّدي عَليّ قرا على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة حَمْزَة بك بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ابْن الْملك بِولَايَة آيدين ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بسلطانية بروسه ثمَّ بمدرسة السُّلْطَان مرادخان بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بأدرنه ثمَّ صَار قَاضِيا بهَا ثمَّ اعيد الى الْمدرسَة الْمَذْكُورَة ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما ثمَّ عزل وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم بطرِيق التقاعد وَمَات فِي سنة ثَلَاثِينَ اَوْ احدى وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة رَاجعا من سفر الْحَج وصنف شرحا لطيفا جَامعا للفوائد الشَّرِيفَة لكتاب شرعة الاسلام وَكَانَ السُّلْطَان بايزيدخان لقبه بشارح الشرعة لميله الى الشَّرْح الْمَذْكُور وَله حواش على شرح ديباجة الْمِصْبَاح فِي النَّحْو وَهِي متداولة بَين الطّلبَة وَله ايضا شرح لكتاب كلستان للشَّيْخ سعدي الشِّيرَازِيّ وَالْكتاب الْمَذْكُور بِالْفَارِسِيَّةِ وَقد كتب الشَّرْح الْمَذْكُور بِالْعَرَبِيَّةِ ليسهل معرفَة اللِّسَان الْفَارِسِي على الطّلبَة روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى نور الدّين حَمْزَة الْمَشْهُور بليس جلبي قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى خواجه زَاده ثمَّ تولى بِبَعْض المناصب ثمَّ صَار حَافِظًا لدفتر بَيت المَال بالديوان العالي مرَارًا فِي زمن السُّلْطَان مُحَمَّد خَان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان مُرَاد خَان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار حَافِظًا

ومنهم العالم الفاضل المولى شجاع الدين الياس

لدفتر بَيت المَال بالديوان العالي فِي زمن السُّلْطَان بايزيدخان ثمَّ عزل عَن ذَلِك فَصَارَ متوطنا ببروسه وَقد بنى زَاوِيَة بهَا مسكنا للصلحاء وَمَات فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة اَوْ ثَلَاث عشرَة وَتِسْعمِائَة وَدفن فِي الزاوية الَّتِي بناها رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى شُجَاع الدّين الياس كَانَ من نواحي قسطموني قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل خواجه زَاده حَتَّى صَار معيدا لدرسه ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ازنيق ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ عين لَهُ كل يَوْم سِتُّونَ درهما بطرِيق التقاعد لكبر سنه اذ قد يُقَال انه جَاوز التسعين مَاتَ فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ كريم النَّفس مَيْمُون النقيبة متخضعا متخشعا مشتغلا بِنَفسِهِ مُنْقَطِعًا عَن الْخَلَائق روح الله روحه وأوفر فتوحه وَخلف ولدا اسْمه سِنَان الدّين يُوسُف وَكَانَ رجلا مَشْهُورا بِالْفَضْلِ الا انه مَاتَ فِي شبابه رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى شُجَاع الدّين الياس الرُّومِي كَانَ من قَصَبَة مُسَمَّاة بديمه توقه بِقرب من مَدِينَة ادرنه قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى على عُلَمَاء عصره وقرا على الْمولى مُحَمَّد بن الاشرف حِين كَونه معيدا للْمولى عَليّ الطوسي وَكَانَ يفضله فِي حل الدقائق على الْمولى عَليّ الطوسي ويفضل الْمولى الطوسي عَلَيْهِ فِي كَثْرَة المعلومات ثمَّ قَرَأَ على بعض المدرسين ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل سِنَان باشا ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ديمه توقه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة فلبه ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الحلبية بأدرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة أدرنه ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ العتيقة من المدرستين المتجاورتين بأدرنه وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثَانِيًا وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بِمَدِينَة أدرنه وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم ايضا ثمَّ

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى تاج الدين إبراهيم الشيهر بابن الاستاذ

عزل عَنْهَا لثقل فِي أُذُنه وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم ايضا بطرِيق التقاعد ثمَّ مَاتَ فِي سنة تسع وَعشْرين وَتِسْعمِائَة وَقد جَاوز التسعين من الْعُمر كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا صَالحا عابدا زاهدا رَاضِيا من الْعَيْش بِالْقَلِيلِ وَكَانَ يصرف اوقاته فِي الْعلم وَالْعِبَادَة وَكَانَ مُنْقَطِعًا الى الله تَعَالَى محبا للمشايخ الصُّوفِيَّة وَخلف وَلدين اسْم الاكبر مِنْهُمَا ابو حَامِد وَاسم الاصغر لطف الله وَكَانَ كِلَاهُمَا مشهورين بِالْفَضْلِ الا انهما مَاتَا فِي سنّ الشَّبَاب صنف رَحمَه الله تَعَالَى حَوَاشِي على حَاشِيَة شرح التَّجْرِيد للسَّيِّد الشريف وحواشي على حَاشِيَة شرح الْمطَالع للسيدالشريف ايضا وحواشي على حَاشِيَة شرح الشمسية للسَّيِّد الشريف ايضا وحواشي على حَاشِيَة شرح الْعَضُد للسَّيِّد الشريف ايضا وحواشي على حَوَاشِي شرح العقائد للْمولى الخيالي وحواشي على شرح آدَاب الْبَحْث للْمولى عماد الدّين وحواشي على حَاشِيَة العقائد للْمولى الْقُسْطَلَانِيّ وَغير ذَلِك من الرسائل فِي بعض الْمَوَاضِع المشكلة من الْفُنُون وَكَانَ أَكثر اشْتِغَاله بالعلوم الْعَقْلِيَّة وَلم يتدرب فِي غَيرهَا كتدربه فِيهَا وَكَانَ يفضل السَّيِّد الشريف على الْعَلامَة سعد الدّين التَّفْتَازَانِيّ قَالَ يَوْمًا فِي حق التَّفْتَازَانِيّ انه بَحر لكنه مكدر وَأثْنى على الْفَاضِل خواجه زَاده ثَنَاء كثيرا وَقَالَ لكني مَا قرات عَلَيْهِ رِعَايَة لرضا والدتي لانها مَا كَانَت ترْضى ان أسافر الى ولَايَة اناطولي وَذَهَبت مَعَ الْمولى الْوَالِد الى زيارته فعانق وَالِدي وَقَبله وَأَجْلسهُ مَكَانَهُ وَجلسَ هُوَ قدامه واجلسني مَعَه وَبكى وَقَالَ ان هَذَا آخر الصُّحْبَة مَعكُمْ وَقد قرب موتِي وَكَانَ كَمَا قَالَ طيب الله تَعَالَى مضجعه وَنور مهجعه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى تَاج الدّين إِبْرَاهِيم الشيهر بِابْن الاستاذ كَانَ ابوه ماهرا فِي صَنْعَة الدباغة وَهُوَ اول من صبغ الْجُلُود اللازوردية ببلادالروم وَكَانَ تقيا ورعا مكتسبا بالحلال وَرغب ابْنه فِي تَحْصِيل الْعلم فَقَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل سِنَان باشا ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الْبَيْضَاء بأنقره وَعين لَهُ كل يَوْم عشرُون درهما ثمَّ صَار معلما للسُّلْطَان عبد الله وَلما جرى على استاذه الْمولى سِنَان باشا مَا جرى من حَادِثَة مر ذكرهَا عزلوه عَن منصب التَّعْلِيم ونصبوه قَاضِيا بِموضع يُقَال لَهُ جبق وعينوا لَهُ

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى الشهير بابن المعيد

كل يَوْم خَمْسَة عشر درهما وَلما جلس السُّلْطَان بايزيدخان على سَرِير السلطنة جعله مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الحسينية ببلدة أماسيه وَعين لَهُ كل يَوْم ثَلَاثِينَ درهما وَمَات رَحمَه الله تَعَالَى مدرسا بهَا كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى ذَا عفة وَصَلَاح مشتغلا بِنَفسِهِ معرضًا عَن ابناء زَمَانه وَكَانَ ذَا فطنة وذكاء وفضيلة تَامَّة فاق فِي الْفَضِيلَة أقرانه وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم المتداولة روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى الشهير بِابْن المعيد قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس وَمَات فِي بَلْدَة اسكوب مدرسا بهَا وَكَانَ عَالما فَاضلا مشتغلا بِالْعلمِ غَايَة الِاشْتِغَال ومتفننا فِي الْعلم وَله تَلْخِيص لحواشي خطيب زَاده على حَاشِيَة شرح التَّجْرِيد للسَّيِّد الشريف وَله رسائل غير ذَلِك وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى المشتهر بِابْن العبري قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى خطيب زَاده ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس وَمَات مدرسا بحسينية أماسيه كَانَ يسكن فِي بعض حجرات الْمدرسَة ويشتغل بِالْعلمِ لَيْلًا وَنَهَارًا وَكَانَ مدرسا مُفِيدا ومصنفا مجيدا لَكِن بقيت مصنفاته فِي المسودة لاخترامه بالمنية وأتى بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ ذهب الى أماسيه وَمَات فِي الطَّرِيق مترديا من سطح وَقد طالع التَّفْسِير على السَّطْح وحان وَقت الْمغرب فاراد النُّزُول عَنهُ فَوَقع على ظَهره وَالْكتاب مَفْتُوح على صَدره فنظروا فِيهِ فَإِذا مَوضِع نظره تَفْسِير سُورَة يس روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى شمس الدّين احْمَد اليكاني الملقب بايهم قرا على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار قَاضِيا بعدة بِلَاد ثمَّ صَار قَاضِيا ببلدة أماسيه ثمَّ اعطاه السُّلْطَان بايزيد خَان قَضَاء مَدِينَة بروسه ثمَّ عزل عَن ذَلِك ثمَّ اعيد الى الْقَضَاء الْمَزْبُور ثمَّ عَزله السُّلْطَان سليم خَان واعطاه قَضَاء كليبولي ثمَّ ترك الْقَضَاء وَعين لَهُ كل يَوْم خَمْسُونَ درهما بطرِيق التقاعد وَمَات على تِلْكَ الْحَال وَكَانَ جريء الْجنان طليق اللِّسَان صَاحب شيبَة عَظِيمَة وَكَانَ رجلا مهيبا الا انه كَانَ

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى عبد الرحمن ابن محمد بن عمر الحلبي

ضَعِيف الْعلم وَكَانَ محبا للخير بنى جَامعا ومدرسة وَقد اختلت رجله وَصَارَ مقْعدا الى ان مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى عبد الرحمن ابْن مُحَمَّد بن عمر الْحلَبِي قرا على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل سِنَان باشا واشتهر بَين اقرانه بِالْفَضْلِ والذكاء وَصَاحب مَعَ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان ونال عِنْده الْقبُول التَّام وَصَارَ مشارا اليه بَين الانام ثمَّ وَقع مِنْهُ سوء الادب عِنْد حَضرته فابعده من جنابه وَقَالَ لَوْلَا انه ابْن استاذي لدمرته وَلِهَذَا اخْتَار منصب الْقَضَاء وداوم على ذَلِك الى آخر عمره كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى جريء الْجنان طليق اللِّسَان صَاحب الطَّبْع الْوَقَّاد والذهن النقاد وَكَانَ لطيف الطَّبْع لذيذ الصُّحْبَة عالي الهمة نشيط النَّفس مَحْمُود السِّيرَة فِي الْقَضَاء توفّي وَهُوَ قَاض ببلدة كوتاهية وَله تعليقات على حَاشِيَة شرح الْمطَالع وَكَانَ مشتهرا باتقان مبَاحث الْحَمد من الْحَاشِيَة الْمَذْكُورَة نور الله تَعَالَى قَبره وضاعف اجره وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى عبد الوهاب ابْن الْمولى الْفَاضِل عبد الكريم قَرَأَ على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى عِذَارَيْ وَالْمولى لطفي التوقاتي وَالْمولى خطيب زَاده وَالْمولى الْقُسْطَلَانِيّ ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ القلندرية بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار قَاضِيا بعدة من الْبِلَاد ثمَّ صَار حَافِظًا لدفتر الدِّيوَان العالي فِي ايام سلطنة السُّلْطَان سليم خَان ثمَّ صَار قَاضِيا بِبَعْض الْبِلَاد ثمَّ توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي اوائل سلطنة سلطاننا الاعظم سلمه الله تَعَالَى وابقاه كَانَ قوي الْجنان طليق اللِّسَان صَاحب نطق وَبَيَان لذيذ الصُّحْبَة حسن النادرة طارحا للتكليف مَعَ اصحابه وَكَانَ مَحْمُود الطَّرِيقَة ومرضي السِّيرَة فِي قَضَائِهِ وَكَانَ شجاعا مهيبا وَكَانَ صَاحب ذكاء وفطنة وَكَانَ صَاحب معرفَة بالعلوم الْعَقْلِيَّة والشرعية وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي سَائِر الْعُلُوم رَحمَه الله تَعَالَى

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى يوسف الحميدي الشهير بشيخ سنان

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى يُوسُف الْحميدِي الشهير بشيخ سِنَان قرا على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار معيدا لدرس الْفَاضِل قَاضِي زَاده ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل خواجه زَاده ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة احْمَد باشا ابْن ولي الدّين بِمَدِينَة بروسه ثمَّ عزل عَن ذَلِك وَمَات فِي وَطنه وَكَانَ مشتغلا بِالْعلمِ اشد الِاشْتِغَال وَلم يكن ذكيا وَلَكِن كَانَ طبعه منقحا خَالِصا من الاوهام وَكَانَ يسكن بِبَعْض الرباطات بِمَدِينَة بروسه متجردا عَن العلائق الدُّنْيَوِيَّة وَكَانَ رَاضِيا من الْعَيْش بِالْقَلِيلِ وَلم يتَزَوَّج فِي مُدَّة عمره وَكَانَ يَأْتِي الى وَالِدي احيانا وَكَانَ وَالِدي يُكرمهُ اشد الاكرام لاجتماعه مَعَه فِي بعض الْمدَارِس عِنْد بعض الموَالِي وَله حواش على شرح الْمِفْتَاح للسَّيِّد الشريف وَهِي حَاشِيَة مَقْبُولَة عِنْد الطّلبَة وَسمعت ان لَهُ حَوَاشِي على شرح العقائد للعلامة التَّفْتَازَانِيّ لَكِن لم اطلع عَلَيْهَا وَمَات رَحمَه الله تَعَالَى سنة احدى اَوْ اثْنَتَيْ عشرَة وَتِسْعمِائَة وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى جَعْفَر بن التاجي بك كَانَ وَالِده مُدبرا لامور السُّلْطَان بايزيدخان وَقت امارته على امسايه وَرغب هُوَ فِي طلب الْعلم وقرا على الْمولى ابْن الْحَاج حسن وعَلى الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ وعَلى الْمولى خطيب زَاده وعَلى الْمولى خواجه زَاده واشتهر بالفضائل فِي الافاق فاعطاه السُّلْطَان بايزيدخان مدرسة الْوَزير مَحْمُود باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ودرس هُنَاكَ وافاد فاشتهرت فضائله بَين الطّلبَة وَرغب فِي خدمته الْفُضَلَاء ثمَّ جعله السُّلْطَان بايزيدخان موقعا للديوان العالي فسلك مَسْلَك الامراء وعاش فِي ظلّ حمايته بدولة وافرة وحشمة متكاثرة ثمَّ اصابته عين الزَّمَان فانتهبت دَاره وعزل عَن منصبه فِي آخر سلطنة السُّلْطَان بايزيدخان لحادثة يطول شرحها وَلَيْسَ هَذَا الْمقَام مَوضِع ذكرهَا وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم بطرِيق التقاعد وَلم يقبل وَلما جلس السُّلْطَان سليم خَان على سَرِير السلطنة اضاف اليها قَضَاء بعض الْبِلَاد فقبلها ثمَّ جعله موقعا بالديوان العالي ثَانِيًا ثمَّ جعله قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة اناطولي ثمَّ قَتله لامر اوجب ذَلِك والقصة يطول شرحها مَعَ خُرُوجهَا عَن مَقْصُود الْكتاب وَله نظم بالتركية

وله نظم كتاب بالتركية سماه بقوش نامه ونظمه في غاية الحسن والقبول عند أرباب النظم وله منشآت كثيرة مقبولة عند أهلها روح الله تعالى ورحه وزاد في غرف الجنان فتوحه

وبالفارسية مِنْهُ هَذَا المطلع من قصيدته للسُّلْطَان سليم خَان جَان آخَرين كه دركف ... مانندجان نهاد ... بهز شار مقدم شاه جهان ثهاد ... وَله نظم كتاب بالتركية سَمَّاهُ بقوش نامه ونظمه فِي غَايَة الْحسن وَالْقَبُول عِنْد أَرْبَاب النّظم وَله منشآت كَثِيرَة مَقْبُولَة عِنْد أَهلهَا روح الله تَعَالَى ورحه وَزَاد فِي غرف الْجنان فتوحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى سعدي بن نَاجِي بك اخو الْمولى جَعْفَر جلبي الْمَذْكُور قَرَأَ على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى قَاسم الشهير بقاضي زَاده وَالْمولى مُحَمَّد بن الْحَاج حسن ونال عِنْدهم الْقبُول التَّام واشتهرت فضائله فِي الافاق ثمَّ صَار مدرسا بِالِاسْتِحْقَاقِ واعطي اولا مدرسة السُّلْطَان مُرَاد الْغَازِي بِمَدِينَة بروسه ثمَّ اعطي مدرسة الْوَزير عَليّ باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ اعطي احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ حج وَجَاء ثمَّ عين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما وَمَات رَحمَه الله فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا فِي جَمِيع الْعُلُوم سِيمَا فِي عُلُوم الْعَرَبيَّة وَكَانَ صَالحا كريم النَّفس حميد الْخِصَال صَادِق القَوْل وَكَانَ الْمولى الْوَالِد يَقُول فِي حَقه لَو قلت انه لم يكذب مُدَّة عمره لما كذبت وَله قصائد بِلِسَان الْعَرَبيَّة أَجَاد فِيهَا كل الاجادة بِحَيْثُ يظنّ من طالعها انها من قصائد فصحاء الْعَرَب وَله منشآت بِالْعَرَبِيَّةِ بَالِغَة من البلاغة اعلى مراتبها وَله حواش على شرح الْمِفْتَاح للسَّيِّد الشريف وَله حَاشِيَة على بَاب الشَّهِيد من شرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة وَقد نظم العقائد النسفية بِالْعَرَبِيَّةِ نظما بلغيا حسنا وَله غير ذَلِك من الرسائل والفوائد نور الله مرقده وَفِي غرف جنانه ارقده وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى قطب الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابْن قَاضِي زَاده الرُّومِي قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى على جده لامه الْمولى عَليّ بن محمدالقوشجي وعَلى الْمولى

ومنهم العالم العامل الفاضل الكامل المولى غياث الدين ابن اخي الشيخ العارف بالله تعالى آق شمس الدين قدس سره العزيز واشتهر المولى المذكور بباشا جلبي

خواجه زَاده وَتزَوج بنته واكتسب عِنْدهمَا الْفَضَائِل الْعَظِيمَة وَكَانَ ذَا عفة وَصَلَاح وديانة وَصَاحب اخلاق حميدة وَكَانَ متواضعا متخشعا اديبا لبيبا صَار مدرسا بمدرسة مناستر بِمَدِينَة بروسه واشتغل بِالْعلمِ غَايَة الِاشْتِغَال وَكم من طَالب بلغ عِنْده غَايَة الْكَمَال مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي شبابه وَهُوَ مدرس بهَا وَكَانَ لَهُ مصنفات من الرسائل والفوائد فاخترمته الْمنية وَلم يَتَيَسَّر لَهُ اتمامها روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى مَحْمُود بن مُحَمَّد ابْن قَاضِي زَاده الرُّومِي المشتهر بَين النَّاس بالمولى ميرم جلبي قَرَأَ على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى خواجه زَاده وَالْمولى سِنَان باشا ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة كليبولي ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة عَليّ بك بِمَدِينَة ادرنه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مناستر بِمَدِينَة بروسه ثمَّ نَصبه السُّلْطَان بايزيدخان معلما لنَفسِهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِ الْعُلُوم الرياضية وَكَانَت لَهُ فِيهَا مهارة عَظِيمَة بِحَيْثُ لم يدانه اُحْدُ بعده وَلَا فِي عصره ثمَّ جعله السُّلْطَان سليم خَان قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة اناطولي ثمَّ عزل عَنهُ وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم ثمَّ حج وأتى بِلَاده وَمَات فِي سنة احدى وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة بادرنه كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى سليم الطَّبْع حَلِيم النَّفس صبورا على الشدائد صَاحب مُرُوءَة عَظِيمَة وَكَانَ مشتغلا بِنَفسِهِ وَكَانَ يعرف من كل الْعُلُوم اصولها وفروعها معقولها ومنقولها طرفا صَالحا وَكَانَ يعرف عُلُوم الْعَرَبيَّة وَكَانَ لَهُ اطلَاع عَظِيم على التواريخ والمحاضرات والقصائد الْعَرَبيَّة والفارسية وَله شرح لزيج الفي بيك كتبه بِالْفَارِسِيَّةِ بامر السُّلْطَان بايزيدخان وَله شرح للفتحية فِي الْهَيْئَة لمولانا عَليّ بن مُحَمَّد القوشجي وَله رِسَالَة فِي معرفَة سمت الْقبْلَة وتصانيفه كلهَا مَقْبُولَة عِنْد اهل هَذَا الْعلم وَله غير ذَلِك من الْفَوَائِد والرسائل نور الله تَعَالَى مرقده وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى غياث الدّين ابْن اخي الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى آق شمس الدّين قدس سره الْعَزِيز واشتهر الْمولى الْمَذْكُور بباشا جلبي

ومنهم العالم العامل الفاضل المولى الشيخ مظفر الدين علي الشيرازي

قرا رَحمَه الله تَعَالَى على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى الخيالي وَالْمولى خواجه زَاده ثمَّ اتَّصل بِخِدْمَة الْمَشَايِخ الصُّوفِيَّة ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْمولى الكوراني بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة يكبازاري ثمَّ صَار مدرسا بسيفية انقره ثمَّ صَار مدرسا بحسينية اماسيه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الحلبية بادرنه ثمَّ صَار مدرسا بسلطانية بروسه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ تَركهَا وَاخْتَارَ مدرسة ابي ايوب الانصاري رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان ببلدة أماسيه مَعَ منصب الْفَتْوَى ثمَّ تَركهَا وَعين لَهُ كل يَوْم سَبْعُونَ درهما بطرِيق التقاعد ثمَّ طلب مدرسة الْقُدس الشريف وَمَات قبل السّفر اليها فِي سنة سبع اَوْ ثَمَان وَعشْرين وَتِسْعمِائَة كتب رَحمَه الله تَعَالَى اسئلة فِي كل فن وَله رسائل لَا تعد وَلَا تحصى وَلَكِن لم يدون كتابا وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْمولى الشَّيْخ مظفر الدّين عَليّ الشِّيرَازِيّ قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ببلاده مِنْهُم الْمولى الْفَاضِل مير صدر الدّين الشِّيرَازِيّ والعلامة جلال الدّين الدواني وَتزَوج بنت جلال الدّين الدواني وبرع فِي الْعُلُوم وتمهر فِيهَا وفَاق اقرانه وانتشر صيته حَتَّى انه كَانَ فِي مَدِينَة شيراز مدرسة شَرطهَا وَاقِفًا على افضل اهل الْعَصْر وَكَانَ الْعَلامَة الدواني مدرسا بهَا وَمرض فِي بعض الايام مُدَّة كَبِيرَة وأناب مَنَابه الشَّيْخ مظفر الدّين الْمَذْكُور ثمَّ لما مَاتَ الْفَاضِل صدر الدّين والعلامة الدواني وَظَهَرت الْفِتَن فِي بلادالعجم ارتحل الى بلادالروم وَكَانَ الْمولى ابْن الْمُؤَيد قَاضِيا بالعسكر فِي ذَلِك الْوَقْت وَكَانَ الْمولى الْمَذْكُور مقدما عَلَيْهِ عِنْد قراءتهما على الْمولى الدواني فاكرمه الْمولى ابْن الْمُؤَيد اكراما عَظِيما وَعرضه على السُّلْطَان بايزيدخان فَأعْطَاهُ مدرسة مصطفى باشا بِمَدِينَة قسطنطينية فدرس هُنَاكَ مُدَّة ثمَّ اعطاه احدى الْمِدْرَاس الثمان وردس هُنَاكَ مُدَّة ثمَّ اضرت عَيناهُ وَعجز عَن اقامة التدريس فعين لَهُ السُّلْطَان سليم خَان كل يَوْم سِتِّينَ درهما بطرِيق التقاعد وتوطن بِمَدِينَة بروسه وَمَات هُنَاكَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله شَافِعِيّ الْمَذْهَب وَكَانَ عَالما بالعلوم كلهَا ومتمهرا فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وَكَانَ لَهُ يَد طولى فِي علم الْحساب والهيئة والهندسة

ومنهم العالم الفاضل الكامل الحكيم شاه محمد القزويني

وَكَانَ لَهُ زِيَادَة معرفَة بِعلم الْكَلَام والمنطق وخاصة فِي حَوَاشِي التَّجْرِيد وحواشي شرح الْمطَالع وَرَأَيْت فِي كتاب اقليدس فِي علم الهندسة انه قَرَأَهُ من أَوله الى آخِره على الْفَاضِل مير صدر وَكتب عَلَيْهِ حَوَاشِي لحل مشكلات اقليدس وفهمت من ذَلِك ان لَهُ مهارة تَامَّة فِي ذَلِك الْعلم وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى سليم النَّفس حسن العقيدة صَالحا مشتغلا بِنَفسِهِ رَاضِيا من الْعَيْش بِالْقَلِيلِ وَاخْتَارَ الْفقر على الْغنى وَكَانَ يبْذل مَاله للْفُقَرَاء والمخاديم والمحاويج رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْحَكِيم شاه مُحَمَّد الْقزْوِينِي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من تلاميذ الْعَلامَة جلال الدّين الدواني قرا عَلَيْهِ الْعُلُوم وَكَانَ ماهرا فِي علم الطِّبّ لانه كَانَ من أَوْلَاد الاطباء ثمَّ سَافر الى مَكَّة المشرفة وجاور بهَا مُدَّة ثمَّ ان الْمولى ابْن الْمُؤَيد ذكره عِنْد السُّلْطَان بايزيدخان واخرجه من مَكَّة الى قسطنطينية وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة وَعشْرين درهما برسم الطِّبّ ثمَّ لما جلس السُّلْطَان سليم خَان على سَرِير السلطنة صَاحب مَعَه وتقرب اليه وَبلغ عِنْده الْمَرَاتِب الْعَالِيَة وَمَات فِي أَيَّام سلطاننا الاعظم سلمه الله تَعَالَى وابقاه وَله كثير من المصنفات احسنها والطفها تَفْسِير الْقُرْآن الْعَظِيم من سُورَة النَّحْل الى آخر الْقُرْآن وَكتاب ربط السُّور والايات وَله حواش على تهافت الْمولى خواجه زَاده وحواش على شرح العقائد العضدية للعلامة الدواني وَله شرح لايساغوجي وَشرح للكافية وَشرح للموجز فِي الطِّبّ وَله تَرْجَمَة حَيَاة الْحَيَوَان بِالْفَارِسِيَّةِ وَغير ذَلِك من الرسائل والكتب وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى السَّيِّد مَحْمُود كَانَ وَالِده معلما للسُّلْطَان بايزيدخان وَبَقِي هُوَ يَتِيما بعد وَالِده ورباه بعض الصلحاء وقرا الْعُلُوم على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى لطفي التوقاني وَالْمولى ابْن البركي ثمَّ سلك مَسْلَك التصوف حَتَّى نَصبه السُّلْطَان بايزيدخان نَقِيبًا للاشراف ودام على ذَلِك الى ان مَاتَ سنة ثَلَاث واربعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ كريم الاخلاق محبا للخير متواضعا متخشعا متشرعا سليم الطَّبْع حَلِيم النَّفس صَحِيح العقيدة حسن السمت مرضِي السِّيرَة محمودالطريقة وَكَانَ سخيا جوادا يُرَاعِي الْفُقَرَاء والضعفاء

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى محيي الدين المشتهر بطبل البازي

بِنَفسِهِ وَمَاله لذيذ الصُّحْبَة حسن المحاورة لطيف المحاضرة طارحا للتكلف مشتغلا بِنَفسِهِ معرضًا عَن احوال الْغَيْر وَكَانَ لَهُ مهارة فِي الشّعْر وَكَانَ ينظم القصائد اللطيفة بالتركية وَكَانَ مَقْبُولًا عِنْد الْخَواص والعوام وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين المشتهر بطبل الْبَازِي قرا على علماءعصره ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرتسين المتجاورتين بادرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَمَات مدرسا بهَا كَانَ صارفا جَمِيع اوقاته فِي الِاشْتِغَال بِالْعلمِ وَالْعِبَادَة وَكَانَ صَاحب شيبَة عَظِيمَة وَكَانَ لَهُ تَقْرِير حسن جدا وَله شرح للطوالع من علم الْكَلَام رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى إِبْرَاهِيم المشتهر بِابْن الْخَطِيب قَرَأَ على عُلَمَاء عصره وعَلى اخيه الْمولى خطيب زَاده ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ازنيق ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان مرادخان بِمَدِينَة بروسه وَتُوفِّي وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة عشْرين وَتِسْعمِائَة كَانَ سليم الطَّبْع حَلِيم النَّفس منجمعا عَن الْخلق مشتغلا بِنَفسِهِ وَكَانَ اديبا لبيبا الا انه لم يشْتَغل بالتصنيف لضعف دَائِم فِي مزاجه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى الشَّيْخ يحيى ابْن بخشى قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة طوزله من ولَايَة قراصي ثمَّ سلك مَسْلَك التصوف وَبلغ مبلغ الارشاد ثمَّ انْقَطع عَن النَّاس فِي الْولَايَة الْمَذْكُورَة واشتغل بتذكير النَّاس ووعظهم وَكَانَ صَاحب احوال انْتفع بِهِ كثير من النَّاس وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى جَامعا بَين رياستي الْعلم وَالْعَمَل وَكَانَ يقرئ الطّلبَة تَفْسِير الْعَلامَة الْبَيْضَاوِيّ بِلَا مطالعة وَكَانَ يرشد المريدين لطريق الصُّوفِيَّة وَله شرح على الْكتاب الْمُسَمّى بشرعة الاسلام وَله حواش على شرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة مَاتَ فِي اوائل الْمِائَة التَّاسِعَة وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى كَمَال الدّين اسمعيل القراماني

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى عبد الاول بن حسين الشهير بابن ام الولد

قَرَأَ على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى الْفَاضِل الخيالي ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل مَوْلَانَا خسرو ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ ترقى حَتَّى صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بِمَدِينَة ادرنه وَكَانَ القَاضِي بهَا وقتئذ الْمولى عبد الرَّحْمَن بن الْمُؤَيد فَوَقع بَينهمَا خلاف فِي مسئلة واصر الْمولى كَمَال الدّين على الْخلاف وتكدر ابْن الْمُؤَيد عَلَيْهِ لذَلِك فَلَمَّا صَار ابْن الْمُؤَيد قَاضِيا بالعسكر المنصو عَزله عَن التدريس وَعين لَهُ كل يَوْم سِتِّينَ درهما بطرِيق التقاعد فَشكر الْمولى كَمَال الدّين عَلَيْهِ وَرَضي بِمَا فعله ولازم بَيته واشتغل بِالْعلمِ ولعبادة وَالْعَمَل الى ان مَاتَ وَله تصانيف كَثِيرَة مِنْهَا حَوَاشِي الْكَشَّاف وحواشي تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وحواش على شرح العقائد للْمولى الخيالي وحواش على شرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة وحواش على شرح المواقف للسَّيِّد الشريف وَغير ذَلِك من التصانيف رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى عبد الاول بن حُسَيْن الشهير بِابْن ام الْوَلَد قَرَأَ على عُلَمَاء عصره وعَلى الْمولى خسرو وَتزَوج بنته ثمَّ صَار قَاضِيا بقصبة سلوري فِي زمن السُّلْطَان مُحَمَّد خَان يَحْكِي وَالِدي رَحمَه الله تَعَالَى انه كَانَ قَاضِيا هُنَاكَ وانا اقْرَأ وقتئذ على الْمولى عَلَاء الدّين الْعَرَبِيّ وداوم المرحوم على منصب الْقَضَاء وَصَارَ قَاضِيا بالبلاد الْكَبِيرَة الْمَشْهُورَة ثمَّ صَار معتوها واعتقل لِسَانه فاعتزل عَن النَّاس ولازم بَيته بقسطنطينية وسنه اذ ذَاك قريب من الْمِائَة وَمَات وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم وخاصة فِي الْفِقْه والْحَدِيث وعلوم القراآت وَكَانَ اكثر الْمَوَاضِع من الْكَشَّاف مَحْفُوظًا لَهُ وَكَانَ فِي حفظه كثير من القصائد الْعَرَبيَّة وَله حواش على شرح الخبيصي للكافية وَمن نظر فِيهَا يعرف فَضله فِي الْعُلُوم الْعَرَبيَّة وَكَانَ متواضعا لاهل الدُّنْيَا وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى شمس الدّين احْمَد المشتهر بالاماسي قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ القلندرية بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة دَار الحَدِيث بادرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بادرنه ثمَّ عين لَهُ كل يَوْم خَمْسُونَ

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى علاء الدين علي الايديني الملقب باليتيم

درهما بطرِيق التقاعد فلازم بَيته بقسطنطينية واشتغل بالتصنيف لَكِن اخترمته الْمنية فَلم يظْهر شَيْء من ذَلِك مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي أَوَائِل سلطنة السُّلْطَان سليم خَان وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ الايديني الملقب باليتيم انما لقب بذلك لانه وَقع فِي زمن سلطنة السُّلْطَان مرادخان وباء عَظِيم وَمَات فِي ذَلِك الوباء جَمِيع اقرابائه وَبَقِي هُوَ يَتِيما وَمَا بَقِي لَهُ الا عَمه ورباه الى ان بلغ سنّ الْبلُوغ ثمَّ ارتحل الى بَلَده تيره وَحصل هُنَاكَ مبادي الْعُلُوم وَتعلم الْكتاب ثمَّ ارتحل الى بَلْدَة بروسه واشتغل هُنَاكَ بِالْعلمِ وَالْقِرَاءَة وَقَرَأَ على بعض المدرسين وَلما بنى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الْمدَارِس الثمان بقسطنطينية كَانَ مَعَ الطّلبَة الَّذين سكنوا بهَا ابْتِدَاء ثمَّ لما صَار ضعف الِاشْتِغَال بقسطنطينية ارتحل كثير من الطّلبَة الى الاطراف وارتحل هُوَ الى بَلْدَة تيره وَكَانَ الْمولى قَاضِي زَاده مدرسا بهَا وقتئذ واشتغالا عِنْده اشتغلا عَظِيما ثمَّ ان السُّلْطَان مُحَمَّد خَان لما نقل الْمولى الْمَذْكُور الى احدى الْمدَارِس الثمان جَاءَ مَعَه الى قسطنطينية وَمَا فَارقه الى ان صَار الْمولى الْمَذْكُور قَاضِيا بِمَدِينَة بروسه واراد الْمولى قَاضِي زَاده ان يُرْسِلهُ الى عتبَة السُّلْطَان ليحصل لَهُ مرتبَة فَلم يرض بذلك وَقَالَ ان لي مَعَ الله تَعَالَى عهدا ان لَا اتولى المناصب وَسكن بِمَدِينَة بروسه فِي بَيت صَغِير وَلم يكن لَهُ اهل واولاد اصلا وبذل نَفسه لاقراء الْعلم وَكَانَ يدرس لكل اُحْدُ وَلَا يمْنَع الدَّرْس عَن اُحْدُ وَرُبمَا يدرس فِي يَوْم وَاحِد عشْرين درسا مَا بَين صرف وَنَحْو وَحَدِيث وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي كل الْعُلُوم وَبِذَلِك نَفسه لله تَعَالَى وابتغاء لمرضاته وَلَا يَأْخُذ اجرة من اُحْدُ وَلَا يقبل الا الْهَدِيَّة فَلم يقبل وَظِيفَة اصلا وَلم يكن لَهُ الا الْعلم وَالْعِبَادَة وَكَانَ مشتغلا بِنَفسِهِ فَارغًا عَن احوال الدُّنْيَا رَاضِيا من الْعَيْش بِالْقَلِيلِ وانا اقْرَأ عَلَيْهِ الصّرْف والنحو سَمِعت مِنْهُ مَا فَاتَهُ صَلَاة ابدا مُنْذُ بُلُوغه وَلم يتَزَوَّج وَلم يقارف الْحَرَام اصلا وَقد جَاوز عمره التسعين وَمَا سقط مِنْهُ سنّ اصلا وَكَانَ يقرا الخطوط الدقيقة وَكَانَ يكْتب خطا حسنا جدا وَكَانَ يَشْتَرِي الْكتاب ابتر ويكمله وَيعْمل لَهُ جلدا وَكَانَ يعرف تِلْكَ الصَّنْعَة وقداجتمع لَهُ بِهَذَا الطَّرِيق كتب كَثِيرَة مَاتَ فِي سنة عشْرين وتسعماية وَسمعت انه قد رأى السُّلْطَان مُرَاد خَان وَهُوَ شَاب نور الله تَعَالَى قَبره

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى الشهير بالشيخي

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى الشهير بالشيخي كَانَ مدرسا بمدرسة ابي ايوب الانصاري رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَتُوفِّي مدرسا بهَا فِي سنة ثَمَان وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما صَالحا مشاركا فِي الْعُلُوم كلهَا ومتمهرا فِي الْعُلُوم الْعَرَبيَّة وَكَانَ لَهُ نظم ونثر فِي غَايَة الفصاحة والبلاغة وَكَانَ مدرسا مُفِيدا مشتغلا بِالْعلمِ غَايَة الِاشْتِغَال وقدتخرج عِنْده كثير من الطّلبَة نور الله تَعَالَى روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى الشهير بضميري كَانَ يعرف بِهَذَا اللقب وَلم نجد احدا يعرف اسْمه كَانَ من عبيد السُّلْطَان بايزيدخان يُحِبهُ واعطاه بعض الْمدَارِس حَتَّى جعله مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَكَانَ رجلا صَالحا حَلِيم النَّفس متواضعا متخشعا الا انه لم يكن لَهُ شهرة بِالْفَضْلِ حَتَّى ان الْمولى ابْن الْمُؤَيد حِين مَا اعطاه السُّلْطَان بايزدخان احدى الْمدَارِس الثمان قَالَ انه غير قَادر على الدَّرْس فِي تِلْكَ الْمدرسَة قَالَ السُّلْطَان بايزيد خَان فليدرس الشَّرْح الْمُتَوَسّط للكافية لَعَلَّه يقدر على دراسته وَلما جلس السُّلْطَان سليم خَان على سَرِير السلطنة عَزله عَن الْمدرسَة وَعين لَهُ كل يَوْم سِتِّينَ درهما بطرِيق التقاعد وَمَات على تِلْكَ الْحَال فِي سنة عشْرين وَتِسْعمِائَة وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى عمر القسطموني كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما بالقراآت يقرىء النَّاس ويفيدهم وَكَانَ عَالما صَالحا عابدا زاهدا محبا للخير مرضِي السِّيرَة مَقْبُول الطَّرِيقَة روح الله تَعَالَى روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ القسطموني قَرَأَ على الْمولى عمر الْمَذْكُور آنِفا وَحصل عِنْده عُلُوم القراآت وأقرأ الطالبين القراآت السَّبع واستفاد مِنْهُ كثير من النَّاس وَكَانَ صَالحا عابدا خيرا مبارك النَّفس وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى الشهير بِابْن عمر زَاده وَقد مر ذكر وَالِده آنِفا قرا على تلميذ وَالِده الْمَزْبُور وَحصل عِنْده عُلُوم القراآت السَّبع وَكَانَ عابدا صَالحا زاهدا قَرَأَ عَلَيْهِ كثير من الطالبين القراآت السَّبع وانتفع بِهِ كثير من النَّاس

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى حسام الشهير بابن الدلاك

وتشرف هُوَ فِي صغره بِصُحْبَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ آق شمس الدّين وَمسح الشَّيْخ رَأسه ودعا لَهُ بِالْعلمِ وَالْعِبَادَة وَحكي عَنهُ أَنه مر على قبر الشَّيْخ الْمَذْكُور بعد كبره واراد زيارته فَوجدَ بَاب الْقبَّة مقفلا فَنَادَى وَقَالَ يَا أَيهَا الشَّيْخ يضر عَليّ الحرمان من زيارتك فَعِنْدَ ذَلِك سقط القفل وَانْفَتح الْبَاب فَدخل عَلَيْهِ وزاره وَقَرَأَ عِنْده من الْقُرْآن الْعَظِيم وَالْفرْقَان الْكَرِيم شيأ كثيرا ثمَّ دَعَا لَهُ الْمَغْفِرَة والرضوان وودعه وَتوجه الى وَطنه نور الله تَعَالَى مرقده وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى حسام الشهير بِابْن الدلاك كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى خَطِيبًا بِجَامِع السُّلْطَان محمدخان بِمَدِينَة قسطنطينية وَتُوفِّي وَهُوَ خطيب بالجامع الْمَذْكُور فِي أَيَّام سلطنة السُّلْطَان بايزيدخان وَكَانَ عَالما صَالحا سليم النَّفس كريم الطَّبْع وَكَانَت لَهُ معرفَة بِالْعَرَبِيَّةِ ومهارة تَامَّة فِي علم الْقِرَاءَة وَكَانَ لَهُ حسن التِّلَاوَة ولطيف الصَّوْت وَحسن الالحان وَكَانَ مَقْبُولًا عِنْد الْخَواص والعوام رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل محيي الدّين الطَّبِيب كَانَ اصله من ولَايَة قوجه ايلي قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ رغب فِي الطِّبّ وتمهر فِيهِ واشتهر بالحذاقة فِيهِ وَجعل السُّلْطَان بايزيدخان رَئِيسا للاطباء وشكر معالجته وأكرمه لذَلِك غَايَة الاكرام وَكَانَ رجلا صَالحا عَالما عَاملا مراعيا للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَتُوفِّي فِي ايام سلطنة السُّلْطَان بايزيدخان روح الله تَعَالَى روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْحَكِيم حاجي كَانَ رَحمَه الله طَالبا للْعلم فِي أول عمره ثمَّ رغب فِي الطِّبّ وَحصل واشتهر بالحذاقة فِيهِ وَجعله السُّلْطَان بايزيدخان رَئِيسا للاطباء بعدالحكيم محيي الدّين الطَّبِيب وَكَانَ السُّلْطَان بايزيدخان يحب علاجه وَبِذَلِك تقرب اليه وَرُوِيَ ان السُّلْطَان بايزيدخان عرض لَهُ وجع عَظِيم فِي بعض الايام وعالجه الاطباء فَلم ينفع علاجهم حَتَّى دَعَا بالطبيب الْمَذْكُور واعطاه الطَّبِيب الْمَذْكُور قِطْعَة من بعض العقاقير مِقْدَار عدسة وابتلعها السُّلْطَان فسكن وَجَعه من سَاعَته وَفَرح من ذَلِك حَتَّى رُوِيَ انه اخذ بيد الطَّبِيب الْمَذْكُور وَقبلهَا جبرا فَرحا من الْخَلَاص عَن وَجَعه توفّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة ثَلَاث عشرَة وَتِسْعمِائَة

كان رحمه الله تعالى اولا من طلبة العلم الشريف حتى وصل الى خدمة المولى علاء الدين علي بن محمد القوشجي وبعد وفاته سلك مسلك الصوفية واشتغل اولا عند الشيخ مصلح الدين القوجوي ثم وصل الى خدمة العارف بالله تعالى الشيخ إبراهيم القيصري وحصل عنده الطريقة

وَمِنْهُم الْعَالم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ محيي الدّين مُحَمَّد الاسكليبي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى اولا من طلبة الْعلم الشريف حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ بن مُحَمَّد القوشجي وَبعد وَفَاته سلك مَسْلَك الصُّوفِيَّة واشتغل اولا عِنْد الشَّيْخ مصلح الدّين القوجوي ثمَّ وصل الى خدمَة الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ إِبْرَاهِيم القيصري وَحصل عِنْده الطَّرِيقَة الصُّوفِيَّة ثمَّ اجازه للارشاد وَجمع بَين رياستي الْعلم وَالْعَمَل وَكَانَ السُّلْطَان بايزدخان اميرا على بَلْدَة اماسيه واراد الشَّيْخ ان يذهب الى الْحَج فلقي السُّلْطَان بايزيدخان بأماسيه وَقَالَ اني اجدك بعد ايابي من الْحجاز جَالِسا على سَرِير السلطنة وَكَانَ كَمَا قَالَ فَأَحبهُ السُّلْطَان بايزيدخان محبَّة عَظِيمَة حَتَّى اشْتهر بَين النَّاس بشيخ السُّلْطَان وَبنى لَهُ السُّلْطَان بايزيدخان زَاوِيَة بِمَدِينَة قسطنطينية وَكَانَ الاكابر يذهبون الى بَابه ويأتيه الوزراء وقضاة الْعَسْكَر لزيارته وَرُبمَا يَدعُوهُ السُّلْطَان الى دَار سعادته ويصاحب مَعَه وَحصل لَهُ من هَذِه الْجِهَة رياسة عَظِيمَة وَمَعَ ذَلِك لم يتَغَيَّر حَاله للزهد وَالتَّقوى وَكَانَ من الْفضل على جَانب عَظِيم وَكَانَ الصلحاء يهابون مِنْهُ لجلالته فِي الْعلم امتحن الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى فِي مسئلة اصولية وَكنت صَغِيرا وقتئذ فَكتب الْمولى الْوَالِد رِسَالَة فِي المسئلة الْمَذْكُورَة فاستحسنها الشَّيْخ غَايَة الِاسْتِحْسَان وَقَالَ مَا رَأَيْت من يفهم هَذِه الدقيقة من الْعلمَاء غَيْرك وَمن جملَة كراماته انه كَانَ لوَاحِد من احبائه ولد شَاب وصدرت مِنْهُ جريمة توجب الْعقُوبَة الْعَظِيمَة فِي عرف السُّلْطَان فاستغاث وَالِده بالشيخ وتضرع اليه لَان يلْتَمس من الوزراء تخليصه قَالَ الشَّيْخ اني اتوجه الى من هُوَ اعظم مِنْهُم وَفِي غَد ذَلِك الْيَوْم اتى الشَّاب الى الدِّيوَان لاجل الْعقُوبَة فَمَا سبق لِسَان الوزراء الا الى مدح ذَلِك الشَّاب وَالشَّهَادَة لَهُ فأطلقوا ذَلِك الشَّاب وَبعد اطلاقهم اياه تعجب الوزراء من تحول نياتهم من الْعقُوبَة الى الْعَفو وَمَا كَانَ ذَلِك الا ببركة الشَّيْخ وَمن جملَة كراماته ايضا مَا حَكَاهُ الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى عبد الرحيم بن الْمُؤَيد كَانَ من خلفائه وَقَالَ ان اخي عبد الرحمن بن الْمُؤَيد كَانَ معزولا عَن قَضَاء الْعَسْكَر فِي أَوَائِل السُّلْطَان سليم خَان قَالَ فَذَهَبت اليه يَوْمًا فَوَجَدته مشوش الْحَال فَذَهَبت بِهِ الى الشَّيْخ فنصحه الشَّيْخ ورغبه فِي الْعِزّ والجاه قَالَ فَلم يجبهُ اخي

ومنهم العالم العامل العارف بالله تعالى الشيخ مصطفى السيروزي

وَسكت ثمَّ امْر الشَّيْخ فَقَالَ افرشوا فراشا وانصبوا عَلَيْهِ وسَادَة ثمَّ امْر اخي بِأَن يجلس عَلَيْهِ على نَحْو مَا كَانَ يفعل فِي مَجْلِسه عندكونه قَاضِيا بالعسكر قَالَ فَجَلَسَ عَلَيْهِ اخي كَمَا امْرَهْ الشَّيْخ قَالَ ثمَّ قَالَ بَارك الله تَعَالَى لَك فِي المنصب قَالَ فَلم يمض خَمْسَة عشر يَوْمًا اَوْ اقل اَوْ اكثر الا وأتى الامر من السُّلْطَان سليم خَان وَكَانَ السُّلْطَان وقتئذ بِمَدِينَة ادرنه ونصبه قَاضِيا بالعسكر بِولَايَة روم ايلي وَكَانَ يُرْجَى لَهُ ذَلِك مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة عشْرين وَتِسْعمِائَة ببلدة اسكليب قدس سره الْعَزِيز وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ مصطفى السيروزي كَانَ من خلفاء الشَّيْخ مُحَمَّد محيي الدّين الاسكليبي وَجلسَ بعد وَفَاته فِي زاويته وَكَانَ عَالما فَاضلا زاهدا صَاحب ارشاد وَخلق عَظِيم انْتفع بِهِ كثير من النَّاس مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى سنة سِتّ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة قدس سره وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى السَّيِّد ولايت كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى شريفا صَحِيح النّسَب وَنسبه هَكَذَا السَّيِّد ولايت ابْن السَّيِّد احْمَد ابْن السَّيِّد اسحق ابْن السَّيِّد عَلَاء الدّين ابْن السَّيِّد خَلِيل ابْن السَّيِّد جهانكير ابْن السَّيِّد مُحَمَّد ابْن السَّيِّد حَيَاة الدّين ابْن السَّيِّد رضَا ابْن السَّيِّد خَلِيل ابْن السَّيِّد مُوسَى ابْن السَّيِّد يحيى ابْن السَّيِّد سُلَيْمَان ابْن السَّيِّد افضل الدّين ابْن السَّيِّد مُحَمَّد ابْن السَّيِّد حُسَيْن الامام الباقر ابْن الامام زين العابدين ابْن الامام حُسَيْن ابْن عَليّ بن ابي طَالب رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم اجمعين ولد رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة خمس وَخمسين وَثَمَانمِائَة بقصبة كرماستي فِي ولَايَة انا طولي ثمَّ تزوج بنت الشَّيْخ احْمَد من أَوْلَاد عاشق باشا بِمَدِينَة قسطنطينية فِي سنة ارْبَعْ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَحصل عِنْد الشَّيْخ احْمَد طَريقَة التصوف واجاز لَهُ بالارشاد وَكَانَ الشَّيْخ احْمَد من خلفاء الشَّيْخ زين الدّين الخافي قدس سره ثمَّ حج فِي سنة ثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَلما دخل مصر صَاحب الشَّيْخ السَّيِّد وَفَاء ابْن السَّيِّد ابي بكر واجاز لَهُ السَّيِّد وَفَاء بالارشاد ولقنه كلمة التَّوْحِيد وَلما دخل مَكَّة المشرفة اجاز لَهُ الشَّيْخ عبد الْمُعْطِي بِقِرَاءَة الاسماء الحسني بِمحضر جمع كثير من الائمة الْمَشَايِخ كلهم

دعوا لَهُ بِالْبركَةِ وَتوفيت والدته وَهُوَ فِي سفر الْحَج بِمَدِينَة قسطنطينية وَتُوفِّي وَالِده السَّيِّد احْمَد بِمَدِينَة قسطنطينية فِي الثَّانِي وَالْعِشْرين من الْمحرم الْحَرَام سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة وَدفن بهَا فِي جَانب من دَاره وقبره مَشْهُور هُنَاكَ يزار ويتبرك بِهِ وَتُوفِّي السُّلْطَان مُحَمَّد خَان بعد اثْنَيْنِ واربعين من وَفَاته وَقَرَأَ السَّيِّد ولايت الحَدِيث على الْمولى الكوراني رَحمَه الله تَعَالَى وَحج ثَلَاث مَرَّات وَآخر حجه وَقع فِي السّنة الثَّانِيَة من جُلُوس السُّلْطَان سليم خَان على سَرِير السلطنة وَتُوفِّي بِمَدِينَة قسطنطينية بِمَرَض الاسْتِسْقَاء مرض اربعين يَوْمًا وَفِي الْحَادِي والاربعين فِي اواسط محرم الْحَرَام سنة تسع وَعشْرين وَتِسْعمِائَة وَصلى عَلَيْهِ عَلَاء الدّين عَليّ الجمالي الْمُفْتِي حضر جنَازَته جمع كثير من الْعلمَاء والصلحاء وَكَانَت جنَازَته مَشْهُورَة وَدفن بِقرب من دَار تجاه مَسْجده فِي بَيت اوصى هُوَ ان يدْفن فِيهِ وَكَانَ سنه ثَلَاثًا وَسبعين وَتوفيت بعد وَفَاته زَوجته رَابِعَة بنت الشَّيْخ احْمَد الْمَزْبُور وَهِي مدفونة عِنْده ثمَّ وَلَده الشَّيْخ درويش مُحَمَّد الْقَائِم مقَامه فِي زاويته فِي غرَّة صفر من سنة اثْنَتَيْنِ واربعين وَتِسْعمِائَة وَهُوَ مدفون عِنْده ايضا حُكيَ ان السُّلْطَان بايزيدخان دَعَا ابْنه السُّلْطَان سليم خَان الى مَدِينَة قسطنطينية ليجعله اميرا على الْعَسْكَر فَطلب السُّلْطَان سليم خَان ان يسلم اليه السلطنة فِي حَيَاة وَالِده وَتردد السُّلْطَان بايزيدخان فِي ذَلِك أَيَّامًا ثمَّ انْشَرَحَ صَدره لذَلِك وَسلم اليه السلطنة فِي اثناء ذَلِك التَّرَدُّد والتجأ السُّلْطَان سليم خَان الى مَشَايِخ الصُّوفِيَّة وبشروه بالسلطنة وَلما طلب السَّيِّد ولايت الْمَزْبُور وَلم يذهب اليه الا بعد ابرام قوي فَلَمَّا اتاه سَأَلَهُ السُّلْطَان سليم خَان عَن حَال السلطنة فَقَالَ السَّيِّد ولايت انك ستصير سُلْطَانا وَلَكِن لَيْسَ فِي عمرك امتداد وَكَانَ كَمَا قَالَ مَا دَامَ على السلطنة الا ثَمَان سِنِين وَسمعت مِنْهُ انه قَالَ لما حججْت ع الشَّيْخ احْمَد قَالَ لي يَا وَلَدي انْظُر قطب الزَّمَان كي تعرف من هُوَ وَهُوَ يقف بِيَمِين الامام بِعَرَفَة فِي كل حجَّة فَنَظَرت فَإِذا هُوَ الْمولى اياس وَهُوَ بِمَدِينَة بروسه فِي تِلْكَ السّنة وَلما رَجعْنَا من الْحَج وأتينا مَدِينَة بروسه سَأَلَني وَاحِد من الصلحاء عَن

الْوَاقِف فِي يَمِين الامام بِعَرَفَة فَقلت هُوَ الْمولى اياس فَحصل لي فِي تِلْكَ اللَّيْلَة وجع عَظِيم حَتَّى قربت من الْمَوْت فَفِي صَبِيحَة تِلْكَ اللَّيْلَة ذهب الشَّيْخ الى زِيَارَة الْمولى اياس فَذَهَبت مَعَه فَلَمَّا جلسنا عِنْده نظر الْمولى اياس الي نظرة غضب وَكَانَ لم يرني قبل ذَلِك وَقَالَ لأي شَيْء افشيت سري واني قصدت فِي هَذِه اللَّيْلَة ثَلَاث مَرَّات ان ادعو الله تَعَالَى لقبض روحك وَحَال روح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بيني وَبَين الدُّعَاء وَمن هَذَا عرفت انك صَحِيح النّسَب فَاعْتَذر اليه الشَّيْخ احْمَد من قبلي حَتَّى قبل التماسه وَعَفا عني وَقمت فَقبلت يَده وَرَضي عني ودعا لي بِالْخَيرِ وَمن جملَة احواله انه مرض قبل مرض مَوته بِسنة مَرضا شَدِيدا فعاده الْمولى الْوَالِد وَذَهَبت اليه مَعَه فَسَأَلَهُ الْمولى الْوَالِد عَن مَرضه فَقَالَ الان خف الْمَرَض قَالَ وَفِي هَذِه الصبيحة وَقت الاشراق دخل عَليّ عزرائيل عَلَيْهِ السَّلَام فِي صُورَة الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ الجمالي الْمُفْتِي فَظَنَنْت انه جَاءَ لقبض الرّوح فتوجهت مراقبا قَالَ فَقَالَ مَا لَك مَا جئْتُك لقبض الرّوح وانما اتيت اليك للزيارة قَالَ ثمَّ سلم عَليّ وَذهب وعاش المرحوم بعد ذَلِك قَرِيبا من سنتَيْن وَمرض فِي حَيَاته الشَّيْخ سنبل سِنَان وَقيل انه مَاتَ قَالَ لَا انه سيموت بعدِي وسيصلي عَليّ وَكَانَ كَمَا قَالَ وَمن جملَة احواله ان الْوَزير يري باشا بنى زَاوِيَة فِي مَدِينَة قسطنطينية وَكَانَ الشَّيْخ جمال خَليفَة شَيخا فِي تِلْكَ الزاوية وَحضر الْوَزير يري باشا فِي لَيْلَة من ليَالِي شهر ربيع الاول لاستماع كتاب مولد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَحضر هُنَاكَ كثير من الْعلمَاء وَمن الْمَشَايِخ وَمن جُمْلَتهمْ السَّيِّد ولايت الْمَزْبُور وَجلسَ هُوَ فِي صفة خَارج الْمَسْجِد وَنحن عِنْده فَأَطْرَقَ رَأسه زَمَانا مَلِيًّا مراقبا ثمَّ رفع رَأسه وَقَالَ علمت الان بطرِيق الْكَشْف وانه كشف صَرِيح بِأَن هَذِه الزاوية ستصير مدرسة بعد وَفَاة الشَّيْخ جمال خَليفَة وانها لَا تعود زَاوِيَة ابدا وَكَانَ كَمَا قَالَ وَله امثال هَذِه الاحوال حكايات تركناها خوفًا من الاطناب قدس سره

ومنهم العالم العارف بالله تعالى الشيخ محيي الدين محمد الشهير ببولولي جلبي

وَمِنْهُم الْعَالم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ محيي الدّين مُحَمَّد الشهير ببولولي جلبي اخذ الطَّرِيقَة عَن الشَّيْخ حاجي خَليفَة وَقَامَ مقَامه بعد وَفَاته وَكَانَ رجلا صَاحب جذبة عَظِيمَة واستغراق وَكَانَ اول مدرسا فَترك التدريس وَاخْتَارَ طَريقَة الْفُقَرَاء حَتَّى وصل الى مرتبَة الارشاد وَمَات فِي سنة تِسْعمائَة وَدفن عِنْد شَيْخه قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ شُجَاع الدّين الياس الشهير بنيازي وَهُوَ اخو الْمولى الشهير بولدان كَانَ رَحمَه الله عَالما صَالحا تولى منصب الْقَضَاء اولا ثمَّ تَركه وَوصل الى خدمَة الشَّيْخ حاجي خَليفَة وَحصل عِنْده طَريقَة التصوف واكملها واذن لَهُ بالارشاد وَكَانَ عَارِفًا محققا عابدا زاهدا مشتغلا بِالْعلمِ وَالْعِبَادَة مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة ارْبَعْ عشرَة وَتِسْعمِائَة بِمَدِينَة بروسه قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ صفي الدّين مصطفى كَانَ اصله من بَلْدَة كانقري واخذ التصوف عَن الشَّيْخ حاجي خَليفَة وَحصل عِنْده الطَّرِيقَة واكملها واذن لَهُ بالارشاد الشَّيْخ بولولي جلبي وَأقَام مقَامه وَكَانَ عَالما عَاملا زاهدا راشدا مرشدا مَاتَ فِي سنة تسع عشرَة وَتِسْعمِائَة ببلدة بروسه وَدفن عِنْد الشَّيْخ حاجي خَليفَة قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ رستم خَليفَة البروسي كَانَ اصله من قَصَبَة كونيك من ولَايَة اناطولي وَكَانَ رجلا صَاحب كرامات وَكَانَ يستر احواله عَن النَّاس حَتَّى انه كَانَ يعلم الصّبيان لستر احواله وَكَانَ لَا يتَكَلَّم الا بِالضَّرُورَةِ وَكَانَ كاسبا فِي الاول ثمَّ اخْتَار التَّوَكُّل وَكَانَ لَهُ انعام عَام على الْغَنِيّ وَالْفَقِير وَمَعَ هَذَا لم يكن لَهُ منصب وَلَا مَال واذا اهدى اليه اُحْدُ شَيْئا يُكَافِئهُ بأضعاف ذَلِك وَكَانَ عابدا زاهدا تقيا وانتسب الى خدمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه حاجي خَليفَة وَيفهم من مشربه انه كَانَ اويسيا فالبعض من محبيه قَالَ اشتكت عَيْنَايَ فِي بعض الايام وامتد ذَلِك مُدَّة قَالَ الشَّيْخ الْمَذْكُور

ومنهم الشيخ العارف بالله تعالى ابن علي دده خليفة الشيخ العارف بالله تعالى ابن الوفاء قدس سره وقام مقامه بعد وفاته

لي كَانَت رمدت عَيْنَايَ فِي بعض الايام وامتد ذَلِك مُدَّة وَلم ينجع الدَّوَاء فَلَقِيت يَوْمًا رجلا شَابًّا فَقَالَ لي يَا وَلَدي اقْرَأ المعوذتين فِي الرَّكْعَتَيْنِ الاخيرتين من السّنَن الْمُؤَكّدَة قَالَ فداومت على ذَلِك فشفى الله تَعَالَى بَصرِي قَالَ ذَلِك الْبَعْض قلت من هَذَا الشَّاب قَالَ هُوَ رجل مَشْهُور قَالَ ذَلِك الْبَعْض فَعلمت انه الْخضر عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ ذَلِك الْبَعْض فعلت كَمَا قَالَ فبرئت عَيْنَايَ وَقَالَ ذَلِك الْبَعْض ايضا وَقعت فَتْرَة ببلدة بروسه من جِهَة بعض الخارجين فِي سنة سبع عشرَة وَتِسْعمِائَة واضطرب النَّاس اضطرابا شَدِيدا حَتَّى هموا بالفرار فاستغاثوا بِهِ فَقَالَ لَهُم هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَة لَا يدْخلُونَ هَذَا الْبَلَد وَلَا يلْحق اهله ضَرَر من جهتهم فثبتوا مكانهم وَكَانَ كَمَا قَالَ مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي تِلْكَ السّنة بِمَدِينَة بروسه وَدفن بهَا قدس سره وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى ابْن عَليّ دده خَليفَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى ابْن الْوَفَاء قدس سره وَقَامَ مقَامه بعد وَفَاته وَكَانَ شَيخا ضَعِيفا مُجَردا عَن الاهل والعيال وَكَانَ متعبدا متواضعا رَاضِيا من الْعَيْش بِالْقَلِيلِ وَكَانَ مبارك النَّفس مَقْبُول الطَّرِيقَة وَحسن السمت روح الله تَعَالَى روحه وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ عَلَاء الدّين عَليّ المشتهر بعلاء الدّين الاسود اخذ التصوف عَن الشَّيْخ حاجي خَليفَة وَسمعت عَنهُ انه قَالَ لازمت خدمَة الشَّيْخ مُنْذُ جُلُوسه مقَام الارشاد الى ان وصل الى رَحْمَة الله تَعَالَى واشتغلت عِنْده بالرياضة حَتَّى ذهب مَا فِي بدني من اللَّحْم ثَلَاث مَرَّات قَالَ وَبعد وَفَاة الشَّيْخ وصلت الى خدمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ محيي الدّين القوجوي وَكنت عِنْده كطفل شرع فِي الهجاء اولا ولازمت خدمته الى ان مَاتَ وَله الاجازة من كلا الشَّيْخَيْنِ ثمَّ قعد فِي بَيته مُنْقَطِعًا عَن النَّاس مُتَوَجها الى الله تَعَالَى بكليته وَمَات فِي سنة تسع وَعشْرين وَتِسْعمِائَة نور الله تَعَالَى مرقده

ومن مشايخ زمانه الشيخ العارف بالله تعالى الشيخ السيد علي بن ميمون المغربي الاندلسي

وَمن مَشَايِخ زَمَانه الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ السَّيِّد عَليّ بن مَيْمُون المغربي الاندلسي تربى قدس سره ببلاده عِنْد الشَّيْخ ابْن عَرَفَة وَالشَّيْخ الدباسي ثمَّ دخل الْقَاهِرَة وَحج ثمَّ دخل الْبِلَاد الشامية وربى كثيرا من النَّاس ثمَّ توطن بِمَدِينَة بروسه ثمَّ رَجَعَ الى الْبِلَاد الشامية وَتُوفِّي بهَا فِي سنة سبع عشرَة وَتِسْعمِائَة وَله مقامات عَلَيْهِ واحوال سنية وَكَانَ من التَّقْوَى على جَانب عَظِيم وَكَانَ لَا يُخَالف السّنة حَتَّى نقل عَنهُ انه قَالَ لَو أَتَانِي بايزيد بن عُثْمَان لَا اعامله الا بِالسنةِ وَكَانَ لَا يقوم للزائرين وَلَا يقومُونَ لَهُ واذا جَاءَ اهل الْعلم يفرش جلد شَاة تَعْظِيمًا لَهُ وَكَانَ قوالا بِالْحَقِّ وَلَا يخَاف فِي الله لومة لائم وَكَانَ لَهُ غضب شَدِيد اذا رأى فِي المريدين مُنْكرا يَضْرِبهُمْ بالعصا حَتَّى انه كسر بضربه عظم بعض مِنْهُم وَكَانَ لَا يقبل الْوَظِيفَة وَلَا هَدَايَا الامراء والسلاطين وَكَانَ مَعَ ذَلِك يطعم كل يَوْم مِقْدَار عشْرين نفسا من المريدين وَله احوال كَثِيرَة ومناقب عَظِيمَة لَا يتَحَمَّل هَذَا الْمُخْتَصر تعدادها قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ علوان الْحميدِي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مدرسا ثمَّ ترك التدريس واتصل بِخِدْمَة الشَّيْخ المغربي الْمَذْكُور وأكمل عِنْده الطَّرِيقَة وَكَانَ بحرا من بحار الْحَقِيقَة وَكَانَ عَالما فَاضلا صَاحب زهد وتقوى وَصَاحب اخلاق حميدة ومناقب جليلة وَمَعَ ذَلِك كَانَ يُفْتِي على مَذْهَب الشَّافِعِي توفّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ مُحَمَّد الشهير بِابْن الْعرَاق كَانَ من اولاد الْأُمَرَاء الجراكسة وَكَانَ من طَائِفَة الْجند على زِيّ الامراء وَكَانَ صَاحب مَال عَظِيم وحشمة وافرة ثمَّ ترك الْكل واتصل الى خدمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى السَّيِّد عَليّ بن مَيْمُون المغربي واشتغل بالرياضة عِنْده حُكيَ انه لم يشرب مُدَّة عشْرين يَوْمًا مَاء فِي الايام الحارة حَتَّى خر يَوْمًا مغشيا عَلَيْهِ من شدَّة الْعَطش وَقرب من الْمَوْت وَقَالُوا للشَّيْخ ان ابْن الْعرَاق قريب من الْمَوْت من شدَّة الْعَطش فَقَالَ الشَّيْخ الى رَحمَه الله تَعَالَى فكرروا عَلَيْهِ القَوْل فَلم يَأْذَن فِي سقيه

ومنهم العالم العارف بالله تعالى الشهير بابن صوفي واسمه عبد الرحمن

وَقَالَ صبوا على رَأسه المَاء فَفَعَلُوا ذَلِك فَقَامَ على ضعف ودهشة وَلم يمض على ذَلِك ايام الا وَقد انْفَتح عَلَيْهِ الطَّرِيق وَوصل الى مَا يتمناه وَكَانَ عَالما زاهدا صَاحب تقوى وجاور مُدَّة عمره بعد وَفَاة شَيْخه بِمَدِينَة الرَّسُول صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ مَاتَ وَدفن بهَا قدس سره وَمِنْهُم الْعَالم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشهير بِابْن صوفي واسْمه عبد الرحمن كَانَ اولا من طلبة الْعلم الشريف وَكَانَ يقْرَأ على الْمولى مُوسَى جلبي ابْن الْمولى الْفَاضِل افضل زَاده وَكَانَ الْمولى الْمَذْكُور وقتئذ مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ ترك الْمولى عبد الرحمن طَريقَة تَحْصِيل الْعلم والتحق بِخِدْمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى السَّيِّد عَليّ ابْن مَيْمُون المغربي وأكمل عِنْده الطَّرِيقَة فِي أقرب مُدَّة حُكيَ انه كَانَ يَوْمًا عِنْده اذ اشْتَكَى الى الشَّيْخ من نَفسه وَقَالَ يَا سَيِّدي الشَّيْخ ان كثيرا من النُّفُوس قد صلحت وَلم تصلح نَفسِي الامارة قَالَ الشَّيْخ انها امارة بِالْخَيرِ قَالَ لَا يَا سَيِّدي امارة بالسوء قَالَ لَهُ الشَّيْخ قُم يَا عبد الرحمن فَلَمَّا ذهب قَالَ الشَّيْخ للحاضرين تهت فِي بَحر عبد الرحمن وَذَلِكَ من حَيْثُ انه لم يحسن الظَّن بِنَفسِهِ لَان حسن الظَّن بِالنَّفسِ مكر عَظِيم عِنْد اهل الطَّرِيقَة ثمَّ لما ذهب الشَّيْخ الى الْبِلَاد الشامية نَصبه خَليفَة لَهُ بِمَدِينَة بروسه وَكَانَ ملبسه على زِيّ عوام النَّاس وكا متواضعا متخشعا تلمع آثَار الْخَيْر من وَجهه الْكَرِيم توفّي رَحمَه الله فِي سنة تسع عشرَة وَتِسْعمِائَة وَحضر الشَّيْخ عبد الرحمن يَوْمًا مجْلِس الشَّيْخ وَكَانَت طريقتهم مَبْنِيَّة على الاشتكاء من الخواطر وَيتَكَلَّم الشَّيْخ على ذَلِك الخاطر ويدفعه الى ان تَنْقَطِع الخواطر عَن المريد وَقَالَ الشَّيْخ عبد الرحمن يَوْمًا لشيخه وَكَانَ فِي اوائل اتِّصَاله بخدمته يَا سَيِّدي الشَّيْخ ان لي خاطرا فَقَالَ الشَّيْخ تكلم قَالَ الشَّيْخ عبد الرحمن يَمْنعنِي الشَّيْطَان عَن التَّكَلُّم بِهِ لَان فِي الْمجْلس مدرسا كنت قَرَأت عَلَيْهِ وَنَفْسِي تَقول اذا تَكَلَّمت بِهَذَا الخاطر يسيء ذَلِك الْمدرس الظَّن فِيك فَعِنْدَ ذَلِك قَالَ الشَّيْخ انما الْمدرس وهم ثمَّ ان الْعَاقِل لَا ينصب بَين عَيْنَيْهِ لَا القَاضِي وَلَا الْمدرس وَلَا الْمُفْتِي وَلَا السُّلْطَان الا الله تَعَالَى هَذَا كَلَامه بِعَيْنِه قدس سره

ومنهم الشيخ العارف بالله تعالى المولى اسمعيل الشرواني

وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الْمولى اسمعيل الشرواني قَرَأَ اولا على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْعَلامَة جلال الدّين الدواني ثمَّ خدم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى خواجه عبيد الله السَّمرقَنْدِي وتربى عِنْده وَصَارَ من اكمل اصحابه وَلما مَاتَ هُوَ رَحمَه الله تَعَالَى ارتحل الى مَكَّة الشَّرِيفَة وتوطن هُنَاكَ الى ان توفّي فِي قريب من اربعين وَتِسْعمِائَة وأتى رَحمَه الله بِلَاد الرّوم فِي زمن السُّلْطَان بايزيدخان كَانَ رجلا معمرا طَوِيل الْقَامَة وقورا مهيبا مُنْقَطِعًا عَن احوال النَّاس مشتغلا بِنَفسِهِ وَكَانَ لَهُ حسن معاشرة مَعَ النَّاس يَسْتَوِي عِنْده الصَّغِير وَالْكَبِير والغني وَالْفَقِير وَكَانَ لَهُ فضل عَظِيم فِي الْعُلُوم الظَّاهِرَة وَكَانَ يدرس بِمَكَّة الشَّرِيفَة كتاب البُخَارِيّ وَتَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ نور الله تَعَالَى مرقده وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ بَابا نعْمَة الله كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى اخْتَار الْفقر على الْغنى وَكَانَ يخفي نَفسه وَكَانَ متبحرا فِي الْعُلُوم الربانية وغريقا فِي بَحر الاسرار الالهية وَقد كتب تَفْسِيرا لِلْقُرْآنِ الْعَظِيم بِلَا مُرَاجعَة للتفاسير وأدرج فِيهِ من الْحَقَائِق والدقائق مَا يعجز عَن ادراكها كثير من النَّاس مَعَ الفصاحة فِي عِبَارَته والبلاغة فِي تعبيراته وَشرح كتاب كلشن راز شرحا مَقْبُولًا عِنْد اهله وَكَانَ متوطنا بقصبة آق شهر من ولَايَة قرامان وَتُوفِّي وَدفن بهَا نور الله تَعَالَى مرقده وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ مُحَمَّد البدخشي صحب مَعَ الشَّيْخ الْمَشْهُور بَين النَّاس بِابْن الْمولى الاتراري وَكَانَ على ترك الدُّنْيَا والتجرد من علائقها كَمَا هِيَ طَريقَة شَيْخه ثمَّ توطن بِمَدِينَة دمشق وَلما فتحهَا السُّلْطَان سليم خَان ذهب الى بَيت الشَّيْخ الْمَزْبُور مرَّتَيْنِ وَفِي الْمرة الاولى لم يجر بَينهمَا كَلَام وجلسا على الادب والصمت ثمَّ تفَرقا وَفِي الْمرة الثَّانِيَة قَالَ لَهُ الشَّيْخ محمدالبدخشي كِلَانَا عبد الله تَعَالَى وانما الْفرق هُوَ ان ظهرك ثقيل من اعباء النَّاس وظهري خَفِيف عَنْهَا واجتهد ان لَا تضيع امتعتهم وَسُئِلَ عَن السُّلْطَان سليم خَان عَن اخْتِيَاره الصمت فَقَالَ فتح الْكَلَام يَنْبَغِي ان يكون من العالي وَلَا علو لي عَلَيْهِ وتأدب هُوَ أَيْضا وَاخْتَارَ الصمت تنزلا مِنْهُ ثمَّ قَالَ لما جَاءَ بديع

ومنهم الشيخ العارف بالله تعالى السيد أحمد البخاري الحسيني رحمه الله

الزَّمَان وَهُوَ من اولاد السُّلْطَان حُسَيْن بيقرا إِلَى بِلَاد الرّوم جَاءَ إِلَيّ وَمَا تَكَلَّمت اصلا وَمَا تكلم هُوَ ايضا تأدبا وَحكي عَن خواجه مُحَمَّد قَاسم وَهُوَ من نسل خواجه عبيد الله السَّمرقَنْدِي انه قَالَ ذهبت الى خدمَة الْمولى اسمعيل الشرواني من اصحاب خواجه عبيد الله ورغبني فِي مطالعة الْكتب واعتذرت اليه بِعَدَمِ مساعدة الْوَقْت ثمَّ قُمْت وَذَهَبت الى خدمَة الشَّيْخ مُحَمَّد البدخشي فَقَالَ ي كَأَنَّك جِئْت من عِنْد الْمولى اسمعيل قلت نعم قَالَ يرغبك فِي مطالعة الْكتب قلت نعم قَالَ لَا تلْتَفت الى قَوْله إِنِّي قرات على عمي من الْقُرْآن الْعَظِيم الى سُورَة العاديات والان لَيْسَ لي احْتِيَاج فِي الْعلم الى الْمولى اسمعيل ثمَّ قَالَ إِنِّي اتعجب من حَال الْمولى اسمعيل وَمَا عرفت حَاله تَارَة اراه فِي أَعلَى عليين وَأرَاهُ تَارَة فِي أَسْفَل السافلين قَالَ خواجه مُحَمَّد قَاسم ثمَّ ذهبت الى خدمَة الْمولى اسمعيل وَقَالَ لي لَعَلَّك كنت عِنْد الشَّيْخ مُحَمَّد البدخشي قَالَ قلت نعم قَالَ مَنعك من المطالعة قَالَ قلت نعم قَالَ ان لَك فِي المطالعة نفعا عَظِيما ان جدك الاعلى خواجه عبيد الله كَانَ فِي آخر عمره يطالع اللَّيَالِي تَفْسِير الْعَلامَة الْبَيْضَاوِيّ ثمَّ قَالَ إِن لي مَعَ الشَّيْخ مُحَمَّد البدخشي حَالا عَجِيبَة اذا قصدت ان اصاحبه رَأَيْت نَفسِي فِي أَعلَى عليين وَإِذا قصدت ترك الصُّحْبَة مَعَه أريت نَفسِي فِي أَسْفَل السافلين مَاتَ الشَّيْخ مُحَمَّد البدخشي بِدِمَشْق فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وتسعمائه قدس سره وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى السَّيِّد أَحْمد البُخَارِيّ الْحُسَيْنِي رَحمَه الله صحب اولا الشَّيْخ عبيد الله السَّمرقَنْدِي ثمَّ صحب بامره الشَّيْخ الالهي وسافر مَعَه الى بِلَاد الرّوم وَترك هُوَ اهله وَعِيَاله ببخارى وَكَانَ الشَّيْخ الالهي يعظمه غَايَة التَّعْظِيم وَعين لَهُ جَانب يَمِينه وَكَانَ لَا يقدم عَلَيْهِ احدا من الْعلمَاء والفضلاء وَكَانَ الشَّيْخ الالهي عينه للامامة مُدَّة اقامته بسماونه وَنقل عَن الشَّيْخ الالهي انه قَالَ ان السَّيِّد احْمَد البُخَارِيّ صلى لنا صَلَاة الْفجْر بِوضُوء الْعشَاء سِتّ سِنِين وَسُئِلَ هُوَ عَن نَومه فِي تِلْكَ الْمدَّة قَالَ كنت آخذ بغلة الشَّيْخ وَحِمَاره فِي صَبِيحَة كل يَوْم وأصعد الْجَبَل لنقل الْحَطب الى مطبخ الشَّيْخ وَكنت ارسلهما ليرتعا فِي الْجَبَل وَفِي ذَلِك الْوَقْت

كنت اسْتندَ إِلَى شَجَرَة وأنام سَاعَة ثمَّ سَافر هُوَ باذن الشَّيْخ على التجرد والتوكل الى الْحجاز وَأَعْطَاهُ الشَّيْخ حمارا وَعشرَة دَرَاهِم وَأخذ من سفرة الْعشَاء خبْزَة وَاحِدَة وَذهب وَلَيْسَ مَعَه غير هَذِه الا الْمُصحف الشريف وَكتاب المثنوي وسرق الْمُصحف فِي الذّهاب وَبَاعَ كتاب المثنوي بِمِائَتي دِرْهَم بابرام الْبَعْض وَلم يكن لَهُ سوى هَذَا وَلم يقبل من اُحْدُ فِي سَفَره مَالا وَلَا صَدَقَة سوى دِينَار نَذره الْبَعْض لخواجه بهاء الدّين وَقَبله بابرام مِنْهُ وَمَعَ ذَلِك سَافر على أحسن حَال وسعة نَفَقَة وَسكن فِي الْقُدس الشريف مُدَّة وَسكن بِمَكَّة الشَّرِيفَة قَرِيبا من سنة وَنذر أَن يطوف الْكَعْبَة كل يَوْم سبع مَرَّات وَأَن يسْعَى بَين الميلين سبع مَرَّات وَكَانَ كل لَيْلَة يطوف بِالْكَعْبَةِ تَارَة وَيقوم تَارَة وَيقْعد تَارَة وَلَا ينَام سَاعَة مَعَ انه كَانَ ضَعِيف البنية ثمَّ ان الشَّيْخ الالهي ارسل اليه كتابا وَطلب مِنْهُ ان يَجِيء اليه فَرجع الى خدمَة الشَّيْخ امتثالا لأَمره وَحكي عَنهُ انه قَالَ وَقع فِي نَفسِي دَاعِيَة زِيَارَة مَشَايِخ قسطنطينية فَسَأَلت الاجازة من الشَّيْخ فَأذن لي وَقَالَ عَلَيْك بتتبع احوال تِلْكَ الْمَدِينَة وَالنَّاس يدعونني اليها فَنزلت فِي زَاوِيَة الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء فَدخلت الْمَسْجِد لأصلي صَلَاة الْعَصْر وَخرج الشَّيْخ من بَابه فِي الْمِحْرَاب وَأم للحاضرين فِي الصَّلَاة وَلما فرغوا من الصَّلَاة اشتغلوا بالاوراد فَجَلَست من بعيد على أدب وَكلما رفعت راسي انْظُر الى الشَّيْخ يرفع الشَّيْخ رَأسه وَينظر الي وَلما فرغوا من الاوراد قُمْت الى الشَّيْخ فَقَامَ الشَّيْخ واستقبلني وعانقني وقبلني ثمَّ قعدت فِي حُضُور الشَّيْخ على أدب وَصمت زَمَانا وَقَالَ الشَّيْخ للحاضرين هَذَا ضيفنا فاكرموه ثمَّ ذهب الشَّيْخ الى خلوته فَبت تِلْكَ اللَّيْلَة هُنَاكَ وَرَأَيْت فِي الْمَنَام سِرَاجًا ضَعِيف الاشتعال فِي زَاوِيَة من جَامع الشَّيْخ وَفِي يَدي شمعة اريد أَن اوقدها من ذَلِك السراج وقصدت ذَلِك ثَلَاث مَرَّات وَفِي كل مرّة يغيب السراج عَن بَصرِي وَلما انْتَبَهت من الْوَاقِعَة صاحبت مَعَ الشَّيْخ وَذَهَبت مَعَ اجازته ثمَّ نظرت فَإِذا مُدَّة الاقامة ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ إِنِّي كتبت الى الشَّيْخ الالهي كتابا ورغبته عَن الاتيان الى مَدِينَة قسطنطينية وَفِي السّكُون فِي مقَامه فَكَانَ ذَلِك سَببا لاقامة الشَّيْخ مُدَّة بسماونه وَلما مَاتَ الشَّيْخ الالهي ظَهرت آثَار خلَافَة الشَّيْخ بِمَدِينَة قسطنطينية

ومنهم العارف بالله تعالى الشيخ مصلح الدين الطويل

وَرغب النَّاس فِي خدمته وَتركُوا المناصب واختاروا خدمته وَلما كثر الطالبون بنى بِمَدِينَة قسطنطينية مَسْجِدا وحجرات لسكنى الطالبين ووقف عَلَيْهَا أوقافا لمعاشهم وَكَانَ آدَاب مَجْلِسه انه يجلس على هَيْبَة ووقار وَالنَّاس حوله يَجْلِسُونَ متحلقين على أدب عَظِيم كَأَن على رؤوسهم الطير وَكَانَ مشرفا على الخواطر بِحَيْثُ يَأْخُذُونَ الْجَواب من غير عرضهمْ الخواطر وَكَانَ لَا يجْرِي فِي مَجْلِسه كَلِمَات دنيوية أصلا وَكَانَت طَرِيقَته الْعَمَل بالعزيمة وَترك الْبِدْعَة والاتباع للسّنة واقامة الصَّلَاة والانقطاع عَن النَّاس والمداومة على الذّكر الْخَفي وَالْعُزْلَة عَن الانام وَقلة الْكَلَام وَالطَّعَام واحياء اللَّيَالِي وَصَوْم الايام مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة وَدفن عِنْد مَسْجده وقبره يزار ويتبرك بِهِ حُكيَ عَمَّن قَامَ مقَامه وَهُوَ الشَّيْخ مَحْمُود جلبي انه قَالَ لما مَاتَ الشَّيْخ غسلته وَوَاحِد من المحبين يصب عَلَيْهِ المَاء وَآخر مِنْهُم بِيَدِهِ منشفة يمسح عرقي لِأَنِّي تعرقت من الْحيَاء وَفِي وَقت الْغسْل فتح عَيْنَيْهِ ثَلَاث مَرَّات وَنظر الي كَمَا فِي حَيَاته قدس سره قَالَ وَلما ضعته فِي الْقَبْر توجه هُوَ بِنَفسِهِ الى جَانب الْقبْلَة وَرَآهُ الْحَاضِرُونَ هُنَاكَ فصاحوا وصلوا على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ مصلح الدّين الطَّوِيل كَانَ اصله من كرة النّحاس من ولَايَة قسطموني اشْتغل اولا بِالْعلمِ الشريف وَكَانَ مشتهرا بِالْفَضْلِ مَقْبُولًا عندعلماء عصره ثمَّ حصل لَهُ محبَّة التصوف وَدَار على مَشَايِخ عصره وَاسْتقر عِنْد الشَّيْخ الالهي وداوم خدمته الى ان مَاتَ وَحصل عِنْده طَريقَة التصوف وَبلغ الْكَمَال الْأَقْصَى وَكَانَ مُنْقَطِعًا من النَّاس مُجَردا عَن أَحْوَال الدُّنْيَا غير مبال بعادات النَّاس وَيرى فِي ظَاهره آثَار الهيبة والجلال وَهُوَ عِنْد الصُّحْبَة باللطف وَالْجمال ورأيته فِي زمن الصِّبَا وَحصل لي مِنْهُ هَيْبَة عَظِيمَة وَهَذِه الهيبة فِي قلبِي الى الان وَكتب رِسَالَة فِي زمن السُّلْطَان بايزيدخان وأرسلها اليه يذكر فِيهَا نبذا من أَحْوَال الْعَرْش والكرسي وَذكر فِي آخرهَا انه إِذا وَقع الظُّلم فِي نَاحيَة من النواحي يرى صلحاء تِلْكَ النواحي رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام حَزينًا وصلحاء كرة

ومنهم الشيخ العارف بالله تعالى عابد جلبي من نسل المولى جلال الدين الرومي

النّحاس راوا رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم مَحْزُونا فتتبعنا فَوَجَدنَا فِي تِلْكَ النَّاحِيَة ظلما عَظِيما وَوصف ذَلِك الظُّلم فَرفع السُّلْطَان بايزيدخان ذَلِك الظُّلم عَن أهل تِلْكَ النواحي وَحكى بعض من الْعلمَاء انه قَالَ ذهبت الى خدمته مرّة وَقلت أردْت ان اترك هَذَا الطَّرِيق قَالَ أَي طَرِيق هُوَ قلت الْعلم قَالَ هَل وجدت طَرِيقا احسن مِنْهُ قَالَ فَسكت ثمَّ قَالَ للحاضرين هَل فِيكُم من يعرف سِنَان جلبي الكرميائي قَالُوا نعم نعرفه قَالَ كَيفَ تعرفونه قَالُوا هُوَ قَاض من اهل الْفضل قَالَ انه أكمل طَريقَة التصوف وَلَيْسَ فِيكُم من يعرف حَاله هَذَا وَالَّذِي لَهُ همة عالية يكمل الطَّرِيقَة قَاضِيا ومدرسا وَلَا يشْعر بِهِ اُحْدُ وَمن لَيْسَ لَهُ همة عالية تشوقه النَّفس الى ترك طَرِيق الْعلم وَلَا يَتَيَسَّر لَهُ ذَلِك وَيحرم عَن الطَّرِيق وَمن جملَة احواله انه فرش حَصِيرا فِي مَوضِع قريب من قبر الشَّيْخ تَاج الدّين بِمَدِينَة بروسه وَقَرَأَ على ذَلِك الْحَصِير كل غدْوَة سُورَة يس الى اربعين يَوْمًا وَلما أتم الاربعين مَاتَ وَدفن فِي مَوضِع ذَلِك الْحَصِير قدس سره وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى عَابِد جلبي من نسل الْمولى جلال الدّين الرُّومِي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى قَاضِيا فَأَرَادَ ان يتْرك الْقَضَاء ويسلك مَسْلَك التصوف فَاسْتَشَارَ زَوجته فِي ذَلِك وَكَانَت من بَنَات الاكابر فَسَكَتَتْ فَظن انها لم ترض بذلك وَفِي الْغَد رَآهَا قد اخرجت ثِيَاب الزِّينَة ولبست العباءة وَالثيَاب الدنيئة قَالَت اني ارغب مِنْك فِي ذَلِك فَترك الْقَضَاء ولازم خدمَة الشَّيْخ الالهي وَحصل طَريقَة التصوف وَبنى مَسْجِدا عِنْد بَيته بقسطنطينية وحجرات للْفُقَرَاء وداوم على الْعلم وَالْعِبَادَة الى ان مَاتَ وَدفن عندمسجده نور الله تَعَالَى مرقده وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ لطف الله الاسكوبي كَانَ رَحمَه الله من أفاضل الطّلبَة فِي عصره وحصلت لَهُ محبَّة الصُّوفِيَّة وَصَحب مَعَ كثير مِنْهُم ثمَّ سمع أَحْوَال الشَّيْخ الالهي وَهُوَ سَاكن وقتئذ بِجَامِع زيرك بقسطنطينية حُكيَ عَنهُ انه قَالَ ذهبت الى الْجَامِع الْمَذْكُور وَأَنا على زِيّ

ومنهم العارف بالله تعالى الشيخ بدر الدين الشهير ببدر الدين بابا

طلبة الْعلم فاذن لصَلَاة الظّهْر وَقَعَدت فِي راوية من الْمَسْجِد وَقلت فِي نَفسِي امتحن الشَّيْخ قبل الْوُصُول اليه فتوجهت اليه فظهرت يَد من جَانب الْقبْلَة أرى الْيَد وَلَا أرى الشَّخْص فجذبتني الى صف آخر فِي قدامي وَهَكَذَا الى ثَلَاث مَرَّات وَلما أقيم للصَّلَاة خرج الشَّيْخ وَصلى هُوَ مَعَ النَّاس وَلما فرغوا من الصَّلَاة ذهبت الى الشَّيْخ لأقبل يَده فَإِذا هِيَ الْيَد الَّتِي جذبتني وقبلتها وَقَالَ لي انك شَدِيد الامتحان اما كَانَ يَكْفِيك ان تمتحني مرّة وَاحِدَة ثمَّ اعتذرت اليه وَطلبت مِنْهُ الْقبُول للْخدمَة قَالَ انها عسيرة فابرمت عَلَيْهِ قَالَ اجربك اولا قَالَ ان هَذِه الجرار الَّتِي ترَاهَا مهيأة للصوفية هَل تقدر ان تَأتي بهَا المَاء قَالَ فَقُمْت فِي ذَلِك الْوَقْت ورميت الثِّيَاب الَّتِي على ظَهْري ونقلت بِتِلْكَ الجرار المَاء الى الزاوية وَعرف الشَّيْخ صدقي فقبلني ورباني حَتَّى وصلت بهمته الى الْمَرَاتِب الْعلية كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما زاهدا مشتغلا بِالْعلمِ وَالْعِبَادَة وَكَانَ سَاكِنا على جبل من جبال اسكوب وَكَانَت لَهُ صومعة على الْجَبَل وَكَانَت رُعَاة الْكَفَرَة يرعون الْغنم حولهَا وَكثير مِنْهُم أَسْلمُوا لما رَأَوْا من رياضته وزهده وعبادته فِي اللَّيَالِي وَمَات رَحمَه الله تَعَالَى على تِلْكَ الْحَال وقبره بِالْمَدِينَةِ المزبورة قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ بدر الدّين الشهير ببدر الدّين بَابا كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من أَصْحَاب الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ الالهي وَلما توفّي الشَّيْخ الْمَذْكُور توطن بِمَدِينَة ادرنه وَانْقطع عَن النَّاس ولازم بَيته وَكَانَ بَدْرًا فِي سَمَاء الطَّرِيقَة وبحرا من بحار الْحَقِيقَة وفيا رَضِيا مَقْبُول الدعْوَة مرشد للانام وداعيا لَهُم الى الله تَعَالَى وانتفع بِهِ كثير من النَّاس نور الله تَعَالَى مرقده وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ عَلَاء الدّين خَليفَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من طَائِفَة الْجند ثمَّ اقْتدى بالشيخ عَلَاء الدّين ابدال وَحصل عِنْده الطَّرِيقَة الخلوتية وَوصل الى مَا يتمناه ثمَّ اتَّصل بِخِدْمَة الشَّيْخ سِنَان الدّين الخلوتي من خلفاء الشَّيْخ عَلَاء الدّين ابدال وَكَانَ ينْسب اليه فِي السلسلة وَبنى زَاوِيَة بِمَدِينَة قسطنطينية واشتغل بتربية المريدين وَكَانَ صَاحب حَال وجذبة انْتفع بِهِ الكثيرون وَكَانَ من التَّقْوَى على جَانب عَظِيم

ومنهم العارف بالله تعالى الشيخ سليمان خليفة

وَمن كراماته مَا حكى عَنهُ بعض مريديه وَهُوَ انه قَالَ كنت مغرما بصنعة الاكسير واتلفت لاجلها مَالا عَظِيما وَركب عَليّ من الدُّيُون مِقْدَار مائَة ألف دِرْهَم قَالَ فتفطن الشَّيْخ لذَلِك وسألني عَنْهَا فاخبرته الْحَال فَقَالَ يَا بني ان الاكسير لَا يحصل بالصنعة وان الاكسير هَكَذَا فاخذ قَبْضَة من التُّرَاب فمسكه بِيَدِهِ سَاعَة ثمَّ أَلْقَاهُ فَإِذا هُوَ ذهب ابريز فعرضته على الصياغين فتغالوا فِي ثمنه بابلغ مَا يكون قَالَ فَقضى عني الدُّيُون الْمَذْكُورَة كلهَا بِهَذَا الطَّرِيق وَله غير ذَلِك من كرامات لَا يسع ذكرهَا هَذَا الْمُخْتَصر قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ سُلَيْمَان خَليفَة كَانَ من عبيد السلطان مُحَمَّد خَان ثمَّ لحقته الجذبة الالهية واتصل بِخِدْمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الْمولى مسعودخليفة ونال عِنْده مَا يتمناه وَبنى زَاوِيَة بِمَدِينَة قسطنطينية واشتغل هُنَاكَ بتربية المريدين الى ان توفّي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى صَاحب جذبة وَحَال عَظِيمَة يردحم النَّاس الى مَجْلِسه وَيحصل لَهُم الْحَال قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ سونديك الشهير بقوغه جي دده كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى صَاحب جذبة عَظِيمَة وأحوال سنية وَصَاحب كرامات حُكيَ انه اجْتمع مَعَ الْمولى الكرماستي وَهُوَ قَاض بقسطنطينية عِنْد الْمولى حميد الدّين بن افضل الدّين وَكَانَ هُوَ مفتيا وقتئذ فَشَكا الْمولى الكرماستي اليه من متصوفة زَمَانه بانهم يرقصون ويصعقون عِنْد الذّكر وانه مُخَالف للشَّرْع فَقَالَ الْمولى ابْن افضل الدّين للْمولى الكرماستي ان رئيسهم هَذَا الشَّيْخ واشار الى قوغه جي دده وَقَالَ ان اصلحته صلح الْكل فَعِنْدَ ذَلِك قَامَ الْمولى الكرماستي وَأخذ مَعَه الشَّيْخ قوغه جي دده الى منزله وأحضر مريديه وهيأ لَهُم الطَّعَام وَبعد الْفَرَاغ من الطَّعَام قَالَ لَهُم اجلسوا واذْكُرُوا الله على أدب ووقار وَسُكُون فَقَالُوا نَفْعل ذَلِك فَلَمَّا شرعوا فِي الذّكر صَاح الشَّيْخ قوغه جي دده فِي أذن الْمولى الكرماستي صَيْحَة عَظِيمَة حَتَّى قَامَ الْمولى وَسقط عمَامَته عَن رَأسه وَرِدَاؤُهُ عَن مَنْكِبَيْه فشرع يرقص ويصعق حَتَّى مضى من النَّهَار مِقْدَار ثلثه فَلَمَّا سكن اضْطِرَاب الْمولى قَالَ ل

ومنهم العارف بالله تعالى الشيخ المعروف بابن الامام من مشايخ الطريقة الخلوتية

الشَّيْخ قوغه جي دده لاي شَيْء اضْطَرَبَتْ ايها الْمولى وَقلت انه مُنكر فَقَالَ الْمولى تبت وَرجعت الى الله تَعَالَى عَن ذَلِك الانكار وَلَا أَعُود اليه أبدا توفّي الشَّيْخ الْمَذْكُور بِمَدِينَة قسطنطينية وَدفن بهَا قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ الْمَعْرُوف بِابْن الامام من مَشَايِخ الطَّرِيقَة الخلوتية كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى متوطنا فِي ولَايَة ايدين وَكَانَ عَالما فَاضلا عَارِفًا بِاللَّه تَعَالَى صَاحب جذبات قَوِيَّة ورياضات عَظِيمَة ومجاهدات كَثِيرَة وأكمل عِنْده كثير من المريدين طَريقَة التصوف ونالوا مَا نالوا من الكرامات السّنيَّة والمقامات الْعلية قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ صَلَاح الدّين الازنيقي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما عَاملا صَاحب أَخْلَاق حميدة وودع تَامّ وَكَانَ متواضعا مَقْبُول الطَّرِيقَة مربيا للمريدين وَكَانَ من خلفاء قطب العارفين شَيْخي خَليفَة وَكَانَ جَامعا لِآدَابِ الصُّحْبَة والتصوف ذَا همة عَظِيمَة حَتَّى رُوِيَ عَن سنبل سِنَان انه قَالَ لَو لم أصل الى شَيْخي خَليفَة لَكُنْت فِي خدمَة صَلَاح الدّين وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ بايزيد خَليفَة المتوطن بِمَدِينَة ادرنه كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما بالعلوم الظَّاهِرَة وعارفا بِاللَّه تَعَالَى وَصِفَاته وَكَانَ يعظ النَّاس وَيذكرهُمْ وانتفع بِهِ كثير من النَّاس وَكَانَ طليق اللِّسَان وَاضح التَّقْرِير عابدا زاهدا مُجَاهدًا وَحصل الطَّرِيقَة عِنْد الشَّيْخ جلبي خَليفَة توفّي رَحمَه الله تَعَالَى بِالْمَدِينَةِ المزبورة وَدفن بهَا قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ سِنَان الدّين يُوسُف الشهير بسنبل سِنَان كَانَ مشتغلا بِالْعلمِ فِي اول عمره ومشارا اليه بالبنان حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل افضل زَاده ثمَّ غلبت عَلَيْهِ محبَّة التصوف حَتَّى وصل الى خدمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى جلبي خَليفَة واشتغل عِنْده بالرياضة والمجاهدة حَتَّى اجاز لَهُ بالارشاد وَسكن مُدَّة بِمصْر يُربي الْفُقَرَاء الطالبين هُنَاكَ ثمَّ أَتَى مَدِينَة قسطنطينية وَقعد فِي زَاوِيَة الْوَزير مصطفى باشا واشتغل بتربية الطالبين وارشادهم حَتَّى أكمل جمعا كثيرا مِنْهُم وَأَجَازَ لَهُم بالارشاد وداوم على ذَلِك الى آخر عمره

ومنهم العارف بالله تعالى الشيخ جمال الدين اسحق القرماني المعروف بجمال خليفة

وَكَانَ عَالما بالتفسير يعظ النَّاس ويفسر الْقُرْآن الْعَظِيم روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ جمال الدّين اسحق القرماني الْمَعْرُوف بِجَمَال خَليفَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مشتغلا بِالْعلمِ الشريف وَكَانَ مشهودا لَهُ بِالْفَضْلِ بَين أقرانه وَقَرَأَ على الْمولى الْفَاضِل قَاضِي راده ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى مصلح الدّين الْقُسْطَلَانِيّ وَكَانَ يكْتب الْخط الْحسن واستكتبه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان الكافية فِي النَّحْو واعطاه بَعْضًا من المَال وَحج بذلك ثمَّ جَاءَ الى قسطنطينية حكى نَفسه انه قَالَ كَانَ مَعَ بعض رُفَقَائِي من الْحجَّاج مصحف بِخَط ارغون الْكَاتِب وأخذته مِنْهُ وأتيت بِهِ الى الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ وَعند ذَلِك كَانَ قَاضِيا بقسطنطينية فَنظر الى الْمُصحف الشريف وَقَالَ كم درهما يُرِيد صَاحبه قلت سِتَّة آلَاف دِرْهَم فَقَالَ كثير وَدفع الْمُصحف الي وَعند ذَلِك أُتِي افراس من بِلَاد قرامان وَاشْترى وَاحِدًا مِنْهَا بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم قَالَ فَقلت فِي نَفسِي اني لَا أصير فِي طَرِيق الْعلم مثل الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ وَمَعَ ذَلِك هَذِه حَاله فِي آخر عمره وَكَانَ ذَلِك سَببا لانقطاعي عَن طَرِيق الْعلم وميلي الى طَريقَة التصوف ثمَّ وصل الى خدمَة الشَّيْخ حبيب واشتغل عِنْده بالرياضات القويمة والمجاهدات الْعَظِيمَة حَتَّى اجاز لَهُ بالارشاد وَقعد مُدَّة فِي بِلَاد قرامان ثمَّ أَتَى مَدِينَة قسطنطينية وَبنى لَهُ الْوَزير يري باشا زَاوِيَة وَقعد فِيهَا الى أَن مَاتَ كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى ماهرا فِي التَّفْسِير وَكَانَ يعظ النَّاس وَيذكرهُمْ ويلحقه عِنْد التَّذْكِير وجد وَحَال وَرُبمَا يبكي ويصيح وَرُبمَا يغلب عَلَيْهِ الْحَال ويلقي نَفسه عَن الْمِنْبَر وَكَانَ لَا يسمع صَوته أحد الا وَيحصل لَهُ حَال وَكم من فَاسق تَابَ من فسقه عِنْدَمَا رأى أَحْوَاله وَرَأَيْت كَافِرًا سمع صَوته من بعيد حَتَّى دخل الْمَسْجِد وَأسلم على يَدَيْهِ وَكَانَ متواضعا متخشعا صَاحب أَخْلَاق حميدة وَكَانَ عابدا زاهدا ورعا تقيا نقيا وَكَانَ متعبدا بالليالي يتَضَرَّع الى الله تَعَالَى ويناجيه وَكَانَ يَسْتَوِي عِنْده الْغَنِيّ وَالْفَقِير وَكَانَ متطهرا يغسل ثِيَابه بِنَفسِهِ مَعَ مَاله من ضعف المزاج وَقد عدته فِي مرض مَوته فطلبت مِنْهُ الْوَصِيَّة

ومنهم العارف بالله تعالى الشيخ داودمن قصبة مدرني

فَقَالَ لَا تسلك مسالك الصُّوفِيَّة اذ لم يبْق لَهَا الْيَوْم اهل وَقَالَ التَّوْحِيد والالحاد يصعب التَّمْيِيز بَينهمَا وَرُبمَا لَا يقدر على التَّمْيِيز بَينهمَا فالوقوف على طريقتك اسْلَمْ مِنْهَا ثمَّ قَالَ فان غلب عَلَيْك خاطرك بالميل الى التصوف فاختر من الْمَشَايِخ من كَانَ ثَابت الْقدَم فِي الشَّرِيعَة وان رايت فِيهِ شيأ يُخَالف الشَّرْع وان كَانَ قَلِيلا فاحترز مِنْهُ فان مبْنى الطَّرِيقَة رِعَايَة الاحكام الشَّرْعِيَّة وآدابها كلهَا هَذِه وَصيته لي ثمَّ توفّي بعد يَوْمَيْنِ فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ داودمن قَصَبَة مدرني صحب الشَّيْخ حبيبا خَليفَة السَّيِّد يحيى قدس الله أسرارهم رُوِيَ ان الامير احْمَد الْمَعْرُوف باحمد الاحمر ارسل اليه كتابا يسْأَله عَن الدَّوَائِر الْخمس الْمَعْرُوفَة عِنْد أهل السلوك فصنف لاجله كتابا كَبِيرا وَبَين فِيهِ الدَّوَائِر السَّبع من دوائر السلوك سَمَّاهُ بكلشن تَوْحِيد وَجعله منظوما بالتركية والعربية وَأهل السلوك يعتني بِهِ أَشد الاعتناء وَمن جملَة كراماته مَا حكى بعض اصحابه انه قَالَ كنت بلغت سنّ التَّمْيِيز وَبِي اعتقال اللِّسَان قَالَ فَذهب بِي وَالِدي يَوْمًا الى حَضْرَة الشَّيْخ الْمَذْكُور وَالْتمس مِنْهُ ان يَدْعُو لي بذهاب اعتقال اللِّسَان قَالَ ودعا لي بذلك وادخل من رِيقه فِي فمي قَالَ فَلَمَّا اتيت الْبَيْت ورايت والدتي قلت لَهَا يَا أُمَّاهُ اني تَكَلَّمت قَالَ وَهَذِه اول كلمة تلفظت بهَا وَحكى ذَلِك الْبَعْض عَن بعض اصحاب الشَّيْخ الْمَذْكُور انه قَالَ كنت اولا من طلبة الْعلم وسافرنا مَعَ بعض الاصحاب الى بِلَاد قرامان فمررنا على بِئْر عَظِيمَة هُنَاكَ وَقد أجهدنا الْعَطش وكدنا ان نموت اذ ظهر من بعيد جمَاعَة ففرحنا بذلك راجين ان يكون عِنْدهم المَاء فَلَمَّا دنونا مِنْهُم أقبل رجل قد تقدمهم وَمَعَهُ ظرف مَاء مشدود فِي وَسطه وَهُوَ يذكر الله تَعَالَى بالجهر وَقد غلب عَلَيْهِ الْحَال وحصلت لَهُ الجذبة فَلَمَّا رآنا رمى مَا فِي وَسطه من الاناء الى الْهَوَاء قَالَ فَلَمَّا سقط الاناء سَالَ المَاء من فمي وَقد ذهب عني الْعَطش وَلم ينكسر الاناء قَالَ وَكَانَ ذَلِك سَبَب التحاقي بهم وَكَانَ رئيسهم الشَّيْخ دَاوُد الْمَزْبُور وَكَانَ ذَلِك الرجل المجذوب من اصحابه واسْمه الشَّيْخ سُلَيْمَان قدس الله سره

ومنهم العارف بالله تعالى الشيخ قاسم جلبي

وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ قَاسم جلبي حصل طَريقَة التصوف عندالشيخ جلبي خَليفَة واجازه للارشاد وأتى مَدِينَة قسطنطينية وَقعد فِي زَاوِيَة الْوَزير عَليّ باشا وانتفع بِهِ كثير من النَّاس وَتُوفِّي بهَا فِي آخر سلطنة السُّلْطَان سليم خَان كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى زاهدا عابدا ورعا متواضعا متخشعا سليم النَّفس مَقْبُول الطَّرِيقَة صَاحب أدب ووقار مُجْتَهدا آنَاء اللَّيْل وأطراف النَّهَار قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ رَمَضَان كَانَ رَحمَه الله منتسبا الى طَريقَة الشَّيْخ الْحَاج بيرام وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى طودا شامخا فِي الارشاد وبحرا زاخرا فِي المعارف الالهية وَتخرج عِنْده كثير من المريدين حَتَّى وصلوا الى مرتبَة الارشاد وَكَانَ متوطنا بِمَدِينَة أدرنه وَتُوفِّي فِيهَا فِي أَيَّام سلطنة السُّلْطَان بايزيدخان وَكَانَ صَاحب أدب ووقار وَكَانَ تقيا نقيا متواضعا متخشعا وَكَانَ مجاب الدعْوَة وَانْقطع الْمَطَر فِي أَيَّام سلطنة السُّلْطَان بايزيد خَان بِمَدِينَة أدرنه واستسقوا فَلم يفد حَتَّى اسْتَغَاثُوا بالشيخ الْمَذْكُور فَخرج الى الْمصلى وَصعد الْمِنْبَر ودعا الله تَعَالَى وتضرع اليه وَتقبل الله تَعَالَى دعاءه فَمَا نزل عَن الْمِنْبَر الا وَقد نزل الْمَطَر ففرح النَّاس وانتشر الرخَاء فِي تِلْكَ الْبِلَاد قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ بَابا يُوسُف السّفر يحصاري كَانَ منتسبا الى طَريقَة الشَّيْخ الْحَاج بيرام وَكَانَ صَاحب أدب ووقار وَكَانَ مراعيا لِآدَابِ الشَّرِيعَة ومحافظا لحدود الطَّرِيقَة وَكَانَ يعظ النَّاس وَيذكرهُمْ الله تَعَالَى وَكَانَ لنَفسِهِ تَأْثِير عَظِيم فِي النُّفُوس وَلما بنى السُّلْطَان بايزيدخان جَامِعَة بِمَدِينَة قسطنطينية حضر السُّلْطَان بايزيدخان الْجَامِع فِي اول جُمُعَة بعد بنائِهِ فَصَعدَ الشَّيْخ الْمَذْكُور الْمِنْبَر وَالسُّلْطَان حَاضر يسمع فوعظ النَّاس وَذكرهمْ وَحصل من نَفسه تَأْثِير عَظِيم فِي قُلُوب السامعين حَتَّى غلب عَلَيْهِم الْحَال وَحصل لَهُم شوق عَظِيم وَلما شَاهد هَذَا الْحَال بعض السامعين من النَّصَارَى المستمعين من خَارج الْجَامِع أسلم ثَلَاثَة مِنْهُم على يدالشيخ ففرح السُّلْطَان بايزيدخان لذَلِك فَرحا عَظِيما وَأَعْطَاهُمْ مَالا جزيلا وَأمر الوزراء بالاحسان اليهم فَاجْتمع لَهُم أَمْوَال

عَظِيمَة كل ذَلِك ببركة الشَّيْخ الْمَزْبُور ثمَّ بعد ذَلِك احب السُّلْطَان بايزيدخان الشَّيْخ الْمَذْكُور محبَّة عَظِيمَة فَصَاحب مَعَه وَعقد مَعَه عقدالابوة والبنوة وَأوصى اليه السُّلْطَان بايزيدخان ان يَجِيء اليه اذا قصدالحج ثمَّ ذهب الشَّيْخ الى وَطنه وَبعد مُدَّة أُشير الى الشَّيْخ فِي الْوَاقِعَة بَان ينظم كتابا عِنْد الْحجر الاسود بِمَكَّة المشرفة وَكَانَ لَا يقدر على النّظم قبل ذَلِك فسهل عَلَيْهِ بعد ذَلِك طَريقَة النّظم وَذهب الى قسطنطينية وَدخل على السُّلْطَان بايزيد خَان فاعطاه السُّلْطَان بايزيدخان مِقْدَارًا من الذَّهَب وَقَالَ ان هَذَا المَال حصل لي من طَرِيق الْحَلَال وَقد حصل ذَلِك بكسب يَدي وأوصاه ان يَجعله فِي قنديل الصَّدقَات فِي التربة المطهرة صلوَات الله تَعَالَى وَسَلَامه على ساكنها وَأَن يَقُول عِنْد التربة المطهرة يَا رَسُول الله ان راعي امتك العَبْد المذنب بايزيد يُقْرِئك السَّلَام وَأرْسل هَذَا الذَّهَب الْحَاصِل من طَرِيق الْحَلَال ليصرف الى زَيْت قنديل تربتك وتضرع اليك ان تقبل صدقته فامتثل الشَّيْخ امْرَهْ وَفعل كَمَا أوصاه ثمَّ ان الشَّيْخ حج وجاور بِمَكَّة المشرفة سنة وَكتب الْكتاب الَّذِي امْر بِهِ عندالحجر الاسود وَصَارَ كتابا حافلا وَفتح الله عَلَيْهِ هُنَاكَ من المعارف مَا لم يخْطر بِبَالِهِ قبل ذَلِك وأدرجها فِي ذَلِك الْكتاب ثمَّ انه أَتَى الْمَدِينَة المنورة وَلبس حلسا من أحلاس الدَّوَابّ وَأمر بَان يشد يَدَاهُ خلف ظَهره وأتى الْقبَّة الشَّرِيفَة سحبا على وَجهه باكيا متضرعا مستشفعا بصاحبها صلوَات الله تَعَالَى وَسَلَامه عَلَيْهِ وَكَانَ خَارج الْقبَّة عَصا لَهَا شان عَظِيم يحفظها خدام التربة المقدسة وَأمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الشَّيْخ الْمَذْكُور بَان يَأْخُذ تِلْكَ الْعَصَا ويشقها ثَلَاث قطع وَيَضَع قِطْعَة مِنْهَا فِي تربة السَّيِّد البُخَارِيّ بِمَدِينَة بروسه وَقطعَة اخرى مِنْهَا فِي تربة الشَّيْخ الْحَاج بيرام بِمَدِينَة انقره وَقطعَة اخرى فِي تربة شيخ آخر نسي الرَّاوِي اسْمه وَلما أَرَادَ الشَّيْخ الْمَذْكُور اخذ الْعَصَا نازعه خدام التربة المطهرة الى ان حضر رئيسهم فَأَمرهمْ بدفعها اليه باشارة اليه من النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ ان الشَّيْخ أَتَى وَطنه فَفعل بالعصا كَمَا أَمر وَتُوفِّي بِمَدِينَة قسطنطينية فِي أَوَائِل سلطنة السُّلْطَان سليم خَان وَدفن فِي جوَار ابي ايوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الْملك الْبَارِي

الطبقة التاسعة

الطَّبَقَة التَّاسِعَة فِي عُلَمَاء دولة السُّلْطَان سليم خَان ابْن السُّلْطَان بايزيدخان عَلَيْهِ الرَّحْمَة والرضوان بُويِعَ لَهُ بالسلطنة فِي الثَّانِي عشر من شهر صفر سنة ثَمَان عشرَة وَتِسْعمِائَة من الْهِجْرَة طيب الله ثراه وَمن الْعلمَاء فِي عصره الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى شمس الدّين احْمَد بن سُلَيْمَان بن كَمَال باشا وَكَانَ جده من أُمَرَاء الدولة العثمانية وَنَشَأ هُوَ فِي صباه فِي حجر الْعِزّ والدلال ثمَّ غلب عَلَيْهِ حب الْكَمَال فاشتغل بِالْعلمِ الشريف وَهُوَ شَاب لَيْلًا وَنَهَارًا ثمَّ الحقوه بزمرة اهل الْعَسْكَر حكى نَفسه انه كَانَ مَعَ السُّلْطَان بايزيدخان فِي سفر وَكَانَ الْوَزير وقتئذ إِبْرَاهِيم باشا ابْن خَلِيل باشا وَكَانَ وزيرا عَظِيم الشان وَكَانَ فِي ذَلِك الزَّمَان امير يُقَال لَهُ احْمَد بك ابْن اورنوس وَكَانَ عَظِيم الشان جدا لَا يتصدر عَلَيْهِ اُحْدُ من الامراء قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى وَكنت وَاقِفًا على قدمي قُدَّام الْوَزير الْمَزْبُور والامير الْمَذْكُور عِنْده جَالس اذ جَاءَ رجل من الْعلمَاء رث الْهَيْئَة دنيء اللبَاس فَجَلَسَ فَوق الامير الْمَذْكُور وَلم يمنعهُ اُحْدُ عَن ذَلِك فتحيرت فِي هَذَا فَقلت لبَعض رُفَقَائِي من هَذَا الَّذِي جلس فَوق هَذَا الامير فَقَالَ هُوَ رجل عَالم مدرس بمدرسة فلبه يُقَال لَهُ الْمولى لطفي قلت كم وظيفته قَالَ ثَلَاثُونَ درهما قلت فَكيف يتصدر هَذَا الامير ومنصبه هَذَا الْمِقْدَار قَالَ رفيقي ان الْعلمَاء معظمون لعلمهم وَلَو تَأَخّر لم يرض بذلك الامير وَلَا الْوَزير قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى فتفكرت فِي نَفسِي فَقلت إِنِّي لَا أبلغ مرتبَة الامير المسفور فِي الامارة وَإِنِّي لَو اشتغلت بِالْعلمِ يُمكن ان ابلغ رُتْبَة الْعَالم الْمَذْكُور فنويت ان اشْتغل بعد ذَلِك بِالْعلمِ الشريف قَالَ فَلَمَّا رَجعْنَا من السّفر وصلت الى خدمَة الْمولى الْمَذْكُور وَقد اعطي هُوَ عِنْد ذَلِك مدرسة دَار الحَدِيث بِمَدِينَة أدرنه وَعين لَهُ كل يَوْم اربعون درهما قَالَ فَقَرَأت عَلَيْهِ حَوَاشِي شرح الْمطَالع وَكَانَ قد قرا مباني الْعُلُوم فِي أَوَائِل شبابه ثمَّ قرا على بعض الْعلمَاء مِنْهُم الْمولى الْقُسْطَلَانِيّ وَالْمولى خطيب زَاده وَالْمولى

مَعْرُوف زَاده ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة عَليّ بك بادرنه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة اسكوب ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الحلبية بادرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بادرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بادرنه ثمَّ صَار قَاضِيا بهَا ثمَّ صَار قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة اناطولي ثمَّ عزل عَن ذَلِك وَأعْطِي مدرسة دَار الحَدِيث بادرنه وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بادرنه ثَانِيًا ثمَّ صَار مفتيا بِمَدِينَة قسطنطينية بعد وَفَاة الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ الجمالي وَمَات وَهُوَ مفت بهَا فِي سنة اربعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من الْعلمَاء الَّذين صرفُوا جَمِيع اوقاتهم الى الْعلم وَكَانَ يشْتَغل بِالْعلمِ لَيْلًا وَنَهَارًا وَيكْتب جَمِيع مَا لَاحَ بِبَالِهِ الشريف وَقد فتر اللَّيْل وَالنَّهَار وَلم يفتر قلمه وصنف رسائل كَثِيرَة فِي المباحث المهمة الغامضة وَكَانَ عدد رسائله قَرِيبا من مائَة رِسَالَة وَله من التصانيف تَفْسِير لطيف حسن قريب من التَّمام وقداخترمته الْمنية وَلم يكمله وَله حواش على الْكَشَّاف وَله شرح بعض الْهِدَايَة وَله كتاب فِي الْفِقْه متن وَشرح سَمَّاهُ بالاصلاح والايضاح وَله كتاب فِي الاصول متن وَشرح ايضا سَمَّاهُ تَغْيِير التَّنْقِيح وَله كتاب فِي علم الْكَلَام متن وَشرح سَمَّاهُ تَجْرِيد التَّجْرِيد وَله كتاب فِي الْمعَانِي متن وَشرح ايضا وَله حواش على شرح الْمِفْتَاح للسَّيِّد الشريف وَله كتاب فِي الْفَرَائِض متن وَشرح ايضا وَله حواش على التَّلْوِيح وَله حواش على التهافت للْمولى خواجه زَاده هَذَا مَا شاع بَين النَّاس وَأما مَا بَقِي فِي المسودة فَأكْثر مِمَّا ذكر وَله يَد طولى فِي الانشاء وَالنّظم بِالْفَارِسِيَّةِ والتركية وَقد صنف كتابا بِالْفَارِسِيَّةِ على منوال كتاب كلستان وَسَماهُ بنكارستان وصنف كتابا فِي تواريخ آل عُثْمَان بالتركية وأبدع فِي إنشائه وأجاد وَله كتاب فِي اللُّغَة الفارسية وكل تصانيفه مَقْبُولَة بَين النَّاس وَكَانَ صَاحب اخلاق حميدة حَسَنَة وأدب تَامّ وعقل وافر وَتَقْرِير حسن ملخص وَله تَحْرِير مَقْبُول جدا لايجازه مَعَ وضوح دلَالَته على المُرَاد وَبِالْجُمْلَةِ انسى رَحمَه الله تَعَالَى ذكر السّلف بَين النَّاس وَأَحْيَا رباع الْعلم بعدالاندراس وَكَانَ فِي الْعلم جبلا راسخا وطودا شامخا وَكَانَ من مُفْرَدَات

