الشفاعة في الحديث النبوي

عبد القادر المحمدي

الشفاعة في الحديث النبوي -دراسة وتخريج تأليف الدكتورعبد القادر مصطفى عبد الرزاق المحمدي أستاذ الحديث النبوي في الجامعة الإسلامية -بغداد

أصل هذا الكتاب رسالة ماجستير قدمت إلى الجامعة الإسلامية في بغداد المحروسة عام 1998م، ونالت درجة الإمتياز.

بسم الله الرحمن الرحيم الإهداء إلى صاحب الشفاعة العظمى والمقام المحمود رسول الله ... - صلى الله عليه وسلم -. والى الذين - رضي الله عنه - ورضوا عنه "السابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان". ثم إلى ... والدتي الحبيبة التي أعطت وبذلت، وضحت وما بخلت. لكم جميعاً أهدي هذه الثمرة.

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي بيده ملكوت السموات والارض، الذي يجير ولا يجار عليه، الحمد لله "الأول والاخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم" (¬1)، "الخالق البارىء المصور له الاسماء الحسنى يسبح له ما في السموات والارض وهو العزيز الحكيم" (¬2). ربنا لك الحمد والنعماء لما جعلتنا من خير أمة واتباعا لسيد الأنبياء والمرسلين وبعد. فإن لموضوع "اليوم الاخر" في حياة المسلم، وفي عقيدة المسلم المكان العظيم فهو حجر الزاوية في العقيدة الاسلامية، وقد اولى القرآن الكريم هذا الركن -"ليوم الاخر"- اهتماما كبيرا. وفي الأعم الأغلب ياتي ذكر اليوم الاخر عقب الإيمان بالله تعالى فمثلاً ((ولكن البر من آمن بالله واليوم الاخر)) (¬3) و ((ذلك يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الاخر)) (¬4). و"الشفاعة" هي من ابحاث اليوم الاخر، وتنبعث اهمية الشفاعة من اهمية "الإيمان باليوم الاخر". ولقد حظي موضوع "الشفاعة" باهتمام العلماء -سلفا وخلفا- فحرروا فيه وبحثوا بحثا جيدا، ورغم الاختلاف الواضح بين الفرق الاسلامية فيها، إلا انهم متفقون على اصل الشفاعة يوم القيامة وذلك لانه مقرر في القرآن الكريم. فقد ثبتت فيه منطوقا ومفهوما وخاصة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ومن تلك الايات:- ((ولسوف يعطيك ربك فترضى)) (¬5)، وقوله ((عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا)) (¬6). وتفسير المقام المحمود بالشفاعة ثابت في الصحيحين وغيرهما (¬7). وقال تعالى: ((من ذا الذي يشفع عنده إلا باذنه)) (¬8)، و ((يومئذ لا ¬

(¬1) الحديد/3. (¬2) الحشر/24. (¬3) اابقرة/117. (¬4) البقرة/232. (¬5) الضحى/3. (¬6) الاسراء/79. (¬7) انظر ص46 من بحثنا. (¬8) البقرة/255

تنفع الشفاعة إلا من اذن له الرحمن ورضي له قولا)) (¬1). ومنشأ الخلاف بين تلك الفرق اختلافهم في قبول خبر الواحد ورده، وكل له أدلته. ولما كانت ثمة أمور تتعلق بموضوع الشفاعة غامضة. كثر الجدل حولها حتى بلغ بالكثير من الجهلة التواكل والتسويف حتى تركوا العمل لفهمهم الخاطئ لمفهوم الشفاعة فيفهمون مثلا قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((شفاعتي لاهل الكبائر من امتي)) (¬2)، انه مهما عصى فإنه لن يدخل النار لان النبي - صلى الله عليه وسلم - سيشفع له؟!!. ومثل ذلك في قوله ((لكل أمة عذاب في الآخرة إلا امتي جعل الله عذابها بين ايديها .. )) (¬3). وفي المقابل فإنه لا شفاعة لصاحب كبيرةٍ يوم القيامة، بل إن فاعل الكبيرة الذي مات مصراً عليها هو كافر خالداً في جهنم يلوون النصوص حسب أهواءهم. فمن هنا كان من الضروري جداً وضع النقاط على الحروف وبيان الحق. ولا أقول أنني لم أسبق في هذا الأمر -أبداً- وإنما إعادة لتلك المعلومات وصياغتها بصيغة جديدة ليس إلا. سوى بعض المسائل التي هي إجتهاد معرض للقبول أو الرد. وأما خطتي فكانت على النحو الاتي: قسمت الرسالة على بابين، فكان الباب الأول: دراسة احاديث الشفاعة دراسة موضوعية، وجعلته فصلين: الفصل الأول: بينت فيه مفهوم الشفاعة وفيه سبعة مباحث: 1 - تعريف الشفاعة لغة واصطلاحا. 2 - أدلة الشفاعة من النقل والعقل. 3 - أقسام الشفاعة. 4 - شروط الشفاعة. 5 - مواضع الشفاعة. 6 - حكمة الشفاعة. 7 - مناقشة منكري الشفاعة. ¬

(¬1) طه/109 (¬2) انظر تخريجه برقم (58). (¬3) انظر تخريجه برقم (114).

والفصل الثاني: بينت فيه أنواع الشفاعة، وفيه مبحثان: المبحث الأول: شفاعة الأعيان وتحته مطالب عدة. 1 - شفاعة الأنبياء عليهم السلام. وفيه مسألتان: المسألة الاولى: شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتحته أنواع. المسألة الثانية: شفاعة بقية الأنبياء عليهم السلام. 2 - شفاعة الملائكة عليهم السلام. 3 - شفاعة الشهداء. 4 - شفاعة المؤمنين. 5 - شفاعة الزمن. 6 - الشفاعة الالهية. المبحث الثاني: بينت فيه شفاعة الأعمال وتحته سبعة (*) مطالب: الأول: فيه شفاعة كلمة التوحيد، والثاني: شفاعة الانتماء إلى أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -. والثالث: شفاعة القران والصيام، والرابع: شفاعة دعاء الوسيلة عقب الاذان. والخامس: شفاعة شهود بعض الوقائع، والسادس: شفاعة الصبر على الشدائد وتحته أنواع: 1 - شفاعة الصبر على لأواء المدينة المنورة وشدتها. 2 - شفاعة الصبر على تربية الاناث. 3 - شفاعة الصبر على موت الاولاد. 4 - شفاعة الصبر على بعض الامراض. والباب الثاني تخريج الأحاديث وقد رقمت الأحاديث ترقيما عدديا 1،2،3 ... . وراعيت تقديم الحديث الصحيح اولا ثم اردفته بالشواهد الحسنة ثم الضعيفة، وراعيت ايضا اولية الباب في الدراسة فكان كل باب في الدراسة امامه ما يقابله من الأحاديث في الباب الثاني التخريج بنفس الترتيب -تقريبا-. ثم ذكرت خلاصة البحث وأهم النتائج. وفي الملحق ترجمت لبعض الأعلام وبعض الفرق ممن تدعو الحاجة الى ترجمتهم. ¬

(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: الصواب (ستة مطالب) وهو خطأ مطبعي كما أفادنا بذلك المؤلف حفظه الله

وكان منهج العمل في البحث على النحو الآتي: إنه لما كان بحثي ذا بابين "دراسة موضوعية، وتخريج حديثي نقدي" فكان هناك منهجا عاما -لكلا البابين- ومنهجا خاصا لكل باب. أولا: المنهج العام:- لما كان موضوع البحث "الشفاعة في الحديث النبوي، دراسة وتخريج" فانه كان لزاما علي ان اقوم باستقصاء كل الأحاديث التي تتعلق بالشفاعة، سواء صرحت بلفظها أم تضمنت معناها، وسواء اكانت شفاعة دنيوية أم شفاعة أخروية، وسواء أكانت الأحاديث في الكتب والمصنفات والمسانيد المطبوعة أم المخطوطة، المتوفرة بين ايدينا ام تلك الموجودة خارج البلاد. وهذا مما لا يقدر عليه أحد إلا ذو حظ عظيم!! لذا فإني قمت بالخطوات الآتية:- أولا: قصرت الموضوع على "الشفاعة الأخروية" فخرجت بهذا القيد شفاعة الدنيا وأبقيت العنوان على إطلاقه لأن المتعارف عليه في لفظة الشفاعة إذا أطلقت اريد بها الأخروية. ثانيا: حددت الأحاديث بما هو موجود في الكتب المطبوعة من أمهات المصادر الحديثية "المصنفات، المسانيد ... " (¬1) .. فكانت على قسمين:- القسم الأول: ما جاءت مصرحة بلفظة "شفع" أو مشتقاتها، فانني استقصيتها من تلك المصادر بشكل تام أو قريب من التام. القسم الثاني: ما جاءت متضمنة معنى الشفاعة فقط فإننا أخذنا بعض الأحاديث كأمثلة. ثانيا: منهج الباب الثاني (التخريج): لقد قدمت منهج التخريج -الباب الثاني- على الأول هنا وذلك لأنه لا يمكن دراسة الأحاديث والاعتماد عليها قبل تحرير الحكم فيها (¬2) فكان علي أولا تخريج ¬

(¬1) كما سنذكرها في منهج التخريج لاحقا (¬2) هذا فيما خلا الصحيحين

الأحاديث ثم بيان صحيحها من ضعيفها. وكانت الأحاديث الصحيحة في باب التخريج 95 حديثا، والحسنة 20 حديثا والضعيفة 60 حديثا. وهذا لا يعني انني استوعبت كل الأحاديث ولم يفتني منها شيء، -ابدا- وانما حاولت ذلك بما اوتيت من معرفة وجهد، ويشفع لي انني استنفذت كل قواي في ذلك -والله يعلم-. وكانت خطواتي في تخريج الحديث كالاتي:- الخطوة الاولى:- وهي معرفة مظان الحديث واماكنه في المصنفات فاعتمدت في ذلك على الجامع الصغير للحافظ السيوطي، والمعاجم التي صنفت على الاحرف كالمعجم المفهرس لالفاظ الحديث، الذي رتبه مجموعة من المستشرقين وفهارس المسند الجامع لأستاذنا الدكتور بشار عواد معروف، ومجموعة من طلبة العلم ومفتاح كنوز السنة لمحمد فؤاد عبد الباقي. الخطوة الثانية:- جمع طرق الحديث من مظانه الاصلية وهي "مسند الطيالسي، ومصنف عبد الرزاق، ومسند الحميدي، ومسند الإمام احمد بن حنبل، ومسند عبد بن حميد، والكتب الستة، والادب المفرد للبخاري، والسنن الصغرى، والكبرى، وعمل اليوم واليلة للنسائي، وصحيح ابن خزيمة، ومسند البزار، ومسند أبى يعلى، وصحيح ابن حبان، والمعجم الكبير للطبراني، والمستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري، وشرح السنة للبغوي". وأما الأحاديث التي تضمنت معنى الشفاعة ولم يرد فيها لفظ الشفاعة -أو مشتقاتها- فقد اتيت بالاحاديث الصحيحة كامثلة لكل نوع، وان كنت قد اوردت معها بعض الأحاديث الضعيفة للانتفاع من عللها، أو لان بعض أهل العلم -المحدثين- صححها أو حسنها فاردت بيان العلة والاشارة اليها (¬1). الخطوة الثالثة:- جعلت الحديث عن الصحابي الواحد حديثا واحدا حتى ولو رواه عنه عشرة من التابعين أو اكثر .. وذلك لان جعل حديث كل تابعي حديثا مستقلا ¬

(¬1) انظر حديث (27) مثلا.

يعني ان تكون هذه الرسالة اربعة اضعاف ما عليه الان -تقريبا- وقد جمهرت موارد الحديث عن طريق كل تابعي أو من يقوم مقامه إلى الصحابي من غير تفصيل لمن رواه عن التابعي من اتباع التابعين إلى الشيوخ اصحاب المصنفات، لان ذلك يعني دراسة الرواة والمفاضلة بينهم وهذه الطريقة شاقة وطويلة وان كانت عظيمة النفع (¬1) وان كنت ذكرت مواضع تلك الطرق وتشعباتها في موضعها من تحفة الاشراف والمسند الجامع. الخطوة الرابعة: تحديد موضع التفرد في السند وذلك بالرجوع إلى تحفه الاشراف، والمسند الجامع هذا إذا كان الحديث مما خرج فيها، أما اذا وجدت طرقا اخرى في الكتب التي لم تخرج فيهما كالمصنف، لعبد الرزاق، أو المستدرك، للحاكم، ... الخ. فإنني أجمع الطرق وأضم بعضها إلى بعض، فقد ينتقل موضع التفرد، وقد يتفق معهما. وحينئذ نكون قد حددنا موضع التفرد في الأسانيد وثمرة ذلك هو معرفة المتابعات التامة والقاصرة والمزيد في متصل الأسانيد ومعرفة علل الحديث ... الخ. فإذا كان الحديث مخرجا في صحيح البخاري أو مسلم فأني لا أحكم عليه لأن الأمة أجمعت على صحة ما فيهما على الجملة. الخطوة الخامسة: أما إذا لم يكن الحديث مخرجا فيهما فاقوم بدراسة رجال السند من موضع التفرد فما علاه - دون الصحابي -. فان كان الاسناد ضعيفا اكتفيت بالحكم على الحديث بالضعف، وان كان حسنا أو صحيحا توقفت لانظر إلى الطرق دون موضع التفرد. فأن صح منها طريق واحد إلى موضع التفرد المدار ... فأنني اجزم بصحة الاسناد اليه، والطرق الأخرى بمثابة زيادة اطمئنان. وإن كان فيها طريق حسن وبقية الطرق حسنة أو ضعيفة معتبرة حكمت بصحة الاسناد اليه المدار ... .وأما ان لم يكن فيها طريق صحيح أو حسن بل كانت ضعيفة معتبرة أو فيها حسن ولم يتابع فالإسناد يكون حسنا إلى المدار. فإن صح ما تحت المدار فأنني الاحظ ما فوقه ان كان حسنا يحسن الحديث وان ¬

(¬1) انظر مقدمة جامع الترمذي، للدكتور بشار عواد 1/ 20

كان ما فوقه صحيحا حكمت بصحة الاسناد والخص مامر بالاتي: تحت المدار ... فوق المدار ... الحكم صحيح ... ضعيف ... ضعيف حسن ... صحيح ... حسن ضعيف ... صحيح ... ضعيف حسن ... حسن ... حسن صحيح ... حسن ... حسن صحيح ... صحيح ... صحيح وإنني قد اكتفيت بإثبات دراسة المدار فما علاه في المبيضات من هذه الرسالة ان لم يكن مادون المدار معلولا. أما اذا كان معلولا فأني اثبت وجه الإعلال (¬1). وقد حذفت دراسة كل الرجال والطرق ما دون المدار - ان لم تكن هي علة الحديث - خشية الاطالة والاسهاب، ولان كل تلك الطرق قد جمعت على النحو المطلوب - غالبا - في تحفة الاشراف أو السند الجامع لذا فانني قد احلت القارىء إلى مواضعها هناك. وسأذكر مثالا واحدا اوضح فيه التشعب والاطالة فيما لوابقيت تلك الطرق فمثلا حديث رقم (11) عن انس بن مالك - رضي الله عنه -. فهذا الحديث رواه عن انس اربعة (قتادة السدوسي، ومعبد بن هلال، وعمر بن أبى عمر، وثابت االبناني). فمن طريق قتادة: 1 - أخرجه عبد بن حميد (1187)، والبخاري (7516)، قالا: حدثنا مسلم بن ابراهيم. والبخاري (7410) قال: حدثني معاذ بن فضالة. ومسلم في الإيمان (324) قال: حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا معاذ بن هشام. والنسائي -في الكبرى - تحفة الاشراف ¬

(¬1) انظر حديث (171).

1/ (1357) عن ابراهيم بن الحسن، عن الحارث بن عطية. أربعتهم (مسلم بن إبراهيم، ومعاذ بن فضالة، ومعاذ بن هشام، والحارث بن عطية) عن قتادة السدوسي. 2 - أخرجه احمد 3/ 116 قال: حدثنا يحيى بن سعيد. والبخاري (4476) قال: قال لي خليفة حدثنا يحيى بن زريع. ومسلم في الإيمان (324) قال حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا: حدثنا إبن أبي عدي. وابن ماجة (4312) قال: حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا خالد بن الحارث. والنسائي - في الكبرى- تحفة الاشراف 1/ (1171) عن أبى الاشعث عن خالد أربعتهم (يحيى بن سعيد، ويزيد، وابن أبى عدي، وخالد بن الحارث) عن سعيد بن أبى عروبة. 3 - أخرجه البخاري (6565) قال: حدثنا مسدد. ومسلم في الإيمان (322) قال: حدثنا أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري ومحمد بن عبيد الغبري. ثلاثتهم (مسدد، وابو كامل، والغبري) قالوا حدثنا ابو عوانه. 4 - أخرجه احمد 3/ 244 قال: حدثنا عفان، قال حدثنا همام. واربعتهم (هشام وسعيد وهمام وابو عوانه) عن قتادة به أنظر تحفة الاشراف 1/ (1171، 1357)، والمسند الجامع 3/ (1642). وعن معبد بن هلال: أخرجه البخاري (7510) قال: حدثنا سليمان بن حرب. ومسلم في الإيمان (326) قال: حدثنا ابو الربيع العتكي ح وحدثناه سعيد بن منصور. والنسائي -في الكبرى- تحفة الاشراف 1/ (1599) عن يحيى بن حبيب بن عربي. وإبن خزيمة -في التوحيد- ص299 قال: حدثنا أحمد بن عبدة قال: حدثنا حماد بن زيد. خمستهم (سليمان بن حرب، والعتكي وسعيد ويحيى، وحماد) عن معبد بن هلال العنزي. أنظر تحفة الاشراف 1/ (1559)، والمسند الجامع 3/ (1643). وعن عمرو بن أبى عمرو:

أخرجه احمد 3/ 144 قال: حدثنا يونس. وحدثنا ابو سلم الخزاعي. والدارمي (53) قال: اخبرنا عبد الله بن صالح. والنسائي - في الكبرى - تحفة الاشراف 1/ (1119) عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عن شعيب بن الليث. اربعتهم (يونس، والخزاعي، وابن صالح، وشعيب) عن الليث، قال: حدثني يزيد بن عبد الله بن الهاد عن عمرو بن أبى عمرو. أنظر تحفة الاشراف 1/ 1119، والمسند الجامع 3/ 1644. وعن ثابت البناني: أخرجه احمد 1/ 196 وفي 3/ 247 قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: حدثنا ثابت بنحوه. أنظر المسند الجامع 3/ (1645). كلهم (قتادة ومعبد وعمرو وثابت) عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: الحديث. فهذه الشجرة المتفرعة لها مخرج واحد ... أنس بن مالك - رضي الله عنه - ولما كان هذا التطويل يرهق البحث ويمكن الاسغناء عنه فقد اختصرته.- كما هو مثبت - فأثبت لفظة تابعي واحد وجعلته اصل الحديث، ثم جئت ببقية الطرق عن بقية التابعين متابعات له - وان كان هناك اختلاف في اللفظ - لذا قلت عن الطريق الأصلي به يعني باللفظ نفسه، وعن بقية الطرق بنحوه يعني بنحو اللفظ. المنهج في ترجمة الرجال:- إذا كان الحديث مما خرج في الصحيحين فأني اكتفيت بالترجمة المعرفية للرجال غير المشاهير فالمشاهير لافائدة في ترجمتهم، -وخاصة ونحن لانريد التطويل -. وأما المختلف فيهم فأني تحاشيت الخوض في نقدهم، اذ لافائدة تجنى منه مادام الحديث مخرجا في الصحيحين. فذكرت موضع ترجمتهم في التقريب أو التحرير. وأما اذا كان الحديث خارج الصحيحين فأني نظرت في حال رجال الاسناد فأن كان الرجل متفق على توثيقه كالزهري والسفيانين وامثالهم اكتفيت بالاشارة إلى التقريب لان التقريب يعد خلاصة جهد الاسبقين - وفي الأعم الأغلب أحكامه سديدة -.

وأما في الرجال المتفق على تضعيفهم كعلي بن زيد بن جدعان (¬1)، وحارث الاعور (¬2) فاني اكتفي بهما ايضا - الاماندر-. وأما في الرجال المختلف فيهم كحماد بن سلمة واضرابه فأني ارجع إلى أمهات الكتب كالتاريخ الكبير للبخاري، والجرح والتعديل لابن أبى حاتم، والضعفاء للعقيلي، والثقات والمجروحين لإبن حبان. وتهذيب الكمال للمزي، وتذكرة الحفاظ، والكاشف، وميزان الاعتدال، وديوان الضعفاء، والسير، والعبر للذهبي. وتهذيب التهذيب، ولسان الميزان، وتعجيل المنفعة لابن حجر. والخلاصة للخزرجي. فإذا كانت النتائج التي توصلت إليها موافقة لحكم ابن حجر في التقريب اكتفيت بالتقريب وذكرت اهم المراجع في الهامش. وأن كانت تخالف حكمه فأني ذكرت قول ابن حجر ثم ذكرت وجه الخلاف معه. وحكمت على الرجل - اجتهادا - بماتوصلت اليه بتوفيق من الله. ثم رجعت إلى تحرير التقريب الذي الفه استاذنا الدكتور بشار عواد معروف والشيخ الارنؤوط فأن وافقت حكم التحرير قلت " وقد نص على ذلك صاحبا التحرير " واشرت إلى موضعه. وإن خالفتهما ثبت قولهما بعد قول ابن حجر ثم اشرت إلى وجه الخلاف. ورجحت ما توصلت اليه. الحكم على الحديث وهذه المرحلة أعدها من اصعب مراحل دراستي حيث انني اقف حائرا امام تصحيح حديث ربما هو في حقيقته ضعيف أو العكس. وهي مسالة خطرة جدا فأنت تتعامل مع " دين " تتعامل مع كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -. لذا فإنني كنت أبحث جاهدا عن أحكام الأئمة السالفين كالامام البخاري (¬3)، والترمذي، وابن أبى حاتم، وأمثالهم ممن يصرح بالحكم على الحديث أو في كتب العلل وكتب التخريجات وفي كتب الرجال لعلي اجد حكما يتناسب مع النتائج - الاجتهادية - ¬

(¬1) 1 انظر ترجمته في التقريب (4734). (¬2) 2 انظر ترجمته في التقريب (1029). (¬3) 3 خارج الصحيح.

في هذا الحديث. وأما إن لم أجد ذلك فاني انتقل إلى المشايخ المعاصرين كالشيخ احمد شاكر، أو أستاذنا الدكتور بشار عواد معروف، أو الشيخ الالباني، أو الشيخ الأرنؤوط،، مما هو مطبوع من مؤلفاتهم. وكنت أحكم على الإسناد الذي رجاله ثقات فاقول: إسناده صحيح. وان كان فيه صدوق أو اكثر اقول: اسناده حسن، واذكر سبب التحسين وعلة السند. وان كان فيه ضعيف اقول: اسناده ضعيف واذكر العلة. وإنما أقول "اسناده" لأني لم اتمكن من مراجعة كل مظان الحديث فاحكم على إسناد الحديث بالطرق التي توصلت إليها. ولم أحسن أو اصحح بالشواهد، بل اذكر الشواهد متتالية فان كان في الاسناد رجل لا يصلح للاعتبار بالشواهد والمتابع فأذكر ذلك وإلا فإن الاحاديث التي حكمت على سندها بالضعف قد تكون صحيحة أو حسنة المتن. المنهج في ترتيب المسانيد والمصنفات والصحاح. قد لا يخفى أن هناك اشاكلاً مختلفة في كيفية ترتيب المصادر الحديثية في التخريج فالبعض يرتبها على الوفاة، والآخر على الصحة، والاخر على الصحة اولا ثم الوفاة ... وقد اعتمدت منهج "الوفاة" في كل المصادر سوى الكتب الستة فقد رتبتها على الشكل المعتاد "البخاري، ومسلم، وابو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة". وقد اعتمدت الطبعات المذكورة في قائمة المراجع. فاعتمدت: 1 - "موطا الإمام مالك ت 179 هـ:- اعتمدت رقم الحديث بين قوسين. 2 - "مسند الطيالسي" ت 204هـ: اعتمدت رقم الحديث بين القوسين. 3 - "مصنف عبد الرزاق" ت211هـ: اعتمدت رقم الحديث بين قوسين. 4 - " مسند الحميدي" ت 219 هـ: اعتمدت رقم الحديث بين القوسين. 5 - "مسند الإمام احمد بن حنبل" ت 241 هـ: اعتمدت الجزء والصفحة. 6 - "مسند عبد بن حميد" ت 249 هـ: اعتمدت رقم الحديث بين قوسين.

7 - " مسند الدارمي" ت 255 هـ: اعتمدت رقم الحديث بين قوسين. 8 - "صحيح البخاري" ت 256 هـ: اعتمدت رقم الحديث بين قوسين. 9 - " الادب المفرد للبخاري" ... : اعتمدت رقم الحديث بين قوسين. 10 - "صحيح مسلم" ت 261 هـ: اعتمدت اسم الكتاب ورقم الحديث في كل باب. 11 - "سنن ابن ماجة" ت 275 هـ: اعتمدت رقم الحديث بين قوسين. 12 - "سنن ابي داود" ت 275 هـ: اعتمدت رقم الحديث بين قوسين. 13 - "سنن الترمذي" ت 279هـ: اعتمدت رقم الحديث بين قوسين. 14 - "مسند البزار" ت 292 هـ: اعتمدت رقم الحديث بين قوسين. 15 - "سنن النسائي الصغرى" ت 303 هـ: اعتمدت الجزء والصفحة. 16 - "سنن النسائي الكبرى": اعتمدت رقم الحديث إذا كان في المطبوع ورقم الجزء/رقم الحيث بين قوسين إذا كان في تحفة الاشراف. 17 - "عمل اليوم والليلة للنسائي": اعتمدت رقم الحديث بين قوسين. 18 - "مسند ابي يعلى" ت 307 هـ: اعتمدت رقم الحديث بين قوسين. 19 - "صحيح ابن خزيمة": اعتمدت رقم الحديث بين قوسين. 20 - "التوحيد لابن خزيمة": اعتمدت رقم الصفحة. 21 - "صحيح ابن حبان" ت 360:: اعتمدت رقم الحديث بين قوسين. 22 - "المعجم الكبير للطبراني "ت 360 هـ: اعتمدت رقم الجزء / رقم الحديث بين قوسين. 23 - "المستدرك للحاكم" ت 405 هـ: اعتمدت الجزء والصفحة. 24 - "السنن الكبرى للبيهقي" ت 458 هـ: اعتمدت الجزء والصفحة. 25 - "شرح السنة للبغوي" ت 516 هـ: اعتمدت رقم الحديث بين قوسين. وكنت اختار لفظ البخاري او مسلم ان كان الحديث مخرجا فيهما اما اذا لم يخرج فيهما فكنت اختار لفظ أصح الأسانيد -غالبا -. واما ان كانت الرواية ضعيفة فاني اختار اطول الالفاظ. مع انني كنت اشير الى الاختلاف في الالفاظ اذا كان هذا الاختلاف فيه نفع على تقديري.

أما اذا كان الاختلاف بين الوصل والارسال او الوقف فأني أرجح رواية الاحفظ والاتقن وارى والله اعلم -ان الرواية المرسلة -مثلا- تعل المتصلة اذا كان راوي المرسلة احفظ واضبط. واما قبول زيادة الثقه على اطلاقها فهو كلام فيه نظر (¬1). ملاحظات هامة: 1 - كل رقم بين قوسين فهو رقم الحديث. وما خلا منهما فهو رقم صفحة. 2 - اعتمدت في تحفة الاشراف، والمسند الجامع على الجزء / رقم الحديث بين قوسين. 3 - ذكرت بعض المصادر في التخريج غير المصادر الاصلية المذكورة -سلفا- وانما ذكرت ما وقع لي خلال البحث دون استقصاء فيها او ربما لم يخرج الحديث الا فيها فكنت مضطرا الى ذكرها. وأخيرا: فكل الاحاديث التي حكمت بصحتها او حسنها او ضعفها إنما هي على سبيل الاجتهاد فإن اصبت فمن الله وإن اخطأت فمن نفسي. ثالثا:- منهج الباب الاول: الدراسة الموضوعية:- بعد ان تبين لي من الباب الثاني "تخريج الاحاديث" كانت على انواع ثلاثة: صحيحة، وحسنة، وضعيفة. فاعتمدت الأحاديث الصحيحة في اصل المسائل الرئيسية - في الاغلب - مالم أجد حديثا صحيحا يسعفني فأني بحثت عن حسن - وان كان هوصحيحا لغيره بالشواهد المعتبرة -. واما في الاحاديث الضعيفة فاني لااذكرها الا شواهد للاحاديث الاصول. وقمت بدراسة هذه الاحاديث دراسة واسعة من شروحات الصحاح والمسانيد، ومن كتب العقائد، والرقائق، والتفاسير ..... الخ. فأنتفعت أيما انتفاع من هذه المراجع العظيمة كتفسير الامام الطبري، وتفسير الفخر الرازي، والآلوسي .... وكشرح صحيح الامام مسلم للامام النووي /وشرح صحيح ¬

(¬1) انظرمقدمة جامع الترمذي، تحقيق وتخريج الدكتور بشار 1/ 38.

البخاري للعلامة العسقلاني، والعلامة العيني، والقسطلاني، وكشرح سنن ابي داود المسمى عون المعبود للعظيم ابادي الهندي وعارضة الاحوذي لابن العربي المالكي ..... وغيرها من الشروحات الكثيرة. فكل ما قدمته من نتائج في هذه الرسالة هو"عالة" على اولئك الجهابذة. ولقد عانيت أيما معاناة كيما أحصل على كتاب " الاكمال " للقاضي عياض فهو شرح عظيم لصحيح الإمام مسلم ولكن دون جدوى، فأني كنت انقل ما نسب اليه من شرح مسلم للنووي، او الفتح للعسقلاني وأشر اليهما. فجمعت الاقوال وناقشتها وحاولت الجمع بين المتعارضة منها وتأويل ما يمكن تأويله بما يتناسب وعقيدة المسلمين. وحاولت ابطال بعض الاقوال الفاسدة مثل " تفسير المقام المحمود بالاقعاد على العرش " وغيرها. ثم أقول لقد جاءت الشفاعة في السنة النبوية الصحيحة عن عدة صحابة يبلغون حوالي اكثر من ستة وثلاثين صحابياً فهي متواترة، وأما أنواعها ومفرداتها فبعضها متواتر المعنى وبعضها آحاد مؤيدة بنصوص من القرآن، وبعضها آحاد مجردة. ففي أحاديث الشفاعة اخبار احاد يمكن تحصيل العلم بها اما لتواترها تواتراً معنويا كالشفاعة لاهل الكبائر، واما لموافقتها لاصل في كتاب الله عز وجل كشفاعة المقام المحمود. وثبوت بعض هذه الاحاديث على سبيل القطع لا يعني وجوب الاعتقاد بكل ما ورد فيها من اخبار لان فيها ما لم يصح من جهة السند، وما لم يصح من جهة المتن لمخالفتها الادلة القاطعة -وقد حاولت استيعاب تخريج كل المروريات التي جاءت فيها لفظة "شفع" على سبيل الاستقصاء التام او القريب من التام من امهات الكتب من الكتب الستة، والمسانيد والمصنفات وغيرها، وقمت بتخريج تلك المروريات تخريجاً علمياً نقدياً. بالاعتماد على كتب الرجال والتراجم. وقسمت الاحاديث الى صحيحة، وحسنة، وضعيفة. لذا فالواجب هو الايمان والاعتقاد باصل الشفاعة اما تفصيلاتها ودقائقها فلا يجب ذلك ولايكفر جاحده -والله اعلم-. لأن في بعض هذه التفصيلات اخباراً آحاداً صحت من جهة السند ولم تخالف

قطيعاً ولم تصل التصديق دون الاعتقاد الجازم. وقد يثبت لأحد تواتر مسألة معينة ولم يثبت لغيره تواترها فلا يكفر اذا ما جحدها كانكار المعتزلة النبي - صلى الله عليه وسلم - لاهل الكبائر. وأخيرا: فلا أكون مبالغا إذا قلت إني لمست الرعاية الألهية والتيسير الرباني طوال فترة كتابتي هذا البحث، والذي اعده بحثا اتقرب به إلى الله عز وجل. واي عقبة تقف امامك وانت محاط بالعناية الالهية:- اذا العناية لاحظتك عيونها ... نم فالمخاوف كلهن امان كيف لا أشعر بهذا الشعور وانا اكتب في شفاعة صفوة الخلق، وحبيب الحق أبى القاسم محمد - صلى الله عليه وسلم -. أسال الله العلي القدير أن اكون قد وفقت الى ما هدفت إليه بعون الله ورحمته وإن هفوت فالكمال لله وحده وقد يشفع لي ما بذلته من جهد وما سعيت اليه من قصد، وأسأله أن يقبل هذا العمل المتواضع، وان يجعله سببا لصحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين - صلى الله عليه وسلم -. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الباب الأول دراسة النصوص دراسة موضوعية

الباب الأول دراسة النصوص دراسة موضوعية وتحته فصلان الفصل الأول: مفهوم الشفاعة عند علماء المسلمين الفصل الثاني: أنواع الشفاعة

المبحث الاول تعريف الشفاعة

المبحث الاول تعريف الشفاعة الشفاعة في اللغة: مصدر شفع، يشفع شفاعة، والشَفْع: ما كان من العدد ازواجاً (¬1). والشَفْع: خلاف الوتر، يقول تعالى ((والشفع والوتر)) (¬2). والشفاعة: هي المطالبة بوسيلة أو ذمام (¬3). وعرفها الفخر الرازي بقوله: أنْ ((يستوهب احد لاحد شيئاً، ويطلب له حاجة، ... كأنّ صاحب الحاجة كان فرداً، فصار يشفع له شفعاً، أي صار زوجاً)) (¬4). ومن معاني كلمة ((الشفاعة)) في اللغة:- 1 - الدعاء (¬5): قال تعالى: ((مَنْ ذا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلا بإذنه)) (¬6). 2 - الاعانة: يقال فلان يشفع لي بالعداوة: أي يعين علىّ، ويضادني (¬7). وفي الاصطلاح: عرفها القاضي عبد الجبار بقوله هي: ((مسألة الغير ان ينفع غيره أو يدفع عنه مضرة)) (¬8). وعرفها الراغب الاصبهاني: ((هي الانضمام إلى آخر ناصراً له سائلاً عنه، واكثر ما يستعمل في انضمام من هو أعلى حرمة ومرتبة إلى من هو ادنى)) (¬9). وعرفها إبن الاثير بقوله: ((هي السؤال في التجاوز عن الذنوب والجرائم)) (¬10). ¬

(¬1) انظر لسان العرب، إبن منظور 8/ 184، ومعجم مقاييس اللغة، لأبي الحسن بن فارس 3/ 20. (¬2) الفجر /3. (¬3) انظر مصدر سابق. (¬4) التفسير الكبير 3/ 55 بتصرف يسير، وانظر النهاية في غريب الحديث، إبن الاثير 2/ 485. (¬5) انظر لسان العرب، منظور 8/ 184. (¬6) البقرة /255. (¬7) انظر العين، الفراهيدي 1/ 304، والمفردات في غريب القران، الأصبهاني ص 386. (¬8) شرح الاصول الخمسة ص688. (¬9) المفردات في غريب القران، سبق، وانظر بصائر ذوي التميز، الفيروزابادي 3/ 328. (¬10) النهاية في غريب الحديث والاثر 2/ 485.

وعرفها إبن تيمية بقوله: ((إعانة على خير يحبه الله ورسوله، من نفع من يستحق النفع، ودفع الضر عمن يستحق دفع الضرر عنه)) (¬1).وعرفها الجرجاني بقوله: ((هي السؤال في التجاوز عن الذنوب من الذي وقعت الجناية في حقه)) (¬2). والذي يلاحظ من هذه التعريفات (¬3)، انها مقتصرة على الشفاعة الحسنة، واغفلت السيئة منها. وإلاّ فالشفاعة تكون في فعل الخير، وتكون ايضاً في فعل الشر، يقول تعالى: ((مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصيبٌ مِنْها، ومَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها)) (¬4). ولعل مقصودهم من هذه التعريفات ((الشفاعة الاخروية))، فهي تختص بالحسنة فقط. فالشفاعة الاخروية إذن: هي طلب من الله جل جلاله لنفع محتاج، أو دفع ضرٍ عنه. ¬

(¬1) مجموع الفتاوي 7/ 65. (¬2) التعريفات ص 73. (¬3) لم نجد - بحد اطلاعنا- تعريفات غير هذه أو انها تدور بمعناها. (¬4) النساء /85.

المبحث الثاني أدلة الشفاعة من النقل والعقل

المبحث الثاني أدلة الشفاعة من النقل والعقل أولاً:- أدلة الشفاعة من القرآن الكريم:- تقدم القول بأنّ بحثنا يقتصر على الاحاديث النبوية، الشريفة، ولا يتعرض إلى الآيات القرآنية إلاّ استتشهاداً فقط. فالقران الكريم لا تنقضي عجائبه، لا تنفذ كنوزه، ومجال بحثنا يقصر عن ذلك كثيراً، فهو يتخصص بالاحاديث النبوية فحسب. وعلى الرغم من هذا فاني أرى من المناسب التوقف برهه عند الايات القرانية، على الاجمال لا التفصيل، تبركاً به اولاً، وحتى تكتمل صورة ((الشفاعة)) الاخروية. ومن خلال العرض القراني لايات الشفاعة كانت على النحو الاتي:- اولاً: الايات التي جاءت بلفظة الشفاعة، وهي على اقسام:- أ- الآيات التي حصرت الشفاعة به تعالى، ونفتها عمَنُ سواه، فلا اخ ولا اب ولا حميم مطاع. فالله - جل جلاله-حينما يقول: ((وأنْذِرْ بِهِ الَّذينَ يَخافُونَ أنْ يُحْشَرُوا إلى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيّ وَلا شَفِيعٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُون)) (¬1). فلا ناصر، ولا معين، الا الله -تعالى- ((وذَكِّرْ بِهِ أنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ لَيْسَ لَها مِن دونِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ)). (¬2) وكذا قوله: ((ما لكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أفَلا تَتَذَكَّرُونْ))، (¬3) وقوله: ((قلْ لِلّهِ الشَفَاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَمَواتِ والأرْضِ ثُمَّ إلَيْهِ تُرْجَعُون)). (¬4) فالشفاعة المنفية هنا هي شفاعة الأنداد والاوثان. فقصر الشفاعة في الاخرة على الله -جل جلاله- ((لا ينافي مذهبنا في اثبات الشفاعة للمؤمنين، لأن شفاعة الملائكة للمؤمنين انما تكون باذن الله تعالى لقوله ((مَنْ ذا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُإلا بإذْنِهِ))، ¬

(¬1) الانعام / 51. (¬2) الانعام /70. (¬3) السجدة /4. (¬4) الزمر/44.

(¬1) فلما كانت تلك الشفاعة باذن الله كانت في الحقيقة من الله تعالى)). (¬2) ب- الايات التي تثبت الشفاعة لبعض الخلق وهي مشروطة ((بالاذن والرضى)). قال تعالى ((مَنْ ذا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إلا بإذنِهِ ... )) (¬3)، وقوله: ((ما مِنْ شَفِيعٍ إلا مِنْ بَعْدِ إذْنِهِ ذلِكُمْ الله رَبُّكُمْ فاعبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونْ)) (¬4). وقوله ((يعلمُ ما بينَ أيدِيهِمْ وما خَلْفَهُمْ، ولا يَشْفعُونَ إلاّ لِمَنْ ارْتَضى وهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونْ)) (¬5). وفيه دليل على عزة الجليل وكبريائه وتصرفه (¬6)، فلا يملك احدٌ الشفاعة الا بعد صدور الامر والموافقة من مَلِكِ النّاس إله الناس، يقول جل جلاله ((لا يَملِكُونَ الشفاعةَ إلاّ مَن اتَّخَذَ عنْدَ الرحمن عهداً)) (¬7). والعهد: هو كلمة الشهادة (¬8)، أي لا تنفعهم الشفاعة شفائهم اذا لم يكونوا من اهل التوحيد. يقول الفخر الرازي في تفسير الاية ((دَلَّت الآية على حصول الشفاعة لاهل الكبائر لأنه قال عقيبه ((إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً، والتقدير أن هؤلاء لا يستحقون أنْ يشفع لهم غيرهم الا اذا كانوا قد اتخذوا عند الرحمن عهداً التوحيد والنبوة فوجب أن يكون داخلا تحته .. )) (¬9) ومنها قوله تعالى ((يوْمَئِذٍ لا تَنْفعُ الشَّفاعَةُ إلاّ لِمَنْ أذِنَ لَهُ الرحمنُ ورَضِيَ لَهُ قَوْلاً)) (¬10) أي: لا تنفع الشفاعة كلها إلا شفاعة من اذن له الرحمن، ورضي له قولا (¬11). فكأنه قال: لا تنفع الشفاعة احداً من الخلق إلاّ شخصاً مرضياً - ((وهذه الاية من اقوى الدلائل على ثبوت الشفاعة في حق الفساق لأن قوله ((ورضي له قولاً)) يكفي في صدقه أن يكون الله تعالى قد رضي له قولاً واحداً من اقواله، والفاسق قد ¬

(¬1) البقرة /255. (¬2) التفسير الكبير، الرازي 12/ 233 وانظر العقيدة الاسلامية، محمد عياش ص 293. (¬3) البقرة /255. (¬4) يونس /3. (¬5) الانبياء /28. (¬6) انظر الكشاف، الزمخشري 2/ 328. (¬7) مريم /87. (¬8) انظر الكشاف، 3/ 44 وانظر صفحة 37 من بحثنا هذا. (¬9) التفسير الكبير 21/ 253. (¬10) طه /109. (¬11) انظر الكشاف، 3/ 89.

ارتضى الله تعالى قولاً واحداً من اقواله وهو: شهادة أن لا اله الا الله ... )) (¬1). ومنها قوله تعالى ((لا يملكُ الذين يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشفاعةَ إلاّ مَن شَهِدَ بِالحَقِّ وَهُمْ يَعْمَلُونْ)). (¬2) ومنها قوله تعالى ((وكمْ مِنْ ملكٍ في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً الا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى)). (¬3) ولا وجه للتعارض بين النصوص هذه، فانه ما مِنْ اية الا وهي مرتبطة بنفي متقدم واستثناء عقيب، والاستثناء تخصيص فيكون المنفي من الآيات هي الاصل العام، والاثبات استثناء خاص فيخص العام بالخاص (¬4). جـ- الايات التي تدل على نفي الشفاعة مطلقاً أو في يوم القيامة أو عن طائفة معينة. قال تعالى ((واتّقوا يوْماً لا تجزي نفسٌ عن نفسٍ شيئاً ولا يقبل منها شفاعة ... )) (¬5). وكقوله ((واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ... )) (¬6) وانما اراد الله ((تحذير عن المعاصي واقوى ترغيب في تلافي الانسان ما يكون منه من المعصية بالتوبة لانه إذا تصور انه ليس بعد الموت استدراك ولا شفاعة ولا نصرة، ولا فدية علم انه لا خلاص له الا بالطاعة ... )). (¬7) فالله تعالى قد نفى الشفاعة عن الكافرين، يقول تعالى: ((يا ايها الذين امنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن ياتي يومٌ لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون)). (¬8) فانه تعالى: {لما قال ((ولا خله ولا شفاعة)) أوهم ذلك نفي الخلة والشفاعة مطلقاً فذكر تعالى عقيبة ((والكافرون هم الظالمون)) ليدل على أن ذلك النفي مختص بالكافرين، ¬

(¬1) التفسير الكبير، الرازي 22/ 119. (¬2) الزحرف /86. (¬3) النجم /26. (¬4) انظر العقيدة الاسلامية، محمد عياش ص 295. (¬5) البقرة /48. (¬6) البقرة /123. (¬7) التفسير الكبير، الرازي 3/ 55. (¬8) البقرة /254.

وعلى هذا التقدير تصير الاية دالة على اثبات الشفاعة في حق الفساق}. (¬1) ومنها قوله تعالى: ((وما نرى من شفعاءكم الذين زعمتم انهم فيكم شركاء ... )). (¬2) وقوله عز وجل: ((فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا انفسهم ... )) (¬3). وقوله ((فما لنا من شافعين)). (¬4) فهؤلاء لا شفاعة لهم، ولا ينفعهم شفيع لانهم ليسوا من اهل العهد. (¬5) فهم مشركون بالله، يقول تعالى ((ولم يكن لهم من شركائهم من شفعاء ... )). (¬6) ويقول تعالى ((ام اتخذوا من دون الله شفعاء قل اولو كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون)). (¬7) فالشفاعة كلها بيد الله تعالى والامر كله بيده، وليس لشركائهم من الامر شيئاً. يقول تعالى ((أن يردني الرحمن بضرٍ لا تغني عني شفاعتهم شيئاً)). (¬8) فالكافر، الظالم لنفسه ليس له حميم ولا شفيع: يقول الله تعالى ((ما الظالمين من حميم ولا شفيع يطاع)). (¬9) فالكافر لا يشفع له أحد مهما علتْ رتبته ورقى منزله، سوى النبي - صلى الله عليه وسلم - لمّا شفع لعمه أبي طالب وهي خاصية من خصائصه. (¬10) فالكفار ((فما تنفعهم شفاعة الشافعين)) (¬11). يقول الزمخشري: ((أي لو شفع لهم الشافعون جميعاً من الملائكة والنبيين وغيرهم لم تنفعهم شفاعتهم لان الشفاعة لمن ارتضاه الله وهم مسخوط عليهم، وفيه دليل على انّ الشفاعة تنفع يومئذ ... )). (¬12) واحتج الرازي بالاية على ثبوت الشفاعة للفساق فقال: ((واحتج اصحإبنا على ثبوت الشفاعة للفساق بمدلول هذه الاية وقالوا: أن تخصيص هؤلاء بانهم لا تنفعهم شفاعة الشافعين يدل على انّ غيرهم تنفعهم شفاعة الشافعين)). (¬13) ¬

(¬1) التفسير الكبير، 6/ 207. (¬2) الانعام /94. (¬3) الاعراف/53. (¬4) الشعراء/100. (¬5) انظر صفحة 37 من بحثنا هذا. (¬6) الروم /13. (¬7) الزمر/43. (¬8) يس/23. (¬9) غافر/18. (¬10) انظر صفحة 76 من بحثنا. (¬11) المدثر /14. (¬12) الكشاف 4/ 655. (¬13) التفسير الكبير 3/ 211.

د- الايات التي صرحت بإثبات الشفاعة في الدنيا أو الاخرة. يقول تعالى: ((من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها)). (¬1) ومقتضاها: انه من يسعى في امرٍ فيترتب عليه خيرٌ كان له نصيب من ذلك ومن يشفع شفاعة سيئة يترتب عليه وزر من ذلك الامر الذي ترتب عليه سعيه ونيته. (¬2) ثانياً:- الآيات التي اشتملت على معنى الشفاعة ((ضمناً)) وهي على قسمين: قسم ينفي الشفاعة كقوله تعالى: ((والذين اتخذوا من دونه اولياء ما نعبدهم إلاّ ليقربونا إلى الله زلفى أن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هم كاذب كفار)) (¬3). وهذا النفي هو عن الكافرين كما مر معنا في الايات السابقة. وقسم يثبت شفاعة الشافعين كقوله تعالى: ((عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً)) (¬4)، وقد ذهب جمهور المفسرين كالطبري (¬5) والزمخشري (¬6)، والرازي (¬7)، والسيوطي (¬8)، وغيرهم (¬9). إلى انّ مراد الاية أن المقام المحمود هو الشفاعة كما سنبينه في موضعه (¬10). ومنها قوله تعالى ((ولسوف يعطيك ربك فترضى)). (¬11) والملاحظ في ايات الشفاعة: انّ القران الكريم عرض موضوع الشفاعة، عرضاً عاماً فلم يبين لنا اصناف الشفعاء، ولا اصناف المُشّفع لهم بصورة مفصلة. لذا فقد يسأل سائل ويقول: في أي نوع من الذنوب تكون الشفاعة؟ وما هي أنواع الشفاعة؟ ومن هم الشفعاء؟. ¬

(¬1) النساء/85. (¬2) انظر تفسير القران العظيم، إبن كثير 1/ 503. (¬3) الزمر/3. (¬4) الاسراء/79. (¬5) جامع البيان 9/ 140. (¬6) الكشاف 2/ 687. (¬7) التفسير الكبير 21/ 32. (¬8) الدر المنثور 5/ 325. (¬9) انظر صفحة 47 من بحثنا هذا. (¬10) انظر صفحة 46 من بحثنا. (¬11) الضحى /5.

ثانيا: دليل الشفاعة عقلا:-

فنقول: القران قد يعرض المسائل بشكل مجمل، لاهداف مقصودة وعرض ايات الشفاعة بهذا الشكل لهدف مقصود فالذي يظهر أن القران الكريم ((اراد من عبده الاحجار أن يفكروا أن هذه الاحجار لن تنفعهم في الدنيا ولن تنفعهم في الاخرة، واراد من المؤمنين أن يعملوا ويجدوا فالاصل: أن لا شفاعة، بل ((وانْ ليس للانسان الا ما سعى)) (¬1)، ثم يتلطف القران بهم ليدفعهم إلى العمل والجد ايضاً، ولكن بطريق الترغيب فياتي الاستثناء بتحفظ ليحافظ المؤمن على الموازنة المطلوبة)). (¬2) وهكذا نجد أن القران الكريم جاء وهو يهدف إلى قضية عملية بقدر ما يثمر عملاً صالحاً - والله اعلم- ثانياً: دليل الشفاعة عقلاً:- إن مذهب أهل السُنة جواز الشفاعة عقلاً ووجوبها سمعاً (¬3). وإن العقل السليم لا يرفض فكرة الشفاعة يوم القيامة, فالإنسان مهما بلغت ذنوبه من صغائر وكبائر, واتى ربه بقلب سليم غير شاك, فإنه قد يشمل بالعفو الإلهي قال تعالى ((إن الله لا يغفرُ أنْ يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)) (¬4) وإذا كان العفو الإلهي عن الذنوب هو مقرر بالنصوص القطعية كقوله تعالى ((وأني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثُمّ اهتدى)) (¬5) , وقوله ((وهو الذي يقبلُ التوبة عن عبادهِ ويعفو عن السيئات ... )) (¬6) , فلماذا يعترض على وقوع الشفاعة؟ وهل هي إلا مظهر من مظاهر الرحمة الإلهية؟! (¬7) فمذهب أهل الحق ((أن الشفاعة حق, وقد أنكرها مُنكرو الغفران, ومن جّوز العفو والصفح بدءاً من الله تعالى فلا يمنع الشفاعة, ومنهم من يمنعها على مصيره إلى تجويز الغفران وذلك نهاية في الجهل لا يلتزمها ذو تحصيل)) (¬8) والشفاعةُ لا تعني إهمال جانب العمل العبادي والتواكل على الشفاعة يوم القيامة - قطعاً - يقول تعالى ((تلكم ¬

(¬1) النجم /39. (¬2) العقيدة الاسلامية، محمد عياش ص 295. (¬3) اُنظر شرح صحيح مُسلم، النووي 3/ 35, وغاية المأمول شرح التاج الجامع الأصول 5/ 348. (¬4) النساء /48. (¬5) طه /82. (¬6) الشورى /25. (¬7) اُنظر كُبرى اليقينات الكونية, محمد سعيد رمضان البوطي ص378. (¬8) فتح الباري، إبن حجر 11/ 520.

الجنة أورثتموها بما كُنتم تعملون)) (¬1) , وفي المقابل فإن العمل بذاتهِ لا يُدخل الجنة يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((سددوا وقاربوا وابشروا فانّه لن يُدخل احد الجنة عملُهُ, قالوا:- ولا انت يا رسول الله؟ قال: ولا انا الا يتغمدُني الله برحمتِهِ)) (¬2) فكيف التوفيق بين النصوص؟ أقول: إنّ العمل له مفهومان:-مفهوم الاداء ومفهوم الجزاء، فأداؤك العمل لا يدخلك الجنة أصلاً، فمهما تعمل من صالحات وطاعات، فإنّ عملك بذاته لا يبلغك الجنة، وانما يكون دليلاً على خضوعك وانقبادك لامر الله تعالى، وإنما يدخلك الله -تعالى- الجنة جزاء على عملك. أما قوله: تلكم الجنة اورثتموها بما كنتم تعملون، (¬3) فيقول إبن كثير - رحمة الله - ((أي اعمالكم الصالحة كانت سبباً لشمول رحمة الله إياكم. فانه لا يدخل احد عمله الجنة ولكن برحمة الله وفضله وانما الدرجات ينال تفاوتها بحسب الأعمال الصالحات)). (¬4) وبالإضافة إلى ما مرَّ: فإن الشفاعة في الدنيا قد حثَّ عليها الشارع، فقد اخرج البخاري من حديث أبي موسى الاشعري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إشفعوا تؤجروا ويقضى الله على لسان نبيه ما شاء)). (¬5) فإنْ جازت في الدنيا في مسائل فانية ومصالح زائلة، فكيف بها في الاخرة في الخلود التام؟! ولما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يشفع لامته بدعائه أو استسقائه أو استغفاره، وما كان شفاعة منه لهم، فكذلك في عرصات يوم القيامة يشرح الله له ويفتح عليه في الدعاء والتوسل فيشفع ويُشَفَّع (¬6)،كما جاء في الاحاديث الصحيحة (¬7). وقد أجمع المسلمون علماء وعامة على جواز الشفاعة عقلاً ونقلاً وعلى الرغبة في ¬

(¬1) الأعراف /43. (¬2) عن عائشة رضي الله عنها والحديث متفق عليه انظر تخريجه في المسند الجامع 20 / (17309). (¬3) الاعراف /43. (¬4) تفسير القرآن العظيم 4/ 137. (¬5) كتاب الزكاة/1432، وانظر تخريجه كاملاً في المسند الجامع 11/ (8824). (¬6) انظر جلاء العينين في محاكة الأحمدين، إبن الآلوسي ص444. (¬7) انظر مبحث شفاعته - صلى الله عليه وسلم - صفحة 56 وما بعدها.

أن يرزقهم الله تعالى شفاعة الشفعاء يوم القيامة، ولم ينكر ذلك أحد (¬1)، حتى ظهر المبتدعة الذين منعوا ذلك على الله مستدلين بالآيات القرآنية فيؤلونها وفق مذهبهم المنحرف ومن ذلك قوله تعالى ((فما تنفعهم شفاعة الشافعين)) (¬2)، وهذا ناتج عن هوى وجهل مطبق فإنّ الآية تثبت الشفاعة ولا تنكرها!! وهذه من الاخطاء التي تنجت عن تفسير أيات القران مستقلة بعضها عن البعض الاخر فهو ضرب لايات الله بعضها ببعض، وهذا قتل لروح القرآن وحلاوته، فالآية السابقة كانت تتكلم عن المجرمين ... ما سلككم في سقر؟ ((قالوا لم نَكُ من المصلين ولم نَكُ نُطعمُ المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكُنّا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين)) (¬3) فاجابهم القران ((فما تنفعهم شفاعة الشافعين)) (¬4) أي إنه من كان متصفاً بمثل تلك الصفات فإنه لا تنفعه الشفاعة يوم القيامة. ومن وافى الله كافراً فإن مصيره إلى النار خالداً فيها (¬5). يقول القرطبي في التذكرة:- (فإن قيل: قال الله تعالى ((فما تنفعهم شفاعة الشافعين)) قيل له: لا، تنفع في الخروج من النار كعُصاة الموحدين الذين يخرجون منها ويدخلون الجنة). (¬6) ¬

(¬1) انظر الارشاد إلى قواطع الأدلة في اصول الاعتقاد، الجويني ص 394. (¬2) المدثر / 48، وانظر مبحث مناقشة منكري الشفاعة صفحة 23. (¬3) المدثر /43 - 47. (¬4) المدثر/48. (¬5) انظر تفسير القران العظيم 4/ 447. (¬6) التذكرة في احوال الموتى وامور الاخرة، 1/ 286.

المبحث الثالث مناقشة منكري الشفاعة

المبحث الثالث مناقشة منكري الشفاعة يمكننا القول أن اصل الشفاعة تُقرّبه الفرق الاسلامية باجمعها، ولكن الاختلاف يبدو واضحاً في أنواع الشفاعة، وخاصة الشفاعة للعصاة من اهل الايمان، وهنا سأتعرض لأبرز الفرق الاسلامية التي انكرت بعض أنواع الشفاعة التي اتفق عليها جمهور الامة وأبرزها الخوارج والمعتزلة (¬1) (1) الخوارج: الخوارج هم طائفة مبتدعة معرفة وقد انكرت شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل الكبائر من المؤمنين (¬2).يقول الحافظ إبن حجر:- ((أن الخوارج الطائفة المشهورة المبتدعة كانوا ينكرون الشفاعة وكان الصحابة ينكرون انكارهم ويحدثون بما سمعوا من النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك)) (¬3). يقول السالمي- وهو من الخوارج الاباضية-: ((اثبتت الاشاعرة الشفاعة لاهل الكبائر تعويلا على حديث رووه: ((شفاعتي لاهل الكبائر من أمتي)). ويجاب من وجه: احداها انه خبر واحد يعارض القطعي. ثانيها: انه عارضته رواية مثلها ونصها: ((لا تنال شفاعتي أهل الكبائر من أمتي)) فهذه بتلك)) (¬4). (2) المعتزلة: اثبتت المعتزلة اصل الشفاعة (¬5) فاقروا بعض انواعها وانكروا البعض الآخر. نص ¬

(¬1) انظر شرح العقيدة الطحاوية، إبن أبي العز، تحقيق الارنؤوط 1/ 290 (¬2) انظر مقالات الاسلاميين، الاشعري 1/ 157، والفصل، إبن حزم 4/ 190 ويستثنى من الخوارج فرقة النجدات فانهم اقروها انظر الفصل 4/ 180. (¬3) فتح الباري 11/ 520، وانظر عون المعبود، العظيم ايادي 3/ 72. (¬4) مشارق الانوار 2/ 132 و133، وانظر الاحتجاج بخبر الآحاد، صهيب السقار ص 254. (¬5) انظر شرح الاصول الخمسة، القاضي عبد الجبار 688، وشرح العقائد النسفية التفتازاني ص125 - 126.

على ذلك إبن بطال (¬1) فقال: ((سلم بعض المعتزلة وقوع الشفاعة ولكن خصها بصاحب الكبيرة الذي تاب منها وبصاحب الصغيرة الذي مات مصر عليها (¬2) وانكر إبن حجر العسقلاني على القاضي عياض قوله أن المعتزلة مقرة بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - في رفع الدرجات (¬3). ويرى القارئ لمذهب المعتزلة في الشفاعة انهم يثبتونها ولكن في اطار ضيق جدا، يقول القاضي عبد الجبار:- ((فعندنا أن الشفاعة للتائبين من الموئمنين)) (¬4) ويبدو أن سبب تبني المعتزلة هذا المذهب المتشنج من الشفاعة بناءً على موقف المرجئة (¬5) من أنَ ((الأيمان هو: المعرفة بالله والخضوع له وترك الأستكبار عليه والمحبة بالقلب فمن اجتمعت فيه هذه الخصال فهو مؤمن، وما سوى المعرفة من الطاعة فليس من الأيمان، ولا يضر تركها حقيقة الأيمان ولا يعذب على ذلك إذا كان الأيمان خالصا واليقين صادقا،)) (¬6) فعندهم - ((المرجئة)) - أن كل عبد مات على التوحيد لم يضره ما فعل من المعاصي (¬7) وكذا فأن إقرار المعتزلة بالشفاعة لأهل الكبائر يعني نقض أصولهم في الوعد والوعيد والعدل (¬8). ويستقبح المعتزلة الشفاعة لأهل الكبائر حيث "أن شفاعة الفساق الذين ماتوا على الفسوق ولم يتوبوا تتنزل منزلة الشفاعة لمن قتل ولد الغير وترصد للآخر حتى يقتلهُ، فكما أن ذلك يقبح فكذلك ههنا " (¬9) ووجه استدلالهم في إنكارها مبني على ((أن العقوبة تستحق على طريق الدوام فكيف يخرج الفاسق من النار بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - والحال ما تقدم ومما يدل على ذلك قوله تعالى " واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً " (¬10)، ¬

(¬1) انظر ترجمته في ملحق الاعلام. (¬2) فتح الباري، إبن حجر 11/ 522 وانظر عون المعبود، العظيم ابادي 13/ 72. (¬3) انظر فتح الباري /سبق، وللاستزادة انظر شرح مسلم /النووي 3/ 35. (¬4) شرح الاصول الخمسة 688. (¬5) انظر ترجمة الفرق لاحقاً. (¬6) الملل والنحل المطبوع بهامش الفصل، الشهرستاني 1/ 187. (¬7) أنظر االملل والنحل، 1/ 187، والمواقف، الايجي 427، والعقيدة الإسلامية، محمد عباش ص299. (¬8) أنظر العقيدة الأسلامية، محمد عياش ص299. (¬9) شرح الاصول الخمسة، القاضي عبد الجبار ص688. (¬10) البقرة /48.

وقوله تعالى " ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع " (¬1) فالله تعالى نفى أنْ يكون للظالمين شفيع البتة ورد القاضي عبد الجبار حديث " شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي " (¬2) بأنهُ خبر أحاد فلا يحتج به في العقيدة، ولو صح لعارض نصوصاً قطعية من السنة كقوله - صلى الله عليه وسلم - "لا يدخل الجنة مدمن خمر ولا عاق ولا منان" (¬3) وهكذا نرى أن شبههم تدور حول امور ثلاثة هي:- أولا:- انه لم يثبت حديث صحيح في الشفاعة لاهل الكبائر، وكل ما جاء فهو اخبار احاد ثانيا:- الشفاعة المرجوة يوم القيامة هي خاصة بالمحسنين دون غيرهم، لقوله تعالى ((لا يشفعون الا لمن ارتضى)) (¬4) ثالثا:- القول بالشفاعة لأهل الكبائر يعارض أدلة قطعية. كقوله تعالى ((ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع))، وغيرها. وكذا يعارض نصوصا من السنة، كقوله - صلى الله عليه وسلم -:- ((لا تنال شفاعتي أهل الكبائر من أمتي))،وحديث ((لا يدخل الجنة نمام ولا مدمن خمر ولا عاق ... )) وأجيب عليها من وجوه:- الوجه الأول:-حديث ((شفاعتي لاهل الكبائر من أمتي)) (¬5) حديث صحيح عن انس بن مالك - رضي الله عنه -. وله شواهد تقويه (¬6) وكونه آحادا: فان مسالة الاحتجاج به أمر خلافي بين العلماء وكل له أدلته. وهذا الحديث وان كان آحادا في روايته الا أن له حكم المتواتر من حيث كثرة الاحاديث التي تناولت هذا النوع من الشفاعة وقد: ((أطبق سلف الأمة على تسليم هذه الرواية وصحتها مع ظهورها وانتشارها والعلم بأنها مروية في الصحابة والتابعين ولو كانت ¬

(¬1) غافر /18. (¬2) انظر تخريجه برقم (58). (¬3) الحديث عن إبن عباس "رض الله عنهما" وانظر مظانه في المسند الجامع 9/ (6658). (¬4) الانبياء /28. (¬5) انظر تخريجه برقم (58). (¬6) انظر الاحاديث برقم (59و60).

مما لم تقم الحجة بها لطعن طاعن فيها بدفع العقل والسمع لها على ما يقوله المعتزلة، ولكانت الصحابة اعلم بذلك واشد تسرعا إلى انكارها، ولو كانوا قد فعلوا ذلك -أو بعضهم- لظهر ذلك وأنتشر، ولتوفرت دواعي على اذاعته، وابدائه، حتى ينقل، لأن هذه العادة ثابتة في الاخبار، وفي العلم بفساد ذلك دليل على ثبوت خبر الشفاعة)) (¬1). وصح عن أبي ذر - رضي الله عنه - مرفوعاً ((أتاني جبريل عليه السلام فبشرني أنه من مات من امتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة قلت وان زنى وأن سرق؟ قال وأن زنى وأن سرق)). (¬2) فهو يشهد لحديث انس - الماضي - وسنبين ذلك مفصلا في شفاعة كلمة التوحيد. (¬3) الوجه الثاني:-هذه الشفاعة لا تتقاطع مع النصوص القطعية بتخليد أهل النار فألاية ((وأتقوا يوماً لا تجزى نفس عن نفس شيئاً ولا يقبل من شفاعة)) (¬4)، والآية ((ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع)) (¬5) وغيرها تتعلق بالكفار لا بالعصاة، يقول إبن حزم -رحمه الله-: ((فالشفاعة التي ابطلها الله- عز وجل- هي الشفاعة للكفار الذين هم مخلدون في النار)) (¬6)،أو قد يكون النفي منتقضاً بالشروط كالرضى، والاذن والعهد (¬7) كقوله تعالى ((مَنْ ذا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ الا باذنه)) (¬8) وغيرها. الوجه الثالث:- أما قولهم: أن الشفاعة خاصة بالمحسنين من الامة (¬9)، وأستدلوا بقوله تعالى ((لا ¬

(¬1) التمهيد، الباقلاني 367 - 368. (¬2) أنظر تخريجه برقم (106). (¬3) انظر صفحة 88 من هذا البحث. (¬4) البقرة /48. (¬5) غافر /18. (¬6) الفصل 3/ 234 وأنظر حاشية الخلخالي على شرح الدواني على العقائد العضدية 2/ 270 - 271. (¬7) انظر صفحة 34 من البحث. (¬8) البقرة /255. (¬9) أنظر الاصول الخمسة، القاضي عبد الجبار 689، والفصل، إبن حزم 4/ 64 ومشارق انوار العقول، السالمي 2/ 132، والعقيدة الاسلامية، محمد عياش ص305.

يشفعون إلا لمن أرتضى)) (¬1)، فهذا قصور في الحجة فكما بينّا في أنواع الشفاعات من كونها كثيرة ومختلفة، فمنها ما هو للناس كافة، ومنها ما هو للمؤمنين فقط. ومنها للمذنبين فحسب، وغيرها من الشفاعات. أما حصرها في هذه البوتقة فهو قصور في الفهم وتعطيل للكثير من النصوص. وهب أنا سلمنا بهذا القول، فأنه جزماً سيتعارض مع أصحاب المذهب أنفسهم وإلاّ فشفاعة الموقف - وهم يعدونها ويقرون بها- اليست تشمل البّر والفاجر؟ عابد الرحمن وعابد الشيطان؟ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!! ومعنى الشفاعة يتجسد بشكل اكبر عند الشفاعة لمن سقط في النار، منه في رفع الدرجات لأهل الأحسان وأن كانت الأخيرة نعمة عظيمة بيد أنها في المؤمنين ممن أخذته النار أكبر (¬2) -يقول إبن حزم:- ((وهذا لا حجة لهم فيه لأن من اذن الله في أخراجه من النار وأدخله الجنة وأذن للشافع في الشفاعة له في ذلك فقد أرتضاه)) (¬3). وقال التفتازاني: ((لا نسلم أن من ((ارتضى)) لا يتناول الفاسق فأنه مرضي من جهة الايمان والعمل الصالح وأن كان مبغوضاً من جهة المعصية)) (¬4) وأقول: أن شرط الأذن بالشفاعة متعلق بالله تعالى -قال تعالى ((مَنْ ذا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُإلا باذنه)) (¬5) ... وشرط الرضى متعلق بالشافع وليس بالمشفوع له قال تعالى: ((يومئذٍ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً)). (¬6) وشرط العهد متعلق بالمشفوع له قال تعالى ((لا يملكون الشفاعة إلا من أتخذ عند الرحمن عهداً)). أذن فالرضى ليس له علاقة بالمشفوع له، ول كان مرضي عنه فلماذا اذن يدخل النار؟!! - والله اعلم-. الوجه الرابع:- الآثار التي ذكروها ((لا تنال شفاعتي أهل الكبائر من امتي)) حديث لا اصل له. ¬

(¬1) الأنبياء /28. (¬2) أنظر الأبانه عن أصول الديانة، الاشعري 295 (¬3) الفصل 4/ 64، وانظر العقيدة الاسلامية، محمد عياش ص305. (¬4) شرح المقاصد 5/ 160 (¬5) البقرة 255 (¬6) طه 109

يقول الباقلاني -رحمه الله- أنها رواية غير معروفة ولا ثابته عند عند أهل العقل)) (¬1). وكذا حديث ((لا يدخل الجنة مدمن خمر ولا عاق ولا منّان)) (¬2)، وغيرها من الأحاديث مما كانت على شاكلته، فمقصودها أنه لا يدخل الجنة من أول الأمر، فهو أن مات مصراً عليها ولم يتب فانه سيدخل جهنم، وسيخرج منها بشفاعة الشافعين أو مع اهل الرحمة الاهية، وحديث أبي ذر - رض الله عنه- ((أتاني جبريل -عليه السلام- فبشرني أنه مِنْ مات من أمتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة قلت. وان زنى وأن سرق؟ قال وأن زنى وأن سرق)) (¬3). فقد ثبت عن أربعة وثلاثين صحابياً (¬4). وهو يقرر الشفاعة لأهل الكبائر وهو متواتر؟!! وغيرها من الاحاديث الأخرى. (¬5) ¬

(¬1) التمهيد ص 368 بتصرف، وانظر الاحتجاج بغير الاحاد، صهيب السقارص 255. (¬2) مر في صفحة 24. (¬3) انظر تخريجه برقم (106). (¬4) انظر لقط اللالىء، الزبيدي 234 - 235، ونظم المتناثر الكتاني 49 - 125. (¬5) أنظر الاحاديث برقم (56 - 67).

المبحث الرابع أقسام الشفاعة

المبحث الرابع أقسام الشفاعة تنقسم الشفاعة باعتبار زمانها إلى قسمين:- القسم الأول: شفاعة الدنيا، والقسم الثاني:- شفاعة الاخرة. فشفاعة الدنيا هي مجموع ما صَحَّ من الاحاديث النبوية بخصوص شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته في الدنيا، كأستقسائه، ودعائه لهم، ومن طلبه للمغفرة والنصر والتوسل به حال حياته، كدعاء الأعمى (¬1) وغيرها من الاثار. وكذا ما وروي من شفاعات بعض المسلمين لبعض، كقوله - صلى الله عليه وسلم - (إشفعوا الي فلتأجروا ولَيقضِ الله على لسان نبيه ما كان)) (¬2) وغيرها. وهذه الشفاعة لم ينكرها احد من اهل القبلة. (¬3) ولما كانت تلك الشفاعة - الدنيوية- تحتاج إلى بحث طويل فقد آثرت أن أقتصر في بحثي هذا على القسم الثاني ((الشفاعة الاخروية)) عسى الله أن يمكنني من الكتابة فيها في بحثٍ قادم -بعون الله تعالى- أو أنْ ييسر له باحثاً آخر. وأما الشفاعة الاخروية فهي غير محددة الزمان فهي تمتد من وفاة المسلم وحتى بعد دخوله الجنة، أو النار- أعاذنا الله منها-، وبعبارة اخرى: تمتد من وفاة الانسان والصلاة عليه وحتى شفاعة الشافعين في رفع الدرجات في الجنة أو إخراج أهل النار من النار. وتنقسم الشفاعة الآخروية إلى قسمين:- أولا:- الشفاعة المنفية:- وهي التي نفاها القرآن الكريم مطلقاً كقوله تعالى ((من قبل أن ياتي يوم لابيعُ فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون)) (¬4) ¬

(¬1) وهو الصحأبي الجليل عثمان بن مضعون حينما دعا وتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم، انظر مضان الحديث في المسند الجامع 12/ (9628) و (9629). (¬2) الحديث صحيح أخرجه البخاري من حديث أبي موسى الأشعري، في الزكاة (1432)، مظانه في المسند الجامع11/ (8824). (¬3) انظر التوسل والوسيلة، إبن تيمية ص11. (¬4) البقرة /254، وانظر الحسنة والسيئة، إبن تيمية ص 98.

وقد نفاه القرآن الكريم رداً على المشركين ومن ضاهاهم من جُهّال هذه الأمة (¬1). فالآية تخبرهم أنْ ليس للذين آشركوا بالله من قريب منهم ولا أخٍ، ولا ابٍ، ولا صديق ينفعهم، ولا شفيع يُشَفّعُ فيهم، بل تقطعت بهم الأسباب من كل خير (¬2). وهذه الشفاعة المردودة (لا يريدها لا الشافع ولا المشفوع له ولا المشفوع إليه، ولو علم الشافع والمشفوع له أنهّا ترد لم يفعلوها) (¬3). ثانيا:- الشفاعة المثبتة:- وهي المقبولة، التي يشفع بها لأهل التوحيد، وهي مُعلقة بشرطين:- هما (الأذن، والرضى) (¬4). والايات جاءت تترا تقرر هذين الشرطين فمنها قوله تعالى: ((مَنْ ذا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُإلا باذنه ... )) (¬5)، وقوله ((يومئذٍ لا تنفع الشفاعة إلا مِنْ أذن له الرحمن ورضي له قولاً)) (¬6). يقول إبن الالوسي: ((والشفاعة المثبتة ما تكون بعد الأذن يوم القيامة ولا تكون الشفاعة إلا لمن ارتضى فهذه الشفاعة من التوحيد ومستحقها أهل التوحيد، فمن كان موحداً مخلصاً قطع رجاءه عن غير الله تعالى، ولم يجعل له ولياً ولا شفيعاً من دون الله سبحانه)). (¬7) وهذه الشفاعة متفق عليها عند أهل الحق من المسلمين، وقد انكرت بعض انواعها بعض الفرق المبتدعة كالخوارج والمعتزلة (¬8)، وقد مر الكلام فيها، وسيأتي الكلام على شروط الشفاعة لاحقا. ¬

(¬1) انظر جلاء العينين في محاكمة الأحمدين، إبن الآلوسي ص 475، والعقيدة الاسلامية، عبد الرحمن الميداني، ص 662. (¬2) انظر تفسير القرآن العظيم، إبن كثير 4/ 77، واصول الدين الاسلامي لرشدي عليان، وقحطان الدوري ص383. (¬3) الحسنة والسيئة، إبن تيمية 103. (¬4) انظر الحسنة والسيئة، إبن تيمية ص 10 3، وأصول الدين الاسلامي، رشدي عليان، وقحطان الدوري ص 383. (¬5) البقرة / 255. (¬6) طه / 109. (¬7) جلاء العينين في محاكمة الأحمدين، إبن الآلوسي ص 445، وانظر العقيدة الاسلامية، عبد الرحمن الميداني ص662. (¬8) انظر العقائد النسفية، التفتازاني ص 118و 125، وشرح الطحاوية، إبن أبي العز تحقيق الأرنؤوط 1/ 288 - 289.

المبحث الخامس حكمة الشفاعة

المبحث الخامس حكمة الشفاعة عرفنا أنّ الشفاعة هي التوسط وطلب الرحمة والمغفرة من قبل العبد لربه على اختلاف عين ذلك العبد. فالعبد ((الشافع)) يقوم بين يدي مولاه -جل جلاله- فيشفع لأهله أو لأمته ... فيقف أمام الملك -جل جلاله- ويتذلل له، فيأذن ملك الملوك له، أو قد ينادي الجبار:- يا فلان: قم فاشفع. أي إن الشافع أيّاً كان- لا يملك من الامر شيئاً، فلا يستطيع أنْ يشفع لأي مخلوق إلا من بعد ان يأذن الله تعالى ويرضى، ((يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً)) (¬1). يقول إبن تيمية:- ((والله تعالى وتر لا يشفعه احد، فلا يشفع عنده أحد إلا بإذنه فالامر كله إليه وحده، فلا شريك له بوجه ولهذا ذكر سبحانه نفي ذلك في أية الكرسي التي فيها تقرير التوحيد فقال ((له ما في السماوات وما في الارض مَنْ ذا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُإلا بإذنه)) (¬2) وسيد الشفعاء - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة إذا سجد وحمد ربه، يقال له ((إرفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعطى، واشفع تشفع، فيحد له حداً فيدخلهم الجنة)) (¬3)، فامر كله لله كما قال تعالى: ((قل إن الامر كله لله)) (¬4)، وقال لرسوله - صلى الله عليه وسلم - ((ليس لك من الامر شيء)) (¬5)، وقال ((ألا له الخلق والامر)) (¬6)). (¬7) وإذا كان ((حقيقة الشفاعة المأذون فيها: انّ الله سبحانه هو الذي يتفضل على أهل الأخلاص والتوحيد فيغفر لهم بواسطة دعاء الشافعين، الذين أذنَ لهم في المشفوع له)) (¬8) وإذا كان الله -جل جلاله- ((هو الذي جعل هذا يدعو ويشفع، وهو الخالق لأفعال العباد ¬

(¬1) طه /109، وانظر أصول الدين الاسلامي، رشدي عليان، وقحطان الدوري ص 383. (¬2) البقرة /255. (¬3) طرف من حديث الشفاعة الطويل، انظر الحديث برقم (11). (¬4) آل عمران /154. (¬5) آل عمران /128. (¬6) الأعراف /54. (¬7) الحسنة والسيئة، إبن تيمية ص99. (¬8) جلاء العينين في المحاكمة الأحمدين، إبن الآلوسي ص444.

فهو الذي وفق العبد للتوبة ثم قبلها وهو الذي وفقه للعمل ثم أثابه، وهو الذي وفقه للدعاء ثم أجابه، وهذا مستقيم على أصول أهل السنة المؤمنين بالقدر، وأنّ الله خالق كلِّ شيءٍ)) (¬1)، فلماذا الشفاعة إذن؟! أقول: أولاً: من المقرر أنّ الله تعالى يوفق الشافع للشفاعة على شكل إقرار الشفاعة والشافع هو الذي يختار المشفوع لهم- إذا كان من أهل العهد- ومثال ذلك: الشهيد يشفع لسبعين من اهله، فالله هو الذي أذن وقرر انّ الشهيد يشفع ولولا ذلك لما استطاع الشهيد أنْ يشفع، والذي يختار أولئك السبعين هو الشافع بشرط أنْ يكون ذلك المشفوع له من أهل التوحيد-والله اعلم-. ثانياً:- صحيح أن الشفاعة هي نوع من الرحمة والمغفرة الالهية، ولكن يتجلى معناه من عدة وجوه:- الوجه الاول: إكرام الشافع (¬2):- إنّ الله تعالى إذا أراد أنْ يأذن لفلان بالشفاعة ناداه على رؤوس الخلائق واذن له امام العالمين ان يشفع لمن يشاء، أليس هذا إكرام؟ بلى وأيُّ إكرامٍ أعظمُ من ذلك؟ وهذا الشافع ما هي منزلته في قلوب تلك الحشود؟! ما مقدار الافتخار الذي سيحل باهله واخوته ومن شفع لهم؟! فهو صاحب مكانة خاصة وعظيمة عند الله جل جلاله. ويستنبط من بعض النصوص أنْ هناك تفاوت في المنازل والدرجات في الدنيا كذلك هو في الحياة الأخرة، يقول تعالى:"يامريم إنّ الله يبشرك بكلمة منه أسمه المسيح عيسى إبن مريم وجيها في الدنيا والأخرة ومن المقربين " (¬3). وكقوله:" ... . وللآخرة أكبر درجاتٍ وأكبر تفضيلاً " (¬4)، وكقوله - صلى الله عليه وسلم -:" الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " (¬5) وسيد الشهداء حمزة ... ." (¬6)، وغيرها من ¬

(¬1) شرح العقيدة الطحاوية، إبن أبي العز تحقيق شعيب الأرنؤوط 1/ 301 - 302. (¬2) أنظر الحسنة والسيئة، إبن تيمية ص90، وأصول الدين، البغدادي ص 245، والعقائد الإسلامية، سيد سابق ص297، وأصول الدين الإسلامي، رشدي عليان وقحطان الدوري ص 383. (¬3) آل عمران /45. (¬4) الاسراء /21. (¬5) حديث صحيح، انظر مظانه في المسند الجامع 5/ (3360و3361). (¬6) أخرجه "الهيثمي" -في المجمع- 7/ 272 و 9/ 268. وقال: رواه الطبراني في الأوسط وفيه ضعف.

الاثار الأخرى. فهذه النصوص تُفهم أنْ في الجنة منازل متفاوتة بتفاوت الدرجات وبتفاوت الحسنات وأنّ فيها أناساً متميزين فهُم سادة ووجهاء. يقول إبن كثير في تفسير الاية " وجيها في الدنيا والآخرة ... " التي مرت أعلاه: "أي له وجاهة ومكانة عند الله في الدنيا بما يوحيه الله إليه من الشريعة وينزله عليه من الكتاب وغير ذلك مما منحه الله به وفي الدار الآخرة يشفع عند الله فمن يأذن له فيه، فيقبل منه أسوة بأخوانه من أولي العزم " (¬1) وهذا لا يعني أنّ كل الشفاعة سادة، فقد يشفع الشفيع إكراما له وتقديرا، وليس بالضرورة أنْ يكون وجيها أو سيدا في ذلك المقام، ومن ذلك شفاعة المؤمنين لأخوانهم، فقد صح من حديث إبن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعاً:" ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه" (¬2). فليست هذه الشفاعة إكراما للمشفوع له، وليست لإبراز الوجهاء والسادة، وإنما إكراما لانتمائهم إلى الاسلام. وقد يشفع الشافع لتطييب خاطرِهِ، وليست مغفرة للمشفوع له، كشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمه أبي طالب، فقد اخرج البخاري وغيره من حديث العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أغنيت عن عمك، فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال:"هو في ضِحضاحٍ من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الاسفل من النار)) (¬3). قال العلامة العيني: ((هذا النفع من بركة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخصائصه)) (¬4). الوجه الثاني:- حث المسلم على العمل الصالح في الحياة الدنيا:- إن الخالق العظيم أعلم بمخلوقاتهِ -حتى من أنفسهم- فهو يعلم ما يصلحهم وما يفسدهم، وما يدفعهم إلى العمل، وما يبطئهم، ولما كان هذا الانسان - المسلم - يعلم أنّ هناك ثوابا وعقابا في زمنٍ معلوم وفي مكانٍ معلومٍ، فإنه بالتاكيد سوف يندفع إلى العمل الصالح وينتهي عن المنكرات، فلما كان ذلك من عقيدة - المسلم- الثواب والعقاب- فإن الأنسان العاقل سيبادر إلى الطاعة والعمل الصالح ويتجنب المعاصي والآثام. فالله - جل جلاله- أخبرنا بطريق القران أو السنة أن هناك شفاعة لبعض الأعمال ¬

(¬1) تفسير القرآن العظيم 1/ 344. (¬2) انظر تخريجه برقم (91). (¬3) انظر تخريجه برقم (56). (¬4) عُمدة القاري 17/ 17.

وبعض الأمور الدنيوية، وهذا سيدفع المسلم إلى العمل الصالح، وسيجنبه الكثير من المعاصي، فكل صغيرة، وكبيرة عملت بها هنا ستجازى عليها يوم القيامة، قال تعالى: ((فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره، ومنْ يعمل مثقال ذرةٍ شرا يره)) (¬1). لذا فإن الشفاعة تدفع المسلم إلى العمل الصالح، وفعل الطاعات، واليك الأمثلة على ذلك: الصبر على تربية الإناث، كانت البنت في المجتمع الجاهلي تقتل خشية المؤنة وخوفاً من العار والى ذلك أشار القرآن في زجرهم: ((ولا تقتلوا أولادكم من إملاق ... )) (¬2)، فالبنت كانت محتقرة مهانة، فهي كلّ، وعار على ذويها ... ولكنْ لما جاء الاسلام دين العدل والمساواة، واعطى الأنثى حقها الكامل، كان من الطبيعي أنْ يجعل ثواباً عظيماً لمن تكفل عناء تربية الإناث، وخصوصة تميزه عن غيره، لذا فقد جاء في الحديث الصحيح: ((من ابتلي بشيء من هذه البنات، فأحسن صحبتهنّ كنَّ له ستراً من النار)) (¬3). وقلْ مثل ذلك في الشهيد: فالموت تكرهه النفس البشرية وقد جاء في الحديث القدسي: ((إنّ الله عز وجل قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ... وما ترددت عن شيءٍ أنا فاعله ترددي عن نفسِ عبدي المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته)) (¬4). وفي مقابل ذلك: نجد انّ الأسلام يحث على التضحية بالنفس والمال في سبيل الله، يقول سبحانه ((إنَّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم واموالهم بأن لهم الجنة ... )) (¬5). فكيف يضحي المسلم بنفسه ((الغالية))؟ لا بد له من مرغبات اخروية تدفعه إلى التضحية وطبيعة الانسان مجبولة على حب الخير لها، فتصور ذلك المقاتل وقد اشتد بالمعركة الوطيس وعمل السيف في صفوفهم، والشيطان يسول له ويمنيه: إن الله سيغفر لك ... باب التوبة مفتوح فرَّ من الزحف، وبعدها تب إلى الله ... المعركة خاسرة ... تذكرْ إبناءك واهلك انج بنفسك قبل فوات الاوان، كل تلك الوساوس ستأتي ذلك المسلم، ألا يحتاج إلى مثبتات؟ فياتيه مناد الحق ((ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل احياء عند ربهم يرزقون)) (¬6). ويصدح فيه ((للشهيد عند ¬

(¬1) الزلزلة /7 و 8. (¬2) الأنعام /151. (¬3) انظر تخريجه برقم (145). (¬4) أخرجه البخاري عن أبي هريرة مرفوعاً برقم (6025)، وأخرج بنحوه البيهقي-الكبرى- 3/ 346. (¬5) التوبة /111. (¬6) آل عمران /169.

الله ست خصال ... )) (¬1) الحديث، وتلك الوالدة الثكلى والزوجة الأرمل، والإبناء الأيتام عزاؤهم الأكبر في تلك المصيبة ((يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته)) (¬2). وهكذا تتجلى حكمة الشفاعة في حث المسلم على العمل الصالح. (ثم لا يغيب عن التأمل: ذلك الود الذي يعقده القرآن بين المؤمنين وبين أولئك الصفوه إنه ودّ يقود إلى الحياء من مخالفتهم أو التنحي عن ركبهم، إن محمداً - صلى الله عليه وسلم- سينادي غداً .. ((يا رب أمتي)) (¬3)، ستحبه انت الان من أعماق قلبك وسيقودك هذا الحب إلى الاتباع حتماً) (¬4). الوجه الثالث:- إفاضة الكرم الألهي والرحمة على المشفوع لهم. فلما كان الله -جل جلاله- هو الرحمن الرحيم، الرؤف، الحنان، الكريم، العفو، الغفور ... فمن المؤكد أنه سيتفضل على عباده بواسع الرحمات والمكرمات، وهذه المكرمات تأخذ اشكالا مختلفة، فقسم من الناس رغم اعمالهم الصالحة وإكثارهم من الطاعات، إلا أن الله -جل جلاله- يفيض عليهم من كرمهِ وفضلهِ برفع درجاتهم أو تحقيق رغباتهم في اخوانهم مثلاً، فيشفعون لهم - بفضل من الله- وغيرها من الاقسام الكثيرة المختلفة ومنها أنْ يشفع الشافع في المشفوع فيرحمهم جميعاً. ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (76). (¬2) انظر تخريجه برقم (87). (¬3) انظر تخريجه برقم (10). (¬4) العقيدة الاسلامية، محمد عياش ص295.

المبحث السادس شروط الشفاعة

المبحث السادس شروط الشفاعة ذكر أهل العلم شرطين للشفاعة اعتماداً على قوله تعالى ((وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً الا من أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى)) (¬1) وقوله ((يومئذٍ لا تنفع الشفاعة الا من اذن له الرحمن ورضى له قولاً)) (¬2) وغيرها وهذا العموم لم اجد له مخصصاً -فيما علمت- فالشرطان هما: (الرضى، والاذن) (¬3) وجاءت الاثار النبوية تؤيد هذا فمنها ما صح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً ((فاتي فاخرُ تحت العرش ساجدا فيقول الرب جل وعلا: يا محمد: ارفع راسك وسل تعطه ... )) (¬4). الشرط الأول: الإذن:- ويتعلق هذا الشرط بالله-تعالى- وهو سماح رب العزة جل جلاله في مباشرة الشفاعة، ولا يمكن لاي مخلوق مهما علا منزله أن يشفع لاحد الا من بعد أن يستأذن رب العزة جل جلاله فيسمح له بذلك، قال تعالى ((مَنْ ذا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُالا بإذنه ... )) (¬5). فالله تعالى هو الذي يأذن للشافع بان يشفع، وللمشفوع له بان يُشفّع وللشفاعة أن تحل في أي وقت شاء، وذهب إبن تيميه إلى أن الاذن ((هو اذن للمشفوع له)) وقصره عليه. يقول في قوله تعالى ((يومئذٍ لا تنفع الشفاعة الاّ شفاعة من اذن له الرحمن ورضي له قولا)) (¬6). وفيه قولان ((قيل: لاتنفع الشفاعة الا لمن اذن له الرحمن فهو الذي تنفعه الشفاعة وهذا هو الذي يذكره طائفة من المفسرين لا يذكرون غيره، لأنه لم يقل ((لاتنفع الشفاعة الاّ من اذن له)) فهي لا تنفع، ولا ينتفع بها ¬

(¬1) النجم /26. (¬2) طه /109. (¬3) انظر الحسنة والسيئة، إبن تيميه ص 98،99 والعقيدة الاسلامية، عبد الرحمن الميداني ص 663، ونور الاسلام، الشيخ عبد الكريم المدرس ص286، واصول الدين الاسلامي، رشيدي عليان، وقحطان الدوري ص383. (¬4) انظر تخريجه برقم (10). (¬5) البقرة /255، وإنظر جامع البيان، الطبري 3/ 62، والتفسير الكبير، الرازي 28/ 307. (¬6) طه /109.