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى عبد الحليم بن علي

الدُّنْيَا ومنبعا للمعارف الْعليا روح الله تَعَالَى روحه وَزَاد فِي غرف الْجنان فتوحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى عبد الحليم بن عَليّ ولد رَحمَه الله ببلدة قسطموني ثمَّ اشْتغل بِالْعلمِ وَقَرَأَ على عُلَمَاء عصره حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ الْعَرَبِيّ وَلما توفّي الْمولى الْمَذْكُور ارتحل هُوَ الى بِلَاد الْعَرَب وقرا على علمائها وَحج ثمَّ سَافر الى بلادالعجم وَقَرَأَ على علمائها والتحق بطَائفَة الصُّوفِيَّة وتربى عِنْد شيخ يُقَال لَهُ الشَّيْخ المخدومي ثمَّ أَتَى الى بِلَاد الرّوم وَسكن ببلدة قسطموني مُدَّة ثمَّ ان السُّلْطَان سليم خَان قبل جُلُوسه على سَرِير السلطنة طلبه وَجعله اماما لنَفسِهِ وَصَاحب مَعَه فَوَجَدَهُ متفننا فِي الْعُلُوم متحليا بالمعارف وَكَانَ لذيذ الصُّحْبَة طيب المحاورة وَلما جلس على سَرِير السلطنة جعله معلما لنَفسِهِ وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم وَأَعْطَاهُ قرى كَثِيرَة وَصَاحب مَعَه لَيْلًا وَنَهَارًا وتقرب عِنْده وحصلت لَهُ الحشمة الوافرة والجاه الْعَظِيم توفّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة بِمَدِينَة دمشق بعد قفول السُّلْطَان سليم خَان من مصر الى الشَّام كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما صَالحا صَاحب المعارف الجزيلة والاخلاق الحميدة كثير الاحسان معينا للضعفاء والفقراء وَبِالْجُمْلَةِ كَانَت ايامه بِكَثْرَة احسانه تواريخ الايام رَحمَه الله الْملك العلام وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد شاه ابْن الْمولى عَليّ ابْن الْمولى يُوسُف بالي ابْن الْمولى شمس الدّين الفناري روح الله تَعَالَى أَرْوَاحهم ولد رَحمَه الله تَعَالَى فِي أَيَّام سلطنة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَكَانَ وَالِده وقتئذ قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور وَعين لَهُ السُّلْطَان مُحَمَّد خَان يَوْم وِلَادَته كل يَوْم ثَلَاثِينَ درهما وَبعد وَفَاة وَالِده جعل السُّلْطَان بايزيدخان وظيفته كل يَوْم خمسين درهما وَنَشَأ فِي حجر الْعِزّ والجاه واشتغل مَعَ ذَلِك بِالْعلمِ الشريف وفَاق أقرانه قَرَأَ اولا على وَالِده وَبعد وَفَاة وَالِده قَرَأَ على الْمولى خطيب زَاده ثمَّ قَرَأَ على الْمولى معرف زَاده ثمَّ أعطَاهُ السُّلْطَان بايزيدخان مدرسة مناستر بِمَدِينَة بروسه وَعين لَهُ كل يَوْم

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى محيي الدين محمد بن علي بن يوسف بالي ابن المولى شمس الدين الفناري

خمسين درهما ثمَّ اعطاه احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ اعطاه السُّلْطَان سليم خَان قَضَاء بروسه ثمَّ جعله قَاضِيا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ جعله قَاضِيا بالعسكر بِبِلَاد الْعَرَب ثمَّ جعله قَاضِيا بِمَدِينَة ادرنه ثمَّ جعله قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة اناطولي ثمَّ جعله قَاضِيا بالعسكر بِولَايَة روم ايلي مَاتَ وَهُوَ قَاض بهَا فِي سنة تسع وَعشْرين وَتِسْعمِائَة وَدفن عِنْد قبر جده بِمَدِينَة بروسه وَكَانَ صَاحب اخلاق حميدة وطبع زكي وَوجه بهي وكرم وَفِي وَكَانَ ذَا عشرَة حَسَنَة ووقار عَظِيم وَله حواش على شرح المواقف للسَّيِّد الشريف وحواش على شرح الْفَرَائِض لَهُ ايضا اورد فيهمَا دقائق مَعَ حل المباحث الغامضة وحواش على اوائل شرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة مَاتَ وَهُوَ شَاب وَلَو عَاشَ لظهرت مِنْهُ تَأْلِيفَات لَطِيفَة روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد بن عَليّ بن يُوسُف بالي ابْن الْمولى شمس الدّين الفناري قَرَأَ فِي سنّ الشَّبَاب على وَالِده وَبعد وَفَاة وَالِده قَرَأَ على الْمولى خطيب زَاده ثمَّ على الْمولى افضل زَاده ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير عَليّ باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ انْتقل الى سلطانية بروسه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة اناطولي ثمَّ صَار قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة روم ايلي وَكَانَ مُدَّة قَضَائِهِ بالعسكر مِقْدَار خمس عشرَة سنة ثمَّ عزل وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة وَخَمْسُونَ درهما ثمَّ اضيف الى ذَلِك خَمْسُونَ درهما فَصَارَت وظيفته مِائَتي دِرْهَم ثمَّ صَار مفتيا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ ترك التدريس وَالْفَتْوَى وَعين لَهُ كل يَوْم مِائَتَا دِرْهَم ايضا واشتغل باقراء التَّفْسِير والتصنيف فِيهِ الا انه لم يكمله وَمَات فِي سنة ارْبَعْ وَخمسين وَتِسْعمِائَة وَدفن بجوار جَامع ابي ايوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الْملك الْبَارِي كَانَ عَالما فَاضلا تقيا نقيا محترزا عَن حُقُوق الْعباد غَايَة الِاحْتِرَاز وَلذَلِك كَانَ محتاطا فِي معاملاته مَعَ النَّاس حَتَّى انه لغاية احتياطه رُبمَا يَنْتَهِي الى حد الوسوسة وَكَانَ جريء الْجنان طليق اللِّسَان ذَا مهابة ووجاهة يَسْتَوِي عِنْده الصَّغِير وَالْكَبِير فِي اجراء الْحق وَكَانَ لَا يخَاف فِي الله لومة لائم وَكَانَ محبا للْفُقَرَاء والصلحاء وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَلامَة فِي الْفَتْوَى وَآيَة كبرى فِي

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى محيي الدين محمد ابن المولى علاء الدين علي الجمالي

التَّقْوَى روح الله تَعَالَى روحه واوفر فِي غرف الْجنان فتوحه وَله حواش على شرح الْمِفْتَاح للسَّيِّد الشريف وَله بعض رسائل تتَعَلَّق بشرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة وكلمات مُتَعَلقَة بالهداية وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد ابْن الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ الجمالي قرا على جده لأمه الْمولى حسام زَاده ثمَّ على وَالِده ثمَّ على الْمولى مؤيد زَاده ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مُرَاد باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة أدرنه ثمَّ صَار ثَانِيًا مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما ثمَّ تقاعد وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم وَمَات فِي سنة سِتّ اَوْ سبع وَخمسين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رجلا مشتغلا بِنَفسِهِ غير متعرض لأمور الدُّنْيَا وَالنَّاس وَكَانَ مَأْمُون الغائلة مَيْمُون النقيبة وَكَانَ بارا صَدُوقًا حسن السمت والسيرة محبا للمشايخ والصلحاء وَالْعُلَمَاء وَكَانَت لَهُ معرفَة بالاصول وَالْفِقْه ومشاركة مَعَ النَّاس فِي سَائِر الْعُلُوم روح الله تَعَالَى روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى مُحَمَّد شاه ابْن الْمولى مُحَمَّدًا بن الْحَاج حسن قرا على عُلَمَاء عصره وعَلى وَالِده ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير دَاوُد باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بِمَدِينَة ادرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمِدْرَاس الثمان ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ المرادية بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا ثَانِيًا باحدى الْمدَارِس الثمان وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما وَتُوفِّي على تِلْكَ الْحَال فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة وَكَانَ لَهُ رَحمَه الله تَعَالَى مُشَاركَة فِي جَمِيع الْعُلُوم من العربيات والعقليات والشرعيات وَكَانَ هُوَ فِي جملَة الْعلمَاء الَّذين صرفُوا جَمِيع اوقاتهم فِي الْعلم وَكَانَت لَهُ احوال فِي الِاشْتِغَال بِحَيْثُ لَا يصدقها اهل هَذَا الزَّمَان وَمَعَ ذَلِك كَانَت لَهُ مهارة فِي النّظم والانشاء والتواريخ وَضبط النَّوَادِر وَحفظ مَنَاقِب السّلف وَله شرح على مُخْتَصر الْقَدُورِيّ فِي الْفِقْه وَله شرح على ثلاثيات البُخَارِيّ وَقد صنف كتابا فِي الْفِقْه وَزَاد فِيهِ على

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى حسام الدين حسين بن عبد الرحمن

كتاب الْوِقَايَة كثيرا من الْمسَائِل الاتفاقية لكنه بَقِي فِي المسودة وَله من الْحَوَاشِي والرسائل مَالا يُحْصى كَثْرَة الا انها ضَاعَت بعد وَفَاته وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مشتغلا بِنَفسِهِ معرضًا عَن التَّعَرُّض لأحوال النَّاس ولغلبة الِاشْتِغَال بِالْعلمِ كَانَ كثيرا مَا يغْفل عَن تدارك احوال نَفسه وَمَعَ ذَلِك كَانَ لذيذ الصُّحْبَة حسن المحاورة طارحا للتكلف فِي صحبته مَعَ النَّاس نور الله تَعَالَى مرقده وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى حسام الدّين حُسَيْن بن عبد الرحمن قرا على عُلَمَاء عصره حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل افضل زَاده ثمَّ قَرَأَ على الْمولى عبد الرحمن بن الْمُؤَيد ثمَّ وصل الى خدمَة الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى خواجه زَاده ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مَوْلَانَا وَاجِد بكوتاهيه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة قبلوجه بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان فِيهَا ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان باماسيه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة أدرنه ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار ثَانِيًا مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة سِتّ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مشتغلا بِالْعلمِ غَايَة الِاشْتِغَال وَبلغ فِيهِ مرتبَة الْفضل وَكَانَ لَهُ حسن سمت ولطف معاشرة مَعَ النَّاس وَكَانَ صَاحب وقار وأدب تَامّ وَله حواش على اوائل حَاشِيَة شرح التَّجْرِيد وكلمات مُتَعَلقَة بشرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة ورسالة فِي جَوَاز اسْتِخْلَاف الْخَطِيب ورسالة فِي جَوَاز الذّكر الجهري وَغير ذَلِك رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى مصلح الدّين مصطفى بن خَلِيل وَهُوَ وَالِد هَذَا العَبْد الحقير جَامع هَذِه المناقب ولد رَحمَه الله تَعَالَى ببلدة طاشكبري سنة فتح قسطنطينية المحمية وَهِي سنة سبع وَخمسين وَثَمَانمِائَة وقرا وَهُوَ صَغِير على وَالِده المرحوم ثمَّ على خَاله الْمولى مُحَمَّد النكساري ثمَّ على الْمولى درويش مُحَمَّد بن الْمولى خضر شاه مدرسا بمدرسة

سلطانية بروسه ثمَّ على الْمولى بهاء الدّين الْمدرس باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ على الْمولى ابْن مغنيسا ثمَّ على الْمولى قَاضِي زَاده ثمَّ على الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ الْعَرَبِيّ ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْمُحَقق والاستاذ المدقق سُلْطَان الْعلمَاء وبرهان الْفُضَلَاء الْفَاضِل خواجه زَاده وَكَانَ رَحمَه الله مَقْبُولًا عِنْد هَؤُلَاءِ الافاضل ومشارا اليه بَين اقرانه ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الاسدية بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الْبَيْضَاء ببلدة أنقره ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ السيفية بالبلدة المزبورة ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الاسحاقية ببلدة اسكوب ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الحلبية بادرنه ثمَّ نَصبه السُّلْطَان بايزيد خَان معلما لِابْنِهِ السُّلْطَان سليم خَان وَلم يدم على ذَلِك لاشتغاله بِالسَّفرِ وَأَعْطَاهُ السُّلْطَان بايزيد خَان الْمدرسَة الحسينية باماسيه ثمَّ صَار مدرسا بسلطانية بروسه ثمَّ صَار مدرساب باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة حلب بِأَمْر السُّلْطَان سليم خَان وَكَانَ قد اوصى اليه وَالِده الْمولى خَلِيل ان لَا يصير قَاضِيا فَذهب الى حلب امتثالا للامر الشريف ثمَّ عرض وَصِيَّة وَالِده على السُّلْطَان سليم خَان فاستعفى عَن الْقَضَاء واعطي مدرسته السَّابِقَة من الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار ثَانِيًا مدرسا بسلطانية بروسه وَعين لَهُ كل يَوْم سَبْعُونَ درهما واعطي مدرسته الْمولى حسام جلبي وَلما مَاتَ حسام جلبي فِي اوائل سلطنة سلطاننا الاعظم اعيد الْمولى المرحوم الى الْمدرسَة الْمَذْكُورَة وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما ثمَّ زيدت وظيفته فَصَارَت تسعين درهما وَمَات مدرسا بهَا فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى زاهدا عابدا صَالحا ورعا صَاحب ادب ووقار مشتغلا بِنَفسِهِ معرضًا عَن أَحْوَال الدُّنْيَا صارفا أوقاته فِيمَا يهمه ويعنيه ومتجنبا عَن اللَّغْو وَاللَّهْو وَلم نسْمع مِنْهُ مَعَ طول صحبتنا مَعَ كلمة فِيهَا رَائِحَة الْكَذِب اصلا وَلَا كلمة فحش وَكَانَ طَاهِر الظَّاهِر وَالْبَاطِن خاضعا خَاشِعًا محبا للصلحاء والفقراء وَكَانَ لَهُ معرفَة تَامَّة بالتفسير والْحَدِيث واصول الْفِقْه والعلوم الادبية بانواعها وقلما يَقع التفاته الى الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة مَعَ مشاركته للنَّاس فِيهَا وَكَانَ لَهُ تَحْرِير وَاضح والفاظ فصيحة كتب رسائل على بعض الْمَوَاضِع من تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَكتب رسائل على بعض الْمَوَاضِع من شرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة وَله

اللهم ارحمه وارحم والدي كما ربياني صغيرا واجمع بيني وبينهما في مستقر رحمتك بحرمة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم

حواش على نبذ من شرح الْمِفْتَاح ورسالة مُتَعَلقَة بِعلم الْفَرَائِض ورسالة فِي حل حَدِيثي الِابْتِدَاء وَله حواش ورسائل غير ذَلِك لَكِنَّهَا بقيت فِي المسودة وَلم يَتَيَسَّر لَهُ تبييضها لصوارف الايام وتقلبات الزَّمَان وَهُوَ أول أساتذتي وَأول من تشبثت يداي بذيل افاضته هُوَ أَي اول مَا عرفت من الْهوى ... مَا الْحبّ الا للحبيب الاول ... اللَّهُمَّ ارحمه وَارْحَمْ وَالِدي كَمَا ربياني صَغِيرا واجمع بيني وَبَينهمَا فِي مُسْتَقر رحمتك بِحرْمَة نبيك مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى قوام الدّين قَاسم بن خَلِيل رَحمَه الله تَعَالَى وَهُوَ عَم هَذَا العَبْد الْفَقِير قرا فِي صباه على وَالِده الْمولى خَلِيل ثمَّ على أَخِيه الْمولى مصلح الدّين ثمَّ على خَاله الْمولى مُحَمَّد النكساري ثمَّ على الشَّيْخ مُحَمَّد ابْن الْمولى خواجه زَاده وَهُوَ مدرس بجنديك بِمَدِينَة بروسه ثمَّ على الْمولى مصلح الدّين الملقب بالبغل الاحمر وَهُوَ مدرس بمدرسة مناستر بِالْمَدِينَةِ المزبورة وَلما انْتقل الْمولى مصلح الدّين من الْمدرسَة المزبورة الى احدى المدرستين المتجاورتين بِمَدِينَة ادرنة ذهب عمي مَعَه الى ادرنه واشتغل عِنْده وَحصل مِنْهُ فَضَائِل كَثِيرَة وَلما مَاتَ الْمولى مصلح الدّين قَرَأَ عمي على الْمولى ابْن الْمُؤَيد ثمَّ على الْمولى لطفي التوقاتي ثمَّ على الْمولى العذاري وهم كَانُوا مدرسين بالمدراس الثمان وَوَقع عندالكل مَحل الْقبُول واشتهرت فضائله بَين اقرانه ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل خطيب زَاده وَقَرَأَ عَلَيْهِ حَوَاشِيه على حَاشِيَة الْكَشَّاف للسَّيِّد الشريف وَغير الْمولى الْمَذْكُور مَوَاضِع كَثِيرَة من حَوَاشِيه برد عمي عَلَيْهِ ثمَّ انْتقل الى خدمَة الْمولى ابْن مغنيسا وَهُوَ قَاض بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة روم ايلي وَلما مَاتَ هُوَ صَار عمي مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الاسدية بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْمولى خسرو بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الاسحاقية باينه كول مَاتَ وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة تسع عشرَة وَتِسْعمِائَة وَكَانَت وِلَادَته سنة سبع وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا جريء الْجنان طليق اللِّسَان صَاحب محاورة صَعب النادرة وَصَاحب وجاهة ووقار وَكَانَ مدققا فِي الْعُلُوم وَكَانَ أَكثر مهارته فِي الْعُلُوم الادبية والعقلية وَكَانَ لَهُ تعليقات على الْكتب الْمَشْهُورَة لَكِن

ومنهم العالم العامل الفاضل الكامل المولى عبد الواسع بن خضر

غرق اكثرها فِي الْبَحْر وَضاع مَا بَقِي بعد وَفَاته وَله رِسَالَة لَطِيفَة فِي بحث الْوُجُود الذهْنِي واسئلة على شرح المطول للتخليص لسعدالدين التَّفْتَازَانِيّ وهما موجودتان عِنْدِي وَكَانَ يكْتب الْخط الْحسن فِي الْغَايَة وَكَانَ مَشْهُورا بذلك حَتَّى ان السُّلْطَان بايزيدخان امْرَهْ ان يكْتب برسمه بعض الرسائل فكتبها لَهُ ونال مِنْهُ انعاما جزيلا وَكَانَت لَهُ كتب كَثِيرَة بِخَطِّهِ الا انها غرقت فِي الْبَحْر وَمَا بَقِي الا الْقَلِيل نور الله مرقده وَفِي غرف الْجنان أرقده وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى عبد الواسع بن خضر ولد رَحمَه الله تَعَالَى ببلدة ديمه توقه وَكَانَ وَالِده من الامراء وَهُوَ اشْتغل بِالْعلمِ الشريف وَقَرَأَ وَهُوَ شَاب على الْمولى شُجَاع الدّين الرُّومِي حِين كَانَ مدرسا بمدرسة ديمه توقه ثمَّ قَرَأَ على الْمولى لطفي التوقاتي ثمَّ قَرَأَ على الْمولى العذاري ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل افضل زَاده ثمَّ ارتحل الى بلادالعجم وَوصل الى بَلْدَة هراة من بِلَاد خُرَاسَان وَقَرَأَ هُنَاكَ على الْعَلامَة شيخ الاسلام حافد الْعَلامَة سعدالدين التَّفْتَازَانِيّ حَوَاشِي شرح الْمطَالع وحواشي شرح الْعَضُد للسَّيِّد الشريف وَغير ذَلِك ثمَّ اتى بلادالروم فِي أَوَاخِر سلطنة السُّلْطَان بايزيدخان وَحين جلس السُّلْطَان سليم خَان على سَرِير السلطنة اعطاه مدرسة عَليّ بيك بِمَدِينَة أدرنه ثمَّ أعطَاهُ الْمدرسَة الحجرية بِالْمَدِينَةِ الْمَذْكُورَة ثمَّ اعطاه مدرسة الْوَزير مَحْمُود باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ أعطَاهُ احدى المدرستين المتجاورتين بادرنه ثمَّ اعطاه احدى الْمدَارِس الثمان وَقبل وُصُوله اليها أعطَاهُ مدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بِمَدِينَة ادرنه ثمَّ أعطَاهُ قَضَاء بروسه وَلما جلس السُّلْطَان سلطاننا الاعظم سلمه الله تَعَالَى وابقاه على سَرِير السلطنة أعطَاهُ قَضَاء قسطنطينية وَبعد يَوْمَيْنِ جعله قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة اناطولي ثمَّ جعله قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة روم ايلي ثمَّ عَزله عَن ذَلِك وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم بطرِيق التقاعد ثمَّ صرف جَمِيع مَا فِي يَده من المَال الى وُجُوه الْخيرَات وَبنى مكتبين ومدرسة ووقف جَمِيع كتبه على الْعلمَاء بِمَدِينَة أدرنه ثمَّ فرق مَا عِنْده من الطّلبَة وَأمر السُّلْطَان ان يُعْطوا المناصب عِنْد تيسرها وَكَانَت عِنْده جَارِيَة أعْتقهَا وَزوجهَا لرجل صَالح ثمَّ ارتحل مُنْفَردا عَن الاهل وَالْمَال والجاه الى مَكَّة المشرفة وَاعْتَزل هُنَاكَ عَن النَّاس واشتغل بِالْعبَادَة

ومنهم العالم الفاضل الكامل عبد العزيز ابن السيد يوسف بن حسين الحسيني الشهير بعابد جلبي وهو خال هذا الفقير

الى ان توفّي فِي سنة ارْبَعْ اَوْ خمس واربعين وَتِسْعمِائَة قدس الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل عبد العزيز ابْن السَّيِّد يُوسُف بن حُسَيْن الْحُسَيْنِي الشهير بعابد جلبي وَهُوَ خَال هَذَا الْفَقِير قرا رَحمَه الله على الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد السامسوني وَهُوَ مدرس بمدرسة الْمولى خسرو بِمَدِينَة بروسه ثمَّ على الْمولى قطب الدّين حافد الْمولى الْفَاضِل قَاضِي زَاده الرُّومِي الْمدرس بمدرسة مناستر ثمَّ على الْمولى اخي جلبي محشي شرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة وَهُوَ مدرس باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ على الْمولى عَليّ بن يُوسُف بالي الفناري ثمَّ على الْمولى معرف زَاده معلم السُّلْطَان بايزيد خَان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة كليبولي ثمَّ صَار قَاضِيا بِبَعْض النواحي الى ان مَاتَ بِمَدِينَة كَفه قَاضِيا بهَا فِي سنة احدى وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله صَاحب ذكاء وفطنة وَصَاحب محاورة وَكَانَ كريم الطَّبْع متواضعا للصَّغِير وَالْكَبِير لين الْجَانِب لطيف الْعشْرَة حسن الصُّحْبَة سخيا باذلا لِلْمَالِ الا انه لم يكن لَهُ زِيَادَة اشْتِغَال بِالْعلمِ الشريف وَلِهَذَا لم يشْتَغل بالتصنيف نور الله مرقده وَفِي غرف الْجنان ارقده وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى عبد الرحمن ابْن السَّيِّد يُوسُف بن حُسَيْن الْحُسَيْنِي وَهُوَ خَال هَذَا العبد الفقير جَامع هَذِه المناقب قرا رَحمَه الله تَعَالَى فِي شبابه على الْمولى مُحَمَّد السامسوني ثمَّ قرا على الْمولى قطب الدّين الْمَزْبُور ثمَّ على الْمولى الْفَاضِل عَليّ الفناري ثمَّ على الْمولى عَليّ البكاني وَكَانَ مَقْبُولًا عِنْد هَؤُلَاءِ الافاضل وَكَانَ من أَعلَى طَبَقَات طلبتهم ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ببلدة بولِي فِي ولَايَة اناطولي ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة جنديك بك بِمَدِينَة بروسه ثمَّ غلب عَلَيْهِ جَانب الفراغة والانقطاع عَن الْخلق الى الْخَالِق فَترك التدريس وَعين لَهُ كل يَوْم خَمْسَة عشر درهما وَلم يقبل الزِّيَادَة عَلَيْهَا ولازم بَيته بِمَدِينَة بروسه مشتغلا بِالْعبَادَة متلذذا بالانقطاع الى الله تَعَالَى وَقد لحقته الجذبة فِي اوان صباه وَكَانَ يَخْلُو بالجبال مُدَّة اشهر بِلَا زَاد وَسمعت مِنْهُ انه قَالَ غلب عَليّ فِي ذَلِك الْوَقْت محبَّة الْحق عز وَجل وَكنت اجد فِي الْجبَال مَا يسد جوعي وَرُبمَا

أجد الْخبز فِي خلال الاشجار قَالَ وَكَانَ يَحْرُسنِي السبَاع حَولي بالخضوع والتذلل ثمَّ بعد ذَلِك خالط النَّاس وَجمع بَين الجذبة والاختلاط وَكَانَ يخْتَلط بأولياء الله تَعَالَى وَكَانَ يَحْكِي عَنْهُم الكرامات الْعَظِيمَة قَالَ وَقد مَرضت فِي مَدِينَة أدرنه وَأَنا وَسَاكن فِي بَيت وحدي وَلَيْسَ عِنْدِي اُحْدُ وَفِي كل لَيْلَة ينشق الْجِدَار وَيَجِيء الي رجل يخدمني الى الصُّبْح ويأتيني بِالطَّعَامِ وَالشرَاب ثمَّ ينشق الْجِدَار وَيذْهب قَالَ وَلما بَرِئت من الْمَرَض قَالَ الرجل لَا أجيء بعد هَذَا فَقلت من أَنْت قَالَ أَن أردْت ان تعرفنِي فَاخْرُج من الْمَدِينَة واذهب مَعَ الْمُسَافِرين وَأَنت تجدني قَالَ وَبعد أَيَّام خرجت من الْمَدِينَة وَذَهَبت مَعَ بعض من اهل الْقرى فَقَالَ بَعضهم فِي الطَّرِيق ان هَهُنَا قَرْيَة لَطِيفَة الْهَوَاء وَهُنَاكَ رجل يدعى بالعالم الاسود فَعرفت ان الرجل هُوَ ذَاك فتوجهت الى تِلْكَ الْقرْيَة وَلما وصلت اليها نلقاني ذَلِك الرجل وَهُوَ يضْحك فاذا هُوَ الرجل الَّذِي جَاءَ الي فِي مرضِي واقمت عِنْده ذَلِك الْيَوْم وَلما جَاءَ وَقت الْعَصْر اردنا ان نصلي الْعَصْر قَالَ نصلي الْعَصْر هُنَاكَ وَأَشَارَ الى مَكَان مُرْتَفع فَلَمَّا علوناه قَالَ كَيفَ هَذَا الْمَكَان قلت فِي غَايَة اللطافة قَالَ نَنْظُر من هُنَا الى الْكَعْبَة قلت هَكَذَا قَالَ نعم قَالَ انْظُر فَنَظَرت فاذا الْكَعْبَة قدامنا فصلينا الْعَصْر هُنَاكَ وَلم تغب الْكَعْبَة عَن اعيننا الى ان اتممنا الصَّلَاة وَحكى لي ثِقَة عَن ثِقَة انه قَالَ رَأَيْت الْمولى الْمَذْكُور فِي الْمَنَام بعد وَفَاته قَالَ لي ان فِي عمَارَة السَّيِّد البُخَارِيّ بِمَدِينَة بروسه رجلا مُسَافِرًا يُرِيد ان يزورني فدله على قَبْرِي قَالَ قَالَ فَذَهَبت صَبِيحَة تِلْكَ اللَّيْلَة الى الْمقَام الْمَذْكُور فَوجدت هُنَاكَ رجلا مُسَافِرًا قَالَ فَقلت لَهُ مَاذَا تُرِيدُ قَالَ أُرِيد زِيَارَة الْمولى عبد الرحمن فَذَهَبت بِهِ الى قَبره قَالَ فَلَمَّا جلس فهمت مِنْهُ انه استثقلني فَدخلت الْمَسْجِد فَاسْتَمَعْت انهما يتحدثان وَسمعت صَوت الْمولى الْمَذْكُور كَمَا هُوَ فِي حَيَاته فَلَمَّا انْقَطع كَلَامهمَا خرجت من الْمَسْجِد وَلم أر احدا عِنْد قَبره قَالَ فطلبت اطراف ذَلِك الْمَكَان فَلم اجد اثرا من ذَلِك الرجل وَكَانَ لَهُ حكايات مَعَ الْمَشَايِخ الْكِبَار تركناها خوفًا من الاطناب وَهَذَا حَاله مَعَ الْمَشَايِخ واما حَاله فِي الْعلم فانه كَانَ محققا مدققا لَا يُمكن لَاحَدَّ ان يتَكَلَّم مَعَه وَكَانَ يقدر على تَقْرِير الْفَنّ الْوَاحِد فِي مُدَّة يسيرَة مَعَ وجازة تَقْرِير ووضوح بِحَيْثُ يفهمهُ كل

ومنهم العالم العامل الفاضل الكامل المولى بير احمد جلبي الايديني

اُحْدُ وَكَانَت لَهُ فِي المحاورة يَد طولى بِحَيْثُ مَا حاوره اُحْدُ الا وَيعرف عَجزه ويعترف بفضله الا انه كَانَ يغلب على طبعه الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وَكَانَ فائقا فِي تِلْكَ الْعُلُوم اهل عصره وَكَانَ فِي سَائِر الْعُلُوم مشاركا للنَّاس وَأما زهده وورعه فعلى جَانب عَظِيم بِحَيْثُ لم يخلف شَيْئا من الدُّنْيَا وَكَانَ رَاضِيا من الْعَيْش بِالْقَلِيلِ وَكَانَ يَسْتَوِي عِنْده الخشن واللين والخسيس والنفيس وَكَانَ محترزا عَن حُقُوق الْعباد وَكَانَ صَدُوقًا بارا قوالا بِالْحَقِّ لَا يخَاف فِي الله لومة لائم ولد رَحمَه الله تَعَالَى سنة ارْبَعْ وَسبعين وَثَمَانمِائَة وَتُوفِّي سنة ارْبَعْ وَخمسين وَتِسْعمِائَة وَدفن عِنْد قبر وَالِده بِمَدِينَة بروسه روح الله تَعَالَى روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى بير احْمَد جلبي الايديني كَانَ الْمولى قَاضِي زَاده تزوج امهِ وَقَرَأَ هُوَ عَلَيْهِ وَلم يُفَارِقهُ ابدا الى ان مَاتَ ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ابْن الْملك ببلدة تيره ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ابْن الْحَاج حسن بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الحلبية بادرنه ثمَّ صَار مدرسا بدار الحَدِيث فِيهَا ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان مُدَّة كَثِيرَة وَزَادُوا فِي وظيفته شَيْئا فَشَيْئًا حَتَّى انْتَهَت الى الثَّمَانِينَ وَمَات وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله صَالحا متعبدا صارفا جَمِيع اوقاته فِي الْعُلُوم وَالْعِبَادَة وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي جَمِيع الْعُلُوم وَكَانَ يلازم بَيته لعرج فِي رجله وَله تعليقات على الْكتب لَكِنَّهَا لم تظهر بعد وَفَاته روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد بن الْخَطِيب قَاسم ولد رَحمَه الله باماسيه وقرا اولا على وَالِده ثمَّ على الْمولى اخوين ثمَّ على الْمولى سِنَان باشا ثمَّ صَار مدرسا ببلدة اماسيه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة جنديك بك بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة احْمَد باشا ابْن ولي الدّين بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مصطفى باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ نَصبه السُّلْطَان بايزيدخان معلما لِابْنِهِ السُّلْطَان احْمَد وَبعد وَفَاته صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مَحْمُود

ومنهم العالم العامل الفاضل الكامل المولى زين الدين محمد بن محمد شاه الفناري رحمه الله

باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بادرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمِدْرَاس الثمان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان باماسيه ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الجديدة الَّتِي بناها سلطاننا الاعظم السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان سلمه الله تَعَالَى وابقاه بجوار ايا صوفيه وَهُوَ أول مدرس بهَا ثمَّ صَار مدرسا ثَانِيًا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بادرنه ثمَّ صَار مدرسا ثَالِثا باحدى الْمدَارِس الثمان وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما وَمَات على تِلْكَ الْحَال فِي سنة اربعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما عَاملا صَالحا محبا للصوفية مشتغلا بِنَفسِهِ غير ملتفت الى احوال الدُّنْيَا رَاضِيا من الْعَيْش بِالْقَلِيلِ مَحْمُود السِّيرَة مرضِي الطَّرِيقَة صارفا جَمِيع اوقاته فِي الْعلم وَالْعِبَادَة وَكَانَ لَهُ اطلَاع عَظِيم على الْعُلُوم الغريبة كالوفق وَالتَّعْبِير والجفر والموسيقى وَسَائِر الْعُلُوم الرياضية بأجمعها وَله مهارة تَامَّة فِي علم القراآت والْحَدِيث وَالتَّفْسِير والتواريخ وَله مُشَاركَة للنَّاس فِي سَائِر الْعُلُوم وَكَانَ يحفظ من المحاضرات والتواريخ والاشعار الْعَرَبيَّة جانبا عَظِيما وَكَانَ ينظم القصائد الْعَرَبيَّة والتركية وَكَانَت لَهُ يَد طولى فِي الْوَعْظ والتذكير وَكَانَ لايمل من المطالعة والتدريس وَله مصنفات مِنْهَا رَوْضَة الاخبار فِي علم المحاضرات وحواش على اوائل شرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة وحواش على شرح الْفَرَائِض للسيدالشريف وَله رسائل وتعليقات كَثِيرَة روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى زين الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد شاه الفناري رَحمَه الله قرا على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى الْفَاضِل ابْن عَمه مَوْلَانَا عَلَاء الدّين عَليّ الفناري ثمَّ وصل الى خدمَة الْعَالم الْفَاضِل الْمولى ابْن الْمُعَرّف معلم السُّلْطَان بايزيد خَان ثمَّ صَار مُتَوَلِّيًا بأوقاف عمَارَة السُّلْطَان بايزيدخان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مُتَوَلِّيًا باوقاف عمَارَة السُّلْطَان اورخان بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مُتَوَلِّيًا باوقاف عمَارَة السُّلْطَان بايزيدخان ببلدة أماسيه ثمَّ صَار قَاضِيا ببلدة تيره ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة دمشق المحروسة ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة حلب وَتُوفِّي وَهُوَ قَاض بهَا فِي غرَّة

ومنهم العالم العامل الفاضل الكامل المولى داود بن كمال القوجوي

شهر ربيع الاول سنة سِتّ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا ذكيا صَاحب طبع وقاد وذهن نقاد وَكَانَ قوي الْجنان طليق اللِّسَان صَاحب مروأة تَامَّة وفتوة كَامِلَة محبا للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَكَانَ يبرهم ويراعي جانبهم وَكَانَ فِي قَضَائِهِ مرضِي السِّيرَة محمودالطريقة وَكَانَ ظَاهره مُوَافقا لباطنه وَكَانَ لَا يضمر سوأ لأحد روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى دَاوُد بن كَمَال القوجوي قرا رَحمَه الله تَعَالَى على عُلَمَاء عصره حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى لطفي ثمَّ الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل ابْن الْحَاج حسن ثمَّ انْتقل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل ابْن الْمُؤَيد ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة قَاسم باشا بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة قبلوجه بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة طرابزون وَهُوَ أول مدرس بهَا ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بادرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة بروسه ثمَّ عزل عَنْهَا وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما بطرِيق التقاعد ثمَّ صَار قَاضِيا بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثَانِيًا ثمَّ ترك الْقَضَاء وَاخْتَارَ التقاعد وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم وَمَات وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال فِي سنة واربعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا ذكيا مدققا وَكَانَت لَهُ يَد طولى فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وَكَانَ كريم الطَّبْع مراعيا للحقوق قوالا للحق لَا يخَاف فِي الله لومة لائم وَكَانَ سَيْفا من سيوف الله تَعَالَى الا انه لم يشْتَغل فِي التصنيف لاختلال مزاجه روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى بدر الدّين مَحْمُود الشهير ببدر الدّين الاصغر قرا رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى العذاري وَالْمولى لطفي ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل معرف زَاده ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة بالي كسْرَى ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة القلندرية بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مصطفى باشا فِيهَا ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة دَار الحَدِيث بادرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ايا صوفيه وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما ثمَّ

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى نور الدين حمزة الشهير باوح باش

ترك التدريس وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم بطرِيق التقاعد وَمَات على تِلْكَ الْحَال فِي سنة سِتّ واربعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما صَالحا وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم الا انه كَانَ اشْتِغَاله بالعلوم الْعَقْلِيَّة اكثر وَكَانَت لَهُ فِيهَا يَد طولى واشتغل بِعلم الحَدِيث وتمهر فِيهِ وَكَانَ لَهُ تعليقات على بعض الْمَوَاضِع من الْكتب الا انه لم يدون كتابا وَكَانَت لَهُ محبَّة لطريقة الصُّوفِيَّة روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى نور الدّين حَمْزَة الشهير باوح باش قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل الْمُعَرّف ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مغنيسا ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ازنيق ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ابي ايوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الْملك الْبَارِي ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بادرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيد خَان باماسيه ثمَّ نصب مفتيا هُنَاكَ ثمَّ ترك وَعين لَهُ كل يَوْم سَبْعُونَ درهما بطرِيق التقاعد وَمَات على تِلْكَ الْحَال بعد الْأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مشتغلا بالعم فَقِيها وَكَانَ معرضًا عَن احوال النَّاس مشتغلا بِنَفسِهِ وَكَانَ حَرِيصًا على جمع المَال وَكَانَ يتقلل فِي معاشه جدا ويلبس الثِّيَاب الدنيئة وَلَا يركب الْفرس وَلِهَذَا جمع اموالا عَظِيمَة وَبنى فِي آخر عمره مَسْجِدا بِمَدِينَة قسطنطينية قَرِيبا من دَاره وَبنى حجرات لسكنى الْعلمَاء وَعين لَهُم دَرَاهِم ووقف على هَؤُلَاءِ اوقافا كَثِيرَة قَالَ لَهُ الْوَزير إِبْرَاهِيم باشا اني سَمِعت انك تحب المَال فَكيف صرفت هَذِه الاموال فِي الاوقاف قَالَ انه أَيْضا من غَايَة محبتي الى المَال حَيْثُ لَا ارْض ان اخلفه فِي الدُّنْيَا واريد ان يذهب معي الى الاخرة روح الله تَعَالَى روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْعَامِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد البردعي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من أَوْلَاد الْعلمَاء واشتغل بِالْعلمِ الشريف على وَالِده ثمَّ ارتحل الى شيراز وهراة وَقَرَأَ على علمائهما وَحصل علوما كَثِيرَة ثمَّ ارتحل الى بلادالروم وَصَارَ مدرسا بمدرسة أَحْمد باشا ابْن ولي الدّين بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار

ومنهم العالم الفاضل المولى سيدابن محمود الشهير بابن المجلد كان اصله من ولاية قوجه ايلي

مدرسا بمدرسة قبلوجه ثمَّ جعله السُّلْطَان سليم خَان معلما لعبيده فِي دَار سعادته ثمَّ اعطاه احدى المدرستين المتجاورتين بادرنه وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة ثَمَان اَوْ تسع وَعشْرين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا كَامِلا ذَا حَظّ وافر من الْعُلُوم وَكَانَت لَهُ معرفَة تَامَّة بِالْعَرَبِيَّةِ والْحَدِيث وَالتَّفْسِير والاصول وَالْفُرُوع والمعقول وَالْمَنْقُول وَكَانَ لطيف المحاورة لذيذ الصُّحْبَة صَاحب الاخلاق الحميدة والادب الوافر وَكَانَ متلطفا متواضعا متخشعا صَاحب وجاهة وَكَانَ يكْتب الْخط الْحسن وَكَانَ سريع الْكِتَابَة جدا وَله حواش على تَفْسِير الْعَلامَة الْبَيْضَاوِيّ وحواش على حَاشِيَة شرح التَّجْرِيد للسَّيِّد الشريف وحواش على التَّلْوِيح وَله شرح على آدَاب الْبَحْث للعلامة عضدالدين وَكَانَ لَهُ إنْشَاء بِالْعَرَبِيَّةِ والفارسية فِي غَايَة الْحسن وَالْقَبُول وَكَانَ صَاحب محاضرة يعرف من التواريخ والمناقب شيأ كثيرا نور الله تعال مرقده وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى سيدابن مَحْمُود الشهير بِابْن المجلد كَانَ اصله من ولَايَة قوجه ايلي قَرَأَ على عُلَمَاء عصره وَحصل طرفا كَبِيرا من الْعُلُوم ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة عِيسَى بك بِمَدِينَة بروسه ثمَّ انْقَطع عَن التدريس وَرغب فِي طَريقَة التصوف وَعين لَهُ كل يَوْم خَمْسَة عشر درهما بطرِيق التقاعد وَصَحب الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى السَّيِّد البُخَارِيّ وَحصل عِنْده الطَّرِيقَة الصُّوفِيَّة وَصَارَ مهذب الاخلاق ومتواضعا متخشعا وَكَانَ على عفة وَصَلَاح وزهد وديانة وَكَانَ يخْدم بَيته بِنَفسِهِ وَيَشْتَرِي حَوَائِجه من السُّوق بِنَفسِهِ ويحملها الى بَيته وَكَانَ مُنْقَطِعًا الى الله تَعَالَى ملازما لِلْمَسْجِدِ منعزلا عَن النَّاس فِي بَيته وَتُوفِّي وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال فِي اوائل سلطنة سلطاننا الاعظم وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى كتب بِخَطِّهِ كتبا كَثِيرَة وصححها بِخَطِّهِ وَكَانَ يكْتب الْخط الْحسن الْمليح جدا وَكَانَ فَاضلا محققا مدققا حقق كثيرا من الْمَوَاضِع المشكلة شكر الله سَعْيه وَرَضي عَنهُ وأرضاه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد بن يُوسُف بن يَعْقُوب الشهير باجه زَاده

ومنهم العالم العامل الفاضل الكامل المولى محيي الدين محمدالشهير بشيخ شاذلو

قرا على عُلَمَاء عصره حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل خطيب زَاده ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ازنيق ثمَّ صَار قَاضِيا بعدة من الْبِلَاد وَلما جلس السُّلْطَان سليم خَان على سَرِير السلطنة أعطَاهُ قَضَاء سلانيك ثمَّ اعطاه قَضَاء بروسه ثمَّ عزل عَن ذَلِك وَمَات وَهُوَ مَعْزُول سنة ثَلَاث اَوْ ارْبَعْ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا ذكيا سليم الطَّبْع مبارك النَّفس مُقبلا الى الْخَيْر وَكَانَ متواضعا متخشعا صَاحب كرم واخلاق حميدة روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين محمدالشهير بشيخ شاذلو قرا رَحمَه الله تَعَالَى على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ميدان باماسيه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة احْمَد باشا ابْن ولي الدّين بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة اينابك ببلدة قسطموني ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الحلبية بِمَدِينَة ادرنه مَاتَ وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة تسع عشرَة وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا متعبدا متخشعا صارفا أوقاته فِي الْعلم وَالْعِبَادَة مشتغلا بِنَفسِهِ غير ملتفت الى أَحْوَال غَيره وَكَانَت لَهُ يَد طولى فِي الْعَرَبيَّة وَالتَّفْسِير والْحَدِيث وَالْفِقْه وَلم ينْقل انه صنف شيأ روح الله تَعَالَى روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى سِنَان الدّين يُوسُف ابْن الْمولى عَلَاء الدّين اليكاني قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره وعَلى وَالِده المرحوم ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة اينابك بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ابْنه كول ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ازنيق ثمَّ صَار قَاضِيا ببلدة أماسيه ثمَّ جعله السُّلْطَان سليم خَان حَافِظًا لدفتر بَيت المَال بالديوان العالي ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة دمشق المحروسة ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان مرادخان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَعين لَهُ كل يَوْم سَبْعُونَ درهما ثمَّ عين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما بطرِيق التقاعد وَمَات على تِلْكَ الْحَال فِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مشتغلا بِالْعلمِ متتبعا للكتب

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى بير أحمد بن المولى نور الدين حمزة المشهور بابن ليس جلبي

وَكَانَ صَاحب لطف وكرم وَكَانَ محبا للمشايخ الصُّوفِيَّة وَكَانَ من عَادَته ان يعْتَكف عِنْدهم فِي الْعشْر الاخير من شهر رَمَضَان الْمُبَارك وَله حواش على شرح المواقف للسَّيِّد الشريف ورسائل كَثِيرَة رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى بير أَحْمد بن الْمولى نور الدّين حَمْزَة الْمَشْهُور بِابْن لَيْسَ جلبي قرا رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة اسكوب ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مصطفى باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار قَاضِيا ببلدة أسكوب ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الحلبية بادرنه ثمَّ صَار مدرسا بدارا لحَدِيث فِيهَا ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة مصر المحروسة ثمَّ عزل عَنهُ وَعين لَهُ كل يَوْم سِتُّونَ درهما ثمَّ اعيد ثَانِيًا الى قَضَاء مصر ثمَّ عزل عَن ذَلِك مرّة اخرى وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم وَمَات وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما ماهرا فِي الْفِقْه وَكَانَ كريم النَّفس حسن الْخلق لين الْجَانِب وَكَانَ ذَا ثروة عَظِيمَة وَجمع كتبا كَثِيرَة الا انه لم يشْتَغل بالتصنيف 4 - وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى باشا جلبي اليكاني قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى المرحوم مؤيد زَاده ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة قبلوجه بِمَدِينَة بروسه ثمَّ عزل عَن ذَلِك ثمَّ صَار مدرسا بهَا ثَانِيًا ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الحلبية بِمَدِينَة ادرنه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة دَار الحَدِيث بِالْمَدِينَةِ المزبورة مَاتَ وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة تسع اَوْ ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ حَلِيمًا كَرِيمًا سخيا وفيا مشتغلا بِالْعلمِ الشريف غَايَة الِاشْتِغَال وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم كلهَا وَله حواش على نبذ من شرح المتفاح للسَّيِّد الشريف وَكَانَ مختل المزاج وَلِهَذَا قلت تصانيفه وَلَوْلَا ذَلِك لكَانَتْ لَهُ تصانيف كَثِيرَة وَكَانَت لَهُ معرفَة بالشعر وَكَانَ ينظم الاشعار بالتركية نور الله مرقده

ومنهم العالم العامل الفاضل الكامل المولى باشا جلبي ابن المولى زيرك

وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى باشا جلبي ابْن الْمولى زيرك قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة اسكوب ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مناستر بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بادرنه وَتُوفِّي وَهُوَ مدرس بهَا فِي اوائل سلطنة السُّلْطَان سليم خَان كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى ذكيا صَاحب محاورة وَكَانَ مربيا للطلبة وَتخرج من عِنْده كثير من الطّلبَة وَكَانَ ذَا شهرة تَامَّة بَين اهل زَمَانه من المدرسين رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد ابْن الْمولى زيرك قرا رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره وَحصل طرفا من الْعُلُوم ثمَّ صَار قَاضِيا بعدة من الْبِلَاد وَكَانَ مرضِي السِّيرَة فِي قَضَائِهِ وَكَانَ رجلا مشتغلا بِنَفسِهِ معرضًا عَن التَّعَرُّض لابناء زَمَانه توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي اواخر سلطنة السُّلْطَان سليم خَان روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى عبد الْعَزِيز حفيد الْمولى الْفَاضِل الشهير بام الْوَلَد قرا رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل ابْن الْمُؤَيد ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير دَاوُد باشا بقسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مناستر ببروسه ثمَّ صَار قَاضِيا بعدة من الْبِلَاد ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة طرابزون ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة دَار الحَدِيث بادرنه ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة حلب المحروسة ثمَّ صَار مدرسا ومفتيا ببلدة اماسيه ثمَّ ترك التدريس وَعين لَهُ كل يَوْم سَبْعُونَ درهما بطرِيق التقاعد وَمَات وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال فِي جوَار الْخمسين وَتِسْعمِائَة وَقد اختلت رِجْلَاهُ فِي آخر عمره كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى اديبا لبيبا صَاحب كرم ومرواة وقورا عَظِيما حَلِيمًا كَانَ لَا يذكر احدا بِسوء وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم كلهَا وَكَانَ ينظم القصائد الْعَرَبيَّة فِي غَايَة الفصاحة والبلاغة

ومنهم العالم العامل الفاضل الكامل المولى محيي الدين محمد ابن الشيخ العارف بالله تعالى مصلح الدين القوجوي

وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى مصلح الدّين القوجوي قرا على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل ابْن افضل الدّين ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة خواجه خير الدّين بِمَدِينَة قسطنطينية وَتزَوج بنت الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ محيي الدّين القوجوي ثمَّ غلب عَلَيْهِ دَاعِيَة الْفَرَاغ وَالْعُزْلَة وَترك التدريس وَعين لَهُ كل يَوْم خَمْسَة عشر درهما بطرِيق التقاعد وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى يستكثر ذَلِك وَيَقُول يَكْفِينِي عشرَة دَرَاهِم ولازم بَيته واشتغل بِالْعلمِ الشريف وَالْعِبَادَة وَكَانَ متواضعا متخشعا مرضِي السِّيرَة مَحْمُود الطَّرِيقَة وَكَانَ محبا لاهل الصّلاح وَكَانَ يَشْتَرِي من السُّوق حَوَائِجه بِنَفسِهِ ويحملها الى بَيته بِنَفسِهِ مَعَ رَغْبَة النَّاس فِي خدمته وَهُوَ لَا يرضى الا ان يباشره تواضعا لله تَعَالَى وهضما للنَّفس وَكَانَ يروي التَّفْسِير فِي مَسْجده ويجتمع اليه اهل الْبَلَد ويستمعون كَلَامه ويتبركون بانفاسه وانتفع بِهِ كَثِيرُونَ وَكتب على تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ حَاشِيَة حاملة جَامِعَة لما تفرق من الْفَوَائِد فِي كتب التفاسير بعبارات سهلة وَاضِحَة لينْتَفع بِهِ المبتدىء وَله شرح الْوِقَايَة فِي الْفِقْه وَشرح الْفَرَائِض السِّرَاجِيَّة وَشرح الْمِفْتَاح للعلامة السكاكي وَشرح القصيدة الْمَشْهُورَة بالبردة وَمَات فِي سنة خمسين وَتِسْعمِائَة قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى اذا اشكل عَليّ آيَة من آيَات الْقُرْآن الْعَظِيم اتوجه الى الله تَعَالَى فيتسع صَدْرِي حَتَّى يكون قدر الدُّنْيَا ويطلع فِيهِ قمران لَا أَدْرِي انهما أَي شَيْء ثمَّ يظْهر نور فَيكون دَلِيلا الى اللَّوْح الْمَحْفُوظ فاستخرج مِنْهُ معنى الاية قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى اذا عملت بالعزيمة لَا أُرِيد النّوم الا وَأَنا رَاقِد فِي الْجنَّة واذا عملت بِالرُّخْصَةِ لَا تحصل لي هَذِه الْحَال وَكَانَت لَهُ محبَّة عَظِيمَة فِي هَذَا العَبْد الحقير وانه من جملَة مَا افتخرت بِهِ وَمَا اخْتَرْت منصب الْقَضَاء الا بِوَصِيَّة مِنْهُ وَكَانَ قد اوصاني بِهِ وَحكى لي ان وَاحِدًا من اصدقائه كَانَ قَاضِيا ثمَّ ترك الْقَضَاء مُدَّة ثمَّ دخل الْقَضَاء ثَانِيًا وَكَانَ رجلا صَالحا صَدُوقًا فسالته عَن سَبَب دُخُوله ثَانِيًا فَقَالَ كَانَ لي عِنْد قضائي مُنَاسبَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكنت اراه فِي الْمَنَام فِي كل اسبوع مرّة فَتركت الْقَضَاء ليحصل لي زِيَادَة تقرب

ومنهم العالم العامل الفاضل الكامل الشريف عبد الرحيم العباسي

اليه على مَا كَانَ فِي الاول فَبعد ترك الْقَضَاء مَا رَأَيْت كَمَا رَأَيْت فِي حَال الْقَضَاء فرايت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقلت يَا رَسُول الله اني تركت الْقَضَاء ليزِيد قربي مِنْكُم فَلم يَقع كَمَا رَجَوْت قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان الْمُنَاسبَة بيني وَبَيْنك ازيد عندالقضاء من مناسبتك عندالترك لانك عِنْد الْقَضَاء تشتغل باصلاح نَفسك واصلاح امتي وعندالترك لَا تشتغل الا باصلاح نَفسك وَمَتى زِدْت فِي الاصلاح زِدْت تقربا مني قَالَ الْمولى المرحوم انا صدقت كَلَامه وَكَانَ الرجل صَدُوقًا فأوصيك ان تخْتَار الْقَضَاء وَتصْلح نَفسك وَغَيْرك هَذَا كَلَامه قدس سره وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الشريف عبد الرحيم العباسي ولد بِمصْر وقرا على عُلَمَاء عصره وَحصل الْعُلُوم الادبية وَعلم البلاغة والْحَدِيث وَالتَّفْسِير وَأخذ من عُلَمَاء الحَدِيث هُنَاكَ وَحصل سندا عَالِيا وأتى مَدِينَة قسطنطينية فِي زمن السُّلْطَان بايزيدخان مَعَ رَسُول اتاه من قبل السُّلْطَان الغوري ملك مصر وَكَانَ القَاضِي بالعسكر وقتئذ ابْن الْمُؤَيد الْفَاضِل فزاره الشريف الْمَزْبُور وأكرمه غَايَة الاكرام وَكَانَ لَهُ شرح للْبُخَارِيّ اهداه الى السُّلْطَان بايزيد خَان فاعطاه السُّلْطَان جَائِزَة سنية وَأَعْطَاهُ الْمدرسَة الَّتِي بناها بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ ليقرىء فِيهَا الحَدِيث فَلم يرض الشريف وَرغب فِي الذّهاب الى الوطن وَلما انقرضت دولة السُّلْطَان الغوري بِمصْر اتى الى مَدِينَة قسطنطينية ثَانِيًا وَعين لَهُ كل يَوْم خَمْسُونَ درهما بطرِيق التقاعد واقام فِي قسطنطينية مُدَّة كَبِيرَة الى ان توفّي فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة وَقد قرب سنة من مائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما بالعلوم الادبية كلهَا والْحَدِيث وَالتَّفْسِير وَكَانَت لَهُ يَد طولى وَسَنَد عَال فِي علم الحَدِيث وَكَانَت لَهُ معرفَة تَامَّة بالتواريخ والمحاضرات والقصائد الْعَرَبيَّة وَكَانَ لَهُ إنْشَاء بليغ ونظم حسن وَخط مليح وَمن نظمه رَحمَه الله تَعَالَى ... مَالِي ارى احبابنا فِي النَّاس ... صَارُوا كَمثل حبابنا فِي الكاس صور تروقك عِنْد أول نظرة ... كَاللُّؤْلُؤِ المتناسق الاجناس واذا اعدت الطّرف فيهم لم تَجِد ... شَيْئا وَصَارَ رخاؤهم للياس ...

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى بخشى خليفة الاماسي رحمه الله

وَمن نظمه رَحمَه الله تَعَالَى ايضا عِنْد شَيْبه ... ارعشني الدَّهْر أَي رعش ... والدهر ذُو قُوَّة وبطش قد كنت امشي وَلست اعيا ... فاليوم اعيا وَلست امشي ... وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى صَاحب خلق عَظِيم وَصَاحب بشاشة وَوجه بسام بَين الْجمال والجلال قسام وَكَانَ لطيف المحاورة حُلْو المحاضرة عَجِيب النادرة متواضعا متخشعا اديبا لبيبا يبجل الصَّغِير كَمَا يوقر الْكَبِير وَكَانَ كريم الطَّبْع سخي النَّفس مُبَارَكًا مَقْبُولًا وَجُمْلَة القَوْل فِيهِ انه كَانَ بركَة من بَرَكَات الله تَعَالَى فِي الارض وَله من القصائد الْعَرَبيَّة والمنشآت مَالا يُحْصى وَله شرح للْبُخَارِيّ مُخْتَصر مُفِيد وَله شرح شَوَاهِد التخليص سَمَّاهُ بمعاهد التَّنْصِيص فِي شرح شَوَاهِد التَّلْخِيص وَقد استدرك فِي كثير من الْمَوَاضِع على الشُّرَّاح روح الله روحه وَزَاد فِي اعلى غرف الْجنان فتوحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى بخشى خَليفَة الاماسي رَحمَه الله ولد بقرية قريبَة من اماسيه وقرا على عُلَمَاء عصره ثمَّ ارتحل الى بِلَاد الْعَرَب وَقَرَأَ على علمائها ايضا ثمَّ اخْتَار طَرِيق التصوف ونال مِنْهَا الْمَرَاتِب الجليلة وَكَانَ خاضعا خَاشِعًا متورعا متشرعا رَاضِيا من الْعَيْش بِالْقَلِيلِ وَكَانَ يلبس الثِّيَاب الخشنة وَكَانَ يدرس وَكَثِيرًا مَا يجلس للوعظ والتذكير وَكَانَت لَهُ يَد طولي فِي التَّفْسِير وَكَانَ أَكثر التفاسير فِي حفظه وقرا عَلَيْهِ الكثيرون وانتفعوا بِهِ وَكَانَت لَهُ يَد طولى فِي الْفِقْه ايضا وَفِي سَائِر الْعُلُوم وَرُبمَا يَقُول رَأَيْت فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ مسطورا هَكَذَا وَلَا يخطيء كَلَامه اصلا وَيكون كَمَا نقل وَرَأَيْت لَهُ رِسَالَة جمع فِيهَا رُؤْيَته للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الْمَنَام وصحبته مَعَه وَهِي كَثِيرَة جدا توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي جوَار الثَّلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة نور الله تَعَالَى مرقده وَفِي اعلى غرف الْجنان ارقده وَمِنْهُم الْمولى الْعَالم الْكَامِل الْفَاضِل محيي الدّين مُحَمَّد بن عمر بن حَمْزَة كَانَ جده من بِلَاد مَا وَرَاء النَّهر من تلامذة الْعَلامَة سعدالدين التَّفْتَازَانِيّ ثمَّ ارتحل فاستوطن انطاكية وَبهَا ولد مُحَمَّد هَذَا فحفظ الْقُرْآن الْعَظِيم فِي صغره

ثمَّ الْكَنْز والشاطبي وَغَيرهمَا ثمَّ تفقه على عميه الشَّيْخ حُسَيْن وَالشَّيْخ احْمَد وَكَانَا فاضلين وقرا عَلَيْهِمَا الاصول والقراآت والعربية ثمَّ سَار الى حصن كيفا وآمد ثمَّ الى تبريز وَأخذ عَن علمائها واشتغل هُنَاكَ سنتَيْن وقرا فِي تبريز على الْعَالم الْفَاضِل الْمولى مزِيد ثمَّ رَجَعَ الى انطاكية وحلب وَأقَام ثمَّة وَوعظ ودرس وَأفْتى واشتهرت فضائله ثمَّ خرج الى الْقُدس الشريف وجاور هُنَاكَ ثمَّ الى مَكَّة المشرفة فحج ثمَّ ذهب الى مصر فَسمع هُنَاكَ من السُّيُوطِيّ والشمني وأجازا لَهُ وَوعظ ودرس وَأفْتى فَحصل لَهُ ثمَّة قبُول عَظِيم حَتَّى طلبه السُّلْطَان قايتباي فلاقاه ووعظه وَألف لَهُ كتابا فِي الْفِقْه مُسَمّى بالنهاية فاحبه واكرمه غَايَة الاكرام وَأحسن جوائزه وَلم يَأْذَن لَهُ فِي الرحيل فَبَقيَ عِنْده الى ان توفّي الْملك قايتباي فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعمِائَة ثمَّ سَافر الى الرّوم من الْبَحْر فجَاء الى بروسه وأحبه اهلها جدا فاقام هُنَاكَ واشتغل بالوعظ وَالنَّهْي عَن الْمُنْكَرَات ثمَّ ذهب الى مَدِينَة قسطنطينية فاحبه اهلها ايضا وَسمع السُّلْطَان بايزيدخان وعظه فَمَال اليه كل الْميل وَكَانَ يُرْسل اليه الجوائز دَائِما وَألف لَهُ كتابا مُسَمّى بتهذيب الشَّمَائِل فِي سيرة نَبينَا صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وكتابا آخر فِي التصوف ولاقاه ودعا لَهُ ثمَّ خرج السُّلْطَان الى الْغَزْو وَهُوَ مَعَه فَفتح مَعَه قلعة مشون وَكَانَ ثَانِي الداخلين اليها اَوْ ثالثهم ثمَّ رَجَعَ الى قسطنطينية وَبَقِي هُنَاكَ يامر بِالْمَعْرُوفِ وَينْهى عَن الْمُنكر بِحَيْثُ لَا يخَاف فِي الله لومة لائم ويتعرض للملاحدة والصوفية فِي رقصهم ثمَّ رَجَعَ مَعَ اهله الى حلب المحروسة فاكرمه ملك الامراء خير بك جدا وَقَرَأَ عَلَيْهِ وَالْتزم جَمِيع حَوَائِجه وَهُوَ مَعَ ذَلِك لم يَأْكُل مِنْهُ شيا فَمَكثَ ثَمَان سِنِين مشتغلا بالتفسير والْحَدِيث وَالرَّدّ على الْمَلَاحِدَة وَالرَّوَافِض سِيمَا على طاغية اردبيك وَكَانَت تِلْكَ الطَّائِفَة يبغضونه بِحَيْثُ يلعنونه مَعَ الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم فِي المجامع ثمَّ عَاد الى الرّوم ثمَّ زمن السُّلْطَان سليم خَان وحرضه على الْجِهَاد الى قرلباش وَألف لَهُ كتابا فِي أَحْوَال الْغَزْو وفضائله وَهُوَ كتاب نَفِيس جدا فَذهب مَعَه الى حَرْب تِلْكَ الطَّائِفَة وَكَانَ يعظ كل يَوْم فِي الطَّرِيق للجند وَيذكر لَهُم ثَوَاب الْجِهَاد خُصُوصا بِتِلْكَ الطَّائِفَة وَالسُّلْطَان يُكرمهُ وَيحسن اليه كثيرا وَلما التقى الْجَمْعَانِ وحمي

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى خير الدين خضر المعروف بالعطوفي

الْوَطِيس بِحَيْثُ زاغت الابصار وَبَلغت الْقُلُوب الْحَنَاجِر امْرَهْ السُّلْطَان بِالدُّعَاءِ واشتغل هُوَ بِالدُّعَاءِ وَيَقُول السُّلْطَان آمين فَانْهَزَمَ الْعَدو بعناية الله تَعَالَى ثمَّ انه سَافر الى روم ايلي فوعظ اهلها ونهاهم عَن الْمعاصِي وَأمرهمْ بالفرائض فانصلح بِسَبَبِهِ كثير من النَّاس وَبنى جَامعا فِي بَلْدَة سراي ومسجدا فِيهِ ومسجدا آخر بأسكوب وَأقَام هُنَاكَ قدر عشر سِنِين يُفَسر الْقُرْآن الْعَظِيم كل يَوْم وَأسلم بَين يَدَيْهِ كثير من الْكفَّار وَفِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة غزا مَعَ سلطاننا الاعظم الى انكروس ودعا لَهُ وَقت الْقِتَال فجَاء الْفَتْح الْمُبين كَمَا تقدم ثمَّ انْتقل الى بروسه وَسكن هُنَاكَ وَشرع فِي بِنَاء جَامع كَبِير فَتوفي قبل اتمامه فِي رَابِع الْمحرم سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة وَقد ناهز السّبْعين وَدفن فِي حرم الْجَامِع وَولد من صلبه قريب من مائَة نفس وَله كتب ورسائل كَثِيرَة فِي فنون عديدة خُصُوصا فِي علم الكيمياء وَكَانَ من الواصلين اليه وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى كثير التنقل فِي الْبِلَاد مَحْبُوب الْقُلُوب تنجذب اليه النُّفُوس وَكَانَ من التَّقْوَى على جَانب عَظِيم وَكَانَ لَهُ احْتِيَاط تَامّ فِي مآكله وملابسه وطهارته وَكَانَت نَفَقَته من تِجَارَته وَأكْثر أوقاته مصروفة الى مصَالح الْخلق من الْوَعْظ والتدريس والافتاء وَقل حَدِيث ذكر فِي الْكتب وَلم يكن مَحْفُوظًا لَهُ وَله قدرَة تَامَّة على تَفْسِير الْقُرْآن بِلَا مطالعة وَلَا مُرَاجعَة الى الْكتب فَكَانَ دأبه فِي أَيَّام الْجُمُعَة تَفْسِير مَا قَرَأَ الْخَطِيب فِي الصَّلَاة بديباجة بليغة ووجوه مُخْتَلفَة وعلوم جمة يعجز عَنهُ المتأملون أَيَّامًا وَيَأْخُذ عَنهُ الْعَوام والخواص من الْعلمَاء والصوفية حظهم وَكَانَ عَالما ربانيا دَاعيا الى الْهدى والاصلاح دَائِما أمات بدعا كَثِيرَة وَأَحْيَا سننا كَثِيرَة وانتفع بِهِ خلق لَا يعرف حسابهم الا الله تَعَالَى وَلَا يَتَيَسَّر ذَلِك لغيره الا ان يُؤْتى مثل مَا اوتي من فضل الله تَعَالَى روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى خير الدّين خضر الْمَعْرُوف بالعطوفي قرا رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره وَقَرَأَ التَّفْسِير والْحَدِيث على الْمولى بخشى الْمَذْكُور وَقَرَأَ علم الْمعَانِي على الْمولى عبد الاماسي وَقَرَأَ الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة على الْمولى

ومنهم العالم الفاضل الكامل العامل عبد الحميد ابن شرف

الْفَاضِل قطب الدّين مُحَمَّد حافد الْمولى الْفَاضِل افضل زَاده الرُّومِي وقرا علم الاصول على الْمولى الْفَاضِل خواجه زَاده وَقَرَأَ الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة على الْمولى الْفَاضِل افضل زَاده ثمَّ صَار معلما لِعبيد السُّلْطَان بايزيدخان فِي دَار سعادته ثمَّ اخْتَار طَريقَة الْوَعْظ فعين لَهُ كل يَوْم خَمْسُونَ درهما ثمَّ زيد على ذَلِك فَصَارَ ثَمَانِينَ درهما كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى يُفَسر ايام الْجُمُعَة فِي جَوَامِع قسطنطينية وَكَانَ عَالما بالعلوم الادبية وبارعا فِي علمي الْمعَانِي وَالْبَيَان وَكَانَ فِي علم التَّفْسِير على غَايَة الاتقان مُنْقَطِعًا عَن النَّاس مشتغلا بِنَفسِهِ وَله حواش على الْكَشَّاف وَشرح للمشارق وَكتاب فِي الطِّبّ ورسائل مُتَعَلقَة بِعلم الْكَلَام توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة ثَمَان واربعين وَتِسْعمِائَة روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْعَامِل عبد الحميد ابْن شرف ولد رَحمَه الله تَعَالَى بِولَايَة قسطموني وَقَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ رغب فِي التصوف وَصَحب مَعَ الشَّيْخ مصلح الدّين الطَّوِيل من الطَّائِفَة النقشبندية وَبعد وَفَاته اخْتَار طَرِيق الْوَعْظ وَعين لَهُ كل يَوْم ثَلَاثُونَ درهما وَكَانَ يعظ فِي مَدِينَة قسطنطينية وَكَانَت لَهُ يَد طولى فِي التَّفْسِير وَكَانَ يُفَسر تقريرات وَاضِحَة بليغة وعبارات فصيحة وَكَانَ يدرس فِي بَيته علم التَّفْسِير واستفاد مِنْهُ كثير من النَّاس وَكَانَ زاهدا مُعْتَزِلا عَن النَّاس فارغ الْهم عَن أشغال الدُّنْيَا مُقبلا على اصلاح نَفسه وَكَانَ طَوِيل الصمت كثير الفكرة اديبا وقورا صَاحب مهابة توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة ثَمَان واربعين وَتِسْعمِائَة وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الموى عِيسَى خَليفَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من نواحي قسطموني قرا على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل افضل زَاده ثمَّ سلك مَسْلَك التصوف وَاخْتَارَ طَريقَة الْوَعْظ وَعين لَهُ كل يَوْم ثَلَاثُونَ درهما وَكَانَ يعظ النَّاس ايام الْجُمُعَة فِي جَوَامِع قسطنطينية وَكَانَت لَهُ يَد طولى فِي التَّفْسِير والوعظ والتذكير وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة مَعَ النَّاس فِي سَائِر الْعُلُوم وَكَانَ كَلَامه مؤثرا فِي النُّفُوس تَأْثِيرا عَظِيما وَرُبمَا ينشد فِي اثناء وعظه الابيات الفارسية الْمُنَاسبَة للْحَال ثمَّ نصب خَطِيبًا فِي جَامع السُّلْطَان

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى شعيب الشهير بالترابي

مُحَمَّد خَان ثمَّ ترك الخطابة وَصَارَ واعظا وَتُوفِّي على تِلْكَ الْحَال روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى شُعَيْب الشهير بالترابي قرا رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الكرماسني ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل حسام زَاده ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ العزني ثمَّ جعله السُّلْطَان بايزيدخان معلما لعبيده فِي دَار سعادته ثمَّ أعطَاهُ مدرسة فلوبه ثمَّ أعطَاهُ الْمدرسَة الحلبية بادرنه ثمَّ اخْتَار طَريقَة الْوَعْظ وَعين لَهُ كل يَوْم خَمْسَة واربعون درهما وَمَات على تِلْكَ الْحَال كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى رجلا صَالحا محبا لفقراء الصُّوفِيَّة ومشايخهم وَكَانَ على الْفطْرَة الاسلامية جَارِيا على منهاج السّنة متجانبا عَن الْبِدْعَة بارا صَدُوقًا وَكَانَ لَهُ وجد وَحَال وَرُبمَا يمِيل الى المزاح فيضحك الْحَاضِرين وَرُبمَا يبكي ويبكي من مَعَه وَكَانَ رجلا كثير الاكل يستبعد من لم ير مَاله م كَثْرَة الاكل وَمَعَ ذَلِك كَانَ لَهُ صَبر قوي على الْجُوع وسنه جَاوز التسعين وَكَانَت لَهُ مَعَ ذَلِك قُوَّة عَظِيمَة بِحَيْثُ لَو اخذ يَد إِنْسَان يخَاف من انكسارها ويحكي هُوَ انه كَانَ يكسر فِي شبابه نعل الدَّوَابّ باصبعيه نور الله تَعَالَى قَبره وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد الاماسي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا مُفَسرًا مُحدثا ومذكرا واعظا وَكَانَ نَفسه مؤثرا فِي الْقُلُوب وَكَانَ مجاب الدعْوَة مَقْبُول السِّيرَة انجذب اليه الْخَواص والعوام لورعه وتقواه وَكَانَ منتسبا الى طَريقَة الصُّوفِيَّة روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى التوقاتي كَانَ مشتهرا بِهَذِهِ النِّسْبَة وَلِهَذَا لم اطلع على اسْمه وَكَانَ مدرسا ببلدة اماسيه وَلم يفارقها الى ان مَاتَ فِي اوائل سلطنة سلطاننا الاعظم سلمه الله وَكَانَ فَاضلا محققا مُنْقَطِعًا عَن النَّاس بِالْكُلِّيَّةِ مشتغلا بالدرس وَالْعِبَادَة وَكَانَ انْقِطَاعه بمرتبة لَا يقدر على الْحُضُور فِي الْمجَالِس وَحْشَة من النَّاس واستحياء مِنْهُم وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ عَالما ربانيا مُبَارَكًا روح الله تَعَالَى روحه

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى الشهير بابن المعيد الاماسي ولاشتهاره بهذه الكنية لم أطلع على اسمه

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى مصلح الدّين مُوسَى بن مُوسَى الاماسي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى حَافِظًا للكتب فِي جَامع السُّلْطَان بايزيدخان ببلدة اماسيه وَلِهَذَا اشْتهر بَين الانام بحافظ الْكتب قرا ببلاده على عُلَمَاء عصره ثمَّ ارتحل الى بِلَاد الْعَجم وَقَرَأَ على علمائها ايضا ثمَّ ارتحل الى بلادالعرب وقرا على علمائها ايضا ثمَّ حج وأتى بلادالروم واتصل بِخِدْمَة الْمولى الْفَاضِل افضل زَاده ثمَّ سلك مَسْلَك التصوف وَحصل مِنْهُ حظا عَظِيما ثمَّ تقاعد فِي بَلْدَة اماسيه ليقرىء الطّلبَة ويفتي النَّاس وَيعلم الصّبيان وَكَانَ من بَرَكَات الله تَعَالَى فِي أرضه وَكَانَ سليم الطَّبْع حَلِيم النَّفس متواضعا متخشعا متدينا متورعا صَحِيح العقيدة مرضِي السِّيرَة لذيذ الصُّحْبَة محبا للخير وَكَانَ لَهُ حَظّ من الْعُلُوم كلهَا سِيمَا التَّفْسِير والْحَدِيث وَكَانَ لَهُ حَظّ وافر من الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة والادبية وَكَانَت لَهُ يَد طولى فِي الاصول وَالْفِقْه وَكَانَ الْفِقْه نصب عينه قَلما يُوجد من يستحضره مثله وصنف كتابا فِي الْفِقْه جمع فِيهِ متونا عشرَة من الْمُتُون الْمَشْهُورَة وَحذف مكرراتها وَاخْتَارَ فِي ترتيبه طَرِيقا حسنا وَسَماهُ بمخزن الْفِقْه وَكتب بعباراته شرحا بلغ ثَلَاثِينَ كراسا بِخَطِّهِ الدَّقِيق روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى الشهير بِابْن المعيد الاماسي ولاشتهاره بِهَذِهِ الكنية لم أطلع على اسْمه كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا محققا مدققا متورعا متشرعا وَكَانَ لَهُ حَظّ من الْعُلُوم كلهَا وَكَانَ سالكا مَسْلَك التصوف مُنْقَطِعًا عَن النَّاس متبتلا الى الله وَكَانَ مَقْبُول الدعْوَة مبارك النَّفس مرضِي السِّيرَة مَحْمُود الطَّرِيقَة روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى عبد الله خواجه المتوطن فِي قَصَبَة كوبريجك كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مَشْهُورا بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْفِقْه وَلَيْسَ اُحْدُ من الطّلبَة فِي عصره الا ويرتحل اليه ويقرا عِنْده الْفِقْه والعربية وَكَانَ مُنْقَطِعًا عَن النَّاس مشتغلا بِالْعبَادَة والافادة وَكَانَ صَالحا متشرعا مَقْبُول السِّيرَة مَحْمُود الطَّرِيقَة مجاب الدعْوَة روح الله روحه وَنور ضريحه

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى الشهير بابن دده جك

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى الشهير بِابْن دده جك كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى متوطنا بقصبة لادق وَكَانَ يقرىء النَّاس بالقراآت الْعشْر وَكَانَ صَحِيح العقيدة مرضِي السِّيرَة مَقْبُول الدعْوَة صَالحا عابدا زاهدا مُنْقَطِعًا عَن النَّاس قانعا من الْعَيْش بِالْقَلِيلِ روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى الشهير بِابْن القفان كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى متوطنا ببلدة سينوب وَكَانَ صَالحا زاهدا عابدا مبارك النَّفس مرضِي السِّيرَة مُنْقَطِعًا عَن النَّاس مشتغلا بِالْعلمِ والافادة وَكَانَ يقرىء النَّاس بالقراآت السَّبع وانتفع بِهِ كثير من النَّاس روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى صَادِق خَليفَة المغنياوي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى رحْلَة الطالبين فِي علم القراآت وَكَانَ يقرىء النَّاس بالقراآت السَّبع وانتفع بِهِ كثير من النَّاس وَكَانَ عابدا صَالحا زاهدا مُبَارَكًا محبا للخير رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى مُحَمَّد ابْن الْمولى الْفَاضِل الْحَاج حسن قرا رَحمَه الله تَعَالَى على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مَحْمُود باشا بِمَدِينَة قسطنطينية كَانَ ذكيا فطنا وَكَانَ لَهُ اطلَاع على الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وَلما كَانَ مائلا الى الزِّينَة والترفه فِي المعاش وتكثير الخدم والحشم مَال الى منصب الْقَضَاء وَصَارَ قَاضِيا بعدة من الْبِلَاد وَلما قفل السُّلْطَان سليم خام من فتح بلادالعجم استقبله الْمولى الْمَذْكُور وَكَانَ وقتئذ قَاضِيا ببلدة كوتاهية وَلما رَآهُ السُّلْطَان سليم خَان بِمَا عَلَيْهِ من الزِّينَة والالبسة الفاخرة الَّتِي تلبسها الامراء أعطَاهُ منصب الامارة وَمَات وَهُوَ أَمِير بِبَعْض الْبِلَاد وَكَانَ سخيا وَصَاحب خلق حسن وَكَانَ لَهُ خطّ عَظِيم مُتَعَلقا بِعلم الانشاء وَالشعر وَمَعْرِفَة التواريخ روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل مُحَمَّد باشا حفيد الْمولى الْعَالم ابْن الْمُعَرّف معلم السُّلْطَان بايزيدخان قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة قلندر خانه

ومنهم العالم المولى عيسى باشا ابن الوزير إبراهيم باشا

بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بِمَدِينَة أدرنه ثمَّ صَار موقعا بالديوان العالي فِي أَيَّام دولة السُّلْطَان سليم خَان ثمَّ صَار وزيرا لَهُ وَمَات وَهُوَ وَزِير لَهُ وَكَانَ ذكيا صَاحب طبع فائق وذهن رائق وعقل وافر وَكَانَ لَهُ تَدْبِير حسن وَمَعْرِفَة بآداب الصُّحْبَة وَلِهَذَا تقرب عِنْد السُّلْطَان سليم خَان مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى وَهُوَ شَاب فِي سنة ثَلَاثَة وَعشْرين وَتِسْعمِائَة روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْمولى عِيسَى باشا ابْن الْوَزير إِبْرَاهِيم باشا قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير دَاوُد باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بِمَدِينَة ادرنه ثمَّ صَار موقعا بالديوان العالي ثمَّ صَار أَمِيرا على عدَّة بِلَاد ثمَّ صَار امير الامراء بِولَايَة الشَّام وَتُوفِّي وَهُوَ أَمِير بهَا كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما بعدة من الْعُلُوم وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم وَلم يتْرك المطالعة أَيَّام امارته وَكَانَ صَاحب عقل وافر بِحَيْثُ لَا يقدر احدا ن يخدعه فِي أَمر من الامور وَكَانَ صَاحب أدب وَحسن معاشرة ولطف محاورة روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى الشهير بنهاني وَقد اشْتهر بِهَذَا اللقب وَلم نَعْرِف اسْمه كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عتيقا لبَعض الاكابر وَقد قَرَأَ فِي صغره مباني الْعُلُوم ثمَّ وصل الى خدمَة الافاضل من الْعلمَاء وَحل عِنْدهم مَحل الْقبُول وفَاق اقرانه ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل مُحَمَّد ابْن الْحَاج حسن ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الَّتِي بناها الْمولى الْمَزْبُور فِي مَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا باسحاقية اسكوب ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مصطفى باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ فرغ عَن التدريس وسافر الى الْحجاز وَحج وَسمعت من بعض اصحابه انه قَالَ لما أتم أَمر الْحَج مرض وتاسف فِي مَرضه على مَا مضى من عمره فِي المناصب والاشتغال بِغَيْر الله تَعَالَى وَعَاهد الله تَعَالَى انه ان صَحَّ من مَرضه لم يعاود التدريس ابدا قَالَ وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي مَرضه ذَلِك وَدفن فِي مَكَّة المشرفة فِي سنة خمس اَوْ سِتّ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة

ومنهم العالم الفاضل المولى حيدر وهو ابن اخي المولى الخيالي

كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا وَكَانَت لَهُ ممارسة فِي النّظم والعبر بِالْعَرَبِيَّةِ والفارسية والتركية وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم سِيمَا الْعَرَبيَّة وَالتَّفْسِير والاصول وَالْفِقْه وَرَأَيْت لَهُ نظما بالعربي عِنْد بعض اصحابه وَكَانَ نظما فصيحا بليغا نور الله تَعَالَى مرقده وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى حيدر وَهُوَ ابْن اخي الْمولى الخيالي وَكَانَت امهِ بنت مُحَمَّد بن مُحَمَّد شاه الفناري قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْعَالم الْفَاضِل الْمولى سَيِّدي مَحْمُود القوجوي وَكَانَ هُوَ وقتئذ مدرسا بمدرسة دَار الحَدِيث بادرنه وَصَارَ معيدا لدرسه قَرَأَ عَلَيْهِ الشَّرْح المطول للتلخيص للعلامة التَّفْتَازَانِيّ من أَوله إِلَى آخِره وَقَالَ الْمولى الْمَذْكُور فِي حَقه ان الْمولى حيدر قَرَأَ عَليّ صَحِيح البُخَارِيّ من أَوله إِلَى آخِره قِرَاءَة تَحْقِيق واتقان قَالَ وَكَانَ يُقرر فِي أثْنَاء الدَّرْس شرح صَحِيح البُخَارِيّ للكرماني ثمَّ ارتحل الى مصر المحروسة وَأخذ من علمائها التَّفْسِير والْحَدِيث والاصول وَالْفُرُوع ثمَّ ارتحل الى بِلَاد الرّوم ونصبوه مُتَوَلِّيًا بأوقاف السُّلْطَان مُحَمَّد خَان ببروسه ثمَّ صَار مُتَوَلِّيًا بأوقاف السُّلْطَان اورخان بِالْمَدِينَةِ المزبورة وَتُوفِّي فِيهَا فِي أَوَاخِر سلطنة السُّلْطَان سليم خَان كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى جميل الصُّورَة محمودالطريقة لذيذ الصُّحْبَة حسن النادرة لطيف المحاورة جيد المحاضرة مَقْبُول المناظرة وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى زين الْمجَالِس والمحافل وَكَانَت لَهُ يَد طولى فِي النّظم والنثر بِالْعَرَبِيَّةِ وَكَانَ ينظم القصائد الْعَرَبيَّة الفصيحة البليغة برد الله تَعَالَى مضجعه وَنور مهجعه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل خضرشاه ابْن الْمولى الْفَاضِل مُحَمَّد بن الْحَاج حسن قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار معيدا لدرس الْمولى عَلَاء الدّين الجمالي الْمُفْتِي ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة وَالِده بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ مَال الى منصب الْقَضَاء وَصَارَ قَاضِيا بعدة من الْبِلَاد وَتُوفِّي قَاضِيا كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى حَلِيم الطَّبْع سليم النَّفس معرضًا عَن ابناء الزَّمَان مشتغلا بِنَفسِهِ وَكُنَّا فِي جواره مُدَّة وَلم نتأذ اصلا من أَقْوَاله وأحواله روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه

ومنهم العالم الفاضل الكامل الطبيب الحاذق المولى محمود بن الكمال الملقب باخي جان المشتهر باخي جلبي

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الطَّبِيب الحاذق الْمولى مَحْمُود بن الْكَمَال الملقب باخي جَان المشتهر باخي جلبي كَانَ ابوه كَمَال الدّين فِي بَلْدَة تبريز ثمَّ أَتَى بلادالروم وَكَانَ طَبِيبا حاذقا وانتسب الى خدمَة الامير الْكَبِير اسمعيل بك بِولَايَة قسطموني وَلما سلم الامير الْمَزْبُور الْولَايَة الْمَذْكُورَة الى السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وارتحل الى جَانب روم ايلي أَتَى الْمولى كَمَال الدّين الى مَدِينَة قسطنطينية وَفتح هُنَاكَ دكانا فِي السُّوق الْمَنْسُوب الى مَحْمُود باشا واشتهرت حذاقته فِي الطِّبّ بَين النَّاس حَتَّى رَغِبُوا فِي طبه وَرَجَعُوا اليه فِي مداواة مرضاهم وَحصل لَهُ بِسَبَب الطِّبّ مَال عَظِيم وَاشْترى بذلك دَارا بِالْمَدِينَةِ المزبورة وتوطن هُنَاكَ الى ان توفّي وَطَلَبه السُّلْطَان مُحَمَّد خَان مرَارًا ليصير طَبِيبا فِي دَار سلطنته فَأبى عَن ذَلِك وَقَالَ كَيفَ اخْتَار الرّقّ بعدالحرية وَبعد وَفَاته خدم وَلَده الْمَزْبُور الْحَكِيم قطب الدّين والحكيم ابْن الْمَذْهَب وَحصل عِنْدهمَا الطِّبّ وَمهر فِيهِ غَايَة المهارة وَأظْهر فِي المعالجات تَصَرُّفَات كَثِيرَة حَتَّى نصبوه رَئِيسا للأطباء فِي المارستان الَّتِي بناها السُّلْطَان مُحَمَّد خَان بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ جعله السُّلْطَان بايزيدخان من جملَة أطباء دَار سلطنته ثمَّ جعله امينا للمطبخ العامر فِي دَار سلطنته وَرَضي عَن خدمته وشكر لَهُ فِي تَدْبِير اطعمة توَافق مزاجه وطبعه وَصَاحب مَعَه لذَلِك وَمَال اليه كل الْميل وَكَانَ لذيذ الصُّحْبَة جدا ثمَّ ان الوزراء حسدوه على ذَلِك واخترعوا أمرا يُوجب عَزله فَعَزله ثمَّ بعدمدة عرف عدم صِحَّته وَأَعَادَهُ الى مَكَانَهُ ثمَّ جعله رَئِيسا للاطباء فِي دَار سلطنته ودام على ذَلِك بارغد عَيْش ونعمة وافرة وحشمة عَظِيمَة وَلما جلس السُّلْطَان سليم خَان على سَرِير السلطنة عَزله وَبَقِي مُدَّة معزولا ثمَّ أَعَادَهُ الى مَكَانَهُ وَصَاحب مَعَه وَمَال اليه كل الْميل فَحصل لَهُ جاه عَظِيم وَقبُول تَامّ وَلما جلس سلطاننا الاعظم السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان على سَرِير السلطنة عَزله ايضا ثمَّ اعيد الى مَكَانَهُ ثمَّ سَافر الى الْحَج فِي سنة

ومنهم العالم الفاضل المولى بدر الدين الطبيب الملقب بهدهد بدر الدين

ثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة وَتُوفِّي بعد ان حج بِمَدِينَة مصر المحروسة وَدفن عِنْد قبر الامام الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى وَكَانَ سنه وَقت وَفَاته سِتَّة وَتِسْعين وَكَانَ مزاجه فِي غَايَة الْقُوَّة وَلم ينقص من أَسْنَانه شَيْء روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى بدر الدّين الطَّبِيب الملقب بهدهد بدر الدّين قرا على عُلَمَاء عصره حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى الشهير بِابْن الْمُعَرّف ثمَّ رغب فِي الطِّبّ وَقَرَأَ على الْحَكِيم محيي الدّين ثمَّ صَار من جملَة الاطباء بدار السلطنة وَكَانَ رجلا عَالما صَالحا سليم الطَّبْع حَلِيم النَّفس مرضِي السِّيرَة مَقْبُول الطَّرِيقَة محبوبا عندالناس لكَونه خيرا دينا وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى على الْعِفَّة وَالصَّلَاح بعد الْخمسين وَتِسْعمِائَة روح الله روحه وَنور ضريحه وَمن مَشَايِخ الطَّرِيقَة فِي زَمَانه الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ نصوح الطوسي كَانَ رجلا عَالما صَالحا وَكَانَ حَافِظًا لِلْقُرْآنِ الْعَظِيم وَكَانَ يكْتب الْخط الْحسن وَكَانَ ينظم الشّعْر ثمَّ انتسب الى الطَّرِيقَة الزينية وَوصل الى خدمَة الشَّيْخ محمدالعارف تَاج الدّين القرماني حَتَّى بلغ الى مرتبَة الارشاد وَقعد على سجادة الارشاد فِي زاويته بعد وَفَاة الشَّيْخ صفي الدّين مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي وَطنه وَدفن هُنَاكَ سنة ارْبَعْ اَوْ ثَلَاث وَعشْرين وَتِسْعمِائَة قدس الله تَعَالَى سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ مصلح الدّين الامام بِمَدِينَة بروسه وصل الى خدمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الْمولى اياس وَتزَوج بنته وتربى عِنْده وَحصل طَريقَة الصُّوفِيَّة وَكَانَ رجلا اديبا مهيبا غَايَة المهابة ووقورا غَايَة الْوَقار وَكَانَ مُنْقَطِعًا عَن النَّاس وَله كرامات عيانية مَشْهُورَة يطول الْكَلَام بذكرها قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ محمدالشهير بِابْن اخي شوروه كَانَ عَارِفًا بِاللَّه تَعَالَى وَصِفَاته وَكَانَ صَاحب استغراق فِي جَمِيع حالاته وَكَانَت لَهُ قُوَّة لارشاد الطالبين وَقد اكمل الطَّرِيقَة عندالشيخ فضل الله بن الشَّيْخ آق شمس الدّين وَكَانَ مُنْقَطِعًا عَن النَّاس يَسْتَوِي عِنْده الْفَقِير والغني وَرُبمَا يحضر

ومنهم العارف بالله تعالى الشيخ محيي الدين محمدالمعروف بابي شامة

عِنْده بعض الْعلمَاء من الرِّجَال فِي بعض اللَّيَالِي وَهُوَ اول حُضُوره عِنْده وَيَأْمُر باطفاء السراج والاشتغال بِذكر الله تَعَالَى وَبعد مُدَّة يظْهر لكل من الْحَاضِرين الانوار مرّة بعد أُخْرَى على احوال عَجِيبَة وأطوار غَرِيبَة والوان لم ير مثلهَا وَلَا يُمكن التَّعْبِير عَن تِلْكَ الاحوال وَهَذَا فِي اول حُضُور الطَّالِب عِنْده وَكَيف حَاله بعد المداومة على خدمته ثمَّ انه قَالَ يَوْمًا لاصحابه انه سيحصل لي انسلاخ وَبعد ثَلَاثَة أَيَّام ان رَأَيْتُمْ فِي بدني انتفاخا فادفنوني والا فخلوني قَالَ من حضر عِنْده فِي ذَلِك الْوَقْت انه بَقِي كالميت لَيْسَ لَهُ حس وَلَا حَرَكَة وَلَا عَلامَة حَيَاة وَبعد ثَلَاثَة أَيَّام وجدنَا على صَدره انتفاخا فدفناه وللشيخ الْمَذْكُور غير ذَلِك أَحْوَال كَثِيرَة وكرامات سنية وَهَذَا الْقدر يَكْفِي قدس الله سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ محيي الدّين محمدالمعروف بَابي شامة توطن بجبل قريب من بَلْدَة قسطموني وَانْقطع عَن النَّاس كل الِانْقِطَاع وَبنى هُنَاكَ زَاوِيَة واشتغل بتربية السالكين وَكَانَ زاهدا عابدا متورعا وَكَانَ لَهُ إشراف على الخواطر وَكَانَت لَهُ حكايات مُتَعَلقَة بِهَذَا الْبَاب تركناها خوفًا من الاطناب قدس الله سره وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ عبد الرحيم المؤيدي الْمَشْهُور بحاجي جلبي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى اولا من طلبة الْعلم الشريف وَقَرَأَ على الْمولى الْفَاضِل سِنَان باشا وعَلى الْمولى الْفَاضِل خواجه زَاده وَكَانَ مَقْبُولًا عِنْدهمَا وَكَانَ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى يَحْكِي وَيَقُول ان الْمولى خواجه زَاده كَانَ يذكر بِالْفَضْلِ الشَّيْخ الْمَذْكُور وَكَذَا يذكر بِالْفَضْلِ الْمولى الْفَاضِل غياث الدّين الشهير بباشا جلبي قَالَ الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى مَا سمعته يشْهد لَاحَدَّ من طلبته بِالْفَضْلِ مثل شَهَادَته لَهما ثمَّ ان الشَّيْخ الْمَذْكُور سلك مَسْلَك التصوف واتصل بِخِدْمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى محيي الدّين الاسكليبي ونال عِنْده فِي التصوف غَايَة متمناه وَحصل لَهُ فِي التصوف شَأْن عَظِيم وَجلسَ للارشاد فِي زَاوِيَة شَيْخه بعد وَفَاة الشَّيْخ مصلح الدّين السيروزي وربى كثيرا من المريدين وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ جَامعا بَين

ومنهم العالم الفاضل الكامل الشيخ محيي الدين محمد ابن المولى الفاضل بهاء الدين

فضيلتي الْعلم وَالْعَمَل وَكَانَ فَضله وذكاؤه فِي الْغَايَة لَا سِيمَا فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وأقسام الْعُلُوم الْحكمِيَّة وَكَانَ لَهُ معرفَة تَامَّة بِالْعَرَبِيَّةِ وَكَانَ يكْتب خطا حسنا وَكَانَ آيَة كبرى فِي معارف الصُّوفِيَّة وَقد ظَهرت مِنْهُ الكرامات الْعلية مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة ارْبَعْ واربعين وَتِسْعمِائَة قدس سره الْعَزِيز وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الشَّيْخ محيي الدّين مُحَمَّد ابْن الْمولى الْفَاضِل بهاء الدّين كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي عنفوان شبابه من طلبة الْعلم الشريف قَرَأَ اولا على وَالِده ثمَّ قَرَأَ على الْمولى الْفَاضِل خطيب زَاده ثمَّ قَرَأَ على الْمولى الْفَاضِل مصلح الدّين الْقُسْطَلَانِيّ ثمَّ قَرَأَ على الْمولى الْفَاضِل ابْن الْمُعَرّف معلم السُّلْطَان بايزيدخان ثمَّ مَال الى طَريقَة التصوف فوصل الى خدمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى محيي الدّين الاسكليبي وَوصل عِنْده غَايَة متمناه من معارف الصُّوفِيَّة وَأَجَازَ لَهُ بالارشاد وَجلسَ مُدَّة فِي وَطنه بالي كسْرَى ثمَّ اتى مَدِينَة قسطنطينية ثمَّ جلس فِي زَاوِيَة شَيْخه بِالْمَدِينَةِ المزبورة بعد وَفَاة الشَّيْخ عبد الرحيم المؤيدي وربى كثيرا من المريدين كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما عَاملا فَاضلا كَامِلا عابدا زاهدا صَاحب ورع وتقوى ملازما لحدود الشَّرِيعَة ومراعيا لاداب الطَّرِيقَة وَكَانَ قوالا بِالْحَقِّ وَلَا يخَاف فِي الله لومة لائم وَكَانَ عَالما بالعلوم الشَّرْعِيَّة الاصلية والفرعية وعالما بالتفسير والْحَدِيث ماهرا فِي الْعُلُوم الْعَرَبيَّة والعقلية وَله شرح للفقه الاكبر للامام الاعظم ابي حنيفَة رَحمَه الله جمع فِيهِ بَين طَريقَة الْكَلَام وَطَرِيقَة التصوف واتقن الْمسَائِل غَايَة الاتقان حَتَّى رقاها من الْعلم الى العيان وَله رسائل كَثِيرَة فِي التصوف وَغَيره لَا يُمكن تعدادها وَلما مرض الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ الجمالي الْمُفْتِي مُدَّة كَبِيرَة وَعجز عَن كِتَابَة الْفَتْوَى وَقيل لَهُ اختر من الْعلمَاء من يَنُوب منابك فِي كِتَابَة الْفَتْوَى اخْتَار الْمولى المرحوم الشَّيْخ الْمَذْكُور من بَين الْعلمَاء لوثوقه بفقاهته وورعه وتقواه وَمن غرائب مَا جرى بيني وَبَينه أَنِّي اذ كنت مدرسا باحدى الْمِدْرَاس الثمان رَأَيْت فِي الْمَنَام ان النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم اهدى الي تاجا من الْمَدِينَة المنورة وَوَقعت لي هَذِه الْوَاقِعَة فِي الثُّلُث الاخير من اللَّيْل فَقُمْت وَكنت اطالع تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ فِي ذَلِك الزَّمَان فاشتغلت بمطالعته وَلما صليت صَلَاة الْفجْر جَاءَ الي اُحْدُ واتى بِالسَّلَامِ من قبل الشَّيْخ الْمَذْكُور وَقَالَ قَالَ الشَّيْخ الْوَاقِعَة الَّتِي رَآهَا اللَّيْلَة معبرة بانه سيصير قَاضِيا بعد رُؤْيَة هَذِه الْوَاقِعَة مَا دخل عَليّ اُحْدُ قبل

ومنهم العارف بالله تعالى الشيخ مصلح الدين مصطفى المشتهر بالنسبة الى المولى خواجه زاده

ذَلِك الرجل الَّذِي اتى بِالسَّلَامِ من قبل الشَّيْخ فَعلمت انه من قبيل الْكَشْف لَهُ فَذَهَبت اليه بعد أَيَّام فَذكرت لَهُ هَذِه الْوَاقِعَة وَتَعْبِيره لَهَا فَقَالَ نعم هُوَ كَذَلِك فَقلت أَنا لَا أطلب الْقَضَاء فَقَالَ لاتطلب وَلَكِن اذا أعطي بِلَا طلب مِنْك فَلَا ترده وَكَانَ هَذَا أحد أَسبَاب قبولي منصب الْقَضَاء وَتكلم رَحمَه الله تَعَالَى فِي زمن الْوَزير إِبْرَاهِيم باشا بِكَلَام حق فِي بعض الامور فتكدر الْوَزير الْمَزْبُور عَلَيْهِ لذَلِك فخافوا على الشَّيْخ من جِهَته ونصحوا لَهُ بِالسُّكُوتِ عَن أَمْثَال هَذَا الْكَلَام فَقَالَ الشَّيْخ غَايَة مَا فِي الْبَاب ان يقدر على ثَلَاثَة اما الْقَتْل وانه شَهَادَة واما الْحَبْس وَهُوَ الْعُزْلَة وَالْخلْوَة وَالْعُزْلَة طريقتنا واما النَّفْي عَن الْبَلَد وَهُوَ هِجْرَة واحتسب على ذَلِك ثَوابًا من الله تَعَالَى ذهب رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة احدى وَخمسين وَتِسْعمِائَة الى الْحَج وَلما رَجَعَ مِنْهُ فِي السّنة الْقَابِلَة مَاتَ ببلدة قيصرية وَدفن بهَا عِنْد الشَّيْخ إِبْرَاهِيم القيصري الَّذِي هُوَ شيخ شَيْخه قدس الله سرائرهم وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ مصلح الدّين مصطفى المشتهر بِالنِّسْبَةِ الى الْمولى خواجه زَاده قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى اولا بعض الْعُلُوم ثمَّ وصل الى خدمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى حاجي خَليفَة وَحصل عِنْده الطَّرِيقَة حَتَّى اجازه للارشاد وَقَامَ مقَامه فِي الزاوية بعد وَفَاة الشَّيْخ صفي الدّين بِوَصِيَّة مِنْهُ ثمَّ ترك الزاوية لاجل الشَّيْخ نصوح وَانْقطع عَن النَّاس واشتغل بِنَفسِهِ كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى رجلا متواضعا اديبا مهيبا وقورا صبورا وَكَانَ يُشَاهد فِي وَجهه آثَار الِاسْتِغْرَاق والوجد ثمَّ ارتحل الى الْقُدس الشريف وَمَات هُنَاكَ فِي عشر الثَّلَاثِينَ والتسعمائة من الْهِجْرَة قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ مصلح الدّين مصطفى الشهير بِابْن الْمعلم كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما بالعلوم الظَّاهِرَة كلهَا حَافِظًا لِلْقُرْآنِ الْعَظِيم وَكَانَ يَقْرَؤُهُ بالقراآت السَّبع بل الْعشْر ثمَّ رغب فِي التصوف وَصَحب مَعَ الشَّيْخ حاجي خَليفَة بن الْوَفَاء ثمَّ أجَازه للارشاد الشَّيْخ نصوح وَأقَام مقَامه وَكَانَ رجلا اديبا لبيبا وقورا صبورا صَاحب خشيَة وخضوع ومجاهدة ورياضة وَكَانَ طَاهِر الظَّاهِر وَالْبَاطِن وَقد صلى التَّرَاوِيح بالختم اربعين سنة مَاتَ فِي عشر الاربعين من الْهِجْرَة قدس سره

ومنهم العارف بالله تعالى الشيخ بني خليفة

وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ بني خَليفَة اخذ الطَّرِيقَة من الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى حاجي خَليفَة وأكمل عِنْده الطَّرِيقَة وَبعد وَفَاة الشَّيْخ لَازم بَيته واشتغل بِنَفسِهِ وَكَانَ متبتلا الى الله تَعَالَى زاهدا عابدا ورعا تقيا نقيا صاحبت مَعَه مُدَّة كَثِيرَة وَمَا رَأَيْت مِنْهُ شيأ يُخَالف الادب وَكَانَ ابعد النَّاس عَن مساوي النَّاس وَكَانَ لَا يذكر احدا بِسوء وَيمْنَع من ذكر اُحْدُ بِسوء فِي مَجْلِسه كَانَ يُرَاعِي ادب الشَّرْع فِي جَمِيع احواله وَمَا رايت احدا يُرَاعِي الادب مثله مَاتَ رَحمَه الله بِمَدِينَة بروسه قبل الاربعين وَتِسْعمِائَة قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ محيي الدّين الاسود صحب مَعَ الشَّيْخ حاجي خَليفَة وَأخذ عَنهُ التصوف وَكَانَ صَاحب معرفَة وأدب وَعبادَة وزهد قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ لطف الله كَانَ هُوَ ايضا من أَصْحَاب الشَّيْخ حاجي خَليفَة وَكَانَ عَالما عابدا زاهدا ورعا تقيا نقيا مُنْقَطِعًا الى الله تَعَالَى وَكَانَ اماما بِمَدِينَة بروسه وَتُوفِّي بهَا قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ أَمِير عَليّ بن أَمِير حسن كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من نسل السَّيِّد جلال الدّين الْكرْمَانِي صَاحب الْكِفَايَة فِي شرح الْهِدَايَة تربى أَبوهُ فِي بَيت الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى السَّيِّد مُحَمَّد البُخَارِيّ المدفون بِمَدِينَة بروسه وقرا الشَّيْخ أَمِير عَليّ الْمَذْكُور على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى الْفَاضِل عَلَاء الدّين الفناري وَالْمولى الْفَاضِل مُحَمَّد بن الْحَاج حسن ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة حَمْزَة بك ببروسه وَعين لَهُ كل يَوْم ثَلَاثُونَ درهما بطرِيق التقاعد وَمَال الى طَريقَة الصُّوفِيَّة وعينه للارشاد الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ نصوح الطوسي ثمَّ جلس فِي الزاوية الَّتِي تنْسب الى الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَاج الدّين وَمَات رَحمَه الله تَعَالَى فِي حُدُود الاربعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله مبارك النَّفس كريم الاخلاق صَاحب العقيدة الصَّحِيحَة الصافية مراعيا للشريعة متواضعا متخشعا وَكَانَ صَاحب الشيبة الْحَسَنَة وَالْوَجْه الْمليح ومراعيا للْفُقَرَاء والصلحاء وملازما للْجَمَاعَة وَصَاحب سمة حَسَنَة وَطَرِيقَة مرضية روح الله روحه وَزَاد فِي أَعلَى غرف الْجنان فتوحه

ومنهم الشيخ العارف بالله تعالى المولى حضر بك ابن المولى احمد باشا

وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الْمولى حضر بك ابْن الْمولى احْمَد باشا تربى عندا بيه وَحصل الْفَضِيلَة العلمية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان مُرَاد الْغَازِي ببروسه وَعين لَهُ كل يَوْم ثَلَاثُونَ درهما وَمَال اليه أفاضل الطّلبَة وحصلوا عِنْده الْفَضِيلَة العلمية ثمَّ مَال الى طَريقَة الصُّوفِيَّة واتصل بِخِدْمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه السَّيِّد احْمَد البُخَارِيّ المدفون بِمَدِينَة قسطنطينية وَحصل عِنْده طَريقَة الصُّوفِيَّة وهذب اخلاقه وَصَارَ متواضعا متخشعا صَاحب ادب ووقار وهيبة وَسُكُون مراعيا للشريعة حَافِظًا لادب الطَّرِيقَة مَقْبُولًا عندالخواص والعوام فَصَارَ ذَاته الْكَرِيم من نَوَادِر الايام وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة ثَلَاث اَوْ أَربع وَعشْرين وَتِسْعمِائَة روح الله تَعَالَى روحه وأوفر فِي فراديس الْجنان فتوحه وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى مَحْمُود بن عُثْمَان بن عَليّ النقاش المشتهر باللامعي كَانَ جده الاعلى من مَدِينَة بروسه وَلما دخل الامير تيمور مَدِينَة بروسه اخذه مَعَه وَهُوَ صَغِير الى بِلَاد مَا وَرَاء النَّهر وَتعلم هُنَاكَ صَنْعَة النقش وَهُوَ اول من احدث السُّرُوج المنقشة فِي بِلَاد الرّوم وَأما ابْنه عُثْمَان فَهُوَ سلك مَسْلَك الامارة فَصَارَ حَافِظًا للدفتر بالديوان العالي فاما الْمولى اللامعي فَهُوَ قرا الْعُلُوم فِي صغره ثمَّ وصل الى خدمَة الْعلمَاء وَحصل عِنْدهم الْعُلُوم والفضائل مِنْهُم الْمولى اخوين وَالْمولى مُحَمَّد بن الْحَاج حسن ثمَّ مَال الى طَريقَة الصُّوفِيَّة واتصل بِخِدْمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى السَّيِّد أَحْمد البُخَارِيّ وَحصل عِنْده الطَّرِيقَة الصُّوفِيَّة ونال عِنْده مَا نَالَ من الكرامات السّنيَّة والمعارف القدسية ثمَّ عين لَهُ كل يَوْم خَمْسَة وَثَلَاثُونَ درهما بطرِيق التقاعد وَسكن بِمَدِينَة بروسه واشتغل بِالْعلمِ وَالْعِبَادَة وَكَانَ طبعة الشريف مائلا الى النّظم بالتركية والانشاء والف كثيرا من الْكتب نظما ونثرا وَهِي مَشْهُورَة كَثِيرَة عِنْد أهل هَذِه الْبِلَاد ومقبولة عندالخواص والعلوم توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة ثَمَان اَوْ تسع وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة وَدفن بِمَدِينَة بروسه روح الله

ومنهم الشيخ العارف بالله تعالى سيدي خليفة الاماسي من خلفاء الشيخ العارف بالله الشيخ حبيب المار ذكره

تَعَالَى روحه وَزَاد فِي حظائر الْقُدس فتوحه وَمِنْهُم الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى سَيِّدي خَليفَة الاماسي من خلفاء الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ حبيب الْمَار ذكره وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى جَالِسا فِي زَاوِيَة الشَّيْخ حبيب ببلدة اماسه وَتُوفِّي هُنَاكَ وَدفن فِي الزاوية المزبورة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَارِفًا بِاللَّه تَعَالَى عابدا زاهدا تقيا نقيا ورعا صَاحب هَيْبَة ووقار وَسُكُون وَكَانَ صَائِما بِالنَّهَارِ وَقَائِمًا بِاللَّيْلِ وَكَانَ من الْمُجَاهدين فِي الله تَعَالَى حكى لي من حضر مَوته انه رأى مقَامه فِي الْجنَّة واشتاق اليه وحن حنينا عَظِيما وتضرع الى الله تَعَالَى ان يوصله اليه سَرِيعا وَلَا يُؤَخر عمره قَالَ وَقَالَ رَحمَه الله تَعَالَى مَا احسن هَذِه الْمَرَاتِب وَمَا ألطف الْحور الْعين قَالَ ويدعونني الى الْجنَّة قَالَ اللَّهُمَّ اقبضني سَرِيعا وأوصلني الى هَذِه المقامات وَقَالَ توفّي رَحمَه الله تَعَالَى محبا للقاء الله تَعَالَى ومشتاقا الى الْوُصُول اليه قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ عبد اللطيف من طَريقَة الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى رجلا مجذوبا مَشْغُولًا بِنَفسِهِ معرضًا عَن ابناء الزَّمَان وَكَانَ يَسْتَوِي عِنْده الْغَنِيّ وَالْفَقِير وَالصَّغِير وَالْكَبِير وَرُبمَا تلْحقهُ الجذبة فِي بعض الايام فَيَصِيح صَيْحَة عَظِيمَة ويضطرب اضطرابا كثيرا وَقد قَامَ مقَام الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء بعد وَفَاة الشَّيْخ عَليّ دده قدس سره وَمِنْهُم الْعَالم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ العابد الزَّاهِد الْحَاج رَمَضَان المتوطن ببلدة قسطموني وَتُوفِّي فِي أَوَائِل سلطنة سلطاننا الاعظم السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما عابدا تقيا نقا متورعا متخشعا قَائِما بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار مُنْقَطِعًا الى الْخَالِق منجمعا عَن الْخَلَائق وَكَانَ بركَة من بَرَكَات الله تَعَالَى فِي ارضه روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الشَّيْخ سِنَان الدّين الشهير بسوخته سِنَان كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى متوطنا بِمَدِينَة قسطنطينية وَكَانَ عَالما عَارِفًا عابدا عابدا

الطبقة العاشرة

زاهدا صَالحا مُنْقَطِعًا عَن الْخَلَائق الى الْخَالِق مشتغلا بتكميل نَفسه وتكميل المريدين وَتُوفِّي فِي أَوَاخِر سلطنة السُّلْطَان سليم خَان عَلَيْهِ الرَّحْمَة والغفران الطَّبَقَة الْعَاشِرَة فِي عُلَمَاء دولة سلطاننا الاعظم والخاقان الْمُعظم الَّذِي تشرف زَمَاننَا بظله المكرم السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان ابْن السُّلْطَان سليم خَان سلمه الله تَعَالَى وأبقاه واسعده فِي اولاه واخراه بُويِعَ لَهُ بالسلطنة بعد وَفَاة ابيه فِي شهر شَوَّال المكرم سنة سِتّ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة وَمن عُلَمَاء عصره الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى خير الدّين كَانَ من ولَايَة قسطموني وَقَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل اخي يُوسُف ثمَّ الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل مصلح الدّين مصطفى الْبَرْمَكِي ثمَّ صَار معلما لسلطاننا الاعظم وَوَقع عِنْده مَحل الْقبُول وَحصل لَهُ حشمة وافرة وجاه رفيع بِحَيْثُ ازْدحم الْعلمَاء والفضلاء والاكابر والاعيان على بَابه وَمَعَ ذَلِك لم يتبدل مَا فِي طبعه من التَّوَاضُع وَالْكَرم ولين الْجَانِب والتلطف بالفقراء وَالْمَسَاكِين وربى كثيرا من الطّلبَة حَتَّى نالوا الْمَرَاتِب الْعلية مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى وَهُوَ على أتم الْعِزّ وعظيم الجاه فِي سنة خمسين وَتِسْعمِائَة وَدفن بجوار ابي ايوب الانصاري روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى عبد القادر الشهير يقادري جلبي قَرَأَ على الْمولى سَيِّدي الْحميدِي ثمَّ على ركن الدّين ابْن الْمُؤَيد وَصَارَ معيدا لدرسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْمولى ابْن الْحَاج حسن بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير دَاوُد باشا بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة سلطانية بروسه ثمَّ صَار مدرساب باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور بِولَايَة اناطولي وداوم على ذَلِك مُدَّة كَبِيرَة ثمَّ عزل عَن ذَلِك وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة وَخَمْسُونَ درهما بطرِيق التقاعد ثمَّ صَار مفتيا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ ترك الْفَتْوَى لاختلال وَقع فِي مزاجه وَعين لَهُ كل يَوْم مِائَتَا دِرْهَم بطرِيق التقاعد وتوطن

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى سعد الله بن عيسى

ببروسه وَبنى هُنَاكَ مَسْجِدا ومدرسة وَمَات بهَا فِي سنة خمس وَخمسين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا صَاحب ذكاء وفطنة لطيف المحاورة حسن النادرة صَعب البديهة لطيفا كَرِيمًا وَكَانَ يعْفُو عَن الْمُسِيء ويتجاوز عَن المخطىء وَهُوَ من جملَة الَّذين يتلذذون بِالْعَفو وَالْكَرم وَكَانَ لَهُ تعليقات ورسائل الا انها لم تظهر لابتلائه بِسوء المزاج واختلال الْبدن روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى سعد الله بن عِيسَى كَانَ اصله من ولَايَة قسطموني وَولد فِيهَا ثمَّ اتى الى مَدِينَة قسطنطينية مَعَ وَالِده وَنَشَأ على طلب الْعلم والمعرفة وقرا على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى مُحَمَّد الساميسوني ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مَحْمُود باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بسلطانية بروسه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ عزل عَن ذَلِك واعيد ثَانِيًا الى احدى الْمدَارِس الثمان وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم ثمَّ صَار مفتيا بقسطنطينية وداوم على ذَلِك مُدَّة كَبِيرَة ثمَّ مَاتَ فِي سنة خم وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى فائق اقرانه فِي تدريسه وَكَانَ فِي قَضَائِهِ مرضِي السِّيرَة محمودالطريقة وَكَانَ فِي فتواه مَقْبُول الْجَواب ومهديا الى الصوب وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى طَاهِر اللِّسَان لَا يذكر احدا الا بِخَير وَكَانَ صَحِيح العقيدة حسن الطَّرِيقَة مراعيا للشَّرْع الشريف محافظا للادب وَكَانَ هُوَ من جملَة الَّذين صرفُوا جَمِيع اوقاتهم فِي الِاشْتِغَال بِالْعلمِ وَقد ملك كتبا كَثِيرَة واطلع على عجائب من الْكتب وَكَانَ ينظر فِيهَا ويحفظ فوائدها وَكَانَ قوي الْحِفْظ جدا وَقد حفظ من المناقب والتواريخ شَيْئا كثيرا وَله رسائل وتعليقات وَكتب حَوَاشِي مفيدة على تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَله شرح للهداية مُخْتَصر مُفِيد وَهِي متداولة بَين الْعلمَاء وَقد بنى دَار الْقُرَّاء بِقرب دَاره بِمَدِينَة قسطنطينية روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْكَامِل الْفَاضِل محيي الدّين شيخ مُحَمَّد بن الياس المشتهر بجوي زَاده قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى سعدي جلبي ابْن التاجي ثمَّ

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى محيي الدين محمد بن قطب الدين محمد

انْتقل الى خدمَة الْمولى بالي الاسود وَصَارَ معيدا لدرسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة امير الامراء بمدنية ادرنه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير احْمَد باشا ابْن ولي الدّين بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الفرهادية بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مدرسا بِمَدِينَة جورلي بنواحي قسطنطينية وَهُوَ أول مدرس بهَا ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مَحْمُود باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بادرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمصْر المحروسة ثمَّ صَار قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة اناطولي ثمَّ صَار مفتيا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ تقاعد عَن الْفَتْوَى وَعين لَهُ كل يَوْم مِائَتَا دِرْهَم ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور بروم ايلي وَمرض بعد صَلَاة الْعشَاء وَلم يمض نصف اللَّيْل حَتَّى مَاتَ وَقيل مرض بعد صَلَاة الْعَصْر وَمَات بعد صَلَاة الْمغرب وَذَلِكَ فِي سنة ارْبَعْ وَخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مرضِي السِّيرَة مَحْمُود الطَّرِيقَة قريب الْجَانِب طارحا للتكلف متواضعا صَاحب بشاشة وَكَانَ مشتغلا بِالْعلمِ الشريف وكا حَافِظًا لِلْقُرْآنِ الْعَظِيم وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم وَكَانَت لَهُ يَد طولى فِي الْفِقْه والْحَدِيث وَالتَّفْسِير والاصولين وَكَانَ مواظبا على الطَّاعَات مشتغلا بالعبادات وَكَانَ قوالا فِي الْحق لَا يخَاف فِي الله لومة لائم وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى سَيْفا من سيوف الله تَعَالَى وقاطعا بَين الْحق وَالْبَاطِل وحسنة من محَاسِن الايام وَله بعض تعليقات على الْكتب الا انها لم تشتهر بَين النَّاس روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد بن قطب الدّين مُحَمَّد قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره قرا اولا على الْمولى شيخ مظفر العجمي ثمَّ على الْمولى سَيِّدي جلبي القوجوي ثمَّ على الْمولى يَعْقُوب ابْن سَيِّدي عَليّ ثمَّ على الْمولى الْفَاضِل ابْن الْمُؤَيد ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة احْمَد باشا ابْن ولي الدّين بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْمولى مُحَمَّد ابْن الْحَاج حسن بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيد خَان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير عَليّ

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى حافظ الدين محمد بن أحمد باشا ابن عادل باشا المشتهر بالمولى حافظ

باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بِمَدِينَة ازنيق ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة دَار الحَدِيث بادرنه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان مرادخان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار قَاضِيا بادرنه ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة اناطولي وداوم على ذَلِك مُدَّة ثمَّ عزل عَن ذَلِك وَصَارَ مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة وَخَمْسُونَ درهما وَمَا مكث الا يَسِيرا حَتَّى ترك التدريس وَذهب الى الْحَج ثمَّ اتى مَدِينَة قسطنطينية وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة وَخَمْسُونَ درهما بطرق التقاعد وداوم على ذَلِك مُدَّة حَتَّى مَاتَ فِي سنة سبع وَخمسين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا صَالحا ورعا محبا لمشايخ الصُّوفِيَّة وسالكا طريقهم وَكَانَ مُعْتَزِلا عَن النَّاس ومشتغلا بِنَفسِهِ وَكَانَ لَا يذكر احدا الا بِخَير وَكَانَ مرضِي السِّيرَة حسن الطَّرِيقَة وافر الادب صَاحب حَيَاء ووقار وَكَانَت لَهُ مُعَاملَة مَعَ الله تَعَالَى بَاطِنا وَكَانَ يجْتَهد لَيْلًا وَنَهَارًا فِي تتبع مكايد النَّفس والمباشرة فِي علاجها وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رَحمَه الله مَظَنَّة للولاية اذ قد كَانَت لَهُ مُعَاملَة مَعَ الله تَعَالَى فِي بَاطِنه لَا يطلع عَلَيْهَا النَّاس روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى حَافظ الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد باشا ابْن عَادل باشا المشتهر بالمولى حَافظ كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى اصله من ولَايَة بردعة فِي حُدُود ولَايَة الْعَجم وَقَرَأَ فِي صباه على الْمولى الْفَاضِل مَوْلَانَا مزِيد ببلدة تبريز وقرا عِنْده الْعُلُوم كلهَا وفَاق اقرانه واشتهرت فضائله وَبعد صيته وَلما وَقع فِي بِلَاد الْعَجم فتْنَة اسمعيل بن اردبيل ارتحل الى بلادالروم وَذهب الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل عبد الرحمن بن الْمُؤَيد وباحث مَعَه فِي بعض المباحث وَعظم اعْتِقَاد الْمولى الْمَذْكُور فِي حَقه ورباه عِنْد السُّلْطَان بايزيدخان وَأمر لَهُ بمدرسة فَأعْطَاهُ مدرسة بانقره واشتغل هُنَاكَ بِالْعلمِ الشريف وَكَانَ حسن الْخط سريع الْكِتَابَة كتب شرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة فِي شهر وَاحِد بِحسن خطّ ودرسه هُنَاكَ ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مرزيفون واشتغل هُنَاكَ بشرح الْمِفْتَاح للسَّيِّد الشريف وَكتب حَوَاشِي على نبذ مِنْهُ وَكتب

الْقسم الثَّالِث من مِفْتَاح الْعُلُوم فِي خَمْسَة ايام بِخَط حسن وَكتب على حَوَاشِيه مَا انتخبه من شرح الْفَاضِل الشريف لَهُ وَأتم تِلْكَ الْحَوَاشِي والانتخاب فِي خَمْسَة اشهر ثمَّ اتى مَدِينَة قسطنطينية وَعرض الْحَاشِيَة الْمَذْكُورَة على الْمولى ابْن الْمُؤَيد فقبلها حسن الْقبُول واستحسنها غَايَة الِاسْتِحْسَان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير عَليّ باشا بِمَدِينَة قسطنطينية وَكتب هُنَاكَ حَوَاشِي على نبذ من شرح المواقف للسيدالشريف ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ازنيق وَكتب هُنَاكَ رِسَالَة الهيولي وَهِي رِسَالَة عَظِيمَة الشان جدا ثمَّ صَار مدرسا بِإِحْدَى الْمِدْرَاس الثمان وَكتب هُنَاكَ شرحا للتجريد وَسَماهُ المحاكمات التجريدية وَلم يُغَادر صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة مِمَّا يتَعَلَّق بِالْكتاب الْمَذْكُور الا وَقد تعرض لما لَهَا وَمَا عَلَيْهَا ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ايا صوفيه وصنف هُنَاكَ كتابا مُسَمّى بِمَدِينَة الْعلم وَجعلهَا ثَمَانِيَة أَقسَام فاورد فِي كل قسم مِنْهَا اعتراضات على ثَمَانِيَة من الْعلمَاء الْمَشْهُورين فِي الافاق كصاحب الْهِدَايَة وَصَاحب الْكَشَّاف والعلامة الْبَيْضَاوِيّ والتفتازاني والفاضل الشريف الْجِرْجَانِيّ وَنَحْو ذَلِك ثمَّ ترك التدريس وَعين لَهُ كل يَوْم سَبْعُونَ درهما بطرِيق التقاعد وَله رِسَالَة سَمَّاهَا بِنُقْطَة الْعلم ورسالة اخرى سَمَّاهَا بفهرسة الْعُلُوم وَله رِسَالَة اخرى سَمَّاهَا بمعارك الْكَتَائِب ورسالة اخرى سَمَّاهَا بالسبعة السيارة وَله من الرسائل والتعليقات مَالا يُحْصى كَثْرَة بَقِي اكثرها فِي المسودة وَبِالْجُمْلَةِ تَعب اللَّيْل وَالنَّهَار وَلم يَنْفَكّ قلمه عَن الْكِتَابَة وَلسَانه عَن المذاكرة وطبعه عَن المطالعة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى فَاضلا محققا مدققا صَاحب ذكاء وفطنة وحافظا للعلوم باسرها ومشتغلا بِالْعلمِ الشريف غَايَة الِاشْتِغَال وَرُبمَا يطالع اللَّيْل بِطُولِهِ وَلَيْسَ لَهُ اشْتِغَال فِي النَّهَار الا بِالْعلمِ الشريف وَكَانَ لَهُ اتقان عَظِيم بالعلوم الْعَقْلِيَّة باقسامها ومهارة تَامَّة فِي الْفُنُون الادبية بانواعها وَكَانَت لَهُ معرفَة تَامَّة باصول الْفِقْه ورسوخ تَامّ فِي التَّفْسِير والْحَدِيث وَكَانَ حَافِظًا بالمهات من الْعُلُوم والتواريخ والمحاضرات ومناقب الْعلمَاء وَالسَّلَف والاشعار الْعَرَبيَّة والفارسية والتركية وَكَانَت لَهُ اخلاق حميدة وأدب كَامِل ومروأة تَامَّة ووقار عَظِيم مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة سبع وَخمسين وَتِسْعمِائَة روح الله روحه وَنور ضريحه

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى الشيخ محمد التونسي مولدا الغوثي شهرة

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى الشَّيْخ مُحَمَّد التّونسِيّ مولدا الغوثي شهرة دخل مَدِينَة قسطنطينية فِي أَيَّام دولة سلطنة سلطاننا الاعظم أعز الله تَعَالَى انصاره وَعين لَهُ كل يَوْم سَبْعُونَ درهما وَسكن مُدَّة فِي عمَارَة الْوَزير مَحْمُود باشا بِالْمَدِينَةِ المزبورة قَرَأت عَلَيْهِ من اول صَحِيح البُخَارِيّ ونبذا من كتاب الشِّفَاء للْقَاضِي عِيَاض وباحثت مَعَه فِي عدَّة فنون مِنْهَا علم الجدل وَعلم الْمعَانِي وَالْبَيَان وَعلم الْكَلَام وَأَجَازَ لي ان اروي عَنهُ جَمِيع مسموعاته ومقروآته وَجَمِيع مَا يجوز لَهُ وَيصِح عَنهُ رِوَايَته اجازة ملفوظة مَكْتُوبَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى آيَة كبرى من آيَات الله تَعَالَى فِي الْفضل والتوفيق وَالْحِفْظ وَالتَّحْقِيق وَكَانَ يقرا الْقُرْآن الْعَظِيم على السَّبْعَة بل الْعشْرَة من حفظه بِلَا مطالعة كتاب وَكَانَ يعرف علم النَّحْو فِي غَايَة مَا يُمكن وَكَانَ الشَّرْح المطول للتلخيص مَعَ حَوَاشِيه للسَّيِّد الشريف فِي حفظه من اوله الى آخِره مَعَ اتقان وتحقيقات وتدقيقات زَائِدَة من عِنْده وَكَذَا شرح الطوالع للاصفهاني وَكتاب شرح المواقف للسَّيِّد الشريف كَانَا محفوظين لَهُ مَعَ اتقان وتدقيق وَكَذَا شرح الْمطَالع للعلامة قطب الدّين الرَّازِيّ كَانَ فِي حفظه من اوله الى آخِره وَكَانَت قَوَاعِد الْمنطق مَحْفُوظَة لَهُ بِحَيْثُ لَا يغيب شَيْء مِنْهَا عَن خاطره وَكَذَا التَّلْوِيح فِي شرح التَّوْضِيح وَشرح مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب للْقَاضِي عضدالدين مَعَ حَوَاشِيه فِي حفظه مَعَ اتقان وتدقيق وَلم نجد شيأ من قواعدالعلم اصولها وفروعها الا وَهُوَ مَحْفُوظ لَهُ وَكَذَا الْكَشَّاف مَعَ حَوَاشِي الطَّيِّبِيّ كَانَ مَحْفُوظًا لَهُ من اوله الى آخِره وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ من مُفْرَدَات الدُّنْيَا وجبلا من جبال الْعلم الشريف وَمَعَ ذَلِك كَانَ لين الْجَانِب طارحا للتكلف ومتصفا بالاخلاق الحميدة وَكَانَ مشتغلا بِقِرَاءَة الْقُرْآن الْعَظِيم فِي أَعم اوقاته وَكَانَ يطالع من حفظه كل مَا أَرَادَهُ من الْعُلُوم وَلم يكن عِنْده كتاب وَلَا ورقة اصلا وَقد اشْتغل ببلاده اشتغالا عَظِيما وَحكى لي بعض مجاهداته فِي الْعلم الشريف وخطر ببالي عِنْد حكايته انها خَارِجَة عَن طوق الْبشر وَلكنهَا يسيرَة على من يسر الله لَهُ انه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قدير على مَا يَشَاء

وقيل ولم ار امثال الرجال تفاوتا لدى الفضل حتى عد ألف بواحد

.. وَلَيْسَ من الله بمستنكر ... ان يجمع الْعَالم فِي وَاحِد ... وَقيل ... وَلم ار امثال الرِّجَال تَفَاوتا ... لَدَى الْفضل حَتَّى عد ألف بِوَاحِد ... وَقيل ... وان تفق الانام وانت مِنْهُم ... فان الْمسك بعض دم الغزال ... ثمَّ انه لما كَانَ من الْبِلَاد المعتدلة لم يصبر على شدَّة الشتَاء فِي هَذِه الْبِلَاد وَاسْتَأْذَنَ من السُّلْطَان الاعظم حَتَّى ارتحل الى مصر الْقَاهِرَة وَعين لَهُ هُنَاكَ الْمبلغ الْمَزْبُور وتوطن هُنَاكَ وَتُوفِّي بِمَدِينَة مصر وَدفن هُنَاكَ روح الله روحه وَزَاد فِي حظائر الْقُدس فَتوجه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى عبد الفتاح ابْن احْمَد بن عَادل باشا قَرَأَ على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى الْعَالم الْعَامِل والفاضل الشَّيْخ محيي الدّين الاسكليني وَالْمولى الْعَالم الْفَاضِل مؤيد زَاده ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْمولى يكان ببروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة احْمَد باشا ابْن ولي الدّين بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير إِبْرَاهِيم باشا بِمَدِينَة قسطنطينية وَمَات مدرسا بهَا فِي سنة ارْبَعْ اَوْ ثَلَاث وَعشْرين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا محققا مدققا كريم النَّفس سليم الطَّبْع لذيذ الصُّحْبَة حسن المحاورة وَكَانَ يكْتب خطا حسنا وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم كلهَا وَكَانَ لَهُ اخْتِصَاص تَامّ بالعلوم الْعَقْلِيَّة روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ الاصفهاني كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من أَوْلَاد عُتَقَاء بعض موَالِي الْعَجم ورباه فِي صفره واقرأه الْعُلُوم كلهَا ثمَّ ارتحل الى بِلَاد الرّوم وَصَارَ قَاضِيا بعدة من الْبِلَاد ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة فلبه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة قيلوجه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة كليبولي وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة ارْبَعْ اَوْ ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى رجلا فَاضلا صَاحب كمالات وَكَانَ ماهرا فِي الْعَرَبيَّة وَالتَّفْسِير وعارفا بالمعقول وَالْمَنْقُول وَكَانَ صَاحب اخلاق حميدة وَحسن محاورة وَكَانَ رجلا نحيفا اسمر اللَّوْن وَكَانَ يكْتب الْخط الْحسن روح الله روحه وَنور ضريحه

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى مصلح الدين الشهير بجاك مصلح الدين

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى مصلح الدّين الشهير بجاك مصلح الدّين كَانَ اصله من ولَايَة منتشا وَكَانَ مشتغلا فِي أول عمره بالحياكة وَلما بلغ من عمره الى اربعين سنة رغب فِي تَحْصِيل الْعلم وقرا على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة تيره وَصَحب الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى مُحَمَّد الجمالي وَالشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى أَمِيرا البُخَارِيّ ثمَّ انْقَطع عَن التدريس وَعين لَهُ كل يَوْم ثَلَاثُونَ درهما بطرِيق التقاعد وزع اوقاته فِي الْعِبَادَات والتذكير والتدريس وَكَانَ يكْتب الْفَتْوَى وَيَأْخُذ للكتابة اجرة وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة ارْبَعْ وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة ببلدة تيره وَكَانَ يحيى جَمِيع اللَّيَالِي وَلَا ينَام الا قَلِيلا وَرُبمَا يغلب عَلَيْهِ الْحَال فِي الصَّلَاة يشاهدها مِنْهُ الْحَاضِرُونَ قدس سره وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى شاه قَاسم ابْن الشَّيْخ المخدومي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى متوطنا بِمَدِينَة تبريز وَلما دخل السُّلْطَان سليم خَان الْمَدِينَة المزبورة أَخذه مَعَه الى بِلَاد الرّوم وَعين لَهُ كل يَوْم خمسين درهما كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما كَامِلا فَاضلا أديبا لبيبا حُلْو المحاضرة لطيف المحاورة وَكَانَت لَهُ معرفَة بِطرف صَالح من كل الْعُلُوم وَكَانَ لَهُ حَظّ من علم التصوف ايضا وَكَانَ يكْتب الْخط الْحسن وَكَانَت لَهُ مهارة تَامَّة فِي علم الانشاء وَقد افْتتح انشاء تواريخ آل عُثْمَان فاخترمته الْمنية وَلم يكملها مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة ثَمَان اَوْ تسع واربعين وَتِسْعمِائَة وَمِنْهُم الْمولى الْعَالم ظهير الدّين الاردبيلي الشهير بقاضي زَاده قرا رَحمَه الله فِي بِلَاد الْعَجم على عُلَمَاء عصره وَلما دخل السُّلْطَان سليم خَان مَدِينَة تبريز أَخذه مَعَه الى بلادالروم وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانِينَ درهما قتل مَعَ الْوَزير احْمَد باشا نَائِب سلطاننا الاعظم بِمصْر المحروسة فِي سنة ثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما كَامِلا صَاحب محاورة ووقار وهيبة وَصَاحب وجاهة وفصاحة وَكَانَت لَهُ معرفَة بالعلوم وخاصة بِعلم الانشاء وَالشعر وَكَانَ يكْتب

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى محيي الدين محمد القراباغي

الْخط الْحسن وقدترجم تَارِيخ ابْن خلكان بِالْفَارِسِيَّةِ سامحه الله تَعَالَى وَستر عيوبه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد القراباغي قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي بلادالعجم على عُلَمَاء عصره ثمَّ أَتَى بلادالروم وقرا على الْمولى الْفَاضِل يَعْقُوب بن سَيِّدي عَليّ شَارِح الشرعة وَصَارَ معيدا لدرسه ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ مدرسا بمدرسة ازنيق وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا كَامِلا مشتغلا بِالْعلمِ الشريف لَيْلًا وَنَهَارًا وَكَانَت لَهُ معرفَة تَامَّة بالتفسير والْحَدِيث والاصول والعربية والمعقول وَله تعليقات على الْكَشَّاف وعَلى تَفْسِير الْعَلامَة الْبَيْضَاوِيّ وعَلى التَّلْوِيح وَالْهِدَايَة وَله شرح لرسالة اثبات الْوَاجِب للعلامة الدواني وَله حواش على شرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة وَله كتاب فِي المحاضرات سَمَّاهُ جالب السرُور وكل ذَلِك قد قبله علماءعصره وَوَضَعُوا عَلَيْهِ عَلامَة الْقبُول بخطهم وَكَانَ رجلا سليم الطَّبْع حَلِيم النَّفس متواضعا متخشعا اديبا لبيبا صَحِيح العقيدة مرضِي السِّيرَة روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى الشهير بِابْن الشَّيْخ الشبشري وَقد اشْتهر بِهَذِهِ الكنية وَلم يعرف اسْمه وَكَانَ رَحمَه الله من بِلَاد الْعَجم وقرا على علمائها وتمهر فِي الْعُلُوم الْعَرَبيَّة والعقلية ثمَّ أَتَى بِلَاد الرّوم وَعين لَهُ السُّلْطَان سليم خَان كل يَوْم ثَلَاثِينَ درهما وَمَات فِي اوائل سلطنة سلطاننا الاعظم سلمه الله تَعَالَى وابقاه وَعمل قصيدة بِالْفَارِسِيَّةِ مِقْدَار سِتِّينَ بَيْتا كَانَ اُحْدُ مصراعي كل بَيت تَارِيخا لجُلُوس سلطنة سلطاننا الاعظم ادام الله تَعَالَى أَيَّامه على سَرِير السلطنة وَكَانَ المصراع الاخير تَارِيخا لفتح قلعة رودس وَله حواش على حَاشِيَة شرح التَّجْرِيد للسَّيِّد الشريف وَأَيْضًا لَهُ حواش على حَاشِيَة شرح الْمطَالع للسَّيِّد الشريف وصنف رِسَالَة بِالْفَارِسِيَّةِ فِي المعمى وَجعل امثلة قَوَاعِده كلهَا على اسْم السُّلْطَان سليم خَان وَسمعت ان لَهُ شرحا للكافية لكني لم اطلع عَلَيْهِ كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى شَابًّا جميل الصُّورَة طَوِيل الْقَامَة كريم الاخلاق سليم الطَّبْع قوي الذِّهْن وَكَانَ حسن الصُّحْبَة لين الْجَانِب بَعيدا عَن التَّكَلُّف وَكَانَ متواضعا متخشعا الى الاخوان روح

ومنهم العالم الفاضل المولى الشهير بالشريف العجمي

الله مرقده وَفِي غرف الْجنان ارقده وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى الشهير بالشريف العجمي اشْتهر بذلك وَلم يعرف اسْمه قَرَأَ رَحمَه الله فِي بِلَاد الْعَجم على علمائها ثمَّ اتى بلادالروم وَقَرَأَ على الْمولى الْفَاضِل سعدي جلبي ابْن التاجي وَغَيره ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير دَاوُد باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة لارنده ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ازنيق وَتُوفِّي وَهُوَ مدرس بهَا فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا اديبا لبيبا وقورا صبورا صَاحب شيبَة حَسَنَة وَكَانَ طَاهِر الظَّاهِر وَالْبَاطِن حسن العقيدة سليم الطَّبْع حَلِيم النَّفس وَكَانَ لَهُ حَظّ من الْعُلُوم وخاصة فِي علمي البلاغة وَالتَّفْسِير وَكَانَ شَافِعِيّ الْمَذْهَب ثمَّ تحنف نور الله مضجعه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل حسام الدّين حُسَيْن الشهير بِابْن الطباخ ولد رَحمَه الله بِمَدِينَة كليبولي ثمَّ قَرَأَ على عُلَمَاء عصره حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل سَيِّدي القراماني ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة كليبولي ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة توقات ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير دَاوُد باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ازنيق ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بِمَدِينَة ادرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة بروسه ثمَّ عزل عَن ذَلِك وَصَارَ مدرسا ثَانِيًا باحدى الْمدَارِس الثمان وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما ثمَّ ترك التدريس وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم بطرِيق التقاعد وَمَات على تِلْكَ الْحَال فِي سنة اثْنَتَيْنِ واربعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا ذكيا نَافِذ الطَّبْع نقي الفكرة وَكَانَ مشتغلا بِنَفسِهِ وَكَانَ لَا يذكر اُحْدُ بالسوء وَلَا يتذلل الى ارباب الْعِزّ والجاه من اهل الدُّنْيَا وَكَانَ مُجَردا عَن الاهل والاولاد وَكَانَ عالي الهمة حَلِيم النَّفس كريم الطَّبْع روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد بن بير مُحَمَّد باشا الجمالي حصل الْعُلُوم فِي ظلّ وَالِده ثمَّ قَرَأَ على الْمولى الْفَاضِل احْمَد بن كَمَال باشا ثمَّ

ومنهم العالم العامل الفاضل الكامل المولى عبد اللطيف

على الْمولى الْفَاضِل عَلَاء الدّين الجمالي الْمُفْتِي وَصَارَ معيدا لدرسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مصطفى باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة أدرنه مَاتَ وَهُوَ قَاض بهَا فِي سنة احدى وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عالي الهمة رفيع الْقدر عَظِيم النَّفس صَاحب وقار وأدب وَكَانَ لَهُ حَظّ من الْعُلُوم المتداولة وَمن الْعُلُوم الرياضية روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى عبد اللطيف كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من ولَايَة قسطموني وَقَرَأَ على عُلَمَاء عصره حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل مصلح الدّين اليارحصاري ثمَّ انتسب الى الْمولى الشَّيْخ مَحْمُود القَاضِي بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة اناطولي ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ديمه توقه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة عَليّ بك بادرنه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير إِبْرَاهِيم باشا بقسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة قلندر خَان بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ابي ايوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الْملك الْبَارِي ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مَحْمُود باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بِمَدِينَة أدرنه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مغنيسا ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَعين لَهُ كل يَوْم سِتُّونَ درهما ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بِمَدِينَة أدرنه وَعين لَهُ كل يَوْم سَبْعُونَ درهما ثمَّ صَار قَاضِيا بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ ترك الْقَضَاء وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما وَمَات على تِلْكَ الْحَال فِي سنة تسع واربعين وَتِسْعمِائَة كَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم كلهَا وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما عَاملا زاهدا صَالحا تقيا مشتغلا بِالْعبَادَة والمطالعة والاوراد والاذكار وملازما للمساجد فِي الصَّلَوَات الْخمس وَكَانَ يعْتَكف فِي أَكثر الاوقات بالمساجد وَكَانَ مجاب الدعْوَة صَحِيح العقيدة مَقْبُول الطَّرِيقَة حسن السمت وَكَانَ خاضعا خَاشِعًا متأدبا وَكَانَ لَا يذكر أحدا الا بِخَير وَكَانَ أَكثر اهتمامه بامور الاخرة وَلم يكن لَهُ هم فِي أَمر الدُّنْيَا روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى بايزيدالشهير بنقيضي قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل ابْن

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى يعقوب الحميدي المشتهر باجه خليفه

افضل الدّين ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة اتابك ببلدة قسطموني ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الحلبية بادرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين فِيهَا ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار مفتيا ومدرسا ببلدة أماسيه ثمَّ ترك التدريس وأتى مَدِينَة قسطنطينية وَلم يلبث الا قَلِيلا حَتَّى مَاتَ فِيهَا فِي سنة اثْنَتَيْنِ اَوْ ثَلَاث وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما عَاملا صَالحا مُسْتَقِيم السِّيرَة كريم الطَّبْع خاضعا خَاشِعًا لَا يذكر احدا الا بِخَير وَكَانَ لَا يلْتَفت الى الدُّنْيَا ويرضى من الْعَيْش بِالْقَلِيلِ نور الله تَعَالَى مرقده وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى يَعْقُوب الْحميدِي المشتهر باجه خليفه قَرَأَ على علماءعصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل عَلَاء الدّين عَليّ الفناري ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة آق شهر ثمَّ صَار مدرسا بقونيه بمدرسة نعلنجي ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة أغراس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة بسلطانية مغنيسا وَهُوَ أول مدرس بهَا وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة ثَمَان اَوْ تسع وَعشْرين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا صَالحا عابدا زاهدا منتسبا الى طَريقَة الصُّوفِيَّة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى صَاحب ذكاء وفطنة ومحاورة وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم ومهارة فِي الْفِقْه وَكَانَ حسن السمت صَحِيح العقيدة نور الله تَعَالَى مرقده وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين محمدالشهير بَابي المعمار قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل ابْن الْحَاج حسن ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة اسكوب ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مَحْمُود باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مناستر ببروسه ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بادرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة حلب ثمَّ عزل عَن ذَلِك وَصَارَ ثَانِيًا مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما ثمَّ صَار قَاضِيا بحلب ثَانِيًا وَمَات وَهُوَ قَاض بهَا فِي سنة ارْبَعْ ثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما صَالحا فَاضلا صَاحب طبع نقاد

ومنهم العالم العامل الفاضل الكامل شمس الدين احمد القسطنطيني مولدا ولحدا المشتهر بابن الحصاص

وَكَانَ سليم الطَّبْع وقورا صَاحب ادب وَكَانَ حسن السمت صَحِيح العقيدة مرضِي السِّيرَة وَصَاحب اخلاق حميدة مراعيا لحقوق الله تَعَالَى وَحُقُوق اصدقائه روح الله تَعَالَى روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل شمس الدّين احْمَد القسطنطيني مولدا ولحدا المشتهر بِابْن الحصاص قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل ابْن الْمُؤَيد ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الاشهر ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بادرنه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ازنيق ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان ببروسه ثمَّ صَار قَاضِيا بِدِمَشْق المحروسة ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَعين هَل كل يَوْم ثَمَانُون درهما مَاتَ وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا مدققا وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم ومهارة فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وَكَانَ سليم الطَّبْع حَلِيم النَّفس بَعيدا عَن التَّكَلُّف حسن السمت صَحِيح العقيدة مرضِي السِّيرَة نور الله تَعَالَى قَبره وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ المشتهر بجرجين قرا على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى لطفي وَالْمولى العذاري وَالْمولى ابْن الْمُؤَيد ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى معرف زَاده ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مَوْلَانَا يكان ببروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة فلبه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مصطفى باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ مدرسا بمدرسة طرابوزان ثمَّ صَار مدرسا بسلطانية بروسه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان مَاتَ وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا صَاحب اخلاق حميدة وَكَانَ جيد المحاورة لذيذ الصُّحْبَة متواضعا متخشعا ناصحا لاصحابه طارحا للتكلف مَعَهم وَكَانَ كريم الطَّبْع سخي النَّفس وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم وَكَانَت لَهُ نِسْبَة خَاصَّة بالعلوم الْعَقْلِيَّة روح الله تَعَالَى روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى سَيِّدي المنتشوي الملقب بالدب

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى حيدر المشهور بحيدر الاسود

قَرَأَ على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى العذاري وَالْمولى لطفي ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل معرف زَاده ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة كوتاهية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة جورلي وَتُوفِّي وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى كَرِيمًا صَاحب اخلاق حميدة وَكَانَ لذيذ الصُّحْبَة طيب المحاورة طارحا للتكلف وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم وَكَانَ لَهُ اخْتِصَاص بالعلوم الْعَقْلِيَّة روح الله تَعَالَى روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى حيدر الْمَشْهُور بحيدر الاسود قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل ابْن افضل الدّين ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمِدْرَاس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة قراحصار ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مناستر ببروسه ثمَّ صَار مدرسا بدار الحَدِيث بِمَدِينَة أدرنه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة حلب وَلم يحمد سيرته فِي الْقَضَاء وَلم ترض طَرِيقَته واشتهر بالطمع فَعَزله السُّلْطَان وَغَضب عَلَيْهِ وَبَقِي على ذَلِك مُدَّة ثمَّ تعطف وَعين لَهُ كل يَوْم ثَلَاثِينَ درهما بطرِيق التقاعد ولازم بَيته وَمَات على تِلْكَ الْحَال وَبني مَسْجِدا بِقرب دَاره بِمَدِينَة قسطنطينية ووقف على ذَلِك اوقافا كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مشتهرا بِالْعلمِ وَالْفضل بَين الطّلبَة ومشارا اليه بَين أقرانه الا انه كَانَ اشْتِغَاله بامور الدُّنْيَا اكثر من اشْتِغَاله بِالْعلمِ لميله الى الْعِزّ والجاه رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل عبيد الله جلبي بن يَعْقُوب الفناري من جِهَة الام قَرَأَ على عُلَمَاء عصره واشتغل بِالْعلمِ الشريف غَايَة الِاشْتِغَال ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل مصلح الدّين اليارحصاري ثمَّ انْتقل الى خدمَة الْمولى الشَّيْخ مَحْمُود القَاضِي بالعسكر الْمَنْصُور بِولَايَة اناطولي ثمَّ صَار قَاضِيا بِبَعْض الْبِلَاد الى ان صَار قَاضِيا بِمَدِينَة حلب مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى فَاضلا ذكيا وَكَانَ لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم وَمَعْرِفَة تَامَّة بِعلم

ومنهم العالم الفاضل المولى الكامل حسام الدين حسين الشهير بكدك حسام

الْقِرَاءَة وَكَانَ قوي الْحِفْظ حفظ الْقُرْآن الْعَظِيم فِي سِتَّة اشهر وَكَانَ صَاحب اخلاق حميدة جدا وَكَانَ من الْكَرم فِي غَايَة لَا يُمكن الْمَزِيد عَلَيْهَا فِي هَذَا الزَّمَان وَكَانَ لَهُ سخاء عَظِيم رُبمَا تجَاوز حد الاسراف وَقد ملك اموالا عَظِيمَة وبذلها فِي وُجُوه الْكَرم وَملك كتبا كَثِيرَة وَهِي على مَا يرْوى عشرَة آلَاف مجلدة وَكَانَ لَا يَخْلُو من الدّين لسعة افضاله ووفور احسانه مَعَ توليه المناصب الجليلة وَتَحْصِيل الاموال الجزيلة وَبِالْجُمْلَةِ لَا يُمكن وصف اخلاقه الحميدة وتفصيل انعاماته الجزيلة وَتَقْرِير فضائله الواسعة وَرَأَيْت لَهُ شرحا للقصيدة الْمُسَمَّاة بالبردة وَهُوَ من احسن شروحها روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَزَاد فِي اعلى الْجنان فتوحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى الْكَامِل حسام الدّين حُسَيْن الشهير بكدك حسام كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من ولَايَة قسطموني وَقَرَأَ على عُلَمَاء عصره وفَاق أقرانه من الطّلبَة واشتهرت فضائله ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى اليارحصاري ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل ابْن الْحَاج حسن ثمَّ صَار مدرسا ببلدة كرتاهية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة قَاسم باشا بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة قيلوجه بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مفتيا ومدرسا ببلدة طرابوزان وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة ثَلَاث اَوْ ارْبَعْ وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا محققا مدققا مدرسا مُفِيدا وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم واشتهار بِالْفَضْلِ بَين أقرانه وَكَانَ صَاحب اخلاق حميدة متخشعا متواضعا سليم الطَّبْع حَلِيم النَّفس حسن المحاورة والمحادثة لذيذ الصُّحْبَة طارحا للتكلف مَعَ صَلَاح وعفاف وديانة وتقوى وورع روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد الشهير بِابْن القوطاس كَانَ ابوه من بلادالعجم اتى بلادالروم وَصَارَ قَاضِيا بِبَعْض بلادها وقرا ابْنه الْمَزْبُور على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى الْفَاضِل ابْن الْمُؤَيد وَالْمولى الْفَاضِل مُحَمَّد ابْن الْحَاج حسن ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس حَتَّى صَار مدرسا باسحاقية

ومنهم العالم الفاضل الكامل سنان الدين يوسف ابن اخي الايديني الشهير باخي زاده

اسكوب ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مَحْمُود باشا بقسطنطينية وَتُوفِّي وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى فَاضلا ذكيا وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم وخاصة الْعُلُوم الادبية وَشرح بَعْضًا من مِفْتَاح السكاكي وَكَانَ خَفِيف الرّوح طارحا للتكلف وَكَانَ طبعه على فطْرَة الاسلام روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل سِنَان الدّين يُوسُف ابْن اخي الايديني الشهير باخي زَاده قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل مصلح الدّين مصطفى الشهير بِابْن الْبَرْمَكِي ثمَّ ارتحل الى بِلَاد الْعَجم وقرا هُنَاكَ على الْعَلامَة جلال الدّين الرداني وَصَارَ مدرسا بِبِلَاد الْعَجم وَتزَوج بهَا ثمَّ أَتَى بلادالروم وَصَارَ مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مُرَاد باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمردسة اسحاقية اسكوب ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الحلبية بِمَدِينَة أدرنه ثمَّ صَار مدرسا ومفتيا ببلدة طرابوزان ثمَّ عين لَهُ كل يَوْم اربعون درهما بطرِيق التقاعد وَمَات على تِلْكَ الْحَال فِي سنة سِتّ وَخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا ذكيا وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم وخاصة الْعُلُوم الادبية وَشرح بَعْضًا من مِفْتَاح السكاكي وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى خَفِيف الرّوح طارحا للتكلف لذيذ الصُّحْبَة وَكَانَ لَا يضمر فِي نَفسه شيأ وَيتَكَلَّم مَا يخْطر بِبَالِهِ لصفاء خاطره مَعَ ذَلِك كَانَ لَا يغلب عَلَيْهِ الْغَفْلَة فِي كَلِمَاته وأحواله وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ عَالما سليم النَّفس حسن السِّيرَة بَاقِيا على الْفطْرَة بَعيدا عَن الْبِدْعَة فِي عقيدته وَعَمله روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى جلال الدّين القَاضِي قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل ابْن الْحَاج حسن ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْمولى الْمَذْكُور بقسطنطينية ثمَّ صَار قَاضِيا بعدة من الْبِلَاد ثمَّ اخْتَار التقاعد وَفرغ عَن الْقَضَاء وَعين لَهُ كل يَوْم خَمْسَة وَثَلَاثُونَ درهما وَصرف اوقاته فِي الِاشْتِغَال بِالْعلمِ وَالْعِبَادَة وَتُوفِّي رَحمَه الله

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عمر الحلبي

تَعَالَى فِي سنة خمس اَوْ ارْبَعْ وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا محققا مدققا صَالحا تقيا نقيا طَاهِر الظَّاهِر وَالْبَاطِن متواضعا متخشعا مبجلا للصَّغِير وَالْكَبِير وَكَانَ صَاحب شيبَة عَظِيمَة وَكَانَ بَقِيَّة من بقايا السّلف الصَّالِحين وَكَانَ مرضِي السِّيرَة مَحْمُود الطَّرِيقَة فِي قَضَائِهِ وَكَانَ يكْتب خطا حسنا روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عمر الْحلَبِي قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل مصلح الدّين الشهير بِابْن الْبَرْمَكِي ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل الْمُفْتِي شمس الدّين احْمَد باشا ابْن الْمولى حضر بك ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ديمه توقه ثمَّ صَار قَاضِيا بعدة من الْبِلَاد وَمَات قَاضِيا بكفه كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى صَاحب فضل وذكاء وَتَحْقِيق وتدقيق وَقد كَانَ مشتهرا بَين اقرانه بِالْفَضْلِ وَكَانَ لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم كلهَا وَقد اخْتَار التجرد وَلم يتَزَوَّج وَكَانَت عِنْده كتب نفيسة يطالعها لَيْلًا وَنَهَارًا وَكَانَ مشتغلا بِنَفسِهِ معرضًا عَن ابناء الزَّمَان وَكَانَ سليم الطَّبْع حَلِيم النَّفس وقورا صبورا متواضعا متخشعا قنوعا بِمَا فِي يَده وَقد بنى دَار التَّعْلِيم بِمَدِينَة قسطنطينية ووقف جَمِيع مَا عِنْده من الْكتب فِي الْمدَارِس الثمان نور الله تَعَالَى قَبره وضاعف اجره وَمِنْهُم الْمولى الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الشهير بِابْن الكتخدا الكرمياني قَرَأَ على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى العذاري ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى خطيب زَاده ثمَّ ارتحل الى بِلَاد الْعَجم وَوصل الى خدمَة الْمولى الْعَلامَة جلال الدّين الدواني وقرا عِنْده مُدَّة كَبِيرَة ثمَّ أَتَى بلادالروم وَأرْسل مَعَه الْعَلامَة الدواني رِسَالَة فِي اثبات الْوَاجِب الْوُجُود الى الْمولى العذاري وابتهج بذلك الْمولى العذاري ودرس تِلْكَ الرسَالَة حَتَّى ان الْمولى خطيب زَاده حسده على ذَلِك وَمنعه كثيرا عَن اقرائها وَلم يمْتَنع وَقَالَ معتذرا كَيفَ اترك اقراءها وَأَنا مستفيد مِنْهَا ثمَّ ان الْمولى ابْن الكتخدا صَار مدرسا ببلدة كوتاهيه ثمَّ اخْتَار منصب الْقَضَاء ودام على ذَلِك مُدَّة

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى بدر الدين محمود من اولاد الشيخ جلال الدين الرومي

كَبِيرَة وحمدت سيرته فِي الْقَضَاء ثمَّ ترك الْقَضَاء وَحج الى بَيت الله الْحَرَام وَلم يمْكث بعد ذَلِك الا قَلِيلا حَتَّى مَاتَ فِي حُدُود الاربعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مَشْهُورا بِالْفَضْلِ وَحسن السمت وَله مُشَاركَة فِي الْعُلُوم مَعَ التَّحْقِيق والاتقان روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى بدر الدّين مَحْمُود من اولاد الشَّيْخ جلال الدّين الرُّومِي قرا على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس حَتَّى صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مصطفى باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بادرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا سليم الطَّبْع حَلِيم النَّفس صَاحب الْكَرم والمروأة جَارِيا على مجْرى الفتوة مشتغلا بِنَفسِهِ معرضًا عَن التَّعَرُّض لاحوال النَّاس وَكَانَ مَقْبُول الاخلاق مَسْعُود الْحَال وَقد اختلت عَيناهُ فِي آخر عمره روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى بدر الدّين مَحْمُود بن عبيد الله قَرَأَ على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى الْفَاضِل مصطفى التوقاتي وَالْمولى شُجَاع الدّين الرُّومِي ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل ابْن الْمُؤَيد ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة جنديك بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيد خَان فِيهَا ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير عَليّ باشا بِمَدِينَة قسطنطينية وَكَانَ من عتقائه ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بِمَدِينَة أدرنه ثمَّ صَار مدرسا بِإِحْدَى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة حلب ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة ادرنه وَمَات وَهُوَ قَاض بهَا فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله جريء الْجنان طليق اللِّسَان متعبدا مُسْتَقِيم الطَّرِيقَة وَكَانَ لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم وَكَانَ متفقها صَالحا وَبنى مَسْجِدا بِمَدِينَة أدرنه روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى اسحق الاسكوبي قرا رَحمَه الله تَعَالَى على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل بالي

ومنهم العالم الفاضل المولى ابو السعود المشتهر بابن بدر الدين زاده

الاسود ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ابراهيم باشا بِمَدِينَة ادرنه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة اسكوب ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة قيلوجه ثمَّ صَار مدرسا بِمَدِينَة ازنيق ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة دَار الحَدِيث بادرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِدِمَشْق الشَّام وَتُوفِّي هُنَاكَ قَاضِيا فِي سنة ثَلَاث واربعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى فصيح اللِّسَان صَحِيح الْبَيَان صَدُوقًا صَحِيح العقيدة حسن السمت لطيف المحاورة حسن النادرة وَكَانَ يحفظ من اللطائف والتواريخ مَالا يُحْصى وَكَانَ ينظم الشّعْر بالتركية نظما حسنا بليغا وَله منشآت لَطِيفَة بليغة بِاللِّسَانِ الْمَذْكُور وَكَانَ مُجَردا عَن الاهل والاولاد غير ملتفت الى زخارف الدُّنْيَا وَزينتهَا روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى ابو السُّعُود المشتهر بِابْن بدر الدّين زَاده ولد رَحمَه الله تَعَالَى ببروسه وَتزَوج امهِ بعد وَفَاة ابيه الْمولى سَيِّدي الْحميدِي وقرا هُوَ عِنْده مباني الْعُلُوم ثمَّ قَرَأَ على بعض عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل ركن الدّين ثمَّ صَار قَاضِيا بِبَعْض الْبِلَاد ثمَّ توفّي بعد خمس وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى صَاحب ذكاء وفطنة وَقُوَّة طبع وسداد رَأْي وَقد حل كثيرا من الْمَوَاضِع المشكلة وَقد وصل الى عين التَّحْقِيق فِي المطالب الْعَالِيَة روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى المشتهر بدلي برادر وَلم أتحقق اسْمه لشهرته بِهَذَا اللقب قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى محيي الدّين العجمي ثمَّ سلك مَسْلَك التصوف وَلم يثبت عَلَيْهِ لغَلَبَة التلون على طبعه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة بايزيد باشا بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة سريحصار ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة آق شهر ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة اماسيه ثمَّ ترك التدريس وَعين لَهُ كل يَوْم ثَلَاثُونَ درهما بطرِيق التقاعد وتوطن بِموضع قريب من قسطنطينية قريب من الْبَحْر وَبنى هُنَاكَ مدرسة وحجرة ومسجدا جَامعا هُنَاكَ وحماما وقف الْحمام على ذَلِك الْمَسْجِد وَكَانَ يُصَلِّي صَلَاة الْخمس بِالْمَسْجِدِ ثمَّ ارتحل الى مَكَّة

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى جعفر البروسوي المشتهر بنهالي

المشرفة وجاوبها الى ان مَاتَ كَانَ رَحمَه الله عَالما عَاملا سليم الطَّبْع حسن العقيدة محبا للخير وَكَانَ لذيذ الصُّحْبَة حسن المحاورة لطيف النادرة طارحا للتكلفات العادية وَلِهَذَا كَانَ يلقب بالمجنون وَكَانَ لَهُ حَظّ من الانشاء وَكَانَ ينظم الاشعار التركية نظما سلسا لطيفا الا انه كَانَ متلون الطَّبْع وَلِهَذَا لم يحصل الحشمة عِنْد النَّاس روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى جَعْفَر البروسوي المشتهر بنهالي قرا رَحمَه الله تَعَالَى على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار قَاضِيا بِبَعْض الْبِلَاد ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير المرحوم مصطفى باشا بمدين قسطنطينية ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة غلطة ثمَّ مَال الى الْعُزْلَة والفراغة وَعين لَهُ كل يَوْم ثَلَاث وَثَلَاثُونَ درهما بطرِيق التقاعد وَتُوفِّي على تِلْكَ الْحَال فِي جوَار الْخمسين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ عَالما فَاضلا لذيذ الصُّحْبَة حسن النادرة خَفِيف الرّوح ظريف الطَّبْع وَكَانَ زين الْمجَالِس والمحافل وَاخْتَارَ الْعُزْلَة فِي أَوَاخِر عمره وَترك الرياسة من التَّوَاضُع وَطرح التَّكَلُّف الْمُعْتَاد بَين النَّاس وَكَانَت لَهُ اشعار مَقْبُولَة بِاللِّسَانِ التركي روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى المشتهر بَينهم باشق قَاسم كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من بَلْدَة ازنيق قرا على عُلَمَاء عصره حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى عبد الكريم ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة بلاطه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة وكلول ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الحجرية بادرنه ثمَّ عين لَهُ كل يَوْم ثَلَاث وَثَلَاثُونَ درهما بطرِيق التقاعد وَتُوفِّي وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال فِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة بِمَدِينَة أدرنه كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى ذكي الطَّبْع مَقْبُول الْكَلَام لطيف المحاضرة حسن النادرة زين المجامع والمحافل وَكَانَ صَاحب لطائف عَظِيمَة لَو جمعت لطائفة لحصلت مِنْهَا دفاتر اعرضت عَن ذكرهَا خوفًا من التَّطْوِيل وَكَانَ صَالحا عابدا مشتغلا بِنَفسِهِ متجردا عَن الاهل والعيال وَكَانَ كثير الفكرة مشتغلا بِذكر الله تَعَالَى فِي الايام والليالي وَكَانَ لَهُ خشوع عَظِيم فِي صلَاته وَقد بلغ عمره الى قريب من مائَة روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى فخر الدين ابن اسرافيل زاده

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى فَخر الدّين ابْن اسرافيل زَاده قرا على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل جَعْفَر جلبي بن التَّاج الطغرائي ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مناستر هُنَاكَ ثمَّ صَار مدرسا بسلطانية بروسه ثمَّ صَار قَاضِيا بِدِمَشْق الشَّام ثمَّ عزل عَن ذَلِك وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما بطرِيق التقاعد ثمَّ صَار قَاضِيا ثَانِيًا بِدِمَشْق المحروسة ثمَّ حج وعزل عَن الْقَضَاء واعطي مدرسة السُّلْطَان مرادخان بِمَدِينَة بروسه وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما ثمَّ اخْتَلَّ دماغه وَمَات وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال سنة ثَلَاث واربعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى صَاحب ذكاء وفطنة لطيف المحاورة طليق اللِّسَان مَقْبُول الْكَلَام وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم وَكَانَ لَهُ اخْتِصَاص بالعلوم الْعَقْلِيَّة روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى شمس الدّين احْمَد بن عبد الله كَانَ من عُتَقَاء السَّيِّد إِبْرَاهِيم الاماسي الْمُقدم ذكره قرا رَحمَه الله على مَوْلَاهُ الْمَذْكُور ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ابي ايوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الله الْملك الْبَارِي ثمَّ صَار مدرسا بنواحي اماسيه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِدِمَشْق الشَّام توفّي وَهُوَ قَاض بهَا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما صَالحا تقيا نقيا محبا للصلحاء وَكَانَ سليم الطَّبْع حَلِيم النَّفس وقورا صبورا صَاحب شيبَة حَسَنَة وَكَانَ حسن السمت صَحِيح العقيدة مَحْمُود الطَّرِيقَة مرضِي السِّيرَة اديبا لبيبا كَرِيمًا روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى حسام الدّين حسن جلبي القراصوي قرا على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى عبد الكريم ابْن الْمولى

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى امير حسن الرومي

عَلَاء الدّين عَليّ الْعَرَبِيّ ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة اسكوب ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان فِي طرابوزان ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة ادرنه ثمَّ صَار قَاضِيا بقسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا ثَانِيًا باحدى الْمدَارِس الثمان وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة سبع وَخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى كريم الطَّبْع سخي النَّفس حَلِيمًا صبورا على الشدائد لذيذ الصُّحْبَة حسن المحاورة طارحا للتكلف منصفا فِي نَفسه وَكَانَ لَا يضمر سوءا لَاحَدَّ وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم كلهَا وَكَانَ لَهُ طبع ذكي نَافِذ وَكَانَ صَاحب تَحْقِيق وتدقيق روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى امير حسن الرُّومِي قرا رَحمَه الله تَعَالَى على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة أَمِير الامراء بِمَدِينَة أدرنه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير إِبْرَاهِيم باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير دَاوُد باشا بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة دَار الحَدِيث بادرنه وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى كريم الطَّبْع حَلِيم النَّفس مشتغلا بِالْعلمِ وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم كلهَا وَله حواش على شرح الْفَرَائِض للسَّيِّد الشريف وحواش على شرح الرسَالَة المصنفة فِي علم الادب لمسعود الرُّومِي وَغير ذَلِك روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى مُحَمَّد شاه ابْن الْمولى شمس الدّين اليكاني قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار معيدا لدرس الْمولى الْفَاضِل عَلَاء الدّين عَليّ الجمالي الْمُفْتِي ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مُرَاد باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى سليمان الرومي

بمدرسة الْوَزير دَاوُد باشا بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ القلندرية بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير عَليّ باشا بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بادرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان مَاتَ وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة إِحْدَى واربعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى كريم النَّفس محققا مدققا مشتغلا بِنَفسِهِ وَكَانَ لَا يذكر احدا بِسوء وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم كلهَا نور الله تَعَالَى مرقده وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى سُلَيْمَان الرُّومِي قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة انقره ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة توقات ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير عَليّ باشا بقسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنه وَتُوفِّي وَهُوَ مدرس بهَا وَكَانَت وَفَاته فِي مجْلِس خَاص بالعلماء عِنْد حُضُور سلطاننا الاعظم فِي وليمته الْمُبَارَكَة لختن اولاده الْكِرَام وَقد سقط مغشيا عَلَيْهِ فَحمل عَن الْمجْلس الى خيمة وَمَات هُنَاكَ وَذَلِكَ فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مشتغلا بِنَفسِهِ معرضًا عَن التَّعَرُّض لأبناء الزَّمَان وَكَانَ لَا يذكر احدا الا بِخَير وَكَانَ يدرس للطلبة ويفيدهم روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى قطب الدّين المرزيفوني قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل عَلَاء الدّين عَليّ الجمالي الْمُفْتِي ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ازنيق ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير دَاوُد باشا بِمَدِينَة قسطنطينينة ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة طرابوزان وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى صَاحب كرم وأخلاق حميدة ووفاء ومروأة وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم وَكَانَ لَهُ خُصُوصِيَّة بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْفِقْه وَله تعليقات على بند من شرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة وعَلى شرح الْمِفْتَاح للسَّيِّد الشريف روح الله روحه وَنور ضريحه

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى بير احمد

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى بير احْمَد قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى احْمَد باشا الْمُفْتِي ابْن الْمولى الْفَاضِل حضر بك ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة رَئِيس القرائين بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة اتابك ببلدة قسطموني ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة فلبه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مناستر بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان مرادخان فِيهَا ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة حلب ثمَّ عزل عَن ذَلِك وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما بطرِيق التقاعد وَمَات وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال فِي عشر الْخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى حَلِيمًا جيد النَّفس كريم الطَّبْع وقورا صبورا طَالبا للخير لكل اُحْدُ وَكَانَ صَحِيح العقيدة صافي الخاطر لَا يذكر احدا الا بِخَير وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم كلهَا وَله تعليقات على بعض المباحث روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى مُحَمَّد ابْن الشَّيْخ محمودالمغلوي الوفائي قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى سَيِّدي القراماني وَصَارَ معيدا لدرسه ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة كوتاهيه ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الفرهادية بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير قَاسم باشا بِقرب من كوتاهيه ثمَّ مَاتَ فِي سنة اربعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله حَلِيم النَّفس كريم الطَّبْع سليم الخاطر صَحِيح العقيدة محبا للصوفية سِيمَا الطَّرِيقَة الوفائية وَكَانَ مشتغلا بِالْعلمِ الشريف غَايَة الِاشْتِغَال وَكَانَ محبا للْعلم واطلع على كتب كَثِيرَة وَحفظ اكثر لطائفها ونوادرها وَكَانَ يحفظ التواريخ ومناقب الْعلمَاء والصلحاء وَقد صنف من الشُّرُوح والحواشي كتبا كَثِيرَة مِنْهَا تَهْذِيب الكافية فِي النَّحْو وَكتب لَهُ شرحا وَله حَاشِيَة على شرح هِدَايَة الْحِكْمَة لمولانا زَاده كتبهَا تذنيبا لحواشي الْمولى خواجه

ومنهم المولى العالم الفاضل أحمد ابن المولى حمزة القاضي الشهير بعرب جلبي

زَاده على ذَلِك الشَّرْح وَكتب حَوَاشِي على حَاشِيَة شرح التَّجْرِيد للسيدالشريف وَكتب تَفْسِير سُورَة وَالضُّحَى وَسَماهُ بتنوير الضُّحَى فِي تَفْسِير وَالضُّحَى وَله رسائل وتعليقات كَثِيرَة روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْمولى الْعَالم الْفَاضِل أَحْمد ابْن الْمولى حَمْزَة القَاضِي الشهير بعرب جلبي قَرَأَ على عُلَمَاء عصره حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى مُوسَى جلبي ابْن الْمولى الْفَاضِل افضل زَاده وَهُوَ مدرس باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ ارتحل الى مصر الْقَاهِرَة فِي أَيَّام دولة السُّلْطَان بايزيدخان وَقَرَأَ ايضا هُنَاكَ على علمائها الصِّحَاح السِّتَّة من الاحاديث وأجازوا لَهُ إجَازَة تَامَّة وقرا هُنَاكَ ايضا التَّفْسِير وَالْفِقْه وأصول الْفِقْه وقرا الشَّرْح المطول للتلخيص بِتَمَامِهِ وأقرأ هُنَاكَ طلبة الْعلم الشَّرْح الْمَزْبُور والمفصل للزمخشري واشتهرت فضائله بِالْقَاهِرَةِ وَرَأَيْت لَهُ كتاب الاجازة من شُيُوخه وشهدوا لَهُ فِيهِ بالفضيلة التَّامَّة والعفة وَصَلَاح النَّفس وقرا رَحمَه الله فِي الْقَاهِرَة من الْعُلُوم الهندسة والهيئة وَغير ذَلِك من المعارف ثمَّ أَتَى بلادالروم وَبنى لَهُ الْوَزير قَاسم باشا مدرسة بِقرب من مدرسة أبي ايوب الانصاري رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فدرس هُنَاكَ مُدَّة عمره وَكَانَ رَحمَه الله عَالما صَالحا عابدا زاهدا كَرِيمًا حَلِيمًا سليم النَّفس صَحِيح العقيدة حسن السمت وقورا صبورا مرِيدا للخير لكل اُحْدُ وَكَانَ يدرس ويفيد وانتفع بِهِ كثير من النَّاس وَكَانَ اكثر اشْتِغَاله بتفسير الْبَيْضَاوِيّ وَالْفِقْه مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة خمسين وَتِسْعمِائَة روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى شمس الدّين احمدالشهير بورق الشَّمْس الدّين قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمِدْرَاس ثمَّ صَار

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى محيي الدين محمد بن عبد الاول التبريزي

مدرسا بمدرسة قلندرخانه بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ابي أَيُّوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الْملك الْبَارِي وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى وَهُوَ مدرس بهَا فِي حُدُود الْخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا صَالحا سليم الطَّبْع حَلِيم النَّفس طيب الاخلاق وَكَانَ لَا يذكر احدا بِسوء وَكَانَ مدرسا مُفِيدا اسْتَفَادَ مِنْهُ كثير من النَّاس روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد بن عبد الاول التبريزي قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى على وَالِده وَكَانَ وَالِده قَاضِي الْحَنَفِيَّة فِيهَا وَسمعت مِنْهُ انه رأى الْمولى جلال الدّين الدواني وَهُوَ صَغِير وَقد حكى مِنْهُ غَايَة العظمة وَالْجَلالَة والهيبة وَالْوَقار وَحكى ان عُلَمَاء تبريز جَلَسُوا عِنْده على أدب تَامّ مطرقين رؤوسهم وأتى هُوَ فِي حَيَاة وَالِده بِلَاد الرّوم وَعرضه الْمولى ابْن الْمُؤَيد على السُّلْطَان بايزيدخان لمعْرِفَة سَابِقَة بَينه وَبَين وَالِده فَأعْطَاهُ السُّلْطَان بايزيد خَان مدرسته ثمَّ اخْتَار منصب الْقَضَاء ثمَّ صَار قَاضِيا بعدة بِلَاد من بِلَاد الرّوم ثمَّ اعطاه سلطاننا الاعظم رَحمَه الله مدرسة الْوَزير مصطفى باشا بككيويزه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مغنيسا ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة حلب ثمَّ صَار قَاضِيا بِدِمَشْق الشَّام ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ عزل عَن ذَلِك وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم بطرِيق التقاعد وَمَات على تِلْكَ الْحَال فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا عَارِفًا بالعلوم الْعَرَبيَّة والشرعية وَكَانَت لَهُ معرفَة تَامَّة بصناعة الانشاء وَله منشآت فِي لِسَان الْعَرَبيَّة والفارسية والتركية وَكَانَ أَكثر اهتمامه بالمحسنات اللفظية وَكَانَ يكْتب انواع الخطوط خطا حسنا وَله تعليقات على بعض الْمَوَاضِع من الْكتب وَكَانَ كَرِيمًا لَا يذكر كل اُحْدُ الا بِخَير وَكَانَ صَاحب ادب ووقار نور الله تَعَالَى قَبره وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد بن عبد القادر المشتهر بالمعلول قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى محيي الدّين الفناري وَالْمولى ابْن

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى محيي الدين محمد الشهير بمرحبا جلبي

كَمَال باشا وَالْمولى حسام جلبي وَالْمولى نور الدّين ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى خير الدّين معلم سلطاننا الاعظم ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة قَاسم باشا بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الافضلية بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مَحْمُود باشا فِيهَا ثمَّ صَار مدرسا بسلطانية بروسه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَعين لَهُ كل يَوْم تسعون درهما ثمَّ صَار قَاضِيا بِمصْر المحروسة ثمَّ صَار قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة اناطولي ثمَّ عجز عَن اقامة الْخدمَة لاختلال وَقع فِي رجله فعزل عَن ذَلِك وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة وَخَمْسُونَ درهما بطرِيق التقاعد وَمَات على تِلْكَ الْحَالة فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا صَالحا محققا مدققا عَالما بالعلوم الشَّرْعِيَّة والعقلية وَكَانَ صَاحب وقار وحشمة وَكَانَ ذَا ثروة بنى دَار التَّعْلِيم فِي قَرْيَة قمله وَبنى دَار الْقُرَّاء بِمَدِينَة قسطنطينية وَدفن بهَا روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد الشهير بمرحبا جلبي قرا رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى ركن الدّين ابْن الْمولى زيرك وَالْمولى امير جلبي ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى خير الدّين معلم سلطاننا الاعظم ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة جندبك بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة قراحصار ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير عَليّ باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِدِمَشْق الشَّام ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة ادرنه وَتُوفِّي وَهُوَ قَاض بهَا فِي حُدُود الْخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا محققا مدققا صَاحب ذكاء وفطنة وَكَانَ سليم الطَّبْع حَلِيم النَّفس مرِيدا للخير محبا للْفُقَرَاء روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين بير مُحَمَّد ابْن الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ الفناري قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ ارتحل الى بِلَاد الْعَجم وَقَرَأَ هُنَاكَ على عُلَمَاء سَمَرْقَنْد وبخارى ثمَّ اتى بِلَاد الرّوم وَأَعْطَاهُ السُّلْطَان سليم خَان مدرسة الْوَزير المرحوم

ومنهم العالم الفاضل المولى علاء الدين علي بن صالح

مصطفى باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ عزل عَن ذَلِك ثمَّ صَار ثَانِيًا مدرسا بهَا ثمَّ اضرت عَيناهُ وَعجز عَن اقامة التدريس وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما بطرِيق التقاعد مَاتَ وَهُوَ على تِلْكَ الْحَال فِي سنة ارْبَعْ اَوْ خمس وَخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا عابدا زاهدا محبا لِلْخَيْرَاتِ وَالصَّلَاح وَكَانَ صَاحب اخلاق حميدة وَكَانَ صَحِيح العقيدة حسن السمت وَله حَاشِيَة على شرح هِدَايَة الْحِكْمَة لمولانا زَاده روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ بن صَالح قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل عبد الواسع وَصَارَ معيدا لدرسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة بايزيد باشا بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الفرهادية بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة قيلوجه ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الحلبية بأدرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين فِيهَا ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيد خَان بادرنه ثمَّ صَار قَاضِيا بهَا وَتُوفِّي قَاضِيا بهَا فِي سنة خمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم وَكَانَت لَهُ مهارة فِي الانشاء كَانَ يكْتب الْخط الْحسن وَترْجم كليلة ودمنة بالتركية بانشاء لطيف فِي الْغَايَة وَكَانَ صَاحب اخلاق حميدة وأدب ووقار روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى صَالح الشهير بِصَالح الاسود قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى مُحَمَّد بن عَليّ الجمالي الْمُفْتِي المشتهر بمنلا جلبي ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى خير الدّين معلم السُّلْطَان سلطاننا الاعظم ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة جكمه جه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة قيلوجه ثمَّ صَار مدرسا

ومنهم العالم الفاضل المولى ابو الليث

بمدرسة ككويزه ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بِمَدِينَة أدرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَتُوفِّي وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا صَالحا كاسمه متعبدا متزهدا وَكَانَ سليم الطَّبْع حَلِيم النَّفس محبا للخير روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى ابو اللَّيْث قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار معيدا لدرس الْمولى الشهير بضميري ثمَّ صَار مدرسا بكوتاهيه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْمولى ابْن الْحَاج حسن بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مَحْمُود باشا بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ابي ايوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الْملك الْبَارِي ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة حلب ثمَّ صَار قَاضِيا بِدِمَشْق الشَّام وَتُوفِّي وَهُوَ قَاض بهَا فِي سنة ارْبَعْ واربعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا صَالحا متورعا كثير الْخَيْر حسن العقيدة اديبا وقورا روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى فَخر الدّين بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب الْمَار ذكره قرا على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى الْوَالِد وَالْمولى شُجَاع ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل سَيِّدي جلبي وَصَارَ معيدا لدرسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ازنيق ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الافضلية بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير دَاوُد باشا بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الحلبية بأدرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين فِيهَا ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى فَاضلا ذكي الطَّبْع صَاحب اخلاق حميدة وَكَانَ سليم الطَّبْع حَلِيم النَّفس أديبا لبيبا وقورا صبورا مَاتَ فِي عنفوان شبابه روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى مصلح الدّين مصطفى الشهير بمصدر قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس حَتَّى صَار مدرسا بسلطانية مغنيسا ثمَّ صَار مدرسا بِإِحْدَى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة حلب

ومنهم العالم الفاضل المولى شيخ محمد الشهير بشيخي جلبي

ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَكَّة المشرفة ثمَّ عزل عَن ذَلِك وَمَات بِموضع قريب من قسطنطينية كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى صَالحا عَالما فَاضلا حَلِيم النَّفس صَحِيح العقيدة محبا للخير وَقد انتسب فِي بض اوقاته الى الطَّرِيقَة الصُّوفِيَّة وَوصل الى خدمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى السَّيِّد عَليّ بن مَيْمُون المغربي ورح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى شيخ مُحَمَّد الشهير بشيخي جلبي قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى محيي الدّين الفناري ثمَّ وصل الى خدمَة بالي الاسود ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْمولى خسرو بِمَدِينَة ب روسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة أَحْمد باشا ابْن ولي الدّين بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير يري باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة طرابوزان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ابي أَيُّوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الْملك الْبَارِي ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة احدى وَخمسين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا ذكيا محققا مدققا سليم الطَّبْع كريم النَّفس مَحْمُود الطَّرِيقَة مرضِي السِّيرَة وَكَانَ متواضعا متخشعا صَحِيح العقيدة محبا للخير وَكَانَ رَحمَه الله لَا يذكر احدا الا بِخَير روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى سِنَان الدّين يُوسُف الشهير بكوبريجك زَاده قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى سَيِّدي الاسود وَالْمولى مُحَمَّد الساميسوني ثمَّ توطن بِمَدِينَة كَفه وَأفْتى هُنَاكَ وانتفع بِهِ النَّاس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة اتابك ببلدة قسطموني ثمَّ صَار مدرسا بمدارس اخر ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيد خَان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ايا صوفيه ثمَّ صَار مدرسا ومفتيا ببلدة اماسيه ثمَّ عين لَهُ كل يَوْم سَبْعُونَ درهما بطرِيق التقاعد ثمَّ صَار مفتيا ثَانِيًا بالبلدة المزبورة وَمَات وَهُوَ مفت بهَا فِي سنة اثْنَتَيْنِ اَوْ احدى وَخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا محققا مدققا عَالما بالعلوم الْعَرَبيَّة وماهرا فِي الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَكَانَ سليم الطَّبْع حَلِيم النَّفس صَاحب ادب ووقار وَكَانَ صَحِيح العقيدة محبا للخير وَكَانَ مشتغلا بِنَفسِهِ معرضًا عَن احوال الدُّنْيَا محبا للْفُقَرَاء روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى علاء الدين علي ابن الشيخ العارف بالله تعالى عبد الرحيم المؤيد المشهور بحاجي جلبي

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ ابْن الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى عبد الرحيم الْمُؤَيد الْمَشْهُور بحاجي جلبي قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره واشتهرت فضائله بَين الطّلبَة ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ديمه توقه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْمولى ابْن الْحَاج حسن بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير دَاوُد باشا بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الحلبية بادرنه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ابي ايوب الانصاري رَحمَه الله تَعَالَى الْملك الْبَارِي ثمَّ صَار مدرسا بِإِحْدَى الْمدَارِس الثمان وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة ارْبَعْ واربعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا كَامِلا ذكيا سليم الطَّبْع قوي الفطنة مشاركا فِي الْعُلُوم كلهَا وَكَانَ عَالما بالعلوم الْعَرَبيَّة غَايَة الْمعرفَة وَكَانَ ينظم القصائد الْعَرَبيَّة وَله منشآت بِالْعَرَبِيَّةِ وَكَانَ كَرِيمًا حَلِيمًا اديبا لبيبا حسن الصُّحْبَة مرضِي السِّيرَة صَحِيح العقيدة وَله تعليقات على بعض الْكتب لَكِنَّهَا لم تظهر لوفاته فِي سنّ الشَّبَاب روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد بن عبد الله الشهير بِمُحَمد بك كَانَ من عبيد السُّلْطَان بايزيدخان فَرغب فِي الْعلم والمعرفة وَترك طَرِيق الامارة وسلك طَرِيق الْعلم وَقَرَأَ على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى شيخ مظفر الدّين العجمي وَالْمولى محيي الدّين الفناري وَالْمولى بير أَحْمد جلبي ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل ابْن كَمَال باشا وَصَارَ معيدا لدرسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مُرَاد باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بِمَدِينَة أدرنه ثمَّ ظهر اختلال فِي دماغه وَترك التدريس وَلما برىء ركب الْبَحْر وسافر الى مصر المحروسة فَأَخَذته النَّصَارَى وَأسر فِي أَيْديهم واسترده بعض اصدقائه مِنْهُم وَلما أَتَى قسطنطينية أعطَاهُ سلطاننا الاعظم سلطانية بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بِمَدِينَة أدرنه ثمَّ صَار قَاضِيا بِدِمَشْق الشَّام ثمَّ عزل عَن ذَلِك وأتى مَدِينَة قسطنطينية واختل مزاجه غَايَة الاختلال وَأعْطِي فِي أثْنَاء ذَلِك الْمَرَض قَضَاء مصر فسافر فِي أَيَّام الشتَاء وَمَات فِي بَلْدَة كوتاهيه فِي سنة خمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى

ومنهم العالم العامل والفاضل الكامل المولى الشهير بمناسترلي جلبي

اديبا لبيبا وقورا حَلِيمًا كَرِيمًا محبا للْعلم وَأَهله ومحبا لطريقة الصُّوفِيَّة وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم وَكَانَ ماهرا فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة عَارِفًا بالعلوم الرياضية وَله تعليقات على بعض الْكتب وَقد ملك كتبا كَثِيرَة طالع اكثرها روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى الشهير بمناسترلي جلبي قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل سَيِّدي القراماني ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة قَصَبَة مناستر فِي ولَايَة روم ايلي ثمَّ عزل عَنْهَا ثمَّ صَار مدرسا ثَانِيًا بهَا ثمَّ ترك التدريس وَاخْتَارَ الْعُزْلَة عَن النَّاس واشتغل بِالْعلمِ وَالْعِبَادَة وَأعْطِي الْمدرسَة الحلبية بِمَدِينَة ادرنه وَلم يقبلهَا وَعين لَهُ كل يَوْم عشرُون درهما وَمَات على تِلْكَ الْحَال فِي سنة خمس اَوْ تسع وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة كَانَ عَالما فَاضلا محبا للْفُقَرَاء وَكَانَ صَاحب صَلَاح وديانة وَعبادَة وَكَانَ بركَة من بَرَكَات الله تَعَالَى فِي الارض روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى الشَّيْخ إِبْرَاهِيم الْحلَبِي الْحَنَفِيّ خطيب جَامع السُّلْطَان مُحَمَّد خَان بِمَدِينَة قسطنطينية كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من مَدِينَة حلب وقرا هُنَاكَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ ارتحل الى مصر المحروسة وقرا ثمَّ على علمائها الحَدِيث وَالتَّفْسِير والاصول وَالْفُرُوع ثمَّ أَتَى بِلَاد الرّوم وتوطن بقسطنطينية وَصَارَ اماما بِبَعْض الْجَوَامِع ثمَّ صَار اماما وخطيبا بِجَامِع السُّلْطَان مُحَمَّد خَان بقسطنطينية وَصَارَ مدرسا بدار الْقُرَّاء الَّتِي بناها الْمولى الْفَاضِل سعدي جلبي الْمُفْتِي وَمَات رَحمَه الله تَعَالَى على تِلْكَ الْحَال فِي سنة سِتّ وَخمسين وَتِسْعمِائَة وَقد جَاوز التسعين من عمره كَانَ رَحمَه الله عَالما بالعلوم الْعَرَبيَّة وَالتَّفْسِير والْحَدِيث وعلوم القراآت وَكَانَت لَهُ يَد طولى فِي الْفِقْه والاصول وَكَانَت مسَائِل الْفُرُوع نصب عينه وَكَانَ ورعا تقيا نقيا زاهدا متورعا عابدا ناسكا وَكَانَ يقرىء الطّلبَة وانتفع بِهِ كَثِيرُونَ وَكَانَ ملازما لبيته مشتغلا بِالْعلمِ وَلَا يرَاهُ اُحْدُ

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى محيي الدين محمدالحسيني الشهير بسيرك محيي الدين

الا فِي بَيته اَوْ فِي الْمَسْجِد واذا مَشى فِي الطَّرِيق يغض بَصَره عَن النَّاس وَلم يسمع مِنْهُ اُحْدُ انه ذكر وَاحِدًا من النَّاس بسوءولم يتلذذ بِشَيْء من الدُّنْيَا الا بِالْعلمِ وَالْعِبَادَة والتصنيف وَالْكِتَابَة وَله عدَّة مصنفات من الرسائل والكتب اشهرها كتاب فِي الْفِقْه سَمَّاهُ بملتقى الابحر وَله شرح على منية الْمُصَلِّي سَمَّاهُ بقنية المتحلي فِي شرح منية الْمُصَلِّي مَا أبقى شَيْئا من مسَائِل الصَّلَاة الا اوردها فِيهِ مَعَ مَا فِيهَا من الخلافيات على احسن وَجه والطف تَقْرِير روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضيحه وَزَاد فِي أَعلَى غرف الْجنان فتوحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين محمدالحسيني الشهير بسيرك محيي الدّين كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من نواحي انقره قرا على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى سِنَان الدّين يُوسُف الكرمياني وَالْمولى سَيِّدي مُحَمَّد القوجوي وَالْمولى مصلح الدّين الشهير بِابْن الْبَرْمَكِي ثمَّ صَار معيدا لدرس الْمولى بالي الايديني ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة أنقره ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مرزيفون ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة توقات ثمَّ صَار معلما للسُّلْطَان مُحَمَّد بن سلطاننا الاعظم السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان عَلَيْهِ الرَّحْمَة والغفران ثمَّ توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة سبع واربعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما عابدا فَاضلا صَالحا ذكيا سليم الطَّبْع متكلما بِالْحَقِّ مجتنبا عَن الْبَاطِل مراعيا لوظائف الْعِبَادَات عَالما بالعلوم الْعَرَبيَّة والاصول وَالْفِقْه وَالْكَلَام وَكَانَ مشتغلا بمطالعة التَّفْسِير وَكَانَ صَحِيح العقيدة محبا للْفُقَرَاء والصلحاء وَالْمَسَاكِين وَكَانَ مَحْمُود الطَّرِيقَة متكلما بِالْحَقِّ مجنبا عَن الْبَاطِل مراعيا لوظائف الْعِبَادَات روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى محيي الدّين محمدالقوجوي الشهير بمحيي الدّين الاسود قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْعَالم الْفَاضِل الْمولى حميد الدّين بن افضل الدّين ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار معلما للسُّلْطَان مصطفى ابْن سلطاننا الاعظم وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى وَهُوَ معلم لَهُ فِي

ومنهم العالم الفاضل المولى خير الدين حضر

قريب من سنة خمس وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما عَاملا محبا للخير صَدُوقًا بارا وَكَانَ مشتغلا بِنَفسِهِ لَا يذكر احدا بِسوء وَكَانَ صَحِيح العقيدة مُسْتَقِيم الطَّرِيقَة نور الله تَعَالَى مرقده وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى خير الدّين حضر كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى اصله من بَلْدَة مرزيفون وَقَرَأَ على عُلَمَاء عصره واشتهر بِالْفَضْلِ بَين أقرانه ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار معلما للسُّلْطَان مصطفى ابْن سلطاننا الاعظم السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان سلمه الله وأبقاه وَتُوفِّي وَهُوَ معلم لَهُ فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله حَلِيم النَّفس كريم الطَّبْع جيد القريحة مُجْتَهدا فِي تَحْصِيل الْعُلُوم وَرَأَيْت لَهُ تعليقات على بعض الْمَوَاضِع اجاد فِيهَا وَأحسن وَرَأَيْت لَهُ أَيْضا حَوَاشِي على قسم التصديقات من شرح الشمسية روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى هِدَايَة الله ابْن مَوْلَانَا بار عَليّ العجمي قَرَأَ على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى بير احْمَد جلبي وَالْمولى الْوَالِد وَالْمولى محيي الدّين الفناري وَالْمولى ابْن كَمَال باشا ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الافضلية بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ القلندرية بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مناستر فِيهَا ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَكَّة المشرفة ثمَّ اختلت عَيناهُ فَترك الْقَضَاء وَجَاء الى مصر المحروسة وَتُوفِّي بهَا فِي سنة تسع اَوْ ثَمَان وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما مشاركا فِي الْعُلُوم وَله معرفَة بالاصولين وَالْفِقْه وَكَانَ اديبا لبيبا وقورا حَلِيمًا متواضعا متخشعا كريم النَّفس مرضِي السِّيرَة روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد بن حسام الدّين كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى ابوه حسام الدّين من ابناء الرّوم وَكَانَ من موَالِي الْوَزير

ومنهم العالم العامل الفاضل الكامل محيي الدين الايديني المشتهر باهلجه

مُحَمَّد باشا من أَبنَاء الرّوم ايضا قتل السُّلْطَان محمدخان ذَلِك الْوَزير لأمر اقْتضى قَتله وقرا الْمولى حسام الدّين على عُلَمَاء عصره حَتَّى صَار قَاضِيا بعدة من الْبِلَاد وَخلف وَلَده محيي الدّين الْمَذْكُور وَقَرَأَ على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى الْوَالِد وَالْمولى حسام الدّين وَالْمولى ابْن كَمَال باشا ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة عِيسَى بك بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الواحدية ثمَّ صَار مدرسا ببلدة تيره ثمَّ صَار مدرسا بحسينية اماسيه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة جورلي ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مناستر بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بسلطانية مغنيسا ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بادرنه ثمَّ صَار قَاضِيا بِدِمَشْق الشَّام ثمَّ صَار قَاضِيا ببروسه ثمَّ عزل عَن ذَلِك وَصَارَ مدرسا بمدرسة مرادخان فِيهَا وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ايا صوفية ثمَّ صَار مدرسا ثَانِيًا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ اعيد الى قَضَاء بروسه ثمَّ صَار قَاضِيا بأدرنه ثمَّ صَار قَاضِيا بقسطنطينية وَتُوفِّي وَهُوَ قَاض بهَا فِي سنة خمس وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا وَكَانَ لَهُ اطلَاع على علم الْكَلَام ومهارة فِي علم الْفِقْه وَكَانَت لَهُ ممارسة فِي النّظم واطلاع على علم التواريخ والمحاضرات روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل محيي الدّين الايديني المشتهر باهلجه قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى بير احْمَد جلبي وَالْمولى حسام جلبي وَالْمولى مُحَمَّد شاه ابْن الْمولى الْفَاضِل مُحَمَّد بن الْحَاج حسن وَصَارَ معيدا لدرسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة القرائين بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مناستر بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بسلطانية بروسه وَمكث هُنَاكَ مُدَّة كَبِيرَة مَاتَ وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة احدى وَخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا صَالحا صَحِيح العقيدة محبا للخير وَالصَّلَاح وَكَانَ يجلس مجْلِس التَّذْكِير فِي بعض الاوقات وانتفع بِهِ كثير من النَّاس وَكَانَ مدرسا مُفِيدا منتسبا الى الطَّرِيقَة الصُّوفِيَّة نور الله تَعَالَى مرقده

ومنهم العالم الفاضل المولى عبد القادر الشهير بمناد عبدي

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى عبد القادر الشهير بمناد عَبدِي قَرَأَ على عُلَمَاء عصره حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل حسام جلبي ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْمولى الْفَاضِل خسرو بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الفرهادية فِيهَا ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة قراحصار ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة مناستر ببروسه ثمَّ صَار مدرسا بسلطانية بروسه ثمَّ صَار مدرسا بسلطانية مغنيسا ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السلطا مرادخان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَكَّة المشرفة ثمَّ صَار قَاضِيا بِمصْر المحروسة وَتُوفِّي وَهُوَ قَاض بهَا فِي سنة ارْبَعْ وَخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا وقورا صبورا سليم الطَّبْع صَحِيح العقيدة ثَابتا على الْحق لَا يخَاف فِي الله لومة لائم وَكَانَ فِي قَضَائِهِ مرضِي السِّيرَة مَحْمُود الطَّرِيقَة روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى حسام الدّين حُسَيْن جلبي اخو الْمولى حسن جلبي القراصيوي الْمَار ذكره قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى خير الدّين معلم سلطاننا الاعظم ثمَّ صَار مدرسا بسلطانية مغنيسا ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان وَتُوفِّي وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة سبع واربعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما ذكيا وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم وَله نِسْبَة خَاصَّة بالعلوم الْعَقْلِيَّة روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى كَمَال الدّين الشهير بِكَمَال جلبي قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى حسام جلبي وَصَارَ معيدا لدرسه ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ازنيق ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة اورخان ببروسه ثمَّ صَار قَاضِيا بدار السَّلَام بِبَغْدَاد وَتُوفِّي وَهُوَ قَاض بهَا فِي سنة سبع وَخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا سليم الطَّبْع حَلِيم النَّفس وقورا صبورا طَالبا للخير وَالصَّلَاح وَكَانَ كريم الاخلاق صَحِيح العقيدة روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه

ومنهم العالم الفاضل المولى امير حسن جلبي ابن السيد علي جلبي

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى امير حسن جلبي ابْن السَّيِّد عَليّ جلبي قَرَأَ على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى الشهير بكدبك حسام وَالْمولى حسن جلبي الشهير بِابْن الطباخ وَالْمولى الشهير بمعمار زَاده وَالْمولى الْوَالِد ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْكَامِل عبد القادر الشهير بقادري جلبي ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير دَاوُد باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مصطفى باشا بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَار مدرسا بسلطانية قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة اياصوفيه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثَانِيًا وَعين لَهُ كل يَوْم سَبْعُونَ درهما وَمَات فِي سنة سبع وَخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ عَالما ذكيا صَحِيح العقيدة مهتما فِي مصَالح اصدقائه وَكَانَ لذيذ الصُّحْبَة صَاحب بشاشة وَكَانَ كريم النَّفس سخيا وَكَانَ أهل مروأة وفتوة روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد ابْن الْوَزير مصطفى باشا قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة وَالِده بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بسلطانية بروسه وَتُوفِّي وَهُوَ مدرس بهَا بعدالاربعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا اديبا لبيبا مهيبا وقورا حَلِيمًا جيد القريحة مُسْتَقِيم الطَّبْع وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم وَتُوفِّي وَهُوَ شَاب رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد ابْن الْمولى الْفَاضِل خير الدّين معلم سلطاننا الاعظم السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مصطفى باشا بِمَدِينَة قسطنطينية وَتُوفِّي فِي سنّ الشَّبَاب حِين كَونه مدرسا بهَا سنة ثَلَاث واربعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله سليم الطَّبْع كريم النَّفس محبا للخير وَأَهله وَكَانَ مشتغلا بِنَفسِهِ لَا يُؤْذِي احدا من النَّاس روح الله تَعَالَى روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى فرج خَليفَة القراماني قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل خير الدّين معلم سلطاننا الاعظم السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار

ومنهم العالم الفاضل المولى شمس الدين احمد اللازمي من بلاد كرميان المعروف بشمس الاصغر

مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ القلندرية بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة جورلي ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان مَاتَ وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة ارْبَعْ وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى لطيف الطَّبْع ظريف النَّفس لذيذ الصُّحْبَة جيد النادرة حسن المحاضرة نور الله تَعَالَى مرقده وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى شمس الدّين احْمَد اللازمي من بِلَاد كرميان الْمَعْرُوف بشمس الاصغر قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل خير الدّين معلم السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة جندبك بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الافضلية بقسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مصطفى باشا فِيهَا ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مَحْمُود باشا فِيهَا ثمَّ صَار مدرسا بسلطانية بروسه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان سليم خَان بِمَدِينَة قسطنطينية وَهُوَ أول مدرس بهَا وَتُوفِّي وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة سبع وَخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا محققا مدققا مشتغلا بِالْعلمِ والدرس وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى شمس الدّين احْمَد البروسوي قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل عَلَاء الدّين عَليّ الجمالي الْمُفْتِي ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة عِيسَى بك بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ابْنه كول وَتُوفِّي وَهُوَ مدرس بهَا بِمَدِينَة قسطنطينية فِي أَوَائِل سلطنة سلطاننا الاعظم كَانَ رَحمَه الله عَالما مشتغلا بِالْعلمِ الشريف آنَاء اللَّيْل وأطراف النَّهَار وَكَانَ اشْتِغَاله بِالْعلمِ والمجاهدة فِيهِ فَوق مَا يُوصف وَقد حل بقوته الفكرية كثيرا من غوامض الْعُلُوم وَكَانَت لَهُ تعليقات كَثِيرَة على الْكتب الا انها قد ضَاعَت بعد وَفَاته تغمده الله بغفرانه وأسبل عَلَيْهِ حلل رضوانه

ومنهم العالم الفاضل المولى عبد الرحمن بن يونس الامام

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى عبد الرَّحْمَن بن يُونُس الامام قَرَأَ على عُلَمَاء عصره حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل سَيِّدي محيي الدّين القوجوي ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس وَتُوفِّي فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ عَالما ذكيا قوي الفطنة جيد القريحة وَكَانَت لَهُ نِسْبَة خَاصَّة بِعلم الْكَلَام وَكَانَ قد حل غوامضه وحقق مطالعته قَلما رَأَيْت فِي هَذِه الْعُلُوم من وصل الى تَحْقِيقه وَكَانَ لذيذ الصُّحْبَة حسن المحاورة لطيف المحاضرة وَقد قتل شَهِيدا نور الله تَعَالَى مضجعه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى عبد الْكَرِيم الويزوي قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل ابْن كَمَال باشا الْمُفْتِي ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة جورلي ثمَّ صَار مدرسا ومفتيا بسلطانية مغنيسا وَتُوفِّي وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة احدى وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا قوي الطَّبْع شَدِيد الذكاء لطيف المحاورة حسن المحاضرة لذيذ الصُّحْبَة وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم كلهَا نور الله تَعَالَى قَبره وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى شمس الدّين احْمَد ولد رَحمَه الله تَعَالَى فِي بَلْدَة بولِي الشهير بِالْقَافِ قَرَأَ على عُلَمَاء عصره حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل الْمولى قدري جلبي القَاضِي بالعسكر فِي ولَايَة اناطولي ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير دَاوُد باشا بقسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مصطفى باشا فِيهَا ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بأدرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بأدرنه ثمَّ صَار قَاضِيا بِدِمَشْق الشَّام ثمَّ عزل عَن ذَلِك وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما بطرِيق التقاعد وَمَات على تِلْكَ الْحَال فِي سنة خمس وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله طيب النَّفس كريم الاخلاق محبا للْعلم وَأَهله وَكَانَ حسن السمت صَحِيح العقيدة روح الله تَعَالَى روحه

ومنهم العالم الفاضل المولى سعد الدين جلبي الاقشهري

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى سعد الدّين جلبي الاقشهري قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْفَاضِل محيي الدّين الفناري ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل خير الدّين معلم سلطاننا الاعظم السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة دِيمَة توقه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير إِبْرَاهِيم باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة فلبه ثمَّ صَار معلما للسُّلْطَان مُحَمَّد بن سلطاننا الاعظم السُّلْطَان سُلَيْمَان وَلما توفّي السُّلْطَان مُحَمَّد خَان صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار مدرسا ومفتيا ببلدة اماسيه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة السُّلْطَان مرادخان ببروسه وَتُوفِّي وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة سبع وَخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما محققا صَاحب عفة وَصَلَاح وديانة وتقوى وَكَانَ عابدا زاهدا متشرعا متورعا صَحِيح العقيدة مُسْتَقِيم الطَّرِيقَة حسن الاخلاق سليم الطَّبْع وَكَانَ لَهُ حَظّ وافر من طَريقَة الصُّوفِيَّة روح الله روحه وَزَاد فِي غرف الْجنان فتوحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى خير الدّين حضر الشهير بِخَير الدّين الاصغر ولد ببلدة انقره وَقَرَأَ على عُلَمَاء عصره حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل سعدي بن التاجي ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْمولى ابْن الْحَاج حسن بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة اسكوب ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة جورلي وَتُوفِّي وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا كَامِلا متواضعا متخشعا لذيذ الصُّحْبَة حسن المحاورة لطيف النادرة وَكَانَ خَفِيف الرّوح قَادِرًا على النّظم بِالْعَرَبِيَّةِ والفارسية والتركية والنثر روح الله تَعَالَى روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى عبد الرَّحْمَن ابْن الشَّيْخ كَمَال من ولَايَة بوي آباد الْمَشْهُور بِابْن الشَّيْخ كَانَ ابوه من خلفاء الشَّيْخ تَاج الدّين من مَشَايِخ الطَّرِيقَة الزينية قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى الْفَاضِل سَيِّدي مَحْمُود القوجوي وَالْمولى الْفَاضِل مُحَمَّد بن حسن الساميسوني ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ اخْتَار الْعُزْلَة وَعين لَهُ كل يَوْم خَمْسَة عشر درهما بطرِيق التقاعد وعاشر الْمَشَايِخ وَانْقطع الى الله

ومنهم العالم الفاضل المولى حسن القراماني من بلدة بك شهري

تَعَالَى وَترك صُحْبَة أهل الدُّنْيَا وَتُوفِّي رَحمَه الله فِي سنة سبع وَخمسين وَتِسْعمِائَة وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم كلهَا وَكَانَ ماهرا فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة والنقلية وَكَانَت لَهُ يَد طولى فِي تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَكَانَ متصفا بالاخلاق الحميدة وَكَانَ سليم النَّفس كريم الطَّبْع وَكَانَ لَا يذكر احدا بِسوء وَكَانَ يحب لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ وَكَانَ مَحْمُود الطَّرِيقَة مرضِي السِّيرَة وَكَانَ بارا صَدُوقًا قانعا بِالْقَلِيلِ تقيا نقيا ورعا زاهدا صَالحا عابدا رَاضِيا من الْعَيْش بِالْقَلِيلِ روح الله تَعَالَى روحه وأوفر فِي فراديس الْجنان فتوحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى حسن القراماني من بَلْدَة بك شَهْري قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْحميدِي ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة من بروسه ثمَّ صَار قَاضِيا بعدة من الْبِلَاد وَمِنْهَا بَلْدَة غلطه وبلدة طرابلس وسلانيك ثمَّ عمي وَعين لَهُ كل كل يَوْم اربعون درهما بطرِيق التقاعد وَتُوفِّي بِمَدِينَة قسطنطينية فِي سنة تسع وَخمسين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا عَارِفًا بالتفسير والْحَدِيث والعربية والاصولين وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي سَائِر الْعُلُوم وَكَانَت لَهُ يَد طولى فِي الْفِقْه وَكَانَ صَاحب ثروة عَظِيمَة وَكَانَ خيرا دينا وَكَانَ حسن السمت فِي قَضَائِهِ وَكَانَ لَا يذكر احدا بالسوء رَحْمَة الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى الشهير بِابْن الْحَكِيم محيي الدّين قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره وَكَانَ مَقْبُولًا عِنْدهم ومشتهرا بِالْفَضْلِ بَين اقرانه ثمَّ صَار قَاضِيا بعدة من الْبِلَاد وَكَانَ مَحْمُود السِّيرَة فِي قَضَائِهِ ثمَّ صَار قَاضِيا بِالْمَدِينَةِ المنورة شرفها الله تَعَالَى وَصلى على ساكنها وَمَات وَهُوَ قَاض بهَا فِي عشر الْخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا لطيف الطَّبْع ذكيا حسن السمت طيب الاخلاق محبا للخير وَبنى مدرسة بِمَدِينَة قسطنطينية روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى عبد الحي بن عبد الكريم بن عَليّ بن الْمُؤَيد قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا باماسيه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير مصطفى باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار قَاضِيا بعدة من الْبِلَاد

ومنهم العالم العامل الفاضل الكامل المولى سنان الدين يوسف

ثمَّ رغب فِي التصوف وَاعْتَزل عَن منصب الْقَضَاء وتقاعد مُدَّة ثمَّ اعيد الى الْقَضَاء جبرا وَصَارَ قَاضِيا ببلدة آمد ثمَّ صَار قَاضِيا بوطنه وَهِي بَلْدَة اماسيه ثمَّ ترك الْقَضَاء ولازم بَيته وَمَات هُنَاكَ كَانَ رَحمَه الله كريم الطَّبْع سخي النَّفس محبا للخير واهله وَكَانَت لَهُ معرفَة تَامَّة بِالْعَرَبِيَّةِ وَالْفِقْه والْحَدِيث وَالتَّفْسِير وَكَانَ يكْتب خطا حسنا وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ حسن العقيدة مَقْبُول الطَّرِيقَة مرضِي السِّيرَة وَكَانَ أَبوهُ عبد الكريم صَاحب نادرة وَمَعْرِفَة بالتواريخ والاخبار وَكَانَ كَاتبا جيدا يكْتب الْخط الْحسن الْمليح جدا روح الله تَعَالَى روحهما وأوفر فِي الْجنَّة فتوحهما وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى سِنَان الدّين يُوسُف كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى اصله من ولَايَة قراصي وَقَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ رغب فِي التصوف وَحصل طَريقَة الصُّوفِيَّة ثمَّ شرع فِي الْوَعْظ والتذكير فِي جَامع ادرنه ثمَّ فِي جَامع السُّلْطَان مُحَمَّد بن سلطاننا الاعظم سُلَيْمَان خَان بِمَدِينَة قسطنطينية كَانَ عَالما بِالْعَرَبِيَّةِ وماهرا فِي التَّفْسِير والْحَدِيث وَكَانَ عابدا زاهدا صَالحا مبارك النَّفس حَلِيمًا وقورا صبورا صَاحب شيبَة عَظِيمَة تتلألأ انوار الصّلاح من جَبينه توفّي رَحمَه الله تَعَالَى بِمَدِينَة قسطنطينية فِي سنة خمس وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى بدر الدّين مَحْمُود الايديني قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ انْقَطع عَن النَّاس واشتغل بِالْعلمِ الشريف وَالْعِبَادَة ثمَّ نصب مدرسا بِنَقْل التَّفْسِير والْحَدِيث وَكَانَ لَهُ بَاعَ وَاسع فِي الْعَرَبيَّة وَالتَّفْسِير والْحَدِيث وَكَانَ لَهُ حَظّ من الاصول وَالْفُرُوع وَكَانَ عَالما نَافِعًا وانتفع بِهِ كثير من النَّاس وَكَانَ مشتغلا بِنَفسِهِ معرضًا عَن ابناء الزَّمَان محبا للخير وَأَهله وَكَانَ لَهُ ذهن رائق وطبع مُسْتَقِيم وَكَانَ لَا يَخْلُو عَن المطالعة والافادة توفّي وَهُوَ مدرس بمدرسة الْوَزير مُحَمَّد باشا بِمَدِينَة قسطنطينية فِي سنة سِتّ وَخمسين وَتِسْعمِائَة روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ الايديني قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ تقاعد

ومنهم العالم الفاضل المولى شمس الدين محمد بن عمر بن أمر الله ابن الشيخ العارف بالله تعالى الشيخ اق شمس الدين قدس الله سره العزيز

ودرس بمدرسة عينت لنقل التَّفْسِير والْحَدِيث فَانْقَطع عَن النَّاس واشتغل بِالْعلمِ وَالْعِبَادَة والتدريس والافادة وانتفع بِهِ كثير من الانام وَمن الْخَواص والعوام توفّي رَحمَه الله تَعَالَى سنة ثَمَان وَخمسين وَتِسْعمِائَة نور الله تَعَالَى مرقده وَفِي غرف جنانه أرقده وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى شمس الدّين مُحَمَّد بن عمر بن أَمر الله ابْن الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ اق شمس الدّين قدس الله سره الْعَزِيز قَرَأَ على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى فَخر الدّين بن إسْرَافيل وَالْمولى الْوَالِد وَالْمولى محيي الدّين الفناري وَالْمولى عبد الْقَادِر القَاضِي بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة اناطولي ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بِالْمَدْرَسَةِ الحجرية بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار معلما للسُّلْطَان سليم خَان ابْن سلطاننا الاعظم السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان أيد الله سلطنته وأدام دولته ثمَّ توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة تسع وَخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ عَالما فَاضلا ذكيا وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم وَكَانَت لَهُ تعليقات على مَوَاضِع مشكلة وَكَانَ لطيف الطَّبْع لذيذ الصُّحْبَة حسن السمت مَقْبُول الطَّرِيقَة محبا لأهل الْخَيْر وَالصَّلَاح وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنّ الشَّبَاب وَلَو عَاشَ لظهرت مِنْهُ آثَار حَسَنَة نور الله تَعَالَى قَبره وضاعف اجره وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى خير الدّين كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى اصله من ولَايَة قسطموني قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى الْفَاضِل عبد الرحمن وَهُوَ خَال هَذَا الْفَقِير جَامع هَذِه المناقب وَالْمولى الْفَاضِل عبد اللطيف وَالْمولى الْفَاضِل مُحَمَّد شاه ابْن الْحَاج حسن وَالْمولى الْفَاضِل وَالِد هَذَا الْفَقِير وَالْمولى الْفَاضِل سعد الدّين ابْن عِيسَى الْمُفْتِي ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار معلما لبَعض ابناء سلطاننا الاعظم ثمَّ توفّي فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى محبا للْعلم وَأَهله وَكَانَ حسن السمت مَقْبُول الطَّرِيقَة يحب لاخيه مَا يحب لنَفسِهِ وَكَانَ كريم الاخلاق طَاهِر اللِّسَان روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى بخشى

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى بخشى كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى اصله من كورة النّحاس وَقَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل شُجَاع الدّين البوي آبادي ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار معلما للسُّلْطَان سليم خَان ابْن سلطاننا الاعظم السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان أيد الله دولته وأيد شوكته توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة احدى وَخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما صَالحا مُسْتَقِيم الطَّبْع جيدالقريحة وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم وَكَانَ مشتغلا بِنَفسِهِ معرضًا عَن احوال الدُّنْيَا محبا لاهل الْخَيْر وَالصَّلَاح نور الله تَعَالَى قَبره وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْمولى جَعْفَر المنتشوي قَرَأَ على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل عبد القادر القَاضِي بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة اناطولي ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار معلما للسُّلْطَان بايزيد ابْن سلطاننا الاعظم السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان اعز الله انصاره ثمَّ توفّي وَهُوَ ذَاهِب الى الْحَج فِي سنة ارْبَعْ وَسِتِّينَ وتسعمائه كَانَ عَالما مُسْتَقِيم الطَّبْع جيد القريحة سليم النَّفس صبورا وقورا محبا لاهل الْخَيْر وَالصَّلَاح وَكَانَ مشتغلا بِنَفسِهِ معرضًا عَن التَّعَرُّض لابناء جنسه نور الله قَبره وضاعف اجره وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل وَالْمولى الْكَامِل درويش مُحَمَّد كَانَت امهِ بنت الْعَالم الْفَاضِل الْمولى سِنَان باشا قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْعَالم الْفَاضِل الْمولى ابْن كَمَال باشا ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بادرنه مَاتَ وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا سليم النَّفس مُسْتَقِيم الطبيعة محبا للخير وَأَهله ملازما لمطالعة الْكتب وَتَحْصِيل الْعُلُوم روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى مصلح الدّين مصطفى ابْن الْمولى سَيِّدي المنتشوي قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْعَالم الْفَاضِل

ومنهم العالم الفاضل المولى سعد الله المشتهر بابن شيخ شاذيلو

ابْن كَمَال باشا ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمِدْرَاس ثمَّ صَار مدرسا باحدى المدرستين المتجاورتين بِمَدِينَة ادرنه مَاتَ وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة ارْبَعْ وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله جيد القريحة مُسْتَقِيم الطَّبْع ملازما لمطالعة الْكتب والعلوم وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم نور الله تَعَالَى قَبره وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى سعد الله المشتهر بِابْن شيخ شاذيلو قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْعَالم الْفَاضِل الْمولى الْوَالِد روح الله روحه وَصَارَ معيدا لدرسه ثمَّ صَار مدرسا بِبَعْض الْمدَارِس ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْحَاج حسن بِمَدِينَة قسطنطينية وَتُوفِّي وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة احدى وَخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا جيد القريحة سليم الطَّبْع مُسْتَقِيم الخاطر وَكَانَ صَالحا عابدا وَكَانَ على الْفطْرَة الاسلامية صَحِيح القعيدة بَعيدا عَن الْبِدْعَة محبا لاهل الْخَيْر وَالصَّلَاح روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى عبد الكريم بن عبد الوهاب ابْن الْمولى الْعَالم الْفَاضِل عبد الكريم قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى الْفَاضِل سعد الله ابْن عِيسَى القَاضِي بِمَدِينَة قسطنطينية اولا ثمَّ الْمُفْتِي بهَا كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا وَكَانَ لَهُ اشْتِغَال عَظِيم بالعلوم واهتمام تَامّ بتحصيل المعارف وَكَانَت لَهُ مُشَاركَة فِي الْعُلُوم وَكَانَ ماهرا فِي الْعُلُوم الادبية وَالتَّفْسِير والعقلية وَكَانَ صَالحا نَشأ على الْعِفَّة وَالصَّلَاح وَتُوفِّي وَهُوَ شَاب فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة وَلَو عَاشَ لَكَانَ لَهُ شَأْن عَظِيم فِي الْعُلُوم نور الله تَعَالَى قَبره وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى الشريف مير عَليّ البُخَارِيّ قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ببخارى وسمرقند وَحصل طرفا صَالحا من الْعُلُوم ثمَّ اتى بلادالروم فِي زمن سلطاننا الاعظم السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان وَعين لَهُ كل يَوْم ثَلَاثِينَ درهما من جوالي مصر وَسكن هُنَاكَ مُدَّة ثمَّ اتى مَدِينَة قسطنطينية وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى بهَا فِي سنة خمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما عَاملا فَاضلا اديبا لبيبا وَكَانَ لَهُ حَظّ وافر من الْعُلُوم الْعَرَبيَّة والعقلية والشرعية وَكَانَ عَالما بِعلم

ومنهم العالم الفاضل المولى حسام الدين حسين النقاش العجمي

التَّفْسِير والْحَدِيث وَكَانَ يكْتب خطا حسنا وَله شرح لطيف على الْفَوَائِد الغياثية من علم البلاغة للعلامة عضد الدّين رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى حسام الدّين حُسَيْن النقاش العجمي ولد رَحمَه الله تَعَالَى بتبريز وَقَرَأَ على عُلَمَاء عصره وَسمعت مِنْهُ انه رأى الْعَلامَة الدواني وغياث الدّين مَنْصُور اجْتمع مَعَ الْعَلامَة الدواني فِي مجْلِس ملك تبريز وَأَرَادَ الْمولى غياث الدّين ان يباحث مَعَ الْمولى الدواني ليتشرف بذلك عِنْد أقرانه وَقَالَ الْملك للعلامة الدواني هَذَا مُشِيرا الى غياث الدّين اراد ان يتَكَلَّم مَعكُمْ فِي بعض المباحث فَقَالَ الْعَلامَة الدواني يتَكَلَّم مَعَ الاصحاب وَنحن نتشرف باستماع كَلَامهم وَلم يتنزل الى المباحثة مَعَه ثمَّ ان الْمولى حُسَيْن الْمَزْبُور اتى بِلَاد الرّوم فِي زمن السُّلْطَان بايزيدخان وقرا على الشَّيْخ مظفر الدّين الشرواني وعَلى الْمولى يَعْقُوب ابْن سَيِّدي عَليّ شَارِح الشرعة ثمَّ سَافر مَعَ الْمولى ادريس الى الْحجاز فِي آخر سلطنة السُّلْطَان بايزيدخان وجاور بِمَكَّة المشرفة الى سنة خمس وَخمسين وَتِسْعمِائَة ثمَّ اتى مَدِينَة قسطنطينية وَعين لَهُ كل يَوْم خَمْسَة عشر درهما ثمَّ اعطي مدرسة هُنَاكَ وَعين لَهُ كل يَوْم عشرُون درهما وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة ارْبَعْ وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا لَهُ حَظّ عَظِيم من الْعُلُوم سِيمَا علم التَّفْسِير والْحَدِيث وَكَانَ شَافِعِيّ الْمَذْهَب وَكَانَ قد حفظ من الاحاديث والتواريخ ومناقب الْعلمَاء شيأ كثيرا وَله شرح على قصيدة الْبردَة اجاد فِيهِ كل الاجادة وَله رِسَالَة فِي الادب فِي غَايَة الْحسن واللطافة وَله غير ذَلِك من الرسائل والفوائد روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى مهْدي الشِّيرَازِيّ الْمَشْهُور بفكاري قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى ببلدة شيراز على الْمولى غياث الدّين مَنْصُور ابْن الْمولى الْفَاضِل صدر الدّين الْحُسَيْنِي وَحصل هُنَاكَ عُلُوم الْعَرَبيَّة باسرها وَقَرَأَ علم الْكَلَام والمنطق وَالْحكمَة وأتقنها وأحكمها ثمَّ أَتَى بِلَاد الرّوم وَقَرَأَ رَحمَه الله على الْمولى محيي الدّين مُحَمَّد الفناري ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة خواجه خير الدّين بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ديمهتوقه

ومنهم العالم الفاضل المولى سعيي وقد اشتهر بهذا اللقب ولم نعرف اسمه

ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير بيري باشا بقصبة سيلوري ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة فلبه وَمَات وَهُوَ مدرس بهَا فِي سنة سبع اوست وَخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا اديبا لبيبا مشتغلا بِالْعلمِ غَايَة الِاشْتِغَال لَيْلًا وَنَهَارًا وَكَانَت لَهُ مهارة تَامَّة فِي علم البلاغة وَله تعليقات على الْكَشَّاف وَتَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَشرح التَّلْخِيص وحاشية شرح التَّجْرِيد وَله مهارة تَامَّة فِي الانشاء بِالْعَرَبِيَّةِ وَكَانَ فصيحا بليغا متينا فِي كَلَامه وَله نظم بِالْفَارِسِيَّةِ والعربية نظما مَقْبُولًا عِنْد أَهله وَرَأَيْت لَهُ قصيدة بليغة بِالْعَرَبِيَّةِ فِي غَايَة الْحسن وَالْقَبُول وَكَانَ يكْتب خطا حسنا وَكَانَ سريع الْكِتَابَة روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى سعيي وَقد اشْتهر بِهَذَا اللقب وَلم نَعْرِف اسْمه قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى على عُلَمَاء عصره وَحصل طرفا صَالحا من كل علم وتمهر فِي الْعَرَبيَّة والفارسية وَالتَّفْسِير والْحَدِيث وَكَانَ ينظم الاشعار البليغة بِالْعَرَبِيَّةِ والفارسية والتركية وينشيء الرسائل البليغة بالالسنة الْمَذْكُورَة وَتُوفِّي فِي اوائل سلطنة سلطاننا الاعظم السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى اديبا لبيبا حَلِيمًا كَرِيمًا نَصبه السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان معلما لخدمة بدار السلطنة ولازم تعليمهم وَتخرج بتربيته كثير مِنْهُم ولازم بَيته وتربية الْمَذْكُورين بعفة وَصَلَاح وديانة وَكَانَ لذيذ الصُّحْبَة حسن النادرة لطيف المحاضرة وَكَانَ يحب لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى قَاسم كَانَ من عبيد السلطان مُحَمَّد خَان قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره وَحصل الْعُلُوم كلهَا ثمَّ لَازم خدمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه ابْن الْوَفَاء قدس سره ثمَّ ركز عندالسلطان بايزيدخان ونصبه معلما لخدامه لعلمه وصلاحه وعفته وديانته ولازم تعليمهم وَحصل بتربيته كثير مِنْهُم وَكَانَ ملازما لبيته ولتعليم الْمَذْكُورين توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي اوائل سلطنة سلطاننا الاعظم السُّلْطَان سليم خَان وَكَانَ لَهُ خطّ حسن جدا وَكَانَ سريع الْكِتَابَة وَكَانَ يحب لاخيه مَا يحب لنَفسِهِ وَكَانَت سرعَة كِتَابَته بِحَيْثُ لَو

ومنهم العالم الفاضل المولى الشهير بابن المكحل

وصفت سرعته فِي الْكِتَابَة لربما لم يصدق السَّامع وَكَانَ جميل الصُّورَة طَوِيل الْقَامَة جدا اديبا لبيبا صبورا وقورا حَلِيمًا كَرِيمًا وفيا سخيا روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى الشهير بِابْن المكحل قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ صَار قَاضِيا بِبَعْض الْبِلَاد ثمَّ صَار خَطِيبًا بِجَامِع السُّلْطَان مُحَمَّد خَان بِمَدِينَة قسطنطينية وَتُوفِّي وَهُوَ خطيب بهَا فِي اوائل سلطنة سلطاننا الاعظم كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما بالعلوم الْعَرَبيَّة وعلوم الْقرَاءَات وَكَانَ خَطِيبًا بليغا فصيحا ينشئ الْخطب البليغة وَكَانَ الْخَواص والعوام يحترمونه لعلمه وصلاحه وَكَانَ كريم النَّفس مرضِي السِّيرَة مَحْمُود الطَّرِيقَة روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى محيي الدّين الشهير بِابْن العرجون كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى وَالِده عَالما فَاضلا عَارِفًا بالقراءات منتسبا الى طَريقَة الصُّوفِيَّة وَقَرَأَ هُوَ فِي حَيَاة وَالِده الْعُلُوم الْعَرَبيَّة وَحصل عُلُوم الْقرَاءَات وَكَانَ حسن الصَّوْت طيب الالحان وَنصب خَطِيبًا بِجَامِع السُّلْطَان بايزيدخان بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار خَطِيبًا بِجَامِع أياصوفيه وَتُوفِّي وَهُوَ خطيب بهَا فِي سنة ثَمَان واربعين وَتِسْعمِائَة كَانَ سليم النَّفس مَحْمُود الاخلاق وَكَانَ جيد المحاورة حسن المحاضرة عالي الهمة مشتغلا بِنَفسِهِ معرضًا عَن احوال ابناء الزَّمَان وَكَانَ مكرما عِنْد الْخَواص والعوام رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى بير مُحَمَّد قَرَأَ رَحمَه الله تَعَالَى على عُلَمَاء عصره الْعُلُوم الْعَرَبيَّة وعلوم الْقرَاءَات وَمهر فِيهَا وَكَانَ حسن التِّلَاوَة مَحْمُود الطَّرِيقَة مجودا وَكَانَ خطيب بِجَامِع السُّلْطَان بايزيد خَان بِمَدِينَة قسطنطينية ومدرسا بدار الْقُرَّاء الَّتِي بناها الْمولى الْفَاضِل الكوراني وَتُوفِّي فِي سنة اثْنَتَيْنِ واربعين وَتِسْعمِائَة نور الله تَعَالَى قَبره وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْحَكِيم سِنَان الدّين يُوسُف قَرَأَ فِي اول عمره على عُلَمَاء عصره ثمَّ رغب فِي الطِّبّ وَقَرَأَ على الْحَكِيم

ومنهم العالم الفاضل الحكيم عيسى الطبيب

محيي الدّين ثمَّ نصب طَبِيبا مارستان ادرنه ومارستان قسطنطينية ثمَّ جعل طَبِيبا للسُّلْطَان سليم خَان وَهُوَ امير على بَلْدَة طرابوزان وَلما جلس السُّلْطَان سليم خَان على سَرِير السلطنة جعله طَبِيبا لدار السلطنة ثمَّ جعله سلطاننا الاعظم رَئِيسا للأطباء ودام على ذَلِك الى ان توفّي فِي سنة احدى وَخمسين وَتِسْعمِائَة وَسَأَلته عَن مُدَّة عمره قبيل مَوته بِشَهْر اَوْ شَهْرَيْن فَأخْبر ان سنه مائَة أَو أَكثر بِسنتَيْنِ وَمَعَ ذَلِك لم يتَغَيَّر عقله الا انه ظهر فِي يَدَيْهِ رعشة فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ انها عَن ضعف الدِّمَاغ فتعجبت من اخباره عَن ضعف الدِّمَاغ مَعَ مَا لَهُ من كَمَال الادراك والفهم كَانَ رَحمَه الله عَالما صَالحا عابدا سليم الطَّبْع حَلِيم النَّفس صَحِيح العقيدة مشتغلا بِنَفسِهِ معرضًا عَن احوال أَبنَاء الدُّنْيَا وَكَانَ لَا يذكر احدا بِسوء وَكَانَ رجلا طَبِيبا مُبَارَكًا وَكَانَ لَهُ احْتِيَاط عَظِيم فِي معالجاته لقُوَّة صَلَاحه وديانته روح الله تَعَالَى روحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْحَكِيم عِيسَى الطَّبِيب قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ رغب فِي الطِّبّ وتمهر فِيهِ واشتهر بِالْبركَةِ فِي المعالجات ثمَّ نصب طَبِيبا بمارستان أدرنه وقسطنطينية ثمَّ صَار طيبا بدار السلطنة ثمَّ توفّي فِي سنة هُنَا بَيَاض بِالْأَصْلِ وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله رجلا صَالحا صَحِيح العقيدة متصفا بصلاح النَّفس وكرم الاخلاق مملوءا بِالْخَيرِ من فرقه الى قدمه محبا للْفُقَرَاء والصلحاء ومراعيا للضعفاء وَالْمَسَاكِين رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل عُثْمَان الطَّبِيب كَانَ رَحمَه الله اصله من ولَايَة الْعَجم وأتى بِلَاد الرّوم فِي زمن السُّلْطَان سليم خَان ونصبوه طَبِيبا بدار السلطنة وَكَانَ خيرا دينا صَالحا عفيفا كريم الاخلاق توفّي رَحمَه الله سنة (هُنَا بَيَاض بالاصل) وَتِسْعمِائَة روح الله روحه وَنور ضريحه

ومنهم العالم الفاضل الكامل المولى يحيى جلبي ابن امين نور الدين طيب الله تعالى ثراه وجعل الجنة مثواه المشهور بين الناس بامين زاده

وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى يحيى جلبي ابْن امين نور الدّين طيب الله تَعَالَى ثراه وَجعل الْجنَّة مثواه الْمَشْهُور بَين النَّاس بامين زَاده ولد رَحمَه الله تَعَالَى بِمَدِينَة قسطنطينية وَكَانَ ابوه من امراء الدولة العثمانية وَنَشَأ هُوَ فِي صباه فِي نواحي بروسه ثمَّ غلب عَلَيْهِ حب الْكَمَال واشتغل بِالْعلمِ وَكَانَ صَاحب كَمَال وجمال قَرَأَ على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى ابْن الْمُؤَيد وَالْمولى كَمَال باشا زَاده حَتَّى وصل الى خدمَة من تفوق علمه على عُلَمَاء أقرانه وزهده على زهداء زَمَانه وَهُوَ الْمولى الْفَاضِل مَوْلَانَا عَليّ جلبي ابْن احْمَد بن مُحَمَّد الجمالي والمفتي مَدِينَة قسطنطينية فاشتغل هُنَاكَ غَايَة الِاشْتِغَال ثمَّ صَار معيدا لدرسه فِي مدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة قَاسم باشا بِمَدِينَة بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة الْوَزير إِبْرَاهِيم باشا بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة جورلي ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة دَار الحَدِيث بأدرنه ثمَّ صَار مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار مدرسا بمرادية بروسه ثمَّ صَار مدرسا بمدرسة ايا صوفية ثمَّ صَار مدرسا ثَانِيًا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ صَار قَاضِيا بِمَدِينَة بَغْدَاد ثمَّ عزل عَن ذَلِك وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما بطرِيق التقاعد ثمَّ أعطَاهُ سلطاننا الاعظم والخاقان الْمُعظم السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان مدرسة دَار الحَدِيث الَّتِي بناها بِمَدِينَة قسطنطينية المحمية عافاها الله تَعَالَى من البلية وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم مَاتَ فِي سنة ارْبَعْ وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَلَيْهِ زاهدا عَالما صَاحب أدب ووقار وَمَا رَأَيْت مِنْهُ شيا بِخِلَاف الادب وَكَانَ أبعد النَّاس من ذكر مساوئ النَّاس وَكَانَ لَا يذكر اُحْدُ بِسوء فِي مَجْلِسه وَكَانَ يُرَاعِي آدَاب الشَّرَائِع فِي جَمِيع أَحْوَاله وَمَا رَأَيْت احدا يُرَاعِي ادبا مثله وَكَانَ صارفا أوقاته فِيمَا يهمه ويعنيه ومتجنبا عَن اللَّغْو وَاللَّهْو وَلم يسمع مِنْهُ مَعَ طول صحبته اخواننا كلمة فِيهَا رَائِحَة الْكَذِب أصلا وَلَا كلمة فحش وَكَانَ طَاهِرا ظَاهرا وَبَاطنا خاضعا خَاشِعًا محبا للْعُلَمَاء والصلحاء والفقراء والغرباء وَكَانَت لَهُ معرفَة تَامَّة بالتفسير وأصول الْفِقْه والعلوم الادبية بأنواعها قَلما يَقع التفاته الى الْعَقْلِيَّة مَعَ مشاركته النَّاس فِيهَا لَا سِيمَا

ومن مشايخ الطريقة في زمانه الشيخ العارف بالله تعالى عبد الكريم القادري الملقب بمفتي شيخ

فِي الحَدِيث والقصائد الْعَرَبيَّة وَكَانَ لَهُ تَحْرِير وَاضح والفاظ فصيحة وَكتب رسائل على بعض الْمَوَاضِع من تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَكتب رسائل على بعض الْمَوَاضِع من وقاية الدِّرَايَة وَكَانَ لَهُ إنْشَاء بِالْعَرَبِيَّةِ والفارسية فِي غَايَة الْحسن وَالْقَبُول وَكَانَ صَاحب محاضرة يعرف من التواريخ والمناقب كثيرا روح الله تَعَالَى روحه وأوفر فِي الْجنان فتوحه اللَّهُمَّ ارحمه وَارْحَمْ وَالِدي كَمَا ربياني صَغِيرا واجمع بيني وَبَين وَالِدي بلطفك انك مولى الاجابة فِي مُسْتَقر رحمتك يَا رَحْمَن يَا رَحِيم بِحرْمَة نبيك الْكَرِيم وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَمن مَشَايِخ الطَّرِيقَة فِي زَمَانه الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى عبد الْكَرِيم القادري الملقب بمفتي شيخ ولد رَحمَه الله تَعَالَى فِي قَصَبَة كرماستي وَقَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره وَحفظ الْقُرْآن الْعَظِيم وَكَانَ يقرا الْقُرْآن فِي زمَان اشْتِغَاله بِالْعلمِ فِي أَيَّام الْجمع بمحفل جَامع السَّيِّد البُخَارِيّ عَلَيْهِ رَحْمَة الْملك الْبَارِي بِمَدِينَة بروسه ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى بالي الاسود ثمَّ سلك مَسْلَك الصُّوفِيَّة فصحب الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشهير بامام زَاده ثمَّ قعد فِي زَاوِيَة اياصوفيه الصَّغِير بِمَدِينَة قسطنطينية واشتغل بارشاد المتصوفة وتفقه وَكَانَ قوي الْحِفْظ حفظ مسَائِل الْفِقْه وتمهر فِيهِ حَتَّى ان سلطاننا الاعظم السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان عين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم ونصبه مفتيا فَأفْتى النَّاس وَأظْهر مهارته فِي الْفِقْه وَكَانَ يعظ النَّاس وَيذكرهُمْ وَكَانَ لكَلَامه تَأْثِير عَظِيم فِي الْقُلُوب وَقد ملك كتبا كَثِيرَة يطالع فِيهَا كل وَقت ويحفظ مسائلها واذا قعد فِي الْخلْوَة الاربعينية كَانَ يرتاض رياضة قَوِيَّة شَدِيدَة وَكَانَ يفحر فِي الارض حُفْرَة كالقبر كَانَ يقْعد فِيهَا وَيُصلي وَلَا يخرج الى النَّاس حَتَّى حُكيَ عَنهُ انه كَانَ تتعطل حواسه جملَة من شدَّة رياضته وَبعد تَمام الْأَرْبَعين يخرج الى النَّاس ويعظهم وَيذكرهُمْ الى وَقت الْخلْوَة فِي السّنة الْقَابِلَة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى حُلْو المحاضرة كريم الاخلاق حَافِظًا لنوادر الاخبار وعجائب الْمسَائِل كَانَ متواضعا متخشعا يَسْتَوِي عِنْده الصَّغِير وَالْكَبِير واشتكيت اليه من النسْيَان فَدَعَا لي بِزَوَال النسْيَان وَقُوَّة الْحِفْظ وَقد شاهدت بعد ذَلِك الْوَقْت فِي نَفسِي تَفَاوتا كثيرا فِي الْقُوَّة الحافظة ويحكى عَنهُ كثير من الكرامات تركناها خوفًا من الاطناب

ومنهم العارف بالله تعالى الشيخ محمود جلبي

توفّي رَحمَه الله فِي سنة خمسين وَتِسْعمِائَة روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ مَحْمُود جلبي كَانَ رَحمَه الله ربيب الْمولى القريمي وَكَانَ مشتغلا بِالْعلمِ الشريف اولا ثمَّ رغب فِي طَرِيق التصوف وانتسب الى خدمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى السَّيِّد احْمَد البُخَارِيّ وَحصل عِنْده طَرِيق التصوف وأكملها وَتزَوج بنته وَلما مَاتَ السَّيِّد احْمَد البُخَارِيّ أَقَامَهُ مقَامه وَكَانَ عَالما عابدا اديبا لبيبا وقورا صَاحب حَيَاء وعفة وَكنت لَا أقدر على النّظر الى وَجهه الْكَرِيم لانعكاس حيائه الي وَكنت احضر مَجْلِسه وَكَانَ يقرا عِنْده كتاب المثنوي ويؤوله على طَريقَة الصُّوفِيَّة وَقَالَ لي يَوْمًا هَل لَك انكار على الصُّوفِيَّة قلت هَل يكون اُحْدُ ينكرهم قَالَ نعم قَالَ حكى لي السَّيِّد البُخَارِيّ انه كَانَ يقرا ببخارى على وَاحِد من عُلَمَاء عصره ثمَّ تَركه وَذهب الى خدمَة الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ الالهي وَكَانَ الشَّيْخ الالهي ايضا قد قرا على ذَلِك الْعَالم قَالَ وزار الشَّيْخ الالهي مَعَ السَّيِّد البُخَارِيّ يَوْمًا ذَلِك الْعَالم وَقَالَ ذَلِك الْعَالم للسَّيِّد البُخَارِيّ بِأَيّ شَيْء تشتغل قَالَ قلت تركت الِاشْتِغَال بِالْعلمِ فابرم عَليّ قَالَ قلت اشْتغل بمرصاد الْعباد قَالَ قَالَ ذَلِك الْعَالم تشتغل بِمثل ذَلِك الْكتاب وان اعقل الْعُقَلَاء هم الْحُكَمَاء وَقَالَ صَاحب ذَلِك الْكتاب فِي حَقهم ان الْحَكِيم كَافِر مُحَقّق قَالَ وَغَضب عَليّ وطردني وطرد الشَّيْخ من مَجْلِسه فَلَمَّا حكى الشَّيْخ مَحْمُود جلبي هَذِه الْحِكَايَة قلت الْمُنكر مبتلى بانكاره واما الْمُعْتَرف الْغَيْر السالك الى طريقهم أَفلا يكون حَاله أقبح من حَال المنكرين قَالَ لَا بل الِاعْتِرَاف يجذبه اخرا الى طَرِيق الْحق ثمَّ قلت انا نجد فِي بعض كتب التصوف شَيْئا يُخَالف ظَاهر الشَّرْع هَل يجوز لنا الانكار عَلَيْهِ قَالَ بل يجب عَلَيْكُم الانكار عَلَيْهِ الى ان يحصل لكم تِلْكَ الْحَالة بعد حُصُول تِلْكَ الْحَالة يظْهر لكم مُوَافَقَته للشَّرْع هَذَا مَا جرى بيني وَبَينه توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة (هُنَا بَيَاض فِي الاصل) وَتِسْعمِائَة قدس الله روحه الْعَزِيز وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ بيري خَليفَة الْحميدِي صَاحب مَعَ السَّيِّد البُخَارِيّ وَحصل عِنْده الطَّرِيقَة وَأَجَازَهُ للارشاد وَسكن بوطنه وَكَانَ عابدا زاهدا مُنْقَطِعًا عَن النَّاس بِالْكُلِّيَّةِ مُتَوَجها الى الله تَعَالَى ظَاهرا

ومنهم العارف بالله تعالى الشيخ حاجي خليفة المنتشوي

وَبَاطنا يرْوى انه كَانَ دَائِم الِاسْتِغْرَاق وَمن جملَة مناقبه انه أَتَى اليه رجل بجوز بطرِيق الْهَدِيَّة فَلم يقبلهَا وَلما تكدر الرجل من عدم قبُوله لَهَا قَالَ مظْهرا عذره اليه الْيَسْ وهبت هَذِه الشَّجَرَة من زَوجتك بَدَلا من مهرهَا فاعترف الرجل بذلك وتسلى توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة قدس الله سره الْعَزِيز وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ حاجي خَليفَة المنتشوي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من طلبة الْعلم اولا ثمَّ ترك طَريقَة الْعلم وانتسب الى خدمَة الشَّيْخ مَحْمُود جلبي الْمَذْكُور وَحصل عِنْده طَريقَة التصوف وأكملها حَتَّى وصل الى مرتبَة ارشاد الطالبين وَأَجَازَ لَهُ بالارشاد وَكَانَ رجلا مُنْقَطِعًا عَن النَّاس مشتغلا بالعبادات وارشاد الطالبين متواضعا متخشعا اديبا لبيبا وقورا مبارك النَّفس مرضِي السِّيرَة وَكَانَ لَا ينَام اللَّيْلَة بِطُولِهَا وَكَانَ يجلس مُسْتَقْبل الْقبْلَة مشتغلا بِاللَّه تَعَالَى الى الْفجْر وَكَانَت لَهُ كَلِمَات مُؤثرَة فِي الْقُلُوب وكل من جَالس مَعَ يمتلىء قلبه بالخشية وَلما اصبح فِي يَوْم من الايام ركب بغلته وَعبر الْبَحْر واراد السّفر وَلم يكن لَهُ زَاد وراحلة وَتَبعهُ اثْنَان من الصُّوفِيَّة وَلم يدر اُحْدُ الى ايْنَ يذهب هُوَ وَلم يخبر زَوجته ايضا بِسَفَرِهِ فسافر الى الْحجاز وَحج وزار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبعد أَيَّام مرض وَمَات وَدفن هُنَاكَ قدس الله سره الْعَزِيز وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ بكر خَليفَة السيماوي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من طلبة الْعلم الشريف اولا ثمَّ رغب فِي التصوف واتصل بِخِدْمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الْحَاج خَليفَة الْمَذْكُور وَحصل عِنْده مَا حصل من الكرامات الْعلية حَتَّى جلس مَكَان شَيْخه بعد وَفَاته للارشاد وَكَانَ رَحمَه الله مشتغلا بِنَفسِهِ مُنْقَطِعًا عَن الْخَلَائق ومتبتلا الى الله تَعَالَى وَكَانَ عَالما عَارِفًا لينًا متواضعا متخشعا اديبا لبيبا وقورا صبورا حَلِيمًا كَرِيمًا محبا للخير وَأَهله معرضًا عَن أَبنَاء الدُّنْيَا ومقبلا الى الْآخِرَة توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة خمس وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة روح الله روحه وأوفر فِي الْجنان فتوحه