ولا تكون نافعة الا للمأذون لهم ... وهو سبحانه إذا اذن للمشفوع له فقد اذن للشافع فهذا الاذن هو الاذن المطلق بخلاف ما اذا اذن للمشفوع له فقد اذن للشافع فقط فانه لا يلزم أن يكون قد أذن للمشفوع له اذ قد يأذن له إذناً خاصاً ... )) (¬1). ويفهم من كلام إبن تيميه أنّ الاذن من الله يكون للمشفوع له حصراً - حتى يخرج المشركين من الشفاعة، فلو قلنا أن الاذن فقط للشافع لتبادر إلى الذهن أن الشافع قد يشفع للمشرك، وهذا قول مردود بنص القرآن ((لا يملكون الشفاعة الا من اتخذ عند الرحمن عهداً)) (¬2) وغيرها من الآيات. ولا يريد إبن تيميه رحمة الله بهذا القول أن الاذن من الله- بالنسبة للشفاعة في المؤمنين للمشفوع له فقط - بل على العكس فهو يقول: (فقوله ((إلا من اذن له الرحمن)) يتناول النوعين: من اذن له الرحمن ورضى له قولاً من الشفعاء. ومن اذن له الرحمن ورضى له قولاً من المشفوع له وهي تنفع المشفوع له فتخلصله من العذاب وتنفع الشافع فتقبل منه، ويكرم بقبولها، وثياب عليه. والله تعالى وتر لا يشفعه احد. فلا يشفع عنده احد إلا بإذنه فالامر كله اليه وحده فلا شريك له بوجود ولهذا ذكر سبحانه نفي ذلك في آية الكرسي التي فيها تقرير التوحيد فقال: له ما في السموات وما في الارض مَنْ ذا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ الا باذنه؟) (¬3). وقد يكون هذا الاذن بلفظ من الله بان يقول ((قم فاشفع)) أو قد يكون الاذن بالشفاعة منصوصا عليه بنص مسبق، كشفاعة المصلين المؤمنين على جنازة اخيهم: ((ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته اربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً الا شفعهم الله فيه)) (¬4) فهذا الاذن قد اخبرنا به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو نوع آخر من الإذن. وقد قسم إبن تيميه الاذن إلى نوعين: إِذن بمعنى المشيئة والخلق، كقوله تعالى ((وما هم بضارين به من أحد إلا باذن الله)) (¬5). فالله تعالى هو خالق الافعال، ¬

(¬1) الحسنة والسيئة، ص103 - 104، بتصرف يسير. (¬2) مريم 87. (¬3) الحسنة والسيئة ص 99، و 105 - 106، وانظر اية الكرسي معانيها وفضائلها، السيوطي، ص96 ومعارج القبول، الحكمي 2/ 209. (¬4) انظر تخريجه برقم (91). (¬5) البقرة /102.

فالسحر لا يضر إِلا بإذن الله -أي بمشيئة الله-. والنوع الثاني الاذن بمعنى الإباحة والإجازة. ومثاله قوله تعالى ((انا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيرا وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً)) (¬1) وقوله ((وما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على اصولها فبأذن الله)) (¬2) فان هذا يتضمن اباحته لذلك واجازته تعالى له ورفع الجناح والحرج عن فاعله مع كونه بمشيئته وقضائه. (¬3) ((فالشفاعة مرهونة باذن الله والله لا يأذن في الشفاعة في غير المؤمنين به المستحقين لرحمته. فاما الذين يشركون به فليسوا اهلا لأن ياذن بالشفاعة فيهم لا للملائكة ولا غيرهم من المأذونين بالشفاعة منذ الابتداء)) (¬4). الشرط الثاني: الرضى:- يقول تعالى ((يومئذٍ لا تنفع الشفاعة الا من اذن له الرحمن ورضي له قولاً)) (¬5) ويتعلق هذا الشرط بالشافع، وهو أن يكون العبد الشافع مرضياً عنه، يقول إبن تيميه في تفسير الآية ((أن الله يشفع المؤمنين بعضهم لبعض)) (¬6) ويقول الطبري في تفسير قوله تعالى: ((وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى)) (¬7)، أي ((لاتنفع شفاعتهم عند الله لمن شفعوا له شيئاً الا أن يشفعوا له من بعد أن يأذن الله لهم بالشفاعة لمن يشاء منهم أن يشفعوا له ويرضى، يقول: ومن بعد أن يرضى لملائكته الذين يشفعون له أن يشفعوا له، فتنفعه حينئذٍ شفاعتهم)) (¬8) فالرضى: هو أن يرضى الجليل -سبحانه- عن الشافع، فلا يحق لاي مخلوق أن يشفع لاحد قبل أن يكون مرضياً عنه من قبل الله جل جلاله. يقول الشيخ عبد الرحمن حبنكه الميداني: ((يومئذٍ لا تنفع الشفاعة احداً الا شفاعة من اذن له الرحمن بالشفاعة ورضي له قولاً، فان شفاعته قد تنفع إذا شاء الله ¬

(¬1) الاحزاب / 45،46. (¬2) الحشر /5. (¬3) انظر الحسنة والسيئة ص100، وللاستزادة انظر التفسير الكبير الرازي 28/ 307. (¬4) في ظلال القرآن، سيد قطب 5/ 2904 (¬5) طه /109. (¬6) الحسنة والسيئة، ص104. (¬7) النجم /26. (¬8) جامع البيان 13/ 62 وانظر اصول الدين الاسلامي، رشدي عليان، وقحطان الدوري ص 383.

استجابتها)) (¬1) واقتران شرط الرضى بالاذن فيه فائدة الارشاد، وذلك ((لانه لما قال (لمن يشاء) كان المكلف متردداً لا يعلم مشيئته فقال (ويرضى) ليعلم انه العابد الشاكر لا المعاند الكافر فانه تعالى قال ((أن تكفروا فان الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وان تشكروا يرضه لكم)) (¬2) فكأنه قال (لمن يشاء) ثم قال (ويرضى) بياناً لمن يشاء)) (¬3). وقد يراد من الرضى أن يرضى الله عن المشفوع له (¬4)، يقول تعالى ((يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يشفعون الا لمن ارتضى)) (¬5). وحمله على المعنى الأول أولى -والله اعلم-. الشرط الثالث: العهد:- لم اقف - بحدود اطلاعي- على من صرح باعتبار ((العهد)) شرطاً من شروط الشفاعة، وإنما اكتفى من ذكر شروطها بـ ((الاذن، والرضى)) - وان ذُكِرَ ضمناً. وشرط العهد مسطور في كتاب الله تعالى قال تعالى ((لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً)) (¬6)، وقد فسر إبن عباس -رضي الله عنهما- العهد انه: ((شهادة أن لا اله الا الله ويتبرأ إلى الله من الحول والقوة ولا يرجو الا الله)) (¬7). والتقدير: أن هولاء المذنبين لا يستحقون الشفاعة الا اذا كانوا من اهل العهد وهو التوحيد والنبوة فوجب أن يكون منضوياً تحته (¬8) وذكر صاحب الظلال أن هذه الكلمة -العهد- عامة تشمل أنواع الطاعات فقال ((ولا شفاعة يومئذ الا من قدم عملاً صالحاً فهو عهد له عند الله يستوفيه وقد وعد الله من آمن وعمل صالحاً أن يجزيه الجزاء الاوفى ولن يخلف الله وعداً)) (¬9). ¬

(¬1) العقيدة الاسلامية ص 663. (¬2) الزمر/7. (¬3) التفسير الكبير، الرازي 28/ 307 وانظر جلاء العينين إبن الآلوسي ص445. (¬4) انظر مصدر سابق، وفتح المجيد شرح كتاب التوحيد، عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ص 206. (¬5) الانبياء /27. (¬6) مريم/87. (¬7) جامع البيان، الطبري 9/ 128. (¬8) انظر التفسير الكبير 21/ 203 وتفسير القرآن العظيم إبن كثير 3/ 135. (¬9) في ظلال القرآن 4/ 2320.

وهذا نوع من الترغيب في الطاعات والا فالنصوص صريحة في أن الشفاعة تشمل من مات موحداً، وان لم يعمل صالحا قط يقول الله تعالى ((أن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)) (¬1) ويقول - صلى الله عليه وسلم - ((اخرجو من النار من قال لا اله الا الله ولم يعمل خيراً قط .. )) (¬2). ولا ارى تفسيرا لقول صاحب الظلال الذي مر إلا انه اعتبر الشهادتين من ضمن العمل الصالح -والله اعلم-. وهذا ما يفهم من صنيع الامام الطبري - في تفسيره-فإنه لما ذكر القول السابق لإبن عباس -رض الله عنهما -اردف كلامه بقوله صلى الله عليه وسلم:- ((أن شفاعتي لمن مات من امتي لا يشرك بالله شيئاً)) (¬3). وقد جاءت الاثار مستفيضة تقرر أن الشفاعة مشروطة بالعهد (¬4)، وحرص النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمه على القول بلا اله الا الله- حتى يستطيع أن يشفع له (¬5) خير دليل على ذلك. ثم أن العهد لو كان يعني العمل الصالح لما تمكن النبي من التشفع لعمه لعدم استطاعته العمل لأنه في سكرات موته! فلماذا علق النبي - صلى الله عليه وسلم - الشفاعة على الشهادتين أن لم تكن شرطاً فيها فلا شفاعة لمن لم يكن من اهل العهد. فمن وافقت شهادته وحدانية الله شهد الله له بالمغفرة والعفو (¬6) وقد استدل الفخر الرازي على صحة القول بأن العهد يعني ((لا اله الا الله محمد رسول الله)) من وجوه منها: الأول: أن قوله الا من اتخذ عند الرحمن عهداً نكرة في ظرف الثبوت وذلك لا تفيد الا تفيد الا عهداً واحداً ... فوجب أن يكون ذلك العهد الواحد الذي يفيد تلك الشفاعة هو الايمان وقول لا اله الا الله. الثاني: إن جماعة من المفسرين قالوا في تفسير قوله تعالى ((واوفوا بعهدي اوفِ ¬

(¬1) النساء /48. (¬2) انظر الحديث رقم (14). (¬3) انظر تخريجه برقم (15). (¬4) انظر مطلب شفاعة الشهادتين في هذا البحث، صفحة 88. (¬5) انظر حديث رقم (55). (¬6) انظر التفسير الكبير، الرازي 3/ 41.

بعهدكم)) (¬1) هو عهد الايمان بدليل أن لفظ العهد مجمل فلما اعقبه بقوله ((وآمنوا بما انزلت مصدقاً لما معكم)) (¬2). علمنا أن المراد من ذلك العهد هو الايمان وهو قوله لا اله الا الله محمد رسول الله. والثالث: أن اول ما وقع من العهد قوله تعالى ((الست بربكم قالوا بلى)) (¬3) وذلك في الحقيقة هو قول لا اله الا الله فكان لفظ العهد محمولاً عليه)) (¬4). وخلاصة ما مضى: انّ الاذن بالشفاعة من الله تعالى، والرضى منه عن الشافع، والعهد: استحقاق المشفوع له لتلك الشفاعة بصفته من أهل التوحيد. ¬

(¬1) البقرة /40. (¬2) البقرة /41. (¬3) الاعراف /172. (¬4) اسرار التزيل وانوار التأويل، الرازي ص 75.

المبحث السابع مواضع الشفاعة

المبحث السابع مواضع الشفاعة الشفاعة مظهر من مظاهر الرحمة الالهية، ولما كانت كذلك فالرحمة لا تختص بمكان واحد ولا زمان واحد ولا شخص واحد والادلة على ذلك موفورة، والمواضع التي تحل الشفاعة بها هي ستة: الموضع الأول:- عند الموت: واعني بالموت موت المشفوع له، وتكون الشفاعة هنا بشكل الدعاء الغيبي - وهي على قسمين: القسم الاول: الشفاعة عند الاحتضار:- والاحتضار هو احتضار الروح للانتقال من الحياة الدنيا إلى حياة البرزخ وهذه الشفاعة هي اول أنواع الشفاعات الاخروية فقد صح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ((لقنوا موتاكم لا اله الا الله فانه من كان اخر كلامه لا اله الا الله عند الموت دخل الجنة يوماً من الدهر وان اصحابه قبل ذلك من اصحابه)) (¬1). فهذه الشفاعة التي تحل على المسلم -شفاعة كلمة التوحيد- يكون نفعها في اخراجه من النار مهما عذب، هذا فضلاً على انها قد تشفع لصاحبها فتنفذه من النار اصلاً، ((أن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء (¬2)). القسم الثاني: الشفاعة لمن مات ولم يدفن بعد:- وهي عند الصلاة عليه، فالمسلم الذي يصلي عليه امة من الناس، هذه الامة مسلمة وهي مؤهلة لان تشفع، وقصدوا شفاعتهم للميت، فإن الله تعالى يشفعهم فيه، فقد جاء من حديث انس بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً: ((ما من ميت يصلي عليه امة من المسلمين يبلغون أن يكونوا مائة فيشفعوا له الا شفعوا)) (¬3)، ولعل الصلاة تكون على الميت وهو في ¬

(¬1) اخرجه ابن حبان (3004). (¬2) النساء/48، وانظر فصل شفاعة كلمة التوحيد ص88 من هذا البحث. (¬3) انظر تخريجه برقم (81).

قبره فيكون الموضع عند القبر. الموضع الثاني: عند القبر:- عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- مرفوعاً: ((ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة الا وقاه الله فتنة القبر)) (¬1). الموضع الثالث: عند الحشر:- وهذا الموضع جاءت الاحاديث تترا تؤيد الشفاعة عنده، فمنها حديث أبي هريرة مرفوعاً ((انا سيد الناس يوم القيامة، يجمع الله الناس الاولين والاخرين في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، وتدنو الشمس)) (¬2) ... الحديث، وهنا تحل الشفاعة العظمى لكل الناس في الاذن بالشروع بالحساب كما ستأتي لاحقاً. الموضع الرابع: عند الصراط:- جاء ذكر الشفاعة عند الصراط في اكثر من حديث منها: " ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون انا وامتي اول من يجيز" (¬3) وفي رواية اخرى " ... ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة ويقولون اللهم سلم سلم ... ". (¬4) ويشهد لهذا الموضع ما اخرجه الامام أحمد في مسنده في حديث انس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "اني لقائم انتظر امتي تعبر على الصراط اذ جاءني عيسى فقال: هذه الانبياء قد جاءتك يا محمد يشتكون، أو قال يجتمعون اليك ويدعون الله عز وجل أن يفرق جمع الامم إلى حيث يشاء الله لغم ما هم فيه والخلق ملجمون في العرق ... " (¬5) الموضع الخامس: عند الجنة:- وتحتها اقسام: 1 - الشفاعة قبل الحساب: جاء من حديث عتبة بن عبد السلمي - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " وعدني ربي أن يدخل ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (96)، وانظر فيض القرير، المناوي 2/ 453. (¬2) انظر تخريجه برقم (10). (¬3) انظر تخريجه برقم (14). (¬4) انظر صفحة 54 من هذا البحث وقد وعدها الشيخ سعيد حوى - من شفاعات المقام المحمود كما سنجده في موضعه. (¬5) انظر تخريجه برقم (20) وانظر الاساس في السنة، قسم العقائد، سعيد حوى 2/ 1341 - 1342.

الجنة امتي سبعين الفاً لا حساب عليهم ولا عذاب مع كل الف سبعون الفاً وثلاث حثيات من حثياته" (¬1). 2 - الشفاعة بعد الحساب: أعني بعد أن يحاسب أهل الموقف ويتوجه الناس إلى الجنة يجتمعون عند الباب فلا يؤذن لهم بالدخول حتى يشفع لهم النبي صلى الله عليه وسلم، كما جاء في حديثه - صلى الله عليه وسلم - "أنا أول شفيع في الجنة" (¬2)، و "فآخذ بحلق الجنة فاقعقعه" (¬3). 3 - الشفاعة في رفع الدرجات في الجنة (¬4): لم اجد لها مستنداً رغم أن الكثير من اهل العلم عدوها من شفاعات النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬5) إلا انهم لا يذكرون مستندها (¬6). 4 - الشفاعة لمن تساوت حسناته وسيأته: واكثر من يذكرها يعد مستندها حديث إبن عباس - رضي الله عنه - "السابق يدخل الجنة بغير حساب والمقتصد برحمة الله والظالم لنفسه واصحاب الاعراف يدخلون بشفاعة النبي" (¬7). الموضع السادس: عند النار -نعوذ بالله منها-:- 1 - الشفاعة قبل دخول النار: وهي في قوم استوجبوا النار فيشفع لهم فلا يدخلوها. ولم اقف على مستندها- في حدود اطلاعي - يقول إبن قيم الجوزية رحمة الله تعالى: وهذا النوع لم اقف إلى الان على حديث يدل عليه" (¬8). ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (51). (¬2) انظر تخريجه برقم (24). (¬3) انظر ص55، وانظر الاساس في السنة، قسم العقائد، لسعيد حوى 2/ 1343. (¬4) انظر شرح الطحاوية، إبن أبي العز، تحقيق الارنؤوط 2/ 288 وفتح الباري، إبن حجر 11/ 522 - 523. (¬5) انظر شرح مسلم، النووي 3/ 53، وفتح الباري، سبق، وغاية المامول، شرح التاج الجامع للاصول 5/ 348. (¬6) انظر ص76 من بحثنا. (¬7) انظر تخريجه لاحقاً في هامش ص67 من بحثنا. (¬8) شرح سنن أبي داود، الذي بهامش عون العبود13/ 77.

وقد عد الحافظ إبن حجر -رحمه الله- حديث "ونبيكم على الصراط يقول رب سلم" (¬1) مستنداً لها (¬2). 2 - الشفاعة بعد دخول النار في اخراج اهلها منها: أي أن الشفاعة تدركه بعد دخوله النار وقبل أن يكمل المدة المقررة عليه وهي خاصة باهل التوحيد والاثار في ذلك كثيرة منها ما رواه عمران بن حصين - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"يخرج من النار بشفاعة محمد فيدخلون الجنة ويسمون الجهنميين" (¬3). 3 - الشفاعة بعد دخول النار في التخفيف عن اهلها:- وهي خاصة بالنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - في عمه أبي طالب فقد ذكر عنده عمه أبو طالب فقال "لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه" (¬4). ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (12). (¬2) انظر فتح الباري11/ 522 - 523، وانظر ص68 من بحثنا. (¬3) انظر تخريجه برقم (12)، وانظر ص69 من بحثنا. (¬4) انظر تخريجه برقم (54).

الفصل الثاني أنواع الشفاعة

الفصل الثاني أنواع الشفاعة وتحته مبحثان

اختلف العلماء وشراح الحديث النبوي في عد أنواع الشفاعات يوم القيامة، والسبب الاساس في اختلافهم عدم وجود الدليل القطعي الواضح في نوع الشفاعة وغالبية -أن لم اقل كل- من عد أنواع الشفاعات انما قصرها على شفاعات النبي محمد صلى الله عليه وسلم وشفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين. فترى احدهم يزيد على الآخر بحسب ما يتوصل اليه اجتهاده على انها من أنواع الشفاعات الاخروية، وقد عد القاضي عياض وتبعه الامام النوري -رحمها الله - أنواع شفاعات الاخرة خمسة أنواع، الأول: شفاعة الاراحه من هول الموقف والثاني تعجيل الحساب، وادخال قوم الجنة بغير حساب، والثالث: الشفاعة لقوم استوجبوا النار فيشفع فيهم نبينا صلى الله عليه وسلم ومن شاء الله تعالى، والرابع: فيمن دخل النار من المذنبين، والخامس في زيادة الدرجات في الجنة لاهلها (¬1). واستدرك القاضي عياض نوعاً سادساً وهو التخفيف عن أبي طالب في العذاب (¬2). واما إبن تيمية فذهب إلى انها ثلاث شفاعات: الاولى: في اهل الموقف، والثانية: يشفع في اهل الجنة، والثالثة: فيمن استحق النار أن لا يدخلها وفيمن دخلها أن يخرج منها وهذه الثالثة يشترك معه غيره فيها (¬3). وعدها شارح العقيدة الطحاوية ثمان شفاعات، فزاد على القاضي عياض: شفاعته صلى الله عليه وسلم في اقوام تساوت حسناتهم وسيئاتهم" (¬4). ¬

(¬1) انظر شرح صحيح مسلم، النووي 3/ 35، وفتح الباري، إبن حجر 11/ 522 - 523 وشرح سنن أبي داود إبن قيم الجوزية، الذي بهامش عون المعبود 13/ 77 وانظر تحفه الاحوذي، المباركفوري 7/ 128، ونور الاسلام، عبد الكريم المدرس 289 - 291، واصول الدين الاسلامي، لرشدي عليان وقحطان الدوري ص 385. (¬2) انظر التذكرة، القرطبي1/ 285، وفتح الباري، 11/ 523. (¬3) انظر مجموع الفتاوي، إبن تيمية، 3/ 147. (¬4) انظر شرح العقيدة الطحاوية إبن أبي العز، تحقيق الارنؤوط، 1/ 282 - 290 وانظر غاية المأمول شرح التاج الجامع للاصول، لمنصور علي ناصف 5/ 348 وانظر كبرى اليقينيات الكونية، البوطي ص 378

يقول الحافظ إبن حجر: "وظهر لي بالتتبع شفاعات اخرى وهي شفاعة فيمن استوت حسناته وسيئاته أن يدخل الجنة وشفاعة اخرى وهي شفاعة فيمن قال لا اله الا الله ولم يعمل خيراً قط" (¬1). قلت: لقد سبق إبن أبي العز إبن حجر في عد شفاعة من تساوت حسناته وسيئاته من ضمن شفاعات النبي صلى الله عليه وسلم كما اسلفنا القول، وقد ذكر الخفاجي انواعاً اخرى من شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي "شفاعته لمن مات بالمدينة ومن صبر على لاوائها وشفاعته - صلى الله عليه وسلم - لمن صلى عليه بعد الاذن وغيرها مما ورد في الاحاديث الصحيحة" (¬2). واما ما وجدناها من خلال استقرائنا لاحاديث الشفاعة بصورة متخصصة فانا وجدناها تدور على النحو الآتي:- النوع الأول: شفاعة الاعيان:- وهي كل شفاعة الشافع فيها شخص معين كالملائكة والرسل والشهداء والمؤمنين. النوع الثاني: شفاعة الأعمال:- آ- شفاعة ((كلمة التوحيد)): لا اله الا الله محمد رسول الله. ب-شفاعة الانتساب إلى امة محمد صلى الله عليه وسلم. ج-شفاعة القرآن الكريم. د-شفاعة الصيام. هـ شفاعة الصبر على الشدائد: 1 - الصبر على لأواء المدينة وجهدها. 2 - الصبر على بعض الامراض. 3 - الصبر على تربية الإناث. 4 - الصبر على موت الاولاد. 5 - شفاعة بعض الوقائع. ¬

(¬1) فتح الباري 11/ 523 بتصرف. (¬2) نسيم الرياض، الخفاجي 2/ 207، وانظر الاساس في السنة، قسم العقائد، سعيد حوى 2/ 1339.

المبحث الأول شفاعة الاعيان

المبحث الأول شفاعة الاعيان المطلب الأول شفاعة الأنبياء عليهم السلام المسألة الاولى: شفاعة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -:- من تمام رحمة النبي - صلى الله عليه وسلم - ورأفته وشفقته بأمته وأهتمامه بأحوالهم وشؤنهم أخّر - صلى الله عليه وسلم - دعوته المستجابة إلى يوم القيامة شفاعة لهم. ذلك أنه لكل نبي دعوة مستجابة لامته أو عليهم، فقد جاء في حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((أن لكل نبي دعوة قد دعاها في امته فأستجيب له واني أختبأت دعوتي شفاعةلامتي يوم القيامة)) (¬1). وقد إستُشْكِلَ ظاهر الحديث بما وقع لكثير من الدعوات المجابة ولا سيما لنبينا - صلى الله عليه وسلم - فهل يعني ذلك أن لكل نبي دعوة واحدة مستجابة فقط؟ ذكر الحافظ إبن حجر الاختلاف في ذلك فنقل مثلاً عن إبن التين (¬2) في معنى لكل نبي دعوة القول "أي افضل دعواته، ولهم دعوات أخرى، وقيل لكل منهم دعوة عامة مستجابة في امته باهلاكهم واما بنجاتهم، واما الدعوات الخاصة فمنها ما يستجاب ومنها ما لا يستجاب، وقيل لكل منهم دعوة تخصه لدنياه أو لنفسه كقول نوح "لا تذر على الارض" (¬3) وقول زكريا "فهب لي من لدنك ولياً يرثني" (¬4) وقول سليمان " وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي" (¬5). والذي يبدو من خلال ظاهر النصوص: أن دعوة الانبياء بصورة عامة ليست كلها مستجابة لقوله - صلى الله عليه وسلم - ((سألت الله ثلاثاً فاعطاني اثنين ومنعني واحدة)) (¬6) فمنها ما يستجاب ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (3). (¬2) انظر ترجمة في الاعلام. (¬3) نوح ا /25. (¬4) مريم/ 4 - 5. (¬5) ص / 35. (¬6) أخرجه مسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه كتاب الفتن واشراط الساعة (20) وانظر فتح الباري، سبق.

ومنها ما يرد، ولكن هناك دعوة واحدة يعطيها رب العزة -جل جلاله- لنبييه اكراماً له، ويحق له استخدامها انى شاء، واستجابتها حتمية. فأن أرادها في الدنيا أو الاخرة يعطيها، ويعضد هذا ما جاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عند البخاري مرفوعاً: ((لكل نبي دعوة مستجابة ... )) (¬1)، أي دعوة واحدة محققة الاجابة وما عداها فهو متروك للمشيئة الالهية، هذا ما ذهب اليه الامام النووي وإبن حجر، يقول النووي: ((أن لكل نبي دعوة متيقنة الاجابة وهو على يقين من اجابتها اما باقي دعواته فهم على طمع من اجابتها وبعضها يجاب وبعضها لا يجاب)) (¬2). والمراد بالامة هنا امة الاجابة لا امة الدعوة وسنبينه في موضوع المطرودين من امة محمد - صلى الله عليه وسلم - (¬3) وقد جاء في حيث عوف بن مالك - رضي الله عنه - مرفوعاً ((إنه أتاني من ربي آتٍ فخيرني بان يدخل نصف امتي الجنة وبين الشفاعة واني اخترت الشفاعة)) (¬4) وقد اختلف في هذا الآتي من هو؟ فذهب المباركفوري إلى انه ملك أخر غير جبريل (¬5). وهذه دعوى تحتاج إلى دليل؟! بل على العكس فان الملك ما دام لم يعرف فان الأمر ينصرف إلى جبريل عليه السلام لأنه أقرب الملائكة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذا فانه لم يرد نص صحيح يخبر بتلقي النبي - صلى الله عليه وسلم - الوحي سوى من جبريل -عليه السلام- والأمرهنا كذلك وحيُ. ويشهد لهذا الرأي حديث أبي ذر - رضي الله عنه - ((أتاني جبريل فبشرني أنه من مات من أمتك ... )) (¬6) الحديث. فإدخار النبي - صلى الله عليه وسلم - دعوته لأمته لا على امته ... أدخر دعوته لأمته وكان بمقدوره أن يدعو لنفسه دعوة دنيوية أو آخروية. فيا للهِ ما هذه الرأفة وهذه الشفقة. (¬7) ¬

(¬1) اخرجه البخاري (635) وانظر تخريجه برقم (2). (¬2) شرح مسلم 3/ 75، وانظر فتح الباري إبن حجر 11/ 116. (¬3) انظر تحفة الاحوذي، المباركفوري 7/ 132، وانظر ص104 من هذا البحث. (¬4) انظر تخريجه برقم (15). (¬5) انظر تحفة الاحوذي 7/ 132. (¬6) انظر تخريجه برقم (106). (¬7) انظر شرح مسلم 3/ 75، وفتح الباري11/ 116 وتحفة الاحوذي 7/ 132.

النوع الأول: شفاعة المقام المحمود:-

ولقد اسلفنا القول أن شفاعات النبي - صلى الله عليه وسلم - متنوعة (¬1) وهي على قسمين:- قسم خاص به - صلى الله عليه وسلم - لا يشركه فيه احد، وقسم ثانٍ يشاركه فيه غيره، فاما شفاعات القسم الأول فهي:- شفاعته العظمى لجميع الخلائق، وشفاعتة في ادخال سبعين الفاً من امته بغير حساب، وشفاعته في التخفيف عن بعض اهل النار (¬2). وأما شفاعات القسم الثاني فهي:- شفاعته في زيادة الدرجات في الجنة، شفاعته في قوم من المؤمنين استوجبوا النار أن لا يدخلوها وشفاعته فيمن تساوت حسناته وسيئاته (¬3). وينبغي لنا قبل الشروع في شرح هذه الشفاعات أن نفصل القول في قضية ذات بالٍ وهي قضية المقام المحمود - فماذا يعني المقام المحمود؟! النوع الأول: شفاعة المقام المحمود:- لقد وعد الله تعالى نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - المقام المحمود بقوله "عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً (¬4) " وثبت المقام في صحيح السنة النبوية فقد صح عن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال "من قال حين يسمع النداء "اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة (¬5) ". وغيرها من الاثار الاخرى (¬6). وقد اختلف اهل العلم في معنى المقام المحمود وذهبوا فيه إلى مذاهب عدة اهمها: 1 - المقام المحمود: هو الشفاعة:- هذا مذهب جمهور اهل العلم وهو ثابت بالسنة النبوية الصحيحة منها ما اخرجه البخاري وغيره من حديث إبن عمر -رضي الله عنهما- مرفوعاً: ¬

(¬1) انظر التذكرة، القرطبي 1/ 285، وشرح الطحاوية، إبن أبي العز تحقيق الارنؤوط 1/ 282 وفتح الباري 11/ 523، والعقيدة الاسلامية، عبد الرحمن الميداني ص 663. (¬2) انظر مصدر سابق. (¬3) انظر ص67 من الكتاب هذا. (¬4) الاسراء /79. (¬5) انظر تخريجه برقم (69). (¬6) انظر الاحاديث برقم (37 - 39) والدر المنثور في التفسير بالمأثور، السيوطي 5/ 325و 326.

((إن الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الاذن فبينما هو كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد فيشفع ليقضي بين الخلق فيمشي حتى ياخذ بحلقة الباب فيومئذٍ يبعثه الله مقاماً محموداً يحمده اهل الجمع كلهم)) (¬1)، ويشهد له ماجاء في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً في قوله تعالى ((عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً)) فسئل عنها قال: هي الشفاعة (¬2). وقد نقل الإمام الطبري في تفسيره أن المقام المحمود هو "المقام الذي هو يقومه - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة للشفاعة للناس ليرحمهم ربهم من عظيم ما هو فيه من شده ذلك اليوم" (¬3) ونقل انه مذهب الجمهور (¬4) وذهب اليه الرازي فقال: ((المقام هو الشفاعة في اسقاط العقاب على ما هو مذهب اهل السنة)) (¬5)،وكذا فعل القرطبي حيث انه ذكر الاقوال ورجح انها الشفاعة بل عقد باباً في التذكرة" وقال "باب ما جاء انه هذه الشفاعة هي المقام" (¬6)، وبه جزم إبن كثير (¬7) والآلوسي (¬8). وممن جزم به من اهل الحديث: إبن خزيمة (¬9) والقاضي عياض (¬10) والنووي (¬11) يقول الحافظ إبن حجر في الفتح:" والجمهور على أن المراد به الشفاعة، ... والراجح أن المراد بالمقام المحمود الشفاعة (¬12). ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (21). (¬2) انظر تخريجه برقم (40). (¬3) جامع البيان 9/ 143 - 144، وانظر الجامع الاحكام القران، القرطبي 10/ 309. (¬4) جامع البيان، سبق. (¬5) التفسير الكبير 21/ 31، وانظر تفسير الكشاف، الزمخشري 2/ 426. (¬6) التذكرة 282. (¬7) انظر تفسير القران العظيم 3/ 54. (¬8) انظر روح المعاني 15/ 131. (¬9) انظر التوحيد واثبات صفات الرب، ص 305. (¬10) انظر الشفا، القاضي عياض 1/ 216، وشرح مسلم، النووي 3/ 75، ونسيم الرياض، الخفاجي 2/ 342. (¬11) انظر شرح مسلم، النووي 3/ 75. (¬12) فتح الباري 11/ 520 - 521.

2 - المقام المحمود: هو الإقعاد على عرش الرحمن:- نقل الامام الطبري في تفسيره قال ((حدثنا عباد بن يعقوب الاسدي، قال حدثنا إبن نفيل عن ليث عن مجاهد في قوله "عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً" (¬1) قال: يجلسه معه على عرشه)) (¬2)، ونقل ايضاً ذلك أبو بكر إبن العربي المالكي فقال في تفسير قوله تعالى: ((وتخفي في نفسك ما الله مبديه)) (¬3): ((فهذا محمد - صلى الله عليه وسلم - ما عصى ربه لا حال الجاهلية ولا بعدها تكرمة وتفضيلاً واجلالاً احله به المحل الرفيع ليصلح أن يقعد معه على كرسيه)) (¬4). وقد أول الطبري والقرطبي هذا الحديث على الرغم من انهما يرجحان أن معنى المقام المحمود هو الشفاعة كما مر معنا. فقالا: ((هو ليس بمدفوع لا من جهة العقل ولا النقل)) (¬5) وممن اقره من المفسرين ايضاً الآلوسي اذ دافع عنه دفاعاً واضحاً حتى انه رد الواحدي "رحمه الله" وناقش ادلته واحداً تلو الاخر، ثم ختم نقاشه بقوله ((والصوفية يقولون أن لله عز وجل الظهور فيما يشاء على ما يشاء وهو سبحانه في حال ظهوره باق على اطلاقه حتى عن قيد الاطلاق فانه العزيز الحكيم ومتى ظهر جل وعلا في صورة اجريت عليه سبحانه احكامها من حيث الظهور فيوصف عز مجده عندهم بالجلوس ونحوه من تلك الخشية وينحل بذلك امور كثيرة إلا انه بنى على مادون اثباته خرط القتاد)) (¬6) وقد اختار ذلك من المحدثين القاضي أبو يعلى وذكر أن احد المحدثين -هو سعيد الجريري- (¬7) قال ((إذا كان يوم القيامة جيء بنبيكم فاقعد بين يدي الله عز وجل على كرسيه فقال الحاضرون: إذا كان الكرسي هو معه؟ قال: نعم، ويلكم هو معه، هو معه)) (¬8) ونسب ¬

(¬1) الاسراء / 79. (¬2) جامع البيان 9/ 145 وانظر الدر المنثور في التفسير بالمأثور، السيوطي 5/ 328 (¬3) الاحزاب/ 37. (¬4) احكام القرآن 3/ 1530 (¬5) جامع البيان 9/ 147 والجامع لاحكام القران 10/ 311، وانظر فتح الباري 11/ 521 (¬6) روح المعاني 15/ 132. (¬7) انظر ترجمة في الاعلام. (¬8) ابطال التأويلات 280 - 281 مخطوط ونقل الذهبي في العلو ص16 أبياتا عن الدارقطني يثبت فيها الاجلاس، وانظر النهاية في الفتن، إبن كثير 2/ 40، ونسيم الرياض2/ 343.

النقاش (¬1) ذلك إلى أبي داود السجستاني صاحب السنن انه قال: ((من أنكر ذلك فهو عندنا متهم)) (¬2)، وذهب اليه إبن قيم الجوزية ونقله عن بعض أهل العلم كالدارقطني وغيره (¬3) - وان كان السقاف قد انكر نسبتها إلى الدارقطني وقال ((في سندها اليه كذابان وهما إبن كادش (¬4) والعشاري (¬5)) (¬6). واما موقف إبن حجر فانه لم ينكر ذلك على الرغم من انه يرجح الشفاعة إلا انه يؤول لمجاهد قوله فيقول ((فيحتمل أن تكون الاضافة اضافة تشريفية وعلى ذلك يحمل ما جاء عن مجاهد وغيره والراجح أن المراد بالمقام المحمود الشفاعة)) (¬7). ونجده في اكثر من موضع يكرر ذلك ولا ينكره فمثلاً قال: ((ويمكن رد الاقوال كلها إلى الشفاعة العامة فان اعطاه لواء الحمد وثناءه على ربه وكلامه بين يديه وجلوسه على كرسيه واقرب من جبريل كل ذلك صفات المقام المحمود الذي يشفع فيه ليقضى بين الخلق ... )) (¬8) ووجوه بطلان هذا القول هي: الوجه الأول: في سند الخبر رجل متهم هو "عباد بن يعقوب" قال عنه الذهبي ((كان داعياً إلى الرفض ومع ذلك كان يروي المناكير عن المشاهير)). (¬9) وضعف هذا الرجل يضعف الرواية، وعلى فرض صحة سند الرواية- جدلاً- وتوثيق عبادا هذا فانه قد خالف من هواوثق منه في روايته عن مجاهد نفسه فقد اخرج الطبري في تفسيره، من طريقين عن إبن أبي نجيح (¬10) عن مجاهد القول في تفسير " مقاماً محموداً" قال: ((شفاعة ¬

(¬1) انظر ترجمة في ملحق الإعلام. (¬2) انظرجامع البيان 10/ 311، وفتح الباري 11/ 521. (¬3) بدائع الفوائد 4/ 93، وانظر نسيم الرياض، الخفاجي 2/ 343. (¬4) انظر ترجمة في ملحق الاعلام. (¬5) انظر ترجمة في ملحق الاعلام. (¬6) صحيح شرح الطحاوية، السقاف 312، وانظر الاحتجاج بخبر الآحاد، صهيب السقار 255. (¬7) فتح الباري 11/ 522. (¬8) مصدر سابق. (¬9) ميزان الاعتدال 2/ 380، وانظر التقريب (3153)، والتحرير 2/ 182. (¬10) انظر ترجمة في التقريب (3662)، والتحرير 2/ 278.

محمد يوم القيامة (¬1)) ومن طريق إبن جريح (¬2) عن مجاهد مثله (¬3)، والمخالفة ضعف في الرواية، فضلاً عن قول الامام الذهبي: ((ومن انكر ما جاء عن مجاهد في التفسير قوله "عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً" قال: يجلسة معه على العرش)) (¬4). وقد أنكر الرازي هذا القول فقال: ((أن هذا القول رذل ساقط لا يميل اليه إلا انسان قليل العقل عديم الدين)) (¬5)، وكذا أبو حيان الاندلسي (¬6) وغيره، ويقول إبن عبد البر: ((ولكن قول مجاهد هذا مردود بالسنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -،وأقاويل الصحابة، وجمهور السلف وهو قول عند أهل السنة مهجور والذي عليه جماعتهم ما ثبت في ذلك عن نبيهم - صلى الله عليه وسلم - وليس من العلماء أحد إلا وهو يؤخذ من قوله ويترك الا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،ومجاهد وان كان أحد المقدمين في العلم بتأويل القرآن فإن له قولين في تأويل اثنين هما مهجوران عند العلماء، مرغوب عنهما أحدهما هذا، والآخر قوله في قول الله عز وجل عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ... قال يوسع له على العرش فيجلسه معه وهذا قول مخالف للجماعة من الصحابة ومن بعدهم فالذي عليه العلماء في تأويل هذه الآية أن المقام المحمود الشفاعة)) (¬7). قال الشيخ الالباني:" وان عجبي لا يكاد ينتهي من تحمس بعض المحدثين السالفين لهذا الحديث الواهي والاثر المنكر ومبالغتم في الانكار على من رده واساءتهم الظن بعقيدته ... وهب أن الحديث في حكم المرسل فكيف تثبت به فضيلة؟! بل كيف يبنى عليه عقيده أن الله يقعد نبيه - صلى الله عليه وسلم - معه على عرشه)) (¬8). الوجه الثاني: ذكر الواحدي (¬9) "رحمه الله تعالى" وجوهاً لفساد قول مجاهد (¬10) اجملناها بما يأتي: 1 - أن البعث ضد الاجلاس تفسير الضد بالضد وهو فاسد. 2 - انه -تعالى- لو كان جالساً على العرش يجلس عنده محمد "صلى الله عليه وسلم" لكان محدوداً ¬

(¬1) جامع البيان 15/ 144. (¬2) سبقت ترجمته انظر ص 215 من البحث. (¬3) جامع البيان 15/ 144. (¬4) ميزان الاعتدال 3/ 439. (¬5) التفسير الكبير 21/ 33. (¬6) انظر البحر المحيط 6/ 73. (¬7) التمهيد7/ 157 - 158. (¬8) مختصر العلو ص234. (¬9) انظر ترجمته في ملحق الاعلام. (¬10) انظر تفسير الكبير، الرازي 21/ 33، وروح المعاني، الآلوسي 15/ 131.

متناهياً ومن كان حاله فهو محدث. 3 - أن الله تعالى: قال: مقاماً محموداً، ولم يقل مقعداً محموداً. والمقام موضع القيام لا موضع القعود. 4 - يقال أن جلوسه مع الله على العرش ليس فيه كثير اعزاز لأن هولاء الجهال والحمقى يقولون في كل أهل الجنة إنهم يزورون الله تعالى وانهم يجلسون معه وانه تعالى يسألهم عن احوالهم التي كانوا منها في الدنيا واذا كان الامر كذلك فما وجه تفضيله به؟! 5 - إذا قيل أن السلطان بعث فلاناً فهم منه انه ارسله إلى قوم لاصلاح مهماتهم ولا يفهم منه انه اجلسه مع نفسه. الوجه الثالث: قال الإمام القرطبي: ((هذا القول مرغوب عنه، وان صح الحديث فيتأول على انه يجلسه مع انبيائه وملائكته)) (¬1). ومما مر نستخلص بطلان هذا القول، ولا حجة في تأويله، لأن التاويل فرع التصحيح فلما تبين بطلانه فسد تأويله. لأنه لما لم يثبت عن المعصوم، بطل الاستدلال به، حتى ولو قال من قاله أو تلقاه جماعة من اهل العلم بالقبول. (¬2) وأخيراً: فإن عجبي لايكاد ينقطع من اللجؤ إلى تأويل هذا الحديث أو جبر الامة بحد السيف على القول به (¬3) على الرغم من نكارته وأنِ ما ورد في الاحاديث الصحيحة يكفي للجزم بأن المراد من المقام المحمود هو الشفاعة (¬4). هذان القولان اشهر الاقوال في معنى المقام المحمود وهناك اقوال ليست من الاهمية بمكان اكتفى بالاشارة إليها وهي:- القول بأن معناه اعطاه لواء الحمد يوم القيامة، وهذا لا يغاير القول الأول (¬5)، والقول بأن معناه انه - صلى الله عليه وسلم - يكون بين الجبار وبين جبريل فيغبطه بمقامه ذلك اهل الجمع. (¬6) ¬

(¬1) التذكرة 1/ 284. (¬2) انظر النهاية في الفتن إبن كثير 2/ 40. (¬3) انظر الكامل في التاريخ، إبن الاثير 6/ 206. (¬4) انظر ص46 من الكتاب، والاحتجاج بخبرالآحاد، لصهيب السقار ص251. (¬5) انظر التفسير الكبير، الرازي 21/ 33، والجامع لاحكام القران، القرطبي 10/ 311، ونسيم الرياض الخفاجي 2/ 346. (¬6) انظر التفسير الكبير 21/ 33،وفتح الباري، إبن حجر 11/ 521.

والقول بما اقتضاه حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - مرفوعاً: "يجمع الناس في صعيد واحد فيقال يا محمد، فاقول لبيك وسعديك والخير في يديك والمهدي من هديت وعبدك بين يديك وبك واليك تباركت وتعاليت، سبحانك لا ملجأ ولا منجأ منك إلا اليك" (¬1). وهذا لا يغاير الأول (¬2)، ونقل إبن حجر اقولاً اخرى فلتنظر هناك (¬3). وذكر الآلوسي قولاً آخر في تفسيره نقلاً عن الشيخ شهاب الدين السهروردي (¬4) " أن يكون المقام المحمود هو اعطاؤه "عليه الصلاة والسلام" مرتبة من العلم لم تعط لغيره من الخلق اصلاً فإنه ذكر في رسالة له في العقائد أن علم عوام المؤمنين يكون يوم القيامة كعلم علمائهم ... ) (¬5) ويمكن رد الأقوال كلها إلى الشفاعة العامة ((فإن اعطاءه لواء الحمد وثناءه على ربه وكلامه بين يديه وجلوسه على كرسيه وقيامه اقرب من جبريل كل ذلك صفات المقام المحمود الذي يشفع فيه ليقضي بين الخلق وأما شفاعته في إخراج المذنبين من النار فمن توابع ذلك)) (¬6). وهكذا نخلص ان المراد من قوله تعالى: ((عسى ان يبعثك ربك مقامًا محمودا)) (¬7) هو اعطاءه - صلى الله عليه وسلم - الشفاعة، وتبين بجلاء بطلان القول بان المراد من المقام: اجلاسه على عرش الرحمن. وبعد أن بينا هذا يعترضنا سؤال هو:- أيكون المقصود من الشفاعة مطلقها؟ ام الشفاعة العظمى؟ ام شفاعة الإخراج من النار؟ سؤال مهم تجب الاجابة عليه، فنقول: ذهب اهل العلم في محل شفاعة المقام المحمود إلى اقوال مختلفة هي: أولاً:- المقام المحمود: هو الشفاعة مطلقاً. نقل الإمام الطبري في تفسيره نصوصاً بعضها يصرح بمطلق الشفاعة، فقد اخرج عن إبن عباس قوله: المقام المحمود: مقام الشفاعة، وكذا عن الحسن البصري ومجاهد ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (39)، وانظر جامع البيان، الطبري 9/ 145، وفتح الباري 11/ 534. (¬2) فتح الباري 11/ 522. (¬3) انظر فتح الباري سبق. (¬4) انظر ترجمته في ملحق الاعلام. (¬5) روح المعاني 15/ 132 بتصرف يسير. (¬6) فتح الباري11/ 522. (¬7) الاسراء / 79.

وقتادة (¬1). ويؤيد هذا القول ما اخرجه الترمذي وغيره من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "سئل عنها قال: هي الشفاعة" (¬2). وممن ذهب إلى ذلك من المتأخرين الشيخ الحكمي (¬3) في كتابه "معارج القبول"، فقال فيه: "فيكون المقام المحمود عاماً لجميع الشفاعات كما في التي أويتها نبياً محمد - صلى الله عليه وسلم - ... " (¬4). ثانياً: هو الشفاعة العظمى. نقل الامام الطبري: أن هذا هو قول جمهور أهل العلم وأورد عدة احاديث تؤيد ذلك وقال "رحمه الله" "هو المقام الذي يقومه - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة للشفاعة للناس ليرحمهم ربهم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلك اليوم" (¬5). ويقول الامام القرطبي: "إن المقام المحمود هو أمر الشفاعة الذي يتدافعه الانبياء -عليهم السلام- حتى ينتهي الامر إلى نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فيشفع هذه الشفاعة العامة لاهل الموقف مؤمنهم وكافرهم ليراحوا من هول موقفهم" (¬6) واليه ذهب الآلوسي كذلك (¬7)، وقال إبن حجر " والمقام المحمود هو الشفاعة العظمى التي اختص بها - صلى الله عليه وسلم - وهي إراحة أهل الموقف من أهوال القضاء بينهم والفراغ من حسابهم" (¬8)، وقد يبدو أن هذا هو ما رجحه إبن حجر وهذا وهم، وقد وقع فيه شيخنا العلامة عبد الكريم المدرس في كتابه "نور الاسلام"، حيث رجحه اعتماداً على قول الحافظ اعلاه (¬9) - وهذا وهو وهم كما قلت- ¬

(¬1) انظر جامع البيان 9/ 143 - 144، وانظر فتح الباري 11/ 520. (¬2) انظر تخريجه برقم (40). (¬3) هو الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي ت (1377) هـ صاحب كتاب معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الوصول في التوحيد. (¬4) معارج القبول 2/ 219 وانظر نسيم الرياض، الخفاجي 2/ 342 (¬5) انظر جامع البيان 9/ 143. (¬6) التذكرة 1/ 285. (¬7) انظر روح البيان 15/ 129. (¬8) فتح الباري 3/ 433 (¬9) انظر نور الاسلام، الشيخ عبد الكريم المدرس 289

فان الحافظ إبن حجر قال استدراكاً على كلامه " وسيأتي بقية الكلام على المقام المحمود في تفسير سورة سبحان، إن شاء الله تعالى" (¬1). وقال في الموضع الذي أشار اليه:" المقام المحمود نوعان: الأول العامة في فصل القضاء، والثاني الشفاعة في إخراج المذنبين من النار" (¬2). ومقتضى هذا الرأي: أن المقام المحمود هو شفاعته - صلى الله عليه وسلم - لجميع الناس وجميع الامم، وانما سمي محموداً، لان اهل الجمع كلهم يحمدونه (¬3). ثالثاً: هو الشفاعة الخاصة بالامة المحمدية في الإخراج من النار:- أخرج الإمام مسلم بسنده عن يزيد الفقير، قال: كنت قد شغفني رأي من رأى الخوارج فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد أن نحج، ثم نخرج على الناس، قال: فمررنا على المدينة فاذا جابر بن عبد الله يحدث القوم جالس على سارية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فاذا هو ذكر الجهنميين قال فقلت له: يا صاحب رسول الله ما هذا الذي تحدثون؟ والله يقول: " انك من تدخل النار فقد اخزيته" (¬4)، و ((كلما ارادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها)) (¬5) فما هذا الذي تقولون؟ قال فقال: اتقرأ القران؟ قلت: نعم. قال: فهل سمعت بمقام محمد عليه السلام " يعني الذي يبعثه الله فيه" قلت: نعم. قال: فانه مقام محمد - صلى الله عليه وسلم - المحمود الذي يخرج الله به من يخرج ... " (¬6). ونقل هذا القول الطبري عن سليمان وقتادة، وكذا نقله إبن خزيمة عن أبي هريرة " رضي الله عنه" مرفوعاً في قوله "عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً" (¬7). قال: هو المقام الذي اشفع فيه لامتي" (¬8) وكثير من النصوص التي جاءت بلفظ امتي .. امتي .. تشعر أن المراد من المقام المحمود الشفاعة الخاصة للامة، (¬9) وباخراجها من النار وادخالها الجنة. ويرد إشكال هنا: أن كان المقام خاصاً بالامة المحمدية .. فما معنى طواف الناس ¬

(¬1) فتح الباري، إبن حجر 3/ 433. (¬2) فتح الباري 11/ 521. (¬3) فتح الباري 11/ 522 (¬4) آل عمران / 196. (¬5) السجدة / 20. (¬6) اخرجه مسلم، الايمان (320)، وانظر تخريجه برقم (67). (¬7) الاسراء / 79. (¬8) حديث صحيح اخرجه إبن خزيمة في التوحيد ص305. (¬9) انظر الاحاديث برقم (9 - 11)، وانظر نسيم الرياض، الخفاجي 2/ 347.

على الانبياء على آدم .. نوح .. ابراهيم .. وغيرهم، حتى يصل الامر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقول: أنا لها؟ ‍ثم صح من حديث إبن عمر - رضي الله عنه -: "إن الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الاذن، فبينما هم كذلك، استغاثوا بآدم، ثم بموسى، ثم بمحمد، فيشفع ليقضي بين الخلق حتى ياخذ بحلقه الباب فيؤمئذ يبعثه الله مقاماً محموداً يحمده اهل الجمع كلهم" (¬1). ولفظة كلهم تشمل امة محمد وغيرهم -والله اعلم-. الرأي الراجح في المقام المحمود:- لم أقف -بحد اطلاعي- على أي رأي للجمهور في مسألة تحديد شفاعة المقام المحمود وان كان الجمهور متفقين على أصل المعنى، أي أنّ المقام المحمود هو الشفاعة، كما سلف، وإذا أردنا أنْ ننصف الاقوال فان القول بان الشفاعة كلها مقام محمود اقربها إلى الصواب، واوفرها ادلة، فلفظه المقام المحمود تكررت في الموقف (¬2)،وعند الإخراج من النار (¬3)،وفي الاذن بدخول الجنة (¬4)، وإن كان الشيخ الحكمي إدعى أن رأي جمهور المفسرين أنّ المقام المحمود هو شفاعتان: "شفاعة الموقف وشفاعة دخول الجنة " (¬5)، ولا ادري من يعني بجمهور المفسرين؟ فلم اقف على صحة نسبه هذه الدعوى؟ بل لو قصرها على شفاعة الموقف لكان اقرب إلى الصواب -والله اعلم-. ومن أهم التفسيرات الاخرى ما ذهب إليه الشيخ سعيد حوى من أنّ شفاعة الموقف، وشفاعة المرور على الصراط، وشفاعة دخول الجنة هذه ((الشفاعات الثلاث تدخل تحت ما يسمى المقام المحمود)) (¬6). وجعل الشيخ حوى هذه الشفاعات الثلاث مقابل الفزعات الثلاث التي جاءت في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ((أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وبيدي لواء الحمد ولا فخر ... قال ... فيفزع الناس ¬

(¬1) اخرجه البخاري 1475، وانظر تخريجه برقم (21). (¬2) مصدر سابق. (¬3) انظر حديث رقم (67). (¬4) 4 انظر حديث رقم (21). (¬5) 5معارج القبول 2/ 219 (¬6) الاساس في السنة، قسم العقائد، سعيد حوى 3/ 1262

ثلاث فزعات فيأتون أدم ... )) (¬1). وهذه الشفاعات ((تكون بعد أن يلجأ الناس إلى بعض الانبياء فيميل كل منهم على اخر حتى يصل الامر إلى رسولنا عليه الصلاة والسلام)) (¬2). فالفزعة الاولى هي للفصل بين العباد بعد طول الموقف وصعوبته، وقد صح من حديث إبن عمر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إن الناس يصيرون يوم القيامة جثا كل امة تتبع نبيها يقولون: يا فلان اشفعْ، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود)) (¬3). يقول الشيخ حوى: ((المقام المحمود هو الذي يشفع فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لاهل الموقف بعد طول الموقف ليفصل الله عز وجل في شأنهم وهذه الشفاعة هي التي تسمى شفاعة فصل الخطاب)) (¬4). وهو مذهب جمهور اهل العلم، أن شفاعة الموقف من شفاعات المقام المحمود كما مر معنا (¬5). واستدل الشيخ حوى على أن الشفاعة التي تصاحب الفزعة الثانية من شفاعات المقام المحمود: بما اخرجه الامام مسلم بسنده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ((يجمع الله تبارك وتعالى الناس فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة فيأتون آدم فيقولون: يا أبانا استفتح لنا الجنة ... فيأتون محمداً - صلى الله عليه وسلم - فيقوم فيؤذن له وترسل الامانة والرحم فتقومان جنبتي الصراط يميناً وشمالاً فيمر أولكم كالبرق" قال: قلت بأبي وامي: أي شيء كالبرق قال:" الم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين كمر الريح، ثم كمر الطير وشدّ الرجال تجري بهم اعمالهم ونبيكم قائم على الصراط يقول: رب سلم سلم حتى تعجز اعمال العباد حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير الا زحفاً)) (¬6). ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (32). (¬2) الاساس في السنة، قسم العقائد 3/ 1301 (¬3) انظر تخريجه برقم (21). (¬4) الاساس في السنة، قسم العقائد 3/ 1262، وانظر معارج القبول، الحكمي 208. (¬5) انظر ص51 من هذا الكتاب. (¬6) انظر تخريجه برقم (12)، وانظر الاساس في السنة، قسم العقائد سعيد حوى 3/ 1340، معارج القبول، الحكمي 213.

ويشهد له حديث انس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اني لقائم انتظر امتي تعبر على الصراط اذ جاءني عيسى -عليه السلام- فقال: هذه الانبياء قد جاءتك يا محمد يسألون ويدعون الله أن يفرق جميع الامم إلى حيث يشاء الله ... )) (¬1). يقول الشيخ حوى: ((ويفزع أهل الايمان إلى الانبياء ليؤذن للناس بالمرور على الصراط فيعتذرون إلا محمداً -صلى الله عليه وسلم- فيشفع ويُشفّع)) (¬2). واستدل على الشفاعة الثالثة للمقام بحديث إبن عمر - رضي الله عنه - الذي اخرجه البخاري بسنده عنه مرفوعاً: ((إن الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الاذن فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد فيشفع ليقضي بين الخلق فيمشي حتى يأخذ بحلقة الباب فيومئذ يبعثه الله مقاماً محموداً يحمده أهل الجمع كلهم)) (¬3). ويشهد له حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مرفوعا ((أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، بيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذٍ آدم فمن سواه الا تحت لوائي وانا اول من تنشق عنه الارض ولا فخر"، قال: فيفزع الناس ثلاث فزعات فيأتون آدم فيقولون انت أبونا آدم فأشفع لنا إلى ربك فيقول اني اذنبت ذنباً ... ولكن إئتو محمداً - صلى الله عليه وسلم - فيأتوني فانطلق معهم" قال إبن جدعان قال انس: فكأني انظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((فآخذ بحلق باب الجنة فاقعقعها فيقال: من هذا؟ فيقال: محمد فيفتحون لي، ويرحبون، فيقولون: مرحباً، فأخر ساجداً، فيعلمني الله من الثناء والحمد فيقال لي: ارفع رأسك سل تعط، واشفع تشفع، وقل يسمع قولك، وهو المقام المحمود الذي قال الله تعالى "عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً)) (¬4). وهكذا فلا يخفى أن جمهور اهل العلم متنفعون على أن شفاعة الموقف هي من شفاعات المقام المحمود ثابت للرسول - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة ولا يسع -مسلماً- انكاره أو تأويله، وهذا هو الاصل. ¬

(¬1) انظر تخريجه رقم (20). (¬2) الاساس في السنة، قسم العقائد 3/ 1331. (¬3) انظر تخريجه برقم (21). (¬4) انظر تخريجه برقم (32). واللفظ هنا لأحمد.

النوع الثاني: شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - العظمى في فصل القضاء

وأما الجزم بتحديد المكان الذي هو المقام المحمود فأنه امر غيبي، ولم يرد دليل قطعي به وإنما تكرر باكثر من مكان - وبينّا الاختلاف فيه - فعليه كل من حدد مكانه فانما هو على سبيل الاجتهاد لا على سبيل القطع والجزم - وعليه فلا أجزم به ولا ارى مسوغاً للجزم به -والله اعلم- وهذا لا يضر ما دام الاعتقاد بأصل المقام موجوداً، يقول الشيخ حوى:" ولا يكلف المسلم أن يعرف كيف يحمل كل نصٍّ من هذه النصوص على مقم بعينه بل يخشى عليه من الخطأ فيكيفه أن يعرف اصل المسألة مع التسليم والتفويض والجدّ والتشمير" (¬1). النوع الثاني: شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - العظمى في فصل القضاء. ثبت بالمتواتر من الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شفاعته لأهل الموقف (¬2). فقد جاءت عن اثني عشر صحابياً بألفاظ متقاربة، وان إجماع أهل الحق معقود على شفاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3). وان أصرح الاحاديث الصحيحة التي تقرر شفاعته - صلى الله عليه وسلم - بفصل القضاء هو ما اخرجه البخاري بسنده عن عبد الله إبن عمر - رضي الله عنه -: ((أن الشمس تدنو يوم القيامة حتى يبلغ العرق نصف الاذن فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم ثم بموسى ثم بمحمد فيشفع ليقضي بين الخلق فيمشي حتى يأخذ بحلقة الباب فيومئذٍ يبعثه الله مقاماً محموداً يحمده أهل الجمع كلهم)) (¬4). فهذا الحديث يثبت شفاعة الفصل بين العباد كغيره من الاحاديث الاخرى (¬5) وهذه الشفاعة تكون بعد سجود النبي - صلى الله عليه وسلم - لربه ليفصل في القضاء ولم أجد -في حدود اطلاعي- حديثاً واحداً صحيحاً في أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن يخر ساجداً ويقول يا رب امتي .. امتي .. أو ربي شفعني في امتي أو وعدك الذي وعدت "مثلاً" ولم اجد حديثاً: فيقول له الله جل ¬

(¬1) الاساس في السنة، قسم العقائد 3/ 1301. (¬2) أنظر لقط الآلي الزبيدي 75/ 78، ونظم المتناثر الكتاني 245، وعون المعبود، العظيم ابادي 13/ 72. (¬3) انظر شرح الفقة الاكبر لأبي حنيفة، بشرح السمرقندي 90، والارشاد، الجويني 393 - 394، والحسنة السيئة، إبن تيمية ص110، وفتح الباري، إبن حجر 1/ 577، وجلاء العينين، إبن الآلوسي ص 444. (¬4) انظر تخريجه برقم ... (21). (¬5) انظر الاحاديث برقم ... (10 - 12).

جلاله سأفصل بين العباد أو سآتي لأقضي بينهم أو غيرها من الألفاظ ... بل على العكس فان جمهرة الأحاديث فيها أنه بعد سجوده لله ليفصل بين العباد يقال له: ((قلْ يسمع لك، واشفعْ تشّفعْ. فارفع رأسي فأحمد ربي بتحميدٍ يعلمني ثم اشفع فيحد لي حداً ثم اخرجهم من النار وأدخلهم الجنة ... )) (¬1)، أو ما جاء في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلحم فدفع إليه منها الذراع ... والحديث طويل وفيه ((يا محمد ارفع راسك سل تعطه، اشفعْ تشفَعْ فاقول يا رب امتي .. امتي فيقال: ادخل من امتك من لا حساب عليه من الباب الايمن من أبوب الجنة ... )) (¬2) الحديث ... وغيرها من الأحاديث الأخرى. فلم يرد حديث صحيح يبين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد السجود يشفع لفصل القضاء، في حين أن اصل سجوده هو ليشفع للناس، بعد أن طافوا على الانبياء ... وهذا اشكال قوي فكيف الخروج منه؟ بل لقد اعترض الحافظ إبن كثير في كتابه- النهاية في الفتن والملاحم- بقوله: ((والعجب كل العجب من ايراد الائمة بهذا الحديث من اكثر طرقه لا يذكرون امر الشفاعة الأولى في أن يأتي الرب لفصل القضاء، كما ورد هذا في حديث الصور كما تقدم وهو المقصود، ومقتضى سياق الحديث أن الناس انما يستغيثون إلى آدم طمعاً في أن يفصل بين الناس ويستريحوا من مقامهم ذلك كما دلت عليه سياقاته من سائر طرقه ... )) (¬3). وهذا الحديث -حديث الصور- حديث ضعيف (¬4) وان كان لبعض الفاظه شواهد صحيحة (¬5). ونقل الحافظ إبن حجر عن الداودي (¬6) القول: ((كأن راوي هذا الحديث ركب شيئاً ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم ... (11). (¬2) انظر تخريجه برقم ... (10). (¬3) النهاية في الفتن 1/ 204 وانظر شرح الطحاوية، إبن أبي العز، بتحقيق الارنؤوط 1/ 285 والاساس في السنة، قسم العقائد، سعيد حوى 3/ 1261. (¬4) اخرجه الطبراني -في الكبير - 25/"237"، والطبري في تفسيره 2/ 330 - 331 و 30/ 186 - 188 وإبن كثير في تفسيره 2/ 141 - 142 وانظر تخريج احاديث الطحاوية للشيخ الالباني برقم (232) (¬5) انظر تفسير القرآن العظيم إبن كثير 2/ 141 (¬6) انظر ترجمته في ملحق الاعلام

على غير اصله)) (¬1). ووافق الإمام النووي القاضي عياضاً في قوله: ((وقد جاء في حديث حذيفة بعد هذا الحديث نفسه قال)) فياتون محمداً - صلى الله عليه وسلم - فيقوم ويؤذن له وترسل الامانة والرحم فيقومان جنبتي الصراط يميناً وشمالاً فيمر أولهم كالبرق، وساق الحديث. وبهذا يتصل الحديث، لان هذه هي الشفاعة التي لجأ الناس اليه فيها، وهي الاراحة من الموقف والفصل بين العباد، ثم بعد ذلك حلت الشفاعة في امته - صلى الله عليه وسلم - وفي المذنبين، وحلت الشفاعة للانبياء والملائكة وغيرهم صلوات الله وسلامه عليهم كما جاء في الاحاديث الاخرى. وجاء في الأحاديث المتقدمة في الرؤيا وحشر الناس اتباع كل امة ما كانت تعبد ثم تمييز المؤمنين من المنافقين ثم حلول الشفاعة ووضع الصراط. فيحتمل أن الأمر باتباع الامم ما كأنت تعبد هو أول الفصل والإراحة من هول الموقف، وهو أول المقام المحمود وان الشفاعة التي ذكر حلولها هي الشفاعة في المذنبين على الصراط وهو ظاهر الأحاديث ومنها لنبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ولغيره كما نص عليه في الأحاديث ثم ذكر بعدها الشفاعة في من دخل النار وبهذا تجتمع متون الحديث. (¬2) وقد علل الإمام القرطبي ذلك بقوله: ((يدل على انه شفع في ما طلب من تعجل حساب أهل الموقف فانه لما امر بادخال من لا حساب اليه من امته فقد شرع في حساب من عليه حساب من امته وغيرهم)) (¬3). وقال إبن كثير تعليقاً على هذا الاشكال: ((وكأن مقصود السلف في الاقتصار على هذا المقدار من الحديث هو الرد على الخوارج ومن تابعهم من المعتزلة، الذين أنكروا خروج احدٍ من النار بعد دخولها)) (¬4). والراجح في هذه المسألة ما قاله إبن حجر: ((كأن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ الاخر)) (¬5)، وعلى أية حال فان اصل شفاعة الموقف متفق عليه كما قدمنا. وقد أخرج البخاري وغيره من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: ((أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

(¬1) فتح الباري 11/ 534. (¬2) شرح مسلم 3/ 57 - 58 وانظر فتح الباري 11/ 535 وعمدة القاري، العيني 23/ 127 (¬3) التذكرة 281، وانظر فتح الباري 11/ 536 (¬4) النهاية في الفتن 1/ 204 وانظر شرح الطحاوية، إبن أبي العز تحقيق، الارنؤوط 1/ 286 (¬5) فتح الباري 11/ 535.

بلحم فرفع اليه الذراع -وكانت تعجبه- فنهس منها نهسة ثم قال أنا سيد الناس يوم القيامة وهل تدرون مما ذلك؟ يجمع الناس -الأولين والاخرين- في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون فيقول الناس الا ترون ما بلغكم؟ إلا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض عليكم بآدم فياتون ادم فيقولون له: أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ إلا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم أن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وأنه نهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح، فياتون نوحاً فيقولون يا نوح انك أنت أول الرسل إلى أهل الأرض وقد سماك الله عبداً شكورا اشفع لنا إلى ربك الا ترى إلى ما نحن فيه؟. فيقول: أن ربي عز وجل قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وانه كانت لي دعوة دعوتها على قومي نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى إبراهيم فياتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: أن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله واني قد كذبتُ ثلاث كذبات - فذكرهن أبو حيان في الحديث-، نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى موسى فيأتون موسى فيقولون: يا موسى أنت رسول الله فضلك الله برسالته وبكلامه على الناس، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: أن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله واني قد قتلت نفساً لم أومر بقتلها، نفسي، نفسي، نفسي اذهبوا إلى غيري أذهبوا إلى عيسى فيأتون عيسى، فيقولون يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وكلمت الناس في المهد صبياً، اشفع لنا إلا ترى إلى ما نحن فيه فيقول عيسى أن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله ولن يغضب بعده مثله ولم يذكر ذنباً- نفسي، نفسي، نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - فيأتون محمداً - صلى الله عليه وسلم - فيقولون يا محمد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر اشفع لنا إلى ربك إلا ترى ما نحن فيه؟ فانطلق فأتى تحت العرش فاقع ساجداً لربي عز وجل ثم يفتح الله عليّ من محامده وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحد

قبلي ثم يقال: يا محمد أرفع رأسك سل تعطه، واشفع تشفع، فأرفع رأسي فاقول: أمتي يا رب أمتي يا رب، أمتي يا رب. فيقال يا محمد أدخل من امتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ثم قال: ((والذي نفسي بيده أن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وحمير أو كما بين مكة وبصرى)) (¬1). وبعد أن ينشر الناس ويحشروا في صعيد واحد ((وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً)) (¬2). وتدنوا الشمس من رؤوس الخلائق فيغشى العرق الناس على قدر أعمالهم فمنهم من يبلغ العرق رجليه ومنهم كعبيه ومنهم ركبتيه ومنهم من يلجمه العرق ويطول المقام ويأخذ الناس هول الموقف ((وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع الا همسا)) (¬3) ويتلفت الناس يبحثون عن ممثل عنهم -إن صح التعبير - يبحثون عن وسيط بينهم وبين الجبار، فمن هو هذا الشفيع؟. لا يخطر ببال أحد آنذاك سوى الأنبياء فهم صفوة الله من خلقه، فيسارعون إلى أبي البشر، أول الانبياء آدم عليه السلام الذي خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وامر الملائكة أن تسجد له. فيفاجون بقوله "نفسي، نفسي، نفسي"، لست لها، اذهبوا إلى غيري ويذكر خطيئته وهي عصيانه لامر ربه واكله من الشجرة. يقول القاضي عياض في اعتذار آدم عليه السلام: ((كناية عن أن منزلته دون المنزلة المطلوبة قالها تواضعاً واكباراً لما يسألونه، وقد يكون فيه اشارة إلى أن هذا المقام ليس لي بل لغيري)) (¬4) وقد ايده الحافظ إبن حجر (¬5). ثم يقول لهم اذهبوا إلى نوح ... فيأتونه فيقولون له: يا نوح أنت أول الرسل إلى أهل الأرض وسماك الله عبداً شكورا، فيعتذر نوح عليه الصلاة والسلام ويقول نفسي، نفسي، نفسي. ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (10)، وكذلك انظر الاحاديث (11 - 14). (¬2) سورة الكهف /47. (¬3) طه /108. (¬4) فتح الباري11/ 529 بتصرف يسير وانظر شرح مسلم، النووي 3/ 56 وعمدة القاري، العيني 23/ 126، ونسيم الرياض، الخفاجي 2/ 353. (¬5) انظر مصدر سابق.

وهنا يعترضنا إشكال: هو هل كان نوح عليه السلام أول الرسل؟ وهل كان آدم وإدريس عليهما السلام رسولين؟. فأما كون نوح عليه السلام أول رسول بالنسبة لآدم وإدريس فلا إشكال فيه، لأنهما قد يكونان نبيين، وان كان الإمام العيني جزم بأنهما رسولان (¬1). وإنما وجه الإشكال في كونه أول رسول بالنسبة للرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو معارض بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي ... وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة)). (¬2) هذا الإشكال أجاب عنه الحافظ إبن حجر بعد عرضه لاحتمالات التأويل فقال: ((ولا يعترض بأن نوحاً -عليه السلام- كان مبعوثاً إلى أهل الأرض بعد الطوفان لأنه لم يبق إلا من كان مؤمناً معه وقد كان مرسلاً إليهم، لأن هذا العموم لم يكن في أصل بعثته وإنما اتفق بالحادث الذي وقع وهو انحصار الخلق من الموجودين بعد هلاك سائر الناس وأما نبينا - صلى الله عليه وسلم - فعموم رسالته من أصل البعثة، فثبت اختصاصه بذلك. وأما قول أهل الموقف لنوح كما صح في حديث الشفاعة: ((أنت أول رسول إلى أهل الأرض)) فليس المراد به عموم بعثته بل إثبات أولية ارساله وعلى تقدير أن يكون مراداً فهو مخصوص بتنصيصه سبحانه وتعالى في عدة ايات على أن ارسال نوح كان إلى قومه ولم يذكر انه ارسل إلى غيرهم (¬3) قال تعالى: ((إنّا أرسلنا نوحاً إلى قومه أن أنذِرْ قومَكْ ... )) (¬4) ويحتمل انه لم يكن في الأرض عند إرسال نوح إلا قومه (¬5) ورجح هذا القول الأخير الشيخ عبد العزيز بن باز في تحقيقه للفتح (¬6). وهو ما نراه -والله اعلم-. وأما اعتذار سيدنا نوح ... وأنه كانت لي دعوى قد دعوت بها على قومي ... وقد جاء في الرواية الاخرى ((ويذكر سؤال ربه ما ليس له به علم)) (¬7)، فهذان اعتذاران أحدهما ((نهى الله تعالى له أن يسأل ما ليس له به علم فخشي أن تكون شفاعته لأهل الموقف من ¬

(¬1) انظر عمدة القاري 23/ 127. (¬2) انظر تخريجه برقم (33). (¬3) فتح الباري 1/ 575، وانظر نسيم الرياض، الخفاجي2/ 354. (¬4) نوح /1. (¬5) نقله إبن حجر عن إبن عطية صاحب التفسير، انظر فتح الباري 1/ 576. (¬6) انظر هامش فتح الباري1/ 576. (¬7) انظر فتح الباري 11/ 530

ذلك، وثانيها أن له دعوة واحدة محققة الإجابة وقد استوفاها بدعاءه على أهل الأرض فخشي أن يطلب فلا يجاب)) (¬1). وذكر أبو حامد الغزالي -رحمه الله- أن بين اتيان أهل الموقف ادم واتيانهم نوحاً الف سنة وكذا بين كل نبي ونبي اخر إلى أن يصل الناس إلى النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - (¬2)، وقد اقره عليه القرطبي في التذكرة (¬3)، وانكره إبن حجر فقال: ((ولم اقف لذلك على اصل ولقد كثر في هذا الكتاب من ايراد احاديث لا اصول لها فلا يغتر بشيء منها)) (¬4). وقد رد الإمام العيني على الحافظ إبن حجر بقوله: ((جلالة قدر الغزالي ينافي ما ذكره وعدم وقوفه لذلك على اصل لا يستلزم نفي وقوف غيره على اصل، ولم يحط علم هذا القائل بكل ما ورد وبكل ما نقل حتى يدعي هذه الدعوى)). (¬5) ولم يذكر لنا الإمام العيني دليلاً على صحة قولة الإمام الغزالي وانما اكتفى بالتنكيل بالحافظ إبن حجر -فحسب-، وقول الحافظ إبن حجر وإن كان اصوب فانه لا ينقص من جلالة قدر الإمام الغزالي. ويقول نوح عليه السلام اذهبوا إلى إبراهيم وحينئذٍ يتوجه الناس إلى نبي الله إبراهيم فيعتذر لهم ويقول: اني قد كذبت ثلاثة كذبات نفسي، نفسي، نفسي وجاء في رواية اخرى ((قوله اني سقيم وقوله فعله كبيرهم هذا وقوله لامراته اخبيره اني اخوك)) (¬6)، وفي رواية اخرى: ((قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما منها كذبة الا ما حل بها عن دين الله)). (¬7) قال البيضاوي: ((الحق أن الكلمات الثلاث انما كانت معاريض الكلام لكن لما كان صورتها صورة الكذب اشفق منها استصغار لنفسه عن الشفاعة مع وقوعها، لان من كان اعرف بالله واقرب اليه منزلة كان أعظم خوفا)). (¬8) ثم يأتون موسى كليم الله فيعتذر ¬

(¬1) مصدر سابق. (¬2) انظر كشف علوم الآخرة ص23. (¬3) التذكرة 1/ 281. (¬4) فتح الباري 11/ 530 وانظر عمدة القاري، العيني 23/ 127ونسيم الرياض2/ 360. (¬5) عمدة القاري23/ 127. (¬6) انظر فتح الباري 11/ 531 ونسيم الرياض الخفاجي 2/ 355. (¬7) انظر ما سبق. (¬8) تفسير البيضاوي ص433 بتصرف.

ويقول نفسي، نفسي، اعمدوا إلى عيسى كلمة الله وروحه، ثم يعمدون إلى عيسى -عليه السلام- فيعتذر- رغم أنه لم يذكر ذنباً - ثم يدلهم على صاحبها .. "ائتوا محمدا" فقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فَذِكْرُ الأنبياء أخطائهم وقول عيسى هذا مع أنه لم يخطئ يدل على أن صاحب هذا المقام لا بد أن يكون مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر (¬1) قال تعالى: ((إنا فتحنا لك فتحاً مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر)) (¬2). وحينئذ يصلون إلى النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - صاحب الشفاعة العظمى يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((أُعْطِيتُ خمساً لم يعطهن أحد قبلي ... وأعطيت الشفاعة ... )) (¬3). قال الإمام النووي: ((هي الشفاعة العامة التي تكون في المحشر بفزع الخلائق إليه - صلى الله عليه وسلم -)) (¬4). ويصل الأمر إلى صاحب الشفاعة العظمى فيقول: " انا لها، انا لها" فينطلق ويخر تحت العرش ساجدا فيلهمه الله جل جلاله تحاميد لم يكن يعرفها من قبل، وجاء في حديث حذيفة - رضي الله عنه - ((يجمع الله الناس في صعيد واحد فيقال: يا محمد فاقول: لبيك وسعديك والخير في يديك والمهدي من هديت وعبدك بين يديك وبك واليك تباركت وتعاليت سبحانك لا ملجا ولا منجا منك إلا اليك)) (¬5)، ويقال للنبي - صلى الله عليه وسلم -:-يا محمد إرفع رأسك وسل تعطه واشفع تشفع فيقول: يا رب أمتي .. أمتي. وهنا يعترضنا سؤال هو: هل شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لامته خاصة أو للناس عامة؟ وقد حررنا القول فيه في موضوع المقام المحمود (¬6) فيشفع - صلى الله عليه وسلم - لأهل الموقف جميعا بِرَّهُمْ وفاجِرَهُم، إنسَهُم وجِنَّهُم، فيحمده أهل الجمع كلهم على هذا المقام الذي لم يقدر على الإقدام عليه غيره صلوات الله عليهم اجمعين (¬7). ¬

(¬1) انظر فتح الباري 11/ 533. (¬2) الفتح/1. (¬3) انظر تخريجه لاحقا برقم (33). (¬4) شرح مسلم 6/ 4 وانظر فتح الباري11/ 575. (¬5) انظر تخريجه لاحقا برقم (39). (¬6) انظر ص 53 من كتابنا هذا. (¬7) انظر شرح مسلم 3/ 57، ومجموع الفتاوي، إبن تيمية 3/ 147.

النوع الثالث: شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - في إدخال قوم بغير حساب:-

النوع الثالث: شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - في إدخال قوم بغير حساب:- بعد أن يأذن الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في الشفاعة لفصل القضاء بين العباد يقول الله تعالى لنبيه: ((أدخل من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما ذلك من الأبواب ... )) (¬1). وهذه الشفاعة هي الموعود بها - صلى الله عليه وسلم - بقوله ((وعدني ربي ان يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفاً مع كل ألف سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب وثلاث حثيات من حثيات ربي)) (¬2). وهؤلاء هم قوم مخصوصون من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - يدخلون الجنة بغير حساب فلا يدرون ما الحساب!! وفي هذا عظيم كرم الله سبحانه لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ولأمته زادها الله شرفاً وفضلاً (¬3). وأخرج الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً ((يدخل الجنة من أمتي زمرة هم سبعون ألفا تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر وقال أبو هريرة - رضي الله عنه -:- فقام عكاشة بن محصن الأسدي يرفع نمرة عليه فقال: يا رسول الله ادع الله ان يجعلني منهم قال: اللهم اجعله منهم، ثم قام رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله ادع الله ان يجعلني منهم فقال: سبقك بها عكاشة)) (¬4). وأخرجا أيضا من حديث إبن عباس - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((عرضت علي الامم فاخذ النبي يمر ومعه الأمة، والنبي يمر معه النفر، والنبي يمر ومعه العشرة، والنبي يمر ومعه الخمسة، والنبي يمر وحده فنظرت فاذا سواد كثير قلت: يا جبريل هؤلاء امتي؟ قال لا ولكن انظر إلى الافق، فنظرت فاذا سواد قال: هؤلاء امتك وهؤلاء سبعون الفا قدامهم لا حساب عليهم ولا عذاب قلت: ولم؟ قال كانوا لا يكتون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون، فقام اليه عكاشة بن محصن فقال: ادع الله ان يجعلني منهم قال: اللهم اجعله منهم، ثم قام اليه رجل اخر فقال ادع الله ان يجعلني منهم قال: سبقك بها ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (10). (¬2) انظر تخريجه برقم (50). (¬3) انظر التذكرة، القرطبي 285وشرح مسلم، النووي 3/ 88، وشرح الطحاوية بن أبي العز، تحقيق الارنوؤط2/ 289 ونسيم الرياض، الخفاجي 2/ 358 ولوامع الانوار البهيه، السفاريني 177. (¬4) انظر تخريجه برقم (47).

عكاشة)) (¬1). وجاءت الفاظ هذا الحديث متعددة فجاءت "عرضت علي الامم" وعند الترمذي والنسائي ((لما أُسْرِيَ بالنبي - صلى الله عليه وسلم - جعل يمر بالنبي ومعه الواحد ... )) (¬2). فهل هذا الاسراء هو الاسراء المكي؟ أو اسراء ثان في المدينة؟. أجاب إبن حجر عن ذلك بانه اسراء ثان وقع في المدينة ثم قال: ((والاسراء الذي وقع في المدينة ليس فيه ما وقع بمكة، من استفتاح أبواب السماوات باباً باباً ولا من التقاء الأنبياء كل واحد في سماء، ولا المراجعة معهم ولا المراجعة مع موسى فيما يتعلق بفرض الصلوات، ولا في طلب تخفيفها وسائر ما يتعلق بذلك، وانما تكررت قضايا كثيرة سوى ذلك، رءاها النبي - صلى الله عليه وسلم - فمنها بمكة البعض، ومنها بالمدينة بعد الهجرة البعض ومعضمها في المنام)) (¬3). وأما قوله: ان النبي يمر ومعه أمة، والاخر معه النفر والاخر معه العشرة والاخر ليس معه احد فان ذلك بحسب استجابتهم للدعوة وتصديقهم بالرسل فبعضهم هلكت اقوامهم، وبعضهم نجا معه النفر والنفرات ... وسؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - لجبريل: "هؤلاء امتي؟ " ينم على حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - فانه قالها لما راى سوادا عظيما طمعا منه ان تكون امته اكثر الامم انذاك. وقد يسأل سائل فيقول: ألم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرف امته وهم أهل العلامات -غر محجلون- التي تميزهم عن سائر الامم حتى يسأل جبريل -عليه السلام-؟ ويجاب على ذلك بأنه رآهم من بعيد فلم يميزهم أول الامر ولكن متى ما قربوا منه فإن يميزهم بتلك العلامة (¬4). وقد يكون شوق النبي - صلى الله عليه وسلم - وحرصه عليهم هو الذي جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يتمنى ان يكون هؤلاء امته لما رأى من كثرة عددهم وهو يعلم -يقيناً- ان امته اكثر الامم يقول - صلى الله عليه وسلم - (( ... وأنا أكثرهم تبعاً يوم القيامة)) (¬5). وأما المراد من قوله: ((هؤلاء امتك، وهؤلاء سبعون الفا قدامهم لا حساب عليهم ولا عذاب)). فالمراد بالمعية هنا المعنوية وإلا فإن السبعين ألفا المذكورين من جملة أمته ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (45). (¬2) مصدر سابق. (¬3) فتح الباري 11/ 496. (¬4) انظر فتح الباري 11/ 497. (¬5) انظر تخريجه برقم (24).

- صلى الله عليه وسلم - ولكن لم يكونوا ضمن الذين عرضوا اذ ذاك فاريد الزيادة في تكثيرهم. (¬1) وشروط هؤلاء السبعين ألفاً هي:- لا يكتوون (¬2) ولا يسترقون (¬3) ولا يتطيرون (¬4) وعلى ربهم يتوكلون (¬5). وقد جاءت معظم الروايات بهذه الشروط-تقريبا- وان كان البعض قدم أو اخر، وجاءت في رواية الإمام مسلم "لايرقون" بدلا من"ولا يكتون" وغلّط إبن تيمية رواية "لايرقون" واعتل: ان الراقي يحسن إلى الذي يرقيه فكيف يكون ذلك مطلوب الترك؟ وقد رقي جبريلُ النبي َ - صلى الله عليه وسلم - ورقي النبي اصحابه واذن لهم في الرقي، وحث عليه. (¬6) وأجيب ((ان هذه اللفظة زادها سعيد بن منصور (¬7) وسعيد ثقة حافظ وتغليط الراوي مع امكان تصحيح الزيادة لايصار اليه، ووقع ذلك من جبريل أو النبي - صلى الله عليه وسلم - دلالة لانه في مقام التشريع وتبين الاحكام)) (¬8) وأقول: هل يفهم من الحديث ان التداوي يقدح في التوكل؟؟ أجيب عن ذلك: أولا: ان الحديث هنا يحمل على من وافق اعتقاده اعتقاد الطبائعيين في كون الادوية تنفع بطبعها ولا يفوضون الامر إلى الله -جل جلاله- قاله طائفة من أهل العلم (¬9) ويرد عليهم: ان من اعتقد ذلك فهو كافر اصلا وهؤلاء تميزوا عن غيرهم بهذه الميزة (¬10) ¬

(¬1) انظر شرح مسلم، النووي 3/ 94، وفتح الباري 11/ 498، تحفة الاحودي، المباركفوري 7/ 140 (¬2) الكي بالنار: علاج معروف في كثير من الامراض. انظر النهاية في غريب الحديث، إبن الأثير 4/ 212. (¬3) هي العوذة التي يرقى بها صاحب الآفة كالحمى والصرع وغيرها. انظر النهاية في غريب الحديث2/ 254. (¬4) هي التشاؤم بالشيء. انظر النهاية في غريب الحديث 3/ 152. (¬5) هو الاعتماد على الله مطلقا. أنظر مختار الصحاح ص734. (¬6) انظر التوسل والوسيلة، إبن تيمية 31. (¬7) سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني: ثقة ثبت انظر ترجمة في التقريب 2399، والتحرير 2/ 43. (¬8) انظر فتح الباري11/ 498. (¬9) انظر فتح الباري10/ 260، وعمدة القاري، العيني 23/ 116. (¬10) انظر شرح مسلم3/ 90.

ثانيا: ان هذا الحديث يراد به الذين يجتنبون فعل ذلك حال صحتهم خشية وقوع الداء ويستثنى منه من يستعمل الدواء بعد وقوع الداء، قاله طائفة من أهل العلم (¬1) وهذا مردود بما ثبت من الاستفادة قبل وقوع الداء (¬2). ثالثاً: ((يتحمل ان يكون المراد بهؤلاء المذكورين في الحديث من غفل عن احوال الدنيا وما فيها من الاسباب المعدة لرفع العوأرض، فهم لا يعرفون الاكتواء، ولا الاسترقاء وليس لهم ملجأ فيما يعتريهم إلا الدعاء والاعتصام بالله والرضا بقضائه)) (¬3). رابعاً: ان المراد بترك الرقي والكي: الاعتماد على الله في دفع الداء والرضا بقدرته لا القدح بجواز ذلك، لثبوت وقوعه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن مقام الرضا والتسليم اعلى من الاخذ بالاسباب -وهؤلاء هم خواص الأولياء- قال به الخطأبي (¬4) والقاضي عياض والنووي. رحمهم الله جميعا. (¬5) ولا يرد على هذا القول أن يقال: ان النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك أو أقره، لان النبي يمتلك أعلى مقامات التوكل والعرفان وانما كان ذلك من باب التشريع، ومع ذلك فلا ينقص ذلك من توكله، لانه تام التوكل فلا يؤثر فيه تعاطي الاسباب شيئا (¬6)، وقيل: ((إن حقيقة التوكل هو: ان لا يخالط القلب خوف غير الله تعالى من سبع أو عدو حتى يترك السعي في طلب الرزق ثقة بضمان الله تعالى له رزقه)) (¬7)؟!!. أقول: إن هذهِ المنزلة خاصة بجماعة معينة، وهؤلاء ليسوا بأفضل من غيرهم بصورة عامة بل يتفاوتون في ذلك فقد يكون ممن يحاسب من هو أفضل منهم، وفيمن يتأخر عن الدخول ممن تحققت نجاته، وعرف مقامه من الجنة فيشّفع في غيره من هو افضل منهم. وهم لا يكتوون على الرغم من اعتقادهم ان ذلك مباحٌ لمن اضطر له، أو مكروهٌ لمن لم يضطر له. ولا يرقون ولا يسترقون البتة، وهم على ربهم يتوكلون ولا يتركون اتباع السنة في ابتغاء الرزق مما لابد له منه من مطعمٍ ومشربٍ وتحرزٍ من عدو بإعداد السلاح وإغلاق ¬

(¬1) انظرما سبق. (¬2) انظر فتح الباري10/ 360. (¬3) فتح الباري، ابن حجر 10/ 360. (¬4) انظر ترجمته في ملحق الأعلام. (¬5) انظر شرح مسلم 3/ 90 - 91. (¬6) فتح الباري 10/ 260 - 261 بتصرف. (¬7) شرح مسلم 3/ 91 بتصرف.