ومنهم العارف بالله تعالى الشيخ سنان الدين يوسف الاردبيلي

وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ سِنَان الدّين يُوسُف الاردبيلي حصل طَريقَة الصُّوفِيَّة عِنْد الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى جلبي خَليفَة وَكَانَ عابدا زاهدا مرتاضا مشتغلا بارشاد الطالبين وَقد زَاد سنه على مائَة وَسكن بزاويته عِنْد جَامع ايا صوفيه الى ان توفّي بهَا فِي سنة احدى وَخمسين وَتِسْعمِائَة روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ رَمَضَان حصل رَحمَه الله طَريقَة الصُّوفِيَّة عِنْد الشَّيْخ قَاسم جلبي الْمَذْكُور سَابِقًا وَجلسَ مَكَانَهُ بعد وَفَاته فِي زَاوِيَة الْوَزير عَليّ باشا بِمَدِينَة قسطنطينية وَكَانَ عابدا زاهدا مرتاضا عَارِفًا بتعبير المنامات وَكَانَ مُنْقَطِعًا عَن النَّاس مشتغلا بِنَفسِهِ وانتفع بِهِ الكثيرون توفّي فِي سنة (هُنَا بَيَاض بِالْأَصْلِ وَتِسْعمِائَة روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ بالي خَليفَة الصُّوفِي من خلفاء الشَّيْخ قَاسم جلبي الْمَزْبُور كَانَ رَحمَه الله عَالما عَاملا مرشدا للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين قَائِما بالعبادات وتربية المريدين وَكَانَ حَافِظًا لحدود الشَّرِيعَة ومراعيا لِآدَابِ الطَّرِيقَة رَحمَه الله توفّي ببلدة صوفية بعد الْخمسين والتسعمائة طيب الله مضجعه وَنور مهجعه وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ مصلح الدّين مصطفى اللادفي الشهير بمركز خَليفَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من طلبة الْعلم اولا وَكَانَ يقْرَأ على الْمولى احْمَد باشا ابْن الْمولى حضر بك ثمَّ مَال الى الطَّرِيقَة الصُّوفِيَّة واتصل الى خدمَة الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ الْمَعْرُوف بسنبل سِنَان وَحصل عِنْده الطَّرِيقَة الصُّوفِيَّة وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مَقْبُول السمت مراعيا للشريعة حَافِظًا للآداب المنسوبة الى الطَّرِيقَة صارفا اوقاته للرياضة وَكَانَ طارحا للتكلف رَاضِيا من الْعَيْش بِالْقَلِيلِ وَكَانَ يعظ النَّاس وَيذكرهُمْ وَكَانَت لَهُ معرفَة بالتفسير سِيمَا تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ مَاتَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة تسع وَخمسين وَتِسْعمِائَة وَقد جَاوز التسعين روح الله روحه وَنور ضريحه

ومنهم العارف بالله تعالى الشيخ سنان خليفة من خلفاء الشيخ سليمان خليفة

وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ سِنَان خَليفَة من خلفاء الشَّيْخ سُلَيْمَان خَليفَة قَامَ مقَامه بزاويته بِمَدِينَة قسطنطينية وَكَانَ رجلا اميا الا انه كَانَ صَاحب جذبات عَظِيمَة وأحوال سنية وَكَانَ مشتغلا بِنَفسِهِ ومنقطعا عَن النَّاس وَكَانَ متواضعا متخشعا مراعيا للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين توفّي رَحمَه الله فِي سنة هُنَا بَيَاض بِالْأَصْلِ وَتِسْعمِائَة وَكَانَ شَيخا هرما روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ مصلح الدّين مصطفى الشهير بكوندر مصلح الدّين قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره ثمَّ رغب فِي التصوف واتصل بِخِدْمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى تَاج الدّين من الطَّرِيقَة الزينية ثمَّ اتَّصل بعد وَفَاته بِخِدْمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه محيي الدّين القوجوي وَأَجَازَهُ للارشاد وَجلسَ مَكَانَهُ بِمَدِينَة قسطنطينية بعد وَفَاته وَكَانَ رَحمَه الله عَالما عابدا زاهدا مُنْقَطِعًا عَن النَّاس وَلَا يخرج من بَيته الا ليُصَلِّي فِي مَسْجده وَلَا يخرج من زاويته الا الى الْجُمُعَة وَتُوفِّي على الْعِبَادَة وَالصَّلَاح روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ محيي الدّين الازنيقي الامام بِجَامِع السُّلْطَان سليم خَان حصل طَريقَة التصوف عِنْد الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ محيي الدّين الاسكليبي وَوصل الى مناه وَحصل مَا يتمناه وَكَانَ حَافِظًا لِلْقُرْآنِ الْمجِيد وَكَانَ مبارك النَّفس مَقْبُول الطَّرِيقَة مرضِي السِّيرَة وَكَانَ عابدا زاهدا ورعا متشرعا تقيا نقيا متبتلا الى الله تَعَالَى وَنقل كثير من النَّاس عَنهُ الكرامات العيانية قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ اسكندردده بن عبد الله تربى هُوَ ايضا عِنْد الشَّيْخ محيي الدّين الاسكليبي وأكمل الطَّرِيقَة وأجيز لَهُ بالارشاد وَكَانَ رجلا اميا اولا ثمَّ تحصل ببركة التصوف على المعارف الذوقية بِحَيْثُ تتحير فِي معارفه الْعُقُول وَكَانَت لَهُ قُوَّة فِي تربية المريدين نقل عَنهُ بعض اصحابه احوالا تتَعَلَّق بقوته للارشاد وَلَيْسَ هَذَا الْمقَام مقَام ذكره

ومنهم العارف بالله تعالى محيي الدين محمد

وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى محيي الدّين مُحَمَّد اتَّصل بِخِدْمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الْمَعْرُوف هَكَذَا فِي الاصل دونما زِيَادَة ايضاح وَأَجَازَهُ للارشاد وتوطن ببلدة اشتب فِي ولَايَة روم ايلي وَكَانَ رجلا عابدا صَالحا متورعا مُنْقَطِعًا عَن النَّاس الى الله تَعَالَى فِي زاويته مواظبا على الرياضات والمجاهدة ومشتغلا بتربية المريدين وَتُوفِّي بهَا بعد الاربعين وَتِسْعمِائَة قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ ادريس كَانَ من خلفاء الشَّيْخ محيي الدّين مُحَمَّد الشهير بجلبي خَليفَة وتوطن بِمَدِينَة دمشق وَكَانَ صَاحب معرفَة كَثِيرَة وَكَانَ لَهُ زهد وتقوى وورع وَكَانَ متواضعا متخشعا عابدا زاهدا وَكَانَ النَّاس يحبونه محبَّة عَظِيمَة روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ دَاوُد خَليفَة كَانَ من خلفاء الشَّيْخ ادريس الْمَذْكُور وَكَانَ من طلبة الْعلم اولا ثمَّ مَال الى الطَّرِيقَة الصُّوفِيَّة واتصل بِخِدْمَة الشَّيْخ الْمَزْبُور وَكَانَ عَالما زاهدا عابدا الا انه كَانَ يَدعِي انه يصاحب الْمهْدي وان الْمهْدي من جَمَاعَتهمْ وَلم يَصح مَا ادَّعَاهُ رَحمَه الله وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ بَابا حيدر السَّمرقَنْدِي خدم فِي صغره الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى خواجه عبيد الله السَّمرقَنْدِي ثمَّ صحب اصحاب خواجه عبيد الله ثمَّ دخل مَكَّة وجاور بهَا مُدَّة كَبِيرَة ثمَّ أَتَى بِلَاد الرّوم وأحبه اهلها واعتقدوه اعتقادا عَظِيما وَبنى لَهُ سلطاننا الاعظم مَسْجِدا فِي ظَاهر مَدِينَة قسطنطينية وتوطن بجوار مَسْجده وَكَانَ يواظب الاوقات الْخَمْسَة بِالْمَسْجِدِ الْمَزْبُور توفّي هُنَاكَ فِي سنة بَيَاض بِالْأَصْلِ وَتِسْعمِائَة كَا نرحمه الله تَعَالَى مواظبا على الطَّاعَات ومتبتلا الى الله تعلاى وكا نلا يُبَالِي بأقوال النَّاس وَحكى لي بعض من الصلحاء انه اعْتكف مَعَه فِي الْعشْر الاخير من شهر رَمَضَان فِي جَامع ابي ايوب الانصاري عيه رَحْمَة الْملك الْبَارِي قَالَ وَكنت مَعَه فِي تِلْكَ الايام وَلم يفْطر فِي تِلْكَ الْمدَّة الا بلوزتين فَقَط وَكَانَ رَحمَه الله متواضعا متخشعا يَسْتَوِي عِنْده الصَّغِير

ومنهم العارف بالله تعالى صفي الدين المتوطن ببلدة أماسيه الملقب عندهم بشيخ السراجين

وَالْكَبِير قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى صفي الدّين المتوطن ببلدة أماسيه الملقب عِنْدهم بشيخ السراجين كَانَ رَحمَه الله منتسبا الى طَريقَة الخلوتية وَكَانَ عابدا زاهدا عارقا بِاللَّه تَعَالَى وراغبا فِي الْخلْوَة وَالْعُزْلَة وَكَانَ متأدبا متواضعا متخشعا وَكَانَ لَهُ قدم راسخ فِي تَعْبِير المنامات قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ محيي الدّين مُحَمَّد الْمَنْسُوب الى قَرْيَة قريبَة من أماسيه مُسَمَّاة بقفلة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى اولا من طلبة الْعلم الشريف ثمَّ رغب فِي التصوف وَتزَوج بنت الْعَالم الْعَامِل الْمولى بخشى وَاخْتَارَ الْخلْوَة وَالْعُزْلَة فِي وَطنه وَصرف اوقاته فِي الْعلم الْعَمَل وَغلب عَلَيْهِ الْوَرع حَتَّى كَانَ مَا يَأْكُل الا من زراعة نَفسه وواظب على الْعِبَادَات والمجاهدات ثمَّ توفّي بعد الْخمسين وَتِسْعمِائَة قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ عبد الْغفار كَانَ اصله من ولَايَة مدرني وَكَانَ وَالِده الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى مُحَمَّد شاه ابْن الشَّيْخ احْمَد منتسبا الى طَريقَة الزينية وَتُوفِّي وَالِده وَهُوَ شَاب وَرغب هُوَ فِي تَحْصِيل الْعلم قرا على عُلَمَاء عصره مِنْهُم الْمولى عبد الرَّحِيم بن عَلَاء الدّين الْعَرَبِيّ وَالْمولى الْفَاضِل سَيِّدي مُحَمَّد القوجوي والعالم الْفَاضِل الْمولى تسيدي مُحَمَّد القراماني وَكَانَ فِي عصر شبابه تَابعا لهوى نَفسه وَرَأى لَيْلَة فِي مَنَامه بِمَدِينَة أدرنه ان وَالِده قد ضربه ضربا شَدِيدا ووبخه على مَا فعله من الافعال القبيحة وَلما اصبح ذهب الى الشَّيْخ رَمَضَان المتوطن بِمَدِينَة ادرنه واناب الى الله تَعَالَى وَتَابَ على يَده وَأدْخلهُ الْخلْوَة وارتاض وجاهد مجاهدة عَظِيمَة ونال مَا نَالَ من الكرامات الْعلية والمقامات السّنيَّة حَتَّى اجاز لَهُ شَيْخه بالارشاد ثمَّ رَجَعَ الى وَطنه وَأقَام هُنَاكَ مُدَّة عمره وشاهدت مِنْهُ مجاهدة عَظِيمَة بِحَيْثُ لَا يقدر عَلَيْهِ كثير من النَّاس وَكَانَ مواظبا على الطَّاعَات والعبادات وَكَانَ يدرس ويعظ النَّاس وَيذكرهُمْ وَكَانَت لَهُ

ومنهم العالم الفاضل المولى اسحق

مُشَاركَة فِي الْعُلُوم كلهَا وَكَانَ يكْتب الْخط الْحسن الْمليح وَكَانَت لَهُ معرفَة بالنظم والنثر بِالْعَرَبِيَّةِ والفارسية والتركية وَكَانَت لَهُ منشآت واشعار فِي غَايَة الْحسن وَكَانَ لذيذ الصُّحْبَة وَكَانَ وسيما بسيما سخيا وفيا وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ من محَاسِن الايام توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة ارْبَعْ وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة قدس الله سره الْعَزِيز وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى اسحق كَانَ رَحمَه الله فِي اول عمره طَبِيبا نَصْرَانِيّا وَكَانَ يعرف علم الْحِكْمَة معرفَة تَامَّة وَقَرَأَ على الْمولى لطفي التوقاتي الْمنطق والعلوم الْحكمِيَّة وباحث مَعَه فِيهَا ثمَّ انجر كَلَامهم الى الْبَحْث فِي الْعُلُوم الاسلامية وَقرر عَنهُ ادلة حقية الاسلام حَتَّى اعْترف هُوَ بهَا وَأسلم ثمَّ ترك الطِّبّ وَالْحكمَة واشتغل بتصانيف الامام الْغَزالِيّ وبتصنيف الامام فَخر الاسلام الْبَزْدَوِيّ وداوم على الْعَمَل بِالْكتاب وَالسّنة وصنف شرحا على الْفِقْه الاكبر الْمَنْسُوب الى الامام الاعظم ابي حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَغير ذَلِك من الرسائل الا انه أنكر طَريقَة التصوف لِأَنَّهُ لم يصل الى اذواقهم وَسمعت من بعض اصحابه انه رَجَعَ عَن انكارهم فِي آخر عمره رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهُم الْعَالم الْكَامِل الشَّيْخ احْمَد جلبي الانقروي كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى مشتغلا بِالْعلمِ اولا ثمَّ رغب فِي التصوف وانتسب الى الطَّرِيقَة الخلوتية ثمَّ تقاعد فِي وَطنه واشتغل بالوعظ والتذكير وَكَانَ لوعظه تَأْثِير عَظِيم فِي النُّفُوس بِحَيْثُ لم أر احدا سمع كَلَامه ووعظه الا وَقد انجذب اليه كل الانجذاب واحله فِي خلده مَحل روحه وَكَانَ فِي شبابه يَدُور الْبِلَاد ويعظ النَّاس وَيذكرهُمْ وَلما بلغ سنّ الشيخوخة أَقَامَ فِي بَلَده انقره الى ان توفّي بعد الْخمسين وَتِسْعمِائَة روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الشريف عبد المطلب ابْن السَّيِّد مرتضي اتى وَالِده من بلادالعجم وَكَانَ رجلا شريفا صَحِيح النّسَب صَاحب الْمعرفَة كَاتبا جيدا مشتهرا بِحسن الْخط وَكتب مصاحف شريفة وَرغب السلاطين فِيهَا بِحسن كتَابَتهَا واتقانها وَصَارَ نقيب الاشراف فِي بِلَاد الرّوم وَبَقِي وَلَده الْمَذْكُور وَهُوَ

ومنهم العارف بالله تعالى الشيخ عبد المؤمن

فِي سنّ الشَّبَاب وَرغب فِي تَحْصِيل الْعلم وَكَانَ يكْتب الْخط الْحسن وَكَانَت لَهُ معرفَة بِالْعَرَبِيَّةِ والفارسية وَكَانَ قَادِرًا على الانشاء بِالْعَرَبِيَّةِ والفارسية وَكَانَ ينظم الاشعار الْعَرَبيَّة والفارسية والتركية ثمَّ رغب فِي التصوف وَصَحب الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء مُدَّة قدس الله سره وَلما توفّي هُوَ صحب الشَّيْخ يحيى الطوزلوي وَدخل عِنْده الْخلْوَة وَأَجَازَ لَهُ بالارشاد وزوجه بنته الا انه لم يُبَاشر الارشاد وَمَا اخْتَار الْعُزْلَة وَالْخلْوَة وآثر الِاخْتِلَاط مَعَ النَّاس وَكَانَ لذيذ الصعبة حسن النادرة وَكَانَ يصدر عَنهُ فِي أثْنَاء الصُّحْبَة نَوَادِر غَرِيبَة ومعارف وأشعار مَا يمِيل اليه الطباع بِالضَّرُورَةِ وَتُوفِّي رَحمَه الله تَعَالَى بِمَدِينَة بروسه فِي سنة خمسين وَتِسْعمِائَة روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ عبد المؤمن من طَريقَة السَّيِّد عَليّ بن مَيْمُون المغربي صَاحب مَعَه مُدَّة ثمَّ صحب مَعَ بعض من خلفائه الْمَشْهُور بِابْن الصُّوفِي ثمَّ انْقَطع فِي مَدِينَة بروسه واشتغل بالوعظ والتذكير فافترق النَّاس فِي حَقه فرْقَتَيْن مِنْهُم من يمدحه وَمِنْهُم من يذمه وَشهد بعض من اتقياء الْعلمَاء بِصِحَّة طَرِيقَته وَحسن سيرته فاعتقدته بِالْخَيرِ بِشَهَادَتِهِ وان المفترين عَلَيْهِ كذبُوا عَلَيْهِ لغَرَض من الاغراض الدُّنْيَوِيَّة روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ شُجَاع الدّين الياس من الطَّرِيقَة الخلوتية انتسب وَهُوَ صَغِير الى الطَّرِيقَة الخلوتية وجاهد مجاهدة عَظِيمَة حَتَّى انه انْقَطع عَن النَّاس فِي مَوضِع مَبْنِيّ وسط الْبَحْر تجاه قسطنطينية مِقْدَار ثَلَاث سِنِين وَلما مرض شَيْخه امْر المريدين بالتوجه الى الله تَعَالَى ليحصل لَهُم الاشارة الى من يقوم مقَام الشَّيْخ فاشير للْكُلّ الى الشجاع الْمَذْكُور فأقاموه مقَامه وَكَانَ رَحمَه الله رجلا اميا الا انه كَانَ يعرف أَحْوَال الطَّرِيقَة وأحوال أَسمَاء الله تَعَالَى واصولها وفروعها الَّتِي هِيَ مبْنى طَرِيقَته وَكَانَ يغلب عَلَيْهِ الجذبة فِي أَكثر الاحوال وَلذَلِك كَانَت تضطرب أَقْوَاله وافعاله وَلذَلِك لقبه النَّاس بالمجنون وأشير الى مَوته قبل شهر من وَفَاته فودع اصحابه واحبابه واظهر

ومنهم العارف بالله تعالى الشيخ احمد ابن الشيخ مركز خليفة

اشتياقه الى لِقَاء الله تَعَالَى الى ان توفّي رَحمَه الله فِي سنة سِتّ وَخمسين وَتِسْعمِائَة قدس سره وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ احْمَد ابْن الشَّيْخ مَرْكَز خَليفَة قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره وعَلى وَالِده الْعَرَبيَّة وَالتَّفْسِير والْحَدِيث وفَاق فِي الْعلم ثمَّ رغب فِي التصوف وَحصل طَريقَة الصُّوفِيَّة واشتغل بالوعظ والتذكير وانتفع بِهِ كثير من النَّاس وَله رسائل صنفها فِي بعض الْمسَائِل توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة اكرمه الله تَعَالَى برضوانه وَأَسْكَنَهُ فِي فراديس جنانه وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْمولى نور الدّين حَمْزَة الكرمياني من فُقَرَاء الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى مُحَمَّد بن بهاء الدّين كَانَ اولا من طلبة الْعلم الشريف ثمَّ رغب فِي التصوف واتصل بِخِدْمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى سِنَان الدّين الشهير بسنبل سِنَان ثمَّ اتَّصل بِخِدْمَة الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى مُحَمَّد بن بهاء الدّين ولازم خدمته مُدَّة كَثِيرَة وَوَقع عِنْده موقع الْقبُول وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى خيرا دينا متواضعا قوالا بِالْحَقِّ مواظبا على آدَاب الشَّرِيعَة ومراعيا لحقوق الاخوان توفّي فِي سنة خمس وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة بِمَدِينَة قسطنطينية احله الله تَعَالَى مَحل رضوانه وَأَسْكَنَهُ بحبوحة جنانه وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ تَاج الدّين إِبْرَاهِيم الشهير بالشيخ الاصغر الْعُرْيَان كَانَ رَحمَه الله عَالما عَارِفًا بِاللَّه تَعَالَى وَصِفَاته وَكَانَ صَاحب المقامات الْعلية والكرامات السّنيَّة متبتلا الى الله تَعَالَى مُنْقَطِعًا عَن النَّاس وَكَانَ متوطنا بِموضع قريب من بَلْدَة مغنيسا منعزلا عَن النَّاس مواظبا على الطَّاعَات والعبادات وَنقل عَنهُ كرامات كَثِيرَة لَا يَفِي هَذَا الْمُخْتَصر بتفصيلها مِنْهَا انه أعْطى اصحابه وَهُوَ على السّفر مشمشا طريا فِي غير اوانه وَهَذَا يرْوى عَن بعض الثِّقَات وَمِنْهَا انه سرق من مَسْجده بِسَاط وَلم يلْتَفت الشَّيْخ الى طلبه وألح اصحابه على طلبه فَقَالَ ان فِي الْقرْيَة الْفُلَانِيَّة شَجَرَة والبساط مدفون عِنْدهَا فوجدوه هُنَاكَ مَدْفُونا تَحت

ومنهم العالم العامل الفاضل الشيخ محيي الدين المعروف بامام قلندر خانه

الثَّلج فَأخذ بعض الاعوان صَاحب الارض مُتَّهمًا لَهُ بِالسَّرقَةِ فَقَالَ الشَّيْخ اطلقه انما اخذه بعض من النَّصَارَى فِي الْقرْيَة الْفُلَانِيَّة فاحضروه فَقَالَ اني دَفَنته هُنَاكَ امتحانا للشَّيْخ بِأَنَّهُ يطلع على ذَلِك ام لَا فَأسلم عندالشيخ رَحمَه الله تَعَالَى وَمِنْهَا انه كَانَ ينْفق من الْغَيْب وَكَانَ يخرج من تَحت سجادته مَا يحْتَاج اليه من الدَّرَاهِم حَتَّى ان بعض اصحابه ظنُّوا ان تَحت سجادته دَرَاهِم فنظروا اليه فَلم يَجدوا شَيْئا ثمَّ جَاءَ هُوَ وَأخرج من تحتهَا قدر مَا يحْتَاج من الدَّرَاهِم وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى من المعارف الذوقية والورع وَالتَّقوى على جَانب عَظِيم توفّي رَحمَه الله فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة قدس الله سره الْعَزِيز وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الشَّيْخ محيي الدّين الْمَعْرُوف بامام قلندر خانه قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره وَحصل من الْعُلُوم جانبا عَظِيما ثمَّ اشْتغل بالتصوف وَصَحب الشَّيْخ حبيبا القراماني وَالشَّيْخ ابْن الْوَفَاء وَالسَّيِّد احْمَد البُخَارِيّ قدس الله تَعَالَى اسرارهم ثمَّ صَار خَطِيبًا واماما بِجَامِع قلندرخانه وَتُوفِّي هُنَاكَ فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما عَارِفًا بالعلوم الْعَرَبيَّة وَالتَّفْسِير والْحَدِيث والاصول وَالْفُرُوع وَكَانَ مشتغلا بالعلوم ومواظبا على الْعِبَادَات مُنْقَطِعًا عَن النَّاس متبتلا الى الله تَعَالَى ملازما لبيته وَكَانَت تتلألأ أنوار الصّلاح فِي محياه الْكَرِيم وصحبت مَعَه مُدَّة تدريسي بمدرسة قلندرخانه ورأيته شَيخا مُبَارَكًا صَحِيح العقيدة مراعيا للْكتاب وَالسّنة ومحافظا لحدود الشَّرِيعَة وَكَانَ شَيخا هرما وَسَأَلته عَن سنه فَقَالَ مائَة اَوْ اقل مِنْهَا بِسنتَيْنِ وعاش بعد ذَلِك مِقْدَار ثَمَان سِنِين روح الله تَعَالَى روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ الصَّالح مصلح الدّين مصطفى من خلفاء السَّيِّد احْمَد البُخَارِيّ وَكَانَ متوطنا بِمَدِينَة قسطنطينية فِي زاويته الْمُسَمَّاة بِذَات الاحجار وَكَانَ شَيخا نورانيا عابدا زاهدا صَالحا مفلحا مُنْقَطِعًا الى الله تَعَالَى مشتغلا باصلاح اصحابه توفّي قَرِيبا من السِّتين وَتِسْعمِائَة روح الله روحه وَنور ضريحه

ومنهم العالم العارف بالله تعالى الشيخ علي الكازرواني

وَمِنْهُم الْعَالم الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى الشَّيْخ عَليّ الكازرواني اتَّصل بِخِدْمَة الشَّيْخ الْعَارِف الله تَعَالَى السَّيِّد عَليّ بن مَيْمُون المغربي الْمَذْكُور سَابِقًا وسافر مَعَه اياما فِي نواحي حما وَكَانَت الاسد كَثِيرَة فِي تِلْكَ النواحي وَتعرض لَهُم اسد فشكوا مِنْهُ الى الشَّيْخ فَقَالَ اذنوا فأذنوا لَهُ فَلم يبرح قَالُوا للشَّيْخ ان الاسد لم يذهب فَقَالَ اذنوا ثَانِيًا فأذنوا لَهُ فَلم يرجع فَتقدم الشَّيْخ الكازرواني اليه فَغَاب الاسد عَن اعينهم وَلم يدر انه خسف بِهِ الارض اَوْ ذاب فِي مَكَانَهُ فَذكر ذَلِك للشَّيْخ فَغَضب على الكازرواني غَضبا شَدِيدا وَقَالَ ياكازرواني يَا خائب يَا خاسر افسدت طريقتنا فشرع الكازرواني بالانفصال عَن خدمَة الشَّيْخ فَقَالَ الشَّيْخ تندم يَا كازرواني تندم قَالَ الكازرواني بل انت تندم يَا شيخ فَعِنْدَ ذَلِك غضب الشَّيْخ غَضبا شَدِيدا فَقَالَ رح فِي لعنة الله فَرده وَلم يقبله ابدا حَتَّى مَاتَ ثمَّ انه اراد ان يرجع الى خلفاء الشَّيْخ الْمَزْبُور فَلم يقبلوه حَتَّى ذهب الى بِلَاد الْعَرَب وأتى بِكِتَاب من الشَّيْخ المغربي وَقَالَ فِيهِ ان احدا لَا يرد من بَاب الله تَعَالَى وَإِنَّمَا رده شيخ لتأديبه واصلاحه فَقبله الشَّيْخ علوان ورباه وَحصل عِنْده الطَّرِيقَة ونال الْمَرَاتِب السّنيَّة ثمَّ اتى بِلَاد الرّوم ثمَّ ذهب الى الْحَج وجاور بِمَكَّة المشرفة حَتَّى مَاتَ دفن بهَا كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى صَاحب جذبة وَكَانَ لَهُ اطلَاع على الخواطر واحوال الْقُلُوب وَكَانَت لَهُ معرفَة اسْتَفَادَ مِنْهُ كثير من النَّاس قدس الله تَعَالَى سره الْعَزِيز تَرْجَمَة مؤلف هَذَا الْكتاب (هَذَا آخر) مَا تيَسّر لي بعون الله الْملك العلام من تَفْصِيل أَحْوَال الْعلمَاء الاعلام والفضلاء الْكِرَام وَذكر مَنَاقِب الْمَشَايِخ الْعِظَام وَحين آن اوان الاختام خطر ببال هَذَا العَبْد المستهام ان اتلي ذكري ذكر هَؤُلَاءِ الْكِرَام الا ان قُصُور شأني مَنَعَنِي ثَانِيًا من انجاح هَذَا المرام فصرت مترددا بَين اقدام واحجام وَهَكَذَا الى ان انْبَعَثَ من ذَات نَفسِي دَاعِيَة الاقدام بِنَاء على مَا قيل لَا بُد فِي حَضْرَة السادات من الخدام فشرعت فِيهِ متوكلا على الله عز وَجل والقلم ينزلق فِي مزالق

الوجل وَالْوَرق يبلع ريق الْحيَاء والخجل (فَأَقُول) وَأَنا العَبْد الضَّعِيف العليل الْمُحْتَاج الى رَحْمَة ربه الْجَلِيل احْمَد بن مصطفى بن خَلِيل عَفا الله عَنْهُم بكرمه الْجَمِيل ولطفه الجزيل المشتهر بَين النَّاس بطاشكبري زَاده جعل الله الْهدى وَالتَّقوى زَاده وأوفر كل يَوْم علمه وزاده حكى وَالِدي رَحمَه الله انه لما اراد ان يُسَافر من مَدِينَة بروسه الى بَلْدَة انقره قبيل ولادتي بِشَهْر رأى فِي الْمَنَام فِي اللَّيْلَة الَّتِي سَافر فِي صبيحتها شَيخا جميل الصُّورَة وَقَالَ لَهُ اُبْشُرْ فَإِنَّهُ سيولد لَك ولد فسمه باسم احْمَد فَلَمَّا سَافر رَحمَه الله قصّ هَذِه الْوَاقِعَة على والدتي ثمَّ اني ولدت فِي اللَّيْلَة الرَّابِع عشرَة من شهر ربيع الاول سنة احدى وَتِسْعمِائَة وَلما بلغت سنّ التَّمْيِيز انتقلنا الى بَلْدَة انقره فشرعنا هُنَاكَ فِي قِرَاءَة الْقُرْآن الْعَظِيم وَعند ذَلِك لقبني وَالِدي بعصام الدّين وَكَنَّانِي بِأبي الْخَيْر وَكَانَ لي أَخ أكبر مني بِسنتَيْنِ اسْمه مُحَمَّد ولقبه وَالِدي بنظام الدّين وكناه بِأبي سعيد ثمَّ انه لما ختمنا الْقُرْآن انتقلنا الى مَدِينَة بروسه فَعلمنَا وَالِدي شَيْئا من اللُّغَات الْعَرَبيَّة ثمَّ انه رَحمَه الله سَافر الى مَدِينَة قسطنطينية وسلمني الى الْعَالم الْعَامِل عَلَاء الدّين الملقب باليتيم وَقد اسلفنا ذكره فقرات عَلَيْهِ من الصّرْف مُخْتَصرا مُسَمّى بِالْمَقْصُودِ ومختصر عز الدّين الزنجاني ومختصر مراح الارواح وقرات عَلَيْهِ ايضا من النَّحْو مُخْتَصر الْمِائَة للشَّيْخ الامام عبد القاهر الْجِرْجَانِيّ وَكتاب الْمِصْبَاح للامام المطرزي وَكتاب الكافية للشَّيْخ الْعَلامَة ابْن الْحَاجِب وحفظت كل ذَلِك بمشاركة أخي الْمَزْبُور ثمَّ شرعنا فِي قِرَاءَة كتاب الوافية فِي شرح الكافية وَلما بلغنَا مبَاحث المرفوعات جَاءَ عمي قوام الدّين قَاسم الى مَدِينَة بروسه وَصَارَ مدرسا بمدرسة مَوْلَانَا خسرو وَهُنَاكَ قَرَأنَا عَلَيْهِ من مبَاحث المرفوعات الى مبَاحث المجرورات وَعند ذَلِك مرض اخي مَرضا مزمنا وَالْتمس مني ان اتوقف الى ان يبرأ فتوقفت لأَجله فَقَرَأت فِي تِلْكَ الْمدَّة على عمي كتاب الهارونية من الصّرْف وألفية ابْن مَالك من النَّحْو وَلما اتممت حفظهَا توفّي أخي فِي سنة ارْبَعْ عشرَة وَتِسْعمِائَة رَحمَه الله تَعَالَى فشرعت فِي قِرَاءَة ضوء الْمِصْبَاح عَليّ عمي فقرأنه من أَوله الى آخِره وكتبت ذَلِك الْكتاب وصححته غَايَة التَّصْحِيح والاتقان ثمَّ قَرَأت عَلَيْهِ من الْمنطق مُخْتَصر ايساغوجي مَعَ شَرحه

لحسام الدّين الكاتي وقرأت عَلَيْهِ ايضا بَعْضًا من شرح الشمسية للعلامة الرَّازِيّ وَعند ذَلِك أَتَى وَالِدي من مَدِينَة قسطنطينية الى مَدِينَة بروسه وَصَارَ مدرسا بحسينية اماسيه وَلما وصلنا اليها قَرَأت عَلَيْهِ شرح الشمسية من اول الْكتاب الى آخِره مَعَ حَوَاشِي السَّيِّد الشريف عَلَيْهِ ثمَّ قَرَأت عَلَيْهِ شرح العقائد للعلامة التَّفْتَازَانِيّ مَعَ حَوَاشِي الْمولى الخيالي عَلَيْهِ ثمَّ قَرَأت عَلَيْهِ شرح هِدَايَة الْحِكْمَة لمولانا زَاده مَعَ حَوَاشِي الْمولى خواجه زَاده عَلَيْهِ ثمَّ قَرَأت عَلَيْهِ شرح آدَاب الْبَحْث لمولانا مَسْعُود الرُّومِي ثمَّ قَرَأت عَلَيْهِ شرح الطوالع للعلامة الاصفهاني من اوله الى آخِره مَعَ حَوَاشِي السَّيِّد الشريف عَلَيْهِ ثمَّ قَرَأت عَلَيْهِ بعض المباحث من حَاشِيَة شرح الْمطَالع للسَّيِّد الشريف قِرَاءَة تَحْقِيق واتقان ثمَّ قَالَ لي رَحمَه الله اني قضيت مَا عَليّ من حق الابوة فَالْأَمْر بعد ذَلِك اليك وَمَا أَقْرَأَنِي بعد ذَلِك شَيْئا ثمَّ قَرَأت على خَالِي حَوَاشِي شرح التَّجْرِيد للسَّيِّد الشريف من اول الْكتاب الى مبَاحث الْوُجُوب والامكان قِرَاءَة تَحْقِيق واتقان ثمَّ قَرَأت على الْعَالم الْفَاضِل الْمولى محيي الدّين الفناري شرح الْمِفْتَاح للسَّيِّد الشريف من أول مبَاحث الْمسند الى آخر مبَاحث الْفَصْل والوصل ثمَّ قَرَأت على الْعَالم الْعَامِل والفاضل الْكَامِل الْمولى محيي الدّين سَيِّدي مُحَمَّد القوجوي شرح المواقف للسَّيِّد الشريف من أول الالهيات الى مبَاحث النبوات قِرَاءَة تَحْقِيق واتقان وقرأت عَلَيْهِ ايضا تَفْسِير سُورَة النبأ من الْكَشَّاف ثمَّ قَرَأت على الْعَالم الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى بدر الدّين مَحْمُود بن قَاضِي زَاد الرُّومِي الشهير بميرم جلبي كتاب الفتحية للْمولى عَليّ القوشجي من الْهَيْئَة وَكنت أَقرَأ عَلَيْهِ وَهُوَ يكْتب لَهُ شرحا واتحف ذَلِك الشَّرْح للسُّلْطَان سليم خَان فنصبه قَاضِيا بالعسكر المصنور فِي ولَايَة اناطولي ثمَّ قَرَأت على الْمولى الْعَالم الْعَامِل الشَّيْخ مُحَمَّد التّونسِيّ مولدا المغوشي شهرة بَعْضًا من صَحِيح البُخَارِيّ ونبذا من كتاب الشِّفَاء للْقَاضِي عِيَاض وقرأت عَلَيْهِ ايضا علم الجدل وَعلم الْخلاف وباحثت مَعَه فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة والعربية حَتَّى أجازني اجازة ملفوظة مَكْتُوبَة ان اروي عَنهُ التَّفْسِير والْحَدِيث وَسَائِر الْعُلُوم وَجَمِيع مَا يجوز لَهُ وَيصِح عَنهُ رِوَايَة وَهُوَ يروي عَن شَيْخه ولي الله شهَاب الدّين احْمَد البكي المغربي وَهُوَ يروي عَن

شَيْخه حَافظ المشرقين امير الْمُؤمنِينَ فِي الحَدِيث شهَاب الدّين احْمَد ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي ثمَّ الْمصْرِيّ وَأَيْضًا اجاز لي بالتفسير والْحَدِيث وَالِدي وَهُوَ يروي عَن وَالِده وَهُوَ يروي عَن مَوْلَانَا يكان وَهُوَ يروي عَن الْمولى النكساري وَهُوَ يروي عَن جمال الدّين الاقسرائي وَعَن الشَّيْخ اكمل الدّين وَأَيْضًا يرويهما وَالِدي عَن الْمولى خواجه زَاده عَن الْمولى فَخر الدّين العجمي الْمُفْتِي وَهُوَ يرويهما عَن مَوْلَانَا حيدر وَهُوَ يرويهما عَن الْمولى سعد الدّين التَّفْتَازَانِيّ وايضا اجاز لي بالتفسير والْحَدِيث الْمولى الْفَاضِل سَيِّدي محيي الدّين القوجوي الْمَذْكُور وَهُوَ يرويهما عَن شَيْخه الْعَالم الْعَامِل الْفَاضِل الْكَامِل الْمولى حسن جلبي الفناري وَهُوَ يرويهما عَن تلامذة الشَّيْخ شهَاب الدّين احْمَد بن حجر ثمَّ ان هَذَا العَبْد الْفَقِير صَار مدرسا اولا بمدرسة ديمهتوقه فِي أَوَاخِر شهر رَجَب المرجب لسنة احدى وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة ودرست هُنَاكَ الشَّرْح المطول للتخليص من اول قسم الْبَيَان الى مبَاحث الِاسْتِعَارَة وحواشي شرح التَّجْرِيد من اول الْكتاب الى آخر مبَاحث امور الْعَامَّة ودرست هُنَاكَ ايضا شرح الْفَرَائِض للسَّيِّد الشريف ثمَّ صرت مدرسا بمدرسة الْمولى الْحَاج حسن بِمَدِينَة قسطنطينية فِي أَوَائِل شهر رَجَب المرجب لسنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة ودرست هُنَاكَ شرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة من أول الْكتاب الى كتابا البيع ودرست هُنَاكَ ايضا شرح الْمِفْتَاح للسَّيِّد الشريف من اول الْكتاب الى مبَاحث الايجاز والاطناب ودرست هُنَاكَ ايضا حَوَاشِي شرح التَّجْرِيد من مبَاحث امور الْعَامَّة الى مبَاحث الْوُجُوب والامكان ونقلت هُنَاكَ كتاب المصابيح من الحَدِيث من أول الْكتاب الى آخِره مرَّتَيْنِ وَبعد اتمامه توفّي الْمولى الْوَالِد رَحمَه الله تَعَالَى بِمَدِينَة قسطنطينية وَقت الضحوة من الْيَوْم الثَّانِي عشر من شهر شَوَّال لسنة خمس وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة ثمَّ صرت مردسا باسحاقية اسكوب فِي أَوَائِل شهر ذِي الْحجَّة لسنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَتِسْعمِائَة وَارْتَحَلت اليها ونقلت هُنَاكَ ايضا كتاب المصابيح من اوله الى آخِره وَكتاب الْمَشَارِق من اوله الى آخِره فِي شهر رَمَضَان ودرست هُنَاكَ

ايضا كتاب التَّوْضِيح من أَوله الى آخِره ودرست هُنَاكَ ايضا شرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة من أول كتاب البيع ألى آخِره ودرست هُنَاكَ ايضا شرح الْفَرَائِض للسَّيِّد الشريف ودرست هُنَاكَ ايضا شرح الْمِفْتَاح من أول فن الْبَيَان الى آخر الْكتاب ثمَّ ارتحلت الى مَدِينَة قسطنطينية وصرت مدرسا بهَا بمدرسة قلندرخانه فِي الْيَوْم السَّابِع عشر من شهر شَوَّال المكرم لسنة اثْنَتَيْنِ واربعين وَتِسْعمِائَة ونقلت هُنَاكَ كتاب المصابيح من اوله الى كتاب الْبيُوع ودرست هُنَاكَ ايضا شرح المواقف من اول مبَاحث الْوُجُوب والامكان الى مبَاحث الاعراض ودرست هُنَاكَ ايضا بَعْضًا من شرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة ونبذا من شرح الْمِفْتَاح للسيدالشريف ثمَّ انْتَقَلت الى مدرسة الْوَزير مصطفى باشا بِالْمَدِينَةِ المزبورة فِي الْيَوْم الْحَادِي وَالْعِشْرين من شهر ربيع الاول سنة ارْبَعْ واربعين وَتِسْعمِائَة ونقلت هُنَاكَ كتاب المصابيح من كتاب الْبيُوع الى آخر الْكتاب وابتدأت بدراسة كتاب الْهِدَايَة حَتَّى وصلت الى كتاب الزَّكَاة ودرست هُنَاكَ ايضا بعض المباحث من اول الالهيات من شرح المواقف ثمَّ انْتَقَلت الى احدى المدرستين المتجاورتين بأدرنه فِي الْيَوْم الرَّابِع من شهر ذِي الْقعدَة لسنة خمس وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة وابتدأت هُنَاكَ بِرِوَايَة صَحِيح البُخَارِيّ ونقلت مِنْهُ مجلدة وَاحِدَة من المجلدات التسع ودرست هُنَاكَ كتاب الْهِدَايَة من اول كتاب الزَّكَاة الى آخر كتاب الْحَج ودرست هنك ايضا كتاب التَّلْوِيح من اول الْكتاب الى التَّقْسِيم الاول ثمَّ انْتَقَلت الى احدى الْمدَارِس الثمان فِي الْيَوْم الثَّالِث وَالْعِشْرين من شهر ربيع الاول لسنة سِتّ وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة ونقلت هُنَاكَ صَحِيح البُخَارِيّ وأتممته مرَّتَيْنِ ونقلت تَفْسِير سُورَة الْبَقَرَة من تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ ودرست هُنَاكَ كتاب الْهِدَايَة من أول كتاب النِّكَاح الى كتاب الْبيُوع ودرست كتاب التَّلْوِيح من التَّقْسِيم الاول الى مبَاحث الاحكام ثمَّ انْتَقَلت الى مدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بِمَدِينَة أدرنه فِي الْيَوْم الْحَادِي عشر من شهر شَوَّال لسنة احدى وَخمسين وَتِسْعمِائَة ونقلت هُنَاكَ من صَحِيح البُخَارِيّ مِقْدَار ثلثه ودرست هُنَاكَ كتاب الْهِدَايَة من كتاب الْبيُوع الى كتاب الشّفة وَكتاب التَّلْوِيح من قسم الاحكام الى آخر الْكتاب ودرست هُنَاكَ ايضا شرح المواقف ودرست

هُنَاكَ ايضا شرح الْفَرَائِض للسَّيِّد الشريف الى ان وصلت مبَاحث التَّصْحِيح ثمَّ صرت قَاضِيا بِمَدِينَة بروسه فِي الْيَوْم السَّادِس وَالْعِشْرين من شهر رَمَضَان الْمُبَارك لسنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَتِسْعمِائَة فيا ضَيْعَة الاعمار ثمَّ صرت مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثَانِيًا فِي الْيَوْم الثَّامِن عشر من شهر رَجَب المرجب لسنة ارْبَعْ وَخمسين وَتِسْعمِائَة ونقلت هُنَاكَ صَحِيح البُخَارِيّ واتممته ودرست هنك كتاب الْهِدَايَة من كتبا الشُّفْعَة الى آخر الْكتاب ودرست هُنَاكَ ايضا كتاب التَّلْوِيح من اوله الى التَّقْسِيم الرَّابِع ودرست هُنَاكَ ايضا حَوَاشِي الْكَشَّاف للسَّيِّد الشريف الى ان وصلت الى أثْنَاء سُورَة الْفَاتِحَة ثمَّ صرت قَاضِيا بِمَدِينَة قسطنطينية فِي الْيَوْم السَّابِع عشر من شهر شَوَّال المكرم لسنة ثَمَان وَخمسين وَتِسْعمِائَة واخترمت اشغال الْقَضَاء مَا كنت عَلَيْهِ من الِاشْتِغَال بِالْعلمِ الشريف كَانَ ذَلِك فِي الْكتاب مسطورا وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا ثمَّ وَقعت لي فِي الْيَوْم السَّابِع عشر من شهر ربيع الاول لسنة احدى وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة عارضة الرمد ودام ذَلِك شهورا وأضرت بذلك عَيْنَايَ وَأَرْجُو من الله تَعَالَى سُبْحَانَهُ ان يعوضني مِنْهُمَا الْجنَّة على مُقْتَضى وعد نبيه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ان الله تَعَالَى قد وفْق هَذَا العَبْد الضَّعِيف فِي أثْنَاء اشْتِغَاله بِالْعلمِ الشريف لبَعض التصانيف من التَّفْسِير وأصول الدّين واصول الْفِقْه والعربية وايضا من الله سُبْحَانَهُ عَليّ بِحل بعض المباحث الغامضة وَتَحْقِيق المطالب الْعَالِيَة وكتبت لكل مِنْهَا رِسَالَة ومجموعها ينيف على ثَلَاثِينَ الا ان صوارف الايام بِتَقْدِير الْملك العلام قد اخترمتها وَلم يَتَيَسَّر لي تبييضها هَذَا مَا منحني الله تَعَالَى من الْعُلُوم والمعارف وَمَا قسمه الله لي بِحَسب استعدادي الفطري وَفَوق كل ذِي علم عليم وَلَيْسَ هَذَا وَالْعِيَاذ بِاللَّه تَعَالَى ادِّعَاء للْعلم والفضيلة بل ائتمار لقَوْله تَعَالَى واما بِنِعْمَة رَبك فَحدث فَلْيَكُن هَذَا آخر الْكتاب وَقد أمليته على بعض من الاصحاب مَعَ كلال الْبَصَر وَكَمَال الْحصْر وَقلة الفطن وضيق العطن ووقوعي فِي زَاوِيَة الخمول وَالنِّسْيَان والانقطاع عَن الاخوان والخلان وَالْحَمْد لله على كل حَال وَله الشُّكْر على الانعام والافضال وَقد فرغت من املائه يَوْم السبت آخر شهر رَمَضَان الْمُبَارك فِي تَارِيخ سنة خمس وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة

تمت الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية ويليه كتاب

بِمَدِينَة قسطنطينية المحمية حماها الله تَعَالَى فِي ظلّ واليها عَن الافات والبلية وحفها بالميامن البهية والبركات السّنيَّة وَالْحَمْد لله اولا وآخرا وَبَاطنا وظاهرا وَالصَّلَاة على نبيه مُحَمَّد وَآله وَصَحبه متوافرا متكاثرا وَرَضي الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنَّا وَعَن الْعلمَاء العاملين والمشايخ الزاهدين والفقراء القانعين ورحم الله تَعَالَى اسلافنا وَأبقى بمنه اخلافنا انه الحنان المنان ذُو الْمَنّ والاحسان وَرَضي الله تَعَالَى عَن الاصحاب والاحباب الَّذين اجتهدوا فِي جمع هَذَا الْكتاب وَعَن كَافَّة الْمُسلمين اجمعين بِحرْمَة نبيه مُحَمَّد الامين وَآله وَصَحبه الاكرمين ولنختم الْكَلَام بِبَعْض من جَوَامِع الادعية المروية عَن سيدالانام عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه افضل الصَّلَاة وَالسَّلَام اللَّهُمَّ اقْسمْ لنا من خشيتك مَا تحول بِهِ بَيْننَا وَبَين مَعَاصِيك وَمن طَاعَتك مَا تبلغنَا بِهِ جنتك وَمن الْيَقِين مَا تهون بِهِ علينا مصيبات الدُّنْيَا وَمَتعْنَا بأسماعنا وأبصارنا وَقُوَّتِنَا مَا احييتنا واجعله الْوَارِث منا وَاجعَل ثَأْرنَا على من ظلمنَا وَانْصُرْنَا على من عَادَانَا وَلَا تجْعَل مُصِيبَتنَا فِي ديننَا وَلَا تجْعَل الدُّنْيَا اكبر هَمنَا وَلَا مبلغ علمنَا وَلَا تسلط علينا من لَا يَرْحَمنَا رب تقبل تَوْبَتِي واغسل حوبتي وَاجِب دَعْوَتِي وَثَبت حجتي وسدد لساني واهد قلبِي واسلل سخيمة صَدْرِي سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ الله الْعَظِيم وَلَا حول وَلَا قُوَّة الا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم تمت الشقائق النعمانية فِي عُلَمَاء الدولة العثمانية ويليه كتاب العقدالمنظوم فِي ذكر افاضل الرّوم

العقد المنظوم في

العقد المنظوم فِي ذكر افاضل الرّوم بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم يَا من قدر الاجال وَجعل لَهَا مدَدا ودبر الامور واحصى كل شَيْء عددا صل على مُحَمَّد خير من نطق بِالصَّوَابِ وأوتي الْحِكْمَة وَفصل الْخطاب وَختم بِهِ الرسَالَة وَالْكتاب وَمن تبعه باحسان من الال والاصحاب وَبعد فَنحْن نقص عَلَيْك احسن الْقَصَص وَالْأَخْبَار من تواريخ الْعلمَاء الْكِبَار والمشايخ الاخيار الَّذين درجوا فِي زماني وشالت نعامتهم فِي عصري وأواني من الَّذين تبركت بصحبتهم اَوْ شرفت بِمُجَرَّد رُؤْيَتهمْ اسكنهم الله فراديس الْجنان وأنزلهم بِلُطْفِهِ خير مُسْتَقر وَمَكَان وَيَا عجبا من هَذِه البحور كَيفَ وسعهَا اصداف الْقُبُور وَمن هَذِه الْجبَال كَيفَ واراها الال حَتَّى لم يبْق مِنْهَا الا التَّصَوُّر والخيال وقصدت فِي ذَلِك الى احسن المسالك من اوفق الْعبارَات وارشق الاشارات ولعمري ان ذَلِك يعد عِنْد الاكثرين من تَضْييع الاوقات لَان المعارف عِنْدهم خرافات فانا قدانتهيت الى زمَان يرَوْنَ الادب عَيْبا ويعدون التضلع من الْفُنُون ذَنبا والى الله الحنان المشتكى من هَذَا الزَّمَان قد سل سيف بغيه وعدوانه على من تحلى وَتقدم على أقرانه واوفق نبله لكل ذِي نبل ظَاهر وَشرف باهر فَالْتبسَ الدّرّ بالزجاج واشتبه العذب بالاجاج وَضاع ارباب الالباب كالذباب فِي الضباب فَصَارَت المعارف طيف خيال اَوْ ضيفا على شرف ارتحال وَضعف اساس الْعلم وبنيانه وتضعضعت اركانه وخمدت ناره وَكَاد ان تمحى آثاره ... وَكَانَ سَرِير الْعلم صرحا ممردا ... يناغي القباب السَّبع وَهِي عِظَام متينا رفيعا لَا يطار غرابه عَزِيزًا منيعا لَا يكَاد يرام ... يلوح سني برق الْهدى من بروجه ... كبرق بدا بَين السَّحَاب يشام فجرت عَلَيْهِ الرامسات ذيولها ... فخرت عروش مِنْهُ ثمَّ دعام محا الذاريات البوم آيَات حسنه ... فَلم يبْق مِنْهَا آيَة ووسام ...

وان استندت الى ذي جاه وقدر من زيد وعمرو فأنت مرفوع الى الرأس ومحمول على الحدق وان كنت اعيا من باقل واحمق من هبنق وان عريت عن الاستناد فانت بمعزل عن الاعتداد وان كنت افصح من سحبان وائل وأبلغ من قس اياد والناس قد نبذوا وراء ظهورهم غر الوجوه وزمرة

ضعفت سواعد المساعدة وانحسمت مواد المواددة وَذهب الْحبّ فِي الله كامس الدابر وَمَاله من قُوَّة وَلَا نَاصِر وخلت الْخلَّة عَن الصدْق وَالْوَفَاء فَلَا ترى الا خَلِيلًا خليا عَن الصفاء (وَقَالَ) ابو فراس شارحا عَن احوال النَّاس ... اقلب طرفِي لَا ارى غير صَاحب ... يمِيل مَعَ النعماء حَيْثُ تميل اكل خَلِيل هَكَذَا غير منصف ... وكل زمَان بالكرام بخيل ... وان استندت الى ذِي جاه وَقدر من زيد وَعَمْرو فَأَنت مَرْفُوع الى الرَّأْس ومحمول على الحدق وان كنت اعيا من بَاقِل واحمق من هبنق وان عريت عَن الِاسْتِنَاد فانت بمعزل عَن الِاعْتِدَاد وان كنت افصح من سحبان وَائِل وأبلغ من قس اياد ... وَالنَّاس قد نبذوا وَرَاء ظُهُورهمْ ... غر الْوُجُوه وزمرة السُّعَدَاء والأخرقون بَقِيَّة من عزة واولو النهى منبوذة بعراء ... ويالله من تَوْلِيَة العبيد على الاحرار وَتقدم الصغار على الْكِبَار وكساد سوق الْفَضَائِل والمعالي واستئثار الوضيع على الْمَاجِد العالي وفشو اللؤم والوقاحة وَقلة الْكَرم والسماحة بِحَيْثُ لم يبْق من يلتجأ الى بَابه ويرتجى من جنابه وَمَا اصدق الاديب العاصمي حَيْثُ قَالَ وَأَبَان عَن هَذِه الاحوال ... تسل فَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا كريم يلوذ بِهِ صَغِير اَوْ كَبِير فربع الْمجد لَيْسَ بِهِ انيس وحزب الْفضل لَيْسَ بهم نصير وَلَا أحد من الْأَحْرَار إِلَّا ... كسير يَد النوائب ... وَمَا دخلت على اُحْدُ طَالبا من رفده ونواله ومستدرا من شآبيب نبله وأفضاله الا وقدتذكرت فِي تِلْكَ اللحة مَا قَالَه جحظة ... قوم احاول نيلهم فكأنني ... حاولت نتف الشّعْر من آنافهم قُم فاسقنيها بالكبير وغنني ... ذهب الَّذين يعاش فِي أَكْنَافهم ...

الا تكدر الانهار من تكدر العيون فاسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون استولى عليهم التبجح والغرور واعمى القلوب التي في الصدور فتبع بعضهم بعضا وحاولوا ابراما ونقضا ولا شك ان الضرير اذا قاد الضرير وقعا معا في البير اذا التقى في حدب واحد سبعون أعمى

الا مَا ذ اَوْ ندر فَإِنَّهُ اعز من بيض الانوق والكبريت الاحمر وَهَذَا هُوَ الْحق الصَّرِيح بِلَا مرا وَمَا كَانَ حَدِيثا يفترى (لمؤلفه الحقير) خبا مِصْبَاح كل فَتى ذكي ... وَفِي مشكاتهم لم ألق نورا وَجل النَّاس فِي الاعراض عَنْهُم ... قَلِيل من يكون لَهُم ظهيرا وهذاما التجارب علمتني فان تِلْكَ غافلا فاسأل خَبِيرا ... الا تكدر الانهار من تكدر الْعُيُون فاسئلوا اهل الذّكر ان كُنْتُم لَا تعلمُونَ استولى عَلَيْهِم التبجح والغرور واعمى الْقُلُوب الَّتِي فِي الصُّدُور فتبع بَعضهم بَعْضًا وحاولوا ابراما ونقضا وَلَا شكّ ان الضَّرِير اذا قاد الضَّرِير وَقعا مَعًا فِي البير ... اذا التقى فِي حدب وَاحِد ... سَبْعُونَ أعمى بمقادير وصيروا بَعضهم قائدا ... فكلهم يسْقط فِي البير ... يَا نفس قداطلت الْكَلَام فعودي الى المرام وأقصري عَن هَذِه الشكاية وارجعي الى مَا أَنْت بصدده من الْحِكَايَة فان ذَلِك دأب الدَّهْر وعادته فَلَا جرم شكا من كل زمَان سادته قَالَ الامام الشَّافِعِي ... محن الزَّمَان كَثِيرَة لاتنقضي ... وسروره ياتيك كالاعياد ملك الاكابر فاسترق رقابهم وتراه رقا فِي يدالاوغاد ... وَغَيره ... تطرق اهل الْفضل دون الورى ... مصائب الدُّنْيَا وآفاتها كالطير لَا يسجن من بَينهَا ... الا الَّتِي تطرب اصواتها ... (وَقَالَ الحمدوني 9 ... مَا ازددت من ادب حرفا اسر بِهِ ... الا تزيدت حرفا تَحْتَهُ شوم ...

وسميت هذه الجريدة بالعقد المنظوم في ذكر افاضل الروم والمأمول ممن يطلع على كلماتي ان يغض الطرف عن عثراتي فان ذلك كلام من جربه الدهر بالبأس والبؤسى وجرعه سلافة الغموم كأسا فكأسا وما اصدق ابن عبد الكريم حيث يقول ولا المرء يبدي بالهموم فضيلة ولا الشمس

.. كَذَا الْمُقدم فِي حذق بصنعته ... انى توجه فِيهَا فَهُوَ محروم ... وَسميت هَذِه الجريدة بِالْعقدِ المنظوم فِي ذكر افاضل الرّوم والمأمول مِمَّن يطلع على كلماتي ان يغض الطّرف عَن عثراتي فان ذَلِك كَلَام من جربه الدَّهْر بالبأس والبؤسى وجرعه سلافة الغموم كأسا فكأسا وَمَا اصدق ابْن عبد الكريم حَيْثُ يَقُول ... وَلَا الْمَرْء يُبْدِي بالهموم فَضِيلَة ... وَلَا الشَّمْس تبدو اذ يحول غمام ... ومقدم هَؤُلَاءِ السَّادة وواسطة هَذِه القلادة الْمولى عِصَام الدّين ابو الْخَيْر احْمَد بن الْمولى مصلح الدّين المشتهر بطاشكبري زَاده وَكَانَ الْمولى مصلح الدّين الْمَزْبُور من الْعلمَاء الاعيان توفّي وَهُوَ مدرس باحدى الْمدَارِس الثمان بعد مَا كَانَ قَاضِيا بحلب وَلما خلص المرحوم من ربقة الصِّبَا فانتظم فِي سلك ارباب الْحجر والحجا وَفرق الغث عَن السمين وميز الكاسد عَن الثمين قَامَ على اقدام الاقدام وشمر عَن سَاق الْجد والاهتمام فِي تَحْصِيل المعارف والفضائل واتقان الْمَقَاصِد والوسائل واشتغل على ابيه حَتَّى ااز لَهُ بِرِوَايَة الحَدِيث وَالتَّفْسِير رَاوِيا لَهما على الْمولى خواجه أجَاز عَن الْمولى فَخر الدّين العجمي عَن الْمولى حيدر عَن الْمولى سعد الدّين التَّفْتَازَانِيّ ثمَّ قرا على الْمولى سَيِّدي مُحَمَّد القوجوي وَصَارَ ملازما لَهُ ثمَّ قَرَأَ على الْمولى مَحْمُود بن مُحَمَّد بِأَن المشتهر بميرم جلبي وكمل عِنْده الْعُلُوم الرياضية وَلما جَاءَ الشَّيْخ مُحَمَّد التّونسِيّ المغوشي الى قسطنطينية قَرَأَ عَلَيْهِ واشتغل لَدَيْهِ حَتَّى اجاز لَهُ بِأَن يروي عَنهُ التَّفْسِير والْحَدِيث وَجَمِيع مَا يجوز اجازته وَيصِح رِوَايَته رَاوِيا عَن الشَّيْخ شهَاب الدّين احْمَد بن حجر الْعَسْقَلَانِي ودرس اولا فِي مدرسة اروج باشا بقصبة ديموتوقه بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة الْمولى محيي الدّين ابْن الْحَاج حسن قسطنطينية بِثَلَاثِينَ

ثمَّ اسحاقية اسكوب بِأَرْبَعِينَ ثمَّ الْمدرسَة القلندرية بالوظيفة المزبورة فِي مَدِينَة قسطنطينية ثمَّ فِي مدرسة مصطفى باشا فِي الْمَدِينَة المزبروة بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل الى احدى المدرستين المتجاورتين بأدرنه ثمَّ عَاد الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ نقل الى مدرسة السُّلْطَان بايزيدخان فِي أدرنه ثمَّ قلد قَضَاء بروسه سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَتِسْعمِائَة ثمَّ عَاد الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ قلد قَضَاء قسطنطينية فاشتغل فِي اجراء الاحكام الدِّينِيَّة الى ان عرضت لَهُ عارضة الرمد فاضرت عَيناهُ وعميت كريمتاه فَكَانَ مصداق مَا ورد فِي الاثر اذا جَاءَ الْقَضَاء عمي الْبَصَر فاستعفى عَن المنصب واستتاب عَن سوالفه واشتغل بتبييض بعض تواليفه بَينا هُوَ فِي هَذِه الامور اذ ابتلى بِمَرَض الْبَاسُور فنعي بِقرب اجله وانصرام امله وَلما تَيَقّن اقاربه بِمَوْتِهِ تضرعوا ان يجعلهم فِي حل من تقصيرهم فِي خدمته فاحسن فِي الْجَواب واستملى هَذَا الْكتاب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على نبيه مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَله وَصَحبه اجمعين وعَلى الْمَشَايِخ الزاهدين وعَلى الْفُقَرَاء الصابرين وعَلى الاغنياء الشَّاكِرِينَ وَسلم عَلَيْهِم سَلاما الى يَوْم الْحَشْر وَالدّين ثمَّ اني اشهدك وَأشْهد ملائكتك بِأَنِّي عِشْت على مِلَّة الاسلام وعذت عَن الْبِدْعَة فِي الدّين وَأَرْجُو ان أَلْقَاك بالاسلام فِي يَوْم الدّين ثمَّ ان اولادي واقربائي التمسوا مني ان اجعهلم فِي حل مِمَّا عمِلُوا من الاساءة فِيمَا وَجب عَلَيْهِم من رِعَايَة حَقي واني جعلتهم فِي حل ان عمِلُوا فِي رِعَايَة حَقي فِيمَا بعد ذَلِك وَالسَّلَام على سيدالانام وصحبة الْكِرَام فَلَمَّا تمّ التَّحْرِير من لِسَان ذَلِك التَّحْرِير انْقَطع عَن عَالم الانس واتصل بحظائر الْقُدس وَقضى نحبه وَلَقي ربه روح الله روحه وَزَاد كل يَوْم فتوحه وَذَلِكَ سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة وَكَانَ الْمولى المرحوم بحرا من المعارف

والعلوم متسنما من الْفَضَائِل سنامها وغاربها مُقَيّدا من الْمعَانِي شواردها وغرائبها وَكَانَ لَهُ الْيَد الطُّولى فِي تَحْرِير الْمسَائِل وتصويرها وتدقيق المباحث وتنويرها تكل السّنة الاقلام من افواه المحابر فِي ادائها وتقريرها وَيَكْفِيك آثاره المنيفة وتصانيفه الشَّرِيفَة فَمن رأى من السَّيْف اثره فقد رأى اكثره وَكَانَ رَحمَه الله فِي جَمِيع مباحثاته على النصفة والسداد رَاضِيا بِالْحَقِّ عَارِيا عَن المكابرة والعناد اذا احس من اُحْدُ اللجاج والمنافسة امسك عَن التَّكَلُّم والمباحثة وَكَانَ رَحمَه الله قَلِيل الرَّغْبَة فِي دُنْيَاهُ كثير التشمر فِي تَحْصِيل زلفاه صارفا لجَمِيع اوقاته فِي تَحْصِيل الْعُلُوم وعباداته وَحكي بعض من اثق بِكَلَامِهِ انه اشار يَوْمًا بِيَدِهِ الى لِسَانه وَقَالَ ان هَذَا فعل مَا فعل من التَّقْصِير والزلل وَصدر عَنهُ مَا صدر من الْحق والغلط غير انه مَا تكلم فِي طلب المناصب الدُّنْيَوِيَّة قطّ وَكَانَ يكْتب خطا مليحا يرغب فِيهِ مَعَ كَمَال السرعة وَقد كتب الْكتب بِخَطِّهِ الشريف وَقَالَ وَاحِد من اعيان تلاميذه حضرت طَعَامه لَيْلَة من ليَالِي شهر رَمَضَان وَهُوَ مدرس بالقلندرية وَكَانَ من عَادَته ان يَدْعُو طلبته فِي كل لَيْلَة من ليَالِي شهر رَمَضَان فَقَالَ اني مُنْذُ توليت اسحاقية اسكوب جعلت لنَفْسي عَادَة وَهِي ان اكْتُبْ فِي كل سنة نُسْخَة من تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وابيعها بِثَلَاثَة آلَاف دِرْهَم وانفق ذَلِك الْمبلغ على طَعَام الطّلبَة فِي ليَالِي رَمَضَان وَسمعت من الثِّقَات انه قَالَ اتَّصَلت بِبَعْض الْمَشَايِخ الصُّوفِيَّة وَحصل لي بِسَبَبِهِ الْحَمد لله تَعَالَى بعض مَا اشتاقه من نفائس السلوك وقداتفق لي انسلاخ كلي وَفَارَقت بدني كل الْمُفَارقَة فَبينا انا على تِلْكَ الْحَالة اذ دخل وَقت الظّهْر فقصدت التَّوَضُّؤ للصَّلَاة فَلم اقدر على تَحْرِيك القالب واستعماله فِيهِ حَتَّى ذهب وَقت الظّهْر ثمَّ وَقت الْعَصْر وانا على تِلْكَ الْحَالة ثمَّ عدت على حالتي الاولى اللَّهُمَّ احشرنا فِي زمر الصَّالِحين السالكين وَلَا تجعلنا فِي مهاوي الْغَفْلَة هالكين ذكر تواليفه مِنْهَا الْكتاب الْمُسَمّى بالمعالم فِي علم الْكَلَام وحاشية على حَاشِيَة التَّجْرِيد للشريف الْجِرْجَانِيّ من اول الْكتاب الى مبَاحث الْمَاهِيّة جمع فِيهِ مقالات الْمولى عَليّ القوشي وَالْمولى جلال الدّين الدواني وَالْمولى

مير صدر الدّين وَالْمولى ابْن الْخَطِيب واداها بأخصر عبارَة وأليق اشارة ثمَّ ذكر مَا خطر لَهُ من تَحْقِيق الْمقَام وتبيين المرام وَشرح الْقسم الثَّالِث من كتاب الْمِفْتَاح وَشرح الْفَوَائِد الغياثية وَهُوَ شرح حافل يتَضَمَّن الرَّد على بعض الْمَوَاضِع من شرح الْمِفْتَاح وَكتاب سَمَّاهُ بالشقائق النعمانية فِي عُلَمَاء الدولة العثمانية وَقد جمعه بعد عماه وَهُوَ اول من تصدى لَهُ وَكتاب ذكر فِيهِ انواع الْعُلُوم وضروبها وموضوعاتها وَمَا اشْتهر من المصنفات فِي كل فن مَعَ نبذ من تواريخ مصنفيها فجَاء كتابا عَزِيزًا غزير الْفَائِدَة وصنف كتابا كَبِيرا فِي التَّارِيخ جمع فِيهِ مَا ذكره ابْن خلكان واضاف اليه سير الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَغَيرهم ثمَّ اختصر مِنْهُ مجلدا لطيفا وَكتب حَاشِيَة من اول شرح الْمِفْتَاح للشريف الْجِرْجَانِيّ وادمج فِيهَا كَلِمَات ابيه الْمولى مصلح الدّين وَلم يتم وَشرح العوامل من المختصرات وَشرح ديباجة الْهِدَايَة وديباجة الطوالع وَله مُخْتَصر فِي علم النَّحْو على منوال مُخْتَصر الْبَيْضَاوِيّ وَكتب رسائل وحقق فِيهَا كثيرا من الْمسَائِل المشكلة والمباحث المعضلة وَبَقِي اكثرها فِي المسودة وَمَا تيَسّر تبييضه تنيف على خَمْسَة عشر مِنْهَا صُورَة الْخَلَاص فِي سُورَة الاخلاص الرسَالَة الجامعة لوصف الْعُلُوم النافعة مسالك الْخَلَاص فِي مهالك الْخَواص اجل الْمَوَاهِب فِي معرفَة وجوب الْوَاجِب نزهة الالحاظ فِي عدم وضع الالفاظ للالفاظ رِسَالَة التَّعْرِيف والاعلام فِي حل مشكلات الْحَد التَّام الْقَوَاعِد الحمليات فِي تَحْقِيق مبَاحث الكليات فتح الامر المغلق فِي مسئلة الْمَجْهُول الْمُطلق رِسَالَة فِي تَفْسِير آيَة الْوضُوء رِسَالَة فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى هُوَ الَّذِي خلق لَك مَا فِي الارض جَمِيعًا وَكَانَ رَحمَه الله ينظم الشّعْر الْعَرَبِيّ وَقد كتب الى بعض اصدقائه بعدعماه ... سقيت بسيط الارض فِي كل سَاعَة بدمع جدرى فِي ذكر خير الاحبة وصفحة خدي كالوشاح الْمفصل بقطر دموع بَين فانىء عِبْرَة وعيني عقيق بياقوت مقلة وإنسان عَيْني عنبر فَوق جَمْرَة حرمت من الاحباب لَذَّة نظرة فواحسرتا ان لم افق قبل موتتي ...

ولما كتب المفتي ابو السعود جزأ من تفسيره وارسله اليه كتب عليه هذه الابيات بنفسي جنابا حاز كل فضيلة وصار لاظهار الحقيقة ضامنا وايد روحا لقدس حسان طبعه فجلى من الاسرار ما كان كامنا ونافح عن عرض النبي تأدبا ففي الحشر يلقاه من الخوف آمنا

.. وَلَا تجزعي يَا نفس من نَازل جرى بِتَقْدِير خلاق إِلَيْهِ الْبَريَّة فَإِن الرِّضَا وَالصَّبْر فِي كل محنة لمن اخلاق الصحاب النُّفُوس الرضية ... وَلما كتب الْمُفْتِي ابو السُّعُود جزأ من تَفْسِيره وارسله اليه كتب عَلَيْهِ هَذِه الابيات ... بنفسي جنابا حَاز كل فَضِيلَة وَصَارَ لاظهار الْحَقِيقَة ضَامِنا وايد روحا لقدس حسان طبعه فَجلى من الاسرار مَا كَانَ كامنا ونافح عَن عرض النَّبِي تأدبا فَفِي الْحَشْر يلقاه من الْخَوْف آمنا بك الْملَّة الزهراء اضحت منيرة فَفِي الْكَوْكَب السيار قد صرت ثامنا ... (غَيره) ووصلت حمى نجد ايا ريح شمأل قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل فواأسفا رسم الْمدَارِس دارس ... فَهَل عِنْد رسم دارس من معول ... وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل الْمولى يحيى بن نور الدّين الشهير بكوسج الامين ... كَانَ ابوه من زمرة الامناء العثمانية وَصَارَ فِي عهدالسلطان بايزيدخان مُتَوَلِّيًا على الاخراجات الْخَاصَّة السُّلْطَانِيَّة وَاخْتَارَ المرحوم من جودة طبعه وصفائه جادة الْعلم على طَريقَة آبَائِهِ فسلك مَسْلَك التَّحْصِيل وَذهب مَذْهَب التَّكْمِيل فاشتغل على أفاضل زَمَانه وأماثل أقرانه وَصَاحب الاعالي والاهالي حَتَّى صَار معيد الدَّرْس الْمُفْتِي عَلَاء الدّين الجمالي وتميز فِي خدمته حَتَّى زوجه بابنته ثمَّ درس فِي مدرسة قَاسم باشا بِمَدِينَة بروسه المشتهرة بمدرسة الامير سُلْطَان بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة إِبْرَاهِيم باشا بقسطنطينية بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة يلدرم خَان فِي بروسه باربعين ثمَّ مدرسة احْمَد باشا بقصبة جورلي بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل الى مدرسة دَار الحَدِيث بأدرنه ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى الْمدرسَة الَّتِي بناها السُّلْطَان سُلَيْمَان بجوار جَامع ايا صوفية ثمَّ مدرسة السُّلْطَان مُرَاد فِي مَدِينَة بروسه ثمَّ عَاد الى احدى الْمدَارِس الثمان بستين ثمَّ قلد قَضَاء بَغْدَاد ثمَّ عزل عَنهُ وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما بطرِيق التقاعد وَلما بنى السُّلْطَان سُلَيْمَان مدرسته بقسطنطينية

عفا الله عن سيآتهما وضاعف حسناتهما ومنهم المولى محمود الايديني المعروف بخواجه قايني كان ابوه من كبار القضاة الحاكمين في القصبات وطلب العلم وكتب وزير حتى صار ملازما للمولى بدر الدين الاصفر فاتفق له عطفة من الزمان حيث تزوج باخته المولى خير الدين

وَجعلهَا دَار الاحاديث النَّبَوِيَّة اعطاها المرحوم لاشتهاره بِعلم الحَدِيث وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم ثمَّ اتّفق انه اتهمَ بِبيع الاعادة والملازمة واخذ الرشا على اعطاء الحجرات فَبلغ ذَلِك الى السُّلْطَان فَغَضب عَلَيْهِ وعزله فَاغْتَمَّ لَهُ غما شَدِيدا فَلم يذهب كثير حَتَّى توفّي سنة ثَمَان سِتِّينَ وَتِسْعمِائَة وَكَانَ المرحوم من افاضل الرّوم صَاحب الْيَد الطُّولى فِي الحَدِيث وَالتَّفْسِير وعلوم الْوَعْظ والتذكير وَله بَاعَ وَاسع فِي فن المحاضرات والتواريخ والمحاورات وَكَانَ رَحمَه الله لذيذ الصُّحْبَة حُلْو المحاورة خَالِيا عَن الْكبر وَالْخُيَلَاء مختلطا بالمساكين والفقراء وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رَحمَه الله رجلا اكمل واتم الا ان فِيهِ خصْلَة سميه يحيى بن أَكْثَم الَّذِي هُوَ اول من صرح بالميل الى المرد الملاح ذَوي الخدود الصَّباح وَهُوَ الَّذِي قَالَ وَأَبَان عَمَّا فِي البال ... انما الدُّنْيَا طَعَام ومدام وَغُلَام فاذا فاتك هَذَا ... فعلى الدُّنْيَا سَلام ... عَفا الله عَن سيآتهما وضاعف حسناتهما ... وَمِنْهُم الْمولى مَحْمُود الايديني الْمَعْرُوف بخواجه قايني ... كَانَ ابوه من كبار الْقُضَاة الْحَاكِمين فِي القصبات وَطلب الْعلم وَكتب وَزِير حَتَّى صَار ملازما للْمولى بدر الدّين الاصفر فاتفق لَهُ عطفة من الزَّمَان حَيْثُ تزوج باخته الْمولى خير الدّين معلم السُّلْطَان فعلت بِهِ كَلمته وَارْتَفَعت مرتبته فقلد مدرسة جندبك بِمَدِينَة بروسه بِعشْرين ثمَّ مدرسة يري باشا بقصبة سلوري بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ الْمدرسَة الافضلية بقسطنطينية بِثَلَاثِينَ ثمَّ صَار وظيفته فِيهَا اربعين ثمَّ درس بِالْمَدْرَسَةِ الحلبية بادرنه ثمَّ باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ قلد قَضَاء حلب ثمَّ عزل ثمَّ قلد قَضَاء مَكَّة ثمَّ عزل ثمَّ اعيد اليها ثمَّ عزل فَقبل وُصُوله الى منزله ادركته منيته وانقطعت امنيته بقصبة اسكدار سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة وَكَانَ المرحوم خلوقا بشوشا حَلِيم النَّفس لَا يتَأَذَّى مِنْهُ اُحْدُ رَحمَه الله الصَّمد ... وَمِنْهُم الْمولى مصلح الدّين ... كَانَ رَحمَه الله من قَصَبَة نيكسار فَخرج بعد بُلُوغه الى سنّ الْبلُوغ طَالبا

للْعلم من هَذِه الديار فدار الْبِلَاد واشتغل واستفاد حَتَّى انتظم فِي سلك ارباب الاستعداد وصل الى خدمَة الْمولى محيي الدّين الفناري فاشتغل عَلَيْهِ مُدَّة وَحصل من الْعُلُوم عدَّة ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى مُحَمَّد باشا فاجتهد فِي التَّحْصِيل والاستفادة حَتَّى اذا انْتقل الْمولى الْمَزْبُور الى احدى المدرستين المتجاورتين بادرنه عينه لخدمة الاعادة ثمَّ درس فِي مدرسة صاروجه باشا بقصبة كليبولي بِعشْرين ثمَّ مدرسة الامير احْمَد الادرنوي بقصبة واردار بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ الْمدرسَة الحجرية بادرنه بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة يري باشا باربعين ثمَّ مدرسة احْمَد باشا بقصبة جورلي بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل الى مدرسة مغنيسا فاشتغل فِيهَا وافاد حَتَّى ولي قَضَاء بَغْدَاد وفوض اليه الْفَتْوَى بِهَذِهِ الديار وَعين لَهُ من بَيت المَال كل سنة ألف وَخَمْسمِائة دِينَار وَهُوَ اول مُتَوَلِّي بِقَضَاء بغدان من قبل سلاطين آل عُثْمَان فشرع فِي اجراء الشَّرْع الْمُبين وَأقَام بهَا سِتّ سِنِين فنال فِيهَا مانال من صنوف الامتعة والاموال ثمَّ عزل وَبَقِي فِي التعطل والهوان ثمَّ اعطي مدرسة السُّلْطَان مُرَاد خَان بَينا هُوَ فِي تهيئة الاهب اذ قلد قَضَاء حلب وَلم يمْكث شَهْرَيْن فِي حلب المحروسة حَتَّى جَاءَت لَهُ الْبُشْرَى بِقَضَاء بروسه ثمَّ قلد قَضَاء ادرنه ثمَّ قسطنطينية المحمية ثمَّ عزل وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم وحسبت مُدَّة قَضَائِهِ فبلغت عشْرين سنة ثمَّ اعطي لَهُ دَار الحَدِيث الَّتِي بناها السُّلْطَان سُلَيْمَان بقسطنطينية وَزيد فِي وظيفته ثَلَاثُونَ فدام على المدارسة والمذاكرة حَتَّى توفّي سنة تسع وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة ويحكى انه قصد ان يتوضا لصَلَاة الصُّبْح فَبينا هُوَ فِي اثنائه اذ اتاه ذَلِك الامر الْعَظِيم وألم بِهِ الْخطب الجسيم وَكَانَ رَحمَه الله مَعْرُوفا بِالْعلمِ وَالصَّلَاح يرى عَلَيْهِ آثَار الْفَوْز والفلاج متقشفا فِي اللبَاس متخشعا فِي مُعَاملَة النَّاس وَكَانَ مهيب المنظر ولطيف الْمخبر حسن المناظرة طيب المعاشرة وَكَانَ رَحمَه الله لذيذ الصُّحْبَة حسن النادرة وَمن كَلَامه رَحمَه الله مثلنَا مَعَ حواشينا مثل الشمع الموقد بَين اظهر قوم فانهم مستضيئون بِهِ ومنتفعون بنوره والشمع منتقص فِي كل وَقت وفان ومتداع الى الخزي والخسران وَلَا يخفى ان كَلَامه هَذَا اشبه قَول الامام الْغَزالِيّ فقهاؤنا

ومنهم العالم العامل العارف الكامل المولى مصلح الدين بن شعبان ارقدهما الله تعالى في غرف الجنان

كذبالة النبراس هِيَ فِي الْحَرِيق وضوؤها للنَّاس وَقد اناف عمره على تسعين بعثة الله فِي زمرة الصَّالِحين وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْعَارِف الْكَامِل الْمولى مصلح الدّين بن شعْبَان ارقدهما الله تَعَالَى فِي غرف الْجنان ولد فِي قَصَبَة كليبولي كَانَ ابوه من التُّجَّار واصحاب الْيَسَار محبا للْعلم واربابه ومعظما الصحابه فبذل فِي تَعْلِيم ابْنه مَالا جزيلا ومبلغا جَلِيلًا وَدَار المرحوم على افاضل عصره للاستفادة كالمولى القادري وَالْمولى طاشكبري زَاده فاحرز الْفَضَائِل والمعارف وَجمع النَّوَادِر واللطائف وَقَالَ الشّعْر وَمهر فِي فنونه وتلقب بالسروري واتسم كَمَا هُوَ دأب شعراء الرّوم والعجم وَجعل يزاول كتب الاعاجم ويمارس حَتَّى اصبح فَارِسًا فِي معرفَة لِسَان فَارس ثمَّ وصل الى خدمَة محيي الدّين الفناري فَلَمَّا صَار قَاضِيا بقسطنطينية استنابه فَكَانَ هُوَ من طلبة الْمولى اول نَائِب فانهم من قبل كَانُوا يستخدمون الاجانب ثمَّ درس فِي مدرسة صَار وَجه باشا بقصبة كيبولي بِعشْرين ثمَّ درسة يري باشا بقسطنطينية بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ صَارَت وظيفته فِيهَا ثَلَاثِينَ ثمَّ صَارَت اربعين ثمَّ عزل ثمَّ اعطي بِخَمْسِينَ مدرسة قَاسم باشا المبنية بقصبة غلطه تجاه قسطنطينية المشتهرة الان باسم قَاسم باشا بَينا هُوَ فِي بعض الاسحار يطالع نفائس الاسفار اذ نَادَى مُنَادِي الجذبات ان لله فِي أَيَّام دهركم نفحات وقرع اسماع كل ساه ولاه الم يَأن للَّذين آمنُوا ان تخشع قُلُوبهم لذكر الله سمع هَذَا الْخطاب غلب عَلَيْهِ الشوق والانجذاب وَترك التدريس وَاخْتَارَ الخمول والانزواء واحب مراسم طَرِيق ارباب الزّهْد والفناء وَتَابَ على يَد الشَّيْخ مَحْمُود النقشبندي فَلَمَّا توجه الى هَذَا الطَّرِيق وَعلم انها صَعب مضيق لَا تسع الاثقال والاحمال وَلَا يسلكها الا الافراد من الرِّجَال اخْتَار مهماته وَترك مجملاته وَبنى مَسْجِد الله وتخلص لعبادة مَوْلَاهُ ... هَنِيئًا لعبد لَهُ بلغَة ... من الْعَيْش مذخورة عِنْده يفر من النَّاس بغضا لَهُم ... ويأنس بِاللَّه والوحده ...

ومع ذلك لم يظهر العجز والاسف وسار سيرة السلف وستر الحزن والكآبة وعمر مسجده وفتح بابه وأظهر الاهتمام في أداء وظائف الخدام حتى حكم فرقة من الناس بان هذه الحالات ليست الا محض الكرامات وقصد إليه بالنذور والقرابين ارباب السفن وطائفة الملاحين وكان رحمه الله

فَبعد مُدَّة ورد عَلَيْهِ كتاب من قَاسم باشا باني الْمدرسَة الْمَار ذكرهَا باني قد بنيت تِلْكَ الْمدرسَة لاجلك وشرطت درسها لَك مَا دمت حَيا فان لم تقبلهَا لاهدمنها من اساسها فاضطر المرحوم الى قبُولهَا فاعطيت لَهُ ثَانِيًا بِخَمْسِينَ فَلَمَّا مضى عَلَيْهِ بُرْهَة من الزَّمَان ابْتُلِيَ بتعليم مصطفى خَان بن السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان فَلَمَّا وصل اليه حل محلا رفيعا وَمُسْندًا منيعا وعلت كَلمته وَارْتَفَعت مرتبته وَكَانَ لَا يقطع امرا الا بمشورته وَلَا يفعل شيأ الا بمباشرته ومعرفته وَبَقِي فِي اوفر جَيش وارغد عَيْش حَتَّى غضب ابوه وَقصد دماره ثمَّ قَتله ومحا آثاره فَلَمَّا قتل بِحَرْبَة الْعَذَاب وتقطعت بِهِ الاسباب وَقتل بَعضهم السُّلْطَان وقهر فَلَا جرم تفَرقُوا من سطوته شذر مذر فَلَمَّا رأى المرحوم من بدره افوله سَاق الى دَار الخمول حموله وَتوجه ثَانِيًا الى الِانْقِطَاع من النَّاس خوفًا من حُلُول الباس فاستولى عَلَيْهِ من الْفقر والفاقة مَالا يحْتَملهُ طَاقَة وَكَانَ يكْتب فِي بعض ازمانه ويقتات باثمانه وَمَا اصدق من قَالَ حَيْثُ ابان عَن هَذِه الاحوال ... واني رَأَيْت الدَّهْر مُنْذُ صحبته ... محاسنه مقرونة بمعايبه اذا سرني اول الامر لم ازل على حذر من غمه فِي عواقبه ... وَمَعَ ذَلِك لم يظْهر الْعَجز والاسف وَسَار سيرة السّلف وَستر الْحزن والكآبة وَعمر مَسْجده وَفتح بَابه وَأظْهر الاهتمام فِي أَدَاء وظائف الخدام حَتَّى حكم فرقة من النَّاس بَان هَذِه الْحَالَات لَيست الا مَحْض الكرامات وَقصد إِلَيْهِ بالنذور والقرابين ارباب السفن وَطَائِفَة الملاحين وَكَانَ رَحمَه الله قد حفر قَبره وتهيأ لمنونه وانتظره وادخر الفي دِرْهَم للتجهيز والتكفين وادى زَكَاته مُدَّة عشر سِنِين وَمَات رَحمَه الله من مرض الهيضة سنة تسع وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة وقبره رَحمَه الله تَعَالَى عِنْد مَسْجده فِي قَصَبَة قَاسم باشا يسر الله فِي عقباه مَا شا وحزن النَّاس بِمَوْتِهِ وتبركوا بتربته وَقد ذهب عمره بالتجرد والانفراد وَلم يمل الى التوليد وَالِاسْتِيلَاد وَكَانَ رَحمَه الله بهي المنظر لطيف الْمخبر حُلْو المحاضرة حسن المحاورة مَوْصُوفا بالعفة وَالصَّلَاح

ومن علماء هذا الاوان المولى محيي الدين الشهير بجرجان

يلوح من جَبينه آثَار الْفَوْز والفلاح وَكَانَ رَحمَه الله جواد الا يلبث فِي ساحة رَاحَته غير جوده وسماحته وَكَانَ رَحمَه الله مكبا على التاليف وحريصا على التَّحْرِير والتصنيف فَكتب كل مَا خطر بِبَالِهِ من غير تَمْيِيز مستقبمة عَن محاله وَمَعَ ذَلِك لم ينظر الى مَوْضُوع مرَّتَيْنِ وَلم يرجع الْبَصَر كرتين فَلم يَتَيَسَّر لَهُ الاحسان والاجادة وخلت تصانيفه عَن الافادة وَلَا غرو فِيهِ فَمَا كل هاتفة وَرْقَاء وَمَا كل ناظرة زرقاء غير انه ترك من شُرُوح بعض الْكتب الفارسية آثارا جميلَة ومؤلفات لَا يظفر عَلَيْهَا الا باثمان جليلة تواليفه الْعَرَبيَّة مِنْهَا الْحَوَاشِي الْكُبْرَى على تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وأولها الْحَمد لله الَّذِي جعلني كشاف الْقُرْآن وصيرني قَاضِيا بَين الْحق والباطلان والحواشي الصُّغْرَى عَلَيْهِ وَشرح البُخَارِيّ قَرِيبا الى النّصْف وحاشية على التَّلْوِيح وحاشية على اوائل الْهِدَايَة وَشرح لبَعض الْمُتُون المختصرة تَصْدِيقه شرح كتاب المسنوي الْمولى فِي مائَة كراس كَبِيرَة وَكَانَ من عَادَته ان يعْقد الْمجَالِس فِي مَسْجده وينقل ذَلِك الْكتاب باوفى تَقْرِير واوضح بَيَان فيزدحم النَّاس عَلَيْهِ من كل مَكَان وَشرح كتاب كلستان وَكتاب بوستان وَشرح ديوَان حَافظ الشِّيرَازِيّ وَشرح كتاب شبستان خيال وَشرح عدَّة رسائل فِي فن المعمي وقدترجم عدَّة كتب بالتركي كالموجز من الطِّبّ وَروض الرياحين من المحاضرات وَقد بلغ عمره الى اثْنَتَيْنِ وَسبعين سنة كتب الله لَهُ الف حَسَنَة وَمن عُلَمَاء هَذَا الاوان الْمولى محيي الدّين الشهير بجرجان نَشأ رَحمَه الله فِي قَصَبَة اق يازي وَطلب الْعلم وَخرج من هَذِه الْبِلَاد فَاجْتمع بافاضل عصره واستفاد مِنْهُم الْمولى مصلح الدّين المشتهر بطاشكبري زَاده وَالْمولى مُحَمَّد شاه الشهير بداية ثمَّ صَار ملازما للْمولى خير الدّين معلم السُّلْطَان ففاز بحظ الظُّهُور من بَين الاقران ثمَّ درس بِالْمَدْرَسَةِ القزازية فِي بروسه بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة امير سُلْطَان بِثَلَاثِينَ ثمَّ قره كوز باشا بقصبة فلبه باربعين ثمَّ مدرسة عَليّ باشا بقسطنطينية بالوظيفة المسفورة ثمَّ مدرسة كيزة

بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل الى مدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد بجوار مرقد ابي ايوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الْعَزِيز الْبَارِي ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ ولي الافتاء والتدريس باماسيه وَعين لَهُ كل يَوْم سَبْعُونَ درهما ثمَّ زيد عَلَيْهَا عشرَة ثمَّ عزل بكائنة خُرُوج السُّلْطَان بايزيد ابْن السُّلْطَان سُلَيْمَان ثمَّ عين لَهُ كل يَوْم سَبْعُونَ درهما وَتُوفِّي سنة سبع وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله رجلا سليما مَأْمُون الصُّحْبَة مطرح التَّكَلُّف كثير التَّوَاضُع لَا يضمر السوء لَاحَدَّ وخلاصة الامر الْمَذْكُور ان بايزيدخان المزبوركان اميرا فِي قَصَبَة كوتاهية فقلده ابوه السُّلْطَان سُلَيْمَان امارة اماسيه وَنصب مَكَانَهُ اخاه الاكبر سلطاننا السُّلْطَان سليم خَان المظفر فاستشعر بايزيدخان الْمَزْبُور من الامير المسفور ميلًا من ابيه الى جَانب اخيه بِسَبَب ان كوتاهية قريبَة الى قسطنطينية من اماسيه فامتلأت من ذَلِك نَفسه حسدا وغيظا تاليا قَوْله تَعَالَى تِلْكَ اذا قسْمَة ضيزى فصمم فِي الْخُرُوج عَن طَاعَة ابيه السُّلْطَان والاغارة على اخيه سليم خَان فَاجْتمع عَلَيْهِ اصحاب الْبَغي وَالْفساد من الَّذين طغوا فِي الْبِلَاد من لصوص الاتراك وأشرار الاكراد وجند الْجنُود وحشد الحشود وعزم على التقال مغترا بِمن عِنْده من أَرْبَاب الْبَغي والضلال وَلم يدر ان حافر الْبِئْر لاخيه سَاقِط لَا محَالة فِيهِ فَلَمَّا وصل هَذَا الْخَبَر الى ابيه السُّلْطَان ارسل اليه ينصحه ويعاتبه على هَذَا الْبَغي والعدوان وَلم يزده النصح الا الْبَغي والنفور والرعونة والغرور وَلم ينحرف عَن جادة خسرانه وَلم يرتدع عَن طَريقَة طغيانه وَأبي عَن قبُول النصح واستكبر وَكَانَ بغاثا فِي ارضه فاستنسر فداس الْبِلَاد بِمن التف عَلَيْهِ من ارباب الْفساد وَقصد الى قتال اخيه مُعْلنا بِالْخرُوجِ عَن طَاعَة ابيه فَلَمَّا استيقنه السُّلْطَان اشار الى من عِنْده من الابطال والفرسان ليلتحقوا الى ابْنه سيلم خَان ويتفقوا على تدمير الفئة الباغية واستئصال الْفرْقَة الطاغية افاجابوه بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة وتقلدوا بجرائز التباعة فَلَمَّا وصل الفئة الباغية الى ظَاهر قونية كالقضاء المبرم عارضهم السُّلْطَان سليم خَان بِجَيْش جرار عَرَمْرَم فَلَمَّا اجْتمع بِهِ الفتئان وتقابل الْفَرِيقَانِ ودارت رحى الْحَرْب وحمي الْوَطِيس وتصادم الخيمس بالخميس قَامَت معركة كلت

ويقال ان عدد من قتل في المعركة من الفريقين يزيد على عشرة آلاف سوى من هلك في الطرق والاطراف ولما تفرق عسكر السلطان بايزيد المزبور كر راجعا ورد الى اماسيه هاربا نادما على فعله القبيح ومعترفا بخفته وطيشه الصريح فاحضر الشيخ خير الدين الايجادي والمولى

عَن وصفهَا السّنة الاسنة واحست بشدائدها فِي الارحام الاجنة وتراءت الْغَلَبَة فِي الْيَوْم الاول من جَانب الْبُغَاة على زمرة المهتدين السراة فَلَمَّا اصبحوا فِي الْيَوْم الثَّانِي وتعاطوا الْحَرْب والنزال نَادَى مُنَادِي الْحَال الا ان الْحَرْب سِجَال وَنصر الله جُنُوده وَرفع اعلامه وبنوده فهزموهم باذن الله وَمَا رميت اذ رميت وَلَكِن الله رَمَاه وقصموا اصلابهم ثمَّ قسموا اسلابهم وهيهات الظفر من جانبهم والغدر عاجله الْعَار وآجله الدُّخُول فِي النَّار وَمَا اصدق ابْن دُرَيْد حَيْثُ يَقُول ... من ملك الْحِرْص القياد لم يزل ... يكرع فِي مَاء من الَّذِي جرى من لم يقف عندانتهاء قدره تقاصرت عَنهُ فسيحات الخطى من ضيع الحزم جنى لنَفسِهِ ندامة ألذع من سفع الذكا ... وَيُقَال ان عدد من قتل فِي المعركة من الْفَرِيقَيْنِ يزِيد على عشرَة آلَاف سوى من هلك فِي الطّرق والاطراف وَلما تفرق عَسْكَر السُّلْطَان بايزيد الْمَزْبُور كرّ رَاجعا ورد الى اماسيه هَارِبا نَادِما على فعله الْقَبِيح ومعترفا بخفته وطيشه الصَّرِيح فَاحْضُرْ الشَّيْخ خير الدّين الايجادي وَالْمولى جرجان وَتَابَ على يدالشيخ الْمَزْبُور عَمَّا صدر عَنهُ من الْبَغي والعدوان وأشهدهما على الرُّجُوع والارتداع وأرسلهما الى السُّلْطَان للشَّهَادَة بذلك ولااستشفاع وَقبل وصولهما الى السُّلْطَان تحول عَن رَأْيه وَعَاد الى غيه وَأخذ اولاده الثَّلَاثَة الْكِبَار وَتوجه الى بلادالعجم بِمن بَقِي عِنْده من الاشرار فَقبل وصولهما الى عتبَة السُّلْطَان ظهر خلاف مَا جاآ بِهِ من خبر ترك الْعِصْيَان فكره السُّلْطَان مجيئهما وتغيرو حبسهما فِي بَيت فِي قسطنطينية حَتَّى يظْهر جلية الْخَبَر من انهما لم يقصدا النِّفَاق وَلم يتَّفقَا على الاختلاق وَأطلقهُمَا وعزل الْمولى الْمَزْبُور عَن منصب الْفتيا ثمَّ عين لَهُ سبعين درهما علم مَا ذكرنَا وَآخر امْر الامير بايزيد انه سَافر وجد فِي سيره وَلم يقدر اُحْدُ من الامراء العثمانية على مَنعه وضيره وان تتَابع الامر بِهِ اليهم من جَانب السُّلْطَان حَتَّى وصل الى بلادالعجم فِي قَلِيل من الزَّمَان فَاسْتَقْبلهُ رَئِيس الْمُلْحِدِينَ وعمدة المتمردين شاه طهماسب فِي نفر يسير من اصحابه يُمكن

ولما اجتمعا اظهر طهماسب في وجه بايزيد توددا عظيما ووعد له جميلا وأتى به مع اصحابه الى بلده ثم فرق اصحابه بانواع الخدع والحيل حتى غدربه فحبسه مع اولاده فكان يضرب به المثل وقتل اكثر اصحابه وخلص بعضهم نفسه بالدخول في مذهبهم الباطل واحتال بعضهم حتى وصل

اسئصاله بِمن مَعَه من خُلَاصَة احزابه فَعرض على بايزيدخان بعض من امرائه الشجعان ان يَأْخُذُوا طهماسب ويقتلوا اصحابه ويستأصلوا احزابه فغلب عَلَيْهِ الْجُبْن وَالْخَوْف فَلم يكن بِهِ رَاضِيا وَأَخْطَأ فِي رَأْيه ثَانِيًا فَكَانَ فِي الاخر مصداق لما قَالَه الشَّاعِر ... اذا الْمَرْء لم يعرف مصَالح نَفسه ... وَلَا هُوَ ان قَالَ الاحباء يسمع فَلَا ترج مِنْهُ الْخَيْر واتركه انه ... بأيدي صروف الحادثات سيصفع ... وَلما اجْتمعَا اظهر طهماسب فِي وَجه بايزيد توددا عَظِيما ووعد لَهُ جميلا وأتى بِهِ مَعَ اصحابه الى بَلَده ثمَّ فرق اصحابه بانواع الخدع والحيل حَتَّى غدربه فحبسه مَعَ اولاده فَكَانَ يضْرب بِهِ الْمثل وَقتل اكثر اصحابه وخلص بَعضهم نَفسه بِالدُّخُولِ فِي مَذْهَبهم الْبَاطِل واحتال بَعضهم حَتَّى وصل الى ديار الاسلام وَنَجَا من ذَلِك الْخطب الهائل اللَّهُمَّ سلط عَلَيْهِم من يَأْخُذ ثارهم وَيخرب دِيَارهمْ ويمحو آثَارهم واضربهم فِي نحورهم ونج الْمُسلمين من شرورهم وَاجعَل من خبائث وجودهم الارض طَاهِرَة واجعلهم عِبْرَة للْعَالمين فِي الاولى والاخرة وَلما وصل الْخَبَر الى السُّلْطَان ارسل الى طهماسب عدَّة من امرائه مَعَ هَدَايَا سميَّة وتحف سنية وَطلب مِنْهُ اولاده الماسورين فسلمهم اليه مقتولين فَلَمَّا قبضوا اجسادهم دفنوهم فِي بَلْدَة سيواس رب اعْفُ عَنْهُم وارحمهم بِحرْمَة سيدالناس وَكَانَ بايزيدخان الْمَزْبُور مَعْرُوفا بالشجاعة والشهامة والفروسية والسخاء والاستقامة وَكَانَ محبا للْعلم وَالْعُلَمَاء ومترددا الى مجَالِس الْمَشَايِخ والصلحاء وَكَانَ صَاحب فهم وفراسة الا انه أعماه حب السلطنة والرياسة حَتَّى صنع مَا صنع وَوَقع فِيمَا وَقع وَكَانَ لَهُ الْحَظ الوافر من المعارف والمفاخر وَكَانَ ينظم الشّعْر بالتركي والفارسي وَله بِالْفَارِسِيَّةِ ... آن سركه بانياز برين آستانه نيست ... هركز داش زنيل سعادت نشانه نيست آن قصه راز خسرو وشرين ميكند ... اَوْ حسب حَال مَا سِتّ فسون وفسانه نيست ...

ومن غرائب الاتفاق انه كان تسمى في شعره بشاهي وقد ذهب في آخر عمره الى شاه طهماسب والتجأ اليه وآل امره الى ما أوقفناك عليه ومنهم العالم الفاضل وواسطة عقد الافاضل صاحب الجد والافادة المولى محمد بن محمد الشهير بعرب زاده نشأ رحمه الله طالبا للتحصيل

.. رخسار خوب دَاري وموزون قامتي ... هركز تراز سر بقدم بك بهانه نيست مصرع اواش سَاقِط هست آنراكه باجنين غزل عاشقانه نسيت ... وَمن غرائب الِاتِّفَاق انه كَانَ تسمى فِي شعره بشاهي وَقد ذهب فِي آخر عمره الى شاه طهماسب والتجأ اليه وَآل امْرَهْ الى مَا أوقفناك عَلَيْهِ ... وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل وواسطة عقد الافاضل صَاحب الْجد والافادة الْمولى مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشهير بعرب زَاده ... نَشأ رَحمَه الله طَالبا للتحصيل وراغبا فِي التَّكْمِيل فاشتغل على موَالِي عصره وأفاضل دهره وتتبع الْكتب والرسائل وَضبط الْقَوَاعِد والمسائل وبرز فِي الْفُنُون وفَاق وملأ بصيته الافاق وَصَارَ ملازما للْمولى خير الدّين معلم السُّلْطَان سليما ثمَّ قلد الْمدرسَة الَّتِي بناها عبد السلام بقصبة جكمجه بِخمْس وَعشْرين ثمَّ صَارَت وظيفته فِيهَا ثَلَاثِينَ ثمَّ ولي باربعين الْمدرسَة الَّتِي بناها السُّلْطَان مُرَاد الْغَازِي بِمَدِينَة بروسه الْمَشْهُور بقبولجه ثمَّ نقل عَنْهَا الى مدرسة مَحْمُود باشا بقسطنطينية بِخَمْسِينَ وَقبل ان يدرس فِيهَا اعطي مدرسة السُّلْطَان سُلَيْمَان وَلم يذهب كثير حَتَّى نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان فداخله نوع من الْغرُور الَّذِي يعمي الْقُلُوب الَّتِي فِي الصُّدُور فنسي قَوْله تَعَالَى وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور تحرّك على خلاف الْعَادة وَعين وَاحِدًا من طلبة الْمولى ابي السُّعُود للاعادة فَلَمَّا سمع تَركه الادب قَامَ الْمُفْتِي على سَاق الْغَضَب وتهيأ للخصام وتاهب للانتقام فاضرم ناره وَطلب ثاره وَقصد الى ان يمحو آثاره فَكتب الْحِكَايَة وعرضها على السُّلْطَان واظهر الشكاية فَلَمَّا سمع السُّلْطَان اساءته الادب استولى عَلَيْهِ ثائرة الْغَضَب فامر ان يكتبوا صُورَة فَتْوَى مضمونها من حقر شيخ الاسلام ومفتي الانام فَمَا جَزَاؤُهُ عندالائمة الْعِظَام فاجاب الْمُفْتِي الْمَزْبُور بِثَلَاث كَلِمَات الْعَزْل لِلْأَبَد وَالضَّرْب الاشد وَالنَّفْي عَن الْبَلَد فَعَزله السُّلْطَان وعزم على تحقيره فَأمر بتأديبه وتعزيره فَاحْضُرْ الى الدِّيوَان كواحد من الاوغاد وَضرب على رُؤُوس

ثم رضي عنه السلطان فاعطاه ثانيا احدى المدارس الثمان ثم نقل الى احدى المدارس السلطانية المعروفة عند الناس بالسليمانية ثم نقل من تلك العامرة الى قضاء القاهرة فلما عزم على السفر رأى مؤنة البر أكبر فقصد البحر في غير اوانه في زمن عتوه وطغيانه كيف لا وقد

الاشهاد فَلَمَّا جَاوز الضَّرْب الْحَد أَمر بنعيه عَن الْبَلَد فارتحل وَرَايَة عزه منكوسة الى دَار الْملك بروسه وَرجع بخفي حنين وَأقَام بهَا مُدَّة سنتَيْن لَا أنيس لَهُ الا الْبعد والفراق وأيامه فِي الظلمَة كليلة المحاق ... الدَّهْر دولاب يَدُور ... فِيهِ السرُور مَعَ الشرور بَينا الْفَتى فَوق السما ... وَإِذا بِهِ تَحت الصخور ... ثمَّ رَضِي عَنهُ السُّلْطَان فاعطاه ثَانِيًا احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس السُّلْطَانِيَّة الْمَعْرُوفَة عِنْد النَّاس بالسليمانية ثمَّ نقل من تِلْكَ العامرة الى قَضَاء الْقَاهِرَة فَلَمَّا عزم على السّفر رأى مُؤنَة الْبر أكبر فقصد الْبَحْر فِي غير اوانه فِي زمن عتوه وطغيانه كَيفَ لَا وَقد أدبر الرّبيع وَأَقْبل الشتَاء والقت وشَاة الثلوج والامطار برودة بَين الارض وَالسَّمَاء وَلبس السَّحَاب فَرْوَة السنجاب وَعرض اقطان الثَّلج قَوس السَّحَاب على الحلج وَكم نَاصح بذل جهده واستفرغ فِي نصحه مجهوده وَرب حَازِم نصيح عرض عَلَيْهِ الرَّأْي الصَّحِيح الا ان سبق الْكتاب اغفله عَن طَرِيق الصَّوَاب ... اذا انعكس الزَّمَان على لَبِيب ... يحسن رَأْيه مَا كَانَ قبحا يعاني كل امْر لَيْسَ يعْنى ... وَيفْسد مَا رَآهُ النَّاس صلحا ... فَلم يلْتَفت الى كَلَام وملام قَائِلا لَا تكترثوا بشأن الشتَاء فانما هُوَ برد وَسَلام مركب الْبَحْر وَأَصْحَابه يمْنَعُونَ تاليا قَوْله تَعَالَى اذا جَاءَ اجلهم فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ فَلَمَّا انْفَصل من جَزِيرَة رودس هبت الرِّيَاح الْعَاصِفَة واومضت البروق الخاطفة واظلمت السَّمَاء وطفت كرة المَاء واضطرب الْبَحْر وماج وَارْتَفَعت الامواج وتواتر تَوَاتر الْكَتَائِب وهجمت هجوم العدا على المراكب وَظهر فِي ظهر الْبَحْر اودية وجبال وانجاد شاهقة وتلال فَلَمَّا شاهدوا هَذِه الاحوال غَابَتْ الشَّمْس فِي الْحَال وعزمت على العروج والتحصن بالبروج واصفرت وجنة الْقَمَر من خوف الْهَلَاك وتشبث بذيل الافلاك وَأَقْبل عَلَيْهِم اللَّيْل وَأَنْذرهُمْ بالشدة وَالْوَيْل والسفينة بَين الصعُود والهبوط واهلها غارقون فِي بَحر الْيَأْس والقنوط واذا موج عَظِيم كالجبل يدب نحوهم

فلما انصب الماء عليهم وانقض تلو قوله تعالى ظلمات بعضها فوق بعض ولما ارتفعت تلك الطامة وفتح اعينهم الخاصة والعامة تفقد كل امرئ صاحبه ورفيقه ومصاحبه فاذا المرحوم وفرقة من رفقته وارباب صحبته فقدوا ولم ير لهم اثر ولم يسمع عنهم خبر كأن لم يكن

دَبِيب الاجل الى الامل فَلَمَّا شاهدوا الويل سَالَتْ عبراتهم كالسيل وَأخذُوا فِي الاسْتِغْفَار والاستحلال وشرعوا فِي التضرع والابتهال وطلبوا من الله الْخَلَاص واجتهدوا فِي طَرِيق المناص الا ان ارادة الْجَبَّار ساقت الْمركب نَحْو التيار فَلم يُمكن لذَلِك الفوج الا الدُّخُول فِي الموج ... مَا كل مَا يتَمَنَّى الْمَرْء يُدْرِكهُ ... تجْرِي الرِّيَاح بِمَا لَا تشْتَهي السفن ... فَلَمَّا انصب المَاء عَلَيْهِم وانقض تلو قَوْله تَعَالَى {ظلمات بَعْضهَا فَوق بعض} وَلما ارْتَفَعت تِلْكَ الطامة وَفتح اعينهم الْخَاصَّة والعامة تفقد كل امْرِئ صَاحبه ورفيقه ومصاحبه فاذا المرحوم وَفرْقَة من رفقته وارباب صحبته فقدوا وَلم ير لَهُم اثر وَلم يسمع عَنْهُم خبر ... كَأَن لم يكن بَين الْحجُون الى الصَّفَا ... انيس وَلم يسمر بِمَكَّة سامر ... وَحكي انه كَانَ رَحمَه الله قَاعِدا فِي كوثل السَّفِينَة مَعَ سَبْعَة عشر نَفرا من اصحابه وخلاصة احزابه فَلَمَّا غشيهم من اليم مَا غشيهم واحاطهم ذَلِك الموج الْكَبِير رمى بالكوثل الى الْبَحْر مَعَ من بِهِ من الْكَبِير وَالصَّغِير وَكَانَ المرحوم يقْرَأ الْقُرْآن وَيسْأل الْفرج من الْملك الرَّحْمَن فَمَا غرق الا والمصحف على صَدره اغرقهم الله فِي بحار رَحمته وَجمع شملهم فِي حدائق جنته وحلول الباس بِهَذِهِ الفئة سنة تسع وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة وَقد مضى من عمره خَمْسُونَ سنة وَكَانَ رَحمَه الله من فحول عصره واكابر دهره صَاحب تَحْقِيق وتدقيق وتوفيق وتلفيق قوي الْجنان نَافِذ الْكَلَام يلوح من جَبينه آثَار الْفَوْز والسعادة يصرف اكثر اوقاته فِي مطالعة الْكتب وَالْعِبَادَة وَكَانَ فِي طَرِيق الْحق من السيوف الصوارم لَا يخَاف فِي الله لومة لائم وَكَانَ ينظم الشّعْر الْمُحكم الْمُشْتَمل على نبذ من الحكم وَقد ظَفرت بِهَذِهِ الابيات الخليقة بالاثبات وَقد قَالَهَا قبل مَوته بايام على مَا نَقله بعض الاعلام ... ايا طَالبا مَالا وتزعم مَالِكًا ... فَمَا لَك تَدْعُو للعواري بمالكا قُم واشتغل كسب الْكَمَال فانه ... كمالك عِنْد الله لَيْسَ كمالكا وناج بِذكر الله انك باسمه ... لناج من الاحزان فِي كل حالكا الهي ومولائي علمتك محسنا ... جميلا فجاملني بِنور جمالكا ...

وعلق حواشي على تفسير البيضاوي وعلى الهداية والعناية وفتح القدير وصدر الشريعة وعلى شرح المفتاح للشريف وعلى المطول الا ان اكثرها في حواشي الكتب ولم يتيسر له الجمع والترتيب ضاعف الله اجره انه قريب مجيب وممن انسلك في سلك هؤلاء السادة المولى نعمة الله

.. وجد نظرة وارفع حجاب هويتي ... وَلَا تحرمني نفحة من وصالكا اتيتك من كل الْوَسَائِل عَارِيا ... وَلم اك فِي هَذَا شقيا وهالكا نِهَايَة آمالي لقاؤك مسرعا ... فيا موصل المشتاق بلغ هنالكا ... وعلق حَوَاشِي على تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وعَلى الْهِدَايَة والعناية وَفتح الْقَدِير وَصدر الشَّرِيعَة وعَلى شرح الْمِفْتَاح للشريف وعَلى المطول الا ان اكثرها فِي حَوَاشِي الْكتب وَلم يَتَيَسَّر لَهُ الْجمع وَالتَّرْتِيب ضاعف الله اجره انه قريب مُجيب ... وَمِمَّنْ انسلك فِي سلك هَؤُلَاءِ السَّادة الْمولى نعْمَة الله الشهير بروشني زَاده ... كَانَ أَبوهُ من زمرة الْقُضَاة الْحَاكِمين فِي بعض القصبات فَلَمَّا مَاتَ وَترك لِابْنِهِ اموالا جليلة افناها فِي مستلذات نَفسه فِي أزمنة قَليلَة وَطلب الْعلم وَحضر الْمجَالِس والمجامع حَتَّى صَار ملازما لعبد الْوَاسِع ثمَّ درس بمدرسة بايزيدباشا فِي مَدِينَة بروسه بِعشْرين ثمَّ مدرسة قَاسم باشا فِي الْمَدِينَة المزبورة بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ فِيهَا بمدرسة احْمَد باشا ابْن ولي الدّين بِثَلَاثِينَ ثمَّ فِيهَا ايضا بمدرسة يلدرم خَان باربعين ثمَّ مدرسة طربوزن بِخَمْسِينَ ثمَّ مدرسة السُّلْطَان فِي بروسه بالوظيفة المزبورة ثمَّ صَارَت وظيفته فِيهَا سِتِّينَ وَولي تفتيش اوقاف بروسه ثمَّ قَضَاء بَغْدَاد ثمَّ نقل الى قَضَاء حلب ثمَّ عزل وَولي مدرسة السُّلْطَان مُرَاد فِي بروسه فِي كل يَوْم ثَمَانُون درهما ثمَّ عزل وَعين لَهُ وظيفته السَّابِقَة ثمَّ قلد قَضَاء الْمَدِينَة المنورة على ساكنها الصَّلَاة وَالسَّلَام وحمدت سيرته فِيهَا وَتُوفِّي وَهُوَ قَاض فِيهَا سنة تسع وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله خَفِيف الرّوح ظريف الطَّبْع لذيذ الصُّحْبَة صَاحب لطائف ونوادر ذَا مُشَاركَة فِي الْعُلُوم وَيُقَال ان لَهُ يدا فِي علم الْكَلَام وَكَانَ فِي لِسَانه بذاذة وسفه يحذر النَّاس من شَره عَفا الله تَعَالَى عَنهُ وَقد حكى عَنهُ بعض الثِّقَات غَرِيبَة ظَهرت فِي أَيَّام قَضَائِهِ فِي بَغْدَاد وَهِي انه قَالَ طلب اهل محلّة من بَغْدَاد توسيع بعض الْجَوَامِع فعرضت ذَلِك على السُّلْطَان فورد الامر بالتوسيع فَلَمَّا باشرناه وجدنَا بجوار الْجَامِع بَعْضًا من الْقُبُور العتيقة مِنْهَا قبر الشريف المرتضى عَليّ بن طَاهِر فقصدنا نقل تِلْكَ الْقُبُور فَلَمَّا فتحنا قبر الشريف رَأَيْنَاهُ

ومن العلماء العاملين والصلحاء الكاملين شاه علي جلبي ابن المرحوم قاسم بك

مكفنا كَأَنَّهُ وضع فِي أمس ذَلِك الْيَوْم فَرفع بعض من حَضَره طرف الْكَفَن عَن وَجهه فاذا بشيخ جميل الصُّورَة صَاحب شيبَة عَظِيمَة لم يتَطَرَّق اليه شَيْء من آثَار التَّفَرُّق كَأَنَّهُ حَيّ نَائِم فتعجبنا مِنْهُ وَغلب علينا دهشة وهيبة فَلم نقدم على نَقله واخراجه من قَبره فتركناه وسطحنا قَبره فَبَقيَ دَاخل الْمَسْجِد والشريف هَذَا من اولاد عَليّ بن ابي طَالب كرم الله وَجهه وَكَانَ اماما فِي علم الْكَلَام والادب وَالشعر وَله تصانيف على مَذْهَب الشِّيعَة ومقالة فِي أصُول الدّين وَله ديوَان شعر وَقد اخْتلف النَّاس فِي كتاب نهج البلاغة الْمَجْمُوع من كَلَام الامام عَليّ رَضِي الله عَنهُ هَل هُوَ جُمُعَة ام جمع اخيه الرضي وَله الْكتاب الَّذِي سَمَّاهُ الْغرَر والدرر يشْتَمل على فنون من الادب تكلم فِيهَا على النَّحْو واللغة وَغير ذَلِك ولد رَحمَه الله سنة خمس وَخمسين وثلثمائة وَمَات بِبَغْدَاد سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ واربعمائة كَذَا ذكره ابْن خلكان وَمن الْعلمَاء العاملين والصلحاء الكاملين شاه عَليّ جلبي ابْن المرحوم قَاسم بك وَهُوَ من الغلمان الَّذين يخدمون فِي دَار السَّعَادَة العامرة فِي عهد السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَلما خرج مِنْهَا صَار مُتَوَلِّيًا لبَعض العمائر مِنْهَا عمَارَة بولائر وَكَانَ رجلا من ارباب الْفَلاح واصحاب الزّهْد وَالصَّلَاح ونشا ابْنه المرحوم فِي حجر ابيه المرقوم فَلَمَّا فرق الشمَال من الْيَمين وميز الغث عَن السمين وَعلم ان شرف الانسان على مَا نطق بِهِ نَص الْقُرْآن بِالْفَضْلِ والتقى وَالْعلم والنقا وان الدَّهْر فرص وَأَكْثَره غصص وَالْوَقْت سيف قَاطع والعمر برق لامع سَار نَحْو تَحْصِيل الْعُلُوم الظَّاهِرَة وترتيب اسباب السَّعَادَة فِي الاولى والاخرة وَقَرَأَ على الْعَالم الامجد عبد الرحمن بن عَليّ الْمُؤَيد فَلَمَّا حصل مِنْهَا طرفا صَالحا ترك كل مَا يُحِبهُ ويهواه وتمحض لعبادة مَوْلَاهُ وَكَانَ شَابًّا نَشأ فِي عبَادَة الله وَصَاحب ارباب الْحَقِيقَة وَرِجَال الطَّرِيقَة مِنْهُم الشَّيْخ مَحْمُود النقشبندي وَالشَّيْخ جمال الدّين الخلوتي وَثَبت فِي مداحض السلوك وخلص عَن غياهب الشكوك ثمَّ وزع اوقاته بَين الْعِبَادَة والافادة حَتَّى وصل عمره الى خمس وَسِتِّينَ فحصر وقته فِي الْعِبَادَة

ويحكى انه لَازم فِي كل مسَاء وصباح الصَّفّ الاول وتكبير الِافْتِتَاح فِي جَامع اياصوفيه اكثر من اربعين سنة ضاعف الله اجره فَمَا احسنه وَلما لم تكن نَفسه من نوع الرياسة خَالِيَة لم يقبل تدريس مدرسة وَلَا مشخية زَاوِيَة وَكلما طلب الاعيان صحبته واحبوا رُؤْيَته اظهر لَهُم الانقباض وَأرى الاعراض لخلوص جوهره عَن الاعراض وخلو قلبه عَن الاغراض ... انه لله عبادا فطنا ... طلقوا الدُّنْيَا وخافوا الفتنا فَكروا فِيهَا فَلَمَّا علمُوا ... انها لَيست لحي وطنا جعلوها لجة وَاتَّخذُوا صَالح الاعمال فِيهَا سفنا ... وَمِمَّنْ رزق التَّمْيِيز والاشتهار فِي انواع الْفضل وضروبه لَكِن عانق ظُهُوره بخفائه وطلوعه بغروبه شمس الدّين احْمَد ابْن ابي السُّعُود عَامله الله بِلُطْفِهِ فِي دَار الخلود ولد رَحمَه الله وآثار السِّيَادَة من ناصيته ظَاهِرَة وأنوار السَّعَادَة فِي جَبينه باهرة يُتْلَى من بَيَاض غرته وصحيفة خَدّه آيَات نجابة ابيه وَعزة جده ويروى من سلسلة هَذَا النجل النبيه حَدِيث الْوَلَد سر ابيه فَلَمَّا وصل اوان التَّحْصِيل وَأَبَان التَّكْمِيل اجْتهد فِي احراز الْفَضَائِل والمعارف واتقان النَّوَادِر واللطائف واستضاء هلاله من شمس ابيه فَصَارَ بَدْرًا واستمد نهره من سواكب مزنه فَأصْبح بحرا وَحصل المعارف الجليلة فِي الازمنة القليلة وَوصل الى فنون عدَّة فِي ادنى مُدَّة وَبِالْجُمْلَةِ لما كَانَت مرْآة طبعه مجلوة اصبحت صور فَضَائِل ابيه فِيهَا مخبوة واشتغل ايضا على الْمولى طاشكبري زَاده ثمَّ صَار معيد الدَّرْس ابيه واكمل كل مَا يهمه ويعنيه وَصَارَ فِي الاشتهار كَالشَّمْسِ فِي وسط النَّهَار وَلما وصل صيته الى سمع الْوَزير الْكَبِير رستم باشا احب رُؤْيَته واستدعاه فَلَمَّا اجْتمع بِهِ اعجبه حسن كَلَامه فاحسن اليه من نفائس الْكتب وتبناه ثمَّ اعطاه مدرسته الَّتِي بناها فِي قسطنطينية بِخَمْسِينَ وسنه اذ ذَاك سَبْعَة عشر فشرع فِي القاء الدُّرُوس واظهر امورا خَارِجَة عَن طوق الْبشر ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى مدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد ابْن السُّلْطَان سُلَيْمَان وَتُوفِّي رَحمَه

الله وَهُوَ مدرس بهَا فِي شهر جُمَادَى الاولى من سنة سبعين وَتِسْعمِائَة وَمَا بلغ عمره ثَلَاثِينَ سنة وَكَانَ سَبَب مَوته انه خالط بعض الاراذل ورغبه فِي اكل بعض المعاجين فاليه وَمَا اصدق قَول من قَالَ ... لعمرك مَا الايام الا معارة ... فَمَا اسطعت من معروفها فتزود عَن الْمَرْء لَا تسْأَل وَأبْصر قرينه ... فَكل قرين بالمقارن يَقْتَدِي ... فَلَمَّا ادام اكله تغير مزاجه فركدت انهاره الْجَارِيَة واصبحت حدائقه من النضارة عَارِية ومالت ازهاره الى الذبول وطوالعه الى الْغُرُوب والافول وباخرة طارت عنادله وانطفت قنادله وَقَامَت قافلته الى السَّبِيل ونادى مُنَادِي الْحَيّ الرحيل ولاحظه الزَّمَان بِعَين القهرفاي نعيم لَا يكدره الدَّهْر واي نَهَار لم يعقب بِاللَّيْلِ واي سرُور لم يثن بِالْوَيْلِ فانك لَو ملكت ملك شَدَّاد وَعَاد اليك قدرَة العمالقة وَعَاد ونصرت فصرت فِي تخريب الْبِلَاد وايذاء الْعباد كتيمور وَبُخْتنَصَّرَ وَكسرت كسْرَى وهدمت قصر قَيْصر وتبعك تبع الْيَمَان وَاجْتمعَ على خوانك الخان والخاقان الْيَسْ غَايَة قواك الفتور وَآخر سكناك الْقُبُور ... هَب ان مقاليد الامور ملكتها ... ودانت لَك الدُّنْيَا وَأَنت همام جبيت خراج الْخَافِقين بسطوة ... وفزت بِمَا لم تستطعه انام ومتعت باللذات دهرا بغبطة ... الْيَسْ بحتم بعد ذَاك حمام فَبين البرايا وَالْخُلُود تبَاين ... وَبَين المنايا والنفوس لزام ... وَكَانَ رَحمَه الله اعجوبة الزَّمَان ونادرة الاوان فِي الْخط والفراسية والشمول والاحاطة صَاحب اذعان صَحِيح ولسان طلق فصيح وَكَانَ رَحمَه الله غَايَة فِي جَرَاءَة الْجنان وسعة التَّقْرِير وَالْبَيَان وَاتفقَ انه سَافر متنزها وَهُوَ مدرس بمدرسة ابْن السُّلْطَان الى بروسه فَجمع من كَانَ فِيهَا من المدرسين والاعيان وَعقد مَجْلِسا فِي الْجَامِع الْكَبِير فَنقل من كتاب البُخَارِيّ واظهر الْيَد الْبَيْضَاء فِي اتقان وتحرير وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رَحمَه الله بِحَيْثُ لَو عَاشَ وامتد لَهُ مُدَّة الانتعاش لبلغ مبلغ الكمل من الرِّجَال ويشد اليه من الاقطار الرّحال وَمَا ظَفرت على شَيْء من نتائج طبعه الْكَرِيم سوى مَا كتبه

ومن المخاديم الاعيان المولى قورد احمد جلبي بن خير الدين معلم السلطان سليمان

من غير تسويد على حَاشِيَة القصيدة الَّتِي انشأها ابوه الْمُفْتِي ابو السُّعُود الَّتِي اولها ... لمن الدنا وتضعضعت اركانها ... وانقض فَوق عروشها جدرانها ... فَجرى لَهَا مجْرى الشَّرْح وَالْبَيَان فَلَا علينا من ان نثبته فِي هَذَا الْمَكَان وَهَذِه صورته افاد اولا ادام الله عزته ان اقبال دولة الدُّنْيَا على صَاحبهَا بِحَيْثُ ذلت رِقَاب الاقيال لبلوغها ذرا الْحسن وَالْجمال ومباشرتها لثياب الْعِزّ والاجلال وازر الْمجد والكمال وَالنَّاس عطاش الاكباد لزلال الفاظها الرائقة وسلسال عبارتها الفائقة حَتَّى صَارَت بِحَيْثُ يشار اليها بالبنان وتترقبها عُيُون الاعيان اقمار الْحسن فِي وَجههَا طالعة وغصون الْبَهْجَة فِي بساتين جمَالهَا يانعة وَارْتَفَعت مكانتها الى حَيْثُ يناغي البرجيس ويعادل عرش بلقيس ثمَّ لما اعْرِض عَنْهَا الزَّمَان ودهاها الْحدثَان وصب على جراثيم ازهار حسنها مياه المصائب وَتَتَابَعَتْ عَلَيْهَا الرزايا والنوائب وجر على عروشها اذيال البلى وخرعوا الى قصرهَا بانواع المحنة والبلى وَجَرت على هَذَا الاسلوب الازمان والدهور والاحقاب والعصور وتفرق عاكفو بَابهَا المنيع ومجاورو مَسْكَنهَا الرفيع وَقد اقتضاهم من اوجدهم ان يفنوا وخلت عَنْهُم الديار كَأَن لم يغنوا آل امرها الى حَال تَغَيَّرت عَلَيْهَا الشؤون والاحوال فسبحان من لَا يعتري ملكه التبدل والانتقال وَلَا يجْرِي فِي سُلْطَانه تفرق وانفصال وَبعد ذَلِك اشار الى مَالا يخْطر ببال اُحْدُ من الفرائد وبدائع الْفَوَائِد ليَكُون على الْمَطْلُوب حجَّة نيرة وَاضِحَة الْمكنون وَآيَة لقوم يعْقلُونَ وَمن المخاديم الاعيان الْمولى قورد احْمَد جلبي بن خير الدّين معلم السُّلْطَان سُلَيْمَان نَشأ رَحمَه الله بكنف الْعِزّ والْعَلَاء وَفتن الْحجَّة والسنا طَالبا للمعارف ومستفيدا من كل عَارِف واشتغل على الْمولى عبد الباقي وَالْمولى صَالح بن جلال وَالْمولى بُسْتَان وَغَيرهم من ارباب الْفضل والكمال ثمَّ صَار ملازما من الْمولى مُحَمَّد الشهير بجوي زَاده وَهُوَ مفت بطرِيق الاعادة ثمَّ صَار ذَلِك الْعَتِيق مدرسا بسليمانية ازنيق فَبعد قيل من الزَّمَان نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان فَلَمَّا مضى عَلَيْهِ سِتّ سِنِين صَارَت وظيفته فِيهَا سِتِّينَ ثمَّ ظهر لَهُ العواطف السُّلْطَانِيَّة فَنقل الى احدى

ومنهم العالم البارع الاوحد الشيخ غرس الدين احمد

الْمدَارِس السليمانية ثمَّ عطف الزَّمَان الى دمشق الشَّام فَبعد سنتَيْن ساءت بِهِ الظنون وَحل بِهِ ريب الْمنون وَذَلِكَ سنة سِتّ وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ المرحوم مشاركا فِي بعض الْعُلُوم حُلْو المصاحبة حسن المقاربة عذب المشرب سهل الْمطلب ذَا وَجه صبيح ولسان فصيح روح الله روحه وَمِنْهُم الْعَالم البارع الاوحد الشَّيْخ غرس الدّين احْمَد نَشأ رَحمَه الله فِي مَدِينَة حلب وَرغب فِي الْعُلُوم وتشبث بِكُل سَبَب وَقَرَأَ المختصرات على الشَّيْخ حسن السيوفي وَحصل طرفا صَالحا من فنون الادب ثمَّ قصد الى التَّحْصِيل التَّام فارتحل مَاشِيا الى دمشق الشَّام وَأخذ فِيهِ الطِّبّ من مقدم الالباء وَرَئِيس الاطباء الْعَالم الذكي المشتهر بِابْن الْمَكِّيّ ثمَّ انْتقل من تِلْكَ العامرة مَاشِيا الى الْقَاهِرَة واشتغل فِيهَا على الْعَالم الْجَلِيل الْمِقْدَار الشَّيْخ المشتهر بِابْن عبد الغفار وَأخذ مِنْهُ الحكميات وعلوم الرياضيات وَسَائِر الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة قاطبة بالدروس الرَّاتِبَة وَأخذ الحَدِيث وَسَائِر عُلُوم الدّين من القَاضِي زَكَرِيَّا شيخ الْمُفَسّرين فاصبح وَهُوَ لناصية الْعُلُوم آخذو حكمه فِي ممالك الْفُنُون نَافِذ وتنقلت بِهِ الاحوال وتأخرت عَنهُ الامثال وفَاق على الاقران وَسَار بِذكرِهِ الركْبَان وَلما كَانَت فضائله ظَاهِرَة عِنْد سُلْطَان الْقَاهِرَة احب رُؤْيَته واستدعاه وَرفع مَنْزِلَته واكرم مثواه ثمَّ جعله معلما لِابْنِهِ ومربيا لغصنه وَلما وَقع بَين مخدومه وَبَين سُلْطَان الرّوم من المنافسة حضر الْوَقْعَة الْمَعْرُوفَة من جَانب الجراكسة فَلَمَّا التقى الْجَمْعَانِ وتراءت الفئتان وَتقدم الابطال وتبعهم الرِّجَال وهجم لُيُوث الاروام واسود الاجام على ذئاب الاعادي وثعالب الْبَوَادِي وَكَتَبُوا باقلام السمر احاديث الْجرْح والسقام واوصلوا اليهم اخبار الْمَوْت برسل السِّهَام وارسلوا عَلَيْهِم شواظا من نَار واحلوا اكثرهم دَار البورا واخذ الصَّوَاعِق والبروق فِي اللمعان الشروق وامطر عَلَيْهِم السَّمَاء الْحَدِيد وَالْحِجَارَة وضيق عَلَيْهِم هَذِه الدارة وسالت بدمائهم الاباطح وشبعت من لحومهم الْجَوَارِح لم يثبت الجراكسة الاساعة من النَّهَار ثمَّ بدلُوا الْفِرَار من الْقَرار وَجعلُوا امام عَسْكَر الرّوم يتواثبون وهم من ورائهم بِهَذَا القَوْل بتخاطبون

.. جعلنَا ظُهُور الْقَوْم فِي الْحَرْب اوجها ... رقمنا بهَا ثغرا وعينا وحاجبا ... وَقتل الغوري فِي المعركة وَلم يعرف لَهُ قَاتل واسر ابْنه وَالْمولى المرحوم وَلما جِيءَ بهما الى السُّلْطَان سليم خَان عَفا عَنْهُمَا وقابل جرمهما بالاحسان ثمَّ لما عَاد الى ديار الرّوم بعد فَرَاغه من أَمر مصر استصحب ابْن الغوري وَالْمولى المرحوم فاستطوطن قسطنطينية وَشرع فِي اشاعة المعارف واذاعة النَّوَادِر واللطائف واشتغل عَلَيْهِ كثير من السَّادة وفازوا مِنْهُ بالاستفادة وَقد تشرفت بِرُؤْيَتِهِ وتبركت بِصُحْبَتِهِ توفّي رَحمَه الله سنة احدى وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ المرحوم رَأْسا فِي جَمِيع الْعُلُوم مستجمعا لشروط الْفَضَائِل وجامعا لعلوم الاواخر والاوائل يرغم فِي الرياضيات انوف الرؤوس ويحاكي فِي الطِّبّ ابقراط وجالينوس وَكَانَ صَاحب فنون غَرِيبَة قَادِرًا على افاعيل عَجِيبَة ماهرا فِي وضع الالات النجومية والهندسية كالربع والاسطرلاب وَسَائِر الاسباب وَكَانَ رَحمَه الله مَظَنَّة علم الْكَاف وَعلم الزايرجه بِلَا خلاف وَكَانَ رَحمَه الله مَشْهُورا بِالْمحل فِي التَّعْلِيم والافادة لارباب الطّلب والاستفادة وَلم يقبل مُدَّة عمره وَظِيفَة السُّلْطَان وَقطع حبال الاماني من ارباب الْعِزَّة بِقدر الامكان وَكَانَ يكْتَسب بطبابته ويقتات بِهَدَايَا تلامذته وَكَانَ يلبس لباسا خشنا عمَامَته صَغِيرَة ويقنع من الْقُوت بالنزر الْقَلِيل والامور الْيَسِيرَة وَكَانَ رَحمَه الله ينظم الابيات اعذب من مَاء الْفُرَات وَقَالَ فِي قافية الطَّاء مادحا لبَعض الْفُضَلَاء وَأَظنهُ الْمولى صَالح ابْن جلال عِنْد كَونه قَاضِيا بحلب وَمِنْهَا ... دعائي فَلَا يُحْصِيه عد وَلَا ضبط ... وشكري لكم دوم فَمَا كَانَ ينحط وأثني جميلا ثمَّ اهدي تَحِيَّة ... لطب شذاها يطْلب الْعود والقسط فباح بهَا مسك وفاح بعطرها ... وَفِي وجنة للورد مِنْهَا اتى قسط الى حَضْرَة احيا الانام بعلمها ... وَبَان بهَا حكم الشَّرِيعَة وَالشّرط فَلَا مطلب الا ذراها نعم وَلَا ... رحال لَدَى عزم الى غَيرهَا تخطو لقد جد اقوام وضاهوا بِمِثْلِهَا ... فدون امانيها القتادة والخرط فكم من كَبِير قد جبرت لحاله ... وفككت مأسورا اضربه الرَّبْط ...

.. وَكم من اياد قد اناخت لكاهل ... وَمَا كَادَت الاقدام من حملهَا تخطو سبقت الى الْفضل السراة فَمَا لَهُم ... من الْجهد الادون عزمك قد حطوا عَلَوْت الى ان جِئْت بِالشُّهُبِ منطقا ... فسارت بِهِ الامثال وَالْعرب والقبط جمعت لانواع الْعُلُوم فَلَا نرى ... لمثلك فَردا فِي الْفُنُون لَهُ ضبط لعمري من أَيَّام ارى فِيهِ للعدا ... كمودا وَقد حاروا وَقد ساءهم سخط جواد لَهُ جود ترَاهُ على الرِّضَا ... والا تمنى ان فارسه سقط فَتلك امانيهم واحلام كَاذِب ... فَهَل ثمَّ عقبان يردعها البط سلوا عُلَمَاء الْخَافِقين وفتية ... بسمر القنافي الْجَانِبَيْنِ لَهُم شَرط فَهَل كَانَت الانعام تأوي لبقعة ... اقام بهَا لَيْث وفيهَا لَهُ سبط فيا حبذا يَوْم وَفِيه تظلهم ... سيوف لكم بيض على روسهم رقط ترود حِيَاض الْمَوْت فِيهِ نُفُوسهم ... ونيران نقع من زفير لَهَا لغط وتهدي المنايا للنفوس بأسهم ... واقلام سمر من اسود بهَا نشط فديتكم روحي لقد حئت بالخطا ... فحلم بدا مِنْكُم فحاشاه بِي يَسْطُو فاين صوابي والخطا كَانَ جبلتي ... واقدام مَا ابغي عَلَيْهِ لقد حطوا فسامح لمن اخطأ وصنه تكرما ... فابكار فكري للخاطئين قد خطوا جَزَاك اله الْعَرْش عني عَطِيَّة ... وياتيك أفراح ويعقبها الْغَبْطُ ... وَلما وصل اليه القصيدة الميمية الَّتِي انشأها الْمُفْتِي ابو السُّعُود عَلَيْهِ رَحْمَة الرب الْوَدُود وَهِي الَّتِي اولها ... ابعد سليمى مطلب ومرام ... وَغير هَواهَا لوعة وغرام ... صنع خطْبَة سنية وصنع عدَّة ابيات سينية وارسلها الى الْمولى الْمَزْبُور استبدي باسم السَّلَام الى السدة السّنيَّة واستهدي من سناء سيدنَا وسندنا بنسمة من نسماته السجسجية سالكا سَبِيل التَّسْلِيم متمسكا بالسراط الْمُسْتَقيم نسج السحر فِي سلك الاسْتقَامَة فسبى النُّفُوس واستدعى لسليمى فاسرعت اليه كالعروس ثمَّ صلا عَنْهَا بسلوان من التَّسْلِيم وسلب اساطيرها عَن سويدائه بسر سليم فَسَأَلت السخاء من سَحَاب سماحته فأسعفني بهَا واسترقني من سَاعَته

ذكر تصانيفه التذكرة في علم الحساب ومتن وشرح في علم الفرائض وحاشية على فلكيات شرح المواقف وحاشية على شرح الجامي للكافية الى آخر المرفوعات وحاشية على شرح النفيسي للموجز من الطب وشرح تفسير البيضاوي حوى جزاين من القرآى الكريم وكتاب في علم الزايرجه وقد شرح

فَسمِعت مستهاما فس سلسال سلسبيلها مسارعا لسلافها فسل سَبِيلهَا وانشدت ... سطور لَهَا حسن عَن الشَّمْس اسفرت ... سباني سنّ باسم وَسَلام فسهل لَهَا سفك النُّفُوس وَقد سعى ... يساعد فِيهَا سائف وسهام فسرعان مَا سلت سيوف نواعس ... فسيرا فسيرا فالسيوف سطام سليمى فَمَا اسلوفسفكا اَوْ اسمحي ... فاسلو وَفِي ارسم ووسام فيا حسرتا مَا للسهاد مساعدي ... مَا سر الا حسرة وسمام سقاني السخا سما وَسَار سنية ... سحائب تَسْلِيم سعدن سجام سخيت بنفسي ان سمحت بِنَفسِهَا ... بانس وَتَسْلِيم عَلَيْك سَلام ... وَقد اظهر البراعة فِيمَن ارسل سَاعَة فَقَالَ ... يَا مفردالعصر قد بادرت بِالطَّاعَةِ ... يَا من حوى الْجُود والاوقات فِي سَاعَة نَوْعَانِ الْخَيْر قد لاحظتموه لنا ... فَكنت عبد الكم فِي الْوَقْت والساعة ... ذكر تصانيفه التَّذْكِرَة فِي علم الْحساب وَمتْن وَشرح فِي علم الْفَرَائِض وحاشية على فلكيات شرح المواقف وحاشية على شرح الجامي للكافية الى آخر المرفوعات وحاشية على شرح النفيسي للموجز من الطِّبّ وَشرح تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ حوى جزاين من القرآى الْكَرِيم وَكتاب فِي علم الزايرجه وَقد شرح القصيدة الميمية للمفتي ابي السُّعُود وأتى بِهِ الى الْمولى الْمَزْبُور فَاسْتَقْبلهُ وعانقه وأكرمه غَايَة الاكرام فَلَمَّا نظر الى مَا كتبه استحسنه واعطاه بَعْضًا من الاقمشة والعمائم وَغَيرهَا روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل والنحرير الْكَامِل الْمولى عبد الباقي ابْن الْمولى عَلَاء الدّين الْعَرَبِيّ الْحلَبِي انْتقل ابوه وَهُوَ صَغِير وَنَشَأ فِي حجر اخيه الْكَبِير عبد الرحمن الشهير ببابك جلبي فَلَمَّا انتبه من رقدة الصغر وتفكر فِي هَذِه المعالم وافتكر علم ان تفَاوت الرتب بِالْفَضْلِ والادب فَترك لذاته فِي تَكْمِيل ذَاته فَصَاحب الرؤوس والاهالي حَتَّى وصل الى مجْلِس الْمُفْتِي عَلَاء الدّين الجمالي فَلَمَّا صَار ملازما مِنْهُ تقلد بمدرسة قره كوز باشا بقصبة كوتاهيه بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة اسحق باشا بقصبة اينه كول

بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة قبلوجه بِمَدِينَة بروسه باربعين وَنقل عَنْهَا الى مدرسة مَحْمُود باشا بقسطنطينية بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل الى احدى المدرستين المتجاورتين بادرنه ثمَّ عَاد الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ نقل الى مدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بادرنه ثمَّ قلد قَضَاء حلب ثمَّ نقل الى قَضَاء مَكَّة شرفها الله تَعَالَى ثمَّ عزل ثمَّ قلد قَضَاء بروسه ثمَّ نقل الى قَضَاء الْقَاهِرَة ثمَّ عزل ثمَّ قلد قَضَاء مَكَّة ثَانِيًا وَقد تيَسّر لي الْحَج وَهُوَ قَاض بهَا وَذَلِكَ سنة تسع وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة ثمَّ عزل بِهَذِهِ السّنة فَلَمَّا عَاد الى وَطنه مَاتَ من الطَّاعُون سنة احدى وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَقيل بلغ عمره الى سِتّ وَسبعين سنة وَلم يعقب وليدا وَلَا وَارِثا رشيدا فاوصى بِثلث مَاله لوجوه الْخيرَات فبنوا بِهِ بعض الحجرات يسكنهَا فُقَرَاء الملازمين وَكَانَ رَحمَه الله من اعلام الْعلمَاء واكابار الْفُضَلَاء صحب ايد فِي الْعُلُوم مربي افاضل الرّوم وَكَانَ فِي زمن تدريسه كثير الْعِنَايَة بالدرس وَجمع الاماثل فَلذَلِك اشْتغل عَلَيْهِ كثير من الافاضل وَكَانَ رَحمَه الله نَافِذ الْكَلَام صَاحب اشتهار تَامّ كثير الافادة مَقْبُول الشَّهَادَة يُقَال انه لم يبلغ اُحْدُ مِمَّن درس بالمدارس الثمان مبلغه فِي الاشتهار والظهور من بَين الاقران وَكَانَ يلقِي مُدَّة اقامته بالثمانية سَبْعَة دروس اَوْ ثَمَانِيَة وَهُوَ بِهَذَا التَّعْيِين والاشتهار لم يكن صَاحب الاحاطة والاستحضار وَكَانَ رَقِيق الْحَاشِيَة لين الْجَانِب تطيب النَّفس بِصُحْبَتِهِ وَكَانَ رَحمَه الله فِي غَايَة ميل للرياسة والجاه وَقد بذل فِي تَحْصِيل قَضَاء الْعَسْكَر اموالا عَظِيمَة وَقد بنى فِي زمن قَضَائِهِ بِمَدِينَة بروسه على مَاء حَار حَماما عَالِيا من غرائب الدُّنْيَا يحصل مِنْهُ مَال عَظِيم فِي كل سنة وهبه للوزير الْكَبِير رستم باشا ويذكره النَّاس بالظلمية وَحكى بعض الثِّقَات اني رَأَيْته يَوْمًا فِي بَاب الْوَزير الْمَزْبُور عَلَيْهِ اثر غم شَدِيد فَسَأَلته عَنهُ فتاوه ثمَّ قَالَ قد بذلت لهَذَا الْوَزير ثَلَاثِينَ الف دِينَار وَقد دخلت عَلَيْهِ الْيَوْم وَمَا نظر الي نظر الْقبُول وَالِاخْتِيَار وَالْحق ان ذَلِك الْوَزير بَالغ فِي الاقدام وَلم يقصر فِي السَّعْي والاهتمام الا انه لم يساعده التَّقْدِير فَلم تَنْفَع جلالة الظهير وَلم تثمر هَذِه الجسارة الا النَّقْص وذاق المرحوم مذاق الْحَرِيص محروم ولعمري قد اجاد من قَالَ وأتى باحسن الْمقَال

وممن انخرط في سلك هؤلاء السادة وسلك مسلك اصحاب الفوز والسعادة الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ جمال الدين الشهير بشيخ زاده

.. اذا لم يعنك الله فِيمَا تريده ... فَلَيْسَ لمخلوق اليه سَبِيل وان هُوَ لم ينصرك لم تلق ناصرا ... وان عز انصار وَجل قبيل وان هُوَ لم يرشدك فِي كل مَسْلَك ... ضللت وَلَو ان السماك دَلِيل ... وَمِمَّنْ انخرط فِي سلك هَؤُلَاءِ السَّادة وسلك مَسْلَك اصحاب الْفَوْز والسعادة الشَّيْخ عبد الرحمن ابْن الشَّيْخ جمال الدّين الشهير بشيخ زَاده ولد رَحمَه الله فِي قَصَبَة مرزيفون وَدخل وَهُوَ شَاب فِي زمرة ارباب الاستعداد فَاجْتمع مَعَ افاضل عصره واستفاد حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى حَافظ العجمي وَهُوَ فِي احدى الْمدَارِس الثمان وَلما صَار الْمولى مُحَمَّد القره باغي مدرسا بمدرسة السُّلْطَان اورخان بقصبة ازنيق جعله معيدا لدرسه فَلَمَّا توفّي الْمولى الْمَزْبُور ترك المرحوم طَريقَة الْعلمَاء واتصل بالمولى المشتهر بعرب جلبي وَهُوَ مدرس بمدرسة قَاسم باشاب بقصبة ابي ايوب الانصاري فَقَامَ على اقدام الاقدام واهتم فِي تَحْصِيل المعارف غَايَة الاهتمام فمهر فِي الْعُلُوم الْعَرَبيَّة والفنون الادبية وتميز فِي الحَدِيث وَالتَّفْسِير وعلوم الْوَعْظ والتذكير ثمَّ ولي مدرسة دَار الحَدِيث الَّتِي بناها محمودالدفتري بقصبة ابي ايوب الانصاري وَعين خَطِيبًا بِجَامِع قَاسم باشا يسر الله تَعَالَى لَهُ فِي عقباه مَا يشا وَكَانَ حسن النغم طيب الالحان من جملَة من يتَغَنَّى بالقرآى وَكَانَ يرتل الْخطب بِصَوْت احلى من الرطب ثمَّ عين لَهُ وظائف الْوَعْظ والتذكير فِي عدَّة من الْجَوَامِع فاعتنى بِنَقْل الاحاديث والتفاسير وَقد بلغت وظيفته كل يَوْم الى سبعين وتميز من اقرانه الْمُفَسّرين وَتُوفِّي سنة احدى وَسبعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله من احلة الْعلمَاء واكابر الْفُضَلَاء وَقد حضرت مجْلِس تَفْسِيره ومحفل وعظه وتذكيره فَوَجَدته فِي تَحْقِيق الْمقَام وتدقيق المرام واصلا الى الْغَايَة وبالغا الى النِّهَايَة وَكَانَ لَا يَكْتَفِي بالايماء والترشيح بل ببالغ فِي التَّصْرِيح والتوضيح بِحَيْثُ يلْحق ثواني المعقولات باوائل المحسوسات وَلَا يحْتَرز عَن التّكْرَار والاعادة حرصا على التَّعْلِيم والافادة وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ وحيدا فِي طَرِيقَته وفريدا فِي ضيعته ويكفيه يَوْم مباحثاته ومفاخرته مَا كتبه ابو السُّعُود فِي صُورَة اجازته وَهَذِه صورته الاجازة كتبتها بالتمام لغاية حسنها ونضارتها اللَّهُمَّ رب

الأرباب مَالك الرّقاب منزل الْكتاب محق الْحق وملهم الصَّوَاب صل وَسلم على افضل من اوتي الْحِكْمَة وَفصل الْخطاب وعَلى آله الاوتاد وَصَحبه الاقطاب (وَبعد) فملا توسمت فِي رَافع هاتيك الارقام زين الْعلمَاء الاعلام الالمعي الفطن اللبيب واللوذعي اللقن الاريب ذِي الطَّبْع السَّلِيم الْوَقَّاد والذهن الْقوي النقاد العاطف لاعنة عَزَائِمه ابْتِغَاء مرضاة الله من غير عاطف يثنيه والصارف لَازِمَة صرائمه نَحْو تَحْصِيل زلفاه بِلَا صَارف يلويه السَّاعِي فِي تَكْمِيل النَّفس بالكمالات الْعلية بِحَسب قوتيه النظرية والعملية سليل الْمَشَايِخ الاخيار نجل الْعلمَاء الابرار مَوْلَانَا الشَّيْخ عبد الرحمن ابْن قدوة العارفين الشَّيْخ جمال الْملَّة وَالدّين وَفقه الله تَعَالَى لما يُحِبهُ ويرضاه واتاح لَهُ فِي اولاه واخراه مَا هُوَ لَهُ اولاه وأحراه دَلَائِل نبل ظَاهر فِي الْفُنُون ومخايل فضل باهر فِي معرفَة الْكتاب الْمكنون اجزت لَهُ فِي مطالعة الْكتب الفاخرة واقتناص الْعُلُوم الزاخرة الَّتِي الفها اساطين ائمة التَّفْسِير من كل وجيز وبسيط وصنفها سلاطين اسرة التَّقْرِير والتحرير من كل شَامِل ومحيط واستخراج مَا فِي مطاويها من الْفَوَائِد البارعة واستنباط مَا فِي تضاعيفها من الفرائد الرائعة وسوغت لَهُ افادتها للمقتبسين من انوارها الرائقة تَفْسِير وتقريرا وللمغتنمين من مَغَانِم آثارها عظة وتذكيرا على مَا نظمه بنان الْبَيَان فِي سمط السطور ورقمه يراعة البراعة فِي طي رقها المنشور حَسْبَمَا اجاز لي شَيْخي ووالدي المرحوم بَحر المعارف ولجة الْعُلُوم صَاحب النَّفس المطمئنة القدسية مُحرز الملكات الانسية المنسلخ عَن النعوت الناسوتية الفاني فِي احكام الشؤون اللاهوتية الْعَارِف باطوار خطرات النَّفس الْوَاقِف على اسرار الحضرات الْخمس مَالك زِمَام الْهِدَايَة والارشاد حجَّة الْحق على كَافَّة الْعباد محيي الشَّرِيعَة والحقيقة وَالدّين مُحَمَّد بن مصطفى الْعِمَاد الْمجَاز لَهُ من قبل مشايخه الْكِبَار لَا سِيمَا استاذه الْجَلِيل الْمِقْدَار الْجَمِيل الاثار الحبر السَّامِي وَالْبَحْر الطامي الصنديد الفريد والنحرير الحميد الْمجِيد عَم والدتي عَلَاء الْملَّة وَالدّين الْمولى الشهير بعلي قوشجي صَاحب الشَّرْح الْجَدِيد للتجريد واستاذي الْعَلامَة الْعَظِيم

ومن محاسن الدهر اللدود المولى محمد ابن المفتي ابي السعود

الشان والفهامة الْجَلِيّ العنوان الامام الْهمام السميدع القمقام نَسِيج وَحده ووحيد عَهده عبقري لَا يُوجد لَهُ مِثَال اوحدي يضْرب بمآثره الامثال الْمولى البارع الامجد ابو الْمَعَالِي عبد الرحمن بن عَليّ الْمُؤَيد الْمجَاز لَهُ من قبل استاذه الْمَشْهُور جلالة قدره فِيمَا بَين الْجُمْهُور الْمَعْرُوف فضائله لَدَى القاصي والداني جلال الْملَّة وَالدّين مُحَمَّد بن اِسْعَدْ الدواني الْمجَاز لَهُ من قبل اساتذته الْعِظَام الَّذين من زمرتهم وَالِده الْعلي الْقدر سعدالملة وَالدّين اِسْعَدْ الصديقي الْمجَاز من قبل مشايخه الفخام لَا سِيمَا استاذه عَلامَة الْعَالم مُسلم الْفضل فِيمَا بَين جَمَاهِير الامم الْغَنِيّ عَن التَّعْرِيف على الاطلاق المشتهر بلقبه الشريف فِي أكناف الافاق زين الْملَّة وَالدّين عَليّ الْمُحَقق الْجِرْجَانِيّ وأستاذي الماجدالخطير والنقاب الْمُحدث النحرير ذُو الْقدر الاتم وَالْفَخْر الاشم ابو الْفَضَائِل سَيِّدي مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْمجَاز لَهُ من قبل استاذه الْفَاضِل وَشَيْخه الْكَامِل ذِي النّسَب وَالْفضل الْمولى المشتهر بحصن جلبي محشي شرح المواقف الْمجَاز لَهُ من جِهَة شَيْخه الاجل واستاذه الشامخ الْمحل وحيد عصره واوانه وفريد دهره وزمانه عَلَاء الْمجد وَالدّين الْمَشْهُور بالمولى الطوسي صَاحب كتاب الذخر وَالله سُبْحَانَهُ اسال مكبا على وَجه الذل والمهانة سَاجِدا على جباه الضراعة والاستكانة ان يفِيض عَلَيْهِم سِجَال غفرانه وشآبيب رَحمته ورضوانه ويهدينا سَبِيل الْهدى ومناهج الرشاد ويقينا مصَارِع السوء يَوْم التناد انه رؤف بالعباد كتبه الْفَقِير الى الله سُبْحَانَهُ الراجي من جنابه عَفوه وغفرانه ابو السعودالحقير عُفيَ عَنهُ وَمن محَاسِن الدَّهْر اللدود الْمولى مُحَمَّد ابْن الْمُفْتِي ابي السُّعُود ولد رَحمَه الله وسحابه يَبْرق عَن مجدا صيل وصباحه يسفر عَن شرف اثيل وكلم فِي المهد عَن طيب نجره كلؤلؤ يخبر عَن كرم بحره فَلَمَّا رَأْي ابوه رشاقة غصنه عطف عَلَيْهِ سواكب مزنه فعما قَلِيل صدق النَّاس فِي استدلالهم بِطيب الاصل على طيب الثَّمر وحقق تفرسهم مَا تفرسوا فِي الْهلَال ابْن الْقَمَر ثمَّ اتَّصل الى الْمولى محيي الدّين الفناري واشتغل لَدَيْهِ حَتَّى شهد بفضله وَأثْنى عَلَيْهِ فاعطاه السُّلْطَان بتربيته مدرسة قَاسم باشا بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل الى مدرسة

وله ايضا ترا أي نوش لب كام دل وجان مي توان كفتن

السُّلْطَان مُحَمَّد فِي جوَار ابي ايوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الْملك الْبَارِي ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى مدرسة السُّلْطَان سليم خَان ثمَّ قلد قَضَاء دمشق الشَّام من الطف بِلَاد الاسلام فَلَمَّا وصل اليها بَاشر الْقَضَاء بِمَا يَلِيق بِهِ من الصرامة والشهامة وَكَمَال الاسْتقَامَة وتواتر الاخبار بشكر اهل هَذِه الديار ثمَّ عزل عَنهُ بِلَا سَبَب ثمَّ قلد قَضَاء حلب فَبعد مُضِيّ سنة ساءت بِهِ الظنون وَحل بِهِ ريب الْمنون وَذَلِكَ سنة احدى وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَمَا اناف عمره على اربعين سنة كَانَ المرحوم من محَاسِن الْعَصْر ونوادر الدَّهْر فِي شدَّة ذكائه وصفاء ذهنه ونقائه يتلألأ من جَبينه آثَار النجابة ويلوح من وجناته انوار السِّيَادَة وَكَانَ رَحمَه الله عَالما اديبا ومخدوما لبيبا لَهُ اطلَاع على المعارف والتواريخ وَكَانَ لَهُ معرفَة تَامَّة باحوال الْخط وَقد جمع الْكثير من خطوط السّلف بذل فِيهِ اموالا عَظِيمَة وَكَانَ يكْتب خطا مليحا فِي الْغَايَة وَكَانَ لَهُ اطلَاع عَظِيم على قَوَاعِد اللِّسَان الْفَارِسِي حَتَّى بلغ الى انه نظم الشّعْر الْفَارِسِي على ابلغ النظام بِحَيْثُ يعجز عَنهُ مهرَة الاعجام (شعر) بآيين وقابستي ميانرا يَا خيا لست ايْنَ جَنِين نازك خيالي كي توان بسثن محالست ايْنَ زبالاي توحير أَن تي شكر سروكلستان هم ... عجب شيرين شحايل قَامَت با اعتدالست ايْنَ نهان شدّ آفتاب وماه نوخوشترنمي آيد زرويت آن خجل وزابرويت دَار نفعا لست ايْنَ مكن عبيم اكرمي نالم اذ نَار غم هجران غم هجران مكو صد كَونه اندوه وملالست ايْنَ زحال ميليء بِي صَبر دلّ هركزنير سَيِّدي نيامدهيج ازويادت نمي دانم جه حالست ايْنَ ... (وَله ايضا) ترا أَي نوش لب كام دلّ وجان مي توان كفتن ...

ومن العلماء الجليل المقدر المولى مصلح الدين ابن المولى محيي الدين المشتهر بابن المعمار

.. نجان بخش لبت را آب حيوآن ميتوان كفتن قدت مَا نندسر وازنازجون قَامَت برافرازي جوبخرامي تراسر وخرامان ميتوان كفتن يكوبت كلرجان جمعندبهرديدن روبت سركوي ترارشك كلستان ميتوان كفتن بريزي بِي كنه هرلحظه خون صد مسلمانرا ترااي ترك بدخو نامسلمان مي توان كفتن مَه من باتودار ميليء بِي خانمان حرفي ... ولي حرفي كه بنهان بارقيبان مي توان كفتن ... وَمن الْعلمَاء الْجَلِيل الْمُقدر الْمولى مصلح الدّين ابْن الْمولى محيي الدّين المشتهر بِابْن المعمار توفّي ابوه قَاضِيا بحلب فَوجه المرحوم رَاحِلَة الطّلب نَحْو نَاصِيَة الْعلم والادب فعطف على طلب الْفَضَائِل ساهرا فقطف من رياض الْعُلُوم ثمارا وزاهرا وَقَرَأَ على الْمولى محيي الدّين الشهير بالمعلول ثمَّ على الْمولى الشَّيْخ مُحَمَّد الشهير بجوي زَاده ثمَّ صَار ملازما من الْمولى خير الدّين معلم السُّلْطَان سُلَيْمَان ثمَّ درس فِي مدرسة الامير بِمَدِينَة بروسه بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة احْمَد باشا ابْن ولي الدّين بِالْمَدِينَةِ المزبورة بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة يلدرم خَان فِي الْبَلدة الْمَذْكُورَة باربعين ثمَّ مدرسة ام السُّلْطَان سليم خَان بقصبة طرابوزن بِخَمْسِينَ ثمَّ ساعده عَنْهَا بعض الرؤساء حَتَّى نقل الى مدرسة زَوْجَة السُّلْطَان سُلَيْمَان بقسطنطينية ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ لما ابتنى السُّلْطَان سُلَيْمَان المدرستين الواقعتين بشرق الْجَامِع الَّذِي بناه بقسطنطينية اعطى احداهما المرحوم والاخرى للْمولى شمس الدّين احْمَد المشتهر بقاضي زَاده فِي كل يَوْم بستين درهما ثمَّ قلد قَضَاء بروسه ثمَّ عزل عَنهُ لبَعض زلاته الْوَاقِعَة فِي صكوكه ومراسلاته وَبعد سنة ولي قَضَاء ادرنه ثمَّ نقل الى قسطنطينية ودام عَلَيْهِ حَتَّى وَقع بَينه وَبَين الْوَزير 2 الْكَبِير رستم باشا مَا وَقع فَعَزله

وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم بطرِيق التقاعد ثمَّ لما مَاتَ الْوَزير الْمَزْبُور وانتصب مَكَانَهُ عَليّ باشا اظهر لَهُ المرحوم رغبته فِي قَضَاء مَدِينَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقلد ذَلِك وَبعد سنة عزل عَنهُ فَلَمَّا عَاد وَبلغ الى مصر ادركته الْمنية وفاتته الامنية وَذَلِكَ فِي شهر شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَسمعت من بعض الْعِظَام ان السَّبَب فِي اخْتِيَاره عِنْد عوده طَرِيق مصر على طَرِيق الشَّام انه فِي بعض اللَّيَالِي نَام فَسمع قَائِلا يَقُول فِي الْمَنَام الْقَضَاء فِي الْمصر فانتبه وغاص فِي بَحر الْفِكر ثمَّ حكم بَان هَذِه الرُّؤْيَا من الايات الظَّاهِرَة بانه سَيكون قَاضِيا بِالْقَاهِرَةِ وَلم يدرانها قاضية بانه سيصل فِيهَا بالعيشة الراضية وَكَانَ الْمولى المرحوم بارعا فِي كثير من الْعُلُوم مَعْرُوفا بنقاء القريحة وجودة البديهة وَمَعَ ذَلِك لَيْسَ فِيهِ رَائِحَة كبروتية وَكَانَ كثير الانشراح محبا للمفاكهة والمزاح محبا لمعاشرة الاخوان ومكبا على مصاحبة الخلان اسكنه الله فِي غرف الْجنان وَقد علق رَحمَه الله حَوَاشِي على حَاشِيَة الْمولى حسن جلبي على التَّلْوِيح وَبَقِي فِي هَامِش الْكتاب وَهَذِه النُّسْخَة الان مَوْجُودَة فِي الْكتب وَقفهَا الْوَزير الْكَبِير عَليّ باشا فِي مدرسته الجديدة وعلق ايضا حَوَاشِي على الدُّرَر وَالْغرر وَلم تتمّ وَقد عثرت لَهُ على كَلِمَات كتبهَا فِي هَامِش كتاب الجامي على الْموضع يتساءل عَنهُ الطلاب من قَوْله فِي بحث الْعدَد 0 وَلَا يجوز اضافة الْعدَد الى جمع الْمُذكر السَّالِم فَلَا يُقَال ثَلَاثَة مُسلمين فَلم يبْق الامئات لكِنهمْ كَرهُوا ان يَلِي التَّمْيِيز الْمَجْمُوع بالالف وَالتَّاء بَعْدَمَا تعود الْمَجِيء بَعْدَمَا هُوَ فِي صُورَة الْمَجْمُوع بِالْوَاو وَالنُّون اعني عشْرين الى تسعين فَهِيَ هَذِه قَوْله التَّمْيِيز بِالرَّفْع فَاعل يَلِي وَالْمَجْمُوع بِالنّصب مَفْعُوله وَالْمرَاد من التَّمْيِيز اسْم الْمَعْدُود الَّذِي هُوَ مُمَيّز الْعدَد مثل رجل وَدِرْهَم لانه التَّمْيِيز بِحَقِيقَة وبعدالاول مَعْمُول يَلِي وَمَا بعد بعد مَصْدَرِيَّة صلتها تعود والمجيء بِالنّصب مفعول تعود فَاعله كِنَايَة التَّمْيِيز وَالثَّانِي ظرف الْمَجِيء وَمَا بعده مَوْصُولَة بِمَا بعده (وَالْمعْنَى) ان الْعَرَب كَرهُوا ان يَجِيء التَّمْيِيز الَّذِي هُوَ اسْم الْمَعْدُود بعد الْعدَد الْمَجْمُوع جمع الْمُؤَنَّث اللَّازِم على تَقْدِير جمع الْمِائَة بالالف وَالتَّاء وان يُقَال ثلثما آتٍ رجل بعد كَون الْعَادة ان يَجِيء بعدالعدد الَّذِي هُوَ فِي صُورَة الْجمع الْمُذكر مثل عشْرين رجلا

ومن الذين جلسوا في مجالس الارشاد وهرع اليه الناس من كل حاضر وباد المنصور بعين عناية الباري الشيخ عبد اللطيف النقشبندي اليجاري

الى تسعين وَيدل على كَون مَا قُلْنَا شرح قَوْله تصريحه فِي شرح قَوْله وَجمعه وانما لم يقل وجمعهما لَان اسْتِعْمَال جمع مائَة مَعَ مميزها مرفوض فِي الاعداد لَا يُقَال وثلثمآت رجل تدبر وَقيل ارادبه الْمولى شمس الدّين المشتهر بقاضي زَاده حل هَذَا الْمقَام على وَجه يزِيل الايهام هُوَ ان النُّحَاة كَرهُوا ان يَلِي الثَّلَاث واخواته التَّمْيِيز الَّذِي جمع بالالف وَالتَّاء بعد صيرورة مَجِيء التَّمْيِيز الْمُفْرد بعد الْعدَد الَّذِي هُوَ فِي صُورَة الِاسْم الْمَجْمُوع بِالْوَاو وَالنُّون عَادَة لَهُ مثلا لَا يُقَال عشرُون مئات فَكَذَا لَا يُقَال ثلثماآت فالعامل فِي بعدالاول ان يَلِي وَمَا بعده مَصْدَرِيَّة وَالْعَامِل فِي بعدالثاني الميء وَمَا بعده مَوْصُوفَة اَوْ مَوْصُولَة يرد عَلَيْهِ انهم كَمَا لايقولون عشرُون مئات لَا يَقُولُونَ كَذَلِك اوهو فَاسد باحد الْوُجُوه لفساد اصول الاعداد وَهُوَ الْهَادِي الى سَبِيل الرشاد اه كَلَامه وَمن الَّذين جَلَسُوا فِي مجَالِس الارشاد وهرع اليه النَّاس من كل حَاضر وباد الْمَنْصُور بِعَين عناية الْبَارِي الشَّيْخ عبد اللطيف النقشبندي اليجاري كَانَ رَحمَه الله من اولاد مُوسَى باشا من وزراء الدِّيوَان فِي دولة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَكَانَ فِي اول امْرَهْ من طلبة الْعلم الشريف وخدمة كل فَاضل عريف ثمَّ ساقته العنايات السبحانية والجذبات الرحمانية الى طَرِيق التصوف وَترك التَّكَلُّف وَتَابَ على يدالشيخ مَحْمُود الاماسي خَليفَة الشَّيْخ الْعَارِف احْمَد البُخَارِيّ وتميز لخدمته حَتَّى زوجه بابنته وَلما انْتقل شَيْخه الى رب الْعباد اجْلِسْ الْمَزْبُور مَكَانَهُ للارشاد فِي زاويته الْمَعْرُوفَة المبنية بقسطنطينية المحمية وخدم ذَلِك الْمقَام الشريف والمنزل المنيف الى ان حج سنة سبعين وَتِسْعمِائَة وجاور بِمَكَّة المشرفة الى ان بَقِي اسبوع الى وُصُول الْحَاج من الْعَام الْقَابِل ثمَّ انْتقل الى احسان ربه الشَّامِل كَانَ رَحمَه الله عَالما عَاقِلا صَالحا مُعْتَقدًا اية فِي الْحلم والتؤدة وَالْوَقار اسكنه الله تَعَالَى فِي جنَّات تجْرِي من تحتهَا الانهار وَمن ارباب الْفضل والكمال الْمولى صَالح بن جلال كَانَ ابوه من كبار زمرة الْقُضَاة الْحَاكِمين فِي القصبات ونشا رَحمَه الله مشتغلا بِالْعلمِ وأربابه ومعجبا بِالْفَضْلِ واصحابه فاهتم فِي التَّحْصِيل

ثم عزل عنه وفوض اليه تفتيش احوال القاهرة فاصبحت بكمال استقامته عامرة فوجه اليه ثانيا قضاء حلب فلم يقبله ولم يرغب فاعيد الى مدرسته الاولى ثمانين ودام على الدرس بها سنين ثم قلد قضاء دمشق الشام ثم نقل الى قضاء مصر ذات الاهرام ثم عزل وبقي في الحزن والهم

وَرغب فِي التَّكْمِيل وَقد تشرف بمجالس السادات وَكَانَ مِنْهُ مَا كَانَ حَتَّى صَار ملازما من الْمولى خير الدّين معلم السُّلْطَان سُلَيْمَان ثمَّ درس فِي الْمدرسَة السِّرَاجِيَّة باردنه بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة مرادباشا بقسطنطينية بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة مَحْمُود باشا بِهَذِهِ الْمَدِينَة باربعين ثمَّ صَارَت وظيفته فِيهَا خمسين ثمَّ ساعده الدَّهْر واعانه الزَّمَان حَيْثُ وصل مِنْهَا الى احدى الْمدَارِس الثمان بهمة اياس باشا الْوَزير الْكَبِير بل بِتَقْدِير الْعَزِيز الْقَدِير ثمَّ صَار مَأْمُورا من قبل السُّلْطَان سُلَيْمَان بترجمة بعض الْكتب الفارسية بالتركي فاتمها فِي قَلِيل من الزَّمَان فاعطاه مدرسة السُّلْطَان بايزيدخان ثمَّ قلد قَضَاء حلب وَقَالَ فِي تَارِيخه الشَّيْخ غرس الدّين صَاحب الْفضل والادب ... بِشِرَاك يَا شهبا لقد نلْت الارب ... وأتى الهنا فِي صَالح نعم الطّلب زَالَ العنا هُنَا قد اتاك صَالح ... فالشكر لله عَلَيْك قد وَجب بِالْعلمِ والحلم غَدَتْ اوصافه ... اخو السخاء ابْن التقى عالي النّسَب فحاتم فِي الْجُود عَنْهُم قد روى ... ايضا لبيد عَنْهُم يروي الادب بِالْيمن قد جَاءَت لنا اوقاته ... يَا سائلي تَارِيخه قَاضِي حلب ... ثمَّ عزل عَنهُ وفوض اليه تفتيش احوال الْقَاهِرَة فاصبحت بِكَمَال استقامته عامرة فَوجه اليه ثَانِيًا قَضَاء حلب فَلم يقبله وَلم يرغب فاعيد الى مدرسته الاولى ثَمَانِينَ ودام على الدَّرْس بهَا سِنِين ثمَّ قلد قَضَاء دمشق الشَّام ثمَّ نقل الى قَضَاء مصر ذَات الاهرام ثمَّ عزل وَبَقِي فِي الْحزن والهم ثمَّ وَجه اليه مدرسة ابي أَيُّوب الانصاري بِمِائَة دِرْهَم فعما قَلِيل عميت عَيناهُ فتقاعد بوظيفته المزبورة بِالْمَدِينَةِ المسفورة فَلَمَّا وصل عمر هَذَا الْعرنِين الى حُدُود الثَّمَانِينَ اباده الزَّمَان وأبلاه الدَّهْر الخوان وَذَلِكَ سنة ثَلَاث وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ الْمولى المرحوم مشاركا فِي الْعُلُوم يحاكي السَّادة الْكِبَار فِي السكينَة وَالْوَقار وَكَانَ المرحوم ذَا نفس زكية وراحة سخية يُرَاعِي الْحُقُوق الْقَدِيمَة كَمَا هُوَ عَادَة الطباع السليمة محسنا الى اخوانه متفضلا على جِيرَانه وَقد كتب رَحمَه الله حَوَاشِي على شرح المواقف وعَلى

ومن العلماء العظام المولى محيي الدين الشهير بابن الامام

شرح الْوِقَايَة لصدر الشَّرِيعَة وعَلى شرح الْمِفْتَاح للشريف الْجِرْجَانِيّ وَجمع بعده لطائف عُلَمَاء الرّوم ونوادرهم وَله ديوَان شعر بالتركي وديوان منشآت بذلك اللِّسَان اسكنه الله تَعَالَى فِي غرف الْجنان وَمن الْعلمَاء الْعِظَام الْمولى محيي الدّين الشهير بِابْن الامام كَانَ ابوه اماما فِي جَامع مَحْمُود باشا وَنَشَأ رَحمَه الله طَالبا لِاكْتِسَابِ الْمَعَالِي وراغبا فِي مصاحبة كل ماجد علاي ومارس الْفُنُون الشَّرِيفَة وتتبع المصنفات اللطيفة وَقَرَأَ على الْمولى الاعظم ابْن كَمَال وَغَيره من ارباب الْفضل والكمال وَصَارَ ملازما من الْمولى القادري ثمَّ درس فِي مدرسة وَاجِد باشا بكوتاهية بِعشْرين ثمَّ صَارَت وظيفته خَمْسَة وَعشْرين ثمَّ درس فِي مدرسة اسحق باشا بقصبة اينه كول بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة يلدرم خَان بِمَدِينَة بروسه باربعين ثمَّ مدرسة ككيز بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل من هَذِه الامكنة الى احدى المدرستين المتجاورتين بادرنه فَلَمَّا قضى مِنْهَا الاوطار اعطي مدرسة اسكدار وَهُوَ أول مدرس بهَا وَرَافِع لنقابها ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ مدرسة السُّلْطَان سليم خَان ثمَّ قلد قَضَاء حلب بِلَا رَغْبَة مِنْهُ وَطلب فباشر الْقَضَاء فِيهَا قدر سنتَيْن وَلم يتَكَلَّم بِلَفْظ حكمت مرّة فضلا عَن مرَّتَيْنِ ثمَّ عزل عَنهُ وَعين لَهُ الثَّمَانُونَ حَسْبَمَا الْعَادة والقانون ثمَّ صَارَت وظيفته مائَة وَنصب مفتيا باماسيه فَقبل الْحَرَكَة والمسافرة اتّفق لَهُ سفر الاخرة وَكَانَ من الْعلمَاء العاملين والفضلاء الكاملين يُحَقّق كَلَام القدماء ويدقق النّظر فِي مقالات الْفُضَلَاء وَقد علق على اكثر الْكتب المتداولة حَوَاشِي الا انه لم يَتَيَسَّر لَهُ الْجمع وَالتَّرْتِيب والتبييض والتهذيب وَكَانَ رَحمَه الله مُعْتَزِلا عَن النَّاس غير متكلف فِي اللبَاس وَكَانَ يصدر عَنهُ لعدم اكتراثه بامور الدُّنْيَا وَقلة مبالاته قُصُور فِي مداراة النَّاس ومعاملاته وَلذَلِك كَانُوا فِيهِ يطعنون الى كل حدب يَنْسلونَ ... وَمن ذَا الَّذِي ترضي سجاياه كلهَا ... كفى الْمَرْء نبْلًا ان تعد معايبه ... توفّي رَحمَه الله فِي أول الربيعين سنة ثَلَاث وَسبعين وَتِسْعمِائَة

ومنهم العالم العامل والسري الكامل شيخنا واستاذنا تاج الدين إبراهيم ابن عبد الله سقى الله ثراه وجعل الجنة مثواه

وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل وَالسري الْكَامِل شَيخنَا واستاذنا تَاج الدّين إِبْرَاهِيم ابْن عبد الله سقى الله ثراه وَجعل الْجنَّة مثواه ولد رَحمَه الله على رَأس تِسْعمائَة فِي ولَايَة حميد فَخرج مِنْهَا فِي طلب الْعلم وَدَار الْبِلَاد واشتغل واستفاد وافنى عنفوان شبابه فِي تَحْصِيل الْعلم واكتسابه وَصَاحب اعيان النَّاس وشيدبنيان الْعلم بأشداساس وتلقى من الافاضل الدُّرُوس حَتَّى شهد بفضله الرؤوس واتصل بالمولى نور الدّين الشهير بصاروكرز وَصَارَ مِنْهُ ملازما ثمَّ درس فِي مدرسة إِبْرَاهِيم الرواس بقسطنطينية بِعشْرين ثمَّ بِالْمَدْرَسَةِ الْوَاقِعَة بقصبة يبلونه الشهير بانها بميخال اَوْ غلى بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة القَاضِي الاسود بقصبة تيره ثمَّ مدرسة اغراس ثمَّ مدرسة سُلَيْمَان باشا بازنيق فاشتغل فِيهَا وَكتب حَاشِيَة على صدر الشَّرِيعَة ورد فِيهَا على الْمولى ابْن كَمَال باشا رَحمَه الله فِي مَوَاضِع كَثِيرَة فَلَمَّا انْفَصل عَنْهَا كتب رِسَالَة وَجمع فِيهَا من مَوَاضِع رده عَلَيْهِ سِتَّة عشر موضعا وَأَغْلظ على الْمولى الْمَزْبُور فِي مَوَاضِع عديدة من تِلْكَ الرسَالَة وَقَالَ فِي اوائل ديباجتها فاعلموا معاشر طلاب الْيَقِين سَلام عَلَيْكُم لَا نبتغي الْجَاهِلين ان الْمُخْتَصر الَّذِي سوده الحبر الْفَاضِل وَالْبَحْر الْكَامِل الشهير بِابْن كَمَال باشا نعمه الله فِي رَوْضَة جنته مِمَّا يُعلمهُ وَمَا يشا وَسَماهُ بالإصلاح الْإِيضَاح مَعَ خُرُوجه عَن سنَن الصّلاح والفلاح باشتماله على تَصَرُّفَات فَاسِدَة واعتراضات غير وَارِدَة من السَّهْو والزلل والخبط والخلل لاتيانه بِمَا لَا يَنْبَغِي وتحرزه عَمَّا يَنْبَغِي مُشْتَمل على كثير من الْمسَائِل الْمُخَالفَة للشَّرْع بِحَيْثُ لَا يخفى بعد التَّنْبِيه للاصل وَالْفرع وَلَا يَنْبَغِي الِاعْتِقَاد بحقيقتها للمبتدي وَلَا الْعَمَل بهَا للمنتهي لوُجُود خلَافهَا صَرِيحًا فِي الْكتب الْمُعْتَبرَات من المطولات والمختصرات وَمن شكّ فِيمَا ذكر بعد النّظر فِيمَا سَيذكرُ اوشك ان يشك فِي ضوء الْمِصْبَاح وَوُجُود الصَّباح عِنْد طُلُوع الاصباح ثمَّ كتب نسختين وَدفع احداهما الى الْوَزير محمدالصوفي وَكَانَ ينتسب اليه وَالثَّانيَِة الى الْوَزير الْكَبِير رستم باشا فَلَمَّا اعطاه اياها طلب الْوَزير الْمَزْبُور قرَاءَتهَا فَلَمَّا وصل الى تشنيعه على الْمولى الْمَزْبُور تغير الْوَزير غَايَة التَّغَيُّر بِسَبَب انه كَانَ قد قرا على الْمولى الْمَزْبُور فاخذ مِنْهُ الرسَالَة

وَقَالَ لَا بُد من ارسالها الى الْمُفْتِي وَهُوَ يؤمئذ الْمولى ابو السُّعُود فان كنت صَادِقا فِي دعواك نعطيك مَا تسأله وان كذبت فسنجزيك باساءتك الادب فَخرج المرحوم من عِنْده مغموما ثمَّ امْر الْوَزير الْمَزْبُور لبَعض الْعلمَاء ان يصور لَهُ بَعْضًا من تِلْكَ الصُّور بِحَيْثُ يفهمهُ وَكَانَ اول مَوضِع مِنْهَا قَوْله قَالَ الْفَاضِل الشهير بِابْن كَمَال باشا وَكره سدل الثَّوْب الى قَوْله الْوَطْء والتخلي فَوق الْمَسْجِد وَالْبَوْل فَوْقه وَفَوق بَيت فِيهِ مَسْجِد أَي مَكَان اعد للصَّلَاة وَجعل لَهُ محراب وَأَشَارَ الى هَذَا بتعريف الاول وتنكير الثَّانِي اقول عد الْبَوْل فَوق الْمَسْجِد من جملَة المكروهات يُخَالف مُخَالفَة بَيِّنَة مَا هُوَ الْمُصَرّح بِهِ فِي الْكتب الْمُعْتَبرَات وَالْحَال انه لم يُؤَيّد كَلَامه بِنَقْل وَمَا هُوَ الا سَهْو اَوْ سبق قلم مِنْهُ فَلَمَّا سمع الْوَزير تِلْكَ المسئلة قَالَ قد أَسَاءَ الادب فِيهِ ايضا حَيْثُ جوز الْبَوْل فَوق مَسْجِد وَمَا هُوَ الا رجل سَفِيه انْظُر الى هَذَا الْجَهْل وَسُوء الْفَهم ثمَّ لما سمع مسئلة تَجْوِيز بيع العَبْد فِي نَفَقَة زَوجته مرّة بعد اخرى غضب غَضبا شَدِيدا وَقَالَ انه تَعْرِيض لي فعزم ان لَا يُوَجه اليه منصبا قطعا وَنسي ذَلِك الْمَغْرُور الا الى الله تصير الامور فَبَقيَ المرحوم بُرْهَة من الزَّمَان فِي مهامه الذل والهوان وَاسْتولى عَلَيْهِ الْقنُوط واليأس وَقطع امنيته عَن النَّاس فَتوجه الى جناب مَوْلَاهُ الى ان قرع سَمعه نِدَاء لَا تيأسوا من روح الله وَذَلِكَ انه اتّفق فتح سلطانية بروسه وَورد الامر من السُّلْطَان بَان يُوَجه الى اُحْدُ من المعزولين وَلم يُوجد مِنْهُم الا المرحوم وشخص آخر يبغضه الْوَزير الْمَزْبُور اكثر من بغضه للمرحوم فخاف ان يُعْطِيهَا السُّلْطَان ذَلِك الشَّخْص فسارع فِي عرض المرحوم فَقبله السُّلْطَان ثمَّ نَدم على مَا فعله وَلم يَنْفَعهُ النَّدَم بَعْدَمَا زلت الْقدَم وَمَا اصدق من قَالَ ... اذا اتى وَقت الْقَضَاء الْغَالِب ... بادرت الْحَاجة كف الطَّالِب ... فَذهب المرحوم الى مدرسته فشرع فِي الافادة وبيض فِيهَا مَا كتبه على صدر الشَّرِيعَة من اول كتاب الْحَج الى آخر الْكتاب فَلَمَّا مضى عَلَيْهِ سبع سِنِين اعطي احدى الْمدَارِس الثمان وَقد قرات عَلَيْهِ فِيهَا نبذا من كتاب الْهِدَايَة ثمَّ نقل الى مدرسة ايا صوفيه ثمَّ نقل الى مدرسة السُّلْطَان سليم خَان ثمَّ فوض اليه الْفَتْوَى باماسيه فِي

وقد كتب رحمه الله حشية على بعض المواضع من شرح المفتاح للشريف يرد فيها على المولى ابن كمال باشا في المواضع التي يدعي التفرد فيها وله عدة رسائل على مواضع من حاشية التجريد للشريف وله شرح لمتن المراح من علم التصريف

كل يَوْم بِثَمَانِينَ درهما فَلَمَّا مضى عَلَيْهِ خمس سِنِين انحرف مزاجه وانكسر زجاجه وهجمت عَلَيْهِ الامراض فانفصل عَنهُ وَهُوَ رَاض وَعين لَهُ الثَّمَانُونَ حسب مَا هُوَ الْعَادة والقانون وَتُوفِّي رَحمَه الله فِي اول الربيعين من شهور سنة ثَلَاث وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ المرحوم بَحر المعارف ولجة الْعُلُوم واصلا الى التَّحْقِيق ومالكا لَازِمَة التدقيق مشاركا فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة وبارعا فِي الْفُنُون النقلية خُصُوصا فِي الْفِقْه وبابه فانه من اكبر اربابه وَكَانَ رَحمَه الله خليقا بالمرتب الْعلية والمناصب السّنيَّة الا انه خانه دهره وَلم يساعده عصره عوضه الله تَعَالَى عَن الْمَرَاتِب الدُّنْيَوِيَّة بالدرجات الاخروية وَكَانَ رَحمَه الله ذَا خصائل رضية وشمائل مرضية متخلقا باخلاق الله قانعا باليسير من دُنْيَاهُ شَيخا مُبَارَكًا متبركا فَازَ كثير من تلاميذه وفَاق على أقرانه وَقد صدر عَنهُ بعض الْحَالَات الشبيهة بالكرامات مِنْهَا ان وَزِير زَمَانه إِبْرَاهِيم باشا امْر ان يُعْطي مدرسته معلم غلمانه فَلم يقدر قَاضِي الْعَسْكَر على مُخَالفَته وعصيانه لشدَّة باسه وَقُوَّة سُلْطَانه فأحضر المرحوم وَعرض عَلَيْهِ المرسوم وَقَالَ لَهُ لَا بُد من قبُول هَذَا الحكم فَلَيْسَ لَك الا الرِّضَا بِالْقضَاءِ فاضطرب المرحوم واظهر النفرة عَنهُ وَعدم الرِّضَا فَلم يجد لنَفسِهِ ناصرا ومعينا فَقَامَ عَنهُ كئيبا حَزينًا وَترك الاسباب وأغلق الْبَاب وَتوجه الى جناب ربه وَبَات فَإِذا الْمعلم فِي تِلْكَ اللَّيْلَة مَاتَ هَكَذَا ينجح ويظفر بالامال من اخلص التَّوَجُّه الى جناب حَضْرَة المتعال وَمن توكل على الله كَفاهُ وَمن التجأ الى غير بَابه صفرت كَفاهُ وَمَا احسن قَول من قَالَ اعذب من مَاء الزلَال ... وَكم لله من لطف خَفِي ... يدق خفاه عَن فهم الذكي وَكم يسر اتى من بعدعسر ... فَفرج كربَة الْقلب الشجي وَكم امْر تساء بِهِ صباحا ... وتأتيك المسرة بالْعَشي اذا ضَاقَتْ بك الاحوال يَوْمًا فثق بِالْوَاحِدِ الْفَرد الْعلي ... وَقد كتب رَحمَه الله حشية على بعض الْمَوَاضِع من شرح الْمِفْتَاح للشريف يرد فِيهَا على الْمولى ابْن كَمَال باشا فِي الْمَوَاضِع الَّتِي يَدعِي التفرد فِيهَا وَله عدَّة رسائل على مَوَاضِع من حَاشِيَة التَّجْرِيد للشريف وَله شرح لمتن المراح من علم التصريف

ومنهم المعروف بدده خليفة

وَمِنْهُم الْمَعْرُوف بدده خَليفَة كَانَ رَحمَه الله من نواحي قَصَبَة سونسه من بعض الاتراك وَكَانَ فِي اول الامر من أَصْحَاب البضائع مشتغلا بِبَعْض الصَّنَائِع وعالج صَنْعَة الدباغة سِنِين حَتَّى أناف عمره على عشْرين وَمَا قرا حرفا من الْعُلُوم وَمَا اجْتمع بِوَاحِد من ارباب الفهوم ثمَّ من الله تَعَالَى عَلَيْهِ بأكبر آلائه فَصَارَ من أَعْيَان عصره وعلمائه كَانَ رَحمَه الله مشتغلا بِعَمَل الدباغة فِي بَلْدَة أماسيه فاتفق انه جَاءَ بهَا مفت من عُلَمَاء ذَلِك الْعَصْر فَاجْتمع فرقة من أَعْيَان الْبَلدة المزبورة لضيافة الْمُفْتِي الْمَزْبُور فَذَهَبُوا بِهِ الى بعض الحدائق وَذهب الْمولى الْمَزْبُور متلطفا لبَعض ارباب الْمجْلس فَلَمَّا باشروا أَمر الطَّعَام طلبُوا من يجمع لَهُم الْحَطب والمرحوم قَائِم على زِيّ الدباغين الجهلة فَقَالَ الْمُفْتِي الْمَزْبُور مُشِيرا الى المرحوم ليذْهب اليه هَذَا الْجَاهِل ففهم مِنْهُ المرحوم ازدراءه لشأنه وَعلم انه لَيْسَ ذَلِك الا من شَائِبَة الْجَهْل وَذهب الى جمع الْحَطب وَفِي نَفسه تأثر عَظِيم من ازدرائه وتحقيره فَلَمَّا بعدعنهم نزل على مَاء هُنَالك وتوضا مِنْهُ وَصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ ضرب وَجهه على الارض وَتوجه بِكَمَال التضرع والابتهال الى جناب حَضْرَة المتعال وَطلب مِنْهُ الْخَلَاص من ربقة الْجَهْل وَالنُّقْصَان واللحوق بمعاشر الْفضل والعرفان متكلا على قَوْله تَعَالَى فَانِي قريب اجيب دَعْوَة الداع اذا دعان ثمَّ قَامَ وَأخذ من الْحَطب مَا يتحمله وَجَاء الى الْمجْلس وَفِي وَجهه جراحات تدمي من شدَّة مسح وَجهه بِالتُّرَابِ فتضاحك الْقَوْم مِنْهُ وظنوا ان ذَلِك من مصادمة الاشجار عندالاحتطاب فَلَمَّا تمّ الْمجْلس قَامَ المرحوم وَقبل يَد المتفي وَقَالَ اريد ترك الصِّنَاعَة وَالدُّخُول فِي طلب الْعلم فَقَالَ الْمُفْتِي ابعد هَذَا تطلب الْعلم وَهُوَ لَا يحصل الا بِجهْد جهيد وعهد مديد وعزم صَادِق وحزم فائق وَلَا بُد من خدمَة الاستاذ اكثر من الْمُعْتَاد وَأَنت لَا تتحمل بِهَذِهِ المشاق وَلَا تحْتَمل ذَلِك الوثاق فتضرع المرحوم وأبرم عَلَيْهِ فِي الْقبُول الى ان قبله الْمُفْتِي لخدمته وَرَضي بتعليمه فَلَمَّا اصبح بَاعَ مَا فِي حانوته وَاشْترى مُصحفا وَذهب الى بَاب الْمُفْتِي وَبَدَأَ فِي الْقِرَاءَة وَقَامَ فِي الْخدمَة الى ان حصل مباني الْعُلُوم وَدخل فِي سلك ارباب الاستعداد وتحرك على الْوَجْه الْمُعْتَاد حَتَّى صَار معيدا لدرس الْمولى سِنَان الدّين المشتهر بالق فِي مدرسة السُّلْطَان مُرَاد بِمَدِينَة بروسه

ثمَّ تولى مدرسة بايزيد باشا فِي الْبَلدة المزبورة بِعشْرين ثمَّ مدرسة اغا الْكَبِير باماسيه بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة القَاضِي بتره بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد بمرزيفون باربعين ثمَّ مدرسة امير الامراء خسرو بِمَدِينَة آمد بِخَمْسِينَ ثمَّ مدرسة خسرو باشا بِمَدِينَة حلب وَهُوَ اول مدرس بهَا وفوض اليه الْفَتْوَى بِهَذِهِ الديار ثمَّ نقل الى مدرسة سُلَيْمَان باشا بقصبة ازنيق ثمَّ نصب مفتيا بديار كعة وَعين لَهُ كل يَوْم سَبْعُونَ درهما ثمَّ تقاعد عَن المنصب وَعين لَهُ كل يَوْم سِتُّونَ درهما وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة ثَلَاث وَسبعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا مُجْتَهدا فِي اقتناء الْعُلُوم وَجمع المعارف آيَة فِي الْحِفْظ والاحاطة لَهُ الْيَد الطُّولى فِي الْفِقْه وَالتَّفْسِير وَكتب رَحمَه الله تَعَالَى حَاشِيَة على شرح التَّفْتَازَانِيّ فِي الصّرْف وَبسط الْكَلَام وَبَالغ فِي جمع الْفَوَائِد والمهمات وَله منظومة فِي علم الْفِقْه وعدة رسائل من فنون عديدة رَحمَه الله هَذَا آخر مَا وَقع من وفياتهم فِي دولة المرحوم السُّلْطَان سُلَيْمَان بن سليم خَان عَاشر سلاطين آل عمثان فاتح ديار فَارس بغذاد قالع قلاع انكروس وبغدان بلغراد قامع آثَار الْكَفَرَة والملحدين معفر جباه عتاة الْمُشْركين صَاحب الوقائع الْمَشْهُورَة والمناقب الْمَذْكُورَة ملك ملك الافاق بسطوته وتطاطا سراة الْعَالمين عِنْد سرادقات عزته هُوَ الَّذِي هرب ملك الشرق من بَين يَدَيْهِ فدربا فربا ودانت لهيبته الْمُلُوك شرقا وغربا فياله من ملك مُجَاهِد تنَاول الْكَوَاكِب وَهُوَ قَاعد اصبح الْبَحْر من صارمه الصمصام فِي اضْطِرَاب وتحصن المريخ من سَهْمه فِي بروج السَّبع القباب لَو قصد الى كيوان فِي حصنه لَا نزل وَلَو حمل بقناته على السماك الرامح لتَركه رجلا اعزل وَكَانَ رَحمَه الله ملكا ممدوحا ومحمودا مقداما مظفرا مسعودا وَقع مِنْهُ عداة الدّين فِي الْعَذَاب الاليم وَبلغ ملكه الى السَّبع الاقاليم وَقد مَاتَ رَحمَه الله وَهُوَ محاصر لقلعة سكتوار الَّتِي لم ير مثلهَا فِي حصانتها عين الْفلك الدوار تباهي فِي رفْعَة سورها السَّمَاء وتناطح بروجها الْحمل وتصافح الجوزاء وبأخرة كَانَت

همته الْعلية السُّلْطَانِيَّة سَببا لالتحاقها بالممالك العثمانية وَقَالَ بعض من اعتنى بتواريخ ايامه وَضبط آثاره واحكامه انه فتح فِي أَيَّامه ثلثمائه وَسِتُّونَ حصنا مَا بَين صَغِير وكبير وَلَا ينبئك مثل خَبِير وَقد انْتقل رَحمَه الله فِي الْيَوْم الثَّانِي وَالْعِشْرين من صفر سنة ارْبَعْ وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَلما اتي بجنازته الى قسطنطينية اسْتَقْبلهَا جَمِيع من فِي الْبَلَد بِكَمَال الهموم واالأحزان وصلوا عَلَيْهِ عِنْد جَامِعَة الملعروف ودعوا لَهُ بالمغفرة والرضوان ودفنوه قبالة الْجَامِع الْمَزْبُور فسبحان الدَّائِم الْبَاقِي على مر الاعصار والدهور وَكَانَ محبا للْعلم مُعظما لاهله غَايَة الاعظام ومهتما فِي اجراء الشَّرْع الْمُسلمين بمزيد الاهتمام وَقد تيَسّر لَهُ من الْخيرَات الْعِظَام والمبرات الجسام مَا لَو تفرد باحداها ملك من الْمُلُوك لكفته يَوْم مفتخره مِنْهَا الْجَامِع الَّذِي بناه بقسطنطينية وَهُوَ الَّذِي لم تَرَ مثله عين الزَّمَان وَلم يبن مثله الى هَذَا الان لايدانيه الخورنق وَلَا الْحصن الابلق وَبنى بجواره عدَّة مدارس يدارس بهَا انواع الْعُلُوم وأرباب الحجا والفهوم مِمَّا يبتهج بِهِ اولو النهى والبرهان من عُلُوم الاديان والابدان وَبنى بهَا عمَارَة ملئت بنفائس الْقرى للواردين من الامصار والقرى سوى مَا يصرف لستمائة نفس من طلبة الْعلم الشريف وَسَائِر المحاويج من الْقوي والضعيف وَبنى بهَا ايضا مارستانا لمداواة المرضى وتربية المجانين بانواع الاشربة والاطعمة والمعاجين وَمِنْهَا الجسر الْعَظِيم الَّذِي بناه على مرحلة من قسطنطينية وَذَلِكَ احدى غرائب الدُّنْيَا فِي الطول وَالْعرض وَقُوَّة الْبناء وَمِنْهَا النَّهر الْعَظِيم اتى بِهِ الى قسطنطينية وَقسم على محلاتها اقساما تنيف على مائَة واستخدم فِيهِ خلقا عَظِيما وبذل مَالا جسيما وَبنى لَهُ فِي طَرِيقه ابنية عَجِيبَة وطاقات غَرِيبَة الَّتِي يَقُول فِي بعض اوصافها وَبَيَان تاريخها الْمُفْتِي ابو السُّعُود وقدتقرب الى رب العظمة والجلال بانشاء الصنع البديع الْمِثَال الرفيع الدعائم الشامخ الْعِمَاد والمنيع القوائم الراسخ الاوتاد الَّذِي ساقاته كالمجرة فِي المنوال وطاقاته لقوس قزَح مِثَال واجراء مَا فِيهِ من العذب الْفُرَات الَّذِي لم تره الْعُيُون وَلَو يروه الروَاة يروي العطاش وَيحيى الْموَات كَأَنَّهُ جدول تشعب من مَاء الْحَيَاة على اهل دَار السلطنة السّنيَّة قسطنطينية المحمية وعَلى من يردهَا من اقطار الْبِلَاد من كل حَاضر وباد

السُّلْطَان الاسعدالاعظم والخاقان الا مجد الافخم مَالك الامامة الْعُظْمَى وَالسُّلْطَان الباهر وَارِث الْخلَافَة الْكُبْرَى كَابِرًا عَن كَابر مسخر الاقاليم بحرا وَبرا معمر الممالك احسانا وَبرا فاتح بلادالمشارق والمغارب بنصر الله الْعَزِيز وجنده الْغَالِب السُّلْطَان ابْن السُّلْطَان السُّلْطَان سُلَيْمَان بن سليم خَان وَقد اتّفق الاتمام فِي غرَّة ذِي الْقعدَة الْحَرَام سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله ذَا حَظّ من المعارف والنوادر وَله معرفَة تَامَّة بالتواريخ من الاوائل والاواخر وَكَانَ ينظم الشّعْر بالتركي الْفَارِسِي وَله ديوَان شعر بالتركي مَشْهُور وَله ديوَان شعر بِالْفَارِسِيَّةِ اكثره جيد يستعذبه الطَّبْع السَّلِيم والذهن الْمُسْتَقيم وَله بِالْفَارِسِيَّةِ (شعر ... طراوت سمنت درقمرنمي يابم ... حلاوت دهنت درشكرنمي يابم مراوحسن مَه وتوترا بِمهْر ووفا ... نزاكتيست كه آن درسكرنمييابم شبي حكايت زلفت شنيدو بيخودشد ... هنوزازدل مِسْكين خبر نمي يابم مكوكه صبركن ازكريه جون مرابيني ... جه جاي صبركه ازخوداثرث مي يابم بِلَا وفتته يسي دبدم ازبتان جومه ... ولي جوجشم تويك فتته كرنمي يابم ... وَله ... دلها كه اسير زلفيارند ... درسلسله جُنُون نكارند ارباب خردبمرزع دلّ ... جرتخم محبتت نكارند بخرام بنازسوي بُسْتَان ... عشاق حَزِين درانتظارند ازسيمتان وفامجوييد ...

شعر أي ازانتظاره توخجل آفتاب صبح لعلت بخنده نمكين برده آب صبح تابان زجيب ييرهنت سينه جوسيم جون روشني روزسييدازنقاب صبح دلرا فراغ ميدهدوديدرا فروغ ديدار افتاب وشان وشراب صبح بستان مي صبوح محبت يقال سعد اين دم كه آفتاب كشايد

.. خوش آنكه يرى وشان مهروي ... مقصوددل ترابرآرند ... (شعر 9 ... أَي ازانتظاره توخجل آفتاب صبح ... لعلت بخنده نمكين برده آب صبح تابان زجيب ييرهنت سينه جوسيم ... جون روشني روزسييدازنقاب صبح دلرا فرَاغ ميدهدوديدرا فروغ ... ديدار افتاب وشان وشراب صبح بُسْتَان مي صبوح محبت يُقَال سعد ... ايْنَ دم كه آفتاب كشايد كتاب صبح ... ( وَلما انْتقل الى رَحْمَة الله رثاه شعراء زَمَانه بالتركي والفارسي ورثاه علما اوانه بالقصائد الْعَرَبيَّة مِنْهَا مَا قَالَ الْمُفْتِي ابو السُّعُود وَهِي قصيدة طَوِيلَة فِي غَايَة اللطافة وَقد ذكرت نبذا مِنْهَا ... اصوت صَاعِقَة ام نفخة الصُّور ... فالارض قد دهيت من نقر ناقور اصاب مِنْهَا الورى دهياء داهية ... وذاق مِنْهَا البرايا صعقة الطّور تصدعت قلل الأطواد وارتعدت ... كانها قلب مرعوب ومذعور واغبر نَاصِيَة الخضراء وانكدرت ... وَكَاد تمتلى الغبراء بالمور مَا جَاءَ من عَسْكَر الاسلام من نبا ... قد صير النَّاس جُمْهُور الجماهير فَمن كئيب وملهوف وَمن دنف ... عان سلسلة الاحزان مأسور فياله من حَدِيث موحش نكر ... يعافه السّمع مَكْرُوه ومنفور تاهت عقول الورى من هول وحشته ... فاصبحوا مثل مَجْنُون ومسحور دموعهم وَقد انهلت منابعها ... كانها عين طوفان وتنور اجفانهم سفن مشحونة بِدَم ... تجْرِي ببحر من العبرات مسجور اتى بِوَجْه نَهَار لَا ضِيَاء لَهُ ... كَأَنَّهُ غَارة شنت بديجور ام ذَاك نعي سلميان الزَّمَان وَمن ... مَضَت اوامره فِي كل مَأْمُور مدَار سلطنة الدُّنْيَا ومركزها ... خَليفَة الله فِي الافاق مَذْكُور معلي معالم دين الله مظهرها ... فِي الْعَالمين بسعي مِنْهُ مشكور بلهذمي الى الاعداء منعطف ... ومشرفي على الْكفَّار مَشْهُور

.. لَهُ وقائع فِي الاكناق شائعة ... اخبارها زبرت فِي كل طامور يَا عين لَا تبرحي تبكين بعد وَلَا ... تفارقي الدَّهْر من دمع وساهور واهرقيه على الْخَدين هامعة ... من الجفون الهوامي مثل عصمور لَا تطرفي طرفَة نَحْو الدنا ابدا ... لَا تنظري نظرة تِلْقَاء مَنْظُور يَا نفس مَالك فِي الدُّنْيَا مخلفة ... من بعد رحلته من هَذِه الدّور وَكَيف تمشين فَوق الارض غافلة ... الْيَسْ جثمانه فِيهَا بمقبور اتحسبين حَلَالا بعد ذَلِك ان ... تستأخري سَاعَة فِي عَالم الزُّور دَار الْبَوَار مدَار الشَّرّ معدنه ... كلا فبوري على آثاره بوري حق على كل لِسَان ان تَمُوت اسى ... لَكِن ذَلِك امْر غير مَقْدُور فللمنايا مَوَاقِيت مقدرَة ... تَأتي على قدر من اللَّوْح مسطور ... وَمِنْهَا فِي مدح ابيه السُّلْطَان سليم خَان ... سميدع مَا جد زَادَت مهابته ... تَحت الْخلَافَة فِي عز وتنوير جد الجديدان فِي أَيَّام دولته ... صَارا كانهما مسك بكافور بدا بطلعته وَالنَّاس فِي كرب ... وَسُوء حَال من الاهوال منكور كانما هُوَ بدر كَانَ محتجبا ... ثمَّ انجلى وبدا من تَحت تاهور فَأَصْبَحت صفحات الارض مشرقة ... وَعَاد اكنافها نورا على نور سُبْحَانَ من ملك جلت مفاجره ... عَن الْبَيَان بمنظوم ومنثور كَأَنَّهَا ويراع الواصفين لَهَا ... بَحر مقيس الى منقار عُصْفُور ... وَقَالَ الْمولى عَليّ الشهير بام الْوَلَد زَاده رَحمَه الله ... مضى ملك الدُّنْيَا وَلم يبْق مشرق ... وَلَا مغرب الا لَهُ فِيهِ نائح وَلم يغن عَنهُ مَاله وَرِجَاله ... من الْمَوْت شيأ والخيول والسوابح وَمَا انا من رزء وان جلّ فاجع ... وَلَا بحبور بعدموتك فارح وَقل للمنايا قد ظَفرت سميدعا ... براجمه للمشرقين مفاتح وَقل للعطايا بعد ذَاك تعطلي ... فان ولي الْجُود والطول طائح امام الْهدى بَحر الندى قامع العدا ... سُلَيْمَان من بِالْفَضْلِ للنَّاس سامح ...

.. لقد دفن الْمجد الرفيع بدفنه ... وَعز منيع والخلال الصوالح وجد لرايات السِّيَادَة ناصب ... وجد لايات السَّعَادَة وَاضح وَقد بَكت الاقلام اذ فاض بالاسى ... عَلَيْهِ كَمَا رنت عَلَيْهِ الصفائح ذَر الْمَوْت يفني من اراد فانه ... ثوى الْيَوْم من يخْشَى عَلَيْهِ الفوادح لحا الله دُنْيَانَا وخطب صروفها ... فَلم ير من اهوالها قطّ ناجح اذا اعجلت سَهْما من الْعَيْش نَاعِمًا ... فَمن خَلفه سهم من الْبُؤْس فادح سلاف قصاراها زعاف ومركب ... شهي اذا استلذذته فَهُوَ جامح وَقد جاد مَا قد قيل فِي وصف حظها ... وَمَا هُوَ وصف ان تدبرت صَالح رويدك يَا من غره طيف عزها ... فعما قَلِيل عَنْك ذَلِك نازح وَمَا هُوَ الا كالشهاب وضوئِهِ ... يَزُول بآن بَعْدَمَا هُوَ لائح وأودى وَلَكِن طيب ذكرَاهُ خَالِد ... الى الْحَشْر يبْقى وَهُوَ كالمسك فائح الا ايها الْملك السعيد المكرم ... عَلَيْك سَلام الله ماحن صادح ... وَقَالَ المخدوم مُحَمَّد ابْن الْمولى بُسْتَان فِي قصيدة طَوِيلَة ... نسيم الصِّبَا رقت باشجان فرقة ... حمامة ذَات السدر جنت من الذعر احامي حمى الاسلام اودى وَهل لَهُ ... نعيت لدين انت مَالك من عذر ازالت من الدُّنْيَا مراسم بهجة ... وآلت مسرات الزَّمَان الى الضّر دموعي جودي فِي رزية عَادل ... عديل ابْن خطاب مثيل ابي بكر لقد ذاق من كاس الْحمام امامنا ... امام الْهدى بَحر الندى طيب الْبشر انام انام الْعَهْد فِي مهد عدله ... فراح الى دوح على سندس خضر تفضلت الايام بِالْجمعِ بَيْننَا ... فَفرق من أجل الْقُصُور عَن الشُّكْر كَذَلِك دهر الدَّهْر بؤس ونعمة ... وناهيك تِلْكَ الْحَال فِي الْوَعْظ وَالذكر فواحسرتا ان أنزل الدَّهْر مثله ... من الْقصر فِي قَعْر الجنادل والصخر فَمَا اخضر بالمروين بعْدك عوده ... وَمَا غردت وَرْقَاء فِي الرَّوْض ذِي النُّور وَمَا قلبت ايدي الفوارس بعده ... رماحا لَدَى الهيجاء ذِي الْكر والفر سقى الله قبرا من سحائب نعمه ... تضمن بحرا فِي الندى صافي الْبر ...

الا ايها الْملك الشَّهِيد الْمُجَاهِد حَلِيمًا كَرِيمًا قد مضى طيب الذّكر ... عَلَيْك من الرَّحْمَن فضل وَرَحْمَة ... وروح وَرَيْحَان مدى الدَّهْر وَالْعصر كَمَا انت فِي الاولى بعز ونعمة ... كَذَلِك فِي الاخرى وَفِي الْحَشْر والنشر ... ذكر مَا وَقع من وفياتهم فِي عهد السُّلْطَان سليم خَان الثَّانِي ابْن السُّلْطَان سُلَيْمَان وَمن مَشَايِخ الطَّرِيقَة وَرِجَال الْحَقِيقَة الشَّيْخ محيي الدّين المشتهر بِحَكِيم جلبي ولد رَحمَه الله بقصبة ازنكميد وَنَشَأ طَالبا للفضائل ومجتنبا عَن الرذائل فَخَاضَ الغمار واقتحم الاخطار وَقضى من الْعُلُوم الاوطار وَبينا هُوَ يسيح فِي عَالم فسيح عَارِيا عَن الرباق وسائحا فِي عَالم الاطلاق اذهبت الرِّيَاح من رياض الْحَقِيقَة واومضت البروق من اراضي الطَّرِيقَة وتنفس النسيم من ربع الحبيب فاشعل نيران الْمحبَّة فهاج كل قلب كئيب وَقَالَ كل يَعْقُوب متلهف اني لاجد ريح يُوسُف واخذ الصِّبَا فِي الهبوب وَذكر صباحة المحبوب وَشرع فِي وصف ليلى بِمَا هُوَ الذ واحلى فَمَلَأ الافاق صياح العشاق فَلَمَّا قرع هَذَا الهديل سَمعه اشرق عَلَيْهِ من نور الْمحبَّة لمعه وهجم عَلَيْهِ الشوق والغرام وَغلب الوجد والهيام وَاسْتولى عَلَيْهِ سُلْطَان الْهوى وأغار جنود الْعِشْق والجوى فَقَامَ بِالْقَلْبِ العليل الى طلب المرشد وَالدَّلِيل فساقته عناية الْبَارِي الى خدمَة الشَّيْخ احْمَد البُخَارِيّ فَوجدَ النَّجْم الْهَادِي فِي الغيهب المتمادي وَالطَّرِيق الاسهل فِي بيداء مجهل فَقبل يَده وتشبث بذيله وَأخذ فِي الِاجْتِهَاد بيومه وليله وَدخل بِحسن الارادة فِي ربقة التَّسْلِيم وَالْعِبَادَة وتبتل الى الله فِي سره واعلانه وجد واجتهد وتميز عَن أقرانه بيناهو فِي السَّعْي والمجاهدة اذ ابْتُلِيَ بالامراض الهائلة فَحصل من علم الطِّبّ الطّرف الْعَظِيم حَتَّى اشْتهر باسم الْحَكِيم وانتفع النَّاس بطبابته كَمَا انتفعوا فِي طَرِيق الْحق بحذاقته وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة ارْبَعْ وَسبعين وَسَبْعمائة وَدفن بحظيرة الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء بِقرب الشَّيْخ عَليّ السَّابِق ذكره كَانَ المرحوم من اجلة مَشَايِخ الرّوم صَاحب الكرامات الْعلية والمقامات

ومنهم المولى علاء الدين المنوغادي

السّنيَّة كثير النَّفْع للْمُسلمين رَفعه الله تَعَالَى فِي اعلى عليين وَمِنْهُم الْمولى عَلَاء الدّين المنوغادي نَشأ رَحمَه الله فِي حجر خَاله وتربى بغيث نواله وَهُوَ معلم الْوَزير الْكَبِير اياس المشتهر بَابي اللَّيْث بَين النَّاس وَدَار على موَالِي عصره للاستفادة حَتَّى صَار ملازما من الْمولى الشهير بِكَمَال باشا زَاده ثمَّ تقلد بعض من الْمدَارِس وَجعل يزاول الْعُلُوم ويمارس ثمَّ ولي مدرسة اينه كول بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة دَاوُد باشا بقسطنطينية باربعين ثمَّ مدرسة طرابوزن بِخَمْسِينَ ثمَّ عزل فَوَقع فِي الْحزن والاسى حَتَّى اعطي مدرسة مغنيسا ثمَّ عزل وَبَقِي فِي التعطل والهوان حَتَّى اعطي احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ نقل الى مدرسة ايا صوفيه افشتغل فِيهَا وافاد الى ان قلد قَضَاء بَغْدَاد ثمَّ عزل وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون ودام عَلَيْهِ حَتَّى ألم بساحته الْمنون وَذَلِكَ سنة ارْبَعْ وَسبعين وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله مَعْرُوفا بالكمال ومعدودا من الرِّجَال جريء الْجنان طليق اللِّسَان حُلْو المحاورة لطيف النادرة مهتما بمجمع الاماثل وراغبا فِي مصاحبة الافاضل روح الله روحه وَنور ضريحه وَمِنْهُم الْمولى شمس الدّين احْمَد ابْن اخي القراماني الْمَشْهُور بمعلم الْوَزير الاعظم احْمَد باشا كَانَ رَحمَه الله من بَلْدَة قوينة وَخرج مِنْهَا لطلب الْعُلُوم فَاجْتمع مَعَ الْكثير من الاماجد القروم حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى سعدالله محشي تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ فعكف على تَحْصِيل المعارف واكتساب اللطائف حَتَّى صَار ملازما فتقلد مدرسة الْمولى خسرو فِي مَدِينَة بروسه بِعشْرين ثمَّ صَارَت وظيفته فِيهَا خَمْسَة وَعشْرين ثمَّ الْمدرسَة الحجرية بادرنه بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة دَاوُد باشا بقسطنطينية باربعين ثمَّ صَارَت وظيفته فِيهَا خمسين ثمَّ نقل الى مدرسة بنت السُّلْطَان بقصبة اسكدار ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى مدرسة ايا صوفيه بستين ثمَّ الى مدرسة السُّلْطَان سليم خَان بالوظيفة المزبورة ثمَّ قلد قَضَاء الْمَدِينَة المنورة ثمَّ عزل فَقبل وُصُول خبر الْعَزْل توفّي بهَا فِي اوائل سنة ارْبَعْ وَسبعين وَتِسْعمِائَة

ومنهم المولى يعقوب الشهير بجالق

كَانَ المرحوم مشاركا فِي بعض الْعُلُوم وَله حَظّ من المعارف واللطائف بشوشا حسن السمت ساعيا فِي أَمر من يلوذ بِهِ وَكَانَ لَهُ أَخ اصغر مِنْهُ اسْمه مُحَمَّد توفّي قبله باشهر وَهُوَ مدرس باحدى الْمدَارِس السليمانية وَمِنْهُم الْمولى يَعْقُوب الشهير بجالق كَانَ رَحمَه الله من قَصَبَة انقره فَلَمَّا قَارب اوان التَّحْصِيل خرج مِنْهَا رَاغِبًا فِي التَّكْمِيل فَاجْتمع بالافاضل السَّادة وجد فِي الإستفادة حَتَّى صَار ملازما من الْمولى شيخ مُحَمَّد المشتهر بجوي زَاده ثمَّ درس بمدرسة خَاص كوي بِعشْرين ثمَّ صَارَت وظيفته فِيهَا خَمْسَة وَعشْرين ثمَّ درس فِيهَا ثَانِيًا بِثَلَاثِينَ ثمَّ درس بمدرسة قره كوزباشا بقصبة فلبه باربعين ثمَّ بمدرسة سراي بِخَمْسِينَ ثمَّ بمدرسة احْمَد باشا بقصبة جورلي بالوظيفة المزبورة ثمَّ نقل الى دَار الحَدِيث بادرنه ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ قلد قَضَاء بَغْدَاد توفّي وَهُوَ قَاض بهَا سنة ارْبَعْ وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله مَعْرُوفا بِالْعلمِ وَالْفضل ومراعاة الْحُقُوق السَّابِقَة وَكَانَ مَحْمُود السِّيرَة حسن السريرة سليم الصَّدْر طارحا للتكلف والتصنع وَمِنْهُم الْمولى تَاج الدّين إِبْرَاهِيم قَرَأَ رَحمَه الله على بعض عُلَمَاء زَمَانه ورؤساء اوانه حَتَّى سَاقه الدَّهْر الى خدمَة الْمولى الْمُعظم كَمَال باشا زَاده فعكف على التَّحْصِيل والاستفادة وسعى فِي تَكْمِيل ذَاته حَتَّى صَار ملازما مِنْهُ بِحكم وَفَاته ثمَّ درس بعدة من الْمدَارِس المبنيات فِي بعض النواحي والقصبات حَتَّى قلد مدرسة بري باشا بقصبة اطنه بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل عَنْهَا الى مدرسة مناستر فِي مَدِينَة بروسه بالوظيفة المزبورة ثمَّ نقل الى سلطانية بروسه ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى مدرسة مغنيسا ثمَّ الى الْمدرسَة الَّتِي بناها السُّلْطَان سُلَيْمَان بِمَدِينَة دمشق وفوض اليه الْفَتْوَى بِهَذِهِ الديار وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما فدام عَلَيْهِ حَتَّى توفّي سنة ارْبَعْ وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله مَعْرُوفا بالعلوم الدِّينِيَّة والمسائل اليقينية خُصُوصا الْفِقْه فانه كَانَ معدودا من اصحابه ومذكورا فِي عدد أربابه وَكَانَ رَحمَه الله لين الْجَانِب صَحِيح العقيدة صَاحب الاخلاق الحميدة

ومنهم المولى الخطير والسميدع النحرير المولى محمد بن عبد الوهاب بن عبد الكريم قراهم الله في دار النعيم

وَمِنْهُم الْمولى الخطير والسميدع النحرير الْمولى مُحَمَّد بن عبد الوهاب بن عبد الكريم قراهم الله فِي دَار النَّعيم كَانَ جده الْمولى عبد الكريم قَاضِيا بالعسكر فِي دولة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَولي ابوه عبد الوهاب الدفتر دارية فِي عهدالسلطان سليم خَان وَنَشَأ رَحمَه الله غائصا فِي غمار الْعُلُوم ولجج المعارف طَالبا لدرر الْفَضَائِل واللطائف ساعيا فِي اقتناء انواع الْعُلُوم رَاغِبًا فِي اقتناص شوارد الْمَنْطُوق وَالْمَفْهُوم واشتغل على الْمولى اسرافيل زَاده وَالْمولى جوي زَاده ثمَّ اشْتغل بُرْهَة من الزَّمَان على المتفي ابي السُّعُود فِي احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ وصل الى مَعْدن الْفضل والكمال ومحط رحال الرِّجَال الْمَخْصُوص فِي عَهده بالافادة الْمولى الشهير بِكَمَال باشا زَاده فتبحر فِي الْعُلُوم وَمهر وَكسر معارضيه وقهر وَغلب على اقرانه وفَاق وطار طَائِر صيته فِي الافاق وَجمع من الْفُنُون الْخِيَار وَشهد بفضله الْكِبَار وسلب الشَّمْس رُتْبَة الاشتهار ثمَّ درس فِي مدرسة صاروجه باشا بقصبة كليبولي بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ بِالْمَدْرَسَةِ الحجرية بادرنه بِثَلَاثِينَ ثمَّ االمدرسة القلندرية بقسطنطينية باربعين ثمَّ مدرسة سُلَيْمَان باشا بازنيق بِخَمْسِينَ ثمَّ ساعده الزَّمَان فَنقل الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى مدرسة السُّلْطَان سليم خَان فَلَمَّا قضى مِنْهَا الارب تقلد قَضَاء حلب ثمَّ قَضَاء دمشق الشَّام ثمَّ قَضَاء مصر ذَات الاهرام ثمَّ خانه الدَّهْر ورماه بالتعب فعزل بعد ثَلَاثَة اشهر بِلَا سَبَب فَلم يُثمر ذَلِك المنصب الا النصب ثمَّ استقضي ثَانِيًا بِدِمَشْق المحروسة ثمَّ نقل الى قَضَاء بورسه ثمَّ صَار قَاضِيا بالعسكر الْمَنْصُور فِي ولَايَة اناطولي المعمورة فوفى حُقُوقه بِرَأْيهِ الرصين ودام عَلَيْهِ مُدَّة سِتّ سِنِين ثمَّ عزل لامر يطول بَيَانه وَيُورث الكسل شَرحه وتبيانه وَحَاصِله صِيَانة أَمر دينه الخطير وَمُخَالفَة الْوَزير الْكَبِير وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة وَخَمْسُونَ درهما على حسب الْعَادة وان كَانَ خليقا بِالزِّيَادَةِ فَلَمَّا وصل عمر هَذَا الْعرنِين الى حُدُود السِّتين غاله اجله وانصرم عمله فَحزن بِمَوْتِهِ كل شرِيف ووضيع وطفل ضَرِيع وبكاه الْبعيد بكاء الْقَرِيب كانه للنَّاس حميم اَوْ نسيب واشمأز اخلاطر فتمثلت بقول الشَّاعِر

.. اجرى المدامع بِالدَّمِ المهراق ... خطب اقام قِيَامه الاماق ان قيل مَاتَ فَلم يمت من ذكره ... حَيّ على مر اللَّيَالِي بَاقِي ... وَذَلِكَ فِي السَّابِع وَالْعِشْرين من رَمَضَان من شهور سنة خمس وَخمسين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ الْمولى المرحوم طودا من المعارف والعلوم كاشف معضلات الْعُلُوم الْمَشْهُورَة رَافع استار الْفُنُون المستورة لَهُ فِي الْعَرَبيَّة ايد يقصر عَنْهَا بَاعَ ابي عبيد لَو طلع بغرته الغراء لفر من بَين يَدَيْهِ الْفراء وَلَو رَأَيْت فِي الْفِقْه ابكار افكاره اللطيفة لحكمت بانه مُحَمَّد اَوْ ابو حنيفَة وَالْعجب انه مَعَ ذَلِك الْفضل الباهر والتقدم الظَّاهِر لَيْسَ فِيهِ رَائِحَة عجب وتيه حُلْو الفكاهة طيب المعاشرة ابو المعارف اخو مكاشرة وَكَانَ رَحمَه الله عالي الهمة عَظِيم الشان يرى احسانه كل قاص ودان يغبطه الْغَيْث على نواله وينسج الْبَحْر على منواله لم تَجِد رَاحَته بِدُونِ الْمَعْرُوف رَاحَة حَيْثُ جبل على الْكَرم والسماحة وَكَأَنَّهُ وجدالخيار لنَفسِهِ فِي خلقه فَمن السخاء تَكُونَا واذا اخذ فِي العذل اقاربه وَمن يصاحبه ويقاربه يلاطفهم فِي الْجَواب ويخاطبهم بِهَذَا الْخطاب ... اعاذل ان الْجُود لَيْسَ بمهلكي ... وَلَا يخلد النَّفس الشحيحة لؤمها وتذكر اخلاق الْفَتى وعظامه ... مغيبة فِي الارض بَال رميمها ... ولنكتب من اياديه مِثَالا وتفاصيله اجمالا بَينا هُوَ جَالس فِي مَجْلِسه وقاعد فِي محافل انسه اذ دخل عَلَيْهِ سَائل بدمع سَائل ولباس فقر هائل فسارع نَحوه بالاحترام وقصده بِالْعَطِيَّةِ والانعام فامر باحضار سِتِّينَ درهما فاذا غلط الْخَادِم واتى بِالدَّنَانِيرِ مَكَان الدَّرَاهِم فَمَا استكثره وَمَا استكبره بل استقله واستصغره واعطاه جملَة الدَّنَانِير فكاد السَّائِل من فرحه يطير حَيْثُ وصل فَوق بغيته وَأكْثر من امنيته وَلما جمع الْمولى محيي الدّين المشتهر بسباهي زَاده حَوَاشِيه الَّتِي علقها على حَاشِيَة التَّجْرِيد للشريف الْجِرْجَانِيّ صدرها باسمه وعرضها عَلَيْهِ اعطاه مائَة دِينَار ومدرسة بِثَلَاثِينَ وَقد حسب مَا حصل لَهُ مُدَّة قَضَائِهِ بالعسكر فَبلغ الى سبعين الف دِينَار وَمَات رَحمَه الله وَعَلِيهِ اربعة آلَاف دِينَار وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رَحمَه الله للْعُلَمَاء خَاتمًا وللأجواد خَاتمًا وَفِي الْجُود حاتما وَكَانَ فِي طرف عَال من تَعْظِيم

شَعَائِر الله وَكَانَ من عَادَته انه لَا يكْتب شيأ بالقلم الَّذِي يكْتب بِهِ اسْم الله عز وَجل وَمن عَادَته انه لَا ينَام وَلَا يضطجع فِي بَيت كتبه تَعْظِيمًا للْعلم الشريف وَقد كتب رَحمَه الله تَعَالَى عدَّة مقالات على منوال مقامات الحريري وَكتب حَاشِيَة على الْبَيْضَاوِيّ من اول الْكتاب الى سروة طه وعلق حَوَاشِي على حَاشِيَة الْمولى جلال الدّين الدواني للتجريد وَكتب اشياء أخر الا انها لم تظهر بعد مَوته وَكَانَ رَحمَه الله ينظم الابيات بعدة السّنة ولغات فَمن نتائج طبعه الشريف بِلِسَان عَرَبِيّ لطيف هَذَا الْكَلَام الَّذِي سلب المَاء رقته وغصب النَّحْل ريقته ... ارج الصِّبَا من جَانب العلياء ... فغدا الْمعَاهد طيب الارجاء قد جاد بِالْعرْفِ الْجَمِيل على الورى ... فتبادر الارواح فِي الاحياء فَكَأَن سلمى ارسلت من مُرْسل ... وعقيصة من عنبر سَوْدَاء اَوْ حلت الازرار من ديباجها ... من حلَّة مسكية فيحاء اَوْ أشفقت ريح على أهل الجوى ... تهدى اليهم عرفهَا لشفاء فِي دَارهم لادار شَرّ حولهَا ... للعاشقين دَوَاء أَي دَوَاء لَكِن من يهوى يَمُوت بحسرة ... وبمحنة وبدمعة حَمْرَاء هَل من سفير مُعرب فمعبر ... عَن حَالَة الشَّخْص الضَّعِيف النائي فمخبر بِلِسَان صدق نَاطِق ... بصبابتي وبخلتي وولائي وَبَان لي ارقا طَويلا منذما ... سامرتها فِي لَيْلَة قَمْرَاء ايْنَ السرى اهل الْهوى نَحْو الْحمى ... فِي رمفقة من رفْقَة الْفُقَرَاء اذ اسرعت معي القلوص بسيرها ... مندوحة عَن مَوضِع وحداء هبت هويا لَا يشق غبارها ... وتلقت الارياح بِالْبَيْدَاءِ اذ مَا قَضَت عَن دلجة وطرا لَهَا ... وانختها بالخطة الخضراء لما نجحت بستر بَاب جِئْته ... حييتها بسكينة وحياء من خيفة ردَّتْ بِجَانِب حَاجِب ... فِي خُفْيَة عَن أعين الرقباء أَلْقَت حَدِيثا جَوف ليل خافيا ... عَنْهُم الي باجمل الالقاء يَا حبذا عمر الْفَتى فِي نيله ... مَا قد رجا زَمنا بِحسن رَجَاء ...

.. لكنه آن لطيف زائل ... متسارع فِي نقلة وفناء كعمود دولاب يمر وينقضي ... مر السَّحَاب وَشبه جري المَاء هَيْهَات هَيْهَات النجاح بِمرَّة ... غير الَّتِي مرت من الاناء فَوق الْجبَال الراسيات طرائفي ... وَمَعَ الاسود الضاريات مرائي وبذ الزَّمَان بدا الامور كَمَا ترى ... بِالْعَكْسِ فِي الكرماء واللؤماء وَالنَّاس قد نبذوا وَرَاء ظهروهم ... غر الْوُجُوه وزمرة السُّعَدَاء الاخرقون بقبة من عزة ... وأولو النهى مبنوذة بعراء اضحى اللبيب غيامه كظلامه ... لَا يستبين وصبحه كمساء وشوؤنه شَتَّى بِربع دارس ... فِي صيفه وربيعه وشتاء ورمان بالكرة الزَّمَان ورميه ... لَا فِيهِ زيغ رمية بِسَوَاء وَبقيت فِي هَذَا الحضيض وشيمتي ... فِي اوجها تعلو على الجوزاء بمناط حد من مَكَارِم جمة ... اورثتها عَن سادة الاساء متسممون بعهدهم قنن الْعلَا ... متوسمون بحلية الحنفاء غُصْن كريم زَاد طُوبَى عرقه ... من عرقه وأصوله الكرماء يلقى النُّفُوس معطرا انفاسها ... ومروحا للروح والسوداء لَا فِي اعْتِبَار للزمان واهله ... الا كَمثل البقلة الحمقاء فالان فِي هَذَا الضئيل تحمل ... مَالا يُطيق لعدله اكفائي خطبي عَظِيم صَاحِبي وقيتما ... من كربَة فِي غربَة صماء لَا يرتجى تَفْصِيله من قارض ... اَوْ كَاتب بالشعر والانشاء مَا كَانَ لي مَعَ سوء حَالي هَذِه ... بَين الورى سمح من الرُّحَمَاء لما رَأَوْا مني تحمل شدَّة ... تبدو ابوا عني اشد اباء فتقطع الاسباب فِي نيل المنى ... عَن دابر الا خَفِي نِدَاء فدعاء فِي ازنيق طَابَ سكينه ... بمشاهد النجباء وَالشُّهَدَاء مستجمعا لشروطه بحيالها ... مستشفعا عَن اكرام الشفعاء جلى تحيات عَلَيْهِ جَمِيعهَا ... حَتَّى الْقِيَامَة عدَّة الاشياء ...

.. متضرعا لله جلّ صِفَاته ... وعلت لَهُ الْحسنى من الاسماء رَبِّي خَزَائِن كل شَيْء عِنْده ... آلاؤه جلن عَن الاحصاء ومراقبا لاجابه من عِنْده ... سُبْحَانَهُ رَبِّي سميع ندائي ... وَيَقُول فِي قصيدة ميمية ... وَكنت من اليجل الْجَمِيل خصالهم ... اولئك اعلام الْعُلُوم عِظَام وقدشيد اس الْعلم بَيْتا مُعظما ... وَجل لَهُ سقف وَعز دعام رفيع الْبَنَّا فَوق السَّمَوَات منزلا ... عَزِيز الْحمى عَن ان يكون يرام وَقد سَاد من بَين الخليقة اهله ... فهم سادة فِي الْعَالمين فخام وودعت لذاتي على نيل نبلهم ... وَقلت على ميل النُّفُوس سَلام نجحت بحجب النَّفس عَن كل مطمع ... بسؤلي هَذَا مَا عَليّ ملام ... وفيهَا يَقُول ... كفاني كفاف النَّفس مَا انا قَاصد ... الى دولة فِيهَا الانام خصام فَهَل هِيَ الا نَحْو طيف لنا عس ... وَهل هِيَ الا مَا اراه مَنَام فيا عجبا للمرء يعْقد قلبه ... على شهوات ضرهن لزام وَللَّه صعلوك قنوع بحظه ... مَا مَعَه عِنْد اللئام لؤام قناعته اغنته عَن كل حَاجَة ... فَذَاك امير وَالزَّمَان غُلَام ... وَفِيه يَقُول ... وشأن الْفَتى لَا يسْتَقرّ بِحَالهِ ... حوادث دهر مَا لَهُنَّ نظام فَسَكِرَ وصحو عزة ومذلة سرُور وغم صِحَة وسقام لَا عوام ملك غَايَة وَنِهَايَة ... وَأَيَّام عز آخر وَتَمام وَعمْرَان ارْض عرضة لخرابها ... ولذات عمرَان علمت سمام فان كنت مِمَّا قلت فِي شقّ رِيبَة ... وعندك فِيهِ مرية وخصام فسرو اعْتبر بالخاويات على الثرى ... افيها قعُود هَل ترى وَقيام ... وَله بِالْفَارِسِيَّةِ ... ايْنَ عاشقي نه ازخوداي بارساخدارا ... اكنون مكن ملامت درويش بِي نوارا ...

زلفت رانح نوايي تلبه رابد ردل قاتيق يارموايكن تدبيرا يكا هرنه دم كم بنديردم قيلمادي تأثيرا كا ايتب ايردم كوش نصيحت اول سني كوش ايتمدي هرني باب وفضلدن قيلمشم تعزيزا كا اوزاكه عالمغه نوشب نايدي بوعالمدين خلاص اوزروزيدين هم بوتوايرش

.. من جَام عشق جانان روزازل كشيدم ... زَان دم خراب ومستم كويار آشنارا زَان روزاسيريارم رسواي روز كارم ... بِي صَبر وَبِي قرارم رحمي كن ايْنَ كدارا حنست علام آراعشقست حَالَتْ افزا ... ديكرجه كَونه كويم ياران باصفارا مستي وباده نوشي ازخور نَشد مُحَمَّد ... أَي بيرياك مشرب عذرم شنوخدارا ... وَله ايضا ... عَاشَ كيسوي مشكينم بكوجانانه را ... شفقتي زنجيرمي بايدجنين يدوانه را دارم اندرسينه مهْرَان يرى ببكركنون ... من بكنج آبادكردم كنج ايْنَ ويوانه را حَالَتْ عشق وجنون ازعاشق ويرانه برس ... جَان من ازمن شنواين دلفريب افسان هرا انكسارم زانكه آمدنوبتم وربزم مي ... سنك رازدساقيءبيمان شكن بيمانه را دَامَ ذلت رانمي افتد مُحَمَّد بهر مَال ... شاهبا زاوج استفنا نخواهد دانه را زلفت رانح نوايي تلبه رابد ردل قاتيق يارموايكن تدبيرا يكا ... هرنه دم كم بنديردم قيلمادي تَأْثِيرا كَا ايتب ايردم كوش نصيحت اول سني كوش ايتمدي ... هرني بَاب وفضلدن قيلمشم تعزيزا كَا اوزاكه عالمغه نوشب نايدي بوعالمدين خلاص اوزروزيدين هم بوتوايرش مكرتقديراكا مين ني قلغاي مين فنابازار يُنكر رسوايبوز ... هرني كم تَقْدِير قلغاي بولمغاي تفيراكا ني معالجه ين اثرتابقاي ني نَا صحدن خبر ... أَي محمدخاليفه خاليفه قويمق ايرر تدبيراكا ... وَله ايضا

.. جانغا يتدي رردوغم قيلماس دمي جاتان انكا ... اول جهاندن فارغ وبولمش جهان حيران انكا اوفراغت عالمية دردد لدين بِي خير ... مين جُنُون دشتنه بولدم زاروسركردان انكا اورجكب فرياددين يتوركه اول قوباش ... بونعالي دَالا مَحل تيماس دمي افغان انكا مين اوزمدين باردم اوبازعاج نظردين بولمغاي مين اوزمكا اول سكاكلمناك امكان ايماس اكا أَي مُحَمَّد تابدي كوب جوره جفاشيدا كونكل ... مين نه قلغاي مين وفاقيلماس كوكل الغان اكا ... وَله ايضا ... افلا يرثي لحالي افلا ... قمر فِي السحب عني أَفلا قلت مر الْعَيْش والعمر انْقَضى ... قَالَ لي مَه كلما مرحلا ... وَله ايضا ... اكرآن مي دهدجاني بدر كاهش مسرمارا ... رسد بركلاه مَا برفعت جرخ والارا تومي دردلبري افزون زمهرويان دهرا كنون ... كه مَه زرورن كردون همي ايدتماشارا ... وَله اشعار تركية لَطِيفَة اضربنا عَن ذكرهَا لشهرتها ... وَمن الْعلمَاء الاعيان السَّيِّد حسن بن سِنَان ... ولد رَحمَه الله فِي قَصَبَة نيكسار فَخرج طَالبا للْعلم من هَذِه الديار فدار الْبِلَاد حَتَّى انتظم فِي سلك ارباب الاستعداد ثمَّ وصل الى خدمَة الْمُفْتِي ابي السُّعُود وَهُوَ فِي مدرسة كليويزه فاشتغل عَلَيْهِ ثَمَان سِنِين فنال بِهِ اعلى الْمَرَاتِب وَوصل الى اشرف المآرب ثمَّ صَار ملازما من الْمولى خير الدّين معلم السُّلْطَان سُلَيْمَان ثمَّ تقلد مدرسة الامير ببروسه بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة عبد السلام بجكمجه بِثَلَاثِينَ ثمَّ

مدرسة قره كوز باشا بقصبة فلبه باربعين ثمَّ مدرسة مناستر بِخَمْسِينَ ثمَّ مدرسة زَوْجَة السُّلْطَان سُلَيْمَان بقسطنطينية ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ قلد قَضَاء حلب ثمَّ نقل الى مَكَّة وَاسْتقر فِيهَا مُدَّة خمس سِنِين وَقد رَأَيْت اهل الْحرم يشكرونه وَيدعونَ لَهُ بِالْخَيرِ ثمَّ نقل الى قَضَاء بروسه ثمَّ نقل الى قَضَاء ادرنه ثمَّ عزل وَعين لَهُ كل يَوْم تسعون درهما بطرِيق التقاعد وَتُوفِّي سنة خمس وَسبعين وَتِسْعمِائَة لَيْلَة الْعِيد من ذِي الْحجَّة وَكَانَ الْمولى المرحوم مشاركا فِي كثير من الْعُلُوم يستوعب اكثر اوقاته مطالعة الْكتب النافعة وعباداته وَقد طالع كتبا كَثِيرَة وَجمع الْمسَائِل وَكتب الْفَوَائِد وحرر الرسائل وَكَانَ رَحمَه الله رجلا صَالحا دينا مشكور السِّيرَة فِي قَضَائِهِ وَالنَّاس يبالغون فِي مدحه وثنائه وَيَكْفِيك مَا جَاءَ فِي الاخبار وَنَقله بعض الاخيار من ان وَاحِدًا من اهل مَكَّة عرض عَلَيْهِ عشْرين الف دِينَار فِي قَضِيَّة لَا تستوجب الغائلة وَالضَّرَر فِي وَقت لَا يطلع عَلَيْهِ فَرد من أَفْرَاد الْبشر فعبس وَبسر وَتَوَلَّى وَأدبر وطرده وَكسر قلبه بل اراد ضربه فَانْظُر الى اهل الرجولية وَلَا شكّ انها من الامداد الرسولية جزاه الله تَعَالَى بمزيد احسانه وَأَسْكَنَهُ فِي ارائك جنانه (ورثاه) ابْنه الاكبر بعد الْمَمَات بقصيدة فلنذكر مِنْهَا بعض الابيات ... فَلِكُل نفس ان تَمُوت وتقبرا ... وَلكُل انف شامخ ان يعفرا وَلكُل سيف لَا محَالة كلة ... وَلكُل رمح الطعْن ان يتكسرا وَلَك روض ان يُغير حسنه ... من بعد ان قد صَار روضا ازهرا وَلكُل امْر غَايَة وَنِهَايَة ... وَلكُل خطب الْعِزّ ان يتعسرا ايْنَ السَّلِيل الطَّاهِر الشَّيْخ النقي ... من كَانَ فِي الْعلم الرئيس الاكبرا قَاضِي قُضَاة الْمُسلمين على الْهدى ... شَيخا ترى فِي الْفضل بحرا اخضرا حسن الفعال كاسمه صِفَاته ... فبمثله متكاملا من ابصرا وَكفى لَهُ كَون ابْن بنت الْمُصْطَفى ... شرفا على جم الفخار ومفخرا لَو بت احصر من مَنَاقِب فَضله ... لعييت اذ تيك المنى لن تحصرا مَا كَانَ تبصر اعين من قبله ... ان يلْحد الْبَحْر الْعَظِيم ويقبرا ...