الباب ونحو ذلك. والتوكل الذي يتوكلون يتميز عن التوكل الذي يخالطه بعض الضعف أو الشك في ساعة من الساعات فتوكلهم متصل دائم (¬1) وهؤلاء غالباً يكونون من الزهاد والصالحين -والله اعلم-. وأما مسألة تحديد عدد هؤلاء بـ "السبعين الفاً " فهي مسألة مختلف بها باختلاف تفسير الزيادة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((وعدني ربي ان يدخل الجنة من امتي سبعين الفاً لا حساب عليهم ولا عذاب مع كل الف سبعون الفاً وثلاث حثيات من حثياته)) (¬2)، فقد نقل إبن حجر عن الكرماني (¬3) القولَ: ((احتمال ان يكون المراد به التكثير لا خصوص العدد)) (¬4)، وقيل معناه ((أن يدخلوا بدخولهم تبعاً لهم وان لم يكن لهم مثل اعماله. ويحتمل ان يراد بها دخولهم الجنة بغير حساب وان كان دخولهم في الزمرة الثانية أو بعدها)) (¬5). وجنح إبن حجر إلى القول الاخير منها وهو اظهر الاقوال -والله اعلم- وورد الاختلاف في شخصية الرجل الذي قام بعد عكاشة فقيل هو سعد إبن عبادة وهو قول ضعيف جاء به "الخطيب" في المبهمات (¬6) من طرقٍ ضعيفة تصرح بذلك (¬7). ضعفها إبن حجر في الفتح وقال: ((فان كان محفوظاً فلعله الاخر باسم سيد الخزرج واسم أبيه ونسبته فان في الصحابة كذلك اخر له في مسند بقي بن مخلد (¬8) حديث، وفي الصحابة سعد بن عمارة الانصاري فلعل اسم أبيه تحرف)) (¬9)، ورجح الإمام النووي انه سعد بن عبادة (¬10) - رضي الله عنه -. وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - "سبقك بها عكاشة" فقيل: ((انه علم بالوحي انه يجاب في عكاشة ولم يقع في حق الاخر، وقيل اراد ان يسد الباب ويحسم المادة، فلو قال للثاني نعم، لقام ¬

(¬1) انظر فتح الباري إبن حجر 11/ 499. (¬2) انظر تخريجه برقم (51). (¬3) انظر ترجمته في ملحق الاعلام. (¬4) فتح الباري 11/ 500. (¬5) فتح الباري 11/ 504. (¬6) وأسمه الكامل: " الأنباء المبهمة في الأخبار المحكمة"، مخطوط في القاهرة. (¬7) انظر فتح الباري 11/ 502. (¬8) انظر ترجمته في ملحق الاعلام (¬9) فتح الباري 11/ 504 وفيها اسحق بن بشر البخاري وهو ضعيف انظر ميزان الاعتدال 1/ 184. (¬10) انظر شرح مسلم، النووي 3/ 89.

ثالثُ ورابعٌ ... وهكذا. وقيل كان الثاني منافقاً ورده إبن تيمية)) (¬1). وذهب إبن حجر إلى القول أن السبعين الفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب هم من أهل المدينة يحشرون من مقبرة بالبقيع، اعتماداً على حديث ام قيس بنت محصن - أخت عكاشة - رضي الله عنه - أنها خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى البقيع فقال: ((يحشر من هذه المقبرة سبعون الفاً يدخلون الجنةَ بغير حساب كان وجوههم القمر ليلة البدر. فقام رجل فقال: يا رسول الله وانا؟ قال: وأنت. فقام اخر فقال: وانا؟ قال: سبقك بها عكاشة ... )) (¬2)، وقد يؤيده الأحاديث الواردة في شفاعة المدينة. النوع الرابع: شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - فيمن تساوت حسناته وسيئاته. ذهب جمهور المفسرين إلى ان أهل الأعراف هم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم فلا هم استحقوا النار فيدخلونها ولا استحقوا الجنة فيدخلونها، وان كان مآلهم إلى الجنة (¬3) -برحمة الله- ورجح ذلك الحافظ إبن حجر بعد عرض الأقوال المختلفة فيهم (¬4). ودليلهم في ذلك وإن قصر عن درجة الصحة إلا أن كثرة طرقه قد يقوي بعضها بعضا. فمنها ما اخرجه الطبراني بسنده موقوفاً على إبن عباس - رضي الله عنه -:- ((السابق يدخل الجنة بغير حساب والمقتصد برحمة الله والظالم لنفسه واصحاب الأعراف يدخلونها بشفاعة النبي ((- صلى الله عليه وسلم - (¬5). وهذا أصرح حديث بشفاعته - صلى الله عليه وسلم - لهم، وهو أولا موقوف وثانيا: فيه موسى بن عبد الرحمن الصنعاني. (¬6) ونقل أهل التفسير في ذلك اثارا لم تصح. (¬7) ¬

(¬1) انظر شرح مسلم 3/ 88 - 93 وفتح الباري 11/ 502 - 503. (¬2) اخرجه الطبراني - في الكبير- 25/ (445)، وذكره الهيثمي في "المجمع" 4/ 13 وقال فيه من لم اعرفه. (¬3) انظر جامع البيان، الطبري 5/ 190، والتفسير الكبير، الرازي 14/ 94، وتفسير القران العظيم، إبن كثير 2/ 207 (¬4) انظر فتح الباري، إبن حجر11/ 523. (¬5) اخرجه الطبراني في الكبير 11/ (11454)، والطبري في تفسيره 5/ 190 (¬6) قال عنه الذهبي 4/ 211 معروف ليس بثقة. فان إبن حيان قال فيه دجال. وقال إبن عدي: منكر الحديث. وعد الذهبي هذا الحديث من مناكيره. (¬7) انظرها في جامع البيان 5/ 190، والتفسير الكبير 14/ 94،وتفسير القرآن العظيم2/ 207 - 208.

النوع الخامس: شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوم استوجبوا النار إلا يدخلوها:-

والذي لاشك فيه هو ان اصحاب الاعراف يدخلون الجنة لقوله تعالى: ((ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون)) (¬1). والمنطق يقبل ذلك والا فكيف يدخل اصحاب الكبائر، ومن لم يعمل خيراً قط الجنة -باذن الله- وبشفاعة الشافعين- ابتداءً أو ختاماً وهؤلاء لا يدخلون؟! وهم اقل جرماً واكثر اجراً. وهذا أمر مقطوع فيه ولكن الاشكال هو أيكون دخولهم الجنة بشفاعة النبي ام بغيرها؟! كما مر فانه لا دليل على انهم يدخلون بشفاعة النبي أو غيره ولا دليل ايضاً ينفي هذا وأهل العلم في ذلك مختلفون فمثلاً القاضي عياض (¬2) والقرطبي (¬3) والنووي (¬4) وإبن تيمية (¬5) رحمهم الله لا يعدونها من أنواع شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - بخلاف إبن كثير (¬6)، وإبن أبي العز (¬7)، وإبن حجر العسقلاني (¬8)، وغيرهم. ولما لم تثبت تلك الشفاعة بدليل قطعي فانها ظنية، وهي ضرب من الغيب -والله اعلم- النوع الخامس: شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوم استوجبوا النار إلا يدخلوها:- أخرج الإمام مسلم بسنده عن حذيفة بن اليمان وأبي هريرة - رضي الله عنه - قالا: ((قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمع الله تبارك وتعالى الناس فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة فيأتون آدم فيقولون: يا ابانا استفتح لنا الجنة فيقول وهل اخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم، لست بصاحب ذلك اذهبوا إلى إبني إبراهيم خليل الله، قال فيقول إبراهيم لست بصاحب ¬

(¬1) انظر شرح مسلم 3/ 35،انظر التذكرة، القرطبي1/ 285. (¬2) انظرمصدرسابق. (¬3) انظر التذكرة1/ 285. (¬4) انظر شرح مسلم 3/ 35. (¬5) انظر مجموع الفتاوي 3/ 147. (¬6) انظر النهاية في الفتن 2/ 140. (¬7) انظر شرح الطحاوية، تحقيق الارنؤوط2/ 288. (¬8) انظر فتح الباري 11/ 522.

ذلك انما كنت خليلاً من وراء وراء، اعمدوا إلى موسى - صلى الله عليه وسلم - الذي كلمه الله تكلما، فيأتون موسى - صلى الله عليه وسلم - فيقول لست بصاحب ذلك اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه، فيقول عيسى - صلى الله عليه وسلم - لست بصاحب ذلك فيأتون محمدا - صلى الله عليه وسلم - فيقوم ويؤذن فيؤذن له وترسل الامانة والرحم فتقومان جنبتي الصراط يميناً وشمالاً. فيمر أولكم كالبرق قال: بأبي أنت وامي أي شيء كمر البرق؟ قال: الم ترو إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفه عين ثم تم كمر الريح، ثم كمر الطير وشد الرجال تجري بهم اعمالهم ونبيكم قائم على الصراط يقول: رب سَلَّمْ سَلَّمْ. حتى تعجز أعمال العباد وحتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا، قل وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة باخذ من امرت به فمخدوش (¬1) ناجٍ ومكدوس (¬2) في النار. -والذي نفس أبي هريرة بيده ان قعر جهنم سبعون خريفاً-)) (¬3). ولم أجد مستندا لهذا النوع من الشفاعة غير هذا الحديث وهو أصرح حديث في هذه الشفاعة، وقد عده الحافظ إبن حجر مستندا لها (¬4). وأما إبن قيم الجوزية فإنه يقول: ((وهذا النوع لم اقف إلى الان على حديث يدل عليه)) (¬5). ويبدو من الحديث ان النبي - صلى الله عليه وسلم - يشفع للبعض ممن لم يسعفه عمله فيقصر به ويبطيء به المسير -من أهل الإيمان- فيدعو النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه ويتشفع لهم بقوله: اللهم سلم سلم. فان كان ذاك الشخص من أهل النجاة استجاب الله لنبيه وشفعه فيه، والا فلعله ممن يخرج بشفاعة غير النبي أو يخرج بشفاعته بعد ان يسقط في النار أو ان يكون من أهل القبضة -والله اعلم-. وعلى قدر عمل الانسان تكون سرعته في المرور على الصراط فالبعض كالبرق، ¬

(¬1) أي تخدشه الكلاليب ولكن تدركه الشفاعة، وخدش الجلد أي قشره بعود أو نحوه. انظر النهاية في غريب الحديث، إبن الاثير 2/ 14. (¬2) أي ساقط في النار. انظر النهاية في غريب الحديث 4/ 155. (¬3) اخرجه مسلم، الإيمان: باب ادنى أهل الجنة منزلة فيها (329)، وأبو يعلى (6216).ح11/ 79 وانظر مضانة في المسند الجامع5/ (3401). (¬4) انظر فتح الباري 11/ 522. (¬5) شرح سنن أبي داود، الذي بهامش عون المعبود 13/ 77 - 78.

النوع السادس: شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لبعض أهل النار في ان يخرجوا منها:-

والبعض كالريح ... وهكذا. فناجٍ مخدوش أو ساقط مكدوس -والعياذ بالله- وهذه الشفاعة من الشفاعات العامة التي يشارك النبي - صلى الله عليه وسلم - غيره فيها كألانبياء الصالحين وغيرهم (¬1). وقد عدها من شفاعات النبي - صلى الله عليه وسلم - الكثير من أهل العلم: ((كالقاضي عياض، والقرطبي، والنووي، وإبن تيمية، وإبن كثير، وإبن أبي العز، والحافظ إبن حجر)) (¬2) وغيرهم. النوع السادس: شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لبعض أهل النار في ان يخرجوا منها:- إن من مات من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ولم يرتكب كبيرة في حياته أو ارتكب فتاب توبة نصوحا. أولئك يدخلون الجنة من أول الامر دون عذاب -برحمه الله- إلا من شاء الله- واما الذين يسقطون في جهنم فانهم أولئك الذين ماتوا مصرين على كبائرهم ومعاصيهم وهؤلاء ثبتت شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم وهو المراد بها هنا، فقد صح من حديث انس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((شفاعتي لأهل الكبائر من امتي)) (¬3). وهذه الشفاعة لا تكون إلا لمن كان من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أي كان من أهل العهد (¬4). فلا يشفع النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل الكبائر إلا ان يكتون من امته، على ما هو عليه ظاهر الحديث. وهذا من عظيم رحمته - صلى الله عليه وسلم -، وشفقته على امته، وتكريم الله تعالى لهذه الامة، فمهما عمل المؤمن من أعمال دون الشرك فهو في المشيئة الالهية -ان شاء عفا عنه- ابتداء وان شاء عذبه، يقول تعالى ((إن الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)) (¬5). وقد نص على ذلك جمهور أهل العلم من المسلمين، يقول أبو حنيفة -رحمه الله- ((وشفاعة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - حق لكل من هو من أهل الجنة وان كان صاحب كبيرة)) (¬6)، ونقل الباقلاني:- اجماع أهل السنة والجماعة على صحة شفاعته - صلى الله عليه وسلم - لأهل الكبائر فقال "اعلم ان أهل السنة والجماعة اجمعوا على صحة الشفاعة منه - صلى الله عليه وسلم - لأهل الكبائر من هذه ¬

(¬1) انظر ص80 من كتابنا هذا. (¬2) سبق ذلك مفصلاً في ص42. (¬3) انظر تخريجه برقم (58). وله شواهد برقم (59 - 66). (¬4) سبق ذلك ص37. (¬5) النساء /48. (¬6) الفقه الاكبر، شرح السمرقندي ص90.

الأمة" (¬1)، ونقل الأيجي الإجماع أيضا فقال: أجمع الأمة على اصل الشفاعة وهي عندنا لأهل الكبائر من الأمة لقوله عليه السلام ((شفاعتي لأهل الكبائر من امتي)) (¬2) (¬3). وقال الجويني: ((والاخبار الماثورة شاهدة بتعلق الشفاعة باصحاب الكبائر ... )) (¬4)، وقد أنكرتها بعض الفرق الكلامية كالمعتزلة، والخوارج (¬5). وقد أقر هذا القسم من الشفاعة كل مفسري أهل السنة ولم اجد من يخالف، فهذا الطبري ينص على ان الله قد صفح لعباده المؤمنين بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كثير من عقوبة اجرامهم بينه وبينهم (¬6) ويستدل بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((شفاعتي لأهل الكبائر من امتي)). ونقل الرازي الاجماع في شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل الكبائر. فقال: ((أجمعت الامة على ان لمحمد - صلى الله عليه وسلم - شفاعة في الآخرة وحمل على ذلك قوله تعالى: ((عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا (¬7)) (¬8)، وقد عد تلك الشفاعة من شفاعته - صلى الله عليه وسلم - كثير من أهل العلم، كالقرطبي وإبن كثير وغيرهم. (¬9) يقول الإمام النووي ((إن كل من مات غير مشرك بالله تعالى لم يخلد في النار وإن كان مصرا على الكبائر)) (¬10). ويقول إبن تيمية: ((إن أحاديث الشفاعة في أهل الكبائر ثابتة متواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد اتفق عليها السلف من الصحابة وتابعيهم بأحسان وائمة المسلمين، وانما نازع في ذلك أهل البدع من الخوارج والمعتزلة وغيرهم. (¬11) وأثبت ذلك إبن حجر العسقلاني في اكثر من موضع من الفتح فقال: ((إن جماعة من مذنبي هذه الامة يعذبون بالنار ثم يخرجون بالشفاعة والرحمة)) (¬12). ¬

(¬1) الانصاف168وانظر التبصير في الدين، الاسفرئيني ص174. (¬2) انظر تخريجه برقم (58). (¬3) المواقف380، وانظر العقائد العضدية، بشرح الدواني2/ 270. (¬4) الارشاد ص 294، وانظر الفصل، إبن حزم 4/ 64. (¬5) سبق بيانه ص23. (¬6) انظر جامع البيان 1/ 268. (¬7) التفسير الكبير 3/ 55. (¬8) الاسراء /79. (¬9) سبق ذكره ص42. (¬10) شرح مسلم3/ 75، وانظر فتح القدير، المناوي 4/ 162، وتحفة الاحوذي، المباركفوري 7/ 121. (¬11) مجموع الفتاوي4/ 309، وانظر العقيدة الاسلامية، محمد عياش ص306. (¬12) فتح الباري11/ 565، وانظر 11/ 522و532،وعون المعبود، العظيم أبادي 13/ 72 وبذل المجهود، السهارنفوري 18/ 279

والنصوص في اخراج الموحدين من النار ودخولهم الجنة كثيرة فمنها: ما رواه البخاري عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يخرج من النار قوم بالشفاعة كانهم الثعارير)) قلنا وما الثعارير؟ قال: "الضغابيس" (¬1)، واخرج الإمام مسلم بسنده عن أبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال: ((أتاني جبريل فبشرني انه من مات من امتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، قلت وان زنى وان سرق؟ قال وان زنى وان سرق)) (¬2). وهذه الشفاعة هي التي اختارها - صلى الله عليه وسلم - حين خُير بما جاء في حديث أبي موسى الاشعري - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((خُيرت بين الشفاعة وبين أن يدخل نصف أمتي الجنة فاخترت الشفاعة، لانها اعم واكفى اترونها للمتقين؟ لا ولكنها للمذنبين، الخاطئين، المتلوثين)) (¬3). فهذه الشفاعة مقصورة على المتلوثين الخطائين -شفاعة أهل الكبائر- أما المتقين فهم ليسوا من أهلها، بل قد تشملهم شفاعات اخرى كشفاعة المقام المحمود أو السبعين الفاً أو غيرها من الشفاعات. وجاء من حديث عوف بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أتاني آت من عند ربي فخيرني بين ان يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة فهي نائلة من مات لا يشرك بالله شيئاً)) (¬4). وأخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال: ((لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته واني احتبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة -ان شاء الله- من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً)) (¬5). قال الإمام النووي: ((وفي هذا الحديث بيان كمال شفقة النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته، ورأفته بهم، واعتنائه بالنظر في مصالحهم المهمة فأخر - صلى الله عليه وسلم - دعوته لأمته إلى أهم أوقات حاجاتهم)) (¬6). ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (60). (¬2) انظر تخريجه برقم (106). (¬3) انظر تخريجه برقم (62). (¬4) انظر تخريجه برقم (15). (¬5) انظر تخريجه برقم (2). (¬6) شرح مسلم3/ 75 وانظر فتح الباري، إبن حجر11/ 117،وشرح مسند أبي حنيفة، ملا علي القاري ص501.

وهذه الدعوة خاصة بنبينا - صلى الله عليه وسلم - والتي قد ميز بها عن بقية الأنبياء، وعن بقية الشفعاء بأن يشفع لكل أفراد أمته، فمن قال لا اله إلا الله يدخل الجنة ولو لم يعمل خيراً قط. وقد صح من حديث أبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أعطيت خمساً لم يعطهن احد قبلي ... .. وقيل لي: سل تعطه واختبأت دعوتي شفاعة لامتي في القيامة وهي نائلة -ان شاء الله- من لم يشرك بالله شيئاً)) (¬1). وأما إخراجهم من النار فإنه يكون حسب الأعمال وبشكل محدد فيبين الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في كل طور من أطوار الشفاعة حدا يقف عنده ولا يتعداه، مثل ان يقول شفّعتك فيمن أخل بالجماعة، ثم فيمن أخل بالصلاة، ثم فيمن شرب الخمر، ثم فيمن زنى ... وهكذا. وهذا يدل على تفضل مراتب المخرجين (¬2). وقد صحّ من حديث انس - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((يخرج من النار من قال لا اله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير ويخرج من النار من قال لا اله إلا الله وفي قلبه وزن برة ويخرج من النار من قال لا اله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير)) (¬3). وفي كل طور من أطوار الشفاعة في الإخراج يأتي - صلى الله عليه وسلم - ويخّر تحت عرش الرحمن فيقال له: اشفع وهكذا ... . جاء من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - ((فيقال: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبة من برة أو شعيرة من ايمان فاخرجه منها)) فانطلق فافعل، ثم أرجع إلى ربي فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجداً فيقال لي: يا محمد: إرفع رأسك وقل يسمع لك، وسل تعطه، واشفع تشفع. فأقول: أمتي أمتي فيقال لي: انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه منها. فأنطلق فافعل. ثم اعود إلى ربي فأحمده بتلك المحامد ثم اخر له ساجداً فيقال لي: يا محمد ارفع راسك وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع. فاقول: يا رب أمتي أمتي: فيقال لي: ((انطلق فمن كان في قلبه ادنى ادنى ادنى من مثقال حبة خردل من إيمان فاخرجه من النار فانطلق فافعل)) (¬4). ثم يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((يا رب ائذن لي فيمن قال ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (34). (¬2) انظر فتح الباري 11/ 534. (¬3) انظر تخريجه برقم (11). (¬4) أنظر مصدر سابق.

"لا اله إلا الله" قال: ليس ذاك لك ولكن وعزتي وكبريائي وعظمتي وجبريائي لأخرجن من قال: "لا اله إلا الله")) (¬1). ففي الإخراجات السابقة يأذن للنبي - صلى الله عليه وسلم - فيها ولكن هذه لا يسمح ولا ياذن لشافع وإنما هي لله تعالى فحسب. وجاء في رواية قتادة عن أنس ((ثم أعود فاقع ساجدا مثله في الثالثة أو الرابعة حتى ما يبقى إلا من حبسه القرآن)) وكان قتادة يقول عند هذا: "أي وجب عليه الخلود" (¬2)، فهذه الرواية ناقصة قد أكملها البخاري في كتاب التوحيد (¬3) فاثبت فيها المراجعة الرابعة، حتى يقول له الجبار ليست لك ويخرج الجبار من قال لا اله إلا الله ولم يعمل خيراً قط. وهذا لا يعني ان تفسير قتادة انهم المخلدون في النار تفسير خاطيء بل على العكس فهو صحيح ومعناه: من اخبر القرآن بتخليده في النار فانه لا تدركه الشفاعة ولا يخرج من النار بقوله تعالى: ((إن الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)) (¬4)، فلا مغفرة مع الشرك، والشفاعة مغفرة (¬5) وقد فسر الحافظ إبن حجر قول قتادة فقال:- ((يتأول: الكفار وبعض العصاة ممن ورد في القرآن في حقه التخليد ثم يخرج العصاة في القبضة وتبقى الكفار ويكون المراد بالتخليد في حق العصاة المذكورين البقاء في النار بعد اخراج من تقدمهم)) (¬6). وأرى أن هذا التاويل للحافظ بعيد جداً فالرواية التي جاءت عن قتادة ناقصة وأتمها البخاري في كتاب التوحيد كما اسلفنا، فلا حاجة لهذا التاويل البعيد. فالخلود هو لأهل الكفر والشرك والالحاد خلوداً ابدياً، واما المؤمنون الموحدون فانهم خارجون ابتدءاً أو ختاماً فهذا ليس خلوداً -والله اعلم- جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - الذي فيه اثبات رؤية الله يوم القيامة: (( ... حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد واراد ان يخرج برحمته من أراد من أهل النار امر الملائكة ان يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئاً فمن أراد الله -تعالى- ان يرحمه ممن يقول لا اله إلا الله فيعرفونهم في النار ¬

(¬1) مصدر سابق. (¬2) مصدر سابق. (¬3) برقم (7510).وانظر تخريجه برقم (11). من طريق معبد بن هلال عن انس. (¬4) النساء /48. (¬5) انظر شرح مسلم، النووي 3/ 58. (¬6) فتح الباري11/ 537.

يعرفونهم باثر السجود تاكل النار من إبن آدم إلا اثر السجود حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجون من النار وقد امتحشوا، فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون منه كما تنبت الحبة في حمل السيل ثم يفرغ الله -تعالى- من القضاء بين العباد ويبقى رجل مقبل بوجه على النار ... )) (¬1) ... الحديث. ففي الحديث ان الملائكة هي التي تخرج الناس من النار بامر الله تعالى وفي حديث انس السابق ان النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يخرج فكيف الجمع؟ نقول: الذي باشر الإخراج هم الملائكة ولكن يؤمرون بذلك على السنة الرسل (¬2). وحصل خلاف بين شراح الحديث في قوله: ((فإن الله حرم على النار ان تأكل من إبن آدم اثر السجود)). والخلاف هو: هل أن المراد من "أثر السجود" عضو السجود نفسه أم مَن سجد؟. نقل إبن حجر عن القاضي عياض القول: ((أن عذاب المؤمنين المذنبين مخالف لعذاب الكفار وانها لا تاتي على جميع اعضائه أما اكراما لموضع السجود، وعضم مكانهم من الخضوع لله تعالى أو اكرام تلك الصورة التي خلق ادم والبشر عليها وفضلوا بها على سائر الخلق)) (¬3). وعملاً بهذا القول فان الكافر يدخل جزما فيهم فلا تحرق النار اماكن السجود منه؟!! وعليه فهو قول مردود (¬4). ورجح الإمام النووي أن: ((النار لاتاكل جميع أعضاء السجود السبعة التي يسجد الانسان عليها وهي الجبهة واليدان والركبتان والقدمان)) (¬5). وهو رأي كثير من أهل العلم. واعترض القاضي عياض بحديث ((ان قوماً يخرجون من النار يحترقون فيها إلا ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (9). (¬2) انظر فتح الباري11/ 556. (¬3) فتح الباري11/ 557 - 558 بتصرف. (¬4) انظر فتح الباري11/ 558. (¬5) شرح مسلم، النووي 3/ 22 بتصرف يسير.

دارات الوجوه)) (¬1). فالمراد من أعضاء السجود الوجه فقط. واجاب على ذلك الإمام النووي بقوله: إن هذا الحديث خاص بقوم ممن يخرج وليس كل من يخرج. اما غيرهم فان اعضاء السجود كلها تسلم فيكون حديث مسلم خاصاً وغيره عاماً فيحمل الحديث على عمومه إلا ما خص منه (¬2). وزاد إبن حجر على النووي أعضاء اخرى فقال: ((وما تعقبه -أي النووي- بانها خاصة بهذه الامة فيضاف اليها التحجيل وهو جميع اليدين والرجلين لا تخصيص الكفين والقدمين ولكن ينقص منه الركبتان)) ثم اردف ((وما استدل به القاضي من بقية الحديث لا يمنع سلامة هذه الأعضاء مع الانغمار لان تلك الاحوال الآخروية خارجة على قياس احوال أهل الدنيا دون التنصيص على دارات الوجوه. ان الوجه كله لا تؤثر فيه النار إكراماً لمحل السجود ويحمل الاقتصار عليها على التنويه بها لشرفها)) (¬3)، والذي نراه هو ان المراد من النار لا تاكل اثر السجود إكراما له أولاً، ولكي تعرفهم الملائكة وتميزهم عن غيرهم ثانياً. ولا ارى مناسبة لكثرة التاويل بالاعضاء ام بالتحجيل، المهم انهم لا تحترق دارات الوجوه منهم فتعرفهم الملائكة ويعرفهم الشفعاء ((اذهبوا فاخرجوا من عرفتم)) (¬4)، فكيف يعرف الشافعُ المشفوعَ له إذا احترق وجهه؟ -والله اعلم-،ولله در القائل: يا رب أعضاء السجود عتقها من عبدك الجافي وأنت الواقي والعتق يسري بالغنى يا ذا الغنى فا ممن على الفاني بعتق الباقي (¬5) وأختلف أيضا في قوله "قد امتحشوا" أي "احترقوا" (¬6)، فمن هؤلاء الممتحشون؟ فالظاهر في هذا الحديث انهم أصحاب اثار السجود وفي حديث أبي سعيد انهم أهل القبضة فكيف التوفيق؟. ¬

(¬1) الحديث بتمامه مخرج برقم (60).وهذه اللفظة هي من طريق يزيد الفقير -عند مسلم-. (¬2) انظر شرح مسلم 3/ 22، وفتح الباري11/ 558. (¬3) فتح الباري 11/ 558، بتصرف يسير. (¬4) طرف من حديث مخرج برقم (14). (¬5) الامالي الحلبية، إبن حجر 53،نسبها إلى والده وانظر فتح الباري 11/ 559. (¬6) انظر النهاية في غريب الحديث، إبن الاثير 4/ 302.

نقل إبن حجر قول القاضي عياض ((ولا يبعد ان الامتحاش يختص بأهل القبضة والتحريم على النار أن تأكل صورة الخارجين أولاً قبلهم ممن عمل الخير على التفضيل السابق والعلم عند الله)) (¬1). أقول: الذي يبدو لي هو ان أهل النار من العصاة كلهم يحترقون -يمتحشون- ولكن من اراد الله له الخروج بشفاعة الشافعين وكان من أهل السجود في الدنيا فانه يبقى وجهه وصورته لا تحترق كيما يعرفه أهله واصحابه "الشفعاء". وأما إن لم يكن من أهل تلك الشفاعات فانه قد يخرج بالقبضة الالهية (¬2) -والله اعلم-. وجاء في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مرفوعاً- ((أما أهل النار الذين هم أهلها فانهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن ناس اصابتهم النار بذنوبهم اوخطاياهم فآماتهم إماتة حتى كانوا فحماً اذن بالشفاعة فجيء بهم ضبائر ضبائر فبثوا على أنهار الجنة ثم قيل يا أهل الجنة افيضوا عليهم فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل)) (¬3). وقد أول بعض أهل العلم الاماتة هنا انها ليس المراد ان يحصل لهم حقيقة وانما هو كناية عن غيبة احساسهم وذلك للرفق بهم اوكنى عن النوم بالموت وقد سمى الله النوم وفاة ووقع في حديث أبي هريرة انهم إذا دخلوا النار ماتوا فاذا اراد الله اخراجهم امسهم الم العذاب تلك الساعة. (¬4) وقوله "انهار الجنة" جاء في رواية أبي سعيد الماضية "يقال له نهر الحياة" (¬5) ويبدو ان تسميته بنهر الحياة اشارة إلى الخلود بعدها ابداً (¬6) -والله اعلم-. وشبّه انباتهم بنبات الحبة في حميل السيل لانها في السيل اسرع نباتا من غيره، لما يتجمع فيه من الطين الرخو الحادث مع الماء مع ما خالطه من حرارة الزبد المجذوب معه ¬

(¬1) فتح الباري11/ 559 .. (¬2) انظر فتح الباري 11/ 565. (¬3) اخرجه مسلم، الايمان (306) وانظر تخريجه تاما برقم (14). (¬4) انظر الحسنة والسيئة، إبن تيمية 120، وفتح الباري 11/ 565. (¬5) انظر تخريجه برقم (14). (¬6) انظر فتح الباري11/ 559، وشرح مسند أبي حنيفة، ملا علي القاري ص505 وتحفة الاحوذي، المباركفوري 7/ 324.

وشبه به لسرعته وحسن طراوته (¬1). ويخرج هؤلاء ((كاللؤلؤ في رقابهم الخواتم يعرفهم أهل الجنة هؤلاء عتقاء الله الذين ادخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه ثم يقول ادخلوا الجنة فما رأيتموه فهو لكم ... )) (¬2). ولعل ((المراد بالخواتم هنا اشياء من ذهب أو غير ذلك تعلق في اعناقهم علامة يعرفون بها قال: معناه تشبيه صفائهم وتلالئهم باللؤلؤ)) (¬3). وهؤلاء هم الذين يسمون الجهنميين فقد صح ذلك في أحاديث كثيرة منها: ما اخرجه البخاري وغيره من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((يخرج قوم من النار بشفاعة محمد فيدخلون الجنة ويسمون الجهنميين)) (¬4). وليست التسمية بها نقيصاً لهم بل استذكاراً ليزدادوا فرحا على فرحهم لكونهم عتقاء الله تعالى (¬5). النوع السابع: شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - في رفع الدرجات لأهل الجنة:- لقد ذكر هذا النوع من الشفاعة -وأقره- معظم ان لم اقل كل من ذكر انواع الشفاعة ولكن لم اجد من ذكر مستندها، إلا القليل منهم ممن استشهد بقوله - صلى الله عليه وسلم - ((انا أول شفيع في الجنة)) (¬6)، كمستند لها. وأنكر الحافظ إبن حجر ان يكون مستندها فقال: ((كذا قاله بعض من لقيناهم، وقال: وجه الدلالة منه انه جعل الجنة ظرفا لشفاعته. قلت: وفيه نظر، لاني سأبين انها ظرف في شفاعته الأولى المختصة به، والذي يطلب هنا ان يشفع لمن لن يبلغ عمله درجة عالية ان يبلغها بشفاعته. واشار النووي في "الروضة" (¬7) إلى ان هذه الشفاعة من خصائصه ¬

(¬1) انظر شرح مسلم، النووي 3/ 23وفتح الباري 11/ 559 وعمدة القاري العيني23/ 135. (¬2) اخرجه مسلم الإيمان (302) وانظر تخريجه برقم (14). (¬3) شرح مسلم 3/ 33،وانظر عمدة القاري 25/ 130. (¬4) انظر تخريجه برقم (57). (¬5) انظر عون المعبود العظيم ابادي 13/ 73 - 74. (¬6) انظر تخريجه برقم (24). (¬7) إن قصد "روضة الطالبين" فاني لم اقف على موضعه فيه.

النوع الثامن: شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمه أبي طالب:-

مع انه لم يذكر مستندها)) (¬1). قلت: ولم يذكر إبن حجر مستندها ايضا!! وهكذا يبدو جلياً ان هذا النوع من الشفاعة لم يُذْكَر مستندها وما ذكر منها فهو ليس في محله، لان حديث ((أنا أول شفيع في الجنة)) (¬2)، يتعلق بالمقام المحمود كما بينته (¬3)، وقد يشهد لهذا النوع من الشفاعة ما أخرجه الإمام مسلم من حديث أنس - رضي الله عنه - ((ان رجلاً من أهل البادية اتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله متى الساعة قائمة؟ قال: ويلك وما اعددت لها؟ قال: ما اعددت لها إلا اني احب الله ورسوله قال: انك مع من احببت. فقلنا: ونحن كذلك؟ قال: نعم، ففرحنا يومئذ فرحا شديدا ... )) (¬4). النوع الثامن: شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمه أبي طالب:- صح من حديث غير واحد من الصحابة كالعباس وإبن عباس وأبي سعيد، - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في شفاعته لعمه أبي طالب. فعن العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - أنه قال: ((يا رسول الله هل نفعت أبا طالب بشيء فانه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: نعم هو في ضحضاح من نار، ولولا انا لكان في الدرك الاسفل من النار)) (¬5). وعن إبن عباس - رضي الله عنه - مرفوعاً ((اهون أهل النار عذابا أبو طالب وهو منتعل بنعلين يغلي منهما دماغه)) (¬6). فهذه الأحاديث تجزم بشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمه يوم القيامة ولكن لي هنا وقفات:- الوقفة الأولى:- أمات أبو طالب مشركاً أم مسلماً؟؟ ان اجماع أهل السنة منعقد على كفره -حسب علمي- ولم ار نصاً لعالمٍ معتدٍ به يخالف ذاك سوى بعض الروافض ¬

(¬1) فتح الباري11/ 523، وانظر شرح مسلم، النووي 3/ 36،ولم يصرح به النووي في هذا الموضع. (¬2) سبق. (¬3) انظر ص55 مما سبق. (¬4) انظر تخرجه في المسند الجامع 3/ (1626)، وانظر شرح سنن أبي داود، إبن قيم الجوزية الذي هو بهامش عون المعبود 13/ 78. (¬5) انظر تخريجه برقم (56). وانظر شرح سنن أبي داود، إبن قيم الجوزية، بهامش عون المعبود13/ 77 (¬6) انظر تخريجه برقم (54).

الذين استدلوا باحاديث (¬1) بين إبن حجر بطلانها وفسادها، لمخالفتها النصوص الصحيحة الصريحة بكفره. وقد ثبت في الصحيحين ان قوله تعالى ((انك لا تهدي من احببت ... )) نزل في أبي طالب، فعن إبن المسيب عن أبيه - رضي الله عنه -: ((ان ابا طالب لما حضرته الوفاة دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده أبو جهل فقال: أي عم قل: لا اله إلا الله كلمة احاج لك بها عند الله فقال أبو جهل وعبد الله بن امية: يا ابا طالب ترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به: على ملة عبد المطلب. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لاستغفرن لك ما لم أنْهَ عنه. فنزلت "ما كان للنبي والذين آمنوا ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم انهم أصحاب الجحيم" (¬2). ونزلت: "انك لا تهدي من احببت" (¬3)) (¬4). قال الحافظ بن حجر:- ((وقفت على جزء جمعه بعض أهل الرفض اكثروا فيه من الاحاديث الواهية الدالة على اسلام أبي طالب ولا يثبت من ذلك شيء)) (¬5). ورب معترض بحديث إبن اسحق الذي أخرجه بسنده عن إبن عباس - رضي الله عنه -: ((أن ابا طالب لما تقارب منه الموت بعد ان عرض عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ان يقول لا اله إلا الله فابى قال فنظر العباس اليه وهو يحرك شفتيه فاصغى اليه فقال: يا إبن اخي والله لقد قال أخي الكلمة التي امرته ان يقولها)) (¬6). فأقول: إن في سنده لم يسم، ولو صح الحديث سنداً لعأرضه حديث المسيب هذا وهو اصح منه فضلاً عن ضعفه. (¬7) ثم ان العباس - رضي الله عنه - كان وقتها مشركاً، وشهادة المشرك مردودة، وأسأل وأقول: مثل ¬

(¬1) سياتي ذكرها لاحقا. (¬2) التوبة /113. (¬3) القصص/56. (¬4) اخرجه الشيخان، انظر مضانه في المسند الجامع 15/ (11432)،وانظر تفسير القرآن العظيم، إبن كثير3/ 380. (¬5) فتح الباري7/ 247 وانظر الاصابة في تمييز الصحابة، إبن حجر 7/ 113 - 116وفيه مناقشة الروافض وبيان بطلان رأيهم بتوسع. (¬6) وانظر شرح مسلم، النووي1/ 214. (¬7) انظر شرح مسلم، النووي 1/ 214.

أبي طالب من المنزلة والمكانة في قريش لا يشيع اسلامه آنذاك، حتى لا يثبت ذلك؟!!. اضف إلى ما مر فانه قد ثبت في الحديث الصحيح عن علي - رضي الله عنه -:- ((لما توفي أبو طالب اتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: ان عمك الشيخ (الضال) قد مات ... )) (¬1). فهو دليل قوي على أنه مات على كفره وإلا فكيف يصفه (الضال)؟!. الوقفة الثانية:- مع قوله "لما حضرته الوفاة" هل يعني ذلك في اثناء الغرغرة؟ ذهب اكثر أهل العلم (¬2) إلى ان المراد: قربت وفاته وحضرت دلائلها وذلك قبل المعاينة والنزع ولو كان في حال المعاينة -معاينة الموت- لما نفعه الايمان لقوله تعالى: ((وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر احدهم الموت قال: اني تبت الان ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك اعتدنا لهم عذاباً أليما)) " (¬3). ومما يدل على أنه قبل الغرغرة محاورة أبي طالب للنبي - صلى الله عليه وسلم - وللمشركين من حوله (¬4). وقد تكون تلك من خصوصيات النبي - صلى الله عليه وسلم - ((ويؤيد الخصوصية انه بعد ان امتنع من الاقرار بالتوحيد وقال: على ملة عبد المطلب ومات على ذلك: ان النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يترك الشفاعة له بل شفع له حتى خفف عنه العذاب بالنسبة لغيره وكان ذلك من الخصائص في حقه)) (¬5). وكما هو ثابت فانه لو قالها قبل الغرغرة لثبت إيمانه، كما ثبت ذلك في حديث الغلام اليهودي، فانه لما قالها قبل الغرغرة وجبت له الجنة، فقد جاء عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال:- ((كان غلام يهودي يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فمرض فآتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده فقعد عند رأسه، فقال له: اسلم فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له: اطع ابا القاسم - صلى الله عليه وسلم - فأسلم، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: الحمد لله الذي انقذه من النار)) (¬6). وأما في أثناء الغرغرة فلا ينفع نفسٌ ايمانها كما نصت عليه الآية ((وليست التوبة ... )) (¬7). ¬

(¬1) اخرجه أحمد1/ 129 و130، وانظر المسند الجامع 13/ (10077)، واحكام الجنائز، الالباني ص134 (¬2) انظر شرح مسلم 1/ 214 وفتح الباري، إبن حجر 8/ 650 (¬3) النساء/18. (¬4) انظر شرح مسلم 1/ 214، 7/ 247وعمدة القاري، العيني8/ 180 (¬5) فتح الباري8/ 650وانظر عمدة القاريء، العيني8/ 182. (¬6) انظر تخريجه برقم (109). (¬7) النساء /18.

المسألة الثانية: شفاعة بقية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:-

وللحديث ((إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر)) (¬1). وأما ما حصل لأبي طالب فإنها خصوصية ورجا النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه إذا اقر الشهادتين ولو كان في تلك الحالة انه ينفعه بخصوصه وتسوغ شفاعته له لمكانة أبي طالب عنده ولهذا قال ((أجادل لك بها واشفع لك)) (¬2). الوقفة الثالثة:- قد يعترض بامتناع نفع الشفاعة لمن مات كافراً بقوله تعالى: ((فما تنفعهم شفاعة الشافعين)) (¬3)، فما وجه النفع بقوله "لعله تنفعه شفاعتي"؟ أجاب الإمام القرطبي: ((إن شفاعته - صلى الله عليه وسلم - لعمه لا تنفع في الخروج من النار كعصاة الموحدين الذين يخرجون منها ويدخلون الجنة)) (¬4). أي أن الآية تعني المنفعة المراد منها الاخراج من النار، بمعنى: فما تنفعهم شفاعة الشافعين في ان يخرجوا من جهنم. واما الحديث فمضمونه يختلف، فانه يعني شفاعة التخفيف لا الاخراج. (¬5) وأجاب إبن حجر: ((بانه خص ولذلك عدوه من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم -)) (¬6)، وقول الحافظ هذا هو الأولى -والله اعلم-. المسألة الثانية: شفاعة بقية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:- إن الأنبياء عليهم السلام يشفعون كما يشفع النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وان كانوا لا يملكون بعض أنواع الشفاعة مما خصّ به نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - (¬7). ولكن من حيث اصل الشفاعة فهم يشفعون كما ثبت ذلك بصريح الأحاديث الصحيحة. فقد أخرج الشيخان وغيرهما من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - رضي الله عنه -: (( ... شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبقَ إلا ارحم الراحمين ... )) (¬8). ¬

(¬1) الحديث عن إبن عمر - رضي الله عنهما، انظر تخريجه في المسند الجامع 10/ (8101). (¬2) انظر فتح الباري، إبن حجر 8/ 650. (¬3) المدثر/48. (¬4) التذكرة 1/ 286، وانظر فتح الباري 11/ 526. (¬5) انظر الاساس في السنة، قسم العقائد، سعيد حوى 3/ 1339. (¬6) فتح الباري 11/ 526، انظر عمدة القاري، العيني 23/ 126. (¬7) انظر الاساس في السنة، قسم العقائد، سعيد حوى3/ 1331. (¬8) انظر تخريجه برقم (14).

المطلب الثاني: شفاعة الملائكة - عليهم السلام -:-

وأخرج الإمام احمد بسنده من حديث ابي بكر الصديق - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((ثم يقال أدعوا الأنبياء فيشفعون ... )) (¬1). وجاء من حديث حذيفة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ((يقول ابراهيم يا رب حرقت بني فيقول: أخرجوا ... .)) (¬2). وأما المواضع التي يشفع فيها الأنبياء عليهم السلام فهي عند الصراط كما ثبت ذلك، فقد جاء في حديث ابي هريرة" ... ويضرب جسر جهنم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:فأكون أول من يجيز ودعاء الرسل يومئذ اللهم سلّم سلم" (¬3) وهذا النوع من الشفاعة فيمن استحق النار بعمله، ولكن تدركه الشفاعة فينقذه الله منها (¬4). والموضع الآخر: فيمن استحق النار، ودخلها، ثم تدركه الشفاعة ويخرجون من النار كما ثبت في حديث حذيفة سلفاً، وكما في حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - (( ... ثم يشفع الأنبياء في كل من كان يشهد ان لا إله إلا الله مخلصا فيخرجونهم منها ... )) (¬5). المطلب الثاني: شفاعة الملائكة - عليهم السلام -:- للملائكة يوم القيامة شفاعة كبقية الشفعاء، وهي ثابتة بنصوص من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة. يقول تعالى: ((الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة فأغفر للذين تابوا، واتبعوا سبيلك، وقهم عذاب الجحيم)) (¬6)، ويقول: ((وكم من ملك لا تعني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى)) (¬7)، وغيرها من الآيات. ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (18). (¬2) انظر تخريجه برقم (72). (¬3) انظر تخريجه برقم (9). (¬4) أنظر الأساس في السنة، قسم العقائد سبق. (¬5) طرف من حديث "يا رب كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ... "، انظر تخريجه برقم (14)، وانظر الفتح الرباني، للساعاتي 24/ 129و156. (¬6) غافر/7. (¬7) النجم/26.

والإستغفار في الآية الأولى هو نوع من الدعاء والشفاعة للمذنبين (¬1)، وانتقاض النفي في الآية الثانية يعني شفاعة الملائكة بعد إذن الله لمن يشاء ورضاه وهنّ بشارة للمؤمنين (¬2). وجاء في الصحيح من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مرفوعاً: (( ... شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون)) (¬3) ... الحديث. وجاء أيضاً في حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يحمل الناس على الصراط يوم القيامة فتقادع بهم جنبه الصراط تقادع الفراش في النار قال: فينجي الله تبارك وتعالى برحمته من يشاء ثم يؤذن للملائكة والنبيين والشهداء أن يشفعوا فيشفعون ويخرجون ويشفعون ويخرجون ... )) (¬4). والنصوص كلها تصرح أن شفاعة الملائكة هي في إخراج الموحدين من النار يقول الإمام الرازي- في تفسير قوله "ويستغفرون للذين آمنوا" (¬5): ((والاستغفار طلب المغفرة، والمغفرة لا تذكر إلا في اسقاط العقاب، أما طلب النفع الزائد فأنه لا يسمى استغفاراً، وهذا يدل على أنهم يستغفرون لكل أهل الآيمان فإذا دللنا على أنّ صاحب الكبيرة مؤمن وجب دخوله تحت هذه الشفاعة ... )) (¬6). وقد يشكل أمر: هو هل الملائكة تشفع أولاً ام نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - فالنصوص بعضها ينص على شفاعة الملائكة -كما مر معنا- "شفعت الملائكة وشفع النبيون ... "، وكذا ما أخرجهُ الحاكم من حديث أبن مسعود - رضي الله عنه - (( ... أول شافع جبريل (روح القدس))) (¬7). ونصوص أخرى تصرح بأن الشافع الأول هو نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - كالشفاعة في المحشر وغيرها (¬8). وجمع بينها الحافظ أبن حجر بقوله:"أن الجميع شفعوا وتقدم النبي قبلهم في ¬

(¬1) انظر التفسير الكبير، الرازي27/ 34و28/ 307،والاساس في السنة، قسم العقائد، سعيد حوى3/ 1337. (¬2) انظر التفسير الكبير 28/ 307 وتفسير القرآن العظيم، ابن كثير 4/ 55. (¬3) انظر تخريجه برقم (14). (¬4) انظر تخريجه برقم (17). وانظر الفتح الرباني، للساعاتي24/ 156. (¬5) غافر /7. (¬6) التفسير الكبير 27/ 34، بتصرف يسير وانظر لوامع الأنوار البهية، االسفاريني 209. (¬7) اخرجه الحاكم 4/ 496، وانظر تخريجه برقم (23). (¬8) 5 انظر ص56 من بحثنا.

المطلب الثالث: شفاعة الشهداء:-

ذلك" (¬1). وأقول: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو أول شافع في بعض الشفاعات. والملائكة كذلك في أنواع أخرى، فمثلاً النبي - صلى الله عليه وسلم - أول شافع في المحشر وعند الصراط وفي الجنة- والملائكة قد تكون أول الشفعاء في إخراج أهل النار -والله أعلم .. المطلب الثالث: شفاعة الشهداء:- جاء التصريح بشفاعة الشهداء في أكثر من حديث، فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (( ... ثم يقال ادعوا الشهداء فيشفعون لمن أرادوا وقال فإذا فعلتْ الشهداء ذلك يقول الله عز وجل أنا أرحم الراحمين)) (¬2) الحديث-. وكذا بسنده عن أبي بكرة - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - رضي الله عنه - (( ... ثم يؤذن للملائكة والنبيين والشهداء أن يشفعوا فيشفعون ... )) (¬3). وجاء في حديث المقداد بن معد يكرب - رضي الله عنه - مرفوعاً ((للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفرع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها ويزوج اثنين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه)) (¬4). وجاء من طريق أبي الدرداء - رضي الله عنه - مرفوعاً ((يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته)) (¬5). يقول العلامة المناوى في شرحه لهذا الحديث:- ((من أهل بيته: شمل الأصول والفروع والزوجات وغيرهم من الأقارب ويحتمل ان المراد بالسبعين التكثير وفيه أن الإحسان إلى الأقارب افضل منه إلى الأجانب)) (¬6). ¬

(¬1) فتح الباري11/ 556، وانظر لوامع الأنوار البهية، السفاريني 209. (¬2) انظر تخريجه برقم (18). (¬3) انظر تخريجه برقم (17). (¬4) انظر تخريجه برقم (76). (¬5) 4 انظر تخريجه برقم (78). (¬6) فتح القدير، المناوي6/ 462، وانظر بذل المجهود، السهارنفوري 12/ 7. وانظر لوامع الأنوار البهية، السفاريني 209.

المطلب الرابع: شفاعة المؤمنين:-

المطلب الرابع: شفاعة المؤمنين:- وهي شفاعة ثابتة بالحديث الصحيح فقد جاء من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " ... فما انتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم من المؤمن يومئذ للجبار فإذا رأوا انهم قد نجوا في إخوانهم يقولون: ربنا إخواننا الذين كانوا يصلّون معنا، ويصومون معنا، ويعملون معنا، فيقول الله تعالى: ((اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من أيمان فأخرجوه ويحرم الله صورهم على النار فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه والى انصاف ساقيه، فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون فيقول: أذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من أيمان فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا قال أبو سعيد: فإن لم تصدقوني فأقرؤوا "أن الله لا يظلم مثقال ذرة وان تك حسنة يضاعفها" (¬1) فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون فيقول الجبار: بقيت شفاعتي ... )) (¬2) الحديث. فالمؤمنون يشفعون لإخوانهم ممن سقط في جهنم فينا دون ربهم- سبحانه- ويطلبون شفاعةً في إخوانهم وأصحابهم فيشفعّهم الله تعالى فيهم. وقوله لهم: أخرجوا من عرفتم المقصود منه الأذن في الإخراج وليس مباشرة الإخراج، لأن ذلك من وظيفة الملائكة، ويستفاد من القول هذا أن الشفاعة محددة، فالإخراج لمن عرفوا وليس لمن أرادوا، فقد تريد أن تخرج زيداً من الناس ولكن الله قد شوه وجه بالنار -والعياذ بالله- فلا تستطيع أن تعرفه ومن أراد الله لهم النجاة والخروج أبق دارات وجوههم. حيث أخرج الإمام مسلم بسنده عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - مرفوعاً ((أن قوماً يخرجون من النار يحترقون فيها إلا دارات وجوههم حتى يدخلوا الجنة)) (¬3). والشافع هذا قد يشفع لواحد أو أكثر وقد يشفع للقبيلة فقد جاء في حديث ابن أبي الجدعاء ((يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم قيل" يا رسول الله سواك؟ ¬

(¬1) النساء/40. (¬2) انظر تخريجه برقم (14). (¬3) اخرجه مسلم، الايمان، برقم (319).وانظر تخريجه كاملاً برقم (60).

قال: سواي)) (¬1). ويشهد لهذا الحديث ما جاء عن أبي أمامة - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ((ليدخلن الجنة بشفاعة رجل ليس بني مثل الحيين ربيعه ومضر إنما أقول ما أقول)) (¬2). وهؤلاء الشفعاء قد يكونون من الصحابة أو من التابعين أو علماء المسلمين وصالحيها-والله اعلم-، لأن من له هذه المنزلة لابد أن يكون من تلك الطبقات رفيعة المقام. يقول الإمام الرازي: ((إنّ جمهور الصحابة، والتابعين، وسلف المؤمنين كلهم يكونون شفعاء في ذنوب المذنبين)) (¬3). ويقول العلامة المناوي: ((والشفاعة درجات فكل صنف من الأنبياء والاولياء وأهل الدين كالعابدين، والورعين والزهاد والعلماء يأخذ حظه منها على حياله. لكن شفاعة محمد - صلى الله عليه وسلم - لا تشبه شفاعة غيره ... )) (¬4). وهذه الشفاعة أخروية من جهة الشافع والمشفوع له وهناك نوع آخر:- فقد أخرج الإمام مسلم بسنده عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنه - عن النبي - رضي الله عنه - أنه قال: ((لا يموت أحد من المسلمين فيصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون أن يكونوا مائة فما فوقها فيشفعوا له ألا شفعوا فيه)) (¬5). ومن حديث أبن عباس - رضي الله عنه - مرفوعاً ((ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته اربعون رجلا لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه)) (¬6). فهذه الشفاعة هي دنيوية من ناحية الشافع وأخروية من ناحية المشفوع لهم. ويشترط في الشفعاء أن يكونوا من أهل التوحيد. وأما شرط عدد الشافعين في الأحاديث فقد جاء في رواية "مئة" وفي رواية"اربعون" ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (85). (¬2) انظر تخريجه برقم (84). (¬3) اسرار التنزيل وأنوار التأويل، الرازي ص106.وانظر بذل المجهود، السهارنفوري 14/ 137، والاساس السنة، سعيد الحوى3/ 1337. (¬4) فتح القدير4/ 162، وانظر الحسنة والسيئة ابن تيمية116، ولوامع الأنوار البهية، السفاريني ص211. (¬5) انظر تخريجه برقم (80). (¬6) انظر تخريجه برقم (91).

المطلب الخامس: شفاعة الزمن:-

وفي رواية "ثلاثة صفوف" وفي رواية "أمّة". وقد سئل أبو المليح عن الأمة فقال: "اربعون" (¬1). ونقل النووي عن القاضي عياض-القول: ((هذه الأحاديث خرجت أجوبة لسائلين سألوا عن ذلك. فأجاب كل واحد منهم عن سؤاله)) (¬2) وذكر الإمام النووي احتمالات فقال: ((ويحتمل أن يكون قد أُخبر - صلى الله عليه وسلم - بقبول شفاعة المئة ثم أُخبر عن الأربعين ثم عن ثلاثة صفوف وإن قلّ عددهم)). ويحتمل ((أن يكون العدد غير معتبر على رأي جمهور الأصوليين فلا يلزم من الأخبار عن قبول شفاعة مئة منع قبول ما دون ذلك وكذا في الأربعين مع ثلاثة صفوف وحينئذٍ كلّ الأحاديث معمول بها ويحصل الشفاعة بأقل الأمرين من ثلاثة صفوف وأربعين)) (¬3). ونقل المباركفوري- عن القاري أنّ ((أقل الصفوف أثنان على الأصح)) (¬4)، والذي يبدو لي -والله أعلم- أنّ العبرة بالجمع من الناس لا بتحديد العدد. وأن يكون هؤلاء الجمع كلهم من أهل الأيمان ممن تقبل شفاعتهم، فهناك صنف من الناس لا تقبل شفاعتهم ولا شهادتهم عند الله كما ثبت ذلك بحديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ((لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة)) (¬5)، يقول الإمام النووي أي: ((لا يشفعون يوم القيامة حين يشفع المؤمنون في إخوانهم الذين استوجبوا النار ... )) (¬6)، فلا تصح شفاعة هؤلاء اللاعنين لأولئك الميتين-والله أعلم-. المطلب الخامس: شفاعة الزمن:- لبعض أيام الزمن فضل يختلف عن غيره من الأيام. وقد خصت هذه الأمة بيوم الجمعة فقد جاء من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من مسلم ¬

(¬1) انظر حديث برقم (95). (¬2) شرح مسلم، النووي 7/ 17. (¬3) شرح مسلم،7/ 17 بتصرف يسير، وانظر بذل المجهود، السهارنفوري 14/ 137. (¬4) تحفة الاحوذي 4/ 113. (¬5) أنظر تخريجه برقم (82). (¬6) شرح مسلم 16/ 149.

المطلب السادس: الشفاعة الإلهية:-

يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر)) (¬1). فمن مات من المسلمين -خاصة- في هذا اليوم المبارك فأنه لا يعذب في قبره، والقبر أو منازل الآخرة، وليس ببعيد عن الرحمة الإلهية أن يتم نعمته على هذا العبد ويعفو عنه بعد ذلك. وهذا الحديث لا يعارض أحاديث السؤال في القبر بل تلك الأحاديث عامة، وتخص به. وهذا الأمر ليس فيه مدخل للقياس ولا مجال للنظر وإنما ينبغي التسليم والانقياد لقول الصادق المصدوق (¬2). ونقل المباركفوري عن الحكيم الترمذي القول: ((من مات يوم الجمعة فقد أنكشف له الغطاء عما له عند الله، لأن يوم الجمعة لا تُسجر فيه جهنم وتغلق أبوابها، ولا يعمل سلطان النار فيه ما يعمل فيه سائر الأيام، فإذا قبض الله عبداً من عبيده فوافق قبضة يوم الجمعة كان ذلك دليلاً لسعادته وحسن مآبه وأنه لا يقبض في هذا اليوم إلا من كتب له السعادة عنده فلذلك يقيه فتنة القبر)) (¬3). المطلب السادس: الشفاعة الإلهية:- لقد جاءت بعض الألفاظ في الأحاديث النبوية تشعر بأن هناك شفاعة إلهية بل قد جاء لفظ صريح (( .. فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون فيقول الجبار: بقيت شفاعتي فيقبض قبضة من النار فيخرج أقواماً قد أمتحشوا فيلقون في نهر بأفواه الجنة ... )) (¬4). وما أخرجه الأمام مسلم بسنده عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - مرفوعاً ((يخرج من النار أربعة فيعرضون على الله فيلتفت أحدهم فيقول: أي رب إذ أخرجتني منها لا تعدني فيها فينجيه الله منها)) (¬5)، وما كان على هذا المنوال من الأحاديث ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (96). (¬2) انظر التذكرة، القرطبي179 وتحفة الأحوذي، المباركفوري4/ 188. (¬3) تحفة الأحوذي، المباركفوري4/ 188،وانظر شرح مسند أبي حنيفة، ملا علي القاري ص424. (¬4) انظر تخريجه برقم (14) واللفظ للبخاري (7439). (¬5) أخرجه مسلم في الايمان/ (321)، وأنظر مظانه في المسند الجامع 3/ (1665).

الأخرى (¬1). وكما هو معلوم من تعريف الشفاعة أنها: طلب الخير للغير، والتوسط بين أثنين فكيف نستطيع أن نخرج من هذا الإشكال؟. أقول: الاختلاف في ألفاظ الحديث عند الرواة أمر وارد حتى بين الصحابة الكرام رضي الله عنهم فقد ينقل متن حديث يختلف عن غيره من وجه أو أكثر، و ((قد يفوت بعضهم ما عند الآخر فإذا جمع ما عند الجميع وترك ما خالف فيه الثقة الثقات وما كان فيع علة تمنع الأخذ به استقام الأمر ويبقى القرآن هو الأصل والسنة شارحة له ... )) (¬2). لذا فما دام قد وردت ألفاظ أخرى للحديث وهي صحيحة كالرواية التي أخرجها الإمام مسلم (( ... شفعت الملائكة وشفع النبيون، وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خير قط ... )) (¬3)، فلفظة الرحمة هي أقرب إلى معنى العفو الإلهي. وعلى فرض صحة تلك اللفظة فيمكن حملها على أنها من قبيل المجانسة أو من قبيل (( ... .أعوذ بك منك ... .)) (¬4). فكأن المعنى يصبح: أن الله يتشفع برحمته من عذابه فان قيل: فما الفرق أذن بين الرحمة في المغفرة والرحمة في الشفاعة؟ قلنا الرحمة قبل الحساب مغفرة وبعد الحساب شفاعة-والله أعلم-. ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (67). (¬2) الاساس في السنة، قسم العقائد، سعيد حوى3/ 1299. (¬3) انظر تخريجه برقم (14). (¬4) طرف من حديث عائشة رضي الله عنها، أخرجه مسلم، في الصلاة (222).

المبحث الثاني شفاعة الأعمال

المبحث الثاني شفاعة الأعمال الأعمال أقسام، والجزاء عليها أشكال مختلفة، فمنها ما يجازى العبد عليها في دنياه، ومنها ما يجازى عليها يوم القيامة، ومنها ما يجازى عليها في الدارين. والجزاء الأخروي للأعمال قد يكون أجرها محدداً، كان يكون مئة حسنة أو الف حسنة -والله يضاعف لمن يشاء- ومن الجزاء الأخروي على الأعمال ما يغفر لك ذنوبك كلها أو بعضها، كالوقوف على عرفة أو الحج أو الصيام ليلة القدر (¬1) ... . ومنها ما يحجبك عن النار أصلاً أو يحاجج عنك أمام الله تعالى كالصيام والقرآن يقول الصيام: يا رب منعته الطعام والشراب، ويقول القرآن منعته النوم (¬2). والذي يعنينا هنا هو العمل الذي جاء الخبر الصحيح بلفظ صريح أنه يشفع لصاحبه كالصبر على الأواء المدينة، مثلاً (¬3)، وغيرها، أو جاء يخبر أنه يحجب النار، أو يحاجج صاحبه، فما كان من النوع الأول فأننا حاولنا الا يفوتنا منه شيء، وما كان من النوع الثاني فاننا اقتصرت على الامثلة فقط، لضيق الوقت أولاً، ولأنه لو كتب بالشكل المطلوب لكتبت به رسائل. ¬

(¬1) يقول صلى الله عليه وسلم "من قام ليلة القدر أيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"- انظر تخريجه في المسند الجامع 19/ (16643)، وهو من مسند السيدة عائشة رضي الله عنها. (¬2) انظر الحديث برقم (118). (¬3) انظر الحديث برقم (135).

المطلب الأول:- شفاعة كلمة التوحيد- لا اله إلا الله محمد رسول الله-

المطلب الأول:- شفاعة كلمة التوحيد- لا اله إلا الله محمد رسول الله-. باديء ذي بدء لابد أن نقف على معنى "كلمة" ومعنى" توحيد" وما معناهما مركبتين؟. فالكلمة: هي اللفظ الموضوع لمعنى مفرد (¬1). والتوحيد: واصلها: وحَّد، يوحد، توحيداً، ومعناها: الافراد (¬2). وكلمة التوحيد تعني: لا اله إلا الله محمد رسول الله (¬3). وتزداد قيمة الكلمة وأهميتها بازدياد أهمية موضوعها، وهل موضوع أعظم من توحيد الله؟ فالإنسان أذن يدخل الإسلام بكلمة، ويخرج من الإسلام بكلمة، يدخل الجنة بكلمة ويدخل النار بكلمة. وأصل دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - "كلمة":يا قوم "قولوا لا اله إلا الله تفلحوا" (¬4) ونحن نحكم بإسلام كل من يقول"لا اله إلا الله محمد رسول الله" فإذا قالها دخل حصن الإسلام ويعصم نفسه وماله، ويجب له ما للمسلمين من حقوق، وعليه من الواجبات ما عليهم (¬5). ولكلمة التوحيد في الدنيا منزلة خاصة بالإضافة إلى ما سبق: فمن قالها فلا يحل دمه ويصبح حراماً على المسلمين وحادثة أسامة بن زيد- رضي الله عنها- حينما قتل ذلك الرجل الذي قال لا اله إلا الله خوفاً ورهبة من السيف - كما ظنّ أسامة- ولما علم النبي - صلى الله عليه وسلم - عاتبه وقال له: ((أقتلته بعد أن قالها؟)) (¬6) خير دليل. أما في الآخرة فإنها ذات مكان عظيم فهي تشفع لكل من قالها خالصاً من قلبه ... فـ"لا اله إلا الله" مع ضميمتها "محمد رسول الله" تعتبران البطاقة الرابحة يوم القيامة ومن ¬

(¬1) التعريفات، الجرجاني ص 104. (¬2) انظر مختار الصحاح، الرازي مادة وحد، ص712. (¬3) انظر فتح المجيد، عبد الرحمن آل الشيخ ص12. (¬4) انظر تخريجه في المسند الجامع 18/ (15400). (¬5) الا ان ينكر شيئاً مما علم من الدين بالضرورة كالصلاة أو الصيام ... الخ. (¬6) انظر تخريجه في المسند الجامع 1/ (105).

لم يحمل البطاقة فليس له أن يدخل الجنة البتة ولابد من الإقرار أن محمداً رسول الله، يقول الحافظ أبن حجر: ((والمراد بقوله لا اله إلا الله في هذا الحديث وغيره كلمتا الشهادة فلا يرد أشكال ترك ذكر الرسالة)) (¬1)، ولا يعرف معنى لا اله إلا الله ومستلزماتها إلا بالإقرار أن محمداً رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2) ولهذا كان الصحيح: ((أن أول واجب يجب على المكلف شهادة أن لا اله إلا الله لا النظر ولا يقصد إلى النظر ولا يشك كما هي أقوال لأرباب الكلام المذموم، بل أئمة السلف كلهم متفقون على أن أول ما يؤمر به العبد ... الشهادتان ... .)) (¬3). إذن فالإقرار بالتوحيد عمل بل من أسمى الأعمال وأفضلها. النصوص ومناقشتها:- جاءت الأحاديث الصحيحة التي تصرح أن من شهد بالتوحيد ومات على ذلك فقد حرم على النار فقد أخرج الشيخان وغيرهما من حديث أبي ذر - رضي الله عنه - يقول - رضي الله عنه -:- ((أتاني جبريل فبشرني أنه من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة فقلت وأن زنى وان سرق؟ فقال وأن زنى وأن سرق)) (¬4). وأخرج الإمام مسلم بسنده من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((من شهد أن لا اله إلا الله وأن محمداً رسول الله حرم الله عليه النار)) (¬5). وأخرج الشيخان وغيرهما من حديث عتبان بن مالك - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((لا يشهد أحد أن لا اله إلا الله وأني رسول الله فيدخل النار أو تطعمه)) (¬6). وجاء من طريق معاذ بن جبل - رضي الله عنه - بلفظ ((من قال لا اله إلا الله مخلصاً من قلبه أو يقيناً من قلبه دخل الجنة ولم تمسه النار)) (¬7). فهذه النصوص وغيرها فيها بيان أن كلمة التوحيد تشفع لصاحبها فهي قد تحجبه أصلاً فلا تمسه النار، إذا كان ممن أدى حقها ولم ينقضها. ولا اريد أن أذكر الأحاديث ¬

(¬1) فتح الباري3/ 142، وانظر عمدة القاري، العيني 8/ 2. (¬2) انظر الاساس في السنة، قسم العقائد، سعيد حوى 1/ 221. (¬3) شرح العقيدة الطحاوية، أبن أبي العز، تحقيق الأرنؤوط 1/ 23. (¬4) انظر تخريجه برقم (106). (¬5) انظر تخريجه برقم (102). (¬6) انظر تخريجه برقم (99). (¬7) انظر تخريجه برقم (103).

التي تتكلم عن كونها -لا اله إلا الله- تدخل الجنة فأنه لا ينفي دخول النار أولاً (¬1). وقد عدها الحافظ أبن حجر من أنواع الشفاعات الأخروية فقال (( ... وشفاعة أخرى، وهي شفاعة فيمن قال لا اله إلا الله ولم يعمل خيراً قط)) (¬2). ومن مجموع الأحاديث الواردة نجد التعارض قائماً-ظاهراً- فالاحاديث التي مرت تفهم أن من قال لا اله إلا الله لم تمسه النار مطلقاً، وإلا فما معنى: لا تمسه النار؟؟ أو لاتطعمه النار؟؟ وفي المقابل جاءت أحاديث أخرى صحيحة تصرح أن من قال لا اله إلا الله قد يكون من أهل النار ثم تدركه الشفاعة كما جاء في الحديث: ((يخرج من النار من قال لا اله إلا الله وكان في قلبه مثقال شعيرة من خير ... )) (¬3) الحديث. وقد إختلف أهل العلم في توجيه هذه النصوص اختلافاً بينا، فقد ذهب الإمام البخاري إلى أن معنى "وأن زنى وأن سرق": أي من تاب عند الموت قبل الغرغرة وهذا هو ما فهمه أبو ذر - رضي الله عنه -. وذهب قسم آخر إلى ان دخول الجنة قد يكون ابتداءً، وقد يكون بعد المجازاة على المعصية، وفي ذلك يقول الحافظ أبن حجر: ((والأول هو وفق ما أفهمه أبو ذر، والثاني أولى للجمع بين الأدلة)) (¬4). وروي عن سعيد بن المسيب والزهري -رحمهما الله- في تأويل الأحاديث الواردة في أن "من شهد أن لا اله إلا الله دخل الجنة" وفي بعضها "حرم على النار": أن ذلك قبل نزول الفرائض والأمر والنهي. ذكره الحافظ ابن حجرثم تعقبه فقال: ((ووجه التعقيب ذكر الزنا والسرقة فيه)) (¬5). وروي عن الحسن البصري: ((على من قال الكلمة وأدى حقها بأداء ما وجب واجتناب ما نهى)) (¬6)، وقد رجحه الطيبي (¬7). ¬

(¬1) انظر فتح الباري، أبن حجر11/ 325، وانظر شرح مسند أبي حنيفة، ملا علي القاري ص311. (¬2) فتح الباري11/ 523. (¬3) انظر تخريجه برقم (100). (¬4) فتح الباري11/ 324،وانظر شرح مسلم، النووي2/ 97، وانظر عمدة القاري-العيني8/ 5. (¬5) فتح الباري، سبق. (¬6) فتح الباري، سبق، وانظر شرح مسلم1/ 219و221. (¬7) فتح الباري، سبق.

وقال الإمام النووي بعد أن نقل المتون:- ((مذهب أهل السنة بأجمعهم: أن أهل الذنوب في مشيئة الله، وان مات موقناً بالشهادتين يدخل الجنة كأن كان تائباً أو سليماً من المعاصي دخل الجنة -برحمة الله- وحرم على النار وأن كان من المخلطين تبضيع ما اوجب الله تعالى عليه أو بعضها أو بفعل المحرمات أو بعضها ومات من غير توبة فهو في خطر المشيئة وهو بصدد ان يمضي عليه الوعيد إلا ان يشاء ان يعفو عنه فان شاء أن يعذبه فمصيره إلى الجنة بالشفاعة)) (¬1). وقد ذهبت طائفة من المرجئة إلى ان احداً من الموحدين لا يدخل النار أصلاً وإنما المراد بما جاء من ان النار تسفهم أو تلفحهم، وما جاء في أخراج الموحدين من النار كله محمول على ما يلاقونه من هول وكرب الموقف. وهو قول باطل مردود ((وأقوى ما يرد عليهم ما تقدم في الزكاة من حديث أبي هريرة في قصة مانع الزكاة واللفظ لمسلم:"ما من صاحب ابل لا يؤدي حقها منها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر اوفر ما كانت تطوء باخفانها وتعضه بافواهها في يوم يوم كان مقداره خمسين الف سنة حتى يقضي بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار (¬2) " .. وهو دال على تعذيب من شاء الله من العصاة بالنار حقيقة زيادة على كرب الموقف)) (¬3). ((وقيل لوهب بن منبه (¬4) أليس لا اله إلا الله مفتاح الجنة؟ قال: بلى ولكن ليس مفتاح الاله اسنان، فان جئت بمفتاح له اسنان فتح لك ولا لم يفتح لك)) (¬5). ونقل الحافظ ابن حجر عن الزين بن المنير (¬6) القول: ((اما قول وهب فمراده بالاسنان التزام الطاعة فلا يرد اشكال موافقة الخوارج وغيرهم ان اهل الكبائر لا يدخلون الجنة)) (¬7). ¬

(¬1) انظر شرح مسلم1/ 220و2/ 97، وفتح الباري 11/ 325، وتحفة الاحوذي، المباركفوري7/ 394. (¬2) انظر مظانه في المسند الجامع 17/ (13323). (¬3) فتح الباري 11/ 325 بتصرف يسير، وانظر مجموع الفتاوي ابن تيمية7/ 644. (¬4) هو وهب بن منبه بن كامل اليماني، ابو عبد الله البناوي: انظر ترجمته في التقريب7485. (¬5) هو اثر معلق اخرجه البخاري في الجنائز، باب رقم1،وانظر فتح الباري 3/ 142. (¬6) انظر ترجمته في ملحق الاعلام. (¬7) فتح الباري3/ 142.

ثم تعقبه ابن حجر فقال: ((وأما قوله"لم يفتح له" فكأن مراده لم يفتح له فتحاً تاماً أو لم يفتح له في أول الامر هذا نسبة إلى الغالب وإلا فالحق انهم في مشيئة الله تعالى)) (¬1). واما توجيه الامام العيني لقول وهب بن منبه فهو:- ((قلت: قد ذكرنا أحاديث فيما مضى تدل على أن قائل لا اله إلا الله يدخل الجنة وليست مقيدة بشيء غاية ما في الباب جاء في حديث آخر أن هذه الكلمة مفتاح الجنة والظاهر أن قيد المفتاح بالأسنان مدرج في الحديث، وذكر المفتاح ليس على الحقيقة وإنما هو كناية عن التمكن من الدخول عند هذا القول وليس المراد منه المفتاح الحقيقي، الذي له اسنان ولا يفتح إلا بها، وإذا قلنا المراد بالاسنان الطاعات يلزم من ذلك أن من قال لا اله إلا الله واستمر على ذلك إلى ان مات ولم يعمل بطاعة أنه لا يدخل الجنة وهو مذهب الرافضة والإباحية وأكثر الخوارج فإنهم يقولون أن أصحاب الكبائر والمذنبين من المؤمنين يخلدون في النار بذنوبهم والقرآن ناطق بتكذيبهم قال الله تعالى"ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء (¬2) ". وحديث الباب أيضاً يكذبهم وفي صحيح مسلم من حديث عثمان مرفوعاً:"من مات وهو يعلم ان لا اله إلا الله دخل الجنة (¬3)) (¬4). ويتبين لي أن لكلمة التوحيد شفاعة ولكنها مقيدة بشرطين هما:- اولاً: الإقرار بهما: وهو أما بالتلفظ أو النطق بهما، أو بالتصديق القلبي فقط. وكلا الامرين مقبول وداخل تحت "من قال لا اله إلا الله ... ". اما حديث ((من مات وهو يعلم انه لا اله إلا الله دخل الجنة)). فيقول الإمام النووي: ((وقد يحتج به أيضاً من يرى ان مجرد معرفة القلب نافعة دون النطق بالشهادتين لاقتصاره على العلم ومذهب اهل السنة ان المعرفة مرتبطة بالشهادتين، لا تنفع احداهما ولا تنجي من النار دون الاخرى. إلا لمن لم يقدر على الشهادتين لآفة بلسانه أو لم تمهله المدة ليقولها بل اخترمته المنية، ولا حجة لمخالف الجماعة بهذا اللفظ اذ قد ورد مفسراً في الحديث الآخر من قال لا اله إلا الله ومن شهد ان لا اله إلا الله واني رسول الله، وقد جاء هذا الحديث وامثاله كثيرة في الفاظها اختلاف ¬

(¬1) فتح الباري، سبق. (¬2) النساء/48. (¬3) اخرجه مسلم، الإيمان (43). (¬4) عمدة القاري 8/ 3.

ولمعانيها عند اهل التحقيق ائتلاف ... )) (¬1). واقول: إنّ من رفض النطق بها أو عمل عملاً مخالفاً لاصولها وكان مدعياً الإيمان القلبي فهذا الذي ينكر عليه ويطلب منه النطق. أما إذا كان مؤمناً بها في قلبه مصدقاً يقيناً بها مخلصاً ولم ينطق بها فانه مؤمن-والله اعلم- اذ ان النطق بالشهادتين للحكم على ذلك الرجل انه مسلم. أما الايمان فان محله القلب (¬2). ثانياً: الإيمان بجميع ما علم من الدين بالضرورة: الإيمان في عرف الشرع لا يطلق إلا إذا كان شاملاً لجميع ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى يتحقق الايمان ويصح اطلاقه. والإيمان كما قرره علماء السلف:"هو اعتقاد بالقلب ونطق باللسان وعمل بالاركان وارادوا بذلك ان الاعمال شرط كماله، هذا بالنظر إلى ما عند الله تعالى. وأما بالنظر إلى ما عندنا: فالايمان: هو الاقرار فقط فمن اقر اجريت عليه الاحكام في الدنيا ولم يحكم عليه بكفر الا ان اقترن به فعل يدل على كفره كالسجود للصنم ... (¬3) ". والقول ان الايمان قول وعمل هو مذهب الإمام البخاري، اذ يقول: "لقيت اكثر من العلماء بالانصار فما رأيت احداً يختلف في أن الايمان قول وعمل ويزيد وينقص (¬4) "، وكذا نقل عن الشافعي - رحمه الله - (¬5). أما مذهب المرجئة فانهم يقولون:- الايمان: هو اعتقاد ونطق فقط (¬6)، والكرامية، قالوا: هو نطق فقط (¬7). والمعتزلة قالوا: هو العمل والنطق والاعتقاد (¬8). والفارق بين المعتزلة وبين السلف ¬

(¬1) شرح مسلم1/ 219، وانظر فتح الباري، ابن حجر 1/ 140، وعمدة القاري العيني 1/ 260. (¬2) انظر شرح مسلم 1/ 149. (¬3) فتح الباري 1/ 64 بتصرف يسير. (¬4) فتح الباري 1/ 65 بتصرف يسير. (¬5) مصدر سابق. (¬6) انظر الفصل، ابن حزم 3/ 188، وشرح مسلم، النووي 1/ 218، ومجموع الفتاوي، ابن تيمية 7/ 644. (¬7) انظر فتح الباري، ابن حجر 1/ 64. (¬8) انظر الفصل3/ 188 وشرح مسلم1/ 218.

هو جعل المعتزلة الاعمال شرطاً في صحة الايمان، والسلف جعلوه شرطاً في كماله (¬1). ويمكننا توجيه الامر بالقول: إن الانسان الذي يدعي الايمان بالله لا بد له من الايمان باركانه المقرر في حديث جبريل-عليه السلام- (¬2)، وهي الايمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الاخر، وبالقدر خير وشره. فاذا اختل ركن من هذه الاركان فلا يسمى مؤمناً. وايمان المسلم بهذه الاركان يعني انه لا يُخلّد في النار-وان زنى وان سرق- فمن نطق بالشهادتين"اشهد ان لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله" كان مسلماً ومن كان مسلماً فقد ((أقر بأركان الايمان، الايمان بالله، والايمان بالرسالة، والايمان بالواسطة بين الله والرسل، والايمان بالوحي الذي انزل على الرسل. وأما الإيمان باليوم الآخر وبالقدر فإنما هما فرعان عن هذا كله، ومن آمن بالوحي آمن بالكتاب والسنة ومن آمن بالكتاب والسنة آمن بالاسلام آمن بالاسلام كله وما يستلزمه الايمان بالاسلام ومن هنا كانت الشهادتان هما البداية وهما النهاية وهما الوسط وكذلك نجد التركيز على ذلك في الكتاب والسنة)) (¬3). ومن آمن بهذا كله فقد ذاق طعم الايمان فقد اخرج الامام مسلم عن العباس - رضي الله عنه - مرفوعاً ((ذاق طعم الايمان من رضي بالله رباً وبالاسلام ديناً وبمحمد رسولاً)) (¬4). ومن ذاق طعم الايمان فانه لا يخلد في النار -برحمة الله تعالى ومنته-واما كون العمل شرط الايمان أو مكمل له فأقول:- أن من آمن ولم يعمل من الطاعات شيئاً فهو في المشيئة الالهية، ان شاء عذبه وان شاء عفا عنه. أما كون العمل شرطاً في الايمان فهو باطل، وانما الايمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي-كما اسلفنا القول (¬5). وأما ما جاء من النصوص والتي في ظاهرها ان العمل غير معتبر فهي مطلقة ويجب ¬

(¬1) مصدر سابق. (¬2) حديث جبريل الطويل اخرجه الشيخان وغيرهما انظر المسند الجامع 13/ (10441). (¬3) الاساس في السنة، قسم العقائد، سعيد حوى 1/ 221 بتصرف يسير. (¬4) مسلم/ كتاب الايمان (56). (¬5) انظر ص92 مما سبق.

حمل المطلق على المقيد. والاحاديث التي تقيد بذلك الاطلاق كثيرة منها:- ما أخرجه الإمام مسلم بسنده من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال النبي: ((بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله واقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان)) (¬1). وجاء من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((عرى الاسلام وقواعد الدين ثلاثة عليهن أسس الاسلام من ترك واحدة منهن فهو بها كافر حلال الدم: شهادة لا اله إلا الله، والصلاة المكتوبة، وصوم رمضان)) (¬2). والإيمان بالله على نوعين: ايمان بأركان الايمان وهذا القدر واجب على كل مؤمن وصاحبه لا يخلد في النار. والنوع الثاني: الإيمان الكامل الذي قال تعالى فيه: ((إنما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم آياته زادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون. الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون اولئك هم المؤمنون حقا ... )) (¬3) فهذا الايمان هو الذي يحرم صاحبه على النار. وقد سئل الحسن البصري عن ايمانه فقال: انا مؤمن من الصنف الاول اما الصنف الثاني فلا ادري انا منهم امْ لا (¬4). فلم يتوقف الحسن في الجزم بانه من اهل الايمان الاصلي وانما توقف في كونه من اهل الكمال الذي وعدهم الله الجنة بقوله"لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم" (¬5). وبعبارة اوضح فان للايمان معنيين: معنى مطلق، ومعنى مقيد، فالمعنى المطلق-الذي يراد اذا اطلقت اللفظة مجردة- هو الذي يشمل العبادات والاعمال الصالحات. والمقيد: هو الذي يقربه في القلب ولا يقترن به عمل. فالاحاديث التي جاءت تخبر بالنجاة وتحريم المؤمن على النار هي القسم الاول، ¬

(¬1) مسلم، الإيمان (19،20،21،22). وانظر المسند الجامع 10/ (7160،7161،7162،7163،،7164،7165،7166). (¬2) اخرجه ابو يعلى (2349)، وانظر مجمع الزوائد 1/ 47و48. (¬3) الانفال/2 - 3. (¬4) انظر الاعتقاد على مذهب اهل السنة والجماعة، البيهقي 84. (¬5) الانفال/3، وانظر مصدر سابق.

واما القسم الثاني فهو الذي لا يخلد في النار. وقد نص على ذلك الامام ابن تيمية:- وقال ان هذا هو مذهب الجماهير من أهل الحديث، والتصوف، والكلام، والفقة، واصحاب مالك، والشافعي، واحمد وغيرهم (¬1). ثم اردف ((وإذا ذكر اسم الإيمان مجرداً: دخل فيه الإسلام والأعمال الصالحة كقوله في حديث الشعب" الإيمان بضع وسبعون شعبة اعلاها لا اله إلا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق" (¬2)، وكذلك سائر الأحاديث التي يجعل فيها أعمال البر والإيمان)) (¬3). ثانياً: منازل شفاعة كلمة التوحيد:- لكلمة التوحيد ثلاثة منازل تشفع عندها لأهلها:- المنزل الأول: عند القبر:- نحن نعرف ان القبر أول منازل الآخرة فان كان يسيراً كان ما بعده ايسر، وان كان عسيراً كان ما بعده أشد-والعياذ بالله-. فمن مات وهو يشهد ان لا اله إلا الله، وأن محمداً رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد تشفع له من عذاب القبر -أولاً-. فقد صح في الحديث المرفوع ((من دخل القبر بلا اله إلا الله خلصه الله من النار)) (¬4)، وهل معنى الدخول إلا الاقرار بها لساناً بعد قلبٍ؟. ويقول - صلى الله عليه وسلم - ((اني لاعلم كلمة لا يقولها عبدٌ حقاً من قلبه فيموت على ذلك إلا حرمه الله على النار: لا اله إلا الله)) (¬5). المنزل الثاني: عند الحساب:- لقد أسلفنا القول- في شروط الشفاعة- (¬6) انه لا شفاعة لمن لم يكن من أهل العهد. والمراد في هذا الموضع ان كلمة التوحيد تشفع لاهلها عند الحساب، فقد اخرج الإمام احمد بن حنبل وغيره من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ((أن الله سيخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين ¬

(¬1) انظر مجموع الفتاوي 7/ 642و646و647. (¬2) انظر مظانه في المسند الجامع 16/ (12663). (¬3) مجموع الفتاوي 7/ 14. (¬4) انظر تخريجه برقم (112). (¬5) انظر تخريجه برقم (107). (¬6) انظر ص34 مما مر.

سجلاً: كل سجل مثل مد البصر ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب فيقول: أفلك عذر؟ فيقول لا يارب، فيقول: بلى ان لك حسنة فانه لا ظلم عليك اليوم. فتخرج بطاقة فيها اشهد ان لا اله إلا الله واشهد ان محمداً عبده ورسوله فيقول: احضر وزنك فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فقال: انك لا تظلم قال: فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة فلا يثقل مع اسم الله أحد)) (¬1). فهذه الكلمة شفعت لصاحبها لأنها صادقة وخرجت من قلبه وهي أصل الإيمان الذي لا يخلد صاحبه في النار." فان قيل: الأعمال أعراض لا يمكن وزنها وإنما توزن الأجسام؟. أجيب: بأنه يوزن السجل الذي كتب فيه الأعمال ويختلف بأختلاف الأحوال، أو ان الله يجسم الأفعال والأقوال فتوزن فتثقل الطاعات وتطيش السيئات لثقل العبادة على النفس وخفة المعصية عليها ولذا ورد: ((حفت الجنة بالمكارة وحفت النار بالشهوات)) (¬2) (¬3). ونقل السندي-عن الحكيم الترمذي- (¬4) القول عند شرح الحديث: ((ليست هذه شهادة التوحيد لان من شأن الميزان ان يوضع في كفته شيء وفي الأخرى ضده، فتوضع الحسنات في كفة والسيئات في كفة فهذا غير مستحيل لأن العبد ياتي بهما جميعاً ويستحيل ان يأتي بالكفر والإيمان جميعاً عبدٌ واحدٌ يوضع الإيمان في كفة والكفر في كفة فكذلك استحال ان توضع شهادة التوحيد في الميزان واما بعدما آمن العبد فإن النطق منه بلا اله إلا الله حسنة توضع في الميزان مع سائر الحسنات)) (¬5). ورده السندي: فقال ((شهادة التوحيد والإيمان حسنة أيضاً فأن قال ليس لهما ما تضادهما شخصاً وأنْ كان ما يضادهما نوعاً وهي السيئة المقابلة للحسنة فيراد إنّ النطق ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (97)، وهنا اللفظ للترمذي. (¬2) عن انس بن مالك رضي الله عنه، انظر تخريجه في المسند الجامع 3/ (1649). وله شاهد عن ابي هريرة رضي الله عنه انظر المسند 18/ (15039). (¬3) تحفة الاحوذي، المباركفوري 7/ 397. (¬4) انظر ترجمته في ملحق الأعلام. (¬5) شرح سنة ابن ماجة، السندي2/ 578 - 579.