قرا رحمه الله على افاضل عصره وأماثل دهره منهم المولى محيي الدين الشهير بقطب الدين زاده ثم صار ملازما من المولى خير الدين معلم السلطان سليمان ثم تولى مدرسة جنديك ببروسه بخمسة وعشرين ثم مدرسة سليمان باشا بقصبة يكي شهر بثلاثين ثم بها ثانيا باربعين ثم

.. طويت مناشر جوده من بعد أَن ... كَانَت لَهُ اعلام فضل تنشرا فَمضى لدَعْوَة ربه لما دعِي ... متشوقا متشكرا مُسْتَبْشِرًا لَا زَالَ تسقى من غوادي رَحْمَة ... روضاته عطرا وطيبا عنبرا يَا رب روح روحه فِي قَبره ... مَا أقبل الرّيح النسيم وأدبرا وَالله مَا أنسى لذائذ ذكركُمْ ... حَتَّى اموت على الْفراش واحشرا ان كنت عَنَّا فِي التُّرَاب مغيبا ... مَا ذكرك الْمَحْمُود عنام مهجرا انت الَّذِي اسهدتني بِفِرَاقِهِ ... مَا كنت ادري قبله دلج السرى طُوبَى لقبر انت فِيهِ مضاجع ... قد جاور الْبَدْر الزهي الانورا لازلت فِي روض النَّعيم مخلدا ... يَا خير من صلى وَصَامَ وأفطرا وسقاك رَبك من حِيَاض جنانه ... يَوْم الظما مَاء طهُورا كوثرا ... وَمن هَؤُلَاءِ السَّادة الْمولى مصلح الدّين المشتهر بِدَاوُد زَاده قرا رَحمَه الله على افاضل عصره وأماثل دهره مِنْهُم الْمولى محيي الدّين الشهير بقطب الدّين زَاده ثمَّ صَار ملازما من الْمولى خير الدّين معلم السُّلْطَان سُلَيْمَان ثمَّ تولى مدرسة جنديك ببروسه بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة سُلَيْمَان باشا بقصبة يكي شهر بِثَلَاثِينَ ثمَّ بهَا ثَانِيًا باربعين ثمَّ مدرسة قَاسم باشا خَارج قسطنطينية ثمَّ نقل عَنْهَا الى مدرسة خانقاه ثمَّ الى مدرسة الخاصكية ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى مدرسة سليم خَان ثمَّ قلد قَضَاء الْمَدِينَة المنورة يحْكى انه لما دخل الْحرم اعْتِقْ مماليكه واجتهد فِي اداء مَنَاسِك الْحَج واهتم غَايَة الاهتمام وَبعد قَلِيل انْتقل الى جوَار ربه السَّمِيع وَدفن بِالبَقِيعِ وَكَانَ المرحوم صَاحب ايد فِي الْعُلُوم سهل القياد صَحِيح الِاعْتِقَاد ذَا همة علية وسماحة جلية يُرَاعِي مَعَ الاخوان الخلان الْحُقُوق السَّابِقَة اذا نزلت بائقة وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رَحمَه الله صَاحب عزم وحزم الا ان فِيهِ خصْلَة ابْن حزم الَّذِي قَالَ فِي شانه بعض ارباب الْبَيَان لِسَان ابْن حزم وَسيف الْحجَّاج شقيقان محا الله سيآتهما وضاعف حسناتهما وَقد علق رَحمَه الله فِي اثناء الدَّرْس حَوَاشِي على بعض الْمَوَاضِع من شرح الْمِفْتَاح للشريف الْجِرْجَانِيّ وَمِمَّنْ القى اليه الدَّهْر قيادة فَتقدم على كثير من الافاضل على خلاف

ومنهم العالم العامل المولى مصلح الدين الشهير بمعلم السلطان جهانكير

الْعَادة وتحرك فِي ميادين الْعِزّ كَيفَ يشا الْمولى مَحْمُود معلم الْوَزير الْكَبِير مُحَمَّد باشا ولد بقصبة سراي فَخرج مِنْهَا رَاغِبًا فِي التَّحْصِيل والإستفادة واشتغل على كثير من الافاضل والسادة وقرا على الْمولى عبد الباقي وَالْمولى صَالح وَصَارَ ملازما من الْمولى محيي الدّين الشهير بالمعلول ثمَّ درس فِي مدرسة خَاص كوي بِعشْرين ثمَّ مدرسة خواجه خير الدّين بقسطنطينية بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ بهَا ثَانِيًا بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة رسم باشا بقسطنطينية بِأَرْبَعِينَ ثمَّ صَار وَظِيفَة فِيهَا خمسين ثمَّ نقل إِلَى مدرسة ابي ايوب الانصاري ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الَّتِي بناها السُّلْطَان سُلَيْمَان ثمَّ ولي قَضَاء الْقَاهِرَة فَبعد شَهْرَيْن من الظفر بالمرام وَالدُّخُول الى مصر ذَات الاهرام توفّي فِي رَابِع محرم الْحَرَام سنة سبع وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ المرحوم مشاركا فِي بعض الْعُلُوم صَحِيح العقيدة صَاحب الاخلاق الحميدة لَا يُؤْذِي النَّاس مَعَ كَمَال قدرته وَنِهَايَة مكنته وَقد بَاشر الْقَضَاء بِكَمَال الاسْتقَامَة جزاه الله بمزيد احسانه يَوْم الْقِيَامَة وَمِنْهُم الْعَالم الْعَامِل الْمولى مصلح الدّين الشهير بمعلم السُّلْطَان جهانكير وَقد نشا رَحمَه الله فِي الْقرْيَة الْقَرِيبَة اكردير وشب على تَحْصِيل الْعلم وشمر عَن سَاق الِاجْتِهَاد حَتَّى تميز وانتظم فِي سلك ارباب الاستعداد وسلك فِي الطَّرِيقَة الْمُعْتَادَة حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى المشتهر بجوي زَاده ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى عبد الواسع فنال بِهِ مَا نَالَ وَحصل عِنْده الآمال فَلَمَّا صَار ملازما مِنْهُ قَلّدهُ الْمدرسَة الَّتِي بناها بقصبة ديمو رتوقه بِعشْرين ثمَّ زَاد فِي وظيفته فَصَارَت خَمْسَة وَعشْرين وَلما توفّي الْمولى الْمَزْبُور تقاعد فِي الْمدرسَة وتشبث بذيل القناعة واشتغل بتهديب نَفسه بِقدر الِاسْتِطَاعَة وَلما مضى عَلَيْهِ بُرْهَة من الزَّمَان نصب معلما للسُّلْطَان جهانكير ابْن السُّلْطَان سُلَيْمَان فدام على تَعْلِيمه الى ان اخمدالدهر ناره وَعفى آثاره وَعين لَهُ كل يَوْم خَمْسُونَ درهما على طَرِيق التقاعد ثمَّ زيد عَلَيْهِ عشرُون فدام عَلَيْهِ حَتَّى الم بِهِ ريب الْمنون وَذَلِكَ فِي الْمحرم سنة سبع وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله عَالما عَاملا وورعا دينا سريع الْفَهم قوي الذِّهْن حسن الاخلاق

ومن العلماء الاخيار المولى محيي الدين الشهير بابن النجار

طيب الله ثراه وَجعل الْجنَّة مثواه وَمن الْعلمَاء الاخيار الْمولى محيي الدّين الشهير بِابْن النجار نَشأ رَحمَه الله فِي قَصَبَة اسكوب فَخرج مِنْهَا طَالبا للمعارف ومستفيدا من كل عَارِف واتصل بالمولى اسحق فاكثر من التَّحْصِيل والاستفادة حَتَّى صَار ملازما مِنْهُ بطرِيق الاعادة ثمَّ درس بِالْمَدْرَسَةِ الْوُسْطَى بقصبة ثيره بِعشْرين ثمَّ مدرسة الامير حَمْزَة بِمَدِينَة بروسه بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة عبد السَّلَام بجكمجه بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة مُحَمَّد باشا بقصبة صوفية بِأَرْبَعِينَ ثمَّ الْمدرسَة الحلبية بادرنه بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل الى سلطانية بروسه ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ ولي قَضَاء بَغْدَاد ثمَّ عزل عَنهُ وَعين لَهُ كل يَوْم سَبْعُونَ درهما بطرِيق التقاعد توفّي رَحمَه الله سنة سبع وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا اديبا لبيبا صَاحب طبع سليم وذهن مُسْتَقِيم لذيذ الصُّحْبَة حُلْو المقاربة عَارِيا عَن الْخُيَلَاء وَالْكبر صافيا كصفاء العقيان والتبر وَكَانَ رَحمَه الله ينظم الشّعْر بالتركي والعربي فَمن نظمه ... يَا من خلق الْخلق على احسن ذَات ... ميزت ذَوي النُّطْق باعلى الملكات فِي كل صِفَات من كل جِهَات طُوبَى لنفوس بذلت أنفس شَيْء ... فِي حبك يام معطي أَسبَاب نجاتي طَوْعًا قبولا حِين العقبات مَا كنت على عمري من عمري حينا ... اسرفت مدى الْعُمر لاجل الشَّهَوَات لَكِن مرَارًا من كيس حَياتِي من جَاءَ الى بابك بالتوب الهي ... اذ يسْقط بالاوب كاوراق نَبَات لَا يرجع خلو اجرام عصاة ارجو بك ان تَعْفُو ياغافر ذَنبي ... اذ كنت مقرا بوفور السقطات ... كلا وجميعا وَقت الدَّعْوَات ... وَمِنْهُم الْمولى عبد الرحن المشتهر ببالدار زَاده توفّي ابوه مدرسا بسلطانية بروسه وَلما توجه المرحوم نَحْو تَحْصِيل المعارف

ومنهم العالم الفاضل فخر الاماجد والافاضل الذي تفتخر بمثله الادوار والازمان المولى مصلح الدين المشتهر ببستان

والعلوم صَاحب الاهالي والاعالي حَتَّى صَار ملازما من الْمُفْتِي عَلَاء الدّين عَليّ الجمالي ثمَّ تولى بعض الْمدَارِس وَجعل يزاول الْعُلُوم ويمارس حَتَّى قلد مدرسة اورج باشا بقصبة ديموتوقه بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة الْمولى المشتهر بِابْن الْحَاج حسن بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة الْمولى عرب بقصبة ثيره باربعين ثمَّ القلندرية بالوظيفة الاولى ثمَّ الْمدرسَة الحلبية بِخَمْسِينَ ثمَّ مدرسة ابي ايوب الانصاري ثمَّ احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ مدرسة السُّلْطَان يايزيدخان بادرنه ثمَّ قلد قَضَاء الْمَدِينَة على ساكنها أفضل الصَّلَوَات مَا تعاقب النُّور والظلمات ثمَّ عزل ثمَّ قلد قَضَاء حلب ثمَّ عزل وَتُوفِّي سنة سبع وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله مَعْرُوفا بِالْعلمِ وَجمع الاماثل فِي زمن تدريسه فصيحا حازما جيد المحاضرة مَقْبُول المناظرة مَحْمُود السِّيرَة فِي قَضَائِهِ وَقد رَأَيْت اهل الْمَدِينَة يبالغون فِي ثنائه رَحمَه الله تَعَالَى وَأحسن اليه يَوْم جَزَائِهِ وَمِنْهُم الْعَالم الْفَاضِل فَخر الاماجد والافاضل الَّذِي تفتخر بِمثلِهِ الادوار والازمان الْمولى مصلح الدّين المشتهر ببستان ولد رَحمَه الله تَعَالَى سنة ارْبَعْ وَتِسْعمِائَة بقصبة ثيره فَلَمَّا نَشأ وشب وَبلغ ابان الطّلب ترك التواني والتناعس وهجر التقاعد والتقاعس فَخرج من تِلْكَ الْبِلَاد وتشبث بذيل السَّعْي وَالِاجْتِهَاد حَتَّى انتظم فِي سلك ارباب الاستعداد وَاجْتمعَ من الافاضل بِمن يُمكن مَعَه الِاجْتِمَاع كالمولى محيي الدّين الفناري وَالْمولى شُجَاع ثمَّ عطف الزِّمَام نَحْو الِاشْتِغَال على الْمولى الْمُعظم المشتهر بِابْن الْكَمَال فَجعل العكوف على التَّحْصِيل لزاما فَملك من الْعُلُوم عنانا وزماما واحرز عِنْده من الْفَضَائِل مَا احرز سَابق فِي مضمار المعارف فبرز وَجرى فِي ميدانها الى ابعد امد وَبنى بَيت التَّقَدُّم على اثْبتْ عمد وَصَارَ ملازما من الْمولى خير الدّين معلم السُّلْطَان سُلَيْمَان ثمَّ تقلد مدرسة الْمولى يكان بِمَدِينَة بروسه ثمَّ عَن لَهُ بعض الامور واقتضت بعض الحيثيات اخْتِيَاره قَضَاء بعض القصبات ثمَّ رَجَعَ عَنهُ بعد مَا بَاشر الْقَضَاء برايه الرصين وَأخذ مدرسة الْمولى عرب بقصبة ثيره باربعين ثمَّ ساعده الدَّهْر وأعانه الزَّمَان حَيْثُ انتسب الى زَوْجَة السُّلْطَان سُلَيْمَان فاعطته مدرسته المبنية فِي

قسطنطينية المحمية فَبعد قَلِيل من الزَّمَان نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ قلد قَضَاء بروسه ثمَّ قَضَاء ادرنه ثمَّ قَضَاء قسطنطينية فَلَمَّا وصلت مُدَّة قَضَائِهِ الى ارْبَعْ سِنِين ولي قَضَاء الْعَسْكَر بِولَايَة اناطولي فَبعد عشرَة ايام توفّي الْمولى الشَّيْخ مُحَمَّد المشتهر بجوى زَاده وَهُوَ قَاض بالعكسر بِولَايَة روم ايلي فَنقل المرحوم الى مَكَانَهُ وَاسْتقر فِيهِ خمس سِنِين ثمَّ عزل وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة وَخَمْسُونَ درهما وَتُوفِّي فِي الْعشْر الاخير من رَمَضَان سنة سبع وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَدفن لَيْلَة الْقدر بِقرب زَاوِيَة السَّيِّد البُخَارِيّ خَارج قسطنطينية كَانَ رَحمَه الله من أكَابِر الْعلمَاء والفحول الْفُضَلَاء تَنْشَرِح النُّفُوس بروائه وَيضْرب الْمثل بذكائه يغبطه النَّاس على نقاء قريحته وَسُرْعَة بديهته المعيا فطنا لبيبا لوذعيا فَذا اديبا وَكَانَ اذا باحث اقام للاعجاز برهانا وأصمت الْبَاب واذهانا وَكَانَت الْمَشَاهِير من كبار التفاسير مركوزة فِي صحيفَة خاطره كانها مَوْضُوعَة لَدَى ناظره وَأما الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة فَهُوَ ابْن بجدتها وآخذ بناصيتها وَقد كتب حَاشِيَة على تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ لسورة الانعام وعلق حَوَاشِي على مَوَاضِع اخر الا انه لم يَتَيَسَّر لَهُ التبييض والاتمام بِسَبَب انه سلك مَسْلَك الزّهْد وَالصَّلَاح وانسم بسمة اصحاب الْفَوْز والفلاح وَكَانَ جَامعا بَين الْعلم وَالتَّقوى متمسكا من حبال الشَّرِيعَة الشَّرِيفَة بِالسَّبَبِ الاقوى وَكَانَ يحفظ الْقُرْآن الْكَرِيم وَيخْتم فِي صلواته فِي كل اسبوع مرّة وَقَالَ يَوْمًا اني مُنْذُ خمسين سنة لم يتَّفق لي قَضَاء صَلَاة الصُّبْح فَكيف غَيرهَا وَكَانَ رَحمَه الله يَقُول لَا بُد اني اموت فِي انْقِضَاء رَمَضَان وأدفن لَيْلَة الْقدر وَكَانَ الامر كَمَا قَالَ وَكَانَ مَشَايِخ زَمَانه يَقُولُونَ انه كمل الطَّرِيقَة الصُّوفِيَّة وَكَانَ المرحوم الْوَالِد بالي ابْن مُحَمَّد شَرِيكا لَهُ فِي زمن اشْتِغَاله وَصَارَ ملازما من الْمولى كَمَال باشا زَاده فِي الْقَضِيَّة الْوَاقِعَة بَين الْمولى الْمَزْبُور وَبَين جوي زَاده وخلاصة ذَلِك الْخَبَر انه لما

فتح احدى الْمدَارِس الثمان امتحن الْمولى محيي الدّين الفناري وَالْمولى القادري وَالْمولى جوي زَاده وَالْمولى اسرافيل زَاده وَالْمولى اسحق وَوَقع الامتحان من كتب الْهِدَايَة والتلويح والمواقف فطالعوا فِيهَا وحرروا رسائل وَكَانَ الْمولى كَمَال باشا زَاده يؤمئذ مفتيا بدار السلطنة وَقد كَانَ كتب قبل هَذَا كتابا فِي اصول الْفِقْه وَسَماهُ تَغْيِير التَّنْقِيح فاتفق ان لَهُ فِي مَحل الامتحان من ذَلِك الْكتاب ردا على صَاحب التَّنْقِيح فَلَمَّا وقف عَلَيْهِ الْمولى جوي زَاده نَقله فِي رسَالَته بِلَفْظ قيل واجاب عَنهُ فَلَمَّا تمّ الامتحان وتقرر رُجْحَان الْمولى جوي زَاده سعى بعض اعدائه الى الْمُفْتِي الْمَزْبُور بانه كتب كلامك فِي رسَالَته بتَخْفِيف وتنقيص فَغَضب الْمُفْتِي وشكا الى السُّلْطَان فامر بحبسه وتسلية الْمُفْتِي فارسل اليه من يتعرف ذَلِك فَقَالَ الْمُفْتِي لَا اتسلى بِدُونِ قَتله فعزم السُّلْطَان على ان يقْتله فِي الْبَحْر الا انه لم يُسَارع فِيهِ لما انه كَانَ يسمع فِي الْمولى جوي زَاده من الْفضل وَالتَّقوى ثمَّ اشار الى بعض الرؤساء بَان يسعوا فِي ازالة غضب الْمُفْتِي واثاره فسعى طَائِفَة من الْعلمَاء وَغَيرهم استشعفوا وَتَضَرَّعُوا اليه وغيروا الرسَالَة وعرضوها عَلَيْهِ وَقَالُوا ان مَا ذكر كذب وافتراء عَلَيْهِ فملا احسوا مِنْهُ الْميل الى الْعَفو اتوا بِهِ اليه فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ باس نَعله فَخرج من عِنْده فَعَفَا عَنهُ السُّلْطَان وَذهب الى احدى المدرستين المتجاورتين بادرنه وَحرم من الدُّخُول فِي الْمدَارِس الثمان ثمَّ قصد السُّلْطَان الى الْمُفْتِي بالاحسان تَسْلِيَة للامر السَّابِق وَجَزَاء للعفو الْمَذْكُور فارسل اليه من الْكتب والانية وَغَيرهَا وَطلب مِنْهُ ان يعين عدَّة من طلبته للملازمة فعين رَحمَه الله فَمِمَّنْ عين المرحوم الْوَالِد وَكَانَ عِنْده بمرتبة ثمَّ درس المرحوم بمدرسة خَاص كوي بِعشْرين ثمَّ مدرسة امير الامراء بادرنه بِخَمْسَة عشْرين ثمَّ سَاقه بعض الامور الى اخْتِيَار منصب الْقَضَاء وَتَوَلَّى عدَّة مناصب حَتَّى توفّي بقصبة جورلي وَهُوَ مُسَافر الى قَصَبَة بوردين بعد تَقْلِيد قَضَائِهِ بِمِائَة وَثَلَاثِينَ وَدفن بالقصبة المزبورة وَذَلِكَ فِي شهر رَجَب وَقد ولد رَحمَه الله سنة احدى وَتِسْعمِائَة وَقد قَرَأت عَلَيْهِ الصّرْف والنحو ونبذا من علم الْفُرُوع وَأَنا فِي ذَلِك مكمل لاول الْعُقُول وَكَانَ رَحمَه الله حَدِيد الذِّهْن صَاحب القريحة صَحِيح العقيدة بحاثا بِالْعلمِ مَعْرُوفا بِهِ

ومن العلماء الاعيان المولى مصلح الدين الشهير بكوجك بستان

بَين الاهالي وقدكتب تَفْسِيرا من الْمُعْتَبرَات بِخَطِّهِ خُصُوصا مؤلفات استاذه الْمولى ابْن كَمَال باشازاده حَيْثُ كتب جَمِيع كتبه ورسائله وعلق حَوَاشِي على بعض الْمَوَاضِع من شَرحه للفرائض وعَلى بعض الْمَوَاضِع من الاصلاح والايضاح وَكَانَ لَهُ ليد الطُّولى فِي الْكَلَام والهيئة والحساب وَكتب على بعض الْمَوَاضِع مِنْهَا كَلِمَات لَطِيفَة وَكَانَ رَحمَه الله مَحْمُود السِّيرَة فِي قَضَائِهِ عَامله الله بِلُطْفِهِ يَوْم جَزَائِهِ وَمن الْعلمَاء الاعيان الْمولى مصلح الدّين الشهير بكوجك بُسْتَان نَشأ رَحمَه الله بقصبة بركي وَطلب الْعلم وَدَار الْبِلَاد واشتغل واستفاد حَتَّى انتظم فِي سلك ارباب الاستعداد وَدخل مجَالِس الفحول مِنْهُم الْمولى محيي الدّين المشتهر بالمعلول وَصَارَ معيدا لدرس الْمولى عبد الرحمن فِي مدرسة زَوْجَة السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان ثمَّ درس بِالْمَدْرَسَةِ الخاتونية بقسطنطينية بِعشْرين ثمَّ صَارَت وظيفته فِيهَا خَمْسَة وشعرين ثمَّ درس بمدرسة مُرَاد باشا فِي الْمَدِينَة المزبورة بِثَلَاثِينَ وَقد قرات عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْمدرسَة طرفا من شرح الْمِفْتَاح للشريف الْجِرْجَانِيّ ثمَّ نقل عَنْهَا الى الْمدرسَة الافضلية باربعين ثمَّ درس بِالْمَدْرَسَةِ القلندرية بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل الى مدرسة زَوْجَة السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى مدرسة مغنيسا وفوض اليه الْفَتْوَى بِهَذِهِ النواحي وَعين لَهُ كل يَوْم سَبْعُونَ درهما ثمَّ زيد عَلَيْهَا عشرَة ثمَّ عشرُون فَصَارَت وظيفته فِي كل يَوْم مائَة مائَة فاشتغل فِيهَا وَأفَاد وَأفْتى وأجاد حَتَّى أبلاه الدَّهْر وأباد فِي اوائل ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ المرحوم مشاركا فِي أَكثر الْعُلُوم قوالا بِالْحَقِّ متصلبا فِي دينه مشتغلا بِمَا يهمه ويعنيه ومجتهدا فِي احراز الْعُلُوم النافعة غَايَة الِاجْتِهَاد جزاه الله بمزيدا حسانه يَوْم التناد وَمن زمرة هَؤُلَاءِ السَّادة الْمولى عبد الله الشهير بغزالي زَاده كَانَ رَحمَه الله من اولاد الامام ابي حَامِد الْغَزالِيّ قَرَأَ رَحمَه الله على الافاضل واشتغل على الْمولى سعدالله محشي تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ ثمَّ صَار ملازما من الْمولى مصلح الدّين المشتهر بطاشكبري زَاده ثمَّ درس بِالْمَدْرَسَةِ الجانبازية بقسطنطينية بِعشْرين ثمَّ تقلد قَضَاء بعض القصبات فاشتهر بِكَمَال السداد والاستقامة فَجمع

ومنهم المولى جعفر ابن عم المفتي ابي السعود

قَضَاء سلانيك وسدوقبسي وقلدالمرحوم بثلثمائة دِرْهَم فِي كل يَوْم ثمَّ امْر بتفتيش اوقاف الْقَاهِرَة فاصبحت بِحسن تدابيره عامرة فَلَمَّا عَاد مِنْهَا قلد قَضَاء قَصَبَة ابي ايوب الانصاري مَعَ قَصَبَة غلطه بثلثمائة وَورد الامر من السُّلْطَان بَان يتَّخذ طلبة للتعليم ويباشر للدرس من الْكتب المتداولة الْمَعْهُودَة ويعامل مُعَاملَة قُضَاة الشَّام وحلب المعمورة كل ذَلِك بعناية الْوَزير الْكَبِير رستم باشا فَلَمَّا عزل الْوَزير الْمَزْبُور عزل المرحوم عَن الْقَضَاء وَعين لَهُ كل يَوْم سِتُّونَ درهما ثمَّ زيدعليها عشرُون فَصَارَت وظيفته كل يَوْم ثَمَانِينَ درهما وَتُوفِّي رَحمَه الله فِي اواخر ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله صَاحب ذهن وقاد وطبع نقاد قوي المناظرة جيدالمحاضرة مَحْمُود السِّيرَة حسن السريرة ورعا دينا مُنْقَطِعًا الى الله مشتغلا باوامر مَوْلَاهُ خَالِيا عَن الْكبر وَالْخُيَلَاء طارحا للتكلف متخلقا باخلاق الْمَشَايِخ والصلحاء وَقد تلقن الذّكر من السَّيِّد ولايت وَتزَوج ابْنَته وَيُقَال انه كمل الطَّرِيقَة الزينية وَكَانَ رَحمَه الله صَاحب الْيَد الطُّولى فِي علم الْفِقْه وَأُمُور الْقَضَاء وَقد كتب رَحمَه الله تَعَالَى شرحا للأسماء الْحسنى وَجمع فِيهِ فَوَائِد وفرائد فَلَمَّا بَقِي مِنْهُ الْقَلِيل وَقعت لَهُ وَاقعَة بِأَن اسرع فِي اتمامه فان الْوَقْت قريب فسارع رَحمَه الله فِي اتمامه فَلَمَّا فرغ مِنْهُ وَمضى عَلَيْهِ عدَّة ايام مرض وَتَمَادَى بِهِ الْمَرَض حَتَّى توفّي فِي السّنة المزبورة وَمِنْهُم الْمولى جَعْفَر ابْن عَم الْمُفْتِي ابي السُّعُود نَشأ رَحمَه الله بقصبة اسكليب وَطلب الْعلم وانتظم فِي سلك طلابه بَعْدَمَا افنى عنفوان شبابه وَشرع فِي التَّحْصِيل وبالقراءة وَالسَّمَاع حَتَّى صَار ملازما من الْمولى شُجَاع ثمَّ درس فِي عدَّة مدارس حَتَّى ولي مدرسة آق شهر بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة مرزيفون باربعين ثمَّ مدرسة الْمولى المشتهر بَافضل زَاده بقسطنطينية بالوظيفة الاولى ثمَّ مدرسة عَليّ باشا بِخَمْسَة وَأَرْبَعين ثمَّ صَار وظيفته فِيهَا خمسين ثمَّ نقل الى مدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بادرنه ثمَّ قلد قَضَاء دمشق فَبعد مُضِيّ سَبْعَة اشهر ولي قَضَاء الْعَسْكَر بِولَايَة اناطولي فدام عَلَيْهِ سِتّ سِنِين ثمَّ عزل وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة وَخَمْسُونَ درهما (وَتُوفِّي رَحمَه الله سنة ثَمَان وَسبعين وَتِسْعمِائَة)

ومنهم العالم الامجد والبارع الاوحد المولى شاه محمد بن حزم

وَقد اناف عمره على ثَمَانِينَ كَانَ رَحمَه الله رجلا دينا ورعا ذَا حَظّ عَظِيم من الزّهْد وَالصَّلَاح متمسا بسمة ارباب الْفَوْز وافلاح يصرف اكثر اوقاته فِي الْعِبَادَة يتَرَاءَى عَلَيْهِ آثَار الْفَوْز والسعادة وَكَانَ متصلبا فِي دينه قوالا بِالْحَقِّ غير مكترث بمداراة الْخلق وَكَانَت مُدَّة قَضَائِهِ بالعسكر من تواريخ الايام مَذْكُورَة بِالْخَيرِ على السن الْخَواص والعوام ويحكى انه لما قلد قَضَاء دمشق ابى قبُوله فَاجْتمع اليه اصحابه وعدوا عَلَيْهِ دُيُونه وَقَالُوا لَا بُد من قبُوله حَتَّى تقضي هَذِه الدُّيُون فَقبله بعد تردد فِي عدَّة ايام وَكَانَ يَقُول بعده متندما على قبُوله بدلت ديوني الْمَعْلُومَة بالمجهولة وَمَا صنعت شَيْئا غَيره وَلَقَد صدق فِيمَا قَالَ وأتى باحسن الْمقَال وَمِنْهُم الْعَالم الامجد والبارع الاوحد الْمولى شاه مُحَمَّد بن حزم كَانَ رَحمَه الله من اولاد ولي الله الْمولى جلال الدّين القنوي صَاحب المثنوي الْفَارِسِي ولد رَحمَه الله بقصبة قره حِصَار ونشا على تَحْصِيل الْعُلُوم والمعارف فِي هَذِه الديار ثمَّ اتَّصل الى الْمولى محيي الدّين المشتهر بمرحبا فَاسْتَفْتَحَ بِهِ مغالق الْفُنُون وَاسْتَوْسَعَ مضايق السجون وَأخذ مِنْهُ الْعُلُوم الْمُخْتَلفَة الانواع باتقان وابداع وقطف من رياض الْفَضَائِل أثمارها وأنوارها وَبلغ من لجج المعارف اعماقها وأغوارها ثمَّ وصل الى مجْلِس الْمولى الشَّيْخ مُحَمَّد المشتهر بجوي زَاده فاكثر من التَّحْصِيل والاستفادة حَتَّى صَار ملازما مِنْهُ بطرِيق الاعادة فتميز من اقرانه ففاز بحظ الظُّهُور وَحَازَ قصبات السَّبق من بَين ذَلِك الْجُمْهُور ثمَّ درس بمدرسة الْمولى خسرو ببروسه بِعشْرين ثمَّ الْمدرسَة السِّرَاجِيَّة بِمَدِينَة ادرنه بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة الْجَامِع الْعَتِيق بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة رستم باشا بكوتاهيه باربعين ثمَّ الْمدرسَة المبنية بقسطنطينية المحمية بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل الى مدرسة بنت السُّلْطَان بقصبة اسكدار وَقد قرات عَلَيْهِ فِي هَذِه الْمدرسَة جزأ من شرح المواقف للشريف الْجِرْجَانِيّ من اول مبَاحث الْكمّ وَقد عرضت عَلَيْهِ فِي الدَّرْس الاول كلامين فِي حَاشِيَة الْمولى حسن جلبي على ذَلِك فَقَالَ قَرَأت هَذَا الْمقَام على الْمولى جوى زَاده فعرضت عَلَيْهِ هذَيْن الْكَلَامَيْنِ فاستحسنهما ثمَّ قَرَأت عَلَيْهِ جزأ من كتاب الْهِدَايَة ثمَّ نقل عَنْهَا الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى مدرسة

السُّلْطَان سليم خَان بقسطنطينية وَلما ابتنى السُّلْطَان سُلَيْمَان المدرستين الواقعتين بغرني الْجَامِع الَّذِي بناه بقسطنطينية وَجه احداهما للمرحوم والاخرى للْمولى عَليّ الشهير بحناوي زَاده ثمَّ قلد قَضَاء الْقَاهِرَة ثمَّ نقل الى قَضَاء ادرنه ثمَّ الى قَضَاء قسطنطينية ثمَّ عزل وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم فَلَمَّا مضى عَلَيْهِ عدَّة شهور بغته اجله وَهُوَ فِي اثناء الْوضُوء لصَلَاة الصُّبْح (وَذَلِكَ سنة ثَمَان وَسبعين وَتِسْعمِائَة) وَكَانَ يَقُول اوان تدريسه لَا بُد ان اكون قَاضِيا بقسطنطينية المحمية وَلَا أرى ان اتجاوز هَذَا المنصب وَسُئِلَ يَوْمًا عَن سَبَب حُصُول ذَلِك الْعلم فَقَالَ اني املقت جدا بعدعزلي عَن السِّرَاجِيَّة وَلم اقدر على اخذ المنصب فَعرض لي غَايَة القلق وَالِاضْطِرَاب حَتَّى تَوَجَّهت الى قُبُور بعض القصبات فاخذني النّوم على هَذَا الْفِكر فَرَأَيْت فِي مَنَامِي استاذي الْمولى جوي زَاده فدعاني فَذَهَبت اليه فَقَالَ دع عَنْك هَذَا الْفِكر فانك تكون قَاضِيا بقسطنطينية وَكَانَ الامر كَمَا قَالَ كَانَ رَحمَه الله من الرِّجَال الفحول فِي كل مَنْقُول ومعقول ذَا رَأْي اصيل وفكر اثيل مهيب المنظر عَجِيب الْمخبر وَقد اوتي بسطة فِي اللِّسَان وجراءة فِي الْجنان وسعة فِي الْبَيَان قوي المناظرة سريع المذاكرة شَدِيد الا يضام جَاره وَلَا يشق غباره وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ مِمَّن تعقد عَلَيْهِ الخناصر اذا تفقد اهل الْفَضَائِل والمآثر الا انه كَانَ متكبرا معجبا بِمَا حواه تَابعا لكل مَا استهواه وَكَانَ اكثر مباحثاته خَالِيَة عَن الانصاف مستبدا على المكابرة والاعتساف عَفا الله تَعَالَى عَن سيآته وضاعف حَسَنَاته وَقد كتب رَحمَه الله حَوَاشِي على كتاب الاصلاح والإيضاح للْمولى المرحوم كَمَال باشا زَاده وَلم تتمّ وحاشية على حَاشِيَة التَّجْرِيد للشريف الْجِرْجَانِيّ وَلم تتمّ ايضا وهما موضوعان بِخَطِّهِ فِي الْكتب الْمَوْقُوفَة بخزانة الْمدَارِس السليمانية وَكتب رِسَالَة تتَعَلَّق بِالْوَقْفِ استحسنها فضلاءعصره غَايَة الِاسْتِحْسَان وَقد عثرت على كَلِمَات كتبهَا فِي هَامِش نُسْخَة من كتاب الجامي فِي بحث الْعدَد الَّذِي مر ذكره فِي تَرْجَمَة الْمولى مصلح الدّين الشهير بمعمار زَاده وَهِي هَذِه حل هَذَا الْمقَام عِنْدِي هُوَ انه كره الْعَرَب ان يَلِي التَّمْيِيز الْمَجْمُوع بالالف وَالتَّاء ثَلَاثًا واخواته حِين مَا قصد التَّعْبِير عَن عقودالمائة بعد مَا تعود مَجِيء تِلْكَ الْعُقُود من مَرَاتِب الاعداد بعد مَا هُوَ فِي

ومنهم المولى احمد بن عبد الله المشتهر بالفوري

صُورَة الْمَجْمُوع بِالْوَاو وَالنُّون كزهوا التَّعْبِير عَن عقودالمائة بالتمييز الْمَجْمُوع بالالف وَالتَّاء للمباينة بَين الجمعين فَلَا يرد عَلَيْهِ النَّقْض بِثَلَاثَة آلَاف لانها جمع مُشْتَرك بَين الْمُذكر والمؤنث بِخِلَاف ذَيْنك الجمعين هَذَا مَا تيَسّر فِي الْمقَام والسوق للمرام انْتهى كَلَامه وَمِنْهُم الْمولى احْمَد بن عبد الله المشتهر بالفوري كَانَ رَحمَه الله فِي اول امْرَهْ من عبيداسكندر جلبي الدفتري فَلَمَّا تفرس فِيهِ مخايل ارباب السداد وشمائل اصحاب الرشاد لم يزل ساعيا فِي تهذيبه واقرائه حَتَّى انتظم فِي سلك ارباب الاستعداد ثمَّ دخل مجَالِس السَّادة مِنْهُم الْمولى احْمَد المشتهر بطاشكبري زَاده وَقَرَأَ على الْمولى عبد الباقي وَغَيره من الاعيان حَتَّى صَار ملازما من الْمولى مصلح الدّين المشتهر ببستان ثمَّ درس فِي عدَّة مدارس وَجعل يزاول الْعُلُوم ويمارس حَتَّى ولي مدرسة قبلوجه ببروسه باربعين ثمَّ مدرسة عَليّ باشا بقسطنطينية بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل الى مدرسة زَوْجَة السُّلْطَان سُلَيْمَان المشتهرة بِالْمَدْرَسَةِ الخاصكية ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى مدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بِمَدِينَة دمشق وفوض اليه الافتاء بِهَذِهِ الديار وَعين لَهُ كل يَوْم ثَمَانُون درهما فَلم يذهب كثير حَتَّى توفّي رَحمَه الله سنة ثَمَان وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَقيل فِي تَارِيخه برفت فوري وَكَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا ذكي الطَّبْع خَفِيف الرّوح لطيف المباحثة لذيذ الصُّحْبَة وَقد ولع فِي آخر عمره فِي مطالعة الْكتب وتحرير الخواطر وَقد كتب حَوَاشِي على بعض الْمَوَاضِع من تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وبيضها فِي كراريس وعلق حَوَاشِي على الدُّرَر وَالْغرر للْمولى خسرو من اول الْكتاب الى آخِره وَله يَد فِي قَول الشّعْر بالتركي والانشاء وَله بعض رسائل منشآت على لِسَان الْعَرَب وَله رِسَالَة لَطِيفَة فِي علم الْخط وَقد قَالَ فِي اول ديباجتها الْحَمد لمن علم بالقلم علم الْإِنْسَان مَا لم يعلم وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على النَّبِي الامي الاكرم الَّذِي مَا خطّ فِي القط قطّ وَمَا رقم وَقَالَ فِي آخرهَا وجعلتها رِسَالَة مُنْفَرِدَة ومجلة متفردة ليسهل تحريره على اصحاب الْقَلَم ويتيسر نَظِيره لارباب الرقم هَدِيَّة لكل كَاتب طَالب وتحفة لكل رَاقِم رَاغِب راجيا ان تبقى هِيَ بِبَقَاء الزَّمَان وَينْتَفع بهَا فِي بعض الاوقات

ومن العلماء العاملين والفضلاء الكاملين المولى يحيى بن عمر

والاوان وَتَكون وَسِيلَة لدعائهم لهَذَا العَبْد الْجَانِي بعد انْقِرَاض عمري وَاو ني امتثالا لقَوْل من قَالَ الْخط بَاقِي والعمر فَانِي وَمن الْعلمَاء العاملين والفضلاء الكاملين الْمولى يحيى بن عمر كَانَ ابوه من قَصَبَة اماسيه وَكَانَ قَاضِيا فِي بعض القصبات وَقد وَقع ولادَة المرحوم على رَأس تِسْعمائَة وَنَشَأ رَحمَه الله فِي قَصَبَة طرابوزن وأميرها يَوْمئِذٍ السُّلْطَان سليم خَان ابْن السُّلْطَان بايزيدخان فداخلت ام الْمولى المسفور دَار الامير الْمَزْبُور وَابْنه السُّلْطَان سُلَيْمَان يَوْمئِذٍ صَغِير لم يَنْتَظِم لَهُ الْمَشْي بالاقدام وَلم يبلغ رُتْبَة الافطام فارضعته بُرْهَة من الزَّمَان فصارا رضيعي لبان وَبعد اللتيا وَالَّتِي رغب المرحوم فِي تَحْصِيل المعارف والعلوم وجد فِي الطلاب وقلقل الركاب وتعانى شَدَائِد الاسفار واستفتح مغالق الاسفار الى ان حوى المعارف وحازها وَتحقّق حقائق الْعُلُوم ومجازها وَصَاحب الاماجد والاعالي حَتَّى صَار ملازما من الْمولى عَلَاء الدّين الجمالي وَيُقَال انه فِي اوان طلبه واشتغاله اعتزل النَّاس مُدَّة سبع سِنِين وَاعْتَكف فِي غَار بِقرب طرابوزن مكبا على الِاشْتِغَال فِي الْعُلُوم ثمَّ درس بمدرسة سونسه بِعشْرين ثمَّ بِالْمَدْرَسَةِ الجانبازية بقسطنطينية بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ بمدرسة الْمولى مُحَمَّد ابْن الحاجي حسن بِثَلَاثِينَ ثمَّ الْمدرسَة الافضلية باربعين ثمَّ مدرسة مصطفى باشا بِخَمْسِينَ كل ذَلِك بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ نقل الى مدرسة بنت السُّلْطَان اسكدار ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان فاتفق انه ارسل مَكْتُوبًا الى رضيعه السُّلْطَان سُلَيْمَان وشنع عَلَيْهِ لبَعض الْمُنْكَرَات وَأَغْلظ فِي الْكَلَام فاشمأز مِنْهُ خاطر السُّلْطَان فَعَزله وَعين لَهُ كل يَوْم خمسين درهما ثمَّ زَاد عَلَيْهَا عشرَة فَانْقَطع المرحوم عَن التَّرَدُّد الى ابواب الوزراء والامراء فِي حديقته الَّتِي عمرها من قبل فِي مَوضِع من تَوَابِع قسطنطينية يُقَال لَهُ بشك طاش ويحكى فِي سَبَب اخْتِيَاره تِلْكَ الْبقْعَة انه وَقعت لَهُ فِي اثناء الْمَجِيء من طرابوزن وَاقعَة هائلة ملخصها انه اتى اليه فِي مَنَامه شخص وعاتبه على مَجِيئه ودخوله فِي قسطنطينية واشار الى الْخُرُوج مِنْهَا وخوفه فَلَمَّا اصبح وفكر وَتَأمل وتفكر لم يجد بدا من تَركهَا بِالْكُلِّيَّةِ فَقَامَ من وقته وتتبع نواحي قسطنطينية حَتَّى اشرف على تِلْكَ الْبِقَاع فاذا المجذوب قَاعد عِنْد بِئْر فَلَمَّا

رأى المرحوم ناداه بِأَن هَات درهما وَاحِدًا حَتَّى ابيع لَك هَذِه الديار واشار الى تِلْكَ الخوالي والرياض فَلَمَّا سَمعه دفع اليه مَا طلبه فَقَالَ المجذوب خُذ مبيعك واشار ثَانِيًا الى تِلْكَ الاطراف فتتبع المرحوم اصحاب تِلْكَ الْبِقَاع حَتَّى اشرف على تِلْكَ الْبقْعَة فاشتراها فِي يَوْمه ذَلِك وَبَات بهَا لَيْلَة ثمَّ استوطنها وَعمر اطرافها وَبنى فِيهَا عدَّة مدارس ومسجدا وخانقاه وحماما ومقاما سَمَّاهُ بخضراق بِنَاء على انه يعْتَقد ان ذَلِك هُوَ مجمع الْبَحْرين الَّذِي اجْتمع فِيهِ الْخضر بمُوسَى على نَبينَا وَعَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام وَكَانَ سَببا لاحياء تِلْكَ النَّاحِيَة وَاعْتَزل عَن النَّاس واشتغل بِنَفسِهِ فَحصل للنَّاس فِيهِ اعْتِقَاد عَظِيم وَقبُول تَامّ وقصدوه بِالنذرِ والقرابين وَاجْتمعَ فِيهِ من الْفُقَرَاء والمسافرين جمع كثير وجم غفير حَتَّى وصل الى انه انفق عَلَيْهِم كل يَوْم من الْخبز مَا قِيمَته تنيف على مائَة دِرْهَم سوى مَا يصرفهُ فِي سَائِر الْحَوَائِج والاطعمة وَكَانَ يَقع مِنْهُ ذَلِك ووظيفته كل يَوْم سِتُّونَ درهما فَلذَلِك نسبه بَعضهم الى معرفَة علم الْكَاف وَبَعْضهمْ الى علم الدفائن وَكَانَ يتَرَدَّد اليه ارباب الْحَاجَات من كل حدب يطْلبُونَ مِنْهُ الشَّفَاعَة الى الوزراء وَسَائِر الْحُكَّام وَهُوَ لَا يضن بِشَيْء ويبذل مقدوره فِي حوائجهم وَقد استخف بعض الرؤساء بمكتوبه فاعقبه نكبة من الْعَزْل اَوْ الْمَوْت وَذَلِكَ انه ارسل فِي بعض شَأْنه مَكْتُوبًا الى الْوَزير عَليّ باشا من وزارء السُّلْطَان سُلَيْمَان عَلَيْهِ الرَّحْمَة والرضوان فَلم يعبأ بِهِ وَكتب فِي ورقة ترى الْعجب ترى الْعجب بَين جُمَادَى وَرَجَب وأرسلها اليه فَلَمَّا اطلع عَلَيْهَا ازْدَادَ انكارا واستخفافا بشانه مُعْتَمدًا على قُوَّة سُلْطَانه فَلم يذهب هَذَانِ الشهران الا وَقد نزل بِهِ الْخطب الْكَبِير الَّذِي يَسْتَوِي بَين الْغَنِيّ وَالْفَقِير وَالسُّلْطَان والوزير بِأَمْر الله الْعَزِيز الْقَدِير وَلما صَارَت السلطنة الى سلطاننا السُّلْطَان سليم خَان طلبه فِي بعض الايام واستنصح مِنْهُ وارسل اليه من المَال جملَة وَقضى حَوَائِجه كَانَ ذَلِك فِي اواخر عمره وقدتوفي رَحمَه الله فِي الْيَوْم التَّاسِع من ذِي الْحجَّة بعدالعصر وَصلى عَلَيْهِ الْمُفْتِي ابو السُّعُود بعد صَلَاة غير محددة فِي الاصل وَدفن بِقرب من حديقته فِي مَوضِع عينه قبل مَوته وَقد اجْتمع فِي جنَازَته خلق عَظِيم مَعَ بعده عَن الْبَلَد وَذَلِكَ سنة ثَمَان وَسبعين وَتِسْعمِائَة

ومنهم المولى احمد بن محمد بن حسن السامسوني

كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا مستحضرا من الْعُلُوم نفائسها وَكَانَ مقصد الطّلبَة مَعَ انْقِطَاعه عَن الْجَمَاعَة وَكَانَ صَاحب جذبة عَظِيمَة وَنَفس مبارك وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رَحمَه الله مَظَنَّة الْولَايَة ومثنة الْكَرَامَة وَكَانَ قَبره مقصدا للنَّاس يزورونه ويتبركون بِهِ وينفقون على من عِنْده من الْفُقَرَاء وَله معارف جزئية كالشعر والانشاء وَمِنْهُم الْمولى احْمَد بن مُحَمَّد بن حسن السامسوني تولى جده الْمولى حسن قَضَاء الْعَسْكَر فِي دولة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَتُوفِّي ابوه قَاضِيا بِمَدِينَة ادرنه وَلَهُمَا تصانيف يتداولها النَّاس قَرَأَ رَحمَه الله على موَالِي عصره وافاضل مصره وجد واجتهد واشتغل واستفاد حَتَّى صَار معيدا لدرس الْمولى قوام المشتهر بقاضي بَغْدَاد ثمَّ تشرف بالتتلمذ والاستفادة من الْمولى عَلَاء الدّين المشتهر بمؤيد زَاده وَلما صَار ملازما مِنْهُ درس بمدرسة مُرَاد باشا بقسطنطينية بِعشْرين ثمَّ صَار وظيفته فِيهَا خَمْسَة وَعشْرين ثمَّ بمدرسة ابْن الحاجي حسن بِثَلَاثِينَ ثمَّ صَار وظفيته فِيهَا خَمْسَة وَثَلَاثِينَ ثمَّ بِالْمَدْرَسَةِ الحلبية بادرنه بِأَرْبَعِينَ ثمَّ صَار وظيفته فِيهَا خَمْسَة واربعين ثمَّ بمدرسة مصطفى باشا بقسطنطينية بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل الى مدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بادرنه ثمَّ قلد قَضَاء بروسه ثمَّ نقل الى قَضَاء ادرنه ثمَّ نقل الى قَضَاء قسطنطينية ثمَّ عزل ثمَّ عين للتدريس فِي مدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بقسطنطينية وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم ثمَّ نقل بِهَذِهِ الْوَظِيفَة الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ نصب للتفتيش الْعَام فِي ديار الْعَرَب والعجم وَعين لَهُ كل يَوْم ثلثمِائة وَخَمْسُونَ درهما وَاسْتمرّ على ذَلِك سنة ثمَّ صَار وظيفته كل يَوْم اربعمائة دِرْهَم وَاسْتمرّ على ذَلِك سنتَيْن ثمَّ عَاد الى مدرسته بِمِائَة دِرْهَم ثمَّ قلد قَضَاء حلب برغبة مِنْهُ وَطلب بِسَبَب انه احاطه الدُّيُون واستغرقته حُقُوق النَّاس لسخائه الْقَرِيب الى حد الاسراف ثمَّ عزل وَعين لَهُ كل يَوْم مائَة دِرْهَم بطرِيق التقاعد وَتُوفِّي فِي اوائل الْمحرم سنة تسع وَسبعين وَسَبْعمائة كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا متدينا مشكور السِّيرَة فِي قَضَائِهِ بِحَيْثُ تعد مدَّته من تواريخ الايام ويشكره وَيَدْعُو لَهُ كل من يعرفهُ من الْخَواص والعوام وَكَانَ رَحمَه الله فِي

وممن فاز بحظ الظهور وملك مقاليد الامور واتته الرياسة منقادة وجاءه العز والسودد فوق العادة وعن قريب اخلق ديباج عزه الجديدان ومزق جلباب سودده ايدي الحدثان فعاد كأن لم يكن شيأ مذكورا وكان ذلك في الكتاب

الطَّبَقَة الْعليا من الْبر والسماحة وَكَانَ مائلا الى الظُّهُور ومحبا للرياسة وَقد حكى بعض الثِّقَات خَبرا غَرِيبا يتَعَلَّق بعزله عَن قَضَاء قسطنطينية وَهُوَ انه كَانَ من حَوَاشِيه رجل صَالح مُعْتَقد يقْعد فِي بعض دكاكين قسطنطينية متجرا وَكَانَ يتَرَدَّد اليه بعض الصلحاء والمجذوبين فاذا بِرَجُل مجذوب اتاه صَبِيحَة يَوْم فَقَالَ للسوقي فِي اثناء كَلَامه الك عِنْدِي حَاجَة فخطر لَهُ كَون الْمولى الْمَزْبُور قَاضِيا بالعسكر فَذكره لَهُ وَالْتمس مِنْهُ التَّوَجُّه فِي ذَلِك فَقَالَ المجذوب ان اردت حُصُول ذَلِك الْمَطْلُوب فَقل للْمولى الْمَزْبُور يفرز لي من مَاله مِائَتي دِينَار ويعين وَاحِدًا من عبيده لِلْعِتْقِ فاذا فعل ذَلِك يحصل المُرَاد ان شَاءَ الله تَعَالَى فَذهب ذَلِك الرجل السوقي الى الْمولى الْمَزْبُور وَعرض عَلَيْهِ الْقِصَّة واخبره بِمَا جرى بَينه وَبَين المجذوب فَلَمَّا سَمعه استخف بِهِ وَضحك وَقَالَ ان اولياء الله المتصرفين فِي عَالم المكلوت متبرؤن من طلب مَال فِي عمل لَهُم واما قَضَاء الْعَسْكَر فطريقي الَّذِي لَا يقوتني وَمَا انت الا رجل ابله فَقَالَ لَهُ السوقي لَعَلَّ فِي ذَلِك حِكْمَة خُفْيَة وباحث مَعَه وَآل الامر الى ان قَالَ الْمولى الْمَزْبُور ان عين ذَلِك الرجل يَوْم النصب نَفْعل مَا ذكره فَافْتَرقَا على ذَلِك فَلَمَّا اصبح السوقي وَفتح حانوته صبحه المجذوب وَسَأَلَهُ عَن الْقَضِيَّة فَلم يجبهُ بِشَيْء واستحيا من المجذوب فَقَالَ المجذوب قد سَمِعت كل مَا جرى بَين بَيْنك وَبَينه فاخذ من الْحَانُوت ورقة وطواها على طولهَا ثمَّ قطعهَا قطعتين وَقَالَ انا افْعَل بِمن طلب التَّعْيِين كَذَلِك وَقد عزلته عَن منصبه ودمرته تدميرا فَلَمَّا سَمعه السوقي تطير مِنْهُ وَقَامَت قِيَامَته فَقبل يَد المجذوب واستعفى وبكا وَقَالَ لَهُ المجذوب لم ادر انعطافك لهَذَا الْقدر فاذا لَا بُد من تدارك الامر فِي الْجُمْلَة فَفعل افعالا غَرِيبَة خَارِجَة عَن طور الْعقل ثمَّ قَالَ واما الْعَزْل فَلَا بُد من الْوُقُوع الْيَوْم الْفُلَانِيّ فراح الى سَبيله وَبَقِي السوقي مغموما منتظرا لذَلِك الْيَوْم فَلَمَّا جَاءَ ذَلِك الْيَوْم وَقع الْعَزْل على مَا أخبر بِهِ المجذوب وَلم يَتَيَسَّر الْقَضَاء بالعسكر وَمَات على الْحَسْرَة والندامة وَمِمَّنْ فَازَ بحظ الظُّهُور وَملك مقاليد الامور واتته الرياسة منقادة وجاءه الْعِزّ والسودد فَوق الْعَادة وَعَن قريب اخلق ديباج عزه الجديدان ومزق جِلْبَاب سودده ايدي الْحدثَان فَعَاد كَأَن لم يكن شيأ مَذْكُورا وَكَانَ ذَلِك فِي الْكتاب

وذلك في اوائل صفر من سنة تسع وسبعين وتسعمائة بعد ما مضى من

مسطورا الْمولى عَطاء الله معلم السُّلْطَان الاعظم والخاقان الاكرم السُّلْطَان سليم خَان بن السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان نَشأ رَحمَه الله بقصبة بركي من ولَايَة ايدين صارفا لرائح عمره فِي احراز الْعُلُوم والمعارف بِحَيْثُ لَا يلويه عَن تَحْصِيلهَا عائق وَلَا صَارف وتشرف بمجالس الافاضل ومحافل الاماثل وقرا على الْعَالم الخطير والسميدع النحرير فَخر الزَّمَان عَلامَة الاوان الْمُفْتِي ابو السُّعُود وَهُوَ مدرس بمدرسة دَاوُد باشا ثمَّ على الامام الْهمام السّري القمقام قدوة المدققين اسوة الْمُحَقِّقين الْمولى سعد الله محشي تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَهُوَ قَاض بقسطنطينة حميت عَن البلية ثمَّ صَار ملازما بطرِيق الاعادة من الْمولى المشتهر باسرافيل زَاده ثمَّ درس بلدرم خَان بقصبة مدرني بِعشْرين ثمَّ بِالْمَدْرَسَةِ الخاتونية بتوقات بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ صَار وظيفته فِيهَا ثَلَاثِينَ ثمَّ بمدرسة القَاضِي حسام بقسطنطينية باربعين ثمَّ نقل بِخَمْسِينَ الى مدرسة الْوَزير الْكَبِير رستم باشا بِالْمَدِينَةِ المزبورة وَهُوَ اول مدرس بهَا ثمَّ عين لتعليم السُّلْطَان سليم خَان وَهُوَ يَوْمئِذٍ امير بلواء مغنيسا وَلما وصلت نوبَة السلطنة الى مخدومه علت كَلمته وَارْتَفَعت مرتبته واستقام امْرَهْ واشتعل جمره حَيْثُ بَالغ فِي أكرامه وافرط فِي اعزازه واعظامه وَكَانَ يُرَاجِعهُ فِي الامور المهمة تَارَة مُكَاتبَة واخرى مشافهة وَكَانَ يَدعُوهُ الى الدَّار العامرة ويجتمع بِهِ فِي كل شهر مرَّتَيْنِ اَوْ مرّة وَلما انتظم لَهُ الْحَال على ذَلِك المنوال وورت بِهِ زِيَادَة وَحصل مُرَاده اشْتغل بايثار حَوَاشِيه وَتَقْدِيم متعلقاته وتلاميذه واوصلهم الى المناصب الجليلة فِي الازمنة القليلة وَقدم الصغار على الْمَشَايِخ الْكِبَار وَقد اشرف روض الْفَضَائِل بذلك الى الذبول وَمَال نجم المعارف الى الافول وصغت شمس الْعلم للغروب وركدت رِيحهَا بعد الهبوب فَضَجَّ النَّاس بالتضرع والابتهال الى جناب حَضْرَة المتعال فعاجله سهم الْمنية قبل حُصُول الامنية وَحل بساحته الْمنون وَسَاءَتْ بِهِ الظنون فاضحى عِبْرَة وعظة للْعَالمين وَكَانَ مثلا وسلفا للآخرين ... من ذَا الَّذِي لَا يذل الدَّهْر صعبته ... وَلَا تلين يَد الايام صعدتته ... وَذَلِكَ فِي اوائل صفر من سنة تسع وَسبعين وَتِسْعمِائَة بعد مَا مضى من

وممن اشتهر بفضله وعرفانه فاضحى مقصودا لطلبة عصره واوانه الشيخ رمضان عليه الرحمة والرضوان

دولته مِقْدَار خمس سِنِين وَحضر جنَازَته فِي بَيته عَامَّة الْعلمَاء والوزراء وَنزل السُّلْطَان الى الْبَاب العالي واخذ باطراف نعشه الْوَزير الْكَبِير مُحَمَّد باشا وَسَائِر الوزراء والامراء الْحَاضِرين واتوا بجنازته الى جَامع السُّلْطَان سُلَيْمَان وَصلى عَلَيْهِ الْمُفْتِي ابو السُّعُود وَدفن بزاوية الشَّيْخ ابْن الْوَفَاء بِمَدِينَة قسطنطينية وَفِي غَد ذَلِك الْيَوْم ورد الامر بِالزِّيَادَةِ على وظائف ابنائه وَتَعْيِين الْوَظَائِف لعدة من خُدَّامه مَا بَين رق وحر تنيف على خمسين نفسا ويروى انه رأى قبل مَرضه فِي مَنَامه كانه قَاعد فِي صدر مجْلِس حافل بِالنَّاسِ وهم مطرقون حوله وَظهر رجل على زِيّ الصُّوفِيَّة وَبِيَدِهِ عَصا فَلَمَّا قرب من الْمجْلس توجه اليه وخاطبه فَقَالَ قُم من مجلسك يَا سيىء الادب قَالَ فَلم الْتفت اليه فكرر الْخطاب ثَانِيًا فثالثا وكررت عدم الِالْتِفَات فهجم عَليّ وضربني بعصاه الَّتِي بِيَدِهِ ورفعني من مجلسي قهرا فَلَمَّا نجوت من يَده سَأَلت بعض الْحَاضِرين عَنهُ فَقَالُوا انه الشَّيْخ محيي الدّين الاسكليبي ابوه الْمُفْتِي ابو السُّعُود فانتبهت مذعورا فَوجدت فِي يَدي ثقلة وَلم يذهب الا ايام قَلَائِل حَتَّى هجمني هَذَا الْمَرَض وَلَعَلَّ السَّبَب فِي ذَلِك مَا وَقع بَينه وَبَين الْمُفْتِي الْمَزْبُور من المعاداة والمشاجرة بِسَبَب انه ظَهرت مِنْهُ اقوال الى تَخْفيف الْمُفْتِي الْمَزْبُور وازدرائه كَانَ رَحمَه الله فَاضلا ورعا دينا ذكيا قوي الطَّبْع صَحِيح الْفِكر اصيل الرَّأْي آيَة فِي التَّدْبِير وَالتَّصَرُّف الا ان فِيهِ التعصب الزَّائِد وَقد كتب رِسَالَة تشْتَمل على فنون خَمْسَة الحَدِيث وَالْفِقْه والمعاني وَالْكَلَام وَالْحكمَة وعملت لَهَا خطْبَة سنية تَتَضَمَّن غرر المدائح اولها الْحَمد لله على جميل عطائه وجزيل نعمائه الَّتِي تقاصرت صَحَائِف الايام دون احاطة آلائه وَلما وَقع نظره عَلَيْهَا وَقع فِي حيّز الِاسْتِحْسَان الا انه لم يحصل مِنْهُ طائل وَلم يفد عَنهُ اظهار الْفَضَائِل وَلَعَلَّ ذَلِك الحرمان الصَّرِيح من الاطراء الْوَاقِع فِي المديح وَمِمَّنْ اشْتهر بفضله وعرفانه فاضحى مَقْصُودا لطلبة عصره واوانه الشَّيْخ رَمَضَان عَلَيْهِ الرَّحْمَة والرضوان كَانَ رَحمَه الله من بليدَة يزه من بِلَاد الرّوم فَخرج مِنْهَا فِي طلب المعارف والعلوم فاتصل الى مجَالِس السَّادة وتحرك فِي ميادين الطّلب على الطَّرِيقَة الْمُعْتَادَة

وَقَرَأَ على الْعَالم النحرير الْمولى مُحَمَّد الشهير بمرحبا ثمَّ وصل الى خدمَة الْمولى المسي سعد بن عِيسَى ثمَّ حبب لَهُ الْعُزْلَة والانقطاع فسلك مَسْلَك القناعة والانجماع وَرغب عَن قبُول المنصب وَاخْتَارَ خطابة جَامع احْمَد باشا فِي قَصَبَة جورلي فتقاعد فِي القصبة المزبورة واكب على الِاشْتِغَال والافادة من الْكتب الْمَشْهُورَة فَاجْتمع اليه الطّلبَة واهرعوا من الاماكن وَالْبِقَاع وانتفعوا بِهِ أَي انْتِفَاع وَكتب رَحمَه الله فِي اثناء درسه حَاشِيَة لَطِيفَة على حَوَاشِي الْمولى الخيالي على شرح العقائد للعلامة التَّفْتَازَانِيّ توافقها فِي الدقة والوجازة وَكتب ايضا حَاشِيَة على شرح المسعودية من آدَاب الْبَحْث وعلق حَوَاشِي على بعض الْمَوَاضِع من شرح المتاح للشريف الْجِرْجَانِيّ وَتُوفِّي رَحمَه الله فِي القصبة المزبورة سنة تسع وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا مدققا يذلل من الْعُلُوم صعابها ويكشف عَن وُجُوه مخدراتها حجابها وَيحل ببنان افكاره الصائبة عقد المشكلات وَيرْفَع بأيدي انظاره الثاقبة عقال المعضلات مواظبا على النّظر والافادة حَتَّى أفناه الدَّهْر واباده وَكَانَ رَحمَه الله ظريف الطَّبْع لذيذ الصُّحْبَة حُلْو المحاضرة ينظم الشّعْر على لِسَان التّرْك بابلغ النظام ويتمشى فِيهِ ببهشتى كَمَا هُوَ دأب شعراء الرّوم والاعجام وَقد عثر على كَلِمَات لَهُ علقها على مَوضِع من شرح كَافِيَة ابْن الْحَاجِب للفاضل الْهِنْدِيّ مِمَّا يمْتَحن بِهِ اذهان الطّلبَة فاثبتها فِي هَذَا الْمقَام وختمت بهَا ذَلِك الْكَلَام قَالَ قَالَ الشَّارِح والاسناد اليه أَي الى الِاسْم فورد ان قَوْله والاسناد اليه عطف على الْمُبْتَدَأ فَيكون حِينَئِذٍ فِي حكمه وَخَبره فِي حكم خَبره فالمآل اسناد الشَّيْء الى الِاسْم من خَواص الِاسْم فَهَذَا لَغْو من الْكَلَام واجاب عَنهُ بقوله وَالْحكم عَلَيْهِ أَي الاسناد اليه بالخصوص أَي بِكَوْنِهِ خَاصَّة الِاسْم بِاعْتِبَار الطبيعة النوعية للاسم المتناول للمسند والمسند اليه دون الصنفية وَهِي قسم الْمسند اليه (المستفادة) وصف للطبيعة الصنفية (وَمن اليه الْمُخْتَص بِهِ) وصف لقَوْله اليه وَضمير بِهِ رَاجع الى الصِّنْف وَالْجَار دَاخل على الْمَقْصُور وَمُلَخَّصه ان المُرَاد اسناد الشَّيْء الى صنف الِاسْم من خَواص نوع الِاسْم فَلَا

ومن الذين ارتقوا مدارج العزة والسيادة بير احمد المشتهر بليس زاده

لَغْو كَمَا اذا قيل سَواد الحبشي خَاصَّة لنَوْع الانسان فَيُفِيد الْخَبَر معنى غير منفهم من المبتدا فاعرف هَذَا وَمن الَّذين ارْتَقَوْا مدارج الْعِزَّة والسيادة بير احْمَد المشتهر بليس زَاده توفّي ابوه مُنْفَصِلا عَن قَضَاء الْقَاهِرَة وَقَرَأَ المرحوم على الْمولى محيي الدّين المشتهر بعرب زَاده وَصَارَ ملازما من الْمولى بُسْتَان وَاتفقَ لَهُ عطفة من الزَّمَان حَيْثُ تزوج ابْنة الْمولى عَطاء الله معلم السُّلْطَان سليم خَان فطلعت نُجُوم سعادته وشرقت شموس سيادته حَيْثُ وصل فِي الازمنة القليلة الى المناصب الجليلة وقلد اولا مدرسة ابْن الحاجي حسن بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة إِبْرَاهِيم باشا بقسطنطينية بِأَرْبَعِينَ ثمَّ جعل وظيفته فِيهَا خمسين ثمَّ نقل بالوظيفة المزبورة الى مدرسة رستم باشا بقسطنطينية ثمَّ الى مدرسة اسكدار ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان توفّي وَهُوَ مدرس بهَا فِي مُدَّة قريبَة من موت الْمولى عَطاء الله صهره وَكَانَ رَحمَه الله حسن الشكل لطيف الطَّبْع محبا للْعلم وساعيا فِي اقتناء الْكتب النفيسة وَقد جمع مِنْهَا النفائس واللطائف والنوادر والظرائف الى ان بدد الدَّهْر شملها واقفر ربعهَا ومنزلها وَمن الْعلمَاء الاعيان الْمولى سِنَان كَانَ رَحمَه الله من قَصَبَة آق حِصَار من لِوَاء صارخان وَقد انتظم المرحوم فِي سلك الطلاب بَعْدَمَا وصل الى سنّ الشَّبَاب وَلما حصل الطّرف الصَّالح من الْعرْفَان صَار ملازما من الْمولى المشتهر بِابْن يكان ثمَّ درس بمدرسة جاي بِعشْرين ثمَّ مدرسة طه قلي بورلي بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة بركي بالوظيفة المزبورة ثمَّ بمدرسة بالي كسْرَى بِثَلَاثِينَ ثمَّ الْمدرسَة الخاتونية بتوقات باربعين ثمَّ مدرسة الْمولى يكان بِمَدِينَة بروسه بالوظيفة المزبورة ثمَّ درس بِالْمَدْرَسَةِ الحلبية بادرنه بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل عَنْهَا الى مدرسة بنت السُّلْطَان سُلَيْمَان باسكدار ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان الى مدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد ابْن السُّلْطَان سُلَيْمَان فاشتغل فِيهَا وافاد وتحرك على الْوَجْه الْمُعْتَاد حَتَّى فرق الدَّهْر شَمله وأباد وَكَانَ ذَلِك فِي اوائل شعْبَان المنخرط فِي سلك شهور سنة تسع وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله عَالما

وممن صبغ يده بالوان العلوم واظهر اليد البيضاء في كل منثور ومنظوم وشنف آذان الدهر بغرر كلماته وقلد جيد الزمان بدرر مصنوعاته واعترف بفضله الكثير من الافاضل السادة المولى علاء الدين علي بن محمد المشتهر بحناوي زاده

صَالحا ذكي الطَّبْع جيد القريحة صَحِيح التودد للمشايخ الصُّوفِيَّة مترددا اليهم ومستمدا من انفاسهم الطّيبَة وَكَانَ رَحمَه الله شَدِيد الْقيام فِي مصَالح من يلوذ بِهِ شَدِيد النَّفْع لمن يتَرَدَّد اليه وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رَحمَه الله حَسَنَة من حَسَنَات الايام وَبَقِيَّة من السّلف الْكِرَام وَقد رُؤِيَ بعد مَوته فِي الْمَنَام فَقيل لَهُ هَل غفر الله لَك فَقَالَ نعم ولكثير من الَّذين جاؤا بعدِي قَالَ الرَّائِي وَقلت لَهُ وَكَيف وجدت الدَّار الاخرة بِالنِّسْبَةِ الى الاولى قَالَ لَا شكّ ان الدَّار الاخرة خير للَّذين يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَفِي الدُّنْيَا ايضا خير ثمَّ سَأَلت عَن بعض الاشخاص الَّذين مَاتُوا قبل مَوته فاخبر بالاجتماع بِالْبَعْضِ دون الاخر وَمِمَّنْ صبغ يَده بالوان الْعُلُوم واظهر الْيَد الْبَيْضَاء فِي كل منثور ومنظوم وشنف آذان الدَّهْر بغرر كَلِمَاته وقلد جيد الزَّمَان بدرر مصنوعاته واعترف بفضله الْكثير من الافاضل السَّادة الْمولى عَلَاء الدّين عَليّ بن مُحَمَّد المشتهر بحناوي زَاده ولد رَحمَه الله سنة ثَمَان عشرَة وَتِسْعمِائَة فِي قَصَبَة اسباسه من لِوَاء حميد وَكَانَ ابوه من قُضَاة بعض القصبات قَرَأَ رَحمَه الله على الْمولى محيي الدّين المشتهر بالمعلول وَالْمولى سِنَان الدّين محشي تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَالْمولى محيي الدّين المشتهر بمرحبا ثمَّ صَار معيدا لدرس الْمولى صَالح الاسود وَلما توفّي الْمولى الْمَزْبُور رغب فِيهِ الْمولى الشَّيْخ مُحَمَّد المشتهر بجوي زَاده فَارْتَبَطَ بِهِ وَكَانَ اول درس قَرَأَ عَلَيْهِ من شرح الْعَضُد وَقد كتب رَحمَه الله على هَذَا الْموضع من شرح الْعَضُد رِسَالَة لَطِيفَة وعرضها على الْمولى الْمَزْبُور فاستحسنها غَايَة الِاسْتِحْسَان وَكَانَ الْمولى محيي الدّين الْمَزْبُور يَقُول حِين مَا سُئِلَ عَنهُ وَعَن الْمولى شاه مُحَمَّد السَّابِق ذكره انهما مني بِمَنْزِلَة عَيْني لَا افضل احدهما على الاخر وَلما صَار ملازما من الْمولى محيي الدّين الْمَزْبُور كتب رِسَالَة يُحَقّق فِيهَا بحث نفس الامر وعرضها على الْمولى ابي السُّعُود وَهُوَ قَاض بالعساكر المنصورة يَوْمئِذٍ فقلده الْمدرسَة الجامية بادرنه بِعشْرين ثمَّ قلد مدرسة الامير حَمْزَة فِي بروسه بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة ابْن ولي الدّين

فِي الْبَلدة المزبورة بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة رستم باشا بكوتاهيه باربعين ثمَّ مدرسته الَّتِي ابتناها بقسطنطينية ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان وَلما ابتنى السُّلْطَان سُلَيْمَان المدرستين الواقعتين فِي الْجَانِب الغربي من الْجَامِع قلدا حداهما للْمولى الْمَزْبُور والاخرى للْمولى شاه مُحَمَّد السَّابِق ذكره لمزيد اشتهارهما بالفضيلة الباهرة ثمَّ قلد قَضَاء دمشق ثمَّ نقل الى قَضَاء بروسه ثمَّ الى قَضَاء ادرنه ثمَّ الى قَضَاء قسطنطينية ثمَّ صَار قَاضِيا بالعساكر المنصورة فِي ولَايَة اناطولي وَبعد عدَّة اشهر اتّفق سفر السُّلْطَان الى مَدِينَة أدرنه وَكَانَ مبتلى بعلة عرق النسا فاشتدت بالحركة وَشدَّة الْبرد وعالجه بعض المتطببة ودهنه بدهن فِيهِ بعض السمُوم ثمَّ اعقبه بالطلاء بدهن النقط فنفذ السم الى بَاطِنه فَكَانَ ذَلِك سَبَب مَوته فانه مَاتَ رَحمَه الله عقيب الطلاء الْمَزْبُور وَذَلِكَ فِي الْيَوْم السَّابِع من شهر رَمَضَان من شهور سنة تسع وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَحضر جنَازَته عَامَّة الوزراء وَالْعُلَمَاء وَصلي عَلَيْهِ فِي الْجَامِع الْعَتِيق وَدفن بِظَاهِر بَاب ادرنه فِي الْمَقَابِر الْمَشْهُورَة بمقابر النَّاظر الْوَاقِعَة على طَرِيق الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَكَانَ رَحمَه الله اُحْدُ اماجد القروم فِي كل مَنْطُوق وَمَفْهُوم ذَا نفس علية وسجية سنية ذلل من الْعُلُوم صعابها وَرفع عَن مخدرات الْفُنُون قناعها وحجابها فأمست عرائس النكات اليه مزفوفة واصبحت عوائص الْفَوَائِد المبهمات لَدَيْهِ مجلوة مكشوفة خَاضَ فِي غمار الْعُلُوم فجَاء بِكُل فريدة يتنافس فِيهَا آذان الايام وَقصد ميادين الفهوم فَأتى بِكُل رهينة يتسابق عَلَيْهَا كمت الشُّهُور والاعوام وَكَانَ رَحمَه الله وَاسع الْمعرفَة كثير الافتنان جَارِيا فِي ميدان المعارف بِغَيْر عنان وَقد اخترع الْكثير من الْمعَانِي وَولد وقلد جيد الزَّمَان بخرائد منثورة ومنظومة مَا قلدوكان شيخ الْعَرَبيَّة وحامل لوائه وشمس بروجه وكواكب سمائه كلما انطق البراعة اعجز وَكلما وعد الانجاز وفى ذَلِك الْوَعْد وانجز وَقد اثْبتْ لَهُ فِي هَذِه الْمجلة مَا تستعذبه وتسطيبه وتحكم بِهِ انه على الْحَقِيقَة امام هَذَا الشان وخطيبه قَالَ رَحمَه الله وَفِيه تورية لطيفه ... ارى من صدغك المعوج دَالا ... وَلَكِن نقطت من مسك خَالك فاصبح دَالَّة بالنقط ذالا ... فها انا هَالك من اجل ذَلِك ...

وله ايضا من هذا الباب في الحث على الثقة بمسبب الاسباب توكل على الرحمن في كل حاجة تريد فان الله اكرم كافل ولا تتوغل في المآثم غافلا عن الله ان الله ليس بغافل

وَله ايضا فِي هَذَا الْبَاب مِمَّا يستعذب جدا ويستطاب ... لهيب نَار الْهوى من ايْنَ جَاءَ الى ... احشاك حَتَّى رَأينَا الْقلب وهاجا وَمَا دروا انه من سحر مقلته ... الفى سَبِيلا الى قلبِي ومنهاجا ... وَله فِي معرض النَّصِيحَة هَذِه الْكَلِمَات الفصيحة ... انفق فان الله كافل عَبده ... فالرزق فِي الْيَوْم الْجَدِيد جَدِيد المَال يكثر كلما انفقته ... كالبئر ينْزح مَاؤُهُ فيزيد ... وَله ايضا من هَذَا الْبَاب فِي الْحَث على الثِّقَة بمسبب الاسباب ... توكل على الرَّحْمَن فِي كل حَاجَة ... تُرِيدُ فان الله اكرم كافل وَلَا تتوغل فِي المآثم غافلا ... عَن الله ان الله لَيْسَ بغافل ... وَله فِي صُورَة الْمُنَاجَاة وقرع بَاب الْحَاجَات ... يَا من يقيل عثار العَبْد بِالْكَرمِ ... اذا اتاه من الذلات فِي نَدم ارشد بِنور الْهدى نَفسِي فقد بقيت ... من الْمَظَالِم فِي داج من الظُّلم ... وَله ايضا فِي هَذَا الْبَاب من التضرع الى جناب رب الارباب ... يَا باصرا بدبيب رجل نميلَة ... جنح الظلام بصخرة صماء يَا سَامِعًا لنعيق اضعف ضفدع ... دنف جريح تَحت لج المَاء ... اُمْنُنْ بقطرة رَحْمَة تمحو بهَا ... آثَار ذَنْب جلّ عَن احصاء ... وَقد جرى بَينه وَبَين شَيخنَا ومولانا قطب الدّين مفتي الْحَنَفِيَّة بِمَكَّة شرفها الله تَعَالَى مراسلة فَكتب اليه قصيدة بائية تشْتَمل على أَبْيَات لَطِيفَة ونكات شريفة مِنْهَا قَوْله ... سَلام حكى بِالْمِيم عينا مُعينَة ... يروي رياض الْحبّ بالسلسل العذب على ماجد ماعد مقول قَائِل ... ثناه وان اربى على الصارم العضب يَدُور عَلَيْهِ الْمَدْح من كل فَاضل ... كمنطقة الافلاك دارت على القطب عَسى دَعْوَة من عِنْده مستجابة ... تبدل بعدِي من حجاز الى الْقرب مُقيم لكم مَا طَاف فِي الْبَيْت طائف ... على علا الاخلاص والصدق وَالْحب ...

وَأجَاب الشَّيْخ قطب الدّين الْمَزْبُور بقصيدة يمدحه وَيَدْعُو لَهُ بِهَذِهِ الابيات ... وَمن عجب نظم من الرّوم قد أُتِي ... بلاغته اعيت جهابذة الْعَرَب وناظمه مَا مر يَوْمًا بِذِي طوى ... وَلَا المنحنى والاخشبين وَلَا الهضب وَلكنه من نظم من فاق عصره ... ذكاء وفضلا بالغريزة وَالْكَسْب فصيح بليغ لوذعي مفوه اذا قَالَ لم يتْرك مقَالا لذِي لب قصدتم بِهَذَا العَبْد حوز ولائه ... فكاتبتموه وَهُوَ رق لكم مسبي سلبتم فُؤَادِي واصطباري وسلوتي ... كأنكم الاعراب فِي سنة النهب واني على عهد الْمحبَّة ثَابت فَهَل مُمكن غير الثَّبَات على القطب ... وَقد عمل رَحمَه الله تَعَالَى رَحْمَة وَاسِعَة رِسَالَة قلمية ابدع فِيهَا كل الابداع بِحسن التَّرْتِيب ولطف الاختراع وَقد اثْبتْ لَهُ مَا يستجاد وَيحكم النَّاظر فِيهِ انه احسن واجاد مد بَاعه فِي الْعُلُوم ومده فِيهِ شبر حبر ماهر اذا رَأَيْت آثاره تَقول مَا احسن هَذَا الحبر قَادر على تَحْرِير الْعلم وتحبيره يتَكَلَّم ويذر على الكافور عبيره فياحسن تَعْبِيره اذا شكل رفع الاشكال واذا قيد أطلق الْعُقُول من العقال طورا يجلس فِي الدست مثل الْكِرَام الصَّيْد وطورا يبيت على كَهْف المحبرة باسطا ذِرَاعَيْهِ بالوصيد كَأَنَّهُ يتنزه فِي مراتع الطَّرب يسْتَمر فِي بلابل الْقصب اذا شط دَاره شط عَنهُ مزاره فَهَوِيَ يبكي كالغمامة وينوح كالحمامة يذكر لداته واترابه ويحن الى اول ارْض مس جلده ترابه على الانامل خطيب مصقع الف ترَاهُ تَارَة فِي الدواة واخرى على الاصبع يقوم فِي خدمَة النَّاس واذا قلت لَهُ اجْرِ يَقُول على الراس يتعيش بكسب يَمِينه ويقتات من عرق جَبينه لَفَظُوا باسمه فصيحا وَهُوَ محرف ارادوا ان يصحفوه فَلم يتصحف ميزاب عين الْحِكْمَة عَنهُ نابع مقياس بِمصْر اصابع أخرس وَلَكِن لِسَانه قَارِئ يتَكَلَّم بَعْدَمَا قطع رَأسه وَهُوَ حِكْمَة الْبَارِي مداح لكنه لَا يُفَارِقهُ الهجا يستر طرة صبح تَحت اذيال الدجى وَله رِسَالَة سيفية اجاد فهيا كل الاجادة على مَا اعْترف بِهِ الْجُمْهُور من الافاضل السَّادة وقداثبت مِنْهَا مَا شهد بتقدمه ويريك مُنْتَهى قدمه يطلّ اذا انْسَلَّ من مقَامه بَقِي مشهروا ذكر اذا قارف اولد ويلا وثبورا نجم فِي ليَالِي الخطوب سَاطِع

نَص فِي مسَائِل الحروب قَاطع قَاطع الاكتاف والاعناق يجْرِي على الرَّأْس اذا قَامَت الْحَرْب على سَاق صَاحب الندى والباس فِيهِ باسر شَدِيد وَمَنَافع للنَّاس غَنِي صَاحب النّصاب سُلْطَان ملك الرّقاب رومي النصل دمشقي الاصل لاي يَوْم اجل ليَوْم الْفَصْل باسه شَدِيد وطبعه حَدِيد ذُو علائق لَكِن اذا كَانَ مُجَردا يكون من اصحاب الْيَمين وَقد يعْتَكف فِي خلْوَة القراب وَهُوَ من المقربين يرتعد كالمحموم وَهُوَ مسلول شَقِيق ومدقوق فَلذَلِك اعتراه نحول يدب النَّمْل عَلَيْهِ ويفر الاسد من بَين يَدَيْهِ جدول مَاء هَب عَلَيْهِ نسيم النَّصْر شعلة نَار ترمي بشرر كالقصر عَالم لَا ينظر الى متن الا ويشرحه حَاكم لَا يحضرهُ شَاهد الا ويجرحه عَالم بِالضَّرْبِ والتفريق ماهر فِي القطيعة على التَّحْقِيق شروق غربه يسفر من فجر يَوْم الْحَرْب تقوم الْقِيَامَة اذا طلعت الشَّمْس من ذَلِك الغرب اذا ضرب فِي الارض يجمع ضروبا من الضرائب لَا يخلق مِنْهُ الانسان وان كَانَ مَاء دافقا يخرج من بَين الصلب والترائب جدول مَاء جرى فِي ساحة روض فَظهر مِنْهُ رُؤُوس نابته فبدت عَلَيْهَا سُورَة زراته عَامل للمقاطعة مُلْتَزم حَاكم بِهِ مواد الْخِصَام تحسم كانه سيف الامدي فِي الدَّلَائِل الكلامية واقائعه فِي مسَائِل الحروب تدعى الْوَاقِعَات الحسامية ينسل من النبل لَهُ كالخدم تقوم الرماح فِي خدمته على الْقدَم ذكر لَهُ حَيْضَة طَائِر يَقع على الْبَيْضَة وَله اشعار فارسية لَطِيفَة اذكر نبذا مِنْهَا غزل ... جد شدكه ازدرما باردنمي آيد ... مُرَاد خاطر عشاق برنمي آيد جه كَونه ازدل وازجان مرابا خير شدّ ... دوماه شدكه ازان سه خبر نمي آيد كمرمبند بخونم كه خون ديده مرا ... شبي ترفت كه ثادر كرنمي آيد دلم نما ندوز دلبر خبر نمي شنوم ... سرم برفت وشب غم بسرنمي آيد ...

.. قدم بخلوت مانه كه بِي فروغ رخت ... شب فِرَاق على راسحر نمي ايد ... وَله ايضا ... خطش اشوب جهانست ويرآمدجه كنم ... جَان من ازئر بيمار برامد جده كنم كفته بودم كه تنوشم مي ان شوخ جهان ... جَام وردست زدرمست ورآمدجه كنم عهدان بودكه باكس نكشايم رازش ... لبك ان اشك روان ابرده درآمدجه كنم زاهدم وَنَدم وسرمست بروخرده مكير ... روزي من زقضا ايْنَ قدر آمدجه كنم جون ببالين من آمدز فَرح مردوم يبش ... أَي على عمر عَزِيز م بسرآمد جه كنم ... وَله ايضا ... جون روز وصل زود كذشت وشب فِرَاق ... غمكين جزاشو يم كه ايْنَ نيزبكذرد ... وَله ايضا ... برسينة شرحهاي فروان كه تيغ هجران كرد ... مجالتست تن من كه شرح نوان كرد ... وَله ايضا ... كفتم خبري كوي مراكفت دهن نيست ... ابرام نكردم جه كنم جاي سخن نيست ... وَله ايضا ... زَمَانه بادل توعهد بِي وفايي نيست ... اكرجه عهد ووفا نيست ررزمانه تو ...

ومن المشايخ العظام والسادات الكرام الشيخ يعقوب الكرماني

.. بانه ازبي خونر بزماجه ميحو بِي ... بست قَاتل مَا حسن بِي بهانه تو ... وَله اشعار تركية اضربنا عَن ذكرهَا بِنَاء على مُقْتَضى عادتنا وَله من التآليف حَاشِيَة التَّجْرِيد للشريف الْجِرْجَانِيّ وحاشية شرح الكافية للْمولى عبد الرحمن الجامي وحاشيه الدُّرَر وَالْغرر للْمولى خسرو وَلم يتم وَله الاسعاف فِي علم الاوقاف وَله حشاية على كتاب الْكَرَاهِيَة من الْهِدَايَة وَله رسالتان متعلقتان بِالْوَقْفِ كتبهما فِي الْحَادِثَة الَّتِي وَقعت بَينه وَبَين الْمولى شاه مُحَمَّد وَهِي مَعْرُوفَة وَقد علق رَحمَه الله حَوَاشِي على الْمولى حسن جلبي لشرح المواقف للشريف الْجِرْجَانِيّ من اول الْكتاب الى آخِره وَله كتاب الْمُنْشَآت على لِسَان التركي وَكتاب الاخلاق وَله رِسَالَة ضخمة تتَعَلَّق بالتفسير كتبهَا بعد مَا جرت المناظرة بَينه وَبَين الشَّيْخ بدر الغزى وَمن الْمَشَايِخ الْعِظَام والسادات الْكِرَام الشَّيْخ يَعْقُوب الْكرْمَانِي ولد رَحمَه الله ببلدة شيخلو وَكَانَ ابوه من الاجناد العثمانية والعساكر السُّلْطَانِيَّة وَقد رغب المرحوم فِي تَحْصِيل المعارف الْمَعْلُوم فدار الْبِلَاد واشتغل واستفاد حَتَّى انتظم فِي سلك ارباب الاستعداد بَينا هُوَ فِي اشْتِغَاله وَتَحْصِيل مجده وكماله اذ رأى صُورَة الْحَشْر فِي الْمَنَام وَشَاهد فِيهَا شَدَائِد السَّاعَة واهوال الْقِيَامَة فَوَقع فِي حسرة واضطراب واراد التشبث بالاسباب فَاطلع عل فِئَة فِي فَيْء شَجَرَة لم يرهقهم ذلة وَلَا قترة وهم عَن شَدَائِد ذَلِك الْيَوْم سَالِمُونَ من الَّذين لَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ واذا بمناد يُنَادي ويملأ بِصَوْتِهِ ذَلِك النادي ان اردت سَبِيل الْخَلَاص ورمت طَرِيق المناص فلتجتهد فِي اللحوق والانضمام الى هَذِه الاقوام فان لَهُم الزلفى عِنْد رَبهم فِي دَار السَّلَام فرامهم المرحوم وَقصد وجد واجتهد حَتَّى لحق بهم وانضم اليهم فَلَمَّا انتبه من الْمَنَام حصل لَهُ تيقظ عَظِيم وتنبه تَامّ وَترك الرسوم الْمُعْتَادَة ورام الدُّخُول فِي مَسْلَك الصُّوفِيَّة السَّادة وَصَحب مِنْهُم الْكثير وَلم يقنع باليسير حَتَّى وصل الى قطب العارفين وَبَقِيَّة السّلف الصَّالِحين الشَّيْخ سِنَان الدّين المشتهر بسنبل فَدخل فِي زمرة اصحابه وَبَالغ فِي التأدب بآدابه

ومن علماء العصر والزمن المولى محمد بن خضر شاه بن محمدالمشتهر بابن الحاجي حسن

وأتى من الزّهْد وَالْعِبَادَة بِمَا هُوَ فَوق الْعَادة واجتهد بِالْقيامِ وَالصِّيَام حَتَّى كَانَ يفْطر مرّة فِي ثَلَاثَة ايام واجتنب المَاء سِتَّة اشهر وَلم يشرب وَنِعما ذَلِك المشرب وَلما وصل الشَّيْخ المسفور الى رَحْمَة ربه الغفور وانتصب مَكَانَهُ الشَّيْخ مصلح الدّين المشتهر بمركز انف المرحوم من مبايعته وَتَأَخر عَن مُتَابَعَته الى ان راى فِي مَنَامه مَجْلِسا عَظِيما حضر فِيهِ الرَّسُول الاكرم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالشَّيْخ مصلح الدّين الْمَزْبُور قَامَ على كرْسِي يُفَسر سُورَة طه بتحقيق تَامّ فِي حَضْرَة الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وعَلى رَأس الشَّيْخ عِمَامَة ترى تَارَة خضراء وَتارَة سَوْدَاء فَسئلَ المرحوم من بعض الْحَاضِرين فاجاب ان خضرتها تُشِير الى تَمام شَرِيعَته وسوادها الى كَمَال جِهَة طَرِيقَته فَترك التأنف بعد ذَلِك وعد صحبته من احسن المسالك ودام لَدَيْهِ على الِاجْتِهَاد الى ان كمل الطَّرِيقَة الخلوتية واذن لَهُ فِيهَا بالارشاد ثمَّ انْتَقَلت بِهِ الاحوال الى ان فوض اليه المشيخة فِي زَاوِيَة مصطفى باشا بقسطنطينية المحمية فسلك مَسْلَك الْمَشَايِخ السَّادة فِي تربية ارباب الارادة وَاجْتمعَ عَلَيْهِ الطلاب ودخلوا عَلَيْهِ من كل بَاب وَكَانَ يعظ فِي الْجَامِع الشريف باحسن وَجه واوضح طَرِيق ويفسر الْقُرْآن الْكَرِيم فِي انبائه باتقان وَتَحْقِيق وَينْتَفع النَّاس بمجالسه الشَّرِيفَة ونصائحه اللطيفة الى ان توفّي رَحمَه الله فِي شهر ذِي الْقعدَة سنة تسع وَسبعين وَتِسْعمِائَة ضاعف الله حَسَنَاته وافاض علينا من سِجَال بركاته وَمن عُلَمَاء الْعَصْر والزمن الْمولى مُحَمَّد بن خضر شاه بن محمدالمشتهر بِابْن الحاجي حسن كَانَ ابوه من قُضَاة بعض الْبلدَانِ وجده المسفور توفّي قَاضِيا بالعسكر فِي أَيَّام السُّلْطَان بايزيدخان وَقَرَأَ المرحوم على افاضل عصره وَصَارَ ملازما من الْمولى خير الدّين معلم السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان ثمَّ تقلد الْمدرسَة القزازية بِمَدِينَة بروسه بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة عبد السلام بجكمجه بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة رستم باشا بكوتاهية باربعين ثمَّ مدرسة خانقاه بقسطنطينية بِخَمْسِينَ وَهُوَ مدرس بهَا بَعْدَمَا جعلت مدرسة فانه لما ابتنتها السَّيِّد ة حرم زَوْجَة السُّلْطَان سُلَيْمَان جَعلتهَا خانقاها للصوفية ثمَّ بدلتها مدرسة لاقْتِضَاء بعض الامور وشرطت لمن يدرس

ومن العلماء الاعلام وفضلاء الاعجام المولى مصلح الدين اللاري

فِيهَا النَّقْل الى الْمدرسَة الَّتِي بنتهَا قبل ذَلِك فِي الْمَدِينَة المزبورة فَنقل المرحوم عَنْهَا الى هَذِه الْمدرسَة بالوظيفة الْمَذْكُورَة ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى مدرسة ايا صوفيه بستين ثمَّ الى احدى الْمدَارِس السليمانية ثمَّ قلد قَضَاء الْمَدِينَة المنورة ثمَّ نقل الى قَضَاء مَكَّة المشرفة وَلم يتَّفق لَاحَدَّ من عُلَمَاء الرّوم فِي سالف العصور تَوْلِيَة الْقَضَاء فِي الْحَرَمَيْنِ الشريفين غير الْمولى الْمَزْبُور ولاختصاصه بِهَذِهِ الْفَضِيلَة من الْبَين لقبه اهل هَذِه الديار بقاضي الْحَرَمَيْنِ وانتقل رَحمَه الله بِمَكَّة المشرفة فِي اوائل ذِي الْحجَّة سنة تسع وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَقد وَقع وُصُول مَاء عَرَفَات بِمَكَّة فِي هَذِه السّنة وَكَانَ يعْمل لَهُ فِي سنة سبعين بهمة السيدة مهروماه بنت السُّلْطَان سُلَيْمَان فانها لما وصلت اليها قلَّة الْمِيَاه بِمَكَّة ومضايقة اهل الْحرم الشريف فِيهَا واخبرت بامكان مَجِيء مَاء عَرَفَات الى مَكَّة شرفها الله تَعَالَى قصدت اليه واعتنت بعمارته وافنت فِيهِ اموالا جزيلة الى ان تيسرت لَهَا هَذِه المثوبة الْعُظْمَى فِي السّنة المزبورة فاتفق دُخُولهَا بِمَوْت الْمولى الْمَزْبُور وَكَذَلِكَ مَجِيء الْحَاج فِي السّنة المزبورة فاتفق ان اجْتمع فِي جنَازَته خلق كثير وجم غفير من الْعلمَاء والصلحاء وشهدوا لَهُ بِالْخَيرِ وَحسن الخاتمة ودعوا لَهُ بالمغفرة الدائمة وَكَانَ المرحوم من اعيان افاضل الرّوم معدودا من الرِّجَال مَذْكُورا فِي عداد ارباب الْفضل والكمال نظيفا وجيها عَظِيم التؤدة وَالْوَقار بِحَيْثُ نسبه النَّاس الى الْغرُور والاستكبار غفر لَهُ الْملك الْغفار وَمن الْعلمَاء الاعلام وفضلاء الاعجام الْمولى مصلح الدّين اللاري ولد رَحمَه الله فِي اللار وَهِي بالراء الْمُهْملَة مملكة بَين الْهِنْد والشيراز اشْتغل رَحمَه الله على مير غياث بن مير صدر الدّين المستغني بشهرته التَّامَّة عَن التوصيف والتبيين وقرا ايضا على ميركمال الدّين حُسَيْن تلميذ الْمولى الْمَعْرُوف لَدَى القاصي والداني جلال الْملَّة وَالدّين مُحَمَّد الدواني ثمَّ ذهب الى بِلَاد الْهِنْد واقتحم شَدَائِد الاسفار واتصل بالامير همايون من اعاظم مُلُوك هَذِه الديار وَحل عِنْده محلا رفيعا ومنزلا منيعا وتلمذ مِنْهُ ولقبه بالاستاذ وعامله باللطف والرأفة الى ان افناه الدَّهْر واباد وَقَامَت الْفِتَن والحوادث من بعده فِي تِلْكَ الْبِلَاد فَخرج المرحوم عَنْهَا

قَاصِدا الى زِيَارَة بَيت الله الْحَرَام واقامة شَعَائِر شرائع الاسلام فَلَمَّا تيَسّر لَهُ الْحَج وَحصل لَهُ الرّوم رام الدُّخُول فِي بلادالروم فانتقل من بلد الى بلد وَمن مَدِينَة الى مَدِينَة حَتَّى وصل الى قسطنطينية فَاجْتمع بِمن فِيهَا من الافاضل الفحول وباحث مَعَهم فِي الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول وَلما اجْتمع بالمولى ابي السُّعُود اضمحل عِنْده وَلم يظْهر لَهُ وجود وَعين لَهُ كل يَوْم خَمْسُونَ درهما من بَيت المَال فَلم يجد فِيهَا مَا يرضيه من التَّوَجُّه والاقبال فَلم يخْتَر الاقامة فِي هَذِه الْبَلدة البديعة وَخرج الى ديار بكر وَرَبِيعَة فَلَمَّا وصل الى آمد وشاع لَهُ المحاسن والمحامدا ستدعاه اميره اسكندر باشا وَصَاحبه فَاسْتَحْسَنَهُ واعجبه وَبَالغ فِي ثنائه وعطائه وعينه معلما لنَفسِهِ وابنائه وَزَاد على وظيفته وأبرم عَلَيْهِ الاقامة فِي الْبَلدة المسفورة ثمَّ قلدالمدرسة الَّتِي بناها خسرو باشا فِي الْبَلدة المزبورة وارسل اليه المنشور من جَانب السُّلْطَان بَان يلْتَحق بزمرة الموَالِي فَتعين كل نوبَة ثَلَاثَة من طلبته لملازمة الْبَاب العالى فدام على الدَّرْس والافادة حَتَّى درسه الدَّهْر واباده وَذَلِكَ فِي شهر ذِي الْحجَّة سنة تسع وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَقد اناف عمره على سِتِّينَ سنة كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا محققا كَامِلا عُزَيْر الْفَهم كثير الاحاطة وَاسع الْمعرفَة مشاركا فِي الْعُلُوم النقلية صَاحب الْيَد الطُّولى فِي الْفُنُون الْعَقْلِيَّة شرح تَهْذِيب الْمنطق والتذكرة من علم الْهَيْئَة ورسالة الْمولى فِي الْفَنّ الْمَزْبُور وَكتب فِيهِ متْنا لطيفا وعلق حَاشِيَة على شرح الْهِدَايَة الْحكمِيَّة للْقَاضِي مير حُسَيْن وحاشية على شرح الطوالع للاصفهاني وحاشية على شرح الْمولى جلال للتهذيب وحاشية على بعض الْمَوَاضِع من شرح المواقف للشريف الْجِرْجَانِيّ وحاشية على تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ الى آخر الزهراوين وَشرح شمائل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالعربي والفارسي وَجمع تَارِيخا كَبِيرا على لِسَان فَارس من بَدْء الْعَالم الى زَمَانه وَكتب على مَوَاضِع من الْهِدَايَة ورسائل عديدة يطول ذكرهَا وَقصد مُعَارضَة الْمُفْتِي ابي السُّعُود فِي قصيدته الميمية وكلف نَفسه مَا لَيْسَ فِي وَسعه فَكَانَ فِي الآخر مصداق مَا قَالَه الشَّاعِر ... اذا لم تستطع امرا فَدَعْهُ ... وجاوزه الى مَا تَسْتَطِيع ...

ولنذكر مِنْهَا مَا قدمه حَتَّى نريك ايْنَ يضع قدمه ... كَفاك ابتئاسا فِي هَوَاك ملام ... وَقلت لمن شَاءَ السَّلَام سَلام اسار اسير الْعِشْق صوب سَلامَة ... اكان مَكَان العاشقين سَلام وَمَا كنت وحدي بالمحبة هائما ... فَذَاك كثير فِي الزَّمَان قُدَّام لكم زمرة تاهت بتيه محبَّة فكم هام فِي هَذَا الهيام هيام وَمن قَالَ من ليلاي حرفا اسرني ... وكل كَلَام غير ذَاك كَلَام حمامة مني بلغيها تَحِيَّة ... وان جَاءَنِي بعد البعاد حمام رماني زماني فِي مقاحم هجره ... وَمن عين عَيْني الدُّمُوع سجام وأقرح اجفاني واحرق مهجتي ... بِمَا صب عَيْني واستفاد غرام فَلَا عبراتي بالعيون لتنتهي ... وَلَا زفراتي بالفراق تضام فياليت شعري ارى روح وَصله ... ويرتاح قلب قد حواه ضرام ايبدو لالام الْفِرَاق مفرق ... ويرجى لأسباب الْوِصَال ضمام طويت طوامير الْوَفَاء مغاضبا ... اليست عهود بَيْننَا وذمام فآها لأزمان الْفِرَاق وطولها ... فساعة يَوْم من فراقك عَام فَلَو فِي الفلا اشكو فَلَا شكّ انه ... ليبكي على حَالي الفلا واكام وَكَانَ اشتهاري باصطباري لمحنة ... وَلَكِن صبرا فِي نواك حرَام لقدك قد قَامَت حُدُود رشاقة ... وخدك حد الْحسن فِيهِ تَمام وَصَاحب مِصْبَاح الصباحة مصبحا ... فانت وشمس سيد وَغُلَام ... وَقَالَ بعد ابيات ... وَفَارَقت ابناء الزَّمَان جَمِيعهم ... وَمَا للبيب باللئام لؤام وَلَا لطف فِي خل من الْخَيْر قد خلا ... وَلَا نفع فِي سحب لَهُنَّ جهام لَهُم فِي اداء المنجيات تكاسل ... لَهُم فِي لُزُوم المهلكات لزام وَلَيْسَ لاقبال الزَّمَان ادامة ... وَلَيْسَ لادبار الدهور مدام ...

.. فَكل نَهَار يحدث اللَّيْل بعده ... وَلَا ليل الا من قَفاهُ عيام فَلَا تَكُ مَسْرُورا وَلَا متحزنا ... اتاك نَهَار اَوْ عرَاك ظلام كبو قلمون فِي التلون دَهْرنَا ... وَلَيْسَ لما ابدى الزَّمَان دوَام تعاقيب حالات الانام كَمَا ترى ... دَلِيل على هَذَا الْكَلَام تَمام سرُور واحزان شباب وَشَيْبَة ... غنى واحتياج صِحَة وسقام حَيَاة وَمَوْت لَذَّة وتألم ... وعسر وَيسر محنة وحمام الا انما الدُّنْيَا كأحلام نَائِم ... فَعَن ذَاك ايقاظ الانام نيام وطوفان نوح قد نجا مِنْهُ فرقة ... وَلَكِن طوفان الْمنية عَام فَمَا قاومت موتا صلابة رستم ... وَقد زَالَ حام بالزوال وسام وَأَيْنَ مُلُوك قد بنوا فِي بِلَادهمْ ... كَانَ لديهم مَا يكَاد يرام بِسَاحَتِهِمْ للنَّاس كَانَ تزاحم ... وفيهَا صُدُور ركع وَقيام صناجقهم طاحت وبادت جنودهم ... مناجقهم قد بددت وسهام وَأَيْنَ بَنو مَرْوَان ايْنَ بِلَادهمْ ... واين وليد وَأَيْنَ رَاح هِشَام مضى آل عَبَّاس وَلم يبْق بأسهم ... وَلم يبْق مِنْهُم عدَّة وعرام فيا راسخا فِي غمرة الْجَهْل والهوى ... سيلقاك فِي هَذَا الرسوخ ندام عَلَيْك بهرب ثمَّ رهب من الْهوى ... هوى وهوي فِي الْجَحِيم تؤأم عجبت لمن اضحى من الزادخاليا ... الْيَسْ لَهُ نَحْو الْمعَاد رغام فتب خَالِصا من كل اثم فانه ... يصير مصير الآثمين آثام ... وَمن الْعلمَاء والفضلاء والمشايخ ابو سعيد ابْن الشَّيْخ صنع الله كَانَ الشَّيْخ صنع الله الْمَذْكُور من قَرْيَة لوزه كنان من اعمال تبريز وَقد اشْتغل هُوَ وَالْمولى عبد الرَّحْمَن الجامي على الشَّيْخ عبيد الله النقشبندي قدس سره الْعَزِيز فَحصل عِنْده مَا حصل من الشرافة ودام فِي خدمته حَتَّى شرفه بالاذن والخلافة وَلما رَجَعَ من خُرَاسَان الى بِلَاده واشتغل بالارشاد والافادة اجْتمع عَلَيْهِ

الْكثير من ارباب الطّلب والارادة الى ان نبت فِي تِلْكَ النواحي بذور الالحاد وفاش وَظَهَرت الطَّائِفَة الْمَعْرُوفَة بقزلباش فطغوا فِي الْبِلَاد فاكثروا فِيهَا الْفساد فَخرج المرحوم الى ديار الاكراد وَأقَام مُدَّة فِي يدليز ثمَّ اعاده حب الوطن الى تبريز وَلما وقف على رُجُوعه ذَلِك الرجل الرذيل رَئِيس تِلْكَ الطَّائِفَة الطاغية اسمعيل عزم على قَتله وزجره فَطَلَبه من فوره وَلما دخل عَلَيْهِ لم يسْجد لَهُ على مَا هُوَ الْعَادة لمن دخل عَلَيْهِ وَمثل بَين يَدَيْهِ وخاطبه بِغَيْر الْخَوْف والخشية والوحشة فَوَقع على اسمعيل مِنْهُ هَيْبَة عَظِيمَة ودهشة وَبعد ذَلِك تكلم فِي خلاصه صَدره مير جمال الدّين الاصفهاني فَلم يقدم على قَتله ورده سالما الى منزله وَولد فِي تبريز الشَّيْخ ابو سعيد الْمَزْبُور وَقَالَ فِي تَارِيخ وِلَادَته جمال الدّين المسفور (شعر فَارسي) هشتم دي قعده نهصد وبيست ... متولد بساعة خير سِتّ بوسعيدي ماكه داد خدا ... ثَانِي بو سعيد بو الْخَيْر سِتّ ... فَلَمَّا شب ودب وَبلغ ابان الطّلب قرا على الْعلمَاء الاعلام وفضلاء الاعجام مِنْهُم الْفَاضِل الْمَشْهُور مير غياث الدّين الْمَنْصُور الى ان بلغ مبلغ الرِّجَال وَشهد لَهُ اساتذته بِالْفَضْلِ والكمال وبالغوا فِي مدحه وثنائه وفرط ذكائه وَلما خرج منلا احْمَد الْقزْوِينِي الى بِلَاد الرّوم فِي صُورَة الْحَاج اراد الشَّيْخ ابو سعيدالخروج مَعَه فِي هَذِه الصُّورَة فحبسه طهماسب شاه وجبهه مَعَ عَم لَهُ وصادرهما بِعشْرَة آلَاف دِينَار ووكل بهما من يقبض مِنْهُمَا الْمبلغ المرقوم فوضعوا ايديهم على املاكه ورباعه وباعوها بارخص الاثمان وَسعوا فِي اتلافها بِقدر الامكان فَلم يبلغُوا الْمبلغ الْمَزْبُور فعرضوا الْقِصَّة على طهماسب فَأمر بتعذيبما بانواع الْعَذَاب وَلم يقصروا حَتَّى قطعُوا لحومهما بالكلاب وأطعموها قدر سنة للكلاب فرحمهما بعض من وكل بهما فسامح فِي الْحِفْظ والمراقبة فهرب الشَّيْخ ابو سعيد وَوصل الى اردبيل وخلص نَفسه من الْعَذَاب الوبيل فانه من دخل بهَا ينجو من اذاهم وان كَانَ من اكبر عداهم وَكَانَ عَمه شَيخا كَبِيرا فَلم يُمكنهُ الْهَرَب فَبَقيَ فِي ايديهم اسيرا وكسيرا وَقَرَأَ المرحوم فِيهَا ملى منلا حُسَيْن واشتغل عِنْده قدر

سنتَيْن وَلما قصد السُّلْطَان الاعظم سُلَيْمَان خَان الْمُعظم الى فتوح ديار الْعَجم وَسَار حَتَّى وطىء بخيله وَرجله هَذِه الْبِلَاد ليستأصل مَا فِيهَا من ارباب الزيغ وَالْفساد وانقض صقور الاروام على عصافير الاعجام فَتَفَرَّقُوا من سطوتهم تفرق الاغنام عِنْدَمَا حمل عَلَيْهَا اسودالاجام ففرح مِنْهُ الشَّيْخ الْمَزْبُور وزاح غمه وتخلص من ايدي الظلمَة عَمه وصمما الْخُرُوج الى ديار الرّوم وعزما على السّفر فالتحقا بالعسكر المظفر فسارا بهم وعادا مَعَهم الى الرّوم فِي ايابهم وَلما وصلوا الى آمد توفّي عَمه فازداد بالوحدة همه وغمه وَذَلِكَ سنة خمس وَخمسين وَتِسْعمِائَة وَلما وصل الى حلب عين لَهُ من جَانب السُّلْطَان كل يَوْم عشره انصاف فاستقلها الشَّيْخ الْمَزْبُور فاستجاز لِلْحَجِّ وَكَانَ فِي قلبه الذّهاب الى الْهِنْد لما بَينه وسلطانه من معارفة قديمَة ومحبة اكيدة فَوقف عَلَيْهِ الْوَزير الْكَبِير رستم باشا فاستماله وَطيب قلبه واستصحبه الى قسطنطينية وَعين لَهُ خَمْسَة عشر درهما ثمَّ زَاد فِي وظيفته فَصَارَت خَمْسَة وَثَلَاثِينَ وَحصل لَهُ الْقبُول التَّام عندالخواص والعوام وترادفت عَلَيْهِ العطيات وتكررت الترقيات حَتَّى بلغت وظيفته فِي وزارة عَليّ باشا الى مائَة وَكَانَ ذَلِك سنة احدى وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة وَحج رَحمَه الله سنة سِتّ وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَتُوفِّي بقسطنطينية فِي اوائل جمادي الاولى سنة ثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَدفن بحظيرة الشَّيْخ وفا وَقَالَ فِيهِ بعض احبائه شعر فَارسي ... جون شيخ ابو سعيدمرحوم ... زين دَار فَنًّا بآبروشد ازبس كه وفانمودبا خلق ... ميدان وفا ازان اوشد ... كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا مدققا محققا جَامعا بَين الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول حاويا للفروع والاصول مَعَ كَمَال الْوَرع والديانة والزهد والصيانة وَكَانَ من غَايَة نزاهته وَكَمَال طَهَارَته لَا يلبس لباسا من الثقال والخفاف الا بعدغسله حَتَّى الفرو والخفاف وَكَانَ لَا يجلس احدا على بساطه وان لم يقصر فِي ملاطفته وانبساطه وَلَا يصافحه الا وَيغسل يَده بعده وَكَانَ رَحمَه الله من الاسخياء الامجاد والكرماء الاجواد يبْذل مَا يقدر عَلَيْهِ وَيفرق على النَّاس مَا يجْتَمع لَدَيْهِ غير متكلف فِي

ومنهم المولى شمس الدين احمد ابن الشيخ مصلح الدين المشتهر بمعلم زاده

اللبَاس غير مكترث بمداراة النَّاس يَقُول الْحق وَيعْمل بِهِ راجيا للثَّواب من ربه وَقد ذهب عمره بالتجرد والانفراد وَلم يُقيد نَفسه بقيودالاهل والاولاد وَكَانَ رَحمَه الله نَافِذ الْكَلَام صَاحب الْقبُول التَّام موقرا عِنْد الْمُلُوك والوزراء مَقْبُولًا لَدَى الْحُكَّام والامراء بِحَيْثُ لَا يرد لَهُ كَلَام وَلَا يفوتهُ مرام وَلَا يعوزه مَطْلُوب سُبْحَانَ من سخر لَهُ الْقُلُوب وَمِنْهُم الْمولى شمس الدّين احْمَد ابْن الشَّيْخ مصلح الدّين المشتهر بمعلم زَاده كَانَ الشَّيْخ مصلح الدّين الْمَزْبُور من الْمَشَايِخ المقبولة فِي الدولة العثمانية على مَا ذكر مفصلا فِي الشقائق النعمانية يَنْتَهِي نسبه الى قطب العارفين وقدوة الواصلين الْعُمْدَة المفخم الشَّيْخ إِبْرَاهِيم بن ادهم قَرَأَ رَحمَه الله فِي اوان طلبه على الْمولى سعد بن عِيسَى بن امير خَان ثمَّ صَار معيدا لدرس الْمولى محيي الدّين المشتهر بِدَابَّة وَهُوَ مدرس باحدى الْمدَارِس الثمان وَكَانَ لَهُ عِنْده رُتْبَة جليلة ومنزلة جزيلة يحْكى انه مرض وَهُوَ يسكن فِي بعض الحجرات فعاده الْمولى المرحوم فِيهَا ثَلَاث مَرَّات وَلما صَار ملازما مِنْهُ درس اولا بمدرسة بايزيد باشا بِمَدِينَة بروسه بِعشْرين ثمَّ بمدرسة وَاجِد باشا بكوتاهيه بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ بمدرسة القَاضِي الاسود بتره بِثَلَاثِينَ ثمَّ بِالْمَدْرَسَةِ الخنجرية فِي بروسه باربعين ثمَّ بِالْمَدْرَسَةِ الْمَشْهُورَة بمناستر فِي الْمَدِينَة المسفورة بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل الى مدرسة رودس بالوظيفة المزبورة ثمَّ عَاد الى مغنيسا بسبعين ثمَّ قلد قَضَاء حلب ثمَّ نقل الى قَضَاء بروسه ثمَّ صَار قَاضِيا بالعسكر فِي ولَايَة اناطولي وَبَقِي فِيهِ عدَّة اشهر فَنقل الى قَضَاء الْعَسْكَر فِي ولَايَة روم ايلي ودام فِيهِ خمس سِنِين كَانَ بَينه وَبَين عَطاء الله معلم السُّلْطَان مصاهرة واتصال فَحصل لَهُ بِسَبَبِهِ شَوْكَة العظمة والاقبال فنال مَا نَالَ من الامتعة والاموال وَلم يقدر اُحْدُ على الْمُعَارضَة وَالسُّؤَال الى ان اشرف الْمولى عَطاء الله جلبي على الْمَوْت والانتقال فَتحَرك عداهُ واغتنموا الفرصة على اذاه ودب عقاربهم وَقَامَ

ومن المشايخ الاعيان وافاضل العصر والاوان الشيخ بالي الخلوتي المعروف بسكران

اباعدهم واقاربهم وَسعوا فِيهِ حَتَّى عزل وافل بدره لَكِن رفع من الْجِهَة الاخرى قدره فعين لَهُ كل يَوْم مِائَتَا دِرْهَم وَكَانَ الْعَادة والقانون فِي وَظِيفَة امثاله مائَة وَخمسين وَتُوفِّي فِي ربيع الاول سنة ثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَقد اناف عمره على سبعين سنة وقدا تفق مَوته على هَيْئَة مرضية وَصفَة رضية تدل على حسن خاتمته وسعادته فِي عاقبته يحْكى انه قَامَ ضحوة يَوْم فَتَوَضَّأ واسبغ الْوضُوء وَلبس الالبسة النظيفة وَصلى رَكْعَات واخذ بِيَدِهِ سبْحَة واضطجع على فرَاشه واشتغل بالتسبيح والتهليل فعاجله سهم الْمنية وَهُوَ على تِلْكَ الفعلة السّنيَّة فانتقل الى جوَار ربه الصَّمد وَلم يشْعر بِمَوْتِهِ من الْحَاضِرين اُحْدُ وَنقل جسده من هَذِه الرباع المانوسة الى حَظِيرَة فِي فنَاء مَسْجده الَّذِي بناه فِي مَدِينَة بروسه وَوَقع فِي هَذَا اتِّفَاق غَرِيب هُوَ اني كنت اكْتُبْ تَرْجَمَة الْمولى محيي الدّين المشتهر بعرب زَاده وَقد انْتَهَيْت الى قولي فِيهَا وارتحل راية عزه منكوسة الى دَار الْملك بروسه اذ جَاءَ وَاحِد من طلبته واخبرني بِمَوْتِهِ وَقَالَ هَذِه سفينته الَّتِي تذْهب الى بروسه كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا محققا كَامِلا مشاركا فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة مبرزا فِي الْفُنُون الشَّرْعِيَّة النقلية لَهُ بالفقه الفة أَي الفة قَادر على الافتاء بِغَيْر كلفة وَكَانَ لين الْجَانِب مجبولا على اللطف وَالْكَرم مطبوعا على احسن الشيم غير ان فِيهِ طَمَعا زَائِدا وحرصا وافرا سامحه الله اولا وآخرا وَمن الْمَشَايِخ الاعيان وافاضل الْعَصْر والاوان الشَّيْخ بالي الخلوتي الْمَعْرُوف بسكران كَانَ ابوه معلما للسُّلْطَان احْمَد ابْن السُّلْطَان بايزيدخان فَلَمَّا غالته الْمنية وَفَاته حُصُول الامنية من السلطنة الْعُظْمَى والمملكة الْكُبْرَى وَسلم زِمَام الزَّمَان وعنان الاوان الى يَد السُّلْطَان سليم استقضاه فِي بعض الْبِلَاد وعينه للْحكم بَين الْعباد وَولد رَحمَه الله ببلدة تيره من لِوَاء ايدين وَنَشَأ فِي طلب الْعلم وَتَحْصِيل الْفَضَائِل وَصَاحب الاكابر والافاضل وجد واجتهد وَكَانَ مِنْهُ مَا كَانَ حَتَّى صَار ملازما من الْمولى خير الدّين معلم السُّلْطَان ثمَّ درس بمدرسة خواجه سِنَان

الْمَعْرُوف بكينكجي فِي مَدِينَة قسطنطينية بِخَمْسَة وَعشْرين فعامل الطّلبَة بالدرس والافادة مَعَ اشْتِغَاله بالزهد وَالْعِبَادَة ثمَّ ترك التدريس وسلك مَسْلَك الصُّوفِيَّة السَّادة وَكَانَ سَبَب فَرَاغه على مَا حُكيَ انه رأى فِي مَنَامه وَهُوَ فِي اوائل طلبه بِمَدِينَة بروسه انه يمشي فِي بعض الطّرق فَسمع اصواتا عالية فقصدها فاذا بِقوم من الصُّوفِيَّة قعدوا يذكرُونَ الله تَعَالَى ويرفعون اصواتهم بِالذكر الْجَمِيل ويزينونها بمفاخر التمجيد والتهليل فتقرب مِنْهُم فاذا بِرَجُل مراقب فِي نَاحيَة مِنْهُم فَلَمَّا وَقع نظره عَلَيْهِ رفع رَأسه وَأَشَارَ بِيَدِهِ ودعا اليه فَلَمَّا حصل عِنْده قَالَ لَهُ لم لم تدخل فِي هَذِه الْحلقَة وَلَا تلتحق بِتِلْكَ الطَّائِفَة فَأجَاب بَان فِي قلبِي مَا يَمْنعنِي عَن ذَلِك ويعوقني عَنهُ وَهُوَ اتمام مراسم الطَّرِيق واحراز مآثر الْعُلُوم الظَّاهِرَة والاجتماع بالمولى الْفُلَانِيّ والاشتغال عَلَيْهِ فاذا حصل الي ذَلِك لَا يبْقى فِي خاطري مَا يشوش عَليّ فالتحق بكم وادخل فِي مذهبكم وَلما انتبه وَمضى عَلَيْهِ السِّتُّونَ وتنقلت بِهِ الاحوال والشؤون وَهُوَ مكب على الطّلب والاشتغال واكتساب الْفضل والكمال الى ان اتى قسطنطينية فَبين هُوَ يسير فِي بعض طرقاتها بزمرة من خلانه وَطَائِفَة من اخوانه فاذا بِأَصْوَات عالية تخرج من زَاوِيَة فقصد المرحوم هَذَا الْمَكَان بِمن عِنْده من الاصحاب والخلان فاذا بِقوم يذكرُونَ الله الْمجِيد ويرفعون اصواتهم بالتمجيد والتوحيد وصفت الْمَلَائِكَة بهم وانزلت السكينَة فِي قُلُوبهم فَقرب مِنْهُم فاذا براجل مراقب يراصد ربه ويراقب فَلَمَّا حضر عِنْده قَالَ الم يَأن للَّذين آمنُوا ان تخشع قُلُوبهم لذكر الله وَاعْلَم ان الْمولى الْفُلَانِيّ قد مَاتَ وَذهب عرض الِاشْتِغَال عَلَيْهِ وَفَاتَ فَتَأَمّله المرحوم فاذا هُوَ الَّذِي رأى فِي الْمَنَام وَجرى بَينهمَا من الْكَلَام فَلم يُؤَخر فِي الانابة والابتهال وَتَابَ على يَده فِي الْحَال ثمَّ سَأَلَ عَن الرجل فاذا هُوَ الشَّيْخ رَمَضَان والزاوية زَاوِيَة عَليّ باشا وَكَانَ الشَّيْخ رَمَضَان الْمَزْبُور معدودا من الرِّجَال ومعروفا بِالْفَضْلِ والكمال صَاحب الكرامات الجلية والمراتب الْعلية مِنْهَا مَا حَكَاهُ المرحوم وَقَالَ اني كنت فِي بعض الاحيان عندالشيخ اذ دخل عَلَيْهِ شخص وَسلم عَلَيْهِ وَقَالَ ان الْمولى محيي الدّين المشتهر بجوي زَاده يسلم

عَلَيْكُم ويسألكم عَن فصوص الشَّيْخ ابْن الْعَرَبِيّ هَل هُوَ على الْحق اَوْ الْبَاطِل وَكَانَ الْمولى الْمَزْبُور مَعْرُوفا بتبطيله ومشهورا بالتعصب عَلَيْهِ فَلَمَّا سَمعه الشَّيْخ غضب وَقَالَ مَا يطْلب من ارسلك من الشَّيْخ وَهل يُرِيد الِاطِّلَاع على دُرَر مكامن هَذَا الْكتاب وغرر مَا فِي تضاعيفه مَعَ اكله فِي كل يَوْم سبع مَرَّات وشبعه من الْحَرَام وَالشَّيْخ قدس سره مَا كتبه الا بَعْدَمَا ارتاض خمس عشرَة سنة فَعَاد الرَّسُول بِأَسْوَأ وَجه وأقبح صُورَة قَالَ المرحوم فَقلت لَهُ لَو تلطفتم بِهِ وداريتم فِي الْجَواب لَكَانَ اسْلَمْ لكم ولأحبابكم بعد كم فان لَهُ قدرَة على الجفا والاذى فَقَالَ لَا بَأْس بهم غَايَة الامر انهم يعقدون مَجْلِسا ويدعونني اليه فَنَجْعَل هَكَذَا قَالَ المرحوم لما تكلم الشَّيْخ هَذِه الْكَلِمَة جذب جيبه على وَجهه فَغَاب عَن مَوْضِعه الَّذِي هُوَ فِيهِ فَأَخَذَتْنِي الْحيرَة وَالِاضْطِرَاب واحاطت بِي الدهشة الى ان جَاءَ وَحضر بعد سَاعَة وَقَالَ هَكَذَا نَفْعل اذا اضطررنا فَقلت لَهُ يَا سَيِّدي هَل هُوَ من علم السيمياء قَالَ لَا وَلَكِن يحصل للنفوس الناطقة بِسَبَب المجاهدات الشاقة والرياضات الصادقة اتِّصَال بالمجردات فتقتدر على اعدام بدنهَا وايداعها فِي آن وَكَذَا يحصل لَهَا الْقُدْرَة على مَا يشبههما من الأفاعيل العجيبة والامور الغريبة ولنعد الى مَا كُنَّا فِيهِ وَهُوَ انه لما تَابَ على يَد الشَّيْخ وتلقن الذّكر عَنهُ وَدخل حجرَة من حجرات الزاوية المزبورة لم يرض الشَّيْخ بفراغه عَمَّا فِيهِ بِالْكُلِّيَّةِ فَجمع بَين الطَّرِيقَيْنِ حَتَّى بلغ رُتْبَة التدريس وَكَانَ يخرج من الْحُجْرَة وَيذْهب الى الْمدرسَة ويدرس فِيهَا وَيعود الى الْحُجْرَة فيشتغل بِالذكر الى ان غلب عَلَيْهِ الْحَال وانكشف الْمَآل وحبب لَهُ الِانْقِطَاع والاعتزال فَترك التدريس والافادة وتمحض للزهد وَالْعِبَادَة الى ان حصل وكمل وَبلغ مَرَاتِب الكمل وفوض اليه المشيخة فِي زَاوِيَة دَاخل قسطنطينية فاشتغل بالارشاد والافادة وتربية ارباب الارادة الى ان توفّي رَحمَه الله فِي شهر ذِي الْقعدَة سنة ثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَصلي عَلَيْهِ فِي جَامع السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وَاجْتمعَ فِي جنَازَته خلق كثير لَا يُحصونَ عددا وَدفن فِي دَاخل قسطنطينية تجاه زاويته المزبورة وَبني على قَبره كَانَ رَحمَه الله عَالما فَاضلا عابدا صَالحا معرضًا عَن أَبنَاء الدُّنْيَا غير مكترث بالاغنياء لم يدْخل

قطّ بَاب امير وَلم يطَأ مجْلِس وَزِير لم يعبأ بأرباب الحكم والمناصب وَلم يتَرَدَّد الى بابهم وَلم يتَقَيَّد بِمَا عِنْدهم وَمَا بهم كلما ارادوا صحبته واحبوا رُؤْيَته قابلهم بالاجتناب ودفعهم بِأَحْسَن جَوَاب وَكَانَ رَحمَه الله مَشْهُورا برد صَدَقَاتهمْ وَدفع عطياتهم وَمَعَ ذَلِك ترك من النقدما يقرب ثَمَانِيَة آلَاف دِينَار وَقوم سَائِر املاكه بِعشْرَة آلَاف دِينَار فتحير النَّاس فِي اقامة السَّبَب وقضوا مِنْهُ الْعجب وَكَانَ رَحمَه الله فِي غَايَة الْحبّ والميل الى خيائر الْخَيل وَكَانَ يكثر من اقتناء الصافنات وَيُرْسل بَعْضهَا الى الامراء الْغُزَاة وَقد ذهب عمره بالتجرد والانفراد وَلم يتَقَيَّد بِقَيْد الاهل والاولاد وَكَانَ رَحمَه الله صَاحب جذبة عَظِيمَة وَغَايَة قبُول وَله فِي تَعْبِير المنامات مَا يبهر الْعُقُول وَمن عَادَته رَحمَه الله انه يحضر فِي بعض الْجَنَائِز فيلقن الْمَيِّت ويخاطبه على مَا هُوَ الْمَعْرُوف فَيسمع من الْمَيِّت صَوته الَّذِي يسمع مِنْهُ فِي حَيَاته مجيبا عَمَّا يسْأَله وَقد سَمعه غير وَاحِد من الْعلمَاء الاعيان فِي متفرقات الاحيان وَمن ذَلِك طعنه على عُلَمَاء اوانه ومشايخ زَمَانه خُصُوصا الشَّيْخ مصلح الدّين المشتهر بِنور الدّين زَاده فانه حصل بَينهمَا وَحْشَة عَظِيمَة فانه كَانَ يطعن فِيهِ على الْفِعْل الْمَزْبُور وَيَقُول انه بِدعَة ابتدعها وَلم يسْبق اليها اُحْدُ من الْمَشَايِخ الْعِظَام والافاضل الْكِرَام وَهُوَ يُجيب بِأَن ساحة الكرامات متسعة ورتبة الاولياء مُتَفَاوِتَة وَلَا يضرنا عدم السَّبق فِيهِ وَكَانَ يطعن المرحوم فِيهِ بِسَبَب تردده الى بَاب الْأَغْنِيَاء ودخوله مجَالِس الوزراء والامراء ويحتج من منع فِي الْقَلِيل وَالْكثير ببئس الْفَقِير على بَاب الامير وَهُوَ مُجيب عَن سُؤَاله ويخبر عَمَّا فِي باله بِأَن ذَلِك يتَضَمَّن اصلاح بعض الامور الَّتِي تتكفل مصَالح الْجُمْهُور واعانة الاخ الْمُسلم واغاثة الْمَظْلُوم وانجائه من يَد الظَّالِم وَكَانَ النَّاس فِي امرهما فرْقَتَيْن وَفِي تحقيقهما فئتين فَمنهمْ من يرجح ذَاك على هَذَا ويعد مسلكه احسن المسالك وَمِنْهُم من يعكس الامر فَيقدم هَذَا على ذَلِك عَفا عَنْهُمَا الْملك الْقَادِر فانه اعْلَم بِمَا فِي الضمائر

وممن تشرفت بنظمه هذه القلادة المولى علي بن عبد العزيز المشتهر بأم الولد زاده

وَمِمَّنْ تشرفت بنظمه هَذِه القلادة الْمولى عَليّ بن عبد العزيز المشتهر بِأم الْوَلَد زَاده كَانَ ابوه قد تولى قَضَاء حلب فِي الدولة العثمانية على مَا هُوَ الْمَذْكُور فِي الشقائق النعمانية نَشأ رَحمَه الله متأنقا فِي رياض المعارف والعلوم ومتدرجا فِي معارج المنثور والمنظوم فاقتطف من ازاهيرها ابهاها واجتنى من ثمارها الذها واحلاها وسقته شآبيب الْعُلُوم زلالها ومدت دوحة المعارف عَلَيْهِ ظلالها وجدد من مباني الْعُلُوم مَا خلق ودرس وشيد قَوَاعِد الْبَيَان وَأسسَ وَلما صَار ملازما من الْمولى محيي الدّين الفناري درس بمدرسة بايزيد باشا فِي مَدِينَة بروسه بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ بمدرسة وَالِده بقسطنطينية بِثَلَاثِينَ ثمَّ بمدرسة هراز غراد باربعين ثمَّ بِالْمَدْرَسَةِ الخنجرية فِي بروسه بِخَمْسَة وَأَرْبَعين ثمَّ صَار وظيفته فِيهَا خمسين ثمَّ انْفَصل وَبَقِي فِي شَدَائِد الْعَزْل عدَّة سِنِين وجرعه الدَّهْر الغشوم بكاسات الغموم والهموم وَألبسهُ ملابس الذل والهوان حَتَّى اضطره الى مضايق الامتحان وَنِعما قيل ... لَا تنكري يَا عز ان ذل الْفَتى ... ذُو الاصل واستعلى لئيم المحتد ان البزاة رؤوسهن عواطل ... والتاج مَعْقُود بِرَأْس الهدهد ... ثمَّ قلد مدرسة ابي ايوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الْبَارِي ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى مدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد بن السُّلْطَان سُلَيْمَان ثمَّ قلد قَضَاء حلب فباشره بالعفة والامانة والنزاهة والديانة وَقبل ان يقْضِي مِنْهُ الوطر غاض منهل عيشه وتكدر وَمَات بعد عدَّة اشهر وَلم يكمل سنة فِي شهر محرم سنة احدى وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما اديبا وفاضلا لبيبا مبرزا فِي ميدان الْفضل والبراعة حائزا قصبات السَّبق فِي مضمار هَذِه الصِّنَاعَة حمل الوية الْعلم والادب بأيدي الهمة والطلب فَملك تخوم اسرار كَلَام الْعَرَب وقلد جيد الزَّمَان بخرائد بَدَائِع الْبَيَان وَقد اثْبتْ من هَذِه الخرائد مَا يزين بِهِ صُدُور الصُّحُف والجرائد فِي رسَالَته القلمية يسئلونك عَن ذِي القرنين قل سأتلوا عَلَيْكُم مِنْهُ

ذكرا انه فَتى مكن لَهُ فِي الارض واوتي من كل شَيْء سَببا قد سعى فِي الاقاليم والولايات الى ان بلغ سَعْيه الظُّلُمَات حَكِيم ظَهرت ينابيع الْحِكْمَة من قلبه على لِسَان اديب حَاز قصبات البلاغة ببديع بَيَانه نَبِي صَاحب كتاب وآيات قد اتى بالمعجرات والبينات حدث عَن مغيبات الانباء واجرى من اصبعه المَاء كَأَنَّهُ ذُو النُّون التقمه نون ونبذه بالعراء اَوْ يَعْقُوب يَدُوم على الانين والبكاء كَعْب الاحبار يحدث بأساطير الاولين ويخبر عَمَّا جرى على الْقُرُون الاقدمين مسود مَتى مَا بعد اهل المآثر تَنْعَقِد عَلَيْهِ الخناصر عَامل يرفع وَينصب للجر وَلَا يعْمل جزما اذا لحقه الْكسر هندي السَّاق دَقِيق اعجمي لكنه مُعرب ملاق حَتَّى اذا تحدث اطرق ويرشح الْحيَاء جَبينه بالعرق مثقب الحكم والعرفان تجْرِي مِنْهُ عينان نضاحتان فتق اللِّسَان لَا يقي عَن النَّاس فَاه وَلِهَذَا لَا يخلص عَن التَّفْرِيع قَفاهُ سبط البنان فِي الْكَرم شَدِيد بأسه وَلَا يَجِيء مِنْهُ بر الا ان تقطع رَأسه حسيب يتبلج السؤدد من جَبينه من اصحاب الْيمن قد اوتي كِتَابه بِيَمِينِهِ صَاحب لَبِيب وَكَاتب اديب مَا من علم الا وَله فِيهِ قدم راسخ وَمَا من رقْعَة من رقاع الاوهام الا وَهُوَ بمحققات توقيعاته لَهَا نَاسخ نقاش الا وان يصور النقوش الصينية على بسط الرّوم مدرس الزَّمَان قد صبغ يَده فِي جَمِيع الْعُلُوم اذا أنشأ وشى اذا عبر حبر ظلوم خرق استار الاسرار وسرق من خَزَائِن الافكار فَقبض واخذ بِالْيَمِينِ وتل للجبين وجزمت اطرافه وَقطع مِنْهُ الوتين اصم وَهُوَ يسمع الدُّعَاء ينْطق ويتحدث وَالْعجب ان رَأسه فِي المَاء ابكم قارىء معيد جَار صَامت وَلكنه كليم مكب على وَجهه مَعَ انه يمشي سويا على صِرَاط مُسْتَقِيم وَمن كَلِمَاته اللطاف فِي وصف الصوارم والاسياف ملك فِي قَبضته الامور كَأَنَّهُ سفاح اَوْ تيمور وَهُوَ لسلم الْمُسلمين برهَان بساطع ولتبار الْكَافرين نَص قَاطع شُجَاع يقتحم العقبات جواد يفك الرقبات يهز عطفه فِي المهالك وَلَا يصرف وَجهه قطعا فِي المعارك بأسه شَدِيد لِسَانه حَدِيد آخذ الايدي معطي الايادي اقعس وائط لَا يُؤمن مِنْهُ الهلك والشطط امير يملك رِقَاب الْعباد شَدِيد الصولة

لكنه سهل القياد نَار فِي فعله مَاء فِي شكله غيم يخرج امطار الدِّمَاء من خلاله جعل الله الْجنَّة تَحت ظلاله سَام تسْجد لَهُ الرؤوس ويخضع لَهُ الاعناق حام يحمي بَيْضَة الدّين فِي الْآفَاق ذكر بِلَا ارتياب الا انه شعار ارباب الْحجاب يحيض ويتدهن ويتحلى من اساور من فضَّة ويتزين صوفي تجرد وَقطع العلائق وتصفى عَن كدورات الْعَوَائِق يجلس فِي الزوايا ويجلي عَن اصداء الرزايا من آل حَرْب اجل مشاجع وَكَفاهُ قَوْله تَعَالَى وأنزلنا الْحَدِيد فِيهِ بَأْس شَدِيد وَمَنَافع وَمن كَلَام ذَلِك النحرير فِي وصف الشمع الْمُنِير جميل كحيل الْعين بَين الْمحيا مخروط الهامة بَادِي الْبشرَة ضحاك بالطبع مُسْتَقِيم الْقَامَة كَوْكَب دري باهر النُّور والسناء يهدي الله لنوره من يَشَاء يَقْصِدهُ الاوباش من الْفراش روما لإطفائه وثبوره يُرِيدُونَ أَن يطفئوا نور الله بأفواههم وَالله متم نوره نديم يحسن ائتناسه بَين جلاسه وَالْعجب انه تزداد حَيَاته بعد قطع رَأسه اسكندر يَخُوض فِي الظلام الحالك مبارز يقري الرَّأْس فِي المهالك زاهد يحيى اللَّيَالِي وَيُقِيم اصبعه لتوحيد الرب المتعالي يشْهد بوحدانية الرَّحْمَن ويداوم ذكر آيَات النُّور وَالدُّخَان هيفاء تلهي عُيُون الباصرين فَاقِع لَوْنهَا تسر الناظرين عليل مني بالحرقة فاسود لِسَانه وذاب جِسْمه وَاحْتَرَقَ جنانه اَوْ صب قد افناه الْهوى واحرق كبده حر النَّوَى فُؤَاده يَحْتَرِق وَجَسَده تَحت رق شيخ فان قد اشتعل مِنْهُ الرَّأْس شيبا وسابت العبرات من جفونه سيبا وَله رسائل اخرى جزيلة وآثار من المنثور جليلة ولنكتف بِهَذَا الْقدر الْيَسِير فان الْقَلِيل يدل على الْكثير وَله من المنظوم دُرَر الْفَوَائِد وغرر القصائد وَمن كَلِمَاته المستأهلة للورود قصيدته الميمية الَّتِي عَارض بهَا ميمية الْمُفْتِي ابي السُّعُود ولنورد فِيهَا الابيات الخليقة للاثبات ... ابالصد تحلو عشرَة وندام ... وَفِي الْقلب من نَار الغرام ضرام شربت بِذكر العامرية قهوة ... فسكري الى يَوْم الْقيام مدام تكدر وردي بعد بعد مزارها ... وَلم يبْق عَيْش فِي صفا ومنام ...

.. وسد عَليّ الدَّهْر ابواب سلوتي ... فيا فرحة الدُّنْيَا عَلَيْك سَلام وَطَالَ نواحي بالنواحي بِزَفْرَةٍ ... وَاعد مني برح النَّوَى وغرام الا بلغا عني الى من بذا الْحمى ... تَحِيَّة صب قد عراه هيام وقولا لَهَا عني لقد شفني الضنا ... وَاد نحيبي بعْدهَا وسقام سلبت لذيذ النّوم مذ حل بِي الْهوى ... وَذَلِكَ شَيْء فِي الوداد حرَام رماني زماني بالبعاد وملني ... لذكرك دمعي كالعيون سجام اتحسب ان الْحبّ سهل قياده ... وَهل هُوَ الا للشجون مقَام فسقيا لحب قد سقاني بدره ... الى حِين حِين لَيْسَ مِنْهُ فطام وَبَين فُؤَادِي والسلو تبَاين ... وَبَين سهادي والجفون لزام يهيجن شوقي للحمى واجارع ... اذا مَا تغنت فِي الغصون حمام اليها ولوعي لَا الى الرّبع والحمى ... وَلَوْلَا هَواهَا مَا الْحمى وخيام ... وفيهَا يَقُول ... اما تَسْتَحي يَا نفس مَاذَا التسوف ... الى كم بحب الغانيات نضام اما آن آن الِانْقِضَاء من الْهوى ... لكل اوان آخر وَتَمام اتحسب ان الدَّهْر بَاقٍ بِحَالهِ ... وحاشا لَهُ من ان يكون دوَام تقلب تارات تدوم على الورى ... هوان وَعز سلوة وهيام وكل حبور ان نظرت بعبرة ... يبور وان البور مِنْهُ ختام هَب الدَّهْر قد القى اليك قيادة ... وفزت بمجد لم ينله همام وعشت حميدا الف عَام بسؤدد ... لَك الْخلق طرا خَادِم وَغُلَام السِّت قصارى الامر ان لَك مصرع ... مهول حوته وَحْشَة وظلام اما تعْتَبر مِمَّن مضوا لسبيلهم ... وهم تَحت طاقات الرغام نيام فَرب نعيم شاه وَجه نعيمه ... وَرب حمام قد محاه حمام وَكم من مُلُوك فِي اللوافارقوا اللوا ... وَلم تغن عَنْهُم حشمة وعرام وَرب عِظَام من ذَوي الْقدر والعلا ... فها هم رفات فِي الرموس عِظَام ...

وقد قال رحمه الله قريبا من رمسه فكأنه نعي الى نفسه ديباج عمري ابلاه الجديدان وصرصر الشيب امت هدم بنياني طلائع الضعف استولت على بدني فصار معترك الاوجاع جثماني آن الرحيل ولكن ما ادخرت له وكل حاوي الردى للموت ماراني لا زال موتي

.. وَأَيْنَ جِيَاد فِي الورى كَانَ دِرْهَم ... على النَّاس عَاما فِي الْجُود كرام طوتهم بأيدي النائبات دهورهم ... فَلم يبْق مِنْهُم مخبر ووسام فسبحان من لَا يَنْقَضِي عز ملكه ... وَلَيْسَ يدانيه الفناء مدام ... وَقد قَالَ رَحمَه الله قَرِيبا من رمسه فَكَأَنَّهُ نعي الى نَفسه ... ديباج عمري ابلاه الجديدان ... وصرصر الشيب امت هدم بنياني طلائع الضعْف استولت على بدني ... فَصَارَ معترك الاوجاع جثماني آن الرحيل وَلَكِن مَا ادخرت لَهُ ... وكل حاوي الردى للْمَوْت ماراني لَا زَالَ موتِي يأتيني على عجل ... فيكفت الذيل فِي تخريب اركاني لهفي على زمن ولى بِمَعْصِيَة ... ثمَّ انْقَضى الْعُمر فِي غي وخسران ... وَهِي من قصيدة طَوِيلَة ابياتها قريبَة المآكل منسوجة على هَذَا المنوال وَلما عرضت عَلَيْهِ قصيدته النونية استحسنها وعارضها بقصيدة سنية ولنأت بِبَعْض الابيات من القصيديتين وَحذف الابيات الاخر من الْبَين ... غنى الطُّيُور بأطيب الالحان ... فِي شَجَرَة بمنابر الافنان فاهتز مِنْهَا كل شَيْء فِي الرِّبَا ... اوما رَأَيْت تمايل الاغصان فَكَأَنَّهَا تبْكي الرّبيع وَحسنه ... لما الم الشَّمْس بالميزان واصفر وَجه الرَّوْض وجنة عاشق بَانَتْ حبيبته مَعَ الاظعان من بعد مَا ابتسمت بِهِ ازهاره ... كحبيبة مَالَتْ الى الاحسان فَبكى الْغَمَام من الغموم على الرِّبَا ... وصبا النسيم كعاشق ولهان سقيا لروض قد قصدت نسيمه ... فاستقبلت بِالروحِ وَالريحَان واذا أتيت بسحرة فبهاره ... نظرت الى بمقلتي وَسنَان لله أَيَّام مَضَت فِي رَوْضَة ... جلت لطائفها عَن الحسبان انفقت نقد الْعُمر فِي لذاتها ... بِعْت الثمين بأرخص الاثمان ... يَا صَاح ناول قهوة وردية ... تنسي النديم شقائق النمان فِي اللَّمْس مَاء فِي الحشى كالنار قد ... يحمر من ذَا وجنة النشوان

تالله لَو رَأَتْ الْمَجُوس لهيبها ... فِي كوزها سجدوا الى الكيزان لَا تَطْلُبُوا الْمِصْبَاح ان ليل دجا ... فالكأس متقد كخد قيان عاطيتها خمصانة تسبي النهى ... من دونهَا بجمالها الفتان وَرَأَيْت فِي الاقداح عكس روائها ... فعجبت من حوراء فِي النيرَان ... وَقد وَقَالَ قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى ... وَرْقَاء قد غنت على العيدان ... سحرًا تسجع اطيب الالحان فَكَأَنَّهَا رَأَتْ الرّبيع فأنشدت ... فِي حسنه الاشعار للندمان مَالَتْ اليها الْغُصْن تسمع سجعها ... قد صَارَت الاوراق كالاذان واطيب الحان بَدَت من شجوها ... شقّ الْقَمِيص شقائق النُّعْمَان وَرَأَيْت فَيْء الرَّوْض مِنْهَا راقصا ... مذ صفق الامواج فِي الغدران وافى النسيم على الحدائق فِي السرى ... فشقائق الاغصان كالخلان وتكللت تيجان ازهار الرِّبَا ... من لُؤْلُؤ الانداء فِي القيعان فالجو لابس حلَّة مائية ... فَبَدَا بِوَجْه مشرق اللمعان والورد قد ورد الرياض بشوكه ... واتى بِكُل حديقة كجنان والبان نقش غصنه اذنابه ... والكم قد بسمت كثغر قيان ... والراح فِي رَاح الحبيب تديرها ... سقيا لَهَا من رَاحَة الابدان وعتيقة فِي عصرها اعْجَبْ بهَا ... توفّي الشُّيُوخ شمائل الفتيان لَو شاهدت عباد شمس جامها ... لبريقها خروا على الاذقان لهفي على ايام انس قد مَضَت ... هِيَ غرَّة فِي جبهة الازمان كم لَيْلَة نادمت فِيهَا غادة ... تسبي النَّهْي بصوارم الاجفان ... وَله قصيدة فِي قافية اللَّام يعْذر موردها بعد مَا اطال الْكَلَام لغاية لطافتها عَن العذل والملام ... مَاذَا نواؤك والركائب تحمل ... ايْنَ التفجح والدموع الهطل الْغَيْر هَذَا الْيَوْم كنت تصونها ام عَن تسابلها المدامع تبخل تالله حق ان تريق بهَا دَمًا ... يَوْم النَّوَى لَا ادمعا تتسلسل ...

.. هَل وَقْفَة بجنوب قاع فِي النقى ... يَوْمًا وَهل عِنْد الابيرق منزل لله در الْحبّ يستنقى بِهِ ... وضر البصائر والغرائز تنبل ودعتها وَالْعين ترفل فِي الدما ... والكبد حرى والفؤاد مُعَلل يَا صَاح ان السَّيْل قد بلغ الزبى ... ايه بذكراها بهَا اتعلل مَا لوعتي وتحنني الا لَهَا ... لَوْلَا هَواهَا مَا الدُّخُول فحومل تبدو نوازع عَن صبابتها اذا ... ازرت برياها الصِّبَا وَالشمَال انى يواري الصب غلواء الْهوى ... والدمع جَار والجوانح نحل لم أنس ايام الْوِصَال بِذِي غضى ... اذ رَاح واشينا وَدَار السلسل مَا زَالَ تنقص صبأتي وتصبري ... فِي كل حِين والتحنق يكمل وَحَدِيث وجدي فِي الْهوى متواتر ... لَكِن دمعي مُرْسل ومسلسل يَا حسنها وجمالها ودلالها ... شمس الظهيرة من سناها تأفل ذاب الْفُؤَاد من الجوى ومرامه ... ريم برامة فِي الاباطح يرفل ان طرفك الفتاك يجْحَد قتلتي ... فلجحدك الفاني دَلِيل فيصل يَا عاذلي لوذقت من برح النَّوَى ... وغرامها مَا ذقت لم تَكُ تعذل ... وَمِمَّنْ تعانى الْعلم وَالْعَمَل وَحصل وكمل فالتحق فِي شبابه بالمشايخ الكمل الشَّيْخ محيي الدّين الشهير بيركيلو كَانَ رَحمَه الله من قَصَبَة بالي كسْرَى وَكَانَ ابوه رجلا عَالما من أَصْحَاب الزوايا وَلَا غرو فِيهِ فان فِي الزوايا خبايا وَنَشَأ المرحوم فِي طلب المعارف والعلوم وَوصل الى مجْلِس الْعِظَام وَدخل محافل الْكِرَام وَعَكَفَ على التَّحْصِيل والافادة من الافاضل السَّادة مِنْهُم الْمولى محيي الدّين المشتهر بأخي زَاده وَصَارَ ملازما من الْمولى عبد الرَّحْمَن اُحْدُ قُضَاة الْعَسْكَر فِي عهد السُّلْطَان سُلَيْمَان ثمَّ غلب عَلَيْهِ الزّهْد وَالصَّلَاح ولاح فِي جَبينه آيَات الْفَوْز والفلاح فتحول عَن مضايق الشكوك الى مسارح السلوك واتصل بِخِدْمَة المرشد السَّامِي الشَّيْخ عبد الله القرماني البيرامي فخدمه مُدَّة بِحسن الارادة واستفرغ مجهوده فِي الزّهْد وَالْعِبَادَة ثمَّ امْرَهْ شَيْخه بالعهود والاشتغال بمدارسة الْعُلُوم ومذاكرة الْمَنْطُوق وَالْمَفْهُوم والتصدي لِلْأَمْرِ

ومن العلماء الاعيان الذين اصابتهم عين العصر والزمان بعدتسليم المجد الاثيل قياده المولى محيي الدين المشتهر بنكساري زاده

بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنْكَرَات والوعظ بالزواجر الزاجرات وَحصل بَينه وَبَين الْمولى عَطاء الله محبَّة اكيدة ومودة شَدِيدَة فَأقبل بِحسن الِالْتِفَات عَلَيْهِ وَبنى مدرسة فِي قَصَبَة بركى وفوض تدريسها اليه وَعين لَهُ كل يَوْم سِتِّينَ درهما فَكَانَ رَحمَه الله يدرس تَارَة ويعظ اخرى بِمَا هُوَ اليق واحرى قَصده النَّاس من كل فج عميق وَأَوَى اليه الطّلبَة من مَكَان سحيق وَاجْتمعَ عَلَيْهِ الطلاب وَاشْتَغلُوا عَلَيْهِ من كل فصل وَبَاب واكب هُوَ على الِاشْتِغَال بيومه وأمسه وانتفع النَّاس بوعظه ودرسه فكم من أَسِير فِي غيابة الْجَهَالَة مُقَيّد بسلاسل الشؤون والبطالة نَالَ بِسَبَبِهِ من شرف الْعلم وعزه مَا ناله وَكم من تائه بمهامه هَوَاهُ عَاد الى السَّبِيل بهداه كَانَ رَحمَه الله فِي طرف عَال من الْفضل والكمال وتتبع الْكتب والرسائل وَجمع الْقَوَاعِد والمسائل وَجمع الْعلم وتبحر فِيهِ وحوى من الْفضل والمعرفة مَا يَكْفِيهِ شرح مُخْتَصر الْبَيْضَاوِيّ فِي النَّحْو وَكتب متْنا لطيفا فِي علم الْفَرَائِض وَله فِي الحَدِيث وَتَفْسِير الْقُرْآن وَالْفِقْه تعاليق ورسائل اخترمته دونهَا الْمنية ففاته حُصُول الامنية وَكَانَ رَحمَه الله آيَة فِي الزّهْد والصيانة وَنِهَايَة فِي الْوَرع والديانة رَأْسا فِي التجنب والقوى متمسكا بِمَا هُوَ أتم وَأقوى قَائِما على الْحق فِي كل مَكَان يرد على من خَالف الشَّرِيعَة كَائِنا من كَانَ لَا يهاب احدا لعلو رتبته وسمو مَنْزِلَته جَاءَ فِي آخر عمره الى قسطنطينية وَدخل مجْلِس الْوَزير مُحَمَّد باشا وَكَلمه فِي قمع الظلمَة وَدفع الْمَظَالِم بِكَلِمَات اُحْدُ من السيوف الصوارم وملأ بفرائد المواعظ ذَلِك النادي وَلَكِن لَا حَيَاة لمن يُنَادي وَكَانَ المرحوم لَا يرى الِاسْتِئْجَار على التِّلَاوَة وَتَعْلِيم الْعُلُوم ويباحث فِيهِ مَعَ الفحول بالمنقول والمعقول وَتُوفِّي رَحمَه الله فِي شهر جُمَادَى الاولى سنة احدى وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَهُوَ مكب على الزّهْد وَالْعِبَادَة كتب الله لَهُ الْحسنى وَزِيَادَة وَمن الْعلمَاء الاعيان الَّذين اصابتهم عين الْعَصْر وَالزَّمَان بعدتسليم الْمجد الاثيل قياده الْمولى محيي الدّين المشتهر بنكساري زَاده كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى نخبة أَوْلَاد الْمولى مصلح الدّين النكساري السَّابِق ذكره فِي هَذَا الْكتاب فَلَا نعيد فِي ذَلِك الْخطاب والمرحوم مذ تخلص من ربقة صباه

ضم صبحه الى مساه وجد فِي الطّلب وَاحْتمل انحاء النصب واستفرغ مجهوده فِي تَحْصِيل الْفَضَائِل وتكميل الخصائل وَدخل مجْلِس القرم الْهمام السميدع القمقام الْمُفْتِي ابي السُّعُود وتميز فِي خدمته حَتَّى زوجه بابنته وشرفه بخلع التَّعْلِيم والافادة الى ان صَار ملازما مِنْهُ بطرِيق الاعادة درس اولا بمدرسة مُرَاد باشا بقسطنطينية بِثَلَاثِينَ وَهُوَ اول مدرس من ابناء الْقُضَاة بالوظيفة المزبورة اولا ثمَّ درس بِالْمَدْرَسَةِ القلندرية بالبلدة المسفورة بِأَرْبَعِينَ ثمَّ صَار وظيفته فِيهَا خمسين ثمَّ نقل الى مدرسة السيدة المعظمة اسْما خَان بنت السُّلْطَان سليم خَان المبنية فِي جوَار ابي ايوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الْملك الْبَارِي ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان وَتُوفِّي رَحمَه الله مطعونا وَهُوَ مدرس بهَا فِي اواسط جُمَادَى الاخرة سنة احدى وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَمَا بلغ عمره اربعين سنة وَلَعَلَّ ذَلِك مِمَّا فِيهِ من الْعجب الزَّائِد وازدراء النَّاس والوقوع فِي اعراضهم كثيرا وَقد وَقع لي وَاقعَة غَرِيبَة بعد مَوته ارجو الْخَيْر فِيهَا واستبشر بذكرها وَهِي انه لما رَأَيْته فِي الْمَنَام سَأَلته عَمَّا بدا لَهُ بعد مَوته فَأخْبر عَن نَفسه وَقَالَ لما انْتَقَلت من هَذِه الدَّار ادخلت مجْلِس النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ غاص بالأكابر وقدا جتمع حوله من ختم لَهُم بالايمان فغلبني هَيْبَة ذَلِك الْمجْلس وأخذني دهشة وحيرة فاذا بقائل يَقُول كَيفَ كَانَ اعتقادك فِي الدُّنْيَا وعَلى أَي شَيْء ختمت فَمَا قدرت على الْجَواب مِمَّا عرض لي من الْحيرَة فاستملت من الاطراق فوصل يَدي الى صُورَة فَتْوَى كتبهَا ابي تَتَضَمَّن اعْتِقَاد اهل السّنة من التَّوْحِيد وَغَيره فأخذتها وناولتها السَّائِل وَقلت اني ختمت على مَا فِي طي هَذَا الْكتاب وانه هُوَ الَّذِي وَقع عَلَيْهِ اعتقادي وَكَانَ بِهِ اعتمادي فَاكْتفى عني بِهَذَا الْقدر وليعلم انه وان كَانَ يحصل للداخل فِي هَذَا الْجمع الْعَظِيم كَمَال الْحيرَة والدهشة الا ان فِيهِ من التوسيع وَالْعَفو مَا يزِيد على المأمول ويربو على المسؤول فانه جَاءَ بعدِي كثير من ارباب الملاهي وضعفاء النَّاس وَغفر لجميعهم وعفي عَنْهُم خُصُوصا الْخُلَفَاء الاربعة فان بشفاعتهم يُعْفَى عَن خلق لَا يُحصونَ كَثْرَة وَلَا يحْتَملُونَ عدَّة اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مظَاهر الطافك الْكَامِلَة ورأفتك الوافرة الشاملة كَانَ رَحمَه الله من الَّذين برزوا

ومن المخاديم الاعيان وخلص ابناء العصر والأوان عبد الكريم بن محمد ابن ابي السعود

فِي ميدان الْفضل وَالْبَيَان واحرزوا التَّحْصِيل عِنْد سَابق الفرسان تضلع من الْعلم وَبلغ الى نصابه وَلم ينض عَنهُ ثوب شبابه ولج فِي بيُوت المعارف من كل بَاب والتحق بالشيوخ وَهُوَ فِي سنّ الشَّبَاب وَكَانَ من جملَة من تدرع الصيانة وبرز فِي العفاف والديانة وَقد الْحق نَفسه بزمرة الصُّوفِيَّة واسترشد بِبَعْض الْمَشَايِخ الخلوتية وَكَانَ فِي قَول الْحق من السيوف الصوارم لَا يخَاف فِي الله لومة لائم لَا يثني عنان عزيمته الْمجَالِس وَلَا يصرف زِمَام صريمته طغية المنافس شَدِيد الْعَزْم والباس يخافه النَّاس قَلما تَلد مثله النِّسَاء عَلَيْهِ رَحْمَة الله تَعَالَى مَا تعاقب الصُّبْح والمساء وَمن المخاديم الاعيان وخلص ابناء الْعَصْر والأوان عبد الْكَرِيم بن مُحَمَّد ابْن ابي السُّعُود نَشأ رَحمَه الله فِي رَوْضَة الْمجد والافضال ودوحة الْعِزّ والاقبال الى ان مني وَالِده بشدائد الْفَوْت والانتقال فتكفل امْرَهْ جده الْمولى ابو السُّعُود وأسبل عَلَيْهِ اذيال ملابس الْفضل والجود وتربى فِي كنف حمايته عدَّة سِنِين الى ان صَار ملازما مِنْهُ وقلد أَولا بمدرسة مَحْمُود باشا بِخَمْسِينَ وَكَانَ ذَلِك لَهُ تَعْظِيمًا لجده على خلاف الْعَادة فتصدى مُدَّة للدرس والافادة ثمَّ نقل الى مدرسة ابي ايوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الْبَارِي ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى احدى مدارس السُّلْطَان سُلَيْمَان وَقد اسرع فِي النَّقْل والحركات حَتَّى مضى بَين نَصبه هَذَا وقراءته المختصرات قدر ثَمَان اَوْ تسع سنوات وَتُوفِّي رَحمَه الله مدرسا بِهَذِهِ الْمدرسَة وَمَا بلغ عمره ثَلَاثِينَ سنة وَذَلِكَ سنة احدى وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله مخدوما مؤدبا ذَا وجاهة فِيهِ من الْكَرم والحزم والنباهة مَشْهُورا بِحسن الْخط وَالْكِتَابَة من بَين من حل بِهَذِهِ المثابة مستحسنا فِي الزي واللباس متلطفا مُعَاملَة النَّاس وَقد داوم على الِاشْتِغَال والدرس حَتَّى افضت بِهِ الْمنية الى الرمس وَمِمَّنْ قرع لعوالي صيته مسامع الاكوان وافتخر بدرة وجوده صدف الْعَصْر والاوان والقى اليه الشّرف الْوَاضِح مقاليده وَملك من الْعِزّ الشامخ طريفه وتليده وَاسْتولى على عمائر البراعة ببيض الطروس وَسمر اليراعة وبرز فِي هَذِه لأقطار وساد وَبنى بَيت التَّقَدُّم على ارْفَعْ الاعماد الْمولى الْمُعظم والمفتي المفخم

كان ابوه من جملة من خلص نفسه السرية عن الكدرات البشرية وجمع بين الشريعة والطريقة مع التضلع من العلوم الرسمية بالحقيقة وقد وقع نبذة من بخار سماء مآثره وقطرة من مواطر سحائب مفاخره في الشقائق النعمانية وسيأتي في هذه العجالة اليسيرة بعض مناقبه الجمة

ابو السُّعُود بن مُحَمَّد ابْن مصطفى الْعِمَاد كَانَ ابوه من جملَة من خلص نَفسه السّريَّة عَن الكدرات البشرية وَجمع بَين الشَّرِيعَة والطريقة مَعَ التضلع من الْعُلُوم الرسمية بِالْحَقِيقَةِ وَقد وَقع نبذة من بخار سَمَاء مآثره وقطرة من مواطر سحائب مفاخره فِي الشقائق النعمانية وَسَيَأْتِي فِي هَذِه العجالة الْيَسِيرَة بعض مناقبه الجمة الْكَثِيرَة ولد رَحمَه الله سنة ثَمَان وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة بقرية قريبَة من قسطنطينية المحمية من خَواص اوقاف الزاوية الَّتِي بناها السُّلْطَان بايزيدخان عَلَيْهِ الرَّحْمَة والرضوان للشَّيْخ محيي الدّين المسفور وَالِد الْمولى الْمَزْبُور وَقد مهد لَهُ فِي مهده الصَّوَاب وسخر لَهُ ابيات الْخطاب وتربى فِي حجر الْعلم حَتَّى رباه وارتضع ثدي الْفضل الى ان ترعرع وحبا وَلَا زَالَ يخْدم الْعُلُوم الشَّرِيفَة حَتَّى رحب بَاعه واستد ساعده وَاشْتَدَّ اتساعه وَقد اسْتَفَادَ من الاجلة الْكِرَام والاعزة الفخام على مَا ذكره نَفسه فِي صُورَة الاجازة للشَّيْخ عبد الرحمن المشتهر بشيخ زادة فَلَا نطيل الْكَلَام بالتكرار والاعادة وَقد نقل عَنهُ رَحمَه الله انه قَالَ مرّة قَرَأت على وَالِدي الشَّيْخ محيي الدّين حَاشِيَة التَّجْرِيد للشريف الْجِرْجَانِيّ من اول الْكتاب الى آخِره مَعَ جَمِيع الْحَوَاشِي المنقولة عَنهُ وَقد قرات عَلَيْهِ شرح الْمِفْتَاح للعلامة المسفور مرَّتَيْنِ وَشرح المواقف لَهُ ايضا بالتمام والكمال وَلما صَار ملازما من الْمولى سَيِّدي جلبي قلد التدريس فِي مدرسة كنقري بِخَمْسَة وَعشْرين فتردد فِي الْقبُول فَنقل فِي اثنائه الى مدرسة اسحق باشا ببلدة اينه كول بِثَلَاثِينَ وَلما انْفَصل عَنْهَا قلد بعد عدَّة اشهر مدرسة دَاوُد باشا بِمَدِينَة قسطنطينية بِأَرْبَعِينَ ثمَّ نقل عَنْهَا الى مدرسة عَليّ باشا بِالْمَدِينَةِ المزبورة بِخَمْسِينَ وَلما بنى الْوَزير مصطفى باشا مدرسته الَّتِي بقصبة ككيويزه نقل اليها ثمَّ نقل الى مدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد بِمَدِينَة بروسه ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان وَقد انشد رَحمَه الله لنَفسِهِ عِنْد قفوله عَنْهَا هَذِه الابيات ... دنا النأي عَن نجد فَأَصْبَحت قَائِلا ... وداعا لمن قد حل هذي المنازلا فيا حبذا تيك المعالم والربا ... بهَا كل من تهوى وَمَا كنت آملا نسيم الصِّبَا عرج عَلَيْهَا ونادها ... سقاك الغوادي وابلا ثمَّ وابلا ...

.. وَسلم على قطانها باستكانة ... وَبلغ دعائي هَؤُلَاءِ الاماثلا ونبئهم انبا اشتياقي وَقل لَهُم ... فُؤَادِي بمغناهم وان كنت راحلا وَيَا شاهقا خلف الْحمى ثمَّ دونه ... عَلَيْك سَلام بكرَة واصائلا لبست الثِّيَاب الْبيض بعدِي فانني ... على مأتم مذ سقت عَنْك الرواحلا وَلم ار امرا سرني مُنْذُ ... صروف النَّوَى بيني وَبَيْنك حَائِلا نأت عَنْك دَاري لَا قلى وسآمة ... بلَى فعل التَّقْدِير مَا كَانَ فَاعِلا وَلنْ تَبْرَح الاشواق تزداد فِي الحشى ... الى ان ارى امرا من الدَّهْر هائلا بلَى ان احكام الطبيعة كلهَا ... خيال سيغدو عِنْد ذَلِك بَاطِلا ... وَقد شرحت هَذِه الابيات فِي نصف يَوْم من الاوقات لَو كتبه كَاتب فِي الْيَوْم الْوَاحِد لعده من اكبر المحامد ثمَّ قلد رَحمَه الله قَضَاء بروسه ثمَّ نقل الى قَضَاء قسطنطينية المحروسة ثمَّ نقل الى قَضَاء الْعَسْكَر فِي ولَايَة روم ايلي ودام عَلَيْهِ مُدَّة ثَمَانِي سِنِين وَقد رَبِّي بزلال احسانه دوحة الْعُلُوم والفضائل وقلد جيد الزَّمَان بخرائد افضاله وَهُوَ عاطل فَعَادَت رَوْضَة المعارف الى بهائها ودوحة الاداب الى مَائِهَا ونمائها وَلما انْتقل الْمولى المرحوم عُمْدَة افاضل الرّوم حَسَنَة الْعَصْر والاوان الْمولى سعد بن عِيسَى بن امير خَان اضْطربَ امْر الْفَتْوَى وانتقل من يَد الى يَد وَلم يثبت سقف بَيته على عمد الى ان سلم زمامه اليه والقيت مقاليده لَدَيْهِ فنظم مَصَالِحه نظم اللال واشتغل بتشييد مبانيه احسن الِاشْتِغَال وسيقت اليه الركائب من كل قطر وجانب وازدحم على بَابه الوفودمن أَصْحَاب الْمجد والجدود وشملت شمائله الْعَامَّة الْخَاصَّة والعامة وَذَلِكَ سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَتِسْعمِائَة ودام على هَذِه الفعلة الْحَسَنَة نَحوا من ثَلَاثِينَ سنة وَكتب الْجَواب مرَارًا فِي يَوْم وَاحِد على الف رقْعَة مَعَ حسن المقاطع والمقاصد وَقد سَارَتْ اجوبته فِي جَمِيع الْعُلُوم فِي الافاق مسير النُّجُوم وَجعلت رشحات اقلامه تَمِيمَة نحر لكَونهَا يتيمة بَحر فيا لَهُ من بَحر وَكَانَ يكْتب الْجَواب على منوال مَا يَكْتُبهُ السَّائِل من الْخطاب وَاقعا على لِسَان الْعَرَب والعجم وَالروم من المنثور والمنظوم وَقد اثْبتْ مِنْهَا مَا يستعذبه النَّاظر ويستحسنه ارباب البصائر

صورة السؤال

صُورَة السُّؤَال مَا قَول مَوْلَانَا وَسَيِّدنَا وقدوتنا وموضح مشكلاتنا وفاتق رتق معضلاتنا كعبة الْمجد والكمال قامع الزيغ والضلال نقاب الْعلمَاء الاعلام وَشَيخ مَشَايِخ الاسلام لَا زَالَت دعائم الشَّرْع شارعة بيمن وجوده واسعادالدين كاثرا بكتائب سعوده فِي قوم اتَّخذُوا قَول لَا اله الا الله مَوْضُوعا لتحريف النغمات ورعاية لصناعة الاصوات فطورا يزِيدُونَ وطورا ينقصُونَ على حسب مَا يلائم الصناعات الباطلات والاراء الفاسدات لَا يرجون فِي ذَلِك لله تَعَالَى وقارا بل اتَّخذُوا ذَلِك لبدعتهم شعارا صُورَة الْجَواب مَا ذكر امْر مخترع مَكْرُوه ومكر مُبْتَدع بئْسَمَا مَكْرُوه فتردوا فِي مهاوي الردى ومصارعه والتحقوا بالذين يحرفُونَ الْكَلم عَن موَاضعه فيجعلون تِلَاوَة المثاني كترنمات الاغاني فوالذي انزلها بِالْحَقِّ الْمُبين وَجعلهَا كلمة بَاقِيَة الى يَوْم الدّين لَئِن لم ينْتَهوا عَمَّا هم فِيهِ من الْمَكْر الكريه وَلم يرجِعوا كلمة التَّوْحِيد الى نهجها السديد ليمسنهم عَذَاب شَدِيد وانما الَّذِي ندب اليه وحرض الْمُؤْمِنُونَ عَلَيْهِ تَزْيِين الاصوات بِالْقُرْآنِ الْجَلِيل من غير تَغْيِير فِيهِ وَلَا تَبْدِيل وَالله يَقُول الْحق وَهُوَ يهدي السَّبِيل وَهِي حسبي وَنعم الْوَكِيل صُورَة السُّؤَال خوجه دين وداور دنيا مفتىء عصر وقدوه علما خواجه دين وداور اسلام جه توبسد جَوَاب ايْنَ فَتْوَى زيد درحالت كَمَال بُلُوغ كويدازروى اهتمام تَمام تابد سَأَلَ هرزني خواهم بِطَلَاق ثَلَاث باد حرَام فسخ بَاء انحلال ايْنَ سوكندهيج مُمكن بود يَقُول امام هركه كويد جَوَاب اجرش رابدهد ذُو الْجلَال والاكرام صُورَة الْجَواب كرخصوص عبارَة حَالف آنجنين شدّ بِوَقْت سوق كَلَام بِطَلَب من شوديمين منحل بعد عقد ميرسد بِتمَام نى تردد بِمذهب ذكران نى توقف بِغَيْر رأى

وكان ذلك في اوائل جمادى الاولى من شهور سنة اثنتين وثمانين وتسعمائة وقد حضر جنازته العلماء والوزراء وسائر ارباب الديوان وخلق لا يحصون كثرة وشهدوا له بالرحمة والرضوان وصلى عليه المولى سنان محشي تفسير البيضاوي في جامع السلطان محمد خان وذهبوا به الى جوار

امام حجت حق وببشواى خلق مقتد أَي مَشَايِخ اسلام كفت ابْن رأ ابو السُّعُود حقير كمترين عباد رب انام وَلم يزل يفتح اقفال المشكلات ويسهل طرق المعضلات ويبث كنوز الرموز ويلقى مكامن بحار اللطائف على سواحل الظُّهُور والبروز وَيجب عَن الاسئلة السداد بأجوبة حسان الى ان دعِي من جنان ربه الى رياض الْجنان وَكَانَ ذَلِك فِي اوائل جُمَادَى الاولى من شهور سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَقد حضر جنَازَته الْعلمَاء والوزراء وَسَائِر ارباب الدِّيوَان وَخلق لَا يُحصونَ كَثْرَة وشهدوا لَهُ بِالرَّحْمَةِ والرضوان وَصلى عَلَيْهِ الْمولى سِنَان محشي تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ فِي جَامع السُّلْطَان مُحَمَّد خَان وذهبوا بِهِ الى جوَار ابي ايوب الانصاري وهم يبالغون فِي ثنائه ودفنوه فِي حَظِيرَة اعدها لنَفسِهِ وابنائه ... سُبْحَانَ من لم يزل عليا ... لَيْسَ لَهُ فِي الْعُلُوّ ثَانِي قضى على خلقه المنايا ... فَكل حَيّ سواهُ فَانِي ... وَلما تقلص ظله وَكَانَ ظليلا لم يتْرك بعده مثيلا وعديدا وَترك الافتاء وَقد اضْطربَ بحره وعري من غرر الفرائد نَحره وتعطلت اسواقه النافقة وسكنت راياته الخافقة وَلم يجد من يَأْخُذهُ بِحقِّهِ ويتحمل بشقه وَنِعما قيل حريا بِالْقبُولِ لَا يعلم قدر الْبَدْر الا بعد الافول كَانَ رَحمَه الله من الَّذين قعدوامن الْفَضَائِل والمعارف على سنامها وغاربها وَضربت لَهُ نوبَة الامتياز فِي مَشَارِق الارض وَمَغَارِبهَا تفرد فِي ميدان فَضله فَلم يجاره اُحْدُ وَضَاقَتْ عَن احاطته صُدُور الْحصْر وَالْحَد مَا صارع احدا الا صرعه وَمَا صمم شيأ الا قطعه انْقَطع عَن القرين وَلم يبْق من يُعَارضهُ ويكايده وَقد وصل تلاميذه الى المناصب السمية والمراتب السّنيَّة فَكَانَ لايضيع مِنْهُ كَلَام وَلَا يفوت لَهُ مرام وَلَو تكلم فِي نقل الْجبَال الراسيات والاطواد الشامخات لأبر كَلَامه وَلَو قصد الى رَاحِلَة الدَّهْر لالقت لَدَيْهِ زمامه وَحصل لَهُ من الْمجد والاقبال والشرف والافضال مَالا يُمكن شَرحه بالمقال وَقد عاقه الدَّرْس وَالْفَتْوَى والاشتغال بِمَا هُوَ اهم واقوى عَن التفرغ للتصنيف سوى انه

اختلس فرصا وصرفها الى التَّفْسِير الشريف وَقد اتى فِيهِ بِمَا لم تسمح بِهِ الاذهان وَلم تقرع بِهِ الاذان فَصدق الْمثل السائر كم ترك الاول للاخر وَسَماهُ بارشاد الْعقل السَّلِيم الى مزايا الْكتاب الْكَرِيم وَلما وصل مِنْهُ الى آخر سُورَة ص ورد التقاضي من طرف السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان وَظهر كَمَال الرَّغْبَة والانتظار فَلم يُمكن التَّوَقُّف والفرار فبيض الْمَوْجُود وارسله الى الْبَاب العالي جَامع اشتات المحاسن والمعالي لصهره الْمولى مُحَمَّد المشتهر بِابْن الْمَعْلُول فقابله السُّلْطَان بِحسن الْقبُول وانعم عَلَيْهِ بِمَا انْعمْ وَزَاد فِي وظيفته كل يَوْم خَمْسمِائَة دِرْهَم وَقَالَ فِي تَارِيخه مُحَمَّد المشتهر بالمنشي ... ان سُلْطَان سَرِير اللسن ... حفه الله بِسَعْد راكز ابرز الْيَوْم لنا تَفْسِيره ... باسه كل اريب رائز بَحر علم زاخر امواجه ... قد علت كل لَبِيب فائز كَيفَ يطرى وجلاياه لقد ... سحرت كل اديب راجز اذ وعى ذَاك امام الامة ... قد حباه بحباء ناجز هام للْملك عمادا يعتني ... شاطبا كل غوى ناخز المنشيء قل تَارِيخه ... باح تَفْسِير كَلَام معجز ... وَبعد ذَلِك تيَسّر لَهُ الختام ورتبة بالكمال والتمام وَقد ارسله الى السُّلْطَان ثَانِيًا بعد اتمامه فقابله السُّلْطَان بمزيد لطفه وانعامه وَزَاد فِي وظيفته مائَة اخرى سوى مَا قدر لَهُ وأجرى وَلما ارْتبط بِهِ الْمولى حسن بك وَهُوَ من خدام الْوَزير الاعظم رستم باشا قَرَأَ عَلَيْهِ دروسا من الْكَشَّاف من اول سُورَة الْفَتْح فَكتب رَحمَه الله حَوَاشِي على الْكتاب الْمَزْبُور مَعَ قلَّة الاسفار وَكَثْرَة الاسفار حَيْثُ كَانَ المرحوم يَوْمئِذٍ قَاضِيا بالعسكر فَخرج مَعَ السُّلْطَان فِيمَن حضر السّفر فتقبلوا فِي الْبِلَاد ونازلا قلعة بلغراد وَلما وَقع الْخلاف بَينه وَبَين الْمولى مُحَمَّد المشتهر بجوي زَاده فِي جَوَاز وقف النُّقُود الَّذِي شاع فِي هَذِه الديار وَجرى عَلَيْهِ التَّعَامُل فِي تِلْكَ الأقطار كتب رَحمَه الله رِسَالَة يُحَقّق فِيهَا جَوَازه وَأكْثر من

الدَّلَائِل والنقول الدَّالَّة مُطلقًا على جَوَاز وقف الْمَنْقُول اذ جرى عَلَيْهِ التَّعَامُل سِيمَا من الفحول وَله رَحمَه الله حَاشِيَة على الْعِنَايَة من اول كتاب البيع من الْهِدَايَة تسعها عدَّة من الكراريس والاوراق وَقد منع الزِّيَادَة كَثْرَة الْقُيُود وتواتر الْفَتْوَى من الافاق وَكَانَ رَحمَه الله طَوِيل الْقد خَفِيف العارضين غير متكلف فِي الطَّعَام واللباس غير ان فِيهِ نوع مداهنة واكتراث بمداراة النَّاس وَفِيه الْميل الزَّائِد والنعومة الى أَرْبَاب الرياسة والحكومة وَكَانَ رَحمَه الله ذَا مهابة عَظِيمَة وتؤدة جسيمة قَلما يَقع فِي مجالسه للعظام الْمُبَادرَة بِالْخِطَابِ وَالْكَلَام وَكَانَ وَاسع التَّقْرِير سَائِغ التَّحْرِير يلتقط الدّرّ من كَلمه ويتناثر الْجَوْهَر من حكمه اذا نثر ترَاهُ بحرا زاخرا واذا نظم قلد جيدالبيان درا فاخرا وَكتب رَحمَه الله صورا تتَعَلَّق باوقاف الْمُلُوك والوزراء وَقد اربى فِيهِ على من تقدم واتى بِمَا يدل على غَايَة رسوخ الْقدَم (وَمن زواهر) دُرَر عبابه مَا كتبه فِي رِسَالَة ارسلها الى أحبابه قَالَ رَحمَه الله وَأما حَال البعاد من آلام النأي والبعاد وَمَا دهمه من تباريح الشوق والغرام واعتراه من لواعج الوجد والاوام مذ غَابَ طلعتكم عَن الْعين ونعب بَيْننَا غراب الْبَين وزمت الركاب للرحال وانبت من بَيْننَا حَبل الِاتِّصَال فَلَا يُحِيط بهَا نطاق النحرير وَلَا يعلمهَا الا الْعَلِيم الْخَبِير وَله فِيهَا ... يَا بَائِنا وَمحله بفؤادي ... كَيفَ البعاد وأينما تفتاز زمت ركابك للرحيل بدولة ... الله جَارك حَيْثُمَا تجتاز وجدي واشواقي اليك حَقِيقَة ... والشوق مِنْهُ حَقِيقَة ومجاز ... وَله من المنظوم مَا يستميل الاذواق السليمة بلذائذ حثاه الْكَرِيمَة وَمِنْهَا قصيدته الميمية الَّتِي شهدالاساطين برصانة بنيانها واعتنى الافاضل بشرحها وبيانها وَقد عَارض فِي ميمية الْفَاضِل السّري امام هَذَا الشَّأْن ابي الْعَلَاء المعري وقدا تيت مِنْهَا بعض ابياته ليَكُون من آيَاته ... ابعد سليمى مطلب ومرام ... وَغير هَواهَا لوعة وغرام ...

وله فكم عشرة ما اورثت غير عسرة ورب كلام في القلوب كلام لقد تم ازمان المسرات وانقضت لكل زمان غاية وتمام

.. وَفَوق حماها ملْجأ ومثابة ... وَدون ذراها موقف ومقام وهيهات ان يثنى الى غير بَابهَا ... عنان المطايا اَوْ يشد حزَام هِيَ الْغَايَة القصوى فان فَاتَ نيلها ... فَكل مني الدُّنْيَا عَليّ حرَام سلا النَّفس عَنْهَا واطمأنت بنأيها ... سلو رَضِيع قد عراه فطام وصب سقَاهُ الدَّهْر سلوان رشده ... فامسى وَمَا للقلب مِنْهُ هيام صَحا عَن سلاف الغي بعد انهماكه ... عَلَيْهِ فَبَان الكأس عَنهُ وجام محوت نقوش الجاه عَن لوح خاطري ... فأضحى كَأَن لم يجر فِيهِ ملام ئسيت اساطير الفخار كَأَنَّهَا ... حَدِيث لَيَال قد محاه نيام انست بلأواء الزَّمَان وذله ... فياعزة الدُّنْيَا عَلَيْك سَلام الى كم اعاني تيهها ودلالها ... الم يَأن عَنْهَا سلوة وسآم على حِين شيب قد ألم بمفرق ... وَعَاد دهام الشّعْر وَهُوَ ثغام طلائع ضعف قد اغارت على القوى ... وثار بميدان المزاج قتام فَلَا هِيَ فِي برج الْجمال مُقِيمَة ... وَلَا انا فِي عهد المحول مدام وعادت قلُوص الْعَزْم عَنْهَا كليلة ... وَقد جب مِنْهَا غارب وسنام ... وَله ... فكم عشرَة مَا اورثت غير عسرة ... وَرب كَلَام فِي الْقُلُوب كَلَام لقد تمّ ازمان المسرات وَانْقَضَت ... لكل زمَان غَايَة وَتَمام فسرعان مَا مرت وَوَلَّتْ وليتها ... تدوم وَلَكِن مَا لَهُنَّ دوَام دهور تقضت بالمسرة سَاعَة ... وآن تولى بالمساءة عَام فَللَّه در الْغم حَيْثُ امدني ... بطول حَيَاة والغموم سمام ارى عمر نوح كل عَام يمر بِي ... وَمَا حام حام حول ذَاك وسام فَمَا عِشْت لَا انسى حُقُوق صَنِيعَة ... وهيهات ان ينسى لدي ذمام كَمَا اعْتَادَ ابناء الزَّمَان واجمعت ... عَلَيْهِ فِئَام اثر فِئَام تبدلت الاطوار وانحل عقدهَا ... وبدد من جيد الزَّمَان نظام خبت نَار اعلام المعارف وَالْهدى ... وشب لنيران الضلال ضرام ...

.. وَكَانَ سَرِير الْعلم صرحا ممردا ... يناغي القباب السَّبع وَهِي عِظَام متينا رفيعا لَا يطار غرابه ... غزيزا منيعا لَا يكَاد يرام لَهُ شرف قد جلّ عَن ان يَنَالهُ ... غوائل ايدي الحادثات قُدَّام فجرت عَلَيْهِ الرامسات ذيولها ... فخرت عروش مِنْهُ ثمَّ دعام محا الذاريات الهوج آيَات حسنه ... فَلم يبْق مِنْهَا آيَة ووسام وسيق الى دَار المهانة اهله ... مساق اسير لَا يزَال يضام فَمَا كل قيل قيل علم وَحِكْمَة ... وَمَا كل افراد الْحَدِيد حسام فللدهر تارات تمر على الورى ... نعيم وبؤس صِحَة وسقام تشكل فِيهَا كل شَيْء بشكل مَا ... يعانده وَالنَّاس عَنهُ نيام فعز بهون والهوان بعزة ... تنبه فهاتيك الْحَيَاة مَنَام وجانب عَن اللَّذَّات واهجر زلالها ... وايقن بِأَن الرّيّ مِنْهُ اوام يرى النَّقْص فِي زِيّ الْكَمَال كَأَنَّهَا ... على رَأس ربات الحجال عمام فدعها وَمَا فِيهَا هَنِيئًا لاهلها ... وَلَا يَك فِيهَا رَغْبَة وسوام هَب ان مقاليد الامور ملكتها ... ودانت لَك الدُّنْيَا وانت همام جبيت خراج الْخَافِقين بسطوة ... وفزت بِمَا لم تستطعه انام ومتعت باللذات دهرا بغبطة ... الْيَسْ بحتم بعد ذَاك حمام فَبين البرايا وَالْخُلُود تبَاين ... وَبَين المنايا والنفوس لزام سل الارض عَن حَال الْمُلُوك الَّتِي خلت ... لَهُم فَوق فرق الفرقدين مقَام لديهم الوف من خَمِيس عَرَمْرَم ... لَهُم شَوْكَة تسبي النهى وعرام فَهَل هم على مَا هم عَلَيْهِ وحولهم ... من الْعِزّ جند محضرون لهام وَمَا بَال ذِي الاوتاد مَا خطب قومه ... وَمَا صنعت عَاد وَأَيْنَ ارام وَمَا شَأْن شَدَّاد وَهل هُوَ خَالِد ... بجنته والعيش مِنْهُ مدام الم بهم ريب الْمنون فغالهم ... فهم تَحت اطباق الرغام رغام وامسوا احاديثا واصبح ملكهم ... هباء وباد التَّاج ثمَّ وهام فسبحان رب الْعَرْش لَيْسَ لملكه ... تناه وحد مبدأ وختام ...

وَهَذِه قصيدة طَوِيلَة تنيف على تسعين بَيْتا وَله مُشِيرا الى تعلق النَّفس الانساني بِالْعلمِ الجسماني ... طَال الثواء بدارة الهجران ... مثوى الكروب قرارة الاشجان معمورة اللأواء معترك الردى ... مأوى الخطوب غيابة الاحزان يَا حيرة لغريب القاه النَّوَى ... فِي مهمه ناء عَن الْعمرَان شط المزار عَن الأخلة وانقضى ... زمن اتِّصَال الاهل والاوطان قد كَانَ من مَلأ علت اقدارهم ... ومكانهم قد فاق كل مَكَان مَا ان يحد جهاتهم بمحدد ... كلا وَلَا اوقاتهم بِزَمَان تبدو ضمائرهم بِغَيْر مترجم ... يجْرِي تحاورهم بِغَيْر لِسَان بَينا يسير على بلهنية من ال ... عَيْش الرغيد بروضة الرضْوَان يختال فِي حلل الْكَرَامَة زاهيا ... مستنزها فِي ساحة السيجان اذ ناله مَا لم يمر بِبَالِهِ ... وبد اله مَا لَيْسَ فِي الحسبان فَجرى عَلَيْهِ يراعة التَّقْدِير بَال ... أَمر الْمُقدر ايما جَرَيَان فهوى بمهواة العناصر بَغْتَة ... فَكَأَنَّمَا يرْمى بِهِ الرجوان نأت الديار عَن الاهالي والذرا ... وتجاورت باسافل وأداني طورا يفارقهم وَلَيْسَ مفارقا ... حينا يدانيهم وَلَيْسَ بداني يَوْمًا يعاديهم بِمُوجب طبعه ... وقتا يؤانسهم بِحكم قرَان فاعتادهم بعد اللتيا وَالَّتِي ... وسرى اليه خَلِيقَة الْجِيرَان قد خولطت انواره بغايهب ... واسود شعلة ناره بِدُخَان تبدو شوارقها لَدَيْهِ تلألؤا ... ايماض برق فاتر اللمعان يَا حائرا فِي امْرَهْ مَالِي مَتى ... تجثو بدار مذلة وهوان حتام ترتع فِي مراتع غَفلَة ... والام تسلك مَسْلَك الخسران فَكَأَن قَلْبك فِي جناحي طَائِر ... بَادِي التقلب دَائِم الخفقان مَا زلت تبغي مطلبا عَن مطلب ... وَتحل فِي مغنى عقيب مغاني اَوْ مَا كفى مَا قد بلغت من المنى ... قدكان مَا فِي كَانَ

القى الزَّمَان اليك حَبل قياده ... مَعَ مَا بِهِ من شدَّة وحران ورقيت فِي صهوات عز شامخ ... وَالنَّاس بَين معزز ومهان وَبَلغت من زلفاه اقصى مبلغ ... هَل بعد ذَلِك من منى وأماني لَو انت تملك كل مَا قد رمته ... فَاعْلَم بَان جَمِيع ذَلِك فَانِي قوض خيامك وارتحل من سوحهم ... ودع التواني لات حِين تواني سر فِي فضاء الْعَالم الْعلوِي كم ... هَذَا الجثوم بعالم الجثمان انسيت اياما مضين بِأَهْلِهَا ... ونقضت عهد اولئك الاعيان والدهر قد جربت من اطواره ... مَا لايحيط بِهِ نطاق بَيَان حَرْب غَدا وَعدا على ابنائه ... قد سل سيف الْبَغي والعدوان مَاض عَلَيْهِم حكمه واذا جنى ... ذهبت جِنَايَته بِغَيْر ضَمَان من ذَا الَّذِي لم تلقه ايدي الردى ... من ذَا الَّذِي ينجو من الْحدثَان قد آن من شمس الْحَيَاة طُلُوعهَا ... من حَضْرَة الاشباح والابدان فتنح من دَار الْغرُور وفر من ... سامي الرواق وشامخ الاركان صلى الاله على مشرفه مدى ال ... ايام والاحقاب والازمان ... وَله رَحمَه الله تَعَالَى ... مقَالَة غر اعز قَائِلهَا ... مَذْكُورَة فِي النهى دلائلها قويمة لَا ترى بهَا عوجا ... لَا قدس الله من يجادلها آياتها سطرت على صحف ال ... عَالم ممتازة فواصلها كانما ذَاك عندمعتبر ... رِسَالَة صدرت مسائلها لَيْسَ بِهِ ذرة وان صغرت ... الا وَفِي ضمنهَا مخايلها كانها علم على حدب ... اوقد فِي رَأسهَا مشاعلها تخبر عَن كل نُكْتَة سُئِلت ... بِغَيْر خلف فاين سائلها ان رمت تَحْقِيق مَا سَمِعت فسر ... فِي الارض بارزة مراحلها طف بالبلاد الَّتِي تبوأها ... صدر الْمُلُوك وقف تسائلها ايْنَ الَّذِي اختطها ومصرها ... واين معمورها وعاطلها ...

.. من شقّ انهارها وعمرها ... وَمن لَهُ حفرت جداولها قل للمصانع ايْنَ صانعها ... وللافاعيل ايْنَ فاعلها وسل قصورا عفت مراسمها ... وظلت ايدي البلى تزاولها وقدتصدى لنسخ آيتها ... حكم الزبُور وَمَا يقابلها تجبك فِيمَا سَأَلت معربة ... عَن الشؤون الَّتِي تحاولها تروي احاديث أمة سلفت ... رِوَايَة لَا يرد قَائِلهَا عبارَة عبقرية عريت ... عَن الْحُرُوف وَمَا يشاكلها على طراز يكَاد تفهمه ال ... امة مجنونها وعاقلها قائلة وَهِي فِي مقالتها ... محقة لَا يظنّ باطلها كم من مُلُوك علت ارائكها ... بعزة لَا يذل نائلها ودولة لَا ترام شامخة ... وحشمة لَا يضام واصلها دَانَتْ لَهُم كل امة وغدت ... ترهب من بأسها قبائلها يخَاف بطشتها مرازبها ... يهاب سطوتها اماثلها لم يبْق فِي الْملك من يعارضها ... وَلَا على الارض من يعادلها تشرفت باسمهم منابرها ... وازينت مِنْهُم محافلها امْتَلَأَ الارض من كتائبهم ... فَلم يسع بحرها وساحلها الى خزائنهم وسدتهم ... تجبى عوائدها وحاصلها فَبَيْنَمَا هم على بلهينة ... ونعمة لَا يخيب آملها اصابهم مَا أَصَابَهُم فَغَدوْا ... فِي هوة لَا يريم نازلها نابتهم النائبات فانقلبوا ... الى ديار خلت منازلها مفازة لَا يفوز سالكها ... طَريقَة لَا يؤوب سابلها لم ادر هَل صدهم صوارفها ... عَن ذَاك ام غالهم غوائلها بلَى اناخت بهم نوائبها ... ثمَّ احلت بهم كلاكلها فَمَا لَهُم نَاصِر يخلصهم ... وَلَا لَهُم عَسْكَر يقابلها لَا تحسب الارض بعد بَاقِيَة ... يَد العجاريف لَا تداخلها ...

.. وَلَا قباب السَّمَاء سامية ... متينة كَامِلا هياكلها سَوف تكون النُّجُوم كاسفة ... حيران طالعها وآفلها فيا لَهَا من ملمة نزلت ... ان الدنا جمة نوازلها والدهر صَعب الخطوب منكرها ... ومشكل النائبات هائلها ان كل مَا فِي الْوُجُود من نعم ... الا تزولك اَوْ تزايلها فَلَا يَغُرنكُمْ زخارفها ... فَلَا يصدنكم شواغلها سلطنة الدَّهْر هَكَذَا دوَل ... تعز سُلْطَان من يداولها وَهَذِه قصيدة تنيف على سِتِّينَ بَيْتا (وَقَالَ رَحمَه الله) لمن الديار تضعضعت اركانها ... وانقض فَوق عروشها جدرانها اضحت مثابة كل يَوْم صادح ... وَتَفَرَّقَتْ ايدي سبا سكانها وَلَقَد علاها وَحْشَة وَكَأَنَّهَا ... صحف الْكتاب قد انمحى عنوانها اَوْ بقْعَة الدُّنْيَا تناهى امرها ... قَامَت قيامتها وآن اوانها اذ لَيست الدُّنْيَا تدوم بِحَالَة ... سيان عِنْدِي عزها وهوانها اَوْ غادة خلقت ثِيَاب جمَالهَا ... وتمزقت بيدالردى اردانها ... ومحا محاسنها الصروف كانها ... مثل الْقُلُوب تراكمت احزانها لحقت بحزب الغابرين لداتها ... وغدت الى دَار البلى اقرانها وتنكرت فِي ذَاتهَا وصفاتها ارأيت مَا صنعت بهَا ازمانها اَوْ محفل بِجَمَاعَة السمار قد ... نفرت فصد الزافيات ارانها اَوْ بَيت شعر ظلّ مَنْسُوخا كَمَا ... نسخت ظلال فَاسْتَنَارَ مَكَانهَا اذ قَامَ فِي ناديالبراعة منشد ... ركن البلاغة قسها سحبانها ينشي بَدَائِع يَسْتَحِيل منالها ... يروي قصائد عبقريا شانها غرر تعاطى نظمها نقادها ... حكم تولى درسها لقمانها يُبْدِي لالي صانهن نحورها ... يَحْكِي جَوَاهِر زانها اوزانها الفاظها اصداف اشْتَمَلت على ... دُرَر فرائد قد غلت اثمانها لقد اضمحل بنظمها نظم الورى ... كحبال سحر اذ بدا ثعبانها ...

وله بطريق التنبيه والنصيحة هذه الكلمات الفصيحة الا من بنى فليبن ركنا مشيدا ويرقى منيع المسك صرحا ممردا عجيبا غريب الصنع تسبي له النهى بديع المراقي عبقريا منجدا على طرزابيات فلله در من تصدى لمبناها فأنشا وأنشدا على حسن تنظيم ولطف

.. لله در اديب اِدَّرَكَ فَضلهَا ... بل سادة جات بهَا اذهانها هم سادة ملكوا زِمَام تقدم ... فِي حلبة للفضل هم فرسانها نشأوا بارض بوركت وتقدست ارجاؤها فسهولها ومتانها ارْض بهَا نزلت على خير الورى ... آيَات وَحي باهر برهانها يَا رفْعَة فازت بهَا ومكانة ... يَا عزة قد حازها قطانها طُوبَى لعين عَايَنت آثارها ... وتكحلت بغبارها اجفانها ... وَله بطرِيق التَّنْبِيه والنصيحة هَذِه الْكَلِمَات الفصيحة ... الا من بنى فليبن ركنا مشيدا ... ويرقى منيع الْمسك صرحا ممردا عجيبا غَرِيب الصنع تسبي لَهُ النهى ... بديع المراقي عبقريا منجدا على طرزابيات فَللَّه در من ... تصدى لمبناها فأنشا وأنشدا على حسن تنظيم ولطف صناعَة ... تباهي بِهِ عقدالثريا المنضدا صنائع لَا تبلي الجديدان رسمها ... وَيبقى على مر العصور مخلدا وماذا بِنَاء يبتنى من حِجَارَة ... وطين سيغدو عَن قريب مبددا وَله بطرِيق التَّحِيَّة وَالسَّلَام على بعض الاحبة الْكِرَام ... سلالة الاكابر الْعِظَام ... نتيجة الاماجد الفخام لطف الاله الْملك العلام ... عَلَيْك مني افضل السَّلَام يَا لَك من سميدع همام ... كَهْف الانام مفضل منعام كم لَك من مفاخر جسام فقت بهَا طوائف الانام لَا زلت فِي عز وَفِي اكرام ... مدى اللَّيَالِي ومدى الايام مَا احتجب السَّمَاء بالغمام ... وَاخْتَلَطَ الضياء بالظلام ... وَلما ورد عَلَيْهِ من شرِيف مَكَّة كتاب ابدع فِي الْجَواب وَكتب فِيهِ هَذَا الشّعْر المستطاب ... وخريدة برزت لنا من خدرها ... كالبدر يَبْدُو من خلال غمام عَرَبِيَّة فَتَنَكَّرت وازينت ... بملابس الاعجام والاروام ...

وله على نمط الضراعة بباب من تجب له الطاعة لا هم يا مقلب القلب وكاشف الغموم الكروب وعالم الاسرار والغيوب هون علي جملة الخطوب ولما انتقل الى رحمة الله تعالى رثاه من اصحابه المخدوم المبجل نادرة الزمن السيد مصطفى بن السيد حسن بقصيدة جيدة

.. عرضت على كل الانام جمَالهَا ... كي تستميل قُلُوبهم بِتمَام تسبى من الْعَرَب الْعُقُول باسرها ... وَتَطير لب الرّوم والاعجام وتقودهم اسراء نَحْو دِيَارهمْ ... بسلاسلا من لوعة وغرام طُوبَى لمن رزق الْوُقُوف ببابها ... فَهُوَ المرام وَأي أَي مرام بَاب اليه تشوقي وتوجهي ... حرم اليه تحيتي وسلامي يَا لَيْت شعري هَل افوز بزورة ... يَوْمًا وَقد ضربت هُنَاكَ خيامي ... وَله على نمط الضراعة بِبَاب من تجب لَهُ الطَّاعَة ... لَا هم يَا مُقَلِّب الْقلب ... وَكَاشف الغموم الكروب وعالم الاسرار والغيوب ... هون عَليّ جملَة الخطوب وَلما انْتقل الى رَحْمَة الله تَعَالَى رثاه من اصحابه المخدوم المبجل نادرة الزَّمن السَّيِّد مصطفى بن السَّيِّد حسن بقصيدة جَيِّدَة النظام ولنختم بِبَعْض ابياتها هَذَا الْكَلَام ... يَا جَامع الاموال والاسباب ... يَا مَالِكًا لِلْخلقِ بالارهاب لَا تلهك الدُّنْيَا بِحسن مثالها ... كل يصير الى فَنًّا وَذَهَاب ايْنَ الَّذين تَرفعُوا بحصونهم ... وتمنعوا بِالْملكِ والانساب الدَّهْر بدد بالمنية شملهم ... وَرَمَاهُمْ مِنْهَا بِسَهْم مصاب يَا طالما ركبُوا الْجِيَاد وطالما ... سَارَتْ لديهم قادة الركاب يَا من تُسنم بالقصور بعيشه ... اذكر هوانك فِي الثرى وتراب كم واثق بالدهر يأمل رَاحَة ... وَالْمَوْت مستتر لَهُ بِالْبَابِ كم عمر قصرا ليخلد عيشه ... امسى قَتِيلا واليا بخراب ايْنَ الَّذِي يسبي النهى بِكَلَامِهِ ... وَقد 1 انْتهى فِي الْحسن والاعراب شمس الْبِلَاد وصدرها ورئيسها ... مفتي الانام وَوَاحِد الاقطاب اعني بِذَاكَ ابا السُّعُود الفاضلا ... وَرَئِيس اهل الْعلم والالباب امسى رهينا فِي الْقُبُور الى القيا ... م وَمَاله من عودة واياب ...

.. قد خَاضَ فِي بَحر الْبَقَاء وشب ني ... ران الجوى فِي مهجة الاحباب نبذ الْجَمِيع وَرَاءه فَكَأَنَّهُ ... شمس تَوَارَتْ فِي الضُّحَى بسحاب بَكت الصخور مبوته فلأجله ... جرت الْعُيُون من الفلا وشعاب ولفقده شهب السَّمَاء تلهبت ... نَارا ودمع السحب فِي تسكاب والرعد مُضْطَرب الحشا متلهف ... والبرق من ذَا فِي لظى ولهاب وَاللَّيْل قد لبس السوَاد ونجمه ... فقد الهجوع مسْهر الاهداب قد كنت بحرا للشريعة لم تزل ... تلقى لنادر الْكَلَام عُجاب مَا الْعلم الا مَا حويت حَقِيقَة ... وعلوم غَيْرك فِي الفلا كسراب ذَا مَا جد قدرا جلالة قدره ... لَا يُسْتَطَاع بَيَانهَا بِكِتَاب هَذَا هُوَ الشَّمْس الْمُنِير بنوره ... خسف البدور وَزَالَ كل شهَاب كم قد أرانا من سَمَاء كَلَامه ... نجم الْهدى فِي اوج افق صَوَاب اني الأقسم لَو تضوع لَفظه ... انفت صُدُور الغانيات اناب يَا من بفقد حَيَاته ووجوده ... امست قُصُور الْفضل شَرّ يباب امسيت جارا للكريم وجاره ... فِي جنَّة وَمَكَارِم وشراب لَا جَار من افضوا الى سبل الْهوى ... وتشبثوا فِي غيهب بصعاب هَيْهَات للافلاك ياتي مثله ... وَلَو انها دارت مدى الاحقاب يُرْجَى لَهُ عِنْد الاله بطول مَا ... خدم الورى زلفى وَحسن مآب يَا رب روح روحه بسعادة ... وكرامة فِي جنَّة وثواب ... هَذَا آخر مَا وَقع من وفيات اولئك الاعيان فِي دولة السُّلْطَان سليم خَان ابْن السُّلْطَان سُلَيْمَان وقدانقضت ايام دولته الباهرة واعوام غرته الزاهرة فِي اوائل رَمَضَان من شهور سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَقد وَقع جُلُوسه على سَرِير الْملك فِي اوائل ربيع الاول سنة ارْبَعْ وَسبعين وَتِسْعمِائَة وَفِي ايامه انْقَطَعت الْحَرْب والفتن بَين الْعَرَب وَالروم فِي بِلَاد الْيمن وَسلم زمامها اليه والقيت مقاليدها لَدَيْهِ ودانت الاقيال بسطوته وخضعت الاشراف عِنْد سرادقات هيبته على مَا انبأ عَلَيْهِ مفصلا فِي كِتَابه الْمُسَمّى بنادرة الزَّمن فِي تَارِيخ الْيمن وَقد رام فتح

حيث لم يباشر الحروب بنفسه حتى اوصلته المنية الى رمسه ويقال انه رحمه الله مات بالعلة المعروفة بليث عب وقد جهله رئيس الاطباء ابن غرس الدين فظنه برساما فعالجه بعلاجه فازداد المرض واستقر به العرض فلم ينفعه الطبيب والحكيم ذلك تقدير العزيز العليم وكان

جَزِيرَة قبرس فأنفذ اليه جَيْشًا وامر عَلَيْهِم وزيره الرَّابِع مصطفى باشا فقرن الْمُسلمُونَ بميامن التأييد والنصر وانخذل الْكفَّار فوقعوا فِي شرك الْقَتْل واسر وملئت هَذِه الدَّار بالنهب والغارة وزينت اكنافها بشعائر الاسلام من الصَّلَاة وَالزَّكَاة وَالصِّيَام وَقد ارسل بحريّة وبرية للحرب الى اقصى ممالك الغرب فشحنت السفن بِرِجَال لباسهم حَدِيد وَقُلُوبهمْ جلاميد فنزلوا كالقضاء المبرم على رُؤُوس الْكَفَرَة اللئام ونازلوا مَدِينَة تونس وفتحوها عنْوَة فِي عدَّة ايام واستخلصوها من يَد الْكفَّار واستأصلوا من بهَا من الفجرة الشرار واستولوا على القلعة الموسومة بحلق الوادالتي لم يخلق مثلهَا فِي الْبِلَاد وَكَانَت من احصن معاقل الْكفَّار واحسن مَا بني من القلاع المتان فِي هَذِه الديار عذراء مَا خطبهَا اُحْدُ من الْمُلُوك ذَوي الجدود الاوقابلته بالردود والصدود فأسهرها الْمُسلمُونَ كل سيف مسلول حَتَّى تيَسّر لَهُم بحول الله تَعَالَى الوصلة وَالدُّخُول فَلَمَّا ظفروا بهَا اولدوها اليباب والخراب وجعلوها مثابة للبوم والغراب وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى حَاله من المفاخر والمآثر مصداق مَا قَالَه الشَّاعِر ... هُوَ الْمُقِيم وَقد سَارَتْ مآثره ... كَأَن علياه من دُنْيَاهُ تنتظم ... حَيْثُ لم يُبَاشر الحروب بِنَفسِهِ حَتَّى اوصلته الْمنية الى رمسه وَيُقَال انه رَحمَه الله مَاتَ بِالْعِلَّةِ الْمَعْرُوفَة بليث عب وَقد جَهله رَئِيس الاطباء ابْن غرس الدّين فَظَنهُ برساما فعالجه بعلاجه فازداد الْمَرَض وَاسْتقر بِهِ الْعرض فَلم يَنْفَعهُ الطَّبِيب والحكيم ذَلِك تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم وَكَانَ منهمكا على لذاته فِي الْمسَاء والصباح ويكب على اللّعب وَاللَّهْو ويرجح السكر على الصحو مبتلى بِشرب الراح ومبتهجا بالكؤوس والاقداح فَكَأَنَّهُ عمل بِمَا قيل وَجعل عَلَيْهِ الِاعْتِمَاد والتعويل ... اشرب على زهر الرياض يشوبه ... زهر الخدود وزهرة الضحياء من قهوة تنسي الهموم وتبعث الش ... وق الَّذِي قد ظلّ فِي الاحشاء ... وَقد من الله تَعَالَى عَلَيْهِ قبل مَوته بالتيقظ الْعَظِيم والتنبه التَّام فاعرض عَن الملاهي وَرغب فِي صُحْبَة الْمَشَايِخ الْكِرَام وَقعد عَن كل خلق ردي وَتَابَ على يَد

ذكر ما وقع من وفياتهم في دولة السلطان مراد خان ابن السلطان سليم خان

الشَّيْخ سُلَيْمَان الخلوتي الامدي وَكسر الات اللَّهْو وأواني الشّرْب وَانْقطع مُدَّة عَن الندمان والاصحاب وَبدل ترنمات الاغاني بِتِلَاوَة السَّبع المثاني ودام على هَذِه الصِّفَات السّنيَّة حَتَّى غالته اغوال الْمنية وانتقل من هَذِه الدُّنْيَا الدنية ذكر مَا وَقع من وفياتهم فِي دولة السُّلْطَان مُرَاد خَان ابْن السُّلْطَان سليم خَان ايد الله تَعَالَى خيام دولته على عماد الخلود والدوام وَزَاد فِي عزه وسعوده على اجداده الْكِرَام وَمِمَّنْ طلب الْعلم وخاض فِي عبابه بَعْدَمَا افنى فِي هوساته عنفوان شبابه وتسنم بِاجْتِهَادِهِ ذرا الاماني الطَّبِيب الياس القراماني ولد رَحمَه الله بلواء قرمان وشب على التعطل والهوان الى ان من الله تَعَالَى عَلَيْهِ بالرغبة والطلب فِي تَحْصِيل الْعلم والادب فَخرج من بِلَاده بَعْدَمَا جَاوز سنّ الْبلُوغ وَكَانَ مِنْهُ مَا كَانَ وانتقل من مَكَان الى مَكَان حَتَّى وصل الى خدمَة الْحَكِيم اسحق وَحصل عِنْده بعض الْعُلُوم سِيمَا الطِّبّ وَفتح حانوتا فِي بعض الاسواق وتكسب مُدَّة بالطبابة وَبيع المعاجن والاشربة الى ان قلد الْمولى المشتهر باخي زَاده مدرسة بيري باشا بقصبة سلوري وَفِي المرحوم طلب المعارف والعلوم فَبَاعَ مَا فِي حانوته وَترك عِيَاله فِي بَيته وَهَاجَر الى الْمولى الْمَزْبُور وَدخل احدى حجرات الْمدرسَة وابتدأ من الْمُخْتَصر الموسوم بِالْمَقْصُودِ واشتغل عَلَيْهِ فِيهَا بُرْهَة من الزَّمَان ثمَّ عَاد الى بَيته وتفقد علياله ثمَّ عَاد الى الْمدرسَة المزبورة وَكَانَ مَا كَانَ الى ان حصل من الْعُلُوم الالية الْقدر الصَّالح مَعَ الِاشْتِغَال بمصالح بَيته كل ذَلِك بعد مَا ظهر الْبيَاض فِي لحيته ثمَّ ترقى الى الْمَقَاصِد والمسائل وتتبع الْكتب والرسائل وطالع الاحاديث والتفاسير وفاز بالحظ الاوفى فِي الزَّمَان الْيَسِير وحرر عدَّة من الرسائل فحقق فِيهَا كَلَام بعض الاماثل وحقق مَا قَالَه النَّبِي الامجد من طلب شيأ وجد وجد وَاسْتشْهدَ رَحمَه الله فِي شهر ذِي الْقعدَة من شهور سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله من الْعلمَاء العاملين مَعَ كَمَال الْوَرع والتصلب فِي الدّين آيَة فِي الزّهْد وَالتَّقوى متمسكا من الشَّرِيعَة الشَّرِيفَة بِمَا هُوَ

احكم واقوى مشاركا فِي الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة متبحرا فِي الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة النقلية مهتما بِالنّظرِ فِي كتب ارباب الِاجْتِهَاد وَمن دونهم مِمَّن جمع لَهُم التَّقْلِيد والرشاد وَكَانَ يُفَسر الْقُرْآن الْكَرِيم وَينْتَفع بمجلسه خلق عَظِيم وَكَانَ رَحمَه الله تَعَالَى فِي اول امْرَهْ معرضًا عَن ابناء الدُّنْيَا قانعا بِكَسْبِهِ من جِهَة طبابته فاتفق انه ابتلى بعض الامراء بالامراض الهائلة فراجع المرحوم فِي ذَلِك فعالجه وانتفع بِهِ فاستشفع لَهُ وسعى فِي حَقه حَتَّى عين لَهُ وَظِيفَة من بَيت المَال فاستجداه طبعه واستلذه نَفسه من حَيْثُ لم يدر ان السم فِي الدسم فخالط الامراء وتقرب لَهُم بالطب واتصل بالوزير الْكَبِير مُحَمَّد باشا وَأمره بترجمة ابي يُوسُف فاتمها ورفعها اليه وَفِي اثناء ذَلِك جلس السُّلْطَان الافخم مرادخان الْمُعظم على سَرِير السلطنة فقوي بِهِ امْر فرهاد باشا وَكَانَ معزولا عَن الوزارة فشاع عوده اليها على خلاف مُرَاد الْوَزير الْكَبِير مُحَمَّد باشا بشفاعة السَّيِّد ة صَفِيَّة حظية السُّلْطَان وام اولاده الْكِرَام بِسَبَب انها كَانَت فِي اول امرها من جواري السيدة بنت السُّلْطَان مُحَمَّد بن السُّلْطَان سُلَيْمَان لزوجة فرهاد باشا الْمَزْبُور وَكَانَ فرهاد باشا المسفور مبتلى بِحَبْس الْبَوْل يُرَاجع فِي ذَلِك الطَّبِيب الياس الْمَذْكُور وَينْتَفع بآرائه فاتفق انه أَمر فرهاد باشا فِي اثناء مَا ذكر باكل المعجون الْمَعْرُوف بمثرود يطوس فَأَكله وَمَات بعد أَيَّام قَلَائِل بعلة الزحير فاتهم الطَّبِيب الْمَزْبُور وَقيل انه سمه فِي ذَلِك المعجون باشارة الْوَزير مُحَمَّد باشا فَدخلت زَوجته الى السُّلْطَان وَطلبت الثار وهمت بقتل الطَّبِيب المسفور فَأخذ وَحبس اياما ثمَّ اخْرُج وفتش فَلم يثبت عَلَيْهِ شَيْء واستشفع فِي خلاصه الْمُفْتِي وَبَعض الْعلمَاء والصلحاء فاطلق فَاجْتمع عدَّة من خدام فرهاد باشا وترصدوا لَهُ يَوْمًا فِي بَاب دَاره وَلما خرج رَحمَه الله صَبِيحَة ذَلِك الْيَوْم الى صَلَاة الصُّبْح هجموا عَلَيْهِ وضربوه بسكاكين وجرحوه عدَّة جراحات وبقروا بَطْنه فَمَاتَ رَحمَه الله من وقته وهربت القتلة وَلما وقف السُّلْطَان على ذَلِك غضب على جَمِيع خدام فرهاد باشا فَأخذ مِنْهُم سِتُّونَ نَفرا وصلب مِنْهُم عشرَة اشخاص مِنْهُم الزعيم ابْن اخي فرهاد باشا وَنفي الْبَاقُونَ عَن الْبَلَد فسبحان من جعل لكل شَيْء حدا

وَمِمَّنْ خَاضَ غمار المجاهدات واقتحم اخطار مشاق الْعِبَادَات وتسنم فِي طَرِيق الْحق على تلاله ووهاده وجاهد فِي الله حق جهاده وافنى عمره فِي زَاوِيَة الزّهْد وَالْعِبَادَة شَيخنَا الشَّيْخ مصلح الدّين ابْن الشَّيْخ عَلَاء الدّين المشتهر بجراح زَاده ولد الشَّيْخ رَحمَه الله بِمَدِينَة ادرنه فِي شهر صفر سنة احدى وَتِسْعمِائَة وَنَشَأ طَالبا للْعلم والمعارف وساعيا فِي اقتناء شوارد اللطائف وقرا رَحمَه الله مُدَّة كتاب الْمِفْتَاح باتقان وَتَحْقِيق على الْمولى لطف الله ابْن الْمولى شُجَاع وَهُوَ مدرس فِي مدرسة الْجَامِع الْعَتِيق ثمَّ افاض الله تَعَالَى عَلَيْهِ مجَال رَحمته من شآبيب لطفه ورأفته فَهبت عَلَيْهِ نسائم الزّهْد وَالصَّلَاح وناداه مُنَادِي الْفَوْز وَالصَّلَاح فَأَجَابَهُ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة وَتحمل مشاق الْعِبَادَات بِقدر الِاسْتِطَاعَة وتبتل الى الله سُبْحَانَهُ وجد واجتهد حَتَّى علا اقرانه وَقد سَأَلته رَحمَه الله عَن سَبَب سلوكه ودخوله فِي طَرِيق الصُّوفِيَّة فَقَالَ رَحمَه الله كنت فِي اوائل حَالي واوان طلبي فِي غَايَة الاعراض عَن طَرِيق الصُّوفِيَّة وَاتفقَ اني اجْتمعت فِي بعض اللَّيَالِي مَعَ الاخوان والخلان وتجارينا فِي شجون الْكَلَام وقضينا الوطر عَمَّا يكون وَكَانَ فَنَامَ كل من فِي الْمجْلس فاذا بصيحة عَظِيمَة واصوات مزعجة من طرف السَّمَاء فَرفعت راسي فَرَأَيْت حجرا عَظِيم الْقدر نزل على الْبَيْت الَّذِي كُنَّا فِيهِ فَكسر السّقف وَنزل الى ساحة الْبَيْت وَغَابَ فِي الارض فَاسْتَيْقَظَ من هَذِه الصَّيْحَة الْعَظِيمَة كل نَائِم من اهل الْمجْلس واخذوا يتساءلون عَنْهَا وَلم يطلعوا على شَيْء وعادوا الى النّوم وَحصل لي من ذَلِك دهشة عَظِيمَة وكادت ان تذْهب بلبي فَقُمْت الى الْمجْلس مرتاعا وازداد تأثري فِي كل وَقت وَحين الى ان يفتر عَقْلِي وَلم يبْق لي من الروية الا الْقَلِيل فَنزلت الطَّرِيق وبعت جَمِيع ملابسي الفاخرة وَأَنا على هَذِه الْحَالة من الاعراض عَن طَرِيق الصُّوفِيَّة وَفِي اثناء ذَلِك دَعَاني ابي اليها وكلمني فِي الدُّخُول فِيهَا وقابلته بالانكار والاعراض قَالَ وَلم اذكر حَتَّى رفع الغطاء عَن بَصرِي وانكشف لي احوال الْقُبُور فَكنت الازم الْمَقَابِر وابيت عِنْدهَا وَكَانَ اصحابي واقاربي فِي العذل والملامة وانا فِي عدم

الِالْتِفَات اليهم والاعراض عَن كَلَامهم فَسَأَلته رَحمَه الله عَن كَيْفيَّة رُؤْيَته واطلاعه على اهل الْقُبُور فَقَالَ رَحمَه الله رَأَيْتهمْ قَاعِدين فِي قُبُورهم كالاحياء فِي بُيُوتهم فَمنهمْ من اتَّسع قَبره فَبَقيَ فِي السعَة والحبور والرفاهية وَالسُّرُور وَمِنْهُم من لَا يقدر على الْقيام لضيق الْمقَام وَمِنْهُم من امْتَلَأَ قَبره بالدخان وَمِنْهُم من احمي قَبره بالنيران وَرَأَيْت بَعضهم فِي غَايَة الضعْف وَالِاضْطِرَاب ويتألم ويضطرب كالسحاب والسراب وَأَنا اتكلم مَعَهم واستخبر حَالهم واستفسر اسباب مَوْتهمْ فيجيبون ويسالونني الدُّعَاء وانا اجد نَفسِي فِي اثناء ذَلِك تَارَة فِي قسطنطينية وَتارَة فِي بروسه وَتارَة فِي غَيرهمَا من الامكنة الَّتِي مَا رَأَيْتهَا قطّ وانا فِي جَمِيع ذَلِك كالهائم الولهان الَّذِي مَسّه الجان وَكنت فِي غَايَة الْعَجز عَن اكل الطَّعَام لظُهُور نَجَاسَته وانكشاف عدم طَهَارَته ودامت هَذِه الْحَالة لي مُدَّة سَبْعَة اشهر فَبينا انا مُقيم بدار وَالِدي وَقد انْتَشَر سَواد اللَّيْل فِي الافاق ونام كل من فِي الْبَيْت من الصَّغِير وَالْكَبِير اذ جَاءَ رجل فاخذ بيَدي وَذهب فَذَهَبت مَعَه فمررنا بمواضع غَرِيبَة وأمكنة عَجِيبَة مَا رَأَيْتهَا وَلَا سَمعتهَا من قبل حَتَّى وصلنا الى سفح جبل وَرَأَيْت فِيهِ شخصا قَاعِدا فَتقدم الرجل فِيهِ وَقَالَ جِئْت بطلبك وقدمني اليه فَجَلَست بحذائه فاخذ ذَلِك الشَّخْص بيَدي الْيُمْنَى فَوضع فِيهَا عَلامَة فاذا جِيءَ بشخص آخر فعل بِهِ مَا فعل بِي ثمَّ امرنا بِالْقيامِ وَالدُّخُول الى حَظِيرَة هُنَاكَ فَلَمَّا ذَهَبْنَا اليه فتح لنا بَاب الحظيرة فَنَظَرْنَا الى داخلها فرأيناها مَمْلُوءَة من النيرَان الصافية لَيْسَ فبها دُخان وَلَا سَواد فامتنعنا عَن الدُّخُول فاجبرنا عَلَيْهِ وأغلق الْبَاب من وَرَائِنَا فَعمِلت النَّار فِينَا مَا تعْمل فِي امثالنا واحترقنا بهَا بِحَيْثُ لم يبْق منا مَوضِع لَا فِي ظَاهر الْجَسَد وَلَا فِي بَاطِنه الا وَقد مسته النَّار ثمَّ فتح الْبَاب وأمرنا بِالْخرُوجِ وَجَاء الرجل وَأخذ بيَدي واوصلني الى مَكَاني الَّذِي اخذني مِنْهُ فَلَمَّا اصبحت وَقَامَ وَالِدي الى الصَّلَاة جَاءَ الي ورآني متنكرا مضطربا مِمَّا وَقع لي من شَدَائِد هَذِه اللَّيْلَة فَسَأَلَنِي عَن هَذِه الْحَالة فقصصت لَهُ الْوَاقِعَة فَقَالَ ان هَذِه النَّار جذبة من نيران الْمحبَّة والهيام ولمعة من حرارة الْعِشْق والغرام وان هَذِه الْوَاقِعَة تدل على انك ستصير طَالبا للحق ومحبا للتصوف واربابه قَالَ رَحمَه الله فَمن هَذِه

اللَّيْلَة اخذ ولهي فِي الانتقاص وجنوني فِي الِارْتفَاع وَزَالَ عني بالتدريج مَا حصل لي من الْكَشْف والحركات الْمُخَالفَة للْعَادَة وَعَن لي الْميل الى التصوف وَاشْتَدَّ الانجذاب الى جناب رب الارباب وَدخلت فِي ربقة التَّسْلِيم وَالْعِبَادَة وَظهر فِي امري مَا شَاءَ الله واراده وتبت على يَد وَالِدي واخذت فِي المجاهدة والاشتغال وترقيت عِنْده من منزل الى منزل وَمن حَال الى حَال ثمَّ ارسلني الى قدوة ارباب الطَّرِيق ولي الله تَعَالَى على التَّحْقِيق صَاحب الكرامات الْمَشْهُورَة والاخبار المأثورة الشَّيْخ عبد الرحيم المؤيدي المشتهر بحاجي جلبي فخدمته مُدَّة وحصلت من فنون التصوف عدَّة وَكَانَ مني مَا كَانَ فَظهر مَا فِي حيّز الامكان ودمت على المصابرة وَالِاجْتِهَاد اثْنَتَيْ عشرَة سنة واجيز لي بالارشاد وَقد سَأَلته عَن آخر الْحَالَات الَّتِي وَقعت لَهُ عِنْد شَيْخه فَقَالَ رَحمَه الله كنت مُقيما فِي بعض الخلوات عندالشيخ عبد الرحيم المؤيدي وانا مداوم على الذّكر ومشتغل بِالتَّوْحِيدِ فاذا بشخص عَظِيم الهيبة دخل عَليّ وَقصد الي ومزق جَسَدِي بيدَيْهِ كل ممزق وَتَرَكَنِي فَعَاد جَسَدِي الى حَالَته الاولى فَعَاد فِي التمزيق وتكرر ذَلِك من الطَّرفَيْنِ وَاسْتمرّ سَاعَات وَعرض لي من ذَلِك انزعاج كلي واضطراب عَظِيم وَحصل لي من الفناء والسكون مَالا يُمكن تَعْبِيره فعرضت ذَلِك على الشَّيْخ ففرح بِهِ وبشرني بِحُصُول الْمَطْلُوب واجاز لي بعد ذَلِك بالارشاد وارسلني الى وَالِدي قلت وَلما انْتقل وَالِده رَحمَه الله قَامَ هُوَ مقَامه فِي زَاوِيَة الشَّيْخ شُجَاع واكب على الِاشْتِغَال ولازم التَّوَجُّه والاقبال الى جناب حَضْرَة المتعال وعامل الله فِي سره وجهره حَتَّى صَار فريد عصره ووحيد دهره وَفتح بَاب التربية والارشاد على ارباب السَّعْي وَالِاجْتِهَاد فَرب ساع قطع بصارم تَرْبِيَته صريمة الامل وَحصل بهمته الشَّرِيفَة طرفا صَالحا وكمل ثمَّ نقل الى زَاوِيَة الشَّيْخ محيي الدّين بقسطنطينية المحمية فشرفها بمقدمه الشريف ونورها بروائه اللَّطِيف وَأقَام بهَا مُدَّة سبع سِنِين وَقد اتَّصَلت بِهِ فِي اقامة ذَلِك وتبركت بمجالسته الشَّرِيفَة وانفاسه اللطيفة وَكلما يمر ذَلِك بالخاطر يذكرنِي قَول الشَّاعِر

ثم عاد رحمه الله الى مدينة ادرنه وانتقل بها الى رحمة الله تعالى ودفن بقرب زاوية الشيخ شجاع وكان ذلك في شهر محرم من شهور سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة

.. وَكَانَت بالعراق لنا لَيَال ... سرقناهن من ايدي الزَّمَان جعلناهن تَارِيخ اللَّيَالِي ... وعنوان المسرة والاماني ... واكرر كثيرا مَا فِي البال مَا انشده بَعضهم وَقَالَ ... ليَالِي اللَّذَّات سقيا لَك ... مَا كنت الا فَرحا كلك عودي كَمَا كنت لنا اولا ... نَحن ان عدت عبيد لَك ... ثمَّ عَاد رَحمَه الله الى مَدِينَة ادرنه وانتقل بهَا الى رَحْمَة الله تَعَالَى وَدفن بِقرب زَاوِيَة الشَّيْخ شُجَاع وَكَانَ ذَلِك فِي شهر محرم من شهور سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله بحرا من بحار الْحَقِيقَة وكهفا منيعا لارباب الطَّرِيقَة متخليا عَن العلائق الناسوتية متحليا فِي مفاخر الْحلَل اللاهوتية مهبطا للانوار السبحانية ومخزنا للاسرار الالهامية منجمعا عَن النَّاس معرضًا عَن تكلفاتهم وراغبا عَن بدعهم ومزخرفاتهم لَا يطوف بابواب الامراء وَلَا يطْرق مجَالِس الاغنياء مشتغلا بِنَفسِهِ فِي يَوْمه وامسه وَله كشوفات عَجِيبَة واشرافات على الخواطر غَرِيبَة وظني بِهِ كَونه محيطا بِجَمِيعِ احوال من استرشد بِهِ وتشبث بِسَبَبِهِ وَله الْيَد الطولي فِي تصريف قبُول المريدين وتربية المسترشدين وَلَوْلَا تَزْكِيَة النَّفس وَاحْتِمَال التبجح والرياء لذكرت مَا ظهر لي عِنْد اقامتي فِي زاويته الشَّرِيفَة فِي بعض الاوقات المنيفة بانفاسه الطّيبَة وهممه الصيبة وَحكى بعض من اثق بِهِ من الاشراف انه قَالَ كنت معتكفا عِنْده فِي بعض الايام وَلما صليت الصُّبْح جَلَست فِي الْمَسْجِد مشتغلا بِالذكر وَالشَّيْخ رَحمَه الله فِي الْجَانِب الاخر من الْمَسْجِد مُتَوَجها الى الْقبْلَة مراقبا وَكَانَ يلاحظني بنظره الشريف احيانا ويلتفت الي مرَارًا فَبينا انا على هَذِه الْحَالة اذ عرض لي انجذاب عَظِيم وَتوجه تَامّ وَغلب عَليّ الوجد وَالْحَال وَظهر لي امور غَرِيبَة وآثار عَجِيبَة كَادَت ان تذْهب بلبي وَمن الله تَعَالَى فِي اثناء ذَلِك بمنح لَا يَلِيق ذكرهَا وَاسْتمرّ ذَلِك لي مَا دَامَ الشَّيْخ جَالِسا فِي مَكَانَهُ دَائِما على الْوَصْف السَّابِق وَله رَحمَه الله كرامات عَظِيمَة وافعال غَرِيبَة اتبرك مِنْهَا بِذكر نبذ

مِنْهَا مَا ذكره الْمولى الْمَعْرُوف بِالْفَضْلِ والاجادة محيي الدّين المشتهر باخي زَاده قَالَ كنت مدرسا بمدرسة الْجَامِع الْعَتِيق بِمَدِينَة أدرنه فَدخل عَليّ وَاحِد من الصُّوفِيَّة وَقَالَ جئْتُك مبشرا لَك وراجيا مِنْك شيأ استعين بِهِ على كفاف عيالي فَسَأَلته عَمَّا يبشر بِهِ فَقَالَ أَنَّك تكون مدرسا بمدرسة الْوَزير الْكَبِير رستم باشا الَّتِي بناها بقصبة خَيره بولِي فِي الْيَوْم الْفُلَانِيّ ويأتيك الْخَبَر فِي السَّاعَة الْفُلَانِيَّة قَالَ سلمه الله فَعرض لي انكار عَظِيم وازدراء بشانه حَيْثُ اخبرني عَن الَّاتِي وَطلب عَلَيْهِ الاجر فقصدت الى ان لَا اتصدق عَلَيْهِ بِشَيْء وارده محروما ثمَّ بدا لي ان اساله عَن كَيْفيَّة حُصُول ذَلِك الْخَبَر فَسَأَلته فَقَالَ أَنِّي رجل من احياء الشَّيْخ مصلح الدّين الْمَعْرُوف بجراح زَاده ذُو عِيَال كَثِيرَة وَقد غلبني الْفقر وركبني الدُّيُون فشكوت اليه من ذَلِك وشرحت حَالي فَقَالَ لي اجْتمعت فِي هَذِه اللَّيْلَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاخبرني بَان الْمولى محيي الدّين الْمدرس بمدرسة الْجَامِع الْعَتِيق سيوجه اليه مدرسة رستم باشا ويصل الْخَبَر اليه فِي الْيَوْم الْفُلَانِيّ فِي السَّاعَة الْفُلَانِيَّة وانا مَا رَأَيْت ذَلِك الْمدرسَة قطّ وَلَا اعرفه بِشَيْء فَاذْهَبْ اليه وبشره بذلك الْخَبَر فَلَعَلَّهُ يستأثرك بِشَيْء تستعين بِهِ على فقرك وتسد بِهِ بعض جوعتك فاعتمدت عَلَيْهِ وَجئْت اليك لذَلِك الْغَرَض قَالَ سلمه الله فَذهب عني بعض مَا عرض لي من الانكار والانتقاص لما سمعته قبل ذَلِك من محَاسِن الشَّيْخ الْمَزْبُور ومعارفه فاعطيته شيأ وَقلت لَهُ اذا كَانَ الامر كَمَا قلت وَحصل مَا بشرتني بِهِ زِدْت على ذَلِك واتكفل بِبَعْض مهماتك فَذهب الصُّوفِي وَبقيت فِي الامنية والرجاء الى ان وصلت الْبشَارَة فِي ذَلِك الْوَقْت الَّذِي عينه الصُّوفِي وَكَانَ الامر كَمَا قَالَ وَقَالَ ايضا سلمه الله خرجنَا ذَات يَوْم من الْبَلدة المزبورة قَاصِدين الى بعض الْبِقَاع وَكَانَ الْيَوْم شَدِيد الْحر وفقدنا الطَّرِيق فبقينا فِي الْمضيق وغلبتنا الْحَرَارَة وركبنا الْعَطش وَلم يُوجد فِي الرحل مَاء وَلَا من يدلنا عَلَيْهِ فغلبنا الضعْف والحيرة وكدنا ان نموت من الْعَطش والحرارة قَالَ سلمه الله فَنزلت عَن دَابَّتي وَقَعَدت متفكرا فِي امري فاذا بسواد ظهر من بعيد فامعنت النّظر فِيهِ سَاعَة فتيقنت انه انسان يقْصد الينا فَاسْتَقْبلهُ وَاحِد منا وَجَاء بِهِ الينا فَلَمَّا وصل الينا انْزِلْ عَن ظَهره

غرارة واخرج مِنْهَا عدَّة بطاطيخ ووضعها بَين يَدي وَقَالَ ان الشَّيْخ مصلح الدّين المشتهر بجراح زَاده يسلم عَلَيْكُم وَيَقُول لتأكلوا من هَذِه ولتسيروا الى الطَّرِيق الْفُلَانِيّ وَلَا تخْرجُوا بعد ذَلِك الى السّفر بِغَيْر زَاد وعدة فَسَأَلته عَن مَكَانَهُ وَعَن سَبَب مَجِيئه فَقَالَ ان وَرَاء هَذَا الْجَبَل قَرْيَة للشَّيْخ فِيهِ ضَيْعَة وَكَانَ مُقيما فِيهَا اذ خرج من بَيته وَقَالَ ان الْمولى محيي الدّين مدرس الْمدرسَة الْفُلَانِيَّة فقد الطَّرِيق وجهده الْعَطش وَوَقع فِي امْر عَظِيم فَليقمْ مِنْكُم اُحْدُ وليأخذ من هَذِه البطاطيخ مَا يتَحَمَّل وليسارع اليه وليدله على الطَّرِيق فانه مُقيم فِي الْموضع الْفُلَانِيّ فاجبت وقصدت نحوكم فَكَانَ الامر كَمَا رَأَيْتُمْ وَقد حكى وَاحِد من مريديه يُسمى عُثْمَان الرُّومِي قَالَ اوقدت شمعة فِي بعض اللَّيَالِي وادخلتها حُجْرَتي ووضعتها على اسطوانة واخذت فِي شغلي فاخذني النّوم فَلم اتنبه الا وقدا حترقت الاسطوانة وكادت الْحُجْرَة ان تحترق مِنْهَا فَدفعت النَّار وشكرت الله تَعَالَى فِي دَفعهَا وَلم يطلع على ذَلِك اُحْدُ وَمَا اخبرت بذلك احدا فَلَمَّا اصبحت وَحَضَرت مجْلِس الشَّيْخ عَاتَبَنِي وَقَالَ كدت ان تحترق بِالْبَيْتِ لَا تعد الى مثل ذَلِك وَكن على بَصِيرَة وَتحفظ فِي امرك وَلما وصلنا من التَّحْرِير والتسطير الى هَذَا الْمقَام عرض لنا ان نذْكر نبذا من مَنَاقِب الاجلة الْكِرَام الَّذين مر ذكرهم فِي عرض هَذَا الْكَلَام مستمدا من ارواحهم الطّيبَة ومستدرا من سحائب بركاتهم الصيبة وَقد ارْتكب مافي التَّطْوِيل من الكلفة والزحمة مُعْتَمدًا على مَا قيل عِنْد ذكر الصَّالِحين تنزل الرَّحْمَة فاولهم بِحَسب سلسلة الطَّرِيقَة واقدمهم فِي الظَّاهِر وَالْبَاطِن بِحَسب الْحَقِيقَة شهرة الديار والافاق ولي الله تَعَالَى بالِاتِّفَاقِ الشَّيْخ محيي الدّين وَقد ولد ذَلِك الْفَحْل النجيب بقصبة تسمى اسكليب وَنَشَأ طَالبا للمعارف والعلوم فدار فِي بِلَاد الْعَجم وَالْعرب وَالروم وَاجْتمعَ مَعَ كثير من الافاضل السَّادة وفاز مِنْهُم بالتتلمذ والاستفادة وبرز فِي الْفُنُون وَمهر وتضلع من الْعُلُوم وتبحر ثمَّ صرف عنان الْعَزِيمَة عَن الْعُلُوم الرسمية الى المعارف الالهية السمية واتصل بالمرشد السّري الشَّيْخ إِبْرَاهِيم القيصري وَهُوَ من نخب خلفاء الشَّيْخ الْمَعْرُوف بآق شمس الدّين بَين الانام وَهُوَ من

خلص خلفاء الشَّيْخ حَاج بيرام وَالشَّيْخ محيي الدّين الْمَزْبُور وان كَانَ بفضله الْمَشْهُور وكماله الباهر وتقدمه الظَّاهِر مصداق مَا قلت ... حَاز الْفَضَائِل والمآثر جمة ... لم تحص لَو ذكرت بِكُل لِسَان ... الا اني اتبرك بابداء نبذ من بحار مآثره وقطرة من سَحَاب سَمَاء مفاخره واثبت فِي آخر هَذِه التراجم الْمُبَارَكَة رِسَالَة من نتائج طبعه الشريف هَدِيَّة لكل طَالب جالب وماهر عريف مِنْهَا مَا حَكَاهُ الشَّيْخ مصطفى رَحمَه الله تَعَالَى اني ابْتليت بالحمى وانا فِي سِتّ اَوْ سبع من الْعُمر وَقد اشتدت بِي حَتَّى اشرفت على الْمَوْت فاتفق ان الشَّيْخ محيي الدّين الْمَزْبُور جَاءَ الى مَدِينَة ادرنه فَأخذ الدي بيَدي وَجَاء بِي الى مَجْلِسه الشريف فَقبلت يَده وَقمت بَين يَدَيْهِ فَسَالَ وَالِدي فَقَالَ انه ابْني مصطفى وَقد ابْتُلِيَ بالحمى الشَّدِيدَة فايسنا من حَيَاته فنرجو فِي ذَلِك همتكم الْعَالِيَة فَقَالَ الشَّيْخ اذْهَبْ بِهِ الى السُّوق واشتر لَهُ ثوبا من شعر الشَّاء والبسه فانها تتركه ان شَاءَ الله تَعَالَى قَالَ رَحمَه الله فَذهب بِي وَالِدي الى السُّوق وَفعل مَا وصاه بِهِ الشَّيْخ فتركتني الْحمى من الْيَوْم وَلم تعد الي مَا دمت البس هَذَا الثَّوْب وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ الْمولى الْعَلامَة محيي الدّين المشتهر باخي زَاده قَالَ اجْتمعت يَوْمًا بالشيخ الْعَارِف بِاللَّه محيي الدّين المشتهر بِحَكِيم جلبي فتحادثنا زَمَانا وانجر الْكَلَام الى ذكر الْمَشَايِخ فَقَالَ المرحوم كَيفَ اعتقادكم فِي الشَّيْخ محيي الدّين الاسكليبي فَقلت اني وان كنت حسن الظَّن وَجَمِيل الِاعْتِقَاد فِيهِ الا اني لم اطلع على شَيْء من مآثره فَقَالَ المرحوم فَاعْلَم انه كَانَ رَحمَه الله من الرِّجَال الكاملين مملوأ بالمعارف الالهية من فرقه الى قدمه وروحه المطهرة متصرفة الان فِي هَذِه الاقطار وان أَرْبَاب السلوك وطلبة المعارف الالهية مستفيدون من معارفه الجليلة وانا اخبركم بِمَا وَقع لي بَيْنَمَا انا قَاعد فِي الْمِحْرَاب بعد صَلَاة الصُّبْح والمريدون مشتغلون بالاوراد وَفِي الْمَسْجِد ايضا اناس غَيرهم فاذا بالشيخ محيي الدّين الْمَزْبُور دخل من بَاب الْمَسْجِد وَفِي يَده ثوب مَخْصُوص للشيوخ البيرامية فَلَمَّا رَأَيْته قُمْت اجلالا فجَاء الي وَسلم عَليّ فَرددت سَلَامه فَقَالَ ان هَذَا الثَّوْب الَّذِي فِي يَدي ارسله اليك سيدنَا وَسيد الانام مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لألبسكم اياه فتهيات فَلَمَّا تهيأت البسني هَذَا الثَّوْب فَلَمَّا

لبسته حصل لي من الْفتُوح والكشوف مَالا يحْتَملهُ الْبَيَان ثمَّ قَالَ بَارك الله لَك فِي بلوغك هَذِه الْمرتبَة السّنيَّة فانه كمل طريقك وانْتهى امرك ثمَّ خرج من الْمَسْجِد وَغَابَ من فوره وَبَقِي عَليّ الثَّوْب وَكن ظَنَنْت ان جَمِيع الْحَاضِرين اطلعوا على هَذِه الاحوال فاذا هم غافلون عَن جَمِيع مَا جرى بَيْننَا وَلم يطلعوا على مَجِيء الشَّيْخ وَلم يرَوا قيامي لَهُ قَالَ رَحمَه الله وَقد لبست هَذَا الثَّوْب مُدَّة حَتَّى تخرق عَليّ وخلفته فِي الْبَيْت (قلت) وَهَذَا غير مستبعد من امثال اولئك الفحول وَقد وَقع نَظَائِره لافرادالناس مِنْهَا مَا حَكَاهُ الشَّيْخ محيي الدّين احْمَد بن إِبْرَاهِيم النّحاس الدِّمَشْقِي فِي كِتَابه الْمُسَمّى بمشارع الاشواق قَالَ تَوَجَّهت الى الاسكندرية فِي سنة احدى وَثَمَانمِائَة فمررت برشيد فرافقني جمَاعَة من اعيانها فمررنا بتل يعرف بتل بوري وَقد كَانَ حصل فِيهِ معركة بَين الْمُسلمين والفرنج وَاسْتشْهدَ بِهِ جمَاعَة فحكوا عَن رجل من اهل رشيد واثنوا عَلَيْهِ خيرا انه مر لَيْلَة بِهَذَا التل فَوجدَ بِهِ عسكرا وخياما ونيرانا فَظن انه السِّرّ كرّ جَاءَ من الْقَاهِرَة وَنزل هُنَالك قَالُوا فَدخل بَينهم فَسَأَلُوهُ الى ايْنَ تتَوَجَّه فاخبرهم انه مُتَوَجّه الى الْقَاهِرَة فَقَالَ لَهُ بَعضهم اني مُرْسل مَعَك كتابا الى أَهلِي فاوصله اليهم ثمَّ كتب الْكتاب وَدفعه اليه وعرفه امارة بَينه وَبَين اهله فَلَمَّا وصلت الى الْقَاهِرَة سَأَلت عَن الْبَيْت فارشدت اليه فَلَمَّا طرقت الْبَاب قَالُوا مَا تُرِيدُ قلت معي كتاب من فلَان فَقَالُوا انت مَجْنُون ان فلَانا قتل فِي الْوَقْعَة برشيد مُنْذُ سِنِين فَلَمَّا ذكرت لَهُم الامارة عرفُوا صدقي وَدفعت اليهم الْكتاب فتعجبوا لذَلِك غَايَة التَّعَجُّب انْتهى كَلَامه وَله فِي هَذَا الْبَاب نَظَائِر كَثِيرَة اضربنا عَن ذكرهَا وَمن كرامته قدس سره مَا حَكَاهُ الشَّيْخ عَلَاء الدّين الْمَذْكُور وَهُوَ سَبَب دُخُوله فِي سلك التصوف فَإِنَّهُ كَانَ رَحمَه الله فِي اوائل امْرَهْ من افراد السُّلْطَان بايزيد خَان فاتفق انه غزا مرّة بعض بِلَاد الْكفَّار فسافر هُوَ مَعَهم وَلما قَفَلُوا من هَذِه الْغَزْوَة اخذهم فِي اثناء الطَّرِيق برد شَدِيد وامطار كَثِيرَة وسحائب هاطلة وسيول هائلة فَمر المرحوم قبل الْمغرب بقرية ليضيف اهلها فابوا ان يضيفوه فَذهب عَنْهَا وَقد اقبل بسواده اللَّيْل وأمطر السَّمَاء وَكثر السَّيْل وَأمسى كل وَاد كالبحر

الْعَظِيم وَنزل من السَّمَاء الْعَذَاب الاليم وَالشَّيْخ عَلَاء الدّين المسفور مجد على الْمسير والذهاب متوكلا على الْملك الْوَهَّاب فَانْتهى مسيره الى نهر يعرف بالنهر الاسود وَقد استمد ذَلِك النَّهر من السُّيُول الْجَارِيَة والامطار النَّازِلَة فَاشْتَدَّ طغيانه وَعظم عصيانه وغيب الجسر الْمَبْنِيّ عَلَيْهِ وانبسط فِي أكناف الْوَادي فَدخل المرحوم اوائل المَاء غافلا عَمَّا وَرَاءه من كَثْرَة الْمِيَاه بِسَبَب ظلمَة اللَّيْل وتراكم السحب وَلما ذهب فِي المَاء زَمَانا زَاد ارْتِفَاع المَاء حَتَّى غلب على دَابَّته فخشي الْغَرق فعزم على العودة فقصد الطَّرِيق الَّذِي جَاءَ مِنْهُ فاستولى عَلَيْهِ الْحيرَة وَالِاضْطِرَاب وَلم يشك فِي الْهَلَاك والتباب فاخذ فِي التضرع وَالِاسْتِغْفَار منتظرا للْمَوْت والتبار فاذا بِصَوْت من وَرَائه فَالْتَفت اليه فاذا هُوَ رجل على هَيْئَة اُحْدُ من ارباب السّفر فَسلم على الشَّيْخ عَلَاء الدّين وَقَالَ فقدتم الطَّرِيق ووقعتم فِي الْمضيق فَقَالَ الشَّيْخ نعم فسبقه الرجل وَقَالَ للشَّيْخ سر وَلَا تتخلف عَن اثري سَار الرجل وَالشَّيْخ سَائِر فِي اثره الى ان وصلوا الجسر وعبروه وَسَارُوا فِي المَاء الى ان نزل المَاء الى ركب الدَّوَابّ قَالَ الشَّيْخ فَالْتَفت الرجل وَأَشَارَ بِيَدِهِ الى نَاحيَة فَقَالَ سر الى هَذِه الْجِهَة تنج ان شَاءَ الله تَعَالَى فاذا برق خطف بَصرِي وَلما عَاد نظرت اليه فَلم اره فسرت الى هَذِه النَّاحِيَة وخلصت من تِلْكَ الورطة الهائلة وانا فِي غَايَة الْعجب من حَال الرجل الدَّلِيل ودلالته الى السَّبِيل وَقَالَ رَحمَه الله ثمَّ اني لما وصلت الى محمية ادرنه وَمضى عَليّ ايام واخذ العساكر السُّلْطَانِيَّة يجيؤن اليها اجْتمع عَليّ طَائِفَة من اهل الْمحلة وَاتَّفَقُوا على ضِيَافَة فسألتهم عَن سَببهَا فَقَالُوا ان للسُّلْطَان شَيخا يُقَال لَهُ الشَّيْخ محيي الدّين الاسكليبي رجل شرِيف من اولياء الله تَعَالَى نقصد التَّبَرُّك بِصُحْبَتِهِ والتشرف بِرُؤْيَتِهِ قَالَ الشَّيْخ فَدخلت فيهم وَكنت من جملَة أَرْبَاب الضِّيَافَة ثمَّ انهم احضروا الطَّعَام وهيؤا الْمجْلس ودعوا الشَّيْخ المسفور فَأجَاب دعوتهم وَحضر مجلسهم فاذا هُوَ الشَّخْص الَّذِي ظهر لي فِي تِلْكَ اللَّيْلَة الشَّدِيدَة وَكَانَ سَببا لخلاصي من هَذِه الورطة الْعَظِيمَة قَالَ المرحوم فَصَبَرت حَتَّى تمّ الْمجْلس وتفرق اربابه فَذَهَبت اليه وَقبلت رجله فَقَالَ من انت فَقلت هُوَ الَّذِي خلصته من تِلْكَ الورطة فِي الْموضع الْفُلَانِيّ وَاللَّيْلَة الْفُلَانِيَّة وَعرضت عَلَيْهِ الْقِصَّة

بِتَمَامِهَا فأنكرها وَتغَير عَليّ وَقَالَ غَلطت ووهمت وافتريت عَليّ فَقلت لَهُ يَا سَيِّدي عِنْدِي من الْيَقِين والجزم مَا لَا يَزُول بامثال هَذِه الْكَلِمَات فَلم وَيُمكن الا الِاعْتِرَاف فقربني اليه واقر بالقصة ووصاني بالسر وَعدم الاشاعة الافشاء فَمَا قُمْت من هَذَا الْمجْلس الا وَقد حصل لي الرَّغْبَة التَّامَّة فِي التصوف وازداد بِي الشوق والانجذاب الى جنَّات رب الارباب وبآخرة تبت على يَد الشَّيْخ المسفور وَدخلت فِي زمرة مريديه ثمَّ سَافر الشَّيْخ الى وَطنه باسكليب وَلم يُمكن لي الْمسير لقيدالاهل والاولاد فَبَقيت فِي انجذاب واضطراب الى ان جَاءَ الشَّيْخ مصلح الدّين السيروزي من خلفاء الشَّيْخ محيي الدّين الْمَزْبُور فَذَهَبت اليه واشتغلت عَلَيْهِ الى ان سَافر الى اسكليب وَقصد زِيَارَة الشَّيْخ فَقُمْت مَعَه وَتركت المنصب والعيال وسافرت مَعَه الى اسكليب وأقمت عِنْد الشَّيْخ عدَّة سِنِين وَأَنا فِي غَايَة المجاهدة والطلب ثمَّ عدت الى وطني ثمَّ الى اليخ الى ان نلْت المُرَاد وَأَجَازَ لي بالارشاد وَكَانَ الشَّيْخ عَلَاء الدّين المرحوم من اجلة مَشَايِخ الرّوم صَاحب كرامات سنية ومراتب سميَّة افنى عمره فِي الْعِبَادَة والرياضة فَأَفَاضَ الله تَعَالَى عَلَيْهِ من الْعلم والمعرفة مَا افاضه وَقد فوض اليه المشيخة فِي زَاوِيَة الشَّيْخ شُجَاع بِمَدِينَة أدرنه ودام على التربية والارشاد حَتَّى أناف عمره على مائَة سنة وَمن كراماته مَا حَكَاهُ شَيخنَا الشَّيْخ مصلح الدّين رَحمَه الله قَالَ كُنَّا جُلُوسًا فِي خَارج الزاوية المزبورة مَعَ بعض المريدين وَقد وَقعت فِي محلّة الدباغين من الْمَدِينَة المسفورة اذ جَاءَ رجل دباغ فباس يَد وَالِدي وَقبل رجله وَقَالَ لَوْلَا انت لما فتحت القلعة فَقَالَ وَالِدي مَا هَذِه القلعة وَلَيْسَ لي مِنْهَا خبر وَلَا أثر وَعَاد الرجل الى ضراعته واستكانته وَهُوَ مستديم على انكاره فسألنا الرجل عَن الْقِصَّة فَقَالَ خرجت فِي زمرة من الدباغين غازيا مَعَ السُّلْطَان فَلَمَّا حاصرنا القلعة الْفُلَانِيَّة وعزمنا على فتحهَا ودارت رحى الْحَرْب واشتعل ضرم الطعْن وَالضَّرْب عَصَتْ القلعة وأبت الْفَتْح وتحير الْعَسْكَر ويئسوا من فتحهَا فاذا بشيخ فِي يَده راية هجم على الْكفَّار وفرقهم تَفْرِيق الْغُبَار عِنْدَمَا يهب عَلَيْهِ الصرصر الجرار وطلع على القلعة وَنصب عَلَيْهَا الرَّايَة فاتصل بعقبة اناس من الْعَسْكَر الاسلامية ودخلوا القلعة من هَذَا