بلا اله إلا الله بعد الإيمان ليس له ما يضاد شخصه أيضاً ومن لم يترك الصلاة قط ففعل الصلاة منه حسنة لا يقابلها من السيئات ما يضادها شخصاً فليتأمل)) (¬1). ولا أدري لماذا يكون الوزن بين التوحيد والسيئات ممتنع؟! وهل كل السيئات لا تنقض التوحيد؟!. إنّ هناك نواقض للتوحيد-كما سنبينه لاحقاً- فهناك سيئات تنقض اصل التوحيد، وهناك سيئات تنقض فرع من فروعه. ثم ان الاسباب والثوابت تتغير يوم القيامة فمثلاً: هل يعقل ان تتكلم الايدي أو الارجل أو الجلود في الحياة الدنيا؟ الجواب: كلا-قطعاً- رغم ان ذلك مقرر بكتاب الله تعالى في يوم القيامة، قال تعالى: ((وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا؟ قالوا انطقنا الله الذي انطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة واليه ترجعون)) (¬2)، اذن: فلا يمكن تحديد نوعية الميزان ولا كيفية الوزن ولا يقاس الامر عقلياً لان الموازين والمقادير والامور كلها تصبح في غير حالتها الان-والله اعلم-. المنزل الثالث:- عند النار- والعياذ بالله- الشفاعة عند هذا المنزل أما ان تكون شفاعة ضمنية مع شفاعات اُخر كأن تكون ضمن شفاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو شفاعة الشهيد أو شفاعة المؤمنين ... ومن ذلك ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الطويل:- (( ... فاقول: يا رب أمتي أمتي فيقال: انطلق فأخرج من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان فانطلق فافعل فاعود ثم اعود فاحمده بتلك المحامد ثم اخرُّ له ساجداً فيقال: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك واشفع تشفع وسل تعطه فاقول يا رب أمتي أمتي فيقال: انطلق فاخرج من كان في قلبه مثقال ذرة أو خردلة من إيمان ... )) (¬3). وقل مثل ذلك في كافة أنواع الشفاعات فلا شفاعة لمن لم يكن من أهل لا اله إلا الله محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعد ذلك يأمر الله تعالى بأخراج كل من قال لا اله إلا الله حتى ولو لم يعمل خيراً قط وهنا تشفع لا اله إلا الله لصاحبها. ¬

(¬1) مصدر سابق. (¬2) فصلت/21. (¬3) انظر تخريجه برقم (11)، وهذه لفظة البخاري (7510).

المطلب الثاني:-شفاعة الانتساب إلى أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -

جاء في الحديث الصحيح: (( ... فيقول الله تعالى: شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا ارحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط)) (¬1) ... الحديث. وجاء في الحديث الاخر ((يخرج من النار من قال لا اله إلا الله وكان في قلبه مثقال شعيرة من خير ويخرج من النار من قال لا اله إلا الله وكان في قلبه مثقال بره من خير ويخرج من النار من قال لا اله إلا الله وكان في قلبه مثقال ذرة من الخير)) (¬2). إذن: لا اله إلا الله تشفع لصاحبها يوم القيامة وتخرجه من النار. وأما من مات من أهل الكتاب وهو يشهد ان لا اله إلا الله فقط دون الرسالة فان ادرك الرسالة وامتنع وكذب فهو خالد في جهنم ومن لم يدرك الرسالة فان كلمة التوحيد تشفع له-والله اعلم- قال تعالى:"وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً" (¬3). المطلب الثاني:-شفاعة الانتساب إلى أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -. لكل نسب شرف، وهذا الشرف يتفاوت بتفاوت أهمية ذلك النسب، ومن أنتسب إلى أمة من الأمم فكذلك لابد لهذه الآمة من شرف، و ((ليس هناك من انتساب أعظم وأرفع وأشرف من الانتساب للأمة الأسلامية لأنه الانتساب إلى الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، ثم هو الانتساب لسيد الأنبياء والرسل محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو انتماء للأسلام وأهله واي انتماء أعظم من الانتماء لدين الله عز وجل (¬4) " وقد جاءت الايات القرآنية تصرح بأفضلية هذه الأمة يقول تعالى"وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً)) (¬5) و ((كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)) (¬6). وهذه الأمة شهيدة بنص هذه الآية، وبنص حديث ابي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (14). (¬2) انظر تخريجه برقم (100). (¬3) الاسراء/15. (¬4) الاساس في السنة، قسم العقائد، سعيد حوى1/ 1125. (¬5) البقرة/143. (¬6) آل عمران/110.

- صلى الله عليه وسلم - انه قال: ((يجيء النبي ومعه الرجلان ويجيء النبي ومعه الثلاث واكثر من ذلك واقل فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول نعم فيدعي قومه فيقال: هل بلغكم؟ فيقولون لا، فيقال: من شهد لك؟ فيقول: محمد وأمته فتدعى أمة محمد فيقال: هل بلغ هذا؟ فيقولون نعم فيقول: وما علمكم بذلك، فيقولون أخبرنا نبينا بذلك أنّ الرسل قد بلغوا فصدقناه قال: فذلكم قوله تعالى "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً ... " الآية)) (¬1). ويكفي الأمة المحمدية شرفاً:- ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تلا قول الله عز وجل في ابراهيم" رب انهن اضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فأنه مني ... " (¬2) الاية وفي عيسى عليه السلام "أن تعذبهم فأنهم عبادك وأن تغفر لهم فأنك أنت العزيز الحكيم" (¬3).فرفع يديه وقال: اللهم أمتي أمتي وبكى، فقال الله عز وجل: يا جبريل أذهب إلى محمد وربك أعلم، فسله ما يبكيك فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام فسأله، فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما قال، وهو أعلم، فقال الله يا جبريل أذهب إلى محمد فقل أنّا سنرضيك في أمتك ولا نسوؤك)) (¬4). فهذه بشارة عظيمة لهذه الأمة زادها الله تعالى شرفاً فقد وعدها الله تعالى بانه سيرضي نبيه بها ولا يسوؤه، وهذا أرجى الأحاديث لهذه الآمة ... وأما قوله تعالى ولا نسوؤك: فهو ((تأكيد للمعنى أي لا نحزنك لأن الارضاء قد يحصل في حق البعض بالعفو عنهم ويدخل الباقي في النار فقال تعالى "نرضيك ولا ندخل عليك حزناً بل ننجي الجميع")) (¬5). يقول صاحب الظلال في وصف أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -:- ((الأمة الوسط التي تشهد على الناس جميعاً فتقيم بينهم العدل والقسط وتضع لهم الموازين والقيم وتبدي فيهم رأيها فيكون هو الرأي المعتمد وتزن قيمهم وتصوراتهم وتقاليدهم وشعاراتهم فتفصل في أمرها وتقول:"هذا حق منها وهذا باطل ... )) (¬6). وهذه الأمة أمة اختيارية لا جبرية بمعنى أنها لا تكره أحداً على الانضمام اليها .. ¬

(¬1) البخاري في صحيحة، الأنبياء (3339)، وانظر تخريجه في المسند الجامع6/ (4638). (¬2) ابراهيم/36. (¬3) المائدة/118. (¬4) الحديث أخرجه مسلم، وانظر مضانه في المسند الجامع 11/ (8707). (¬5) شرح مسلم3/ 78 - 79 بتصرف يسير. (¬6) في ظلال القرآن، سيد قطب1/ 130 - 131.

قال تعالى "لا إكراه في الدين ... " (¬1)، وهي تعطي لأبنائهما حرية الفكر والإبداع ولكن من بدل دينه وارتد على عقبيه أو من آمن بفكرة تناهض الأسلام، فلا يسمح له بالأزدواجية ولا يسمح له بالخروج، فأما أن يعود إلى أحضانها وحماها واما إنُ أصرّ على انحرافه فانه يقتل حداً. يقول - صلى الله عليه وسلم - ((من بدل دينه فاقتلوه)) (¬2) ومن الطبيعي أن حد القتل يكون بعد المناقشة والمحاججة من قبل أفذاذ العلماء، وقد جاء من حديث حيدة بن معاوية عن ابيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها واكرمها على الله عز وجل)) (¬3). وإنما حازت هذه الأمة هذا الفضل والسبق على بقية الامم اكراماً لنبيها محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهل اعطي احد من الأنبياء وامة من الامم مثل ما اعطي هو وامته - صلى الله عليه وسلم - (¬4)؟. وأتوج هذه التوطئة بكلمات لصاحب الظلال حيث يقول:- ((وهذا ما ينبغي ان تدركه الامة المسلمة لتعرف حقيقتها وقيمتها وتعرف انها اخرجت لتكون طليعة ولتكون لها القيادة بما انها خير امة. الله يريد أن تكون القيادة للخير لا للشر في هذه الارض ومن ثم لا ينبغي لها ان تتلقى من غيرها من امم الجاهلية، انما ينبغي دائماً ان تعطي هذه الامم مما لديها وان يكون لديها دائماً ما تعطيه من الاعتقاد الصحيح، والتصور الصحيح، والنظام الصحيح، والخلق الصحيح، والمعرفة الصحيحة، والعلم الصحيح. هذا واجبها الذي يحتمه عليها مكانها، ويحتمه عليها غاية وجودها، واجبها ان تكون في الطليعة دائماً وفي مركز القيادة دائماً، ولهذا المركز تبعاته فهو لا يؤخذ أدعاء ولا يسلم لها به إلا ان تكون هي أهلاً له. ... . فهي خير امة اخرجت للناس لا عن مجاملة أو محاباة ولا عن مصادفة أو جزاف -تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً- وليس توزيع الاختصاصات والكرامات كما كان أهل الكتاب يقولون "نحن ابناء الله واحباؤه" (¬5). كلا انما هو العمل الايجابي لحفظ البشرية من المنكر، واقامتها على المعروف مع الإيمان الذي يحدد المعروف والمنكر)) (¬6). ¬

(¬1) سورة البقرة /256. (¬2) صحيح، عن ابن عباس، انظر تحفة الاشراف 5/ (5987)، والمسند الجامع 9/ (6579). (¬3) اخرجه الترمذي في جامعة برقم (3001)، وانظر تخريجه في المسند الجامع 15/ (11595). (¬4) انظر تفسير القرآن العظيم، ابن كثير 1/ 369، وفتح الباري، ابن حجر 8/ 284. (¬5) المائدة /18. (¬6) في ظلال القرآن 1/ 447.

المسألة الأولى:- أمة محمد من هم

وقد حضيت هذه الامة المحمدية بدعوة ابيها ابراهيم يوم ان قال: ((ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم انك انت العزيز الحكيم)) (¬1). فاستجاب له الله جل جلاله، وبعث فيهم محمداً - صلى الله عليه وسلم - رسولاً يتلو آيات ربه ليزكي هذه الامة: ((كما ارسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم مالم تكونوا تعلمون)) (¬2). فقدم التزكية على التعليم لتبشيرهذه الأمة بأنها أشرف الأمم وهي مزكاة من قبل ربها ما دامت متمسكة بالعروة الوثقى. المسألة الأولى:- أمة محمد من هم؟ ونحن بصدد الحديث عن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - يتعين علينا تعريف "أمة محمد". أيشمل أمة الدعوة كافة؟ ام الاجاب خاصة؟ وما هي صفات هذه الأمة؟ فنقول "ان المقصود من لفظ أمة - صلى الله عليه وسلم - محمد أذا أطلقت هو أمة الاجابة أي الأمة التي اجابت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقط وليس المقصود منها كل افراد الأمة مؤمنهم وكافرهم "أمة الدعوة" (¬3). وهذه الأمة "أمة الاجابة" تشمل كل من آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - حال حياته أو بعد موته إلى يوم القيامة (¬4). والذي يبدو لي من خلال النصوص أن شروط الانتماء إلى أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، الأمة الناجية من عذاب الله يوم القيامة على قسمين:- أولاً:- شروط الفرقة التي لا تمسها النار كما جاء في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن هذه الأمة مرحومة عذابها بايديها. ... .)) (¬5)، فهذه الأمة هي الأمة المتقية ولا يكون افرادها إلا من أهل التقوى والعمل الصالح، الذين وصفهم الله تعالى: بقوله: ((كنتم خير أمة اخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)) (¬6). ¬

(¬1) البقرة /129. (¬2) البقرة/151. (¬3) انظر تفسير القرآن العظيم، ابن كثير 1/ 370. (¬4) انظر تفسير القرآن العظيم، سبق. (¬5) انظر تخريجه برقم (115). (¬6) آل عمران/110، وانظر مجموع الفناوي، ابن تيمية 3/ 158.

وهم الذين وصفهم الله تعالى بانهم متقون فقال لهم ((ألم. ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين)) (¬1)، قال ابن عباس - رضي الله عنه -: ((هم المؤمنون الذين يتقون الشرك بي ويعلمون بطاعتي)) (¬2). وقال الحسن البصري: ((الذين اتقوا ما حرم الله عليهم وادوا ما افترض عليهم)) (¬3) فشروط هذا القسم من الآمة- التي لا يمسها العذاب- هي:- (1) الإيمان بالغيب: ((أي يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وجنته وناره ولقائه ويؤمنون بالحياة بعد الموت وبالبعث فهذا غيب كله)) (¬4). فالإيمان بالغيب هو العتبة التي أن اجتازها الإنسان تخطى مرتبة الحيوان الذي لا يدرك إلا المحسوسات (¬5). (2) إقامة الصلاة: أي ((المحافظة على مواقيتها ووضوئها وركوعها وسجودها)) (¬6). (3) الانفاق: يقول تعالى "ومما رزقناهم ينفقون": الانفاق المطلق من زكاة ومن صدقة فهم ينفقون من اموالهم ابتغاء وجه الله (¬7)، ((فهم يعترفون ابتداء بان المال الذي في ايديهم هو من رزق الله لهم لا من خلق انفسهم ومن هذا الاعتراف بنعمة الرزق ينبثق البر بضعاف الخلق والتضامن بين عيال الخلق والشعور بالاصرة الانسانية)) (¬8). وقد قاتل أبو بكر - رضي الله عنه - مانعي الزكاة، وعدهم مرتدين عن الإسلام وقال فيهم: ((والله لا افرق بين الصلاة والزكاة، ولأقاتلن من فرق بينهما)) (¬9). (4) الأيمان بالكتب والرسل: يقول تعالى ((والذين يؤمنون بما أنزل اليك ما أنزل من قبلك)) أي ((يصدقون بما جئت به من الله وما جاء به من قبلك من المرسلين لا يفرقون بينهم ولا يجدون ما جاءوهم به من ربهم)) (¬10). ¬

(¬1) البقرة/ 1 - 2. (¬2) تفسير القرآن العظيم 1/ 38 - 39. (¬3) مصدر سابق. (¬4) مصدر سابق. (¬5) انظر في ظلال القرآن، سيد قطب 1/ 39. (¬6) فسير القرآن العظيم، ابن كثير 1/ 41. (¬7) انظر جامع البيان، الطبري1/ 105 .. (¬8) في ظلال القرآن، سيد قطب1/ 40. (¬9) أخرجه الشيخان من حديث ابي هريرة عن عمر -رضي الله عنهما-، وانظر تخريجه في المسند الجامع13/ (10442). (¬10) انظرالقرآن العظيم 1/ 41.

وأهمية هذه الصفة هي توطيد البناء الواحد ((أن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)) (¬1). ((فلابد من وحدة شعور، ووحدة دين، ووحدة رسل, ووحدة معبود)) (¬2). (5) الأيمان باليوم الآخر:- "وبالآخرة هم يوقنون": ويدخل تحته كل ما أخبر الله ورسوله به , كاحوال القبر من نعيم وعذاب , وما يكون يوم القيامة من نشر وحشر وصراط وميزان وجزاء وتطاير الصحف والحوض والجنة والنار والشفاعة والرؤية وتكليمهم الله وغيرهُ مما يثبت بالكتاب والسنة الصحيحة. (¬3) فالأيمان باليوم الآخر ((هو حجر الزاوية في العقيدة الاسلامية , ذاك لأن الأنسان بطبعه لا يلزم نفسهُ بالطاعة , إلا أن تكون من ورائها دفع مفسدة، أو جلب مصلحة فالأيمان بالله وبرسالته لا يؤدي ثمرته إلاَ إذا كان هناك جزاء ينتظره الإنسان , ومن ثم كان الإيمان باليوم الآخر له دور كبير في إ'لزام الإنسان بمنهج الله)) (¬4)، ويعدد لنا الإمام إبن تيمية من صفات هذا القسم الناجي من أمرٍ بمعروف، أو نهى عن منكر، أو حج، أو جهاد، أو صبر أو شكر،، أو حسن جوار ... ثم يقول: ((وهم أهل السنة والجماعة وفيهم الصديقون والشهداء والصالحون ومنهم أعلام الهدى ومصابيح الدجى أولو المناقب المأثورة والفضائل المذكورة وفيهم الأبدال: الأئمة الذين أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم. وهم الطائفة المنصورة الذين قال فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يظرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة" (¬5)) (¬6). ثانياً: شروط الفرقة الناجية من عذاب الله عاجلاً أو آجلاً: يعني قد تنجو بعد أن يمسها العذاب أو قد تنجو قبله. وشروطها هي أركان الإيمان فقط دون عمل، كصلاة، أو صيام، أو زكاة. أو بمعروف أو نهي عن منكر، وإنما ينجيها إيمانها الصادق من عذاب الله. ¬

(¬1) الأنبياء /92. (¬2) أنظر في ظلال القرآن 1/ 41. (¬3) أنظر جامع البيان 1/ 105. (¬4) العقيدة الأسلامية، محمد عياش /275. (¬5) حديث مخرج في الصحيحين، جاء عن عدة صحابة رضى الله عنهم أجمعين أنظر - مثلا- عن ثوابان في المسند الجامع 3/ (2068)، وعن جابر 4/ (3052) (¬6) مجموع الفتاوى 3/ 159.

وهؤلاء الذين وصفو في الحديث "أخرجوا من النار من في قلبه مقدار شعيرة من أيمان ... " (¬1) فتارك الصلاة - مثلا - هو من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ويقوم ليعبر - مع بقية الأمة المحمدية - الصراط ولكن كلاليب جهنم تتناوشه وتأخذهُ إلى سقر، قال تعالى " ما سلككم في سقر؟ قالوا لم نك من المصلين ... " (¬2). إلا من شاء الله أن يعفو عنه: " أن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن شاء " (¬3). فأركان الأيمان " الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره " هذه شروط المؤمن الذي يستحق أن نسميه مؤمناً أما من أخل بواحدة منها متعمدا فأنهُ يصبح كافراً. المسألة الثانية:- المطرودون من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -: لقد أخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن جماعة يردون الحوض -حوض الكوثر- بعد ان لاقوا ما لاقوا من اهوال الموقف، وغيرها من أهوال يوم القيامة، وعليهم سمت أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - من اثار الوضوء -غراً محجلين- يريدون ان ينهلوا من حيث نهل اخوانهم ولكن ... إذ بالملائكة تذودهم وتطردهم، فينادي شفيعهم محمد - صلى الله عليه وسلم -:يا رب أمتي أمتي؟!! يتعجب: هؤلاء من أمتي يارب؟! فيأتيه الجواب سريعاً: لاتدري ما أحدثوا بعدك، لا زالوا بعدك مرتدين، فيقول الشفيع الاعظم: سحقاً لهم سحقاً (¬4). وما اعظم الخطب وجلل الموقف؟؟ إذ يقول شفيعك ونبيك: سحقاً لك سحقاً؟ إذن: الانسان المسلم الذي لا يخلص عمله لله فانه لا يقبل عمله وان صلى وصام .... قال تعالى: ((وما امروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ... )) (¬5) ويقول - صلى الله عليه وسلم -:"من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد" (¬6) ويقول:"من غش فليس منا (¬7) " فمن غش المسلمين وخادعهم فهو خارج عن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وليس من اتباعه -ما لم يتب- (¬8) ونعني بالمطرودين هم الذين نقضوا "لا اله إلا الله محمد رسول الله" وهو اساس الدين واصل الإيمان وهو العهد الذي يربط الانسان بربه ومن ثم بدينه. ¬

(¬1) أنظر تخريجة برقم (100). (¬2) المدثر /42 - 43 وإنظر عمدة الفاري، العيني 23/ 134. (¬3) النساء/48. (¬4) انظر المسند الجامع 19/ (15775)، و 20/ (17085). (¬5) البينة /5. (¬6) انظر تخريجه في المسند الجامع 20/ (17104.) (¬7) انظر المسند الجامع 17/ (13595.) (¬8) انظر مجموع الفتاوي، إبن تيمية 7/ 41.

نواقض التوحيد

نواقض التوحيد: من المعروف ان الإيمان: هو التصديق بجميع ما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلمنا به طريق يقيني قاطع (¬1). وحيث ان الكفر نقيض الإيمان ((فالكفر هو عدم التصديق ولو بشيء مما علم بالضرورة مجيئوه به)) (¬2)، والمكفرات أنواع: منها ما هو عقائدي، ومنها ما هو فعلي، ومنها ما هو قولي. فمثال العقائدي: انكار الخالق-جل جلاله- أو انكار صفة من صفات كماله أو نسبة نقيصة اليه كالاعتقاد بانه ثالث ثلاثة-حاشاه- أو انه اب أو انه غير قادر أو ان له صاحبة أو انه ينصب أو يكل- تعالى الله علواً كبيراً .. (¬3) وكذا ((إنكار ما يتصل بالانبياء كانكارهم أو احدهم ممن ورد الخبر الصحيح القطعي به أو انكار عموم رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكونه اخر الانبياء والمرسلين. ومما يدخل بالنواقض العقائدية - أيضاً- انكار ما يتصل بالسمعيات: كإنكار البعث والنشور مطلقاً أو انكار كونهما بالروح والجسد معاً، أو اعتقاد ان العذاب والنعيم روحاني فقط وكذلك انكار الاركان الخمسة من صلاة وزكاة)) (¬4). ... الخ. ومما ينقض دعوى الشهادتين ويكفر صاحبه ((إنكار ما علم من الدين بالضرورة وهو ما يعرفه عوام المسلمين وخواصهم، وهو كل ما ثبت بالقرأن الكريم وكانت دلالته قطعية أو ثبت بالسنة النبوية الصحيحة المتواترة القطعية، وليس فيه شبه أو ما ثبت باجماع جميع الصحابة المتواتر اجماعاً، قطعياً، قولياً، غير سكوتي، وكذلك إذا استباح محرماً مجمعاً على تحريمه، معلوماً من الدين بالضرورة)) (¬5). والمكفرات القولية: ((فهي كل قول فيه اعتراف بعقيدة مكفرة أو فيه جحود لعقيدة ¬

(¬1) انظر العقيدة الاسلامية، عبد الرحمن الميداني ص716. (¬2) مصدر سابق. (¬3) انظر العقيدة الاسلامية، عبد الرحمن الميداني ص 720، وانظر الاساس في السنة، قسم العقائد، سعيد حوى1/ 319 - 320 والعقيدة الصحيحة وما يضادها، عبد العزيز بن باز 27. (¬4) وانظر الاساس في السنة، قسم العقائد، سعيد حوى1/ 319 - 320 والعقيدة الصحيحة وما يضادها، عبد العزيز بن باز 27 (¬5) مصدر سابق.

من عقائد الإسلام المعلومة من الدين بالضرورة أو فيه استهزاء بالدين في عقائده أو احكامه ومن ذلك: السباب للخالق-سبحانه- أو السباب للرسل، أو لاي واحد منهم أو للكتب السماوية أو لواحد منها أو للدين ونحو ذلك، ومن ذلك الاعتراض على عدل الله وقضائه وقدرته واتهامه بالجور سبحانه)) (¬1). ومن النواقض والمكفرات الفعلية: ((السجود للاصنام، أو السجود للبشر وتعليق شعار الكفر ولبس اللباس الخاص بالكفار دون اضطرار إلى ذلك، وكان مستحباً له وكذا تمزيق المصحف اهانه له أو رميه في القإذورات)) (¬2). ومن النواقض الأخرى كذلك: التوكل والاعتماد على غير الله، أو انكار نعمة الله وكونه هو المنعم والمانع والمعطي والمعز والمذل (¬3). ومنها: اعطاء غير الله حق الامر والنهي المطلقين والتحليل والتحريم وحق التشريع المطلق (¬4). ومنها موالاة الكفرة والفجرة واهل النفاق وكراهية أهل الإيمان والدين (¬5) ومنها الحكم بغير ما انزل الله، وللفقهاء في هذا تفصيلات تختلف باختلاف ((حال الحاكم فانه ان اعتقد ان الحكم بما انزل الله غير واجب وانه مخير فيه أو استهان به مع تيقنه انه حكم الله فهذا كفر اكبر ... )) (¬6).يقول الله تعالى ((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون)) (¬7). ونقل إبن كثير عن أبي عباس - رضي الله عنه - القول ((من جحد ما انزل الله فقد كفر، ومن اقربه فهو ظالم فاسق. ... )) (¬8). ¬

(¬1) مصدر سابق. (¬2) مصدر سابق. (¬3) انظر الإسلام، سعيد حوى 1/ 79. (¬4) انظر الاسلام، سعيد حوى 84. (¬5) انظر العقيدة الصحيحة، عبد العزيز إبن باز 28. (¬6) شرح العقيدة الطحاوية، إبن أبي العز، تخريج الالباني 323 - 324 وانظر الإسلام، سعيد حوى1/ 85. (¬7) المائدة/44. (¬8) تفسير القرآن العظيم2/ 58، وانظر الإسلام1/ 87.

النصوص ومناقشتها:-

والنواقض كثيرة ولكني اكتفي بهذا القدر خشية الاطالة والاسهاب (¬1). النصوص ومناقشتها:- أخرج الإمام مسلم بسنده عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا كان يوم القيامة دفع الله عز وجل إلى كل مسلم يهودياً أو نصرانياً فيقول: هذا فكاكك من النار)) (¬2)، وفي رواية: ((لا يموت رجل مسلم إلا ادخل الله مكانه النار يهودياً أو نصرانياً)) (¬3)، وفي رواية اخرى: ((يجيء ناس من أمتي بذنوب أمثال الجبال فيغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى)) (¬4). فالحديث يخبرنا ان اليهودي أو النصراني، يكون فداء "للمسلم "المحمدي"الذي ينتمي إلى "أمة محمد". يقول الإمام البيهقي: ((ويحتمل ان يكون الفداء في قوم كانت ذنوبهم كفرت عنهم في حياتهم، وحديث الشفاعة في قوم لم تكفر ذنوبهم، ويحتمل ان يكون هذا القول لهم في الفداء بعد خروجهم من النار بالشفاعة ... )) (¬5). وأما الإمام النووي فقال: أن معنى الحديث ((بمعنى ما جاء في حديث أبي هريرة لكل احد منزل في الجنة ومنزل في النار، فالمؤمن إذا دخل الجنة خلفه الكافر في النار لاستحقاقه ذلك بكفره، ومعنى فكاكك من النار: انك كنت معرضاً لدخول النار وهذا فكاكك، لان الله تعالى قدر لها عدداً يملؤها فإذا دخلها الكفار بكفرهم وذنوبهم صاروا في معنى الفكاك للمسلمين)) (¬6). وقال الإمام النووي في رواية "ويضعها على اليهود والنصارى":- ((فمعناه: ان الله تعالى يغفر تلك الذنوب للمسلمين ويسقطها عنهم ويضع على اليهود والنصارى مثلها بكفرهم، وذنوبهم فيدخلهم النار بأعمالهم لا بذنوب المسلمين، ولا بد من هذا التاويل لقوله تعالى "ولا تزر وزر اخرى" وقوله "ويضعها" مجاز، والمراد: يضع عليهم مثلها بذنوبهم كما ذكرناه، ولكن لمّا اسقط سبحانه وتعالى عن المسلمين سيئاتهم وابقى على ¬

(¬1) انظر الاسلام، 1/ 79 - 91. (¬2) انظر تخريجه برقم (113). (¬3) مصدر سابق. (¬4) مصدر سابق. (¬5) نقله عنه إبن حجر في فتح الباري11/ 485، ولم اقف على مكانه. (¬6) شرح مسلم 17/ 85.

الكفار سيئاتهم صاروا في معنى من حمل أثم الفريقين لكونهم حملوا الاثم الباقي وهو أثمهم)) (¬1). ووجه الحافظ إبن حجر الحديث بقوله: ((ويحتمل ان المراد آثاماً كانت الكفار سبباً فيها بان سنوها فلما غفرت سيئات المؤمنين بقيت سيئات الذي سن تلك السنة السيئة باقية لكون الكافر لا يغفر له فيكون الوضع كفاية عن ابقاء الذنب الذي لحق الكافر بما سنه من عمل السيء، ووضعه عن المؤمن الذي فعله بما منّ الله به عليه من العفو والشفاعة سواء كان ذلك قبل دخول النار أو بعد دخولها والخروج منها بالشفاعة، وهذا الثاني اقوى والله اعلم)) (¬2). ومن خلال توجيه الحافظ العسقلاني للحديث لا نرى تعارضاً بين الحديث وبين قوله تعالى ((ولا تزر وازرة وزر اخرى)) (¬3). فالإنسان يوم القيامة قد يحمل آثامه وآثام غيره، يقول تعالى: ((وليحملنّ اثقالهم واثقالاً مع اثقالهم ... )) (¬4)، ويقول: ((ليحملوا اوزارهم كاملة يوم القيامة، ومن اوزر الذين يضلونهم بغير علم (¬5) " يقول إبن كثير:"إنّ الدعاة عليهم إثم ضلاتهم في انفسهم وإثم آخر بسبب ما اضلوا مَنْ اضلوا من غير ان ينقص من اوزار اولئك ولا يحمل عنهم شيئاً وهذا من عدل الله ورحمته بعباده)) (¬6). فلما كان اليهود والنصارى هم دعاة الضلالة ودعاة الفساد فانهم يحملون إثمين: إثم فسادهم، وإثم إفسادهم والأمة المحمدية أمة مرحومة فإنها أما قد غفر لها في الدنيا بالفتن والزلازل والقتل، وأما أن تدخل الجنة بالشفاعة. نص آخر:- جاء في حديث أبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، انه قال:- ((أتاني جبريل فبشرني انه من مات من امتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة فقلت (¬7): وان زنى وان سرق؟ فقال: وان زنى وان سرق)) (¬8). ¬

(¬1) شرح مسلم 17/ 85. (¬2) فتح الباري 11/ 485. (¬3) الأسراء / 15. (¬4) العنكبوت/13. (¬5) النحل /25. (¬6) تفسير القرآن العظيم 3/ 28. (¬7) القائل هو أبو ذر. (¬8) انظر تخريجه برقم (106).

لقد مر معنا شرح الحديث في "شفاعة كلمة التوحيد" (¬1)، ولا فائدة في تكرار الكلام ولكني أردت أن أبين معنى "من امتك"، هذه خصوصية لامة محمد صلى الله عليه وسلم عامة، ويشمل أمة الاجابة، وامة الدعوى، نص على ذلك الإمام إبن حجر والإمام العيني: يقول إبن حجر: ((ويعني أمة الاجابة ويحتمل ان يكون اعم من ذلك، أي أمة الدعوة وهو متوجه)) (¬2). وأما الاقتصار على الزنا، والسرقة ففيه حكمة. ((وهي الاشارة إلى جنس حق الله تعالى وحق العباد. وقد يتخذه بعض الجهلة ومرضى القلوب مسوغاً إلى الاقدام إلى الموبقات، وليس هو على ظاهره فان القواعد استقرت على ان حقوق الآخرين لا تسقط بمجرد الموت على الإيمان ولكن لا يلزم من عدم سقوطهما ان لا يتكفل الله بها عمن يريد الله ان يدخله الجنة)) (¬3). وكأنني بأبي ذَّر قد استحضر قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يزن الزاني حين يزني وهو مؤمن))؟! لأن ظاهر الحديث يعارض حديثنا هذا فكيف الجمع؟ يقول الحافظ إبن حجر:- ((الجمع بينهما على قواعد أهل السنة بحمل هذا على الإيمان الكامل، ويحمل حديث الباب على عدم التخليد)) (¬4). نص آخر:- جاء في الحديث عن أبي موسى الاشعري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن أمتي أمة مرحومة ليس عليها في الآخرة عذاب انما عذابها في الدنيا القتل والبلابل والزلازل)) (¬5). إن هذه الأمة المحمدية اكرمها الله-تعالى- بان جعل ما تلاقيه من عذاب في الدنيا من نصب وحزن فانه يغفر لها من ذنوبها. إنّ من كان من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - فانه لا يزال بالمصائب الدنيوية تنزل عليه حتى تتركه ولا ذنب عليه بل ان الشوك ليشاك بها الرجل فتكفر عنه من سيئاته، والحدود الدنيوية من ¬

(¬1) انظر ص88 مما سبق. (¬2) فتح الباري 3/ 143 بتصرف يسير، وانظر عمدة القاري، العيني8/ 4. (¬3) فتح الباري 3/ 144، وانظر عمدة القاري 8/ 5. (¬4) فتح الباري، سبق وانظر شرح مسلم النووي 2/ 97. (¬5) انظر تخريجه برقم (114)، وانظر شرح مسند أبي حنيفة، ملا علي القاري ص 280.

رجم الزاني المحصن، وجلد شارب الخمر، .... وغيرها إذا كان صاحبها غير محلل لها وكان لا يزال مرتبطا بالامة المحمدية فانه تكفر عنه الذنوب والخطايا. جاء في الحديث الذي أخرجه البخاري بسنده عن عباده بن الصامت - رضي الله عنه - ان الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ((بايعوني على ان لاتشركوا بالله شيئاً ولاتسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولاتأتوا ببهتان تفترونه بين أيدكم وأرجلكم ولا تعصوا في معروف فمن وفي منكم فاجره على الله، ومن اصاب من ذلك شيئاً فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن اصاب من ذلك شيئاً ثم ستره الله فهو إلى الله: "إن شاء عفا عنه وان شاء عاقبه" فبايعناه على ذلك)) (¬1).وقد تكون العقوبة في قوله "فعوقب عليه" اعم من ان تكون حداً أو تعزيراً. (¬2) ولعل قائل يقول: إن قتل القاتل إنما هو رادع لغيره واما في الآخرة فالطلب للمقتول قائم لانه لم يأخذ حقه؟. (¬3) فاقول: بل وصل الحق اليه، فان المقتول ظلماً تكفر عنه ذنوبه بالقتل كما ورد في الخبر الذي صححه إبن حبان وغيره "ان السيف محاء للخطايا" (¬4). واما الاثار في البلايا والثواب عليها فهي كثيرة:- فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ((ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله -تعالى- وما عليه خطيئه)) (¬5)، وعنه أيضاً مرفوعاً ((من يرد الله به خيراً يصب منه)) (¬6)، و ((قاربوا وسددوا ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى النكبة والشوكة يشاكها)) (¬7). وغيرها من الأحاديث وقد يكون المراد من "الزلازل" الزلازل الحقيقية ((وهو اهتزاز الارض ومعنى آخر اعم هو الشدائد)) (¬8). ¬

(¬1) أخرجه البخاري، الإيمان، (18)، وانظر المسند الجامع 8/ (5600.) (¬2) انظر فتح الباري، إبن حجر 1/ 92. (¬3) انظر فتح الباري 1/ 93. (¬4) الحديث. أخرجه إبن حبان (4663) وانظر فتح الباري، سبق، وكفارات الخطايا وموجبات المغفرة، تاليف حامد ابراهيم ومجمد العقبي36. (¬5) أخرجه أحمد وغيره انظر المسند الجامع 18/ (14971)، وانظر كفارات الخطايا/35. (¬6) أخرجه البخاري وغيره، انظر المسند الجامع 18/ (14968). (¬7) مسلم، البر والصلة (52). وانظر المسند الجامع 3/ (1647). (¬8) انظر مختار الصحاح، الرازي 274.

فالشدائد التي حلت بالامة المحمدية منذ عهد النبوة وحتى اليوم كفيلة بان تفهم معنى الحديث فمعركة احد، وحنين، ... والفتن العظمى كمقتل عمر أو عثمان أو علي -رضي الله عنهم اجمعين- أو فتنة الجمل أو فتنة صفين أو وقعة الحرة أو كربلاء، أو سقوط الخلافة الاسلامية أو سقوط بيت المقدس بيد الصليبين ثم الصهاينة، وما تلاقيه الأمة الاسلامية في كل انحاء الارض حتى ما بقي في جسد الأمة الاسلامية موضوع إلا وهو ينزف من طعنة غادرة أو مؤامرة دنيئة -كلها- امثلة على الفتن والقتل والزلازل. وعن علي - رضي الله عنه - قال: ((ألا أخبركم بافضل (¬1) اية في كتاب الله عز وجل وحدثنا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"ما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم ويعفو عن كثير" (¬2) وسافسرها لك يا علي: ما اصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم -والله تعالى- احلم من ان يثني عليه العقوبة في الآخرة وما عفا الله عنه في الدنيا فالله تعالى اكرم من ان يعود بعد عفوه)) (¬3) وأخرج إبن كثير في تفسيره من طرق عدة عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - انه قال: ((كيف الفلاح بعد هذه الآية:"ليس بامانيكم ولا اماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجزيه" (¬4) فكل سوء عملناه جزينا به فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ((غفر الله لك يا ابا بكر الست تمرض، الست تنصب، الست تحزن الست تصيبك اللاواء؟ قال بلى. قال فهو مما تجزون به)) (¬5). وعنه - رضي الله عنه - مرفوعاً ((من يعمل سوءاً يجز به في الدنيا)) (¬6).وعن أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له ما يكفرها ابتلاه الله تعالى بالحزن ليكفرها)) (¬7). ¬

(¬1) هذه اللفظة من تصرف الراوي-والله اعلم-. (¬2) الشورى / 30. (¬3) الحديث له طرق بعضها مرفوعة وعلتها على مدارها"أبي سخيلة":مجهول انظر التقريب 8115 والخلاصة، الخزرجي ص450 وأخرجه أحمد في المسند 1/ 85 والموقوف اصح -والله اعلم-. وانظر تفسير القرآن العظيم، إبن كثير4/ 118. (¬4) النساء/123. (¬5) طرق الحديث كلها ضعيفة، قد يقوي بعضها البعض، أخرجه أحمد في المسند. انظر المسند الجامع9/ (7138) وانظر تفسير القرأن العظيم 1/ 528. (¬6) صحيح أخرجه أحمد في المسند 1/ 6، والبزار21 والطبري في تفسيره5/ 294. (¬7) أخرجه أحمد في المسند6/ 157، وانظر التفسير القرأن العظيم 4/ 118.

المطلب الثالث: شفاعة القرآن والصيام:-

المطلب الثالث: شفاعة القرآن والصيام:- أولاً: شفاعة القرآن. لقد جاءت الأحاديث الصحيحة التي تصرح بشفاعة القرآن الكريم يوم القيامة (¬1)، وهذه الخصوصية للقرآن الكريم دون بقية الكتب السماوية لانه حفظ من التحريف، والتبديل قال تعالى ((إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)) (¬2)، فباعتناء الله به وحفظه له أعطي القرآن هذه المنزلة المتقدمة على بقية الكتب. ولان فيه نبأ السالفين وخبر اللاحقين، فهو ناسخ لكل الكتب الأخرى "التوراة، الانجيل، والزبور". ومن أسباب حفظ الله تعالى لهذا الكتاب العظيم هيء له صدوراً تحفظه وعقولاً تفهمه. إذن فالإنسان-المسلم- هو من اسباب حفظ القرآن، والانسان مجبول على المحسوسات والمرغبات فكان لابد من ترغيبه في حفظ القرآن الكريم وتلاوته .. وهكذا وقد وردت أحاديث تخبر ان القرآن يشفع ويحاجج عن صاحبه وقد وردت الاثار بعضها يتكلم عن شفاعة القرآن كله وبعضها عن سور متفرقة لذا إرتايت ان اقسمها على النحو الاتي: 1 - الاثار الواردة في شفاعة كل القرآن: أخرج الإمام أحمد بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان)) (¬3). وأخرج إبن حبان بسنده عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((القرآن شافع مشفع وما حل مُصّدق من جعله امامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار)) (¬4). ¬

(¬1) انظر فيض القدير، المناوي2/ 453. (¬2) الحجر/9. (¬3) انظر تخريجه برقم (118). (¬4) انظر تخريجه برقم (123).

وأخرج الإمام مسلم بسنده عن أبي امامه - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ((اقرؤا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لاصحابه، اقرؤا الزهراويين ... )) (¬1)، الحديث. وكذا بسنده عن النواس بن سمعان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحو حديث أبي امامة (¬2). فهذه الأحاديث تبين لنا أنّ القرآن يشفع لصاحبه يوم القيامة ولم يحدد لنا مكان الشفاعة. أعند الصراط؟ ام عند الحساب؟ ام عند الجنة؟ ام يخرج صاحبه من النار؟ الذي يبدو -والله أعلم- أنّ القرآن الكريم له اكثر من مكان يشفع فيه: فحديث عبد الله عمرو بن العاص الذي مرّ: يبين لنا انه يشفع ويحاجج لصاحبه عند رب العزة-جل جلاله- عند الحساب. وهناك أحاديث تخبر ان القرآن يشفع لصاحبه في الجنة: بان يرفع له منزلته ودرجته، فقد أخرج الإمام الترمذي بسنده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حَلَّهِ فيلبسُ تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده، فيلبس حُلّه الكرامة، ثم يقول: يا رب ارض عنه، فيرضى عنه فيقال له: إقرا وارق وتزاد بكل آية حسنة)) (¬3). وأخرج إبن حبان بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال: ((يقال لصاحب القرآن اقرا وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فان منزلك عند اخر اية تقرؤها)) (¬4). فأين هذا الترقي والتدرج في الصعود؟ بالتأكيد في الجنة. نقل الإمام المنذري عن الخطأبي القول: ((جاء في الأثر أن عدد آي القرآن على قدر درج الجنة فيقال للقاريء ارق في الدرج على قدر ما كنت تقرأ من أي القرآن فمن استوفى قراءة جميع القرآن استولى على اقصى درج الجنة في الآخرة، ومن قرأ جزءا منه كان رقيه في الدرج على قدر ذلك، فيكون منتهى الثواب عند منتهى القراءة)) (¬5). 2 - الآثار الواردة في شفاعة سور من القرآن: أخرج الإمام مسلم بسنده عن أبي امامة الباهلي - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((اقرءوا القران فإنه ياتي يوم القيامة شفيعاً لاصحابه، اقرءوا الزهراويين: البقرة ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (117). (¬2) سياتي لاحقاً. (¬3) انظر تخريجه برقم (122). (¬4) أخرجه إبن حبان (766). (¬5) تهذيب الترغيب والترهيب، المنذري حديث برقم (1386).

وسورة آل عمران فانهما يأتيان يوم القيامة كانهما غمامتان أو غيايتان أو كانهما فرقان من طير صواف، تحاجان عن اصحابها، اقرءوا سورة البقرة فان اخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة)) (¬1). وجاء في حديث النواس بن سمعان - رضي الله عنه - المرفوع: ((يؤتى بالقرآن يوم القيامة واهله الذين يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران وضرب لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أمثال ما نسيتهنّ بعد. قال: كانهما غمامتان أو ظلتان سود وان بينهما شرق أو كانهما فرقان من طير صواف يحاجان عن صاحبهما)) (¬2). وما ذلك الرجل الذي جعله النبي - صلى الله عليه وسلم - اميراً على سرية بسبب حفظه لسورة البقرة إلا مثال قريب على مكانة سورة البقرة ومنزلتها. فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: ((بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثاً وهم ذو عدد فاستقراهم، فاستقرأ كل رجل منهم يعني ما معه من القرآن، فاتى على رجل من احدثهم سناً فقال: ما معك يا فلان؟ قال معي كذا وكذا وسورة البقرة، فقال: ((أمعك سورة البقرة؟ قال: نعم، قال: إذهب فأنت اميرهم ... .)) (¬3) ... الحديث. فإذا كان صاحب سورة البقرة يقود الناس في الدنيا فكيف به يوم القيامة؟ وأخرج أبو داود بسنده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((ان سورة من القرآن -ثلاثون اية- شفعت لرجل حتى غفر له:"تبارك الذي بيده الملك")) (¬4). فسورة الملك تشفع لصاحبها وتحاجج عنه يوم القيامة. وليس ذلك فحسب بل انها تشفع له ايضاً في قبره فقد أخرج النسائي بسنده عن عبد الله بن مسعود- موقوفاً قال: ((من قرأ تبارك الذي بيده الملك كل ليلة مَنَعه الله من عذاب القبر وكنا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسميها المانعة. وانها في كتاب الله سورة من قرأ بها في كل ليلة فقد اكثر واطاب)) (¬5). ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (117). (¬2) أخرجه مسلم، صلاة المسافرين) 253)، وانظر المسند الجامع 15/ (11992). (¬3) أخرجه الترمذي في جامعة، فضائل القرآن (2876)، وانظر تخريجه في المسند الجامع 17/ (14458). (¬4) انظر تخريجه برقم (127). (¬5) الحديث حسن أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (711) والحاكم في المستدرك2/ 498، وانظر المسند الجامع12/ (9301).

وعن إبن عباس - رضي الله عنه - قال: ((ضرب بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خباءة على قبر -وهو لا يحسب انه قبر- فإذا فيه انسان يقرأ سورة "تبارك الذي بيده الملك" حتى ختمها فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله اني ضربت خبائي على قبر وانا لا احسب انه قبر فإذا فيه انسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "هي المانعة هي المنجية، تنجيه من عذاب القبر")) (¬1). فها هي سورة الملك تدافع عنك وتناضل حتى تحجب عنك العذاب -ان شاء الله تعالى- كما جاء في الحديث: ((يؤتى الرجل في قبره فتؤتى رجلاه فتقول: ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ سورة الملك، ثم يؤتى من قبل رأسه فيقول: ليس لكم على ما قبلي سبيل كان يقرأ في سورة الملك .... )) (¬2). وصح عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: ((كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بـ"قل هو الله احد" حتى يفرغ منها، ثم يقرأ سورة اخرى معها وكان يصنع ذلك في كل ركعة فكلمة اصحابه فقالوا: انك تفتح بهذه السورة ثم لا ترى انها تجزئك حتى تقرأ باخرى فاما ان تقرأ بها واما ان تدعها وتقرأ باخرى فقال: ما أنا بتاركها، ان احببتم ان اؤمكم بذلك فعلت وان كرهتم تركتم، وكانوا يرون انه من افضلهم وكرهوا ان يؤمهم غيره فلما اتاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - اخبروه الخبر فقال: يا فلان ما يمنعك ان تفعل ما يامرك به اصحابك؟ ويحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟ فقال: اني احبها. فقال: حبك أياها أدخلك الجنة)) (¬3). قال الحافظ إبن حجر:- ((والحاصل على الفعل المحبة وحدها، ودلّ تبشيره له بالجنة على الرضا بفعله، وعبر بالفعل الماضي في قوله "ادخلك" وان كان دخول الجنة مستقبلاً تحقيقا لوقوع ذلك)) (¬4). وليس المراد من محبة القرآن، أو تلاوته، أو حفظه،- كما مر معنا في الأحاديث -ليس المراد منها المحبة المجردة أو التلاوة المجردة أو الحفظ المجرد -قطعاً- لان هذا يتعارض ¬

(¬1) انظر تخريجه لاحقاً برقم (128). (¬2) أخرجه الحاكم في المستدرك 2/ 498. (¬3) انظر تخريجه برقم (125). (¬4) فتح ااباري 2/ 329، وانظر تحفة الاحوذي، المباركفوري 8/ 213.

مع القرآن نفسه، إذ يقول جل جلاله: ((واوحى إليّ هذا القرآن لانذركم به ومن بلغ ... )) (¬1)، ويقول: ((أفلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها)) (¬2)، ويقول: ((فذكر بالقرآن من يخاف وعيد)) (¬3)، ويقول ((ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكَر)) (¬4). فالمراد من القرآن هو العمل به، قال تعالى: ((وقال الرسول يا رب ان قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً)) (¬5).يقول إبن كثير في تفسيرها: (( .. وترك الإيمان به وترك تصديقه من هجرانه، وترك تدبره وتفهمه من هجرانه وترك العمل به وامتثال اوامره واجتناب زواجره من هجرانه والعدول عنه إلى غيره من شعرٍ أو قولٍ أو غناءٍ أو لهوٍ أو كلامٍ أو طريقهٍ مأخوذة من غير من هجرانه ... )) (¬6). والمأثور عن الصحابة انهم كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يحفظونها ثم يعملون بها حتى ياخذون غيرها. أما من يسعى جاهداً إلى تطبيق القرآن في حياته -الخاصة والعامة- فانه مشمول بشفاعة القران، سواء أكان يحب القرآن، ام يقرأ القرآن أم يحفظ القرآن، فالعمل به وتحكيمه هو اصل الإيمان. قال تعالى: ((فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدون في صدورهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً)) (¬7). وهذا هو الذي يحرم جسده على النار يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((لو كان القرآن في اهاب ما اكلته النار)) (¬8). يقول العلامة المناوي: ((فكيف بالمؤمن المواضب لقراءته ولتلاوته واللام في "النار" للجنس والاولى جعلها للعهد، والمراد بها نار جهنم أو النار التي تطلع على الافئدة أو النار التي وقودها الناس والحجارة. ... وقيل المعنى من علّمهُ الله القرآن، لم تحرقه نار الآخرة ¬

(¬1) الانعام/ 19. (¬2) محمد/ 24. (¬3) ق/45. (¬4) القمر/ 17. (¬5) الفرقان /30. (¬6) تفسير القرآن العظيم 3/ 306. (¬7) النساء/ 65. (¬8) انظر تخريجه برقم (129).

ثانيا: شفاعة الصيام

فجعل جسم حافظ القرآن كاهاب له)) (¬1). ثانياً: شفاعة الصيام: الصيام:- هو الامساك لغة، وفي الاصطلاح: عبارة عن امساك مخصوص وهو الامساك عن الاكل والشرب والجماع من الصبح إلى المغرب مع النية (¬2). فالانسان يترك شهواته وملذاته -طاعة لله- فلا يأكل ولا يشرب لا امام الناس ولا حتى إذا اختلى بنفسه؟ فيالله أي طاعة واي خضوع لرب العالمين!! وكفى بالصوم خصيصه وشرفاً ان اضافة الله -تعالى- اليه من دون الأعمال الكثيرة الأخرى، الصلاة، الزكاة، الحج، ... الخ يقول الله في الحديث القدسي: ((كل عمل إبن ادم له إلا الصيام فانه لي وانا اجزي به)) (¬3). وإنما كان للصيام هذه المنزلة لانه: اولاً: سرٌ وعمل باطن، فهو بعيد عن الرياء، لما كانت الأعمال يدخلها الرياء والصوم لا يطلع عليه بمجرد فعله إلا الله فاضافة الله إلى نفسه (¬4). ثانياً: وأما قوله "وانا أجزي به": أي اني انفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته. واما غيره من العبادات فقد اطلع عليها بعض الناس، ((إنّ الأعمال قد كشفت مقادير ثوابها للناس وانها تضاعف من عشرة إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله إلا الصيام فان الله يثيب عليه بغير تقدير)) (¬5). وذكر إبن حجر أقوالاً عشرة لتفضيل الصيام وانزاله بهذه المنزلة الرفيعة، فلتنظر هناك. (¬6) وقد وردت احاديث في فضل الصيام وصرحت انه يشفع يوم القيامة (¬7)، منها ما ¬

(¬1) فيض القدير 5/ 324. (¬2) التعريفات، الجرجاني ص77بتصرف، وانظر فقه السنة، سيد سابق1/ 364. (¬3) الحديث متفق عليه من رواية أبي هريرة مرفوعا، انظر مظانة في المسند الجامع 17/ (13421). (¬4) انظر شرح مسلم، النووي 8/ 89، ومختصر منهاج القاصد، إبن قدامة المقدسي ص 38، وتحفة الاحوذي، المباركفوري3/ 472. (¬5) فتح الباري، إبن حجر 4/ 135بتصرف، وانظر شرح مسلم8/ 29ومختصر منهاج القاصرين 38وتحفة الاحوذي سبق. (¬6) انظر فتح الباري 4/ 138. (¬7) لذا اخترنا الصيام من بقية الأعمال فمن الأعمال الأخرى ما فيها معنى الشفاعة ضمنياً وليست تصريحاً.

المطلب الخامس: شفاعة دعاء الوسيلة عقب الآذان

أخرجه الإمام أحمد بن حنبل وغيره من حديث عبد الله إبن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني في يشفعان)) (¬1). وأخرج البخاري بسنده من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الصيام جنه فإذا كان أحدكم صائماً فلا يرفث ولا يجهل ... )) (¬2) ... الحديث. وجاء الحديث بالفاظ مختلفة منها ("جنة من نار" "وجنة وحصن حصين من النار") (¬3). يقول الإمام النووي:- ((الصيام جُنة: هو بضم الجيم ومعناه: ستره، ومانع من الرفث والاثام ومانع ايضاً من النار ... )) (¬4). ((وإنما كان الصوم جنه لانه امساك عن الشهوات والنار محفوفة بالشهوات. فالحاصل انه إذا كف نفسه عن الشهوات في الدنيا كان ذلك ساتراً له من النار في الآخرة)) (¬5). وهكذا نخلص ان الصيام يقف بين ايدي الله تعالى يشفع لصاحبه، فيحاجج ويناضل، ويدافع عنه فلا يدعه حتى يدخله الجنة من باب الريان -ان شاء الله- أخرج البخاري بسنده عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((إن في الجنة باباً يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه احد غيرهم فإذا دخلوا اغلق فلم يدخل منه أحد)) (¬6). المطلب الخامس: شفاعة دعاء الوسيلة عقب الآذان (*): أخرج البخاري بسنده عن جابر - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((من قال حين يسمع النداء: اللهم ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (118). (¬2) الحديث بطوله أخرجه البخاري في صحيحة، الصوم (1894)، وانظر مظانه في المسند الجامع17/ (13400) (¬3) انظر فتح الباري4/ 130. (¬4) شرح مسلم8/ 30 - 31. (¬5) فتح الباري 4/ 130. (¬6) البخاري، الصوم (1896و3257)، انظر مظانه في المسند الجامع17/ (13400و13401و13410و13411و13412). (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: الصواب أنه المطلب الرابع، وهذا خطأ مطبعي كما أفادنا بذلك المؤلف حفظه الله

رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة)) (¬1). والمراد بالنداء: هو الإذان (¬2)، فان من يدعو بدعاء الوسيلة هذا عقب الإذان فانه ستحل له شفاعة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وهذا الدعاء يكون "حين يسمع الإذان": وقد اختلف في وقت الدعاء، فقيل هو الدعاء اثناء الإذان، وقيل بعد تمام الإذان وهو الاظهر (¬3). ولما جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليّ فان من صلّى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشراً ثم سلوا الله لي الوسيلة فانها منزلة في الجنة لا تنبغي الا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة)) (¬4). فإن الدعاء بالوسيلة جاء عقب إجابة المؤذن. ومعنى "الدعوة التامة": هي دعوة التوحيد (¬5)، قال تعالى "له دعوة الحق" (¬6). وإنما سميت دعوة التوحيد "تامة" لان الشركة نقص، وقال إبن التين وصفت بالتامة لان فيها اتم القول وهو "لا اله الا الله". وقال الطيبي: من اوله الى قوله محمد رسول الله هي الدعوة التامة (¬7). وأما قوله "الصلاة القائمة": فان الطيبي قال" هي الحيعلة "حي على الصلاة، حي على الفلاح" (¬8) والاظهر هو ان المراد بالصلاة القائمة: هي الصلاة المعهودة (¬9). فكأن معنى الدعاء. اللهم رب دعوة التوحيد هذه، والصلاة التي تقام بعدها. فان الصلاة لا تقام الا بعد الإذان -والله اعلم-. وأما الوسيلة: هي التوسل الى الشيء برغبة، وهي أخص من الفضيلة ولتضمنها معنى ¬

(¬1) أنظر تخريجه برقم (69). (¬2) انظر فتح الباري، إبن حجر 2/ 120، وانظر بذل المجهود، السهارنفوري 4/ 94. (¬3) انظر شرح مسلم، النووي 4/ 87. (¬4) انظر تخريجه برقم (70). (¬5) انظر فتح الباري 2/ 120. (¬6) الرعد/14. (¬7) انظر فتح الباري 2/ 121،وانظر عون المعبود، العظيم ابادي 2/ 232. (¬8) مصدر سابق. (¬9) مصدر سابق.

الرغبة عديت بالى قال تعالى: "وابتغوا اليه الوسيلة" (¬1). والمراد بها القربة، وهي منزلة عالية في الجنة (¬2). لا تنبغي الا لعبد من عباد الله وأبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - صاحبها -إن شاء الله-. والفضيلة: هي مرتبة زائدة على سائر الخلق وربما هي منزلة اخرى مضافة للوسيلة، او قد تكون تفسيراً للوسيلة (¬3). وقوله "مقاماً محموداً" -قد فصلت القول فيه في موضعه- وإنما نُكِّرَ لأنه أفخم واجزل فهو مقاماً محموداً بكل لسان (¬4). وأما قوله "الذي وعدته" فهو وعد الله نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - بقوله ((عسى ان يبعثك ربك مقاماً محموداً)) (¬5)، واطلق عليه الوعد لان عسى من الله واقع (¬6). وقد زاد البيهقي في روايته ((إنك لا تخلف الميعاد)) (¬7). وهكذا نخلص ان من طلب هذه الدعوة من الله عقب كل إذان يسمعه فان شفاعة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ستدركه وتحل له: اي استحقها او انزلت عليه (¬8). وهذه الشفاعة التي تدرك هذا المسلم عقب دعاءه قد تكون لرفع درجته او لتخفيف العذاب عنه او نوع اخر من الانواع الاخرى، فيعطى كل احد بما يناسبه (¬9). وإنما كان للآذان هذا المقام لان "الآذان كلمة جامعة لعقيدة الإيمان مشتملة على نوعيه من العقليات والسمعيات فأوله إثبات الذات وما يستحقه من الكمال والتنزيه عن اضدادها وذلك بقوله الله اكبر وهذه اللفظة مع اختصار لفظها دالة على ما ذكرناه ثم صرح باثبات الوحدانية ونفي صدها من الشركة المستحيلة في حقه سبحانه وتعالى وهذه ¬

(¬1) وانظر المفردات في غريب القرآن، الراغب الأصبهاني 831. (¬2) انظر نسيم الرياض، الخفاجي 2/ 366. (¬3) انظر فتح الباري، إبن حجر 2/ 121 وعون المعبود، العظيم ابادي 2/ 232. (¬4) انظر فتح الباري 2/ 121، وبذل المجهود، السهارنفوري 4/ 94. (¬5) الاسراء/79. (¬6) انظر فتح الباري، 2/ 121. (¬7) انظر الحديث برقم (69). (¬8) انظر شرح مسلم، النووي 4/ 86 - 87. (¬9) انظر فتح الباري 2/ 122.

المطلب السادس: شفاعة شهود بعض الوقائع

عمدة الايمان والتوحيد المقدمة على كل وظائف الدين ثم صرح باثبات النبوة والشهادة بالرسالة لنبينا - صلى الله عليه وسلم - وهي قاعدة عظيمة بعد الشهادة بالوحدانية وموضعها بعد التوحيد ... ثم دعا الى ما دعاهم اليه من العبادات فدعاهم الى الصلاة وعقبها بعد اثبات النبوة لان معرفة وجوبها من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - لا من جهة العقل ثم دعا الى الفلاح وهو الفوز والبقاء في النعيم المقيم ... " (¬1). المطلب السادس: شفاعة شهود بعض الوقائع إن أي أمة تريد ان تبني كيانها وتفرض وجودها في العالم لابد لها من صبر وجهاد وتضحية. ولقد مرت الامة الإسلامية في مرحلة تأسيسها وبنائها وقائع كثيرة وهي متفاوتة-نسبياً- من حيث الاهمية والدور الذي لعبته تلك الواقعة في انشاء ودعم الأمة الاسلامية في ترسيخ اوتادها. وهذه الوقائع التي كانت في مراحل مختلفة: كأن تكون في مرحلة سرية الدعوة أو علنية الدعوة أو مرحلة الكفاح المسلح أو مرحلة البناء الاجتماعي ... الخ. ورغم اهمية ودور كل واقعة في كل مرحلة إلا اننا نجد ان القرآن الكريم والسنة النبوية يسلطان الضوء على واقعتين بشكل اكبر من الوقائع الأخرى. والمتأمل في دورهما يجد بشكل ملموس اسباب هذا الاهتمام بهما. وهاتان الواقعتان هما: "معركة بدر الكبرى" و"بيعة الرضوان". أولاً معركة بدر الكبرى:- ان معركة بدر الكبرى تعتبر مرحلة أنتقالية من عهد إلى عهد ... من عهد الهامشية التاريخية إلى عهد الصدارة العالمية وصناعة الاحداث، والقيادة. من عهد الاستضعاف إلى مرحلة المهابة. فهي بحق فرقاناً .. فرقاناً بين الحق والباطل ... ((وما انزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان)) (¬2). ¬

(¬1) شرح مسلم 4/ 89. (¬2) الانفال/ 41.

ثانيا: بيعة الرضوان: "بيعة الشجرة":-

يقول صاحب الظلال: ((كانت فرقاناً بين عهدين في تاريخ الحركة الاسلامية: عهد المصابرة والصبر والتجمع والأنتصار، وعهد القوة والمبادأة والاندفاع ... والاسلام بوصفه تصوراً جديداً للحياة ومتجهاً جديداً للوجود الانساني ونظاماً جديداً للمجتمع وشكلاً جديداً للدولة بوصفه اعلاناً عاماً لتحرير "الانسان" في "الارض" بتقرير الوهية الله وحده وحاكميته ومطاردة الطواغيت التي تغتصب الوهيته وحاكميته .... الإسلام بوصفه هذا لم يكن له بُدٌّ من القوة والحركة والاندفاع لأنه لم يملك ان يقف كامناً منتظراً على طول الامد ... وكانت فرقاً بين عهدين في تاريخ البشرية، فالبشرية بمجموعها قبل قيام النظام الاسلامي هي غير البشرية بمجموعها بعد قيام النظام .. )) (¬1). ثانياً: بيعة الرضوان: "بيعة الشجرة":- وتبرز أهمية البيعة اولا حينما نزل القرآن يبشرهم ((إن الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم فمن نكث فانما ينكث على نفسه ومن اوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه اجراً عظيماً)) (¬2)، ثم انزل بعدها ((لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فانزل السكينة عليهم واثابهم فتحاً قريباً .... )) (¬3) وإنما كانت البيعة: لما أعلن النبي - صلى الله عليه وسلم - توجهه إلى مكة معتمراً، تبعه جمع كبير من المهاجرين والانصار بلغ عددهم "الفاً واربعمائة" تقريباً، واعلن -كذلك- المنافقون وكثير من الاعراب تخلفهم عن هذه العمرة لانهم "عرفوا ان أهل مكة سوف يقاتلون محمداً - صلى الله عليه وسلم - امرَّ القتال وانه إذا ابى إلا زيارة البيت كما اعلن فلن تدعه قريش حتى تهلكه أو تهلك هي دون ابلاغه مأربه فهي عمرة محفوفة بالاخطار في نظرهم والفرار منها اجدى!! ولو فُرض ان الرسول عليه الصلاة والسلام -نجح في مقصده هذا فالاعتذار اليه بعد عودته سهل: ((سيقول المخلفون من الاعراب شغلتنا اموالنا واهلونا فاستغفر لنا ... )) (¬4). ¬

(¬1) في ظلال القرآن3/ 1521 - 1522بتصرف يسير جدا، وانظر فقه السيرة، محمد سعيد رمضان الأبوطي175، والمنهج الحركي للسيرة النبوية، محمد منير الغضبان 1/ 240. (¬2) الفتح/10. (¬3) الفتح/18. (¬4) الفتح11.

فهذه أولى خطوات التمييز والغربلة فالله تعالى أراد لاهل هذه البيعة رضواناً ومغفرة فلحق من كان اهلاً له وقعد من لا خير فيه من أهل النفاق. ومن ثم أعلنت قريش طوارءها واستنفارها للحرب بكل ما اوتيت من قوة ومن بأس فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ممثلاً عنه- يوضح الصورة بأنهم إنما خرجوا معتمرين فقط! لا محاربين!!. فلما وصل عثمان - رضي الله عنه - حبسته قريش، واشيع انه قتل، فلما بلغ الخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا نبرح حتى نناجز القوم فدعا إلى بيعه على الموت تحت الشجرة. وهنا يتجلى امتحان اخر وهو: ان المعركة غير متكافئة فالاسلحة التي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وجنده لا تتجاوز السيوف والخناجر فقط.، ولكن ما ان سمع اولئك التلاميذ الابرار هذه الدعوة من استإذهم وقائدهم لبوا نداء الموت .. لبوا وقلوبهم ترفوا إلى الجنة وكاني بها تنادي: يا حبذا الجنة واقترابها طيبةً وبارداً شرابها (¬1). فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - ياخذ بيد اصحابه الواحد تلو الاخر واخيراً اخذ يده الشريفة وبايع عثمان - رضي الله عنه - وقال هذه عن عثمان.-فهنيئاً لعثمان-وكان يفتخر بها ايما افتخار، وحق له ذلك. ولما تمت البيعة وصل الامر أنّ عثمان - رضي الله عنه - حيٌّ وان خبر قتله باطلٌ (¬2). فيالله ما أعجب هذه الثلة العظيمة من الأصحاب .. خرجوا معتمرين، وألحوا عليه أن ياخذوا اسلحتهم فابى - صلى الله عليه وسلم - وها هو يدعوهم إلى الموت فيلبوا بل يتزاحمون إلى بيعة -حتى سميت بيعة الرضوان-بيعة على الموت. ولا ننسى ان الصف قد طهر من المنافقين اصلاً، والآن يمر بامتحان عسير وينجح به ايما نجاح!! فكافأهم الله تعالى الذي يراهم ويراقب الامور ((لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فانزل السكينة عليهم واثابهم فتحاً قريباً)) (¬3). قلوبهم مطمئنة ان الله معهم، ان الله ناصرهم، ان الله يبايع معهم ((يد الله فوق ايديهم)). ((واني اليوم ومن وراء هذه القرون الطويلة احاول ان استشرف تلك اللحظة ¬

(¬1) هذا البيت لسيدنا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أنظر فقه السيرة، الغزالي ص349. (¬2) انظر فقه السيرة، الغزالي ص349، وفقه السيرة، البوطي ص248. (¬3) الفتح/ 18.

القدسية العظيمة التي عاشها اولئك الرجال وهم يبلغون: ان الله قد رضي عليهم، ان احدنا ليفرح بل يكاد يطير فرحاً ان يسمع النداء "الله ولي الذين امنوا ... " (¬1) ظناً منا اننا مشمولون بهذا الخطاب ... فكيف بهم وهم يسمعون الهاتف الرباني وهو يناديهم في ابان تلك البيعة "لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ... " (¬2) الاية)) (¬3). النصوص ومناقشتها: صح من حديث ام مبشر -رضي الله عنها- انها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في بيت حفصة: ((لا يدخل النار رجل شهد بدراً والحديبية فقالت حفصة: يا رسول الله اليس قد قال الله ((وأن منكم الا واردها))؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فمه"ثم ننجي الذين اتقوا" (¬4)) (¬5). وصح من حديث جابر - رضي الله عنه - مرفوعا: ((لايدخل النار احد شهد بدراً والحديبية)) فهذا الحديث واضح المعنى بأن من شهد بدراً مع النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمناً به مقاتلاً معه فأنه مزكّى انه من المتقين وانه لا يدخل النار البتة، وكذا من بايع بيعة الرضوان. قال الإمام النووي ((قال العلماء: معناه لا يدخلها احد منهم قطعاً كما صرح به في الحديث الذي قبله -حديث حاطب ... -واما قول حفصة بلى. وأنتهار النبي - صلى الله عليه وسلم - لها فقالت "ان منكم إلا واردها" فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد قال "ثم نننجي الذين اتقوا" منه دليل للمناظرة والاعتراض والجواب على وجه الاسترشاد وهو مقصود حفصة لا انها ارادت رد مقالته ... )) (¬6). وجاء عن الإمام علي - رضي الله عنه - قال: ((بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا والزبير والمقداد فقال: أئتوا روضة خاخٍ (¬7) فأن بها ضعينة معها كتاب فخذوه منها. فانطلقنا تعادى بنا خيلنا فإذا نحن بالمرأة فقلنا: أخرجي الكتاب فقالت مامعي كتاب. فقلنا لتخرجن الكتاب أو لتلقين ¬

(¬1) البقرة/257. (¬2) الفتح / (¬3) في ظلال القرآن، سيد قطب 6/ 3325. (¬4) مريم/72. (¬5) انظر تخريجه برقم (130). (¬6) شرح مسلم16/ 58 بتصرف يسير. (¬7) موضع بين الحرمين، انظر معجم البلدان ياقوت الحموي 3/ 335.

الثياب: فأخرجته من عقاصها (¬1) فأتينا به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا فيه: من حاطب بن بلعته- إلى ناس من المشركين من أهل مكة - يخبرهم ببعض امر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:ياحاطب! ماهذا؟ قال لا تعجل عليّ يارسول الله اني كنت امرءاً ملصقاً في قريش ((قال سفيان: كان حليفاً لهم ولم يكن من أنفسها)) وكان ممن كان معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها اهليهم فاحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم ان اتخذ فيهم يداً يحمون بها قرابتي، ولم افعله كفراً ولاارتداداً عن ديني ولا رضاً بالكفر بعد الإسلام فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"صدق " فقال عمردعني: يا رسول الله اضرب عنق هذا المنافق فقال: ((انه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدراً فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)) (¬2). فالمراد من الغفران هنا: الغفران الاخروي لا الدنيوي والا فمعنى ذلك ان من ارتكب حداً من اصحاب بدر والشجرة لا يقام عليهم الحد وهذا باطل فقد صرح القاضي عياض بالاجماع على اقامة الحد عليهم واستدل باقامة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الحد على بعضهم، قال: وضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - مسطحاً وكان بدرياً (¬3). وجاء في لفظة اخرى للحديث "يا رسول الله ليدخلنّ حاطب النار فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذبت لا يدخلها فانه شهد بدراً والحديبية" وهذا الحديث صريح بان تلك الواقعتين تشفعان فقوله ((كذبت لا يدخلها هي الاخبار عن الشيء على ما خلاف ما هو عمداً كان أو سهواً سواء كان الاخبار عن ماضٍ أم مستقبل وخصته المعتزلة بالعمد، وهذا يُرّد عليهم، وقال بعض أهل اللغة لا يستعمل الكذب إلا في الاخبار عن الماضي بخلاف ما هو مستقبل وهذا الحديث يرد عليهم -والله اعلم-)). (¬4) وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - لعل الله ... "أو "ان شاء الله ... " فهو على سبيل القطع والترك وليس على سبيل الشك (¬5). ¬

(¬1) أي ضفيرتها، انظر مختار الصحاح، الرازي ص664. (¬2) أخرجه مسلم، فضائل الصحابة (161). وأنظر مظانه في المسند الجامع 13/ (10283). (¬3) انظر شرح مسلم16/ 56 - 57، وفتح الباري، إبن حجر 7/ 388. (¬4) شرح مسلم، النووي16/ 57 بتصرف يسير. (¬5) انظر شرح مسلم 16/ 58، وانظر فتح الباري، إبن حجر 7/ 388.

وجاء في بعض الروايات الجزم: "ان الله اطلع ... " (¬1). واما قوله "اعملوا ما شئتم". فالبعض من أهل العلم قال: هي للتشريف، وبعضهم قال هي للبشارة بعدم الذنوب في المستقبل، وبعضهم قال: هي بشارة بغفران الذنوب بعد وقوعها، وهذا الاخير هو الذي رجحه الحافظ إبن حجر بعد ان عرض الاقوال الاخرى، وهو اقربها إلى معنى الحادثة. (¬2). وقوله - صلى الله عليه وسلم - ((فاني قد غفرت لكم)) فقد ذكر الحافظ إبن حجر اقوالاً عدة منها: ((انها في الذنوب الماضية واستدلوا كون الفعل بصيغة الماضي "غفرت" ... ولو اراد المستقبل لقال: سأغفرها)) (¬3). وتعقب هذا القول ((بأن الحديث لو كان للماضي لما حسن الاستدلال به في قصة حاطب لانه - صلى الله عليه وسلم - خاطب به عمراً منكراً عليه ما قال في امر حاطب وهذه القصة كانت بعد بدر بست سنين فدل على ان المراد ما سياتي واورده في لفظ الماضي مبالغة في تحقيقه)) (¬4). وأخرج البخاري بسنده عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: ((قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية: أنتم خير أهل الارض وكنا الفاً واربعمائة ولو كنت ابصر اليوم لاريتكم مكان الشجرة)) (¬5). قال إبن حجر: ((فهذا يدل على انه كان يضبط مكانها بعينه وإذا كان في اخر عمره بعد الزمان الطويل يضبط موضعها ففيه دلالة على انه كان يعرفها بعينها لان الظاهر انها حين مقالته تلك كانت هلكت أما بجفاف أو بغيره واستمر هو يعرف موضعها بعينه)) (¬6). وقد ثبت بالسند الصحيح ان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لما بلغه ان قوماً ياتون الشجرة ويصلون عندها، امر بقطعها فقطعت (¬7). فهنيئاً لهذا الجيل الامثل الذين باعوا انفسهم لبارئها فانزل الله سكينته على قلوبهم فامتلات نوراً فكانت نوراً على نور، وحري باحدهم ان يفتخر بانه كان مع اولئك الذين ¬

(¬1) انظر فتح الباري 7/ 388. (¬2) فتح الباري، 7/ 388 .. (¬3) مصدر سابق. (¬4) مصدر سابق. (¬5) صحيح البخاري، المغازي (4154)،وانظر المسند الجامع 4/ (2915). (¬6) فتح الباري7/ 568 - 569. (¬7) انظر فتح الباري، إبن حجر 7/ 568 - 569.

المطلب السابع: -شفاعة الصبر على الشدائد:-

خوطبوا: ((لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ... )) (¬1). وحق لمن وضع الله يده فوق ايديهم (¬2) قال تعالى: ((يد الله فوق ايديهم)) (¬3) ألا يبايعوا بعدها احداً فقد أخرج البخاري بسنده عن عبادة بن تميم قال: ((لما كان يوم الحرة والناس يبايعون لعبد الله بن حنظلة فقال إبن زيد (¬4): على ما يبايع إبن حنظلة الناسُ؟ قيل له: على الموت. قال: لا ابايع على ذلك احداً بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان شهد معه الحديبية)) (¬5). وفي هذه الاثار ردٌ على كل ضال يسب اصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة من شهد بدراً والحديبية. أما مذهب أهل الحق: ((يحبون اصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يفرطون في حب أحد منهم ولا يتبرؤون من احد منهم، ويبغضون من يبغضهم وبغير خير بذكرهم، ولا يذكرونهم إلا بخير وحبهم دين وايمان واحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان)) (¬6). المطلب السابع: -شفاعة الصبر على الشدائد:- الصبر: ((هو ترك الشكوى من الم البلوى لغير الله، لا إلى الله لان الله تعالى اثنى على أيوب - صلى الله عليه وسلم - بالصبر بقوله: ((إنا وجدناه صابراً)) (¬7)، مع دعائه في دفع الضر عنه بقوله: ((وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين)) (¬8) (¬9). والصبر أنواع ودرجات، يتفاوت بتفاوت المصيبة والشدة، فالصبر على ضياع مبلغ من المال، ليس كالصبر على موت عزيز، وكذلك يتفاوت بتفاوت الاشخاص فقد تكون حادثة معينة هي اكبر مصيبة عند شخص ولكنها سهلة عابرة عند آخر ... وهكذا فالصبر ¬

(¬1) الفتح/ 18. (¬2) ولله المثل الاعلى "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير". (¬3) الفتح/10. (¬4) هو عبد الله بن زيد رضي الله عنه-انظر فتح الباري 7/ 569. (¬5) أخرجه البخاري المغازي (4167). (¬6) شرح العقيدة الطحاوية، إبن أبي العز، بتحقيق الالباني ص 467. (¬7) ص /44. (¬8) الأنبياء /83. (¬9) التعريفات، الجرجاني ص75.

النوع الأول: الشفاعة في الصبر على شدائد المدينة المنورة

المحمود: هو الصبر عند الصدمة الاولى وليس ذاك الذي هو بعد الجزع والتذمر. (¬1) والصبر مرتبط برابطة وشيجة مع الإيمان، لأن من أركان الإيمان هو الايمان بالقدر خيره وشره انه من عند الله ومن الإيمان الصبر على القدر. ان الابتلاءات والشدائد هو قدر المؤمن الصادق في هذه الحياة الدنيا، يقول تعالى ((الم. احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا اَمنا وهم لا يفتنون ... )) (¬2)، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الامثل فالامثل ... )) (¬3). والصبر على نوعين: (¬4) الصبر على السراء، والصبر على الضراء، والذي اريده هنا هو الصبر على الضراء. وحسب الصبر منزلة ان قال الله فيه: ((وجعلنا منهم ائمة يهدون بأمرنا لما صبروا)) (¬5) وقوله: ((ولنجزين الذين صبروا اجرهم باحسن ما كانوا يعملون)) (¬6)، وقوله ((إنما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب)) (¬7). النوع الأول: الشفاعة في الصبر على شدائد المدينة المنورة: جاء في الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من صبر على لاواء المدينة وشدتها كنت له شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة)) (¬8). وقصة هذا الحديث: لما هاجر الصحابة الكرام إلى المدينة وتركوا الديار والاهل والوطن والاموال ... كل ذلك كان من الشدة بمكان، فقد نزلوا غرباء في بلدة جديدة، جديدة بكل المعاني وان كان الانصار وقفوا معهم موقفاً عظيماً يفتخر التاريخ به مدى الزمان ... ولكن: هم غرباء ... غرباء عن أرض -يثرب- بل غرباء حتى مناخها .. فمناخها يختلف عن مناخ مكة أيما اختلاف .. ولكي يكتمل الابتلاء والتمحيص: وافق إبان هجرتهم وباء ¬

(¬1) انظر مختصر منهاج القاصرين، المقدسي ص258. (¬2) العنكبوت/ 1 - 2. (¬3) أخرج أحمد 1/ 172و174 وغيره عن سعد بن أبي وقاص، وانظر تخريجه في المسند الجامع6/ (4160). (¬4) انظر مختصر منهاج القاصدين ص256. (¬5) السجدة/ 48. (¬6) النحل/96. (¬7) الزمر/10. (¬8) انظر تخريجه برقم (136)، وانظر نسيم الرياض، الخفاجي2/ 207.

نزل بالمدينة (حُمى) الملاريا فلم تمض ايام حتى مرض بها بعض الصحابة، كأبي بكر وبلال ... فأستوخم الصحابة -رضي الله عنهم- جو المهجر الذي آواهم. ثم أخذت تستيقظ غرائز الحنين إلى الوطن المفقود حتى قال سيدنا بلال - رضي الله عنه -:- الا ليت شعري هل أبيتن ليلة بواد وحولي إذخر وجليل؟ وهل اردنْ يوماً مياه مجنه وهل يبدْوَنْ لى شامة وطفيل؟ (¬1) فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصبرهم على احتمال الشدائد ويطالبهم بالمزيد من الجهد والتضحية لنصرة الإسلام فقال: ((لا يصبر على لاواء المدينة وشدتها احد من امتي إلا كنت شفيعاً يوم القيامة، ولا يدعها احد رغبة عنها إلا ابدل الله من هو خير منه)) (¬2). يقول الشيخ محمد الغزالي: ((وهذا ضرب من جمع القلوب على المهجر الجديد حتى تطيب به وتنفر عن مغادرته)) (¬3) وهذا لا يعني ان الدعاء لمن صبر على جهد المدينة مقصور على تلك الفترة الزمنية لا بل هو مستمر إلى يوم القيامة فقد جاءت مولاة لعبد الله بن عمر - رضي الله عنه - تستإذنه بالخروج من المدينة لشدة الحال في المدينة فقال لها عبد الله: ((اقعدي لكاع (¬4)، فاني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لايصبر على لاوائها وشدتها احد إلا كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة)) (¬5) وقد جاء أبو سعيد المهري (¬6) يستإذن على أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ايام الحرة (¬7) واستباحة المدينة وشكا اليه اسعارها، وكثرة عياله واخبره انه لا طاقة له على جهدها، فقال أبو سعيد: ((ويحك لا امرك بذلك فاني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ((لايصبر احد على جهد المدينة ولاوائها إلا كنت له شفيعاً أو ¬

(¬1) طرف من حديث أخرجه البخاري في صحيحه (1889) وله اطرف انظرها هناك وانظر فقه السيرة، محمد الغزالي ص184. (¬2) انظر تخريجه برقم (138). واللفظ هنا لأحمد. (¬3) فقه السيرة ص184. (¬4) تطلق على اللئيم وعلى الغبي وعلى العبد الذي لا يهتدي لكلام غيره وعلى الصغير، أنظر شرح مسلم، النووي9/ 151. (¬5) انظر تخريجه برقم (135). (¬6) قال إبن حجر في التقريب 8133:"مقبول"، وجاء في التحرير4/ 204 "بل ثقة". (¬7) وهي الايام التي استباح فيها يزيد بن معاوية المدينة عام 63هـ.

شهيداً يوم القيامة إذا كان مسلماً)) (¬1). وهكذا نجد حرص الصحابة الكرام على المكوث في المدينة وعلى الصبر على لأوائها وشدتها وقد اوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - امته انه من استطاع منهم ان يمت بالمدينة فليمت بها. يقول - صلى الله عليه وسلم - ((من استطاع منكم ان يمت بالمدينة فليمت فاني اشفع لمن يموت بها)) (¬2). وقد نتسائل ونقول: لمإذا يولي النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة هذه المنزلة العظيمة:؟ قد نصيب إذا قلنا انه -عليه الصلاة والسلام- اراد ان يرغب المهاجرين في سكناها وهناك بعض الوجوه لهذا: الوجه الأول: هو محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - للمدينة وحنينه اليها لذا فانه عاد اليها بعد فتح مكة ومات بها ودفن بها -صلوات الله وسلامة عليه-. الوجه الثاني: محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - لاهلها "الانصار" حيث يقول: ((لولا الهجرة لكنت امرءً من الانصار)) (¬3) ويقول: ((لو سلك الناس وادياً أو شعباً وسلكت الانصار وادياً أو شعباً لسلكت وادي الانصار وشعبهم)) (¬4). الوجه الثالث: هذه خصوصية زائدة على الشفاعة للمذنبين أو للعالين في القيمة وعلى شهادته على جميع الامم وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في شهداء احد: ((انا شهيد على هؤلاء فيكون لتخصيصهم بهذا كله مزيداً أو زيادة منزلة وحظوة)) (¬5). وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - أو هل هي للتقسيم ام للشك؟ فإذا قلنا انها للشك -جدلاً- فمن الذي شك؟ النبي - صلى الله عليه وسلم - أم الرواة؟ أما القول أنه من النبي - صلى الله عليه وسلم - باطل إتفاقاً لأنه ((وما ينطق عن الهوى)) (¬6). وأما القول أنه من الراوي فهو باطل أيضاً لانه -اللفظ- جاء من عدة طرق عن عدة ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (137). (¬2) انظر تخريجه برقم (140). (¬3) الحديث صحيح، جاء عن عدة صحابة، انظر مثلاً-المسند الجامع2/ (1507). (¬4) متفق عليه، انظر مظانة في المسند الجامع1/ (636و637و638و639و640) كلها عن انس بن مالك رضي الله عنه. (¬5) شرح مسلم، النووي 9/ 137 وانظر تحفة الاحوذي، المباركفوري 10/ 418. (¬6) النجم/3.

النوع الثاني: شفاعة الصبر على تربية الإناث

صحابة فينتفي وجه الشك (¬1) -والله اعلم-. ثم أن نقلة الحديث أمناء -في الأعم الاغلب- في نقل الحديث ولو كان شكاً منهم أو من احدهم لصرحوا بذلك. فإذا كانت أو للتقسيم فيكون معنى الحديث: أكون شهيداً لبعضهم، وشفيعاً لبقيتهم أو شفيعاً للمذنبين العاصين فيكون اخراجٌ من النار أو شهيداً للمطيعين برفع الدرجات وغيرها (¬2). وإن كانت بمعنى (الواو) فيصبح المعنى: أكون شهيداً وشفيعاً لهم يوم القيامة، ويؤيده ما جاء في لفظة اخرى ((إلا كنت له شهيداً أو له شفيعاً)) (¬3). وعلى كل حال فإننا نخلص إن هذه الشفاعة أخرى غير الشفاعة العامة لأمته وهي اخراجهم من النار ومعافاة بعضهم وتكون هذه الشفاعة لاهل المدينة المنورة خاصة ((بزيادة الدرجات أو تخفيف الحساب او بما شاء الله من ذلك أو باكرامهم يوم القيامة بانواع الكرامة كايوائهم إلى ظل العرش أو كونهم في روح وعلى منابر أو الاسراع بهم إلى الجنة أو غير ذلك من خصوص الكرامات الواردة لبعضهم دون بعض)) (¬4).وقد ذكر إبن حجر العسقلاني: احتمال ان يكون لأهل المدينة شفاعة خاصة وهي أن يدخل الجنة منهم سبعون ألفاً بغير حساب، اعتماداً على حديث أم قيس بنت محصن وقد ذكرناه سلفاً (¬5). النوع الثاني: شفاعة الصبر على تربية الإناث إنَّ الأنثى كانت تمثل عقدة من العقد الكثيرة التي توارثها المجتمع الجاهلي فكان أحدهم إذا بُشرّ بالأنثى أغتم وضاق صدره، كأن جبال مكة قد وضعت عليه. ولما كانوا أهل وثنية ((سول لهم انحرافهم عن العقيدة الصحيحة وأد البنات أو الابقاء عليهم في الذل أو الهوان من المعاملة السيئة والنظرة الوضيعة. ذلك انهم كانوا يخشون العار والفقر مع ولادة البنات إذ البنات لا يقاتلن ولا يكسبن وقد يقعن في السبي عند الغارات فيجلبن العار أو يعيشن كلاً على اهليهن فيجلبن الفقر ... )) (¬6). ¬

(¬1) انظر شرح مسلم 9/ 136. (¬2) مصدر سابق. (¬3) مصدر سابق. (¬4) مصدر سابق. (¬5) انظر ص66مما سبق. (¬6) في ظلال القرآن، سيد قطب4/ 2178 بتصرف في أول سطر فقط.

ولما بلغت القلوب هذا الحد من امتهان الانثى، فلا عجب حينئذٍ ان توأد البنت. فأنتشرت تلك العادة القبيحة في المجتمع الجاهلي انذاك، واستمرت جيلاً بعد جيل. ولاهمية تلك المسألة وخطورتها سلط القرآن الكريم الضوء عليها منذ أول دعوته ((وإذا المَؤودة سُئلت باي ذنب قتلت)) (¬1). وكان الوأد يتم بدفن البنت حية، ويتفنون في ذلك بصور شتى، فمنهم من إذا ولدت له بنت تركها حتى تكون في السادسة من عمرها ثم يقول: لامها: طيبها وزينيها حتى إذهب بها إلى احمائها! وقد حفر لها بئراً في الصحراء فيبلغ بها البئر فيقول لها: انظري فيه ثم يدفعها دفعاً، ثم يهيل التراب عليها، وكان عند بعضهم إذا جاء إلام المخاض جلست فوق حفرة مهيئة فإذا كان المولود بنتاً رمت بها فيها وردمتها، وان كان ابنا قامت به معها!! وبعضهم كان إذا نوى ألاّ يئد الوليدة أمسكها مهينة إلى ان تقدر على الرعي فيلبسها جبة من صوف أو شعر ويرسلها في البادية ترعى له ابله. فأما الذين لا يئدون البنات ولا يرسلونهنّ للرعي فكانت لهم وسائل اخرى لإذاقتها الخسف والبخس (¬2). فيا لله ما هذا؟!! أهؤلاء يملكون عاطفة الأبوة؟! أم إحساس انسان؟ ولما جاء الإسلام كان لزاماً ان يصطدم بهذا المنكر القبيح فصرخ الإسلام بإنكارها في إذان الجاهليين ((ولا تقتلوا أولادكم خشية املاق نحن نرزقهم وإياكم ان قتلتم كان خطأ كبيراً)) (¬3). ولما كان الإسلام دين الرحمة، دين المساواة، دين الحياة، دين الواقعية فلابد من اعطاء بديل عن فكرة "الاملاق" عند الرجل الذي أنتقل من الجاهلية إلى الإسلام. فاعطاهم الله الثواب الاعظم للصبر على تربية الاناث وجزاهم جزيل الاجر، فمن اعطاه الله بنتاً أو اكثر فرباها واحسن اليها وادبها فان النار تحرم عليه يوم القيامة وتكون تلك البنت شافعة له منها. يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((من ابتلى بشيء من هذه البنات فأحسن صحبتهنّ كنّ له ستراً من النار)) (¬4). ¬

(¬1) التكوير/ 8. (¬2) انظر تفسير القرآن العظيم، إبن كثير4/ 478، وفي ظلال القرآن 6/ 3839. (¬3) الاسراء/ 31. (¬4) انظر تخريجه برقم (145).