الْموضع وتسير فتحهَا بِسَبَب ذَلِك الرجل فامعنت انا وَبَعض رُفَقَائِي فِي ذَلِك الرجل فاذا هُوَ الشَّيْخ عَلَاء الدّين فَلم يشك انه من جملَة من سَافر الى هَذِه الْغَزْوَة وَحضر فتح القلعة وتعجبنا من عدم رُؤْيَته فِي اثناء الطَّرِيق قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله لما خلوت مَعَ وَالِدي سَأَلته عَن حَقِيقَة الامر وابرمت عَلَيْهِ كشف هَذَا السِّرّ فَمَا زَاد على ان يَقُول يعرفهُ من يصل الى هَذِه الرُّتْبَة وستقف ان شَاءَ الله تَعَالَى عِنْد بلوغك هَذِه الرُّتْبَة بلغنَا الله واياكم الى الْمَرَاتِب الْعلية وافاض علينا من سِجَال الطافه الْخفية والجلية واما الشَّيْخ عبد الرحيم المؤيدي فَكَانَ اوحد زَمَانه وفريد عصره واوانه من الَّذين فازوا بالقدح الْمُعَلَّى وحازوا المنصب الاوفر والحظ الاعلى وَكَانَ رَحمَه الله فِي اوائل امْرَهْ من طلبة الْعلم الشريف وَحصل من الْعلم والادب مَا يبتهج بأمثاله وينسج على منواله وَصَارَ ملازما من الْمولى المشتهر بخطيب زادة ثمَّ قلد إِبْرَاهِيم الرواس بِمَدِينَة قسطنطينية ثمَّ اتّفق انه اتَّصل بالشيخ محيي الدّين السَّابِق ذكره وَتزَوج ابْنَته وَظهر فِيهِ مخايل الزّهْد والورع بَينا هُوَ فِي ذَلِك اذ عرض لَهُ بعض الامراض الهائلة وَاشْتَدَّ الى ان اشرف على الْمَوْت وَلما ايس من صِحَّته قَالَ لزوجته بنت الشَّيْخ المسفور هَل لَك ان تروحي الى ابيك وتقولي لَهُ عني اني ايست من الْحَيَاة وَلم يبْق لي بعد ذَلِك رَجَاء السَّلامَة وَهَا انا اموت خَالِيا عَن الْعرْفَان واذهب غَرِيبا عَن الاهل والاوطان وَهل لَا يُمكن الاحسان الي بِقدر الامكان فَقَامَتْ وَذَهَبت الى ابيها الشَّيْخ وبكت عِنْده واخبرت بِمَا قَالَه فَقَامَ الشَّيْخ وَذهب الى زَوجهَا وَمَعَهُ عدَّة من اصحابه وَفِيهِمْ الشَّيْخ عَلَاء الدّين وَالِد شَيخنَا الشَّيْخ مصلح الدّين فَلَمَّا دخلُوا الْبَيْت جلس الشَّيْخ عِنْد فرَاشه وعاده واستخبر عَن حَاله فَأَعَادَ عَلَيْهِ الشَّيْخ عبد الرحيم مَا قَالَه أَولا وأفرط فِي التضرع والابرام وَنِعما قيل الابرام يحصل المرام فرق لَهُ الشَّيْخ فَأَوْمأ الى بعض الْحَاضِرين بِأَن يوضئوا الشَّيْخ عبد الرحيم فوضؤه ثمَّ قَالَ اجلسوه الى الْقبْلَة وَقَالَ للشَّيْخ عَلَاء الدّين اجْلِسْ انت خَلفه وامسكه واضممه اليك ثمَّ قَامَ

ولما سافر الى البلدة المزبورة مرة ثانية لتفتيش بعض الكتب الموقوفة بواقعة وقعت لها ودخل الزاوية المعروفة وحضر مجلس السماع عانقه روح الشيخ جلال الدين المسفور ودار به عدة دورات وهو يقول بيت خموش باش كه احوال فقروفنا دل تومخزن اينها بودبهمت ما

الشَّيْخ عبد الرَّحِيم وَصَاح صَيْحَة وَرمى بِنَفسِهِ على الارض وَبَقِي مغشيا عَلَيْهِ مُدَّة وَلما افاق سَأَلَهُ الشَّيْخ عَمَّا ظهر لَهُ فاخبر بِهِ ثمَّ قَالَ الشَّيْخ اني اظنك فِي اعلى رُتْبَة من ذَلِك الا انه يَكْفِي لَك ذَلِك ان شَاءَ الله تَعَالَى وَلما سَافر الى مَكَّة حَاجا وَوصل الى بَلْدَة قونية استقبله روح الشَّيْخ جلال الدّين صَاحب المثنوي المولوي وعانقه وخاطبه بِهَذَا الْبَيْت الْفَارِسِي ... خشنودم ازتواي يسر ... دارم بسى باتر نظر خوش آمدي جَان بدر ... اهلا وسهلا مرْحَبًا ... وَلما سَافر الى الْبَلدة المزبورة مرّة ثَانِيَة لتفتيش بعض الْكتب الْمَوْقُوفَة بواقعة وَقعت لَهَا وَدخل الزاوية الْمَعْرُوفَة وَحضر مجْلِس السماع عانقه روح الشَّيْخ جلال الدّين المسفور وَدَار بِهِ عدَّة دورات وَهُوَ يَقُول بَيت ... خموش باش كه احوال فقروفنا ... دلّ تومخزن اينها بودبهمت مَا ... وَكَانَ رَحمَه الله يصف الشَّيْخ جلال الدّين الْمَزْبُور بصفاته الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا على مَا ضَبطه بِهِ من اعتنى بِهِ وَكَانَ يَقُول مَا سَمِعت الْبَيْتَيْنِ قبل ذَلِك من اُحْدُ وَقد ظهر لَهُ كشوفات حقة وكرامات مُحَققَة مِنْهَا مَا حَكَاهُ الثِّقَات وتطابق عَلَيْهِ الروَاة ان امام المرحوم السُّلْطَان بايزيدخان الْمُسَمّى ببكتاش اخذ جَوْهَرَة ثمينة من السُّلْطَان الْمَزْبُور ليعرضها على بعض من لَهُ خبْرَة بِعلم الاحجار فوضعها فِي مَوضِع من بَيته ثمَّ عَاد اليه فَلم يجدهَا فَسقط فِي يَده وتحير فِي امْرَهْ وَتردد الى الرمالين والمشايخ فَلم يفيدوا شَيْئا فاتفق انه اجْتمع بالشيخ عبد الرحيم وقص عَلَيْهِ الْقِصَّة وَعرض عَلَيْهِ اضطرابا عَظِيما وَكَانَ بَينهمَا حُقُوق سَابِقَة وَمَعْرِفَة قديمَة فرق لَهُ الشَّيْخ فراقب زَمَانا ثمَّ رفع رَأسه وَقَالَ هَل فِي طرف من عَرصَة دَارك احجار مبثوثة بَاقِيَة من الْبناء فَقَالَ الامام نعم فَقَالَ ان وَاحِدَة من جواريك اخذت هَذِه الْجَوْهَرَة من الْموضع الَّذِي تركتهَا فِيهِ ووضعتها تَحت حجر من تِلْكَ الاحجار وصفهَا بصفتها واخبره بعلامتها فَقَامَ الامام عَن مَجْلِسه الشريف واسرع

الى دَاره وَوصل الى ذَلِك الْموضع وَعرف الْحِجَارَة فَرَفعهَا فَوجدَ الْجَوْهَرَة وشكر الله تَعَالَى وخلص من الِاضْطِرَاب ببركة الشَّيْخ رَحمَه الله وَمِنْهَا انه وَقع فِي زواية اجْتِمَاع عَظِيم واظنها لقِرَاءَة مولدالنبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد حضر فِيهَا الاشراف من الْعلمَاء والامراء وَفِيهِمْ الْمُفْتِي الْمُعظم وَالْمولى المفخم احْمَد بن كَمَال باشا زَاده واسكندر جلبي الدفتر دَار وَغلب على الشَّيْخ رَحمَه الله فِي اثناء الْمجْلس حَال وراقب زَمَانا ثمَّ رفع رَأسه وَقَالَ لاقيت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجرى بَيْننَا مصاحبة ومكالمة وَكَانَ من جملَة كَلَامه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام قل لمفتيكم ليهتم فِي امْر الْفَتْوَى فانه يهمل فِيهَا وَقد وَقع لَهُ فِي هَذَا الاسبوع خَمْسَة اجوبة على خلاف الشَّرْع الشريف فَلَمَّا سَمعه الْمُفْتِي الْمَزْبُور صلى على النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ صدق رَسُول الله وصدقتم فِي خبركم عَنهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فانه قد وَقع كَمَا قُلْتُمْ وقصدت تَبْدِيل تِلْكَ الصُّور وَلم اظفر بهَا ثمَّ انه عَاد الى اسكندر جلبي وَقَالَ ان من جملَة مَا قَالَه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لتقل للدفتر دَار ليهتم فِي امور الْمُسلمين وليتق الله ربه وليحذر من غضب السُّلْطَان وهلاكه فِي يَده ان خَالف مَا امرنا بِهِ وَكَانَ الامر على مَا اخبره من الايعاد فان السُّلْطَان اهلكه بعد مُدَّة واباد وَقد انْتقل فِي حَيَاته ابْنه الْمُسَمّى بِعَبْد الْهَادِي وَكَانَ شَابًّا مفرطا فِي هوساته ومنهمكا على لذاته وَجَزِعت عَلَيْهِ امهِ وبكت اياما فاذا بِيَوْم خرج فِيهِ الشَّيْخ عَن صومعته وَهُوَ يبكي وَيَقُول لَهَا لَا تبكين على فقد ولدك وَمَوته بل على عَذَابه فِي الْآخِرَة فَانِي فحصت فِي غرفات الْجنان فَمَا وجدته ثمَّ فتشت فِي دركات النيرَان فَمَا وجدته فناديته بِأَعْلَى صَوت فَأَجَابَنِي بِصَوْت حَزِين فاستدللت عَلَيْهِ بِصَوْتِهِ فاذا هُوَ معذب بِعَذَاب قوم لوط وَهل كَانَ لَهُ فِي حَيَاته ابتلاء بالغلمان ثمَّ انه جمع مريديه وَاعْتَكف مَعَهم اياما وَجَاهدُوا واجتهدوا فِي التضرع وَالدُّعَاء الى ان خرج الشَّيْخ يَوْمًا من مُعْتَكفه وَهُوَ يضْحك ويبشر امهِ بِالْعَفو والرضوان اللَّهُمَّ اعْفُ عَنَّا مَعَ الصَّالِحين فِي غرف الْجنان

وَمن كراماته انه كَانَ يَقُول لزوج بنت اخيه عبد الرحمن بن الْمُؤَيد محيي الدّين الفناري وَكَانَ قَاضِيا بالعسكر فِي ولَايَة روم ايلي لَا تخف انت من الْعَزْل مَا دمت حَيا وَقد عزل الْمولى المرحوم ثَانِي يَوْم مَاتَ فِيهِ الشَّيْخ عبد الرَّحِيم المرحوم وَكَانَ يَقُول الْمُفْتِي ابو السُّعُود كنت ارى كثيرا فِي مَنَامِي كَأَنِّي قَاعد اطلب الْقيام فَيَجِيء الشَّيْخ عبد الرَّحِيم فَيَأْخُذ برأسي ويمنعني من الْقيام فَبينا انا بليلة وَقعت لي فِيهَا مثل هَذِه الْوَاقِعَة وَظهر لي الشَّيْخ عبد الرَّحِيم ليمنعني عَن الْقيام كَمَا هُوَ عَادَته فاذا بوالدي قد ظهر وَقصد الي فَلَمَّا رَآهُ الشَّيْخ عبد الرَّحِيم تركني وَغَابَ عني فاستنهضت وَقمت على قدمي فَلم يذهب الا قَلِيل حَتَّى صرت قَاضِيا بالعسكر بمَكَان الْمولى محيي الدّين الفناري وَقد اجْتمع لي زَمَنه بِتِلْكَ الزاوية من الزهاد وأرباب السَّعْي وَالِاجْتِهَاد مَا لايتفق الا للقليل من اصحاب الارشاد وَقد حكى وَاحِد من الثِّقَات انه كَانَ فِي الزاوية المزبورة رجل من مريديه يُقَال لَهُ وَكَانَ صَحِيح الْبدن سَالم الرجلَيْن وَقد رَأَيْته مرّة بعد ايام وَقد عرض لَهُ عرج فَسَأَلت بعض الْحَاضِرين عَن وَجهه فَقَالَ كُنَّا جالسين فِي الْمَسْجِد مراقبين مشتغلين اذ وَقع لَهُ انسلاخ فتبع جسده روحه فِي العروج الى الْعَالم الْعلوِي والانقطاع عَن البرزخ السفلي فارتفع الى ان قَارب سطح الْبَيْت فَاطلع عَلَيْهِ بعض الْحَاضِرين فَلم يملك نَفسه وَصَاح صَيْحَة فَعَاد روحه الى جسده دفْعَة فَوَقع على الارض من فَوق فاختلت رجله وَهَذِه قصَّة مَشْهُورَة وَقد سَأَلت شَيْخي الشَّيْخ مصلح الدّين رَحمَه الله تَعَالَى عَن كَيْفيَّة انسلاخ وَقع لَهُ مرّة فَقَالَ رَحمَه الله كنت مرّة مشتغلا بِالذكر الْجَمِيل اذ ظهر لي يَد فِي غَايَة العظمة والمهابة فَنَظَرت الى كفها فَرَأَيْت فِيهِ اسْم الْجَلالَة مَكْتُوبًا بِخَط بديع واسلوب غَرِيب فادمت النّظر فِيهِ وغبت عَن نَفسِي فِي ذَلِك فاذا بروحي قد انْسَلَخَ عَن جَسَدِي فَوَقع فِي عَالم فسيح فَأخذ يسير فِيهِ ويسبح وشاهدت من بَدَائِع اللطائف واطلعت على غرائب المعارف مَالا يُمكن شَرحه وَلَا يَلِيق بَيَانه

فاذا سيري قد انْتهى الى الْموضع الَّذِي ابتدأت مِنْهُ فَرَأَيْت جَسَدِي ملقى فِي حُجْرَتي فَمَا اردت الدُّخُول فِيهِ فَسمِعت صواتا مهولا بِأَن ادخل فِي جسدك الى وَقت مَعْلُوم فاذا انا فِي جَسَدِي على مَا كنت عَلَيْهِ قبل ذَلِك وَقد سَأَلت يَوْمًا شَيْخي عَن شَيْخه ووالده رحمهمَا الله تَعَالَى ايهما اكمل فِي اعتقادكم فَقَالَ وَقع لي فِيهِ وَاقعَة غَرِيبَة وَهِي اني كنت مشتغلا بزاوية الشَّيْخ عبد الرحيم فخطر لي ان الشَّيْخ محيي الدّين وخليفته الشَّيْخ مصلح الدّين السيروزي وَالشَّيْخ عبد الرحمن ووالدي وَالشَّيْخ عَلَاء الدّين ايهم ارْفَعْ رُتْبَة واقوم منزلَة فَوَقَعت لي وَاقعَة فَرَأَيْت فِيهَا طَريقَة وَاضِحَة ومحجة بَيْضَاء ممتدة من الارض الى السَّمَاء فَدخلت فِي هَذِه الطَّرِيق فَمَا ذهبت الا قَلِيلا حَتَّى اعطاني الله تَعَالَى جناحين فطرت نَحْو السَّمَاء فاذا بِصَوْت مهيب يَجِيء من فَوقِي فَرفعت رَأْسِي فَنَظَرت اليه فاذا هُوَ رجل ذُو جناحين مثلي يطير ويسير بهما فَاجْتَمَعْنَا فَقَالَ لي أَي شَيْء تُرِيدُ فَقلت اعطاني الله تَعَالَى جناحين فاطير بهما فأسير فِي ملكوت السَّمَوَات واشاهد عَظمَة قدرَة الله تَعَالَى وَسَأَلته عَنهُ فَقَالَ انا الشَّيْخ ابو يزِيد البسطامي وتعال نتطاير ونتساير فتطايرنا وتسايرنا مُدَّة وتحادثنا زَمَانا الى ان انجر الْكَلَام الى بَيَان مَرَاتِب الْمَشَايِخ الْمَذْكُورَة فَقَالَ لي انْظُر تَحْتك فَنَظَرت فَرَأَيْت ارضا بَيْضَاء فِيهَا طَريقَة بَيْضَاء وَجلسَ على هَذَا الطَّرِيق اربعة رجال مراقبين متوجهين الى جناب الحضرة مَعَ كَمَال الادب وَالْوَقار ثمَّ قَالَ ان هَذِه الارض هِيَ الَّتِي تدْخلهَا اولياء الله تعلى وَتلك الطَّرِيق طَرِيق الْحق وَهَؤُلَاء الرِّجَال هم الَّذين سَأَلت عَنْهُم فَانْظُر اليهم وَتَأمل مَرَاتِبهمْ وَلما امعنت النّظر فيهم فاذا الشَّيْخ محيي الدّين مقدم الْجَمِيع وَبعده الشَّيْخ مصلح الدّين وَبعده الشَّيْخ عَلَاء الدّين وَالِدي وَالشَّيْخ عبد الرَّحِيم الا ان وَالِدي اقْربْ الى الشَّيْخ فِي الْجُمْلَة ثمَّ رَأَيْت على هَذَا الطَّرِيق رجلا على بعد مِنْهُم فَسَأَلته عَنهُ فَقَالَ هُوَ الشَّيْخ المشتهر ببهاء الدّين زَاده من جملَة خلفاء الشَّيْخ محيي الدّين فَقلت فَلم بعده عَن شَيْخه وَعدم دُخُوله فِي ذَلِك الْمجْلس قَالَ لاجل انه اكثر الِاشْتِغَال بالعلوم الظَّاهِرَة فعاقته عَن مسيره وأخرته عَن نظرائه وَالشَّيْخ محيي الدّين وان كَانَ لَهُ فَضِيلَة تَامَّة فِي الْعُلُوم الظَّاهِرَة الا انه جعلهَا نسيا منسيا

صورة الرسالة بعينها

وَحصر نَفسه فِي طلب المعارف الالهية ثمَّ قَالَ لي هَل تُرِيدُ اللحوق الى مقدم هَذِه الطَّرِيقَة الشَّيْخ محيي الدّين فَقلت اني استحيي من هَؤُلَاءِ الْمَشَايِخ الْكِبَار احدهم شَيْخي والاخر وَالِدي والاخر شيخ وَالِدي فَقَالَ هَذَا طَرِيق الْحق وميدان الْمحبَّة لَا يُرَاعِي فِيهَا خاطر من الخواطر بل كل من يسْلك فِيهَا ويصل اليها يَأْخُذ مِنْهَا بِقدر مَا يقدر عَلَيْهِ فقبضني من جناحي ورماني الى تِلْكَ الارض فَمَا وَقعت الا عِنْد الشَّيْخ محيي الدّين مقدما على الشَّيْخ عبد الرحيم فَرفع رَأسه فَقَالَ أَسَأْت الادب وَتَقَدَّمت على مرتبتك فَقلت مَا جِئْت الى هَذَا الْمَكَان باختياري وَانْظُر الى الَّذِي يقف عِنْد رَأسك فَنظر فَرَأى الشَّيْخ أَبَا يزِيد فَسَأَلَ عَنهُ فَقلت هُوَ الشَّيْخ ابو يزِيد الَّذِي رماني الى هَذَا الْمَكَان واوصلني الى هَذِه الْمنزلَة فَقَالَ سلمه الله وان الامر امْرَهْ فَقَامَ واخذ إزارا وشده فِي وسطي وقلدني سَيْفا فانتبهت وتفكرت فَعرفت الْحَال وفهمت الْمقَال وَهَا انا اورد الرسَالَة الْمُبَارَكَة وَفَاء بالعهد السَّابِق فَعَلَيْك بالفكر اللَّائِق والتأمل الصَّادِق فِيمَا حوته من الاشارات الدقيقة الى الاسرار الانيقة وتنبيهات فائقة الى بَدَائِع رائقة تنكشف بهَا الخطوب وتطمئن بهَا الْقُلُوب حَتَّى تستدل على مقَامه من آثَار أقدامه صُورَة الرسَالَة بِعَينهَا اعْلَم ان حُصُول الْمَقْصُود انما يكون بِالتَّوْحِيدِ والفناء وَهُوَ انما يكون بِكَلِمَة التَّوْحِيد لَان السالك لم يصل الى الفناء والبقاء الا بِرَفْع الْحجب فبالنفي ترفع الْحجب وبالاثبات يثبت الْحق لَان التَّنْزِيه شَأْن السالك على الْوَجْه الْخَاص وَهُوَ طَرِيق الْمِعْرَاج كَمَا صرح بِهِ الشَّيْخ الاكبر فِي كتبه واما قَوْلهم الطّرق الى الله بِعَدَد انفاس الْخَلَائق فَمَعْنَاه ان سلوك كل اُحْدُ انما يكون بِحَسب استعداده وقابليته كَمَا يشْعر بِهِ قَوْلهم بِعَدَد انفاس الْخَلَائق وَالذكر اللساني فِي منَازِل النَّفس وَهِي جوهري بخاري حَاصِل من قُوَّة الْحَيَوَان والحس وَالْحَرَكَة الارادية ويسميها الْحُكَمَاء الرّوح الحيواني وَهُوَ وَاسِطَة بَين الْقلب الَّذِي هُوَ النَّفس الْمُجَرَّدَة وَبَين الْبدن المادي ومنبع التجويف الايسر من اللَّحْم الصنوبري وَيُطلق الْقلب عَلَيْهِ فَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام حِكَايَة عَن الله عز وَجل مَا وسعني

ارضي وَلَا سمائي وَلَكِن وسعني قلب عَبدِي الْمُؤمن وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ان قلب الْمُؤمن بَين اصبعين الحَدِيث نَاظر الى الاول وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام ان فِي جَسَد بني آدم لمضغة اذا صلحت صلح بهَا سَائِر الْجَسَد واذا فَسدتْ فسد بهَا سَائِر الْجَسَد الا وَهِي الْقلب نَاظر الى الثَّانِي وَهِي تكون امارة تميل الى الطبيعة الْبَدَنِيَّة وتأمر باللذات الشهوانية الحسية وتجذب الْقلب الى الْجِهَة السفلية فَتكون مأوى الشَّرّ ومنبع الاخلاق الذميمة والافعال المسيئة فَتكون ارْض الْبدن اَوْ النَّفس حائلة بَين شمس الرّوح وقمر الْقلب وَلم تنعكس انوار الْعُلُوم والمعارف فَيَنْقَطِع الانخساف للْجمع ولوأمة منورة بِنور الْقلب الْمنور من الرّوح بِحَسب زَوَال ميلها الى الطبيعة الجسمانية فتتيقظ من سنة الْغَفْلَة وتبدأ باصلاح حَالهَا مترددة بَين الْجِهَة السفلية فاذا صدرت عَنْهَا سَيِّئَة بِحكم جبلتها الظلمانية يُدْرِكهَا نور التَّنْبِيه الالهي فَتلوم نَفسهَا ثمَّ مطمئنة تنور بِنور الْقلب فيسري النُّور الى الْبدن فَيكون الْكل نورا فَينزل الذّكر الى الْقلب بِالْمَعْنَى الثَّانِي فَيسمع مِنْهُ الذّكر وَالذكر القلبي لَيْسَ هَذَا ثمَّ يحصل الذّكر القلبي وَهُوَ ذكر الافعال أَي تصور نعماء الله تَعَالَى وآلائه فالذكر هَهُنَا لَيْسَ من جنس الْحُرُوف والاصوات لِأَن الْقلب جَوْهَر مُجَرّد فَلَا يكون ذكره الا من جنس الادراك الَّذِي يعجز عَنهُ الْقُلُوب القاسية والعقول المدركة ثمَّ يحصل الذّكر السّري وَهُوَ مُعَاينَة افعال الله تَعَالَى وتصرفاته ومكاشفة عُلُوم تجليات الصِّفَات ثمَّ يحصل ذكر الرّوح وَهُوَ مُشَاهدَة الاسماء وَالصِّفَات مَعَ مُلَاحظَة نور الذَّات اذ الِاسْم باصطلاح اهل الْحق لَيْسَ هُوَ اللَّفْظ بل هُوَ الذَّات الْمُسَمّى بِاعْتِبَار صفة وجودية كَالْعلمِ وَالْقُدْرَة اَوْ عدمية كالقدوس وَالسَّلَام فتظهر للسالك فِي مقَام الرّوح الاسماء الالهية الْكُلية الَّتِي هِيَ مائَة الا وَاحِدًا وَألف وَوَاحِد على وُجُوه مُخْتَلفَة وانحاء شَتَّى لَا يُمكن وصفهَا للمحجوبين فَيسمع من كل اسْم بِلَا جِهَة وحرف وَصَوت وترتيب بِشَيْء اذا خرج السالك الى عَالم الاجسام يكون لفظا مركبا مُرَتبا مثلا يظْهر اسْم الله تَعَالَى فِي صُورَة بَحر يسمع مِنْهُ بِلَا صَوت وحرف وترتيب فاذا عَاد السالك الى مقَام الشَّهَادَة يعبر عَنْهَا عَمَّا سمع بِحرف وَصَوت وترتيب حُرُوف مسموعة

مرتبَة من جِهَة كَلَفْظِ الله تَعَالَى وَكَذَا غَيره من الاسماء فَيكون ذكر الرّوح مُشَاهدَة الاسماء والتوجه اليها بِالْكُلِّيَّةِ فاذا داوم السالك على الذّكر يكون فانيا فِي اوصافه بَاقِيا بأوصاف الْحق متخلقا باخلاق الله تَعَالَى وَفِي هَذَا الْموضع يحْتَاج الى المرشد الْكَامِل غَايَة الِاحْتِيَاج اذ هُوَ مقَام الْحيرَة فاذا انْكَشَفَ اسْم الله تَعَالَى مثلا يَقُول المرشد الْكَامِل اشْتغل باسم الله تَعَالَى أَي بِالذَّاتِ المستجمع لجَمِيع الصِّفَات فَلَا تلْتَفت الى غير ذَلِك الِاسْم حَتَّى تظهر تفاصيل الاسماء وَالصِّفَات فاذا ظهر اسْم السَّمِيع مثلا تكون مُشَاهدَة اسْم السَّمِيع وَهَكَذَا الى ان تَنْتَهِي الاسماء بِالْكُلِّيَّةِ وَفِي هَذَا الْمقَام قد تحير كثير مِمَّن وصل اليه انه لَا مرتبَة اعلى مِمَّا وجد كحسين بن مَنْصُور حِين ظُهُور اسْم الْحق واتصافه بِهِ فانه قَالَ لَا مرتبَة اسنى أَي اعلى مِنْهَا وَمن اطلاق لفظ الِاسْم على الْمركب من الصَّوْت والحروف وَقع الْبَعْض فِي غلط لقُصُور الْفَهم وَلذَا قَالَ الشَّيْخ الزَّاهدِيّ الكيلاني للشَّيْخ الصافي عَلَيْهِمَا الرَّحْمَة حِين وُصُوله الى اسْم الله تَعَالَى اشْتغل باسم الله تَعَالَى ففهم الشَّيْخ الصافي ان مُرَاده مُشَاهدَة الِاسْم الَّذِي هُوَ عين الْمُسَمّى وَلَا تلْتَفت الى غَيره فان الذّكر فِي ذَلِك الْمنزل مُشَاهدَة الِاسْم وتوهم الْغَيْر كالشيخ عمر الخلوتي ان المُرَاد اشْتغل بِلَفْظ الله تَعَالَى وَكَذَا غَيره من الاسماء فاشتغلوا بالأسماء اللفظية فِي منَازِل النَّفس ولزمهم ان يكون لفظ الله وَحي وَهُوَ غَيرهَا عين مُسَمّى الذَّات الْوَاجِب الْوُجُود فَالْتَزمهُ بعد من يحذو حذوه وَسمعت من بَعضهم يَقُول ان اللَّفْظ الْخَارِج من الْفَم كَهُوَ وَالله هُوَ عين الْمُسَمّى وَقَالَ بَعضهم ان اصل هُوَ الْهَوَاء ومنشأ غلطه انه يفهم من الْهَوَاء الْخَارِج من انفه لَفْظَة هُوَ وَهُوَ اسْم وَالِاسْم عين الْمُسَمّى فَمَعَ هَذَا سيرهم معكوس ومنكوس لَان اسْم الله تَعَالَى اسْم للذات المستجمع لجَمِيع الاسماء المتصف بِجَمِيعِ الصِّفَات وتفاصيل هَذِه الاسماء الاصطلاحية تحصل بالاشتغال بِهِ على تَقْدِير تَسْلِيم السلوك بِهِ وَلَفظ هُوَ اسْم للذات الاحدية أَي اسْم للذات الْمَأْخُوذَة من حَيْثُ انْتِفَاء جَمِيع النّسَب والاضافات والسلوب وَبعده لَا اسْم وَلَا رسم وَلَا لِسَان حَتَّى لَو غير بِلَفْظ الْوُجُود وَغَيره لَا يكون اسْما لَهُ حَقِيقَة فَكيف يشْتَغل بِغَيْرِهِ من الالفاظ ثمَّ الذّكر الْخَفي وَهُوَ مشَاهد جمال

وممن انتظم في سلك الاعيان في هذا العصر والاوان ثم القاه الدهر في غيابة القطوع والتناسي المولى عبد الرحمن ابن سيدي علي الاماسي

الذَّات وَهُوَ مقَام قرب قوسين مَعَ بَقَاء الاثنينية ثمَّ ذكر الذَّات وَهُوَ شُهُود الذَّات بارتفاع الْبَقِيَّة وَهُوَ مقَام اَوْ ادنى وَسمعت من رَئِيس الخلوتية فِي هَذَا الْعَصْر ان التشخص والتعين لم يرْتَفع عَن سيدالمرسلين فِي الْمِعْرَاج فَقلت هَل وجدت الامر على مَا قلته قَالَ لم اصل بعد الى مثل ذَلِك فَقلت ذَلِك خلاف مَا يجده اهل الذَّوْق لَان الْمِعْرَاج لَا يكون الا بالفناء لَا الْبَقَاء لَان التعين والتشخص مَا لم يرفع لم يحصل الشُّهُود الذاتي فَلم يحصل الِارْتفَاع الى عين الْجمع فَأَيْنَ الْبَقَاء وَيُخَالِفهُ قَوْله تَعَالَى اَوْ ادنى وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لي مَعَ الله وَقت لَا يسعني فِيهِ ملك مقرب وَلَا نَبِي مُرْسل اذ الْمَعْنى انه لم يبْق فِيهِ بَقِيَّة الْوُجُود وَهُوَ الْمَعْنى بالفناء فَقَالَ ذَلِك الْقَائِل يجوز ان يكون تعينه غير مَانع فَقلت ان التعين يَقْتَضِي الاثنينية فَمَا لم يرْتَفع لم يصل السالك الى الشُّهُود الذاتي واعتقاده ان ارْتِفَاع التعين من النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم يكون نقصا وَلم يتفطن ان بَقَاءَهُ نقص فَعرفت انه غافل عَن الفناء والبقاء فَأَيْنَ مقَام الارشاد وَلَا يظنّ اُحْدُ اني لم اسلك مسلكهم فَانِي جاهدت فِي طريقهم سبع سِنِين مُنْقَطِعًا عَن الْحَيَوَانَات المألوفات وَكَانَ غذائي فِي السَّبْعَة قِطْعَة من الْخبز مَعَ الْخلّ فَقَالَ رئيسهم انك قد وصلت الى الْمَطْلُوب وأمرنا بِخِلَافِهِ فَعلمت انهم لَيْسُوا فِي حَاصِل من حَالهم فَرَجَعت عَنْهُم متأسفا لما اتلفت من الْعُمر الْعَزِيز وَلَا اقدر ان افصل مَا جرى بيني وَبينهمْ وَالله عليم بِذَات الصُّدُور وَمِمَّنْ انتظم فِي سلك الاعيان فِي هَذَا الْعَصْر والاوان ثمَّ القاه الدَّهْر فِي غيابة القطوع والتناسي الْمولى عبد الرحمن ابْن سَيِّدي عَليّ الاماسي كَانَ ابوه من كبار قُضَاة القصبات وَنَشَأ هُوَ على طلب الْعُلُوم وَتَحْصِيل الْمُهِمَّات فقرا على عُلَمَاء عصره وَاجْتمعَ بأماثل مصره حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى الْمُعظم مفتي ذَلِك الزَّمَان سعد ابْن عِيسَى بن امير خَان وَهُوَ مدرس بمدرسة مَحْمُود باشا فانتظم فِي سلك طلابه وَأكْثر التَّرَدُّد الى بَابه واشتغل عَلَيْهِ مُدَّة طَوِيلَة فخصص مِنْهُ بالانظار الشَّرِيفَة الجليلة وَلما صَار ملازما مِنْهُ درس بمدرسة فرهاد باشا بِمَدِينَة بروسه بِعشْرين ثمَّ بمدرسة كنقري بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ بمدرسة

الاشهر بِثَلَاثِينَ ثمَّ بمدرسة سُلَيْمَان باشا الْغَازِي ببلدة ازنيق بِأَرْبَعِينَ ثمَّ بِالْمَدْرَسَةِ الحلبية بِمَدِينَة ادرنه بالوظيفة المزبورة ثمَّ صَار وظيفته فِيهَا خمسين ثمَّ نقل الى الْمدرسَة الخاصكية بقسطنطينية ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى مدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بِمَدِينَة ادرنه بستين ثمَّ استقضي بحلب ثمَّ نقل عَنْهَا الى قَضَاء بروسه وَبعد سِتَّة اشهر نقل عَنْهَا الى قَضَاء ادرنه فَأَقَامَ بهَا ارْبَعْ سِنِين ثمَّ صَار قَاضِيا بعسكر روم ايلي فدام عَلَيْهِ قَرِيبا من خمس سِنِين ثمَّ عزل عَنهُ وَبَقِي معزولا الى ان قلد قَضَاء مَكَّة شرفها الله تَعَالَى كل ذَلِك فِي دولة السُّلْطَان سُلَيْمَان وَيُقَال انه اجْتمع فِي بعض سفرته بالسلطان سليم خَان فِي حَيَاة ابيه السُّلْطَان سُلَيْمَان وَهُوَ امير ببلدة مغنيسا وَعرض لَهُ هَدَايَا سنية وتحفا سميَّة فاستمال قلبه واستملك لبه فوعد لَهُ بِقَضَاء الْعَسْكَر ان قدر لَهُ الْجُلُوس على سَرِير السلطنة وتيسر فَلَمَّا ساعده الزَّمَان واجلسه على سَرِير ابيه السُّلْطَان سُلَيْمَان وَفِي بعهده الْمَزْبُور وَأقر عينه بالمنصب المسفور فتصرف فِيهِ قَرِيبا من سنتَيْن مَعَ كَمَال التهتك فِي مُرَاعَاة الخواطر وتمشية مرادات الاكابر وَقد انْتقل فِي اثنائه السُّلْطَان الى جوَار الرَّحْمَن وَجلسَ السُّلْطَان مرادخان على سَرِير السلطنة فخدمه شهورا وَلم يكمل سنة فهجمت عَلَيْهِ الامراض فعاقته عَن التَّصَرُّف فتحكمت الاغراض واختل امْر التَّفْوِيض والتقليد وَوجه المناصب الى كل وغد وبليد فعزل قبل مَوته بِثَلَاثَة ايام فاستراحت قُلُوب النَّاس وارتفع عَنْهُم الظلام وَذَلِكَ فِي شهر ربيع الاول من شهور ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ الْمولى المرقوم مشاركا فِي الْعُلُوم مَعْرُوفا بِقُوَّة الذِّهْن وَسُرْعَة الِانْتِقَال وتأدية المطالب بِحسن الْمقَال وَقد اعتنى بِكَلِمَات استاذه المرقوم الْمولى الْمُفْتِي سعد الله المرحوم واخرجها من هوامش كتبه ورتبها مِنْهَا الْحَوَاشِي الَّتِي علقها على الْعِنَايَة شرح الْهِدَايَة والحواشي الَّتِي علقها على الْقَامُوس للعلامة الفيروز ابادي وَقد عَاد من قَضَاء مَكَّة بتعليقة على اول كتاب الْهِدَايَة وَكَانَ يَدعِي انه كتب شرحا كَامِلا لَهُ وَلِلنَّاسِ فِيهِ قيل وَقَالَ وَالله اعْلَم بسرائر الاعمال وَكَانَ سامحه الله تَعَالَى مَعَ مَا بِهِ من التيقظ والفراسة منهمكا فِي طلب الرّفْعَة والرياسة فِي غَايَة الْميل الى جَانب الامراء والمداهنة الْعَظِيمَة مَعَ

ومن الوعاظ المشاهير بحسن الاداء ولطف التقرير في مجالس الوعظ والتذكير الشيخ محرم ابن محمد

الاكابر والوزراء وَمن جملَة مداهناته انه رغب الوزراء فِي تعْيين اشخاص من طرف السُّلْطَان ليقبضوا اثلات الْوَصَايَا من الاموات الْوَاقِعَة فِي جَمِيع الْبلدَانِ فَلم يتم كَيده وخلص الله تَعَالَى من مكره اهل الايمان واعاذنا من مظالم الْحُكَّام وافاض علينا سِجَال الانعام انه ذُو الْجلَال والاكرام وَمن الوعاظ الْمَشَاهِير بِحسن الاداء ولطف التَّقْرِير فِي مجَالِس الْوَعْظ والتذكير الشَّيْخ محرم ابْن مُحَمَّد ولد رَحمَه الله تَعَالَى ببلدة قسطموني وَنَشَأ بهَا على طلب الْعُلُوم واقتناء شوارد الْمَنْطُوق وَالْمَفْهُوم فقرا على عُلَمَاء عصره وَاجْتمعَ بأماثل دهره وَقد تشرف بالاستفادة من الْمولى اسرافيل زَاده الْمولي جوي زَاده واتصل بالمولى سعد الله واشتغل عَلَيْهِ مُدَّة من فنون عدَّة ثمَّ رغب فِي التصوف وتصفية الْبَاطِن فتنقل لذَلِك فِي الْبِلَاد والاماكن واتصل اولا بالمشايخ الخلوتية مِنْهُم الشَّيْخ سِنَان المشتهر بسنبل ثمَّ خدم عدَّة من الْمَشَايِخ البيرامية وبهم حصل آماله ونال عِنْدهم مَا ناله واجاز لَهُ الشَّيْخ السَّامِي البيرامي وَلما اقتبس الْخَيْر من انوارهم تزيا بزيهم وتشرف بشعارهم ثمَّ سلك مَسْلَك الْوَعْظ وَالتَّفْسِير فعقد الْمجَالِس الشَّرِيفَة ونصح وَأفَاد وانتصب لِلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر فِي عدَّة من الْبِلَاد ثمَّ عَاد الى قسطنطينية وشاع فِيهَا امْرَهْ وارتفع ذكره وفوض اليه التدريس بمدرسة مُحَمَّد باشا الصُّوفِي بالبلدة المزبورة وَعين لَهُ كل يَوْم ثَلَاثُونَ درهما وَلما اتم السُّلْطَان سُلَيْمَان جَامعه الْمَعْرُوف لَدَى الْقَاص والدان نصب لَهُ بِهِ كرْسِي للوعظ وَعين لَهُ كل يَوْم عشرُون درهما فَكَانَ يدرس تَارَة ويعظ اخرى وَقد اتم مرَارًا تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ والكشاف وَأَحْيَا سنَن الاكارم الاسلاف الى ان توفّي فِي شهر جُمَادَى الاخرة سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وقارب الثَّمَانِينَ كَانَ رَحمَه الله شَيخا جميل الصُّورَة مَقْبُول السِّيرَة وَاسع التَّقْرِير متبحرا فِي علم التَّفْسِير وَكَانَ من حفظه يقرا الْقُرْآن ويقرر مَا قَالَه ارباب التَّفْسِير بايقان واتفاق وَيذكر فِي اثنائه من مَنَاقِب الصلحاء والمشايخ ومواعظ الْفُضَلَاء مَا يُفِيد اوابد النُّفُوس العاصية ويلين شَدَائِد الْقُلُوب القاسية وَكَانَ يحضر مجالسه الفئام من الْخَواص

ومنهم العالم الامجد المولى شمس الدين احمد

والعوام ويزدحمون فِيهَا للاستماع وينتفعون بهَا أَي انْتِفَاع وَقد اتّفق لَهُ بعض التآليف جزاه الله تَعَالَى بمزيد احسانه انه بعباده خَبِير لطيف وَمِنْهُم الْعَالم الامجد الْمولى شمس الدّين احْمَد ولد رَحمَه الله تَعَالَى فِي بَلْدَة سراي وَنَشَأ طَالبا للعلوم والمعارف ومستفيدا من كل عَالم عَارِف وتحرك فِي ميدان التَّحْصِيل والاستفادة حَتَّى صَار ملازما من الْمولى محيي الدّين المشتهر بعرب زَاده فِي مدرسة السيدة مهروماه ببلدة اسكدار بطرِيق الاعادة وتنقلت بِهِ الاطوار والاحوال وتميز بتعليم الْوَزير مَحْمُود باشا المشتهر يزَال ودرس اولا بمدرسة افضل زَاده بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة إِبْرَاهِيم باشا بِأَرْبَعِينَ كلتاهما بقسطنطينينة ثمَّ مدرسة يلدرم خَان بِمَدِينَة بروسه بِخَمْسِينَ ثمَّ الى مدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد بِالْمَدِينَةِ المزبورة وَقد توفّي رَحمَه الله مدرسا بهَا وَهُوَ فِي عنفوان شبابه وَذَلِكَ فِي شهر رَجَب سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما عَارِفًا حسن السمت مرضِي الطَّرِيق مَقْبُول السِّيرَة نقي السريرة صَاحب ذهن سليم وطبع مُسْتَقِيم مكبا على الِاشْتِغَال معرضًا عَن القيل والقال جيد الْكِتَابَة حسن الْخط لم يعرف السوء عَنهُ قطّ وَكَانَ المرحوم قَادِرًا على المنثور والمنظوم عَارِفًا بِكَلَام الْعَرَب متضلعا من انحاء الادب وَقد نظمنا فِي سلك الاملاء والرقم بعض مَا قَالَه فِي وصف الْقَلَم شَجَرَة تخرج من طور سيناء اصلها ثَابت وفرعها فِي السَّمَاء اذا انزلنا عَلَيْهَا المَاء اهتزت وَكلما اتت بأثمارها تَجَدَّدَتْ يُوسُف عانقه اخوته عنَاق الْحبّ واجمعوا ان يَجْعَلُوهُ فِي غيابة الْجب قد قَمِيصه من غير طغيان سجن ولي لَهُ عدوان تَارَة ترَاهُ وَهُوَ كباسط كفيه الى المَاء ليبلغ فَاه وَمرَّة تَلقاهُ وَهُوَ كطائر يطير بجناحيه على قَفاهُ مليح شفته لعساء وَهُوَ احلس امرط لَا ينجو عَن الفادح وَقد ابْتُلِيَ بالضرس مفلج الثنايا مخضوب البنان كريم الْمركب يَدَاهُ مبسوطتان رُبمَا يقْعد على النَّهر ويدلي رجلَيْهِ فِيهِ فَلَمَّا يقوم يتَكَلَّم فيسيل الدَّم من فِيهِ براعة قدتتنفس فِي جنح الظلماء جريح غسق جرحه وَهُوَ ملقي الامعاء طَوِيل الْعِمَاد دعامة من اوتاد الافراد سَاقه يراوح بَين قَدَمَيْهِ قَائِما على سَاق رَقِيق لَا يستخدم بِدُونِ الغل وَلَيْسَ باباق آدم

وله في وصف السيف

اعطي لِسَانا وشفتين وَله قُوَّة مودعة فِي الزائدتين الناتئتين مَاض ذُو الثَّلَاثَة بمضارع مقرون لَا يَأْمَن الْكسر وان قَارن النُّون وضع لانشاء الْمَدْح اَوْ الذَّم دخل تَحت الابهام وَهُوَ على جسم نَام متحرك فِي بعض الاحيان جَوْهَر يقوم بِهِ الاعراض من الالوان فَتى ذُو حَال كلما احال لايخلو كَلَامه عَن القيل والقال بشواة رُبمَا تضرب وحوصلتها ملئة علقت كثير التغرب فِي عين حمئة اعْجَبْ بِهِ ملاعب ظله اذ عبر مَا لم يبلله الْقطر لم ينْتَظر واذا انبت ريشه لَا يتَمَكَّن من المطار الى ان يحصل خبر صَلِيب الْعود قوي العصب لَا يأوي الا الى ظلّ ذِي ثَلَاث شعب مخيف لَا يَخْلُو من النقش فِي الاسفار مستخف بِاللَّيْلِ وسارب بِالنَّهَارِ وَمن الْعَجَائِب انه كليم مقوال وَفِي فِيهِ جَار سيال مرسال قارة يقربهَا الْحمال فتسيل بِقطع عروقها فِي الْحَال ملك صَاحب الْغَار يُقَال لَهُ ذُو الْمنَار وَهُوَ جَائِع غريق بعسطش بانف شامخ وَأذن شرقاء رعوم ذُو نَاب لَهُ خرطوم وَله فِي وصف السَّيْف فيا سائلي عَن اصل ذَلِك النصل اسْتمع لما يُتْلَى عَلَيْك فِي هَذَا الْفَصْل انه نَص قَاطع وبرهان سَاطِع ذُو النُّون ذهب مغاضبا فالتقمه الْحُوت فَنَادَى فِي ظلمَة فاحمة فنبذناه وانبتنا عَلَيْهِ شَجَرَة قَائِمَة ذُو القرنين بقبضته الشرق والغرب وَله الْيَد الطُّولى فِي كل ضرب من الْحَرْب سُلْطَان مصري فاتح الشامات قاهر القروم قهرمان دمشقي مَالك رِقَاب الْعَجم وَالروم عضد الدولة رونق الْملَّة فتح لاوليائه ومقت لاعدائه طالما ابعد نَفسه عَن نيام فانام تَحت ظله الانام فِي شَجَرَة النّسَب فناري اما فِي العصب قناري كرماني ينشرح مَا فِي مَتنه من الْمَأْثُور وَيسمع اثناء محادثته بِاللُّؤْلُؤِ المنثور اشراقي بجلائه الطَّبْع وصفائه الْحَمِيم وَقد كَانَ فِي شَرحه من الْمَشَّائِينَ بنميم خرجت من مَنْكِبَيْه الأفعيان فَكَأَنَّهُ ضحاك ناسب ان ينْسب الى تيمور حَيْثُ انه سفاك حَدِيد اللِّسَان فِي تبيانه وَمن لِسَانه علو شانه صبيح الصلب عَارضه مصقول ناحل قد يعرض لَهُ ذَات الْجنب وَهُوَ مسلول تَارَة وَهُوَ من اصحاب الْيَمين يتلألؤ وَجهه البريق بانوار مشرقة مصرما وَمرَّة تَلقاهُ وَهُوَ من اصحاب الشمَال الَّذين اغشيت وُجُوههم قطعا من اللَّيْل مظلما اسْمه خَلِيل وكنيته

ومن علماء العصر والزمن مولانا محمد بن احمد المشتهر بابن بزن

ابو السَّلِيل الصاحب بالجنب وَابْن السَّبِيل الف الْقطع يثبت فِي ايدي الاخيار وَلَا يسْقط عَن رُؤُوس الاشرار عَابِد يداوم الْخمس فِي وَقتهَا الْمُخْتَار زاهد اليف الْوحدَة معتكف الْغَار معصوب بل عطشان ضَاحِك مَعَ انه غَضْبَان مغيث وَهُوَ النذير الْعُرْيَان طرار طيار يأرز باذنيه لدرك الثار غادر قد يلبس جلد النمر فتجر اذنه عَن ساعدته عِنْد الْقِتَال قَاض قد يُقيم الْحَد ويفصل بَين ذَوي الْجِدَال فِي الْحَال شيخ لَهُ وعام اقعس كانه للْمَوْت تنكس ذُو الخرطوم كَفِيل وبقطع البلعوم كَفِيل مرْآة مصقولة تظهر تماثل الاجل مشكاة مشعرة بمحو ظلام الامل مِفْتَاح ابواب الاجال اقليد اقفال الامال قطعُوا بانه يائي هُوَ مصدر الْمِثَال وَالْعجب ان اسْمه اجوف وَلَا يُقَال لَهُ الاجوف وَاسم الالة وَلَيْسَ باسم الالة معتل الْعين وَنَظره ادق ذُو الْوَجْهَيْنِ لكنه اصدق خادة لعمودها ميل قَلما تنفرج مِنْهُ بالطبع متحرك مرّة لَهُ حَرَكَة بِمَعْنى التَّوَسُّط واخرى بِمَعْنى الْقطع صفحة ملساء وشكله مخروط شَاب امرد وعارضه مخطوط مصراع مصنع فِي حسن المقطع مطلع ملمع مرصع سلالة منقب بقناع من الاثواب ذَات النطاقين صانت مَاء وَجههَا فتغطت بالجلباب مرسنة مسرج حَاجِبه مزجج مخنث تهتك يَهْتَز بقائمة المشطب وبحك زنده قد يقتدح نَار الْحَرْب جارحة قدتطير من منعتها فَتضْرب المنهب مشروح الصَّدْر مَرْفُوع الْقدر نهر جَار من خَمْسَة انهار مهيب وَله الْكَفّ الخضيب سماك رامح سعد ذابح ذؤابة قرين بالخمسة الْمُتَحَيِّرَة وَقت اللمعان معدل قَاطع فِيمَا يمر تَحت ذُبَابَة سوى الملوان وَلَو لم يكن لَهُ قُوَّة المنعطف الصولجان لما اطار كرات الرؤوس فِي الميدان وَمن عُلَمَاء الْعَصْر والزمن مَوْلَانَا مُحَمَّد بن احْمَد المشتهر بِابْن بزن كَانَ احْمَد الْمَزْبُور فِي اوائل حَاله من ندماء السُّلْطَان سليم خَان فاتح الديار المصرية والشامية وَله كل يَوْم ثَمَانُون درهما ثمَّ تغير عَلَيْهِ السُّلْطَان لبَعض الزلات فاخرجه ثمَّ قَلّدهُ قَضَاء بعض القصبات وَولد المرحوم بقصبة اسكليب وَنَشَأ على طلب الْعلم والفضائل واشتغل على كثير من الاجلة الافاضل وَدَار على عُلَمَاء عصره واستفاد حَتَّى صَار ملازما من الْمولى الْمُعظم ابي السُّعُود صَاحب الارشاد

ومنهم المولى محمود اخو المولى احمد بن حسن الساميسوني السابق ذكره في هذه الجريدة

ثمَّ درس بمدرسة إِبْرَاهِيم باشا بأدرنه بِعشْرين ثمَّ مدرسة قَاسم باشا عِنْد مرقد الامير سُلْطَان ببروسه بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة هزار غراد بالوظيفة المزبورة ثمَّ مدرسة اينه كول بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة بيري باشا بقسطنطينية باربعين ثمَّ صَار وظيفته فِيهَا خمْسا وَأَرْبَعين ثمَّ نقل الى مدرسة سِنَان الكبنكجي بِالْمَدِينَةِ المزبورة بِخَمْسِينَ ثمَّ وَقع فِي غيابة الْعَزْل والهوان ثمَّ قلد بعدالتفتيش والامتحان مدرسة السُّلْطَان سُلَيْمَان بِجَزِيرَة رودس ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى مدرسة مغنيسا واذن لَهُ بالافتاء وَعين لَهُ كل يَوْم سَبْعُونَ درهما ثمَّ زيد عَلَيْهَا عشرَة دَرَاهِم ثمَّ تقاعد عَنْهَا بتسعين فَلم يكن ظله ظليلا وَلم يلبث الا قَلِيلا حَتَّى توفّي بقسطنطينية فِي شهر شَوَّال سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة عقيما فَوقف خُلَاصَة كتبه على الْمُسْتَحقّين فِي كل زمن واوصى ان تحفظ فِي جَامع السُّلْطَان مُحَمَّد خَان كَانَ رَحمَه الله مَعْرُوفا بِالْفَضْلِ والكمال ومعدودا من الرِّجَال كثير الِاطِّلَاع على الدقائق الْعَرَبيَّة طَوِيل الباع فِي الْعُلُوم الادبية مَعَ الْوُقُوف التَّام فِي الْفِقْه وَالْكَلَام مطرح التَّكَلُّف كثير التلطف مائلا الى مجالسة الاخوان ومعاشرة الخلان وَكَانَ رَحمَه الله اطلس بِحَيْثُ اذا عري عَن زِيّ الرِّجَال يشْتَبه امْرَهْ على النَّاظر وَيكون مصداق مَا قَالَه الشَّاعِر ... وَمَا ادري وسوف اخال ادري ... اقوم آل حصن ام نسَاء ... يحْكى انه لما تشرف بِصُحْبَة السُّلْطَان الاعظم مرادخان الْمُعظم ببلدة مغنيسا وَكَانَ فِي زمن ظهر فِيهِ الْجَرَاد واتلف الْمزَارِع الكائنة فِي هَذِه الْبِلَاد فَقَالَ السُّلْطَان المرقوم بعدالانفصال عَن صُحْبَة المرحوم عجبت من لحية الْمُفْتِي فكانما لعب بهَا الْجَرَاد وَأكْثر فِيهِ الْفساد رَحمَه الله تعال يَوْم التناد وَمِنْهُم الْمولى مَحْمُود اخو الْمولى احْمَد بن حسن الساميسوني السَّابِق ذكره فِي هَذِه الجريدة قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره وَصَارَ ملازما من الْمولى خير الدّين معلم السُّلْطَان سُلَيْمَان ثمَّ درس بمدرسة الْجَامِع الْعَتِيق بادرنه بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة فلبه باربعين ثمَّ صَار وظيفته فِيهَا خمسين ثمَّ عزل وقلد مدرسة عَليّ باشا بقسطنطينية

ومن ارباب الفضل والافادة محمد بن عبد العزيز المشتهر بمعيد زاده

وَظِيفَة المزبورة وَمكث بهَا سِنِين ثمَّ نقل الى احدى المدرستين المتجاورتين بادرنه ثمَّ مدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بِالْمَدِينَةِ المزبورة ثمَّ صَارَت وظيفته فِيهَا سِتِّينَ ثمَّ قلد قَضَاء حلب ثمَّ نقل الى قَضَاء دمشق ثمَّ الى قَضَاء مَكَّة شرفها الله تَعَالَى ثمَّ تقاعد عَنهُ بوظيفة مثله ثمَّ ارسل الى تفتيش مصطفى باشا الْمَقْتُول آخرا وَكَانَ يَوْمئِذٍ امير الامراء بِولَايَة بوديم فَلَمَّا عَاد عَنهُ زيدت وظيفته فَصَارَت كل يَوْم مائَة دِرْهَم وَقد كَانَ رَحمَه الله عَالما صَالحا مشتغلا بِنَفسِهِ جيد الْحِفْظ كثير الْعُلُوم مَحْمُود السِّيرَة فِي قَضَائِهِ عَامله الله تَعَالَى بِلُطْفِهِ يَوْم جَزَائِهِ آمين وَمن ارباب الْفضل والافادة مُحَمَّد بن عبد العزيز المشتهر بمعيد زَاده كَانَ ابوه من الْعلمَاء المعروفين ببلدة مرعش وقدتوجه الى قسطنطينية لطلب بعض الْبِقَاع فَاجْتمع فِيهَا بالمولى سَيِّدي الاسود وَهُوَ مدرس باحدى الْمدَارِس الثمان فَجعل معيدا لدرسه فِي الْمدرسَة الْمَذْكُورَة فَلَمَّا صَار ملازما قلد اوزانية السبتان فدام فِيهَا على الدَّرْس والافادة حَتَّى افناه الدَّهْر واباده وَولد المرحوم بالبلدة المزبورة سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَتِسْعمِائَة واشتغل على عُلَمَاء بَلَده ثمَّ جَاءَ الى قسطنطينية وتحرك بِحَسب الْعَادة وَقَرَأَ على الْمولى الْمَعْرُوف بمعمار زَاده ثمَّ على الْمولى سِنَان ثمَّ صَار ملازما من الْمولى خير الدّين معلم السُّلْطَان سُلَيْمَان ثمَّ درس بمدرسة إِبْرَاهِيم باشا بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة الْجَامِع الْعَتِيق بِثَلَاثِينَ كِلَاهُمَا بِمَدِينَة أدرنه ثمَّ مدرسة سِنَان الشهير بكبنكجي بقسطنطينية المحمية ثمَّ بِالْمَدْرَسَةِ الْمَعْرُوفَة بمناستر فِي محروسة بروسه بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل الى دَار الحَدِيث بادرنه ثمَّ صَارَت وظيفته فِيهَا سِتِّينَ ثمَّ نقل الى مدرسة السُّلْطَان سُلَيْمَان بِمَدِينَة دمشق بِثَمَانِينَ واذن لَهُ بالافتاء فِيهَا فِي هَذِه الديار ثمَّ قلد قَضَاء بَيت الْمُقَدّس بِخَمْسِمِائَة وَهُوَ أول قَاض بهَا من زمرة الموَالِي وَقد توفّي فِيهَا قبل الْجُلُوس فِي مجْلِس الْقَضَاء فِي شهر ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله تَعَالَى عَالما فَاضلا محققا مدققا صَاحب الْيَد الطولي فِي الْعُلُوم الادبية والقدم الراسخ فِي الْفُنُون الْعَرَبيَّة مَعَ الْمُشَاركَة التَّامَّة فِي سَائِر الْعُلُوم المتداولة لَهُ تعليقات على بعض الْمَوَاضِع من التَّفْسِير وَالْفُرُوع وَقد انشد لنَفسِهِ عندارتحاله عَن مَدِينَة بروسه

.. لبثنا ثلث تسع فِي بروسا ... على نعمى بِلَا هم وبوسى وَمَا بتنا بهَا لَيْلًا عماسا ... وَلم نصبح بهَا يَوْمًا عبوسا اهاليها كرام النَّاس خلقا ... فَلم نصحب بهَا يَوْمًا شموسا وصادفناهم احلى مقَالا ... وَلم نر فيهم خبا عموسا وَمَا ذكرانهم الا تَمام ... وَمَا النسوان الاعيطموسا رايناهم اشدالناس حبا ... لاهل الْعلم راسا اَوْ مسوسا على مَاء الْحَيَاة بهَا مصيف ... فَلَا يَشكونَ فِي الصَّيف الشموسا فَلَو كَانَ الْبِلَاد بني ابينا ... لكَانَتْ هَذِه فيهم عروسا اعذهم يَا الهي من شرور ... وَمن جور وطيبهم نفوسا ... كأنا مَا لبثنا غير يَوْم ... لبثنا ثلث تسع فِي بروسا ... وَله فِي تَسْلِيَة الاخوان المبتلين بالهم والخسران ... فَلَا تضجر ايا خلي ... عَليّ قل وَلَا كثر وَلَا تغتم يَا مثلي على ربح وَلَا خسر فان الدَّهْر لَا يبْقى ... على عسر وَلَا يسر فكم شاهدت من فَازَ ... باعناق من السّير وَكم ادركت إدراكا ... وانضجاجا من الْبُسْر ... فَقل بِالصبرِ يَا صَاح ... الى زهوك باليسر فان الصَّبْر مِفْتَاح ... لما لم يات بالقسر ... وَله فِي زمن كثر فِيهِ الاعتناء بالشعراء فَوق الْعلمَاء ... لقد جَار الزَّمَان على بنيه ... عَلَيْهِم ضَاقَ بالرحب الْبِقَاع ترى الاشعار فِي الاسعار أغْلى ... وَعلم الشَّرْع اكسد مَا يُبَاع فقد جَازَت جوائزهم عقودا ... وغايتها خماس بل رباع وَكم من شَاعِر امسى ذليلا ... لقد اضحى لَهُ امْر مُطَاع وَذي فضل يُنَادي فِي الْبَوَادِي ... اضاعوني واي فَتى اضاعوا ...

ومنهم المولى محمود المشتهر بالمكاتب

وَمِنْهُم الْمولى مَحْمُود المشتهر بالمكاتب ولد بقصبة سلانيك وَقَرَأَ على عُلَمَاء عصره وافاد واستفاد وتحرك على الْوَجْه الْمُعْتَاد حَتَّى صَار ملازما من الْمولى القادري بِخِدْمَة التَّذْكِرَة ثمَّ درس بمدرسة رَئِيس القرائين بِمَدِينَة قسطنطينية بِعشْرين ثمَّ صَار وظيفته فِيهَا خمْسا وَعشْرين ثمَّ بمدرسة الْحَاج حسن بِثَلَاثِينَ ثمَّ بالقلندرية باربعين ثمَّ مدرسة مَحْمُود باشا بِخَمْسِينَ كلتاهما بقسطنطينية المحمية ثمَّ نقل الى مدرسة بنت السُّلْطَان سُلَيْمَان باسكدار ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى مدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان بِقرب ايا صوفيه ثمَّ الى قَضَاء بَغْدَاد ثمَّ الى قَضَاء آمد وَتُوفِّي قَاضِيا بهَا فِي شهر ذِي الْحجَّة سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله حَلِيم النَّفس طيب الْخلق سليما طارح التَّكَلُّف مشاركا فِي الْعُلُوم قَارب فِي الْحَظ شُيُوخه الْمُتَقَدِّمين والائمة الْمَشْهُورين وَقد كتب عدَّة من الْمَصَاحِف الشَّرِيفَة بالاقلام اللطيفة مَوْضُوع بَعْضهَا الان فِي جَامع السُّلْطَان سُلَيْمَان ونال بهَا الْحَظ الوافر عِنْد بعض الاكابر وَمن الْعلمَاء الامجاد الْمولى زين الْعباد كَانَ من اولاد الشَّيْخ السّري إِبْرَاهِيم التنوري القيصري ولد رَحمَه الله ببلدة قيصرية واشتغل على الشَّيْخ شمس الدّين مدرس البكتوتية ببلدة مرعش ثمَّ جَاءَ الى قسطنطينية وَقَرَأَ على علمائها واستفاد وتحرك على الْوَجْه الْمُعْتَاد حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى سعدي محشي الْبَيْضَاوِيّ فَلَمَّا انْتقل الْمولى الْمَزْبُور الى رَحْمَة ربه الغفور لم يقبل الْمُلَازمَة بِحَسب الْعَادة وارتبط بالمولى الشَّيْخ مُحَمَّد الْمَعْرُوف بجوي زَاده فَلَمَّا صَار ملازما مِنْهُ درس بمدرسة إِبْرَاهِيم الرواس بِعشْرين ثمَّ مدرسة مُرَاد باشا بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة ابْن الحاجي حسن بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة اخرى باربعين ثمَّ مدرسة مَحْمُود باشا بِخَمْسِينَ الْكل بقسطنطينية المحمية ثمَّ نقل الى مدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد بجوار ابي ايوب الانصاري ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان وَقبل ان يدرس بهَا نقل الى مدرسة السُّلْطَان بايزيد خَان باماسيه بِثَمَانِينَ فاقام فِيهِ عدَّة سِنِين ودام على الافتاء والدرس حَتَّى افضت بِهِ الْمنية الى الرمس وَذَلِكَ سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَكَانَ رَحمَه الله وَاسع الْعلم كثير الْمَحْفُوظ قَلِيل الاعتناء

ومن الافاضل السادة المولى رمضان المشتهر بناظر زاده

بزخارف الدُّنْيَا مكبا على الِاشْتِغَال والدرس وَكَانَ رَحمَه الله قوي الْجنان مُطلق اللِّسَان مُعْتَمدًا على اصالة رَأْيه مجترئا على عُلَمَاء عصره وَكَانَ لَهُ اخ يُسمى عبد الفتاح ملازم الْمولى عبد الرَّحْمَن الَّذِي تصدر مرَّتَيْنِ فِي الدولتين على مَا مر ذكره فِي هَذِه الجريدة درس اولا بمدرسة القَاضِي مَحْمُود بِعشْرين ثمَّ مدرسة الخواجه خير الدّين بِخَمْسَة وَعشْرين كلتاهما بقسطنطينية المحمية ثمَّ مدرسة اوروزج باشا ببلدة ديمو توقه بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة عَطاء بك ببلدة قسطموني باربعين ثمَّ مدرسة السَّيْف بانقره بِخَمْسِينَ ثمَّ عزل ثمَّ تقلدها ثَانِيًا بِشَرْط ان تدخل فِي سلك الْمدَارِس الدواخل وَيكون معيده ملازما فِي وقته كَمَا هُوَ الْعَادة فِي امثالها ثمَّ نقل الى مدرسة السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان بِمَدِينَة دمشق واذن لَهُ بالافتاء بِهَذِهِ الديار فدام عَلَيْهِ حَتَّى انْتقل الى دَار الْقَرار سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة رَحمَه الله تَعَالَى آمين وَمن الافاضل السَّادة الْمولى رَمَضَان المشتهر بناظر زَاده كَانَ ابوه من زمرة الْقُضَاة الْحَاكِمين فِي القصبات وَقد ولد المرحوم بقصبة صوفية من بِلَاد الرّوم وَقد انْتقل ابوه الى رَحْمَة ربه الْقَدِير وَهُوَ طِفْل صَغِير فرباه وَاحِد من النظار السُّلْطَانِيَّة مثابة بنيه فنزله النَّاس منزلَة ابيه وَقد نَشأ رَحمَه الله فِي طلب الْعلم والادب بِحَيْثُ يقْضِي مِنْهُ الْعجب وَلَا زَالَ يخْدم الْعُلُوم الشَّرِيفَة حَتَّى اصبح وَله فِيهَا قدم راسخ وعطس بانف من الْفضل شامخ واشتغل على الْمولى عبد الباقي وَالْمولى برويز وَصَارَ ملازما من الْمولى مُحَمَّد الْمَعْرُوف بقطب الدّين زَاده فحفظ الْكَنْز فبواسطته قلد اولا مدرسة احْمَد الْمُفْتِي بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة ابْن ولي الدّين بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة يلدرم خَان باربعين الْكل فِي بروسه المحروسة ثمَّ مدرسة قَاسم باشا بِخَمْسِينَ وَلما بنى الْوَزير عَليّ باشا مدرسته المحمية نقل المرحوم اليها برغبة وافرة وَعزة متكاثرة ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى مدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان بِقرب ايا صوفيه ثمَّ الى احدى الْمدَارِس السليمانية كلتاهما بستين فَلَمَّا ابتنى السُّلْطَان سليم خَان مدرسته الكائنة بادرنه نَقله اليها بتربية معلمه عَطاء الله وَكَانَ أَهلا لذَلِك وَعين لدرسه معيدا وَأمر بملازمة ثَلَاثَة نفر من اصحابه تَشْرِيفًا للمنصب الْمَزْبُور ثمَّ قلد قَضَاء الشَّام ثمَّ نقل الى قَضَاء مصر

ومن علماء الزمن المولى حسن

ثمَّ الى قَضَاء بروسه ثمَّ الى قَضَاء ادرنه وَقبل ان يصل اليها قلد قَضَاء قسطنطينية وَمَات فِيهَا فَجْأَة فِي اواسط شعْبَان من شهور سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَقد وصل سنه الى سِتِّينَ سنة كَانَ رَحمَه الله مِمَّن حَاز قصب السَّبق فِي مضمار الْفَضَائِل وَشهد بوفور فَضله وغزارة علمه الافاضل عَارِيا من السقامة علما فِي الاسْتقَامَة ورعا عفيفا دينا نظيفا جميل الصُّورَة حسن السِّيرَة متخلقا باحسن الاخلاق مَوْضُوعا بتواضعه على الرؤوس والاحداق وَمَعَ ذَلِك الْفضل الباهر والتقدم الظَّاهِر لم ير لَهُ تأليف وَلم يسمع مِنْهُ تصنيف لغاية احترازه عَن النِّسْبَة الى الخطاء عَامله الله بِلُطْفِهِ يَوْم الْجَزَاء وَمن عُلَمَاء الزَّمن الْمولى حسن كَانَ من غلْمَان الْمولى القادري فوهبه للوزير الْكَبِير رستم باشا فدار رَحمَه الله على عُلَمَاء زَمَانه وفضلاء اوانه وَصَارَ ملازما من الْمولى ابي السُّعُود صَاحب التَّفْسِير الْمُعْتَبر رايام قَضَائِهِ بالعسكر المظفر ودرس اولا بمدرسة مَحْمُود باشا باربعين ثمَّ صَار وظيفته فِيهَا خمسين ثمَّ نقل الى الْمدرسَة الخاصكية بقسطنطينية المحمية ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى مدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد ابْن السُّلْطَان سُلَيْمَان ثمَّ قلد قَضَاء دمشق الشَّام ثمَّ نقل الى مصر ذَات الاهرام ثمَّ قلد قَضَاء مَكَّة شرفها الله تَعَالَى ثمَّ عزل فاعيد الى مصر ثَانِيًا ثمَّ عزل ثمَّ قلد قَضَاء قسطنطينية ثمَّ نقل عَنهُ الى قَضَاء العساكر المنصورة بِولَايَة اناطولي المعمورة ثمَّ عزل ثمَّ اعيد الى قَضَاء قسطنطينية مرّة اخرى ثمَّ تقاعد بوظيفة مثله الى ان مَاتَ فِي صفر المظفر سنة خمس وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله مشاركا فِي الْعُلُوم مائلا الى صُحْبَة ارباب الحجا والفهوم حسن الاخلاق لَا يضمر السوء لَاحَدَّ وَلَو اساء عِنْده فَوق الْحَد جمع النفائس من الْكتب والامتعة والاسباب الى ان فرق شَمله مفرق الاملاك عَن الارباب وَمن القروم الاماجد الْمولى حَامِد كَانَ ابوه من ارباب الزوايا فكم فِي الزوايا من الخبايا ولد رَحمَه الله ببلدة

قونيه وسلك مَسْلَك الطّلب وَدخل مدْخل الْعلم والادب بَعْدَمَا عري مشربه عَن كدر الشَّبَاب وَصفا وَبلغ من السن مبلغا وقرا على عدَّة من الافاضل الفحول وتميز عِنْدهم بلطف الِالْتِفَات وَحسن الْقبُول مِنْهُم الْمولى سعدي محشي تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَصَارَ ملازما من الْمولى القادري بِخِدْمَة التَّذْكِرَة ايام قَضَائِهِ بالعسكر فِي شهر صفر المظفر سنة 940 وقلد فِي الشَّهْر الْمَزْبُور مدرسة الْمولى خسرو وبمدينة بروسه بِعشْرين ثمَّ الواجدية بكوتاهية بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة ابْن ولي الدّين ببروسه المحروسه بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة دَاوُد باشا بقسطنطينية المحمية باربعين وَذَلِكَ سنة 948 حامدا لله ومصليا هَكَذَا بِخَطِّهِ رَحمَه الله ثمَّ قلد مدرسة مصطفى باشا بككيويزه بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل الى مدرسة وَالِدَة السُّلْطَان سُلَيْمَان بِبَلَدِهِ مغنيسا فدام فِيهَا على الدَّرْس والافتاء الى ان نقل الى مدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان ابْن السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان بستين وَذَلِكَ بتربية صهره المرقوم الشَّيْخ مُحَمَّد الْمَعْرُوف بجوي زَاده عِنْد السُّلْطَان وَهُوَ دارج فِي ذَلِك الزَّمَان الى رَحْمَة الله ربه الْمُسْتَعَان ثمَّ قلد قَضَاء دمشق الشَّام فَلم يمْكث فِيهِ سنة الاونقل الى قَضَاء مصر بلد الاسلام فَقبل مَا اتم فِيهِ ثَلَاث سِنِين عزل ثمَّ قلد تدريس الْمدرسَة الْمُجَاورَة لجامع ايا صوفيه ثمَّ قلد قَضَاء بروسه المحروسة ثمَّ نقل الى قسطنطينية المحمية ثمَّ الى قَضَاء العساكر المنصورة فِي ولَايَة روم ايلي المعمورة فباشر امْرَهْ عادلا عَن السقامة مظْهرا لكَمَال السداد والاستقامة فحظي عندالسلطان بغاية الْقُدْرَة والتمكين ودام عَلَيْهِ مُدَّة تسع سِنِين وَقد قصد السُّلْطَان الْمَزْبُور لِكَثْرَة اعْتِمَاده عَلَيْهِ الى تَوْجِيه الوزارة الْعُظْمَى اليه وَلما انْتقل السُّلْطَان الى جوَار الرَّحْمَن عزل الْمولى الْمَزْبُور فَبَقيَ على الْوَجْه الْمَذْكُور الى ان ذهب الْمولى ابو السُّعُود الى دَار الخلود فاقيم المرحوم مقَامه وَسلم الْمجد والشرف اليه ثَانِيًا زَمَانه فدام عَلَيْهِ بقدرة وتمكين الى ان انْتقل الى رَحْمَة الله تَعَالَى بعد عدَّة سِنِين وَذَلِكَ فِي اوائل شعْبَان سنة خمس وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَحضر جنَازَته الوزراء والامراء وَعَامة الاشراف وَالْعُلَمَاء وَصلي عَلَيْهِ بِجَامِع السُّلْطَان مُحَمَّد خَان ودعي لَهُ بِالرَّحْمَةِ والرضوان وَدفن بجوار ابي ايوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة ربه الْبَارِي

ومنهم المولى محمد عبد اللطيف المشتهر ببخاري زاده

وَكَانَ المرحوم من اعيان عُلَمَاء الرّوم محظوظا بِكَثْرَة الْمَحْفُوظ مَعْرُوفا بسعة الباع وَكَثْرَة الِاطِّلَاع خُصُوصا فِي علم الْفِقْه وبابه فانه من اكبر اربابه وَكَانَ رَحمَه الله عَظِيم النَّفس شديدالبأس مهيبا فِي اعين النَّاس بعيد الْمطلب صَعب الْمَقْصد وَالْمذهب قَلما بجاريه فِي ميدانه اُحْدُ عَلَيْهِ رَحْمَة الْعَزِيز الصَّمد وَمِنْهُم الْمولى مُحَمَّد عبد اللَّطِيف المشتهر ببخاري زَاده كَانَ ابوه الْمَزْبُور قَاعِدا فِي مُسْند الارشاد بزاوية الشَّيْخ مَحْمُود البُخَارِيّ دَاخل قسطنطينية المحمية على مَا مر ذكره فِي هَذِه الجريدة قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره وَصَارَ ملازما من الْمولى عبد الرحن الْمَار ذكره فِيهَا ثمَّ تزوج ابْنَته ودرس بمدرسة عبد السَّلَام بالموضع الْمَعْرُوف بكوجك جكمجه بِأَرْبَعِينَ ثمَّ صَار قَاضِيا بِبَعْض القصبات فَلَمَّا تولى صهره الْمَزْبُور قَضَاء الْعَسْكَر ثَانِيًا اتى بِهِ الى قسطنطينية وجد واجتهد ببذل عرضه وَمَاله الى ان جعله مدرسا بسلطانية بروسه ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان فَعَن قريب ذاق مر كأس الْحمام وَقَرَأَ على الدُّنْيَا السَّلَام فَجعل المرحوم قَاضِيا بطرابلس الشَّام وَهُوَ اول قَاض بهَا من زمرة الموَالِي وَتُوفِّي قَاضِيا بهَا سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ المرحوم مَعَ قلَّة حَظه من الْعُلُوم حَلِيم النَّفس مطرح التَّكَلُّف مَأْمُون الغائلة مبذول النِّعْمَة مائلا الى صُحْبَة الاخوان وملاحظة الخلان عَلَيْهِ رَحْمَة ربه المنان وَمن افاضل الْعَصْر والاوان ونوادر الدَّهْر وَالزَّمَان الْمولى يُوسُف المشتهر بالمولى سِنَان ولد رَحمَه اله بقصبة سونسه وجد فِي الطلاب وقلقل الركاب وَتحمل المصاعب وَركب المتاعب وَاجْتمعَ بأفاضل عصره واستفاد حَتَّى دخل فِي سلك ارباب الاستعداد وتحرك على الْوَجْه الْمَعْهُود وَالسّنَن الْمُعْتَاد قرا رَحمَه الله على الْمولى محيي الدّين الفناري ثمَّ على الْمولى عَلَاء الدّين الجمالي وَصَارَ ملازما من الْمولى خير الدّين معلم السُّلْطَان سُلَيْمَان ثمَّ درس بمدرسة صاروجه باشا بقصبة كليبولي بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ بِالْمَدْرَسَةِ الحجرية بأدرنه بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة دَاوُد باشا

بقسطنطينية بِأَرْبَعِينَ ثمَّ مدرسة مصفى باشا بككيويزه بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل الى دَار الحَدِيث بأدرنه ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى مدرسة السُّلْطَان بايزيدخان بأدرنه بستين ثمَّ قلد قَضَاء حلب وَفِي اثنائه ارسل الى بَغْدَاد لتفتيش حَادِثَة ظَهرت هُنَالك ثمَّ عزل وَقبل الْوُصُول الى قسطنطينية بشر بقصاء دمشق ثمَّ نقل الى قَضَاء ادرنه ثمَّ الى قَضَاء قسطنيطينة وَقبل الْوُصُول اليها بشر بِقَضَاء العساكر المنصورة فِي ولَايَة اناطولي المعمورة وَجلسَ للدرس الْعَام وَحضر عِنْده الفئام من الاجلة الْكِرَام فكم من مُشكل انْقَلب بِصَالح ذكره عِنْده سهلا ومعضل عَاد بصائب فكره مضمحلا ودام فِي هَذَا الْمقَام مُدَّة خَمْسَة اعوام ثمَّ تحرّك عَلَيْهِ بعض ارباب الْغَرَض من الَّذين فِي قُلُوبهم مرض فابتلي بِالْعَزْلِ والهوان والتفتيش فِي جَامع السُّلْطَان مُحَمَّد خَان مَعَ شَرِيكه الْمولى مصلح الدّين الشهير ببستان وَلما ظهر بَرَاءَة ذمَّته وَحسن حَاله شرف بِتَعْيِين وَظِيفَة امثاله ثمَّ قلد التدريس بدار الحَدِيث الَّتِي بناها السُّلْطَان سُلَيْمَان بِقرب الْجَامِع الْمَعْرُوف لَدَى القاصي والدان وَزيد على مرسومه ثَلَاثُونَ ثمَّ زيداربعون فدام فِيهَا على الدَّرْس الإفادة فِي الايام الْمُعْتَادَة فِي الحَدِيث وَالتَّفْسِير بلطف التَّقْرِير وَحسن التَّحْرِير الى ان استولى عَلَيْهِ سُلْطَان الْهَرم بطلائع الضعْف والالم فاستعفى عَن الْمدرسَة المزبورة فَبَقيَ مُدَّة بالوظيفة الْمَذْكُورَة وَقد انْتقل رَحمَه الله فِي شهر صفر من شهور سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَقد اناف عمره على تسعين سنة كَانَ المرحوم من اجله افاضل الرّوم شهد بفضيلته التَّامَّة الْخَاصَّة والعامة اعْتَرَفُوا برسوخ قلمه فِي الْفُنُون وثبات قدمه فِي علم الْمَفْرُوض والمسنون طالما شيد مَا درس من بُنيان الدُّرُوس وزين برشحات اقلامه وُجُوه عرائس الطروس وَسَار مسير الْبَدْر فِي سَمَاء التَّحْقِيق وَتعلق بطائر همته حَتَّى علا ذرْوَة التدقيق وَكَانَ رَحمَه الله شَيخا جميل الصُّورَة حسن السّير مبارك النَّفس كريم الاخلاق متواضعا طيب الاعراق مَشْهُورا بالخصال الحميدة مَعْرُوفا بالخلال الاكيدة متدرعا بالديانة متعمما بالصلاح والصيانة وَقد كتب رَحمَه الله حَوَاشِي على تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ اظهر فِيهَا الْيَد

ومنهم العالم الامجد المولى احمد بن محمد المشتهر بنشانجي زاده

الْبَيْضَاء والمحجة الزهراء وَكتب شرحا لكتاب الْكَرَاهِيَة وَكتاب الْوَصَايَا من الْهِدَايَة بِمَا فِيهِ لارباب الدِّرَايَة من الْكِفَايَة وَقد اتّفق لي ايام اشتغالي بدرس المطول اني قد اجْتمعت فِي عَالم الرُّؤْيَا برفقة من فرقة الْعلمَاء فانجر كلامنا الى ذكر الْمولى حسن جلبي محشي الْكتاب الْمَزْبُور فَقَالَ وَاحِد مِنْهُم من احب ان يرى مثله وَينظر عدله فَلْينْظر الى الْمولى سِنَان من عُلَمَاء الزَّمَان فانه يوازيه فِي الْفَضِيلَة ويحق لَان يعد عديله وَمِنْهُم الْعَالم الامجد الْمولى احْمَد بن مُحَمَّد المشتهر بنشانجي زَاده كَانَ ابوه موقعا فِي الدِّيوَان العالي فِي دولة السُّلْطَان سُلَيْمَان مشتهرا بِابْن رَمَضَان وَهُوَ الَّذِي كتب مُخْتَصرا لطيفا فِي اسلوب ظريف يشْتَمل على حوادث الايام وتواريخ الانام من بَدْء الدُّنْيَا الى اواخر الدولة المزبورة وَقد ولد المرحوم بِمَدِينَة قسطنطينية سنة بَيَاض بالاصل فَلَمَّا نَشأ ودب وَحصل طرفا من الْعلم والادب قرا على الشَّيْخ المبرز فِي ميدان الافادة الْمولى الْمَعْرُوف بشيخ زَاده شَارِح تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وعَلى الْعَالم الامجد الْمولى المشتهر بِعَبْد الْكَرِيم زَاده وعَلى صَاحب التَّحْقِيق والتمييز الْمولى عبد الله الْمَعْرُوف ببرويز وَصَارَ ملازما من الْمولى سِنَان الْمَار ذكره الان ثمَّ درس اولا بمدرسة الحاجي حسن بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة إِبْرَاهِيم باشا بِأَرْبَعِينَ كلتاهما بقسطنطينية ثمَّ مدرسة قَاسم باشا بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل الى الْمدرسَة الْمَعْرُوفَة بخانقاه ثمَّ الى الْمدرسَة الخاصكية ثمَّ اتّفق ان مَاتَ عدَّة نفر من اولاده فَعرض لَهُ مَا عرض من النفرة عَن تصاريف الدُّنْيَا فَترك التدريس وَاخْتَارَ الانزواء وَبعد بُرْهَة من الزَّمَان رَجَعَ عَمَّا عَلَيْهِ وَصَارَ مدرسا باحدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ قلد قَضَاء مَكَّة شرفها الله ثمَّ عزل ثمَّ قلد قَضَاء مصر الْقَاهِرَة ثمَّ عزل ثمَّ قلد قَضَاء الْمَدِينَة المنورة وَقبل ان يتَوَجَّه اليها رفع بيد بعض حَوَاشِيه مَكْتُوبًا الى السُّلْطَان فَتغير عَلَيْهِ خاطر السُّلْطَان الْعَظِيم الشان فَعَزله وَأمر لَهُ بِالْخرُوجِ عَن الْبَلدة فَخرج مُتَوَجها الى الْحَج فَلَمَّا حج وَعَاد مَاتَ بِقرب دمشق فَأتي بِهِ اليها وَدفن فِيهِ سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله من

ومنهم المولى محمد المعروف بهمشيره زاده

جملَة من تبحر من عُيُون الْفُنُون وتمهر فِي علم الْمَفْرُوض والمسنون وشارك الفحول فِي علم الْفُرُوع والاصول طَوِيل الباع فِي الْعُلُوم الْعَرَبيَّة كثير الِاطِّلَاع فِي الحَدِيث وَالتَّفْسِير والفنون الادبية مَعَ جَرَاءَة الْجنان وطلاقة اللِّسَان والمحاورات مَعَ الاقران وَكَانَ رَحمَه الله مائلا الى الصّلاح ومتصلا بأرباب الزّهْد والفلاح مكبا على الِاشْتِغَال مجانبا عَن القيل والقال بَدَأَ باعراب الْقُرْآن الْمُبين مقتفيا لأثر السفاقسي والسمين وصل بِهِ الى سُورَة الاعراف وَشرح الْحِرْز الْمَنْسُوب الى الإِمَام الْغَالِب عَليّ بن ابي طَالب كرم الله وَجهه الَّذِي اوله اللَّهُمَّ يَا من ولع لِسَان الصُّبْح وعلق حَوَاشِي على مَوَاضِع من تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ وَالْهِدَايَة وشرحا للمواقف والمفتاح وَله رسائل بقيت اكثرها فِي المسودة وَكَانَ لَهُ يَد فِي الشّعْر والانشاء والتحرير والاملاء وَله هَذَا الْكَلَام فِي التحنن الى الشَّام ... نسيم الصُّبْح ان سَافَرت شاما ... فَبلغ ارضها مني السلاما يحن الْقلب مذ فَارَقت عَنْهَا ... وَكَانَ الطّيب قد وصل المشاما لَعَلَّ الله يلطف لي بِفضل ... وَيسر دورة ذَاك المقاما ... وَمن الظرائف مَا قَالَ فِي مدح الطَّائِف ... ولطائف تحوي لطائف جمة ... من غرف مَاء مَعَ لطيف هَوَاء ارْض تَسَاوِي رَوْضَة بمحاسن ... مَاء يحاكي كوثرا بصفاء ونسيمها بلطافة يحيى النسيم ... وفواكه متجاوز الاحصاء ... وَله ... بِفضل الله اني لَا أُبَالِي ... وان كَانَ الْعَدو رمى بجهله وَلَيْسَ يضرنا الحساد شَيْئا ... فسوء الْمَكْر ملتحق بأَهْله ... وَمِنْهُم الْمولى مُحَمَّد الْمَعْرُوف بهمشيره زَاده كَانَ ابوه من قُضَاة القصبات وَأمه اخت الْمولى مُحَمَّد الشهير بقطب الدّين زَاده اُحْدُ الصُّدُور فِي الدولة السليمانية وَهُوَ السَّبَب لشهرته بِالنِّسْبَةِ المزبورة قَرَأَ رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره وتحرك على الْوَجْه الْمُعْتَاد واشتغل مُدَّة على الْمولى مصلح الدّين المشتهر ببستان ثمَّ صَار ملازما مَعَ خَاله المسفور ودرس اولا

ومن المخاديم الاعيان وخلص ابناء العصر والاوان محمد بن المولى سنان

بقسطنطينية فِي الْمدرسَة الخاتونية بِعشْرين ثمَّ مدرسة الامير بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة بنت السُّلْطَان بايزيد خَان الْمَعْرُوف بخنجرلي بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة يلدرم خَان عَلَيْهِ الرَّحْمَة والغفران بِأَرْبَعِينَ الْكل فِي مَدِينَة بروسه ثمَّ مدرسة عَليّ باشا الجديدة ثمَّ نقل الى احدى المدرستين المتجاورتين بأدرنه ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ نقل الى مدرسة السُّلْطَان سليم خَان العتيقة ثمَّ الى مدرسة السُّلْطَان سليم خَان الجديدة توفّي مدرسا بهَا فِي اول الرّبيع الاخر سنة تسع وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ المرحوم مشاركا فِي الْعُلُوم حَدِيد الذِّهْن قوي المناظرة وَاسع التَّقْرِير كثير التلطف عَارِيا عَن التَّكَلُّف فِي الطَّعَام واللباس ومعاملة النَّاس محبا للصلحاء مترددا الى مجَالِسهمْ اللطيفة ومستمدا من انفاسهم الشَّرِيفَة غير انه كثير الاقتحام فِي مصَالح الفئام باذلا عرضه الخطير فِي الامر الحقير عَامله الله بِلُطْفِهِ الْكثير وَمن المخاديم الاعيان وخلص ابناء الْعَصْر والاوان مُحَمَّد بن الْمولى سِنَان ولد رَحمَه الله وآثار النجابة فِي مطالع شمائله ظَاهِرَة وانوار الْمجد والشرف فِي طوالع مخايله باهرة وَنَشَأ فِي رَوْضَة المعارف مقتطفا من ازهارها ودوحة الْعُلُوم واللطائف مجتنيا من ثمارها حَتَّى استأهل الْحُضُور فِي مجَالِس الفحول والصدور فقرا مُدَّة على ابيه وَحصل عِنْده مَا يعنيه ثمَّ عكف على التَّحْصِيل والاستفادة من الْمولى احْمَد الْمَعْرُوف بقاري زَاده وبعدبرهة من الزَّمَان صَار ملازما من الْمولى مصلح الدّين الشهير ببستان ثمَّ درس بمدرسة دَاوُد باشا بِأَرْبَعِينَ ثمَّ صَار وظيفته فِيهَا خمسين ثمَّ نقل الى الْمدرسَة الْمَعْرُوفَة بخانقاه ثمَّ الى الْمدرسَة الخاصكية ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى مدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد بن السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان ثمَّ الى احدى الْمدَارِس السليمانية وَمَات فِيهَا فِي آخر الربيعين سنة سبع وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله مخدوما عَظِيم الشان باهر الْبُرْهَان من حِدة ذهنه وصفاء فطنته وفرط ذكائه ونقاء قريحته وَقُوَّة بَحثه وَحسن تَقْرِيره وتحرير المعضل وتصويره مَعَ الاتساع وَطول الباع فِي الْعُلُوم المتداولة كتب رَحمَه الله

ومنهم المولى احمد المشتهر بالكامي

حَوَاشِي على الشَّرْح الشريفي للمفتاح وعَلى بعض الْمَوَاضِع من الْهِدَايَة وَله لطائف اخر وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رَحمَه الله من بَدَائِع الزَّمَان ونوادر الْعَصْر والاوان وَلَو عَاشَ مُدَّة لَكَانَ لَهُ شان عَلَيْهِ الرَّحْمَة والغفران وَمِنْهُم الْمولى احْمَد المشتهر بالكامي ولد رَحمَه الله تَعَالَى ببلدة ادرنه وَقَرَأَ على عُلَمَاء عصره وَحصل طرفا من الْعُلُوم والمعارف وتحرك بِحَسب الْعَادة حَتَّى وصل الى مجْلِس الْمولى الْمُعظم ابي السُّعُود ثمَّ صَار ملازما من الْمولى القادري ثمَّ درس بمدرسة مَحْمُود باشا بالقرية الْقَرِيبَة من ادرنه الْمَعْرُوفَة بخاص كوي بِعشْرين ثمَّ مدرسة الخواجه حسن بأدرنه بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة سِنَان الكينكجي بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة يلدرم خَان بمحروسة بروسه بِأَرْبَعِينَ ثمَّ مدرسة مصطفى باشا بقسطنطينية بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل الى مدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان بجوار مرقد ابي ايوب الانصاري قدس الله سره ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى احدى مدارس السُّلْطَان سُلَيْمَان ثمَّ قلد قَضَاء ادرنه كل ذَلِك بتربية بعض الْحَوَاشِي السُّلْطَانِيَّة وتقريبه الى السُّلْطَان الْمَزْبُور بالمعارف الْجُزْئِيَّة كالشعر والانشاء وَلما انْتقل السُّلْطَان الى جوَار الرَّحْمَن رمي المرحوم بسهام الْعَزْل والهوان وَلما فتحت جَزِيرَة قبرس فِي دولة السُّلْطَان سليم خَان قلد بِطَلَبِهِ قَضَاء الجزيرة المرقومة وَسلم اليه زِمَام الْحُكُومَة فِي جَمِيع قلاعها وبلادها وتلالها ووهادها فَمن كَمَال التَّفَرُّق والتشتت لم يُمكن لَهُ نظم امورها فِي سلك الِاعْتِدَال فاستغنى عَن المنصب وَرَضي بالانفصال فعزل وَعَاد الى قسطنطينية مرّة اخرى وتقاعد بوظيفته الاولى ثمَّ اتّفق للسُّلْطَان سليم خَان رَغْبَة فِي صحبته بتعريف بعض الْحَوَاشِي وتزيينه فَطلب وَهُوَ على الصَّيْد فِي بعض الْبِقَاع فتيسر لَهُ التشرف بِالدُّخُولِ والاجتماع ثمَّ ان المسفور احس من السُّلْطَان الْمَزْبُور كَمَال التَّوَجُّه اليه فخاف من تقدمه عَلَيْهِ وَنَدم ذَلِك النديم على مَا فعل فاعمل أَسبَاب الْمَكْر والحيل وَلم يقصر فِي السَّعْي وَالِاجْتِهَاد حَتَّى قدر على التَّفْرِيق والابعاد وقدتوفي رَحمَه الله تَعَالَى فِي اوائل رَجَب المرجب سنة سبع وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ المرحوم مشاركا فِي بعض الْعُلُوم ذَا حَظّ وافر من الشّعْر والانشاء وَيَد ظَاهِرَة

ومن المخاديم السادة محمود المشتهر بمعلم زاده

فِي الاملال والاملاء بَدَأَ بترجمة كيمياء السَّعَادَة للامام عَليّ احسن النظام الا انه لم يَتَيَسَّر لَهُ الاتمام وَله مكاتيب على أساليب مرغوبة وافانين مَطْلُوبَة فَتَارَة يخْتَار فِيهَا الْحُرُوف الْعَارِية عَن النقط وَتارَة يلْتَزم فِي كَلمه حرفا وَاحِدًا فَقَط وَمن الَّذِي مَا سَاءَ قطّ وَمن المخاديم السَّادة مَحْمُود المشتهر بمعلم زَاده كَانَ ابو الْمَزْبُور من جملَة الصُّدُور فِي الدولة السليمية ولد رَحمَه الله تَعَالَى فِي رَوْضَة الْمجد والاجلال وَنَشَأ فِي دوحة الْعِزّ والاقبال مجتنيا من ثمار اللطائف ومقتطفا من ازهار المعارف وقرا على ابيه واكثر من الاستفادة ثمَّ صَار ملازما من الْمولى ابي السُّعُود بطرِيق الاعادة ودرس اولا بمدرسة مُرَاد باشا بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة دَاوُد باشا باربعين ثمَّ مدرسة رستم باشا بِخَمْسِينَ الْكل فِي قسطنطينية المحمية ثمَّ نقل الى مدرسة بنت السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان باسكدار ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ بذل مبلغا عَظِيما بِبَاب بعض الاعالي حَتَّى صَار موقعا فِي الدِّيوَان العالي فخدم فِيهِ الى ان وجد بعض ارباب الْحَسَد سَبِيلا الى نقص شانه وَنقض بُنْيَانه فمني بِالْعَزْلِ والهوان بُرْهَة من الزَّمَان ثمَّ لم يَتَيَسَّر لَهُ مَا يُحِبهُ ويرضى حَتَّى جعله الدَّهْر لسهام الْمنية غَرضا وَذَلِكَ فِي اواسط جُمَادَى الاولى سنة سبع وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ المرحوم مشاركا فِي الْعُلُوم ذَا حَظّ وافر من المعارف والمفاخر ساعيا فِي اقتناء الْكتب الشَّرِيفَة بالخطوط اللطيفة وَكَانَ رَحمَه الله شَابًّا جميلا ومخدوما جَلِيلًا خلوقا ذَا دعابة عَارِفًا بالشعر وَالْكِتَابَة عَامله الله بِلُطْفِهِ الْخَبِير انه بعباده خَبِير بَصِير وَمِنْهُم الْمولى مَحْمُود المشتهر بباجلبي ولد رَحمَه الله بقصبة فلبه وَنَشَأ على طلب المعارف واللطائف وقرا على عُلَمَاء اوانه وَاجْتمعَ بفضلاء زَمَانه حَتَّى وصل الى خدمَة الْمولى القادري ثمَّ ذهب مَذْهَب الصّلاح واتصل بِبَعْض ارباب الزّهْد والفلاح الى ان اشْتهر بالتقوى والديانة والزهد والصيانة فَجعل من خَواص الْحرم وخدام الْمجْلس الْمُحْتَرَم

ففاز من الرياسة بالحظ الوافر واصبح بابه ملجأ للأصاغر والاكابر وقصده العلماء والشعراء بالرسائل الشريفة والاشعار اللطيفة وتوجه اليه ارباب الحاجات بالتحف السنية والهدايا السمية فاجتمع عنده من نفائس الكتب والتحف والاموال ما لم يتفق لغيره من الامثال الى ان

وَنصب لتعليم بنت السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان صَاحِبَة الْخيرَات الحسان فَلَمَّا زوجت بالوزير الْكَبِير رستم باشا اكرمه غَايَة الاكرام وانزله منزلَة ابيه فِي الاعزاز والاحترام فبهذه الملابسة اشْتهر بِالِاسْمِ الْمَزْبُور واليه اشار الْمولى عَليّ بن عبد الْعَزِيز الْمَعْرُوف بِأم الْوَلَد زَاده بقوله فِي الرسَالَة القلمية ... ملاذ الْخلق فِي الْأَحْوَال طرا ... وَمن يَبْغِي لَهُ الْمَكْرُوه خابا وَبَيت الْعلم محروز منيع ... لَهُ قد كَانَ ذَاك الحبر بَابا ... ففاز من الرياسة بالحظ الوافر واصبح بَابه ملْجأ للأصاغر والاكابر وقصده الْعلمَاء وَالشعرَاء بالرسائل الشَّرِيفَة والاشعار اللطيفة وَتوجه اليه ارباب الْحَاجَات بالتحف السّنيَّة والهدايا السمية فَاجْتمع عِنْده من نفائس الْكتب والتحف والاموال مَا لم يتَّفق لغيره من الامثال الى ان انْتقل مخاديمه الْكِرَام الى دَار السَّلَام فقابله الدَّهْر بالانقباض وَنظر اليه بِعَين الاعراض وَانْزِلْ قدره نقص قدره وَهَكَذَا الدَّهْر يرفع وَينزل وَينصب ويعزل ارى الدَّهْر الا منجنونا باهله ... وَمَا صَاحب الْحَاجَات الا معذبا ... توفّي رَحمَه الله تَعَالَى فِي اواسط رَجَب سنة سبع وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما عَارِفًا محبا للْعلم واهله ساعيا فِي اقتناء الْكتب النفيسة ضنانا بهَا ضنة الْمُحب بالمحبوب وَلم يزل مجدا فِي تَحْصِيلهَا حَتَّى كتب فِي آخر عمره تَفْسِير الْمُفْتِي ابي السُّعُود وَقد دهي بالتجرد والانفراد وَلم يتْرك من يقوم بِحقِّهِ من الاقارب والاولاد فَتفرق نفائس كتبه ايدي سبا فجزء حوته الدبور وجزء حوته الصِّبَا من ارباب الْمجد والافادة الْمَعْرُوف بالاحسان والاجادة الْمولى شمس الدّين احْمَد بن الْمولى بدر الدّين المشتهر بقاضي زَاده كَانَ ابو الْمَزْبُور عَن عُتَقَاء الْوَزير عَليّ باشا الْعَتِيق وَقد تصرف فِي عدَّة من الْمدَارِس والمناصب الى ان صَار قَاضِيا بِمَدِينَة ادرنه فِي دلة السُّلْطَان بايزيدخان وَقد ولد المرحوم وانوار الْعِزّ والشرف من طوالع شموسه شارقة وآثار الْمجد

والشرف فِي مطالع بدوره بارقة فَعَن قريب حقق مَا تفرس فِيهِ النظار من الظُّهُور والشهرة كَالشَّمْسِ فِي وسط النَّهَار قرا رَحمَه الله على عُلَمَاء عصره وافاضل دهره مِنْهُم الْمولى مُحَمَّد الْمَعْرُوف بجوي زَاده وَالْمولى سعدي محشي الْبَيْضَاوِيّ وَصَارَ ملازما من الْمولى القادري ودرس اولا بالفرهادية بِخمْس وَعشْرين ثمَّ مدرسة ابْن ولي الدّين بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة يلدرم خَان بِأَرْبَعِينَ الْكل بِمَدِينَة بروسه ثمَّ مدرسة عَليّ باشا بقسطنطينية بِخَمْسِينَ بِوَاسِطَة كَونهَا مَشْرُوطَة لعتقاء الْوَزير الْمَزْبُور واولادهم ثمَّ نقل الى احدى المدرستين المتجاورتين بأدرنه ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى احدى مدارس السُّلْطَان سُلَيْمَان وَهُوَ اول مدرس بهَا على مَا سبق ذكره مرّة ثمَّ قلد قَضَاء حلب بعد مَا قاساه من آلام الْمكْث والتعب وَبعد عدَّة سِنِين رفع عَن القضا وَوَقع مُدَّة فِي غيابة الْحزن والاسى الى ان ساعده بعض الاهالي بالهمم السّنيَّة فنصب قَاضِيا بقسطنطينية المحمية ثمَّ نقل الى قَضَاء العساكر المصنورة فِي ولَايَة روم ايلي المعمورة فَبعد سَبْعَة اشهر اخْتَلَّ امْرَهْ وتراجع شعره فَفَزعَ طَائِر عزه وطار قبل ان يقْضِي الاوطار وَذَلِكَ بالوحشة الْوَاقِعَة بَينه وَبَين الْمولى عَطاء الله معلم السُّلْطَان سليم خَان فتقاعد بوظيفة مثله ثمَّ قلد تدريس دَار الحَدِيث بِمَدِينَة ادرنه وَعين لَهُ كل يَوْم مِائَتَا دِرْهَم ثمَّ تَركه وَعَاد الى قسطنطينية وَفِي اثنائه جلس السُّلْطَان مرادخان على سَرِير السلطنة فاعاد المرحوم الى قَضَاء الْعَسْكَر بِالْولَايَةِ المزبورة لما سمع فِيهِ من الْفَضِيلَة الباهرة والصلابة الدِّينِيَّة الظَّاهِرَة فَعَاشَ مُدَّة فِي كنف الْعِزّ وَالسُّلْطَان شامخ الانف سامي الْمَكَان نَافِذ القَوْل فِي الْجَلِيل والحقير جاري الحكم فِي الْكَبِير وَالصَّغِير الى ان قلد الْفَتْوَى بدار السلطنة السّنيَّة بقسطنطينية المحمية فدام على الافتاء والدرس الى ان افضت بِهِ الْمنية الى الرمس وَذَلِكَ فِي آخر الربيعين سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَدفن بِالْمَكَانِ الَّذِي عنيه دَاخل الْبَلدة قَرِيبا من جَامع السُّلْطَان مُحَمَّد خَان حفه الله تَعَالَى بِأَسْتَارِ الرَّحْمَة والغفران كَانَ المرحوم من الجهابذة القروم طالما جال فِي ميدان الْفَضَائِل فبرز وأحرز زمن قصبات السَّبق فِي مضماره مَا احرز افحم من عَارضه بشقاشقه الهادرة وارغم من عاناه بحقائق النادرة كثير الاعتناء بدرسه دَائِم الِاشْتِغَال فِي

ومنهم العالم الامجد مولانا احمد المشهور بمظلوم ملك

يَوْمه وامسه رفيع الْقدر شَدِيد الْبَأْس عَزِيز النَّفس يهابه النَّاس لَهُ شرح الْهِدَايَة من اول كتاب الْوكَالَة الى آخر الْكتاب وحاشية على الشَّرْح الشريفي للمفتاح من اوله الى آخر الْفَنّ الثَّانِي وحاشية على اول صدر الشَّرِيعَة وحاشية التَّجْرِيد من بحث الْمَاهِيّة ورسائل على مَوَاضِع اخر وَقد كَانَ رَحمَه الله ايام قَضَائِهِ بالعسكر ثَانِيًا سَببا لسن سنة جميلَة حَسَنَة جليلة وَهُوَ تَقْدِيم قُضَاة الْعَسْكَر على غير الوزراء وأمير الامراء فِي الولايتين فَقَط وَكَانَ قبل ذَلِك يتَقَدَّم عَلَيْهِم كل من كَانَ امير الامراء فِي الممالك وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رَحمَه الله عين الاعيان وقدوة الزَّمَان وَفَارِس الميدان غير ان فِيهِ من التهور المفرط والحدة مَا زَاد على الْمُعْتَاد ستره الله تَعَالَى بفضله يَوْم التناد وَمِنْهُم الْعَالم الامجد مَوْلَانَا احْمَد الْمَشْهُور بمظلوم ملك كَانَ رَحمَه الله من ملازمي الْمولى جَعْفَر من جملَة الصُّدُور فِي الدولة السليمانية ودرس اولا بمدرسة إِبْرَاهِيم باشا بِعشْرين ثمَّ مدرسة ابْن باباس بِخَمْسَة وَعشْرين وكلتاهما بقسطنطينية ثمَّ مدرسة امير سُلْطَان فِي بروسه بِثَلَاثِينَ ثمَّ مدرسة وَالِده الامير عُثْمَان شاه كلتاهما بقسطنطينية ثمَّ نصب معلما لابناء السُّلْطَان سليم خَان فِي الدَّار العامرة فَلَمَّا جلس السُّلْطَان مرادخان على سَرِير السلطنة وَقتل مخاديمه على مَا هُوَ الْعَادة السُّلْطَانِيَّة من زمن السُّلْطَان مُحَمَّد خَان فاتح قسطنطينية المحمية بَقِي المرحوم بُرْهَة من الزَّمَان فِي الذل والهوان مبتلى بالهموم والاحزان ثمَّ قلد قَضَاء بَيت الْمُقَدّس ثمَّ نقل الى قَضَاء الْمَدِينَة المنورة ثمَّ الى قَضَاء مَكَّة المشرفة ثمَّ عزل عَنهُ وَجَاء الى قسطنطينية فَلم يلبث فِي هَذِه الحظيرة الا مُدَّة يسيرَة وانتقل الى رَحْمَة ربه الْكَثِيرَة وَذَلِكَ سنة تسع وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما عَاملا فصيحا حازما جيد العقيدة صَاحب الاخلاق الحميدة مَعَ كَمَال السكينَة وَالْوَقار والاتعاظ وَالِاعْتِبَار عَامله الله تَعَالَى بِلُطْفِهِ فِي دَار الْقَرار وَمن سلالة ارباب الْمجد والجدود عبد الواسع بن مُحَمَّد بن الْمولى ابي السُّعُود نَشأ رَحمَه الله مَنْظُور انظار جده الْعَالِيَة فظفر من الْمَعَالِي بِمَا لَا يُمكن تَحْصِيله

وممن خاض في غمار عباب الحقائق على غرر خصائص الدقائق المولى محمد بن نور الله المشتهر باخي زاده

بالأثمان الغالية ودرس اولا بمدرسة مَحْمُود باشا لَا بسعيه وجده بل تَشْرِيفًا لجَانب جده ثمَّ نقل الى مدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد خَان بجوار ابي ايوب الانصاري عَلَيْهِ رَحْمَة الْملك الْبَارِي ثمَّ احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ مدرسة السُّلْطَان سليم خَان بقسطنطينية المحمية ثمَّ الى احدى الْمدَارِس السليمانية ثمَّ الى مدرسة السُّلْطَان سليم خَان بِمَدِينَة أدرنه توفّي بهَا سنة تسعين وَتِسْعمِائَة كَانَ المرحوم مشاركا فِي الْعُلُوم ذَا عقل سليم وذهن مُسْتَقِيم حسن الاخلاق طيب الاعراق كثير التلطف مطروح التَّكَلُّف كتب الْخط الْحسن النَّادِر الْجَمِيل عَامله الله تَعَالَى بِلُطْفِهِ الجزيل وَمِمَّنْ خَاضَ فِي غمار عباب الْحَقَائِق على غرر خَصَائِص الدقائق الْمولى مُحَمَّد بن نور الله المشتهر باخي زَاده كَانَ ابوه الْمَزْبُور من الْقُضَاة الْحَاكِمين فِي القصبات وَالنِّسْبَة المزبورة الى جده من جِهَة امهِ الْمولى اخي يُوسُف التوقاتي محشي صدر الشَّرِيعَة نَشأ رَحمَه الله مشيد لاركان حقائق الْمعَانِي ومعمرا لبنيان دقائق المباني الى ان تدرج مراقي الْمَعَالِي والمآثر وتطلع الى ذرا الْفَضَائِل والمفاخر وَصَاحب الاخيار ولازم الْكِبَار الى ان سحب اذيال الْمجد والفخار قرا مُدَّة على الْمولى شمس الدّين الْمَعْرُوف بعرب جلبي فَحصل عِنْده مَا حصل وَبلغ مبلغ الكمل ثمَّ تحرّك على الْوَجْه الْمَعْهُود وَالسّنَن الْمَوْجُود ثمَّ قَرَأَ على الْمولى عبد الباقي وَهُوَ فِي احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ على الْمولى اُحْدُ صُدُور هَذَا الزَّمَان ثمَّ صَار ملازما من الْمولى خير الدّين معلم السُّلْطَان سُلَيْمَان ثمَّ درس بمدرسة بري باشا بسلوري بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة الْجَامِع الْعَتِيق بِمَدِينَة ادرنه بِثَلَاثِينَ وَلما بنى الْوَزير الكبيررستم باشا مدرسته الكائنة بقصبة خَيره بولِي نقل المرحوم اليها بِأَرْبَعِينَ لامتيازه بفضيلته التَّامَّة عندالخاصة والعامة ثمَّ قلد مدرسة خير الدّين باشا بِظَاهِر قسطنطينية المحمية فِي الْموضع الْمَعْرُوف ببشك طاش بِخَمْسِينَ ثمَّ عزل ثمَّ قلد مدرسة سُلَيْمَان باشا بأزنيق ثمَّ نقل الى احدى الْمدَارِس الثمان ثمَّ الى مدرسة السُّلْطَان

وممن ارتقى بعض المدارج العليا ونزل عنها قبل وصوله الى الغاية القصوى المولى شمس الدين احمد المعروف بالعزمي

مُحَمَّد بن السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان ثمَّ قلد قَضَاء حلب ثمَّ نقل الى قَضَاء بروسه ثمَّ الى قَضَاء ادرنه ثمَّ صَار قَاضِيا بالعساكر المنصورة بِولَايَة اناطولي المعمورة ثمَّ تقاعد عَنهُ بوظيفة مثله ثمَّ قلد تدريس دَار الحَدِيث السليمانية وَزيد على وظيفته سِتُّونَ درهما فدام فِيهَا على الدَّرْس والافادة فِي الازمنة الْمَعْهُودَة والايام الْمُعْتَادَة الى ان درج الى رَحْمَة الله تَعَالَى فِي آخر ذِي الْقعدَة سنة تسعين وَتِسْعمِائَة كَانَ المرحوم بحرا من بحار الْعُلُوم يقذف للقريب من جَوَاهِر معارفه عجائبا وَيبْعَث للغريب من طماطم فضائله سحائبا فتح بمفاتيح انظاره الدقيقة مغالق المعضلات وَحل بخاطره الْيَقظَان وفكره العجيب الشان عقدالمشكلات وَكَانَ رَحمَه الله عديم النظير فِي سرعَة الانتقاد وَحسن التَّقْرِير صَاحب ذهن متقد كشعلة نَار واثبا على الْخُصُوم كطالب ثار مَعَ كَمَال ادب وسكينة ووقار وَكَانَ رَحمَه الله مربيا للْعُلَمَاء ومحبا للمشايخ والصلحاء لذيذ الصُّحْبَة حُلْو المقاربة حسن السمت لطيف المجاوبة وَبِالْجُمْلَةِ كَانَ رَحمَه الله انْظُر اهل زَمَانه وَفَارِس مدانه والمقدم على اقرانه عَامله الله بمزيد احسانه وَمِمَّنْ ارْتقى بعض المدارج الْعليا وَنزل عَنْهَا قبل وُصُوله الى الْغَايَة القصوى الْمولى شمس الدّين احْمَد الْمَعْرُوف بالعزمي كَانَ ابوه من جملَة من يخْدم الاموال الاميرية ويضبط المقاطعات السُّلْطَانِيَّة وَقد ولد رَحمَه الله فِي دَار السلطنة السّنيَّة قسطنطينية المحمية وَنَشَأ فِي صُحْبَة الاكابر الْعِظَام ومجلس الافاضل الفخام غائصا فِي بحار فضائلهم الذاخرة وملتقطا من دُرَر معارفهم الفاخرة فَبعد مَا تحرّك فِي ميدان الاستفادة صَار ملازما من الْمولى عَلَاء الدّين الحناوي بطرِيق الاعادة ودرس اولا بمدرسة رستم باشاببلدة روسجق بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ صَار وظيفته فِيهَا ثَلَاثِينَ ثمَّ بِالْمَدْرَسَةِ الافضلية بقسطنطينية المحمية باربعين ثمَّ مدرسة سِنَان باشا ببشك طاش بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل الى احدى المدرستين المتجاورتين بادرنه ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان وَمِنْهَا ارسل الى تفتيش جَزِيرَة قبرس فَلَمَّا عَاد عَنْهَا نقل الى احدى الْمدَارِس السليمانية فَلَمَّا

وممن انتظم في سلك هؤلاء السادة المولى محمد ابن المعروف بصاروكرز اوغلي زاده

توفّي معلم السُّلْطَان مُحَمَّد ابْن السُّلْطَان مرادخان نصب مَكَانَهُ فخدم مُدَّة فِي الدَّار العامرة بِالنعَم الجليلة والحشمة الوافرة وَفِي زَمَنه رفع السُّور الْمُبَارك الميمون وَشرف مخدومه سنة الرَّسُول الامين الْمَأْمُون فَبلغ مبلغ الاجلال والاكرام وتدرح مدارج التفخيم والاحترام وَفِي اثنائه الم بساحته الْمنون وَتُوفِّي بِمَرَض الطَّاعُون سنة تسعين وَتِسْعمِائَة كَانَ المرحوم مشاركا فِي بعض الْعُلُوم ذَا حَظّ من المعارف وَيَد فِي اللطائف حَلِيم النَّفس حسن الْمُجَاورَة سليم الطَّبْع حُلْو المحاورة مائلا الى صُحْبَة الخلان ومعاشرة الاخوان من ذَوي الْعرْفَان وَله كتاب تركي يشْتَمل على نكات لَطِيفَة وأشعار تركية مَقْبُولَة عِنْد اهاليها وَمِمَّنْ انتظم فِي سلك هَؤُلَاءِ السَّادة الْمولى مُحَمَّد ابْن الْمَعْرُوف بصاروكرز اوغلي زَاده كَانَ ابوه من الْقُضَاة فِي القصبات وَالنِّسْبَة المزبورة الى جده من جِهَة ابيه نَشأ رَحمَه الله فِي مجَالِس الافاضل الاكارم ومحافل الاماثل الاعاظم مغترفا من حِيَاض معارفهم ومتأنقا فِي رياض لطائفهم وملا صَار ملازما من الْمولى ابي السُّعُود درس بمدرسة يحيى جلبي بالموضع الْمَنْسُوب اليه من نواحي قسطنطينية المحمية ثمَّ مدرسة حاجي خاتون بِخَمْسَة وَعشْرين ثمَّ مدرسة عبد السلام بالموضع الْمَعْرُوف بكوجك جكمجه بِثَلَاثِينَ ثمَّ الْمدرسَة الْمَعْرُوفَة بقبلوجه باربعين فِي بروسه ثمَّ مدرسة دَاوُد باشا بقسطنطينية بِخَمْسِينَ ثمَّ نقل عَنْهَا الى احدى المدرستين المتجاورتين بادرنه ثمَّ الى احدى الْمدَارِس الثمان فَقبل ان يدرس بهَا نقل الى مدرسة السُّلْطَان مُحَمَّد ابْن السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان بستين ثمَّ نقل الى احدى مدارس المرحوم السُّلْطَان سُلَيْمَان خَان ثمَّ نقل الى مدرسة السُّلْطَان سليم خَان الجديدة بسبعين ثمَّ قلد قَضَاء الْمَدِينَة المنورة فتعلل الْقبُول والذهاب وتشبث بذيل الاسباب وَلم يقصر فِي السَّعْي والاهتمام راجيا من مَضْمُون قَوْلهم الابرام يحصل المرام فَبعد بذل وتعب بدله بِقَضَاء حلب الا ان ذَلِك لم يُبَارك لَهُ فَلم يُثمر النصب الا الصنب فبعدعدة اشهر من مُبَاشَرَته الْقَضَاء نزل عَلَيْهِ الْقَضَاء وَذَلِكَ سنة تسع وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ رَحمَه الله عَالما عَاملا فَاضلا كَامِلا حَلِيمًا سليما لطيفا

وقال في اثناء التوصيف الا وهو من عجائب الافاق وغرائب الاتفاق التي قلما توجد في بطون الاوراق وهو شاب حسن ذو بلاغة ولسن له قد كامل ولطف شامل فكان يشار اليه بالانامل صبيح الجبهة فصيح اللهجة جميل الخد محاسنه خارجة عن الحد اعتلى على منابر الاصابع خطيبا

نظيفا وقورا صبورا مهتما بدرسه مشتغلا بِنَفسِهِ لَهُ تَعْلِيق على كتاب الصَّوْم من الْهِدَايَة وحواش على الْمِفْتَاح من القانون الاول الى آخر بحث الِاسْتِعَارَة وحواش على الهيات شرح المواقف وَله رِسَالَة فِي صف الْقَلَم اولها ... لَك الحمديا من انطق النُّون والقلم ... فأوصافه جلت عَن النَّقْص والعدم واضحك من ثغر طروسا بصنعه ... وابكى بهَا عين اليراع من السقم صَلَاة وَتَسْلِيم على الرَّوْضَة الَّتِي ... تعطر من انفاسها الْمسك والشمم لقد انت الاقلام شوفا بنانه ... على ايد كتاب من الْعَرَب والعجم ... وَقَالَ فِي اثناء التوصيف الا وَهُوَ من عجائب الافاق وغرائب الِاتِّفَاق الَّتِي قَلما تُوجد فِي بطُون الاوراق وَهُوَ شَاب حسن ذُو بلاغة ولسن لَهُ قد كَامِل ولطف شَامِل فَكَانَ يشار اليه بالانامل صبيح الْجَبْهَة فصيح اللهجة جميل الخد محاسنه خَارِجَة عَن الْحَد اعتلى على مَنَابِر الاصابع خَطِيبًا واطلق لِسَانه فِي ميادين الطروس اديبا فَكَأَنَّهُ رَبِّي بلبان الْبَيَان صَغِيرا ونظم عقودالمعاني فحسبناها لؤلؤا منثورا نَبِي كَامِل الشيم نَاسخ كتب الامم آدم تلقى من ربه كَلِمَات وَهُوَ وليه يُخرجهُ من الظُّلُمَات اَوْ ذُو النُّون التقمه حوت فَمه مَفْتُوح فنبذ بالعراء فَهُوَ سقيم اَوْ ايوب يصبر على الدُّود وَهُوَ مَجْرُوح مَعَ انه على خدمَة باريه مُقيم اَوْ يسوف ارسل مَعَ اخوته يرتع ويلعب وَقد القي فِي غيابة الْجب فياله من عجب نحرير قَادر على التجرير وَسَنَد كَامِل فِي التَّعْبِير اضنى جسده كسالك مرتاض وافنى عمره فِي خدمَة الْبَارِي والى امْرَهْ رَاض وَمِمَّنْ انْقَطع فِي الطَّرِيق عَن القرين والرفيق الْمولى خضر بيك ابْن عبد الكريم القَاضِي كَانَ ابوه رَحمَه الله جلالا المسطور فِي الشقائق النعمانية وَولد رَحمَه الله بقسطنطينية المحمية وَنَشَأ فِي خدمَة الافاضل الاكارم وصحبة الاماجد الافاخم وَقَرَأَ على فضلاء عصره واوانه وعلماء دهره وزمانه وتشرف مِنْهُم بالاستفادة حَتَّى صَار ملازما من الْمولى احْمَد المشتهر بمعلم زَاده ودرس اولا بمدرسة جده الْمُفْتِي احْمَد باشا بمحروسة بروسه بِعشْرين ثمَّ صَار وظيفته فِيهَا خمْسا وَعشْرين

ثمَّ بهَا ثَانِيًا بِثَلَاثِينَ ثمَّ بمدرسة ستي خاتون بقسطنطينية المحمية باربعين ثمَّ مدرسة اغا بِالْمَدِينَةِ المزبورة بِخَمْسِينَ ثمَّ عزل عَنْهَا وقلد الْمدرسَة الْمَعْرُوفَة بمناستر بمحروسة بروسه وَتُوفِّي مدرسا بهَا سنة تسع وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة كَانَ المرحوم من الغائصين فِي بحار الْعُلُوم على غرر دُرَر دقائق الفهوم مكبا على الِاشْتِغَال غير انه لَا يَخْلُو عَن القيل والقال مُطلق اللِّسَان فِي السّلف ومزدريا بشان الْخلف مَعَ غَايَة الاعجاب بِنَفسِهِ عَفا الله تَعَالَى عَنهُ بِلُطْفِهِ فِي رمسه كَانَ لَهُ اخ اكبر مِنْهُ يُسمى مُحَمَّدًا ملقبا بزلف نكار من ملازمي الْمولى جَعْفَر الْمَار ذكره فِي هَذِه الجريدة انْتقل مدرسا بمدرسة خواجه خير الدّين بقسطنطينية المحمية بِخَمْسَة وَعشْرين وَله حواش مَقْبُولَة على حَاشِيَة التَّجْرِيد للشريف ورسالة اخرى فِي علم الْفِقْه اول كتاب الْعتاق من الْهِدَايَة ورسالة اخرى فِي علم الْمعَانِي وَغَيره وَكَانَ رَحمَه الله عَالما عَاملا فَاضلا كَامِلا اديبا لبيبا دينا وقورا خيرا صبورا مشتهرا بالفضيلة التَّامَّة مَقْبُولًا عِنْد الْخَاصَّة والعامة انْتقل رَحمَه الله تَعَالَى سنة ارْبَعْ وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة

§1/1