النصوص ومناقشتها: أخرج الشيخان وغيرهما بالسند المتصل عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- ((انها دخلت عليها امرأة معها إبنتان لها تستطعم قالت: فلم تجد عندي إلا تمرة واحدة فاعطيتها اياها فاخذتها فشقتها بين إبنتيها ولم تاكل منها شيئاً قالت: ثم قامت فخرجت ودخل علي رسول الله - - صلى الله عليه وسلم - فاخبرته خبرها فقال: - صلى الله عليه وسلم - ((من ابتلى بشيء من هذه البنات فاحسن صحبتهن كنّ له ستراً من النار)) (¬1). وأخرج الإمام أحمد بسنده عن إبن عباس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من مسلم تدرك له إبنتان فيحسن اليهما ما صحبتاه أو صحبهما إلا ادخلتاه الجنة)) (¬2). وأخرج الإمام مسلم بسنده عن انس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال ((من عال جارتين حتى يدركا دخلت انا وهو الجنة كهاتين)) (¬3). وأخرج الإمام أبو داود بسنده من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لايكون لاحدكم ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فيحسن اليهن إلا دخل الجنة)) (¬4). وأخرج إبن ماجة بسنده عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن واطعمهنّ وسقاهنّ وكساهنّ من جدته كن له حجاباً من النار يوم القيامة)) (¬5). صحيح ان أحاديث هذا النوع من الشفاعة لا تحتوي على مادة "شفع" أو مشتقاتها، ولكن المعنى العام لها يدل على معنى الشفاعة كقوله - صلى الله عليه وسلم - " .... ستراً من النار" أو "حجاباً من النار"، وهل الإبناء الذين يكونون سبباً لسترك من النار إلا شفعاء؟ وهل الحجب عن النار إلا شفاعة؟؟ وليس الامر بهذه السهولة، فليس كل من يعيل يشفع له إبناؤه وليس كل من يبتلى بالانثى يشفع له. بل ان هناك شروطاً يجب توفرها في المشفوع له هي:- ¬

(¬1) مصدر سابق. (¬2) انظر تخريجه برقم (148). (¬3) انظر تخريجه برقم (143). (¬4) أخرجه ابو داوود (5147)، وانظر مظانه في المسند الجامع 6/ (4546). (¬5) انظر تخريجه برقم (147).

اولاً: الاحسان إلى الانثى: حيث جاء هذا الشرط في كل الأحاديث بالفاظ مختلفة مثلاً: ((فاطعمهنّ، كساهنّ، يؤيهنّ، سقاهنّ، يكلفهنّ، يزوجهنّ اتقى الله فيهنّ)). يقول الحافظ إبن حجر:- ((وهذه الاوصاف يجمعها لفظ الاحسان الذي اقتصر عليه في حديث الباب)) (¬1). والإحسان: هو فعل ما ينبغي من الخير (¬2). فهل يعني هذا ان الإحسان إلى الإناث هو الاقتصار على الواجب الملقى على أعتاق الآباء والأمهات ام هو الزيادة والإيثار على القدر المشترك بين الاباء والامهات الاخرين؟. والذي يبدو من خلال حديث ام المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- هو الزيادة على الواجب والايثار على النفس ... فالمرأة قد اثرت إبنتيها بالتمرة على نفسها فوصفها النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاحسان فدل على ان ((من فعل معروفاً لم يكن واجباً عليه أو زاد على قدر الواجب عليه عدَ محسناً، والذي اقتصر على الواجب وان كان يوصف بكونه محسناً لكن المراد من الوصف المذكور قدراً زائداً)) (¬3)، وفعلها هذا يستعبد فيه ان تكون شبعانة مع جوع إبنتيها (¬4). ثانياً:- الاستمرار والمواصلة على الاحسان: يقول - صلى الله عليه وسلم -: " ... فاحسن اليهن حتى يدركا ... " الحديث فلا بد من استمرارية الاحسان كيما يحصل الوالدان على هذا الفضل العظيم، يقول إبن حجر في هذا المقام: ((والظاهر ان الثواب المذكور إنما يحصل لفاعله إذا استمر إلى ان يحصل استغناؤهنّ عنه بزوج أو غيره)) (¬5). ثالثاً: موافقة إكرامها للشرع: أي أن إكرامها والإحسان اليها خاضع لتعاليم الشريعة الاسلامية لا متعارضاً معه، فلا يكون اكرامها ان ينفذ كافة الرغبات والشهوات بل قد يكون الاكرام، -احياناً- ان تضع على يديها وتمنعها ولا تسمح لها. فقد أخرج البخاري بسنده عن انس - رضي الله عنه - عن النبي ¬

(¬1) فتح الباري10/ 525. (¬2) التعريفات، الجرجاني ص 15. (¬3) فتح الباري 10/ 525 وانظر تحفة الاحوذي، المباركفوري 6/ 43. (¬4) مصدر سابق. (¬5) مصدر سابق

النوع الثالث:-شفاعة الصبر على موت الأولاد

- صلى الله عليه وسلم - ((انصر اخاك ظالماً أو مظلوماً، قيل: كيف انصره ظالماً؟ قال: تحجزه عن الظلم فان ذلك نصره)) (¬1). وقد يدل ظاهر النصوص انه لابد من ان يكون عدد الاناث اكثر من واحدة يقول - صلى الله عليه وسلم -:"من عال جارتين" "من انفق على إبنتين" وغيرهما كلها تدل على اكثر من واحدة فهل هو شرط في شفاعة الاناث؟ أقول: قد يحصل الثواب بالواحدة أو باكثر من ذلك للأحاديث التي تعضد هذا وهي ضعيفة فيقوى بعضها بعضاً، يقول الحافظ: ((وقد جاء ان الثواب المذكور يحصل لمن احسن لواحدة فقط)) (¬2). جاء في حديث في حديث جابر عند الإمام أحمد في المسند ((فرأى بعض القوم ان لو قال وواحدة لقال وواحدة)) (¬3)،وفي حديث أبي هريرة عنده الإمام أحمد ايضاً (( ... قلنا وثنتين؟ قال: وثنتين قلنا واحدة؟ قال: وواحدة)) (¬4). وهكذا عالج الإسلام قضية "وأد البنات" حيث ((جاء الشرع بزجرهم عن ذلك (¬5) ورغب في ابقائهنّ، وترك قتلهنّ بما ذكر من الثواب الموعود به من احسن اليهنّ وجاهد نفسه في الصبر عليهنّ)) (¬6). النوع الثالث:-شفاعة الصبر على موت الأولاد: الأولاد زينة الحياة الدنيا قال تعالى: ((المال والبنون زينة الحياة الدنيا)) (¬7) ولما كانت هذه الزينة محببة إلى قلب الإنسان ((زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين ... )) (¬8) فكان الامر في غاية الاهمية بالنسبة للأنسان فليس من موت أصعب من موت الأولاد. ولما كان الله -جل جلاله- خالق الإنسان فهو اقرب اليه من حبل الوريد ويعلم ¬

(¬1) انظر تخريجه في المسند الجامع، 2/ (1039و1040). (¬2) فتح الباري10/ 525 بتصرف يسير. (¬3) أخرجه أحمد 3/ 303، وأنظر المسند الجامع 4/ (2817). (¬4) أخرجه أحمد.2/ 335 وأنظر المسند الجامع 17/ (14269) (¬5) كقوله تعالى "ولاتقتلوا اولادكم خشية املاق .. " الاية سورة الاسراء/31. (¬6) فتح الباري10/ 526، وانظر شرح شرح مسلم، النووي 16/ 179. (¬7) الكهف /46. (¬8) آل عمران/ 13.

النصوص ومناقشتها

دقات قلبه، وخفايا نفسه فانه جل جلاله وظع الاجر العظيم والثواب الكبير لمن صبر على مصيبة موت اولاده. ووجه الشفاعة في موت الاولاد وان لم يكن صريحاً إلا انه يدل عليه كثير من الفاظ الحديث النبوي فمثلاً "يحجب عن النار" أو "لا يلج النار" أو "لا تمسه النار" وغيرها من الالفاظ التي تبين ان من صبر على مصيبة موت اولاده فانهم سيقفون حائلاً بينه وبين النار. يقول الإمام النووي: ((قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لقد احتظرت بحظار شديد من النار" أي امتنعت بمانع وثيق واصل الحظر المنع -بكسر الحاء وفتحها- ما يجعل حول البستان وغيره من قضبان وغيرها كالحائط ... )) (¬1). ويقول الحافظ إبن حجر: ((فكأن المعنى أن تخفيف الولوج مسبب عن موت الاولاد وهو ظاهرها لان الولوج عام وتخفيفه يقع بأمور منها موت الاولاد بشرطه ... )) (¬2). النصوص ومناقشتها: أخرج البخاري بسنده عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ((ما من الناس من مسلم يتوفى وله ثلاث لم يبلغوا الحنث إلا ادخله الجنة بفضل رحمته اياهم)) (¬3). وعن أبي سعيد - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((ان النساء قلن للنبي - صلى الله عليه وسلم -:اجعل لنا يوماً فوعظهنّ وقال: أيما أمرأة مات لها ثلاثة من الولد كانوا لها حجاباً من النار. قالت امرأة: واثنان: قال: واثنان)) (¬4). وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ((ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة اولاد لم يبلغوا الحنث إلا ادخلهما الله بفضل رحمته اياهم الجنة قال: يقال لهم: ادخلوا الجنة فيقولون: حتى يدخل اباؤنا. فيقال ادخلوا الجنة أنتم واباؤكم)) (¬5). ¬

(¬1) شرح مسلم 16/ 183. (¬2) فتح الباري3/ 159، وعمدة القاري، العيني8/ 35وانظر شرح مسند أبي حنيفة، ملا علي القاري ص378. (¬3) انظر تخريجه برقم (151). (¬4) انظر تخريجه برقم (155). (¬5) انظر تخريجه برقم (158).

شروط شفاعة الصبر على موت الأولاد

وعنه مرفوعاً: ((لايموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النار إلا تحله القسم)) (¬1) قال أبو عبد الله: (¬2) ((وان منكم إلا واردوها)) (¬3). وقد ورد في الأحاديث وغيرها لفظة "دخل الجنة" أو "حجب عن النار" تقييد أو الولوج بتحله القسم. ويجمع بينهما: بان يقال: ((الدخول لا يستلزم الحجب ففي ذكر الحجب فائدة زائدة لانها تستلزم الدخول من أول وهلة. وأما الثالث فالمراد بالولوج الورود وهو المرور على النار كما سياتي البحث عند قوله "إلا تحلة القسم" والمار عليها على أقسام منهم من يسمع حسيسها وهم الذين سبقت لهم الحسنى من الله كما في القرآن فلا تنافي مع هذا بين الولوج والحجب)) (¬4). شروط شفاعة الصبر على موت الأولاد:- من خلال مجموع متون الأحاديث تبين لنا عدة شروط هي:- أولاً: الإسلام: لابد للمحتسب من أن يكون مسلماً وهو قيد يخرج به من توفى له ولد قبل إسلامه. ويدل على ذلك ما مر من الأحاديث وكذا ما جاء عن أبي ثعلبة الاشجعي، قال: ((قلت يا رسول الله مات لي ولدان قال: من مات له ولدان في الإسلام ادخله الله الجنة)) (¬5). وجاء من حديث انس - رضي الله عنه - مرفوعاً ((ما من الناس من مسلم يتوفى له ثلاثٌ لم يبلغوا الحنث إلا ادخله الله الجنة بفضل رحمته اياهم)) (¬6)، وما جاء عن رجاء الغنوية قالت: ((جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت يا رسول الله ادع الله لي في إبن لي بالبركة فانه قد توفي له ثلاثة. فقال: أمنذ أسلمتِ؟ قالت: نعم)) (¬7) فذكر الحديث (¬8). ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (150). (¬2) هو البخاري. (¬3) مريم/71. (¬4) فتح الباري3/ 153. (¬5) انظر تخريجه برقم (163). (¬6) انظر تخريجه برقم (151). (¬7) أخرجه أحمد5/ 83 وانظر مظانه في المسند الجامع19/ (15914.) (¬8) انظر فتح الباري، إبن حجر3/ 155،وعمدة القاري، العيني 8/ 29.

ثانياً: الاحتساب: ((أي ان يصبر راضياً بقضاء الله راجياً فضله)) (¬1) وقد ورد هذا الشرط في عدة احاديث كما مرت: ((من احتسب ثلاثة من صلبه ... )) (¬2) و ((لا يموت لاحد اكن ثلاثة من الولد فتحتسبه إلا دخلت الجنة ... )) (¬3)، وكذلك ما جاء في الحديث القدسي: يقول الله تعالى: ((مالعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفية من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة)) (¬4). وكل ما ورد من الأحاديث الأخرى والتي لم تشترط هذا الشرط فهي مطلقة، وهذه الأحاديث مقيدة فنحمل المطلق على المقيد حتى يمكننا الجمع (¬5). والاحتساب يرجع إلى نية وقصد الشخص وكما هو مقرر من القواعد الشرعية ان الثواب لا يترتب إلا على النية فلا بد من قيد الاحتساب (¬6). ومذهب الكثير من أهل اللغة: ان يقال في موت الولد البالغ احتساب وفي الصغير افترط (¬7). وقد رد الحافظ إبن حجر على هذا القول فقال: ((لا يلزم من كون ذلك هو الاصل ان لايستعمل هذا موضع هذا، بل ذكر: احتسب فلان بكذا: طلب اجراً عند الله، وهذا اعم من ان يكون لكبير أوصغير وقد ثبت ذلك في الأحاديث التي ذكرناها وهي حجة في صحة هذا الاستعمال)) (¬8). بل ان أهل اللغة يعتمدون اعتماداً كبيراً على الأحاديث النبوية في استنباط معاني الالفاظ. والاحتساب على موت الإبناء لابد ان يكون عند الصدمة الاولى يقول - صلى الله عليه وسلم - ((انما الصبر عند الصدمة الاولى))، أما أن يجزع الإنسان ويعترض على قضاء الله وحكمه في أول الامر ثم يصبر ويحتسب بعد ذلك فهو وان كان له اجر إلا انه اخلَّ بشرط من شروط "شفاعة الصبر على موت الاولاد" فلا يحضا بها إلا من شاء الله. أخرج الشيخان وغيرهما من حديث انس بن مالك - رضي الله عنه - مرفوعاً ((مرّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بأمرأة ¬

(¬1) فتح الباري3/ 154 بتصرف يسير. (¬2) انظر تخريجه برقم (152). (¬3) انظر تخريجه برقم (157). (¬4) انظر تخريجه برقم (144). (¬5) انظر فتح الباري3/ 154. (¬6) انظر فتح الباري3/ 154. (¬7) انظر تاج العروس19/ 537، مادة فرط، وترتيب القاموس المحيط، الزاوي3/ 474. (¬8) فتح الباري 3/ 154، وانظر عمدة القاري، العيني 8/ 29.

تبكي عند قبر فقال: اتقي الله واصبري قال: اليك عني فأنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفهُ. فقيل لها: انه النبي - صلى الله عليه وسلم - فاتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم تجد عنده بوأبين فقالت: لم اعرفك. فقال: انما الصبر عن الصدمة الاولى)) (¬1). ثالثاً:- الصلبية:- وهو أن يكون الأولاد المتوفون من صلب الوالد، والمراد بالصلب هو ما جاء في قوله تعالى ((يخرج من بين الصلب والترائب)) (¬2). وبهذا الشرط يخرج الاولاد غير الصلبين كاولاد الزوجة وغيرهم ومن خلال النصوص نجد أن اولاد الاولاد يدخلون في هذا المعنى -الصلبية- وبالذات إذا كانت الوسائط بينهم وبين الاب مفقودة، واما إبناء البنات وما نزل فانهم لا يدخلون (¬3). رابعاً: عدد الأولاد: لقد جاءت الأحاديث بلفظة "من مات له ثلاثة" في عموم الأحاديث وهي تطلق عادة على الكثرة. ((وإنما خصت الثلاثة بالذكر لانها أول مراتب الكثرة)) (¬4). ونقل إبن حجر عن الإمام القرطبي القول: ((إذا زاد العدد عن ثلاثة فقد يخف امر المصيبة لانها تصير كالعادة كما قيل روعت بالبين حتى ما اراع له)) (¬5). وقول الإمام القرطبي هذا مردود. فمن البديهي ان من مات له أربعة فاكثر فقد مات له ثلاثة، ولا يخفى بان المصيبة بذلك اشد واعظم، فان ماتوا دفعة واحدة-أكثر من ثلاثة- فان العدد المذكور -ثلاثة- داخل ضمناً وان ماتوا واحداً تلو الاخر فان الاجر المذكور يحصل له عند موت الثالث، بمقتضى وعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيلزم على قول القرطبي انه من مات له الرابع ان يرتفع عنه ذلك الاجر مع تجدد المصيبة وكفى بهذا فساداً (¬6). ((والحق ان تناول الخبر، الاربعة فما فوقها من باب اولى واحرى ويؤيد ذلك انهم لم ¬

(¬1) انظر طرقه في المسند الجامع 1/ (569) وانظر تحفة الاحوذي، المباركفوري4/ 169. (¬2) الطارق/ 7. (¬3) انظر فتح الباري 3/ 155، وعمدة القاري، 8/ 30. (¬4) فتح الباري3/ 158. (¬5) فتح الباري/3158، بتصرف يسير. ولم أقف - بحد أطلاعي على موضعها في مؤلفات الإمام القرطبي. (¬6) مصدر سابق.

يسالوا عن الاربعة ولا ما فوقها لانه كالمعلوم عندهم إذ المصيبة إذا كثرت كان الاجر اعظم -والله اعلم-)) (¬1). وأما قوله "اثنان" بعد ان سئل: واثنان؟ فهناك عدة احتمالات منها: ((أنه محمول على انه أُوحي اليه بذلك في الحال ولا غرابة في نزول الوحي بطرفة عين، ويتحمل ان يكون ذلك معلوماً عند النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل السؤال ولكن خشي على المسلمين ان يتكلوا لأنّ موت الاثنين غالباً اكثر من الثلاثة ثم لما سئل عن ذلك لم يكن بُدٌّ من الجواب)) (¬2). والذي يظهر لي انه - صلى الله عليه وسلم - لما قال "ثلاثة" كان يعني -ضمناً- الواحد والاثنين، لانه أُتي جوامع الكلم، وانما سأل الصحابة عن ذلك للتأكد والاطمئنان لعلهم يشملوا بهذا الفضل العظيم، ولو لم يبين لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الواحد والاثنين مشمولون لأصبحت هذه المسألة من المسائل الخلافية -الفقهية- التي لم يُفْصَلُ القول فيها، فرحم الله الاصحاب الكرام على سؤالهم. وقد ناقش الحافظ إبن حجر والعلامة العيني، كون من مات له "واحد" هل يشمل ام لا؟ وقد ناقشوا الادلة مناقشة مشوقة ولولا خشية الاطالة لسقتها بطولها (¬3). ولكن اكتفي بنكتة لطيفة ذكرها الحافظ إبن حجر حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يقول الله عز وجل ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قَبضتُ صَفيهُ من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة)) (¬4). ثم قال: ((وهذا يدخل فيه الواحد فما فوق وهو اصح ما ورد في ذلك)) (¬5). وقد نقل عن إبن التين والقاضي عياض انهما لم يعتبرا العدد شرطاً فقالا: ((هذا يدل على ان مفهوم العدد ليس بحجة لان الصحأبية من أهل اللسان ولم تعتبره إذ لو اعتبرته لأنتفى الحكم عندها عما عدا الثلاثة لكنها جوزت ذلك فسالته)) (¬6) ثم رد إبن حجر فقال:- ((والظاهر انها اعتبرت مفهوم العدد إذ لو لم تعتبره لم تسأل، والتحقيق أن دلالة ¬

(¬1) مصدر سابق. (¬2) فتح الباري3/ 158بتصرف، وانظر شرح مسلم، النووي 16/ 181. (¬3) انظر فتح الباري 3/ 153 - 154 وعمدة القاري، العيني 8/ 27 - 28. (¬4) انظر تخريجه برقم (144). (¬5) فتح الباري 3/ 154. (¬6) فتح الباري3/ 157 - 158 بتصرف يسير.

مفهوم العدد ليست يقينية وانما هي محتملة ومن ثم وقع السؤال عن ذلك)) (¬1). وأما قوله "من الولد" فالمراد منه الذكر والانثى (¬2). خامساً:- عدم بلوغ الحنث: ((أي لم يبلغوا سن التكليف الذي فيه الحنث)) (¬3)، والحنث: هو الأثم والذنب (¬4). قال تعالى ((وكانوا يصرون على الحنث العظيم)) (¬5).فالإنسان لا يحاسب على معاصيه وذنوبه حتى يبلغ الحلم فقد صح عن علي - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((رُفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم)) (¬6). قال الراغب: ((عبر بالحنث عن البلوغ لما كان الإنسان يواخذ بما يرتكبه فيه بخلاف ما قبله وخص الاثم بالذكر لأنه يحصل بالبلوغ لان الصبي قد يثاب)) (¬7). وقد خص الصغير الذي لم يبلغ الحنث لأنه يحضى بنصيب أوفر من حنان وعطف الوالدين، ولانه لم يبلغ بعد السن الذي يؤاخذ عليه من قبل والديه فلا كدر بين قلب الوالدين وبينه، ثم ان الوالدين بفطرتهما يشعران بضعفه وعوزه اليهما اكثر منه إذا بلغ الحنث (¬8). ونخلص من هذا الشرط إلى ان من مات له ولد قد بلغ الحنث فانه وان كان له اجر عظيم إلا انه لا يشمل بهذه الشفاعة. ونقل إبن حجر اعتراض الزين بن المنير حول هذا الشرط حيث قال: ((بل يدخل الكبير في ذلك من طريق الفحوى، لان إذا اثبت ذلك في الطفل الذي هو كل على أبويه فكيف لا يثبت في الكبير الذي بلغ معه السعي ووصل له منه النفع وتوجه اليه الخطاب بالحقوق؟)) (¬9) وهو اعتراض وجيه ولكن: ¬

(¬1) مصدر سابق. (¬2) انظر عمدة القاري، العيني 8/ 26 - 27. (¬3) شرح مسلم، النووي16/ 182، وانظر فتح الباري3/ 155وعمدة القاري8/ 30. (¬4) انظر مختار الصحاح، الرازي مادة حنث158، وتفسير القرآن العظيم، إبن كثير 4/ 296. (¬5) الواقعة/46. (¬6) الحديث صحيح انظر تخريجه في المسند الجامع13/ (1067و1068و1069.) (¬7) المفردات في غريب القرآن190 وانظر فتح الباري3/ 155. (¬8) مصدر سابق. (¬9) فتح الباري 3/ 155 - 156.

أقول: ان للصبر على موت الأولاد -مطلقاً- له أجر عظيم، ولكن الأجر هنا شفاعة لها اجرها الخاص ثم ان الأحاديث صرحت ((بفضل رحمته أياهم .. والرحمة للصغار اكثر منها في الكبار لعدم حصول الاثم عنهم)) (¬1). وهناك سؤال يتعلق بهذا الشرط ألا وهو: هل من بلغ من الصغار مجنوناً واستمر على ذلك حتى مات فهل يلتحق بالصغار؟ يجيب إبن حجر عن هذا التساؤل بقوله ((فيه نظر لأن كونهم لا اثم عليهم يقضي الالحاق، وكون الامتحان بهم يخف بموتهم يقتضي عدمه)) (¬2). ولي عند حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المرفوع: ((لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النار إلا تحله القسم)) (¬3). وقفه وهي عند قوله: "فيلج النار" لقد اختلف أهل العلم في معنى "الفاء" فمنهم من ذهب إلى انها ناصبة بتقدير ان قبل الفعل المضارع (¬4)، وقسم قال معناها بمعنى "الواو" يعني عاطفة على ما قبلها من الكلام وهو رأي الطيبي (¬5). والمعنى الأظهر هو معنى الناصبة -يعني السببية- فان عدم الولوج نتج عن سبب هو موت الأولاد، والمولوج عام قال تعالى "وان منكم إلا واردها (¬6) .. ، والتخفيف يقع بامور عدة منها: موت الاولاد بشروطه التي مرت. وهذا هوالأظهر -والله أعلم- (¬7). ووقفة أخرى عند قوله: "إلا تحله القسم":والمراد بالقسم هو قوله تعالى "وان منكم إلا واردها"، والقسم في الاية وان كان ليس فيه الفاظ القسم الصريحة "تالله، والله، اقسم ... " إلا ان اخبار الله تعالى عن امرٍ واقع حتماً بمنزلة القسم من ناحية تحققه بل ابلغ (¬8).ومعنى "تحله" أي فعله بقدر ما حلت به يمينه ولم يبالغ (¬9). ¬

(¬1) انظر فتح الباري3/ 156. (¬2) مصدر سابق. (¬3) انظر تخريجه برقم (150). (¬4) انظر فتح الباري1/ 159، وعمدة القاري، العيني8/ 35. (¬5) مصد سابق. (¬6) مريم/71. (¬7) انظر فتح الباري1/ 159، وعمدة القاري، العيني8/ 35. (¬8) انظر فتح الباري3/ 160، وعمدة القاري 8/ 33 - 34 وهناك ستجد مناقشة للمسألة بشكل اوسع. (¬9) انظر مختار الصحاح، الرازي عند مادة حله صفحة 152وعمدة القاري 8/ 33 وتحفة الاحوذي، المباركفوري4/ 168.

النوع الرابع شفاعة الصبر على بعض الأمراض

وذكر العلماء اقوالاً في معناها: فقال الخطابي: لا يدخل النار ليعاقبه بها ولكنه يجوز عليها فلا يكون ذلك إلا بقدر ما يبر الله به قسمه (¬1). وقسم قال: ان النار لا تمسه مطلقاً لا قليلاً ولا كثيراً ولا حتى بمقدار تحله القسم فالاستثناء في الحديث بمعنى الواو فيكون المعنى: ولا تحله القسم (¬2). والقدر المشترك بين هذين القولين وغيرها (¬3): ان لموت الأولاد اجر وثواب -بشروطه- والاحتساب عليه يحجب عن المكث في النار. وهذا يعني الشفاعة في الحجب عن النار مطلقاً، أو تخفف من العذاب، أو ترفع في الدرجات، فللصبر على موت الأولاد شفاعة وهو المطلوب. النوع الرابع شفاعة الصبر على بعض الأمراض:- المرض: من الإبتلاءات التي تميز بها الإنسان الصابر من الإنسان الجازع، والمرض أنواع: منه ما يصبر عليه أي انسان ومنه ما لا يصبر عليه إلا ذو حظ عظيم. والصبر أما صبر عند الصدمة الاولى -وهو النافع- أو صبر بعد جزع. ((والصبر النافع هو ما يكون في أول وقوع البلاء فيفوض الإنسان ويسلم والا فمتى تضجر وتقلق في أول وهلة ثم يئس فيصبر لا يكون حصَّلَ المقصود)) (¬4). ومعنى ذلك ان الإنسان الصابر الذي تشمله هذه الشفاعة لابد ان يصبر على مرضه عندما يصاب به في أول الامر -الصبر عند الصدمة الاولى- ومن صبر بعد جزع فله اجره، ولكن لا تشمله الشفاعة هنا. شروط شفاعة هذا لنوع: هناك شرطان أساسيان لابد من توفرهما في هذا النوع من الشفاعة هما: أولاً: الصبر عند الصدمة الأولى. ثانياً: الاحتساب (¬5). وقد تكلمنا في الأنواع السابقة عن هذين الشرطين ولا منفعة في اعادتهما. ¬

(¬1) انظر فتح الباري 3/ 160، وعمدة القاري 8/ 33. (¬2) مصدر سابق. (¬3) مصدر سابق .. (¬4) فتح الباري، إبن حجر 10/ 144 بتصرف يسير. (¬5) انظروتحفة الاحوذي، المباركفوري 7/ 82.

أولا شفاعة الصبر على ذهاب البصر:-

وقد أضاف الحافظ إبن حجر شرطاً ثالثاً: "حمد الله على الابتلاء" استناداً إلى حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((إذا سلبت من عبدي كريمتيه وهو بهما ضنين لم ارض له ثوابا دون الجنة إذ هو حمدني عليهما)) (¬1). فهذه الزيادة "إذا هو حمدني عليهما" قد انفردت في هذا الطريق فقط (¬2) وهي زيادة ضعيفة لضعف سندها. إننا على شرطنا السالف في أول البحث: أننا نختار من الأحاديث التي لا تحتوي على لفظ الشفاعة الصريح على سبيل الأنتقاء كأمثلة لكل نوع. وشفاعة الأمراض من هذا الصنف فلا يوجد أيما حديث يصرح باللفظة بل يفهم من خلال المعنى العام للأحاديث. ولعل معترض يقول: ما الفرق بين مكفرات الذنوب بصورة عامة وبين شفاعة الأمراض يوم القيامة؟ فنقول: كل الأمراض قد تغفر للانسان إذا كان صابراً محتسباً ولكن هناك أمراض تكفر عن صاحبها في الدنيا كقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من مسلم يصيبه إذى من مرض فما سواه إلا حط الله سيئاته كما تحط الشجرة ورقها)) (¬3). وهناك أمراض تكفر عن صاحبها في الآخرة -كما في الأحاديث الآتية- وفيها الفاظ "حرمه عن النار" أو لا تمسه النار"، "حجبته عن النار"، أو غيرها من الالفاظ الاخرى، فهذا النوع الاخير هو مقصود بحثي ولابد من القول: بانني لم اسبق إلى مثل الاعتبار وهو اجتهاد مبني على الاستنتاج والاستقراء فلا استطيع الجزم بانها شفاعة، لان الشفاعة امر عقائدي غيبي، فان اصبت فمن الله، وان اخطأتُ فمن عند نفسي. أولا شفاعة الصبر على ذهاب البصر:- أخرج عبد بن حميد بسنده عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال: ((ما ابتلى عبد بعد ذهاب دينه باشد من ذهاب بصره، ومن ابتلى ببصره فصبر حتى يلقى الله لقي الله تعالى ولا حساب عليه)) (¬4). وأخرج إبن حبان بسنده عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال: ((يقول الله ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (171). (¬2) مصدر سابق. (¬3) أخرجه البخاري عن عبد الله بن مسعود انظره في المسند الجامع 12/ (9184). (¬4) انظر مظانه في المسند الجامع 5/ (3811)، وقال إبن حجر في الفتح 10/ 143 اسناده جيد.

تبارك وتعالى: إذا أخذت كريمتي عبدي فصبر واحتسب لم ارض له ثواباً دون الجنة)) (¬1). وأخرج الشيخان عن انس بن مالك - رضي الله عنه - مرفوعاً: ((أن الله قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة)) (¬2). وإنما كان للصبر على ذهاب العينين هذه المنزلة العظيمة لأهميتهما في الحياة الدنيا، وبفقدانهما لا يشعر الإنسان بقيمة المرئيات، ولا يشعر بقيمة النظر إلا من سلبه، بل ان الله تعالى جعل من أنواع العذاب الاخروي: ذهاب البصر قال تعالى: ((ومن اعرض عن ذكري فان له معيشةً ضنكاً ونحشرهُ يوم القيامة أعمى)) (¬3). وكفى بالعينين منزلة ان سماهما الرب جل وعلا "حبيبتيه" إذن فالعينان تشفعان ولكن بالشروط: التي ذكرناها. ولابد من استحضار النية إلى ما وعد الله من الثواب والاجر لا ان يصبر الصابر مجرداً عن النية "انما الأعمال بالنيات" (¬4)، وإذا ابتلى الله عبده فلا يعني ذلك انه ساخط عليه ناقم منه، ابداً بل الابتلاء أما لرفع درجة أو لتكفير سيئة، يقول - صلى الله عليه وسلم - ((اشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الامثل فالامثل)) (¬5).ولا ينال هذا الثواب غير المسلم: يقول تعالى: (( ... لئن اشركت ليحبطنَّ عملك ... )) (¬6). ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((عزيز على الله عز وجل ان يأخذ كريمتي مسلم ثم يدخله النار)) (¬7) فلابد من الإسلام في شفاعة العينين. أما غير المسلم فان الله تعالى يذيقه العذاب الادنى دون العذاب الاكبر: ((ولنذيقهم من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر لعلهم يرجعون)) (¬8). ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (167). (¬2) انظر تخريجه برقم (165). (¬3) طه/ 124. (¬4) الحديث متفق عليه من حديث عمر رضي الله عنه، انظر تخريجه في المسند الجامع 14/ (10626)، وانظر تحفة الاحوذي، المباركفوري7/ 82. (¬5) سبق تخرجه، وانظر تحفة الاحوذي7/ 82. (¬6) الزمر/65. (¬7) انظر تخريجه برقم (170). (¬8) السجدة/ 21.

ثانيا: شفاعة الصبر على الحمى:-

ثانياً: شفاعة الصبر على الحمى:- إن الحمى نوع من أنواع الإبتلاءات الدنيوية، وهي ارتفاع في درجة حرارة الجسم ارتفاعاً غير طبيعي بسبب أو باخر، ولقد مرض النبي صلى الله عليه وسلم بها في آخر ايامه حتى انه دعا بسبع قرب من ابار مختلفة فصبت على جسده الطاهر -فداه نفسي- ولما كانت أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة بل عذابها بايديها -كما مر معنا- (¬1) فانها لابد لها من معاناة -من هم ونصب ومرض- حتى تلقى الله غداً وليس عليها ذنب -أن شاء الله-. ولا يعني هذا ان النبي - صلى الله عليه وسلم - عنده ذنوب قد غفرت له بسبب الحمى، لا بل لينال ما سيناله من الدرجة العالية الرفيعة التي وعده الله اياها قال تعالى: ((عسى ان يبعثك ربك مقاماً محموداً)) (¬2). ومن خلال النصوص الاتية ستلاحظ معنى الشفاعة في فحوى الأحاديث ولكن بشرط الإيمان بالله وعد التضجر. جاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - انه عاد مريضاً مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من وعك كان به فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أبشر فان الله يقول: هي ناري اسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا لتكون حظه من النار في الآخرة)) (¬3). وجاء عن أبي امامه - رضي الله عنه - مرفوعا: ((الحمى من كير جهنم فما اصاب المؤمن كان حظه من النار)) (¬4). وظاهر النصوص يوحي كأن لكل انسان نصيب من النار فمن اصيب في دنياه من الحمى أو الفتن أو الزلازل ... فهي حظه من عذاب النار ويشهد لهذا قول الإمام النووي ((لكل احد منزل في الجنة ومنزل في النار فالمؤمن إذا دخل الجنة خلفه الكافر في النار لاستحقاقه ذلك بكفره ... )) (¬5). وظاهر الحديث يشعر ان من اصيب من المسلمين بالحمى فانه لا تمسه النار وهذه بشارة للمذنبين، بل بشارة لكل مؤمن .. فقد صح من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - عن ¬

(¬1) انظر ص106 مما سبق. (¬2) الاسراء /79. (¬3) انظر تخريجه برقم (172). (¬4) انظر تخريجه برقم (174). (¬5) شرح مسلم، النووي 17/ 85.

ثالثا:- شفاعة الصبر على الصرع:-

النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أتت الحمى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستإذنت عليه فقال: من أنت؟ فقالت: أنا أم ملدم. قال انهدي إلى قباء فاتيهم، قال: فاتتهم فحموا ولقوا منها شدة فقالوا: يا رسول الله ما ترى ما لقينا من الحمى قال: ان شئتم دعوت الله فكشفها عنكم، وان شئتم كانت طهوراً؟ قالوا: بل تكون طهوراً)) (¬1). ولاجل شفاعة الحمى -والله اعلم- نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن سب الحمى فقد أخرج الإمام مسلم بسنده عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - ((ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على ام السائب فقال: مالك يا ام السائب تزفرين؟ قالت: الحمى لا بارك الله بها. فقال: لا تسبي الحمى فانها تذهب خطايا إبن ادم كما يذهب الكير خبث الحديد)) (¬2). ثالثا:- شفاعة الصبر على الصرع:- مرض الصرع من الأمراض المزمنة التي عجز الاطباء عن ايجاد دواء لها سوى بعض المسكنات، وآلام هذا المرض لا يعلمها إلا الله بحيث سمي "الصرع" لانه يصرع صحابه ارضاً حتى يفقد الإنسان السيطرة على أعضائه. يقوا إبن حجر: ((وسببه ريح غليظ تنحبس في منافذ الدماغ أو بخار رديء يرتفع اليه من بعض الاعضاء وقد يتبعه تشنج في الاعضاء فلا يبقى الشخص معه منتصبا بل يسقط ويقذف بالزبد لغلظ الرطوبة وقد يكون الصرع من الجن ولا يقع إلا مع النفوس الخبيثة منهم أما لاستحسان بعض الصور الانسية واما لايقاع الإذى به والاول هو الذي يثبته جميع الاطباء وينكرون علاجه والثاني يحجده كثير منهم وبعضهم يثبت ولا يعرف له علاجا إلا بمقاومة الارواح الخيرة العلوية لتندفع آثار الارواح الشريرة السفلية وتبطل افعالها)) (¬3). ولما كان الصرع من الأمراض المزمنة فإنه قد يستمر مع صاحبه طوال عمره ومع المرض يعاني صاحبه ألوان العذاب الجسدي والنفسي فهو لا يدري متى تأتيه الصرعة في بيته.؟ ام في الطريق .. ؟ أم في مركبته .. ؟ لا يدري ... ولكن للصبر والاحتساب عليه عند الله اجر عظيم بل قل يشفع لصاحبه فقد أخرج الشيخان عن عطاء بن أبي رباح قال: ((قال لي إبن عباس الا أريك أمراةً من أهل الجنة؟ قلت بلى. قال: هذه المرأة السوداء أتت ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم (173). (¬2) مسلم، البروالصلة (53) وانظر المسند الجامع 4/ (2759.). (¬3) فتح الباري 10/ 141.

النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: اني اصرع واني أكتشف فأدع الله لي. قال: إن شئت صبرت ولك الجنة وان شئت دعوت الله ان يعافيك فقالت: أصبر. فقالت: إني اتكشف فأدع الله ان لا اتكشف فدعا لها)) (¬1). فالحديث هذا فيه تصريح أن الصرع يدخا الجنة ولا يحاسب صاحبه يوم القيامة وهذا من معاني الشفاعة الآخروية، وفي الحديث ((دليل على ان الصرع يثاب عليه اكمل الثواب)) (¬2). والذي يظهر من خلال الأحاديث ان ما كان بتلك المرأة "أم زفر" صرع من المس (¬3).، ومن اصيب بهذا المرض - نسأل الله العافية - فعليه أحد أمرين:- أما أن يصبر ويحتسب إن كان من أهل الصبر، وكان به طاقة ولم يضعف، فيكون الصرع شافعا له من العذاب -إن شاء الله-. وأما من شك في صبره واحتسابه فعليه ان يأخذ بالرخصة ومن ثم يلجأ إلى الله وحده في كشف ضره وليأخذ بالاسباب من طب وعقاقير. وأن ((علاج الأمراض كلها بالدعاء والالتجاء إلى الله انجح وانفع من العلاج بالعقاقير وان تأثير ذلك اغفال البدن عنه اعظم من تأثير الادوية البدنية ولكن انما ينجح احدهما: من جهة العليل وهو صدق القصد، والآخر من جهة المداوي وهو قوة توجهه وقدرة قلبه بالتقوى والتوكل (¬4). وأخيراً أقول:- ليس كل ما يشفع من الأمراض قد ذكرته هنا ولكن ما وصل إليه جهد الباحث واجتهاده وقد وردت احاديث في فضل أمراض اخرى كالطاعون، والصداع وغيرها ذكرها صاحب كتاب مكفرات الخطايا وموجبات المغفرة ولكني لم أجدها من شفاعات يوم القيامة فليس كل مكفر هو شافع كما بيناه آنفاً. ¬

(¬1) انظر تخريجة برقم (175). (¬2) شرح مسلم، النوي 16/ 131. (¬3) انظر فتح الباري10/ 143. (¬4) مصدر سابق.

الباب الثاني تخريج الأحاديث

الباب الثاني تخريج الأحاديث 1 - قال يحيى بن أبي كثير: حدثني هلال بن أبي ميمونة: قال حدثني عطاء بن يسار قال حدثني رفاعة بن عرابة الجهني قال: اقبلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كنا بالكديد أو قال بقديد فجعل رجال منا يستأذنون إلى أهليهم فيأذن لهم فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحمد الله واثنى عليه ثم قال ما بال رجال يكون شق الشجرة التي تلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابغض اليهم من الشق الأخر فلم نر عند ذلك من القوم إلا باكياً فقال رجل ان الذي يستأذنك بعد هذا لسفيه فحمد الله وقال حينئذ اشهد عند الله لا يموت عبد يشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله صدقا من قلبه ثم يسدد الا سلك في الجنة قال وقد وعدني ربي عز وجل ان يدخل من امتي سبعين الفا لا حساب عليهم ولا عذاب وإني لأرجو أن لا يدخلوها حتى تبوؤا أنتم ومن صلح من آبائكم وأزواجكم وذرياتكم مساكن في الجنة وقال إذا مضى نصف الليل أو قال ثلثا الليل ينزل الله عز وجل إلى السماء الدنيا فيقول لا اسأل عن عبادي أحدا غيري من ذا يستغفرني فاغفر له من الذي يدعوني استجيب له من ذا الذي يسألني أعطيه حتى ينفجر الصبح ". -إسناده صحيح. * أخرجه "الطيالسي" / (1291و1292)،"وأحمد"-واللفظ له - 4/ 16، "والدرامي"/ (1489و1490)، "وابن ماجة" / (1367و2090و4285)، "والبزار" / (3543)،"وابن حبان" / (212)، "والطبراني" - في الكبير- 5/ (4556و4557و4558و4559و4560). من طرق عن يحى بن أبي كثير الطائي، أبي نصر اليماني بهذا الاسناد (¬1). ويحيى: ثقة ثبت لكنه يدلس ويرسل (¬2). وقد زالت عنه شبه التدليس لما صرح هنا، واما الارسال: فهو لم يرسل الا عن (انس بن مالك، وجابر بن عبد الله، والحكم بن مينا ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف 3/ (3611)،والمسند الجامع 5/ (3737). (¬2) التقريب (7632)،وانظر الجرح والتعديل 9/ 141وميزان الاعتدال4/ 402.

وعروة بن الزبير وأبي امامة، وأبي سلام الحبشي، فروايته عن الصحابة منقطعة ولعل هذا هو مرادهم بالتدليس) (¬1) *ذكره "الهيثمي"- في المجمع - 10/ 408 وقال: "رواه أحمد وعند ابن ماجة بعضه ورجاله موثوقون". 2 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لكل نبي دعوة يدعوها. فاريد ان اختبىء دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة". * أخرجه "عبد الرزاق" (20864)، و"أحمد" 2/ 381 و396و "الدارمي" / (2802)، و"البخاري" / (6304)، و"مسلم"- واللفظ له - الايمان / (334و335). من طرق عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة به (¬2). * وأخرجه "مالك"/ (149)، " وأحمد" 2/ 486، و" البخاري"/ (7474)، و"ابن خزيمة"-"في التوحيد"- ص257، و"ابن حبان"/ (6461) و "البغوي"/ (1236) من طرق عن عبد الرحمن بن هرمز (الاعرج)، عن أبي هريرة بنحوه (¬3). * وأخرجه "الدارمي"/ (2809)، "ومسلم"/ (336 و 337)،من طرق عن عمرو بن أبي سفيان الثقفي، عن أبي هريره بنحوه (¬4). * وأخرجه "أحمد" 2/ 409 و 430، و"مسلم" /في الايمان (340) من طرق عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة بنحوه (¬5). * وأخرجه "أحمد" 2/ 426، و "مسلم" / في الايمان (338)، و "الترمذي" / (3602)، وقال: حسن صحيح، و "ابن ماجة" / (4307).من طرق عن أبي صالح السمّان عن أبي هريرة بنحوه (¬6). * وأخرجه "أحمد" 2/ 231، و "مسلم"/ في الايمان (339) من طرق عن أبي ¬

(¬1) التحرير 4/ 99. (¬2) انظر تحفة الاشراف 11/ (15253)، والمسند الجامع 18/ (14766). (¬3) انظر تحفة الاشراف 10/ (13845)، والمسند الجامع 18/ (14762). (¬4) انظر تحفة الاشراف 10/ (14272)، والمسند الجامع 18/ (14768). (¬5) انظر تحفة الاشراف 10/ (14397)، والمسند الجامع 18/ (14767). (¬6) انظر تحفة الاشراف 10/ (12512)، والمسند الجامع 18/ (14764).

زرعة بن عمرو البجلي، عن أبي هريرة بنحوه (¬1). *وأخرجه "أحمد" 2/ 313، و "البغوي"/ (1235). من طرق عن همام بن منبه الصنعاني عن أبي هريرة بنحوه (¬2) *وأخرجه "أحمد" 2/ 275، من طريق القاسم بن محمد عن أبي هريرة بنحوه (¬3). 3 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:- "لكل نبي دعوة دعاها لأمته واني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة". * أخرجه "أحمد" 3/ 134 و208 و218و258 و276 و 292 "مسلم" في الإيمان و -اللفظ له-/ (341 و 342 و 343)، " وابن حبان"/ (6196) و "البغوي"/ (1238). من طرق عن قتادة بن دعامة السدوسي عن انس به (¬4). *وأخرجه "أحمد" 3/ 219، و "البخاري" / (6305) - تعليقاً- و "مسلم" في الايمان / (344) من طرق عن سليمان التيمي (¬5) عن انس بنحوه (¬6). 4 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لكل نبي دعوة قد دعا بها في امته، وخبات دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة". *أخرجه "أحمد 3/ 384، و "مسلم"- واللفظ له- في الايمان/ (345)، و"ابن حبان"/ (6460 و 6469) من طرق عن محمد بن تدرس، أبي الزبير (¬7) عن أبي هريرة به (¬8). * وأخرجه "أحمد" 3/ 395، و "ابن خزيمة" -في التوحيد- ص 262 من طرق عن الحسن البصري عن أبي هريرة بنحوه (¬9). ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف 10/ (14917)، والمسند الجامع 18/ (14769). (¬2) انظر المسند الجامع 18/ (14765) (¬3) انظر المسند الجامع 18/ (14763). (¬4) انظر تحفة الاشراف 1/ (1285و1333و1676)، والمسند الجامع 2/ (1421). (¬5) هو سليمان بن طرخان التيمي - ثقة عابد- انظر ترجمته في التقريب (2575). (¬6) انظر تحفة الاشراف 1/ (880)، والمسند الجامع 2/ (1422). (¬7) هو محمدبن مسلم بن تدرس الأسدي، مولاهم المكي. انظر ترجمته في التقريب (6291). (¬8) انظر تحفة الاشراف 2/ (2838)، المسند الجامع 4 / (4949). (¬9) انظر المسند الجامع 4 / (4950).

5 - روى حماد بن سلمة عن علي بن زيد، عن أبي نظرة قال: سمعت ابن عباس يخطب على منبر البصرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:-"انه لم يكن نبي إلا له دعوة قد تنجزها في الدنيا وإني قد اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي وأنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر وبيدي لواء الحمد ولا فخر. آدم فمن دونه تحت لوائي ولا فخر ويطول يوم القيامة على الناس فيقول بعضهم لبعض انطلقوا بنا إلى آدم أبي البشر فليشفع لنا إلى ربنا - عز وجل - فليقض بيننا فيأتون آدم - صلى الله عليه وسلم - فيقولون يا آدم أنت الذي خلقك الله بيده وأسكنك جنته وأسجد لك ملائكته، إشفع لنا إلى ربنا فليقضِ بيننا فيقول إني لست هناكم إني قد أخرجت من الجنة بخطيئتي وأنه لا يهمني اليوم إلا نفسي ولكن ائتوا نوحاً رأس النبيين فيأتون نوحاً فيقولون يا نوح اشفع لنا إلى ربنا فليقض بيننا فيقول اني لست هناكم إني دعوت بدعوة أغرقت أهل الأرض وأنه لا يهمني اليوم إلا نفسي ولكن ائتوا ابراهيم خليل الله فيأتون ابراهيم عليه السلام فيقولون يا ابراهيم اشفع لنا إلى ربنا فليقض بيننا فيقول إني لست هناكم إني كذبت في الإسلام ثلاث كذبات، والله أن حاول بهن إلا عن دين الله قوله اني سقيم، وقوله بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم أن كانوا ينطقون، وقوله لأمرأته حين اتى على الملك أُختي، وانه لا يهمني اليوم الا نفسي ولكن ائتوا موسى عليه السلام الذي اصطفاه الله برسالته وكلامه فيأتون فيقولون يا موسى انت الذي اصطفاك الله برسالته وكلمك فاشفع لنا إلى ربك فليقض بيننا فيقول لست هناكم انى قتلت نفساً بغير نفس وانه لا يهمني اليوم الا نفسي ولكن ائتوا عيسى روح الله وكلمته فيأتون عيسى فيقولون يا عيسى اشفع لنا إلى ربك فليقض بيننا فيقول اني لست هنا كم اني اتُخذت الها من دون الله وانه لا يهمني اليوم الا نفسي ولكن أرأيتم لو كان متاع في وعاء مختوم عليه أكان يقدر على ما في جوفه حتى يفض الخاتم قال فيقولون لا. قال فيقول: إنّ محمداً - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين وقد حضر اليوم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيأتوني فيقولون يا محمد اشفع لنا إلى ربك فليقض بيننا فاقول أنا لها حتى يأذن الله عز وجل لمن يشاء ويرضى فاذا أراد الله تبارك وتعالى أن يصدع بين خلقه نادى مناد أين أحمد وامته فنحن الآخرون الاولون نحن اخر الأمم وأول من يحاسب فتفرج لنا الأمم عن طريقنا فنمضي غرا محجلين من أثر الطهور فتقول الأمم كادت هذه الأمة أن تكون أنبياء كلها فنأتي باب الجنة فآخذ بحلقة الباب

فاقرع الباب فيقال من أنت فأقول أنا محمد فيفتح لي فآتي ربي عز وجل على كرسيه أو سريره -شك حماد- فأخر له ساجد فأحمده بمحامد لم يحمده بها أحد كان قبلي وليس يحمده بها أحد بعدي فيقال يا محمد ارفع رأسك وسل تعطه وقل تسمع واشفع تشفع فارفع رأسي فأقول أي رب أمتي أمتي فيقول أخرج من كان في قلبه مثقال كذا أو كذا لم -يحفظ حماد- ثم أعيد فأسجد فأقول: ما قلت فيقال إرفع رأسك وقل تسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأقول أي رب أمتي أمتي فيقول أخرج من كان في قلبه مثقال كذا أو كذا دون الأول ثم أعيد فاسجد فأقول مثل ذلك فيقال لي إرفع رأسك وقل تسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأقول أي رب أمتي أمتي فيقال أخرج من كان في قلبه مثقال كذا وكذا دون ذلك". - إسناده ضعيف. * أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 1/ 281 و 295، و "عبد بن حميد" / (695)، و "أبو يعلى"/ (2328). من طرقٍ عن حماد بن سلمة بهذا الاسناد (¬1) وعلة الحديث هو علي بن زيد بن جدعان: قال ابن حجر: ضعيف (¬2). 6 - قال أبو اليمان: أخبرنا شعيب بن أبي حمزة: فذكر هذا الحديث يتلو احاديث ابن أبي حسين وقال: اخبرنا انس بن مالك - رضي الله عنه - عن أم حبيبة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال: ((رأيت ما تلقى امتي بعدي، وسفك بعضهم دماء بعض، وسبق ذلك من الله تعالى كما سبق في الامم قبلهم، فسالته أن يوليني شفاعة يوم القيامة فيهم ففعل)). -إسناده صحيح. *أخرجه "أحمد" 6/ 427 بهذا الاسناد (¬3) ورجال الاسناد ثقات. وقد اخرج الحاكم في مستدرته (1/ 68) من طريق أبي اليمان عن شعيب عن الزهري عن انس. وقد انكر الامام أحمد أن يكون هذا الحديث من طريق الزهري: قال عبد الله بن أحمد: ((قلت لأبي هاهنا قوم يحدثون به عن أبي اليمان عن شعيب عن الزهري قال: ليس ¬

(¬1) انظر المسند الجامع 9/ (7088). (¬2) التقريب (4734). (¬3) انظر المسند الجامع 19/ (15936).

هذا من حديث الزهري إنما هو من حديث ابن أبي حسين)) (¬1). 7 - روى عطية بن سعد العوفي عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((قد اعطي كل نبي عطية فكل قد تعجلها وإني أخرت عطيتي شفاعةً لأمتي وان الرجل من امتي ليشفع للفئام من الناس فيدخلون الجنة وان الرجل ليشفع للقبيلة وان الرجل ليشفع للعُصْبة وان الرجل ليشفع للثلاثة وللرجلين وللرجل)). - إسناده ضعيف. *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 3/ 20 و 63، و "عبد بن حميد"/ (903)، "والترمذي" / (2440)، وقال: حديث حسن، و "البزار"/ (3458)، و"أبو يعلى" / (1014)،. من طرقٍ عن عطية بن سعد العوفي عن أبي سعيد به (¬2) وعطية: قال ابن حجر: صدوق يخطىء كثيراً، وكان شيعياً مدُلّساً (¬3). قلت: هو ضعيف، ضعَّفَه هشيم، ويحيى بن سعيد القطان، وأحمد بن حنبل، وسفيان الثوري، وأبو زرعة الرازي، وابن معين في عدة روايات، وقال في اخرى. ليس به بأس، وضعفه أبو حاتم، والنسائي، والجوزجاني، وابن عدي، وأبو داود، وابن حبان والدارقطني والساجي فهو مجمع على تضعيفه ما وثقه سوى ابن سعد (¬4). ولما انفرد ولم يتابع فالإسناد ضعيف. 8 - قال العباس بن أبي طالب حدثنا أحمد بن عبد الله، قال حدثنا زهير، عن يزيد بن أبي خالد الدالاني، عن عون بن أبى جحيفة، عن عبد الرحمن بن علقمة، عن عبد الرحمن بن أبي عقيل قال: ((انطلقت في نفرٍ فأتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقمنا بالباب، وما في الناس أبغض من رجلٍ نلج عليه، فما دخلنا على رجلٍ أحب إلينا من رجل دخلنا عليه. فقال قائل منا: ألا تسأل ربك ملكاً كملك سليمان قال: فضحك ثم قال: فلعل لصحابكم عبد الله أفضل من ملك سليمان إن الله لم يبعث نبياً، إلا أعطاه دعوة فمنهم من اعطاه، ¬

(¬1) انظر المسند الجامع 19/ص189. (¬2) انظر تحفة الاشراف 3/ (4197)، والمسند الجامع 6/ (4753). (¬3) 3 انظر الجرح والتعديل 6/ 382، وميزان الاعتدال 3/ 79،والتحرير 3/ 20،. (¬4)

فذور بها (¬1) على قومه إذ عصوه فاهلكوا، وان الله اعطاني دعوة فاختبأتها، عند ربي، شفاعة لأمتي يوم القيامة)). -اسناد ضعيف. * أخرجه "البزار"/ (3459) بهذا الاسناد. وعلة الحديث هو عبد الرحمن بن علقمة، أو ابن أبي علقمة، قال ابن أبي حجر:" له صحبة وذكره ابن حبان في ثقات التابعين" (¬2). قلت: والاصح أن صحبته لا تصح اذ لم يثبت له سماع من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحديثه مرسل، كما قال أبو حاتم، والدارقطني، وابن عبد البرّ ولذلك فهو مجهول الحال (¬3). ولما انفرد عبد الرحمن ولم يتابع فهو ضعيف. *اورده "الهيثمي" - في المجمع- 10/ 371 وقال: رواه الطبراني والبزار ورجالهما ثقات. 9 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: ((أن الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله قال" فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا، قال: فانكم ترونه كذلك، يحشر الناس يوم القيامة فيقول: من كان يعبد شيئاً فليتبعْ، فمنهم من يتبع الشمس، ومنهم من يتبع القمر، ومنهم من يتبع الطواغيت، وتبقى هذه الامة فيها منافقوها، فياتيهم الله فيقول: انا ربكم، فيقولون: هذا مكاننا حتى ياتينا ربنا، فاذا جاء ربنا عرفناه، فياتيهم الله فيقول: انا ربكم، فيقولون: انت ربنا، فيدعوهم فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم، فاكون اول من يجوز من الرسل بامته، ولا يتكلم يومئذٍ احد الا الرسل، وكلام الرسل يومئذٍ: اللهم سلم سلم، وفي جهنم، كلاليب مثل شوك السعدان. هل رأيتم شوك السعدان؟ قالوا: نعم، قال: فانها مثل شوك السعدان، غير انه لا يعلم قدر عظمها إلا الله، تخطف الناس باعمالهم، فمنهم من يوبق بعمله، ومنهم من يخردل ثم ينجو، حتى اذا اراد ¬

(¬1) 4 هكذا في اصل المطبوع، وفي مجمع الزوائد "دعابها". (¬2) 5 التقريب (3958). (¬3) 6 وللمزيد انظر تحرير التقريب 2/ 339.

الله رحمة من اراد من أهل النار امر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله، فيخروجهم ويعرفونهم باثار السجود، وحرم الله على النار أن تاكل اثر السجود، فيخرجون من النار، فكل ابن ادم تأكله النار إلا اثر السجود، فيخرجون من النار، قد امتحشوا (¬1)، فيصب عليهم ماء الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد، ويبقى رجل بين الجنة والنار، وهو اخر أهل النار دخولاً الجنة، مقبل بوجهه قبل النار، فيقول: يا رب، اصرف وجهي عن النار، قد قشبني ريحها واحرقني ذكاؤها، فيقول: هل عسيت أن فعل ذلك بك أن تسأل غير ذلك؟ فيقول: لا وعزتك، فيعطي الله ما يشاء من عهد وميثاق، فيصرف الله وجهه عن النار، فاذا اقبل الله ما يشاء من عهد وميثاق، فيصرف الله وجهه عن النار، فاذا اقبل به على الجنة راى بهجتها، سكت ما شاء الله أن يسكت، ثم قال: يا رب قدمني عند باب الجنة، فيقول الله له: اليس قد اعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي كنت سألت؟ فيقول: يا رب. لا اكون اشقى خلقك، فيقول: فما عسيت أن اعطيت ذلك أن لا تسأل غيره؟ فيقول: لا وعزتك لا اسال غيره ذلك، فيعطي ما شاء من عهد وميثاق، فيقدمه إلى باب الجنة، فاذا بلغ بابها فراى زهرتها وما فيها من النضرة والسرور، فيسكت ما شاء الله أن يسكت، فيقول: يا رب. ادخلني الجنة فيقول الله: ويحك يا ابن آدم، ما اغدرك، اليس قد اعطيت العهود والميثاق أن لا تسأل غير الذي اعطيت؟ فيقول: يا رب لا تجعلني اشقى خلقك، فيضحك الله عز وجل منه ثم يأذن له في دخول الجنة، فيقول: تمنَّ فيتمنى حتى انقطعت امنيته، قال الله عز وجل من كذا وكذا اقبل يذكره ربه، حتى اذا انتهت به الاماني قال الله تعالى: لك ذلك مثله معه)). قال أبو سعيدٍ الخدري لأبي هريرة، رضي الله عنهما: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قال الله لك ذلك وعشرة امثاله، قال أبو هريرة: لم احفظ من رسول الله إلا قوله: لك ذلك ومثله معه، قال أبو سعيد اني سمعته يقول ذلك وعشرة امثاله. * أخرجه "أحمد" 2/ 275 و 533، و "الدرامي"/ (2804)، و "البخاري"/ (7437)، و "مسلم" -واللفظ له في الايمان / (299)، و"النسائي" 2/ 299، " وفي ¬

(¬1) تعني احترقوا، انظر النهاية في غريب الحديث، ابن الاثير 4/ 302 ..

الكبرى" - تحقه الاشراف 10/ (14213)، و "ابن ماجة"/ (4326) و "ابن حبان"/ (7429) من طرق عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي هريرة به. (¬1) * وأخرجه "البخاري" / (806 و 6573)، و "مسلم"/ في الايمان (300)، و "البغوي"/ (4346 و 4366). من طرق عن سعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد الليثي عن أبي هريرة بنحوه. (¬2) * وأخرجه " الحميدي"/ (1178)، و "أحمد" 2/ 389 و 492، و "مسلم"/ في الزهد والرقائق (16)، و "أبو داود" / (4730)، و "ابن ماجة" / (178)، و "ابن خزيمة" -في التوحيد- ص 154و 155، و "ابن حبان"/ (4642 و 7445). من طرقٍ عن أبي صالح السمّان، عن أبي هريرة بنحوه (¬3). * وأخرجه "أحمد" 2/ 368، و "الترمذي" / (2557)، وقال حسن صحيح، و "النسائي" -في الكبرى- تحفة الاشراف 10/ (14055). من طرق عن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبي هريرة بنحوه (¬4). 10 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: اتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما" بلحم. فرفع اليه الذراع وكانت تعجبه. فنهس منها نهسة فقال: انا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون بم ذاك؟ يجمع الله يوم القيامة الاولين والاخرين في صعيد واحد، فيسمعهم الداعي وينفذهم البصر، وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون، وما لا يحتملون، فيقول بعض الناس لبعض: إلا ترون ما انتم فيه؟ الا ترون ما قد بلغكم؟ الا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض: ائتوا آدم. فياتون آدم. فيقولون: يا آدم، انت أبو البشر، خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وامر الملائكة فسجدوا لك. اشفع لنا إلى ربك، الا ترى إلى ما نحن فيه؟ الا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول ادم: أن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وانه نهاني عن الشجرة فعصيته. نفسي. نفسي. اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوحٍ، فيأتون نوحاً فيقولون: يا نوح، انت ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف 10/ (14213)، والمسند الجامع 18/ (15266). (¬2) انظر تحفة الاشراف 10/ (13151)، والمسند الجامع 18/ (15266). (¬3) انظر تحفة الاشراف 10/ (12666 و 12479)، والمسند الجامع 18/ (15268). (¬4) انظر تحفة الإشراف 10/ (14055)، والمسند الجامع 18/ (15265).

اول الرسل إلى الارض، وسماك الله عبداً شكوراً، اشفع لنا إلى ربك، الا ترى ما نحن فيه؟ الا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم: أن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وانه قد كانت لي دعوة دعوت بها على قومي. نفسي. نفسي. اذهبو إلى ابراهيم - صلى الله عليه وسلم -، فيأتون ابراهيم فيقولون: انت نبي الله وخليله من أهل الارض، اشفع لنا إلى ربك، إلا ترى ما نحن فيه؟ الا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم ابراهيم: أن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وذكر كذباته. نفسي. نفسي. اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى. فياتون موسى صلى الله عليه وسلم، فيقولون: يا موسى انت رسول الله، فضلك الله برسالاته وبتكليمه، على الناس، اشفع لنا إلى ربك، الا ترى إلى ما نحن فيه؟ إلى ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم موسى - صلى الله عليه وسلم -: أن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، واني قتلت نفساً لم أؤمر بقتلها. نفسي. نفسي. اذهبوا إلى عيسى - صلى الله عليه وسلم -، فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى، أنت رسول الله، وكلمت الناس في المهد، وكلمة منه ألقاها إلى مريم، وروح منه. فاشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم عيسى - صلى الله عليه وسلم -: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، ولم يذكر له ذنباً. نفسي. نفسي. اذهبوا إلى غيري. إذهبوا إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -. فيأتوني فيقولون: يا محمد، أنت رسول الله وخاتم الأنبياء، وغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي. ثم يفتح الله علي ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه لأحد قبلي، ثم يقال: يا محمد، ارفع رأسك سل تعطه، اشفع تشفع، فأرفع رأسي فأقول: يا رب، أمتي. أمتي. فيقال: يا محمد، أدخل الجنة من أمتك، من لا حساب عليه، من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، والذي نفس محمد بيده، أن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر، أو كما بين مكة وبصرى)). * أخرجه "ابن أبي شيبة"11/ 444، و"أحمد" 2/ 331 و 435، و "البخاري" / (3340و3361 و4713)،و "مسلم" - واللفظ له- في الإيمان (327 و 328)، و "الترمذي"/ (2434)، وقال: حسن، صحيح وفي "الشمائل"- (168) ببعضه، و "النسائي" - في الكبرى- تحفة الإشراف، / (14927) و "ابن ماجة"/ (3307)،

و "ابن حبان"/ (6465)، و "البيهقي" في الأسماء والصفات ص 315، و "البغوي"/ (4332). من طرق عن أبي زرعة بن عمرو البجلي (¬1) عن أبي هريرة به. (¬2) 11 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يجمع الله الناس يوم القيامة فيهتمون لذلك فيقولون: لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا. قال: فيأتون آدم - صلى الله عليه وسلم - فيقولون: أنت آدم أبو الخلق، خلقك الله بيده نفخ فيك من روحه، وامر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا. فيقول: لست هناكم، فيذكر خطيئته التي اصاب، فيستحيي ربه منها، ولك ائتوا نوحاً، أول رسول بعثه الله. قال: فيأتون نوحاً - صلى الله عليه وسلم -، فيقول لست هناكم، فيذكر خطيئته التي أصاب فيستحيي ربه منها، ولكن ائتوا إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - الذي اتخذه الله خليلاً، فيأتون إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب فيستحيي ربه منها، ولكن ائتوا موسى - صلى الله عليه وسلم -، الذي كلمه الله وأعطاه التوراة. قال فيأتون موسى عليه السلام. فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب فيستحيي ربه منها، ولكن ائتوا عيسى روح الله وكلمته. فيأتون عيسى روح الله وكلمته. فيقول: لست هناكم ولكن ائتوا محمداً - صلى الله عليه وسلم -، عبداً قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فيأتوني فاستأذن على ربي فيؤذن لي، فاذا أنا رأيته وقعت ساجداً، فيدعني ما شاء الله، فيقال: يا محمد، إرفع رأسك، قل تسمع، سل تعطه، إشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأحمد ربي بتحميدٍ يعلمنيه ربي، ثم أشفع، فيحد لي حدا فأخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة، ثم أعود فأقع ساجداً، فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال: إرفع رأسك يا محمد، قل تسمع، سل تعطه، إشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه، ثم أشفع، فيحد لي حدا فأخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة. (قال فلا ادري في الثالثة أو في الرابعة قال) فأقول: يا رب، ما بقي في النار إلا من حسبه القرآن أي وجب عليه الخلود)). * أخرجه "أحمد" 3/ 116 و244، و "عبد بن حميد"/ (1187)، و"البخاري"/ (4476و6565و 7410 و7516)، و "مسلم" -واللفظ له- في الايمان/ (322 و 323 ¬

(¬1) هو عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي قيل اسمه هرم، وقيل عبد الرحمن، وقيل عمرو. انظر التقريب (8103). (¬2) انظر تحفة الإشراف / (14914/ 14927)، والمسند الجامع 18/ (15267).

و 324)، و "النسائي" -في الكبرى- تحفة الاشراف 1/ (1171 و 1357)، و "ابن ماجة" / (4312)، و"البغوي" / (4334). من طرق عن قتادة السدودسي عن انس به. (¬1) *وأخرجه "البخاري"/ (7510)، و "مسلم" في الايمان/ (326)، و"النسائي" -في الكبرى- تحفة الاشراف 1/ (1599) و "ابن خزيمة" -في التوحيد- ص 299، و "ابن حبان" / (6479).من طرق عن معبد بن هلال العنزي (¬2) عن انس بنحوه (¬3). * وأخرجه "أحمد" 3/ 144، و"الدرامي"/ (53)، و "النسائي" -في الكبرى- تحفة الأشراف 1/ (1119). من طرق عن عمرو بن أبي عمرو (¬4) عن انس بنحوه (¬5). * وأخرجه "أحمد" 1/ 247. من طرق عن ثابت عن انس بنحوه (¬6). 12 - قال محمد بن فضيل: حدثنا أبو مالك الاشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((يجمع الله تبارك وتعالى الناس، فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة، فيأتون آدم فيقولون: يا ابانا استفتح لنا الجنة، فيقول: وهل أخرجكم من الجنة الا خطيئة أبيكم آدم، لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى ابني إبراهيم، خليل قال: فيقول ابراهيم: لست بصاحب ذلك، إنما كنت خليلاً من وراء وراء، اعمدوا إلى موسى - صلى الله عليه وسلم - الذي كلمه الله تكليماً، فياتون موسى - صلى الله عليه وسلم - فيقول لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه، فيقول عيسى - صلى الله عليه وسلم - لست بصاحب ذلك فياتون محمدا ً - صلى الله عليه وسلم -، فيقوم فيؤذن له، وترسل الأمانة والرحم، فتقومان جنبتي الصراط يميناً وشمالاً، فيمر أولكم كالبرق، قال: قلت: بأبي انت وامي أي شيء كمر البرق؟ قال: الم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين؟ ثم كمر الريح، ثم كمر الطير وشد الرجال، تجري بهم اعمالهم، ونبيكم قائم على الصراط يقول: رب سلم سلم حتى تعجز أعمال العباد، حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير ألا زحفاً، قال: وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة. مأمور بأخذ ¬

(¬1) انظر تحفة الإشراف 1/ (1171 و 1357)، والمسند الجامع 3/ (1642). (¬2) انظر ترجمته في التقريب (6784). (¬3) انظر تحفه الاشراف 1/ (1599)، والمسند الجامع 3/ (1643). (¬4) هو ميسرة، مولى المطلب المدني، انظر ترجمته في التقريب/ (5083). (¬5) انظر تحفة الاشراف 1/ (1119)، والمسند الجامع 3/ (1644). (¬6) انظر المسند الجامع 3/ (1645).

من أمرت به، فمخدوش ناجٍ، ومكدوس في النار)). والذي نفس أبي هريرة بيده، أن قعر جهنم لسبعون خريفاً. * أخرجه "مسلم" - واللفظ له- في الايمان/ (329)، و "البزار"/ (3464) و "البغوي"/ (4347). من طرقٍ عن محمد بن فضيل الضبي بهذا الإسناد. (¬1) 13 - قال محمد بن فضيل حدثنا أبو مالك ألا شجعي عن ربعي بن حراش عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بنفس حديث أبي هريرة السابق". *أخرجه "مسلم" -واللفظ له-في الإيمان / (329)، و "البزار"/ (3464) و "البغوي"/ (4347). من طرقٍ عن محمد بن فضيل الضبي (¬2) بهذا الإسناد. (¬3) 14 - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن ناساً في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: يا رسول الله! هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((نعم. قال: هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوا ليس معها سحاب؟ وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحواً ليس فيها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله! قال: ما تضارون في رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما. إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن: ليتبع كل أمة ما كانت تعبد. فلا يبقى أحد، كان يعبد غير الله سبحانه من الأصنام والأنصاب، إلا يتساقطون في النار. حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من برٍ وفاجر. وغُبِّرَ (¬4) أهل الكتاب. فيدعى اليهود فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزيز بن الله. فيقال: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبةٍ ولا ولد. فماذا تبغون؟ قالوا: عطشنا. يا ربنا! فاسقنا. فيشار اليهم: إلا تردون؟ فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضاً. فيتساقطون في النار. ثم يدعى النصارى. فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟. قالوا: كنا نعبد المسيح بن الله. فيقال لهم: كذبتم. ما اتخذ الله من صاحبةٍ ولا ولدٍ. فيقال لهم: ماذا تبغون؟ فيقولون: عطشنا. يا ربنا! فاسقنا. قال فيشار اليهم: إلا تردون؟ فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضاً. فيتساقطون في النار. حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله تعالى من برٍ وفاجر، اتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها. قال: فما تنتظرون؟ تتبع كل أمته ما كانت تعبد. قالوا: يا ربنا! ¬

(¬1) انظر تحفة الإشراف 10/ (13400)، والمسند الجامع 5/ (3401). (¬2) انظر ترجمته في التقريب (6227). (¬3) انظر تحفة الإشراف 10/ (13400)، والمسند الجامع 5/ (3401). (¬4) معناها بقاياهم، جمع غابر. أنظر مختار الصحاح مادة غبر.

فارقنا الناس في الدنيا افقر ما كنا اليهم ولم نصاحبهم فيقول: انا ربكم فيقولون: نعوذ بالله منك. لا نشرك بالله شيئاً (مرتين أو ثلاثاً) حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب. فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ فيقولون: نعم. فيكشف عن ساق. فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود. ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله. ظهره طبقة واحدة. كلما أراد أن يسجد خر على قفاه. ثم يرفعون رءوسهم، وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرةٍ. فقال: انا ربكم. فيقولون: انت ربنا. ثم يضرب الجسر على جهنم. وتحل الشفاعة. ويقولون: اللهم! سلم سلم. قيل: يا رسول الله! وما الجسر؟ قال دحض (¬1) مزلة فيه خطاطيف (¬2) وكلاليب (¬3) وحسك (¬4). تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان. فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب. فناج مسلم. ومخدوش مرسل. ومكدوس في نار جهنم. حتى إذا خلص المؤمنون من النار، فَوَالذي نفسى بيده! ما منكم من أحد بأشد مناشدة الله، في استقصاء الحق، من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار. يقولون: ربنا! كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون. فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم. فتحرم صورهم على النار. فيخرجون خلقاً كثيراً قد أخذت النار إلى نصف ساقية والى ركبتيه. ثم يقولون: ربنا! ما بقى فيها أحد ممن أمرتنا به. فيقول: ارجعوا. فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه. فيخرجون خلقاً كثيراً. ثم يقولون: ربنا! لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا. ثم يقول: ارجعوا. فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه. فيخرجون خلقاً كثيراً. ثم يقولون: ربنا! لم نذر فيها ممن أمرتنا أحداً. ثم يقول: ارجعوا. فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرةٍ من خير فأخرجوه. فيخرجون خلقاً كثيراً. ثم يقولون: ربنا! لم نذر فيها خيراً)). -وكان ابو سعيد الخدري يقول: أن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقراوا أن شئتم: ((إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تَكُ حسنةً يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيما)) (¬5) -. ¬

(¬1) أي زلق، انظر النهاية في شرح الحديث، إبن الأثير 3/ 104. (¬2) الخطف: إستلاب الشيء وأخه بسرعة. أنظر الهاية في غريب الحديث 3/ 49. (¬3) هي شوكة صلبة. أنظر النهاية في غريب الحديث 1/ 386. (¬4) النساء/40. (¬5) النساء/4.

((فيقول الله عز وجل: شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون. ولم يبق إلا أرحم الراحمين. فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط. قد عادوا حمما. فيلقهم في نهر في افواه الجنة يقال له نهر الحياة. فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل. إلا ترونها تكون إلى الحجر أو إلى الشجر. ما يكون إلى الشمس أصيفر وأخيضر. وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض؟)). فقالوا: يا رسول الله! كأنك كنت ترعى بالبادية. قال ((فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتم يعرفهم أهل الجنة. هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه. ثم يقول: ادخلوا الجنة فما رايتموه فهو لكم: فيقولون: ربنا! أعطيتنا ما لم تعط أحداً من العالمين. فيقولون: لكم عندي أفضل من هذا. فيقولون: يا ربنا أي شيء أفضل من هذا؟ فيقول: رضاي فلا أسخط عليكم بعده أبداً)). *أخرجه "أحمد" 3/ 16 و94، و"البخاري"/ (4581 و4919 و 7439) و"مسلم" -واللفظ له- في الإيمان/ (302 و303)، "و "الترمذي"/ (2598) وقال: حسن صحيح، و "النسائي"8/ 112، و "ابن ماجة"/ في المقدمة (60).من طرق عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد به (¬1). * وأخرجه "أحمد" 3/ 56، و "البخاري"/ (22و 6560)، و "مسلم"/ في الايمان/ (304و 305)، و"ابن حبان"/ (182و222)، و"البغوي"/ (4357).من طرق عن يحيى بن عمارة المازني (¬2) عن أبي سعيد بنحوه (¬3) * أخرجه "أحمد" 3/ 5 و 11و20و90، و "عبد بن حميد"/ (863 و868) و "الدارمي"/ (2820)، و "مسلم" في الإيمان/ (306 و 307)، و "ابن ماجة"/ (4309) من طرق عن أبي نظرة العبدي (¬4) عن أبي سعيد بنحوه (¬5) ¬

(¬1) انظر تحفة الإشراف 3/ (4172 و 4181) والمسند الجامع 6/ (4752) وجامع الاصول10/ (7975) (¬2) انظر ترجمته في التقريب (7612). (¬3) انظر تحفة الإشراف 3/ (4407)، والمسند الجامع 6/ (4755) (¬4) هو المنذر بن مالك بن قصعة البصري. انظر ترجمته في التقريب (6890). (¬5) انظر تحفة الاشراف 3/ (4019)، والمسند الجامع 6/ (4751)

* وأخرجه "أحمد" 3/ 16، و"ابن ماجة"/ (179) من طرق عن أبى صالح السّمان عن أبي سعيد بنحوه (¬1) 15 - عن عوف بن مالك ألا شجعي - رضي الله عنه - قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسلم في سفر، فنزلنا ليلة، فقمت اطلب النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم أجده، ووجدت معاذ بن جبل وابا موسى الاشعري فقالا: ما حاجتك؟ فقلت: اين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالا: لا ندري، فبينا نحن على ذلك اذ سمعنا في اعلى الوادي هديراً كهدير الرحا، فلم نلبث أن جاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلنا: يا رسول الله! فقدناك الليلة، فقال: ((انه اتاني آت من ربي فخيرني بين أن تكون امتي شطر اهل الجنة، وبين الشفاعة، فاخترت الشفاعة، فقلنا: يا نبي الله! ادع الله أن يجعلنا من اهل الشفاعة، فقال: اللهم اجعلهم من اهلها، ثم اتينا القوم فاخبرناهم، فقالوا: يا رسول الله! ادع الله أن يجعلنا من اهل شفاعتك، فقال: اللهم اجعلهم من اهلها، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أُشهدكم أن شفاعتي لكل من مات لا يشرك بالله شيئاً)). -إسناده صحيح. *أخرجه "عبد الرزاق" -واللفظ له- / (20865)، و"الطبراني" -في الكبير- 18/ (136و 137و 138) من طرق عن أبي قلابه (¬2) عن عوف بن مالك به. *وأخرجه "الطيالسي"/ (998)، و "أحمد" 6/ 28 و29 والترمذي/ (2441)، والطبراني "في الكبير" 18/ (133 و134)، وابن حبان/ (211 و 6463 و 6470). من طرقٍ عن أبي المليح (¬3) عن عوف بنحوه (¬4). *وأخرجه "أحمد" 6/ 23، والطبراني "في الكبير" 18/ (135)، و "الحاكم" 1/ 67 من طرق عن أبي بردة بن أبي موسى عن عوف بنحوه (¬5). * وأخرجه "ابن ماجة"/ (4317)، و"الطبراني" -في الكبير- 18/ (126)، ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف 3/ (4346)، والمسند الجامع 6/ (4756) (¬2) هو عبد الله بن زيد عمرو الجرمي، انظر التقريب (3333). (¬3) هو أبو المليح بن اسامة بن عمير، انظر التقريب (8390) (¬4) 3 انظر تحفة الاشراف 8/ (10920)، والمسند الجامع 14/ (10957). (¬5) 4انظر المسند الجامع 14/ (10957).

و"الحاكم" 1/ 66. من طرقٍ عن سليم بن عامر الخبائري (¬1) عن عوف بنحوه (¬2). *وأخرجه "الطبراني" -في الكبير- 18/ (106 و107). من طرق عن معد يكرب بن عبد كلال عن عوف بنحوه. * ذكره "الهيثمي" -في المجمع- 10/ 370 وقال:"رواه الطبراني باسانيد رجال بعضها ثقات". 16 - روىقتادة عن الحسن والعلاء بن زياد عن عمران ابن حصين عن عبد الله بن مسعود قال: تحدثنا عند نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: ((عرضت على الأنبياء الليلة بأتباعها من امتها فجعل النبي يجيء ومعه الثلاثة من قومه والنبي ومعه العصابة من قومه والنبي ومعه النفر من قومه والنبي ليس معه احد حتى اتى عليّ موسى معه كبكة من بني اسرائيل فلما رايتهم أعجبوني فقلت يارب من هؤلاء؟ قال: هذا أخوك موسى بن عمران. قال: وإذا ضراب (¬3) من ضراب مكة قد سد وجوه الرجال، قلت: رب من هؤلاء؟ قال: امتك، قال فقيل لي: رضيت؟ قال: قلت رب رضيت، رب رضيت. قال ثم قيل لي: أن مع هؤلاء سبعين ألفاً يدخلون الجنة لاحساب عليهم، قال: فأنشأ عكاشة بن محصن اخو بني اسد بن خزيمة، فقال: يا نبي الله ادع ربك ان يجعلني منهم، قال: اللهم اجعله منهم، قال: ثم انشأ رجل آخر فقال: يا نبي الله ادع ربك ان يجعلني منهم، فقال: سبقك بها عكاشة. قال ثم قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -:"فداكم أبي وامي أن استطعتم أن تكونوا من السبعين فكونوا فان عجزتم وقصرتم فكونوا من اهل الظراب فان عجزتم وقصرتم فكونوا من أهل الأفق فإني رأيت أناسا يتهرشون (¬4) كثيرا" قال: فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - "اني لارجو ان يكون من تبعني من امتي ربع أهل الجنة" قال: فكبرنا، ثم قال: " أني لارجو ان يكون الشطر"، قال: فكبرنا، فتلا نبي الله - صلى الله عليه وسلم - " ثلة من الأولين وثلة من الآخرين" (¬5)، قال: فتراجع المسلمون على هؤلاء السبعين، فقالوا: نراهم اناسا ولدوا في الاسلام ثم لم يزالوا يعملون به حتى ماتوا عليه، قال: فنمى حديثهم إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم -:" ليس كذلك، ¬

(¬1) 5 انظر ترجمته في التقريب (2527). (¬2) 6 انظر تحفة الاشراف 8/ (10909)، والمسند الجامع 14/ (10958). (¬3) 7 هي الجبال الصغار. انظر النهاية في غريب الحديث، ابن الأثي 3/ 156. (¬4) 1 أي يتقاتلون ويتواثبون، انظر النهاية في غريب الحديث، ابن الأثير5/ 260. (¬5) 2 الواقعة/39 - 40.

ولكنهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون")). - إسناده صحيح. *أخرجه "عبد الرزاق" (19519)، و "أحمد"- واللفظ له- 1/ 401 و420 و 421، و "الطبراني"- -في الكبير- 10/ (9765 و 9766 و 9767 و 9768 و9769 و 9770)، و"البزار"/ (3538) و" ابو يعلى"/ (5339) و "ابن حبان"/ (6431). من طرقٍ عن عمران بن حصين عن ابن مسعود به (¬1). *وأخرجه "أحمد" 1/ 403 و 417 و454، و" البخاري"-في الأدب المفرد-/ (911)، و"البزار"/ (3539)، و"ابو يعلى"/ (4979) و "ابن حبان"/ (6084). من طرقٍ عن زر بن حبيش الاسدي الكوفي (¬2) عن ابن مسعود بنحوه (¬3). *ذكره "الهيثمي" -في المجمع- 10/ 406 وقال "رجال احد اسانيد أحمد والبزار رجال الصحيح"، وفي 9/ 305 وقال "ورجالهما في المطول رجال الصحيح". 17 - قال سعيد بن زيد: سمعت أبا سليمان العصري، قال حدثني عقبة بن صهبان قال: سمعت ابا بكرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يحمل الناس على الصراط يوم القيامة، فتقادع بهم جنبة الصراط تقادع الفراش في النار قال: فينجي الله تبارك وتعالى برحمته من يشاء قال: ثمّ يؤذون للملائكة والنبيين والشهداء أن فيشفعون ويخرجون ويشفعون ويخرجون)) (¬4). -إسناده حسن. *أخرجه "أحمد"- واللفظ له- 5/ 43، و "عبد الله بن أحمد" 5/ 43 و "البزار"/ (3467). من طرقٍ عن سعيد بن زيد بهذا الاسناد (¬5). وأبو سليمان العصري: هو خليد بن عبد الله العصري، قال إبن حجر: صدوق ¬

(¬1) 3 انظر المسند الجامع 12/ (9391). (¬2) 4 ثقة جليل مخضرم. انظر التقريب (2008). (¬3) 5 انظر المسند الجامع 12/ (9392). (¬4) 6 زاد أحمد في رواية عفان: "ويشفعون ويخرجون من كان في قلبه ما يزن ذرة من ايمان" (¬5) 1 أنظر المسند الجامع 15/ (11989).

يرسل (¬1). وقد صرح أبو سليمان بالسماع هنا فأنتفت عنه شبه الأرسال. *اورده "الهيثمي" -في المجمع- 10/ 359 وقال "رواه أحمد ورجاله الصحيح، ورواه الطبراني في الصغير والكبير بنحوه ورواه البزار ايضاً، ورجاله رجال الصحيح". 18 - قال أبو نعامة: حدثني أبو هنيدة، والبراء بن نوفل، عن والان العدوي، عن حذيفة، عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال: اصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فصلى الغداة ثم جلس حتى إذا كان من الضحى، ضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم جلس مكانه، حتى صلى الاولى والعصر والمغرب، كل ذلك لا يتكلم، حتى صلى العشاء الاخرة، ثم قام إلى اهله، فقال الناس لأبي بكر: الا تسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شأنه؟ صنع اليوم شيئاً لم يصنعه قط، قال: فسأله، فقال: "نعم، عرض علي ما هو كائن من امر الدنيا، وأمر الاخرة، فجمع الاولون والاخرون بصعيد واحد، ففظع الناس بذلك، حتى انطلقوا إلى آدم عليه السلام، والعرق يكاد يلجمهم، فقالوا: يا آدم، انت أبو البشر، وانت اصطفاك الله عز وجل، اشفع لنا إلى ربك، قال: قد لقيت مثل الذي لقيتم، انطلقوا إلى أبيكم بعد أبيكم إلى نوح: (أن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل اِبراهيم وآل عمران على العالمين) (¬2) قال: فينطلقون إلى نوح عليه السلام، فيقولون: اشفع لنا إلى ربك، فانت اصطفاك الله، واستجاب لك في دعائك، ولم يدع على الارض من الكافرين دياراً، فيقول: ليس ذاكم عندي، انطلقوا إلى ابراهيم عليه السلام، فان الله عز وجل اتخذه خليلاً، فينطلقون إلى ابراهيم، فيقول: ليس ذاكم عندي، ولكن انطلقوا إلى موسى عليه السلام فاِن الله -عز وجل- كلمه تكليماً قيقول موسى عليه السلام: ليس ذاكم عندي، ولكن انطلقوا إلى عيسى ابن مريم، فانه يبرئ الاكمه والابرص ويحيي الموتى، فيقول عيسى عليه السلام: ليس ذاكم عندي، ولكن انطلقوا إلى سيد ولد أدم فانه أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامه أنطلقوا الى محمد صلى الله عليه وسلم، فيشفع لكم إلى ربكم عز وجل. قال: فينطلق، فياتي جبريل عليه السلام ربه، فيقول الله عز وجل: ائذن له، وبشره بالجنة. قال: فينطلق به جبريل فيخر ساجدا قدر جمعة، ويقول الله عز وجل: ارفع رأسك ¬

(¬1) 2 التقريب (1741)، وأنظر الجرح والتعديل 3/ 383، وتهذيب الكمال 8/ 309. (¬2) 3 آل عمران /33.

يا محمد، وقل يسمع، واشفع تشفع، قال: فيرفع راسه، فاذا نظر إلى ربه عز وجل، خر ساجداً قدر جمعة اخرى، فيقول الله عز وجل، ارفع راسك، وقل يسمع، واشفع تشفع، قال: فيذهب ليقع ساجداً، فياخذ جبريل عليه السلام بضبعيه فيفتح الله عز وجل عليه من الدعاء شيئا لم يفتحه على بشر قط، فيقول: أي رب، خلقتني سيد ولد آدم، ولا فخر، واول من تنشق عنه الارض يوم القيامة، ولا فخر، حتى انه ليرد علي الحوض اكثر مما بين صنعاء وايلة، ثم يقال: ادعوا الصديقين فيشفعون، ثم يقال: ادعوا الانبياء، قال: فيجيء النبي ومعه احد العصابة والنبي معه الخمسة والستة، والنبي ليس معه أحد، ثم يقال: ادعوا الشهداء فيشفعون لمن ارادوا، قال: فاذا فعلت الشهداءذلك، قال: يقول الله عز وجل: انا ارحم الراحمين، أدخلوا جنتي من كان لا يشرك بي شيئاً، قال: فيدخلون الجنة. قال: ثم يقول الله عز وجل: انظروا في النار: هل تلقون من احد عمل خيراً قط؟ قال: فيجدون في النار رجلاً، فيقول له: هل عملت خيراً قط؟ فيقول: لا، غير اني كنت اسامح الناس في البيع، فيقول الله عز وجل: اسمحوا لعبدي كاسماحه إلى عبيدي. ثم يخرجون من النار رجلاً فيقول له: هل عملت خيراً قط؟ فيقول: لا، غير اني قد امرت ولدي: اذا مت فاحرقوني بالنار، ثم اطحنوني، حتى اذا كنت مثل الكحل، فاذهبوا بي إلى البحر، فاذروني في الريح، فوالله لا يقدر علي رب العالمين ابداً، فقال الله عز وجل له: لم فعلت ذلك؟ قال: من مخافتك، قال: فيقول الله عز وجل انظر إلى ملك اعظم ملك، فان لك مثله وعشرة امثاله، قال: فيقول: لم تسخر بي وانت الملك؟ قال: وذاك الذي ضحكت من من الضحى". - إسناده ضعيف. *أخرجه أحمد" -واللفظ له- 1/ 4، و "البزار"/ (3465)،و "أبو يعلى"/ (56 و 57)، و "ابن حبان"/ (6476) من طرقٍ عن أبي نعامة: عمرو بن عيسى بن سويد العدوي بهذا الاسناد. وأبو نعامة: قال ابن حجر: صدوق إختلط (¬1). قلت وثقة ابن معين، والنسائي، وقال أبو حاتم: لا بأس به، وذكره إبن حبان ¬

(¬1) التقريب (5089)

في "الثقات"، وضعفه إبن سعد وحده، ولم يضعفه أحد باختلاط قبل موته غير أحمد، وقال الذهبي: قيل تغير باخرة. فهو ثقة، والله أعلم (¬1). وأبو هنيدة: ذكره ابن حبان في الثقات، وهو علة الحديث فلم يذكر بجرح او تعديل (¬2). وآلان العدوي: هو وآلان بن بهس أو ابن قرفة. قال ابن حجر في "تعجيل المنفعة:" قال ابن معين: وآلان ثقة، وقد ذكره ابن حبان في الثقات (¬3). وقال الدارقطني في "العلل": والان: ليس بمشهور الا في هذا الحديث، والحديث غير ثابت (¬4).وتعقبه ابن حجر العسقلاني في "لسان الميزان"، وقال:"قال يحيى بن معين بصري ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، واخرج حديثه في "صحيحه"، وكذا أخرجه "أبو عوانه" وهو من زياداته على مسلم (¬5). 19 - قال يوسف بن راشد: حدثنا أحمد بن عبد الله: قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن حميد: قال: سمعت انساً - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إذا كان يوم القيامة شفعت فقلت: يا رب ادخل الجنة من كان في قلبه خردله فيدخلون ثم أقول: أدخل الجنة من كان في قلبه ادنى شيء)). فقال آنس: كأني انظر إلى اصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. * أخرجه "البخاري (7509) بهذا الاسناد (¬6). 20 - قال يونس بن محمد "البغدادي" حدثنا حرب بن ميمون أبو الخطاب الأنصاري عن النضر بن أنس عن أنس بن مالك قال: حدثني نبي الله - صلى الله عليه وسلم -. ((اني لقائم انتظر امتي تعبر على الصراط إذا جاءني عيسى فقال: هذه الانبياء قد ¬

(¬1) وأنظر الجرح والتعديل 9/ 499، وميزان الأعتدال 3/ 283، والتهذيب 8/ 87،وتحرير التقريب 3/ 103،. (¬2) انظر التأريخ الكبير، البخاري، الكنى (84)، والجرح والتعديل 2/ 399، والثقات لابن حبان 7/ 668. (¬3) تعجيل المنفعة برقم: (1150) بتصرف وانظر الجرح والتعديل 9/ 43. (¬4) العلل 1/ 190 - 191 (¬5) لسان الميزان 6/ 216، وانظر مسند أحمد بتخريج دار الرسالة 1/ 196، وقد حسنه الشيخ شعيب الأرنوؤط هناك برقم (15). (¬6) انظر تحفه الاشراف 1/ (718)، والمسند الجامع3 / (1648).

جاءتك يا محمد يشتكون -أو قال يجتمعون- إليك ويدعون الله عز وجل أن يفرق جمع الأمم إلى حيث يشاء الله لنغم ما هم فيه والخلق ملجمون في العرق وأما المؤمن فهو عليه كالزكمة وأما الكافر فيتغشاه الموت قال قال لعيسى انتظر حتى ارجع اليك قال فذهب نبي الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قام تحت العرش فلقى ما لم يلق ملك مصطفى ولانبي مرسل فأوحى الله عز وجل إلى جبريل اذهب إلى محمد فقل له إرفع رأسك سل تعط واشفع تشفع قال فشفعت في أمتي أن أخرج من كل تسعة وتسعين إنسانا واحد قال فمازلت أتردد على ربي عز وجل فلا أقوم مقاما إلا شفعت حتى اعطاني الله عز وجل من ذلك أن قال محمد ادخل من امتك من خلق عز وجل من شهد انه لا اله الا الله يوما واحد مخلصا ومات على ذلك)). -إسناده حسن. *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 3/ 178 بهذا الاسناد (¬1). وحرب بن ميمون أبو الخطاب الانصاري صدوق، رمي بالقدر (¬2). قلت: ولم يرو هنا ما يوافق بدعته، ولما لم يتابع حرب فإسناده حسن، والله أعلم. * وذكرة "الهيثمي" - في المجمع -10/ 373 وقال:"رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح". 21 - عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - قال: ((إنّ الناس يصيرون يوم القيامة جثا، كل امة تتبع نبيها يقولون: يا فلان إشفع، حتى تنتهي الشفاعة إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فذاك يوم يبعثه الله المقام المحمود)). * أخرجه "البخاري" -واللفظ له-/ (4718)، و "النسائي" -في السنن الكبرى-/ (11295) من طرق عن ادم بن علي العجلي الشيباني (¬3) عن عبد الله بن عمر به (¬4). * وأخرجه "البخاري"/ (1475) -تعليقاً-. من طريق حمزة بن عبد الله بن عمر عن ¬

(¬1) انظر المسند الجامع 3/ (1646) (¬2) التقريب (1168). (¬3) انظر ترجمته في التقريب (134). (¬4) انظر تحفة الاشراف 5/ (6644)، والمسند الجامع 10/ (8176).

عبد الله بن عمر بنحوه (¬1). 22 - قال ابن سليم: حدثنا عبد الرحمن بن ابراهيم قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال حدثنا الاوزاعي، قال حدثني شداد أبو عمار، عن واثله بن الاسقع، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله اصطفى كنانة من ولد اسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة واصطفى بني هاشم من قريش، واصطفاني من بني هاشم، فانا سيد ولد آدم ولا فخر، وأول من تنشق عنه الارض وأول شافع وأول مشفع)). قلت: الحديث إلى قوله "واصطفاني من بني هاشم" أخرجه: * "أحمد" 4/ 107، و "مسلم" في الفضائل / (1)، و "الترمذي"/ (3605 و 3606)، وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه، و "الطبراني" - في الكبير-22/ (161). من طرقٍ عن الاوزاعي بهذا الاسناد (¬2). واما هذه الزيادة فقد انفرد بها "ابن حبان"/ (6242 و 6333 و6475)، بالاسناد المذكور اعلاه ورجال السند ثقات (¬3) - والله أعلم -. 23 - قال سلمة بن كهيل: سمعت أبا الزعراء قال: عن عبد الله إبن مسعود - رضي الله عنه - -في قصة ذكرها -: ((أول شافع يوم القيامة جبرائيل عليه السلام - روح القدس - ثم أبراهيم - خليل الله - ثم موسى أو عيسى " قال أبو الزعراء: لا أدري أيهما قال " قال: ثم يقوم نبيكم - صلى الله عليه وسلم - رابعاً فلا يشفع أحد بمثل شفاعته، وهو وعده المحمود الذي وعده)). -إسناده ضعيف *أخرجه " النسائي " - في الكبرى - واللفظ له / (11296)، "والحاكم " 4/ 498و599 من طرق عن سلمة بن كهيل بهذا الأسناد (¬4) وعلة الحديث: أبو الزعراء، عبد الله أبن هاني الكوفي قال أبن حجر: وثقه ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف 5/ (6702). (¬2) انظر تحفة الاشراف 9/ (11741)، والمسند الجامع 15/ (12060). (¬3) انظر كتابنا:"الشاذ والمنكر وزيادة الثقة موازنة بين المتقدمين والمتأخرين" فقد بينا فيها منهج النقاد في قبول الزيادة. (¬4) أنظر تحفة الأشراف 7/ (9353)، ولم أجده في المسند الجامع.

العجلي (¬1). قلت: قال البخاري لايتابع في حديثه (¬2)، وذكره العقيلي في الضعفاء (¬3) وقال: سمع من أبن مسعود، وفيه كلام ليس في حديث الناس وساق هذا الحديث (¬4). 24 - قال المختار بن فلفل: قال انس بن مالك - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((انا اول شفيع في الجنة، لم يصدق نبي من الانبياء ما صدّقتُ، وإن من الانبياء نبياً ما يصدقه من امته إلا رجل واحد)). * أخرجه "أحمد" 3/ 140، و"الدرامي"/ (52)، و"مسلم" -واللفظ له- في الايمان/ (330 و331و332). من طرقٍ عن المختار بن فلفل مولى عمرو بن حريث عن انس به (¬5). 25 - قال عبد الله بن عبد الحكم المصري: حدثنا بكر بن مضر، عن جعفر بن ربيعة عن صالح "بن عطاء بن خباب" مولى بني الدئل، عن عطاء بن أبي رباح (¬6)، عن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((نا قائد المرسلين ولا فخر، وانا خاتم النبيين، ولا فخر، وانا اوّل شافع، ومشفع ولا فخر)). -إسناده صحيح *أخرجه "الدارمي"/ (50)، بهذا الاسناد (¬7). ورجال السند ثقات وأختلف في عطاء بن أبي رباح، قال أبن حجر ثقة فاضل لكنه كثير الأرسال ... .. وقيل إنه تغير بأخرة ولم يكثر ذلك منه. (¬8) ¬

(¬1) التقريب (3677). (¬2) ميزان الأعتدال 2/ 517. (¬3) الضعفاء 2/ 314، رقم الترجمة (900). (¬4) وقد نص صاحبا التحرير على أنه ضعيف يعتبر به، التحرير 2/ 281. (¬5) انظر تحفة الاشراف/ (1578)، والمسند الجامع 2/ (1420). (¬6) تحرف في المطبوع إلى (عطاء بن رباح)، انظر التهذيب 7/ 384، وهامش المسند الجامع 4 /ص 381. (¬7) انظر المسند الجامع 4 / (2961). (¬8) التقريب (4591).

قلتُ: قد أرسل عن جماعة ... . ولم يذكر أنه أرسل عن جابر. (¬1) وجاء في تحرير التقريب: " أما قوله تغير بأخرة " فأنه لو لم يذكره لكان أحسن، أذ لانعلم أحداً روى عنه بعد تغيره - إن صح أنه تغير - وتغيره رد الذهبي في السير 5/ 86 - 87 ولم يذكره أحداً ممن ألف في المختلطين " (¬2). قلتُ: وقد ذكره إبن حجر بصيغة التمريض فقال:" قيل ". 26 - روى ليث بن أبي سليم عن الربيع بن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:- ((انا أولهم خروجاً، وانا قائدهم إذا وفدوا، وأنا خطيبهم اذا انصتوا، وانا مشفعهم إذا حبسوا، وانا مبشرهم إذا أيسوا، الكرامة والمفاتيح يومئذٍ بيدي، وانا اكرم ولد ادم على ربي يطوف علي الف خادم كأنهم بيض مكنون أو لؤلؤ منثور)). -إسناده ضعيف. *أخرجه "الدرامي" -واللفظ له-/ (49)، و "الترمذي" / (3610)، وقال عنه حسن غريب. من طرقٍ عن ليث بن أبي سليم بن رنَيْم بهذا الاسناد (¬3). وعلة الحديث هو ليث بن أبي سليم، قال إبن حجر: صدوق أختلط جداً ولم يتميز حديثهُ فترك (¬4). قلتُ: وقد أنفرد الليث ولم يتابع. 27 - قال عمرو بن محمد الناقد: حدثنا عمر بن عثمان الكلأبي قال: حدثنا موسى بن أعين عن معمر بن راشد عن محمد بن عبد الله إبن أبي يعقوب عن بشر بن شغاف عن عبد الله إبن سلام - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:- ((أنْا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع، ومشفع، بيدي لواء الحمد، تحتي ادم فمن دونه)). -إسناده ضعيف. *أخرجه "أبو يعلى"/ (7493)، و"إبن حبان" -واللفظ له-/ (6478). من طرقٍ عن ¬

(¬1) أنظر الجرح والتعديل 6/ 330، وميزان الأعتدال 3/ 70، والتهذيب 7/ 199. (¬2) التحرير 3/ 14. (¬3) انظر تحفة الاشراف/ (831)، والمسند الجامع 2/ (1372). (¬4) التقريب (5685)، وأنظر ميزان الأعتدال 3/ 420.

عمرو بن محمد الناقد بهذا الاسناد. وعلة الحديث هو عمرو بن عثمان بن سيار الكلأبي: ضعيف (¬1). *ذكره "الهيثمي" -في المجمع- 8/ 254، وقال:" رواه أبو يعلى والطبراني، وفيه عمرو بن عثمان الكلأبي وثقة إبن حبان على ضعف". (¬2) 28 - روى الليث بن سعد: عن يزيد (يعني إبن الهاد): عن عمرو بن أبي عمرو، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إني لأول الناس تنشق الأرض عن جمجمتي يوم القيامة ولا فخر، وأعطى لواء الحمد ولا فخر، وأنا سيد الناس يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من يدخل الجنة يوم القيامة ولا فخر، وآتي باب الجنة فآخذ بحلقتها، فيقولون: من هذا؟ فأقول: أنا محمد، فيفتحون لي فأدخل فأجد الجبار مستقبلي، فاسجد له، فيقول: ارفع رأسك يا محمد، وتكلم يسمع منك، وقل يقبل منك، واشفع تشفع، فارفع رأسي، فأقول: أمتي أمتي يا رب. فيقول: اذهب إلى امتك، فمن وجدت في قلبه مثقال حبةٍ من شعير من الايمان فادخله الجنة. فاذهب، فمن وجدت في قلبه ذلك أدخلتهم الجنة، فاجد الجبار مستقبلي، فأسجد له، فيقول: ارفع رأسك يا محمد، وتَكَلَّمْ يسمعْ منك، وقل يقبل منك، واشفع تشفع، فارفع رأسي، فاقول: أمتي أمتي يا رب. فيقول: اذهب إلى امتك، فمن وجدت في قلبه مثقال حبةٍ من خردلٍ من الايمان فأدخله الجنة. فاذهب، فمن وجت في قلبه مثقال ذلك أدخلتهم الجنة. وفرغ من حساب الناس، وادخل من بقي من أمتي في النار مع اهل النار، فيقول أهل النار: ما أغنى عنكم انكم كنتم تعبدون الله ولا تشركون به شيئاً. فيقول الجبار: فبعزتي، لاعتقنهم من النار، فيرسل اليهم، فيخرجون من النار وقد امتحشوا، فيدخلون في نهر الحياة، فينبتون فيه كما تنبت الحبة في غثاء السيل، ويكتب بين اعينهم: هؤلاء عتقاء الله، فيذهب بهم فيدخلون الجنة، فيقول لهم اهل الجنة: هؤلاء الجهنميون. فيقول الجبار: بل هولاء عتقاء الجبار)). ¬

(¬1) انظر ترجمته في التقريب (5074). (¬2) * وقد صححه الشيخ ناصر الالباني، انظر سلسلة الاحاديث الصحيحة 4/ 100 - 101؟ ولعلة أراد صحة متنه لا سنده.

-إسناده حسن. *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 1/ 144 و 3/ 144، و"الدارمي"/ (53)، و "النسائي" -في الكبرى- تحفة الأشراف 2/ (1119). من طرقٍ عن الليث بن سعد به (¬1). ورجال السند ثقات وانما حسنّته لحال عمرو بن أبي عمرو: ميسرة، مولى المطلب، المدني: فقد قال فيه إبن حجر: ثقة ربما وهم (¬2). قلتُ: قال الذهبي "في الميزان" "ما هو بمستضعف، ولا بضعيف، نعم، ولا هو في الثقة كالزهري وذويه"، وقال ايضاً:" حديثة صالح حسن منحط عن الدرجة العليا من الصحيح". (¬3) وتعقبه إبن حجر في "التهذيب" وقال: وحق العبارة أن يحذف "العليا" (¬4). قال صاحبا التحرير "وهذا قول جيد، فيكون حديثه حسناً، فما باله وثقة هنا، وتعقب الذهبي هناك؟ ... " (¬5).فهو صدوق حسن الحديث. ولما كان عمرو: صدوق حسن الحديث، وقد انفرد ولم يتابع فيبقى حديثه حسناً. 29 - روى عبد الله بن محمد بن عقيل: عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبي بن كعب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبيين، وخطيبهم، وصاحب شفاعتهم، غير فخرٍ)). -إسناده ضعيف. * أخرجه "أحمد" 5/ 137 و138، و"عبد بن حميد"/ (171)، و "الترمذي" -والفظ له-/ (3613) وقال عنه حسن -صحيح، و "إبن ماجة"/ (4314)، و "عبد الله بن أحمد" 5/ 138، و "الحاكم" 1/ 71. من طرقٍ عن عبد الله إبن محمد بن عقيل بن أبي طالب بهذا الاسناد (¬6). وعلة الحديث هو عبد الله إبن محمد بن عقيل: قال إبن حجر: صدوق فيه لين، تغير ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف/ (1119)، والمسند الجامع 3/ (1644). (¬2) التقريب (5083). (¬3) ميزان الاعتدال 3/ 281. (¬4) التهذيب 8/ 84. (¬5) التحرير 3/ 102بتصرف. (¬6) انظر تحفة الاشراف 1/ (29)، والمسند الجامع 1/ (84).

بأخرة. (¬1) قلت ُ: هو ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد (¬2). ولما كان عبد الله قد انفرد ولم يتابع فإسناده ضعيف. 30 - قال الاسود بن عامر اخبرنا أبو اسرائيل، عن حارث بن حصيرة، عن أبي بريدة، عن أبيه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول "إني لأرجو أنْ أشفع يوم القيامة عدد ما على الأرض من شجرة ومدرة ". قال: افترجوها انت يا معاوية ولا يرجوها علي بن أبي طالب؟! -إسناده ضعيف. *أخرجه "أحمد" 5/ 347 بهذا الاسناد. (¬3) والحديث فيه: أبو اسرائيل: اسماعيل بن خليفة العبسي الملائي وهو صدوق سيء الحفظ (¬4). وفيه ايضاً: حارث بن حصيرة، الازدي، أبو النعمان الكوفي: قال إبن حجر: صدوق يخطىء (¬5). ولما لم يتابعا فالاسناد يبقى ضعيفاً. 31 - قال عبيد الله بن عبد المجيد حدثنا زمعة، عن سلمة عن عكرمة عن إبن عباس - رضي الله عنه -. قال: جلس ناس من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ينتظرونه، فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم فاذا بعضهم يقول عجباً: إن الله اتخذ من خلقه خليلاً فإبراهيم خليله، وقال آخر: ماذا باعجب من: وكلم الله موسى تكليماً، وقال اخر فعيسى كلمة الله وروحه، وقال آخر وآدم اصطفاه الله، فخرج عليهم فسلّم وقال: ((قد سمعت كلامكم وعجبكم أن إبراهيم خليل الله وهو كذلك وموسى نجي الله ¬

(¬1) التقريب (3592). (¬2) انظر الجرح والتعديل 5/ 135وتهذيب الكمال 16/ 87، وميزان الاعتدال 3/ 484، والتهذيب 6/ 15 والخلاصة/345. (¬3) انظر المسند الجامع 3/ (1917). (¬4) التقريب/ (440)، وانظر الجرح والتعديل 2/ 166، تهذيب الكمال 3/ 77، وميزان الاعتدال 1/ 226. (¬5) التقريب/ (1018)، وانظر ميزان الاعتدال 1/ 432.

وهو كذلك وعيسى روح الله وكلمته وهو كذلك وآدم اصطفاه الله وهو كذلك الا وأنا حبيب الله ولا فخر، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة، ولا فخر وانا أول شافع، وأول مشفع يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من يحرك حلق الجنة، فيفتح الله لي فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر، وانا أكرم الأولين والآخرين ولا فخر)). -إسناده ضعيف. *أخرجه "الدارمي"/ (48)، و "الترمذي" -واللفظ له-/ (3616)، وقال عنه غريب. من طرقٍ عن عبيد الله بن عبد المجيد بهذا الاسناد (¬1). وعلة الحديث هو: زمعه بن صالح الجندي، اليماني: قال إبن حجر: ضعيف (¬2). قلت وقد تفرد ولم يتابع. 32 - روى: علي بن زيد بن جدعان: عن أبي نضرة عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -):- ((أنا سيد ولد ادم يوم القيامة ولافخر وبيدي لواء الحمد ولافخر، وما من نبي يومئذ، ادم فمن سواه، الا تحت لوائي، وانا اول من تنشق عنه الارض ولافخر، قال فيفزع الناس ثلاث فزعات، فياتون ادم، فيقولون: انت أبونا ادم فاشفع لنا الى ربك، فيقول اني اذنبت ذنباً، اهبطت منه الى الارض، ولكن ائتوا نوحا ً، فياتون نوحاً، فيقول: اني دعوت على اهل الارض دعوة فاهلكوا، ولكن اذهبوا الى إبراهيم، فياتون إبراهيم فيقول: اني كذبت ثلاث كذبات، ثم قال رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -): ما منها كذبة الا ماحل بها عن دين الله، ولكن ائتوا موسى، فيأتون موسى، فيقول: اني قتلت نفساً، ولكن ائتوا عيسى، فيأتوا عيسى فيقول: إني عبدت من دون الله، ولكن ائتوا محمداً، قال: فياتوني فانطلق معهم)). - إسناده ضعيف. * أخرجه " احمد " 3/ 2، و " الترمذي " - واللفظ له - / (3148 و 3615)، ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف 5/ (6059)، والمسند الجامع 9/ (7009) *تحرف اسم زمعة بن صالح في "جامع الترمذي" -طبعة بيروت إلى إبن أبي صالح فليتنبه له. (¬2) التقريب/ (2035).

وقال عنه حسن، و" إبن ماجه " / (4308).من طرق عن علي بن زيد بن جدعان بهذا الاسناد (¬1) وإبن جدعان: ضعيف (¬2) ولم يتابع. 33 - قال هشيم بن بشير أنبأنا سُيار "أبو الحكم العنزي"، عن يزيد الفقير، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أعطيت خمساً لم يعطهن أحدٌ قبلي: نُصِرْتُ بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فأينما أدرك الرجل من أمتي الصلاة يصلي، وأعطيت الشفاعة ولم يعط نبي قبلي، وبعثت إلى الناس كافة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة)). * أخرجه "أحمد" 3/ 304، و"عبد بن حميد"/ (1154)، و "الدارمي"/ (1396) و "البخاري" -واللفظ له-/ (335و438و3123)، و "مسلم"المساجد/ (521) و"النسائي" 1/ 209 و 2/ 56، و "إبن حبان"/ (6398)، و "البيهقي" 1/ 212 و 2/ 329 و 6/ 291 و9/ 4 و "البغوي"/ (3616). من طرقٍ عن هشيم بهذا الإسناد (¬3) 34 - عن مجاهد بن جبر عن عبيد الله إبن عمير عن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:- ((اعطيت خمساً لم يعطهن احد قبلي: بعثت إلى الاحمر والاسود، وجعلت لي الارض طهوراً ومسجداً. واحلتْ لي الغنائم، ولم تحل لاحد قبلي، ونصرت بالرعب، فيرعب العدو وهو مني مسيرة شهر، وقيل لي: سل تعطه، واختبأت دعوتي شفاعة لأمتي فهي نائلة منكم إن شاء الله من لم يشرك بالله شيئاً)). -إسناده صحيح. * أخرجه "أحمد" 5/ 145 و147 و161، و"الدارمي" (2470)، و"أبو داود" ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف 3/ (4367)، والمسند الجامع 6/ (4639). (¬2) انظر التقريب (4734). * قول الترمذي " حسن ": ثبتناه من تحفة الاشراف وتحفة لاحوذي واما المثبت في طبعة "بيروت " فهو (حسن صحيح) وهو خطأ. (¬3) انظر تحفة الاشراف 2/ (3139)، والمسند الجامع 4 / (2952).

((489)، و "البزار" (3461)، و "إبن حبان" (6462) و"الحاكم" 2/ 424، من طرق عن مجاهد بن جبر عن عبيد الله بن غمير عن أبي ذر به (¬1) - ومجاهد بن جبر: هو أبو الحجاج المكي، ثقة إمام في التفسير (¬2). - وعبيد الله بن عمير: هو الليثي، ثقة (¬3). 35 - روى مجاهد ومقسم (¬4)، عن إبن عباس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أعطيت خمساً، ولا أقول فخرا: بعثت إلى الأحمر والأسود، وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً، واحلّ لي المغنم، ولايحلّ لأحد قبلي، ونصرتُ بالرعب، فهو يسير أمامي مسيرة شهرٍ وأعطيتُ الشفاعة، فاخرتها لأمتي إلى يوم القيامة، وهي إن شاء الله -نائلة من لم يشرك بالله شيئاً)). -إسناده صحيح. *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 1/ 205، من طريق مجاهد ومقسم عن إبن عباس به (¬5). *وأخرجه "أحمد" 1/ 301 من طريق مقسم عن إبن عباس بنحوه (¬6). *وأخرجه "البزار"/ (3460)، و "الطبراني" -في الكبير- 11/ (11047 و 11085) من طرقٍ عن مجاهد عن إبن عباس بنحوه. 36 - قال أبو يعلى (¬7): حدثنا هارون بن عبد الله الحمّال، قال حدثنا إبن أبي ¬

(¬1) انظر تحفة الأشراف 8/ (11969)، والمسند الجامع 16/ (12354). (¬2) انظر التقريب (6481). (¬3) انظر التقريب (4385)، والتحرير 2/ 421. *لفظة أبي داود مختصرة جداً. *طريق أحمد 5/ 161، وطريق البزار فيهما انقطاع حيث رواه مجاهد عن أبي ذر ومجاهد لم يسمع منه. قلتُ: ولم أجد في التهذيب أنهُ من شيوخهِ، وكذا في ترجمة أبي ذر أنه ممن روى عنهُ. أنظرالتهذيب 10/ 42 والاحسان في تقريب إبن حبان 14/ 376. (¬4) هو مولى عبد الله إبن عباس رضي الله عنهما. (¬5) انظر المسند الجامع 9/ (7010). (¬6) انظر المسند الجامع 9/ (7010). (¬7) * لم اجده في المطبوع من مسند أبي يعلى.

فديك: عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهوب: عن عباس بن عبد الرحمن بن ميناء الأشجعي: عن عوف بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:- ((أُعطيت أربعاً لم يعطهن أحد كان قبلنا، وسألت ربي الخامسة فأعطانيها كان النبي يبعث إلى قريته ولا يعدوها وبُعثت كافةً إلى الناس، وأرهب منا عدونا مسيرة شهر، وجعلت لي الارض طهوراً ومساجد، وأحل لنا الخمس، ولم يحل لأحد كان قبلنا، وسألت ربي الخامسة مسألته أن لا يلقاه عبد من أمتي يوحده إلا ادخله الجنة فأعطانيها)). -إسناده ضعيف. *أخرجه "إبن حبان" -واللفظ له-/ (6401). بهذا الاسناد. وعلة الحديث هو عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب التميمي. قال إبن حجر فيه:" ليس بالقوي" (¬1). قلت: أي أنه "ضعيف يعتبر به".وقد انفرد عبيد الله ولم يتابع. 37 - روى حاتم بن اسماعيل عن يعقوب بن مجاهد، أبي حزرة عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار قبل أن يهلكوا، فكان أوّل من لقينا ابا اليسر صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ومعه غلام له. معه ضمامة من صحفٍ. وعلى أبي اليسر بردة ومعافري، وعلى غلامه بردة ومعافري (¬2)،)) ... .. حديث طويل ... .. (( ... .سرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزلنا وادياً افيح (¬3). فذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقضي حاجته. فاتبعته بإداوةٍ من ماءٍ. فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم ير شيئاً يستتر به. فإذا شجرتان بشاطئ الوادي. فانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلى إحداهما فأخذ بغصنٍ من أغصانها. فقال: انقادي علي بإذن الله. فانقادت معه كالبعير المخشوش (¬4)، الذي يصانع قائده. حتى أتى الشجرة الأخرى، فأخذ بغصنٍ من اغصانها. فقال انقادي علي بإذن الله فانقادت معه كذلك. حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما، لأم بينهما (يعني جمعهما) فقال: ¬

(¬1) التقريب (4314)، وانظر ميزان الاعتدال 3/ 12. (¬2) هي نوعُ من برود يمينيه منسوبةُ الى قبيلة معافر باليمن، أنظر النهاية في غريب الحديث، إبن الأثير 3/ 262. (¬3) أي واسعاً، أنظر النهاية في غريب الحديث 3/ 484. (¬4) هو البعير الذي جعل في أنفه الخشاش، والخشاش: عودُ يوضع في أنف البعير يشد به الزمام ليكون أسرع لانقياده. أنظر النهاية في غريب الحديث 1/ 33 - 34.

إلتئما علي بإذن الله فالتأمتا. قال جابر: فخرجت احضر مخافة ان يحس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقربي فيبتعد فجلست أحدث نفسي. فحانت مني لفتة، فإذا أنا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقبلاً. وإذا الشجرتان قد افترقتا. فقامت كل واحدةٍ منهما على ساقٍ. فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف وقفةً. فقال برأسه هكذا ثم اقبل. فلما انتهى الي قال: يا جابر، هل رأيت مقامي؟ قلت: نعم. يا رسول الله، قال: فانطلق إلى الشجرتين فاقطع من كل واحدةٍ منهما غصناً. فاقبل بهما. حتى إذا قمت مقامي فأرسل غصناً عن يمينك وغصناً عن يسارك. قال جابر: فقمت فأخذت حجراً فكسرته وحسرته فانذلق لي. فاتيت الشجرتين فقطعت من كل واحدةٍ منهما غصناً. ثم اقبلت اجرهما حتى قمت مقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أرسلت غصناً عن يميني وغصناً عن يساري. ثم لحقته فقلت: قد فعلت. يا رسول الله، فعم ذاك؟ قال: إني مررت بقبرين يعذبان. فأحببت بشفاعتي أن يرفه عنهما، ما دام الغصنان رطبين)) ... .الحديث. * أخرجه "البخاري" - في الأدب المفرد " / (187 و738)، "ومسلم "-واللفظ له (¬1) - في الزهد / (74)، و"أبو داود "/ (485 و634و1532) من طرق عن حاتم بن أسماعيل بهذا الاسناد (¬2). 38 - روى الزبيدي عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن كعب بن مالك - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يبعث الناس يوم القيامة فاكون أنا وأمتي على تل ويكسوني ربي تبارك وتعالى حلة خضراء ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أنْ أقول، فذاك المقام المحمود)). -إسناده صحيح *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 3/ 465، و "إبن حبان"/ (6479)، و "الطبراني" -في الكبير-/ 19/ (142)، و "الحاكم"2/ 363. من طرقٍ عن محمد بن الوليد بن عامر، أبو الهذيل الحمصي "الزبيدي" (¬3) بهذا الاسناد (¬4). ¬

(¬1) جاءت الرواية طويلة جداً فأقتطعنا منها الجزء الذي يخص موضوعنا. (¬2) أنظر تحفة الأشراف 2/ (2358و2359و2360و2361)، والمسند الجامع 3/ (2931 (¬3) ثقة ثبت، أنظر التقريب (6372)، والتحرير 3/ 330. (¬4) انظر المسند الجامع 14/ (11268).

* أورده "الهيثمي" -في المجمع- 7/ 51 وقال "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح". -وفي - 10/ 377 وعزاه إلى الطبراني "في الكبير والأوسط" وقال: ((احد اسنادي الكبير رجاله رجال الصحيح)). 39 - روى شعبة عن أبي اسحق السبيعي سمعه يقول: سمعت صله بن زفرة يقول: سمعت حذيفة يقول:"يجمع الناس في صعيد ولا تكلم نفس، فأول مدعو محمد - صلى الله عليه وسلم - فيقول: لبيك وسعديك والخير في يديك والشر ليس اليك، والمهدي من هديت، وعبدك وإبن عبدك وبك واليك، ولا ملجأ ولا منجى منك إلا اليك تباركت وتعاليت. فهذا قوله "عسى ان يبعثك ربك مقاماً محموداً. -إسناده صحيح. *أخرجه "الطيالسي" / (414)، و"النسائي" -في الكبرى- واللفظ له / (1194) و "البزار"/ (3462)، و"الحاكم" 5/ 363، و"أبو نعيم"-في الحلية- 1/ 278. من طرقٍ عن شعبه بن الحجاج بهذا الإسناد. قال إبن حجر: في ترجمة أبي أسحق السبيعي: ثقة مكثر عابد، اختلط باخرة (¬1). قلت: قال الذهبي: لم يختلط لكنه شاخ ونسى (¬2). ((وسمع منه سفيان بن عيينه في حال شيخوخته فروايته عنه غير جيدة ... )) (¬3). 40 - روى داود بن يزيد الزعافري عن أبيه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله: ((عسى ان يبعثك ربك مقاماً محموداً. سئل عنها قال: هي الشفاعة)). -إسناده ضعيف. * أخرجه "أحمد" 2/ 441 و478 و 528، و"الترمذي" -واللفظ له-/ (3137)، وقال: حسن. و "أبو نعيم" 8/ 372.من طرق عن داود بن يزيد الزعافري بهذا الاسناد (¬4). ¬

(¬1) التقريب (5065)، وأنظر التهذيب 8/ 66. (¬2) ميزان الاعتدال 3/ 270، وانظر الجرح والتعديل 6/ 242 - 243. (¬3) التحرير 3/ 99. (¬4) انظر تحفة الاشراف 10/ (14848)، والمسند الجامع 18/ (14755).

وعلة الحديث: هو داود بن يزيد بن الاودي الزعافري: ضعيف (¬1)، وقد تفرد. 41 - قال حرب بن ميمون الأنصاري، وأبو الخطاب: حدثنا النضر بن أنس بن مالك عن أبيه - رضي الله عنه - قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يشفع لي يوم القيامة فقال: ((أنا فاعل قال: قلت: يا رسول الله فأين أطلبك؟ قال أول ما تطلبني على الصراط، قال: قلت: فإن لم القك على الصراط؟ قال: فاطلبني عند الميزان، قلت: فأن لم ألقك عند الميزان؟ قال: فاطلبني عند الحوض فإني لا أخطىء هذه الثلاث مواطن)). -إسناده حسن. *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 3/ 178، و"الترمذي"/ (2433) وقال عنه حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. من طرق عن حرب بن ميمون الانصاري بهذا الاسناد (¬2). فحرب بن ميمون: صدوق، رمي بالقدر (¬3)، وقد أنفرد ولم يتابع. 42 - روى علي بن زيد بن جدعان: عن يوسف بن مهران: عن إبن عباس - رضي الله عنه -، قال: خطب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فحمد الله تعالى وأثنى عليه، فذكر الرجم فقال: ((لانخدعنَ عنه فأنه حدٌ من حدود الله تعالى، ألا إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد رجم ورجمناه بعده، ولولا أن يقول قائلون: زاد عمر في كتاب الله عز وجل ما ليس منه لكتبه في ناحية من المصحف: شهد عمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن عوف وفلان وفلان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد رجم ورجمناه من بعده ألا وإغنه سيكون من بعدكم قوم يكذبون بالرجم وبالدجال وبالشفاعة وبعذاب القبر وبقوم يخرجون من النار بعدما إمتحشوا)). -الحديث صحيح متفق عليه إلى قوله "بالرجم" من طريق عبد الله بن عتبة بن مسعود عن إبن عباس (¬4). أما هذه الزيادة فضعيفة لضعف سندها إلى إبن عباس. ¬

(¬1) التقريب (1818)، والتحرير 1/ 379. (¬2) انظر تحفة الاشراف2/ (1624)، والمسند الجامع 3/ (1638). (¬3) التقريب (1168)، وانظر الجرح والتعديل 3/ 251. (¬4) أخرجه "البخاري"/ (6830)، و "مسلم"/في كتاب الحدود (15) وغيرهم إنظر مظانه في تحفة الاشراف ... 8/ (10508 و 10595 و 10599)، والمسند الجامع/ (10555).

أخرجه "بالزيادة":"الطيالسي"/ (25)، و "عبد الرزاق"/ (13364)، و "أحمد" -واللفظ له- 1/ 23، و "أبو يعلى"/ (146). من طرقٍ عن علي بن زيد بن جدعان بهذا الاسناد (¬1) وإبن جدعان هذا ضعيف (¬2)، وقد تفرد. 43 - قال أحمد بن صالح: حدثنا إبن أبي فديك، قال حدثني موسى بن يعقوب عن إبن عثمان، قال أبو داود: وهو يحيى بن الحسن بن عثمان، عن الاشعث بن اسحق بن سعد عن عامر بن سعد عن أبيه، قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة نريد المدينة فلما كنا قريباً من عزوراً (¬3) نزل ثم رفع يديه فدعا الله ساعة ثم خر ساجداً -فمكث طويلاً، ثم قام فرفع يديه فدعا الله ساعة ثم خر ساجداً-ذكره أحمد ثلاثاً- قال: ((اني سألت ربي وشفعت لأمتي فاعطاني ثلث أمتي فخررت ساجداً لربي شكراً، ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي فاعطاني ثلث أمتي فخررتُ ساجداً لربي شكراً ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي فأعطاني الثلث الآخر فخررت ساجداً لربي)). -إسناده ضعيف. *أخرجه "أبو داود"/ (2775) بهذا الاسناد (¬4). وفيه الأشعث بن إسحق بن سعد بن أبي وقاص: قال إبن حجر: مقبول (¬5) وقد تفرد ولم يتابع. 44 - عن أبي بردة عن أبي موسى الاشعري - رضي الله عنه -، قال: غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره، قال فعرس بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانتهيت بعض الليل إلى مناخ رسول الله ¬

(¬1) انظر المسند الجامع 13/ (10555). (¬2) انظر ترجمته في التقريب (4734). (¬3) موضع ً بين مكة والمدينة، قال ياقوت وأخشى أن يكون مصحفاً عن عَزوَر. وعزورة: موضعُ، أو ماء ... .. أنظر معجم البلدان، ياقوت الحموي 4/ 119. (¬4) انظر تحفة الاشراف/ (3870)، والمسند الجامع 6/ (4114). (¬5) التقريب (520). *قال أبو داود عقب الرواية:" اشعث بن اسحق اسقطه أحمد بن صالح حين حدثنا به. فحدثني به عنه موسى بن سهل الرملي". اقول: يبدوا انه اسقطه لضعفه، ولكن أحمد بن صالح لم يعرف بالتدليس؟!

- صلى الله عليه وسلم - أطلبه فلم أجده، قال فخرجت بارزاً اطلبه وإذا رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطلب ما أطلب قال فبينما نحن كذلك إذ إتجه إلينا رسول الله قال: فقلنا يارسول الله، أنت بأرض حرب ولا نأمن عليك فلولا إذ بدت لك الحاجة قلت لبعض أصحابك فقام معك، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إني سمعت هزيراً كهزير الرحى أو حنيناً كحنين النحل، وأتاني آت من ربي عز وجل قال: خيرني أن يدخل شطر أمتي الجنة وبين شفاعتي لهم فاخترت شفاعتي لهم، وعلمت أنها اوسع لهم فخيرني بأن يدخل ثلث أمتي الجنة وبين الشفاعة فاخترت لهم شفاعتي وعلمت أنها أوسع لهم فقالا: يا رسول الله ادع الله تعالى ان يجعلنا من أهل شفاعتك قال: فدعا لهما ثم إنهما بها اصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واخبرهم بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعلوا يأتونه، ويقولون: يا رسول الله ادع الله تعالى ان يجعلنا من أهل شفاعتك فيدعو لهم قال: فلما اضب عليه القول وكثروا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنها لمن مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله)). -إسناده حسن عن أبي موسى. * أخرجه "أحمد" -واللفظ له 4/ 397 و404 و 415، وفي 5/ 232، و"الطبراني" -في الكبير- 20/ (343). من طرق عن أبي بردة عن أبية به (¬1). * وأخرجه "البزار"/ (3463) والطبراني" -في الكبير- 20/ (342، و 343) من طرق عن أبي بردة وأبي المليح عن أبي موسى الاشعري ومعاذ بن جبل بنحوه. * أورده "الهيثمي" -في المجمع- 10/ 368 وقال:"رواه أحمد والطبراني بنحوه ... والبزار باختصار، ولكن أبا المليح وأبا بردة لم يدركا معاذ بن جبل". قلتُ: وطريق البزار والطبراني فيهما إضطراب واضح فمرة رواه عاصم بن بهدلة عن أبي المليح عن معاذ وأبي موسى به. ومرة رواه عاصم عن أبي برده عن أبي المليح عن معاذ وأبي موسى به. 45 - روى حصين بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير قال حدثنا إبن عباس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:- ((عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهيط، والنبي ومعه ¬

(¬1) انظر المسند الجامع 11/ (8916)

الرجل والرجلان، والنبي ليس معه أحد، إذ رفع لي سواد عظيم فظننت انهم أمتي فقيل لي:- هذا موسى - صلى الله عليه وسلم - وقومه، ولكن انظر إلى الافق، فنظرت فاذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه امتك ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حسابٍ ولا عذاب" ثم نهض فدخل منزله، فخاض الناس في أؤلئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال بعضهم: أفعلعهم الذين ولدوا في الإسلام ولم يشركوا بالله، وذكروا أشياء فخرج عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:" ما الذي تخوضون فيه؟ " فأخبروه، فقال:" هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون" فقام عكاشة بن محصن فقال: ادع الله ان يجعلني منهم، فقال:" أنت منهم" ثم قام رجل آخر فقال: ادع الله ان يجعلني منهم، فقال: "سبقك بها عكاشة")). * أخرجه "أحمد" 1/ 271 و 321، و "البخاري"/ (3410 و 5705 و 5752 و 6472 و 6541)، ومسلم" -واللفظ له- في الإيمان/ (374 و 375)، و "الترمذي"/ (2446)، وقال عنه حسن صحيح، و "النسائي" -في الكبرى-/ (7604)، و "إبن حبان"/ (6430)، و "البغوي"/ (4322). من طرق عن أبي الهذيل "حصين بن عبد الرحمن" السلمي بهذا الاسناد (¬1). 46 - عن عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:- (("يدخل الجنة من أمتي سبعون الفاً بغير حساب". قالوا: ومن هم يا رسول الله؟ قال:" هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون". فقام عكاشة فقال: ادع الله ان يجعلني منهم، قال" انت منهم"، قال فقام رجل فقال: يا نبي الله: ادع الله ان يجعلني منهم. قال: "سبقك بها عكاشة")). *أخرجه "أحمد" 4/ 441، و "مسلم" -واللفظ له-/ في الإيمان (371)، و "الطبراني" -في الكبير- 18/ (424 و 425 و 426 و 427) من طرق عن محمد بن سيرين (¬2) عن عمران به (¬3). ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف 4/ (5493)، والمسند الجامع 9/ (7069). (¬2) الانصاري، أبو بكر بن أبي عمرة البصري: ثقة ثبت عابد كبير القدر، انظر ترجمته في التقريب (5947)، والتحرير 3/ 255. (¬3) 2 انظر تحفة الاشراف 8/ (10841)، والمسند الجامع 14/ 10910).

*وأخرجه "أحمد" 4/ 443، و "مسلم"/ في الإيمان (372)، و "الطبراني" -في الكبير- 18/ (494). من طرق عن الحكم بن الاعرج (¬1) عن عمران بنحوه (¬2). *وأخرجه "أحمد"4/ 436، و "الطبراني" -في الكبير- 18/ (380) من طريق الحسن البصري عن عمران بنحوه (¬3). *وأخرجه "إبن حبان"/ (6089)، و "الطبراني" -في الكبير- 18/ (605)، من طرق عن عبد الله بن الحارث بن عمرو عن عمران بنحوه. 47 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - يقول:- ((يدخل سبعون الفاً من أمتي الجنة بغير حساب. فقال رجل: ادع الله ان يجعلني منهم، فقال: اللهم اجعلة منهم، ثم قام آخر فقال: ادع الله ان يجعلني منهم، فقال: سبقك بها عكاشة)). *أخرجه "أحمد" 2/ 302 و 456، و "الدارمي" (2810)، و "مسلم" -واللفظ له- في الإيمان/ (367 و 368)، و "إبن حبان" (7244). من طرق عن محمد بن زياد الجمحي (¬4) عن أبي هريرة به (¬5). *وأخرجه "أحمد" 2/ 400، و "البخاري" (5811)، و (6542)، و "مسلم": في الإيمان/ (369)، و "البيهقي " 10/ 139، و"البغوي" / (4323). من طرق عن سعيد بن المسيب (¬6) عن أبي هريرة بنحوه (¬7). *وأخرجه "أحمد" 2/ 302 من طريق كليب بن شهاب الجرمي (¬8)، عن أبي هريرة ¬

(¬1) هو الحكم بن عبد الله بن اسحق بن الاعرج البصري: ثقة ربما وهم، انظر التقريب (1446)، والتحرير 1/ 309. (¬2) انظر تحفة الاشراف 8/ (10819)، والمسند الجامع 14/ (10912). (¬3) انظر المسند الجامع 14/ (10911). (¬4) انظر ترجمته في التقريب (5888)، والتحرير 3/ 244. (¬5) انظر تحفة الاشراف 10/ (14298)، والمسند الجامع 18/ (14799). (¬6) هو بن حزن بن أبي رهب القريش المخزومي، احد العلماء الاثبات، وانظر ترجمته في التقريب (2396). (¬7) انظر تحفة الاشراف 10/ (13332)، والمسند الجامع 18/ (14798). (¬8) 5 أنظر ترجمته في التقريب (5660)، والتحرير 3/ 300.

بنحوه (¬1). *وأخرجه " أحمد " 2/ 502، و "الدارمي" (2826)، من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف (¬2) عن أبي هريرة بنحوه (¬3). *وأخرجه "أحمد" 2/ 351، و "مسلم" في الإيمان/ (370) من طريق أبي يونس مولى أبي هريرة (¬4) عن أبي هريرة بنحوه (¬5). 48 - عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ليدخلن الجنة من أمتي سبعون -أو سبعمائة الف: لا يدري أبو حازم أيهما قال - متماسكون آخذ بعضهم بعضاً لا يدخل اولهم حتى يدخل اخرهم وجوههم على صورة القمر ليلة البدر)). *أخرجه "أحمد" 5/ 335، و "عبد بن حميد"/ (460)، و "البخاري" -واللفظ له-/ (6543 و 6554) و "مسلم "في الإيمان/ (373) و "عبد الله بن أحمد حنبل (¬6) " 5/ 335 من طرق عن أبي حازم "سلمة بن دينار (¬7) " عن سهل بن سعد به (¬8). 49 - عن أبي أمامة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الله عز وجل وعدني أن يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفاً بغير حساب. فقال يزيد بن الاخنس السلمي والله ما أولئك في امتك إلا كالذباب الأصهب (¬9) في الذباب فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كان ربي عز وجل قد وعدني سبعين الفاً مع كل ألف سبعين ألفاً وزادني ثلاث حثيات)). -إسناده صحيح. ¬

(¬1) 6 انظر المسند الجامع 18/ (14800). (¬2) انظر ترجمته في التقريب (8142). (¬3) انظر المسند الجامع 18/ (14802). (¬4) انظر التقريب (3536)، والتحرير 3/ 63. (¬5) انظر تحفة الاشراف 11/ (15468)، والمسند الجامع 18/ (14801). (¬6) تحرف أحد أسنادي أحمد في المطبوع فكان " حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يحيى بن معين ". والصواب حذف "أبي". وهذا الأسناد من زيادات عبد الله إبن أحمد بن حنبل على المسند. أنظر المسند الجامع 7/ص 322. (¬7) انظر ترجمته في التقريب (2489). (¬8) انظر تحفة الاشراف / (4715)، والمسند الجامع 7/ (5154). (¬9) ألأصهب: الشعر الأحمر الذي يعلوه سواد. أنظر النهاية في غريب الحديث، أبن الأثير 3/ 63.

*أخرجه "أحمد" 5/ 250 - واللفظ له و "الطبراني" -في الكبير- 8/ (7672) من طريق سليم الخبائري وأبي اليمان الهوزاني عن أبي امامة به (¬1). *وأخرجه "أحمد" 5/ 268 و "إبن ماجة" (4286)، و "الترمذي" (2437)، وقال: حسن غريب، و "إبن حبان"/ (7246)، و "الطبراني" -في الكبير- 8/ (7520 و 7521). *ذكره الهيثمي "في المجمع" 10/ 362 - 363 وعزاه إلى أحمد والطبراني فقط، من طريق "محمد بن زياد الالهاني" (¬2) عن أبي امامة بنحوه (¬3). 50 - روى عبد الله بن عامر اليحصبي، أن قيس بن الحارث حدثهم: أن أبا سعيد الخير الانماري (¬4) حدثهم: ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يدخل من أمتي سبعون الفاً مع كل الف سبعون الفاً يعم ذلك مهاجرينا ويوفي ذلك بطائفة من أعرابنا)). -إسناده صحيح. *أخرجه "الطبراني" -في الكبير- واللفط له- 22/ (771 و 772)، و "الاوسط"/406 و "إبن حجر" -في الاصابة- 7/ 85. من طرقٍ عن عبد الله بن عامر اليحصبي بهذا الاسناد. 51 - قال معاوية بن سلام: حدثنا أخي زيد بن سلام: انه سمع ابا سلام قال: حدثنا عامر بن زيد البكالي: انه سمع عتبة بن عبد السلمي يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:- ((إن ربي وعدني أن يدخل من أمتي الجنة سبعين الفا بغير حساب، ثم يتبع كل الف بسبعين ألفاً، ثم يحثني بكفة ثلاث حثيات، فكبر عمر فقال - صلى الله عليه وسلم -: إن السبعين ألفاً الأول يشفعهم الله في آبائهم وامهاتهم، وعشائرهم، وارجوا ان يجعل أمتي ادنى الحثوات الآواخر)). ¬

(¬1) انظر المسند الجامع 7/ (5343). (¬2) ثقة، انظر ترجمته في التقريب (5889). (¬3) انظر تحفة الاشراف 7/ (5343 و 5889)، والمسند الجامع 7/ (5342). (¬4) جاء عند الطبراني في "الاوسط "/ 406، وفي "الاصابة" 7/ 85. أما ما جاء عند الطبراني -في الكبير- "أبو سعد الخير الانصاري"، وقد توقف محققه "حمدي السلفي" في الحكم على الحديث وقال"فمن هذا الاختلاف يتوقف في الجزم بصحة هذا المسند". اقول: أن الاختلاف في اسم الصحأبي لا تخزم في صحة الاسناد لان جهالة الصحابي لا تضر، فهو صحيح الاسناد -والله اعلم-.

-إسناده ضعيف. *أخرجه "إبن حبان" - واللفظ له/ (7247)، و "الطبراني" -في الكبير- 17/ (312). من طرق عن معاوية بن سلام بن ممطور الدمشقي بهذا الاسناد. وعلة الحديث هو: عامر بن زيد البكالي: فانه مجهول الحال، حيث ذكره "إبن حبان" في ثقاته وقال:" يروي عن عتبه بن عبد، روى عنه أبو سلام، ويحيى بن كثير، عداده في أهل الشام" (¬1). قلت: فالرجل روى عنه اثنان، ولم يذكر بجرح أو تعديل فهو مجهول الحال. وهناك علة خفية وهي "علةُ الاختلاف في سنده فإن الطبراني ساقه باسنادين فأخرجه من رواية: أبي سلام قال حدثني عامر بن زيد انه سمع عتبة. ثم أخرجه من طريق أبي سلام -كذلك- فقال: حدثني عبد الله بن عامر أن قيس بن الحارث حدثه ان ابا سعيد الانماري حدثة الحديث الذي قبله (¬2). * أورده "الهيثمي " - في المجمع - 10/ 409و 414 وقال: "رواه الطبراني في طالاوسطط و "الكبير" من طريق عامر بن زيد البكالي وقد ذكره إبن أبي حاتم ولم يجرحه ولم يوثقه، وبقية رجاله ثقات". 52 - قال المسعودي: حدثني بكير بن الاخنس عن رجل، عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:- (("أعطيت سبعين الفاً يدخلون الجنة بغير حساب وجوههم كالقمر ليلة البدر، وقلوبهم على قلب رجل واحدٍ فاستزدت ربي". قال أبو بكر - رضي الله عنه -: فرأيت ان ذلك آتي على أهل القرى، ومصيب من حافات البوادي)). -إسناده ضعيف (¬3) *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 1/ 6، و "أبو يعلى"/ (112) ... طرقٍ عن المسعودي بهذا الاسناد (¬4) وعلته الانقطاع فإن التابعي لم يسمّ. ¬

(¬1) الثقات، لإبن حبان 5/ 191، وانظر التاريخ الكبير، للبخاري 6/ 452 ترجمته (5966)، والجرح والتعديل 6/ 320 (¬2) انظر الحديث (50 ... )، وانظر فتح الباري، لإبن حجر 11/ 501 وقد حكم على إسناده بانه جيد. (¬3) وقد صححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم (1057)؟ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍. (¬4) انظر المسند الجامع 9/ (7146).

* أورده"الهيثمي" -في المجمع- 10/ 410 وقال:" رواه أحمد، وأبو يعلى وفيهما المسعودي وقد اختلط (¬1) وتابعه لم يُسّم وبقية رجال أحمد رجال الصحيح". 53 - روى يزيد بن الهاد: عن عبد الله بن خباب: عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - انه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر عنده عمه فقال: "لعلة تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضححاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه". *أخرجه "أحمد" 3/ 8 و50 و55، و "البخاري" -واللفظ له-/ (3885 و 6564)، و "مسلم"/في الإيمان (360)، و "أبو يعلى"/ (1360) و "إبن حبان"/ (6271)، و "البغوي"/ (4402). من طرقٍ عن يزيد بن الهاد الليثي (¬2) بهذا الاسناد (¬3). 54 - عن ابن عباس - رضي الله عنه - ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أهون أهل النار عذاباً أبو طالب وهو متنعل بنعلين من نار يغلي منهما دماغه)). *أخرجه "أحمد" 1/ 290 و 295، و"عبد بن حميد" (711)، و "مسلم" -واللفظ له-في الإيمان / (362)، و "الحاكم" 4/ 581. من حديث أبي عثمان النهدي (¬4) عن إبن عباس به (¬5). 55 - روى يزيد بن كيسان: عن أبي حازم الاشجعي: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمه: ((قل لا إله إلا الله اشهد لك بها يوم القيامة. قال: لولا أن تعيرني قريش يقولون: إنما حمله على ذلك الجزع لأقررت بها عينك. فأنزل الله: " إنك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء" (¬6)). *اخرجه "احمد" 2/ 434 و414، و "مسلم" -واللفظ له- في الإيمان/ (41و 42)، و "الترمذي"/ (3188)، و "ابن حبان"/ (6270). من طرقٍ عن يزيد بن كيسان البكري، ¬

(¬1) وقد يكون اختلاط المسعودي ايضاً علة ولكننا ذكرنا الانقطاع من باب الاولى ولأنه قد يكون حدث به قبل اختلاطه. (¬2) انظر ترجمته في التقريب (7737)، والتحرير 4/ 113. (¬3) انظر تحفة الاشراف 3/ (4094)، والمسند 6/ (4796). (¬4) انظر ترجمته في التقريب (4017)، والتحرير 2/ 350. (¬5) انظر تحفة الاشراف/ (5821)، والمسند الجامع 9/ (7091). (¬6) القصص /56.

الكوفي (¬1) عن ابي هريرة بهذا الاسناد (¬2). 56 - روى عبد الله بن الحارث بن نوفل عن العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - انه قال: ((يا رسول الله هل نفعت ابا طالب بشىء فانه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: نعم، هو في ضحضاح من نار ولولا انا لكان في الدرك الاسفل من النار)). *اخرجه "الحميدي"/ (460)،و"احمد" 1/ 204و207و210، و"البخاري" / (3883و6208و6572)، و"مسلم" في الايمان/ (358و359). من طرق عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن العباس به (¬3). 57 - روى يحيى بن سعيد: عن الحسن بن ذكوان: قال حدثنا أبو الرجاء-"العطاردي-: قال حدثني عمران بن حصين - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يخرج قوم من النار بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم فيدخلون الجنة ويسمون الجهنميين". *أخرجه "أحمد" 4/ 434، و "البخاري" -واللفظ له-/ (6566)، و "أبو داود"/ (4740)، و "الترمذي"/ (2600)، وقال: حسن صحيح، و "إبن ماجة"/ (4315)، و "البغوي"/ (4351). من طرقٍ عن يحيى بن سعيد القطان بهذا الاسناد (¬4). 58 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي)) -إسناده صحيح. *أخرجه "الطيالسي"/ (2026) والترمذي" -واللفظ له-/ (2435) و "البزار"/ (3469) و "إبن حبان"/ (6468) و "الحاكم" 1/ 69 و 3/ 213و "أبو نعيم" - في الحلية - 7/ 261 من طرق عن ثابت عن انس به (¬5) *وأخرجه: "أحمد"/ 3/ 213 و "أبو داود"/ (4739) والحاكم"/ 1/ 69 من طرقٍ ¬

(¬1) انظر التقريب (7767)، والتحرير 4/ 118. (¬2) انظر تحفة الاشراف 10/ (13442)، والمسند الجامع 16/ (12632). (¬3) انظر تحفة الاشراف 4/ (5128)، والمسند الجامع 8/ (5637). (¬4) انظر تحفة الاشراف 8/ (10871) والمسند الجامع 14/ (10925). (¬5) انظر تحفة الاشراف 1/ (481)، والمسند الجامع 2/ (1424).

عن اشعث الحداني (¬1)، عن انس بنحوه (¬2). 59 - روى جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "شفاعتي لأهل الكبائر من امتي". قال محمد بن علي: فقال لي جابر يا محمد: من لم يكن من أهل الكبائر فما له وللشفاعة؟ -إسناده حسن. *أخرجه "الترمذي"- واللفظ له-/ (2436) وقال: حسن غريب، و "إبن ماجه" */ (4310)، و "إبن حبان"/ (6467)، و "الحاكم"1/ 69 و "أبو نعيم" -في الحلية- 3/ 200. من طرقٍ عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بهذا الاسناد (¬3). -وجعفر "الصادق": صدوق، فقيه، امام (¬4). وقد انفرد الصادق ولم يتابع. 60 - عن جابر - رضي الله عنه - ان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:- ((يخرج من النار بالشفاعة كانهم الثعارير)) (¬5). قلت: وما الثعارير؟ قال: الضغأبيس، وكان قد سقط فمه، فقلت (¬6) لعمرو بن دينار: ابا محمد: سمعت جابر بن عبد الله يقول سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: يخرج بالشفاعة من النار؟ قال نعم. *أخرجه "الطيالسي"/ (1703) و "الحميدي"/ (1245)، و "أحمد" 3/ 308 و 381، و "البخاري" -واللفظ له- (6558) و "مسلم" في الإيمان/ (317 و318) "دون ذكر ¬

(¬1) قال إبن حجر في التقريب (527): صدوق. وقال صاحبا التحرير 1/ 147: ثقة. (¬2) انظر تحفة الاشراف 1/ (231)، والمسند الجامع 2/ (1423). (¬3) انظر تحفة الاشراف 2/ (2608)، والمسند الجامع 4/ (3073). * زاد إبن ماجة في روايته "يوم القيامة". (¬4) أنظر التقريب (950)، والتحرير 1/ 219. (¬5) الثعارير هي: القثاء الصغار، شبهت بها لان تاقثاء ينمو سريعاً. أنظر النهاية في غريب الحديث 1/ 212. (¬6) القائل هو حماد بن زيد انظر فتح الباري إبن حجر 11/ 524.

القصة". من طرقٍ عن عمرو بن دينار المكي عن جابر به (¬1). *أخرجه "أحمد" 3/ 355 و "مسلم"/ في كتاب الإيمان (319 و 320) من طرقٍ عن يزيد الفقير بنحوه (¬2). 61 - روى ربعي بن حراش، عن حذيفة - رضي الله عنه - ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يخرج الله قوماً متنين قد محشتهم النار بشفاعة الشافعين، فيدخلهم الجنة يسمون الجهنمين)) - إسناده صحيح. *أخرجه "أحمد"5/ 391 و 402. من طرق عن ربعي بن حراش عن حذيفة به (¬3) 62 - قال اسماعيل بن أسد حدثنا أبو بدر قال: حدثنا أبو زياد بن خيثمة عن نعيم بن أبي هند عن ربعي بن حراش عن أبي موسى الاشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((خيرت بين الشفاعة وبين ان يدخل نصف أمتي الجنة فاخترت الشفاعة لأنها أعم وأكفى أترونها للمتقين؟ لا ولكنها للمذنبين الخطائين المتلوثين)). - إسناده حسن. - * أخرجه " إبن ماجة " / (4311) بهذا الاسناد (¬4). واسماعيل بن اسد بن شاهين البغدادي: قال إبن حجر: صدوق (¬5). قلت: هو ثقة، وثقه بن أبي حاتم، والدارقطني وإبن حزيمة، وإبن حبان، وقال الذهبي: ثقة جليل، وهو شيخ أبي داود وإبن ماجة ولانعلم فيه جرحاً (¬6). ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف 2/ (2514 و 2545) والمسند الجامع 4/ (3061). (¬2) انظر تحفة الاشراف 2/ (3140) والمسند الجامع 4/ (3062 و 3063). (¬3) انظر المسند الجامع 5/ (3400). * سقط من المطبوع في رواية أحمد 5/ 391 " حماد بن سلمة "، وانظر " جامع المسانيد والسنن " 1/الورقة 266، واطراف المسند 1/الورقة 69 " نقلاً عن المسند الجامع 5/ ص 171. * سقط من رواية أحمد 5/ 402 " حذيفة " فكانت ربعي عن النبي صلى الله عليه وسلم انظر " جامع اسانيد 1/الورقة 267،واطراف المسند 1/ 69" نقلاً عن المسند الجامع 5/ ص 172. (¬4) انظر تحفة الاشراف 6/ (8989)، والمسند الجامع 11/ (8956). (¬5) التقريب (424). (¬6) وانظر التحرير 1/ 130.

وأبو بدر: هو: شجاع بن الوليد بن قيس السكوني: قال إبن حجر: صدوق ورع له اوهام (¬1)،وجاء في تحرير التقريب: ((ثقة: وثقه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، - في اكثر الروايات واصحها - وروى عنه إبن نمير، وإبن خلفون والذهبي، وقال أبو زرعة والعجلي: لاباس به، وقال أبو حاتم وحده: شيخ ليس بالمتين لايتبجح بحديثه وروى له البخاري ومسلم)) (¬2). قلت: هو حسن الحديث، حيث أن قول أبي زرعة وأبي حاتم جلي، وقال المروزي: قلت لأبي عبد الله: أبو بدر ثقة؟ قال: أرجو أن يكون صدوقاً. وقال الذهبي صدوق مشهور. (¬3) وأما رواية البخاري ومسلم عنه فأنها لاتعني توثيقه مطلقاً بل قد يرويان عن صدوق أو مقبول ولكن ينتقيان أصح رواياتهم (¬4) - والله أعلم-. 63 - قال معمر بن سليمان الرقي أبو عبد الله حدثنا زياد بن خيثمة عن علي بن النعمان بن قراد عن رجل عن إبن عمر - رضي الله عنهم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((خيرت بين الشفاعة او ان يدخل نصف امتي الجنة فاخترت الشفاعة لانهما اعم واكفى اترونها للمتقين؟ لا ولكنها للمتلوثين الخطاءون)).قال زياد: اما انها لحن ولكن هكذا حدثنا الذي حدثنا. - إسناده ضعيف. * أخرجه " أحمد" - واللفظ له - 2/ 75 بهذا الاسناد (¬5) وفي الاسناد رجل مبهم وهو التابعي. 64 - قال الحكم بن نافع حدثنا اسماعيل بن عياش، عن راشد بن داود الصنعاني، عن عبد الرحمن بن حسان، عن روح بن زنباع، عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: فقد النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة اصحابه وكانوا اذا نزلوا انزلوه اوسطهم، ففزعوا وظنوا ان الله تبارك ¬

(¬1) التقريب (2750). (¬2) التحرير 2/ 107 بتصرف يسير. (¬3) أنظر الجرح والتعديل 4/ 378، وميزان الأعتدال 2/ 264. (¬4) انظر كتابنا الشاذ والمنكر وزيادة الثقة موازنة بين المتقدمين والمتأخرين "،تمهيد الباب التطبيقي. (¬5) انظر المسندالجامع 10/ (8182).

وتعالى اختار له اصحاباً غيرهم فاذا هم بخيال النبي - صلى الله عليه وسلم - فكبروا حين رأوه وقالوا يارسول الله: اشفقنا ان يكون الله تبارك وتعالى اختار لك اصحاباً غيرنا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لابل انتم اصحأبي في الدنيا والاخرة. ان الله تبارك ايقظني فقال يامحمد: اني لم ابعث نبياً ولارسولاً الا وقد سالني مساله اعطيتها اياه، فاسال يامحمد تعط، فقلت مسالتي شفاعة لامتي يوم القيامة، فقال أبو بكر - رضي الله عنهم - وما الشفاعة؟ قال: اقول يارب شفاعتي التي اختبات عندك فيقول الرب تبارك وتعالى نعم فيخرج ربي تبارك وتعالى بقية امتي من النار فينبذهم في الجنة)). - إسناده ضعيف. * أخرجه " أحمد " 5/ 325 بهذا الاسناد (¬1). وعلة الحديث هو: اسماعيل بن عياش بن سليم الحمصي: قال البخاري: اذا حدث عن اهل بلده فصحيح، واذا حدث عن غيرهم ففيه نظر. قال إبن حبان كثير الخطأ في حديثه (¬2)، قال إبن حجر، صدوق في روايته عن اهل بلده، مخلط في غيرهم (¬3). - وراشد بن داود الصنعاني، أبو المهلب البرسمي، قال إبن حجر: صدوق له اوهام (¬4). قلت: قال البخاري: فيه نظر، وقال الدارقطني: ضعيف لايعتبر به ووثقه إبن معين وإبن حبان. والجرح مقدم، وإنما قال الدارقطني فيه هذه المقالة الشديدة لأنه سبر حديثه (¬5). فهو ضعيف لا يصلح للأعتبار به-والله أعلم -. * واورده " الهيثمي " - في المجمع - 10/ 367 وقال:" رواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد ثقات على ضعف في بعضهم ". 65 - عن إبن مسعود - رضي الله عنهم -: ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إني لأعلم آخر أهل النار ¬

(¬1) انظر المسند الجامع 8/ (5613). (¬2) انظر التأريخ الكبير 1/ 369 ترجمة (1169)، والجرح والتعديل 2/ 191وميزان الاعتدال 1/ 240. (¬3) التقريب (473). (¬4) التقريب (1853). (¬5) وللمزيد أنظر تهذيب الكمال 2/ (1810)،والتحرير 1/ 387.

خروجاً منها، واخر اهل الجنة دخولاً رجل يخرج من النار حبواً فيقول الله: اذهب فادخل الجنة، فياتيها فيخيل اليه انها ملاى، فيرجع فيقول يارب يارب وجدتها ملآى فيقول: اذهب فادخل الجنة فان لك مثل الدنيا وعشرة امثالها - او ان لك مثل عشرة امثال الدنيا - فيقول تسخر مني، او تضحك مني وانت الملك، فقلد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحك حتى بدت نواجده. وكان يقال: ذلك ادنى اهل الجنة منزلة)). *أخرجه " أحمد " 1/ 387 و 391 و 410 و 460، و " البخاري " - واللفظ له - / (6571 و 7511)، و " مسلم " في الايمان / (308 و309 و 310) و " الترمذي " / (2595)، وقال حسن صحيح، " وإبن ماجة " / (4339)، و " إبن حبان " / (7427 و 7430 و 7431 و 7475)، و " الطبراني " - في الكبير - 10 / (9775 و 10339 و 10340)، و " البغوي " / (4355 و 4356). من طرق عن عبيدة بن عمرو السلماني (¬1) عن إبن مسعود به (¬2) 66 - قال الامام أحمد: حدثنا سليمان بن داود، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد قال: اخبرني صالح بن أبي صالح مولى التوأمة، قال: اخبرني أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:- ((ليتحمدن الله يوم القيامة على اناس ماعملوا من خير قط فيخرجهم من النار بعدما احترقوا فيدخلهم الجنة برحمته بعد شفاعة من يشفع)). - إسناده ضعيف. * أخرجه " أحمد " 2/ 400 بهذا الاسناد (¬3). وعلة السند صالح بن أبي صالح مولى التوأمة (¬4) صدوق اختلط (¬5)، وسماع عبد الرحمن بن أبي الزناد منه بعد الاختلاط (¬6)، وقد تفرد. ¬

(¬1) هو المرادي، أبو عمرو الكوفي، انظر التقريب (4412)، والتحرير 2/ 425. (¬2) انظر تحفة الاشراف 7/ (9405) و 8/ (9188)، والمسند الجامع 12/ (9450 و 9451). (¬3) انظر المسند الجامع 18 / (15298). (¬4) وهناك علة اخرى وهو عبد الرحمن بن أبي الزناد فانه ضعيف معتبر. انظر ترجمته في التقريب (3861)، والتحرير 2/ 318. (¬5) التقريب (2891). (¬6) انظر التحرير 2/ 134.

67 - قال القاسم - يعني إبن الفضل - وهو الحداني: حدثنا سعيد بن المهلب: عن طلق بن حبيب قال: كنت من اشد الناس تكذيباً بالشفاعة حتى لقيت جابر بن عبد الله فقرات عليه اية ذكرها الله عز وجل في خلود اهل النار فقال: ياطلق: اتراك اقرأ لكتاب الله مني واعلم بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاتضعت له؟ فقلت لا والله انت اقرا لكتاب الله منى واعلم بسنته مني. قال فان الذي قرات: اهلها هم المشركون، ولكن قوم اصأبوا ذنوياً فعذبوا بها ثم اخرجوا. صمتا - واهوى بيديه الى اذنيه - ان لم اكن سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " يخرجون من النار "، ونحن نقرأ ما نقرأ. - إسناده ضعيف. * أخرجه " أحمد " 3/ 330، و" البخاري " في الادب المفرد - (818). من طرق عن القاسم بن الفضل الحداني (¬1) بهذا الاسناد (¬2). وعلة الحديث هو: سعيد بن المهلب: مقبول (¬3). وقد انفرد ولم يتابع. 68 - قال عبد القاهر بن السري السلمي: حدثنا عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس السلمي: ان اباه اخبره عن أبيه ان النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا لامته عشية عرفة بالمغفرة فاجيب: اني قد غفرت لهم ماخلا الظالم، فاني آخذ للمظلوم منه قال: أي رب ان شئت اعطيت المظلوم من الجنة وغفرت للظالم ". فلم يجب عشيته فلما اصبح بالمزدلفة اعاد الدعاء فاجيب الى ماسأل: قال: فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - او قال: تبسم- فقال له أبو بكر وعمر بأبي انت وامي، ان هذه الساعة ما كنت تضحك فيها فما الذي اضحكك؟ اضحك الله سنك! قال: ((إن عدو الله ابليس لما علم ان الله - عز وجل - قد استجاب دعائي وغفر لامتي اخذ التراب فجعل بحثوه على راسه ويدعو بالويل والثبور فاضحكني مارايت من جزعه)). - إسناده ضعيف. * أخرجه " أبو داود " / (5234)، و " إبن ماجه " - واللفظ له- / (3013)، ¬

(¬1) انظر ترجمته في التقريب (5482). (¬2) انظر المسند الجامع 4/ (3065). (¬3) التقريب (2401).

و " عبد الله بن أحمد " 4/ 14. من طرق عن عبد القاهر بن السري بهذا الاسناد (¬1). وعلة الحديث: عبد الله بن كنانة: فهو مجهول (¬2) ولم يتابع. 69 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -: ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة اتِ محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة)). * أخرجه " البخاري " - واللفظ له - / (614و4719)، و" أبو داود " / (529)، و " الترمذي " / (211)، وقال عنه: صحيح حسن غريب من حديث محمد بن المنكدر لانعلم احداً رواه غير شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدر، والنسائي " 2/ 26 - 27 - وفي الكبرى - (1644)، - وفي عمل اليوم والليله / (46)، و" إبن ماجه " / (722)، و " إبن خزيمه " - في صحيحه (420) و " إبن حبان " / (1689)، و " البيهقي " 1/ 410، و " البغوي " / (420). من طرقٍ عن محمد بن المنكدر التيمي (¬3) عن جابر به (¬4). 70 - روى كعب بن علقمة: عن عبد الرحمن بن جبير: عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - انه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:- " اذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل مايقول، ثم صلوا علي، فانه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة فانها منزلة في الجنة لاتنبغي الا لعبد من عباد الله وارجو ان اكون انا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة " * أخرجه " أحمد " 2/ 168، و"عبد بن حميد " / (354)، و " إبن خزيمة" / (418) و " مسلم " - واللفظ له - في الصلاة/ (11)، و " أبو داود " / (523)، و " الترمذي " / (3614)، و " النسائي " 2/ 25، وفي الكبرى - / (1642)، و " إبن حبان " / (1690، 1691، 1692)، و " البيهقي " 1/ 409 و 410 و " البغوي / (421). من طرقٍ عن كعب بن علقمة المصري (¬5) بهذا الاسناد (¬6) ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف 4/ (5140)، والمسند الجامع 8/ (5638). (¬2) التقريب (3556). (¬3) انظر التقريب (6327). (¬4) انظر تحفة الاشراف / (3046)، والمسند الجامع 3/ (2258). (¬5) هو التنوخي، انظر التقريب (5644)، والتحرير 3/ 197. (¬6) انظر تحفة الاشراف 6/ (8871)، والمسند الجامع 11/ (8363).

71 - قال موسى بن يعقوب الزمعي حدثنا عبد الله بن كيسان عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:- ((اولى الناس بي يوم القيامة اكثرهم عليّ صلاة)). - إسناده ضعيف. * أخرجه " الترمذي " - واللفظ له / (484)، وقال حسن غريب، و " إبن حبان " (¬1) / (911) و " البغوي " / (686). من طرق عن موسى بن يعقوب الزمعي بهذا الاسناد (¬2). وعلة الحديث: عبد الله بن كيسان الزهري، قال إبن حجر مقبول (¬3). قلت: هو مجهول لم يرو عنه الأ راو واحد " الزمعي"، قال إبن القطان: لا يعرف حاله (¬4)، وليس له في الكتب الستة الا هذا الحديث (¬5). 72 - قال محمد بن الحسن بن مكوم حدثنا سريج بن يونس، قال حدثنا مروان بن معاوية، قال حدثنا أبو مالك الاشجعي، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:- " يقول ابراهيم يوم القيامة: يارباه فيقول الرب جلا وعلا: يالبيكاه فيقول ابراهيم: يارب حرقت بنيَ فيقول: اخرجوا من النار من كان في قلبه ذرة او شعيرة من ايمان ". - إسناده صحيح (¬6). * أخرجه " إبن حبان " / (7378) بهذا الاسناد. 73 - عن ربيعة بن كعب الاسلمي: قال: كنت أبيت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاتيته بوضوئه وحاجته فقال لي (("سل" فقلت: اسالك مرافقتك في الجنة. قال " او غير ذلك؟ " ¬

(¬1) زاد إبن حبان في سنده رجلاً فقال " عن عبد الله بن شداد عن أبيه ... " .. (¬2) انظر المسند الجامع 12/ (9360). (¬3) انظر التقريب (3559). (¬4) أنظر الجرح والتعديل 5/ 143 وميزان الاعتدال 2/ 474، والتهذيب 5/ 372. (¬5) أنظر التحرير 2/ 257. (¬6) قال الشيخ شعيب الارنؤوط محقق " الاحسان ": إسناده صحيح على شرط الشيخين، انظر الاحسان 16/ 384.

قلت هو ذاك. قال: " فاعني على نفسك بكثرة السجود ")). * أخرجه " مسلم " - واللفظ له - في الصلاة / (226)، و" أبو داود " / (1320)، و " النسائي " 2/ 227، و - في الكبرى - تحفة الاشراف - 3/ (3603)، و" الطبراني " - في الكبير 5/ (4570)، و" البيهقي " 2/ 486، و " البغوي " / (655).من طرقٍ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف (¬1) عن ربيعة به (¬2) * وأخرجه " أحمد " 4/ 59 من طريق نعيم بن محمد عن ربيعة بنحوه (¬3). 74 - قال مسعود: حدثنا جعفر بن سليمان، عن المعلي بن زياد القردوسي، عن أبي غالب عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صنفان من امتي لن تنالهما شفاعتي: امام ظلوم وكل غالٍ مارق)). - إسناده ضعيف. * أخرجه " الطبراني " - في الكبير - 8/ (8079). من طرقٍ عن مسدد بهذا الاسناد. وعلة الحديث: أبو غالب، وهو بصري، قيل اسمه حزور، وقيل سعيد بن الحزور وقيل نافع، قال إبن حجر: صدوق يخطئ (¬4).،أي أنه: ضعيف يعتبر به. قلت: انفرد أبو غالب ولم يتابع (¬5). * اورده " الهيثمي " - في المجمع - 5/ 235 " وقال رجاله ثقات ".! 75 - قال محمد بن بشر العبدي: حدثنا عبد الله بن الاسود، عن حصين بن عمر الاحمسي، عن مخارق بن عبد الله بن جابر الاحمسي، عن طارق بن شهاب، عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: - ¬

(¬1) هو الزهري، المدني، انظر التقريب (8142). (¬2) انظر تحفة الاشراف 3/ (3603)، والمسند الجامع 5/ (3723). (¬3) انظر المسند الجامع 5/ (3722). * جاء لفظ الامام أحمد:" ..... قال حاجتي ان تشفع لي يوم القيامة، قال ومن دلك على ذلك؟ قال: ربي ..... ". (¬4) التقريب / (8298). (¬5) وقد صححه الشيخ الالباني في السلسلة الصحيحة (رقم 471) ويبدو انه صححه على منهجه في التصحيح الشاهد. وشاهده هو ايضاً ضعيف أخرجه " الطبراني " - في الكبير - 20 / (496).

((من غش العرب لم يدخل في شفاعتي ولم تنله مودتي)). - إسناده ضعيف. * أخرجه " أحمد " 1/ 72، و " الترمذي " / (3928)، وقال غريب لانعرفه الا من حديث حصين بن عمر الاحمسي عن مخارق، وليس حصين عند عند اهل الحديث بذاك القوي. من طرقٍ عن محمد بن بشر العبدي بهذا الاسناد (¬1) وعلة الحديث: هو حصين بن عمر، - كما قال الترمذي-، قال إبن حجر فيه: متروك (¬2). 76 - عن خالد بن معدان، عن المقدام بن معد يكرب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:- ((للشهيد عند الله ست خصال، يغفر له في اول دفعة، ويرى مقعده من الجنة ويجار من عذاب القبر ويامن من الفزع الاكبر، ويوضع على راسه تاج الوقار، الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين من اقاربه)). - إسناده صحيح. * أخرجه " عبد الرزاق " / (9559)، و " أحمد " 4/ 131، و " الترمذي " - واللفظ له - / (1663)، وقال: صحيح غربي و " إبن ماجه " / (2799)، و" الطبراني " - في الكبير - 20/ (629). من طرق عن خالد بن معدان الكلاعي، الحمصي عن المقدام به (¬3). وخالد بن معدان: قال إبن حجر: ثقة عابد يرسل كثيراً (¬4). وقد لقي خالد المقدام (¬5) فتنتفي عنه شبه التدليس هنا. ¬

(¬1) انظر تحفه الاشراف 7/ (9812)، والمسند الجامع 12/ (9740). (¬2) التقريب / (1378)، وانظر التحرير 1/ 298. (¬3) انظر تحفة الاشراف 8/ (11556)، والمسند الجامع 15/ (11818). (¬4) التقريب (1678). (¬5) انظر الجرح والتعديل 3/ 350. * قول الترمذي هذا ثبتناه من تحفة الاشراف. والمثبت في طبعة بيروت " حسن صحيح غريب " وهو خطأ.

77 - قال زيد بن يحيى الدمشقي: حدثنا إبن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن كثير بن مرة، عن قيس الجذامي " رجل كانت له صحبة " قال: قال النبي (- صلى الله عليه وسلم -): - ((يعطي الشهيد ست خصال عند اول قطرة من دمه: يكفر عنه كل خطيئة، ويرى مقعده من الجنة، ويزوج من الحور العين، ويؤمن من الفزع الاكبر، ومن عذاب القبر، ويحلى حلة الايمان)). - إسناده حسن. * أخرجه " أحمد " 4/ 200 بهذا الاسناد (¬1) ورجال السند ثقات خلا إبن ثوبان: وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان العنسي، الدمشقي: قال ابن حجر: صدوق يخطئ، ورمي بالقدر تغير باخرة (¬2). قلت: هو صدوق فقد وثقه أبو حاتم وغيره، وكره إبن حبان في " الثقات "، وقال الذهبي صالح الحديث (¬3). اما قوله اختلط: فانه لم يحدث بعد اختلاطه (¬4). وأما كون مكحول الدمشقي يرسل كثيراً (¬5)، فانه لم يرسل عن كثير بن مرة. ولما انفرد إبن ثوبان ولم يتابع فيبقى الاسناد حسناً. 78 - قال يحيى بن حسان: حدثنا الوليد بن رباح (¬6) الذماري، قال حدثني عمي نمران بن عتبة الذماري، قال: دخلنا على ام الدرداء ونحن ايتام فقالت: ابشروا فاني سمعت ابا الدرداء يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يشفع الشهيد في سبعين من اهل بيته)). - إسناده ضعيف. * أخرجه " أبو داود " - واللفظ له - / (2522)، و" إبن حبان "/ (4660)، ¬

(¬1) انظر المسند الجامع 14 / (11223). (¬2) التقريب (3820). (¬3) انظر الجرح والتعديل 5/ 219، وتهذيب الكمال 17/ 12، وميزان الاعتدال 2/ 551. (¬4) أنظر التحرير 2/ 309 و 310. (¬5) التقريب (6875). (¬6) قال " أبو داود " في الوليد بن رباح: صوابه رباح بن الوليد ..

و" البيهقي " 9/ 164. من طرق عن يحيى بن حسان التنبسي بهذا الاسناد (¬1). وعلة الحديث هو نمران بن عتبة الذماري: قال إبن حجر: مقبول. (¬2) قلت: قال الذهبي: لايدرى من هو (¬3). فهو مجهول لم يرو عنه الا راوٍ واحد فقط. ولما إنفرد نمران ولم يتابع فيبقى الإسناد ضعيفاً. (¬4) 79 - روى عنبسة بن عبد الرحمن، عن علاق بن أبي مسلم (¬5)، عن ابان بن عثمان، عن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -): ((يشفع يوم القيامة ثلاث: الانبياء ثم العلماء ثم الشهداء (¬6)). - إسناده موضوع. * أخرجه " إبن ماجه " - واللفظ له - / (4313)، و " البزار " / (3470)، من طرقٍ عن عنبسة بهذا الاسناد (¬7). وعلة الحديث: هو عنبسة بن عبد الرحمن بن عنبسة بن سعيد الأموي. قال بن حجر: متروك، رماه أبو حاتم بالوضع (¬8). 80 - روى: ابو قلابة عن عبد الله بن يزيد "رضيع أم المؤمنين عائشة" عن عائشة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:- ((لايموت احد من المسلمين فيصلي عليه أمة من المسلمين يبلغوا ان يكونوا مائة فما فوقها فيشفعوا له إلا شفعوا فيه)). * أخرجه "الطيالسي"/ (1526)، و"الحميدي"/ (222)، و"أحمد" 6/ 32و40و97و231، "ومسلم" -واللفظ له-/في الجنائز (58)، "والترمذي"/ (1029)، وقال حسن صحيح، "والنسائي" 4/ 75و76، -وفي الكبرى-/ (2118و2119)، "وابو يعلى"/ ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف 8/ (10999)، والمسند الجامع 14/ (11061)،وعزاه ابن حجر في التهذيب 3/ 204 إلى الطبراني في الكبير، ولكنه في المفقود. (¬2) التقريب / (7188). (¬3) ميزان الإعتدال 4/ 273. (¬4) وقد صححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (8093). (¬5) قال البزار:"ورأيته في موضع آخرعن عبد الله بن علاق". (¬6) وهو عند البزار بلفظ" المؤذنون بدلاً من العلماء". (¬7) انظر تحفة الاشراف 7/ (9781)، والمسند الجامع 12/ (9745). (¬8) انظر الجرح والتعديل 6/ 402،والتقريب (5206).

(4398) و"إبن حبان"/ (3081)، "والبيهقي" 4/ 30، "والبغوي"/ (1504). من طرق عن أبي قلابة بهذا الاسناد (¬1). 81 - قال عبد الله بن المبارك، اخبرنا سلام بن أبي مطيع عن شعيب بن الحبحاب، قال حدثني انس إبن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه)). * أخرجه "أحمد"3/ 266، و"مسلم" -واللفظ له- في الجنائز / (58)، و"النسائي" 4/ 75، -وفي الكبرى-/ (2118). من طرق عن عبد الله بن المبارك بهذا الاسناد (¬2). 82 - روت أم الدرداء عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:- ((إن اللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة)). * أخرجه "أحمد" 6/ 448، و"عبد بن حميد" / (203)، و"البخاري" -في الادب المفرد- (316)، و"مسلم" -واللفظ له- في البروالصلة/ (85و86)، و"ابو داود"/ (4907). من طرق عن ام الدرداء عن أبي الدرداء به (¬3). 83 - قال علي بن الشماخ: شهدت مروان قال: سئل ابو هريرة - رضي الله عنه - كيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يصلي على الجنازة فقال: ((أللهم أنت ربها وأنت خلقتها، وأنت هديتها للاسلام، وأنت اعلم بسرها وعلانيتها جئنا شفعاء فاغفر لها)). -إسناده ضعيف. * أخرجه "أحمد" 2/ 363و458، و"ابو داود"/ (3200)، و"النسائي" -عمل اليوم والليلة- (1176و1177و1178). من طرق عن علي بن شماخ به (¬4). * وأخرجه "عبد بن حميد"/ (1450)، و"النسائي" -عمل اليوم والليلة-/ (1076) من طرق عن الجلاس انه قال: سأل مروان ابا هريرة بنحوه (¬5). * وأخرجه "أحمد"2/ 256، و"النسائي" -في عمل اليوم الليلة- / (1077)، من ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف 11/ (16291)، والمسند الجامع19/ (1688). (¬2) انظر تحفة الاشراف 1/ (918)، والمسند الجامع 1/ (588). (¬3) انظر تحفة الاشراف 8/ (10980و10983)، والمسند الجامع14/ (11021). (¬4) انظر تحفة الاشراف 10/ (14261)، والمسند الجامع17/ (13245). (¬5) مصدر سابق.

طرق عن الجلاس عن عثمان بن شماس: قال سمعت ابا هريرة بنحوه (¬1). * وأخرجه "أحمد" 2/ 345، عن عثمان بن الشماخ بالسند اعلاه (¬2). * قال ابو داود عقب الحديث: اخطأ شعبه في اسم "علي بن شماخ" قال فيه "عثمان إبن شماس" قلت: فالاضطراب واضح في سند الحديث. 84 - عن أبي امامة - رضي الله عنه -: انه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ليدخلن الجنة بشفاعة رجل ليس بنبي مثل الحيين ربيعة ومضر انما اقول ما اقول)). -إسناده صحيح. * أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 5/ 257و261و276، و"الطبراني" -في الكبير- 8/ (7638). من طرق عن عبد الرحمن بن ميسرة عن أبي امامة به (¬3). وعبد الرحمن بن ميسرة: هو الحضومي، ابو سلمة الحمصي: قال عنه إبن حجر: مقبول (¬4). والصحيح هو انه: ثقة، حيث "وثقه العجلي وذكره إبن حبان في "الثقات" وهو من شيوخ حريز بن عثمان الرحبي، وقد قال ابو داود: شيوخ حريز كلهم ثقات: وقال إبن المديني وحده: "مجهول، لم يرو عنه غير حريز بن عثمان" وقوله هذا مدفوع برواية اثنين اخرين عنه مع حريز" (¬5). * وقد ذكره "الهيثمي" -في المجمع- 10/ 381 وقال "رواه أحمد والطبراني باسانيد ورجال أحمد واحد اسانيد الطبراني رجالهم رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن ميسرة وهو ثقة". * وأخرجه "الطبراني" -في الكبير- 8/ (7919)، من طريق القاسم بن عبد الرحمن بن يزيد الشامي (¬6) عن أبي امامه بنحوه. ¬

(¬1) مصدر سابق. (¬2) مصدر سابق. (¬3) انظر المسند الجامع 15/ (5370). (¬4) التقريب (4022). (¬5) انظر الجرح والتعديل 5/ 285،والتحرير 2/ 351. (¬6) قال إبن حجر: صدوق يغرب كثيراً. انظر التقريب (5470)، وجاء في التحرير 3/ 171:بل ثقة: وثقة البخاري وإبن معين ويعقوب بن سفيان .... ".

* وأخرجه "الطبراني" -في الكبير- 8/ (8058و8059)، من طريق أبي غالب (¬1) عن أبي امامة بنحوه. * ذكره "الهيثمي" -في المجمع- 10/ 382 وقال "رجاله رجال الصحيح غير أبي غالب وقد وثقه غير واحد وفيه ضعف". 85 - روى خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق عن عبد الله بن أبي الجدعاء انه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي اكثر من بني تميم فقالوا: يا رسول الله سواك؟ قال: سواي)). قلت: أنت سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: انا سمعته. -إسناده صحيح. * أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 3/ 469و470، و5/ 366، و"الترمذي" / (2438)، وقال حسن صحيح غريب. و"إبن ماجه"/ (4316)، و"إبن حبان"/ (7376)، و"الحاكم" 1/ 70و71. من طرق عن خالد إبن مهران الحذاء (¬2) بهذا الاسناد (¬3). قال إبن حجر في ترجمة خالد بن مهران الحذاء: ثقة يرسل (¬4)، و"قال الذهبي": ((ما خالد في الثبت بدون عروة وامثاله (¬5)). 86 - روى: ابو هشام الرفاعي، عن عمر بن يزيد الكوفي قال حدثنا علي بن هلال، عن جسر: أبي جعفر، عن الحسن البصري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يشفع عثمان بن عفان يوم القيامة في مثل ربيعة ومضر)). ¬

(¬1) قال إبن حجر في التقريب (7298): "صدوق يخطىء". (¬2) في رواية شعبة عن خالد الحذاء (رجل من اصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقال له ابن ابي الجعد)). وهذا وهم، وانما الصحيح ابن ابي الجدعاء. انظر المسند الجامع 18/ص214. (¬3) انظر تحفة الاشراف 4/ (5212)، والمسند الجامع 8/ (5737). (¬4) التقريب (1680)، وانظر التحرير 1/ 353. (¬5) ميزان الاعتدال 1/ 642 * في رواية شعبة عن خالد الحذاء ((رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له إبن أبي الجعد)) وهذا وهم. انما الصحيح إبن أبي الجدعاء انظر ((جامع المسانيد والسنن 3/الورثة 26)) نقلاً عن المسند الجامع 18/صفحة 214.

-إسناده ضعيف. * أخرجه "الترمذي"/ (2439) بهذا الاسناد. وهو مرسل والمرسل من اقسام الضعيف. ثم إن جسر أبي جعفر لم اجد له ترجمة (¬1). 87 - قال داود إبن أبي هند حدثنا عبد الله بن قيس قال: كنت عند أبي بردة ذات ليلة فدخل علينا الحارث ليلتئذٍ: ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن من أمتي من يدخل الجنة بشفاعة اكثر من مضر، وان من أمتي من يعظم للنار حتى يكون احد زواياها)). -إسناده ضعيف. * أخرجه "عبد بن حميد"/ (443)، و"إبن ماجة"-واللفظ له-/ (4323)، و"عبد الله بن أحمد" 5/ 312، و"الحاكم" 1/ 71و5/ 593. من طرق عن داود بن أبي هند بهذا الاسناد (¬2). وعلة الحديث هو: عبد الله بن قيس النخفي، الكوفي: قال إبن حجر: مجهول (¬3)، وقد انفرد ولم يتابع. 88 - قال ابو بكر الطلحي حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال حدثنا اسماعيل بن أبي الحكم قال حدثنا يحيى إبن يمان عن سفيان الثوري عن ادم بن علي عن إبن عمر: قال: يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يقال للرجل يوم القيامة، قم فاشفع فيشفع لقبيلته، فيقال للآخر: قم فاشفع فيشفع لاهل البيت، فيقال للآخر: قم فاشفع فيشفع للرجل وللرجلين على قدر عمله)). -إسناده ضعيف. * أخرجه "ابو نعيم"7/ 105 بهذا الاسناد. وعلة الحديث: يحيى بن يمان العجلي، الكوفي، قال إبن حجر: صدوق عابد يخطيء كثيراً وقد تغير (¬4). ¬

(¬1) وانظر تحفة الاحوذي، المباركفوري 7/ 132. (¬2) انظر تحفة الاشراف 3/ (3273). والمسند الجامع 5/ (3215). (¬3) التقريب (3546)، والتحرير 2/ 255. (¬4) التقريب (7679).

قلت: حديثه ضعيف عند التفرد (¬1) وقد انفرد يحيى ولم يتابع. 89 - روى وكيع عن الاعمش عن يزيد الرقاشي عن انس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يصف الناس يوم القيامة صفوفاً، فيمر الرجل من أهل النار على رجل فيقول: يا فلان، اما تذكر يوم استسقيت فسقيتك شربه؟ قال: فيشفع له، ويمر الرجل فيقول: أما تذكر يوم ناولتك طهوراً؟ فيشفع له" قال إبن نمير: "ويقول: يا فلان، اما تذكر يوم بعثتني في حاجة كذا وكذا فذهبت لك؟ فيشفع له". -إسناده ضعيف. *أخرجه "إبن ماجة"/ (3685)، بهذا الاسناد (¬2). وعله الحديث هو: يزيد بن ابّان الرقاشي: ضعيف (¬3). وقد انفرد يزيد ولم يتابع. 90 - روى: عبد الله بن بريدة عن أبي الاسود قال: "قدمت المدينة -وقد وقع بها مرض- فجلست إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فمرت بهم جنازة فأثني على صاحبها خيراً. فقال عمر - رضي الله عنه -: وجبت. ثم مر بأخرى فاثني على صاحبها خيراً، فقال عمر - رضي الله عنه -: وجبت، ثم مر بالثالثة: فاثني على صاحبها شراً، فقال: وجبت، فقال ابو الاسود فقلت: وما وجبت يا امير المؤمنين؟ قال:- قلت كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أيما مسلم شهد له اربعة بخير ادخله الله الجنة. فقلنا: وثلاثة؟ قال: وثلاثة فقلنا: واثنان؟ قال: واثنان. ثم لم نسأله عن الواحد)). * أخرجه "الطيالسي"/ (5)، و"أحمد" 1/ 21و30و45و54، و"البخاري" -واللفظ له-/ (1368و2643)، و"الترمذي"/ (1059)، وقال حسن صحيح و"النسائي"4/ 50، و"إبن حبان"/ (3028)، و"البهيقي" 4/ 75، و"البغوي"/ (1506). من طرق عن عبد الله بن بريده الاسلمي (¬4) بهذا الاسناد (¬5). ¬

(¬1) أنظر الجرح والتعديل 9/ 199، وانظر ميزان الاعتدال 4/ 216. (¬2) انظر تحفة الاشراف 1/ (1687)، والمسند الجامع 3/ (1640). (¬3) التقريب (7683)، والتحرير 4/ 106. (¬4) انظر ترجمته في التقريب (3227)، والتحرير 2/ 194. (¬5) انظر تحفة الاشراف 8/ (10472)، والمسند الجامع 13/ (10487). ورواية أحمد 1/ 54 جاءت وقد اسقطت ابا الاسود، فقال: عبد الله بن بريدة، جلس عمر - رضي الله عنه -.

91 - روى شريك بن عبد الله بن أبي نمر: عن كريب مولى إبن عباس، عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - انه مات إبن له بقديد (¬1) أو بعسفان (¬2) فقال: يا كريب، انظر ما اجتمع له من الناس. قال: فخرجت: فاذا ناس قد اجتمعوا له فاخبرته، قال: تقول هم اربعون؟ قال: نعم، قال: اخرجوه فاني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته اربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه)). * أخرجه "أحمد" 1/ 277 و"مسلم" -واللفظ له- الجنائز / (59)، و"ابو داود"/ (3170)، و"إبن ماجة"/ (1489)، و"إبن حبان"/ (3082)، و"الطبراني" -في الكبير- 11/ (12158)، و"البهيقي" 4/ 30، و"البغوي"/ (1505). ... من طرق عن شريك بن عبد الله بهذا الاسناد (¬3). 92 - عن انس بن مالك - رضي الله عنه - يقول: ((مرّوا بجنازة فاثنوا عليها خيراً، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -)) وجبت" ثم مروا بأخرى فاثنوا عليها شراً فقال: "وجبت". فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ما وجبت؟ قال: ((هذا اثنيتم عليه خيراً فوجبت له الجنة، وهذا اثنيتم عليه شراً فوجبت له النار. أنتم شهداء الله في الأرض)). * أخرجه "الطيالسي" / (2062)، و"أحمد" 3/ 281 و286، و"البخاري" -واللفظ له-/ (1367)، و"مسلم" في الجنائز/ (60)، و"النسائي" 4/ 49، و"إبن حبان"/ (3023و3027)، و"البغوي"/ (1507). من طرق عن عبد العزيز بن صهيب (¬4)، عن انس به (¬5). *وأخرجه "أحمد" 3/ 186و197و211و245، و"عبد بن حميد"/ (1357و1382)، و"البخاري"/ (2642)، و"مسلم"/في الجنائز (60)، و"إبن ماجة"/ (1491)، و"البهيقي" 4/ 75و10/ 209، و"أبو نعيم" -في الحلية 6/ 291، و"البغوي"/ (1508). من طرق عن ¬

(¬1) موضع قرب مكة. أنظر معجم البلدان، ياقوت الحموي 4/ 313. (¬2) موضع بين المدينة ومكة، أنظر معجم البلدان 4/ 122. (¬3) انظر تحفة الاشراف 5/ (6354)، والمسند الجامع 8/ (6170). وقد سقط "شريك" في المطبوع من سنن إبن ماجه -وهو وهم- انظر تحفة الاشراف 5/ (6354)، والمسند الجامع 8/ هامش ص532. وانظر ترجمته في التقريب (2788). (¬4) هو البناني، البصري، انظر التقريب (4102). (¬5) انظر تحفة الاشراف 1/ (1004و1027)، والمسند الجامع 1/ (590).

ثابت عن انس بنحوه (¬1) * وأخرجه "أحمد" 3/ 179، و"الترمذي"/ (158)، وقال حسن، صحيح. من طرق عن حميد الطويل عن انس بنحوه (¬2). 93 - قال مؤمل حدثنا ثابت عن انس بن مالك - رضي الله عنه -: ان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من مسلم يموت فيشهد له اربعة أهل أبيات من جيرانه الادنيين، إلا قال الله تبارك وتعالى: قد قبلت علمكم فيه، وغفرت له ما لا تعلمون)). - إسناده حسن. * أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 2/ 242، و"إبن حبان"/ (3026)، و"الحاكم" 1/ 378. من طريق ثابت البناني عن انس به (¬3). وهذا الطريق فيه مؤمل بن اسماعيل البصري: قال إبن حجر صدوق سيء الحفظ (¬4). فهوضعيف يعتبر به. *وأخرجه "الخطيب" -في تاريخ بغداد- 7/ 455 - 456 من طريق حميد الطويل عن انس بنحوه. وهذا الطريق فيه بقية بن الوليد بن صائد بن كعب الكلاعي: قال إبن حجر: صدوق كثير التديس عن الضعفاء (¬5). قلت: بل هو ضعيف معتبر حيث خرج له الإمام مسلم في المتابعات (¬6). * اورده "الهيثمي" - في المجمع - 3/ 4 وقال "رجاله رجال الصحيح". 94 - قال محمد بن عبيد حدثنا حماد عن محمد بن اسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد اليزني عن مالك بن هبيرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من مسلم يموت، فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب)). ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف 1/ (270و294)، والمسند الجامع 1/ (591). (¬2) انظر تحفة الاشراف 1/ (812)، والمسند الجامع 1/ (592). (¬3) انظر المسند الجامع 1 (589). (¬4) التقريب (7029). (¬5) التقريب (734). (¬6) وهو برقم (1429).

-إسناده ضعيف. * أخرجه "أحمد" 4/ 79، و"ابو داود" -واللفظ له-/ (3166) و"الترمذي"/ (1028)، وقال: حسن، و"الحاكم" 1/ 362. من طرق عن محمد بن اسحاق بن يسار بهذا الاسناد (¬1). وعلة الحديث: محمد بن اسحاق بن يسار المدني، امام المغازي فانه ثقة مدلس (¬2). وقد عنهن هنا ولم يتابع. * قال الترمذي عقب الحديث "حديث مالك بن هبيرة حديث حسن، هكذا رواه غير واحد عن محمد بن اسحاق هذا الحديث. وادخل بين مرثد ومالك بن هبيرة رجلاً ورواية هؤلاء اصح عندنا"، قال إبن حجر في النكت الظراف بهامش تحفة الاشراف (8/ 349): "قيل ان الرجل الذي ادخل بينهما "الحادث بن مخلد الزرقي" *. 95 - قال الحكم بن فروخ قال: صلى بنا ابو المليح على جنازة فظننا انه قد كبّر فاقبل علينا بوجهه فقال: اقيموا صفوفكم ولتحسن شفاعتكم، قال ابو المليح: حدثني عبد الله هو إبن سليط (¬3) عن احدى امهات المؤمنين وهي ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من ميت يصلي عليه أمة من الناس إلا شفعوا فيه". فسألت ابا المليح عن الامة فقال:- اربعون. -إسناده ضعيف. * أخرجه "أحمد" 6/ 331و334، و"النسائي" -واللفظ له- 4/ 76 و"الطبراني" -في الكبير- 23/ (1060) و24/ (39و42). من طرق عن الحكم بن فروخ "أبي بكار" الغزال بهذا الاسناد (¬4). ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف 8/ (11208)، والمسند الجامع 15/ (11332). (¬2) جاء في التقريب (5725): صدوق يدلس، وفي التحرير 3/ 212 ثقة مدلس. * الحديث ضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع الصغير (5668). (¬3) جاء في رواية أحمد بن حنبل: "عبد الله إبن سليل". وقال إبن حجر: "وقد أخرجه أحمد فقال في رواية له: عبد الله إبن سليل" وكذا ذكر البخاري الاختلاف في أبيه والراجح "السليط". أنظر التهذيب 5/ترجمة (422) والمسند الجامع 20/ص527. (¬4) انظر تحفة الاشراف 12/ (18009)، والمسند الجامع20/ (17449).

وعلة الحديث هو عبد الله بن سليط المدني، اخو ميمونة من الرضاعة قال إبن حجر: مقبول (¬1)، وجاء في التحرير ((بل مجهول، تفرد بالرواية عنه ابو المليح بن اسامة الهذلي، ولم يوثقه سوى إبن حبان ... )) (¬2). وقد انفرد إبن سليط ولم يتابع. 96 - عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر)). -إسناده حسن. * أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 2/ 169، و"الترمذي"/ (1074) وقال: غريب ليس إسناده بمتصل ... لا نعرف لربيعة بن سيف سماعا من عبد الله بن عمرو". من طريق ربيعة بن سيف عن عبد الله بن عمرو (¬3) به (¬4). * وأخرجه "المزي" -في تحفة الاشراف- 6/ (8625)، من طرق عن عياض بن عقبة الفهري عن عبد الله بن عمرو بنحوه. * وأخرجه "إبن حجر العسقلاني" -في النكت الظرف- 6/ 288، من طريق أبي قبيل عن عبد الله بن عمرو بنحوه. 97 - روى عامر بن يحيى عن أبي عبد الرحمن المعافري ثم الحبلي قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ان الله يستخلص رجلاً من أمتي على رُءُوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً، كل سجل مد البصر ثم يقول له أتنكر من هذا شيئاً؟ أظلمتك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: أفلك عذر أو حسنة؟ فيبهت الرجل فيقول: لا يا رب. فيقول: بلى. إن لك عندنا حسنة واحدة لا ظلم اليوم عليك فتخرج له بطاقة فيها: اشهد ألا اله إلا الله وان محمدا عبده رسوله. فيقول: احضروه فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقال: انك لا تظلم قال: فتوضع السجلات في كفة (¬5) قال: فطاشت السجلات، وثقلت البطاقة ولا يثقل مع اسم الله شيء)). ¬

(¬1) التقريب (3367) وانظر الجرح والتعديل 5/ 76، والخلاصة (200). (¬2) التحرير 2/ 217. (¬3) صدوق له مناكير، التقريب (1096)، وانظر التحرير 1/ 396، ولكنه توبع. (¬4) انظر تحفة الاشراف 6/ (8625)، والمسند الجامع 11/ (8394). (¬5) * وجاء في رواية الترمذي " ... والبطاقة في كفه .. ".

-إسناده صحيح. * أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 2/ 213و222، و"الترمذي"/ (2639)، و"إبن ماجة"/ (4300)، و"إبن حبان"/ (226)، و"الحاكم" 1/ 529، و"البغوي"/ (4321). من طرق عن عامر بن يحيى المعافري (¬1) بهذا الاسناد (¬2). 98 - عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يدخل النار احد في قلبه حبة خردل من إيمان. ولا يدخل الجنة احد في قلبه حبة خردل من كبرياء)). * أخرجه "أحمد" 1/ 412و416و451، و"مسلم" -واللفظ له- في الإيمان/ (148)، و"ابو داود"/ (4091)، و"الترمذي"/ (1998و1999)، و"إبن ماجة"/ (59و4173)، و"إبن خزيمة" -في التوحيد- ص384، و"إبن حبان"/ (224و5466)، و"الطبراني" -في الكبير- 10/ (10000و 10001)، و"البغوي"/ (3587). من طرق عن علقمة بن قيس النخعي (¬3)، عن إبن مسعود به (¬4). * وأخرجه "أحمد" 1/ 399، و"الطبراني" -في الكبير-1/ (1033)، والحاكم 1/ 26. من طرق عن يحيى بن جعدة (¬5) عن إبن مسعود بنحوه (¬6). * وأخرجه "الطبراني" -في الكبير- 10/ (10066). من طريق أبي وائل (¬7) عن إبن مسعود بنحوه. 99 - عن محمود بن الربيع عن عتبان بن مالك: قال: قدمت المدينة فلقيت عتبان، فقلت: حديث بلغني عنك، قال: اصإبني في بصري بعض الشيء فبعثت إلى رسول ¬

(¬1) انظر ترجمته في التقريب (3112). (¬2) انظر تحفة الاشراف 6/ (8855). والمسند الجامع 11/ (8324). (¬3) انظر ترجمته في التقريب (7520)، والتحرير 4/ 80. (¬4) انظر تحفة الاشراف 7/ (9421و9444)، والمسند الجامع 12/ (9190). (¬5) المخزومي، انظر التقريب (7520)، والتحرير 4/ 80. (¬6) انظر المسند الجامع 12/ (9192). (¬7) 5 انظر تحفة الاشراف7/ (9750)، والمسند الجامع12/ (9608).

الله - صلى الله عليه وسلم -، اني احب ان تاتيني فتصلي في منزلي فأتخذه مصلى قال: فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن شاء الله من اصحابه فدخل وهو يصلي في منزلي واصحابه يتحدثون بينهم ثم اسندوا عظم ذلك وكبره إلى مالك بن دخشم، قالوا: ودوا انه دعا عليه فهلك، ودوا انه اصابه شر فقضى رسول الله الصلاة وقال: "اليس يشهد ان لا اله إلا الله، واني رسول الله"؟ قالوا: انه يقول ذلك، ما هو قلبه في قلبه. قال: "لا يشهد احد ان لا اله إلا الله، واني رسول الله فيدخل النار أو تطعمه" قال انس: فاعجبني هذا الحديث فقلت لإبني اكتبه فكتبه. * أخرجه "مالك"/ (124)،و"عبد الرزاق"/ (1929)، و"الطيالسي"/ (1241)، و"أحمد" 4/ 43و44 وفي5/ 449و450 و"البخاري"/ (425و1186و4009و4010و5401و6423و6938)، و"مسلم" - واللفظ له - الايمان/ (54)، وفي المساجد / (263 و264 و265)، و"النسائي" 2/ 80 و105 و - في الكبرى - / (918)، و - في عمل الليل والليلة - / (1107 و1108 و1109)، و"إبن ماجه"/ (754) و"إبن خزيمة" - في صحيحه - / (1231و1653و1673و1654و1709)، و"إبن حبان"/ (223و1612و2075)، و"الطبراني" - في الكبير - 18/ (43و46و47و48و49و50و51و52و53)، و"البغوي"/ (498). من طرق عن محمود بن الربيع عن عتبان بن مالك به (¬1). * وأخرجه "أحمد" 3/ 135و174 و"مسلم"/في الايمان (55) و"النسائي"-في عمل اليوم والليلة- (1103و1104و1105و1106)، و"الطبراني" -في الكبير- 18/ (44و45). من طرق عن انس بن مالك عن عتبان بنحوه (¬2). 100 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يخرج من النار من قال لا اله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، ثم يخرج من النار من قال: لا اله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن برة. ثم يخرج من النار من قال: لا اله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة)). * أخرجه "الطيالسي"/ (1966)، و"أحمد" 3/ 116و173و276، و"عبد بن حميد"/ (1173)، و"البخاري"/ (44)، و"مسلم" -واللفظ له-/في الايمان (325)، ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف1/ (1307)، والمسند الجامع1/ (225و226). (¬2)

و"الترمذي"/ (2593) -وقال حسن صحيح-، و"إبن ماجة"/ (4312)، و"ابو يعلى" / (2786و2889و 2955و2956و2977و 2993و3273)، و"إبن حبان"/ (7484). من طرق عن قتادة السدوسي عن أنس به (¬1). * أخرجه "البخاري"/ (7509)، من طريق حميد الطويل بنحوه (¬2). * أخرجه "أحمد" 3/ 247 من طريق ثابت البناني بنحوه (¬3) * وأخرجه "الحاكم" 1/ 70، من طريق عبيد بن أبي بكر بن انس بن مالك عن انس بنحوه. 101 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - انه قال: قلت يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: لقد ظننت يا ابا هريرة ان لا يسالني عن هذا الحديث احد اول منك، بما رايت من حرصك على الحديث، اسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا اله إلا الله خالصا من قبل نفسه" (¬4). * أخرجه "أحمد" 2/ 373، و"البخاري" -واللفظ له- (99) و (6570)، و"النسائي" -في الكبرى- (5842). من طرق عن سعيد المقبري (¬5) عن أبي هريرة به (¬6). *وأخرجه "أحمد" 3072 و518، و"إبن حبان" (6466)، و"الحاكم" 1/ 70 من طرق عن معاوية بن مغيث (¬7) عن أبي هريرة بنحوه (¬8). 102 - روى إبن عجلان عن محمد بن يحيى بن حبان، عن إبن محيريز، عن الصنابحي، عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه -: أنه قال: دخلت عليه وهو في الموت فبكيت فقال: ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف1/ (1356و1194و1272)، والمسند الجامع1/ (220). (¬2) انظر تحفة الاشراف1/ (817)، والمسند الجامع3/ (1648). (¬3) انظر المسند الجامع 3/ (1645). (¬4) جاء في (99) عند البخاري بلفظ "خالصا من قلبه أو نفسه" بصيغة الشك، وهو شك من راوي الحديث واظنه والله علم -هو من قبل سلمان بن بلال وانظر فتح الباري (1/ 258). (¬5) هو سعيد بن أبي سعيد المقبري. أنظر التقريب (2321)، والتحرير 2/ 31. (¬6) أنظر تحفة الأشراف 9/ (13001)، والمسند الجامع 16/ (12631). (¬7) * جاءت لفظة معاوية بن مغيث " ... شفاعتي لمن شهد أن لا اله إلا الله مخلصاً يصدق قلبه لسانه ولسانه قلبه". (¬8) انظر المسند الجامع 18/ (15269).

مهلاً لم تبكي؟ فوالله لئن استشهدت لأشهدن لك ولئن شفعت لأشفعن لك، ولئن استطعت لانفعنك ثم قال والله ما من حديث سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكم فيه خيراً إلا حدثتكموه إلا حديثاً واحداً وسوف أحدثكموه اليوم وقد احيط بنفسي، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من شهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله حرم الله عليه النار)). * أخرجه "أحمد" 5/ 318، و"عبد بن حميد" (186)، و"مسلم" -واللفظ له- في الايمان/ (47)، و"الترمذي"/ (2638)، و"النسائي" -في عمل اليوم والليلة- (1128)، و"إبن حبان"/ (202). من طرق عن محمد بن عجلان بهذا الاسناد (¬1). 103 - عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من قال لا اله إلا الله مخلصا من قلبه او يقيناً من قلبه دخل الجنة ولم تمسه النار)). -إسناده صحيح. *أخرجه "الحميدي"/ (370)، و"أحمد" -واللفظ له- 5/ 229، وإبن ماجة/ (3796)، و"النسائي"/ في عمل اليوم والليلة- (1136و1137و1138و1139)، و"إبن حبان" (203). من طرق عن عبد الرحمن بن سمرة (¬2) عن معاذ به (¬3). *وأخرجه "أحمد" 5/ 229و230و240و241، و"النسائي" -في عمل اليوم والليلة- (1134) من طرق انس بن مالك عن معاذ بنحوه (¬4). *أخرجه "أحمد" 5/ 233و247، و"ابو داود"/ (3116) من طرق عن كثير بن مرة (¬5) عن معاذ بنحوه (¬6). *وأخرجه "الحميدي" / (369)، و"أحمد" 5/ 236. من طرق عن جابر بن عبد الله عمن شهد معاذ بن جبل بنحوه (¬7). ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف/ (5099) والمسند الجامع 8/ (5529). (¬2) هو الصحابي المعروف. (¬3) انظر تحفة الاشراف 8/ (11331)، والمسند الجامع15/ (11489). (¬4) انظر تحفة الاشراف8/ (11309)، والمسند الجامع15/ (11492و11493و11494). (¬5) هو الحضرمي، انظر التقريب (5631)، والتحرير 3/ 195. (¬6) انظر تحفة الاشراف8/ (11357)، والمسند الجامع15/ (11495). (¬7) انظر المسند الجامع 15/ (11490).

*وأخرجه "إبن حبان" / (200)، و"الطبراني في الكبير" /20/ (59و60و61و62و63). من طرق عن جابر عن معاذ بنحوه. *وأخرجه "أحمد" 5/ 242. من طريق شهر بن حوشب (¬1) عن معاذ بنحوه (¬2). 104 - عن أبي صالح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسير قال فنفذت ازواد القوم قال حتى همّ بنحر بعض حمائلهم. قال: فقال عمر: يا رسول الله لو جمعت ما بقى من ازواد القوم فدعوت الله عليها. قال ففعل. قال فجاء ذو البر ببره، وذو التمر بتمره قال: ((وقال مجاهد: وذو النواة بنواه)): قلت: وما كانوا يصنعون بالنوى؟ قال: كانوا يمصونه ويشربون عليه الماء قال فدعا عليها حتى ملأ القوم ازودتهم قال فقال عند ذلك ((اشهد ان لا اله إلا الله واني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة)). *أخرجه "أحمد" 2/ 421، و"مسلم" -واللفظ له- في الايمان/ (44و45)، و"النسائي" -في الكبرى- (8792). من طرق عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة به (¬3). 105 - روى يزيد بن الهاد، عن محمد بن ابراهيم، عن سعيد بن الصلت، عن سهيل بن بيضاء قال: بينما نحن في سفر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانا رديفة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا سهيل بن البيضاء، ورفع صوته مرتين، أو ثلاثاً، كل ذلك يجيبه سهيل، فسمع الناس صوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطنوا انه يريدهم فحبس من كان بين يديه، ولحقه من كان خلفه حتى إذا اجتمعوا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((انه من شهد ان لا اله إلا الله، حرمه الله على النار، واوجب له الجنة)). ¬

(¬1) الاشعري، انظر التقريب (2830)، والتحرير 2/ 122. (¬2) انظر المسند الجامع 15/ (1149). (¬3) انظر تحفة الاشراف9/ (12806)، والمسند الجامع18/ (14748) * شك الاعمش في روايته عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد ذكرها مسلم الايمان/ (45). * كلا الروايتين عند مسلم في الايمان / (44،45) قد استدرك الدارقطني اسناديهما وعللهما .. وقد رده إبن الصلاح انظر شرح مسلم، النووي 1/ 221 - 222.

-إسناده ضعيف. *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 3/ 451و466و467، و"عبد بن حميد"/ (472)، و"إبن حبان"/ (199)، و"الطبراني" -في الكبير- 6/ (6033و6034). من طرق عن يزيد بن الهاد بهذا الاسناد (¬1). وعلة الحديث هو سعيد بن الصلت1 فانه لم يدرك سهيل بن بيضاء (¬2). * اورده "الهيثمي" -في المجمع- 1/ 16 وقال "مداره على سعيد بن الصلت. قال إبن أبي حاتم قد روي عن سهيل بن بيضاء مرسلاً، وإبن عباس متصلاً". 106 - عن أبي ذر - رضي الله عنه - يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال: ((اتاني جبريل عليه السلام فبشرني انه من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة. فقلت: وإن زنى وإن سرق؟ فقال: وإن زنى وإن سرق)). * أخرجه "البخاري"/ (1237و7487)، و"مسلم" -واللفظ له-/في الايمان (153)، و"النسائي" -في عمل اليوم والليلة-/ (1116و1117). من طرق عن المعرور بن سويد (¬3) عن أبي ذر به (¬4). *وأخرجه "أحمد" 5/ 166 و"البخاري"/ (5827)، و"مسلم"/في الايمان (154)، و"البغوي"/ (51). ومن طرق عن أبي الاسود الديلي (¬5)، عن أبي ذر بنحوه (¬6). *وأخرجه "الطيالسي"/ (444)، و"البخاري""/ (2388و3222و6268و6444و6443)، و"مسلم" في الزكاة / (32و33) و"الترمذي"/ (2644) وقال حسن صحيح و"النسائي" -في عمل اليوم والليلة- (1118و1119و1120و1122و1123)، و"إبن حبان" (169و170و195و213)، و"البغوي"/ (54). من طرق عن زيد بن وهب (¬7) عن ¬

(¬1) انظر المسند الجامع 7/ (5155). (¬2) وانظر الاصابة في تمييز الصحابة لإبن حجر العسقلاني 3/ 137. *جاء في طريق أحمد 3/ 466، وعبد بن حميد: "محمد بن ابراهيم" عن سهيل دون ذكر إبن الصلت. (¬3) هو الأسدي، ابو أمية الكوفي، انظر التقريب (6790)، والتحرير3/ 399. (¬4) انظر تحفة الاشراف 9/ (11982)، والمسند الجامع 16/ (12240). (¬5) انظر ترجمته في التقريب (7940)، والتحرير 4/ 149. (¬6) انظر تحفة الاشراف 9/ (11930)، والمسند الجامع 16/ (12241). (¬7) هو الجهني، انظر التقريب (2159)، والتحرير 4/ 437.

أبي ذر بنحوه (¬1). 107 - قال عبد الوهاب بن عطاء: حدثنا سعيد عن قتادة عن مسلم بن يسار، عن حمران بن ابان، عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:- ((اني لاعلم كلمة لا يقولها عبد حقاً من قلبه فيموت على ذلك إلا حرمه الله على النار)). فقال له عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: انا احدثك ما هي؟ هي كلمة الاخلاص التي اعز الله تبارك وتعالى بها محمدا - صلى الله عليه وسلم - واصحابه، وهي كلمة التقوى التي الاص عليها نبي الله - صلى الله عليه وسلم - عمه ابا طالب عند الموت: شهادة ان لا اله إلا الله. -إسناده صحيح. *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 1/ 63، و"إبن حبان"/ (204)، و"الحاكم" 1/ 72، و"ابو نعيم" 2/ 296. من طرق عن عبد الوهاب بن عطاء الخفاف بهذا الاسناد (¬2). وعبد الوهاب: قال بن حجر: صدوق ربما اخطأ (¬3). قلت: هو ثقة في سعيد بن أبي عروبة قال، أحمد بن حنبل: كان من اعلم الناس بحديث سعيد بن أبي عروبة (¬4)،فهو صدوق حسن الحديث، وفي سعيد بن أبي عروبة من الثقات (¬5). ولما حدث هنا عن إبن أبي عروبه فهو ثقة والاسناد صحيح. 108 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغير إذا طلع الفجر، وكان يستمع الاذان، فان سمع اذانا امسك والا اغار فسمع رجلا يقول: الله اكبر، الله اكبر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "على الفطرة"، ثم قال: اشهد ان لا اله إلا الله اشهد ان لا اله إلا الله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خرجت من النار" فنظروا فاذا هو راعي معزى. *أخرجه "أحمد" 3/ 132و229و241و253و270، و"عبد بن حميد"/ (1299)، ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف 9/ (11915)، والمسند الجامع 16/ (12239). (¬2) انظر المسند الجامع 12/ (9655). (¬3) التقريب (262). (¬4) انظر الجرح والتعديل 6/ 72، وميزان الاعتدال 2/ 681، وديوان الضعفاء 2/ 134. (¬5) التحرير 2/ 398.

و"الدارمي"/ (2449)، و"مسلم" -واللفظ له- /في الصلاة (9)، و"الترمذي"/ (1618). وقال حسن صحيح. من طرق عن ثابت البناني، عن انس به (¬1). *وأخرجه "إبن خزيمة" في صحيحه (399)، و"إبن حبان"/ (1665) من طرق عن قتادة بن دعامة السدوسي عن انس بنحوه. 109 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: "كان غلام يهودي يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فمرض فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده فقعد عند راسه فقال: اسلم. فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: اطع ابا القاسم - صلى الله عليه وسلم - فاسلم. فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: الحمد لله الذي انقذه من النار". وفي لفظة إبن حبان: " ... فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قل لا اله إلا الله اشفع لك بها يوم القيامة .. ". *أخرجه "أحمد" 3/ 175و227و280، و"البخاري" -واللفظ له- (1356) و (5957)، و"ابو داود" (3095)، و"ابو يعلى" (3350)، و"إبن حبان" (2960) و (4884)، و"البيهقي" 3/ 383 و6/ 20، و"البغوي"/ (57). من طرق عن ثابت البناني عن انس به (¬2). *وأخرجه "أحمد" 3/ 260، و"النسائي في الكبرى" -تحفة الاشراف 1/ (965)، و"الحاكم" 1/ 363 و4/ 291 من طرق عبد الله بن جبر عن انس بنحوه (¬3). 110 - قال الإمام أحمد: حدثنا حجاج، قال: انبأنا إبن جريج، قال: حدثني العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن إبن دارة مولى عثمان، قال: انا لبالبقيع مع أبي هريرة اذ سمعناه يقول: انا اعلم الناس بشفاعة محمد - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة قال: فتداك الناس عليه، فقالوا: ايه يرحمك الله، قال يقول ((اللهم اغفر لكل مسلم لقيك مؤمن بي لا يشرك بك)). ¬

(¬1) *جاءت رواية عبد بن حميد والدارمي مختصرة. انظر تحفة الاشراف 1/ (312)، والمسند الجامع 1/ (388) (¬2) انظر تحفة الاشراف 1/ (295)، والمسند الجامع 1/ (228) (¬3) انظر تحفة الاشراف 1/ (965)، والمسند الجامع 1/ (229)، وعبد الله بن جبر هو بن عتيك الانصاري المدني: انظر التقريب (3245)، والتحرير 2/ 197

-إسناده ضعيف. *أخرجه "أحمد" 2/ 454و 499 بهذا الاسناد (¬1). وعلة الحديث تدور على إبن دارة مولى عثمان، فقد اختلف في اسمه، فذكره إبن مندة في الصحابة فسماه عبد الله، ولم يذكر دليلا على صحبته، بل قال كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يعرف له عنده رواية وذكره إبن حبان في ثقات التابعين. وقال الدارقطني في إسناده: صالح (¬2). قلت: قول الدارقطني صالح يعني عند المتابعة، والرجل لم يتابع فإسناده ضعيف -والله اعلم- إضافة إلى هذا الاختلاف في عينه. 111 - قال حماد بن سلمة حدثنا ابو عمران الجوني عن أبي بكر بن أبي موسى: عن أبي موسى الاشعري - رضي الله عنه - قال: اتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعي نفر من قومي فقال: ((ابشروا وبشروا من وراءكم انه من شهد ان لا اله إلا الله صادقا بها دخل الجنة فخرجنا من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - نبشر الناس فاستقبلنا عمر بن الخطاب فرجع بنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال عمر يا رسول الله إذا يتكل الناس فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ")). -إسناده حسن. *أخرجه "أحمد" 4/ 402و411 من طريق حماد بن سلمة بهذا الاسناد (¬3). ورجال السند ثقات سوى حماد بن سلمة بن دينار البصري، وهو ثقة عابد اثبت الناس في ثابت، وتغير حفظه باخره (¬4). قلت: حماد تغير حفظه بآخرة فحدث عن بعض الشيوخ كعطاء بن السائب وغيره فما كان من ذلك خضع للاختبار والتمحيص، وما كان من روايته عن ثابت فهي صحيحة فهو من أوثق الناس به (¬5). 112 - قال أحمد بن سعد حدثنا قدامة بن محمد، قال حدثنا مخرمة بن بكير عن ¬

(¬1) انظر المسند الجامع 16/ (12643). (¬2) انظر تعجيل المنفعة، إبن حجر (533). (¬3) انظر المسند الجامع 11/ (8785). (¬4) انظر التقريب (1499). (¬5) أنظر الجرح والتعديل 3/ 140، وميزان الاعتدال 1/ 595، والتهذيب 7/ 253، والخلاصة.

أبي بكير عن أبيه عن أبي حرب بن زيد بن خالد عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انه قال: ((من دخل القبر بلا لا اله إلا الله خلصه الله من النار)). -إسناده ضعيف. * أخرجه "النسائي" -في عمل اليوم والليلة- (1111) بهذا الاسناد (¬1). وعلة الحديث هو ابو حرب بن زيد بن خالد الجهني، قال إبن حجر: مقبول (¬2). قلت هو مجهول كما قال الذهبي، فقد تفرد إبن الاشبح بالرواية عنه (¬3).وقد تفرد ابو حرب ولم يتابع. 113 - عن أبي بردة عن أبي موسى الاشعري - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((إذا كان يوم القيامة دفع الله عز وجل إلى كل مسلم يهوديا أو نصرانيا فيقول: هذا فكاكك من النار)) (¬4). * أخرجه "الطيالسي"/ (499)، و"أحمد" 4/ 391و398و402و407و408و409و410، و"عبد بن حميد"/ (537و540)، و"مسلم" -واللفظ له- في التوبة/ (49و50و51)، و"إبن حبان"/ (630)، و"الحاكم" 1/ 58. من طرق عن أبي بردة بن أبي موسى الاشعري عن أبيه به (¬5). 114 - عن أبي بردة عن أبي موسى الاشعري - رضي الله عنه -: ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ان ¬

(¬1) انظر المسند الجامع 5/ (3904). (¬2) التقريب (8043). (¬3) انظر "التقات" 5/ 576 وميزان الاعتدال 4/ 513. (¬4) جاءت لفظة الإمام مسلم في (51): "يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب امثال الجبال فيغفرها الله لهم ويضعها على اليهود والنصارى". وقد حكم عليها الشيخ الالباني في سلسلة الاحاديث الضعيفة برقم (1316) بانها ضعيفة وذلك لنكارة الزيادة "ويضعها على اليهود والنصارى". وعلل ذلك من وجوه تتعلق اولا بأبي طلحة الراسيي صاحب الزيادة، وثانياً لأن تلك الزيادة مخالفة للفظ الروايتين الاوليتين. ونجيب عليه باختصار: (1) لا نرى ان هذه اللفظة فيها زيادة عن حديث الباب اعلاه ولا الحديث الذي بعده (50) وانما المعنى واحداً "فكاكك" "يضعها على اليهود والنصارى". فالمعنى واحد والنتيجة واحدة. (2) تخريج الإمام مسلم لها يعني قبولها فهي لا تخفى على مثله وهو حجة في الجرح والتعديل. تأويل أهل العلم لها يدل على عدم تعارضها وأنظر ص106 من بحثنا. (¬5) أنظر تحفة الاشراف6/ (9090و9092و9124)، والمسند الجامع 11/ (8952و8953).

أمتي أمة مرحومة، ليس عليها في الاخرة عذاب، انما عذابها في الدنيا القتل والبلابل والزلازل)). -إسناده صحيح. * أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 4/ 410و418، و"أبو داود"/ (4278)، و"الحاكم" 4/ 253. من طرق عن أبي بردة عن أبي موسى (¬1). 115 - قال جبارة بن المغلس، حدثنا كثير بن سليم، عن انس بن مالك - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ان هذه الامة مرحومة عذابها بايديها، فاذا كان يوم القيامة دفع إلى كل رجل من المسلمين رجل من المشركين فيقال: هذا فداؤك من النار)). - إسناده ضعيف. *أخرجه: إبن ماجة"/ (4292) بهذا الإسناد (¬2). فجبارة بن المغلس: هو الجماني: ضعيف (¬3). وكثير بن سليم: هو الضبي: ضعيف (¬4). وقد انفردا ولم يتابعا. 116 - قال جبارة بن المغلس حدثنا عبد الاعلى بن أبي المساور عن أبي بردة عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة أذن لأمة محمد في السجود فيسجدون له طويلا، ثم يقال: ارفعوا رؤوسكم قد جعلنا عدتكم فداءكم من النار)). -إسناده ضعيف *أخرجه "إبن ماجة"/ (4291) بهذا الإسناد (¬5). وعلة الحديث: عبد الاعلى إبن أبي المساور: قال إبن حجر: متروك كذبه إبن ¬

(¬1) أنظر تحفة الاشراف6/ (9092)، والمسند الجامع 11/ (8945). (¬2) أنظر تحفة الاشراف 1/ (1449)، والمسند الجامع 3/ (1579). (¬3) أنظر التقريب (890). (¬4) أنظر التقريب (5613). (¬5) أنظر تحفة الاشراف/ (9111)، والمسند الجامع 11/ (8952).

معين (¬1). وتعقبه صاحبا التحرير بالقول: قوله"عذبه إبن معين" فيه نظر ... (¬2) قلت هو لا يعتبر به في المتابعات والشواهد (¬3). وكذا جبارة بن المغلس الجماني: قال إبن حجر: ضعيف (¬4). * ذكره "الهيثمي" -في المجمع- 10/ 70 فوقفه ولم يرفعه وهي علة اخرى. 117 - عن أبي امامة الباهلي - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((اقرؤا القرآن فانه ياتي يوم القيامة شفيعا لاصحابه، اقرؤا الزهراوين، البقرة وسورة آل عمران فانهما تاتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان (¬5) أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن اصحابهما، اقرؤا سورة البقرة، فان اخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة)) (¬6). *أخرجه "أحمد" 5/ 249و254و257، و"مسلم" -واللفظ له- في صلاة المسافرين/ (252). من طرق عن أبي سلام "ممطور" عن أبي امامة به (¬7). *وأخرجه "عبد الرزاق" / (5991)، وأحمد 5/ 251، و"الطبراني" -في الكبير- 8/ (8118). من طرق عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف بنحوه (¬8). 118 - روى حي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمرو ¬

(¬1) التقريب (3737). (¬2) أنظر التحرير 2/ 292. (¬3) لذا فاننا افردناه عن الحديث (113) لانه ضعيف لا يعتبر به. (¬4) التقريب (890)، وأنظر التحرير 1/ 208. (¬5) الغياية: هي كل شيء اظل الأنسان فوق رأسه كالسحابة وغيرها. أنظر النهاية في غريب الحديث، ابن الأثير 3/ 403. (¬6) أي السحرة. أنظر النهاية في غريب الحديث 1/ 136. (¬7) أنظر تحفة الاشراف 4/ (4931)، والمسند الجامع 7/ (5318). (¬8) أنظر المسند الجامع 7/ (5319). *قال عبد الله بن حنبل: وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده وقد ضرب عليه فظننت انه ضرب عليه لانه خطأ. انما هو: عن زيد عن أبي سلام عن أبي امامة. قال الدكتور بشار عواد: وقد وجدت أيضاً هكذا "عن أبي سلمة عن أبي أمامة". في مصنف عبد الرزاق 3/ 365 حديث (5991). أنظر المسند الجامع 7/ص448.

- رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:- ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، اني منعته الطعام والشراب بالنهار فشفعني فيه. ويقول القرآن: رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان)). -إسناده ضعيف. * أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 2/ 174، و"الحاكم" 1/ 554. من طرق عن حي بن عبد الله المعافري بهذا الإسناد (¬1). وعلة الحديث هو: حي بن عبد الله بن شريح المعافري، قال إبن حجر: صدوق يهم (¬2). قلت: هو ضعيف يعتبر به، قال أحمد: أحاديثه مناكير، وقال البخاري: فيه نظر، وقال النسائي: ليس بالقوي ... وقال إبن معين: ليس به بأس فهو ضعيف يعتبر به. (¬3) وقد انفرد حي ولم يتابع. 119 - قال عبد الله إبن رجاء "الغداني": أنبأنا عمران القطان عن عبيد الله بن معقل بن يسار المزني عن أبيه - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إعملوا بكتاب الله ولا تكذبوا بشيءٍ منه فما اشتبه عليكم منه فاسألوا عنه أهل العلم يخبروكم بالتوراة والإنجيل، وآمنوا بالفرقان فإن فيه البيان وهو الشافع وهو المشفع، والماحل والمصدق)). -إسناده ضعيف. * أخرجه "الحاكم" 3/ 578 ... من طرق عن عبد الله إبن رجاء بهذا الإسناد. وعلة الحديث عمران بن داور القطان، البصري. قال إبن حجر: صدوق يهم ورمي برأي الخوارج. (¬4) قلت: ضعفه أبو داود والنسائي وغيرهم وقال أحمد: أرجوا أن يكون صالح الحديث، وقال إبن عدي هو ممن يكتب حديثه وذكره إبن حبان في الثقات (¬5). ¬

(¬1) أنظر المسند الجامع 11/ (8422). (¬2) التقريب (1605). (¬3) أنظر الجرح والتعديل 3/ 371 وميزان الاعتدال 1/ 623،والتحرير 1/ 337،. (¬4) التقريب (5154). (¬5) أنظر الضعفاء، العقيلي 3/ 301 وميزان الاعتدال 3/ 236.

120 - قال الإمام الدارمي: حدثنا موسى بن خالد: قال حدثنا ابراهيم بن محمد الفزاري عن سفيان عن عاصم عن مجاهد عن إبن عمر - رضي الله عنه - قال: ((يجيء القرآن يشفع لصاحبه، يقول: يا رب لكل عامل عمالة من عمله واني كنت امنعه اللذة والنوم، فاكرمه. فيقال: ابسط يمينك فيملا من رضوان الله، ثم يقال: ابسط شمالك فيملأ من رضوان الله ويكسى كسوة الكرامة ويحلى حلية الكرامة ويلبس تاج الكرامة)). -إسناده حسن. *أخرجه "الدارمي"/ (3311) بهذا الإسناد. ورجاله ثقات سوى موسى بن خالد الشامي، أبو الوليد الحلبي، قال إبن حجر: مقبول (¬1). قلت: هو صدوق حسن الحديث اخرج له الامام مسلم حديثاً في "الصحيح" (¬2) وذكره إبن حبان في "الثقات" (¬3)، ولا نعلم فيه جرحا مفسراً ً (¬4). فهو صدوق حسن الحديث، والله أعلم. وعاصم: هو ابن بهدلة بن أبي النجود: قال إبن حجر: صدوق له اوهام (¬5). قلت وثقه يحيى بن معين، وأحمد بن حنبل وأبو زرعة الرازي، وإبن حبان وقال الذهبي في الميزان: "هو حسن الحديث" (¬6). والحديث موقوف على إبن عمر - رضي الله عنه - وله حكم المرفوع لامتناع التحديث بمثل هذه الامور من الرأي. 121 - قال الإمام الدارمي: حدثنا يزيد بن هارون قال: انبأنا همام عن عاصم بن أبي النجود عن الشعبي ان إبن مسعود - رضي الله عنه - كان يقول: ((يجيء القرآن يوم القيامة فيشفع لصاحبه فيكون له قائدا إلى الجنة، ويشهد عليه ويكون سائقا إلى النار)). ¬

(¬1) التقريب (6957). (¬2) الحديث في "باب فضائل الصحابة" (140). (¬3) الثقات 9/ 161، وتهذيب الكمال 29/ 53، والكاشف 3/الترجمة (8785). (¬4) التحرير 3/ 429. (¬5) التقريب (3054). (¬6) أنظر الجرح والتعديل 6/ 340 وميزان الاعتدال 2/ 357.

-إسناده حسن-موقوف. *أخرجه "الدارمي"/ (3325). ورجال السند ثقات، سو عاصم بن أبي النجود الاسدي، وهو حسن الحديث كما مر (¬1). وقد جاء طريق آخر عند "الطبراني" -في الكبير- 10/ (10450) من طريق شقيق بن سلمة عن إبن مسعود بنحوه، وفيه الربيع بن بدر السعدي متروك (¬2)، وقد ذكره "الهيثمي" -في المجمع- 7/ 164 وقال: "وفيه الربيع بن بدر وهو متروك". 122 - روى شعبة عن عاصم (¬3) عن أبي صالح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: ((يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حله، فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده فيلبس حله الكرامة ثم يقول: يا رب ارض عنه، فيرضى عنه، فيقال له: اقرأ وارق وتزداد بكل اية حسنة)). -إسناده حسن -موقوف- *أخرجه "أحمد"2/ 471، "الترمذي" -واللفظ له- / (2915)، وقال: حسن صحيح، والحاكم 1/ 552 من طرق عن شعبة بهذا الإسناد (¬4). *وأخرجه "الدارمي" / (3321) من طريق أبي صالح دون ذكر أبي هريرة وهي مرسلة "ضعيفة" لمخلفتها الاسانيد المتصلة. *وأخرجه "أحمد" 2/ 471 من طريق الاعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد -شك- الاعمش بنحوه (¬5). 123 - قال محمد بن العلاء بن كريب قال حدثنا عبد الله بن الاجلح، عن الاعمش، عن أبي سفيان، طلحة بن نافع، عن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((القرآن شافع مشفع، وما حل ¬

(¬1) أنظر الحديث رقم (120). (¬2) أنظر التقريب (1883)، والتحرير 1/ 392 (¬3) هو بن بهدلة: قال إبن حجر صدوق له اوهام -التقريب (3054)، وجاء في التحرير 2/ 165 "انه حسن الحديث"، وأنظر الحديث رقم (222). (¬4) أنظر تحفة الاشراف 9/ (12811)، والمسند الجامع 17/ (14460). (¬5) أنظر تحفة الاشراف 9/ (12811)، والمسند الجامع 17/ (14460).

مصدق، من جعله امامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار)). -إسناده حسن. *أخرجه "البزاز"/ (122)، و"إبن حبان" -واللفظ له-/ (124). من طرق عن محمد بن العلاء بن كريب بهذا الإسناد. عبد الله بن الاجلح: صدوق (¬1). وأبو سفيان طلحة بن نافع الواسطي: قال إبن حجر صدوق. (¬2) قلت: قد احتج به مسلم وأخرج له البخاري مقروناً بغيره، وحديثه عن جابر صحيفة. (¬3) وقد انفردا ولم يتابعا. 124 - روى حفص بن سليمان عن كثير بن زادان عن عاصم بن مرة عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من قرأ القرآن وحفظه ادخله الله الجنة وشفعه في عشرة من أهل بيته كلهم قد استوجب النار)). -إسناده ضعيف. *أخرجه "الترمذي" -واللفظ له- / (2905) وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس إسناده بصحيح وحفص بن سليمان يضعف في الحديث"، وإبن ماجة"/ (216)، و"عبد الله بن أحمد" 1/ 148و149. من طرق عن حفص بن سليمان الازدي "أبو عمر" البزار الكوفي بهذا الإسناد (¬4). وعلة الحديث: كما بينها الإمام الترمذي: هو حفص بن سليمان، قال إبن حجر: متروك الحديث مع امامته في القراءة (¬5). وقد انفرد ولم يتابع. 125 - روى ثابت البناني عن انس بن مالك - رضي الله عنه - ((كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بـ: قل هو الله احد، حتى يفرغ منها، ثم يقرأ سورة اخرى معها وكان يصنع ذلك في كل ركعة ¬

(¬1) أنظر التقريب (3203)، والتحرير 2/ 190. (¬2) أنظر التقريب (3035)، والتحرير 2/ 161. (¬3) أنظر الجرح والتعديل 4/ 475، وميزان الإعتدال 2/ 342. (¬4) أنظر تحفة الاشراف7/ (10146)، والمسند الجامع13/ (10255). (¬5) التقريب (1405).

فكلمه اصحابه فقالوا: انك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى انها تجزئك حتى تقرأ باخرى، فاما ان تقرأ بها واما ان تدعها وتقرأ بأخرى، فقال: ما انا بتاركها، ان احببتم ان اؤمكم بذلك فعلت، وان كرهتم تركتكم، وكانوا يرون انه من أفضلهم زكرهوا أن يأمهم غيره فلما أتاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبروه الخبر، فقال: يا فلان، ما يمنعك ان تفعل ما يأمرك به اصحابك؟ وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟ فقال: اني احبها، فقال، حبك اياها ادخلك الجنة)). * أخرجه "أحمد" 3/ 141و150، و"عبد بن حميد" / (1306و1374)، و"الدارمي"/ (3438)، و"البخاري" -تعليقا- واللفظ له-/ (774)، و"الترمذي"/ (2901) وقال عنه حسن غريب من هذا الوجه من حديث عبيد الله بن عمر عن ثابت، و"إبن خزيمة" -في صحيحه-/ (537)، و"إبن حبان"/ (792و794)، و"البغوي"/ (1210). من طرق عن ثابت البناني عن انس به (¬1). 126 - عن خالد بن معدان: قال: ((ان الم تنزيل تجادل عن صاحبها في القبر تقول: اللهم ان كنت من كتابك فشفعني فيه وان لم اكن من كتابك فامحني عنه، وأنها تكون كالطير تجعل جناحها عليه فيشفع له، فتمنعه من عذاب القبر، وفي تبارك مثله)) فكان خالد لا يبيت حتى يقرأها. -إسناده ضعيف. *أخرجه "الدارمي"/ (3318) من طرق عن خالد بن معدان به. وهو مقطوع والمقطوع من أقسام الضعيف. 127 - روى عباس الجشمي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن سورة من القرآن -ثلاثون آية- شفعت لرجل حتى غفر له: "تبارك الذي بيده الملك")). -إسناده ضعيف. *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 2/ 299و321، و"عبد بن حميد"/ (1445)، و"أبو ¬

(¬1) أنظر تحفة الاشراف1/ (457و464)، والمسند الجامع 2/ (1186و1187). وقول الترمذي حسن غريب ثبتناه من تحفة الأشراف 1/ (457)، وتحفة الأحوذي 8/ 213. أما ما هو مطبوع في طبعة بيروت: حسن غريب صحيح من هذا الوجه ... وهو وهم.

داود"/ (1400)، و"الترمذي"/ (2891)، وقال عنه حسن، و"النسائي" -في الكبرى-/ (11612)، -وفي عمل اليوم والليلة-/ (710)، و"إبن ماجة"/ (3786)، و"إبن حبان"/ (787و788)، و"الحاكم" 1/ 565و2/ 497. من طرق عن عباس الجشمي عن أبي هريرة به (¬1). وعلة الحديث هو: عباس الجشمي وهو: مقبول (¬2). ولما انفرد ولم يتابع فان حديثه يبقى ضعيفاً. 128 - قال الإمام الترمذي: حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب: قال حدثنا يحيى بن عمرو بن مالك النكري، عن أبيه عن أبي الجوزاء عن إبن عباس، قال: ضرب بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خباءة على قبر وهو لا يحسب انه قبر، فاذا فيه انسان يقرأ سورة تبارك الذي بيده الملك حتى ختمها، فاتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، اني ضربت خبائي على قبر، وانا لا احسب انه قبر، فاذا فيه انسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها. فقال - صلى الله عليه وسلم - "هي المانعة، هي المنجية، تنجية من عذاب القبر". -إسناده ضعيف. *أخرجه "الترمذي"/ (2890)، وقال عنه غريب من هذا الوجه وفي الباب عن أبي هريرة (¬3). وعلة الحديث: هو يحيى بن عمرو بن مالك النكري: فهو ضعيف، يقال ان حماد بن زيد كذبه (¬4). 129 - روى عبد الله بن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - يحدث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((لو ان القرآن جعل في اهاب ثم القي في النار ما احترق)). ¬

(¬1) أنظر تحفة الأشراف 10/ (13550)، والمسند الجامع 17/ (14491). (¬2) أنظر التقريب/ (3195). (¬3) أنظر تحفة الاشراف4/ (5367)، والمسند الجامع 9/ (6780). (¬4) التقريب / (7614). *قول الترمذي: "غريب من هذا الوجه ... " ثبتناه من تحفة الاشراف 4/ (5367) وتحفة الاحوذي 8/ 199. اما ما هو في طبعة بيروت فانه حسن غريب من هذا الوجه/ فلينتبه.

-إسناده ضعيف. *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 4/ 151و154و155، و"الدارمي"/ (3313) و"ابو يعلى"/ (1745). من طرق عن أبي لهيعة بهذا الإسناد (¬1). *وأخرجه "الطبراني" -في الكبير- 17/ (850) من طريق إبن لهيعة عن أبي عشانة عن عقبة بن عامر بنحوه. وكلا الإسنادين ضعيف لضعف إبن لهيعة، وهو مختلف في امره والراجح فيه: انه ضعيف إذا انفرد، حديثه في مرتبه الاعتبار ويرد إذا خالف (¬2). واما هذا الحديث فهو معلول وان كان قد رواه عنه عبد الله بن يزيد المقريء وهو احد العبادلة الاربعة لان عبد الله بن وهب قال فيه ((ما رفعه لنا إبن لهيعة قط في اول عمره)) (¬3). ولما كان إبن لهيعة: ضعيف يعتبر به (¬4)، وقد انفرد هنا ولم يتابع بقي إسناده ضعيفاً -والله اعلم-. *اورده "الهيثمي" -في المجمع- 7/ 158 وقال: "وفيه إبن لهيعة، وفيه خلاف". 130 - قال جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -: اخبرتني ام مبشَّر: أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: عند حفصة "لايدخل النار، ان شاء الله من أصحاب الشجرة أحد. الذين بايعوا تحتها" فقالت: بلى يا رسول الله: فانتهرها. فقالت حفصة: (("وان منكم إلا واردها" (¬5). فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قد قال الله عز وجل: "ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا")). *أخرجه "أحمد" 6/ 258و362و420و425، و"مسلم" -واللفظ له- في فضائل الصحابة/ (163)، و"إبن ماجة" (4281)، و"النسائي" -في الكبرى- "تحفة الاشراف" 13/ (8356). و"إبن حبان"/ (4800)، و"الطبراني" -في الكبير- 23/ (358و363)، و25 ¬

(¬1) أنظر المسند الجامع 13/ (9884). (¬2) أنظر ميزان الاعتدال 2/ 475، وتهذيب التهذيب 5/ 327، والتقريب (3563)، وشرح علل الترمذي إبن رجب الحنبلي 1/ 419، والتحرير 2/ 258. (¬3) ميزان الاعتدال 2/ 476. (¬4) أنظر التحرير 2/ 258. (¬5) مريم/71.

/ (266و269)، و"البغوي"/ (3994). من طرق عن جابر بن عبد الله عن ام مبشر به (¬1). 131 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -: ان عبدا لحاطب جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يشكو حاطباً فقال: يا رسول الله ليدخلنّ حاطب النار فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((كذبت لا يدخلها فانه شهد بدراً والحديبية)). *أخرجه "أحمد" 3/ 325و349، و"مسلم"/ -واللفظ له- في فضائل الصحابة (162)، و"الترمذي"/ (3864)، وقال: حسن صحيح، و"النسائي" -في الكبرى- تحفة الاشراف 2/ (2910)، و"إبن حبان""/ (4799)، و"الطبراني" "في الكبير" 3/ (3064)، و"الحاكم" 3/ 301. من طرق عن أبي الزبير (¬2) عن جابر به (¬3). *وأخرجه "أحمد" 3/ 396 من طريق أبي سفيان "طلحة بن نافع (¬4) عن جابر به (¬5). 132 - روى حماد بن سلمة، عن عاصم، عن أبي صالح عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (("أين فلان؟ " فغمزه رجل منهم، فقال: أنه وأنه. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أليس قد شهد بدراً؟ " قالوا: بلا، قال: "فلعل الله اطلع على أهل بدر، فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم")). -إسناده حسن. *أخرجه "أحمد" 2/ 295، و"الدارمي" -واللفظ له-/ (2764)، و"أبو داود"/ (4654)، و"إبن حبان"/ (4798)، و"الحاكم" 4/ 77 - 78. من طرق عن حماد بن سلمة بن دينار البصري بهذا الإسناد (¬6). وعاصم: هو بن بهدلة الاسدي، الكوفي، قال إبن حجر: صدوق له اوهام (¬7). قلت: هو حسن الحديث-كما مر-. ¬

(¬1) أنظر تحفة الأشراف 13/ (8356)، والمسند الجامع 20/ (17751). (¬2) أنظر ترجمته في التقريب (6391). (¬3) أنظر تحفة الاشراف 2/ (2910)، والمسند الجامع 4/ (2899). (¬4) أنظر التقريب (3035). (¬5) أنظر المسند الجامع 4/ (2900). (¬6) أنظر تحفة الاشراف 9/ (12807)، والمسند الجامع 18/ (14635). (¬7) التقريب (3054).

ولما انفرد عاصم ولم يتابع فيبقى الإسناد حسناً. 133 - روى الليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:- ((لا يدخل النار احد ممن بايع تحت الشجرة)). -إسناده حسن. *أخرجه "أحمد" - واللفظ له - 3/ 350، و"أبو داود"/ (4653)، و"الترمذي"/ (3860)، وقال حسن صحيح، والنسائي" -في الكبرى-، "تحفة الاشراف" 2/ (2918)، و"إبن حبان"/ (4802). من طرق عن الليث بن سعد بهذا الإسناد (¬1). وأبي الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس الاسدي: صدوق إلا انه يدلس (¬2). وقد ينتفى التدليس عن أبي الزبير لما حدث عنه الليث بن سعد (¬3). وأبو الزبير صدوق ولم يتابع فيبقى حديثه حسناً. 134 - قال محمود بن غيلان: حدثنا أزهر السمان، عن سليمان التيمي، عن خداش عن أبي الزبير، عن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:- ((ليدخلن الجنة من بايع تحت الشجرة إلا صاحب الجمل الاحمر)). -إسناده ضعيف. *أخرجه "الترمذي"/ (3863)، قال عنه: غريب (¬4). من طريق محمود بن غيلان بهذا الإسناد (¬5). وعلة الحديث هو خداش بن عياش البصري، قال إبن حجر: لين الحديث (¬6). ولما انفرد خداش ولم يتابع فحديثه يبقىضعيفاً. 135 - عن يحنس مولى الزبير أنه كان جالسا عند عبد الله بن عمر في الفتنة ¬

(¬1) أنظر تحفة الاشراف 2/ (2918)، والمسند الجامع 4/ (2914). (¬2) التقريب (6291)، وأنظر التحرير 3/ 316. (¬3) أنظر ميزان الاعتدال 4/ 37. (¬4) قول الترمذي "غريب" اثبتناه من طبعة بيروت ومن تحفة الأشراف وقد جاء في المسند الجامع "حسن غريب" وهو وهم.358. (¬5) أنظر تحفة الاشراف 2/ (2702)، والمسند الجامع 4/ (2916). (¬6) التقريب (1705).

فاتته مولاة له تسلم عليه فقالت: اني اردت الخروج يا ابا عبد الحمن اشتد علينا الزمان فقال لها عبد الله: اقعدي لكاع* فاني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا يصبر على لأوائها وشدتها احد إلا كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة)). *أخرجه "مالك"/ (552)، و"أحمد" 2/ 113و119و133، و"مسلم" -واللفظ له-في الحج/ (482و483)، و"النسائي" -في الكبرى-/ (4281) من طرق عن يحنس عن إبن عمر به (¬1). *وأخرجه "أحمد" 2/ 155، و"مسلم"في الحج (481)، و"الترمذي" (3918)، وقال: حسن صحيح غريب. من طرق عن نافع عن إبن عمر بنحوه (¬2). 136 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يصبر على لأواء المدينة وشدتها احد من امتي الا كنت له شفيعا يوم القيامة أو شهيدا)). *أخرجه "أحمد" 2/ 397، و"مسلم" -واللفظ له-/في الحج (484)، و"إبن حبان"/ (3739)، و"البغوي"/ (2019). من طرق عن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبي هريرة به (¬3). *وأخرجه "أحمد" 2/ 287و288و343، و"مسلم"في الحج / (484)، و"الترمذي"/ (3924)، و"إبن حبان" / (3740). من طرق عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة بنحوه (¬4). *وأخرجه "الحميدي"/ (1167)، و"مسلم"/في الحج (484). من طرق عن أبي عبد الله القراظ (¬5) عن أبي هريرة بنحوه (¬6). *وأخرجه "أحمد" 2/ 338، من طريق سعيد بن عبيد بن السباق (¬7)، عن أبي هريرة ¬

(¬1) أنظر تحفة الاشراف 6/ (8561)، والمسند الجامع 10/ (8228). (¬2) أنظر تحفة الاشراف 6/ (8249)، والمسند الجامع 10/ (8229). (¬3) أنظر تحفة الاشراف 10/ (13993)، والمسند الجامع 18/ (14907). (¬4) أنظر تحفة الاشراف 9/ (12804)، والمسند الجامع 18/ (14905). (¬5) أنظر ترجمته في التقريب (1837)، والتحرير 1/ 382. (¬6) أنظر تحفة الاشراف 11/ (12308)، والمسند الجامع 18/ (14906). (¬7) هو الثقفي، أنظر ترجمته في التقريب (2360)، والتحرير 2/ 37.

بنحوه (¬1). *وأخرجه "أحمد" 2/ 439، من طريق أبي صالح مولى السعديين (¬2) عن أبي هريرة بنحوه (¬3). *وأخرجه "أحمد" 2/ 447، من طريق سلمان الاغر (¬4) عن أبي هريرة بنحوه (¬5). 137 - عن أبي سعيد مولى المهري. انه جاء ابا سعيد الخدري ليالي الحرة فاستشاره في الجلاء من المدينة وشكا اليه اسعارها وكثرة عياله، واخبره أن لا صبر له على جهد المدينة ولأوائها فقال له: ويحك لا آمرك بذلك، اني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لايصبر على لأوائها فيموت إلا كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة إذا كان مسلماً)). *أخرجه "أحمد" 3/ 29و58و69، و"عبد بن حميد"/ (982)، و"مسلم" -واللفظ له-/في الحج (477)، و"النسائي" -في الكبرى- / (4280). من طرق عن أبي سعيد مولى المهدي عن أبي سعيد به (¬6). 138 - قال عثمان بن حكيم: حدثني عامر بن سعد، عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (("اني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاها أو يقتل صيدها". وقال: "المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون. لايدعها احد رغبة عنها إلا ابدل الله فيها من هو خير منه ولا يثبت احد على لأوائها وجهدها إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة")). *أخرجه "أحمد" 1/ 181و184، و"عبد بن حميد"/ (153)، و"مسلم" -واللفظ له-/في الحج (459و460)، و"النسائي" -في الكبرى-/ (4279). من طرق عن عثمان بن حكيم بهذا الإسناد (¬7). ¬

(¬1) أنظر المسند الجامع 18/ (14899). (¬2) أنظر ترجمته في التأريخ الكبير، البخاري في الكنى/ (360). (¬3) أنظر المسند الجامع 18/ (14901). (¬4) أبو عبد الله المدني، أنظر التقريب (2478). (¬5) أنظر المسند الجامع 18/ (14908). (¬6) أنظر تحفة الاشراف3/ (4415)، والمسند الجامع 6/ (4673). (¬7) أنظر تحفة الاشراف 3/ (3885)، والمسند الجامع 6/ (4147).

139 - قال يعقوب: حدثني أبي عن الوليد بن كثير قال حدثني عبد الله بن مسلم الطويل صاحب المصاحف أن كلاب بن تليد أخإبني سعد بن ليث انه بينما هو جالس مع سعيد بن المسيب جاءه رسول نافع بن جبير بن مطعم بن عدي يقول أن إبن خالتك يقرأ عليك السلام ويقول اخبرني كيف الحديث الذي كنت حدثتني عن اسماء بنت عميس فقال سعيد بن المسيب اخبره أن اسماء بنت عميس اخبرتني انها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا يصبر على لأواء المدينة وشدتها أحد إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة)). -إسناده ضعيف. (¬1) *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 6/ 369، و"النسائي" -في الكبرى-/ (4282). من طرق عن يعقوب بن ابراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف بهذا الإسناد (¬2). والحديث فيه عبد الله بن مسلم الطويل، قال إبن حجر: مقبول (¬3)، قلت: هو مجهول العين: لم يرو عنه إلا الوليد بن كثير المدني. 140 - روى ايوب السختياني عن نافع، عن إبن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت فاني اشفع لمن يموت بها)). -إسناده صحيح. *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 2/ 74و104، و"الترمذي" / (3917)، وقال حسن غريب، و"إبن ماجة"/ (3112)، و"إبن حبان"/ (3741)، و"البغوي"/ (2020). من طرق عن ايوب بن أبي تيمية الختياني بهذا الإسناد (¬4). ورجال السند ثقات. 141 - قال ابراهيم بن عبد الله، حدثنا ابراهيم بن محمد، قال حدثنا أبو روح، قال حدثنا سعيد بن السائب الطائفي، قال حدثنا عبد الملك بن أبي زهير الثقفي، عن حمزة بن أبي أسماء الثقفي أن القاسم بن جبيرة، اخبره أن عبد الملك بن عباد بن جعفر اخبره انه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((أول من اشفع له من أمتي أهل المدينة، واهل مكة، ¬

(¬1) وقد ضعفه الشيخ الالباني في ضعيف الجامع الصغير برقم (2142) .. (¬2) أنظر تحفة الاشراف 11/ (15756)، والمسند الجامع 19/ (15800). (¬3) التقريب (3618). (¬4) أنظر تحفة الاشراف6/ (7553)، والمسند الجامع 10/ (8230).

واهل الطائف)). -إسناده ضعيف. * أخرجه "البزار"/ (3470) بهذا الإسناد (¬1). *وأورده "الهيثمي" -في المجمع 10/ 381 وقال: "رواه البزار والطبراني، وفيه جماعة لم أعرفهم". 142 - قال الحسن بن موسى -"الاشيب"-: حدثنا سعيد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن سالم عن أبيه عن عمر، - رضي الله عنه - قال: غلا السعر بالمدينة، واشتد الجهد فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اصبروا ابشروا فاني قد باركت على صاعكم، ومدكم، فكلوا، ولا تفرقوا فان طعام الواحد يكفي لاثنين، وطعام الاثنين يكفي الجماعة فمن صبر على لاوائها وشدتها كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة، ومن خرج عنها رغبة عما فيها ابدل الله به من هو خير منه، ومن ارادها بسوء اذابه الله كما يذوب الملح في الماء)). -إسناده ضعيف. * أخرجه "البزار" -واللفظ له- / (1185) من طرقٍ عن الحسن بن موسى بهذا الإسناد. وعلة الحديث هو عمرو بن دينار البصري، الاعور، قهرمان آل زبير: ضعيف (¬2). * ذكره "الهيثمي" -في المجمع- 3/ 305 وقال: "روى إبن ماجة طرفا منه*. رواه البزار ورجاله رجال الصحيح". * قال البزار: لا نعلمه عن عمر إلا من هذا الوجه، تفرد به عمرو بن دينار وهو لين، واحاديثه لا يشاركه فيها احد، وقد روى عنه جماعة. 143 - عن انس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:- ((من عال جارتين حتى يدركا، دخلت انا وهو الجنة كهاتين)). * أخرجه "مسلم" -واللفظ له- في البروالصلة / (149)، و"البخاري" -في الأدب المفرد / (894)، و"الترمذي"/ (1914)،وقال حسن غريب من هذا الوجه. من طرق عن ¬

(¬1) قال البزار عقب الحديث "لا نعلم روى عبد الملك عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا هذا". (¬2) أنظر التقريب (5025)، والتحرير 3/ 92.

عبيد الله بن أبي بكر بن انس عن انس به (¬1). *وأخرجه "أحمد" 3/ 147و156، و"عبد بن حميد"/ (1378). من طرق عن ثابت (¬2) عن انس بنحوه (¬3). 144 - قال قتيبة حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو عن سعيد المقبري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفية من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة)). *أخرجه "أحمد" 2/ 77، والبخاري" -واللفظ له-/ (6424)، و"البغوي"/ (1547). من طريق قتيبة بن سعيد الثقفي بهذا الإسناد (¬4). 145 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((دخلت امرأة معها إبنتان لها تسأل، فلم تجد عندي شيئا غير تمرة، فاعطيتها اياها، فقسمتها بين إبنتيها، ولم تأكل منها، ثم قامت فخرجت، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - علينا، فاخبرته فقال: من ابتلي من هذه البنات بشيء كنّ له ستراً من النار)). * أخرجه "أحمد" 6/ 33و87و166و243، و"عبد بن حميد"/ (1473)، و"البخاري"-واللفظ له-/ (1418و5995)، وفي الادب المفرد-/ (132)، و"مسلم" في البروالصلة/ (146)، و"الترمذي"/ (1913) وقال حسن وفي (1915) وقال حسن صحيح، و"إبن حبان"/ (2939)، و"البهيقي" 7/ 478، و"البغوي" / (1681). من طرق عن عروة بن الزبير (¬5) عن عائشة به (¬6). ¬

(¬1) أنظر تحفة الاشراف 1/ (1084و1713)، والمسند الجامع 2/ (1014). في رواية أحمد 3/ 147: قال ثابت عن انس أو غيره. وفي رواية عبد بن حميد (1378) قال حماد: عن ثابت ولا احسبه إلا عن انس. (¬2) في رواية أحمد 3/ 147: قال ثابت عن انس أو غيره. وفي رواية عبد بن حميد (1378) قال حماد: عن ثابت ولا احسبه إلا عن انس. (¬3) أنظر المسند الجامع 2/ (1015). * وهو عن أبي هريرة برقم (3114). (¬4) أنظر تحفة الاشراف/ (13004)، والمسند الجامع 18/ (14974). (¬5) هو ابن الزبير بن العوام بن خويلد الاسدي، ثقة فقيه مشهور -أنظر ترجمته في التقريب (4561). (¬6) أنظر تحفة الاشراف 12/ (16350و16665)، والمسند الجامع 20/ (16992).

*وأخرجه "أحمد" 6/ 92، و"مسلم"/ في البروالصلة (147)، و"إبن حبان"/ (448). من طرق عن عراك بن مالك (¬1) عن عائشة بنحوه (¬2). *وأخرجه "عبد بن حميد"/ (1530)، و"إبن ماجة"/ (3668)، و"إبن حبان"/ (2940). من طرق عن صعصعة بن معاوية (¬3) عن عائشة بنحوه (¬4). 146 - قال محمد بن المنكدر، حدثني جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من كن له ثلاث بنات يؤويهن ويرحمهن ويكفلهن وجبت له الجنة البتة قال: قيل: يا رسول الله فان كانت اثنتين قال: وان كانت اثنتين. قال فرأى بعض القوم أن لو قالوا له واحدة لقال واحدة)). -إسناده صحيح. *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 3/ 303، و"البخاري" -في الادب المفرد-/ (78)، و"البزار"/ (1908)، من طرق عن محمد بن المنكدر (¬5) عن جابر به (¬6). * ذكره الهيثمي -في مجمع - 8/ 157 وقال: "رواه أحمد والبزار والطبراني في الأوسط بنحوه وزاد ويزوجهن من طرق واسناد أحمد جيد". 147 - قال أبو عشانة المعامري: سمعت عقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن فاطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته كن له حجابا من النار)) (¬7). ¬

(¬1) هو الغفاري، المدنية ثقة فاضل-أنظر ترجمته في التقريب (4549). (¬2) أنظر تحفة الاشراف 11/ (16330)، والمسند الجامع 20/ (16993). (¬3) هو التميمي السعدي، عم الاحنف بن قيس مختلف في صحبته أنظر ترجمته في الاصابة، وانظر التقريب (2929). (¬4) أنظر تحفة الاشراف 11/ (16157)، والمسند الجامع 20/ (16994و16995). * جاءت في مسند "عبد بن حميد": صعصة عن الأحنف وهو خطأ. أنظر المسند الجامع 20/ص174. (¬5) أنظر التقريب/ (6327)، والتحرير 3/ 323. (¬6) أنظر المسند الجامع 4 / (2817). (¬7) * زاد إبن ماجة "يوم القيامة".

-إسناده صحيح. *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 4/ 154، والبخاري" -في الأدب المفرد-/ (76)، و"إبن ماجة" / (3669)، و"أبو يعلى"/ (1764)، و"الطبراني" -في الكبير- 17/ (826و827و830و854). من طرق عن أبي عشانة المعافري (¬1) عن عقبة به (¬2). 148 - روى شرحبيل بن سعد عن إبن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من رجل تدرك له إبنتان فيحسن اليهما ما صحبتاه أو صحبهما إلا ادخلتاه الجنة)). -إسناده ضعيف. *أخرجه "أحمد" 1/ 235و363، و"إبن ماجة" -واللفظ له-/ (3670). من طرق عن شرحبيل بن سعد، أبو سعيد المدني عن إبن عباس به (¬3). وشرحبيل: قال عنه إبن حجر: صدوق اختلط باخره (¬4). قلت: هو ضعيف، ضعفه إبن أبي ذئب، ومالك بن أنس، ويحيى بن معين وأبو حاتم، وأبو زرعة الرازيان والدارقطني (¬5). *وأخرجه "أبو يعلى"/ (2457)، و"الطبراني" -في الكبير- 11/ (11542). من طرق عن حنش بن قيس الرحبي، عن إبن عباس بنحوه. وحنش: هو الحسين بن قيس الرحبي، أبو علي الواسطي: متروك (¬6). * ذكره "الهيثمي" -في المجمع- باطول منه 8/ 162 وقال "وفيه حنش بن قيس، الرحبي وهو متروك". ¬

(¬1) هو حي إبن يؤمن المصري: ثقة. أنظر التقريب (1603)، والتحرير 1/ 336. (¬2) أنظر تحفة الاشراف 7/ (9921)، والمسند 13/ (9872). (¬3) أنظر تحفة الاشراف 4/ (5681)، والمسند الجامع 9/ (6746). (¬4) التقريب (2764). (¬5) أنظر الجرح والتعديل 4/ 338، وتهذيب الكمال 12/ 417 وميزان الاعتدال 2/ 266. (¬6) التقريب (1342)، والتحرير 1/ 291. * قد صححه الشيخ الالباني في صحيح إبن ماجة 12. أنظر تحفة الاشراف 5/ (6573)، والمسند الجامع 9/ (6747). التقريب (8462).

149 - أبي مالك الاشجعي عن إبن حدير عن إبن عباس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من كانت له انثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها ادخله الله الجنة)). -إسناده ضعيف. *أخرجه "أحمد" 1/ 223، و"أبو داود" -واللفظ له/ (5146)، و"الحاكم" 4/ 177. من طرق عن أبي مالك الأشجعي بهذا الإسناد (¬1). وعلة الحديث: هو إبن حدير: قال إبن حجر: مستور لا يعرف اسمه (¬2). قلت: قال الذهبي لا يعرف، وقد تفرد بالرواية عنه أبو مالك الأشجعي فهو مجهول (¬3). 150 - روى الزهري: عن سعيد بن المسيب: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد فيلج النار إلا تحلة القسم)). قال أبو عبد الله ((وان منكم إلا واردها)) (¬4). * أخرجه "مالك"/ (162)، و"عبد الرزاق"/ (20139)، و"الحميدي"/ (1020)، و"أحمد" 2/ 239و276و279، و"البخاري" -واللفظ له-/ (1251و6656)، -وفي الأدب المفرد- (143)، و"مسلم" /في البروالصلة/ (150)، و"الترمذي"/ (1060) وقال: حسن صحيح، و"النسائي" 4/ 25، و"في الكبرى"/ (2003و11320)، و"إبن ماجة"/ (1603)، و"أبو يعلى"/ (5882و6079)، و"البغوي"/ (1542). من طرق عن الزهري بهذا الإسناد (¬5). 151 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من الناس من مسلم يتوفى له ثلاث لم يبلغوا الحنث إلا ادخله الله الجنة بفضل رحمته اياهم)). *أخرجه "البخاري" -واللفظ له- / (1248و1381)، وفي "الادب المفرد"/ ¬

(¬1) أنظر ميزان الاعتدال 4/ 591. التحرير 4/ 306. (¬2) 6 مريم/71. (¬3) أنظر تحفة الاشراف 10/ (13133و13134)، والمسند الجامع 17/ (13276). (¬4) مرت ترجمته ص305. (¬5) أنظر تحفة الاشراف 1/ (1005و1036)، والمسند الجامع 1/ (578).

(151)، و"النسائي" 4/ 24، و"إبن ماجة"/ (1605)، و"أبو يعلى"/ (3927)، و"البهيقي" 4/ 67، و"البغوي"/ (1545). من طرق عن عبد العزيز بن صهيب البصري (¬1) عن انس به (¬2). *وأخرجه "أحمد" 3/ 152، من طريق ثابت البناني عن انس بنحوه (¬3). *وأخرجه "النسائي" 4/ 23، و"إبن حبان" / (2943)، من طرق عن حفص بن عبيد الله بن انس بن مالك (¬4)، عن انس بنحوه (¬5). 152 - قال عبد الله "بن وهب": حدثني عمرو بن الحارث، قال حدثني بكير بن عبد الله، عن عمران بن نافع، عن حفص، عن عبيد الله، عن انس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:- ((من احتسب ثلاثة من صلبه دخل الجنة، فقامت امرأة فقالت: أو اثنان؟ اقل: أو اثنان، قالت المرأة: يا ليتني قلت واحداً)). -إسناده صحيح. * اخرجه "النسائي" -واللفظ له- 4/ 23، -وفي الكبرى- / (1999) من طرق عن عبد الله بن وهب بهذا الاسناد (¬6). ورجال السند ثقات، وأما قول ابن حجر في ترجمته عمران بن نافع المدني: مقبول (¬7)، فالصواب انه: ثقة فقد وثقه النسائي وذكره ابن حبان في "الثقات" (¬8)، وقد نص صاحبا التحرير على ذلك. (¬9) ¬

(¬1) أنظر المسند الجامع 1/ (579). (¬2) حفص: صدوق، ولكنه موثق في روايته عن جده انس. أنظر التهذيب 2/ 349 والتقريب (1411). (¬3) أنظر تحفة الاشراف 1/ (549)، والمسند الجامع 1/ (580). (¬4) (¬5) (¬6) لم اجده في مسند انس بن مالك في تحفة الاشراف، والمسند الجامع 1/ (850). (¬7) التقريب / (5175). (¬8) الثقات 7/ 242، وتهذيب الكمال 22/ 364، والكاشف2/الترجمة (4344). (¬9) انظر التحرير 3/ 118.

وأما حفص عبيد الله بن ابي بكر بن انس بن مالك: قال ابن حجر "في التقريب" (¬1): صدوق (¬2). وقال في "التهذيب" (¬3): فانه ثقة في حديث جده، صدوق في غيره وهو الأصوب - والله أعلم-. 153 - عن أبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة من أولادهما لم يبلغوا الحنث إلا غفر الله لهما)). -إسناده صحيح. *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 5/ 151و153و159و164، و"الدارمي"/ (2408)، و"البخاري في الأدب المفرد"/ (150)، و"النسائي: 4/ 24، و"إبن حبان" / (2940) و (4644). من طرق صعصعة بن معاوية (¬4) عن أبي ذر به (¬5). *وأخرجه "أحمد" 5/ 155و166 من طريق ام ذر (¬6) عن أبي ذر بنحوه (¬7). 154 - عن عتبة بن عبد السلمي - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ما من رجل مسلم يتوفى له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية من ايها شاء دخل)). -إسناده صحيح. *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 4/ 183و184، و"إبن ماجة"/ (1604)، و"الطبراني"/ -في الكبير- 17/ (309). من طرق عن شرحبيل بن شفعة الشامي (¬8) عن عتبة به (¬9). ¬

(¬1) التقريب (1411). (¬2) التحرير 1/ 303. (¬3) التهذيب 2/ 349. (¬4) صحابي جليل، أظر الأصابة 3/ 244. (¬5) انظر تحفة الاشراف 9/ (11923)، والمسند الجامع 16/ (12274). (¬6) لم تذكر "ام ذر" في رواية أحمد 5/ 166، بل جاءت: " ... .عن ابراهيم الاشتر أن ابا ذر حضره الموت وهو بالربدة فبكت امراته ... " الحديث. (¬7) انظر المسند الجامع 16/ (12275). (¬8) جاء في التقريب (2768): "صدوق"، وانظر التهذيب 4/ 285، والخلاصة (164). (¬9) انظر تحفة الاشراف 7/ (9754)، والمسند الجامع 12/ (9614).

*وأخرجه "الطبراني" -في الكبير- 17/ (294) من طريق شريح بن عبيد الحضرمي (¬1) عن عتبة بنحوه. 155 - روى عبد الرحمن بن الأصبهاني عن ذكوان عن أبي سعيد - رضي الله عنه -: أن النساء قلن للنبي - صلى الله عليه وسلم -:اجعل لنا يوما، فوعظهن وقال: ((أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد كانوا لها حجابا من النار قالت امرأة: واثنان؟ قال: واثنان)). * أخرجه "أحمد" 1/ 36و2/ 92 و3/ 14و34و72، و"عبد بن حميد"/ (916)، و"البخاري" -واللفظ له- / (101و102و1249و2633)، و"مسلم" -في البروالصلة-/ (152و153)، و"النسائي" -في الكبرى-/ (5896و5897)، و"إبن حبان"/ (2944)، و"البهيقي"4 ... /67، و"البغوي" / (1546). من طرق عن عبد الرحمن بن الاصبهاني (¬2) بهذا الاسناد (¬3). 156 - قال طلق بن معاوية: سمعت ابا زرعة يحدث عن أبي هريرة - رضي الله عنه -:اتت امرأة النبي - صلى الله عليه وسلم - بصبي لها، فقالت: يا نبي الله، ادع الله له فلقد دفنت ثلاثة. قال: "دفنت ثلاثة؟ "، قالت: نعم. قال: "لقد احتظرت بحظار شديد من النار". * أخرجه "أحمد" 2/ 419و536، و"البخاري -في الادب المفرد"/ (144و147)، و"مسلم" -واللفظ له- في البروالصلة/ (155و156)، و"النسائي"4/ 26. من طرق عن طلق بن معاوية (¬4) بهذا الاسناد (¬5). 157 - روى: سهيل عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لنسوة من الانصار "لا يموت لاحداكن ثلاثة من الولد فتحتسبه إلا دخلت الجنة" فقالت امرأة منهن: أو اثنين يا رسول الله؟! قال: "أو اثنين". * أخرجه "أحمد" 2/ 246و378، و"البخاري-في الادب المفرد-"/ (148)، ¬

(¬1) ثقة، يرسل كثيراً، انظر التقريب (2775)، وللاستزادة انظر الجرح والتعديل 4/ 334، والتهذيب 4/ 288، والخلاصة 165. (¬2) انظر ترجمته التقريب (3926)، والتحرير 2/ 332. (¬3) انظر تحفة الاشراف 3/ (4028)، والمسند الجامع 6/ (4327). (¬4) هو النخعي، انظر ترجمته في التقريب (3044)، والتحرير 2/ 162. (¬5) انظر تحفة الاشراف 10/ (14891)، والمسند الجامع 17/ (14266).

و "مسلم" -واللفظ له-/ في كتاب البروالصلة (151)، و"النسائي" -في الكبرى- "تحفة الاشراف"9/ (12668)، و"البيهقي" 4/ 67. من طرق عن سهيل بن أبي صالح بهذا الاسناد (¬1) 158 - قال اسحاق (الازرق) أنبأنا عوف: عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:- ((ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله وأياهم بفضل رحمته الجنة وقال: يقال لهم: ادخلوا الجنة، قال فيقولون: حتى يجيء أبوانا- قال ثلاث مرات فيقولون مثل ذلك- فيقال لهم ادخلوا الجنة أنتم وأبواكم)). -إسناده صحيح. *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 2/ 510، و"النسائي" 4/ 25 - وفي الكبرى- (2004). من طرق عن اسحاق الازرق بن يوسف بن مرداس المخزومي الواسطي (¬2) بهذا الإسناد (¬3). 159 - قال محمد بن اسحاق: حدثني محمد بن ابراهيم عن محمود بن لبيد عن جابر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من مات له ثلاثة من الولد فاحتسبهم دخل الجنة، قال:_ قلنا: يا رسول الله واثنان؟ قال: واثنان)) قال محمود: فقلت لجابر: اراكم لو قلتم وواحدا لقال وواحدا، قال: وانا والله اظن ذلك. -إسناده صحيح. *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 3/ 306، و"البخاري" -في الادب المفرد-/ (146)، و"إبن حبان"/ (2946). من طرق عن محمد بن اسحاق بن يسار امام المغازي به (¬4). ورجال السند ثقات، واما كون إبن حجر قال في إبن اسحاق: صدوق يدلس (¬5)، فان "إبن معين، وأحمد بن حنبل، وسفيان بن عينيه وعلي بن المديني، وغيرهم قد وثقوه، ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف 9/ (12668)، والمسند الجامع 17/ (14267). (¬2) ثقة، انظر التقريب (396)، والتحرير 1/ 125. (¬3) انظر تحفة الاشراف 10/ (14489)، والمسند الجامع 17/ (14268). (¬4) انظر المسند الجامع 3/ (2381). (¬5) التقريب (5725).

واثنى عليه الجم الغفير من العلماء منهم شيخه الزهري، وعاصم بن عمر بن قتادة" (¬1). فهو ثقة يدلس (¬2). وقد أنتفت شبهة التدليس هنا لما صرح بالسماع فهو ثقة. * اورده "الهيثمي" -في المجمع 3/ 7 وقال: "رواه أحمد ورجاله ثقات". 160 - روى معاوية بن قرة، عن أبيه - رضي الله عنه -: أن رجلا كان ياتي النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه إبن له، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - أتحبه؟ فقال: يا رسول الله: احبك الله كما احبه. ففقده النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لي: ((ما فعل إبن فلان؟ قالوا: يا رسول الله مات. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبيه: أما تحب أن لا تاتي بابا من أبواب الجنة فقال الرجل: يا رسول الله اله خاصه ام لكلنا قال بل لكم)). -إسناده صحيح. *أخرجه "الطيالسي"/ (1075)، و"أحمد" -واللفظ له- 3/ 436 و5/ 34، و"النسائي" 4/ 22و118، و"إبن حبان"/ (2947)، و"الطبراني" -في الكبير- 19/ (54و61)، و"الحاكم" 1/ 384. من طرق عن معاوية بن قرة بن اياس بن هلال المزني (¬3) عن أبيه به (¬4). 161 - قال عبيد العجل حدثنا اسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحراني قال حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم قال: حدثني أبو الفضل عن سنان مولى واثلة قال: توفي ولد الريان وشهده واثلة فلما انصرفوا من المقبرة قعد واثلة على باب دمشق فمر به الريان فقال له واثلة: يا ابا سعيد، جبّر الله مصيبتك وغفر لمتوفاك، قال اني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من دفن ثلاثة من الولد حرّم الله عليه النار)). -إسناده ضعيف. *أخرجه "الطبراني" -في الكبير- 22/ (231)، بهذا الاسناد. وعلة الحديث: ¬

(¬1) أنظر الجرح والتعديل 1/ 62،والعقيلي 1/ 5،وتهذيب الكمال 1/ 44 (88)،وميزان الإعتدال1/ 112. (¬2) وللمزيد أنظر كتابنا: وثيقة المدينة المنورة دراسة تحليلية ص 16 فما بعد. (¬3) انظر ترجمته في التقريب (6769). (¬4) انظر تحفة الاشراف 8/ (11084)، والمسند الجامع 14/ (11185).

سنان بن أبي منصور: مجهول (¬1). وقد انفرد ولم يتابع. * اورده "الهيثمي" -في المجمع- 3/ 7 وقال:"وسنان مجهول". 162 - عن داود بن أبي عن عبد الله بن قيس عن الحارث بن اقيش قال: كنا عند أبي برزة ليلة فحدث ليلتئذ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((ما من مسلمين يموت لهما أربعة افراط إلا ادخلهما الله الجنة بفضل رحمته، قالوا: يا رسول الله، وثلاثة؟ قال: وثلاثة. قالوا: واثنان؟ قال: واثنان. قال وان من أمتي لمن يعظم للنار حتى يكون احد زواياها، وان من أمتي لمن يدخل الجنة بشفاعته مثل مضر)). -إسناده ضعيف. * أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 4/ 212. من طرق عن داود بن أبي هند بهذا الاسناد (¬2). وعلته: هو عبد الله بن قيس النخفي الكوفي: مجهول (¬3). وقد انفرد ولم يتابع. 163 - روى عبد الملك بن جريج عن أبي الزبير عن عمر بن نبهان عن أبي ثعلبة الاشجعي قال: قلت: مات لي يا رسول الله ولدان في الاسلام فقال:- ((من مات له ولدان في الاسلام ادخله الله عز وجل الجنة بفضل رحمته اياهما)). قال: فلما كان بعد ذلك لقيني أبو هريرة قال: فقال أنت الذي قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الولدين ما قال؟ قلت: نعم، قال:- فقال:- لئن قال لي احب الي مما غلقت عليه حمص وفلسطين (¬4). -إسناده ضعيف. *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 6/ 396، و"الطبراني" -في الكبير- 22/ (601و956و957). من طرق عن عبد الملك بن جريج بهذا الاسناد (¬5). وعلة الحديث عمر بن نبهان: مجهول (¬6). وقد انفرد ولم يتابع. 164 - روى حماد بن سلمة عن أبي سنان قال: دفنت إبنا لي، واني لفي شفير ¬

(¬1) انظر ميزان الاعتدال 2/ 235. (¬2) انظر المسند الجامع 15/ (11846). (¬3) التقريب (3546). (¬4) متن الحديث وقع في المطبوع من مسند أحمد نقص وتبديل، واثبتّه من المسند الجامع. (¬5) انظر المسند الجامع 16/ (12191). (¬6) التقريب (4977).

القبر اذ اخذ بيدي أبو طلحة فاخرجني فقال: إلا ابشرك؟ قال: قلت: بلى، قال: حدثني الضحاك بن عبد الرحمن عن أبي موسى الاشعري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((قال الله تعالى: يا ملك الموت: قبضت ولد عبدي، قبضت عينه وثمرة فؤاده؟ قال: نعم، قال:- فما قال؟ قال: حمدك واسترجع، قال: إبنوا له بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد)). -إسناده ضعيف. *أخرجه "الطيالسي"/ (508)، و"أحمد" -واللفظ له- 4/ 415، و"الترمذي"/ (1021)، وقال: حسن غريب، و"إبن حبان"/ (2948). من طرق عن حماد بن سلمة البصري به (¬1). وعلة الحديث هو أبو سنان: عيسى بن سنان القسملي، الشيباني، قال إبن حجر: لين الحديث (¬2). وفيه ايضا أبو طلحة: سفيان بن عبد الله الحضرمي الخولاني: مقبول (¬3). وقد انفردا ولم يتابعا. 165 - عن انس بن مالك - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((أن الله إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة)). يريد عينه. *أخرجه "أحمد" 3/ 144 و"البخاري -واللفظ له- / (5653)، و"البخاري في الادب المفرد"/ (534). من طرق عن عمرو مولى المطلب عن انس به (¬4). *وأخرجه "عبد بن حميد"/ (1227)، و"البخاري" -تعليقا-/ (5653)، و"الترمذي"/ (2400)، وقال حسن غريب من هذا الوجه. من طرق عن أبي ظلال بن هلال بنحوه (¬5). *وأخرجه "أحمد" 3/ 156 من طريق النضربن أنس عن أنس بنحوه (¬6). *وأخرجه "أحمد" 3/ 283، و"البخاري" -تعليقا-/ (5653)، من طريق الاشعث ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف 6/ (9005)، والمسند الجامع 11/ (8821). (¬2) التقريب (5295). (¬3) التقريب: (8190). (¬4) انظر تحفة الاشراف 1/ (1118)، والمسند الجامع 2/ (955). (¬5) انظر تحفة الاشراف 1/ (1643)، والمسند الجامع 2/ (956). (¬6) انظر المسند الجامع 2/ (957).

الحداني عن انس بنحوه (¬1). *وأخرجه "عبد بن حميد"/ (1228) من طريق أبي بكر بن عبيد الله بن انس عن انس بنحوه (¬2). 166 - روى الاعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يقول الله عز وجل: من اذهبت حبيبيته فصبر واحتسب لم ارض له ثوابا دون الجنة)). -إسناده صحيح. *أخرجه "أحمد" 2/ 265، و"الدارمي"/ (2798)، و"الترمذي" -واللفظ له-/ (2401)، وقال: حسن صحيح، و"النسائي" -في الكبرى-/ (1446)، "وإبن حبان"/ (2932). من طرق عن الاعمش بهذا الاسناد (¬3). وعنعنة الاعمش هنا لا تعل السند لأنها عن أبي صالح السمان، وهو ممن اكثر عنهم الرواية فتحمل روايته على الاتصال (¬4). 167 - قال يعقوب بن ماهان حدثنا هشيم قال: أبو بشر اخبرني عن سعيد بن جبير عن إبن عباس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يقول الله تبارك وتعالى: إذا اخذت كريمتي عبدي فصبر واحتسب لم ارض له ثوابا دون الجنة)). -إسناده حسن (¬5). * أخرجه "أبو يعلى"/ (2365)، و"إبن حبان" -واللفظ له-/ (2930)، و"الطبراني" -في الكبير- 12/ (12452). من طرق عن يعقوب بن ماهان البغدادي بهذا الاسناد. ويعقوب: صدوق (¬6). وقد انفرد ولم يتابع. * اورده "الهيثمي" -في المجمع- 2/ 308: وقال "رواه أبو يعلى والطبراني في الكبير والاوسط، ورجال أبي يعلى ثقات". ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف 1/ (230)، والمسند الجامع 2/ (958). (¬2) انظر المسند الجامع 2/ (959). (¬3) انظر تحفة الاشراف 9/ (12386)، والمسند الجامع 18/ (14973). (¬4) انظر التحرير 2/ 78. (¬5) لقد صححه الشيخ شعيب الارنووط 7/ 193 برقم (2930). ولعله صححه لشواهده. (¬6) التقريب (7830)، وانظر التحرير 4/ 127. * لقد صححه الشيخ شعيب الارنووط 7/ 193 برقم (2930). ولعله صححه لشواهده.

168 - روى ثابت بن عجلان عن القاسم عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أن الله عز وجل يقول: يا إبن آدم إذا كريمتيك فصبرت واحتسبت عند الصدمة الأولى لم أرض لك بثواب دون الجنة)). -إسناده حسن. * أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 5/ 258، و"البخاري" -في الادب المفرد-/ (535)، و"إبن ماجة"/ (1597)، و"الطبراني" -في الكبير- 8/ (7788و7789). من طرق عن ثابت بن عجلان بهذا الإسناد (¬1). وثابت بن عجلان الأنصاري: صدوق (¬2). والقاسم: هو إبن عبد الرحمن الدمشقي: قال إبن حجر: صدوق يغرب كثيراً (¬3). قلت: وثقه البخاري، وإبن معين، ويعقوب بن سفيان، والترمذي، والجوزحاني، وأبو حاتم ... على أن روايته عن كثير من الصحابة مرسلة فقد قيل: انه لم يسمع من احد من الصحابة سوى أبي امامة (¬4). فهو ثقة. * اورده "الهيثمي" -في المجمع- 2/ 208 وقال:"فيه اسماعيل بن عياش" (¬5). 169 - روى جابر عن خيثمة عن انس بن مالك - رضي الله عنه - قال: لقد اصإبني رمد فعادني النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: فلما برأت خرجت قال: فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ارأيت لو كان عيناك لما بهما ثم صبرت واحتسبت إلا اوجب الله تعالى لك الجنة)). -إسناده ضعيف. *أخرجه "أحمد" 3/ 155و160. من طرق عن جابر الجعفي بهذا الاسناد (¬6). -وجابر: هو بن يزيد بن الحارث الجعفي، الكوفي: ضعيف، رافضي (¬7). ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف4 / (4911)، والمسند الجامع 7/ (5284). (¬2) التقريب (822)، وانظر ميزان الاعتدال 1/ 364، والتحرير 1/ 196. (¬3) التقريب (5470)، وانظر ميزان الاعتدال 3/ 373. (¬4) أنظر الجرح والتعديل 7/ 113 وميزان الاعتدال 3/ 373. (¬5) وقد توبع هنا. (¬6) انظر المسند الجامع 1/ (975). (¬7) التقريب / (878).

-وخثيمة: هو بن أبي خثيمة: أبو نصر البصري: لين الحديث (¬1). قلت هو ضعيف لا يعتبر به (¬2). وقد انفردا ولم يتابعا. *اورده "الهيثمي" -في المجمع- "رواه أحمد وفيه الجعفي وفيه كلام كثير، وقال: وقد وثقه الثوري وشعبة". 170 - قال عبد الرحمن: حدثني أبي عن أمه عائشة بنت قدامة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((عزيز على الله عز وجل أن يأخذ كريمتي مسلم ثم يدخله النار)) ... قال يونس: يعني عينيه. -إسناده ضعيف. *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 6/ 365، و"الطبراني" -في الكبير- 24/ (856). من طرق عن عبد الرحمن بن عثمان الحاطبي بهذا الاسناد (¬3). وعبد الرحمن: ضعيف (¬4). *اورده "الهيثمي" -في المجمع 2/ 308 وقال:- "رواه أحمد والطبراني في الكبير، وفيه عبد الرحمن بن عثمان الحاطبي، ضعفه أبو حاتم، وذكره إبن حبان في الثقات". 171 - عن العرباض بن سارية - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - -عن ربه- قال: ((إذا سلبت من عبدي كريمتيه وهو بهما ضنين، ولم أرض له ثواباً دون الجنة، إذا حمدني عليهما)). -إسناده ضعيف. * أخرجه "البزار"/ (771) بسند ضعيف فيه أبو بكر من أبي مريم الغساني، الشامي: وهو ضعيف (¬5). لايصلح للمتابعة. * وأخرجه "إبن حبان" -واللفظ له-/ (2931) بسند ضعيف فيه عمرو بن الحارث بن الضحاك الزبيدي الحمصي: قال إبن حجر: مقبول (¬6)، وقد تفرد به. ¬

(¬1) التقريب (1772). (¬2) أنظر الجرح والتعديل 3/ 394، وميزان الاعتدال 2/ 669. (¬3) انظر المسند الجامع 20/ (17358). (¬4) انظر الجرح والتعديل 5/ 264. (¬5) انظر ترجمته في التقريب (7974)، والتحرير 4/ 158. (¬6) انظر ترجمته في التقريب (5001)، وانظر التحرير 3/ 89.

* ذكره "الهيثمي" -في المجمع- 20/ 208 - 209 وقال: "رواه البزار والطبراني في الكبير وفيه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف". ولما كان الطريق الأول فيه من لا يعتبر به والاخر ضعيفاً معتبراً فالاسناد يبقى ضعيفا -والله اعلم-. 172 - روى أبو اسامة عن عبد الرحمن بن يزيد، عن اسماعيل بن عبيد الله، عن أبي صالح الاشعري، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: انه عاد مريضا ومعه أبو هريرة، من دعك كان به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ابشر أن الله عز وجل يقول: ناري اسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا لتكون حظه من النار في الاخرة)). -إسناده حسن. * أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 2/ 440، و"إبن ماجة"/ (3470)، من طرق عن أبي اسامة بهذا الاسناد (¬1). وأبو اسامة: هو حماد بن اسامة الهاشمي، مولاهم الكوفي: ثقة ثبت ربما دلس، وكان باخرة يحدث من كتب غيره (¬2). قلت كان يبين تدليسه وقد استنكر على إبن حجر قوله كان يحدث من كتب غيره (¬3). واسماعيل إبن عبيد الله: هو بن أبي المهاجر المخزومي: ثقة (¬4). وأبو صالح الاشعري: هو الشامي: قال إبن حجر: مقبول (¬5). قلت قال أبو حاتم: لا بأس به، ووثقه الذهبي. (¬6) وجاء في التحرير "ولا نعلم فيه جرحاً" (¬7). ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف/ (15439)، والمسند الجامع 17/ (13967). (¬2) التقريب (1487)، وانظر التحرير 1/ 137. (¬3) أنظر تهذيب الكمال 7/ 223 وميزان الاعتدال 1/ 588 وهامش التحرير 1/ 316. (¬4) التقربي (466) .. (¬5) التقريب (8168). (¬6) أنظر الجرح والتعديل 9/ 392 وميزان الاعتدال 4/ 538. (¬7) التحرير 4/ 215.

وقد انفرد أبو صالح ولم يتابع. 173 - روى الاعمش عن أبي سفيان عن جابر - رضي الله عنه - قال: ((استاذنت الحمى على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: من هذه؟ قالت ام ملدم، قال: فامر بها إلى أهل قباء فلقوا منها ما يعلم الله فاتوه فشكوا ذلك اليه فقال: ما شئتم. أن شئتم أن ادعو الله لكم فيكشفها عنكم، وان شئتم أن تكون لكم طهورا، قالوا: يا رسول الله أو تفعل؟ قال: نعم، قالوا: فدعها)). -إسناده حسن. *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 3/ 316، و"عبد بن حميد"/ (1023)، و"أبو يعلى"/ (1892)، و"إبن حبان"/ (2935)، و"الحاكم" 1/ 346. من طرق عن الاعمش بهذا الاسناد (¬1). وأبو سفيان: هو طلحة بن نافع الواسطي: صدوق (¬2)، روى له البخاري مقرونا، وحديثه عن جابر صحيفة (¬3). واحاديث الاعمش منه مستقيمة، فلا تضر عنعنه الاعمش عنه. ولما انفرد أبو سفيان ولم يتابع فحديثه حسن. *اورده "الهيثمي" -في المجمع- 2/ 305، وقال:- "رواه أحمد وأبو يعلى ورجال أحمد رجال الصحيح". 174 - روى محمد بن مطرف عن أبي الحصين عن أبي صالح الاشعري عن أبي امامة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الحمى من كير جهنم فما أصاب المؤمن منها كان حظه من النار)). -إسناده ضعيف. *أخرجه "أحمد" -واللفظ له- 5/ 252و264، و"1لطبراني" -في الكبير- 8/ (7468). من طرق عن محمد بن مطرف بن داود الليثي بهذا الاسناد (¬4). وعلة الحديث هو أبي حصين الفلسطيني: مجهول (¬5). وقد انفرد ولم يتابع. *اورده "الهيثمي" -في المجمع- 2/ 305 وقال "فيه أبو حصين الفلسطيني ولم ار له ¬

(¬1) انظر المسند الجامع 4 / (3014). (¬2) التقريب / (3035). (¬3) أنظر الجرح والتعديل 4/ 475، وتهذيب الكمال 13/ 440 وميزان الاعتدال 2/ 342. (¬4) انظر المسند الجامع 7/ (5285). (¬5) التقريب (8055).

راويا غير محمد بن مطرف". 175 - قال عطاء بن أبي رباح: قال لي إبن عباس - رضي الله عنه -: إلا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء اتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: اني اصرع واني اتكشف فادع الله لي، قال: ((إن شئت صبرت ولك الجنة، وان شئت دعوت الله أن يعافيك. فقالت:- اصبر، فقالت: اني اتكشف، فادع الله لي أن لا اتكشف فدعا لها)). *أخرجه "أحمد" 1/ 346، و"البخاري" -واللفظ له-/ (5652)، وفي -الادب المفرد-/ (505)، و"مسلم" في البروالصلة / (54)، و"النسائي" -في الكبرى- "تحفة الاشراف" 5/ (5952). من طرق عن عطاء بن أبي رباح عن إبن عباس به (¬1). ¬

(¬1) انظر تحفة الاشراف 5/ (5952)، والمسند الجامع 9/ (6721).

خاتمة وبعد: فإن الشفاعة ثابتة في القرآن الكريم منطوقاً ومفهوماً ففي المنطوق كقوله تعالى: "من ذا الذي يشفع عنده إلا باذنه .... " (¬1)، وقال: "لا يملكون الشفاعة الا من اتخذ عند الرحمن عهداً" (¬2) وغيرها. فما من آية إلا وهي مرتبطة بنفي متقدم واستثناء عقيب، فينتقص النفي بالاستثناء. ومفهوماً كقوله تعالى "ولسوف يعطيك ربك فترضى" (¬3)، وقوله "عسى ان يبعثك ربك مقاماً محموداً" (¬4). وتنقسم الشفاعة باعتبار زمانها الى شفاعة دنيوية وشفاعة آخروية. فالشفاعة الدنيوية: هي التي يكون نفعها في الدنيا كاستسقاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لامته ودعائه لهم، وكشفاعات بعض المسلمين لبعض فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "اشفعوا اليّ فلتؤجروا وليقض الله على لسان نبيه ما كان" (¬5). وأما الشفاعة الاخروية: فهي طلب من الله "عز وجل" لنفع محتاج او دفع ضرٍ عنه. وهي تنقسم الى شفاعة منفية نفاها القرآن الكريم بقوله "من قبل ان ياتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون" (¬6). وقد نفاها القرآن رداً على المشركين ومن ضاهاهم من جهال هذه الامة. والشفاعة المثبتة اثبتها القرآن الكريم ولكن بشرطيها "الاذن والرضى". كما جاء في قوله تعالى "يومئذٍ لا تنفع الشفاعة الا من اذن له الرحمن ورضي له قولاً" (¬7). وغيرها من الايات. وقد تبين لنا بالاستقراء لآيات الله شرطاً ثالثاً هو العهد: قال تعالى "لا يملكون الشفاعة الا من اتخذ عند الرحمن عهدا" (¬8). وجاءت الشفاعة في السنة النبوية الصحيحة عن عدة صحابة يبلغون حوالي اكثر من ستة وثلاثين صحابياً فهي متواترة، وأما أنواعها ومفرداتها فبعضها متواتر المعنى وبعضها ¬

(¬1) البقرة /255 (¬2) مريم/87 (¬3) الضحى/3 (¬4) الاسراء/79 (¬5) اخرجه البخاري/ (1432) (¬6) البقرة/ 254 (¬7) طه/ 109 (¬8) مريم/ 87

آحاد مؤيدة بنصوص من القرآن، وبعضها آحاد مجردة. ففي أحاديث الشفاعة اخبار احاد يمكن تحصيل العلم بها اما لتواترها تواتراً معنويا كالشفاعة لاهل الكبائر، واما لموافقتها لاصل في كتاب الله عز وجل كشفاعة المقام المحمود. وثبوت بعض هذه الاحاديث على سبيل القطع لا يعني وجوب الاعتقاد بكل ما ورد فيها من اخبار لان فيها ما لم يصح من جهة السند، وما لم يصح من جهة المتن لمخالفتها الادلة القاطعة -وقد حاولت استيعاب لتخريج كل المروريات التي جاءت فيها لفظة "شفع" على سبيل الاستقصاء التام او القريب من التام من امهات الكتب من الكتب الستة، والمسانيد والمصنفات وغيرها، وقمت بتخريج تلك المروريات تخريجاً علمياً نقدياً. بالاعتماد على كتب الرجال والتراجم. وقسمت الاحاديث الى صحيحه، وحسنه، وضعيفه. لذا فالواجب هو الايمان والاعتقاد باصل الشفاعة اما تفصيلاتها ودقائقها فلا يجب ذلك ولايكفر جاحده -والله اعلم-. لأن في بعض هذه التفصيلات اخباراً آحاداً صحت من جهة السند ولم تخالف قطيعاً ولم تصل التصديق دون الاعتقاد الجازم. وقد يثبت لأحد تواتر مسألة معينة ولم يثبت لغيره تواترها فلا يكفر اذا ما جحدها كانكار المعتزلة النبي - صلى الله عليه وسلم - لاهل الكبائر. وأما في مسالة المقام المحمود فقد حررت القول فيه وبينت وجه بطلان الاثر الذي تناقله بعض المحدثين عن مجاهد في تفسيره للمقام المحمود بانه اقعاد النبي - صلى الله عليه وسلم - على العرش، وبينت ضعف سنده ونكارة متنه ورجحت ان المراد بالمقام المحمود هو الشفاعة. ثم بينت الاختلاف في موضع شفاعة المقام المحمود وكانت على اقوال عدة منها: ان المقام المحمود: هو شفاعة فصل القضاء، ومنها انه ثلاثة شفاعات هي: شفاعة فصل القضاء، وشفاعة المرور على الصراط، وشفاعة الدخول الى الجنة، ومنها ان المقام المحمود: هو الشفاعة كلها. فهذه الاقوال كلها اجتهادية لم يرد نص يحدد موضع المقام المحمود وعليه فلا مسوغ لتحديده وانما يكفي اصل الايمان والاعتقاد به.

وفي فصل شفاعة الاعمال توضح لنا ان هناك بعض الاعمال تشفع لصاحبها يوم القيامة كشفاعة كلمة التوحيد وشفاعة الإنتماء لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وشفاعة الصيام والقرآن وتربية الاناث وموت الأولاد ... وغيرها وبينت شروط كل نوع من هذه الانواع. وكل ما جاءت من هذه الأنواع ولم يرد فيها لفظة "شفع" او مشتقاتها فهي على سبيل الظن لا القطع، وهو من باب الترغيب والحث على العمل.

ملحق

ملحق تعريف أهم الفرق وتراجم بعض الأعلام المذكورين في البحث أولاً: تعريف أهم الفرق: 1 - الأشاعرة: ولدت الاشاعرة في اليوم الذي انقلب في قطب كبير من اقطاب المعتزلة، وبدأ بتأسيس علم كلام جديد هدفه الحد من سطوة العقل عند المعتزلة لصالح الاتجاه النصي الذي نادى به أهل السنة والحديث، لقد كان ذلك الرجل ابا الحسن الاشعري، وكان اتباعه إلى اليوم "الاشاعرة". لقد لبث الأشعري اربعين عاماً في احضان المعتزلة، ثم انقلب عليهم فهالهم انقلابه، وكاد أن يمحى به الصراع السني الإعتزالي الطويل، فلقد إلتقى الناس على هذا المذهب بجمهورهم الكبير، وبقي يضم العلماء من شتى الوجهات والإختصاصات والى اليوم. وأبرز النقاط التي يلتقي عليها الاشاعرة هي: I- اتفاقهم على ثبات صفات الله -تعالى- وردت في النصوص الصحيحة ولذلك يسمون "الصفاتية". II- اتفاقهم على ان كلام الله صفة لله وهو غير مخلوق. جـ- اتفاقهم على صحة رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة. د - اتفاقهم على عدم التكفير بالذنب، وجواز خروج الفاسق من النار بعد ان استحق الدخول فيها. هـ- اتفاقهم على ان الله لا يجب عليه شيء. واتفاقهم على وجود الشفاعة للرسول - صلى الله عليه وسلم -. ز - اتفاقهم على حب الصحابة وآل البيت اجمعين، وتعديلهم، والاقرار بأمامة أبى بكر ثم عمر ثم عثمان علي - رضي الله عنه -. أنظر مقالات الإسلاميين، الأشعري 1/ 324, والتبصير في الدين، الأسفراييني 153 - 187، والعقيدة الإسلامية في القرآن الكريم ومناهج المتكلمين، محمد عياش ص334. 2 - الخوارج: ويقال لهم الحرورية والنواصب وهم الذين كانوا في جيش علي ثم

خرجوا عنه بعد التحكيم فحاربهم وقتل منهم خلقا كثيرا في النهروان. ويجمع الخوارج على تكفير علي لقبوله بالتحكيم، وتكفير الحكمين ومن رضي بالتحكيم. وهم طوائف كثيرة أوصلها الأشعري إلى أكثر من خمس وعشرين طائفة. منهم يغالي في عدائه للمخالفين، ومنهم من يلين بعض الشيء وان كانت الغلطة سمة بارزة في جميعهم. وأهم فرقهم الازارقة والنجدات والاباضية. أنظر مقالات الإسلاميين: 156وما بعدها. والفرق بين الفرق 56. 3 - الرافضة: وإنما سُمّوا رافضة لرفضهم إمامة أبي بكر وعمر ويقال لأنهم رفضوا زيد بن علي. وهم مجمعون على ان النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على استخلاف علي بن أبى طالب باسمه وأظهر ذلك واعلنه وان اكثر الصحابة ضلوا بتركهم الاقتداء به بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن الإمامة لاتكون إلا بنص وتوقيف. وهم اربعة وعشرون فرقة. منهم الاثنا عشرية الذين ينصون على إمامة علي ثم ابنه الحسن ثم الحسين ثم في عقبه إلى المنتظر الذي هو محمد بن الحسن العسكري. وهم جمهور الشيعة اليوم. منهم الكيسانة اتباع مختار بن أبى عبيد الثقفي، ويجمع هؤلاء القول بأمامة محمد بن الحنفية والقول بتجويز البداء على الله تعالى. ومنهم القرامطة الذين ينصون على أمامة محمد بن اسماعيل بن جعفر وهو سابع الائمة عندهم وهو المهدي المنتظر. أنظر مقالات الاسلاميين:1/ 87 و 98.والفرق بين الفرق: 17. 4 - المرجئة: الإرجاء في اللغة: التأخير. أنظر مختار الصحاح:236. وسميت هذه الطائفة بهذا الاسم لقولهم بتأخير الأعمال عن الإيمان بمعنى أنهم قد بالغو في اثبات الوعد عكس الخوارج المبالغين في الوعيد. وجوز المقريزي أن تكون هذه التسمية آتيه من الرجاء لأنهم يرجون لأصحاب المعاصي الثواب من الله تعالى فيقولون لا يضر مع الإيمان معصية كما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة. وهم ثلاثة طوائف رئيسية: مرجئة جبرية وقدرية وخالصة. أنظر الفرق بين الفرق 151 - 153 والتبصير في الدين:97. 5 - المعتزلة: وهم اتباع واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد. وعمدة كلامهما في التوحيد والصفات والقدر والتسمية بالفسق والإيمان والوعيد. فهذه جل مباحثهم وقد اتفقوا بمختلف طوائفهم على مسائل محددة منها:

ثانيا:- تراجم الأعلام

- نفي زيادة الصفات على الذات كالعلم والقدرة بل يقولون هم عالم بذاته. - إستحالة رؤية الله تعالى. - وأن كلام الله ليس صفة له وإنما هو مخلوق له وكذا أمره ونهيه. - وأن الله غير خالق لأكساب الناس وإنما الناس يقدرون على أعمالهم. - وأن الفاسق أو مرتكب الكبيرة هو بمزلة بين منزلتين الإيمان والكفر. وقد أوصل البغدادي طوائفهم إلى ثماني عشر طائفة منهم الواصلية أتباع واصل بن عطاء. والعمروية اتباع عمرو بن عبيد. والهذلية اتباع أبي الهذيل العلاف. والنظامية اتباع ابراهيم بن سيار النظام وغيرهم. وأما سبب تسميتهم بالمعتزلة فالقصة المعروفة في تاريخ الفرق. وملخصها أن واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد كانا من تلامذة الحسن البصري، ولما أحدثا مذهباً جديداً إعتزلا مجلس الحسن فسٌمّوا معتزلة. مقالات الإسلاميين:1/ 216. الفرق بين الفرق:78 - 79. أنظر اعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازي: 28 - 29. ثانياً:- تراجم الأعلام. 1 - إبن بطال:- أبو الحسن علي بن ذاف بن عبد الملك بن بطال، المالكي، عالم بالحديث، من أهل قرطبة، له شرح البخاري، توفي سنة 449هـ، انظر شذرات الذهب 3/ 283 والاعلام 4/ 285 ومقدمة تحفة الاحوذي 255. 2 - ابن تيمية:- ابو العباس احمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن تيمية الحراني، ولد بحران يوم الاثنين عاشر ربيع الأول سنة 661هـ، وقدم به ابوه عند استيلاء التتار على البلاد إلى دمشق، فاخذ من علمائها، وتعلم من صغره الفقه والاصول والتفسير والعربية، وبدع الكلام والفلسفة، وأفتى دون العشرين من عمره، وأمد الله بكثرة الكتب وسرعة الحفظ، قال عنه الذهبي: "شيخنا وشيخ الإسلام وفريد العصر علما ومعرفة وشجاعة وذكاء وتنويرا الهيا وكرما ونصحا للامة، وامرا بالمعروف ونهيا عن المنكر ... وكانت وفاته في سحر ليلة الاثنين عشرين ذي القعدة سنة728هـ. أنظر شذرات الذهب 6/ 80 - 86. 3 - ابن التين:- عبد الواحد بن التين السفاقسي، له شرح على البخاري. أنظر إرشاد الساري 1/ 42، ومقدمة تحفة الاحوذي 255.

4 - ابن حزم:- ابو محمد علي بن سعيد بن حزم الاندلسي الظاهري، كان شافعي المذهب ثم انتقل إلى مذهب أهل الظاهر، كان اجمع أهل الاندلس قاطبة لعلوم الإسلام واوسعهم، وكان متفننا في علوم جمة عاملا بعلمه، زاهدا في الدنيا توفي -رحمه الله- سنة 456هـ. أنظر شذرات الذهب 3/ 299 - 300 ... . 5 - ابن حيان الاندلسي:- اثير الدين ابو عبد الله محمد بن يوسف الاندلسي كان ملما بالقراءات صحيحها وشاذها، قال عنه الصفدي: "لم اره قط إلا يسمع أو يشتغل أو يكتب أو ينظر في كتاب ولم اره على غير ذلك"، كان له اليد الطولى في التفسير والحديث وتراجم الرجال ومعرفة طبقاتهم خصوصا المغاربة، كانت وفاته بمصر سنة 745هـ. أنظرالدرر الكامنة 4/ 302 ... . 6 - إبن خزيمة:- أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري، تفقه على المزني والربيع، من مصنفاته:- التوحيد واثبات صفات الرب، وهو من غلاة المثبتة-كذا قال الذهبي-توفي سنة 311هـ. انظر مختصر العلو 226، وشذرات الذهب 2/ 262. 7 - إبن دقيق العيد:- محمد بن علي بن وهب القشيري، تفقه على المذهبين الشافعي والمالكي، ولي قضاء القضاة الشافعية بمصر من كتبه: الالمام، والاقتراح في بيان الاصطلاح، توفي بالقاهرة سنة 702هـ. أنظر تذكرة الحفاظ 4/ 1481، وطبقات الشافعية-الاسنوي- 1/ 117 ... . 8 - ابن عطية:- عبد الحق بن غالب بن عبد الرحيم بن عطية الغرناطي، كان فقيها جليلاً لغوياً اديباً له:- المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، توفي سنة 541هـ. أنظر بغية الوعاة 2/ 73. 9 - إبن كادش:- أحمد بن عبيد الله بن محمد بن عبيد الله بن محمد السلمي الكعبري، قال الذهبي:- كان يفتخر بالكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أنظر سير أعلام النبلاء 19/ 558 ترجمة 324 ... . 10 - ابو برزة الاسلمي:- هو نضلة بن عبيد الاسلمي: ابو برزة، مشهور بكنيته، اسلم قديما وشهد فتح هيبر وفتح مكة وحنينا، اختلف في سنة وفاته والارجح انه توفي سنة 65هـ في خلافة عبد الملك بن مروان. الإصابة في تميز الصحابة 6/ 237.

11 - ابو ثعلبة الاشجعي:- قال البخاري:- له صحبه، وقال البغوي: سكن المدينة، واخرج حديثه احمد والبغوي وابن مندة. أنظر الاصابة 7/ 27. 12 - الاسفرائيني:- ابو اسحاق ابراهيم بن محمد بن ابراهيم بن مهران، المنظم الاصولي الفقيه، شيخ أهل خراسان، اخذ عنه الاصول والكلام عامة شيوخ نيسابور، توفي سنة 428هـ. أنظر طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 172 ... . 13 - أسماء بنت عميس:- أبن معد بن حبيب بن الحارث بن كعب بن مالك، اخت ميمونة بنت الحارث زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمها تزوجها جعفر بن أبى طالب فلما اسشهد تزوجها ابو بكر الصديق فلما توفي زوجها علي بن أبى طالب -رضي الله عنهم اجمعين- اسلمت قبل دخول دار الارقم وبايعت ثم هاجرت مع جعفر إلى الحبشة. أنظر الاصابة 7/ 8 - 9. 14 - الاسود بن سريع بن حمير بن عبادة بن البزار التيمي، الشاعر المشهور، كان أول من قضى في مسجد البصرة، قيل توفي في عهد معاوية، وقيل فقد ايام الجمل. أنظر الاصابة 1/ 43. 15 - الايجي:- عضد الدين عبد الرحمن بن احمد بن عبد الغفار، قاضي قضاة الشرق، كان اماما في علوم كثيرة، محققا مدققا، له:- المواقف والجواهر، وشرح المختصر لابن حاجب، ولد بايج -بلدة في اقصى بلاد فارس- واليها نسبته، توفي سنة 756هـ. أنظر طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2/ 171 ... . 16 - الباقلاني:- ابو بكر محمد بن الطيب بن محمد الباقلاني القاضي، ولد بالبصرة ونشأ بها، ثم رحل إلى بغداد فقام بها واخذ عن علمائها حتى اصبح يشار اليه بالبنان، وانتهت اليه الرياسة في مذهب الاشاعرة، له:- التمهيد، وشرح اللمع، والابانة وغيرها، توفي سنة 403هـ. أنظر شذرات الذهب 3/ 168، والباقلاني واراؤه الكلامية 132،133،135،197،198،199. 17 - البغوي: ابو محمد الحسين بن مسعود البغوي نسبة إلى بغ -قرية في خراسان- كان اماما في التفسير والفقه والحديث، ورعا وزاهدا، من اصحاب الشافعي، له: التذهيب، معالم التنزيل، ومصابيح السنة توفي بمرور سنة 516هـ وقيل سنة 510هـ شذرات الذهب 4/ 48، وفيات الاعيان 1/ 402، طبقات الشافعية: هدية الله الحسيني 200 ... .

18 - بقي بن مخلد:- أبو عبد الرحمن الاندلسي، الحافظ، احد الائمة الاعلام، سمع يحيى بن يحيى الليثي ويحيى بن بكير واحمد بن حنبل وطبقتهم، صنف:- التفسير الكبير، والمسند الكبير، قال ابن حزم:- اقطع انه لم يؤلف في الإسلام مثل تفسيره، وكان فقيها علامة، مجتهدا ثبتا عديم المثل، توفي سنة 276هـ. أنظر شذرات الذهب 2/ 169، والسير 13/ 285 برقم 137. 19 - البيضاوي:-ناصر الدين ابو الخير عبد الله بن عمرو بن محمد، من قرية يقال لها -البيضا-، له التفسير المنسوب اليه ومنهاج الوصول إلى علم الاصول توفي سنة 691هـ. أنظر شذرات الذهب 5/ 392، وطبقات الشافعية للسبكي 8/ 157. 20 - التفتازاني:- سعد الدين مسعود بن عمر بن عبد الله، ونسبته إلى تفتزان في خراسان، عالم بالاصلين والنحو والتصريف والمعاني والبيان، اشتهر ذكره وعلا صيته، من تصانيفه:- شرح العضد، وشرح التلخيص، والمقاصد وشرحه وشرح الشمسية في المنطق وغيرها، مات بسمرقند سنة 791هـ. أنظر معجم المؤلفين 12/ 228، والاعلام 8/ 114. 21 - الجويني:- امام الحرمين ابو المعالي عبد الملك بن عبد الله المتقدم، ولد في جوين سنة 419هـ، رحل إلى بغداد فمكة ثم إلى المدينة فافتى فيها ودرس، ثم عاد إلى نيسابور، وهو من كبار العلماء، ذاع صيته في مختلف العلوم، ومن مصنفاته:- البرهان في اصول الفقه والشامل والارشاد، والعقيدة النظامية في الكلام، توفي سنة 470هـ. أنظر وفيات الاعيان 2/ 351، طبقات الشافعية الكبرى 5/ 165. 22 - الخطابي:-ابو سليمان حمد بن محمد بن ابراهيم البستي، قيل انه من ذرية زيد بن الخطاب اخي عمر-رضي الله عنهما- كان راسا في العربية والفقه والادب وغير ذلك، له:- معالم السنن، واعلام البخاري، وشرح اسماء الله الحسنى، والغنية عن الكلام واهله وغيرها، توفي في بست من كابل سنة 388هـ. أنظر تذكرة الحفاظ 3/ 1018، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 282، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 159 - 160، وشذرات الذهب 3/ 127 - 128. 23 - الرازي:- فخر الدين، محمد بن عمر بن الحسين، سلطان المتكلمين في زمانه، صاحب التفسير الكبير من ائمة الاشاعرة، كان له باع طويل في الوعظ، وكان

يبكي كثيرا في وعظه توفي سنة 606هـ. أنظر طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 1/ 396، وشذرات الذهب 5/ 21 - 22. 24 - الراغب الاصفهاني:- ابو القاسم الحسين بن محمد بن الفضل، من أهل اصبهان، سكن واشتهر حتى قرن بالغزالي، له:- المفردات في غريب القرآن، وحل متشابهات القرآن، وجامع التفاسير، توفي سنة 502هـ. أنظر انظر كشف الظنون 1/ 36، والاعلام 2/ 379. 25 - رفاعة بن عرابة، وقيل عرادة الجهني المدني، ابو معاذ الانصاري، شهد بدرا ومات في خلافة معاوية. أنظر الاصابة 2/ 211. 26 - الزمخشري:- ابو القاسم محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي، امام عصره صاحب الكشاف في تفسير القرآن العظيم، والفائق في الحديث، واساس البلاغة في اللغة توفي ليلة عرفة سنة 538هـ. أنظر شذرات الذهب 4/ 118 - 121. 27 - زيد بن ارقم بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك بن الاغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج، استصغر يوم احد واول مشاهده الخندق، وقيل المريسيع، وغزا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - سبع عشرة غزوة، شهد صفين مع علي، وتوفي بالكوفة سنة 66هـ وقيل 68هـ. أنظر الاصابة 3/ 21. 28 - السائب بن يزيد بن سعيد بن ثمامة بن الاسود الكندي أو الازدي، وقيل هو كناني ثم ليثي وقيل هذلي، يعرف بابن اخت النمر، دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - وشرب من وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونظر إلى خاتم النبوة، مات سنة 82هـ وقيل بعد التسعين سنة احدى وقيل سنة اربع وتسعين. أنظر الاصابة 3/ 62. 29 - سعيد الجريري:- ابو مسعود سعيد بن اياس البصري، محدث البصرة، كان اماما حافظا ثبتا، إلا انه ساء حفظه وتغير قبل موته، توفي سنة 144هـ. أنظر شذرات الذهب 1/ 213، والسير 6/ 153 ترجمه 68. 30 - سهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة الساعدي الانصاري، يقال كان اسمه حزنا فغيره النبي - صلى الله عليه وسلم - مات سنة 91 هـ وقيل قبل ذلك. أنظر الاصابة 3/ 140. 31 - سهيل بن بيضاء القرشي، وبيضاء امه واسمها دعد واسم ابيه وهب بن

ربيعة بن عمرو بن عامر بن ربيعة بن هلال بن مالك القرشي، شهد بدرا وتوفي سنة 9هـ وصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أنظر الاصابة 3/ 144. 32 - الطبري:- ابو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري، الإمام الجليل المجتهد المطلق، ولد بطبرستان سنة 224هـ، ورحل عن بلده في طلب العلم وهو ابن اثنتي عشرة سنة، فسمع بمصر والشام والعراق ثم القى عصاه واستقر ببغداد، وبقي بها حتى مات سنة 310هـ، وهو صاحب التفسير القيم، كان حافظا لكتاب الله بصيرا به، وكان فقيها عالما برع في علوم كثيرة من علم القراءات والتفسير والحديث والفقه والتاريخ وكتبه مشهورة في ذلك. أنظر وفيات الأعيان 2/ 232، وطبقات الشافعية للسبكي 2/ 135 ... . 33 - عائشة بنت قدامة بن مظعون القرشية، عمها عثمان بن مظعون - رضي الله عنه - بايعت مع امها بنت سفيان بن الحارث بن امية. أنظر الاصابة 8/ 142 ... . 34 - عبد الله بن أبى الجدعاء التميمي، ويقال:- الكناني ويقال:- العبدي، ذكره البخاري في الصحابة ولم يعرف له حديث إلا حديث واحد عن عبد الله بن شقيق عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من امتي اكثر من بني تميم" (¬1). أنظر الاصابة 8/ 142 ... . 35 - عبد الله بن زيد بن عاصم بن كعب بن عمرو بن عوف بن مندول بن عمرو بن غنم بن مازن الانصاري، المازني، ابو محمد، اختلف في شهوده بدر، قيل مات يوم الحرة سنة 63هـ. أنظر الاصابة 4/ 73 ... . 36 - عبد الله بن سلام بن الحارث، ابو يوسف، من ذرية يوسف عليه الصلاة والسلام، حليف النوافل من الخزرج، الاسرائيلي ثم الانصاري، كان حليفا لهم من بني قينقاع، يقال: كان اسمه الحصين فغيره النبي - صلى الله عليه وسلم -، اسلم أول ما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وقيل:- تاخر اسلامه إلى سنة 8هـ، مات بالمدينة سنة 43هـ. أنظر الاصابة 4/ 81. 37 - عبد الجبار القاضي:- عبد الجبار بن احمد الهمذاني الاسترباذي، كان شافعي المذهب، وهو مع ذلك شيخ الاعتزال، له:- دلائل النبوة الذي قال عنه ابن كثير:- من اجل مصنفاته واعظمها، ذكره ابن المرتضر في الطبقة الحادية عشرة وقال عنه:- كان في ¬

(¬1) انظر تخريجه برقم

ابتداء حاله يذهب في الاصول مذهب الاشعري، وفي الفروع مذهب الشافعي، فلما حضر مجلس العلماء ونظر ناظر عرف الحق فانقاد له، قال الحاكم:- وليس تحضرني عبارة تحيط بقدر محله في العلم والفضل، فانه الذي فتق علم الكلام ونشر بروده، ووضع فيه الكتب الجليلة .. واليه انتهت الرياسة في المعتزلة توفي سنة 415هـ. أنظر شذرات الذهب 3/ 202 - 203 ... . 38 - عتبان بن مالك بن عمرو بن الحجلان بن زيد بن غنم بن سالم بن عوف بن الخزرج الانصاري الخزرجي السالمي، بدري عند الجمهور، كان أما قومه بني سالم، وقيل آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - توفي في خلافة معاوية - رضي الله عنه - وقد كبر. أنظر الاصابة 4/ 213 ... . 39 - عتبة بن عبد السلمي، ابو الوليد، كان اسمه عتله فغيره النبي - صلى الله عليه وسلم -،قيل مات سنة 87هـ، وقيل سنة 91 هـ أو 92 هـ، وقيل هو اخر من مات من الصحابة بالشام. أنظر الاصابة 4/ 215 ... . 40 - عرباض بن سارية السلمي، ابو نجيح، صحابي مشهور من أهل الصفة، وهو من السابقين في الإسلام قيل: مات في فتنةابن الزبير، وقيل بعدها سنة 75هـ. أنظر الاصابة 4/ 234. 41 - العشاري:- محمد بن علي بن الفتح الحربي العشاري، قال الذهبي: كان فقيها عالما زاهدا، خيرا مكثرا ... ، وقد ادخل في سماعه مالم يتفطن له، توفي سنة 451هـ. أنظر تاريخ بغداد 3/ 170، وميزان الاعتدال 3/ 656، والعبر 3/ 226، والسير 18/ 48 برقم 21 ... . 42 - عصمة بن مالك الخطمي، نسبة ابو نعيم فقال:- ابن مالك بن امية بن ضبيعة بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف صحابي له احاديث اخرجها الدارقطني والطبراني وغيرهما، مدارها على الفضل بن مختار، وهو ضعيف جدا. أنظر الاصابة 4/ 243 ... .

43 - عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو بن عدي بن عمرو بن رفاعة بن مودعة بن عدي بن غنم بن الربعة بن رشدان بن قيس بن جهينة الجهني، كان قارئا، عالما بالفرائض والفقه، فصيح اللسان، شاعر، كاتبا وهو احد من جمع القرآن، مات في أول خلافة معاوية - رضي الله عنه -. أنظرالاصابة 4/ 251. 44 - عمرو بن عبسة بن خالد بن عامر بن غاضرة بن خفاف بن امريء القيس بن بهثة بن سليم، اسلم بمكة ثم رجع إلى بلاده إلى ان هاجر بعد خيبر وقبل الفتح فشهدها، مات بحمص، قال ابن حجر:- واظنه مات في اواخر خلافة عثمان - رضي الله عنه -. أنظر الاصابة 5/ 5 - 6 ... . 45 - عوف بن مالك بن أبى عوف الاشجعي، مختلف في كنيته، قيل:- ابو عبد الرحمن وقيل:- ابو محمد وقيل غير ذلك، قيل اسلم عام خيبر، ونزل بحمص، وقال غيره شهد الفتح وكانت معه راية اشجع وسكن دمشق، مات في خلافة عبد الملك سنة 73هـ. أنظر الاصابة 5/ 44 ... . 46 - عياض القاضي:- بن موسى اليحصبي السبتي، ابو الفضل، عالم المغرب وامام أهل الحديث في وقته ولي قضاء سبته ثم غرناطة، ومن تصانيفه:- الشفا بتعريف حقوق المصطفى، وشرح صحيح مسلم، وترتيب المدارك، توفي بمراكش سنة 544هـ. أنظر تذكرة الحفاظ 4/ 1304 ... . 47 - قتادة بن دعامة:- ابو الخطاب السدوسي البصري الضرير، حافظ مفسر ولد سنة 60 هـ، كان اماما في العربية والنسب وايام العرب توفي سنة 117هـ. أنظر شذرات الذهب 1/ 153، وتذكرة الحفاظ 1/ 122 ... . 48 - قرة بن اياس بن هلال بن رياب المزني، صحابي جليل جد إياس بن معاوية القاضي، قيل:- قتل في حرب الازارقة في زمن معاوية بن يزيد سنة 64 هـ. أنظر الاصابة 5/ 237. 49 - القرطبي:- ابو عبد الله محمد بن احمد بن أبى بكر بن فرح الانصاري

الاندلسي القرطبي المفسر، كان من عباد الله الصالحين، وكانت اوقاته كلها معمورة بالتوجه إلى الله وعبادته تارة، وبالتصنيف تارة اخرى من مصنفاته:- الجامع لاحكام القرآن والتذكرة وغيرها توفي سنة 671هـ. أنظر شذرات الذهب 5/ 145. 50 - قيس بن الجذامي:- هو قيس بن زيد بن حباب الجذامي وهووالد ناتل بن قيس، سيد جذام بالشام، ويقال له:- قيس الاغر، سكن الشام وحديثه عند اهلها، ذكره ابن سعد في طبقة أهل الفتح، ويقال:- عقد له النبي - صلى الله عليه وسلم - على قومه لما وفدوا عليه. أنظر الاصابة 5/ 252 - 253. 51 - الكرماني:- شمس الدين محمد بن يوسف بن علي البغدادي، شارح الخاري، توفي وهو راجع من الحج سنة 786هـ. أنظر الدرر الكامنة 6/ 66 وبغية الوعاة 1/ 179 ومقدمة تحفة الاحوذي 255. 52 - مجاهد بن جبير:- مولى عبد الله بن السائب من مشاهير علماء التابعين، كان مفسرا فقيها زاهدا توفي سنة 102هـ. أنظر تهذيب التهذيب 8/ 42 ... . 53 - محمد بن عيسى:- ابو جعفر النقاش البغدادي، نزيل دمشق. أنظر التهذيب 9/ 394 وترجمة 640، والسير10/ 386 ترجمه 105. 54 - المزي:- جمال الدين ابو الحجاج، قال عنه الذهبي:- كان خاتمة الحفاظ وناقد الاسانيد والالفاظ، وقال عنه السبكي:- هو امام المحدثين، والله لو عاش الدارقطني لاستحيى ان يدرس مكانه توفي سنة 772هـ. أنظر تذكرة الحفاظ 4/ 1498. 55 - المسيب بن حزن بن أبى وهب بن عمرو بن عائد بن عمران بن مخزوم القرشي المخزومي، وهو من أهل الشجرة، وقيل:- هو وابنه سعيد من مسلمة الفتح وهو قول مردود. أنظر الاصابة 6/ 100. 56 - المقداد بن معد يكرب بن عمرو بن يزيد بن معد يكرب، يكنى ابا كريمة، وقيل: ابا يحيى، صحابي جليل. أنظر الاصابة 6/ 134. 57 - واثلة بن الاسقع بن كعب بن عامر من بني ليث بن عبد مناة، ويقال:-

ابن الاسقع بن عبد الله بن عبد ياليل بن شائب بن غيرة بن سعد بن ليث، وقيل:- الاسقع لقب واسمع عبد الله، اسلم قبل تبوك وشهدها، كان من أهل الصفة ثم نزل الشام، مات في خلافة عبد الملك بن مروان قيل سنة 83هـ وقيل 85هـ، وهو آخر من مات بدمشق من الصحابة. أنظر الاصابة 6/ 310. 58 - الواحدي:- ابو الحسن علي بن احمد بن محمد بن علي الواحدي، مفسر، امام في اللغة، واستاذ في التفسير والفقه في عصره، من مصنفاته:- الوجيز واسباب النزول في التفسير، توفي في نيسابور سنة 468هـ. أنظر شذرات الذهب 2/ 120.

ثبت المصادر والمراجع

ثبت المصادر والمراجع 1 - الإبانة في أصول الديانة، أبو الحسن الاشعري (ت 324هـ) المطبوع ضمن شرح الفقه الأكبر للإمام أبي حنيفة بشرح ابي منصور السمرقندي، المكتبة العصرية، بيروت. 2 - اتحاف السادة المتقين شرح احياء علوم الدين، محمد مرتضى الزبيدي (ت1205هـ) مطبعة البابي الحلبي، مصر، 1311هـ. 3 - الاحاديث القدسية، لجنة القرآن والحديث، وزارة الاوقاف، 1983م. 4 - الاحتجاج بخبر الآحاد في مسائل الاعتقاد، صهيب محمود السقار، رسالة ماجستير قدمت الى جامعة صدام للعلوم الاسلامية 1997م. 5 - الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، علاء الدين علي بن بلبان (ت399هـ) وهو ترتيب لصحيح ابن حبان المسمى "المسند الصحيح على التقاسيم والانواع" لابي حاتم محمد بن حبان (ت354هـ) تحقيق: شعيب الارنؤوط وحسين اسد، مطبعة الرسالة، بيروت، 1984م. 6 - احكام الجنائز وبدعها، محمد ناصر الدين الالباني، المكتب الاسلامي، بيروت، الطبعة الاولى، 1969م. 7 - أحكام القرآن، أبو محمد بن عبد الله ابن العربي المالكي، تحقيق: محمد علي البجاوي، مطبعة البابي الحلبي، مصر، الطبعة الاولى، 1958م. 8 - أحوال الرجال، ابو اسحاق ابراهيم بن يعقوب الجوزجاني (ت259هـ) تحقيق: صبحي السامرائي، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1985م. 9 - احياء علوم الدين، ابو حامد الغزالي (ت505هـ)،دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت.

10 - الأدب المفرد، محمد بن اسماعيل البخاري، نشره:، قصي محب الدين الخطيب، طبعة القاهرة. 11 - الارشاد الى قواطع الادلة في اصول الاعتقاد، امام الحرمين الجويني (ت478هـ) تحقيق: محمد يوسف موسى، مطبعة السعادة، مصر 1950م. 12 - إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، أبو العباس شهاب الدين احمد بن محمد القسطلاني (ت 923هـ)،دار صادر للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة السادسة، 1404هـ. 13 - إرواء الغليل في تخريج احاديث منار السبيل، محمد ناصر الدين الالباني، المكتب الاسلامي، بيروت، الطبعة الاولى، 1979م. 14 - أساس التقديس، الامام فخر الدين الرازي (ت606هـ)،مطبعة البابي الحلبي وأولاده بمصر، 1354هـ. 15 - الأساس في العقائد، سعيد حوى، ضمن سلسلة الاساس في السنة، دار السلام، عمان، الطبعة الثانية، 1992م. 16 - اسرار التنزيل وانوار التأويل، الامام فخر الدين الرازي (ت606هـ) دار واسط، بغداد. 17 - الاسلام، سعيد حوى، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية، 1979م. 18 - الاسماء والصفات، ابو بكر بن الحسين البيهقي (ت458هـ) تحقيق: محمد زاهد الكوثري (ت1371هـ)،دار الكتب العلمية، بيروت. 19 - أصل الاعتقاد، عمر سليمان الاشقر، دار النفائس للنشر والتوزيع، الكويت، الطبعة الاولى، 1990م. 20 - الإصابة في تمييز الصحابة، أحم بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ)، اعداد محمد السعيد بن بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية، بيروت.

21 - الاصول الخمسة، القاضي عبد الجبار بن احمد (ت415هـ) تعليق الامام احمد بن ابي هاشم حققه وقدم له: د. عبد الكريم عثمان، الناشر، مكتبة وهبة. 22 - اصول الدين: ابو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي (ت429هـ)،استنبول، مطبعة الدولة، 1928م. 23 - اصول الدين الاسلامي، د. رشدي عليان وقحطان عبد الرحمن الدوري، مطبعة الارشاد، بغداد، الطبعة الثالثة، 1986م. 24 - الاعتقاد على مذهب السلف اهل السنة والجماعة، الامام البيهقي (ت458هـ)،حديث اكادمي، باكستان. 25 - الاعلام، خير الدين الزركلي، بيروت، الطبعة الثالثة، 1969م. 26 - الاقتصاد في الاعتقاد، ابو حامد الغزالي (ت505هـ) مطبعة منير، بغداد، 1990م. 27 - الله "جل جلاله"،سعيد حوى، مطبعة الديواني، بغداد،1978م. 28 - الانصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به، القاضي ابو بكر الباقلاني (ت403هـ) تحقيق: محمد زاهد الكوثري (ت1371هـ) مؤسسة الخانجي، مصر، الطبعة الثانية، 1354هـ. 29 - ايماننا الحق بين النظر والدليل، ابراهيم النعمة، مطبعة الزهراء الحديثة، 1983م. 30 - الباعث الحثيث، احمد شاكر، وهو شرح لاختصار علوم الحديث للحافظ ابي الفداء اسماعيل بن كثير الدمشقي (ت774هـ)،دار الكتب العلمية، بيروت. 31 - الباقلاني واراوه الكلامية، محمد رمضان عبد الله، مطبعة الامة، بغداد، 1986م. 32 - البحر المحيط، محمد بن يوسف بن علي بن حيان الأندلسي (ت754هـ)، مطبعة السعادة، مصر، الطبعة الاولى، 1328هـ. 33 - بدائع الفوائد، ابو عبد الله محمد بن ابي بكر الدمشقي (ابن قيم الجوزية)، (ت751هـ)،دار الكتاب العربي، بيروت.

34 - البداية والنهاية، إبن كثيرالدمشقي، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الثالثة،1987م. 35 - بذل المجهود في حل ابي داود، الشيخ خليل احمد السهار نفوري (ت1346هـ) مع تعليق محمد زكريا بن يحيى الكاندهلوي، دار الكتب العلمية، بيروت. 36 - تاريخ بغداد، أبو بكر احمد بن علي (الخطيب البغدادي) (ت463هـ) المكتبة السلفية، المدينة المنورة. 37 - تاريخ الفرق الاسلامية، علي مصطفى الغرابي، مطبعة علي صبيح، القاهرة، الطبعة الثانية،1959م. 38 - تأويل مختلف الحديث، ابن قتيبة الدينوري (ت276هـ) تحقيق: عبد القادر احمد عطا، بيروت، مؤسسة الكتب الثقافية، الطبعة الاولى، 1408هـ. 39 - التاج الجامع للاصول في احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم تأليف: منصور علي ناصيف، وعليه غاية المأمول شرح التاج الجامع للاصول، دار الحكمة. 40 - تاج العروس من جواهر القاموس، السيد محمد الحسيني الزبيدي، تحقيق: عبد العليم الطحاوي، مطبعة حكومة الكويت،1974م. 41 - التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكة، ابو مظفر طاهر بن محمد الاسفرائيني (ت471هـ) تحقيق: كمال يوسف الحوت، عالم الكتب، بيروت، الطبعة الاولى،1983م. 42 - تحرير تقريب التهذيب، ابن حجر العسقلاني (ت852هـ) تاليف: د. بشار عواد معروف وشعيب الارنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1997م. 43 - تحفة الاحوذي بشرح جامع الترمذي، محمد عبد الرحمن المباركفوري (ت1353هـ) اشرف على مراجعة اصوله: عبد الرحمن محمد عثمان، دار الفكر، بيروت. 44 - تحفة الاشراف بمعرفة الاطراف، جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن المزي (ت

742هـ) والنكت الظراف، ابن حجر العسقلاني (ت852هـ)،المكتب الاسلامي، بيروت، الطبعة الثانية،1983م. 45 - تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، جلال الدين السيوطي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثالثة،1409هـ. 46 - تذكرة الحفاظ، ابو عبد الله شمس الدين الذهبي (ت784هـ) دار احياء التراث العربي، بيروت. 47 - التذكرة في احوال الموتى وامور الاخرة، ابن فرج القرطبي الانصاري (ت671هـ) مكتبة النهضة العربية، بغداد، 1989م. 48 - ترتيب القاموس المحيط على طريقة المصباح المنير واساس البلاغة، الطاهر احمد الزاوي، دار الفكر، بيروت. 49 - التعريفات، ابو الحسن علي بن محمد الجرجاني المعروف بالسيد الشريف (ت816هـ) دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد. 50 - تطور تفسير القرآن، د. محسن عبد الحميد، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة الموصل،1989م. 51 - تفسير روح البيان، اسماعيل حقي البروسوي (ت1137هـ) دار الفكر، بيروت. 52 - تفسير سورة الاخلاص، أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، تصحيح ومراجعة: طه يوسف شاهين، القاهرة، دار الطباعة المحمدية. 53 - تفسير القرآن العظيم، ابن كثير الدمشقي (ت774هـ) دار الجيل، بيروت، الطبعة الثانية،1990م. 54 - تفسير القرآن بالسنة النبوية، عبد المجيد محمد الدوري، رسالة دكتوراه، جامعة بغداد،1992م. 55 - التفسير الكبير، الفخر الرازي (ت606هـ) دار الفكر، بيروت، الطبعة الثالثة،

1985م. 56 - تفسير النسفي، ابو البركات عبد الله بن احمد بن محمود النسفي، دار احياء الكتب العربية، مطبعة البابي الحلبي وشركاؤه، مصر. 57 - تفسير النهر الماد من البحر المحيط، ابو حيان الاندلسي (ت754هـ) تقديم وضبط: بوران وهديان الفناوي، دار الفكر، بيروت، الطبعة الاولى،1987م. 58 - تقريب التهذيب، ابن حجر العسقلاني (ت852هـ) مؤسسة الرسالة،1997م. 59 - التكملة في الوفيات النقلة، زكي الدين ابو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري (ت656هـ) تحقيق: د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية، 1981م. 60 - تلبيس أبليس، جمال الدين ابو الفرج بن الجوزي (ت597هـ) دار الكتب العلمية، بيروت، 1368هـ. 61 - تمام المنة في بيان الخصال الموجبة للجنة، ابو الفضل الحسيني الادريسي، عالم الكتب، الطبعة الاولى،1984م. 62 - التمهيد في أصول الدين، أبو المعين ميمون بن محمد النسفي (ت508هـ) تحقيق: د. عبد الحي قابيل، المطبعة الفنية، القاهرة،1407هـ. 63 - تنوير الاذهان من تفسير روح البيان، البروسوي، اختصار وتحقيق: محمد علي الصابوني، الدار الوطنية، بغداد، 1990م. 64 - تهذيب التهذيب، ابن حجر العسقلاني (ت852هـ) دائرة المعارف النظامية، الهند، الطبعة الاولى،1326هـ. 65 - تهذيب الكمال في اسماء الرجال، الحافظ جمال الدين ابي الحجاج يوسف المزي (ت742هـ) تحقيق: د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الاولى، 1980م.

66 - التوحيد واثبات صفات الرب عز وجل، محمد بن اسحاق بن خزيمة (ت311هـ) تحقيق: محمد خليل هراس، دار الشرق للطباعة،1388هـ. 67 - جامع الاصول من احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، مبارك بن محمد بن الاثير الجزري (ت606هـ) تحقيق: محمد حامد الفقي، دار احياء التراث العربي، بيروت، الطبعة الثالثة، 1983م. 68 - جامع البيان في تأويل آي القرآن، ابو جعفر محمد بن جرير الطبري (ت310هـ)،دار الكتب العلميةبيروت، الطبعة الاولى،1988م. 69 - جامع التحصيل في أحكام المراسيل، الحافظ صلاح الدين ابي سعيد العلائي (ت761هـ) تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، مكتبة النهضة العربية، بيروت، الطبعة الثانية،1986م. 70 - الجامع الصغير في احاديث البشير النذير، جلال الدين السيوطي، دار الفكر، بيروت، الطبعة الاولى،1 981م. 71 - جلاء العينين في محاكمة الاحمدين، تاليف: السيد نعمان خير الدين الشهير بابن الالوسي البغدادي، دار الكتب العلمية، بيروت. 72 - جند الله ثقافة واخلاقا، سعيد حوى، لم تذكر اسم المطبعة ولا سنة الطبع. 73 - حادي الارواح الى بلاد الافراح، ابن قيم الجوزية (ت751هـ)،مكتبة المثنى، القاهرة. 74 - الحسنة والسيئة وموقف العبد عندهما، ابن تيمية (ت 728هـ) مكتبة المثنى، بغداد، 1986م. 75 - خلاصة تذهيب تهذيب الكمال في اسماء الرجال، صفي الدين احمد بن عبد الله الخزرجي (ت923هـ) قدم له واعتنى بنشره: عبد الفتاح ابو غدة، مكتبة المطبوعات الاسلامية، حلب، دار البشائر الاسلامية، بيروت، الطبعة الرابعة،1411هـ.

76 - الدرر الكامنة في اعيان المئة الثامنة، ابن حجر العسقلاني (ت852هـ) تحقيق: محمد سيد جاد الحق، القاهرة، الطبعة الثانية، 1966م. 77 - دلائل النبوة، ابو نعيم احمد بن عبد الله الاصبهاني (ت430هـ)،مطبعة بابل، بغداد، 1982م. 78 - ديوان الضعفاء والمتروكين، شمس الدين الذهبي، دار بيروت، الطبعة الاولى، 1988م. 79 - روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، شهاب الدين السيد محمود الالوسي البغدادي (ت1270هـ)،بغداد، ادارة الطباعة المنيرية. 80 - زاد المسير في علم التفسير، ابن الجوزي، المكتب الاسلامي للطباعة والنشر، الطبعة الاولى، 1965م. 81 - زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن قيم الجوزية، تحقيق: شعيب وعبد القادر الارنؤوط، مؤسسة الرسالة، 1986م. 82 - سنن أبي داود، الحافظ سليمان بن الأشعث السجستاني (275هـ) القاهرة، دار الحديث، 1988م. 83 - سنن إبن ماجة الحافظ أبو بدالله محمد بن يزيد (إبن ماجة القزويني) (275هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر، بيروت. 84 - سنن الترمذي المسمى بالجامع الصحيح، الحافظ أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي (279هـ) تحقيق: أحمد محمد شاكر، دار الكتب العلمية. 85 - سنن الدارمي، أبو محمد عبد الله إبن عبد الرحمن الدارمي (255هـ)، شركة الطباعة الفنية المتحدة، القاهرة. 86 - سنن النسائي، الحافظ أحمد بن شعيب النسائي (303هـ)، بشرح السيوطي وحاشية السندي، القاهرة، دار الحديث، 1987م.

87 - السنن الكبرى، النسائي، تحقيق: د. عبد الغفار البنداري وسيد كسروي حسن، دار الكتب العلمية، بيروت. 88 - السنة وحجيتها ومكانتها في الاسلام، د. محمد لقمان السلطي، دار البشائر، بيروت، الطبعة الاولى، 1989م. 89 - الشخصية الاسلامية، دراسة قرآنية، د. عائشة عبد الرحمن بنت الشاطيء، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الاولى، 1973م. 90 - شذرات الذهب في اخبار من ذهب، ابي الفلاح عبد الحي بن العماد (ت1089هـ) دار الكتب العلمية، بيروت. 91 - شرح الزرقاني على موطأ مالك، محمد الزرقاني، دار الفكر، بيروت. 92 - شرح سنن ابن ماجة، الامام ابي الحسن الحنفي السندي، دار الجيل، بيروت. 93 - شرح الفقه الاكبر، ابو منصور محمد الحنفي السمرقندي، المكتبة العصرية، بيروت. 94 - شرح العقائد النسفية، السعد مسعود بن عمر التفتازاني (ت792هـ) تحقيق: كلود سلامة، دمشق، منشورات وزارة الثقافة والارشاد القومي، 1974م. 95 - شرح العقيدة الطحاوية، الامام علي بن علي ابي العز الدمشقي (ت792هـ) تحقيق: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي وشعيب الارنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت. 96 - شرح العقيدة الطحاوية، الامام ابن ابي العز، تحقيق جماعة من العلماء، تخريج، محمد ناصر الدين الالباني، المكتب الاسلامي، بيروت، الطبعة التاسعة، 1988م. 97 - شرح العقيدة الطحاوية او المنهج الصحيح في فهم عقيدة اهل السنة والجماعة مع التنقيح تاليف: حسن علي السقاف، دار الامام النووي، الاردن، الطبعة الاولى، 1995م. 98 - شرح العقيدة الواسطية، أحمد بن عبد الحليم (إبن تيمية)، تحقيق: محمد خليل

هراس، الرئاسة العامة لادارة البحوث العلمية والافتاء والدعوة والارشاد، الرياض، 1407هـ. 99 - شرح مسند ابي حنيفة، للامام ابي حنيفة النعمان بن ثابت مع شرحه للامام الملا علي القاري الحنفي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الاولى، 1985م. 100 - شرح معاني الاثار، ابو جعفر محمد الازدي الطحاوي (ت321هـ) دار الكتب العلمية، بيروت. 101 - شرح المقاصد، مسعود بن عمر التفتازاني (ت792هـ) تحقيق: د. عبد الرحمن عميرة، عالم الكتب، بيروت. 102 - شروط الائمة الخمسة، الحافظ ابو بكر محمد بن موسى الحازمي (ت584هـ)، ومعه كتاب شروط الائمة الستة، ابو الفضل محمد بن طاهر المقدسي (ت507هـ) تحقيق: محمد زاهد الكوثري، مطبعة المنير، بغداد 1989م. 103 - الشفا بتعريف حقوق المصطفى، عياض بن موسى الاندلسي (ت544هـ) تحقيق: محمد امين قرة علي ومساعديه، دار الفيحاء، عمان، الطبعة الثانية، 1987م. 104 - صحيح ابن خزيمة، تحقيق: د. مصطفى الاعظمي، طبعة المكتب الاسلامي. 105 - صحيح البخاري، تحقيق قاسم الشماعي، دار العلم، بيروت، الطبعة الاولى، 1987م. 106 - صحيح الجامع الصغير وزيادته الفتح الكبير -الالباني، المكتب الأسلامي -الطبعة الثانية، 1986م. 107 - صحيح سنن ابن ماجة، محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الأسلامي، الطبعة الاولى، 1996م. 108 - صحيح مسلم، الأمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري (ت 261 هـ)، حقق نصوصه وصححه:، محمد فؤاد عبد الباقي، دار الحديث، القاهرة.

109 - صحيح مسلم بشرح النووي، دار الكتاب العربي، بيروت، 1987م. 110 - طرق تخريج حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم -أبو محمد عبد المهدي بن عبد القادر، دار النصر للطباعة مصر. 1987م. 111 - عارضة الأحوذي شرح صحيح الترمذي -الأمام الحافظ ابن العربي المالكي (ت 543 هـ) -دار الكتب العلمية، بيروت. 112 - العبر في خبر من غبر، شمس الدين الذهبي (ت 748 هـ) تحقيق:، محمد السعيد بن بسيوني زغلول دار الكتب العلمية -بيروت. 113 - عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين -ابن قيم الجوزية، مكتبة الشرق الجديد -بغداد، 1983م. 114 - العقيدة الإسلامية في القرآن الكريم ومناهج المتكلمين، د. محمد عياش الكبيسي، رسالة دكتوراه في كلية العلوم الإسلامية -مطبعة الحسام -بغداد، الطبعة الاولى، 1995م. 115 - العقيدة الإسلامية وأسسها، عبد الرحمن حبنكة الميداني، توزيع مكتبة دار الدعوة، حماة، الطبعة الأولى 1966م. 116 - العقيدة الصحيحة وما يضادها -عبد العزيز بن عبد الله بن باز -دار الوطن، الرياض، 1412هـ. 117 - علل الحديث - أبو محمد عبد الرحمن الرازي، ابن الإمام ابي حاتم الرازي (ت 327 هـ) دار المعرفة -بيروت، 1985م. 118 - علوم الحديث ومصطلحه -د. صبحي الصالح -دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الثالثةعشرة، 1981م. 119 - عمدة القاري شرح صحيح البخاري -بدر الدين ابي محمد محمود بن احمد العيني (ت855هـ)، ادارةالطباعة المنيرية، بيروت.

120 - عمل اليوم والليلة، الإمام احمد بن شعيب النسائي (ت 303 هـ) دراسة وتحقيق:، د. فاروق حمادة طبع على نفقة الرئاسة للافتاء والبحوث العلمية والدعوة والنشر بالمملكة العربية السعودية -الطبعة الاولى،1981م. 121 - عون المعبود شرح سنن أبي داود، أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي مع شرح الحافظ إبن قيم الجوزية، تحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان، دار الفكر، بيروت، الدار السلفية 1979. 122 - الفائق في غريب الحديث، جار الله محمود بن عمر الزمخشري، تحقيق: علي محمد البجاوي ومحمد ابو الفضل ابراهيم، عيسى البابي الحلبي وشركاؤه، الطبعة الثانية. 123 - الفتاوي العراقية، أحمد إبن عبد الحليم (ابن تيمية)، مطبعة الجاحظ، بغداد، 1988م. 124 - فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني (852هـ) حقق اصلها: عبد العزيز بن باز، ورقمها: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الاولى، 1989م. 125 - الفتح الرباني لترتيب مسند احمد بن حنبل الشيباني مع مختصر شرح بلوغ الاماني من اسرار الفتح الرباني تاليف: احمد عبد الرحمن البنا، الناشر:، دار الحديث، القاهرة. 126 - فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، محمد بن علي الشوكاني، دار المعرفة، بيروت. 127 - فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (ت1258هـ) تحقيق: محمد حامد الفقي، مكتبة السنة المحمدية، مصر. 128 - فتح المغيث بشرح الفية الحديث، ابو عبد الله محمد السخاوي (ت902هـ) تحقيق: علي حسن علي عبد الحميد، نشر: دار الامام الطبري، الطبعة الثانية، 1412هـ. 129 - الفرق بين الفِرق، عبد القاهر البغدادي (ت429هـ) دار الجيل ودار الآفاق

الجديدة، بيروت1987م. 130 - الفصل في الملل والاهواء والنِحل، الامام ابي محمد علي بن احمد بن حزم الظاهري (ت456هـ) وبهامشه: الملل والنحل، الامام ابي الفتح محمد الشهرستاني (ت548هـ)،المطبعة الادبية، مصر، الطبعة الاولى، 1317هـ. 131 - فضل الشهور والايام، عبد الغني بن اسماعيل النابلسي، دراسة وتحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت. 132 - فقه السنة، سيد سابق، دار الفكر، بيروت، 1983م. 133 - فقه السيرة، محمد الغزالي، بتخريج: الالباني، مطبعة السعادة، القاهرة، الطبعة الرابعة، 1964م. 134 - فقه السيرة، محمد سعيد رمضان البوطي، مكتبة الشرق الجديد، بغداد، 1990م. 135 - فهارس احاديث وآثار مسند الامام احمد بن حنبل، محمد السعيد بن بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الاولى، 1989م. 136 - الوائد، الحافظ ابن قيم الجوزية، مكتبة الشرق الجديد، بغداد. 137 - في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، بيروت، الطبعة العاشرة، 1982م. 138 - فيض القدير شرح الجامع الصغير، الامام المحدث المناوي، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية، 1972م. 139 - في علم الكلام، دراسة فلسفية لآراء الفرق الاسلامية في اصول الدين، د. احمد محمود صبحي، مؤسسة الثقافة الاسكندرية، الطبعة الرابعة، 1982م. 140 - قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة، أحمد إبن عبد الحليم (ابن تيمية)، (728هـ) منشورات مكتبة المثنى، بغداد، 1986م. 141 - القاموس المحيط، الفيروزآبادي، دار الفكر، بيروت، 1978م. 142 - قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث، محمد جمال الدين القاسمي، دار احياء

السنة النبوية، بيروت، 1979م. 143 - كتاب الضعفاء الكبير، ابو جعفر محمد بن عمرو العقيلي، تحقيق: د. عبد المعطي امين قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الاولى، 1984م. 144 - الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الاقاويل في وجوه التأويل، أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري (ت538هـ)، دار الكتاب العربي، بيروت. 145 - كشف الاستار عن زوائد البزار على الكتب الستة، الحافظ نور الدين علي بن ابي بكر الهيثمي (ت807هـ) تحقيق: حبيب الرحمن الاعظمي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الاولى، 1984م. 146 - كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، مصطفى بن عبد الله، دار الفكر، بيروت. 147 - الكوكب الازهر شرح الفقه الاكبر، الامام محمد بن ادريس الشافعي، تحقيق: محمد ياسين عبد الله، مطبعة الشعب، بغداد، 1986م. 148 - لسان العرب، جمال الديم محمد بن مكرم (إبن منظور) (630هـ)، مصورة عن طبعة بولاق. 149 - لسان الميزان، الحافظ إبن حجر العسقلاني، طبعة حيدرآباد، الطبعة الأولى 1329هـ. 150 - لقط اللآليء المتناثرة في الاحاديث المتواترة، ابو الفيض محمد مرتضى الزبيدي (ت1205هـ) تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الاولى، 1985م. 151 - المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين، محمد بن حبان (ت354هـ) دار العربي، حلب، الطبعة الاولى، 1396هـ. 152 - مجموع فتاوي شيخ الاسلام احمد بن تيمية، جمع وترتيب: عبد الرحمن بن قاسم

النجدي وساعده ابنه محمد، اشراف الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين. 153 - مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، الحافظ نور الدين علي بن ابي بكر الهيثمي (ت807هـ)،دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الثانية، 1967م. 154 - مختار الصحاح، الرازي، دار الرسالة، الكويت، 1983م. 155 - مختصر العلو للعلي الغفار، شمس الدين الذهبي، تحقيق: محمد ناصر الدين الالباني، المكتب الاسلامي، الطبعة الاولى، 1981م. 156 - مختصر منهاج القاصدين، الامام بن قدامة المقدسي، تخريج: عبد الله الليثي الانصاري، مؤسسة الكتب الثقافية. 157 - المدخل الى دراسة الاديان والمذاهب، العميد عبد الرزاق اسود، الدار العربية للموسوعات. 158 - مرشد المحتار الى ما في مسند احمد بن حنبل من الاحاديث والاثار، حمدي عبد المجيد السلفي، مطبعة الارشاد، بغداد، 1981م. 159 - مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، علي بن سلطان محمد القاري، الدار السلفية. 160 - المستدرك على الصحيحين، ابو عبد الله محمد بن عبد الله (الحاكم النيسابوري) (ت405هـ) طبعة حيدر آباد. 161 - مسند ابي يعلى الموصلي، احمد بن علي التميمي، تحقيق وتخريج: حسين سليم اسد، دار المأمون للتراث، دمشق، الطبعة الاولى، 1984م. 162 - مسند احمد، ابو عبد الله بن محمد بن حنبل (ت241هـ)،المطبعة الميمنية، القاهرة، 1896م. 163 - مسند احمد بن حنبل، تحقيق: شعيب الارنؤوط، دار الرسالة، بيروت، 1997م. 164 - المسند الجامع لاحاديث الكتب الستة ومؤلفات أصحابها الأخرى وموطأ مالك

ومسانيد الحميدي ومسند أحمد وعبد بن حميد وسنن الدارمي وصحيح ابن خزيمة، تاليف: د. بشار عواد معروف وجماعة، دار الجيل، بيروت، الطبعة الاولى، 1993م. 165 - مسند الحميدي، ابو بكر عبد الله بن الزبير الحميدي (ت219هـ) تحقيق: حبيب الرحمن الاعظمي، عالم اكتب، بيروت. 166 - مسند الطيالسي (سليمان بن داود بن الجارود الطيالسي، ت204هـ)، وتحقيق حبيب الرحمن الاعظمي، طبعة عالم الكتب، بيروت. 167 - مسند عبد بن حميد: ابو محمد بن حميد (ت249هـ)،عن نسخة مخطوطة مصورة عن دار الكتب الظاهرية بدمشق تحت رقم 1066، ترقيم: د. بشار عواد معروف. 168 - مشارق انوار العقول، عبد الله بن حميد الاباضي (ت1332هـ) تحقيق: د. عبد الرحمن عميرة، دار الجيل، بيروت، الطبعة الاولى، 1989م. 169 - مشكل الحديث وبيانه، الإمام أبو محمد بن الحسن (ابن فورك) (ت406هـ)، مطبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد، الهند، الطبعة الثانية، 1970م. 170 - مصنف ابن ابي شيبة (الحافظ عبد الله بن محمد بن ابي شيبة، ت235هـ) تحقيق: مختار احمد الندوي، الطبعة الاولى، الدار السلفية بالهند. 171 - مصنف عبد الرزاق، الحافظ عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت211هـ) تحقيق: حبيب الرحمن الاعظمي، توزيع: المكتب الاسلامي، الطبعة الثانية، 1403هـ. 172 - المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، ابن حجر العسقلاني (ت852هـ) تحقيق: حبيب الرحمن الاعظمي، المكتبة العصرية، الكويت، الطبعة الاولى، 1973م. 173 - معارج القبول بشرح سلم الوصول الى علم الاصول في التوحيد، حافظ بن احمد الحكمي (ت1377هـ) المطبعة السلفية، القاهرة، الطبعة الثالثة، 1983م. 174 - معجم الاحاديث القدسية الصحيحة ومعها الاربعون القدسية للامام نور الدين

علي القاري (ت1014هـ) اعداد وتحقيق: كمال بن بسيوني الابياني المصري، مكتبة السنة، القاهرة، الطبعة الاولى، 1992م. 175 - معجم الفاظ القران الكريم، الهيئة العامة للكتاب، بيروت. 176 - المعجم الصغير، الحافظ ابي القاسم سليمان بن احمد الطبراني (ت360هـ)،دار الكتب العلمية، بيروت، 1983م. 177 - المعجم الكبير، الطبراني، حققه وخرج احاديثه: حمدي عبد المجيد السلفي، مطبعة الزهراء، الموصل، الطبعة الثانية، 1984م. 178 - معجم متن اللغة، محمد رضا، دار مكتبة المعارف، بيروت، 1959م. 179 - المعجم المفهرس لالفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر، بيروت، الطبعة الاولى، 1986م. 180 - معجم مقاييس اللغة، ابو الحسن احمد بن فارس بن زكريا، تحقيق وضبط: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، بيروت. 181 - معجم المؤلفين تراجم مصنفي الكتب العربية، عمر رضا كحالة، دار احياء التراث العربي، بيروت. 182 - معرفة علوم الحديث، ابو عبد الله الحاكم النيسابوري (ت405هـ) نشر الاستاذ معظم حسين، حيدر آباد، الطبعة الثانية، 1977م. 183 - مفتاح كنوز السنة، وضعه الدكتور: أ. ي. فنسك، ونقله الى العربية: محمد فؤاد عبد الباقي، دار العلم، بيروت، الطبعة الثانية، 1985م. 184 - المفردات في غريب القرآن، أبو القاسم الحسين بن محمد (الراغب الأصبهاني) (ت502هـ) تحقيق: محمد سيد كيلاني، 1961م. 185 - مقالات الإسلاميين وإختلاف المصلين، الإمام أبو الحسن علي بن اسماعيل الأشعري، تحقيق: محي الدين عبد الحميد، دار الحداثة، الطبعة الثانية، 1985م.

186 - منهج القرآن في عرض عقيدة الاسلام، جمعة امين عبد العزيز، راجعه وقدم له: محمد نجيب المطبعي، دار الدعوة للطبع والنشر، الاسكندرية، الطبعة الاولى، 1985م. 187 - المواقف في علم الكلام، عضد الله والدين القاضي عبد الرحمن بن احمد الايجي (ت756هـ) عالم الكتب، بيروت. 188 - الموضوعات، ابو الفرج بن الجوزي، ضبط وتقديم وتحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان، دار الفكر، بيروت. 189 - الموطأ، ابو عبد الله مالك بن انس (ت179هـ) برواية يحيى بن يحيى الليثي (ت234هـ) بعناية: محمد فؤاد عبد الباقي، طبعة الشعب، القاهرة. 190 - ميزان الاعتدال، شمس الدين الذهبي تحقيق: علي محمد البجاوي، دار المعرفة، بيروت، الطعة الاولى، 1382هـ. 191 - نسيم الرياض شرح الشفا للقاضي عياض، احمد شهاب الدين خفاجي، دار الفكر، بيروت. 192 - نظم المتناثر من الحديث المتواتر، ابو عبد الله محمد بن ابي الفيض الكتاني (ت1927م)،طبعة مأخوذة من نسخة فاس المطبوعة سنة 1328هـ. 193 - نهاية الاقدام في علم الكلام، عبد الكريم الشهرستاني، حرره وصححه الفرد جيوم، لم تذكر دار الطبع ولاتأريخه. 194 - النهاية في غريب الحديث والاثر، تحقيق: محمود الطناهي وطاهر الزاوي، دار احياء التراث العربي، بيروت. 195 - النهاية في الفتن والملاحم، ابن كثير الدمشقي (ت774هـ) تحقيق: اسماعيل الانصاري، مؤسسة النور، الرياض، مكتبة الحرمين، الطبعة الثانية، 1982م. 196 - نور الاسلام، عبد الكريم المدرس، دار المثنى للطباعة، بغداد، 1984م.

197 - هدي الساري مقدمة فتح الباري، ابن حجر العسقلاني (ت852هـ) تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الاولى، 1989م. 198 - وجوب الاخذ بحديث الاحاد في العقيدة، محمد ناصر الدين الالباني، الدار السلفية، الكويت، 1974م. 199 - الوجوه والنظائر في القرآن، هارون بن موسى (ت170هـ) تحقيق: حلاتم الصالح الضامن، دار الحرية للطباعة بغداد، 1988م. 200 - الوسيلة في شرح (الفضيلة) في علم الاصول، للعلامة السيد عبد الرحيم الكردي الملقب بالمولوي تاليف عبد الكريم المدرس، مطبعة الرشاد، بغداد، الطبعة الاولى 1972 م. 201 - وفيات الاعيان واخبار الزمان، ابو العباس بن خلكان، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، مطبعة السعادة، الطبعة الاولى 1948م. 202 - الولاء والبراء في الاسلام، صالح بن فوزان الفوزان، المديرية العامة للمطبوعات السعودية 1410هـ.

§1/1